الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي

المرداوي

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1414 هـ - 1993 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق 1 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد، فقد شهد آخر القرن السادس، والقرن السابع، حركة علمية مباركة، في خدمة مذهب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشَّيباني، رضي الله عنه، رفع لواءها المقادسة من آل قدامة، حيث يسر الله لمُوَفَّق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجَمَّاعِيليّ الدمشقيّ الصالحيّ الحنبلي، المتوفى سنة عشرين وستمائة (¬1)، أن يفرغ إلى «مختصر» أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخِرَقيّ، المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة (¬2)، فيشرحه شرحًا قَرَّت به عيونُ الفقهاء، وجمع فهه آراء الائمة وحُجَجَهم، وأقوال الصحابة والتابعين، وجعله ميدانًا رحبًا للفقه المقارن، وسمَّى كتابه «المغني»، الذي قال فيه رفيقه، وخليفتُه في رياسة المذهب بعده، ناصح الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الوهَّاب بن عبد الواحد الأنصاريّ ابن الحنبلي، المتوفى سنة أربع وثلاثين وستمائة، على ما نقلَه ابنُ رجب: بلَغ الأملَ في إتمامِه، وهو كتاب بليغ في المذهب عشر مجلدات، تَعِب عليه، وأجاد فيه، وجمَّل به المذهبَ. ونقل ابن رجب عن الحافظ ابن الدُّبَيثي، أن الشيخ عزَّ الدين اين عبد السلام كان يسْتعير «المُحَلَّى»، و «المُجَلَّى» لابن حَزْم، ويقول: ما رأيتُ في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى والمجلى وكتاب «المغني» للشيخ مُوَفَّق الدين ابن قدامة، في جودتها، وتحقيق ما فيها. كما نقَل عنه قوله: لم تَطبْ نفسى بالفُتْيا حتى صار عندى نسخةُ المغني. وكان شرحُ مُوَفَّق الدين لـ «مختصر الخرقى» تجربة علمية مفيدة، جعلته يدقق ¬

(¬1) انظر: الترجمة الحافلة التي صدرنا بها تحقيقنا لكتاب «المغني». (¬2) انظر: ترجمته في المغني 1/ 6 وما بعدها.

[2 - الشرح الكبير لابن أبي عمر]

ألفاظه، ويحرِّرُ أحكامه، وهَدَتْه آخرَ الأمر إلى تأليف مختصر في الفقه، رتَّبه تَرْتيبًا جديدًا، وحرَّره تحريرًا فائقًا، وسماه «المُقْنع» بلغ فيه الغاية، وانصرف إليه العلماء بعده بالشرح والتعليق، بل واعتمدوه «المتن» الذي يُحفظ في فقه الحنابلة. وكان من أسْبَق الفقهاء إلى العناية بـ «المقنع» شمس الدين ابن قدامة، ابن أخي الموفق، المعروف بابن أبي عمر، فقد عرَض عليه كتاب «المقنع» وشرحه عليه، وأذن له في إقرائه، وإصلاح ما يرى أنه يحْتاج إلى إصلاح فيه، ثم شرَحه بعد ذلك في مجلَّدات، واسْتمدَّ فيه من «المغني» لعمِّه. 2 وهو شمس الدين، أبو محمد وأبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة المَقْدِسي الجَمَّاعِيلِيّ الصالحيّ الحنبليّ الخطيب الحاكم قاضي القضاة، ابن أبي عمر (*). ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة، بالدَّير المبارك، الذي أقامه والده بسَفْح قاسِيُون، الجبل المشرف على دمشق. بدأ مسيرته العلمية بالقراءة على والده أبي عمر، وبالتفقه على عمه موفق الدين ابن قدامة، وعنى بالحديث، وكتب بخطه الأجزاء والطباق، وأخذ الأصول عن السيف الآمدي، ودرَّس، وأفتى، وأقرأ العلم زمنا طويلا، وانتفع به الناس، وانتهت إليه رياسة المذهب في عصره، بل رياسة العلم في زمانه. وله مشيخة حافلة تتمثل في: 1 - شمس الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المَقْدِسِيّ البُخارِيّ الحنْبليّ الأصوليّ، المتوفى سنة ثلاث وعشرين وستمائة (¬1). أجاز له. ¬

_ (*) ترجمة شمس الدين ابن قدامة، في: ذيل مرآة الزمان، لليونيني 4/ 186 - 191، العبر، للذهبي 5/ 338، 339، تذكرة الحفاظ، للذهبي 4/ 1492، البداية والنهاية، لابن كثير 13/ 302، مرآة الجنان، لليافعي 4/ 197، 198، فوات الوفيات، لابن شاكر الكتبي 2/ 291، 292، ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب 2/ 304 - 310، النجوم الزاهرة، لابن تغرى بردى 7/ 358، شذرات الذهب، لابن العماد الحنبل 5/ 376 - 379، التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول، للقنوجي 252، 253، كشف الظنون 2/ 1809، 691: Brock GI: 399, SI: 691 (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 168 - 170، سير أعلام النبلاء 22/ 255، 256.

2 - وحيد الدين أبو المعالي أسعد بن المُنَجَّى بن بركات بن المؤمّل التَّنُوخِيّ المعَرِّيّ الدمشقيّ الحنبليّ، شيخُهم، المتوفى سنة ست وستمائة (¬1). أجاز له. 3 - أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله بن جعفر الهَمْدَاني الإِسْكندراني المقرئ المجود المحدِّث المُسْنِد الفقيه المالكيّ، المتوفى بدمشق سنة ست وثلاثين وستمائة (¬2). قرأ عليه. 4 - سراج الدين أبو عبد الله الحسين بن أبي بكر المبارك بن محمد البغداديّ البابَصْرِيّ الحنبليّ المسند، مدرِّس مدرسة الوزير عون الدين بن هُبَيرة، المتوفى سنة إحدى وثلاثين وستمائة (¬3). قرأ عليه. 5 - أبو علي حَنْبل بن عبد الله بن فرج بن سعادة الواسطيّ راوى «المسند»، البغداديّ المُكَبِّر، المتوفى سنة أربع وستمائة ببغداد (¬4). سمع منه. 6 - ربيب الدين أبو البركات داود بن أحمد بن محمد البغداديّ الأزَجِيّ الوكيل عن القضاة الْمُسنِد ابن مُلاعِب، المتوفى سنة ست عشرة وستمائة، ودفن بسفح قاسِيُون (¬5). سمع منه. 7 - تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكِنْديّ البغداديّ المقرئ النحويّ اللُّغَويّ الحنفيّ، المتوفى سنة ثلاث عشرة وستمائة (¬6). سمع منه. 8 - أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، ابن الجَوْزِيّ، شيخ الإسلام، المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة (¬7). أجاز له. 9 - جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحَرَسْتاني ¬

(¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 49، 50، سير أعلام النبلاء 21/ 436، 437. (¬2) طبقات القراء 1/ 193، سير أعلام النبلاء 23/ 36 - 39. (¬3) سير أعلام النبلاء 22/ 357 - 359. (¬4) التكملة لوفيات النفلة 2/ 125، سير أعلام النبلاء 21/ 431 - 433. (¬5) سير أعلام النبلاء 22/ 90، 91. (¬6) الجواهر المضية 2/ 216، 217، سير أعلام النبلاء 22/ 34 - 41. (¬7) انظر مقدمة تحقيق المغني صفحة 12.

الدمشقيّ الشافعيّ، مُسْنِد الشام، المفتي، قاضي القضاة، المتوفى سنة أربع عشرة وستمائة (¬1). سمع منه. 10 - مُوَفَّق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسيّ الجَمَّاعيليّ الدمشقيّ الصَّالحيّ الحنبلي، عمُّه، المتوفى سنة عشرين وستمائة (¬2). تفقَّه عليه، وعرَض عليه كتاب «المقنع»، وشَرَحه عليه، وأذِن له في إقْرائه، وإصْلاحِ ما يرى أنه يحتاج إلى إصلاح فيه، ثم شرحه بعده في عشر مجلدات، واسْتمدَّ فيه من «المغني». 11 - أبو المُنَجَّى عبد الله بن عمر بن علي، ابن اللَّتّيّ، البغداديّ الحَرِيميّ الطَّاهِريّ، المُسْنِد المُعَمَّر، المتوفى سنة خمس وثلاثين وستمائة (¬3). قرأ للناس عليه. 12 - حُجَّة الدين أبو طالب عبد المحسن بن أبي العَمِيد الخَفِيفيّ الأبهَريّ الشافعيّ الصوفيّ، المتوفى سنة أربع وعشرين وستمائة بمكة (¬4). سمع منه بالمدينة. 13 - سيف الدين علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التَّغْلِبِي الحنبلي ثم الشافعيّ، فارس علم الكلام، الأصوليّ، المتوفى سنة إحدي وثلاثين وستمائة (¬5). أخذ عنه الأصول. 14 - أبو الحسن علي بن أبي الفتح المبارك بن الحسن الواسِطيّ البَرْجوني المقرئ، الفقيه الشافعيّ، المعروف بابن باسُويَة، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة (¬6). سمع منه بمكة. 15 - أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغداديّ الدَّارَقَزِّيّ المُؤدِّب، المعروف ¬

(¬1) طبقات الشافعية الكبرى 8/ 196 - 199. سير أعلام النبلاء 22/ 80 - 84. (¬2) انظر: مقدمة تحقيقنا لكتاب المغني. (¬3) سير أعلام النبلاء 23/ 15 - 17. (¬4) طبقات الشافعية الكبرى 8/ 314، سير أعلام النبلاء 22/ 259، 260. (¬5) وفيات الأعيان 3/ 293، 394، سير أعلام النبلاء 22/ 364. (¬6) التكملة لوفيات النقلة 3/ 394، 395.

بابن طَبَرْزَد، المُسْنِد الكبير، المتوفى سنة سبع وستمائة (¬1). سمع منه بإفادة أبيه وعمِّه. 16 - أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة المقدسيّ الجَمَّاعِيليّ الحنبليّ الزَّاهد المقرئ المحدِّث، شيخ الإسلام، والده، المتوفى سنة سبع وستمائة (¬2). سمع منه. 17 - أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني الأصْبهاني المُسنِد المُعَمَّر، سِبْط حسين بن مَنْدَه، المتوفى سنة ثلاث وستمائة (¬3). أجاز له. 18 - مجد الدين أبو المجد محمد بن الحسين بن أبي المكارم الصوفيّ القَزْوينيّ الجَوَّال القاضي المحدِّث، المتوفى سنة اثنتين وعشرين وستمائة (¬4). سمع منه بمكة. 19 - ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسيّ الجَمَّاعِيليّ الصَّالحيّ، الحنبليّ الحافظ القدوة، صاجب التصانيف، المتوفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة (¬5). قرأ عليه. 20 - كمال الدين أبو الفتوح محمد بن علي بن المبارك الجَلْجَليّ البغداديّ المقْرئ الرئيس، المتوفى سنة اثنتي عشرة وستمائة (¬6). 21 - فخر الدين أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عَمْروك التيميّ البكْري النيسابُورِيّ الصوفيّ الزاهد، المتوفى سنة خمس عشرة وستمائة (¬7). 22 - نور الدين أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي عبد الله بن مَوْهوب البغداديّ الصوفيّ، المحدِّث، البنَّاء، المتوفى سنة اثنتى عشرة وستمائة (¬8). ¬

(¬1) سير أعلام النبلاء 21/ 507 - 512. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 52 - 61، سير أعلام النبلاء 22/ 5 - 9. (¬3) سير أعلام النبلاء 21/ 430، 431. (¬4) التكملة لوفيات النقلة 3/ 159، سير أعلام النبلاء 22/ 249، 250. (¬5) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 236 - 240، سير أعلام النبلاء 23/ 126 - 130. (¬6) ذيل الروضتين 99، سير أعلام النبلاء 22/ 52. (¬7) التكملة لوفيات النقلة 2/ 431، سير أعلام النبلاء 22/ 89، 90. (¬8) التكملة لوفيات النقلة 2/ 340، سير أعلام النبلاء 22/ 58، 59.

23 - محمد بن هبة الله بن كامل البغداديّ الوكيل المُسْنِد الفقيه المُعَمَّر، المتوفى سنة سبع وستمائة (¬1). سمع منه. 24 - ست الكتبة نعمة بنت علي بن يحيى بن علي بن الطرَّاح، سمعتْ من جدِّها عِدَّة كتب، كما سمعتْ من غيره، وتوفيت سنة أربع وستمائة (¬2). سمع منها. وقد سمع شمس الدين بن قدامة نفسه من أصحاب السِّلَفِيّ، كما سمع من كثيرين في عصره. والناظر في مشيخة شمس الدين ابن قدامة يلْحَظُ أن كثيرا من مشايخه سمع عليهم في سِنٍّ مُبَكرة، بل إن سماعَه من بعضهم لا يتحقَّق إلا بواسطة غيره، فسماعه من الإمام أبي الفرج ابن الجَوْزيّ لا يكون إلا بإفادة عمه موفق الدين ابنِ قدامة، حيث تُوفِّي أبو الفرج في السنة التي ولد فها شمس الدين ابن قدامة، وكان موفق الدين عند ابن الجوزيّ حيث أقام، وأفاد منه (¬3). * * * واشْتغل شمس الدين ابن قدامة بالفتيا والقضاء والتدريس، وليَ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربع وستين وستمائة، على كُرْهٍ منه، وكان رحمة على المسلمين، ولولا توفيق الله له لراحت أملاك الناس لمَّا تعرَّض إليها السلطان، فقام فيها قيام المؤمنين، وأثبتها لهم، وعاداه جماعة الحكام، وعملوا في حقه المجهود، وتحدَّثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله بحسن نيته. وزادت مدته في القضاء على اثنتى عشرة سنة، ولم يتناول معلوما، ثم عزل نفسه في آخر عمره. وذكر الذهبي أنه حدَّث نحوا من ستين سنة، وأول ما ولىَ مشيخة دار الحديث الأشرفية بالجبل، كما ولى الخطابة فيه. وكانت له اليد الطولى في معرفة الحديث ¬

(¬1) سير أعلام النبلاء 22/ 10، 11. (¬2) سير أعلام النبلاء 21/ 434، 435. (¬3) انظر مقدمة تحقيقنا لكتاب المغني صفحة 12.

والأصول والنحو وغير ذلك من العلوم الشرعية، وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين، وتلمذ عليه كثيرون، نذكر منهم: 1 - زكيّ الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز بن يحيى اللَّوزي المالكيّ، سكن دمشق، وقرأ الفقه، وتقدم في الحديث، توفي سنة سبع وثمانين وستمائة (¬1). ونقل الذهبي عنه مدحه لشيخه، وذكره لصفاته الجليلة (¬2). 2 - برهان الدين أبو إسحاق بن عماد الدين عبد الحافظ بن عبد الحميد، قاضي القدس الحنبليّ، سمع منه الذهبي قصيدته التي رثى بها شيخه شمس الدين، وتوفي برهان الدين سنة ثمان عشرة وسبعمائة (¬3). 3 - تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، ابن تيميَّة الحرَّاني الدمشقيّ الحنبليّ، شيخ الإسلام، المتوفى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة (¬4). وقد نقل عنه الذهبيُّ وفاة الشيخ شمس الدين بخطه، وفيها: توفي شيخنا الإمام، سيد أهل الإسلام في زمانه، وقطب فلك الأنام في أوانه، وحيد الزمان حقا حقا، وفريد العصر صدقا صدقا، الجامع لأنواع المحاسن، والمعافى البرئ عن جميع النقائِص والمساوئ، القارِن بين خلَّتى العلم والحلم، والحسب والنسب، والعقل والفضل، والخَلْق والخُلُق، ذو الأخلاق الزكية، والأعمال المرضيَّة، مع سلامة الصدر والطبع، واللطف والرفق، وحُسن النيَّة وطيب الطَّويَّة، حتى إن كان المتعنِّتُ ليطلب له عيبًا فيُعْوزُه. . . . إلى أن قال: وبكت عليه العيونُ بأسْرِها، وعمَّ مصابه جميع الطوائف وسائر الفرق، فأيُّ دمع ما انْسَجَم، وأى أصل ما جُذِم، وأيّ ركن ما هُدم، وأيُّ فضل ما عُدِم!! يا له من خطب ما أعظمه، وأجل ما أقدره، ومصاب ما أفخمه (¬5). ¬

(¬1) شذرات الذهب 5/ 400. (¬2) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 306. (¬3) ذبل طبقات الحنابلة 2/ 372، 373. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 387 - 408. (¬5) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 308.

4 - زين الدين أبو بكر أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسيّ الصَّالحيّ الحنبليّ، المتوفي سنة تسع عشرة وسبعمائة (¬1). 5 - نجم الدين إسماعيل بن إبراهيم بن الخبَّاز، يقول الذهبيّ: كتب عن مَن دَبَّ ودرَج، وجمع وكتب الكثير، توفي سنة ثلاث وسبعمائة (¬2). وجمع ابن الخبَّاز ترجمة شيخه شمس الدين وأخباره في مائة وخمسين جزءًا، وبالغ، وبقىَ كلما أثنى عليه بنعت من الفقه أو الزهد أو التواضع، سرد ما ورد في ذلك بأسانيده الطويلة الثقيلة. ثم تحوَّل إلى ذكر شيوخه فترْجمهم، ثم إلى ذكر الإمام أحمد فأورد سيرته ومحنته كلها. كما أوردها ابن الجوزيّ. ثم أورد السيرة النبوية لكونه من أمة النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الحافظ الذهبي: ما رأيت سيرة أطول منها أبدا (¬3). 6 - مجد الدين أبو الفدا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحَرَّافيّ الدمشقيّ الحنبليّ، الإمام الزاهد، شيخ المذهب، المتوفى سنة تسع وعشرين وسبعمائة (¬4). وكان يقول: ما رأت عيني مثله. 7 - أبو بكر المناوي. ذكر ابن شاكر الكُتْبِي، أنه روَى عنه (¬5). 8 - تقي الدين أبو الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسيّ الحنبليّ، الفقيه الإمام المحدِّث، المتوفى سنة خمس عشرة وسبعمائة (¬6). لازمه وأخذ عنه الفقه والفرائض وغير ذلك. 9 - فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر البَعْلَبكيّ الدمشقيّ الحنبليّ الفقيه، ¬

(¬1) ملحق ذيل طبقات الحنابلة 2/ 470. (¬2) ذيل العبر، للذهبي 24. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 304، 305. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 408 - 410. (¬5) فوات الوفيات 2/ 292. (¬6) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 364 - 366.

المحدِّث، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (¬1). قال فخر الدين عن شيخه شمس الدين: إنه منذ عرفه ما رآه غضب. وعرَفه نحو خمسين سنة (¬2). 10 - علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود، ابن العطَّار الشافعيّ المحدث، المتوفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة (¬3). روى عنه. 11 - أبو الفتح ابن الحاجب. ذكر الذهبيّ، في «معجم شيوخه» أنه كتب عن شمس الدين ابن أبي عمر، ونقله عنه ابن رجب (¬4). 12 - علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف البِرْزاليّ الدمشقي الشافعيّ، محدِّث الشام ومؤرخه، المتوفى سنة تسمع وثلاثين وسبعمائة (¬5). 13 - سعد الدين أبو محمد مسعود بن أحمد بن مسعود الحارثي البغداديّ المصريّ الحنبليّ، الفقيه المحدِّث، المتوفى سنة إحدى عشرة وسبعمائة (¬6). تفقَّه عليه وروى عنه، وخرَّج له مشيخة، وحدَّث بها (¬7). 14 - محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مِرَى النَّووي الشافعيّ الإِمام، شيخ الإِسلام، المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة (¬8). روَى عنه في كتابه «الرخصة في القيام» له. وقال: حدثنا الشيخ الإِمام العالم المتفق على إمامته وفضله وجلالته. . . . (¬9). ¬

(¬1) ذيل العبر، للذهبي 175، 176، ذيل طبقات الحنابلة 9/ 412. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 306. (¬3) طبقات الشافعية الكبرى 10/ 130. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 305. (¬5) طبقات الشافعية الكبرى 10/ 381 - 383. (¬6) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 362 - 364، ذيل العبر، للذهبي 64. (¬7) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 306. (¬8) طبقات الشافعية الكبرى 8/ 395 - 400. (¬9) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 305.

[3 - الإنصاف للمرداوي]

15 - جمال الدين أبو الحجَّاج يوسف بن الزَّكيّ عبد الرحمن بن يوسف المِزِّيّ الدمشقي الشافعي، حافظ الزمان، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة (¬1). حدَّث عنه. وفي الجملة، فقد قرأ عليه كثيرون في عصره، وخرَّج له أبو الحسن ابن اللَّبَّان «مشيخة» في أحد عشر جزءًا (¬2)، ووُصِف، رضي الله عنه، بالتَّواضع مع عظمته في الصدور، وحجَّ ثلاث مرات، وحضر الفتوحات، وكان رقيق القلب، سريع الدمعة، كريم النفس، كثير الذكر والقيام بالليل، محافظا على صلاة الضحى، ويؤثر بما يأتيه من صلة الملوك وغيرهم. وكان معظما عند الملوك، وأوقع الله محبته في قلوب الخلق، وكان كثير الاهتمام بالناس، لا يكاد يعلم بمريض إلا افتقده، ولا مات أحدٌ من أهل الجبل إلا شيَّعه. توفي شمس الدين ابن قدامة ليلة الثلاثاء، سلخ ربيع الآخر، سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ودفن من الغد عند والده بسفح قاسيون، وكانت جنازته مشهودة. ورثاه نحو من ثلاثين شاعرا، كان من بينهم شمس الدين الصائغ، وعلاء الدين بن غانم، وتقيّ الدين ابن تمام، وشهاب الدين محمود، ومطلع قصيدة الشهاب محمود كاتب الدرج بدمشق (¬3): ما للوُجودِ وقد عَلاه ظلامُ … أعَراه خَطْبٌ أم عَراه مَرَامُ 3 وكما شغل «المقنع» لموفَّق الدين ابن قدامة، ابن أخيه شمس الدين ابن قدامة، فشرَحه في موسوعته التي عرفت بالشرح الكبير، شغل أيضًا علاء الدين المَرْداويّ (*)، فوضع عليه كتابًا له أهَمِّيَّة خاصة، هو «الإنصاف، في معرفة الراجح منِ الخلاف». ¬

(¬1) طبقات الشافعية الكبرى 10/ 395 - 430. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 308. (¬3) ذيل مرآة الزمان 4/ 181، فوات الوفيات 2/ 292، ذيل طبقات الحنابلة 2/ 309. (*) لعلاء الدين المرداوي ترجمة في: الضوء اللامع، للسخاوي 5/ 225 - 227، شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي 7/ 340 - 342، البدر الطالع، للشوكاني 1/ 446، كشف الظنون 1/ 357، إيضاح المكنون 1/ 134، 331، 2/ 389، 450، 514، هدية العارفين 736، 130: Brock.S.II

ولد علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المَرْداويّ الدمشقيّ الصَّالحْيّ الحنبليّ، قريبًا من سنة عشرين وثمانمائة على ما يذكر السَّخاويّ، ويقطع ابن العماد الحنبليّ بأنه ولد سنة سبع عشرة، ببلدته مَرْدا (¬1). ونشأ بها، فحفظ القرآن، وابتدأ رحلته العلمية منها، حيث أخذ بها الفقه على فقيهها الشهاب أحمد بن يوسف، وانتقل في شبيبته إلى مدينة سيدنا الخليل عليه الصلاة والسلام، فأقام بزاوية الشيخ عمر المجوِّد، رحمه الله، وقرأ بها القرآن. وفي سنة ثمان وثلاثين -كما يظن السخاويّ- تحوَّل منها إلى دمشق، فنزل مدرسة أبي عمر، فجوَّد القرآن، بل يقال: إنه قرأ بالروايات، وقرأ «المقنع» تصحيحا، وحفظ غيره كالألفية، وأدْمَن الاشتغال، وتجرَّع تقلُّلا، أي أنه صبر على الفقر، ورضىَ بالقليل في عيشه، كما رحل إلى الحرمين، وحج مرتين، وجاور فيهما، وأخذ عن شيوخهما، ورحل إلى مصر أيضًا، فأخذ عن علمائها، وقرأوا عليه، وتكوَّنتْ له بذلك مشيخة كبيرة، نورد ما أمكننا التهدِّى إليه منها على حروف المعجم: 1 - البرهان أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مَفْلِح المقدسيّ الدمشقيّ الحنبليّ القاضي، الفقيه، الأصوليّ، صاحب المصنَّفات، المتوفى سنة أربع وثمانين وثمانمائة (¬2). حضر درسَه، وناب عنه حين جاوَر بمكة. 2 - عزُّ الدين أبو البركات أحمد بن إبراهيم بن نصر الله الكِنانيّ العسْقلاني القاهريّ الحنبليّ، قاضي القاهرة المشهور، المعروف بالعِزّ الكناني، صاحب العلم والفضل، المتوفى سنة ست وسبعين وثمانمائة (¬3)، أذن له حين قدم القاهرة في سماع الدعوى، وأكرمه، وأخذ عنه فضلاء أصحابه بإشارته، بل وحضّهم على تحصيل «الإنصاف» وغيره من تصانيفه، وأذن لمن شاء منهم، وحضر دروس القاضي، ونقل عنه في تصانيفه، واصفًا له بشيخنا. 3 - الشِّهاب أحمد بن حسن بن أحمد، ابن عبد الهادي المقدسيّ الصَّالحيّ الحنبليّ، ¬

(¬1) مردا: قرية قرب نابلس. معجم البلدان (بيروت) 5/ 104. (¬2) الضوء اللامع 1/ 152، شذرات الذهب 7/ 338، 339. (¬3) ذيل رفع الإصر 12 - 62، الضوء اللامع 1/ 205 - 207.

المتوفى بدمشق سنة ست وخمسين وثمانمائة (¬1). سمع منه. 4 - الشهاب أحمد بن عبد الله بن محمد السَّجِينيّ القاهريّ الأزهريّ الشافعيّ الفَرَضِيّ، المتوفى سنة خمس وثمانين وثمانمائة، بمنزله ببولاق (¬2). قرأ عليه في الفرائض والحساب يسيرا. 5 - تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد الشُّمُنِّيّ القُسَنْطِينيّ الحنفيّ، شارح «المغني» لابن هشام، العلامة المفسِّر المحذث المتكلم النحويّ، المتوفى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة (¬3). قرأ عليه حين حضر إلى القاهرة «المختصر» بتمامه. 6 - الشِّهاب أحمد بن يوسف المرْدَاويّ الدمشقيّ الحنبليّ الفقيه النحويّ الحافظ لفروعِ مذهبه، المتوفى سنة خمسين وثمانمائة (¬4). أخذ عنه الفقه ببلده مَرْدَا. 7 - تقيّ الدين أبو الصدق أبو بكر بن إبراهيم بن يوسف بن قُنْدس البَعْلي الحنبليّ، الإمام العلامة ذو الفنون، المتوفى سنة إحدى وستين أو اثنتين وستين وثمانمائة (¬5). لازمه في الفقه وأصوله، والعربية وغيرها، حتى كان جُلُّ انتفاعه به، وكان مما قرأه عليه بحثا وتحقيقا «المقنع» في الفقه، و «مختصر الطُّوفي» في الأصول، و «ألفية ابن مالك». 8 - الحسن بن إبراهيم الصَّفَديّ ثم الدمشقي الخَيَّاط الحنبلي. قال السَّخاويّ: قرأ عليه العلامة المَرْداويّ، ووصفه بالإمام المحدِّث المفسِّر الزاهد (¬6). أخذ عنه العربية والصرف وغيرهما. ¬

(¬1) الضوء اللامع 1/ 272، 273. (¬2) الضوء اللامع 1/ 376، 377. (¬3) شذرات الذهب 7/ 313، 314. (¬4) الضوء اللامع 2/ 252. (¬5) شذرات الذهب 7/ 300. (¬6) الضوء اللامع 3/ 92.

9 - الحِصْنيّ. قال السَّخاويّ: قرأ عليه حين حضر إلى القاهرة «المختصر» بتمامه (¬1). 10 - الزَّين ابن الطَّحَّان. قال السَّخاويّ: سمع منه (¬2). 11 - زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن إبراهيم، ابن الحَبَّال الطرَّابُلُسِيّ الحنبليّ، سكن صالحيَّة دمشق يُقْرِئ بها القرآن والعلم، وتوفي سنة أربع وسبعين وثمانمائة (¬3). قرأ عليه «المقنع» تصحيحا، في مدرسة أبي عمر بدمشق. 12 - الزَّين أبو الفرج عهد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم الصالحيّ الدمشقيّ الحنبليّ الإِمام الحافظ، علَّامة الزمان، وترجان القرآن، وهو عبد الرحمن أبو شعر، المتوفى سنة أربع وأربعين وثمانمائة (¬4). أخذ عنه الفقه والنحو، وسمع منه «التفسير» للبَغَويّ، وقرأ عليه في سنة ثمان وثلاثين من «شرح ألفية العراقيّ» إلى الشَّاذّ. 13 - الشِّهاب عبد القادر بن أبي القاسم بن أبي العباس أحمد بن محمد المحْيويّ الحسَنيّ الفاسِيّ الأنصاريّ المالكيّ، قاضي الحرمين، المتوفى سنة ثمانين وثمانمائة (¬5). أخذ عنه في مجاورته بمكة. 14 - أبو الرّوح عيسى البغداديّ الفلوجيّ الحنفي، نزيل دمشق. أخذ عنه العربيَّة والصرف وغرهما. قال السَّخاويّ: وممَّن أخذ عنه العلاء المَرْداويّ، ووصفه بالعلامة الفقيه الفرضيّ الأصوليّ النحويّ الصرفيّ، المُحرِّر المُتْقِن، وإنه كان حسن التعليم، ناصحا للمتعلِّم (¬6). 15 - أبو عبد الله محمد بن أحمد الكركيّ الحنبليّ. قال السَّخاويّ: قرأ عليه ¬

(¬1) الضوء اللامع 5/ 226. (¬2) الضوء اللامع 5/ 226. (¬3) شذرات الذهب 7/ 318. (¬4) الضوء اللامع 4/ 82، 83. (¬5) الضوء اللامع 4/ 283 - 285. (¬6) الضوء اللامع 6/ 158.

«البخاريّ» وغيره (¬1). 16 - أبو الفتح محمد بن أبي بكر بن الحسين المراغيّ المدنيّ الشافعيّ، المتوفى شهيدا سنة تسع وخمسين وثمانمائة (¬2). سمع عليه حين حَجَّ مرَّتين، وجاوَر فيهما. 17 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله القَيسِيّ الدمشقيّ الشافعيّ، المحدِّث المؤرِّخ الحافظ الناظم، المعروف بابن ناصر الدين، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة (¬3). أخذ عنه علوم الحديث، سمع عليه «منظومته» وشرحها بقراءة شيخه التقيّ. 18 - الشمس محمد بن محمد السِّيليّ الحنبليّ الفرضيّ، خازن الضِّيائيّة، المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة (¬4). أخذ عنه الفرائض والوصايا والحساب، وانتفع به في ذلك جدا، ولازمه أكثر من عشرين سنة، وقرأ عليه «المقنع» في الفقه بتمامه بحثا. 19 - أبو القاسم محمد بن محمد بن محمد النّوَيريّ القاهريّ المالكيّ، علَّامة وقته، المتوفى بمكة سنة أربع وخمسين وثمانمائة (¬5). أخذ عنه الأصول حين لَقِيه بمكة فقرأ عليه قطعة من «كتاب ابن مفلح» فيه. بل وسمع في العَضُد عليه. وقد أخلص علاء الدين وجهته لله، وتفرغ للعلم، فوفقه الله، واجتمع بالمشايخ وجدَّ في الاشتغال، ولم يقف به الطلب عند أجل بعينه، فرغم دخوله مصر بأخرة، فإنه كما ذكرنا من قبل تلمذ لقاضيها عز الدين الكنانيّ وقرأ على الحِصْنِيّ والشُّمُنِّي. وقد نصح عز الدين الكناني تلامذته بالأخذ عنه، فقرأوا عليه الإنصاف وغيره من كتبه، وكان من أعظم تلامذته بدر الدين أبو المعالي محمد بن محمد بن أبي بكر ¬

(¬1) الضوء اللامع 5/ 226. (¬2) الضوء اللامع 7/ 162 - 165. (¬3) شذرات الذهب 7/ 243 - 245. (¬4) شذرات الذهب 7/ 328. (¬5) شذرات الذهب 7/ 292.

ابن خالد السَّعْدِيّ المصريّ الحنبليّ، قاضي القضاة، شيخ الإِسلام، العلامة الرُّحَلة، المتوفى سنة تسعمائة. يقول ابن العماد الحنبليّ: وقرأ على القاضي علاء الدين المرداويّ لمَّا توجَّه إلى القاهرة كتابَه «الإنصاف» وغيره، ولازمه، فشهد بفضله، وأذن له بالإفتاء والتدريس أيضًا (¬1). وقد يسَّر الله لعلاء الدين، وفتح عليه في التصنيف، فصنف كتبا في أنواع العلوم، وأعانه على ذلك، وخاصة في المذهب، ما اجتمع عنده من لكتب ما لعلَّه انْفَرد به مِلْكا ووَقْفًا. كما يقول السَّخاويّ (¬2). وقد تعرَّفْنا من كتبه إلى: 1 - الإنْصاف، في معرفة الرَّاجح من الخلاف. ذكره السَّخاويّ، وابن العماد الحنبليّ، والشَّوكاني، والبغداديّ. وهو هذا الكتاب الذي نقدم له. قال السَّخاويّ: عمله تصحيحا للمقنع، وتوسَّع فيه حتى صار أربع مجلَّدات، تعب فيه. وقال ابن العماد الحنبليّ: أربع مجلَّدات ضخمة على «المقنع»، وهو من كتب الإِسلام؛ فإنه سلك فيه مسلكا لم يُسْبَق إليه، بيَّن فيه الصحيحَ من المذهب، وأطال فيه الكلام، وذكر في كل مسألة ما نُقِل فيها من الكتب وكلام الأصحاب، فهو دليل على تَبَحُّرِ مصنِّفه، وسَعَة علمه، وقوّة فهمه، وكثرة اطلاعِه. 2 - التَّحْبير، في شرح التَّحرير. أي تحرير المنقول في تهذيب أو تمهيد علم الأصول. ذكره السَّخاويّ، والشَّوْكاني. وقالا: في مجلَّدين. 3 - تحرير المنقول، في تهذيب أو تمهيد علم الأصول. أي أصول الفقه. ¬

(¬1) شذرات الذهب 7/ 366، 367. (¬2) الضوء اللامع 5/ 227.

ذكره السَّخاويّ، وابن العماد الحنبليّ، والشَّوكاني، وحاجي خليفة، وبروكلمان. قال السَّخاويّ: في مجلَّد لطف. وقال ابن العماد الحنبليّ: ذكر فيه المذاهب الأربعة وغيرها، وشرَحه. تصحيح كتاب الفروع، لابن مفلح = الدُّرُّ المُنْتقَى. 4 - التنقيح المُشْبع، في تحرير أحكام المُقْنِع. ذكره السَّخاويّ، وابن العماد الحنبليّ، والبغداديّ، وبروكلمان، وهو مختصر «الإِنصاف» كما ذكر السَّخاويّ، وابن العماد. وذكره البغدادي باسم: التنقيح، في شرح إنصاف التصحيح، في الفروع. الحصون المُعَدَّة الواقية = الكنوز أو الحصون. . . . 5 - الدُّرُّ المُنْتَقَى والجوهر المجموع، في معرفة الرَّاجح من الخلاف المطلق في «الفروع»، لابن مفلح. قال السَّخاويّ: في مجلد ضخم. وطبع باسم «تصحيح الفروع» مع كتاب «الفروع». 6 - شرح الآداب. ذكره ابن العماد الحنبليّ. شرح تحرير المنقول = التحبير في شرح التحرير. 7 - شَرْح قطعة من «مختصر الطُّوفيّ» في الأصول. هكذا ذكره السَّخاويّ. 8 - فِهْرِسْت القواعد الأصوليَّة. قال السَّخاويّ: في كرَّاسة. 9 - الكُنوز أو الحصون المُعَدَّة، الواقية من كل شِدَّة، في عمَل اليوم والليلة. قال السَّخاويّ: جمع فيه قريبا من ستمائة حديث؛ الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم، والأدعية المطلقة المأثورة. قال: إنه جمع فيها فوق مائة حديث. مختصر الإنصاف = التنقيح المشبع.

10 - مختصر «الفروع». قال السَّخاويّ: اختصر «الفروع» مع زيادة عليها، في مجلد كبير. وذكر ابن العماد الحنبليّ أن له تصحيح الفروع. وانظر ما سبق باسم «الدر المنتقى». 11 - المنهل العَذْب الغزير، في مولد الهادي البشير النذير. ذكره السَّخاويّ. وهكذا بارك الله لعلاء الدين المرداويِّ في مكتبته وعلمه، فأمَدَّ العالم الإسلاميَّ بهذه المؤلَّفات القَيِّمة، وحرص العلماء في عصره على روايتها، وقراءتها عليه، وانتشرت في حياته، وبعد وفاته، وانتفع بها الناس. وكانت كتابته على الفتوى غاية، وخطه حسن، وانتهت إليه رئاسة المذهب، وباشر نيابة الحكم دهرا طويلا، فحَسُنَتْ سيرتُه، وعَظُم أمرُه، وتنَزَّه عن مباشرة القضاء في أواخر عمره، وصار قوله حُجَّة في المذهب، يُعَوَّل عليه في الفتوى والأحكام، في جميع مملكة الإسلام. كما يقول ابن العماد الحنبليّ. يقول ابن العماد أيضًا: ما صَحِبه أحدٌ إلَّا وحصل له الخير، وكان لا يتردَّد إلى أحد من أهل الدنيا، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان الأكابر والأعيان يقصدونه لزيارته والاستفادة منه. وحَجَّ، وزار بيت المقدس مرارًا (¬1). وقال السَّخاويّ: كان فقيها حافظا لفروع المذهب، مشاركا في الأصول، بارعا في الكتابة، مديما للاشتغال والإِشْغال، مذكورا بتعفف وورع وإيثار في الأحيان للطلبة، متنزِّها عن الدخول في كثير من القضايا، بل ربما يروم الترك أصلا، فلا يُمَكِّنُه القاضي، متواضعا مصنفا، لا يأنف ممَّن يُبَيِّن له الصواب (¬2). توفي بصالحيَّة دمشق، يوم الجمعة، سادس جمادى الأولى، سنة خمس وثمانين وثمانمائة، ودفن بسفح قاسيون، قرب الروضة. * * * ¬

(¬1) شذرات الذهب 7/ 341. (¬2) الضوء اللامع 5/ 227.

[4 - تحقيق الكتب الثلاثة]

4 وإذا كان كتاب «المقنع» لموفق الدين ابن قدامة قد اعتُمد في المذهب متنا يحفظه الطلاب، ويشرحه الشارحون، ويعكف عليه الدارسون، فقد ظهر سعده منذ ألفه مؤلفه، ولذلك انصرف إليه ابن أخيه شمس الدين ابن قدامة؛ قراءة وتصحيحًا وشرحًا، واستفاد في شرحه هذا من كتاب عمه موفق الدين العلم في المذهب المسمى «المغني»، ولو أتيح لموفق الدين نفسه أن يشرح «المقنع» لكان شرحه قريبا من عمل ابن أخيه، ولذلك حظى كتاب الشرح الكبير بتقدير بالغ من علماء المذهب، ولم يسمه مؤلفه في مقدمة الكتاب كما يصنع المؤلفون عادة، وإنما وجدنا اسم الكتاب في بعض المصادر، وفي بعض مخطوطاته «الشافي»، وفي بعضها «تسهيل المطلب في تحصيل المذهب»، لكن الاسم الذي سار للكتاب وانتشر به هو «الشرح الكبير». وكان صنيع علاء الدين المرداويّ مع المقنع إكمالا وتتميما لعمل شمس الدين ابن قدامة، حيث اهتم بمواضع الخلاف في المذهب، واستطاع عن طريق مكتبته الحافلة أن يبين رأى كل مؤلف أو إمام، والمنقول عن الإمام أحمد، والمنصوص عليه، وماذا يرجح كل مصنف أو مؤلف مع ذكر كتابه، وكان عمله هذا توثيقا للمذهب، وجمعا لأقوال علمائه، وحشدا لما في مصنفاته، وبذلك استغنى مقتنيه عن الرجوع إلى مصادر كثيرة، ومراجعة مؤلفات عدة، ولذلك فإنه من تمام الفائدة أن يلحق الإنصاف بالشرح الكبير، وأن يجمع بينهما في قرَنٍ، وبذلك يجتمع نص المقنع المضبوط المحقق، إلى الشرح الكبير المحرر المدقق، إلى الإنصاف الموثق، فيصبح لدى مقتنيه ما يستطيع به أن يستغنى عن الرجوع إلى مكتبة فقهية حافلة، إلا إذا أراد التوسع والاستزادة.

[مخطوطات المقنع]

وقد اجتهدنا في تحصيل ما يوجد من مخطوطات الكتب الثلاثة (المقنع والشرح الكبير والإِنصاف)، وتيسر لنا نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم [20358 ب] لكتاب المقنع، تقع في مجلدة واحدة مجزأة إلى خمسة أجزاء؛ يبدأ الجزء الأول منها بأول الكتاب وينتهي بآخر كتاب الجنائز في الورقة 42، ويبدأ الثاني بأول كتاب الزكاة وينتهي بآخر باب أحكام الذمة في ورقة 90، وييدأ الثالث بكتاب البيع وينتهي بآخر كتاب العارية في ورقة 137، ويبدأ الرابع بكتاب الغصب وينتهي بآخر باب ميراث الغرقى ومن عمى موتهم من كتاب الفرائض، ويبدأ الجزء الخامس بباب ميراث أهل الملل إلى آخر المجلدة. وعلى الورقة، الأولى وقف نصه: أوقف وحبس وسبل وتصدق بهذا الكتاب لوجه الله سبحانه، وقف لا يباع ولا يشرى ولا يوهب كله، الفقير إليه محمد الزواوي ابن المرحوم إسماعيل بن أحمد بن علي، دونه فيه برواق حنابلي بالجامع الأزهر بمصر المحروسة محررا في يوم الخميس المبارك، لثمانية خلت من شهر صفر سنة ألف وثمانية وعشرون. وفي الورقة الأخيرة منها: تم الكتاب بحمد الله ومنه وحسن توفيقه، وكان الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء ثاني يوم من شهر رمضان المفضل سنة أربع وستون وتسعمائة، كتبه موسى بن سليمان بن أحمد بن موسى بن علي الحنبلي. والمجلدة تقع في 363 ورقة من القطع المتوسط ومسطرتها 15 سطرا كتبت بقلم معتاد واضح. وقد قابلنا عليها النسخة المطبوعة بمطابع الدجوى في القاهرة سنة 1400 هـ والتي تقع في أربعة مجلدات كبيرة وعليها حاشية منقولة من خط الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وهي من منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض. وكذلك النسخة المطبوعة بمتن كتاب المبدع لابن مفلح، وهي من منشورات المكتب الإسلامي ببيروت وتقع في عشر مجلدات من القطع المتوسط، وقد ذكر الناشر في مقدمتها أنه اعتمد على أكثر من نسخة خطية منها نسخة المؤلف وقابلها

[مخطوطات الشرح الكبير]

على المصادر المتيسرة التي أخذ عنها المؤلف. * * * وقد طبع الشرح الكبير لأول مرة مقترنا بالمغنى، ومرتبا على أبوابه، في مطبعة المنار سنة 1341 هـ، ثم طبع مفردا بعد ذلك على ترتيب المغني أيضًا، ثم صور بعد ذلك مرات عدة. وكان طبيعيا أننا حين نرجع إلى الكتاب لتحقيقه أن نعيد ترتيبه حسب الترتيب الأصلي في المخطوطات وحسب ترتيب المقنع الذي هو شرح عليه. وقد رزقنا الله من مصورات مخطوطات كتاب الشرح الكبير: في مكتبة أحمد الثالث: نسخة محفوظة برقم 1134 فقه حنبلي، وفيها: الجزء الأول، من أول الكتاب إلى آخر مسألة ويستحب للإمام تخفيف الصلاة مع إتمامها. . . . في أثناء صلاة الجماعة. على الورقة الأولى منه: الجزء الأول من شرح المقنع، وتحته: هذا ملك العبد الفقير الذليل الراجي عفو ربه وثوابه الجزيل، ملكه بالبيع الشرعي، وهو جميع شرح المقنع وهو ثمان مجلدات عمر بن محمد بن أحمد الحنبلي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين. وتحته بخط دقيق: ثم انتقل إلى ملك مالكه أولًا علي بن سليمان المرداوي عفا الله عنه. وفي آخره: آخر الجزء الأول، يتلوه في الثاني إن شاء الله تعالى مسألة: ويستحب تطويل الأولى. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما ووافق الفراغ من نسخه في يوم الجمعة ثالث شهر ربيع الأول من شهور سنة إحدى وسبعين وسبعمائة على يد الفقير إلى الله عبد الله بن عيسى بن إبراهيم المقدسي غفر الله له آمين. كتب الجزء بقلم جيد ويقع في 278 ورقة، ومسطرته 25 سطرا. الجزء السادس، يبتدئ بكتاب العتق وينتهي بآخر باب الاستثناء في الطلاق. وعلى جانب الغلاف: الحمد لله وحده، طالع في هذا الجزء إلى باب عشرة النساء

وانتفع به أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي عفا الله عنهم بكرمه. وفي آخره: يتلوه في السابعِ باب الطلاق في الماضي والمستقبل الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم، علقه لنفسه عبد الله بن عيسى بن إبراهيم المقدسي غفر الله له ولوالديه آمين يا رب العالمين. ويقع الجزء في 267 ورقة ومسطرته 23 سطرا. الجزء السابع، ويبتدئ بباب الطلاق في الماضي والمستقبل من كتاب الطلاق وينتهي بمسألة: وإن سرق وقتل في المحاربة. . . . من كتاب الحدود، وعلى الورقة الأولى تملك نصه: ملكه العبد الفقير الحقير الذليل الراجي عفو ربه الجزيل ملكه بالبيع الشرعي وهو جميع شرح المقنع وهو ثمان مجلدات عمر بن محمد بن أحمد المرداوي الحنبلي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين آمين. وتحته بخط أصغر: ثم ملكه من باعه للكاتب أعلاه بعد وفاته كاتبه علي بن سليمان المرداوي. عامله الله تعالى بألطافه الخفية بمنه وكرمه. وآخره: تم السابع من شرح المقنع بحمد الله تعالى وعونه، ويتلوه في الثامن فصل: ومن قتل أو أتى حدا خارج الحرم، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا عمد وآله وصحبه وسلم تسليما دائما إلى يوم الدين وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل. وذلك على يد أفقر عباد الله تعالى عبد الله بن عيسى بن إبراهيم بن محمد المقدسي الحنبلي عفا الله عنه وعن والديه آمين. ويقع الجزء في 297 ورقة ومسطرته 23 سطرًا بخط جيد. الجزء الثامن، يبدأ بفصل: ومن قتل أو أتى حدا خارج الحرم. . . . من كتاب الحدود. وينتهي بآخر كتاب الإقرار. وفي آخره: آخر المجلد الثامن من شرح المقنع والحمد لله كثيرا. على يسار الورقة الأولى من أعلى: يستعين بالله العظيم العلى مالكه علي بن سليمان الحنبلي. وتحته: هذا ملك العبد الفقير الحقير الذليل الراجي عفو ربه الجزيل مالكه بالبيع الشرعي وهو جميع شرح المقنع وهو ثمان مجلدات علي بن سليمان بن أحمد المرداوي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين، آمين يا رب العالمين. وتحته: ملكه من بعده بالبيع الشرعي العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير عمر بن محمد بن أحمد المرداوي الحنبلي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين آمين آمين. وتحته: ثم ملكه من بعده بالبيع الشرعي العبد الفقير الذليل علي بن سليمان المرداوي

الذي كان مالكه أولًا وذلك بعد وفاة المرحوم زين الدين عمر المذكور. . . . في أواخر جمادى الآخر سنة سبع وسبعين وثمانمائة. وفي الورقة الأخيرة: وافق الفراغ من نسخه يوم الخميس حين أذان العصر ثالث شهر شعبان المبارك سنة سبع وسبعين وسبعمائة من الهجرة النبوية - عليه السلام -. وذلك بسفح جبل قاسيون على يد أفقر عباد الله وأحوجهم عبد الله بن عيسى بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمود المقدسي الحنبلي المرداوي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين يا رب العالمين. ويقع الجزء في 279 ورقة ومسطرته 23 سطرا. الجزء الرابع من نسخة أخرى، أوله فصل: قال الشيخ رحمه الله: ومن باع نخلا مؤبرا. . . . في أثناء كتاب السلم، وآخره آخر كتاب الغصب. وعلى غلافه: المجلد الرابع من شرح المقنع في الفقه وهو تسهيل المطلب في تحصيل المذهب. وتحت العنوان: انتقل بالبيع الصحيح الشرعي لمالكه العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد القادر بن عثمان الجزري الحنبلي نفع الله تعالى به بتاريخ شهر جمادى الآخرة سنة خمس وستين وسبعمائة. وبجانبه: انتقل بالبيع الشرعي إلى ملك كاتبه العبد الفقير الحقير الذليل الراجي عفو ربه الجزيل علي بن سليمان المرداوي الحنبلي المقدسي عفا الله عنه وعن جميع المسلمين بتاريخ شهر جمادى الأول سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وكان البيع المذكور أعلاه في مدرسة شيخ الإسلام أبي عمر رضي الله عنه وأرضاه. وفي آخر كتاب السبق ورقة 258: كتبه أفقر عباد الله تعالى عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد غفر الله له ولجميع المسلمين. وكان الفراغ يوم الثلاثاء ثالث ربيع الأول سنة تسعين وستمائة والحمد لله. ومن أول كتاب العارية في ورقة 258 كتب بخط نفيس مشكول. وآخره: آخر المجلد الرابع من شرح المقنع والحمد لله وحده. والجزء يقع في 301 ورقة ومسطرته 25 سطرًا. وهذه النسخة مصورة بمعهد المخطوطات العربية برقم 2 فقه حنبلي. وقد اعتمدنا ما وجدناه من هذه النسخة أصلا، وأكملنا الناقص منها من النسخ التالية، وتجد أرقام الأوراق على جانبي صفحات تحقيقنا.

مكتبة لَيدن بأيرلندة: نسخة تشستر بيتي رقم 33554 MS ومنها: الجزء الأول من أول الكتاب ينقص عدد أربع ورقات من أوله يبدأ بقوله: الأمرين والله أعلم. فصل: إذا انغمس الجنب أو المحدث في ما دون القلتين. . . . وينتهي بآخر صلاة أهل الأعذار من كتاب الصلاة. كتب عليه العنوان الجزء الأول من شرح المقنع وعلى يسار العنوان: ملك إسحاق بن الشيخ داود. . . . الحنبلي المقدسي عفا الله عنه. وتحته: انتقل من ملك إسحاق بالبيع إلى ملك داود. ملك الشيخ داود اللبدي الحنبلي عفا الله عنه. وتحته: ملك الشيخ داود بن يوسف بن الغريز اللبدي المقدسي. وتحته: انتقل بالبيع الصحيح الشرعي إلى ملك مالكه محمد بن عبد الغني بن جوهر المقدسي الحنبلي. وكتب علي طرف الورقة الأخيرة من أسفل باب صلاة الجمعة إشارة إلى أن الجزء التالي يبدأ بها. والجزء يقع في 283 ورقة ومسطرته 25 سطرا كتب بقلم نسخي حسن من القرن الثامن تقديرا نقلت من أصل المصنف وقوبلت عليه ففي أعلى يسار الورقة 114 ما نصه: إلى هنا كتبته من أصل المصنف رحمه الله تعالى. وفي الورقة 74: كذا وجدته في خط المصنف رضي الله عنه. الجزء الخامس، يبدأ بباب الإِجارة، وينتهى بآخر باب الهبة والعطية. وبأعلى الورقة الأولى: الجزء الخامس من شرح المقنع في الفقه، وعليه بيان الأبواب والكتب التي يشملها الجزء وتحته تملك غير واضح. وفي آخر ورقة: آخر الجزء الخامس يتلوه في السادس كتاب الوصايا. فرغ من تعليقه العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن محمد المقدسي في السادس عشر من شهر جادى الأولى سنة ثمان عشرة وسبعمائة. ويقع الجزء في 268 ورقة ومسطرته 23 سطرا بخط نسخب جميل غير منقوط أحيانا. الجزء السابع، يبدأ بأول كتاب الإيلاء، وينتهي بآخر باب القطع في السرقة، من كتاب الحدود. على الورقة الأولى منه: الجزء السابع من شرح المقنع في الفقه وتحته بيان بالكتب التي يشتمل عليها الجزء وفي آخر الورقة الأخيرة: آخر المجلد

السابع، ويتلوه في الثامن باب حد المحاربين إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين. كتبه لنفسه الفقير إلى ربه المعترف بذنبه الراجي عفو ربه إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن سالم المرداوي الحنبلي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه وجميع المسلمين. والجزء يقع في 281 ورقة، مسطرته 25 سطرا. وقد أشرنا إلى هذه النسخة بالرمز «تش». في المكتبة العامة السعودية بالرياض: نسخة محفوظة برقم 86 منها: الجزء الثالث، يبدأ بأول كتاب المناسك، وينتهي بآخر مسألة: وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة. . . .، من كتاب البيع. وعلى الورقة الأولى: المجلد الثالث من شرح المقنع في الفقه وهو تسهيل المطلب في تحصيل المذهب. وتحته اسم المؤلف وبيان الكتب التي يضمها الجزء. وفي آخر ورقة: آخر الجزء الثالث من شرح المقنع للعلامة شمس الدين بن أبي عمر. . . . ويتلوه في الجزء الرابع: فصل قال: ومن باع نخلا مؤبرا وهو ما تشقق طلعه. وبعده تملكات ومقابلات غير واضحة والورقة الأولى بها تآكل في أطرافها. والجزء يقع في 316 ورقة ومسطرته 23 سطرا ومجلد بجلدة قديمة ومكتوب بخط نسخ قديم. الجزء الرابع، يبدأ بفصل ومن باع نخلا مؤبرا من كتاب البيع، وينتهي بآخر كتاب الغصب وتحت العنوان: الجزء الخامس من البيع في شرح المقنع وهو السابع والثلاثون. وفي الورقة الأخيرة بيان مقابلة على أصل مصنفه وبقيته: حسب الإمكان والطاقة بأصل المصنف رحمه الله تعالى. وآخره: آخر المجلد الرابع من شرح المقنع وكان الفراغ منه في مستهل شوال المبارك من سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. والجزء يقع في 221 ورقة ومسطرته 25 سطرًا. الجزء الثامن، ويبدأ بمسألة: ومتى امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع. . . . من كتاب النفقات على الأقارب، وينتهي بآخر مسألة: وهي تجمع تخييرا وترتيبا. . . . ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة. . . . من كتاب الأيمان. وعلى صفحة العنوان

المجلد الثامن من شرح المقنع في الفقه وتحته اسم المؤلف وبيان بالكتب التي يشتمل عليها وتملكات غير واضحة. ويقع الجزء في 222 ورقة، ومسطرته 25 سطرا، وخطه ردئ تصعب قراءته في أحيان كثيرة. ونرمز لهذه النسخة بالرمز «ر». الجزء الخامس من نسخة أخرى، ويبدأ بأول كتاب البيع وينتهي بباب الهبة والعطية من كتاب الوقف. وعلى الورقة الأولى: المجلد الخامس من شرح المقنع وهو تسهيل المطلب في تحصيل المذهب. وتحته اسم المؤلف. والجزء يقع في 288 ورقة مفقود من آخره بعض ورقات. ومسطرته 28 سطرًا كتبت بخط غير واضح. وقد أشرنا إلى هذه النسخة بالرمز «ر 1». الجزء الخامس من نسخة أخرى، ويبدأ بكتاب الغصب، وينتهي بآخر كتاب العتق. وعلى الورقة الأولى منه: الخامس من شرح المقنع وهو تسهيل المطلب في تحصيل المذهب. وتحته تملك غير واضح التاريخ بخط موسى بن أحمد الحجازي. والجزء يقع في 329 ورقة، ومسطرته 23 سطرا. وقد أشرنا إلى هذه النسخة بالرمز «ر 2». مكتبة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: نسخة مصورة عليها ختم الشيخ الوليد بن عبد الرحمن آل فريان، إذ حصلنا عليها بواسطته، منها: الجزء الثاني، يبدأ بأول كتاب البيع، وينتهي بفصل: إذا غصب أرضا فحكمها في جواز دخول غيره إليها. . . . من كتاب الغصب. وعلى الورقة الأولى: المجلد الثاني من شرح المقنع في الفقه. وتحته اسم المؤلف وبجانبه تملكات ترجع إلى القرن الثالث

عشر. وليس في آخره ما يدل على انتهاء الجزء. وبه آثار رطوبة وتمزيق وفي الأوراق الأخيرة بياض في بعض السطور. ويقع الجزء في 221 ورقة ومسطرته ما بين 35 سطرا و 39 سطرا بقلم معتاد لعله من القرن الثالث عشر. الجزء السابع، ويبدأ بفصل: وإن لم يستطع إطعام ستين مسكينا مسلما حرًّا. . . . من كتاب الظهار، وينتهي بآخر باب ديات الأعضاء ومنافعها من كتاب الحدود. وعلى الورقة الأولى: السابع من شرح المقنع للشيخ شمس الدين بن أبي عمر. وفي آخره: آخر الجزء السابع من شرح المقنع والحمد لله وصلى الله على محمد وآله يتلوه إن شاء الله تعالى في الثامن باب حد المحاربين. بلغ العرض بأصل المصنف رحمه الله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين. ويقع الجزء في 280 ورقة ومسطرته 23 سطرا كتب بخط نسخي جميل غير منقوط أحيانا. الجزء العاشر، ويبدأ بأول كتاب الصيد، وينتهي بباب الإِقرار بالمجمل، من كتاب الإقرار. وعلى الورقة الأولى: الجزء العاشر من شرح المقنع. وتحته اسم المؤلف وبيان بالكتب التي يشملها الجزء. وتاريخ يظهر منه: سبعمائة ببعلبك. وفي آخره: تم الكتاب بعون الملك الوهاب والحمد لله رب العالمين. . . . كتبه لنفسه العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن بردس بن نصر البعلبكي الحنبلي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين. وافق الفراغ من نسخه عشية السبت عاشر شهر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ببعلبك حرسها الله تعالى. والجزء يقع في 265 ورقة، ومسطرته 21 سطرا، كتب بخط نسخي جميل. الجزء الثاني عشر، ويبدأ بمسألة: وإن وقف عليه حنث. . . .، من باب جامع الأيمان، وينتهي بباب الإقرار بالمجمل، من كتاب الإقرار، والموجود منه إلى أثناء باب القسمة. وعلى الورقة الأولى منه: الجزء الثاني عشر من كتاب الشافي في شرح المقنع. وتحته اسم المؤلف، وعلى يمين العنوان: ملكه أفقر عباد الله وأحوجهم إليه

أحمد بن محمد بن جمعة. . . . بن مانع عفا الله عنه الحنبلي مذهبا. . . . وتحته بيان بالكتب والأبواب التي يشتمل عليها. والقدر الموجود من الجزء يقع في 92 ورقة، ومسطرته 19 سطرا، كتب بخط نسخي جميل. ونشير إلى هذه النسخة بالرمز «ق». نسخة من مكتبة محمد بن فيصل آل سعود، ومنها: الجزء الثاني، يبدأ بباب صفة الصلاة، وينتهي يقول: وأما الحديث فقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به على أن الخبر إنما هو في التطوع فمتى شاء دخل. في فصل: وإن نذر الاعتكاف في غير هذه المساجد. . . . ولا يوجد في آخرها ما يدل على انتهاء الجزء. وعلى الورقة الأولى منه: المجلد الثاني من شرح المقنع الكبير. وتحته اسم المؤلف، وتحته: هذا المجلد مما رقمه الفقير إلى الله تعالى، عبده سعد بن نبهان الحنبلي. وعلى حاشية الورقة الأولى: أول الجزء التاسع. وتحته: ملكه من فضل ربه الودود محمد بن فيصل آل سعود غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين آمين 1287 وتحته شهادة على الوقف باسم عبد العزيز بن صالح بن مرشد. وإبراهيم الفوزاني وعبد العزيز بن صالح الصيرامي سنة 1287. وعلى حاشية الورقة الأخيرة: بلغ جميعه مقابلة على أصله بقراءة محمد بن راشد الغنيمي بين يدي شيخنا محمد بن إبراهيم بن عجلان في غرة ربيع الثاني. والسنة غير واضحة وبأعلى الورقة: المجلد ثمانية وعشرون كراس. والجزء يقع في 230 ورقة من القطع الكبير ومسطرته 31 سطرا كتبت بخط جيد. ويوجد منه نسخة مصورة محفوظة بالمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 8859 / ح فقه حنبلي. الجزء العاشر من نسخة أخرى، ويبدأ بباب ديات الأعضاء ومنافعها، من كتاب الديات، وينتهي بآخر فصل: ويستحب إجابة من يحلف بالله. . . .، من

كتاب الأيمان. وعلى الورقة الأولى منه: الجزء العاشر من كتاب الشافي في شرح المقنع. وتحته اسم المؤلف، وبيان بالكتب والأبواب التي يشتمل عليها، وآخره: آخر المجلد العاشر، يتلوه في الحادي عشر إن شاء الله تعالى باب جامع الأيمان، وكان الفراغ من نسخه بعد العصر من يوم عاشوراء من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بمدينة بعلبك المحروسة على يد الفقير الضعيف المعترف بالتقصير محمد بن إسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان الحنبلي. وفي أسفل الورقة الأخيرة: هذا الكتاب ملكه محمد بن ربيعة الحنبلي، ثم وقفه على أولاده الذكور، ويختص به الطالب منهم للعلم. . . . والجزء يقع في 264 ورقة، ومسطرته 21 سطرا، كتب بخط نسخي جميل، ويوجد منه نسخة مصورة محفوظة بالمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم 8857 / ح فقه حنبلي. وأشرنا إلى هذه النسخة بالرمز «ص». وقد وقفنا على نسخة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم 8 فقه حنبلي، جاء في فهارس الدار أنها من الشرح الكبير للمؤلف، وعند النظر فيها وجدنا على الورقة الأولى منها: الثاني من شرح المقنع لأبي البركات بن المنجى رحمه الله. ومضروب عليها بخطوط ومكتوب تحتها: كتاب شرح المقنع للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الحنبلي وجد اسم هذا المؤلف بكشف الظنون. وتحته: شرح المقنع جدنا شيخ الإسلام برهان الدين بن مفلح الحنبلي المترجم بالمبدع في شرح المقنع وهو. . . . بخط مؤلفه الجد المشار إليه. . . . وكلام غير واضح. وفي اخرها: آخر الجزء الثاني من شرح المقنع والحمد لله. . . . أنهاه كتابةً العبد الفقير إلى فضل ربه القدير محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل. . . . محمد بن أبي البركات البعلي الحنبلي عفا الله عنه في مدة آخرها ليلة الاثنين السادس من محرم سنة سبع وسبعين وستمائة بمدرسة شرف الإسلام بن الحنبلي عفا الله عنه لنفسه. وقد ذكر ابن رجب في طبقات الحنابلة من تصانيف المنجَّى بن عثمان بن أسعد

[مخطوطات الإنصاف]

التنوخي المتوفى سنة 695 هـ «شرح المقنع» في أربع مجلدات (¬1). والذي نرجحه أن هذا الجزء منه. ونظرًا لاتساع أطراف الكتاب فإننا لم نجد منه نسخة خطبة متكاملة نَعْتَدُّها أصلا، ولذلك فقد لفقنا من نسخه الموثوقة ما يستقيم به نص الكتاب، ونبهنا في كل موضع على بدايات النسخ في حواشي الصفحات، ليستوثق منها من يريد المراجعة. ومن مخطوطات كتاب الإنصاف: في مكتبة أحمد الثالث باستنبول: نسخة محفوظة برقم 849، ومنها: الجزء الأول، يبدأ بأول الكتاب، وينتهي بآخر باب صيد الحرم ونباته، من كتاب المناسك. وبأعلى الورقة الأولى منه: الأول من الإنصاف. وبعده بيان الكتب والأبواب التي يشتمل علجها الجزء. واخره: آخر الجزء الأول يتلوه في الجزء الثاني باب ذكر دخول مكة. ويقع الجزء في 196 ورقة، ومسطرته 33 سطرا، كتب بخط واضح بقلم نفيس من القرن التاسع. الجزء الثاني من النسخة نفسها، بيدأ بباب ذكر دخول مكة، من كتاب المناسك، وينتهي بباب أحكام أمهات الأولاد، من كتاب العتق. وعلى الورقة الأولى بيان بالكتب والأبواب التي يشتمل عليها الجزء. والجزء يقع في 309 ورقة، ومسطرته 33 سطرا. الجزء الثالث من النسخة نفسها، ويبدأ بكتاب النكاح، وينتهى بآخر باب الإقرار بالمجمل، من كتاب الإقرار. وينتهي في منتصف الورقة 235 حيث قال المؤلف: وهذا آخر ما تيسر جمعه وتصحيحه والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم نافعا للناظر فيه مصلحا ما فيه من سقم. وقد ألحق به المصنف قاعدة في صفة ¬

(¬1) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 332، 333.

روايات المذهب. وقال في آخره: تم هذا الجزء المبارك، وهو آخر هذا الكتاب على يد الفقير إلى الله تعالى. . . . محمد بن أحمد البدماصي الحنبلي. . . . والحمد لله رب العالمين. ويقع الجزء في 276 ورقة، ومسطرته 33 سطرا. وقد اعتمدنا هذه النسخة أصلا وتجد أرقام الأوراق على جانبي صفحات تحقيقنا. ويوجد منها نسخة مصورة محفوظة برقم 10، 11، 12 اختلاف فقهاء في معهد المخطوطات العربية. في دار الكتب المصرية: نسخة محفوظة برقم 19 فقه حنبلي (طلعت)، ومنها: الجزء الأول، بيدأ بأول الكتاب، وينتهي بباب زكاة الخارج من الأرض، من كتاب الزكاة. وعلى الورقة الأولى منه: الجزء الأول من كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. وتحته اسم المؤلف، وعلى يساره: ملكه من فضل الله تعالى وكرمه محمد بن محمد بن محمد الجعدي الحنبلي، لطف الله تعالى به سنة 951. وتحته: توفي الشيخ عبد القادر مولانا شيخ الإسلام والمسلمين شهاب الدين أحمد العسكري، نهار الاثنين الخامس عشر من جمادى الآخرة، سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ودفن بالقرب من قبر قطب الأولين الشيخ أبي عمر. . . . وفي آخره: تم الجزء الأول من تجزئة أربعة أجزاء، من كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. . . . وكان الفراغ منه يوم الثلاثاء السادس من ربيع الأول من شهور سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، على يد أضعف عباد الله وأحوجهم إلى عفوه ومغفرته حسن بن علي بن عبيد. . . . المرداوي المقدسي الحنبلي. . . . ويتلوه إن شاء الله تعالى في الجزء الثاني باب زكاة الأثمان. وتوجد على بعض الصفحات أثر رطوبة وتآكل في أطرافها. والجزء يقع في 200 ورقة، ومسطرته 29 سطرا، كتب بخط واضح.

الجزء الثاني، ويبدأ بأثناء باب زكاة العروض، عند قوله: تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه سواء اتفق حولاهما أولًا. . . .، وينتهي بقوله: فائدة: لا تجوز إجارة أرض وشجر لحملها، من باب المساقاة. وينقص قدر خمس ورقات من أوله، والورقة الأخيرة منه. ويقع الجزء في 286 ورقة، ومسطرته 31 سطرا. الجزء الثالث، ويبدأ بأول باب الإجارة، وينتهي بآخر باب صريح الطلاق وكنايته، من كتاب الطلاق. وعلى الورقة الأولى منه: الجزء الثالث من كتاب الإِنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. وتحته اسم المؤلف، وتملك نصه: ملكه من فضل الله تعالى وكرمه محمد بن محمد بن محمد الجعدي الحنبلي لطف الله تعالى به سنة 951. وفي آخر الورقة الأخيرة: آخر الجزء الثالث من تجزئة أربعة أجزاء من كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف. . . . كان الفراغ منه في سادس شهر ربيع الآخر من شهور سنة ثلاثة وسبعين وثمانمائة، بصالحية دمشق المحروسة، من نسخة المصنف أبقاه الله تعالى، على يد العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد المرداوي المقدسي الحنبلي. . . . يتلوه في الجزء الرابع إن شاء الله تعالى: باب ما يختلف به عدد الطلاق. والجزء يقع في 235 ورقة، ومسطرته 29 سطرا. الجزء الرابع، ويبدأ بباب ما يختلف به عدد الطلاق، وينتهي بآخر الكتاب، وعلى الورقة الأولى منه رقم الجزء واسم الكتاب واسم المؤلف والتملك السابق. وفي آخره: كان الفراغ من هذه النسخة في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، من شهور سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد بن إبراهيم المرداوي المقدسي الحنبلي. . . . بصالحية دمشق المحروسة، عن نسخة شيخنا المصنف أبقاه الله تعالى. ونشير إلى هذه النسخة بالرمز (ط). وقد طبع كتاب الإنصاف لأول مرة بمكتبة السنة المحمدية في اثني عشر مجلدا سنة 1375 هـ = 1956 م بتصحيح وتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، وقد

[منهج التحقيق]

ذكر في مقدمته أنه اعتمد على نسختين إحداهما النسخة المشار إليها سابقًا، وأنه اعتمدها أصلا للطبع، ويبدو أنه قد أكثر التصرف في النسخة؛ نظرا لكثرة الفروق بين المطبوعة والمخطوطة بالنقص والزيادة والأخير أكثر. وقد أهملنا بعض هذه الزيادات التي وجدناها مقحمة على النص أو هي كالشرح لبعض الكلمات أو النصوص. والثانية نسخة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله رئيس القضاة بالمملكة العربية السعودية، وقد وضع زيادات هذه النسخة بين معقوفين. وقد أشرنا إلى النسخة المطبوعة بالرمز «ا» وإلى زيادات نسخة الشيخ عبد الله بن حسن بالرمز «ش». وقد فرغنا إلى الكتب الثلاثة فدرسنا مخطوطاتها على النحو الذي يكشف عنه وصفنا السابق لها، ثم عمدنا إلى تحرير النص وضبطه ضبطا يفيد الشادى والمتعلم، بل وضبطنا نص المقنع ضبطا كاملًا، ورقمنا مسائله الواردة في الشرح الكبير مع وضعها بين قوسين، وكذلك ما أدرجه في سياق الشرح وضعناه بين قوسين ليتميز عن بقية الكلام، واجتهدنا في تنسيق الكتب الثلاثة (*) لتأتي المسائل والموضوعات متناسقة متوازية ليسهل على المطلع فيها الاستفادة منها مجتمعة، ومضينا على سبيل عملنا السابق في كتاب المغني، واستفدنا من كل ما جاء فيه، فخرجنا أحاديثها معتمدين الكتب الستة وموطأ الإمام مالك، ومسند الإِمام أحمد، وسنن الدارمي، ثم سنن الدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي في بعض المواطن، ووثقنا ما أورده صاحب الشرح الكبير من نصوص، بالرجوع إلى المصادر التي نقل عنها، ما أتيح لنا منها ويسَّر الله الرجوع إليه، وبمراجعة ما لم يشر إليه مما هُدِينا إليه، وكذلك قمنا بتعريف ما يحتاج إلى تعريف من كلامه. وما كان لهذه الموسوعة الفقهية العظيمة أن تصدر وتوزع على طلاب العلم لولا توفيق الله سبحانه وتعالى، وعونه، ثم اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، والذي ما أن عُرضت عليه فكرة إخراج هذه الكتب في كتاب واحد، تيسيرًا على طلاب العلم، وتوزيعها عليهم، إلا وسارع -كعادته حفظه الله- بالتوجيه بذلك، وتحمل ما يترتب على ذلك من نفقات، خدمة للعلم وطلابه، والذي ما فتئت المملكة العربية السعودية،

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد اقتصرنا في هذه النسخة (الإلكترونية) على «المقنع» و «الإنصاف» فقط

وقادتها الأماجد تسير عليه؛ إشاعة للعلوم الإِسلامية، باعتبارها الدولة الإسلامية التي قامت على كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وطبقت أحكامهما، وأقامت مؤسساتها التعليمية والثقافية على منهجهما. فجزى الله خادم الحرمين الشريفين أحسن الجزاء، ووفق هذه الدولة المباركة وحكامها إلى الاستمرار في هذا المنهج السليم. ولا يفوتنا ونحن نقدم لهذه الكتب أن نذكر بالثناء والتقدير ما قام به صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعضو هيئة التدريس في كلية الشريعة وأصول الدين فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإِسلامية في القصيم من جهد في هذا السبيل، حيث بدأت الفكرة منه -وفقه الله- وأرسل لنا نموذجًا لما ينبغي أن يخرج عليه الكتاب. وكتب إلى خادم الحرمين الشريفين بذلك، واطلع على نماذج من الكتاب في تجاربه الأولى، ووجه إلى ما ينبغي عمله فيه. نسأل الله أن يجزيه خيرًا، ويوفقه إلى الاستمرار في خدمة العلم وطلابه، والتعاون مع العاملين في هذا الميدان. ونسأل الله أن يمدنا بعونه ويقوى عزائمنا لنتم هذا العمل الجليل، ونختمه بفهارس فنية شاملة، تتيح لكل طالب أن يجد بغيته فيه ويصل إلى مقصوده، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. غرة شعبان 1414 هـ 13 ديسمبر 1993 م عبد الله عبد المحسن التركي عبد الفتاح محمد الحلو

[مقدمة المصنف]

بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ يَسِّرْ وَأعِنْ قَال الشيخُ الإمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الأوْحَدُ، شَرَف الإسْلَام، قُدوَةُ الأنَامِ، مُفْتِي الْفِرَقِ، أوحَدُ الزَّمَانِ، مُوَفَّقُ الدِّينِ، أبو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ أحمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ، رَحِمَهُ اللهُ: الْحمدُ لله الْمَحمُودِ عَلَى كُلِّ حَال، الدَّائِمِ الْبَاقي بِلَا زَوَال، الْمُوجِدِ خَلْقَهُ عَلَى غَيرِ مِثَال، الْعَالِم بِعَدَدِ الْقَطر وَأموَاجِ الْبَحرِ وَذَرَّاتِ الرِّمَال، لَا يَعزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الأرضِ وَلَا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نسْتَعين، وعليه نتوكَّلُ الحمدُ للهِ المُتَّصِفِ بصِفاتِ الكَمال، المَنْعوتِ بنُعوتِ الجَلالِ والجَمال، [المُنْفَرِدِ] (¬1) بالإِنْعامِ والإفْضال، والعَطاءِ والنَّوال، المُحْسِنِ المُجْمِلِ على مَمرِّ الأَيامِ ¬

(¬1) زيادة من: «ا».

السَّمَاءِ، وَلَا تَحْتَ أطبَاقِ الْجِبَال {عَالِمُ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} (¬1)، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصطَفَى، وآلِهِ خَيرِ آلٍ، صَلَاةً دَائِمَةَ بِالْغُدُوِّ وَالآصَال. أمَّا بَعْدُ؛ فَهذَا كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهبِ الإمَامِ أبي عَبْدِ اللهِ أحمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، اجْتهدتُ فِي جَمعِهِ وَتَرتِيبِهِ، وَإيجَازِهِ وَتَقْرِيبِهِ، وَسَطًا بَينَ الْقَصِيرِ وَالطَّويلِ، وَجَامِعًا لِأكْثَرِ الْأحكَامِ، عَرِيَّةً عَنٍ الدَّلِيلِ وَالتَّعلِيلِ؛ لِيَكْثُرَ عِلْمُهُ، وَيَقِلَّ حَجْمُهُ، وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ وفهمُهُ، وَيَكُونَ مُقْنِعًا لِحَافِظِيهِ، نَافِعًا لِلنَّاظِرِ فِيهِ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ المَسْئُولُ أنْ يُبَلِّغَنَا أمَلَنَا، وَيُصلِحَ قَوْلَنَا وَعَمَلَنَا، وَيَجْعَلَ سَعيَنَا مُقَرِّبًا إِلَيهِ، وَنَافِعًا لَدَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واللَّيال. أحمَدُه حَمْدًا لا تَغيُّر له ولا زَوال، وأشْكرُه شكْرًا لا تحَوُّلَ له ولا انْفِصال. وأشْهدُ أنْ لا إله إلَّا الله وحدَه لا شَرِيكَ له ولا مِثْلَ ولا مِثال، شهادَةً أدَّخِرُها ليوْمٍ لا بيع فيه ولا خِلال. وأشْهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، الدَّاعِي إلى أصَحِّ الأقْوال، وأسَدِّ الأفْعال، المُحْكِمُ للأحكامِ والمُمَيِّزُ بينَ الحرامِ والحلال، صلى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه خَيرِ صَحْبٍ وخيرِ آل، صلاةً دائمةً بالغُدُوِّ والآصال. ¬

(¬1) سورة الرعد 9.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا بعدُ، فإنَّ كتابَ «المُقنِع» في الفِقْهِ، تأليفَ شيخِ الإِسْلامِ مُوَفَّقِ الدين أبي محمدٍ عبدِ الله بنِ أحمدَ بنِ محمد بن قُدَامَةَ المَقْدِسيِّ، قدَّسَ اللهُ رُوحَه، ونَوّرَ ضَرِيحَه، من أعظَمِ الكتُبِ نفْعًا، وأكثَرِها جمعًا، وأوْضَحِها إشارَةً، وأسْلَسِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبارة، وأوْسَطِها حَجْمًا، وأغْزَرِ بها علْمًا، وأحسَنِها تَفْصِيلًا وتَفْرِيعًا، وأجْمَعِها تَقْسِيمًا وتنْويعًا، وأكْملِها ترتِيبًا، وألْطَفِها تَبْويبًا؛ قد حوَى غالِبَ أمَّهاتِ مسائِلِ المذْهب، فمَنْ حصَّلَها فقد ظفِرَ بالكَنْزِ والْمَطْلَب، فهو كما قال مُصَنفُه فيه: «جامِعًا لأكْثَرِ الأحكامِ». ولقد صدَقَ وبَرَّ ونصحَ، فهو الحَبْرُ الإِمامُ، فإنَّ مَن نظرً فيه بعَينِي التَّحْقيقِ والإِنْصاف، وَجدَ ما قال حَقًّا وافِيًا بالْمُرادِ مِن غيرِ خِلاف، إلَّا أنَّه، رَحِمَه الله تُعالى، أطْلقَ في بعضِ مَسائلِه الخِلافَ مِن غيرِ ترْجيح، فاشْتبَه على النَّاظرِ فيه الضَّعِيفُ مِنَ الصَّحيح، فأحبَبْتُ، إنْ يسَّر اللهُ تعالى، أنْ أبَيِّنَ الصَّحيحَ مِن المذْهبِ والمشْهور، والمعمولَ عليه والمنْصور، وما اعتمَده أكثَرُ الأصحابِ وذَهبوا إليه، ولم يُعَرجُوا على غيرِه ولم يُعَوِّلوا عليه. فصل: اعلم، رَحِمَك اللهُ تعالى، أنَّ المُصَنِّفَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، يكَرِّرُ في كتابِه أشْياءَ كثيرة، عِبارَتُه فيها مُخْتلِفَةُ الأنْواع، فيُحتاجُ إلى تَبْيِييها، وأنْ يُكْشفَ عنها القِناع؛ فإنَّه تارَةً يُطْلِقُ «الرِّوايتَين» أو «الرِّواياتِ» أو «الوَجْهين» أو «الوَجْه» أو «الأوْجُه» أو «الاحتمالين» أو «الاحتِمالات» بقوْلِه: «فهل الحُكْمُ كذا؟ على رِوايتَين، أو على وَجْهين، أو فيه رِوايتان، أو وَجْهان، أو احتَمَل كذا واحتَمَلَ كذا». ونحوَ ذلك. فهذا وشِبْهُه، الخِلافُ فيه مُطْلق، والذي يظهرُ أنَّ إطْلاقَ المُصَنِّفِ وغالِبِ الأصحابِ، ليس هو لقُوَّةِ الخِلافِ مِن الجانِبَين، وإنَّما مُرادُهم حِكايةُ الخِلافِ مِن حيثُ الجملةُ، بخِلافِ مَنْ صَرَّحَ باصطِلاحِ ذلك، كصاحبِ «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البحْرَين»، وغيرِهما. وتارةً يُطْلِقُ الخِلافَ بقوْلِه مثلًا: «جازَ، أو لم يَجُزْ، أو صَحَّ، أو لم يصِحَّ في إحدَى الرِّوايتَين، أو الرِّواياتِ، أو الوَجهين، أو الوُجُوهِ». أو بقوْلِه: «ذلك على إحدَى الرِّوايتَين، أو الوَجْهين». والخِلافُ في هذا أيضًا مُطْلَق، لكنْ فيه إشارَةٌ ما إلى ترجيحِ الأوَّلِ. وقد قيل: إنَّ المُصَنِّفَ قال: «إذا قلتُ ذلك، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ، وهو ظاهِرُ مُصْطلَحِ الحارِثِي (¬1) في «شَرحِه». وفيه نظرٌ؛ فإنَّ في كتابِه مَسائِلَ كثيرةً يُطْلِقُ فيها الخِلافَ بهذه العبارَةِ، وليستِ المذْهبَ، ولا عَزاها أحَدٌ إلى اخْتِيارِه، كما يَمُرُّ بك ذلك إنْ شاءَ اللةُ تعالى، ففي صِحَّتِه عنه بُعدٌ. ورُبَّما تكونُ الرِّوايَةُ أو الوَجْهُ المسْكوتُ عنه مُقَيَّدًا بقَيدٍ، فأذْكُرُه، وهو في كلامِه كثيرٌ. وتارَةً يذْكُرُ حُكْمَ المسْألَةِ مُفَصَّلًا فيها، ثم يُطْلِقُ رِوايتَين فيها، ويقولُ: «في الجُملَةِ». بصِيغَةِ التَّفريضِ، كما ذكره في آخِرِ الغَصبِ، أو يحكِى بعدَ ذِكْرِ الحُكْمِ إطْلاقَ الرِّوايتَين عن الأصحابِ، كما ذكَره في بابِ المُوصَى له، ويكونُ في ذلك أيضًا تفْصيلٌ، فنُبَيِّنُه إنْ شاء اللهُ تعالى. وتارةً يُطْلقُ الخِلافَ بقوْلِه، بعد ذِكْرِ حكْمِ المسْألةِ: «يَحتمِلُ وَجْهين». والغالِبُ أنَّ ذلك وَجْهان للأصحابِ، إلَّا أنَّه لم يَطَّلع على الخِلافِ، فوافقَ كلامَهم، أو تابعَ عبارةَ غيرِه. وتارة يقولُ: «فعنه كذا، وعنه كذا».كما قاله في بابِ النَّذْرِ، والمَعروفُ مِنَ المُصطَلحِ أنَّ الخِلافَ فيه مُطْلَقٌ. وتارةً يقولُ: «فقال فُلانٌ كذا. وقال فلانٌ كذا».كما ذكَرهُ في بابِ الإقْرارِ بالمُجْمَلِ وغيرِه. وهذا مِن جُملَةِ الخِلافِ المُطْلَقِ فيما يظْهرُ. وتارةً يقولُ، بعدَ حكْمِ المسْألَةِ: «ذكَره فُلانٌ، وقال فلانٌ كذا. أو عندَ فلانٍ كذا، وعند فلانٍ كذا». كما ذكره في بابِ جامِع الأيمانِ، وكتابِ الإِقْرارِ، وغيرِهما. وهذا في قُوَّةِ الخِلافِ المُطْلَقِ. ولو قيلَ: إنَّ فيه مَيلًا إلى قُوَّةِ القَوْلِ الأوَّلِ. لَكان له وَجْهٌ. وتارةً يقولُ، بعدَ ذِكْرِ الحكْمِ: «حكْمُ المسْألةِ في قْولِ ¬

(¬1) مسعود بن أحمد بن مسعود الحارثي البغدادي ثم المصري، سعد الدين، أبو محمد وأبو عبد الرحمن، الفقيه، المحدث، الحافظ، قاضي القضاة. سمع بمصر والإِسكندرية ودمشق، وعنى بالحديث، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه الكثير، وخرج لجماعة من الشيوخ معاجم، وتفقه، وبرع، وأفتى، وصنف، وشرح قطعة من كتاب «المقنع» من العارية إلى آخر الوصايا. توفي سنة إحدى عشرة وسبعمائة بالقاهرة. والحارثي؛ نسبة إلى الحارثية، قرية من قرى بغداد غربيها. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 362 - 364، الدرر الكامنة 5/ 116، 117.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُلانٍ، أو فقال فُلانٌ كذا. وقال غيرُه كذا». كما ذكَرَه في بادب الأضْحِيَةِ والشُّفْعَةِ والنَّذْرِ. وهذا أيضًا في قُوَّةِ الخِلافِ المُطْلَقِ. وتارةً يقول، بعدَ ذِكْرِ حكْمِ المسْألةِ: «عندَ فلانٍ، ويَحتَمِلُ كذا. أو فقال فلانٌ كذا، ويَحتَمِلُ كذا». كما ذكرَه في أواخرِ بابِ جامِع الأيمانِ، وأواخِرِ بابِ شروطِ مَن تُقْبَلُ شهادَتُه. فظاهِرُ هذه العبارَةِ، أنَّه ما اطَّلَعَ على غيرِ ذلك القَولِ، وذكرَ هو الاحتِمال، وقد يكون تابعَ عبارَةَ غيرِه. وقد يكونُ في المسْألةِ خِلافٌ، فنُنَبِّهُ عليه. وتارةً يقولُ: «فقال فلانٌ كذا». ويقْتَصِرُ عليه، مِن غيرِ ذكْرِ خِلافٍ، فقد لا يكونُ فيها خِلافٌ، كما ذكَره عن القاضي (¬1) أيضًا في بابِ الفِدية، في الضربِ كما الثالثِ في الدِّماءِ الواجِبَةِ، فهو في حُكْم المجْزُومِ به. وقد يكونُ فيها خِلافٌ، كما ذكرَه عن القاضي في بابِ الهِبَةِ. وتارةً يقولُ، بعدَ ذِكْرِ حُكْمِ المسْألةِ: «في رِوايةٍ». كما ذكرَه في واجباتِ الصَّلاة، وبابِ مَحظوراتِ الإِحرام. أو يقولُ: «في وَجْهٍ». كما ذكرَه في أركانِ النِّكاحِ. ففي هذا يكونُ اخْتِيارُه في الغالبِ خِلافَ ذلك، وفيه إشْعار بتَرجيحِ المَسْكوتِ عنه، مع احتِمالِ الإِطْلاقِ. وقد قال في «الرِّعاية الكُبْرَى» في كتابِ النَّفقاتِ: «وإنْ كان الخادِمُ لها، فنَفَقتُه على الزَّوْجِ، وكذا نفَقَةُ المُؤجَّرِ والمُعارِ في وَجْهٍ». قال في «الفُروعِ» (¬2): «وقولُه: في وَجْهٍ. يَدُلُّ على أنَّ الأشْهرَ خِلافه». وتارةً يحكِي الخِلاف وَجْهين، وهما رِوايتان. وقد يكونُ الأصحابُ اخْتلَفوا في حكايَة الخِلافِ، ففهم مَنْ حكَى وَجْهينْ، ومنهم مَنْ حكَى رِوايتَين، ومنهم مَن ذكرَ الطَّريقَتَين، فأذْكرُ ذلك إنْ شاء الله تعالى. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَ المسْألةِ، ثم يقولُ: «وعنه كذا. أو وقيل. أو وقال فلانٌ. أو ويتخَرَّجُ. أو ¬

(¬1) يعني أبا يعلى محمد بن الحسين بن محمد، ابن الفراء، الحنبلي، عالم زمانه في الأصول والفروع. المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. ترجمه ولده ترجمة حافلة في طبقات الحنابلة 2/ 193 - 230. (¬2) الفروع 5/ 580.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحتَمِلُ كذا». والأوَّلُ هو المُقَدَّمُ عندَ المُصَنِّفِ وغيرِه. وقلَّ أن يُوجدَ ذلك التَّخْريجُ أو الاحتِمالُ إلَّا وهو قوْلٌ لبعضِ الأصحابِ، بل غالِبُ الاحتِمالاتِ للقاضي أبي يَعلَى في «المُجَرَّدِ» وغيرِه، وبعضُها لأبي الخَطَّابِ (¬1) ولغيرِه، وقد تكون للمُصَنِّفِ، وسنُبَيِّنُ ذلك إن شاء الله تعالى. فالتَّخْرِيجُ في مَعنى الاختِمالِ، والاحتِمالُ في مَعنى الوَجْهِ، إلَّا أنَّ الوَجْة مَجْزومٌ بالفُتْيا به. قاله في «المُطْلِعِ». يعنى مِن حيثُ الجُملةُ. وهذا على إطْلاقِه فيه نظر، على ما يأتِي في أواخِرِ كتابِ القضاءِ، وفي القاعِدَةِ آخِر الكتابِ. والاحتِمالُ تَبْيِينُ أنَّ ذلك صالِحٌ لكَوْنِه وَجْهًا، فالتَّخْرِيجُ نقْلُ حكْمِ مسْألَةٍ إلى ما يُشْبِهُها والتَّسْويَةُ بينَهما فيه، والاحتمالُ يكونُ إمَّا لدَليلٍ مَرجُوح بالنِّسْبةِ إلى ما خالفَه، أو لدَليل مساوٍ له، ولا يكونُ التَّخْرِيجُ أو الاحتِمالُ إلَّا إذا فُهِمَ المعنَى. والقوْلُ يشْمَلُ الوَجْه، والاحتِمال، والتَّخْريجَ، وقد يشْمَلُ الرِّوايَةَ، وهو كثيرٌ في كلامِ المُتَقَدِّمين، كأبي بَكرٍ (¬2)، وابنِ أبي موسى (¬3)، وغيرِهما، والمُصطَلَحُ الآنَ على خِلافِه، ورُبَّما يكون ذلك القوْلُ الذي ذكَره المُصَنِّفُ، أو الاحتِمالُ، أو التَّخْرِيجُ، رِوايةً عن الإِمامِ أحمدَ، ورُبَّما كمان ذلك هو المذهبَ، كما سَتراه إنْ شاءَ. اللهُ تعالى مُبَينَّا. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَ المسْألَةِ، ثم يقولُ: «وقيل عنه كذا».كما ذكرَه ¬

(¬1) أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي، أحد أئمة المذهب الحنبلي وأعيانه. ولد سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. وصنف كتبا حسانا في المذهب والأصول والخلاف. وتوفي سنة عشر وخمسمائة. طبقات الحنابلة 2/ 258، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 116 - 127، العبر 4/ 21. (¬2) أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال، صاحب التصانيف الدائرة والكتب السائرة، وكانت له حلقة بجامع المهدي، أنفق عمره في جمع مذهب الإِمام أحمد: تصنيفه. توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 12 - 15، العبر 2/ 148. (¬3) هو أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي القاضي. المتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وكتابه الإرشاد في فروع المذهب. مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 63.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ المُوصَى له، وعيوبِ النِّكاحِ، أو «وحُكِيَ عنه كذا». كما ذكرَه في بابِ نَواقِضِ الوضوء وغيرِه، أو «وحُكِيَ عن فلان كذا».؛ ذكرَه في بابِ القِسْمَةِ بصِيغَةِ التَّمريضِ في ذلك. وقد يكونُ بعضُهم أثْبتَه لصِحَّتِه عندَه، فنُبَيِّنُه. وتارةً يحكِي الخِلافَ في المسْألَةِ، ثم يقولُ: «قال فلانٌ كذا». بغيرِ واو، ولا يكونُ ذلك في الغالب إلَّا مُوافِقًا لما قبلَه، لكنْ ذكَره لفائدَةٍ؛ إمَّا لكَوْنِه أعَمَّ، أو أخَصَّ مِن الحُكْمِ المُتقَدِّمِ، أو يكونُ مُقَيَّدًا أو مُطْلَقًا، والحُكْمُ المُتقَدِّمُ بخِلافِه، ونحوه. ورُبَّما ذكرَ ذلك لمفْهومِ ما قبلَه، كما ذكرَه في العاقِلَةِ عن أبي بكر. وهي عِبارَة عقدة. وتارَةً يقولُ، بعدَ ذِكْرِ المسْألَةِ: «في ظاهرِ المذهبِ». أو «وظاهِرُ المذهبِ كذا»: أو «في الصَّحيحِ مِن المذهبِ». أو «في الصَّحيحِ عنه». أو «في المشْهورِ عنه». ولا يقولُ ذلك إلا وثَمَّ خِلافٌ، والغالِبُ أنَّ ذلك كما قال. وقد يكونُ ظاهِرَ المذهبِ والصَّحيحَ مِن المذهبِ عنده دُونَ غيرِه، كما ذكرَه في بابِ سُجودِ السَّهْو وغيرِه، وظاهِرُ المذهبِ هو المشْهورُ في المذهب. وتارةً يقولُ: «في أصَحِّ الرِّوايتَين، أو الوَجهين، أو على أظْهرِ الرِّوايتَين، أو الوَجْهين». ولا تكادُ تجِدُ ذلك إلا المذهبَ، وقد يكون المذهبُ خِلافَه، ويكونُ الأصَحَّ والأظْهرَ عندَ المُصَنِّف ومَنْ تابعَه. وتارةً يُطْلِق الخِلافَ، ثم يقولُ: «أوْلَاهما كذا». كما ذكَره في تَفْريقِ الصَّفْقَةِ والعِدَدِ. وهذا يكون اخْتِيارَه، وقد يكونُ المذهبَ، كما في العِدَدِ. وتارةً يقولُ، بعدَ حِكايته الخِلافَ: «والأوَّلُ أصَحُّ». أو «وهي أصَحُّ».كما ذكرَه في الكفَاءَةِ وغيرِها، ويكونُ في الغالبِ كما قال. وقد يكونُ ذلك اخْتِيارَه. وتارةً يقولُ: «والأوَّلُ أقْيَسُ وأصَحُّ». كما قاله في المُساقَاةِ. أو «والأوَّلُ أحسَنُ». كما ذكرَه في آخِرِ بابِ مِيراثِ الغَرْقَى والهدمَى. وهذا يكونُ اخْتِيارَه. وتارةً يُصَرِّحُ باخْتِيارِه، فيقول: «وعندِي كذا». أو «هذا الصَّحيحُ عنِدي». أو «والأقْوَى عندِي كذا». أو «والأَوْلَى عِندِي كذا». أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «وهو أوْلَى». وهذا في الغالِبِ يكونُ روايةً، أو وَجْهًا، وقد يكونُ اخْتاره بعضُ الأصحابِ، ورُبَّما كان المذهبَ. وتارةً يقدِّمُ شيئًا، ثم يقولُ: «والصَّحيحُ كذا». كما ذكرَه في كتابِ العِتْقِ وغيرِه، ويكونُ كما قال، ورُبَّما كان ذلك اخْتِيارَه. وتارةً يقولُ: «قال أصحابنُا». أو «وقال أصحابُنا». أو «وقال بعض أصحابِنا كذا». ونحوه. وقد عُرِفَ من اصطِلاحِه أنَّ اخْتِياره مُخالِفٌ لذلك. وتارَةً يقولُ: «اخْتاره شُيُوخُنا». أو «عامَّةُ شُيوخِنا». كما ذكرَه في كتابِ الظِّهارِ، وفي آخِرِ بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. وتارةً يقولُ: «نصَّ عليه، وهو اخْتِيارُ الأصحابِ». كما ذكرَه في بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه، والمذهبُ يكونُ كذلك. وتارةً يذْكُرُ الحكْمَ، ثم يقولُ: «هذا المذهبُ». ثم يحكِي خِلافًا،؛ ذكره في بابِ صَرِيح الطَّلاقِ وكِنايته، أو يذْكُرُ قَوْلًا، ثم يقولُ: «والمذهبُ كذا».كما ذكرَه في بابِ الاسْتِثْناءِ في الطَّلاقِ. أو يقولُ: «والمذهبُ الأوَّلُ». كا ذكَره في كتابِ النَّفقاتِ، ويكونُ المذهبُ كما قال. وتارة يذْكُرُ حكْمَ المسْألَةِ، ثم يقولُ: «أوْمأ إليه أحمدُ، وعندَ فُلانٍ كذا». كما ذكَره في بابِ الرِّبا. أو يقدِّمُ حُكْمًا، ثم يقولُ: «وأوْمأ في موْضِع بكذا».كما ذكرَه في كتابِ. الغَصبِ. وهذا يُؤخَذُ مِن مدلولِ كلامِه. وتارة يقولُ: «ويفعلُ كذا في ظاهرِ كلامِه». كما ذكرَه في بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ، والغَضبِ، وشُروطِ القِصاص، والزَّكاةِ، والقَضاءِ. والظاهِرُ مِن الكلامِ هو: اللَّفْظُ المُحتَمِلُ مَعنَيَينِ فأكْثَر، هو في أحَدِهما أرْجَحُ. أو: ما تَبادرَ منه عندَ إطْلاقِه مَعنًى، مع تجْويزِ غيرِه. ويأتِي هذا والذي قبلَه وغيرُهما أوَّلَ القاعدَةِ آخِرَ الكتابِ. وتارة يقولُ: «نَصَّ عليه، أو والمنْصوصُ كذا، أو قال أحمد كذا». ونحوَه. وقد يكونُ في ذلك خِلافٌ فأذْكُرُه، ورُبَّما ذكَره المُصنفُ. والنَّصُّ والفنصوصُ هو الصَّريحُ في مَعناه. وتارةً يقْطَعُ بحُكْمِ مسْألَةٍ، وقد يزيدُ فيها، فيقولُ: «بلا خِلافٍ في المذهبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما ذكره في كتابِ القَضاءِ وغيرِه. أو يقولُ: «وَجْهًا واحِدًا. أو روايةً واحدةً». وهو كثير في كلامِه. ويكونُ في الغالبِ فيها خِلافٌ، كما ستَراه. ورُبَّما كان المَسْكوتُ عنه هو المذهبَ، بل رُبَّما جزَمَ في كتُبِه بشيءٍ والمذهبُ خِلافُه، كما ذكرَه في كتابِ الطَّهارَةِ، في مسْألةِ اشْتِباهِ الطَّاهرِ بالطهُورِ. وتارةً يذْكُرُ السْألةَ، ثم يقولُ: «فالقِيَاسُ كذا». ثم يحكِي غيرَه، كما ذكرَه في كتابِ الدِّياتِ. أو يذْكرُ الحكْمَ، ثم يقولُ: «والقِيَاسُ كذا».كما ذكرَه في باب تَعارُضِ البَيَنتَينِ. أو يذْكُرُ حُكْمَ المسْألةِ، ثم يقولُ: «في قِياس المذهبِ». ويقْتَصِرُ عليه، كما ذكرَه في كتابِ الصَّداقِ واللعانِ. أو يذْكُرُ الحُكْمَ، ثم يقولُ: «وقِياسُ المذهبِ كذا». كما ذكرَه في بابِ الهِبَةِ. وفي الغالِبِ يكونُ ذلك اخْتِيارَه، ورُبَّما كان المذهبَ، كما ستَراه. وتارةً يَحكِى بعضَ الأقْوالِ، ثم يقولُ: «ولا عملَ عليه». كما ذكرَه في بَابِ (¬1) الفَرائضِ، وأحْكام أمَّهاتِ الْأولادِ، وشُروطِ القِصاصِ. ورُبَّما قَواه بعضُ الأصحابِ واخْتارَه، فيكَون قوْلَه، ولا عملَ عليه عندَه وعندَ مَن تابَعه. وتارةً يقولُ، هو أو غيرُه، بعدَ حكايَته الخِلافَ: «هذا قوْل قديمٌ، رجَع عنه». كما ذكرَه في الغَضبِ والهِبَةِ وغيرهما. وقد يكونُ اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. واعلم أنَّه إذا روَى عن الإِمام أحمدَ روايةً، ورَوَى عنه أنه رجَعَ عنها، فهل تسْقُطُ تلك الرِّوايةُ ولا تُذْكَرُ؛ لرُجوعِه عنها، أو تُذْكَرُ وتُثْبَتُ في التَّصانيفِ، نظرًا إلى أنَّ الرِّوايتَين عن اجْتِهادَين في وَقْتَين، فلم يُنْقَضْ أحَدُهما بالآخَرِ، ولو عُلِمَ التَّاريخُ، بخِلافِ نَسْخِ الشَّارعِ؟ فيه اخْتِلافٌ بين الأصحابِ؛ ذكرَه المَجْدُ (¬2) في «شَرحِه» وغيرُه، في بابِ التَيّمَّمِ، عندَ قوْلِه: ¬

(¬1) في ا: «كتاب». (¬2) عبد السلام بن عبد الله بن الخضر، ابن تيمية الحراني، مجد الدين أبو البركات، فقيه العصر، وشيخ الحنابلة. ولد سنة تسعين وخمسمائة تقريبا، وتفقه، وحدث، ورحل، وصنف، ودرس. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 249 - 254، سير أعلام النبلاء 23/ 291 - 293.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «وإنْ وجدَه فيها بَطَلَتْ. وعنه، لا تَبْطُلُ». ويأْتِي هناك أيضًا. قلتُ: عملُ الأصحابِ على ذكْرِها، وإنْ كان الثَّانِي مذْهبَه. فعلى هذا يجوزُ التَّخْريجُ والتَّفْريعُ والقِياسُ عليه، كالقَوْلِ الثَّانِي. قال في «الرعايَةِ»: فإنْ عُلِمَ التَّاريخُ، فالثَّانِي مَذْهبُه. وقيلَ: الأوَّلُ، إنْ جُهِلَ رُجوعُه عنه. وقيلَ: أو عُلِمَ، وقُلْنا: مَذْهبُه ما قاله تارَةً بدليل. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ تعذَّرَ الجمعُ وعُلِمَ التَّاريخُ، فقيلَ: الثَّانِي مذْهبُه. وقيلَ: والأوَّل. وقيل: ولو رجَعَ عنه. وقال في «أصولِه»: وإنْ عُلِمَ أسْبَقُهُما، فالثَّانِي مذْهبُه، وهو ناسِخٌ. اخْتارَه في «التَّمهيدِ»، و «الرَّوْضَةِ»، و «العُدةِ». وذكرَ كلامَ الخَلَّالِ وصاحبِه كقوْلِهما: هذا قوْلٌ قديم، أو أوَّلُ، والعملُ على كذا. كنَصين. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا رأيتُ ما هو أقْوَى، أخذْتُ به، وترَكْتُ القوْلَ الأوَّلَ. وجزَم به الآمِدي (¬1) وغيرُه. وقال بعضُ أصحابِنا: والأوَّلُ مذْهبُه أيضًا، لأنَّ الاجْتِهادَ لا يُنْقَض الاجْتِهادِ. وفيه نظر، ويلْزَمُه ولو صَرَّحَ بالرُّجوع، وبعضُ أصحابِنا خالفَ، وذكرَه بعضُهم مُقْتَضَى كلامِهم. انتهى. وتارةً يحكِي الخِلافَ ثم يقولُ: «والعملُ على الأوَّلِ». كما ذكرَه في بابِ كتاب القاضي إلى القاضي، ويكونُ الحكْمُ كما قال. وتارةً يحكِي بعضَ الرِّواياتِ، أَو الأقْوال، ثم يقولُ: «وهو بعيد». كما ذكره في بابِ حَدِّ الزنى والقَذْفِ، وغيرِهما. وقد يكونُ اخْتارَه بعضُ الأصحابِ، فأذْكُرُه. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَ مسْألَةٍ، ثم يخْرُجُ منها إلى نَطيرتها، ممَّا لا نقْلَ فيها عندَه،؛ ذكرَه في أواخِرِ بابِ الحجرِ، في قوْلِه: «وكذلك يُخَرَّجُ في النَّاظرِ في الوَقْفِ». وفي بابِ الوَكالةِ بقَوْلِه: «وكذلك يُخَرَّجُ في الأجيرِ والمُرتهنِ». فيكونُ إمَّا تابعَ غيرَه، أو قاله مِن عندِه. وقد يكونُ ¬

(¬1) علي بن محمد بن عبد الرحمن البغدادي، أبو الحسن، المعروف بالآمدي. أحد أكابر أصحاب أبي يعلى، بلغ من النظر الغاية، ودرس وأفتى وناظر. توفي سنة سبع أو ثمان وستين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 8، 9.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المسْألَةِ نقْلٌ خاصٌّ لم يطَّلِع عليه، فأذْكُرُه إنْ ظَفِرتُ. أو يذْكُرُ حُكمَ مسْألَة، ثم يُخرِّجُ فيها قوْلًا مِن نَظيرَتِها. وهو كثيرٌ في كلامِه، والحكْمُ كالتي قبلَها. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَين مُخْتَلِفَين، منْصوصًا عليهما في مسْألتَين مُتَشابِهتَين، ثم يُخَرِّجُ من إحدَاهما حُكْمَها إلى الأخْرَى، كما ذكرَه في باب سَتْرِ العَوْرَةِ وغيرِه. وللأصحابِ في جوازِ النَّقْلِ والتَّخْريخ مثْلِ هذا وأشْباهِه خِلاف. ويأتِي في البابِ المذْكورِ في أوَّلِ كتابِ الوَصايا والقذْفِ، وغيرِهما. ويأتي (¬1) ذلك في القاعدَةِ، آخِرَ الكتابِ، مُحَرَّرًا إنْ شاءَ اللهُ تعالى. وتارةً يذْكُرُ حُكْمَ مسْألةٍ ولها مفْهومٌ، فرُبَّما ذكرتُ المفهومَ وما فيه مِن المسائلِ والخِلافِ، إنْ كان، وظفِرتُ به. ورُبَّما أطْلقَ العبارةَ، وهي مُقَيَّدَةٌ بقيدٍ قد قيَّدَها به المُحقِّقون مِنَ الأصحابِ أو بعضُهم، فأنَبِّهُ عليه، وأذْكر مَنْ قاله مِن الأصحابِ إنْ تيَسَّرَ. وتارةً يكونُ كلامُه عامًّا، والمرادُ الخصُوصُ أو عَكْسُه، وقَصَدَ ضَربَ المِثالِ، فنُبينه. وسيَمُرُّ بك ذلك، إنْ شاء الله تعالى. وللمُصَنِّفِ في كتابِه عباراتٌ مخْتلِفةٌ في حكايَة الخِلافِ، غيرُ ذلك، ليس في ذكْرِها كبيرُ فائَدةٍ فيما نحن بصدَدِه؛ فلذلك ترَكْنا ذكْرَها. وأُحَشِّى على كلِّ مسأَلةٍ إنْ كان فيها خِلافٌ واطَّلعتُ عليه، وأبَيِّنُ ما يتعلَّقُ بمفْهومِها ومنْطوقِها، وأبَيِّنُ الصَّحيحَ من المذْهبِ مِن ذلك كلِّه؛ فإنَّه المقْصودُ والمطْلوبُ مِن هذا التَّصنيفِ، وغيره داخِلٌ تبَعًا. وهذا هو الذي حدَانِى إلى جمع هذا الكتابِ؛ لِمَسيسِ الحاجَةِ إليه، وهو في الحقيقةِ تصحيحٌ لكُل ما في مَعناه مِنَ المُخْتَصراتِ؛ فإنَّ أكثرَها، بل والمُطَوَّلات، لا تخْلُو من إطْلاقِ الخِلافِ. وقد أذكرُ مسائلَ لا خِلافَ فيها، توطِئَةً لِمَا بعدَها؛ لتَعَلُقها بها، أو لمعنًى آخَرَ أبينه. وأذكرُ القائِلَ بكلِّ قوْل واخْتِيارَه، ومَن صحَّحَ، وضعَّفَ، وقدَّمَ، وأطْلقَ، إنْ تيَسَّرَ ذلك. وأذْكرُ ¬

(¬1) في الأصل: «باق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كان في المسْألةِ طرُقٌ للأصحابِ، ومَن القائلُ بكلِّ طريق. وقد يكونُ للخِلافِ فوائدُ مَبْنِيَّة عليه، فأذْكرُها إنْ تيسَّرَ، وإنْ كان فيها خِلاف ذكَرتُه، وبَينتُ الرَّاجحَ منه. وقد يكونُ التَّفْريعُ على بعضِ الرِّواياتِ أو الوُجوهِ دونَ بعض، فأذْكُرُه، ورُبّما ذكرَه المُصَنفُ أو بعضَه، فأكَمَلُه. ورُبَّما ذكرتُ المسْألةَ في مَكانَين أو أكثرَ، أو أحَلْتُ أحدَهما على الآخَرِ؛ ليَسْهُلَ الكشْفُ على مَن أرادَها. وليس غرضِى في هذا الكتابِ الاخْتِصارَ والإِيجازَ، وإنَّما غرضِى الإيضاحُ وفهْمُ المعنَى. وقد يتعَلَّقُ بمسْألَةِ الكتابِ بعضُ فُروعٍ، فأنَبِّه على ذلك بقوْلِي: «فائِدَةٌ» أو «فائِدَتان» أو «فوائِدُ». فيكونُ كالتَّتِمَّةِ له. وإنْ كان فيه خِلاف ذكرتُه وبَينتُ المذهبَ منه. وإنْ كان المذهبُ أو الرِّوايةُ أو القْولُ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، نَبَّهْتُ على ذلك بقوْلِي: «وهو مِنَ المُفْرَداتِ». أو «مِن مُفْرَداتِ المذهبِ». إنْ تيَسَّرَ. ورُبَّما تكونُ المسْألَةُ غريبةً، أو كالغريبَةِ، فأنَبِّهُ عليها بقوْلِي: «فيُعايىَ بها». وقد يكونُ في بعض نُسَخِ الكتابِ زِيادَة أو نقْص، زادَها مَنْ أذنَ له المُصَنِّفُ في إصلاحِه، أو نقَصَها، أو تكونُ النُّسَخُ المقروءَةُ على المُصَنِّفِ مُخْتَلِفَةً، كما في بابِ ذكْرِ الوَصِيَّةِ بالأنْصِباءِ والأجزَاءِ، وصلاةِ الجماعَةِ، فأنَبِّهُ على ذلك وأذْكُرُ الاخْتِلافَ. ورُبَّما يكونُ اخْتلافُ النُّسَخِ مبْنيا على اخْتلافٍ بينَ الأصحابِ، فأبينه إنْ شاءَ الله تعالى، وأذْكرُ بعضَ حُدودٍ ذكَرها المصنِّفُ أو غيرُه، وأبَيِّنُ مَن ذكرَها، ومَن صَحَّحَ أو زيَّفَ، إنْ تيسَّرَ. واعلم أنه إذا كان الخلافُ في المسْألةِ قويًّا مِن الجانِبَين، ذكَرتُ كلَّ مَن يقولُ بكلِّ قَوْل، ومَن قدَّمَ وأطْلقَ، وأشبعُ الكَلامَ في ذلك، مهْما اسْتطَعتُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. وإنْ كان المذْهبُ ظاهِرًا أو مشْهورًا، والقولُ الذي يقابِلُه ضعِيفًا أو قويا، ولكنَّ المذْهبَ خِلافُه، أكْتَفِي بذِكْرِ المذْهبِ، وذِكْرِ ما يقابلُه من الخِلاف، من غيرِ اسْتِقْصاءٍ في ذكْرِ أن قدَّمَ وأخَّرَ؛ فإنَّ ذِكْره تطْويلٌ بلا فائدَةٍ. فظنَّ بهذا التصنيفِ خيرًا، فرُبما عَثَرتَ فيه بمسائلَ وفوائدَ وغرائبَ ونُكَتٍ كثيرةٍ، لم تَظْفر بمَجْموعِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في غيرِه؛ فإنِّي نقلْتُ فيه مِن كتُبٍ كثيرَةٍ مِن كتُبِ الأصحابِ، مِنَ المُخْتصراتِ والْمُطوَّلاتِ، مِنَ الْمُتونِ والشُّروحِ؛ فممَّا نقلْت منه مِن الْمُتونِ: «الخِرَقِي»، و «التنبِيهُ»، وبعضُ «الشَّافِي» لأبي بَكْرٍ عبدِ العزيزِ (¬1)، و «تَهْذيبُ الأجْوبَةِ» لابنِ حامِدٍ (¬2)، و «الإرشَادُ» لابن أبي موسى، و «الجامِع الصَّغير»، و «الأحكامُ السُّلْطانِيَّةُ»، و «الرِّوايتَين والوَجْهين»، ومُعْظَمُ «التَّعْليقَةِ» وهي «الخِلافُ الكبيرُ»، و «الخِصالُ»، وقِطْعة مِن «المُجَرَّدِ»، ومِن «الجامعِ الكبير»، للقاضي أبي يَعلَى، ومِنْ «عُيونِ المسائلِ»، لابنِ شِهابٍ العكْبَري (¬3) مِن المُضَارَبَةِ إلى آخِرِه، و «الهِدايةُ»، و «رُءوسُ المسائلِ»، و «العِباداتُ الخَمسُ»، وأجزاء من «الانْتِصارِ»، لأبي الخَطَّابِ، و «الفُصولُ»، و «التَّذْكِرَةُ»، وبغضُ «المُفْرَداتِ» لابنِ عَقِيل (¬4)، و «رُءوس المسائلِ» للشَّريفِ أبي جَعفَر (¬5)، و «فُروعُ» القاضي أبي ¬

(¬1) أبو بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد الحنبلي، المعروف بغلام الخلال، كان أحد أهل الفهم، موثوقا به في العلم، متسع الرواية. توفي سنة ثلاث وستين وثلائمائة. طبقات الحنابلة 2/ 119 - 127. (¬2) أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي البغدادي، إمام الحنبلية في زمانه ومدرسهم ومفتيهم، صاحب المصنفات. المتوفي سنة ثلاث وأربعمائة. تاريخ بغداد 7/ 303، طبقات الحنابلة 2/ 171 - 177. (¬3) الحسن بن شهاب بن الحسن العكبرى، أبو علي، الكاتب المجود، طلب الحديث، وبرع فيه، وكان من أئمة الفقه والشعر والعربية وكتابة المنسوب. توفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 186 - 188، سير أعلام النبلاء 17/ 542، 543. (¬4) أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، كان واسع العلم قوي الحجة، وله مسائل تفرد بها. توفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 142 - 163، العبر 4/ 29، وانظر: طبقات الحنابلة 2/ 259، وورد اسمه فيه: «علي بن محمد بن عقيل». (¬5) أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى بن أحمد الشريف، ينتهي نسبه إلى العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنه. ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وصنف. وتوفي سنة سبعين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 237 - 241، العبر 3/ 273، 274.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحسين (¬1)، ومِن «مَجْمُوعِه»، مِن الهِبَةِ إلى آخِره بخَطِّه، و «العُقودُ»، و «الخِصالُ» لابنِ البَنَّا (¬2)، و «الإيضاحُ»، و «الإشارَةُ»، وغالبُ «المُبْهِجِ» لأبي الفَرَجِ الشيرَازِيِّ (¬3)، و «الإفْصَاحُ» لابن هُبَيرَةَ (¬4)، و «الغُنْيَةُ» للشيخِ عبدِ القادرِ (¬5)، و «الرِّوايتَينِ في الوَجهين» للْحَلْوانِيِّ (¬6)، و «المُذْهبُ»، و «مَسْبُوكُ الذّهبِ في تَصحيحِ المذهبِ» لابن الجَوْزِيِّ (¬7)، و «المَذْهبُ الأحمَدُ في مذهبِ أحمدَ»، و «الطرَّيقُ الأقْرَبُ» لولده يُوسفَ (¬8)، ¬

(¬1) محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء، ابن أبي يعلى، أبو الحسين، صاحب طبقات الحنابلة، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، تفقه وبرع وصنف، وأفتى وناظر، وله تصانيف كثيرة، توفي سنة ست وعشرين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 176. (¬2) الحسن بن أحمد بن عبد الله، ابن البنا، البغدادي، أبو علي. ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وتفقه، وقرأ عليه القرآن جماعة، وسمع منه الحديث خلق كثير، وصنف. توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 32 - 37، المنتظم 8/ 319. (¬3) أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي المقدسي الحنبلي، شيخ الشام في وقته، له تصانيف عدة في الفقه والأصول. توفي سنة ست وثمانين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 248، 249، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 68 - 73، العبر 3/ 312. (¬4) يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني الحنبلي، وزير المقتفى وابنه، كان مجلسه معمورا بالعلماء والفقهاء، وألف. ومات شهيدا مسموما سنة ستين وخمسمائة. العبر 4/ 172، 173، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 251 - 289. (¬5) عبد القادر بن أبي صالح بن عبد الله الحنبلي، محيي الدين، أبو محمد، إمام الحنابلة وشيخهم في عصره. ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتوفي سنة إحدى وستين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 290 - 301، المنتظم 10/ 219؛ سير أعلام النبلاء 20/ 439 - 451. (¬6) محمد بن علي بن محمد بن عثمان بن المراق الحلواني، أبو الفتح، الفقيه الزاهد. ولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة، وتوفي سنة خمس وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 106. (¬7) عبد الرحمن بن علي بن محمد، ابن الجوزي، جمال الدين، أبو الفرج، شيخ الإسلام، الحافظ، المفسر. ولد سنة تسع أو عشر وخمسمائة، وتوفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 399 - 433، سير أعلام النبلاء 21/ 365 - 384. (¬8) يوسف بن عبد الرحمن بن علي، ابن الجوزي، محيي الدين، الصاحب، أستاذ دار الخلافة. ولد سنة ثمانين وخمسمائة. وضربت عنقه صبرا عند هولاكو سنة ست وخمسين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 258 - 261، سير أعلام النبلاء 23/ 372 - 374.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبُ» للسَّامَرِّي (¬1)، و «الخُلاصَةُ» لأبي المعالِي ابنِ مُنَجَّى (¬2)، و «الكافي» و «الهادِي»، ورأيتُ في نُسْخةٍ مُعتَمَدَةٍ، أنَّ اسْمَ الهادي: «عُمْدَةُ العازم، في تَلْخيص المسائل الخارِجَةِ عن مُخْتَصَرِ أبي القاسم»، و «العُمدةُ» مع «المُقْنِع» للمُصَنِّفِ، و «البُلْغَةُ»، ومِن «التَّلْخيصِ» إلى الوصايا، للشيخ فخرِ الدينِ ابنِ تَيمِيَّةَ (¬3)، و «المُحَرَّرُ» للمَجْدِ، و «الْمَنْظُومَةُ» لابنِ عبدِ القَوي (¬4)، و «الرِّعَايةُ الكُبْرَى»، و «الصُّغْرى»، و «زُبْدَتُها»، و «الإفاداتُ بأحكامِ العِبَادات»، و «آدابُ المُفْتِي»، لابنِ حَمدان (¬5)، و «مُخْتَصرُ ابنِ تَميم» (¬6) إلى أثْناء الزَّكاةِ، و «الوَجيزُ» للشيخِ ¬

(¬1) محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس بن سنينة السامري، أبو عبد الله شيخ الحنابلة، وقاضي سامراء. توفي سنة ست عشرة وسمائة، عن إحدى وثمانين سنة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 121، 122، سير أعلام النبلاء 22/ 144، 145. (¬2) أسعد بن المنجى بن بركات التنوخي الدمشقي، وجيه الدين، أبو المعالي، شيخ الحنابلة، روى عنه موفق الدين ابن قدامة. مولده في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ووفاته سنة ست وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 49، 50، سير أعلام النبلاء 21/ 436، 437. (¬3) محمد بن الخضر (أبي القاسم) بن محمد، ابن تيمية الحراني، فخر الدين، أبو عبد الله، المفتي المفسر، الخطيب، صنف مختصرًا في المذهب، وتفسيرا، وديوان خطب. وتوفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة، عن ثمانين سنة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 151 - 162، سير أعلام النبلاء 22/ 288 - 290. (¬4) محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي المرداوي، أبو عبد الله النحوي، اشتغل ودرّس وأفتى. وتوفي سنة تسع وتسعين وستمائة. الوافي بالوفيات 3/ 278. (¬5) أحمد بن حمدان بن شبيب النمري الحراني القاضي، نجم الدين، أبو عبد الله. ولد سنة ثلاث وستمائة بحران. ورحل إلى القاهرة، وسمع، وتففه، وصنف وولي نيابة القضاء، وأضَر. وتوفي سنة خمس وتسعين وستمائة بالقاهرة. ذيل كشف الظنون 2/ 331، 332. (¬6) محمد بن تميم الحراني، أبو عبد الله، صاحب علم وفقه. ترجمه ابن رجب بين وفيات سنتي خمس وسبعين وست وسبعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 290.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُسَينِ ابن أبي السَّري البَغْدادِ» (¬1)، و «نَظْمُه» للشيخِ جَلالِ الدينِ نصرِ الله البَغْداديِّ (¬2)، و «النِّهايَةُ» لابنِ رَزِين (¬3)، ومن «الحاوي الكبيرِ» إلى الشَّرِكَةِ، و «الحاوي الصَّغير»، وجُزْءٌ مِن «مُخْتَصَرِ المُجَرّدِ» من البُيوعِ، للشيخِ أبي نصرٍ عبدِ الرحمن مدرِّس المُسْتَنْصِرِيَّةِ (¬4)، و «الفُروق» للزَّرِيرَانِي (¬5)، و «الْمُنَوِّرُ في راجِحِ الْمُحَرَّرِ»، و «الْمُنْتخَبُ»، للشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ أحمدَ بنِ محمدٍ الأدَمِيِّ البَغْدَادِيِّ (¬6)، و «التَّذْكِرَةُ»، و «التَّسْهيلُ» لابنِ عَبْدُوسٍ (¬7) المتأخِّرِ، على ما قيلَ، و «الفُروعُ»، و «الآدابُ الكُبْرَى» ¬

(¬1) هو الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السرى الدجيلي البغدادي، سراج الدين، أبو عبد الله، الفقيه، المقرئ، الفرضي، النحوي، الأديب، المصنف. ولد سنة أربع وستين وسمتائة، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 417، 418. (¬2) نصر الله بن أحمد بن محمد التستري البغدادي، جلال الدين، أبو الفتحِ، نزيل القاهرة. ولد في حدود الثلاثين وسبعمائة. واشتغل بالتدريس التصنيف، ونظمه للوجيز في ستة آلاف بيت. وتوفي بالقاهرة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 99. (¬3) عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الغساني الحوراني الدمشقي، سيف الدين، أبو الفرج، صاحب التصانيف. قتل شهيدا بسيف التتار سنة ست وخمسين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 264. (¬4) لم نهتد إليه. (¬5) عبد الله بن محمد بن أبي بكر الزريراني، تقي الدين، أبو بكر، فقيه العراق. ولد سنة ثمان وستين وستمائة. ولي القضاء، ودرس بالبشيرية ثم بالمستنصرية. وتوفي سنة تع وعشرين وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 410 - 412. وزَرِيرَان؛ قرية بينها وبين بغداد سبعة فراسخ على جادة الحاج إذا أرادوا الكوفة من بغداد. معجم البلدان 2/ 939. (¬6) أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي البغدادي، تقي الدين، أبو بكر، المقرئ، رجل صالح، ثقة. ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين، وتوفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 15، تاريخ بغداد 4/ 389، 390. (¬7) محمد بن عبدوس بن كامل السراج السلمي البغدادى، أبو أحمد، الحافظ. المتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 341، سير أعلام النبلاء 13/ 531.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوُسْطى» للعلَّامَةِ شَمس الدِّين ابنِ مُفْلحٍ (¬1)، ومِن «الفائقِ» إلى النِّكاحِ، للشيخِ شرَفِ الدِّينِ ابنِ قاضي الجَبَلِ (¬2)، و «إدراكُ الغايَة في اخْتِصارِ الهِداية» للشيخِ صَفِيِّ الدِّينِ عبدِ المؤمنِ بنِ عبدِ الحقِّ (¬3)، و «اخْتِياراتُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين» (¬4)، جَمعُ القاضي علاءِ الدِّينِ ابن اللَّحَّامِ البعلِيِّ (¬5)، ولم يَسْتَوْعِبْها، وجملَةٌ من مَجامِيعِه وفَتاويه، ومَجامِيع غيرِه وفَتاويه، و «الهدي» للعلَّامَةِ ابنِ القَيِّمِ (¬6)، وغالبُ كُتُبِه، و «مُختَصر» ضَخْم لابنِ أبي المَجْدِ (¬7)، و «القَواعِدُ الفِقْهِيَّةُ» للعلَّامةِ الشيخِ زينِ الدين ابنِ رَجَب (¬8)، و «القواعِدُ الأصولِيَّةُ»، ¬

(¬1) محمد بن مفلح بن محمد القاقوني، شمس الدين، برع في الفقه إلى الغاية، وناب في الحكم، وصنف. وتوفي سنة ثلاث وستين وسبعمائة. الدرر الكامنة 5/ 30، 31، النجوم الزاهرة 11/ 16. (¬2) أحمد بن الحسن بن عبد الله المقدسي، ابن قاضي الجبل، شرف الدين. ولد سنة ثلاث وتسعين وستمائة. صاحب فنون، أفتى، وولي القضاء. وتوفي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. الدرر الكامنة 1/ 129. (¬3) عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله البغدادي، صفي الدين، أبو الفضائل. ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة. واشتغل بعد الفقه بالكتابة الديوانية، والتصنيف، والتدريس. توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 428 - 431. (¬4) أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، ابن تيمية الحراني، أبو العباس، شيخ الإسلام. ولد سنة إحدى وستين وسمتائة. وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 387 - 408 البداية والنهاية 14/ 132 - 141. (¬5) علي بن محمد بن عباس، ابن اللحام الدمشقي، علاء الدين، أبو الحسن، شيخ الحنابلة في وقته. توفي سنة ثلاث وثمانمائة، وقد جاوز الخمسين. شذرات الذهب 7/ 31. (¬6) محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، ابن قيم الجوزية، شمس الدين. ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة، وتوفي سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. البداية والهاية 4/ 234، 235، الدرر الكامنة 4/ 21 - 23. (¬7) أبو بكر بن أبي المجد بن ماجد السعدي الدمشقي ثم المصري، عماد الدين، أبو بكر. ولد سنة ثلاثين وسبعمائة. ودرس، وصنف. وتوفي سنة أربع وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 42، 43. (¬8) عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي الدمشقي، زين الدين، المحدث الحافظ، صاحب الذيل على طبقات الحنابلة. توفي سنة خمس وتسعين وسبعمائة. الدرر الكامنة 2/ 428، 429.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تجْريدُ العنايَةِ، في تَحريرِ أحكامِ النِّهايَةِ» للقاضِي علاء الدِّينِ ابن اللحَّامِ، و «نَظْمُ مُفْرَداتِ المذهبِ» للقاضي عزّ الدِّين المقدِسِي (¬1)، و «التَّسْهِيلُ» للبَعلي (¬2). وممّا نقلْتُ منه مِن الشُّروحِ: «الشرحُ الكبير» لشيخِ الإِسْلامِ شمس الدِّينِ ابنِ أبي عمرَ، على «المُقْنِعِ»، وهو المرادُ بقوْلي: «الشرح، والشَّارِح». و «شَرحُ أبي البَركاتِ ابنِ مُنَجي» عليه، وقِطْعَةٌ مِن «مَجْمَع البَحرَين» لابنِ عبدِ القَويِّ، إلى أثْناءِ الزَّكاةِ عليه، وقِطْعَة لابنِ عُبَيدان (¬3) إلى سَتْرِ العَوْرةِ عليه، وقِطْعَة من «الحارِثيِّ»، من العارلةِ إلى الوَصايا عليه، و «شرحُ مناسِكه» للقاضي مُوَفّقِ الدِّينِ المَقْدِسِيِّ - (¬4)، مجلَّد كبير، و «المُغْنِي» للمصنِّفِ على «الخِرَقِي»، و «شَرحُ» القاضي عليه، و «شَرحُ» ابنِ البَنَّا عليه، و «شَرحُ» ابنِ رَزِين عليه، و «شَرحُ» الأصفَهانِيِّ (¬5) عليه، و «شَرحُ» الزَّركَشِي (¬6) عليه، وقطْعَة مِن «شَرحِ الطوفِيِّ» (¬7) إلى النِّكاحِ عليه، وقطْعَة مِن «شرحِ العُمدَةِ» للشيخِ تَقِيِّ ¬

(¬1) محمد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي، عز الدين، خطيب الجامع المظفرى، بالصالحية. ولد سنة أربع وستين وسبعمائة. وبرع في الفقه والحديث. توفي سنة عشرين وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 147، 148. (¬2) محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي، شمس لدين أبو عبد الله، الفقيه، المحدث، النحوي، اللغوي، صاحب «المطلع على أبواب المقنع». توفي سنة تسع وسبعمائة. ذيل العبر، للذهبي 47، شذرات الذهب 6/ 20، 21، كشف الظنون 2/ 1810. (¬3) الفقيه إبراهيم بن عبيدان. ذكره الذهبي في من استشهد على أيدي التتار، في وقعة شقحب من بلاد الشام سنة اثنتين وسبعمائة. ذيل العبر، للذهبي 20، شذرات الذهب 6/ 4. (¬4) لم نهتد إلى القاضي موفق الدين المقدسي هذا، وليس بصاحب «المقنع» و «المغني» كما يتضح من كلام المؤلف فيما يأتى. (¬5) لم نهد إليه. (¬6) محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي المصري، شمس الدين، أبو عبد الله، الفقيه الحنبلي. توفي بالقاهرة، سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. شذرات الذهب 6/ 224، 225. (¬7) سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الصرصري، نجم الدين، أبو الربيع. ولد سنة سبع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّين، و «مُختَصرُ المُغْنِي» لأبنِ عُبَيدان بخطه، ومِن «مُخْتَصرِ المُغْنِى» لابن حَمدان، إلى آخرِ كتابِ الجُمُعَةِ بخطه، وسَمّاهُ «التَّقْريب» وهو كتاب عظيمٌ، و «شَرحُ» بهاءِ الدِّين (¬1) عليها، و «شَرحُ» صَفي الدِّين على «المُحَرَّرِ»، و «قطعة للشيخِ تَقِي الدِّين» عليه، «وتَعلِيقَة» لابنِ خطيبِ السَّلَامِيَّةِ (¬2) عليه. و «قطعةٌ للمَجْدِ»، إلى صفةِ الحج، على «الهِدايَةِ»، وقطعة مِن «شرحِ أبي البَقاءِ» (¬3) عليها، وقطْعة من «شرحِ الوَجيزِ» للزَّركَشِي، مِن أوَّلِ العتْقِ إلى أثْناءِ الصَّداقِ، وقطْعَةٌ مِن «شَرحِ الوَجيزِ» للشيخِ حسنِ بنِ عبدِ النَّاصرِ المَقْدِسِي (¬4)، مِن كتابِ الأيمانِ إلى آخرِ الكتابِ، وهو الجزْءُ السَّابع، وقطعَةٌ من «شَرحِ أبي حكيمٍ» (¬5) عليها، و «النُّكَتُ على المُحَوَّر»، و «الحَواشِي ¬

= وخمسين وستمائة، الفقيه، دخل بغداد، ودمشق، ومصر. وتوفي بالخليل سنة ست عشرة وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 366 - 370، الدرر الكامنة 2/ 249 - 252، الأنس الجليل 2/ 257، 258، شذرات الذهب 6/ 39، 40. (¬1) عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي، بهاء الدين، أبو محمد. ولد سنة ست وخمسين وخمسمائة وهو تلميذ موفق الدين ابن قدامة. توفي سنة أربع وعشرين وسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 170، 171، التكملة لوفيات النقلة 3/ 212، 213. (¬2) حمزة بن موسى بن أحمد، ابن شيخ السلامية، عز الدين، أبو يعلى، كان من أعيان الحنابلة، وكان له اعتناء بنصوص أحمد وفتاوى ابن تيمية، برع في الفقه وصنف ودرس. توفي سنة تسع وستين وسبعمائة. الدرر الكامنة 2/ 165. وانظر: البداية والنهاية 14/ 317. (¬3) عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبرى، محب الدين، أبو البقاء، المقرئ، الفقيه، النحوي. ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وله مصنفات كثيرة. توفي سنة ست وعشرين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 109 - 120. المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي، للذهبي 214. (¬4) لم نهتد إلى ترجمته. (¬5) إبراهيم بن دينار بن أحمد النهرواني الرزاز، أبو حكيم. ولد سنة ثمانين وأربعمائة. وهو تلميذ أبي الخطاب الكلوذاني، وشيخ ابن الجوزي، صنف في المذهب والفرائض. توفي سنة ست وخمسين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 231 - 241، المنتظم 10/ 201، 202.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المُقْنِعِ» للشيخ شمس الدِّينِ ابن مُفْلِحٍ، و «حَواشِى» شيخِنا (¬1) على «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «حَواشِى» قاضي القُضاةِ مُحِبِّ الدِّينِ أحمدَ بنِ نضرِ الله البَغْدادِيِّ (¬2)، على «الفُروعِ»، و «تصحيحُ الخِلافِ المُطْلَقِ» الذي في «المُقْنِعِ» للشيخِ شمسِ الدِّين النَّابُلُسِيِّ (¬3)، و «تَصحيحُ شيخِنا قاضِي القُضاةِ عِزِّ الدِّين الكِنانِي» (¬4)، على «المُحَرَّرِ»، وغيرُ ذلك مِن التَّعاليقِ والمَجاميعِ والحَواشِي، وقِطْعَةٌ مِن «شرحِ البُخاري» لابنِ رَجَبٍ، وغيرِ ذلك ممَّا وقَفْتُ عليه. واعلم، أنَّ مِن أعظمِ هذه الكتُبِ نفْعًا، وأكثَرِها علْمًا وتحرِيرًا وتحقِيقًا وتصحِيحًا للمذهبِ، كتابَ «الفُروعِ»، فإنَّه قصَد بتَصنِيفه تَصحِيحَ المذهبِ وتحرِيره وجمعَه، وذكَر فيه أنه يقَدِّمُ غالِبًا المذهبَ، وإن اخْتلفَ الترجيحُ، أطْلقَ الخِلافَ، إلَّا أنه، رحِمَه اللهُ تعالى، لم يُبَيِّضْه كلَّه، ولم يُقْرَأْ عليه، وكذلك «الوَجيزُ»؛ فإنَّه بَناه على الرَّاجحَ مِن الرِّواياتِ المَنْصوصَةِ عنه، وذكرَ أنه عرَضَه ¬

(¬1) يعني أبا بكر بن إبراهيم بن يوسف، ابن قُنْدس البعلي الدمشقي، تقي الدين. ولد تقريبا سنة تسع وثمانمائة ببعلبك. عمل أولًا بالحياكة، ثم أقبل على العلم، وكان ذكيا فبرع فيه، وأحيا الله به مذهب الحنابلة في دمشق. توفي سنة إحدى وستين وثمانمائة بدمشق. الضوء اللامع 6/ 14، 15. (¬2) أحمد بن نصر الله بن أحمد البغدادي، ثم المصري، محب الدين، أبو الفضل. ولد سنة خمس وستين وسبعمائة. ورحل إلى مصر والشام، وتفقه وحدث، وناظر، وأفتى، ودرس، وانتهت إليه مشيخة الحنابلة. توفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة. يعرف بابن نصر الله، وبسبط السراج أبي حفص عمر بن علي بن موسى البزار. الضوء اللامع 1/ 233 - 239، شذرات الذهب 7/ 250. (¬3) محمد بن عبد القادر بن عمان الجعفري النابلسي، شمس الدين، تفقه بابن قيم الجوزية، وتصدر للتدريس والإفتاء. توفي سنة سبع وتسعين وسبعمائة. الدرر الكامنة 4/ 138، 139، شذرات الذهب 6/ 349. (¬4) أحمد بن إبراهيم بن نصر الله الكناني القاهري، عز الدين، أبو البركات. ولد بالقاهرة سنة ثمانمائة. لازم أكثر شيوخ عصره، وناب في القضاء، ودرس، وأكثر من الجمع والتأليف والانتقاء. توفي سنة ست وسبعين وثمانمائة. الضوء اللامع 1/ 205 - 207، شذرات الذهب 7/ 321، 322.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الشَّيخِ العلَّامَةِ أبي بَكْرٍ عبدِ اللهِ بنِ الزَّرِيرَانِيِّ، فهذَّبَه له، إلَّا أنَّ فيه مسائِلَ كثيرةً ليستِ المذهبَ، وفيه مسائِلُ كثيرةٌ تابَع فيها المصنِّفَ على اخْتِيارِه، وتابعَ في بعضِ المسائلِ صاحِبَ «المُحَرَّرِ» و «الرِّعاية»، وليستِ المذهبَ، وسيَمُرُّ بك ذلك إنْ شاء الله. وكذلك «التَّذْكِرَةُ» لابنِ عَبْدُوسٍ؛ فإنَّه بَناها على الصَّحيحِ من الدَّليلِ. وكذلك ابنُ عبْدِ القَويِّ في «مَجْمَعِ البَحْرَين» فإنَّه قال فيه: أبْتَدِئْ بالأصَحِّ في المذهبِ نَقْلًا أو الأقْوَى دلِيلًا، وإلَّا قُلْتُ مثلًا: رِوَايتان، أو وَجْهان. وكذا قال في نظْمِه: ومهْما تأَتَّى الابتِدَاءُ براجحٍ … فإنِّي به عندَ الحِكايَةِ أبْتَدِى وكذلك «ناظِمُ الْمُفْرَداتِ»؛ فإنه بَناها على الصَّحيحِ الأشْهَرِ، وفيها مسائلُ ليستْ كذلك. وكذلك «الخُلاصَةُ» لابنِ مُنَجَّى؛ فإنَّه قال فيها: أُبَيِّنُ الصَّحيحَ مِن الرِّواية والوَجْهِ. وقد هذَّبَ فيها كلامَ أبي الخطَّابِ في «الهِدايِة». وكذلك «الإِفَادات بأحْكامِ العِبادَات» لابنِ حَمْدان؛ فإنَّه قال فيها: أذْكُرُ هنا غالِبًا صَحِيحَ المذهبِ ومَشْهُورَه، وصَرِيحَه ومشْكورَه، والمعْمولَ عندَنا عليه، والمَرْجوعَ غالِبًا إليه. تنبيه: اعلمْ، وفَّقَك اللهُ تعالى وإيَّانا، أنَّ طرِيقَتِي في هذا الكتاب، النَّقلُ عن الإِمام أحمدَ والأصحابِ، أعْزُو إلى كُلِّ كتابٍ ما نقلْتُ منه، وأضيفُ إلى كلِّ عالم مَا أروى عنه، فإنْ كان المذهبُ ظاهِرًا أو مشْهورًا، أو قد اخْتارَه جُمْهورُ الأصحابِ وجعلُوه منْصورًا، فهذا لا إشْكال فيه، وإنْ كان بعضُ الأصحابِ يدَّعِي أن المذهبَ خِلافُه. وإنْ كان الِتَّرجيحُ مُخْتَلِفًا بينَ الأصحابِ في مسائلَ مُتجاذِبَةِ المأْخَذِ، فالاعْتِمادُ في معْرفَةِ المذهبِ من ذلك على ما قاله المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «القواعدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ»، والشيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّين، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»؛ فإنَّهم هذَّبُوا كلامَ المتَقَدِّمِين، ومهَّدوا قواعِدَ المذهبِ بيقين. فإن اخْتلَفوا، فالمذهبُ ما قدَّمَه صاحِبُ «الفُروعِ» فيه في مُعْظمِ مسائِله. فإنْ أطلقَ الخِلافَ، أو كان مِن غيرِ المُعْظَمِ الذي قدَّمَه، فالمذهبُ ما اتَّفَقَ عليه الشَّيخان، أعْني المُصَنِّفَ والمَجْدَ، أو وافقَ أحَدُهما الآخرَ في أحَدِ اخْتِيارَيه. وهذا ليس على إطْلاقِه، وإنَّما هو في الغالبِ، فإنِ اخْتلَفا، فالمذهبُ مع مَن وافَقَه صاحِبُ «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، أو الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وإلَّا فالمُصَنِّف، لاسِيَّما إنْ كان في «الكافِي»، ثم «المَجْد». وقد قال العلَّامةُ ابنُ رجَبٍ في «طَبقاتِه» (¬1) في تَرْجَمةِ ابنِ المَنِّيِّ (¬2): وأهْلُ زمانِنا ومَن قبلَهم، إنَّما يرْجِعون في الفِقْهِ مِن جِهَةِ الشُّيوخِ والكُتبِ إلى الشَّيخَين؛ المُوَفَّقِ والمَجْدِ. انتهى. فإنْ لم يكُنْ لهما ولا لأحَدِهما في ذلك تصْحيحٌ، فصاحِبُ «القواعِدِ الفِقْهِيّة»، ثم صاحِبُ «الوَجيزِ»، ثم صاحِبُ «الرِّعايتَين». فإنِ اخْتلَفا «فالكُبْرَى»، ثم النَّاظِمُ، ثم صاحِبُ «الخُلاصَةِ»، ثم «تَذْكِرَةُ ابنِ عَبْدُوسٍ»، ثم مَن بعدَهم. أذْكرُ مَن قدَّمَ، أو صحَّحَ، أو اخْتارَ، إذا ظفِرتُ به، وهذا قليلٌ جِدًّا. وهذا الذي قُلْنا مِن حيثُ الجمْلَةُ، وفي الغالبِ، وإلا فهذا لا يطرِّدُ ألْبَتَّةَ، بل قد يكونُ المذهبُ ما قاله أحَدُهم في مسْألَةٍ، ويكونُ المذهبُ ما قاله الآخَرُ في أُخْرَى، وكذا غيرُهم، باعْتِبارِ النُّصوصِ والأدِلَّةِ والمُوافقِ له مِن الأصحابِ. هذا ما يظْهَرُ لي مِن كلامِهم. ويظْهَرُ ذلك لمَنْ تتَبَّعَ كلامَهم وعرَفَه، وسَنُنَبِّهُ على بعضِ ذلك في أماكِنِه. وقد قيلَ: إنَّ المذهبَ، فيما إذا اخْتلَفَ الترجيحُ، ما قاله الشَّيخان، ثم المُصَنِّفُ، ثم المَجْدُ، ثم «الوَجيزُ»، ثم «الرِّعايتَينِ». وقال ¬

(¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 360. (¬2) نصر الله بن فتيان بن مطر النهرواني البغدادي، ابن المَنِّيِّ، أبو الفتح. ولد سنة إحدى وخمسمائة. فقيه العراق على الإطلاق، أفتى ودرس نحوا من سبعين سنة، ما تزوج ولا تسرَّى، وهو شيخ موفق الدين ابن قدامة. توفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 358 - 365.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم: إذا اخْتلَفا في «المُحَرَّرِ» و «المُقنِعِ»، فالمذهبُ ما قاله في «الكافِي». وقد سُئِلَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين عن معْرِفَةِ المذهبِ في مسائلَ، الخلافُ فيها مُطْلق في «الكافِي» و «المُحَرَّرِ» و «المُقْنِع» و «الرِّعايَةِ» و «الخُلاصَةِ» و «الهِدايَةِ» وغيرِها، فقال: طالِبُ العلْمِ يُمْكِنُه معْرِفَة ذلك مِن كتُبٍ أُخَرَ، مثل كتابِ «التَّعْليقِ» للقاضي، و «الانْتِصارِ» لأبي الخطَّابِ، و «عُمُدِ الأدِلَّةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «تَعْليقِ القاضي يعْقوبَ» (¬1)، و «ابنِ الزَّاغُونِيِّ» (¬2)، وغيرِ ذلك مِن الكتُبِ الكِبارِ التي يُذْكَرُ فيها مسائِلُ الخِلافِ، ويُذْكَرُ فيها الرَّاجِحُ. وقد اختُصِرتْ هذه الكتُبُ في كتُبٍ مُخَتصرَةٍ، مثل «رءوسِ المسائلِ» للقاضي أبي يَعْلَى، والشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ، ولأبي الخطَّابِ، وللقاضي أبي الحُسَينِ. وقد نُقِلَ عن أبي البرَكاتِ جَدِّنا (¬3)، أنَّه كان يقول لِمن يسْألُه عن ظاهرِ المذهبِ: إنَّه ما رَجَّحَه أبو الخطَّابِ في «رءوسِ مسَائِله». قال: وممَّا يُعْرَفُ منه ذلك «المغْنِي» لأبي محمدٍ، وشَرْحُ «الهِدايَةِ» لجَدِّنا، ومَن كان خَبِيرًا بأُصولِ أحمدَ ونُصوصِه، عرَفَ الرَّاجحَ مِن مذهبِهِ فِي عامَّةِ المسائلِ. انْتهَى كلامُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين. وهو مُوافِقٌ لما قُلْناه أوَّلًا، ويأْتِي بعضُ ذلك في أواخِرِ كتابِ القَضاءِ. واعلمْ، رَحِمَك اللهُ، أنَّ الترجيحَ إذا اختَلَف بينَ الأصحابِ، إنَّما ¬

(¬1) يعقوب بن إبراهيم بن أحمد العكبرى البَرْزَبِينِيِّ، أبو علي، قاضي باب الأزج، وكان ذا معرفة تامة بأحكام القضاء، وإنفاذ السجلات، متعففا في القضاء، متشددا في السنة. توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. وبرزبين التي ينتسب إليها قرية ببغداد. الأنساب 2/ 146، المنتظم 9/ 80، شذرات الذهب 3/ 384، 385. (¬2) علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، أبو الحسن، كان متفننا في علوم، مصنفا في الأصول والفروع، علق عنه ابن الجوزي من الفقه والوعظ. توفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة. المنتظم 10/ 32، البداية والنهاية 12/ 205. (¬3) هذا كلام تقي الدين ابن تيمية، كما سيتضح بعد، وهو يعني جده مجد الدين أبا البركات عبد السلام. وسبق التعريف به. وانظر مجموع الفتاوى 20/ 228.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ ذلك لقُوَّةِ الدَّليلِ من الجانِبَين، وكلُّ واحدٍ ممَّن قال بتلك المقالةِ إمام يُقْتَدى به، فيَجوزُ تقْلِيدُه والعملُ بقوْلِه، ويكونُ ذلك في الغالبِ مذهبًا لإِمامِه؛ لأنَّ الخِلاف إنْ كان للإِمامِ أحمدَ فواضِحٌ، وإنْ كان بينَ الأصْحابِ فهو مَقِيسٌ على قواعِدِه وأصُولِه ونُصوصِه. وقد تقدَّمَ أن الوَجْهَ مجْزومٌ بجوازِ الفُتْيَا به. واللهُ سُبْحانَه وتعالى أعْلَمُ. وسمَّيتُه بـ «الإِنْصاف، في معْرفَةِ الرَّاجِح مِنَ الخِلاف». وأنا أسْأَلُ الله أنْ يجعْله خالِصًا لوجْهِه الكريم، وأنْ يُدْخِلنا به جَنَّاتِ النَّعيم، وأنْ ينْفعَ به مُطالِعَه وكاتِبَه والنَّاظِرَ فيه، إنَّه سميعٌ قريبٌ. وما توْفِيقي إلَّا باللهِ، عليه توكَّلْتُ وإليه أنيبُ.

كتاب الطهارة

كِتَابُ الطَّهارة ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الطهارةِ فائدة: الطهارةُ لها مَعْنَيان؛ مَعْنًى في اللغة، ومعنى في الاصْطِلاح، فمَعْناها في اللغة النَّظافةُ والنَّزاهةُ عن الأقذار. قال أبو البَقاء: ويكونُ ذلك في الأخلاق أيضًا. ومَعْناها في اصْطِلاح الفُقَهَاء, قيل: رَفعُ ما يَمْنَعُ الصلاةَ مِن حَدثٍ أو نَجاسةٍ بالماءِ، أو رَفْعُ حُكْمِه بالتُّراب. قاله المُصَنِّفُ، وتابعَه الشَّارِحُ وغيرُه، وليس بجامِعٍ؛ لإخْراجِه الحجَرَ وما في مَعْناه في الاسْتِجْمار، ودَلْكَ النَّعْلِ، وذَيلَ المرأةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على قَوْلٍ، فإنَّ تَقْييدَه بالماءِ والتُّرابِ يُخْرِجُ ذلك. وإخْراجِه أيضًا نجاسةً تَصِحُّ الصلاةُ معَها، فإنَّ زَوالها طَهارة، ولا تَمْنَعُ الصلاةَ، وإخْراجِه أيضًا الأغْسال المُسْتَحَبَّةَ، والتَّجْدِيدَ، والغَسْلَةَ الثَانيةَ والثَّالثةَ، وهي طهَارةٌ، ولا تَمْنَعُ الصَّلاةَ. وقوله: بالماءِ، أو رَفعُ حُكْمِه بالتُّرابِ. فيه تَعْمِيمٌ، فيَحْتاجُ إلى تَقْيِيدِهما بكَوْنِهما طَهُورَين. قال ذلك الزَّرْكشِيُّ. وأُجِيب عن الأغْسالِ المُسْتَحَبَّةِ ونحوها، بأنَّ الطَّهارةَ في الأصْلِ إنَّما هي لرَفْعِ شيءٍ، إذْ هي مَصْدَرُ طَهُر، وذلك يقْتَضِي رَفْعَ شيءٍ، وإطْلاقُ الطَّهارةِ على الوُضوءِ المُجدَّدِ والأغْسالِ المستحبَّةِ مَجازٌ؛ لمُشابَهتِه للوُضوءِ الرَّافعِ والغُسْلِ الرَّافِع في الصُّورةِ. ويُمْكِنُ أن يُقال في دَلْكِ النَّعْلِ وذَيلِ المرأةِ بأنَّ المذهبَ عَدمُ الطَّهارةِ بذلك، كما يأْتِي بَيانُ ذلك. وعلى القَوْلِ بالطَّهارةِ، إنَّما يحْصُلُ ذلك في الغالِبِ بالتُّرابِ، وإنَّ الماءَ والترابَ عندَ الإطْلاقِ إنَّما يتنَاولُ الطَّهورَ منهما عندَ الفُقَهاء، فلا حاجةَ إلى تَقْيِيدِهما به. وقال ابنُ أبي الفَتْحِ، في «المُطْلِع»: الطهارةُ في الشَّرْعِ، ارْتِفاعُ مانِعِ الصلاةِ وما أشْبَهَه؛ من حَدَثٍ أو نَجاسةٍ، بالماءِ، وارْتِفاعُ حُكْمِه بالتُّرابِ. فأدخَلَ بقولِه: وما أشْبَهَه. تَجْدِيدَ الوُضوءِ، والأغْسال المُسْتحَبَّةَ، والغَسْلَةَ الثانيةَ والثالثةَ، ولكنْ يَرِدُ عليه غيرُ ذلك، وفيه إبْهامٌ ما. وقال شارحُ «المُحَرَّرِ»: معنى الطهارةِ في الشَّرْعِ مُوافِقٌ للمعنَى اللُّغَويِّ، فلذلك نقولُ: الطهارةُ خُلُوُّ المَحَلِّ عمَّا هو مُسْتَقْذَرٌ شَرْعًا. وهو مُطرَّدٌ في جميع الطَّهاراتِ، مُنْعَكِسٌ في غيرِها، ثم المُسْتَقْذَرُ شَرْعًا؛ إمَّا عَينِيٌّ، ويُسَمَّى نَجاسةً، أو حُكْمِيٌّ، ويُسَمَّى حَدَثًا، فالتَّطهِيرُ إخْلاءُ المحلِّ من الأقْذارِ الشَّرعِيَّة. وبهذا يتَبَيَّنُ أنَّ حَدَّ الفقهاء للطهارةِ برَفْع ما يمْنَعُ الصلاةَ مِن حَدَثٍ أو نَجاسةٍ بالماءِ، أو إزالةِ حُكْمِه بالتُّرابِ، وهو أجْوَدُ ما قِيل عندَهم، غيرُ جَيِّدٍ؛ لأنَّ ما يَمْنَعُ الصلاةَ ليس إلَّا بالنِّسْبة إلى الإِنسانِ، لا إلى بَقِيَّة الأعيانِ. ثم الحَدُّ مُتَعَدٍّ، والمَحْدودُ لازِمٌ، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُ مُطابِقٍ، والحَدُّ يجبُ أن يكونَ مُطابِقًا، لكنْ لو فُسر به التَّطْهيرُ جاز؛ فإنَّه بمَعْناه، معَ طُولِ العِبارةِ. انتهى. وقال الْمَجْدُ، في «شَرْح الهِداية»: الطهارةُ في الشرعِ بمَعْنَيَين، أحدُهما ضِدُّ الوَصْفِ بالنَّجاسةِ، وهو خُلُوُّ المحلِّ عمَّا يمْنَعُ من اسْتِصْحَابِه في الصلاةِ في الجُمْلَةِ، ويشْتَرِكُ في ذلك البَدَنُ وغيرُه. والثاني طهارةُ الحَدَثِ، وهي اسْتِعْمالٌ مَخْصوصٌ بماءٍ أو تُرابٍ، يخْتَصُّ بالبَدنِ، مُشْتَرَطٌ لصِحَّةِ الصلاةِ في الجملةِ. وجزَم به في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الْحاوي الكبيرِ»، وقال: وهذه الطهارةُ يُتَصَوَّرُ قِيامُها مع الطهارةِ الأُولَى وضِدِّها، كبَدَنِ الْمُتَوَضِّئَ إذا أصابَتْه نَجاسةٌ أو خلَا عنها. وقَدَّمَه ابنُ عُبَيدان. وقال في «الوَجيز»: الطهارةُ اسْتِعْمالُ الطَّهورِ في مَحَلِّ التَّطْهِيرِ على الوَجْهِ المشْرُوعِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا يَخْفَى أنَّ فيه زيادةً، مع أنَّه حَدٌّ للتَطْهير، لا للطَّهارةِ، فهو غيرُ مُطابِقٍ للمَحْدُودِ. انتهى. وقوله: ولا يَخْفَى أنَّ فيه زيادةً. صحيحٌ، إذْ لو قال: اسْتِعْمالُ الطَّهورِ على الوَجْهِ المشْرُوعِ. لَصَحَّ، وخَلا عن الزِّيادةِ. قال مَن شرَع في شَرْحِه، وهو صاحبُ «التَّصْحيحِ»: وفي حَدِّ المُصَنِّفِ خَلَلٌ؛ وذلك أنَّ الطَّهورَ والتَّطْهِيرَ، اللَّذَين هما مِن أجْزاءِ الرَّسْمِ، مُشْتَقَّانِ مِن الطهارةِ المرْسُومةِ، ولا يُعْرَفُ الحَدُّ إلَّا بعدَ مَعْرفَةِ مُفْرَداتِه الواقِعَةِ فيه، فيَلْزَمُ الدَّوْرُ. انتهى. وقال ابنُ رَزينٍ، في «شَرْحِه»: الطهارةُ شَرْعًا ما يَرْفَعُ مانِعَ الصلاةِ. وهو غيرُ جامِعٍ؛ لما تقدَّم. قدَّم ابنُ مُنَجَّى، في «شَرحِه»، أنَّها في الشَّرعِ عِبارةٌ عن اسْتِعْمالِ الماءِ الطَّهورِ، أو بَدَلِه، في أشْياءَ مَخْصوصةٍ، على وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. قلتُ: وهو جامِعٌ، إلَّا أنَّ فيه إبْهامًا، وهو حَدٌّ للتَّطْهِيرِ لا للطَّهارةِ. [وقيل: الطَّهارةُ ضِدُّ النَّجاسةِ والحَدَثِ. وقيل: الطهارةُ عَدَمُ النَّجاسةِ والحَدَثِ شَرْعًا] (¬1). وقيل: الطهارةُ صِفَةٌ قائمةٌ بعَينٍ طاهرةٍ شَرْعًا. ¬

(¬1) زيادة من: «ط».

باب المياه

بَابُ الْمِيَاهِ وَهِىَ ثَلَاثَة أَقْسَامٍ؛ مَاءٌ طَهورٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وحدَّها في «الرِّعاية» بحَدٍّ، وقَدَّمَه، وأدْخَلَ فيه جميعَ ما يُتَطهَّرُ به، وما يُتَطهَّرُ له، لكنه مُطوَّلٌ جِدًّا. باب المياه قوله: وهي ثَلَاثة أقْسَام. اعلمْ، أنَّ للأصحابِ في تَقْسِيمِ الماءِ أرْبَعَ طُرُقٍ؛ أحدَها، وهي طَريقةُ الجُمْهورِ، أنَّ الماءَ ينْقَسِمُ إلى ثَلاثةِ أقْسام؛ طَهورٍ، وطاهِرٍ، ونَجِسٍ. الطرَّيقَ الثانِي، أنَّه ينْقَسِمُ إلى قِسْميَن؛ طاهِرٍ، ونَجِسٍ. والطاهِرُ قِسْمان؛ طاهِر طَهُورٌ، وطاهرٌ غيرُ طَهُورٍ. وهي طَريقةُ الْخِرَقِيِّ، وصاحبِ «التَّلْخيص»، و «البُلْغة». فيهما، وهي قَرِيبةٌ من الأُولَى. الطرَّيقَ الثالثَ، أنَّه ينْقَسِمُ إلى قِسْمَين؛ طاهِرٍ طَهُورٍ، ونَجِسٍ. وهي طريقةُ الشيخِ تقيِّ الدِّين، فإنَّ عندَه أنَّ كلَّ ماءٍ طاهِرٍ تحْصُلُ الطهارةُ به، وسَواءٌ كان مُطْلَقًا أو مُقَيَّدًا،؛ كماءِ الوَرْدِ ونحوه. نقَلَه في «الفُروع» عنه في بابِ الحَيض. الطرِيقَ الرَّابعَ، أنَّنه أربعةُ أقسْام؛ طَهُورٌ، وطاهِرٌ، ونَجِسٌ، ومَشْكُوكٌ فيه لاشْتِباهِه بغيرِه. وهي طريقةُ ابنِ رَزِينٍ، في «شرحه».

وَهُوَ الْباقِي عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِه، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يشْمَلُ قولُه: وهو الباقِي على أصْلِ خِلْقَتِه مَسائلَ كثيرةً، يأْتِي بَيانُ حُكْمِ أكْثرِها عندَ قولِه: فهذا كله طاهِرٌ مُطَهِّرٌ، يَرْفَعُ الأحْداثَ، ويُزِيلُ الأنْجاسَ، غيرُ مَكْروهِ الاسْتِعْمالِ.

وَمَا تَغَيَّرَ بِمُكْثِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما تَغيَّرَ بِمُكْثِهِ، أو بطاهرٍ لا يمكنُ صَوْنُه عنه. أي صَوْن الماءِ عن السَّاقِطِ. قطَع المصنِّفُ بعدَمِ الكَراهةِ في ذلك، وهو المذهث، صرَّح به جَماعةٌ مِن الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكْثَرِهم. وقدَّمه في «الفُروع». وقال في «المُحَرَّر»: لا بأْسَ بما تغَيَّرَ بمقَرِّه، أو بما يشُقُّ صَوْنُه عنه. وقيل: يُكْرَهُ فيهما.

أَوْ بِطَاهِرٍ لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ؛ كَالطُّحْلُبِ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ، أَوْ لَا يُخَالِطُهُ، كَالْعُودِ، وَالْكَافُورِ، وَالدُّهْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الرِّعاية الكبرى». تنبيه: مَفْهُومُ قولِه: لا يُمْكِنُ صَوْنُه عنه. أنَّه لو أمْكَنَ صَوْنُه عنه، أو وُضِعَ قَصْدًا، أنَّه يُؤثِّر فيه. وليس على إطْلاقِه، على ما يأتِى في الفَصْلِ الثاني، فيما إذا تَغَيَّر أَحَدُ أوْصافِه، أو تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا يَسِيرًا. قوله: أو لا يُخالِطُه كالعودِ والكافورِ والدُّهْنِ. صرَّح المصنِّفُ بالطَّهورِيَّة في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وهو المذهبُ، وعليه جَماهيرُ الأصحاب، وجزَم به أكثرُهم؛ منهم المصنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، وصاحبُ «الهداية»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الشَّرحِ»، و «الوَجِيزِ»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ رَزِين، وابنُ عُبَيدان، في شُروحِهم، وابنُ عَبْدُوس، في «تذكِرَتهِ»، وغيرُهم. قال المَجْدُ، في «شرحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحْرَين»: اخْتار أكثرُ أصحابِنا طَهُورِيَّتَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو اخْتِيارُ جُمْهورِ الأصحابِ. قال في «الفُروع»: فطَهُورٌ في الأصَحِّ. قال في «الرِّعايتَين»: طَهُورٌ في الأشْهَرِ. وقيل: يسْلُبُه الطَّهورِيَّةَ إذا غَيَّره. اخْتارَه أبو لخَطَّاب، في «الانْتِصار»، والمَجْدُ، وصاحبُ «الحاوي الكبير». وأطْلَقهما في «المُحَرَّر» و «الفائق»، و «النَّظْم»، وابن تَمِيمٍ. وقولُ ابنِ رَزِين: لا خلافَ في طَهُورِيَّتِه. غيرُ مُسَلَّم. وقال المَجْدُ في «شرحه»، وتَبعَه في «الحاوي الكبير»: إنَّما يكونُ طَهُورًا إذا غَيَّر رِيحَه فقط، على تَعْلِيلهِم، فأَمَّا إذا غَيَّرَ الطَّعْمَ واللَّوْنَ، فلا. ثم قالا: والصَّحِيحُ أنَّه كسائرِ الطّاهرات إذا غَيَّرَتْ يَسِيرًا. فإنْ قُلْنا: تُؤَثَّرُ ثَمَّ. أثَّرَتْ هنا، وإلَّا فلا. فائدة: مُرادُه بالعُودِ العودُ القَمَارِيُّ، مَنْسوبٌ إلى قَمارِ، مَوْضِعٌ ببلادِ الهند (¬1). ومُرادُه بالكافورِ قِطَعُ الكافور، بدليلِ قولِه: أو لا يُخالِطُه. فإنَّه لو كان غيرَ قِطَعٍ لخَالطَ، وهو واضِحٌ. تنبيه: صرَّح المصنِّفُ أنَّ العُودَ والكافورَ والدُّهْنَ، إذا غَيَّر الماءَ، غيرُ مَكْروهِ الاسْتِعْمال. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به ابنُ مُنِجَّى فِي «شرحه». وهو ظاهِرُ ما جزَم به «الشَّارِحُ»، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقيل: مَكْروهٌ. ¬

(¬1) في ازيادة: «وهو بفتح القاف». وبكسرها أيضًا. انظر: معجم البلدان 4/ 173.

أَوْ مَا أَصْلُهُ الْمَاءُ، كَالْمِلْحِ الْبَحْرِيِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الرِّعاية الكبرى». قُلْتُ: وهو الصَّوابُ؛ للخلافِ في طَهُوريَّته. قوله: أَوْ ما أصْلُه الماءُ كالمِلحِ البحريِّ. صرَّحَ بطَهورِيَّتِه مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ، وجُمْهورُهم جزمَ به؛ منهم صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، وابنُ تميمٍ، وابنُ رَزِينٍ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وابنُ عَبدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «الوَجيز»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وقَدَّمه في «الفُروع». وقيلَ: يسْلُبُه إذا وُضِعَ قصْدًا. وخرَّجَه في «الرِّعايَتَينِ» على التُّرابِ إذا وُضِعَ قَصْدًا. وصرَّح أيضًا أنه غيرُ مكْروهِ الاسْتِعمال. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شرْحِه». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الشَّرْح»، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقيل: يُكْرَهُ. جزَم به في «الرِّعايتَين». تنبيه: مَفْهومُ قولِه: أو ما أصْلُه الماءُ كالمِلْحِ البَحْرِيِّ. أنَّه إذا تغَيَّر بالمِلْحِ المعْدِنيِّ، أنَّه يسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ المِلْحِ البَحْرِيِّ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. فائدة: حُكْمُ التُّرابِ إذا تغَيَّرَ به الماءُ حكْمُ المِلْحِ البَحْرِيِّ، على المذهبِ. لكن إنْ ثَخُنَ الماءُ بوضْعِ التُّرابِ فيه، بحيثُ إنَّه لا يجْرِى على الأعْضاءِ، لم تَجُزِ الطهارةُ به. ويأْتي ذلك في الفصْلِ الثَّاني قرِيبًا، بأتَمَّ مِن هذا مُفَصَّلًا.

أَوْ مَا تَرَوَّحَ بِرِيحِ مَيتَةٍ إِلَى جَانِبِهِ، أَوْ سُخِّنَ بِالشَّمْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أَو سُخِّن بالشّمسِ. صرَّح بعدَم الكَراهَةِ مُطْلقًا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكْثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكَثرُهُم؛ منهم القاضي في «الجامع الصَّغير»، وصاحبُ «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابن تميم»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وقيل: يُكْرَهُ مطْلقًا.

أَوْ بِطَاهِرٍ، فَهَذَا كُلُّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، يَرْفَعُ الْأَحْدَاثَ, وَيُزِيلُ الْأَنْجَاسَ، غَيرُ مَكْرُوهِ الاسْتِعْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الآجُرِّيُّ (¬1) في «النَّصيحَةِ»: يُكْرَهُ المُشَمَّسُ؛ يقال: يُورِثُ البَرَصَ. وقاله التَّمِيميُّ. قاله في «الفائقِ». وقيلَ: يُكْرَهُ إنْ قصَدَ تَشْمِيسَه. قاله التَّمِيمِيُّ أيضًا، حكَاه عنه في «الحاوي». وقال ابنُ رَجَبٍ في «الطبقَاتِ» (¬2): قرأْتُ بخطِّ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، أنَّ أبا ¬

(¬1) محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر، الآجري، محدث، فقيه، بغدادى، سكن مكة وتوفي بها سنة ستين وثلاثمائة. تاريخ بغداد 2/ 243، طبقات الشافعية 3/ 149. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 83.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محمدٍ رِزْقَ الله التَّمِيمِيَّ (¬1)، وافقَ جدَّه أبا الحسَنِ التَّمِيمِيَّ (¬2)، على كراهَةِ المُسَخَّنِ بالشَّمْس. فائدة: حيث قُلْنا بالكَراهَةِ، فمحَلُّه إذا كان في آنِيَةٍ، واسْتَعْملَه في جسَدِه، ولو في طعام يأْكُلُه. أمَّا لو سُخِّنَ بالشَّمسِ ماءُ العيونِ ونحوها، لم يُكْرَهْ، قوْلًا واحِدًا. قال في «الرِّعايةِ»: اتِّفاقًا. وحيثُ قُلْنا: يُكْرَهُ. لم تَزُلِ الكراهةُ إذا بُرِّدَ، على الصَّحيحِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيلَ: تزولُ. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «الفُروعِ». تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: أو بطاهرٍ. عدَمُ الكَراهَةِ، ولو اشْتَدَّ حرُّه. وهو ظاهرُ النَّصِّ. والمذهبُ الكراهَةُ إذا اشْتَدَّ حرُّه. وعليه الأصحابُ. وفسَّر في «الرِّعايَةِ» النَّصَّ مِن عندِه بذلك. قلتُ: وهو مُرادُ النَّصِّ قَطْعًا، ومُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّنْ أطْلقَ. وقال في «الرعايَةِ»: ويحْتَمِلُ أنْ لا يُجْزِئَه مع شدَّةِ حرِّه. تنبيه: قوْلُه: فهذا كلُّه طاهرٌ مُطَهِّرٌ، يرْفَعُ الأحْداثَ، ويُزِيلُ الأنْجاسَ. قد تقدمَ خِلافٌ في بعضِ المسائلِ؛ هل هو طاهرٌ مُطَهِّرٌ، أو طاهرٌ فقط؟ فائدة: الأحْداثُ جمعُ حَدَثٍ. والحدَثُ ما أوْجبَ وُضُوءًا أو غُسْلًا. قاله في «المُطْلِعِ». وقال في «الرِّعايَة»: والحَدثُ والأحْداثُ ما اقْتضَى وُضُوءًا أو غُسْلًا، أو اسْتِنْجاءً أو اسْتِجْمارًا، أو مَسْحًا، أو تَيَمُّمًا، قصْدًا؛ كَوْطءٍ وبَوْلٍ ونَجْوٍ ونحوها، غالبًا أو اتِّفاقًا؛ كحَيضٍ، ونِفَاسٍ، واسْتِحاضَةٍ، ونحوها، ¬

(¬1) رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد، التميمي، أبو محمد، أحد الحنابلة المشهورين، وعظ وأفتى وقرأ، وكان حسن العبادة، فصيح اللسان. ولد منة أربعمائة، وتوفي منة ثمان وثمانين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 250، ذيل الطبقات 1/ 77 - 85. (¬2) عبد العزيز بن الحارث بن أسد، التميمي، أبو الحسن، صنف في الأصول والفروع والفرائض، ولد سنة سبع عِشرة وثلاثمائة، وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 139.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحْتلامِ نائمٍ ومَجْنونٍ ومُغْمًى عليه، وخروجِ ريحٍ منهم غالبًا. فالحدَثُ ليس نَجاسةً؛ لأنَّه مَعْنًى، وليس عَينًا، فلا تَفْسُدُ الصَّلاةُ بحملِ مُحْدِثٍ. والمُحْدِثُ مَن لَزِمه لصلاةٍ ونحوها وضوءٌ أو غُسْلٌ أو هما، أو اسْتنجاءٌ، أو اسْتِجْمارٌ، أو مسْحٌ، أو تَيَمُّمٌ، أو اسْتُحِبَّ له ذلك. قاله في «الرِّعاية». وهو غيرُ مانعٍ؛ لدُخولِ التَّجْديدِ والأغْسالِ المُسْتَحبَّةِ، فكلُّ مُحْدِثٍ ليس نَجِسًا ولا طاهِرًا شرْعًا. والطَّاهِرُ ضدُّ النَّجِسِ والمُحْدِث. وقيل: بل عَدَمُهما شَرْعًا. وأمَّا الأنْجاسُ؛ فجمعُ نَجِسٍ. وحَدُّه في الاصطِلاحِ؛ كلُّ عَينٍ حرُمَ تناوُلُها مع إمكانِه، لا لحُرْمَتِها، ولا لاستِقذارِها، ولضَرَرٍ بها في بَدنٍ أو عَقْلٍ. قاله في «المُطلِعِ». وقال في «الرِّعايةِ»: النَّجِسُ كلُّ نجاسةٍ وما توَلَّدَ منها، وكلُّ طاهرٍ طرَأ عليه ما يُنَجِّسُه، قصدًا أو اتِّفاقًا، مع بَلَلِ أحَدِهما، أو هما، أو تغيُّرِ صِفَتِه المُباحةِ بضِدِّها؛ كانْقِلاب العصيرِ بنَفْسِه خَمْرًا، أو موتِ ما ينْجُسُ بمَوْتِه، فيَنْجُسُ بنجاسَتِه، فهو نجِسٌ ومُتَنَجِّسٌ، فكلُّ نجاسةٍ نجِسٌ، وليس كلُّ نجسٍ نجاسةً. والمُتنَجِّسُ نَجِسٌ بالتَّنجُّسِ، والمُنَجَّسُ نجِسٌ بالتَّنجيسِ. وأمَّا النجاسةُ، فقِمسْان؛ عَينِيَّة، وحُكمِيَّة. فالعَينِيَّةُ لا تَطْهُرُ بغَسْلِها بحالٍ، وهي كلُّ عينٍ جامِدةٍ، يابسةٍ أو رَطْبَةٍ أو مائعةٍ، يمنعُ منها الشَّرْعُ بلا ضرورةٍ، لا لأذًى فيها طبْعًا، ولا لحقِّ الله أو غيرِه شرْعًا. قدَّمه في «الرِّعاية». وقال: وقيل: كل عين حرُمَ تناوُلُها مطلقًا مع إمكانِه، لا لحُرْمَتِها، أو اسْتِقْذارِها وضرَرِها في بدَنٍ أو عقْل. والحُكْمِيَّةُ تزولُ بغَسْلِ محَلِّها، وهي كلُّ صفةٍ طَهارِيَّةٍ ممنوعةٍ شرْعًا بالضرورة، لا لأذًى فيها طبْعًا، ولا لحقِّ اللهِ أو غيرِه شرْعًا، تحْصُلُ باتِّصالِ نجاسة أو نجِسٍ بطَهُورٍ أو طاهرٍ، قصْدًا، مع بلَلِ أحَدِهما أو هما، وهو التَّنْجيسُ أو التَّنَجُّسُ اتِّفاقًا، مِن نائمٍ أو مجنونٍ أو مُغْمًى عليه، أو طفلٍ أو طفلةٍ أو بهِيمةٍ، أو لتغيُّرِ صفَةِ الطاهرِ بنَفْسِه؛ كانْقِلابِ العصيرِ خَمْرًا. قاله في «الرِّعاية». ويأْتي: هل نجاسةُ الماء المُتَنَجِّسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عينِيَّةٌ أو حُكْمِيَّةٌ؟ في فصلِ النَّجِس. وقيل: النجاسةُ لُغَةً؛ ما يسْتَقْذِرُه الطْبْعُ السليمُ. وشرْعًا؛ عَينٌ تفْسُدُ الصلاةُ بحملِ جنْسِها فيها، وإذا اتَّصل بها بَلَلٌ، تَعدَّى حكمُها إليه. وقيل: النجاسةُ صِفَةٌ قائمةٌ بعَينٍ نجِسةٍ. تنبيه: يشْمَلُ قولُه: فهذا كلُّه طاهِرٌ مُطهِّرٌ، يرْفَعُ الأحْداثَ، ويُزِيلُ الأنجاسَ، غيرُ مكْروهِ الاسْتِعْمالِ. مسائلَ كثيرةً غيرَ ما تقدَّمَ ذكْرُه، وعدَمَ ذكرِ ما في كراهتِه خلافٌ في كلامِ المُصنِّف. فمِمَّا دخل في عُمومِ كلامِ المُصنِّفِ، ماءُ زمْزَمَ، وهو تارَةً يُسْتَعْملُ في إزالةِ النجاسة، وتارةً في رَفْعِ الحدث، وتارةً في غيرِها؛ فإنِ اسْتُعْمِلَ في إزالةِ النجاسة، كُرِهَ عندَ الأصحابِ. والصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يحْرُمُ اسْتِعْمالُه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، وناظمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرهم. وهو من المُفْرَداتِ. وقيل: يَحْرُمُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلت: وهو عجيبٌ منه. وقال الناظمُ: ويُكْرَهُ غَسْلُ النجاسةِ من ماءِ زَمْزَمَ في الأَوْلَى. وقال في «التلخيصِ»: وماءُ زَمْزَمَ كغيرِه. وعنه، يُكْرَهُ الغُسْلُ منها. فظاهِرُه، أنَّ إزالةَ النجاسةِ كالطهارةِ به. فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ فيه قوْلٌ بعدَمِ الكراهةِ، ويَحْتَمِلُه القولُ المَسْكوتُ عنه في «النَّظْمِ». وقال ابنُ أبي المَجْدِ، في «مُصَنَّفِه»: ولا يُكْرَهُ ماءُ زَمْزَمَ على الأصَحِّ. وإنِ اسْتُعْمِلَ في رَفْع حدَثٍ، فهل يُباحُ، أو يُكْرَهُ الغُسلُ وحدَه؟ فيه ثلاثُ رواياتٍ. وهل يُسْتَحبُّ، أو يَحْرُمُ، أو يحرمُ حيثُ يَنْجُسُ؟ فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ. والصحيحُ مِن المذهبِ، عدَمُ الكراهةِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «التلخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «تَجْريدِ العِناية»، وغيرهم. وقدَّمَه في «المغني» و «الشَّرْحِ»، وقال: هذا أَوْلَى. وكذا قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان. قال في «مَجْمَعْ البَحْرَين»: هذا أقوى الرِّوايتَين. وصَحَّحَه في «نَظْمِه»، وابنُ رَزِين. وإليه مَيلُ المَجْدِ في «المُنْتَقى». وعنه، يُكْرَهُ. وجزَم به ناظمُ «المُفْرَداتِ». وقدَّمَه المَجْدُ في «شَرْحِه». [وقال: نَصَّ عليه] (1). وابنُ رَزِين. وهي مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُكْرَهُ الغُسْلُ وحدَه. اخْتارَه الشيخُ تقيُّ الدِّين. واسْتَحبَّ ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «مَنْسَكِه» الوُضوءَ منه. [وقيلَ يَحْرُم مُطْلَقًا] (¬1). وحرَّم ابنُ الزَّاغُونِيِّ أيضًا رفْعَ الحدثِ به حيثُ تنجَّسَ، بِناءً على أنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تعظيمُه، وقد زال بنجاستِه. وقد قيل: إنَّ سببَ النَّهْي اخْتِيارُ الواقفِ وشَرْطُه. فعلى هذا اختلفَ الأصحابُ فيما لو سبَّل ماءً للشُّرْبِ، هل يجوزُ الوضوءُ منه مع الكراهةِ أم يَحْرُمُ؟ على وَجْهَين. ذكَرهُما ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «فَتاويه»، وغيرِها، وتَبِعَه في «الفروعِ» في بابِ الوَقْفِ. وأمَّا الشُّربُ منه، فمُسْتحَبٌّ. ويأتى في صفَةِ الحجِّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ الأصحاب، جوازُ اسْتِعْمالِه في غيرِ ذلك، من غيرِ كراهةٍ. وقال في «الرِّعاية الكُبرى»: وأمَّا رشُّ الطريقِ وجبلِ الترابِ الطاهرِ ونحوه؛ فقيل: يحْتَمِلُ وَجْهَين. ومنها، ماءُ الحمَّام. والصحيحُ من المذهبِ، إباحةُ اسْتِعْمالِه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبرى». واختارَه ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرتِه». وقدَّمَه في «الفُروع». وهو ظاهرُ كلام أكثرِ الأصحاب. وعنه، يُكْرَهُ. وظاهِرُ نقْلِ الأْثَرمِ (¬2)، لا تُجْزِئُّ الطهارةُ به. فإنَّه قال: أحَبُّ إليَّ أن يجَدِّدَ ماءً غيرَه. ونقَل عنه، يغتسِلُ من الأُنبوبةِ. ويأتي في فصلِ النجِسِ، هل ماءُ ¬

(¬1) زياده من: «ش». (¬2) أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم الحافظ الإمام، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وصنفها ورتبها أبوابا. وكانت وفاته بعد الستين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 66 - 74، العبر 2/ 22.

وَإِنْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ فَهَلْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ؛ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحمَّامِ كالجارِي، أو إذا فاض مِن الحوض؛ ومنها، ماءُ آبارِ ثَمودَ. فظاهِرُ كلام المُصَنِّف والأصحاب إباحتُه. قاله في «الفُروع»، في باب الأطْعمةِ، ثم قال: ولا وَجْه لظاهرِ كلامِ الأصحاب على إباحتِه، مع هذا الخبرِ ونَصِّ أحمدَ. وذَكرَ النَّصَّ عن أحمدَ والأحاديثَ في ذلك. ومنها، المُسَخَّنُ بالمغْصوبِ. وفي كَراهةِ اسْتِعمالِه روايتان. وأطْلَقهما في «الفُروع». وهما وَجْهان مُطْلقانِ في «الحاويَين»، إحداهما، يُكْرَهُ. وهو المذهب. صَحَّحَه النَّاظمُ. واختارَه ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَمَ به في «المُنْتخَبِ» و [«الوَجيزِ»] (¬1). وقدَّمه في «الرِّعايتَين». والروايةُ الثانيةُ، لا يُكْرَهُ. وأمّا الوُضوءُ بالماءِ المغْصوب، فالصحيحُ من المذهبِ، أنَّ الطهارةَ لا تَصِحُّ به. وهو من مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، تَصِحُّ وتُكْرَهُ. واخْتارَه بنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهذه المسألةُ ليستْ ممَّا نحن فيه؛ لأنَّ الطهارةَ به صحيحةٌ، مِن حيثُ الجملةُ، وإنَّما عرَضَ له مانعٌ، وهو الغَصْبُ. ومنها، كراهةُ الطهارةِ مِن بئرٍ في المَقْبَرةِ. قاله [ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، و] (1) السَّامَرِّيُّ، وابنُ تِميم، وابنُ حَمْدان في «رِعَايَتِه»، وصاحبُ «الفُروعِ»، ذكَرهُ في بابِ الأطْعِمَةِ. ونصَّ أحمدُ على كراهتِه. وهذا واردٌ، على عُموم كلام المُصَنِّف. قولَه: وإِنْ سُخِّنَ بنَجاسةٍ، فهل يُكْرَهُ استعمالُه؟ على روايَتَين. وأطْلَقَهما في «الهِداية»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرهم. ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واعْلَمْ أنَّ للأصحابِ في هذه المسْألةِ طُرُقًا؛ إحداها، وهي أصَحُّها، أنَّ فيها رِوايَتَينِ مُطْلقًا، جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وقطَع بها في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرهم. وقدَّمها في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغرى»، وغيرهم. وصَحَّحها في «الرِّعايةِ الكُبرى». والصحيحُ من المذهبِ والرِّوايتَينِ، الكراهةُ. جزَم به في «المُجَرَّدِ»، و «الوجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «رُؤوسِ المسائلِ» لأبي الخَطَّاب، و «الرِّعايةِ الصُّغرى». وصَحَّحه في «التصحيحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبرى» قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وهو الأظْهرُ. قال في «الخُلاصةِ»: ويُكْرَهُ المُسَخَّنُ بالنجاساتِ على الأصحِّ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وإن سُخِّنَ بنجاسةٍ، كُرِهَ في أظْهَرِ الرِّوايتَين. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَها الأكْثَرُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأشْهَرُ. وهو منها. والروايةُ الثانيةُ، لا يُكْرَهُ. قال في «الفائقِ»: ولو سُخِّنَ بنجاسةٍ لا تصِلُ، لم يُكْرَهْ، في أصَحِّ الرِّوايتَينِ. قال في «تَجريدِ العِنايةِ»: وفي كَراهةِ مُسَخَّنٍ بنجاسَةٍ روايةٌ. وقدَّمَه في «إدراكِ الغايةِ». وقال أبو الخَطَّابِ، في «رُؤوسِ المَسائلِ»: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. الطرَّيقةُ الثَّانيةُ، إنْ ظنَّ وصولَ النجاسةِ، كُرِهَ، وإن ظنَّ عدمَ وصولِها، لم يُكْرَهْ، وإنْ ترَدَّدَ، فالرِّوايتان. وهي الطريقةُ الثانيةُ في «الفُروع». الطرَّيقةُ الثَّالثةُ، إنِ احْتَمَلَ وصُولَها إليه، كُرِهَ، قوْلًا واحِدًا. وجزَمَ به في «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وإنْ لم يحْتَمِلْ، فرِوايَتان. ومحَلُّ هذا في الماءِ اليَسيرِ، فأمَّا الكثيرُ، فلا يُكْرَهُ مُطْلقًا. وهي طريقَةُ أبي البَقاءِ في «شَرْحِه»، وشارحِ «المُحَرَّرِ». الطرَيقةُ الرَّابِعةُ، إنِ احْتَمَلَ واحْتَمَلَ مِن غيرِ ترْجيحٍ، فالرِّوايتان. وحمَلَ ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه، وهو بعيدٌ. وإنْ كان الماءُ كنيرًا، لم يُكْرَهْ، وإنْ كان حَصينًا، لم يُكْرَهْ. وقيلَ: إنْ كان يسِيرًا، ويعلمُ عدمَ وصولِ النَّجاسَةِ، لم يُكْرَهْ. وفيه وَجْهٌ؛ يُكْرَه. وهي طريقَةُ ابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه». الطرَيقةُ الخامِسَةُ، إنْ لم يعلَمْ وصولَها إليه، والحائلُ غيرُ حَصينٍ، لم يُكْرَهْ. وقيلَ: يُكْرَهُ. وإنْ كان حَصينًا، لم يُكْرَهْ. وقيلَ: يُكْرَهُ. وهي طريقةُ ابنِ رَزِينٍ في «شَرْحِه». الطرَيقةُ السَّادِسةُ، المُسَخَّنُ بها قِسْمان؛ أحدُهما، إنْ غلَبَ على الظنِّ عدمُ وصُولِها إليه، فوَجْهان؛ الكراهةُ اخْتِيارُ القاضي، وهو أشْبَهُ بكلامِ أحمدَ. وعدَمُها اخْتِيارُ الشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ، وابنِ عَقِيلٍ. والثَّاني، ما عدَا ذلك، فرِوايَتان؛ الكراهةُ ظاهِرُ المذهبِ. وعَدَمُها اخْتِيارُ ابنِ حامدٍ، وهي طريقَةُ الشَّارحِ، وابنِ عُبَيدان. الطرَّيقةُ السَّابعةُ، المُسَخَّنُ بها أيضًا قِسْمان؛ أحَدُهما، أن لا يتَحَقَّقَ وصولُ شيءٍ مِن أجْزائها إلى الماءِ، والحائلُ غيرُ حَصينٍ، فيُكْرَهُ. والثَّاني، إذا كان حَصينًا، فوَجْهان؛ الكَراهَةُ اخْتِيارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي. وعدَمُها اخْتِيارُ الشَّريفِ وابنِ عَقِيلٍ، وهي طَريقةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، وصاحبِ «الحاوي الكَبير». الطَّريقةُ الثَّامِنَةُ، إنْ لم يتَحقَّقْ وصُولَها، فرِوايتَان؛ الكَراهَةُ وعدَمُها. وإنْ تحقَّقَ وصُولَها، فنَجِسٌ. وهي طريقَتُه في «الحاوي الصَّغير». الطَّريقةُ التَّاسِعَةُ، إنِ احْتملَ وُصولَها إليه، ولم يتَحَقَّقْ، كُرِهَ، في رِوايةٍ مُقَدَّمَةٍ. وفي الأخْرى، لا يُكْرَهُ. وإنْ كانتِ النَّجاسَةُ لا تصِلُ إليه غالِبًا، فوَجْهان؛ الكراهَةُ وعَدَمُها. وهي طريقُ المُصَنِّفِ في «الكَافِي». الطرَّيقةُ العاشِرَةُ، إنْ كانتْ لا تصِلُ إليه غالِبًا، ففي الكراهة رِوايَتان. وهي طريقة المُصَنِّفِ في «الهادِي». قال في «القواعدِ الفِقْهِيَّةِ»: إذا غلَبَ على الظَّنِّ وصولُ الدُّخَانِ، ففي كراهَتِه وَجْهان؛ أشْهَرُهُما، لا يُكْرَهُ. الطَّريقَةُ الحادِيَةَ عشرةَ، إن احْتمَلَ وصُولَها إليه ظاهِرًا، كُرِهَ. وإنْ كان بعِيدًا فوَجْهان، وإنْ لم يحْتَمِلْ، لم يُكْرَهْ، على أصَحِّ الرِّوايتَين. وعنه، لا يُكْرَهُ بحالٍ. وهي طريقَةُ ابنِ تميمٍ في «مُخْتَصَرِه». الطَّريقةُ الثَّانِيةَ عشرةَ، الكراهَةُ مُطْلقًا، في روايةٍ مقَدَّمة، وعدَمُها مُطْلقًا في أُخْرى. وقيلَ: إن كان حائِلُه حصينًا، لم يُكْرَهْ، وإلَّا كُرهَ إنْ قَلَّ. وهي طريقَتُه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى». الطرَّيقَةُ الثَّالِثَةَ عشرةَ، إنْ كانت لا تصِلُ إليه، لم يُكْرَهْ، في أصَحِّ الروايتَينْ. وقيلَ: مع وَثاقَةِ الحائلِ. وهي طريقَتُه في «الفائقِ». الطَّريقةُ الرَّابعَةَ عشرةَ، يُكْرَهُ مُطْلقًا على الأصَحِّ إن برَد. وقيل: وإنْ قلَّ الماءُ وحائلُه غيرُ حصينٍ، كُرِهَ. وقيلَ: غالِبًا، وإلَّا فلا يُكْرَهُ. وإنْ عَلِمَ وصُولَها إليه، نَجُسَ، على المذهبِ. وهي طريقَتُه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وفيها زيادَةٌ على «الرِّعايةِ الصُّغْرى». فهذه أرْبعَ عشرةَ طريقةً، ولا تخْلُو من تَكْرارٍ وبعضِ تداخُلٍ. فوائد؛ إحْداهُنَّ، محَلُّ الخِلافِ في المُسَخَّنِ بالنَّجاسةِ إذا لم يحْتَجْ إليه، فإنِ احْتِيجَ إليه زالتِ الكراهَةُ، وكذا المُشمَّسُ إذا قيلَ بالكَراهَةِ. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال أيضًا: للكراهةِ مأخَذان؛ أحَدُهما، احْتِمالُ وصُولِ النَّجاسةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّاني، سبَبُ الكَراهةِ كوْنُه سُخِّنَ بإيقادِ النَّجاسَةِ، واسْتِعْمالُ النَّجاسةِ مَكْروهٌ عندَهم، والحاصِلُ بالمكْرُوهِ مَكْروهٌ. الثَّانيةُ، ذكرَ القاضي، أنَّ إيقادَ النَّجسِ لا يجوزُ، كدُهْنِ المَيتَةِ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، ذكرَها «ابن تَميمٍ»، و «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه يُكْرَهُ كراهَة تَنزِيهٍ. وإليه مَيلُ ابنِ عُبَيدان. وقَدَّمَه ابنُ تميمٍ. قال في «الرِّعايةِ»، في باب إزالةِ النَّجاسةِ: ويجوزُ في الأَقْيَسِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فعلى الثَّانيةِ، يُعْتَبر أنْ لا يَنْجُسَ. وقيلَ: مائِعًا. ويأتِي في الآنِيَةِ، هل يجوزُ بَيعُ النَّجاسَةِ؟ ويأتِي ذلك أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في كتابِ البَيع. الثالِثَة، إذا وصلَ دُخَانُ النَّجاسة إلى شيءٍ، فهل هو كوُصولِ نجسٍ أو طاهرٍ؟ مَبْنِيٌّ على الاسْتِحالةِ، على ما يأْتِي في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ. ذكَرَه الأصحابُ. والمذهبُ لا يَطْهُرُ.

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي، مَاء طَاهرٌ غَيرُ مُطَهِّرٍ، وَهُوَ مَا خَالطَهُ طَاهِرٌ، فغَيَّرَ اسْمَهُ، أَوْ غَلَبَ عَلَى أَجْزَائِهِ، أَوْ طُبِخَ فِيهِ، فَغَيَّرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ غَيَّرَ أحَدَ أَوْصَافِهِ؛ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ غَيَّرَ أحدَ أوصافِه، لَوْنَه أو طَعْمَه أو رِيحَه. فهل يسْلُبُ طَهُورِيَّتَه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تميم»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ إحْداهما، يَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ، فيصيرُ طاهِرًا غيرَ مُطَهِّرٍ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه. قال القاضي: هي المنْصُورَةُ عندَ أصحابِنا في كتُبِ الخِلافِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هو غيرُ طَهورٍ عند أصحابِنا. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: اخْتارَه الأكْثَرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ» وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، وغيرهم. وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ، بل هو باقٍ على طَهُورِيَّتِه. قال في «الكافي»: نقَلَها الأكْثَرُ. قال الزَّرْكَشِي: هي الأشْهَرُ نَقْلًا. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآجُريُّ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وقدَّمَها. وعنه، أنَّه طَهورٌ مع عدَمِ طهورِ غيرِه. اخْتارَها ابنُ أبي مُوسى. وعنه، روايةٌ رابعَة؛ طَهُورِيَّة ماءِ البَاقِلَّاءِ. قال عبدُ اللهِ بنُ أبي بَكْرٍ، المعروفُ بكُتَيلَةَ (¬1)، في كتابِه «المُهِمّ في شَرْحِ الخِرَقيِّ»: سمعْتُ شيخِي محمدَ بنَ تميمٍ ¬

(¬1) عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر البغدادي الحنبلي الزاهد، كتيلة، توفي سنة إحدى وثمانين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 301، 302، الوافي بالوفيات 17/ 87.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحرَّانِيَّ، قال: وقد ذكَرَ صاحِبُ «المُنِيرِ في شَرْحِ الجامعِ الصَّغيرِ»، روايةً في طَهُورِيَّةِ ماءِ البَاقِلَّاءِ المَغْلِيِّ. ذكَره ابنُ خَطيبِ السَّلاميَّةِ في تَعْليقِه على «المُحَرَّرِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: ما أُضِيفَ إلى ما خالطَه وغلبَتْ أجْزاؤُه على أجْزاءِ الماءِ؛ كلَبَنٍ، وخَلٍّ، وماءِ بَاقِلَّاءَ مَغْلِيٍّ، لم يَجُزِ التَّوَضُّؤُ به، على أصَحِّ الرِّوايتَين. قال: وأظُنُّ الجوازَ سَهْوًا. تنبيه: فعلى المذهَبِ، لو تغَيَّر صِفَتان، أو ثَلاثَةٌ، مع بقاءِ الرِّقَّةِ والخرَيان والاسْمِ، فهو طاهِرٌ بطريقٍ أَوْلَى. وعلى روايةِ أنَّه طَهورٌ هناك، فالصَّحيحُ هنا، أنَّه طاهِرٌ غيرُ مُطهِّرٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فوَجْهان؛ أظْهَرُهُما المَنْعُ. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نهايَتِه»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وعندَ أبي الخَطَّابِ، تغَيُّرُ الصِّفَتَين كتَغَيُّرِ الصِّفَةِ في الحُكْمِ، وتَغَيُّرُ الصِّفاتِ الثَّلاثِ يسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ عندَه، روايةً واحِدةً. وعندَ القاضي، تغَيُّرُ الصِّفتَين والثَّلاثِ، كتغَيُّرِ الصِّفَةِ الواحدَةِ في الحُكْمِ، مع بقاءِ الرِّقَّةِ والجرَيان والاسْمِ، وأنَّ الخِلافَ جارٍ في ذلك. واخْتارَه ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ في «تَعْليقِه»، وقال: قال بعضُ مَشايخِنا: هي أقْعَدُ بكلامِ أحمدَ مِن قوْلِ أبي الخطَّابِ. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ الطَّهارةُ بالمُتَغَيِّرِ بالطَّاهِراتِ. وأطْلقَ وَجْهَينِ في «الرِّعايَةِ الصُّغرى»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تميمٍ». وذكرَ في «المُبْهِجِ» وغيرِه، أنَّ تغَيُّرَ جميع الصِّفاتِ بمقَرِّه لا يَضُرُّ. فائدة: تغَيُّرَ كثيرٍ مِنَ الصِّفَةِ كتَغَيُّرِ صِفَةٍ كاملَةٍ. وأمَّا تغَيُّرَ يسيرٍ من الصِّفَةِ، فالصَّحيحُ من المذهبِ أنَّه يُعْفَى عنه مُطْلقًا. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمَه في «الفُروع». وقيلَ: هو كتغَيُّرِ صفَةٍ كامِلَةٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وابنُ المَنِّيِّ. وهو ظاهرُ ما قدَّمَه في «المُحَرَّرِ». وصحَّحَه شيخُنا في تَصْحيحِ «المُحَرَّرِ». ونَقل عن القاضي، أنَّه قال في «شَرْح الخِرَقِيِّ»: اتَّفقَ الأصحابُ على السَّلْبِ باليَسيرِ في الطَّعْمِ واللَّوْن. وقاله ابنُ حامدٍ في الرِّيحِ أيضًا. انتهى. وقيلَ: الخلافُ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: يُعْفَى عن يسيرِ الرَّائحةِ دونَ غيرِها. واخْتارَه الخِرَقِيُّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أظْهَرُ. وجزَم به في «الإِفَاداتَ». تنبيهان؛ الأول، ظاهِرُ كلامِه أنَّه لو كان المُغَيِّرُ للماءِ تُرابًا، وُضِعَ قَصْدًا، أنَّه كغَيرِه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه. وهو أحَدُ الوَجْهَين. قال في «الحاوي الصَّغِير»: وظاهِرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ، أنَّه يَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ. والوَجْهُ الثَّاني، إنْ وُضِعَ ذلك قصْدًا لا يَضُرُّ، ولا يَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ، ما لم يَصِرْ طِينًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «المغني»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الكافي»، و «ابنِ رَزِينِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «الحاوي الكَبِير»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِير»، وغيرهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: وبه قطَع العامَّةُ، قِياسًا على ما إذا تغَيَّرَ بالمِلْحِ المائِي. على ما تقَدَّمَ قريبًا. وأطْلَقَهُما في «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تميمٍ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وقال في «الرَّعايَةِ الكُبْرى» مِن عنده: إن صَفا الماءُ مِنَ التُّرابِ فطَهورٌ، وإلَّا فطاهِرٌ. قلتُ: أمَّا إذا صَفا الماءُ مِن التُّرابِ، فيَنْبَغِي أنْ لا يكونَ في طَهُورِيَّتِه نِزاعٌ في المذهبِ. الثَّاني، محَلُّ الخِلافِ في أصْلِ المسْألةِ، إذا وُضِعَ ما يَشُقُّ صَوْنُه عنه قَصْدًا، أو كان المُخالِطُ ممَّا لا يَشُقُّ صَوْنُه عنه. أمَّا ما يَشُقُّ صَوْنُ الماءِ عنه، إذا وُضِعَ مِن غيرِ قصْدٍ، فقد تقَدَّمَ حُكْمُه أوَّلَ الباب.

أَو اسْتُعْمِلَ في رَفْعِ حَدَثٍ، أَوْ طَهَارَةٍ مَشْرُوعَةٍ، كَالتَّجْدِيدِ، وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أَو استُعْمِلَ في رفعِ حَدَثٍ. فهل يسْلُبُ طَهُورِيَّتَه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافي»، و «الشَّرْحِ»، و «نهايةِ ابنِ رَزِينٍ»؛ إحْداهما، يَسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ، فيصِيرُ طاهِرًا. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وفي «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الجامعِ الصَّغِير»، و «الخِصالِ» للقاضي، و «المُبْهِجِ»، و «خِصالِ ابنِ البَنَّاءِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «العُمْدَةِ»، و «الهادي»، و «المذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحَه الأزَجِيُّ (¬1)، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ، وابُن الجَوْزِيّ في «المُذْهَبِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وغيرهم. قال في «الكافِي»: أشْهَرُهُما زوالُ الطَّهُورِيَّةِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ الرِّواياتِ. ¬

(¬1) يحيى بن يحيى الأزجي الفقيه. صاحب كتاب «نهاية المطلب، في معرفة المذهب». يقول ابن رجب: وهو كتاب كبير جدا، جزل الألفاظ، حذا فيه حذو «نهاية المطلب»، لإمام الحرمين الجويني الشافعي، ويغلب على ظني أنَّه توفي بعد الستمائة بقليل. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 120.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «البُلْغَةِ»: يكونُ طاهِرًا غيرَ مُطَهِّرٍ على الأصَحِّ. قال في «المُغْنِي»: ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ مِنَ المذهبِ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. قال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّة في «تَعْليقِه»: هذه الرِّوايةُ عليها جادَّةُ المذهبِ، ونصَرَها غيرُ واحدٍ مِن أصحابنا. ثم قال: قلتُ: ولم أجِدْ عن أحمدَ نصًّا ظاهِرًا بهذه الرِّوايةِ. انتهى. تنبيهات؛ الأوَّلُ، يُسْتَثْنى مِن هذه الرِّوايةِ، لو غسلَ رأسَه بدَلَ مَسْحِه، وقُلْنا: يُجْزِيء. فإنَّه يكونُ طَهُورًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ذكَره في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» في القاعدةِ الثَّالثةِ، قال: لأنَّ الغَسْلَ مَكْرُوهٌ، فلا يكونُ واجِبًا. فيُعايَى بها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه طهورٌ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: سمعتُ شيخَنا، يعْني صاحِبَ الشَّرْحِ، يميلُ إلى طَهُورِيَّة الماءِ. المُسْتَعْمَلِ. ورَجَّحَها ابنُ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه». وصَحَّحَها ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَها أبو البَقاءِ، والشيخُ تقِيُّ الدِّبن، وابنُ عَبْدوسِ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو أقْوَى في النَّظَرِ. وعنه، أنَّه نَجِسٌ. نَصَّ عليه في ثَوْبِ المُتطَهِّرِ. قال في «الرَّعايَة الكُبْرى»: وفيه بُعْدٌ. فعليها قَطَعَ جَماعةٌ بالعَفْو في بدَنِه وثَوْبِه؛ منهم المَجْدُ، وابنُ حَمْدان. ولا يُسْتَحَبُّ غَسْلُه، على الصَّحيحِ مِن الرِّوايتَين. صحَّحَه الأزَجِيّ، والشَّيخُ تقِيُّ الدِّين، وابنُ عُبَيدان، وغيرهم. قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: قال شيخُنا أبو الفَرَجِ (¬1): ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه طَهُورٌ في إزَالةِ الخبَث فقط. قال الزَّرْكَشِيُّ: وليس بشيءٍ. وهو؛ قال. وقيل: يجوزُ التَّوَضُّؤُ به في تجْديدِ الوُضوءِ دونَ ابْتِدائِه. اخْتارَه أبو الخطَّابِ في «انْتِصَارِه»، في جُمْلَةِ حديثِ مَسْح ¬

(¬1) عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم بن محمد بن حمد بن سلامة، ابن أبي الفهم، الحراني، أبو الفرج، شيخ حران ومفتيها، ولد سنة أربع وسنتين وخمسمائة، وتوفي سنة أربع وثلاثين وستمائة. ذيل الطبقات 2/ 202.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَأْسِه ببَلَلِ لحْيَيه، أنَّه كان في تجْديدِ الوُضوءِ. وقال ابنُ تَمِيمٍ: وحكَى شيخُنا روايةً بنَجاسَةِ المُسْتَعْمَلِ في غَسْلِ المَيِّتِ، وإنْ قُلْنا بطهارَتِه في غيرِه. الثاني، اخْتلفَ الأصحابُ في إثباتِ روايةِ نجاسةِ الماءِ؛ فأَثْبَتَها أبو الخطَّابِ في «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو البَقاءِ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وعامَّةُ المُتَأَخِّرين. وليستْ في «المُغْنِي». ونَفاها القاضي أبو يَعْلَى والشَّيخُ تقيُّ الدِّين عن كلامِ أحمدَ، وتأَوَّلَاها. ورَدَّ عليهم ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه الثَّالِثُ، مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّنْ أطْلقَ الخِلافَ، ما إذا كان الماءُ الرَّافعُ للحدَثِ دونَ القُلَّتَين، فأمَّا إن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان قُلَّتَين فصاعِدًا، فهو طَهورٌ. صرَّح به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. وظاهرُ كلامِ ابنِ تَميمٍ وغيرِه الإِطلاقُ، كالمُصنِّفِ، وإنَّما أرادوا في الغالب. ويأتِي في عِشْرَةِ النِّساءِ هل المُسْتَعْمَلُ في غُسْلِ جَنابةِ الذِّمِّيَّةِ أو حَيضِها أو نِفاسِها طاهِرٌ أو طَهُورٌ؟ ويأتِي في باب الوُضوءِ هل تجبُ نِيَّةٌ لغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ من الحَيضِ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو طَهارةٍ مَشْروعةٍ. فهل يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَه؟ على رِوايَتَين. يعْني إذا اسْتُعْمِلَ في طهارةٍ مَشروعة، وقُلْنا: إنَّ المُسْتعمَلَ في رَفعِ الحدَثِ تُسْلَبُ طَهُورِيَّتَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «خِصالِ ابنِ البَنَّا»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المذْهَبِ الأحْمَدِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وغيرهم؛ إحداهما، لا يَسْلُبُه الطَّهورِيَّةَ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وصحَّحَه في «التصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الشَّارِحُ: أظْهَرُهما طَهُورِيَّتُه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: طَهُورٌ في أصَحِّ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: اختارَها أبوْ البَرَكاتِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الإِرشادِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وجزَم به في «الإِفاداتِ». وقدَّمَه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتين»، و «الحاوي الصَّغير»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يسْلُبُه الطَّهُورِيَّةَ. وهي ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «التَّسْهيلِ»، و «المُجَرَّدِ». واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ المتقَدِّمُ. وقدَّمَه في «إدْراكِ الغايةِ»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ تميمٍ». تنبيه؛ ظاهِرُ كلامِه أنَّه لو اسْتُعْمِلَ في طهارةٍ غيرِ مَشروعةٍ، أنَّه طهورٌ بلا نِزاعٍ. وهو كذلك. ومِثْلُه الغَسْلَةُ الرَّابعةُ في الوضوءِ أو الغُسْلِ. صرَّح به في «الرِّعايَةِ»، وغيرِه. قال في «الرِّعايةِ»: وكذا ما انْفصلَ مِن غَسْلةٍ زائدةٍ على العدَدِ المُعْتَبَرِ في إزالةِ النَّجاسةِ بعدَ طهارةِ مَحَلِّها، وفي الأصَحِّ، كُلُّ غَسْلَةٍ في وُجوبِها خِلافٌ؛ كالثَّامنةِ في غَسْلِ الوُلوغِ، والرَّابعةِ في غَسْلِ نَجاسةِ غيرِه، إنْ قُلْنا: تُجْزِيءُ الثَّلاثُ. وعلى مَرَّةٍ واحد منْقِيَةٍ، إنْ قلنا: تُجْزِيءُ. انتهى.

أَوْ غَمَسَ يَدَهُ فِيهِ قَائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيلِ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا، فَهَلْ يُسْلَبُ طَهُورِيَّتَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو غَمَسَ فيه يَدَه قائمٌ مِن نَومِ اللَّيلِ، قبلَ غَسْلِها ثلاثًا، فهل يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، «والمَذْهَبِ الأحْمدِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم؛ إحداهما، يسْلُبُه الطَّهورِيَّةَ. وهو المذهبُ. قال أبو المَعالِي في «شَرْحِ الهِدَايَةِ»: عليه أكثَرُ الأصحاب. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا المنصوصُ قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: الأوْلَى أنَّ ما غمَسَ فيه كَفَّه طاهِرٌ. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، و «النَّاظِمِ»، و «إدراكِ الغايةِ». وهو مِن المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانية، لا يسْلُبُه الطَّهورِيَّةَ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمَه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الفائِقِ»، و «الحاوي الصَّغِير». واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ رَزِينٍ، والنَّاظمُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وصَحَّحَه في «التَّصحيحِ». وعنه، أنَّه نَجِسٌ. اختارَها الخَلَّالُ. وهي مِن مُفْرَداتِ المذهبِ أيضًا. فعلَى المذهبِ، لو كان الماءُ في إناءٍ لا يقْدِرُ على الصَّبِّ منه، بل على الاغْتِرَافِ، وليس عندَه ما يَغْتَرِفْ به، ويَداهُ نَجِسَتانِ، فإنَّه يأخُذُ الماءَ بِفِيه ويَصُبُّ على يدَيه. قاله الإِمامُ أحمدُ. وإنْ لم يُمْكِنْه تيَمَّمَ وترَكَه. قلتُ: فيُعايَى بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، محَلُّ الخِلاف إذا كان الماءُ الَّذي غمَسَ يدَه فيه دونَ القُلَّتَينِ، أمَّا إن كان قُلَّتَين فأَكثرَ، فلا يُؤثِّر فيه الغَمْسُ شيئًا، بل هو باقٍ على طَهُورِيَّتِه. قاله الأصحابُ. وهو واضِحٌ. الثَّاني، يحْتَمِلُ أن يكونَ مُرادُه أنَّ الخِلافَ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في وُجوبِ غَسْلِها إذا قام من نَوْمِ اللَّيلِ، على ما يأتِي في آخِرِ بابِ السِّواكِ، فإنَّه أطْلَقَ الخِلافَ هنا وهناك. فإن قُلْنَا بوُجوبِ الغَسْلِ، أثَّرَ في الماءِ مَنعًا، وإنْ قُلْنا بالاسْتِحْبابِ، فلا. وقطعَ بهذا في «الفُصولِ»، و «الكافي»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال الشَّارحُ: والذي يَقْتَضِيه القِياسُ، أنَّا إنْ قُلْنا: غَسْلُهُما واجِبٌ. فهو كالمُسْتَعْمَلِ في رفع الحدَثِ. وإنْ قُلْنا باسْتِحْبابِه، فهو كالمُسْتَعْمَلِ في طهارةٍ مَسْنونَةٍ. وقال في «المُغْنِي»: فأمَّا المُسْتَعْمَلُ في تعَبُّدٍ مِن غيرِ حدَثٍ، كغَسْلِ اليدَينِ مِن نومِ الليلِ، فإنْ قُلْنا: ليس ذلك بواجِبٍ. لم يُؤثِّرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِعْمالُه في الماءِ، وإنْ قُلْنا بوُجوبِه، فقال القاضي: هو طاهِرٌ غيرُ مُطَهِّرٍ. وذكَر أبو الخَطَّابِ فيه رِوايتين؛ إحداهما، أنَّه كالمُسْتَعْمَلِ في رفعِ الحدَثِ. والثَّانيةُ، أنَّه يُشْبِهُ المُتبَرَّدَ به. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: فإنْ غمَسَ يدَه في الإِناءِ قبلَ غَسْلِها، فعلَى قَوْلِ مَن لم يُوجِبْ غَسْلَها، لا يُؤثِّرُ غَمْسُها شيئًا، ومَن أوْجَبَه قال: إنْ كان كثيرًا لم يُؤثِّرْ، وإنْ كان يسيرًا، فقال أحمدُ: أعْجَبُ إليَّ أنْ يُهَرِيقَه. فيَحْتَمِلُ وُجوبَ إراقَتِه، ويحْتَمِلُ أنْ لا تزولَ طَهُورِيَّتُه. ومال إليه. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ قُلْنا: غَسْلُهُما سُنَّةٌ. فهل يُؤثِّرُ الغَمْسُ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ غَمَسَ قائِمٌ مِن نَوْمِ الليلِ يدَه في ماءٍ قليلٍ قبلَ غَسْلِها ثلًاثًا، وقُلْنا بوُجوبِ غَسْلِها، زالتْ طَهُورِيَّتُه. فأناطَ الحُكْمَ على القَوْلِ بوُجوبِ غَسْلِها. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: إذا غمَس يدَه في الإِناءِ قبلَ غَسْلِها، لم يُؤثِّرْ شيئًا. وكذا إنْ قُلْنا بوُجوبِه والماءُ كثيرٌ، وإن كان يسيرًا كُرِهَ الوُضوءُ؛ لأنَّ النَّهْيَ يُفيدُ مَنْعًا، وإلَّا فطهُورِيَّتُه باقِيَةٌ. وقيل: النَّهْيُ تَعَبُّدٌ، فلا يُؤْثِّر فيه شيئًا. وقيل: يسْلُبُ طَهُورِيَّتَه في إحْدَى الرِّوايتَينِ. والأظْهَرُ ما قُلْنا. انتهى. وقيل: الخِلافُ غَيرُ مَبْنِيٍّ على الخِلافِ في وُجوبِ غَسْلِها. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ». وقدَّمَه في «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي الصَّغِير». ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّف. وقال في «الرِّعاية الكُبْرى»: وقيل: إنْ وجَب غَسْلُهما، فطاهِرٌ بانْفِصالِه لا بِغَمْسِه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأقْيَسِ. ولا يحْصُلُ غَسْلُ يَدِه في المذهبِ، فإنْ سُنَّ غَسْلُهما فطهُورٌ. انتهى. وقال في «الحاوي الكبير»: فأمَّا المُنْفَصِلُ عن غَسْلِ اليَدِ من نَوْم اللَّيلِ، فهو كالمُسْتَعْمَلِ في رفع الحدَثِ، إنْ قُلْنا: هو واجبٌ. وإنْ قُلْنا: هو سُنَّةٌ. خُرِّجَ على الرِّوايتَين فيما اسْتُعْمِل في طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ. فأناطَ الحُكْمَ بالماءِ المُنْفَصِلِ من غَسْلِهما. الثَّالثُ، ظاهرُ قَوْلِه: أو غمَس يدَه. أنَّه لو حصَلَ في يَدِه مِن غيرِ غَمْسٍ أنَّه لا يُؤثِّرُ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو إحدَى الرِّوايتَين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أحمدَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: الأَوْلَى أنَّه طَهورٌ. والرِّواية الثَّانيةُ، أنَّه كغَمْسِ يَدِه. وهو الصَّحيحُ. اختارَه القاضي. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «الإفاداتِ»، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمَه في «الكبرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان». الرَّابعُ، مَفهومُ قَوْلِه: يَدَه. أنَّه لو غمَسَ عُضْوًا غيرَ يَدِه، أنَّه لا يُؤثِّرُ فيه. وهو صحيح. صرَّح به ابنُ تميمٍ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ حَمْدان، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرهم، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ من الأصحابِ؛ [قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وغَسْلُهُما تَعَبُّدٌ، فلا يُؤثِّرُ فيه غَمْسُ غيرِ كَفَّيه شيئًا] (¬1). الخامسُ، ظاهرُ قَوْلِه: يدَه. أنَّه لا يُؤثِّرُ إلَّا غَمْسُ جميعِها. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهما. وصحَّحَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الحاوي الصَّغِير». وقيل: غَمَسُ بعضِها كغَمْسِها كلِّها. اختاره ابنُ حامدٍ، وابنُ رَزِينٍ في ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»، وقدَّمه. وجزَم به في «الكافِي»، و «الإِفاداتِ». وصحَّحَه النَّاظمُ. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الفُصولِ»، و «الحاوي الكبير»، و «الفائقِ». السَّادسُ، ظاهرُ قوْلِه: مِن نَوْمِ الليلِ. أنَّه سواء كان قليلًا أو كثيرًا، قبلَ نِصْفِ الليلِ أو بعدَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لكنْ بشَرْطِ أن يكونَ ناقِضًا للوُضوءِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هو ما زادَ على نِصْفِ الليلِ. قال في «الرِّعايَةِ» وغيرِها: وقيل: بل مِن نَوْمِ أكثرِ مِن نصْفِ الليلِ. وقدَّمه في «الحاوي الصَّغير». السَّابعُ، مفهومُ قَوْلِه: مِن نَوْمِ الليلِ. أنَّه لا يُؤثِّر غَمْسُها إذا كان قائمًا مِن نَوْمِ النَّهارِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرهم. وقَدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وعنه، حُكْمُ نوْمِ النَّهارِ، حُكْمُ نوم الليلِ. الثَّامنُ، ظاهرُ كلامِه، ولو كان الغامِسُ صغيرًا أو مَجْنونًا أو كافِرًا. أنَّهم كغيرهم في الغَمْسِ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الهِدَايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدوسٍ»، وغيرهم. وصحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمَه ابنُ رَزِينٍ. والوَجهُ الثاني، أنَّه لا تأثِيرَ لغَمْسِهم. وهو الصَّحيحُ، وإليه مال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». واختارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدَايَةِ». وصَحَّحَه ابنُ تميمٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يُؤَثر غَمْسُهم، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير». وأطْلَقَهما في «الفُروعَ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الحاوي الكبيرِ». التَّاسعُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، ولو كانت يَدُه في جِرَابٍ أو مَكتوفةً. وهو المذهبُ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعَ»، و «ابنِ تَميمٍ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فهو كغيرِه. وقيل: على رِوايَةِ الوُجوبِ. وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُؤَثِّرُ غَمْسُها. وأطْلَقَهما في «الحاويَين»، و «الفائقِ». العاشِرُ، ظاهرُ قوْلِه: قبلَ غَسلِها ثلاثًا. أنَّه يُؤَثِّرُ غَمْسُها بعدَ غَسْلِها مرَّةً، أو مرَّتَين. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ ما قطَع به صاحبُ «الفُروعِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرهم؛ لاقْتِصارِهم عليه. وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: وقيل: يَكْفِي غَسْلُهما مرَّةً واحدةً، فلا يُوثِّرُ الغَمْسُ بعدَ ذلك. الحادي عشرَ، ظاهرُ كلامه أيضًا، أنَّه سواءٌ كان قبلَ نِيَّةِ غَسْلِها أو بعدَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به كثيرٌ منهم. قال في «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»: قاله أصحابُنا. وقال القاضي: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُوثِّرَ إلا بعدَ النِّيَّةِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدَايةِ»: وعندِي أنَّ المؤَثِّرَ الغَمْسُ بعدَ نِيَّةِ الوُضوءِ فقط. فوائد؛ الأُولى، على القَوْلِ بأنَّه طاهرٌ غيرُ مُطَهِّرٍ، إذا لم يَجِدْ غيرَه اسْتَعْمَلَه وتَيَمَّمَ على الصَّحيحِ. قدَّمَه في «الفروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنِ اسْتَعْملَه لاحْتِمالِ طَهُورِيَّتِه، وتَيمَّمَ لاحْتِمالِ نجاستِه في وَجْهٍ، فيَنْوي رفْعَ الحدَثِ، وقيل: والنَّجاسةِ. انتهى. واختارَ ابنُ عَقِيلٍ، تجِبُ إراقَتُه، فيَحْرُمُ اسْتِعْمالُه. صحَّحَه الأزَجِيُّ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، يجوزُ اسْتِعْمالُه في شُرْبٍ وغيرِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: يَحْرُمُ. وهو الَّذي اختارَه ابنُ عَقِيلِ. وصَحَّحَه الأَزَجِيُّ. الثَّالثةُ، لا يُؤَثِّرُ غَمْسُها في مائعٍ غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَاءِ. على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعليه الجمهورُ. قلت: فيُعايَى بها. وقيل: يُؤثِّر. وبَقِيَّةُ فُرُوعِ هذه المسألةِ تأتي في آخِرِ بابِ السِّواك، عندَ قَوْلِه: وغَسْلُ اليدَين. الرَّابعةُ، قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وما قَلَّ وغَسَلَ به ذكَرَه وأُنْثَيَيهِ مِنَ المَذْي دُونَه، وانْفَصلَ غيرَ مُتَغَيِّرٍ، فهو طَهورٌ. وعنه، طاهِرٌ. وقيل: المُسْتَعْمَلُ في غَسْلِهما، كالمُسْتَعْمَلِ في غَسْلِ اليدَين مِن نَوْمِ الليلِ. انتهى. وجزم بهذا القولِ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «ابنِ تَميمٍ». ويأتى عدَدُ الغَسَلاتِ في ذلك في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ. الخامسةُ، لو نَوَى جُنُبٌ؛ بانْغِماسِه كُلِّه أو بعضِه في ماءٍ قليلٍ راكدٍ رَفْعَ حدَثِه، لم يَرْتَفِعْ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المعروفُ. وقيل: يرْتَفِعُ. واختارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. فعلى المذهبِ، يصيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الماءُ مُسْتَعْمَلًا، على الصَّحيحِ من المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا. وقيل: إن كان المُنْفَصِلُ عنِ العُضْو لو غسَلَ ذلك العُضْوَ بمائعٍ ثم صَبَّ فيه أثر له (¬1) هنا. فعلى المنصوصِ، يصيرُ مُسْتَعْمَلًا بأَوَّلِ جُزءٍ انْفَصلَ. على الصَّحيحِ من المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وهو أظْهَرُ وأشْهَرُ. قال في «الصُّغْرَى»: وهو أظْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو أشْهَرُ. وقدَّمَه ابنُ عُبَيدان. وقيل: يصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بأوَّلِ جُزءٍ لَاقَاه. قدَّمَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «التَّلْخِيصِ»، وقال: على المنْصوصِ. وحكَى الأوَّلَ احْتِمالًا. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ويَحْتَمِلُ أنْ يرْتَفِعَ حدَثُه إذا انْفَصَل الماءُ عمَّا غَمَسَه كلَّه، وهو أوْلَى. انتهى. والاحْتِمالُ للشِّيرَازِيِّ. السَّادسةُ، وكذا الحُكْمُ لو نَوَى بعدَ ¬

(¬1) في: «أثر، أثر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَمْسِه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الجُمهورُ. قال في «الحاوي»: قال أصحابُنا: يرْتَفِعُ الحدَثُ عن أوَّلِ جُزْءٍ يرْتَفِعُ منه، فيَحْصُلُ غَسْلُ ما سِواه بماءٍ مُسْتَعْمَلٍ، فلا يُجْزِئُه. وقيل: يرْتَفِعُ هنا عَقِيبَ نِيَّةٍ. اختارَه المَجْدُ. قاله في «الحاوي الكبير». السَّابعةُ، لا أَثرَ للغَمْسِ بلا نِيَّةٍ لطهارةِ بدَنِه، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ وعنه، يُكْرَهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ ما في «المُغْنِي»، عن بعضِ الأصحابِ، أنّه قال بالمَنْعِ فيما إذا نَوَى الاغْتِرافَ فقط. وفيه نَظَرٌ. انتهى. الثَّامنةُ، لو كان الماءُ كثيرًا، كُرِهَ أنْ يَغتسِلَ فيه على الصَّحيحِ من المذهبِ. قال أحمدُ: لا يُعْجِبُنِي. وعنه، لا يَنْبَغِي. فلو خالف وفعل، ارْتفعَ حدَثُه قبلَ انْفِصَالِه عنه، على الصَّحيحِ من المذهبِ. قدَّمَه في «الرِّعايتَينِ». وقيل: يرْتَفِعُ بعدَ انْفِصالِه. قدَّمَه في «الفائِقِ»، و «الحاوي الصَّغير». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وهو أقْيَسُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميمٍ». التَّاسعةُ، لو اغْتَرفَ الجُنُبُ أو الحائضُ أو النُّفَساءُ بيَدِه مِن ماءٍ قليلٍ، بعدَ نِيَّةِ غُسْلِه، صارَ مُسْتَعْمَلًا، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعليه الجمهورُ. وقدَّمَه في «الفروعِ»، وقال: نقَلَه واخْتارَه الأكْثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أَنَصُّ الرِّوايتَين وأصَحُّهما عندَ عامَّةِ الأصحابِ. قال ابنُ عُبَيدان: قاله أصحابُنا، ونَصَّ عليه في مواضِعَ. وعنه، لا يصيرُ مُسْتَعْمَلًا. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. واختارَه جماعةٌ،

وَإنْ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، فَانْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا، أَوْ قَبْلَ زَوَالِهَا، فَهُوَ نَجِسٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم المَجْدُ. قال في «الفروعِ»: وهو أظْهَرُ، لصَرْفِ النِّيَّةِ بقَصدِ اسْتِعمالِه خارِجَه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ. العاشرةُ، هل رِجْل وفَمٌ ونحوُه كيَدٍ في هذا الحُكْمِ، أم يُؤثِّرُ هنا؟ فيه وَجْهان. وأطلَقَهما في «الفُروعِ». قال ابنُ تَميمٍ: ولو وضَع رِجلَه في الماءِ لا لِغَسلِها وقد نَوَى، أثَّر على الأصَحِّ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإن نَواه ثم وضَع رِجلَه فيه لا لغَسلِها ينِيَّةٍ تَخُصُّها، فطاهرٌ في الأصَحِّ. وإن غمَس فيه فَمَه، احتَملَ وَجهَين. الحاديةَ عشرةَ، لو اغْتَرفَ مُتَوضِّئٌ بيَدِه بعدَ غَسلِ وجهِه، ونَوى رَفْعَ الحدَثِ عنها، أزال الطهُورِيَّةَ كالجُنُب، وإن لم يَنْو غَسْلَها فيه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه طَهورٌ؛ لمَشَقَّةِ تَكَرُّرِه. وقيل: حُكمُه حكمُ الجُنُب. على ما تقَدَّمَ. والصَّحيح، الفرقُ بَينَهما. الثَّانيةَ عشرةَ، يصيرُ الماءُ بانْتِقالِه إلى عُضْوٍ آخَرَ مُسْتَعْمَلًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا، فهي كُلُّها كعُضْوٍ واحدٍ. وعنه، لا يَصِيرُ مُسْتَعمَلًا في الجُنُب. وعنه، يَكْفِيهِما مَسْحُ اللُّمْعَةِ بلا غَسْلٍ؛ للخَبَر. ذكَرهُ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قوله: وإنْ أُزِيلتْ به النَّجاسةُ فانفَصَل مُتَغيِّرًا، أو قبلَ زَوالِها، فهو نَجِسٌ. إذا انْفَصَل الماءُ عن مَحَلِّ النَّجاسةِ مُتَغيِّرًا، فلا خِلافَ في نَجاستِه مُطلقًا، وإنِ

وَإنِ انْفَصَلَ غَيرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ زَوَالِهَا، فَهُوَ طَاهِرٌ إِنْ كانَ الْمَحَلُّ أَرْضًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ انْفصَل قبلَ زَوالِها غيرَ مُتَغَيِّرٍ، وكان دُونَ القُلَّتَينِ، انْبَنَى على تَنْجيسِ القَليلِ بمُجَرَّدِ مُلاقاةِ النَّجاسةِ، على ما يأتِي في أوَّلِ الفصلِ الثَّالث. وقيل بطَهارتِه على مَحَلٍّ نَجِسٍ مع عدَمِ تَغَيُّرِه؛ لأنَّه وارِدٌ. واختارَه في «الحاوي الكبير»: ذكَره في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ؛ لأنَّه لو كان نَجِسًا لمَا طَهَّر المَحَلَّ، لأنَّ تَنْجِيسَه قبلَ الانْفِصالِ مُمْتَنِعٌ، وعَقِيبَ الانْفِصالِ مُمْتَنِعٌ؛ لأنَّه لم يتَجَدَّدْ له مُلاقاةُ النَّجاسةِ. قوله: وإنِ انْفَصَلَ غيرَ مُتَغيِّرٍ بعدَ زوالِها، فهو طاهِرٌ. إن كان المَحَلُّ أرْضًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: ولا خِلافَ بينَ الأصحابِ في طهارةِ هذا في الأرض. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «ابنِ تميمٍ»، وغيرهم. وذكَر القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَينِ وَجهًا، أنَّ المُنْفَصِلَ عن الأرضِ كالمُنْفَصِلِ عن غيرِها في الطَّهارةِ والنَّجاسةِ. وحَكاه ابنُ البَنَّا في «خِصَالِه» روايةً. قلتُ: وهو بعيدٌ جدًّا. وعنه، طهارةٌ مُنْفَصِلَةٌ عن أرضٍ أعيانُ النَّجاسةِ فيه مُشاهَدة.

وَإنْ كانَ غَيرَ الْأَرْضِ، فَهُوَ طَاهِرٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَينِ، وَهَلْ يَكُونُ طَهُورًا؟ عَلَىَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان غيرَ الأرضِ فهو طاهرٌ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وكذا قال ابنُ تَميمٍ، وصاحبُ «المُغْنِي»، و «الهِدَايةِ». وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرحِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَين»، وغيرهم. قال في «الكافي»: أظْهَرُهما طهارتُه. وصَحَّحَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ عُبَيدان». والوَجْهُ الثَّاني، أنَّه نَجِسٌ. اختارَه ابنُ حامدٍ. وأطلَقَهما في «الخُلاصةِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّنْ أطلَق، إذا كان المُزالُ به دُونَ القُلَّتَين، أمَّا إذا كان قُلَّتَينِ فأكثرَ، فإنَّه طَهورٌ بلا خِلافٍ. قاله في «الرِّعايةِ». وهو واضحٌ. تنبيه: كثيرٌ مِن الأصحابِ يحكِي الخِلافَ وَجْهَين. وحَكاهما ابنُ عَقِيلٍ ومَن تابعَه رِوايتَين. وقدَّمَه في «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: فعلى القَوْلِ بنَجاستِه، يكونُ المحَلُّ المُنْفَصِلُ عنه طاهرًا. صرَّح به الآمِدِيُّ. ومَعْناه كلامُ القاضي. وقيل: المَحَلُّ نجِسٌ كالمُنْفَصِلِ عنه. جزَم به في «الانْتِصارِ». وهو ظاهرُ كلامِ الحَلْوانِيِّ. قال ابنُ تَميمٍ: وما انْفصلَ عن مَحَلِّ النجاسةِ مُتَغَيِّرًا بها فهو والمحَلُّ نَجِسان وإنِ اسْتَوْفَى العدَدَ. وقال الآمِدِيُّ: يُحْكَمُ بطهارةِ المحَلِّ. انتهى. وقال ابنُ عُبَيدان، لمَّا نصَر أنَّ الماءَ المُنْفَصِلَ بعدَ طهارةِ المحَلِّ طاهرٌ: ولَنا، أنَّ المُنْفَصِلَ بعضُ المُتَّصِلِ، فيجِبُ أن يُعْطى حُكمَه في الطهارةِ والنجاسةِ، كما لو أراق ماءً مِن إناءٍ، ولا يَلزَمُ الغُسَالةَ المُتَغَيِّرةَ بعدَ طهارةِ المَحَلِّ؛ لأنَّا لا نُسَلِّمُ قُصورَ ذلك، بل نقولُ: ما دامتِ الغُسَالةُ مُتَغَيِّرةً فالمَحَلُّ لم يَطهُرْ. وقال في «الفُروعِ»: وفي طهارةِ المَحَلِّ مع نجاسةِ المُنْفَصِلِ وَجهان. قوله: وهل يكون طَهورًا؟ على وَجْهَين. بِناءً على الرِّوايتَينِ، فيما إذا رُفِعَ به حدَثٌ، على ما تقَدَّم. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «المُغْنِي»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الحاويَين»؛ أحَدُهما، لا يكونُ طَهُورًا. وهو المذهب. جزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه.

وَإنْ خَلَتْ بِالطَّهَارَةِ مِنْهُ امْرَأَةٌ، فَهُوَ طَهُورٌ، وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الطَّهَارَةُ بِهِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه في «التَّصحيحِ»، وغيرِه. وقدَّمَه في «الفروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا الصَّحيحُ. والوَجْة الثَّاني، أنَّه طَهورٌ. قال المَجْدُ: وهو الصَّحيحُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هذا أقْوَى. فائدة: ظاهرُ كَلامَ المُصَنِّف، أنَّ الماءَ في محَلِّ التَّطْهيرِ لا يُؤثِّرُ تغَيُّره والحالةُ هذه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَمُوا به. وقيل: فيه قول: يُؤَثِّرُ. واختارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وقال: التَّفريقُ بينهما بوَصْفٍ غيرِ مُؤَثِّرٍ لُغَةً وشَرْعًا. ونُقِلَ عنه في الاختِياراتِ أنَّه قال: اختارَه بعضُ أصحابِنا. قوله: وإن خَلَتْ بالطَّهارةِ منه امرأة، فهو طَهورٌ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. قال المَجْدُ: لا خِلافَ في ذلك. وعنه، أنَّه طاهرٌ. حَكاها غيرُ واحدٍ. قال ابنُ البَنَّا في «خِصالِه»، وابنُ عبَدْوسٍ في «مَذْهَبِهِ» (¬1): هو طاهرٌ غيرُ مُطَهِّرٍ. قال الزَّرْكَشِيّ: ولقد أُبْعَد السَّامَرِّيُّ، حيثُ اقْتَضَى كلامُه الجزْمَ بطهارتِه، مع حكايَتِه الخِلافَ في ذلك في طهارةِ الرَّجُل ¬

(¬1) في ا: «تذكرته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به. قلتُ: ليس كما قال الزَّرْكَشِيُّ، وإنَّما قال أوَّلًا: هو طاهرٌ. ثم قال: وهل يَرفَعُ حدَثَ الرَّجُلِ؟ على رِوايتَين. فحكَم بأنَّه طاهرٌ أوَّلًا، ثم هل يكونُ طَهُورًا مع كَونِه طاهرًا؟ حكَى الرِّوايتَينِ، وهذا يُشْبهُ كلامَ المُصَنِّفِ المُتَقَدِّمَ في قَوْلِه: فهو طاهرٌ في أصَحِّ الوَجهَين، وهل يكَونُ طَهُورًا؟ على وَجْهَين. وهو كثيرٌ في كلامِ الأصحابِ. ولا تناقُضَ فيه، لكَوْنِهم ذكَرُوا أنَّه طاهرٌ، ومع ذلك هل يكونُ طَهُورًا؟ حكَوُا الخِلافَ، فهو مُتَّصِفٌ بصِفةِ الطَّاهِريَّة بِلا نِزَاعٍ. وهل يُضَمُّ إليه شيءٌ آخَرُ، وهو الطَّهُورِيَّةُ؟ فيه الخِلافُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ للرَّجُلِ الطَّهارةُ به في طاهرِ المذهبِ. وكذا قال الشَّارحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهما. وهو المذهبُ المعروفُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وصاحبُ «المذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ أبي موسى، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، و «المنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُصولِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أشْهَرُهما عن الإِمامِ أحمدَ. وعندَ الخِرَقِيِّ وجمهورِ الأصحابِ، لا يَرْفَعُ حدَثَ الرَّجُلِ. قال في «المُغْنِي»، و «ابنِ عُبَيدان»: هي المشهورةُ. قال ابنُ رَزِينِ: لم يَجُزْ لغيرِها أن يتَوضَّأ به، هي أضْعَفُ الرِّوايتَين. وعنه، يرْفَعُ الحدَثَ مُطْلقًا، كاسْتِعْمالِهما معًا في أصَحِّ الوَجْهَين فيه. قاله في «الفُروعِ». اختارَها ابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخَطَّابِ، والطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقِيِّ»، وصاحبُ «الفائقِ». وإليه مَيلُ المَجْدِ في «المُنْتَقَى»، وابنُ رَزِينِ في «شَرْحِه». قال في «الشَّرْحِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وهو أقْيَسُ. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين». فعليها، لا يُكرَهُ اسْتِعمالُه على الصَّحيحِ. وعنه، يُكْرَهُ. ومَعناه اختِيارُ الآجُرِّيِّ. وقدَّمَه ابنُ تَميمٍ. فائدة: مَنْعُ الرَّجُلِ مِنَ اسْتِعمالِ فَضلِ طَهورِ المرأةِ، تعَبُّدِيٌّ لا يُعْقَلُ مَعناه. نصَّ عليه. ولذلك يُباحُ لامرأةٍ سِواها، ولها التَّطهُّرُ به في طهارةِ الحدَثِ والخَبَثِ وغيرِهما؛ لأنَّ النَّهْيَ مخصوصٌ بالرَّجُلِ وهو غيرُ معقول، فيجِبُ قَصْرُه على مَوْرِدِه. قوله: وإن خَلَتْ بالطَّهارةِ. اعلمَ أنَّ في معْنَى الخَلْوَةِ رِوايتَينِ، إحداهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي المذهبُ، أنَّها عدَمُ المُشاهَدَةِ عندَ اسْتِعمالِها مِن حيثُ الجُملةُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المُختارةُ. قال في «الفُروعِ»: وتزولُ الخَلْوَةُ بالمُشاهَدَةِ، على الأصَحِّ. وقدَّمَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المغني»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانية، معْنَى الخَلْوَةِ انْفِرادُها بالاسْتِعمالِ، سواءٌ شُوهِدَت أم لا. اختارَها ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمها ابنُ تميمٍ، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال في «الحاوي الكبير»: وهي أصَحُّ عندي. وأطلَقَها في «الفُصولِ»، و «الحاوي الكبير»، و «المُذْهَبِ». وتزولُ الخَلْوَةُ بمُشاركتِه لها في الاسْتِعمالِ، بلا نِزَاعٍ. قاله في «الفُروعِ». فعلَى المذهبِ، يَزولُ حُكْمُ الخَلْوَةِ بمُشاهَدَةِ مُمَيِّزٍ وبكافرٍ وامرأةٍ، فهي كخَلْوَةِ النِّكاح، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اختارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والشِّيرازِيُّ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمَه في «الكافِي»، و «نَظْمِه»، و «الشرح»، و «النَّظْمِ». وألْحَقَ السَّامَرِّيّ المَجنونَ بالصَّبِيِّ المُمَيِّزِ ونحوه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو خطأٌ. على ما يأتِي. وقيل: لا تَزولُ الخَلْوَةُ إلَّا بمشاهَدَةِ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وقدَّمَه في «الرعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغير». وأطْلَقَهما في «المغني»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشيِّ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا تزولُ الخَلْوَةُ إلَّا بمُشاهَدَةِ رَجُلٍ مُسلمٍ حُرٍّ. قدَّمَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». فقال: ولم يَرَها ذكَرٌ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ حُرٌّ. وقيل: أو عَبْدٌ. وقيل: أو مُمَيِّزٌ. وقيل: أو مَجْنونٌ. وهو خطأٌ. وقيل: إنْ شاهدَ طَهارتَها منه أُنْثَى أو كافِرٌ فوَجهان. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهاتٌ؛ الأولُ، قولُه: بالطَّهارةِ. يشمَلُ طهارةَ الحدَثِ والخَبَثِ، أمَّا الحدَثُ فواضِحٌ، وأمَّا خَلْوتُها به لإِزالةِ نجاسةٍ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ليس كالحدَثِ، فلا تُؤَثِّرُ خَلْوتُها فيه. قال ابنُ حامدٍ: فيه وَجهان، أظهَرُهما، جوازُ الوُضوءِ به. واقْتصَر عليه في «الشَّرْح». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقطعَ به ابنُ عَبْدوسِ المُتَقَدِّمُ. وقيل: حُكمُه، حكمُ الحدَثِ. اختارَه القاضِي. قال المَجْدُ: وهو الصَّحيحُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: ولا يخْتَصُّ المنعُ بطهارةِ الحدَثِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصَحِّ. وقدَّمَه في «الحاوي الكبير». وقال: إنَّه الأصَحُّ. وأطْلَقَهما في «المغني»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، «وابنِ تميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِير». وأطلَقَهما في «الشَّرْحِ» في الاسْتِنْجاءِ، واقْتصَر على كلامِ ابنِ حامدٍ في غيرهِ. الثاني، شمِل قولُه: بالطَّهارةِ. الطَّهارةَ الواجبةَ والمُسْتَحَبَّةَ. وهو ظاهرُ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الكبِير»، وغيرهم. وجزَم به في «الفُصول». وقدَّمَه ابنُ رَزِين. وقيل: لا تأثِيرَ لخَلْوتِها في طهارةٍ مُسْتَحَبَّةٍ، كالتَّجديدِ ونحوه. وهو الصحيحُ. قدَّمَه في «الفُروع». وأطلقَهما في «المغني»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي الصَّغير»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. الثَّالثُ، ظاهرُ قَولِه: بالطَّهارةِ. الطَّهارةُ الكاملةُ، فلا تُؤثِّرُ خَلْوَتُها في بعضِ الطَّهارةِ، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وهو المذهبُ. وقدَّمَه في «الفُروع». وقيل: خَلْوتُها في بعضِ الطَّهارةِ، كخَلْوتِها في جميعِها. اخْتاره ابنُ رَزِينِ في «شَرْحِه». وقدَّمَه في «الفُصولِ». ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان». الرابعُ، مَفْهومُ قولِه: بالطهارةِ. أنَّها لو خلَتْ به للشُّرْبِ، أنَّه لا يُؤثِّرُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ولا يُكْرَهُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اختارَه المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمَه في «الرِّعايَة الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يُكرَهُ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، حُكمُه حكمُ الخاليةِ به للطَّهارةِ. الخامسُ، مُرادُه بقولِه: بالطَّهارةِ. الطهارةُ الشَّرعيَّةُ، فلا تُؤثِّرُ خَلْوَتُها به في التَّنْظيفِ. قاله ابنُ تَميمٍ. ولا غَسْلُها ثَوْبَ الرَّجُلِ ونحوَه. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال: ولم يُكرَه. السَّادِسُ، مفهومُ قولِه: منه. يَعْني مِن الماءِ، أنَّها إذا خَلَت بالتُّرابِ للتَّيمُّمِ، أنَّها لا تُؤَثِّر. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه. وفيه احتِمالٌ، أنَّ حُكمَه، حكمُ الماءِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». السَّابعُ، مفهومُ قولِه: امرأَةٌ. أنَّ الرَّجُلَ إذا خَلا به لا تُؤثِّرُ خَلْوتُه مَنعًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ. وقَطَع به كثيرٌ منهم. ونقَله الجماعةُ عن أحمدَ. وحكاه القاضِى وغيرُه إجماعا. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ عن الأصحابِ وَجهًا بمَنع النِّساءِ مِن ذلك. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وأطْلَقَهما ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وقال في «الفائقِ»: ولا يَمنَعُ خَلْوَةُ الرَّجُلِ بالماءِ الرَّجُلَ. وقيل: بلَى. ذكَره ابنُ الزَّاغُونِيِّ. قلتُ: في صِحَّةِ هذا الوَجْه الذي ذكَره في «الفائقِ» عنه نَظَرٌ. وعلى تقديرِ صِحَّةِ نقلهِ، فهو ضَعيفٌ جدًّا، لا يُلْتَفَتُ إليه، ولا يُعَرَّجُ عليه، ولا على الذي قبلَه، وهو مُخالِفٌ للإِجماعِ. الثَّامنُ، ظاهرُ قولِه: امرأةٌ. أنَّ خَلْوَةَ المُمَيِّزةِ لا تَأثيرَ لها. وهو صحيحٌ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «الوجِيزِ»، «وابنِ تميمٍ»، وغيرهم. وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فإِنَّه قال: مُكَلَّفةٌ. وقدَّمَه في «الفُروعِ». وقيل: خَلْوَةُ المُمَيِّزةِ المُكَلَّفةِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغير»، فإنَّهُما قالا: أو رفَعَتْ به مُسلِمةٌ حدَثًا. التاسعُ، شمِل قولُه: امرأَةٌ. المسلمةَ والكافرةَ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الكبير»، وغيرهم، فإنَّهم قالوا: امرأةٌ. وهو أحدُ الوَجْهَين. وقدَّمَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقيل: لا تَأثِيرَ لخَلْوةِ غيرِ المسلمة. وهو ظاهرُ «الرِّعايتينِ»، و «الحاوي الصَّغير»، فإنَّهُما قالا: مسلمةٌ. قلتُ: وهو بعيدٌ. وأطلَقَهما في «المغني»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وأطلَقَهما ابنُ تَميمٍ في خَلْوةِ الذِّمِّيَّةِ للحَيضِ. وذكَر في «الفُصولِ» ومَن بعدَه احتِمالًا بالفَرْقِ بين الحيضِ والنِّفاسِ، وبينَ الغُسْلِ، فتُؤثِّر خَلْوةُ الذِّمِّيَّةِ للحَيضِ والنِّفاسِ، دُونَ الغُسْلِ؛ لأنَّ الغُسْلَ لم يُفِدْ إباحَةَ شيءٍ. العاشرُ، مفهومُ قولِه: امرأةٌ. أنَّه لا تأثِيرَ لخَلْوةِ الخُنْثَى المُشْكِلِ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به أكثَرُهم، منهم ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِ الهِدَايةِ»، وابنُ تميمٍ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغير»، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى». وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: الخُنْثَى في الخَلْوةِ كالمرأَة. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. الحادي عشرَ، مفهومُ قولهِ: ولا يجوزُ للرَّجُلِ الطَّهارةُ به. أنَّه يجوزُ للصَّبِيِّ الطَّهارةُ به. وهو صحيحٌ، وهو ظاهرُ كلامِ أكثَرِ الأصحابِ، وهو المذهبُ. قدّمَه في «الفُروعِ». وقيل: حُكمُه، حكمُ الرَّجُلِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: هل يُلْحَقُ الصَّبِيُّ بالمرأَة أو بالرَّجُلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. الثَّاني عشرَ، مفهومُ قولِه: ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ للرَّجُلِ الطَّهارةُ به. أنَّه يجوزُ الطَّهارةُ به للخُنْثَى المُشْكِلِ، وهو مفهومُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. واختارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ الخُنْثَى المُشْكِلَ كالرَّجُلِ. جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغير»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمَه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: هل يُلْحَقُ الخُنْثَى المُشْكِلُ بالرَّجُلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. الثَّالثَ عشرَ، عمُومُ قولهِ: الطَّهارةُ. يشمَلُ الحدَثَ والخبَثَ، أمَّا الحدَثُ، فواضِحٌ، وأمَّا الخَبَثُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ليس كالحدَثِ، فيجوزُ للرَّجُلِ غَسْلُ النَّجاسَةِ به. وهو المذهبُ. اختارَه ابنُ أبي مُوسى، والمُصَنِّفُ. قال ابنُ عُبَيدان: وهو الصَّحيحُ. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «الشَّرْحَ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وابنُ خَطِيبِ السَّلاميَّةِ في «تَعْلِيقَتِه». وقيل: يُمْنَعُ منه كطهارةِ الحدَثِ. اختارَه القاضِي، والمَجْدُ، [وابنُ عبدِ القَويّ في «مَجْمَعِ البَحْرَين»] (¬1)، وحَكاهُ الشِّيرازِيُّ عن الأصحابِ غيرَ ابنِ أبي موسى. قال ابنُ رَزينٍ: هذا القولُ أصَحُّ. وقدَّمه في «الحاوي الكبير». قال في «الرِّعايه الكُبْرى»: وهو بعيدٌ. وأطلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان». الرَّابعَ عشرَ، مفهومُ قولِه: ولا يجوزُ للرَّجُلِ الطَّهارَةُ به. أنَّه يجوزُ لامرأَةٍ أُخرَى الطَّهارةُ به. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «الزِّرْكَشِيِّ». وصَحَّحَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ رَزِين»، و «ابنِ عُبَيدان». وقدَّمَه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: هي كالرَّجُلِ في ذلك. وقدَّمَه في «الفائق»، فقال: طَهُورٌ ولا يُسْتَعملُ في الحدَثِ. ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». الخامسَ عشرَ، فعلى المذهبِ هنا، وفي كُلِّ مَسْأَلةٍ قُلنا: يجوزُ الطَّهارةُ به. مَحَلُّه على القولِ بأنَّه طَهُورٌ. أمَّا إن قُلنا: إنَّه طاهرٌ. فلا يجوزُ الطَّهارةُ به. وصرَّح به في «الحاوي الصَّغِير»، وغيره. وهذا الذي ينبغي أن يُقْطَعَ به. وقال في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»: وإن توَضَّأَ به الرَّجُلُ فرِوايتان. وقيل: مع طَهُورِيَّتهِ، فظاهرُه أنَّ المقدَّمَ سواء قُلْنا: إنَّه طَهُورٌ أو طاهرٌ. وقال في «الرِّعايِة الكُبْرَى»: ولها التَّطْهِيرُ به. يعْنِي الخاليةَ بِه، ثم قال: قلتُ: إن بَقِيَ طَهُورًا. وإلَّا فلا. وفي جوازِ تَطَهُّرِ امرأةٍ أُخرَى به إِذَنْ وَجْهان. وفي جَوازِ تَطْهِيرِ الرَّجُلِ به إذَنْ رِوايتان. وقيل: بل مُطلَقًا. وقيل: إن قُلْنا: هو طَهورٌ. جاز، وإلَّا فلا. انتهى. فحَكَى خِلافًا في الجوازِ مع القولِ بأنَّه طاهرٌ. والذي يظهَرُ أنَّ هذا ضعيفٌ جدًّا. السَّادسَ عشرَ، مفهومُ كلامِه، أنَّه يجوزُ للمرأةِ الخاليةِ به الطَّهارةُ به. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ، قطَع به كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ولها التَّطَهُّرُ به. ثم قال: قلتُ: إن بَقِيَ طَهُورًا، كما تقدَّم. وقال في «الحاوي الصَّغير»: ولها التَّطهُّرُ به في ظاهرِ المذهبِ. فدَلَّ أنَّ في باطنه قَوْلًا: لا يجوزُ لها ذلك. قلتُ: هو قولٌ ساقِطٌ؛ فإنَّه يُفْضِي إلى أنَّ المرأةَ لا يَصِحُّ لها طهارةٌ ألْبَتَّةَ في بعضِ الصُّوَرِ، وهو مُخالفٌ لإِجماعِ المُسلمِين. السَّابعَ عشرَ، كلامُ المُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بما إذا كان الماءُ الخاليةُ به دونَ القُلَّتَين، وهو الواقعُ في الغالب، أمَّا إن كان قُلَّتَين فأكثرَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، أنَّ الخَلْوَةَ لا تُؤثر فيه مَنْعًا. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الكثيرُ كالقليلِ في ذلك. قال المَجْدُ في «شَرْحهِ»، وتَبِعه في «الحاوي الكبير»: هذا بعيدٌ جدًّا. قال في «الرِّعايةِ»: وهو بعيدٌ. وأطلَقَهما ناظِمُ «المُفْرَداتِ». فوائد؛ منها، لو خُلِطَ طَهورٌ بمُسْتَعْمَلٍ، فإن كان لو خالف في الصِّفةِ غَيَّرَه، أثَّر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْعًا، على الصَّحيحٍ مِنَ المذهبِ. وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «الحاوي الكبيرِ» وغيرِه: قاله أصحابُنا. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وقال المَجْدُ: عندِى أنَّ الحُكْمَ لأكثَرهما مِقدارًا، اعِتْبارًا بغَلبَةِ أجزائِه. وجزَم به في «الإِفاداتِ». وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، أنَّ غَيرَه لو كان خَلًّا أثَّرَ مَنْعًا. قال المَجْدُ: ولقد تحَكَّمَ ابنُ عَقِيلٍ بقَولِه: إن كان الواقعُ بحيثُ لو كان خَلًّا غَيَّرَ، مُنِعَ. إذِ الخَلُّ ليس بأَوْلَى مِن غيرِه. وأطلَقَهنَّ ابنُ تَميم. ونصَّ أحمدُ، في مَن انْتَضَحَ مِن وُضوئِه في إنائِه، لا بأسَ. ومنها، لو بلَغ بعدَ خَلْطِه قُلَّتَين، أو كانا مُسْتَعْمَلَين، فهو طاهرٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: طَهور. واختارَ ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه» طَهُورِيَّةَ المُسْتَعْمَلِ إذا انْضَمَّ وصارَ قُلَّتَين. وأطلَق في «الشرحِ»، فيما إذا كانا مُسْتَعْمَلَين، احْتِمالين. و «ابنِ عُبَيدان» وَجْهَين. ومنها، لو كان معه ما يَكْفيه لطهارتِه، فخلَطَه بمائعٍ لم يُغَيِّره، وتَطَهَّر منه وَبقِىَ قَدْرُ المائع أو دُونَه، صَحَّتْ طهارتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا تَصِحُّ. اختارَه القاضِي في «الجامِعِ». وقال: هو قِياسُ المذهب. وقال ابنُ تَميم، وجماعةٌ مِن الأصحابِ: إنِ اسْتَعْمَل الجميعَ جاز، وإلَّا فوَجْهان. وإن كان الطَّهورُ لا يَكْفِيه لطهارتِه وكَمَّله بمائعٍ لم يُغَيِّره، جاز اسْتِعْمالُه، وصحَّتْ طهارتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». قال في «المُغْنِي»: هذا أَولَى. وصَحَّحه في «الحاوي الكبير»، و «ابنِ عُبَيدان». واختارَ القاضِي في «المُجَرَّدِ». وعنه، لا تَصِحُّ الطهارةُ. اختارَه القاضِي أيضًا في «الجامِعِ». وحمَل ابنُ عَقِيلٍ كلامَ القاضي في المَسْألتَين على أنَّ المائعَ لم يُسْتَهْلَكْ. قال ابنُ عُبَيدان: حكَى في «المُغْنِي» الخِلافَ رِوايتَين، ولم أرَ لأَكْثَرِ الأصحابِ إلَّا وَجْهَين. وأطلَقَهما «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الفَروع». ولكن فرَض في «الرِّعايتَينِ» و «الفُروعِ» الخِلافَ في المسأَلتَين في زوالِ طَهوريَّةِ الماءِ وعدَمِه، ورَدَّه شيخُنا في «حواشِيه» على

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ، مَاءٌ نَجسٌ، وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِمُخَالطَةِ النَّجَاسَةِ، فإِنْ لَمْ يَتَغَيَّر وَهُوَ يَسِيرٌ، فَهَلْ يَنْجُسُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» بِردٍّ حسنٍ. ومنها، متى تغَيَّر الماءُ بطاهرٍ ثم زال تَغَيُّرُه، عادتْ طَهورِيَّتُه. تنبيه: قولُه: القِسمُ الثَّالثُ، ماءٌ نَجِسٌ، وهو ما تغَيَّر بمخالطةِ النجاسة. مرادُه إذا كان في غيرِ محَلِّ التَّطهيرِ، على ما تقَدَّم التَّنْبِيهُ عليه. قوله: فإن لم يتَغيَّر وهو يَسِيرٌ، فهل يُنْجُسُ؟ علَى رِوايَتَين. وأطلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المَذْهَب الأحْمَدِ»، إحداهما، يَنْجُسُ. وهو المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب. جزَم به في «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «الإِرْشَادِ»، و «الخِصالِ» لابنِ البَنَّا، و «الإِيضاحِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وهو مفهومُ كلامِ الخِرَقِي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الهِدايَة»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَينِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وصَحَّحه في «التَّصحيحِ». قال في «الكافي»: أظهَرُهما نجاستُه. قال في «المُغْنِي»: هذا المشهورُ في المذهبِ. قال الشَّارحُ، وصاحبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وابنُ عُبَيدان: هي ظاهرُ المذهب. قال ابنُ مُنَجَّى: الحُكمُ بالنجاسةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصَحُّ. قال في «المُذْهَبِ»: يَنْجُسُ في أصَحِّ الرِّوايتَينِ. قال ابنُ تَميم: نَجُسَ في أظهَرِ الرِّوايتَين. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: يَنْجُسُ مُطلَقًا في الأظْهَرِ. قال في «الخُلاصةِ»: فيَنْجُسُ على الأصَحِّ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: هذا الأظْهَرُ عنه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المشهورةُ والمُختارةُ للأصحابِ. وهو ظاهرُ ما قطعَ به المُصَنِّفُ قبلَ ذلك في قولِه: فانْفَصَل مُتَغَيِّرًا أو قبلَ زَوالِها فهو نَجِسٌ. تنبيهان؛ أحَدُهما، عمومُ هذه الروايةِ يَقْتَضي سواءٌ أدْرَكَها الطَّرْفُ أوْ لا. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ. وهو المذهبُ، ونصَّ عليه، وعليه الجمهورُ، وقطَع به أكثَرُهم. وحكَى أبو الوَقْتِ الدِّينَورِيُّ (¬1) عن أحمدَ طهارةَ ما لا يُدْرِكُه الطَّرْف. واخْتارَه في «عُيُونِ المَسائلِ». وعُمُومُها أيضًا يَقْتَضِي، سواءٌ مَضَى زَمَنٌ تَسْرِى فيه أم لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: إن مضىَ زَمَنٌ تَسْرِى فيه النجاسةُ نَجُسَ. وإلَّا فلا. والروايةُ الثَّانيةُ، لا ينْجُسُ. اختارَها ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ» وغيرِها، وابنُ المَنِّيِّ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحبُ «الفائقِ». قال في «الحاويَين»: وهو أصَحُّ عندى. قال في «مَجْمعِ البَحْرَين»: ونصَر هذه الرِّوايةَ كثير مِن أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأظُنُّ اختارَها ابنُ الجَوْزِيِّ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اختارَها أبو المُظَفَّرِ ابن الجَوْزِيِّ (¬2)، وأبو نَصْير (1). وقيلَ بالفَرْقِ بينَ يَسيرِ الرَّائحةِ وغيرِها، فيُعْفَى عن يسيرِ الرَّائحة. ذكَره ابنُ البَنَّا. وشَذَّذه الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: نصَره ابنُ رَجَب في «شَرْحِ البُخارِيِّ»، وأَظُنُّ أنَّه اختِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين وابنِ القَيِّمِ، وما هو ببَعيدٍ. الثاني، هذا الخِلاف في الماءِ الرَّاكِدِ أمَّا الجارِي، فعن أحمدَ أنَّه كالرَّاكدِ، إن بلَغ جمِيعُه قُلَّتَين، دفَع النجاسةَ إن لم تُغَيِّره، وإلَّا فلا. وهي المذهبُ، وهي ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف هنا وغيرِه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: هي أشهَرُ. [قال ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه»، في مسأَلِة المفْهومِ، هل هو عامٌّ أم لا؟: المشهورُ عن أحمدَ وأصحابِه، أنَّ الجارِىَ كالرَّاكدِ في التَّنْجِس] (¬3). وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال ابنُ تَميمٍ: اختارَه شيخُنا. ¬

(¬1) لم نهتد إليه. (¬2) يوسف بن قزوغلى بن عبد الله التركي البغدادي، سبط ابن الجوزى، أبو المظفر. انتهت إليه رئاسة الوعظ وحسن التذكير ومعرفة التاريخ، صاحب كتاب «مرآة الزمان في تاريخ الأعيان» توفي سنة أربع وخمسين وستمائة. الجواهر المضية 3/ 633 - 635، سير أعلام النبلاء 23/ 296، 297. (¬3) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: اختارَها السَّامَريُّ وغيرُه. وعنه، لا يَنْجُسُ قَلِيلُه إلَّا بالتَّغَيُّرِ. فإن قُلنا يَنْجُسُ قليلُ الرَّاكد. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الإِفادَاتِ»، وقدَّمَه في «الرِّعايتَين». قال في «الكُبْرَى»: هو أقْيَسُ وأَوْلَى. قال في «الحاوي الصَّغير»: ولا يَنْجُسُ قليلٌ جارٍ قبلَ تَغَيُّرِه، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وقال في «الحاوي الكبير»: وهو أصَحُّ عندي. واختارَها المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، والمَجْدُ، والنَّاظِمُ. قال في «الفُروعِ»: اختارَها جماعةٌ. واختارَها الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: هي أنَصُّ الرِّوايتَين. وعنه، تُعْتَبَرُ كُلُّ جِرْيَةٍ بنفسِها. اختارَها القاضي وأصحابُه. وقال: هي المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي اختيارُ الأكثَرِين. قال في «الكافِي»: وجعل أصحابُنا المُتَأَخِّرونَ كُلَّ جِرْيةٍ كالماءِ المُنْفَرِدِ. واختارَها في «المُسْتَوْعِبِ». قال في «الفُروعِ»: وهي أشهَرُ قال في «الحاوي الكبيرِ»: هذا ظاهرُ المذهب. قال الأصحابُ: فيُفْضِي إلى تَنْجِيسِ نَهرٍ كبيرٍ بنجاسةٍ قليلةٍ لا كثيرةٍ، لِقِلَّةِ ما يُحاذِي القَلِيلةَ، إذ لو فرَضْنَا كَلْبًا في جانِب نهرٍ كبيرٍ، وشعَرةً منه في جانِبه الآخَرِ، لَكان ما يُحاذِيها لا يَبْلُغُ قُلَّتَينِ لِقِلَّتِه، والمُحاذِي للكلبِ يَبْلُغُ قِلالًا كثيرةً، فيُعايَى بها. [ولكن رَدَّ المُصَنِّفُ والشَّارحُ وغيُرهما ذلك، وسَوَّوْا بين القليلِ والكثيرِ، كما يأتي في النجاسةِ المُمْتَدَّة] (¬1). فائدة: للرِّوايةِ الأُولَى والثَّانيةِ فوائدُ، ذكَرها ابنُ رَجَب في أوَّلِ «قواعِدِه»، منها، إذا وقعَتْ فيه نجاسة، فعلَى الأُولَى، يُعْتَبَرُ مَجموعُه، فإن كان كثيرًا لمْ يَنْجُسْ بِدُونِ تَغَيُّرٍ، وإلَّا نَجُسَ. وعلى الثَّانيةِ، تُعْتَبَرُ كُلُّ جِرْيَةٍ بانفِرادِها، فإن بلغَتْ قُلَّتَين لم يَنْجُسْ بدونِ تَغَيُّرٍ، وإلَّا نَجُسَ. وعلى الثَّالثةِ، تُعْتَبَرُ كُلُّ جِرْيَةٍ بانفِرادها، فإن بلغَتْ قُلَّتَين لم ينجُسْ بدون تَغَيُّرٍ، وإلَّا نَجُسَتْ. ومنها، لو غمَس الإناءَ النَّجِسَ في ماءٍ جارٍ، ومَرَّتْ عليه سَبْعُ جرْياتٍ، فهل هو غَسلةٌ واحدةٌ أو سَبْعٌ؟ على ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. حكاهُما أبو حَسَنِ ابنُ الغَازِيّ (¬1) تلميذُ الآمِديِّ، وذكَر أنَّ ظاهرَ كلامِ الأصحاب، أنَّه غَسلةٌ واحدةٌ. وفي «شَرْحِ المذهبِ» للقاضي، أنّ كلامَ أحمدَ يدُلُّ عليه. وكذلك لو كان ثَوْبًا ونحوَه وعَصَره عَقِيبَ كُلِّ جِرْيَةٍ. ومنها، لو انْغمَسَ المُحْدِثُ حدَثًا أصْغَرَ في ماءٍ جارٍ للوُضوءِ، ومَرَّتْ عليه أرْبَعُ جِرْياتٍ مُتَواليةٍ، فهل يَرْتَفعُ بذلك حَدَثُه أم لا؟ على وَجْهَين، أشْهَرُهما عندَ الأصحاب؛ أنَّه يَرْتَفِعُ. وقال أبو الخطَّابِ في «الانْتِصارِ»: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يرْتَفِعُ؛ لأنَّه لم يُفرِّقْ بينَ الرَّاكِدِ والجارِى. قال ابنُ رَجَبٍ: قلتُ: بل نَصَّ أحمدُ على التَّسويةِ بَينَهما في رواية محمدِ بنِ الحَكَمِ (¬2)، وأَنَّه إذا انْغَمَس في دِجْلَةَ فإنَّه لا يرْتَفعُ حدَثُه حتى يَخْرُجَ مُرَتبًا. ومنها، لو حلَف لا يَقِفُ في هذا الماءِ، وكان جارِيًا، لم يَحْنَثْ عندَ أبي الخطَّابِ وغيرِه. وقال ابنُ رَجبٍ: وقِياسُ المنصوصِ أنَّه يَحنَثُ، لاسِيَّما والعُرْفُ يشهَدُ له. والأيمانُ مَرْجِعُها إلى العُرْف. وقاله القاضي في «الجامع الكَبِير». فوائد؛ إحداها، الجِرْيَةُ ما أحاطَ بالنَّجاسةِ فوقَها وتحتَها ويَمْنَةً ويَسْرَةً. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه أكثَرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وزاد المُصَنِّفُ، ما انْتشَرَتْ إليه عادةً أمامَها ووَراءَها. وتابَعَه الشَّارِحُ، فجزَم به هو وابنُ رَزينِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: فالجِرْيَةُ ما فيه النجاسةُ، وقَدْرُ مساحَتِها فوقَها وتحتَها، ويَمْنَتَها ويَسْرَتَها. نقَله الزَّرْكَشِيُّ. الثَّانيةُ، لو امْتَدَّتِ النجاسةُ فما في كُل جِرْيَةٍ نجاسةٌ مُنفَرِدةٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ، وجَزَما به، وابنُ رَزينِ في «شَرْحِه». وقيل: الكُلُّ نجاسةٌ واحدةٌ. وأطلَقَهما في ¬

(¬1) محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الغازي، البدليسي، أبو الحسن، أحد الفقهاء الأعيان، تفقه، وبرع في الفقه، وسمع، وتفقه عليه طائفة. ذكره ابن رجب في وفيات المائة السادسة. في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 171. (¬2) محمد بن الحكم، أبو بكر، الأحول، كان خاصًّا بأبي عبد الله، وكان له فهم سديد، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 295.

وَإنْ كانَ كَثِيرًا، فَهُوَ طَاهِرٌ، إلا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بَوْلًا، أَوْ عَذِرَة مَائِعَةً، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا، لَا يَنْجُسُ، وَالأخْرَى يَنْجُسُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تميمٍ». الثَّالثةُ، متى تَنَجَّسَتْ جِرْياتُ الماءِ بدُونِ التَّغَيُّرِ، ثم ركَدَتْ في موضعٍ، فالجميعُ نَجِسٌ، إلَّا أنْ يُضَمَّ إليه كثيرٌ طاهرٌ، لاحِقٌ أو سابقٌ. قال الإِمامُ أحمدُ: ماءُ الحمَّامِ عندي بمنْزِلةِ الجارِي. وقال في موضعٍ آخَرَ: وقيل: إنَّه بمنْزِلةِ الماءِ الجارِى. قال المُصَنِّفُ: إنَّما جعَله بمنزلةِ الماءِ الجارِي إذا كان يفيضُ من الحوضِ. وقاله الشيخُ تَقيُّ الدِّين. وقال ابنُ تَميمٍ: وقال بعضُ أصحابِنا: الجارِى مِن المطرَ على الأسطِحةِ والطُّرُقِ إن كان قليلًا وفيه نجاسةٌ، فهو نَجِسٌ. قوله: وإنْ كان كثيرًا فهو طاهرٌ، إلَّا أنْ تكُونَ النَّجاسَةُ بَوْلًا أوْ عَذِرَةً مائعةً، ففيه رِوَايَتَان. وأطلَقَهما في «الإِرْشادِ»، و «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ رَزينٍ»، في «شَرْحِه»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحداهما، لا يَنْجُسُ. وعليه جماهيرُ المُتَأخِّرين، وهو المذهبُ عندَهم، وهو ظاهرُ «الإِيضاحِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إدْرَاكِ الغايَة»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهِيلِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم، لعدَمِ ذكْرِهم لهما. وقدَّمَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَين». قال الشيخُ تَقِيّ الدِّينِ، وتَبِعَه في «الفُروعِ»: اختارَه أكثَرُ المُتَأَخِّرين. قال ناظِمُ «المُفْردَاتِ»: هذا قولُ الجمهورِ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّفْريعِ» عليه. قال في «المُذْهَبِ»: لم يَنْجُسْ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: عدَمُ النجاسةِ أصَحُّ. واختارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. قلتُ: وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. والأُخرى، يَنْجُسُ، إلا أنْ يكونَ ممَّا لا يمكِنُ نَزْحُه لكَثرتِه، فلا يَنْجُسُ. وهذا المذهبُ عندَ أكثَرِ المُتَقَدِّمين. قال في «الكافِي»: أكثَرُ الرِّواياتِ أنَّ البَوْلَ والغائطَ يُنَجِّسُ الماءَ الكثيرَ. قال في «المُغْنِي»: أشهَرُهما أنَّه ينجِّسُ. وقال ابنُ عُبَيدان: أشهَرُهما أَنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ينجِّسُ. اختارهَا الشَّريفُ، وابنُ البَنَّا، والقاضي، وقال: اختارَها الخِرَقِيُّ وشُيوخُ أصحابِنا. قال في «تَجْريدِ العِناية»: هذه الرِّوايةُ أظهَرُ عنه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أشْهَرُ الرِّوايتَين عند أحمدَ، اخْتارَها الأكْثَرون. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هي الأشْهَرُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَها أكثَرُ المُتَقَدِّمِين. قال الزَّرْكَشِيُّ: والمُتوسِّطِين أيضًا، كالقاضي، والشَّريفِ، وابنِ البَنَّا، وابنِ عَبْدُوسٍ، وغيرِهم. وقدَّمَه في «الفُصولِ». وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ. ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْتَثْنِ في «التَّلْخِيصِ» إلَّا بَوْلَ الآدَمِيِّ فقط. وروَى صالحٌ عن أحمدَ مِثْلَه. تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: إلَّا أنْ تكونَ النَّجاسةُ بَوْلًا. بَوْلُ الآدَميِّ بلا رَيبٍ، بقَرينةِ ذِكرِ العَذِرةِ، فإنَّها خاصَّةٌ بالآدَميِّ. وهو المذهبُ، وقطَع به الجمهورُ مُصَرِّحين به، منهم صاحبُ «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحرَّرِ»، و «البُلْغَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الفُرُوعِ»، وغيرهم. وقَدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم. وذكَر القاضي أنَّ كُلَّ بَولٍ نجِسٍ حُكْمُه حكْمُ بَوْلِ الآدَمِيِّ. نقَله عنه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وحَكاه في «الرِّعايَةِ» قَوْلًا. وقال في «الفائقِ»: قال ابنُ أبي موسى: أو كلُّ نجاسةٍ. يعني كالبَوْل والغائطِ، فأدْخَل غَيرَهما، وظاهرُه مُشْكِلٌ. تنبيه: قطَع المصنِّفُ هنا بأن تكونَ العَذِرَةُ مائعةً، وهو أحَدُ الوجْهين. قطَع به الشَّارِحُ، وابنُ منَجَّى في «شَرْحِه لابنِ عُبَيدان»، وابنُ تَميم، والخِرَقِيُّ، و «الكافِي» و «الفُصُولِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المَذْهَبِ الأَحْمَد». وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والوَجْهُ الثَّاني، يُشْتَرطُ أنْ تكونَ مائعةً أو رَطْبةً. وهو المذهبُ. جزَم به في «الإِرْشادِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ». فائدة: وكذا الحكْمُ لو كانت يابسةً وذابتْ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وعنه، الحُكْمُ كذلك ولو لم تَذُبْ.

إلا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ، فَلَا يَنْجُسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أن يكونَ مِمَّا لا يُمْكنُ نَزْحُه. اخْتلَف الأصحابُ في مِقْدارِ الذي لا يُمْكِنُ نَزْحُه، والصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه مُقدَّرٌ بالمصانعِ (¬1) التي بطريقِ مكَّةَ. صرَّح به الخِرَقِيُّ، وصاحبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وابنُ رَزِينِ، وغيرُهم. قال المُصَنِّف في «المُغْنِي»: ولم أجِدْ عن إِمامِنا ولا عن أحدٍ من أصحابِنا تحديدَ ما لا يُمْكِنُ نَزْحُه بأكْثَرَ مِن تَشبِيهِه بمصانعِ مكَّةَ. وقال في «المُبْهِجِ»: ما لا يُمْكِنُ نَزْحُه في الزَّمَنِ اليسير. قال: والمُحقِّقون مِن أصحابِنا يُقَدِّرُونه ببئرِ بُضَاعَةَ (¬2). وقَدَّرهُ سائرُ الأصحابِ بالمصانع الكِبارِ، كالتي بطريقِ مكَّةَ. وجزَم في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، بأنَّه الذي لا يُمْكِنُ نَزْحُه عُرْفًا. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال: كمصانعِ طريقِ مكَّةَ. فوائد، إحداها، لو تَغيَّر بعضُ الكثيرِ بنجاسةٍ، فباقِيه طَهورٌ، إن كان كثيرًا. ¬

(¬1) المصانع، أحواض يجمع فيها ماء المطر. القاموس (ص ن ع). (¬2) هي بئر معروفة بالمدينة. النهاية في غريب الحديث 1/ 134. (ب ض ع).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ من المذهبِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمَه في «الرعايَتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، ونَصَراه. وصَحَّحه في «الحاوي الكبير»، و «ابنِ عُبَيدان»، وابنُ نَصْرِ اللهِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «حَواشِيهِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: الجميعُ نَجِسٌ. وقدَّمَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم». وقيل: الباقي طَهورٌ، وإنْ قلَّ. ذكَره في «الرِّعايَةِ». قلت: اختارَه القاضي. ذكَره في «المُسْتَوْعِبِ». ولو كان التَّغَيُّرُ بطاهرٍ، فما لم يَتَغيَّرْ طَهورٌ، وَجْهًا واحدًا. والمُتَغَيِّرُ طاهرٌ، فإنْ زال فطَهُورٌ. الثَّانيةُ، يجوزُ ويَصِحُّ اسْتِعمالُ الماءِ الطَّهورِ في كُلِّ شيءٍ، ويجوزُ اسْتِعمْالُ الطَّاهرِ مِن الماءِ والمائعِ في كلِّ شيءٍ، لكنْ لا يصِحُّ اسْتِعْمالُه في رَفْعِ الأحداثِ وإزالةِ الأنْجاسِ، ولا في طهارةٍ مَنْدوبةٍ. قال في «الرِّعايَةِ»: على المذهبِ. قال ابنُ تَميمٍ: يَنتفِعُ به في غيرِ التَّطْهيرِ. وقال القاضي: غَسْلُ النجاسةِ بالمائعِ والماءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَعْمَلِ مباحٌ، وإنْ لم يَطهُرْ به. قال في «الفُروعِ»، فيما إذا غَمَس يدَه، وقُلْنا: إنَّه طاهر غيرُ مُطَهِّرٍ: يجوزُ اسْتِعْمالُه في شربٍ وغيرِه. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: يَحْرُمُ. صحَّحَه الأزَجِيُّ، للأمْرِ بإرَاقَتِه كما تقَدَّمَ. انتهى. والنَّجِسُ لا يجوزُ اسْتِعْمالُه بحالٍ، إلَّا لضرورةِ دفْع لُقْمَةٍ غُصَّ بها، وليس عندَه طَهورٌ ولا طاهرٌ، أو لعَطَش معْصومٍ آدَمِيٍّ أو بَهيمةٍ، سواءٌ كانت تؤْكلُ أوْ لا، ولكنْ لا تُحْلَبُ قريبًا، أو لطَفءِ حريقٍ مُتْلِفٍ. ويجوزُ بَلُّ التُّرابِ به وجعْلُه طِينًا يُطَيَّنُ به ما لا يُصَلَّى عليه. قاله في «الرِّعَايةِ» وغيرِها. وقال في «الفُروعِ»: وحَرَّم الحَلْوانِيُّ اسْتِعْماله إلَّا لضرورةٍ. وذكَر جماعةٌ، أنَّ سَقْيَه للبهائمِ كالطَّعامِ النَّجِسِ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأزَجِيُّ في «نهايَتِه»: لا يجوزُ قُرْبانُه بحالٍ، بل يُراقُ. وقاله القاضي في «التَّعْليقِ» في المُتَغَيِّرِ وأنَّه في حُكْمِ عَينٍ نَجِسَةٍ، بخلافِ قليلٍ نجِس لم يَتَغَيَّر. الثَّالثةُ، قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّ نجاسةَ الماءِ عَينِييَّةٌ. قلتُ: وفيه بعدٌ، وهو كالصَّريحِ في كلام أبي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، وقد تقَدَّم أنّ النَّجاسةَ لا يمكنُ تطْهِيرُها، وهذا يمْكنُ تَطهيرُه، فظاهرُ كلامِهم إذَنْ، أنَّها حُكْمِيَّة، وهو الصَّوابُ. قال الشيخُ تَقِي الدِّين في «شَرْحِ العُمْدَةِ»: ليستْ نجاستُه عَينِيَّةً؛

وَإذَا انْضَمَّ إِلَى الْمَاءِ النَّجِسِ مَاءٌ طَاهِرٌ كَثِيرٌ طَهَّرَهُ، إِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ تَغَيُّرٌ. وَإنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ كَثِيرًا، فَزَال تَغَيرهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحٍ، بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ، طَهُرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يُطَهِّرُ غيرَه، فنَفْسُه أَوْلَى، وأنَّه كالثَّوْبِ النَّجِسِ. وذكر بعضُ الأصحابِ في كتُبِ الخِلافِ أنَّ نجاستَه مُجاورةٌ سريعةُ الإِزالةِ لا عَينِيَّةٌ، ولهذا يجوزُ بَيعُه. وذكَر الأَزَجِيُّ، أنَّ نجاسةَ الماءِ المُتَغَيِّرِ بالنجاسةِ نجاسةُ مُجاوَرَةٍ. ذكَره عنه في «الفروعِ» في باب إزالةِ النجاسة. قوله: وإذا انْضَمَّ إلى الماءِ النَّجِسِ ماءٌ طاهرٌ كثَيرٌ، طَهَّره إن لم يَبْقَ فيه تَغَيُّرٌ. وهذا بلا نِزَاعٍ إذا كان المُتَنَجِّسُ بغَيرِ البَوْلِ والعَذِرةِ، إلَّا ما قاله أبو بكْرٍ على ما يأتِي قريبًا، فأمَّا إنْ كان المُتَنَجِّسُ بأحدِهما إذا لم يتَغَير، وقُلْنا: إنَّهما ليسا كسائرِ النجاساتِ. فالصَّحيحُ مِن المذهب، أنَّه لا يطْهُرُ إلَّا بإضافةِ ما لا يُمْكِنُ نَزْحُه. قطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. وقيل: يطهُرُ إذا بلَغ المجموعُ ما لا يمكِنُ نَزْحُه. وأَطلَقهما ابنُ تميمٍ. وقيلَ: يطْهُرُ بإضافةِ قُلَّتَين طَهُورِيتَّينْ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف هنا. قال ابنُ تميمٍ: وهو ظاهرُ كلامِ القاضي في موْضِع (¬1). وقال أبو بكرٍ في «التنبِيهِ»: إذا انْماعَتِ النجاسةُ في الماءِ، فهو نجِسٌ لا ¬

(¬1) في: ش زيادة: «قال شيخنا في حواشي «الفروع»: الذي يظهر أن هذا القول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَطْهُرُ ولا يُطَهِّرُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهو محْمولٌ على أنَّه لا يَطهُرُ بنَفْسِه إذا كان دُونَ القُلَّتَين. فائدة: الإِفاضةُ صَبُّ الماءِ على حسَبِ الإِمْكانِ عُرْفًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وهو ظاهرُ «المغني»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ تَميم»، وغيرهم. وجزَم به في «الكافِي»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهما. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَه الكُبْرَى»، وغيرهما. واعْتَبرَ الأزَجِيُّ وصاحبُ «المُسْتَوْعِبِ» الاتِّصال في صَبِّه. قوله: وإن كان الماءُ النَّجِسُ كثيرًا، فزال تَغَيُّرُه بنفسِه أو بِنَزْحٍ بَقِيَ بعدَه كثِيرٌ، طَهُر. إذا كان الماءُ المُتَنَجِّسُ كثيرًا، فتارةً يكونُ مُتَنَجِّسًا ببَوْلِ الآدَمِيِّ أو عَذِرَتِه، وتارةً يكونُ بغيرِهما، فإنْ كان بأحَدِهما فقد تقَدَّمَ ما يُطَهِّرُه إذا كان غيرَ مُتَغَيِّرٍ، وإنْ كان مُتَغَيِّرًا بأحَدِهما، فتارةً يكونُ ممَّا لا يمكنُ نَزْحُه، وتارةً يكونُ ممَّا يمكِنُ نَزْحُه، فإنْ كان ممَّا يُمْكِنُ نَزْحُه، فتَطْهِيرُه بإضافةِ ما لا يمكنُ نَزْحُه إليه، أو بنَزْحٍ يَبْقَى بعدَه ما لا يمكنُ نَزْحُه. جزَم به ابنُ عُبَيدان وغيرُه. فإنْ أُضِيفَ إليه ما يمكنُ نَزْحُه لم يُطَهِّرْه، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: يُطَهِّرُه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَه الكُبْرَى». فإنْ زال تغَيُّرُه بمُكْثِه طَهُر، على الصَّحيحِ مِن المذهب. جزَم به في «الرِّعايَه الكُبْرَى»، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ من الأصحابِ. وقيل: لا يَطْهُرُ. وأطْلَقَهما ابنُ عُبْيَدان. وإن كان ممَّا يُمْكِنُ نزْحُه، فتَطْهِيرُه بإِضافةِ ما لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يمكنُ نَزْحُه عُرْفًا، كَمَصانعِ مكَّةَ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: كبِئْرِ بُضاعَةَ. وإنْ زال تغَيُّرُه بطَهُورٍ يمكنُ نَزْحُه فلم يمكنْ نَزْحُه (¬1)، لم يَطْهُرْ، على الصَّحيحِ من المذهب. وقيل: يَطْهُرُ. وإنْ كان مُتَنَجِّسًا بنجاسةٍ غيرِ البَوْلِ والعَذِرةِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب أنَّه يَطْهُرُ بزوالِ تغَيُّرِه بنَفْسِه. وقطَع به جمهورُ الأصحاب، منهم صاحبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. قال في «الفُروعَ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: ويَطْهُرُ الكثيرُ النَّجِسُ بزوالِ تغَيُّرِه بنفْسِه على الأصَحِّ. وقال ابنُ تَميمٍ: أظْهَرُهما يَطْهُرُ. وقال ابنُ عُبَيدان: الأَوْلَى يَطْهُرُ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هل المُكْثُ يكونُ طريقًا إلى التَّطْهيرِ؟ على وَجْهَين. وصَحَّح أنَّه يكونُ طرِيقًا إليه. وعنه، لا يَطْهُرُ بمُكْثِه بحالٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أنْ لا يَطْهُرَ إذا زال تَغَيُّرُه بنفْسِه، بِناءً على أنَّ النجاسةَ لا تَطْهُرُ بالاسْتِحالةِ. وأطلَقَهما في «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ». تنبيان، أحَدُهما، قولُه: طَهُرَ. يعْني صار طَهُورًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ما طَهُرَ من الماءِ بالمُكاثَرَةِ أو بمُكْثِه ¬

(¬1) في الأصل: «نزحهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَهورٌ. ويَحتَمِلُ أنَّه طاهر، لزَوالِ النَّجاسةِ به. الثَّاني، مفهومُ قولِه: أو بنَزْح يَبْقَى بعدهُ كثِيرٌ. أنه لو بَقِيَ بعده قليلٌ، أنَّه لا يَطْهُرُ، وهو المذهبُ. وقيل: يَطْهُرُ. قال في «مَجْمَعِ البحرَين»: قلتُ: تَطهِيرُ الماءِ بالنزحِ لا يزيدُ على تَحويلهِ، لأنَّ التنقِيصَ والتَّقْلِيلَ يُنافِي ما اعتَبره الشرعُ في دَفْعِ النجاسةِ من الكَثْرةِ، وفيه تَنْبِيه على أنّه إذا حُرِّكَ فزال تغَيُّره، طَهُرَ لو كان له قائل، لكنَّه يدُلّ على أنَّه إذا زال التَّغَيُّر بماء يسيرٍ، أو غيرِه مِن ترابٍ ونحوه، طَهُرَ بطريقِ الأوْلَى، لاتِّصافِه بأصلِ التَّطْهير. انتهى. فائدتان؛ إحداهما، الماءُ المَنْزُوحُ طَهورٌ، ما لم تكُنْ عينُ النجاسةِ فيه، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: طاهرٌ، لزَوالِ النجاسةِ به. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: وفي غَسْلِ جوانبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وأرضِها، رِوايتان. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرحِ ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ»، و «المُذهب»، إحدَاهما، لا يجبُ غَسْلُ ذلك. وهو الصَّحيحُ قال المَجْدُ في «شَرحِه»: هذا الصَّحيحُ، دَفْعًا للحرَجِ والمَشقَّةِ. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحرَين». والثَّانيةُ، يجبُ غَسْلُ ذلك. ووال في «الرِّعايتين»،

وَإنْ كُوثِرَ بمَاءٍ يَسِيرٍ، أَوْ بِغَيرِ الْمَاءِ، فَأزال التَّغْيِيَر، لَمْ يَطْهُرْ، وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يَطْهُرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَين»: ويجبُ غَسْلُ البِئْرِ النَّجِسَةِ الضيّقًةِ وجَوانِبها وحِيطَانِها. وعنه، والواسِعَةِ أيضًا. انتهى. قال القاضي في «الجَامِع الكبير»: الرِّوايتان في البِئْرِ الواسِعَةِ والضيقةِ يجبُ غَسْلُها، روايةً واحِدَةً. قوله: وَإنْ كُوثِرَ بمَاءٍ يَسِيرٍ أو بغيرِ الماءِ، فإِنْ زَال التَّغَيُّر، لم يَطْهُر. اعلَم أنَّ الماءَ المُتَنَجِّسَ، تارةً يكونُ كثيرًا، وتارةً يكونُ يسيرًا، فإن كان كثيرًا وكُوثِرَ بماءٍ يسيرٍ أو بغيرِ الماءِ، لم يَطْهُر، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعليه جَماهيرُ الأصحاب. وجزَم به في «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَب»، و «المَذْهبِ الأَحمَدِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الكافي»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِناية»، و «إدراكِ الغايَة»، وغيرهم. ونصَره المَجْدُ في «شرحه»، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما. قال ابنُ تَمِيمٍ: لم يَطهُر في أظهرِ الوَجهين. ويَتَخَرَّجُ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يطْهُرَ. وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ، حكاه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ تميم». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. في اختارَه في «مَجْمَعِ البَحرَين». وعلَلَه في «المُسْتَوْعِبِ» بأنَّه لو زال بطُولِ المُكْثِ طَهُرَ، فأَوْلَى أنْ يطْهُرَ [إذا كان يَطْهُرُ] (¬1) بمُخالطَتِه لِمَا دُونَ القُلَّتَين. قال في «النُّكَتِ»: فخالف في هذه الصُّورَةِ أكثَرَ الأصحاب. وأطْلَقَ الوَجْهين في «المُغْنِي»، و «الشرحِ». وقيل: يَطْهُرُ بالمُكاثَرِة بالماءِ اليسيرِ دُونَ غيرِه. وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَ في «الإِيضاحِ» رِوايتَين في التُّرابِ. وإنْ كان الماءُ المُتَنَجِّسُ دونَ القُلَّتَين، ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأضيفَ إليه ماءٌ طَهور دونَ القُلَّتَين، وبلَغ المجموعُ قلَّتَين، فأكْثَرُ الأصحاب، ممَّن خرَّج في الصُّورةِ التي قبلَها، جزَم هنا بعدَمِ التَّطهيرِ. ويَحتَمِلُه كلامُ المُصَنِّف هنا. وحكَى بعضُهم وَجْهًا هنا، وبعضئهم تَخرِيجًا، أنه يطْهُرُ إلْحاقًا، وجَعلًا للكثيرِ بالانْضِمامِ كالكثيرِ مِن غيرِ انْضِمام، وهو الصَّوابُ. وهو ظاهرُ تَخْريجِ «المُحَرَّرِ». فعلَى هذا خرَّج بعضُهم طهارةَ قُلَّةٍ نَجِسةٍ إذا أُضيفَتْ إلى قُلَّةٍ نجسةٍ، وزال التَّغَير ولم يُكمَّلْ ببَوْل أو نجاسةٍ أخْرَى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وفرَّق بعضُ الأصحاب بينَها. ونصَّ أحمدُ: لا يَطْهُرُ. وخرَّج في «الكافِي» طهارةَ قُلَّةٍ نجسَةٍ إذا أُضيفَتْ إلى مِثْلِها، قال: لِما ذكَرنا. وإنَّما ذكَر الخِلافَ في القليلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُطَهِّرِ إذا أضيفَ إلى كثير نَجِس. قال في «النُّكَتِ»: وكلامُه في «الكافِي» فيه نظر. تنبيهان؛ أحَدُهما، يخرِّجُ المُصَنِّفُ وغيره مِن مسْألةِ زوالِ التَّغْيير بنَفْسِه. قاله. الشَّارحُ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحه»، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»،

وَالْكَثِيرُ مَا بَلَغَ قُلَّتَينِ، وَالْيَسِيرُ مَا دُونَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. الثَّاني، قولُه: أو بغيرِ الماءِ. مُرادُه غيرُ المُسْكِرِ وما لَهُ رائحةٌ تُغَطيِّ رائحةَ النَّجاسَةِ، كالزَّعفَرانِ ونحوه. قاله الأصحابُ. فوائد؛ إحدَاها، لو اجْتمعَ مِن نجس وطاهرٍ وطَهُورٍ قُلَّتانِ بلا تَغْيير، فكُلُّه نَجِسٌ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: طاهرٌ. وقيل: طَهُورٌ. وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، إذا لاقَتِ النجاسةُ مائِعًا غيرَ الماءِ تنَجَّصرَ، قليلًا كان أو كثيرًا، على الصَّحيحِ من المذهب. وعليه الأصحابُ. ونقَله الجماعةُ. وعنه، حُكْمُه حكْمُ الماءِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِي الدِّينِ. وعنه، حُكْمُه حكمُ الماءِ بشَرطِ كوْنِ الماءِ أصْلًا له، كالخَلِّ التمرِيِّ ونحوه؛ لأنَّ الغالبَ فيه الماءُ. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. والبَوْلُ هنا كغيرِه. وقال في «الرِّعايتَين»: قلتُ: بل أشَدُّ. الثَّالثةُ، لو وقَع في الماءِ المُستعمَلِ في رَفْعِ الحدَثِ [وقُلْنا: إنَّه طاهرٌ] (¬1) أو: طاهرٌ غَيَّرهُ مِن الماءِ نَجاسَةٌ، لم يَنْجُسْ إذا كان كثيرًا على الصَّحيحِ بن المذهب. قدَّمه [في «المُغْنِي»، و «شرحِ ابنِ رَزِين»، و] (2) «ابنِ عُبَيدان» [وصَحَّحَه ابنُ منُجَّى في «نهايته» وغيرُه] (2) ويَحتَمِلُ أنْ يَنْجُسَ. وقدَّمَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقال عن الأوَّلِ: فيه نظرٌ. وهو كما قال. وأطْلَقَهُما في «الشرحِ الكبيرِ»، و «ابنِ تَميم». ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

وَهُمَا خمسُمِائَةِ رَطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ. وَعَنْهُ، أَربَعُمِائةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَهما خَمسُمِائَةِ رَطْلٍ بِالعِراقي. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وجزَم به الخِرَقِيُّ، و «الهِدايةِ»، و «الإِيضاحِ»، و «المُذْهبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المَذهبِ الأَحمَدِ»، و «إدراكِ الغايَة»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعَ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، وقال: إنه أَوْلَى. وابنُ رَزِين، وقال: إنَّه أصَحُّ. و «المُسْتَوْعِب»، وقال: إنَّه أظهرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدوس في «تَذكِرَتِه». قال الزركشِي: هذا المشهورُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُخْتارُ للأصحابِ. وعنه، أَربَعُمِائَةٍ. قدَّمَه ابنُ تَميمٍ، وصاحبُ «الفائقِ». وأطْلَقَهُما في «الكافِي». وقال في «الرِّعايَة الكُبْرَى»: وحُكِىَ عنه ما يدُلُّ على أنَّ القُلَّتَينِ سِتُمِائَةِ رطْلٍ. انتهى. قلت: ويُؤخذُ من رواية نقَلها ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمدان، وغيرُهما، أنَّ القُلَّتَين أربَعُمِائَةِ رطْلٍ، وسِتَّةٌ وسِتُون رطْلًا،

وَهلْ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ أَوْ تَحدِيدٌ؟ عَلَى وَجهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وثُلُثَا رطْلٍ؛ فإنَّهُم قالوا: القُلَّةُ تَسَعُ قِربَتَين. وعنه، ونِضفٌ. وعنه، وثُلُثٌ. والقِربَةُ تَسَعُ مِائَةَ رطْلٍ عندَ القائِلين بها. فعلَى الرِّواية الثَّالثة، يكونُ القُلَّتان ما قُلْنا، ولم أجِد مَنْ صرَّحَ به، وإنَّما يذْكُرون الرِّواياتِ فيما تَسَعُ القُلَّةُ، وما قُلْناه لازِمُ ذلك. فائدتان؛ إحدَاهما، مِساحةُ القُلَّتَين، إذا قُلْنا: إنَّهُما خَمسُمِائَةِ رطْلٍ. ذِراعٌ ورُبْعٌ طُولًا وعرضًا وعُمقًا. قاله في «الرِّعاية» وغيرِه. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ من المذهب أنَّ الرِّطْلَ العِراقِيَّ مِائَةُ دِزهمٍ وثَمان وعِشْرون دِرهمًا وأربَعةُ أسْباعِ دِرهمٍ، فهو سُبْعُ الرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ ونِصفُ سُبعِه. وعلى هذا جمهورُ الأصحاب. وقيل: هو مائَةٌ وثمانيةٌ وعِشْرون وثَلاثَةُ أسْباعِ درهمٍ. نقَله الزَّركَشِيّ عن صاحبِ «التَّلْخيص» فيه. ولم أجِد في النُّسْخَةِ التي عندِي إلَّا كالمذهبِ المُتَقَدِّم. وقيل: هو مِائَةٌ وثمانيةٌ وعِشْرون دِرهما. وهو في «المُغْنِي» القديمِ. وقيل: مِائَةٌ وثلاثون دِرهمًا. وقال في «الرِّعاية» في صفَةِ الغُسْلِ: والرِّطْلُ العِراقِي الآَن مِائَةٌ وثلاثون دِرهمًا، وهو أحَدٌ وتِسْعونَ مِثْقالًا، وكان قبلَ ذلك تِسْعونَ مِثْقالًا، زِنَتُها مِائَة وثمانية وعشرون وأربعَةُ أسْباع، فزِيدَ فيها مِثْقال ليزولَ الكسْرُ. وقال غيرُه ذلك. فعلى المذهبِ، تكون القُلَّتان بالدمشْقي مِائَةَ رِطْل وسَبْعَةَ أرطالٍ وسُبْعَ رطْل. قوله: في هل ذلك تَقْريبٌ أوْ تَحديدٌ؟ على وَجْهين. وأطْلَقُهما في «المُذْهبِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ مُنَجَّى في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرحِه»، و «الحاويَين»؛ أحَدُهما، أنَّه تقْرِيبٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «العُمدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهِيلِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، وغيرهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصَحَّحَه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «مَجْمع البَحرَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «شرحِ ابنِ رَزِين»، وغيرهم. قال في «الكافِي»: أظْهرهما أنَّه تَقْريب. واخْتارَه ابنُ عَبْدوس في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. والوَجْهُ الثَّاني، أنه تحديد. اخْتارَه أبو الحسن الآمِدِيُّ. قال ابنُ عُبَيدان: وهو اختِيارُ القاضِي. قال الشَّارِحُ: وهو ظاهرُ قَوْلِ القاضي. وقدَّمَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» إذا قُلْنا: هما خَمسُمِائةٍ. يكونُ تَقْريبًا. وأطْلقَ الوَجْهين إذا قُلْنا: هما أربَعُمِائَةٍ. واخْتارَ أنَّ الأربَعَمِائةٍ تحديدٌ، والخَمسَمِائَةٍ تقريبٌ. وقدَّمَ في «المُحَرَّرِ» أنَّ الخمسَمِائةٍ تقْريب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، في محَلِّ الخِلافِ في التقْريب والتَّحديدِ للأصحابِ طرقٌ؛ أصَحُّها أنه جارٍ، سوءٌ قُلْنا: هما خَمسُمِائةٍ أو أربَعُمِائةٍ، كما هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف هنا، و «الكافِي»، و «ابنِ تميم»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاويَين»، و «الشرحِ» و «النظْمِ» وغيرهم الطريقةُ الثانيةُ، أن محَل الخلافِ إذا قُلْنا: هما خَمسُمِائةٍ. وهي طَريقَتُه في «المُحَرر»، و «الرِّعاية الصغْرى». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغنِي»؛ فإنه قال: اخْتلَفَ أصحابُنا؛ هل هما خَمسُمِائةِ رطْل تَقْريبًا أو تحديدًا؟ قال ابنُ مُنَجَّى في «شرحِه»: وهو الأشْبَهُ. الطريقةُ الثالثةُ، في الخمسِمائَةٍ رِوايتان، وفي الأربَعِمائَةٍ وَجْهان. وهي المُقَدمَة في «الرِّعاية الكُبرى»، ثم قال: وقيلَ الوَجْهان إذا قُلْنا: هما خَمسُمِائَةٍ. وهو أظْهرُ. انتهى. الثاني، حكَى المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافَ هنا وَجْهين، وكذا في «المُذْهَبِ»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «ابنِ تَميم»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ رَزِين، في «شَرحَيهِما». وحَكَى الخِلافَ رِوايتَين في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المَجْدِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعاية الصُّغْرى»، و «الفائقِ»، و «الحاويَين»، وابنُ عَبْدوسٍ، في «تذْكِرَتِه». وقال في «الرِّعاية الكُبرى»: الرِّوايتان في الخَمسمائَةٍ، والوَجْهان في الأربَعِمِائَةٍ. وقدَّمَ في «مَجْمَع البَحرَين» و «ابنِ عُبَيدان» أن الخِلافَ وَجْهان. وفائدةُ الخلافِ في أصلِ المسْألةِ أن مَنِ اعتَبرَ التحديدَ لم يعْفُ عن النقْص اليسيم، والقائلُون بالتَّقْريبِ يعفون عن ذلك. فوائد؛ إحداها، لو شَكَّ في بلوغِ الماءِ قدرًا ينفَعُ النجاسةَ، ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروع»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»؛ أحَدُهما، أنَّه نَجِس. وهو الصَّحيحُ. قاله المَجْدُ في «شَرحِ الهداية». قال في «القَواعدِ الفِقْهِيَّة»: هذا المُرَجَّحُ عندَ صاحبِ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ». والثاني، أنَّه طاهر. قال في «القواعدِ الفِقْهِيَّةِ» (¬1): وهو أظْهرُ. الثّانيةُ، لو أخْبَره عَدلٌ بنجاسةِ الماءِ، قَبِلَ قوْلَه إنْ عَيَّنَ السَبَبَ. على الصَّحيحِ مِن المذهب، وإلا فلا. وقيل: يقبلُ مُطْلقًا. ومشهورُ الحالِ كالعَدلِ على الصّحيحِ. قاله المُصَنِّفُ والشَّارح، وصَححَه في «الرِّعاية». وقيل: لا يَقْبَلُ قوْلَه. وأطْلَقَهما في «الفُروع». ويُشتَرَطُ بلُوغه. وهو ظاهرُ ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشرحِ»؛ فإنَّهما قيَّدَاه بالبُلوغِ. وقيل: يَقبَلُ قوْلَ المُميِّزِ. وأطْلَقَهما في «الفُروع». ولا يَلْزَمُ السُّؤالُ عن السَّبَبَ. قدَّمه في «الفائقِ». وقيل: يلْزَمُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». الثَّالثةُ، لو أصابَه ماءُ مِيزَابٍ (¬1) ولا أمارةَ، كُرِة سُؤالُه عنه على الصَّحيحِ من المذهب. ونقَلَه صالحٌ. فلا يَلْزَمُ الجوابُ. وقيل: بلَى، كما لو سأل عن القِبْلَةِ. وقيل: الأوْلَى السؤالُ والجوابُ. وقيل بلُزُومِهما. وأوْجَبَ الأزَجيُّ إجابَتَه إنْ علِمَ نجاسَتَه، وإلَّا فلا قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال أبو المَعالِي: إنْ كان نَجِسًا لَزِمَه الجوابُ وإلَّا فلا. نقَلَه ابنُ عُبَيدان. ¬

(¬1) الميزاب: قناة أو أنبوبة يُصرف بها الماء من سطح بناء أو موضع عالٍ، الجمع مآزِيب.

وإذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ، أَوْ كَانَ نَجِسًا، فَشَكَّ فِي طَهارَتِهِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنِ اشْتَبَه الْمَاءُ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ، لَمْ يَتَحَرَّ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهبِ، وَيَتَيَمَّمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَبَه الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ، لم يَتَجَرَّ فيهما، على الصَّحِيحِ من المذهبِ. وكذا قال في «الهدايةِ»، و «المُذهبِ». وهو كما قالوا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المَذْهبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحمَدِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «التَّلْخيص»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمع البَحرَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ رَزِين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم. قال الزَّركَشِي: وهو المُخْتارُ للأكثَرِين. وهو منْ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يتَحَرَّى إذا كَثُرَ عدَدُ الطاهرِ. اخْتارَها أبو بَكرٍ، وابنُ شَاقْلَا (¬1)، وأبو علي النَّجَّادُ. قال ابنُ رجَبٍ، في «القَواعدِ»: وصَحَّحَه ابنُ عَقِيل. تنبيهان؛ أحدهما، إذا قُلْنا: يَتَحَرَّى إذا كثُرَ عَدَدُ الطَّاهرِ. فهل يَكْفِي مُطْلَقُ ¬

(¬1) إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شَاقْلَا، البزار، أبو إسحاق، كان كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع. توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة. الطبقات 2/ 128، سير أعلام النبلاء 16/ 292.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزيادةِ ولو بواحدٍ، أو لابُدَّ مِن الكَثْرَةِ عرفًا، أو لا بدَّ أنْ تكونَ تِسْعَة طاهرةٌ وواحدٌ نَجِس، أو لا بدَّ أنْ تكونَ عَشَرَةٌ طاهرةٌ وواحدٌ نجِسٌ؟ فيه أربعةُ أقوالٍ. قدَّمَ في «الفُروعِ»، أنه يكْفِي مُطْلَقُ الزيادةِ. وهو الصَّحيحُ. وقدَّمَ في «الرعايتَين»، و «الحاوي الكبير»، العُرفَ. واخْتاره القاضِي في «التَّعليقِ»، فقال: يجبُ أنْ يُعتَبَرَ بما كَثُرَ عادةً وعُرفًا. واختارَه النَّجَّادُ. وقال الزَّركَشي: المشْهورُ عندَ القائلِ بالتَّحَرِّي، إذا كان النَّجِسُ عُشْرَ الطَّاهرِ يَتَحَرَّى. وجزَم به في «المُذْهبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرهم. وقال القاضي في «جامِعِه»: ظاهرُ كلامِ أصحابِنا، اعتِبارُ ذلك بعشَرةٍ طاهرةٍ وواحدٍ نَجِس. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميم. وأطْلَقَ الأوجُهَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلَّاثةَ الأوَلَ «الزَّركَشي»، و «الفائقِ». الثَّاني، قولُه: لم يَتَحَرَّ فيهما على الصَّحيحِ من المذهبِ. يُشْعِرُ أنَّ له أنْ يَتَحَرَّى في غيرِ الصَّحيحِ من المذهب، سواءٌ كَثُرَ عَدَدُ النَّجِسِ أو الطَّاهرِ، أو تَساوَيَا. ولا قائلَ به من الأصحابِ، لكنْ في «مَجْمَع البَحرَين» أجْرَاهُ على ظاهرِه، وقال: أطلقَ المُصَنِّفُ، وفَاقًا لداودَ (¬1)، وأبي ثَوْرٍ، والمُزَنِيِّ، وسَخنُون (¬2) مِن أصحاب مالكٍ. قلتُ: والذي يظْهرُ أنَّ المُصَنِّفَ لم يُرِن هذا، وأنه لم ينفَرد بهذا القولِ، والدَّليلُ عليه قوله: في الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فدَلَّ أنَّ في المذهبِ خِلافًا [مَوْجودًا قَبْلَه غيرَ ذلك] (¬3)، وإنَّما ¬

(¬1) داود بن علي بن خلف الأصبهاني الظاهري، أبو سليمان، الفقيه الزاهد، انتهت إليه رئاسة العلم ببغداد. وتوفي بها سنة سبعين ومائتين. طبقات الفقهاء للشيرازي 92. (¬2) عبد السلام بن سعيد بن حبيب، سحنون، التنوخي، أبو حبيب، قاضي إفريقية، فقيه أهل زمانه، صاحب المدونة، ولد سنة ستين ومائة، وتوفي سنة أربعين ومائتين. ترتيب المدارك 2/ 585، الديباج المذهب 2/ 30. (¬3) في الأصل: «ذلك غير موجود قبله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافُ فيما إذا كثرُ عَدَدُ الطَّاهرِ على ما تَقَدَّمَ، أمَّا إذا تَساويَا، أو كان عَدَدُ النَّجِسِ أكثر، فلا خِلافَ في عَدَمِ التَّحَرِّي، إلَّا تَّوْجِيهٌ لصاحب «الفائقِ»، مع التَّساوى ردًّا إلى الأصلِ، فيَحتاجُ كلامُ المُصَنِّفِ إلى جوابٍ لتصحِيحِه. فأجاب ابنُ مُتَجَّى في «شَرحِه»، بأنْ قال: هذا مِن بابِ إطْلاقِ اللَّفْظِ المُتَواطِئ، إذا أريدَ به بعض مَحالِّه، وهو مَجاز سائغ. قلتُ: ويمكنُ أنْ يجابَ عنه بأنَّ الإِشْكال إنَّما هو في مَفْهومِ كلامِه، والمفْهومُ لا عُمومَ له عندَ المُصَنفِ، وابنِ عَقِيل، والشيخِ تَقِيِّ الدِّين، وغيرِهم مِن الأصولِيين، وأنَّه يَكْفِى فيه صُورة واحدةٌ، كما هو مذْكور في أصولِ الفِقْهِ، وهذا مِثْلُه، وإن كان مِن كلامِ غيرِ الشَّارع. ثم ظهر لي جواب آخَرُ أولَى من الجوابَين، وهو الصَّوابُ، وهو أنَّ الإِشْكال إنَّما هو على القوْلِ المَسْكوتِ عنه، ولو صرَّح به المُصَنفُ لقَيَّدَه، وله في كتابِه مَسائلُ كذلك، نبهْتُ على ذلك في أوَّلَ الخُطبة. فوائد؛ إحدَاها، ظاهرُ كلامِ الأصحابِ القائلين بالتَّحَرِّي، أنَّه لا يَتَيَمَّمُ معه، وهو صحيحٌ. واختارَ في «الرِّعاية الكُبْرَى»، أنَّه يَتَيَممُ معه. فقد يُعَايىَ بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، حيثُ أجَزْنا له التَّحَرِّى، فَتَحَرى فلم يظُنَّ شيئًا، قال في «الرِّعاية الكُبْرَى»: أراقَهما أو خَلَطَهُما بِشرطِه المذْكور. انتهى. قلتُ: فلو قيل بالتَيّمَّمِ مِن غيرِ إراقةٍ ولا خَلْطٍ لَكان أوْجَه، بل هو الصَّوابُ؛ لأنَّ وُجودَ الماءِ المُشْتَبَهِ هنا كعَدَمِه. تنبيه: محَلُّ الخلافِ إذا لم يكُنْ عنده طَهُورٌ بيَقين، أمَّا إذا كان عنده طَهُورٌ بيقين فإنَّه لا يَتَحَرَّى، قوْلًا واحدًا. ومحَلُّ الخِلافِ أيضًا، إذا لم يُمكِنْ تَطْهيرُ أحَدِهما بالآخَرِ، فإنْ أمكَن تَطْهِيرُ أحَدِهما بالآخَرِ، امتنعَ مِن التَّيمُّمِ. قاله الأصحابُ؛ لأنَّهم إنَّما أجازُوا التيَمُّمَ هنا بشَرطِ عَدَمِ القدرةِ على اسْتِعْمالِ الطَّهُورِ، وهنا هو قادرٌ على اسْتِعمالِه، مِثالُه أن يكونَ الماءُ النَّجِسُ دونَ القُلَّتَين بيَسير، والطهورُ قُلَّتان فأكْثَرُ بيَسيرٍ، أوْ يكونَ كُلُّ واحدٍ قُلَّتَين فأكثَرَ، ويَشْتَبِهُ. ومَحَلّ الخلافِ أيضًا، إذا كان النَّجِسُ غيرَ بَول، فإنْ كان بَوْلًا لم يَتَحَرَّ، وجْهًا واحدًا. قاله في «الكافِي»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهما. الثَّالثةُ، لو تَيَمَّمَ وصَلَّى، ثم عَلِمَ النَّجِسَ، لم تَلْزمه الاعادةُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: تَلْزَمُه. ولو تَوَضَّأ من أحَدِهما مِن غيرِ تحَرٍّ، فبَانَ أنَّه طَهُورٌ، لم يَصِحَّ وُضوؤهُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: يَصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الحاوي الكبير»، و «الفائقِ». الرابعةُ، لو احتاجَ إلى الشربِ، لم يَجُزْ مِن غيرِ تَحَرٍّ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، يجوزُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروع» ومتى شَرِبَ ثم وجدَ ماءً طاهرًا، فهل يجبُ غَسْلُ فمِه؟ على وَجْهين؛ جزَم في «الفائقِ» بعدَمِ الوُجوب. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحرَين». وقدَّمَه في «الحَاوى الكبير». وقدَّمَ في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، وُجوبَ الغَسْلِ. وأطْلقَهما «ابن تميم»، و «الفُروعِ». الخامسةُ، الماءُ المُحَرَّم عليه اسْتعمالُه كالماءِ النَّجِسِ، على ما تَقَدَّمَ على الصَّحيح من المذهب. وقيل: يَتَحَرى هنا. وَيحتَمِلُ أن يتَوضأ مِن كُلِّ إناء وُضوءًا، ويُصَلِّي بهما ما شاء. ذكره في «الرّعاية».

وَهلْ يشْتَرَطُ إِرَاقَتُهُمَا، أوْ خَلْطُهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يُشتَرَطُ إراقَتُهما، أو خلْطُهما؟ على رِوَايَتَين. وأطْلَقَهما في «المسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»، و «المَذْهبِ الأحمَدِ»، و «الزركَشِيِّ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروعِ»؛ إحدَاهما، لا يُشْتَرطُ الإِعدامُ. وهي المذهبُ. قال في «المُذْهبِ»: هذا أقوَى الرِّوايتَين. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. وصَحَّحَه في «التَّصحيحِ». وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوس في «التَّذْكِرَةِ»، و «التَّسْهِيل». وجزَم به في «الوَجيزِ» [و «العُمدةِ»] (¬1)، و «الإِفاداتِ»، و «المُنوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «إدراكِ الغايَة»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتاره أبو بكرٍ، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. والرِّوايةُ الثَّانية، يُشْتَرَطُ. اخْتاره الخِرَقِيُّ. قال المَجْدُ، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحرَين»: هذا هو الصَّحيحُ. وقَدَّمَه في «الهِدايَة»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ رَزِين»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرهم. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرَى»: ويَحتَمِلُ أنْ يبعُدَ عنهما بحيثُ لا يُمكِنُ الطَّلَبُ. وقال في ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَة الصُّغرَى»: أراقَهُما. وعنه، أو خَلَطَهما. وقال في «الكُبْرَى»: خَلَطَهما أو أراقَهما. وعنه، تَتَعَيَّنُ الإِراقةُ. وقطَع الزَّركَشيُّ، أنَّ حُكْمَ الخَلطِ حكمُ الإرَاقةِ. وهو كذلك. فوائَد؛ إحداها، لو عَلِمَ أحدٌ النَّجِسَ فأرادَ غيرُه أنْ يسْتَعملَه، لَزِمَه إعلامُه. قدَّمَه في «الرِّعاية الكُبرى» في بابِ النجاسة. وفَرَضَه في إرادةِ التَّطَهُّرِ به. وقيلْ: لا يَلْزَمُه. وقيل: يَلْزَمُه؛ إنْ قِيلَ: إنَّ إزالتَها شرط في صِحةِ الصَّلاةِ. وهو احتِمال لصاحبِ «الرِّعاية». وأطْلَقَهُنَ في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو توضَّأ بماءٍ ثم عَلِمَ

وَإنِ اشْتَبَه طَاهِرٌ بِظَهُورٍ، تَوَضَّأَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ نجاسته، أعادَ. على الصَّحيح من المذهب، وعليه الأصحابُ، ونقَله الجماعَةُ، خِلافًا «للرِّعايةِ»، إنْ لم نَقُلْ: إزالةُ النَّجاسةِ شرط. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. الثَّالثةُ، لو اشْتَبَه عليه طاهرٌ بنَجِسِ غيرِ الماءِ، كالمائِعاتِ ونحوها، فقال في «الرعايتَينْ»، و «الحاويَين»: حَرُمَ التَّحَرِّي بلا ضرورةٍ. وقاله في «الكافِي» كما تَقَدَّم. تنبيهات؛ أحَدُها، ظاهِرُ قولِه: وإنِ اشْتَبَه طاهرٌ بطَهُورٍ، تَوَضَأَ من كُلِّ واحدٍ منهما. أنَّه يتوضَّأ وضُوءَين كامِلَين؛ مِن هذا وضوءًا كامِلًا مُنْفَرِدًا، ومِن الآخرِ كذلك. وهو أحدُ الوَجْهين. وصرَّح بذلك. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ»، و «ابنِ رَزِينِ»، و «الحاوي الكبير»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، في «المُنْتَخَبِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، و «النَّظْمِ». وهو ظاهرُ كلامِه [في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الشرحِ»، و «المَذْهبِ الأحمَدِ»، و «إدراكِ الغايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»] (¬1)، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ مُنَجّى في «شَرحِه»، و «الفائِق»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. قال في «مَجْمَع ¬

(¬1) زيادة من «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحرَين»: هذا قولُ أكثرِ الأصحاب. ذكَره آخِرَ الباب. والوَجْهُ الثَّاني، أنه يتَوضَّأ وضُوءًا واحِدًا؛ مِن هذا غَرفَةٌ، ومن هذا غَرفَة. وهو المذهبُ. قال ابنُ تَميم: هذا أصَحّ الوَجْهين. قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: يَتوضَّأ وُضوءًا واحدًا في الأظْهر. قال في «القَواعِدِ الأصولِيَّة»، في القاعِدَةِ السَّادسةَ عَشْرَةَ: مذهبنا يتَوَضّأ منها وضُوءًا واحدًا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البحرَين». وأطْلَقَهُما في «القواعدِ الأصُولِيَّة» في موْضع آخَرَ. وتظهرُ فائدة الخلافِ إذا كان عندَه طَهورٌ بيَقِين، فمَن يقولُ: يتَوضَّأ وُضوءَين. لا يُصَحِّحُ الوضوءَ فنهما، ومَن يقول: وُضوءًا واحدًا؛ مِن هذا غَرفَةٌ، ومن هذا غَرفَةٌ. يُصَحِّحُ الوضوءَ كذلك مع الطَّهورِ المُتَيَقَّن. الثَّاني، ظاهرُ قوله: توضَّأ. أنَّه لا يتَحَرَّى. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الرعاية» قوْلًا بالتَّحَرِّي، إذا اشْتَبَه الطهورُ بمائعٍ طاهرٍ غيرِ الماءِ. فائدة: لو ترَك فرضَه وتوضَّأ مِن واحدٍ فقط، ثم بانَ أنَّه مُصِيبٌ، فعليه الإِعادةُ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقال القاضي أبو الحسين: لا إعادةَ عليه. الثَّالثُ، قال ابنُ عُبَيدان: قال ابنُ عَقِيلٍ: ويَتَخَرَّجُ في هذا الماءِ أنْ يَتَوضّأ بأيهما شاءَ، على الرِّواية التي تقولُ: إنَّه طَهُورٌ. ويَتَخَرَّجُ على الرِّواية التي تقولُ بنجاستِه، أنَّه لا يَتَحَرَّى. انتهى. قلتُ: هذا متعيِّنٌ، وهو مُرادُ الأصحاب. ومتى حَكَمنا بنجاستِه أو بطَهُورِيته، فما اشْتَبَه طاهرٌ بطَهُورٍ، وإنَّما اشْتَبه طَهورٌ بنجِس، أو بطَهُورٍ مثْلِه، وليسَتِ المسْألَةُ، فلا حاجةَ إلى التَّخْرِيج. ومُرادُ ابنِ عَقِيل إذا كان الطَّاهِرُ مُسْتَعْمَلًا في رفْعِ الحدَثِ، والمسْالةُ أعَمُّ مِن ذلك. قوله: وصَلَّى صَلاةً واحدةً. وهذا المذهبُ، سواءٌ قُلْنا: يتوضّأ وُضُوءَين،

وَإنِ اشْتَبَهتِ الثيابُ الطَّاهِرَةُ بِالنَّجِسَةِ، صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً، بِعَدَدِ النَّجِسِ، وَزَاد صَلَاةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو وُضوءًا واحدًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيل: يصلِّي صلاتين إذا قُلْنا: يَتَوَضّأ وُضوءَين. قال في «الحاوي الكبير»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهما: وليس بشيء. قال في «مَجْمَعِ البَحرَين»: وهو مُفْض إلى تَركِ الجَزْم بالنيةِ من غيرِ حاجةٍ. فائدة: لو احتاجَ إلى شربٍ تَحَرَّى وشَرِبَ الماءَ الطاهِرَ عندَه، وتوضَّأ بالطهورِ ثم تيَمَّمَ معه احتِياطا، إنْ لم يَجِد طَهورًا غيرَ مُشْتَبِهٍ. قوله: وإنِ اشْتَبهتِ الثيابُ الطاهرةُ بِالنَّجِسةِ، صلَّى في كلِّ ثوب صلاةً بِعَدَدِ النَّجسِ، وَزَادَ صَلَاةً. يعني، إذا عَلِمَ عددَ الثِّيابِ النّجِسةِ. وهذا المذهبُ مُطْلقًا. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عُبَيدان في «شُروحِهم»، و «الهِداية»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «العُمدَةِ»، و «الحاوي الكبير»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِناية»، وغيرهم. وهو من المُفْرَداتِ. وقيل: يَتَحَرَّى مع كثْرةِ الثِّيابِ النَّجِسةِ للمَشَقَّةِ. اخْتاره ابنُ عَقِيل، قال في «الكافي»: وإنْ كثَرُ عدد النَّجس، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يصَلِّي في أحَدِها بالتَّحَرِّي. انتهى. وقيل: يَتَحَرَّى سواءٌ قلَّتِ الثِّيابُ أو كَثُرَتْ. قاله ابنُ عَقِيل، في «فُنونِه»، و «مُناظَراتِهِ». واخْتارَه الشيخُ تقِي الدِّين. وقيل: يصَلِّى في واحدٍ بلا تحَرٍّ، وفي الإعادةِ وَجْهان. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ هذا فيما إذا بانَ طاهِرًا. وقال في «الرعاية الكُبْرى»: وقيل: يكَرِّرُ فِعلَ الصَّلاةِ الحاضرة، كُلَّ مَرَّةٍ في ثَوْبٍ منها بعدَدِ النَّجِس، ويزيدُ صلاةً. وفرَض المسألةَ في «الكافِي»، فيما إذا أمكَنَه الصَّلاةُ في عَدَدِ النَّجِس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لو كَثُرَ عددُ الثيابِ النَّجِسَةِ ولم يَعلم عدَدَها، فالصَّحيحُ من المذهب، أنَّه يصَلِّي حتى يَتَيَقَّنَ أنه صلَّى في ثَوْبٍ طاهير. ونقَل في «المُغْنِي» وغيرِه، أنَّ ابنَ عَقِيلٍ قال: يَتَحَرَّى في أصَحِّ الوَجْهين. تنبيه: مَحَلُّ الخِلاف، إذا لم يكُنْ عندَه ثَوْبٌ طاهر بيَقين، فإن كان عندَه ذلك، لم تصِحَّ الصَّلاةُ في الثِّيابِ المُشْتَبِهةِ. قاله الأصحابُ. وكذا الأمكِنَةُ. الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: لا تصِحُّ إمامَةُ مَنِ اشْتَبَهتْ عليه الثيابُ الطاهرةُ بالنَّجِسةِ. الثالثةُ، لو اشْتَبَهتْ أخْتُه بأجْنَبِيَّةٍ، لم يَتَحَرَّ للنكاحِ، على الصَّحيحِ من المذهب. وقيل: يَتَحَرَّى في عشرةٍ. وله النِّكاحُ من قبيلةٍ كبيرةٍ وبَلْدَةٍ. وفي لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُرُوعِ»، و «ابنِ تميم»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، و «القَواعد الأصوليَّة»، [أحَدُهما، يَجوزُ مِن غيرِ تَحَرٍّ. وَهُوَ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهم، وقَدَّمَه ابنُ عُبَيدان، و] (¬1) قال في «الفائقِ»: لو اشْتَبهتْ أخْتُه بنساءِ بلدٍ، لم يُمنَع مِن نِكاحِهِنَّ، ويمنَعُ في عَشْرٍ. وفي مِائَةٍ وَجْهان. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: وقيل: يتَحَرَّى في مِائَةٍ. وهو بعيدٌ. انتهى. وقال في القاعدةِ السَّادسةِ بعدَ المِائَةِ: إذا اشْتَبهتْ أخْتُه بنِساءِ أهْلِ مِصرِ، جازَ له ¬

(¬1) سقط من: «ط»، و «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِقْدامُ على النكاحِ، ولا يَحتاجُ إلى التَّحَرِّي، على أصَحِّ الوَجهين، وكذا لو اشْتَبَهتْ مَيتَةٌ بلَحمِ أهْلِ مصر أو قرية. وقال في القاعدةِ التَّاسعةِ بعدَ المِائَةِ: لو اشْتَبهتْ أخْتُه بعدَدٍ محصور من الأجْنَبِيَّاتِ، مُنِعَ من التَّزَوُّجِ بكُلِّ واحدةٍ مِنْهُنَّ، حتى يَعلَمَ أخْتَه مِن غيرِها. انتهى. وقدَّمَ في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّه لا يجوزُ حتى يَتَحَرَّى. ولو اشْتَبَهتْ مَيتَة بمُذَكَّاةٍ وجَبَ الكَفُّ عنهما، ولم يَتَحَرَّ مِن غيرِ ضرورةٍ. والحرامُ باطِنُ المَيتَةِ في أحَدِ الوَجْهين. اختاره الشيخُ تقِيُّ الدين. والوَجْهُ الثَّاني، هما. اخْتاره المُصَنِّفُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ من جوازِ التَّحَرِّي في اشْتِبَاهِ أخْتِه بأجْنَبِيَّاتٍ مِثْلُه في المَيتَةِ بالمُذَكَّاةِ. قال أحمدُ: أمَّا شَاتان لا يجوزُ التَّحَرِّي، فأمَّا إذا كَثرنَ، فهذا غيرُ هذا. ونقَل الأثْرَمُ أنه قيل له: فثَلَاثة؟ قال: لا أدرِي. الرَّابعةُ، لا مَدخَلَ للتَّحَرِّيى في العِتْقِ والصَّلاةِ. قاله ابنُ تَميم وغيرُه.

باب الآنية

بَابُ الآنِيَةِ كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتعمَالُهُ، وَلَوْ كَانَ ثَمِينًا؛ كَالْجَوْهرِ، وَنَحوهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الآنِيَةِ تنبيه: يُسْتَثْنَى من قولِه: كُل إناءٍ طاهرٍ يُباحُ اتِّخَاذُه واسْتِعمالُه. عَظْمُ الآدَمِي؛ فإنَّه لا يُباحُ اسْتعمالُه، ويُسْتَثْنَى المغْصوبُ، لكنْ ليس بواردٍ على المُصَنِّفِ، ولا على غيرِه؛ لأنَّ اسْتِعماله مُبَاح مِن حيثُ الجملَةُ، ولكنْ عَرَضَ له ما أخْرَجَه عن أصلِه، وهو الغَضبُ. قوله: يباحُ اتِّخَاذُهُ واسْتِعمالُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، إلا أنَّ أبا الفَرَج المَقْدِسِي كَرِه الوُضوءَ من إناءِ نُحاسٍ ورَصاصٍ وصُفْرٍ. والنص عدَمُه. قال الزَّركَشي: ولا عِبْرةَ بما قاله. وأبا الوَقْتِ الدينَوَريَّ كَرِة الوضوءَ من

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إناءٍ ثَمين، كبِلَّوْرٍ، ويَاقُوتٍ. ذكَرَه عنه ابنُ الصيرَفِيِّ (¬1). وقال في «الرعايَة الكُبْرى»: يَحْتَمِلُ الحديدُ وَجْهَين. ¬

(¬1) يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع بن علي بن إبراهيم، الحراني، ابن الصيرفي، أبو زكريا، ويعرف بابن الجيشي، برع في المذهب ودرس وناظر وأفتى، له تصانيف عدة، ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وتوفي سنة ثمان وسبعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 295.

إلا آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْمُضَبَّبَ بِهِمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا آنِيَةَ الذَّهبِ والفِضَّةِ، والمُضَبَّبَ بهما، فإنَّه يَحْرُمُ اتخَاذُها. وهذا المذهبُ، وعليه جمَاهيرُ الأصحاب، وقطعَ به أكثرُهم؛ منهم الخِرَقِي، وصاحبُ «الهِدَاية»، و «الخِصال»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وابنُ عَبْدوسٍ في «تَذكِرَتِهِ»، وابنُ رَزِين، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِهما»، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ: لا يخْتلِفُ المذهبُ، فيما عَلِمْنا، في تَحْرِيمِ اتِّخاذِ آنِيَةِ الذَّهبِ والفِضَّة. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائِقِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الشرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وعنه، يجوزُ اتِّخاذُها. وذكَرَها بعضُ الأصحابِ وَجْهًا في المذهب. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاويَين». وحكَى ابنُ عَقِيل في «الفُصُولِ» عن أبي الحسنِ التَّمِيمِيِّ، أنَّه قال: إذا اتَّخَذَ مِسْعَطًا (¬1)، أو قِنْديلًا، أو نَعْلَين، أو مِجْمَرَةً، أو مِدْخَنَةً، ذَهَبًا أو فِضَّةً، كُرِهَ ولم يَحْرُمْ. ويَحْرُمُ سَرِير وكُرْسِيٌّ. ويُكْرهُ عملُ خُفَّينِ من فِضَّةٍ ولا يَحْرُمُ كالنَّعْلَين. ومنَعَ مِن الشربَةِ والمِلْعَقَةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا حَكاه، وهو غريبٌ. قلت: هذا بعيدٌ جدًّا، والنَّفْسُ تأبَى صِحَّةَ هذا. قوله: واسْتِعمالُها. يعني، يَحْرُمُ اسْتِعْمالُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم قطَع به. وقيل: لا يَحْرُمُ اسْتِعْمالُها، بل يُكْرَهُ. ¬

(¬1) المِسْعَطُ: وعاء السعوط، وهو الدواء يدخل في الأنف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو ضعيف جدًّا. قال القاضي في «الجامِعِ الكبير»: ظاهرُ كلامِ الحِرَقِي، أنَّ النَّهْيَ عن اسْتِعْمالِ ذلك نَهْيُ تَنْزيهٍ، لا تَحْريم. وجزَم في «الوَجيزِ» بصِحَّةِ الطهارةِ منهما مع قولِه بالكَراهة.

فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا، فَهَلْ تَصِحُّ طَهَارَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن توضأ منهما فهل تَصِحُّ طَهارَتُه.؟ على وَجْهَين. وهما رِوايتان. وأطْلَقَهُما في «الهِداية»، و «خِصالِ ابنِ البَنا»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم؛ أحَدُهما، تَصِحُّ الطهارةُ منها. وهو المذهبُ. قطَع به الخِرَقي، وصاحبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإفاداتِ»، وغيرهم. وصَحَّحَه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبْيَدان»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، وابن مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والحارِثي ذَكَرَه في الغَصْبِ، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروع»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاويَين»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». ولكنَ صاحِبَ «الوَجيزِ» جزَم بالصِّحَّةِ مع القوْلِ بالكَراهةِ، كما تَقَدَّمَ. والوَجْهُ الثاني، لا تصِحُّ الطهارةُ منها. جزَم به ناظِمُ «المُفرَداتِ». وهو منها. واختارَه أبو بكرٍ، والقاضِي أبو الحسينِ، والشيخُ تَقِي الدِّين. قاله الزَّرْكَشِي. قال في «مَجْمَع البحْرَين»: لا تصِحُّ الطهارةُ منها في أصَحِّ الوَجْهَين. وصَحَّحه ابنُ عَقِيل في «تَذْكَرتِه».

إلا أن تَكُونَ الضَّبَّةُ يَسِيرَةً مِنَ الْفِضَّةِ؛ كَتَشْعِيبِ الْقَدَحِ، وَنَحْوهِ، فلا بَأسَ بِهَا، إِذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا بِالاسْتِعْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الوضوءُ فيها كالوُضوءِ منها، ولو جعَلَها مَصَبًّا لِفَضْلِ طهارَتِه، فهو كالوضوءِ منها، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، والروايتَين. قاله في «لفُروعِ»، وغيره. وعنه، لا تصِحُّ الطهارةُ هنا. فائدتان؛ إحداهما، حُكْمُ المُمَوَّهِ والمَطْلِي والمُطَعَّمِ والمُكَفّفِ، ونحوه بأحَدِهما كالمُصْمَتِ، على الصَّحيح مِن المذهب. وقيل: لا. وقيل: إنْ بَقِيَ لونُ الذَّهَبِ أو الفِضةِ. وقيل: واجْتمَعَ منه شيءٌ إذا حُكَّ، حَرُمَ، وإلَّا فلا. قال أحمدُ: لا يُعْجبُنِي الحَلَقُ. وعنه، هي من الآيَةِ. وعنه، أكْرَهُها. وعندَ القاضي وغيرِه هي كالضبة. الثَّانيةُ، حُكْمُ الطهارةِ من الإناءِ المغْصوبِ حُكْمُ الوضوءِ من آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، خِلافًا ومذهبًا، وعدَمُ الصحَّةِ منه مِن مُفْرداتِ المذهب. قال ناظِم «المُفْرَداتِ»، وغيرُه: وكذا لو اشْتَرَى إناءً بثَمَن مُحَرَّمٍ. قوله: إلّا أن تكونَ الضبةُ يَسِيرةً من الفِضَّة. اسْتَثْنَى للإِباحَةِ مسْألةً واحدةً لكنْ بشُروطٍ، منها، أنْ تكونَ ضَبَّةً، وأنْ تكونَ يسِيِرةً، وأنْ تكونَ لحاجَةٍ. ولم يَسْتَثْنِها المُصَنفُ لكنْ في كلامِه أومَأ إليها. وأنْ تكون مِن الفِضَّةِ. ولا خِلاف في جوازِ ذلك، بل هو إجْماعٌ بهذه الشُّروطِ، ولا يُكْرَهُ على الصَّحيحِ من المذهب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُكْرَهُ. وأمَّا ما يُباحُ من الفِضَّةِ والذَّهَبِ فيأتي بَيانُه في بابِ زكاةِ الأثْمان. فائدة: في الضبةِ أرْبَعُ مَسائِلَ، كُلُّها داخلَة في كلامِ المُصَنِّفِ في المُسْتَثْنَى والمُسْتَثْنىَ منه؛ يسيرَة بالشُّروطِ المُتَقَدِّمةِ، فتُباحُ. وكثيرةٌ لغيرِ حاجَةٍ، فلا تُباحُ مُطْلقًا، على الصحيح مِن المذهب، وعليه الأصحابُ، وجزَمَ به. واخْتارَ الشيخُ تَقِي الدِّين الإباحةَ إذا كانت أقلَّ ممَّا هي فيه. وكثيرة لحاجَةٍ، فلا تُباحُ على الصَّحيحِ من المذهب، وعليه الجُمْهورُ، وهو ظاهِرُ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. قال الزَّرْكَشِي: هذا المذهبُ. وجزَمَ به في «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، والمُصَنِّفُ هنا، و «فُرُوع أبي الحسين»، و «خِصَالِ ابنِ البَنَّا»، وابنُ رَزِين، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِهما»، و «الخُلاصَةِ»، و «النظْمِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الرِّعايَتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائِقِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشيخُ تَقِيُّ الدِّين في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، وغيرهم. وقيل: لا يَحْرُمُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، وهو مُقْتَضىَ اخْتيارِ الشيخِ تَقِي الدين بطريقِ الأوْلَى. وأطْلَقَهما في «الفُرُوعِ»، و «ابنِ تَميم». ويَسِيرة لحاجَةٍ، فلا تُباحُ، على الصَّحيح من المذهب. نصَّ عليه، وقطَع به في «الهدَاية»، و «فُروعِ أبي الحسين»، و «خِصَالِ ابنِ البَنَّا»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه ابنُ رَزِين، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبير»، والشيخُ تَقِيُّ الدين في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، وغيرهم. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُذْهَبِ»، و «إدْراكِ الغايَة»، و «الوَجيزِ»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتخَبِ»، وغيرهم. قال في «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»: وإنْ كان التَّضْبِيبُ بالفضَّةِ، وكان يسيرًا على قَدْرِ حاجَةِ الكَسْرِ فَمُباحٌ. قال الناظِمُ: وهو الأقْوى. قال في «تَجْريد العِنايَة»: لا تُباحُ اليسيرةُ لزِينةٍ في الأظْهَرِ. وقيل: لا يَحْرُمُ. اخْتارَه جماعة من الأصحابِ، قاله الزَّرْكَشِي؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيل، والشيخُ تَقِي الدِّين. قال في «الفائقِ»: وتُباحُ اليسيرةُ لغيرِها في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنْصوص. وقدَّمَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ في المُسْتَثْنَى. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ تَمِيم؛ فقال: في اليَسيرِ، لغيرِ حاجَةٍ أو لحاجَةٍ، أوْجُهٌ؛ التَّحْريمُ، والكَراهَةُ، والإباحَةُ. وقيل: فرق بين الحَلْقَةِ ونحوها وغيرِ ذلك، فيَحْرُمُ في الحَلْقَةِ ونحوها دود غيرِها. واخْتارَه القاضي أيضًا في بعضِ كتُبِه، وتقَدَّمَ النَّصُّ في الحَلْقَةِ. تنبيه: فعلى القوْلِ بعَدمِ التَّحْريمِ يباحُ، على الصَّحيحِ من المذهب. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. وجزَمَ به صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، و «الرِّعاية الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الرِّعاية الكبرى». وقيل: يُكْرَهُ. جَزَمَ به القاضي في «تَعْليقه». فائدة: حَدُّ الكثيرِ ما عُدَّ كثيرًا عرْفًا، على الصَّحيحِ من المذهب. وقيل: ما اسْتَوْعَبَ أحَدَ جوانبِ الإناءِ. وقيل: ما لاح على بُعْدٍ. تنبيه: شمِلَ قولُه: والمُضَبَّبَ بهما. الضَّبَّةَ مِن الذّهبِ، فلا تُباحُ مُطْلقًا. وهو الصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائِقِ»، وغيرهم. وقيل: يُباحُ يسِيرُ الذَّهَب. قال أبو بكرٍ: يُباحُ يسيرُ الذَّهَب. وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ في بابِ زكاةِ الأثْمانِ. وقيل: يُباح لحاجَةٍ. واخْتارَه الشيخُ تَقِي الدِّين، وصاحبُ «الرِّعايةِ». وأطْلَقَ ابنُ تَميم في الضبةِ اليَسِيرةِ من الذَّهَبِ الوَجْهَين. قال الشيخُ تَقِي الدين: وقد غَلِطَ طائِفَة مِن الأصحابِ؛ حيثُ حكَتْ قوْلًا بإباحَةِ يسيرِ الذَهَبِ، تَبَعًا في الآنِيَةِ عن أبي بكرٍ، وأبو بكرٍ إنَّما قال ذلك في بابِ اللباس والتَّحَلِّي، وهما أوْسَعُ. وقال الشيخُ تَقيُّ الدِّين أيضًا: يُباحُ الاكْتِحالُ بمِيلِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ؛ لأنَّها حاجَةٌ، ويُباحانِ لها. وقاله أبو المَعالِي ابنُ مُنَجَّى أيضًا. قوله: فلا بأسَ بها إذا لم يُبَاشِرْها بالاسْتِعْمال. المُباشَرَةُ تارةً تكونُ لحاجَةٍ، وتارةً تكونُ لغيرِ حاجةٍ؛ فإنْ كانت لحاجَةٍ أُبِيحَتْ بلا خلافٍ، وإن كانتْ لغيرِ حاجةٍ فظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ هنا التَّحْريمُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أْحمدَ. قال في «الوَجِيزِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرْى»، و «الحاويَين»، و «الخُلاصَةِ» (1)، وغيرهم: ولا تُباشَرُ بالاسْتِعْمالِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: فحرامٌ في أصَحِّ الوَجْهَين. واخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ. انتهى. ولعَلَّه أرادَ في «المُقْنع». قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَهُ ابنُ عَبْدُوس. يعْني المُتَقَدِّمَ. وقيل: يُكْرَهُ. وحمَلَ ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصنِّفِ عليه. قلتُ: وهو بعيدٌ. وهو المذهبُ. جزَمَ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الكافِي»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الخِصالِ» لابنِ البَنَّا، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدوس». وقدَّمَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يُباحُ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَمِيم»، و «ابنِ عُبَيدان». فائدة: الحاجَةُ هنا أنْ يتعَلَّقَ بها غرَضٌ غيرُ الزِّينَةِ، وإنْ كان غيرُه يقومُ مَقامَه، على الصَّحيحِ من المذهبِ. جزَمَ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الاسْتِعْمَالِ، مَا لمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّركَشِي»، وغيرهها. وقدَّمَه «ابن عُبَيدان»، و «الكافِي»، و «الهِدايةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المستَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الخِصَالِ» لابنِ البَنَّا، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدوسِ». وقدَّمَه في «الرِّعايةِ الكبرى». وقيل: يُباحُ. وأطلقَهُنَّ في «الفُروعِ»، وقال: في ظاهرِ كلامِ بعضهما. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: مُرادُهها أن يحتاجَ إلى تلك الصُّورةِ، لا إلى كونِها من ذَهَبٍ وفِضة، فإنَّ هذه ضَرورَةٌ وهي تُبِيحُ المُفْرَدَ. انتهى. وقيل: متى قَدَرَ على التَّضْبِيبِ بغيرِها لم يَجُزْ أن يُضَبِّبَ بها. وهو احتِمالٌ لصاحبِ «النِّهايةِ». وقيل: الحاجَةُ عَجْزُه عن إناءٍ آخَرَ واضْطِرارُه إليه. قوله: وثِيَابُ الْكُفَّارِ وأوانِيهِم طاهرةٌ، مُباحةُ الاستعمالِ، ما لم تُعْلَمْ نَجاسَتُهَا. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه الجمهورُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَين. وصحَّحَه في «نَظْمِه». قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: هذا الأظْهَرُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: عليه الأكْثرون. وجزَمَ به في «الوَجيزِ»، و «المنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعَ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهِدايَة»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وقدَّمَه في «الرِّعايتَين»، في الآنِيَةِ. وعنه، كَراهَةُ اسْتِعْمالِها. وأطْلَقَهُما في «الكافِي»، و «ابنِ عُبَيدان». وقدَّمَ ناظِمُ «الآدابِ» فيها إباحَةَ الثيابِ، وقطَعَ بكَراهَةِ اسْتِعْمالِ الأوانِي التي قد اسْتَعْمَلُوها. وعنه، المَنْعُ من اسْتِعْمالِها مُطْلَقًا. وعنه، ما وَلِيَ عَوْراتِهم، كالسَّراويلِ ونحوهِ لا يُصَلِّي فيه. اخْتارَه القاضي. وقدَّمَه ناظِمُ «المُفْرداتِ»، في الكِتابِي، ففي غيرِه أوْلَى. جزَم به في «الإِفادَاتِ» فيه. وأطْلَقَهما في «الكافِي». وعنه، أنَّ مَن لا تحِلُّ ذَبِيحَتُهم؛ كالمَجُوسِ وعبَدَةِ الأوْثانِ، ونحوهم، لا يُسْتَعْملُ ما اسْتَعْملُوه من آنِيَتهم إلَّا بعدَ غَسْلِهِ، ولا يُؤكَلُ مِن طعامِهم إلَّا الفاكَهَةُ ونحوُها. اخْتارَه القاضِي أيضًا، وجزَمَ به في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمَه في «الكافِي». وصَحَّحَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وابْنُ عُبَيدان. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم بعنه، وعنه. وأَمَّا ثِيابُهم فكَثِيابِ أهْلِ الكتابِ. صرَّحَ به المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما. وقدَّمَه المُصَنِّفُ هنا. وأدْخَلَ الثِّيابَ في الروايَة في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروُعِ»، وغيرِهما. والظَّاهرُ، أنَهما رِوايَتان. ومَنَعَ ابنُ أبي موسى مِن اسْتِعْمالِ ثِيابِهم قبلَ غَسْلِها. وكذا ما سَفَلَ مِن ثِيَابِ أهْلِ الكتابِ. قال القاضي: وكذا مَنْ يأَكُلُ لحْمَ الخِنْزِيرِ مِن أهْلِ الكتابِ، في مَوْضِعِ يُمْكِنُهم أكلُه، أو يأكُلُ المَيتَةَ، أو يَذْبَحُ بالسِّنِّ والظُّفْرِ، فقال: أوانيهم نَجِسَةٌ، لا يُسْتَعْمَلُ ما اسْتَعْمَلوه إلَّا بعدَ غَسْلِه. قال الشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. قال الخِرَقِيُّ في «شَرْحِه»، وابنُ أبي موسى: لا يجوزُ اسْتِعْمالُ قُدورِ

المقنع وعَنْهُ، مَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ؛ كَالسَّرَاويلِ وَنَحْوهِ، لا يُصَلَّى فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّصارَى حتى تُغْسَلَ. وزادَ الخِرَقِيُّ، ولا أوانِي طَبْخِهِم، دُونَ أوْعِيَةِ الماءِ، ونحوها. انتهى. وقيل: لا يُسْتَعْمَلُ قِدْرُ كِتابِي قبلَ غَسْلِها. فوائد، إحْدَاها، حُكمُ أوانِي مُدْمِني الخمْرِ ومَلَاقِي النَّجاساتِ غالِبًا وثِيابِهم، كمَنْ لا تَحِلُّ ذَبائِحُهم. وحُكمُ ما صَبَغه الكُفَّارُ حكمُ ثيابِهم وأوانِيهِم. الثَّانية، بدَنُ الكافِرِ طاهِر عندَ جماعةٍ كتِيَابِه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وقيل: وكذا

وَعَنْهُ، أَنَّ مَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ، لَا يُسْتَعْمَلُ مَا اسْتَعْمَلُوهُ مِنْ آنِيَتهِمْ إلا بَعْدَ غَسْلِهِ، وَلَا يُؤكَلُ مِنْ طَعَامِهِمْ إلا الْفاكِهَةُ وَنَحْوُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَعامُه وماؤه. قال ابنُ تَميم: قال أبو الحسين في «تَمامِه»، والآمِديُّ: أبدانُ الكُفَّارِ وثِيابُهم ومِياهُهم في الحُكْمِ واحدٌ، وهو نصُّ أحمدَ. وزاد أبو الحُسينِ: وطَعامُهم. الثَّالثةُ، تصِحُّ الصَّلاةُ في ثِيابِ المُرْضِعَةِ والحائض والصبِي مع الكَراهَةِ. قدَّمَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وعنه، لا يُكْرَهُ. وهي تخْرِيج في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، ومال إليه. وأطْلَقَهما ابنُ تميم. وألحَقَ ابنُ أبي موسى ثوبَ الصَّبِيِّ بثَوْبِ المَجُوسِي في مَنْعِ الصَّلاةِ فيه قبلَ غَسْلِه. وحكَى في «القَواعدِ» في

وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيتَةِ بِالدِّبَاغِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثِيَابِ الصبيانِ ثلاثةَ أوْجُهٍ، الكَراهَةَ، وعَدَمَها، والمَنْعَ. قوله: ولا يَطهُرُ جِلْدُ المَيتةِ، يعني النَّجسةَ، بالدِّبَاغ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه أحمدُ في رواية الجماعةِ. وعليه جماهيرُ الأَصحابِ. وقطَع به كثير منهم، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مُفْرَداتِ المذهب. وعنه، يَطهُرُ منها جِلدُ ما كان طاهِرًا في حالِ الحياةِ. نقلَها عن أحمدَ جماعة. واخْتارَها جماعةٌ من الأصحابِ؛ منهم ابنُ حَمْدان في «الرِّعايتَين»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائِقِ». وإليها مَيلُ المَجْدِ في «المُنْتَقَى». وصَحَّحَه في «شَرْحِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَهَا الشيخُ تقِيُّ الدِّين. وعنه، يَطْهُرُ جِلْدُ ما كان مأكولًا في حالِ الحياةِ. واخْتارَها أيضًا جماعة؛ منهم ابنُ رَزِيق أيضًا في «شَرْحِه». ورَجَّحَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين في «الفَتاوَى المِصْرِيَّة». قال القاضي في «الخِلافِ»: رجَعَ الإِمامُ أحمدُ عن الروايةِ الأولَى في رواية أحمدَ بنِ الحسن (¬1)، وعبدِ الله (¬2)، والصَّاغَانِي (¬3). ورَدَّه ابنُ عُبَيدان، وغيرُه، وقالوا: إنَّما هو روايةٌ أخْرَى. قال الزَّرْكَشِيّ: وعنه، الدِّباغ مُطَهِّر. فعليها، هل يُضَيِّرهُ الدِّباغُ كالحياةِ؟ وهو اخْتِيارُ أبي محمدٍ، وصاحبِ «التَّلْخِيص»، فيَطهُرُ جِلْدُ كلِّ ما حُكِمَ بطَهارَتِه في الحياةِ، أو كالذّكاةِ؟ وهو اخْتِيارُ أبي البَرَكاتِ، فلا يَطْهُرُ إلَّا ما تُطَهِّرُهُ الذَّكاةُ؛ فيه وَجْهان. انتهى. ¬

(¬1) أحمد بن الحسن بن جُنَيدِب الترمذي، أبو الحسن، تفقه بأحمد بن حنبل، وكان بصيرًا بالعلل والرجال، توفي سنة بضع وأربعين ومائتين. سير النبلاء 12/ 156، تذكرة الحفاظ 2/ 536. (¬2) عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزى البغدادي، أبو عبد الرحمن. الإمام الحافظ الناقد، محدث بغداد، سمع من أبيه، وروى عنه «المسند»، و «الزهد» وغيرهما. توفي سنة تسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 516 - 526. (¬3) محمد بن إسحاق بن جعفر البغدادي، الصاغاني، أبو بكر. الإمام الحافظ المجود الحجة، كان ذا معرفة واسعة، ورحلة شاسعة. توفي سنة سبعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 592 - 594.

وَهَل يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي اليابِسَاتِ بَعْدَ الدَّبْغِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: إذا قُلنا: يَطهُرُ جلدُ المَيتَةِ بالدباغِ. فهل ذلك مخصوصٌ بما كان مَأكُولًا فِي حال الحياةِ، أو يشملُ جميعَ ما كان طاهِرًا في حال الحياة؛ فيه للأصحابِ وَجْهان، وحكاهُما في «الفُروعِ» رِوايتَين. وأطْلَقَهما ابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِي وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم؛ أحَدُهما، يَشْمَلُ جميعَ ما كان طاهِرًا في حالِ الحياةِ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ حَمْدان في «رِعايَتِه»، والشيخُ تَقِيّ الدِّين. والوَجْهُ الثاني، لا يَطْهُرُ إلَّا المأْكولُ. اخْتارَه المَجْدُ، وابنُ رَزِيق، وابنُ عبدِ القَوي في «مَجْمَع البَحْرين»، والشيخ تَقِيُّ الدين، في «الفَتاوَى المِصْرِيَّة»، وغيرُهم] (¬1). قوله: وهل يجوزُ اسْتعمِاله في اليابِساتِ بعدَ الدَّبْغِ؛ على رِوايتَين. أطْلَقَهُما في «الفُصولِ»، و «المُستوعِب»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ عُبَيدان وابنُ منجى في «شَرْحِهما»، و «الحاويَين»، و «الرِّعايَة الكُبْرى» في هذا الباب، و «الزَّرْكَشِيِّ»، إحْدَاهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: أصَحُّهما الجوازُ. وصَحَّحَه في «نَظْمِه». قال في «الفُروعِ»: ويجوزُ اسْتِعْماله في يابِس على الأصَحِّ. وقدَّمَه في «الفائِقِ». والرِّوايةُ الثَّانية، لا يجوزُ اسْتِعْمالُه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا أظْهَرُ. وجزَمَ به في «الوَجيزِ». وقدَّمَه في «الرِّعايتَين»، في باب مِن النَّجاساتِ. وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». تنبيهان؛ أحَدُهما، قوله: بعدَ الدَّبْغِ. هي مِن زَوائدِ الشَّارِح، وعليها شَرَحَ ابنُ عُبَيدان، وابنُ مُنَجَّى، و «مَجْمَعُ البَحْرَين». وجزَمَ به بنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعاية الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، و «الشَّرْحِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدين في «شَرْحِ العُمْدَةِ»: ويُباحُ اسْتِعْمالُه في اليابِساتِ، مع القَوْلِ بنَجاسَتِه في إحْدَى الروايتَين. وفي الأخْرَى، لا يُباحُ. وهو أظْهَرُ؛ للنَّهْي عن ذلك. فأمَّا قبلَ الدَّبْغِ فلا ينْتفعُ به قوْلًا واحدًا. انتهى. وقدَّمَ هذا الوَجْهَ الزَّرْكَشِي. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّ الحكمَ قبلَ الدَّبْغ وبعدَه سواءٌ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، لكنْ تَعْلِيلُه

وَعَنْهُ، يَطْهُرُ مِنْهَا جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْحَيَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يدُلَّ على الأولِ. قال في «الفائقِ»: ويُباحُ الانْتِفاعُ بها في اليابِساتِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. انتهى. وقدَّمَه في «الرِّعايَة الكبرى». قال أبو الخَطَّابِ: يجوزُ الانْتِفاعُ بجلودِ الكلابِ في اليابِسات. اخْتارَه الشيخُ تَقِي الدِّين. انتهى. وقدَّمَه في «الرِّعايَة الكبرى». وقال أبو الخَطَّاب: يجوزُ الانْتِفاعُ بجلودِ الكلابِ في اليابسِ، وسَدِّ البُثوقِ بها ونحوه انتهى. وَأطْلَقَهما في «الفُروعِ» بقِيلَ، وقِيلَ. الثَّاني، مفْهومُ كلامِه أَنه لا يجوزُ اسْتِعْمالُه في غيرِ اليابِساتِ؛ كالمَائِعاتِ ونحوها. وهو كذلك؛ فقد قال كثيرٌ مِن الأصحابِ: لا ينْتفعُ بها فيه، رِوايةً واحدةً. قال ابنُ عَقِيل: ولو لم يَنْجُسِ الماءُ؛ بأنْ كان يَسَعُ قُلتَين فأكْثَرَ. قال: لأنَّها نَجِسَةُ العَينِ، أشْبَهَتْ جِلْدَ الخِنزِيرِ. وقال الشيخُ تَقِي الدِّين في «فَتاويه»: يجوزُ الانْتِفاعُ بها في ذلك إنْ لم تَنْجُس العَينُ. فائدة: فعَلَى القوْلِ بجوازِ اسْتِعْمالِه يُباحُ دَبْغُه، وعلى المَنْعِ؛ هل يُباحُ دَبْغُه أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما ابنُ تميم، و «الرِّعايَه الكُبْرى»، والزَّرْكَشِي. قال في «الفُروعِ»: فإنْ جازَ أبِيحَ الدَّبْغُ، وإلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ واحْتَمَلَ الإِباحَةَ، كغَسْل نَجاسَةٍ بمائع وماءٍ مُسْتَعمَلٍ، وإنْ لم يَطْهُرْ، كذا قال القاضِي، وكلامُ غيرِه، خِلافُه، وهو أظْهَرُ. انتهى.

وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ غَيرِ الْمَأكُولِ بِالذَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ولا يَطْهُرُ جِلْدُ غَيرِ المأكولِ بالذَّكاةِ. يعْني، إذا ذُبِحَ ذلك. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيح، بل لا يجوزُ ذَبْحُه لأجْلِ ذلك، خِلافًا لأبي حَنِيفةَ، ولا لغيرِه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: ولو كان في النَّزعِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، ولو كان جِلْدَ آدَمِي وقُلْنا: يَنجسُ بمَوْتِه. وهو صحيحٌ. قاله القاضي وغيرُه. واقْتصَرَ عليه في «الفُروعِ». اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قاله في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائِقِ». وقال الشَّارِحُ: وحُكِيَ ذلك عن ابنِ حامدٍ، [وقال في مكانٍ آخَرَ: ويَحْرُمُ اسْتِعْمالُ جلْدِ الآدَمِي إجْماعًا. قال في «التَّعْليقِ»، وغيرِه: ولا يَطْهُرُ بدْبغِه. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَين. انتهى] (2) قال ابنُ تميم: وفي اعْتِبارِ كوْنِه مأكولًا وغيرَ آدَمِي وَجْهان. وقال في «الرِّعايَة الكبرى»: وفي جِلْدِ الآدَمِيِّ وَجْهان، أنَّه نَجُسَ بِمَوْتِه. فوائد؛ ما يَطْهُرُ بدَبْغِه انْتُفِعَ به ولا يجوزُ أكْلُه، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. ونصَّ عليه. وقيل: يجوزُ. وقال في مكانٍ آخرَ: ويحْرُمُ اسْتِعْمالُ جِلْدِ الآدَمِي إجْماعًا. قال في «التَّعْليقِ»، وغيرِه: ولا يَطْهُرُ بدَبْغِه، وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَين. انتهى. [وفيه روايةٌ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قاله في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائقِ». وقال الشَّارِحُ: وحُكِيَ عن ابنِ حامِدٍ] (¬1). ويجوزُ بَيعُه. على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجوزُ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَة»، كما لو لم يَطْهُرْ بدَبْغِه، وكما لو باعَه قبلَ الدَّبْغِ. نقلَه الجماعةُ. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الحاوي الكبير»، في البُيوعِ، وأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جوازَ بَيعِه مع نَجاسَتِه؛ كثَوْبٍ نَجِس. قال في «الفُروعِ»: فَيَتَوجَّهُ منه بَيعُ نَجاسَةٍ يجوزُ الانْتِفاعُ بها. ولا فَرْقٌ ولا إجْماعٌ؛ قيلَ. قال ابنُ القاسمِ المالكِيُّ (¬1): لا بأسَ ببَيع الزِّبْلِ. قال اللَّخميُّ (¬2): هذا مِن قوْلِه يدُل على بَيعِ العَذِرَةِ. وقال ابنُ الماجِشُون: لا بأسَ ببَيع العَذِرَةِ، لأنَّه مِن منافِع النَّاس. فوائد؛ الأولَى، يباحُ لُبْسُ جِلْدِ الثَّعالبِ في غيرِ صلاةٍ فيه. نَصَّ عليه. وقدَّمَه في «الفائقِ». وعنه، يُباحُ لُبْسُه، وتصِحُّ الصَّلاةُ فيه. واخْتارَه أبو بكرٍ. وقدَّمَه في «الرِّعايَة الكبرى». وعنه، تُكْرَهُ الصَّلاةُ فيه. وعنه، يَحْرُمُ لُبْسُه. اخْتارَه الخَلالُ. ذكَرَه في «التَّلْخيص»، وأطْلَقَهُنَّ. وأطْلَقَ الخِلافَ ابنُ تَميم. [قال في «الرّعايَة»: وقيلَ: يُباحُ لُبْسُه قوْلًا واحدًا، وفي كَراهَةِ الصلاةِ فيه وَجْهان. انتهي. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ] (¬3)، وابن عُبَيدان، وغيرُهم: الخِلافُ هنا مَبْنِي على الخلافِ في حِلِّها. وقال في «الفُروعِ»: وفي لُبْس جلْدِ الثَّعْلَبِ رِوايَتَان. ويأتِي حكمُ حِلِّها في بابِ الأطْعِمَةِ، ويأتِي آخِرَ سَتْرِ العَوْرَةِ. وهل يُكْرَهُ لبْسُه وافْتِراشُه جِلْدًا مُخْتَلَفًا في نَجاسَتِه؟. والثَّانيةُ، لا يُباحُ افْتِراشُ جلُودِ السباعِ مع الحكمِ بنَجاسَتِها، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضِي، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم. وعنه، يُباحُ. اخْتَارَه أبو ¬

(¬1) عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنَادة، العُتَقي، أبو عبد الله، من كبار المصريين وفقهائهم، رجل صالح مُقِلٌّ متقن حسن الضبط، مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ووفاته سنة إحدى وتسعين ومائة. الديباج المذهب 1/ 465، ترتيب المدارك 2/ 433. (¬2) بدر بن الهيثم بن خلف، القاضي الفقيه الصدوق المعمر اللخمي الكوفي نزيل بغداد، أبو القاسم، كان ثقة نبيلًا. ولد سنة مائتين أو بعدها بعام. وتوفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 14/ 531، 530. (¬3) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، وبالغَ حتى قال: يجوزَ الانْتِفاعُ بجلودِ الكلاب في اليابسِ، وسَدِّ البُثوقِ ونحوه. ولم يشْتَرِطْ دِباغًا. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكبرى»، وحَكاهُما وَجْهَين. والثَّالثةُ، في الخرْرِ بشَعَرِ الخِنْزيرِ رواياتٌ؛ الجوازِ. وعدَمُه. صَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما «ابن تَميمٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». والكَرَاهةُ، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، وصَحَّحَه في «الحاويَين»، وجزَمَ به في «المُنَوِّرِ». وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وأطْلَقَ الكَراهَةَ والجوازَ في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ». ويجبُ غَسْلُ ما خُرِزَ به رَطْبًا، على الصَّحيحِ من المذهبِ. قدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابن عُبَيدان». قال في «الرِّعايَةِ»: هذا الأقْيَسُ. وعنه، لا يجبُ؛ لإفْسادِ المغْسولِ. والرابعةُ، نصَّ أحمدُ على جوازِ المُنْخُلِ مِن شَعَرٍ نَجِسٍ. واقتَصَرَ عليه ابنُ تَميمٍ، وجَزَمَ به في «الفائقِ»، و «الرِّعايَّةِ الكَبْرى»، ثم قال: وقلتُ: يُكرهُ. فوائد؛ منها، جَعْلُ الْمُصْرانِ وَتَرًا دِباغٌ، وكذلك الكَرِشُ. ذكَرَه أبو المَعَالِي. قال في «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ لا. ومنها، يُشْتَرَطُ فيما يُدْبَغُ به أنْ يكونَ مُنَشِّفًا للرُّطوبَةِ، مُنَقِّيًا للخَبَثِ، بحيثُ لو نُقِعَ الجِلدُ بعدَه في الماء لم يَفْسُدْ. وزاد ابنُ عَقِيلٍ، وأنْ يكونَ قاطِعًا للرَّائحةِ والسُّهوكَةِ (¬1)، ولا يظْهَرُ منه رائحةٌ، ولا طَعْمٌ، ولا لوْنٌ خَبيثٌ، إذا انْتفَعَ به بعدَ دَبْغِه في المائِعاتِ. ومنها، يُشْتَرطُ غَسْلُ المَدْبوغِ، على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وقدَّمَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يُشْتَرطُ غَسْلُه في أظْهَرِ ¬

(¬1) السهوكة: الرائحة الكريهة.

وَلَبَنُ الْمَيتَةِ وَإنْفَحَتُهَا نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين. وصَحَّحَه في «الحَواشِي»، و «الرِّعايتَين». قال ابنُ عُبَيدان: اشْتِراطُ الغَسْلِ أظْهَرُ. وقيل: لا يُشْتَرَطُ. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخِيص»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الفائقِ». ومنها، لا يَحْصُل الدَّبْغُ بنَجِسٍ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَة الكبرى»: يَحْصُلُ به، ويُغْسَلُ بعدَه. قلت: فيُعايَى بها. ومنها، لو شُمِّسَ أو تُرِّبَ من غيرِ دَبْغٍ لم يَطْهُرْ. قدَّمَه في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَة الكبرى»، و «حَواشِي المُحَرَّرِ». وقَدَّمَه في «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوي الكبير»، في التَّشْميسِ. وقيل: يَطْهُرُ. وأطْلَقَهما ابنُ تَمِيمٍ فيهما. وأطْلَقَهما في التَّشْميسِ، في «الفائقِ»، و «الفُروع»، وقال: ويَتَوَجَّهان في تَتْرِيبِه، أو ريحٍ. فكأنَّه ما اطَّلَعَ على الخلافِ في التَّتريب. ومنها، لا يَفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلى فِعْلٍ، فلو وقَعَ جِلْدً في مَدْبَغةٍ فانْدَبَغ طَهُرَ. قوله: ولَبَنُ المَيتَةِ وإنْفَحَتُهَا نَجِسٌ في ظاهرِ المذهب. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه طاهِرٌ مُباحٌ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَمَ به في «نهايِةِ ابنِ رَزِينِ». وصَحَّحَه في «نَظْمِها»، وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين». فائدة: حُكْمُ جِلْدَةِ الإنفَحَةِ حُكمُ الإنفَحَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمَه في «الفُروع»، وغيرِه. وجزَمَ جماعةٌ بنجَاسَةِ الجِلْدَةِ. وذكَرَه القاضي في «الخِلافِ» اتِّفاقًا. وقال في «الفائقِ»: والنِّزاعُ في الإنْفَحَةِ دُونَ جلْدَتِها. وقيل: فيهما.

وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا وَظُفْرُهَا نَجِسٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعَظْمُها، وقَرْنُها، وظُفْرُها، نَجسٌ. وكذا عَصَبُها وحافِرُها، يعْني التي تَنْجُسُ بمَوْتِها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب. وعنه، طاهِرٌ. ذكَرَها في «الفُروع»، وغيرِه. قال في «الفائقِ»: وخَرَّجَ أبو الخَطَّابِ الطَّهارَةَ، واخْتارَه شيخُنا. يعني به الشيخَ تَقِيِّ الدِّين. قال: وهو المُخْتارُ. انتهى. قال بعضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ: فعلَى هذا يجوزُ بَيعُه. قال في «الفُروع»: فقيل: لأنَّه لا حياةَ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل، وهو الأصَحُّ: لانْتِفاءِ سبَبِ التَّنْجِيس، وهو الرُّطُوبَةُ. انتهى. وفي أصْلِ المسْألَةِ وَجْهٌ؛ أنَّ ما سقطَ عادةً مِثْلُ قُرونِ الوُعولِ، طاهِرٌ وغيرُه نَجِسٌ.

وَصُوفُهَا وَشَعَرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وصُوفُها، وشَعَرُها، ورِيشُها، طاهرٌ. وكذلك الوَبَرُ، يعني، الطاهَر في حالِ الحياة. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكْثَرُهم. نقَلَ المَيمُونيُّ: صوفُ المَيتَةِ ما أعْلَمُ أحدًا كَرِهَه. وعنه، أنَّ ذلك كلُّه نَجِسٌ. اخْتارَه الآجُرِّيُّ، قال: لأنَّه مَيتَةٌ. وقيل: يَنْجُسُ شَعَرُ الهِرِّ وما دُونَها في الخِلْقَةِ بالموتِ؛ لزَوالِ عِلَّةِ الطَّوافِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. فائدة: في الصُّوفِ والشَّعَرِ والرِّيشِ، المُنْفَصِلِ من الحيوانِ الحَيِّ الذي لا يُؤْكَلُ، غيرِ الكلبِ والخِنْزِيرِ والآدَمِيِّ، ثلاثُ رِواياتٍ؛ النَّجاسَةُ، والطَّهارَةُ، والنَّجاسَةُ مِن النَّجِسِ، والطَّهارَةُ مِن الطَّاهرِ. وهي المذهبُ. قال المُصَنّفُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، و «مَجْمعِ البَحْرَين»: وكلُّ حيوانٍ فحُكْمُ شَعَرِه حكمُ بقِيَّة أجْزائِه؛ ما كان طاهِرًا فشَعَرُه طاهِرٌ حيًّا وَمَيِّتًا، وما كان نَجِسًا فشَعَرُه كذلك، لا فرْقَ بين حالةِ الحياةِ وحالةِ الموتِ. قال ابنُ عُبَيدان:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والضَّابِطُ أنَّ كلَّ صُوفٍ، أو شَعَرٍ، أو وَبَرٍ، أو رِيشٍ، فإنَّه تابعٌ لأصْلِه في الطَّهَارةِ والنَّجاسَةِ، وما كان أصْلُه مُخْتلَفًا فيه، خُرِّجَ على الخلاف. انتهى. وقال في «الحاويَين»، و «الرِّعايَة الصُّغرى»: وشَعَرُها وصُوفُها ووَبَرُها ورِيشُها، طاهِرٌ. وعنه، نَجِسٌ. وكذلك كلُّ حيوانٍ طاهرٍ لا يُؤْكَلُ. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرى»، بعدَ أنْ حكَى الخِلاف في الصُّوفِ، ونحوه: ومُنْفَصِلُه في الحياةِ طاهرٌ، وقيل: لا. وهو بعيدٌ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ في الشَّعَرِ، ونحوه، وقدَّمَ أنَّه طاهرٌ: وكذلك مِن حَيوانٍ حَيٍّ لا يُؤْكَلُ. وعنه، مِن طاهرٍ، طاهرٌ. انتهى. فظاهِرُ كلامِه، أنَّ تلك الأجْزاءَ مِن الحيوانِ الحَيِّ الذي لا يُؤْكَلُ، طاهِرَةٌ، على المُقَدَّمِ، سواءٌ كانت مِن طاهرٍ أو نَجِسٍ، وليس كذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِرُ كلامِه إدْخالُ شَعَرِ الكلْبِ والخِنزيرِ، وأنَّ المُقَدَّمَ أنَّه طاهِرٌ، وليس الأمْرُ كذلك، بل هو قَدَّمَ في بابِ إزالةِ النجاسةِ أنَّ شَعَرَهما نَجِسٌ، وقطَع به جمهورُ الأصحابِ. والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ غيرَهما. وأطْلقَ الرِّواياتِ الثَّلاثَ ابنُ تَميمٍ في آخرِ بابِ اللِّباس. وأمَّا شَعَرُ الآدَمِيِّ المُنْفَصِلُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، طَهارَتُه. قطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، نجاستُه، غيرَ شَعَرِ النَّبَيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعنه، نجاستُه مِن كافرٍ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَة». واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، طهارةُ ظُفْرِه. وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ بنجاستِه. ذكَرَه ابنُ رجبٍ في «القاعدةِ الثَّانية»، وغيرُه. قال ابنُ عُبَيدان: واخْتارَه القاضي. وهما وَجْهان مُطْلَقًا في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ، مِن «الرعايَة»، و «الحاويَين». ويأتِي في ذلك البابِ حكمُ الآدَمِيِّ وأبْعاضِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، إذا صَلُبَ قِشْرُ بَيضَةِ المَيتَةِ مِن الطَّيرِ المَأْكولِ، فَباطِنُها طاهِرٌ بلا نزاعٍ،. ونصَّ عليه. وإنْ لم يَصْلُبْ فهو نَجَسٌ على الصَّحيحِ من المذهبِ، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. جزَمَ به أبو الحسين في «فُروعِه»، وغيرُه. وقدَّمَه في «الكافِي»، و «الحاوي الكبير»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: طاهِرٌ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروع»، و «الرَّعايتَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوي الصَّغِير». والثَّانيةُ، لو سُلِقَتِ البَيضَةُ في نَجاسَةٍ لم تَحْرُمْ. نصَّ عليه، وعليه الأصحاب.

باب الاستنجاء

بَابُ الاسْتِنْجَاءِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْخَلَاءِ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللهِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ، وَمِنَ الِّرجْسِ النَّجِسِ، الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَدْخُلُهُ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ الله تِعَالى، إلا مِنْ ضَرُورَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الاستنجاءِ قوله: ولا يَدخُلُه بشيءٍ فيه ذِكْرُ اللهِ تعالى. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، كراهةُ دخُولِه الخلاءَ بشيءٍ فيه ذِكْرُ اللهِ تعالى، إذا لم تكُنْ حاجَةْ. جزَمَ به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «مَجْمَع البحْرَين»، و «الحاوي الكبير». وقدَّمَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تميم، وابنُ عُبَيدان، و «النَّظْمِ»، و «الفُرُوعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. وعنه، لا يُكْرهُ. قال ابنُ رجَبٍ في كتابِ «الخواتِم»: والرِّوايَةُ الثَّانية، لا يُكْرهُ. وهي اخْتِيارُ عليِّ بنِ أبي موسى، والسَّامَرِّيِّ، وصاحِب «المُغنِي». انتهى. قال في «الرِّعايَة»: وقيل: يجوزُ اسْتِصْحاب ما فيه ذِكْرُ اللهِ تعالى مُطْلَقًا. وهو بعيدٌ. انتهى. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: تركُه أوْلَى. قال في «النُّكَتِ»: ولعَله أقْرَبُ. انتهى. وقطَع ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرتِه» بالتحْريمِ، وما هو ببعيدٍ. قال في «الفُروعِ»:

وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى في الدُّخُولِ، وَالْيُمْنَى في الْخُرُوجِ، وَلَا يَرْفَع ثوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الأرْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم بعضُهم بتَحْريمِه كمُصْحَفٍ. وفي نُسَخٍ: لمُصْحَفٍ .. قلتُ: أمَّا دخولُ الخلاءِ بمُصْحَفٍ مِن غيرِ حاجةٍ فلا شَكَّ في تَحريمِه قَطْعًا، ولا يَتَوقَّفُ في هذا عاقِلٌ. تنبيه: حيثُ دخَلَ الخلاءَ بخاتَم فيه ذِكْرُ اللهِ تعالى، جعلَ فَصَّه في باطِنِ كَفِّه، وإنْ كان في يَسارِه أدارَه إلى يَمينه؛ لأجْلِ الاسْتِنْجاءِ. فائدة: لا بأْسَ بحَمْلِ الدَّراهمِ، ونحوها فيه. نصَّ عليهما، وجزَمَ به في «الفُروع»، وغيرِه. قال في «الفُروع»: ويَتَوَجَّهُ في حَمْلِ الحِرْزِ مِثْلَ حَمْلِ الدَّراهمِ. قال النَّاظِمُ: بل أوْلَى بالرُّخْصَةِ مِن حَمْلِها. قلتُ: وظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ هنا، وكثيرٍ مِن الأصحابِ، أنَّ حَمْلَ الدَّراهمِ في الخَلاء كغيرِها في الكراهَةِ وعدَمِها. ثم رأيتُ ابنَ رجَبٍ ذكَرَ في كتابِ «الخواتِمِ»، أَنَّ أحمدَ نصَّ على كراهة ذلك، في رِواية إسْحاقَ بنِ هانئ (¬1)، فقال في الدِّرْهَمِ، إذا كان فيه اسْمُ الله، أو مَكتوبًا عليه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: يُكرهُ أنْ يُدْخِلَ اسْمَ اللهِ الخَلاءَ. انتهى. قوله: ولا يرْفع ثَوْبهُ حتى يَدْنُوَ من الأرض. إذا لم تَكُنْ حاجَةٌ يَحْتَمِلُ ¬

(¬1) إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، النيسابوري، أبو يعقوب، روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وكان ذا دين وورع، ولد سنة ثمان عشرة ومائتين، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 108.

وَيَعْتَمِدُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَلَا يَتَكَلَّمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الكراهةَ. وهو رواية عن أحمدَ، وهي الصَّحيحةُ مِن المذهب. وجزَمَ به في «الفُصولِ»، و «المُغْنِي»، و «شَرْحِ العُمْدَةِ» للشيخِ تَقيِّ الدِّين، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». ويَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ. وهي رِواية ثانية عن أحمدَ. وأطْلَقَهما في «الفُروع». تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ولا يَتَكلَّمُ. الإطْلاقُ، فشَمِلَ رَدَّ السَّلامِ، وحَمْدَ العاطِسَ، وإجابَةَ المُؤذِّنِ، والقِراءة وغيرَ ذلك. قال الإمامُ أحمدُ: لا يَنْبَغِي أنْ يَتَكلَّمَ. وكَرِهَهُ الأصحابُ. قاله في «الفُروع». وأمَّا رَدُّ السَّلامِ فيُكْرَهُ، بلا خلافٍ في المذهب. نصَّ عليه الإمامُ، حَكاه في «الرِّعايَة»، مِن عَدَمِ الكراهَةِ. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. وأمَّا حَمْدُ العاطِس، وإجابَةُ المُؤذِّنِ، فيَحْمَدُ، ويجيبُ بقَلْبِه، ويُكْرَهُ بلَفْظِه، على الصَّحيح مِن المذهب. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه، لا يُكْرَهُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: يُجيبُ المُؤذِّنَ في الخَلاءِ. ويأْتِي ذلك أيضًا في بابِ الأذانِ. وأمَّا القِراءةُ، فجزَمَ صاحِبُ «النَّظْمِ» بتَحْرِيمِها فيه، وعلى سَطْحِه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ على حاجَتِه. قلتُ: الصَّوابُ تَحْريمُه في نفْس الخَلاءِ. وظاهِرُ كلامِ المَجْدِ وغيرِه يُكْرَهُ. وقال في «الغُنْيَة»: لا يتَكَلَّمُ ولا يذكُرُ اللهَ، ولا يزيدُ على التَّسْمِيَةِ والتَّعَوُّذِ. وقال ابنُ عُبَيدان: ومنَعَ صاحِبُ «المستوْعِبِ» مِن الجميع، فقال: ولا يتَكَلَّمُ برَدِّ سلامٍ، ولا غيرِه. وكذلك قال صاحِبُ «النِّهايةِ». قال ابنُ عُبَيدان: وظاهِرُ كلامِ أصحابِنا تحْرِيمُ الجميع؛ لحديثِ أبي سَعيد، فإنَّه يَقْتَضِي المَنْعَ مُطْلَقًا. انتهى. قال في «النُّكَتِ»: دليلُ الأصحابِ يقتَضِي التَّحْريمَ، وعن أحمدَ ما يدُلُّ عليه. انتهى. وقوْلُ ابنِ عُبَيدان: إن ظاهرَ كلامِ الأصحابِ تَحريمُ الجميع. فيه نَظر؛ إذْ قد صرَّحَ أكثرُ الأصحابِ بالكَراهَةِ فقط في ذلك، وتقَدَّمَ نقْلُ صاحبِ «الفُروع»، وليس في كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه تصْريحٌ في ذلك، بل كِلاهُما مُحْتَمِل كلامَ غيرِهما.

وَلَا يَلْبَثُ فَوْقَ حَاجَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَلْبَثُ فَوْقَ حاجَتِه. يَحْتَمِلُ الكراهةَ. وهو روايةٌ عن أحمدَ. وجزَمَ به في «الفُصولِ»، و «الكافِي»، و «ابنِ تميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «حَواشِي ابنِ مُفْلِحٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». واخْتارَه القاضي، وغيرُه. ويَحْتَمِلُ التَّحْريمَ. وهو رواية ثانية. اخْتارَها المَجْدُ، وغيرُه. وأطْلَقَهما في «الفُروع». تنبيه: هذه المسْأْلةُ، هي مسْأْلةُ سَتْرِها عن الملائكةِ والجنِّ. ذكره أبو المَعالِي، ومعْناه في «الرِّعايَة»، ويُوافقُه كلامُ المَجْدِ في ذكْرِ الملائكَةِ، قاله في «الفُروع». فائدة: لُبْثُه فوقَ حاجَتِه مُضِرٌّ عندَ الأطبَّاءِ ويقالُ: إنه يُدْمِي الكبِدَ ويأْخُذُ منه الباسُورُ. قال في «الفُروع»، و «النُّكَتِ»: وهو أيضًا كَشْفٌ لعَوْرَته في خَلْوَةٍ بلا حاجةٍ. وفي تحريمِه وكراهَتِه، روايتان. وأطْلَقَهما في «الفُروع»، و «النُّكَتِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: ظاهرُ كلامِ ابنِ عُبَيدان، وابنِ تَميمٍ، وغيرِهما، أنَّ اللُّبْثَ فوقَ الحاجةِ، أخَفُّ مِن كشْفِ العَوْرةِ ابْتدَاءً مِن غيرِ حاجةٍ؛ فإنَّهما جزَما هنا بالكَراهةِ، وصَححَ ابنُ عُبَيدان التحريمَ في كشْفِها أبتداءً مِن غيرِ حاجةٍ، وأطْلَقَ الخِلافَ فيه ابنُ تميمٍ. ويأْتِي ذلك في أولِ بابِ سَتْرِ العوْرةِ. تنبيه: حيث قُلْنا: لم يَحْرُمْ. فيما تقدَّم، فيُكْرَهُ. وقال ابنُ تميم: جازَ. وعنه، يُكْرَهُ. قال في «الفُروعِ»: كذلك قال. فائدة: يُسْتَحبُّ تغْطَيةُ رأْسِه حال التَّخلِّي. ذكَرَه جماعةٌ مِن الأصحابِ، نقَله

وَإذَا خَرَجَ قَال: غُفْرَانَكَ، الْحَمْدُ لِله الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى، وَعَافَانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنهم في «الفُروع»، في بابِ عِشْرَةِ النِّساءِ. قلتُ: منهم ابنُ حَمْدان في «رِعايَتَيه»، وابنُ تميم، وابنُ عُبَيدان، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم.

وَإنْ كَانَ في الْفَضَاءِ أَبعَدَ، وَاسْتَتَرَ، وَارْتَادَ مَكَانًا رِخْوًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَبُولُ فِىِ شَقٍّ، وَلَا سَرَبٍ، وَلَا طَرِيقٍ، وَلَا ظِلٍّ نَافِعٍ، وَلَا تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ولا يَبُولُ في شَقٍّ ولا سَرَبٍ. يعني، يُكْرَه، بلا نزاعٍ أعْلَمُه. وقولُه: ولا طَرِيقٍ. يحْتَمِلُ الكراهةَ. وجزَمَ به في «الفُصولِ»، و «مَسْبوْكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». وهو الصَّحيحُ. ويحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «ابنِ تميم»، وابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِهِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». تنبيه: مُرادُه بالطريقِ هنا، الطريقُ المَسْلوكُ. قاله الأصحابُ. وقولُه: ولا ظِلٍّ نافِع. يَحْتَمِلُ الكراهةَ، وهو الصَّحيحُ. جَزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ التَّحْريمَ. وجزَمَ به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقولُه: ولا تحتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، وكذا مَوْرِدُ الماءِ. فيَحْتَمِلُ الكراهةَ، وهو الصَّحيحُ. جزَمَ به في «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «الكافي»، و «الشرْحِ»، وابن عَبْدوس في «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». ويَحْتَمِلُ التَّحْريمَ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «ابنِ تميمٍ»، و «ابنِ رَزِين». وقال في «مَجْمَع البَحْرَين»: إنْ كانتِ الثَّمرَةُ له كُرِهَ، وإنْ كانتْ لغيرِه حَرُمَ. انتهى. وهما وَجْهان في المسائلِ الأرْبَع. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وعبارة كثيرٍ من الأصحابِ، كعِبارةِ المُصَنِّف، وظاهر كلامِ المُصَنِّفِ فيها الكَراهَة، بدَليلِ قوْلِه بعدَ ذلك: ولا يجوزُ أنْ يَسْتَقْبلَ القِبْلَةَ. وبقوْلِه: قيل: ولا يَبُولُ في شَقٍّ ولا سَرَبٍ. فإنه يُكْرَهُ بلا نزاعٍ، كما تقدَّم. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: مُثْمِرَةٍ. يعْني، عليها ثَمَرَة. قاله كثيرٌ مِن الأصحاب. وقال في «مجْمَع البَحْرَين»: والذي يَقْتَضِيه أصْلُ المذهبِ، من أن النجاسَةَ لا يُطهِّرُها ريحٌ ولا شمسٌ، أنَّه إذا غلَبَ على الظَّنِّ مَجِئُ الثَّمَرَةِ قبلَ مطرٍ أو سَقْي يُطهِّرُانِه، كما لو كان عليها ثَمَرَةٌ، لا سِيَّما فيما تُجْمَعُ ثَمَرتُه من تحتِه كالزَّيتون. انتهى. قلتُ: وفيه نظرٌ، إلَّا إذا كانت رَطْبَةً بحيثُ يتَحَلَّل منها شيءٌ. الثَّاني، مفْهومُ قولِه: مُثْمِرَةٍ. أن له أنْ يبولَ تحتَ غيرِ المُثْمِرَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثر الأصحاب. وقطعَ في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النهايَة»، أنَّه لا يبولُ تحتَ مُثْمِرَةٍ ولا غيرِ مُثْمِرَةٍ. فوائد؛ يُكرهُ بوْلُه في ماء راكدٍ مُطْلقًا، على الصَّحيح مِنْ المذهب. نصَّ عليه. وأطْلقَ الأدَمِيُّ البغْدادِيُّ في «مُنْتَخبِه» تَحْرِيمَه فيه. وجزَمَ به في «مُنَوِّرِه». وقال في «الفُروع»، وفي «النِّهايَة»: يُكْرَه تَغوُّطُه في الماءِ الرَّاكدِ. انتهى. وجزَمَ به في «الفُصول» أيضًا، فقال: يُكْرَهُ البولُ في الماءِ الدَّائمِ، وكذا التغوُّطُ فيه. ويُكْرَهُ بولُه في ماءٍ قليلٍ جارٍ ولا يُكرهُ في الكثيرِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. واخْتارَ في «الحاوي الكبير» الكراهةَ. انتهى. وَيَحْرُمُ التَّغَوُّطُ في الماءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجارِي، على الصَّحيحِ. جزَمَ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وعنه، يُكْرَهُ. جزَمَ به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تميم، وصاحِبُ «الحاوي الكبير»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وتقدَّم كلامُه في «الفُصولِ»، و «النِّهايَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: ولا يبولُ في ماء واقفٍ، ولا يَتَغوّطُ في ماءٍ جارٍ. قلتُ: إنْ نَجُسَا بهِما. انتهى. ويُكْرَهُ في إناءٍ بلا حاجَةٍ. على الصَّحيحِ من المذهب. نصَّ عليه. وقيل: لا يُكْرَهُ. وقدَّمه ابنُ تميمٍ، وابنُ عُبَيدان. ويُكْرَهُ في مُسْتَحَمٍّ غيرِ مُبَلَّطٍ، ولا يُكْرَهُ في المُبَلَّطِ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، يُكْرَهُ. ولا يُكْرَهُ البَوْلُ في المَقْبَرَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. جزَمَ به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمعِ البحْرَين». وعنه، يُكْرَهُ. وأطْلَقهُما في «الفُروع»، و «ابنِ تَميم»، وابنُ حَمْدان. وذكَرَ جماعةٌ؛ منهم ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدان، وغيرُهم، كراهةَ البولِ في نارٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يُقالُ: يُورِثُ السُّقْمَ. زادَ في «الفُصولِ»، ويُؤذِي برائحَتِه. زاد في «الرِّعَايَة»، ورَمادٍ. قال القاضي في «الجامِع الكبَير»، وابنُ عَقِيل في «الفُصول»، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم: وقَزَع. وهو المَوْضِعُ المُتَجَرِّدُ عن النبْتِ مع بَقايا منه. ولا يُكْرَه البولُ قائمًا بلا حاجةٍ، على الصَّحيحِ. من المذهب. نصَّ عليه. إن أمِنَ تَلَوُّثًا وناظِرًا. وعنه، يُكْرَه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبِعَه في «الحاوي الكبير»، وغيرِه: وهو الأقْوَى عندِي. ويَحْرُمُ تَغوطُه على ما نُهِيَ عن الاسْتِجْمارِ به، كَرَوْثٍ وَعَظْمٍ، ونحوهما، وعلى ما يتَّصِلُ بحيوانٍ، كذنَبِه وَيَدِه ورِجْلِه. وقال في «الرِّعايَة»: ولا يَتَغوطُ على ما لَه حُرْمَةٌ، كَمَطْعوم وعَلَفِ بَهِيمَةٍ، وغيرِهما. وقال في «النِّهايَة»: يُكْرَهُ تَغوُّطُه على الطَّعامِ، كعلَفِ دابَّةٍ. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. ويُكْرَهُ البوْلُ والتغوط على القبورِ. قاله في «النِّهايَة» لأبِي المَعالي قلتُ: لو قيل بالتحْريمِ لكان أَوْلَى.

وَلَا يَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ وَلَا الْقَمَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَسْتَقْبلُ الشَّمْسَ ولا القَمَرَ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، كراهةُ ذلك. جزَمَ به في «الإيضاح»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبير»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنتخبِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميم»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وهو ظاهرُ كلامِ أكْثَرِ الأصحابِ، ممَّنْ لم يُصَرِّحْ بالكراهةِ. وقيل: لا يُكْرَهُ. واختارَه في «الفائِقِ». وعندَ أبي الفَرَجِ الشِّيرازِيِّ، حكمُ اسْتِقْبالِ الشمس والقمرِ واسْتِدْبارِهما، حكمُ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبارِها، على ما يأتي قريبًا. قال في «الفُروع»: وهو سَهْوٌ. وقال أيضًا: وقيل. لا يُكْرَهُ التَّوجُّهُ إليهما كبَيتِ المَقْدِس، في ظاهرِ نقْلِ إبراهيمَ بنِي الحارِث (¬1)، وهو ظاهِرُ ما في «خِلافِ». القاضي. وحمَلَ النَّهْيَ حينَ كانْ قِبْلَةً، ولا يُسمَّى بعدَ النَّسْخِ قِبْلَةً. قلتُ: ظاهرُ كلامِ أكثَرِ الأصحاب، عدَمُ الكراهةِ. وذكَرَ ابنُ عَقِيل في النسْخِ بقاءَ حُرْمَتِه. وظاهِرُ نقْلِ حَنبل (¬2) فيه، يُكْرَهُ. فائدة: يُكْرهُ أنْ يستقبلَ الريحَ دونَ حائل يمْنَعُ. ¬

(¬1) إبراهيم بن الحارث بن إسماعيل البغدادي، أبو إسحاق، حافظ ثقة، توفي سنة خمس وستين ومائتين. سير أعلام النبلاء 13/ 23. (¬2) حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، أبو علي ابن عم الإمام أحمد، كان ثقة ثبتا صدوقا. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 143 - 145، العبر 2/ 51.

وَلَا يَجُوزُ أنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ في الْفَضَاء، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ أنْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ في الفَضَاءِ، وفي اسْتِدبَارِها فِيه، واسْتِقْبالِهَا في البنيانِ، روايتان. اعلمْ أن في هذه المسْألةِ رواياتٍ إحْداهُنَّ، جوازُ الاسْتِقْبالِ والاسْتِدبارِ في البنيانِ دونَ الفَضاءِ. وهي المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: هذا المنْصورُ عندَ الأصحابِ. قال في «الفُروع»: اخْتارَه الأكثَرُ. وجزَمَ به في «الإيضاح»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيل»، و «الطرَّيقِ الأقربِ»، و «العُمْدَة»، و «المُنَوِّر»، و «التَّسْهِيلِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

وَفِي اسْتِدْبَارِها فِيهِ، وَاسْتِقْبَالِهَا فِي الْبُنْيَانِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «النظْمِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقال: هذا تَفْصيلُ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدوس في «تَذْكِرَتِهِ». وَصَححه ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. والثانيةُ، يحْرُمُ الاسْتِقْبالُ والاسْتِدْبارُ في الفَضَاءِ والبنيان. جزَمَ به في «الوَجيزِ»، و «المُنتخبِ». وقدمه في «الرِّعايتَين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الهَدْي»، و «الفائقِ» وغيرُهم. والثَّالثةُ، يجُوزان فيهما. والرابعةُ، يجوزُ الاسْتِدْبارُ في الفَضاءِ والبُنْيانِ، ولا يجوزُ الاسْتِقْبالُ فيهما. والخامِسَةُ، يجوزُ الاسْتِدْبارُ في البُنيان فقط. وحكَاها ابنُ البَنَّا في «كامِلِه» وجْهًا، وهو ظاهِرُ ما جزَمَ به المُصَنِّفُ هنا. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروْع». وقال في «المُبْهِج»: يجوزُ اسْتِقبالُ القِبْلَةِ إذا كان الرِّيحُ في غيرِ جِهَتِها. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ، في «رءُوس المسائلِ»: يُكْرَهُ اسْتِقْبالُ القِبْلَةِ في الصَّحارَى، ولا يُمنعُ في البُنْيانِ. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»: لا يجوزُ لمن أرادَ قضاءَ الحاجَةِ اسْتِقْبالُ القِبْلَةِ واسْتِدْبارُها في الفَضاءِ، وإنْ كان بينَ البُنْيان جاز، في إحْدَى الرِّوايتَين. والأخْرى، لا يجوزُ في الموْضِعَين. وقال في «المُذْهَبِ»: يحْرُمُ اسْتِقْبالُ القبْلَةِ إذا كان في الفَضاءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ روايةً واحدةً، وفي الاسْتِدْبارِ روايتان؛ فإنَّ كان في البُنْيان، ففي جَوازِ الاسْتِقْبالِ والاسْتِدْبار رِوايتان. وقال في «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ»: لا يَستَقبلُ القِبْلَةَ، وفي الاسْتِدْبارِ رِوَايتان، ويجوز ذلك في البُنْيان في أصَحِّ الرِّوايتَين. فائدتان؛ إحْداهما، يكْفِي انْحِرافُه عن الجهَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ونقَلَه أبو داودَ، ومعْناه في الخلافِ. قال في «الفُروع»: وظاهِرُ كلامِ

فَإِذَا فَرَغَ، مَسَحَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ أصْلِ ذَكَرِهِ إلَى رَأسِهِ، ثُمّ يَنْتُرُه ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحبِ «المُحَرَّرِ» وحَفيدِه، لا يكْفِي. ويكْفي الاسْتِتَارُ بدابَّةٍ وجِدار وجبَل ونحوه، على الصَّحيح من المذهبِ. وقيل: لا يكْفِي. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم لا يُعْتَبَرُ قُرْبُه منها، كما لو كان في بيتٍ. قال: ويَتَوَجَّهُ وجْه، كسُترةِ صلاةٍ. ومال إليه. الثَّانيةُ، يُكْرَهُ اسْتِقْبالُها في فضاءٍ باسْتِنْجاء واسْتِجْمار، على الصَّحيحِ من المذهب، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يُكْرَهُ. ذكَره في «الرِّعايةِ». قلتُ: ويتَوَجَّهُ التَّحْريمُ. قوله: فإذا فَرَغ مَسَحَ بِيَدِه اليُسْرَى مِن أصْلِ ذَكَرِه إلى رأسه، ثم يَنْتُرُه ثلاثًا. نصَّ على ذلك كلِّه. وظاهِرُه يُسْتحَبُّ ذلك كله ثلاثًا. وقاله الأصحابُ. قاله في «الفروع». وقال الشيخُ تَقِيُّ الدين: يُكْرَهُ في السَّلْتِ (¬1) والنترِ. قال ابنُ أبي الفَتْحِ في «مُطْلِعِه»: قولُ المُصَنِّفِ: ثلاثا. عائدٌ إلى مَسْحِه ونَتْرِه. أي يمْسَحُه ثلاثًا، ويَنْتُرُه ثلاثًا، صرَّحَ به أبو الخَطابِ في «الهِدايَة». انتهى. وهو في بعضِ نُسَخِها، وليس ذلك في بعضِها. وقوله: مِن أصْلِ ذَكَرِه. هو الدَّرْزُ، أي ¬

(¬1) السلت: قبضك على الشيء أصابه قذرٌ ولَطْخٌ، فتَسْلِتُه عنه سَلْتًا.

وَلَا يَمَسُّ فَرْجَهُ بِيَمِينهِ، وَلَا يَسْتَجْمِرُ بِهَا، فَإن فَعَلَ اجْزَأهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن حَلْقَةِ الدُّبُرِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ من الأصحابِ، أنه لا يَتَنَحْنَحُ، ولا يَمْشي بعدَ فراغِه وقبلَ الاسْتِنْجاء. وهو صحيح. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: كل ذلك بِدْعَة، ولا يجبُ باتِّفاق الأَئِمَّة. وذكَرَ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» قولًا، يُكْرَهُ نحْنَحَة ومَشْيٌ، ولو احْتاجَ إليه؛ لأنه وَسْوَسَة. وقال جماعة مِن الأصحابِ؛ منهم صاحِب «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغير»، وغيرُهم: يَتَنَحْنَحُ. زاد في «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي»، ويمْشِي خُطواتٍ. وعن أحمدَ نحوُ ذلك. وقال المُصَنِّفُ: يُسْتَحَبُّ أن يَمْكُثَ بعدَ بوْلِه قليلًا. فائدة: يُكْرَهُ بَصْقُه على بَوْلِه؛ للوَسْواس. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ وغيرُهما: يقالُ: يورثُ الوَسواسَ. قوله: ولا يمَسُّ فَرْجَه بِيَمِينه، ولا يَسْتَجْمِرُ بها. وكذا قال جماعة، فيَحْتَمِلُ الكراهةَ، وهو الصحيحُ مِن المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الكبير»، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدوسٍ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغير»، وغيرهم. ويَحْتَمِلُ التَّحْريمَ، وجزَمَ به في «التَّلْخيص»، وهما وَجْهان. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قوله: فَإنْ فَعَلَ أجْزَأهُ. إنْ قُلْنا بالكراهةِ أجْزأهُ الاسْتِنْجاءُ والاسْتِجْمارُ، وإنْ قُلْنا بالتَّحْريمِ أجْزأه أيضًا، على الصحيحِ من المذهب. وقيل: لا يُجْزِيء. قال في «مَجْمع البَحْرَين»: قلتُ: قِياسُ قوْلهم في الوُضوءِ في الفِضَّةِ، أنَّه لا يُجْزِئُه هنا. انتهى. وقيل: يُجْزِئ الاسْتِنْجاءُ دونَ الاسْتِجْمارِ. وجزَمَ ابنُ تَميم بصِحةِ الاسْتِنْجاءِ، وأطْلَقَ الوَجهَين في الاسْتِجْمارِ. فائدة: قيل: كراهةُ مسِّ الفَرْج مُلطْقًا. أي في جميع الحالات. وهو ظاهرُ نقْلِ صالحٍ؛ قال في رِوايته: أكْرَهُ أنْ يَمس فَرْجَه بيمينه. وذكَره المَجْدُ. قال في «الفُروع»: وهو ظاهرُ كلامِ الشيخِ، يعْني به المُصَنِّفَ، وقيل: الكراهةُ مخْصُوصة بحالةِ التَّخلِّي. وحَملَ ابنُ مُنَجًّى في «شرحِه» كلامَ المُصَنِّفِ عليه. وترْجَمَ الخلَّالُ روايةَ صالح كذلك. ويأتي في أواخِرِ كتابِ النكاح؛ هل يُكْرَهُ النَّظر إلى عَوْرَةِ نفْسِه أم لا؟.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، أعْنِي الكراهةَ والتحْريمَ في مس الفَرْجِ والاسْتِجْمارِ بها، إذا لم تكُنْ ضرورة، فإنَّ كان ثَم ضرورة، جازَ مِن غيرِ كراهة. فائدة: إذا اسْتَجْمَرَ مِن الغائطِ، أخَذَ الحَجَرَ بشِمالِه فمَسَحَ به، وإنِ اسْتَجْمَرَ مِن البولِ، فإنَّ كان الحجَرُ كبيرًا، أخذَ ذكَرَه بشِمالِه فمسَحَ به. وقال المَجْدُ: يتَوَخَّى الاسْتِجْمارَ بجِدارٍ، أو موضع نَاتِيء من الأرْض، أو حَجَر ضخم لا يَحْتاجُ إلى إمْساكِه، فإنِ اضطر إلى الحِجارةِ الصغارِ، جعَلَ الحَجَرَ بينَ عقِبَيه أو بينَ أصابِعِه، وتَناولَ ذكَرَه بشِمالِه فمسَحه بها، فإنَّ لم يُمْكِنْه أمْسَك الحجَرَ بيمينه ومسَحَ بشِمَالِه، على الصَّحيح من المذهبِ. صححَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «الحاوي الكبير»، و «الزرْكَشِيِّ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرى». وقيل: يُمْسِكُ ذكرَه بيمينه ويمْسَحُ بشِمالِه. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. وعلى كِلا الوَجْهَين يكونُ المَسْحُ بشِمَالِه. قال ابنُ عُبَيدان: فإنَّ كان أقْطَعَ اليُسْرى أو بها مرَض، ففي صِفَةِ اسْتِجْمارِه وَجْهان؛ أحَدُهما، يُمْسِكُ ذكَرَه بيمينه ويمْسَحُ بشِمَالِه. والثاني، وهو الصَّحيحُ، قاله صاحبُ «المُحَرَّرِ»: يُمْسِكُ الحجَرَ بيمينه، وذكَرَه بشِمَالِه ويَمْسَحُه به. انتهى. قلتُ: وفي هذا نَظر ظاهر، بل هو، والله أعلمُ، غَلَطٌ في النقْلِ، أو سَبْقَةُ قلَمٍ؛ فإنَّ أقْطَعَ اليُسْرى لا يَمكِنُه المسْحُ بشِمَالِه، ولا المَسْكُ بها، ولا يمْكِنُ حَملُه على أقْطَع رِجْلِه اليُسرى؛ فإنَّ الحكْمَ في قطع كل منهما واحدٌ، وقد تَقَدَّم

ثُمَّ يَتَحَوَّلُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَسْتَجْمِرُ، ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحكْمُ في ذلك، والحكمُ الذي ذكَرَه هنا هو نفْسُ الحُكْمِ الذي ذكَرَه في المسْألةِ التي قبلَه، فهنا سَقْطٌ، والنُّسْخةُ بخَطِّ المُصَنِّفِ، والحكمُ في أقْطع اليُسْرى ومَرِيضها جوازُ الاسْتِجْمارِ باليَمينِ مِن غيرِ نِزاعٍ، صَرَّحَ به الأصحابُ، كما تقدَّم قريبًا. تنبيه: قوله: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ عَن مَوْضِعِه. مُرادُه، إذا خافَ التلويثَ، وأما إذا لم يَخفِ التلويث، فَإنه لا يَتَحَوَّلُ. قاله الأصحاب.

وَيجزئه أحَدهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَسْتَجْمِرُ، ثم يَسْتَنْجِي بالماء. الصَّحيحُ مِن المذهب أن جمْعَهُما مُطْلقًا أفْضَلُ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ أبي موسى أنَّ الجَمْعَ في محَل الغائِطِ فقط أفْضَلُ. والسنةُ أن يبدأ بالحجَرِ، فإنَّ بَدَأ بالماءِ، فقال أحمدُ: يُكْرَهُ. ويجوزُ أنْ يَستنْجِيَ في أحَدِهما ويَسْتَجْمِرَ في الآخرِ. نصّ عليه. فائدة: الصحيحُ مِن المذهبِ أن الماءَ أفْضَلُ مِن الأحْجارِ عندَ الانْفِراد. وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، الحجَرُ أفْضَلُ منه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والخَلالُ، وأبو حَفْص العُكْبَريُّ. وعنه، يُكْرَهُ الاقْتِصارُ على الماءِ. ذكَرَها في «الرِّعايَة»، واخْتارَها ابنُ حامِد أيضًا. قوله: ويُجْزِئُه أحَدُهما، إلَّا أنْ يَعْدُوَ الخارِجُ مَوْضِعَ العادةِ، فلا يُجْزِيء إلا الماءُ. هذا المذهبُ مُطْلقًا. وعليه جماهير الأصحابِ، وقطعَ به كثير؛ منهم صاحبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكاهلي»، و «الشَّرْح»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وقيل: إذا تعَدَّى الخارجُ موْضِعَ العادَةِ، وجَبَ الماءُ على الرَّجُلِ دونَ المرأةِ.

إلا أنْ يَعْدُوَ الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ، فَلَا يُجْزِئُ إلا الْمَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه لا يَسْتَجْمِرُ في غيرِ المَخْرَجِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة». قال ابنُ عَقِيل، والشِّيرازِي: لا يَسْتَجْمِرُ في غيرِ المَخْرَجِ. قال في «الفُصولِ»: وحَدُّ المَخْرَجِ نفْسُ الثَّقْبِ. انتهى. واغْتفَرَ المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «التَّلْخيص»، والسَّامَريُّ، وجمهورُ الأصحابِ، ما تجاوَزَه تجاوزًا جرَتِ العادَةُ به. وقيل: يَسْتَجْمِرُ في الصَّفْحَتَين والحَشَفَةِ. حكَاه الشِّيرازِيُّ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين أنَّه يَسْتَجْمِرُ في الصَّفْحَتَين والحَشَفَةِ وغيرِ ذلك؛ للعُمومِ. قالهَ في «الفروجِ». وحَدَّ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» ما يتَجاوَزُ موْضِعَ العادَةِ، بأنْ ينْتَشِرَ الغائِطُ إلى نِصْفِ باطِنِ الألية فأكْثَرَ، والبوْلُ إلى نِصْفِ الحَشَفَةِ فأكْثَر، فإذَنْ يَتَعَيَّنُ الماءُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ، في «الهِدايَة». وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ خرَجَتْ أجْزاءُ الحُقنَةِ فهي نَجِسَةٌ، ولا يُجْزِئُ فيها الاسْتِجْمارُ. وتابَعَه جماعةٌ؛ منهم ابنُ تَميم، وابنُ حَمْدان، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. قلتُ: فيُعايىَ بها. تنبيه: شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ الذَّكَرَ والأنثى، الثَّيِّبَ والبِكْرَ؛ أمَّا البِكْرُ فهي كالرَّجُلِ؛ لأنَّ عُذْرَتَها تَمْنَعُ انْتِشارَ البوْلِ في الفَرْجِ، وأمَّا الثَّيِّبُ فإنَّ خرَجَ بوْلُها بحِدَّةٍ ولم ينْتَشِرْ، فكذلك، وإنْ تعَدَّى إلى مَخْرَجِ الحَيض، فقال الأصحابُ: يجِبُ غَسْلُه كالمُنْتَشِرِ عن المَخْرَجِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئ فيه الحَجَرُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَة»: وهو الصَّحيحُ، فإنَّه مُعْتاد كثيرًا والعُموماتُ تَعْضُدُ ذلك. واخْتارَه في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبير». وقال هو وغيرُه: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ قُلْنا: يجبُ تَطْهِيرُ باطنِ فَرْجِها. على ما اخْتارَه القاضي، والمنْصوصُ عن أحمدَ أنَّه لا يجبُ، فتكونُ كالبِكْرِ، قوْلًا واحدًا. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فائدة: لا يجبُ الماءُ لغيرِ المُتَعَدِّي، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نَصَّ عليه، وجزَمَ به ابنُ تَميمٍ، وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكبرى»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال في «القَواعِد الفِقْهيَّةِ»: هذا أشْهَرُ الوَجهَين. وهو قولُ القاضي، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقيِّ، ويحْتَمِلُه كلامُ الُمصَنِّفِ هنا. وقيل: يجبُ الماءُ للمُتَعَدِّي ولغيرِه. جزَمَ به في «الوَجيزِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، وقالا: غُسِلَا. وقطَع به أبو يَعْلَى الصَّغيرُ (¬1). وهو ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، والمَجْدِ، في «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرهم. وحكَى ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «وَجِيزِه»، الخِلافَ رِوايتَين. وقال في «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ الوُجوبُ للمُتَعَدِّي ولغيرِه، مع الاتِّصالِ دونَ غيرِه. فائدة: لو تنَجَّسَ المَخرجان أو أحَدُهما بغيرِ الخارِج، ولو باسْتِجْمار بنَجِسٍ، وَجَبَ الماءُ عندَ الأصحابِ. وفي «المُغْنِي» احْتِمالٌ بإجْزاءِ الحجَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو وَهَمٌ (¬2). وتقدَّمَ كلامُ ابنِ عَقِيل في الحُقْنَةِ. وقال في ¬

(¬1) محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، القاضي أبو يعلى الصغر، عماد الدين، ابن القاضي الكبير أبي يعلى، شيخ المذهب في وقته، سمع الحديث وتفقَّه، وبرع في المذهب والخلاف والمناظرة، وأفتى ودرس وناظر في شبيبته، صنف تصانيف كثيرة؛ منها «التعليقة». ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وتوفي سنة ستين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 244. (¬2) الوهم، بالتحريك، الغلط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَينِ»: وفي إِجْزاءِ الاسْتِجْمارِ عن الغَسْلِ الواجبِ فيهما وَجْهان. فوائد؛ منها، يبدَأُ الرَّجلُ والبِكْرُ بالقُبُلِ على الصَّحيحِ مِن المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يتَخَيَّران. وقيل: البِكْرُ كالثيبِ. وقدَّمه جماعة. وأمَّا الثَّيِّبُ، فالصحِيحُ من المذهب أنها مُخَيَّرةٌ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهما. وجزَمَ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُذْهَبِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيل، وغيرُه. وقيل: يَبدأ بالدُّبُرِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغير». وقطَع به الشِّيرازِى، وابنُ عَبْدُوس المتقدِّمُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابن عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبير»، و «الزرْكَشِيِّ»: الأوْلَى بَداءَةُ الرَّجُلِ في الاسْتِنْجاءِ بالقُبُلِ، وأمَّا المرأةُ ففيها وَجْهان؛ أحدُهما، التخْييرُ. والثاني، البَداءَةُ بالدُّبُرِ. وأطْلقُوا الخِلافَ، وصَرَّحوا بالتسْويَة بينَ البِكْرِ والثيبِ. وقال ابنُ تَميم: يبدأ الرجلُ بقُبُلِه، والمرأةُ بأيهما شاءَتْ. وفيه: وجه؛ تبْدأ المرأةُ بالدُّبُر. وقال في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغير»: ويبدَأُ الرجلُ بقُبُلِه، والمرأةُ بدُبُرِها. وقيل: يتَخَيران بَينَهما. زادَ في «الكُبْرى»، وقيل: البِكْرُ تتَخَيَّر والثيبُ تبْدأ بالدبُرِ. ومنها، لو انْسَدَّ المَخْرَج وانْفَتَحَ غيرُه، لم يَجُزْ فيه الاسْتِجْمارُ، على الصحيح مِنْ المذهب. اخْتارَه ابن حامِدٍ، والمُصَنف، والشارِحُ، وابن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان. [وصَحَّحَه في «المُذْهَبِ»] (¬1). وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «ابنِ رَزِين»، ونصَرَه. وفيه وَجْه آخَرُ؛ يُجْزِيء الاستِجْمارُ فيه. اخْتارَه القاضي، والشِّيرازِيُّ، وقدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الكبير». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، وابنُ تَميم، والزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين». وقيل: لا يُجْزِئُ مع بَقاءِ المَخْرَجِ المُعتاد. قال ابنُ تَميم: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ إجْزاءُ الوَجْهَين، مع بَقاءِ المَخْرَجِ أيضًا. تنبيه: هذا الحكْمُ سواء كان المَخْرَجُ فوقَ المَعِدَةِ أو أسْفَلَ منها، على الصّحيحِ مِن المذهبِ. وصَرَّحَ به الشِّيرازِيُّ، وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «الزّرْكَشِيِّ»، وغيرهم. وقال ابن عَقِيلٍ: الحكْمُ مَنُوطٌ بما إذا انْفتَحَ المَخْرَجُ تحتَ المَعِدَة. وَتبِعَه المَجْدُ وجماعة؛ منهم صاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين». قال في «المُذْهَبِ»: إذا انْسَدَّ المَخْرَجُ وانْفتَحَ أسْفلُ المعدَةِ، فخرجَ منه البَوْلُ والغائِطُ، لم يَجُزْ فيه الاسْتِجْمارُ، في أصَحِّ الوَجْهَين. ومنها، إذا خرَجَ مِن أحَدِ فَرْجَي الخُنْثَى نَجاسَةٌ، لم يُجْزِهِ الاسْتِجْمارُ. قاله في ¬

(¬1) زيادة من: «ش»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النهاية». وجزَمَ به ابنُ عُبَيدان، وقدَّمه في «الفُروع»، ذكَرَه في بابِ نواقِض الوُضوءِ. وقيل: يُجْزِئُ الاسْتِجْمارُ، سواءٌ كانْ مُشْكِلًا أو غيرَه، إذا خرَجَ مِن ذكَرِه وفرْجِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وجْهٌ. يعْني بالإجْزاءِ. ومنها، لا يجبُ غَسْلُ ما أمْكنَ مِن داخلِ فَرْجِ ثيِّبٍ في نَجاسةٍ وجَنابَةٍ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. نصَّ عليه. اخْتارَه المَجْدُ، وحفِيدُه، وغيرُهما. وقدَّمه ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ». وقيل: يجبُ. اخْتارَه القاضي. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرى». ويأتي ذلك أيضًا في آخرِ الغُسْلِ. فعلَى الأوَّلِ، لا تُدْخِلُ يدَها وإصْبَعَها، بل تغْسِلُ ما ظهَرَ. نقل أبو جَعْفَرٍ: إذا اغْتَسَلَتْ فلا تُدْخِلُ يدَها في فَرْجِها. قال القاضي في «الخِلاف»: أرادَ أحمدُ ما غَمَض في الفَرْجِ؛ لأنّ المَشَقَّةَ تَلْحَقُ به. قال ابنُ عَقِيل، وغيرُه: هو في حُكْمِ الباطل. وقال أبو المَعالِي، وصاحِبُ «الرِّعاية»، وغيرُهما: هو في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمِ الظَّاهر. وذكَره في «المُطْلِع» عن أصْحابنا. واخْتَلفَ كلامُ القاضي. قال في «الفُروعِ»: وعلي ذلك يُخَرَّجُ إذا خرَجَ مَا احْتَشَّتْه ببَلَلٍ، هل ينقضُ أم لا؟ قال في «الرعاية»: لا ينْقُضُ؛ لأنَّه في حكْمِ الظاهر. وقال أبو المَعالِي: إنِ ابْتَلَّ ولم يخْرُجْ مِن مَكانِه، فإنَّ كان بين الشُّفْرَين نقَضَ، وإنْ كان داخِلًا لم ينْقُضْ. قال في «الفُروع»: ويُخرَّجُ على ذلك أيضًا فَسادُ الصَّومِ بدُخولِ إصْبَعِها أو حَيض إليه. والوَجْهان المُتَقَدِّمان في حَشَفَةِ الأقْلَفِ في وجوبِ غَسْلِها. وذكَرَ بعضُهم أنَّ حُكمَ طَرَفِ الغُلْفَةِ كرأس الذَّكرِ. وقيل: حشَفَةِ الأقْلَفِ المفْتوقِ أظْهَرُ. قاله في «الرعاية». ومنها، الدُّبرُ في حكمِ الباطنِ؛ لإفْسادِ الصَّومِ بنحو الحُقْنَةِ، ولا يجبُ غَسْلُ نجاستِه. ومنها، الصحيحُ مِن المذهبِ أنَّ أثَرَ الاسْتِجْمارِ نَجِس، يُعْفَى عن يسيرِه. وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. قال ابنُ عُبَيدان: هذا اخْتِيَارُ أكثر الأصحابِ. وعنه، طاهِر. اخْتارَه جماعة؛ فهم ابنُ حامد، [وابنُ رَزِين] (¬1). ويأتي ذلك في باب إزالةِ النجاسةِ، عندَ قولِه: ولا يُعْفَى عن يسيرِ شيء مِنَ النجاساتِ إلَّا الدمَ وما توَلَّدَ منه مِن القيحِ والصديدِ، وأثَرَ الاسْتِنْجاءِ. ومنها، يُسْتحَبُّ لِمَنِ اسْتَنْجَى أنْ ينْضَحَ فرْجَه وسَرْاويلَه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يُسْتَحَبُّ كَمَنِ اسْتَجْمرَ. ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

وَيَجُوزُ الاسْتِجمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ يُنْقِي؛ كَالْحَجَرِ، وَالْخَشَبِ، وَالْخِرَقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجوزُ الاسْتِجْمارُ بكلِّ طاهرٍ يُنْقِي، كالحجرِ والخَشَبِ والخِرَقِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يَخْتَصُّ الاسْتِجْمارُ بالأحْجار. واخْتارَها أبو بكر. وهو من المُفْرَداتِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ جوازُ الاسْتِجْمارِ بالمغْصُوبِ ونحوه. وهو قولٌ في «الرِّعايَة»، ورواية مُخَرجَة. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين في «قواعِدِه»، على الصَّحيحِ من المذهب، وعليه الأصحابُ، اشْتِراطَ إباحَةِ المُسْتَجْمَرِ به. وهو مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفْرَداتِ: تنبيه: حَدُّ الإنْقاءِ بالأحْجارِ بقاءُ أثَرٍ لا يُزِيلُه إلَّا الماءُ. جَزمَ به في «التَّلْخيص»، و «الرِّعاية»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقدَّمه في «الفُروع». وقال المُصَنِّفُ، والشارِح، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم: هو إزالةُ عَينِ النجاسة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبِلَّتِها، بحيثُ يخْرُجُ الحجَرُ نَقِيًّا ليسَ عليه أثر إلَّا شيئًا يسيرًا، فلو بَقِيَ ما يزُولُ بالخِرَقِ لا بالحَجَرِ، أُزيلَ على ظاهرِ الأوَّلِ، لا الثَّانى. والإِنْقاءُ بالماءِ خُشُونةُ المَحَل كما كان. قال الشَّارِحُ، وغيرُه: هو ذَهابُ لُزوجَةِ النَّجاسة وآثارِها. وهو مَعْنى الأوَّل. فائدة: لو أتى بالعدَدِ المُعْتَبَرِ اكْتَفَى في زَوالِها بغَلَبَةِ الظنِّ. ذكره ابنُ الجَوْزِي، في «المُذْهَبِ». وجزَمَ به جماعة مِن الأصحاب. وقدَّمه في «القَواعدِ الأصُولِيَّة». وقال في «النِّهايَة»: لابُدَّ مِن العِلْمِ في ذلك.

إلا الرَّوْثَ، وَالْعِظَامَ، وَالطَّعَامَ، وَمَالهُ حُرْمَةٌ، وَمَا يَتَّصِلُ بِحَيَوَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا الرَّوْثَ والعِظامَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين الإجْزاءَ بهما. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ الشيخ تَقِي الدِّين؛ وبما نُهِيَ عنه. قال: لأنه لم يُنْهَ عنه لكَونِه لا يُنْقِي، بل لإفْسادِه. فإذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: يزولُ بطعامِنا مع التَّحْريمِ. فهذا أوْلَى. قوله: والطعامَ. دخل في عُمومِه طعامُ الآدَمِي وطعامُ البَهيمَة؛ أمَّا طعامُ الآدَمِيِّ فصَرَّحَ بالمَنْع منه الأصحابُ، وأمّا طعامُ البَهِيمَة فصرَّحَ جماعة أنَّه كطَعامِ الآدَمِيِّ؛ منهم أبو الفَرَج، وابنُ حَمْدان في «رِعايته»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، في «قَواعِدِه» الإجْزاءَ بالمطْعومِ ونحوه. ذكَرَه الزرْكَشِيُّ. قوله: وما له حُرْمة. كما فيه ذكْرُ اللهِ تعالى. قال جماعة كثيرة من الأصحابِ: وكتُبِ حَديثٍ وفِقْهٍ. قلتُ: وهذا لاشَكَّ فيه، ولا نَعْلمُ ما يُخالِفُه. قال في «الرعاية»: وكتُبٍ مباحةٍ. وقال في «النِّهايةِ»: وذَهب وفِضَّةٍ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»: ولعلَّه مُرادُ غيرِه؛ لتَحْريمِ اسْتِعْمالِه. وقال في «النهايةِ» أيضًا: وحِجارَةِ الحَرَمِ. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْو. انتهى. ولعله أرادَ حرمَ المسْجِد، وإلَّا فالإِجْماعُ خِلافُه. قوله: وما يَتَّصِلُ بحيوانٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعوا به، وجوَّزَ الأزَجِيُّ الاسْتِجْمارَ بذلك. فوائد؛ إحْداها، لو اسْتَجْمَرَ بما لا يجوزُ الاستِجْمارُ به لم يُجْزِهِ، على الصَّحيح مِن المذهب. وتقدّم الخِلافُ في المغْصوبِ ونحوه. وتقدَّم اخْتِيارُ الشيخِ تَقِي الدين في غيرِ المُباحِ والروْثِ والعِظامِ والطَّعامِ. فعلى هذا المذهبِ، إنِ اسْتَنْجَى بعدَه بالماءِ، أجزأ بلا نِزاعٍ، وإنِ اسْتَجْمَرَ بعدَه بمُباح، فقال في «الفُروع»: فقيل: لا يُجزِيء. وقيل: يُجزِيء إنْ أزال شيئًا. وأطْلَق الإجْزاءَ وعدَمَه ابنُ تميم، و «مَجْمَع البَحْرَين»، وابنُ عُبَيدان، واخْتارَ في «الرِّعايَة الكُبْرى» الثَّالثَ. قلتُ: الصوابُ عَدَمُ الإِجْزاءِ مُطْلقًا، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرعايَة الكُبْرى»، وإطْلاقُ الوَجْهَين حَكاهُ طريقَةً. وقال الزَّرْكَشِيُّ: إذا اسْتَنْجَى بمائع غيرِ الماءِ تعَيَّنَ الاسْتِنْجاءُ بالماء الطَّهورِ، وإنِ اسْتَجْمَرَ بغيرِ الطَّاهرِ؛ فقطَع المَجْدُ، والمُصَنفُ في «الكافي» بتَعيُّنِ الاسْتِنْجاءِ بالماءِ، وفي «المُغْنِي» احْتِمالْ بإجْزاءِ الحجَرِ، وهو وَهَمٌ. وإنِ اسْتَجْمَرَ بغيرِ المُنْقِي، جازَ الاسْتِجْمارُ بعدَه بمُنْقٍ، وإنِ اسْتَجْمَرَ بمُحَرَّم أو مُحْترَم، فهل يُجْزِئ الحجَرُ أو يتَعيَّنُ الماءُ؟ على وَجْهَين. وتقدَّمَ، إذا تنَجَّسَ المَخْرجان أو أحَدُهما بغيرِ الخارجِ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ الاسْتِجْمارُ بجِلْدِ السمَكِ، وجلْدِ الحيوانِ المُذَكَّى مُطْلقًا. على الصحيحِ مِن المذهبِ. صححَه في «الفُروعِ»، وغيرِه، وقطَع به ابنُ أبي موسى، وغيرُه. وقيل: يحْرُمُ بالمَدْبوغِ منها. وقيل: لا يَحْرُمُ مُطْلقًا. ويَحْرُمُ الاسْتِجْمارُ بحَشيش رَطْبٍ. على الصَّحيحِ من المذهب. وقال القاضي في «شَرْحِ المُذْهَبِ»: يجوزُ. وأطْلَقَ في «الرِّعايَة»

وَلَا يُجْزِيء أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ، إِمَّا بِحَجَرٍ ذِى شُعَبٍ، أَوْ بِثَلَاثَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحشِيش الوَجْهَين. الثالثةُ، قوله: لا يُجْزِئُ أقل من ثَلَاثِ مَسَحاتٍ. بِلا نِزاع، وكيفما حصَلَ الإنْقاءُ في الاسْتِجْمارِ أجْزأ. وقال القاضي، وغيرُه: المُسْتحَبُّ أنْ يُمِر الحجَرَ الأوَّلَ مِن مقَدمِ صَفْحَتِه اليُمْنى إلى مُؤخرِها، ثم يُدِيرَه على اليُسْرى حتَّى يرْجِعَ به إلى الموضع الذي بَدَأ منه، ثم يُمرَّ الثَّاني مِن مُقَدَّمِ صَفْحَتِه اليُسْرَى كذلك، ثم يُمِرَّ الثَّالِثَ على المسْرَبَةِ والصفْحتَين، فيَسْتَوْعِبَ المَحَل في كُلِّ مرَّةٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ» وغيرِه. الرابعةُ، لو أفرَدَ كل جِهَةٍ بحَجَرٍ لم يجْزِه، على الصحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه الشريفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل. وجزَمَ به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الحاوي الكبير». وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: يُجزِئ. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَه لكلِّ جِهَةٍ مَسْحَة؛ لظاهرِ الخبَرِ. وذكره ابنُ الزاغُونِيِّ روايةً عن أحمدَ. وقال في «الرِّعايَة»: ويُسَنُّ أنْ يعُم المَحَل بكُل مَسْحَةٍ بحَجَرٍ مَرَّة. وعنه، بل كل جانبٍ منه بحجَر مرةً، والوسَطَ بحجَرٍ مرةً. وقيل: يكْفِي كلَّ جِهَةٍ مَسحُها ثلاثًا بحَجَرٍ، والوَسَطَ مَسْحُه ثلاثًا بحَجَرٍ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إما بحَجَرٍ ذي شُعبٍ. الصَّحيحُ مِن المذهب؛ أنه يُجْزِيء في الاسْتِجْمارِ الحجَرُ الواحدُ، إذا كان له ثَلاثُ شُعَبٍ فصاعِدًا. وعليه جماهيرُ الأصحاب.

فَإِنْ لَمْ يُنْقِ بِهَا، زَادَ حَتَّى يُنْقِىَ. وَيَقْطَعُ عَلَى وتْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُجْزِئ إلَّا بثَلَاثةِ أحْجارٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشِّيرازيُّ.

وَيَجِبُ الاسْتِنْجَاء مِنْ كُلِّ خَارِجٍ، إلا الرِّيحَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ الاستنجاءُ من كلِّ خارِج إلَّا الرِّيحَ. شملَ كلامُه المُلوِّثَ وغيرَه، والطَّاهِرَ والنَّجِسَ؛ أمَّا النَّجس المُلَوثُ، فلا نِزاعَ في وُجوبِ الاسْتِنْجاءِ منه، وأمَّا النَّجِس غيرُ المُلَوِّثِ والطَّاهِرُ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وُجوبُ الاستِنْجاءِ منه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، و «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما: بل هو ظاهِرُ قولِ أكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِنا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتين»، و «الحاويَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرهم. قلتُ: وهو ضعيف. وقيل: لا يجبُ الاسْتِنْجاءُ للخارِجِ الطَّاهرِ. وهو ظاهِرُ «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنْتَخَبِ»؛ فإنَّهم قالوا: وهو واجِبٌ لكلِّ نَجاسةٍ من السَّبيلِ. [وكذا قيَّدَه المَجْدُ، في «شَرْحِ الهِدايَة». قَال ابنُ عَبْدوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»: ويُجْزِيء أحَدُهما لسَبِيلٍ] (¬1) نَجُسَ بخارِجِه. قال في «التَّسْهيلِ»: ومُوجِبُه خارجٌ مِن سَبِيلٍ سوَى طاهرٍ. وقيل: لا يجبُ للخارِجِ الطَّاهرِ، ولا للنَّجِسِ غيرِ المُلَوِّث. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: والقِياسُ لا يجبُ الاسْتِنْجاءُ مِن ناشِفٍ لا يُنَجِّسُ المَحَلَّ، وكذلك إذا كان الخارِجُ طاهِرًا، كالمَنِيِّ إذا حكَمْنا بطهارتِه؛ لأن الاسْتِنْجاءَ إنَّما شُرِعَ لإِزالةِ النجاسةِ، ولا نجاسةَ هنا. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: وهو أصَحُّ قِياسًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وكيف يُسْتَنْجَى أو يُسْتَجْمَرُ من طاهرٍ! أم كيفَ يحْصُلُ الإِنْقاءُ بالأحْجارِ في الخارجِ غيرِ المُلَوِّثِ! وهل هذا إلا شَبِيهٌ بالعَبَثِ! وهذا مِن أشْكَلِ ما يكونُ. فعلى المذهبِ يُعايىَ بها. وأطْلقَ الوُجوبَ وعدَمَه «ابن تَميمٍ»، و «الفائِقِ». قولُه: إلَّا الرِّيحَ. يعْني لا يجبُ الاسْتِنْجاءُ له. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه الأصحابُ. وقيل: يجبُ الاستِنْجاءُ له. قاله في «الفائقِ». وأوْجبَهُ حنابِلَةُ الشَّامِ. ذكَرَه ابْنُ الصَّيرَفيِّ. قال في «الفُروعِ»: وقيل: الاسْتِنْجاءُ مِن نوْمٍ ورِيحٍ، وإنَّ أصْحابنَا ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

فَإِنْ تَوَضَّأ قَبْلَهُ فَهَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالشَّامِ قالت: الفَرْجُ تَرْمَصُ (¬1)، كما ترْمَصُ العَينُ. وأوْجبَتْ غسْلَه. ذكرَه أبو الوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ، ذكرَه عنه ابنُ الصيرفيِّ. قلتُ: لم نَطَّلِعْ على كلامِ أحَدٍ من الأصحابِ بعَينه ممَّن سكَنَ الشَّامَ وبلادَها قال ذلك. وقوله في «الفُروع»: وقيل: الاسْتِنْجاء. صَوابُه وقيِّدَ بالاسْتِنْجاءِ. تنبيه: عدَمُ وُجوبِ الاسْتِنْجاءِ منها لمَنْع الشَّارِع منه. قاله في «الانْتِصارِ». وقال في «المُبْهجِ»: لأنَّها عَرَضٌ بإجْماعِ الأصولِيين. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وأمَّا حُكْمُها فالصَّحيحُ أنَّها طاهرةٌ. وقال في «النِّهايةِ»: هي نَجِسَةٌ فتُنَجِّسُ ماءً يسيرًا. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ على المذهبِ، أو إن تغَيَّر بَها. وقال في «الانْتِصارِ»: هي طاهرةٌ لا تَنْقُضُ بنَفسِها، بل بما يَتْبَعُها من النجاسةِ، فتُنَجِّسُ ماءً يسيرًا، ويُعْفَى عن خَلْعِ السَّراويلِ للمَشَقَّةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وفي المذهبِ وَجْهٌ بعيدٌ لا عملَ عليه بتَنْجيسِها. قوله: فإن تَوَضَّأَ قَبْلَه، فهل يصِحُّ وُضوءُه؟ على روايتين. وأطْلَقَهما في «الهِدَايَة»، و «الفُصُولِ»، و «الإيضاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميم»، و «تَجْريدِ العِنَايةِ»، وغيرهم؛ إحْدَاهما، لا يَصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال المَجْدُ، في «شَرْحِ ¬

(¬1) رمصت العين: اجتمع في موقها وسخ أبيض.

وَإنْ تَيَمَّمَ قَبْلَهُ، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَينِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الهِدايَةِ»: هذا اخْتِيارُ أصحابِنا. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، في «شَرْحِ العُمْدَةِ»: هذا أشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الخِرَقِى والجمهورِ. قال في «الحاوي الصَّغير»: لم يصِحَّ في أصَحِّ الروايتَين. وصَحَّحَه الصَّرْصَرِيُّ، في «نَظْمِ زوائدِ الكافِي». وهو ظاهرُ ما جزمَ به الخِرَقِي. وجزَمَ به في «الإفاداتِ»، و «التَّسْهيل». وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «مَسْبوكِ الذهَب»، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وغيرهم. والرِّوايةُ الثانية، يصِحُّ. جزَمَ به في «الوَجيزِ»، و «نهايةِ ابنِ رَزِين»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وصَحَّحَه في «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». قال في «مَجْمع البَحْرَين»: هذا أقْوَى الروايتَين. واخْتارَها المُصَنفُ، والشارِحُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، والقاضي، وابنُ عَقِيل. وقدَّمها في «المُحَرَّرِ». فائدة: لو كانتِ النجاسَةُ على غيرِ السَّبِيلَين، أو على السَّبِيلَين غيرَ خارِجَةٍ منهما، صَحَّ الوُضوءُ قبلَ زَوالِها. على الصحيح من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقَطَعَ به أكثرُهم. وقيل: لا يصِحُّ. قاله القاضِي في بعض كلامِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ رَزِين: ليس بشيءٍ. قوله: وإن تَيَمَّمَ قَبْلَه خُرِّج على الرِّوايتين. وهو الصحيحُ مِن المذهب. يعْني تخْرِيجَ التَّيَمُّمِ قبلَ الاسْتِنْجاءِ، على رِوايَتَي تقْديمِ الوُضوءِ على الاسْتِنْجاءِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قال في «مَسْبُوكِ الذَّهَب»: ولا فَرْقَ بينَ التيَّمَّمِ والوُضوءِ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «تَجْرِيدِ العِنَايةِ». وقيل: لا يصِحُّ، وَجْهًا واحدًا. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، والمَجْدُ، وجزَمَ به في «الإيضَاحِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وأطْلَقَهما في «الهِدَايةِ»، و «التَّلْخِيص»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الْهادِي»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان». وطريقةُ المُصَنِّفِ في «الكافِي»، والمَجْدِ في «شَرْحِه»، وغيرِهما. أمَّا إذا قُلْنا بصِحَّةِ الوُضوءِ؛ ففي التيمُّمِ روايتان، وإنْ قُلْنا بالبُطْلانِ، فهنا أوْلَى، وقال في «الرِّعايَة الكُبرى»: وفي صِحَّةِ تَيَمُّمِه قبلَ الاسْتِنْجاءِ والاسْتِجْمارِ وَجْهان، وقيل: رِوايتان، أظْهَرُهما بُطْلانُه. وقيل: يُجْزِئُ الوُضوءُ قبلَه لا التيمُّمُ. وقيل: لا يُجْزِئُ التيممُ قبلَه، وجْهًا واحدًا. انتهى. وقال في «الصُّغْرَى»، بعدَ أنْ قدَّمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَدَمَ الصِّحةِ في الوُضوءِ: وفي صِحَّةِ تَيَمُّمِه وَجْهان. وقال في «الكافِي»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»: فعلى القَوْلِ بصِحةِ الوضوءِ قبلَ الاسْتِنْجاءِ، هل يصِحُّ التيمُّمُ؟ على وَجْهَين. انتهى. فعلى القوْلِ بعدَمِ الصِّحَّةِ في التَّيَمُّمِ، لو كانتِ النَّجاسَةُ في غيرِ السَّبِيلَين، صَح تقْدِيمُ التَّيَمُّمِ على غَسْلِها، على الصحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ». قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وتَبِعَه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: والأشْبَهُ الجوازُ. وصَحَّحَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي. ونقَلَ المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، عن ابنِ عَقِيل، أنه قال: إنّ حُكْمَ النجاسةِ على غيرِ الفَرْجِ حُكْمُها على الفَرْجِ. وقدَّمَه في «الشَّرْحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِيُّ. قال في «المُذْهَبِ»: لم يصِحَّ التيَّمِّمُ على قَوْلِ أصحابِنا. واقتَصَرَ عليه. [والذي رأيتُه في «الفُصولِ» القَطْعُ بعَدمِ الصِّحَّةِ (¬1) في هذه المسْألةِ، مع حِكايته للخِلاف، وأطْلَقَه في مسْألةِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قبلَ، الاسْتِنْجاءِ] (¬2). وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ تميم»، و «الكافِي»، و «الحَواشِي»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فائدة: إذا قُلْنا: يصِحُّ الوضوءُ قبلَ الاسْتِنْجاءِ. فإنَّه يسْتَفِيدُ في الحالِ مَسَّ المُصْحَفِ، ولُبْسَ الخُفَّينِ عندَ عَجْزِه عمَّا يَسْتَنْجِى به وغيرَ ذلك، وتَسْتَمِرُّ الصِّحَّةُ إلى ما بعدَ الاسْتِنْجاءِ، ما لم يَمسَّ فَرْجَه؛ بأنْ يَسْتَجْمِرَ بحجَرٍ أو خِرْقَةٍ، أو يَستنْجِيَ بالماءِ وعلى يَدِه خِرْقَةٌ، فإنْ مسَّ فَرْجَه، خُرِّجَ على الرِّوايتَين في نَقْضِ الوُضوءِ به. على ما يأتِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى. ¬

(¬1) سقط من الأصل، ا. (¬2) سقط من: م.

باب السواك، وسنة الوضوء

بَابُ السِّوَاكِ، وَسنَّةِ الْوُضُوءِ السِّوَاكُ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ الأوْقَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ السِّواكِ وسنّة الوضوءِ قوله: السواكُ مَسْنُونٌ في جميع الأوقات، إلا للصَّائمِ بعدَ الزوال. صرَّحَ باستحْبابِ السِّواكِ في جميع الأوقاتِ إلَّا للصَّائمِ بعدَ الزوالِ، أمَّا غيرُ الصَّائمِ، فلا نِزاعَ في اسْتِحْبابِ السِّواكِ له في جميع الأوقاتِ في الجُمْلَةِ، وأمَّا الصَّائمُ قبلَ الزَّوالِ، فإنْ كان بسِوَاكٍ غيرِ رَطْبٍ اسْتُحِبَّ له. قال ابنُ نَصْرِ الله

إلا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا يُسْتَحَبُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في «حَواشي الفُروع»: يَتَوَجَّهُ هذا في غيرِ المُواصِل، أما المُواصِلُ فتَتوَجَّهُ كراهَتُه له مُطلْقًا. انتهى. الذي يَظْهَرُ أنَّه مُرادُهم، وتعْلِيلُهم يدُلُّ عليه. قلتُ: فيه نظرٌ؛ إذِ الوصالُ إمَّا مَكْروهٌ أو مُحَرَّمٌ، فلا يَرْفَعُ الاسْتِحْبابَ. وإنْ كان رَطْبًا فيُباحُ، على إحْدَى الرِّوايَتَين أو الرِّوايات. واخْتارَها المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ أبي المَجْدِ، وغيرهم. قال في «النِّهايَة»: الصحِيحُ أنه لا يُكْرَه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِهِ». وعنه، يُكْرَه. قطَع به الحَلْوَانِيُّ، وغيرُه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه القاضي، وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ذكره في كتابِ الصيامِ. وصَحَّحَه في «الحاوي الصَّغِير». وأطْلَقَهما في «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، في الصِّيامِ، و «ابنِ تَميمٍ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الكبير»، و «الفائِق»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ عُبَيدان». وعنه، لا يجوزُ. نَقَلها سَلِيمٌ الرزِيُّ. قاله ابنُ أبي المَجْدِ في «مُصَنفِه». وقال في رِوايَةِ الأثْرَمِ: لا يُعْجِبُنِي السِّواكُ الرَّطْبُ. وقيل: يُباحُ في صَومِ النَّفْل. قلتُ: وظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، بل هو كالصَّرِيح، اسْتِحْبابُه، وهو ظاهرُ كلامَ جماعةٍ، ولم أرَ مَن صرَّحَ به. قوله: إلّا للصائمِ بعدَ الزوالِ، فلا يُسْتَحَبُّ. وكذا قال في «المُذْهَبِ». يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه الكَراهَةَ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ، وهو المذهبُ. قال في «التَّلْخِيص» و «الحاوي الصَّغير»: يُكْرَهُ في أصَحِّ الرِّوايتَين. قال ابْنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا أصَحُّ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يُكْرَهُ في أظْهَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. ونصَرَه المَجْدُ في «شَرْحِهِ»، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُه. وجَزَمَ به في «البُلْغَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». ويَحْتَمِلُ الإِباحةَ، وهي روايةٌ عن أحمدَ. وقدَّمه ابنُ تميم. وقولُه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا قائِلَ به. غَيرُ مُسَلَّمٍ؛ إذِ الخِلافُ في إباحَتِه مَشْهورٌ، لكنْ عذْرُه أنَّه لم يَطَّلِع عليه. وأطْلَقَ الكراهَةَ وعدَمَها في «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُباحُ في النَّفْلِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. اخْتارَها الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. قأل في «الفُرُوعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»: وهي أظْهَرُ. واخْتارَها في «الفائِقِ». وإليها مَيلُه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «نِهاية ابنِ رَزِين»، و «نظمها». وعنه، يُسْتَحبُّ بغيرِ عُودٍ رَطْبٍ. قال في «الحاوي»: وإذا أبحْنا للصَّائِمِ السِّواكَ، فهل يُكْرَهُ بعُودٍ رَطْبٍ؟ على رِوايَتَين. ونقَلَ حَنْبَلٌ: لا يَنْبَغِي أنْ يَسْتاكَ بالعَشِيِّ. فائدة: مَن سَقَطَتْ أسْنانُه اسْتاكَ على لِثَتِه ولِسَانِه. ذكَرَه في «الرِّعايَة الكُبْرى»، و «الإفَاداتِ». وقال في أوَّلِه: يُسَنُّ كلَّ وَقْتٍ على أسنانِه ولِثَتِه ولِسانِه.

وَيَتَأكَّدُ اسْتِحْبَابهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ؛ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَالانْتِبَاهَ مِنَ النَّوْمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويتأكَّدُ اسْتِحْبابُه في ثَلاثةِ مواضعَ؛ عندَ الصَّلاةِ، والانْتِباهِ مِنَ النَّومِ، وتغَيُّرِ رَائحةِ الفَمِ. وكذا قال في «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «العُمْدَةِ»، وزاد في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»: وعندَ الوُضوءِ. وزاد على ذلك، في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَة الصُّغْرَى»،

وَتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْفَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَينِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرهم: وعندَ القراءَة. وزادَ في «التَّسْهِيلِ» على ذلك: وعندَ دُخولِ المَنْزِل. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِداية». وزاد في «الرِّعاية الكُبْرى» على ذلك: وعندَ الغُسْل. وقيل: وعندَ دُخولِ المَسْجِد. وجزَمَ به الزَّرْكَشِيُّ. وقال ابنُ تَمِيم: ويَتأكَّدُ عندَ الصَّلاة، ودُخولِ المَنْزِل، والقِيَام مِن النوم، وأكْلِ ما يُغَير رائحةَ الفَم. قال الزَّرْكَشِيُّ: يَتأكّدُ اسْتِحْبابُه عندَ الصَّلاة، والقيامِ مِن نومِ الليل، ودخولِ المنزل، والمسْجدِ، وقراءةِ القُرآن، وإطالةِ السُّكوت، وخُلُوِّ المَعِدَةِ مِنَ الطعام،

وَيَسْتَاكُ بِعُودٍ ليِّن يُنْقِي الْفَمَ وَلَا يَجْرَحُهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ واصْفِرارِ الأسْنان، وتغَيُّرِ رائحةِ الفَم. وقال في «الخُلاصَةِ»: ويُسْتَحَبُّ عندَ قِيامِه مِن نوْمِه، وعندَ تغَيُّرِ رائحةِ فَمِه. وهو مَعْنى ما في «الهِدايةِ». تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ويَسْتَاكُ بِعُودٍ ليِّن. التّساوى بينَ جميعِ ما يَسْتاكُ به. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويَتَوجَّهُ احْتِمالُ أنَّ الأرَاكَ أوْلَى. انتهى. قلتُ: ويَتَوَجَّهُ أنَّ أراكَ البَر. وذَكَرَ الأزَجِيُّ أنه لا يَعْدِلُ عن الأراكِ، والزَّيتُونِ، والعُرْجونِ، إلَّا لِتَعَذُّرِه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: مِن أرَاكٍ، وزَيتُونٍ، أو عُرْجُونٍ. وقيل: أو قَتَادٍ. واقْتَصَرَ كثير مِن الأصحابِ على هذه الثَّلاثة.

فإِنِ اسْتَاكَ بِأُصْبُعِهِ أوْ خِرْقَةٍ، فَهَلْ يُصِيبُ السنةَ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجْرَحُه ولا يَضُرُّه. كالريحانِ، والرُّمَّانِ، والعُودِ الزَّكِي الرائِحَةِ، والطرفَاءِ، والآسِ، والقَصَبِ، ونحوه. والصَّحِيحُ مِن المذهب كراهَةُ التَّسَوُّكِ بذلك. وعليه الجمهورُ، كالتَّخَلُّلِ به. وقيل: يَحْرُمُ بالقَصَبِ دُونَ غيرِه. ذكَرَه في «الرِّعاية»، و «الفائِق». قوله: فإنِ اسْتَاكَ بإصْبَعِه أو بِخِرقَةٍ فهل يُصِيبُ السنة؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المستوْعِبِ»، و «المُحَررِ»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوك الذهَبِ» في الإصْبَعِ؛ أحَدهما، لا يُصِيبُ السنة بذلك. وهو المذهبُ. قطعَ به أبو بَكرٍ في «الشَّافِي». واخْتارَه القاضي. قال في «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغةِ»: لم يُصِبِ السنةَ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدّمه في «الهِداية»، و «الكافِي»، و «التلْخِيص»، و «ابْنِ تَمِيم»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرهم. والوَجْهُ الثَّاني، يُصِيبُ السنةَ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحَه في «التصْحِيحِ»، و «تَصْحِيحِ المُحَرر»، و «النظْمِ». قال في

وَيَسْتَاكُ عَرْضًا، وَيَدَّهِنُ غِبًّا، وَيَكْتَحِلُ وتْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَجْرِيدِ العِنَايَة»: السِّواكُ سُنَّة بأرَاكٍ لا خِرْقَةٍ وإصْبَع، في وَجْهٍ. وجزَمَ به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقيل: يُصِيبُ بقَدْرِ إزَالتِه. اخْتارَه المُصَنّفُ، والشارِحُ، وصاحِبُ «الفائِقِ». وقيل: يُصِيبُ السنة عندَ عَدَمِ السِّواك. وما هو ببعيدٍ. وقيل: لا يُصِيبُ بالإصْبَع مع وُجودِ الخِرْقَةِ، ولا يُصِيبُ بالخِرْقَةِ مع وُجودِ السِّواك. وقيل: يُصِيبُ السنة بالإصْبَع في موْضِع المَضْمَضَةِ في الوُضُوءِ خاصَّةً. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «النَّظْمِ». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: أصَحُّ الوَجْهَين إصَابَةُ السنة بالخِرْقَةِ، وعندَ الوضوءِ بالإصْبَع. فزادَنا وَجْهًا، وهو إصابَةُ السُّنة بالخِرْقَةِ مُطْلقًا دونَ الإصْبَع، في غيرِ وضوءٍ، إلَّا أنْ تكونَ الواوُ زائدة. وظاهرُ «الوَجِيزِ» إصابَةُ السنة بالإصْبَع فقط؛ فإنَّه قال: بإصْبَع أو عودٍ ليِّن. وقال ابنُ البَنَّا، في «العُقودِ»: ولا يُجْزِئ بالإصْبَع. وقيل: الخرْقَةُ والمِسْواكُ سواء في الفَضْلِ، ثم الإصْبَعُ. قوله: ويَستَاكُ عَرْضًا. يعْني بالنِسْبَةِ إلى الأسْنانِ،. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكْثَرُهم. وقدَّمه في «الفُروع»، و «ابنِ تَمِيم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «تَجْريدِ العِناية»، وغيرهم. وقيل: طُولًا. وجزَم به في «الإيضاحِ»، و «المُبْهِجِ». قال ابنُ عُبَيدان: فيُحْمَلُ أنه أُريدَ بذلك بالنِّسْبَةِ إلى الفَم، فيكونُ مُوافِقًا لقوْلِ الجَماعة، لكنَّ الأكْثَرَ على المُغايرَة. وفال في «الفائقِ»: طُولًا. وقال الشيخُ، والشِّيرازِيُّ: عَرْضًا. ومُرادُه بالشيخِ المُصَنفُ، وفي هذا النقْلِ نظرٌ بَيِّنٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَدّهِنُ غِبًّا. يعْني يومًا ويومًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيدَه في «الرِّعاية»، فقال: ما لم يَجِفَّ الأولُ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين فِعْلَ الأصْلَحِ بالبلَدِ، كالغُسْلِ بماءٍ حار بِبَلَدٍ رَطْب. فائدة: قال في «الفُروع»: ويَفْعَلُه لحاجَةٍ؛ للخَبَرِ. وقال: احْتَجُّوا على أنَّ الادِّهانَ يكونُ غِبًّا بأنه عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ نهَى عن التّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا، ونهَى أنْ يَمْتَشِطَ أحَدُهم كلَّ يوم، فدَلَّ أنَّه يُكْرَهُ غيرَ غِب. تنبيه: في صفَةِ قوْلِه: يكْتَحِل وترًا. ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، وهو الصَّحيحُ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، يكونُ في كل عَينٍ ثلاثة. قاله في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائِقِ»، وغيرهم. وقال ابنُ عُبَيدان: وصِفَتُه أنْ يَجعَل في كلِّ عَين وترًا، كواحدٍ، وثلاثٍ، وخَمْسٍ. انتهى. والثاني، في اليُمْنَى ثلاثة، وفي اليُسْرَى اثنان. ورُوىَ عن أحمدَ. وقال السَّامِّريُّ: رُوىَ، يَقْسِمُ الخامِسَ في العَينين. فوائد جَمَّةٌ؛ يُسْتَحَبُّ اتخاذُ الشَّعَرِ، على الصّحِيحِ من المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ووَجه في «الفُروعِ» احْتِمالًا بأنه لا يُستحبُّ إنْ شَقَّ إكْرامُه. ويُسَنُّ أنْ يَغْسِلَه، ويُسَرحَه، ويَفْرُقَه، ويكونَ إلى أُذُنَيه، ويَنْتَهِىَ إلى مَنْكِبَيه، وجعْلُه ذُؤابَةً. ويُعفِى لِحْيَتَه. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ، في «المُذْهَبِ»: ما لم يُسْتَهْجَنْ طولُها. ويَحْرُمُ حَلْقُها. ذكرَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. ولا يُكْرَهُ أخْذُ ما زادَ على القَبْضَةِ. ونصُّه: لا بأسَ بأخْذِ ذلك، وأخْذِ ما تحتَ حَلْقِه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وترْكُه أوْلَى. وقيل: يُكْرَهُ. وأطْلَقَهما ابنُ عُبَيدان. وأخَذَ أحمدُ مِن حاجِبَيه وعارِضَيه. ويَحُفُّ شارِبَه، أو يَقُصُّ طرَفَه، وحَفه أوْلَى. نصَّ عليه. وقيل: لا. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ويُسَنُّ حَفُّه، وهو طَرَفُ الشَّعَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَدِيرِ على الشَّفَةِ. واخْتارَ ابنُ أبي موسى وغيرُه إحْفاءَه مِن أصْلِه. انتهى. ويُقَلِّمُ أظْفارَه مُخالِفًا، على الصحيحِ من المذهبِ. فعليه، يَبْدَأ بخِنْصَرِ اليُمْنَى، ثم الوُسْطَى، ثم الإبْهامِ، ثم البِنْصِرِ، ثم السَّبَّابَةِ، ثم إبْهام اليُسْرَى، ثم الوُسْطَى، ثم الخِنْصَرِ، ثم السَّبَّابَةِ، ثم البِنْصِرِ. اخْتارَه ابنُ بَطةَ (¬1) وغيرُه. وقدَّمه ابنُ تمِيم ¬

(¬1) عبيد الله بن محمد بن محمد العكبرى، أبو عبد الله، ابن بطة، صنف كتبا كثيرة في السنة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيص»، وغيرهم. وقيل: يَبْدأ فيهما بالوُسْطىَ، ثم الخِنْصَرِ، ثم الإبْهامِ، ثم البِنْصِرِ، ثم السبَّابَةِ. وقال الآمِدِيُّ: يبْدَأ بإبهامِ اليُمْنَى، ثم الوُسْطىَ، ثم الخِنْصَرِ، ثم السبابة، ثم البِنْصِرِ، ثم كذلك اليُسرى. وقيل: يَبْدَأ بسَبَّابَةِ يُمْناه بلا مُخالفَةٍ إلى خِنْصَرِها، ثم بخِنْصَرِ اليُسْرَى، ويَخْتِمُ بإبْهامِ اليُمنَى، ويبْدَأ بخِنْصَرِ رِجْلِهِ ¬

= وكان مستجاب الدعوة. توفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 144 - 153، العبر 3/ 53.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليُمْنى، ويَخْتِمُ بخِنْصَرِ اليُسْرَى. ويُسْتَحَبُّ غَسْلُها بعدَ قَصِّها تكْمِيلًا للنظافةِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»: وقيل: إنَّ حَكَّ الجَسَدِ بها قبلَ الغُسْلِ يَضُرُّه. ويكونُ ذلك يومَ الجُمُعَةِ قبلَ الزَوالِ. قلتُ: قبلَ الصَّلاةِ. وهو مُرادُه. واللهُ أعلَمُ. وهذا الصَحيحُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. وجزَم به في «التَّلْخيص» وغيرِه. وقيل: يومَ الخميس. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخَيَّر. وجزَمَ به «ابنِ تميم»، و «الحاويَين». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. قال في «المُستوْعِب»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: إذا قُلْنا: يَفعَلُ يومَ الخميسِ. فيَكونُ بعدَ العصر. ويُسَنُّ أنْ لا يَحِيف عليها في القصِّ. نَصَّ عليه. ويَنْتِفُ إِبْطَه، ويَحْلِقُ عانَتَه، وله قَصُّه وإزالته بما شاءَ. والتَّنويرُ في العانَةِ وغيرِها فعَلَه أحمدُ. وقال في «الغُنْيَةِ»: يجوزُ حَلْقُه؛ لأنَّه يُسْتَحبُّ إزَالتُه كالنُّورَةِ. وكَرِهَ الآمِدِيُّ كثْرَةَ التَنويرِ. ويَدْفِنُ ذلك كلَّه. نصَّ عليه. ويفْعلُه كلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْبوعٍ، ولا يتْرُكُه فوقَ أرْبَعِين يومًا. نصَّ عليه. فإنْ فعَلَ كُرِهَ. صرَّحَ به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وقيل للإِمامِ أحمدَ: حَلْقُ العانَةِ وتقْلِيمُ الأظْفارِ، كم يُتْرَكُ؟ قال: أرْبَعِين. فأمَّا الشَّارِبُ ففي كلِّ جُمُعَةٍ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِشْرين. وقيل: للمُقِيمِ. قال في «الرِّعايَة»: وقيل للمُسافرِ أرْبَعِين، وللمُقِيمِ عِشْرين. وقيل فيهما عكْسُه. قال: وهو أظْهَرُ وأشْهَرُ. وليسَ كذلك. ويُكْرَهُ نَتْفُ الشيبِ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا بالتَّحْريمِ؛ للنهْي عنه. ويَخْتَضِبُ، ويُسْتَحَبُّ بحِنَّاءٍ وكَتَم. قال القاضي في «المُجَردِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والفَخْرُ في «التَّلْخيص»، وغيرُهم: ولا بأسَ بوَرْسٍ وزَعْفَرانٍ. وقال المَجْدُ، وغيرُه: خِضابُه بغيرِ سَوادٍ مِن صُفْرَةٍ أو حُمْرة سُنَّةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. ويُكْرَهُ بسَوادٍ. نصَّ عليه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الغُنْيَةِ»، و «التَّلْخيص»: يُكْرَهُ بسوادٍ في غيرِ حَرْبٍ، ولا يحْرُمُ. فظاهرُ كلامِ أبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالِي يحْرُمُ. قاله في «الفُروعِ»، وقال: وهو مُتَّجِة. وينْظر في المِرْآةِ، ويقولُ ما ورَدَ. ويَتَطَيَّبُ، ويُسْتَحَبُّ للرَّجلِ بما ظهَرَ رِيحُه وخَفِىَ لوْنُه، وعكْسُه للمرْأةِ. ولا يُكْرَهُ حَلْقُ الرَّأسِ، على الصَّحيحِ من المذْهبِ. وعنه، يُكْرَهُ لغيرِ حجٍّ أو عُمْرَةٍ أو حاجَةٍ. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاويَين». وجزَمَ به ابنُ رَزِيق في «نهايته». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. ويُكْرَهُ حَلْقُ رأس المرأةِ مِن غيرِ عُذْرٍ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: يَحْرُمُ. وقال في «الرعايَة الكُبْرى»: يُكْرَه الحَلْقُ والقَصُّ لَهُن بلا عُذْرٍ. وقيل: يَحْرُمان. وقيل: يَحْرُمُ حَلْقُه إلَّا لضَرُورَةٍ. ويأتِي حُكْمُ حَلْقِ القَفا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ الكلامِ على القَزَعِ.

وَيَجِبُ الْخِتَانُ مَا لمْ يَخَفْه عَلَى نَفْسِهِ. وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ الخِتَانُ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم. قال في «النَّظمِ»: هذا أَوْلَى. ونصَره المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»، وغيرِه. وعنه، يجبُ على الرِّجالِ دُونَ النِّساءِ. قال ابنُ مُنَجَّى، في «شَرْحِه»: ويَحْتَمِلُه كلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصِنِّفِ هنا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وعنه، لا يجِبُ مُطْلقًا. اخْتارَه ابنُ أبي موسى. قال ابنُ تَمِيمٍ: قال ابنُ أبي موسى: هو سُنَّةٌ للذُّكورِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ما لَمْ يَخَفْه على نَفْسِه. هذا المذهبُ. قال أحمدُ: إنْ خافَ على نفْسِه لا بأسَ أنْ لا يَخْتَتِنَ. وقاله. الأصحابُ. قال في «الفُروع»: كذا قال أحمدُ، وغيرُه، مع أنَّ الأصحابَ اعْتَبرُوه بفَرْضِ طهارةٍ وصلاةٍ وصوْم، مِن طريقِ الأوْلَى. وقال في «الفُصولِ»: يَجبُ إذا لم يَخَفْ عليه التَّلَفَ، فإنْ خِيف، فنَقَلَ حَنْبلٌ، يُخْتَنُ. فظاهِرُه يجِبُ؛ لأَنَّه قَلَّ مَنْ يَتْلَفُ منه. قال أبو بكرٍ: والعمَلُ على ما نقلَه الجماعةُ، وأنَّه متى خُشِيَ عليبه لم يُختَنْ. ومنَعه صاحِبُ «المُحَرَّرِ». فوائد؛ منها، محَلُّ وُجُوبِه عندَ البلوغِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: يجبُ الخِتانُ إذا وَجَبَتِ الطهارَةُ والصَّلاةُ. وقال في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»: ويجبُ خِتانُ بالغٍ آمِنٍ. ومنها، يجوزُ له أن يَخْتِنَ نفْسَه إنْ قَوىَ عليه وأَحْسَنَه. نصَّ عليه، ذكَرهُ في «الفُروع»، في بابِ اسْتِيفاءِ القَوَد. ومنها، أنَّ الخِتانَ زَمَنَ الصِّغَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْضَلُ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. زادَ جاعةٌ كثيرةٌ مِن الأصحاب، إلى التَّميِيزِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: هذا المشْهورُ. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: يُسَنُّ ما بينَ سَبْعٍ إلى عَشْرٍ. قال في «التَّلْخيصِ»: ويُسْتَحَبُّ أن يُخْتَنَ قبلَ مُجاوزَةِ العَشْرِ سنِيِن، إذا بلَغ سِنًّا يُؤْمَنُ فيه ضَرَرُه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، في العَقِيقَةِ: والأفْضَلُ أن يُخْتَنَ يومَ حادِي عِشْرِين، فإنْ فاتَ تُرِكَ حتَّى يَشْتَدَّ ويَقْوَى. وعن أحمدَ، لم أسْمَعْ فيه شيئًا. وقال: التَّأخيرُ أفْضَلُ. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». ومنها، يُكْرَهُ الخِتانُ يومَ السَّابع، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. قال الخَلَّالُ: العَمَلُ عليه. وأطْلَقَهما في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان»، و «الفائِقِ». وكذا الحُكْمُ مِن ولادَتِه إلى يومِ السَّابع. قاله في «الفُرُوع». قال: ولم يذْكُرْ كراهِيَةَ الأَكْثَرِ. ومنها، يُؤْخَذُ في خِتانِ الرَّجُلِ جِلْدَةُ الحَشَفَةِ. ذكَرَه جماعةٌ من الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروع». وجزَمَ به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيره. ونقلَ المَيمُونِيُّ، أو أَكْثَرُها. وجزَمَ به المَجْدُ وغيرُه. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ»، وغيرهم: فإنِ اقْتَصَرَ على أَكْثَرُها جازَ. ويُؤْخَذُ في خِتَانِ الأُنْثَى جلْدَةٌ فوقَ مَحَلِّ الإِيلاجَ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيك، ويُسْتَحَبُّ أنْ لا تُؤْخَذَ كلُّها للخَبَرِ. نصَّ عليه. ومنها، أنَّ الخُنْثَى المُشْكِلَ في الخِتان كالرَّجُلِ، فيُخْتَنُ ذكَرُه، وإنْ لَزِمَ الأُنْثَى خُتِنَ فَرْجُه أيضًا. قاله في «الرِّعايَةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». فوائد؛ منها، لا تُقْطَعُ الإصْبَعُ الزَّائدةُ. نقلَه عبدُ اللهِ عن أحمدَ. ويُكْرَهُ ثَقْبُ أُذُنِ الصَّبِيِّ، إلَّا الجارِيَةَ، على الصَّحيحِ من المذهب. ونصَّ عليه، وجزَمَ به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِها. وقيل: يَحْرُمُ في حَقِّها. اخْتارَه ابنُ الجَوْزِيِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو بعيدٌ في حَقِّ الجارِيَة. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هو كالوَشْمِ. وقيل: يحرُمُ على الذَّكَرِ. وقال في «الفُصولِ»: يُفَسَّقُ به في الذَّكَرِ، وفي النِّساءِ يَحْتَمِلُ المَنْعَ وَلَم يذْكُرْ غيرَه. ويحرُمُ نَمْصٌ، ووَشْرٌ، ووَشْمٌ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقيل: لا يَحْرُمُ. ويحْرُمُ وَصْلُ شَعَرٍ بشَعَرٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يجوزُ مع الكراهَةِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاويَين»، و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». قيل: يجوزُ بإذْنِ الزَّوْجِ. وفي تحْريمِ نَظَرِ شَعَرِ أجْنَبِيَّةٍ، زادَ في «التَّلْخيصِ»، ولو كان بائِنًا. وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «ابن تَمَيمٍ»، و «التَّلْخيصِ». وظاهرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» الجوازُ. ذكَرَهُ عنه ابنُ رَجَبٍ. وقيل: لا يجْرُمُ مُطْلقًا. ويحرُمُ وَصْلُه بشَعَرِ بَهِيمَةٍ. وقيل: يُكْرَهُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاويَين»، وغيرهم. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُروع». فعلى القوْلِ بتَجْريمِ وصْلِ الشَّعَرِ، في صِحَّةِ الصَّلاةِ معه وَجْهان؛ الأوَّلُ، الصِّحَّةُ. وجزَمَ به في «الفُصُولِ»، فيما إذا وَصَلَتْه بشَعَرِ ذِمِّيَّةٍ. ولو قُلْنا: يَنْجُسُ الآدَمِيُّ بالموْتِ. وقيل: تصِحُّ ولو كان نَجِسًا. حكَاه في «الرِّعايَة». وتَبِعَه في «الفُروعِ». قلتُ: وفيه نظرٌ ظاهرٌ. ولا بأْسَ بالقَرَامِلِ، وترْكُها أفْضَلُ. وعنه، هي كالوَصْلِ بالشَّعَرِ إنْ أَشْبَهَهُ، كصُوفٍ. وقيل: يُكْرَهُ. ولا بأْسَ بما يُحْتاجُ إليه لشَدِّ الشَّعَرِ. وأباحَ ابنُ الجَوْزِيِّ النَّمْصَ وحدَه، وحمَلَ النَّهْيَ على التَّدْليسِ، أو أنَّه شِعارُ الفاجِرَاتِ. وفي «الغُنْيَيةِ» وَجْهٌ؛ يجوزُ النَّمْصُ بطَلَبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّوْجِ. ولها حَلْقُه وحَفُّه. نصَّ عليهما، وتَحْسِينُه بتَحْميرٍ ونحره. وكَرِهَ ابنُ عَقِيلِ حَفَّه كالرَّجلِ؛ فإنَّ أحمدَ كَرِهَهَا له، والنَّتْفَت بمِنْقاشٍ لها. ويُكْرَهُ التَّحْذيفُ وهو إرسْالُ الشَّعَرِ الَّذي بينَ العِذَارِ والنَّزَعَةِ. قلتُ: ويَتَوَجَّهُ التَّحْريمُ للتَّشَبُّهِ بالنِّساءِ، ولا يُكْرَهُ للمرْأةِ. ويُكْرَهُ النَّقْشُ والتَّطْريفُ. ذكَرَه الأصحابُ. قال أحمدُ: لتَغْمِسْ يدَها غَمْسًا. قال في «الرِّعايَةِ»، في بابِ ما يَحْرُمُ اسْتِعْمالُه أو يُكْرَهُ: قلتُ: ويُكْرَهُ التَّكْتِيبُ ونحوُه، ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وَجْهًا بإِباحَةِ تَحْميرٍ ونَقْشٍ وتَطْريفٍ بإذْنِ زَوْجٍ فقط. انتهى. وعَمَلُ النَّاس على ذلك في غيرِ نَكير. ويُكْرَهُ كسْبُ الماشِطَة. قال في «الفُروعِ»: ذكَره جماعةٌ مِن الأصحابِ، وذكَرَه بعضُهم عن أحمدَ. قال: والمَنْقولُ عنه أن ماشِطَةً قالِ: إنِّي أصِلُ رأْسَ المْرأَةِ بقَرامِلَ وأَمْشُطُها، أفَأحُجُّ منه؟ قال: لا. وكَرِهَ كَسْبَها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْرُمُ التَّدْلِيسُ والتَّشَبُّهُ بالمُرْدانِ. وكذا عندَ يَحْرُمُ تَخمِيرُ الوَجْهِ ونحوُه. وقال في «الفُنونِ»: يُكْرَهُ كسْبُها. فائدة: كَرِهَ الإمامُ أحمدُ الحِجامَةَ يومَ السَّبْت والأَرْبِعاءِ. نقلَه حَرْبٌ، وأبو طالبٍ (¬1). وعنه، الوقفُ في الجُمُعَة. وذكَر جماعَةٌ مِن الأصحاب؛ منهم صاحِب «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، يُكْرَهُ يومَ الجُمُعَة. قال في «الفرُوعِ»: والمُرادُ بلا حاجَةٍ قَال حَنْبَلٌ: كان أبو عبدِ اللهِ يَحْتَجِمُ أيَّ وَقتٍ هاجَ به الدَّمُ، وأيَّ ساعةٍ كانتْ. ذَكَره الخَلَّالُ. والفَصْدُ في معْنَى الحِجامَةِ، والحِجامَةُ أَنْفَعُ منه في بَلَدٍ حارٍّ، وما في مَعْنَى ذلك، والفَصْدُ بالعكْسِ. قال في «الفُروعِ»: ¬

(¬1) أحمد بن حميد المشكاني، أبو طالب المتخصص بصحبة الإمام أحمد، روى عنه مسائل كثيرة. توفي سنة أربع وأربعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 39، 40.

وَيَتَيَامَنُ في سِوَاكِهِ وَطُهُورِهِ وَانْتِعَالِهِ وَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَوَجَّهُ احْتِمال، تُكْرَهُ يومَ الثُّلاثاءِ؛ لخَبر أبي بَكْرَةَ (¬1)، وفيه ضَعْفٌ. قال: ولعلَّه اخْتِيارُ أبي داودَ؛ لاقْتِصاره على رِوايَتِه. قال: ويتوَجَّهُ تَرْكُها فيه أَوْلَى، ويَحْتَمِلُ مِثلُه في يومِ الأحدِ. قوله: ويُكرَهُ القَزَعُ. بلا نِزاعٍ. وهو أخْذُ بعض الرَّأسِ، وتَرْكُ بعضِه؛ على الصَّحِيحِ من المذهبِ. وقاله الإمامُ أحمدُ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. وقيل: بل هو حَلْقُ وَسَطِ الرأس. وقيل: بل هو حَلْقُ بُقَعٍ منه. فائدة: يُكْرَهُ حَلْقُ القَفا مُطْلقًا، على الصَّحِيحِ مِن المذهب. زادَ فيه جماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، لِمَنْ لم يَحْلِقْ رَأْسَه، ولم يَحْتَجْ إليه لِحِجَامَةٍ أو غيرِها. نصَّ عليه. وقال أيضًا: هو مِن فِعْلِ المَجُوسِ. ومَن تَشَبَّهَ بقَوْمٍ فهو منهم. قوله: ويَتَيامَنُ في سِواكِه. أمَّا البَداءَةُ بالجانبِ الأَيمَنِ مِن الفَم، فمُسْتَحَبٌّ بلا نزاعٍ أعْلمُهُ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، وأمَّا أخْذُ السِّواكِ باليَدِ؛ فقال المَجْدُ في ¬

(¬1) أخرجه أبو داود، في: باب متى تستحب الحجامة، من كتاب الطب. سنن أبي داود 2/ 332. ولفظه: عن كبشة بنت أبي بكرة: أن أباها كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ.

وَسُنَنُ الْوُضُوءِ عَشْرٌ؛ السِّوَاكُ، وَالتَّسْميَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: السُّنَّةُ إرْصادُ اليُمْنَى للوُضوءِ والسِّواكِ والأَكْلِ ونحو ذلك. وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِن الأصحابِ، قال ابنُ رَجبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: وهو ظاهر كلامِ ابنِ بَطَّةَ مِن المُتَقَدِّمين، وصرَّحَ به طائفةٌ مِن المُتَأخِّرين. وقال إليه. والصَّحيحُ مِن المذهب، أنَّه يَسْتاكُ بيَسارِه. نقَله حَرْبٌ، وجزَم به في «الفائِق». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابْنِ عُبَيدان»، وصَحَّحَه، وقال: نصَّ عليه. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: ما علِمْتُ إمامًا خالفَ فيه، كانْتِثارِه. ورَدَّ ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ البُخارِيِّ» الرِّوايةَ المنْسوبةَ إلى حَرْبٍ، وقال: هي تَصْحِيفٌ مِنَ الاسْتِنْثارِ بالاسْتِنَانِ. قوله: وسُنَنُ الوضوءِ عَشْرٌ؛ السِّواكُ بلا نِزاعٍ، والتَّسمِيَةُ. وهذا إحْدَى الرِّوايَات. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهب. قال الخَلَّالُ: الَّذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّواياتُ عنه، أنَّه لا بأْسَ إذا ترَكَ التَّسْمِيَةَ. قال ابنُ رَزِينٍ، في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ الَّذي اسْتَقَرَّ عليه قوْلُ أحمدَ. واخْتَارَها الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي موسى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. وقدَّمها في «الرِّعايتَينِ»، و «النَّظْمِ». وجزَمَ به في «المُنْتَخَبِ». وعنه، أنَّها واجِبَةٌ. وهي المذهبُ. قال صاحِبُ «الهِدَايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «النهايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»: التَّسْمِيَةُ واجِبَةٌ، في أصَحِّ

وَعَنْهُ، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين، في طهارَةِ الحَدَثِ كلِّها؛ الوُضوءِ، والغُسْلِ، والتَّيَمُّمِ. اخْتارَها الخَلَّالُ، وأبو بكرٍ عبدُ العزيزِ، وأبو إسْحاقَ ابنُ شَاقْلَا، والقاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والقاضي أبو الحُسين، وابنُ البَنَّا، وأبو الخَطَّابِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينْ: اخْتارهَا القاضي وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا، بل أكْثَرُهم. وجزَمَ به في «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «العُقُودِ» لابنِ البَنَّا، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «ناظمِ المُفْرَداتِ»، وغيرهم، وقدَّمَه في «الفُروع»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الفائِق»، وغيرهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان». فعلَى المذهبِ، هل هي فَرْضٌ لا تَسْقُطُ سَهْوًا؟ اخْتارَه أبو الخطَّابِ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وجزَمَ به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واجِبَة تَسْقُطُ سَهْوًا؟ اخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان. وجزَمَ به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». و «المُسْتَوْعِب»، و «الإِفادَات»، وغيرهم. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وغيرهم. وهو المذهبُ. فيه رِوايتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِي». فعلَى الثَّانية، لو

وَغَسْلُ الْكَفَّينِ، إلا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مِنْ نَوْمِ اللَّيلِ، فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرهما في أثْناءِ الوضوءِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب أَنَّه يَبْتَدِئُ الوضوءَ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُسَمِّي ويَبْنِي. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان. وقطَعوا بهْ وإنْ تَرَكها عمْدًا حتَّى غَسَلَ عُضْوًا، لم يُعْتَدَّ بغَسْلِه، على الصَّحِيحِ من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال أبو الفَرَجِ المَقْدِسِيُّ: إنْ ترَكَ التَّسْمِيَةَ عمْدًا حتَّى غسَلَ بعضَ أعْضائِه، فإنَّه يُسَمِّي ويَبْنِي؛ لأنَّه قد ذكَرَ اسْمَ الله على وُضوئِه. وقاله ابنُ عَبْدوسٍ المُتَقَدِّمُ. فائدة: صِفَةُ التَّسْمِيَةِ أنْ يقولَ: بسْمِ اللهِ. فلو قال: بسْمِ الرَّحْمن. أو: بسْمِ القُدُّوسِ. أو نحوه، فوَجْهان. ذَكَرَهما صاحِبُ «التَّجْريدِ»، وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدان في «رِعايَتِه الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِيُّ: لم يُجْزِهِ على الأشْهَرِ. وجزَمَ به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ البَنَّا في «العُقودِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ». قلتُ: الأوْلَى الإجْزاءُ، وتكْفِي الإِشارَةُ مِن الأخْرَسِ ونحوه. قوله: وغَسْلُ الكَفَّينِ ثَلاثًا، إلا أنْ يكونَ قَائِمًا من نومِ الليلِ. غَسْلُ اليدَين عندَ ابْتداءِ الوضوءِ لا يخْلُو؛ إمّا أنْ يكونَ عن نومٍ، أو عن غيرِ نومٍ، فإنْ كان عن غير نومٍ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه أحمدُ، اسْتِحْبابُ غَسْلِهما مُطْلقًا. وقيل: لا يَغْسِلُهما إذا تَيَقَّنَ طَهارَتَهما، بل يُكْرَهُ. ذكَره في «الرِّعايَةِ». وقال القاضي: إنْ شَكَّ فيهما سُنَّ غَسْلُهما، وإنْ تحَقَّقَ طهارَتَهما خُيِّرَ. وإنْ كان عن نومٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ عن نومِ اللَّيل، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نومِ النَّهار، فإنْ كان عن نومِ النَّهار، فالصَّحيحُ من المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم، اسْتِحْبابُ غَسْلِهما. وعنه، يجبُ غَسْلُهما. واخْتارَه بعضُ الأصحاب. وهو مِنْ المُفْرَدَاتِ. وحكَاها في «الفُروعِ» هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلًا. وإنْ كان عن نومِ اللَّيلِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في وُجوبِ غَسْلِهما رِوايتَينِ، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الكافِي»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الفائقِ»، وابنُ تميمٍ، وابنُ رَزينٍ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ، في «شُروحِهم»؛ إحْدَاهما، يجبُ غَسْلُهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الإفاداتِ»، و «نَظْم المُفْرَدات»، وغيرهم. قال في «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ»: ويجِبُ على الأصَحِّ. واخْتارَه أبو بَكرٍ، وأكْثَرُ الأصحاب. قاله ابُن عُبَيدان. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه أبو بكْرٍ، والقاضي، وعامة أصحابه، بل وأكثرُ الأصحابِ. واخْتارَه أيضًا ابنُ حامِدٍ، وأحمدُ بنُ جَعْفَرٍ المُنَادِي (¬1). وهو من مُفْرَداتِ المذهب. والرِّوايةُ الثَّانية، لا يجبُ غَسْلُهما، بل يُسْتَحَبُّ. وجزَم به «الخِرَقِيِّ»، ¬

(¬1) أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد بن المنادي، أبو الحسين، صنف كتبا كثيرة، ولد سنة ست وخمسين ومائتين، وتوفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 2/ 3.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «العُمْدَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدوسٍ، في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «النَّظْم». وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه الخِرَقِيُّ وجماعةُ. انتهى. فعلَى المذهب، قال ابنُ تميمٍ: قال «صاحِبُ النُّكَت»: وحيثُ وجَب الغَسْلُ فإنَّه شَرْط للصَّلاةِ. قلتُ: وقاله ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وغيرُه، واقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ. وقدَّمَ في «الرِّعايَةِ» سقُوطَ غَسْلِهما بالنِّسْيانِ مُطْلقًا؛ لأنَّها طهارةٌ مُفْرَدةٌ، على ما يأْتِي، وهو الصَّحيحُ. فوائد؛ إحْدَاها، يتعَلَّقُ الوُجوبُ بالنومِ النَّاقِض للوُضوءِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه جمهورُ الأصحاب. وقيل: يتَعلَّقُ بالنومِ الزَّائد على النِّصْف. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، غَسْلُهما تَعَبُّدٌ لا يُعْقَلُ مَعْناه، على الصَّحيحِ مِن المذهب، كغَسْلِ المَيِّت. فعَلَى هذا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ والتَّسْمِيَةُ في أصَحِّ الأوْجُه. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُعْتَبران. والوَجْهُ الثَّالث، يُعْتَبران إنْ وجَبَ غَسْلُهما، وإلَّا فلا. والوَجْهُ الرَّابع، تُعْتَبرُ النِّيَّةُ دونَ التَّسْمِيَة. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. وعلى الصَّحيحِ، لا تُجْزِئُ نِيَّةُ الوُضوءِ عن نِيَّةِ غَسْلِهما، على المذهبِ المشْهور، وأنَّها طهارَةٌ مُفْرَدَةٌ لا مِن الوُضوءِ. وقيل: تُجْزِئُ. وقيل: غَسْلُهما معَلَّلٌ بوَهْمِ النَّجاسَة، كجَعْلِ العِلَّةِ في النومِ اسْتِطْلاقَ الوكاءِ بالحدَثِ، وهو مشْكوكٌ فيه. وقيل: غَسْلُهما مُعَلَّلٌ بمَبِيتِ يَدِه مُلابِسَةً للشَّيطان. الثَّالِثةُ، إنَّما يُغْسَلان لِمَعْنىً فيهما. على الصَّحيحِ من المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». فلو اسْتَعْملَ الماءَ، ولم يُدخِلْ يدَه في الإِناءِ، لم يَصِحَّ وُضوؤه، وفسَدَ الماءُ. وذكَرَ القاضي وَجْهًا، إنَّما يُغْسَلان لأجْلِ إدْخالِهما الإِناءَ. ذكَره أبوالحسينِ روايةً، فيَصِحُّ وضوؤُه، ولم يَفْسُدِ الماءُ إذا اسْتَعْملَه مِن غيرِ إدْخالٍ.

وَالْبِدَايَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ، وَالْمُبَالغَةُ فِيهِمَا، إلا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والبَداءَةُ بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ. الصَّحيحُ من المذهب؛ أنَّ البَداءَةَ بهما قبلَ الوَجْهِ سُنَّةٌ، وعليه الأصحابُ. وقطعَ به أكْثَرُهم. وقيل: يجبُ. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ» وبعدَه. ويأْتِي في بابِ الوضوءِ هل يتَمَضْمَضُ ويَسْتَنْشِقُ بِيَمِينِه؟. فائدتان؛ إحْدَاهما، يجبُ التَّرْتِيبُ والمُوالاة بينَ المضْمَضَةِ والاسْتِنْشاق، وبينَ سائِرِ الأعْضاءِ، على الصَّحيحِ من المذهب. وهو إحْدَى الرِّوايات، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ». وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِّي. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان» تبعًا للمَجْدِ: والأقْيَسُ وجوبُ تَرْتِيبِهما، كسائرِ أجزْاءِ الوَجْهِ. وعنه، لا يَجبان بَينَهم. اختارَه المَجْدُ. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يجبُ ذلك في أصَحِّ الرِّوايتَين. نصَّ عليه تَصْريحًا، وفي رِوايَةِ كثيرٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن أصحابِه. فعلَى هذا لو تَرَكَهما حتَّى صَلَّى أتَى بهما، وأعادَ الصَّلاةَ دُونَ الوُضوءِ. نصَّ عليه أحمدُ. ومَبْناهُ على أنَّ وُجوبَهما بالسُّنَّةِ، والتَّرَتِيبُ إنَّما وَجَبَ بدَلالةِ القُرآنِ مُعْتَضِدًا بالسُّنَّةِ، ولم يُوجَدْ ذلك فيهما. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرَحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِي». وعنه، تجبُ المُوالاةُ وحدَها. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ تقْديمُ المَضْمَضَةِ على الاسْتِنْشاق، على الصَّحيحِ من المذهب، وعليه الأصحابُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: والواوُ في قوْلِه: والاسْتِنْشاقِ. للتَّرْتيبِ، كثُمَّ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وُجُوبَه على قوْلنا: لم يَدُلَّ القُرْآنُ عليه. قوله: والمُبَالغَةُ فيهما. الصَّحيحُ، أنَّ المُبالغَةَ في المَضْمَضَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والاسْتِنْشاق سُنَّة، إلّا ما اسْتَثْنَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعليه عامَّةُ المُتأخِّرِين، وهو المشْهورُ، وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ اسْتِحْبابُ المُبالغَةِ في الاسْتِنْشاقِ وحدَه. واخْتارَه ابنُ الزَّاغُونيِّ. وعنه، تجبُ المُبالغةُ. وقيل تجبُ المُبالغَةُ في الاسْتِنشْاقِ وحدَه. اخْتارَها ابنُ شَاقْلَا. ويُحْكَى روايةً. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. واخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ أيضًا. قاله الشَّارِحُ. قال ابنُ تَمِيمٍ: وقال بعضُ أصحابِنا: تجبُ المُبالغَةُ فيهما في الطَّهارَةِ الكُبْرَى. وعنه، تجبُ المُبالغَةُ فيهما في الوُضوءِ. ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه». فائدتان؛ إحْدَاهما، المُبالغةُ في المَضْمَضَةِ، إدارَةُ الماءِ في الفَمِ، على الصَّحيحِ

وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهب، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: إدارَةُ الماءِ في الفَمِ كلِّه أو أَكْثَرِه. فزادَ، أَكْثَرِه. ولا يَجْعَلُه وجوبًا. والمُبالغَةُ في الاسْتِنْشاقِ جَذْبُ الماءِ بالنَّفَسِ إلى أقْصَى الأنْفِ، على الصَّحِيح مِن المذهب. وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: أو أَكْثَرِه. كما قال في المَضْمَضَةِ. ولا يَجْعَلُه سَعُوطًا. قال المُصَنِّفُ ومَنْ تابَعَه: لا تجبُ الإِدارَةُ في جميعِ الفَمِ، ولا الاتِّصالُ إلى جميعِ باطِنِ الأنْفِ. والثَّانيةُ، لا يكْفِي وَضْعُ الماءِ في فَمِه مِن غيرِ إدارَته. قاله في «المُبْهِجِ»، واقْتَصَرَ عليه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان»، وغيرهما. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يكْفِي. قال في «المُطْلِع»: المَضْمَضَةُ في الشَّرْعِ، وَضْعُ الماءِ في فِيه، وإنْ لم يُحَرِّكْه. قال الزَّرْكَشِي: وليس بشيءٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قوله: إلَّا أنْ يكونَ صًائِمًا. يعني فلا تكونُ المُبالغَةُ سُنَّةً، بل تُكْرَهُ، على الصَّحِيحِ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو الفَرَجِ: تَحْرُمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ويَنْبِغي أنْ يُقَيَّدَ قُوْلُه بصَوْمِ الفَرْضِ. قوله: وتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ. إنْ كَانت خَفِيفَةً وجَبَ غَسْلُها، وإنْ كانت كَثيِفَةً، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، اسْتِحْبابُ تَخلِيلِها. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ كالتَّيَمُّمِ. قال في «الرِّعَايَةِ»: وهو بعيدٌ للأَثَرِ. وهو كما قال. وقيل: يجب التَّخْلِيلُ. ذكَرَه ابنُ عَبْدوسٍ المُتَقدِّمُ. فائدتان؛ إحْدَاهما، شَعَرُ غيرِ اللِّحْيَةِ؛ كالحاجِبَينِ، والشَّارِبِ؛ والعَنْفَقَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولِحْيَةِ المرْأَةِ، وغيرِ ذلك، مِثْلُ اللِّحْيَةِ في الحكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ» في لِحْيَةِ المْرأةِ. وقيل: يجبُ غَسْلُ باطِنِ ذلك كلِّه مُطْلقًا. والثَّانيةُ، صِفَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ؛ أنْ يأْخُذَ كَفًّا مِن ماءٍ فَيَضَعَه مِن تحْتِها، أو مِن جانِبَيها بأصابِعِه. نصَّ عليه. مُشَبَّكَةً فيها. قاله جماعةٌ مِن

وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». زادَ في «الشَّرْحِ»، وغيرِه، ويَعْرُكُها. وقيل: يُخَلِّلُها مِن ماءِ الوَجْهِ، ولا يُفْرِدُ لذلك ماءً. قاله القاضي. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». ويكونُ ذلك عندَ غَسْلِهما، وإنْ شاءَ إذا مَسَحَ رأْسَه. نصَّ عليه. قوله: وتخْليلُ الأصابعِ. يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُ أصابعِ الرِّجْلَين، بلا نِزاعٍ، والصَّحِيحُ مِن المذهب، اسْتِحْبابُ تخْليلِ أصابِعِ اليَدَين أيضًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُسْتحَبُّ. وأطْلَقَهما في «الحاويَين».

وَالتَّيَامُنُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، قال جماعةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم: يُخَلِّلُ رِجْلَيه بخِنْصَرِه، ويَبْدَأُ مِن الرِّجْلِ اليُمْنَى بخِنْصَرِها، واليُسْرَى بالعَكْسِ. زادَ القاضي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، يُخلِّلُ بخِنْصَرِ يَدِه اليُسْرَى. زادَ في «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، مِن أسْفَلِ الرِّجْلِ. قال الأَزَجِيُّ في «نهايَتِه»: يخَلِّلُ بخِنْصَرِ يَدِه اليُمْنَى. والثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ المُبالغَةُ في غَسْلِ سائرِ الأعْضاءِ، ودَلْكُ المواضِع التي يَنْبُو عنها الماءُ وعَركُها. قوله: والتَّيامُنُ. الصَّحيحُ مِن المذهب، اسْتِحْبابُ التَّيامُنِ، وعليه الأصحابُ. وحكَى الفَخْرُ الرَّازِيُّ (¬1) رِوايةً عن أحمدَ، بوُجوبِه. وشَذَّذَه الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُكْرَهُ تَرْكُه. قال ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ هنا في حُكْمِ اليَدِ الواحدَةِ: حتَّى إنَّه يجوزُ غَسْلُ إحْدَاهما بماءِ الأُخْرى. ¬

(¬1) محمد بن عمر بن الحسين، فخر الدين، الرازي، البكري، الطبرستاني، الأصولي، المفسر، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وستمائة. سير أعلام النبلاء 21/ 500.

وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلأُذُنَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأخْذُ مَاء جَدِيدٍ للأُذُنَين. إنْ قُلْنا: هما مِن الرَّأْسِ. وهو المذهبُ، فالصَّحِيحُ اسْتِحْبابُ أخْذِ ماءٍ جديدٍ لهما. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي موسى، والقاضي في «الجامِع الصَّغير»، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، واخْتارَه أيضًا المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال في «الخُلاصَةِ»: يُسْتَحَبُّ على الأصَحِّ. وجزَم به في «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَة» في موْضعٍ، و «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخبِ»، و «الإفَاداتِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وعنه، لا يُسْتَحَبُّ، بل يُمْسَحانِ بماءِ الرَّأْسِ. اخْتارَه القاضي في «تَعْليقِه»، وأبو الخطَّابِ في «خِلافِه الصَّغير»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ»، وابنُ عُبَيدان. وأطْلَقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ» (¬1)، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال ابنُ رَجَبٍ في «الطَّبَقاتِ»: ذكَرَ الشيخ تَقِيُّ الدِّين في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، أنَّ أبا الفَتْحِ ابنَ جَلَبَةَ (¬2)، قاضىَ حَرَّانَ، كان يَخْتارُ مَسْحَ الأُذُنَين بماءٍ جديدٍ، بعدَ مَسْحِهما بماءِ الرَّأْسِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو غريبٌ جدًّا، والذي رأَيناه في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، أنَّه قال: ذكَرَ القاضي عبدُ الوَهَّابِ، وابنُ حامِدٍ، أنَّهما يُمْسَحان بماءٍ جديدٍ بعدَ أنْ يُمْسَحا بماءِ الرَّأْسِ قال: وليس بشيءٍ. فزادَ ابنُ حامِدٍ، والظَّاهِرُ أنَّ القاضِيَ عبْدَ الوَهَّابِ هو ابنُ جَلَبَةَ قاضى حَرَّان. فائدة: يُسْتحَبُّ مَسْحُهما بعدَ مَسْحِ الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقاله القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ويَتَوَجَّهُ تخْرِيجٌ واحْتِمالٌ. وذكَرَ الأَزَجِيُّ، يَمْسَحُهما معًا. ولم يُصَرِّحِ الأصحابُ بخِلافِ ذلك. قلتُ: صرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ باسْتحْبابِ مَسْحِ الأُذُنِ الْيُمْنَى قبلَ اليُسَرَى. تنبيهات؛ الأوَّلُ، هذه الأحْكامُ إذا قُلْنا: هما مِن الرَّأْسِ. فأمّا إذَا قُلْنا: هما ¬

(¬1) بعده في ا: «في السنن». (¬2) عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن جلبة، الحراني؛ القاضي أبو الفتح، أفتى ووعظ وخطب ودرس وتفقه. استشهد سنة ست وسبعين وأربعمائة. طبقات الحنابلة 2/ 245.

وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عُضْوان مُسْتَقِلَّان. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ، فيَجِبُ لهما ماءٌ جديدٌ في وَجْهٍ. قاله في «الفُرُوعِ». وهو مِن المُفْرَداتِ. قال في «الفُروع»: ويَتَوجَّهُ منه، يجِبُ التَّرْتِيبُ. الثَّاني، تقدّمَ أنَّ الأُذُنَين مِن الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ من المذهب، وتقدَّم روايةً، أنَّهما عُضْوان مُستَقِلَّان. وذكَرَ ابنُ عُبَيدان، في بابِ الوُضُوءِ، أنّ ابنَ عبْدِ البَرِّ قال: رُوِيَ عن أحمدَ أنَّه قال: ما أقْبَلَ منهما مِن الْوَجْهِ يُغْسَلُ مَعه، وما أدْبَرَ مِن الرَّأْسِ. كَمَذهَب الشَّعْبِيِّ، والحسَنِ بنِ صالحٍ، ومال إليه إسْحاقُ بنُ رَاهُويَه. الثَّالثُ، قونه: والغَسْلَةِ الثَّانيةِ والثَّالِثةِ. بلا نِزاعٍ. قال القاضي في «الخِلافِ»: حتّى لطهارَةِ المُسْتَحاضَة. فوائد؛ إحْدَاها، يَعمَلُ في عَدَدِ الغَسَلاتِ بالأقَلِّ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقال في «النِّهايَةِ»: يعملُ بالأكْثَرَ. الثَّانيةُ، تُكْرَهُ الزِّيادَةُ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: تَحْرُمُ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: واسْتَحَبَّ؛ بعضُ أصحابِنا للوَجْهِ غَسْلَةً رابِعَةً تُصَبُّ مِن أعْلاه. وعن أحمدَ، أنَّه يُزادُ في الرِّجْلَين دُونَ غيرِهما. ويجوزُ الاقْتِصْارُ على الغَسْلَةِ الواحِدَةِ، والثَّنْتان أفْضَلُ، والثَّلَاثَةُ أفْضَلُ منهما. قاله المَجْدُ، وغيرُه. وقال القاضي، وغيرُه: الأُولَى فرِيضَةٌ، والثَّانيةُ فَضِيلَةٌ، والثَّالِثةُ سُنَّةٌ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. قال في «المُسْتَوْعِب»: وإذا قيل لك: أيُّ موْضعٍ تُقَدّمُ فيه الفِضيلَةُ على السُّنَّةِ؟ فقُلْ: هنا. الثَّالِثةُ، لو غَسَلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضَ أعْضاءِ الوُضوءِ أكْثَرَ مِنْ بعضٍ، لم يُكْرَهْ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، يُكْرَهُ. الرَّابعةُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُسَنُّ مسْحُ العُنُقِ، وهو الصَّحيحُ مِن المذهب، وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، وغيرِه: قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يُسْتَحَبُّ مَسْحُ العُنُقِ، في أقْوَى الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الصَّحيحُ مِن الرِّوايتَين. قال في «الفائقِ»: لا يُسَنُّ في أصَحِّ الرِّوايتَين. وعنه، يُسْتَحَبُّ. اخْتارَه في «الغُنْيَةِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «أسْبابِ الهِدايَةِ»، وأبو البَقاءِ، وابنُ الصَّيرَفيِّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِهْ». قال في «الخُلاصَةِ»: ومَسْحُ العُنُقِ مُسْتَحَبٌّ على الأصَحِّ. وجزَم بهْ ابنُ. عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ البَنَّا في «العُقُودِ»، وابنُ حَمْدان في «الإفاداتِ»، والنَّاظِمُ. وقدَّمَه في «الهِدَايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لا يُسَنُّ الكلامُ على الوُضوءِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهب، بل يُكْرَهُ. قاله جماعةٌ مِن الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: والمرادُ بغيرِ ذِكْر الله. كما صرَّحَ به جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ». والمُرادُ بالكَراهَةِ ترْكُ الأَوْلَى. وذكَرَ جماعةٌ كثيرةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الإِفاداتِ»، يقولُ عندَ كُلِّ عُضْوٍ. ما وردَ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لضَعْفِه جدًّا، قال ابنُ القَيِّمِ: أمَّا الأذْكارُ التي يقُولُها العامَّةُ على الوُضوءِ عندَ كلٌّ عُضْوٍ، فلا أصْلَ لها عنه عليه أفَضْلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ولا عن أحَدٍ مِن الصَّحابَةِ والتَّابعِين والأئمَّةِ الأرْبَعَةِ، وفيه حدِيثٌ كَذِبٌ عليه؛ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، انتهى. قال أبو الفَرَجِ: يُكْرَهُ السَّلامُ على المُتَوَضِّئ. وفي «الرِّعايَةِ»: ورَدُّ السَّلام أيضًا. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلام الأكْثَرِ، لا يُكْرَهُ السَّلامُ ولا الرَّدُّ، وإنْ كان الرَّدُّ على طُهْرٍ أكْمَلَ. الخامِسَةُ، قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ ما نقَلَه بعضُهم، يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ. قال: ولا تصْرِيحَ بخِلافِه، وهو مُتَّجِهٌ لكلِّ طاعَةٍ إلَّا لدَليل. انتهى.

باب فرض الوضوء، وصفته

بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَصِفَتِهِ وَفُروضُهُ سِتَّةٌ؛ غَسْلُ الْوَجْهِ، وَالْفَمُ وَالْأَنْفُ مِنْهُ، وَغَسْلُ الْيَدَينِ. وَمَسْحُ الرَّأْسِ، وَغَسْل الرِّجْلَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتَرتِيبُهُ، عَلَى مَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالى، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ فَرْضِ الوضوءِ وصفتِه قوله: وتَرْتيبُهُ على ما ذَكرَ اللهُ تعالى. الصَّحيحُ مِن المذهب؛ أنَّ التَّرتِيبَ فَرْضٌ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكْثَرُهم، مُتَقَدِّمُهم ومُتَأخِّرُهم. وعن أحمدَ روايةٌ بعدَمِ وُجوبِ التَّرتِيبِ بينَ المَضْمضَةِ والاسْتِنْشاقِ، وبينَ بقيَّةِ أعْضاءِ الوُضوءِ. كما تقدَّم قريبًا. فأخَذَ منها أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، وابنُ عَقِيلٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ» روايةً بعَدَمِ وُجُوبِ التَّرتيبِ رأْسًا، وتَبِعَهما بعض المُتَأَخِّرين؛ منهم صاحِبُ «التَّلْخِيص»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروع»، فيه، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأَبَى ذلك عامَّةُ الأصحابِ، مُتَقَدِّمُهم ومُتَأخِّرُهم؛ منهم أبو محمدٍ، يعني به المُصَنِّفَ، والمَجْدُ في «شَرْحِه». قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: لم أَرَ عنه فيه اخْتِلافًا. قال في «الحاوي الكبيرِ»: لا أعْلَمُ فيه خِلافًا في المذهب، إلَّا أبا الخَطَّابِ حكَى روايةَ أحمدَ، أنَّه غيرُ واجب. انتهى. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» عدَمَ وُجوبِ التَّرْتيبِ في نَفْلِ الوُضوءِ، ومَعْناه للقاضِي في «الخِلافِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: اعلمْ أنَّ الواجبَ عندَ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ، التَّرْتيبُ، لا عَدَمُ التَّنْكِيسِ، فلو وضَّأه أرْبَعَةٌ في حالةٍ واحِدَةٍ، لم يُجْزِئْه، ولو انغَمَس في ماءٍ جارٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْوي رَفْعَ الحدَثِ، فمرَّتْ عليه أرْبَعُ جَرْيَاتٍ، أجْزَأَه إنْ مسَح رأْسَه، أو قيل بإجْزاءِ الغَسْلِ عن المسْحِ، على ما يأَتِي، ولو لم يمُرَّ عليه إلَّا جَرْيَةٌ واحدَةٌ، لم يُجْزِه. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهب. قال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: ونَصَّ أحمدُ في رَجُلٍ أرادَ الوُضوءَ، فانْغَمَس في الماءِ، ثم خَرج، فعليه مسْحُ رأْسِه وغَسْلُ قَدَمَيه. قال: وهذا يدُلُّ على أنَّ الماءَ إذا كان جارِيًا، فمرّتْ عليه جَرْيَةٌ واحدةٌ، أنَّه

وَالْمُوَالاةُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه. مسْحُ رأْسِه وغَسْلُ رِجْلَيه. انتهى. وإنْ كان انْغِماسُه في ماءٍ كثيرٍ راكدٍ، فإنْ أخْرَج وَجْهَه، ثم يدَيه، ثم مسَح برأْسِه، ثم خرجَ مِن الماءِ مُراعِيًا للتَّرْتيبِ، أجْزَأه، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفُروع»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وتقَدَّمَتِ الرِّوَايةُ التي ذكَرها المُصنِّفُ. وقيل: إنْ مَكَثَ فيه قَدْرًا يتَّسِعُ للتَّرْتيبِ، وقُلْنا: يُجْزِئُه غَسْلُ الرأْسِ عن مسْحِه. أو مسَحه، ثم مكَث برِجْلَيه قدْرًا يسَعُ غَسْلَهما، أجْزَأَه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وهو الأَقْوَى عندِي. وقال في «الانْتِصارِ»: لم يُفَرِّقْ أحمدُ بينَ الجارِي والرَّاكِد، وإنَّ تَحرُّكَه في الرَّاكِدِ يصِيرُ كالجارِي، فلابُدَّ مِن التَّرْتيبِ. قوله: والمُوالاةُ على إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الكافِي»، و «التَّلْخِيص»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تميمٍ»؛ إحْدَاهما، هي فرْضٌ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في روايةِ الجماعَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لقوْلِه في مسْحِ الخُفَّين: فإنْ خَلَعَ قبلَ ذلك، أعادَ الوضوءَ. وهو مِن مُفْرَدَاتِ المذهب. والثانيةُ، ليستْ بفَرْضٍ، بل هي سُنَّةٌ. وقيل: إنَّها ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه لم يذْكُرْها في فُروضِ الوضوءِ. قال المُصنِّفُ، في «المُغْنِي»: ولم يذْكُرِ الخِرَقي المُولاةَ. تنبيه: الرِّوايتان في كلامِ المُصَنِّفِ يعُودانِ إلى المُوالاةِ فقط؛ لما تقدَّم عنه في «المُغْنِي» أنَّه لم يَرَ عنه فيه اخْتِلافًا. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: الخِلافُ راجِعٌ إلى التَّرْتيبُ والمُوالاةِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. قلتُ: صرَّحَ به في «الهادِي»، فقال: وفي المَضْمضَةِ والاسْتِنْشاقِ والتَّرْتيبِ والمُوالاةِ رِوايتان. وقال في «الكافِي»: وحُكِيَ عنه أنَّ التَّرْتيبَ ليس بواجبٍ. فائدة: لا يسْقُطُ التَّرْتيبُ والمُوالاةُ بالنِّسْيانِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به ناظِمُ «المُفرداتِ» وغيرُه، وهو منها. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان وغيرُه. وقيل: يَسْقُطانِ. وقيل: يسْقُطُ التَّرْتيبُ وحدَه. قال ابنُ تميمٍ: قال بعضُ أصحابِنا: تَسْقُطُ المُوالاةُ بالعُذْرِ، والجَهْلُ كذلك في الحُكْمِ. قاله في «القَواعدِ الأصُولِيَّةِ». قال الشيِخُ تَقِيُّ الدِّين: تَسْقُطُ المُوالاةُ بالعُذْرِ. وقال: هو أشْبَهُ بأصُولِ الشَّريعةِ وقَواعدِ أحمدَ. وقوَّى ذلك وطَرَّدَه في التَّرْتيبِ، وقال: لو قيل بسُقوطِه للعُذْرِ،؛ لو غسَل وَجْهَه فقط لمَرَضٍ ونحوه،

وَهِيَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَنْشَفَ الَّذِى قَبْلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم زال قبلَ انْتِقاضِ وُضوئِه بغَسْلِه لَتوَجَّه. انتهى. قوله: وهو أَنْ لَا يؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى ينشَفَ الذي قبلَه. مُرادُه في الزَّمانِ المُعْتَدلِ. وقَدَّرَه في غيرِه. وهذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ عندَ الأصحاب. ونصَرَه في «مَجْمعِ البَحْرَين»، وغيره. قال ابنُ رَزِينٍ، وابنُ عُبَيدان: هذا الأصَحُّ. وجزَم به في «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»، و «الفائقِ»، و «المَذْهَبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحْمَدِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرَحِ»، و «الفُرُوعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الكبير»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وغيرهم. وقيل: هو أنْ لا يُؤخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشَفَ الكُلُّ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ» وقيل: هو أنْ لا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشَفَ أيُّ عُضْوٍ كان. حكاهُ ابنُ عَقِيلٍ. وعنه، يُعْتَبَرُ طُولُ المُكْثِ عُرْفًا. قال الخَلَّالُ: هو الأشْبَهُ بقوْلِه، والعملُ عليه. قال في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»: ويُوالِي عُرْفًا. قال ابنُ رَزِينٍ: وهذا أقْيَسُ. قلتُ: يَحْتَمِلُ أنَّ هذه الرِّوايةَ مُرادُ مَنْ حَدَّها بحَدٍّ، ويكُونون مُفسِّرِين للعُرْفِ بذلك، ثم رأيتُ الزَّرْكَشِيَّ قال مَعْناه. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغير»: في زمَنٍ مُعْتَدِلٍ، أو طال عُرْفًا. قال في القاعِدَةِ الثَّالثةِ بعدَ المِائَةِ: وهل الاعْتِبارُ بالعُرْفِ، أو بجَفافِ الأعْضاءِ؟ على رِوايتَين. فوائد؛ منها، لا يَضُرُّ اشْتِغالُه في العُضْو الآخَرِ بسُنَّةٍ؛ كتَخْليلٍ، أو إسْباغٍ، أو إزالةِ شَكٍّ، ويَضُرُّ إسْرافٌ، وإزالةُ وَسَخٍ ونحوُه. جزَم به في «الفُروعِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، وأَطْلَقا. ولعَلَّهما أرادَا ما جزَم به الزَّرْكَشِيُّ، إذا كان إزالةُ الوَسَخِ لغيرِ الطَّهارَة. وجزَم في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغير». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ عُبَيدان، أنَّه لا يَضُرُّ إزالةُ الوَسَخِ، وأطْلَقُوا. ولَعَلَّهم أرادُوا إذا أزَالها لأجْلِ الطَّهارَةِ. ولا

وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ تَضُرُّ الإِطَالةُ لوَسْوَسَةٍ. صَحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: تَضُرُّ. جزَم به في «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمع البَحْرَين»: وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِي». وتَضُرُّ إزالةُ النَّجاسَة إذا طالتْ. قدَّمه في «الرعايَّةِ الكُبْرَى». وقيل: لا تضُرُّ. وأطْلَقَهما في «الفُرَوعِ» و «ابنِ تمِيمٍ»، و «الزرْكَشِيِّ». وتضُرُّ الإطَالةُ في تَحْصيلِ الماءِ. قدَّمه الزرْكَشِيُّ، و «الرِّعايَةِ». وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وعنه، لا تضُرُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». ومنها، لا يُشْتَرَطُ للغُسْلِ مُوالاةٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه الأصحابُ. وحكَى بعضُ الأصحابِ الاشْتِراطَ كالوُضوءِ، ويأْتِي ذلك في الغُسْلِ. ومنها، إذا قُلْنا: المُوالاةُ سُنَّةٌ. وفاتَتْ، أو فَرَّقَ الغُسْلَ، فلابُدَّ لإِتْمامِ الوُضوءِ والغُسْلِ من نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ. قاله ابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم، بِناءً على أنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ الحُكمِيَّةِ قُرْبُ الفِعْلِ منها، كحالةِ الابْتِداءِ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ على الخِلافِ. كما يأْتِي في نِيَّةِ الحجِّ في في دُخولَ مَكَّةَ، ونِيَّةِ الصَّلاةِ. ويأْتِي ذلك في الغُسْلِ. قوله: والنِّيَّةُ شَرْطٌ لطهارةِ الحَدَثِ كُلَّها. وهذا المذهبُ المَجْزومُ به عندَ جماهيرِ الأصحابِ. وقيل: النِّيَّةُ فَرْضٌ. قال ابنُ تَميم، و «الفائِقِ». وقال الخِرَقي: والنِّيِّةُ مِن فُروضِها. وأوَّلُوا كلامَه. وقيل: رُكْنٌ. ذَكَرَهما في «الرِّعايَةِ الكُبرَى». قلتُ: لا يَظْهَرُ التَّنافِي بينَ القَوْلِ بفَرْضِيَّتِها ورُكْنِيَّتِها، فلعَلَّه حكَى عِبارَاتِ الأصحاب. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا في المذهبِ، أنّ النِّيَّةَ لا تُشْتَرط في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طهارةِ الحَدَث. قال في «القَواعدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو شاذٌّ. وقال في «الفُروعِ»: ذكَر بعضُ أصحابِنا عن أصحابِنا والمالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ، أنَّه ليس مِن شرْطِ العبادَةِ النِّيَّةُ. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: ويتَوجَّهُ على المذهب صِحَّةُ الوُضوءِ والغُسْلِ مِن غيرِ نِيَّةٍ. قال: وقد بنَى القاضي هذه المسْألةَ على أنَّ التَّجْدِيدَ، هل يَرْفعُ الحَدَثَ أم لا؟ ويأْتِي في آخِرِ أحْكامِ النَّيِّةِ، هل يَحْتاجُ غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ إلى النَّيِّةِ أم لا؟. فائدة: لا يُسْتحَبُّ التَّلَفُّظُ بالنَّيِّةِ، على أحَدِ الوَجْهَين. وهو المنْصوصُ عن أحمدَ. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وقال: هو الصَّوابُ. الوَجْهُ الثَّاني، يُسْتحَبُّ التَّلَفُّظُ بها سِرًّا. وهو المذهبُ. قدَّمه. في «الفُروعِ». وجزَمَ به ابنُ عُبَيدان، و «التَّلْخِيصِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، وابنُ رَزِينٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الأوْلَى عندَ كثيرٍ مِن المُتَأَخِّرين. تنبيه: مفْهومُ قولِه: والنِّيَّةُ شَرْطٌ لطهارَةِ الحَدَثِ. أنَّها لا تُشْتَرطُ لطَهارَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخبَث. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: شرْطٌ كطهارَةِ الحَدَثِ. وحكَى ابنُ مُنَجَّى في «النِّهايَةِ»، أنَّ الأصحابَ قالُوه في كتُبِ الخِلاف. وقيل: إِنْ كانتِ النَّجاسَةُ على البَدَنِ فهي شَرْطٌ، وإلَّا فلا. وقال أبو الخَطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: في طهارةِ البَدَن بصَوْبِ

وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ رَفْعَ الْحَدَثِ، أَو الطَّهَارَةَ لِمَا لا يُبَاحُ إلا بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ غَمامٍ، أو فِعْلِ مَجْنُونٍ أو طِفْلٍ، احْتِمالان. قوله: وهو أنْ يَقصِدَ رَفْعَ الحَدَثِ أو الطَّهارةَ لما لا لايُباحُ إلَّا بها. هذا المذهبُ. قاله الأصحابُ. وقال في «المُسْتَوْعِب»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهما: النِّيَّةُ هي قَصْدُ المَنْويِّ. وقيل: العَزْمُ على المَنْويِّ. وقيل: إنْ نَوَى مع الحَدَثِ النَّجاسةَ لم يُجْزِئْه. اخْتارَه الشَّريفُ أبو جَعْفَرِ. قال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ إنْ نَوَى مع الحَدَثِ التَّنَظُّفَ أو التَّبَرُّدَ، لم يُجْزِئْه. فائدة: يَنْوى مَنْ حَدَثُه دائمٌ الاسْتِباحَةَ، على الصَّحيحِ من المذهب. قال ابنُ تَمِيم: وَيَرْتَفِعُ حدَثُه. ولعَلَّه سَهْوٌ. وقيل: أو يَنْوِي رَفْعَ الحَدَث. [قال المَجْدُ: هي كالصَّحيحِ في النِّيَّةِ. قال في «الرِّعايَةِ». وقيل: نِيَّتُها كنِيَّةِ الصَّحيحِ، ويَنْوي رَفْعَه. انتهى. وقيل: أو يَنْوي رفْعَ الحَدَثِ] (¬1). وقيل: هما. ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَين»: وجَمْعُهما أوْلَى. [فعلى المذهب، لا يَحْتاجُ إلى تَعْيِينِ نِيَّةِ الفرْضِ. قطَعَ به ابنُ مُنَجَّي، وابنُ حَمْدَان. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا ظاهرُ قوْلِ الأصحابِ. انتهى. ويرْتَفِعُ حَدَثُه أيضًا، على الصَّحيحِ مِن المذهب. قدَّمه ابنُ تميمٍ، وابنُ حَمْدَان. وهو ظاهرُ ما قطَعَ به في «شَرْحِه»؛ فإنَّه قال: هذه الطَّهارَةُ ترْفَعُ الحَدَثَ. أوْجَبها. وقال أبو جَعْفَرٍ: طَهارَةُ المُسْتَحاضَةِ لا تَرْفَعُ الحَدَثَ. والنَّفْسُ تَميلُ إليه. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»] (¬1). فائدة: لم يذْكُرِ المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالىَ، هنا مِن شُروطِ الوُضوءِ إلَّا النِّيَّةَ، وللوُضوءِ شُروطٌ أُخْرَى؛ منها، ما ذكَرَه المُصَنِّفُ في آخرِ بابِ الاسْتِنْجاءِ، وهو إزالةُ ما على الفَرْجَين مِن أذًى بالماءِ أو بالأَحْجارِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، كما تقدَّم. ومنها، إزالةُ ما على غيرِ السَّبِيلَين مِن نَجاسَةٍ، على قوْلٍ تقَدَّم هناك. ومنها، دخُولُ الوَقْتِ على مَنْ حدَثُه دائِمٌ؛ كالمُسْتَحاضَةِ، ومَنْ به سَلَسُ البَوْلِ، والغائطُ، ونحوهم، على ما يأْتِي في آخِرِ بابِ الحَيضِ. ومنها، التَّمْيِيزُ، فلا وُضوءَ لمنْ لا تَمْيِيزَ له؛ كمَنْ له دُونَ سَبْعٍ. وقيل: سِتٍّ. أو مَن لا يَفْهَمُ الخِطابَ ولا يَرُدُّ الجوابَ. على ما يأْتِي في كتابِ الصَّلاةِ. ومنها، إزالةُ ما يَمْنَعُ وُصُولَ الماءِ إلي العُضْو. ومنها، العَقْلُ، فلا وضوءَ لمَنْ لا عَقْلَ له، كالمَجْنُونِ ونحوه. ومنها، الطَّهارةُ مِن الحَيضِ والنِّفاسِ. جزَم به ابنُ عُبَيدان. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يَصِحُّ ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

فإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ أَو التَّجْدِيدَ، فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وُضُوءُ الحائض. على ما يأْتِي أوَّلَ الحَيضِ مُسْتَوْفَى. قلتُ: ومنها الطَّهارَةُ مِن البَوْلِ والغائطِ، أعْنِي انْقِطاعَهما، والفراغَ مِن خُروجِهما. ومنها، طَهُورِيَّةُ الماءِ، خِلافًا لأبي الخطَّابِ، في «الانتِصارِ»، في تَجْويزِه الطَّهارَةَ بالماءِ المُسْتَعْمَلِ في نَفْلِ الوُضوءِ، كما تقدَّم عنه ذلك في كتابِ الطَّهارَةِ. ومنها، إباحَةُ الماءِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، على ما تقدَّم في كتابِ الطَّهارَةِ. وهو مِن المُفْرَداتِ. ومنها، الإسْلامُ. قاله ابنُ عُبَيدان وغيرُه. فهذِه اثْنا عشَرَ شَرْطًا للوُضوءِ، في بعضِها خِلافٌ. قوله: فإنْ نَوَى ما تُسَنُّ له الطهارةُ أو التَجْديد، فهل يَرتَفِعُ حَدَثُه؟ رِوايَتَينِ. إذا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ، كالجُلوسِ في المسْجِدِ ونحوه، فهل يرتَفِعُ حدَثُه؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ. فيه الخِلافَ، وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَة»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائِقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ مُنَجًّى في «شَرْحِه»، و «ابنِ عُبَيدان»؛ إحْدَاهما، يَرْتَفِعُ، وهو المذهبُ. اخْتارَه. أبو حَفْصٍ العُكبَرِيُّ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، والمُصَنِّفُ. في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ. قال المَجْدُ، وتابعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أقْوَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّانيةُ، لا يَرْتَفِعُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضِي، والشِّيرازِيُّ، وأبو الخطَّابِ. قال ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»: هذا أصَحُّ الوَجْهَين. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». فائدة: ما تُسَنُّ له الطهارَةُ؛ الغَضبُ، والأَذَانُ، ورَفْعُ الشَّكِّ، والنَّوْمُ، وقِراءةُ القُرْآنِ، والذِّكْرُ، وجُلُوسُه بالمسْجِدِ، ونحوُه. وقيل: ودُخولُه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقيل: وحدِيثٌ، وتَدْريسُ عِلْمٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» أيضًا. وقيل: وكِتابَتُه. وقال في «النِّهايَةِ»: وزِيارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقال في «المُغْنِي» وغيرِه: وأكْلٌ. قال الأصحابُ: ومِن كلِّ كلامٍ مُحَرَّمٍ؛ كالغِيبَةِ ونحوها. وقيل: لا. وكلُّ ما مَسَّتْه النَّارُ، والقَهْقَهَةُ. وأطْلَقَها ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ، و «الفُروع»، وكذا في «مَجْمَعِ البَحْرَين» في القَهْقَهَةِ. وأما إذا نَوَى التجْديدَ وهو ناسٍ حدَثَه، ففيه ثلاثُ طُرُقٍ؛ أحَدُها، أنَّ حُكْمَه حكْمُ ما إذا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ. وهي الصَّحيحَةُ. جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وفي «المُغْنِي»، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. ففيه الخِلافُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتَقَدِّمُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عُبَيدان في «شَرْحَيهِما»، وابنُ تَميمٍ، و «الحاويَين»، وغيرُهم؛ إحْدَاهما، يَرْتَفِعُ حدَثُه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه». وصَحِّحه في «التَّصْحيحِ»، وصَحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، فيما إذا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ. وجَعَلَا هذه المسْأَلةَ مِثْلَها. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وغيرُهم. والثَّاني، لا يَرْتَفِعُ. اخْتارَه القاضِي، وأبو الخَطَّابِ، وغيُرهما. وجزَمَ به في «الإِفاداتِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: على الأقْيَسِ والأشْهَرِ. وقال في «الصُّغْرى»: هذا أصَحُّ. وكذا قال ابنُ مُنَجَّى في «النِّهايَةِ». وصَحَّحَه في «النَّظْمِ». ومَحَلٌ الخِلافِ على القَوْلِ باسْتِحْبابِ التَّجْديد على ما يأْتِي. الطَّريقَةُ الثَّانيةُ، لا يرْتَفِعُ هنا، وإنِ ارْتَفعَ فيما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ. وقد تقدَّم أنَّ ابنَ حَمْدان أطْلَقَ الخِلافَ فيما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ، وصَحَّحَ في هذه المسْأَلَةِ، وقال: إنَّ الأَشْهَرَ لا يرْتَفِعُ. الطَّريقةُ الثَّالثةُ، إنْ لم يَرْتَفِعْ ففي حُصولِ التَّجْديدِ احْتِمالان. قاله ابنُ حَمْدان في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». تنبيه: قال ابنُ عُبَيدان: وكلامُ المُصَنِّفِ يُوهِمُ أنَّ الرِّوايتَين فيما إذا نَوَى ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُسَنُّ له الطَّهارَةُ، وليس الأمْرُ كذلك، وإنَّما الرَّوايتان في التَّجْديدِ، وأمَّا ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ؛ ففيه وجَهْان مُخَرَّجان على الرِّوايتَين في التَّجْديدِ، صرَّحَ بذلك المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وكذلك غيرُه مِن الأصحابِ. انتهى، وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: في الكلِّ رِوايتان. وقيل: وَجْهان. قلتُ: وممَّنْ ذكرَ الرِّوايتَين، فيما إذا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ؛ في (¬1) «المُذْهَب»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَين»، و «الفائِقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وممَّن ذكرَ الوَجْهَين؛ القاضي في «الجامِعِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنُ تَميمٍ»، و «ابنُ عُبَيدان»، وغيرهم. فائدتان؛ إحْدَاهما، لو نوَى رفْعَ الحدَثِ وإزالهَ النَّجاسَةِ، أو التَّبَرُّدَ، أو تعْليمَ غيرِه، ارْتَفَعَ حَدَثُه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: إذا نَوَى النَّجاسَةَ مع الحدَثِ، لم يُجْزِه. وتقدَّم ذلك. الثَّانية، الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُسَنُّ تجْديدُ الوضوءِ لكلِّ صلاةٍ. وعنه، لا يُسَنُّ، كما لو لم يُصَلِّ بينهما. قاله في «الفُروعِ». ويتَوَجَّه احْتِمالٌ، كما لو لم يفْعَلْ ما يُسْتَحَبُّ له الوضوءُ، وكَتَيَمُّم وكغُسْلٍ، خِلافًا للشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، في «شَرْحِ العُمْدَةِ» في الغُسْلِ. وحُكِي عنه، يُكْرَهُ الوُضوءُ. وقيل: لا يُداومُ عليه. ¬

(¬1) في: «صاحب».

وَإِنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا، فَهَلْ يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَوَى غُسْلا مَسْنونًا، فَهَلْ يُجْزِئُ عن الواجب؟ على وجهين. وقيل: رِوايَتَان. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاويَين»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. واعلمْ أنَّ الحُكْمَ هنا كالحكْمِ فيما إذا نوَى ما تُسَنُّ له الطَّهارَةُ، خِلافًا ومذهَبًا عندَ أكثرِ الأصحابِ. وظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» مُخالِفٌ لذلك. وعندَ المَجْدِ في «شَرْحِه» لا يرْتَفِعُ بالغُسْلِ المَسْنونِ، وَيَرْتَفِعُ بالوضوءِ المَسْنونِ. وَتَبِعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». واخْتارَه أبو حَفْصٍ. وَسَوَّى بينَهما في «المُحَرَّرِ» كالأَكْثَرِ. فوائد؛ منها، إذا قُلْنا: لا يحْصُلُ الواجِبُ. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ حصُولُ المَسْنُونِ. وقيل: لا يحْصُلُ أيضًا. ومنها، وكذا الخِلافُ والحكْمُ والمذهبُ، لو تَطَهَّرَ عن واجِبٍ، هل يُجْزِئُ عنِ المسْنونِ؟ على ما تقدَّمَ. وهذا هو الصَّحيحُ. وقيل: يُجْزِئُه هنا، وإنْ مَنَعْنا هناك؛ لأنَّه أعْلَى. ولو نَواهُما حصَلَا، على الصَّحِيحِ مِن المذهَبِ. نصَّ عليه. وقيلَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. ومنها، لو نَوَى طهارَةً مُطْلَقَةً، أو وُضْوءًا مُطْلقًا (¬1)، لم يصِحَّ على الصَّحِيح. وجزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «التَّلخِيصِ». ورَجَّحه في «الفُصولِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا: إنْ قال: هذا الغُسْلُ لطَهَارَتِى. انْصَرَفَ إلى إزالةِ ما عليه مِن الحَدَثِ، وإنْ أطْلَقَ؛ وقَعَتِ الطَّهارَةُ نافِلَةً، ونافِلَةُ الطَّهارَةِ كتَجْدِيدِ الوُضوءِ، وفيه رِوايتان. وكذا يُخَرَّجُ وَجْهان في رَفْعِ الحَدَثِ. وقال أبو المَعالِي، في «النِّهايَةِ»: ولا خِلافَ أنَّ الجُنُبَ إذا نَوَى الغُسْلَ وحدَه، لم يُجْزه؛ ¬

(¬1) في ط بزيادة: «عليه».

وَإِنِ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الْوُضُوءَ أَو الْغُسْلَ، فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا، فَهَلْ ترْتَفِعُ سَائِرُهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه تارةً يكونُ عِبادَةً، وتارةُ يكون غيرَ عِبادَةٍ، فلا يرْتَفِعُ حُكْمُ الجَنابَةِ. انتهى. وقيلَ: يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصَحَّحَه في. «المُغْنِي»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وأطْلَقَهما في «الفُروع»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ». ومنها، لو نوَى الجُنُبُ الغُسْلَ وحدَه، أو لمُرورِه في المسْجِدِ، لم يرْتَفِعْ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ فيهما. وتقدَّم كلامُ أبي المَعالِي. وقيلَ: يرْتَفِعُ. وقيل: يرْتَفِعُ في الثَّانيةِ وحدَها. وقال ابنُ تَميمٍ: إنْ نَوَى الجُنُبُ بغُسْلِه القِراءَةَ، ارْتَفعَ حَدَثُه الأكْبَرُ، وفي الأصْغَرِ وَجْهان، وإن نَوَى المُكْثَ (¬1) في المسْجِدِ. ارْتَفَعَ الأصْغَرُ، وفي الأكْبرِ وَجْهان. وقيل: يرْتَفِعُ الأكْبَرُ في الثَّانيةِ. ذكَرهَ القاضي. واخْتارَه المَجْدُ. ومنها، لو نَوى بطهارَتِه صَلاةً مُعَيَّنَةً لا غيرَها، ارْتَفَعَ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِن المذهَبِ. وعليه الأصحابُ. وذكرَ أبو المعالِي وَجْهَين، كَمُتَيَمِّمٍ نوَى إقامَةَ فَرْضَين في وَقْتَين. قوله: وإنِ اجتمعتْ أحْدَاثٌ تُوجِبُ الوُضوءَ أوْ الغُسْلَ، فنوَى بطهارَتِه أحَدهما، فهل يَرتفِعُ سائِرُهما؟ على وجهين. وأطْلَقهُما في «المُذهَبِ» و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عُبَيدان في «شَرْحَيهِما»، و «الحاويَين»؛ أحَدُهما، يرْتَفِعُ سائِرُها. وهو المذهبُ. قال في «القَواعِدِ ¬

(¬1) في ا: «اللبث».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المشْهورُ. وقال ابنُ عُبَيدان: هذا الصَّحْيحُ. قال في «الفائِقِ»: هذا أصَحُّ الوَجْهَين. وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُسْتَوعِب» (¬1). وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، في أحْداثِ الوُضُوءِ. والثَّاني، لا يرْتَفِعُ إلَّا ما نَواه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الإِفادَات». وصَحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين» في مُوجِبَاتِ الغُسْلِ. ورَجَّحَه المَجْدُ فىْ غُسْلِ الجَنَابَةِ والحَيضِ. وَقِيلَ: يَرْتَفِعُ الجَمِيعُ، وإِنْ نَوَى أَنْ لا يَرْتَفِعَ فهو ما نَواه. وقيلَ: لا تجْزِئُ نِيَّةُ الحَيضِ عن الجَنابَةِ، ولا نِيَّةُ الجَنابَةِ عن الحَيضِ، وتُجْزِئُ في غيرِهما نِيَّةُ أحَدِهما عن الآخَرِ. وقيل: تُجْزِئُ نِيَّةُ الحَيضِ عن الجَنابَةِ، ولا تجُزْئِ نِيَّةُ الجَنابَةِ عن الحَيضِ، وما سِوَى ذلك يتَداخَلُ. وقيل: إنْ نَسِيَتِ المرْأَةُ حالها، أجْزَأَها نِيَّةُ أحَدِهما عن الآخَرِ. تنبيه (¬2)؛ ظاهرُ قولِه: وإنِ اجْتَمَعَتْ أحْداثٌ. أنَّه سواءٌ كان اجْتِماعُها معًا أو مُتَفَرِّقَةً إذا كانتْ مُتَنَوِّعَةً. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ مُنَجَّى، وصاحِبُ «الفائِقِ»، و «الحاويَينِ» وغيرُهم. وهو الصَّوابُ. وقيل: يُشْتَرَطُ أنْ يُوجَدا معًا. قال في ¬

(¬1) في: «المنتخب». (¬2) في زيادة: «تنبيهات، الأول: ظاهر قوله: فينوى بطهارته أحدها. لو نوى -مع ذلك- أنَّ لا يرتفع غير ما نواه، أنه لا يرتفع. وهو الصحيح، وظاهر كلام الأصحاب، وقدمه في الفروع، وقيل: فيه الوجهان اللذان فيما إذا نوى بطهارته أحدهما فقط. الثاني:

وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى أَوَّلِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»: وإنْ نَوَى رفْعَ بَعْضِ أحْداثِه التي نَقَضَتْ وضوءَه معًا. زادَ في «الكُبْرَى»، إنْ أمْكَن اجْتِماعُها. ارْتَفَعَتْ كلُّها. وقيل: بل ما نَواه وحدَه. وقيل: وغيرُه إنْ سَبَقَ أحَدُهما، ونواه. وقيلَ: إنْ تكَرَّرَتْ مِن جِنْسٍ أو أكْثَرَ، فأطْلَقَ النِّيَّةَ، ارْتَفَعَ الكلُّ، وإن عَيَّنَ في الجِنْسِ أوَّلَها، أو آخِرَهَا، أو أحَدَ الأنْواعِ، فوَجْهان. انتهى. تنبيه (¬1)؛ تظْهَرُ فائِدَةُ قوْلِ أبي بَكْرٍ، أنَّه لو نَوَى بعدَ ذلك رَفْعَ الحَدَثِ عن باقِي الأسبْابِ، ارْتَفَعَ حَدَثُه على الوَجْهَين. قاله ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» وغيرُه. وأيضًا مِن فَوائِدِه؛ لو اغْتَسَلَتِ الحائِضُ، إذا كانتْ جُنُبًا، للحَيضِ، حَلَّ وَطْؤُهَا دُونَ غيرِه؛ لبَقاءِ الجَنابَةِ. قال ابنُ تَميمٍ: ولا يَمْنَعُ الحَيضُ صِحَّةَ الغُسْلِ للجَنابَةِ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وهو المنْصوصُ. قال في «الحاوي الصَّغيرِ»: وهو الأقْوَى عندِي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وحكَاهُما رِوايتَين. وقالا: لا تَمْنَعُ الجَنابَةُ غُسْلَ الحَيضِ؛ مثلَ إنْ أجْنَبَتْ في أثْناءِ غُسْلِها منه. انتهى. ويأْتِي ذلك بأتمَّ مِن هذا في الغُسْلِ بعدَ قوْلِه: والخامِسُ الحَيضُ. تنبيه (¬2)؛ قوله: ويَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ على أوَّلِ واجِباتِ الطَّهارةِ. هذا صَحِيحٌ. وأوَّلُ واجِباتها المَضْمَضَةُ والتَّسْمِيَةُ، على ما تقدَّمَ مِن الخِلافِ. ذَكَرَه الشَّارِحُ، وغيرُه. ويجوزُ تَقْدِيمُها بزَمَنٍ يسيرٍ بلا نِزَاعٍ، ولا يجوزُ بزَمَنٍ طويلٍ، على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يجوزُ مع ذِكْرِها وبَقاءِ حُكْمِها، بشَرْط أنْ لا يَقْطَعَها. قال ابنُ تَميمٍ: وجَوَّزَ الآمِدِيُّ تقْديمَ نِيَّةِ الصَّلاةِ بالزَّمَنِ الطَّويلِ، ما لم يَفْسَخْها، ¬

(¬1) في ا: «الثالث». (¬2) في ا: «الرابع».

وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَسْنُونَاتِهَا، وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا فِي جَمِيعِهَا، وَإِنِ اسْتَصحَبَ حُكْمَهَا أجْزأهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا يُخَرَّجُ هنا. وجزَم به في «الجامِعِ الكبيرِ». وقال القاضي، في «شَرْحِه الصَّغير»: إذا قَدَّمَ واسْتَصْحبَ ذِكْرَهَا حتى يَشْرَعَ (¬1) في الطَّهارَةِ، جازَ، وإنْ نَسِيَهَا، أعادَ. وقال أبو الحُسينِ: يجوزُ تَقديمُ النِّيَّةِ ما لم يَعْرِضْ ما يَقْطعُها مِنَ اشْتِغالٍ بِعَمَلٍ ونحوه انتهى. فائدة: لا يُبْطِلُها عمَلٌ يسيرٌ، في أصَحِّ الوَجْهَين. قوله: وإن اسْتَصْحَب حكمَها أجزأه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ¬

(¬1) في الأصل: «فرغ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الرِّعَايَةِ»: ولا يُبْطِلُ النِّيَّةَ نِسْيانُها، في الأشْهَرِ، ولا غَفْلَةً عنها مُطْلَقًا. وقيلَ: بل بعدَ شُروعِه فيه. فوائد؛ منها، لو أبْطَلَ الوُضوءَ بعَد فَراغِه منه، لم يَبْطُلْ، على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقيلَ: يَبْطُلُ. وأطْلَقَّهُما ابنُ تَميمٍ. ومنها، لو شَكَّ في الطَّهارَةِ، بعدَ فَراغِه منها، لم يُؤَثِّرْ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقيلَ: يَبْطُلُ. وقيلَ: إنْ شَكَّ عَقِيبَ فَراغِه، اسْتَأْنَفَ، وإنْ طال الفَضْلُ، فلا. ومنها، لو أبْطَلَ النِّيَّةَ في أثْناءِ طَهارَتِه، بَطَلَ ما مَضَى منها، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرِّعايَتْين»، و «الحاويَين». وقيلَ: لا يَبْطُلُ ما مضَى. منها. جزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، لكنْ إنْ غَسَلَ الباقِيَ بِنيَّةٍ أُخْرَى قبلَ طُولِ الفَصْل، صَحَّتْ طهارَتُه، وإنْ طالتْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْبَنَى على وُجوبِ المُوالاةِ. قال في «التَّلْخِيصِ»: وهما الأقْيَسُ. وأطْلَقَهما الشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان. وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ أبْطَلَ النِّيَّةَ في أثْناءِ طَهارَته، بَطَلَ ما مضَى منها، في أحَدِ الوُجوهِ. والثَّاني، لا يَبْطُلُ. والثَّالِثُ، إنْ قُلْنا باعْتِبارِ المُوالاةِ، بَطَلَ، وإلَّا فلا. انتهى. قلتُ: ظاهرُ القوْلِ الثَّاني مُشْكِلٌ جدًّا؛ إذْ هو مُفْضٍ إلى صِحَّتِه، ولو قُلْنا باشْتِراطِ المُوالاةِ وفاتَتْ، وما أظُنُّ أحدًا يقولُ ذلك، ولابُدَّ في القوْلِ الثَّالِثِ مِن إضْمارٍ، وتَقْدِيرُه، والثَّالِثُ إنْ قُلْنا باعْتِبارِ المُوالاةِ فأَخَلَّ بها، بَطَلَ وإلَّا فلا. ومنها، لو فَرَّقَ النِّيَّةَ على أعْضاءِ الوُضوءِ، صحَّ. جزَم به في «التَّلْخِيصِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ تَمِيمٍ، وقال: وحكَى شَيخُنا أبو الفَرَجِ، رَحِمَهُ اللهُ، في ماءِ الوُضُوءِ، هل يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذا انْفَصَلَ عن العُضْو، أو يكونُ مَوْقُوفًا؟ إنْ أكْمَلَ طَهَارَتَه صارَ مُسْتَعْمَلًا، وإنْ لم يُكْمِلْها فلا تضُرُّه، وفيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يصيرُ مُسْتَعْمَلًا بمُجَرَّدِ انْفِصالِه. والثَّاني، هو مَوْقوفٌ.

فَصْلُ: وَصِفَةُ الْوُضُوءِ، أنْ يَنْويَ، ثُمَّ يُسَمِّيَ، وَيَغْسِلَ يَدَيهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَإنْ شَاءَ مِنْ سِتٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: فعلَى هذا لا يصِحُّ تَفْريقُ النِّيَّةِ على أعْضائِه. انتهى. ومنها، غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِن الحَيضِ لا يَحْتاجُ إلى نِيَّةٍ. قدَّمه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وابنُ تَمِيمٍ. وقال: واعْتَبَرَ الدِّينَوَرِيُّ (¬1) في تَكْفِيرِ الكافِرِ بالعِتْقِ والإطْعام النِّيَّةَ، وكذلك يُخَرَّجُ هاهُنا. انتهى. قال في «القَواعِدِ»: ويحْسُنُ بِناؤُه على أنَّهم مُكَلَّفون بالفُروعِ أم لا؟ ¬

(¬1) أحمد بن محمد أبي الفتح بن أحمد، الدينوري، أبو بكر. الفقيه، من أئمة الحنابلة ببغداد، برع في الفقه وتقدم في المناظرة، صنف كتاب «التحقيق في مسائل التعليق». توفي سنة 532 هـ. ذيل الطبقات 1/ 190، 191، شذرات الذهب 4/ 98، 99.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ ثلاثًا. بلا نِزَاعٍ. ويكونُ ذلك بيَمِينِه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: بيَسارِه. ذكرَه القاضِي في «الجامِعِ الكبيرِ». وذكرَه نصُّ أحمدَ في روايةِ حَرْبٍ، الاسْتِنْشاقُ بالشِّمالِ. قوله: مِن غَرْفَةٍ، وإنْ شاء من ثلاثٍ، وإنْ شاء مِن سِتٍّ. هذه الصِّفاتُ كلُّها جائِزَةٌ، والأفْضَلُ جَمْعُها بماءٍ واحدٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه، يَتَمَضْمَضُ، ثم يَسْتَنْشِقُ مِن الغَرْفَةِ. قدَّمَه في «الرِّعايَةِ»، و «الفائِق»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وعنه، بغَرْفَتَين، لكلِّ عُضْوٍ غرْفَةٌ. حكَاها الآمِدِيُّ. وعنه، بثَلاثٍ لهما معًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، بسِتٍّ. ذكرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ. قال ابنُ تَميمٍ، بعدَ ذلك: وهل يُكْمِلُ المَضْمَضَةَ، أو يفْصِلُ بينَهما؟ فيه وَجْهان. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: والأصَحُّ أنَّه يَتَمَضْمَضُ، ثم يَسْتَنْشِقُ مِن الغَرْفَةِ، ثم ثانيًا كذلك منها، أو مِن غَرْفَةٍ ثالثةٍ، وكذلك يفْعَلُ ثالِثًا. وصَحَّحَه المَجْدُ في «شرحِ الهِدايَةِ».

وَهُمَا وَاجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَينِ. وَعَنْهُ، أَنَّ الاسْتِنْشَاقَ وَحْدهُ وَاجِبٌ فِيهِمَا. وَعَنْهُ، أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ فِي الْكُبْرَى دُونَ الصُّغْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهما واجِبانِ في الطَّهارَتَينِ. يعنِي المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشاقَ. وهذا المذهبُ مُطلقًا، وعليه الأصحابُ، ونَصَروه. وهو مِن مُفْرَدَاتِ المذهبِ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الاسْتِنْشاقَ وحدَه واجبٌ. وعنه، أنَّهما واجبَانِ في الكُبْرَى دُونَ الصُّغْرَى. وعنه، أنَّهما واجِبَان في الصُّغْرى دُونَ الكُبْرَى. عكْسُ التي قبلَها. نقَلَها المَيمُونيُّ. وعنه، يجبُ الاسْتِنْشاقُ في الوُضوءِ وحدَه. ذكرها صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ» وغيرُهما. وعنه، عكْسُها. ذَكَرَها ابنُ الجَوْزِيِّ. وعنه، هما سُنَّةٌ مطلقًا. فائدة: هل يُسَمَّيانِ فرْضًا أم لا؟ وهل يسْقُطان سهْوًا أم لا؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» فيهما. وأطْلَقَهما في «الفائق»، وابنُ تَميمٍ في تَسْمِيَتِهما فَرْضًا. وأطْلَقَهما في «الحاويَين» في سُقُوطِهما سَهْوًا. وقال المُصَنَّفُ، وَتَبِعَه الشَّارِحُ: هذا الخِلافُ مَبْنيٌّ على اخْتِلافِ الرِّوايتَين في الواجِبِ، هل يُسَمَّى فرْضًا أم لا؟ والصَّحيحُ أنَّه يُسَمَّى فرْضًا، فيُسَمَّيان فَرْضًا. انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في «الفُصولِ»: هما واجِبَان لا فرْضان. وقال الزَّرْكَشِيُّ: حيثُ قيلَ بالوُجوبِ، فتَرَكَهما أو أحَدَهما، ولو سَهْوًا، لم يصِحَّ وُضوؤُه. قاله الجُمْهورُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ولا يَسْقَطانِ سَهْوًا على الأشْهَرِ. وقدَّمه في «الصُّغْرَى». وقال ابنُ الزَّاغُوني: إنْ قيلَ: إنَّ وجوبَهما بالسُّنَّةِ. صَحَّ مع السَّهْو. وحُكِيَ عن أحمدَ في ذلك رِوايتان؛ إحْدَاهما، وُجُوبُهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالكِتابِ. والثَّانِيَةُ، بالسُّنَّةِ. تنبيه: اخْتَلَفَ الأصحابُ، هل لهذا الخِلافِ فائدَةٌ أم لا؟ فقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا فائِدَةَ له. ومتى قُلْنا بوُجُوبِهما، لم يصِحَّ الوُضوءُ بتَرْكِهما عَمْدًا، ولا سَهْوًا. وقالتْ طائِفَة: إنْ قُلْنا: المُوجِبُ لهما الكِتابُ. لم يصِحَّ الوُضوءُ بَتْركِهما عَمْدًا ولا سَهْوًا. وإنْ قُلْنا: المُوجِبُ لهما السُّنَّةُ. صَحَّ وُضوؤُه مع السَّهْو. وهذا اخْتِيارُ ابنِ الزَّاغُونِي كما تقدَّم عنه. فائدة: يُسْتَحَبُّ الانتِثارُ، على الصّحيحِ مِن المذهبِ والرِّوايتَين، وعليه الأصحابُ. ويكونُ بيسَارِه. وعنه، يجبُ.

ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا مِنْ مَنَابِتِ شَعَرِ الرّأْسِ إِلَى مَا انْحَدَرَ مِنَ اللّحْيَينِ وَالذَّقَنِ طُولًا، مَعَ مَا اسْتَرْسَلَ مِنَ اللّحْيَةِ، وَمِنَ الْأُذُنِ إِلَى الأذُنِ عَرْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: دخلَ في قولِه: ثُمّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثلاثًا من مَنَابِتِ شَعَرِ الرأس إلى ما انْحدَرَ من اللَّحْيَين والذَّقَنِ. العِذارُ، وهو الشَّعَرُ النَّابِتُ على العَظْمِ النَّاتِئ المُسامِتِ لصِماخِ الأذُنِ إلى الصُّدْغِ. ودَخَلَ أيضًا العارِضُ، وهو ما تحتَ العِذارِ إلى الذَّقَنِ. ودخلَ أيضًا المِفْصَلانِ الفاصِلَانِ بين اللِّحْيَةِ والأُذُنَين، وهما يَلِيَانِ العِذَارَ مِن تحْتِهما. وقيل: وهما شَعَرُ اللَّحْيَين. ولا تَدْخلُ النَّزَعَتانِ في الوَجْهِ، بل هما من

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرأس، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال ابنُ عُبَيدان: والصَّحِيحُ عندَ أصحابِنا أنَّهما مِن الرأَسِ. قال في «الفُروعِ»: مِن الرَّأسِ في الأصَحِّ. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أظْهَرُ الوَجْهَين أنَّهما مِن الرأَسِ. وصَحَّحَه الشَّارِحُ وغيرُه. وقيلَ: هما مِنَ الوَجْهِ. اخْتَاره القاضي، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل، والشِّيرازِيُّ. وقطَع به القاضي في «الجامِع». وأطْلَقَهُما «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاويَين». فائدة: النَّزَعَتانِ ما انْحسَرَ عنه الشَّعَرُ في فَوْدَى الرَّأسِ، وهما جانِبَا مُقَدَّمِه. وجزَم به في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» وغيرهم. وقيلَ: هما بَياضُ مُقَدَّمِ الرأْسِ مِن جانِبيْ ناصِيَتهِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو قَرِيبٌ مِنَ الأوَّلِ. ولا يدْخُلُ الصُّدْغُ والتَّحْذيفُ أيضًا في الوَجْهِ، بل هما مِنَ الرأْس، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه المُصنِّفُ في «الكافِي»، والمَجْدُ. وقال: هو ظاهِرُ كلام أحمدَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الأظهَرُ أنَّهما مِنَ الرَّأْس. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أصَحُّ الوَجْهَين. وقدَّمه ابنُ رَزِين في الصُّدْغِ. وصَحَّحَه الشَّارِحُ. وقيل: هُما مِن الوَجْهِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قاله القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وحَكَى أبو الحسينِ في الصُّدْغِ رِوايتَين. وقيل: التَّحْذيفُ مِن الوَجْهِ، دُونَ الصُّدْغِ. اخْتاره ابنُ حامِدٍ. قاله جماعةٌ. واخْتاره المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ. وأطْلَقَهُما ابنُ رَزِينِ في التَّحْذيفِ. وهو ظاهرُ كلامِ الشَّارِح. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الصُّدْغُ مِن الوَجْهِ. فائدة: الصُّدْغ هو الشَّعَرُ الذي بعدَ انْتِهاءِ العِذارِ يُحاذِي رأْسَ الأذُنِ، ويَنْزِلُ عن رأْسِها قليلًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ رَزِينِ». وقيلَ: هو ما يُحاذِي رأسَ الأُذُنِ فقط. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان». ولعلَّهم تابَعوا المَجْدَ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «الفُروعَ» في بابِ مَحْظوراتِ الإحْرام. وأمَّا التَّحْذيفُ فهو الشَّعَرُ الخارِجُ إلى طَرَفِي الجَبِينِ في جانِبَي الوَجْهِ، ومُنْتَهَى العَارِضِ. [قاله الزَّرْكَشيُّ. وقال في «المُغْنِي» وغيرِه: والشَّعَرُ الدَّاخِلُ في الوَجْهِ ما بين انْتِهاء العِذَارِ والنَّزعةِ. وفي «الفُروعِ»: هو الشَّعَرُ الخارِجُ إلى طَرَفِ الجَبِينِ في جانِبَي الوَجْهِ بينَ النَّزعًةِ ومُنْتَهَى العِذَارِ. وكذا قال غيرُه، ولعَلَّ ما في الزَّرْكَشِيِّ، ومُنْتَهَى العارِضِ. سبْقَةُ قَلَمٍ، وإنَّما هو مُنْتَهَى العِذَار كما قال غيرُه، والحِسُّ يُصَدِّقُه] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصنِّف، وُجوبُ غَسْلِ داخِلِ العَينَين. وهو رِواية عن أحمدَ، بشَرْطِ أمْنِ الضَّرَرِ. واخْتارَه في «النهايَةِ». وهو مِن المُفْرَداتِ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، أنَّه لا يجبُ غَسْلُ داخِلِهما مُطْلقًا، ولو للجَنابَةِ. وعنه، يجِبُ للطهارَةِ الكُبْرَى. وهو مِن المُفْرَدَاتِ. فعلَى الذهبِ، لا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ داخِلِهما، ولو أَمِنَ الضَّرَرَ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، بل يُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وابنُ عُبَيدان: الصَّحيِحُ أنَّه غيرُ مَسْنونٍ. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وجزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الشّرْح»، و «المُحَرَّر»، و «ابنِ تميم»، و «حَواشِي المُقْنِع»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال: اخْتارَه القاضي في «تَعْلِيقِه»، والشيخَان. وقطعَ في «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَب»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرهم، بالاسْتِحبابِ إذا أمِنَ الضَّرَرَ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». وقيل: يُسْتحَبُّ في الجَنَابَةِ دُونَ الوُضوءِ. فائدة: لو كان فِيهما نجاسَة، لم يَجِبْ غَسلها، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قلتُ: فيُعايىَ بها. وعنه، يجبُ، وأمَّا ما في الوَجْهِ مِنَ الشَّعَرِ، فقد تقدَّم الكلامُ عليه في آخِرِ بابِ السِّواكِ في سُنَنِ الوُضوءِ. تنبيه: قوله: مِنْ مَنابِتِ شَعَرِ الرأْسِ. يعني المُعْتادَ في الغالِب، فلا عِبْرَةَ بالأَفْرَعِ، بالفاءِ، الذي يَنْبُتُ شَعَرُه في بعْضِ جَبْهَتِه، ولا بأجْلَحَ، الذي انحْسَرَ شَعَره عن مُقدَّمِ رأسِه. قاله الأصحابُ. قوله: مع ما اسْتَرْسَل من اللِّحية. هذا الصَّحيحُ مِن المذهب. وعلَيه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهمَا. وصَحَّحَه في

فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَعَرٌ خَفِيفٌ يَصِفُ الْبَشَرةَ وَجَبَ غَسْلُهَا مَعَهُ، وَإنْ كَانَ يَسْتُرُهَا أَجْزأَهُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ. وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المذهبُ عندَ الأصحابِ بلا رَيبٍ. قال ابنُ عُبَيدان: هذا ظاهِرُ مذهبِ أحمدَ، وعليه أصحابُه. وعنه، لا يجِبُ. قال ابنُ رَجَب، في «القَواعِدِ»: الصَّحيحُ لا يجِبُ غَسْلُ ما اسْتَرْسَلَ مِن اللّحْيَةِ. وهو مُقْتَضَى ما نصَّه المُصَنِّفُ في «المُغْني» مِن عَدِم وجوبِ غَسْلِ الشَّعَرِ المُسْترسِلِ في غُسْلِ الجَنابَةِ. وأطْلَقَهما في «الحاويَين»، و «الرِّعايتَينِ». فائدة: يجبُ غَسْلُ اللّحْيَة؛ ما في حدِّ الوَجْهِ، وما خَرَجَ عنه. عَرْضًا على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بحالٍ. نقلَ بَكْرٌ، عن أبِيه، أنَّه سأل أحمدَ، أيُّما أعْجَبُ إليك، غَسْلُ اللِّحْيَةِ أو التَّخْلِيل؟ فقال: غَسْلُها ليسَ مِن السُّنَّةِ، وإنْ لم يُخَلَّلْ أجْزَأهُ. فأخَذَ مِن ذلك الخَلَّالُ أنَّها لا تُغْسَلُ مُطْلقًا، فقال: الذي ثَبَتَ عن أبي عبْدِ اللهِ، أنَّه لا يَغْسِلُها. وليستْ مِن الوَجْهِ. وردَّ ذلك القاضِي، وغيُره مِن الأصحابِ، وقالوا: مَعْنى قولِه: ليس مِن السُّنَّةِ. أي غَسْلُ باطِنِها. ورَدَّ أبو المَعالِي على القاضي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه (¬1): قوله: ويُسْتَحبُّ تَخْلِيلُه. تقَدَّم ذلك وصِفَتُه في باب السِّواك مُسْتَوْفًى. ¬

(¬1) في ا: «تنبيهان أحدهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه (¬1)، مفْهومُ قولِه: وإنْ كان يَسْتُرُها أجْزَأَه غَسْلُ ظاهِرِه. أنَّه لا يَجِبُ غَسْلُ باطِنِ اللّحْيَةِ الكَثِيفَة، وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ ¬

(¬1) في ا: «الثاني».

ثُمَّ يَغسِلُ يَدَيهِ إِلَى الْمِرْفَقَينِ ثَلَاثًا، وَيدْخِلُ الْمرْفَقَينِ فِي الْغَسْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب. وقيل: يجبُ. وقيل: في وجوبِ غَسْلِ باطِنِ اللِّحْيَةِ رِوايتَان. وقيل: يجِبُ غَسْلُ ما تحتَ شَعَرِ غيرِ لحْيَةِ الرَّجُلِ. ذكَرَه ابنُ تَميم. فعلَى المذهب، يُكْرهُ غسْلُ باطِنها على الصَّحيحِ. قال في «الرِّعايَة الكبرى»: ويُكْرهُ غَسْلُ باطِنِها في الأشْهَرِ. وقيل: لا يُكْرَه. قوله: ويُدخِلُ المِرْفَقَين في الغَسْلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطعَ به أكْثَرُهم. وعنه، لا يجبُ إدْخالُهما في الغَسْلْ فعلَى المذهبِ، مَنْ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِرْفَقَ له يَغْسِلُ إلى قَدْرِ المِرْفَقِ في غالبِ النَّاس. قاله الزَّركَشيُّ، وغيرُه. فوائد؛ لو كان له يَدٌ زائدَةٌ، أو إصْبَعٌ أَصْلُها في محَلِّ الفرْضِ، وجَب غَسْلُها، وإنْ كانتْ نابِتَةً في غير محَل الفرض، كالعَضُدِ والمَنْكِبِ وتَمَيَّزَتْ، لم يَجِبْ غَسْلُها، سَواءٌ كانتْ قصيرةً أو طويلَةً، على الصَّحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ، وابنُ عَقِيلٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحرَين»، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم: هذا أصَحُّ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». واخْتارَه المَجْدُ في «شَرحِه». وقال القاضي، والشِّيرازِيُّ: يجِبُ غَسْلُ ما حاذَى محَلَّ الفرضِ منها. ويأتِي في «الرِّعايَة»، غَسْلُ ما حاذَى محَلَّ الفَرْض في الأصَحِّ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. وأمَّا إذا لم تَتَمَيز إحْدَاهما مِنَ الأخْرَى، فإنَّه يَجِبُ غَسْلُهما بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، وقطَعوا به. قال في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ دَيَاتِ الأعْضاءِ ومَنافِعِها: ومَنْ له يَدانِ على كُوعَيه، أو يَدان وذِراعان على مِرْفَقَيه وتَساوَتا فهما يَدٌ. انتهى. ولو كان له يَدان لا مِرْفَقَ لهما غسَل إلى قَدْرِ المِرْفَقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في غالبِ عاداتِ النَّاس. وتقدَّمَ كما قُلْنا في الرُّجوعِ إلى حَدِّ الوَجْهِ المُعْتادِ؛ في حَقِّ الأفْرَعِ والأصْلَعِ. فإنِ انْفَلَعتْ جِلْدَةٌ مِن العَضُدِ حتى تَدَلَّتْ مِنَ الذراعِ وجَب غَسْلُها، كالإِصبَعِ الزَّائدَة، وإن تَقَلَّعَتْ مِنَ الذِّراعِ حتى تَدَلَّتْ مِنَ العَضُدِ، لم يَجِبْ غَسْلُها وإنْ طالتْ، وإنْ تَقَلَّعَتْ مِن أحَدِ المَحَلَّينِ والْتَحَمَ رأْسُها بالآخَرِ، غسَل ما حاذَى مَحَلَّ الفرْضِ مِن ظاهِرِها، والمُتَجَافِيَ منه مِن باطِنِها وما تحتَه، لأنَّها كالنَّابِتَةِ في المَحَلَّينِ. قطَع بذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البحرين»، وغيرُهم. وقال في «الرعاية الكُبْرَى»: ولو تدلَّتْ جِلْدَةٌ مِن محَلِّ الفَرْضِ أو اليَدِ غُسِلَتْ في الأصَحَ فيهما. وقيل: إنْ تَدلَتْ مِن محَلِّ الفَرضِ غُسِلَتْ، وإلَّا فلا. وقيل عَكْسُه. وإنِ التَحَمَ رأْسُها في مَحَلِّ الفَرْضِ، غسَل ما فيه منها. وقيل: كيَدٍ زائِدَةٍ. انتهى. وإذا انْكَشَطَتْ جِلْدَةٌ مِن اليَدِ وقامَتْ، وجَب غَسْلُها وإنْ كانتْ غيرَ حسَّاسَةٍ، بل يَبِسَتْ وزالتْ رُطُوبَةُ الحياةِ منها. فائدة: لو كان تحتَ أظْفارِه يسيرُ وَسَخٍ يَمْنَعُ وُصولَ الماء إلى ما تحتَه، لم تَصِحَّ

ثم يمسح رأْسَه، ـــــــــــــــــــــــــــــ طهارَتُه. قاله ابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقيل: تصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. صَحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وصاحِبُ «حَوَاشِي المُقْنِع». وجزَم به في «الإفادَاتِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ. واخْتاره الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. قال في «مَجْمَع البَحرَين»: اخْتارَه شيخُ الإسْلامِ، يعْني به المُصَنِّفَ. ونَصَرَه. وأطْلَقَهما في «الحاويَين». وقيل: يصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُه منه؛ كأرْبابِ الصَّنائع والأعْمالِ الشَّاقةِ مِن الزراعَةِ وغيرِها. واخْتاره في «التَّلْخيصِ»، وأطْلَقَهُنَّ في «الفروعِ». وألْحَقَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ كل يَسير مَنَعَ حيثُ كان مِن البَدَنِ. كدَم وعَجِين ونحوهما، واخْتارَه. قوله: ثم يَمْسَحُ رأَسَه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يُشْتَرَط في الرَّأْس المَسْحُ، أو ما يقومُ مَقامَه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْزيء بَلُّ الرأْس مِن غيرِ

فَيَبْدَأُ بِيَدَيهِ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ يُمِرُّهُمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى مُقدَّمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْحٍ. فائدتان؛ إحدَاهما، لو غسَله عِوضًا عن مَسْحِه أجْزأ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، إنْ أمَرَّ يدَه. صَحَّحَه في «الفُروعِ». وقدَّمه ابنُ تَميم، و «مَجْمَع البَحْرَينِ». قال الزَّرْكَشيُّ: هذا المعْروف المشْهورُ. واخْتارهُ ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقيل: لا يُجْزِئُ. اخْتاره ابنُ شَاقْلَا. قال في «المُذْهَب»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: ولا يُجْزِئ غَسْلُه في أصَحِّ الوَجْهَين. زادَ في «الكُبْرَى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة»: بل يُكْرهُ. وأطْلَقَهما في «المُغنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وعنه، يُجْزئُ. وإنْ لم يُمِرَّ يدَه؛ وأطْلَقَ الرِّوايتَين، فيما إذا لم يُمِرَّ يَده، المَجْدُ في «شرحِه»، وابنُ تَمِيم. الثانية، لو أصابَ الماء رأَسَه أجْزَأ إنْ أمَرَّ يدَه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقدَّمه. نصَّ عليه في «الفُروعِ»، واخْتارَه المَجْدُ، وقدَّمه ابنُ عبَيدان وصَحَّحَه. وعنه، لا يُجْزِئ حتى يُمِر يدَه، ويَقْصِدَ وقوعَ الماءِ عليه. قال في «الرِّعَايَة»: ولا يُجْزِئُ وقوعُ المَطَرِ بلا قَصْدٍ. وقيل: يُجْزِئ إنْ أمَر يدَه يَنْوى به مسْحَ الوضوءِ. وقطَع بعدَمِ الإجْزاءِ في «التلْخيصِ»، وابن عَقِيل، وزعم أنَّه تحقيق المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ لم يُمِرَّها ولم يَقْصِدْ فَعَكْسه، على ما تقدَّمَ. تنبيه: قوْلُه: فيَبْدأْ بِيَدَيه. هذا الأوْلَى والكامِلُ. والصَّحيحُ مِن المذهب أنَّه يُجْزيء المَسْحُ ببَعْضِ يَدِه. وعنه، يُجْزئُ إذا مَسَحَ بأكْثَرِ يَدِه. قال في «الفُروع»: لا يُجْزئُ مَسْحُه بأصْبُعٍ واحدَةٍ، في الأصَحِّ فيه. وقيل: على الأصَح. وقيل: إنْ وَجَب مَسَحَه كلَّه، وإلا أجْزَأه. انتهى. والصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ المسْحَ بحائل يُجْزِئُ مُطْلقًا، فيَدْخُلُ أي المسْحُ بخَشَبَةٍ وخِرْقَةٍ مَبْلُولَتَين ونحوهما. وقيل: لا يُجْزِئ. وقال في «الرِّعايَة»: ولا يُجْزِئ مسْحُه بغيرِ يَدٍ، كخَشَبَةٍ وخِرْقَةٍ مَبْلُولَتَين ونحوهما، وقيل: يُجْزِيء. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، في المسْحِ بالخِرْقَةِ المَبْلولَةِ والخَشَبَةِ. ولو وَضَعَ يَدَه مَبْلُولَةً على رأْسِه ولم يُمِرَّها عليه، أو وضَعَ عليه خِرْقَةً مَبْلُولَةً، أو بَلَّها وهي عليه لم يُجْزِئْه في الأصَحِّ. وقطع به المَجدُ وغيرُه. ويَحْتَمِلُ أنْ يصِح. قاله المُصَنِّفُ. قوله: من مُقدَّمِ رَأْسِه، ثم يُمِرُّهُمَا إلى قَفاهُ، ثم يَرُدُّهما إلى مُقدَّمِه. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَردُّهما مَنِ انْتَشَرَ شَعَرُه، ويَردُّهما مَن لا شَعَرَ له أو كان مَضْفُورًا. وعنه، تَبْدأُ المْرأَةُ بمُؤخَّرِه وتَخْتِمُ. به. وقيل: ما لم تَكْشِفْه. وعنه، لا تَرُدُّهما إليه. وعنه، تَمْسَحُ المْرأةُ كلَّ ناحِيَةِ لِمَصَبِّ الشَعَرِ. وهو قولٌ في «الرِّعايَةِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِه أنَّ ذلك يكونُ بماءٍ واحدٍ. وهو صحِيحٌ، وهو المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وعنه، يَرُدُّهما إلى مُقَدُّمِه بماءٍ جديدٍ. فائدة: كيفما مَسَحَه أجْزَأ، والمُسْتَحَبُّ عندَ الأصحاب، كما قال المُصَنِّفُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: والأَوْلَى أنْ يُفرِّقَ بينَ مُسَبِّحَتَيه، ويَضَعَهُما على مُقَدَّمِ رَأْسِه، ويَجعَلَ إبْهامَيه في صُدْغيه، ثم يَمُرَّ بيدَيه إلى مُؤَخَّرِ رأَسِه، ثم يُعِيدَهما إلى حيثُ بدَأ، ويدْخِلَ مُسَبِّحَتَيه في صِمَاخَيْ أُذُنَيه، ويَجْعَلَ إبْهامَيه لظاهِرِهما. وقيل: بل يغْمِسُ يَدَيه في الماءِ ثم يُرْسِلُهما حتى يقْطُرَ الماءُ، ثم يَتْرُكُ طَرَفَ سبَّابَتِه اليُمْنَى على طرَفِ سبَّابَتِه اليُسْرَى. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ: وصِفَةُ المَسْحِ أنْ يضعَ أحدَ طَرَفَيْ سبَّابَتَيه على طرَفِ الأَخْرى، ويَضَعَهُما على مُقَدَّمِ رأْسِه، ويضَعَ الإبهامَين على الصُّدْغَين، ثم يُمِرَّهُما إلى قَفاهُ، ثم يَرُدهُما إلى مُقَدَّمِه. نصَّ عليه، وهو المَشْهورُ والمُخْتارُ.

وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ مَعَ الْأُذُنَينِ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ مَسْحُ أَكْثَرهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِه. هذا المذهبُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، مُتَقَدِّمُهم ومُتأَخِّرُهم، وعُفِيَ في «المُبْهِج»، و «المتَرْجمِ»، عن يسيرِه للمَشَقَّةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الزَّرْكَشيُّ: وظاهرُ كلامِ الأكْثَرين بخِلافِه. وعنه، يُجْزِئُ مسْحُ أكْثَره. اخْتاره في «مَجْمَع البَحْرَين» وقال القاضي، في «التَّعْلِيقِ»، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلَافِه الصَّغير»: أكْثَرُه الثُّلُثان فصاعِدًا، واليَسيرُ الثُّلثُ فما دُونَه. وأطْلقَ الأْكْثرُ الأكْثرَ، فشَمِلَ أكثرَ مِن النِّصْفِ ولو بيَسِيرٍ. وعنه، يُجْزِئُ مسْحُ قَدْرِ النَّاصِيَةِ. وأطْلقَ الأوْلَى. وهذا قوْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَقِيل في «التَّذْكِرَة»، والقاضي في «الجامِعِ». فعلَيها، لا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ للمسْحِ على الصَّحيح، بل لو مسَح قدْرَها مِن وَسَطِه، أو مِن أيِّ جانب منه أجْزأ. ذكَره القاضي، وابنُ عَقِيل، عن أحمدَ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوبَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرهم. قال الزَّكَشِيُّ: قال القاضي، وعامَّةُ مَن بعْدَهم: لا تَتعَيَّنُ النَّاصِيَةُ على المعْروف. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الحاوي»، وابنُ حَمْدان: هذا أصَحُّ الوَجْهَين. وقال ابنُ عَقِيل: يَحْتَمِلُ أن تَتَعَيَّنَ النَّاصِيَةُ للمَسح. واخْتارَه القاضي في موْضعٍ مِن كلامِه، وأطْلَقَهما في «الفُروعَ»، و «ابنِ تَميمٍ». تنبيه: النَّاصِيَة مُقدَّمُ الرأْسِ. قاله القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ». وقيل: هي قُصاصُ الشَّعَر. قدَّمَه ابنُ تَميمٍ، وقال: ذكَره شيخُنا؛ وعنه، يُجْزِئُ مسْحُ بعضِ الرأس مِن غيرِ تَحْديدٍ. [قال الزَّرْكَشِيُّ: وصرَّح ابنُ أبي موسى بعدَمِ تحْديدِ الرِّوايةِ؛ فقال: وعنه، يجِبُ مسْحُ البعضِ مِن غيرِ تحديدٍ] (¬1). وذكَر في الانْتِصارِ احْتِمالًا، يُجْزِئ مسْحُ بعضِه في التَّجْديدِ، دونَ غيرِه. وقال القاضي فِي «التَّعْلِيقِ»: يُجْزِئُ مسْحُ بعضِه للعُذْرِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، أنَّه يَسْمَحُ معه العِمامَةَ للعُذْرِ، كالنَّزْلَةِ ونحوها، وتكونُ كالجَبِيرَةِ، فلا ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ توْقِيتَ. وعنه، يُجْزِيء مسْحُ بعضِه للمرْأةِ دُونَ غيرِها. قال الخَلَّالُ، والمُصَنِّفُ: هذه الرِّوايَةُ هي الظَّاهِرَةُ عن أحمدَ. قال الخَلَّالُ: العمَلُ في مذهبِ أبي عبدِ اللهِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّها إنْ مَسَحَتْ مُقَدَّمَ رأْسِها أجْزَاها. فائدتان؛ إحدَاهما، إذا قُلْنا: يُجْزئُ مسْحُ بعضِ الرأْس. لم يَكْفِ مسْحُ الأُذُنَين عنه، على المشْهورِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَكْفِي أُذُنَيه في الأشْهرِ. قال الزَّرْكَشيُّ: واتَّفَقَ الجمهورُ أنَّه لا يُجْزئُ مسْح الأذُنَين عن ذلك البعض. وللقاضي في «شَرْحِه الصَّغيرِ» وَجْهُ بالإِجْزاءِ. قال في «الرِّعَايَةِ»: وهو بعيدٌ. قال ابنُ تَميم: وقطَع غيره بعدَمِ الإِجْزاءِ. وقال الشيخُ تقيُّ الدِّين: يجوزُ الاقْتِصارُ على البَياضِ الذي فوقَ الأذُنَين دُونَ الشَّعَرِ، إذا قُلْنا؛ يُجْزِيء مسْحُ بعضِ الرَّأس. والثَّانيةُ، لو مسَحَ رأسَه كلَّه دَفْعَة واحدَةً، وقُلْنا: الفَرْضُ منه قَدْرُ النَّاصِيَة. فهل الكُلُّ فَرضٌ أو قدْرُ النَّاصِيَة؟ فيه وَجْهان، والصَّحيحُ منهما أنَّ الواجِبَ قَدرُ النَّاصِيَةِ. [قلتُ: ولها نَظائِرُ في الزَّكاةِ والهدي؛ فيما إذا وجَبَتْ عليه شاة في خَمس مِن الابِل، أو دَمٌ في الهَدْي، فأخْرَجَ بعِيرًا] (¬1). ¬

(¬1) زياد من «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجبُ مَسْحُ جَمِيعِه مع الأُذُنَين. إذا قُلْنا: يجِبُ مسْحُ جَميعِه، وأنَّهُما مِن الرأْسِ مَسَحَهما وجوبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الزركَشيُّ: اخْتاره الأكْثَرون. وقدَّمه في «الشَّرحِ» وغيرِه. وقال، هو والنَّاظِمُ، وغيرُهما: والأوْلَى مَسْحُهما وجزَم بالوُجوبِ في «التلخيصِ»، وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجِبُ مَسْحُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هي الأشْهَرُ نقْلا. قال الشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفائقِ»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَين. واخْتارَها الخَلَّالُ، والمُصَنِّفُ. وجَزَمَ به في «العمدَةِ». وأطْلَقَهُما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحكَى في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين» الخِلافَ وَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وحكَاه رِوايتَين في «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وهو الصَّوابُ. فائدة: البَياضُ الذي فوقَ الأُذُنَين دُونَ الشَّعَرِ مِن الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وجماعةٌ. وجَزَم به في «الفُروعِ»، في بابِ الوُضوءِ، وقدَّمه في بابِ مَحْظوراتِ الإِحْرامَ. قلتُ: وذكَر جماعَةٌ، أنَّه ليس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن الرَّأْس إجْماعًا. وتَقَدَّم بعضُ فُروعِ هذه المسْألَة في أواخِرِ بابِ السِّواك، عندَ قولِه: وأخْذُ ماءٍ جديدٍ للأذُنَين (¬1). فائدة: الواجِبُ مسْحُ ظاهِرِ الشَّعَرِ، فلو مسَحَ البَشَرَةَ لم يُجْزِه، لو غَسَلَ ¬

(¬1) انظر: صفحة 288.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باطِنَ اللِّحْيَةِ. ولو حَلَقَ البعضَ فنَزَلَ عليه شَعَرُ ما لم يَحْلِقْ، أجْزَأَه المسْحُ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله الزَّرْكَشيِّ، وغيرُه. قال في «الرِّعايَةِ»: فإنْ فقدَ شَعَرَه مسَحَ بشَرَتَه، وإنْ فقدَ بعضَه مسَحَهُما، وإنِ انْعطَفَ بعضُه على ما علَا منه، أجْزَأ مسْحُ بعضِ شعرِه فقط. انتهى. قلتُ: ويَحْتَمِلُ عَدَمَ الإِجْزاء.

وَلَا يُستَحَبُّ تَكْرَارُهُ وَعَنْهُ، يُسْتَحَبُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُه. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال الشَّارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. وصَحَّحَه في «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وجَزَمَ به في «المُنَوِّرِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وغيرهم. وعنه، يُسْتَحبُّ بماءٍ جديدٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين».

ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيهِ ثَلَاثًا إِلَى الْكَعْبَينِ، وَيُدْخِلُهُمَا فِي الْغَسْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُدْخِلُهُما في الغَسْل. يعْني الكَعْبَين، وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجبُ إدْخالُهما فيه.

وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ, ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ، غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن كانَ أَقْطَعَ، غَسَل ما بَقِيَ من مَحَلِّ الفَرْضِ، فإِنْ لَمْ يَبْقَ شيءٌ سَقَطَ. شَمِل كلامُه ثلاثَ مسائلَ؛ الأُولَى، أنْ يَبقَى مِن محَلِّ الفَرْضِ شيءٌ، فيجِبُ غَسْلُه بلا نِزاعٍ. الثَّانيةُ، أنْ يكونَ القَطْعُ مِن فوقِ محَل الفَرْضِ، فلا يجِبُ الغَسْلُ بلا نِزاعٍ، لكنْ يُسْتَحبُّ أنْ يَمْسَحَ مَحَلَّ القَطْعِ بالماءِ؛ لئَلَّا يخْلُوَ العُضْوُ عن طَهارةٍ. الثَّالثةُ، أنْ يكونَ القَطْعُ مِن مَفْصِلِ المِرْفَقَين. أو الكَعْبَين، فيجِبُ غَسْلُ طَرَفِ السَّاقِ والعَضُدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكْثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي. ونصَّ عليه في روايةِ عبدِ اللهِ، وصالحٍ. وجزَم به في «الإِفاداتِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وصَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». قال في «القَواعِدِ»: أشْهَرُ الوَجْهَين عندَ الأصحابِ الوُجوبُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدَايَةِ»، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْقُطُ؛ فإنَّه قال: فإنْ كان القَطْعُ مِن المِرْفَقَينِ، سقَطَ غَسْلُ اليَدَين. واخْتارَه القاضي، في كتابِ الحجِّ مِن «خِلافِه»، وحَمَلَ كلامَ الإِمامِ على الاسْتِحْبابِ، ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وصَحَّحَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين» , لكنْ يُسْتحَبُّ أنْ يمَسَّ رأْسَ العُضْو بالماءِ، كما قُلْنا في مَن قُطِعَ منه مِن فوقِ المِرْفَقِ. وأطْلَقَهُما في «التَّلْخيصِ». فائدة: وكذا حُكْمُ التَّيَمُّمِ إذا قُطِعَتِ اليَدُ مِن الكَفِّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه، وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال القاضي: يسْقُطُ التَّيَمُّمُ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. واخْتارَه الآمِدِيُّ. ويأتِي ذلك في التَّيمُّمِ، عندَ قولِه: فيَمْسَحُ وَجْهَه بباطنِ أصابِعِه. فائدة: لو وجَدَ الأقْطعُ مَنْ يُوَضِّيه بأُجْرَةِ المِثْلِ، وقَدَر عليه مِن غيرِ إضْرارٍ، لَزِمَه ذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وجوَّزه ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه، وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يَلْزَمُه؛ لتَكَرُّرِ الضَّررِ دَوامًا. وقال في «المُذْهَبِ»: يَلْزَمُه بأُجْرَةِ مِثْلِه وزِيادَةٍ لا تُجْحِفُ، في أَحَد الوَجْهَين. وإنْ وجَدَ مَنْ يُيَمِّمُه، ولم يجِدْ مَنْ يُوَضِّيه لَزِمَه ذلك، فإنْ لم يجِدْ صلَّى على حسَبِ حالِه. وفي الإِعادَةِ وَجْهان، كعادِمِ الماءِ والتُّرابِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ». وأطْلَقَهما هو وصاحِبُ «التَّلْخيص»، و «الرعايتَين». قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: صلَّى ولم يُعِدْ، في أقْوَى الوَجْهَين. قال ابنُ تَمِيم، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهما: صلَّى على حسَبِ حالِه. ولم يذْكُروا إعادةً. فالمذهبُ أنَّه لا يُعِيدُ مَن عَدِمَ

ثُمَّ يَرْفَعُ نَظرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلا إللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الماءَ والتُّرابَ، كما يأْتِي، فكذا هُنا. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّه في اسْتِنْجاءٍ مِثْلُه. قلتُ: صرَّح به في «مَجْمَعِ البَحْرَين». فقال: إذا عجَزَ الأقْطَعُ عن أفعالِ الطَّهارةِ، وَوَجد مَنْ يُنَجِّيه ويُوَضِّيه بأُجْرَةِ المِثْلِ، وذكَر بقِيَّةَ الأحْكام. انتهى. فإنْ تَبَرَّعَ أحَدٌ بتَطْهِيرِه لَزِمَه ذلك. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَّجه لا يَلْزَمُه ويَتَيَمَّمُ. قوله: ثُم يَرْفَعُ نَظرَه إلى السماءِ، ويقول: أَشْهدُ أنْ لا إِلهَ إلا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحمدًا عَبْدُه ورَسولُه. قال في «الفائقِ»: قلتُ: وكذا يقُولُه بعدَ الغُسْلِ. انتهى. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُسْتحَبُّ أنْ يَقْرَأَ بعدَه سورةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَدْر ثَلاثًا. وأمَّا ما يقُولُه على كلِّ عُضْوٍ، ورَدُّ السَّلامِ وغيرُه، فتَقَدَّم في بابِ السِّواك (¬1). ¬

(¬1) انظر: صفحة 244 - 246.

وَتَبَاحُ مَعُونَتُهُ في الوضوءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُباحُ مَعُونَتُه، ولا تُستَحَبُّ. وهذا المذهبُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وتُباحُ إعانَتُه على الأصَحِّ. قال في «تَجْريدِ العِنَايَةِ»: وتُباحُ مَعُونَتُه على الأظْهَر. وجَزَمَ به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «الإفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الوَجيزِ»، و «الحاويَين»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَب»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وغيرهم. وقدَّمه في «المغني»، و «الشرحِ»، و «الفرَوعِ»، و «مجمع البحرين»،

وَتَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شرحِ ابنِ عبيدان»، وغيرهم. وعنه، يُكْرَهُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوعِبِ» , و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «نِهَايَةِ أبي المَعَالِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ» وغيرهم. قوله: ويباحُ تَنْشيفُ أعضائِه، ولا يُسْتَحَبُّ. وهو المذهبُ. قاله في «الرِّعَايَةِ الكُبْرَى». وعنه، يُباحُ تنْشِيفُها. وهي أصَحُّ. قال في «تَجْرِيدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ»: ويُباحُ مسْحُه على الأظْهَرِ. وصَحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وعنه، يُكْرَهُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «نِهَايَةِ أبي يَعْلَى»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. فوائد؛ منها، السُّنَّةُ أنْ يقِفَ المُعِينُ عن يَسارِ المُتَوضِّئ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجَزَم به في «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان». وقيل: يقِفُ عن يَمينِه. اخْتارَه الآمِدِيُّ. قال في «الفائقِ»: ويقِفُ المُعِينُ عن يَمِينِه، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدان في «رِعايَتِه الكُبْرَى». ومنها، يضَعُ مَن يصُبُّ على نفْسِه إناءَه عن يَسارِه، إنْ كان ضَيَّقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّأْس، وإنْ كان واسِعًا يغْتَرِفُ منه باليَدِ، وضَعَه عن يَمِينِه. قاله في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان» وغيرهما. ومنها، لو وَضَّأهُ غيرُه بإذْنِه ونَواه المُتَوَضِّئُ فقط، صَحَّ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُشْتَرَطُ أيضًا نِيَّةُ مَن يُوَضِّيه إنْ كان مُسْلِمًا. وعنه، لا يَصِحُّ مُطْقًا مِن غيرِ عُذْرٍ. وهو مِن المُفْرَداتِ. ومنها، لو يَمَّمَه مُسْلِمٌ بإذْنِه صَحَّ. ومع القُدْرَةِ عليه أيضًا. وقال في «الرِّعايَةِ»، في التَّيَمُّمَ: إنْ عجَز عنه صَحَّ، وإِلَّا فلا. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ» وغيرِه، أنَّه سواءٌ كان مَنْ يُوَضِّيه مُسْلِمًا أو كِتابِيًّا. وقيل: بل مُسْلِمٌ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». ومنها، لو أكْرَهَ مَنْ يصُبُّ عليه الماءَ أو يُوَضِّيه على وُضوئِه، لم يصِحَّ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقيل: يصِحُّ في صَبِّ الماءِ فقط. وقال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر حُكْمَ مَن يُوَضِّئُه: وإنْ أكْرَهَهُ عليه لم يصِحَّ في الأصَحِّ. ففهِمَ صاحِبُ «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ» أنَّ المُكْرَهَ، بفتْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الراءِ، هو المُتَوضِّيء، فقال بعد أنْ حكَى ذلك: كذا ذكَر بعضُ المُتَأَخِّرين. قال: ومحَلُّ النِّزاعِ مُشْكِلٌ على ما ذكَره، فإنَّه إذا أُكْرِهَ على الوُضوءِ ونَوَى وتوَضَّأَ لنَفْسِه، صحَّ بلا تَرَدُّدٍ. قال الشيخُ أبو محمّدٍ، وغيرُه: إذا أُكْرِهَ على العِبادَةِ وفَعَلَها لِدَاعِي الشَّرْعِ، لا لدَاعِي الإِكْراهِ صَحَّتْ، وإنْ تَوَضَّأَ ولم يَنْو لم يصِحَّ، إلَّا على وَجْهٍ شاذٍّ؛ أنَّه لا يُعْتَبَرُ لطَهارَةِ الحَدَثِ نِيَّةٌ. وقد يقالُ: لا يصِحُّ ولا يَنْوى؛ لأنَّ الفِعْلَ ينسَبُ إلى الغيرِ، فَبقِيَتِ النِّيَّةُ مُجَرَّدَةً عن فِعْلٍ, فلا تصِحُّ. وقد ذكَروا أنَّ الصَّحيحَ مِن الرِّوايتَين في الأَيمان أنَّ المُكْرَهَ بالتَّهْديدِ إذا فعَلَ المَحْلُوفَ على تَرْكِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَا يَحْنَثُ؛ لأن الفعْلَ يُنْسَبُ إلى الغَيرِ. انتهى. والذي يظهَرُ أنَّ مُرادَ صاحِبِ «الفُروعِ» بالإِكْراهِ، إكْراهُ مَنْ يَصُبُّ الماءَ أو يُوَضِّئُه، بدَليلِ السِّياقِ والسِّباقِ، ومُوافَقَةِ صاحبِ «الرِّعايَةِ» وغيرِه، فَتَقْديرُ كلامِه، وإنْ أَكرَهَ المُتَوَضِّئُ لمن يُوَضِّئُه، فعلَى هذا يزولُ الإِشْكالُ الذي أوْردَه. ومنها، يُكْرَهُ نفْضُ الماءِ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا قولُ أكْثَرِ أصحابِنا. قال الشيخُ تقيُّ الدين، في «شَرْحِ العُمْدَةِ»: كَرِهَهُ القاضي وأصحابُه. قال ابنُ عُبَيدان: قاله بعضُ الأصحابِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحَواشِي»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَين»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيلَ: لا يُكْرَهُ. اختارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قال ابنُ عُبَيدان: والأَقْوَى أنَّه لا يُكْرَهُ. وكذا قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين». وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. ومنها، يُسْتَحَبُّ الزِّيادَةُ على الفَرْضِ، كإطالةِ الغُرَّةِ والتَّحْجيلِ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجَزَمَ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ رَزِينٍ» وغيرِهم، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم. وعنه، لا يُسْتحَبُّ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يَغْسِلُ ما فوقَ المِرْفَق. قال في «الفائقِ»: ولا يُستحَبُّ الزِّيادَةُ على محَلِّ الفَرْضِ في نَصِّ «الرِّوايتَين». اخْتارَه شيخُنا. ومنها، يُباحُ الوضوءُ والغُسْلُ في المسْجدِ إنْ لم يُؤْذِ به أحدًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وحكَاه ابنُ المُنْذِر إجْماعًا. وعنه، يُكْرَهُ. وأطْلَقَهُما في «الرِّعايَةِ». وعنه، لا يُكْرَهُ التَّجْديدُ. وإنْ قُلْنا بنَجاسَتِه حَرُمَ، كاسْتِنْجاءٍ أو رِيحٍ. ويُكْرَهُ إراقَةُ ماءِ الوضوءِ والغُسْلِ في المسْجِدِ. ويُكْرَهُ أيضًا إراقَتُه في مَكانٍ يُداسُ فيه، كالطرَّيقِ ونحوها. اخْتارَه في «الإِيجازِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». ولم يذْكُرِ القاضي في «الجامعِ» خِلافَه. وعنه، لا يُكْرَهُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مُذْهَبِ» ابنِ الجَوْزِيِّ، و «فُصولِ» ابنِ عَقِيلٍ. فعلَى المذهبِ، الكراهَةُ تَنْزِيهًا للماءِ. جَزَم به في «الرِّعايَةِ». وقال ابنُ تَمِيمٍ وغيرُه: وهل ذلك تَنْزِيهًا للماءِ أو للطريقِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهُما ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال الشيخُ تقيُّ الدِّين: ولا يُغَسَّلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المسْجدِ مَيِّتٌ. قال: ويجوزُ عَمَلُ مَكانٍ فيه للوضوءِ للمُصَلِّين بلا مَحْذورٍ. ويأْتِي في الاعْتكافِ هل يَحْرُمُ البَوْلُ في المسْجدِ في إناءٍ أم لا؟

باب المسح على الخفين

بابُ المَسْحِ على الخُفَّين ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مَسْحِ الخُفَّين فوائد؛ منها، المسْحُ عليهما وعلى شِبْهِهما يرْفَعُ الحَدَثَ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وقيلَ: لا يَرْفعُه. ومنها، المسْحُ أفْضَلُ مِن الغَسْلِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وهو مِن المُفْرَداتِ. قالي القاضي: لم يَرِدِ المُداومَةُ على المَسْح. وعنه، الغَسْلُ أفْضَلُ. وقيل: إنَّه آخِرُ أقْوالِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وعنه، هما سواءٌ في الفَضِيلَة. وأطْلَقَهُنَّ في «الحاويَين»، و «الفائقِ». وقيلَ: إنْ لم يُداومِ المَسْحَ فهو أفْضَلُ. اخْتارَه القاضي. قال الشيخُ تقيُّ الدِّين: وفصْلُ الخِطَاب أنَّ الأفْضَلَ في حَقِّ كل واحدٍ ما هو المُوافِقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لحالِ قدَمِه، فَالأفْضَلُ لمَنْ قَدَماه مَكْشُوفَتان غَسْلُهما، ولا يَتَحَرَّى لُبْسَ الخُفِّ ليَمْسَحَ عليه، كان عليه أفضْلُ الصَّلاةِ والسَّلَامِ يَغْسِلُ قدمَيه إذا كانَتا مَكْشُوفتَين، ويَمْسَحُ قَدَمَيه إذا كان لابِسًا للخُفِّ. انتهى. ومنها، لا يُسْتَحَبُّ له أنْ يَلْبَسَ ليَمْسَحَ، كالسَّفَرِ ليُرَخِّصَ. ومنها، المسْحُ رُخْصَة على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعنه، عزِيمَةٌ. قال في «الفُروعِ»: والطاهرُ أن مِن فَوائدِها المسْحَ في سفَرِ المَعْصِيَة، وتَعْيِينَ المسْحِ على لابِسِه. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وفيما قاله نظَرٌ. ومنها، لُبْسُ الخُفِّ مع مُدافَعَةِ أحَدِ الأَخْبَثَين مَكْرُوةٌ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وقيل: لا يُكْرَهُ. ومنها، يجوزُ المسْحُ للمُسْتَحاضَةِ ونحوها كغيرِها، على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وقيل: لا يجوزُ. وقيل: يَتَوقَّتُ المسْحُ بوَقْتِ كلِّ صلاةٍ. وصَحَّحَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». واخْتارَه القاضي في «الجامع». ومتى انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتِ الوضوءَ، وَجْهًا واحدًا. ومنها، لو غسَل صحِيحًا تَيَمَّمَ لجُرْحٍ، فهل يَمْسَحُ على الخُفِّ؟ قال غيرُ واحدٍ: هو كالمُسْتَحاضَةِ. قاله في «الفُروعِ». ومنها، يجوزُ المَسْحُ للزَّمِنِ، وفي رِجْلٍ واحِدَةٍ، إذا لم يَبْقَ مِن فَرْضِ الأُخْرَى شيءٌ. قاله في «الفُروعِ»، وغيرِه.

يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّينِ، وَالْجُرْمُوقَينِ، وَالْجَوْرَبَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: يَجُوزُ المسْحُ على الخُفَّين والجُرْمُوقَين. وهو خُفِّ قَصيرٌ. والْجَوْرَبَينِ: بلا نِزَاعٍ إنْ كانا مُنَعَّلَين أو مُجلَّدَين، وكذا إنْ كانا من خِرَقٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، والرِّوايتَين. وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. وعنه، لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْحُ. جَزَمَ به في «التَّلْخِيصِ». وحيثُ قُلْنا بالصِّحَّةِ فيُشْتَرَطُ أنْ يكونَ ضَيِّقًا، على ما يأْتِي. وجوازُ المسْحِ على الجَوْرَبِ مِن المُفْرَادتِ. وجَزَمَ به ناظِمُها. وقال في «الفُروعِ»: يجوزُ المسْحُ على جَوْرَبٍ ضَيِّقٍ، خِلافًا لمالكٍ.

وَالْعِمَامَةِ، وَالْجَبَائِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَفِي الْمَسْحِ عَلَى الْقَلَانِسِ، وَخُمُرِ النِّسَاءِ الْمُدَارَةِ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي المَسْحِ على القَلانِسِ وخُمُرِ النِّساءِ المُدَارَةِ تَحْتَ حُلوقِهِنَّ، روايتان. وأطْلَقَ الخِلافَ في جوازِ المسْحِ على القَلانِسِ، وأطْلَقَهُما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، إحْدَاهما، الإباحَةُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُباحُ. صَحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يجوزُ المسْحُ عليها في أظْهَرِ الرِّوايتَين. قال في «نَظْمِه»: هذا المَنْصورُ. واخْتارَه الخَلَّالُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجَزَمَ به في «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، وناظمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقال صاحِبُ «التبصِرَةِ»: يُباحُ إذا كانتْ محْبوسَة تحتَ حَلْقِه بشيءٍ. قال في «الفائقِ»: ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْتَرطُ للقَلانِسِ تَحْنِيكٌ. واشْتَرَطَه الشِّيرازِيُّ. فائدة: القَلانِسُ [جمعُ قَلَنْسُوَةٍ، بفتْحِ القافِ واللَّامِ وسُكونِ النُّونِ وضمِّ المُهْمَلَةِ وفتْحِ الواو. وقد تُبْدَلُ مُثَنَّاةً مِن تحت. وقد تُبْدَلُ ألِفًا وتُفْتَحُ السِّينُ، فيقالُ: قَلَنْساة. وقد تُحْذَفُ النُّونُ مِن هذه بعدَها هاءُ تأنيثٍ] (¬1)، مُبَطَّناتٌ تُتَّخَذُ للنَّوْمِ. والدَّنِّيَّاتُ قَلانِسُ كبارٌ أيضًا كانت القُضاةُ تَلْبَسُها قدِيمًا. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هي على هَيئَةِ ما تَتَخِذُه الصُّوفِيَّةُ الآنَ (¬2). وجوار المسْحِ على ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) في ش زيادة: «وقال الحافظ ابن حجر: القلنسوة غشاء مبطن تستر به الرأس، قاله القزاز في «شرح الفصيح». وقال ابن هشام: هي التي يقولها العامة، الشاشة. وفي المحكم: هي من ملابس الرءوس معروفة. وقال أبو هلال العسكري: هي التي تغطى بها العمائم، وتستر من الشمس والمطر. كأنها عنده رأس البرنس. انتهى».

وَمِن شَرْطِهِ أَنْ يَلْبَسَ الْجَمِيعَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ دَنِّيَّاتِ القُضاةِ مِن المُفْرَداتِ. وأمَّا خُمُرُ النِّساءِ المُدارَةُ تحتَ حُلُوقِهنَّ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جوازِ المسْحِ عليها الخِلافَ، وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، إحْدَاهما، يجوزُ المسْحُ عليها. وهو المذهبُ. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، والمَجْدُ في شَرْحِ «الهِدايَةِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ». قال النَّاظِمُ: هذا المنْصورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفَادات»، و «نَظْمِ المُفْرَدَاتِ»، وهو منها. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ رَزِين». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ المسْحُ عليها. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «تَجْريدِ العِنَايَةِ»، وهو ظاهِرُ «العُمْدَةِ». قوله: ومِنْ شَرْطِه أن يَلبَسَ الجميعَ بَعْدَ كمالِ الطهارَةِ، إلا الجَبِيرةَ على إِحدى الروايتين. إنْ كان الممْسوحُ عليه غيرَ جَبِيرَةٍ، فالصحيحُ. مِن المذهب أنَّه يُشْتَرَطُ لجَوازِ المسْحِ عليه كمالُ الطَّهارَةِ قبلَ لُبْسِه. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُشْتَرَطُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كمالُها. اخْتارَه الشيخُ تقيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائِق»، وقال: وعنه، لا يُشْتَرَطُ الطَّهارَةُ لمسْحِ العِمامَةِ. ذكَره ابنُ هُبَيرَةَ. فعلَى الرِّوَايَتَينِ، الأوْلَى يُشْتَرطُ تَقَدُّمُ الطَّهارَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وهو المقْطوعُ به عندَ الأصحاب. وحكَى أبو الفَرَجِ رِوايَةً بعدَمِ اشْتِراطِ تقدُّمِ الطَّهارَةِ رأْسًا. فإنْ لَبِسَ مُحْدِثًا ثم توَضَّأَ وغسَل رِجْلَيه في الخُفِّ، جازَ له المسْحُ. قال الزَّرْكَشيُّ: وهو غريبٌ بعيدٌ. قلتُ: اخْتارَه الشيخُ تقيُّ الدِّين. وقال أيضًا: ويَتَوَجهُ أنَّ العِمامَةَ لا يُشترَطُ لها ابْتِدَاءُ اللُّبْسِ على طهارَةٍ، ويَكْفِيه فيهما الطَّهارَةُ المُتَقَدِّمَةُ؛ لأنَّ العادةَ أنَّ مَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَوَضَّأَ مسَح رأْسَه ورفَع العِمامَةَ ثم أعادَها، ولا يَبْقَى مَكْشُوفَ الرأْسِ إلى آخِرِ الوضوءِ. انتهى. وما قاله رِوايةً عن أحمدَ حكَاها غيرُ واحدٍ. تنبيه: مِن فوائدِ الرِّوايتَين، لو غسَل رِجْلًا ثم أدْخَلَها الخُفَّ، خلَع ثم لَبِسَ بعدَ غَسْلِ الأخْرى، ولو لَبِسَ الأولَى طاهِرَةً ثم لَبِسَ الثَّانيةَ طاهِرَةً، خَلَعَ الأُولَى فقط. وظاهِرُ كلامِ أبي بَكْرٍ ويخْلَعُ الثَّانيةَ. وهذا مُفَرَّعٌ على المذهبِ. وعلى الثَّانيةِ، لا خَلْعَ. ولو لَبِسَ الخُفَّ مُحْدِثًا وغَسَلَهُما فيه، خلَعَ على الأُولى، ثم لَبِسَه قبلَ الحدَثِ، وإنْ لم يَلْبَسْ حتى أحْدَثَ، لم يَجُزْ له المسْحُ. وعلى الثّانيةِ، لا يَخْلَعُه ويَمْسَحُ. قال في «الفُروعِ»: وجزَم الأكْثَرُ بالرِّوايةِ الأولَى في هذه المسْألةِ، وهي الطَّهارَةُ لابتِداءِ اللُّبْسِ، بخِلافِ المسْألةِ قَبْلَها وهي كَمالُ الطَّهارَةِ، فذَكروا فيها الرِّوايةَ الثَّانيةَ. قلتُ: وقد تقدَمَّتِ الروايةُ التي نقَلَها أبو الفَرَجِ، وأنَّه يجوزُ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْحُ عليها في هذه المسْألَةِ. ولو نوَى جُنُبٌ رَفْعَ حَدَثِه وغَسَلَ رِجْلَيه وأدْخَلَهُما في الخُفِّ، ثم تَمَّمَ طَهارَتَه، أو فَعَلَه مُحْدِثٌ ولم نَعْتَبِرِ التَّرْتيبَ، لم يَمْسَحْ على الأُولَى، ويَمْسَحُ على الثَّانِيَةِ. وكذا الحُكْمُ لو لَبِسَ عِمامَةً قبلَ طُهْرٍ كاملٍ، فلو مَسَحَ رَأْسَه ثم لَبِسَهَا، ثم غَسلَ رِجْلَيه، خُلَعَ على الأُولَى ثم لَبِسَ، وعلى الثَّانِيةِ، يجوزُ المسْحُ. ولو لَبِسَها مُحْدِثًا ثم تَوَضَّأ ومسَحَ رأسَه، ورَفَعَها رَفْعًا فاحِشًا فكذلك. قال الشيخُ تقِيُّ الدِّين: كما لو لَبِسَ الخُفَّ مُحْدِثًا، فلمَّا غَسَلَ رِجْلَيه رَفَعَها إلى السَّاقِ ثم أَعادَها، وإنْ لم يَرْفَعْها رَفْعًا فاحِشًا، احْتَمَلَ أنَّه كما لو غَسَلَ رِجْلَيه في الخُفِّ؛ لأنَّ الرَّفْعَ اليَسِيرَ لا يُخْرِجُه عن حُكْمِ اللُّبْسِ، ولهذا لا تَبْطُل الطهارَةُ به، ويَحْتَمِلُ أنَّه كابْتِدِاءِ اللُّبْسِ؛ لأنه إنما عُفِىَ عنه هناك للمَشَقَّةِ. انتهى. وتقدَّمَ أنَّ الشيخَ تقِي الدِّين اخْتارَ أنَّ العِمامَةَ لا يُشْتَرطُ لها ابْتِداءُ اللُّبْسِ على طَهارَةٍ، ويكْفِي فيها الطَّهارَةُ المُسْتدامَةُ، وقال أيضًا: يتوَجَّهُ أنْ لا يَخْلَعَها بعدَ وُضوئِه ثم يَلْبَسَهَا، بخِلافِ الخُفِّ. وهذا مُرادُ ابنِ هُبَيرَةَ في «الإفْصاحِ»، في العِمامَةِ هل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ لُبْسُها على طَهَارَةٍ؟ عنة رِوايَتان. أمَّا ما لا يُعرَفُ عن أحمدَ وأصحابِه فبَعْيدٌ إرادَتُه جدًّا، فلا يَنْبَغِي حَمْلُ الكلامِ المُحْتَمِلِ عليه. قاله في «الفُروعَ». فائدة: لو أحْدَثَ قبلَ وُصولِ القدَمِ مَحَلَّها لم يَمْسَحْ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. ولهذا لو غَسَلَها في هذا المكانِ ثم أدْخَلَها محَلَّها مسَحَ. وعنه، يَمْسَحُ.

إلَّا الجَبِيرَةَ على إحْدَىْ الرِّوايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وأمَّا إذا كان الممْسوحُ عليه جَبِيرَةً، فالصحيحُ مِن المذهب اشْتِراطُ تَقَدُّمِ الطَّهارَةِ لجَوازِ المسْحِ عليها. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ لها في أصَحِّ الرِّوايتَين. قال في «الخُلاصَةِ»: يُشْتَرَطُ على الأصَحِّ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الإيضاحِ»، و «الإفادَاتِ». واخْتارَه القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلافَيهِما»، وابنُ عَبْدُوسٍ، وابنُ البَنَّا. وقدَّمه في «الهِدايَة»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُشْتَرَطُ لها الطهارَةُ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا أقْوَى الرِّوايتَين. وقوَّاه أيضًا في «نَظْمِه». واخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكرٍ، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، فيهما، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحَ، والمَجْدِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرعايَة الصُّغْرى»، و «الحاويَينِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهُما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى المذهبِ، إنْ شَدَّ على غيرِ طَهارَةٍ، نَزَعَ، فإنْ خافَ تَيَمَّمَ فقط، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقال القاضي: يَمْسَحُ فقط. وفي الإِعادَةِ رِوايتَان تخْرِيجًا. وقيل: يَمْسَحُ ويتَيَمَّمُ. وحيثُ قُلْنا: يَتَيَمَّمُ. لو عَمَّتِ الجَبِيرَةُ مَحَلَّ فَرْضِ التَّيَمُّمِ ضرُورَةً، كفَى مَسْحُهُما بالماءِ ولا يُعيدُ ما صلَّى بلا تَيَمُّمٍ، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصَحِّ الوَجْهَين. قاله في «الرعايتَين». وبَقِيَّةُ فُروعِ هذه المسأَلةِ يأْتِي في آخِرِ البابِ، عندَ قولِه: ويَمْسَحُ على جميع الجَبِيرَةِ إذا لم تَتَجاوَزْ قَدْرَ الحاجَةِ. تنبيه: الخِلافُ في كلامِ المُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ أنْ يعودَ إلى ما عَدَا الجَبِيرَةِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يعودَ إلى الجَبِيرَة فقط، قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: يَبْعُدُ أنْ يعودَ إلى الجَبيرَةِ وإنْ قَرُبَ منها لوَجْهَين، أحَدُهما، أنَّ الخِلافَ فيها ليس مُختَصًّا بالكَمالِ. الثَّاني، أنَّ الخِلافَ فيما عدَاها أشْهَرُ مِن الخِلافِ فيها. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: الخِلافُ هنا في غيرِ الجَبيرَةِ. وقال ابنُ عُبَيدان: قيل: يَحْتَمِلُ أنْ يعودَ إلى ما عدَا الجَبِيرَةَ مِنَ المَمْسُوحِ؛ لأنَّ الخِلافَ في الجَبيرَةِ. ليس مُختَصًّا بالكَمالِ، وإنَّما هو في تَقَدُّمِ أصْلِ الطَّهارَةِ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، ويَحْتَمِلُ أنْ يعودَ الخِلافُ إلى الجَبِيرَةِ لقُرْبِها، ولأنَّ الخِلافَ فيها أشْهَرُ، وهذا هو الذي أشارَ إليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، في «شَرْحِ الهِدَايَةِ»، وكلامُ الشيخِ، وكلامُ أبي الخَطَّابِ سواءٌ في المعْنَى، قال صاحِبُ «المُحَرَّرِ»: ولابدَّ مِن بَيانِ موْضِع الرِّوايتَين، فإنَّه في الجَبِيرَةِ بخِلافِ غيرِها. وكذا ذكَرَه في «شَرْحِ المُقْنِعِ». انْتهى كلامُ ابنِ عُبَيدان. فائدة: لو لَبِسَ خُفًّا على طَهارَةٍ مسَحَ فيها على عِمامَةٍ أو عكسه، فهل يجوزُ المسْحُ على المَلْبُوسِ الثَّاني؟ فيه وجَهْان. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال ابنُ عُبَيدان: قال أصحابُنا: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ لا يجوزُ المسْحُ. قال في «الفُصولِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: قال بعضُ أصحابِنا: ظاهرُ كلامِ أحمدَ لا يجوزُ المسْحُ. قال القاضي: يَحْتَمِلُ جوازَ المسْحِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: أصَحُّهما عندَ أبي البَرَكاتِ الجوازُ جَزْمًا، على قاعِدَتِه مِن أنَّ المَسْحَ يَرْفَعُ الحَدَثَ. انتهى. قلتُ: المذهبُ الرَّفْعُ، كما تَقَدّمَ أوَّلَ البابِ، ويأتِي آخِرَه. وكذا الحُكْمُ لو شَدَّ جَبِيرَةً على طَهارَةٍ مسَحَ فيها عِمامَةً وخُفًّا، أو أحَدَهما، وقُلْنا: يُشْتَرَطُ لها الطهارَةُ. قاله في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وأطْلَقَ الخِلافَ في هذه المسْألةِ صاحِبُ «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنِ عُبَيدان. وضَعَّفَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» جوازَ المسْحِ في هذه المسْأَلةِ. وقيلَ: يجوزُ المسْحُ هنا وإن مَنَعْناه في

وَيَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيلَةً، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولَى؛ لأنَّ مَسْحَهما عزِيمَةٌ. وجزَم بالجَوازِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «الهِدَايَةِ». واخْتارَه المَجْدُ أيضًا. ولو شَدَّ جَبِيرَةً على طَهارَةٍ مسَحَ فيها جَبِيرَةً، جازَ المسْحُ عليها. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروعِ». ولو لَبِسَ خُفًّا أو عِمامَةً على طَهارَةٍ مسَحَ فيها على الجَبِيرَةِ، جازَ المسْحُ عليه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ مُطْلقًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الحاويَين»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى». وصَحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميمٍ». وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ كانتِ الجَبِيرَةُ في رِجْلِه وقد مسَحَ عليها ثم لَبِسَ الخُفَّ، لم يَمْسَحْ عليه. فائدة: لا يَمْسَحُ على خُفٍّ لَبِسَه على طَهارَةِ تَيَمُّم، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايةِ عبدِ الله. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، وقال: هو أوْلَى. وقال في رِوايةِ مَن قال: لا يَنْقُضُ طَهَارَتَه إلَّا وُجودُ الماءِ. له أنْ يَمْسَحَ. وتقدَّمَ في أوَّلِ البابِ إذا تَيَمَّمَ لجُرْحٍ ونَحْوه. قوله: ويَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيلَةً، والمسافِرُ ثلاثةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يَمْسَحُ كالجَبِيرَةِ. واخْتارَه الشيخ تقِيُّ الدِّين. قاله في «الفُروعِ». وقال في «الاخْتِياراتِ»: ولا تَتَوَقَّتُ مُدَّةُ المسْحِ في حَق المُسافِرِ الذي يَشُقُّ اشْتِغالُه بالخَلْعِ واللُّبْسِ، كالبَرِيدِ المُجَهَّزِ في مَصْلَحَةِ المُسْلِمِين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه بقولِه: والمُسافِرُ ثلاثَةَ أَيَّام ولَيالِيَهُنَّ. غيرُ العاصِي بسَفَرِه، فأمَّا العاصِي بسَفَرِه فحُكْمُهُ حكمُ المُقيمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَمْسَحَ عاصٍ بسَفَرِه كغيرِه، ذكَرَه ابنُ شِهَابٍ. وقيل: لا يَمْسَحُ مُطْلقًا، عُقوبَةً له. فائدة: لو أقامَ وهو عاص بإقامَتِه، كمَن أمَرَه سَيِّدُه بسَفَرٍ فأَبَى وأَقَامَ، فلَه مسحُ مُقيمٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وذكَر أبو المَعالِي، هل هو كعاصٍ بسَفرِه في مَنْع التَّرَخُّصِ؟ فيه وَجْهان. قلتُ: فعلَى المَنْع يُعايَى بها.

إلا الْجَبِيرَةَ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيهَا إِلَى حَلِّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: إلا الْجَبِيرَةَ، فإنّه يمَسَحُ عليها إلى حَلِّها. بلا نِزاعٍ ولا تَقْييدٍ بوَقْتِ الصَّلاةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّ مسْحَ الجَبِيرَةِ كالتَّيَمُّمِ يَتَقَيَّدُ بوَقْتِ الصَّلاةِ، فلا يجوزُ قبلَه، وتَبْطُلُ بخُروجِه. ذكَرَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه، وذكرَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ وَجْهًا. فائدة: قال في «الرِّعايتَين»: يَمْسَحُ المُقِيمُ غيرَ الجَبيرَةِ، وقيلَ: اللَّصُوقِ. يوْمًا ولَيلةً. وقال في «الحاويَين»: ويمْسَحُ المُقِيمُ غيرَ اللَّصُوقِ والجَبِيرَةِ يوْمًا وليلةً. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ، وأنَّ اللَّصُوقَ حيثُ تضَرَّرَ بقَلْعِه يمْسَحُ عليه إلى حَلِّه كالجَبِيرَةِ، ويَنْبَغِي أنْ لا يكونَ فيها خِلافٌ.

وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنَ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ. وَعَنْهُ، مِنَ الْمَسْحِ بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وابتِداءُ المدَّة من الحَدَثِ بعد اللُّبْس. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، والمشْهورُ من الرِّوايتَين. وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: أي مِن وَقْتِ جوازِ مسْحِه بعدَ حَدثِه، فلو مضَى مِن الحدَثِ يومٌ وليلة، أو ثلاثةٌ إنْ كان مُسافِرًا، ولم يمْسَحِ انْقَضَتِ المُدَّةُ، وما لم يُحْدِثْ لا يُحْتَسَبُ مِن المدَّةِ، فلو بَقِيَ بعدَ لُبْسِه يوْمًا على طَهَارَةِ اللُّبْسِ، ثم أحْدثَ اسْتباحَ بعدَ الحَدَثِ المُدَّةَ، وانْقِضاءُ المُدَّةِ وَقْتُ جوازِ مسْحِه بعدَ حدَثِه. انتهى. وعنه، ابْتِداءُ المُدَّةِ مِن المسْحِ بعدَ الحدَثِ. وهي مِن المُفْرَداتِ. وانْتهاؤها وَقْتَ المسْحِ. وأطْلَقَهُما ابنُ تميمٍ. فائدة: يُتَصَوَّرُ أنْ يصَلِّيَ المُقِيمُ بالمسْحِ سبْعَ صَلواتٍ، مِثْل أنْ يُؤخِّرَ صلاةَ الظُّهْرِ إلى وَقْتِ العصْرِ، لعُذْرٍ يُبِيحُ الجمْعَ مِن مَرضٍ ونحوه، ويَمْسَحَ مِن وَقْتِ

وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ، أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاةِ العَصْرِ، ثم يَمْسَحَ إلى مِثْلِها مِنَ الغَدِ، ويُصَلِّيَ العَصْرَ قبلَ فراغِ المدَّةِ، فتَتِمَّ له سبْعُ صلَواتٍ. ويُتَصَوَّرُ أنْ يَصَلِّيَ المُسافِرُ بالمسْحِ سبْعَ عَشرةَ صلاةً، كما قُلْنا في المُقِيمٍ. قوله: وإن مَسَحَ مُسافرًا ثم أقام، أَتَمَّ مَسْحَ مُقيم. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقَطَع به كثيرٌ منهم. قال في «المُبْهِجِ»: أتَمَّ مسْحَ مُسافرٍ إنْ كان مسَحَ مُسافِرًا فوقَ يوْم وليلةٍ. وشذَّذَه الزَّرْكَشِيُّ. قال ابنُ رَجَبٍ في «الطَّبَقَات»: وهو غريبٌ. ونقلَه في «الإِيضاحِ» رِوايةً، ولم أرَهَا فيه.

وَإنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ، أوْ شَكَّ فِي ابْتِدَائِهِ، أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ. وَعَنْهُ، يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ مسَح مُقيمًا ثم سافَرَ، أتَمَّ مسَح مُقِيمٍ. هذا المذهبُ، والصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَين، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الشيخُ تقِيُّ الدِّين: هي اخْتِيارُ أكْثرِ أصحابِنا. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثرُ. قلتُ: منهم ابنُ أبي موسى، والقاضي، وأكثَرُ أصحابِه؛ كأبي الخَطَّابِ في «خلَافِه الصَّغيرِ»، وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقطعَ به الخرَقِيُّ، وصاحبُ «الإيضاحِ»، و «الكافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «الإِفَاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنَايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تمِيمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرهم. وصَحَّحَه في «النَّظْمِ»، وغيرِه. وعنه، يُتِمُّ مسْحَ مُسافِرٍ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وأبو بَكرٍ عبد العزيزِ، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «الفائِقِ»، فقال: هو النَّصُّ المُتأخِّرُ، وهو المُختارُ. انتهى. قال الخَلَّالُ: نقلَه عنه أحَدَ عَشَرَ نَفْسًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولقد غالى الخَلَّالُ، حيث جعَل المسْألَةَ روايةً واحِدَةً، فقال: نقَل عنه أحَدَ عَشَرَ نَفْسًا أنَّه يَمْسَحُ مسْحَ مُسافرٍ. ورَجَعَ عن قولِه: يُتِمُّ مَسْحَ مُقيمٍ. وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابْنِ عُبَيدان». فائدة: قال الزرْكَشِيُّ: وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ أنَّه لا فَرْقَ بينَ أنْ يكونَ صلَّى في الحَضَرِ أوْ لا. وقال أبو بَكر: ويتوَجَّهُ أنْ يقال: إنْ صلَّى بطَهارةِ المسْحِ في الحَضَرِ، غُلِّبَ جانِبُه، روايةً واحدةً. قوله أو شَكَّ في ابتدائه، أتَمَّ مَسْحَ مُقيمٍ. وهو المذهبُ. وعنه، يُتمُّ مسْحَ مُسافرٍ. واعلم أنَّ الحُكْمَ هنا كالحكْمِ في التي قبلَها خِلافًا ومذهَبًا، وسواءٌ كان

وَمَنْ أَحْدَثَ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْمَسْحِ، أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّكُّ حضَرًا أو سفَرًا. قاله في «الرِّعَايَةِ». قلتُ: ومسْحُ مُسافرٍ مع الشَّكِّ في أوَّلِه غريبٌ بعيدٌ. فائدة: لو شَكَّ في بَقاءِ المُدَّةِ لم يَجُزِ المسْحُ، فلو خالف وفعَل، فَبَانَ بقاؤُها صَحَّ وُضُوؤُه، على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: لا يصِحُّ، كما يُعِيدُ ما صلَّى به مع شَكِّه بعدَ يوْم وليلةٍ. قوله: ومَن أحدثَ ثم سافَرَ قبلَ المسْحِ، أتَمَّ مَسْحَ مُسافرٍ. هذا المذهبُ،

وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ إلا عَلَى مَا يَسْتُرُ محَلَّ الْفَرْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يُتِمُّ مسْحَ مُقيمٍ. ذكَرَها القاضي في «الخِلافِ» وغيرِه. وهي مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. قال في «الرعايَةِ»: وهو غريبٌ. وقيل: إنْ مضَى وقْتُ صلاةٍ ثم سافَر، أتَمَّ مسْحَ مُقيمٍ. وهو مِنَ المُفْرَدَاتِ أيضًا. قوله: ولا يجُوزُ المسحُ إلَّا على ما يسْتُرُ مَحَلَّ الفَرْضِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به أكثَرُهم، واخْتارَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ جوازَ المسْحِ على الخُفِّ المُخَرَّقِ، إلَّا إنْ تَخَرَّقَ أكْثَرُه. قال في «الاخْتِياراتِ»: ويجوزُ المسْحُ على الخُفِّ المُخَرَّقِ ما دامَ اسْمُه باقِيًا والمَشْيُ فيه ممكن. اخْتارَه أيضًا جَدُّه المَجْدُ، وغيرُه مِنَ العُلَماءِ، لكنْ مِن شَرْطِ الخَرْقِ أنْ لا يَمْنَعَ مُتابَعَةَ المَشْي. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا جوازَ المسْحِ على المَلْبوسِ، ولو كان دُونَ الكَعْبِ.

ويثبتُ بِنَفْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفهومُ قولِه: ويَثبتُ بنَفْسِه. أنَّه إذا كان لا يَثبتُ إلا بشَدِّه لا يجوزُ المسْحُ عليه، وهو المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. ونصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ المسْحُ عليه. فعلى المذهبِ، لو ثَبَتَ الجَوْرَبان بالنَّعْلَين جازَ المسْحُ عليهما ما لم يَخْلَع النَّعْلَينِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد يَتَخَرَّجُ المَنْعُ منه. انتهى. ويجِبُ أنْ يَمْسَحَ على الجَوْرَبَين وسُيورِ النَّعْلَين قَدْرَ الواجبِ. قاله القاضي، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبرَى». قال في «الصُّغْرى»، و «الحاويَين»: مَسَحَهما. وقيل: يُجْزِئُ مسْحُ الجَوْرَبِ وحدَه. وقيل: أو النَّعْلِ. قال في «الفُروعِ»: فقِيل: يجِبُ مَسْحُهما. وعنه، أو أحَدِهما. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»: ظاهرُ كلامِ أحمدَ إجْزاءُ المسْحِ على أحَدِهما قَدْرَ الواجبِ. قلتُ: يَنْبَغِي أنْ يكونَ هذا هو المذهبَ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشي»، و «ابنِ تميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وعلى المذهبِ، يجوزُ المسْحُ على الذي يَثْبُتُ بنَفْسِه، ولكنْ يبْدُو بعضُه لوْلا شَدُّه أو شَرْجُه، كالزّرْبولِ الذي له ساقٌ ونحوه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهمُ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنتَخَبِ»، وقدمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ المسْحُ عليه. اخْتارَه أبو الحُسينِ الآمِدِيُّ، وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ تَمِيمٍ. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ هنا لجَوازِ المسْحِ شرْطَين، سَتْرُ محَلِّ الفَرْضِ، وثُبُوتُه بنَفْسِه. وثَمَّ شُروط أُخَرُ؛ منها، تقَدُّمُ الطَّهارَةِ كامِلَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تَقَدَّمَ في كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، إِباحَتُه، فلو كان مَغْصوبًا أو حَرِيرًا أو نحوَه، لم يَجُزِ المَسْحُ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، والرِّوايتَين. وقال في «الفُروعِ»: مُباحٌ على الأصَحِّ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يُشْتَرَطُ إباحَتُه في الأصَحِّ. قال ابنُ عُبَيدان: هذا الأصَحُّ. وقدَّمَه في «التَّلْخيصِ»، وغيرِه. وعنه، يجوزُ المسْحُ عليه حكاها غيرُ واحدٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وخرَّجَ القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ، والشِّيرازِيُّ، والسَّامَرِّيُّ الصِّحَّةَ على الصَّلاةِ، وأبَى ذلك الشيخان، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وقال: إنَّه وَهْمٌ، فإنَّ المسْحَ رُخْصَةٌ تَمْتَنِعُ بالمَعْصِيَةِ. انتهى. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تميمٍ». وقال في «الفُصولِ»، و «النِّهايَةِ»، و «المُسْتَوْعِب»: لا يجوزُ المسْحُ عليه إلَّا لضرُورَةٍ، كمَن هو في بلَدِ ثَلْجٍ وخافَ سُقوطَ أصَابعِه. فعلى المذهبِ الأصْلِيِّ، أعادَ الطَّهارَةَ والصلاةَ لزُومًا على الصَّحيحِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ مسَحَ على ذلك فهل يصِحُّ؟ على الوَجْهَين في الطهارَةِ بالماءِ المغْصوبِ، والطَّهارةِ مِن أوانِي الذَّهبِ والفِضَّةِ؟ أصَحُّهما، لا يصِحُّ. قال: فإنْ مَسَحَ ثم نَدِمَ، فخلَع وأرادَ أنْ يغْسِلَ رِجْلَيه قبلَ أنْ يتَطَاولَ الزَّمانُ، انْبَنَى على الرِّوايتَين في خَلْع الخُفِّ، هل تبْطُل طهارةُ القدَمَين؟ أصَحُّهما، تبْطُل مِن أصْلِها. ومنها، إمْكانُ المَشْي فيه مُطْلقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخطَّابِ، والمَجْدُ، وجَزَم به الزَّرْكَشِيُّ، وغيرُه، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَع البَحْرَين». فدخَل في ذلك الجُلودُ، واللُّبُودُ، والخَشَبُ، والزُّجاجُ، ونحوُها. قاله في «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرِه مِنَ الأصحابِ. وقيل: يُشْتَرطُ مع إمْكانِ المشْي فيه كوْنُه مُعْتادًا. واخْتارَه الشِّيرازِيُّ. وقيل: يُشْتَرطُ مع ذلك كلِّه كوْنُه يَمْنَعُ نفُوذَ الماءِ. وأطْلقَهما في غيرِ المُعْتادِ، في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الهِدايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». تنبيه: قوْلي: إمْكانُ المَشْي فيه. قال في «الرعايَةِ الكُبْرى»: يُمْكِنُ المَشْيُ فيه قَدْرَ ما يتَرَدَّدُ إليه المُسافِرُ في حاجَتِه في وَجْهٍ. وقيل: ثلاثةَ أيام أو أقَلَّ. ومنها،

فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ طهارَةُ عَينِه إنْ لم تكُنْ ضَرورَةٌ بلا نِزاعٍ، فإنْ كان ثَمَّ ضَرُورَةٌ فيُشْترَطُ طهارَةُ عَينِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلا يصِحُّ المسْحُ على جِلْدِ الكَلْبِ والخِنْزيرِ والمَيتَةِ قبلَ الدَّبْغِ، في بلادِ الثُّلوجِ إذا خَشِيَ سقُوطَ أصابعِه بخَلْعِه ونحو ذلك، بل يَتَيَمَّمُ للرِّجْلَين. قال المَجْدُ، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان: هذا الأظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وصَحَّحَه في «حَوَاشِي الفُروعِ». وقيل: لا يُشْتَرَطُ إباحَتُه والحالة هذه، فيُجْزِيه المسْحُ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهرُ كلامِ أبي محمدٍ؛ للإِذْنِ فيه إذَنْ، ونجاسَةُ الماءِ حال المسْحِ لا تضُرُّ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: ومفْهومُ كلامِ الشيخِ، يعْني به المُصَنِّفَ، اخْتِيارُ عدَمِ اشْتِراطِ إِباحَتِه. وأطْلَقَهُما في «الفصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النِّهايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفي النَّجِسِ العَينِ، وقيل: لضَرُورَةِ بَرْدٍ أو غيرِه. وَجْهان. ومنها، أنْ لا يصِفَ القدَمَ لصَفائِه، فلو وصفَه لم يصِحَّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كالزُّجاجِ الرَّقيقِ ونحوه. وقيل: يجوزُ المسْحُ عليه. قوله: فإن كان فِيه خَرْقٌ يَبْدُو منه بعضُ القَدمِ. لم يَجُزِ المسْحُ عليه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقيل: يجوزُ المسْحُ عليه. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وتقدَّمَ عنه قولُه: ولا يجوزُ المسْحُ إلَّا على ما يَسْتُرُ مَحَل الفَرْضِ. فوائد؛ منها، موْضِعُ الخَرْزِ وغيرِه سواءٌ. صرَّحَ به في «الرِّعايَةِ». ومنها، لو كان فيه خَرْق يَنْضَمُّ بلُبْسِه جازَ المسْحُ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ

أوْ كَانَ وَاسِعًا يُرَى مِنْهُ الْكَعْبُ، أو الْجَوْرَبُ خَفِيفًا يَصِفُ الْقَدَمَ، أوْ يَسْقُطُ مِنْهُ إذَا مَشَى، أوْ شَدَّ لَفَائفَ، لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وقيل: لا يجوزُ. ومنها، لو كان لا يَنْضَمُّ بلُبْسِه لم يَجُزِ المسْحُ عليه، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يجوزُ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». فائدة: لو مسَح على خُفٍّ طاهرِ العَينِ، ولكنْ بباطِنِه أو قدَمِه نَجاسَةٌ لا يُمْكِنُ إزالتُها إلَّا بنَزْعِه جازَ المسْحُ عليه، ويسْتَبيحُ بذلك مَسَّ المُصْحَفِ والصَّلاةَ، إذا لم يجِدْ ما يُزيلُ النَّجاسَةَ، وغيرَ ذلك. صَحَّحَه المَجْدُ، وابنُ عُبَيدَان، وقدَّمه في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: فيه وَجْهان أصْلُهما الروايتان في صِحَّةِ الوضوءِ قبلَ الاسْتِنْجاءِ، لكَوْنِها طهارة لا يمْكِنُ الصلاةُ بها غالِبًا بدُونِ نقْضِها، فجُعِلَتْ كالعَدمِ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: قال كثيرون: يُخرَّجُ على رِوايتَي الوضوءِ قبلَ الاسْتِنْجاءِ. وفرَّقَ المَجْدُ بينَهما بأنَّ نَجاسةَ المَحَلِّ هناك لمَّا أوْجبَتِ الطَّهارَتَين جُعِلَتْ إحْداهما تابِعَةً للأخْرَى، وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معْدومٌ هنا. وأطْلَقَهما في «الرِّعاية الكُبرى». تنبيه: قولُه: أو الْجَوْرَبُ خَفِيفًا يصِفُ القدَمَ، أو يَسْقُطُ منه إذا مَشَى. لم يَجُزِ المسْحُ على هذا بلا نِزاعٍ. قوله: أو شَدَّ لفائِفَ لم يَجُزِ المسْحُ عليه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكْثَرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المنْصوصُ المَجْزومُ به عندَ الأصحاب، حتى جعَله أبو البرَكاتِ إجْماعًا. انتهى. وفيه وَجْهٌ يجوزُ المسْحُ عليها. ذكرَه ابنُ تَمِيمٍ، وغيرُه. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى ابنُ عَبْدوسٍ رِوايةً بالجَوازِ، بشَرْطِ قُوَّتِها وشَدِّها. انتهى. وقيل: يجوزُ

وَإنْ لَبِسَ خُفًّا فَلَمْ يُحْدِثْ حَتَّى لَبِسَ عَلَيهِ آخَرَ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْحُ عليها مع المَشَقَّةِ هو مُخرجٌ لبعضِ الأصحابِ. فائدة: اخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، مع ما تقدَّم مِنَ المسائلِ، مسْحَ القدَمِ ونَعْلِها التي يَشُقُّ نَزْعُها إلَّا بيَدٍ ورِجْلٍ كما جاءت به الآثارُ، قال: والاكتِفاءُ هنا بأكْثَرِ القَدَم نفْسِها أو الظَّاهرِ منها غَسْلًا أو مسْحًا، أوْلَى مِن مسْحِ بعضِ الخُفِّ، ولهذا لا يتَوَقَّتُ، وكمَسْحِ عِمامَةٍ. وقال: يجوزُ المسْحُ على الخُفِّ المُخَرَّقِ، إلَّا المُخَرَّقَ أكْثَرُه فكالنَّعْلِ، ويجوزُ المسْحُ أيضًا على مَلْبوسٍ دُونَ النَّعْلِ. انتهى. وتقدَّم بعضُ ذلك عنه. تنبيه: شمِلَ قوله: وإن لَبِسَ خُفًّا فلم يُحْدِثْ حتى لَبِسَ عليه آخَرَ، جازَ المسْحُ عليه. مسائل؛ منها، لو كانا صَحِيحَين جازَ المسْحُ على الفَوْقَاني بلا نِزاعٍ، بشرطِه. ومنها، لو كان الفَوْقانِيُّ صحيحًا والتحْتانِيُّ مُخَرَّقًا أو لُفافَةً، جازَ المسْحُ أيضًا عليه. ومنها، لو كان الفَوْقانِيُّ مُخَرَّقًا والتَّحْتانِيُّ صحِيحًا، مِن جَوْرَبٍ أو خُفٍّ أو جُرْمُوقٍ، جازَ المسْحُ على الفَوْقانِي: على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم. وقيل: لا يجوزُ المسْحُ إلَّا على التَّحْتانيِّ. اخْتارَه القاضي، وأصحابُه، وقدَّمه في «الحاويَين». وقيل: هما كنَعْل مع جوْرَبٍ. وقيل: يتَخَيَّرُ بينَهما في المسْحِ. ومنها، لو كان تحتَ المُخَرَّقِ مُخَرَّقٌ وسَتَرَ، لم يَجُزِ المسْحُ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يجوزُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، وصَّحَحه في «الحاويَين»، وجزَم به في «المُستوْعِبِ». وقيل: يجوزُ. قدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وهما احْتِمالان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَق الوَجْهَين ابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «الفُروعِ». ومنها، لو كان تحتَ المُخَرَّقِ لُفافَةٌ لم يَجُزِ المسْحُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لكنْ لم يدْخُلْ في كلامِ المُصَنِّفِ. ونصَّ عليه. وقيل: يجوزُ. ويأْتِي آخِرَ البابِ هل الخُفُّ الفَوْقَانِيُّ والتَّحْتانيُّ كلٌّ منهما بدَلٌ مُسْتَقِلٌ عنِ الغَسْلِ أم لا؟ فائدة: قال في «الرِّعايَةِ»: لو لَبِسَ عِمامَةً فوقَ عِمامَةٍ لحَاجَةٍ، كبُرودَةٍ

وَيَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ دُونَ أَسْفَلِهِ وَعَقِبِهِ، فَيَضَعُ يَدَيهِ عَلَى الْأَصَابعِ، ثُمَّ يَمْسَحُ إِلَى سَاقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها، قبلَ حدَثِه، وقبلَ مسْحِ السُّفْلَى به، مسَح العُلْيا التي بصِفَةِ السُّفْلَى، وإلَّا فلا، كما لو ترَك فوْقَها مِنْديلًا أو نحوَه. تنبيه: قد يقالُ: ظاهِرُ قوله: ويَمْسَحُ أعْلَى الْخُفِّ. أنَّه يَمْسَحُ جميعَ أعْلاه، وهو مُشْطُ القدَمِ إلى العُرْقوبِ، وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ؛ اخْتارَه الشِّيرازِيُّ، وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ الواجِبَ مسْحُ أكْثَرِ أعْلى الخُفِّ، وعليه الجمهورُ، وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم، وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا. وقيل: يَمْسَحُ على قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنَ الرأْس. اخْتارَه ابنُ البَنَّا. وقيل إنَّ هذا القوْلَ هو المذهبُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يُجْزِئُ مسْحُ قَدْرِ أرْبَعِ أصابعَ فأكْثرَ. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، في «رُءُوسِ مَسائِله»: العدَدُ الذي يُجْزِئُ في المسْحِ على الخُفَّين ثلاثُ أصابعَ على ظاهرِ كلامِ أحمدَ، ورأيتُ شيخَنا مائِلًا إلى هذا؛ لأنَّ أحمدَ رجَع في هذا الموْضعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي مسْحِ الرأْسِ إلى الأحاديثِ. انتهى. قال ابنُ رَجَبٍ في «الطَّبَقاتِ»: وهو غريبٌ جِدًّا. تنبيه: قوْلُه: دُونَ أَسْفَلِه وعَقِبِه. يعْني لا يمْسَحُهما بل ولا يُسْتحَبُّ ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ أبي موسى: يُسْتَحَبُّ ذلك. فائدة: لو اقْتَصَر على مسْحِ الأسْفَلِ والعَقِبِ لم يُجْزِهِ قولًا واحِدًا. ولا يُسَنُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِيعابُه ولا تَكْرارُ مَسْحِه، ويُكْرَه غَسْلُه ويُجْزِئُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وبالغَ القاضي فقال بعدَمِ الإِجْزاءِ مع الغَسْلِ؛ لعدُولِه عن المأْمورِ، وتوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ في ذلك. فائدتان؛ إحْدَاهما، صِفَةُ المسْحِ المسْنونِ أنْ يضَعَ يدَيه مُفَرَّجَتَي الأصابعِ على أطْرافِ أصابعِ رِجْلَيه، ثم يُمِرَّهما إلى ساقَيه مرَّةً واحدةً، اليُمْنَى واليُسْرَى. وقال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: ويُسَنُّ تقْديمُ اليُمْنَى. وروَى البَيهَقِيُّ أنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مسَحَ على خُفَّيهِ مسْحَةً واحدةً، كأنِّي أنْظُرُ إلى أصابعِه على الخُفَّينِ. وظاهِرُ هذا أنَّه لم يُقَدِّمْ إحْداهُما على الأخْرَى، وكيفَمَا مسَح أجْزَأَه.

وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ الْمُحَنَّكَةِ إِذَا كَانَتْ سَاتِرَةً لِجَمِيعِ الرَّأَسِ، إلا مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّانيةُ، حُكْمُ مَسْحِ الخُفِّ بأُصْبُعٍ أو حائلٍ كالخِرْقَةِ ونحوها، وغَسْلِه حكْمُ مسْحِ الرَّأْسِ في ذلك، على ما تقدَّمَ هناك. ويُكْرَهُ غَسْلُ الخُفِّ وتَكْرارُ مسْحِه، وتَقَدَّمَ. قولُه: ويَجوزُ المسْحُ على العِمامةِ المُحَنَّكَةِ، إذا كانتْ ساترِةً لجميعِ الرأسِ، إلا ما جَرَتِ العادَةُ بكشْفِه. وهذا المذهبُ بِشَرْطِه، لَا أعْلَمُ فيه خِلافًا. وهو مِن

وَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيرِ الْمُحَنَّكَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ ذُؤَابَةٍ، فَيَجُوزُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر الطُوفِيُّ، في «شَرْحِ الْخِرَقِيِّ» وَجْهًا باشْتِراطِ الذُّؤابَةِ مع التَّحْنِيكِ، على ما يأْتِي. قوله: ولا يَجوزُ على غيرِ المُحَنَّكَةِ، إلا أن تكونَ ذاتَ ذُؤابةٍ، فيجوزَ في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «شَرْحِ» أبي البَقاءِ، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» للمَجْدِ، و «شَرْحِ الخِرَقِيِّ» للطُوفِيِّ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «شَرْحِ العُمْدَةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَمِيمٍ»؛ أحَدُهما، يجوزُ المسْحُ عليها. وهو المذهبُ. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّسْهيلِ»، وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّاغُونِيِّ، والمُصَنِّفُ. وهو مُقْتَضَى اخْتِيارِ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ بطرَيقِ الأوْلَى؛ فإنَّه اخْتارَ جوازَ المسْحِ على العِمامَةِ الصَّمَّاءِ، فذاتُ الذُّؤابَةِ أوْلَى بالجَوازِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ المسْحُ عليها. جزَم به في «الإيضاحِ»، و «الوَجيزِ»، وهو ظاهرُ كلامِه في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُبْهِجِ»، وابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «تَجْرِيدِ العِنانَةِ»؛ فإنِّهم قالوا: محَنَّكَة. وصَحَّحَه في «تصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال في «الشَّرْحِ»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمَه في «إدْراكِ الغايَةِ». وقال في «الفائقِ»: وفي اشْتِراطِه التَّحْنِيكَ وَجْهان، اشْتَرطَه ابنُ حامِدٍ، وألْغاهُ ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، وشيخُنا، وخَرَّجَ مِنَ القَلانِسِ، وقيل: الذُّؤَابَةُ كافِيَةٌ. وقيل بعدَمِه، واخْتارَه الشيخُ. انتهى. فائدة: ذكرَ الطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الْخِرَقِيِّ»، أنَّ العِمامَةَ إذا كانتْ مُحَنَّكَةً وليس لها ذُؤابَةٌ، كذاتِ الذُّؤابَةِ بلا حنَكٍ في الخِلافِ، ورجَّح جوازَ المسْحِ عليها. قلتُ: الخِلافُ في اشْتِراطِ الذُّؤابَةِ مع التَّحْنِيكِ ضَعِيفٌ، قَلَّ مَن ذكَرَه، والمذهبُ جوازُ المسْحِ على المُحَنَّكَةِ، وإنْ لم تكُنْ بذُؤابَةٍ، وعليه الأصحابُ، كما تقدَّم. وأمَّا العِمامَةُ الصَّمَّاءُ، وهي التي لا حنَكَ لها ولا ذُؤابَةَ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بأنَّه لا يجوزُ المسْحُ عليها، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وذكَر ابنُ شِهَابٍ وجماعةٌ أنَّ فيها وَجْهَين كذاتِ الذُّؤابَةِ، وقالوا: لم

ويُجْزِئُهُ مَسْحُ أَكْثَرِهَا، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ إلا مَسْحُ جَمِيعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُفَرِّقْ أحمدُ. قال ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ»: وهو مذهبُه. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه جوازَ المسْحِ، وقال: هي القَلانِسُ. قوله: ويُجْزِئُه مسْحُ أكثرِها. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يجوزُ إلَّا مسْحُ جميعِها. وهو رِوايَةٌ. واخْتارَه أبو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ. وقال بعضُ الأصحابِ: الخِلافُ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في مسْحِ الرَّأْسِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وإنْ قُلْنا: يُجْزِئُ أكْثَرُ الرأس وقَدْرُ النَّاصِيَةِ. أجْزَأَ مِثْلُه في العِمامَةِ، وَجْهًا واحِدًا، بل أوْلَى. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: يُجْزِئُ مسْحُ وَسَطِ العِمامَةِ وحدَه. وعنه، يجبُ أيضًا مسْحُ ما جَرَتِ العادَةُ بكَشْفِه مع مسْحِ العِمامَةِ. وعنه، والأُذُنَين أيضًا.

وَيَمْسَحُ عَلَى جَمِيعِ الْجَبِيرَةِ إِذَا لَمْ تَتَجَاوَزْ قَدْرَ الْحَاجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يجوزُ للمرأَةِ المسْحُ على العِمامَةِ ولو لَبِسَتْهَا للضرورةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وقدَّمه ابنُ تَمِيمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وقيل: تمْسَحُ عليها مع الضرورةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، وقال: وإِنْ قيل: يُكْرهُ التَّشَبُّهُ. توَجَّه خِلافٌ، كصماءَ. قال: ومثْلُ الحاجةِ لو لبِس مُحْرِمٌ خُفَّين لحاجَةٍ هل يَمْسَحُ؟ انتهى. قوله: ويَمْسَحُ على جميعِ الجَبيرةَ إِذا لم تَتَجَاوَزْ قدرَ الحاجَةِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ أنَّه يُجْزِئُ المسْحُ على الجَبِيرَةِ مِنْ غيرِ تَيَمُّمٍ بشَرْطِه، ويُصَلِّي مِن غيرِ إعادَةٍ، وعليه الأصحابُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: لا يَجْمَعُ في الجَبِيرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَ المسْحِ والتَّيَمُّمِ، قولًا واحِدًا. وقال ابنُ حامِدٍ: يَمْسَحُ على جَبِيرَةِ الكَسْرِ، ولا يَمْسَحُ على الصُّوفِ بل يَتَيَمَّمُ إنْ خافَ نَزْعَه. وعنه، يَلْزَمُه أنْ يُعِيدَ كلَّ صلاةٍ صلَّاها به. حكَاها في «المُبْهِجِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى ابنُ أبي موسى، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهما، رِوايَةً بوُجوبِ الإِعادةِ، لكنَّهم بَنَوْها على ما إذا لم يَتَطهَّرْ وقُلْنا بالاشْتِراطِ. قال: والذي يظْهَرُ لي عندَ التَّحْقيقِ أنَّ هذا ليس بخِلافٍ، كما سَيأْتِي. انتهى. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ قُلْنا: الطَّهارَةُ قبلَها شرْطٌ. أعادَ وإلَّا فلا. انتهى. وعنه، يَلْزَمُه التَّيَمُّمُ مع المسْحِ. فعليها، لا يَمْسَحُ الجَبِيرَةَ بالتُّرابِ، فلو عَمَّتِ الجَبِيرَةُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ سقَط، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. جزَم به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقيل: يُعيدُ إذَنْ. وقيل: هل يَقَعُ التَّيَمُّمُ على حائِلٍ في مَحَلِّه كمَسْحِه بالماءِ أم لا؛ لضَعْفِ التُّرابِ؟ فيه وَجْهان، وتقدَّمَ نظِيرُهما فيما إذا اشْتَرَطْنا الطَّهارَةَ وخافَ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَزْعِها، وتقدَّمَ أنَّه يَمْسَحُ على الجَبِيرَةِ إلى حَلِّها، وأنَّ المسْحَ عليها لا يَتَقَيَّدُ بالوَقْتِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قوله: إِذا لم تَتَجاوَزْ قَدْرَ الحاجةِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وقد يتَجاوَزُها إلى جُرْحٍ، أو وَرَمٍ، أو شيءٍ يُرْجَى به البُرْءُ أو سُرْعَتُه، وقد يُضْطَرُّ إلى الجَبْرِ بعَظْمٍ يَكْفِيه أصْغَرُ منه، لكنْ لا يجِدُ سِوَاهُ ولا ما يَجْبُرُ به. انتهى. ونقَل المُصَنِّفُ ومَن تَبِعَه عنِ الخَلَّالِ، أنَّه قال: لا بَأْسَ بالمسْحِ على العَصَائبِ كيفما شدَّها. قال الزَّرْكَشِيُّ: وليس بشيءٍ. فائدة: مُرادُ الْخِرَقِيِّ بقوْلِه: وإذا شَدَّ الكَسِيرُ الجبائرَ، وكان طاهِرًا ولم يَعْدُ بها مَوْضِعَ الكَسْرِ. أنْ يتَجاوزَ بها تجاوُزًا لم تَجْرِ العادَةُ به، فإنَّ الجَبِيرَةَ إنَّما تُوضَعُ على طَرَفَي الصَّحيحِ لِيَنْجَبِرَ الكَسْرُ. قاله شُرَّاحُه. فوائد؛ منها، إذا تجاوزَ قدْرَ الحاجَةِ وجَب نَزْعُه إن لم يَخَفِ التَّلَفَ، فإنْ خافَ التَّلَفَ سقَط عنه بلا نِزاعٍ، وكذا إن خافَ الضَّرَرَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخُرِّجَ مِن قوْلِ أبي بَكرٍ، في مَن جبَر كَسْرَهُ بعَظْمٍ نَجِسٍ, عدَمُ السُّقوطِ هنا. وحيثُ قُلْنا: يسْقُطُ النَّزْعُ. فإنَّه يَمْسَحُ على قَدْرِ الحاجَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهب، [وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وقطَعوا به. وحكَى القاضي وَجْهًا؛ لا يَمْسَحُ زِيادَةً على موْضِعِ الكَسْرِ وإنْ كان لحاجَةٍ. قال ابنُ تَمِيمٍ: وهو بعيدٌ. عليها يَتيَمَّمُ للزَّائدِ ولا يُجْزِيه مسْحُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ] (¬1)، والمَشْهورِ مِنَ الوَجْهَين. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْزِيه المسْحُ أيضًا. اخْتارَه الخَلَّالُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقيل: يَجْمَعُ فيه بينَ المسْحِ والتَّيَمُّمِ. وتقدَّمَ نَظِيرُه فيما إذا قُلْنا باشْتِراطِ الطَّهارَةِ للجَبِيرَةِ وخافَ. ¬

(¬1) سقط من: 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لو تأَلَّمَتْ إصْبَعُه فأَلْقَمَها مَرارَةً جازَ المَسْحُ عليها. قاله المَجْدُ وغيرُه. ومنها، لو جعَل في شقٍّ قَارًا ونحوَه وتَضَرَّرَ بقَلْعِه، جازَ له المسْحُ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الكافِي»، وصَحَّحَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، واخْتارَه المَجْدُ وغيرُه، وقدَّمه ابنُ تَمِيمٍ، و «حَواشِي المُقْنِعِ». وعنه، ليس له المسْحُ بل يَتَيَمَّمُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ، وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَغْسِلُه ولا يُجْزِيه المسْحُ. وقال القاضي: يَقْلَعُه إلَّا أنْ يَخافَ تَلَفًا، فيُصَلِّيَ ويُعيدَ. ومنها، لو انْقطَع ظُفْرُه، أو كان بإصْبَعِه جُرْحٌ أو فِصادٌ، وخافَ إنْ أصابَه أنْ يَنْدَقَّ في الجُرْحِ، أو وضَع دواءً على جُرْحٍ أو وَجَعٍ ونحوه، جازَ المسْحُ عليه. نصَّ عليه. وقال القاضي، في اللَّصُوقِ على الجُروحِ: إنْ لم يكُنْ في نَزْعِه ضَرَرٌ غسَل الصَّحيحَ وتَيَمَّمَ للجُرْحِ، ويَمْسَحُ على موْضِعِ الجُرْحِ، وإنْ كان في نَزْعِه ضَرَرٌ فحُكْمُه حكمُ الجَبيرَةِ يمْسَحُ عليها. وقال ابنُ حامِدٍ: يَمْسَحُ على جَبِيرَةِ الكَسْرِ، ولا يمْسَحُ على لَصُوقٍ بل يَتَيَمَّمُ، إلَّا إنْ خافَ نَزْعَه كما تقدَّم عنه. ومنها، الجَبِيرَةُ النَّجسَةُ؛ كجِلْدِ المَيتَةِ والخِرَقِ النَّجِسَةِ يَحْرُمُ الجَبْرُ بها، والمسْحُ عليها باطِلٌ، والصَّلَاةُ فيها باطِلَةٌ، كالخُفِّ النَّجِسِ. قاله ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه، واقْتَصَر عليه ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: النَّجِسَةُ كالطَّاهِرَةِ. وإنْ كانتِ الجَبِيرَةُ مِن حريرٍ أو غَصْبٍ ففي جَوازِ المسْحِ عليها احْتِمالان؛ أحَدُهما، لا يصِحُّ المسْحُ عليها، كالخُفِّ المغْصُوبِ والحَريرِ، وهو الصَّحيحُ. قال في «الرِّعايِة الصُّغْرى»: وإنْ شَدَّ جَبِيرَةً حلالًا مسَح. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». والاحْتِمالُ الثَّاني، يصِحُّ المسْحُ عليها. وأطْلَقَهما ابنُ تَمِيمٍ، وابنُ عُبَيدان. قلتُ: الأَوْلَى أنْ يكونَ على الخِلافِ هنا، إذا مَنَعْنا مِن جوازِ المسْحِ على الخُفِّ الحرِير والغَصْبِ، على ما تقدَّمَ، وإلَّا حيثُ أجَزْنا هناك فهنا بطرَيقٍ أَوْلَى.

وَمَتَى ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ أَوْ رَأْسُهُ أَو انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى ظهَر قَدَمُ الماسِحِ ورَأْسُه، أَو انْقَضَتْ مُدَّةُ المسحِ اسْتَأْنَفَ الطَّهارةَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الكافِي»: بطَلَتِ الطَّهارَةُ في أشْهَرِ الرِّوايتَين. قال الشَّارِحُ: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأشْهَرُ. ونصَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وغيرِهما، وجزَمَ به في «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «العُمْدَةِ»، واخْتارَه ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وقَدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُجْزِئُه مسْحُ رأْسِه وغَسْلُ قَدَمَيه. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّ الطَّهارةَ لا تَبْطُلُ، كإِزالةِ الشَّعَرِ المَمْسُوحِ عليه. تنبيه: اخْتلَفَ الأصحابُ في مَبْنَى هاتَين الرِّوايتَين على طُرُقٍ؛ فقيل: هما مَبْنِيَّان على المُوالاةِ. اخْتارَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ، وقطَع به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فعلى هذا، لو حصَل ذلك قبلَ فَواتِ المُوالاةِ أجْزَأَه مسْحُ رأْسِه وغَسْلُ قدَمَيه، قولًا واحِدًا؛ لعدَمِ الإِخْلالِ بالمُوالاةِ. وقيل: الخِلافُ هنا مَبْنِيٌّ على أنَّ المسْحَ هل يَرْفَعُ الحَدَثَ أم لا؟ وقطَع بهذه الطَّريقَةِ القاضي أبو الحُسَين، واخْتارَه وصَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، وقدَّمه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، وقال هو وأبو المَعالِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحفِيدُه: وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ عندَ المُحَقِّقِين. واعلمْ أنَّ المَسْحَ يرْفَعُ الحَدَثَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وقيل: لا يَرْفَعُه. وتقدَّمَ ذلك أوَّلَ البابِ. وأطْلَق الطَّريقَةَ ابنُ تَميمٍ. وقيلَ: الخِلافُ مَبْنِيٌّ على غَسْلِ كلِّ عُضْوٍ بنِيَّةٍ. وتقدَّمَ ذلك في بابِ الوضوءِ في أثْناءِ النِّيَّةِ. وقيل: الخِلافُ مَبْنِيٌّ على أنَّ الطَّهارَةَ لا تَتبَعَّضُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّقْضِ، وإنْ تَبَعَّضَتْ في الثُّبوتِ؛ كالصَّلاةِ والصِّيامِ. جزَم به في «الكافِي»، وقاله القاضي في «الخِلافِ»، واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». ويأْتِي في آخِرِ نَواقِضِ الوضوءِ هل يُرْفَعُ الحدَثُ عنِ العُضْو الذي غُسِلَ قبَل تمامِ الوضوءِ، أم لا؟ أطْلَقَهنَّ في الفروعِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، إذا حدَث المُبْطِلُ في الصَّلاةِ، فحُكْمُه حكمُ المُتَيَمِّمِ إذا قدَرَ على الماءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرهم، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه. وقيلَ: حُكْمُه حكمُ مَن سَبَقَه الحَدَثُ. اخْتارَه السَّامَرِّيُّ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقلتُ: إنِ ارْتَفَعَ حَدَثُهم بنَوْا، وإلَّا اسْتَأْنَفُوا الوضوءَ. وخرَّجَهُما ابنُ تَميمٍ وغيرُه، على ما إذا خرَج الوَقْتُ على المُتَيَمِّمِ وهو في الصَّلاةِ، على ما يأْتِي، بعدَ قولِه: ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخرُوجِ الوَقْتِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وكثيرٍ مِن الأصحابِ، أنَّه كما لو كان خارِجَ الصَّلاةِ. نَظَرًا لإطْلَاقِهِم. ومنها، لو زالتِ الجَبِيرَةُ فهي كالخُفِّ مُطْلَقًا، على ما تقدَّمَ خِلافًا ومذهبًا. وقيل: طَهارَتُه باقِيَةٌ قبلَ البُرْءِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ بقاءَها قبلَ البُرْءِ وبعدَه، كإِزالةِ الشَّعَرِ. ومنها، خُروجُ القدَمِ أو بعضِه إلى ساقِ الخُفِّ كخَلْعِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا. وعنه، لا، إنْ خرَج بعضُه. قاله في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ، تبَعًا للمَجْدِ: وإنْ أخْرَجَ قَدَمَه أو بعضَه إلى ساقِ الخُفِّ، بحيثُ لا يُمْكِنُ المَشْيُ عليه فهو كالخَلْعِ. نصَّ عليه. وعنه، إنْ جاوزَ العَقِبُ حَدَّ موْضِعِ الغَسْلِ أثَّرَ، ودُونَه لا يُؤَثِّرُ. وعنه، إنْ خرَج القدَمُ إلى ساقِ الخُفَّينِ لا يُؤَثِّرُ. قال: وحكَى بعضُهم في خُروجِ بعضِ القدَمِ إلى ساقِ الخُفِّ، رِوايتَين مِن غيرِ تَقْييدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لو رفَع العِمامَةَ يسِيرًا لم يَضُرَّ. ذكرَه المُصَنِّفُ. قال أحمدُ: إذا زالتْ عن رأْسِه فلا بأْسَ إذا لم يَفْحُشْ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: إذا لم يَرْفَعْها بالكُلِّيَّةِ، لأنَّه مُعْتادٌ. وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ» تبْطُلُ بظُهورِ شيءٍ مِن رأْسِه؛ فإنَّه قال: وإذا ظهَر بالكُلِّيَّةِ بعضُ رأْسَه أو قدَمِه بطَلَتْ. وقال في مَكانٍ آخرَ: فإنْ أدْخَل يدَه تحتَ الحائلِ لِيَحُكَّ رأْسَه، ولم يظْهَرْ شيءٌ مِنَ الرأسِ لم تبْطُلِ الطَّهارةُ. ومنها، لو نقَض جميعَ العِمامَةِ بطَل وُضوءُه، وإنْ نقَض منها كَوْرًا أو كَوْرَين، وقيل: أو حَنَّكَها. ففيه رِوايتان، وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ تَميمِ»؛ إحْدَاهما، يَبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عبدِ القَويِّ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكُبْرَى»: ولو انْتَقَضَ بعضُ عِمامَتِه وفَحُشَ، وقيل: ولو كَوْرًا. تَبْطُلُ. والثانية، لا تبْطُلُ. قلتُ: وهو أوْلَى. وقدَّمها ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال القاضي: لو انْتَقَضَ منها كَوْرٌ واحِدٌ بطَلَتْ. فائدتان؛ إحْداهما، لو نزَعَ خُفًّا فَوْقانِيًّا كان قد مسَحَه، فالصَّحِيحُ مِن المذهب، وعليه الأصحابُ، يَلْزَمُه نَزْعُ التَّحْتانِيِّ، فيَتَوَضَّأُ كامِلًا، أو يغْسِلُ قدَمَيه، على الخِلافِ السَّابقِ. وعنه، لا يَلْزَمُه نَزْعُه، فيَتَوَضَّأُ أو يمْسَحُ التَّحْتانِيَّ مُفْرَدًا، على الخِلافِ. [اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، لكنْ قال: الأَولى] (¬1). وأطْلقَ الرِّوايتَين في «الفُروعِ» بعنه، وعنه. [وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الحاويَين»] (¬2). الثَّانيةُ، اعلمْ أنَّ كُلًّا مِن الخُفِّ الفَوْقانِيِّ والتَّحْتانيِّ بدَلٌ مُسْتَقِلٌّ عن الغَسْلِ، على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: 1. (¬2) سقط من: ش.

وَلَا مَدْخَلَ لِحَائِلٍ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، إلا الْجَبِيرَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. [وقيل: الفَوْقانِيُّ بدَلٌ عنِ الغَسْلِ، والتَّحْتانيُّ كَلِفَافَةٍ] (¬1). وقيل: الفَوْقانيُّ بدَلٌ عنِ التَّحْتانيِّ، والتَّحْتانيُّ بدَلٌ عنِ القَدم. وقيل: هما كظِهارَةٍ وبِطَانَةٍ. فائدة: قوْله: ولا مَدْخَلَ لحائلٍ في الطَّهارةِ الكُبْرى إلا الْجَبِيرَةَ. اعلمْ أنَّ الجَبِيرَةَ تُخالِفُ الخُفَّ في مسائِلَ عديدَةٍ؛ منها، أنَّا لا نَشْتَرِطُ تقَدُّمَ الطَّهارَةِ لجوازِ المسْحِ عليها، على رِوايةٍ اخْتارَها المُصَنِّفُ وغيرُه، وهي المُخْتارةُ على ما تقدَّمَ، بخِلافِ جَوازِ المسْحِ على الخُفِّ. ومنها، عدَمُ التَّوْقيتِ بمُدَّةٍ، كما تقدَّمَ. ومنها، وُجوبُ المَسْحِ على جَميعِها. ومنها، دُخولُها في الطَّهارَةِ الكُبْرى، كما تقدَّمَ ذلك كلُّه في كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، أنَّ شَدَّها مخْصوصٌ بحالِ الضَّرورَةِ. ومنها، أنَّ المسْحَ عليها عَزِيمَةٌ بخِلافِ الخُفِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّمَ. ومنها، أنَّه لو لَبِسَ خُفًّا على طَهارَةٍ مسَح فيها على الجَبِيرَةِ، جازَ له أنْ يمْسَحَ عليه على طَرِيقِه، ولو لَبِسَ الخُفَّ على طَهارَةٍ مَسَحَ فيها على عِمامَةٍ، أو لَبِسَ عمَامَةً على طهارةٍ مَسَحَ فيها على خُفٍّ، لم يَجُزِ المَسْحُ على أحَدِ الوَجْهَين، على ما تَقَدَّمَ عندَ كلامِ المُصَنِّفِ على اشْتِراطِ جوازِ المسْحِ على الجَبِيرَةِ مُسْتَوْفًى، فَلْيُعاوَدْ (¬2). ومنها، أنَّه يجوزُ المسْحُ فيها على الخِرَقِ ونحوها بخِلاف الخُفِّ. قلتُ: وفي هذا نَظَرٌ ظاهِرٌ. ومنها، أنَّه لا يُشْتَرَطُ في جوازِ المسْحِ على الجَبيرَةِ سَتْرُ مَحَلِّ الفَرْضِ إذا لم ¬

(¬1) سقط من: 1. (¬2) تقدم في صفحة 424.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكنْ ثَمَّ حاجَةٌ، بخِلافِ الخُفِّ. [ومنها، أنَّه يتعَيَّنُ على صاحبِ الجَبِيرَةِ المسْحُ بخِلافِ الخُفِّ] (¬1): ومنها، أنَّه يجوزُ المسْحُ على الجَبيرَةِ إذا كانت مِن حريرٍ ونحوه، على روايَةِ صِحَّةِ الصَّلاةِ في ذلك، بخِلافِ الخُفِّ، على المُحَقَّقِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. ومنها، أنَّه يجوزُ المسْحُ علي الجَبِيرَةِ في سفَرِ المَعْصِيَةِ، ولا يجوزُ المسْحُ على الخُفِّ فيه على قوْلٍ، وتقدَّمَ ذكْرُه. فهذه اثْنتَا عشْرةَ مسألةً قد خالفَتِ الجَبِيرَةُ فيها الخُفَّ في الأحْكامِ، إلَّا أن بعضَها فيه خِلافٌ بعضُه ضعِيفٌ، ومَرْجعُ ذلك كلِّه أو مُعْظَمِه إلى أنَّ مسْحَ الجَبِيرَةِ عزِيمَةٌ، ومسْحَ الخُفِّ ونحوه رُخْصَةٌ. ¬

(¬1) سقط من: 1.

آخر الجزء الأول ويليه الجزء الثاني، وأوله: باب نواقض الوضوء والْحَمْدُ للهِ حَقَّ حمْدِهِ

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1414 هـ - 1993 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب نواقض الوضوء

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ؛ الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَينِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ نواقضِ الوُضوءِ فائدتان؛ إحداهما، الحدَثُ يَحُلُّ جميعَ البدَن، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَره القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ، وغيرُهم، وجزَمَ به في «الفُروعِ»، كالجَنابَةِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ؛ لا يَحُلُّ إلَّا أعْضاءَ الوضوءِ فقط. والثَّانيةُ، يجِبُ الوضوءُ بالحَدَثِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمَه في «الفُروعِ». وقاله ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: يجِبُ بإرادَةِ الصَّلاةِ بعدَه. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: لا تجِبُ الطَّهارةُ عن حدَثٍ ونَجِسٍ قبلَ إرادَة الصَّلاةِ، بل يُسْتحَبُّ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ قِياسُ المذهبِ أنَّه يجِبُ بدُخولِ الوَقْتِ كوُجوبِ الصَّلاة إِذَنْ، ووُجوبُ الشَّرْطِ بوجوبِ المَشْروطِ. قال: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه في الغُسْلِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والخِلافُ لَفْظِيٌّ. قوله: وهي ثمانيةٌ؛ الخارجُ من السّبيلَيْن، قليلًا كان أو كثيرًا، نادرًا أو معتادًا. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وقيل: لا ينْقُضُ خروجُ الرِّيحِ مِن القُبُلِ. وقيل: لا ينقضُ خروجُ الرِّيحِ مِنَ الذَّكَرِ فقط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ عَقِيلٍ: يحْتَمِلُ أنْ يكونَ الأشْبَهَ بمذهبِنا في الرِّيحِ يخرُجُ مِنَ الذَّكَرِ، أنْ لا ينقُضَ. قال القاضي أبو الحُسَينِ: هو قِياسُ مذهبِنا. وأطْلقَ في الخارجِ مِنَ القبُلِ في «الرِّعايَتَين» الوَجْهَين. فوائد؛ منها، لو قَطرَّ في إحْليلِه دُهْنًا ثم خرَج، نقضَ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَمَ به في «المُغْنِي»، و «ابنِ رَزِينٍ». وصحَّحَه في «الشرحِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمَه ابنُ عُبَيدان. وقالوا: إنَّه لا يخْلُو مِن نَتْنٍ يَصْحَبُه. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لا ينْقُضُ. قال في «الحاوي الصَّغيرِ»: وإن خرَج ما قَطَّره في إحْليلِه لم ينْقُضْ. وأطْلَقَهُما في «الرِّعايتَين»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ» فيما إذا يخرجُ منه شيءٌ، وقال: في نَجاسَتِه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في نَجاسَتِه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، واخْتارَ إنْ خرجَ سائِلًا ببَلٍّ نجُس، وإلَّا فلا. ومنها، لو احْتَشَى في قُبُلِه أو دُبُرِه قُطْنًا أو مِيلًا، ثم خَرَج وعليه بَلَلٌ نقَض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينقُضُ. وإنْ خرجَ ناشِفًا؛ فقيلَ: لا ينقضُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ عبدِ اللهِ، عن أحمدَ. ذكرَه القاضي في «المُجَرَّدِ». ورَجَّحَه ابنُ حَمْدانَ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: ينقضُ. رجَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وأطْلَقَهُما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الزَّرْكَشيِّ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان. وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» عمَّا إذا احْتَشَى قُطْنًا. وقيلَ: ينقضُ إذا خرَجتْ مِنَ الدُّبُرِ خاصَّةً. ذكرَه القاضي. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». ومنها، إذا خرَجتِ الحُقْنَةُ مِنَ الفَرْجِ نقضَتْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ تَميمٍ: نقَضَتْ وَجْهًا واحدًا. قال صاحِبُ «النِّهايَةِ»: لا يَخْتلِفُ في ذلك المذهبُ. وهكذا لو وَطِئَ امْرأْتَه دونَ الفَرْجِ، فدَبَّ ماؤُه فدخلَ الفَرْجَ ثم خرجَ منه، نقَضَ ولم يجِبْ عليها الغُسْلُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يُغْتَسَلُ منه. وإنْ لم يخْرُجْ مِنَ الحُقْنَةِ أو المَنِيِّ شيءٌ، فقيل: ينْقُضُ. وقيل: لا ينقضُ. لكن إنْ كان المُحْتَقِنُ قد أدْخلَ رأْسَ الزَّرَّاقةِ نقضَ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في المَنِيِّ، والحُقْنَةُ مثْلُه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والْخِرَقِيِّ، وغيرِهما. وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: ينْقُضُ إذا كانتِ الحقنةُ في الدُّبُرِ دونَ القُبُلِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «حَواشِي المُقْنِعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ومنها، لو ظهَرتْ مَقْعَدَتُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلِمَ أنَّ عليها بَلَلًا، لم ينْقُضْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا ينْقضُ. وأطْلَقَهُما في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدان». وإنْ جَهِلَ أنَّ عليها بَلَلًا، لم ينْتقِضْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: ينْتَقِضُ. وجزَم الزَّرْكَشِيُّ بأنَّه لا ينْقُضُ إذا خَرَجَتْ مَقْعَدَتُه ومعها بِلًّةٌ لم تَنْفصِلْ عنها ثم عادَتْ. ومنها، لو ظهرَ طرَفُ مُصْرانٍ، أو رأْسُ دودَةٍ، نقضَ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْقُضُ. ومنها، لو صَبَّ دُهْنًا في أُذُنِه، فوصَل إلى دِماغِه، ثم خَرَج منها، لم ينقُضْ. وكذلك لو خرَج مِن فَمِه، في ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قاله في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: ينْقُضُ. ومنها، إذا خَرَجَتِ الحَصاةُ مِنَ الدُّبُرِ فهي نَجِسَةٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال القاضي في «الخِلافِ» في مسْألةِ المَنِيِّ: الحَصاةُ الخارِجَةُ مِنَ الدُّبُرِ، طاهِرَةٌ. قال في «الفُروعِ»: وهو غريبٌ بعيدٌ. تنبيه: قوله: قَلِيلًا كَان أو كثيرًا، نادرًا أو معتادًا. قال صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم: طاهِرًا كان أو نَجِسًا. فائدة: لو خرجَ مِن أحَدِ فَرْجَي الخُنْثَى المُشْكِل غيرُ بَوْلٍ وغائطٍ، وكان يسيرًا، لم يَنْقُضْ، على المذهبِ. قاله الزَّرْكَشِيِّ، وغيرُه. قال في «الرِّعايَةِ»: لم ينْقُضْ في الأَشْهَرِ.

الثَّانِي، خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ، فَإِنْ كَانَتْ غَائِطًا أو بَوْلًا نَقَضَ قَلِيلُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثاني، خُروجُ النَّجاساتِ من سائرِ البَدَن، فإنْ كانتْ غائِطًا أو بوْلًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقَضَ قلِيلُها. وهذا المذهب مُطْلقًا، أعْنِي، سواءٌ كان السَّبِيلان مَفْتُوحَين أو مَسْدودَين، وسواءٌ كان الخارِجُ مِن فوْق المَعِدَةِ أو مِن تحتِها. وتقدَّم في بابِ الاسْتِنْجاء، أنَّ ابنَ عَقِيلٍ، وغيرَه قالوا: الحُكْمُ مَنُوطٌ بما تحتَ المَعِدَةِ. فائدة: لو انْسَدَّ المَخْرجُ وفُتِحَ غيرُه، فأحْكامُ المَخْرَجِ باقِيَةٌ مُطْلقًا، على

وَإنْ كَانَتْ غَيرَهُمَا لَمْ يَنْقُضْ إلا كَثِيرُهَا، وَهُوَ مَا فَحُشَ في النَّفْسِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ قَلِيلَهَا يَنْقُضُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «النِّهايَةِ»: إلَّا أنْ يكونَ سُدَّ خِلْقَةً، فسَبِيلُ الحدَثِ المُنْفتِحِ والمسْدودِ كعُضْوٍ زائدٍ مِنَ الخُنْثَى. انتهى. ولا يثْبُتُ للمُنْفَتحِ أحْكامُ المُعْتادِ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ينْقُضُ خروجُ الرِّيحِ منه. وهو مُخَرَّجٌ للمَجْدِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عليه بقِيَّةُ الأحْكامِ. وتقدَّم حكْمُ الاسْتِنْجاءِ فيه في بابِه (¬1). قوله: وإن كانَتْ غَيرَهُما، لم يَنْقُضْ إلَّا كَثيرُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحُكِيَ أنَّ قليلَها ينْقُضُ، وهي رِوايةٌ ذكَرَها ابنُ أبي موسى وغيرُه. وأطْلَقَهُما في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ»، لا يَنْقُضُ الكثيرُ مُطْلقًا. واخْتارَ الآجُرِّيُّ، لا ينْقُضُ الكثيرُ مِن غيرِ القَىْءِ. وعنه، لا ينْقُضُ القَيحُ والصَّديدُ ¬

(¬1) تقدم في 1/ 232.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمِدَّةُ، إذا خرَج مِن غيرِ السَّبيلِ ولو كَثُرَ. ذكرَها ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. وتَبِعَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، ينْقُضُ كثيرُ القَىْءِ ويسيرُه، طعامًا كان أو دَمًا أو قَيحًا أو دُودًا، أو نحوَه. وقيل: إنْ قاءَ ذَمًا أو قَيحًا أُلْحِقَ بدَمِ الجُروحِ. ذكَره القاضي في «مُقْنِعِه». وفيه، لا ينْقُضُ القَيحُ والصَّديدُ والمِدَّةُ، إذا خرَج مِن غيرِ السَّبيلِ ولو كَثُرَ. ذكرَها ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. ونفَى هذه الرِّوايَةَ المَجْدُ. والنَّقْضُ بخُروجِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدودِ والدَّمِ الكثيرِ مِنَ السَّبيلَين، مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: وهو مَا فَحُش في النفسِ. وكذا قال في «المُسْتَوْعِبِ»، هذا تفْسيرٌ لحَدِّ الكثيرِ، وظاهرُ عبارَتِه أَنَّ كلَّ أحَدٍ بحَسَبِه، وهو إحْدَى الرِّوايات عن أحمدَ، ونقلَها الجماعَةُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هي ظاهرُ المذهبِ. قال الخَلَّالُ: الَّذي اسْتقَرَّتْ عليه الرِّواياتُ عن أحمدَ، أنَّ حَدَّ الفاحشِ ما اسْتَفْحَشَه كلُّ إنْسانٍ في نفْسِه. وتَبِعَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ المعْمولُ عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: ظاهِرُ المذهبِ، أنَّه ما يَفْحُشُ في القَلْبِ. وقدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعنه، ما فَحُشَ في نفْسِ أوْساطِ النَّاسِ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: وكثيرٌ نَجِسٌ عُرْفًا. واخْتارَه القاضي، وابن عَقِيلٍ، وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه القاضي، وجماعَةٌ كثيرةٌ. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. وجزَم به في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». قلتُ: والنَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». وعنه، الكثيرُ قَدْرُ الكَفِّ. وعنه، قَدْرُ عَشْرِ أصابعَ. وعنه، هو ما لو انْبَسَطَ جامِدُه، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْضَمَّ مُتَفَرِّقُه كان شِبْرًا في شِبْرٍ. وعنه، هو ما إذا انْبَسَطَ جامِدُه، أو انْضَمَّ مُتَفَرِّقُه كان أكْثَرَ مِن شِبْرٍ في شِبْرٍ. وعنه، هو ما لا يُعْفَى عنه في الصَّلاةِ. حكاهُنَّ في «الرِّعايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرَةَ بما قطَع به ابنُ عَبْدُوسٍ، وحكَاه عن شَيخِه، أنَّ اليَسيرَ قَطرْتان. ويأْتِي نَظِيرُ ذلك في بابِ إزالةِ النَّجاسَةِ. فوائد؛ إحْداها، لو مَصَّ العَلَقُ أو القُرَادُ دمًا كثيرًا نقَض الوضوءَ، ولو مَصَّ الذُّبابُ أو البَعُوضُ لم يَنْقُضْ، لقِلَّتِه ومشَقَّةِ الاحْتِرازِ منه. ذكَرَه أبو المَعالِي. الثانيةُ، لو شَرِبَ ماءً وقذَفَه في الحالِ، نجُس ونقَض الوُضوءَ كالقَىْءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكرَه الأصحابُ؛ منهم القاضي. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ» وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». ووَجَّهَ تَخْريجًا واحْتِمالًا؛ أنَّه

الثَّالِثُ، زَوَالُ الْعَقْلِ إلا النَّوْمَ الْيَسِيرَ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا. وَعَنْهُ، أَنَّ نَوْمَ الرَّاكِعِ وَالْسَّاجِدِ لَا يَنْقُضُ يسِيرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقَىْءِ، بشرطِ أنْ يتَغَيَّرَ. الثالثةُ، لا ينْقُضُ بَلْغَمُ الرأْسِ، وهو ظاهرٌ على المذهبِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لا ينقُضُ بَلْغَمُ الصَّدْرِ أيضًا، وهو ظاهِرٌ، ونصرَه أبو الحُسَينِ، وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ طهارَةُ بَلْغَمِ الرَّأْسِ والصَّدْرِ. ذكرَه في باب إزالةِ النَّجاسَةِ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان وعنه، ينْقُضُ، وهو نَجِسٌ. وجزَم به ابنُ الجَوْزِيِّ. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه». قال أبو الحُسَين: لا ينْقُضُ بَلْغَمٌ كثيرٌ في إحْدَى الرِّوايتَين. وعنه، بَلَى. فظاهِرُه إدْخالُ بَلْغَمِ الرأْسِ في الخِلافِ. قال في «الفُروعِ»: وقيل: الرِّوايتان أيضًا في بَلْغَمِ الرَّأْسِ إذا انْعقَدَ وازْرَقَّ. وقال ابنُ تَميمٍ: ولا ينْقُضُ بَلْغَمُ الرَّأْسِ، وهو ظاهِرٌ، وفي بَلْغَمِ الصَّدْرِ روايتان؛ إحْدَاهما، لا ينْقُضُ وفي نَجاسَتِه وَجْهان. والثَّانيةُ، هي كالمَنِيِّ. وفي «الرِّعايَةِ» قريبٌ مِن ذلك. ويأْتِي حُكْمُ طهارَتِه ونَجاسَتِه في إزَالةِ النَّجاسَةِ بأتَمَّ مِن هذا. قوله: الثالثُ، زَوَالُ العَقْلِ، إلَّا النَّوْمَ الْيَسِيرَ، جَالِسًا أوْ قائِمًا. زوالُ العَقْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيرِ النَّوْمِ لا ينْقُضُ إجْماعًا، وينْقُضُ بالنَّوْمِ في الجُمْلَةِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. ونقَل المَيمُونِيُّ، لا ينْقُضُ النَّوْمُ بحالٍ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ ظَنَّ بقاءَ طُهْرِه، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الخَلَّالُ: هذه الرِّوايةُ خطأٌ بَيِّنٌ. إذا عُلِمَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ نَوْمَ الجالسِ لا ينْقُضُ يَسِيرُه، وينْقُضُ كثيرُه، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ. وعنه، لا ينْقُضُ نَوْمُ الجالِسِ، ولو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان كثيرًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وحُكِيَ عنه، لا يَنْقُضُ غيرُ نوْمِ المُضْطَجِعِ. فائدة: يُستَثْنَى مِنَ النَّقْضِ بالنَّوْمِ، نوْمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه لا ينْقُضُ ولو كَثُرَ، على أيِّ حالٍ كان. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. ذكَرُوه في خَصائِصِه، فيُعايَى بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ نَوْمَ القائمِ كَنَوْمِ الجالسِ، فلا يَنْقُضُ اليسيرُ منه. نصَّ عليه. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: الظَّاهِرُ عن أحمدَ التَّسْويَة بينَ الجالسِ والقائمِ. وعليه جمْهورُ الأصحابِ؛ منهم الخَلَّالُ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلَافَيهِما»، والشِّيرازِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَنَّا، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه القاضي، وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا. قال المُصَنِّفُ في «الكافِي»: الأوْلَى إلْحاقُ القائمِ بالجالسِ. وقطَع به الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَين». وعنه، ينقضُ منه، وإنْ لم ينْقضْ مِنَ الجالسِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا نوْمُ الراكع والسَّاجدِ إذا كان يسيرًا، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا أنَّه يَنْقُضُ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلحْناه. اخْتاره الخَلَّالُ، والمُصَنِّفُ. قال في «الكافِي»: الأوْلَى إلْحاقُ الرَّاكع والسَّاجدِ بالمُضْطَجِعِ. وهو ظاهِرُ «الْخِرَقِيِّ»، و «العُمْدَةِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، أنَّ نَوْمَ الرَّاكعِ والسَّاجدِ لا ينْقُضُ يسيرُه. وعليه جمْهورُ الأصحابِ؛ منهمُ القاضي، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلَافَيهِما»، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، وأصحابُه، وكثيرٌ مِن أصحابِنا. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وتقدَّمَ اخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين، وصاحِبِ «الفائقِ». وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وعنه، لا ينْقُضُ نوْمُ القائمِ والرَّاكع، وينْقُضُ نوْمُ السَّاجِدِ. تنبيه: دخلَ في كلامِ المُصَنِّفِ، أن نَوْمَ المُسْتَنِدِ والمُتَوَكِّيء والمُحْتَبِي اليَسِيرَ، ينْقُضُ. وهو صَحِيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقَطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يَنْقُضُ. وأطْلقَهُما في «الحاويَين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْدَاها، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنَّ النَّوْمَ ينْقُضُ بشَرْطِه. وعنه، لا ينْقُضُ النَّوْمُ مُطْلقًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ ظَنَّ بَقاءَ طُهْرِه، واخْتارَه في «الفائقِ». قال الخَلَّالُ عن هذه الرِّوايَةِ: وهذا خَطَأٌ بَيِّنٌ. وقد تقدَّم ذلك. الثانيةُ، مِقْدارُ النَّوْمِ اليسيرِ ما عُدَّ يسِيرًا في العُرْفِ، على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِيَّ». وقيل: هو ما لا يَتَغَيَّرُ عن هَيئَتِه كسُقوطِه ونحوه.

الرَّابِعُ، مَسُّ الذَّكَرِ بِيَدِهِ، بِبَطنِ كَفِّهِ، أَوْ بِظَهْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: هو ذلك مع بَقاءِ نوْمِه. وقال أبو بَكرٍ: قَدْرُ صَلاةِ رَكْعَتَين يسيرٌ. وعنه، إنْ رأَى رُؤْيا فهو يسيرٌ. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. الثالثةُ، حيثُ ينْقُضُ النَّوْمُ فهو مَظِنَّةٌ لخُروجِ الحَدَثِ، وإنْ كان الأصْلُ عدَمَ خُروجِه وبَقاءَ الطَّهارَةِ. وحكَى ابنُ أبي موسى في «شَرْحِ الْخِرَقِيِّ» وَجْهًا؛ أنَّ النَّوْمَ نفْسَه حدَثٌ، لكنْ يُعْفَى عن يسيرِه، كالدَّم ونحوه. قوله: الرَّابعُ، مَسُّ الذَّكَرَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَسَّ الذَّكَرِ ينقُضُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به جماعةٌ منهم. وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلقًا، بل يُسْتَحَبُّ الوضوءُ منه. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «فَتاويه». وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه سَهْوًا. وعنه، لا ينْقُضُ مسُّه بغيرِ شَهْوَةٍ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ غيرِ الحَشَفَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو بعيدٌ. قال في «الفُروعَ»، و «الرِّعايتَين»: والقُلْفَةُ كالحَشَفَةِ. وحكَى ابنُ تَميمٍ وَجْهًا، لا ينْقُضُ مَسُّ القُلْفَةِ. وعنه، لا ينْقُضُ غيرُ مَسِّ الثُّقْبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ أيضًا: وهو بعيدٌ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ ذكَرِ المَيِّتِ، والصَّغيرِ، وفَرْجِ المَيِّتَةِ. وعنه، لا ينقضُ مَسُّ ذَكَرِ الطِّفْلِ. ذكَرَه الآمِدِيُّ. وقيل: لا ينقضُ إن كان عُمرُه دُونَ سَبْعٍ. وقال ابنُ أبي موسى: مسُّ الذَّكَرِ للَّذَّةِ ينْقُضُ الوُضوءَ، قولًا واحدًا. وهل ينْقُضُ مسُّه لغيرِ لَذَّةٍ؟ على روايتَين. تنبيهات؛ أَحَدُها، ظاهِرُ قولِه: مَسُّ الذَّكَرِ بِيدِه. أنَّ المُماسَّةَ تكونُ مِن غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حائلٍ. وهو الصَّحيحُ. وهو المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: ينْقُضُ إذا مسَّه بشَهْوَةٍ مِن وراءِ حائلٍ. الثَّاني، مفْهومُ قولِه: مسُّ الذَّكَرِ. عَدَمُ النَّقْضِ بغيرِ المَسِّ، فلا يَنْقُضُ بانْتِشارِه بنَظرٍ أو فِكْرٍ، مِن غيرِ مَسٍّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: ينْقُضُ بذلك. وأطْلَقَهُما في «الفائقِ». وقيل: ينقضُ بتَكْرارِ النَّظرِ دونَ دَوامِ الفِكْرِ. الثَّالثُ، شمِلَ قولُه: مَسُّ الذَّكَرِ. ذكَرَ نفْسِه، وذكَرَ غيرِه. وهو الصَّحيحُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وحكى ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايةً باخْتِصاصِ النَّقْضِ بمَسِّ ذكَرِ نفْسِه. الرَّابعُ، وشمِلَ قولُه أيضًا: الذَّكَرِ. الصَّحِيحَ والأشَلَّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: مَسُّ الذَّكَرِ الأشَلِّ كمَسِّ ذَكَرٍ زائدٍ، فلا ينْقُضُ في الأصَحِّ. الخامِسُ، مُرادُه بالذَّكَرِ، ذَكَرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآدَمِيِّ، فالألِفُ واللَّامُ للعَهْدِ، فلا ينْقُضُ مَسُّ ذكَرِ غيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وفي مَسِّ فَرْجِ البَهِيمَةِ احْتِمالٌ بالنَّقْضِ. ذكَره أبو الفَرَجِ ابنُ أبي الفَهمِ، شيخُ ابنِ تَميمٍ. السَّادسُ، ظاهرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولِه: بيَدِه. أنَّه سواءٌ كان المَسُّ بأصْلِيٍّ أو زائدٍ، كالإِصْبَع واليَدِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا ينْقُضُ مَسُّه بزائدٍ. السَّابعُ، مُرادُه بقولِه: بيَدِه. غيرُ الظُّفْرِ، فإنْ مَسَّه بالظُّفْرِ لم ينقضْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هو في حُكْمِ المُنْفَصِلِ. هذا جادَّةُ المذهبِ. قاله في «الفُروعِ». وقال بعضُهم: اللَّمْسُ بالظُّفْرِ كلَمْسِه. يعْني مِنَ المرْأَةِ، على ما يأْتِي. قال: وهو مُتَّجِهٌ. وقيل: ينْقُضُ اللَّمْسُ به. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّامِنُ، مفْهومُ قولِه: بيَدِه أنَّه لو مَسَّه بغيرِ يَدِه لا ينْقُضُ، وفيه تفْصيلٌ؛ فإنَّه تارَةً يمَسُّه بفَرْجِ غيرِ ذَكَرٍ، وتارَةً يَمَسُّه بغيرِه، فإنْ مَسَّه بفَرْجِ غيرِ ذكَرٍ، نقَض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: اخْتارَه أصحابُنا. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَ الأكْثَرُ، ينْقُضُ مَسُّه بفَرْجٍ، والمُرادُ لا ذكَرُه بذَكَرِ غيرِه، وصرَّحَ به أبو المَعالِي. انتهى. وقيل: لا ينْقُضُ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمالٌ للمَجْدِ في «شَرْحِه»، وهو مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وإنْ مَسَّه بغيرِ ذلك لم ينقضْ، قوْلًا واحدًا. ويأْتِي لو مَسَّتِ المَرْأَةُ فَرْجَ الرَّجُلِ، أو عَكْسُه، هل هو مِن قَبِيلِ مَسِّ الفَرْجِ، أو مَسِّ النِّساءِ؟ التَّاسعُ، ظاهِرُه أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ مَسِّ الذَّكَرِ، فلا ينْقُضُ لَمْسُ ما انْفتَحَ فوقَ المَعِدَةِ أو تحتَها، مع بَقاءِ المَخْرَجِ وعدَمِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنِ انْسَدَّ المَخْرجُ المُعْتادُ، وانْفتَحَ غيرُه، نقَضَ في الأضْعَفِ. قاله في «الرِّعايَةِ». قوله: بِبَطْنِ كَفِّه أوْ بِظَهْرِه. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. والنَّقْضُ بظاهرِ الكَفِّ مِنَ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا نَقْضَ إلَّا إذا مَسَّه بكَفِّه فقط. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين». وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ». فعلى القولِ بعدَمِ النَّقْضِ بظَهْرِ يَدِه، ففي نقْضِه بحَرْفِ كفِّه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الَّزرْكَشِيِّ». قلتُ: الأوْلَى النَّقْضُ،

وَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِذِرَاعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهرُ النَّصِّ. قوله: ولا يَنْقُضُ مَسُّهُ بِذِرَاعِه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ. وأطْلَقَهُما في «المُسشوْعِبِ»، و «التّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الكبيرِ». وحكَاهما في

وَفِي مَسِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» وَجْهَين. قوله: وفي مَسِّ الذُّكَرِ المَقْطوع وجهان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وابنُ عُبَيدان، وابنُ مُنَجَّى، والزَّرْكَشِيُّ، في «شُرُوحِهم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ» و «تَجْريدِ الغَايَةِ»؛ أحَدُهما، لا ينْقُضُ. وهو الصَّحيحُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: عدَمُ النَّقْضِ أقْوَى. وصَحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «إدْراكِ الغايَةِ»: ينْقُضُ مَسُّه ولو مُنْفَصِلًا، في وَجْهٍ. وَجَزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «المُنْتَخَبِ»، فقالوا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ينْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ المُتَّصِلِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّاني، ينْقُضُ. وجزَم به الشِّيرازِيُّ. تنبيه، حكَى الخِلافَ وَجْهَين، كما حكَاه المُصَنِّفُ، جماعَةٌ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الكَافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرُهم. وحكَاه رِوايتَين في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ» وغيرهم. وهو الأَصحُّ. فوائد؛ الأُولى، مُرادُه بالمَقْطوعِ، البائِنُ. واعلمْ أنَّ حُكْمَ الباقِي مِن أصْلِ المَقْطوعِ حكمُ البائِن، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر الأَزَجِيُّ، وأبو المَعالِي: ينْقُضُ محَلُّ الذَّكَرِ. قال الأَزَجِى في «نِهايَتِه»: لو جُبَّ الذَّكَرُ، فمَسَّ محَلَّ الجَبِّ، انْتقَضَ وُضُوءُه وإنْ لم يَبْقَ منه شيءٌ شاخِصٌ واكْتسَى بالجِلْدِ؛ لأنَّه قامَ مقامَ الذَّكَرِ. وقدَّمَه ابنُ عُبَيدان. الثَّانيةُ، لا ينْقُضُ مَسُّ القُلْفَةِ إذا قُطِعتْ؛ لزَوالِ الاسْمِ والحُرْمَةِ، ولا مَسُّ عُضْوٍ مقْطوعٍ مِن امرأةٍ. قاله في «الرِّعايَةِ». ثم قال: قلتُ: غيرَ فَرْجِها. الثَّالثةُ، حيثُ قُلْنا: ينْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ. لا يُنْقَضُ وُضوءُ المَلْموسِ، رِوايةً واحدةً. حكَاه القاضي، وغيرُه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لا أعلمُ فيه خِلافًا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرهم. قال المَجْدُ، وغيرُه: وجعَله بعضُ المُتأخِّرين على رِوايتَين، بِناءً على ذِكْرِ أبي الخَطَّابِ له في أُصولِ مَسِّ الخُنْثَى، وادَّعَى أنَّه لا فائدةَ في جَعْلِه مِن أُصولِ هذه المسْأَلَةِ، إلَّا أنْ تكونَ الرِّوايتان في المَلْمُوسِ ذَكَرُه كما هي في مُلامسَةِ النِّساءِ. ورَدَّه المَجْدُ، وبَيَّنَ فَسادَه. ويأْتِي

وَإذَا لَمَسَ قُبُلَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَذَكَرَهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، فَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ، إلا أن يَمَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك بأتَمَّ مِن هذا بعدَ نقْضِ وضوءِ المَلْموسِ. قوله: وإذا لمَس قُبُلَ الْخُنْثَى المُشْكِلِ وذَكَرَه، انتقض وضوءُه، فَإن مَسَّ أحدَهما لم ينتقضْ، إلا أن يمسَّ الرجلُ ذكرَه لشَهْوَةٍ. قال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: إذا مَسَّ قُبُلَ الخُنْثَى انْبَنَى لنا على أرْبعَةِ أُصولٍ؛ أحدُها، مَسَّ الذَّكَرِ. والثَّانى، مَسُّ النِّساءِ. والثَّالثُ، مَسُّ المرأَةِ فرْجَها. والرَّابعُ، هل ينْتَقِضُ وضوءُ المَلْموسِ أمْ لا؟ قلتُ: وتَحْريرُ ذلك أنَّه متى وُجِدَ في حَقِّه ما يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وعدَمَه، تمَسَّكْنا بيَقينِ الطَّهارَةِ ولم نُزِلْها بالشَّكِّ. واعلمْ أنَّ اللَّمْسَ يخْتلِفُ؛ هل هو للفَرْجَين أو لأحَدِهما؟ وهل هو مِنَ الخُنْثَى نفْسِه، أو مِن غيرِه، أو منهما؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهل الغيرُ ذكَرٌ، أو أُنْثَى، أو خُنْثَى؟ واللَّمْسُ منهم هل هو لشَهْوَةٍ، أو لغيرِها؟ منهما، أو مِن أحَدِهما؟ فتَلَخَّصَ هنا اثْنَتَان وسَبْعون صورةً؛ لأنَّه تارَةً يَمَسُّ رجُلٌ ذَكَرَه، وامْرأةٌ قبُلَه، أو عكْسُه، لشَهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً تَمَسُّ امرأةٌ قبُلَه، أو خُنْثى آخَرُ ذكَرَه، أو عكْسُه، لشَهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً يمسُّ رجلٌ ذكَرَه، وخُنْثَى آخَرُ قُبُلَه، أوْ عكْسُه، لشهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما، أو لغيرِ شهْوَةٍ منهما. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، ويمَسُّ الذَّكَرَ أيضًا رجُلٌ أو امرأةٌ، أو خُنْثَى آخَرُ، لشهوةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى قُبُلٍ نفْسِه، ويمَسُّ القُبُلَ أيضًا رجُلٌ أو امرأةٌ، أو خُنْثَى آخَرُ، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الْخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، أو يمَسُّ رجلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى قُبُلَه، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارَةً يمَسُّ الخُنْثَى قبُلَ نفْسِه، ويمَسُّ رجُلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى آخَرُ ذكَرَه، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ الخُنْثَى قبُلَ نفْسِه أوٍ ذكَرَ نفْسِه، ويمَسُّ رجُلٌ أو امرأةٌ أو خُنْثَى فَرْجَيه جميعًا، لشهْوَةٍ أو غيرِها. وتارةً يمَسُّ رجُلٌ فَرْجَيه، وامرأةٌ أحدَهما، أو عكْسُه، أو يمَسُّ رجُلٌ فَرْجَيه، وخُنْثَى آخَرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدَهما، أو عكسُه، أو تمَسُّ امرأةٌ فَرْجَيه، وخُنْثَى آخَرُ أحدَهما، أو عكْسُه. فهذه اثْنَتان وسَبْعون صورةً، يحْصُلُ النَّقْضُ في مَسائلَ منها؛ فمنها، إذا لمَس فَرْجَيه، سواءٌ كان اللَّامِسُ رجُلًا أو امْرأةً أو خُنْثَى آخَرَ، أو هو نفْسَه. ومنها، إذا مَسَّ الرَّجُل ذَكَره لشهْوَةٍ، كما صرَّحَ به المُصَنِّف هنا. ومنها، إذا لمَسَتِ امرأةٌ قُبُلَه بشَهْوَةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. ومفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا عدَمُ النَّقضِ. وهو وَجْهٌ. فهذه سِتُّ مسائلَ. وأمَّا الخُنْثَى نفْسُه، فيُتَصَوَّرُ نقْضُ وُضوئِه إذا قُلْنا بنَقْضِ وضوءِ المَلْموسِ في صُوَرٍ؛ منها، إذا لمسَ رجل ذكرَه، وامْرأةٌ قبُلَه، أو عكْسُه، لشهْوَةٍ منها. ومنها، لو لمسَ الرَّجُلُ ذكَرَه لشهْوَةٍ، ومَسَّهُ الخُنْثَى نفْسُه أيضًا. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، ولمسَ رجُلٌ قُبُلَه لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ قُبُلَه أيضًا لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ ذكَرَه لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى ذكرَ نفْسِه، ولمسَ رجُلٌ فَرْجَيه جميعًا لشهْوَةٍ. ومنها، لو لمسَ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ولمسَتِ امرأةٌ فَرْجيه جميعًا لشهْوَةٍ، فهذه ثَمانِ مسائِلَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُتَصَوَّرُ نَقْضُ وُضوءِ أحَدِهما لا بعَينْهِ في مسائلَ؛ منها، لو مَسَّ رجُلٌ ذكَرَه، وامْرأةٌ قُبُلَه لغيرِ شهْوَةٍ منها. ومنها، لو مَسَّ رجُلٌ قُبُلَه، وامرأةٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوةٍ، أو شهْوَةٍ منهما، أو مِن أحَدِهما؛ لأنَّه قد مَسَّ فرْجًا أصْلِيًّا. ومنها، لو مَسَّتِ امرأةٌ ذكَرَه، وخُنْثَى آخَرُ قُبُلَه، فقد مَسَّ أحدُهما فَرْجَه الأَصْلِيَّ يقينًا. ومنها، لو مَسَّ رجُلٌ قُبلَه، وخُنْثَى آخَرُ ذكَره؛ لأنَّه قد وُجِدَ مِن أحَدِهما مَسُّ فَرْجٍ أصْلِيٍّ. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى ذكَرَ نفْسِه، وامْرأةٌ قُبُلَه، لغيرِ شهْوَةٍ؛ لأنَّهْ إمَّا رجُلٌ لمَس ذكَرَه، أو امْرأةٌ لمسَتِ امرأةٌ فَرْجَها. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبُلَ نفْسِه، ورَجُلٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوَةٍ؛ لأنَّه إمَّا رجُلٌ لمَس رجُلٌ ذكَرَه، أو امرأةٌ مَسَّتْ فرْجَها. رمنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبلَ نفْسِه، وامرأةٌ ذكَرَه، لغيرِ شهْوَةٍ. ومنها، لو مَسَّ الخُنْثَى قُبُلَ نَفْسِه، وخُنْثَى آخَرُ، لشهْوَةٍ أو غيرِها، وما أشْبَه ذلك. والحُكْمُ في ذلك أنَّه لا يصِحُّ أنْ يَقْتَدِيَ أحَدُهما بالآخرِ؛ لِتيَقُّنِ زَوالِ طُهْرِ أحَدِهما لا بعَينِه. هذا ظاهِرُ المذهبِ. وعنه ما يدُلُّ على وُجوبِ الوضوءِ عليهما. تنبيه: هذا كلُّه إذا وُجدَ اللَّمسُ مِن اثْنَين، أمَّا إنْ وُجِدَ مِن واحدٍ؛ فإنْ مَسَّ أحَدُهما، لم ينْتَقِضْ، إلَّا أَن يمَسَّ ماله منه بشهْوَةٍ، وإنْ مَسَّهما جميعًا، انْتقَضَ، سواءٌ كان اللَّامِسُ ذكَرًا، أو أُنْثَى، أو خُنْثَى، أو هو لشهْوَةٍ أو غيرِها. فهذه اثْنَتا عَشْرَةَ مسْألَةً. فائدة: لو لمَس رجُلٌ ذكَرَ خُنْثَى، ولمسَ الخُنْثَى ذكَرَ الرَّجُلِ، انْتقَضَ وضوءُ الخُنْثَى، وينْتَقض وضوءُ الرَّجُلِ، إنْ وُجِدَ منهما، أو مِن أحَدِهما لشهْوَةٌ، وإلَّا فلا. ولو لمَس الخُنْثَى فرْجَ امرأةٍ، ولمسَتِ امرأةٌ قُبُلَه، انْتقَضَ وُضوؤُهما، إنْ كان لشَهْوَةٍ منهما أو مِن أحَدِهما، ولو لمَس كلُّ واحدٍ مِنَ الخُنْثَيَين ذكَرَ الآخَرِ أو قُبُلَه، فلا نَقْضَ في حَقِّهما، فإنْ مَسَّ أحَدُهما ذكَرَ الآخَرِ، والآخَرُ قُبُلَ الأوَّلِ، انْتَقَضَ وضوءُ أحَدِهما لا بعَينِه، إنْ كان لشَهْوَةٍ، وإلَّا فلا، فَيَلْحَقُ حُكْمُه بما قبلَه. وإذا

وَفِي مَسِّ الدُّبُرِ وَمَسِّ الْمَرْأةِ فْرْجهَا رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَوَضَّأَ الخُنْثَى، ولمس أحَدَ فَرجَيه، وصَلَّى الظّهْرَ، ثم أحْدَثَ وتَطَهَّرَ، ولمَس الآخَرَ، وصَلَّى العَصْرَ، أو فاتَتْه، لَزِمَه إعادَتُهما دُونَ الوضوءِ. قلتُ: فيُعايىَ بها. قوله: وفي مَسِّ الدُّبُرِ، وَمَسِّ المرأةِ فرجَها، روايتان. يعْني على القوْلِ بنَقْضِ مَسِّ الذَّكَرِ، أمَّا مَسُّ حَلْقَةِ الدُّبُرِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ الرِّوايتَين فيه، وأطْلَقَهما في «المُغْني»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرح»، و «النَّظْمِ»، و «الرَّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِي»؛ إحْدَاهما، يَنْقُضُ. وهي المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَنْقُضُ على الأصَحِّ. قال في «النِّهايَةِ»: وهي أصَحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ الأكْثَرين؛ الشَّرِيفِ، وأبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ،: الشِّيرازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ البَنَّا، وابنِ عَبْدُوسٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحمَدِ»، و «الهِدايَة». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّر»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ». والروايَةُ الثَّانيةُ، لا يَنْقُضُ. قال الخَلَّالُ: العمَلُ عليه، وهو الأشْبَهُ في قولِه وحُجَّتِه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا ينْقُضُ في أقْوَى الرِّوايتَين. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. واخْتارَها جماعةٌ، منهما المَجْدُ في «شَرْحِه». وجَزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، فإنَّهما ما ذكَرا إلَّا الذَّكَرَ. وأمَّا مَسُّ المرأةِ فرْجَهَا، فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الرِّوايتَين، وأطلَقَهُما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشيِّ»، إحْداهما، يَنْقُضُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَنْقُضُ على الأصَحِّ. قال المَجْدُ في «شَرحِه»: هذه الرِّوايَةُ هي الصَّحيحَةُ. وصَحَّحَه في «التَّصحِيحِ». وقطَع به في «النِّهايَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ». والثَّانيةُ، لا يَنْقُضُ كإسْكَتَيها. قال ابنُ عُبَيدان: وظاهِرُ كلامِ الشَّيخِ في «المُغْنِي» عدَمُ النَّقْضِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِه في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه أنَّه سواءٌ كان المَلْموسُ فْرجَها، أو فَرْجَ غيرِها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وقال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: يَنْقُضُ مَسُّ فَرجِ المرأةِ، وفي مَسِّها فْرجَ نفْسِهْا وَجْهان. قال الزَّرْكَشِي: وفيه نظر. انتهى. قلتُ: لو قيلَ بالعَكسِ لَكان أوْجَه، قِياسًا على الرِّوايَةِ التي ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ في مَسِّ ذَكَرِ غيرِه.

وَعَنْهُ، لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْفَرْجِ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ أَنَّه لا يُشْتَرَطُ للنَّقضِ ذلك الشَّهْوَةُ، وهو مُفَرَّعٌ على المذهبِ، واشْتَرَطَه ابنُ أبي موسى، وهو جارٍ على الرِّوايَةِ الضَّعيفَةِ. الثَّانيةُ، هل مَسُّ الرَّجُلِ فَرْجَ المرأةِ، أو مَسُّ المرأةِ فْرجَ الرَّجُلِ مِن قَبِيلِ مَسِّ النِّساءِ، أو مِن قَبِيلِ مَسِّ الفَرجِ؟ فيه وَجْهان، حكَاهما القاضي في «شَرْحِه». وأطْلَقَهُما ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه مِن قبيلِ مَسِّ الفَرْجِ، فلا يُشْتَرَطُ لذلك شهْوَةٌ. قال في «النُّكَتِ»: وهو الأظْهَرُ. وإنْ قُلْنا: هو مِن قَبِيلِ مَسِّ النِّساءِ. اشْتُرِطَ الشَّهْوَةُ على الصَّحيحِ، على ما يأتِي.

الْخَامِسُ، أَنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أنْثَى لِشَهْوَةٍ. وَعَنْهُ، لَا يَنْقُضُ. وَعَنْهُ، يَنْقُضُ لَمْسُهَا بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسُ، أن تَمَسَّ بَشَرَتُه بَشَرَةَ أُنثى لِشَهْوَةٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يَنْقُضُ مُطْلقًا. اخْتاره الآجُرِّيّ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «فَتاويه»، وصاحِب «الفائقِ»، ولو باشَرَ مُباشرَةً فاحِشَةً. وقيل: إنِ انْتَشَرَ نقَض، وإلَّا فلا. وعنه، يَنْقُضُ مُطْلقًا. وحُكِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ أنَّه رجَع عنها. وأطْلَقَهُنَّ في «المُسْتَوْعِبِ». فائدتان؛ إحْدَاهما، حيثُ قُلْنا: لا يَنْقُضُ مَسُّ الأنثى. اسْتُحِبَّ الوضوءُ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُسْتَحَبُّ إن لمَسها لشَهْوَةٍ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، حُكْمُ مَسِّ المرأةِ بَشَرَة الرَّجُلِ، حُكْمُ مَسِّ الرَّجُلِ بَشَرَةَ المرأةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرُ. وعنه، لا يَنْقُضُ مَسُّ المرأةِ للرَّجُلِ، وإنْ قُلْنا: يَنْقُضُ لَمْسُه لها. وهي ظاهِرُ «المُغْنِي». وأطْلَقَهُما في «الكافِي»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ كلامِه، أنَّ مَسَّ الرَّجُلِ للرَّجُلِ، ومَسَّ المرأةِ للمرأةِ لا يَنْقُضُ. وهو صَحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يَنْقُضُ. اخْتاره القاضي في «المُجَرَّدِ». فيَنْقُضُ مَسُّ أحَدِهما للخُنْثَى، ومَسُّه لهما. وأطْلَقهما ابنُ تَميم. وخَرَّجَ في «المُسْتَوْعِب» النَّقْضَ بمَسِّ المرأةِ المرأةَ لشَهْوَةِ السِّحاقِ. الثَّاني، دخلَ في عُموم كلامِه المَيِّتَةُ والصَّغيرةُ والعَجوزُ وذاتُ المَحْرَمِ، فهُنَّ كالشَّابَّةِ الحَيَّةِ الأجْنَبيةِ؛ أمَّا المَيِّتَةُ فهي كالحَيَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الإفاداتِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وابنُ البَنَّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرى». وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقيِّ، و «الكافِي»، و «المُحَرِّر»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقيل: لا ينْقُضُ لَمْسُها. اخْتارَه المَجْدُ، والشَّريفُ أبو جَعْفَرِ، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وأطْلَقَهُما في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأمَّا الصَّغيرةُ فهي كالكبيرةِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرحِ»، وابنُ رَزِين في «شَرحِه»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبرى». وقيل: لا ينْقُضُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وهو ظاهرُ «الوَجيزِ». وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». وصرَّحَ المَجْدُ أنَّه لا ينْقُضُ لمْسُ الطِّفْلَةِ، وإنَّما ينْقُضُ لمْسُ التي تُشْتَهى. قلتُ: لعَلَّه مُرادُ مَن أطْلقَ. وأمَّا العَجوزُ فهي كالشَّابَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحاب. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصٍ»، و «الشَّرحِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «الإِفاداتِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِي». وصَحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا ينْقُضُ. وأطْلَقَهُما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع» وحكَاهُما روايَتْين ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. [انتهى. قلتُ: الصَّوابُ نقْضُ وُضوئِها إنْ حصَل لها شهْوَة، لا نَقْضُ وضوئِه مُطْلقًا] (¬1). وأمَّا ذاتُ المَحْرَمِ فهي كالأجْنَبِيَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الزّرْكَشِيِّ»، وغيرهم. وصَحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا ينْقُضُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ» وحكَاهما ابنُ عُبَيدان وغيرُه، روايتَين. فائدة: قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: لو لمَس شيخٌ كبيرٌ لا شَهْوَةَ له مَن ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها شهْوَةٌ، احتَمَلَ وَجْهين. فائدة: قدَّم في «الرعايَةِ الكُبْرى» إلْحاقَ الأرْبعَةِ بغَيرِهِم، [على رِوايَةِ النَّقْضِ بشهْوَةٍ، وقدَّم] (¬1) على روالةِ النَّقْضِ مُطْلقًا عدَمَ الإلْحاقِ. وهو ظاهرُ «الرِّعايةِ الصُّغْرى» في الثَّاني. فائدة: لمْسُ المرأةِ مِن وراءِ حائل لشَهْوَةٍ لا ينْقُضُ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وعنه، بَلَى. قال القاضي في «مُقْنِعِه»: قِياسُ المذهبِ، النَّقْضُ إذا كان لشهْوَةٍ. قال في «الرعايَة» عن هذه الرِّوايةِ: وهو بعيدٌ. ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شمِلَ قولُ المُصَنِّفِ: أنْ تمَسَّ بشَرَتُه بشَرَةَ أُنْثَى. المَسَّ بخِلْقَةٍ زائدَةٍ مِنَ اللَّامِسِ أو المَلْموسِ؛ كاليَدِ والرِّجْلِ والإصْبَع. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا ينْقُضُ المَسُّ بزائد، ولا مَسُّ الزَّائدِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا ينْقُضَ على ما وقَع لي؛ لأنَّ الزَّائِدَ لا يتَعلَّقُ به حُكْمُ الأصْلِ، بدَليلِ ما لو مَسَّ الذَّكَرَ الزَّائِدَ فإنَّه لا ينْقُضُ، كذا ها هنا. قال صاحِبُ «النِّهايةِ»: وهذا ليس بشيءٍ. وقيل: لا ينْقُضُ مَسُّ أصْلِيٍّ بزائدٍ، بخِلافِ

وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ الشَّعَرِ وَالسِّنِّ وَالظُفْرِ وَالأْمْرَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العكْسِ. وشمِل كلامُه أيضًا اللَّمِسَ بيَدٍ شَلَّاءَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهور. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: لا ينْقُضُ. قال ابنُ عَقِيل: يَحتَمِلُ أنْ يكونَ كالشَّعَرِ؛ لأنَّها لا رُوع فيها. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ، و «الحاويَين». وقيل: لا ينْقُضُ مسُّ أصَلِي بأشَل، بخِلافِ العكْس. قوله: ولا يَنْقُضُ لَمسُ الشَّعَرِ والسِّنِّ والظُّفْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به كثير منهم. وقيل: ينْقُضُ. قوله: والأمرَدُ. يعني، أنَّه لا ينْقُضُ لمسُه ولو كان لشهوْةٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، وقطع به أكْثَرُ المُتَقَدِّمين. وخرَّجَ أبو الخَطابِ روايَة بالنَّقْض إذا

وَفِي نَقْضِ وُضوءِ الْمَلْمُوس رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بشَهْوَةٍ. وحكَاها ابنُ تميم وَجْهًا. وجزَم به في «الوَجيزِ». وحكاه في «الإيضاحِ» روايةً. قال ابنُ رَجَبٍ في «الطبقَات»: وهو غريبٌ. قال ابنُ عبَيدان: وهذا قول مُتَوجِّهٌ، ونصَره. قلتُ: وليس ببَعيدٍ. وتقدم قوْلُ القاضي في «المُجَردِ»، أنه ينْقُضُ مَسُّ الرجُلِ الرجُلَ ومَسُّ المرأةِ المرأةَ لشهْوَةٍ، فهنا بطريقٍ أوْلَى. قوله: وفي نَقْض وُضُوءِ الملْمُوس روايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المُستوْعِب»، و «الكافِي»، و «المَذْهبِ الأحمَدِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، وابنُ مُنَجَّى في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرحِه»، و «ابنِ تَمِيم»، و «الزَّركَشِيِّ»، و «تَجْريدِ العِنَايَةِ»، إحدَاهما، لا يُنْقَضُ، وإنِ انْتُقِضَ وُضوءُ اللَّامس. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لا يُنْقَضُ على الأصَحِّ. وصَحَّحَه المَجْدُ، والأزَجِيُّ في «النِّهايةِ»، وابنُ هُبَيرَةَ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحرَين»، و «التّصحيحِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُنْقَضُ وُضووه أيضًا. صَحَّحَه ابنُ عَقِيل. قال الزَّركَشِيُّ: اخْتارَها ابنُ عَبْدُوسِ. وجزَم به في «الإِفاداتِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، وابنُ رَزِين في «شَرحِه». وحكَى القاضي في «شرحِ المُذْهبِ» إن كان المَلْموسُ رجُلًا انْتُقِضَ طُهْرُه، رِوايةً واحدةً. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: يُنْقضُ وضوءُ المرأةِ وحدَها. وقيل: مع الشَّهْوَةِ منها. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في المَلْمُوس إذا قُلْنا: يَنْتَقِضُ وضوءُ اللَّامِسِ. فأمَّا إذا قُلْنا: لا يَنْتَقِضُ. فالملْموسُ بطريقٍ أوْلَى. فائدة: قال ابنُ تَميم: لم يَعتَبر أصحابُنا الشَّهْوَةَ في الملْموس. قال في «النُّكَتِ» عن قولِه: يجِبُ أنْ يكونَ اكْتِفاءً منهم ببَيانِ حُكْمِ اللَّامس، وأنَّ الشَّهْوَةَ، معتَبَرَة منه. قال الزَّركَشِي: محَل الخِلافِ، وفاقًا للشَّيخَين، يعنِي بهما المُصَنِّفَ والمَجْدَ، فيما إذا وُجِدَتِ الشَّهْوَةُ مِنَ الملْموس. قال المَجْدُ: يجِبُ أنْ تُحمَلَ روايةُ النَّقْضِ عنه على ما إذا الْتَذَّ المَلْموسُ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرحِ العُمدَةِ»: إذا قُلْنا بالنَّقض في الملْموس، اعتَبرنا الشَّهْوَةَ في المَشْهورِ، كما نعتَبِرُها مِنَ اللَّامس، حتى يَنْتَقضَ وُضوؤه إذا وُجِدَتِ الشَّهْوَةُ منه دُونَ اللَّامس، ولا يَنْتَقِضُ إذا لم تُوجَد منه وإنْ وُجِدَتْ عندَ اللَّامس. انتهى. فائدة: لا يَنْتَقِضُ وُضوءُ المَلْموس فَرجُه، ذَكَرًا كان أو أنثى، رِوايةً واحدَةً. قاله القاضي وغيرُه. قال المَجْدُ في «شَرحِه»: لا أعلمُ فيه خِلافًا. قال في

السَّادِسُ، غُسْل الْمَيِّت. ـــــــــــــــــــــــــــــ «النُّكَتِ»: وصَرَّحَ به غيرُ واحدٍ. وذكَر بعضُ المُتَأخِّرين رِوايةً بالنَّقْض. وحكَى الخِلافَ في «الرِّعايَة الكُبْرَى» وَجهين، وأطْلَقَهُما، ثم قال: وقيل: رِوايتان. وقيل: لا يَنْتَقِضُ وُضوءُ الملْموس ذكَرُه، بخِلافِ لمس قُبُلِ المرأةِ. انتهى. قال ابنُ عُبَيدان، بعدَ ذِكْرِه الرِّوايتَين في الملْموس: وحُكِيَ عدَمُ النَّقض إذا لمس الرَّجُلُ فَرجَ امرأةٍ، لم يَنْتَقِضْ طُهْرُها بحالٍ. قال: وعلى رِوايةَ النقْض؛ إن كان لشهْوَةٍ، انْتقَضَ وضوءُها، وإلَّا فلا. قال في «النُّكَتِ»: لا يَنْتَقِضُ وضوءُ الملْموس فرجُه في ظاهرِ المذهبِ، إلَّا أنْ يكونَ بشَهْوَةٍ، ففيه الرِّوَايتان. انتهى. وتقدّم بعضُ ذلك في البابِ، في آخِرِ الكلامِ على مَسِّ الذَّكَرِ. قوله: السَّادِسُ، غُسْلُ المَيِّتِ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ غُسْلَ المَيِّتِ ينْقُضُ الوضوءَ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، صغِيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا ينْقُضُ. اخْتارَه أبو الحَسَنِ التمِيمِي، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحرَين»، والشيخُ تَقِي الدِّينِ. ولبعض الأصحابِ احتِمال بعدَمِ النقْض إذا غَسَّلَه في قَمِيص. قال في

السَّابعُ، أكْلُ لَحمِ الْجَزُورِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الإبِلِ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وهي أظْهرُ. تنبيه: قيَّدَ في «الرِّعايةِ» مسْألةَ نَقْض الوضوءِ بغُسْلِه، بما إذا قُلْنا: يَنْقضُ مَسُّ الفَرجِ. وهو ظاهرُ تَعْليلِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، الإطْلاقُ. وقد يكونُ تَعَبدِيًّا. فائدتان؛ إحداهما، غُسْلُ بعض المَيِّتِ كغُسْلِ جَمِيعِه، على الصحيحَ، مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْقُضُ غُسْلُ البَعض. قال في «الرِّعايةِ»: وهو أظْهرُ. الثَّانية، لو يَمَّمَ المَيِّتَ لتَعَذُّرِ الغُسْلِ، لم ينقُضْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه، وعليه الأصحابُ. وفيه احتِمال أنَّه كالغُسْل. قوله: السّابعُ، أكْلُ لَحمِ الجَزُورِ. هذا المذهبُ مُطلقًا بلا رَيب. ونصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وجزَم به في «المَذْهبِ الأحمَدِ» وغيرِه. وعنه، إنْ عَلِمَ النَّهْيَ، نقَض، وإلَّا فلا. اخْتارَه الخَلَّالُ وغيرُه. قال الخَلَّالُ: على هذا اسْتَقَرَّ قوْلُ أبي عبدِ اللهِ. وأطْلَقهما في «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذّهبِ». وعنه، لا ينْقُضُ مُطلْقًا. اخْتارَه يوسُفُ الجَوْزِيّ، والشيخُ تَقِي الدِّينِ. وعنه، ينْقُضُ نَتَنِهِ فقط. ذكرَها، ابنُ حامِدٍ. وعنه، لا يعيدُ إذا طالتِ المُدَّةُ وفَحُشَتْ. قال الزَّركَشِي: كعَشْرِ سِنِين. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يعيدُ مُتَأوِّلٌ. وقيل: فيه مُطْلقًا رِوايتان. فعلي الرِّواية الثَّانيةِ، عدَمُ العلْمِ بالنَّهْي هو عدَمُ العلمِ بالحديثِ. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدينِ وغيرُه، فمَنْ علِمَ لا يُعذَرُ. وعنه، بَلَى، مع التَّأويلِ. وعنه، مع طولِ المُدَّةِ.

فَإِنْ شَرِبَ مِنْ لَبَنِها، فَعَلَى رِوَايَتَين، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شَرِبَ من لَبَنِها، فعلى روايتين. يعني إذا قُلْنا: ينْقُضُ اللَّحمُ. وأطْلَقَهما في «الإِرشادِ»، و «المُجَرَّدِ»، و «الهِدَايةِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْني»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»؛ إحدَاهما، لا ينْقُضُ. وهي المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتارَها الكثيرُ مِن أصحابِنا. قال الزَّركَشِي: هو اخْتِيارُ الأكْثَرين. وهو مفْهومُ كلامِ «الْخِرَقِي»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وصَحَّحَه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، وصاحِبُ «التصحيحِ». قال النَّاظِمُ: هذا المنْصورُ. قال في «مَجْمَع البَحرَين»: هذا أقْوَى الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيز». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هو كاللَّحمِ. جزَم به

وَإنْ أكلَ مِنْ كَبِدِها أو طِحَالِها، فَعَلَى وَجْهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاويَين». تِنبيه: حكَى الأصحابُ الخِلافَ رِوايتَيْن، وحكَاهما في «الإِرشادِ» وجهين. قوله: وإن أكَلَ مِن كَبِدِها أو طِحَالِها، فعلى وَجْهين. وأطْلَقَهما في «المُجرَّدِ»، و «الهِدايَة»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشرحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائِق»؛ أحَدُهما، لا ينْقُضُ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الزَّركَشِيّ: هو اخْتِيارُ الأكْثَرين. وهو ظاهرُ كلامِ «الخِرَقِيِّ»، و «الإِفاداتِ»، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم؛ لاقْتِصارِهم على اللَّحمِ. وصَحَّحَه في «التّصحيحِ»، و «شَرحِ المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، و «تَصحيحِ المُحَرَّرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وقال: والصَّحيحُ أنه لا ينْقُضُ، وإن قُلْنا: ينْقُضُ اللحمُ واللَّبَنُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». والثَّاني، ينقض. تنبيهات؛ أحَدُها، حكَى الخلافَ رِوايتَيْن، في «المُجَرَّدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وحكَى أكْثَرُهم الخِلافَ وَجْهين. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى». الثاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا ينْقُضُ أكلُ ما عدَا ما ذكَرَه. واعلم أن الخِلافَ جارٍ في بَقِيةِ أجْزائِها غيرِ اللحم، ويحتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. قال في «الفُروعِ»: وفي بقِيةِ الأجْزاء والمَرَقِ واللَّبَنِ رِوايتان. وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: وحُكْمُ سائرِ أجْزائِه غيرِ اللَّحْمِ؛ كالسنَّامِ، والكَرِش، والدُّهْنِ، والمَرَقِ، والمُصرانِ، والجِلْدِ، حُكْمُ الطِّحَالِ والكَبِدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفي سَنَامِه، ودُهْنِه، ومَرَقِه، وكَرِشِه، ومُصرانِه، وقيلَ: وجلْده وعَظْمِه. وَجْهان. وقيل: رِوايتان. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: في شحُومِها وَجْهان. وحكَى الخِلافَ في ذلك ابنُ تَميم، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»،

الثَّامِنُ، الرِّدَّة عَنِ الإسْلَامَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، وغيرهم. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ أكْلَ الأطْعِمَةِ المُحَرمَةِ لا ينْقُضُ الوضوءَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ينْقُضُ الطَّعامُ المُحَرَّمُ. وعنه، ينْقُضُ اللّحمُ المحرَّمُ مُطْلقًا. وعنه، ينْقُضُ لَحمُ الخِنْزيرِ فقط. قال أبو بَكرٍ: وبَقِيَّةُ النَّجاساتِ تُخَرَّجُ عليه. حكَاه عنه ابنُ عَقِيلٍ. وقال الشيخُ تَقِيّ الدِّينِ: وأمَّا لحمُ الخَبِيثِ المُباحُ للضرورَةِ؛ كلحمِ السِّباعِ، فيَنْبَنى الخِلافُ فيه على أنَّ النَّقْضَ بلَحمِ الإِبِلِ تَعَبُّدِيّ فلا يتَعدَّى إلى غيرِه، أو معقولُ المعنى، فيُعْطَى حُكْمَه، بل هو أْبلَغُ منه؟ انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ منَ المذهبِ، أن الوضوءَ مِن لَحمَ الإِبلِ تعَبُّدِيٌّ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّركَشِيّ: هو المشئهورُ. وقيل: هو مُعَلل؛ فقد قيل: إنَّها مِنَ الشَّياطِين، كما جاءَ في الحديثِ الصحيحِ، رَواه أحمدُ وأبو داود، [وفي حديثٍ آخَرَ: «على ذِروَةِ كُل بَعِيرٍ شَيطَانٌ»] (¬1)، فإنْ أكَل منها، أوْرَثَ ذلك قوَّةً شيطانِيَّةً، فشُرِعَ وضوءُه منها، ليُذْهِبَ سَوْرَةَ الشيطانِ. قوله: الثامنُ، الرِّدَّةُ عن الإِسلام. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الرِّدَّة عنِ الإِسْلامِ تنْقُضُ الوضوءَ، رِوايةً واحدةً. واخْتارَه الجمهورُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا تنْقُضُ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ روايتَين في النَّقْضِ بها. قال في «الفُروعِ»: ولا نَصَّ فيها. فائدة: لم يذكُرِ القاضي في «الجامِعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الخِصَالِ»، ¬

(¬1) زيادة من: والحديث أخرجه الدارمي، في: باب ما جاء أن على كل ذروة بعير شيطانا، من كتاب الاستئذان. سنن الدارمي 2/ 285، 286.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخَطَّابِ في «الهِداية»، وابنُ البَنا في «العُقودِ»، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَة»، والسامرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، والفَخْرُ ابنُ تَيمِيَّةَ في «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، وغيرُهم، الرِّدَّةَ مِن نَواقض الوضوءِ؛ فقيل: لأنَّها لا تنْقُضُ عندَهم. وقيلَ: إنَّما تَرَكوها لعدَمِ فائدَتِها؛ لأنَّه إِنْ لم يَعُد إلى الإسْلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فظاهِر، وإنْ عادَ إلى الإسْلامِ وجَب عليه الغُسْلُ، ويدخُلُ فيه الوضوءُ وقد أشارَ إلى ذلك القاضي في «الجامِع الكبيرِ»، فقال: لا معنى لجعلِها مِنَ النواقِضِ، مع وُجوبِ الطَّهارَةِ الكبْرى. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: له فائدةٌ تظْهرُ فيما إذا عادَ إلى الإِسْلامِ، فإنَّا نُوجِبُ عليه الوضوءَ والغُسْلَ، فإنْ نواهُما بالغُسْلِ أجْزأه، وإنْ قُلْنا: لم يَنْتَقِضْ وُضوؤه. لم يجِبْ عليه الغُسْل. انتهى. قال الزَّركشيُّ: قلتُ: ومثْلُ هذا لا يَخْفَى على القاضي، وإنَّما أرادَ القاضي أنَّ وجُوبَ الغُسْلِ مُلازِمٌ لوجوبِ الطَّهارَةِ الصُّغْرى، وممَّنْ صرحَ بأنَّ مُوجِباتِ الغُسْلِ تنْقُضُ الوضوءَ، السَّامَرِّيُّ. وحكَى ابنُ حَمْدانَ وَجْهًا بأنَّ الوضوءَ لا يجِبُ بالالْتِقاءِ بحائل ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإِسْلامِ، وإذَنْ يَنْتَفِي الخِلافُ بينَ الأصحابِ في المسْألَةِ. انتهى. فائدة: اقْتِصارُ المُصَنِّفِ على هذه الثَّمانِيَةِ ظاهرٌ على أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ ذلك، والصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ كل ما يوجِبُ الغُسْلَ يُوجِبُ الوضوءَ، وإنْ لم يكنْ خارِجًا مِنَ السبيلِ، كالْتِقاءِ الخِتانَين وإنْ لم يُنْزِلْ، وانْتِقالِ المَنِيِّ وإنْ لم يَظهر، والرِّدَّة، والإِسْلام، والإِيلاجِ بحائلٍ إنْ قُلْنا بوُجوبِ الغُسْلِ، على ما يأتِي في أوَّلِ بابِ الغُسْلِ. جزَمَ به في «المسْتَوْعِبِ»، كما تقدَّم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. قال ابنُ عُبَيدان: ذكرَه غيرُ واحدٍ مِن أصحابِنا. قلتُ: منهم المَجْدُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّركَشِيُّ: وممَّنْ صرَّحَ بذلك الخِرَقِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ حمدَانَ. وقيل: لا، ولو مَيِّتًا. وقال ابنُ تَميمٍ: وما أوْجبَ الغُسْلَ، غيرَ الموْتِ، يجِبُ منه الوضوءُ، إلَّا انْتِقَال المَنِيِّ، والإِيلاجَ مع الحائلِ، وإسْلامَ الكافرِ، على أحَدِ الوَجْهين، والثَّاني، يجبُ الوضوءُ بذلك أيضًا. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: ومنها، ما أوجبَ غُسْلًا؛ كالْتِقاءِ الخِتانَين مع حائل يمنَعُ المُباشرَةَ بلا إنْزالٍ، في الأصَحِّ فيه، وانْتِقالِ المَنِيِّ بلا إنْزالٍ، على الأصَحِّ فيه، وإسْلامِ الكافِرِ في وَجْهٍ، إنْ وجَه غُسْلُه في الأشْهرِ. انتهى. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين» الوَجْهين في وُجوبِ الوضوءِ، على القوْلِ بوجوب الغُسْلِ بإسْلامِ الكافِر، في بابِ الغُسْلِ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا أنَّه لا ينْقُضُ غيرُ ذلك. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَة»، وغيرِهما. مِنَ النَّواقِضِ زَوالُ حُكْمِ المُستَحاضَةِ ونحوها، بشَرطِه مُطْلقًا، وخُروجُ وَقتِ صلاةٍ وهي فيها، في وَجْهٍ، وبُطْلانُ المسْحِ بفَراغِ مُدَّتِه وخَلْعِ حائلِه، وغيرِهما مُطْلقًا، وبُرْءُ محَلِّ الجَبيرَةِ ونحوها مُطْلقًا كقَلْعِها، وانْتِقاضُ كَوْرٍ أو كَوْرَين مِنَ العِمامَةِ في رواية، وخَلْعُها، وبُطْلانُ التَّيَمُّمِ الذي كَمَّلَ به الوضوءَ وغيرَه، بخُروجِ وَقْتِ الصَّلاةِ، وبرُؤيَة الماءِ وغيرِهما، وزَوالُ ما أباحَه، وغيرُ ذلك. انتهى. قلتُ: كُلُّ ذلك مذْكورٌ في كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه في أماكِنِه، ولم يذْكُرهُ المُصَنِّفُ هنا اعتِمادًا على ذِكْرِه في أبوابِه، وإنَّما ذكَر هنا ما هو مُشْتَرِك، فأمَّا المخْصوصُ فيُذْكَرُ عندَ حُكْمِ ما اخْتَصَّ به. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا أنه لا نَقْضَ بالغِيبة ونحوها من الكلامِ المُحَرَّمِ. وهو المذهبُ، وعليه

وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهارَةِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وحُكِيَ عن أحمدَ روايةٌ بالنَّقْض بذلك. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّه لا نقْضَ بإزالةِ شَعَرِه وظُفُرِه ونخوهما. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، ونص عليه الأصحابُ وقيل: ينْقُضُ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ غريبٌ. قال ابنُ تَميمٍ: لا يَبْطُلُ بذلك في الأصحِّ. فائدة: اقْتصَرَ يوسفُ الجَوْزِيّ في كِتابه «الطَّرِيقُ الأقْرَبُ» على النَّقْضِ بالخمسةِ الأوَلِ، فظاهِرُه أنَّه لا نقضَ بغيرِها. تنبيه: دخَل في قولِ المُصَنِّفِ: ومَنْ تيَقَّنَ الطَّهارةَ وشَكَّ في الحَدَثِ، أو تَيَقَّنَ الحدَثَ وشكَّ في الطَّهارَةِ. مسائِلُ؛ منها ما ذكرَه هنا، وهو قولُه: فإنْ تَيقّنَهما وشَكَّ في السَّابقِ منهما، نُظِر في حالِه قَبْلَهما؛ فإنْ كان مُتَطَهِّرًا فهو مُحدِثٌ، وإنْ كان مُحدِثًا فهو مُتَطَهِّرٌ. وهذا هو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يَتَطَهَّرُ مُطْلقًا، كما لو جَهِلَ ما كان قبْلَهما في هذه المسْألةِ. وقال الأزَجِي في «النِّهاية»: لو قيل: يَتَطَهَّرُ. لَكان له وَجْهٌ؛ لأنَّ يَقِينَ الطَّهارَةِ قد عارَضَه يَقِين الحدَثِ، وإذا تَعارَضَا تَساقَطا، وبَقِيَ عليه الوضوءُ احتِياطا للصَّلاةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّه يكونُ مُودِّيًا فرضَه بِيَقين. ومنها، لو تَيَقَّن فِعْلَ طهارَةٍ رافعًا بها حدَثًا، وفِعْلَ حدَثٍ ناقِضًا به طهارَةً، فإنّه يكونُ على مثلِ حالِه قبلَهما قَطْعًا. ومنها، لو جَهِلَ حالهما وأَسْبَقَهما في هذه المسألة، أو عَيَّنَ وَقْتًا لا يَسَعُهما، فهل هو كحالِه قبلَهما، أو ضِدُّه؟ فيه وَجْهان. وقيل: رِوايتان. وأطْلَقهما في «الرِّعاية الكبرى». وتَبِعَه في «الفُروع»، و «الحواشي». قلتُ: وجوبُ الطَّهارةِ أقْوَى وأوْلَى. واخْتاره المَجْدُ في «شَرحِ الهِدايَة»، وغيرُه، فيما إذا جَهِلَ حالهما، أنه يكونُ على ضِدِّ حالِه قبلَهما. وقدَّمه في «النُّكَتِ». وظاهر كلامِه في «المُحَرَّرِ»، أنَّه يكونُ كحالِه قبلَهما. [واخْتارَ أبو المَعَالِي في «شَرحِ الهِداية»، فيما إذا عيَّن وقْتًا لا يَسَعُهما، أنَّه يكونُ كحالِه قبلَهما] (¬1). وجزَم في ¬

(¬1) سقط من: ش.

فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا، وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، نَظرَ فِي حَالِهِ قَبْلَهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ مُحدِثٌ، وَإنْ كَانَ مُحدِثًا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ» في مسْألةِ الحالين، أنَّه لو تَيَقَّن فِعْلَهما في وقْتٍ لا يَتَّسِعُ لهما، تعارضَ هذا اليَقينُ وسقَط، وكان على حالِه قبلَ ذلك، مِن حدَثٍ أو طهارةٍ. قال في «النُّكَتِ»: وأظُنُّ أنَّ وَجِيه الدَينِ بنَ مُنَجَّى أخَذَ اخْتِياره مِن هذا، ونَزَّلَ كلامَ من أطْلَقَ مِنَ الأصحاب عليه. [ومنها، لو تَيَقَّنَ أنَّ الطَّهارةَ عَن حَدَثٍ، ولا يدرِي الحَدَثَ عن طُهْرٍ أَو لا؟] (¬1) فهو مُتَطَهِّرٌ مُطْلقًا. ونها، لو تَيَقَّنَ حدَثًا أو فِعلَ ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طهارةٍ فقط، فهو على ضِدِّ حالِه قبلَهما. ومنها، لو تَيَقَّنَ أنَّ الحَدَثَ عن طهارةٍ، ولا يَدرِي الطَّهارةَ عن حدَثٍ أم لا؟ عكْس التي قبلَها، فهو مُحدِثٌ مُطْلقًا.

وَمَنْ أحدَثَ حَرُمَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ، وَالطَّوَافُ، وَمَسُّ الْمُصحَف. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَنْ أحدَثَ حَرمَ عليه الصلاة، والطوافُ، ومَسُّ المصحفِ. أمَّا تَحريمُ الصَّلاةِ فبالإِجْماعِ، وأمَّا الطَّوافُ فتُشْتَرَطُ له الطَّهارةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. عليه الأصحابُ. فيَحرُمُ فِعلُه بلا طهارةٍ ولا يُجْزِئه. وعنه، يُجْزِئه بدَمٍ. وعنه، وكذا الحائضُ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: لا دَمَ عليها لعُذْرٍ. وقال: هل هي واجِبَةٌ، أو سُنَّةٌ لها؟ فيه قَوْلان في مذهبِ أحمدَ وغيرِه. ونقَل أبو طالبٍ: التَّطَوُّعُ أيسَرُ. ويأتي ذلك أيضًا في أوَّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَيضِ، وفي بابِ دخولِ مكَّةَ، عندَ قوله: وإن طافَ مُحْدِثًا لم يُجْزِئْهُ. وأمَّا مسُّ المصحفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَحرُمُ مسُّ كِتابَتِه وجِلْده وحَواشِيه؛ لشُمولِ اسْمِ المُصحَفِ له، بدَليلِ البَيعِ، ولو كان المسُّ بصَدرِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يَحرُمُ إلَّا مسُّ كِتابَتِه فقط. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، قال: لشُمولِ اسْمِ المُصحَفِ، لجَوازِ جُلوسِه على بِساطٍ على حَواشِيه كِتابةٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال القاضي في «شَرحِه الصَّغيرِ»: للجُنُبِ مسُّ ما لَه قراءَتُه. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ» جوازُ مسِّ الجِلْدِ؛ فإنَّه قال: لا يمسُّ المُحدِثُ مُصحَفًا. وقيل: ولا جِلْدَه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ للصَّبِيِّ مسُّه؛ وهو تارةً يَمَسُّ المصحَفَ، فلا يجوز على المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر القاضي في مَوْضعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً بالجوازِ، وهو وَجْهٌ في «الرِّعاية»، وغيرِها. وتارةً يمَسُّ المكْتوبَ في الألْواحِ، فلا يجوزُ أيضًا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجوزُ. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ». وتارةً يمَسُّ اللَّوْحَ أو يحمِلُه، فيجوزُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صَحَّحه الناظِمُ. وقدَّمه ابنُ رَزِيقِ في «شَرحِه». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «التَّلْخيصِ»، فإنَّه قال: وفي مَسِّ الصبيان كِتابةَ القُرآنِ رِوايتان. واقْتَصرَ عليه. وعنه، لا يجوزُ. وهو وَجْهٌ ذكرَه في «الرِّعاية»، و «الحاوي»، وغيرِهما. [قال في «الفُروعَ»: ويجوزُ في روايةٍ مَسُّ صَبِيٍّ لوْحًا كُتِبَ فيه. قال ابنُ رَزِينِ: وهو أظْهر] (¬1). وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الزَركَشيِّ»، و «الفائق»، و «مَجْمعِ البحرَين»، و «ابنِ عُبَيدان». وقال القاضي في «مُسْتَدرَكِه الصَّغيرِ»: لا بأسَ بمسِّه لبعضِ القرآنِ، ويُمنَعُ مِن جُملَتِه. وقال في «مَجْمَعِ البَحرَين»: ويَحتَمِلُ أنْ يمنعَ مَن له عَشْرٌ فَصاعِدًا، بناءً على وجوبِ الصَّلاةِ عليه. فوائد؛ منها، لا يحرُمُ حملُه بعِلَاقَتِه، ولا في غِلَافِه، أو كُمِّه، أو تصفُّحُه ¬

(¬1) سقط من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بكُمِّه، أو بعُودٍ، أو مسُّه مِن وراءِ حائلٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. وصَحَّحَه المُصَنِّفُ، وغيره. قال الزَّركشِيّ: هو المشْهورُ. وقطَع به أبو الخَطَّابِ، وابن عَبْدُوسِ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». واخْتارَه القاضي، وأبو محَمدٍ. قال القاضي: وعنه، يحرُمُ. وقيل: يحرُمُ إلَّا لوَرَّاقٍ؛ لحاجَتِه. وعنه، المَنْعُ مِن تَصَفُّحِه بكُمِّه. وخرَّجَه القاضي، والمَجدُ، وغيرُهما إلى بقِيَّةِ الحوائلِ. وأبَى ذلك طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصنفُ في «المُغْنِي»، وفرَّقَ بأنَّ كُمَّه وعَبَاءَتَهُ مُتَّصلًا به، أشْبهتْ أعضاءَهُ. وأطْلقَ الرِّوايتَين في حملِه بعِلاقَتِه، أو في غِلَافِه، وتَصَفُّحِه بكُمِّه، أو عودٍ ونحوه، في «المُسْتَوْعِب»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، و «الفائقِ». ومنها، هل يجوزُ مسُّ ثَوْبٍ رُقِمَ بالقُرآنِ، أو فِضَّةٍ نُقِشَتْ به؟ فيه وَجْهان أو رِوايتان. روَى ابنُ عُبَيدان؛ في الثَّوْبِ المُطرَّزِ بالقُرآنِ رِوايتان. وقيل: وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البحرَين»، و «وابنِ عُبَيدان»، و «الزَّركَشِيِّ». وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، في الفِضَّةِ المنْقوشةِ. قال في «الفُروعِ»: ويجوزُ في روايةٍ مس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَوْبٍ رُقِمَ به، وفِضَّةٍ نُقِشتْ به. قال الزَّركشِيُّ: ظاهرُ كلامِه الجوازُ. قال في «النَّظْمِ»، عن الدِّرهمِ المنْقوش: هذا المنْصورُ. وعنه، لا يجوزُ. وهو وَجْهٌ في «المُغْنِي»، وغيرِه. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شرحِه»، وقال: لأنَّه أبلغُ مِنَ الكاغِدِ. وقال القاضي في التخريج: ما لا يُتَعَامَلُ به غالبًا لا يجوز مسُّه، وإلا فوجهان. وقال في «النِّهايةِ»: وقطَع المَجْدُ بالجوازِ في مسِّ الخاتَمِ المرقوم فيه قرآنٌ. واخْتارَ في «النِّهايةِ» أنَّه لا يجوزُ للمُحدِثِ مسُّ ثوْبٍ كُتِبَ فيه قرآنٌ. ومنها، يجوزُ حملُ خرجٍ فيه مَتاعٌ وفيه مصحَف، على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وسواءٌ كان فوق المَتاع أو تحتَه. وقيل: لا يجوزُ حملُه وهو فيه. ومنها، يجوزُ مسُّ كتابِ التَّفْسيرِ ونحوه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابً. وحكى القاضي رِوايةً بالمَنْع. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ». وقيل: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايتان أيضًا في حملِ كُتُبِ التَّفْسيرِ. وقيل: وفي مسِّ القرآنِ المكْتوبِ فيه. وذكَر القاضي في «الخِلافِ» مِن ذلك، ما نقَله أبو طالبٍ في الرَّجُلِ يكتُبُ الحديثَ أو الكتابَ للحاجَةِ، فيكْتُبُ فيه: بسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ؛ فقال: بعضُهم يَكْرَهُه. وكأنَّه كَرهه. وقال: الصَّحيح المَنْعُ مِن حَملِ ذلك ومسِّه. انتهى. ومنها، يجوزُ مسُّ المنْسوخِ وتِلاوَتُه، والمأثورِ عن اللهِ تعالى، والتَّوْراةِ والإِنْجيلِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجوزُ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: والمنْعُ مِن قراءةِ التَّوْراةِ والإِنْجيلِ أقْوَى وأوْلَى. ومنها، لو رفَع الحَدَثَ عن عُضْوٍ مِن أعضاءِ الوضوءِ، ثم مسَّ به المصحفَ لم يَجُزْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ولو قُلْنا: يرتَفِعُ الحدَثُ عنه. وقيل: لا يَحرُمُ إذا قُلْنا؛ يَرتَفِعُ عنه. واعلم أنَّ في رفْعِ الحدَثِ عن العُضْو قبلَ إتْمامِ الوضوءِ وَجْهين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يظْهرُ أنْ يكونَ ذلك مُراعًى؛ فإنْ كَمَّلَه ارتَفَعَ، وإلَّا فلا. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: لأنَّه لا يكونُ مُتَطَهِّرًا إلَّا بعمَلِ الجميعِ. قال الزَّركشِيُّ: لأنَّ الماءَ غيرُ طاهرٍ على المذهب. [وقال في «الرِّعايَة»: ولو رفَع الحدَثَ عن عُضْوٍ، لم يمَسَّه به قبلَ إكْمالِ الطَّهارةِ في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: ولو رفَع الحدثَ عن عُضْوٍ، لم يمَسَّ به المصحفَ حتى يُكْمِلَ طهارتَه] (¬1). ومنها، يَحرُمُ مسُّ المُصحَفِ بعُضْوٍ نَجِسٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يحرُمُ. قلتُ: هذا خطَأ قَطْعًا. ومنها، لا يحرُمُ مسُّه بعُضْوٍ طاهرٍ إذا كان على غيره نجاسَةٌ، على الصَّحيح. مِنَ الذهبِ. وقيل: يحرُمُ. قال في «الفُروعِ»، عن هاتَين المسألتَين: قاله بعضُهم. قلتُ: صرَّحَ ابنُ تَميمٍ بالثَّانيةِ، والزَّركَشِيّ بالأولَى، وذكرَ المسْألتَين في «الرِّعاية». وقال في «التبصِرَةِ»: لا تُعتَبرُ الطَّهارةُ مِنَ النَّجاسةِ لغيرِ الصَّلاةِ والطوافِ. ومنها، يجوزُ مسُّ المصحَفِ بطهارةِ التَّيَمُّمِ مُطْلقًا، على الصحيح مِنَ الذهبِ. وقيل: لا يجوزُ إلَّا عندَ الحاجَةِ. اخْتاره المُصَنِّفُ. فإنْ عَدِمَ الماءَ لتَكْميلِ الوضوءِ، تيَمَّمَ للباقِي ثم ¬

(¬1) سقط من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسَّه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: له مَسُّه قبلَ تَكْميلِها بالتيمم بخِلافِ الماءِ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمدانَ: وهو سَهْوٌ. ومنها، يجوز كتابتَه من غيرِ مسٍّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ. وهو مُقتَضى كلامِ الْخِرَقِيِّ. وقاله القاضي وغيرُه. وعنه، يَحرُمُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». وقيل: هو كالتَّقْليبِ بالعُودِ. وقيل: لا يجوزُ، وإنْ جازَ التَّقْليبُ بالعودِ. وللمَجْد احتِمالٌ بالجوازِ للمحدِثِ دُون الجُنُبِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الرِّعاية». ومحَلُّ الخِلافِ إذا لم يَحمِلْه، على مُقْتَضَى ما في «التَّلْخيصِ»، و «الرعايَة»، وغيرِهما. تنبيه: خرَج مِن كلامِ المُصَنِّفِ الذِّمِّيُّ؛ لانْتِفاءِ الطهارةِ منه وعدَمِ صِحَّتِها، وهو صحيحٌ، لكنْ له نَسْخُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: بدُون حَملٍ ومسٍّ. قاله القاضي في «التَّعليقِ»، وغيرِه. قال ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»: يجوزُ اسْتِئْجارُ الكافرِ على كِتابةِ المصحَفِ إذا لم يَحمِلْه. قال أبو بَكرٍ: لا يخْتلِفُ قولُ أحمدَ أنَّ المصاحِفَ يجوزُ أنْ يكْتُبَها النَّصارى. وقال القاضي في «الجامعِ»: يَحتَمِلُ قولُ أبي بَكْرٍ: يُكَتِّبُه. مُكَتبًا (¬1) بينَ يَدَيه ولا يحمِلُه، وهو قِياسُ المذهبِ؛ أنَّه يجوزُ؛ لأنَّ مسَّ القلَمِ للحرفِ كمَسِّ العودِ للحَرفِ. وقيلَ لأحمدَ: يُعجِبُكَ أنْ تكتُبَ النَّصارى المصاحِفَ؟ قال: لا يُعجِبُنِي. قال ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّركَشِيّ: فأُخِذَ مِن ذلك رواية بالمَنْع. قال القاضي في «خِلافِه»: يُمكنُ حملُها على أنَّهم حمَلوا المصاحفَ في حالِ كتابَتِها. وقال في «الجامع»: ظاهِرُه كراهةُ ذلك، وكَرِهه للخِلافِ. وقال في «النِّهايَةِ»: يُمنَعُ منه. وأطْلقَ في الجوازِ وعدَمِه الرِّوايتَين في «الفُروع»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايةِ». ويمنَعُ مِن قِرَاءَتِه، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال القاضي: التَّخْريجُ لا يُمنَعُ، لكنْ لا يمكنُ مِن مَسِّه. انتهى. ويُمنَعُ مِن تَملُّكِه، فإنْ مَلَكَه بإرثٍ أو غيرِه أُلزِمَ بإزالةِ مِلْكِه عنه. فائدتان؛ إحدَاهما، كَرهَ أحمدُ، رَحِمه اللهُ، تَوسُّدَه. وفي تَخْريجِه وَجْهان، وأطْلَقَهُما في «الفُروع». واختارَ في «الرعايةِ» التَّحريمَ. وقطَع به المصنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الشارِح». قال في «الآداب»: وقدَّم هو عَدَمَ التَّحريمِ. وهو الذي ذكَره ابنُ تَميم وَجْهًا. وكذا كُتُبُ العلْمِ التي فيها قُرآن، وإلَّا كُرِه. قال أحمدُ، في كتُب الحديثِ: إنْ خافَ سَرِقَةً، فلا بأْسَ. قال في «الفُروعِ»: ولم يذْكر أصحابُنا مَدَّ الرِّجْلَين إلى جِهةِ ذلك، وتركُه أوْلَى، أو يُكْرَهُ. الثَّانية، يحرُمُ السَّفر به إلى دارِ الحربِ. نصَّ عليه. وقيل: يحرمُ إلَّا مع غَلَبَةِ السَّلامَةِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُكْرهُ بدونِ غلبَةِ السَّلامةِ. ويأتِي بقِيَّةُ أحكامِه في البيعِ، والرَّهْنِ، والإِجارَةِ.

باب الغسل

بَابُ الْغسْلِ وَمُوجِبَاتُهُ سَبْعَةٌ؛ خُرُوجُ الْمَنِيِّ الدَّافِقِ بِلَذَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الغُسْلِ تنبيه: قوله: خُرُوجُ المَنِيِّ الدَّافقِ بِلَذَّةٍ. مُرادُه إذا خرَج مِن مخْرَجِه، ولو خرج دَمًا، وهو صحيحٌ.

فَإِنْ خَرَجَ لِغَيرِ ذلِكَ لَمْ يُوجِبْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإِنْ خرَج لِغَيرِ ذلِكَ لَمْ يُوجِب. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يُوجِبُ الغُسْلَ. ويَحتَمِلُه كلامُ الخِرقِي. وأثْبتَ هذه الرِّوايةَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم ابنُ عَبْدُوس المُتقدِّمُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وبعضهُم تخْرِيجًا؛ منهم المَجْدُ، مِن رواية وجوبِ الغُسْلِ إذا خرَج المَنِيُّ بعدَ البوْلِ، دُونَ ما قبلَه، على ما يأْتِي قريبًا. قال ابنُ تَميمٍ: فإن خرَج لغيرِ شهْوَةٍ، فرِوايتان؛ أصَحُّهما لا يجبُ. وقال في «الرِّعايَة»: وقيل: إنْ خرَج لغيرِ شهْوَةٍ فرِوايتان مُطْلقًا؛ أصَحُّهما عدَمُ وُجوبِه. ثم قال: وإنْ صار به سَلَسُ المَنِيِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو المَذْي، أو البولِ، أجْزأَه الوضوءُ لكلِّ صلاةٍ. وقاله القاضي في مسْألةِ المَنِيِّ، ذكرَه ابنُ تَميمٍ. قلتُ: فيُعايَى بها في مسْألةِ المَنِيِّ؛ لكوْنِه لا يجبُ عليه إلَّا الوضوءُ بلا نِزاعٍ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: فإنْ خرَج لِغَيرِ ذلك لم يُوجِبْ. اليَقْظانُ، فأمَّا النائم إذا رأَى مَنِيًّا في ثوْبِه، ولم يذْكُرِ احتِلامًا ولا لذَّةً فإنَّه يجبُ عليه الغُسْلُ، لا أعلمُ فيه خِلافًا، لكن قيَّد الأَزَجيُّ وأبو المَعالِي المسْأَلَةَ بما إذا رآه بباطِنِ ثوْبِه. قلتُ: وهو صحيحٌ، وهو مُرادُ الأصحابِ فيما يظْهرُ. وحيثُ وجَب عليه الغُسْلُ، فيَلْزَمُه إعادةُ ما صلَّى قبلَ ذلك حتى يَتَيَقَّنَ، فيَعملَ باليقينِ في ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بغَلَبَةِ ظنِّه. تنبيه المرادُ بالوُجوبِ، إذا أمكنَ أنْ يكونَ المَنِع منه؛ كابنِ عشْرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: ابنُ اثْنَتَي عشْرَةَ سنَةً. قاله ابنُ تَميمٍ. وفيه وَجْهٌ؛ ابنُ تِسْع سِنِين. جزَم به في «عُيونِ المَسائلِ»، ويأتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كتابِ اللِّعانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لو انْتبَه بالغٌ أو مَن يُحتَمَلُ بلُوغُه، فوجَد بلَلاً وجهِل أنَّه مَنِيٌّ، وجَب الغُسْلُ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجبُ مع الحُلْمِ. وعنه، لا يجبُ مُطْلقًا. ذكرَها الشيخُ تَقِي الدينِ. قال في «الفُروعِ»: وفيه نظر. قال الزَّركشِيُّ: فهل يُحكَمُ بأنَّه مَنِيٌّ وهو المشْهورُ، أو مَذْيٌ، وإليه ميلُ أبي محمدٍ؟ فيه رِوايتان، فعلى المذهبِ يغْسِلُ بدَنَه وثوْبَه احتِياطًا. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ ظاهرَه لا يجِبُ؛ ولهذا قالوا: وإنْ وجَده يَقَظَةً وشكَّ فيه، توضّأ ولا يَلْزَمُه غَسْلُ ثوْبِه وبَدَنِه. وقيل: يَلْزَمُه حكمُ غيرِ المَنِيِّ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ احتِمالٌ يَلْزَمُه حُكْمُهما. انتهى. وعلى القولِ بأنَّه لا يلْزَمُه الغُسْلُ، لا يلْزمُه أيضًا (¬1) غَسْلُ ثْوبِه. ذكَره في «الفُنونِ»، عنِ الشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ، واقْتصَرَ عليه في القاعدَةِ الخامِسةَ عشَرَةَ. وقال: ينْبَغِي على هذا التَّقْديرِ أنْ لا يجوزَ له الصَّلاةُ قبلَ الاغْتِسالِ في ذلك الثَّوْبِ قبلَ غَسْلِه، لأنَّا نتَيَقَّنُ وجودَ المُفْسِدِ للصَّلاةِ لا مَحالةَ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في أصلِ المسْأَلةِ، إذا لم يَسْبِقْ نوْمَه مُلاعَبَةٌ، أو بردٌ، أو نَظر، أو فِكْر، أو نَحوُه، فإنْ سبَق نوْمَه ذلك، لم يجِبِ الغُسْلُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجبُ. وعنه، يجبُ مع الحُلْمِ. قال في «النُّكَتِ»: وقطَع المَجْدُ في «شَرحِه» بأنَّه يلْزَمُه الغُسْلُ إنْ ذكَر احتِلامًا، سواءٌ تقدَّم نوْمَه فكْرٌ، أوْ مُلاعبَةٌ أو لا. قال: وهو قوْلُ عامَّةِ العُلماءِ. الثَّانيةُ، إذا احتلَمَ ولم يجِد بلَلًا، لم يجِبِ الغُسْلُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ وغيرُه إجْماعًا. وعنه، يجبُ. قال الزَّركَشِي: وأغْرَبَ ابنُ أبي موسى في حِكايته روايةً بالوجوبِ. وعنه، يجبُ إنْ وجَد لَذَّةَ الإِنْزالِ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، لا يجبُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغُسْلُ إذا رأى مَنِيًّا في ثوْبٍ يَنامُ فيه هو وغيرُه، وكانا مِن أهْلِ الاحتِلامِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجبُ. وأطْلقَهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فعلى المذهبِ، لا يجوزُ أنْ يُصَافَّهُ، ولا يأتَمَّ أحَدُهما بالآخَرِ. وتقدَّم نظِيرُها في الخِتانِ. ومِثْلُه لو سَمِعا رِيحًا مِن أحَدِهما، ولا يُعلَمُ مِن أيِّهما هي. وكذا كلُّ اثْنَين تُيُقِّنَ مُوجِبُ الطهارةِ مِن أحَدِهما لا بعَينه.

وَإِنْ أحسَّ بِانْتِقَالِهِ فَأمسَكَ ذَكَرهُ، فَلَم يَخْرُجْ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أحَسّ بانْتِقَالِه، فأمسَكَ ذكَرَه فلم يَخْرُجْ، فعلى رِوَايَتَينِ. وأطْلَقهما في «الإيضاحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ إحدَاهما، يجب الغُسْلُ. وهو المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه، في رواية أحمدَ، ابنُ أبي عُبَيدَةَ، وحربٌ. قال في «الهِدايَة»، و «المُذْهب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشرحِ»، و «مَجْمَع البَحرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الحاوي الكبيرِ» وغيرهم: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. قال الزَّركشِيُّ: هي المنصوصةُ عن أحمدَ، المُخْتارةُ لعامَّةِ أصحابِه، حتى إنَّ جُمهورَهم جزَمُوا به. واخْتارَها القاضي، وابنُ عَقِيل، ولم يذكروا خِلافًا. قال في «التَّلْخيص»: وهذا أصَحُّ الروايتَين. قال في «الخُلاصَةِ»: يجبُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصَحِّ. ونصَرَها المَجْدُ في «شَرحِه». قال في «الرِّعايةِ»: النَّصُّ وجوبُه. وأنكرَ الإِمامُ أحمدُ أنْ يكونَ الماءُ يرجِعُ. وصَحَّحَه في «التصحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم. [وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، وغيرهم] (¬1). وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. والثَّانيةُ، لا يجبُ الغُسْلُ حتى يخْرُجَ، ولو لغيرِ شهْوَةٍ. اخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، والشَّريف فيما حكَاه عنه الشيرَازِيُّ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِي. قال في «الفروعِ»: اخْتاره جماعةٌ. قال في «الرِّعايةِ»: فعليها يعيدُ ما صلَّى لِما انتقلَ. انتهى. وما رأيتُه لغيرِه. فإذا خرَج اغْتسَلَ، بلا نِزاعٍ. فعلى المذهبِ، لا يثْبُتُ حكمُ البُلوغِ، والفِطر، وفسادُ النُّسُكِ، ووُجوبُ الكَفَّارةِ، وغيرُ ذلك، على أحَدِ الوَجْهين. وهو ظاهرُ اخْتِيارِه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وفيه وَجْهٌ آخَرُ؛ تثْبُتُ بذلك جميعُ الأحكامَ. وقاله القاضي في «تَعليقِه» الْتِزامًا. وقدَّمه الزَّركشِيُّ. قلتُ: وهو أوْلَى. قال في ¬

(¬1) زيادة من: «ش».

فَإِنْ خَرَجَ بعدَ الْغُسْلِ، أَوْ خَرَجت بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ. وعَنْهُ، يَجِبُ. وعَنْهُ، يَجِبُ إِذَا خَرَجَ قَبْلَ الْبَوْلِ، دُونَ مَا بَعدهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعاية»: وهو بعيدٌ. وهذان الوَجْهان ذكرَهما القاضي. قاله ابنُ تَميمٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ». وقال في «الرعاية»: قلتُ: وإن لم يجِبْ بخُروجِه بعدَ الغُسْلِ، لم يجِبْ بانْتِقالِه، بل أوْلَى. تنبيه: قال في «الفائقِ»، لو خرج المَنِيّ إلى قُلْفَةِ الأقْلَفِ، أو فرجِ المرأةِ، وجَب الغُسْلُ، روايةً واحدةً. وجزَم به في «الرعاية». وحكَاه ابنُ تَميم عن بعض الأصحابِ. قوله: فإنْ خرَج بعد الغُسْلِ، أَو خرَجتْ بَقِيَّةُ المَنِيِّ، لَمْ يجِبِ الغُسْلُ. يعني على القوْلِ بوُجوبِ الغُسْلِ بالانْتِقالِ مِن غيرِ خروجٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقال الخَلالُ: تَواتَرَتِ الرِّواياتُ عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّه ليس عليه إلا الوضوءُ، بال أو لم يَبُلْ، على هذا اسْتَقَرَّ قوله. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. قال في «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»: هذا المذهبُ. زاد في «مَجْمَعِ البَحرَين»، والأقْوَى. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ. واخْتارَه الخَلَّالُ، وابنُ أبي موسى، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، وابنُ رَزِين في «شَرحِه»، وغيرهم. وأطْلَقَهما في «المُحَررِ». وعنه، يجبُ. اخْتارَها المُصَنفُ، وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وعنه، يجبُ إذا خرَج قبلَ البولِ، دُونَ ما بعدَه اخْتارَها القاضي في «التَّعليقِ»، وأطْلقَهُنَّ في «الهِدَايةِ»، و «المُذهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، وغيرهم. وعنه، عكْسُها، فيجبُ الغُسْلُ لخروجِه بعدَ الغُسْلِ، دونَ ما قبلَه. ذكرَها القاضي في «المُجَرَّدِ». ومنها، خرَّج المَجْدُ الغُسْلَ بخُروجِ المَنِيِّ مِن غيرِ شهْوَةٍ، كما تقدَّم عنه. وأطْلقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ، والزَّركشِيُّ. وفيه وجهٌ، لا غُسْلَ عليه، إلَّا أنْ تنْزِلَ الشَّهْوَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، أنَّ الحُكْمَ إذا جامَعَ فلم يُنْزِلْ واغْتسَل، ثم خرَج لغيرِ شَهْوَةٍ كذلك، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم جماعة بوُجوبِ الغُسلِ هنا؛ منهمُ ابنُ تَميم، فقال: وإنْ جامَعَ وأكْسَلَ، فاغْتَسَلَ ثم أنزلَ فعليه الغُسْلُ. نصَّ عليه، وفيه وَجْهٌ؛ لا غُسْلَ إلا أنْ يُنْزِلَ لشَهْوَةٍ. وقال في «الرِّعاية»: والنَّصُّ يغْتَسِلُ ثانِيًا. ومنها، قِياسُ انْتِقالِ المَنِيِّ، انْتِقالُ الحَيض قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ومنها، لو خرَج مِنِ امرأةٍ مَنِيُّ رجُلٍ بعدَ الغُسْلِ، فلا غُسْلَ عليها، ويَكْفِيها الوضوءُ. نصَّ عليه. ولو وَطِيء دُونَ الفَرْجِ، ودبَّ مأوه فدخَل

الثَّانِي، الْتِقَاءُ الْخِتَانَينِ؛ وَهُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفرجِ، قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ، حَيٍّ أو مَيِّتٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرجَ ثم خرَج، فلا غُسْلَ عليها أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحُكِيَ عن ابنِ عَقِيلٍ أنَّ عليها الغُسْلَ. وهو وَجهٌ، حكَاه في «الرعايتَين» وغيرِه. وأطْلَقَهُما فيها، وفيما إذا دخَل فرجَها مِن مَنِيِّ امرأةٍ بسِحَاقٍ، ثم قال: والنَّصُّ عدَمُه في ذلك كلِّه. قال الزَّركَشِيّ: وهو المنْصوصُ المقْطوعُ به. وتقدَّم الوضوءُ مِن ذلك في أوَّلِ البابِ الذي قبلَه. تنبيهات؛ أحدها، يعني بقولِه: الثَّانِي، الْتِقَاءُ الخِتَانَينِ. وهو تغْيِيبُ الحَشَفَةِ فِي الفَرْجِ، أو قَدرِها. قاله الأصحابُ. وصرَّح به المُصَنِّف في بابِ الرَّجْعَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضي أبو يَعلَى الصَّغِيرُ توْجِيهًا، بوُجوبِ الغُسْلِ، بغَيبوبَةِ بعضِ الحَشَفَةِ. انتهى. ومُرادُه، إذا وُجِدَ ذلك بلا حائلٍ، فإنْ وُجِدَ حائلٌ، مثلُ أنْ لَفَّ عليه خِرقَةً، أو أدخله في كِيسٍ لم يجِبِ الغُسْلُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ أيضًا. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحرَين»، و «ابنِ عُبَيدان». فعلَى الوجْهِ الثَّاني، هل يجبُ عليه الوضوءُ؛ فيه وَجْهان، حكَاهما في «الرِّعايتَين» وأطْلقهما. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ الوضوءِ أيضًا، وعليه الأصحابُ؛ منهم المَجْدُ، وغيرُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في نَواقض الوضوءِ، بعدَ قولِه: الرَّدُّ مِن الرِّدَّة. في الفائدَةِ. الثَّاني، دخَل في كلامِه لو كان نائِمًا، أو مَجْنونًا، أو اسْتَدخَلَتِ امرأة الحَشَفَةَ. وهو كذلك، وهو المذهبُ. قاله في «الفُروع» وغيرِه، فيجِبُ الغُسْلُ على النَّائمِ والمَجْنونِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: لا غُسْلَ عليهما. قدَّمه في «الرِّعايةِ»، و «ابنِ عُبَيدان»؛ فقالا: ولو اسْتدخَلَتِ امرأة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَشَفَةَ نائمٍ، أو مَجْنُونٍ، أو مَيِّتٍ، أو بَهِيمَةٍ اغْتسَلَتْ. وقيلَ: ويَغْتَسِلُ النَّائمُ إذا انْتَبَه، والمجْنونُ إذا أفاق. قلتُ: يُعايىَ بها أيضًا. الثَّالثُ، وقد يدخلُ في كلامِه أيضًا لو اسْتَدخَلَتْ حَشَفَةَ مَيِّتٍ، أنَّه يجِبُ عليه الغُسْلُ. وهو وَجْهٌ، فيُعادُ غُسْلُه. فيُعايىَ بها. والصَّحيحُ مِنَ الذهبِ، أنَّه لا يجبُ بذلك غُسْلُ المَيِّتِ. قدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايىَ بها أيضًا. وأمَّا المرأةُ، فيجبُ عليها الغُسْلُ في المَسائلِ الثَّلاثِ. ولو اسْتَدخَلَتْ ذكَرَ بهِيمَةٍ، فكَوَطْءِ البهِيمَةِ، على ما يأْتِي بعدَ ذلك قرِيبًا. الرابعُ، شَمِل قولُه: تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ في الفَرجِ. البالغَ وغيرَه، أمَّا البالغُ فلا نِزاعَ فيه، وأمَّا غيرُه، فالمذهبُ المنْصوصُ عن أحمد، أنَّه كالبالغِ مِن حيثُ الجملةُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجِبُ على غيرِ البالغِ غُسْلٌ. اخْتاره القاضي. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وقال ابنُ الزَّاغُوني في «فَتاويه»: لا نُسَمِّيه جُنُبًا، لأنَّه لا ماءَ له، ثم إنْ وجَد شَهْوَةً لَزِمَهْ، وإلَّا أُمِرَ به ليعتادَه. فعلى الذهبِ، يُشْتَرطُ كوْنُه يجامِعُ مِثْلُه. نصَّ عليه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وغيرُه، وقدَّمه ابنُ عُبَيدان وابن تَمِيمٍ، وغيرهم. قال الزَّركشِيُّ: وهو ظاهرُ إطْلاقِ الأكْثَرين. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، وقدَّمه في «الرعايتَين» وغيرهم: يُشْتَرطُ كوْنُ الذَّكَرِ ابنَ عَشْرِ سِنين، والأنْثَى تِسع. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ بهذا ما قبلَه. يعني، كوْنَ الذَّكَرِ ابنَ عشْرِ سِنِين، والأنثى ابْنَةَ تسعٍ. وهو الذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجامِعُ مثْلُه. قال: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ، وليس عنه خِلافُه. انتهى. ويَرتفعُ حدَثُه بغُسْلِه قبلَ البُلوغِ. وعلى المذهبِ المنْصوص أيضًا، يَلْزَمُه الغُسْلُ، على الصَّحيحِ، عندَ إرادَةِ ما يتوَقَّفُ عليه الغُسْلُ أو الوضوءُ، أو ماتَ شهِيدًا قبلَ فِعلِه. وعدَّ في «الرعايةِ»، وغيرِه هذا قولًا واحِدًا. ذكرَه في كتابِ الطَّهارةِ، قبلَ بابِ المِياهِ. قال في «الفُروعِ»: والأوْلَى أنَّ هذا مُرادُ المنْصوص، أو يُغَسَّلُ لو ماتَ. ولعلَّه مُرادُ الإِمام. انتهى. فائدة: يجبُ على الصَّبِيِّ الوضوءُ بمُوجِباتِه. وجعَل الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ مثْلَ مسْألَةِ الغُسْلِ، إلْزامَه باسْتِجمارٍ ونحوه. فائدة: قال النَّاظِمُ: يتعَلَّقُ بالْتِقاءِ الخِتانَين سِتَّة عشَرَ حُكْمًا. فقال: وتَقْضِي مُلاقاةُ الخِتانِ بعدَّةٍ … وحَدٍّ وغُسْلٍ مع ثُيوبَة نُهَّدِ وتقْريرِ مَهْرٍ، واسْتِباحَةِ أوّلٍ … وإلْحاقِ أنسابٍ، وإحصانِ مُعتَدِ وفيئَةِ مُولٍ مَع زوالٍ لِعُنَّةٍ … وتقْريرِ تكْفيرِ الظِّهار فعدِّدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإفْسادِها كفَّارةً في ظِهارِه … وكوْنِ الإِمَا صارتْ فِراشًا لسَيِّدِ وتحريمِ إصهارٍ وقَطْعِ تَتَابُع الصّـ … ــيامِ وحِنْثِ الحالفِ المُتَشَدِّدِ انتهى. والذي يظْهرُ لي، أنَّ الأحكامَ المُتعلِّقةَ بالْتِقِاءِ الخِتانَين؛ كالأحكامِ المُتعَلِّقةِ بالوَطْء الكاملِ، لا فارِقَ بينَهما. وقد رأيتُ لبعض الشَّافعِيَّةِ عَدَدَ الحكامِ المُتَعَلِّقًةِ بالْتِقاءِ الخِتانَين، وعَدَّها سبْعِين حُكْمًا، أكْثَرُها مُوافِق لمذهبِنا، وعَدُّ الناظمِ ليس بحَصر. تنبيه: مُرادُه بقولِه: قُبُلًا. القُبُلُ الأصلِي، فلا غُسْلَ بوَطْءِ قُبل غيرِ أصلي، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يجبُ. قال القاضي أبو يَعلَى الصَّغيرُ: لو أوْلَج رَجل في قُبُلِ خُنثى مُشْكِلٍ، هل يجبُ عليه الغُسْلُ؟ يحتَمِلُ وَجْهين. وقال ابنُ عَقِيل: لو جامَع كل واحدٍ مِنَ الخُنْثَيَين الآخرَ بالذَّكَرِ في القُبُلِ، لَزِمَهُمَا الغُسْلُ. قال المَجْدُ في «شَرحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحرَين»، و «الحاويَين»، و «ابن عُبَيدان: هذا وَهم فاحِش، ذكرَ نقِيضَه بعدَ أسْطرُ. قال ابنُ تَميم: وهو سَهْوٌ. قوله: أو دُبُرًا. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. فيجِبُ على الواطِيء والموْطوءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يجبُ. وأطْلَقَهما النَّاظِمُ. وقيل: يجبُ على الواطِيء دُونَ الموْطوءِ. قوله: من آدَمِيٍّ أَو بَهِيمَةٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، حتى لو كان سمَكَةً. حكَاه القاضي في «التَّعْليقِ». وقال ابنُ شِهَابٍ: لا يجبُ بمُجَرَّدِ الإِيلاجِ في البهِيمَةِ غُسل، ولا فِطرٌ، ولا كفَّارَةٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ذكَره عنه في بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وبابِ حَدّ الزِّنَى. قوله: حي أَو مَيِّتٍ. الصَّحيح من المذهبِ، وجوبُ الغسْل بوَطْءِ المَيتةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثَرُهم. وقيلَ: لا يجبُ الغُسْلُ بوَطْءِ الميتةِ، فأمَّا المَيِّتُ فلا يُعادُ غُسلُه إذا وُطِيء، على أحَدِ الوَجْهَين. وقيل: يُعادُ غُسلُه. قال في «الحاوي الكبير»: ومَن وَطِيء مَيِّتًا بعدَ غُسْلِه، أعيدَ غُسْلُه في أصَحِّ الوَجْهَين. واخْتارَه في «الرِّعاية الكُبْرى». قال في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»: ويجبُ الغُسْلُ على كلِّ واطئ وموْطوءٍ، إذا كان مِن أهْلِ الغُسْلِ، سواءٌ كان الفرْجُ قبُلًا أو دُبُرًا، مِن كلِّ آدَمِي أو بهيمَةٍ، حيًّا أو مَيتًا. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: هل يجبُ غُسْلُ الميِّتِ بإيلاجٍ في فرْجِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وتابعَه ابنُ عُبَيدان على ذلك. وتقدَّم قريبًا لو اسْتُدْخِلَتْ حَشفةُ مَيِّتٍ، هل يعادُ غُسْلُه؟ فائدة: لو قالتِ امرأةٌ: لي جِنِّيٌّ يُجامِعُنِي كالرَّجُلِ. فقال أبو المَعالِي: لا

الثَّالِثُ، إسْلَام الْكَافِرِ، أصْلِيًّا كَانَ أو مُرْتَدًّا. وَقَال أبو بَكْرٍ: لَا غسْلَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غُسْلَ عليها؛ لعدَمِ الإِيلاجِ والاحْتِلامِ. قال في «الفُروعِ»: وفيه نظر. وقد قال ابنُ الجَوْزِيِّ، في قولِه تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (¬1) فيه دليلٌ على أنَّ الجِنِّيَّ يَغشى المرأةَ كالإنْسِ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ وجوبُ الغُسْلِ. قوله: الثالثُ، إسلامُ الكافرِ، أصْلِيًّا كان أو مُرْتَدًّا. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكرٍ في «التنبِيهِ». وسواءٌ وُجِدَ منه ما يوجبُ الغُسْلَ أو لا، وسواءٌ اغْتَسَل له قبلَ إسْلامِه أو لا. وعنه، لا يجبُ بالإِسْلامِ غُسل، بل يُسْتَحَبُّ. قلتُ: وهو أوْلى، وهو قولٌ في «الرعاية». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ أبي بَكرٍ في غيرِ «التنبِيهِ». وقال أبو بَكرٍ: لا غُسْلَ عليه، إلَّا إذا وُجِدَ منه في ¬

(¬1) سورة الرحمن 56.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حالِ كُفْرِه ما يوجبُ الغُسْلَ؛ مِنَ الجَنابَةِ ونحوها. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وحكَاه المذهبَ في «الكافِي». روايةً، وليس كذاك. قال الزَّرْكَشِي: وأغْرَبَ أبو محمد في «الكافي»، فحكَى ذلك روايةً. وهو كما قال. وقيل: يجبُ بالكُفْرِ والإِسْلامِ بشَرْطِه. فعلى المذهبِ، لو وُجِدَ سبَبٌ مِنَ الأسْبابِ المُوجبَةِ للغُسْلِ، في حالِ كفْرِه، لم يَلزَمْه له غُسلٌ إذا أسْلَم، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، بل يَكْتَفى بغُسْلِ الإسْلامِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: أسْبابُه الموجبةُ له في الكفْرِ كثيرةٌ. وبنَاه أبو المَعالِي على مُخاطَبَتِهم؛ فإنْ قُلْنا: هم مُخاطَبون. لَزِمَه الغُسْلُ، وإلَّا فلا. وعلى الروايَة الثَّانيةِ، يَلْزَمُه الغُسْلُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ، ومَن تابَعه، كما تقدَّم؛ لوجودِ السَّبَبَ المُوجبِ للغُسْلِ، كالوُضوءِ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ، وصاحِبُ «القَواعِدِ الأصولِيَّةِ»: الرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يوجبُ الإِسْلامُ غُسلًا، إلَّا أنْ يكونَ وُجِدَ سبَبُه قبْلَه، فلَزِمَه بذلك في أظْهَرِ الوَجْهَين. انتهى. وقيل: لا يَلْزَمُه عليهما غُسْلٌ مُطْلقًا. ذكرَه الأصحابُ، فلو اغْتَسَل في حالِ كُفْرِه، أعادَ على قوْلِهم جميعًا، على الصَّحيحَ. قال في «الرِّعايَة»: لم يُجْزِئْه غُسْلُه حال كفْرِه، في الأشْهَرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي في «شَرْحِه»: هذا إذا لم نُوجبِ الغُسْلَ. وقيل: لا يعيدُه. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا إِعادةَ عليه، إنِ اعْتَقدَ وُجوبَه. قال: بِناءً على أنَّه يُثابُ على الطَّاعَةِ في حالِ كُفْرِه إذا أسْلَم، وأنه كمَن تزوَّجَ مُطَلَّقَتَه ثلاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّها، وفيه رِوايتان. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هذا الحُكْمُ في غيرِ الحائض، أمَّا الحائضُ إذا اغْتسلَتْ لزَوْجِها، أو سيِّدِها المسلمِ، فإنَّه يصِحُّ، ولا يَلْزَمُها إعادَتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: في الأصَحِّ. وقيل: هي كالكافرِ إذا اغْتَسَل في حالِ كُفْرِه، على ما تقدَّم. قال أبو الفَرَجِ ابنُ أبي الفَهمِ: إذا اغْتسلَتِ الذِّمِّيَّةُ مِنَ الحيض لأجْلِ الزَّوْجِ، ثم أسْلمَتْ، يَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَها إعادةُ الغُسْلِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَها. وقال في «الرِّعاية»: لو اغْتسلَتْ كِتابِيَّةٌ عن حَيْضٍ، أو نِفاسٍ؛ لوَطْءِ زَوْجٍ مسلمٍ، أو سَيِّدٍ مسلم، صَحَّ ولم يَجِبْ. وقيل: يجبُ على الأصَحِّ: وفي غُسْلِها

الرابع، الموت. والخامس، الحيض. السادس، النِّفاسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن جَنابَةٍ وَجْهان. وقيل: رِوايتان. فإذا أسْلمَتْ قبلَ وَطئِه، سقَط. وقيل: لا. وقيل: إنْ وجبَ حال الكُفْرِ بطَلَبِها، فالوَجْهان. ولا يصِحُّ غُسلُ كافِرَةٍ غيرِها. انتهى. تنبيه: ألْحَقَ المُصَنِّفُ المُرْتَدَّ بالكافرِ الأصْلِي، وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا غُسْلَ على المُرْتَدِّ وإن أوْجَبْناه على الأصْلِيِّ. قوله: والرابعُ، المَوْتُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وجوبُ الغُسْلِ بالموْتِ مُطْلقًا. وقيل: لا يجبُ مع حَيضٍ ونِفاسٍ. قلتُ: وهو بعيدٌ جِدًّا. قال في «الرِّعايَة» بعدَ ذلك: قلتُ: إنْ قُلْنا: يجبُ الغُسْلُ بالحَيضِ، فانْقِطاعُه شرْطٌ لصِحَّتِه، وأنَّه يصِحُّ غُسْلُها للجَنابَةِ قبلَ الانْقِطاع. وجَب غُسْلُ الحائضِ المَيتةِ، وإلَّا فلا. انتهى. قوله: والخامسُ، الْحَيضُ، والسادسُ، النِّفاسُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وُجوبُ الغُسْلِ بخُروجِ دَمِ الحيضِ والنِّفاس. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى»، وغيرهم. وصَحَّحَه في «الشرحِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. قال ابنُ عَقِيل، وغيرُه، عن كلامِ الخِرَقِي، والطُّهْرُ بينَ الحَيض والنِّفاس: هذا تجَوُّزٌ مِن أبي القاسمِ، فإنَّ المُوجِبَ للغُسْلِ في التَّحْقيقِ، هو الحَيض النِّفاسُ، وانْقِطاعُه شرْطُ وُجوبِ الغُسْلِ وصِحَّتِه، فسَمَّاه موجِبًا. انتهى. واقْتصَر على هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القولِ في «المُغْنِي». وقيل: لَعَلَّه يجبُ بانْقِطاعِه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِي. قال في «الرِّعَايَة الصُّغْرَى»، و «الحاوي الكبيرِ»: ومنه الحَيضُ والنفاسُ إذا فرَغا وانْقطَعا. قال في «الرعاية الكُبْرَى»: وهو أشْهَرُ. وقال ابنُ عَقِيل في «التذْكِرَةِ» كقوْلِ الخِرَقِي، وقال ابنُ البَنَّا: قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: وانْقِطاعُ دمِ الحَيض والنفاسِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. تنبيه: تظهَرُ فائدةُ الخِلافِ إذا اسْتُشْهِدَتِ الحائضُ قبلَ الطُّهْرِ؛ فإنْ قُلْنا: يجبُ الغُسْلُ بخُروجِ الدَّمِ. وجَب غُسْلُها للحيض. وإنْ قُلْنا: لا يجبُ إلَّا بالانقِطاعِ. لم يَجِبِ الغُسْلُ؛ لأنَّ الشَّهِيدَةَ لا تُغَسَّلُ، ولو لم ينْقَطِع الدَّمُ المُوجِبُ للغُسْلِ. قاله المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشيُّ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة»، وغيرُهم. قال الطوفي في «شَرْحِ الْخِرَقِيِّ»: وتظهرُ فائدةُ الخِلافِ فيما إذا اسْتُشْهِدَتِ الحائضُ قبلَ الطهْرِ، هل تُغَسَّلُ للحيض؟ فيه وَجْهان؛ إنْ قُلْنا: يجِبُ الغُسْلُ عليها بخُروجِ الدَّمِ. غُسِّلَتْ لسَبْقِ الوجوبِ. وإنْ قُلْنا: لا يجبُ بالانْقِطاعِ. لم يجِبْ. انتهى. وقطَع جماعة أنه لا يجب الغُسْلُ على القَوْلَين، منهم المُصَنِّفُ؛ لأنَّ الطهْرَ شرْط في صحَّةِ الغُسْلِ، أو في السَّبَبَ الموجِبِ له، ولم يُوجَدْ. قال الطوفي في «شَرْحِه»، بعدَ ما ذكَر ما تقدَّم: وعلى هذا التَّفْرِيع إشْكال؛ وهو أنَّ الموتَ إمَّا أنْ يَنْزِلَ منزِلةَ انْقِطاعِ الدَّمِ أو لا، فإنْ نزَل مَنْزِلَتَه لَزِمَ وجوبُ الغُسْلِ؛ لتحَقُّقِ سبَبِ وجوبِه وشرْطِه على القوْلَين، وإنْ لم يَنْزِلْ مَنْزِلَةَ انْقِطاعِ الدَّمِ، فهي في حكْمِ الحائض على القوْلَين فلا يجبُ غُسْلُها؛ لأنَّا إنْ قُلْنا: المُوجِبُ هو الانْقِطاعُ. فسبَبُ الوُجوبِ مُنْتَفٍ، وإنْ قُلْنا: المُوجِبُ خروجُ الدَّمِ. فشرْطُ الوجوبِ وهو الانْقِطاعُ مُنْتَفٍ، والحكمُ يَنْتَفِي لانتِفاءِ شرْطهِ. انتهى. وذكَر أبو المَعالِي على القولِ الأوَّلِ، وهو وجوبُ الغُسْلِ بالخروجِ، احْتِمالين لتحَقُّقِ الشرطِ بالموْتِ، وهو غيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوجِبٍ. انتهى. قال الزَّرْكَشِي: وقد يَنْبَنِي أيضًا على قولِ الخِرَقِي أنَّه لا يجبُ، بل لا يصِحُّ غُسلُ مَيِّتَةٍ مع قيامِ الحَيضِ والنِّفاسِ، وإنْ لم تكُنْ شهِيدَةً، وهو قويٌّ في المذهبِ، لكنْ لا بدَّ أنْ يُلْحَظَ فيه أنَّ غُسْلَها للجَنابَةِ قبلَ انْقِطاعِ دَمِها لا يصِحُّ؛ لقيامِ الحَدَثِ، كما هو رأي ابنِ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وإذًا لا يصِحُّ غُسْلُ الموْتِ بقيامِ الحَدَثِ كالجَنابَةِ، وإذا لم يصِحَّ لم يَجِبْ حذارًا مِن تكْليفِ ما لا يُطاقُ، والمذهبُ صِحَّةُ غُسْلِها للجَنابَةِ قبلَ ذلك، فيَنْتَفِي هذا البِناءُ. انتهى. قلتُ: هذا القولُ الذي حَكاه بعدَمِ صحَّةِ غُسْلِ المَيِّتةِ لا يُلْتَفَتُ إليه، والذي يظهرُ أنه مُخالِف للإِجْماعِ، وتقدَّم قريبًا. وقال الطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقِي»: فرعٌ، لو أسْلمَتِ الحائضُ أو النُّفَساءُ قبلَ انْقِطاعِ الدَّمِ؛ فإنْ قُلْنا: يجبُ الغُسْلُ على مَن أسلَم مُطْلقًا. لَزِمَها الغُسْلُ إذا طَهُرَتْ للإِسْلامِ، فيَتَداخَلُ الغُسْلان، وإنْ قُلْنا: لا يجب. خُرِّجَ وجوبُ الغُسْلِ عليها عندَ انْقطاعِ الدم على القوْلَين في مُوجِبه؛ إنْ قُلْنا: يجبُ بخُروجِ الدَّمِ. فلا غُسْلَ عليها؛ لأنَّه وجَب حال الكفْرِ، وقد سقَط بالإِسْلامِ، لأنَّ الإسْلامَ يَجُبُّ ما قبلَه، والتَّقْديرُ أنْ لا غُسْلَ على مَن أسلَم، وعلى هذا تغتسلُ عندَ الطُّهْرِ نظافةً لا عبادةً، حتى لو لم تَنْوِ أَجْزأَها، وإنْ قُلْنا: يجبُ بالانْقِطاعِ. لَزِمَها الغُسْلُ؛ لأنَّ سببَ وُجوبِه وُجِدَ حالَ الإِسْلامِ، فصارَتْ كالمُسْلمةِ الأصْلِيَّةِ. قال: وهذا الفرْعُ إنَّما اسْتَخْرَجْتُه ولم أرَه لأحَدٍ، ولا سَمِعْتُه منه ولا عنه إلى هذا الحينِ، وإنَّما أقولُ هذا حيثُ قُلْتُه؛ تَمْييزًا للمَقولِ عن المنْقولِ، أداءً للأمانةِ. انتهى. فائدة: لا يجبُ على الحائضِ غُسْلٌ في حالِ حَيضِها مِنَ الجَنابَةِ ونحوها، ولكنْ يصِحُّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيها. ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «ابن تَميمٍ». واخْتارَه في «الحاوي الصَّغيرِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ» في هذا البابِ. وعنه، لا يصِحُّ. جزَم به ابنُ عَقِيلٍ في

وفي الولادَةِ العارية عن الدَّمِ وَجْهان. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّذْكِرَةِ»، و «المُسْتَوعِبِ» في بابِ الحيضِ. وأطْلقَهما في «الرِّعايَة الكُبرى» في موْضعٍ، و «الفائقِ» في بابِ الحَيضِ. وعنه، يجبُ. وجزَم في «الرعاية الكُبْرى»، أنَّه لا يصِحُّ وضوؤها، قال في «النُّكَتِ»: صرح غيرُ واحدٍ بأنَّ طهارتَها لا تصِحُّ. فعلَى المذهبِ يسْتحَبُّ غُسْلُها كذلك. قدَّمه ابنُ تَميم. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: يُسْتَحَبُّ غُسْلُها عندَ الجمْهورِ. واخْتارَه المَجْدُ. انتهى. وعنه، لا يُسْتَحَب. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». ويصِحُّ غُسْلُ الحَيضِ. [قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ وغيرُهما: ولذا لا تَمْنعُ الجَنابةُ غُسْلَ الحَيضِ، مع وُجودِ الجَنابَةِ] (¬1)، مثل إنْ أجْنَبَتْ في أثْناءِ غُسْلِها مِنَ الحَيضِ. وتقدم ذلك فيما إذا اجْتمعَتْ أحْداثٌ. قوله: وفي الولادَةِ العَرِيَّة عنِ الدَّمِ وجهان. وأطْلقَهُما في «الفُروعِ»، و «الهِداية»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المحرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ»، و «تَجريدِ العناية»، و «الزَّرْكَشِي». قال ابنُ رَزِين: والوَجْهُ الغُسْلُ. فأمَّا الولادَةُ الخالِيَةُ عنِ الدَّمِ، فقيلَ: لا غُسْلَ عليها. وقيل: فيها وَجْهان. انتهى؛ أحَدُهما، لا يجبُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ «الخِرَقِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الطَّريقِ الأقْرَبِ»، وغيرهم؛ لعدَمِ ذِكْرِهم. كذلك قال الطوفِي في «شرحِ الْخِرَقِي»: هذا الأفْقَهُ، وصحَّحه في «التَّصْحيح» وغيره، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكافي»، وابنِ رَزِين في «شَرْحِه» في بابِ الحَيضِ. والوَجْهُ الثَّاني، يجبُ. وهو روايةٌ في «الكافي». اختاره ابنُ أبي موسى، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ البَنَّا. وجزَم به القاضي في «الجامِع الكبيرِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» في بابِ الحيض. تنبيهان؛ أحَدُهما، قوله: العَرِيَّةُ عنِ الدَّمِ. مِن زَوائدِ الشَّارِحِ. الثَّاني، حكَى الخِلافَ وَجْهَين، كما حكَاه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمع البَحْرَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ رَزِين»، والطوفِيُّ في «شَرْحِه» وغيرهم. قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: فإن عَرَتِ المرأةُ عن نِفاس، وهذا لا يُتَصَوَّرُ إلَّا في السقْطِ، فهل يجبُ الغُسلُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وحكَى الخِلافَ رِوايتَين في «الكافي»، و «الفُروعِ». فائدة: اخْتَلَف الأصحابُ في العلَّةِ المُوجِبَةِ للغُسْلِ في الولادَةِ العَرِيَّة عنِ الدَّمِ؛ فقيلَ، وهو الصحيحُ عندَهم: إنَّ الولادَةَ مَظِنَّةٌ لدَمِ النفاس غالبًا، وأقيمَتْ مُقامَهُ، كالوطْءِ مع الإنْزالِ، والنومِ مع الحدَثِ. وعليه الجمهورُ. وقيل: لأنَّه مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ. وبه علَّلَ ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، فقال: لأنَّ الولدَ مخْلوق أصْلُه المَنِي، أشْبَهَ المَنِي، ويُسْتَبْرَأ به الرحِمُ، أشْبَهَ الحَيضَ. انتهى. وَرُدَّ ذلك بخُروجِ العَلَقَةِ والمُضْغَةِ، فإنَّها لا تُوجِبُ الغُسْل بلا نِزاع. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. فعلى الأوَّلِ، يحرُمُ الوَطْءُ قبلَ الغُسْلِ، ويَبْطُلُ الصَّوْمُ. وعلى الثَّاني، لا يحْرُمُ الوَطْءُ، ولا يبْطُلُ الصومُ. قاله ابنُ تَميمٍ. قال: وقال القاضي: [متى قُلْنا بالغُسْلِ، حصَل بها الفِطْرُ. انتهى. وكذا بَنَى صاحِبُ «الفائقِ» والزَّرْكَشي هذه الأحْكامَ] (¬1) على التَّعْليلَين. وأطْلَق في «الرِّعَايَة الكُبْرَى»، و «الحاوي الكبيرِ»، في تحْريمِ الوطْءِ، وبُطْلانِ الصوْمِ به قبلَ الغُسْلِ، الخِلافَ على القوْلِ بوُجوبِه. ¬

(¬1) سقط من: ش.

ومَن لَزِمَه الغُسْلُ حَرُمَ عليه قِراءَةُ آيَةٍ فصاعِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الوَلَدَ طاهرٌ. قال في «الفُروعِ»: والولدُ على الأصَح. وجزَم به في «الرعاية الكُبْرى» في بابِ النَّجاساتِ. وعنه، ليس بطاهر، فيَجِبُ غُسْلُه. وهما وَجْهان مُطْلقًا. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميم» ذكَرها في كتابِ الطهارةِ. فعلى المذهبِ، في وُجوبِ غُسْلِ الولَدِ مع الدَّمِ وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الرعاية الكُبْرى»، و «الحاوي الكبيرِ». قلتُ: الأوْلَى والأقْوَى الوجوبُ؛ لمُلابسَتِه للدَّمِ ومُخَالطَتِه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُوجِبُ الغُسْلَ سِوَى هذه السبعَةِ التي ذكَرها، وهو صحيحٌ، ويأتِي بعضُ مسائلَ في وُجوبِ الغُسْلِ فيها خِلاف، في الأغْسالِ المُستحَبَّةِ. قوله: ومَن لَزِمَه الغُسْلُ، حَرُمَ عليه قراءةُ آية فصاعدًا. وهذا المذهبُ مُطْلقًا بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يجوزُ قِراءَةُ آية. ونقلَ أبو طالبٍ، عن أحمدَ، يجوزُ قراءةُ آية ونحوها. قال في «التَّلْخيص»: وقيل: يُخَرَّجُ مِن تصْحيحِ خُطبةِ الجُنُبِ جوازُ قراءَةِ آيةٍ، مع اشْتِراطِها. وقال ابنُ عَقِيل في «وَاضِحِه»، في مسْألةِ الإعْجازِ: لا يحْصُلُ التَّحَدِّي بآية أو آيَتَين،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولهذا جَوَّزَ الشرعُ للجُنُبِ والحائض تِلاوَتَه؛ لأنَّه لا إعْجازَ فيه، بخِلافِ ما إذا طال. وقال أبو المَعالِي: لو قرأ آيَةً لا تَسْتَقِلُّ بمَعْنًى أو بحُكْم، كقوْلِه: {ثُمَّ نَظَرَ} (¬1) أو {مُدْهَامَّتَانِ} (¬2) لم يَحْرُمْ، وإلا حَرُمَ. قلتُ: وهو الصواب. وقيل: لا تُمْنَعُ الحائِضُ مِن قراءَةِ القُرْآنِ مُطْلقًا. اختاره الشيخُ تَقِي الدِّينِ. ونقَل الشَّافِعِي كراهةَ القِراءَةِ للحائض والجُنُبِ. وعنه، لا يَقْرَآنِ، والحائِضُ أشَدُّ. ويأتِي ذلك أوَّلَ بابِ الحيض. ¬

(¬1) سورة المدثر 21. (¬2) سورة الرحمن 64.

وفي بعضِ آيةٍ روايتان. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي بَعْضِ آيةٍ، روايتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «النظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم؛ إحْدَاهما، الجوازُ. وهو المذهبُ. قال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ويَحْرُمُ قِراءَةُ آيةٍ على جُنُب ونحوه. قال في «الإفاداتِ»: لا يقْرأ آيةً. وقال في «الفُروعِ»: ويجوزُ بعضُ آية على الأصَحِّ ولو كَرَّرَ، ما لم يَتَحَيَّلْ على قراءةٍ تَحْرُمُ عليه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». قال في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»: وله قِراءةُ بعض آية تَبَرُّكًا. قلتُ: الأولَى الجوازُ إنْ لم تكُنْ طويلةً، كآية الدَّينِ. والثَّانيةُ، لا يجوزُ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِي. وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال في «الشَّرحِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أظْهَرُهما لا يجوزُ. واختاره المَجْدُ في «شَرْحِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». فائدة: يجوزُ للجُنُبِ قِراءَةٌ لا تُجْزِيء في الصلاةِ؛ لإسْرارِها، في ظاهرِ كلام نقَله أبو المَعالِي. قاله في «الفُروعِ»، وقال غيرُه: له تَحْريكُ شَفَتَيه إذا لم يبيِّنِ الحُروفَ. وجزَم به في «الرعاية الكُبْرى». والصحيحُ مِنَ المذهبِ، له تَهَجِّيه. قال في «الرعاية»، و «الفُروعِ»: وله تَهَجِّيه في الأصَح. وقيل: لا يجوزُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ في بُطْلانِ صلاةٍ بتَهَجِّيه. هذا الخِلاف. وقال في «الفُصولِ»: تَبْطُل؛ لخُروجِه عن نَظْمِه وإعْجازِه. فائدة: قال في «الرعاية الكُبْرى»: له قِراءَةُ البَسْمَلَةِ تَبَرُّكًا وذِكرًا. وقيل: أو تَعوُّذًا، أو اسْتِرْجاعًا في مُصِيبَةٍ لا قراءةً. نصَّ عليه، وعلى الوضوءِ، والغُسْلِ، والتَّيَمُّم، والصيدِ، والذبْحِ. وله قولُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ}. عند تجَدُّدِ نِعْمَةٍ، إذا لم يُرِدِ القراءةَ، وله التَّفَكُّرُ في القُرآنِ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وله قولُ ما وافقَ قُرْآنًا ولم يَقْصِدْه. نصَّ عليه، والذِّكْرُ. وعنه: ما أحِبُّ أنْ يُؤذِّنَ؛ لأنَّه مِنَ القُرْآنِ. قال القاضي: في هذا التَّعْليلِ نظر. وعلَّلَه في رواية المَيمُونِي؛ بأنه كلام مجموعٌ. انتهى. وكَرِهَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ للجُنُبِ الذِّكْرَ، لا للحائض.

ويَجُوزُ له العُبُورُ في المسجدِ، ويَحْرُمُ عليه اللّبْثُ فيه، إلَّا أن يَتَوَضَّأ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال أبو المَعالي في «النهاية»: وله أنْ ينظُرَ في المُصْحَفِ مِن غيرِ تِلاوَةٍ، ويُقرأ عليه القُرآنُ، وهو ساكِتٌ؛ لأنَّه في هذه الحالةِ لا يُنْسَبُ إلى قراءةٍ. قوله: يَجُوزُ له العُبورُ في المَسْجدِ. يجوزُ للجُنُبِ عبورُ المَسْجِدِ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرعاية الصُّغْرى»، و «الحاوي الصّغيرِ»، و «التَّلْخيص»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهداية»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم؛ لإطْلاقِهم إباحةَ العُبورِ له. وقدَّمه في «الفُروعِ». و «الرعاية الكُبْرى». وقيل: لا يجوزُ إلَّا لحاجَةٍ. وهو ظاهرُ ما قطع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرَحِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وابنُ تَميم، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، وغيرُهم؛ لاقْتِصارِهم على الإباحَةِ لأجْلِ الحاجَةِ، وصرح جماعة منهم بذلك. وحمَل ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ على ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: كوْنُ المسْجدِ طريقًا قريبًا حاجَة. قاله المَجْدُ في «شَرْحِه». وتَبِعَه في «الرعاية»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرهم. قال ابنُ تَميم: وكوْنُ الطَّريقِ أقْصرَ، نَوْعُ حاجَةٍ، ذكَره بعضُ أصحابِنا. انتهى. قال في «الفُروعِ»، في آخِرِ الوَقْفِ: كرهَ أحمدُ اتِّخاذَه طريقًا، ومنع شيخُنا مِنَ اتِّخاذِه طريقًا. انتهى. وأمَّا مُرورُ الحائض والنُّفَساءِ، فيأتِي حُكْمُه في أوّلِ بابِ الحيض، وإنْ شَمِلَه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، ويأتِي قريبًا، إذا انقْطعَ دَمُها. فائدة: حيثُ أبحْنا للكافرِ دُخولَ المسْجدِ، ففي منْعِه وهو جُنُب وَجْهان. قاله في «الرِّعايتَين»، و «الآدابِ الكُبْرى»، و «القَواعِدِ الأصولِيَّة»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وابنُ تَميم ذكرَه في بابِ مَواضِع الصلاةِ، و «الفُروعِ» ذكره في باب أحْكامِ الذِّمَّةِ. قلتُ: ظاهرُ كلامِ مَن جَوَّزَ لهمُ الدُّخولَ الإطْلاقُ، وأكثرُهم يحْصُلُ له الجَنابَةُ، ولم نعلَمْ أحدًا قال باسْتِفْسارِهم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الأوْلَى، ويأتي ذلك في أحْكامِ الذِّمَّةِ. وبَنَى الخِلافَ بعضُ الأصحابِ على مُخَاطَبَتِهم بالفُروعِ وعدَمِها. فائدة: يُمْنَعُ السكْرانُ مِنَ العُبورِ في المَسْجِدِ، على الصَّحيح مِنَ المذهب. وللقاضي في «الخِلافِ» جواب بأنه لا يُمْنَعُ. ويُمْنَعُ أيضًا مَن عليه نجاسةٌ مِنَ اللُّبْثِ فيه. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، وتتعَدَّى، كظاهرِ كلامِ القاضي. قال بعضُهم: ويتَيمَّمُ لها لعُذْرٍ. قال في «الفُروعِ»: وهو ضعيف. قلتُ: لو قيل بالمنْع مُطْلقًا مِن غيرِ عُذْر لَكَانَ له وجْهٌ؛ صِيانَةً له عن دُخولِ النجاسَةِ إليه مِن غيرِ عُذْر. ويُمْنَعُ أيضًا المجْنونُ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يكره كصغير، على الصحيح مِنَ المذهبِ فيه. وأطْلَق القاضي في «الخِلافِ» مَنْعَ الصغيرِ والمَجْنونِ. ونقَل مُهَنَّا: يَنْبَغِي أنْ يُجَنبَ الصبيانُ. المساجِدَ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّصِيحَةِ»: يُمنعُ الصَّغِيرُ مِنَ اللَّعِبِ فيه، لا لِصَلاةٍ وقراءةٍ. وهو مَعْنى كلامِ ابنِ بَطَّةَ وغيرِه. قوله: ويَحْرُمُ عليه اللبْثُ فِيه إلَّا أنْ يَتَوَضَّأ. هذا المذهبُ في غيرِ الحائضِ والنُّفَساءِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثير منهم، وهو من مُفْرَدَاتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ وإنْ تَوضَّأ. نقَلها أبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ. واخْتاره ابنُ عَقِيل. قاله في «الفائقِ». وعنه، يجوزُ وإنْ لم يَتَوَضَّأ. ذكرَها في «الرعاية». ونقلَها الخَطَّابِيُّ عن أحمدَ. وقيل: في جُلوسِه فيه بلا غُسْل ولا وُضوءٍ روايتان. وتقدَّم حكمُ الكافرِ إذا جازَ له دُخولُ المَسْجِدِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. فوائد؛ منها، لو تعَذَّرَ الوضوءُ على الجُنُبِ، واحْتاجَ إلى اللبْثِ، جازَ له مِن غيرِ تَيَمُّم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وأبو المَعالِي: يتَيَمَّمُ. قال في «المُغْنِي»: القوْلُ بعدَمِ التَّيَمُّمِ غيرُ صَحيحٍ. قال في

فصل: والأغْسالُ المُسْتَحَبَّةُ ثلاثةَ عَشَرَ غُسْلًا؛ لِلجُمُعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوي الكبيرِ»: وهو الأقْوَى عندِي. وأما لُبْثُه فيه لأجْلِ الغُسْلِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَتَيَمَّمُ له. وقال ابنُ شِهَابٍ وغيرُه: وقدَّمه في «الفُروعِ». قال ابنُ تَميم: وفيه بُعْدٌ، مع اقْتِصارِه عليه. وقيل: لا يتَيَمَّمُ. ومنها، مُصَلَّى العيدِ مَسْجِدٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: هذا هو الصَّحيحُ. ومنَع في «المُسْتَوْعِبِ» الحائِضَ منه، ولم يَمْنَعْها في «النَّصِيحَةِ» منه. وأمَّا مُصَلَّى الجنائزِ، فليسَ بمَسْجِدٍ، قوْلًا واحِدًا. ومنها، حُكْمُ الحائضِ والنفَساءِ بعد انْقِطاعِ الدَّمِ، حكمُ الجُنُبِ فيما تقَرَّرَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقبل: لا يُبَاحُ لهما ما يُباحُ للجُنُبِ كما قبلَ ظُهْرِهما. نصَّ عليه. ويأتِي ذلك في بابِ الحيض. قوله: والأغْسالُ المُسْتَحَبةُ ثلاثةَ عَشَرَ غُسْلًا؛ لِلجُمُعَةِ. يعْني؛ أحدُها، الغُسْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للجُمُعَةِ. وهذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم، ونصَّ عليه. وعنه، يجبُ على مَنْ تَلْزَمُه الجُمُعَةُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ. وهو منَ المُفْرَداتِ. لكنْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصلاةِ اتِّفاقًا.، وأوْجبَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِن عَرَقٍ أو رِيحٍ يَتَأذَّى به النَّاسُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ أيضًا. تنبيه: محَلُّ الاسْتِحْبابِ أو الوُجوبِ حيثُ قُلْنا به، أنْ يكونَ في يوْمِها لحاضِرِها إنْ صَلَّى. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المرْأةَ لا يُسْتَحَبُّ لها الاغْتِسالُ للجُمُعَةِ. نصَّ

والعيدين، والاستسقاء، والكسوف، ومِنْ غُسْلِ الميت، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وقيل: يُسْتَحَبُّ لها. قال القاضي وغيرُه: ومَن لا يكونُ له الحُضورُ مِنَ النِّساءِ يُسَنُّ لها الغُسْلُ. قال الشَّارِحُ: فإنْ أتَاهَا مَن لا تَجِبُ عليه، سُنَّ له الغُسْلُ. وقدَّمه ابنُ تَميم، و «الرِّعايَة». وجزَم به في «الفائقِ». وقيل: لا يُسْتَحَبُّ للصَّبِي والمُسافرِ. ويأتي في الجُمُعَةِ وقْتُ الغُسْلِ، ووَقْتُ فَضِيلَتِه، وهل هو آكَدُ الأغْسال؟ قوله: والعِيدَينِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يجبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الاسْتِحْبابِ أو الوُجوبِ أنْ يكونَ حاضِرَهما ويُصَلِّي، سواء صلَّى وحدَه أو في جماعةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ إلا إذا صلَّى في جماعةٍ. وقال في «التَّلْخيص»: ليس لمنْ حضَره وإنْ لم يُصَل. قوله: والاسْتِسْقَاء والكُسُوف. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، قطَع به كثير منهم. وقيل: لا يسْتَحَبُّ الغُسْلُ لهما. ذكرَه في «التبصِرَةِ». وأطْلَقهما ابنُ تَميم. فائدة: وَقْتُ مَسْنُونِيَّةِ الغُسْلِ مِن طُلوعِ فَجْرِ يومِ العيدِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وهو قولُ القاضي، والآمِدِي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ»، و «مجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ تَميم»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم. وعنه، له الغُسْلُ بعدَ نِصْفِ لَيلَتِه. قال ابنُ عَقِيل: والمنْصوصُ أنَّه يُصِيبُ السُّنةَ قبلَ الفَجْرِ وبعدَه. وقال أبو المَعالِي: في جميع ليلَتِه أو بعدَ نِصْفِها، كالأذانِ، فإنه أقْرَبُ. قال في «الفُروعِ»: فيَجِئُ مِن قوْلِه وَجْه ثالث يخْتَصُّ بالسَّحَرِ كالأذَانِ. قلتُ: لو قيل: يكونُ وقْتُ الغسْلِ بالنِّسْبَةِ إلى الإدْراكِ وعَدَمِه. لَكانَ له وَجْهٌ. ووَقْتُ الغُسْلِ للاسْتِسْقاءِ عند إرادَةِ الخُروجِ للصَّلاةِ، والكسُوفِ عندَ وُقوعِه، وفي الحجِّ عندَ إرادةِ فعْلِ النُّسُكِ الذي يَغْتسل له، قريبًا منه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومِنْ غُسْلِ الميِّتِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ اسْتِحْبابُ الغُسْلِ مِن غُسلِ المَيِّتِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، لا يُسْتَحَبُّ. وهو وَجْهٌ ذكَره القاضي، وابنُ عَقِيل؛ قال ابنُ عَقِيل: لا يجِبُ ولا يُسْتَحَبُّ. قال: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وعنه، يجبُ مِنَ الكافرِ. وقيل: يجبُ مِن غُسلِ الحَيِّ أيضًا. وقيل: يجبُ مُطْلقًا.

والمَجْنُونُ، والمُغْمَى عليه، إذا أفاقا مِن غَيرِ احْتِلامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمَجْنُونُ، والمُغْمَى عليه، إذا أفاقا مِن غَيرِ احْتِلامِ. هذا المذهبُ بهذا القَيدِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يجبُ والحالةُ هذه. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ». وقيل: يجبُ مع وجودِ البِلَّةِ. قاله أبو الخَطَّاب. وقال ابنُ تَميم: ولا يجبُ بالجُنونِ والإِغمْاءِ غُسْل وإنْ وجَد بِلَّةً، إلَّا أنْ يَعلَمَ أنه مَنِي. وعنه، يجبُ بهما. وفيه وَجْهٌ؛ يجبُ إنْ كان ثَمَّ بِلةٌ مُحْتَمِلَةٌ، وإلَّا فلا. ويأتي كلامُه في «الهِداية» وغيرِها. قال ابنُ البَنا: إنْ قيل: إنَّ المَجْنونَ يُنْزِلُ. وجَب عليه الغُسْلُ. قال الطوفِي في «شَرْحِ الخِرَقي»، بعدَ كلام ابنِ البَنَّا: وهذا إشارةٌ إلى تَرْتيبِ الخِلافِ على أنَّ المجْنونَ يُنْزِلُ أو لا يُنْزِلُ. وقال بعضُ أصْحابِنا: إنْ تيَقَّنَ الحُلُمَ وجَب، وإلَّا فلا؛ لأنَّ الأصْلَ عدَمُه. وقال بعضُهم: إنْ تيقَّنَ وجَب، وإلَّا فرِوايَتَان. قلتُ: مأخَذُها إمَّا الترتِيبُ على احْتِمالِ الإنْزالِ وعدَمِه، أو النَّظر إلى أنَّ الأصْلَ عدَمُ الإِنْزالِ تارةً، وإلى الاحْتِياطِ لأنَّه مَظنةُ الإِنزالِ تارةً أخْرَى. قلتُ: التحْقيقُ أنْ يقال: إنْ تَيَقَّنَ الإنْزال وجَب الغُسْلُ، أو عَدَمَه فلا يجبُ، وإنْ تَرَدَّدَ فيه فهو مَحَلُّ الخِلافِ، وإنْ ظنه ظنًّا فهل يَلْحَقُ بما إذا تَيَقَّنَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بما إذا شَكَّ فيه؟ أو يُخَرَّجُ على تَعَارُضِ الأصْلِ والظَّاهِرِ؟ إذِ الظاهِرُ الإنْزالُ، والأصْلُ عدَمُه. ويَحْتَمِلُ أنْ يقال: إنْ تَحَقَّقَ الإِنْزالُ وجَب، وإلَّا خُرِّجَ على فِعْلِه، عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، هل هو للوُجوبِ، أو للنَّدْبِ؟ على ما عُرِفَ في الأصولِ. والمشْهورُ عندَ أصحابِنا أنَّه للوُجوبِ. هذا التقْريرُ يَقْتَضِي أنه واجب مُطْلقًا، تَيَقَّنَ الإنْزال أولًا، ولكنِ المشْهورُ عندَهم أنه لا يجبُ بدُونِ تَيَقنِ الإنْزالِ؛ اطِّراحًا للشَّكِّ، واسْتِصْحابًا لليَقِينِ. وحكَى ذلك ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا، وهو مع احْتِمالِه والاخْتِلافِ فيه عن أحمدَ وأصحابِه عجيب. انتهى كلامُ الطوفِيِّ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: إذا أفاقا مِن غيرِ احْتِلام. أنهما إذا احْتَلَما مِن ذلك يجبُ الغُسْلُ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرعاية الصُّغْرى»: وفي وُجوبِ الغُسْلِ بالإغْماءِ والجنونِ مُطْلقًا رِوايَتان. وقيل: إنْ أنزلَا وجَب، وإلا فلا. وقال في «الكُبْرَى»: وفي الإغْماءِ والجنونِ مُطْلقًا، وقيل: بلا

وغُسْلُ المُسْتَحاضَةِ لكلِّ صلاةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِلام، رِوايَتان. وقيل: إنْ أنزلَا مَنِيًّا، وقيل: أو ما يَحْتَمِلُه، وجَب الغُسْلُ، وإلَّا سُنَّ. وقال في «الحاوي الصَّغيرِ»: وفي الإغْماءِ والجُنونِ بلا حُلُم رِوايتان. وقال أبو الخطَّابِ: إنْ لم يُتَيَقَّنْ منهما الإِنْزالُ فلا غُسْلَ عليهما. انتهى. وقد يُفْهَمُ مِنَ «الرِّعايتَين» أنَّ لنا رِواية بعدَمِ الوُجوبِ وإنْ أنَزل، ولم أجِدْ أحدًا صرَّح بذلك، وهو بعيدٌ جدًّا مع تَحَقُّقِ الإنْزالِ. قوله: وغُسْلُ المُستَحاضةِ لكُلِّ صلاةٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يجبُ. حكَاها في «التبصِرَةِ» ومَن بعدَه. قال في «الرِّعايتَين»: يُسَنُّ غُسْلُها لكلِّ صلاة، ثمَّ لوقْتِ كلِّ صلاةٍ، ثم لكلِّ صلاةِ جَمْع في وَقْتِ الثَّانيةِ. وقيل: في السَّفَرِ، ثم في كلِّ يوم مرَّة مع الوضوءِ لوقْتِ كلِّ صلاةٍ. وعنه، يجبُ غُسْلُها لكلِّ صلاةٍ. وقيل: إذا جمَعتْ بينَ صلاتين فلا. انتهى.

والغسل للإحرام، ودُخُول مَكَّةَ، والوُقُوف بعَرَفَةَ. والمَبِيت بمُزْدَلِفَةَ، ورمي الجمار، والطواف. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: والغُسْلُ للإحْرامِ. دُخولُ الذَّكَرِ والأنثى، والطَّاهرُ والحائضُ والنُّفَساءُ. وهو صحيح. صرَّح به الأصحابُ. قوله: ودخول مكَّةَ، والوُقوف بِعرَفَةَ، والمَبِيت بِمُزْدَلِفَةَ، ورَمْي الجِمَارِ، والطواف. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الغُسْلِ للوُقوفِ بعَرَفَةَ، وطَوافِ الوَداعِ، والمَبيتِ بمُزْدَلِفَةَ، ورَمْي الجِمارِ، وقال: ولو قُلْنا باسْتِحْبابِ الغُسْلِ لدُخولِ مكَّةَ، كان الغُسْلُ للطوافِ بعدَ ذلك فيه نوْعُ عبَثٍ لا معْنى له. فائدة: قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ الغُسْلُ لدخولِ مكَّةَ، ولو كانت حائضًا أو نُفَسَاءَ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يُسْتَحَبُّ لها ذلك. قال في «الفُروعِ»: ومثْلُه أغْسالُ الحَجِّ. تنبيه: ظاهرُ حَصْرِه الأغْسال المُسْتَحَبَّةَ في الثلاثَةَ عشرَ المُسمَّاةِ، أنه لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْتَحَبُّ الغُسْلُ لغيرِ ذلك، وبَقِي مسائلُ لم يذْكُرْها؛ منها، ما نقلَه صالِح أنَّه يُسْتَحَبُّ لدُخولِ الحرَمِ. ومنها، ما ذكره ابنُ الزَّاغُونِيِّ أيضًا في «مَنْسَكِه»، أنَّه يُسْتَحَبُّ للسَّعْي. ومنها، ما ذكره ابنُ الزَّاغُونِي في «منْسَكِه» أيضًا، وصاحِبُ «الإِشارَةِ»، و «المُذْهَبِ»، أنَّه يُستحَبُّ لَيالِي مِنًى. ومنها، استِحْبابُه لدُخولِ المدينَةِ المُشَرَّفَةِ، على ساكِنِها أفضْلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، في أحَدِ الوَجْهَينَ. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: نصَّ أحمدُ على اسْتِحْبابِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنه لا يُسْتَحب. قدَّمه في «الفُروعِ». ومنها، اسْتِحْبابُه لكلِّ اجْتِماع يُستَحَبُّ، على أحَدِ الوَجْهَين. قال ابنُ عُبَيدان: هذا قِياسُ المذهبِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنه لا يُسْتحَبُّ. قدَّمه في «الفُروعِ». ومنها، ما اختاره صاحِبُ «الرعاية»، أنَّه يُسْتَحَبُّ للصَّبِي إذا بلَغ بالسِّنِّ والإِنْباتِ. ولم أره لغيرِه. ومنها، الغُسْلُ للحِجَامَةِ، على إحْدَى الرِّوايتَين. اختاره القاضي في «المُجَرَّدِ»، والمَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِ الهِدَايةِ»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وصَحَّحاه. وقدَّمه في «الرعاية الكُبْرى». وعنه، لا يُسْتَحَبُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وأطْلَقَهُما ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان. فوائد؛ الأولى، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ الغُسْلَ مِن غُسْلِ المَيِّتِ آكَدُ الأغْسالِ، ثم بعدَه غُسْلُ الجُمُعَةِ آكَدُ الأغْسالِ. وقيل: غُسْلُ الجُمُعَةِ آكَدُ مُطْلقًا. [صَحَّحَه في «الرعاية» قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬1). وأطْلقَهما ابنُ تَميم. والثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا يُسْتحَبُّ الغُسْلُ له للحاجَةِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. ونقَله صالِحٌ في الإحْرامِ. وقيل: لا يَتَيمَّمُ. واختاره جماعةٌ مِنَ الأصحابِ في الإحْرام، على ما يأتي. وأطْلَقَهما ابنُ عُبَيدان. وقيل: يَتَيَمَّمُ لغير الإحْرامِ. والثَّالثةُ، يتَيمَّمُ لِمَا يُسْتَحَبُّ الوضوءُ له لعُذْرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرعاية»، أنه لا يَتَيَمَّمُ لغيرِ عُذْرٍ. قال في «الفُروعِ»: وتَيَمُّمُه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، يَحْتَمِلُ عدَمَ الماء. قال: ويَتَوَجَّهُ احْتِمال في رَدِّه السَّلامَ، عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ؛ لِئَلا يفُوتَ المقْصودُ، وهو رَدُّه على الفَوْرِ. وجوَّزَ المَجدُ. وغيرُه التيَّمِّمَ لِمَا يُسْتَحَبُّ له الوضوءُ مُطْلقًا؛ لأنها مُسْتَحَبَّة فَخَفَّ أمْرُها. وتقدَّم ما تُسَنُّ له الطَّهارةُ في بابِ الوضوءِ، عندَ قولِه: فإنْ نوَى ما تُسَنُّ له الطهارَةُ. ¬

(¬1) بعد هذا في: «وصححه في الرعاية الكبرى. وقيل: غسل الميت آكد مطلقًا».

فصل في صفة الغسل

فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْغسْلِ وَهُوَ ضَرْبَانِ؛ كَامِلٌ يأتي فِيهِ بِعَشرةِ أشيَاءَ، النيةِ، والتسمِيَةِ، وَغَسْل يَدَيه ثَلَاثًا، وغَسْلِ مَا بِهِ مِنْ أذى، وَالْوُضُوءِ، ويَحْثِي عَلَى رَأسِهِ ثَلَاثًا، يُرَوِّى بِهَا أصُولَ الشَّعَرِ، وَيفيض الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِه ثَلاثًا، وَيَبْدَأ بِشِقِّهِ الْأيمَنِ، وَيَدْلُكُ بَدَنَهُ بيَدَيهِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَيَغْسِلُ قَدَمَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في صفةِ الغُسْلِ: وهو ضَرْبانِ؛ كامِل يأتي فيه بعشَرَةِ أشياءَ؛ النية، والتَّسْمِيَة، وغَسلِ يَدَيه ثلاثًا. قَبْلَ الغُسْل. وغَسلِ ما به من أذًى، والوضوءِ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه يتَوَضأ وُضوءًا كامِلًا قبلَ الغُسْلِ، وعليه الأصحاب، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، الأفْضَلُ أنْ يُؤخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيه حتى يَغْتَسِلَ. وعنه، غَسْلُ رِجْلَيه مع الوضوءِ، وتأخِيرُ غَسْلِهما حتى يَغْتَسِلَ سواءٌ في الأفْضَلِيَّةِ. وأطْلَقَهُن ابنُ تَميم. وعنه، الوضوءُ بعدَ الغُسْلِ أفْضَلُ. وعنه، الوضوءُ قبلَه وبعده سواء. تنبيه: يَحْتَمِلُ قوله: ويَحْثِي على رأسه ثلاثًا يُرَوِّى بها أصول الشعَرِ. أنه يُرَوِّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَجْموعِ الغُرُفاتِ، وهو ظاهرُ كلامِه هنا، وظاهرُ كلامِ الخِرَقي، وابنِ تَميم، وابنِ حَمْدانَ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يُرَوِّىَ بكلِّ مَرَّةٍ، وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: بكُلِّ مرَّةٍ. قال في «الفُروعِ»: ويُرَوِّى رأسه، والأصَحُّ ثلاثًا. وجزَم به في «الفائقِ». واسْتَحَبَّ المُصَنِّفُ وغيره تَحليلَ أصولِ شَعَرِ رأسه [ولِحْيته] (¬1) قبلَ إفاضَةِ الماءِ. قوله: ويُفيضُ الماءَ على سائِرِ جَسَدِه ثلاثًا. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطع به. في «الهِداية»، و «الإيضاحِ»، و «االفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافي»، و «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغاية»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِي: وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وقيل: مَرَّةً. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقي، و «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخيص»، و «الخُلاصَةِ»، وجماعَةٍ. واختاره الشيخُ تَقِي الدِّينِ. قال الزَّرْكَشِي: وهو ظاهرُ الأحاديثِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فائدة: قولُه: ويَبْدَأ بِشِقِّه الأيمَنِ. بِلا نِزاع. ويَدْلُكُ بَدَنَه بيدَيه. بلا نِزاعٍ أيضًا. قال الأصحابُ: يتَعاهَدُ معاطِفَ بدَنِه وسُرَّتَه وتحتَ إبِطيه، وما يَنُوءُ عنه الماءُ. وقال الزَّرْكَشِي: كلامُ أحمدَ قد يَحْتَمِلُ وجوبَ الدَّلْكِ.

وَمُجْزِئ؛ وَهُوَ أنْ يَغْسِلَ مَا بِهِ مِنْ أذًى، وَيَنْوِي، وَيَعُمَّ بَدَنَهُ بِالْغَسْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَنْتَقِلُ مِن مَوْضِعِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثَرُهم. قال في «التَّسْهيلِ» وغيرِه: وغسَل رِجْلَيه ناحِيَةً، لا في حَمَّام ونحوه. وقال في «الفائقِ»: ثم يَنْتَقِلُ عن موْضِعِه. وعنه، لا. وعنه، إنْ خافَ التَّلَوُّثَ. قوله: فَيَغْسِلُ قَدَمَيه. هذا المذهبُ مطلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا يُعيدُ غَسلَهما إلَّا لِطين ونحوه؛ كالوضوءِ. تنبيه: يَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ بقوْلِه: ومُجْزِئٌ وهو أنْ يغْسِلَ ما به مِن أذًى يُصِيبُه مِن فَرْجِ المرأةِ، فإنْ كان مُرادَه، فهو على القوْلِ بنَجاسَتِه على ما يأتي، وإلَّا فلا فائدةَ فيه. ويَحْتَمِلُ أنْ يريدَ به أعَمَّ مِن ذلك، فيكونَ مُرادُه النَّجاسَةَ مُطْلقًا، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْلَى. وحمَلَ ابنُ عُبَيدان كلامَه على ما إذا كان عليه نَجَاسَة أو أذًى، ثم قال: وكذلك إنْ كانت على سائرِ بدَنِه، أو على شيء مِن أعْضاء الحدَثِ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: والمُرادُ به ما على الفرْجِ مِن نَجاسَةٍ، [أو مَنِيٍّ، أو نحو ذلك. وقال في «مَجْمَع البَحْرَينِ»: والمُرَادُ ما عَلَيه مِن نَجَاسَةٍ] (¬1). قال: وهو أجْوَدُ مِن قوْلِ أبي الخَطَّابِ: أنْ يغْسِلَ فرْجَه. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ: مُرادُه النَّجاسَةُ. واعلمْ أنَّ النجاسَةَ إذا كانت على مَوْضِع مِنَ البَدَنِ، فتارَةً تَمْنَعُ وصولَ الماءِ إلى البَشَرَةِ، وتارةً لا تَمْنَعُ؛ فإنْ مَنَعَتْ وصولَ الماءِ إلى البدَنِ، فلا إشْكال في تَوَقُّفِ ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةِ الغُسْلِ على زَوالِها، وإنْ كانتْ لا تَمنَعُ، فقدَّم المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، وصَحَّحُوه، أنَّ الحدَثَ لا يَرْتَفِعُ إلَّا مع آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عندَها. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المنْصوصُ عن أحمدَ. وقال في «النَّظْمِ»: هو الأقْوَى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ الغُسْلَ يصِحُّ قبلَ زَوالِ النَّجاسَةِ كالطَّاهراتِ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهرُ كلاءِ طائفةٍ مِنَ الأصحابِ. واختاره ابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعاية الكُبْرَى». وأطْلَقَهُما ابنُ تَميم. وقيل: لا يَرْتَفِعُ الحَدَثُ إلَّا بغَسْلَةٍ مُفْرَدَةٍ بعدَ طَهارَته. ذكره ابنُ تَميم. حكَاه عنه ابنُ عُبَيدان. فعلَى القوْلِ الأوَّلِ، تتوَقَّفُ صِحَّةُ الغُسْلِ على الحُكْمِ بزَوالِ النَّجاسَةِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشي: وهو ظاهرُ كلامِ أبي محمدٍ في «المُقْنِع». ثم قال: لكنَّ لفْظَه يُوهِمُ زَوال ما به مِن أذًى أوَّلًا، وهذا الإِيهامُ ظاهرُ ما في «المُسْتَوْعِبِ»؛ فإنَّه قال في المُجْزِئ: يُزيلُ ما به مِن أذًى، ثم يَنْوي. وتَبِعا في ذلك، والله أعلمُ، أبا الخَطَّابِ في «الهِداية»، لكنَّ لفْظَه في ذلك أبيَنُ مِن لَفْظِهما، وأجْرَى على المذهبِ؛ فإنَّه قال: يَغْسِلُ فرْجَه ثم يَنْوى. وكذلك قال ابنُ عَبْدُوس في المُجْزِئ: ينْوي بعدَ كمالِ الاستنْجاءِ، وزَوالِ نجاسَتِه إنْ كانت. ثم قال الزَّرْكَشِي: وقد يُحْمَلُ كلامُ أبي محمدٍ، والسَّامَرِّيِّ، على ما قال أبو الخَطَّابِ، ويكونُ المرادُ بذلك الاسْتِنْجاءَ بشَرْطِ تقَدُّمِه على الغُسْلِ، كالمذهبِ في الوضوءِ، لكنَّ هذا قد يُشْكِلُ على أبي محمدٍ؛ فإنَّ مُخْتارَه في الوضوءِ أنَّه لا يجِبُ تقْديمُ الاسْتِنْجاءِ عليه. قال: ويَتَلَخَّصُ لي أنه يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ الغُسْلِ تقَدُّمُ الاسْتِنْجاءِ عليه، إنْ قُلْنا: يُشْتَرَطُ تقدُّمُه على الوضوءِ. وإنْ لم نقُلْ ذلك، وكانتِ النَّجاسَةُ على غيرِ السَّبيلَين، أو عليهما غيرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خارِجَةٍ منهما، يُشْترَطُ التَّقْديمُ، ثم هل يَرْتَفِعُ الحدَثُ مع بَقاءِ النَّجاسةِ، أو لا يرتفعُ إلَّا مع الحُكْمِ بزَوالِها؛ فيه قوْلان. انتهى كلامُ الزَّرْكَشي. وذكَر صاحِبُ «الحاوي» ما وافَقَ عليه المَجْدُ كما تقدم؛ وهو أنَّ الحدَثَ لا يَرْتَفِعُ إلَّا مع آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عندَها، ولم يذْكُرْ في المُجْزِئ غَسْلَ ما به مِن أذًى، فظاهِرُه أنَّه لا يُشتَرطُ، فظاهِرُه التَّناقُضُ. تنبيه: حكَى أكثر الأصحابِ الخِلافَ في أصْلِ المسْألَةِ وَجْهَين أو ثلاثًا، وحكاه في «الفُروعِ» رِوايتَين. قولُه: ويَعُمُّ بدَنَه بالغَسْل. فشَمِلَ الشَّعَرَ وما تحتَه مِنَ البَشَرَةِ وغيرَه، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «المُغْنِي»: وهو ظاهِرُ قوْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قلتُ: وصرَّح به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يجِبُ غَسْل الشَّعَرِ المُسْتَرْسِلِ. ذكَره في «الفُروعِ». وأطْلَقهُما في «القواعِدِ». فظاهِرُه إدْخالُ الظُّفْرِ في الخِلافِ. [ونَصر في «المُغْنِي»، أنه لا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعَرِ المُسْتَرْسِلِ] (¬1). وقال هو وصاحبُ «الحاوي الكبيرِ»: ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقي. لكنْ قال الزَّرْكَشِي: لا يَظهَرُ لي وَجْهُ احْتِمَالِ كَلامِ الْخِرَقِي لذلك. وقيل: لا يجبُ غَسْلُ باطِنِ شَعَرِ اللِّحْيَةِ الكثِيفَةِ. اخْتارَه الدِّينَوَرِيُّ؛ ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: باطِنُ شَعَرِ اللِّحْيَةِ الكثيفةِ في الجَنابَةِ كالوضوءِ. وقيل: يجبُ غَسْلُ الشَّعَرِ في الحَيضِ دُونَ الجَنابَةِ. فوائد؛ منها، لا يجبُ غَسْلُ ما أمْكَن غَسْلُه مِن باطنِ فَرْجَ المرأةَ؛ مِن جَنابَةٍ، ولا نَجاسَةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال المَجْدُ: هذا أصَحُّ. وقدَّمه ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ». وقال القاضي: يجبُ غَسْلُهما معها إذا كانت ثيبًا؛ لإمْكانِه من غيرِ ضَرَر، كحَشَفَةِ الأقْلَفِ. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وقال في «الحاوي الكبيرِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يجِب إيصالُ الماءِ إلى باطِنِ الفَرْجِ إلى حيثُ يصِلُ الذَّكَرُ إنْ كانتْ ثيبًا، وإنْ كانتْ بِكْرًا فلا. قال: فعلَى هذا لا تُفْطِرُ بإدْخالِ الإِصْبَع والماءِ إليه. وقيل: إنْ كان في غُسْلِ الحَيض وجَب إِيصالُ الماء إلى باطِنِ الفَرْجِ، ولا يجبُ في غُسْلِ الجَنابَةِ. وتقدَّم ذلك في بابِ الاسْتِنْجاءِ بأتمَّ مِن هذا. ومنها، يجبُ على المرأةِ إيصالُ الماءِ إلى مُلْتَقَى الشُّفرَين، وما يَظْهَرُ عندَ القُعودِ على رِجْلَيها لقَضاءِ الحاجةِ. قاله في «الحاوي» وغيرِه. ومنها، يجبُ غَسْلُ حَشَفَةِ الأقْلَفِ المَفْتُوقِ. جزَم به ابنُ تَميمٍ. وقيل: لا يجبُ. وأطْلقَهما في «الرعاية الكُبْرى». ومنها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجبُ نَقْضُ شَعَرِ رأس المرأةِ لغُسْلِ الحيض، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو مُخْتارُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجبُ. وحكَاه ابنُ الزَّاغُونِي رِوايةً. واختاره ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ عَبْدُوس، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وابنُ عُبَيدان. وقدَّمه في «الفائق». قال الزَّرْكَشِيُّ: والأوْلَى حمْلُ الحدِيثَين على الاسْتِحْبابِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». تنبيه: كثير مِنَ الأصحابِ حكَى الخِلافَ نصًّا ووجْهًا، وبعضُهم حكَاه وَجْهَين، وحكَاه في «الكافي»، و «ابنِ تَميم»، وغيرِهما رِوايتَين، وتقدَّم نقْلُ ابنِ الزَّاغُوني. ومنها، لا يجبُ نَقْضُ شَعَرِ الرأس لغُسْلِ الجَنابَةِ مُطْلقًا، على الصحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم. وقيل: يجبُ. وقيل: يجبُ إنْ طالتِ المُدَّةُ، وإلَّا فلا. اختاره ابنُ الزَّاغُونِي. قلتُ: الأوْلَى أنْ تكونَ كالحائض، والحالةُ هذه العِلَّةُ الجامعَةُ. فائدة: قولُه (¬1): ويَعُمَّ بَدَنَه بالغَسْلِ. بلا نِزاع، لكنْ يكْتَفِي في الإسْباغِ بغَلَبَةِ الظنِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يُحَرِّكُ خاتَمَه في الغُسْلِ؛ ليَتَيَقَّنَ وُصولَ الماءِ. تنبيه: ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ أنَّه لا يشتَرِطُ المُوالاةَ في الغُسْلِ، وهو صَحِيح، وهو المذهبُ، وعليهَ أكثرُ الأصحابِ، كالترتيبِ. وعنه، تُشْتَرَطُ المُوالاةُ. حكَاها ابنُ حامِدٍ. وحكَاها أبو الخَطَّابِ وغيره وَجْهًا. وقدمه في «الإيضاحِ» ¬

(¬1) سقط من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في آخِرِ البابِ، وجزَم به في أوَّلِ البابِ، وتقدَّم ذلك في الوضوءِ عند الكلامِ على المُوالاةِ. وقال في «الرعاية»: وعنه، تجبُ البَداءَةُ بالمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ في الغُسْلِ. فعليها يجبُ الترتِيبُ بينَهما وبينَ بقِيَّةِ البَدَنِ، وتقدَّم نظِيرُها في سنَنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوضوءِ. فائدة: إذا فاتَتِ المُوالاةُ في الغُسْلِ أو الوضوءِ، وقُلْنا بعدَمِ الوجوبِ، فلا بُدَّ للإتْمامِ مِن نِيَّةٍ مُسْتَأنَفَةٍ. وتقدَّم ذلك أيضًا في المُوالاةِ في الوضوءِ بأتَم مِن هذا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ الأوَّلُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وُجوبُ غَسْلِ داخلِ العَينَين. وهو رِواية عن أحمدَ. واخْتارَها صاحِبُ «النِّهايَة». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا يجبُ، وعليه الجمهورُ، بل لا يُسْتَحَبُّ، وتقدم ذلك مُسْتَوْفى في الكلامِ على غَسْلِ الوَجْهِ في الوضوءِ. والثَّاني، لم يذْكُرِ المُصَنِّفُ هنا التَّسْمِيَةَ، وهو ماشٍ على اخْتِيارِه في عدَمِ وُجوبِها في الوضوءِ، كما تقدَّم ذلك. واعلمْ أنَّ حُكْمَ التسْمِيَةِ على الغُسْلِ كهِيَ على الوضوءِ، خِلافًا ومَذْهبًا واخْتِيارًا. وقيل: لا تجبُ التسْمِيَةُ لغُسْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الحيض قال في «القَواعِدِ الأصولِيَّةِ»: يحْسُنُ بِناءُ الخِلافِ في أنهم هل هم مُخاطَبون بفُروعِ الإسْلامِ أم لا؟ فائدة: يُسْتَحَبُّ السِّدْرُ في غُسْلِ الحيض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهِرُ نقْلِ المَيمُونِي، وكلام ابنِ عَقِيل، وُجوبُ ذلك، وقاله ابنُ أبي موسى. ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ تأخُذَ مِسْكَا فتَجْعَلَه في قُطنةٍ أو شيءٍ، وتجْعَلَه في فَرجِها بعدَ غُسْلِها، فإنْ لم تَجِدْ فَطِينًا لتَقْطَعَ الرائحَةَ، ولم يذْكُرِ المُصَنِّفُ الطينَ. وقال في

ويتوضأ بالمد , ويغتسل بالصاع , فإن أسبغ بدونهما أجزأه. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايَة»، وغَيرِهما: فإنْ تَعَذَّرَ الطينُ، فبِماءٍ طَهُورٍ. وقال أحمدُ أيضًا في غُسْلِ الحائض والنُّفَسَاءِ: كَمَيِّتٍ. قال القاضي في «جامِعِه»: معْناه يجبُ مَرَّةً، ويُسْتَحَبُّ ثلاثًا، ويكونُ السدْرُ والطيبُ كغُسْلِ المَيتِ. ويُسْتَحَبُّ في غُسْلِ الكافرِ إذا أسْلَم السِّدْرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كإزالةِ شَعَرِه. وأوْجَبَه في «التَّنْبِيهِ»، و «الإِرْشادِ». تنبيه: قوله: [ويَتَوَضَّأ بالمُدِّ] (¬1)، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ. الصَّحيح مِنَ المذهبِ أنَّ الصَّاعَ هنا خَمْسةُ أرْطالٍ وثُلُثُ رَطْلٍ، كصَاعِ الفِطرةِ والكَفَّارةِ والفِدْيَة، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. ونقَله الجماعةُ عن الإِمامِ أحمدَ. وأوْمَأ في رواية ابنِ مُشَيشٍ (¬2) أنَّه ثَمانِيَةُ أرْطالٍ في الماءِ خاصةً، واخْتارَه القاضي في «الخِلافِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وقال: هو الأقْوَى. وتقدَّم قَدْرُ الرَّطْلِ في آخِرِ كتابِ الطهارةِ، [والخِلافُ فيه. والمُدُّ، رُبُعُ الصَّاعِ] (2). ¬

(¬1) سقط من: ش. (¬2) محمد بن موسى بن مشيش البغدادي، من كبار أصحاب الإمام أحمد، روى عنه، وكان الإمام يقدمه ويعرف حقه. تاريخ بغداد 3/ 240.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: فإِنْ أسبَغَ بِدُونِهما أجزَأه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المعْروفُ مِنَ الرِّوايتَين. وقيل: لا يُجْزِيء. ذكره ابنُ الزَّاغُونِي فمَن بعدَه، وقد أوْمَأ إليه أحمدُ. فعلَى المذهبِ، هل يكونُ مَكْروهًا بدُونِهما؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، أحَدُهما، يكره. وجزَم به في «الرعايةِ الكُبْرَى». والثَّاني، لا يكره. قلتُ: وهو الصَّوابُ لفِعْلِ الصَّحابةِ ومَنْ بعدَهم كذلك.

وَإذَا اغْتَسلَ يَنْوي الطَّهَارَتَينِ أجزأ عَنْهُمَا. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأ عَنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإذا اغْتَسَلَ يَنْوي الطهارتَين أجْزأ عنهما. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به كثير منهم. وعنه، لا يجوزُ حتى يَتَوَضَّأ، إمَّا قبلَ الغُسْلِ أو بعدَه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وسواءٌ وُجِدَ منه الحدَثُ الأصْغَرُ أوْ لا، نحو أنْ يكونَ قد فكَّر أو نظرَ، فانْتقَل المَنِيُّ. ذكَره المَجْدُ في «شَرْحِه». وتقدَّم ذلك في آخِرِ البابِ قبلَه. واخْتارَ أبو بَكرٍ أنَّه يُجْزِئه عنهما إذا أتَى بخَصائصِ الوضوءِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الترتيب، والمُوالاةِ، ومسْحِ رأسه، والَّا فلا. وقطعَ به في «المُبْهِجِ». قال في «الرعاية»: وقيل: أو غسَل رأسَه ثم رِجْلَيه أخِيرًا. انتهى. وقيل: لا يَلْزَمُ الجُنُبَ مع الغُسْلِ وضوء بدُونِ حدَثٍ يُوجبُه، قبلَه أو بعدَه. اختاره ابنُ حامدٍ، وذكره الدِّينَوَرِي وجْهًا؛ أنَّه إنْ أحْدَث ثم أَجْنَب، فلا تَداخُلَ. وقيل: مَن أحْدَث ثم أجْنَب، أو أجْنَب ثم أحْدَث، يَكْفِيه الغُسْل على الأصَحِّ. ويأتي كلامُ الشيخ تَقِي الدِّينِ قريبًا. وقال في «الرِّعايَة»: ولو غسَل بدَنَه ناويًا لهما، ثم أحْدَث، غسَل أعْضاءَ الوضوءِ ولا تَرْتِيبَ. وقيل: لو زالتِ الجَنابَةُ عن أعْضاءِ الوضوءِ به، ثم اغْتسَل لهما لم يتَداخَلا، وإنْ غسَل بدَنَه إلَّا أعْضاءَ الوضوءِ تَداخَلا. وقيل: لو غسَل الجُنُبُ كلَّ بدَنِه إلا رِجْلَيه، ثم أحْدَث وغسَلهما، ثم غسَل بقِيَّةَ أعْضاءِ الوضوء أجْزأه. انتهى. قال القاضي، في «الجامِع الكبيرِ»: لو أجْنَب فغسَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جميعَ بدَنِه إلَّا رِجْلَيه، ثم أحْدَث وغسَل رِجْلَيه، ثم غسَل وَجْهَه ويدَيه، ثم مسَح رأسَه. قال: وليس في الأصولِ وضوء يُوجِبُ الترتيبَ في ثلاثةِ أعْضاءٍ، ولا يجبُ في الرِّجْلَين إلَّا هذا. وعلَّلَه [فيُعايَى بها] (¬1). وقال: إنْ أجْنَب فغسَل أعْضاءَ وُضوئِه، ثم أحْدث قبلَ أنْ يغْسِلَ بقِيَّةَ بدَنِه، غَسَلَ ما بَقِيَ مِن بَدنِه عنِ الجَنابَةِ، وغسَل أعْضاءَ وُضوئِه عنِ الحدَثِ على الترتيبِ، وإنْ غسَل بدَنَه إلَّا أعْضاءَ وضوئِه ثم أحْدَث، ¬

(¬1) سقط من: ش.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُب إِذَا أرَادَ النَّوْمَ، أو الْأكْلَ، أو الْوَطْءَ ثَانِيًا أَن يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غسَل أعْضاءَ وُضوئِه منها ولم يَجِبْ تَرْتِيبٌ. انتهى. [فعلى المَذْهبِ، لو نَوَى رَفْعَ الحَدثِ وأطْلقَ، ارْتفَعا على الصَّحيحِ مِنَ المذْهب. وقال في «الفُرُوعِ»] (¬1): وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ عكْسُه، كالرِّوايةِ الثَّانيةِ. وقيل: يجبُ الوضوءُ فقط. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أنه إذا نَوَى الطهَارَة الكُبْرَى فقط، لا يُجْزِئُ عنِ الصُّغْرَى، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابَ، وقطَع به كثير منهم. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّين: يرْتَفِعُ الأصْغَرُ أيضًا معه. وقاله الأزجِيُّ أيضًا. وحكَاه أبو حَفْص البَرْمَكِيُّ رِوايةً. ذكره ابنُ رَجَبٍ في القاعدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ. فائدتان، إحْدَاهما، مثلُ نِيَّةِ الوضوءِ والغُسْلِ، لو نوَى به اسْتِباحَةَ الصَّلاةِ، أو أمرًا لا يُبَاحُ إلَّا بالوضوءِ والغُسْلِ، كمَسِّ المُصْحَفِ ونحوه، لا قراءةِ القُرَآنِ ونحوه. والثَّانيةُ، لو نوَتْ مَنِ انقْطَع حَيضُها بغُسْلِها حِلَّ الوَطْءِ، صحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ؛ لأنَّها إنَّما نوَتْ ما يوجِبُ الغُسْلَ، وهو الوَطْءُ. ذكره أبو المَعالِي. قولُه: ويُسْتَحَبُّ للجُنُبِ إذا أراد النَّوْمَ، أو الأكْلَ، أو الوَطْءَ ثانيًا، أن يَغْسِلَ فَرْجَه، ويَتَوَضَّأ. إذا أرادَ الجُنُبُ النوْمَ، يُسْتَحَبُّ له غَسْلُ فَرْجهِ ووُضوءُه مُطْلقًا، ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُستحَبُّ ذلك للرَّجُلِ فقط. [قال ابنُ رَجَبٍ في «شرحِ البُخارِي»: هذا المنصوصُ عن أحمدَ] (¬1). وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: في كلامِ أحمدَ ما ظاهِرُه وُجوبُه. فعلَى القولِ بالاسْتِحْبابِ يُكْرَهُ تَرْكُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: لا يكره. واختاره القاضي. وإذا أرادَ الأكْل وكذا الشُّربَ، اسْتُحِبَّ له غَسْلُ فَرْجِه ووُضوءه قبلَه، على، الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُستحَبُّ للرّجُلِ فقط. وعنه، يَغْسِلُ يدَه ويَتَمَضْمَضُ فقط. وعلى كل قوْل، لا ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَه ترْكُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. قاله ابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الرعايَة». وقيل: يُكره. وصَحَّحَه ابنُ تَميم. [وإذا أرادَ مُعاوَدَةَ الوَطْءِ، استُحِبَّ له غَسْلُ فَرْجِه ووُضوءُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسْتَحَبُّ للرَّجُلِ فقط. ذكره ابنُ تَميم. وعليها لا يكره تَرْكُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: لا يكره في المنْصوصِ. وقدَّمه في «الرعاية». وقيل: يكره. وصَحَّحَه ابنُ تَميم] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: الحائضُ والنُّفَساءُ، بعدَ انْقِطاعِ الدَّمِ كالجُنُبِ، وقبلَ انْقِطاعِه لا يُسْتَحَبُّ لهما الوضوءُ لأجْلِ الأكْلِ والنومِ. قاله الأصحابُ. وقال في «مَجْمَع البَحْرَين»: قلتُ: واسْتِحْبابُ غُسْلِ جَنابتها، وهي حائض عندَ الجُمْهورِ، يُشْعِرُ باسْتِحْبابِ وضُوئِها للنَّوْمِ هنا. فوائد؛ منها، لو أحْدَث بعدَ الوضوءِ لم يُعِدْه، في ظاهرِ كلامِهم؛ لتَعْليلهم بخِفَّةِ الحدَثِ، أو بالنَّشاطِ. قاله في «الفُروعِ». وقال: وظاهِرُ كلامِ الشيخِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ أنه يعيدُه، حتى يَبِيتَ على إحْدَى الطَّهارَتَين. وقال: «لَا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيتًا فيهِ جُنُب». وهو حديث روَاه الإِمامُ أحمدُ، والدَّارَقُطْنِي (¬1). وقال في «الفائقِ»، بعدَ أنْ ذكرَ الاسْتِحْبابَ في الثَّلَاثةِ: والوضوءُ هنا لا يَبْطُل بالنَّوْمِ. ومنها، غُسْلُه عندَ كلِّ مرَّةٍ أفْضَلُ. ومنها، يكره بِنَاءُ الحَمَّامِ، وبَيعُه، وإجارَتُه. وحرَّمَه القاضي. وحملَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ على البلادِ البارِدَةِ. وقال في روايةِ ابنِ الحَكَمِ: لا تجوزُ شَهادَةُ مَن بَناهُ للنِّساءِ. وقال جماعة مِنَ الأصحابِ: يكره كسْبُ الحَمَّامِيِّ. وفي «نِهايةِ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 83. ولم نجده عند الداراقطني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَزَجِيِّ»: الصَّحيحُ لا يُكْرَهُ، وله دخولُه. نصَّ عليه. وقال ابنُ البَنَّا: يُكْرَهُ. وجزَم به في «الغُنْيَةِ». وإنْ عَلِمَ وقُوعَه في مُحَرَّم، حَرُمَ. وفي «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، له دُخولُه مع ظَنِّ السَّلامَةِ غالِبًا، وللمرأةِ دخولُه لعُذْرٍ، وإلَّا حَرُمَ. نصَّ عليه. وكَرِهَه بدُونِ عُذْرٍ ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ. قال في «الفائقِ»: وقيل: يجوزُ لضرَرٍ يَلْحَقُها بتَرْكِ الاغْتِسالِ فيه لنظافةِ بَدَنِها. اخْتارَه ابنُ الجَوْزِيِّ، وشيخُنا. انتهى. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا يجوزُ للنِّساءِ دخولُه، إلَّا مِن عِلَّةٍ يُصْلِحُها الحمَّامُ. واعْتبرَ القاضي والمُصَنِّفُ مع العُذْرِ، تعَذُّرَ غُسْلِها في بَيتِها؛ لتَعذُّرِه، أو خَوْفِ ضرَرٍ ونحوه. وظاهرُ كلامِ أحمدَ، لا يُعتَبَرُ. وهو ظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: واعْتِيادُ دُخولِها عُذْرٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمَشقَّةِ. وقيل: لا تتَجَرَّدُ، فتَدْخُلُه بقَميصٍ خفيفٍ. قاله ابنُ أبي موسى، وأَوْمَأ إليه. ولا يُكْرَهُ قُرْبَ الغُروبِ، وبينَ العِشاءَين، خِلافًا «للمِنْهاجِ»، لانْتِشارِ الشَّياطِين. وتُكْرَهُ فيه القِراءةُ. نصَّ عليه. ونقَل صالِحٌ: لا يُعْجِبُنِي. وقيل: لا تُكْرَهُ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يُكْرَهُ السَّلامُ. وقيل: لا. ولا يُكْرَهُ الذِّكْرُ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وسَطْحُه ونحوُه كَبَقِيَّتِه. ذكرَه بعضُهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه للصَّلاةِ، على ما يأْتِي. ويأْتِي هل ثَمَنُ الماءِ على الزَّوْجِ أو عليها؟ في كتابِ النَّفَقاتِ. ويُكْرَهُ الاغْتِسالُ في مُسْتَحَمٍّ وماءٍ عُرْيانًا. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عليها أكْثَرُ نُصوصِه. وعنه، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ. اخْتارَه جماعةٌ. وأطْلقَهما في «الفائقِ». وعنه، لا يُعْجِبُنِي، إنَّ للماءِ سُكَّانًا.

باب التيمم

بَابُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَدَلٌ لَا يَجُوزُ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، دُخُولُ الْوَقْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ التَّيمُّمَ فائدة: قوله: وهو بَدَلٌ. يعْني لكلِّ ما يفْعَلُه بالماءِ؛ مِنَ الصَّلاةِ، والطَّوافِ،

فَلَا يَجُوزُ لِفَرْضٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلَا لِنَفْلٍ فِي وَقْتِ النَّهْي عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُجودِ التِّلاوَةِ والشُّكْرِ، واللُّبْثِ في المسْجدِ، وقراءةِ القُرْآنِ، ومَسِّ المُصْحَفِ. وقال المُصَنِّفُ فيه: إنِ احْتاجَ. وكوَطْءِ حائضٍ انْقطَع دَمُها. نقَله جماعةٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يَحْرُمُ الوَطْءُ والحالةُ هذه. ذكرَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وذكَرة ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً. وصَحَّحَها ابنُ الصَّيرَفِيِّ عنه. فائدة: لا يُكْرَهُ لعادِمِ الماءِ وَطْءُ زَوْجَتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَره ابنُ تَميمٍ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وعنه، يُكْرَهُ إنْ لم يخَفِ العَنَتَ. اخْتارَه المَجْدُ. وصَحَّحَه أبو المَعالِي. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «شَرْحَ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِين». وأطْلَقَهُما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «المُذْهَبِ». قوله: وهو بدَلٌ لا يجوزُ إلَّا بِشَرْطَين؛ أحدُهما، دخُولُ الوَقْتِ، فلَا يَجُوزُ لفَرْضٍ قبلَ وقتِه، ولا لِنَفْلٍ في وقتِ النَّهْي عنه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وفي «المُحَرَّرِ» وغيرِه تَخْريجٌ بالجَوازِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يتَيَمَّمُ لفَرْضٍ ولا لنَفْلٍ مُعَيَّنٍ قبلَ وَقْتِهما. نصَّ عليه. وخرَّج: ولا لنَفْلٍ. وقيل: مُطْلَقٌ بلا سبَبٍ وَقْتَ نَهْيٍ. وقيل: بلى. وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ للفَرْضِ قبلَ وَقْتِه، فالنَّفْلُ المُعَيَّنُ أوْلَى. انتهى. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وهو أصَحُّ. تنبيه: محَلُّ هذا الخِلافِ على القوْلِ بأنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لا رافِعٌ، وهو المذهبُ. فأمَّا على القولِ بأنَّه رافعٌ، فيجوزُ ذلك كما في كلِّ وَقْتٍ، على ما يأْتِي بَيانُه عندَ قوله: ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخروجِ الوقتِ (¬1). فائدة: النَّذْرُ وفرْضُ الكِفاية كالفرْضِ، والجِنازَةُ، والاسْتِسْقاءُ، والكُسوفُ، وسُجودُ التِّلاوَةِ والشُّكْرِ، ومَسُّ المُصْحَفِ، والقراءةُ، واللُّبْثُ في المسْجدِ، كالنَّفْلِ. قال ذلك في «الرِّعايَةِ». وفي قولِه: الجِنازَةُ كالنَّفْلِ. نظرٌ، مع قوْلِه: وفَرْضُ الكِفَايةِ كالفَرْضِ. إلَّا أنْ يُرِيدَ الصَّلاةَ عليها ثانِيًا، ويأْتِي بَيانُ ¬

(¬1) يأتي في صفحة 238.

الثَّانِي، الْعَجْزُ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْتِ ذلك عند قوله: وَيبطُلُ التَّيَمُّمُ بخُروجِ الوقْتِ (¬1). تنبيه: ظاهرُ قولِه: الثَّاني، العَجْزُ عنِ اسْتِعْمالِ الماءِ لعدَمِه. أنَّ العَدَمَ سواءٌ كان حَضَرًا أو سَفَرًا، وسواءٌ كان العادِمُ مُطْلقًا أو مَحْبُوسًا، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُباحُ التَّيَمُّمُ للعُذْرِ (¬2)، إلَّا في السَّفَرِ. اخْتارَه الخَلَّالُ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ آخِرَ البابِ، مَنْ حُبِسَ في المِصْرِ. فعلى المذهبِ، لا تَلْزَمُه الإِعادةُ إذا وجَد الماءَ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، يعيدُ. وجزَم في «الإِفاداتِ» بأنَّ العاصِيَ ¬

(¬1) يأتي في صفحة 238. (¬2) في: «للعدم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بسَفَرِه يعيدُ. ويأْتِي هناك في كلام المُصَنِّفِ. فائدتان؛ إحْدَاهما، يجوزُ التَّيَمُّمُ في السَّفَرِ المُباحِ والمُحَرَّمِ، والطَّويلِ والقَصيرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال القاضي: ولو خرَج إلى ضَيعَةٍ له تُقارِبُ البُنْيانَ والمَنازِلَ، ولو بخَمْسِين خُطْوَةً، جازَ له التَّيَمُّمُ، والصَّلاةُ على الرَّاحِلَةِ، وأكْلُ المَيتَةِ للضَّرورَةِ. وقيل: لا يُباحُ التَّيَمُّمُ إلَّا في السَّفَرِ المُباحِ الطَّويلِ. فعلَى هذا القولِ، يُصَلِّي ويعيدُ بلا نِزاغٍ. وعلى المذهبِ، لا يعيدُ على الصَّحيحِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يعيدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. ويأْتِي إذا خرَج إلى أرْضِ بلَدِه لحاجَةٍ؛ كالاحْتِطابِ ونحوه. والثَّانيةُ، لو عجَز المريضُ عنِ الحرَكَةِ وعَمَّن يُوَضِّيه، فحُكْمُه حُكْمُ العادِمِ، وإنْ خافَ فوْتَ الوَقْتِ إنِ انْتظرَ مَنْ يُوَضِّيه، تَيَمَّمَ وصَلَّى ولا يعيدُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكرَه ابنُ أبي موسى. وصَحَّحَه المَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَنْتَظِرُ مَن يُوَضِّيه ولا يَتَيَمَّمُ، لأنَّه مُقيمٌ يَنْتَظِرُ الماءَ قَريبًا، فأَشْبَهَ المُشْتَغِلَ بالاسْتِقاءِ.

أوْ لِضَرَرٍ فِي اسْتِعْمَالِهِ، مِنْ جُرْحٍ، أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ، أَوْ مَرَضٍ يَخْشَى زِيَادَتَهُ أَوْ تَطَاوُلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو لِضررٍ في استعمالِه مِن جُرْحٍ. يجوزُ له التَّيَمُّمُ إذا حصَل له ضَرَرٌ باسْتِعْمالِه في بدَنِه، أو بَقَاءِ شَيْنٍ، أو نَظائرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. ويُصَلِّي ولا يعيدُ. وعنه، لا يجوزُ له التَّيَمُّمُ إلَّا إذا خافَ التَّلَفَ. اخْتارَه بعضُهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: أو بَرْدٍ. يجوزُ التَّيمُّمُ لخَوْفِ البَرْدِ بعدَ غَسْلِ ما يُمْكِنُ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، سواءٌ كان في الحضَرِ أو السَّفرِ. وعنه، لا يتَيَمَّمُ لخَوْفِ البرْدِ في الحضَرِ. وأمَّا الإعادةُ فتأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ. فائدة: قوله: مِن جُرْحٍ، أو بَرْدٍ شديدٍ، أو مرَضٍ يَخْشَى زِيادَتَه، أو تَطاوُلَه. وكذا لو خافَ حدُوثَ نَزْلَةٍ ونحوها.

أْو عَطَشٍ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ رَفِيقِهِ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أوْ عَطَشٍ يَخافُه عَلَى نَفْسِه. إذَا خَافَ على نَفْسِه العَطَشَ، حبَس الماءَ

بَهِيمَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَيَمَّمَ، بلا نِزاع. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. قوله: أوْ رَفِيقِه. يَعْني المُحْتَرَمَ. قاله الأصحابُ، إذا وجَد عَطْشانَ يخافُ تَلَفَه، لَزِمَه سَقْيُه وتَيَمَّمَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ تَميمٍ يجبُ الدَّفْعُ إلى العَطْشانِ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «مَجْمَع البَحْرَين»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال أبو بَكرٍ في «مُقْنِعِه»، والقاضي: لا يَلْزَمُه بَذْلُه، بل يُسْتَحَبُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلَى المذهبِ، هل يجبُ حَبْسُ الماءِ للعَطَشِ غيرِ المُتَوَقَّعِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» للمَجْدِ، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحَدُهما لا يجبُ بل يُسْتَحَبُّ. قال المَجْدُ: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقدَّمه في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». والوَجْهُ الثَّاني، يجبُ. وهو ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا. وظاهرُ ما جزَم به الشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: والوَجْهان أَيضًا في خَوْفِه عطَشَ نفْسِه بعدَ دُخولِ الوقتِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: ولو خافَ أنْ يعْطَشَ بعدَ ذلك هو أو أهْلُه، أو عبْدُه، أو أمَتُه، لم يجِبْ دَفْعُه إليه. وقيل: بلى بثَمَنِه، إنْ وجَب الدَّفْعُ عن نفْسِ العَطْشانِ، وإلَّا فلا، ولا يجبُ دَفْعُه لطهارةِ غيرِه بحالٍ. انتهى. فوائد؛ منها، إذا وجَد الخائِفُ مِنَ العطَشِ ماءً طاهرًا، أو ماءً نَجِسًا، يكْفِيه كُلٌّ منهما لشُرْبِه، حبَس الطَّاهِرَ لشُرْبِه، وأَراقَ النَّجِسَ إنِ اسْتَغْنَى عن شُرْبِه، فإنْ خافَ، حَبَسَهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقال القاضي: يتَوَضَّأ بالطَّاهرِ، ويحْبِسُ النَّجِسَ لشُرْبِه. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: وهو الصَّحيحُ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قال في «الفُروعِ»: وذكَر الأزَجِيُّ، يَشْرَبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الماءَ النَّجِسَ. ومنها، لو أمْكَنَه أنْ يتوَضَّأَ به، ثم يَجْمَعَه ويَشْرَبَه، فقال في «الفُروعِ»: إطْلاقُ كلامِهم لا يَلْزَمُه؛ لأنَّ النَّفْسَ تَعافُه. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ. يعْني باللُّزومِ. ومنها، لو ماتَ رَبُّ الماءِ يَمَّمَه رَفِيقُه العَطْشَانُ، وغَرِمَ ثَمَنَه في مَكانِه وَقْتَ إتْلافِه لوَرَثَتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهرُ كلامِه في «النِّهايَةِ»، وإنْ غَرِمَه مَكانَه فبِمِثْلِه. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى به. قال أبو بَكرٍ في «المُقْنِع»، و «التَّنْبِيهِ»: وقيل: رَفِيقُه أوْلَى إنْ خافَ الموْتَ، وإلَّا فالمَيِّتُ أوْلَى. ويأْتِي حكمُ فَضْلَةِ الماءِ مِنَ المَيِّتِ آخِرَ البابِ. فائدة: لو خافَ فوْتَ رُفْقَةٍ سَاغَ له التَّيَمُّمُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِه ولو لم يَخَفْ ضَرَرًا بفَوْتِ الرُّفْقَةِ، لفَوْتِ الإلْفِ والأُنْسِ. قال: ويَتَوَجَّهُ احْتِمالٌ.

أَوْ خَشْيَةً عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ فِي طَلَبِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ قولِه: أو بَهِيمَتِه. أنَّه لا يَتَيَمَّمُ، ويدَعُ الماءَ لِخَوْفِه على بَهِيمَةِ غيرِه، وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ. والصَّحيحُ. مِنَ المذهب أنَّه يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِه على بَهيمَةِ غيرِه كبَهِيمَتِه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ؛ فإنَّ قوْلَه: أو رَفيقِه أو بهِيمَتِه. يَحْتَمِلُ أنْ يعودَ الضَّميرُ في: (بهِيمَتِه) إلى (رَفيقِه) فتَقْديرُه: أو بهِيمَةِ رَفيقِه، فيكونُ كلامُه مُوافِقًا للمذهبِ، وهو أوْلَى. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». والثَّاني، مُرادُه بالبَهِيمَةِ؛ البَهِيمَةُ المُحْتَرَمَة؛ كالشَّاةِ، والحِمَارَةِ، والسِّنَّوْرِ، وكَلْبِ الصَّيدِ، ونحوه، احْتِرازًا مِنَ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ، والخِنْزِيرِ، ونحوهما. تنبيه: شمِلَ قولُه: أو خَشْيَةً على نَفْسِه، أو مالِه في طَلَبِه. لو خافَتِ امرأةٌ على نَفْسِها فُسَّاقًا في طريقِها. وهو صحيحٌ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم: بل يَحْرُمُ عليها الخُروجُ إليه، وتَتَيَمَّمُ وتُصَلِّي ولا تعيدُ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّها تَتَيَمَّمُ ولا تعيدُ، وَجْهًا واحِدًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ أبي موسى: تَتَيَمَّمُ ولا إعادةَ عليها، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الفُروعِ»،. و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: تعيدُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِيُّ: أبْعَدَ مَنْ قاله. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، لا أدْرِي. تنْبيهات؛ أحَدُها، قولُه: أو خَشْيَةً على نفْسِه، أو مالِه في طلَبِه. لابُدَّ أنْ يكونَ خوْفُه مُحَقَّقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلو كان خوْفُه جُبْنًا، لا عن سبَب يُخافُ مِن مِثْلِه، لم تُجْزِهِ الصَّلاةُ بالتَّيَمُّمِ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: ويَحْتَمِلُ أنْ يُباحَ له التَّيَمُّمُ ويُعيدَ إذا كان ممَّن يَشْتَدُّ خوْفُه. الثَّاني، لو كان خَوْفُه لسَبَبٍ ظَنَّه، فتَبَيَّنَ عدَمُ السبَّبَ؛ مِثْلُ مَنْ رأَى سَوادًا باللَّيلِ ظَنَّه عَدُوًّا، فتَبَيَّنَ أنَّه ليس بعَدُوٍّ، بعدَ أنْ تَيَمَّمَ وصَلَّى، ففي الإِعادَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما ابنُ عُبَيدان، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ؛ أحَدُهما، لا يُعيدُ. وهو الصَّحيحُ. قال المَجدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ لا يُعيدُ؛ لكَثْرَةِ البَلْوَى بذلك في الأسْفارِ، بخِلافِ صلاةِ الخَوْفِ فإنَّها نادِرَةٌ في نَفْسِها (¬1)، وهي كذلك أنْدَرُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثاني، يعيدُ. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا يَتَيَمَّمُ لغيرِ الأعْذارِ المُتَقَدِّمَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، وغيرِها. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إنِ احْتَاجِ المَاءَ لِلعَجْنِ، والطَّبْخِ، ونحوها تَيَمَّمَ وترَكَه. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّ الخوْف على نفْسِه لا يُجَوِّزُ تأْخيرَ الصَّلاةِ إلى الأمْنِ، بل يَتَيَمَّمُ ¬

(¬1) في: «نصها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُصَلِّي، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، في غازٍ بِقُرْبِه الماءُ، يخافُ إنْ ذهَب على نفْسِه، لا يَتَيَمَّمُ، ويُؤَخِّرُ. وأطْلَقهما ابنُ تَميمٍ.

أَوْ تَعَذُّرِهِ إلا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ ثَمَنٍ يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلا بزِيادَةٍ كثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِه. يعْني، يُباحُ له التَّيَمُّمُ، إذا وجَد الماءَ يُباعُ بِزِيادَةٍ كثيرةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا أصَحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ». وعنه، إن كان ذا مالٍ كثيرٍ لا تُجْحِفُ به زِيادَةٌ، لَزِمَه الشِّراءُ. جزَم به في «الإفاداتِ». وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التّلْخيصِ». تنبيه: مفْهومُ قولِه: إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ. أنَّ الزَّيادةَ لو كانتْ يسيرةً،، يَلْزَمُه شِراؤُه. وهو صحيحٌ، وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «النِّهايَةِ»: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يَلْزَمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصَحِّ. وجزَم به في «الشرحِ»، و «الحاويَين»، و «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وعنه، لا يَلْزَمُه. ذكَرهما أبو الحُسَينِ فمَنْ بعدَه. واخْتارَه في «الفائقِ». وهما احْتِمالٌ. وأطْلقَهما وَجْهَين في «المُغْنِي»، وقال: أحمدُ توَقَّفَ. فائدتان؛ إحْداهما، ثَمَنُ المِثْلِ مُعْتَبَرٌ بما جَرَتِ العادةُ به في شِراءِ المُسافِرِ له في تلك البُقْعَةِ، أو مِثْلِها غالبًا، على الصَّحيحِ. وقيل: يُعْتَبَرُ بأُجْرَةِ النَّقْلِ. قدَّمه في «الفائقِ». وهما احْتِمالان مُطْلقان في «التَّلْخيصِ». الثَّانيةُ، لو لم يكُنْ معه الثَّمَنُ وهو يقْدِرُ عليه في بَلَدِه، ووَجدَه يُباعُ بثَمَن في الذِّمَّةِ، لم يَلْزَمْه شِراؤُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الآمِدِيُّ، وأبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. قاله الشَّارِحُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِ الظِّهارِ. وصَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقيل: يَلْزَمُه شِراؤُه. اخْتارَه القاضي. قال في «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ»: أو بثَمَنِ مِثْلِه ولو في ذِمَّتِه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطلَقَهما في «المُغْنِي»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ». تنبيه: قوْلُه: أو تَعَذُّرِه إلَّا بزيادةٍ كثيرةٍ. قال في «المُطْلِع»: تقْدِيرُه؛ يُباحُ التَّيَمُّمُ للعَجْزِ عنِ اسْتِعْمالِ الماءِ لكَذا وكذا، أو لتعَذُّرِه إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ، فهو مُسْتَثْنًى مِن مُثْبَتٍ، والاسْتِثْناءُ مِنَ الإِثْباتِ نَفْيٌ، فظاهِرُه أنَّ تَعَذُّرَه في كلِّ صُورَةٍ مُبِيحٌ للتَّيَمُّمِ، إلَّا في صورةِ الاسْتِثْناءِ، وهي حُصولُه بزيادَةٍ كثيرةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه، وحصُولُه بزيادةٍ كثيرةٍ مُبِيحٌ أيضًا للتَّيَمُّمِ، وصُورَةُ الاسْتِثْناءِ مُوافِقَةٌ للمُسْتَثْنَى منه في الحُكْمِ، قال في الجَوابِ عن هذا: الإِشْكالُ في اللَّفْظِ، وتَصْحِيحُه أنَّه مُسْتَثْنًى مِن مَنْفِيٍّ مَعْنًى؛ فإنَّ قوْلَه: أو تعَذُّرِه. في مَعْنى قوْلِه: وبكَوْنِه لا يحْصُلُ له الماءُ إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ. فيَصيرُ الاسْتِثْناءُ مُفَرَّغًا؛ لأنَّ بِزِيادَةٍ كثيرةٍ مُتَعَلِّق بما لم

فَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحًا تَيَمَّمَ لَهُ وَغَسَلَ الْبَاقِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْصُلْ، والاسْتِثْناءُ المُفَرَّغُ ما قبلَ إلَّا، وما بعدَه فيه كلامٌ واحدٌ، فيَصِيرُ مَعْنَى هذا الكلامِ، يُباحُ التَّيَمُّمُ بأشْياءَ؛ منها حُصولُ الماءِ بزِيادَةٍ كثيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه، أو ثَمَنٍ يَعْجِزُ عن أَدائِه. ثم قال: وإنَّما تكَلَّمْتُ على إعْرابِ هذا؛ لأنَّ بعضَ مَشايخِنا ذكَر أنَّ هذه العِبارةَ فاسِدَةٌ. انتهى. قلتُ: ويُمْكِنُ الجوابُ عن ذلك بما هو أوْضَحُ ممَّا قال، بأنْ يقال: اسْتِثْناءُ المُصَنِّفِ مِنَ المفْهومِ. وتقديُر الكلامِ؛ فإنْ لم يتَعَذَّرْ، ولكنْ وُجِدَ، وما يُباعُ إلَّا بزِيادَةٍ كثيرةٍ، أو بثَمَن يَعْجِزُ عن أدائِه. وهو كثيرٌ في كلامِهم. فائدتان؛ إحْدَاهما، يَلْزَمُه قَبولُ الماءِ قَرْضًا، وكذا ثَمَنِه، وله ما يُوَفِّيه. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «الفُروعِ»: وهو المُرادُ. ويَلْزَمُه قَبولُه هِبَةً مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه قَبولُه إذا كان عزِيزًا. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ حامِدٍ. وقيل: لا يَلْزَمُه قَبُولُه مُطْلقًا. ولا يَلْزَمُه قَبولُ ثَمَنِ الماءِ هِبَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [وعنه، يَلْزَمُه. ولا يَلْزَمُه اقْتِراضُ ثَمَنِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب] (¬1). وقيل: يلْزَمُه. الثَّانيةُ، حُكْمُ الحَبْلِ والدَّلْو حُكْمُ الماءِ فيما تقدَّم مِنَ الأحْكامِ، ويلْزَمُه قَبُولُهما عارِيَّةً. قولُه: فإنْ كان بَعْضُ بَدَنِه جَرِيحًا، تَيَمَّمَ له وغسَل الباقِيَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَكْفِية التَّيَمُّمُ للجُرْحِ إنْ لم يُمْكِنْ مَسْحُ الجُرْحِ بالماءِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: يَمْسَحُ الجُرْحَ بالتُّرابِ أيضًا. قاله ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في «مُقْنِعِه». قال ابنُ تَميم، وابنُ عُبَيدان: وقيلَ: يَمْسَحُ الجُرْحَ. وفيه نظرٌ. وقال ابنُ حامدٍ: ولو سافرَ لمَعْصِيَةٍ فأصابَه جُرْحٌ، وخافَ التَّلَفَ بغَسْلِه لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ. وأمَّا إذا أمْكَنَه مَسْحُهْ بالماءِ، فظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه يَكْفِيه التَّيَمُّمُ وحدَه، وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ كثيرةٍ، وهو إحْدَى الرِّواياتِ. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الشَّرْحِ»، وقال: هو اخْتِيارُ الخِرَقي. وعنه، يُجْزِئُه المَسْح فقط. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: لو كان به جُرْح ويَخافُ من غَسْلِه، فمَسْحُه بالماءِ أوْلَى مِن مَسْحِ الجَبيرَةِ، وهو خَيرٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ التَّيَمُّمِ. ونقَله المَيمُونِيُّ، واخْتارَه هو وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «التَّلْخيص»، و «الفائقِ». وقيل: يَتَيَمَّمُ. قدَّمه ابنُ تَميم. وأطْلقَهما في «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وعنه، يَتَيَمَّمُ أيضًا مع المَسْحِ. قدَّمه ابنُ تَميم. وأطلقَه في «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ». وأطْلَق الأولَى والأخِيرَةَ في «التَّلْخيص». ومحَلُّ الخِلافِ عندَه إذا كان الجُرْحُ طاهِرًا، أمَّا إنْ كان نَجِسًا فلا يَمْسَحُ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلًا واحدًا. وقال في «الفُروعِ»: وظاهرُ نقْلِ ابنِ هانِئ؛ مَسْحُ البَشَرَةِ لعُذْرٍ كجَرِيحٍ، واخْتارَه شيخُنا، وهو أوْلَى. فوائد؛ منها، لو كان على الجُرْحِ عِصابَةٌ، أو لَصُوقٌ، أو جَبيرةٌ كجبيرةِ الكَسْرِ، أجْزأَ المَسْحُ عليها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، ويتَيَمَّمُ معه. وتقدَّم ذلك في حُكْم الجَبِيرَةِ، في آخرِ بابِ المسْحِ على الخُفَّينِ مُسْتَوْفًى، فَلْيُعاوَدْ. ومنها، لو كان الجُرحُ في بعض أعْضاءِ الوضوءِ لَزِمَه مُراعاةُ التَّرْتيبِ والمُوالاةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «ابنِ عُبَيدان»: يَلْزَمُه مُراعاةُ الترتيبِ والمُوالاةِ عندَ أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: أمَّا الجَرِيجُ المُتَوَضِّيء؛ فعندَ عامةِ الأصحابِ يَلْزَمُه أنْ لا يَنْتَقِلَ إلى ما بعدَه، حتى يتَيَمَّمَ للجُرْحِ، نظرًا للتَّرتيب، وأنْ يَغْسِلَ الصَّحيحَ مع التيمُّمِ لكُلِّ صلاةٍ، إنِ اعْتُبِرَتِ المُوالاةُ. وقال في «التَّلْخيص»: هذا المشْهورُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويُرَتِّبُه غيرُ الجُنُبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوُه، ويُوالِيه على المذهب فيهما. وقدَّمه ابنُ رَزِين. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزمَ به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه إنْ جُرِحَ في أعْضاءِ الوضوءِ. وقيل: لا يجِبُ تَرْتِيبٌ ولا مُوالاةٌ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوي الكبيرِ». قال ابنُ رزِين في «شرحِه»: وهو الأصَحُّ. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجِبَ هذا التَّرتِيبُ. وعلَّلَه ومال إليه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَنْبَغِي أنْ لا يُرَتِّبَ. وقال أيضًا: لا يَلْزَمُه مُراعاةُ الترتيبِ، وهو الصَّحيحُ مِن مذهبِ أحمدَ وغيرِه. وكان الفَصْلُ بين أنَّها في أعْضاءِ الوضوءِ تَيَمُّمٌ أوْجَهَ. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». فعلَى المذهبِ، يَجْعَلُ محَلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّيَمُّم في مكانِ العُضو الذي يَتَيَمَّمُ بدَلًا عنه، فلو كان الجُرْحُ في وَجْهِه، لَزِمَه التَّيَمُّمُ، ثم يَغْسِل صحيحَ وَجْهِه، ثم يُكْمِل الوضوءَ، وإنْ كان الجُرْحُ في عُضْوٍ آخَرَ، لَزِمَه غَسْلُ ما قبلَه، ثم كان الحُكْمُ فيه على ما ذكَرْنا في الوَجْهِ، وإنْ كان في

وَإنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي إِنْ كَانَ جُنُبًا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهِهِ ويدَيه ورِجْلَيه، احْتاجَ في كلِّ عُضْوٍ إلى تَيَمُّمٍ في محَلِّ غَسْلِه؛ ليَحْصُلَ التَّرَتيبُ. وعلى المذهبِ أيضًا، يَلْزَمُه أنْ يغْسِلَ الصَّحيحَ مع التَّيَمُّمِ لكلِّ صلاةٍ، ويَبطُلُ تَيمُّمُه مع وُضوئِه إذا خرَج الوقْتُ، إنِ اعْتُبِرَتِ المُوالاةُ. صرَّح به الأصحابُ. وأمَّا إنْ كان الجُنُبُ جَرِيحًا فهو مُخَيَّرٌ؛ إنْ شَاءَ تيَمَّمَ للجُرْحِ قبلَ غَسْلِ الصَّجيحِ، وإنْ شاءَ غسَل الصَّحيحَ وتَيَمَّمَ بعدَه. قولُه: وإن وجَد مَاءً يَكْفِي بعْضَ بَدَنِه، لَزِمَهُ اسْتِعْمالُه، وتَيَمَّمَ لِلبَاقِي، إن كان جُنُبًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكْثرُهم. قال القاضي في «رِوايتَيه»: لا خِلافَ فيه في المذهبِ. قال في «التَّلْخيص»: يَلْزَمُه في الجَنابَةِ، رِوايةً واحدةً. وعنه، لا يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه، ويُجْزِئُه التَّيمُّمُ. حَكاها ابنُ الزَّاغُونِيِّ، فمَنْ بعدَه. تنبيه: في قوْلِه: لَزِمَه اسْتِعْمالُه وتَيَمَّمَ للباقِي. إشْعارٌ أنَّ تيَمُّمَه يكونُ بعدَ اسْتِعْمالِ الماءِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: فإنْ تَيَمَّمَ قبلَ اسْتِعْمالِ الماءِ في الجَنابَةِ جازَ. وقال هو وغيرُه: يَسْتَعْمِلُه في أعْضاءِ الوضوءِ، ويَنْوى به رَفْعَ الحَدَثَين. قوله: وإنْ كان مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُه اسْتِعْمَالُه؟ عَلَى وَجْهَين. وأطلَقَهُما في «الهِدَايَةِ»، و «الْمُذْهَبِ»، و «الكافي»، و «التَّلْخيص»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَين»، و «الخُلاصَةِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة»، و «ابنِ عُبَيدَان»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرهم. وحكَى الجمهورُ الخِلافَ وَجْهَين، كالمُصَنِّفِ. وفي «النَّوادِرِ»، و «الرِّعايَةِ»، رِوايتَين؛ إحْداهما، يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنتَخَبِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ رَزِين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَين. واخْتارَه القاضي وغيرُه. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه. اخْتارَه أبو بَكرٍ، وابنُ أبي موسى. وقدَّمه في «الرِّعايَة الصُغْرى». تنبيه: قال بعضُهم: أصْلُ الوَجْهَين اخْتِلافُ الرِّوايتَين في المُوالاةِ. نقَله ابنُ تَميم وغيرُه وقال المَجْدُ: يَلْزَمُه اسْتِعْمالُه، وإنْ قُلْنا: تجبُ المُوالاةُ. فهو كالجُنُبِ. وصَحَّحه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، ورَدُّوا الأوَّلَ بأُصول كثيرةٍ. وقيل: هذا يَنْبَنِي على جَوازِ تَفْريقِ النِّيَّةِ على أعْضاءِ الوضوءِ. واخْتارَه في «الرِّعايَة الكُبْرى». فهذه ثلاثُ طُرُقٍ. وقال في القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ، على القوْلِ بأنَّ مَن مسَح على الخُفِّ ثم خلَعه، يُجْزِئُه غَسْلُ

ومَن عَدِم الماءَ لَزِمَه طَلَبُه في رَحْلِه، ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَميه: لو وجَد الماءَ في هذه المسْألةِ بعْدَ تَيَمُّمِه، لم يَلْزَمْه إلَّا غَسْلُ باقِي الأَعْضاءِ. فوائد؛ إحْداها، إذا قُلْنا: لا يلْزَمُه اسْتِعْمالُه. فلا يلْزَمُه إراقَتُه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايى بها. وسواء كان في الحَدَثِ الأكْبرِ أو الأصْغرِ. وحكَى ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الواضِحِ»، في إراقَتِه قبلَ تيَمُّمِه رِوايتَين. الثَّانيةُ، لو كان على بدَنِه نَجاسةٌ وهو مُحْدِثٌ، والماءُ يكْفِي أحَدَهما، غسَل النَّجاسَةَ وتَيَمَّمَ للمحدَثِ. نصَّ عليه، قاله الأصحابُ. قال المَجْدُ: إلَّا أنْ تكونَ النَّجاسةُ في محَلٍّ يَصِحُّ تَطْهيرُه مِنَ الحَدَثِ، فيَسْتَعْمِلُه فيه عنهما. ولا يَصِحُّ تَيَمُّمُه إلَّا بعدَ غَسْلِ النَّجاسةِ بالماءِ، تحْقيقًا لشُروطِه، ولو كانتِ النَّجاسةُ في ثَوْبِه، فكذلك، في أصَحِّ الرِّوايتَين. ويأْتي ذلك في آخِرِ البابِ. الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايتَين»: لو وجَد تُرابًا لا يَكْفِيه للتَّيَمُّمِ، فقلتُ: يَسْتَعْمِلُه مَن لَزمَه اسْتِعْمالُ الماءِ القليلِ ثم يُصَلِّي، ثم يُعيدُ الصَّلاةَ إنْ وجَد ما يَكْفِيه مِن ماءٍ أو تُرابٍ، وإنْ تَيَمَّمَ في وَجْهِه، ثم وجَد ماءً طَهُورًا يكْفِي بعضَ بدَنِه بطَل تَيَمُّمُه. قلتُ: إنْ وجَب اسْتِعْمالُه بطَل، وإلَّا فلا. انتهى. قولُه: ومَن عَدِمَ المَاءَ، لَزِمَه طَلَبُه. هذا المذهبُ بشُروطهِ، وعلية جماهيرُ

وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ دُلَّ عَلَيهِ قَرِيبًا لَزِمَهُ قَصْدُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ الطَّلَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطعَ به كثير منهم. وعنه، لا يلْزَمُه الطَّلَبُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ عبدُ العزيزِ، وأبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. قاله ابنُ رَجَب في «شَرْحِ البُخارِي». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في لُزومِ الطَّلَبِ إذا احْتمَل وُجودُ الماءِ وعَدَمُه، أمَّا إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الماء، فلا يَلْزَمُ الطَّلَبُ، روايةً واحدةً. قاله غيرُ واحدٍ؛ منهم ابنُ تَميمٍ. وإنْ ظَنَّ وجودَه؛ إمَّا في رَحْلِه، أو رأَى خُضْرَةً ونحوَها، وجَب الطَّلَبُ، روايةً واحدةً. قاله ابنُ تَميم. قال الزَّرْكَشِيُّ: إجْماعًا. وإنْ ظَنَّ عَدَمَ وجودِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يلْزَمُه الطَّلَبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يلْزَمُه الطَّلَبُ والحالةُ هذه. ذكرَها في «التَّبْصِرَةِ». فعلى المذهبِ، وهو لُزومُ الطَّلَبِ حيثُ قُلْنا به، لو رأى ما يشُكُّ معه في الماءِ بطَل تَيَمُّمُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَبْطُّلُ كما لو كان في صلاةٍ. قال في «الفُروعَ»: جزَم به الأصحابُ، خِلافًا لظاهرِ كلامِ بعضِهم. فائدتان؛ إحداهما، يلْزَمُه طَلَبُه مِن رَفيقِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يلْزَمُه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقيل: يلْزَمُه إنْ دُلّ عليه. اخْتارَه المُصَنِّفُ. الثَّانيةُ، وَقْتُ الطَّلبِ بعدَ دُخولِ الوقْتِ، فلا أثَرَ لطَلَبِه قبلَ ذلك،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَلْزَمُه الطَّلبُ لوقْتِ كلِّ صلاةٍ بشَرْطِه. فائدة: قوْلُه: لَزِمَه طَلَبُه في رحْلِه، وما قَرُبَ منه. صِفَةُ الطَّلَبِ، أنْ يُفَتِّشَ في رَحْلِه ما يمْكِنُ أنْ يكونَ فيه، ويسأُلَ رُفْقَتَه عن مَوارِدِ ماءٍ، أو عن ماءٍ معهم ليَبيعُوه له، أو يَبْذُلوه، كما تقدَّم. ومِن صِفَتِه؛ أنْ يَسْعَى عن يَمِينِه وشِمالِه، وأمامَه ووراءَه، إلى ما قَرُبَ منه، ممَّا عادةُ القَوافلِ السَّعْيُ إليه لطَلَب الماءِ والمَرْعَى، وإنْ رأى خُضْرَةً أو شيئًا يدُلُّ على الماءِ، قَصَدَه فاسْتَبْرَأه، وإنْ رَأى نَشْزًا أو حائِطًا، قَصَدَه واسْتَبانَ ما عندَه، فإنْ لم يَجِدْ فهو عادِمٌ له، وإنْ كان سائرًا طَلَبَه أمامَه. قال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ ظَنَّه فوقَ جَبَل بقُرْبِه عَلَاه، وإنْ ظَنَّه وراءَه. فوَجْهان، مع أمْنِه المذْكُورِ فيهما. قوله: فإنْ دُلَّ عَلَيهِ قَرِيبًا، لَزِمَهُ قَصْدُه. يعْني إذا دَلَّه ثِقَةٌ. وهذا صَحيحٌ، لكنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو خافَ فواتَ الوقْتِ، لم يَلْزَمْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وكلامُ المُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بذلك. وعنه، يلْزَمُه. [فائدة: القَرِيبُ ما عُدَّ قريبًا عُرْفًا، على الصَّحيحِ. جزَم به في «الفُروعِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ رَزِين». وقيل: مِيلٌ. وقيل: فَرْسَخٌ. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: ما تَتَرَدَّدُ القوافِلُ إليه في المَرْعَى ونحوه. قال المَجْدُ، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمعِ البَحْرَين»: وهو أظْهَرُ. وفسَّرُوه بالعُرْفِ. وقيل: ما يَلْحَقُه الفَوْتُ. ذكَر الأخِيرَين في «التَّلْخيص»، وذكَر الأرْبعَةَ ابنُ تَميمٍ. وقيل: مَدُّ بصَرِه. ذكَره في «الرِّعايةِ». تنبيه: مفْهومُ قولِه: قريبًا. أنَّه لا يَلْزَمُه قصْدُه إذا كان بعيدًا، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلقًا. وعنه، يلْزَمُه] (¬1) إنْ لم يَخَفْ فَواتَ الوقتِ. قال في «التَّلْخيص»: ومِن أصحابِنا مَنْ أطْلَق مِن غيرِ اشْتِراطِ القُرْبِ. قال: وكلامُه محْمولٌ عندِي على القُرْبِ. وقيل: وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فوائد؛ إحْداها، لو خرَج مِن بلَدِه إلى أرْضٍ مِن أعْمالِه لحاجَةٍ؛ كالحِراثَةِ، والاحْتِطابِ، والاحْتِشاشِ، والصَّيدِ، ونحو ذلك حمَل الماءَ، على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يَحْمِلُه. فعلَى المنْصوصِ، يَتَيَمَّمُ إنْ فاتَتْ حاجَتُه برُجوعِه، على الصَّحيحِ. وقيل: لا يجوزُ له التَّيَمُّمُ. وعلى القوْلِ بالتَّيَمُّمِ لا يُعيدُ، على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعيدُ؛ لأنَّه كالمُقيمِ. [ومَحَلُّ هذا] (¬1) إذا أمْكَنَه حمْلُه، أمَّا إذا لم يُمْكِنْه حمْلُه، ولا الرجوعُ للوضوءِ إلَّا بتَفْويتِ حاجَتِه، فلَه التَّيَمُّمُ ولا إعادةَ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلى. ولو كانتْ حاجَتُه في أرْضٍ قرْيَةْ أُخْرَى، فلا إعادةَ عليه، ولو كانتْ قريبةً. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وغيرُه. الثَّانيةُ، لو مَرَّ بماءٍ قبلَ الوقْتِ، أو كان معه فأراقَه ثم دَخل الوقْتُ وعَدِمَ الماءَ، صَلّى بالتَّيَمُّمِ ولا إعادةَ عليه، وإنْ مَرَّ به في الوقتِ وأمْكنَه الوضوءُ، قال المَجْدُ وغيرُه: ويَعلَمُ أنَّه لا يجدُ غيرَه، أو كان معه فأراقَه في الوقْتِ، أو باعَه في الوقْتِ، أو وَهَبَه فيه، حَرُمَ عليه ذلك بلا نِزاعٍ، ولم يَصِحَّ البَيعُ والهِبَةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به القاضي، وابنُ الجَوْزِيِّ، وأبو المَعالِي، والمَجْدُ، وغيرُهم. واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ¬

(¬1) في الأصل: «فوائد أحدها هذه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»: أشْهَرُها لا يصِحُّ. قال ابنُ تَميمٍ: لم يصِحَّ في أظْهَرِ الوَجْهَين؛ وذلك لتَعَلُّقِ حَقِّ اللهِ به، فهو عاجِزٌ عن تسْليمِه شَرْعًا. [قلتُ: فيُعايَي بها] (¬1). وقيلَ: يصِحُّ البَيعُ والهِبَةُ. وهو احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما في «الفائقِ» فيهما. وأطْلَقَهما في الهِبَةِ، في «التَّلْخيص». ويأْتِي إذا آثرَ أبَوَيه بالماءِ آخِرَ البابِ. الثّالثةُ، لو تَيَممَ وصلَّى بعدَ إعْدامِ الماء، في مسْأَلَةِ الإِراقةِ والمُرورِ والبَيع والهِبَةِ، أو وُهِبَ له ماءٌ فلم يقْبَلْه، وتَيَمَّمَ وصلَّى بعدَ ما تَلِفَ، ففي الإعادةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ رَزِين»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». [وأطْلقَهما في الإراقةِ والهِبَةِ، في «التَّلْخيص» و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ». وأطْلقَهما في الإراقةِ، والمُرورِ، في «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»] (¬2). جزَم في «الإفاداتِ»، بالإعادةِ في الإراقَةِ، والهِبَةِ. وصَحَّحَه في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرى»، في المُرورِ به والإراقةِ، وفي «الرِّعايةَ الصُّغْرى» في المرورِ به. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ تَيَمَّمَ مع بَقاءِ الماء لم يصِحَّ، وإنْ كان بعدَ تَصَرُّفِه، فهو كالإِراقَةِ. ونصَّ في «مَجْمع البَحرَين» على عَدَم الإعادةِ في الكُلِّ. وقيل: يُعيدُ إنْ أرَاقَه، ولا يعيدُ إنْ مَرَّ به. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من:.

وَإِنْ نَسِي الْمَاءَ بِموْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَيَمَّمَ لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَسِيَ المَاءَ بمَوْضِعٍ يُمْكِنُه اسْتِعْمَالُه وتَيَمَّمَ، لَمْ يُجْزِهِ. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه في روايةِ عبدِ اللهِ، والأثْرَمِ، ومُهَنَّا، وصالِح، وابنِ القاسِمِ (¬1)، كما لو نَسِىَ الرَّقَبَةَ فكَفَّرَ بالصِّيامِ. وعنه، يُجْزِئُ. ذكرَها القاضي في «شَرْحِه»، و «المُجَرَّدِ»، في صلاةِ الخَوْفِ، والآمِدِيّ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وعنه، التَّوَقُّفُ. حَكَاه ابنُ تَميمٍ. فائدة: الجاهِلُ به كالنَّاسِي. تنبيه: محَلُّ كلامِ المُصَنِّفِ فيما إذا ظهَر الماءُ بمَوْضعٍ يَظْهَرُ به تَفْرِيطُه ¬

(¬1) أحمد بن القاسم، صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، حدث عن أبي عبيد، وعن أبي عبد الله أحمد بن حنبل أشياء كثيرة من مسائله، وكان من أهل العلم والفضل. تاريخ بغداد 4/ 349، طبقات الحنابلة 1/ 55، 56.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقْصيره في طَلَبِه؛ بأنْ يَجِدَه في رَحْلِه وهو في يَدِه، أو ببِئْرٍ بقُرْبِه أعْلامُها ظاهِرَةٌ، فأمَّا إنْ ضَلَّ عن رَحْلِه وفيه، الماءُ وقد طلَبَه، أو كانتِ البِئْرُ أعْلامُها خَفِيَّةٌ ولم يكُنْ يعْرِفُها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يُجْزِئُه التَّيَمُّمُ ولا إعادةَ عليه؛ لعدَمِ تَفْريطِه، وعليه الجمهورُ. وقيل: يُعيدُ. واخْتارَه القاضي في البِئْرِ، في موْضِعٍ مِن كلامِه. وأطْلقَهما ابنُ تَميم، [فيما إذا ضَلَّ عن رَحْلِه] (¬1). وأمَّا إذا ادْرِجَ الماءُ في رَحْلِه ولم يَعْلَمْ به، أو ضَلَّ مَوْضِعَ البِئْرِ التي كان يعْرِفُها، فقيل: لا يُعيدُ. اخْتارَه أبو المَعالِي، في «النِّهايَة»، في المسْألَةِ الأولَى، فقال: الصَّحيحُ الذي نقْطَعُ به أنَّه لا إعادةَ عليه؛ لأنّه لا يُعَدُّ في هذه الحالةِ مُفرِّطًا. وصَحَّحَه في «الرِّعاية الكُبْرَى». في الثَّانيةِ، وكذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: يُعيدُ. واخْتارَه وصَحَّحَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، في الأُولَى. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ فيها. وقدَّم ابنُ رَزِين في الثَّانيةِ أنَّه كالنَّاسِي. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ تَميمٍ». وأطْلقَهما في الثَّانيةِ، في ¬

(¬1) زيادة:.

وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لجَمِيعِ الْأَحدَاثِ، وَلِلنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ تَضُرُّهُ إِزَالتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَع البَحْرَين». وأطْلقَهما في الأولَى في «الرِّعايةِ». وأمَّا إذا كان الماءُ مع عَبْدِه ولم يَعْلَمْ به السَّيِّدُ، ونَسِيَ العَبْدُ أنْ يُعْلِمَه حتى صَلَّى بالتَّيَمُّمِ، فقيل: لا يُعيدُ؛ لأنَّ التَّفْريطَ مِن غيرِه. وقيل: هو كَنِسْيانِه. قال في «الفائِق»: يُعيدُ إذا جَهِلَ الماءَ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِين». قولُه: ويَجُوزُ التَّيَمُّمُ لجَمِيع الأحْدَاثِ، وللنَّجَاسَةِ عَلَى جُرْحٍ تَضُرُّه إزَالتُها. يجوزُ التَّيَمُّمُ لجميع الأحْداثِ بلا نِزاع، ويجوزُ التَّيَمُّمُ للنَّجاسَةِ على جُرْحٍ تَضُرُّه إزَالتُها، ولعدَمِ الماءِ، علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما، والله أعلمُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ لها. قال في «الفائقِ»: وفيه وَجْهٌ؛ لا يجِبُ التَّيَمُّمُ لنَجاسَةِ البدَنِ مُطْلقًا، ونصَره شيخُنا، وهو المُخْتارُ. انتهى. وقال ابنُ أبي موسى: لا يُشْرَعُ التَّيَمُّمُ لنَجَاسَةِ البَدَنِ لعدَمِ الماءِ. قال ابنُ تَميمٍ: قال بعضُهم: لا يَتَيَمَّمُ لنَجاسَةٍ أصْلًا، بل يُصَلِّي على حسَبِ حالِه.

وَإنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَصَلَّى، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيهِ، إلا عِنْدَ أَبي الْخَطَّابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ لعَدَمِ المَاءِ وصَلَّى، فلا إِعَادَةَ عليه [إِلَّا عِنْدَ أبِي الخطَّابِ] (¬1). يعْني إذا كانتْ على بَدَنِه. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ أنَّه لا يَلْزَمُ ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ على بَدَنِه إعادةٌ لعدَمِ الماءِ، سواءٌ كانتْ على جُرْحٍ أو غيرِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال الشَّارِحُ: قاله أصحابُنا. وكذا قال في «الهِدايَة»، وغيرِها. قال ابنُ عُبَيدان: وهو الصَّحيحُ والمَنْصوصُ عن أحمدَ. قال في «مَجْمعِ البَحْرَين»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. قال في «النَّظْمِ»: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: لا يُعيدُ على الأظْهَرِ. قال ابنُ تَميمٍ: لا إعادةَ، نصَّ عليه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وجزَمَ به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايَة»، فيما إذا كان على جُرحِه نَجَاسَةٌ تَضُرُّه إزالتُها. وعندَ أبي الخَطَّابِ عليه الإِعادَةُ؛ يعْني إذا تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ لعدَمِ الماءِ. وهو روايةٌ عن أحمدَ. وذكَر في «الكافِي» قوْلَ أبي الخَطَّابِ، ثم قال: وقيل في الإِعادَةِ رِوايتَان. وعنه، يُعيدُ في المسْألتَين. وعنه، يعيدُ في الحَضَرِ. وأطلَق الإِعادةَ مُطْلقًا، وعدَمَها مُطْلقًا، في «الفائقِ». تنبيه: قال في «المُحَرَّرِ»: وإذا لم يَجِدْ مَن بِبَدَنِه نَجاسةٌ ماءً تيَمَّمَ لها، فإِنْ عَدِمَ التُّرابَ صلَّى، وفي الإعادَةِ روايتَان، فإنْ قُلْنا: يُعيدُ. فهل يُعِيدُ إذا تَيَمَّمَ لها؟ على وَجْهَين. [انَتَهى. والصَّحِيحُ عَدَمُ الإعَادَةِ. قال المَجْدُ: نصَّ عليه. وشَهَّرَه النَّاظِمُ. وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، وباتِّخاذِ عدَمِ الماءِ والتُّرابِ] (¬1). قال ابنُ تَميمٍ: الخِلافُ في الإعادةِ هنا فَرْعٌ على القَوْلَ بوُجوبِ الإعادةِ إذا صلَّى بنَجاسَةٍ لا يَقْدِرُ على إزَالتِها مِن غيرِ تَيَمُّمٍ، ذكَرَه بعضُ أصحابِنا. وقال بعضُهم: لا يتَيَمَّمُ لنَجَاسَةٍ أصْلًا، بل يُصَلِّي على حسَبِ حالِه، وفي الإِعادَةِ رِوايَتان. وقال ابْنُ عُبَيدان، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ في الإِعادةِ إذا تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ تَيَمَّمَ في الْحَضَرِ خَوْفًا مِنَ الْبَرْدِ وَصَلَّى، فَفِي وُجُوبِ الإعَادَةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لعدمِ الماءِ وصلَّى: هذان الوَجْهان فَرْعٌ على رواية إيجابِ الإِعادَةِ على مَن صلَّى بالنَّجاسَةِ عاجِزًا عن إزَالتِها، وعنِ التَّيَمُّم لها، فأمَّا إذا قُلْنا: لا إِعادةَ هناك. فلا إعادةَ معَ التَّيَمُّم، وَجْهًا واحِدًا. انتهى. تنبيه: مفْهومُ قولِه: ويجوزُ التَّيَمُّمُ لجميع الأحْداثِ، والنَّجاسَةِ على جُرْحٍ. أنَّه لا يجوز التَّيَمُّم للنّجاسَةِ على ثوْبِه، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابن عَقِيلٍ: متى قُلْنا: يُجْزئُ دَلْكُ أسْفَلِ الخُفِّ والحِذِاءِ مِنَ النَّجاسَةِ بالأرْضِ. فقد دخَل الجامِدُ في غيرِ البَدَنِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يجوزُ ذلك. وهو بعيدٌ. قال ابنُ عُبَيدان: أرادَ بذلك قوْلَ ابنِ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ»: وحكَى قوْلَه. انتهى. وأمَّا المَكانُ فلا يَتَيَمَّمُ له قوْلًا واحِدًا. ويأْتِي إذا كان مُحْدِثًا وعليه نجاسةٌ، هل يُجْزِئُ تَيَمُّمٌ واحِدٌ أم لا؟ وهل تجِبُ النِّيَةُ للتَّيَمُّمِ للنَّجاسَةِ أم لا؟ قوله: يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لما يَتَيَمَّمُ له مِن حَدَثٍ أو غيرِه. فائدة: يلْزَمُه قبلَ التَّيَمُّمِ أنْ يُخَفِّفَ مِنَ النَّجاسَةِ ما أمْكَنَه، بمَسْحِه، أو حَتِّه بالتُّرابِ، أو غيرِه. قاله الأصحابُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: يَمْسَحُها بالتُّرابِ حتى لا يَبْقَى لها أثرَ. قوله: وإن تَيَمَّمَ في الحَضَرِ خَوْفًا مِنَ البَرْدِ وصلَّى، ففي وُجُوبِ الإعادةِ روايتان. يعْني إذا قُلْنا بجَوازِ التَّيمُّمِ على ما تقدّم. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافي»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم؛ إحْدَاهما، لا إعادةَ عليه. وهو المذهبُ. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «المُغْنِي»، و «ابنِ رَزِين». قال في «النَّظْمِ»: هذا أشْهَرُ القَوْلَين. قال في «إدْرَاكِ الغايَة»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لم يُعِدْ على الأظْهَرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. والثانيةُ، عليه الإِعادةُ، كالقُدْرَةِ على تَسْخينِه. قال في «الحاويَين»: أعادَ في أصَحِّ الرِّوايتَين. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لو تَيَمَّمَ خَوْفًا مِنَ البَرْدِ في السَّفَرِ أنَّه لا إِعادَةَ عليه، وهو صَحِيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وعنه، عليه الإعادةُ. وأطْلَقَه ابنُ تَميمٍ. تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُعيدُ هنا. فهلِ الأولَى فرْضُه، أو الثَّانيةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرى»؛ أحَدُهما، الأولَى فرْضُه. والثَّاني، الثَّانيةُ فرْضُه. قلتُ: هذا الأوْلَى؛ وإلَّا لَمَا كان في الإعادَةِ فائدة. [ثُمَّ وَجَدْتُه جزَم به في «الفصولِ». ونقَله عنِ القاضي] (¬1). ويأتي قريبًا إذا عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ، وقُلْنا: يُعيدُ. هلِ الأولَى، أو الثَّانيةُ فرْضُه؟. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرابَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولَوْ عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ، صلَّى على حَسَبِ حالِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وجوبُ الصَّلاةِ عليه والحالةُ هذه، فيَفْعلُها وُجوبًا في هذه الحالةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وعنه، تَحْرُمُ الصَّلاةُ حِينئذٍ فَيَقْضِيها. فعلى المذهبِ، لا يزيدُ على ما يُجْزئُ في الصَّلاةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يتَوَجَّهُ لو فعَل ماشِيًا، لأنه لا تُجْزِئُه مع العَجْزِ، ولأنَّ له أنْ يزيدَ على ما يُجْزِئُ في ظاهرِ قوْلهم. قال في «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ»: له فِعْلُ ذلك على أصَحِّ القَوْلَين. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ثم قال: وقد جزم جَدُّه وجماعة بخِلافِه. [قلتُ: قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: يَقْرأُ الجُنُبُ فيها ما يُجْزِئُ فقط] (¬1). وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» أيضًا: ولا يَتَنَفَّلُ. ثم قال: قلتُ: ولا يزيدُ على ما يُجْزِئُ في طُمأْنِينَةِ رُكوعٍ وسُجودٍ، وقيام وقعودٍ، وتَسْبيحٍ وتَشَهُّدٍ، ونحو ذلك. وقيل: ولا يقْرأُ جُنُبٌ في غيرِ صلاةِ فَرْضٍ شيئًا مع عدَمِهِما. انتهى. قال ابنُ تَميمٍ: ولا يَقْرأُ في غيرِ صلاةٍ إنْ كان جُنُبًا. ¬

(¬1) زيادة من:.

وَفِي الإعَادَةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي الإعادَة رِوايتان. وأطْلَقهما في «الجامِع الصَّغيرِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُعيدُ. وهو المذهبُ. صَحَّحها في «التَّصْحيحِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ». قال النَّاظِمُ: هذا المشْهورُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ونصَره ابنُ عُبَيدان، وغيرُه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقه منها في «الفُروعِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُعيدُ. قال في «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الأكْثرُ. قال في «الرِّعايَة الكُبْرَى»: أعادَ على الأقْيَسِ. وقال في «الرِّعايَة الصُّغْرى»: وأعادَ في روايةٍ. وجزَم به في «الإفاداتِ». فعلى القولِ بالإعادةِ، لو وجَد تُرابًا، تَيَمَّمَ وأعادَ على الصَّحيحِ. نصَّ عليه. زادَ بَعْضُ الأصحابِ: يسْقُطُ به الفَرْضُ. وقيل: لا يُعيدُ بوُجْدانِ التُّرابِ. فعلى المَنْصوصِ، إنْ قدَر فيها عليه، خرَج، وإنْ لم يَقْدِرْ، فهو كمُتَيَمِّم يجِدُ الماءَ، على ما يأْتِي. فوائد؛ منها، على القوْلِ بالإعادةِ، الثَّانيةُ فرْضُه على الصَّحيحِ. جزَم به ابنُ

وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِاليَدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميم، وابنُ حَمْدانَ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: وقيل: الأولَى فَرْضُه. وقيل: [هما فَرْضُه] (¬1). واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ». وقيل: إحْدَاهما فَرْضُه لا بعَينها. ومنها، لو أحْدَثَ مَن لم يَجِدْ ماءً ولا تُرابًا، بنَوْمٍ أو غيرِه في الصَّلاةِ، بَطَلَتْ صلاُته. الْتَزَمَ به في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: ذكَره بعضُ أصحابِنا. واقْتَصَر عليه. وقال في «الرِّعايَة»: وقيل: إنْ وجَد المُصَلِّي الماءَ أو التُّرابَ، وقُلْنا: تُعادُ مع دَوامِ العَجْزِ. خرَج منها، وإلَّا أتمَّها إنْ شاءَ. وقال أيضًا: وهل تَبْطُل صلاُته بخُروجِ الوَقْتِ وهو فيها؟ فيه رِوايَتَان. قلتُ: الأوْلَى عدَمُ البُطْلانِ بخُروجِ الوقتِ وهو فيها. وقال في «الفائقِ»: ومَن صلى على حسَبِ حالِه، اخْتَصَّ مُبْطِلُها بحالةِ الصَّلاةِ. قال في «الفُروعِ»: وتَبْطُل الصلاةُ على المَيِّتِ إذا لم يُغَسَّلْ، ولا يتَيَمَّمُ بغُسْلِه مُطْلقًا، وتُعادُ الصَّلاةُ عليه به، والأصَحُّ: وبالتَّيمُّمِ. ويجوزُ نَبْشُه لأحَدِهما مع أمْن تَفَسُّخِه. ومنها، لو كان به قُروحٌ لا يَسْتطعُ معها مَسَّ البَشَرَةِ بوضوءٍ ولا تَيَمُّمٍ، فإنَّهما يَسْقُطانِ عنه ويُصَلِّي على حسَبِ حالِه. وفي الإعادةِ رِوايَتَان؛ لأنَّه عُذْرٌ نادِرٌ غيرُ مُتَّصِل. ذكَرَة المَجْدُ في «شَرْحِه». وهذه المسْألةُ في الإعادةِ، كمَنْ عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ. ذكَره في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. فالحُكْمُ هنا كالحكْمِ هناك. قوله: ولا يجوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بتُرابٍ طاهرٍ لهُ غُبارٌ يَعْلَقُ باليَدِ هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يجوز بالسَّبخًةِ أيضًا. وعنه، ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرَّمْلِ أيضًا. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيَّدَ القاضي وغيرُه جوازَ التَّيَمُّم بالرَّمْلِ والسَّبَخًةِ، بأنْ يكونَ لهما غُبارٌ، وإلَّا فلا يجوزُ، رِوايةً واحدةً. وقال صاحِبُ «النِّهايَة»: يجوزُ التَّيَمُّمُ بالرَّمْلِ مُطْلقًا. نقَلَها عنه أكثرُ الأصحابِ. ذكَره ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان. وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ بهما عندَ العدَمِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، يجوزُ التَّيَمُّمُ أيضًا بالنُّورَةِ والجَصِّ. نقَلها ابنُ عَقِيلٍ. وقيل: يجوزُ بما تَصاعَدَ على الأرْضِ لا بعدم، على الأصَحِّ. قال ابنُ أبي موسى: يَتَيَمَّمُ عندَ عدمِ التُّرابِ بكلِّ طاهرٍ تَصاعَد على وَجْهِ الأرْضِ؛ مِثْلَ الرَّمْلِ، والسَّبخةِ، والنُّورَةِ، والكُحْلِ، وما في مَعْنى ذلك، ويُصَلِّي، وهل يُعيدُ؟ على رِوايتَين. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ جوازَ التَّيَمُّم بغيرِ التُّرابِ مِن أجْزاءِ الأرْضِ إذا لم يَجِدْ تُرابًا، وهو رواية عن أحمدَ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: بتُرابٍ طاهرٍ. التُّرابُ الطَّهورُ، ومُرادُه غيرُ التُّرابِ المُحْتَرِقِ، فإنْ كان مُحْتَرِقًا لم يَصِحَّ التَّيَمُّمُ به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يجوزُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شمِل قولُه: بتُرابٍ. لو ضرَب على يَدٍ، أو على ثَوْبٍ، أو بِساطٍ، أو حَصيرٍ، أو حائطٍ، أو صَخْرَةٍ، أو حَيوانٍ، أو بَرْذَعَةِ حِمَارٍ، أو شجَرٍ، أو خشَبٍ، أو عِدْلٍ، أو شَعَرٍ، ونحوه ممَّا عليه غُبار طَهُور يَعْلَقُ بيَدِه. وهو صحيح. قاله الأصحابُ. فوائد؛ منها، أعْجَبَ الإمامَ أحمدَ حَمْلُ التُّرابِ لأجْلِ التَّيَمِّمِ، وعندَ الشيخِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيِّ الدِّينِ وغيرِهْ لا يَحْمِلُه، قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ إذْ لم يُنْقَلْ عنِ الصَّحابَةِ ولا غيرِهم مِنَ السَّلَفِ فِعْلُ ذلك مع كثرةِ أسْفارِهم. ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بالطِّينِ. قال القاضي: بلا خِلافٍ. انتهى. لكنْ إنْ أمْكنَه تَجْفيفُه والتَّيَمُّمُ به قبلَ خُروجِ الوقْتِ، لَزِمَه ذلك، ولا يَلْزَمُه إنْ خرَج الوقْتُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يلْزَمُه وإنْ خرَج الوقْتُ. وهو احْتِمال في «المُغْنِي». ومنها، لو وجَد ثَلْجًا ولم يُمْكِنْ تَذْويبُه، لَزِمَه مَسْحُ أعْضائِه به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يلْزَمُه. قال القاضي: مَسْحُ الأعْضاءِ بالثَّلْجِ مُسْتَحَب غيرُ واجب. وقدَّمه في «الرعايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى». وإنْ كان يَجْرِي إذا مَسَّ يدَه وجَب، ولا إعادةَ. ونقَل المَرُّوذِيُّ: لا يَتَيَمَّمُ بالثَّلْجِ. فعلى المذهبِ، في الإِعادَةِ رِوايتَان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ إحْدَاهما، يلْزَمُه. قدَّمه ابنُ عُبَيدان في «الرعاية الكُبْرَى»، وابنُ تَميم. والثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه. ومنها، لو نحَت الحِجارَةَ كالكَذَّانِ (¬1)، والمَرْمَرِ ونحوهما حتى صارَ تُرابًا، لم يَجُزِ التَّيَمُّم به، وإنْ دَقَّ الطِّينَ الصُّلْبَ كالأرْمَنِيِّ جازَ التَّيَمُّم به؛ لأنَّه ¬

(¬1) في: «كالمكدن». والكذان: الحجارة الرخوة.

فإِنْ خَالطَهُ ذُو غُبَارٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّم بِهِ، كَالْجَصِّ وَنَحْوهِ، فَهُوَ كَالْمَاءِ إذَا خَالطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُراب. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرَى»: ويصِحُّ في الأشْهَرِ بتُرابِ طِين يابس خُراسَانِي، أو أرْمَنِي، ونحوهما. وقيل: مأكول قبلَ طَبْخِه. وقيل: وبعدَه. وفيه بُعْد. انتهى. قوله: فإن خالطَه ذُو غُبارٍ لا يجوزُ التَّيَمُّمُ به، كالجَصِّ ونحوه، فهو كالماءِ إِذا خالطه الطَّاهِراتُ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ؛ منهمُ القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. وجزَم به في «النِّهايَة»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى»، و «مَجْمع البَحْرَين». وقيل: لا يجوزُ التَّيَمُّمُ به إذا خالطَه غيرُه مُطْلقًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمَجْدُ في «شرْحِه». قال ابنُ تَميم، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَمْدانَ: وهو أقْيَسُ. وصَحَّحَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وأطْلقَهما «الزَّرْكَشِيِّ»، و «المُذْهَبِ». وقيل: يجوزُ، ولو خالطَه غيرُه مُطْلقًا. ذكَره في «الرِّعاية». فائدة: لا يجوزُ التَّيَمُّمُ مِن تُرابِ مَقْبَرَةٍ تَكَرَّر نَبْشُها، فإنْ لم يتَكَرَّرْ، جازَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم.

فَصْلٌ: وَفَرَائِضُ التَّيَمُّمِ أرْبَعَةٌ؛ مَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ، وَيَدَيهِ إِلَى كُوعَيهِ، والترتِيبُ، وَالمُوَالاةُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يصِحُّ. وقيل: يجوزُ ولو خالطَه غيرُه مُطْلقًا. تنبيه: قولُه: فهو كالماءِ. اعلمْ أنَّ التُّرابَ كالماءِ في مَسائِلَ؛ منها ما تقدَّم. ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بتُرابٍ مَغْصوبٍ. قاله الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو بتُرابِ مَسْجِدٍ، ثم قال: ولعَلِّه غيرُ مُرادٍ. [وقال في بابِ صِفَةِ الحَجِّ والعُمْرَةِ، في فَصْلِ؛ ثم يَدْفَعُ بعدَ الغُروبِ إلى مُزْدَلِفَةَ: وفي «الفُصولِ»: إنْ رَمَى بحَصَى المسعَى، كُرِهَ وأجْزأ؛ لأنَّ الشرعَ نَهَى عن إخْراجِ تُرابِه، فدَلَّ أنه لو لم يصِحَّ أجْزَأ، وأنه يَلْزَمُ مِن مَنْعِه المَنْعُ] (¬1). ومنها، لا يجوزُ التَّيَمُّمُ بتُرابٍ قد تُيُمِّمَ به؛ لأنَّه صارَ مُسْتَعْمَلا كالماءِ. وهذا الصَّحيحُ في المذهبِ. وقيل: يجوزُ التَّيَمُّم به مرَّةً ثانيةً، كما لو لم يَتَيَمَّمْ منه، على أصَح الوَجْهَين فيه. فائدة: لا يُكْرَه التَّيَمُّم بتُرابِ زَمْزَمَ مع أنه مَسْجِدٌ. قاله في «الفُروعِ»، و «الرعاية». تنبيهان؛ أحدهما، ظاهرُ قولِه: وفَرائِضُه أرْبَعَة؛ مَسْحُ جميع وَجْهِهِ. أنه يجِبُ مَسْحُ ما تحتَ الشَّعَرِ الخفيفِ، وهو أحَدُ الوَجْهَين. قال في «المُذْهَبِ»: ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محَلُّ التَّيَمُّمِ جميعُ ما يجِبُ غَسْلُه مِنَ الوَجْهِ، ما خلَا الأنف والفم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجبُ مَسْحُ ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. قطع به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ رَزِين». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وهو الصَّوابُ. وأطْلقَهُما في «الفُروع»، و «ابنِ تَميم». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ويَمْسَحُ ما أمْكَن مسْحُه مِن ظاهرِ وَجْهِه ولِحْيَيه. قيل: وما نزَل عن ذَقَنِه. والثَّاني، مُرادُه بقوْلِه: مَسْحُ جميع وَجْهِه. سِوَى المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشاقِ قَطْعًا، بل يُكْرَهُ. قوله: والترتيبُ والمُوَالاةُ على إحدى الروايَتَينْ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن حُكْمَ الترتيبِ والمُوالاةِ هنا حُكْمُهما في الوضوءِ، على ما تقدَّم، وعليه جمهورُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقيل: هما هنا سُنَّة، وإنْ قُلْنا: هما في الوضوءِ فَرْضان. وقيل: الترتِيبُ هنا سُنَّةٌ فقط. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي، لأنَّه ذكَر الترتيبَ في الوُضوءِ، ولمْ يَذْكُره هنا. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: قِيَاسُ المذهبِ عندِي أنَّ الترتيبَ لا يجِبُ في التَّيَمُّمِ وإنْ وجَب في الوضوءِ؛ لأنَّ بُطونَ الأصابع لا يجبُ مَسحها بعدَ الوَجْهِ في التَّيَمُّمِ بالضربَةِ الواحِدَةِ، بل يَعْتَدُّ بمَسْحِها معه. واخْتارَه في «الفائقِ». قال ابنُ تَميم: وهو أوْلَى. قال في «الحاوي الكبيرِ»: إنْ تَيَمَّمَ بضَرْبَتَين وجَب التَّرْتِيبُ، وإنْ تَيَمَّمَ بضَرْبَةٍ لم يَجِبْ. قال ابنُ عَقِيل: رأيتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّيَمُّمَ بضَرْبَةٍ واحدةٍ قد أسْقَط تَرْتِيبًا مُسْتَحَقًّا في الوضوءِ؛ وهو أنَّه يَعْتَدُّ بمَسْحِ باطِنِ يَدَيه قبلَ مَسْحِ وَجْهِه. فائدة: قَدْرُ المُوالاةِ هنا، بقَدْرِها زَمنًا في الوضوءِ عُرْفًا. قاله في «الرِّعاية». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في الترتيبِ والمُوالاةِ في غيرِ الحَدَثِ الأكْبَرِ، فأمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَدَثُ الأكْبَرُ فلا يَجِبَانِ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: يَجِبانِ فيه أيضًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ عليه. وقدَّمه في «الرِّعايَة». واخْتارَه أبو الحُسينِ. وأبطْلَه المَجدُ في «شَرْحِه». وقيل: تَجِبُ المُوالاةُ فيه فقط. قال ابنُ تَميم: هذا القوْلُ أوْلَى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّ التَّسْمِيَةَ ليستْ مِن فرائض التَّيَمُّمِ، وهو ماش على ما اخْتارَه في أنها لا تجبُ في الوضوءِ، وكذلك عندَه في التَّيَمُّمِ. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، أَن حُكْمَ التَّسْمِيَةِ هنا حُكْمُها على الوضوءِ، على ما تقدم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، أنها سُنَّةٌ، وإنْ قُلْنا بوُجوبِها في الوضوءِ والغُسْلِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه في «إدْرَاكِ الغايَة»، مع تقديمِه في الوضوءِ أنَّها فَرْض. فوائد؛ الأولَى، لو يمَّمَه غيرُه فحُكْمُه حُكْمُ ما لو وَضَّأه غيرُه، على ما تقدَّم في آخِرِ باب الوضوءِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ الآجُرِّيُّ وغيرُه، لا يصِحُّ هنا؛ لعدَمِ قَصْدِه. الثَّانيةُ، لو نَوَى وصمَد وَجْهَه للريحِ، فعَمَّ التُّرابُ جميعَ وَجْهِه، لم يصِحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «الكافِي». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي. وقيل: يصِحُّ. اخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، والمَجْدُ، و «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى». وأطْلقَهما في «الشرح»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «المُذْهَبِ». وقيل: إنْ مسَح أجْزَأ، وإلَّا فلا. وجزم به في «الفائق». [وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى». واخْتارَه ابنُ عَقِيل، والشَّارِحُ] (¬1). قلتُ: وهذا الصّحيحُ قِياسًا على مَسْحِ الرأس. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَجِبُ تَعْيِينُ النيةِ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ مِنْ حَدَثٍ أوْ غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصَحَّحَ في «المُغْنِي» عدَمَ الإِجْزاءِ إذا لم يَمْسَحْ، ومع المَسْحِ حكَى احْتِمالين. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». الثَّالثةُ، لو سَفَتِ الرِّيحُ غُبارًا، فمَسَح وَجْهَه بما عليه لم يصِحَّ، وإنْ فصَلَه ثم رَدَّه إليه، أو مسَح بغيرِ ما عليه، صَحَّ. وذكَر الأزَجِي، إن نَقَله مِنَ اليَدِ إلى الوَجْهِ، أو عَكْسه بنِيَّةٍ، [ففيه تَرَدُّدٌ] (¬1). ويأتِي إذا تَيَمَّمَ بيَدٍ واحدةٍ، أو بعض يَدٍ، أو بخِرْقَةٍ ونحوه، بعدَ قولِه: والسنةُ في التَّيَمُّمِ أنْ يَنْوى. قوله: ويَجِبُ تَعْيينُ النية لها يتَيَمَّمُ له؛ مِن حَدَثٍ أو غيرِه. فشَمِلَ التَّيَمُّمَ للنَّجاسَةِ، فتَجِبُ النيةُ لها، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. صَحَّحه المَجْدُ، وفي ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، وفي «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، في موْضِع. وهذا احْتِمالُ القاضي. وقيل: لا تَجِبُ النيةُ لها كبَدَلِه وهو الغُسْلُ، بخِلافِ تَيَمُّمِ الحَدَثِ. وهو احْتِمال لابنِ عَقِيل [في «الفُروعِ»: والمَنْعُ اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيل، والظَّاهِرُ، أنه أرادَ مَنْعَ الصِّحَّةِ] (¬1). وأطْلَقَهما في «الفُروجِ»، و «الرِّعاية»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ»، وفي «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، في مَوْضِع. فعلى الأوَّلِ يكْفِيه تَيَمُّمٌ واحد، وإنْ تعَدَّدَتْ مَواضِعُها إنْ لم يكُنْ مُحْدِثًا، وإنْ كان مُحْدِثًا وعليه نَجاسَةٌ، فيأتِي بعدَ هذا. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَإنْ نَوَى جَمِيعَهَا جازَ، وَإنْ نَوَى أحدَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإِنْ نَوَى جَمِيعَها جَازَ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ كان عليه حدَثٌ ونَجاسَة هل يكْتَفِي بتَيَمُّم واحدٍ؟ يَنْبَنِي على تَداخُلِ الطهارَتَين في الغُسْلِ، فإنْ قُلْنا: لا يتَداخَلانِ. فهنا أوْلَى؛ لكَوْنِهما مِن جنْسَين، وإنْ قُلْنا: يتَداخَلانِ هناك. فالأشْبَهُ عندِي لا يتَداخَلانِ هنا. كالكفَّاراتِ والجُدودِ إذا كانَتَا مِن جِنْسَين. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. قوله: وإن نَوَى أحَدَها، لم يُجْزِئْه عَنِ الآخَرِ. اعلمْ أنه إذا كانتْ عليه أحْداث؛ فتارةً تكونُ مُتَنَوِّعَةً عن أسْبابِ أحَدِ الحَدَثَين، وتارةً لا تَتَنَوَّعُ، فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنوَّعَتْ أسْبابُ أحَدِهما، ونوَى بعْضَها بالتَّيَمُّمِ، فإنْ قُلْنا في الوضوء: لا يُجْزِئُه عما لم يُنْوه. فهنا بطريقٍ أوْلَى. وإنْ قُلْنا: يُجْزِيء هناك. أجْزأ هنا، على الصَّحيحِ. صَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، في الحدَثِ الأكْبَرِ. وقيل: لا يُجْزِيء هنا. فلا يحْصُلُ له إلَّا ما نَواه، ولو قُلْنا: يَرْتَفِعُ جميعُها في الوضوءِ؛ لأنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ، والوضوءُ رافِع. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجَزم به في الحدَثِ الأكْبَرِ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»،

وَإِن نَوَى نَفْلًا، أوْ أطْلَقَ النِّيَّةَ لِلصَّلَاةِ لَمْ يُصَل إلا نَفْلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: إنْ كانَا جَنابَةً وحَيضًا، أو نِفاسًا لم يُجْزِه. وصَحَّحَه بعضُهم. فائدتان؛ إِحْداهما، لو تَيَمَّمَ للجَنابَةِ دُونَ الحدَثِ، أبِيحَ له ما يُباحُ للمُحْدِثِ، مِن قِراءةِ القُرْآنِ، واللبثِ في المسْجِدِ، ولم تُبَحْ له الصَّلاةُ، والطوافُ، ومَسُّ المُصْحَفِ، وإنْ أحْدَثَ، لم يُؤثِّرْ ذلك في تَيَمُّمِه. وإنْ تَيَمَّمَ للجَنابَةِ والحدَثِ ثم أحْدَثَ، بَطَلَ تَيَمُّمُه للحَدَثِ، وبَقِيَ تَيَمُّمُ الجَنابَةِ بحالِه. ولو تيَمَّمَتْ بعدَ طُهْرِها مِن حَيضِها لحدَثِ الحَيض ثم أجْنَبَتْ، لم يَحْرُمْ وَطْؤها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وصَحَّحَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ قُلْنا: كلُّ صلاةٍ تَحْتاجُ إلى تَيَمُّم. احْتاجَ كلُّ وَطْءٍ إلى تَيَمُّمٍ يَخُصُّه. الثَّانيةُ، صِفَةُ التَّيَمُّمِ أنْ يَنْويَ اسْتِباحَةَ ما يَتَيَمَّمُ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يصِحُّ بنيَّةِ رَفْعِ الحدَثِ. فعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ معه تَعْيِينُ ما يَتَيَمَّمُ له قبلَ الحدَث، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ ظَنَّ فائتةً فلم تكُنْ، أو بان غيرُها لم يصِحَّ. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ ابن الجَوْزِيِّ، إنْ نَوَي التَّيَمُّمَ فقط صلَّى نَفْلًا. وقال أبو المَعالي: إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أو فرْضَ الطهارَةِ فوَجْهان. قوله: وإنْ نَوَى نَفْلًا، أو أطْلَق النِّيَّةَ للصَّلاةِ، لَمْ يُصَلِّ إلا نَفْلًا. وهذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ نَوَى اسْتِباحَةَ الصَّلاةِ وأطْلَق، جازَ له فِعْلُ الفَرْضِ والنَّفْلِ. وخَرَّجَه المَجْدُ، وغيرُه. وعنه، مَن نَوَى شيئًا له فِعْلُ أعْلَى منه.

وَإنْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ فِعْلُهُ، وَالْجَمْعُ بَينَ الصَّلَاتَينِ، وَقَضَاءُ الْفَوَائِتِ، وَالتَّنفُّلُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَوَى فَرْضًا، فله فِعْله، والجَمْعُ بينَ الصَّلاتَين، وقَضَاءُ الفوائتِ. به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يَجْمَعُ في وَقْتِ الأولَى. قال ابنُ تَميمٍ: له الجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانيةِ، وفي الجَمْع في وَقتِ الأولَى وَجْهان؛ أصَحُّهما الجوازُ. وعنه، لا يَجْمَعُ به بينَ فَرْضَين، ولا يُصَلِّي به فائتتين. نصَّ عليه في رِوايَة ابن القاسِمِ، وبَكْرِ بنِ محمدٍ. ذكَره ابنُ عُبَيدان. واخْتارَه الآجُريّ. قال في «الرعاية» وغيرِها: وعنه، يجِبُ التَّيَمُّمُ لكلِّ صلاةِ فَرْضٍ. فعليها، له فِعْلُ غيرِه ممَّا شاءَ حتى يَخْرُجَ الوَقتُ. وفي «الفُروع»: لو خرَج الوقتُ، وفيه نظر، مِنَ النَّوافِلِ، والطَّوافِ، ومَس المُصْحفِ، والقراءَةِ، واللُّبْثِ في المَسْجِدِ إنْ كان جُنُبًا، والوَطْءِ إن كانتْ حائِضًا، على الصَّحيحِ. صَحَّحَه المَجْدُ، وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَع البَحْرَين» عليها. وذكَر في «الانْتِصارِ» وَجْهًا؛ أنَّ كلَّ نافِلَةٍ تَفْتَقِرُ إلى تَيَمُّمٍ، وقال: هو ظاهرُ نَقْلِ ابنِ القاسمِ، وبَكْرِ بنِ محمدٍ. ذكَره في «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيل: لا يُباحُ الوَطْءُ بتَيَمُّمِ الصلاةِ على هذه الروايَة، إلا أنْ يَطَأ قبلَها، ثم لا تُصَلِّيَ به، وتَتَيَمَّمَ لكلِّ وَطْءٍ. وتقدَّم بعضُ ذلك عنه قرِيبًا. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: فعليها، لو تَيَمَّمَ لصلاةِ الجِنازَةِ، فهل يُصَلي به أخْرَى؟ على وَجْهَين؛ قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ غيرِ واحدٍ؛ إنْ تَعَيَّنتا، لم يُصَلِّ، وإلَّا صلَّى. انتهى. وعليها أيضًا، لو كان عليه صلاة مِن يوْم لا يَعْلَمُ عَينَها، لَزِمَه خَمْسُ صلَواتٍ، يَتَيَممُ لكلِّ صلاةٍ. جزَم به ابنُ تَيمم، وابنُ عُبَيدان. وقيل: يُجْزِئُه تَيَمُّمٌ واحد. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ». قال في «الرعايَة»، بعدَ أنْ حكَى الروايةَ: قلتُ: فعلَيها، مَنْ نَسِيَ صلاةَ فَرْض مِن يوْم، كفَاه لصَلاةِ الخَمْسِ تَيَمُّمٌ واحد، وإنْ نَسِيَ صلاةً مِن صلاتَين، وجَهِلَ عَينَها، أعادَهُما بتَيَمُّم واحدٍ، وإنْ كانَتَا مُتَّفِقَتَين مِن يوْمَين، وجَهِلَ جِنْسَهما، صلَّى الخَمْسَ مَرَّتَين بتَيَمُّمَين، وكذلك إنْ كانَتا مُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ وجَهِلَهُما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَكْفِي صلاةُ يوْم بتَيَمُّمَين. وإنْ كانَتا مُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ، فلِكُلِّ صلاة تَيَمُّمٌ. وقيل في المُخْتَلِفَتَين مِن يوْمٍ أو يَومَين: يُصَلِّي الفَجْرَ، والظُّهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ بتَيَمُّم، والظهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشاءَ بتَيَمُّم آخَرَ. انتهى. وعلى الوَجْهِ الذي ذكَره في «الانْتِصارِ»، لو نَسِيَ صلاةً مِن يوْم، صلَّى الخَمْسَ بتَيَمُّم لكُلِّ صلاةٍ. قاله في «الرِّعاية». وأمَّا جوازُ فِعْلِ التَّنَفُّلِ إذا نَوَى بتَيَمُّمِه الفَرْضَ، فهو المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: لا يجوزُ له التَّنَفُّلُ به إلَّا إذا عَيَّنَ الفَرْضَ الذي يَتَيَمَّمُ له. وعنه، لا يَتَنَفَّلُ قبلَ الفريضَةِ بغيرِ الرَّاتِبَةِ. وتقدَّم الوَجْهُ الذي ذكرَه في «الانْتِصارِ»، أنَّ كلَّ نافِلَةٍ تَحْتاجُ إلى تَيَمُّم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قولِه: والتَّنَفُّلُ إلى آخِرِ الوَقْتِ. أنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بخُروجِ الوَقْتِ، وهو صحيح، وهو المذهبُ. وقيل: لا يبْطُلُ إلَّا بدُخولِ الوقْتِ. ويأتِي الكلامُ على ذلك بأتَمَّ مِن هذا عندَ قوْلِه: ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخُروج الوَقْتِ. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله تعالى، بقوْلِه: وإنْ نَوَى فرْضًا فلهُ فِعْلُه، والجَمْعُ بينَ الصَّلاتين، وقَضاءُ الفَوائِتِ والنَّوافِلِ. أنَّ مَن نَوَى شَيئًا، استَباحَ فِعْلَه، واسْتَباحَ ما هو مِثْلُه أو دُونَه، ولم يَسْتَبِحْ ما هو أعْلَى منه، وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، فهذا هو الضَّابِطُ في ذلك. وقيل: مَن نَوَى الصَّلاةَ، لم يُبَحْ له فِعْلُ غيرِها؛ قال في «الرعاية»: وقيل: مَن نَوَى الصَّلاةَ لم يبح له غيرُها، والقِراءةُ فيها، وأنَّ مَن نوَى شيئًا لم يُبَحْ له غيرُه. قال: وفيها بُعْدٌ. وعنه، يُباحُ له أيضًا فِعْلُ ما هو أعْلَى ممَّا نَوَاه. وقيل: إنْ أطْلَق النيةَ، صلَّى فَرْضًا. وتقدم هو والذي قبلَه قرِيبًا. فعلى المذهبِ، النَّذْرُ دُونَ ما وجَب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالشرعِ، على الصَّحيحِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ظاهِرُ كلامِهِم؛ لا فَرْقَ بينَ ما وجَب بالشرعِ وما وجَب بالنَّذْرِ. انتهى. وفَرْضُ الكِفَالةِ دُونَ فَرْضِ العَينِ، وفَرْضُ جِنازَةٍ أعْلَى مِنَ النَّافِلَةِ، على الصَّحيحِ. وقيل: يُصَلِّيها بتَيَمُّمِ نافِلَةٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَحَرَّجُ أنْ لا يُصَلِّيَ نافِلَةً بتَيَمُّمِ جِنازَةٍ. ويُباحُ الطَّوافُ بتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ، على المشْهورِ في المذهبِ، كمَسِّ المُصْحَفِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولو كان الطَّوافُ فَرْضًا. وقال أبو المَعالِي: ولا تُباحُ نافِلَة بتَيَمُّمِه لمَسِّ المُصْحَفِ، وطَوافٍ، ونحوهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. وإنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ للِقراءَةِ، أو لِمسِّ مُصْحَفٍ، فلَه اللبْثُ في المَسْجِدِ. وقال القاضي: له فِعْلُ جميع النَّوافِلِ؛ لأنَّها في درَجَةٍ واحدةٍ. وعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوَّلَ، يَتَيَمَّمُ لمَسِّ المُصْحَفِ، فلَه القراءَةُ لا العَكْسُ، ولا يَسْتَبِيحُ مَسَّ المُصْحَفِ والقراءَةَ بتَيَمُّمِه للُّبْثِ. وقيل: في القِراءَةِ وَجْهان. ويُباحُ اللُّبْثُ، ومَسُّ المُصْحَفِ، والقِراءَةُ بتَيَمُّمِه للطوافِ لا العَكْسُ، على الصَّحيحِ. وقيل: بلى في العكْس. وإنْ تَيَمَّمَ لمَسِّ المُصْحَفِ، ففي جوازِ فِعْلِ نَفْلِ الطَّوافِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرعايَة»، و «ابنِ عُبَيدان». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الجوازِ؛ لأن جِنْس الطَّوافِ أعْلَى مِن مَسِّ المُصْحَفِ. كذا نقَله ابنُ عُبَيدان. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وتَبِعَه الشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان: إنْ تَيَمَّمَ جُنُب لقراءةٍ، أو لُبْثٍ، أو مَسِّ مُصْحَفٍ لم يَسْتَبِحْ غيرَه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال ابنُ تَميم، وفيه نظر. قال ابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَة»: وفيه بُعْدٌ. [تنبيه: هذا كله مَبْنِيٌّ على أنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيح، أمَّا على القَوْلِ بأنَّه رافِعٌ فتُباحُ الفريضَةُ بنيَّةِ مُطْلَقِ النَّافِلَةِ. وقال ابنُ حامدٍ: تُباحُ الفريضَةُ بنيته مُطْلقًا، لا بنِيَّةِ النافِلَةِ، كما تقدَّم] (¬1). فائدة: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: لو تيَمَّمَ صَبِيٌّ لصلاةِ فَرْض ثم بلَغ، لم يَجُزْ له أنْ يُصَلِّيَ بتَيَمُّمِه فَرْضًا، لأنَّ ما نَواه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَيَبْطُلُ التَّيَمُّم بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَوُجُودِ الْمَاءِ، وَمُبْطِلَاتِ الْوُضُوءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان نَفْلًا. وجزَم به ابن عُبَيدان، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقال في «الرِّعايَة»: لو تَيمَّم صَبِيٌّ لصلاةِ الوقْتِ ثم بلَغ فيه، وهو فيها أو بعدَها، فلَه التَّنَفُّلُ به، وفي الفَرْض وَجْهان. [والوَجْهُ بالجوازِ ذكَره أبو الخَطابِ] (¬1). قوله: ويَبْطُلُ التَّيَمُّم بخُرُوجِ الوَقْتِ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يَبْطُل إلَّا بدُخولِ الوقْتِ. اخْتارَه المَجْدُ. قاله في «الفائقِ». وهو ظاهرُ كلامِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيِّ. وحمَله المُصَنِّفُ على الأولِ. وقال ابنُ تَميم: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، فقال: وهل يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ للفَجْرِ بطُلُوعِ الشَّمْس أو بزَوالِها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما ابنُ تَميم، وقيل: لا يبْطُل التَّيَمُّمُ عنِ الحدَثِ الأكْبَرِ والنَّجاسَةِ بخُروجِ الوقْتِ؛ لتَجَدُّدِ الحدَثِ الأصْغَرِ بتَجَدُّدِ الوقْتِ في طَهارَةِ الماءِ، عندَ بعض العُلَماءِ. تنبيهات؛ منها، أنّ التَّيَمُّمَ على القَوْلَين يَبْطُل به مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، فلا يُباحُ له فِعْلُ شيء مِنَ العِباداتِ المُشْتَرَطِ لها التَّيَمُّمُ. وقيل: يَبْطُلُ تَيَمُّمُه بالنِّسْبَةِ إلى الصَّلاةِ التي دخَل وقْتُها، فيُباحُ له قَضَاءُ التي تَيَمَّمَ في وَقْتِها، إنْ لم يكُنْ صلَّاها، وفِعْلُ الفوائتِ، والتنَّفَلُ، ومس المُصْحَفِ، والطوافُ، وقراءَةُ القُرْآنِ، واللُّبْثُ في المَسْجدِ، ونحو ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايةِ»، [وصاحِبُ «الحاوي»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»] (¬1)، وقال: وعكْسُه لو تَيَمَّمَ للحاضِرَةِ ثم نذَر في الوَقْتِ صلاةً، لم يَجُزْ فِعْلُ المَنْذُورَةِ به عندِي؛ لأنَّه سبَق وجُوبُها. وظاهِرُ قوْلِ الأصحاب الجوازُ، انْتَهى كلامُ المَجْدِ ومَنْ تابعَه. ومنها، دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ أَنَّه إذا تَيَمَّمَ الجُنُبُ لقراءةِ القُرْآنِ، واللُّبْثِ في المَسْجدِ، أو تَيَمَّمَتِ الحائضُ للوَطْءِ، أو اسْتَباحَا ذلك بالتَّيَمُّمِ للصَّلاةِ ثم خرَج الوقْتُ، بطَل تَيَمُّمُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يَبْطلُ كما لا تَبْطلُ بالحدَثِ ورَدَّ ما عللَ به الأصحابُ. واخْتارَ في «الفائقِ»، في الحائض، اسْتِمْرارَ تَيَمُّمِها إلى الحَيضِ الآتِي. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. ومنها، لو خرَج الوَقْتُ وهو في الصَّلاةِ، أنها تَبْطلُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، تَبْطلُ بخُروجِ الوَقْتِ ولو كان في الصَّلاةِ. وصرَّح به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الكافِي». وقدَّمه ابنُ عُبَيدانَ، و «الرِّعايةِ»، وابنُ تَميم. وقيل: لا تَبْطُل وإنْ كان الوقْتُ شَرْطًا. وقاله ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وقيل: حُكمُه حُكمُ مَنْ وجَد الماءَ وهو في الصَّلاةِ. وخَرَّجه في «المُسْتَوْعِبِ» على رِواية وُجودِ الماءِ في الصَّلاةِ. قال ابنُ تَميمٍ: وكذا يُخَرَّجُ في المُسْتَحاضَةِ إذا خرَج الوقْتُ وهي في الصَّلاةِ، أو انْقَضَتْ مُدَّةُ المَسْحِ. قاله في «الرِّعايَة». وكذا الخِلافُ عنِ المُسْتَحاضَةِ إذا خرَج ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَقْتُ وهي تُصَلِّي، وانْقِطاعُ دَمِ الاستِحاضَةِ فيها مَنُوطٌ بشَرْطِه، وفَراغُ مُدَّةِ المَسْحِ فيها، وزَوالُ المَلْبُوسِ عن مَحَلِّه عَمْدًا قبلَ السَّلامِ فيها. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في هذه المسْألَةِ إذا كان في غيرِ صلاةِ الجُمُعَةِ، أمَّا إذا خرَج وقْتُ الجُمُعَةِ وهو فيها، لم يَبْطُلْ. ذكَره الأصحابُ. وجزَمَ به في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِي»، وغيرِهما. قلتُ: فيُعايى بها. ومنها، يَبْطُل التَّيَمُّمُ لطَوافٍ، وجِنازَةٍ، ونافِلَةٍ، بخُروجِ الوَقْتِ كالفَرِيضَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، إنْ تَيَمَّمَ لجِنَازَةٍ ثم جِئَ بأخْرَى؛ فإنْ كان بينَهما وَقْتٌ يُمْكِنُه التَّيَمُّمُ فيه، لم يُصَلِّ عليها حتى يَتَيَمَّمَ لها. قال القاضي: هذا للاسْتِحْبابِ. وقال ابنُ عَقِيل: للإِيجابِ؛ لأنَّ التَّيَمُّمَ إذا تَقَدَّرَ للوقْتِ، فوَقْتُ كلِّ صلاةِ جِنازَةٍ قَدْرُ فِعْلِها. وكذا قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لأنَّ الفِعْلَ المُتواصِلَ هنا كتَواصُلِ الوقْتِ للمَكْتوبَةِ. قال: وعلى قِياسِه ما ليس له وَقْتٌ مَحْدودٌ؛ كمَسِّ المُصْحَفِ، والطَّوافِ. قال في «الفُروعِ»: فعلَى هذا، النوافِلُ المُؤقَّتَةُ؛ كالوتْرِ، والسننِ الرَّاتِبَةِ، والكُسوفِ، يَبْطُل التَّيَمُّم لها بخُروجِ وَقْتِ تلك النَّافِلَةِ، والنَّوافِلُ المُطْلَقَةُ يَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبَرَ فيها تَواصُلُ الفِعْلِ كالجِنازَةِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَمْتَدَّ وَقْتُها إلى وَقْتِ النَّهْي عن تلك النّافلةِ. وتقدم كلامُ ابنِ الجَوْزِي في «المُذْهبِ» (¬1). تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويَبْطُل التَّيَمُّم بخُروجِ الوَقْتِ. أنَّ التَّيَمُّمَ مُبيحٌ لا رافِعٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصّ عليه، وعليه ¬

(¬1) انظر ما تقدم في صفحة 233.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المُخْتارُ للإِمامِ والأصحابِ. وقال أبو الخطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: يَرْفَعُه رَفْعًا مُوقَّتًا، على روايةِ الوَقف. وعنه، أنه رافِعٌ، فيُصَلِّي به إلى حَدَثِه. اخْتاره أبو محمدٍ بنُ الجَوْزِيِّ، والشيخُ تَقِي الدِّينِ، وابنُ رَزِيق، وصاحب «الفائقِ». فيَرْفَعُ الحَدَثَ إلى القُدْرَةِ على الماءِ، ويتَيَمَّمُ لفَرْض ونَفْلٍ قبلَ وقْتِه، ولنَفْلٍ غيرِ مُعَيَّن لا سبَبَ له وقتَ نَهْي. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، في «الفَتاوَى المِصْرِيةِ»: التَّيَمُّم لوَقْتِ كلِّ صلاةٍ إلى أنْ يدْخُلَ وقتُ صلاةٍ أخْرَى أعْدَلُ الأقْوالِ. وعَلَى المذهبِ، لا يصِحُّ ذلك، كما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وعلى المذهبِ، يَتَيَمَّمُ للفائتةِ إذا أرادَ فِعْلَها. ذكَره أبو المَعالِي، والأزَجِيُّ. وقال في «الفُروعَ»: وظاهرُ كلامَ جماعَةٍ، إذا ذكَرها. قال: وهو أوْلَى. ويَتَيَمَّمُ للكُسوفِ عندَ وُجودِه، وللاسْتِسْقاءِ إذا اجْتَمَعُوا، وللجِنازَةِ إذا غُسِّلَ المَيِّتُ، أو يُمِّمَ لعدَمِ الماءِ. فيُعايىَ بها، فيقال: شَخْصٌ لا يصِحُّ تَيمُّمُه حتى يَتَيَمَّمَ غيرُه. وقال في «الرِّعاية» ووَقْتُ التَّيَمُّمِ لصلاةِ الجِنازَةِ إذا طُهِّرَ المَيتُ. وقيل: بل إنْجازُ غُسْلِه. ووَقْتُه لصلاةِ العيدِ ارْتِفاعُ الشَّمْسِ. وقال الزَّرْكشي: وقتُ المَنْذورَةِ كل وَقْتٍ على المذهبِ، ووَقْتُ جميعِ التَّطوُّعاتِ وَقْتُ جوازِ فِعْلِها. وقال في «الرِّعايةِ»: وعنه، يُصَلِّي به ما لم يُحْدِثْ. وقيل: أو يَجِدِ الماءَ. قلتُ: ظاهرُ هذا مُشكِل؛ فإنَّه يَقْتَضِي أنَّه على النَّص يصَلِّي وإنْ وجَد الماءَ، وهو خِلافُ الإجْماعَ. فائدة: وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: لو نوَى الجمْعَ في وَقْتِ الثَّانيةِ ثم تَيَمَّمَ لها، أو لِثَانيةٍ في وَقْتِ الأولَى، لم يَبْطُلْ بخُروجِ وَقْتِ الأوَّلَةِ في الأشْهَرِ. وجزَم به ابنُ تَميم، والزَّرْكَشِي، و «مَجْمَع البَحْرَين»، وابنُ عُبَيدان. وقيل: يَبْطُل.

قال الشيخ رحمه الله: فَإِنْ تَيَمَّمَ وَعَلَيهِ مَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيهِ، ثُمَّ خَلَعَهُ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ. وَقَال أصْحَابُنَا: يَبْطُلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: ويَحْتَمِلُها كلامُ المُصَنِّفِ. قوله: ويَبْطُل التَّيَمُّم بِخُرُوجِ الوقتِ، ووُجُودِ الماءِ، ومُبْطِلاتِ الوضوءِ. أمَّا خُروجُ الوقْتِ، فقد تقدَّم الكلامُ عليه، وأمَّا وجودُ الماءِ لفاقِدِه، فيَأتِي حكْمُه قريبًا، وأمَّا مُبْطِلاتُ الوضوءِ، فيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عنِ الحَدَثِ الأصْغَرِ بما يُبْطِلُ الوضوءَ بلا نِزاعٍ، ويَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عن الحدَثِ الأكْبَرِ بما يُوجِبُ الغُسْلَ، وعنِ الحَيض والنفاسِ بحُدوثِهما، فلو تَيَمَّمَتْ بعدَ طُهْرِها مِنَ الحَيض له ثم أجْنَبَتْ، جازَ وَطْؤها؛ لِبَقاءِ حُكْمِ تَيَمُّمِ الحَيضِ، والوَطْءُ إنَّما يوجِبُ حدَثَ الجَنابَةِ على ما تقدَّم، ويَتَيَمَّمُ الرَّجلُ إذا وَطِئ ثانيًا عن نَجاسَةِ الذَّكَرِ؛ إنْ نَجَّسَتْ رطوبَةُ فَرْجِها. قوله: فإن تَيَمَّمَ وعليه ما يَجُوزُ المسْحُ عليه ثم خلَعه، يَبْطُلُ تَيَمُّمُه. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفائقِ»، والشيخِ تَقِي الدِّينِ. قاله في «الفائقِ». وقدَّمه النَّاظِمُ. قال في «الرِّعاية»: قلتُ: إلَّا أنْ يكونَ الحائِلُ في مَحَلِّ التَّيَمُّمِ أو بعضِه فيَبْطُلَ بخَلْعِه. وقال أصحابُنا: يَبْطُل. وهو المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنْصوص أحمدَ في رواية عبدِ اللهِ، على الخُفَّينِ. وفي رواية حَنْبَل، عليهما وعلى العِمامَةِ. ورَد المَجْدُ وغيرُه الأوَّلَ. وهذا مِنَ المُفْرَداتِ.

وإنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ إِعَادَتُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وجَد الماءَ بعدَ الصَّلاةِ، لَمْ تَجِبْ إِعادَتُها. بلا نِزاعٍ، ولم يُسْتَحَبَّ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وهما وَجْهان مُطْلَقانِ في «شَرْحِ الزَّرْكَشِي». تنبيه: شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، لو صلَّى على جِنازَةٍ ثم وجَده قريبًا، وهو صَحيحٌ، فلا يَلْزَمُه إعادَتُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، الوَقْفُ. وإنْ تيممَ أعادَ غَسْلَه في أحَدِ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ».

وَإنْ وَجَدَهُ فِيهَا بَطَلَتْ. وَعَنْهُ، لَا تَبْطُلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وجَده فيها بطلتْ. هذا المذهبُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا تَبْطُل ويَمْضِي في صَلاته. اخْتارَها (¬1) الآجُرِّيُّ. وأطْلَقهما في «مَجْمَعِ البَحْرَين». فعلَى هذه الروايةِ، يجبُ المُضِيُّ، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». قال الشَّارِحُ: ¬

(¬1) في: «اختارهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أوْلَى، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: لا يجِبُ المُضِيُّ لكن هو أفضَلُ. وقيلِ: الخُروجُ منها أفْضَلُ؛ للخُروجِ مِنَ الخِلافِ, واخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ. قال في «الفائقِ»: وعنه، يَمْضِى. فقيلَ: وُجوبًا. وقيل: جَوازًا. وأطْلَقهما في «المُغْنِي». وقال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: الأولَى قَلْبُها نَفْلًا. فائدة: روَى المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ أنَّه رجَع عنِ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، فلذلك أسْقَطها أكثرُ الأصحابِ، وأثْبتَها ابنُ حامِدٍ وجماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ هنا، نظرًا إلى أنَّ الرِّوايتَين عنِ اجْتِهادَين في وَقْتَين، فلم يُنْقَضْ أحَدُهما بالآخَر وإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، بخِلافِ نسْخِ الشَّارِعِ. وهكذا اخْتِلافُ الأصحابِ في كلِّ روايةٍ عُلِمَ رُجوعُه عنها. ذكَر ذلك المَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحَدُهما، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لو عَيَّنَ نَفْلًا، أَتَمَّه، وإنْ لم يُعَيِّنْ لَمْ يَزِدْ على أقَلِّ الصَّلاةِ. وعليها، متى فرَغ منَ الصلاةِ بطَل تَيَمُّمُه. قاله ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وتابَعَه مَن بعدَه. واقْتصَر عليه في «الفُروعِ». هكذا الحُكْمُ عليها لو انْقلَب الماءُ وهو في الصَّلاةِ فيَبْطُلُ تَيَمُّمُه بعدَ فَراغِها. قاله. القاضي، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِي: إنْ عَلِمَ تَلَفَه فيها بَقِيَ تَيَمُّمُه بعدَ فَراغِها. وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ. وإنْ لم يَعْلَمْ به لكنْ لمّا فرَغ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرَع في طَلَبِه، بطَل. وعلى المذهبِ، تَبْطُلُ الصَّلاةُ والتيَّمِّمُ بمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الماءِ، ولو انْقلَب، قوْلًا واحِدًا. وعليها، لو وجَده وهو يُصَلِّي على مَيِّتٍ بتَيَمُّمٍ، بطَلتِ الصَّلاةُ، وبطَل تَيَمُّمُ المَيِّتِ أيضًا، على الصَّحيحِ فيهما، فيُغَسِّلُ المَيِّتَ ويُصَلِّي عليه. وقيل: لا تَبْطُل ولا يُغَسَّلُ. فهذان الفَرْعان مُسْتَثْنَيان مِنَ الرِّوايةِ، على المُقَدَّمِ. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه يَتَطَهَّرُ ويسْتَأْنِفُ الصَّلاةَ، مِن قوْلِه: بطَلتْ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يَتَطهَّرُ ويَبْنِي. وخَرَّجَه القاضي على مَنْ سبَقه الحَدَثُ. ورَدَّه المَجْدُ ومَنْ تابَعه. فائدتان؛ إحْدَاهما، يلْزَمُ مَن تَيَمَّمَ لِقراءةٍ، أو وَطْءٍ، أو لُبْثٍ ونحوه، التَّرْكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بوُجودِ الماءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهما، رِوايةً واحدةً. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ وَجْهًا؛ لا يَلْزَمُ. الثَّانيةُ، الطَّوافُ كالصَّلاةِ إنْ وجَبتِ المُوالاةُ.

وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ، لِمَنْ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ تأخيرُ التَّيَمُّمِ إلى آخِرِ الوَقتِ لمَن يَرْجُو وجُودَ الماءِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ بهذا الشَّرْطِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المُخْتارةُ للجُمهورِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنْتَخبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ونصَره المَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرُه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وقيَّدَه بوَقْتِ الاخْتِيارِ، وهو قَيدٌ حَسَنٌ. وعنه، التَّأْخيرُ مُطْلقًا أفْضَلُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ (¬1)، والقاضي. وقيل: التَّأْخيرُ أفْضَلُ إنْ عَلِمَ وُجودَه فقط. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وعنه، يجبُ التَّأْخيرُ حتى يَضِيقَ الوقْتُ. ذكَرها أبو الحُسَينِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرةَ بهذه الرِّوايَةِ. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لو عَلِمَ عدَمَ الماءِ آخِرَ الوَقْتِ، أنَّ التَّقْديمَ أفْضَلُ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، التَّأْخيرُ أفْضَلُ. وظاهرُ كلامِه أيضًا أنَّه لو ظَنَّ عدمَه أنَّ التَّقْدِيمَ ¬

(¬1) علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس، الحراني، أبو الحسن، سمع وتفقه وبرع في الفقه والتفسير والوعظ، له تفسير كبير، وله «المذهب في المذهب»، ولد سنة عشر وخمسمائة، وتوفي سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 241.

وَإنْ تَيَمَّمَ وصَلَّى في أَوَّلِ الْوَقْتِ أَجْزأَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْضَلُ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، التَّأْخيرُ أفْضَلُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وظاهِرُ كلامِه أيضًا أنَّه لو اسْتَوَى الأمْرانِ عندَه أنَّ التَّقديمَ أفْضَلُ، وهو أحَدُ الوَجْهَين، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قلتُ: وهو أوْلَى. وعنه، التَّأْخِيرُ أفْضَلُ. وهو المذهبُ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وفي «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ». الثَّاني، أفادَنا المُصَنِّف، رَحِمَهُ اللهُ، بطريقٍ أوْلَى، أنَّه إذا عَلِم وُجُودَ الماءِ في آخِرِ الوَقْتِ، أنَّ التَّأْخيرَ أفْضَلُ، وهو صَحيحٌ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا، ولا يجِبُ التَّأْخيرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ. والحالةُ هذه. وقيل: يجبُ. قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إلى مَكانِ الماءِ لقُرْبِه منه، إنْ وجَب الطَّلَبُ، وبَقِيَ الوَقْتُ. انتهى. قولُه: فإِنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى في أَوَّلِ الْوَقتِ أجزَأَة. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وعنه، ليسَ له التَّيَمُّمُ حتى يَضِيقَ الوقْتُ. ذكرَه أبو الحُسَينِ، كا تقدَّم. وقيل: يجبُ التَّأْخيرُ إذا عَلِمَ وُجودَه، كما تقدَّم.

وَالسُّنَّةُ فِي التَّيَمُّمِ أَن يَنْويَ، وَيُسَمِّيَ، وَيَضْرِبَ بِيَدَيهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابعِ عَلَى التُّرَابِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، فَيَمْسَحَ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ، وَكَفَّيهِ بِرَاحَتَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: والسُّنَّةُ في التَّيمُّمِ، أن ينويَ، وَيُسَمِّيَ، ويضرِبَ بِيَدَيه مُفَرَّجَتَيِ الأصَابعِ على التُّرابِ، ضَرْبَةً واحدةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ, أنَّ المَسْنونَ والواجِبَ ضَرْبةٌ واحِدَة. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِن مُفْرَداتِ المَذهبِ. وقال القاضي: المسْنونُ ضَرْبَتان. يَفْعَلُ بهما كما قال المُصَنِّفُ عنه. واخْتارَه الشِّيرازِيُّ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، والمَجْدُ. وجزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». قاله في «الفُروعِ»، وحُكِيَ روايةً. قلتُ: حكَاه ابنُ تَميمٍ، واينُ حَمْدان، وغيرُهما روايةً. وأطْلقَ الوَجْهَين في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وقيل: الأوْلَى ضَرْبَةٌ للوَجْهِ، وضَرْبَة لليدَين إلى الكُوعَين. ذكَره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ». وقال: ولو مسَح وَجْهَه بيَمينِه، ويَمِينَه بيَسارِه، أو عكَس، وخلَّلَ أصابِعَهُما فيهما، صَحَّ. وقيل: لا. وعلى الأقْوالِ الثَّلاثةِ، يُجْزِئُ ضَرْبَةٌ واحدةٌ بلا نِزاعٍ. وقال المُصَنِّفُ، وغيرُه: وإنْ تَيَمَّمَ بأكْثَرَ مِن ضَرْبتَين، جازَ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُسَنُّ ضَرْبتَين. وقيك: أو أكْثَرَ مِن ضَرْبَةٍ. تنبيه: قولُه: فَيَمْسَحَ وَجْهَهُ بباطِنِ أصابِعِه، وكَفَّيهِ براحَتَيهِ. يمْسَحُ ظاهِرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهِ بما لا يَشُقُّ، فلا يمْسَحُ باطِنَ الفَمِ والأنْفِ، ولا باطِنَ الشُّعورِ الخَفيفَةِ. وظاهِرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» اسْتِثْناءُ باطِنِ الفَمِ والأنْفِ فقط. فائدة: لو تَيَمَّمَ بيَدٍ واحدةٍ، أو بعْضِ يَدِه، أجْزأَهُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: هو كالوُضوءِ. يعْنِي في مسْحِ الرأْسِ، وقدَّم هناك الإِجْزاءَ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وقيل: لا يُجْزِئُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». فإنْ أوْصَل التُّرابَ إلى محَلِّ الفَرْض بخِرْقَةٍ أو خَشَبَةٍ صَحَّ، على الصَّحيحِ. قال في «الفُروعِ»: وهو كالوضوءِ. وصَحَّحَ هناك الصِّحَّةَ. واخْتارَه القاضي قال ابنُ عَقِيلٍ: فيه وَجْهان. بِناءً على مسْحِ الرأْسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحائلٍ. انتهى. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلقَهما في «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ». وإنْ أمَرَّ الوَجْهَ على التُّرابِ، صَحَّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يصِحَّ. وهو ظاهِرُ «الْخِرَقِيِّ». قال في «الفُروعِ»: وقيل: إنْ تَيَمَّمَ بيَدٍ، أو أمَرَّ الوَجْهَ على التُّرابِ، لم يصِحَّ. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ»، و «الشَّرحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ». وتقدَّم إذا يَمَّمَهْ غيرُه، أو صَمَدَ وَجْهَه للرِّيحِ، فعَمَّ التُّرابُ وَجْهَه، وإذا سفَتِ الرِّيحُ غُبارًا، فمَسَحَ وَجْهَه بما عليه بعد (¬1). ¬

(¬1) بعده في الأصل، ا: «قوله: والترتيب والموالاة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قُطِعَتْ يدُه مِنَ الكُوعِ، وَجَبَ مَسْحُ مَوْضعِ القَطْعِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذْهب. نصَّ عليه. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يجبُ، بل يُسْتَحَبُّ. اخْتارَهَ القاضي، والآمِدِيُّ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في آخِرِ بابِ الوضوءِ. وأمَّا إنِ انْقَطَعَتْ مِن فوْقِ الكُوعِ، لم يجِبْ، قوْلًا واحِدًا، لكنْ يُسْتَحَبُّ. نصَّ عليه.

وَقَال الْقَاضِي: الْمَسْنُونُ ضَرْبَتَانِ، يَمْسَحُ بإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ، وَبِالأُخْرَى يَدَيهِ إِلَى الْمِرْفَقَينِ، فَيَضَعُ بُطُونَ أصَابِعِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ أصَابِعِ الْيُمْنَى، وَيُمِرُّهَا إِلَى مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطنِ الذِّرَاعِ ويُمِرُّهَا عَلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ويُمِرُّ إِبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ إِبْهَامِ الْيُمْنَى، وَيَمْسَحُ الْيُسْرَى بالْيُمْنَى كَذَلِكَ، وَيَمْسَحُ إِحْدَى الرَّاحَتَينِ بِالأخْرَى، وَيُخَلِّلُ الأصَابِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ حُبِسَ فِي الْمِصْرِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وَمَن حُبِسَ في المِصْرِ، صَلَّى بالتَّيَمُّمِ، ولا إعادَةَ عليه. إذا عَدِمَ المَحْبوسُ ونحوُه الماءَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يَتَيَمَّمُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُصَلِّي بالتَّيَمُّمِ في الحضَرِ حتى يُسافِرَ، أو يقْدِرَ على الماءِ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وتقدَّم ذلك في أوَّلِ البابِ. فعلى المذهبِ، لا يُعيدُ، على الصَّحيح مِن المذهبِ، وعليه الأصْحابُ. وعنه، يُعيدُه. وهي تَخْريجٌ في «المُحَرَّرِ»، وغيرِه. وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ».

وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا الْجِنَازَةِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ لِلْجِنَازَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: ولا يَجُوزُ لِواجِدِ الماءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِن فَواتِ المكتوبةِ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، فيشْتَغِلُ بالشَّرْطِ. وعنه، تقْديم الوَقْتِ على الشَّرْطِ، فيُصَلِّي مُتَيَمِّمًا. قاله في «الفائقِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، في مَنِ اسْتَيقَظَ آخِرَ الوَقْتِ وهو جُنُبٌ، وخافَ إنِ اغْتَسَلَ خرَجَ الوَقْتُ، أو نَسِيَها وذكَرَها آخِرَ الوقْتِ، وخافَ أنْ يَغْتَسِلَ أو يتَوضَّأَ ويُصَلِّيَ خارِجَ الوَقْتِ، كالمذهبِ. واخْتارَ أيضًا؛ إنِ اسْتَيقَظَ أوَّلَ الوقْتِ، وخافَ إنِ اشْتَغَلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَحْصيلِ الماءِ، يفُوتُ الوقْتُ، أنْ يَتَيَمَّمَ ويُصَلِّيَ، ولا يُفَوِّتَ وقْتَ الصَّلاةِ. واخْتارَ أيضًا، في مَن يُمْكِنُه الذَّهابُ إلى الحمَّامِ، لكنْ لا يُمْكِنُه الخُروجُ حتى يفُوتَ الوقْتُ؛ كالغُلام والمرأةِ التي معها أوْلادُها، ولا يُمْكِنُها الخُروجُ حتى تَغْسِلَهم، ونحو ذلك، أَنْ يَتَيَمَّمَ ويُصَلِّيَ خارِجَ الحمَّامِ؛ لأنَّ الصَّلاةَ في الحمَّامِ وخارِجَ الوقْتِ مَنْهِيٌّ عنهما، كمَن انْتقَضَ وُضوءُه وهو في المسْجدِ. واخْتارَ أيضًا جوازَ التَّيَمُّمِ خوْفًا مِن فَوَاتِ الجُمُعَةِ، وأنَّه أوْلَى مِنَ الجِنازَةِ؛ لأنَّها لا تُعادُ. قلتُ: وهو قَويٌّ في النَّظرِ. وخرَّجَه في «الفائقِ» لنَفْسِه مِنَ الرِّوايَةِ التي في العيدِ، وجعَل القاضي وغيرة الجُمُعَةَ أصْلًا للمَنْع، وأنَّهم لا يَخْتلِفون فيها. فائدة: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، الخائِفُ فَواتَ عدُوِّه؛ فإنَّه يجوزُ له التَّيَمُّمُ لذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ» في صلاةِ الخَوْفِ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه، لا يجوزُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وأكثَرِ الأصْحابِ. قال في «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا: وفي فَوْتِ مَطْلُوبِه رِوايَتان. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. ويأْتِي ذلك أيضًا في آخِرِ صلاةِ أهْلِ الأعْذارِ. قوله: ولا الجِنازَةِ. يعْني أنَّه لا يجوزُ لواجِدِ الماءِ التَّيَمُّمُ. خَوْفًا مِن فَواتِ الجنازَةِ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. قال في «الفُروعِ»: قال الأَصْحابُ: وكذا اختارَه. يعني أنَّها كالمَكْتُوبَةِ في عدَمِ جَوازِ التَّيَمُّمِ لها خوْفًا مِن فَواتِها. وعنه، يجوزُ للجِنازةِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. ومال إليه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين». وأطْلقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». تنبيهات؛ أحَدُها، مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه بفَواتِ الجِنازَةِ فَواتُها مع الإِمام. قاله القاضي وغيرُه. قال جماعةٌ؛ ولو أمْكَنَه الصَّلاةُ على قَبْرِه؛ لكَثْرَةِ وُقوعِه، وعِظَمِ المَشَقَّةِ فيه. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّ صلاةَ العيدِ لا تُصَلَّى بالتَّيَمُّمِ مع وُجودِ الماءِ خَوْفًا مِن فَواتِها، قوْلًا واحِدًا. وهو الصَّحيحُ عندَ أكثرِ الأصْحابِ. قال ابنُ تَميم: وألْحَقَ عبدُ العزيزِ صلاةَ العيدِ بصَلاةِ الجِنازَةِ، وقطَع غيرُه بعدَمِ التَّيَمُّمِ. فيها. وقال في «الرِّعايتَين»: وفي صلاةِ الجِنازَةِ، وقيل: والعيدِ، إذا خافَ الفَوْتَ رِوايَتَان. وحكَى في «الفائقِ» وغيرِه روايةً كالجِنازَة. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين أيضًا. وقال في «الفُروعِ»: وعنه، وعيدٍ وسُجودِ تِلاوَةٍ. قال ابنُ حامِدٍ: يُخَرَّجُ سجودُ التِّلاوَةِ على الجِنازَة. وقال ابنُ تَميمٍ: وهو حسَنٌ. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه إذا وَصَلَ المُسافِرُ إلى الماءِ، وقد ضاقَ الوَقْتُ، أنَّه لا يَتَيَمَّمُ، وهو ظاهرُ كلامِ جماعة. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، ورَدَّ غيرَه. وقيل: تَيَمَّمَ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه»: وهو ظاهِرُ كلام أحمدَ في روايةِ صالح. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَين». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميم»، ونصَرَه. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وقال: ما أدَقَّ هذا النَّظرَ، ولو طَرَدَه في الحضَرِ لَكانَ قد أجادَ وأصابَ. قلتُ: وهو المذهبُ، وهو مُخافٌ لما أسْلَفْناه مِنَ القاعِدَةِ في الخُطْبَة. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». وكذا الحُكْمُ والخِلافُ إذا عَلِمَ أنَّ النَّوْبَةَ لا تصِلُ إليه إلَّا بعدَ الوقْتِ، أو علِمَ الماءَ قريبًا، أو خافَ فوْتَ الوقْتِ، أو دُخولَ وقْتِ الضَّرُورَةِ، إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إليه، أو دَلَّه ثِقَةٌ. قال في «الفُروعِ»: والمذهبُ في خوْفِ دُخولِ

وَإنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ، وَمَيِّتٌ، وَمِنْ عَلَيهَا غُسْلُ حَيضٍ، فَبُذِلَ مَاءٌ يَكْفِي أَحَدَهُمْ لأَوْلَاهُمْ بِهِ، فهُوَ لِلْمَيِّتِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِلْحَيِّ. وَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْتِ الضرورَةِ، كخَوْفِ فَواتِ الوقْتِ بالكُلِّيَّةِ. وجزَم ابنُ تَميم في الأولَى. وأطْلقَ ابنُ حَمْدانَ فيه الوَجْهَين. قولُه: وإنِ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمَيِّتٌ ومَن عَلَيها غُسْلُ حَيضٍ، فَبُذِلَ ماءٌ يَكْفِي أحَدَهم، لأوْلَاهم به، فهو للمَيِّتِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرِهم. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَة»: هذا الأظْهَرُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهادِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه للحَيِّ. يعْني، هو أوْلَي به مِنَ المَيِّت. واخْتارَها أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم. قولُه: وأيُّهما يُقَدَّمُ؟ فيه وَجْهَان. يعني، على روايةِ، أنَّ الحَيَّ أَوْلَى. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشرحِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»؛ أحَدُهما، الحائِضُ أوْلَى. وهو الصَّحيحُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ تقْديمُ الحائِضِ بكُلِّ حالٍ. وجزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّاني، الجُنُبُ مُطْلقًا أوْلَى. قدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ». وقيل: الرَّجُلُ الجُنُبُ خاصَّةً أوْلَى مِنَ المرأةِ الجُنُبِ والحائضِ. وأطْلقَهُنَّ ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ. وقيل: يُقْسَمُ بينَهما. وقيل: يُقْرَعُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ». فوائد؛ إحْدَاها، مَن عليه نَجاسَةٌ أحَقُّ مِنَ المَيِّتِ، والحائضِ، والجُنُبِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصْحاب. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى أيضًا. اخْتارَه المَجْدُ وحفِيدُه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وأطْلقَهما «ابنِ تَميمٍ»، و «التَّلْخيصِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ونَجَسُ البَدَنِ غيرُ قُبُلٍ ودُبُرٍ، وقيل: وغيرُ ثوبِ سُتْرَةٍ. أوْلَى منهم، ومِنَ المَيِّتِ إذَنْ، وإلَّا فَالميِّتُ أوْلَى. وقيل: المَيِّتُ أوْلَى منه مُطْلقًا ومِن غيرِه الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: يقدَّمُ جُنُبٌ على مُحْدِث. وقيل: المُحْدِثُ، إلَّا أنْ يكْفِيَ مَن تَطهَّرَ به منهما، وإنْ كَفاه فقط، قُدِّمَ. وقيل: الجُنُبُ. وقال ابنُ تَميمٍ: فإنِ اجْتَمعَ مُحْدِثٌ وجُنُبٌ، ووُجِدَ ماءٌ يكْفِي كلَّ واحدٍ منهِما، ولا يفْضُلُ منه شيءٌ، أو لا يكْفِي واحدًا منهما، فالجُنُبُ أوْلَى، فإنْ كان يكْفِي أحدَهما، ويفْضُلُ منه ما لا يكْفِي الآخَرَ، فالجُنُبُ أوْلَى، في وَجْهٍ. وقدَّمه ابنُ عُبَيدان. وفي آخَرَ، المُحْدِث أوْلَى. وقدَّمه في «المُذْهَبِ». وفي ثالثٍ، هما سواءٌ، يُقْرَعُ بينَهما، أو يُعْطِيه الباذِلُ لمَنْ شاءَ منهما. وأطْلقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وإنْ كان يكْفِي الجُنُبَ ويفْضُلُ عن المُحْدِثِ، فالجُنُبُ أوْلَى، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان يكْفي المُحْدِثَ وحدَه، فهو أوْلَى. وقال في «الرِّعايَةِ»: ومَن كَفاه وحدَه ممَّنْ يُقَدَّمُ، ومِنَ المُحْدِثِ حدَثًا أصْغَرَ، فهو أوْلَى، وإنْ لم يكُنْ أحدُهم، فالجُنُبُ ونحوُه أوْلَى مِنَ المُحْدِث. وقيل: عكْسُه. وقيل: هما سواءٌ، فبِالقُرْعَةِ. وقيل: أو بالتَّخْييرِ مِن باذِلِه. وإنْ كفَى الجُنُبَ أو نحوَه، وفَضَلَ مِنَ المُحْدِث شيءٌ، فوَجْهان. وإنْ كان يفْضُلُ مِن كلِّ واحدٍ ما لا يكْفِي الآخَرَ، قُدِّمَ المُحْدِثُ. وقيل: الجُنُبُ ونحوُه. وقيل: بل مَن قَرَعَ. وقيل: بل بالتَّخْييرِ مِن باذِلِه. الثَّالثةُ، لو بادَرَ مَن غيرُه أوْلَى منه، فَتَطَهَّرَ به، أساءَ وَصَحَّتْ صلاتُه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ تميمٍ: قاله بعْضُ أصْحابِنا، واقْتَصَرَ عليه. الرَّابعةُ، قال في «التَّلْخيصِ»: واعلمْ أنَّ هذه المسْألةَ لا تُتَصَوَّرُ إذا كان الماءُ لبَعْضِهم؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه أحَقُّ به، وصوَّرَها جماعةٌ مِن أصْحابِنا في ماءٍ مُباحٍ أو مَمْلوكٍ، أرادَ مالِكُه بذْلَه لأحَدِهم، وفيه نظَرٌ؛ فإنَّ المُباحَ قبلَ وَضْع الأيدِي عليه لا مِلْكَ فيه، وبعدَ وَضْعِ الأيدِي للجَمِيع، والمالِكُ له ولايَةُ صَرْفِه إلى مَنْ شاءَ، إلَّا أنْ يُرِيدُوا به الفَضِيلةَ، ولفْظُ «الأحَقيَّةِ» و «الأوْلَويَّةِ» لا يُشْعِرُ بذلك، وعندِي لذلك صورَةٌ معْصومَةٌ مِن ذلك؛ وهي أنْ يُوصِيَ بِمَائِه لأَوْلَاهُم به. انتهى. قال في القاعِدَةِ الأخيرَةِ، بعدَ حِكايَةِ كلامِه في «التَّلْخيصِ»: ويُتَصَوَّرُ أيضًا في النَّذْرِ لأَوْلَاهُم به، والوَقْفِ عليه، وفيما إذا طلبَ المالِكُ مَعْرِفَةَ أوْلَاهم به ليُؤْثِرَ به، وفيما إذا ما ورَدُوا على مُباحٍ وازْدَحَموا وتَشاحُّوا في التَّناوُلِ أوَّلًا. الخامسةُ، قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتأْتِي هذه المسْأَلةُ أيضًا في الماءِ المُشْتَرَك. وقال: هو ظاهرُ ما نُقِلَ عن أحمدَ، وهو أوْلَى مِنَ التَّشْقيصِ. السَّادسةُ، لو اجْتَمَعَ جُنُبان، أو نحوُهما، أو مُحْدِثان حدَثًا أصْغَرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والماءُ يَكْفِي أحدَهما، ولا يَخْتَصُّ به أحدُهما، اقْتَرَعا. وقيل: يُقْسَمُ بينَهما. قال ذلك في «الرِّعايَةِ». وأطْلقَهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». السَّابعةُ، لو اجْتمعَ على شَخْصٍ واحدٍ حَدَثٌ ونَجاسَةٌ في بَدِنه، ومعه ما يكْفِي أحدَهما، قُدِّمَ غَسْلُ النَّجاسَةِ. نصَّ عليه. وكذا إنْ كانتْ على ثوْبِه، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ» ابنِ تَميمٍ، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وعنه، يُقَدَّمُ الحَدَثُ. وهي قوْلٌ في «الرِّعايَةِ». ولو اجْتمعَ عليه نَجاسَة في ثَوْبِه وبدَنِه، قُدِّمَ الثَّوْبُ. جَزم به ابنُ تَميمٍ، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: تُقَدَّمُ نَجاسَةُ ثَوْبِه على نَجاسَةِ بدَنِه، ونَجاسَة البدَنِ على نَجاسَةِ السَّبِيلَين، ويَسْتَجْمِرُ وَيَتَيَمَّمُ للحدَثِ. الثَّامنة، لو كان الماءُ لأحَدِهم، لَزِمَ اسْتِعْمالُه، ولم يكُنْ له بَذْلُه لغيرِ الوالِدَين، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْحابُ، لكنْ إنْ فَضَلَ منه عن حاجتِه، اسْتُحِبَّ له بذْلُه. وذكرَ العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي»، أنَّه لا يَمْتَنِعُ أنْ يُؤْثِرَ بالماءِ مَنْ يَتَوَضَّأُ به، ويَتَيَمَّمَ هو. وأمَّا إذا كان الماءُ للوَلَدِ، فهل له أنْ يُؤْثِرَ أحَدَ أبوَيه به ويَتَيَمَّمَ؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقدَّم ابنُ عُبَيدان عدَمَ الجَوازِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: إنْ كان الماءُ لأحَدِهم، فهو أحَقُّ به، ولا يجوزُ بذْلُه لغيرِه. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وإنْ كان الماءُ مِلْكًا لأحَدِهم، تَعَيَّنَ. وقال في «الكافِي»: ولا يجوزُ أنْ يُؤْثِرَ به أحدًا. وأطْلقَ، وقال: فإنْ آثرَ به وتَيَمَّمَ، لم يصِحَّ تَيَمُّمُه مع وُجودِه لذلك، وإنِ اسْتَعْمَلَه الآخَرُ، فحُكْمُ المُؤْثِرِ به حُكْمُ مَن أراقَ الماءَ، على ما تقدَّم بعَد قوْلِه: فإنْ دُلَّ عليه قَرِيبًا. وأمَّا إذا كان الماءُ للمَيِّتِ، غُسِّلَ به، فإنْ فَضَلَ منه فَضْلٌ، فهو لوَرَثَتِه، فإنْ لم يَكُنِ الوارِثُ حاضِرًا، فلِلْحَيِّ أخْذُه للطهارَةِ بثَمَنِه في مَوْضِعِه، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحَواشِي»، وغيرِهم. وقيل: ليسَ له ذلك. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم إذا كان رَفِيقُ المَيِّتِ عَطْشانَ وله ماءٌ، أوَّلَ البابِ. التَّاسعة، لو اجْتمعَ حَيٌّ ومَيِّتٌ لا ثَوْبَ لهما، وحضرَ وَقْتُ الصَّلاةِ، فبُذِلَ ثَوْبٌ لِأوْلَاهُما به، صَلَّى فيه الحَيُّ، ثم كُفِّنَ فيه المَيِّتُ، في وَجْهٍ، وهو الصَّوابُ. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». ذكرَه في بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ. وفي وَجْهٍ آخَرَ، يُقَدَّمُ المَيِّتُ على صلاةِ الحَيِّ فيه. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وقال: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ الحَيُّ أوْلَى به مُطْلقًا. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. ويأْتِي في الجَنائزِ، في فصْلِ الكفَنِ؛ لو وُجِدَ كفَنٌ واحدٌ ووُجِدَ جماعةٌ مِنَ الأموْاتِ، هل يُجْمَعُونَ فيه، أو يُقْسَمُ بينَهم؟. العاشِرَةُ، لو احْتاجَ حَيٌّ لِكَفَنِ مَيِّتٍ؛ لبَرْدٍ ونحوه، زادَ المَجْدُ وغيرُه: إنْ خَشِيَ التَّلفَ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه يُقَدَّمُ على المَيِّتِ. قال في «الفُروعِ»: يُقدَّمُ في الأصَحِّ مَنِ احْتاج كفَنَ مَيِّتٍ لبَرْدٍ ونحوه. وقيل: لا يُقَدَّمُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِي: يصَلِّي عليه عادِمُ السُّترَةِ في إحْدَى لِفافَتَيْه. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ عُرْيانًا، كلِفافَةٍ واحدةٍ يُقدَّمُ المَيِّتُ بها. ذكَرَه في الكَفَنِ.

باب إزالة النجاسة

بَابُ إِزَالةِ النَّجَاسَةِ لَا تَجُوزُ إِزَالتهَا بِغَيرِ الْمَاء. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّهَا تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيل؛ كَالْخَلِّ، وَنَحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ إزالةِ النَّجاسَةِ قولُه: لا تَجُوزُ إزالتُها بغَيرِ الماءِ. يعْني الماءَ الطَّهورَ، وهذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال القاضي: قال أصحابُنا: لا تجوزُ إزالةُ النَّجاسَةِ بمائعٍ غيرِ الماءِ، أوْمَأَ إليه في روايةِ صالحٍ وعبدِ اللهِ. وعنه، ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يدُلُّ على أنَّها تُزالُ بكلِّ مائعٍ طاهرٍ مُزيلٍ؛ كالخَلِّ ونحوه. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». ذكرَه في آخرِ البابِ. وقيل: تُزالُ بغيرِ الماءِ للحاجَةِ. اخْتارَه المَجْدُ. قال حفِيدُه: وهو أشْبَهُ بنُصوصِ أحمدَ. نقله

وَيَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ سَبْعًا، إحدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ، في «تعِلْيقِه». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيل: تُزالُ بماءٍ طاهرٍ غيرِ مُطَهِّرٍ. وهو رِواية عندَ الزَّركَشِي وغيرِه. وقيل: لا تُزالُ إلَّا بماءٍ طَهُورٍ مُباح. وهو مِنَ المُفْرَدات. قولُه: وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ الكَلْبِ وَالخِنزْيرِ بلَا نِزَاعٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهب أنَّهما، والمُتَوَلِّدُ منهما، أو مِن أحَدِهما، وجميعُ أجْزائِهما نَجِسٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وقيل: يُغْسَلُ ولُوغُه فقط تَعَبُّدًا؛ وفاقًا لمالكٍ. فظاهِرُ القَولِ أنَّهما طاهِرَان، ولكنْ يُغْسَلُ الوُلوغُ تَعَبُّدًا. وعنه، طهارَةُ الشَّعَرِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، والشيخُ تَقِيُّ الدينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال ابنُ تَميمٍ: فيُخَرَّجُ ذلك في كلِّ حَيوانٍ نَجِس. وهو كما قال. وعنه، سُورُهُما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طاهِرٌ. ذكرَها القاضي، في «شَرحِه الصَّغيرِ». نقلَه ابنُ تَميم، وابنُ حَمدانَ. قولُه: وتُغْسَلُ نَجاسَةُ الكَلْبِ سَبْعًا. تُغْسَلُ نَجاسةُ الكلْبِ سَبْعًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، ثَمانِيًا. فظاهِرُ ما نقله ابنُ أبي موسى اخْتِصاصُ العدَدِ بالوُلوغِ. قاله ابنُ تَميم. وقطَع المُصَنِّفُ، أنَّ نَجاسةَ الخِنْزِيرِ كنَجاسَةِ الكلْبِ. وهو الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الإِمامُ أحمدُ: هو شَرٌّ مِنَ الكَلْبِ. وقيل: ليست نَجاسةُ الخِنْزيرِ كنَجاسَةِ الكَلْبِ؛ فلم يذْكُر أحمدُ فيه عدَدًا. وقيل: لا يُعتَبَرُ في نَجاسَتِهما عدَدٌ. قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شِهابٍ، في «عُيونِ المَسائلِ»: قال بعضُ أصحابِنا: لا يُشْتَرَطُ العدَدُ، وإنَّما يُغْسَلُ ما يَغْلِبُ على الظَّنَّ. وذكَره القاضي في «شَرحِ المُذْهب» رِوايةً. قال أبنُ تَميم: قال شيخُنا: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، في رِوايةِ عبدِ اللهِ، أنّ العدَدَ لا يجِبُ في غيرِ الآنِيَةِ. وتقدَّم في الوُضوءِ، هل تُشْتَرَطُ النيةُ في غَسْلِ النَّجاسَةِ أم لا؟ قولُه: إحْداهُنَّ بالتُّرابِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ اشْتِراطُ التُّرابِ في غَسْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَجاسَتِهما مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، اسْتِحْبابُ التُّرابِ. ذكرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ. نقلَها في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وقال: وهو ضعيف. وقال ابنُ تَميمٍ، وغيرُه: وعنه، اسْتِعمالُ التُّرابِ في الوُلوغِ مُسْتَحَبٌّ غيرُ واجب. حكَاها ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وقيلَ: إنْ تَضَرَّرَ المَحَلُّ، سَقَطَ التُّرابُ. قال المَجْدُ، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»: وهو الأظْهرُ. وقيل: يجبُ في إناء ونحوه فقط. وحُكِيَ روايةً. تنبيه: قولُه: إحداهُنَّ بالتُّرابِ. لا خِلافَ أنه لو جعلَ التُّرابَ في أيِّ غَسْلَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاءَ، أنَّه يُجْزِيء، وإنَّما الخِلافُ في الأوْلَويَّة؛ فظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا أنَّه لا أوْلَويَّةَ فيه، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وهو ظاهرُ كلام الْخِرَقِيِّ، وصاحبِ «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلخيصَ» و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «مَجْمَع البَحرَين»، و «إدراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال في «القَواعَدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو الصَّوابُ. وبَناهُ على قاعدَةٍ أصولِيَّةٍ. وعنه، الأوْلَى أنْ يكونَ في الغَسْلَةِ الأولَى. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «المغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرحَ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِير»، وغيرِهم، وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى»، و «الزَّركَشِي». قال ابنُ تَميم: الأوْلَى جعلُه في الأولَى إنْ غَسَلَ سبْعًا. قال في «الإفاداتِ»: لا يكونُ إلَّا في الأخيرةِ. وعنه، الأخيرةُ أوْلَى. وأطْلقَهُنَّ في «الفُروعِ»، وأطْلقَ الأخِيرَتَين في «المُذْهبِ». وعنه، إنْ غسَلَها ثَمانِيًا ففي الثَّامِنَةِ أوْلَى. جزَم به ابنُ تَميم، وقال: نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وذكرَ جماعةُ؛ إنْ غَسَلَه ثَمانِيًا، ففي الثامِنَةِ أوْلَى. فوائد؛ إحدَاها، لا يكْفِي ذَرُّ التُّرابِ على المَحَلِّ، بل لا بدَّ مِن مائع يُوصِلُه إليه. ذكرَه أبو المَعالِي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»،

فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَهُ أُشنَانًا أَوْ نحوَهُ، فَعَلَى وجهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الفُروعِ»: ويَحتَمِلُ أنْ يَكْفِيَ ذَرُّه، ويُتْبِعَه الماءَ، وهو ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، وهو أظْهرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، يُعتَبرُ اسْتِيعابُ محَلِّ الوُلوغِ بالتُّرابِ. قاله أبو الخَطَّابِ. وقيل: يكْفي مُسَمَّى التُّرابِ مُطْلَقًا. قاله ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وقيل: يكْفِي مُسَمَّاه فيما يضُرُّ دُونَ غيرِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: يكْفِي منه ما يُغَيِّرُ الماءَ. قاله ابنُ عَقِيل. وأطْلقَهُنَّ في «الفُروعِ». الثَّالثةُ، يُشْتَرطُ في التُّرابِ أنْ يكونَ طَهُورًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُجْزِئ بالطَّاهرِ أيضًا. وهو ظاهرُ ما في «التَّلْخيص». قولُه: فإن جعَل مَكانَه أُشْنَانًا أو نحوَه، فعلى وَجْهينِ. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميم»، و «مَجْمَع البَحرَين»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّركَشِي»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروعِ»؛ إحدَاهما، يُجْزِيء ذلك، وهو المذْهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الشيخُ تَقيُّ الدِّين، في «شَرحِ العُمدَةِ»: هذا أقْوَى الوُجوهِ. وصَحَّحَه في «التَّصحيحِ»، و «تصحيحِ المُحَرَّرِ»، والمَجْدُ في «شَرحِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «النَّظمِ»، و «إدراكِ الغايَة». والوَجْهُ الثَّاني، لا يقومُ غيرُ التُّرابِ مَقامَه، وهو ظاهِرُ «الْخِرَقِيِّ»، و «الفُصولِ»، و «العُمدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على التُّرابِ. قال في «المُذْهبِ»: هذا أصَحُّ الوَجْهين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، وابنُ رَزِين في «شَرحِه». وقال ابنُ حامِدٍ: إنَّما يجوزُ العُدولُ عنِ التُّرابِ عندَ عدَمِه، أو إفسادِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المغْسُولِ به. وصَحَّحَه في «المُسْتَوْعِبِ»، وجزَم به في «الإفاداتِ». وتقدَّم اخْتِيارُ المَجْدِ وغيرِه في إسْقاطِ التُّرابِ في نَجاسَةِ الكلْبِ والخِنْزِيرِ، إذا تضَرَّرَ المَحَل. وعنهُ، تُقَدَّمُ الغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ عنِ التُّرابِ. وأطْلقَهما في «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، في إقامَةِ الغَسْلَةِ الثامنةِ عنِ التُّرابِ. وقيل: تقومُ الغَسْلَةُ الثَّامنةُ مقامَ التُّرابِ فيما يُخافُ تَلَفُه. وجزم به في «الإفاداتِ».

وَفِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إِحدَاهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وفي سَائِرِ النَّجاساتِ ثلاثُ رواياتٍ. وأطْلقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي»، و «الشرحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شرحِه»؛ إحداهُنَّ، يجِبُ غَسْلُها سبْعًا. وهي المذهبُ، وعليها جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: نقلَه، واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّركَشي: هي اخْتِيارُ الْخِرَقِيِّ، وجمهورِ الأصحابِ. قال ابنُ هُبَيرَةَ: هو المشْهورُ. وصَحَّحَه في «التصحيحِ»، و «تصحيحِ المُحَرَّرِ». وقال: اخْتارَها الأكثرُ. قال في «المُذْهبِ»، و «البُلْغَةِ»: هذا المشْهورُ. وجزَم به في «الإفاداتِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وابنُ رَزِين في «شَرحِه»، وغيرُهم.

يَجبُ غَسْلُها سَبْعًا. وهلْ يُشْتَرَطُ التُّرَابُ؟ عَلَى وَجْهينِ. وَالثَّانِيَةُ، ثَلَاثًا. والثَّالِثَةُ، تُكَاثر بِالْمَاءِ مِنْ غَيرِ عَدَدٍ، كَالنَّجَاسَاتِ كلها إِذَا كَانَتْ عَلَى الأرضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يجبُ غَسْلُها ثلاثًا. اخْتارَها المُصَنِّفُ في «العُمدَةِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، في غيرِ محَلِّ الاسْتِنْجاءِ، وقدَّمه مُطْلقًا ابنُ تَميم، و «الفائقِ»، و «مَجْمَع البَحرَين»، وقدَّمه في الاسْتِنْجاءِ في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» في بابِه. والثَّالثةُ، تُكاثر بالماءِ مِن غيرِ عدَدٍ. اخْتارَها المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، وقطعَ به في «الطرَّيقِ الأقْرَبِ». وعنه، لا يُشْتَرَطُ العدَدُ في البَدَنِ، ويجِبُ في السَّبِيلَين، وفي غيرِ البدَنِ سَبْع. قال الخَلَّالُ: وهي وَهْمٌ. وعنه، يجِبُ العدَدُ إلَّا في الخارجِ مِنَ السَّبِيلَين. قال الزَّركَشِي: واخْتارَ أبو محمدٍ، في «المُغْنِي»؛ لا يجبُ العدَدُ في الاسْتِنْجاءِ. وعنه، يُغْسَلُ مَحَلُّ الاسْتِنْجاءِ بثَلاثٍ، وغيرُه بسَبْعٍ. ذكرَها الشَّارِحُ، وابنُ تَميم، وابنُ حَمدانَ، وغيرُهم. والمُرادُ بمَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ الخارِجُ مِنَ السَّبِيلَين. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعاية»: وقيل: ومِن غيرِ نَجاسَتِهِما. وعنه، لا يجِبُ في الثَّوْبِ وسائرِ البدَنِ عدَدٌ. ذكَرها الآمِدِيُّ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّين، أنَّه يُجْزِيء المسْحُ في المُتَنَجِّس الذي يَضُرُّهُ الغَسْلُ؛ كثِيابِ الحريرِ والوَرَقِ ونحوهما، قال: وأصلُه الخِلافُ في إزالةِ النَّجاسَةِ بغيرِ الماءِ. وأطْلقَ الثَّلاثَةَ الأوَلَ، والخامِسَةَ والسَّادِسةَ، في «المُذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص». قولُه: وهل يُشْتَرَطُ التُّرابُ؟ على وَجْهين. وهما في «الفُروعِ» وغيرِه رِوايَتان. وقاله ابنُ أبي موسى. يعني على الرواية الأولَى. ذكرَها أبو بَكْرٍ ومَنْ تابَعَه، أعنِي الوَجْهين، وأطْلقَهما في «الهِداية»، و «المُذْهبِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَة»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان»، و «الزَّركَشِي»، و «الفُروعِ»؛ أحَدُهما، يُشْتَرطُ التُّرابُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه الْخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرحِه». والوَجْه الثَّاني، لا يُشْترطُ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرحِه». قال في «مَجْمَع البَحرَين»: لا يُشْتَرَطُ بالتُّرابِ في أصَحِّ الوَجْهين. وصَحَّحَه في «تَصحيحِ المُحَرَّرِ». قال الشيخ تَقِيُّ الدِّينِ: هذا المشْهورُ. تنبيهان؛ أحَدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِراطِ التُّرابِ، قوْلًا واحِدًا، على الرِّوايَة الثَّانيةِ؛ وهي وُجوبُ الغسْلِ ثَلاثًا، وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ؛ أنَّ حُكْمَ التُّرابِ في الغَسلِ ثلاثا حُكْمُه في الغَسْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبْعًا. وأطْلقَهما في «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعاية الكُبْرَى». وصَرَّحَ بأنَّ الخِلافَ حيثُ قُلْنا بالعدَدِ الثَّاني، محَل الخِلافِ في التُّرابِ إنَّما هو في غيرِ محَلِّ السَّبِيلَين، فأمَّا محَلُّ السَّبِيلَين فلا يُشْتَرَطُ فيه تُرابٌ، قَوْلًا واحدًا عندَ الجمهورِ، ونصَّ عليه. وحُكِيَ عنِ الْحلْوَانِيِّ أنَّه أوْجَبَ التُّرابَ في محَلِّ الاسْتِنْجاءِ أيضًا، وصَرَّحَ بوُجوبِه في «الفائقِ» عنه. فوائد؛ منها، حيثُ قُلْنا: يُغْسَلُ ثلاثًا. وغُسِلَ سبْعًا، لم تَزُلْ طَهُورِيَّةُ ما بعدَ الغَسْلةِ الثَّالثةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وَجْهًا واحدًا. وقيل: تَزَولُ طَهُورِيته. ذكرَه القاضي. قلتُ: فيُعايىَ بها على هذا القوْلِ. ومنها، قال في «الفُروعِ»: يحسَبُ العدَدُ في إزالةِ النجاسَةِ العَينيَّةِ قبلَ زَوالِها، في ظاهرِ كلامِهم، وظاهرِ كلامِ صاحبِ «المُحَرَّرِ»: لا يُحْسَبُ إلَّا بعدَ زَوالِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، يُغْسَلُ ما نَجُسَ ببَعض الغَسَلاتِ بعدَدِ ما بَقِيَ بعدَ تلك الغَسْلَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بعدَدِ ما بَقِيَ مع تلك الغَسْلَةِ. وقيل: يُغْسَلُ سبْعًا إنِ اشْتَرَطْنا السبعَ في أصلِه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وأطْلقَ الأوَّلَ والأخِيرَ ابنُ عُبَيدانْ. فعلَى القَوْلَين الأوَّلَين، يُغْسَلُ بتُرابٍ إنْ لم يكُنْ غُسِلَ به واشْتَرَطْناه، وعلى الثَّالثِ، يُغْسَلُ بتُراب أيضًا إنِ اشْتَرَطْناه في أصلِه. قولُه: كالنَّجاساتِ كُلِّها، إذا كانتْ على الْأرضِ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ النجاسَةَ إذا كانت على الأرض تَطهُرُ بالمُكاثَرَةِ، سواءٌ كانت مِن كَلْبٍ، أو خِنْزِيرٍ، أو غيرهما، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثير منهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا تَطْهُرُ الأرضُ ونحوُها حتى يَنْفَصِلَ الماءُ. وقيل: يجِبُ العدَدُ مِن نَجاسَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَلْبِ والخِنْزِيرِ معها. ذكرَه القاضي في «مُقنِعِه»، والنصُّ خِلافُه. وعنه، يجِبُ العدَدُ في غيرِ البَوْلِ. نقلَه ابنُ حامِدٍ. وحكَى الآمِدِيُّ روايةً فيْ الأرض؛ يجِب لكُل بَوْلَةٍ ذَنُوبٌ. وعنه، في بِركَةٍ وقَعَ فيها بَوْلٌ؛ تُنْزَحُ ويُقْلَعُ الطِّينُ ثم تُغْسَلُ. فوائد؛ الأولى، الصَّخْرُ، والأجرِبَةُ مِنَ الحمَّامِ، والأحواضُ، ونحوُ ذلك، حُكْمُها حكْمُ الأرض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا. الثَّانيةُ، يُعتَبَرُ العَصْرُ في كلِّ غسلَةٍ مع إمكانِه، فيما يَتَشَربُ النَّجاسَةَ، أو دَقه، أو تَقْلِيبِه إنْ كان ثَقِيلًا، على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا. قال ابنُ عُبَيدان: قاله الأصحابُ. وقيل: لا يُعتَبَرُ مُطْلقًا. وقيل: يُعتَبَرُ ذلك في غيرِ الغَسْلَةِ الأخيرة. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرحِه»، وقال: الصَحيحُ لا يُجْزيء تَجْفيف الثَّوْبِ عن عَصرِه. وصَحَّحَه في «مَجْمَعِ البَحرَين». وقيل: يُجْزِيء. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: وجَفافُه كعَصرِه، في أصَحِّ الوَجْهين. وأطْلقَهما في إجْزاءِ التَّجْفيفِ عنِ العَصرِ، في «الفُروعِ»، و «التلْخيص»، و «ابنِ عُبَيدانِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ». وإنْ أصابَتِ النجاسَةُ محلًّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَتَشَرَّبُ بها، كالآنِية ونجوها، طَهُرَ بمُرورِ الماءِ عليه، وانْفِصالِه عنه، وأنْ لصِقَتْ به النَّجاسَةُ، وَجبَ مع ذلك إزَالتها، ويجِبُ الحَتُّ والقَرضُ. قال في «التَّلْخيصِ»، وغيره: إنْ لم يَتَضَرَّرِ المَحَلُّ بها. [وقال في «الرِّعايةِ»: إنْ تعَذَّرَتِ الإِزالةُ بدُونِها. أو لعَلَّه مُرادُهم] (¬1). الثَّالثةُ، ولو كاثَرَ ماءً نَجِسًا في إناءٍ بماءٍ كثير، لم يَطْهُرِ الإناءُ بدُونِ إرَاقَتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبَ. نصّ عليه. وقيل: يطْهُرُ، وأن لم يُرَقْ. ولو طَهُرَ ماءٌ كثير نَجِس في إناء بمُكثِه، لم يَطْهُرِ الإناءُ معه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فإنِ انْفَصَلَ الماءُ عنه، حُسِبَ غسْلةً واحدَةً، ثم يُكَمَّلُ. وقيل: يطْهُرُ الإناءُ تَبَعًا، كالمُحتَفَرِ مِنَ الأرض. وقيل: إنْ مَكَثَ بقَدرِ العدَدِ، طَهُرَ، وإلا فلا. وكذا الحكْمُ في الثَّوبِ إذا لم يُعتَبرْ عَصرُه، والإناءُ إذا. غُمِسَ في ماء كثير. وأمّا اعتِبارُ تَكْرارِ غَمْسِه فمَبْنِيٌّ على اعتِبارِ العدَدِ. ولا يكْفِي تَحريكُه وخَضْخَضَتُه في الماءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يكْفِي. وقال المُصَنِّفُ، في «المُغْنِي»: إنْ مَرَّ عليه أجْزاءٌ ثلاثةٌ، قيل: كفَى، وإلَّا فلا. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. فلو وضعَ ثوْبًا في الماءِ، ثم غمرَه بماءٍ وعصَرَه، فغَسْلَةٌ واحدةٌ يَبْنِي عليها، ويَطْهُرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه؛ لأنَّه وارِدٌ كصَبِّه في غيرِ إناءٍ. وعنه، لا يطْهُرُ؛ لأن ما يَنْفَصِلُ بعَصْرِه لا يُفارِقُه عَقِيبَه. وعنه، يطْهُرُ إنْ تعَذَّرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدُونِه. ولو عصرَ الثَّوْبَ في الماءِ ولم يَرفَعه منه، لم يَطْهُر حتى يُخْرِجَه ثم يُعيدَه. قدمه «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَع البَحرَين». وقيل: يطْهُرُ بذلك. وأطْلقَهُما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم». الرَّابعةُ، لو غَسَلَ بعضَ الثَّوْبِ النَّجِس، طَهُرَ ما غَسَلَ منه. قال المُصنفُ: ويكونُ المُنْفَصِلُ نَجِسًا؛ لمُلاقَاتِه غيرَ المَغْسولِ. قال ابنُ حَمدانَ، وابنُ تَميم: وفيه نظرٌ. انتهى. فإنْ أرادَ غَسْلَ بَقِيَّتِه، غسَلَ ما لاقاه. الخامسةُ، لا يضُرُّ بَقاءُ لَوْنٍ أو رِيحٍ أو هما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال جماعة مِنَ الأصحابِ: أو يَشُقُّ. وذكَرَ المُصَنِّفُ وغيرُه: أو يَتَضررُ المَحَلُّ. وقيل: يَكْتَفِي بالعدَدِ، وقيل: يضُرُّ بَقَاؤهما أو أحَدُهما. وقال بعضُ الأضْحابِ: يُعفَى عن اللوْنِ دُونَ الرِّيحِ؛ لأنَّ قَلْعَ أثَرِه أعْسَرُ. فعلَى المذهبِ، يطْهُرُ مع بَقائِهما، أو بقاءِ أحَدِهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال

وَلَا تَطْهُرُ الأرضُ النَّجِسَةُ بِشَمس وَلَا رِيحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعة: يُعْفَى عنه. منهم القاضي في «شَرحِه». وقيل: في زَوالِ لوْنِها فقط وَجْهان. ويَضُرُّ بَقاءُ الطَّعمِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقيل: لا يضُرُّ. السَّادسةُ، لو لم تَزُلِ النَّجاسَةُ إلَّا بمِلْحٍ أو غيرِه مع الماءِ، لم يَجِبْ، في ظاهرِ كلامِهم. قاله في «الفُروعِ». قال: ويَتَوَجَّهُ احتِمالٌ؛ يجبُ. ويَحتَمِلُه كلامُ أحمدَ. وذكَره ابنُ الزَّاغُونِيِّ في التُّرابِ تَقْويَة للماءِ. قولُه: ولا تَطهُرُ الأرضُ النَّجِسَةُ بِشمسٍ، ولا رِيحٍ. ولا بجَفَاف أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو المعمولُ به في المذهبِ، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقيل: تَطهُرُ في الكلِّ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرحِه»، وصاحِبُ «الحاوي الكبيرِ»، و «الفائقِ»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وغيرُهم. قال في «الرِّعاية»: وخرَّجَ لنا فيهما الطهارةَ إنْ زَال لوْنُها وأثرها. وقيل: ورِيحُها. وقيل: على الأرض. وقال ابنُ تَميمٍ: وخرَّجَ بعضُ أصحابِنا الطهارَةَ بذلك على التَّطْهيرِ بالاسْتِحَالةِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّ غيرَ الأرض لا تَطهُرُ بشمسٍ، ولا ريحٍ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيل: تطهُرُ. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ في حبلِ الغَسَّالِ. واخْتارَ هذا القوْلَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: وإحالةُ التُّرابِ ونحوه للنَّجاسَةِ، كالشَّمس. وقال أيضًا: إذا أزالها التُّرابُ عنِ النَّعْلِ، فعَنْ نَفْسِه إذا خالطها. وقال في «الفُروعِ»: كذا قال.

وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ بِالاسْتِحَالةِ، إلا الْخمرَةَ إِذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِها، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: ولا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ النَّجاساتِ بالاسْتِحالة. ولا بنارٍ أيضًا. إلَّا الخَمرةُ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونَصَرُوه. وعنه، بل تَطْهُرُ. وهي مُخَرَّجَة مِنَ الخَمْرَةِ إذا انْقَلَبَتْ بنَفْسِها. خرَّجَها المَجْدُ. واخْتارَه الشيخُ تَقِي الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائق». فحيوانٌ مُتَوَلِّدٌ مِن نَجاسَة، كدُودِ الجُروحِ والقُروحِ وصَراصِيرِ الكَنِيفِ، طاهرٌ. نصَّ عليه. وأطْلقَ جماعةٌ رِوايتَين في نَجاسَةِ وَجْهِ تَنُّورٍ سُجِرَ بنَجاسَةٍ، ونقلَ الأكْثَرُ: يُغْسَلُ. ونقلَ حَربٌ: لا بأسَ. قال في «الفُروعِ»: وعليها يُخَرَّجُ عمَلُ زَيتٍ نَجِسٍ صابُونا ونحوَه، وترابُ جبَل برَوْثِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حمارٍ، فإنْ لم يسْتَحِلْ عُفِيَ عن يسيرِه، في رواية. ذكَرَها الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. وذكَرَ الأزَجِي: إنْ تَنَجَّسَ التنورُ بذلك، طَهُرَ بمَسْحِه بيابِسٍ، فإنْ مُسِحَ برَطْبٍ، تعَيَّنَ الغَسْلُ. وحملَ القاضي قوْلَ أحمدَ: يُسْجَرُ التَّنُّورُ مَرَّةً أخْرَى على ذلك. وذكَرَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ، أنَّ الرِّوايةَ صرِيحَة في التَّطْهِيرِ بالاسْتِحالةِ، وأنَّ هذا مِنَ القاضِي يَقْتَضِي أنْ يُكْتَفَى بالمَسْحِ إذا لم يَبْقَ للنَّجاسَةِ أثر. وذَكَرَ الأزَجي أنَّ نَجاسةَ الجَلَّالةِ والماءِ المُتَغَيِّرِ بالنَّجاسَةِ نَجاسَةُ مُجاوَرَةٍ، وقال: فلْيتأمَّل ذلك، فإنَّه دقيق. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. فعلَى المذهبِ في أصلِ المسْألةِ، القُصْرُ مِلُّ ودُخانُ النَّجاسَةِ ونحوُها نَجِسٌ، وعلى الثَّاني طاهِر. وكذا ما تَصاعَدَ مِن بُخارِ الماءِ النَّجس إلى الجِسْمِ الصَّقيلِ، ثم عادَ فَتَقَطَّرَ، فإنَّه نَجِسٌ على المذهبِ؛ لأنّه نفْسُ الرُّطوبَةِ المُتَصَاعِدَةِ، وإنَّما يتَصاعَدُ في الهواءِ كما يتَصاعَدُ بُخارُ الحمَّاماتِ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّ ما يتَصاعَدُ في الحمَّاماتِ ونحوها طَهورٌ، أو يُخَرَّجُ على هذا الخِلافِ. قولُه: إلا الخَمرةَ إِذا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ الخمرَةَ إذا انْقَلَبَتْ بنَفْسِها تَطهُرُ مُطْلقًا. نص عليه، وعليه الجمهورُ، وجزَم به كثير منهم. وحكَى القاضي في «التّعليقِ»، أنَّ نَبيذَ التمرِ لا يَطهُرُ إذا انْقلَبَ بنَفْسِه؛ لأنَّ فيه ماءً. وقيل: لا تَطهُرُ الخَمرَةُ مُطْلقًا.

فَإِنْ خُلِّلَتْ لَمْ تَطْهُر. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: دَنُّ الخَمرِ مِثْلُها؛ فيَطهُرُ بطهارَتِها. وهذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّه، فيما لم يُلاقِ الخَلُّ ممَّا فوْقَه، ممَّا أصابَه الخَمرُ في غَليانِه، وَجْهان. قولُه: وَإنْ خُلِّلَتْ، لم تَطْهُرْ. اعلم أنَّ الخَمرَةَ يحرُمُ تَخْلِيلُها، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكْرَهُ. جزَم به في «المُسْتَوعِب». وعنه، يجوزُ. وأطْلقَهُن ابنُ تَميم فيما يُلْقَى فيها. فعلى المَذْهبِ، لو خالفَ وفعلَ، لم تَطْهر، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب، ونصَّ عليه. وقيل: تَطهُرُ. وفي «الوَسِيلَةِ»، في آخرِ الرهْنِ رِواية؛ أنَّها تَحِل. وعلى

وَقِيلَ: تَطْهُرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، لو خُلِّلَتْ طَهُرَتْ. قاله في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ خُلِّلَتْ كُرِه، ولم تَطهُر، في أصَح الروايتَين. وعلى المذهبِ أيضًا، لو خُلِّلَتْ بنَقْلِها مِنَ الشَّمسِ إلى الظل، أو بالعكْس، أو فَرَّغَ من محَل إلى محَل آخَرَ، أو ألْقَى جامِدًا فيها، ففيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى». وأطْلَقَهما في النَّقْلِ والتَّفْرِيغ في «الفائقِ». وهما رِوايَتَان في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وهي طريقة مُوجَزَةٌ في «الرعايةِ الصُّغْرَى». إحدَاهما، لا تَطهُرُ، وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، والمُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «مَجْمَع البحرين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّركَشِيِّ». وقيل: تطهُرُ، كما لو نقَلَها بغيرِ قَصدِ التَّخْليلِ وتَخَلَّلَتْ. وقال في «الرعايةِ»: وقيل: تَطْهُرُ بالنَّقْلِ فقط، وهو أصَحُّ. ثم قال: قلتُ: وكذا إنْ كُشِفَ الزِّقُّ فتَخَلَّلَ بشَمسٍ أو ظِلٍّ. فوائد؛ إحداها، في جَوازِ إمساكِ خَمرٍ ليَتَخَلَّلَ بنَفْسِه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ الجوازُ، وعدَمُه، والثَّالثُ، يجوزُ في خَمرَةِ الخَلَّالِ دونَ غيرِها، وهو الصَّحيحُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وهو أشْهرُ. قال في «الرعاية»: وهو أظْهرُ. وجزَم بها بنُ تَميم بإراقَةِ خمرِ غَيرِ (¬1) الخَلَّالِ. وأطْلَق في خَمرِ الخَلَّالِ الوَجْهين. فعلَى القولِ بعدَمِ الجوازِ، لو تخَلَّلَ بنَفْسِه طَهُرَ، على الصَّحيحِ. قال في «الفُروعِ»: وعلى المَنْعٍ تَطْهُرُ، على الأصَحِّ. وعنه، لا تَطهُرُ. وقال في «الرِّعاية الكُبْرَى»: لو اتخذه للخَلِّ فتَخَمَّرَ، وقُلْنا: يُراقُ. فأمسَكَه (¬2) ليصِيرَ خَلًّا، فصارَ خَلاًّ، ففي طهارَتِه وَجْهان. وفي جوازِ إمساكِ الخمرِ ليصيرَ خَلًّا وَجْهان، فإنْ جازَ، فصارَ خَلًّا طَهُرَ، وإنْ لم يَجُزْ لم يَطهُر. انتهى. وهما وَجْهان، [مُطْلَقَانِ في] (¬3) «ابنِ تَميم». وإنِ اتَّخذَ عصِيرًا للخَمرِ، فَلَم يَتَخَمَّر وتَخَلَّلَ بنَفْسِه، ففي حِلِّه الرِّوايَتان اللّتان قبلَه. الثَّانيةُ، الخَلُّ المُباحُ؛ أنْ يُصَبَّ على العِنَبِ أو العَصيرِ خَل قبلَ غَلَيانِه حتى لا يَغْلِيَ. نصَّ عليه في رواية الجماعة. الثَّالثةُ،، الحَشِيشَةُ المُنسْكِرَةُ نَجِسَةٌ، على الصَّحيحِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ. وقيل: طاهرَة. قدَّمه في «الرِّعاية»، و «الحَواشِي». وقيل: نَجِسَة إن أُمِيعَتْ، وإلَّا فلا. وأطْلقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ويأتِي حكمُ أكْلِها في بابِ حَدِّ المُسْكِر. ¬

(¬1) سقط من: ا. (¬2) في ا: «فأمسك». (¬3) في ا: «أطلقهما».

وَلَا تَطْهُرُ الأدهانُ، النَّجِسَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وَلَا تَطْهُرُ الأدهانُ النَّجِسةُ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يَطْهُرُ بالغَسْلِ منها ما يَتأتَّى غَسْلُه؛ مثلَ أنْ تُصَبَّ في ماءٍ كثيرٍ وتُحَرَّكَ، ثم تتركَ حتى تَطْفُوَ فتُؤخَذَ، ونحوُ ذلك. وهو تَخْرِيجُ «الكافِي»، ذكَرَه في كتابِ البَيعِ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقيل: يَطهُرُ زِئبَقٌ بالغَسْلِ؛ لأنه لقُوَّتِه وتماسُكِه يُجْرَى مُجْرَى الجامد. قاله ابنُ عَقِيلٍ، في «الفُصولِ»، واقْتصَرَ عليه جماعة. وقطَع به في «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فيُعايىَ بها. فعلَى المذهبِ، لا يَجوزُ تَطْهيرُه. ذكَرَه في «الترغِيبِ»، وغيرِه. ويأتِي في كتابِ البَيع ما يَتَعَلَّقُ ببَيعِه. فوائد؛ منها، تقدَّم في كتابِ الطهارةِ الخِلافُ في تَنْجيس المائِعاتِ بمُلاقَاةِ النَّجاسةِ، فلو كان جامِدًا، أُخِذَتْ منه النَّجاسةُ وما حوْلَها، والباقِي طاهِر. وحدُّ الجامدِ، ما لم تَسْرِ النَّجاسةُ فيه، على الصّحيحِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وصَحَّحَه ابنُ تَميم، وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيل: حدُّه ما لو كُسِرَ وعاؤه لم تَسِلْ أجْزاوه. ورَدَّه الأصحابُ. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: ويَحتَمِلُ ما لو قُوِّرَ لم يَلْتَئِم حالًا. ولا يَطهرُ ما عَدا الماء والأدهان مِنَ المائعاتِ بالغَسْلِ، سِوَى الزئْبَقِ، على ما تقدَّم، فلا يَطهُرُ باطِنُ حب نُقِعَ في نَجاسَةٍ بتَكْرارِ غَسْلِه وتَجْفيفِه كلَّ مرَّةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، كالعَجِينِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَطهُرُ. قال في «الفائقِ»: واخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وهو المُخْتارُ. ومثلُ ذلك خِلافًا ومذهبًا، الإناءُ إذا تَشَرَّبَ نَجاسَةً، والسكينُ إذا أُسْقِيَتْ ماءً نَجِسًا، وكذلك اللَّحمُ إذا طُبِخَ بماءٍ نَجِس، على

وَقَال أبو الْخَطَّابِ: يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مِنْها مَا يَتَأتَّي غَسْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال المَجْدُ في «شَرحِه»: الأقوَى عندِي طَهارَتُه. واعتبرَ الغَلَيانَ والتَّجْفيفَ، وقال: ذلك في مَعنى عَصْرِ الثَّوْبِ. وذكَر جماعةً في مسْألةِ الجَلَّالةِ طهارةَ اللَّحمِ. وقيل: لا يُعْتَبَرُ في ذلك كلِّه عدَدٌ. قال ابنُ تَميمٍ، بعدَ أنْ قال: يُغْلَى اللَّحمُ في ماءٍ طاهرٍ: وتُجَفَّفُ الحِنْطَةُ، ثم تُغْسَلُ بعدَ ذلك مِرارًا إنِ اعتبَرنا العدَدَ، والأوْلَى، إنْ شاءَ الله تُعالى، على هذه الرِّواية، عدَمُ اعتِبارِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العدَدِ. انتهى. ولا يَطْهُرُ الجِسْمُ الصَّقيلُ بمَسْحهِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَطهُرُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، في «الانْتِصارِ»، والشيخُ تَقِيُّ الدينِ. وأطْلقَهما في «الفائقِ». وأطْلَقَ الحَلْوانِي وَجْهين. وذكَر الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ هل يَطْهُرُ، أو يُعْفَى عمَّا بَقِيَ؟ على وَجْهين. وعنه، تَطْهُرُ سِكِّين مِن دَمِ ذَبِيحَةٍ بمَسحِها فقط. ويَطْهُرُ اللَّبِنُ والآجُرُّ والتُّرابُ المُتَنَجِّس ببَوْل ونحوه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يطْهُرُ. وقيل: يطْهُرُ ظاهِرُه، كما لو كانتِ النَّجاسةُ أعيانًا وطُبِخَ، ثم غُسِلَ ظاهِرُه، فإنَّه يطهُرُ. وكذا باطنُه، في أصَحِّ الوَجْهين إنْ سُحِقَ؛ لوُصولِ الماءِ إليه. وقيل: يطهُرُ بالنَّارِ.

وَإِذَا خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا يَتَيَقَّنُ بِهِ إزَالتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: وإذا خَفِيَ موضِعُ النَّجاسةِ، لَزِمَه غَسْلُ ما يَتَيَقَنُ به إزالتَها. أطْلقَ العِبارةَ كأكثرِ الأصحابِ، ومُرادُهم غيرُ الصَّحراءِ ونحوها. قاله في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ تَميم في «الرِّعايَةِ»، و «النُّكَتِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. قولُه: لَزِمَه غَسْلُ ما يَتَيَقَّنُ به إزالتها. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يكْفِي الظَّنُّ في غَسْلِ المَذْي. [وعندَ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، يكْفِي الظَّنُّ في غَسْلِ المَذْي] (¬1) وغيرِه مِنَ النَّجاساتِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: يَحْتَمِلُ أنْ تُخَرَّجَ رِوايةٌ في بقِيَّةِ النَّجاساتِ مِنَ الرِّوايَةِ التي في المَذْي. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» في الجَلَّالةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَخْتَصَّ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك بالمَذْي؛ لأنَّه يُعْفَى عن يَسيرِه، على روايةٍ، لكنْ لَازِمُ ذلك، أنْ يَتَعَدَّى إلى كلِّ نَجَاسَةٍ يُعْفَى عن يَسيرِها، وهو ملْتَزَمٌ. انتهى. قلتُ: قال في «النُّكَتِ»: وعنه، ما يدُلُّ على جَوازِ التَّحَرِّي في غيرِ صحراءَ.

وَيُجْزِئُ فِي بَوْلِ الْغلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ النَّضْحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحَدُهما، قولُه: ويُجْزِئُ في بَوْلِ الغُلامِ الذي لم يأكُلِ الطَّعامَ النَّضْحُ. وهذا بلا نِزاعٍ، وظاهرُ كلامِه أنَّه نَجِسٌ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقطع ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، أنَّ بوْلَه طاهِرٌ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، بل هو ظاهِرُه؛ فإنَّه قال: وما خرَج مِنَ الإِنْسانِ مِن بَوْلِ وغيرِه، فإنَّه نَجِسٌ، إلَّا بوْلَ الغُلامِ الذي لم يأْكُلِ الطَّعامَ، فإنَّه يُرَشُّ عليه الماءُ. واخْتارَه أبو إسْحاقَ بنُ شاقْلا، لكنْ قال: يُعيدُ الصَّلاةَ. كما رُوِيَ عن أبي عبدِ اللهِ: إذا صَلَّى في ثَوْبٍ فيه مَنِيٍّ، ولم يَغْسِلْه ولم يَفْرُكْه، يُعيدُ وإنْ كان طاهرًا. قال الأزَجِيُّ، في «النِّهايَةِ»: وهذا بعيدٌ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو غريبٌ بعيدٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال القاضي عن هذا القوْلِ: وليس بشيءٍ. قلتُ: فيُعايىَ بها على قوْلِ أبي إسْحاقَ. الثَّاني، مُرادُه بقَوْلِه: الذي لم

وَإِذَا تَنَجَّسَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَو الْحِذَاءِ وَجَبَ غَسْلُهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالْأَرْضِ. وَعَنْهُ، يُغْسَلُ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَيُدْلَكُ مِنْ غَيرِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يأْكُلِ الطَّعامَ. يعني بشَهْوَةٍ. والنَّضْحُ؛ غَمْرُه بالماءِ، وإنْ لم يَقْطُرْ منه شيءٌ. قوله: وإذا تَنَجَّسَ أسْفَلُ الْخُفِّ أو الْحِذَاءِ، وجَب غَسْلُه. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعِ»: نقلَه واخْتارَه الأكْثَرُ. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وعنه، يُجْزِئُ دَلْكُه بالأرْضِ. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. وقال: اخْتارَها جماعةٌ. قلتُ: منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّسْهِيلِ». وقدَّمه في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ رَزِين». وعنه، يُغْسَلُ مِنَ البَوْلِ والغائطِ، ويُدْلَكُ مِن غيرِهما. وأطْلَقهُنَّ في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقيل: يُجْزِئُ دَلْكُه مِنَ اليابسَةِ لا الرَّطْبَةِ. وحمَل القاضي الرِّواياتِ على ما إذا كانتِ النَّجاسَةُ يابسَةً، وقال: إذا دَلَكَها وهي رَطْبَةٌ، لم يُجْزِهِ، رِوايةً واحدةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ورَدَّه الأصحابُ. وأطْلَقَ ابنُ تَميمٍ في إلْحاقِ الرَّطْبَةِ باليابسَةِ الوَجْهَين. [وظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ إلْحاقُ طَرَفِ الخُفِّ بأَسْفَلِه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ. قلتُ: يتَوَجَّهُ فيه وَجْهان، مِن نَقْصِ الوضوءِ بالمَسِّ بحَرْفِ الكَفِّ، على القوْلِ بأنَّه لا يَنْقُضُ إلَّا مَسُّه بكَفِّه] (¬1)، فعلَى القولِ بأنَّه يُجْزِئُ الدَّلْكُ، لا يُطَهرُهُ. قال بل هو مَعْفُوٌّ عنه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وهذا هو الصَّحيحُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: ولا يُطَهِّرُهما، بحيثُ لا يَنْجُسان، المائعُ في أصَحِّ الوَجْهَين. قال في «المُذْهَبِ»: فإنْ وَقَعَا في ماءٍ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسيرٍ، تَنَجَّسَ، على الصَّحيحِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا المُتَأخِّرون: لا يَطْهُرُ المَحَلُّ. قال ابنُ مُنَجَّى، في «شَرْحِه»: حُكْمُه حكمُ أثَرِ الاسْتِنْجاءِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يَطْهُرُ. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: منهمُ ابنُ حامِدٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الفائقِ». وإليه مَيلُ ابنِ عُبَيدان. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقهُما في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الكافِي»، و «ابنِ تَميمٍ». فائدة: حكْمُ حَكِّه بشيءٍ حُكْمُ دَلْكِه. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا تَنَجَّسَ غيرُ الخُفِّ والحِذاءِ، أنَّه لا يُجْزِئُ الدَّلْكُ، روايةً واحدةً. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وأحدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين في ذَيلِ المرأةِ. قدَّمه في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». والوَجْهُ الثَّاني، أنَّه كما نقلَ إسْماعِيلُ بنُ سَعيدٍ (¬1)، أنَّه يطْهُرُ بمُرورِه على طاهرٍ بذيلِها. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «التَّسْهِيلِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال: ذَيلُ ثَوْبِ آدَمِيٍّ أو إزارِه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ودخَل في مفْهومِ كلامِه، الرِّجْلُ إذا تَنَجَّسَتْ، لا يُجْزِئُ دلْكُها بالأرْضِ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيل: هي كالخُفِّ والحِذاءِ. حكَاه الشيخُ تَقِي الدِّين واخْتارَه. قال في «الفائقِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ في رِجْلِ الحافِي عادَةً وَجْهَين. ¬

(¬1) إسماعيل بن سعيد الكسائي الشالنجي، أبو إسحاق، روى عن الإمام أحمد، وأثنى عليه الإمام، وكان عالما بالرأي كبير القدر. الجرح والتعديل 1/ 1/ 173، 174. طبقات الحنابلة 4/ 101، 105.

وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ إلا الدَّمَ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ؛ مِنَ الْقَيحِ، وَالصَّدِيدِ، وَأَثَرَ الاسْتِنْجَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُعْفَى عن يسيرِ شيءٍ مِنَ النَّجَاساتِ إلَّا الدَّمَ، وما تَوَلَّدَ منهُ؛ مِنَ القَيحِ، والصَّدِيدِ. اعلمْ أنَّ الدَّمَ وما توَلَّدَ منه يَنْقَسِمُ أقْسامًا، أحَدُها، دمُ الآدَمِيِّ، وما تَوَلَّدَ منه مِنَ القَيحِ والصَّديدِ، سواءٌ كان منه أو مِن غيرِه، غيرَ دمِ الحَيضِ والنِّفاسِ، وما خرَج مِنَ السَّبِيلَين. الثَّاني، دَمُ الحَيوانِ المأكولِ لَحْمُه. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ العَفْوُ عنه. والصَّحيحُ مِن المذهبِ في هذين القِسْمَين، العَفْوُ عن يسيرِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُعْفَى عنه فيهما. وقيل: لا يُعْفَى عنه إلَّا إذا كان مِن دَمِ نَفْسِه. وهو احْتِمال في «التَّلْخيصِ». وقال الشيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: ولا يجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ والجسَدِ مِنَ المِدَّةِ والقَيحِ والصَّديدِ، ولم يَقُمْ دليلٌ على نَجاسَتِه. وحكَى جَدُّه عن بعضِ أهْلِ العلْمِ طَهارتَه. وعنه، لا يُعْفَى عن يسيرِ شيءٍ مِنَ النَّجاساتِ في الصَّلاةِ. حكَاه ابنُ الزَّاغُونِيِّ. الثَّالثُ، دمُ الحَيضِ والنِّفاسِ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُعْفَى عن يَسيرِه. وهو صحيحٌ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِين»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». واخْتارَه القاضي. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ؛ لإِطْلاقِهمُ العَفْوَ عنِ الدَّمِ. وقيل: لا يُعْفَى عن يسيرِه. اخْتارَه المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقدَّمه في «التَّلْخيصِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الكبيرِ». الرَّابعُ، الدَّمُ الخارِجُ مِنَ السَّبيلَين. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ العَفْوُ عن يَسيرِه،. وهو أحدُ الوَجْهَينِ. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وجماعةٍ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُعْفَى عن ذلك. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. وأطْلَقَهُما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». الخامسُ، دَمُ الحَيوانِ الطَّاهرِ الذي لا يُؤْكَلُ لَحْمُه، غيرَ الآدَمِيِّ والقَمْلِ ونحوه. فظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُعْفَى عن يسيرِه، وهو ظاهرُ ما قطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقطَع به في «المُذْهَبِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «التَّسْهِيلِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يُعْفَى عن يسيرِه. وجزَم به في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، فإنَّهما قالا: وما لا يُؤكَلُ لَحْمُه، وله نفْسٌ سائِلَةٌ، لا يُعْفَى عن يسيرِه. وهو ظاهرُ ما قطَع به في «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»؛ فإنَّه قال في المَعْفُوِّ عنه: مِن حَيوانٍ مأكولِ. [وقطَع الزَّرْكْشِيُّ بأنَّه مُلْحَقٌ بدَمِ الآدَمِيِّ] (¬1). وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». السَّادسُ، دمُ الحَيوانِ النَّجِسِ، كالكلْبِ والخِنْزِيرِ ونحوهما. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُعْفَى عن يسيرِه، وعليه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وفي «الفُروعِ» احْتِمالٌ بالعَفْو عنه كغيرِه. وقال في «الفائقِ»: في العَفْو عن دَم الخِنْزِيرِ وَجْهان. فوائد؛ الأُولى، حيثُ قُلْنا بالعَفْو عنِ اليسيرِ، فمَحَلُّه في بابِ الطَّهارةِ دُونَ المَائِعاتِ، على ما يأتِي بَيانُه. الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا بالعَفْو عن يسيرِه، فيُضَمُّ مُتَفَرِّقًا في ثوْبٍ واحدٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وغيرُه، وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُضَمُّ، بل لكلِّ دم حُكْمٌ. وإنْ كان في ثَوْبَين، لم يُضَمَّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، بل لكلِّ دَم حُكْمٌ. وقيل: يُضَمُّ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. ذكرَه في بابِ اجْتِنابِ النَّجاسَةِ. ويأْتِي إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَبِسَ ثِيابًا، في كلِّ ثَوْب قَدْرٌ مِنَ الحريرِ يُعْفَى عنه، هل يُبَاحُ أو يُكْرَهُ؟ في آخرِ سَتْرِ العَوْرَةِ. الثَّالثةُ، في الدِّماءِ الطَّاهرةِ المُخْتلَفِ فيها والمُتَّفَقِ عليها؛ منها، دَمُ عِرْقِ المأْكولِ طاهرٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ولو ظهَرَتْ حُمْرَتُه. نصَّ عليه، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ؛ لأنَّ العُروقَ لا تَنْفَكُّ عنه، فيَسْقُطُ حُكْمُه؛ لأنَّه ضَرُورَةٌ. وظاهرُ كلامِ القاضي في «الخِلافِ» نَجاسَتُه. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: المُحَرَّمُ هو الدَّمُ المسْفُوحُ. ثم قال: قال القاضي: فأمَّا الدَّمُ الذي يَبْقَى في خَلَلِ اللَّحْمِ بعدَ الذَّبْحِ، وما يَبْقَى في العُروقِ، فمُباحٌ. قال في «الفُروعِ»: ولم يذْكُرْ جماعةٌ إلَّا دمَ العُروقِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ فيه: لا أعلمُ خِلافًا في العَفْو عنه، وأنَّه لا يُنَجِّسُ المَرَقَ، بل يُؤْكَلُ معها. انتهى. قلتُ: وممَّن قال بطهارةِ بقِيَّةِ الدَّمِ الذي في اللَّحْمِ، غيرَ دَمِ العُروقِ، وإنْ ظهَرَتْ حُمْرَتُه؛ المَجْدُ في «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «نِهايَةِ» ابنِ رَزِين، و «نَظْمِها»، وغيرُهم. ومنها، دَمُ السَّمَكِ. وهو طاهرٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ويُؤْكَلُ. وقيل: نَجِسٌ. ومنها، دَمُ البَقِّ، والقَمْلِ، والبَراغِيثِ، والذُّبابِ، ونحوها. وهو طاهرٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهرُ المذهبِ. وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال: قال بعضُ شُرَّاحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»: صَحَّحَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الانْتِصارِ»، في موْضِعٍ، وحكَاه عنِ الأصحابِ. ورَجَّحَه المَجْدُ. وعنه، نَجسٌ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي»، و «الحاويَين»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «المُذْهَبِ»، و «ابنِ عُبَيدان». ومنها، دَمُ الشَّهيدِ. وهو طاهرٌ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ. صَحَّحَه ابنُ تَميمٍ، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقيل: نَجِسٌ. وعليهما يُسْتَحَبُّ بَقاؤُه. فيُعايَى بها. ذكرَه ابنُ عَقِيلٍ في «المَنْثُورِ». وقيل: طاهِرٌ ما دامَ عليه. قدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وجزَم به في «مَجْمَعِ البَحْرَين». ولعَلَّه المذهبُ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». ومنها، الكَبِدُ والطِّحالُ. وهما دَمَان، ولا خِلافَ في طَهارَتِهما. ومنها، المِسْكُ. واخْتُلِفَ مِمَّ هو؟ فالصَّحيحُ أنَّه سُرَّةُ الغَزالِ. وقيل: هو مِن دابَّةٍ في البَحْرِ لها أنْيابٌ. قال في «التَّلْخيصِ»: فيكونُ ممَّا يُؤْكَلُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في «الفُنونِ»: هو دَمُ الغزْلانِ، وهو طاهرٌ. وفَأْرَتُه أيضًا طاهِرَةٌ، على الصَّحيحِ. وقال الأزَجِيُّ: فأْرَتُه نَجِسَةٌ. قال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ نَجاسَةُ المِسْكِ؛ لأنَّه جزْءٌ مِن حَيوانٍ، لكنّه يَنْفَصِلُ بَطبْعِه. ومنها، العَلَقَةُ التي يُخْلَقُ منها الآدَمِيُّ، أو حيوانٌ طاهرٌ. وهي طاهرةٌ، على أحَدِ الوَجْهَين. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها نَجِسَةٌ؛ لأنَّها دَمٌ خارِجٌ مِنَ الفَرْجِ. قال في «المُغْنِي»: والصَّحيحُ نَجاسَتُها. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: نَجِسَةٌ في أظْهَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «المُذْهَبِ». وحكَاهُما ابنُ عَقِيلٍ رِوايتَين. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: والمُضْغَةُ كالعَلَقَةِ. ومِثْلُها البَيضَةُ إذا صارَتْ دَمًا، فهي طاهرَةٌ، على الصَّحيحِ. قاله ابنُ تَميمٍ، وقيل: نَجِسةٌ. قال المَجْدُ: حُكْمُها حكْمُ العَلَقَةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وذكَر أبو المَعَالِي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» نَجاسَةَ بيضٍ نَدٍ (¬1). واقْتصرَ عليه في «الفُروعِ». تنبيه: أفادنَا المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ القَيحَ والصَّديدَ والمِدَّةَ نَجَسٌ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، طهارَةُ ذلك. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين؛ فقال: لا يجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ والجسَدِ مِنَ المِدَّةِ والقَيحِ والصَّديدِ، ولم يَقُمْ دليلٌ على نَجاسَتِه. انتهى. وأمَّا ماءُ القُروحِ؛ فقال في «الفُروعِ»: هو نَجِسٌ في ظاهرِ قوْلِه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَه المَجْدُ. وذكَر جماعةٌ؛ إنْ تَغَيَّرَ، يَنْجُسُ، وإلَّا فلا. قلتُ: منهم صاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وهو أقْرَبُ إلى الطَّهارةِ مِنَ القَيحِ، والصَّديدِ، والمِدَّةِ. وأمَّا ما يَسِيلُ مِنَ الفَمِ وقْتَ النَّوْمِ، فطاهرٌ في ظاهرِ كلامِهم. قاله في «الفُروعِ». تنبيه: مُرادُه بقولِه: [وأثَرَ الاسْتِنْجاءِ] (¬2). أثَرُ الاسْتِجْمارِ؛ يعْني أنَّه يُعْفَى عن يسيرِه، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يُعْفى عن يسيرِه. ذكَرَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقال: لو قعَد في ماءٍ يسيرٍ، نَجَّسَه، أو عَرِقَ، فهو نَجسٌ؛ لأنَّ المسْحَ لا يُزِيلُ النَّجاسَةَ بالكُلِّيَّةِ. ¬

(¬1) أي عليه رطوبة. (¬2) زيادة من:.

وَعَنْهُ، فِي الْمَذْي، وَالْقَىْءِ، وَرِيقِ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، وَالطَّيرِ، وَعَرَقِهَا، وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ، وَالنَّبِيذِ، وَالْمَنِيِّ، أَنَّهُ كَالدَّمِ. وَعَنْهُ، فِي الْمَذْي، أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ النَّضْحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنَا المُصَنِّفُ، أنَّه نَجِسٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال ابنُ عُبَيدان: اخْتارَه أكثرُ أصحابِنا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه طاهرٌ. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهمُ ابنُ حامِدٍ، وأبو حَفْصٍ بنُ المُسْلِمةِ العُكْبَرِيُّ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، في بابِ اجْتِنابِ النَّجاسَةِ. [قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرِهما: يُعْفَى عن عَرَقِ المُسْتَجْمِرِ في سَراويلِه، نصَّ عليه. واسْتدَلَّ في «المُغْنِي»، ومَن تَبِعَه، بالنَّصِّ على أنَّ أثَرَ الاسْتِجْمارِ طاهرٌ، لا أنَّه نَجِسٌ، ويُعْفَى عنه. وظاهرُ كلامِه في «المُغْنِي»، ومَن تَبِعَه، أنَّه لا يُعْفَى عنه إلَّا في مَحَلِّه، ولا يُعْفَى عنه في سَراويلِه] (¬1). قوله: وعنه، في المَذْي، والقَىْءِ، ورِيقِ البَغْلِ، والحِمارِ، وسِباعِ البَهائِمِ، غيرَ الكلبِ والخِنزيرِ، والطَّيرِ، وعَرَقِها، وبَوْلِ الخُفَّاشِ، والنَّبيذِ، والمَنِيِّ؛ أنَّه كَالدَّمِ. يعني، يُعْفَى عن يسيرِه كالدَّمِ، على هذه الرِّوايةِ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّه لا يُعْفَى عن يسيرِ شيءٍ مِن ذلك. وأمَّا المَذْيُ؛ فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَين». وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهو المذهبُ. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه ابنُ رَزِيِن، وصَحَّحَه النَّاظِمُ، واخْتارَه ابنُ تَميمٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: يُعْفى عن يسيرِه في أقْوَى الرِّوايتَين. قلتُ: وهو الصَّوابُ. خصُوصًا في حَقِّ الشَّابِّ. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ عُبَيدان». تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى، أنَّ المَذْي نَجِسٌ. وهو صحيحٌ، فيُغْسَلُ كَبَقِيَّةِ النَّجاساتِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وعنه، في المَذْي، أنَّه يُجْزِئُ فيه النَّضْحُ، فيصيرُ طاهِرًا به؛ كَبَوْلِ الغُلامِ. الذي لم يأْكُلِ الطَّعامَ. جزَمَ به في «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «العُمْدَةِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدَّين. وصَحَّحَه النَّاظِمُ، وصاحِبُ «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال بعضُ شُرَّاحِ «المُحَرَّرِ»: صَحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ في «إشارَتِه». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ قُلْنا: مَخْرَجُه مَخْرَجُ البَوْلِ. فيَنْجُسُ. وإنْ قُلْنا: مَخْرَجُه مخرجُ المَنِيِّ. فله حُكْمُه. انتهى. وعنه، ما يدُلُّ على طهارَتِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وجزَم به في «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها». فعلَى القوْلِ بالنَّجاسَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يغْسِلُ الذَّكَرَ والأُنْثَيَين إذا خرَج، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به «ناظمُ المُفْرَداتِ». وهو منها. وقدَّمه ابنُ تَميم، و «الفائقِ»، و «الحَواشِي». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي. وعنه، يُغْسَل جميعُ الذَّكَرِ فقط، ما أصابَه المَذْيُ وما لم يُصِبْه. قلتُ: فيُعايَى بها على هاتَين الرِّوايتَين. وعنه، لا يُغْسَلُ إلَّا ما أصابَه المَذْيُ فقط. اخْتارَه الخَلَّالُ. قال في «مَجْمعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»: وهي أظْهَرُ. أطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». فعلَى الرِّوايَةِ الأُولَى، تُجْزِئُ غَسْلَةٌ واحدةٌ. قاله المُصَنِّفُ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، ذكَرَه في كتابِ الطَّهارَةِ، وزادَ، إن لم يُلَوثْهما المَذْيُ، نصَّ عليه. وأمَّا القَىْءُ، فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ هنا. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الإِفاداتِ». قال القاضي: يُعْفَى عن يسيرِ القَىْءِ، وما لا يَنْقُضُ خُروجُه، كَيَسيرِ الدُودِ والحصَى ونحوهما، إذا خرجَ مِن غيرِ السَّبِيلَين. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ»، و «مَجْمعِ البَحْرَين»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وأمَّا رِيقُ البَغْلِ والحِمارِ وعَرَقُهما، على القوْلِ بنَجاسَتِهما، فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ هنا. وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. قال الخَلَّالُ: وعليه مذهبُ أبي عبدِ اللهِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو الظَّاهرُ عن أحمدَ. واخْتارَه ابنُ تَميمٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، وغيرُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وأمَّا رِيقُ سِباعِ البَهَائمِ، غيرَ الكَلْبِ والخِنْزِيرِ، والطَّيرِ، وعَرَقُها، على القوْلِ بنَجاسَتِها، فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ بِناءً على رِيقِ البَغْلِ والحِمارِ وعَرَقِهما، وأَوْلَى، وهو الذي قدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وظاهرُ ما جزَم به في «الفائقِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال: جزَم به في «المُغْنِي»، في موْضِعٍ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال القاضي، بعدَ أنْ ذكرَ النَّصَّ بالعَفْو عن يسيرِ رِيقِ البَغْلِ والحِمارِ: وكذلك ما كان في مَعْناهما مِن سِباعِ البَهَائمِ، وكذلك الحكْمُ في أرْواثِها، وكذلك الحكْمُ في سِباعِ الطَّيرِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وأمَّا بَوْلُ الخُفَّاشِ. وكذا الخُشَّافُ. قاله في «الرعايَةِ». وكذا الخُطَّافُ. قاله في «الفائقِ»، فلا يُعْفَى عنه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذَهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ هنا. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه الشَّارِحُ، وابنُ رَزِين. واخْتارَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وأمَّا النَّبِيذُ النَّجِسُ، فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا يُعْفَى عن يسيرِه في الأشْهَرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ هنا. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وحفيدُه، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «نِهايَةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ رَزِينٍ، و «نَظْمِها». وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ الفُروعِ». وقدَّمه الشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وأمَّا المَنِيُّ، إذا قُلْنا بنَجاسَتِه، فلا يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمصَنِّفُ هنا، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهب. وعنه، يُعْفَى عن يسيرِه. قطَع به الخِرَقِيُّ. واخْتارَه ابنُ تَميمٍ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّين، في «شَرْحِ العُمْدَةِ». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يُعْفى عن يسيرِه، في أظْهَرِ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظاهرُ النَّصِّ. وأطْلقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُستوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِيِّ». ويأْتِي قريبًا؛ إذا قُلْنا: هو نَجِسٌ. هل يُجْزِئُ فَرْكُ يابِسِهِ مُطْلقًا، أو مِنَ الرَّجُلِ؟ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُعْفَى عن يسيرِ شيءٍ مِنَ النَّجاساتِ غيرَ ما تقدَّم، وثَمَّ مسائلُ؛ منها، دَمُ البَقِّ، والقَمْلِ، والبَرَاغيثِ، والذُّبابِ، ونحوها، يُعْفَى عن ذلك، على القوْلِ بنَجاسَتِه، بلا نِزاعٍ. قاله الأصحابُ. ومنها، بقِيَّةُ دَمِ اللَّحْمِ المأْكولِ مِن غيرِ العُروقِ، يُعْفَى عنه على القَوْلِ بنَجاسَتِه، على ما تقدَّم. ومنها، يسيرُ النَّجاسَةِ، إذا كانتْ على أسْفَلِ الخُفِّ والحِذاءِ بعدَ الدَّلْكِ، يُعْفَى عنه على القْولِ بنَجاسَتِه، على ما تقَدَّم وغيرِه. وقطَع به الأصحابُ. ومنها، يسيرُ سَلَسِ البَوْلِ، مع كمالِ التَّحَفُّظِ، يُعْفَى عنه. قال النَّاظِمُ: قلتُ: وظاهرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الأكْثَرِ، عَدَمُ العَفْو. وعلى قِياسِه يسيرُ دَمِ المُسْتَحاضَةِ. ومنها، يسيرُ دُخَانِ النَّجاسَةِ، وغُبارِها وبُخارِها، يُعْفَى عنه، ما لم تَظهَرْ له صِفَةٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الكافِي»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم: يُعْفَى عن ذلك ما لم يتَكاثَفْ. زادَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: ما لم يَجْتَمِعْ منه شيءٌ، ويَظْهَرْ له صِفَةٌ. وقيل: أو تَعَذَّرَ أو تَعَسَّرَ التَّحَرُّزُ منه. وأطْلَق أبو المَعالِي العَفْوَ عن غُبارِ النَّجاسَةِ، ولم يُقَيِّدْه باليَسيرِ؛ لأنَّ التَّحَرُّزَ لا سبيلَ إليه، قال في «الفُروعِ»: وهذا مُتَوَجِّهٌ. وقيل: لا يُعْفَى عن يسيرِ ذلك. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، وقال: ولو هَبَّتْ رِيحٌ، فأصابَ شيئًا رَطْبًا غُبارٌ نَجِسٌ مِن طريقٍ أو غيرِه، فهو داخِلٌ في المسْأَلَةِ. وذكرَ الأَزجِيُّ النَّجاسةَ به. ومنها، يسيرُ بوْلِ المأْكولِ ورَوْثِه، على القوْلِ بنَجَاسَتِهما، على ما يأْتِي، يُعْفَى عنه في روايةٍ، [وهو الصَّحيحُ مِنَ المذْهبِ] (¬1). جزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه ابنُ تَميمٍ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، لا يُعْفَى عنه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلقَهُما في «الحاويَين»، و «الرِّعايتَين». ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وزادَ، ومَنِيُّه وقَيئُه. وذكرَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ الرِّوايةَ الأُولَى في «الفائقِ». ومنها، يسيرُ بَوْلِ الحِمارِ، والبَغْلِ، ورَوْثِهما، وكذا يسيرُ بوْلِ كلِّ بَهِيمٍ نَجِسٍ أو طاهرٍ لا يُؤْكَلُ، ويَنْجُسُ بمَوْتِه، لا يُعْفَى عنه، على الصَّحيِحِ المَذهبِ. قاله المَجْدُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وعنه، يُعْفى عنه. وجَزَم به في «الإِفاداتِ»، في رَوْثِ البَغْلِ والحِمارِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ عُبَيدان». ومنها، يسيرُ نَجاسَةِ الجَلَّالةِ قبلَ حبْسِها، لا يُعْفَى عنه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعْفَى عنه. وهو روايةٌ في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». لي منها، يسيرُ الوَدْي لا يُعْفَى عنه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُعْفَى عنه، وهو روايةٌ في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما فيها، و «ابنِ تَميمٍ». ومنها، ما قاله في «الرِّعايَةِ»؛ يُعْفَى عن يسيرِ الماءِ النَّجِسِ بما عُفِيَ عنه مِن دَمٍ ونحوه، في الأصَحِّ. واخْتارَ العَفْوَ عن يسيرِ ما لا يُدْرِكُه الطَّرْفُ، ثم قال: وقيل: إنْ سَقَطَ ذُبابٌ على نَجاسَةٍ رَطْبَةٍ، ثم وَقَعَ في مائعٍ أو رَطْبٍ، نَجُسَ، وإلَّا فلا، إنْ مضَى زمَنٌ يَجِفُّ فيه. وقيل: يُعْفَى عمَّا يَشُقُّ التَّحَرُّزُ منه غالِبًا. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ العَفْوَ عن يسيرِ جميع النَّجاساتِ مُطْلقًا، في الأطْعِمَةِ وغيرِها، حتى بَعْرِ الفأْرِ. قال في «الفُروعِ»: ومَعْناه اخْتِيارُ صاحبِ «النَّظْمِ». قلتُ: قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: قلتُ: الأَوْلَى العَفْوُ عنه في الثِّيابِ والأطْعِمَةِ؛ لعِظَمِ المَشَقَّةِ، ولا يشُكُّ ذو عَقْلٍ في عُمومِ البَلْوَى به، ولا سِيَّما في الطَّواحينِ، ومَعاصِرِ السُّكَّرِ، والزَّيتِ، وهو أشَقُّ صِيانَةً مِن سُؤْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَأْرِ، ومِن دَمِ الذُّبابِ، ونحوه، ورَجيعِه، وقد اخْتارَ طهارَتَه كثيرٌ مِنَ الأصْحابِ. انتهى. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذا قلنا: يُعْفى عن يسيرِ النَّبِيذِ المُخْتَلَفِ فيه؛ لأجْلِ الخِلافِ فيه. فالخِلافُ في الكلْبِ أظْهَرُ وأقْوَى. انتهى. وأمَّا طِينُ الشَّوارِعِ؛ فما ظُنَّتْ نَجاسَتُه مِن ذلك، فهو طاهِرٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: هو طاهِرٌ ما لم تُعْلَمْ نَجاسَتُه. قال في القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ: طاهرٌ. نصَّ عليه أحمدُ في مَواضِعَ، وجَعَلَه المَجْدُ في «شَرْحِه» المذهبَ، تَرْجِيحًا للأصْلِ؛ وهو الطَّهارةُ في الأعْيانِ كلِّها. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وطِينُ الشَّوارِعِ طاهرٌ إنْ جُهِلَ حالُه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، أنَّه نَجِسٌ. قال ابنُ تَميمٍ: اخْتارَها بعْضُ الأصْحابِ. فعلَيها يُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: يُعْفَى عن يسيرِه، في الأصَحِّ. وصَحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الإِفاداتِ». وإليه مَيلُ صاحبِ «التَّلْخصِ». وهو احْتِمالٌ مِن عندِه فيه. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيل: لا يُعْفَى عنه. قال في «التَّلْخيصِ»: ولم أعْرِفْ لأصْحابِنا فيه قوْلًا صرِيحًا، وظاهرُ كلامِهم، أنَّه لا يُعْفَى عنه. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». وذكرَ صاحِبُ «المُهِمِّ»، أنَّ ابنَ تَميمٍ قال: إذا كان الشِّتاءُ، ففي نَجاسَةِ الأرْضِ رِوايَتَان، فإذا جاءَ الصَّيفُ، حُكِمَ بطَهارَتها، روايةً واحدةً. فإنْ عُلِمَ نَجَاسَتُها، فهي نَجِسَةٌ، ويُعْفَى عن يسيرِه، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: يُعْفَى عن يسيرِه، في أصَحِّ الوَجْهَين. وصَحَّحَه في «النَّظْمِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو تَحَقَّقَتْ نَجاسةُ طِينِ الشَّوارِعِ، عُفِيَ عن يسيرِه؛ لمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عنه. ذكَرَه بعْضُ أصْحابِنا، واخْتارَه. انتهى. وقيل: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعْفَى عنه. وقيل: يُعْفَى عن يسيرِه إنْ شَقَّ، وإلَّا فلا. وقطعَ ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، أنَّ تُرابَ الشَّارِعِ طاهرٌ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: هو أصَحُّ القَوْلَين. تنبيه: حيثُ قُلْنا بالعَفْو فيما تقدَّم، فمَحَلُّه في الجامِدَاتِ دُونَ المائعاتِ، إلَّا عندَ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين؛ فإنَّ عندَه، يُعْفَى عن يسيرِ النَّجاساتِ في الأطْعِمَةِ أيضًا، كما تقدَّم قريبًا. فائدتان؛ إحْداهما، ما يُعْفَى عن يسيرِه، يُعْفَى عن أثَرِ كثيرِه على جِسْمٍ صَقيلٍ. بعدَ مسْحِه. قاله المُصَنِّفُ، ومَنْ بعدَه. الثَّانيةُ، حَدُّ اليسيرِ هنا ما لم ينْقضِ الوضوءَ، وحدُّ الكثيرِ ما نقَضَ، على ما تقدَّم في بابِ نَواقِضِ الوضوءِ مِنَ الأقْوالِ والرِّواياتِ، فما لم ينْقُضْ هناك، فهو يسيًر هنا، وما نقَضَ هناك فهو كثيرٌ هنا. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصْحابِ، وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعِ»، لكنَّ ظاهِرَ عبارَتِه مُشْكِلٌ، يأْتِي بَيانُه. وقطعَ به المُصَنِّف، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. ولكنْ قدَّم في «الفائقِ» هنا؛ ما يَسْتَفْحِشُه كلُّ إنْسانٍ بحسَبِه، وقدَّم هناك؛ ما فَحُشَ في أنْفُسِ أوْساطِ النَّاسِ، وقدَّم في «المُسْتَوْعِبِ» هناك؛ ما فَحُشَ في النَّفْسِ، وقدَّم هنا؛ اليَسيرُ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان، بعدَ أنْ ذكرَ بعْضَ الأقْوالِ التي في المسْأَلَةِ هنا: وقيل: الكثيرُ ما ينْقُضُ الوضوءَ. وقال في نَواقِضِ الوُضوءِ: وعنه، الكثيرُ ما لا يُعْفَى عنه في الصَّلاةِ. فظاهِرُه عدَمُ البِنَاء. وقدَّم في «الرِّعايتَين» هنا؛ أنَّ الكثيرَ ما فَحُشَ في نفُوسِ أوْساطِ النَّاسِ، كما قدَّمه هناك. وقدَّم ابنُ تَميمٍ في المَوْضِعَين؛ ما فَحُشَ في نفْسِ كلِّ إنْسانٍ بحَسَبِه. وعنه، اليسيرُ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، كما تقدَّم. وعنه، هو ما دُونَ قَدْرِ الكَفِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، ما دُونَ فِتْرٍ في فِتْرٍ. وهو قوْلٌ في «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، هو القَطرةُ والقَطرتان، وما زادَ عليهما فكثيرٌ. وعنه، اليسيرُ ما دونَ ذِراع في ذِراعٍ. حكَاها أبو لحُسَينِ. وعنه، ما دُونَ قَدَمٍ. وعنه، ما يَرْفَعُه الإنْسانُ بأصابِعِه الخَمْسِ. وعنه، هو قَدْرُ عَشْرِ أصابعَ. حكَاها ابنُ عُبَيدان. وقال ابنُ أَبي موسى: ما فَحُشَ في نفْسِ المُصَلِّي، لا تصِحُّ الصَّلاةُ معه، وما لم يَفْحُشْ إنْ بلَغَ الفِتْرَ، لم تصِحَّ، وإلَّا صَحَّتْ. قلتُ: هذه الأقْوالُ التسْعَةُ الضَّعيفَةُ، لا دَليلَ عليها، والمذهبُ أنَّ الكثيرَ ما فَحُشَ في النَّفْس، واليسيرَ ما لم يَفْحُشْ في النُّفْس، لكن هل كلُّ إنْسانٍ بحَسَبِه أو الاعتِبارُ بأوْساطِ النَّاس؟ على ما تقدَّم في بابِ نَواقضِ الوضوءِ. تنْبيهان؛ أحَدُهما، قال في «الفُروعِ»: واليسيرُ قدْرُ ما نقَضَ. وظاهِرُه مُشْكِلٌ؛ لأنَّ اليَسِيرَ قَدرُ ما لم يَنْقُضْ، فإمَّا أنْ يكونَ: والكثيرُ قَدْرُ ما نَقَضَ. وحصَل سَبْقُ قَلَم، فكتبَ: واليسيرُ. وإمَّا أنْ يكونَ: قَدْرُ ما لم يَنْقُضْ. وسَقَطَ لَفْظُ «لم». قال شيخُنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لفْظُ «قَدْرُ» مُنَوَّنَةً، و «ما» نافِيَةٌ، فيَسْتَقِيمَ الكلامُ، وهو بعيدٌ الثَّاني، مَحَلُّ الخِلافِ هنا في اليسيرِ عندَ ابنِ تَميم، وابنِ حَمْدَانَ في «الرعايةِ الكُبْرَى»، في الدَّمِ ونحوه لا غيرَ؛ قال ابنُ تَميم، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ المُتَقدِّمَ: كثيرُ القَىْءِ مِلْءُ الفَمِ. وعنه، نِصْفُه. وعنه، ما زادَ على النَّواةِ. وعنه، هو كالدَّم سواءً. ذكرَها أبو لحُسَين. ومِلْءُ الفَمِ، ما يَمْتَنِعُ الكلامُ معه، في وَجْهٍ، وفي آَخَرَ، ما لم يُمْكِنْ إمْساكُه، ذكَرَهما القاضي في «مُقْنِعِهِ». انتهى. وظاهرُ كلامِ غيرِهما شُمولُ غيرِ الدَّمِ ممَّا يُمْكِنُ وجودُه؛ كالقَىْءِ ونحوه. وقدَّمه في «الفائقِ».

وَلَا يَنْجُسُ الآدمي بالْمَوْتِ، وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً؛ كَالذُّبَاب وَغَيرِه ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: ولا يَنْجُسُ الآدَمِي بالمَوْتِ. هذا المذْهبُ، وعليه جمهورُ الأصْحابِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، وسواء جُمْلته وأطْرافُه وأبضاعُه. [وقاله الزَّرْكَشِي في بعض كتُبِه] (¬1)، وقاله القاضي في بعْضِ كتُبِه. قال المُصَنِّفُ، في «المُغْنِي»: لم يُفَرِّقْ أصْحابُنا بينَ المُسْلِمِ والكافرِ؛ لاسْتِوائِهما في الآدَمِيَّةِ وفي الحياةِ. وعنه، يَنْجُس مُطْلقًا. فعليها قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: لا يَنْجُس الشَّهيدُ بالقَتْلِ. ذكرَه القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «المُغْنِي»، وغيرُهم. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وقيل: يَنْجُسُ الكافِرُ، دُونَ المُسْلمِ. وهو احْتِمال في «المُغْنِي». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتابعَه في «مَجْمَع البَحْرَين»: ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْجُسُ الكافِرُ بمَوْتِه، على كِلا المذهبَين في المسلمِ، ولا يَطْهُرُ بالغُسْلِ أبدًا، كالشَّاةِ. وخَصَّ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في شَرْحِ «العُمْدَةِ» الخِلافَ بالمسلمِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميم في الكافر. وعنه، يَنْجُسُ طَرَفُ الآدَمِيِّ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا. صَحَّحَهُما القاضي وغيرُه، وأبطَلَ قِياسَ الجُمْلةِ على الطَّرَفِ في النَّجاسَةِ بالشهيدِ، فإنَّه يَنْجُسُ طَرَفُه بقَطْعِه، ولو قُتِلَ كان طاهِرًا؛ لأنَّ للجُمْلَةِ مِنَ الحُرْمَةِ ما ليس للطَّرَفِ، بدَليلِ الغُسْلِ والصَّلاةِ. ورَده المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». فعلى القوْلِ بأنَّه لا يَنْجُسُ بالموْتِ، لو وقَع في ماءٍ فغَيَّرَه، لم يَنْجُس الماءُ. ذكرَه في «الفُصولِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروع» خِلافًا «للمُسْتَوْعِبِ». واقْتَصَرَ عليه ابنُ تَميم. قلتُ: فيُعايَى بها على قولِ صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ». وقال ابنُ عَقِيل: قال أصحابُنا: رِوايَةُ التنجيسِ، حيثُ اعْتُبِرَ كثْرَةُ الماءِ الخارجِ، يُخَرَّجُ منه، لا لنَجاسَةٍ في نفْسِه. قال: ولا يصِحُّ، كما لا فرْقَ بينَه وبينَ بقِيَّةِ الحيوانِ. ويأتي إذا سَقَطَتْ سِنُّه فأعادَها بحَرارتها. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في غيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم-، فإنه لا خِلافَ فيه. قاله الزَّرْكشي. قلتُ: وعلي قِياسِه سائرُ الأنْبِياءِ، عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهذا ممَّا لا شَكَّ فيه. قولُه: ومَا لا نَفْسَ لَهُ سَائلةً. يعْني لا ينْجُسُ بالموْتِ إذا لم يَتَوَلَّدْ مِنَ النَّجاسَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يَنْجُسُ. واخْتارَه بعْضُ الأصحابِ. إنْ لم يكُنْ يُؤكَلُ. فعلى المذهبِ أيضًا، لا يُكْرَهُ ما ماتَ فيه. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا بالكَراهَةِ. وعلي المذهبِ أيضًا، لا يَنْجُسُ ما ماتَ فيه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ. وقيل: لا يَنْجُس إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ منه، وإلَّا تَنَجَّسَ. وجزَم به ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميم. وقال: جعَل بعْضُ أصحابِنا الذُّبابَ والبَقَّ ممَّا لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، يَنْجُسُ ما ماتَ فيه، على الصَّحيحِ. قدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ تَميمٍ، و «الفُروعِ». وقيل: لا يُنَجِّسُه. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: لا يُنَجِّسُه، إنْ شقَّ التَّحَرُّزُ منه، وإلَّا نَجُسَ. قال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يَنْجُسُ إنْ لم يُؤكَلْ؛ فيَنْجُسُ الماءُ القلِيلُ في الأصَح، إنْ أمْكَنَ التَّحَرُّزُ منه غالِبًا. تنبيه: قوله: كالذُّبابِ ونحوه. فنَحْوُ الذُّبابِ؛ البَقُّ، والخَنافِسُ، والعَقارِبُ، والزَّنابِيرُ، والسَّرطانُ، والقُمَّلُ، والبَراغِيثُ، والنَّحْلُ، والنَّمْلُ، والدُّودُ، والصَّراصِيرُ، والجُعَلُ، ونحوُ ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الوَزَغَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها نفْسٌ سائلَةٌ. نصَّ عليه. كالحَيَّةِ، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». واخْتارَه القاضي. وقيل: ليس لها نفْسٌ سائِلَةٌ. وأطْلَقَهما «ابنِ تَميم»، و «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الحاويَين». وقال في «الرِّعايَةِ»: وفي تَنْجِيسِ الوَزَغِ ودُودِ القَزِّ وبَزْرِه وَجْهان. فائدة: إذا ماتَ في الماءِ اليسيرِ حَيوانٌ لا يُعْلَمُ، هل يَنْجُسُ بالموْتِ أم لا؟ لم يَنْجُسِ الماءُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لم يَنْجُسْ في أظْهَرِ الوَجْهَين. وصَحَّحَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». قال في «القَواعِدِ»: وهو المُرَجَّحُ عندَ الأكْثَرين. وقيل: ينْجُسُ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وابنُ عُبَيدان. وكذا الحكْمُ لو وُجِدَ فيه رَوْثَة، خِلافًا ومَذْهَبًا. قاله في «القَواعِدِ»، وغيرِه.

وَبَوْلُ مَا يُؤكَلُ لَحْمُهُ، وَرَوْثُهُ، وَمَنِيُّهُ طَاهِرٌ. وَعَنْهُ، إنَّهُ نَجِسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، في كتابِ الطَّهارةِ. قولُه: وَبَوْلُ ما يُؤكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُه ومَنِيُّه، طاهرٌ. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصْحابُ. وعنه، يَنْجُسُ. وأطْلَقَهما في الرَّوْثِ والبَوْلِ، في «الهداية». فائدة: قال في «الرعايَة»، و «ابنِ تَميم»: ويجوزُ التَّداوي ببَوْلِ الإِبِلِ؛ للأثرِ، وإنْ قُلْنا: هو نجِسٌ. وقال في «الآدابِ»: يجوزُ شُرْبُ أبوالِ الإِبِلِ للضَّرورَةِ. نصَّ عليه في رِواية صالحٍ، وعبدِ اللهِ، والمَيمُونِيِّ، وجماعةٍ. وأمَّا شربُها لغيرِ ضَرُورَةٍ؛ فقال في رواية أبي داودَ: أمَّا مِن عِلَّةٍ فنَعَمْ، وأمَّا رَجُلٌ صحيحٌ، فلا يُعْجِبُنِي. قال القاضي. في كتابِ «الطِّبِّ»: يجِبُ حمْلُه على أحَدِ وَجْهَين؛ إمَّا على طَريقِ الكَراهَةِ، أو على رِوايَةِ نَجاسَتِه، وأمَّا على رِوايَةِ طَهَارَتِه، فيَجوزُ شُرْبُه لغيرِ ضَرُورَةٍ، كسائرِ الأشْرِبَةِ. انتهى. وقطَع بعْضُ أصحابِنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّحْريمِ مُطْلقًا لغيرِ التَّداوي. قال في «الآدابِ»: وهو أشْهَرُ. ويأتِي هذا وغيرُه في أوَّلِ كتابِ الجَنائزِ مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا. تنبيهان؛ أحَدُهما، شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ بَوْلَ السَّمَكِ ونحوه، ممَّا لا يَنْجُسُ بمَوْتِه، وهو صحيحٌ، لكنَّ جمهورَ الأصْحابِ لم يَحْكِ في طَهارَتِه خِلافًا. وذكَرَ في «الرِّعايَةِ» احْتِمالًا بنَجاسَتِه. وفي «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه رِوايةٌ بنَجاسَتِه. الثَّاني، مفْهومُ كلامِه، أنَّ بَوْلَ ما لا يُؤكَلُ لَحْمُه ورَوْثَه، إذا كان طاهِرًا، نَجِسٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصْحابُ. ومفْهومُ كلامِه، أن مَنِيَّ ما لا يُؤكَلُ لَحْمُه، إنْ كان طاهِرًا، نَجِسٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقيل: طاهِرٌ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ». ومحَلُّ هذا في غيرِ ما لا نفْسَ له سائِلَةٌ، فإن كان ممَّا لا نفْسَ له سائِلَةٌ، فبَوْلُه ورَوْثُه طاهرٌ في قَوْلنا. قاله ابنُ عُبَيدان. وقال بعْضُ الأصْحابِ: وَجْهًا واحدًا. ذكرَه ابنُ تَميم، وقال: وظاهرُ كلامِ أحمدَ نَجاسَتُه، إذا لم يكُنْ مأكولًا.

وَمَنِيُّ الآدَمِيِّ طَاهِرٌ. وَعَنْهُ، إنَّهُ نَجِسٌ. وَيُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: ومَنِيُّ الآدَمِيِّ طَاهِرٌ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، ونَصرُوه. سواءٌ كان مِنِ احْتِلام أو جِمَاع، مِن رجلٍ أو امرأةٍ، لا يجبُ فيه فَرْكٌ ولا غَسْلٌ. وقال أبو إسْحاقَ: يجبُ أحَدُهما، فإن لم يفْعَلْ، أعادَ ما صلَّى فيه قبلَ ذلك. وعنه، أنَّه نَجسٌ، يُجْزِئُ فَرْكُ يابِسِه، ومَسْحُ رَطْبِه. واخْتارَه بعْضُ الأصحاب. وعنه، أنَّه نَجِسٌ، يُجْزِئُ فرْكُ يابِسِه مِنَ الرَّجلِ دُونَ المرأةِ. قدَّمها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الفَرْكِ، في «الحاوي». وعنه، أنَّه كالبَوْلِ، فلا يُجْزِئ فَرْكُ يابسِه. وقطَع به ابنُ عَقِيلٍ في مَنِيِّ الخَصِيِّ؛ لاخْتِلاطِه بمَجْرَى بوْلِه. وقيل: مَنِع الجِماعِ نَجِسٌ، دُونَ مَنِيِّ الاحْتِلامِ. ذكره القاضي. وقيل: مَنِيُّ المرأةِ نَجِسٌ، دُونَ مَنِيِّ

وَفِي رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّجلِ. حكَاه بعْضُ الأصحابِ. وقيل: مَنِع المُسْتَجْمِرِ نَجِس دونَ غيرِه. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أن الوَدْي نَجِسٌ. وعنه، أنه كالمَذْي. جزَمَ به ناظِمُ «الهداية». وتقدَّم حُكْمُ المَذْي قرِيبًا، وحكْمُ المَعْفُوّ عنه، وعنِ الوَدْي. قولُه: وفي رُطُوبَةِ فَرْجِ المرأة روايتان. أطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافي»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميم»؛ ذكرَه في بابِ الاسْتِنْجاءِ، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم؛ إحْداهما، هو طاهر. وهو الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ مطْلقًا. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عُبَيدان، في «شُروحِهم»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هي نَجِسَةٌ. اخْتارَها أبو إسْحاقَ بنُ شاقْلا. وجزَمَ به في «الإِفاداتِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقال القاضي: ما أصابَ منه في حالِ الجِمَاعِ نَجِسٌ؛ لأنَّه لا يسْلَمُ مِنَ المَذْي. ورَدَّه المُصَنِّفُ وغيرُه. فائدة: بَلْغَمُ المَعِدَةِ طاهرٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وعنه، أنَّه نَجِسٌ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقيل: كالقَىْءِ. وأمَّا بلْغَمُ الرأسِ إذا انْعَقَدَ وازْرَقَّ، وبَلْغَمُ الصَّدْرِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ طَهارَتُهما. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ طَهارَتُهما. وجزَم به في «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين». وهو ظاهرُ ما جزَم به «الفائقِ». وقدَّمه في «الرعاية الكُبْرى»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقيل: فيهما الرِّوايَتان

وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ وَالطَّيرِ، وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ الأهْلِي نَجسَةٌ. وَعَنْهُ، أنَّهَا طَاهِرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللتان في بَلْغَمِ المَعِدَةِ. قلت: ذكرَ الرِّوايتَين فيهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وقيل: بَلْغَمُ الصَّدْرِ نَجِسٌ. جزَم به ابنُ الجَوْزِيّ في «المُذْهَبِ». وقيل: بَلْغَمُ الصَّدْرِ إنِ انْعَقَدَ وازْرَقَّ كالقَىْءِ. وتقدَّم في أوَّلِ نَواقضِ الوضوءِ؛ هل يَنْقُضُ خروجُ البَلْغَمِ أم لا؟ قولُه: وسِبَاعُ البَهَائِمِ والطَّيرِ، والبَغلُ، والْحِمارُ الأهلي، نَجِسَةٌ. هذا المذهبُ في الجميعِ، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. قال الزَّرْكَشِيّ: هي المشْهورَةُ عندَ الأصْحابِ. قال في «المُذْهَبِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ الروايتَين. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقطَع به الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعَ»، وغيرِه. وعنه، أنَّها طاهرَة غيرَ الكلْبِ والخِنْزِير. واخْتارَها الآجُرِّي. وقدَّمه ابنُ رَزِين في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». وأطْلقَهما في «الكافي»، و «ابنِ تَميم»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وعنه طهارةُ البَغْلِ والحِمارِ. اخْتارَها المُصَنِّفُ. قلتُ: وهو الصَّحيحُ، والأقْوَى دليلًا. وعنه، في الطَّير: لا يُعْجِبُني عَرَقُه إنْ أكلَ الجِيَفَ. فدَلَّ أنَّه كَرِهَه؛ لأكلِه النَّجاسةَ فقط. ذكرَه الشيخُ تَقِيّ الدِّينِ، ومال إليه. وعنه، سُورُ البَغْلِ والحمارِ مَشْكوك فيه، فيُتَيَمَّمُ معه للحدَثِ بعَدَ اسْتِعْمالِه، وللنَّجَسِ؛ فلو توَضَّأ به ثم لَبِسَ خُفًّا، ثم أحْدَثَ، ثم توَضَّأ فمَسَحَ وتَيَمَّمَ، صَلَّى به، وهو لُبْسٌ على طهارَةٍ لا يُصَلَّى بها، فيُعايىَ بها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه البَدَاءَةُ بالتَّيَمُّمِ، وأنْ يُصَلِّيَ بكُلِّ واحدٍ منهما صلاةً، ليُؤدِّيَ فرْضَه بيَقين؛ لأنَّه إن كان نَجِسًا، تأدَّى فرْضُه بالتَّيَمُّمِ، وإنْ كان طاهِرًا، كانتِ الثَّانيةُ فَرْضَه، ولم يَضُرَّه فَسادُ الأولَى، أمَّا إذا تَوَضَّأ، ثم تَيَمَّمَ، ثم صَلَّى، لم يتيَقَّنِ الصِّحَّةَ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاحْتِمالِ أنه صَلَّى حامِلًا للنَّجاسَة. قال في «الحاويَين»: وهذا أصَحُّ عندِي. ومتى تَيَمَّمَ معه، ثم خرجَ الوَقْتُ، بَطَلَ تَيَمُّمُه دُونَ وُضوئِه. قاله ابنُ تَميم، وابنُ حَمْدانَ. تنبيهان؛ أحدُهما، قوْلُه: وسِبَاعُ البهائمِ. مُرادُه غيرُ الكلْبِ والخِنْزِيرِ؛ فإنَّهما نَجِسانِ، قوْلًا واحِدًا عندَه، بدَليلِ ما ذكرَه أوَّلَ الكتابِ، ومُرادُه غيرُ الهِرِّ وما دُونَها في الخِلْقَةِ، بدَليلِ ما يأتي بعدَه. الثَّاني، ظاهرُ كلامِه دخولُ شَعَرِ سِباعِ البَهائمِ في ذلك، وأنَّه نَجس. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح، وابنُ رَزِين، وابنُ تَميم، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم: كلُّ حَيوانٍ حُكْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَعَرِه حُكْمُه في الطهارةِ والنَّجاسةِ. وعنه، أنه طاهر. قدَّمه في «الفُروعِ»، في بابِ الآنِيَةِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في آخرِ بابِ الآنِيَةِ. فائدة: لَبَنُ الآدَمِي والحيوانِ المأكُولَ طاهرٌ، بلا نِزاع، ولَبَنُ الحيوانِ النَّجِسِ نَجِس، ولَبَنُ الحَيوانِ الطَّاهرِ غيرِ المأكولِ؛ قيل: نَجِسٌ. ونقلَه أبو طالب، في

وَسُؤرُ الْهِرَّةِ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لَبَنِ حمارٍ. قال القاضي: هو قِياسُ قوْلِه في لَبَنِ السنوْرِ. وجزَم به في «مَجْمَعِ البَحْرَين». ونصرَه المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقيل: طاهر. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهما في «الفُروعَ»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَين». وحُكْمُ. بَيضِه حُكْمُ لَبَنِه؛ فعلَى القوْلِ بطَهارَتِهما لا يُؤكَلانِ. صَرَّحَ به في «الرِّعايَة»، و «الحاوي». قولُه: أوَسُؤرُ الهِرِّ وما دُونَها في الخِلْقَةِ طاهِرٌ. وهو بقِيَّةُ طَعامِ الحيوانِ وشَرابِه، وهو مَهْمُوزٌ. يعْني أنَّها وما دُونَها طاهِرٌ. وهذا المذهبُ مُطْلقًا بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: فيما دُونَ الهِرِّ مِنَ الطيرِ. وقيل: وغيرُه وَجْهان، وأطْلقَهما في الطيرِ ابنُ تَميم. قال الزَرْكَشِيُّ: الوَجْهُ بنَجاسَتِه ضعيفٌ. قال الآمِدِي: سُؤرُ ما دُونَ الهِرِّ طاهر في ظاهرِ المذهبِ. وحكَى القاضي وَجْهًا بنَجاسةِ شَعَرِ الهِرِّ المُنْفَصِلِ في حَياتِها. فوائد؛ إحْداها، لا يُكْرَهُ سُؤرُ الهِرِّ وما دُونَها في الخِلْقَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. ونصَّ عليه في الهِر والفأرِ. وقدَّمه في «مُخْتَصَر» ابنِ تَميم. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيص». وقدَّمه في «الفُروع»، وقال: وجزَم به الأكْثَرُ؛ لأنَّها تَطوفُ، ولعدَمِ إمكانِ التَّحَرُّزِ منها، كحشَراتِ الأرْض، كالحَيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّ مِثْلَ الهِرِّ كالهِرِّ. وقال في «المُسْتَوْعِب»: يُكْرَهُ سُؤرُ الفأرِ؛ لأنَّه يُنْسِي، وحُكِيَ روايةً. قال في «الحاويَين»: وسُؤرُ الفأرِ مَكْروه، في ظاهرِ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: يُكْرَهُ في الأشْهَرِ. وأطْلقَ الزَّرْكَشِي في كَراهَةِ سُؤرِ ما دُونَ الهِرِّ رِوايتَين. الثَّانيةُ، لو وقَعَتْ هِرَّة، أو فأرَة، أو نحوُها، ممَّا ينْضَمُّ دُبُرُه إذا وقعَ في مائع، فخرجَتْ حَيَّةً، فهو طاهِر، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا. وأطْلقَهما في «المُذْهَب»، و «الحاويَين». وكذا الحكْمُ لو وقعَتْ في جامِدٍ. وإنْ وقَعَتْ ومعها رُطوبَةَ في دَقيقٍ ونحوه، ألقِيَتْ وما حوْلَها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنِ اخْتلَطَ ولم يَنْضَبِطْ، حَرُمَ. نقلَه صالِحٌ، وغيرُه. وتقدَّم ما حدُّ الجامِدِ مِنَ المائِع، عندَ قوْلِه: ولا تَطْهُرُ الأدهانُ النَّجِسَةُ. وتقدَّم اخْتِيارُ الشيخِ تَقِي الدِّينِ، وصاحبِ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، في آخرِ ما يُعْفَى عنه. الثَّالثةُ، لو أكلَتِ الهِرَّةُ نَجاسةً، ثم وَلَغَتْ في ماءٍ يسيرٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ذلك بعدَ غَيبَتِها أو قبلَها، فإن كان بعدَها، فالماءُ طاهرٌ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وقدَّمه ابنُ تَميم. واخْتارَه في «مَجْمَع البَحْرَين». وقيل: نَجِس. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِي»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: والأقوَى عندِي، أنَّها إنْ وَلَغَتْ عَقِيب الأكْلِ، نَجُسَ، وإن كان بعدَه بزَمَن يزُولُ فيه أثر النَّجاسَةِ بالريقِ، لم يَنْجُسْ. قال: وكذلك يَقْوَى عندِي جَعْلُ الرِّيقِ مُطَهِّرًا أفْواهَ الأطْفالِ وبهِيمَةِ الأنْعامِ، وكلُّ بَهِيمَةٍ طاهرَةٌ كذلك. انتهى. واخْتارَه في «الحاوي الكبيرِ». وجزَم في «الفائقِ»، أنّ أفْواهَ الأطْفالِ والبَهَائمِ طاهِرَةٌ. واخْتارَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». ونقلَ أنَّ ابْنَةَ المُوَفَّقِ، نقلَتْ أنَّ أباهَا سُئِلَ عن أفْواهِ الأطْفالِ؟ فقال الشَّيخُ: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الهرَّةِ «هم مِنَ الطَّوَّافِين عَلَيكُمْ والطَّوَّافاتِ» (¬1). قال الشيخُ: هم البنون والبَناتُ. قال: فشَبَّهَ الهِرَّ بهم في المَشَقَّةِ. انتهى. وقيل: طاهر إنْ غابَتْ غَيبَة يمكِنُ ورُودُها على ما يُطَهِّرُ فَمَها، وإلَّا فنَجِس. وقيل: طاهر إنْ كانت الغَيبَةُ قَدْرَ ما يَطْهُرُ فَمُها، وإلَّا فنَجِسٌ. ذكرَه في «الرعايَة الكُبْرى». وإنْ كان الوُلُوغُ قبلَ غَيبَتِها، فقيل: طاهر. قدَّمه ابنُ تَميم. واخْتارَه في «مَجْمَع البَحْرَين». قال الآمِدِيُّ: هذا ظاهرُ مذهبِ أصحابِنا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: نجِسٌ. اخْتارَه القاضي، ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 360.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيل. وجزَم به ابنُ الجَوْزِيِّ، في «المُذْهَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين، في «شَرْحِه». وتقدَّم كلامُ المَجْدِ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروع»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. الرَّابعةُ، سُؤرُ الآدَمِي طاهر مُطْلقًا. وعنه، سُؤرُ الكافِر نَجِسٌ. وتأوَّلَه القاضي. وهما وَجْهان مُطْلَقَان في «الحاويَين»، و «الرعاية الكُبْرى». وقال: وقيل: إنْ لابسَ النَّجاسةَ غالِبًا، أو تدَيَّنَ بها، أو كان وَثَنِيًّا، أو مَجُوسيًّا، أو يأكلُ المَيتَةَ النَّجِسَةَ، فسُؤرُه نَجِس. قال الزَّرْكَشي: وهي رواية مشْهورة مُخْتارة لكثيرٍ مِنَ الأصْحابِ. الخامسةُ، يُكْرَهُ سُؤرُ الدَّجاجَةِ إذا لم تكُنْ مَضْبوطَةً. نصَّ عليه. قاله ابنُ تَميم، وغيرُه. وتقدَّم أوَّلَ البابِ رواية بأنَّ سُؤرَ الكَلْبِ والخِنْزِيرِ طاهِرٌ. ويُخَرَّجُ مِن ذلك في كلِّ حيوانٍ نَجِس.

باب الحيض

باب الحيض وهو دمُ طبيعةٍ وجِبِلَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحيض فائدتان؛ إحداهما، قوله: هو دَمُ طَبِيعةٍ وجِبِلَّةٍ. الحَيضُ دمُ طَبِيعةٍ وجِبِلَّةٍ يُرْخِيه الرَّحِمُ، فيَخرُجُ مِن قَعْرِه عند البُلوغ وبعدَه، في أوقاتٍ خاصَّةٍ، على صِفةٍ خاصَّةٍ، مع الصِّحَّةِ والسَّلامةِ، لحِكْمةِ تَرْبيَةِ الوَلَدِ إن كانت حامِلًا، ولذلك لا تحِيضُ، وعندَ الوَضْعِ يخرُجُ ما فَضَلَ عن غِذَاءِ الوَلَدِ، ثم، يَقْلِبُه اللهُ لَبنًا يتَغَذَّى به الوَلَدُ، ولذلك قَلَّ أن تَحِيضَ مُرْضِعٌ، فإذا خَلَتْ مِن حَمْل ورَضَاع، بَقِيَ ذلك الدَّمُ لا مَصْرِفَ له، فيَخْرُجُ على حسَبِ العادةِ. والنِّفاسُ خُروج الدَّمِ مِنَ الفَرْجٍ للولادَة. والاسْتِحاضَةُ دَم يَخْرُجُ مِن عِرْقٍ، فَمُ ذلك العِرْقِ في أدْنَى الرَّحِمِ دُون قَعْرِه، يُسَمَّى العاذِلَ، بالمُهْمَلَةِ والمُعْجَمَةِ، والعاذِرُ لغَةٌ فيه، حكَاهما ابنُ سِيدَه (¬1). والمُسْتَحاضَةُ مَن عبرَ دَمُها أكثرَ الحَيضِ، والدَّمُ الفاسِدُ أعَمُّ مِن ذلك. الثَّانيةُ، ¬

(¬1) المخصص السفر الثاني صفحة 39.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَحِيضُ مَوْضِعُ الحَيضِ، على الصَّحيحِ، وعليه الجمهورُ [وقطَع به أكثرُهم. وقيل: زَمَنُه. قاله في «الرِّعايَة». وقال قوْم: المَحِيضُ الحَيضُ. فهو مَصْدَر. وقال ابنُ عَقِيلٍ: وفائدَةُ كوْنِ المَحِيض الحيضَ، أو موْضِعَه؛ إنْ قُلْنا: هو مَكانُه. اخْتَصَّ التَّحْريمُ به، وإنْ قُلْنا: هو اسْمٌ للدَّمِ. جازَ أنْ يَنْصَرِفَ إلى ما عدَاه] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَمْنَعُ عَشَرَةَ أَشْيَاءَ؛ فِعْلَ الصَّلَاةِ، وَوُجُوبَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: ويَمْنَعُ عَشَرَةَ أشياءَ؛ فِعْلَ الصَّلاةِ، ووُجوبَها. وهذا بلا نِزاعٍ، ولا تَقْضِيها إجْماعًا، قيل لأحمدَ، في رِوايةِ الأثرَمِ: فإن أحَبَّتْ أن تَقْضِيَهَا؟ قال: لا، هذا خِلافُ السُّنَّةِ. ويأتِي في أوَّلِ كتابِ الصَّلاةِ؛ هل تَقْضِي النُّفَسَاءُ إذا طَرَحَتْ نفْسَها؟ قال في «الفُروعِ»: فظاهرُ النَّهْي التَّحْريمُ. ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ يكونُ، لكنَّه بِدْعَةٌ. قال: ولعَلَّ المُرادَ إلَّا رَكْعَتَي الطَّوافِ؛ لأنَّها نُسُك لا آخِرَ لوَقْتِه، فيُعايَى بها. انتهى. قلتُ: وفي هذه المُعاياةِ نَظر ظاهرٌ. قال في «النُّكَتِ»: ويَمْنَعُ صِحَّةَ الطَّهارةِ به، صرَّح به غيرُ واحدٍ. قلتُ: صَرَّحَ به المُصَنِّفُ في «الكافي»، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، في «رِعَايته الكُبْرى»، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الكبيرِ»، وغيرهم. ويأتِي قريبًا وَجْهٌ؛ أنها إذا تَوَضَّأتْ، لا تُمْنَعُ مِنَ اللبْثِ في المسْجد. وهو دليل على أنَّ الوُضوءَ منها يفِيدُ حُكْمًا. وتقدَّم؛ هل يصِحُّ الغُسْلُ مع قِيامِ الحَيض؟ في بابِ الغُسْلِ.

وَفِعْلَ الصِّيامِ، وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَمَسَّ الْمُصْحَفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وقراءةَ القُرآنِ. تُمْنَعُ الحائِضُ مِن قراءةِ القرآنِ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: لا تُمْنَعُ منه. وحُكِيَ رِوايةً. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدُ الأثَرِ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ ومنَعَ مِن قراءةِ الجُنُبِ، وقال: إنْ ظَنَّتْ نِسْيانَه وجَبَتِ القِراءةُ. واخْتارَه أيضًا في «الفائقِ». ونقَلَ الشَّالنْجِي كَراهَةَ القراءةِ لها وللجُنُبِ. وعنه، لا يَقْرآنِ، وهي أشَدُّ. فعلى المذهبِ، تقدَّم تَفاصِيلُ ما يقرأُ مَن لَزِمَه الغُسْلُ، وهي منهم، في أثْناءِ

واللُّبْثَ في الْمَسْجِدِ، وَالطَّوَافَ، وَالْوَطْءَ في الْفَرْجِ، وَسُنَّةَ الطَّلاقِ، وَالاعْتِدَادَ بِالْأشْهُرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِه، فَلْيُعاوَدْ. قوله: واللُّبْثَ في المَسْجِدِ. تُمْنَعُ الحائضُ مِنَ اللُّبْثِ في المسْجدِ مُطْلقًا، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحاب. وقيل: لا تُمْنَعُ إذا تَوَضَّأَتْ وأمِنَتِ التَّلْويثَ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الغُسْل؛ حيث قال: ومَن لَزِمَه الغُسْلُ، حَرُمَ عليه قراءةُ آيَةٍ، ويجوزُ له العُبورُ في المسْجدِ، ويَحْرُمُ عليه اللُّبْثُ فيه، إلَّا أنْ يتَوضَّأ. فظاهرُه دُخولُ الحائضِ في هذه العبارَةِ، لكن نقولُ: عُمومُ ذلك اللَّفْظِ مخصوصٌ بما هنا. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لا تُمْنَعُ مِنَ المُرورِ منه، وهو المذهبُ مُطْلقًا، إذا أمِنَتِ التَّلْويثَ. وقيل: تُمْنَعُ مِنَ المرورِ. وحُكِيَ روايةً. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». وقيل: لها العبورُ لتأْخُذَ شيئًا، كماءٍ وحصيرٍ ونحوهما، لا لتَتْرُكَ فيه شيئًا، كنَعْشٍ ونحوه. وقدَّم ابنُ تَميم جوازَ دُخولِ المسْجدِ لها لحاجَةٍ. وأمَّا إذا خافَتْ تَلْويثَه، لم يَجُزْ لها العبورُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: تُمْنَعُ في الأشْهَرِ. وقيل: لا تُمْنَعُ. ونصُّ أحمدَ، في رِوايَةِ ابنِ إبْراهِيمَ: تَمُرُّ ولا تَقْعُدُ. وتقدَّم في بابِ الغُسْلِ ما يُسَمَّى مَسْجِدًا، وما ليسَ بمَسْجدٍ؛ وتقدَّم أيضًا هناك؛ إذا انقْطعَ دَمُها وتوَضَّأَتْ، ما حُكْمُه؟ قولُه: والطَّوافَ. في الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحائِضَ تُمْنَعُ مِنَ الطَّوافِ مُطْلقًا، ولا يصِحُّ منها، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يصِحُّ، وتَجْبُرُه بدَمٍ. وهو ظاهرُ كلامِ القاضي. واختارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ جوازَه لها عندَ الضرورةِ، ولا دَمَ عليها. وتقدَّم ذلك بزِيادَةٍ في آخرِ بابِ نَواقِضِ الوُضوءِ، عندَ قولِه: ومَن أحْدَثَ، حَرُمَ عليه الصَّلاةُ والطوافُ. ويأْتي، إنْ شاءَ اللهُ تعالى، ذلك أيضًا في بابِ دُخولِ مَكَّةَ بأتَمَّ مِن هذا. قولُه: وسُنَّةَ الطَّلاقِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحَيضَ يَمْنَعُ سُنَّةَ الطَّلاقِ مُطْلقًا، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يَمْنَعُه إذا سَأَلتْه الطَّلاقَ بغيِر عِوَضٍ. وقال في

وَيُوجِبُ الْغُسْلَ، والْبُلُوغَ، وَالاعْتِدَادَ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: ويتَوَجَّهُ إباحَتُه حال الشِّقاقِ. فائدة: لو سألَتْه الخُلْعَ أو الطَّلاقَ بعِوَضٍ، لم يَمْنَعْ منه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أَكْثَرُ الأصحابِ. وقيل: يَمْنَعُ. وإليه مَيلُ الزَّرْكَشِيِّ. وحكَى في «الواضِحِ»، في الخُلْع رِوايتَين. وقال في «الرِّعايَة»: لا يَحْرُمُ الفَسْخُ. وأصْلُ ذلك، أنَّ الطَّلاقَ في الحَيضِ، هل هو مُحَرَّمٌ لحَقِّ اللهِ، فلا يُباحُ وإنْ سَأَلَتْه، أو لحَقِّها فَيُباحُ بسُؤالِها؟ فيه وَجْهان. قال الزَّرْكَشِيُّ: والأوَّلُ ظاهرُ إطْلاقِ الكتابِ والسُّنَّةِ. ويأْتِي تَفاصِيلُ ذلك في بابِ سُنَّةِ الطَّلاقِ وبِدْعَتِه. وتقدَّم؛ هل يصِحُّ غُسْلُها مِنَ الجَنابَةِ في حالِ حَيضِها؟ في بابِ الغُسْلِ، بعدَ قوْلِه: والخامِسُ الحَيْضُ.

وَالنِّفَاسُ مِثْلُهُ إلا في الاعْتِدادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: والنِّفاسُ مِثْلُه إِلا في الاعتِدادِ. ويُسْتَثْنَى أيضًا كَوْنُ النِّفاسِ لا يُوجِبُ البُلوغَ؛ لأنَّه يحْصُلُ قبلَ النِّفاسِ بمُجَرَّدِ الحَمْلِ، على ما يأتي بَيانُه في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الحَجْر. وهذا المذهبُ مُطْلقًا في ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا تُمْنَعُ مِن قراءةِ القُرَآنِ وإنْ مَنَعْنا الحائِضَ. وقدَّمه في «الفائقِ». ونقلَ ابنُ ثَوابٍ (¬1): تقْرأُ النُّفَساءُ إذا انْقطعَ دَمُها دُونَ الحائضِ. واخْتارَه الخَلَّالُ. وقال في «النُّكَتِ»: قد يُؤْخَذ مِن كلامِ بعضِ الأصحابِ إيماءٌ إلى أنَّ الكفَّارةَ تجِبُ بوَطْءِ النُّفَساءِ، رِوايةً واحدةً، بخِلافِ الحَيضِ؛ وذلك لأنَّ دَواعِيَ الجِماعِ في النِّفاسِ تَقْوَى لطُولِ مُدَّتِه غالِبًا، فَناسبَ تأْكيدَ الزَّاجرِ، بخِلافِ الحَيضِ. قال: وهو ظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ». والذي نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ والأصحابُ، أنَّ وَطْءَ النُّفَساءِ كوَطْءِ الحائضِ، في وُجوبِ الكفَّارَةِ؛ لأنَّ الحيضَ هو الأصْلُ في الوُجوبِ. قال: ولعَلَّ صاحِبَ «المُحَرَّرِ» فَرَّعَ على ظاهرِ المذهبِ في الحائضِ. ¬

(¬1) الحسن بن ثواب الثعلبي، أبو علي. شيخ جليل القدر، وكان له بالإمام أحمد أنس شديد. توفي سنة ثمان وستين ومائة. طبقات الحنابلة 1/ 131، 132.

وَإذَا انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيحَ فِعْلُ الصِّيَام وَالطَلاقُ، وَلَمْ يُبَحْ غَيرُهُمَا حَتَّى تَغْتَسِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإذا انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيحَ فِعْلُ الصِّيامِ والطلاقُ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يُباحَان حتى تغْتَسِلَ. وأطْلَقَهما في الطَّلاقِ، في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال في «الهِدايَة»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»: أُبِيحَ الصَّوْمُ، ولم تُبَحْ سائِرُ المُحَرَّماتِ. قولُه: ولَم يُبَحْ غيرُهما حتَّى تَغْتَسِلَ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تُباحُ القِراءةُ قبلَ الاغتِسالِ. اختارَها القاضي، وقال: هو ظاهرُ كلامِه. وهي مِنَ المُفْرَدات. ومَن يقولُ: تقْرأُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحائِضُ والنُّفَساءُ حال جرَيانِ الدَّمِ. فهُنا أوْلَى. وقيل: يُباحُ للنُّفَساءِ دونَ الحائض. اخْتارَها الخَلَّالُ. وتقدَّمَ رِوايَةُ ابنِ ثَوَابٍ. وأطْلقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. تنبيه: شمِلَ كلامُه مَنْعَ الوَطءِ قبلَ الغُسْلِ، وهو صحيحٌ، لكنْ إنْ عَدِمَتِ الماءَ تيَمَّمَتْ، وجازَ له وَطْؤُها، فلو وُجِدَ الماءُ، حَرُمَ وَطْؤُها حتى تغْتَسِلَ. وتقدَّم ذلك في بابِ التَّيَمُّم. فلو امْتنَعَتْ مِنَ الغُسْلِ، غُسِّلَت المُسْلِمةُ قَهْرًا، ولا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هنا للعُذْرِ، كالمُمْتَنِع مِنَ الزَّكاة. قلتُ: فيُعايَىَ بها. والصَّحيحُ أنَّها لا تُصَلِّي

وَيَجُوزُ أنْ يَسْتَمْتِعَ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بهذا الغُسْلِ. ذكرَه أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ». وتُغَسَّلُ المَجنونةُ. [قال في «الفُروعِ»] (¬1): وتَنْويه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُغَسِّلَها ليَطَأها، ويَنْوِيَ غُسْلَها، تَخْرِيجًا على الكافرَةِ. ويأْتِي غُسْلُ الكافرَةِ في بابِ عِشْرَةِ النِّساءِ. وقال أبو المَعالِي فيهما: لا نِيَّةَ لعدَمِ تعَذُّرِها مآلًا، بخِلافِ المَيِّتِ، وأنَّها تُعيدُه إذا أفاقَتْ وأسْلَمَتْ. وكذا قال القاضي في الكافرَةِ. فائدة: لو أرادَ وَطْأها فادَّعَتْ أنَّها حائِضٌ وأمْكَنَ، قَبِلَه. نصَّ عليه فيما خَرَّجَه مِن محبسِه؛ لأنَّها مُؤْتَمَنَة. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تَخْريجٌ مِنَ الطَّلاقِ، وأنَّه يَحْتَمِلُ أنْ تعْملَ بقرينَةٍ وأمارَةٍ. قلتُ: مُرادُه بالتَّخْرِيجِ مِنَ الطَّلاقِ، لو قالتْ: قد حِضْتُ. وكذَّبَها، فيما إذا علَّقَ طلاقَها على الحَيضَةِ، فإنَّ هناك روايةً؛ لا يُقْبَلُ قوْلُها. واخْتارَه أبو بَكْر. وإليه مَيلُ الشَّارحِ، وهو الصَّوابُ. فخَرَّجَ صاحِبُ «الفُروعِ» مِن هناك روايةً إلى هذه المسْألَةِ، وما هو ببَعِيدٍ. قولُه: ويجوزُ أنْ يَسْتمتعَ مِنَ الحائضِ بما دُونَ الفَرْجِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يجوزُ الاسْتِمْتاعُ بما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَة. وجَزَم به في «النِّهايَةِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، قال في «النُّكَتِ»: وظاهرُ كلامِ إمامِنا وأصحابِنا، لا فَرْقَ بينَ أنْ يأْمَنَ على نفْسِه مُواقعَةَ المَحْظورِ أو يخافَ. وقطَع الأزَجِيُّ، في «نِهايَتِه»، بأنَّه إذا لم يأْمَنْ على نفْسِه مِن ذلك، حَرُمَ عليه؛ لِئَلَّا يكونَ طرِيقًا إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُواقعَةِ المَحْظور. وقد يُقالُ: يُحْمَلُ كلامُ غيرِه على هذا. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ سَتْرُ الفَرْجِ عندَ المُباشرَةِ، ولا يَجِبُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يجِبُ. وهو قوْلُ ابنِ حامِدٍ.

فَإِنْ وَطِئَهَا في الْفَرْجِ فَعَلَيهِ نِصْف دِينَارٍ كَفَّارَةً. وعَنْهُ، لَيسَ عَلَيهِ إلا التَّوْبَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: فإِنْ وَطِئَها في الفَرْجِ، فعليه نِصْفُ دِينارٍ كَفَّارَةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عليه بالوَطْءِ في الحَيضِ والنِّفاسِ كفَارَّةً، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، ليس عليه إلَّا التَّوبةُ فقط. وهو قوْلُ الأئمَّةِ الثَّلاثَةِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، في «التَّنْبِيهِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ تَميم. وأطْلَقَهما في «الجامِع الصَّغيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ». فعلى المذهبِ، جزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّ عليه نِصفَ دينارٍ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. جزَم به في «الإِفاداتِ»، و «المُحَرَّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وعنه، عليه دِينارٌ أو نِصْفُ دِينارٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «نِهايةِ» ابنِ رَزِينٍ. وقال الشَّارِحُ: ظاهرُ المذهبِ في الكفَّارَةِ دِينارٌ أو نِصْفُ دِينارٍ، على وَجْهِ التَّخْييرِ. وصَحَّحَه في «المُغْنِي». قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: يُجْزِئُ نِصْفُ دِينارٍ، والكَمالُ دِينارٌ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ عُبَيدان»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، و «الفُروعِ»، وقال: نقلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. قلتُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، فعلَيها لو كفَّرَ بدِينارٍ، كان الكُلُّ واجِبًا. وخرَّجَ ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه» وَجْهًا؛ أنَّ نِصْفَه غيرُ واجبٍ. انتهى. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عليه دِينارٌ كفَّارَةً. وعنه، عليه نِصْف دِينارٍ في إدْبارِه، ودِينارٌ في إقْبالِه. وعنه، عليه نِصْفُ دِينارٍ إذا وَطِئَها في دَم أصْفَرَ، ودِينارٌ إنْ وَطِئَها في دَم أسْوَدَ. قال في «الرِّعايَةِ»: والأحْمَرُ والأسْوَدُ سواءٌ. وعنه، عليه نِصْفُ دِينارٍ في آخِرِه أو أوْسَطِه، ودِينارٌ في أوَّلِه. ذكرَها في «الرِّعايَةِ». وذكَرَ أبو الفَرَجِ؛ عليه نِصْفُ دِينارٍ لعُذْرٍ. وقيل: إنْ عجزَ عن دينارٍ، أجْزَأ نِصْفُ دِينارٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووُجوبُ الكفَّارَةِ مِن المُفْرَدَاتِ. فوائد؛ الأولَى، لو وَطِئَها بعدَ انْقِطاعِ الدَّمِ، وقبلَ غُسْلِها، فلا كفَّارةَ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيل: هو كالوَطْءِ في حالِ جَرَيانِ الدَّمِ. ويأْتِي آخرَ البابِ؛ إذا وَطِئَ المُسْتَحاضَةَ مِن غيرِ خوْفِ العَنَتِ، ويأْتِي في عِشْرَةِ النِّساءِ؛ إذا امْتَنَعَتِ الذِّمِّيَّةُ مِن غُسْلِ الحيضِ، هل يُباحُ وَطْؤُها أم لا؟ الثَّانيةُ، يَلْزَمُ المرأةَ كفَّارَةٌ كالرَّجُلِ إنْ طاوَعَتْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا كفَّارةَ عليها. وأطْلقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الحاوي». وقيل: عليهما كفَّارَةٌ واحدةٌ يَشْتَرِكان فيها. قال ابنُ عُبَيدان: ذكرَه شيخُنا في «شَرْحِ العُمْدَةِ». وأمَّا إذا أُكْرِهَتْ، فإنَّه لا كفَّارَةَ عليها. الثَّالثةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجاهِلَ بالحَيضِ أو بالتَّحْريمِ أو بهما، والنَّاسِيَ كالعامِد. نصَّ عليه. وكذا لو أُكْرِهَ الرَّجلُ. وعنه، لا كفَّارَةَ عليه. واخْتارَ ابنُ أبي موسى، أنَّه لا كفَّارةَ مع العُذْرِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ». وقال في «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: إذا أوْجَبْنا الكفَّارَةَ على العالِمِ، ففي وُجُوبِها على الجاهِلِ رِوايتَان. وقيل: وَجْهان. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، عن هذه الرِّوايَة: بِناءً على الصَّوْمِ والإِحْرامِ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وبانَ بهذا أنَّ مَن كرَّرَ الوَطْءَ في حَيضَةٍ أو حَيضَتَين، أنَّه في تَكْرارِ الكفَّارَةِ كالصَّوْمِ. الرَّابعةُ، يَلْزَمُ الصَّبِيَّ كفَّارَةٌ بوَطْئِه فيه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان». قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: انبْنَى على وَطْءِ الجاهلِ. واخْتارَه ابنُ حامدٍ. وقيل: لا يَلْزَمُه. وهو احْتِمالُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي». وقدَّمه ابنُ رَزِيق، في «شَرْحِه». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وصَحَّحَه ابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِي الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «القَواعِدِ الأصولِيَّةِ»، و «الفائقِ»، وحكَاهما رِوايتَين. الخامسةُ، لا يَلْزَمُه كفَّارَةٌ بالوَطْءِ في الدُّبُرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَلْزَمُه. ذكرَها ابنُ الجَوْزِيُّ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّادسةُ، لو وَطِئَها وهي طاهِرَةٌ، فحاضَتْ في أثْناءِ وَطْئِه؛ فإنِ اسْتَدامَ لَزِمَه الكفَّارَةُ، وإنْ نَزَعَ في الحالِ، انْبَنَى على أنَّ النَّزْعَ هل هو جِمَاعٌ أم لا؟ فيه وَجْهان، يأْتِي بَيانُهما في أثْناءِ بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ مُحَرَّرًا. فعلَى القوْلِ بأنَّه جِماعٌ، تَلْزَمُه الكفَّارةُ، بِناءً على القوْلِ بها في المعْذُورِ، وهو الجاهلُ والنَّاسِي، ونحوهما، كما تقدم. وعلى القوْلِ الذي اخْتارَه ابنُ أبي موسى، لا كفَارَةَ عليه؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. وعلى القوْلِ بأنَّ النَّزْعَ جِماعٌ أيضًا، لو قال لزَوْجَتِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا، إنْ جامَعْتُك. لم يَجُزْ له أنْ يُجامِعَها أبدًا، في إحْدَى الرِّوايتَين، خَشْيَةَ أنْ يقَعَ النَّزْعُ في غيرِ زَوْجَتِه. ذكرَه ابنُ عُبَيدان. قلتُ: فيُعايِىَ بها. وعلى القوْلِ بأنَّ النَّزْعَ ليس بجِماعٍ، لا كفَّارةَ عليه مُطْلقًا. السَّابعةُ، لو لَفَّ على ذَكَرِه خِرْقَةً ثم وَطِئَ، فهو كالوَطْءِ بلا خِرْقَةٍ. جزَم به في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. الثامنةُ، ظاهرُ قوْلِه: فعليه نِصْفُ دينارٍ كفَارةً. أنَّ المُخْرَجَ كفَّارةٌ، فتُصْرَفُ مَصْرِفَ سائرِ الكفَّاراتِ، وهو صحيحٌ. قال في «الفُروعِ»: وهو كفَّارةٌ. قال أكْثَرُ الأصحابِ: يجوزُ دَفْعُها إلى مِسْكينٍ واحدٍ كنَذْرٍ مُطْلَقٍ. وذكرَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا؛ أنَّه يجوز صَرْفُه أيضًا إلى مَن له أخْذُ الزَّكاةِ للحاجَةِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِ العُمْدَةِ»: وكذا الصَّدَقَةُ المُطْلَقَةُ. التاسعةُ، لو عَجَزَ عنِ التَّكفيرِ، لم تَسْقُطْ عنه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وفي «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» في بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ؛ فإنَّه قال: وتسْقُطُ كفَّارَةُ الوَطْءِ في رَمضانَ بالعَجْزِ، ولا يَسْقُطُ غيرُها بالعَجْزِ، مثلَ كفَّارَةِ الظِّهارِ. واليَمينِ، وكفَّاراتِ الحجِّ، ونحو ذلك. نصَّ عليه. قال المَجْدُ وغيرُه: وعليه أصحابُنا. انتهى. ويأْتِي ذلك هناك أيضًا. وعنه، تسْقُطُ. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ. وصَحَّحَه في «التَّلْخيص»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال في «الفُروعِ» هناك: وذكرَ غيرُ واحدٍ؛ تسْقُطُ كفَّارَةُ وَطْءِ الحائضِ بالعَجْزِ، على الأصَحِّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» هنا، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفائقِ». وعنه، تسْقُطُ بالعَجْزِ عنها كلِّها لا عن بعضِها؛ لأنَّه لا يدْركُ فيها. ويأْتِي ذلك أيضًا في باب ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ. العاشِرةُ، يُجْزِئُه أنْ يُخْرِجَ الكفَّارةَ مِن أيِّ ذهَبٍ كان، إذا كان صافِيًا خالِيًا مِنَ الغِشِّ، تِبْرًا كان أو مَضْرُوبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقال بعضُ

وَأَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ: ويتَوَجَّهُ أنَّه لا يُجْزِئُه إلَّا المَضْروبُ؛ لأنَّ الدِّينارَ اسْمٌ للمَضْروبِ خاصَّةً. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. الحاديةَ عشرةَ، لا يُجْزِئُ إخْراجُ القِيمَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هو في إخْراجِ القِيمَةِ كالزَّكاةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ: الأظْهَرُ لا يُجْزِئُ كزَكاةٍ. وقيل: يُجْزِئُ كالخَراجِ والجِزْيَة. صحَّحَه في «الفائقِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الفُروعِ». فعلى الأولَى، يُجْزِئُ إخْراجُ الفِضَّةِ عنِ الذّهَبِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صَحَّحَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقطَع به القاضي مُحِبُّ الدِّينِ بنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»، وقال: محَلُّ الخِلافِ في غيرِهما. وليس كما قال. وقيل: لا يُجْزِئُ. حكَاه في «المُغْنِي» وغيرِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: هلِ الدِّينارُ هنا عَشْرَةُ دَراهِمَ، أو اثْنا عشَرَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه، إذا أخْرَجَ دَراهِمَ، كما يُخْرِجُ؟ وإلَّا فلو أخْرَجَ ذَهَبًا لم تُعْتَبَرْ قِيمَتُه بلا شَكٍّ. انتهى. قوله: وأقلُّ سِنٍّ تَحِيضُ له المرأةُ تِسْعُ سِنِينَ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أقَلُّه عَشْرُ سنين. وهو احْتِمالٌ في «مُخْتَصَرِ» ابنِ تَميمٍ. وعنه، أقلُّه اثْنَتا عَشْرَةَ سنَةً. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنَّه لا أَقَّل لسِنِّ الحَيضِ. فائدة: حيثُ قُلْنا: أقَلُّ سِنٍّ تحِيضُ له كذا. فهو تحْديدٌ، فلابُدَّ مِن تَمامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تِسْع سِنِين، أو عَشَرَةٍ، أو اثْنَتَي عشْرَةَ سَنَةً، إن قُلْنا به، وهذا هو الصَّحيحُ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُصولِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الإِفاداتِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «ابنِ عُبَيدان». [في «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الهِدايَة»، و «الفُصولِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُقْنِع»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاويَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «النِّهايَةِ»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ العِنايَةِ»] (¬1). وحملَ عليه كلامَ المُصَنِّفِ، وغيرهم. قال في «الهِدايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ» ابنِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَأَكْثَرُهُ خَمْسُونَ سَنَةً. وَعَنْهُ، سِتُّونَ في نِسَاءِ الْعَرَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ، وغيرِهم: تَحِيضُ قبلَ تَمامِ تِسْعِ سِنِين. وقيل: تَقْريبًا. [وصرَّح به في «المُسْتوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «مُخْتَصَرِ» ابنِ تَميم، و «البُلْغَةِ»، و «مَجْمعِ البَحْرَين»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشيِّ»، وغيرِهم. وقيلَ: تَقْريبًا] (¬1). قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إليه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» بقِيلَ وقيلَ. قولُه: وأكثَرُه خمسُونَ سَنَةً. . هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الطرَّيقِ الأقْرَبِ»، و «الهادِي»، و «الخُلاصةِ»، و «الترغيبِ»، و «نَظْمِ نهايَةِ» ابنِ رَزِين، و «الإِفاداتِ»، و «نَظْم المُفْرَداتِ»، وهو منها. قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: هو اخْتِيارُ عامَّةِ المَشَايخِ. قال في ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البُلْغَةِ»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين. وصَحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ. قال في «نِهايَةِ» ابنِ رَزِين: أكْثَرُه خَمْسونَ في الأظْهَرِ. وقدَّمه في «المُبْهِجِ»، و «التَّلْخيص»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» للمَجْدِ، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَة». قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَها الشِّيرازِيُّ. وعنه، أكْثَرُه سِتُّون سَنَةً. جزَم به في «الإِرْشادِ»، و «الإيضاحِ»، و «تَذْكِرَةِ» ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، و «عُمْدَةِ» المُصَنِّفِ، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّر»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّسْهيلِ». وقدَّمه أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ»، وابنُ تَميمٍ. واخْتَارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «النِّهايَةِ»: وهي اخْتِيارُ الخَلَّالِ، والقاضي. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ» ابنِ عُبَيدان. وعنه، سِتُّون في نِساءِ العَرَبِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، الخَمْسونَ للعجَمِ والنَّبَطَ، وغيرِهم، والسِّتُّونَ للعرَبِ ونحوهم. وأطْلقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، بعدَ الخَمْسِين حَيضٌ إنْ

وَالحَامِلُ لَا تَحِيضُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تكَرَّرَ. ذكَرهما القاضي وغيرُه. وصَحَّحَهما في «الكافِي». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «المُغْنِي»، في العِدَدِ: والصَّحيحُ أنَّه متى بلَغتْ خَمْسِين سنَةً، فانْقطَع حَيضُها عن عادَتِها مرَّاتٍ لغيرِ سبَبٍ، فقد صارَتْ آيِسَةً، وإن رأتِ الدَّمَ بعدَ الخَمْسِين، على العادَةِ التي كانتْ تَرَاه فيها، فهو حَيضٌ في الصَّحيحِ. وعليه، فلِلْمُصَنِّفِ في هذه المسْألةِ اخْتِياراتٌ. وعنه، بعدَ الخَمْسِينَ مَشْكوك فيه، فتَصُومُ وتُصَلِّي. اخْتارَه الْخِرَقِيُّ وناظِمُه. قال القاضي، في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»: هذا أصَحُّ الرِّواياتِ. واخْتارَها أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ. وجزَم به في «الإِفاداتِ». فعليها تصومُ وُجوبًا على الصَّحيحِ. قدَّمه ابنُ تَميم، و «الرِّعايَةِ». وعنه، اسْتِحْبابًا ذكَرها ابنُ الجَوزِيِّ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنه لا حَدَّ لأَكْثَرِ سِنِّ الحَيضِ. قولُه: والحاملُ لا تَحِيضُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّها تَحِيضُ. ذكَرها أبو القاسِمِ، والبَيهَقِيُّ. واخْتارَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: «وهي أظْهَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ، وقد وُجِدَ في زمَنِنا وغيرِه، أنَّها تحِيض مِقْدارَ حَيضِها قبلَ ذلك، ويتَكَرَّرُ في كلِّ شَهْرٍ على صِفَةِ حَيضِها. وقد رُوِيَ أنَّ إسْحاقَ ناظَرَ أحمدَ في هذه المسْألَةِ، وأنَّه رجَع إلى قَوْلِ إسْحاقَ، رواه الحاكمُ. فعلى المذهبِ، تَغْتَسِلُ عندَ انْقِطاعِ ما تَراهُ اسْتِحْبابًا. نصَّ عليه. وقيل: وُجوبًا. وذكرَ أبو بَكْرٍ وَجْهَين. فائدة: لو رأتِ الدَّمَ قبلَ ولادَتِها بيَوْمَين أو ثلاثَةٍ، وقيلَ: بيَوْمَين فقط. فهو نِفاسٌ، ولكنْ لا يُحْسَبُ مِنَ الأرْبَعِين. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويُعْلَمُ ذلك بأَمارَةٍ مِنَ المَخَاضِ ونحوه، أمَّا مُجَرَّدُ رُؤْيَة الدَّمِ مِن غيرِ علامَةٍ، فلا تُتْرَكُ له العِبادةُ، ثمَّ إنْ تَبَيَّنَ قُرْبُه مِنَ الوضْع بالمُدَّةِ المذكورةِ، أعادَتْ ما صامَتْه مِنَ الفَرْضِ فيه، ولو رأتْه مع العلَامَةِ، فتَركَتِ العِبادَةَ، ثم تَبَيَّنَ بُعْدُه عنِ الوضْع، أعادَتْ ما ترَكتْه فيه مِن واجب، فإنْ ظهَر بعْضُ الوَلَدِ اعْتُدَّ بالخارِجِ معه مِنَ المُدَّةِ، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكْثَرُ الأصحاب. وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «ابنُ عُبَيدان». قال الزَّرْكَشِيُّ: وإنْ خرَج بعْضُ الوَلدِ، فالدَّمُ الخارِجُ معه قبلَ

وَأَقلُّ الْحَيضٍ يَوْمٌ وليلَةٌ. وَعَنْه، يَوْمٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَعَنْهُ، سَبْعَة عَشَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انْفِصالِه نِفاسٌ، يُحْسَبُ مِنَ المُدَّةِ، وخُرِّجَ أنَّه كدَمِ الطَّلْقِ. انتهى. قال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ خرَج بعْضُ الوَلدِ، فالدَّمُ الخارِجُ معه نفِاسٌ: وعنه، بل فاسِدٌ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»، وغيرِه: وأوَّلُ مُدَّتِه مِنَ الوَضْع. ويأْتِي هذا أيضًا في النِّفاسِ. قولُه: وأقَلُّ الحَيضِ، يومٌ ولَيلَةٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم، أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وعنه، يوْمٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله في «مَجْمَعِ البَحْرَينِ»، وغيرِه. قال الخَلَّالُ: مذهبُ أبي عبدِ اللهِ، الذي لا اخْتِلافَ فيه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ أقَلَّ الحيضِ يوْمٌ. قال في «الفُصولِ»: وقد قال جماعةٌ مِن أصحابِنا: إنَّ إطْلاقَه اليوْمَ يكونُ مع ليلَتِه، فلا يخْتَلِفُ المذهبُ على هذا القوْلِ في أنَّه يوْمٌ وليلَةٌ. انتهى. قلتُ: منهم القاضي، في كتابِ «الرِّوايتَين». واخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، أنَّه لا يَتَقَدّرُ أقَل الحيضِ ولا أكثَرُه، بل كلُّ ما اسْتَقَرَّ عادةً للمرأةِ فهو حَيضٌ، وإنْ نقَص عن يوْم، أو زادَ على الخَمْسَةَ عَشَرَ، أو السَّبْعَةَ عَشَرَ، ما لم تَصِرْ مُسْتَحاضَةً. قولُه: وأكثَره خَمْسَةَ عَشَرَ يومًا. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال الخَلَّالُ: مذهبُ أبي عبدِ الله، أنَّ أكْثَرَ الحيضِ خمْسةَ عشَرَ يَوْمًا، لا اخْتِلافَ فيه عندَه. وقيل: خمْسةَ عشَرَ وليلَةٌ، وعنه، سبْعَةَ عشرَ يوْمًا. وقيل: وليلَةً.

وَغَالِبُهُ سِتٌّ أوْ سَبْعٌ. وأقَلُّ الطُّهْرِ بَينَ الْحَيضَتَينِ ثَلَاثَةَ عَشرً يَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم اخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. قولُه: وأقَلُّ الطُّهْرِ بَينَ الحَيضَتَين ثلاثةَ عَشَرَ يومًا. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشيُّ: هو المُخْتارُ في المذهبِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: خَمْسَةَ عشَرَ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. قال أبو بَكْرٍ، في رِوايَتَيه: هاتَان الروايتَان مَبْنِيَّتان على الخِلافِ في أكْثَرِ الحيضِ؛ فإذا قيل: أكْثَرُه خمْسَةَ عشَرَ. فأقَلُّ الطُّهْرِ بينَهما خَمْسةَ عشَرَ. وإن قيل: أكْثَرُه سبْعَةَ عشَرَ. فأقَل الطُّهْرِ بينَهما، ثَلاثةَ عشَرَ. [وقطَع به القاضي في «التَّعْلِيقِ»، وقال: قاله أبو بَكْرٍ في كتابِ «القَوْلَينِ»، و «التَّنْبِيهِ»] (¬1). وقاله ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». ورَدَّه المَجْدُ، وغيرُه، والمشْهورُ والمُخْتارُ عندَ أكْثَرِ الأصحابِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَقِيلَ: خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَا حَدَّ لأكْثَرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قُلْنا أوَّلًا؛ أنَّ أكْثَرَ الحيضِ خَمْسَةَ عشَرَ، وأقَلَّ الطهْرِ بينٍ الحيضَتَين ثَلاثةَ عشَرَ، وإنَّما يلْزَمُ ما قالُوا لو كانتِ المرأةُ تحِيضُ في كلِّ شهْرٍ حَيضَةً، لا تزيدُ على ذلك ولا تنْقُصُ، والواقِعُ قَطْعًا بخِلافِ ذلك. وقيل: أقَلُّ الطُّهْرِ بينَ الحيضتَين خَمْسَةَ عشَرَ وليلَةٌ، وعنه، لا حَدَّ لأقَلِّ الطُّهْرِ. روَاها جماعةٌ عن أحمدَ. قاله أبو البَرَكَاتِ. واخْتارَه بعْضُ الأصحابِ. قلتُ: واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وهو الصَّوابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا عِبْرَةَ بحِكايَةِ ابنِ حَمْدانَ: إنَّ ذلك قوْلًا. ثم تَخْطئتِه. وعنه،

فَصْلٌ: وَالْمُبْتَدَأَةُ تَجْلِسُ يَوْمًا وَلَيلَةً، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لأكْثَرِهِ فَمَا دُونَ، اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَتَفْعَل ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَإنْ كَانَ في الثَّلَاثِ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ صَارَ عَادَةً، وَانْتَقَلَتْ إِلَيهِ، وَأَعَادَتْ مَا صَامَتْهُ مِنَ الْفَرْضِ فِيهِ. وَعَنْهُ، يَصِيرُ عَادَةً بِمَرَّتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تَوْقِيتَ فيه إلَّا في العِدَّةِ. يعني إذا ادَّعَتْ فَرَاغَ عِدَّتِها في شَهْرٍ، فإنَّها تُكَلَّفُ البَيِّنَةَ بذلك، على الأصَحِّ. فائدة: غالِبُ الطُّهْرِ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ. قولُه: المُبْتَدَأةُ -أي المُبْتَدَأُ بها الدَّمُ- تَجْلِسُ. اعلم أنَّ المُبْتَدَأةَ إذا ابْتَدَأَتْ بدَمٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْوَدَ، جَلَسَتْه، وإنِ ابْتَدَأتْ بدَمٍ أحْمَرَ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه كالأسْوَدِ، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وأكْثَرِ الأصحابِ. وصَححَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في «الفروعِ»: والأصَحُّ أنَّ الأحْمَرَ إذا رأتْه، تَجْلِسُه كالأسْوَدِ. وقيل: لا تَجْلِسُ الدَّمَ الأحْمَرَ إذا ما قُدِّرَ، وإنْ أجْلَسْناها الأسْودَ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُحْكَمُ ببُلُوغِها إذا رأتِ الدَّمَ الأحْمَرَ. وإنِ ابْتَدَأتْ بصُفْرَةٍ أو كُدْرَةٍ، فقيل: إنَّها لا تَجْلِسُه. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وصحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وقدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، وصَحَّحَه عندَ الكلامِ على الصُّفْرَةِ والكُدْرَةِ. وقيل: حُكْمُه حكمُ الدَّمِ الأسْوَدِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، عندَ الكلامِ على الصُّفْرَةِ والكُدْرَةِ. وصَحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، عندَ أحْكامِ الصُّفْرَةِ والكُدْرَةِ، فَنَاقَضَ. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: والمُبْتَدَأةُ تَجْلِسُ. أنَّها تجلِسُ بمُجَرَّدِ ما تَراه، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نقلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا؛ أنَّها لا تَجْلِسُ إلَّا بعدَ مُضِيِّ أقَلِّ الحَيضِ. قولُه: تَجْلِسُ يَوْمًا ولَيلَةً. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نصَّ عليه في رِوايَةِ عبد اللهِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصالحٍ، والمَرُّوذِيِّ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المُخْتارُ للأصحابِ. قال في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُغْنِي» وغيرِهم: هذا ظاهرُ المذهبِ. فعليه، تَفْعَلُ كما قال المُصَنِّفُ، ثم تَغْتَسِلُ وتُصَلِّي، فإنِ انْقَطَعَ دَمُها لأكْثَرِه فما دُونَ، اغْتَسَلَتْ عندَ انْقِطاعِه. وذكرَ أبو الخَطَّابِ، في المُبْتَدَأةِ أوَّلَ ما ترىَ الدَّمَ الرِّواياتِ الأرْبَعَ؛ إحْدَاها، تجْلِسُ يوْمًا وليلَةً. وهي المذهبُ، كما تقدَّم. والثَّانيةُ، تجْلِسُ غالِبَ الحيضِ. والثَّالثةُ، تجْلِسُ عادةَ نِسائِها. والرَّابعَةُ، تجْلِسُ إلى أكْثَرِه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أثْبَتَ طريقَةَ أبي الخَطَّابِ في هذه المسْألةِ، أعْنِي أنَّ فها الرِّواياتِ الأرْبَعَ، أكْثَرُ الأصحابِ؛ فهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي موسى، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، والمُصَنِّفُ، في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، والزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ: وهي أصَحُّ. وجعَل القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، وصاحِبُ «الرعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاويَين»، وغيرهم، وهو الَّذي قدَّمه المُصَنِّفُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، أنَّ المُبْتَدَأْة تَجْلِسُ يوْمًا وليلَةً،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً واحدةً. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وجُلُوسُها يوْمًا وليلَةً قبلَ انْقِطاعِه، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قولُه: وتفعَلُ ذلك ثَلَاثًا، فإِن كان في الثَّلاثِ على قَدْرٍ واحدٍ، صارَ عادَةً، وانْتَقلَتْ إليه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تجْلِسُ ما جاوزَ. اليوْمَ واللَّيلْةَ، إلَّا بعدَ تَكْرارِه ثلاثًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فتَجْلِسُ في الرَّابِعَةِ، على الصَّحيحِ وقيل: تجْلِسُه في الثَّالثةِ. قاله القاضي، في «الجامِع الكبيرِ». وعنه، يصِيرُ عادةً بمَرَّتَين. قدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَة». فتَجْلِسُه في الثَّالثِ، على الصَّحيحِ عليها. وقيل: في الثَّانِي. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال: إنَّ كلامَ أحمدَ يقْتَضِيه. قال القاضي في «الجامِع الكبير»: إنْ قُلْنا: تَثْبُتُ العادَةُ بمَرَّتَين. جلَسَتْ في الثَّانِي. وإنْ قُلْنا: بثَلاثٍ. جلَسَتْ في الثَّالِثِ. قولُه: وأعادَتْ ما صامَتْهُ مِنَ الْفَرْضِ فيه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لا تجِبُ الإعادةُ. فائدتان، إحْداهما، وَقْتُ الإعادَةِ بعدَ أنْ تَثْبُتَ العادةُ، على الصَّحيحِ مِنَ

وَإنْ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيضِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، فَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُتَمَيِّزًا؛ بَعْضُهُ ثَخِينٌ أسْوَدُ مُنْتِنٌ، وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ أَحمَرُ، فَحَيضُهَا زَمَنَ الدَّمِ الأسْوَدِ، وَمَا عَدَاهُ اسْتِحَاضَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الأَكْثَرُ. وقيل: قبلَ ثُبوتِها احْتِياطًا. وهو روايةٌ في «الفُروعِ». الثانيةُ، يَحْرُمُ وَطْؤُها في مُدَّةِ الدَّمِ الزَّائدِ عمَّا أجْلَسْنَاها فيه قبلَ تَكْراره، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه احْتِياطًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكْرَهُ. ذَكرَها في «الرِّعايتَين». وقدَّمها في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وأطْلَق ابنُ الجَوْزِيِّ، في «المُذْهَبِ» في إباحَتِه رِوايتَين. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: هي كمُسْتَحاضَةٍ. انتهى. ويُباحُ وَطْؤُها في طُهْرِها يوْمًا فأكْثَرَ قبلَ تَكْرارِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه الشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». واخْتارَه المَجْدُ. وعنه، يُكْرَهُ إنْ أَمِنَ العَنَت، وإلَّا فلا. وجزَم به في «الإِفاداتِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وابنُ تَميمٍ في مَوْضِع. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ في موْضعٍ، وابنُ عُبَيدان، و «المُغْنِي»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ». فإنْ عادَ الدَّمُ، فحُكْمُه حكْمُ ما إذا لم ينْقَطِعْ، على ما تقدَّم. وعنه، لا بأْسَ به. قال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُكْرَهُ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: وإنْ جاوَز دَمُها أكْثَرَ الْحَيضِ، فهي مُسْتَحاضَة، فإنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دَمُها مُتَمَيِّزًا؛ بَعْضُه ثَخِينٌ أسْودُ مُنْتِنٌ، وبعْضُه رقيقٌ أحْمَرُ، فحَيضُها زَمَن الدَّمِ الأسْوَدِ. أنَّها تجْلِسُ الدَّمَ المُتَمَيِّز الأسْوَدَ إذا صلَح أنْ يكونَ حَيضًا مِن غيرِ تَكْرارٍ، وهو صحيحٌ، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو المذهبُ. قال الشَّارِحُ: هو ظاهرُ كلامِ شَيخِنا هنا، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ، والْخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُعْتَبَرُ تَكْرارُه في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: لا يَفْتَقِرُ التَّمِييزُ إلى تَكْرارِه، في أصَحِّ الوَجْهَين. واخْتارَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، في «شَرْحِه». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «مَجْمَع البَحْرَين». وقال القاضي، وأبو الحَسَنِ الآمِدِيُّ: إنَّما تجْلِسُ مِنَ التَّمْيِيز إذا تكَرَّرَ ثلاثًا أو مرَّتَين، على اخْتِلافِ الرِّوايتَين، فيما تَثْبُتُ به العادةُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «ابنِ رَزِينٍ». وأطْلَقَهُما المَجْدُ في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِيُّ. قال في «الفُروعِ»: وتَثْبُتُ العادةُ بالتَّمْيِيزِ، كثُبُوتِها بانْقِطاعِ الدَّمِ، ويُعْتَبَرُ التَّكْرارُ في العادةِ، كما سبَق في اعْتِبارِه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّمْييزِ خِلافٌ ثانٍ، فإنْ لم يُعْتَبَرْ، فهل يُقدَّمُ وقْتُ هذه العادةِ على التَّمْييزِ بعدَها؟ فيه وَجْهان. وهل يُعْتَبَرُ في العادَةِ التَّوالِي؟ فيه وَجْهان. قال بعْضُهم: وعَدَمُه أشْهَرُ. انتهى. [وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يُعْتَبَرُ في العادةِ التَّوالِي في الأَشْهُرِ] (¬1). ويأتِي نظيرُ ذلك في المُسْتَحاضَةِ المُعْتادَةِ؛ فإنَّهما سواءٌ في الحُكْمِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. ويأتِي قرِيبًا، هل يُعْتَبَرُ في جُلوسِ مَن لم يكُنْ دَمُها مُتَمَيِّزًا تَكْرارُ الاسْتِحاضَةِ، أم لا؟ فائدتان؛ إحْداهما، تجْلِسُ المُمَيِّزَةَ زَمَنَ الدَّمِ الأسْوَدِ، أو الدَّمِ الثَّخِينِ، أو ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّمِ المُنْتِنِ، بشَرْطِ أنْ يبْلُغَ أقلَّ الحيضِ، ولم يُجاوزْ أكْثَرَه، على الصَّحيحِ في ذلك. وذكَر أبو المَعالِي أنَّه يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ فقط. وقيل: ولم ينْقصْ غيرُه عن أقَلِّ الطُّهْرِ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، وغيرُهما. ولو جاوزَ التَّمْيِيزُ أكْثَرَ الحيضِ، بطَلتْ دَلالةُ التَّمْيِيزِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تَبْطُلُ دَلالتُه بمُجاوزَته أكْثرَ الحيضِ، فتَجْلِسُ أكثرَ الحيضِ. وتأوَّلَها القاضي. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. فعلَى المذهب؛ لو رأَتْ دمًا أحْمَرَ ثم أسْوَدَ، وجاوَزَ الأسْوَدُ أكثَرَ الحيضِ، جلَسَتْ مِنَ الدَّم الأحْمَرِ، على الصَّحيحِ. [قدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وصَحَّحَه المَجْدُ، وغيرُه] (1). وقيل: تجْلِسُ مِنَ الأسْوَدِ؛ لأنَّه شَبِيهٌ بدَمِ الحيضِ. [جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ» ابنِ رَزِينٍ، و «المُسْتَوْعِب»، وغيرهم. وأطْلقَه ابنُ تَميمٍ] (¬1). ففي اعْتِبار التَّكْرارِ الوَجْهان المُتَقَدِّمان. قال ابنُ تَميمٍ: ومتى بطَلتْ دَلالةُ التَّمْييزِ، فهل تجْلِسُ ما تجْلِسُه عَمَّتُها ومَن هي في عُمْرِها؟ على وَجْهَينِ. ولو رأَتْ دَمًا أحْمَرَ سِتَّةَ عَشَرَ. يوْمًا، ثم رأتْ دمًا أسْوَدَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، جلسَتِ الأسْودَ فقط، على الصَّحيحِ. وقيل: وتجْلِسُ مِنَ الأحْمرِ أقلَّ الحيضِ؛ لإِمْكانِ حيضَةٍ أُخْرَى. ذكرَه القاضي، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَيِّزًا قَعَدَتْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ غَالِبَ الْحَيضِ، وَعَنْهُ، أَقَلَّهُ. وَعَنْهُ، أكْثَرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. الثَّانيةُ، لا يُعْتَبَرُ عدَمُ زِيادَةِ الدَّمَيْن على شَهْرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وصَحَّحَه الزَّرْكَشِيُّ. واعْتبَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله في «الفائقِ»، وغيره. وقال في «الفروع»: ولا تَبْطُلُ دَلالةُ التَّمْيِيزِ بزِيادَةِ الدَّمَين على شَهرٍ، في الأصَحِّ. قوله: وإنْ لم يَكُنْ مُتَمَيِّزًا، قعَدتْ من كلِّ شَهْرٍ غَالِبَ الْحَيضِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»، وغيرِه: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال المَجْدُ، في «شَرْحِه»، وتَبِعَه ابن عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا الصَّحيحُ مِنَ الرِّواياتِ. واخْتارَه الْخِرَقِيّ، وابنُ أبي موسى، والقاضي، وأكْثرُ أصحابِه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسِ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإفاداتِ»، وغيرِهم. وعنه، أقلُّه. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وعنه، أكْثَرُه. وعنه، عادَةُ نِسائِها، كأُمِّها وأُخْتِها وَعَمَّتِها وخالتِها. وأطْلقَهُنَّ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»،

وَعَنْهُ، عَادَةَ نِسَائِهَا؛ كَأُمِّهَا، وَأُخْتِهَا، وَعَمَّتِهَا، وَخَالتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». تنبيهان؛ أحَدهما، ظاهرُ قولِه: وعنه، عادَةُ نِسائِها. إطْلاقُ الأقارِبِ، وهو ظاهرُ كلامِ أكْثَرِ الأصْحابِ، قاق بعضُ الأصحابِ: القُرْبَى فالقُرْبَى. منهمُ ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. قلتُ: وهو أوْلَى، ويكونُ تَبْيِينًا للمُطْلَقِ مِن كلامِهم. فلو اخْتلَفَتْ عادَتُهُنَّ، جلَسَتِ الأقَلَّ. قاله القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقيل: الأقَلُّ والأكْثَرُ سواءٌ. نقلَه ابنُ تَميمٍ. وقال في «الفُروعِ»، تبعًا لابنِ حَمْدانَ: وقيل: تجْلِس الأَكْثَرَ. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان». وقال أبو المَعالِي: تَتَحَرَّى. انتهى. فإنْ لم يكُنْ لها أقارِب، رُدَّتْ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غالبِ عادةِ نِساءِ العالمِ، وهي السِّتُّ أو السَّبْعُ، على الصَّحيحِ. وقال بعْضُ الأصحابِ: مِن نِساءِ بلَدِها. منهمُ ابنُ حَمْدانَ. قلتُ: وهو أوْلَى. الثاني، لم يَعْزُ المُصَنِّفُ في «الكافِي» نقْلَ الرِّواياتِ الأرْبَع، في المُبْتَدَأْة المُسْتَحاضَةِ غيرِ المُمَيِّزَةِ، إلَّا إلى أبي الخَطَّابِ. والحاصِلُ أنَّ الرِّواياتِ فيها مِن غيرِ نزاعٍ بين الأصحاب، عندَ أبي الخَطَّابِ وغيرِه، لم يَخْتلِفْ فيه اثْنانِ، وإنَّما الخِلافُ في إثْباتِ الرِّواياتِ في المُبْتَدَأَةِ أوَّلَ ما ترَى الدَّمَ كما تقدَّم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو سَهْوٌ مِنَ المُصَنِّفِ. قلتُ: ليس في ذلك كبيرُ أمْرٍ، غايَتُه أنَّ الأصحابَ نقَلُوا الخِلافَ عن أحمدَ في المُصَنَّفِ، فَعَزَا النَّقْلَ إلى أبي الخَطَّابِ، واعتمدَ على نَقْلِه، ولا يلْزَمُ مِن ذلك أنْ لا يكونَ غيرُه نقلَه. فائدتان؛ إحْداهما، غالِبُ الحَيضِ سِتٌّ أو سَبْعٌ، لكن لا تجْلِسُ إحْداهما إلَّا بالتَّحَرِّي، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: الخِيَرَةُ في ذلك إليها، فتَجْلِسُ أيُّهما شاءتَ. ذكرَه القاضي في موْضِعٍ مِن كلامِه. جزَم به في «الفُصولِ». وقال: كوُجوبِ دينارٍ أو نِصْفِه في الوَطْءِ في الحَيضِ. قلتُ: وهو ضعيف جِدًّا، وهو مُفْضٍ إلى أنَّ لها الخِيَرَةَ في وُجوبِ العادةِ الشَّرعِيَّةِ وعدَمِه. الثانية، يُعْتَبَرُ في جُلوسِ مَن لم يكُنْ دمُها مُتَمَيِّزًا تَكْرارُ الاسْتِحاضَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ

وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ، في الْمُبْتَدَأة أَوَّلَ مَا تَرَى الدَّمَ الرِّوَايَاتِ الْأَرْبَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ» ابنِ رَزِينٍ. وصَحَّحَه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: هذا أشْهَرُ. فتَجْلِسُ قبلَ تَكَرُّرِه أَقلَّه (¬1)، ولا تُرَدُّ إلى غالبِ الحَيضِ أو غيرِه، إلَّا في الشَّهْرِ الرابعِ. وعنه، لا يُعْتَبَرُ التَّكْرارُ. اخْتارَه المَجْدُ، في «شَرْحِه». قال الشَّارِحُ: وهو أصَحُّ إنْ شاءَ اللهُ تعالى. قال في «مَجمَعِ البَحْرَين»: تَثْبُتُ بدُونِ تَكْرارٍ، في أصَحِّ الوَجْهَين. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». فعليها تجْلِسُ في الشَّهْرِ الثَّاني. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ. تنبيه: مثلُ ذلك الحُكْمِ للمُسْتَحاضَةِ المُعْتادَةِ، غيرِ المُتَحَيِّرةِ. قاله في «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: في المُسْتَحاضةِ المُعْتادةِ، وَيَثْبُتُ ذلك بدونِ تَكْرارِ الاسْتِحاضَةِ. وفيه وَجْهٌ، تَفْتَقِرُ إلى التَّكْرارِ كالمُبْتدَأَة. ويأْتِي حكْمُ تَكْرارِ الاسْتِحاضَةِ في المُسْتَحَاضَةِ المُتَحَيِّرَةِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنِ اسْتُحِيضَتِ الْمُعْتَادَةُ رَجَعَتْ إِلَى عَادَتِهَا، وَإنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً. وَعَنْهُ، يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإنِ اسْتُحِيضَتِ المُعْتادَةُ رجَعتْ إلى عادَتِها، وإن كانت مُمَيِّزَةً. اعلمْ أنَّه إذا كانتِ المُسْتَحاضَةُ لها عادةٌ تعْرِفُها، ولم يكُنْ لها تَمْيِيزٌ، فإنَّها تجْلِسُ العادةَ بلا نزاعٍ، وإنْ كان لها تَمْييزٌ يصْلُحُ أنْ يكونَ حَيضًا، ولم يكُنْ لها عادةٌ، أو كان لها عادةٌ [ونَسِيَتْها، عَمِلَتْ بالتَّمْييزِ بلا نِزاعٍ، على ما تقَدَّمَ، ويأْتِي. وإنْ كان لها عادةٌ] (1) وتَمْيِيزٌ، فتارةً يتَّفِقان ابْتِداءً وانْتِهاءً، فتَجْلِسُهما بلا نِزاعٍ، وتارةً يَخْتلِفان، إمَّا بمُداخلَةِ بعْضِ أحَدِهما في الآخِرِ، أو مُطْلقًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها تْجلِسُ العادةَ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان: هو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وقوْلُ أكْثَرِ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو اخْتِيارُ الجمهورِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وصَحَّحَه المَجْدُ، وغيرُه. وعنه، يقُدَّمُ التَّمْيِيزُ. وهو اخْتِيارُ الْخِرَقِيِّ. [وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»] (¬1). وقال في «الفُروعِ»: واخْتارَ في «المُبْهِجِ»؛ إنِ اجْتَمعا عمِلَ بهما إنْ أمْكَنَ، وإن لم يُمْكِنْ، سقَطَا. وقال ابنُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ: واخْتارَ شيخُنا أبو الفَرَجِ -يَعْنِي به ابنَ أبي الفَهْمِ- العَمَلَ بهما عندَ الاجْتِماعَ إذا أمْكَنَ. فائدة: لا تكونُ مُعتادَةً حتَّى تعْرِفَ شَهْرَها، ووَقْتَ حَيضِها وطُهْرِها. وشَهْرُها عِبارةٌ عنِ المُدَّةِ التي لها فيه حَيضٌ وطُهْرٌ صَحِيحان. [ولو نقَضَتْ عادَتُها، ثم اسْتُحِيضَتْ في الشَّهْرِ الآخرِ، جلسَتْ مِقْدارَ الحَيضِ الأخيرِ، ولا غيرَ. قطَع به المَجْدُ، وغيرُه] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ نَسِيَتِ الْعَادَةَ عَمِلَتْ بِالتَّمْيِيزِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإن نَسِيَتِ العادَةَ عمِلَتْ بالتَّمْييزِ. بلا نِزاعٍ كما تقدَّم، لكنْ بشَرْطِ أنْ لا ينْقُصَ عن أقَلِّ الحَيضِ، ولا يزيدَ على أكْثَرَه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. [ودَلَّ على ذلك كلامُه في «المُغْنِي»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» للمَجْدِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»: وأنْ لا ينْقُصَ الأحْمَرُ عن أقَلِّ الطُّهْرِ، حتَّى يُمْكِنَ أنْ يكونَ طُهْرًا فاصِلًا بينَ حيضَتَين، فإذا رأتْ خَمْسةً أسْوَدَ، ثم مِثْلَها أحْمَرَ، ثم الأصْفَرَ بعدَها، فالأسْوَدُ هو الحيضُ، والأحْمَرُ مع الأصْفَرِ اسْتِحاضَةٌ، وإنْ رأتْ خَمْسَةً أحْمَرَ، ثم بعدَها الأصْفَرَ، فالأحْمَرُ حيضٌ؛ لأنَّ حَيضَها أقْوَى ما تَراه مِن دَمِها بالنِّسْبَةِ إلى بقِيَّتِه. وذكَر أبو المَعالِي؛ أنَّه يُعْتَبُر في التَّمْييز اللَّوْنُ فقط. وعنه، لا تَبْطُلُ دَلالةُ التَّمْييزِ بمُجاوَزَةِ الأكْثَرِ، فتَجْلِسُ الأكْثَرَ. وتأوَّلَها القاضي. وتقدَّم ذلك في المُبْتَدَأْة المُسْتَحاضَةِ، وتقدَّمَتِ الأمْثِلَةُ على المذهبِ. والمُبْتَدَأةُ والمُعْتادَةُ المُسْتَحاضَتان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في تلك الأمْثِلَةِ سواءٌ، فَلْيُعاوَدْ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا يُعْتَبَرُ للتَّمْييزِ تَكْرارٌ، بل متى عَرَفَتِ التَّمْييزَ جَلَسَتْه، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِيِّ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُعْتَبَرُ تَكْرارُه في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَفْتَقِرُ التَّمْييزُ التي تَكْرارِه، في أصَحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. وقال القاضي، وأبو الحسَنِ الآمِديُّ: يُعْتَبُر التَّكْرارُ مرَّتَين أو ثلَاثًا، على اخْتِلافِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الرِّعايتَين»، و «ابنِ عُبَيدان». وأطْلقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِيُّ. وتقدَّم ذلك في المُبْتدَأْةِ المُسْتَحاضَةِ المُمَيِّزَةِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ، جَلَسَتْ غَالِبَ الْحَيضِ في كُلِّ شَهْرٍ. وَعَنْهُ أقَلَّهُ. وَقِيلَ: فِيهِ الرِّوَايَاتُ الْأرْبَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: فإِنْ لم يكُنْ لها تَمْيِيزٌ، جَلَسَتْ غالِبَ الحَيضِ. يعني إذا نَسِيَتِ العادةَ ولمْ يكُنْ لها تَمْيِيزٌ، وهذه تُسَمَّى المُتَحَيِّرَةَ عندَ الفُقَهاءِ، ولها ثلاثَةُ أحْوالٍ، وفي هذه الأحْوالِ الثَّلاثَةِ لا تَفْتَقِرُ اسْتِحاضَتُها إلى تَكْرارٍ، على أصَحِّ الوَجْهَين، بخِلافِ غيرِ المُتَحَيِّرَةِ، على الصَّحيحِ، على ما تقدَّم؛ أحَدُها، أنْ تَنْسَى الوقْتَ والعدَدَ. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها تَجْلِسُ غالِبَ الحَيضِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المُخْتارُ للأصحابِ. قال ابنُ عُبَيدان، وابنُ رَجَبٍ: وهو الصَّحيحُ. قال في «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا أقْوَى الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وعنه، أقلَّه. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وجعلَها المُصَنِّفُ، في «الكافِي» تَخْرِيجًا. وحكَى القاضي، في «شَرْحِه الصَّغيرِ» فيها وَجْهًا؛ لا تَجْلِسُ شيئًا، بل تَغْتَسِلُ لكلِّ صَلاةٍ، وتُصَلِّي وتصومُ، ويُمْنَعُ وَطْؤْها، وتَقْضِي الصَّومَ الواجِبَ. وخَرَّجَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي رِوايةً ثالثةً مِنَ المُبْتَدَأةِ؛ تجْلِسُ عادةَ نِسائها. وأثْبَتَها في «الكافِي» روايةً، فلذلك قال الزَّرْكَشِيُّ، لمّا حكَى في «الكافِي» الرِّوايةَ الثَّانيةَ تَخْرِيجًا، وتَخْريج القاضِي روايةً: وهو سَهْوٌ، بلِ الثَّانيةُ رِواية ثابتةٌ عن أحمدَ، والثَّالثةُ مُخَرَّجَةٌ. وقيل: فيها الرِّواياتُ الأرْبَعُ. يعني التي في المُبْتَدَأةِ المُسْتَحاضَةِ إذا كانت غيرَ مُمَيِّزَةٍ، وهي طرِيقَةُ القاضي، وخرَّجَ فيها رِوايَتَي المُبْتَدَأْةِ. وقدَّمها في «الحاويَين». وجزَم به في «النِهايَةِ» ابنِ رَزِينٍ، و «نَظْمِها». وهي طريقَةٌ ضعيفَةٌ عنِ الأصحابِ. وَفرَّقوا بينَها وبينَ المُبْتَدَأةِ بفُروقٍ جَيِّدَةٍ. وقدَّم في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» هذه الطريقَةَ، لكنْ قال: المشْهورُ انْتِفاءُ رِوايةِ الأكْثرِ، وعادَةِ نِسائِها. وحيثُ أجْلَسْناها عَددًا، ففي مَحَلِّه الخِلافُ الآتِي. [تنبيه: مَحَلُّ جُلوسِها غالِبَ الحَيضِ، إنِ اتَّسَعَ شهْرُها لأقَلِّ الطُّهْرِ، وكان الباقِي غالِبَ الحيضِ فأكْثَرَ، وإنْ لم يتَّسِعْ لذلك، أجْلَسْناها الزَّائِدَ عن أقَلِّ الطُّهْرِ فقط، كأنْ يكونَ شَهْرُها حَيضَها، وطُهْرُها ثَمانيةَ عشَرَ يوْمًا، فإنَها لا تجْلِسُ إلَّا خَمْسَةَ أيَّام، وهو الباقِي عن أقَلِّ الطُّهْرِ بين الحيضَتَين، ولا ينْقُصُ الطُّهْرُ عن أقَلِّه، وإنْ لم يُعْرَف شهْرُها، جلَسَتْ مِنَ الشَّهْرِ المُعْتادِ غالِبَ الحيضِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من:.

وَإنْ عَلِمَتْ عَدَدَ أيَّامِهَا، وَنَسِيَتْ مَوْضِعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإنْ عَلِمَتْ عَدَدَ أيَّامِها، ونَسِيَتْ مَوْضِعَها، جلَسَتْها من أوّلِ كلِّ شهرٍ في أَحدِ الوجهينِ. وهذا الحالُ الثَّاني مِن أحوالِ النَّاسِيَةِ، وهو نَوْعان، أحَدُهما، هذا. وهو المذهبُ. صَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظمِ». قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المشْهورُ. قال في «الحاويَين»: هو قولُ غيرِ أبي بَكْرٍ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، وغيرها. وجزَم

جَلَسَتْهَا مِنْ أوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَفِي الآخَرِ تَجْلِسُهَا بِالتَّحَرِّي. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وفي الآخَرِ، تَجْلِسُه بالتَّحْرِّي. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «الإِفاداتِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي موسى. وقدَّمه في «نِهايَةِ» ابنِ رَزِينِ، و «نَظْمِها». وأطْلَقَهما في «الشرحِ»، و «شَرحِ» ابنِ مُنَجَّى، و «الشَّرْحِ»، و «الحاويَين». وقيل: تجْلِسُ مِن تَمْيِيزٍ لا تَعْتَدُّ به إنْ كان؛ لأنَّه أشْبَهُ بدَمِ الحيضِ. قلتُ: وهو قَويٌّ. وذكرَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبِعَه صاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرُهما، إنْ ذكَرَتْ أوَّلَ الدَّمِ كمُعْتادَةٍ انْقَطَعَ حَيضُها أشْهُرًا، ثم جاءَ الدَّمُ خامِسَ يوْم مِنَ الشَّهْرِ مَثَلًا، أو اسْتَمَرَّتْ وقد نَسِيَتِ العادَةَ، ففيها الوَجْهان الأخِيران، ووَجْهٌ ثالثٌ، تجْلِسُ مِن خامِسِ كلِّ شَهْرٍ. قال المَجْدُ: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. واخْتارَه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: وهو أصَحُّ. اخْتارَ المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين» أيضًا، أنَّه إنْ طال عهْدُها بزَمَنِ افْتِتاحِ الدَّمِ ونَسِيَتْه، أنَّها تَتَحَرَّى وَقْتَ جلُوسِها. وقال ابنُ حامِدٍ، والقاضي، في «شَرْحَيهِما»، في مَن علِمَتْ قَدْرَ العادةِ، وجَهِلَتْ موْضِعَها: إنَّها لا تجْلِسُ شيئًا، وتَغْتَسِلُ كلَّما مضَى قَدْرُها، وتقْضِي مِن رَمضانَ بقَدْرِها، والطَّوافَ، ولا تُوطَأْ. وذكَرَ أبو بَكْرٍ روايةً، لا تجْلِسُ شيئًا. تنبيه: كلُّ موْضِع أجْلَسْناها بالتَّحَرِّى، أو بالأَوَّلِيَّةِ، فإنَّها تجْلِسُ في كلِّ شَهْرٍ حَيضَة. فائدة: إذا تعَذَّرَ أحدُ الأمْرَين، مِنَ الأوَّلِيَّةِ أو التَّحَرِّي، عمِلتْ بالآخَرِ. قطَع به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال: ولمَّا ذكرَ أبو المَعالِي الوَجْهَين في أوَّلِ كلِّ شهْرٍ، أو التَّحَرِّي، قال: وهذا إذا لم تَعْرِفِ ابْتِداءَ الدَّمِ، فإنْ عرَفَتْ فهو أوَّلُ دَوْرِها، وجعَلْنَاه ثلاثِينَ يوْمًا؛ لأنَّه الغالِبُ. قال: وإنْ لم تذْكُرِ ابْتِداءَ الدَّمِ، لكنْ تذَكَّرَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها طاهِرَةٌ في وَقْتٍ، جَعَلْنا ابْتدِاءَ حَيضِها عَقِبَ ذلك الطُّهْرِ. انتهى. وإنْ تعَذَّرَ التَّحَرِّي، بأنْ يتَساوَى عندَها الحالُ، ولم تَظنَّ شيئًا، وتَعَذَّرَتِ الأوَّلِيَّةُ أيضًا، بأن قالتْ: حَيضِي في كلِّ عِشْرين يوْمًا خمْسةُ أيَّامٍ، وأُنْسِيتُ زَمَنَ افْتِتاحِ الدَّمِ، والأوْقاتُ كلُّها في نظرِي سواءٌ، ولا أعْلَمُ هل أنا الآنَ طاهِرٌ أو حائضٌ؟ فقال المَجْدُ، وتَبِعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: لا أعْرِفُ لأصحابِنا في هذه كلامًا، وقِياسُ المذهبِ، لا يَلْزَمُها سلوكُ طريقِ اليَقينِ، بل يُجْزِئُها البِنَاءُ على أصْلٍ لا يتَحَقَّقُ معه فَسادٌ في صَوْمِها وصَلاتِها، وإنْ كان مُحْتَمِلًا، فتَصومُ رَمضانَ كلَّه، وتقْضِي منه خمْسَةَ أيَّامٍ، وهو قَدْرُ حَيضِها، وهو الذي يَتَحَقَّقُ فَسادُه، وما زادَ عليه لم يتَحَقَّقْ فيه ذلك، فلا تُفْسِدُه، وتُوجِبُ قَضاءَه بالشَّكِّ، وأمَّا الصَّلاةُ فتُصَلِّيها أبَدًا، لكِنَّها تغْتَسِلُ في الحالِ غُسْلًا، ثم عَقِيبَ انْقِضاءِ قَدْرِ حَيضِها غُسْلًا ثانيًا، وتَتَوَضَّأُ لكُلِّ صلاةٍ فيما بينَهما، وفيما بعدَهما، بقَدْرِ مُدَّةِ طُهْرِها، فإنِ انْقضَتْ، لَزِمَها غُسْلان بينَهما قَدْرُ الحَيضَةِ، وكذلك أبَدًا، كلَّما مضىَ قَدْرُ الطُّهْرِ، اغْتسَلَتْ غُسْلَين بينَهما قَدْرُ الحَيضَةِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، والمعْروفُ خِلافُه. فائدة: متى ضاعَتْ أيَّامُها في مُدَّةٍ مُعَيّنًةٍ، فما عدَا المُدَّةَ طُهْرٌ، ثم إنْ كانتْ أيَّامُها نِصْفَ المُدَّةِ، فأقَلُّ حيضِها بالتَّحَرِّي، أو مِن أوَّلِها، وإنْ زادَ، ضُمَّ الزَّائدُ إلى مِثْلِه ممَّا قبلَه، فهو حيضٌ بيَقينٍ، والشَّكُّ فيما بَقِيَ. فائدة: ما جلَسَتْه النَّاسِيةُ مِنَ الحيضِ المشْكوكِ فيه، فهو كالحيضِ المُتَيَقَّنِ في الأحْكام، وما زادَ على ما تجْلِسُه إلى الأكْثَرِ، فقيل: هي فيه كالمُسْتَحاضَةِ في الأحْكامِ الآتِيَة فيها. وقيل: هو كالطُّهْرِ المشْكوكِ فيه. قاله القاضي. واقْتصَرَ عليه ابنُ تَميمٍ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هو طُهْرٌ

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي مَوْضِعِ حَيضِ مَنْ لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ. وَإنْ عَلِمَتْ أَيَّامَهَا فِي وَقْتٍ مِنَ الشَّهْرِ، كَنِصْفِهِ الْأوَّلِ، جَلَسَتْهَا فِيهِ إِمَّا مِنْ أوَّلِهِ، أوْ بِالتَّحَرِّي، عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مشْكوكٌ فيه. وحُكْمُه حُكْمُ الطُّهْرِ بيَقِين في جميعِ الأحْكامِ، إلَّا في جَوازِ وَطْئِها، فإنَّها مُسْتَحاضَةٌ. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». تنبيه: قوْلُنا في الوَجْهِ الثَّاني: هو طُهْرٌ مشْكوكٌ فيه. اعلمْ أنَّ الطّهْرَ المشْكوكَ فيه حُكْمُه حُكْمُ الطُّهْرِ المُتَيَقَّنِ، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «مَجْمع البَحْرَين»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ، وتقدَّم كلامُه في «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم الأَزَجِيُّ في «النِّهايَةِ» بمَنْعِها ممَّا لا يتَعَلَّقُ بتَرْكِه إثْمٌ، كمَسِّ المُصْحَفِ، ودُخولِ المسْجدِ، والقراءةِ خارِجَ الصَّلاةِ، ونَفْلِ الصَّلاةِ والصَّوْمِ، ونحوه، قال: ويَحْتَمِلُ أنْ تُمْنَعَ عن سُنَّةٍ راتِبَةٍ. انتهى. وقيل: تَقضِي ما صامَتْه فيه. وقيل: يَحْرُمُ وَطْؤُها فيه وقبلَه، في مُبْتَدَأَةٍ اسْتُحِيضَتْ، وقُلْنا: لا تجْلِسُ الأكْثَرَ. تنبيه: قولُه: وكذلك الحُكْمُ في كلِّ مَوْضِع حَيضِ مَن لا عادةَ لها ولا تَمْيِيزَ. مِثْل المُبْتَدَأَةِ إذا لم تعْرِفْ وَقْتَ ابْتدِاءِ دَمِها، ولا تَمْيِيزَ لها. قولُه: وإنْ عَلِمتْ أيَّامَها في وَقْتٍ مِنَ الشهرِ، كنصْفِه الأوَّلِ، جَلَسَتْها فيه، إمّا مِن أوَّلِه أو بالتَّحَرِّي، على اخْتِلافِ الوَجْهَينِ المُتَقَدِّمَينِ فيما إذا عَلِمَتْ عدَدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيَّامِها ونَسِيَتْ موْضِعَها، وهي المسْأَلةُ بعَينِها؛ لأنَّها هناك علِمَتْ عدَدَ أيَّامِها ونَسِيَتْ مَوْضِعَها، وهنا كذلك، إلَّا أنَّ هذه محْصورَةٌ في جُزْءٍ مِنَ الشَّهْرِ، وفيها مِنَ الخِلافِ ما تقدَّم. وهذا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الحالِ الثَّانِي.

وَإنْ عَلِمَتْ مَوْضِعَ حَيضِهَا وَنَسِيَتْ عَدَدَهُ، جَلَسَتْ فِيهِ غَالِبَ الْحَيضِ، أَوْ أَقَلَّهُ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَلِمَتْ مَوْضِعَ حَيضِها ونَسِيَتْ عَدَدَه، جَلَسَتْ فيه غالبَ الحيضِ أو أقَلَّه. على اخْتِلافِ الرِّوايَتَينِ المُتَقَدِّمَتَينِ فيما إذا لم تكُن للمُسْتَحاضَةِ المُعْتادةِ عادةٌ ولا تَمْيِيزٌ كما تقدَّمَ، والحكمُ هنا كالحكْمِ هناك خِلافًا ومذهبًا، وقد عُلِمَ ذلك هناك، وهذا الحالُ الثَّالِثُ. وتقدَّم أنَّ الاسْتِحاضَةَ يُعْتبر تَكْرارُها إذا كان دَمُها مُتَمَيِّزًا، على الصَّحيحِ، وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، فهل يُعْتَبَرُ تَكْرارُ التَّمْييزِ أم لا؟.

وَإنْ تَغَيَّرَتِ الْعَادَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ تَقَدُّمٍ، أَوْ تَأَخُّرٍ، أَو انْتِقَالٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إِلَى ما خَرَجَ عَنِ الْعَادَةِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَينِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَغَيَّرتِ العادَةُ بزيادةٍ، أو تَقَدُّم، أو تَأخُّرٍ، أو انتقالٍ، فالمذهبُ أنها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تَلْتَفِتُ إلى ما خرَج عنِ العادةِ، حتى يَتَكَرَّرَ ثلاثًا أو مَرَّتينِ. على اخْتِلافِ الرِّوايتَينِ المُتَقَدِّمَتَينِ في المُبْتَدَأَة إذا رأَتِ الدَّمَ أكْثَرَ مِن يوْمٍ وليلَةٍ، وتقدَّمَ المذهبُ مِنَ الرِّوايتَين، وهذا هنا هو المذهبُ كما قال. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، بل كلُّ المُتَقَدِّمِين. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وعندِي أنَّها تَصِيرُ إليه مِن غيرِ تَكْرارٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وعليه العمَلُ، ولا يسَعُ النِّساءَ العملُ بغيرِه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أشْبَهُ. قال ابنُ عُبَيدان: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ، واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وأوْمَأ إليه في روايه ابنِ مَنْصُورٍ. قال المَجْدُ: ورُويَ عن أحمدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلُه. ورَدَّه (¬1) ابنُ رَزِين في شَرْحِه. [وقال الشيخُ أبو الفَرَجِ: إنْ كانتِ الزِّيادةُ مُتَمَيِّزَةً لم تَحْتَجْ إلى تَكْرارٍ] (¬2). فعلى المذهبِ، لا تَلْتَفِتُ إلى الخارِجِ عنِ العادةِ قبلَ تَكْرارِه، فتَصومُ وتُصَلِّي في المُدَّةِ الخارِجَةِ عنِ العادةِ، ولا يَقْرَبُها زَوْجُها فيها، وتَغْتَسِلُ عَقِبَ العادةِ، وعندَ انْقِضاءِ الدَّمِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يجبُ الغُسْلُ عَقِبَ الخارِجِ عنِ العادةِ، وهو قوْلٌ في «الفائقِ». وعنه، لا يحْرُمُ الوَطْءُ، ولا تغْتَسِلُ عندَ انْقِطاعِه. فإذا تكَرَّرَ ذلك مرَّتَين أو ثلاثًا، صارَ عادةً، وأعادَتْ ما فَعَلَتْه مِن واجبِ الصَّومِ، والطَّوافِ، ¬

(¬1) في: «ورواه». (¬2) زيادة من:.

وَعِنْدِي أنَّهَا تَصِيرُ إِلَيهِ مِنْ غَيرِ تَكْرَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والاعْتِكافِ. وعنه، يَحْتاجُ الزَّائدُ عنِ العادةِ إلى التَّكْرارِ، ولا يحْتاجُ إلى التَّكْرارِ في التَّقدُّمِ والتَّأَخُّرِ. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرازِىُّ: إنْ كانتِ الزِّيادةُ مُتَمَيِّزَةً، لم تحْتجْ إلى تَكْرارٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ارْتفَع حَيضُها ولم يَعُدْ، أو يَئِسَتْ قبلَ التَّكْرارِ، لم تقْضِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تقْضِي. وقال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ لُزومَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَضاءِ، كصوْمِ النِّفاسِ المشْكوكِ فيه، لِقِلَّةِ مشَقَّتِه، بخِلافِ صْومِ المُسْتحاضَةِ في طُهْرٍ مشْكوكٍ. وهو قوْلٌ في «الفائقِ».

وَإنْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ عَادَتِهَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي الْعَادَةِ فَهَلْ تَلْتَفِتُ إِلَيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإن طَهُرتْ في أثْناءِ عادَتِها، اغْتَسَلَتْ وصَلَّتْ. هذا المذهبُ، فحُكْمُها حكمُ الطَّاهراتِ في جميعِ أحْكامِها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَهُ الوَطْءُ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». ذكَرَه عنه ابنُ عُبَيدان، في النِّفاسِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ هناك. وخرَّجَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ على رِوايتَين مِنَ المُبْتَدَأَةِ، على ما تقدَّم. وقال في «الانْتِصارِ»: هو كنَقاءِ مُدَّةِ النفاسِ، في روايةٍ. وفي أُخْرى النِّفاسُ آكَدُ؛ لأنَّه لا يَتَكَرَّرُ فلا مَشَقَّةَ. وعنه، يجِبُ قَضاءُ واجبِ صوْمٍ ونحوه، إذا عاوَدَها الدَّمُ في عادَتِها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولم يعْتَبِرِ ابنُ أبي موسى النَّقاءَ الموْجودَ بينَ الدَّمَين، وأوْجبَ عليها فيه قَضاءَ ما صامَتْه فيه مِن واجبٍ ونحوه. قال: لأنَّ الطُّهْرَ الكامِلَ لا يكونُ أقلَّ مِن ثلاثةَ عشَرَ يوْمًا. تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإنْ طَهُرَتْ في أثْناء عادَتِها، اغْتَسَلَتْ وصَلَّتْ. أنَّه سواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الطُّهْرُ قليلًا أو كثيرًا. وهو صحيحٌ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: ولم يفَرِّقْ أصحابُنا بينَ قليلِ الطُّهْرِ وكثيرِه. انتهى. قال بعضُ الأصحابِ: إذا رأَتْ علامَةَ الطُّهْرِ مع ذلك. قال في «الفُروعِ»: وأقَلُّ الطُّهْرِ زَمَنَ الحيضِ أنْ يكونَ نَقَاءً خالِصًا لا تَتَغَيَّرُ معه القُطْنَةُ إذا احْتشَتْ بها، في ظاهِرِ المذهبِ. ذكَره صاحِبُ «المُحَرَّرِ». وجزَم به القاضي وغيرُه. وعن بَكْرٍ، هي طاهِرٌ إذا رأتِ البَياضَ. وذكَرَ شيخُنا أنَّه قوْلُ أكثرِ أصحابِنا، إنْ كان الطُّهْرُ ساعةً. وعنه، أقلُّه ساعةٌ. انتهى. واخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّها لا تعْتَدُّ بما دُونَ اليوْمِ، إلَّا أنْ تَرَى ما يدُلُّ عليه. وخرَّجه مِنَ الرِّوايةِ التي في النِّفاسِ. قال ابنُ تَميم: وهو أصَحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: فإنْ عاوَدَها الدَّمُ في العادةِ، فهل تَلْتَفِتُ إليه؟ على رِوايتَينِ. وأطْلقَهما «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِي»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، إحْدَاهما، تلْتَفِتُ إليه بمُجَرَّدِ العادةِ فتَجْلِسُه. وهو المذهبُ. قال في «الكافِي»: وهو الأوْلَى. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَين. واخْتارَه القاضي في رِوايَتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الإِفاداتِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «نَظْم نِهايَةِ ابنِ رَزِينِ»، وغيرِهم، وصَحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، وابنِ رَزِين، في «شَرْحِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تلْتَفِتُ إليه حتى يتَكَرَّرَ. وهو ظاهرُ كلام الْخِرَقِيِّ. واخْتارَه ابنُ أبي موسى. قال أبو بَكْرٍ: وهو الغالِبُ عن أبي عبدِ اللهِ في الرِّوايَةِ. وعنه، مشْكوكٌ فيه، فتَصومُ وتُصَلِّي، وتَقْضِي الصَّوْمَ المَفْروضَ على سَبيلِ الاحْتياطِ، كدَمِ النِّفاسِ العائدِ في مُدَّةِ النِّفاسِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا عادَ في العادةِ ولم يتَجاوَزْها، فأمَّا إنْ جاوزَ العادةَ، فلا يخْلُو، إمَّا أنْ يُجاوزَ أكثرَ الحيضِ أَوْلا، فإنْ جاوزَ أكثرَ الحيضِ، فليس بحَيضٍ، وإنِ انْقطَع لأكْثَرِ الحيضِ فما دُونَ، فمَنْ قال في المسْألةِ الأولَى: ليس العائِدُ بحَيضٍ. فهنا أوْلَى أنْ لا يكونَ حيضًا، ومَن قال: هو حَيضٌ هناك. وهو المذهبُ، فهنا ثلاثَةُ أوْجُهٍ، أحدُها، أنَّ الجميعَ ليسَ بحيضٍ إذا لم يتَكَرَّرْ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَين». والوَجْهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِي، جمِيعُه حيضٌ، بِناءً على الوَجْهِ الذي ذكرْنا أنَّه اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، في أنَّ الزَّائدَ على العادةِ حيضٌ، ما لم يعْبُر أكثرَ الحيضِ، وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». والوَجْهُ الثَّالث، ما وافقَ العادةَ فهو حيضٌ، وما زادَ عليها فليسَ بحَيضٍ. وأطْلقَهُنَّ «ابنِ عُبَيدان»، و «الزَّرْكَشِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُغْنِي»، وابنُ رَزِين، في «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ». وأمَّا إذا عاوَدَها بعدَ العادةِ، فلا يخْلُو، إمَّا أنْ يُمْكِنَ جعْلُه حيضًا أوْلا، فإنْ أمْكَن جعْلُه حيضًا، بأنْ يكونَ بضَمِّه إلى الدَّمِ الأوَّلِ، لا يكونُ بينَ طَرَفَيهما أكْثَرُ مِن خمْسةَ عَشَرَ يوْمًا، فتُلْفَقُ إحْداهما إلى الأخْرى، ويُجْعلان حيضَةً واحدةً إذا تَكَرَّرَ، أو يكونَ بينَهما أقَلُّ الطُّهْرِ ثلاثةَ عشَرَ يوْمًا، على المذهبِ، وكلُّ مِنَ الدَّمَين يصْلُحُ أنْ يكونَ حيضًا بمُفْرَدِه، فيَكونان حيضَتَين إذا تكَرَّرَ، وإنْ نقَصَ أحَدُهما عن أقلِّ الحيضِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو دمٌ فاسِدٌ، إذا لم يُمْكِنْ ضَمُّه إلى ما بعدَه. فإنْ لم يُمْكِنْ جعْلُه حيضًا لعُبورِه أكثرَ الحيضِ، وليس بينَه وبينَ الدَّمِ الأوَّلِ أقَلُّ الطُّهْرِ، فهو اسْتِحاضَةٌ، سواءٌ تَكَرَّرَ أوْ لا. ويظْهَرُ ذلك بالمِثالِ، فنقولُ: إذا كانتِ العادةُ عشَرَةَ أيَّام مَثَلًا، فرأَتْ منها خمْسةً دَمًا، وطَهُرَتِ الخمْسةَ الباقِيَةَ، ثم رأتْ خمْسةً دَمًا، وتكَرَّرَ ذلك، فالخَمْسَةُ الأولَى والثَّالثةُ حيضَةٌ واحدَةٌ، تُلَفِّقُ الدَّمَ الثَّانِي إلى الأوَّلِ. وإنْ رأتِ الثَّانِي سِتَّةً أو سبْعَةً، لم يُمْكِنْ أنْ يكونَ حيضًا. ولو كانت رأتْ يوْمًا دَمًا وثلاثةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَشَرَ يوْمًا طُهْرًا، ثم رأتْ يوْمًا دَمًا وتكَرَّرَ هذا، كانا حيضَتَين، لوُجودِ طُهْرٍ صحيحٍ بينَهما. ولو كانتْ رأتْ يوْمَين دَمًا، ثم اثْنَيْ عشَرَ طُهْرًا، ثم يوْمَين دَمًا، فهنا لا يمْكِنُ جعْلُها حيضَةً واحدةً، لزِيادَةِ الدَّمَينِ، مع ما بينَهما مِنَ الطُّهْرِ على أكثَرِ الحيضِ، ولا جَعْلُهما حيضَتَين، على المذهبِ، لانْتِفاءِ طُهْرٍ صحيحٍ، فيكونُ حيضُها منهما ما وَافقَ العادةَ، والآخرُ اسْتِحاضَةً. فائدتان؛ إحْداهما، اخْتلَف الأصحابُ في مُرادِ الْخِرَقِيِّ بقوْلِه: فإنْ عاوَدَها الدَّمُ، فلا تَلْتَفِتُ إليه حتى تَجِئَ أيَّامُها. فقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، والقاضي،

وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيضِ، مِنَ الْحَيضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ: مُرادُه إذا عاوَدَها بعدَ العادةِ، وعبَر أكثرَ الحيضِ، بدَليلِ أنَّه مَنَعَها أنْ تَلْتفِتَ إليه مُطْلقًا، ولو أرادَ غيرَ ذلك لَقال: حتى يتَكَرَّرَ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال القاضي: ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ إذا عاودَها بعدَ العادةِ ولم يعْبُرْ. فإنَّها لا تَلْتفِتُ إليه قبلَ التَّكْرَارِ. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: أرادَ مُعاودَةَ الدَّمِ في كلِّ حالٍ، سواءٌ كان في العادةِ أو بعدَها؛ لأنَّ لفْظَه مُطْلَقٌ، فيتَناوَلُ بإطْلاقِه الزَّمانَ. قال المصنِّفُ في «المُغْنِي»: وهذا أظْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الظَّاهرُ، اعْتِمادًا على الإِطْلاقِ. وسكَت عنِ التَّكْرارِ لتقَدُّمِه له فيما إذا زادَتِ العادةُ أو تقَدَّمَتْ. وعلى هذا، إذا عبرَ أكْثَرَ الحيضِ لا يكونُ حيضًا. انتهى. واخْتارَه الأصْفَهانِيُّ في «شَرْحِه». وصَحَّحَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». الثَّانيةُ: إذا عاوَدَها الدَّمُ في أثْناءِ العادةِ، وقُلْنا: لا تحْتاجُ إلى تَكْرارٍ. وجَب قضاءُ ما صامَتْه في الطُّهْرِ، وطافَتْه فيه. ذكَره ابنُ أبي موسى. وقال ابنُ تَميمٍ: وقِياسُ قوْلِ أحمدَ في مسْأَلةِ النِّفاسِ، لا يجبُ قَضاءُ ذلك. قال: وهو أصحُّ. قولُه: والصُّفْرَةُ والكُدْرَةُ في أيَّامِ الحيضِ مِنَ الحَيضِ. يعْني في أيَّام العادةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحكَى الشيخُ تَقِيّ الدِّينِ وَجْهًا، أنَّ الصُّفْرَةَ والكُدْرَةَ ليسَتا بحَيضٍ مُطْلقًا. فائدة: لو وُجِدَتِ الصُّفْرَةُ والكُدْرَةُ بعدَ زمَنِ الحيضِ، وتكَرَّرَتا، فليسَتا بحيضٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه النَّاظِمُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حمْدانَ، وغيرُهم، وهو ظاهرُ [كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ] (¬1) «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ» ابنِ عَبْدُوسٍ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ وغيرُه. وجزَم به ابنُ رَزِين، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وقدَّمه في «الفُروعِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «شَرْحِ» المجدِ، و «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «ابنِ عُبَيدان»، ونصَره. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المنْصوصُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وزادَ صاحِبُ «المُفْرَداتِ»، أنَّها لا تَغْتَسِلُ بعدَه، فقال: ليس بحيضٍ ذا ولو تَكَرَّرَ، وغُسْلُها ليس بذا تَقَرّرًا. وعنه، إنْ تكرَّرَ فهو حيضٌ. اخْتارَه جماعةْ منهمُ، القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحبُ «التَّلْخيصِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلقَهما «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وشرَط جماعةٌ مِنَ الأصحابِ اتِّصالها بالعادةِ وقطَع في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

وَمَنْ كَانتْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا، فَإِنَّهَا تَضُمُّ الدَّمَ إِلى الدَّمِ فَيَكُونُ حَيضًا، وَالْبَاقِي طُهْرًا، إلا أَنْ يُجَاوزَ أَكْثَرَ الْحَيضِ، فَتَكُونَ مُسْتَحَاضَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ حُكْمَها مع اتِّصالِ العادةِ، حُكْمُ الدَّمِ الأسْوَدِ. قال ابن تَميمٍ: فعلَى رِوايَةِ أنَّه حيضٌ، إذا تكرَّرَ، لو رأتْه بعدَ الطُّهْرِ، وتكررَ، لم تَلْتفِتْ إليه، في أصَحِّ الوَجْهَين. وصَحَّحَه في «الرِّعايَةِ». وذكَرَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في الصُّفْرَةِ والكُدْرَةِ وَجْهَين، هل هما حيضٌ مُطْلقًا، أو لا يكُونان حيضًا مُطْلَقًا؟ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في ذلك كلِّه، إذا لم يجاوزْ أحدُهما أكْثرَ الحيضِ. قاله ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الحاوي»، وغيرُهم. قوله: ومَن كانتْ تَرَى يوْمًا دمًا، ويوْمًا طُهْرًا، فإنَّها تَضُمُّ الدَّمَ إلى الدَّم، فيكونُ حَيضًا، والباقي طُهْرًا. هذا عنه على سَبيلِ ضَرْبِ المِثالِ، وإلَّا فمَتى رأت دَمًا مُتْفَرِّقًا يبْلُغُ مجمُوعُه أقَلَّ الحيضِ، ونَقاءً، فالنَّقاءُ طُهْر، والدَّمُ حيضٌ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَع به أكثرُهم. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا قوْلُ أصحابِنا. وعنه، أيَّامُ النَّقاءِ والدَّمِ حيضٌ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقيل: إنْ تقدَّم دَمٌ يبْلُغُ الأقَلَّ على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقَصَ عنِ الأقَلِّ، فهو حيضٌ تَبَعًا له، وإلَّا فلا. فعلى الأوَّلِ والثَّالثِ، تغْتَسِلُ وتصَلِّي وتصُومُ في الطُّهْرِ، ولا تَقْضِي، ويأْتِيها زَوْجُها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه الأكثرُ. وفيه وَجْهٌ، لا تحْتاجُ إلى غُسْلٍ، حتى تَرَى مِنَ الدَّمِ ما يبْلُغُ أقلَّ الحيضِ. وقال في «الفُروعِ»: ومتى انْقطَع قبلَ بلُوغِ الأقَل، ففي وُجوبِ الغُسْلِ أيضًا وَجْهان. انتهى. وكذا قال المَجْدُ في «شَرْحِه». وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحْرَين»، و «ابْنِ عُبَيدانِ»، و «الحاويَين». وقيل: تغْتَسِلُ بعدَ تَمامِ الحيضِ، في أنْصافِ الأيَّامِ فأقلَّ. قال في «الرِّعايَه الكُبْرى»: وهو أوْلَى. وقيل: بل بعدَ تَمامِ الحيضِ مِنَ الدَّمِ في المُبْتَدَأَة. وقيل: إنْ نقَصَ النَّقاءُ عن يوْمٍ، لم يكُنْ طُهْرًا تغْتَسِلُ منه، ولا تجْلِسُ غيرَ الدَّمِ الأوَّلِ. [فعلى المذهبِ، يُكْرَهُ وَطْؤها زَمَنَ طُهْرِها وَرَعًا. قدَّمه في «الرِّعايَةِ» وعنه، يُباحُ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: إلَّا أنْ يُجاوزَ أكثرَ الحيضِ، فتكونُ مُسْتَحاضَةً. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وعندَ القاضي، كلُّ مُلَفِّقَةٍ غيرِ مُعْتادَةٍ لم يتَّصِلْ دمُها المُجاوزُ الأكْثَرَ بدَمِ الأكْثرِ، فالنَّقاءُ بينَهما فاصِلٌ بينَ الحيضِ والاسْتِحاضةِ. وأطْلقَ بعضُ الأصحابِ، أنَّ الزَّائدَ اسْتِحاضَةٌ.

فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَغْسِلُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحَدُهما، ظاهرُ قولِه: والمُسْتَحاضَةُ تَغْسِلُ فَرْجَها وتَعْصِبُه، وتتَوضَّأُ لوقْتِ كُلِّ صلاةٍ. أنَّه لا يلْزَمُها إعادَةُ شَدِّه وغَسْلِ الدَّمِ لكُلِّ صلاةٍ إذا لم تُفَرِّطْ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وصَحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الفائقِ». وغيُرهم. وقيل: يلْزَمُها ذلك. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ. وقيل: يلْزَمُها، إنْ خرَج شيءٌ، وإلَّا فلا. الثَّاني، مُرادُه بقوْلِه: وتتَوَضَّأُ لوَقْتِ كلِّ صلاةٍ. إذا خرَج شيءٌ بعدَ وُضوئها، فأمَّا إذا لم يخْرُجْ شيءٌ، فلا تتَوَضَّأ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَّ عليه في مَن به سَلَسُ البوْلِ. وقيل: يجبُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، فيُعايىَ بها. قولُه: وتَتَوَضَّأ لوَقْتِ كلِّ صَلاةٍ. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. فلا يجوزُ الفرْضُ قبلَ وَقْتِه، على

كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي مَا شَاءَتْ مِنَ الصَّلَوَاتِ. وَكَذَلِكَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَالْمَذْيُ، وَالرِّيحُ، وَالْجَرِيحُ الَّذِي لَا يَرْقَأُ دَمُهُ، وَالرُّعَافُ الدَّائِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يجوزُ. حكَاه في «الرِّعايَةِ». إذا علِمْتَ ذلك، فيَحْتَمِلُ أنْ يُقال: إنَّ ظاهِرَ كلامهم، أنَّه لا يَبْطُل طُهْرُها إلَّا بدُخولِ الوقْتِ، ولا يبْطُلُ بخُروجِه. وهذا أحَدٌ الوَجْهَين. قال المَجْد في «شَرْحِه»: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. قال: وهو أوْلَى. وكذا قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين». وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، فقال: وبدُخولِ الوَقْتِ طُهْرٌ يَبْطُلُ … لمَن بها اسْتِحاضَةٌ، قد نقَلُوا لا بالخُروجِ منه لو تَطَهَّرَتْ … للفَجْرِ لم تَبْطُلْ بشَمْسٍ ظَهَرَتْ وهي شَبِيهةٌ بمسْأَلةِ التَّيَمُّمِ. والصَّحيحُ فيه، أنَّه يَبْطُل بخُروجِ الوقْتِ، كما تقدَّم. وقال القاضي: يبْطُلُ بدُخولِ الوقْتِ، وبخُروجِه أيضًا. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإنْ تَوَضَّأتْ قبلَ الوقْتِ لغيرِ فَرْضِ الوقْتِ، وقبلَ أوَّلِه، بطَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدُخولِه، وتُصَلي قبلَه نَفْلًا. ثم قال: وإنْ تَوَضَّأتْ فيه له أو لغيرِه، بطَل بخُروجِه، في الأصَحِّ، كما لو تَوَضَّأت لصَلاةِ الفَجْرِ بعَدَ طُلوعِه، ثم طلَعتِ الشَّمْسُ. انتهى. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَكانَين. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابْنِ تَميمٍ». وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، [على ما قدَّمه في «الفُروعِ». وأطلقَهما ابنُ تَميمٍ] (¬1)، وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِيّ. قولُه: وتُصَلِّي ما شاءَتْ مِنَ الصَّلوات. هذا هو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا تجْمَعُ بين فرْضَين. قال في «الفُروعِ»: أطْلقَهما غيرُ واحدٍ. وهي ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، وقيَّدَها بعضُ الأصحابِ فقال: لا تجْمَعُ بينَ فرْضَين بوُضوءٍ؛ للأمْرِ بالوضوءِ لكلِّ صلاةٍ، ولخِفَّةِ عُذْرِها؛ فإنَّها لا تُصَلِّي قائمةً، بخِلافِ المرِيض. وقال ابنُ تَميم: وظاهرُ كلامِ السَّامَرِّيِّ، أنَّ الاسْتِحاضَةَ لا تُبِيحُ الجَمْعَ. انتهى. قلتُ: قال في ¬

(¬1) زيادة من:.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»: والواجِبُ عليها أنْ تَتوضَّأَ لوَقْتِ كلِّ صلاةٍ، ولها أنْ تُصَلي بتلك الطهارَةِ ما شاءَتْ مِن صلاةِ الوقْتِ والفَوائِتِ، والنَّوافِلِ، وتجْمَعُ بينَ الصَّلاتَين في وقْتِ إحْداهما. ذكَره القاضي في «المُجَرَّدِ». وقال: ومَن توضَّأت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ودخَل عليها وقْتُ صلاةٍ، أو خرَج وقْتُ صلاةٍ، بطَلتْ طَهَارَتُها. وذكَر الْخِرَقِيُّ، وابنُ أبي موسى، أنها تتَوضَّأ لكل صلاةٍ. وظاهرُ قوْلِهما؛ أنَّه لا يجوزُ لها أنْ تُصَلِّيَ صلاتَين في وقْت، واحدٍ، لا أداءً ولا قَضاءً. وقد حمَل القاضي قوْلَ الْخِرَقِيِّ: لكلِّ صلاةٍ. على أنَّ معْناه لوَقْتِ كل صلاةٍ. وعندِي أنه محْمولٌ على ظاهِرِه؛ فيكونُ في المسْألةِ رِوايَتَان، كما في التَّيَمُّمِ. انتهى. قال في «المُغْنِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم: ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ؛ تتَوضَّأ لكلِّ فريضَةٍ. قال القاضي في «الخِلافِ» وغيرِه: تجْمَعُ بالغُسْلِ، لا تخْتلِفُ الروايَةُ فيه. نقَله المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميم وغيرُهما. وقال في «الجامِعِ الكبيرِ»: وإنَّما تجْمَعُ في وقْتِ الثَّانيةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكُبْرى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لها أنْ تطُوفَ مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه ابنُ تَميم، وابنُ حمْدانَ، ونقَل صالحٌ: لا تَطوفُ، إلَّا أنْ تَطولَ اسْتِحاضَتُها. قال أبو حَفْص البَرْمَكِي، في «مَجْمُوعِه»: لعَلَّه غَلط. الثَّانية، الأوْلَى لها أنْ تُصَلي عَقِيبَ طهارَتِها، فإنْ أخَّرَتْ لحاجَةٍ مِنِ انْتِظارِ جماعَةٍ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لسُتْرَةٍ أو تَوَجُّهٍ، أو تَنَفُّلٍ ونحوه، أو لِمَا لا بدَّ منه، جازَ. وإنْ كان لغيرِ ذلك، جازَ أيضًا، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. صَححَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وفي «مَجْمَع البَحْرَين». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يجوزُ. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». الثَّالثةُ، لو كان لها عادةٌ بانْقِطاعِه في وَقْتٍ يتَّسِعُ لِفِعْلِ الصَّلاةِ، فبِذَا تعَيَّن فِعْلُ الصلاةِ فيه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصْحابِ. وعنه، لا عِبْرَةَ بانْقِطاعِه. اخْتارَه جماعةٌ؛ منهمُ المَجْدُ، وصاحِبُ «الفائقِ». الرَّابعةُ، لو عرَض هذا الانْقِطاعُ لمَن عادَتُها الاتِّصالُ، أبطَل طهارَتَها، فإنْ وُجِدَ قبلَ الدُّخولِ في الصَّلاةِ، لم يَجُزِ الشُّروعُ فيها، فإنْ خالفَتْ وشَرَعَتْ، واسْتمَرَّ الانْقِطاعُ زَمَنًا يتَّسِعُ للوضوءِ والصَّلاةِ فيه، فصَلاتها باطِلَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ عادَ قبلَ ذلك، فطَهارَتُها صحِيحَةٌ، وفي إعادَةِ الصَّلاةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: وإنْ عرَض هذا الانْقِطاعُ لمَن عادَتُها الاتِّصالُ، ففي بَقَاءِ طُهْرِها وَجْهان؛ أحَدُهما، يجِبُ إعادَتُها. وهو الصَّحيحُ. صَححَه المَجْدُ. وقدَّمه ابنُ تَميم، والزَّرْكَشِيّ وفي «مَجْمَع البَحْرَين»، وقدَّمه ابنُ رَزِين. والوَجْهُ الثَّاني، لا تجِبُ الإِعادَةُ. الخامسةُ، لو عرَض هذا الانْقِطاعُ المُبْطِلُ للوُضوءِ في أثْناءِ الصَّلاةِ، أبطلَها مع الوضوءِ، ولَزِمَها اسْتِئْنافُهما، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. صَحَّحَه المَجْدُ. وقدمه ابنُ تَميم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عُبَيدان، والزَّرْكَشِي. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، تخْرُجُ تتَوضَّأ وَتَبْنِى. وذكَر ابنُ جامِدٍ وَجْهًا ثالِثًا، لا يبْطُل الوُضوءُ ولا الصَّلاةُ، بل تُتِمُّهما. قال الشَّارِحُ: انْبَنَى على المُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ في الصَّلاةِ. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ، واقْتصرَ عليه الشَّارِحُ، وفَرَّقَ المَجْدُ بينَهما، بأنَّ الحدَثَ هنا مُتَجَدِّدٌ، ولم يُوجَدْ عنه بدَلٌ. وتقدَّم ذلك ونظيرُه في التَّيَمُّمِ، عندَ قوْلِه: ويَبْطُل التَّيَمُّم بخُروجِ الوقْتِ. السَّادِسةُ، مُجَرَّدُ الانْقِطاعِ يُوجِبُ الانْصِرافَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الأصحابُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أنْ تكونَ لها عادَةٌ بانْقِطاعٍ يَسَيرٍ. وقيل: لا تنْصَرِفُ بمُجَرَّدِ الانْقِطاعِ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»؛ فقال: وعندِي لا تنْصَرِفُ، ما لم تَمْضِ مدَّةُ الاتِّساعِ. واخْتارَه في «البَحْرَين». وأطْلقَهما «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، فعلى المذهبِ، لو خالقَتْ ولم تنْصَرِفْ، بل مَضَتْ، فعادَ الدَّمُ قبلَ مُدَّهِّ الاتِّساعِ، فعندَ الأصحابِ، فيه الوَجْهان في الانْقِطاعِ قبلَ الشُّروعِ، على ما تقدَّم. السَّابعةُ، لو توَضَّأتْ مَن لها عادَةٌ بانْقِطاعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسيرٍ، فاتَّصلَ الانْقِطاعُ حتى اتَّسَعَ أو بَرَأت، بطَل وُضوءُها إنْ وُجِدَ منها. دَمٌ معه أو بعدَه، وإلَّا فلا. الثَّامنةُ، لو كَثُر الانْقِطاعُ، واخْتلَف بتَقَدُّم وتَأَخُّرٍ، وقلَّةٍ وكثْرَةٍ، ووُجِدَ مرَّةً وعُدِمَ اخْرَى، ولم يكُنْ لها عادَةٌ مُسْتقِيمةٌ باتِّصالٍ ولا بانْقِطاعٍ، فهذه كمَن عادَتُها الاتصالُ عندَ الأصحابِ، في بُطْلانِ الوُضوءِ بالانْقِطاعِ المُتَّسِع للوُضوءِ والصَّلاةِ دُونَ ما دُونَه، وفي سائرِ ما تقدم، إلَّا في فصْلٍ واحدٍ، وهو أنها لا تُمْنَعُ مِنَ الدُّخولِ في الصَّلاةِ، والمُضِيِّ فيها بمُجَرَّد الانْقِطاعِ قبلَ تَبَيُّنِ اتساعِه. وقال المجد في «شرحه»: والصحُيح عندنا هنا؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا عِبْرةَ بهذا الانْقِطاعِ، بل يكْفِي وجودُ الدَّمِ في شيءٍ مِنَ الوقْتِ. قال: وهو ظاهرُ كلام أحمدَ، في روايةِ أحمدَ بنِ القاسِمِ. واخْتارَه الشَّارِحُ، واخْتارَه في «مَجْمَع البَحْرَين». قال ابنُ تَميم: وهو أصَحُّ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. التَّاسعةُ، لا يكْفِيها نِيَّةُ رَفْع الحدَثِ؛ لأنَّه دائمٌ، ويكْفِي فيه الاسْتِباحَةُ. فأمَّا تعْيينُ النيةِ للفَرْضِ، فلا يُعْتبرُ على ظاهرِ كلامِ أصحابِنا. قاله ابنُ عُبَيدان. والظَّاهرُ أَنَّه كلامُ المَجْدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وكذلك مَن به سَلَسُ البَوْلِ والمَذْيُ والرِّيحُ، والجَرِيحُ الذي لا يَرْقَأ دَمُهُ، والرُّعافُ الدَّائِمُ. بلا نِزاع، لكنْ عليه أنْ يَحْتَشِيَ. نقَله المَيمُونِيُّ، وغيرُه. ونقل ابنُ هانِئ: لا يَلْزَمُه. فائدة: لو قدَر على حبْسِه حال القِيامِ لأجْلِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، لَزِمَه أنْ يرْكَعَ ويسْجُدَ. نصَّ عليه؛ كالمَكانِ النَّجِس. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَخَرَّجُ أنه يُؤمَرُ. وجزَم به أبو المَعالِي؛ لأنَّ فواتَ الشرطِ لا بَدَلَ له. وقال أبو المَعالِي أيضًا: ولو امْتنعَتِ القراءةُ، أو لحِقَه السَّلَسُ إنْ صلَّى قائمًا، صلَّى قائمًا. وقال أيضًا: لو كان لو قام وقعَد لم يحْبِسْه، ولو اسْتَلْقَى حبَسه، صلى قائمًا أو قاعِدًا؛ لأنَّ المُسْتَلْقِيَ لا نظِيرَ له اخْتِيارًا. ويأتِي قرِيبًا مِن ذلك سترُ العَوْرَةِ بعدَ قوْلِه: وإنْ وجَد السترَةَ قرِيبَةً منه.

وَهَلْ يُبَاحُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْفَرْجِ مِنْ غَيرِ خَوْفِ الْعَنَتِ؛ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وهل يُباحُ وَطْءُ المُسْتَحَاضَةِ في الفَرْجِ مِن غيرِ خَوْفِ العَنَتِ؟ على رِوايَتَين. وأطْلقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشرحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، إحْداهَما، لا يُباحُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، مع عدَمِ العَنَتِ. قال في «الكافِي»، و «الفُروعِ»: اخْتارَه أصحابُنا. وجزَم به «ناظِمُ المُفْرَداتِ» وغيرُه. وهو منها. الثانيةُ، يُباحُ. قال في «الحاويَيْن»: ويُباحُ وَطْءُ المُسْتَحَاضَةِ مِن غيرِ خَوْفِ العَنَتِ، على أصَح الروايتَين. وعنه، يُكْرَه. فعلَى المذهبِ، لو فعلَ فلا كفَّارَةَ عليه، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كالوَطْءِ في الحيضِ. وعلى الثَّانيةِ والثَّالثةِ، لا كفَّارةَ عليه، قوْلًا واحدًا. وفي «الرعايةِ» احْتِمالٌ بوُجوبِ الكفَّارَةِ. وإنْ قُلْنا: إنَّه غيرُ حَرام. تنبيهان؛ أحَدُهما، شمِلَ قوْلُه: خَوْف العَنَتِ. الزَّوْجَ، أو الزَّوْجةَ، أو هما. وهو صحيح، صرَّح به الأصحابُ. الثَّاني، مَفْهومُ كلام المُصَنِّف، أنه إذا خافَ العَنَتَ، يُباحُ له وَطْؤها مُطْلَقًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهَبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا يُباحُ إلَّا إذا عدِمَ الطَّوْلَ؛ لِنِكاحِ غيرِها. قاله ابنُ عَقِيل في

فَصل: وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أربَعُونَ يَوْمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَتَيْه. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكبْرى». وقال: الشَّبَقَ الشَّديدُ كخَوْفِ العَنَتِ. فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ شُرْبُ دواءٍ مُباحٍ لقَطْعِ الحيضِ مُطلْقًا، مع أمْنِ الضَّرَرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقال القاضي: لا يُباحُ إلا بإذْنِ الزَّوْجِ، كالعَزْلِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال: في «الفُروعِ»: يؤيِّدُهُ قوْلُ أحمدَ في بعضِ جوابِه: والزَّوْجَةُ تَسْتَأذِنُ زَوْجَها. وقال: ويتَوَجَّهُ، يُكْرَهُ. وقال: وفِعْلُ الرَّجلِ ذلك بها مِن غيرِ عِلْم يتَوَجَّهُ تحْرِيمُه، لإِسْقاطِ حَقِّها مُطْلَقًا مِنَ النَّسْلِ المقْصودِ. وقال: ويتَوَجَّهُ في الكافُورِ ونحوه له، لقَطْع الحيض. قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا شَكَّ فيه. قال في «الفائِق»: ولا يجوزُ ما يقْطَعُ الحمْلَ. ذكَره بعْضُهم. الثَّانيةُ، يجوزُ شُرْبُ دواءٍ، لحصُولِ الحيض. ذكَره الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واقْتصَر عليه في «الفُروعِ»، إلَّا قُرْبَ رَمَضانَ لتُفْطِرَه. ذكَره [أبو يَعْلَى] (¬1) الصَّغيرُ. قلتُ: وليس مخالف، والظاهرُ أنه مُراد مَنْ ذكر المسْألةَ، ويأتي في أثْناءِ النِّفاسِ، إذا شَرِبَتْ شيئًا لتُلْقِيَ ما في بَطْنِها. قولُه: وأكثَرُ النِّفَاسِ أرْبَعُون يَوْمًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، سِتُّون. حكَاها ابنُ عَقِيلٍ، فمَن بعدَه. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا حدَّ لأكثرِ النِّفاسِ، ولو زاد على الأرْبَعِين أو الستين أو السبعِين وانْقطعَ، فهو نِفَاسٌ، لكنْ إنِ اتَّصَل، فهو دَمُ فَسادٍ. وحِينَئذٍ، فالأرْبَعُون مُنْتَهَى الغالِبِ. وتقدَّم إذا رأتْه قبلَ ولادَتِها بيَوْمَين أو ثلاثَةٍ، وابْتِداءُ المُدَّةِ مِن أيِّ وَقْتٍ عندَ قوْلِه: والحامِلُ لا تحِيضُ. فَلْيُعاوَدْ. فعلى المذهبِ، لو جاوَزَ الأرْبَعِين، فالزَّائِدُ اسْتِحاضَةٌ، إنْ لم ¬

(¬1) في الأصل: «أبو المعالي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُصادِفْ عادةً ولم يُجاوزْها، فإِنْ صادفَ عادَةً ولم يُجاوزْها، فهو حيضٌ. وإنْ جاوَزَها، فاسْتِحاضَةٌ، إنْ لم يَتَكَرَّرْ، إذا لم يُجاوزْ أكْثرَ الحيض. قلت: وكذا

وَلا حَدَّ لِأقَلِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْبَغِي أنْ يكونَ الحُكْمُ بعدَ الستين على القوْلِ به. ولا فَرْقَ، وإنَّما اقْتصَر الأصحابُ على ذلك بِناءً على المذهبِ. قوله: ولا حَدَّ لأقَله. يعْني، لا حَدَّ بزَمَن. وهو المذهبُ، وعليه

أَيَّ وَقْتٍ رَأَتِ الطُّهْرَ فَهِيَ طاهرٌ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه، أَقَلُّه يوم. ذكَرها أبو الحُسَينِ، وعنه، أقلُّه ثلاثَةُ أيام. ذكَرها أبو يَعْلَى الصَّغيرُ، لقوْلِه في رِوايةِ أبي داودَ، وقد قيلَ له: إذا طَهُرَتْ بعدَ يوْم. فقال: بعدَ يوْم؛ لا يكونُ، ولكنْ بعدَ أيام. فعلى المذهبِ، لو وُجِدَ، فَأقلُّه قَطرةٌ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا فِي الْفَرْجِ حَتَّى تُتِمَّ الْأَرْبَعِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين». وقيل: مَجَّةٌ. قدَّمه في «الحاويَين»، وصَححَه. وقيل: قَدْرُ لحْظَةٍ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، بعدَ أنْ حكَى هذه الأقْوال، ورِوايةً؛ أنَّ أَقَلَّه يَوْم: وقيل: لا حَدَّ لأقَلِّه. ولم يذْكُرْ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، وغيرِهم، أنه لا حَدَّ لأقَلِّه. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ لا يَقْرَبَها زَوْجُها في الفَرْجِ حَتَّى تُتَمِّمَ الأربعين. يعْني إذا طهُرتْ في أثْناءِ الأرْبَعِين، فلو خالف وفعَل، كُرِهَ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وعليه الجمهورُ [ونصَّ عليه] (¬1)، وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. وقيل: يَحْرُمُ مع عَدَمِ خَوْفِ العَنَتِ. وقيل: يُكْرهُ إنْ أمِنَ العَنَتَ، وإلَّا فلا. وعنه، لا يُكْرَهُ وَطْؤها. ذكَره الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإذَا انْقَطعَ دَمُهَا فِي مُدَّةِ الْأرْبَعِينَ، ثُمَّ عَادَ فِيهَا فَهُوَ نِفَاسٌ. وَعَنْهُ، أنَّهُ مَشكُوكٌ فِيهِ، تَصُومُ، وَتُصَلِّي، وَتَقْضِي الصَّوْمَ الْمَفْرُوضَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا انْقَطع دَمُها في مُدَّةِ الأرْبعين، ثُم عاد فيها، فهو نِفَاسٌ. على إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَها المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكرتِه». قال في «الفائقِ»: فهو نِفَاسٌ، في أصَح الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإِفاداتِ». وقدَّمه في «المَذْهَبِ الأحمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وابنُ رَزِيق في «شَرْحِه»، و «الكافِي»، و «الهادِي». وعنه أنه مشْكوك فيه، تصُومُ وتصَلِّي، وتَقْضِي الصَّوْمَ المفْروضَ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: نقلَه واخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به في «الفُصولِ»، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، في «رُءُوس مَسائِلِهما» وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «إدْراكِ الغايةِ» وغيرِهم. وصَحَّحُه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ» وغيرِه. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيدان، وغيرُهم: هذا أشْهَرُ. وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْح»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: إنْ كان الثَّانِي يوْمًا ولَيلَةً، فهو مشْكوكٌ فيه، وإنْ كان أقَلَّ مِن ذلك، فهو دَمُ فَسادٍ، تصُومُ وتُصَلِّي معه، ولا تَقْضِي. قال المَجْد في «شَرْحِه»: وهذا لا وَجْهَ له. وقال القاضي أيضًا: إنْ كان العائِدُ يوْمًا أو يوْمَين فإنَّها تَقْضِي ما وجَب فيهما؛ مِن صوْم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وطَوافٍ، وسَعْي، واعْتِكافٍ احْتِياطًا. نقلَه ابنُ تَميمٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو وَلدَتْ مِن غيرِ دَم، ثم رأتِ الدَّمَ في أثْناءِ المُدَّةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مشْكوكٌ فيه. قال في «الفُروعِ»: مَشْكوكٌ فيه، في الأصَحِّ. وقدَّمه في «الرِّعايَة». وقيل: هو نِفَاس. قال ابنُ تَميم: يُخَرَّجُ هذا الدَّمُ على رِوايتَين؛ هل هو مَشْكُوكٌ فيه، أو نِفاسٌ؟ ثم قال: فإنْ صلَح العائِدُ أنْ يكونَ حيضًا وصادَفَ العادةَ لم يَبْقَ مَشْكوكًا فيه، سواءٌ كان زمَنُ الانْقِطاعِ طُهْرًا كامِلًا أولًا. ذكَره بعْضُ أصحابِنا، وسائِرُهم أطْلَقَ. انتهى. الثَّانيةُ، الطهْرُ الذي بينَ الدَّمَين طُهْرٌ صحيحٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، مشْكوكٌ فيه. تصُومُ، وتُصَلِّي، وتَقْضِي الصَّوْمَ الواجِبَ ونحوَه. وحُكِيَ

وَإنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ فَأولُ النِّفَاسِ مِن الأوَّلِ، وَآخِرُهُ مِنْهُ. وَعَنْهُ، أنَّهُ مِنَ الْأَخِيرِ. وَالْأَوَّلُ أصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ ابنِ أبي موسى. وعنه، تَقْضِي الصَّوْمَ مع عَوْدِه، ولا تَقْضِي الطوافَ. اخْتارَها الخَلالُ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: وإذا انْقطَعَ دَمُها في مُدَّةِ الأرْبَعِين، ثم عادَ فيها. أنَّ الطهْرَ الذي بينَهما سواءٌ كان قلِيلًا أو كثيرًا، طُهْرٌ صحيحٌ. وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ رأتِ النَّقاءَ أقَلَّ مِن يوْم، لا تَثْبُتُ لها أحْكامُ الطَّاهِراتِ. ومنها خرَّجَ المُصَنِّفُ في النَّقاءِ المُتَخَلِّلِ بينَ الحيض فيما إذا انْقطَع في أثناءِ العادةِ، ثم عادَ فيها. فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ شُرْبُ دواءٍ لإِلْقاءِ نُطْفَةٍ. ذكرَة في «الوَجيزِ»، وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال ابنُ الجَوْزِي، في أحْكامِ النِّساءِ: يحْرُمُ. وقال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ ابنِ عَقِيل، في «الفُنونِ»، أنه يجوزُ إسْقاطُه قبلَ أنْ يُنْفَخَ فيه الرُّوحُ. قال: وله وَجْهٌ. انتهى. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والأحْوَطُ أنَّ المرأةَ لا تَسْتعْمِلُ دواءً يَمْنَعُ نُفَوذَ المَنيِّ في مَجارِي الحَبَلِ. الثَّانيةُ، مَنِ اسْتمَرَّ دَمُها يخْرجُ مِن فَمِها بقَدْرِ العادةِ في وَقْتِها، وولَدتْ، فَخرَجتِ المَشِيمَةُ، وَدمُ النِّفاسِ مِن فَمِها، فغايَتُه يَنْقُضُ الوضوءَ، لأنَّا لا نتَحَقَّقُه حيضًا، كزائدٍ على العادةِ، أو كمَنِيٍّ خرَج مِن غيرِ مخْرَجِه. ذكَره في «الفُنونِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإنْ ولَدَتْ تَوأمينِ، فأوَّلُ النِّفاس مِنَ الْأوَّلِ، وآخرُه منه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، فعليها لو كان بينَ الوَلَدَين أرْبَعون يوْمًا، فلا نِفاسَ للثَّانِي. نصَّ عليه، بل هو دَمُ فسادٍ. وقيل: تَبْدَأ للثَّانِي بنفاس. اخْتارَه أبو المَعالِي، والأزجِيُّ. وقال: لا يَخْتلِفُ المذهبُ فيه. وعنه، أنَّه مِنَ الأخيرِ؛ يعْنِي أنَّ أوَّلَ النفاس مِنَ الأوَّلِ، وآخره مِنَ الأخيرِ. فعليها تَبْدَأ للثَّانِي بنِفاس مِن ولادَتِه؛ فلو كان بينَهما أرْبَعُون يوْمًا أو أكثَرُ، فهما نِفاسانِ. قاله في «الرِّعايةِ الكُبرَى»، و «التَّلْخيص». وعنهْ، نِفاسٌ واحدٌ. وهو الصَّحيحُ على هذه الروايةِ. قال ابنُ تَميم: وقال غيرُ صاحِبِ «التَّلْخيص»: الكلُّ نِفاسٌ. قلتُ: فيُعايىَ بها. وقيل: إنْ كان بينَهما طُهر تام، والثَّانِي دُونَ أقَل الحيض، فليسَ بنِفاس. قاله في «الرعايةِ الكُبْرَى». وعنه، أوَّلُه وآخِرُه مِنَ الثَّانِي. فمَا قبلَه كدَمِ الحامِلِ، إنْ كان ثَلاثةَ أيامٍ فأقَلَّ، نِفَاسٌ، وإنْ زادَ، فَفَاسدٌ. وقيلَ: بل نِفَاسٌ لا يُعَدُّ مِن غيرِ مُدَّةِ الأوَّلِ. فائدتان؛ إحْداهما، أوَّلُ مُدَّةِ النِّفاسِ مِنَ الوَضْع، إلَّا أنْ تَراه قبلَ ولادَتِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بيَوْمَين، أو ثلاثةٍ بأمَارَةٍ مِنَ المَخاض ونحوه، فلو خرَج بعدَ الوَلدِ، اعْتُدَّ بالخارِجِ معه مِنَ المُدَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وخرَّجَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، أنَّه كدَمِ الطَّلقِ، وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وفي «الفائقِ». وتقدَّم ذلك مُحَرَّرًا عندَ قوْلِه: والحامِلُ لا تحِيضُ. فَلْيُعاوَدْ. الثَّانية، يَثْبُتُ حكْمُ النِّفاس بوَضْع شيءٍ فيه خَلْقُ الإِنْسانِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. قال ابنُ تَميم، وابنُ حمْدانَ، وغيرُهما: ومُدَّةُ تَبْيِينِ خَلْقِ الانْسانِ غالِبًا ثلاثةُ أشْهُر. وقد قال المُصَنفُ، في هذا الكتابِ في بابِ العدَدِ: وأقَلُّ ما يُتَبَيَّنُ به الوَلدُ واحِدٌ وثَمانُونَ يوْمًا. فلو وَضَعَتْ عَلَقَةً أو مُضْغَةً لا تَخْطِيطَ فيها، لم يَثْبُتْ لها بذلك، حُكْمُ النِّفاس. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصَحَّحَه، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ». وعنه، يَثْبُتُ بوَضْع مُضْغَةٍ. وهما وَجهان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم. وعنه، وعَلَقَةٍ. وهو وَجْهٌ في «مُخْتَصَرِ» ابنِ تَميم وغيرِه. وقيل: يَثْبُتُ لها حُكْمُ النُّفَساءِ إذا وضَعَتْه لأرْبَعَةِ أشْهُرٍ. قدَّمه في «الرِّعاية الكُبرى». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنه رِواية مُخَرَّجَة مِنَ العِدَّةِ. قال في «الرِّعايَة الصغْرَى»: ودَمُ السَّقْطِ نِفاسٌ دُونَ دونِه في الأصَح. أي دَمُ السَّقْطِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِفاسٌ دُونَ مَن وضعَ لدُونِ أربعَةِ أشْهُرٍ. صرَّح به في «الرعاية الكُبْرَى». وصَححَه أيضًا. وقال في «الحاويَين»: ودَمُ السَّقْطِ نِفاسٌ.

آخر الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث، وأوله: كتاب الصلاة والْحَمْدُ لله حِقَّ حَمْده

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1414 هـ - 1993 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم كِتابُ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الصَّلاةِ فائدتان؛ إحْداهما، للصَّلاةِ مَعْنَيان، معْنًى في اللُّغَةِ، ومعْنًى في الشَّرْعِ؛ فمَعْناها في اللُّغةِ الدُّعاءُ، وهي في الشَّرْعِ عِبارَةٌ عَنِ الأفْعالِ المعْلومَةِ؛ مِنَ القِيامِ، والقُعودِ، والرُّكوعِ، والسُّجودِ، وما يتَعَلَّقُ به مِنَ القِراءةِ والذِّكْرِ، مُفْتَتَحَةٌ بالتَّكْبيرِ، مُخْتَتَمَةٌ بالتَّسْليمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي عِبارَةٌ عن هَيئَةٍ مخْصوصَةٍ، مُشْتَمِلَةٍ على رُكوعٍ وسُجودٍ. وذكَره. انتهى. وسُمِّيَتْ صلاةً لاشْتِمالِها على الدُّعاء. وهذا هو الصَّحيحُ الذي عليه جمهورُ العُلَماءِ مِنَ الفُقَهاءِ، وأهْلِ العَربِيَّةِ وغيرِهم. وقال بعْضُ العُلَماءِ: إنَّما سُمِّيَتْ صلاةً؛ لأنَّها ثانِيَةٌ لشهادَةِ التَّوْحيدِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُصَلِّي مِنَ السَّابقِ في الخيلِ. وقيلَ: سُمِّيَتْ صلاةً؛ لما يعودُ على صاحِبِها مِنَ البَرَكَةِ. وتُسَمَّى البَرَكَةُ صلاةً في اللُّغَةِ. وقيل: لأنَّها تُفْضِي إلى المَغْفِرَةِ التي هي مَقْصودَةٌ بالصَّلاةِ. وقيل: سُمِّيَتْ صلاةً؛ لما تَتَضَمَّنُ مِنَ الخُشوعِ، والخَشْيَةِ للهِ. مأْخُوذٌ مِن صَلَيتَ العُودَ إذا لَيَّنْتَهُ، والمُصَلِّي يلِينُ ويَخْشَعُ. وقيل: سُمِّيَتْ صلاةً؛ لأنَّ المُصَلِّيَ يتْبَعُ مَن تقَدَّمَه؛ فجِبْرِيلُ أوَّلُ مَن تقَدَّم بفِعْلِها، والنَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، تَبَعًا له ومُصَلِّيِّا، ثم المُصَلُّون بعدَه. وقيل: سُمِّيَتْ صلاةً؛ لأنَّ رأْسَ المَأْمُومِ عندَ صَلَوَى إمامِه، والصَّلَوان: عَظْمان عن يَمِينِ الذَّنَبِ ويَسارِه في موْضِعِ الرِّدْفِ، ذُكِرَ ذلك في «النِّهايَةِ» إلَّا القوْلَ الثَّانِيَ، فإنَّه ذكرَهَ في

وَهيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، بَالِغٍ عَاقِلٍ، إلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». الثَّانيةُ، فُرِضَتِ الصَّلاةُ ليلَةَ الإِسْراءِ، وهو قبلَ الهِجْرَةِ بنحو خمْسِ سِنِين. وقيل: سِتَّةٌ. وقيل: بعدَ البَعْثَةِ بنحو سَنَةٍ. تنبيه: دخَل في عُمومِ قوْلِه: وهي واجِبَةٌ على كل مُسْلمٍ. مَن أسْلَم قبلَ بلُوغِ الشَّرْعِ له؛ كمَنْ أسْلَم في دارِ الحرْبِ ونحوه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به الأكْثَرُ. قال في «الفُروعِ»: ويَقْضِيها مُسْلِمٌ قبل بلُوغِ الشَّرْعِ. وقيل: لا يقْضِيها. ذكَره القاضي. واخْتارهَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، بِناءً على أنَّ الشَّرائِعَ لا تَلْزَمُ إلَّا بعدَ العلْمِ. قال في «الفائقِ»: وخرَج رِوايَتَان في ثُبوتِ حُكْمِ الخِطَابِ قبلَ المَعْرِفَةِ. انتهى. وقيل: لا يَقْضِي حَرْبِيٌّ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والوَجْهانِ في كلِّ مَنْ تَرَكَ واجِبًا قبلَ بلُوغِ الشَّرْعِ؛ كمَن لم يَتَيَمَّمْ لعدَمِ الماءِ، لظَنِّه عدَمَ الصِّحَّةِ به، أو لم يُزَكِّ، أو أكَل حتى تبَيَّنَ له الخيطُ الأبْيَضُ مِنَ الخيطِ الأسْوَدِ، لظَنِّه ذلك، أو لم تُصَلِّ مُسْتَحاضَةٌ، ونحوُه. قال: والأصَحُّ لا فَرْضًا. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه ولم يَقْضِ، وإلَّا أَثِمَ، وكذا لو عامَلَ برِبًا، أو نكَح فاسِدًا، ثم تبَيَّنَ له التَّحْرِيمُ. قوله: وهي واجِبَةٌ على كلِّ مُسْلمٍ بالِغٍ عاقِلٍ إلَّا الحائضَ والنُّفساءَ. يعْني لا

وَتَجِبُ عَلَى النَّائِمِ، وَمَنْ زَال عَقْلُهُ بِسُكْرٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تجبُ الصَّلاةُ عليهما، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. ولنا وَجْةٌ، أنَّ النُّفَساءَ إذا طرَّحتْ نفْسَها، لا تسْقُطُ الصَّلاةُ عنها. وأطلَق الخِلافَ جماعةٌ، منهم ابنُ تَميمٍ. قوله: وتَجِبُ على النَّائِمِ ومَن زال عَقْلُه بسُكْرٍ، أو إغْماءٍ، أو شُرْبِ دَواءٍ. أمَّا النَّائمُ، فتَجِبُ الصَّلاةُ عليه إجْماعًا، ويجبُ إعْلامُه إذا ضاقَ الوقْتُ، على الصَّحيحِ. جزَم به أبو الخَطَّابِ في «التَّمْهِيدِ». وقيل: لا يجِبُ إعْلامُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يجبُ ولو لم يَضِقِ الوقْتُ، بل بمُجَرَّدِ دخُولِه. وهذه احْتِمالاتٌ مُطْلَقَاتٌ في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا مَن زال عقْلُه بسُكْرٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وجوبُ الصَّلاةِ مُطْلقًا عليه. وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكْثَرُهم. وكذا مَن زال عَقْلُه بمُحَرَّمٍ. واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، عدَمَ الوُجوبِ في ذلك كلِّه. وقال في «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ»: تَلْزَمُه بلا نِزاعٍ. وقيل: لا تجِبُ إذا سكِر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُكْرهًا. وذكَره القاضي في «الخِلافِ» قِياسَ المذهبِ. وتجِبُ على مَن زال عقْلُه بمَرَضٍ، بلا نِزاعٍ. فعلى المذهبِ؛ لو جُنَّ مُتَّصِلًا بكُرْهٍ، ففي وُجوبها عليه زمَنَ جُنونِه احْتِمالانِ. وأطْلقَهُما في «الفُروعِ». وهي لأبِي المَعالِي في «النِّهايَةِ». قلت: الذي يظْهَرُ الوجربُ تَغْلِيظًا عليه، كالمُرْتَدِّ على ما يأْتِي قريبًا. وقال ابنُ تَميمٍ: ويُباحُ مِنَ السُّمومِ تَداويًا، ما الغالِبُ عنه السَّلامَةُ، في أصَحِّ الوَجْهَين. الثَّاني، لا يُباحُ، كما لو كان الغالبُ منه الهَلاكَ، وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، والذي قدَّمه وصَحَّحَه فيه ما صَحَّحَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وأمَّا المُغْمَى عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وُجوبُها عليه مُطْلقًا. نصَّ عليه في روايةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصُورٍ، وأبي طالبٍ، وبَكْرِ بن محمدٍ، كالنَّائمِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا تجِبُ عليه، كالمَجْنونِ. واخْتارَه في «الفائقِ». وأمَّا إذا زال عقْلُه بشُرْبِ دواءٍ، يعْنِي مُباحًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وُجوبُ الصَّلاةِ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا تجِبُ عليه. وذكَر القاضي وَجْهًا؛ أنَّ الإِغْماءَ بتَناوُلِ

وَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُباحِ يُسْقِطُ الوُجوبَ، والإِغْماءَ بالمَرَضِ لا يُسْقِطُه؛ لأنَّه رُبَّما امْتَنع مِن شُرْبِ الدَّواءِ خوْفًا مِن مشَقَّةِ القَضاءِ، فتَفوتُ مصْلَحَتُه. وقال المُصَنِّف في «المُغْنِي»، ومَن تَبِعَه: مَن شَرِبَ دواءً فزال عقْلُه به، فإنْ كان زَوالًا لا يدومُ كثيرًا، فهو كالإغْماءِ، وإنْ تَطَاوَلَ، فهو كالجُنونِ. قوله: ولا تَجِبُ على كافِرٍ. الكافرُ لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ أصْلِيًّا، أو مُرْتَدًّا. فإنْ كان أصْلِيًّا، لم تَجِبْ عليه، بمَعْنَى أنَّه إذا أسْلَمَ لم يقْضِها. وهذا إجْماعٌ. وأمَّا وُجوبُها، بمَعْنَى أنَّه مُخاطَبٌ بها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم مُخاطَبون بفُروعِ الإِسْلامِ، وعليه الجمهورُ. وعنه، ليسوا بُمخاطَبِين بها. وعنه، مُخاطَبون بالنَّواهِي دُونَ الأوَامرِ. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا تَلْزَمُ كافِرًا أصْلِيًّا. وعنه، تَلْزَمُه، وهي أصَحُّ. انتهى. ومحلُّ ذلك أصُولُ الفِقْه. وإنْ كان مُرْتَدًّا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَقْضِي ما ترَكَه قبلَ رِدَّتِه، ولا يقْضي ما فاتَه زمَنَ رِدَّتِه. قال القاضي، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما: هذا المذهبُ، واخْتارَه ابن حامِدٍ، والشَّارِحُ، وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، ونصَراه، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابن حمْدانَ في «رِعايَتِه الصُّغْرى»، مع أنَّ كلامَه مُحْتَمِلٌ. قال في الفائدَةِ السَّادسَةَ عشَرَةَ: والصَّحيحُ عدَمُ وُجوبِ العِبادَةِ عليه في حالِ الرِّدَّةِ، وعدَمُ إلْزامِه بقَضائِها بعدَ عوْدِه إلى الإِسْلامِ. انتهى. وعنه، يقْضي ما ترَكَه قبل رِدَّتِه، وبعدَها. وجزَم به في «الإفاداتِ» في الصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصَّوْمِ، والحجِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». لكنْ قال: المذهبُ الأَوَّلُ. كما تقدَّم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ عُبَيدان»، ونصَره. وعنه، لا يقْضِي ما ترَكَه قبلَ رِدَّتِه ولا بعدَها. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين، واخْتارَه. وأطْلقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، واخْتارَ الأخيرةَ. وقدَّم في «الحاويَين»، أنَّه لا قضاءَ عليه فيما ترَكَه حالةَ رِدَّتِه. وأطْلقَ الوَجْهَين في وُجوبِ ما تَرَكَه قبلَ الرِّدَّةِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ويقْضِي ما تَرَكَه قبلَ رِدَّتِه، روايةً واحدةً. وقد قال المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ حُكْمِ المُرْتَدِّ: وإذا أسْلَمَ، فهل يلْزَمُه قَضاءُ ما تَرْكَه مِنَ العِباداتِ في رِدَّتِه؟ على رِوايَتْين. قال في «القَواعِدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُولِيَّةِ»: إذا أسْلَمَ المُرْتَدُّ، فهل يلْزمُه قَضاءُ ما ترَكَه مِنَ العِباداتِ زَمَنَ الرِّدَّةِ؟ على رِوايتَين. المذهبُ عَدَمُ اللُّزومِ. بنَاهُما ابنُ الصَّيرَفِيِّ والطُّوفِيُّ على أنَّ الكُفَّارَ، هل يُخاطَبون بفُروعِ الإسْلامِ أمْ لا؟ قال: وفيه نظَرٌ مِن وَجْهَين. وذكَرَهما. فائدة: في بُطْلانِ اسْتِطاعِة قادِرٍ على الحَجِّ برِدَّتِه، ووُجوبه باسْتِطاعَتِه في رِدَّتِه فقط، هاتَان الرِّوايَتَان نقْلًا ومذهَبًا. فعلى القوْلِ بالقَضاء في أصْلِ المسْأَلِةِ؛ لو طرأَ عليه جُنونٌ في رِدَّتِه، فالصَّحيحُ مِن المذهب أنَّه يقْضِي ما فاتَه في حالِ جُنونِه؛ لأنَّ عَدَمَه رُخْصَةٌ تَخْفِيفًا. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «مُخْتَصرِ ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو المَعالِي ابنُ مُنَجَّى، وغيرُه. قلت: فيُعايىَ بها. وقيل: لا يقْضِي، كالحائضِ. تنبيه: الخِلافُ المُتَقَدِّمُ في قَضاءِ الصَّلاةِ جارٍ في الزَّكاةِ إنْ بَقِيَ مِلْكُه على ما يأْتِي. وكذا هو جارٍ في الصَّوْم. فإنْ لَزِمَتْه الزَّكاةُ، أخذَها الإِمامُ، ويَنْوى بها للتعذُّرِ، وإنْ لم تكُنْ قُرْبَةً كسائرِ الحُقوقِ. والمُمْتَنِعُ مِنَ الزَّكاةِ، كالمُمْتَنِعِ مِن أداءِ الحُقوقِ. ذكَره الأصحابُ. وإنْ أسْلَمَ بعدَ أخْذِ الإِمامِ، أجْزَأَتْه ظاهِرًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه باطِنًا وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الإِجْزاءُ. وقيلَ: إنْ أسْلَمَ، قَضاها، على الأصَحِّ، ولا يُجْزِئُه إخْراجُه حال كُفْرِه. زادَ غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ: وقيل: ولا قبلَه. قاله في «الفُروعِ». ولم أفْهَمْ مَعْناه، إلَّا أنْ يريدَ إنْ أخْرَجَها قبلَ الرِّدَّةِ مُراعًى. فإنِ اسْتَمَرَّ على الإسْلامِ، أجْزَأتْ، وإنِ ارْتَدَّ، لم تُجْزِئْه، كالحَجِّ. ولم ينْقَطِعْ حوْلُه بردَّتِه فيه، وإلَّا انْقطَع. وأمَّا إعادَةُ الحَجِّ، إذا فعَلَه قبلَ رِدَّتِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لا يَلْزَمُه إعادَتُه. نصَّ عليه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا هو الصَّحيحُ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: ولا تَبْطُلُ عِباداتُه في إسْلامِه إذا عادَ، ولو الحَجَّ، على الأظْهَرِ. وجزَم به المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ حُكْمِ المُرْتَدِّ. وصَحَّحَه القاضي والمُوَفَّقُ، في شَرْحِ مَناسِكِ «المُقْنِعِ»، وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيدان»، و «الحاوي الكبيرِ»، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». ذكرَه في بابِ الحَجِّ، ونصَّ على ذلك الإمامُ أحمدُ. وعنه، يلْزَمُه. جزَم به ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، ذكرَه في كتابِ الحَجِّ، وجزَم به في «الجامِع الصَّغيرِ»، و «الإفاداتِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الحَسَنِ الجَوْزِيُّ، وجماعةٌ: يَبْطُلُ الحَجُّ بالرِّدَّةِ. واخْتارَ الإعادةَ أيضًا القاضي. وصَحَّحَه في «الرِّعايتين»، و «الحاويَين»، في كتابِ الحَجِّ، وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». ويأْتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ حُكْمِ المُرْتَدّ. فعلَى القوْلِ بلُزومِ الإِعادةِ؛ قيلَ: بحُبوطِ العَملِ. وتقدَّم كلامُ الجَوْزِيِّ، وغيرِه. وقيل: كإيمانِه، فإنَّه لا يَبْطُلُ، ويَلْزَمُه ثانيًا. والوَجْهَان في كلامِ القاضي، وغيرِه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتارَ الأكْثَرُ أنَّ الرِّدَّةَ لا تُحْبِطُ العَمَلَ إلا بالموْتِ عليها. قال جماعةٌ: الإِحْباطُ إنَّما ينْصَرِفُ إلى الثَّوابِ دُونَ حقِيقَةِ العَمَلِ؛ لبَقاءِ صِحَّةِ صلاةِ مَن صَلَّى خلْفَه، وحِلِّ ما كان ذبَحَه، وعدَمِ نقْضِ تَصَرُّفِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو أسْلَم بعدَ الصَّلاةِ في وَقْتِها، وكان قد صلَّاها قبل رِدَّتِه، فحُكْمُها حكْمُ الحَجِّ، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ في المذهبِ، على الصَّحيحِ مِنَ

وَإذَا صَلَّى الْكَافِرُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقال القاضي: لا يلْزَمُه هنا إعادةُ الصَّلاةِ، وإنْ لَزِمَه إعادةٌ الحجِّ؛ لفِعْلِها في إسْلامِه الثَّاني. وقدَّمه في الرِّعايَةِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: لا تَبْطُلُ عِبادَةٌ فَعَلَها في الإسْلامِ السَّابقِ إذا عادَ إلى الإِسْلامِ، إلَّا ما تقدَّم مِنَ الحجِّ والصَّلاةِ. وهذا المذهبُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: إنْ صامَ قبلَ الرِّدَّةِ، ففي القَضاءِ وَجْهان. قوله: ولا مَجْنونٍ. يعْنِي أنَّها لا تجبُ على المَجْنونِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تجِبُ عليه فَيَقْضِيها. وهي مِنَ المُفْرَداتِ، وأطْلقَهما في «الحاويَين». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: لا تجِبُ على الأبْلَهِ الذي لا يعْقِلُ. وقال في الصَّوْمِ: لا يجِبُ على المَجْنونِ، ولا على الأبْلَهِ اللَّذَين لا يُفِيقَان. وقال في «الرِّعايَةِ»: يقْضِي الأبْلَهُ، مع قوْلِه في الصَّوْمِ: الأبْلَهُ كالمجْنونِ. ذكرَه عنه في «الفُروعِ»، ثم قال: كذا ذكرَ. قلت: ليس المُرادُ، والله أعلمُ، ما قاله صاحِبُ «الفُروعِ». وإنَّما قال: يقْضِي على قوْلٍ. وهذا لفْظُه: ويَقْضِيها مع زَوالِ عقْلِه بنَوْم وكذا وكذا. ثم قال: وبشُرْبِ دَواءٍ. ثم قال: وقيل: مُحَرَّمٍ، أو أبَلَهٍ. وعنه، أو مَجْنونٍ. فهو إنَّما حكَى القَضاءَ في الأبْلَهِ قوْلًا. فهو مُوافِقٌ لِمَا قاله في الصَّوْمِ. فما بينَ كلامِه في الموْضِعَين تَنافٍ، بل كلامُه مُتَّفِقٌ فيهما. وجزَم بعضُ الأصحابِ، إنْ زال عقْلُه بغيرِ جُنونٍ، لم يسْقُطْ. وقدَّمه بعضُهم. وقال في القاعِدَةِ الثَّانيِة بعدَ المِائَةِ: لو ضُرِبَ رأْسُه فجُنَّ، لم يجِبْ عليه القَضاءُ، على الصَّحيحِ. قوله: وإذا صَلَّى الكافرُ، حُكِمَ بإِسْلامِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وجزَم به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكرَ أبو محمدٍ التَّمِيمِيُّ، في «شَرْحِ الإِرْشَادِ»، إنْ صَلَّى جماعَةً، حُكِمَ بإسْلامِه، لا إنْ صلَّى مُنْفَرِدًا. وقال في «الفائقِ»: وهل الحكْمُ للصَّلاةِ، أو لتَضَمُّنِها الشَّهادةَ؟ فيه وجْهان. ذكَرَهما ابنُ الزَّاغُونِيِّ. فائدة: في صِحَّةِ صلاته في الظَّاهرِ وَجْهان. وذكَرَهما ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايتَين. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». وجزَم في «المُسْتَوعِبِ»، و «الرِّعايَتْين»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم، بإعادةِ الصَّلاةِ. قال القاضي: صلاُته باطِلَةٌ. ذكرَه في «النُّكَتِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّيِن: شرْطُ الصَّلاةِ تقَدُّمُ الشَّهادةِ المسْبُوقةِ بالإِسْلامِ، فإذا تقَرَّبَ بالصَّلاةِ يكونُ بها مُسْلِمًا، وإنْ كان مُحْدِثًا، ولا يصِحُّ الائْتِمامُ به، لفَقْدِ شرْطِه، لا لفَقْدِ الإِسْلامِ، وعلى هذا عليه أنْ يُعِيدَها. والوَجْهُ الثَّاني، تصِحُّ في الظَّاهرِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. فعليه تصِحُّ إمامَتُه على الصَّحيحِ. نصَّ عليه. وقيل: تصِحُّ. قال أبو الخَطَّابِ: الأصْوَبُ أنَّه إنْ قال بعدَ الفراغِ: إنَّما فَعَلْتُها وقد اعْتقَدْتُ الإسْلامَ. قُلْنا: صلاُته صحيحةٌ، وصلاةُ مَن صلَّى خلْفَه. وإنْ قال: فعَلْتُها تَهَزُّؤًا. قبِلْنا منه فيما عليه مِن إلْزامِ الفَرائضِ، ولم نقْبَلْ منه فيما يُؤْثِرُه مِن دِينِه. قال في «المُغْنِي» (¬1): إنَّه إنْ عُلِمَ أنَّه كان قد أسلَمَ ثم ¬

(¬1) 3/ 37.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ توَضَّأَ وصلَّى بِنِيَّةٍ صَحيحَةٍ، فصلاتُه صَحِيحةٌ، وإلَّا فعليه الإعادةُ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يسْلِمُ بغيرِ فعْلِ الصَّلاةِ مِنَ العِباداتِ. والمذهبُ أنَّه يُسْلِمُ إذا أذَّنَ في وَقْتِه ومحَلِّه. لا أعلمُ فيه نِزاعًا. ويُحْكَمُ بإسْلامِه أيضًا إذا أذَّنَ في غيرِ وَقْتِه ومَحَلُّه. على الصُّحيحِ مِن المذهبِ. وهو ظاهِر ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الكبيرِ»، في بابِ الأَذانِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُحْكَمُ بإسْلامِه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميمٍ». فعلى المذهبِ، لا يُعْتَدُّ بذلك. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يُحْكَمُ بإسْلامِه بصَوْمِه قاصِدًا رمَضانَ، وزَكاةِ مالِه، وحَجِّه. وهو ظاهرُ كلامِ أكْثَرِ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، في باب المُرْتَدِّ (¬1). والْتَزَمَه المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان في غيرِ الحَجِّ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيلَ: يُحْكَمُ بإسْلامِه بفِعْلِ ذلك. اخْتارَه أبو الخطَّابِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَ القاضي، يُحْكَمُ بإسْلامِه بالحجِّ فقط. والْتزَمَه المَجْدُ، وابنُ عُبَيدان، وقيل: يُحْكَمُ بإسْلامِه ببَقِيَّة الشَّرائِعِ والأقْوالِ المُخْتَصَّةِ بنا؛ كجِنازَةٍ، وسَجْدَةِ (¬2) تِلاوَةٍ. قال في «الفُروعِ»: ويدْخُلُ فيه كلُّ ما يكْفُرُ المُسْلِمُ بإنْكارِه إذا أقَرَّ به الكافِرُ، قال: وهذا مُتّجهٌ. ¬

(¬1) انظر: المغني 12/ 275. (¬2) في ط: «سجود».

وَلَا تَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ. وَعَنْهُ، تَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَ عَشْرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجِبُ على صَبِيٍّ. لا يخْلُو الصَّبِيُّ، إمَّا أنْ يكون سِنُّه دُونَ التَّمْييزِ، أو يكونَ مُمَيِّزًا؛ فإنْ كان دُونَ التَّمْييزِ، لم تجبْ عليه العِبادةُ، قوْلًا واحدًا، ولم تصِحَّ منه، على الصَّحيحِ. وذكرَ المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّ ابنَ سَبْعٍ تصِحُّ طهارتُه. وذكرَ المصنِّفُ أيضًا، أنَّ ظاهرَ الخِرَقِيِّ، صِحَّةُ صلاةِ العاقلِ، مِن غيرِ تقْديرٍ بسِنٍّ. وذكرَ المصنِّفُ أيضًا، أنَّ ظاهرَ الخِرَقِيِّ، ابنُ ثلاثِ سنينَ أيضًا ونحوُه، يصِحُّ إسْلامُه إذا عَقَلَه. وأمَّا إنْ كان مُمَيِّزًا، أو هو ابنَ سَبْعِ سنِينَ عندَ الجمهورِ. واخْتارَ في «الرِّعايَةِ» ابنَ سِتٍّ. وقال في «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: وفي كلامِ بعضِهم ما يقْتَضِي أنَّه ابن عَشْرٍ. وقال ابنُ أبي الفَتْحِ، في «المُطْلِعِ»: هو الذي يفْهَمُ الخِطابَ، ويرُدُّ الجوابَ، ولا ينْضَبِط بسِنٍّ، بل يخْتلِفُ باخْتِلافِ الأفْهامِ. وقاله الطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه» في الأُصولِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، والاشْتِقاقُ يَدُلُّ عليه. ولعلَّه مُرادُ الأوَّلِ، وأنَّ ابن سِتٍّ أو سَبعٍ يفْهَمُ ذلك غالِبًا. وضَبَطوه بالسِّنِّ. إذا علِمْتَ ذلك، فالمذهبُ أنَّ الصَّلاةَ، غيرَها مِنَ العِباداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَدَنيَّةِ لا تَجِبُ عليه إلَّا أنْ يبْلُغَ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، تجبُ على مَن بلَغ عَشْرًا. قال في «الفائقِ»، و «القَواعِدِ»: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وظاهرُ كلامِه في الجارِيَةِ إذا بلغَتْ تِسْعًا تجِبُ عليها. وعنه، تجِبُ على المُراهِقِ. اخْتارَها أبو الحسَنِ التَّمِيمِيُّ، وابنُ عَقِيل أيضًا. ذكَرَه في «الأُصولِ». قال أبو المَعالِي: ونُقِل عن أحمدَ، في ابنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ: إذا ترَك الصَّلاةَ قُتِل: وعنه، تجِبُ على المُمَيِّزِ. ذكَرَها المصنِّفُ، وغيرُه. وأنَّه مكَّلفٌ، وذكَرَها في «المُذْهَبِ» وغيرِه في الجُمُعَةِ. قال في الجُمُعَةِ: قال في «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: وإذا أوْجبْنا الصلاةَ

وَيُؤْمَرُ بِهَا لِسَبْعٍ، وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه؛ فهلِ الوُجوبُ مخْتَصٌّ بما عَدَا الجُمُعَةَ، أم يعُمُّ الجُمُعَةَ وغيرَها؟ فيه وَجْهان لأصحابِنا. أصَحُّهما، لا يَلْزمُه الجُمُعَةُ، وإن قُلْنا بتَكْليفِه في الصلاةِ. قال المَجْدُ: هو كالإجْماعِ للخَبَرِ. قلتُ: ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ التَّسْويَةُ بينَ الجُمُعَةِ وغيرِها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، في بابِ الجُمُعَةِ، ويأْتِي أيضًا هناك. فعلي القوْلِ بعدَمِ الوُجوبِ على المُمَيِّزِ، لو فعلَها صَحَّتْ منه، بلا نِزاعٍ، ويكونُ ثَوابُ عمَلِه لنَفْسِه. ذكَرَه المُصَنِّفُ في غيرِ موْضِع مِن كلامِه. وذكَرَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. واخْتارَه ابن عَقِيلٍ في المُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنَ الفُنونِ. وقاله ابنُ هُبَيرَةَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا في بعضِ كتُبِه: الصَّبِيُّ ليس مِن أهْل الثَّوابِ والعِقابِ، ورَدَّه في «الفروعِ». وقال بعضُ الأصحابِ في طرِيقَتِه في مسْأَلَةَ تَصَرُّفِه: ثَوابُه لوالِدَيه. قوله: ويُؤْمَرُ بها لِسَبْعٍ. اعلمْ أنَّه يجِبُ على الوَلِيِّ أمْرُه بها، وتعْليمُه إيَّاها، والطَّهارةَ. نصَّ عليه في روايةِ أبي داودَ، خِلافًا لما قاله ابنُ عَقِيل في مُناظَراتِه. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ: لا يجِبُ على وَلِيِّ صغيرٍ ومجْنونٍ أنْ يُنَزِّهَهما عنِ النَّجاسةِ، ولا أنْ يُزيلَها عنهما، بل يُسْتحَبُّ. وذكَر وَجْهًا، أنَّ الطَّهارة تلْزَمُ المُمَيِّزَ. قوله: ويُضْربُ على تَرْكِها لعَشْرٍ. اعلمْ أنَّ ضرْبَ ابن عشْرٍ على ترْكِها واجِبٌ، على القوْلِ بعدَمِ وُجوبِها عليه. قاله القاضي، وغيرُه.

فَإنْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا، أوْ بَعْدَهَا فِي وَقْتِهَا لَزِمَهُ إِعَادَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حيثُ قُلْنا: تصِحُّ مِنَ الصَّغيرِ. فيُشْتَرطُ لها ما يُشْترطُ لصِحَّةِ صلاةِ الكبير مُطْلقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: إلَّا في السُّتْرَةِ؛ لأنَّ قوْلَه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لا يَقْبَل اللهُ صَلاةَ حَائِضٍ إلَّا بخِمارٍ» (¬1). يدُلُّ على صِحَّتِها بدُونِ الخِمارِ ممَّن لم تَحِضْ. قوله: فإنْ بلَغ في أثنائِها، أوْ بَعْدَها في وَقْتِها، لَزِمَه إعادَتُها. يعْنِي إذا قُلْنا: إنَّها لا تجِبُ عليه إلَّا بالبُلوغِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الجمهورُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: لا يلْزَمُه الإعادةُ فيهما. وهو تخْرِيجٌ لأبي الخَطَّابِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». واخْتارَ القاضي: أنَّه لا يجبُ قَضاؤُها إذا بلَغ بعدَ فَراغِها. اخْتارَه في «شَرْحِ المُذْهَبِ». وقيل: إنْ لَزِمَتْه وأتَمَّها كفَتْه، ولم يجِبْ قَضَاؤُها إذا بلَغ. قاله في «الرِّعايَةِ». فائدة: حيثُ وجَبتْ، وهو فيها، لَزِمَه إتْمامُها على القوْلِ بإعادَتِها. قلت: ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 20.

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيهِ الصَّلَاةُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، إلا لِمَنْ يَنْوي الْجَمْعَ، أَوْ لمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُعايىَ بها. وحيثُ قُلْنا: لا تجِبُ. فهل يلْزَمُه إتْمامُها؟ مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في مَن دخَل في نفْلٍ، هل يلْزَمُه إتْمامُه؟ على ما يأْتِي في صوْمِ التَّطَوُّعِ. وفدَّم أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ»، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان، أنَّه يُتِمُّها. وذكَر الثَّانِيَ احتِمالًا. فعلى المذهبِ في أصْلِ المسْألةِ، لو توَضَّأَ قبلَ بلُوغِه، ثم بلَغ وهو على تلك الطَّهارةِ، لم يَلْزَمْه إعادَتُها، كوُضوءِ البالغ قبلَ الوقْتِ، وهو غير مقْصودٍ في نفْسِه. وقصاراهُ أنْ يكونَ كوُضوءِ البالغ للنَّافِلَةِ، بخِلافِ التَّيَمُّمِ، على ما تقدَّم مُحَرَّرًا في التَّيَمُّمِ قبلَ قولِه: ويبْطُلُ التَّيَمُّمُ بخُروجِ الوقْتِ. فائدة: لو أسْلَم كافرٌ، لم يلْزَمْه إعادةُ الإِسْلامِ بعدَ إسْلامِه؛ لأنَّ أصْلَ الدِّينِ لا يصِحُّ نفْلًا، فإذا وُجِدَ فهو على وجْهِ الوُجوبِ؛ ولأنَّه يصِحُّ بفِعْلِ غيرِه، وهو الأبُ. وذكَر أبو المَعالِي خِلافًا. وقال أبو البَقَاءِ: الإسْلامُ أصْلُ العِباداتِ، وأعْلاها، فلا يصِحُّ القِياسُ عليه. ومع التَّسْليمِ، فقال بعضُ أصحابِنا: يجِبُ عليه إعادتُه. قوله: ولا يَجُوزُ لمَن وَجَبَتْ عليه الصلاةُ تَأْخِيرُها عَنْ وَقْتِها، إلَّا لمَن ينوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَمْعَ، أو لمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِها. زادَ غيرُ واحدٍ، إذا كان ذاكِرًا لها، قادِرًا على فِعْلِها. وهو مُرادٌ لمَن لم يذْكُرْ ذلك. ويجوزُ تأْخيرُ الصَّلاةِ عن وقْتِها لمَن يَنْوى الجمْعَ، على ما يأْتِي في بابِه؛ لأنَّ الوَقْتَين كالوقْتِ الواحدِ، لأجْلِ ذلك. وقطَع المصَنِّفُ هنا بجوازِ التَّأْخيرِ إذا كان مُشُتَغِلًا بشَرْطِها. وكذا قال في «الوَجيزِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتَين»، و «الحاويَين»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. ولم يذْكرْ الاشْتِغال بالشَّرْطِ في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النِّهايَةِ» له، وغيرِهم. واعلمْ أنَّ اشْتِغاله بشَرْطِها على قِسْمَين؛ قِسْمٌ لا يحْصُلُ إلَّا بعدَ زمَنٍ طويلٍ. فهذا لا يجوزُ تأْخيرُها لأجْلِ تحْصيلِه. جزَم به في «الفُروعِ». وقِسْمٌ يحْصلُ بعدَ زمَنٍ قريبٍ، فأكَثَرُ الأصحابِ يجَوِّزونَه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وجزَم به المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. ولم يذْكُرْه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النِّهايَةِ» كما تقدَّم. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وأمَّا قولُ بعضِ الأصحابِ: لا يجوزُ تأْخيرُها عن وقْتِها إلَّا لناوٍ جَمْعَها، أو لمُشْتَغِلٍ بشَرْطِها. فهذا لم يقُلْه أحدٌ قبلَه مِنَ الأصحابِ، بل مِن سائرِ طَوائِفِ المُسْلِمين، إلَّا أنْ يكونَ بعضُ أصحابِنا، والشَّافِعِيُّ. فهذا لا شَكَّ فيه ولا رَيبَ أنَّه ليس على عُمومِه. وإنَّما أرادَ صُوَرًا معْروفَةً، كما إذا أمْكَن الواصِلُ إلى البِئْرِ أنْ يَضَعَ حبْلًا يَسْتَقِي به، ولا يفْرَغُ إلَّا بعدَ الوقْتِ. أو أمْكَن العُرْيانَ أنْ يخِيطَ ثوْبًا، ولا يفْرَغُ إلَّا بعدَ الوقْتِ، ونحوَ هذه الصُّوَرِ. ومع هذا فالذي قاله هو خِلافُ المذهبِ المعْرْوفِ عن أحمدَ وأصحابِه، وجماهيرِ العُلَماءِ. وما أظُنُّ يوافِقه إلَّا بعضُ أصحابِ الشَّافِعِيِّ. قال: ويؤَيِّدُ ما ذكَرْناهُ أيضًا، أنَّ العُرْيانَ لو أمْكَنَه أنْ يذْهبَ إلى قرْيَةٍ يشْتَرِى منها ثوْبًا، ولا يصِلُ إلَّا بعدَ الوقْتِ، لا يجوزُ له التَّأْخيرُ، بلا نِزاعٍ. وكذلك العاجِزُ عن تعَلُّمِ التَّكْبيرِ والتَّشَهُّدِ الأخيرِ، إذا ضاقَ الوقْت، صلَّى حسَبَ حالِه. وكذلك المُسْتَحاضَة إذا كان دَمُها ينْقَطِعُ بعْدَ الوقْتِ، لم يَجُزْ لها التَّأْخيرُ، بل تُصَلِّي في الوقْتِ بحسَبِ حالِها. انتهى. وتقدَّم اخْتِيارُه إنِ اسْتَيقظَ أوَّلَ الوقْتِ. واخْتارَ أيضًا تقْديمَ الشَّرْطِ، إذا اسْتَيقَظَ آخِرَ والوَقْتِ وهو جُنُبٌ، وخافَ إنِ اغْتسَل خرَج الوقْتُ، اغْتسَل وصَلَّى، ولو خرَج الوقْتُ. وكذلك لو نَسِيَها. تقدَّم ذلك كلُّه عندَ قولِه: ولا يجوزُ لواجدِ الماءِ التَّيَمُّمُ خوْفًا مِن فواتِ المكْتوبَةِ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: في جوازِ التَّأْخيرِ لأجْلِ الاشْتِغالِ بالشُّروطِ نظَرٌ، وذلك مِن وَجْهَين؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، أنَّه لم ينْقُلْه أحدٌ مِنَ الأصحابِ ممَّن تقدَّم المُصَنِّفَ، رَحِمَهُ الله، مِمَّن يعْلَمُه، بل نقَلوا عدمَ الجوازِ، واسْتَثْنَوْا مَن نَوَى الجمْعَ لا غيرُ. وذكَر ذلك أبو الخَطَّابِ في «هِدايَتِه»، وصاحِبُ «النِّهايَةِ» فيها، وفي «خلاصَتِه». وثانيهما، أنَّ ذلك يدْخلُ فيه مْن أخَّرَ الصَّلاةَ عَمْدًا حتى بَقِيَ مِنَ الوقْتِ مِقْدارُ الصَّلاةِ، ولا وَجْهَ لجوازِ التَّأْخيرِ له. انتهى. وقال ذلك أيضًا ابنُ عُبَيدان، في «شَرْحِه». وتقدَّم في آخرِ التَّيَمُّمِ، إذا خافَ فوْتَ الصَّلاةِ المكْتوبَةِ، أو الجِنازَةِ ونحوهما. هل يشْتَغِلُ بالشَّرْطِ، أو يتَيَمَّمُ؟ ويأْتِي آخِرَ صلاةِ الخوْفِ، هل يُؤَخِّرُ الصَّلاةَ عن وَقْتِها إذا اشْتَدَّ الخوْفُ أم لا؟. تنبيه: مفْهومُ قولِه: ولا يجوزُ تَأخيرُ الصَّلاةِ عن وَقْتِها. أنَّه يجوزُ تأْخيرها إلى أثْناءِ وَقْتِها. وهو صحيحٌ؛ إذْ لا شَكَّ أنَّ أوْقاتَ الصَّلَواتِ الخَمْسِ أوْقاتٌ مُوَسَّعَةٌ. لكنْ قيَّد ذلك الأصحابُ بما إذا لم يَظُنَّ مانِعًا مِنَ الصلاةِ، كمَوْتٍ وقَتْلٍ وحيضٍ، وكمَنْ أُعِيرَ سُتْرَةً أوَّلَ الوقْتِ فقط، أو مُتَوضِّئُ عَدِمَ الماءَ في السَّفَرِ، وطهارَتُه لا تَبْقَى إلى آخرِ الوقْتِ، ولا يرْجو وُجودَه. وتقدَّم إذا كانتْ للمُسْتَحاضَةِ عادةٌ بانْقِطاعِ دَمِها في وَقْتٍ يتَّسِعُ لفِعْلِ الصَّلاةِ، أنَّه يَتَعَيَّنُ لها. فإذا انْتفَتْ هذه الموانِعُ، جازَ له تأْخيرُها إلى أنْ يَبْقى قَدْرُ فِعْلِها، لكنْ بشَرْط عزْمِه على الفِعْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يجوزُ التَّأخيرُ بدُونِ العزْمِ. واخْتارَه أبو الخطَّاب في «التَّمْهِيدِ»، والمَجْدُ. وذكرَه القاضي في بعَضِ المواضِعِ. قاله ابنُ عُبَيدان. قال في «القَواعِدِ الأُصوليَّةِ»: ومال إليه القاضي في «الكِفَايَةِ». ويَنْبَنِي على القوْلَين؛ هل يأْثَمُ المُتَرَدِّدُ حتى يضيقَ وَقْتُها عن بعضِها أم لا؟. فائدتان؛ إحْداهما، يحْرُمُ التَّأْخيرْ بلا عُذْرٍ إلى وقْتِ الضَّرورةِ. على الصَّحيح

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقاله أبو المَعالِي وغيرُه في العَصْرِ. وقيل: لا يحْرُمُ مُطْلقًا. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَهم لا يُكْرَهُ أداؤُها. ويأْتِي في بابِ شُروطِ الصلاةِ. الثانية، لو ماتَ مَن جازَ له التَّأْخيرُ قبلَ الفِعْلِ، لم يأْثَمْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يأْثَمُ. فعلى المذهبِ، يسْقطُ إذَنْ بمَوْتِه. قال القاضي وغيرُه: لَأنَّها لا تَدْخُلُها النِّيابَة، فلا فائدةَ في بَقائِها في الذِّمَّةِ، بخِلافِ الزَّكاةِ والحَجِّ.

فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا، لَا جُحُودًا، دُعِيَ إلى فِعْلِهَا، فَإنْ أَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا، وَجَب قَتْلُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ حَتَّى يَتْرُكَ ثَلَاثًا، وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ترَكها تَهَاوُنًا، لا جُحودًا، دُعِيَ إلى فعلِها، فإن أبَى حتى تَضايَقَ وَقْتُ التي بعدَها، وجَب قَتْلُه. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المشْهورُ. انتهى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وجزم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدٍ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، يجِبُ قتْلُه إذا أبَى حتى تَضايَقَ وَقْتُ أوَّلِ صلاةٍ. اخْتارَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَين»، و «الحاوي الكبيرِ» وغيرهم. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. وهو ظاهِرُ «الكافِي». وقدَّمه ابنُ عُبَيدان، وصاحِبُ «الفائقِ»، وابنُ تَميمٍ. ويأْتِي لفْظُه. وقال أبو إسْحاقَ بنُ شاقْلا: يُقْتَلُ بصلاةٍ واحدةٍ، إلَّا الأُولَى مِنَ المَجْمُوعَتَين لا يجِبُ قتْلُه بها، حتى يخْرُجَ وقْتُ الثَّانيةِ. قال المصَنِّفُ: وهذا قوْلٌ حسَنٌ. وعنه، لا يجِبُ قتْلُه حتى يتُركَ ثلاثًا، ويضيقَ وقْتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةِ. قدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُبْهِجِ». وجزَم به في «الطَّريقِ الأَقْرَبِ». وعنه، يجبُ قتْلُه إنْ ترَك ثلاثًا. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الوَاضِحِ»، والشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، والحُلْوَانِيُّ في «التَّبْصِرَةِ» روايةً؛ يجبُ قتْلُه إنْ ترَك صلاةَ ثلاثَةِ أيَّامٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: فإنْ أبَى بعدَ الدُّعاءِ حتى خرَج وَقْتُها، وجَب قتْلُه، وإنْ لم يَضِقْ وقْتُ الثَّانيةِ. نصَّ عليه. وعنه، يجِبُ قتْلُه إنْ ترَك صلاتَين. وعنه، إنْ ترَك ثلاثًا. قال: وحكَى الأصحابُ اعْتِبارَ ضيقِ وَقْتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةِ، على الرِّوايةِ الأُولَى، وضِيقِ وقْتِ الرَّابعَةِ، على الرِّوايةِ الثَّالثَةِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وغالى بعْضُ الأصحابِ؛ فقال: يُقْتَلُ لتَرْكِ الأُولَى، ولتَرْكِ كلِّ فائتَةٍ إذا أمْكَنَه مِن غيرِ عُذْرٍ؛ إذِ القَضاءُ على الفَوْرِ. تنبيه: قوْلُنا في الرِّوايِة الأُولَى: حتى تضَايَقَ وقْتُ التي بعدَها. وفي الرِّوايةِ الثَّالثةِ: ويضيقُ وقْتُ الرَّابعَةِ. قيل في الأُولَى: يضِيقُ الوقْتُ عن فعْلِ الصَّلاتَينِ. وفي الرِّوايةِ الثَّالثةِ: عن فِعْل الصَّلواتِ المتْرُوكةِ. وقدَّمه في «الحاويَين». وقيل: حتى يضيقَ وقْتُ التي دخَل وقْتُها عن فِعْلِها فقط. قدَّمه في «الرِّعايتَين». فائدتان؛ إحْداهما، الدَّاعِي له هو الإمامُ أو نائِبُه. فلو ترَك صلَواتٍ كثيرةً قبلَ الدُّعاءِ، لم يجِبْ قتْلُه، ولا يكفرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وكذا لو ترَك كَفَّارة أو نَذْرًا. وذكرَ الآجُرِّيُّ، أنَّه يكفرُ بَتْركِ الصَّلاةِ، ولو لم يُدْعَ إليها. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ. ويأتِي كلامُه في «المُسْتَوْعِبِ»، في بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، عندَ قولِه: أو اغْتَسَل. يعْني بعدَ أنْ أصْبَح. الثَّانيةُ، اخْتلَف العُلَماءُ؛ بم كفَر إبليسُ؟ فذكَر أبو إسْحاقَ بنُ شاقْلا، أنَّه كفَر بتَرْكِ السُّجودِ، لا بجُحودِه. وقيل: كفَر لمُخالفَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمْرِ الشَّفاهِيِّ مِنَ الله تِعالى؛ فإنَّه سُبحانَه وتعالى خاطَبَه بذلك. قال الشيخُ بُرْهانُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: قاله صاحِبُ «الفُروعِ» في الاسْتِعاذَة له. وقال جمهورُ العُلَماءِ: إنَّما

وَلا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا، فَإنْ تَابَ وَإلَّا قُتِلَ بِالسَّيفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كفَر؛ لأنَّه أبَى واسْتَكْبرَ، وعاندَ، وطغَى وأصَرَّ، واعْتقَد أنَّه مُحِقٌّ في تَمَرُّدِه، واستدَلَّ بأنَّه خَيرٌ مِنه، فكانَ ترْكُه للسُّجودِ تَسْفِيهًا لأمْرِ اللهِ تعالى وحِكْمَتِه. قال الإمامُ أحمدُ: إنَّما أُمِرَ بالسُّجودِ، فاسْتَكْبَرَ، وكان منَ الكافرين، والاسْتِكبْارُ كفرٌ. وقالتِ الخوارجُ: كفَر بمَعْصِيَتِه الله، وكُلُّ معْصِيَةٍ كفْرٌ. وهذا خِلافُ الإِجْماعِ. قوله: ولا يُقْتَلُ حتى يُسْتَتابَ ثلاثًا. حُكْمُ اسْتِتابَتِه هنا، حُكْمُ اسْتِتابَةِ المُرْتَدِّ، مِنَ الوُجوبِ وعدَمِه. نصَّ عليه، على ما يأْتِي، إنْ شاءَ اللهُ تعالى، في بابِه. فائدة: يصيرُ هذا الذي كفَر بتَرْكِ الصَّلاةِ مُسْلِمًا بفِعْلِ الصَّلاةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نقَل حنْبَلٌ، توْبَتُه أنْ يُصَلِّيَ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الأصْوَبُ أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصيرُ مُسْلِمًا بالصَّلاةِ؛ لأنَّ كفْرَه بالامْتِناعِ منها، وبمُقْتَضَى ما في الصُّورِ؛ أنَّه يصيرُ مُسْلِمًا بنَفْسِ الشَّهادَتَين. وقيل: يصيرُ مُسْلِمًا بالصَّلاةِ، وبالإتْيانِ بها. ذكَر ذلك في «النُّكَتِ». تنبيه: ظاهرُ قولِه: فإنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ. أنَّه لا يُزادُ على القَتْلِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقال القاضي: يُضْرَبُ ثم يُقْتلُ. وظاهرُ قولِه: أنْه لا يَكْفُر بتَرْكِ شيءٍ مِنَ العِباداتِ تَهاوُنًا. غيرُها. وهو صحيحٌ وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال ابنُ شِهَابٍ، وغيرُه: وهو ظاهرُ المذهبِ، فلا يُكْفُرُ بتَرْكِ زكاةٍ بُخْلًا، ولا بتَرْكِ صوْمٍ وحَجٍّ يحرمُ تأْخيرُه تَهاوُنًا. وعنه، يكْفُرُ. اخْتارَها أبو بكْرٍ، وقدَّم في «النَّظْمِ»، أنَّ حُكْمَها حُكمُ الصَّلاةِ. وعنه، يكْفُرُ بتَرْكِه الزَّكاةَ إذا قاتلَ عليها. وعنه، يكْفُرُ بها، ولو لم يُقاتِلْ عليها. ويأتِي ذلك في بابِ إخْراجِ الزَّكاةِ. وحيثُ قُلْنا: لا يكْفُرُ بالتَّرْكِ في غيرِ الصَّلاةِ. فإنَّه يُقْتَلُ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يُقْتَلُ. وعنه، يُقْتلُ بالزَّكاةِ فقط. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وقوْلُنا في الحجِّ: يحْرُمُ تأخيرُه كعزْمِه على ترْكِه، أو ظَنِّه الموْتَ مِن عامِه باعْتِقادِه الفَوْرِيَّةَ، يُخَرَّجُ على الخِلافِ في الحدِّ بوَطْءٍ في نِكاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه. وحمَل كلامَ الأصحابِ عليه. قال في «الفُروعِ»: وهذا واضِحٌ. ذكرَه في «الرِّعايَةِ» قوْلًا. ولا وَجْهَ له، ثم اخْتارَ في «الرِّعايَةِ»: إنْ قُلْنا بالفوْرِيَّةِ، قُتِلَ. وهو ظاهرُ كلامِ القاضي في «الخِلافِ»؛ فإنَّه قال: قِياسُ قولِه: يُقْتَلُ كالزَّكاةِ. قال القاضي: وقد ذكَرَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»؛ فقال: الحجُّ والزَّكاةُ والصَّلاةُ والصيِّامُ سوااءً، يُسْتَتابُ؛ فإنْ تابَ، وإلَّا قُتِلَ. قال في «الفُروعِ»: ولعلَّ المُرادَ في مَن لا اعْتِقادَ له، وإلَّا فالعملُ باعْتِقادِه أوْلَى. ويأْتِي مَن أتَى فرْعًا مُخْتَلَفًا فيه، هل يَفْسُقُ به أم لا؟ ويأتِي بعضُ ذلك في بابِ المُرْتَدِّ.

وَهَلْ يُقْتَلُ حَدًا أَوْ لِكُفْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال الأصحابُ: لا يُقْتَلُ بصلاةٍ فائتَةٍ؛ للخِلافِ في الفَوْرِيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ فيه ما سبَق. وقيل: يُقْتَلُ؛ لأنَّ القَضاءَ يجِبُ على الفَوْرِ. فعلى هذا، لا يُعْتبرُ أنْ يضِيق وقْتُ الثانيةِ. وتقدَّم ذلك. الثَّانيةُ، لو ترَك شرْطًا أو رُكْنًا مُجْمَعًا عليه، كالطَّهارةِ ونحوها، فحُكْمُه حُكمُ تارِكِ الصَّلاةِ. وكذا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو ترَك شَرْطًا أو رُكْنًا مُخْتَلَفًا فيه يعْتَقِدُ وُجوبَه. ذكرَه ابن عَقِيلٍ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ المصَنِّفِ ومَن تابعَه؛ المُخْتلَفُ فيه ليس هو كالمُجْمَع عليه في الحُكْمِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في «الفُصولِ» أيضًا: لا بأْسَ بوُجوب قتْلِه، كما نُحِدُّه بفِعْلِ ما يُوجِبُ الحدَّ على مذهبِه. قال في «الفُروعِ»: وهذا ضعيفٌ. وفي الأصْلِ نظرٌ مع أنَّ الفرْقَ واضِحٌ. قوله: وهل يُقْتَلُ حَدًّا، أو لكُفْرِه؟. على رِوايتَين. وأطْلقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيص» و «البُلْغةِ»، و «ابن عبَيدان»، و «الزَّرْكَشيّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشارِحِ»، إحْداهما، يُقْتَلُ لكفْرِه. وهو المذهبٌ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال صاحِبُ «الفروعِ»، والزرْكشيُّ: اخْتارَه الأ كثرُ. قال في «الفائقِ»: ونصَرَه الأكْثرونَ. قال في «الإفْصَاحِ»: اختاره جمهور أصحابِ الإمامِ أحمدَ. وذكَرَه القاضي في «شرْحِ الْخِرقيِّ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهما. وهو ظاهرُ المذهبِ. وذكَر في «الوَسِيلَةِ»، أنَّه أصَحُّ الرِّوايتَين، وأنَّها اخْتِيارُ الأثْرَمِ والبَرْمَكِيّ. قلتُ: واخْتارَها أبو بَكْرٍ، وأبو إسْحاقَ بنُ شاقْلَا، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وأصحابُه، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الرِّعايَتَين»، و «الحاويَين»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يقْتَلُ حَدًّا. اخْتارَه أبو عبدِ اللِه بنُ بَطَّةَ. وأنْكَر قوْلَ مَن قال: إنَّه يَكْفُرُ. وقال: المذهبُ على هذا، لم أجِدْ في المذهبِ خِلافَه. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقال: هو أصوْبُ القوْلَين. ومال إليه الشَّارِحُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتقدِّمُ. وصَحَّحَه المَجْدُ، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، وابنُ رَزِين، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَين». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُقْتَلُ حَدًّا. وقيل: لفِسْقِه. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قد فرَض متَأخِّرُو الفُقَهاءِ مسْألةً يمْتَنِعُ وقُوعُها؛ وهو أنَّ الرَّجُلَ إذا كان مُقِرًّا بوُجوبِ الصلاةِ، فدُعِيَ إليها ثَلًاثًا، وامْتنَع مع تهْديدِه بالقَتْلِ، ولم يُصَلِّ، حتى قُتِلَ، هل يموتُ كافِرًا أو فاسِقًا؟ على قوْلَين. قال: وهذا الفرْضُ باطِلٌ؛ إذْ يمْتَنِعُ أنْ يقْتنِعَ أنَّ اللهَ فرَضَها، ولا يَفْعَلَها، ويصْبِرَ على القَتْلِ. هذا لا يفْعَلُه أحَدٌ قطُ. انتهى. قلتُ: والعقْلُ يشْهَدُ بما قال، ويقْطعُ به، وهو عينُ الصَّواب الذي لا شكَّ فيه، وأنَّه لا يُقْتَلُ إلَّا كافِرًا. فعلى المذهبِ، حكْمُه حُكمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفَّارِ، فلا يُغَسَّلُ، ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدْفَنُ في مَقابرِ المُسْلِمين، ولا يَرِثُ مُسْلِمًا، ولا يَرثُه مُسْلِمٌ، فهو كالمُرْتَدِّ. وذكَر القاضي، يُدْفَنُ مُنْفرِدًا. وذكَر الآجُرِّيُّ، أنَّ مَن قُتِلَ مُرْتَدًّا يُتْركُ بمكانِه، ولا يُدْفَنُ ولا كرامةَ. وعليها لا يُرَقُّ ولا يُسْبَى له أهلٌ ولا ولَدٌ. نصَّ عليه. وعلى الثَّانيةِ، حُكْمُه كأهْلِ الكَبائرِ. فائدة: يُحْكَمُ بكُفْرِه حيثُ يُحْكَمُ بقَتْلِه. ذكَرَه القاضي والشِّيرازِيُّ، وغيرُهما، وهو مُقْتَضَى نصِّ أحمدَ.

باب الأذان والإقامة

بابُ الأذانِ والإقامَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الأذانِ فوائد؛ إحْداها، الأذان أفْضلُ مِنَ الإقامة، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: الإقامة أفْضلُ. وهو روايةٌ في «الفائقِ»، وقيل: هما في الفَضِيلَةِ سواءٌ. الثَّانيةُ، الأذانُ أفْضَل مِنَ الإمامَةِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قال الشيخ تقيُّ الدِّينِ: هذا أصَحُّ الرِّوايتَين، واخْتِيارُ أكثرِ الأصحاب. قال في «المُغْنِي» (¬1): اخْتارَه ابنُ أبي موسى، والقاضي، وجماعةٌ. وعنه، الإمامة أفْضلُ. وهو وَجْهٌ في «الفائقِ»، وغيرِه، واخْتارَه ابنُ حامدٍ، وابن الجَوزِيِّ. وقيل: هما سواءٌ في الفَضِيلَةِ. وقيل: إنْ عَلِمَ مِن نفْسِه القِيامَ بحُقوق الإمامَةِ وجميع خِصالِها، فهي أفْضلُ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، له الجمْع بينَهما. وذكَر أبو المَعالِي، أنَّه أفْضَل. وقال: ما صَلُحَ له فهو أفْضَل. ¬

(¬1) 2/ 55.

وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ دُونَ غَيرِهَا، لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، ظاهر قولِه: وهما مَشْروعان لِلصَّلواتِ الخمس. سواءٌ كانت حاضِرةً أوْ فائتةً، ويَحْتَمِل أنْ يُريدَ غيرَ الفائتةِ. ويأتِي الخِلافُ في ذلك قرِيبًا. ويأتِي أيضًا إذا جمع بينَ صلاتين، أو قَضاء فوائت. الثَّاني، مفْهومٌ قوله: للصَّلَواتِ الخمْس. أنَّه لا يُشرَعُ لغيرها مِنَ الصَّلواتِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يُشْرعُ للمَنْذورةِ. وأطْلقَهما ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبيدان، والزَّرْكَشي، و «الرعاية الكُبْرَى». ويأتي آخِرَ البابِ ما يقولُ لصلاة العيدِ، والكسوفِ، والاسْتسْقاءِ، والجِنازَةِ، والتِّراويحِ. الثَّالثُ، ظاهرُ قوله: للرِّجال. أنَّه مَشْروع لكل مُصلٍّ منهم، سواءٌ صلَّى في جماعَةٍ أو مُنْفرِدًا، سفَرًا أو حضَرًا. وهو صحيحٌ. قال المصَنِّف: والأفضَلُ لكلِّ مُصل أنْ يؤذِّنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقيمَ، إلَّا أنْ يكونَ يصَلِّي قضاءً أو في غيرِ وَقْتِ الأذانِ. قال في «الفُروعِ»: وهما أفْضَلُ لكلِّ مُصَلِّ، إلَّا لكلِّ واحدٍ ممَّن في المسْجِدِ، فلا يُشْرَعُ، بل حصَل له الفضِيلَةُ كقراءةِ الإمامِ للمأْمومِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وإنِ اقْتصَر المُسافِرُ أو المُنْفَرِدُ على الإقامَةِ، جازَ مِن غيرِ كَراهَةٍ. نصَّ عليه. وجَمْعُهما أفْضَلُ. انتهى. ويأْتِي قريبًا؛ هل يكونُ فَرْضَ كِفايَةٍ للمُنْفَرِدِ والمُسافِرِ أم لا؟ الرَّابعُ، مفْهومُ قولِه: للرِّجالِ. أنَّه لا يُشْرَعُ للخَناثى، ولا للنِّساءِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، بل يُكْرَه. وهو المذهبُ، وعليه الجمهور. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ مِنَ الرِّوايات. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لا يُسْتَحَبُّ لهُنَّ، في أظْهَرِ الرِّوايَتْين. وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاويَين». وعنه، يُباحان لهما مع خفْضِ الصَّوْتِ. ذكَرَهما في «الرِّعايِة». وقال في «الفُصولِ»: تُمْنَعُ مِنَ الجَهْرِ بالأذانِ. وعنه، يُسْتَحَبَّان للنِّساء. ذكَرَها في «الفائقِ». وعنه، يُسَنُّ لهُنُّ الإقامَةُ، لا الأذانُ. ذكَرَها في «الفُروعِ» وغيرِه؛ فقال في «الفُروعِ»: وفي كَراهَتِهما للنِّساءِ، بلا رَفْع صَوْتٍ، وقيلَ مُطْلقًا، رِوايَتَان، وعنه، يُسَنُّ الإقامةُ فقط. ويتَوَجَّهُ في التِّحْرِيمِ جَهْرًا، الخِلافُ في قِراءَةٍ وتَلْبيَةٍ. انتهى. ومَنَعَهُنَّ في «الواضِحِ» مِنَ الأذانِ. ذكَرَه عنه في «الفُروعِ»، في آخرِ الإحْرامِ.

وَهُمَا فَرْضٌ عَلَى الْكفَايةِ، إنِ اتَفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِمَا قَائلَهُمُ الْإمَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهما فَرْضُ كفايةِ. اعلمْ أنهما تارة يُفْعلان في الحضَرِ، وتارةً في السَّفر، فإنْ فعلَهما في الحضَرِ، فالصحيح مِنَ المذهبِ، أنَّهما فرْضُ كِفاية في القُرْى والأمْصارِ وغيرِهما. وعليه الجمهورُ، وهو من مفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، هما فرْضُ كِفايةٍ في الأمْصارِ، سُنَّة في غيرِها. وعنه، هما سُنَّةٌ مُطلقًا. قال المصَنِّفُ وغيرُه: وهو ظاهرُ كلام الخِرقيِّ. وقال في «الرَّوْضةِ»: الأذانُ فَرْضٌ، والإقامَةُ سُنَّةٌ. وعنه، هما وَاجبان للجُمعَةِ فقط. اخْتارَه ابن أبي موسى، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرُهما. وأقامَ الأدلَّةَ على ذلك. قال الزَّرْكشيُّ: لا نِزاع فيما نعْلَمُه في وُجوبِهما للجُمعَةِ؛ لاشْتراطِ الجماعَةِ لها. قلتُ: قد تقدَّم الخِلافُ في ذلك. ذكَرَه ابنُ تَميم، وصاحِبُ «الفروع»، وغيرُهما، لكن عُذْرَه أنَّه لم يطَّلِعْ على ذلك. وقال بعض الأصحابِ: يسْقُطُ الفرْضُ للجُمُعَةِ بأوَّل أذانٍ. وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُعِلا في السَّفَرِ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنهما سُنَّة. وعليه جمهورُ الأصحاب؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي، في «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشيُّ: هي المشْهورةُ، وعليها أكْثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الرعايَة الصُّغرى»، وغيرِه. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكمُ السَّفَرِ حُكْمُ الحضَرِ فيهما. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المصَنِّفِ هنا، وظاهرُ كلامِ جماعةٍ. قال الزَّرْكَشِيِّ: وهو ظاهرُ إطْلاقِ طائفةٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «ناظِمُ المُفْرَداتِ». واخْتارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: فعلى القوْلِ بأنَّهما فرْضُ كِفايةِ في أصْلِ المسْأَلَةِ، يُسْتَثْنَى مِن ذلك المُصَلِّي وحدَه، والصَّلاةُ المَنْذُورَةُ، والقَضاءُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فليس هما في حَقِّهم فرْضَ كِفايَةِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل بفَرْضيَّتِهما فيهِنَّ. وهي روايةٌ في المُنْفَرِدِ. واخْتارَه في المُنْفَرِدِ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويين»، و «الفائقِ»، وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ». و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ عُبَيدان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهر قوله: إنِ اتفَق أهْلُ بلَدٍ على تركِهما قائلهم الْإمامُ. أمَّا إذا قُلْنا: إنَّهُما سُنَّة، واتفقوا على ترْكِهما، فلا يُقاتَلون. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ وعليه جماهير الأصحابِ. وقيل: يُقاتَلون أيضًا على القوْلِ بأنَّهما سُنة. واخْتاره الشيخ تَقيُّ الدِّينِ. فائدة: يكفِي مؤذنٌ واحدٌ في المِصْرِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وأطْلقَه جماعة. وقال جماعة مِن الأصحابِ: يكفِي مُؤذِّن واحدٌ بجيثُ يُسْمِعُهم. قال المَجْدُ، وابنُ تَميم، وغيرُهما: بحيث يحْصُلُ لأهْله العلمُ. وقال في «المسْتَوْعِبِ»: متى أذَّن واحدٌ، سقط عن مَن صَلَّى معه، لا عن مَن لم يصلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معه وإنْ سَمِعه، سواءٌ كان واحِدًا أو جماعةً في المسْجدِ الذي صلّى فيه بأذانٍ أو غيرِه. وقيل: يُسْتَحَب أنْ يُؤذِّنَ اثْنان. وجزَم به في «الحاويَين». قال في «الفُروعِ»: ويَتَوجَّهُ في الفجْرِ فقط، كبلالٍ وابن أم مَكْتُوم، ولا يُسْتَحبُّ الزِّيادةُ عليهما، على الصَّحيحِ. جزَم به المصِّنف في «المُعنى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدمه في «الفروعِ»، و «ابنِ تميم»، وغيرِهما. وقال القاضي: لا يُسْتَحَبُّ الزِّيادة على أربَعَةٍ، لفِعْلِ عُثْمانَ، إلا مِن حاجَةٍ. وتابعه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتوْعِب»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويين». والأوْلَى، أنْ يؤذنَ واحدٌ بعدَ واحدٍ، ويقيمَ من أذَّنَ أوَّلًا. وإنْ لم يحْصُل الإعْلامُ بواحدٍ، في يزيدُ بقَدْرِ الحاجَةِ كلُّ واحدٍ مِن جانبٍ، أو دَفْعةً واحدةٌ بمكانٍ واحدٍ، ويقيمُ أحدُهم. قال في

وَلَا يجُوزُ أخذُ الأُجْرَةِ عَلَيهِمَا في أظْهرِ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: والمُرادُ بلا حاجَةٍ. وهو كما قال. فإنْ تشاحُّوا أُقرِعَ بينَهم. قوله: ولا يَجُوزُ أخْذُ الأجْرَةِ عليهما في أظْهر الرِّوايَتَينِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّواية الأُخْرى: يجوزُ. وعنه، يُكْرَهُ. ونقَلها حَنْبَلٌ. وقيل: يجوزُ إنْ كان فقِيرًا، ولا يجوزُ مع غنَاه. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. قال: وكذا كلُّ قُربة. ذكره عنه في «تجْريدِ العِناية». ويأتي في أثْناءَ بابَ الإجارةَ، هل تصِحُّ الإجارةُ على عَملٍ يختصُّ فاعِلُه أنْ يكونَ من أهْلِ القرْبَةِ؟

فَإنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَطوِّع بِهِمَا رَزَقَ الْإمَامُ مِنْ بَيتِ الْمَالِ مَنْ يَقُومُ بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يُوجَدْ متَطَوِّع بهما، رزَق الإمامُ مِن بَيتِ المالِ مَن يَقومُ بهما. كرِزْقِ القضاةِ ونحوهم، على ما يأتي في بابِه. وظاهر كلامِ المُصنف، أنَّه إذا وُجد متَطَوِّعٌ بهما، لا يجوزُ أنْ يرْزُقَ الإمامُ غيرَه؛ لعدَمِ الحاجَةِ إليه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، لا يجوزُ إلَّا مع امْتِيازٍ بحُسْنِ صوْتٍ.

وَيَنْبَغِي أنْ يكونَ الْمُوذنُ صَيِّتًا أمِينًا عَالِمًا بِالْأوْقَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ويَنْبغِي أنْ يكونَ المُؤذِّن صَيتًا، أمينًا، عالِمًا بالأوقاتِ. أنَّه لا فرْقَ في ذلك بينَ الحُرِّ والعَبْدِ، والبَصيرِ والأعْمَى. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه مِنَ الأصحابِ في العَبْدِ. وصرحَ به أبو المَعالِي. وقال: يسْتأذِنُ سَيِّدَه. وقال ابن هُبيرَةَ في «الإفْصاح»: وأجْمَعوا على أنَّه يُسْتَحبُّ أنْ يكونَ المُؤذنُ حُرًّا بالِغًا طاهِرًا. قال في «الفُروعِ»: وظاهر كلامِ غيره لا فرْقَ. قلتُ: قال في «المُذْهَب»: يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ حُرًّا. وأمَّا الأعْمَى؛ فصرَّح

فَإنْ تَشَاحَّ فِيهِ نفْسَانِ قُدِّمَ أفْضَلُهُمَا في ذَلِكَ، ثُمَّ أفْضَلُهُما في دِينهِ وَعَقْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بأذانِه الأصحابُ، وأنَّه لا يُكَرهُ إذا علم بالوقت. ونص عليه. فائدتان؛ إحْداهما، قوله: ويَنبغي. مرادُه، يُسْتَحب. قاله كثير مِنَ الأصحاب. الثَّانية، يشترَطُ في المُؤذِّن ذُكُورِيَّتُه، وعقْلُه، وإسْلامُه، ولا يُشترَطُ علْمُه بالوقْتِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو المعالي: يُشْتَرَطُ ذلك. ويأتِي ذكْر بقِيَّة الشُّروطِ عندَ قولِه: ولا يصِحُّ الأذانُ إلَّا مُرَتبًا. قوله: فإنْ تَشاحَّ فِيه نفْسانِ قُدِّمَ أفْضَلهما في ذلك. يعني في الصَّوْتِ والأمانَةِ

ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، فَإذَا اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والعلمِ بالوقتِ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قوله: ثم أفْضَلُهما في دِينه وعَقْلِه. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيل: يقَدَّمُ الأدْينُ على الأفْضَلِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». قوله: ثم مَن يَخْتارُه الجيرانُ. أو أكْثرُهم. وهو المذهبُ. قوله: فإنِ استوَيا أُقرِع بَينَهما. وهو المذهبُ. وقدَّم في «الكافِي» القُرْعَةَ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأفْضَلِيَّة في الصَّوت، والأمانةِ، والعلم. وعنه، تُقَدَّم القُرْعَةُ على مَن يخْتارُه الجِيرانُ. نقَلَها الجماعةُ. قاله القاضي. قدَّمه في «التلخيص»، و «البُلغةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وأطْلقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعب». وقال أبو الخَطَّابِ وغيرُه: إذا اسْتَوَيا في الأفْضَلِيَّة في الخِصال المُعْتبرَة، والأفضَلِيَّةِ في الدِّينِ والعَقْلِ، قدِّمَ أعْمَرُهم للمسْجدِ، وأتَمُّهم له مُراعاة، وأقدَمُهم تأذينًا. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «البُلغَةِ». وقال أبو الحسَنِ الآمِدِيُّ: يُقَدَّمُ الأقْدَمُ تأذِينًا، أو أبُوه. وقال: السُّنَّةُ أنْ يكونَ المُؤذِّنُ مِن أوْلادِ مَن جعَل رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الأذانَ فيه، وإنْ كان مِن غيرهم، جازَ. واعلمْ أنَّ عِباراتِ المُصَنِّفِين مُخْتلِفَة في ذلك، بعْضُها مُبايِنٌ لبعْض. فأنا أذْكرُ لفْظَ كلِّ مُصَنفٍ، تكمِيلًا للفائدةِ. فقال في «الكافِي»: فإنْ تَشاحَّ فيه اثْنانِ، قُدِّمَ أكْملهما في هذه الخِصالِ؛ وهي الصَّوتُ، والأمانةُ، والعلمُ بالوقْتِ، والبَصَرُ، فإنِ اسْتوَيا في ذلك، أُقرِعَ بينَهما. وعنه، يقَدَّمُ من يرضَاه الجِيرانُ. وقال في «الوجيز»: فإنْ تشاح اثنانِ، قُدِّمَ الأدْيَن الأفْضَلُ فيه، ثم من قرَع. وقال في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»: ويُقَدَّم الأفْضل فيه، ثم الأدْيَنُ، ثم مُخْتارُ جارٍ مُصَلٍّ، ثم من قرَع. وهي طريقَة المصَنِّفِ بعينها، لكنْ شرَط في الجار أنْ يكونَ مُصَليًّا، وهو كذلك. وقال في «الفائقِ»: يُقَدَّمُ عندَ التَّشاحُنِ أفْضلُهما في ذلك، ثم في الدِّينِ، ثمْ مَن يَخْتارُه الجِيرانُ، فإنِ استوَيا فالإقراعُ. وقال في «المنَوِّرِ»، و «المُنْتخَبِ»: ويُقَدَّمُ الأفْضلُ فيه، ثم في دِينه، ثم مُرتضَى الجيرانِ، ثم القارِعُ. وقال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويُقدَّمُ أعْلَمُ، ثم أدْيَنُ، ثم مُخْتار، ثم قارِعٌ. فهؤلاءِ الأرْبَعَة طريقَتُهم كطريقَةِ المُصَنِّف، وقال النَّاظمُ: يُقَدَّمُ مُتْقِنٌ عندَ التَّنازُعِ، ثم أدْينُ، ثم أعْقَل، ثم مَن يَخْتارُه الجيرانُ، ثم الإقْراعُ. فقام الأدْيَنَ على الأعْقلِ، ولا يُنافي كلامَ المُصَنِّفِ وقال في «الرِّعاية الكُبْرى»: وإنْ شاحَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه اثنان، قُدِّم مَن له التَّقْديمُ، ثم الأعْقَلُ، ثم الأدْيَنُ، ثم الأفْضَل فيه، ثم الأخْبَرُ بالوقْت، ثم الأعْمر للمسْجدِ المُراعِي له، ثم الأقْدَمُ تأذِينًا فيه. وقيل: أو أبُوه، ثم مَن قرع مع التَّساوى. وعنه، بل من رَضِيَه الجِيران. وقيل: يُقدَّم أفْضَلهما في صوْتِه، وأمانتِه، وعلْمِه بالوقْتِ، ثم في دِينه وعقْلِه. وهذا القوْلُ الأخير طريقةُ المُصَنِّفِ ومَن تابَعَه. وهي المذهبُ، كما تقدم. وقال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: فإنْ تَشَاحَّ اثْنانِ، قُدِّمَ الأدْينُ، ثم الأفْضَل فيه، ثم الأخْبَرُ بالوقْتِ، ثم الأعْمَرُ للمسْجد المُراعِي له، ثم الاُقْدَمُ تأذِينًا فيه، ثم مَن قرَع. وعنه، مَنْ رَضِيَه الجِيران. وقال في «الإفاداتِ»: فإن تشاحَّ فيه اثْنانِ، قدِّمَ أدْيَنُهما، ثم أفْضَلهما، ثم أعْمَرهما للمسْجدِ، وأكْثَرُ هما مُراعاةً له، ثم أسبقهما تأذِينًا فيه، ثم مَن رَضِيَه الجِيرانُ، ثم مَن قرَع. وقال في «الحاويَين»: وإنْ تَشَاحَّ فيه اثْنانِ، قدِّمَ الأفْضَل فيه، والأدْيَنُ الأعْقَل، الأخْبَر بالوقْتِ، الأعْمر للمسْجد، المُراعي له، الأقْدَمُ تأذِينًا، ثم مَن قرَع. وعنه، مَن رَضِيَه الجِيران. وقال في «إدْرَاكِ الغاية»: وأحَقُّهم به أفْضَلهم، ثم أصْلَحهم للمسْجدِ، ثم مُخْتارُ الجيرانِ، ثم القارِعُ. وعنه، القارعُ، ثم مُخْتارُ الجيرانِ. وقال في «التَّلْخيص»، و «البلْغةِ»: فإنْ تَشَاحُّوا، قُدِّمَ أكْمَلهم في دِينِه وعقلِه وفضلِه، فإنْ تَشَاحُّوا، أُقْرِعَ بينَهم، إلَّا أنْ يكونَ لأحَدِهم مَزِيَّةٌ في عِمارَةِ المسْجدِ، أو التقْديمِ بالأذانِ. وعنه، يقومُ من يَرْتَضِي الجيرانُ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهب»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال في «الفُصولِ»: وإنْ تشاحُّوا، قدِّمَ مَن رَضِيَه الجِيرانُ، في إحْدَى الرِّوايتين. والأخْرَى يُقَدَّمُ مَن تخْرِجُه القُرْعَةُ. ولم يزدْ عليه. وقال في «المُبْهِج»: وإنْ تشاحَّ اثْنانِ في الأذانِ، أذَّنَ أحَدُهما بعدَ الآخَرِ. ولم يَزِدْ عليه. وقال في «الفُروعِ»: ومع التَّشاجُرِ يُقَدَّمُ الأفْضَل في ذلك، ثم الأدْينُ. وقيلَ: يقَدَّمُ هو، ثم اخْتِيار الجِيرانِ، ثم القُرْعَةُ. وعنه، هي

وَالْأذَان خَمس عَشْرَةَ كَلِمَةً لَا ترجِيعَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَهم. نقَله الجماعةُ. قاله القاضي. وعنه، يُقدَّمُ عليهما بمَزيةِ عِمارَةٍ. وقيل: أو سبْقِه بأذان. انتهى. وهي أحسَنُ الطرقِ وأصَحها. ولم يذْكُرِ المسْألةَ ابنُ تميم، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «العُقُودِ»، و «الجامِع الصَّغير». قوله: والأذَانُ خَمسَ عَشْرةَ كلمة، لا ترجيعَ فيه. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن المخْتارَ منَ الأذانِ أذانُ بِلالٍ، وليس فيه ترجِيع، وعليه الإمامُ والأصحابُ. وعنه، الترجيعُ أحَبُّ إلَيَّ، وعليه أهلُ مكةَ إلى اليومِ. نقلها حَنْبَل. ذكَره القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التعليق». فائدة: قال أبو المَعالِي في «النهاية»: يكْرَهُ أنْ يقولَ قُبَيل الأذانِ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (¬1). وقال في «الفُصُولِ»: لا يوصل الأذانُ بذِكرٍ قبْلَه، خِلافَ ما عليه أكثرُ العوام اليومَ، وليس موطِنَ قرآن، ولم يُحفَظْ في السلَفِ، فهر محدَث. انتهى. وقال في «التبصرة»: يقولُ في آخرِ ¬

(¬1) سورة الإسراء 111.

وَالْإقَامَةُ إحدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً. فإن رَجَّعَ فِي الْأذَانِ أوثَنَّى الْإقَامَةَ فَلا بَأسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دُعاءِ القُنوتِ: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}. الآية. فقال في «الفروعِ»: فيتَوَجَّهُ عليه قوْلُها قبلَ الأذانِ. قوله: والإقامَة إحدَى عَشرة كلمةً. هو المذهبُ، وعليه الأمامُ والأصحابُ. وعنه، هو مُخير بينَ هذه الصفَةِ وتثنيتها. فائدة: لا يشرعُ الأذان بغيرِ العَرَبِيةِ مُطْلقا. على الصَّحيح مِنَ المذهب. وقل: لا يجوزُ الأذانُ بغيرِ العَربية، إلَّا لنفسِه مع عَجْزِه. قاله أبو المعالي. ذكَرَه عنه في «الفروع»، في آخرِ بابِ الإحرامَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن رَجَّعَ في الْأذَان، أو ثنَّى في الإقامةِ، فلا بأس. وهذا المذهبُ، وعليه الإمامُ والأصحابُ. وعنه، لا يُعجِبني ترجِيعُ الأذانِ. وعنه، الترجِيعُ وعدَمُه سواء. فائدة: الترجيعُ قوْلُ الشهادتين سِرًّا بعدَ التكْبيرِ، ثم يجهر بهما.

وَيَقُولُ فِي أذَانِ الصبحِ: الصلَاةُ خَيرٌ مِنَ النوْمِ. مَرتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويقولُ في أذان الصبحِ: الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّوْمِ. مَرَّتَين. لا نِزاعَ في اسْتِحبابِ قوْلِ ذلك، ولا يجِبُ على الصحيح مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب. وعنه، يجِبُ ذلك. جزَم به في «الروْضَةِ». واخْتاره ابنُ عَبْدُوس في «تذْكِرَتِه»، وهو مِنَ المُفْردات. فائدتان؛ إحداهما، يُكْرَه التثويبُ في غيرِ أذانِ الفَجْرِ، ويُكْرهُ بعدَ الأذانِ أيضًا. ويُكْرهُ النداء بالصلاةِ بعدَ الأذانِ. والأشْهرُ في المذهب كَراهةُ نِداءِ الأمَراءِ بعدَ الأذانِ، وهو قوْلُه: الصلاةَ يا أميرَ المُومِنين، ونحوُه. قال في «الفُصُول»: يُكْرهُ ذلك، لأنه بِدعَة. ويحتَمِلُ أنْ يُخْرِجَه عن البدعه لفِعلِه زمَن معاويةَ. انتهى.

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَتَرَسَّلَ فِي الأذَانِ، وَيحدُرَ الإقَامَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانيةُ، قوله: ويستحبُّ أنْ يَتَرَسّلَ في الأذَانِ، ويحدُرَ الإقامةَ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ قال ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْص، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ: إنَّه يكونُ في حالِ ترَسُّلِه وحَدرِه لا يصِلُ الكلامَ بعضَه ببَعضٍ مُعرَبًا، بل جَزْمًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإسْكانًا. وحكَاه ابنُ بطَّةَ عن ابن الأنبَارِى، عن أهْلِ اللغةِ. قال: ورُوِيَ عن إبْراهيمَ النخعِي أنه قال: شَيئان مجْزُومان، كانوا لا يُعرِبُونهما، الأذانُ، والإقامة. قال: وقال أيضًا: الأذانُ جَزْم. قال المجد في «شرحه»: معناه اسْتحبابُ تَقْطيِع الكلِماتِ بالوَقْفِ على كل جُملة، فيَحصُلُ الجزْم والسكونُ بالوَقْفِ، لا أنّه مع عدَم الوقفِ على الجُملَةِ يتركُ إعرابُها، كما قال. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: ويُستحَب أن يتَرسَّلَ في الأذانِ، ويَحدرَ الإقامةَ، وأنْ يقِفَ على كل كلمةٍ. وقال ابنُ بَطةَ: يسْتحَب تَركُ الإعرابِ فيهما. قال في «الفُروع»:

وَيُؤذِّنَ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا عَلَى مَوْضِع عَالٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَجْزمهما، ولا يعربُهما. وكذا قَال غيره. قوله: ويؤذِّنَ قائمًا. يعني؛ يسْتَحبُّ أنْ يؤذنَ قائمًا، فلو أذنَ أو أقام قاعدا، أو راكبًا لغيرِ عُذْرٍ، أو ماشِيا، جاز، ويكْرَهُ. على الصحيح مِن المذهب. قال المصنِّفُ، والشارح، وغيرُهما: فإنْ أذنَ قاعِدًا لغيرِ غذْرٍ، فقد كَرهه أهل العلْمِ، ويصِح. وهو ظاهر ما جزم به في «الوَجيز» لغير القائمِ. وقدمه ابن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ في الجميع. وقال أحمدُ: إنْ أذَّنَ قاعدًا، لا يعجبني. وجزَم في «التَّلخيص» بالكَراهةِ للمَاشِي، وبعدَمِها للرَّاكبِ المسافرِ. قال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: ويُباحان للمُسافرِ ماشِيا وراكبًا في السفينةِ والمَرَض جالسًا. وقاله في «الحاويين». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ويباحَان للمسافرِ حال مَشْيِه وركوبه، في روايَةِ. وقال في مَكانٍ آخَرَ: ولا يمشِي فيهما، ولا يركَب. نصَّ عليه، فإنْ فعَل، كرِه. وقال في «الفائق»: ويباحان للمسافرِ ماشِيًا وراكِبا. انتهى. وعنه، لا يُكْرَه ذلك في الكُلِّ. وعنه، يُكْرَه. وعنه، يكْرَه في الحضَرِ دُونَ السفَرِ. قال القاضي: إنْ أذَّنَ راكبا أو ماشِيًا حَضرًا، كُره. وعنه، يكْره ذلك في الإقامَةِ في الحضر. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ أذنَ قاعِدًا، أو مَشَى فيه كثيرًا، بَطَلَ، وهو مِنَ المُفْرَدات. وهو روايةٌ في الثانيةِ. وقال في «الرعاية»: وعنه، إنْ مشَى في الأذانِ كثيرًا غرفًا، بطل. ومال الشيخ تَقي الدِّين، إلى عدَمِ إجْزاءِ أذانِ القاعدِ. وأطْلَقهن في «الفروعِ» بعنه وعنه. وحكَى أبو البقاءِ، في «شَرحِه»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً؛ أنه يُعيدُ إنْ أذن قاعدًا. قال القاضي: هذا مَحمول على نَفْي الاسْتِحبابِ. وحمَله بعضُهم على نَفْي الاعتِدادِ به. قوله: متطَهِّرًا. يعني أنه تُسْتحبُّ الطهارةُ له. وهذا بلا نِزاعٍ من حيث الجملةُ. ولا تجبُ الطهارة الصغْرَى له، بلا نِزاعٍ. ويصِحُّ الأذانُ والإقامة، لكنْ تكْره له الإقامة، بلا نزاع. جزم به في «الفروعِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الرِّعايه»، و «ابنِ تميم»، و «الزَّركَشِي»، وغيرِهم. ولم يكْرهِ الأذانُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الرعايةِ»، و «ابنِ تميم»، و «الزركشي»، و «الفُروعِ». وقيلَ: يكْرهُ الأذان أيضًا. وهي في الإقامةِ أشَدُّ. وجزَم به في «المستوعب»، و «التلخيصِ». ويصح عِنَ الجُنُبِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحاب. ونص عليه في روايةِ حَرب. وعنه، يعيد. اخْتارَه الخِرَقي، وابنُ عبدوس المُتقدمُ. وأطْلَقَهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الإيضاحِ». فعلى المذهبِ، قال في «الفُروع»: يتوَجَّهُ في إعادته احتِمالان. فعلى المذهب إنْ كان أذانُه في مسْجدٍ، فإنْ كان مع جَواز اللبث، إما بوضوءٍ على المذهب، أوَ بحبسٍ ونحو ذلك، صَحَّ. ومع تحريمِ اللبثِ، هو كالأذانِ، والزَّكَاةِ في مَكانٍ غَصْبٍ. وفي ذلك قوْلان، المذهبُ عند المَجْدِ وغيرِه الصِّحّة. والمذهبُ عندَ ابن عَقِيل في «التذْكِرَةِ»، البطْلانُ. وهو مقتَضَى قول

فَإذَا بَلَغَ الْحَيعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلم يَسْتَدِرْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبدوسٍ المتقدمِ، وقطع باشْتِراطِ الطهارةِ كمَكانِ الصلاةِ. قوله: فإذا بلَغ الحَيعلَةَ التفَت يَمينا وشمالًا، ولم يَسْتَدر. هذا المذهب مُطْلقا، وعليه الجمهورُ. وقال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهر. وجزم به في «الوَجيز»، و «المنتخَبِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابن عبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، و «المحَرر». وعنه، يزيلُ قدمَيه في منارةٍ ونحوها. نصرَه القاضي في «الخلافِ» وغيره. واخْتارَه المَجْدُ. وجزَم به في «الروْضَةِ»، و «المذْهب الأحمَد»، و «الإفَادَاتِ»، و «المنور». قلتُ: وهو الصواب؛ لأَنه أبلَغ في الإعلامِ، وهو المعمول به. زادَ أبو المَعالي، يفْعَلُ ذلك مع كِبَرِ البلدِ. وأطْلقَهُما في «المُسْتوعِبِ»، و «التلْخيص»، و «البلغةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائق»، و «ابنِ عُبَيدان». قال في «الإقْنَاع»: يشرع إزالةُ قدمَيه في المَنارَةِ. فعلى المذهبِ، قال في «الفُروع»: وظاهِرُه يزيلُ صدره. انتهى. قلت: قال في «التلْخيص»: ولا يُحَوَّلُ صدره عن القِبلَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهر قولِه: الْتفَت يمِينًا وشِمالًا. أنَّه سواءٌ كان على مَنارة، أو غيرِها، أو على الأرض. وهو صحيح. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، وجزَم به أكثرُهم. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: إنْ أذَّنَ في صَوْمعةٍ، الْتفَت يمِينًا وشِمالًا، ولم يحوِّلْ قدميه. وإنْ أذَّنَ على الأرض، فهل يلْتَفِتُ؟ على رِوايتَين. ذكره ابنُ عُبَيدان. وهي طريقة غريبة. فائدتان؛ إحداهما: يقول: حَيَّ على الصلاة. في المرتَين مُتوالِيتَينِ عن يَمِينه. ويقول: حَي على الفَلاح. كذلك عن يَسارِه، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يقولُ: حي على الصَّلاة. يمِينًا، ثم يُعيده يَسارًا، ثم يقول: حي على الفَلاحِ. يمينًا، ثم يُعيدُه يسارًا. وقيلَ: يقول: حَي على الصلاة. مرةً عن يمينه، ثم يقول عن يسارِه: حَيَّ على الفَلاحِ. مرةً. ثم كذلك ثانية. قال في «الفُروع»: وهو سَهْوٌ. وهو كما قال. والظاهر أنه خِلاف إجْماعِ المُسْلمين. الثَّانيةُ: لا يلْتَفِت يمِينًا ولا شمالًا في الحَيعلَةِ في الإقامةِ، على الصحيح

وَيَجْعَلَ إصبَعَيهِ في أُذُنَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. جزَم به الآجُري وغيره. قال ابنُ نصرِ الله، في «حواشِي الفُروعِ»: هذا أظْهرُ الوَجْهين. وذكرَ أبو المعالِي فيه وَجْهين. قوله: ويَجْعَلَ إصبَعَيهِ في أذُنيه. يعني السبابتَين. وهذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وجزَم به في «العمدة»، و «النظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «الفائق»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَجْرِيدِ العِناية»، وغيرهم. واخْتارَه ابن عَقيل، والمُصَنِّف، وغيرُهما. وصَحَّحَه المجد في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شرحه»، وغيرُه. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «ابن تميم». وعنه، يجْعَل أصابِعَه على أذُنيه مبْسوطَةً مضمومَةً. سوى الإبهامِ. ويَحتمِله كلامٌ الخرَقِي. قال في «التلْخيص»، و «البلْغةِ»، و «الهِدايَة»: ولْيَجْعلْ أصابِعَه مضْمومَةً على أذنيه. وقدَّمه في «الرعايةِ الكبْرَى». وعنه، يفْعل ذلك مع قبْضِه على كفيه. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِي. نقَله عنه ابن بَطَّةَ. فقال: سألْتُ أبا القاسِمِ الخرَقِي عن صِفَةِ ذلك؟ فأرانِيه بيدَيه جميعًا، وضمَّ أصابِعَه على راحَتَيه، ووضعهما على أذنيه. واخْتارَه ابن عَبْدُوس المتقدِّم، وابنُ البنا. وذكَره الزركَشِي عن صاحبِ «البُلْغةِ». وقد تقدم لفْظه. وأطلقهن في «المُذْهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ». وخَيَّره في «الرعايَةِ الصغْرى»، و «الحاويين» بينَ وضْع أصابِعِه وإصبَعَيه. فائدة: يرفَعُ وجهه إلى السَّماءِ في الأذانِ كلِّه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. ونص عليه. وجزم به في «الفائقِ». ونقَله المصنفُ، والشارِح عن القاضي. واقتصَر عليه، وقدمه في «الفروع»، و «ابنِ تميم»، و «ابنِ عبَيدان». واخْتارَه الشيَّخَ تَقي الدِّين. وقيل: عند كلمةِ الإخْلاص فقط. جزم به في «المُستوْعِب»، و «الترغِيبِ»، و «الرعاية الصغْرى»، و «تجْرِيدَ العنايةِ». وقدّمه في «الرعاية الكبرى». وقيل: يرفَعُ وجْهه إلى السماءِ عند كلمةِ الإخلاص، والشهادَتين.

وَيتَوَلَّاهُمَا مَعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويتولاهما مَعًا. يعني، يُسْتَحَبُّ للمُؤذِّنِ أنْ يَتَولى الإقامةَ. وهو المذهب، وعليه الجمهورُ، وقطع به أكثرهم. وعنه، المؤذنُ وغيره في الإقامَةِ سواءٌ. ذكَرَها أبو الحسَينِ. وقيل: تُكْرهُ الإقامَةُ لغيرِ الذي أذن، وعند أبِي

وَيقيمَ فِي مَوْضِعِ أذَانِهِ، إلَّا أنْ يَشُقَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَرَج، تُكْرَهُ إلا أنْ يُؤذِّنَ المَغْرِبَ بمَنارَةٍ، فلا تُكْرَه الإقامَةُ لغيره. وتقدّم إذا تشاحَّ فيه اثْنانِ فأكثر، وهل تستحب الزيادة على الواحدِ؟ قريبًا. قوله: ويقيمَ في موضِع أذانِه، إلَّا أنْ يَشق عليه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، وهو مِنَ المفْرداتِ. وقال في «النصيحَة»: السُّنَّةُ أنْ يؤذِّنَ

وَلَا يَصِحُّ الأذَانُ إلَّا مُرَتبًا مُتَوَالِيًا، فَإنْ نَكَّسَهُ أوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ، أوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ، أوْ محَرَّم، لَمْ يُعتَدَّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَنارةِ، ويُقيم أسفَل. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعليه العمَلُ فى جميع الأمصارِ والأعصارِ. ونقَل جَعْفر بنُ محمدٍ، يُسْتحب ذلك ليلْحقَ: آمِنَ. مع الإمامِ. قوله: ولا يَصحُّ الأذانُ إلاَّ مُرتبا متَوالِيًا. بلا نِزاعٍ. ولا يصِحُّ أيضًا إلاَّ بنِيَّةٍ. ويُشْتَرَطً فيه أيضًا أنْ يكون مِن واحدٍ، فلو أذَّنَ واحدٌ بعضه وكملَه آخَرُ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحَّ، بلا خلافٍ أعلَمُه. فائدة: رفعُ الصَّوْتِ فيه رُكْنٌ. قال في «الفائق»، وغيره: إذا كان لغير حاضِرٍ. قال فى «البُلْغة»: إذا كان لغيرِ نفْسِه. قال ابنُ تَميمٍ: إنْ أذَّن لنَفْسه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لجماعةٍ حاضِرين، فإنْ شاءَ رفَع صَوْتَه، وهو أفْضلُ، وإنْ شاء خافَت بالكل أو بالبعض. قلت: والظاهرُ أن هذا مرادُ مَن أطْلَق، بل هو كالمَقْطوعِ به. وهو واضِحٌ. وقال فى «الرعايَةِ الكُبرى»: ويرفعُ صوْته إنْ أذنَ فى الوقْتِ للغائبِين، أو فى الصحراءِ. فزادَ، فى الصَّحراءِ. وهى زِيادة حسَنة. وقال أبو المعالِى: رَفْعُ الصوْتِ بحيث يسمع مَن يقوم به لجماعة، رُكْن. انتهى. فائدة: يُسْتَحب رفْعُ صوْته قدرَ طاقتِه، ما لم يُؤذِّنْ لنفْسِه، وتُكْرهُ الزيادةُ. وعنه، يُسْتَحَب التوسطُ، [ولا بأسَ بالنَّحنَحَةِ قبلَهما. نصَّ عليه] (¬1). فائدة: يشتَرَطْ فى المؤذِّنِ ذُكُورِيته وعقْلُه وإسْلامُه. وتقدَّم ذلك فى اشْتِراطِ بلوغِه وعَدالَتِه، بخِلافِ ما يأتِى. قوله: فإنْ نَكَّسَهُ، أو فرَّق بينَه بِسُكُوت طويل، أو كلام كَثيرٍ، أو مُحَرَّم، لم يعتد به. يعنى لو فرَّق بينَ الأذانِ بكَلام مُحَرَّم، لم يُغتَد به. واعلم أنَّ الكلامَ المُحَرَّمَ تارة يكونُ كثيرا، وتارةً كون يسِيرا؛ فإنْ كان كثيرًا، أبطَلَ الأَذانَ، على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وهو مِن المُفْرَداتِ. وفى «الرعايةِ» وَجْه يعتدُّ به، فعلى المذهبِ، لو كان يسِيرا، لم يُعتد بالأذانِ، وأبطَلَه، على الصحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبِ «مَسْبوكِ الذّهبِ»، و «الحاوى الكبيرِ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الفُصول»، و «التلخيص»، و «البلْغةِ»، «المحرَّر»، و «الإفادات»، و «الوَجيز»، و «التَّسْهيِلِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «المنَوّرِ»، و «المنتَخَبِ». وصحَّحَه ابنُ تميم. واخْتارَه فى «الفائق». وقدَّمه المَجْد فى «شرحه»، و «الرعايَة الصغرى». [وقال فى «الحاويين»: ولا يقْطعهما بفَضل كثير، ولا كلام مُحَرَّم، وإنْ كان يسِيرا] (¬1). وهو مِنَ المفرداتِ. وقيل: لا يبطِله، ويُعتَد بالأذانِ. وأطْلقَهُما فى «الفروع»، و «الرعايَةِ الكبْرى»، و «الفائقِ». فائدتان؛ إحداهما، لوِ ارتد فى الأذان، أْبطَلَه، على الصحِيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا بُيطِلُه إنْ عادَ فى الحال، كجُنونِه وإفاقَتِه سريعاً. وبالَغ القاضى فأبطَلَ الأذان بالردَّةِ بعدَه، قياسًا على قوْلِه فى الطهارةِ. وهو مِنَ المفْرَداتِ. الثانية، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الكلامَ اليسِيرَ المُباحَ، والسُّكوتَ اليسيرَ، يكْرهُ لغيرِ حاجَةٍ. قالَه المَجْدُ فى «شرحِ الهِداية». وقدَّمه فى «الفروع»، وغيرِه. وعنه، لا بأسَ باليَسيرِ. وأطْلَقَهما فى «الرعايةِ». وقيل: لا يتكَلمُ فى الإقامَةِ بحالٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يرد السلامَ مِن غيرِ كراهة. وعنه، يكْرَهُ. وقالَه القاضى فى مَوْضِع من كلامه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

ولَا يَجُوزُ إلَّا بَعدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، إلَّا الْفَجْرَ، فَإنَّهُ يُؤذنُ لَها بعدَ نِصفِ اللَّيْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ إلَّا بَعدَ دُخُولِ الوَقْتِ، إلَّا الفَجْرَ، فإنه يُؤذنُ لها بعدَ نِصفِ اللَّيْلِ. الصحيحُ مِنَ الذهبِ، صحةُ الأذانِ، وإجْزاؤُه بعدَ نِصفِ الليلِ لصلاةِ الفَجرِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الزركشِى: لا إشْكالَ أنه لا يُسْتَحَبُّ تقْديمُ الأذانِ قيلَ الوقْتِ كثيرًا. قالَه الشيخان وغيرُهما. وقيل: لا يصِح إلاَّ قبلَ الوقْتِ يسيراً. ونقَل صالِحٌ، لا بأسَ به قبل الفَجرِ، إذا كان بعدَ طُلوعِ الفجْرِ، يعنِى الكاذِبَ، وقيل: الأذانُ قبلَ الفَجْرِ سنة. واخْتارَه الآمِدِىُّ. وعنه، لا يَصِحّ الأذانُ قبلَها كغيرِها إجْماعًا، وكالإقامَةِ. قالَه فى «الفروعِ». وعندَ أبى الفَرجِ الشيرازِى، يجوزُ الأذانُ قبلَ دُخولِ الوقْتِ للفَجْرِ، والجُمُعَةِ. قالَه فى «الإيضاحِ». قال الرزكَشى: وهو أجْوَدُ مِن قوْلِ ابن حَمْدانَ. وقيل: للجُمُعَةِ قبلَ الزّوالِ؛ لعُمومِ كلامِ الشيرازِىِّ. وقال الزركشيُّ: واسْتثنى ابنُ عَبْدُوس، مع الفَجْرِ، الصلاةَ المجموعة. قال: وليس بشئٍ؛ لأنَّ الوَقتيْن صارا وقتًا واحدًا. وعنه، يُكْرهُ قبلَ الوقْتِ مُطلقًا. ذكَرَها فى «الرعاية»، وغيرِها. وقال فى «الفائقِ»: يجوزُ الأذان للفَجْرِ خاصةً بعدَ نصفِ الليْل. وعنه، لا، إلَّا أنْ يُعاوَدَ بعدَه. وهو المُخْتارُ. انتهى. ويسْتحَبُّ لمَن أذَّنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبل الفجْرِ، أنْ يكونَ معه مَن يؤذن فى الوقْتِ، وأنْ يتخِذَ ذلك عادةً؛ لِئَلا يضُرَّ الناسَ. وفى «الكافِى»، ما يَقْتَضِى اشْتِراط ذلك. فائدة: الصَّحيح مِن المذهبِ، أنْ يُكْرهَ الأذان قبلَ الفَجْرِ فى رَمضانَ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. جزم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهب»، و «مسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المسْتوْعبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيص»، و «البُلغةِ»، و «النظْم»، و «الوَجيزِ»، و «المنوَّرِ»، وغيرِهم. وقدمه فى «الفُروعِ»، و «الشرحِ»، و «المغنى»، و «الرِّعايةِ الكبْرَى»، و «ابنِ عُبيْدان»، وابنُ رَزِينٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرحِه». قال فى «الرعاية الكُبْرَى»: يكْرَهُ على الأظْهر. وعنه، لا يكْرَهُ. وهو ظاهر كلامِه فى «المحررِ»، والمصَنّفِ هنا، و «تجْرِيدِ العناية»، و «الإفَاداتِ»، وغيرهم. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ»، و «ابن تميم». وعنه، يُكْرَهُ فى رمضانَ وغيرِه إذا لم يُعِده. نقَله حَنْبَل. وقيلَ: يكْرَهُ إذا لم يكنْ عادةً، فإنْ كان عادة، لم يكرهْ. جزَم به فى «الحاويَيْن». وصححَه الشارِح، وغيرُه. واخْتارَه المَجدُ. قلتُ: وهو الصواب، وعليه عمل الناس مِن غيرِ نَكيرٍ. وعنه، لا يجوز. ذكَرَها الآمِدِى. وهى ظاهرُ «إدراك الغايَةِ»؛ فإنّه قال: ويجوزُ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لفجْرِ غيرِ رَمَضانَ مِن نصفِ الليْلِ. وعنه، يَحرُمُ قبلَه فى رمضانَ وغيرِه، إلَّا أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعادَ. ذكَرَها أبو الحُسَيْنِ.

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَجْلِسَ بَعدَ أذَانِ الْمَغْرِبِ جَلْسَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يقيمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَجْلسَ بعدَ أذَانِ المَغربِ جَلْسَةً خَفِيفَة، ثم يُقِيمَ. هذا المذهبُ، أعْنِى أن الجَلْسَةَ تكون خفِيفة. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التلْخيص»، و «البُلْغةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشرحِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «أبنِ تَميمٍ»، و «الحاوِيَيْن»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن». وقيل: يَجلِسُ بقَدْرِ صلاةِ ركْعَتَيْن. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرةِ ابنِ عبْدُوسٍ». قال أحمدُ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدارَ رَكْعَتَيْنِ. قال فى «الإفاداتِ»: يفْصِلُ بينَ الأذانِ والإقامةِ بقَدْرِ وضوءٍ ورَكْعَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ». وكذا الحُكْمُ فى كلِّ صلاةٍ يُسَنُّ تعْجِيلُها. قالَه أكثرُ الأصحابِ. وذكَر الحَلْوَانِىُّ، يجْلِسُ بقَدْرِ حاجَتِه ووُضوئِه وصلاةِ رَكْعتين فى صلاةٍ يُسَنُّ تَعْجيلُها، وفى المغْرِبِ يَجْلِسُه. وقال فى «التَّبصِرَةِ»: يجْلِسُ فى المغْرِبِ وما يُسَنُّ تعْجيلُها بقَدْرِ حاجَتِه ووُضوئِه. وقال فى «الإفاداتِ»: ويفْصِلُ بَينَ كلِّ أذانٍ وإقامةٍ بقَدْرِ وضوءٍ ورَكْعَتَيْن. وقال فى «المُذْهَبَ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يفْصِلُ بينَ الأذانِ والإقامةِ بقدْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوضوءِ، وصلاةِ رَكْعتَيْن، إلا المغْرِبَ؛ فإنَّه يجْلسُ جلْسةً خفيفةً. واسْتِحْبابُ الجلُوسِ بين أذانِ المغْرِبِ، وكراهَةِ ترْكِه، مِنَ المُفرَداتِ. فائدة: تُباحُ صلاةُ رَكْعتَيْن قبل صلاةِ المغْرِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، أوْ قَضَى فَوَائِتَ، أَذَّنَ وَأقَامَ لِلْأُولَى، ثُمَّ أقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَراه فى صلاةِ التَّطَوُّعِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيلَ: يُكْرهُ. قال ابن عَقِيلٍ: لا يرْكَعُ قبلَ المغْربِ شيئًا. وعنه، يُسَنُّ فِعْلُهما. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهى مِنَ المُفْرداتِ أيضًا. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»: لا يُكْرَهُ. رِوايةً واحدةً. وهل يُسْتَحَبُّ؟ على رِوايتَيْن. وعنه، بين كلِّ أذانَيْنْ صلاةٌ. وقالَه ابن هُبَيْرَةَ، فى غيرِ المغْرِبِ. قوله: ومن جمَع بينَ صَلاَتَيْن، أَو قَضَى فوائتَ، أذَّنَ وأَقامَ للأَولَى، ثم أقامَ لكلِّ صَلاةٍ بعدَها. وهى المذهبُ. صَحَّحَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيْدان، وغيرُهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايِةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. بل لا يُشْرَعُ الأذانُ. صرَّح به ابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِىُّ، وغيرُهما. وعنه، تُجْزِىُّ الإقامةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكلِّ صلاةٍ مِن غيرِ أذانٍ. اخْتارَه الشيخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وعنه، تُجْزِىُّ إقامةٌ واحدةً لهُنَّ كلِّهِنَّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يُقيمُ لكلِّ صلاةٍ، إِلَّا أنْ يجْمَعَ فى وقْتِ الأولَى أوِ الثانيةِ، فيُؤَذِّنَ لها أيضًا. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن جمَع فى وقْتِ الأَولَى أوِ الثانيةِ، أو قضَى فرائِضَ، أذَّنَ لكلِّ صلاةٍ، وأقامَ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النُّكتِ» فى المجمْعِ: إذا جمَع فى وقْتِ الثَّانيةِ، وفرَّق بينَهما، صلَّاهُما بأذانَيْن وإقامَتيْن، كالفائتَتَيْن إذا فرَّقَهما. قطَع به جماعةٌ، وجماعةٌ لم يُفَرِّقوا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ومَن فاتَتْه صلَواتٌ، أو جمُع بينَ صلاتَيْن؛ فإنْ شاءَ أذَّنَ لكلِّ

وَهَلْ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاةٍ وأقامَ، وإنْ شاءَ أذَّنَ للْأولَى خاصَّةً، وأقامَ لكِلِّ صلاةٍ. وقال ابنُ أبى موسى: إذا قَضَى فَوائِتَ، أو جمَع؛ فإنْ شاءَ أذَّنَ لكلِّ صلاةٍ وأقامَ. وقال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: لو دخَل مسْجِدًا، قد صُلِّيَ فيه، خُيِّرَ؛ إنْ شاءَ أذَّنَ وأقامَ، وإنْ شاءَ ترَكَهما مِن غيرِ كراهَةٍ. قوله: وهل يُجْزِئُ أَذَانُ المُمَيِّزِ للبالِغِين؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِى»، و «الخلاصَةِ»، و «الفروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»، و «ابن عُبَيْدان»، إحْداهما، يُجْزِئُ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وصَحَّحَه فى «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبَ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبَ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَة» و «النَّظْمِ»، و «الفائِق»، و «حَواشِى المُحَرَّرِ» لصاحبِ «الفروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «أبنِ تَميمٍ»، و «إدْرَاكِ الغايِةِ». وجزَم به فى «الإيضاحِ»، و «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجزِىُّ. جزَم به فى «الإفاداتِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لا يُجْزِئُ أذانُ المُمَيِّزِ للبالِغِين، فى أقْوَى الرِّوايتَيْن. ونصَرَه. وإليه ميْلُ المَجْدِ فى «شَرْحِه». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ونقَل حَنْبَلٌ، يُجْزِئُ أذانُ المُراهِقِ. قال القاضى: يصِحُّ أذانُ المُراهِقِ، رِواية واحدةً. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» أيضًا فى المُراهِقِ. فائدة: علَّلَ بعْضُ الأصحابِ عدَمَ الصِّحَّةِ، بأنَّه فْرضُ كِفايَةٍ، وفِعْلُ الصَّبِىِّ نفْلٌ. وعلَّلَه المُصَنِّفُ والمَجْدُ وغيرُهما، بأنَّه لا يُقْبَلُ خَبَرُه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قالَا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يتَخرَّجُ فى أذانِه رِوايَتان، كشَهادَتِه ووِلاِيَتِه. وقال: أمَّا صِحَّةُ أذانِه فى الجُمَّلةِ، وكوْنُه جائِزًا إذا أذَّنَ غيرُه،

وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأذَانِ الْفَاسِق، وَالأذَانِ الْمُلَحَّنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا خِلافَ فى جَوازِه. ومِنَ الأصحابِ مَن أطْلَقَ الخِلافَ. قال: والأشْبَهُ أنَّ الأذانَ الذى يُسْقِطُ الفَرْضَ عن أهْلِ القَرْيَةِ، ويُعْتَمَدُ فى وَقْتِ الصَّلاةِ والصِّيامِ، لا يجوزُ أنْ يُباشِرَه صَبِىٌّ، قوْلًا واحدًا. ولا يسْقُطُ الفَرْضُ، ولا يُعْتَدُّ به فى مَواقيتِ العِباداتِ. وأمَّا الأذانُ الذى يكونُ سُنَّةً مؤَكَّدَةً فى مثْلِ المساجدِ التى فى المِصْرِ، ونحوِ ذلك، فهذا فيه الرِّوايَتان. والصَّحيحُ جوازُه. انتهى. قوله: وهل يُعْتَدُّ بأذانِ الفاسِقِ والأذانِ المُلَحَّنِ؟ على وجْهَيْن. أمَّا أذانُ الفاسقِ، فأطْلَق المُصَنِّفُ فى الاعْتِدادِ به وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»؛ أحَدُهما، لا يُعْتَدُّ به. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: لا يُعْتَدُّ به فى أظْهَرِ الوَجْهَيْنِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذه الرِّوايَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أقْوَى. وصَحَّحَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «المُبْهِجِ»: يجبُ أنْ يكون المؤَذِّنُ تَقِيًّا. والوجْهُ الثَّانِى، يُعْتَدُّ به. اخْتاره ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تذْكِرَتِه». وصَحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويصِحُّ مِن صبِىِّ بالِغٍ، وفاسِقٍ، على الأظْهَرِ. تنبيه: حكَى الخِلافَ وَجْهَيْن صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُذْهَبِ»، والمُصَنِّفُ، والمُجْدُ، وغيرُهم. وحكَاه رِوايتَيْن فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وغيرُهم. وهو الصَّوابُ. وأمَّا الأذانُ المُلَحَّنُ، إذا لم يُحِلِ المعْنَى، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْن، وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْح»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُّحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تميمٍ». و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ عُبَيْدان»؛ أحَدُهما، يُعْتَدُّ به مع الكراهَةِ وبَقاءِ المَعْنَى. وهو المذهبُ، صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «الشَّرْحِ». وشيْخُنا فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانىِ، لا يُعْتَدُّ به. قدَّمه ابن رَزِينٍ. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ الأذانِ المَلْحونِ، حُكمُ الأذانِ المُلَحَّنِ. جزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وفى إجْزاءِ الأذانِ المُلَحَّنِ، وقيل: والمَلْحونِ. وَجْهان.

وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أنْ يَقُولَ كَمَا يَقُولُ، إلَّا فِى الْحَيْعَلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ الْعَلِىِّ الْعَظِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُعْتَدُّ بأذانِ امْرأةٍ وخُنْثَى. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: ولا يصِحُّ؛ لأنَّه مَنْهِىٌّ عنه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، صِحَّتُه؛ لأنَّ الكراهَةَ لا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ. قال: فيتَوَجهُ على هذا بَقاءُ فرْضِ الكِفايَةِ؛ لأنَّه لم يفْعَلْه مَن هو فَرْضٌ عليه. قوله: ويُسْتَحَبُّ لمَن سَمِعَ المُؤَذِّنَ أن يقولَ كما يقولُ، إلَّا فى الْحَيْعَلَةِ، فَإنَّه يقولُ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ العَلِىِّ العَظِيمِ. الصَّحيحُ من المذهبِ، أنَّه يُسْتحَبُّ أنْ يقولَ السَّامِعُ فى الحَيْعَلَةِ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. فقط. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّارِحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: هو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عُبَيْدان»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يجْمَعُ بينَهما. حكاه المَجْدُ فى «شَرحِه»، عن بعضٍ الأصحاب. قال فى «شَرْحِ البُخارِىّ»: وهو ضعيف. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُسْتوْعِبِ»، وغيرُهما: يقولُ كما يقولُ. وقالَه القاضى. قال ابنُ رَجَبٍ، فى «شَرْحِ البُخارِىِّ»: كان بعضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَشايخِنا يقولُ: إذا كان فى المسْجدِ حَيْعَل، وإنْ كان خارِجَه حَوْقَل. وقيل: يُخَيَّرُ. اختارَه أبو بَكْرٍ الأثْرَمُ. قاله فى «شَرْحِ البُخارِىِّ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ تجِبُ إجابَتُه. تنبيهات؛ أحَدُها، يدْخلُ فى قولِه: ويُسْتَحَبُّ لمَن سمِعَ المُؤَذِّنَ أنْ يقولَ كما يقولُ. المُؤَذِّنُ نفْسُه، وهو المذهبُ المنْصوصُ عن أحمدَ، فيُجِيبُ نفْسَه خُفْيَةَّ. وعليه الجمهورُ، فإنَّ فى قوْلِه: ويُسْتَحَبُّ لمنْ سمِعَ المؤَذِّنَ. مِن ألْفاظِ العُمومِ. وقيلَ: لا يُجيبُ نفْسَه. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه. وحُكِىَ روايةً عن أحمدَ. قال ابنُ رَجَبٍ، فى القاعدَةِ السَّبْعِين: هذا الأرْجَحُ. الثَّانى، ظاهرُ كلامِه أبضًا، إجابَةُ مُؤَذِّنٍ ثانٍ وثالثٍ، وهو صحيحٌ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»، ظاهرُ كلامِ أصحابنا، يُسْتَحَبُّ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم حيثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْتَحَبُّ، يعْنى الأَذانَ. قال الشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ: محَلُّ ذلك إذا كان الأذانُ مَشْروعًا. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِه أيضًا، أنَّ القارِئَ، والطَّائفَ، والمرأةَ، يُجِيبونَه. وهو صحيحٌ. صَّرح به الأصحابُ. وأمَّا المُصَلِّى إذا سمِعَ المؤَذِّنَ، فلا يُسْتَحَبُّ أنْ يُجيبَ، ولو كانتِ الصَّلاةُ نَفْلًا، بل يقْضِيه إذا سلَّمَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُسْتَحَبُّ أنْ يُجيبَه، ويقولَ مثلَ ما يقولُ، ولو فى الصَّلاةِ. انتهى. فإنْ أجابَه فيها، بطَلتْ بالحَيْعَلَةِ فقط مُطْلقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو المَعالِى: إنْ لم يعلمْ أنَّها دعاءٌ إلى الصَّلاةِ، ففِيه رِوايتان أيضًا. وقال: وتَبْطُلُ الصَّلاةُ بغيرِ الحَيْعَلَةِ أيضًا، إنْ نَوَى الأذانَ، لا إنْ نَوَى الذِّكْرَ. وأمَّا المُتَخَلِّى، فلا يُجِيبُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لكنْ إذا خرج أجابَه. وقال الشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ: يُجيبُه فى الخلاءِ. وتقدَّم ذلك فى باب الاسْتِنْجاء. الرَّابعُ، شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ الأذانَ والإقامةَ. وهو صحيحٌ، لكنْ يقول عنذ قوْلِه: قد قامَتَ الصَّلاةُ. أقامَها الله وأَدامَها. زادَ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، ما دامَتِ السَّمَاواتُ والأرْضُ. وقيلَ: يجْمَعُ بينَ قوْلِه: أقامَها اللهُ. وبينَ: قد قامَتِ الصَّلاةُ. الخامِسُ، أنْ يقولَ عندَ التَّثْويبِ: صدَقْتَ وبررْتَ. فقط، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يجْمعُ بينَهما. وأطْلَقهما فى «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقطَع المَجْدُ فى «شَرحِه» أنَّه يقولُ: صدَقْت، وبالحَقِّ نطَقْتَ. السَّادسُ قوْلُ المُصَنِّفِ: العَلِىِّ العَظِيمِ. لَمْ يَرِدْ فى الحديثِ. فلا يقُلْهُما. وقد حكى لى بعضُ طلبَةِ العِلْمِ، أنَّه مرَّ به فى «مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ» رِوايةٌ فيها: العَلِىُّ العَظِيمُ. فائدة: لو دخَل المسْجِدَ والمُؤَذِّنُ قد شرَع فى الأذانِ، لم يأْتِ بتَحِيَّةِ المسْجدِ، ولا بغيرِها حتى يفْرَغَ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ

وَيَقولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِى وَعَدْتَهُ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ». وقال: نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا بأْسَ. قال فى «الفروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ غيرُ أَذانِ الخُطْبَةِ؛ لأنَّ سَماعَ الخُطْبَةِ أهَمُّ. اخْتارَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «الفائقِ»: ومَن دخَلَ المسْجِد، وهو يسْمَعُ التَّأَذِينَ، فهل يُقَدِّمُ إجابتَه على التَّحِيَّةِ؟ على رِوايتَيْن. تنبيه: قوله: وابْعَثْه المقامَ المحْمودَ. بالألَفِ واللَّامِ. هكذا ورَد فى لفْظٍ رَواه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسائِىُّ، وابنُ حِبَّانَ وابنُ خزَيْمَةَ فى صَحِيحَيْهما (¬1)، وتابَع المُصَنِّفَ على هذه ¬

(¬1) انظر: النسائى فى الموضع السابق. والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3/ 99. وصحيح ابن خزيمة 1/ 220.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العبارةِ صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوِى الكبيرِ»، وجماعةٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقُولُهما إلَّا مُنَكرَيْن؛ فيقول: وابْعَثْه مَقامًا محْمودًا. مُوافِقَةً للقرْآنِ. وهو الوارِدُ فى الصَّحِيحَيْن، وغيرِهما. ورَدَّ ابنُ القَيِّم الأوَّلَ فى «بَدائِع الفَوائِدِ» من خمْسَةِ أوْجُهٍ.

[وَالْأذَانُ أَفْضَلُ مِنَ الْإقَامَةِ. وَعَنْهُ، هِىَ أفْضَلُ] (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولى، لا يجوزُ الخروجُ مِنَ المسْجدِ بعدَ الأذانِ، بلا عُذْرٍ، أو نِيَّةِ الرُّجوعِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وكرِهه أبو الوَفَاءِ، وأبو المَعالى. ونقَل ابنُ الحَكَمِ: أحَبُّ إلَىَّ أنْ لا يخْرُجَ. ونقَل صالحْ: لا يَخرُجُ. ونقَل أبر طالبٍ: لا ينْبَغِى. وقال ابنُ تَميمٍ: ويجوزُ للمُؤذَّنِ أنْ يخْرُجَ بعدَ أذانِ الفَجْرِ. نصَّ عليه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: إلَّا أنْ يكون التَّأْذِينُ للفجْرِ قبلَ الوقْتِ، فلا يُكْرَهُ الخُروجُ. نصَّ عليه. قلتُ: الظَّاهر أنَّ هذا مُرادُ مَن أطْلَق. الثَّانيةُ، لا يُؤَذِّنُ قبلَ المُؤَذِّنِ الرَّاتبِ إلَّا بإذْنِه، إلَّا أنْ يخافَ فوْت وَقْتِ التَّأَذِينِ كالإمامِ. وجزَم أبو ¬

(¬1) هكذا فى الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالِى بتَحْريمِه. ومتى جاءَ المُؤَذِّنُ الرَّاتبُ، وقد أذَّنَ قبلَه، اسْتُحِبَّ إعادَتُه. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، لا يُقيمُ المُؤَذِّنُ للصَّلاةِ إلَّا بإذْنِ الإمامِ؛ لأنَّ وقْتَ الإقامةِ إليه. وتقدَّم قريبًا إذا دخَل المسْجِدَ حال الأَذانِ. الرَّابعةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُنادِى للكسوفِ، والاسْتِسْقاء، والعيدِ بقوْلِه: الصَّلاةَ جامِعَةً. أوِ الصَّلاةَ. وقيلَ: لا يُنادِى لهُنَّ. وقيلَ: لا يُنادِى للعيدِ فقط، وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: لا يُنادِى للعيدِ والاسْتِسْقاءِ، وقالَه طائفةٌ مِن أصحابِنا، ويأْتِى هلِ النِّداءُ للكسوفِ سُنَّةٌ، أو فَرْضُ كِفايَةِ؟ فى بابِه. إذا علِمْتَ ذلك، فنَصبُ «الصَّلاةَ» على الإغْراءِ، ونَصْبُ «جامِعَةً» على الحالِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يْرفعُهما، ويَنْصِبُهما. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُنادِى على الجِنازةِ والتَّراوِيحِ. نصَّ عليه فى «الفُروعِ». وعنه، يُنادى لهما. وقال. القاضى: يُنادِى لصلاةِ التَّراويحِ، ويأْتِى ذلك مُفَرَّقًا فى أبْوابِه.

باب شروط الصلاة

بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَهِىَ مَا يَجِبُ لَهَا قَبْلَهَا، وَهِىَ سِتٌّ؛ أَوَّلُهَا، دُخُولُ الْوَقْتِ. وَالثَّانِى، الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ شُروطِ الصَّلاةِ فائدة: قوله: أَوَّلُها دُخولُ الوقْتِ. اعلمْ أنَّ الأصحابَ ذكَروا مِن شُروطِ الصَّلاةِ دُخولَ الوقْتِ، وقال فى «الفُروعِ»: وسبَبُ وجوبِ الصَّلاةِ الوقْتُ؛ لأنَّها تُضافُ إليه، وهى تدُلُّ على السَّبَبِيَّة، وتتَكَرَّرُ بتَكَرُّرِه، وهى سبَبُ نفْسِ الوُجوب؛ إذْ سبَبُ وُجوبِ الأداءِ الخِطابُ. وكذا قال الأُصولِيُّون: إنَّ مِنَ السَّببِ وقْتِىٌّ، كالزَّوالِ للظُّهْرِ. وقال فى «الفروعِ» فى باب النِّيَّةِ، عنِ النِّيَّةِ: هى

وَالصَّلَوَاتُ المَفْرُوضَاتُ خَمْسٌ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرط السَّداسُ ولا تكون شرْطًا سادِسًا إلَّا بكَوْنِ دُخولِ الوقْتِ شرْطًا. فظاهِرُه إنّه سمَّاه سبَبًا، وحكَم بأنَّه شرْط. قلتُ: السَّببُ قد يجْتمعُ مع الشَّرطِ، وإنْ كان ينْفَكُّ عنه، فهو هنا سببٌ للوُجوب وشَرْط للوُجوبِ والأداءِ، بخِلافِ غيره مِنَ الشُّروطِ؛ فإنَّها شُروط للأداءِ فقط. قال في «الحاوي الكبير»: وجمِيعُها شُروطٌ للأداءِ مع القدْرَة، دُونَ الوجوبِ إلَّا الوقتَ، فإنَّ دخُولَه شَرطٌ للوُجوبِ والأداء جميعًا، إلَّا ما استُثنِى مِنَ الجميع. انتهى. واعلمْ أن الصَّلاةَ إنَّما تجِبُ بدُخولِ الوقْتِ بالاتِّفاقِ، فإذا دخَل وجَبتْ. وإذا وجَبت، وجَبتْ بشُروطِها المُتَقَدِّمة عليها، كالطَّهارة وغيرِها. قوله: وَالصَّلواتُ المَفرُوضاتُ خَمْسٌ؛ الظُّهْرُ، وهى الأولى. الصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّ الظُّهْرَ هي الأولَى؛ لأنها أولُ الخمْس افْتِراضًا، وبها بدَأ جِبْريلُ حينَ أمَّ النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ البيْتِ، وبدَأ بها الصّحابة حينَ سُئِلوا عنِ الأوْقاتِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وبدَأ في «الإرْشَادِ»، والشِّيرازِيُّ في «الإيضاح»، و «المُبْهِجِ»، وأبو الخطابِ في «الهِدايَةِ»، وتابَعَه في «المذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصة»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعاية الصُّغرَى»، و «إدْراكِ الغايةِ» وغيرهم، بالفَجْرِ. وقالَه القاضي في «الجامع الصَغِيرِ». واخْتارَه الشَّيخُ تقيُّ الدِّين، فقال: بدَأ جماعة. مِن أصحابِنا؛ كالخِرَقِيِّ، والقاضى في بعض كتُبِه وغيرِهما بالظُّهْرِ. ومنهم مَن بدَأ بالفَجْرِ؛ كابن أبِي موسى، وأبِي الخَطَّاب،

الظُّهْرُ، وَهِىَ الأولَى، وَوَقْتُهَا مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، بَعْدَ الَّذِى زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضى في موْضعٍ. قال: وهذا أجْوَدُ؛ لأنَّ الصَّلاة الوُسْطَى هي العَصْرُ، وإنَّما تكون الوُسْطَى إذا كانتِ الفَجْرُ الأولَى. انتهى. وإنَّما بدَأ هؤلاء بالفَجْرِ لبُداءَته عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلام بها للسَّائلِ. وهو مُتَأخِّر في الأوَّلِ، وناسِخٌ لبَعْضِه. وبدَأ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميم» بالفجْرِ، ثم ثنَّيا بالظُّهْرِ. وقالا: هي الأولى.

وَالْأفْضَلُ تَعْجِيلُهَا، إلَّا فِى شِدَّةِ الحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلى جَمَاعَة، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والأفْضَلُ تَعجِيلها، إلَّا في شِدَّةِ الحَرِّ والغَيْمِ لمن يُصَلَّى جَماعَة. اعلمْ أنَّه إذا انتفَى الغيْمُ وشدة الحَرً، استْحِب تعجيلها، بلا خِلاف أعْلَمه. وأمَّا في شِدَّةِ الحَرِّ، فجزَم المصَنِّفُ هنا أنَّها تُؤخَّرُ لمن يصلِّى جماعة فقط. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَب»، و «المُسْتَوْعبٍ»، و «البلْغَةِ»، و «المُحَرُّرِ»، و «الرِّعاية الصغْرى»، و «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ الغايَة»، و «تَجْريدِ العنايةِ». وقدمه في «الفُصُولِ»، و «النَّظْمِ». والوجْه الثَّانى، تؤخَّرُ لِشدةِ الحُرِّ مطلقًا، وهو المذهبُ. جزم به في «الحاوِى الكبيرِ». واخْتارَه المصنِّف، والشّارح. ورَجَّحَه الترمِذِى. وهو ظاهر كلام للإمامِ أحمدَ، ونقل عنه، والخرَقى، وابنِ أبِى موسى في «الإرْشادِ»، والقاضى في «الجامع الكبيرِ»، وابنِ عَقِيل في «التَّذْكرة»، والمُصَنِّفِ في «الكافي»، والفَخْرِ في «التلْخيص» وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم. وقدَّمه في «الفروع». وأطْلَقَهما «ابنِ تَميم»، و «الرعايةِ الكبرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وشرَط القاضي في «المحَرَّرِ»، مع الخُروجِ إلى الجماعة، كوْنَه في بلدٍ حارٍّ. قال ابن رجَبٍ، في «شرْحِ البخارِى»: اشترَط ذلك طائفة من أصحابِنا، وقال: ومنهم مَن يشترِط مسْجِدَ الجماعةِ فقط. انتهى. وشرَط ابن الزُّاغونِيِّ كَوْنه في مساجدِ الدُّروبِ. فائدة: قال ابنُ رجَبٍ، في «شَرْحِ البخارِىِّ»: اخْتُلِفَ في المعنى الذي من أجْلِه أمِرَ بالإبرادِ؛ فمنهم مَن قال: هو حصُول الخُشوعِ فيها، فلا فرْقَ بينَ مَن يصَلى وحدَه أو في جماعة. ومنهم مَن قال: هو خشيَة المشَقةِ على من بعْد مِنَ المسْجدِ بمشيِهِ في الحَرِّ، فتخْتَصُّ بالصلاةِ في مساجدِ الجماعةِ التى تُقْصَدُ مِنَ الأمْكنةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المتَباعدَةِ. ومنهم مَن قال: هو وَقتُ تنَفس جَهَنَّم، فلا فرق بين من يصَلى وحده أو في جماعةٍ: انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: فعلى القول بالتأخيرِ إمّا مُطْلقًا، وإمّا لمن يصلى جماعةً؛ قال جماعةْ مِنَ الأصحابِ: يؤخِّرُ ليمْشى في الفَىْءِ. منهم صاحب «التَّلْخيص»، وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المصَنِّف، ومَن تبعه: يُؤخِّرُ حتَّى ينْكَسِرَ الحَرُّ. وقال ابن الزَّاغُونِىّ: حتَّى ينْكَسِرَ الفَىْءُ، ذِراعًا ونحوَه. وقال جماعةٌ؛ منهم صاحب «الحاوِى الكبير»: إلى وَسطِ الوقتِ. وقال القاضي: بحيثُ يكونُ بينَ الفَراغِ مِن الصلاَتيْن آخِرَ وقتِ الصَّلاةِ فصْلٌ. واقتصَر عليه ابن رجَبٍ في «شَرحِ البُخارى». وأما تأخيرُها مع الغَيْم، فالصحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يُسْتحب تأخيرُها. نص عليه. وجزَم به في «الهِدايَة»، و «المُذهبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المحرِّر»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدراك الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، و «المُنَوِّر»، و «المُنتخب»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الإفاداتِ». وصَحَّحه في «الحاوِى الكبيرِ»، واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «ابنِ عبَيْدان»، و «مَجْمعَ البحرَيْن»، و «شَرْحِ المجْدِ». ونصَرُوه. وعنه، لا يُؤخرُ مع الغيْمِ. وهو ظاهرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقيّ، وصاحبِ «الكافِى»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغة»، وجماعةٍ؛ لعدَمِ ذكْرِهم لذلك. وإليه مَيْلُ المُصَنفِ، والشارح. وأطْلَقَهُما في «الفروع»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الفائقِ». تنبيه: قوله: في الغَيْمِ لمَن يُصلِّى جماعة. هو الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «المُسْتَوعب»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوجيزِ»، و «الرِّعايةِ الصغْرَى»، و «الحاوِى الصغير»، وغيرِهم. وقاله القاضي وغيره. وقيل: يسْتَحَبُّ تأخيرها، سواءٌ صَلَّى في جماعة، أو وحدَه. قال المجْد في «شَرْحِه»: ظاهر كلامِ أحمدَ، أنَّ المُنْفرِدَ كالمصَلِّى جماعةً. وهو ظاهرُ «نِهايّة ابن رَزِين». قلتُ: وهذا ضعيف. وأطْلَقَهما في «الفروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرى». فعلى القوْلِ بالتأخيرِ، إمَّا مطْلقاً أو لمَن يصَلِّى جماعةً، قال ابن الزّاغُونيِّ: تُؤَخَّرُ إلى قريبٍ مِن وَسَطِ الوقت. وقال في «الحاوِى»: تؤخرُ لقرْبِ وقتِ الثانية. تنبيه: يسْتَثْنى مِن كلامِ المصنِّفِ، في مسْألةِ الحرّ الشديد والغَيْم، الجُمُعَةُ؛ فإنها لا تُؤخر لذلك، ويُسْتَحَب تعْجيلها مطلقاً. قاله الأصحاب. تنبيه: ظاهرٌ كلامِ المصَنف، أنه لا يسْتَحَبُّ تأخير المغْرِبِ مع الغيْمِ، وهو ظاهرُ كلام أبِى الخطابِ، وصاحبِ «الوجيز»، وجماعةٍ. قلتُ: وهو الأولى؛ ليُخرَجَ مِن الخلاف. وهو ظاهرٌ كلامِ أحمد، في روايةِ الميْمُونِى، والأثرَمِ. والصّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن حُكْمَ تأخيرِ المغْرِبِ في الغيْمِ، حُكْمُ

ثُمَّ الْعَصْرُ، وَهِىَ الْوُسْطى، وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْس. وعَنْهُ، إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَىْء مِثْلَيْهِ. ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرورَةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تأخيرِ الظُّهْرِ في الغيْمِ، على ما تقدَّم. ونصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «المحرر»، و «الرِّعاية الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغير»، وغيرِهم. وقدمه فى «الفروع»، و «ابن تَميم»، و «الرِّعاية الكبْرى»، و «الحاوِى الكبيرِ». فائدة: قوله عن العصرِ: وهى الوُسْطى. هو المذهبُ. نصّ عليه الإمامُ أحمدُ، وقطع به الأصحابُ، ولا أعلمُ عنه، ولا عنهم فيها خِلافًا. قلتُ: وذكَر الحافِظُ الشَّيخُ شِهَابُ الدِّينِ ابن حَجَرٍ، في «شرح البخاري» في تفْسيرِ سُورةِ البقَرةِ، فيها عشرينَ قوْلاً. وذكَر القائلَ بكلِّ قول من الصَّحابةِ وغيرِهم وذليلَه، فأحْبَبْتُ أنْ أذْكرَها ملَخَّصَةً. فنقول: هي صلاةً العصْرِ، المغرِبِ، العِشاء،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَجْرِ، الظُّهْرِ، جميعُها، واحدةٌ غيرُ معينة، التوقُّف، الجُمُعَةُ، الظُّهْر في الأيام، والجمعَةُ في غيرِها، الصُّبحُ أو العشاءُ أو العصر، الصُّبح أو العصرُ على الترَدُّدِ، وهو غير الذي قبلَه، صلاةُ الجماعةِ، صلاةُ الخوف، صلاة عيدِ النَّحْرِ، صلاةُ عيدِ الفِطْر. الوتْر، صلاة الضَّحَى، صلاةُ اللَّيْل. قوله: ووَقتُها مِن خُرُوج وقتِ الظُّهْرِ. وهذا المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثرُهم، يعنى أن وقْتَ العصْرِ يلِى وقْتَ الظُّهْرِ، ليس بينَهما وقْتٌ. وقيل: لا يدْخلُ وقْتُ العَصْرِ إلَّا بعد زِيادةٍ يسيرةٍ عن خُروجِ وقْتِ الظُّهْرِ. ويَحْتَمِله كلامٌ الخرَقِىّ، و «التذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ، و «التَّلْخيص». وقال ابنُ تَميم، وصاحب «الفُروعِ» وغيرُهما: وعن أحمد، آخِرُ وقْتِ الظُّهْرِ أولُ وقْتِ العصْرِ. قال في «الفُروعِ» فبيْنَهما وقْت مشترَك قدْرَ أرْبَع ركَعاتٍ. قوله: إلى اصْفِرارِ الشمْس. هذا إحْدَى الرِّوايتيْن عن أحمدَ. اخْتارَها المصَنِّفُ، والشَّارح، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ تَميم، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «الفروع»: وهى أظْهر. وجزَم بها في «الوَجيزِ»، و «المنتخبِ». وعنه، إلى أن يصيرَ ظِلُّ كلِّ شئٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مثْليه. وهو المذهب، وعليه الجمهورُ؛ منهم الخرقي، وأبو بكْرٍ، والقاضى، وأكثر أصحابِه. وجزَم به في «تَذْكِرةِ ابنِ عقِيل»، و «التَّلْخيص»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغةِ»، و «الإفاداتِ»، و «نَظْمِ النِّهايَةِ»، و «المنوِّر»، و «التَّسْهيلِ» وغيرِهم. وقدَّمه في «الإرْشَادِ»، و «الهِدايةِ»، و «الفصول»، و «المستوعب»، و «المحرر»، و «الرِّعايتين»، و «الحاوِى»، و «ابنِ تَميم»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، و «الفائقِ»، و «الفروعِ»، و «إدْرَاكِ الغايةِ»، و «تَجْريدِ العناية». وصَحَّحَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «النظْمِ». وأطْلَقَهما في «المُسْتوْعِبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَد». قوله: ويَبْقَى وَقْت الضَّرورَةِ إلى غُرُوبِ الشمس. يعْنى إنْ قُلْنا: وقْتُ الاخْتِيار إلى اصْفِرار الشمْس، فما بعدَه وقْت ضَرورَةٍ إلى الغروبِ. وإنْ قُلْنا: إلى مَصيرِ ظِلِّ كلِّ شيء مثْلَيْه. فكذلك، فلها وقْتانِ فقط. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التلْخيص»، و «البُلْغةِ»: وقت الاخْتِيارِ إلى أنْ يصيرَ ظل كل شيء مِثْليه، وبعدَه وقتُ جَوازٍ إلى الاصْفِرارِ، وبعدَه وقتُ الكراهَةِ إلى الغروبِ. وقال في «الكافِى»: يبْقَى وقتُ الجوازِ إلى غروبِ الشَّمْس. قال ابن نَصْرِ الله في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «حَواشى الفُروعِ»: وهو غريبٌ. وقال في «الفُروعِ»: ولعلَّه أرادَ، الأداءُ (¬1) ¬

(¬1) في: «الأول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باقٍ. قلت: لو قيلَ: إنَّه أراد الجوازَ مع الكراهةِ. لَكان له وَجْه، فإنَّ لنا وَجْها بجوازِ تأخيرِ الصَّلاة إلى وقْتِ الضَّرورة، مع الكراهَة، فيكون كلامُه مُوافقًا لذلك القوْلَ. واخْتاره ابن حمْدانَ وغيره، على ما يأتى. مع أنَّ المصنِّف لم ينْفَردْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بهذه العِبارة، بل قالَها في «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «مسبُوك الذهَبِ»، وغيرهم. وقال في «المستوعب»: وَيَبْقَى وقت الضَّرورة والجوازِ. انتهى. ونقول: هو وقتُ جوازٍ في الجُملةِ لأَجْلِ المعْذورِ. قال ابن تَميم: وظاهر

وَتَعْجِيلُهَا أفْضَلُ بكل حَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ صاحبِ «الرَّوْضةِ»، أنَّ وقتَ العَصْرِ يخْرج بالكلِّيَّة بخروجِ وقْت الاخْتيار. وهو قوْلْ حكَاه في «الفروعِ» وغيره. قوله: وتَعجيلُها أفضَل بكلِّ حالٍ. هذا المذهبُ مطْلقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسْتحبُّ تعْجيلُها مع الغيْمِ، دونَ الصَّحْوِ. نقَلَها صالحٌ. قالَه القاضي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولفْظُ رواية صالح، يؤخرُ العَصْرُ أحَبُّ إليَّ، آخِرُ وقْتِ العَصْرِ عندِى ما لم تَصْفَر الشمسُ. فظاهِرُه مُطْلقًا. قالَه في «الفُروع». وقال في «الرِّعاية الكبْرى»:

ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَهِىَ الْوِترُ، وَوَقتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّمْس إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأحْمَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُسَنُّ تَعْجيلها إلَّا مع الصَّحْو إلى آخرِ وقتِ الاخْتِيارِ. وقيل: عنه، يسْتَحَب تأخيرُها مع الصحْوِ. قوله في المغْرِب: ووَقْتُها مِن مَغِيبِ الشمس إلى مَغِيبِ الشفَقِ الأحْمَرِ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، إلى مغيب الشَّفق

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبْيَضِ في الحضَرِ، والأحْمَرِ في غيرِه. اخْتارَه الخِرَقىُّ. قال المُصَنِّفُ: تُعْتَبرُ غَيْبوبَةُ الشَّفَقِ الأبْيَضِ، لدلَالَتِها على غَيْبوبَةِ الأحْمْرِ لا لنفْسِه. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ، إذا غابَ قُرْصُ الشَّمْس، فهل يدْخُلُ وقْت المغْرِبِ مع بَقاءِ الحُمْرَةِ، أو حتى يذْهَبَ ذلك؟ فيه رِوايَتان. فائدة: للمَغْرِب وَقْتان، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّىُّ في «النَّصِيحَةِ»: لها وقْتٌ واحدٌ، لخَبَرِ جِبْريلَ. وقال: مَن أخَّرَ حتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ، فقد أخْطَأَ.

وَالأفْضَلُ تَعْجِيلُهَا، لَيْلَةَ جَمْعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والأفْضَل تَعْجِيلُها، إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ لمَن قَصدَها. يعْنى لمَن قصدَها مُحْرِمًا، وهذا إجْماعٌ، وقال صاحب «الفُروعِ»: وكلامُهم يَقتَضِى لو دفَع مِن عَرَفَة قبل المَغْرِبِ، وحصَل بمُزْدَلِفَةَ وقْت الغروبِ، أنَّه لا يُؤخِّرُها، ويُصَلِّها في وَقْتِها. قال: وكلامُ القاضي يقْتَضِى المُوافقَةَ. تنبيه: ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّها لا تُؤَخَّرُ لأجْلِ الغَيْم. وهو قوْل جماعةٍ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وهو المُخْتارُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها في الغَيْمِ كالظُّهْرِ، كما تقدم. وتقدَّم ذلك قرِيبًا. فائدتان؛ إحْداهما: يكون تأخيرُها لغيرِ مُحْرِمٍ. قالَه القاضي في «التَّعْليقِ» وغيره، واقْتصر في «الفُصولِ» على قوْلِه: والأفْضَلُ تعْجيلُها إلَّا بمِنًى، يُؤخِّرُها لأجْلِ الجَمْعِ بالعشِاءِ، وذلك نُسُكٌ وفضِيلَةٌ. قال في «الفروع»: كذا قال. وقوْله: إلَّا بمِنًى. هو في «الفُصولِ». وصوابُه: إلَّا بمُزْدَلِفَةَ. الثانية: لا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُها بالعِشاءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ هُبَيرَةَ: يُكْرَهُ. وقال الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ: إنْ كثُرَ تسْمِيَتُها بذلك، كُرِهَ، وإلَّا فلا. ويأتِي ذلك في تسْمِيَةِ العِشاءِ بالعَتَمةِ (¬1). وعلى المذهبِ، تسْمِيَتُهَا بالمغْربِ. ¬

(¬1) انظر صفحة 164، 165 من هذا الجزء.

ثُمَّ الْعِشَاءُ، وَوَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأحْمَرِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأوَّلِ. وَعَنْهُ، نِصْفِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله عَنِ العِشَاءِ: ووقْتُها مِن مَغِيبِ الشَّفَقِ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ. يعْنى وقْتَ الاخْتِيارِ، وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ. وقال في «الفُروعِ»: نقَله واخْتاره الأكثرُ؛ منهم الخِرقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى في «الجامع». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الْمُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ» و «البُّلْغةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروع»، وابنُ رَزِينٍ في «شرْحِه»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنَايَةِ». قالَ الشَّارِحُ: الأوْلَى أنْ لا تَؤخَّرَ عن ثُلُثُ اللَّيْلِ، فإنْ أخَّرَها، جازَ. انتهى. وعنه، نِصْفِه. جزَم به في «العُمْدَةِ». وقدَّمه في «المُبْهِجِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». واخْتارَها القاضي في «الرِّوايتَيْن»، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مُجْمَعِ البَحْرَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصَحَّحه في «نَظْمِه». قال في «الفروعِ» وهي أظْهَر. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ».

ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِى، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ في الْمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ، وَتَأْخِيُرهَا أفْضَلُ مَا لَمْ يَشُقَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاخْتِيارِ، ويَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلى طلوعِ الفجْرِ الثانى. هذا المذهبُ وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «الكافِى»: ثم يذْهبُ وَقْتُ الاخْتِيارِ، ويبْقى وَقْتُ الجوازِ إلى طُلوعِ الفجْرِ الثانى كما قال في العَصْرِ. قال في «الفُروعِ»: وَلعَلَّ مُرادَه، أنَّ الأداءَ باقٍ. وتقدَّم ما قُلْنا في كلامِه. ووافقَ «الكافِى» صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقالوا: ووقْتُ الجوازِ إلى طُلوعِ الفجْرِ. انتهى. وقيل: يخْرجُ الوقْتُ مُطْلقًا بخروجِ وقْتِ الاخْتِيارِ. وهو ظاهرُ كلام الخَرَقِىِّ، وأحدُ الاحْتِمالَيْن لابنِ عَبْدُوسٍ والمُتَقَدِّمِ. فائدتان؛ إحْداهما، لم يذْكرْ في «الوَجيزِ» للعِشاءِ وقْتَ ضَرُورةٍ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه اكْتَفَى بذكْرِه في العَصْرِ، وإلَّا فلا وَجْهَ لذلك. الثَّانية، لا يجوز تأْخيرُ الصَّلاةِ ولا بعضِها إلى وقْتِ ضرُورةٍ، ما لم يكنْ عُذْرٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ التَّأخيرُ بلا عُذْرٍ إلى وقتِ ضرُورَةٍ، في الأصَحِّ. وقالَه أبو المَعالِى وغيره في العَصْرِ. وجزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وابنُ رزينٍ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيْدان، وابن تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَعِ البَحْريْن»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفائقِ». وقيل: يُكْرَهُ. قدَّمه فى «الرِّعايتيْن». وجزَم به في «الإفادات». وأطْلَقهما في «الحاوِيَيْن». وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في كتابِ الصَّلاةِ، بعدَ قوْلِه: ولا يجوز لمَن وجبَتْ عليه الصَّلاة تأخيرُها عن وَقْتِها. قوله: وتَأخِيرُها أفْضَل ما لم يَشُقَّ. اعلمْ أنَّه إنْ شَقَّ التَّأخيرُ على جميعِ المأمُومين، كُرِهَ التَّأخيرُ. وإنْ شَقَّ على بعضِهم، كُرِهَ أيضًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. وهي طريقةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفروعِ»، وغيرِهم. وقال كثيرٌ من الأصحابِ: هل يُسْتَحَبُّ التَّأخيرُ مُطْلقًا، أو يُراعِى حال المأمُومِين حيث لا يَشُقُّ عليهم؟ فيه رِوايَتان. فحكَوُا الخِلافَ مُطْلقًا. وقال في «الرعايَةِ الكبْرى»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الفائقِ»: يُسَنُّ تأخيرُها. وعنه، الأفْضلُ مُراعاة المأمُومِين. وظاهر كلامِ الخِرَقِىِّ، وأبى الخطَّابِ، وغيرِهمُ، اسْتِحْبابُ التَّأخيرِ مُطْلقًا. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلام المصنِّفِ وغيرِه، إذا أخَّرَ المغْرِبَ لأجْلِ الغَيْمِ أوِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمْعِ، فإنَّه حِينَئذٍ يسْتحَبُّ تعْجيلُ العِشاءِ. قالَه فى «الفْروعِ» وغيرِه. وقال

ثُمَّ الْفَجْرُ، وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِى إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يُسَنُّ تعْجِيلُها مع الغَيْمِ. نصَّ عليه. وقيل: مع تأْخيرِ المغْربِ معه، والخُروجَ إليها. فوائد؛ يُكْرَهُ النَّوْمُ قبلَها مُطْلَقًا، على الصَّحيح مِن المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ إذا كان له يُوقِظُه. واخْتارَه القاضي. وجزم به في «الجامع». وما هو ببَعيدٍ. ويُكْرَهُ الحديثُ بعدَها إلَّا في أمْرِ المُسْلِمين أو شغْلٍ أو شئٍ يسير، والأصَحُّ أو مع الأهْلِ. وقيل: يُكْرَهُ مع الأهْلِ. وقدَّمه في «الفائقِ» قال في «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»: ولا يُكْرَهُ لمُسافرٍ ولمُصَلٍّ بعدَها. ولا يُكْرَهُ تسْمِيتُها بالعَتمةِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، ولا تسْمِيَةُ الفجْرِ بصلاةِ الغَداةِ. وقيل: يُكْرَهُ فيهما. وقيل: يُكْرَهُ في الأخيرة. واخْتَارَه صاحِبُ «النِّهايَةِ». وقيل: يُكْرَهُ في الأولَى. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوسٍ، المَنْعُ مِن ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، في «اقْتِضَاءِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ»: الأشْهَرُ عنه، إنَّما يُكْرَهُ الإكْثَارُ، حتى يَغْلِبِ عليها الاسْمُ، وإنَّ مِثْلَها في الخِلافِ تسْمِية المغْرِبِ بالعِشَاءِ.

وَتَعْجِيلُهَا أفْضَلُ. وَعَنْهُ، إِنْ أسْفَرَ الْمَأمُومُونَ فَالْأفْضَلُ الْإسْفَارُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله عن الفَجْرِ: وَتعْجِيلُهَا أفضَلُ. وهو المذهب مُطلقًا، وعليه الجمهورُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحه»: هذا المذهب. وجزَم به «الخَرَقِيِّ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْريدِ العِنَايِةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، [و «الكافِى»] (¬1)، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وصَحَّحه في «مَجْمَعِ البَحْرَينِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». فعلى هذا، يُكْرَهُ التَّأخيرُ إلى الإسْفارِ بلا عُذْرٍ. وعنه، إنْ أسْفَر المأمُومون، فالأفْضَل الإسْفارُ. والمُرَادُ أكثرُ المأمُومِين. واخْتارَه الشِّيرازىُّ في «المُبْهِجِ». ونصَرَها أبو الخطَّابِ في «الانْتِصَارِ». وأطْلَقهما في المذْهب، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ». وعنه، الإسْفارُ مُطْلقًا أفْضَل. قال في «الفُروعِ»: أطْلَقَها بعضُهم. وقالي في «الحاوِى الكبيرِ»، وغيرِه: وعنه، الإسْفارُ أفْضَلُ بكلِّ حالٍ، إلَّا الحاجِّ بمُزْذلِفَةَ. قال في «الفُروعِ»: وكلامُ ¬

(¬1) زيادة من:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي وغيرِه، يَقتَضِى أنَّه وِفاقٌ. قلت: وهو عيْنُ الصَّوابِ، وهو مُرادُ مَن أطْلَق الرِّوايةَ. تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ، بعدُ أنْ حكَى الخِلافَ المتقدِّمَ: ومحَلُّ الخِلاف فيما إذا كان الأرْفَقُ على المأمُومِين الإسْفار مع حضورِهم، أو حضُورِ بعضِهم، أمَّا لو تأخَّرَ الجيران كلُّهم، فالأوْلَى هنا التَّأخيرُ، بلا خِلافٍ، على مُقْتَضَى ما قالَه القاضي في «التَّعْليقِ». وقال: نصَّ عليه في روايَةِ الجماعةِ. انتهى. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ليس لها وقْتُ ضَرورَةٍ، بل وقْت فضيلَةٍ وجوازٍ، كما في المغْرِبِ والظُّهْرِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابن تَمِيمٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: ويُكْرَهُ التَّأخيرُ بعدَ الإسْفار بلا عُذْرٍ. وقيل: يحْرُمُ. وجعل القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقدِّم، لها وَقْتَيْن؛ وقْتَ اخْتِيارٍ، وهو إلى الإسْفارِ، ووَقْت ضرورةٍ، وهو إلى طُلوعِ الشَّمْسِ. قال في «الحاوِيَيْن»: ويحْرُمُ التَّأخير بعدَ الإسْفارِ بلا عُذرٍ. وقل: يُكْرَهُ. قال ابنُ رجَبٍ في «شَرْحِ اخْتِيارِ الأولَى في اخْتِصام المَلَاءِ الأعْلَى»: وقد أوْمَأ إليه أحمدُ. وقال: هذه صلاةُ مُفَرِّطٍ، إنَّمَا الإسْفارُ، أن ينْتَشِرَ الضَّوءُ على الأرْضِ. فائدة: حيث قلْنا: يُسْتَحَبُ تعْجيلُ الصَّلاةِ. فَيَحْصُلُ له فضِيلَةُ ذلك، بأنْ يشْتَغِلَ بأسْبَابِ الصَّلاةِ، إذا دخَل الوقْت. قال في «التَّلْخيصِ»: ويقْرُبُ منه قوْلُ المَجْدِ: قَدْرُ الطّهارةِ والسَّعْىِ إلى الجماعةِ، ونحوِ ذلك. وذكَر الأزَجىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلًا؛ يتَطَهُّرُ قَبْلَ الوقْتِ.

وَمَنْ أدْرَكَ تَكبِيرَة الْإحْرَامِ مِنْ صَلَاةٍ في وَقْتِهَا، فَقدْ أدْرَكَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أدْرَك تكْبِيرةَ الإحْرامِ مِن صَلاةٍ في وَقْتِها، فقد أدْرَكَها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير مهم. وعليه العمَلُ في المذهبِ. ولو كان آخرَ وقْتِ الثَّانيةِ مِنَ المْجموعَتيْن لمَن أرادَ جمْعَها. وعنه، لا يُدْرِكها إلَّا برَكْعةٍ. وهو ظاهر كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبى موسى، وابنِ عَبْدُوسٍ تلْميذِ القاضي. وقدَّمه في «النَّظمِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ عُبَيْدان». فائدتان؛ إحْداهما، مُقْتَضَى قوله: فقد أدْرَكَها. بِناءُ ما خرَج منها عنِ الوقْتِ على تحْريمه الأداء في الوقت، ووقُوعِه موْقِعَه في الصِّحَّةِ والإجْزاءِ. قالَه المَجْدُ في «شرْحِه»، وتابَعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابن عُبيْدانِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفروع»: وظاهرُ كلامِه في «المُغْنِى» أنَّها مسْألة القَضاءِ والأداءِ الآتيةُ بعدَ ذلك. الثَّانية، جميعُ الصَّلاةِ التي قد أدْرَك بعضَها في وقْتها أداءً مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرهما: هذا ظاهر المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: تكون جميعها أداءً في المعْذورِ، دونَ غيرِه. وقطع به أبو المَعالِى. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وابنِ أبِى موسى، وأحدُ احْتِمالَىِ ابنِ عَبْدُوسٍ المُتقدِّمِ قال الزَّركَشِيُّ: وهو مُتَوجَّهٌ. وقيل: قضَاءٌ مُطْلقًا. وقيل: الخارِجُ عنِ الوْقتِ قضاءٌ، والذي في الوقْتِ أداءٌ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلام المُصَنِّفِ من أصْلِ المسْألَةِ، الجُمُعَة؛ فإنَّها لا تدْرَكُ بأقَلَّ مِن ركْعَةٍ، على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، على ما يأتِى في بابه. وعنه، تدْرَكُ

وَمَنْ شَكَّ في الْوَقْتِ، لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَكبيرَةِ الإحْرامِ كغيرِها. وهو ظاهرُ كلامِ المُصنِّفِ هنا، لكن كلامه عُمْومُ هنا مخْصوصٌ بما قالَه هناك، وهو أوْلَى. قوله: ومَن شَكَّ في الوَقْت، لم يُصَلّ حتَّى يغْلِبَ على ظَنِّهِ دُخولُه. فإذا غلَب

فَإنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ عَنْ يَقِينٍ قَبِلَ قَوْلَهُ، وِانْ كَانَ عَنْ ظَنٍّ لَمْ يَقْبَلْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على ظَنِّهِ دُخولُه، صلَّى، على الصَّحيح مِنَ المذهب، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ فهم. وعنه، لا يصَلِّى حتَّى يتَيَقَّنَ دخولَ الوقْتِ. اخْتارَه ابن حامدٍ وغيره. فعلى المذهب، يُسْتَحَبُّ التَّأخيرُ حتى يتَيَقَّن دخُولَ الوقْتِ. قالَه ابن تَميمٍ وغيره. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: الأوْلَى تأخيرُها احتِياطًا، إلَّا أنْ يخْشَى خُروجَ الوقْتِ، أو تكون صلاة العَصْر في وقْتِ الغَيْمِ، فإنَّه يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ؛ للخَبَرِ الصَّحيحِ. وقال الآمِدِى: يُسْتَحَبُّ تعْجيلُ المغْرِبِ إذا تيَقَّنَ غروبَ الشَّمْسِ، أو غلَب على ظَنِّهِ غُروبُهَا. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَجِدْ مَن يُخْبرُه عن يَقَينٍ، أو لم يُمْكِنْه مُشاهدَةُ الوقْتِ بيَقينٍ. قوله: فإنْ أَخْبره بذلك مُخبرٌ عن يقين، قَيلَ قوْلَه. يعْنِى إذا كان يَثِقُ به. وهذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو سمِعَ أذان ثِقَةٍ عارِفٍ يَثِقُ به. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ»، وأبو المَعالِى فى «نِهايَتِه»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، وابنُ حمْدانَ في «رِعايَتِه»: يعْمَل بالأذانِ في دارِ الإسْلامِ، ولا يعْمل به في دارِ الحرْبِ، حتَّى يعْلمَ إسْلامَ المُؤذِّنِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يعْملُ بقوْلِ المُؤذِّنِ في دخُولِ الوقْتِ، مع إمْكانِ العلْمِ بالوقْتِ. وهو مذهبُ أحمدَ، وسائر العُلَماءِ المُعْتَبرين، كما شَهدَتْ به النُّصوصُ، خِلافًا لبعضِ أصحابِنا. انتهى. قوله: وإن كان عن ظَنٍّ لم يقْبَلْه. مُرَادُه، إذا لم يتَعَذَّرْ عليه الاجْتِهادُ، فإنْ تعذَّرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الاجْتِهادُ، عمِلَ بقَوْلِه. وفى «كتاب أبي علىٍّ العُكْبَرِى»، و «أبي المَعالِى»، «وابنِ حمْدان»، وغيرها: لا يُقْبلُ أذانٌ في غَيْمٍ؛ لأنَّه عنِ اجْتِهادٍ، فيجْتهِدُ هو. قال في «الفُروعَ»: فدَلَّ على أنَّه لو عرف أنَّه يعرِف الوقْت بالسَّاعاتِ، أو تقْليدُ عارِفٍ، عمِلَ به. وجزَم بهذا المَجْدُ في «شَرْحِه». وتبِعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابن عُبيْدان». وقال الشَّيخ تقِيُّ الدَّينِ: قال بعضُ أصحابِنا: لا يعْمَلُ بقوْلِ المؤذِّنِ، مع إمْكانِ العلمِ بالوقْتِ. وهو خِلاف مذهبِ أحمدَ، وسائرِ العُلَماء المُعتَبرِينِ، وخِلاف ما شهِدَتْ به النُّصوصُ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. فائدة: الأعْمَى العاجِزُ يُقلِّدُ. فإن عدِمَ مَن يُقَلِّدُه، وصَلَّى، أعادَ مُطْلقًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُعيدُ إلَّا إذا تَبَيَّنَ خطَؤُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه.

وَمَتَى اجْتَهَدَ وَصَلَّى، فَبَانَ أنَّهُ وَافَقَ الْوَقْتَ، أَوْ مَا، بَعْدَهُ أجْزَأهُ، وَإنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ. وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ، ثُمْ جُنَّ، أوْ حَاضَتِ الْمَرْأةُ، لزِمَهُمُ الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أدرَك مِنَ الْوَقْتِ قدْرَ تكبيرةٍ. اعلمْ أنَّ الصَّحيح مِن المذهبِ؛ أنَّ الأحْكامَ تتَرتَّبُ بإدْراكِ شيءٍ مِن الوَقْتِ ولو قَدْرَ تكْبيرَةٍ. وأطْلَقَه الإمامُ أحمدُ. فلِهذا قيل: يُخَيَّرُ. وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لابُدَّ أنْ يُمكِنَه الأداء. اخْتارَها جماعةٌ؛ منهمُ ابن بَطَّةَ، وابنُ أبِى موسى، والشَّيْخ تقِىٌّ الدِّين. واخْتارَ الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ أيضًا، أنَّه لا تتَرَتَّبُ الأحْكامُ إلَّا إنْ تَضايقَ الْوَقْتُ عن فِعْلِ الصَّلاةِ، ثم يُوجَدُ المانِعُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثُم جُنَّ أو حاضتِ المرأةُ لَزِمَه القضاءُ. يعْنى: إذا طرأ عدَمُ التَّكْليفِ. واعلم أنَّ الصَّلاةَ التي أدْرَكَها تارةً تُجمَعُ إلى غيرِها، وتارةً لا تجْمعُ، فإنْ كانْت لا تُجْمعُ إلى غيرِها، وجَب قضاؤُها بشَرْطِه، قوْلًا واحدًا. وإنْ كانت تُجْمَعُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه لا يجِبُ إلَّا قضاءُ التي دخَل وَقْتُها فقط، ولو خَلَا جميعُ وقْتِ الأُولَى مِنَ المانعِ، وسواءٌ فعَلَها أو لم يفْعَلْها، وعليه جمهورُ الأصحابِ منهمُ ابنُ حامدٍ، وصَحَّحه المَجْدْ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن» فيه، وفى «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يلزَمُه قَضاءُ [المجموعَتيْن] (¬1). وهي مِن المُفْردَاتِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «ابنِ عُبَيْدان» وغيرِهم. ¬

(¬1) زيادة من:

وَإنْ بَلَغَ صَبِىٌّ، أو أسْلَمَ كَافِرٌ، أو أفَاقَ مَجْنُونٌ، أوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ، قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، لَزِمَهُمُ الصَّبْحُ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهُمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَإنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لَزِمَهُمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ بلَغ صَبِىٌّ، أو أسْلَم كافِرٌ، أو أفاقَ مَجْنُونٌ، أو طَهُرَتْ حائِضٌ، قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بقَدْرِ تَكبيرةٍ، لَزِمَهمُ الصُّبْحُ. وإنْ كان ذلك قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، لَزِمَهمُ الظهْرُ، والعَصْرُ. وإنْ كان قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، لَزِمَهمُ المَغْرِبُ والعِشاءُ. يعْنى إذا طَرَأ التَّكْليفُ. واعلمْ أنَّ الأحْكامَ مُتَرَتِّبةٌ بإدراكِ قدْرِ تَكْبيرةٍ مِنَ الوقْتِ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: بَقَدْرِ جُزْءٍ الوقْتِ، في «الفُروعِ»: وظاهرُ ما ذكَرَه أبو المَعَالِى حِكايةً، القوْلُ بإمْكانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأداءِ. قال: وقد يُؤخذُ منه القوْلُ برَكْعَةٍ. فيكون فائدةُ المسْألَةِ، وهو مُتَّجهٌ. وذكر الشَّيْخُ تقيُّ الدِّينِ: الخِلافُ عندَنا فيما إذا طرَأ مانِعٌ أو تكْليفٌ، هل يُعْتبرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بتكْبيرةٍ أو رَكْعَةٍ؟ واخْتارَ برَكْعةٍ في التَّكْليفِ. انتهى. إذا علِمْتَ ذلك، فإنَّه إذا طرَأ التَّكْليف في وقْتِ صلاةٍ لا تُجْمَعُ، لزِمَتْه فقط، وإنْ كان في وقْتِ صلاةٍ تُجْمَعُ

وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ، لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ مُرَتَّبًا، قَلَّتْ أوْ كَثُرَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قبلَها إلا قضاها، بلا نِزاعٍ. قوله: ومَن فاتَتْه صَلواتٌ لَزِمَه قَضاؤُها على الفَوْرِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثيرٌ منهم. واختارَه الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ. وقيل: لا يجِبُ القَضاء على القوْلي مُطْلقًا. وقيل: يجِبُ على الفَوْرِ في خمْسِ صلَواتٍ فقط. واخْتاره القاضي في موْضِعٍ مِنْ كلامِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ، أنَّ تارِكَ الصَّلاةِ عمْدًا إذا تابَ، لا يُشْرَعُ له قَضاؤُها، ولا تصِحُّ منه، بل يُكْثِرُ مِنَ التَّطَوُّعِ. وكذا الصَّوْمُ. قال ابنُ رجَبٍ، في «شَرْحِ البُخاريِّ»: ووقَع في كلامِ طائفةٍ مِن أصحابِنا المُتَقَدِّمين، أنَّه لا يُجْزِئُّ فِعْلها إذا ترَكَها عمْدًا؛ منهم الجُوزَجانِيُّ، وأبو محمدٍ البَرْبَهارئُّ (¬1)، وابنُ بَطَّةَ. تنبيه: قوله: لِزَمَه قَضاؤُها على الفَوْرِ. مُقَيَّدٌ بما إذا لم يَتَضَرَّرْ في بدَنِه، أو فى ¬

(¬1) الحسن بن على بن خلف البربهارى، أبو محمد. شيخ الحنابلة، الفقيه، كان قوالًا للحق، لا يخاف في الله لومة لائم. توفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. المنتظم 6/ 223.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معِيشَةٍ يحْتاجُها، فإنْ تضَرَّرَ بسبَبِ ذلك، سقَطتِ الفوْرِيَّةُ. نصَّ عليه. قوله: مُرَتَّبًا، قَلَّتْ أو كَثُرَتْ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وهو مِنَ المفْرَداتِ. وعنه، لا يجِبُ التَّرْتيبُ؛ قال في «المُبْهجِ»: التَّرتْيبُ مُسْتَحَبٌّ. واخْتارَه في «الفائقِ». قال ابنُ رجَبٍ، في «شرْحِ البُخارِيِّ»: وجزَم به بعضُ الأصحابِ. ومالَ إلى ذلك. وقال: كان أحمدُ، لشِدَّةِ ورَعِه، يأخذُ مِن هذه المسائلِ المُخْتَلَفِ فيها بالاحْتِياط، وإلَّا فأجابَ سِنِين عدِيدَةً ببَقاء صلاةٍ واحدةٍ فائِتَةٍ في الذِّمَّةِ، لا يكادُ يقومُ عليه دَليلٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوى، وقال: وقد أخْبَرنى بعضُ أعْيانِ شُيوخِنا الحَنْبَلِيِّين، أنَّه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - فى النَّوْمِ، وسأله عمّا يقوله الشافِعىُّ وأحمدُ، فى هذه المسائل، أيها أرْجحُ؟ قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ففَهِمْتُ منه أنَّه أشارَ إلى رُجْحانِ ما يقولُه الشافعي. انتهى. وقيل: يجبُ التَّرتيبُ فى خمس صلَواتٍ فقط. واخْتارَه القاضى أيضًا فى موْضِعٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احتِمال، يجبُ التَّرتيبُ، ولا يعتبرُ للصِّحةِ. وله نظائِرُ. فائدة: لو كَثُرَتِ الفَرائضُ الفوائتُ، فالأوْلَى تركُ سُنَنِها. قالَه المَجْدُ فى «شرحِه»، وصاحِب «الفُروعِ»، وغيرهما. واستَثْنى الإمامُ أحمدُ سُنَّةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَجْرِ. وقال: لا يُهْمِلُهْا. وقال فى الوَتْر: إنْ شاءَ قَضاه، وإنْ شاءَ فلا. ونقَل

فَإنْ خَشِىَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ، أو نَسِىَ الترتِيبَ، سَقَطَ وُجُوبهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُهَنَّا: يقْضِى سُنَّةَ الفَجْرِ والوتْرِ. قال المَجْدُ: لأنَّه عندَه دُونَها. وأطْلَق القاضى وغيرُه، أنَّه يقْضِى السُّننَ. قال، بعد روايه مُهنَّا المذْكورة وغيره: المذهب أنه يقْضِى الوَتر كما يقضى غيره مِنَ الرواتِبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفروعِ»: وظاهرُ هذا مِنَ القاضى، أنَّه لا يقْضى الوَتر فى رِواية خاصةٍ. ونقَل ابنُ هانئٍ، لا يتَطَوعُ وعليه صلاة متقدِّمَة إلا الوَتْر، فإنَّه يوتِر. وقال فى «الفصولِ»: يقْضى سنةَ الفَجْرِ، رواية واحدة، وفى بقِيةِ الرواتبِ مِنَ النّوافِلِ روايتان. نصّ على الوَتْرِ، لا يقْضِى. وعنه، يقْضِى. انتهى. وأمَّا انْعقادْ النَّفْل المُطْلَقِ إذا كان عليه فَوائتُ، فالصَّحيحُ من المذهبِ و «الروايتَيْن»، أنه لا ينْعَقد، لتَحريمِه إذَنْ، كأَوْقاتِ النَّهْىِ. قال المَجْدُ وغيره. وذكَر غيره الخِلاف فى الجوازِ، وأنَّ على المنْع لا يصِحُّ. قال المجْدُ: وكذا يتخرج فى النَّفْلِ المبْتَدأ وبعد الإقامَةِ، أو عندَ ضيقِ وَقتِ الفَواتِ، مع علْمِه بذلك وتحريمِه. انتهى. وعنه، ينْعَقِد النفْلُ المطْلَقُ. وهما وَجْهان مُطْلقان فى «ابن تميم» وغيرِه. ويأتى قريبًا مِن ذلك فى صلاةِ الجماعةِ عندَ قولِه: فإذا أقيمَتِ الصلاة، فلا صلاة إلَّا المكْتوبةَ. قوله: فإنْ خشىَ فواتَ الحَاضِرَةِ. سقَط وُجوبُه؛ يعنى وُجوبَ التَّرْتِيبِ، فيصَلِّى الحاضِرَةَ إذا بَقىَ مِنَ الوقْتِ بقَدرِ ما يفْعَلها فيه، ثم يقْضى. وهذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحاب. وعنه، لا يسْقط مُطْلقًا. اخْتارها الخَلَّالُ، وصاحبُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنَكر القاضى هذه الرِّوايَةَ. وحُكِىَ عن أحمد ما يدُلُّ على رُجوعه عنها. وكذا قال أبو حَفص. قال: إما أنْ يكونَ قوْلًا قدِيمًا أو غلَطًا. وعنه، يسْقُط إذا ضاقَ وقْت الحاْضِرَةِ عن قضاءِ كلِّ الفَوائتِ، فيُصَلِّى الحاضِرَةَ فى أوّلِ الوقْتِ. اخْتارَها أبو حَفْصٍ العُكبُرِيُّ. وعنه، يسْقُط بخشْيَةِ فَواتِ الجماعةِ. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن». وصَحَّحه فى «الرِّعاية الصُّغرى». وعنه، يسْقُطُ الترتيبُ بكوْنِها جُمعةً. جزَم به فى «الحاوِيَيْن». وصَحَّحه فى «الرعايةِ الصغرى». وقاله القاضى. قلت: وهو الصَّوابُ. وقدمه ابنُ تَميم. وقال: نصَّ عليه، لكنْ عليه فِعلُ الجمعَةِ، وإنْ قلْنا بعدمِ السقوطِ، ثم يقْضِيها ظُهْرًا. وفيه وَجْهٌ، ليس عليه فِعْلُ الْجمعَةِ إذا قلْنا: لا يسْقُطُ التَّرتيب. قال فى «الفروعِ»، فى أوَّلِ الجُمعَةِ: ويَبْدأُ بالجُمعَةِ لخوْف فوْتِها، ويَتْركُ فجْرًا فاتَتْه. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لو بدَأ بغيرِ الحاضِرةِ، مع ضِيقِ الوقتِ، صحَّ. على الصَّحيح مِنَ المذهب. نصّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. الثانية، لا تنْعَقد النافلَة مع ضيق الوقتِ عن الحاضِرَةِ، إذا فعَلَها عمدًا، على الصحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تنعقد. وتقدّم تخْريجُ المَجْدِ، وهو أعمُّ. الثَّالثة، خشْية خروجِ وقْتِ الاخْتيار، كخَشْية خُروج الوقْتِ بالكُلِّية. فإذا خشِىَ الاصفِرارَ، صلى الحاضِرَة. قالَه الزركَشِىُّ، والمَجدْ، وابن عبيدان، وابنُ تَميم وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أوْ نَسى الَّرَتِيبَ، سقط وجُوبه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رواية الجماعة، وعليه الأصحاب، وقطَع به أكثرهم، حتى قال القاضى: إذا نَسىَ الترتيبَ، سقَط وُجوبُه، رِواية واحدةً. وعنه، لا يسْقط الترتيب بالنِّسْيانِ. حكَاها ابنُ عَقِيلٍ. قال أبو حَفْص: هذه الروايَة تُخالِف ما نقلَه الجماعة عنه. فإمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ تكونَ غلَطًا أو قوْلًا قدِيمًا. تنبيه: ظاهر كلام المصَنِّف، أنَّه لو جَهِلَ وجوبَ الترتيب، أنه لا يسْقُطُ وُجوبُه، وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جمهور الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الأصُوليِة»: هذا المذهبُ. جزَم به غيرُ واحدٍ. وقيل: يسْقُط. اخْتارَه الآمِدِىُّ. فقال: هو كالنَّاسي للترتيب. فعلى المذهبِ؛ لو ذكَر فائتةً، وقد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحْرَم بحاضرةٍ؛ فتارةً يكون إماما، وتارة يكون غيرَه. فإنْ كان غيرَ إمام، فالصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لا يسْقطُ الترتيبُ، ويُتمُّها نفْلا، إما ركْعتَين وإما أربعًا. وعنه، يُتِمُّها المأموم دونَ المنْفَرِدِ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عكسُها. حَكاها المُصَنِّف. وعنه، يتِمُّها فَرضًا. اخْتارَه المَجد فى «شرحِه». وعنه، تبْطلُ. نقَلها حَنبلْ، ووَهَّمَه الخَلالُ. وعنه، ذِكْر الفَائتةِ فى الحاضِرَةِ يُسْقِطُ الترتب عنِ المأموم خاصَّةً. وإنْ كان إمامًا فالصَّحيحُ عن أحمدَ، أنه يقْطَعُهما. وعلَّلَه بأنهم مُفتَرِضُون خلْفَ متنفِّل. فعلى هذا، إذا قلْنا: يصِحُّ الفرضُ خلفَ المُتَنَفِّلِ، أتُمَّها كالمنفرِد والمأمومِ. واخْتار المَجْدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سقُوطَ الترتيبِ والحالة هذه، فيتِمُّها الإمام والمأمومُ فرضًا. وعنه، تَبْطُلُ. فوائد؛ الأولى، لو نسىَ صلاة مِن يوم، وجَهلَ عَيْنَها، صلَّى خمسًا، على الصحيحٍ من المذهبِ. نص عليه بِنِيَّةِ الفرض. وعنه، يُصَلى فجْرًا، ثم مغْربا، ثم رُباعِيَّة. وقال فى «الفائق»: ويتخَرَّجُ إيقاعُ واحدةٍ بالاجْتِهادِ، أخْذًا مِن القِبْلَةِ. الثانيةُ، لو نَسِى ظُهْرا وعصرًا مِن يوْمَيْن، وجهِلَ السَّابقة، تحَرى فى إحدى الرِّوايتَيْن. قدَّمه ابنُ تَميم. وجزَم به فى «الكافِى». والرِّواية الأخْرَى، يبدأ بالظهْرِ، وأطْلقَهما فى «الفروعِ»، و «الشرحِ»، و «مَجْمَعِ البَحرين»، و «ابنِ عُبَيْدان»، و «القَواعِدِ الأصُولِيةِ». وقدم فى «الرعاية»، أنَّه يصَلَّى ظُهْرًا، ثُم عصرا، ثم ظهْرًا. قال: وقيل: عصرًا، ثم ظُهْرا، ثم عصرًا. فعلى الرِّواية الأولَى؛ لو تحَرى، فلم يَقْوَ عنده شئ، بَدَأ بأيهما شاءَ. قدَّمه ابن تَميم، وابنُ عُبَيْدان، وجزَم به فى «الرعاية الكبرى». وعنه، يصَلُى ظهْرَيْن بينَهما عَصرا، أو عكْسُه. ذكَرَها فى «الفروعِ». وذكَرَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المصَنِّف فى «المُغْنِى» احتِمالًا. ولم يُفَرِّقْ بينَ أنْ يَسْتوِى عندَه الأمرانِ أوْلا؛ فقال: ويَحتمِل أنْ يلْزمه ثلاث صلَواتٍ؛ ظهر، ثم عصر، ثم ظُهْرٌ، أو بالعكْس. قال: وهذا أقْيس؛ لأنه أمكَنَه أداءُ فرضِه بيَقين، أشْبهُ ما لو نَسِىَ صلاة لا يعلَمُ عَيْنَها. قال فى «القَواعِدِ الأصُولية»: اخْتارَه أبو محمدٍ المقْدِسي، وأبو المعالِى، وابنُ مُنجى. ونقل أبو داودَ ما يدل على ذلك. الثَّالثةُ، لو عَلِمَ أن عليه مِن يوم الظهْرَ وصلاةً أخْرَى لا يعلَم هل هى المغربُ أوِ الفَجْرُ؟ لَزمه أنْ يُصَلِّىَ الفَجر، ثم الْظهْرَ، ثم المغْرِب. ولم يَجُزْ له البَداءَة بالطهرِ؛ لأنه لا يتَحَقَّق براءةَ ذِمَّتِه ممَّا قبلَها. الرابعةُ، قال المَجْدُ فى «شرحه»: لو توَضَّأ وصَلى الظهْرَ، ثم أحدْث

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتوَضَّأ وصلى العَصر. ثم ذكَر أنّه تَرَكَ فرضًا مِن إحدَى طهارَتِه ولم يعلَم عَينَها، لَزِمَه إعادة الوضوءِ والصَّلاتَين، ولو لم يعلم حَدَثَه بينهما، ثم توضَّأ للثَّانيةِ تجْديدًا، وقلنا: لا يَرتفِعُ الحدَث، فكذلك. وإنْ قلْنا يْرتفع، لَزِمَه إعادةُ الوضوءِ للأولَى خاصَّةً؛ لأنَّ الثَّانيةَ صحِيحَةٌ على كل تقْدير.

باب ستر العورة

بَابُ ستر الْعَوْرَةِ وَهُوَ الشرطُ الثَّالثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَسَتْرُهَا عَنِ النظرَ بِمَا لَا يَصِف الْبَشَرَةَ وَاجبٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ستْرِ العوْرَةِ فائدتان؛ إحداهما، قوله: وسَتْرها عنِ النظر بما لا يَصِف البشرَةَ واجِبٌ. فلا يجوز كشْفها. واعلم أن كشْفها فى غيرِ الصَّلاةِ، تارةً يكون فى خَلْوَةٍ، وتارة يكون مع زوْجَتِه، أو سُرّيته، وتارةً يكونُ مع غيرِهما، فإنْ كان مع غيرِهما، حَرُمَ كشْفها، ووجَب ستْرُها إلَّا لضرورَةٍ، كالتداوِى والخِتانِ، ومعرِفَه البُلوغِ، والبكارَةِ، والثُّيويَةِ، والغيْبِ، والوِلادة، ونحوِ ذلك. وإنْ كان مع زوْجَتِه أو سُريَّتِه، جازَ له ذلك. وإنْ كان فى خلْوَةٍ؛ فإنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ، كالتَّخَلِّى ونحوِه، جازَ، وإنْ لم تكنْ حاجة، فالصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يحرُم. جزَم به فى «التلْخيص». قال فى «المسْتوْعب»: وستْرُ العوْرةِ واجبٌ فى الصلاة وغيرِها. وصَحَّحه المجْدُ فى «شرحِه»، وابنُ عبيْدان فى «مَجْمَع البَحرَيْن»، و «الحاوِى الكبير». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وعنه، يُكْرهُ. اخْتاره القاضى وغيره. وقدَّمه فى «الفائقِ». وقدَّم فى «النظْم»، أَنه غير محَرَّم، وأطْلقهما فى «الفروعِ»، فى بابِ الاسْتِنْجاءِ، و «ابن تَميم». وتقدم هذا أيضًا هناك. وعنه، يجوزُ مِن غيرِ كَراهة. ذكَرَها فى «النكَتِ». وهو وَجْهٌ ذكَرَه أبو المَعالِى، وصاحب «الرعاية». فعلى القوْلِ بالتحريمِ أوِ الكَراهةِ، لا فرقَ بينَ أنْ يكونَ فى ظلْمة، أو حمَّام، أو بحَضْرَةِ ملكٍ، أو جِنِّى، أو حَيوانٍ بهِيم أوْلا. ذكَرَه فى «الرعاية» وغيرِه. الثَّانية، يجبُ سَتْر العَوْرَةِ فى الصلاةِ عن نفْسِه وعن غيرِه، فلو صَلى فى قميصٍ واسع الجَيْبِ، ولم يزُرَّه ولا شَدَّ وسطَه، وكان بحيثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَرى عوْرَته فى قيامِه أو ركوعه، فهو كرؤْية غيرِه فى منْع الإجْزاء. نصَّ عليه. ولا يُعتَبر ستْرُها مِن أسْفَل، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. واعتَبَرَه أبو المعالِى إنْ تَيَسَّرَ النظر. وقال فى «الرعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: فلو صلَّى على حائط، فرأى عوْرَته مَن تحت، بَطَلَتْ صلاته. انتهى. ويَكفِى فى سَتْرِها نَباتٌ ونحوه، كالحشيشِ والوَرَقِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يكفى الحشيش مع وُجودِ ثوبٍ. ويكفِى مُتَّصِل به، كيَدِه ولحيَتِه، على الصَّحيحِ منِ المذهبِ. ونص عليه. وعنه، لا يكفى. وهى وَجْه فى «ابن تَميم». وقد ترَدد القاضى فى «شَرح المذْهبِ» فى السترِ بلحيته، فجزم تارةً بأن السترَ بالمتصلِ ليس بستْر فى الصَّلاةِ. ثم ذكر نص أحمد، ورجَع إلى أنه ستْرٌ فى الصلاةِ. انتهى. لا يلزمه لبسُ باريَّة (¬1) وحَصير ونحوِهما ممَّا يضرُّه، ولا ضَفِيرةٍ. ولا يلْزَم ستْرُها بالطينِ، ولا بالماءِ الكَدرِ. جزم به فى «الكافِى»، و «الإفاداتِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ». وجزَم به ابنُ الجَوزي في، والشارِح، وابنُ رزِين، فى الماءِ. وقدمه فى الطين. وقيل: يلزَمه الستر بهما. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ»، و «الرعايَةِ الكبْرى». واخْتارَ ابن عقِيل، يجث بالطينِ لا بالماءِ الكدرِ. وقال المَجْدُ فى «شرحه»، وابنُ عُبَيْدان، وصاحِبُ «الحاوِى»: أظْهر الوَجْهيْن، لا يَلْزَمُه أن يُطينَ به عوْرته. قال الشيخ تَقِىُّ الدِّين: اخْتار الآمديُّ وغيره عدم لُزومِ الاستِتارِ بالطِّينِ. قال: وهو الصَّوابُ المقْطوعُ به. وقيل: إنَّه المنصوصُ عن أحمد. انتهى. وجزَم فى «التَّلْخيصِ»، ¬

(¬1) البارية: الحصير الخشن.

وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ وَالْأمَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَعَنْهُ، أنَّها الْفَرجَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنَّه لا يلْزَمه السترُ بالماءِ. وأطْلقَ لى الطينِ الوَجهيْن. فعلى القوْلِ بوُجوبِ ستْرِها بالطين، لو طَلَى به، ثم تَناثَرَ شئٌ، لم يلْزمه إعادته، على الصَّحيحِ. وقال ابنُ أبِى الفَهم: يَلْزَمُه. وأطْلق الوَجْهيْن فى «الرعاية الكُبْرى». تنبيه: مفْهومُ قولِه: بما لا يصِفُ البشرَةَ. أنَّه إذا كان يصِفُ البشَرةَ، لا يصحُّ السَّترُ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهب، وعليه الأصحاب، مثلَ أنْ يكونَ خفيفًا، فيَبِينَ ين ورائه الجِلْدُ وحمرَته. فأمَّا إنْ كان يستُرُ اللَّوْنَ، ويصفُ الخِلْقة، لم يضُر. قال الأصحاب: لا يضرّ إذا وصف التقاطيع، ولا بأسَ بذلك. نص عليه؛ لمشَقة الاحتِرازِ. ونقَل مُهنَّا، تغطى حُفَّها؛ لأنه يصف قدَمَها، واحتَج به القاضى على أن القدم عوْرَةٌ. قوله: وعوْرَة الرَّجُلِ والأمَةِ ما بينَ السُّرَّةِ والركْبَةِ. الصحيحُ ينَ المذهبِ أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عوْرَةَ الرجُلِ ما بين السُّرةِ والركْبَةِ. وعليه جماهير الأصحابِ. نصَّ عليه في روايةِ الجماعَةِ. وجزَم به فى «الإيضاحِ»، و «التذْكِرَة» لابنِ عَقِيل، «الإفادات»، و «الوجيز»، و «المُنوِّرِ»، و «المنْتخَبِ»، و «المذْهبِ الأحمَد»، و «الطريقِ الأقْرَب»، وغيرهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المذهب»، و «مسْبوكِ الذهبِ»، و «المسْتَوْعب»، و «الخلاصة»، و «الهادي»، و «الكافي»، و «التلخيص»، و «البُلْغةِ»، و «المحرَّر»، و «الرعايتين»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابن تميم»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النظم»، و «إدراكِ الغايَة»، و «تجْريدِ العِنايَة» وغيرِهم. واخْتاره ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرتِه». وعنه، أنَّها الفرجان. اخْتارَها المجد «شرحه»، وصاحِبُ «مَجمَع البحرَين»، و «الفائقِ». قال فى «الفروع»: وهى أظْهر. وقدَّمها ابنُ رَزِين في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرحه». وقال: هى أَظْهَر. وإليها مَيْل صاحِب «النَّظْمِ» أيضًا فيه. وأما عوْرَةُ الأمَةِ، فقدم المصنفُ هنا أنَّها ما بينَ السُّرَّةِ والركبَةِ كالرَّجلِ. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ عقِيل فى «التذْكِرَة»، و «المَذْهبِ الأحمَدِ»، و «الطريقِ الأقرَبِ». وقدمه فى «الهداية»، و «المذهب»، و «مَسْبُوكِ الذهب»، و «المستوعب»، و «الفروع»، و «الخلاصة»، و «التَّلْخيص»، و «البلغة»، و «الهادِى»، و «ابنِ تَميم»، و «إدراكِ الغايَةِ»، و «مَجْمَع البحرين». واخْتارَه ابن حامِدٍ، والشيرازى، وأبو الخطابِ، وابنُ عَقِيل، وغيرهم. وعنه، عورَتُها ما لا يظْهر غالِبًا. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخبِ». واخْتارَه ابن عَبْدُوس فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذكرَتِه». قال فى «تجْرِيدِ العِنايَة»: وأمَةٌ، ما لا يظهر غالِبًا، على الأظْهرِ. وقدمه فى «الكافِى»، و «المحَررِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النظْمِ»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه القاضى والآمِدِى، وابنُ عبَيْدان. قال القاضى فى «الجامِع»: ما عدا رأْسَها ويدَيْها إلى مِرْفَقَيْها ورجْلَيْها إلى رُكْبَتَيْها، فهو عوْرَة. قال الآمدىُّ: عوْرَة الأمةِ ما خلَا الوَجهُ، والرأسَ، والقدَمَيْن إلى أنصاف الساقَيْن، واليَدين إلى المرفقين. انتهى. وقيل: الأمَة البَرْزَة كالرجُل، بخلافِ الخَفِرَةِ. قال فى «الإفاداتِ»: والأمةُ البَرْزَةُ كالرجُلِ. والخَفِرَةُ ما لا يظْهرُ غَالِبًا. انتهى. وقيل: ما عدَا رأسَها عوْرة. اخْتارَه ابن حامِدٍ. ذكَره في ابن تَميم. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقولُ الزرْكَشِى، أن ظاهرَ كلامِ الخِرَقِىّ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قائلَ به. غيرُ مُسَلم له. وعنه، عوْرَة الأمةِ الفرجان كالرَّجُلِ. ذكَرَها جمهورُ الأصحابِ؛ منهم أبو الخطابِ، وابنُ عَقِيلى، وابن البَنَّا، والشيرازيُّ، والحَلْوانِى، وابن الجوْزِى، والسامري، والمصنف، وصاحبُ «التلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تميم»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِييْن»، و «الفُروع»، وغيرهم. قال الشيخُ تَقِى الدينِ: لا يخْتلِفُ المذهبُ أن ما بينَ السترةِ والركْبَهْ مِنَ الأمة عوْرَة. قال: وقد حكَى جماعةٌ مِن أصحابِنا، أن عوْرَتَها السوْأتانِ فقط، كالرِّوايَةِ فى عوْرَة الرجلِ. قال: وهذا غلَط قيحٌ فاحِشٌ، على المذهبِ خُصوصًا. وعلى الشريعةِ عُمُوما. وكلامُ أحمد أبعد شئٍ عن هذا القَوْل. انتهى. قلتُ: قد حكَى جدُّه، وتابعَه فى «مَجْمَع البَحرَيْن»، و «ابن عبَيْدان»، أن ما بينَ السرةِ والرُّكبةِ منَ الأمَةِ عوْرَة إجْماعًا، ورَدَّ هذه الرواية فى «الشرحِ» وغيرِه. ويأتِى حكْم ما إذا عَتقَتْ فى الصلاةِ قرِيبًا. فائدة: قيل: لا يُسْتحَب للأمَةِ ستْرُ رأسِها في الصَّلاةِ. وقيل: يُسْتحَبُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه فى «الرعايةِ»، وأطلَقهما ابن تَميمٍ. قال الزركشِىّ: ولقد بالَغ بعضُ الأصحابِ؛ فقال: لو صلَّتْ مغطاةَ الرأس، لم يصِح. وقيل: يسْتَحَب ستْر رأس أمِّ الوَلَدِ، إن قلْنا: هى كرَجل. ذكَره فى «الرعايتين». تنبيهات؛ الأول، ظاهر قوْلِه: ما بينَ السرةِ والرّكْبةِ. عَدَمُ دخولِهما فى العَوْرَةِ. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحابُ. وعنه، هما بن العَوْرَةِ. نقَلَه ابنُ عقيل وغيره. وعنه، الركْبَةُ فقط مِن العَوْرَةِ. الثَّانِى، مفْهوم قولِه: وعَوْرَة الرجلِ. أنَّ عوْرَة مَن هو دُونَ البلوغِ مِن الذكورِ، مخالِف لعوْرَةِ الرجل. وهو ظاهر كلامِ غيرِه، ولم أرَ مَن صرَّح بذلك إلَّا أبا المَعالى ابنَ المُنَجَّى، فإنَّه قال: الصَّبِى بعدَ العَشْرِ، كالبالغ. ومِنَ السبع إلى العَشْر عوْرَتُه الفَرجان فقط. وقد تقدم فى كتابِ الصلاةِ، بعدَ قولِه: ويضْرَبُ على تركِها لعَشرٍ (¬1) أنَّ المصَنفَ والشارِحَ قالا: يشترَطُ لصِحةِ صلاةِ الصغير ما يُشترطُ لصحَّةِ صلاةِ الكبيرِ، إلا فى سَتْرِ العَوْرَةِ. وعلَّلاه. الثالث، مفْهومُ قوله: وعَوْرة ¬

(¬1) انظر: صفحة 21 من هذا الجزء.

وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَة إِلَّا الْوَجْهَ، وَفِى الْكفَّيْنِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّجُلِ. أنَّ عوْرةَ الخنْثَى مخالِفَة لعَورته فى الحكْمِ. ومفْهوم قولِه: والحُرَّة كلُّها عوْرَة. أن الخنثَى مخالِف لها فى الحُكْمِ، وفيه رِوايتان؛ إحداهما، أنَّ عوْرته كغوْرَه الرجُل. وهو المذهب، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال فى «المُذهب»: هذا قول أكثرِ أصحابِنا. وصححه فى «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الكبير» والمجْدُ فى «شرحِه»، و «مَجمع البحرَيْن». قال فى «تجْريدِ العِنايَة»: هذا الأظْهر. وجزم به فى «الإفادات»، و «الوَجيز»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنْتَخَب». وقدمة فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الشرح»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصغيرِ». والرِّوايةُ الثانيةُ، عوْرَتُه كعَوْرةِ المرأةِ. اخْتارَه القاضى فى أحكامِ الخنْثَى. قال فى «الرعايةِ»: وهو أوْلَى. واخْتارَه ابنُ عقِيل. قالَه فى «المُذْهبِ». وقدَّمه فى «المسُتَوْعِبِ». قلتُ: وهو الأولَى والأحوَط. فعلى المذهب؛ إذا قُلْنا: العَوْرَة الفَرجان. ستَر الخنْثَى فرْجَه، وذَكَره، ودُبُره. وكل المذهبِ أيضًا، يَحتاط فيَسْتر، كالمرأةِ. قوله: وَالحُرَّة كلُّها عَوْرَةٌ، حتَّى ظُفْرُها وَشَعَرها، إلَّا الوَجْهَ. الصحيحُ مِن المذهبِ؛ أن الوَجْهَ ليس بعَورةٍ. وعليه الأصحاب. وحَكَاه القاضى إجْماعًا. وعنه، الوَجْهُ عوْرَة أيضًا. قال الرزكَشِىُّ: أطْلق الإمامُ أحمدُ القول بأن جميعَها عوْرَة. وهو محمول على ما عدَا الوَجْهَ، أو كل غيرِ الصلاةِ. انتهى. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم: الوَجْهُ عَوْرةٌ، وإنَّما كُشِف فى الصلاةِ للحاجَةِ. قال الشيخ تقِىُّ الدِّين: والتحقيقُ أنَّه ليس بعَورَةٍ فى الصلاةِ، وهو عَوْرَة فى بابِ النَّظَرِ، إذا لم يجُزِ النَّظَرُ إليه. انتهى. وهو الصوابُ. قوله: وفى الكَفَّيْن رِوَايَتان. وأطلقَهما فى «الجامِع الصغيرِ»، و «الهداية»، و «المُبْهِجِ»، و «الفُصُولِ»، و «التذْكِرَةِ» له، و «المُذْهب»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الكافي»، و «الهادي»، و «الخُلاصة»، و «التلخيص»، و «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرح»، و «ابنِ تميم»، و «الفائقِ»، و «ابنِ عبَيْدان»، و «الزركَشِىِّ»، و «المَذْهب الأحمَد»، و «الحاوِى الصغير»؛ إحدَاهما، هما عَوْرَة، وهى المذهبُ، وعليها الجمهورُ. قال فى «الفُروع»: اخْتارَها الأكثر. قال الزركشى: هى اخْتِيارُ القاضى فى «التّعليقِ». قال: وهو ظاهر كلام أحمدَ. وجزم به الخِرَقي. وفى «المُنَوِّر»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الطريقِ الأَقْربِ». وقدَّمه فى «الإيضاحِ»، و «الرعايةِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «وإدرَاك الغايةِ»، و «الفروع». والروايةُ الثَّانية، ليستا بعَوْرَةٍ. جزَم به في «العمدَة»،

وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمعتَقُ بَعضُها كَالأمَةِ. وَعَنْهُ، كَالْحُرَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإفادات»، و «الوَجيز»، و «النِّهايَةِ»، و «النَّظمِ». واخْتارَها المَجْدُ فى «شرحه»، وصاحبُ «مجْمع البَحرَيْن»، وابنُ مُنَجَّى، وابنُ عبيدان، وابن عبْدوس في «تذكِرَتِهِ»، والشيخُ تقِى الدينِ. قلت: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه فى «الحاوِى الكبيرِ»، وابن رزِينٍ فى «شَرحِه». وصَحَّحه شيخُنا فى «تَصحيحِ المُحررِ». تنبيهان؛ أحَدهما، صرَّح المُصَنِّف، أنَّ ما عَدا الوَجْهَ والكفيْن عوْرَةٌ. وهو صحيح. وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وحَكاه ابن المنْذِرِ إجْماعًا في الخمارِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِى الدينِ، أن القدَمَيْن ليسا بعَوْرَةٍ أيضًا. قلت: وهو الصَّوابُ. الثانى، قد يُقال: شمِلَ قوله: والحرَّة كلها عَوْرَة. المُميزةَ المرُاهِقَةَ. وهو قول لبعض الأصحابِ فى المراهقَةِ. وهو ظاهر كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ فيها. قال فى «النُّكَتِ»: وكلامُ كثير مِنَ الأصحابِ يَقْتَضِى أنها كالبالغةِ فى عوْرة الصَّلاة. وجزَم المصنف فى «الْمغْنِى» فى كتابِ النكاحِ، والمجْدُ فى «شرحِه»، وابن تميم، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الحاوِى الكبيرِ»، و «مجْمَعِ البحرَيْن»، وابن عُبَيْدان، أن المراهقَةَ كالأمةِ. وقدمه الزرْكَشىّ. قال فى «الفروعِ»: قال بعضهم: ومراهِقَةٌ. وقال بعضُهم: ومُميزة كأمَةٍ. نقَل أبو طالبٍ، فى شعَرٍ وساقٍ وساعِدٍ، لا يجب شره حتى تحِيضَ. قال فى «الرعايتيْن»، و «الحاوى الصغير»، وقيل: المُميزة كالأمَةِ. وقال أبو المَعالى: هى بعدَ تِسع كبالغ. ثم ذُكِر عنِ الأصحابِ، إلاَّ فى كشْفِ الرَّأس، وقبلَ التِّسْع، وبعد السبَّعَ، الفَرْجان، وأنَّه يجوز نظر ما سوَاهُما. انتهى. قوله: وأُمُّ الوَلَد والمُعتَق بعضُها كالأمَةِ. أما أُمُّ الوَلدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها كالأمَةِ فى حكْم العَوْرَةِ. وعليه أكثر الأصحابِ. قال الزركَشِى: هى اخْتِيارُ الأكثَرين. قال فى «مَجمع البحرَيْن»: هذا أقْوَى الروايَتَيْن. وصحَّحه ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، واخْتاره الخِرَقِى، وابنُ أبى موسى، والقاضى، وابنُ عَبْدوس فى «تَذكرَيه». وقدمه فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تجْريدِ العنايَةِ»، و «المحرَّر»، و «النهايةِ»، و «نَظْمِها». وجزَم به فى «العمدة»، و «الوَجيزِ»، و «المنَوِّرِ»، و «المُنْتَخب». وعنه، كالحُرَّةِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الإفادات». وقدمه فى «الهدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مسَبوكِ الذَّهبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «ابنِ تمْيمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَين»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيص»، و «البُلْغةِ». وهو مِن المفرَداتِ. وأطْلقهما فى «المُسْتَوعبِ»، و «المَذْهبِ الأحمَد»، و «الهادِى»، و «ابن عبَيْدان». وأما المعتَقُ بعضها؛ فالصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنها كالأمَةِ أيضًا. كما قدَّمه المُصَنِّف هنا. قال ابن تميم: هى كالأمَةِ على الأصَح. وجزم به فى «العمدة». وقدَمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، كالحُرّة. جزَم به فى «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنْتخبِ». وقدمه فى «الهِداية»، و «المذهب»، و «الرعايتيْن»، و «الحاويَين»، و «ابنِ تميم»، وابنُ رَزِين فى «شرحِه». قال فى «المُحَررِ»، و «مسْبوكِ الذهبِ»، و «مَجْمَع البحرين»: والمعتَق بعضُها كالحرَّة، على الأصَحِّ. قال المَجْدُ فى «شرح الهدايَة»: الصحيح أن المُعتَقَ بعضُها كالحُرةِ. قال الناظِم: هذا أولَى. قال الزركَشِى: هذا الصَحيحُ مِن المذهبِ. قال فى «تَجْريدِ العنايَة»: هذا الأظهرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهذه الرِّواية مِنَ المفْرَدَات. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المَذهب الأحمد»، و «الهادِى»، و «التلْخيص»، و «البلْغة»، و «ابنِ عبَيْدان». فائدة: المُكاتَبَة، والمُدَبَّرَة، والمُعَلَّقُ عِتْقُها على صِفَةٍ، كالأمَةِ، على

وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أن يُصَلِّىَ فِى ثَوْبَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، كالحُرَّة. وعنه، المُدَبرة كأم الوَلد. وقال ابن البنا: هى كأُمَّ الوَلد. قوله: ويسْتحب للرجُلِ أن يصَلىَ فى ثَوْبَيْن. بلا نِزاع. بل ذكَره بعضهم

فَإنِ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ أجْزَأهُ، إذَا كَانَ عَلَى عَاتِقِهِ شَئٌ مِنَ اللِّبَاسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إجْماعًا، لكنْ قال جماعة مِن الأصحابِ: مع سَتْرِ رأسه، والإمام أْبلَغُ. قوله: فإنِ اقْتَصَرَ على سَتْرِ العَوْرَةِ أجْزَأهُ، إذا كان على عاتِقِه شَىْء مِنَ اللِّباس. الصَّحيح مِنَ المذهب؛ أنَّ سَتَر المَنْكِبيْن فى الجماعَةِ شرطٌ فى صِحةِ صلاةِ الفرض، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. قال القاضى: عليه أصحابنا. قال المصَنف، والشَّارح، وصاحِبُ «الفروع»، وغيرُهم: هذا ظاهرُ المذهب، وهو مِنَ المُفرَداتِ. وعنه، ستْرُهما واجبٌ لا شرط. وهو مِن المُفْرداتِ أيضًا. وعنه، سنَّةٌ. وقدمه النَّاظِمُ. قال الزركَشىُّ: وخرجَ القاضى، ومن وافقَه، صحَّة الصَّلاةِ مع كشْفِ المنْكِبَيْن، وأبَى ذلك الشيخان. وأمّا فى النفلِ، فقدَّم المصُنف أنه لا تُجْزِئُه إذا لم يكنْ على عاتِقِه شئ مِن اللباس، فهو كالفَرضِ. وهو إحدى الروايتَيْن. وجزَم به الخِرَقى. قال فى «الإفاداتِ»: وعلى الرَّجُلِ القادرِ ستْرُ عوْرَته ومَنْكِبَيْه، وأطْلق. وكذا قال فى «المَذْهبِ الأحمَدِ». وقال القاضى: يُجزِئُه ستْرُ العَوْرَة فى النَّفْل، دُونَ الفرض. وهو الرِّواية الأخْرى. نص

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها في روايةِ حَنْبَلٍ. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ في «شرحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْريْن»، و «الحاوِي الكبيرِ»، والزَّرْكشِيُّ، وابنُ عُبَيْدان وغيرُهم: هذه المشْهورةُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغة»، و «إدْراكِ الغايَة»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ» وغيرِهم، لاقْتِصارِهم على وُجوبِه في الفَرْضِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن». وصَحَّحه في «الحاوِي الصَّغيرِ»، وشيخُنا في «تصْحيح المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما في «الفروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِي الكبيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ عُبَيْدان». تنبيهات، أحَدُها، ظاهرُ قوله: إذا كان على عاتِقِه شئٌ منَ اللِّباس. أنَّه يُجْزِئ اليسيرُ الذى يصْلُحُ للسَّتْرِ. وهو ظاهرُ الخِرَقيِّ. واخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ في «شرحه»، وصاحِب «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «ابنِ عُبَيْدان». والصَّحيحُ فيَ المذهبِ، أنَّه يجِبُ سَتْرُ الجميع. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطابِ، وابن عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَة الكُبرى». وقال بعضُ الأصحابِ: يجزئُ، ولو بحَبْلٍ أو خيْطٍ. وهو روايةٌ في «الوَاضِحِ». ونسَبَه أبو الخطابِ في «الهِدايةِ»، وابن الجَوْزِيُّ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوك الذَّهَبِ»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ»، إلى أكثَرِ الأصحاب. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يكْفِي ستْرُ أحَدِ المَنْكِبَيْن. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. نصَّ عليها في روايةِ مُثَنَّى بنِ جامِعٍ، وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيدان. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيين»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابن تميمٍ»، و «الإِقْناعَ». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، لابُد من

وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَتْرِ المَنْكبَيْن. وهما عاتقاه. اخْتارَه القاضي، وجماعَته، وصَحَّحه الطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقيِّ». وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الإفاداتِ». ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا؛ لأنَّ عاتِقَه مُفْرَّدٌ مُضافٌ، فَيَعُمُّ. وأطْلقَهُمَا في «الفروعَ».

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأة أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ، فَإنِ اقْتَصَرَتْ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهَا أَجْزَأَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ [الثَّالثُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ لِلمَرأةِ أن تُصَلِّيَ فيِ دِرْعٍ وخِمارٍ ومِلْحَفَةٍ. يعْنى الحُرَّةَ. وأما الأمَةُ، فتقدَّمَ ما يُستحَبُّ لُبْسُه لها في الصَّلاةِ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: 1.

وَإذَا انْكَشَفَ مِنَ الْعَوْرَةِ يَسِيرٌ لا يَفْحُشُ فِي النَّظرِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا انْكشفَ مِنَ العَوْرَةِ يسيرٌ لا يَفحُشُ في النَّظَرِ، لم تَبْطُلْ صلاتُه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ، منهم صاحبُ «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخبِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ والمُخْتارُ للأصحاب. وعنه، يبْطُلُ. اخْتارها الآجُريُّ. ويقْتَضِيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامُ الخِرَقِيِّ. وأطْلقَهما في «الرِّعايتيْن»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يبْطُلُ في المُغَلَّظَةِ فقط. وقالَه ابنُ عَقِيل. وجزم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» أَيضًا. وقدَّر ابنُ أبِي موسى العَفْوَ بظُهورِ العَوْرَةِ في الرُّكوع فقط. وغيرُه أطْلقَ. تنبيه: ظاهرُ قوله: إذا انْكشَفَ. أنَّه إذا انْكشَفَ من غير قَصْدٍ. وهو محَلُّ الخِلافِ. أمَّا لو كُشِفَ يسير مِنَ العَوْرةِ قَصْدًا، فإنَّه يُبْطِلُها، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقالَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يُبْطل. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ في «مُختصَرِه». فائدتان، إحْدَاهما، قدْرُ اليَسيرِ ما عُدَّ يسِيرًا عُرْفًا، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: اليَسيرُ مِنَ العَوَّرةِ ما كان قدْرَ رأْسِ الخِنْصَرِ. وجزَم به في «المُبْهِجَ»، ثم قال ابنُ تَميمٍ: ولا وَجْهَ له، وهو كما قال. الثَّانية،

وَإِنْ فَحُشَ بَطَلَتْ. وَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ، أَوْ مَغْصُوُبٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ مَعَ التَّحْرِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كشْفُ الكثيرِ مِنَ العَوْرةِ في الزَّمَن القَصيرِ، كالكشْفِ اليسيرِ في الزَّمَنِ الطويلِ، على ما تقدَّم على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ هنا، وإنْ صَحَّحْناه هناك. وقيل: إنِ احْتاجَ عمَلًا كثيرًا في أخْذِها، فوَجْهان. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيين» الخِلافَ في كشْفِ اليَسيرِ مِنَ العوْرَةِ. وجزَم به في «الرِّعايتين الصُّغْرى»، و «الحاوِييْن». وقدَّمه في «الكبْرى»، بالعَفْوِ عنِ الكَشْفِ الكثير في الزَّمَن اليَسير. قوله: ومَن صلَّى في ثَوْبِ حريرٍ، أو مَغْصُوبٍ، لم تَصِحَّ صَلاتُه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يصِحُّ مع التَّحْريمِ. اخْتارَها الخَلَّالُ، وابنُ عَقِيل في «الفُنونِ». قال ابن رَزِينٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: وهو أظْهَرُ. وقيل: تصِحُّ مع الكَراهَةِ. وأطْلَقَهما ابن تَميمٍ. وعنه، لا تصِحُّ مِن عالم بالنَّهْيِ، وتصِحُّ بن غيرِه. وقيل: لا تصِحُّ إنْ كان شعَارًا، يعْنى يَلِي جسَدَه. واخْتاره ابنُ الجَوْزِي في «المذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: إذا كان قدْرَ سَتْرِ عَوْرَةٍ، كسَراوِيلَ وإزارٍ. وقيل: تصِحُّ صلاة النَّفْلِ دونَ غيرِها. وذكرَ أبو الخَطَّاب في بحْثِ المسْألةِ، أنَّ النَّافِلةَ لا تصِح بالاتِّفاقِ. قال الآمِدِيُّ: لا تصِحُّ صلاة النَّفْلِ، قولًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدًا. فهذه ثلاث طُرُقٌ في النَّافلةِ. ذكَرَها في «النُّكَتِ»، ويأتِي نظيُرها في الموْضِع المغْصُوبِ. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ وَقْفُ الصِّحَّةِ على تحْليلِ المالِكِ في الغَصْب. وقد نصَّ كل مثلِه في الزَّكاةِ والأُضْحِيةِ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، يقفُ على إجازَةِ المالكِ. ويأْتى الكلامُ في النَّفْلِ قريبًا بأَعَمَّ مِن هذا. فائدة: لو لَبِسَ عِمامةً مَنْهِيًّا عنها، أو تِكَّةٌ، وصَلَّى فيها، صَحَّتْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تصِحُّ. وجزم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُذْهَبِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قالَه في «القواعِدِ». وعنه، التَّوَقُّفُ في التِّكَّةِ. ولو صلَّى وفي يَدِه خاتمُ ذهَبٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو دُمْلُجٌ، أو في رِجْلِه خُفٌّ حَرير، لم تَبْطُلْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكرَ ابن عَقِيلٍ في «التَّبْصِرَةِ» احتِمالًا، في بُطْلانِها بجميع ذلك، إنْ كان رجُلًا. وقيل: تصِحُّ مع الكراهَةِ. قال في «الفروعِ»: وهو ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ». وفيه نظرٌ. وقال أبو بَكْرٍ: إذا صلَّى وفي يَدِه خاتَمُ حديدٍ أو صُفْرٍ، أعادَ صَلَاتَه. فائدة: لو لم يجِدْ إلَّا ثوبَ حَريرٍ، صلَّى فيه، ولم يُعِدْ، على الصَّحيح مِن المذهبِ. وقل: يصَلِّي ويُعيدُ. قال المَجْدُ، وتَبِعَه في «الحاوِي الكبير»: فأمَّا الحريرُ إذا لم يجِدْ غيرَه، فيُصَلِّي فيه ولا يُعيدُ. وخرَّج بعْضُ أصحابِنا الإعادةَ على الرِّوايتَيْن في الثَّوْب النَّجِس. قال: وهو وهْمٌ؛ لأن عِلَّةَ الفَسادِ فيه التَّحْريم. وقد زالَتْ في هذه الحالِ إجْماعًا، فأشْبَهَ زوالها بالجهْلِ والمَرض. انتهى. ولو لم يجِدْ إلَّا ثوْبًا مغْصُوبًا، لم يُصَلِّ فيه، قولًا واحدًا. وصلَّى عُرْيانًا. قالَه الأصحابُ. فلو خالف وصلَّى، لم تصِحَّ صلاُته، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لارْتِكابِ النَّهْيِ. وقل: تصِحُ. فائدة: حُكمُ النَّفْلِ فيما تقدَّم حُكمُ الفَرْضِ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. وعليه جماهير الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيلَ: يصِحُّ في النَّفْلِ، وإنْ لم نُصَحِّحْها في الفَرْضِ؛ لأنَّه أخَفُّ. قال في «الفروعِ»: ونفْلُه كفَرْضِه كَثَوْبٍ نَجِسٍ. وقيل: يصِحُّ؛ لأنَّه أخف. وذكَر القاضي وجماعةٌ، لا. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: مَن صلَّى نفْلًا في ثَوْبٍ مَغْصوبٍ ونحوِه، أو في موْضِعٍ مَغْصوبٍ ونحوِه، صَحَّتْ صلاتُه. ثم قال: قلتُ: فإنْ كان معه ثوْبان، نَجِسٌ وحريرٌ، ولا يجِدُ غيرهما، فالحريرُ أوْلَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو جَهِل أو نَسِيَ كوْنَه غصْبًا أو حرِيرًا، أو حُبِس في مَكانٍ غَصْبٍ، صَحَّتْ صلاتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكرَه المَجْدُ إجْماعًا، وعنه، لا تصِحُّ. وأطْلق القاضي في حَبْسِه بغَصْبٍ، رِوايتَيْن، ثم جزَم بالصَّحَّةِ في ثَوْبٍ يُجْهَل غصْبُه لعدَمِ إثْمِه. قال في «الفروعِ»: كذا قال. ومنها، لا يصِحُّ نَفْل الآبِقِ، ويصِحُّ فْرضُه. ذكرَ ابن عَقِيلٍ، وابن الزَّاغُونِيِّ، وغيرهما. وقدَّمه في «الفروعِ»: غيرِه؛ لأنَّ زمَنَ فرْضِه مُستَثْنًى شَرْعًا، فلم يَغْصِبه. وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: بُطْلان فرْضِه قَوِيٌّ. وظاهرُ كلام ابنِ هُبَيْرَة، صِحَّة صلاته مُطْلقًا، إنْ لم يسْتَحِلَّ الإِباقَ. ومنها، تصِحُّ صلاة مَن طُولِبَ بردِّ ودِيَعَةٍ، أو غَصْب، قبلَ دَفْعِها إلى رَبِّها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ عن طائفةٍ بنَ الأصحابِ، أنَّها لا تصِح. وقال في «الفروعِ»: ويتَوَجَّهُ مثلَ المسْألةِ مَن أمَره سيِّدُه أنْ يذْهَبَ إلى مكانٍ فخالَفه وأقامَ. ومنها، لو غَيَّرَ هيْئَة مسْجدٍ، فكَغَيْره مِن المغْصوبِ. وإنْ منَعَه غيرُه. وقيل: أو رحَمَه وصلَّى مكانَه، ففي الصِّحَّة وجْهان. وأطْلقَهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قال في «الفُروعِ»: وعدَمُ الصِّحَّةِ فيها أوْلَى، لتَحَرْيم الصَّلاةِ فيها. وقدَّم في «الرِّعايَةِ» الصِّحَّةَ مع الكَراهَةِ. قال في «الفائقِ»: صحَّتْ في أصَحَّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: الأقْوى البُطْلان. ومنها، يصِحُّ الوُضوء، والأذانُ، وإخْراجُ الزَّكاةِ، والصَّوْمُ، والعَقْدُ في مكانٍ غَصْبٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: هو كصلاةٍ. ونَقَله المَرُّوذِيُّ وغيره في الشِّراءِ. ومنها، لو تَقَوَّى على أداءِ عِبادةٍ بأكْلِ مُحَرَّمٍ، صَحَّتْ. وقال أحمدُ، في بِئْر حُفِرَتْ بمالٍ غَصْبٍ: لا يتَوضَّأُ منها. وعنه، إنْ لم يجِدْ غيرَها، لا أدْرِي. ويأتِي إذا صلَّى على أرْضٍ غيره أو مُصَلَّاه، في البابِ الآتِي بعدَ قولِه: ولا تصِحُّ الصَّلاةُ في الموْضِع المغْصُوبِ.

وَمَنْ لمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا، صَلَّى فِيهِ وَأعَادَ عَلَى الْمَنْصُوصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن لم يجِدْ إلَّا ثوبًا نَجِسًا، صَلِّى فيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تصِحُ فيه مُطْلقًا. بل يُصَلِّي عُرْيانًا، وهو تخْريجٌ للمَجْدِ في «شرْحِه». واخْتاره في «الحاوِي الكَبير». وعنه، إنْ ضاقَ الوقت، صلَّى فيه، وإلَّا فلا. وقيل: لا تصِحُّ الصَّلاة فيه مُطْلقًا مع نَجاسَةٍ عيْنِيَّةٍ، كجِلْد المَيْتةِ، فيُصَلَّى عُرْيانًا. قاله ابن حامدٍ. فائدة: حيثُ قلْنا: يصَلِّي عُرْيانًا. فإنَّه لا يُعيدُ، على الصَّحيحِ. وقيل: يُعيدُ. قوله: وأعادَ على المنْصُوصِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الجمهورُ، وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَتَخَرَّجُ أنْ لا يُعيدَ. وجزَم به في «التَّبْصِرةِ»، و «العُمْدَةِ». واخْتارَه جماعةٌ، منهم

وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُعِيدَ، بِنَاءً عَلَى مَنْ صَلَّى فِي مَوْضِع نَجِسٍ، لَا يُمْكنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَإنَّهُ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والمجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبير»، و «مَجْمَع البحْرَيْن»، وابن مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وذكَره في «المذْهَبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهما رِوايةً. وأطْلَقَهما في «المذْهَبِ»، و «ابنِ تميمٍ». تنبيه: قوله: ويتَخرَّجُ أنْ لا يُعِيدَ. بِناءً على من صلَّى في موْضِع نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخُروجُ منه، فإنَّه قال: لا إعادةَ عليه. فمِمَّن خرَّج عَدَمَ الإعادةِ؛ أبو الخطَّابِ في «الهِدايةِ»، وصاحبُ «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاويين»، وغيرهم. قال ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه»: سَوَّى بعضُ أصحابنا بين المسْأَلَتَيْن. ولم يُخَرِّجْ طائفةٌ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ لظُهورِ الفرْقِ بينَهما. وكذا قال في أُصولِه. وأكثرُ من خرَّج خُروجَها ممَّن صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ، كما خرجه المُصَنِّفُ هنا. وخرَجَها القاضي في «التَّعْليقِ» مِن مسألَةِ مَن عدِمَ الماء والتُّرابَ. وأمَّا مَن صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخروجُ منه، فإنَّه لا إعادةَ عليه، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وخرَّج الإعادةَ مِنَ المسْألةِ التى قبلها. ولم يُخَرِّجْ بعضُهم. قال في «الفُروعِ»، و «الأُصُولِ»: وهو أظْهَرُ، واعلمْ أن مذهبَ الإمامِ أحمدَ، هو ما قالَه أو جرَى منه مَجْرَى القوْلِ، مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَنْبِيهٍ أو غيرِه. وفي جوازِ نِسْبَتِه إليه مِن جهِة القِياسِ، أو مِن فِعْلِه، أو مِن مفْهوم كلامه، وَجْهان للأصحابِ. فعلى القولِ بأن ما قِيسَ على كلامِه مذهَبُه؛ لو أَفْتَى في مسْألتَيْن مُتَشابِهَتَيْن بحُكْمَيْن مُخْتلِفَيْن في وَقْيَتْن، لم يَجُزِ النَّقْل والتَّخْريجُ مِن كلِّ واحدةٍ منهما إلى الأُخْرَى، كقولِ الشَّارِعِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «التَّمْهِيدِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ، في «أُصولِه»، والطُّوفِيُّ في «أُصُولِه»، و «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». وجزَم به المُصَنِّفُ في «الرَّوْضَةِ». وذكَر ابن حامدٍ عن بعض الأصحابِ الجوازَ. قال الطُّوفِيُّ في «أُصُولِه»: والأَوْلَى جوازُ ذلك، بعدَ الجدِّ والبحْثِ مِن أَهْلِه. وجزَم به في «المُطلِعِ». وقدِّمه في «الرِّعايتَيْن». قلتُ: كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، مُتَقدِّمِهم ومُتَأَخِّرِهم، على جوازِ النَّقْلِ والتَّخْريجِ، وهو كثيرٌ في كلامِهم في المُخْتَصَراتِ والمُطَوَّلاتِ، وفيه دليلٌ على الجوار. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» في خُطبَةِ الكتابِ. فعلى الأوَّلِ، يكونُ هذا القوْلُ المُخَرَّجُ وجهًا لمن خرَّجَه. وعلى الثَّانِي، يكون رِوايةٌ مُخَرَّجَةً، على ما يأْتِي بَيانُه وتحْريرُه آخِرَ الكتاب، في القاعدَةِ. وكذا لو نصَّ على حُكم في المسْأَلَةِ، وسكَت عن نظِيرَتِها، فلم ينُصَّ على حُكْم فيها، لا يجوزُ نقْلُ حُكْمِ المنْصوص عليه إلى المَسْكوتِ عنه، بل هنا عدَمُ النَّقْلِ أوْلَى. قالَه الطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه» وغيرِه. وقال في «شَرْحِه»: وقِياسُ الجوازِ في التى قبلَها، نقْلُ حُكْمِ المنصوص عليه إلى المَسْكوتِ عنه، إذا عُدِمَ الفَرْقُ المُؤثرُ بينَهما بعدَ النَّظَر البالغِ مِن أَهْلِه. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ فيها، وعليه العَمَلُ عندَ أكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. فالمسَألةُ الأُولَى لا تكونُ إلَّا في نَصَّيْن مُخْتلفَيْن في مسْألتَيْن مُتَشَابِهَتيْن، وأمَّا التَّخْريجُ وحدَه، فهو أعَمُّ؛ لأنَّه مِنَ القَواعدِ الكُلِّيَّة التى تكونُ مِن الإمامِ أوِ المُشَرِّعِ (¬1)؛ لأنَّ حاصِلَه أنَّه بَنَى فَرْعًا على أصْلٍ بجامعٍ مُشْتركٍ. فائدة: إذا صلَّى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لا يُمْكِنُه الخروجُ عنه، فإنْ كانتِ النَّجاسَةُ رَطْبَةً، أوْمَأَ غاية ما يُمْكِنُه، وجلَس على قدَمَيْه، قتولًا واحدًا. قالَه ابنُ تَميمٍ وجزم به في «الكافِي». وإنْ كانتْ يابسَةً، فكذلك. قال في «الوَجيزِ»: ومَن مَحَلُّه نَجِسٌ بضَرُورَةٍ، أوْمَأ، ولم يُعِدْ. وقدَّمه في «المُسْتوْعِبِ». فقال: يُومِئُ بالرُّكوعِ والسُّجودِ. نصَّ عليه. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكبْرى». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِي الفُروعِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن أنَّه كمَن صلَّى في ماءٍ وطينٍ. قال القاضي: يُقَرِّبُ أعْضاءَه مِنَ السُّجودِ، بحيث لو زادَ شيئًا لمَسَتْه النَّجاسَة، ويجْلِسُ على رِجْلَيْه، ولا يضَعُ على الأرْضِ غيرَهما. وعنه، يجْلِسُ ويسْجُدُ بالأرْضِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ»: هي الصَّحيحة. وهي ظاهرُ ما جزَم به في «الكافِي». وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «المُذْهَبِ». ¬

(¬1) في أ: «الشرع».

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ سَتَرَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن لم يَجدْ إلَّا ما يسْتر عَوْرَتَه سَتَرَها. إنْ كانتِ السُّتْرةُ لا تكفِي إلَّا العَوْرةَ فقط، أو مَنْكِبَيْه فقط، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يسْتر عوْرَتَه، ويصلِّي قائمًا، وعليه الجمهورُ، وهو ظاهرُ كلام المصنِّفِ هنا. وقال القاضي: يسْتُرُ مَنْكبَيْه ويصلِّي جالسًا. قال ابنُ تَميمٍ: وهو بعيدٌ. قال ابن عَقِيل: هذا محْمولٌ على سُتْرةٍ تتَّسِعُ أنْ يتْرُكَها على كتِفَيْه ويشُدَّها مِن ورائِه فتَسْتُر دُبُرَه، والقُبُل مسْتورٌ بضَمِّ فَخِذَيْه عليه، فَيحْصلُ ستْرُ الجميع. انتهى. وهذا القوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَهما في «البُلْغةِ». وإنْ كانتِ السُّتْرةُ تكْفِي عوْرتَه فقط، أو تكْفِي مَنْكِبَيْه وعَجُزَه فقط، فظاهرُ كلامِ المصنِّفِ هنا أَيضًا، أنَّه يسْتُر عوْرتَه، ويصلِّي قائمًا، وهو أحدُ القوْلَيْن. وظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ»، واخْتاره المَجْدُ في «شَرْحِه» وصاحبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وصحَّحَه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يسْترُ

فَإنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهَا سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْكِبَيْه وعَجُزَه، ويصلِّى جالِسًا. نصَّ عليه. وجزَم به في «المسُتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِي الصَّغيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايِة الكُبْرى»، و «ابنِ عُبَيْدان»، وغيرِهم. قوله: فإنْ لم يَكْفِ جَميعَها ستَر الفَرْجَيْنِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وعلى قولِ القاضي، يسْتُرُ منكِبَيْه، ويصلِّي جالِسًا.

فَإِنْ لَمْ يَكْفِهمَا جَمِيعًا سَتَرَ أَيُّهُمَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى سَتْرُ الدُّبُرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقِيلَ: الْقُبُلُ أوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَإنْ لم يكْفِهما جميعًا ستر أيُّهما شاءَ. بلا نِزاعٍ أعْلمُه، والخِلاف إنَّما هو في الأوْلَوِيَّةِ. قوله: والأوْلَى سَتْر الدُّبُر، على ظاهِرِ كلامِه. وهو المذهبُ. صحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ». قال في «تجْريدِ العِنايَةِ»: ستَرُه على الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهادِي»، و «الإفادات»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِي الصَّغيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الشَّرْحِ». وقيل: القُبُلُ أوْلَى. وهو روايةٌ حَكاها غيرُ واحدٍ. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك. وأطْلَقَهما في «المُستَوْعِبِ»، و «الكافِي». وقيل بالتَّساوِي. قال في «العُمْدَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»: فإنْ لم يكْفِهما ستَر أحدَهما، واقْتصرا عليه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وأطْلَقَهُنَّ في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ». وقيل: ستْرُ أكثرِهما أوْلَى. واخْتارَه في «الرِّعايِة الكُبْرى».

وَإِنْ بُذِلَتْ لَهُ سُتْرَةٌ، لَزِمَهُ قَبُولُهَا، إذَا كَانَتْ عَارِيَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: لو قيل على هذا بالوُجوبِ، لكان له وَجْهٌ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». قوله: وإنْ بُذِلَتْ له سُتْرَةٌ، لَزِمَه قَبولُها، إذا كانت عارِيَّةً. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: لا يلْزَمُه. فائدتان، إحداهما، لو وُهِبتْ له سُتْرةٌ، لم يلْزَمْه قَبُولُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو ظاهر كلامِ المصنِّفِ هنا. وقيل: يَلْزَمُه. وهو ظاهرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ الثَّانية، يَلْزَمُه تحْصيلُ السُّتْرَةِ بقيمَةِ المِثْل، والزِّيادةُ هنا على قِيمَةِ المِثْلِ مثل الزِّيادةِ في ماءِ الوضوءِ، على ما تقدَّم في بابِ التَّيَمُّمِ.

فَإنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى جَالِسًا يُومِئُ إيمَاءً، فَإنْ صَلَّى قَائمًا جَازَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالأرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عَدِمَ بكلِّ حالٍ، صَلَّى جالِسًا، يُومِئُ إيماءً، فإِنْ صَلَّى قَائمًا، جاز. صرَّح بأنَّ له الصَّلاةَ جالسًا وقائمًا. وهو المذهُب، وإذا صلَّى قائمًا، فإنَّه يْركعُ ويسجُدُ. وهو المذهبُ. وقُوَّةُ كلامِه، أنَّ الصَّلاةَ جالِسًا أوْلَى، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكشِيُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ، وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، في رِوايةِ الأثْرَمَ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابن تَميمٍ»، وغيرِهم، وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقيل: تجِبُ الصَّلاةُ جالِسًا والحالةُ هذه. وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ، في روايةِ أبِي طالِبٍ، فإنَّه قال: لا يصَلُّون قِيامًا، إذا رَكَعُوا وسَجَدُوا، بدَتْ عوَراتُهم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، أنَّه يصلِّي قائمًا ويسْجُدُ بالأرْضِ. يعْنى، يلْزَمُه ذلك. اخْتارَها الآجُرِّيُّ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ» وغيُرهما. وقدَّمه ابن الجَوْزِيِّ. قالَه في «الفروعِ». وقوْل الزَّرْكَشِيِّ: وأمَّا ما حكاه أبو محمدٍ في «المُقْنِعِ»، مِن وجوبِ القِيامِ، على رِوايةٍ، فمُنْكَر لا نعْرِفُه، لا عِبْرَةَ به، ولا التِفاتَ إليه. وهذا أعْجَبُ منه، فإنَّ هذه الرِّوايةَ مشْهورةً منْقولَةٌ في الكُتُبِ المُطَولَةِ والمُخْتَصَرَةِ. وذكَرَها ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه»، وابن تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه الآجُرِّيُّ، وصاحِبُ «الحاوِي»، وهو مذهبُ مالكٍ، والشافِعِيِّ، بل قولُه مُنْكَرٌ، لا يُعْرَفُ له مُوافِق على ذلك، غَايَتُه أن بعْضَهم لم يذْكُرْها، ولا يلْزَمُ مِن عدَمِ ذِكْرها عدَمُ إثْباتِها، وإنَّما نَفَاها ابنُ عَقِيل، على ما يأتِي مِن كلامِه في المصَلَّى جماعةً. ومَن أثبَتَ مقَدَّمٌ على مَن نفَى. وقيل: يصَلِّي قائمًا ويُومِئُ. وحكَى الشِّيرازِيُّ ومَن تابَعَه وَجْهًا في المُنْفَرِدِ، أنَّه يصَلِّي قائمًا، بخِلافِ مَن يصلِّي جماعةً. قال: بِناءً على أنَّ السَّتْرَ كان لمَعْنًى في غير العَوْرَةِ. وهو عن أعْيُنِ النَّاسِ. ونقَل الأَثْرَمُ، إنْ تَوارَى بعضُ العُراةِ عن بعض، فصَلُّوا قِيامًا، فلا بأسَ. قال القاضي: ظاهِرُه، لا يَلْزَمُ القُيَّامَ خَلْوةٌ. ونقَل بَكْرُ بنُ محمدٍ، أَحَبُّ إلى أنْ يصَلُّوا جلُوسًا. وظاهِرُه لا فَرْقَ بينَ الخلْوَةِ وغيرِها. وقال: وهو المذهبُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ في «رِوايَتيْه»: لا تَخْتلِف الرِّوايةُ، أنَّ العُراةَ إذا صلَّوْا جماعة، يصَلُّون جلُوسًا، ولا يجوزُ قِيامًا، واخْتلِفَ في المُنْفَرِدِ، والصَّحيحُ أنَّه كالجماعةِ. انتهى. قوله: فَإنْ عَدِمَ بِكُلِّ حالٍ، صَلَّى جَالِسًا، يُومِئُ إيماءً. الصَّحيحُ منَ المذهب، أنَّه إذا صلَّى جالِسًا، أوْمَأ بالرُّكوعِ والسُّجودِ. وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّه يسْجُدُ بالأرْضِ. اخْتارَه ابن عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الحاوِي»، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». فائدتان، إحْداهما، حيثُ قُلْنا: يصَلِّي جالِسًا. فإنَّه لا يَتَرَبَّعُ، بل يَنْضامُّ، بأنْ يضُمَّ إحْدَى فَخِذَيْه على الأخْرَى، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الأَثرَمُ، والمَيْمُونِيُّ، وعليه الجمهورُ. وعنه، يَتَرَبَّعُ. جزَم به في «الإفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه في «الرِّعاية الكُبْرى». وقال: نصَّ عليه. قلتُ: وهو بعيدٌ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، حيثُ صلَّى عُرْيانًا، فإنَّه لا يُعيدُ إذا قدَر على السُّتْرَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه

وَإنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَة مِنْهُ فِي أثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَتَرَ وَبَنَى، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدةً سَتَرَ وَابْتَدَأَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وألحَقَه الدِّيَنوَرِيُّ بعادِم الماءِ والتُّرابِ، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ وجَد السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنه في أثناء الصَّلاةِ -يعْنى، قرِيبةً عُرْفًا- ستَر وبَنَى، وإنْ كانت بَعِيدة عُرْفًا، ستَر وَابتدأَ. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيلَ: بينى مُطلقًا. وقيل: لا يَبْنِي مطلقًا. وقيل. إنِ انْتَظَر مَن يُناولُه إيَّاها، لم تبْطُلْ؛ لأنَّه انْتِظارُ واحدٍ، كانْتِظارِ المسْبوقِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إذا قدَر على السُّتْرَةِ في الصَّلاةِ، فهل يسْتأْنِفُ أو يَبْنِي؟ يُخَرَّجُ على المُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ في الصَّلاةِ، وجوَّزَ للأمَةِ إذا عتَقَت في الصَّلاةِ، البِنَاءَ مع القُرْبِ، وجْهًا واحِدًا. فائدة: لو قال لأمَتِه: إنْ صلَّيْتِ ركْعَتَيْن مكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، فأنتِ حُرَّةٌ. فصَلَّتْ كذلك عاجزَةً عن سُتْرَةٍ، عَتَقَتْ، وصحَّتِ الصَّلاةُ ومع القُدْرَةِ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصِحُّ الصَّلاةُ، دُونَ العِتْقِ. قالَه في «الرِّعايَةِ الكبْرَى». فائدتان، إحْداهما، حُكمُ المُعْتَقَةِ في الصَّلاةِ حُكمُ واجدِ السُّتْرَةِ في الصَّلاةِ، خِلافًا ومذهَبًا وتَفْصِيلًا، على الصَّحِيحِ. وتقدَّم كلامُ ابنِ حامِدٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: ولو عتقتِ الأمَة في الصَّلاةِ، فهي كالعُرْيانِ يجدُ السُّترَةَ، لكنَّ حُكْمَها في البِنَاءِ مع العَمَلِ الكثير كمن سبقَه الحدَثُ. وكذا إنْ أطارَتِ الرِّيحُ سِتْرًا له واحْتاجَ إلى عمَلٍ كثيرٍ، بخِلافِ العارِي؛ إذِ الصَّحيحُ فيه عدَمُ تخْريجِه على مَن سبَقه الحدَثُ. انتهى. ولو جَهِلَتِ العِتْقَ، أو وُجوبَ السُّتْرَةِ، أوِ القُدْرَةَ عليه، لَزِمَها الإعادة، كخِيارِ مُعْتَقَةٍ تحتَ عبْدٍ. ذكره القاضي وغيره، واقْتصَرَ عليه في «الفُروعِ». وجزم به ابن تميمٍ. الثانيةُ، لو طُعِنَ في دُبُرِه، فصارتِ الرِّيحُ تَتَماسَكُ في حالِ جلُوسِه، فإذا سجَد خرجَتْ منه، لَزِمَه السُّجودُ بالأرْضِ. نصَّ عليه، ترْجيحًا للرُّكْنِ على الشَّرْطِ لكَوْنِه مقْصُودًا في نفسِه. وخرَّج المَجْدُ في «شَرْحِه»، ومَن تَبِعَه، أنَّه يُومِئُ، بِناءً على العُرْيانِ. وقوَّاه هو وصاحِبُ

وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً، وَإمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوي». وتقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك في الحيْض، بعد قولِه: وكذلك مَن به سَلَسُ البَوْلَ. قوله: وتصلِّي العرُاةُ جماعَةً -قال في «الفروعِ»: وُجوبًا. قلتُ: وهو ظاهرُ كلام الأصحابِ-وإمامُهُم في وَسَطِهم. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إمامَ العُراةِ يجبُ أَنْ يقِفَ بينَهم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يجوز أنْ يَؤُمَّهم مُقَدِّمًا عليهم. فعلى الأوَّلِ، لو خالَف وفعَل، بطَلَتْ. وعلى الثَّانى، لا تَبْطُلُ. ولو كان المكانُ يَضِيقُ عنهم صَفًّا واحِدًا، صلَّى الكلُّ جماعةً واحدةً، وإنْ كثُرَتْ صفُوفُهم في أحَدٍ الوَجْهَيْن. صحَّحه المَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي الكبيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصلُّون جماعَتَيْن فأكْثرَ، كالنِّساءِ والرِّجالِ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِي». وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَه الكُبْرَى». وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِين»: فإنْ لم يَسَعْهم صَفٌّ واحدٌ، وقَفوا صفُوفًا، وغَضُّوا أبْصارَهم، وإن صلَّى كلُّ صَفٍّ جماعةً، فهو أحْسَنُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتِ السُّتْرَة لواحدٍ، لَزِمَه أنْ يصلِّي بها، فلو أعارَها وصلَّى عُرْيانًا، لم تصِحَّ صلاتُه، ويُسْتَحَبُّ إعارَتُها بعدَ صلاتِه، وصلَّى بها واحدٌ بعدَ واحدٍ، فإنْ خافُوا خروجٍ الوقْتِ، دُفِعَتِ السُّتْرَةُ إلى مَن يصلِّي فيها إمامًا، على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ، ويُصلِّي الباقِي عُراةً. وقيل: لا يُقدَّمُ الإمامُ بالسُّتْرَةِ، بل يصَلِّي فيها واحدٌ بعدَ واحدٍ، ولو خرَج الوقْتُ. وهل يلْزَمُ انْتِظار السُّتْرَةِ، ولو خرَج الوقْتُ في غيرِ مسْألةِ الإِمامِ المُتقدِّمةِ أم لا يلْزَمُ انْتِظارُها، كالقُدْرةِ كل القِيامِ بعدَه؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، أحَدُهما، لا يَلْزَمُه. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، والشَّارِحُ، وابنُ عُبيْدان، وابنُ رَزِينٍ، وهو الصَّحيحُ الصَّوابُ. وجزَم به في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّانى، يلْزَمُه انْتِظارُها ليُصَلِّيَ فيها، ولو خرَج الوقْتُ.

وإنْ كَانُوا رجَالًا وَنِسَاءً، صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لأنْفُسِهِمْ، وَإنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ، صَلَّى الرِّجَالُ وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثمَّ صَلَّى النَّساءُ وَاسْتَدْبَرَهنَّ الرِّجَالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المصَنِّف، في «المُغْنِي»: وهذا أقْيَس. وقدَّمه في «الرِّعايةِ»، وقال: وإنْ ضاقَ الوقْت، صلَّى بها واحدٌ. قلت: إنْ عيَّنَه رَبُّها، وإلا اقْتَرعوا إنْ تَشاحُّوا. انتهى. قال المصنِّف، والشَّارحُ: وإنْ صلَّى صاحِب الثوْبِ، وقد بقي وقْتُ صلاةٍ واحدةٍ، استحب أن يعيرَه لمَن يصْلح لإمامَتِهم، وإنْ أعارَه لغيرِه جازَ، وصار حكْمُه حكمَ صاحبِ الثَّوْب. فإنِ استَوَوْا ولم يكن الثَّوْب لواحدٍ منهم، أقرع بينَهم؛ فيكون مَن تقَع له القَرْعَة أحق به، وإلا قُدم مَن يسْتَحَبُّ البَداءَةَ بعاريَّتِه. وجعَل المصَنِّف واجِدَ الماءِ أصْلًا للزومَ. قال في «الفُروع»: كذا قال، ولا فَرْق. وأطْلق أَحْمد، في مسْألةِ القدْرَة على القيام بعدَ خروجِ الوقت، الانتظارَ. وحملَه ابن عَقيل على اتساع الوقْتِ. الثانيةُ، المرأَة أولى بالسترَةِ للصَّلاةِ منَ الرَّجُلِ. وتقام آخِرَ التَّيمُّمِ، إذا بُذِلَت ستْرَةٌ، الأوْلَى منَ الحيِّ والميِّت، أنْ يصَلِّي الحَيُّ، ثم يُكفنُ الميتُ. على الصَّحيح منَ المذهبِ. وتقدم بعدَها إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتاجَ إلى لفافة الميِّتِ. وهل يصَلِّي عليه عرْيانًا. أو يأخُذ لفافته؟.

ويُكْرَه فِي الصَّلاةِ السَّدْلُ؛ وَهُوَ أنْ يَطْرَحَ عَلى كَتِفَيْهِ ثَوْبًا وَلَا يَرُدَّ أحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الكَتِفِ الأخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويكرَه في الصَّلاةِ السدْل. هذا المذهب. نصَّ عليه، وعليه الأصحاب. وعنه، إنْ كان تحته ثوْبٌ, لم يكْره، وإلا كرِه. وعنه، إنْ كان تحته ثَوْبٌ وإزار، لم يكره، وإلا كُرِهَ. وعنه، لا يُكْرَه مُطْلقًا. حكاه الترمِذِي عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامِ أحمدَ. وعنه، يحْرُمُ، فيعيد، وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَ الروايتَيْن في الِإعادةِ في «المستَوْعب»، و «ابنِ تَميم». وقال أبو بَكْرٍ: إنْ لم تَبْد عوْرَته، لم يُعِدْ باتفاقٍ. قوله: وهو أنْ يَطْرَح على كَتِفَيْه ثَوْبًا، ولا يَرُد أحَدَ طرَفَيْه على الكَتِفِ الأخْرَى. وهذا التفْسير هو الصَّحيحُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِداية»، و «المذْهَبِ»، و «الخلاصة»، و «الشرحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «التَّلْخِيص»، و «الفروعِ»، و «الرعايَةِ الصغْرى»، و «الحاويين»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ذكَره في أوَّلِ بابِ ما يكْرَهُ في الصلاةِ في اللباس، وغيرهم. وقال الشيخ تقِي الدينِ، في «شَرحِ العمْدَةِ»: هذا الصحيح المنصوص عنه. وقدَّم في «الرعايةِ الكُبْرى»، هو أنْ يضعَ (¬1) على كتِفَيْه ثوْبًا منْشورًا ولا يَردَّ أحدَ طرفَيْه على أحَدِ كَتِفَيْهِ. ونقَل صالِحٌ، هو أنْ يطْرَح الثوْب على أحَدهما، ولم (¬2) يَرُدَّ أحدَ طَرَفَيْه على الآخَرِ. وقدمه في «الفائِق». وقال: نصَّ عليه. وعنه، هو أنْ يتجَللَ بالثوْبِ، ويرْخِيَ طَرَفَيْه، ولا يَرُد واحِدًا منهما على الكَتِف الأخْرَى، ولا يضُمَّ طَرَفَيْه بيديْه. وهو قوْل في «الرعايِة». ونقل ابنُ هَانئٍ، هو أنْ يرْخى ثوْبَه على عاتِقِه لا يَمسُّه. وقيل: هو إسبال الثَّوْبِ على الأرْض. اخْتارَه الآمدى، وابنُ عَقيل. وقال في موضع آخَرَ: مع طرْحِه علي أحَدِ كتِفَيْه. وقيل: هو وضْع وَسطِ الرداءِ على رأسه، وإرْساله مِن وَرائه على ظَهْرِه. وهي لبْسَة اليهود. وقيل: هو وضْعُه على عنقه، ولم يردَّه على كتفَيْه. اخْتاره القاضي. ¬

(¬1) في ط: «يترك». (¬2) في ا: «لا».

وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاء؛ وَهُوَ أنْ يَضْطبعَ بثَوْبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واشْتِمال الصمَّاءِ. الصَّحيحُ منَ المذهب؛ كراهة اشْتِمالِ الصمَّاءِ في الصَّلاةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يحْرُم، فيُعِيد. وهي مِن المفْرَداتِ. قال ابن تميم: وحكَى ابنُ حامِد، وَجْهًا في بطْلانِ الصَّلاةِ به مطْلقًا. وقال ابن أبِي موسى: إذا لم يكنْ تحته ثوْبٌ، أعادَ. وأطْلقَ الخلافَ في الإعادةِ في «الرِّعايتَيْن». قوله: وهو أنْ يضْطبع بثوْبٍ ليس عليه غيره. هذا المذهبُ. جزم به في «الهِداية»، و «المذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الفائِقِ»، و «الشَّارِحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرهم. وعنه، يُكْرهُ، وإنْ كان عليه غيره. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ. وقيل: يُكْرَهُ، إذا كان فوقَ الإزار دُونَ القَميص. وقال صاحِب

وَعَنْهُ، أنَّهُ يُكْرَه وإنْ كَانَ عَلَيْهِ غيره. وَيُكْرَه تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ، وَالتَّلثُّمُ عَلَى الْفَمَ وَالْأَنْفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبصِرَةِ»: هو أنْ يضَعَ الرِّداءَ على رأسه، ثمْ يُسْدِلَ طرَفَيْه إلى رِجْلَيْه. وقال ابن تَميمٍ: وقال السَّامَريُّ: هو أنْ يلْتَحِفَ بالثَّوْبِ، ويرفَعَ طَرفَيْه إلى أحَدِ جانِبيه، ولا يُبقى ليَدَيْه ما يُخْرِجهما منه. ولم أُرَه في «المُستوْعبِ». قال في «الفُروعِ»: وهو المعْروفُ عندَ العَرَبِ، والأولُ قوْل الفُقهاءِ. قال أبو عُبَيْدٍ: وهم أعلمُ بالتأويلِ. قوله: ويُكْرَه تَغْطِية الْوَجْهِ، والتَّلثمُ على الفَمِ والأنْفِ، ولَفُّ الكُمُّ. الصحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أن تغْطِيةَ الوَجْهِ والتلثُّمَ على الفَم، ولَفَّ الكُمِّ مكْروة. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُكْرَه. وأمَّا التَّلثُّمُ على الأنفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُكْرَه أَيضًا. قال في «الفصولِ»: يُكْرَه التلثُّمُ على الألفِ، على أصَح الروايتيْن. وجزَم به في «الوجيزِ»، و «النظْم»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، وابنُ رَزِين في «شرحِه». واخْتاره المُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شرحِه». وصحَّحه. وقدَّمه في «الشرحِ». والرِّواية الثَّانيةُ، لا يكْرَه. وأطْلقهما في «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

ولَفُّ الكمِّ, ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيص»، و «البُلْغةِ»، و «ابن تميم» , و «الرِّعايتين»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ».

وَشَدُّ الْوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزنَّارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وشدُّ الوَسَطِ بِما يشبِهُ شَدَّ الزُّنَّار. يعنى أنَّه يُكرَه، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصّ عليه. وعنه، لا يُكْرَه إلَّا أنْ يشُدَّه لعمَل الدنْيا، فيكرَه. نقَلَه ابن إبراهِيمَ (¬1). وجزم بعضُهم بكراهَةِ شدِّهِ على هذه الصفَة لعمَلِ الدنيا؛ منهم ابن تَميم، وصاحِب «الفائقِ». ويأتي كلامُه في «المستوْعِبِ». تنبيهات؛ الأول، كَراهَةُ شَدِّ وسطِه بما يُشْبِه شد الزنار، ولا تخْتَصُّ بالصلاةِ، كالذى قبلَه. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»؛ لأنه يكْرَه التشبُّهُ بالنصارَى في كل وقْتٍ. وقيلَ: يحْرُمُ التشبُّهُ بهم. الثاني، مفْهومُ قوله: بما يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّار. أنَّه إذا كان لا يُشْبِهه، لا يُكرَة. وهو صحيحٌ. بل قال المَجْدُ في «شرْحِه»: يُستحبُّ. نصَّ عليه؛ للخبَرِ، ولأنه أسْتَرُ للعَوْرَةِ. وجزَم به ابن تميم بمِنْديل، أو مِنْطَقَةٍ ونحوِها. وقال ابنُ عَقِيل: يُكْرَه الشَّدُّ بالحياصَةِ، يعني للرجلِ، قال في «المستوْعِبِ»: فإنْ شَد وسَطَه بما يُشْبهُ الزنَّارَ؛ كالحياصَةِ (¬2) ¬

(¬1) هو مُحَمَّد بن إبراهيم في سعيد البوشنجى أبو عبد الله. الفقيه الأديب، شيخ أهل الحديث في عصره، توفى سنة إحدى وتسعين ومائتين. تهذيب التهذيب 9/ 8 - 10. (¬2) الحياصة: سير طويل يشد به حرام الدابة.

وإسْبَالُ شَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِها، كرِهَ. وعن أحمدَ أنَّه كَرِهَ المنطقةَ في الصلاةِ. زادَ بعضُهم، وفي غيرِ الصَّلاةِ. ونقلَ حرْب، يكْرَه شَدُّ وسَطِه على القَميص؛ لأنه من زى اليهودِ، ولا بأسَ به على القَباء. قال القاضي: لأنه مِن عادةِ المُسْلِمين. وجزَم به في «الحاوِي». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال ابنُ تَميم: ولا بأسَ بشَدّ القَباءِ في السفَرِ على غيرِه. نصَّ عليه، واقْتَصَر عليه. الثالث، قال المَجْدُ في «شرحه»: محَل الاسْتِحْبَابِ في حَق الرجُلِ، فأمَّا المرأةُ، فيكْرَه الشد فوقَ ثِيابِها؛ لِئلَّا يحْكِي حجْمَ أعْضائِها وبدَنَها. انتهى. قال ابنُ تميم وغيره: يُكْرَهُ للمرأةِ في الصلاةِ شَدُّ وسَطِها بمِنْديل ومنطقةٍ ونحوِهما. قوله: وإسْبالُ شَئٍ عِن ثِيابه خيَلاءَ. يعْنى يُكْرَه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الوَجيز»، و «الرعاية الصُّغرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْرَاكِ الغاية»، و «تجْريدِ العنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعايه الكُبْرى». قلتُ: وهذا ضعيفٌ جدًا، إنْ اْرادُوا كراهَةَ تنْزيهٍ، ولكنْ قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والمَجْدُ في «شرْحِه»: المُرادُ كراهةُ تحريمٍ. وهو الألْيَقُ. وحكَى في «الفُروعِ»، و «الرعايَة الكبرى»، الخِلاف في كراهَتِه وتحْريمِه. والوجْهُ الثاني، يحْرمُ إلَّا في حرْبٍ، أو يكون ثم حاجَة. قلتُ: هذا عيْنُ الصوابِ الذى لا يُعْدَل عنه. وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ نصّ أحمدَ. قال في «الفُروع»: ويحْرُمُ في الأصَحِّ إسْبال ثِيابِه خُيَلَاءَ في غير حرْبٍ بلا حاجَه. قال الشيخُ تَقِي الدِّين: المذهبُ هو حرامٌ. قال في «الرعاية»: وهو أظْهَرُ. وجزَم به ابنُ تمِيم، والشارِحُ، والناظِمُ، و «الإفاداتِ». تنبيه: قولُه: يَحْرُمُ، أو يُكْرَه بلا حاجَةٍ. قالوا في الحاجَةِ: كوْنه حَمْشَ الساقَيْن. قالَه في «الفروعِ»، والمرادُ، ولم يرِدِ التدْلِيسَ على النِّساءِ. انتهى. فظاهرُ كلامهم، جوازُ إسْبالِ الثيابِ عندَ الحاجَةِ. قلتُ: وفيه نظر بَيِّنٌ. بل يُقالُ: يجوزُ الإسْبال مِن غير خُيَلَاءَ لحاجَةٍ. وقال في «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ هذا في قصيرَةٍ اتخذتْ رجْلَيْنِ مِن خَشبٍ، فلم تُعْرفْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، يجوز الاحتباء. على الصحيح منَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَه. وعنه، يَحْرُمُ، وأمَّا مع كشْفِ العَوْرَةِ، فيَحْرُمُ، قولًا واحدًا. ومنها، يُكْرَه أنْ يكونَ ثوْب الرَّجل إلى فوقِ نِصْفِ ساقه. نصَّ عليه. ويكْرَه زِيادَته إلى تحت كَعْبَيْه بلا حاجَةٍ، على الصَّحيحِ بن الروايتيْن. وعنه، ما تحتهما فِي النَّار. وذكَر الناظِمُ، مَن لم يخف خيَلاء، لم يُكْرَه. والأوْلَى ترْكه. هذا في حَقِّ الرجلِ. وأما المرأة؛ فيجوزُ زِيادة ثَوْبِها إلى ذراع مطْلقًا. على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. وقال جماعة مِن الأصحابِ: ذَيْلُ نِساءِ المدنِ في البَيْتِ كالرَّجلِ؛ منهم السامَريُّ في «المستَوْعبِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرّعايتيْن». ومنها، قال جماعة مِنَ الأصحابِ: يُسَنُّ تطْويل كمِّ الرّجلِ إلى رءوسِ أصابِعِه، أو أكثر بيسِير، ويوَسعها قَصْدًا، ويسن تَقْصير كمِّ المرأة. قال في «الفروعِ»: واخْتَلَفَ كلامهم في سعَتِه قَصْدًا. قال في «التلْخيص»: ويسْتَحَبُّ لها توْسيع الكمِّ مِن غيرِ إفْراطٍ، بخِلافِ الرجلِ. ومنها، يكْرَه لُبْس ما يصِف البَشرَةَ للرجُلِ والمرأةِ، الحَى والميت، ولو لِامرأة في بيْتها. نصَّ عليه. وقال أبو المعالِي: لا يجوز لبْسُه. وذكر جماعةٌ، لا يُكْرهُ لمَن لم يرها إلَّا زوْجٌ أو سيدٌ. وذكَره أبو المَعالِي، وصاحِبُ «المستوعب»، و «النظْم» في آدابه. قال في «الرعاية»: وهو الأصَح. وأما لُبْسها ما يصِف اللِّينَ والخُشونةَ والحجمَ، فيكْرَهُ. ومنها، كَرِه الإمامُ أَحْمد الزِّيق، العرِيضَ للرَّجُلِ. واخْتلفَ قوْله فيه للمرأةِ. قال القاضي: إنما كَرِهَه لإفْضائه إلى الشهْرَةِ. وقال بعضهم: إنَّما كَرِهَ الإفْراطَ. جَمْعًا بينَ قوْلَيْه. وقال أَحْمد في الفرْج للدرَّاعةِ مِن بين يدَيْها: قد سمِعْت، ولم أسمع خلْفِها، إلَّا أنَّ فيه سعَةً عندَ الرّكوبِ ومَنْفَعَة. ومنها، كَرِهَ الإمام أحمدُ والأصحابُ لبسَ زِيِّ

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حيَوَانٍ، فِي أحدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأعاجمِ؛ كعِمامةٍ صمَّاءَ، وكنعْل صرارةٍ للزينَة لا للوضوءِ ونحوِه. ومنها، يُكْرَه لُبْسُ ما فيه شُهْرة، أو خِلاف زِي بلده منَ النَّاس. على الصحيح مِن المذهبِ. وقيل: يحْرُمُ. ونصُّه لا. وقال الشيخ تقِي الدينِ: يحْرُمُ شُهْرَة. وهو ما قصِدَ به الارْتِفاعُ، وإظْهار التواضع؛ لكراهَةِ السلف لذلك. وأمَّا الإسْرافُ في المباح، فالأشْهَر لا يحرمُ. قالَه في «الفُروعِ». وحرمه الشيخُ تقِيُّ الدِّين. قوله: ولا يَجوزُ لُبْسُ ما فيه صورَة حيوان، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهب. صحَحَه في «التصْحيحِ»، و «النَّظْم». وجزَم به في «الهِداية»، و «المذْهَبِ»، و «مسبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «التلْخيص»، و «البُلْغة»، و «الإفاداتِ»، و «الآدابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْظومَةِ» لابن عبْدِ القَوِي، و «الوجيزِ»، و «الحاويَيْن»، و «المنورِ»، و «المُنْتَخبِ». وقدَّمه في «الفروع»، و «المُحَرر». قال الإمامُ أحمدُ: لا يَنْبغِي. والوَجْه الثاني، لا يَحْرم، بل يُكْرَهُ. وذكَرَه ابن عقيل، والشيخ تقِي الدين، رِواية. وقدَّمه ابن تَميم. وأطْلقهما في «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ». فوائد؛ الأولى، لو أُزيلَ منَ الصورة ما لا تبْقَى معه الحياةُ؛ زالَتِ الكراهَة، على الصحيح من المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: الكراهَة باقِية. ومثلُ ذلك صور الشجرِ ونحوِه، وتمثال. الثانيةُ، يَحْرُم تصْوير ما فيه روحٌ، ولا يَحْرم تصْوير الشجَرِ ونحوِه، والتمْثالِ مما لا يشابِه ما فيه روحٌ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقَ بعضهم تحْرِيمَ التصْويرِ. وهو مِنَ المفْرَداتِ. وقال في «الوَجيزِ»: وَيَحْرم التصْوير، واستعماله. وكَرهَ الآجريُّ وغيره الصلاةَ على ما فيه صورَة. وقال في «الفصولِ»: يُكْرَهُ في الصَّلاةِ صورة، ولو على ما يُداسُ. الثالثةُ، يَحْرُمُ تعْليقُ ما فيه صورةُ حيوانٍ، وستْرُ الجِدارِ به، وتصْويره، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يَحْرم. وحكِيَ رِوايةً. وهو ظاهر ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ» في بابِ الوَليمَةِ. ولا يحْرم افْتِراشه، ولا جعْلُه مِخدَّة. بل ولا يكْرَه فيها؛ لأنه، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ، اتكأ على مِخَدةٍ فيها صورةٌ. رواه الإمام أَحْمد (¬1). ويأتي ذلك في كلامِ المصَنِّفِ، في بابِ الوَليمَة. الرابعةُ، يُكْرَه الصلِيبُ في الثوْب ونحوه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ويَحْتَمِلُ تحْريمُه. وهو ظاهرُ نقْلِ صالحٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ¬

(¬1) في: المسند 5/ 97، 102. بدون لفظ: «صورة».

وَلا يَجُوزُ لِلرجُلِ لُبسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ، وَلَا مَا غَالِبُهُ الْحَرِير، وَلَا افْتِرَاشُهُ إِلَّا مِنْ ضَرُورةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوز للرجُلِ لبس ثِيابِ الحَرِيرِ. بلا نزاع مِن حيث الجمْلة؛ فتحْرم تِكَّةُ الحرير والشُّرابة المفْرَدةُ. نصَّ عليه. ويَحْرم افْتِراشه، والاسْتِناد إليه. ويحْرمُ سَتْرُ الجُدُرِ به، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحاب. ونقَل المروذِيّ، يُكْرهُ. قال في «الفروع»: وهو ظاهرُ كلام مَن ذكَر تحْريمَ لبْسِه فقط، ومثلُه تعْليقه. وذكَر الأزجِيُّ وغيرُه، لا يجوز الاستجْمار بما لا يُنْقِي، كالحرير النَّاعِم. وحرَّم الأكثر اسْتِعْمالَه مُطْلقًا. قال في «الفروعِ»: فدَّل أن في فشخانة والخيْمة والبقجة (¬1) وكدالةٍ ونحوه الخلافَ. قوله: وما غالبه الحرير. أيّ لا يجوز لُبسه. والصَّحيح مِن المذهبِ؛ أنَّ الغالب يكون بالظهورِ. وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ. وجزَم به في «الوجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «التلْخيصِ» وغيرِه. وقيل: الاعْتبار بالغالبِ في الوزْن. وقدَّمه في ¬

(¬1) البقجة: الصرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعايةِ الكبْرى». وأطْلَقَهما في «الفروعِ»، و «الآدابِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الحَواشى». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف، أنّه لا يجوزُ للكافرِ لُبْس ثِيابِ الحريرِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولية»: وهو ظاهر كلامِ الإمامِ أحمدَ والأصحابِ. قالَه بعض المتأخرين، وبناه بعضهم على القاعدَةِ. واخْتارَ الشيخُ تقِيُّ الدين الجوازَ؛ قال: وعلى قياسِه بيْع آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضّةِ للكفارِ، وإذا جازَ بيْعها لهم، جاز صنْعها لبيْعِها لهم، وعمَلها لهم بالأجْرةِ. انتهى. فائدة: الخُنْثى المشْكل في الحريرِ ونحوِه كالذكرِ. جزَم به في «الحاوِيَيْن»،

فَإِنِ اسْتَوَى هُوَ وَمَا نُسِجَ مَعَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ الصغْرى». وقال في «الكُبْرَى»: والخُنْثَى في الحرير ونحوه في الصَّلاةِ، وعنه، وغيرها، كذَكَرٍ. قوله: فإن استوَى هو وما نُسِجَ معه، فعلى وجْهَين. وأطْلقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ» , و «المذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التلْخيص»، و «ابنِ تَميم»، و «المُحررِ»، و «الحاوِيَيْن»، وابنِ مُنَجَّى و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»، و «الشرحِ»، و «الفائقِ»، و «شرحَ ابنِ رزين»، و «الفروعَ»، و «الرِّعايتيْن»، لكنْ إنَّما أطْلَق في «الرِّعايَةِ الكبْرى» الخِلافَ فيما إذا اسْتَوَيا وَزْنًا، بِناءً على ما قدَّمه؛ أحدُهما، يجوز. وهو المذهب. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، وجزَم به في «الوجيز». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المحَرر». وقال: صَحَّحه المُصَنِّف، يعْنِي المَجْدَ، وهو ظاهر ما جزم به في «البُلْغةِ»، و «تَذْكِرَةِ» ابنِ عَبْدُوس، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنْتَخَب»، و «التسْهيلِ»؛ لأنَّهم قالوا في التحريم، أو ما غالبه الحرير. وإليه أشارَ ابنُ البَنَّا. والوَجْهُ الثاني، يحْرُم. قال ابن عقِيل، في «الفصولِ»، والشيخ تقِي الدينِ، في «شرْحِ العُمْدَةِ»: الأشبه أنَّه يَحْرُمُ؛ لعُموم الخبرِ. قال في «الفُصولِ»: لأن النِّصفَ كثيرٌ، وليس تَغْليبُ التّحْليلِ بأوْلَى مِنَ التحريمِ، ولم يحْكِ خِلافَه. قال في «المسْتوْعِب»، وإليه أشارَ أبو بَكْرٍ، في «التنبِيهِ»: أنَّه لا يُباحُ لبْس القَسى (¬1) والمْلحمَ (¬2). تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصنف، دخولُ الخَزِّ في الخِلافِ (¬3)، إذا قلْنا: إنَّه بن إبرَيْسَم وصُوفٍ، أو وبَرٍ. وهو اخْتِيار ابن عَقِيل، وصاحِبِ «المُذْهَب»، ¬

(¬1) القسى: ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقسِّ، وهي موضع بمصر. (¬2) ملحم: جنس من الثياب. (¬3) في ا: «اللباس».

وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتوْعِب»، و «الرعاية» , وغيرهم. وهو ظاهرُ كلام كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. والصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ إباحة الخَزِّ. نصَّ عليه. وفرَّق الإمام أَحْمد بأنَّه قد لَبِسَه الصَّحابَة، وبأنَّه لا سَرَف فيه ولا خُيلاء، وجزم به في «الكافِي»، و «المغْنِي»، و «الشرح»، و «الرعايِة الكُبْرى». وقدَّمه في «الآدابِ» وغيرِه. فائدة: الخزُّ ما عمِلَ مِن صوف وإبريسم. قاله في «المطْلع» في كتابِ النَّفقاتِ. قال في «المذْهَبِ»، و «المستْوْعِبِ»: هو المعمول من إبْرَيسم ووَبَر طاهرٍ، كوَبرِ الأرنبِ وغيرها. واقْتصرَ على هذا في «الرعايةِ»، و «الآداب». وقال: ما عُمِلَ مِن سَقطِ حرير ومشَاقَتِه (¬1)، وما يُلْقِيه الصَّانع مِن فَحْمٍ من تقَطع الطَّاقاتِ إذا دُقَّ وغزلَ ونُسِجَ، فهو كحرير خالص في ذلك، وإن سُمىَ الآن خزًّا. قال في «المُطْلع»: والخَزُّ الآنَ المعْمول مِن الإبريسَمِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرِه: الخَزُّ ما سُدِي بالإبرَيسَمِ وألحِمَ بوبرٍ أو صوفٍ؛ لغَلَبَةِ اللُّحْمةِ على الحريرِ. انتهى. قوله: ويحْرُمُ لبس المنسوجِ بالذَّهَبِ والمُمَوَّه به. هذا المذهب مطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: حُكمُ المنسوج بالذَّهَب حُكْم الحريرِ المنسوجِ مع غيرِه، على ما سبق. فائدة: الصحيِح مِنَ المذهب؛ أنَّ المنسوجَ بالفِضَّة والمموَّهَ بها كالمنسوجِ بالذهَبِ والمموَّه به، فيما تقدُّم. وقال في «الرعاية»: وما نُسج بذَهَبٍ، وقيل: أو فِضَّةٍ، حَرُمَ. ¬

(¬1) المشاقة: ما سقط من الشعر أو الكتان عند المشط.

فَإن اسْتَحَالَ لَوْنُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن استَحال لَونه، فعل وجْهين. وأطْلقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذهبِ»، و «مسبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِب»، و «الخلاصةِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلغَةِ»، و «الهادِي»، «الرِّعايِة الصُّغْرى»، و «الحاوِيين»، و «النَّظْمِ». فهؤلاءِ أطْلَقوا الخلاف فيما اسْتحال لونه مُطْلقًا. وقال ابن تميم: فإن اسْتحالَ لون المموَّه، فوَجْهان، فإنْ كان بعدَ اسْتِحالَتِه لا يحْصُل عنه شئٌ، فهو مباح، وجْهًا واحدًا. وكذا قال في «الفائق». وقال في «الوجيزِ»، و «المنوِّرِ»، و «المنتخَب»: ويحْرُمُ اسْتِعْمالُ المنْسوجِ والممَوَّه بذَهَبٍ قبلْ استحالَته. وقال ابنُ عَبْدوس في «تَذْكِرَتِه»: يَحْرُمُ ما نُسِجَ أو موِّهَ بذَهبٍ باقٍ. وقال في «الفُروعَ»: فإنِ استحالَ لوْنُه، ولم يحْصُلْ منه شئٌ، وقيلَ: مُطْلقًا، أُبِيحَ في الأصَح. وقال في «الرعايةِ الكبْرى»: وفيما اسْتحال لوْنُه بن المموَّه ونحوه بذَهبٍ، وقيل: لا يجتمِعُ منه شيء إذا حُكَّ، وَجْهان. وقيل: لا يُكره، ولا يحْرمُ. وقيل: ما اسْتَحالَ، ولم يجْتمِعْ منه شئٌ إذا حُكَّ، حلَّ، وجْهًا واحدًا. انتهى. وحاصِلُ ذلك، أنَّه إذا لم يحْصلْ منه شئٌ، يُباحُ، على الصحيحِ بن المذهب. وقطَع به جماعة. وإنْ كان يحْصلُ منه شئٌ بعد حكّه، لم يُبحْ، على الصحيحِ مِنَ المذهب. ففي المستَحيلِ لونُه ثلاثة أقْوالٍ؛ الإباحَة، وعَدَمُها، والفرْقُ. وهو المذهب

وَإنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ لِمَرَضٍ، أو حِكَّةٍ، أو فِي الْحَرْبِ، أوْ ألبَسَهُ لِلصَّبِيِّ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لَبِسَ الحَرِيرَ لِمرض أو حكَّةٍ. فعلى رِوايتيْن، وأطْلقهما في «الهِدايَةِ»، و «المذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الهادِي»، و «التلْخيص»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «النَّظم» و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المَذْهبِ الأحْمَدِ»، وغيرهم؛ إحْداهما، يُباح لهما، وهو المذهب. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المنَورِ»، و «المُنْتخَبِ». قال المصنف، والشارح، وغيرهما: هذا ظاهر المذهبِ. قال في «الفروع»، و «الخلاصَةِ»، وحفِيدُه: يُباح لهما على الأصَحِّ. قال في «تجْريد العِنايَة»: يُباحُ على الأظْهرِ. وصَحَّحه في «التَّصحيح». واخْتارَه ابنُ عبْدُوس في «تَذكِرَتِه». وجزَم به في «إدْراكِ الغايِة» في الحِكَّةِ. وقدَّمه في «الكافي»، و «المحرَّرِ». والرِّواية الثَّانية، لا يُباحُ لهما. قدَّمه في «المسْتوْعِبِ». تنبيه: ظاهر قوْله: أو حِكَّةٍ. أَنه سواءٌ أثَّرَ لُبْسُه في زَوالِها أم لا. وهو ظاهر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ أكثَرِ الأصحابِ. وهو المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُباح إلَّا إذا أثرَ في زوالِها جزَم به ابن تَميم. وقدَّمه في «الرِّعايَة الكبْرى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: أو في الحَرْبِ، على روايتين. وأطْلقَهما في «الهِدايَة»، و «المذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الكافِي»، و «التلخيص»، و «البُلْغةِ»، و «ابنِ تميم»، و «النَّظْمِ»، و «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يُباح. وهو المذهب. قال المُصَنِّف، والشارِح: وهو ظاهرُ كلام الإمام أَحْمد. قال في «تجْريدِ العِنايَةِ»: يُباحُ على الأظْهَرِ. قال في «الخلاصَةِ»: يُباح على الأصَحِّ. قال الشَّيخ تقِيّ الدِّين، في «شرْحِ العُمْدَة»: هذه الروايَة أقوَى. قال في «الآدابِ الكبْرى»، و «الوسْطَى»: يُباحُ في الحرْب مِن غير حاجَةٍ في أرجَحِ الرِّوايتَيْن في المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوجيزِ»، و «الإفادات»، و «المنتخَبِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرهم. والرواية الثَّانيةُ، لا يُباحُ. اخْتارَه ابنُ عَبدُوس في «تَذْكِرَتِه». وهي ظاهرُ كلامه في «المنورِ»؛ فإنَّه لم يسْتَثْن للإباحة إلَّا المرضَ والحِكةَ. وقدَّمه في «المسْتَوْعب»، و «المُحررِ». وعنه، يُباحُ مع مُكايَدَةِ العدُوِّ به. وقيل: يُباح عند مُفاجأة العَدو ضرورةً. وجزَم به في «التلْخيص» وغيره. وقيل: يُباحُ عندَ القِتالِ فقط مِن غيرِ حاجةٍ. قال ابنُ عَقيل، في «الفُصولِ»: إنْ لم يكُنْ له به حاجة في الحرْبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرُم، قوْلًا واحدًا. وإنْ كان به حاجة إليه كالجيَّةِ للقتالَ، فلا بأسَ به. انتهى. وقيل: يُباح في دارِ الحرْبِ فقط. وقيل: يجوز حال شدَّةِ الحرْبِ ضرورةً. وفي لُبْسِه أيّام الحرْبِ بلا ضرورةٍ رِوايَتان. وهذه طريقتُه في «التلْخيص». وجعَل الشَّارِح وغيره محَلَّ الخِلافِ في غير الحاجةِ. وقدَّمه ابنُ منجى في «شَرْحِه». وقال: وقيل: الرِّوايَتان في الحاجةِ وعدَمِها. وهو ظاهر كلامِ المصَنفِ هنا. قال في معنى الحاجةِ: ما هو محتاج إليه، وإنْ قامَ غيرُه مقامَه. وقاله المصَنِّفُ، والشارِح، وغيرُهما. وقال في «المُستَوْعِبِ»، في آخِرِ بابٍ فيه: ويكرَه لُبسُ الحرير في الحربِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كان القِتال مباحًا مِن غير حاجةٍ. وقيلَ: الرِّوايَتان ولوِ احْتاجَه في نفْسه ووجَد غيرَه. وتقدَّم في كلامِ ابنِ عقِيل وغيرِه ما يدُل على ذلك. قوله: أو ألبَسَهُ الصّبى، فعلى رِوايتيْن. وأطْلَقَهما في «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَب»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الهادِي»،

وَيُبَاحُ حَشْوُ الْجِبَابِ وَالْفُرُش بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَحْرُمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَة»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائق»؛ إحْداهما، يَحْرم على الوَليِّ إلْبَاسُه الحريرَ. وهو المذهب. نقَلَه الجماعَة عنِ الإمامِ أحمدَ. وصَحَّحه في «التصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال الشَّارِح: التحْريمُ أوْلَى. وجزَم به في «الوجيزِ». وهو ظاهر ما جزَم به في «الإفاداتِ»، و «المنَورِ»، و «المنْتخَبِ»؛ لتَقْييدهم التحْريمَ بالرَّجلِ. وقدمه في «الفروعِ»، و «الكافِي»، و «المحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانية، لا يحْرُمُ، لعدَمِ تكْليفِه. فعلى المذهب، لو صلَّى فيه، لم تصِحَّ صلاته، على الصحيحِ مِن المذهب. وقيل: تصِحُّ. وقال في «المُسْتَوْعبِ»، في آخِرِ باب عنه: ويُكْرهُ لُبْسُ الحريرِ والذهَبِ للصبيانِ، في إحْدَى الروايتَيْن. والأخْرَى، لا يُكْرَهُ. فائدة: حُكمُ إلْباسه الذهَبَ، حُكمُ إلْباسه الحريرَ. خِلافًا ومذهبًا. قوله: ويُباح حَشْو الجِبابِ والفَرْش به. وهو المذهبُ، وعليه جماهير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. ويَحْتَمل أنْ يحْرم. وهو وجْهٌ لبعْض الأصحاب. وذكرَه ابن عَقِيل رواية. وأطْلقهما في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائق». فائدة: يُكْرَه كتابَة المَهْرِ في الحريرِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرعِاية الكْبرى»، وتبِعَه في «الآداب». وقيل: يَحْرم في الأقْيس. ولا يبْطُلُ المَهْرُ بذلك. واخْتارَه الشيخ تقِيُّ الدين، وابنُ عُقِيل، وأطْلَقَهما في «الفُروع». قلت: لو قيل بالإباحةِ لَكان له وجْهٌ.

وَيُبَاحُ الْعَلَمُ الْحَرِيرُ فِي الثوْبِ، إذا كَانَ أرْبَعَ أصَابعَ فَمَا دُونَ. وَقَالَ أبو بَكْرٍ: يُبَاحُ وإِنْ كَانَ مُذَهَّبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويباحُ العَلم الحريرْ في الثَّوْب، إذا كان أرْبَعَ أصابعَ فما دون. يعْنى مضْموَمَةً. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميم». وجزَم به في «المُغْنى»، و «الشرح»، و «الهِداية»، و «المسْتوْعِبِ»، و «التلْخيص»، و «إدْرَاك الغايةِ»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وقيل: يباح قَدْرُ الكف فقط. جزم به في «المحَرْرِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «المنَوِّر». وقدَّمه في «الرعاية الكبْرى»، و «الآداب»، وقال: ليس الأولُ مُخالفا لهذا، بل هما سواءٌ. انتهى. وغايَر بين القوْلَيْن في «الفروعِ». وجزم في «الوَجيز»، أنَّه لا يباح إلَّا دونَ أرْبَع أصابعَ. وما رأيتُ مَن وافقَه على ذلك. وقال ابن أبِي موسى: لا بأسَ بالعلَمِ الدَّقيقِ، دُونَ العَريض. وقال أبو بكر: يُباح، وإن كان مذهبا. وهو رِواية عن أَحْمد. اخْتارَها المَجْدُ، والشيخ تقِي الدينِ. وأطْلقهما في «الفائق». والمذهبُ، يَحْرُمُ. نص عليه.

وَكَذَلِك الرِّقَاعُ، وَلِبْنَةُ الْجَيْبِ، وَسَجْفُ الْفِرَاءِ. وَيُكْرَه لِلرَجُل لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو لَبِس ثيابًا؛ في كلِّ ثَوْب قَدْرٌ يُعْفَى عنه، ولو جمع صارَ ثوْبًا، لم يُكْرهْ، بل يُبَاح، في أصَحِّ الوَجْهيْن. جزم به في «المُسْتوعب» , و «الفائقِ»، و «ابنِ تميم». وقيل: يُكْره. جزَم به في «الرِّعايةِ». وأطْلَقهما في «الفروع» وتقَدم إن كان عليه نجاسة يُعْفَى عنها، هل يُضَمُّ مُتَفرقٌ في باب إزالَة النجاسةِ. قوله: ويكْرهُ للرجلِ لبْس الْمُزَعْفرِ والمعَصْفَرِ. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزم به في «المغني»، و «الشرحِ»، و «الوَجيز»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُكْره. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتبعه في «الفروعِ». ونقَلَه الأكثر في المزعْفَر. وجزَم به في «النظْمِ». واخْتارَه الخلَّال، والمَجْد في «شرْحِه» في المُزَعْفَرِ. وذكرَ الآجُرِّيُّ، والقاضى، وغيرهما تحْرِيمَ المزعْفَرِ. وفي المزَعْفَرِ وَجْهٌ؛ يُكْرَه في الصلاةِ فقط. وهو ظاهر ما في «التلْخيص». قالَه في «الآداب». فائدة: فعلى القوْلِ بالتحْريمِ، لا يُعيدُ من صلى في ذلك، على الصحيحِ بن المذهبِ. وكذا لو كان لابِسًا ثيابًا مسْبلةً أو خُيَلاءَ ونحوَه. وعليه الجمهور.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُعيد. واخْتاره أبو بكْرٍ. فوائد؛ الأولَى، يُكرهُ للرجلِ لبْس الأحْمرِ المُصمتِ، على الصَّحيحِ مِن المذَهبِ. نصَّ عليه، وعليه الجمهور. وهو مِن المُفْرَدات. وقيل: لا يُكْرَه. اخْتارَه المصنِّف والشَّارح، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «النهايَةِ»، و «نَظْمها». قال في «الفروعِ»: وهو أظْهَر. ونقل المَروذِيُّ: يُكْرَه للمرأةِ كراهةٌ شديدة لغيرِ في زينةٍ. وعنه، يُكْره للرجُل شديدُ الحمْرَة. وهو وجهٌ في «ابنِ تميم». قال الإمامُ أحمدُ: يقالُ: أوَّلُ من لَبسَه آل قارُونَ أو آل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فِرْعونَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبرى»: وكذا الخِلاف في البِطانةِ. الثَّانية، يُسَنُّ لبس الثِّيابِ البيض، والنظافة في ثوْبِه وبَدَنِه. قال في «الرعايةِ»: قلت: ومجْلِسِه. قال في «الفروع» وغيرها: وهي أفْضَل اتفاقًا. الثالثة، يُباح لبْسُ السَّواد مطْلقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرهُ للجُنْد. وقيلَ: لا يُكْرَه لهم في الحرْبِ. وقيل: يُكْره إلَّا لمصاب. ونقَل المَرُّوذِيّ، يخْرقُه الوصِيُّ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفروع»: وهو بعيدٌ ولم يَرُدَّ الإمام أَحْمد سلام لابِسه. الرَّابعة، يباحُ الكتَّانُ إجماعًا، ويُباح أَيضًا الصُّوف. ويسَن الرِّداء، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُباح كفَتْلِ طَرَفِه. نصَّ عليه. وظاهرُ نقْل المَيْمونِيِّ فيه، يُكْرَه. قالَه القاضي. ويُكْرَه الطيْلَسانُ، في أحدِ الوَجهين. قال ابن تميم: وكَرِه السَّلَف الطيْلسان، واقتصرُوا عليه. زاد في «التلخيصِ»: وهو المُقوَّر. والوَجْه الثاني، لا يُكْره، بل يباح. وقدَّمه في «الرِّعاية»، و «الآدابِ». وأطْلَقَهما في «الفروعِ». قال في «الآدابِ»: وقيل: يُكْرَه المُقَوَّرُ والمُدوَّر. وقيل: وغيرُهما غير المُرَبع. الخامسة، يُسنُّ إرْخاء ذُؤابَتَين خلْفه. نصَّ عليه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ تقي الدِّينِ: وإطالَتها كثيرًا مِنَ الإسْبالِ. وقال الآجرِّي: وإنْ أرْخَى طَرَفَها بين كَتفيْه، فحسَنٌ. قال غيرُ واحدٍ من الأصحابِ: يُسَنُّ أَيضًا أنْ تكونَ العِمامَة محَنّكةً. السَّادسة، يُسَنُّ لبسُ السراوِيلِ. وقال في «التلْخيصِ»: لا بأسَ. قال النَّاظم: وفي مَعْناه التُّبَّانُ. وجزَم بعضُهم بإباحته. قال في «الفُروعِ»: والأول أظْهَرُ. قال الإمام أحمدُ: السراوِيل أسْتَرُ في الإزارِ، ولِباس القوْم كان الإزار. قال في «الفروعِ»: فدَلَّ أنَّه لا يُجمَعُ بينَهما. وهو أظهَر، خِلافًا «للرِّعايةِ». قال الشيخُ تقيُّ الدينِ: الأفْضَل مع القميص السَّراوِيلُ، مِن غير حاجَةٍ إلى الإزارِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّداءِ. وقال القاضي: يُستحَب لبس القَميص: السَّابعة، يُباحُ لُبْسُ العَبَاءةِ. قال النَّاظِم: ولو للنساءِ. قال في «الفروعِ»: والمراد بلا تَشَبهٍ. الثامنةُ، يُباح نَعلٌ خَشبٌ، ونعل فيه حرفٌ لا بأسَ لضرُورةٍ. التاسعة، ما حرُمَ اسْتِعْماله حَرُم بيْعه وخِياطَتُه وأجرتُها. نصَّ عليه. العاشرةُ، يُكْرَه لبْسه وافْتِراشه، جِلْدًا مخْتَلَفًا في نجاسَته، على الصحيح مِن المذهب. وقيلَ: لا يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ. وفي «الرعايَة». وغيرِها: إن طَهر بدَبغِه، لُبِس بعده، وإلا لم يجزْ. ويجوز له إلْباسُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دابةً. وقيل: مطْلقًا كثِياب نجِسَةٍ.

باب اجتناب النجاسات

بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَهُوَ الشرطُ الرَّابع، فَمَتَى لَاقَى بِبَدَنِهِ أوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، أوْ حَمَلَهَا، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اجْتِنابِ النجاسةِ قوله: وهي الشرطُ الرابعُ، فمتى لاقَى بِبدنه أوْ ثَوْبِه نَجاسة، غيرَ مَعْفُوٍّ عَنها، أوْ حَمَلَها، لَمْ تَصِحَّ صَلَاُته. الصحيح منَ المذهب؛ أنَّ اجْتنابَ النَّجاسَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في بَدنِ المُصلى وستْرَتِه وبُقْعته، وهي محَل بَدَنِه وثِيابِه، ممَّا لا يُعْفَى عنه، شرْطٌ لصِحَّةِ الصلاة، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: طهارَةُ محلِّ ثيابِه ليْست بشَرْطٍ. وهو احْتِمال لابنِ عَقِيل، وعنه، أن اجْتِناب النَّجاسَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واجِبٌ لا شرْط. وقدَّمه في «الفائق». وأطْلَقهما في «المُستوْعِب»، و «ابنِ تَميمٍ». [وذكرَ ابنُ عَقِيل، في مَن لاقاها ثَوْبُه إذا سجَد احْتِمالَيْن. قال المَجْدُ: والصحيحُ البُطْلانُ] (¬1)، في بابِ شروطِ الصلاةِ. ويأتِي قريبًا إذا حمَل ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قارورةٌ فيها نَجاسة، أو آدَميًّا، أو غيره، أو مسَّ ثوْبًا، أو حائطًا نَجِسًا، أو قابلهَا ولم يلاقها.

وإنْ طيَّنَ الْأَرْضَ النَّجِسَةَ، أوْ بَسَطَ عَلَيْهَا شَيْئًا طَاهِرًا، صَحَّتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنَّ طينَ الأرضَ النجِسةَ، أو بَسَط عليها شيئًا طاهرًا، صحَّت صلاتُه عليها مع الكَراهَة. وهذا المذهب، وهو ظاهرُ كلام الإمامِ أَحْمد. قال الشارحُ: هذا أوْلى. وصحَّحه في «المُذْهَب»، و «الناظمِ». قال ابن مُنجَّى في «شَرْحه»: هذا المذهب. وجزم به في «الوَجيز»، و «المُنوِّرِ»، و «المُنْتَخب»، و «الإفادات»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدِاية»، و «الخلاصةِ»، و «المحُرر»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيين»، وغيرِهم. وقيل: لا يصحُّ. وهو رواية عن أحمدَ. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تميم»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ الحِالَةِ». وقال ابنُ أبِي موسى: إنْ كانتِ النجاسةُ المبْسوطَة عليها رطْبَةً، لم تصِح الصلاةُ، وإلا صحَّتِ الصَّلاةُ. وهو رِواية عن أَحْمد. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، تصِحُّ الصلاة مع الكراهَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحاب. وعنه، تصِحُّ مِن غيرِ كراهةٍ. تنبيه: محلُّ هذا الخلاف، إذا كان الحائلُ ضَعيفًا، فإنْ كان خفيفًا أو مهَلْهَلًا، لم تصِبحَّ، على الصحيح مِنَ المذهبِ. وحكَى ابن منُجى في «شرحه» وَجْها بالصِّحةِ. وهو بعيد.

وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ الحيوانِ النَّجِس، إذا بسَط عليه شيئًا طاهرًا وصلَّى عليه، حكْمُ الأرْض النَّجسَةِ إذا بَسَط عليها شيئًا طاهِرًا، على الصحيحِ من المذَهبِ. وقيل: تصِحُّ هنا، وإنْ لم نصححها هناك. وكذا الحُكم لو وضع على حرير يَحْرم جلُوسه عليه شيئًا، وصلى عليه. ذكَرَه أبو المعالِي. قال في «الفروعِ»: فيَتَوجَّه، إنْ صَحَّ، جاز جلوسُه، وإلَّا فلا. ولو بَسَط على الأرْض الغصب ثوْبًا له، وصلَّى عليه، لم تصِحَّ. ولو كان له عُلُو، فغَصبَ السُّفْلَ وصلَّى في العُلو، صحتْ

وإنْ صَلَّى عَلَى مَكانٍ طَاهِر منْ بِسَاط طَرَفُهُ نَجِسٌ، صَحَّتْ صَلَاُتهُ، إلَّا أنْ يَكُونَ مُتَعَلقًا بِهِ، بِحَيْثُ يَنْجَرُّ مَعَهُ إذَا مَشَى، فَلَا تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاتُه. ذَكَره ابن تَميم وغيره. وقال في «الرعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغير»: وإنْ بَسطَ طاهرًا على أرض غصب، أو بَسَط على أرْضِه ما غصَبه، بَطَلتْ. قلت: ويتخرَّجُ صحَّتُها. زادَ في «الكُبْرَى». وقيل: تصِح في الثَّانيةِ فقط. انتهى. قلت: الذى يظْهرُ إنما يكون هذا القول في المسْأَلَةِ الأولَى؛ وهي ما إذا بسط طاهِرًا على أرضٍ غصْبٍ. وفي «الفروعِ» هنا بعْض نقْصٍ. قوله: وإن صَلَّى على مكانٍ طاهِرٍ من بساط طَرَفُة نجِسٌ، صَحَّتْ صَلاتُه، إلَّا أنّ يكُونَ متَعَلقًا بِه، بحيث ينجرُّ معه إذا مشى. اعلمْ أنَّه إذا صلَّى على مكانٍ طاهرٍ، من بِساطٍ ونحوِه، وطَرَفه نَجسٌ، فصلاتُه صحيحةٌ. وكذا لو كان تحتَ قدمِه حبْلٌ مشْدود في نجاسةٍ، وما يصلِّي عليه طاهر. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، ولو تحَرك النجس بحركتِه، ما لم يكنْ مُتعلقًا به. وقال بعضُ الأصحابِ: إذا كان النَّجس يتحَرَّكُ بحركتِه، لم تصِح صلاتُه. وأطلقهما ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميم، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ». قال في «الفروعِ»: والأوَّلُ المذهبُ. وإنْ كان متَعَلقًا بِهِ، بحيث ينْجرُّ معه إذا مَشى، لم تصِحَّ صلاته، مثل أنْ يكونَ بيده أو وسَطِه شئٌ مشْدودٌ في نَجسٍ، أو سَفِينَة صغيرة فيها نجاسة، أو أمْسَكَ بحَبْل ملْقى على نجاسةٍ ونحوِه. وإنْ كان لا ينْجَرُّ معه إذا مشَى؛ كالسفينَةِ الكبيرة، والحيوانِ الكبير الذى لا يقْدِر على جره إذا اسْتَعْصَى عليه، صحتْ صلاتُه مطْلقًا، على الصحيحِ منَ المذهبِ. وهو مفْهومُ كلامِ المصَنفِ هنا. واخْتارَه المُصَنفُ، والشارح. وجزم به في «الفصول»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِي الصغيرِ». وقدَّمه في «الفروعِ». وذكرَ القاضي وغيره، إنْ كان الشَّدُّ في موْضِعٍ نَجِسٍ ممَّا لا يمْكِن جرُّه معه، كالفِيلِ، لم يصِحَّ، كحمْلِه ما يُلاقيها. وجزَم به صاحِب «التلْخيص»، و «المحَرَّر»، وغيرُهما.

وَمَتَى وَجَدَ عَلَيْهِ نَجَاسَةً، لَا يَعْلَمُ هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ أوْ لَا؟ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإنْ عَلِمَ أنهَا كَانَتْ فِي الصلَاةِ، لَكِنْ جَهِلَهَا أوْ نَسِيَهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفروع»: وظاهرُ كلامهم، أن ما لا ينْجرُّ تصِحُّ الصلاةُ معه لوِ انجَرَّ. قال: ولعلَّ المرادَ خِلافه، وهو أوْلى. قوله: ومتى وجَد عليه نجاسة لا يعْلَم؛ هل كانت في الصلاةِ، أو لا؟ فصَلاُته صَحيحَةٌ. هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به أكثرهم. وذكر في «التبصرةِ» وَجْهًا؛ أنَّها تَبْطل. قوله: فإنْ عَلمَ أنها كانت في الصلاة، لكن جَهِلَها أو نَسيها، فعلى رِوايتين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَة» في النَّاسي. وأطْلَقَهما فيهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّر»، و «الشرحِ»، و «الفائق»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛ إحْدَاهما، تصِحُّ. وهي الصَّحيحةُ عندَ أكثرِ المتأخرين. اخْتارَها المصَنِّف، والمَجْدُ، وابنُ عَبدوسٍ في «تذْكِرَتِه»، والشيخُ تقِي الدِّين. وصحَّحه في «التَّصْحيح»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابن منجَّى»، و «تَصْحيحِ المُحَرر». وجزَم بها في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنتَخبِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرهم. وقدَّمه ابنُ تميم وغيره. والروايةُ الثانيةُ، لا تصِحُّ، فيُعِيدُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَر الإعادة. قال في «الحاوِيَيْن»: أعادَ في أصحّ الروايتين. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن». وجزَم به القاضي، وابن عَقِيل، وغيرهما، في النَّاسِي. وقيل: إنْ كانتْ إزالتها شرطًا أعادَ, وإنْ كانتْ واجِبةً فلا. ذكرَه في «الرِّعاية». وقال الآمِديُّ: يعيد، إنْ كان قد تَوانى، رِواية واحدةً. وقطَع في «التلْخيص»، أن المُفَرطَ في الإزالَةِ، وقيل: في الصلاةِ، لا يعيدُ بالنسْيانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبْيهان؛ الأوَّل، قال القاضي، في «المجرَّد»، والآمِديُّ، وغيرهما: مَحَلُّ الروايتَيْن في الجاهل، فأمَّا النَّاسي، فيعيدُ، رِوايةً واحدةً. قال الشيخ تقِي الدِّينِ: ليسَ عنه نصٌّ في الناسِي. انتهى. والصَّحيح أن الخِلافَ جارٍ في الجاهِلِ والناسِي. قالَ المجْد. وحكى الخِلافَ فيهما أكثرُ المتَأخرين. وأطْلقَ الطريقَين في «الكافِي». الثاني، محَلُّ الخِلافِ في أصْلِ المسْألةِ، على القولِ بأن اجْتنابَ النجاسَةِ شرط، أمَّا على القوْلِ بأن اجتِنابها واجبٌ، فيَصِح قوْلًا واحِدًا عند الجمهورِ. وتقدَّم أن صاحِبَ «الرعايِة» حكَى قولًا واحِدًا؛ أنَّه لا يُعيدُ، إنْ قُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واجبٌ، وإنْ قلْنا: شَرْط. أعادَ. فدل أن المُقدَّمَ خِلافُه. الثَّالث، مُرادُ المصَنفِ بقولِه: أو جَهِلَها. جهِلَ عينها. هل هي نَجاسة أم لا؛ حتَّى فرَغ منها. أو جَهل أنها كانتْ عليه، ثم تحَقَّقَ أنها كانتْ عليه بقَرائنَ. فأمَّا إن عَلِمَ أنها نجاسة، وجَهِلَ حكْمَها، فعليه الإعادة عندَ الجمهورِ، وقطَعوا به. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: حُكْمُ الجَهْلِ بحكمها، حُكمُ الجَهْلِ بأنها نجاسَة أم لا. وجزَم به في «تَجْريدِ العِنايَةِ». وأمَّا إذا جهِلَ كوْنَها في الصلاةِ أم لا، فتَقدّم في كلامِ المُصَنّفِ، وهو قوْلُه: ومتى وجَد عليه نجاسة لا يعْلَم؛ هل كانتْ في الصلاةِ، أم لا؟. فوائد؛ الأولَى، حُكْمُ العاجزِ عن إزالَتِها عنه حُكمُ النَّاسِي لها في الصلاةِ. قالَه جماعة منَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حمْدانَ، وابنُ تميم. وقال أبو المعالي وغيرُه: وكذا لو زاد مَرضُه لتَحْريكِه أو نقْله. وقال ابنُ عَقِيل وغيرُه: أْوِ احْتاجَه لحَرْبٍ. الثانيةُ، لو عَلم بها في الصلاةِ، لم تبطُلْ صلاتُه، على الصحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تبطُل مُطْلقًا. فعلى المذهب؛ إنْ أمكَنَ إزالتها مِن غير عمَل كثير، ولا مُضِي زمَن طويل، فالحُكْمُ كالحُكْم فيها إذا عَلِمَ بها بعدَ الصلاةِ. فإنْ قُلْنا: لا إعادةَ هناك. أزالَها هنا وبَنَى، على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقال ابن عَقيل: تبطُلُ رِواية واحدة، وأما إذا لم تزُلْ إلَّا بعمَل كثيرٍ، أو في زمَنٍ طويلٍ، فالمذهبُ تبطل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة. وقيل: يزِيلها ويبنى. قلتُ: وهو ضعيفٌ. الثالثة، لو مسِّ ثوْبه ثوْبًا نجِسًا، أو قابلَها راكعًا أو ساجِدًا، ولم يُلاقها، أو سقَطَتْ عليه فأزالَها سرِيعًا، أو زالَتْ هي سرِيعًا، أو مسَّ حائطًا نَجِسًا، لم يَسْتنِدْ إليه، صَحَّتْ صلاته، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ في الجميع. وقيل: لا يصِحُّ. ولوِ اسْتَند إليه، لم يصِحَّ. الرابعة، لو حمل قارورَةً فيها نجاسة أو آجرَّةً باطِنها نجِسٌ، لم تصِحَّ صلاته. ولو حمَل حَيوانًا طاهِرًا، صحَّتْ صلاته، بلا نزاعٍ. وكذا لو حمَل آدميًّا مُسْتَجْمِرًا، على الصحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا تصِحُّ إذا حمَل مسْتجْمِرًا. وأطْلَقَهما في «التلخيص»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن». و «ابنِ تميم». ولو حمَل بَيْضة مَذِرةً (¬1)، أو عنْقودَ عِنَب حبَّاته مسْتَحِيلَة خمْرًا، لم تصِح صلاته. جزَم به الناظِمُ. وإليه ميْلُ المَجْدِ في «شرحِه». فإنَّ البيْضَةَ المَذِرَةَ قاسَها على القارورَةِ. وقال: بل أوْلَى بالمنْع. وقيل: تصحُّ صلاته. وجزَم به في «المنَوِّر». وأطْلقَهما في «الفُروع». وقال المجْدُ في «شرحِه»، وابن تميم، وصاحبُ «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ولو حمَل بيْضَة فيها فرخٌ ميتٌ، فوَجْهان. الخامِسة، قال المَجْدُ في «شرْحِه» في هذا البابِ: باطِن الحيَوانِ مَقر للدمِ والرطوباتِ النجِسَةِ، بحيث لا يَخْلو منها، فأجْرَيْنا لذلك حكْمَ الطَّهارة ما دامَ فيه تبعًا. وقال في بابِ إزالة النَّجاسةِ، عندَ قولِه: ولا يَطْهُرُ شيء مِنَ النجاسَاتِ بالاسْتِحالةِ. وأما المَنِي واللبَن والقرُوحُ، فليست مستحيلَةً عن نَجاسَةٍ؛ لأن ما كان في الباطن مسْتَترًا بستارِ خِلْقَةٍ ليس بنَجَسٍ؛ بدَليل أن الصلاة ¬

(¬1) مذرة: فاسدة.

وإذَا جَبَرَ سَاقَهُ بِعَظْمٍ نَجِس فَجَبَرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَلْعُهُ إذَا خَافَ الضَّرر، وَأجْزأته صَلَاُتهُ، وإنْ لَمْ يَخَفْ لَزِمَهُ قَلْعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تَبطُل بحَمْلِه. وتابعَه في «مجْمَع البحْرين»، و «ابنِ عبَيْدان». فظاهرُ كلامِ المَجْدِ في المكانينِ يخْتَلِف؛ لأنه في الأولِ حكمَ بنجاسَةِ ما في الباطِنِ، ولكنْ أجْزَى عليها حُكمَ الطهارَةِ تبَعًا وضرورةً. وفي الثاني، قطَع بأنه ليس بنَجَسٍ، وهذا الثاني ضعيفٌ. قال في «الفروع» في بابِ إزالة النجاسةِ: قال بعضُ أصحابِنا: ما اسْتترَ في الباطن اسْتِتار خِلْقَةٍ ليسَ بنَجسٍ؛ بدَليلِ أنَّ الصَّلاةَ لا تبطلُ بحَمْلِه. كذا قال. انتهى. قوله: وإذا جبَر ساقه بِعظْم نَجِسٍ فجُبِرَ، لم يلْزَمْه قلْعُه إذا خافَ الضَّررَ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، كما لو خاف التلَف. وعنه، يَلْزَمه. فعلى المذهب؛ إنْ غطاه اللحْمُ، صحَّتْ صلاتُه بن غيرِ تَيمم، وإذا لم يُغطهِ اللَّحْم، فالمذهبُ أنَّه يتَيممُ له، وعليه الجمهورُ. وقيل: لا يلْزَمُه التَّيممُ. ولو ماتَ من يَلْزَمُه قَلْعُه، قُلِعَ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقال أبو المَعالى: إنْ غطَّاه اللَّحْمُ، لم يُقْلَعْ للمُثْلَةِ، وإلَّا قُلِعَ. وقال جماعةٌ: يُقلَعُ، سواء لزِمَه قَلْعُه أم لا.

وَإنْ سَقَطَتْ سِنُّهُ، فَأعَادَهَا بِحَرَارَتهَا فَثَبَتَتْ، فَهِيَ طَاهِرَةٌ. وَعَنْهُ، أنَّهَا نَجِسَةٌ، حُكْمُهَا حُكْمُ العظمِ النَّجِس إذَا جَبَرَ بِهِ سَاقَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن (¬1) سقَطَتْ سِنُّه فأعادَها بحَرارَتِها، فثبَتَتْ، فهي طاهِرة. هذا المذهبُ، وعليه الجمهور، وقطَع به أكثرهم. وعنه، أنها نجِسَة، حكْمها حكم العَظْمِ النجِس إذا جبر به ساقه، كما تقدَّم في التى قبلَها. وقال ابنُ أبِي موسى: إنْ ثَبَت ولم يَتغَير، فهو طاهرٌ، وإنْ تغيَّر، فهو نَجسٌ يُؤمرُ بقَلْعِه، ويُعيد ما صلَّى معه. وكذا الحكم لو قُطِع أذنُه فأعادَه في الحالِ. قالَه في «القواعِدِ». فائدة: لو شرِبَ خمْرًا، ولم يَزُلُ عقْله، غسَل فمه وصلَّى، ولم يَلْزَمُه قَئٌ (¬2). نصَّ عليه. وجرم به كثيرٌ من الأصحابِ. قال في الفُروع»: ويتوَجَّه يَلْزمه؛ لإمْكان إزالَتِها. ¬

(¬1) في أ: «فإن». (¬2) في أ: «قيؤه».

وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَالْحَمامِ، وَالْحُشِّ، وَأعطانِ الإبِلِ الَّتِي تُقِيمُ فِيهَا وَتَأوِي إلَيْها، وَالْمَوْضِع الْمَغْصُوب. وَعَنْهُ، تَصِحُّ مَعَ التحْرِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تصِح الصَّلاةُ في المَقْبَرة والْحمّامِ والحشُّ وأعْطانِ الإبلِ. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروع»: هو أشْهَر وأصح في المذهبِ. قال المُصَنفُ وغيرُه: هذا ظاهر المذهبِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إنْ علِمَ النَّهْىَ، لم تصح، وإلا صحتْ. وعنه، تَحْرُمُ الصلاةُ فيها، وتصِح. قال المَجْد: لم أجِدْ عن أحمدَ لفْظًا بالتحْريمِ مع الصحةِ. وعنه، تكْره الصلاةُ فيها. وقيل: إن خافَ فوْت الوقتِ، صحتْ. وقيلَ: إن أمْكَنَه الخروج, لم يُصَل فيه بحالٍ، وإنْ فاتَ الوقتُ. ذكَرَهما في «الرعايةِ». قال في القاعِدَة التاسعةِ: لا تصِحُّ الصلاة في مَواضِع النهْيِ، على القوْلِ بأن النهْىَ للتحْريمِ. وتصِح على القوْل بأن النهْىَ للتنزيه. هذه طريقةُ المُحَققين. وإنْ كان منَ الأصحابِ مَن يحكِي الخِلاف في الصحة، مع القوْلِ بالتحْريمِ. انتهى. تنبيه: عموم قولِه: ولا تصِح الصلاةُ في المَقْبَرَةِ. يدُل أن صلاةَ الجِنازَةِ لا تصِح فيها. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُسْتَوْعِب»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّر»، وغيرِهم. وهو إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ. وصححَها النَّاظِم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِي الصَّغيرِ». قال في «الفصول» في آخرِ الجنائز: أصحُّ الروايتَيْن، لا تجوز. وعنه، تصِحُّ مع الكراهَةِ. اخْتارَها ابن عقِيل، وأطلَقَهما في «المُذْهبِ»، و «المُغْنِي»، و «ابن تَميم»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». وعنه، تصحُّ في غيرِ كراهةٍ. وهو المذهب. قال ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكرَتِه»: تُباح في مسْجدٍ ومَقْبَرة. قال في «المُحرَّر»: لا يُكْرهُ في المقَبْرةِ. قال في «الكافي»: ويجوز في المقْبَرة. قال في «الهِدايةِ»، و «التَّلْخيص»، و «البْلغَةِ»، و «الحاوِي الكبيرِ»، وغيرِهم: لا بأسَ بصلاة الجِنازَةِ في المَقْبَرَةِ. قال في «الخُلاصة»، و «الإفاداتِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»: لا تصحُّ صلاة في مَقْبَرَةٍ لغيرِ جِنازةٍ. وقدمه المجدُ في «شَرْحِه». وأطْلَقهن في «الفُروعَ». فوائد؛ الأولَى، لا يضُرُّ قبْرٌ ولا قبْران، على الصحيحِ منَ المذهبِ، إذا لم يُصلِّ إليه، جزَم به ابنُ تَميم. وقاله المُصنف وغيره. وقدَّمه في «الفروع»، و «الشرحِ»، و «الرعايةِ» , و «الفائقِ». وقيل: يضُرُّ. اخْتاره الشيخ تقِي الدينِ، و «الفائق». قال في «الفروعِ»: وهو أظْهرُ، بِناءً على أنَّه هل يسَمى مقْبرة أم لا؟ وقال في «الفُروعِ»: ويتوجهُ أن الأظْهَر، أن الخشْخاشَة - فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعة - قبر واحد، وأنه ظاهر كلامِهم. الثَّانية، لو دفن بدارِه مَوْتى، لم تصبرْ مقبرة. قاله ابنُ الجوْزي في «المذْهَب»، وغيره. الثالثة، قوله عن أعْطانِ الإبلِ، التي تقيم فيها وتأوى إليها. هو الصحيح مِنَ المذهب. نصَّ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: هو مَكانُ اجْتماعِها إذا صدَرتْ عنِ المنْهَلِ. زاد صاحِب «الرعايةِ» وغيرُه: وما تقِف فيه لتَرد الماء. زادَ المُصَنفُ في «المُغْنِي»، بعد كلامِ الإمام أَحْمد، فقال: وقيل: هو ما تقف فيه لتردَ الماءَ. قال: والأولُ أجْوَدُ. وقال جماعة مِنَ الأصحابِ: أو تقِف لعَلَفها. الرَّابعة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُشُّ؛ ما أعِدَّ لقضاء الحاجَةِ؛ فيمْنعُ مِنَ الصلاةِ داخلَ بابه، ويسْتَوِي في ذلك يوْضع الكَنيف وغيره. الخامسةُ، المَنْعُ مِنَ الصلاة في هذه الأمْكنَةِ تَعَبد، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الجمهور. قال الزَّرْكَشِي: تعبُّد عندَ الأكثرين. واخْتارَه القاضي وغيرُه، وقدَّمه في «الشرحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال ابنُ رزين في «شرحِه»: الأظْهر أنَّه تعَبد. وقيل: معلل. وإليه ميْل المصنف. فهو معَلل بمظِنةِ النجاسةِ، فيَخْتصُ بما هو مظِنةٌ مِن هذه الأماكن. وأطْلقَهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميم». فعلى الأولى، حكْم مسْلخِ الحمّامِ وأتُونه كداخله. وكذا ما يتبعُه في البيع. نصّ عليه. وكذا غيره. قال بعضهم: وهو المذهبُ. قال في «الرِّعاية الكبْرى»: ولا تصِح الصلاة في حمام وأتَونِه وبيُوته ومجْمَع وقودِه، وكل ما يتْبعُه في البيع مِنَ الأماكن وتحْوِيه حدُودُه. ويَتَناوَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَيضًا كل ما يقَعُ عليه الاسْمُ. فلا فرْقَ في المَقْبَرَةِ بين القَديمةِ والحديثةِ، والمَنْبوشَة وغير المنْبوشَةِ. وعلى الثاني، تصِح في أسطحَةِ هذه المواضِع. قوله: والموْضِعِ المغْصوبِ. يعْنى، لا تصِح الصلاة فيه. وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم في المختَصَراتِ، وهو مِنَ المفْرَدات. وعنه، تصِح مع التحْريمِ. اختارها الخلال، وابنُ عَقِيل في «فُنونه»، والطوفي في «مُختَصره» في الأصُولِ، وغيرهم. وقيل: تصِحُّ إن جَهلَ النهْىَ. وقيل: تصِح مع الكراهةِ. حكَاه ابن مُفلِج في «أصوله»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «فُروعِه» وغيره. وقال: إنْ خافَ فوْت الوقْتِ، صحَّتْ صلاتُه، وإلَّا فلا. وقيل: إنْ أمْكَنَه الخروج منه، لم تصِح فيه بحالٍ، وإنْ فات الوْقتُ. وقيل: يصحُّ النَّفْل. وذكر أبو الخَطابِ في بحْثِ المسْألة، أن النافِلةَ لا تصِحُّ بالاتِّفاقِ. فهذه ثلاث طرقٍ في النَّفْلِ، تقدَّم نظيرها في الثوْبِ المغْصوبِ. وحيثُ قلْنا: لا تصِحُّ في الموْضِعِ المغْصوبِ. فهو مِن المفْرَداتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا بأسَ بالصَّلاةِ في أرض غيرِه أو مصلاه، بلا غصْب، بغيرِ إذْنِه، على الصحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: لا تصِح. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي». وقال ابنُ حامد: ويحْتَمل أنْ لا يصَلًى في كلِّ أرْض إلَّا بإذْنِ صاحِبها، ويَحْتَملُ أنْ يكون مُرادُه عدمَ الصحةِ، ويحْتمل. أنْ يكون مرادُه الكراهةَ؛ فلِهذا قال في «الفروعِ»: ولو صلى على أرْضِ غيرِه أو مصلاه بلا غصب، صح في الأصَح. وقيل: حَملها على الكراهَةِ أوْلَى. قال في «الرعايتيْن»: قلتُ: وحَمْل الوَجْهَيْن على إرادةِ الكَراهَةِ وعدَمها أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ المْسألةِ، أنَّ الصَّلاةَ هنا أوْلى مِن الطريقِ، وأن الأرْضَ المزْدرعَةَ كغيرها. قال: والمرادُ ولا ضرر، ولو كانت لكافر. قال: ويتَوجَّه

وَقَالَ بَعْضُ أصْحَابنَا: حُكْمُ الْمَجْزَرَةِ، وَالْمَزْبَلَةِ، وَقَارِعَةِ الطرِيقِ، وَأَسْطِحَتِها كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمال لعدَمِ رِضاه بصلاةِ مسْلم بأرْضِه. قوله: وقال بَعض أصحابنا: حُكْم المجْزَرَةِ والمزْبَلَة وقارِعَةِ الطَّرِيقِ وأسطِحَتها؛ كذلك. يعْنى، كالمَقْبَرَةِ ونحوِها. وهو المذهبُ. قال الشارح: أكثر أصحابِنا على هذا. قال في «الفروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشي: وأَلحَقَ عامةُ الأصحابِ بهذه المواضِع المَجْزَرَة، ومحجة الطريقِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المنور»، و «المنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وهو مِن المفْرَداتِ. وعنه، تصِح الصلاةُ في هذه الأمْكنةِ، وإنْ لم يُصححْها في غيرِها، ويَحْتمِله كلام الخِرَقي. واخْتاره المصَنف. وعنه، تصح على أسْطحَتِها، وإنْ لم يصححها في داخِلِها. واخْتاره المصَنفُ، والشارحُ. وقال أبو الوَفا: سطْحُ النَّهْرِ لا تصِحُّ الصلاةُ عليه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن الماء لا يُصَلى عليه. وهو روايةٌ حكَاها المَجْد في «شرْحِه». وقال غيرُه: هو كالطريقِ. قال المَجد: والمشْهور عنه المنع فيها. وعنه، لا تصِح الصلاة على أسْطِحيها. وكَرهها في روايةِ عبد الله وجعْفَر، علي نَهْر وساباط. وقال القاضي، فيما تجْرِي فيه سفِينَةٌ كالطرِيقِ. وعلله بأن الهواءَ تابعْ للقَرارِ. واخْتارَ أبو المَعالي وغيرُه، الصحةَ كالسفينَةِ. قال أبو المَعالِي: ولو جَمَد الماء، فكالطريق. وذكرَ بعضهم فيه الصحةَ. قلتُ: وجزَم به ابن تميم؛ فقال: لو جَمدَ ماء النهرِ فصلى عليه، صحَّ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنفِ، أن الصلاةَ تصِح في المَدْبَغةِ. وهو صحيحٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهر كلامِ أكثرِ الأصحاب. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «ابنِ تميم»، و «الفائقِ». وقيل: هي كالمَجْزَرة. واخْتارَه في «الروْضة». وجزَم به في «الإفادات». وقدمه في «الرعايتَيْن». فوائد؛ إحْداها، المجْزَرَةُ؛ ما أعد للذَّبْحِ والنحْرِ. والمَزْبَلَة؛ ما أعدَّ للنجاسة والكُناسةِ والزُّبالَةِ. وإنْ كانت طاهرَةً. وقارِعَةُ الطَّريقِ؛ ما كَثُرَ سلُوك السابلةِ فيها. سواء كان فيها سالِك أولا، دونَ ما عَلا عن جادَّةِ المارةِ يَمْنَةً ويسرة. نص عليه. وقيل: يصِح فيه طُولًا، إنْ لم يضِقْ على النَّاس، لا عرْضًا. ولا بأسَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالصلاةِ في طريقِ الأبيَات القليلةِ. الثَّانية، إنْ بنِيَ المسْجِد بمقْبَرَةٍ، فالصَّلاة فيه كالصلاةِ في المقْبرَةِ، وإنْ حدَثَت القبور بعدَه حوْلَه، أو في قِبْلَته، فالصلاة فيه كالصَّلاة إلى المقْبَرَةِ، على ما يأتِي قرِيبًا. هذا هو الصحيح مِنَ المذهبِ. قال في «الفروع»: ويتَوَجَّه تصِحّ. يعْنِي مطْلقًا، وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ. قلت: وهو الصّواب. وقال الآمدِي: لا فرْقَ بينَ المسْجدِ القديم والحديث. وقال في «الهدْيِ»: لو وُضعَ القَبْر والمسْجِد معًا، لم يَجزْ، ولم يصح الوقْف ولا الصلاة. وقال ابن عَقِيل، في «الفصولِ»: إنْ بنِيَ فيها مسْجِد، بعدَ أن انْقَلَبَتْ أرْضها بالدفْنِ، لم تجزِ الصلاة فيه؛ لأنه بنِيَ في أرْض الظاهرُ نجاسَتها. كالبقْعةِ النجِسَةِ، وإنْ بنى في ساحةٍ طاهرةٍ، وجعِلَتِ السَّاحَة مقْبرَةً، جازَتْ، لأنه في جوارِ مَقْبَرةٍ. ولو حدث طريق بعد بناءِ مسجِدٍ على ساباطٍ، صحتِ الصلاة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدمه ابن تَميم، وغيره. وقيل: لا يصَلى فيه. ذكره في «التَّبصِرة». وأطْلَقَهما في «الرعايةِ الكُبْرى»، و «الفروعِ». وقال القاضي: قد يتَوَجَّهُ الكراهَةُ فيه. الثالثة، يسْتَثْنَى مِن كلام المصنَّفِ وغيره، ممن أطْلَق صلاة الجمعَةِ ونحوها في الطَّريقِ وحافَّتَيْها، فإنَّها تصِحُّ للضرورةِ. نصَّ عليه. وكذا تصِحُّ على الرَّاحِلَة في الطريق. وقطع به المُصَنف في «المغْني»، والشارِحُ، والمجْدُ في «شرْحِه»، وصاحِب «الحاوي الكبيرِ»، و «الفروعِ»، وغيرهم، تصِح صلاةُ الجمعةِ والجَنائزِ والأعْياد ونحوِها بحيث يضطرونَ إلى الصلاةِ في الطرقاتِ. وقال في «الرعاية الكبْرى»: تصِحُّ صلاةُ الجمعةِ. وقيل: صلاة العيدِ والجنائزِ والكُسوفَيْن. وقيل: والاسْتِسْقاءِ في كلً طريق. وقاله في «الصُّغْرَى»: تصِح صلاة الجُمُعَة، وقيل: العيد والجِنازَةِ في

وَتَصِحُّ الصلَاةُ إلَيْهَا، إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحُشَّ، فِي قوْلِ ابْنِ حَامِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طريقٍ، وموْضِع غصْبٍ. وقال ابن مُنَجَّى في «شَرْحِه»: نص أَحْمد على صحةِ الجُمعَةِ في الموْضِع المغْصوبِ. وْخص كلامَ المصنف به. وهو ظاهر ما قدمه في «الفروع»، في بابِ الإمامةِ بعدَ إمامة الفاسق. ويأتِي هناك أَيضًا بأتَم مِن هذا. الرابعةُ، مَن تَعَذَّر عليه فعْلُ الصلاةِ في غيرِ هذه الأمْكِنةِ، صلى فيها. وفي الإعادَةِ رِوايَتان. وأطْلقَهما في «الفُروع»، و «مخْتَصَرِ ابنِ تَميم». قلت: الصواب عدَمُ الإعادَةِ. وجزَم به في «الحاوِي الصَّغير». وقد تقدّم نظِيرُ ذلك مُتَفَرِّقًا، كمَن صلى في موْضع نَجس لا يمْكنُه الخروج منه ونحوِه. قلت: قواعِد المذهبِ تقْتضِي أنَّه يُعيد؛ لأن النهْىَ عنها لا يعْقَل مَعْناه. وقال بعض الأصحاب: إنْ عجز عن مفارقَةِ الغَصب، صلى، ولا إعادة، رِوايةً واحدةً. قوله: وتَصِحُّ الصلاةُ إليها. هذا المذهب مطْلقًا مع الكراهَةِ. نص عليه في رِواته أبي طالبٍ وغيرِه، وعليه الجمهور، وجزَم به في «الوَجيز»، و «الإفاداتِ». وقدمه في «الهدايةِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصة»، و «التلْخيص»، و «الفُروعِ»، و «ابن تميم»، و «الحاوِيين»، و «الفائق»، و «إدْرَاكِ الغاية»، وغيرهم. وقيل: لا تصِح إليها مطْلقًا. وقيل: لا تصِح الصلاة إلى المقْبَرةِ فقط. واخْتارَه المصنِّفُ، والمجد، وصاحِبُ «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وقال في «الفُروع»: وهو أظْهَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا تصِح إلى المَقْبرة والحُشِّ. اختارَه ابن حامِد، والشيخ تقي الدين. وجزم به في «المنور». وقيل: لا تصِح إلى المقبرةِ، والحشّ، والحَمامِ. وعنه، لا يصلى إلى قبر أو حشّ أو حمام أو طريقٍ. قالَه ابن تَميم. قال أبو بكْر: فإنْ فعَل، ففي الإعادة قوْلان. قال القاضي: ويقاس على ذلك سائرُ مواضع النهيِ إذا صلَّى إليها إلَّا الكعْبَةَ. تنبيه: مَحَل الخِلافِ؛ إذا لم يكنْ حائل. فإنْ كان بينَ المصلي وبين ذلك حائل، ولو كمؤخرَة الرَّحْلِ، صحت الصلاة، على الصحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «الفروع» وغيرِه. وجزَم به في «الفائق» وغيرِه. قال في «الفروعِ»: وظاهره أنَّه ليس كستْرَةِ صلاةٍ، حتَّى يَكْفِيَ الخَطُّ، بل كسترَةِ المتَخلى. قال: ويتَوَجَّه أنَّ مرادَهم لا يضرُّ بعد كثيرٍ عُرْفًا، كما لا أثَرَ له في مارٍّ أمامَ المُصَلى. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يكْفِي حائِطُ المسْجِدِ. نصَّ عليه. وجزَم به المجد، وابن تَميم، والنّاظم، وغيرهم. وقدَّمه في «الرِّعايتيْن»، و «الحاويَيْن»، وغيرهم؛ لكراهَةِ السلف الصلاة في مسْجِد في قبْلَتِه حُشّ، وتأول ابن عقِيل النص على سِرايةِ النجاسة تحتَ مَقام المصلى، واسْتحْسَنَه صاحِبُ «التَّلْخيص». وعن أَحْمد نحوه. قال ابنُ عقيل: يبين صحةَ تأويلى لو كان الحائل كآخِرَةِ الرّحْلِ، لم تَبْطلِ الصَّلاةُ بمرور الكَلْبِ، ولو كانت النجاسة في القبْلَة كهِيَ تحت القدمِ، لَبَطَلَتْ، لأن نَجاسة الكلْبِ آكد مِن نَجاسةِ الخَلاء؛ لغسْلِها بالتراب. قال في «الفروعِ»: فيَلْزَمه أنْ يقولَ بالخط هنا، ولا وَجْه له، وعدمه يدُل على الفَرْق. فائدة: لو غيِّرتْ مَواضع النهْيِ بما يزيل اسْمها، كجَعْلِ الحَمامِ دارًا، ونبش المَقْبَرَة، ونحوِ ذلك، صحَّتِ الصلاة فيها، على الصحيح مِنَ المذهب. وحكى قولًا؛ لا تصح الصلاة. قلتُ: وهو بعيد جِدًا. فوائد؛ تصِح الصلاة في أرض السِّباخِ، على الصَّحيح مِنَ المذهب. نصَّ عليه. قال في «الرعاية»: مع الكراهَةِ. وعنه، لا تصِحُّ. قال في «الرِّعاية»: إنْ كانتْ رَطْبَةً. ثم قال: قلتُ: مع ظنّ نَجَاستها. وعنه، الوَقف. وتُكْرَهُ في

وَلَا تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ فِي الْكعْبَةِ وَلَا عَلَى ظَهْرِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْض الخَسف. نصَّ عليه. وتُكْره في مَقْصورَةٍ تُحْمى. نضَّ عليه. وقيل: أولا، إنْ قُطعَتِ الصُّفوفُ. وأطْلَقَهما في «الرعايةِ». وتُكْرَهُ في الرَّحَى، وعليها. ذكَره الآمِديُّ، وابن حمدانَ، وابنُ تميم، وصاحِبُ «الحاوِي» وغيرهم. وسئلَ الإمام أَحْمد؛ فقال: ما سَمعْت في الرحَى شيئًا. وله دخول بِيعةٍ وكنيسةٍ والصلاةُ فيهما، مِن غير كراهةٍ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، تُكْرَه. وعنه، مع صوَرٍ. وظاهر كلامِ جماعةٍ، يَحْرُمُ دخوله معها. وقال الشَّيْخُ تقِي الدينِ: وإنَّها كالمسْجِدِ على القبرِ. وقال: وليستْ مِلْكًا لأحَدٍ. وليس لهم مَنْع مَن يَعْبد الله؛ لأنَّا صالَحْناهم عليه. نقَلَه في «الفروعِ» في الوَلمية. قوله: ولا تَصحُّ الفرِيضَةُ في الكَعبَةِ، ولا على ظَهْرها. هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِن المُفْرداتِ. وعنه، تصِحُّ. واخْتارَها الآجري، وصاحب «الفائقِ».

وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو نذَر الصَّلاةَ فيها، صحَّتْ مِن غيرِ نزاعٍ أعْلَمُه، إلَّا تَوْجِيهًا لصاحِبِ «الفُروعِ» بعدَم الصحةِ مِن قوْلٍ ذكره القاضي في مَن نذَر الصلاةَ على الرَّاحلَة، لا تصِحُّ. الثَّانية، لو وقَف على منْتهَى البَيْتِ، بحيث إنَّه لم يَبق وراءه منه شئٌ، أو صلَّى خارِجَه لكن سجَد فيه، صحَّتْ صلاة الفريضَةِ والحالَة هذه، على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. نصَّ عليه، وجزَم به في «المحرَّرِ»، وقدمه في «الفُروع»، والمَجْد في «شرحه»، و «الحاوي». وقيل: لا تصِحُّ. وهو ظاهرُ كلامِ المصَنفِ هنا. وإليه مَيْلُ المَجدِ في «شرْحِه»، وصاحِب «الحاوِي». وأطْلَقَهما في «المخْتصَرِ»، و «ابن تَميم»، و «الرعاية». قوله: وتَصِح النَّافِلَة إذا كان بينَ يَدَيه شَئْ منها. الصَّحيحُ مِنَ المذهب؛ صحَّة صلاةِ النافلَةِ فيها وعليها، بشرْطِه مطْلقًا، وعليه جماهير الأصحابِ. وعنه، لا تصِحُّ مطْلقًا. قلت: وهو بعيدٌ. وعنه، إنْ جَهِلَ النَّهْىَ صحَّتْ، وإلا لم تصِحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا تصِحُّ فيها إنْ نُقِضَ البِنَاء وصلَّى إلى موْضِعِه. وقيل: لا يصِحُّ النَّفْل فوقَها، ويصِحُّ فيها. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ حامدٍ. وصَححَه في «الرِّعايتَيْن». ولا يصحُّ نَفْل فوقَها في الأصَحِّ، ويصحُّ فيها في الأصَح. وهو ظاهِر كلامه في «الخلاصَة»، فإنَّه قال: ويصلى النَّافِلَةَ في الكَعْبَةِ، وكذا في «المُنور». تنبيه: ظاهرُ قولِه: إذا كان بينَ يَدَيْه شيءٌ منها. أنَّه ولو لم يكُنْ بينَ يَديْه شاخِص منها، أنها تصِح. واعلمْ أنَّه إذا كان بينَ يدَيه شاخِص منها، صحَّتْ صلاتُه. والشاخص كالبِنَاء، والبابِ المغلَقِ، أو المفْتوحِ، أو عَتَبَتِه المرْتفِعَة. وقال أبو الحسَنِ الآمدِي: لا يجوز أنْ يصَلىَ إلى البابِ إذا كان مَفْتوحًا. وإنْ لم يكنْ بين يَدَيْه شاخصٌ منها، فتارة يَبْقَى بينَ يدَيْه شيء مِنَ البَيْتِ إذا سجد، وتارةً لا يبْقَى شيء، بل يكون سجُوده على منتهاه؛ فإنْ كان سجوده على منتَهَى البيْتِ، بحيث إنه لم يَبْقَ منه شيء، فهذا لا تصِح صلاته، قوْلًا واحِدًا، بل هو إجْماع. وإنْ كان بينَ يَدَيْه شيء منها إذا سجد، ولكنْ ما ثَم شاخِص. فظاهرُ كلامِ المُصَنفِ هنا، الصِّحةُ. وهو إحدَى الروايتيْن في «الفُروع»، والوَجْهين لأكثرِهم. وعِبارَتُه في «الهِدايةِ»، و «الكافِي»، وغيرِهما كذلك. وهو ظاهِرُ ما قدمه في «الرعايَة الصُّغْرى». واخْتارَه المصَنف في «المغْنِي»، والمجْد في «شَرْحِه»، وابن تميمٍ، وصاحب «الحاوِي الكبيرِ»، و «الفائقِ». وهو المذهبُ على ما أسْلَفْناه في الخطْبةِ. والرواية الثَّانية، لا تصِحُّ الصلاة إذا لم يكنْ بين يَدَيْه شاخصٌ. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. قال في «المغْنِي»، و «الشرح»: فإن لم يكنْ بين يَدَيْه شاخِصٌ، أو كان بينَ يَدَيْه آخر مُعَبأ غيرُ مَبْنِيٍّ، أو خَشب غيرُ مسمورٍ فيها، فقال أصحابُنا: لا تصِح صلاتُه. قال المَجْد في «شَرْحِه»، وصاحبُ «الحاوِي»: اخْتارَه القاضي. وهو ظاهرُ كلامه في «تذْكِرَةِ» ابنِ عَبْدُوس، و «المُنَورِ»، فإنَّه قال: ويصِح النَّفْل في الكَعْبَةِ إلى شاخِص منها. وهو ظاهرُ كلامه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: وتصِح النافِلَةُ باسْتِقبال مُتصل بها. وأطْلَقَهما في «الفروعَ»، و «المَجْدِ»، و «التِّلْخيص»، و «الرعايةِ الكبْرَى»، و «ابن تَميمٍ». فوائد؛ الأولَى، لا اعْتبارَ بالآجُرِّ المُعَبأ مِن غيرِ بناء، ولا الخشَبِ غيرِ المسْمورِ، ونحوِ ذلك، ولا يكون ذلك سُتْرَةً. قالَه الأصحابُ. قال الشيخُ تقى الدين: ويتَوَجهُ أنْ يكْتَفىَ بذلك بما يكونُ سُتْرَة في الصلاةِ؛ لأنه شيء شاخِص. الثانيةُ، إذا قلْنا: تصحُّ الصلاةُ في الكعْبةِ. فالصحيح مِن المذهبِ؛ أنَّه يُستحَب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُسْتَحبّ. وقال القاضي: تكْرَهُ الصَّلاةُ في الكعْبَةِ وعليها. ونقَلَه ابنُ تميم. ونقَل الأثرَم؛ يصَلى فيه إذا دخَلَه وِجاهَه، كَذَا فعَل النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ولا يُصَلى حيث شاء. ونقَل أبو طالب، يقومُ كما قامَ النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، بينَ الأَسْطوانتَيْن. الثالثةُ، لو نُقِض بناء الكَعْبَةِ، أو خَرِبَتْ، والعِياذ بالله تعالَى، صلى إلى مَوْضِعها دونَ أنقاضها. وتقدَّم في النَّفْلِ وَجْه بعدَمِ الصِّحةِ فيها لحالِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَقْضِها. وإنْ صَححْناه، ولو كان البِناء باقيًا. وأما التَوَجهُ إلى الحِجْرِ، فيأتي في أثناء البابِ الذى بعدَ هذا.

باب استقبال القبلة

بَابُ استِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الشرطُ الْخَامس لِصِحَّةِ الصَّلاة، إلَّا فِي حَالِ الْعَجْزِ عَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اسْتقْبالَ القِبْلَةِ قوله: وهو الشرطُ الخامس لصحةِ الصلاةِ إلَّا في حالِ العجز عنه. الصحيح منَ المذهب؛ سقوطُ استقْبال القِبْلة في حالِ العجْزِ مُطْلقًا؛ كالْتِحامِ الحرْبِ، والهرَبِ مِنَ السيلِ والسَّبُع ونحوِه، على ما يأتي، وعجْزِ المريضِ عنه وعمَّن يديرُه،

وَالنَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السفَرِ الطوِيلِ وَالْقَصِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمربوطِ ونحوِ ذلك. وعليه الأصحابُ. وجزَم ابنُ شِهَاب، أن التوجهَ لا يسْقط حالَ كسْرِ السفينةِ، مع أنَّها حالةُ عُذْر؛ لأن التوجهَ إنما سْقطُ حالَ المُسايفَةِ لمَعْنًى مُتَعدٍّ إلى غير المصلى؛ وهو الخِذْلانُ عندَ ظهورِ الكفارِ. وهذا ضعيف جدًا. قوله: والنافِلةِ على الراحِلَةِ في السفرِ الطوِيل والقَصيرِ. هذا المذهبُ مُطلقًا. نص عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصَلى سنةَ الفجرِ عليها. وعنه، لا يصلى الوتر عليها. والذى قدمه في «الفروع»، جوازُ صلاةِ الوِتر راكِبًا ولو قُلْنا: إنَّه واجِب. قال ابنُ تميم: وكلامُ ابن عقيل يحْتَمِلُ وَجْهَين، إذا قُلْنا: إنَّه واجِب. تنبيهات؛ أحدُها، ظاهرُ قولِه: النافِلَةُ على الراحلَةِ في السفرِ الطَّويل والقَصيرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها لا تصِحُّ في الحضَرِ مِن غيرِ اسْتِقْبالِ القِبلةِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنهْ، يسْقُط الاسْتِقْبالُ أَيضًا إذا تنفَّلَ في الحضَر، كالراكبِ السائرِ في مِصْرِه. وقد فعَلَه أنس. وأطْلَقَهما في «الفائقِ»، و «الإرْشادِ». الثاني، كلامُ المُصَنفِ وغيرِه، ممن أطْلقَ، مُقَيد بأنْ يكونَ السفَرُ مباحًا؛ فلو كان مُحَرما ونحوَه، لم يسْقُطْ الاسْتِقبالُ. قالَه في «الفروعِ» وغيرِه. الثالث، لو أمكنَه أنْ يدورَ في السفينةِ والمِحَفَّةِ (¬1) إلى القِبْلَةِ في كل الصلاةِ، لَزِمَه ذلك. على الصحيح مِنَ المذهب. نص عليه. وقدمه ابنُ تَيمم، وابنُ منجى في «شرحِه»؛ و «الرعاية». وزاد، العَماريةِ (¬2) والمَحمَلِ ونحوهما. قال في «الكافِي»: فإن أمكنَه الاسْتِقبالُ والركوعُ والسجود، كالذى في العَمارية، لَزمَه ذلك لأنه كراكبِ السفينَةِ. وفي «المغني»، و «الشرح» نحو ذلك. وقيلَ: لا يلْزَمُه. اخْتارَه الآمِدِي. ويَحْتَملُه كلامُ المصَنفِ في المِحَفَّةِ ونحوِها. قال في «الفروعِ»: لا يجِبُ في أحَدِ الوَجْهَين. وقال: وأطْلَقَ في رواية أبي طالِب وغيرِه، أنْ يدورَ. قال: والمرادُ غيرُ المَلاح لحاجَتِه. الرابع، يدورُ في ذلك في ¬

(¬1) المحفة بالكسر: مركب للنساء كالهودج، إلَّا أنها لا تقبب. (¬2) العمارية: هودج يُحمَل على الدابة. انظر: معجم دوزى (Dozy).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَرْض. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجِبُ عليه ذلك. وهو احْتِمال لابن حامِد [ويأتِي في صلاةِ أهْلِ الأعْذار] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَهَلْ يَجُوزُ التَنَفُّلُ لِلْمَاشِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَجُوزُ التنفل للماشي؟ على رِوايتيْن. وأطْلقَهما في «الكافِي»، و «الشَّرح»، وابن مُنَجَّى في «شَرْحه»، و «الزرْكشى»؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخِيص»، و «البُلْغةِ»، و «الرعايتيْن»، و «نظْمِ نِهاية» ابن زرين. وصححه في «التصحيح»، والمجْدُ في «شرحه»، وابنُ تَميمٍ، والناظِمُ. قال في «الفروع»: وعلى الأصَحِّ، وماشيًا. وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه القاضي. والروايةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانية، لا يجوزُ. وهو ظاهر كلام الخِرَقِي. وجزَم به «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ». ونصها المصنف في «المُعْنِي» (¬1) للخِلافِ. فعلى المذهبِ، تصح الصلاةُ إلى القِبْلةِ بلا خلاف أعلمه. ويأتي الجوابُ عن قول المصَنفِ: فإنْ أمْكنَه افتتاح الصلاةِ إلى القِبْلةِ. ويركَعُ ويسْجُدُ فقط إلى القِبْلةِ، ويفْعلُ الباقي إلى جهَةِ سيْرِه، على الصَّحيح المذهبِ في ذلك كله. قدمه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجى»، و «شرحِ الهِداية»، و «الرعايةِ». واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: يومِئُ بالركوع والسُّجودِ إلى جِهَةِ سيْره، كراكبٍ. اخْتارَه الآمِدِي، والمَجْدُ في «شرْحِه». وقيل: يمشى حالَ قيامِه إلى جِهَتِه، وما سِواه يفْعلُه إلى القِبْلةِ غيرَ ماشٍ، بل ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 99.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقفُ، ويفْعله. وأطْلَقَهُن ابن تميمٍ. فائدة: لا يجوزُ التنفلُ على الراحِلَةِ لراكبِ التعاسِيفِ، وهو ركوبُ الفَلاةِ وقطْعها على غيرِ صَوْب. ذكَرَه صاحِبُ «التَّلْخيص»، و «الرعاية»، و «الفُروعِ»، و «ابن تميم»، وغيرهم. قلتُ: فيُعايى بها وهو مستثنى مِن كلامَ مَن أطْلَقَ.

فَإنْ أمكَنَهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ، فَهَلْ يلزمه ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أمكنَه -أيِ الراكِبَ- افْتِتاح الصلاةِ إلى القِبْلَةِ، فهل يلْزَمُه ذلك؛ على رِوايَتين. وأطْلقهما في «الشرحِ»، و «الفائق». وحَكاهما في «الكافِي» وَجْهَين؛ أحَدُهما، يلْزَمُه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «المستوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «والمحرَّر»، و «الوَجيزِ»، و «المنور»، وغيرهم. وصححه الناظِمُ. قال أبو المَعالِي وغيره: وهي المذهبُ. قال المَجدُ في «شرْحِه»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفروع»: ويلْزَمُ الراكِبَ الإحرامُ إلى القبْلةِ بلا مَشقة: نقلَه واخْتارَه الأكثر. قال ابنُ تميم: يلْزَمُه في أظْهَرِ الروايتين. قال في «تَجْرِيدِ العِنَاية»: يلْزَمُه على الأظهر. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقى. وقدمه الزركشى. والرواية الثَّانية، لا يلْزَمه. واخْتاره أبو بَكْر. وجزَم به في «الإسناد». وقدمه في «الرعايتَيْن». وهذه الرواية خرجَها أبو المَعالى والمُصَنف، مِنَ الرواية التى في صَلاةِ الخوف، وقد نقَل أبو داودَ وصالِح، يُعْجِبُنى ذلك. فوائد؛ الأولَى، إذا أمكنَ الراكبَ فِعلها راكِعا وساجِدًا بلا مشقة، لَزِمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه. وقيل: لا يَلْزَمُه. قال في «الفُروعِ»: وذكَره في «الرِّعايةِ» رواية، للتساوِي في الرُّخَص العامَّةِ. انتهى. ولم أجده في «الرعاية» إلَّا قوْلا. واخْتارَه الآمِدِي، والمَجْد في «شرحِه»، وأطْلَقَهما في «الفائق». وتقدم نظِيرُه في دَورانِه. الثَّانية، لو عدلَتْ به دابته عن جهَةِ سيره، لعجزِه عنها، أو لجِماحِها ونحوه، أو عدَل هو إلى غيرِ القِبْلةِ غفْلَة، أوَ نوْمًا، أو جَهْلًا، أو لظنه أنها جِهَةُ سيرهِ وطالَ، بَطلتْ. على الصحيح منَ المذهبِ. وقيل: لا تبطُلُ، فيَسْجُدُ للسهْوِ؛ لأنه مغْلوب كَساه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم، وابنُ حمْدانَ، في «الرعايةِ» وقيل: يسْجُدُ بعدولِه هو. وإنْ قصُر لم تبطُلْ، ويَسْجُد للسهْو. قلتُ: وحيث قلْنا: يسْجُدُ لفِعْلِ الدابةِ. فيُعايى بها. وإنْ كان غيرَ معذور في ذلك بأنْ عدَلَتْ دابته وأمْكنَه ردُّها، أو عدَل إلى غيرِ القبْلةِ مع عِلْمِه، بَطلت. وإنِ انْحَرَف عن جِهَةِ سيْرِه، فصار قفَاهُ إلى القِبْلةِ عمْدًا، بطلتْ، إلَّا أنْ يكونَ انْحِرافه إلى جِهَةِ القِبْلةِ. ذكَرَه القاضي. وهي مسألة الالْتِفاتِ المبْطِلِ. الثالثة، متى لم يَدُمْ سيره، فوقفَ لتَعَبِ دابتِه، أو منتظِرا للرُّفْقَةِ، أو لم يَسِرْ كَسَيْرِهم، أو نوَى النزول ببَلَد دخَله، استقْبَلَ القِبْلَةَ. الرابعةُ، يشْتَرَطُ في الراكبِ طهارة مَحلُّه، نحوَ سرْجٍ ورِكابٍ. الخامسةُ، لو ركِبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسافرُ النازِلُ، وهو يصَلِّي في نَفْلٍ، بَطَلتْ. على الصحيحِ من المذهب. وقيل: يتمُّه كرُكوب ماشٍ فيه. وإنْ نزَلَ الراكبُ في أثنائِها، نزَل مسُتقْبِلًا وأتمَّها. نص عليه. تننيهان؛ أحدُهما، الضميرُ في قوله: فإنْ أمْكَنَه. عائدٌ إلى الراكب فقط، ولا يجوزُ عوْدُه إلى الماشى، ولا إلى الماشى والراكبِ قطعًا؛ لأن الماشى إذا قلْنا: يباح له التَّطَوعُ. فإنَّه يَلْزَمُه افْتِتاحُ الصلاةِ إلى القِبْلةِ، قوْلا واحدًا، كما تقدم. وأيضًا فإن قوْلَه: فإنْ أمْكَنَه. فيه إشْعارٌ بأنه تارَةً يُمكِنُه، وتارة لا يمكِنُه. وهذا لا يكونُ إلَّا في الراكبِ؛ إذِا الماشي لا يُتَصَورُ أنَّه لا يُمْكِنه. ولا يصِحُّ عوْدُه إليهما لعدَمِ صحةِ الكلامِ. فيَتَعَينُ أنَّه عائدٌ إلى الرَّاكب، وهو صحيح. لكنْ قال ابنُ منجَّى في «شرحِه»: في عَوْدِه إلى الراكب أيضًا نظَر؛ لأن الروايتَيْن المذْكورَتين إنما هما في حالِ المُسايفَةِ. قال: ولقد أمْعَنْتُ في المطالعَةِ والمُبالغةِ مِن أجْلِ تصْحِيحِ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ جماعة مِنَ الأصحابِ صرَّحوا بالرِّوايتَيْن؛ منهمُ الشارح، وابنُ تميم، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تجْريدِ العناية»، وغيرُهم. وقد تقدم أن أَبا المَعالى والمُصَنِّفَ خرجًا رِواية بعدمِ اللزومِ، فذِكْرُ المُصَنِّفِ الروايتَيْن هنا اعْتِمادًا على الروايةِ المُخَرجَةِ، فلا نظَر في كلامِه، وإطْلاق الرِّوايةِ المُخَرجَةِ مِن غيرِ ذِكْر التخريج، كثير في كلامِ

وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إِصَابَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ قرُبَ مِنْهَا، وإصَابَةُ الْجِهَةِ لِمَنْ بَعُدَ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وأيضًا فقد قال في «الفُروعِ»: نقَل صالِحٌ، وأبو داودَ: يُعْجِبنى للراكب الإحرامُ إلى القِبْلةِ. وجمهورُ الأصحابِ أن ذلك للندْبِ، فلا يلزمه، فهذه رِواية بأنه لا يلْزَمُه. الثاني، مفْهوم كلامِ المصنفِ، أنَّه إذا لم يُمْكِنْه الافتتاح إلى القِبْلةِ، لا يلزمُه، قوْلا واحدًا. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وقال القاضي: يحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَه. ذكَرَه عنه في «الشرح». قوله: والفَرْض في القِبْلَةِ إصابةُ العين لمن قربَ منها. بلا نِزاع، وأَلْحَقَ الأصحابُ بذلك مسْجِدَ النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وما قربَ منه. قال الناظِمُ: وفي معناه كل موْضع ثَبَتَ أنَّه صلى فيه، صلَواتُ الله وسلامُه عليه، إذا ضُبِطت جهَته. وألحَقَ الناظِمُ بذلك أَيضًا مسْجدَ الكوفَةِ؛ قال: لاتفاقِ الصحابةِ عليه. ولم يذْكرْه الجُمْهورُ. وقال في «النُّكَتِ»: وفيما قالَه الناظِمُ نظر، لأنهم لم يُجْمِعوا عليه، وإنما أجْمَعَ عليه طائفةٌ منهم. وظاهِرُ كلامِ ابن منَجَّى في «شَرْحِه»، وجماعةٍ، عدَمُ الإلْحاقِ في ذلك كله. وإليه ميْلُ بعض مَشَايخِنا، وكان ينْصره. وقال الشارحُ: وفيما قالَه الأصحابُ نظر. ونصَر غيرَه. فوائد؛ الأولَى، يَلْزَمُه اسْتِقْبالُ القِبْلةِ ببَدنِه كلِّه. على الصحيح مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وقيلَ: ويُجْزِئُ ببَعضِه أَيضًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. الثانيةُ، المراد بقولِه: لمن قربَ منها. المُشاهِدُ لها، ومَن كان يُمكنه مِن أهْلِها، أو نشأ بها مِن وراءِ حائل مُحْدَث؛ كالجُدرانِ ونحوِها، فلو تعَذَّرَ إصابة العَين للقريبِ، كمن هو خلف جبل ونحوِه، فالصحيح مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يجْتَهِدُ إلى عَينها. وعنه، أو إلى جِهَتِها. وذكر جماعة مِنَ الأصحاب، إنْ تَعَذَّرَ إصابة العين للقريبِ، فحُكْمه حُكمُ البعيدِ. وقال في «الواضِحِ»: إنْ قدَر على الروايةِ، إلَّا أنَّه مُستتِر بمنزل أو غيره، فهو كمشاهِدٍ. وفي رِواية، كبَعيد. الثَّالثةُ، نص الإمامُ أحمدُ، أن الحِجرَ مِن البَيتِ. وقَدْرُه سِتَّةُ أذرُعٍ وشئ. قاله في «التلخيص» وغيرِه. وقال ابنُ أبِي الفَتْحِ: سَبْعَة. وقدم ابنُ تميم، وصاحِبُ «الفائقِ»، جوازَ التَّوَجُّهِ إليه، وصححه في «الرعاية». وهو ظاهرُ ما قدمه في «الفُروعِ». قال الشيخُ تقِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدينِ: هذا قِياس المذهبِ. والداخِلُ في حدودِ البيتِ سِتةُ أذرُعٍ وشئ. قال القاضي في «التعليقِ»: يجوزُ التوجه إليه في الصلاةِ. وقال ابنُ حامِد: لا يصِح التوَجُّهُ إليه. وجزَم به ابن عَقِيل في النسخ. وجزَم به أبو المعالي في المَكى. وأما صلاةُ النافِلَةِ، فمُسْتَحَبة فيه. وأما الفَرض، فقال ابنُ نصْرِ اللهِ، في «حَواشى الفُروعِ»: لم أر به نقْلا، والظاهِرُ أن حُكْمَها حُكمُ الصلاةِ في الكَعْبَةِ. انتهى. قلتُ: يتوَجهُ الصحةُ فيه، وإن مَنَعْنا الصحةَ فيها. قوله: وإصابَة الجِهَةِ لمَن بَعُدَ عنها. وهذا المذهبُ. نصٌّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وهو المعمولُ به في المذهبِ. قال في «الفرِوعِ»: على هذا كلامُ أحمدَ والأصحابِ. وصححه في «الحاوِيين». فعليها يعفى عن الانحِرافِ قليلًا. قال المجْدُ في «شرحِه» وغيرِه: فعليها لا يضر التيامُنُ والتياسر ما لم يخرُجْ عنها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، فرْضه الاجْتِهاد أبي عينِها والحالَة هذه. قدمه في «الهِدايةِ»، و «الخلاصة»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاويَيْن». قال أبو المَعالى: هذا هو المشهورُ. فعليها يضرُّ التيامُنُ والتياسر عن الجِهَةِ التى اجْتَهَد إليها. وقال في «الرعاية» على هذه الرواية: إنْ رفَع وَجْهَه نحوَ السماء، فخرَج به عنِ القِبلةِ، منعَ. قال أبو الحُسَيْن ابنُ عَبْدُوس، في كتاب «المُهَذب»: إن فائدَة الخِلافِ في أنْ الفَرْضَ في اسْتِقْبالِ القِبْلةِ، هل هو العَينُ أو الجِهَة؛ إنْ قلْنا: العَينُ. فمتى رفَع رأسه ووَجْهَه إلى السَّماءِ حتَّى خرج وَجْهُه عن مُسامَتَةِ القِبلَةِ، فسَدَتْ صلاتُه. قال ابنُ رَجبٍ، في «الطَّبَقاتِ»: كذا قال. وفيه نظر. انتهى. ونقَل

فَإنْ أمْكَنَهُ ذلِكَ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ يَقِينٍ أوِ اسْتِدْلَالٍ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ، لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ. وَإنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ لَا يَعْلَمُ هَل هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ أوْ لَا، لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُهَنَّا وغيرُه: إذا تجَشَّأ وهو في الصَّلاةِ، يَنْبِغى أنْ يرْفَعَ وَجْهَه التي فوقُ، لئلَّا يُؤذِيَ مَن حوْلَه بالرَّائحةِ. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: يسْتَديرُ الصَّفَّ الطَّويلَ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «فَتاوِيه»: في اسْتِدارةِ الصَّفِّ الطويلِ رِوايَتان، إحْدَاهما، لا يَسْتَديرُ؛ لخفائِه وعُسْرِ اعْتِبارِه. الثَّانية، ينْحَرِفُ طَرَفَ الصَّفِّ يسيرًا، يجمعُ به توَجُّهَ الكُلِّ إلى العَينِ. فائدة: البُعْدُ هنا هو بحيثُ لا يقْدِرُ على المُعاينَةِ، ولا على مَن يُخْبِرُه عن عِلْمٍ. قالَه غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، وليس المُرادُ بالبُعْدِ مَسافَةَ القَصْرِ، ولا بالقُرْبِ دُونَها. قال في «الفُروعِ»: ولم أجِدْهُم ذكَرُوا هنا ذلك. قوله: فإنْ أمْكنَه ذلك بِخَبَرِ ثِقَةٍ عن يقين، أوِ اسْتِدْلالٍ بمَحارِيبِ المسلمين، لَزِمَه العَمَل به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْتَرَطُ في المُخْبِرِ أنْ يكونَ عَدْلًا، ظاهِرًا وباطِنًا، وأن يكونَ بالِغًا. جزَم به في «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ كلام الشَّارِحِ وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وصَحَّحه. وقيلَ: ويكْفِي مَسْتورُ الحالِ أَيضًا. صَحِّحه ابنُ تَمِيمٍ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يكْفِي أَيضًا خَبَرُ المُمَيِّزِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ فيه. تنبيهٌ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُقْبَلُ خَبَرُ الفاسقِ في القِبْلَةِ. وهو صحيحٌ، لكنْ قال ابنُ تَميمٍ: يصِحُّ التوَجُّهُ إلى قِبْلَتِه في بَيْتِه. ذكرَه في «الإشاراتِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: وإنْ كان هو عمِلَها، فهو كإخْبارِه بها. قوله: عن يَقينٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يَلْزَمُه العملُ بقوْلِه إلَّا إذا أخْبَرَه عن يَقينٍ، فلو أخْبَرَه عن اجْتِهادٍ، لم يَجُزْ تقْليدُه، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَجُزْ تقْليدُه، في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: لم يُقَلِّدْه، واجْتَهَدَ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأظْهَرِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقيل: يجوزُ تقْليدُه. وقيل: يجوزُ تقْليدُه إنْ ضاقَ الوقْتُ، وإلَّا فلا. وذكرَه القاضي ظاهرَ كلامِ الإمامِ أحمدَ، واخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهمُ الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، ذكرَه في «الفائقِ». وقيل: يجوزُ تقْليدُه إنْ ضاقَ الوقْتُ، أو كان أعْلَمَ منه. وقال أبو الخطَّابِ، في آخِرِ «التَّمْهيدِ»: يُصَلِّيها حسَبَ حالِه، ثم يُعيدُ إذا قدَر، فلا ضَرورةَ إلى التَّقْليدِ، كمَن عدِمَ الماءَ والتُّرابَ، يُصَلِّي ويُعيدُ. قوله: لَزِمَه العَمَل به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ انَّه يَلْزَمُه العَمَلُ بقوْلِ الثِّقَةِ إذا كان عن يَقِين. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّلْخيصِ»: ليس للعالِمِ تقْليدُه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو بعيدٌ. وقيل: لا يَلْزَمُه تقْلِيدُه مُطْلقًا. قوله: أوِ اسْتِدْلالٍ بمَحارِيبِ المسْلِمِينَ، لَزِمَه العَمَلُ به. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يَلْزَمُه العمَلُ بمَحارِيبِ المُسْلِمِينَ، فيَسْتَدِلُ بها على القِبْلَةِ، وسواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانوا عُدولًا أو فُسَّاقًا. وعليه الأصحابُ. وعنه، يَجْتَهِدُ إلَّا إذا كان بمدينةِ النَّبِيِّ، -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- وعنه، يَجْتَهِدُ ولو بالمدينةِ، على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام. ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الإقْناعِ»، و «الوَجيزِ». قلتُ: وهما ضعِيفان جدًّا. وقطَع الزَّرْكَشِيُّ بعدَمِ الاجْتِهادِ في مكَّةَ والمدينةِ، وحكَى الخِلافَ في غيرِهما. تنبيه: مفْهومُ قولِه: أو اسْتِدْلالٍ بِمَحارِيبِ المُسْلِمينَ أنَّه لا يجوزُ الاسْتِدْلالُ بغيرِ مَحَاريبِ المُسْلِمينَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وجزَم

وَإنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ في السَّفَرِ، اجْتَهَدَ في طَلَبِهَا بِالدَّلَائِلِ، وَأثْبَتُهَا الْقُطْبُ اذَا جَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعَ»، و «الرِّعايَةِ». وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ،: لا يجوزُ الاسْتِدْلالُ بمَحاريبِ الكُفَّارِ إلَّا أنْ يعْلمَ قِبْلَتَهم، كالنَّصارَى. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقال أبو المَعالِي: لا يَجْتَهِدُ في مِحْرابٍ لم يعرفْ بمَطْعَنٍ بقرْيِةٍ مَطروقَةٍ. قال: وأصَحُّ الوَجْهَيْن، ولا يَنْحَرِفُ؛ لأنَّ دَوامَ التوَجُّهِ إليه كالقَطْعِ، كالحَرَمَيْن. قوله: فإنِ اشْتَبهَتْ عليه يحيى السَّفَرِ، اجْتَهَد في طَلَبِها بالدَّلائلِ. الصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب، أنَّه إذا اشْتَبَهَتْ عليه القْبْلَة في السَّفَرِ، اجْتَهَدَ في طلَبِها، فمتى غلَب على ظَنِّه جهَة القِبْلَةِ، صلَّى إليها. وعليه الجمهورُ. وفيه وَجْهٌ؛ لا يَجْتَهِد، ويجِبُ عليه أَنْ يصَلِّيَ إلى أربَعِ جِهاتٍ. وخرَّجه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» وغيرِه، مِن منْصوصِه في الثِّيابِ المُشْتَبِهةِ. وهو رِوايةٌ في «التَّبْصِرَةِ». قوله: وأثْبَتُها القُطْبُ. إذا جَعْلَه وراءَ ظَهْرِه، كان مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ. وهذا

وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَمَنَازِلُهُمَا، وَمَا يَقْتَرِنُ بهِمَا وَيُقَارِبُهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: ينْحَرِفُ في دِمَشْقَ وما قاربَها إلى المشْرق قليلًا، وكلَّما قَرُبَ إلى المغْرِبِ، كان انْحِرافُه أكْثَرَ، وينْحَرِفُ بالعِراقِ وما قارَبَه التي المغرِبِ قليلًا، وكلَّما قَرُبَ إلى الشَّرْقِ، كان انْحِرافُه أكْثَرَ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: إذا جَعَلَه وراءَ ظَهْرِه، كان مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ. إذا كان

كُلُّهَا تَطْلُعُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَتَغْرُبُ في الْمَغْرِبِ عَنْ يَمِينِ المُصَلَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالعِراقِ، والشَّامِ، وحرَّانَ، وسائرِ الجزيرةِ، وما حاذَى ذلك. قالَه في

وَالرِّيَاحُ الْجَنُوبُ تَهُبُّ مُسْتَقْبِلَةً لِبَطنِ كَتِفِ الْمُصَلِّي الْيُسْرَى، مَارَّةً إِلَى يَمِينِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِي» وغيرِه. فلا تَتَفاوَتُ هذه البُلْدانُ في ذلك إلَّا تَفاوُتًا يسِيرًا معْفوًّا عنه. قوله: والرِّياحُ. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الرِّياحَ ممَّا يُسْتَدَلُّ به على القِبْلَةِ، على صِفَةِ ما قالَه المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وقال أبو المَعالِي: الاسْتِدْلالُ بالرِّياحِ ضعيفٌ. فوائد؛ الأُولَى، الجَنُوبُ تهُبُّ بينَ القِبْلَةِ والمَشْرقِ. والشَّمالُ تُقابِلُها. والدَّبُورُ تَهُبُّ بينَ القِبْلَةِ والمغْربِ. والصَّبا تُقابِلُها، وتُسَمَّى القَبُولُ؛ لأنَّ بابَ الكَعْبَةِ يقابِلُه، وعادةُ أبْوابِ العرب إلى مطْلع الشَّمْسِ فتُقابِلُهم. ومنه سُمِّيَتِ

والشَّمَالُ مُقَابِلَتُهَا تَهُبُّ إلَى مَهَبِّ الْجَنُوبِ، وَالدَّبُورُ تَهُبُّ مُسْتَقْبِلَةٌ شَطر وَجْهِ الْمُصَلِّي الْأَيْمَنَ، وَالصَّبَا مُقَابِلَتُهَا تَهُبُّ إلَى مَهَبِّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِبْلَةُ. قال ابن مُنَجَّى في «شرحِه»: والرِّياحُ التي ذكَرها المُصَنِّفُ دلائِلُ أهْلِ العراقِ، فأمَّا قِبْلَةُ الشَّامِ، فهي مُشَرَّقَةٌ عن قِبْلَةِ العراقِ، فيكون مَهَبُّ الجَنُوبِ لأهْلِ الشَّامِ قِبْلَة، وهو مِنْ مَطْلعِ سُهَيلٍ إلى مَطْلعِ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ. والشَّمالُ مُقابِلَتُها تهُب مِن ظَهْرِ المُصَلّى؛ لأن مهَبَّها مِنَ القُطْبِ إلى مغْربِ الشَّمْسِ في الصِّيْفِ. والصَّبا تهُبُّ عن يَسْرَةِ المُتَوَجِّه إلى قِبْلَةِ الشَّامِ؛ لأنَّ مهَبَّها مِن مَطْلعِ الشَّمْسِ في الصَّيفِ إلى مَطْلِع العَيُّوقِ. قالَه الفَرَّاءُ. والدُّبُورُ مُقابِلَتُها. الثَّانيةُ، ممَّا يُسْتدَلُّ به على القِبْلَةِ، الأنْهارُ الكبارُ غيرُ المَحْدودةِ، فكلُّها بخِلْقَةِ الأصْلِ تجْرِي مِن مَهَبِّ الشَّمالِ من يَمْنَةِ المُصَلَّى إلى يَسْرَتِه على انْحِرافٍ قليلٍ، إلَّا نهْرًا بخُراسانَ ونَهْرًا بالشَّامِ عكسَ ذلك؛ فلهذا سُمِّيَ الأوَّلُ المَقْلُوبَ، والثَّاني العاصِي. وممَّن قال: يُسْتَدَلُّ بالأنْهارِ الكِبارِ؛ صاحبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمَجْدُ. في «شَرْحِه»، و «الرِّعايَتيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، وابن تَمِيمٍ، وغيرُهم. وممَّا يُسْتَدَلُّ به أيضًا على القِبْلَةِ الجِبال، فكُلُّ جبَلٍ له وَجْهٌ مُتَوَجِّهٌ إلى القِبْلَةِ يعْرفُه أهْلُه ومن مَرَّ به. قال في «الفُروعِ»: وذلك ضعيفٌ. ولهذا لم يذْكره جماعةٌ. وممَّا يُسْتدَلٌّ به أيضًا على القِبْلَةِ؛ المَجَرَّةُ في السَّماءِ. ذكرَه الأصحابُ، فتكونُ مُمْتَدَّةٌ على كَتِفِ المُصَلَّى الأيْسَرِ إلى القِبْلَةِ [في أوَّل اللَّيْلِ] (¬1)، وفى آخرِه على الكَتِف الأيْمَنِ في الصَّيْفِ، وفى الشِّتاءِ تكونُ أوَّلَ الليلِ مُمْتَدَّةٌ شرْقا وغربًا على الكَتِفِ الأيمنِ إلى نحوِ جِهَةِ المَشْرِقِ، وفى آخره على الكَتِفِ الأيمَنِ. قالَه غيرُ واحدٍ. وقال في «الفُروعِ»: وهذا إنَّما هو في بعْضِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ، لَمْ يَتْبَعْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَيَتْبَعُ الْجَاهِلُ وَالْأَعْمَى أوْثَقَهُمَا في نَفْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّيْفِ. الثَّالثةُ، يُسْتَحَب أنْ يتَعلَّمَ أدِلَّةَ القِبْلَةِ والوقْتَ. وقال أبو المَعالِي: يَتَوَجَّهُ وُجُوبُه ولا يَحْتَمِلُ عكْسُه لنُدْرَته. قال أبو المَعالِي وغيرُه: فإنْ دخَل الوقْت وخَفِيَتِ القِبْلَةُ عليه، لَزِمَه، قوْلًا واحدًا؛ لقِصَير زَمَنِه. وقال الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه: ويُقَلِّدُ لضيقِ الوَقْتِ؛ لأنَّ القِبْلَةَ يجوز ترْكُها للضَّرورةِ. قال في «الحاوِي الصَّغيرِ»: ويلْزَمُه التَّعَلُّمُ مع سَعَةِ الوَقْتِ، ومع ضِيقِه يُصَلِّي أربَعَ صَلَواتٍ إلى أرْبَعِ جِهاتٍ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: فإن أمْكَنَ التَّعَلُّمُ في الوَقتِ، لَزِمَه. وقيلَ: بل يُصَلِّي أربَعَ صَلَواتٍ إلى أرْبَعِ جِهاتٍ. قوله: وإذا اخْتلَف اجْتِهادُ رَجُلَيْن، لم يَتْبِعْ أحَدُهما صَاحِبَه. إذا اخْتلَف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُجْتَهِدانِ، لم يَتْبَعْ أحَدُهما الآخَرَ قَطْعًا، بحيث إنَّه يَنْحَرِفُ إلى جِهَتِه. وأمَّا اقْتِداءُ أحَدِهما بالآخرِ، فتارةً يكونُ اخْتِلافُها في جِهَةٍ، بأنْ يمِيلَ أحدُهما يمينًا والآخرُ شِمالًا، وتارةٌ يكونُ في جِهَتَيْن؛ فإنْ كان اخْتِلافُها في جِهَةٍ واحدةٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يصِحُّ ائتِمامُ أحدِهما بالآخرِ. وعليه جماهيرُ الأصحاب حتَّى قال الشَّارِحُ وغيرُه: لا يخْتِلفُ المذهبُ في ذلك. وفيه وَجْهٌ؛ لا يجوزُ أنْ يأتَمَّ أحدُهما بالآخَر والحالَةُ هذه. ذكَرَه القاضي. وإنْ كان اخْتِلافُهما في جِهَتَيْن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ اقْتِداءُ أحدِهما بالآخرِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع يه كثيرٌ منهم. وقال المُصَنِّفُ: قِياسُ المذهبِ جوازُ الاقْتِداءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. وذكرَه في «الفائقِ» قوْلًا. وقال: كإمامَةِ لابِسِ جُلودِ الثَّعالِبِ، ولامِسِ ذَكَرِه. وقد نصَّ فيهما على الصَّحيحِ. قلت: يأتِي الخِلاف في ذلك، أعْنى، إذا تركَ الإمامُ رُكْنًا أو شَرْطًا مُعْتَقِدًا أنَّه غيرُ شَرْطٍ، والمأمومُ يعْتَقِدُ أنَّه شَرْطٌ، في باب الإمامَةِ. وقال الآمِدِيُّ: إذا اقْتَدَى به، صحَّتْ صلاة الإمامِ دونَ المأمومِ. ثم قال: والصَّحيحِ بُطْلانُ صلاِتهما جميعًا. وقال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، يصِحُّ ائْتِمَامُه به إذا لم يَعْلَمْ حالَه. فائدتان؛ الأُولَى، لوِ اتَّفَقَ اجْتِهادُهما فائْتَمَّ أحدُهما بالآخَر، فمَن بانَ له الخطَأُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْحَرَفَ وأتَمَّ، ويَنْوِي المأمومُ المُفارقة للعُذْرِ ويُتِمُّ، ويتْبَعْه مَن قلَّده، في أصَحِّ الوَجهَيْن. الثَّانيةُ، لوِ اجْتَهَدَ أحدُهما، ولم يجْتَهِدِ الآخر، لم يَتْبعْه، عندَ الإمام أحمدَ وأَكْثرِ الأصحابِ. وقيل: يَتْبَعُه إنْ ضاقَ الوَقْتُ، وإلا فلا. جزَم به في «الحاوِي». وأطْلَقَهما الزَّركَشِيُّ. قوله: ويَتْبَعُ الجاهِلُ والأعْمَى أوْثَقَها في نفْسِهِ. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ وُجوبُ تقْليدِ الأَوْثَقِ مِنَ المُجْتَهدَيْن في أدِلَّةِ القِبْلةِ للجاهلِ بأدِلَّةِ القِبْلةِ والأعْمَى. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ وغيره: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقدَّم في «التِّبصِرَةِ»، لا يجبُ. واخْتارَه الشَّارِحُ وغيرُه، فيُخَيَّرُ. وهو تخْريجٌ في «الفُروعِ» كعامِيٍّ في الفُتْيا، على أصَحِّ الرِّوايتَيْن فيه. وقال في «الرِّعايَةِ»: متى كان أحدُهما أعْلَمَ والآخرُ أدْيَنَ، فأيُّهمَا أوْلَى؟ فيه وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، متى أمْكنَ الأعْمى الاجْتِهادُ، كمَعْرِفَتِه مَهَبَّ الرِّيحِ، أو بالشَّمْسِ ونحوِ ذلك، لَزِمَه الاجْتِهادُ، ولا يجوزُ له أنْ يُقَلِّدَ. الثَّانية، لو تَساوَى عندَه اثْنانِ، فلا يَخْلو، إمَّا أنْ يكونَ اخْتِلافهما في جِهَةٍ واحدةٍ، أو في جِهَتَيْن؛ فإنْ كان في جِهَةٍ واحدةٍ، خَيْرٌ في اتِّباعِ أيُّهما شاءَ، وانْ كان في جِهَتَيْن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُخَيَّرُ أَيضًا. وعليه الجمهورُ. وقال ابن عَقِيلٍ: يُصَلِّي إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِهَتَيْن.

وَإذَا صَلَّى الْبَصِيرُ في حَضَرٍ فَأخْطَأ، أوْ صلَّى الْأَعْمَى بِلَا دَلِيل، أَعادَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا صَلَّى البَصيرُ في خضَرٍ فأخْطَأ، أو صَلَّى الأعْمَى بِلا دَليلٍ، أعَادَا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ البَصِيرَ إذا صلَّى في الحضَرِ فأخْطَأ، عليه الإِعادة مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُعيدُ إذا كان عنِ اجْتِهادٍ. احْتَجَّ أحمدُ بقضِيَّةِ أهلِ قُبِاءَ. وتقدَّم أنَّ ابن الزَّاغُونِيِّ حكى روايةً؛ أنَّه يَجْتهِدُ ولو في الحضَرِ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْأَعْمَى مَنْ يُقَلِّدُهُ، صَلَّى، وَفِي الْإعَادَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، مفْهومُ كلامِه أنَّ البَصِيرَ إذا صلَّى في الحضَرِ ويُخْطِئُ، اِّنه لا يُعيدُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يعيدُ؛ لأنَّه ترَك فرْضَه، وهو السُّؤال. الثَّاني، ظاهِر كلامِه، أنَّ مَكَّةَ والمدينةَ، على ساكِنِها أفْضل الصَّلاةِ والسلام، كغيرِهما في ذلك. وهو صحيحٌ، وهو ظاهر كلامٍ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وصرَّح به ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: ومَكِّيٍّ كغيرِه، على ظاهرِ كلامِه؛ لأنَّه قال في رِوايةِ صالحٍ: قد تَحَرَّى. فجعَل العِلَّةَ في الإجْزاء وُجودَ التَّحَرِّي، وهذا موجودٌ في المَكِّيِّ، وعلى أنَّ المَكِّيِّ إذا علِمَ بالخطَأ، فهو راجِعٌ من اجْتِهادٍ إلى يَقِين، فيُنقَضُ اجْتِهادُه، كالحاكم إذا اجْتهدَ ثم وجَد النَّصَّ. وفي «الانْتِصارِ»: لا نُسَلِّمُه، وإلَّا صَحِّ تَسْلِيمُه. الثَّالثُ، لو كان البَصيرُ محْبُوسًا لا يجدُ مَن يُخْبِرُه، تحَرَّى وصلَّى، ولا إعادةَ. قالَه أبو الحَسَن التَّمِيمِيُّ. وجزَم به في «الشَّرْحِ». ويأتِي كلامُ أبِي بَكْرٍ قريبًا. قوله: فإنْ لمْ يَجِدِ الأعْمَى مَن يُقَلِّدُهُ صَلَّى، وفي الإعادةِ وجهان. وهذه الطَّريقة هي الصَّحيحة، وعليها جماهيرُ الأصحابِ. وأطلَقَهما في «الهدايَةِ»، و «المَذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، لا يُعيدُ، لكنْ يَلْزَمُه التَّحَرِّي. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»،

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ أخْطَأ أعَادَ، وَإِنْ أصَابَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المنَوِّرِ». وصحَّحه في «التَّصْحِيحِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «النَّظْمِ»، و «الحاوِي الكبير». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». والثَّاني، يُعيدُ بكُلِّ حالٍ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقال ابن حامِدٍ: إنْ أخْطأ، أعادَ، وإنْ أصَابَ، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلق الأوْجُهَ الثَّلاثةَ في «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فائدتان؛ إحْداهما، قد تقدَّم أنَّا إذا قُلْنا: لا يُعيدُ. لابُدَّ مِنَ التَّحَرِّي، فلو لم يتَحَرَّ وصلَّى، أعادَ إنْ أخْطأ، قولًا واحِدًا، وكذا أن أصابَ. على الصَّحيحِ مِنَ

وَمَنْ صَلَّى بالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ عَلِمَ أنَّهُ أخْطَأَ الْقِبْلَةَ، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب. وفيه وَجْهٌ؛ لا يُعيدُ إنْ أصابَ. ذكرَه القاضي في «شَرْحِه الصَّغِرِ». الثَّانيةُ، لو تَحَرَّى المُجْتَهِدُ أو المُقَلِّدُ، فلم يَظْهَر له جهَةٌ، أو تعَذَّرَ التَّحَرِّي عليه؛ لكَوْنِه في ظُلْمَةٍ، أو كان به ما يَمْنَعُ الاجْتِهادَ، أو تَفاوتَتْ عندَه الأماراتُ، أو لضِيقِ الوَقْتِ عن زمَنٍ يَجْتَهِدُ فيه، صلَّى ولا إعادةَ عليه، سواءٌ كان أعْمَى أوْ بصِيرًا، حضرًا أوْ سَفْرًا. وهذا المذهبُ. وعنه، يُعيدُ. وهو وَجْهٌ في «ابنِ تَمِيمٍ»، في المُجْتَهِدِ. وقال أبو بَكَرٍ: المَحْبوسُ إذا لم يَعْرِفْ جِهَةً يُصَلِّي إليها، صلَّى على حسَبِ حالِه، ولا يعيدُ، إنْ كان في دارِ الحرْبِ، وإنْ كَان في دارِ الإسْلام، فرِوايَتَان. وتقدَّم كلامُ التَّمِيمِيِّ، والشَّارِحِ، في المَحْبوسِ قريبًا. قوله: ومن صلَّى بالاجْتهادِ ثم عَلِم أنَّه أخْطَأ القِبلةَ، فلا إعادَةَ عليه. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ، سواءٌ كان خَطؤُه يَقِينًا أو عنِ اجْتهادٍ. وخرَّج ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايةً، يُعيدُ مِن مسْألَةِ، لو بَان الفَقِيرُ غَنِيًّا. وفرَّق بيْنهما القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وذكرَ أبو الفَرَجِ الشِّيرازِي وغيرُه، أن عليه الإعادةَ إنْ بانَ خَطَؤُه يَقينًا، ولا إعادَة إنْ كان عنِ اجْتِهادٍ. وحُكِيَ عن أحمدَ، نقله ابنُ تَميمٍ. وفرَّق الأصحابُ بينَ القِبْلةِ، وبين الوَقْتِ، وبينَ أخْذِ الزَّكاةِ، بأنَّه يُمْكنُه اليَقينُ في الصَّلاةِ

وَإنْ أرَادَ صَلَاةً أُخْرَى اجْتَهَدَ لَهَا، فَإنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي، وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّوْم بأنْ يُؤخِّرَ، وفي الزَّكاةِ بأنْ يدْفَعَ إلى الإمامِ. قوله: فإن تَغَيَّر اجتِهَادُه، عَمِلَ بالثَّانِي، ولم يُعِد ما صَلَّى بالأوَّلِ. اعلمْ أنَّه إذا تغيَّر اجْتِهادُه، فتارةٌ يكون بعدَ أنْ فرَغ مِنَ الصَّلاةِ، وتارةً يكون وهو فيها؛ فإنْ كان قد تغيَّر اجْتِهادُه بعدَ فَراغِه مِنَ الصَّلاةِ، اجْتَهَدَ للصَّلاةِ قَطْعًا. وهي مسْألَةُ المُصَنِّفِ، وإنْ كان إنَّما تغيَّر اجْتهادُه وهو فيها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنْ يعمَلَ بالثَّانى، ويَبْنِيَ نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، في رِوايَة الجمَاعةِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، يَبْطُلُ. وقيلَ: يَلْزَمُه جِهَتُه الأوَّلَة. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والآمِدِيُّ؛ لِيْلَّا ينْقضَ الاجْتِهادَ بالاجْتِهادِ. فوائد؛ إحْداها، لو دخَل في الصَّلاةِ باجْتِهادٍ، ثم شكَّ، لم يَلْتَفِتْ إليه وبنَى، وكذا إنْ زالَ ظَنُّه ولم يَبِنْ له الخَطَأ، ولا ظهَر له جِهَةٌ أُخْرَى. ولو غلَب على ظَنِّه خَطأ الجِهَةِ التي يُصَلِّي إليها، ولم يَظُنَّ جِهَةً غيرَها، بطَلتْ صلاتُه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ مُطْلقًا، وعليه جمهورُ الأصحاب. وقال أبو المَعالِي: إنْ بانَ له صِحَّةُ ما كان عليه، ولم يَطلْ زمَنُه، اسْتَمَرَّ، وصحَّتْ، وإنْ بانَ له الخطأُ فيها، بنَى. وقيل: إنْ أبْصَرَ فيها مَن كان في ظُلْمَةٍ، أو كان أعْمَى فأبْصَرَ، وفرْضُه الاجْتِهادُ، ولم يرَ ما يدُلُّ على صَوابِه، بطَلتْ. وتقدَّم في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا تغيَّر اجْتِهادُه. فإنْ غلَب على ظَنِّه خطَأ الجِهَةِ التي يُصلِّي إليها، وظَنَّ القِبْلَةَ في جِهَةٍ أُخْرى، فإنْ بان له يَقِين الخطَأ، وهو في الصَّلاةِ، اسْتَدَارَ إلى جِهَةِ الكَعْبَةِ وبنَى. وإنْ كانوا جماعةٌ قدَّموا أحدَهم، ثم بانَ لهمُ الخَطَأ في حالٍ واحدةٍ، اسْتَدارُوا وأتَمُّوا صلَاتَهم، وإنْ بانَ للإِمامِ وحدَه، أو للمأمومِين أو لبعضِهم، اسْتَدارَ مَن بانَ له الصَّوابُ، ونوَى بعضُهم مُفارَقة بعضٍ، إلَّا على الوَجْهِ الَّذي قُلْنا: يجوز الائْتِمامُ مع اخْتِلافِ الجِهَةِ. وإنْ كان فيهم مُقَلِّدٌ، تَبع من قلَّدَه وانْحَرَفَ بانْحِرافِه. الثَّانيةُ، لو أُخْبِرَ وهو في الصَّلاةِ بالخَطَأ يقينًا، لَزِمَ قَبُولُه، وإلَّا لم يَجُزْ. وقال جماعةٌ: إلَّا إنْ كان الثَّاني يلْزَمُه تقْليدُه، فيكونُ كمَن تغيَّر اجْتِهادُه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِي الكبيرِ» وغيرِه. الثَّالثةُ، لو صلَّى مَن فرْضُه الاجْتِهادُ بغيرِ اجْتِهادٍ، ثم بانَ مُصيبًا، لَزِمَه الإعادةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَلْزَمُه.

باب النية

بَابُ النِّيَّةِ وَهِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ لِلصَّلَاةِ، عَلَى كُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ النِّيَّةِ قوله: وهي الشَّرْطُ السَّادِسُ. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب، وقطع به كثيرٌ منهم، أنَّ النِّيَّةَ شرْطٌ لصِحَّةِ الصَّلاةِ. وعنه، فرْضٌ. وهو قوْلٌ في «الفُروعِ»، ووَجْهٌ في «المُذْهَب» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وقال القاضي، وغيره مِن أصحابِنا: شَرائِطُها خمْسَةٌ. فنقصُوا منها النِّيَّة وعدُّوها رُكْنًا. وقال

وَيَجِبُ أنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ بعَيْنِهَا إِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، وَإِلَّا أجْزَأتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيخُ عبْدُ القادِرِ: وهي قبلَ الصَّلاةِ شَرْطٌ، وفيها رُكْنٌ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فيَلزَمُهم مِثْلُه في بَقِيَّة الشُّروطِ. ذكرَه في أركانِ الصَّلاةِ. قوله: ويجبُ أنْ يَنْوِيَ الصَّلاةَ بعَيْنِها، إنْ كانت مُعَيَّنةً، وإلَّا أجْزَأتُه نِيَّة الصَّلاةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجبُ تَعْيِينُ النِّيَّة لصلاه الفَرْضِ والنَّفْلِ المُعَيَّنِ. وهو المشْهورُ والمعْمولُ به عندَ الأصحاب، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا منْصوصُ أحمدَ وعامَّةِ الأصحابِ في صلاةِ الفَرْضِ. وعنه، لا يجِبُ التَّعْيِينُ لهما، ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ. وأبْطَلَه المَجْدُ بما لو كانت عليه صلَواتٌ فصلَّى أرْبَعًا ينْوِيها ممَّا عليه، فإنَّه لا يُجْزِئُه إجْماعًا، فلوْلا اشْتِراطُ التَّعْيينِ، أجْزَأه كما في الزَّكاةِ؛ فإنَّه لو كان عليه شِيَاهٌ عن إِبلٍ أو غَنمٍ، أو آصُعُ طَعامٍ مِن عُشْرٍ وزكاةِ فِطْرٍ، فأخْرَجَ سْاةً أو صاعًا ينْوِيه ممَّا عليه، أجْزأه، لمَّا لم يكنِ التَّعْيِينُ شَرْطًا. انتهى. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: وظاهرُ كلام غيرِه لا فَرْقَ. وهو مُتوَجِّهٌ إنْ لم يَصِحَّ بينَهما فرقٌ. انتهى. وقال في «التَّرغِيبِ»:

وَهَلْ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ في الْفَائِتَةِ، وَنِيِّةُ الْفَرْضِيَّةِ في الْفَرْضِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجِبُ التَّعْيِينُ للفَرْض، فلا يجِبُ في نَفْلٍ مُعَيَّنٍ. انتهى. وقيل: متى نوَى فَرْض الوَقْتِ، أو كانتْ عليه صلاةٌ لا يعْلَمُ هل هي ظُهْرٌ أو عصْرٌ؛ فصلَّى أرْبَعًا يَنْوِي الواجِبةَ عليه مِن غيرِ تَعْيِين، أجْزأه. وقد أوْمَأَ إليه. ذكرَه ابن تَميمٍ، ويَحْتمِلُه كلامُ الخِرَقيِّ أَيضًا. قالَه الزَّرْكَشِي، واخْتارَه القاضي. قوله: وإلَّا أجْزَأتْه الصَّلاةُ. يعْنى، وإنْ لم تكُنِ الصَّلاةُ مُعَيَّنُة، مثلَ النَّفْلِ المُطلَقِ، فإنَّه يُجْزِئُ نِيَّة الصَّلاة، ولا يجب تَعْيِينها. وهذا بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قوله: وهل تُشْتَرَط نِيَّةُ القَضاءِ في الفائتَةِ، ونيَّةُ الفَرْضِيَّةِ في الفَرْضِ؛ على وَجْهيْن. عندَ الأكْثَرِ. وهما رِوايَتان في «الفُروعِ». وقال ابن تَميمٍ: وَجْهَان. وقيل: رِوايَتان. أمَّا اشْتِراطُ نِيَّةِ القَضاءِ في الفائتَةِ؛ فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الحاوِي الكَبيرِ»؛ أحدُهما، يُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه بنُ حامِدٍ، قالَه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وتجِبُ نِيَّةُ القَضاء في الفائِتَةِ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصَحِّ. وجزَم به في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الإفَاداتِ». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِيه»: ما قالَه في «الفُروعِ» خِلاف المذهبِ في المَسائل الثَّلَائةِ، وإنَّما المذهبُ عدَمُ الوُجوبِ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا تُشْترطُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ». واختارَه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وجَزم به في «الوَجيزِ» «والمُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». فعلى المذهبِ؛ لو كان عليه ظُهْران، حاضِرَةٌ وفائِتَةِ، فصَلَّاهُما، ثم ذكرَ أنَّه ترَك شرْطًا في إحْدَاهما لا يعْلَمُ عَيْنَها، لَزِمَه طهْران، حاضِرَةٌ ومَقْضِيَّة، كما كان عليه ابتداءُ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِي، يُجْزِئُه ظُهْرْ واحِدَةٌ، ينْوِي بها ما عليه. فوائد؛ الأُولَى، لو نوَى مَن عليه ظُهْران فائتَتان ظُهْرًا منهما، لم يُجْزِئْه عن إحْدَاهما حتَّى يُعَيِّنَ السَّابِقَةَ لأجْلِ التَّرْتيبِ. وقيل: لا يُجْزِيْه، كصَلَاتَيْ نَذرٍ، لأنَّه مُخَيَّرْ هنا في التَّرْتيبِ، كإخْراجِ نِصْفِ دينارٍ عن أحَدِ نِصابَيْن، أو كفَّارَةٍ عن إحْدَى أيْمانٍ حنِث فيها. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ تخْريجٌ واحْتِمالٌ، يُعَيِّنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّابِقَةَ. الثَّانيةُ، لو ظَنَّ أنَّ عليه ظُهْرًا فائتةً فقَضاها في وَقْتِ ظُهْرِ اليَوْمِ، ثم بان أنَّه لا قضاءَ عليه، لم يُجْزِئْه عنِ الحاضِرَةِ، في أصَحِّ الوَجْهيْن. صحَّحه ابنُ تَميمٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الحاوِي الكبِيرِ». وقيل: يُجْزِئْه. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» وأطْلقهما في «الشَّرَحِ» الثَّالثةُ، لو نوَى ظُهْرَ اليَوْمِ في وَقْتِها، وعليه فائتَةٌ، لم يُجْزِيْه عنها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فىَ «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابن رَزِينٍ». وقدِّمه في «الفُروعِ». وخرج المُصَنِّفُ ومَن تَبِعَه فيها كالتى قبلَها. وجعلَها ابنُ تَميمٍ كالتى قبلَها. وتقدَّم في آخرِ شُروطِ الصَّلاةِ، إذا نَسِيَ صلاةً مِن يومٍ، وجهل عَيْنَها، أو نَسِيَ ظُهْرًا وعصْرًا مِن يوْمَيْن. الرَّابعة، يصِحُّ القَضاءُ بِنيَّةِ الأداءِ وعكسِه، إذا بانَ خِلافُ ظَنِّه. قالَه الأصحابُ. قاله في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ وغيرُه: لا يخْتَلِفُ المذهبُ في ذلك. وقال ابنُ تَمِيمٍ: فلا إعادةَ، وَجْهًا واحِدًا. قالَه بعضُ الأصحابِ. وذكرَ ابن أبي موسى، أنَّ القَضاءَ لا يصِحُّ بِنيَّةِ الأداءِ، ولا بالعكْس. انتهى. وقال الأصحابُ: لا يصِحُّ القَضاءُ بِنيَّةِ الأداءِ وعكسِه مع العِلْمِ. وأمَّا اشْتِراط نِيَّةِ الفَرْضِيَّةِ في الفَرْضِ، فأطْلَقَ المُصَنِّف فيه الوَجْهَيْن، وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابن تَمِيمٍ»، و «الشَّرَحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْدَاهما، تُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. اختاره ابن حامِدٍ. قال في «الفُروعِ»: وتجِبُ نِيَّةُ الفرْضِيَّةِ للفَرْضِ، على الأصَحِّ. قال في «الخُلاصَةِ»: ويَنْوِي الصَّلاة الحاضِرةَ فَرْضًا. والوَجْهُ

وَيَأتِي بِالنِّيَّةِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإحْرَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، لا تُشْترَطُ. وعليه الجمهورُ. قال في «الكافِي»: وقال غيرُ ابنِ حامدٍ: لا تلْزَمُه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكَبِيرِ»: وأمَّا نِيَّةُ الفَرْض للمَكْتوبةِ، فلا [تُشْتَرَطُ إذا أَتَى] (¬1) بِنِيَّة التَّعْيِينِ عندَ أكْثرِ أصحابِنا. وقالَا: هو أوْلَى. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرى»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، [وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»] (¬2). وقدَّمه في «الهِديَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِناية»، وابن رَزِينٍ في «شَرحِه» وغيْرِهم. قلتُ: الأوْلَى أنْ يكونَ هذا هو المذهبَ. فائدتان؛ إحْدَاهما، اشْتِراطُ نِيَّةِ الأداءِ للحاضِرَةِ، كاشْتِراطِ نِيَّةِ الأداءِ لقَضاء الفائِتَةِ ونِيَّةِ الفَرْضِيَّةِ للفَرْض، خِلافًا ومذهبًا. الثَّانيةُ، لا يُشْترطُ في النِّيَّةِ إضافَةَ الفِعْلِ إلى اللهِ تعالى في العِباداتِ كلِّها. على الصَّحيح منَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال ابنُ تَميمٍ: ولم يَشْتَرِط أصحابُنا في النِّيَّةِ إضافةَ الفِعْل إلى اللهِ تعالَى ¬

(¬1) في م: «يشترط أداء إلَّا. (¬2) زيادة من: ش.

فَإن تَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في سائرِ العِباداتِ. وقال أبو الفَرجِ ابنُ أبي الفَهمِ: الأشْبَهُ اشْتِراطُه. قلت: وجزَم به في «الفائقِ». وقيل: يُشْتَرَطُ في الصَّلاةِ والصَّوْمِ ونحوِهما، دُونَ الطَّهارةِ والتَّيَمُّمَ. قوله: فإنْ تَقدَّمَتْ قبلَ ذلك بالزَّمَنِ اليَسيرِ جازَ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وحمَلْ القاضي كلامَ الخِرَقِيِّ عليه، وقال في «التَّبْصِرَةِ»: يجوز، ما لم يتكلَّمْ. وقيل. يجوزُ بزَمَنٍ طويل أَيضًا، ما لم يَفْسَخْها. نقَل أبو طالِبٍ وغيرُه، إذا خرج مِن بَيتِه يريدُ الصَّلاةَ، فهو نِيَّةٌ، أتُراهُ كبَّرَ وهو لا ينْوِي الصَّلاةَ؟ وهذا مُقْتضَى كلام الخِرَقِيِّ. واخْتارَه الآمِدِيُّ، والشَّيْخ تقِيُّ الدِّين، في «شَرْحِ العُمْدَةِ». وقالَ الآجُرِّيُّ: لا يجوزُ تقْديمُها مُطْلَقًا. قلتُ: وفيه حرَجٌ ومشَقَّةٌ. فعلى القوْلِ بالتَّقْديمِ، لو تكلْمَ بعدَها وقبل التَّكْبيرِ، لم تَبْطُلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَبْطُلُ كما لو كفَر. تنبيه: اشْتَرَطَ الخِرَقِيِّ في التَّقْديِمِ أنْ يكونَ بعدَ دُخولِ الوْقتِ، وعليه شَرح ابنُ الزاَّغُونِيِّ وغيرُه. وقالَه القاضي أبو يَعْلَى ووَلَدُه أبو الحَسَن، وصاحِبُ «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِييْن»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وأكْثَرُ الأصحابِ لا يَشْتَرِطونَ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهر كلامِ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: إمَّا لإهْمالِهِم له، أو اعْتِمادًا على الغالِبِ. وظاهرُ ما قدَّمه في «الفروعِ»، لا يُشْتَرَطُ ذلك. قالَه في «الفائِق» بعدَ حِكايَةِ الخِلافِ. قال القاضي: وقبلَ الوَقْتُ لا يجوز. انتهى. قلتُ: المسْألةُ تَحْتَمِل وَجَهْين؛ اخْتِيارُ القاضي وغيره عدَمُ الجَوازِ، وظاهرُ كلام غيرِهم الجواز، لكنْ لم أرَ بالجَوازِ تَصْريحًا. فائدتان؛ إحْدَاهما، يَشْترَط لصحَّة تقَدُّمِها عدَمُ فسْخِها وبقاءُ إسْلامه. قال القاضي في «التَّعْليقِ»، و «الوَسِيلَةِ»، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي»، وغيرُهم: أو يشْتَغِلُ بعَمَلٍ كثيرٍ، مثلَ عمَلِ مَن سَلَّمَ عن نقْصٍ، أو نَسِيَ سُجْودَ السَّهْوِ، على ما يأتي. قاله القاضي في «الرِّعايَةِ»، أو أعْرَضَ عنها بما يُلْهِيه، وقطْع جماعةٍ، أو بتعمُّدِ حَدَثٍ. وتقدِّم كلامُ صاحِبِ «التَّبْصِرَةِ». الثَّانيةُ، تصِحُّ نِيَّةُ: الفَرْض مِنَ القاعدِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «التَّلْخِيصِ»؛ لو نوَى فرْضًا وهو قاعِدٌ، مع القُدْرَةِ على القِيامِ، لم يَنْعَقِدْ فَرْضًا ولا نَفْلًا. وقال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِيرَ نَفْلًا.

وَيَجِبُ أنْ يَسْتَصْحِبَ حُكْمَهَا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإنْ قَطَعَهَا في أثْنَائِهَا، بَطَلَتِ الصَّلَاةُ، وَإنْ تَرَددَ في قَطْعِهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ قطعَها في أَثْنائها، بطَلت الصَّلاةُ. وهو المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به أكثرهم. وقيل: إنْ نوى قريبًا، لم تَبْطُلْ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو بعيدٌ. قوله: وإنْ تَرَدَّدَ في قَطْعها، فعلى وَجْهَيْنِ. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحَاوِيَيْنِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنَايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ العُمْدَةِ» للشَّيْخِ تقِيِّ الدِّين وغيرِهم؛ أحدُهما، تَبْطُلُ. وهو المذهبُ، اخْتارَه القاضي. ونصَره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، وابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِي الفُروعِ». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»، و «المنْتَخَبِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا تَبطُلُ. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ. واخْتَارَه ابنُ حامِدٍ، وجزَم به في «المُنَورِ». وقدِّمه ابن رَزِينٍ في «شَرْحِه». فائدة: لو عزَم على فَسْخِها، فهو كما لو ترَدَّد في قَطْعِها، خِلافًا ومذهبًا، على الصَّحيحِ. وقيل: تَبْطُلُ بالعَزْمِ وإنْ لم تَبْطُلْ بالتردُّدِ وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِي». وقال في «الكُبْرى»: إنْ عزَم على قَطْعِها أو ترَدَّد، فأوْجُهُ؛ الثَّالِث، تَبْطُلُ مع الغزْمِ دُونَ التَّردُّدِ. وقال في بابِ صفَةِ الصَّلاةِ: وإنْ قطَعها أو عزَم على قَطْعِها عاجِلًا، بطَلتْ، وإنْ تَرَدَّدَ فيه، أو توَقَّفَ أو نوَى أنَّه سَيَقْطَعُها، أو علق قطْعَها على شَرْطٍ، فوَجْهان. والوَجْهان أَيضًا؛ إذا شك هل نوَى فعمِل عنه، أيْ مع الشَّكِّ، عمَلًا، ثم ذكره فقالَ ابنُ حامِدٍ: يبْنِي؛ لأنَّ الشَّكِّ لا يُزِيل حُكْمَ النِّيَّةِ، فجازَ له البِنَاءُ؛ لو لم يُحْدِثْ عمَلًا. وقال القاضي: تَبْطُلُ، لخُلُوِّهِ عن نِيَّةِ مُعْتَبَرةٍ. وهو ظاهِر ما قدَّمَه الشَّارِحُ. وقال المَجْدُ أَيضًا: إنْ كان العمَلُ قولًا، لم تَبْطُلْ؛ لتَعَمُّدِ زِيادَتِه، ولا يُعْتَدُّ به، وإنْ كان فِعْلًا، بطَلتْ، لعدَمِ جَوازِه، كَتَعمُّدِه في غيرِ مَوْضِعِه. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: إنَّما قال الأصحابُ: عمَلًا. والقِراءَة ليستْ عمَلًا على أصْلِنا، ولهذا لو نوَى قَطْعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِراءةِ، ولم يَقْطَعْها، لم تَبْطُلْ، قولًا واحِدًا. قال الآمِديُّ: وإنْ قطعها، بطَلتْ بقطْعِه لا بِنِيَّتِه، لأنَّ القِراءةَ لا تحْتاجُ إلى نِيَّةٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ولو كان عمَلًا لاحْتاجَتْ إلي نِيَّةٍ كسائرِ أعْمالِ العِباداتِ. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وما ذكره النَّاظِمُ خِلاف كلامِ الأصحاب، والقِراءَةُ عِبادَةْ تُعْتَبرُ لها النِّيَّة. قال الأصحابُ: وكذا شَكُّه هل أحْرَمَ بظُهْرٍ أو عَصْرٍ، وذكرَ فيها، يَعْنِي هل تَبْطُلُ أو لا؟ وقيل: يُتِمُّها نَفْلًا، كما لو أحْرَمَ بفَرْضٍ فَبانَ قبلَ وَقْتِه. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، كشَكِّه هلَا أحْرَمَ بفَرْضٍ أو نَفْلٍ؟ فإنَّ الإمامَ أحمدَ سُئِلَ عن إمامٍ صلَّى بقَوْم العَصْرَ، فظَنَّها الظُّهْرَ فطَوَّل القِراءةَ، ثم ذكَر، فقال: يُعيدُ، وإعادَتُهم على اقْتِداءِ مُفْتَرِضٍ بمُتَنَفِّلٍ. قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ: وإنْ شَكَّ هل نوَى فَرْضًا أو نَفْلًا؟ أتَمَّها نَفْلًا، إلَّا أنْ يَذْكرَ أنَّه نوَى الفَرْضَ قبلَ أنْ يُحدِثَ عمَلًا، فيُتِمَّها فَرْضًا، وإنْ ذكرَه بعدَ أنْ أحْدَثَ عمَلًا، خُرِّجَ فيه الوَجْهان. انتهى. قال المَجْدُ: والصِّحيحُ بُطْلانُ فَرْضِه. قال في

وَإِنْ أحْرَمَ بِفَرْضٍ، فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ، انْقَلَبَ نَفْلًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»: إنْ أحْرَمَ بفَرْض رُباعِيَّةٍ، ثم سلَّم مِن رَكْعَتَيْن يَظُنُّها جُمْعَةً أو فَجْرًا أو التَّراوِيحَ، ثم ذكرَ، بطَل فَرْضُه ولم يَبْنِ. نصَّ عليه، كما لو كان عالِمًا. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ وتَخْريجٌ، يَبْنى، كظَنِّه تَمامَ ما أحْرَمَ به. وقال الشّيْخَ تَقيُّ الدِّينِ: يحْرُمُ خروجُه بشَكِّه في النِّيَّةِ، للعِلْمِ بأنَّه ما دَخَل إلَّا بالنِّيَّةِ، وكشَكِّه هل أحْدَثَ أم لا؟. قوله: فإنْ أحْرَمَ بفَرْضٍ، فَبان قبل وَقْتِه، انقَلبَ نَفْلًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ؛ لبَقاءِ أصلِ النِّيَّةِ. وعنه، لا تَنْعَقِدُ، لأنَّه لم يَنْوِه. [قال ابن تَميمٍ: وخرَّج الآمِدِيُّ رِوايةً؛ أنَّها لا تنْعْقِدُ أصْلًا. واخْتارَه بعضُ أصحابِنا] (1)، كما لو أحْرمَ به قبل وَقْتِه عالِمًا بذلك. على الصَّحيح مِنَ الوَجْهَيْن. فائدة: مِثْل هذه لو أحْرَمَ بفائتَةٍ فلم تكنْ عليه، [أو أحْرَمَ قبلَ وقْتِه مع عِلْمِه، فالأشْبَهُ أَنَّها لا تنْعَقِدُ. قاله ابنُ تَمِيمٍ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ أحْرَمَ بِهِ في وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا، جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَجُوزَ إلَّا لِعُذْرٍ، مِثْلَ أن يُحْرِمَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يُرِيدَ الصَّلَاةَ في جَمَاعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أحْرَمَ به في وقْتِه، ثم قلَبه نفلًا، جاز. إذا أحْرَم بفَرْضٍ في وَقْتِه ثم قلَبه نَفْلًا، فتارةٌ يكونُ لغَرَضٍ صحيحٍ، وتارةً يكونُ لغيرِ ذلك؛ فإنْ كان لغيرِ غرضٍ صحيحٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصِحُّ مع الكَراهَةِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الحَاوِيَيْنِ»، ويُحْتَمِل أنْ لا يجوزَ ولا يصِحَّ. وهو روايةٌ ذكرها في «الفروعِ». قال القاضي في موْضِعٍ: لا تصِحُّ، رِوايةً واحِدَةً. وقال في «الجامع»: يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفروعِ». وأمَّا إذا قلَبه نَفلًا لغَرَض صحيحٍ، مثلَ أنْ يُحْرِمَ مُنْفَرِدًا ثم يريدَ الصَّلاةَ في جماعةٍ، فالصِّحيحُ مِن المذهب أنَّه يجوزُ وتصِحُّ. وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم جزَم به، ولو صلَّى ثَلاثَةً مِن أربعَةٍ، أو رَكْعَتين مِنَ المَغْرِبِ. وعنه، لا تصِحُّ. ذكَرها القاضي ومَن بَعدَه، لكى قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: على المذهبِ، إنْ كانت فَجْرًا أتمَّها فرِيضَةً؛ لأنَّه وَقتُ نَهْي عن النَّفْلِ. فعلَى المذهبِ، هل فِعْلُه أفْضَلُ أم ترْكُه؟ فيه رِوايتان؛ وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الأفْضَلَ فِعْلُه، ولو قيل بوُجوبِه، إذا قُلْنا بوُجوبِ الجماعَةِ، لَكان أوْلَى. وقدَّم في

وَإِنِ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَتِ الصَّلَاتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعَايَةِ الكبْرَى» الجوازَ مِن غيرِ فَضِيلَةٍ. تنبيهان؛ أحدُهما، في قولِ المُصَنِّفِ: وإنِ انْتَقَلَ مِن فرضٍ إلى فرْضٍ، بطلتِ الصَّلاتان. تَساهُلٌ؛ إذِ الثَّانيةُ لم يدْخُلْ فيها حتَّى تبْطُلَ، بل لم تنْعَقِدْ بالكُلِّيَّةِ. الثَّانى، قال في «الفُروعِ»: وإنِ انَتَقلَ مِن فرْضٍ إلى فرْضٍ، بطَل فرْضُه. والمُرادُ، ولم يَنْوِ الثَّانِي مِن أولِه بتَكْبيرَةِ الإحْرامِ. والأصَحُّ الثَّانِي. فائدة: إذا بطَل الفرْضُ الَّذي انْتقَلَ منهْ، ففي صِحةِ نَفْلِه الخِلاف المُتَقدِّمُ في مَن أحْرَمَ به في وَقْتِه ثم قلَبه نَفْلًا، على ما تقدَّم. وكذا حُكْمُ ما يُفْسِدُ الفَرْضَ فقط،

وَمِنْ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَنْوِيَ الْإمَامُ وَالْمَأمُومُ حَالَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا وَجدَ فيه، كترْكِ القِيامِ، والصَّلاةِ في الكَعْبَةِ، والائْتِمامِ بمُتَنَفِّل، إذا قُلْنا: لا يصِحُّ الفَرْضُ. والائْتِمامُ بصَبِيٍّ إنِ اعْتَقدَ جوازَه، صحَّ نَفْلًا، في الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإلَّا فالخِلافُ. وهي فائدةٌ حَسَنَةٌ. قوله: ومِن شَرطِ الجَماعَةِ أنْ يَنْوِيَ الإمامُ والمأمُومُ حالَهُما. أمَّا المأمُومُ، فَيُشْتَرَط أنْ يَنوِيَ حالَه، بلا نِزاعٍ. وكذا الإمامُ، على الصِّحِيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه جماهير الأصحاب، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِن المُفْرَداتِ. وعنه، لا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الإمامَةِ في الإمامِ في سِوَى الجُمُعَةِ. وعنه، يُشْتَرَطُ أنْ يَنْوِيَ الإمامُ حالَه في الفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ. وقيل: إنْ كان المأمومُ امرأةً، لم يصِحَّ ائتِمامُها به حتَّى يَنوِيَه؛ لأنَّ صلَاته تَفسُدُ إذا وقَفتْ بجَنْبِه. ونحن نَمْنَعُه، ولو سُلِّم، فالمأمومُ مِثْلُه، ولا يَنْوِي كوْنها معه في الجماعةِ، فلا عِبْرَةَ بالفَرْقِ، وعلى هذا لو نوَى الإِمامَةَ برَجُلٍ، صَحَّ ائتمام المرأةِ به، وإنْ لم ينوِها، كالعكس. وعلى روايةِ عَدَمِ اشْتِراطِ نِيَّةِ الإمامَةِ؛ لو صلَّى مُنْفَرِدًا، وصُلَّىَ خلْفَه، ونوَى مَن صلَّى خلفَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الائْتِمامَ، صحَّ وحصَلتْ فَضِيلَةُ الجماعةِ. فيُعايَى بها. فيقال: مُقْتَدٍ ومُقْتَدًى به، حصَلتْ فضِيلَة الجماعةِ للمُقْتدِي دُونَ المُقْتَدَى به؛ لأنَّ المُقْتدَى به نوَى مُنْفَرِدًا ولم يَنْوِ الإمامةَ، والمُقْتَدِي نوى الاقْتِداءَ. وقد صحَّحْناه على هذه الرِّوايَة. وعندَ أبي الفَرَجِ، يَنْوى المُنْفرِدُ حالَه. فائدتان؛ إحْداهما، لو اعْتقَدَ كُلُّ واحدٍ منهما أنَّه إمامُ الآخَرِ، أو مأمُومُه، لم تصِحَّ مُطْلَقًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليهما. وقيل: تصِحُّ فرادَى في المسْألتَيْن. وهو منَ المُفْرَداتِ. وقيل: تصِحُّ فرادَى إذا نوَى كل واحدٍ منهما أنَّه مأمومُ الآخَرِ فقط. جزَم به في «الفُصُولِ». وقال ابنُ تَميمٍ: وفيه وَجْهٌ؛ إذا اعْتَقَدَ كلُّ واحدٍ أنَّه إمامُ الآخَرِ، فصَلاتُهما صحِيحَةٌ. وإنْ لم تُعْتَبر نِيَّةُ الإمامِ، صحَّتِ الصَّلاةُ فُرادَى فيما إذا نوَى كلُّ واحدٍ منهما أنَّه إمامُ الآخرِ. وكذا إذا نوَى إمامةَ مَن لا يصِحُّ أنْ يَؤُمِّه؛ كامْرأةٍ تَؤُمُّ رجُلًا، لا تصِحُّ صلاةُ الإمامِ، في الأشْهُرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: تصِحُّ. وكذا الحُكْمُ إنْ أمَّ أمِّيٌّ قارئًا. الثَّانيةُ، لو شكَّ في كوْنِه إمامًا أو مأمُومًا، لم تصِحَّ؛ لعَدَم الجَزْمِ بالنِّيَّةِ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لا تصِحُّ أَيضًا، ولو كان الشَّكُّ بعدَ الفَراغِ.

فَإنْ أحْرَمَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ، لَمْ يَصِحَّ، في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أحْرَمَ مُنْفرِدًا ثم نوَى الائْتِمامَ، لم يصحَّ في أصحِّ الرِّوايتَيْن. وكذا في «الهِدايَةِ»، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرهم. وصحَّحَه الشَّارِحُ وغيرُه. والثَّانية، تصِحُّ ويُكْرَهُ، على الصَّحيحِ. وأطْلَقَهما في «الكافى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْنِ». وقال ابنُ تَميمٍ: وعنه، يصِحُّ. وفي الكراهَةِ رِوايَتان. فعلى هذه الرِّوايَةِ متى فرَغ قبلَ إمامِه، فارَقَه وسلَّم. نصَّ عليه. وإنِ انْتظَره ليُسَلِّمَ معه، جازَ.

وَإنْ نَوَى الْإمَامَةَ صَحَّ في النَّفْلِ وَلَمْ يَصِحَّ في الْفَرْضِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن نوَى الإمامَةَ صَحَّ في النَّفْلِ. يعْنى، اٍ ذا أحْرَمَ مُنْفَرِدًا، ثم نوَى الإمامَةَ، فإنَّه يصِحُّ في النَّفْلِ. وهذا إحْدَى الرِّوايتيْن. نصَّ عليه. واخْتاره المُصَنِّفُ، والشَّيخُ تقِيُّ الدِّين، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وجزَم به في «الشَّرحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفادات»، و «شَرحِ ابن مُنَجَّى» قال في «الفُروعِ»: وهو المنْصوصُ. وعنه، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَر. قال المَجْدُ: اخْتارَه القاضي، وأكْثَرُ أصحابنا.، قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، والمَجْدُ في «شرحِه». وهو مِن المُفْرَداتِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاويَيْنِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ». قوله: ولم يَصِحَّ في الفَرْضِ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعَ»، و «المَجْدِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. وجزَم عنه في «الوجيزِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مِنَ المُفْرداتِ. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِل أنْ يصِحَّ، وهو أَصَحُّ عندِي. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّيْخ تقِيُّ الدِّينِ. وأطْلقهما في الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الكافِي»، و «ابنِ تَمِيمٍ». وقال ابنُ عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ: يصِحُّ في حَقِّ مَن له عادةٌ بالإمامَةِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ نوَى المُنْفرِدُ المُفْترِضُ إمامة مَن لَحِقَه قبلَ رُكوعِه، فوَجْهان في الصِّحَّةِ. وقيل: رِوايَتَان. وعنه، يصِحُّ في النَّفْلِ فقط. نصَّ عليه. وعنه، إنْ رَضِي المُفْتَرِضُ مَجئَ مَن يُصَلِّي معه أوَّلَ رَكْعَةٍ، فجاءَ وركَع معه، صَحِّ. نصَّ عليه، وإلَّا فلا يصِحُّ. وقيل: إنْ صلَّى وحدَه رَكْعَةً، لم يصِلِّي، وإن أدْرَكه أحدٌ قبلَ رُكوعِه، فرِوايَتَان. وقيل: إنْ لم يَرْكعْ معه أحدٌ، وإلا صلَّى وحدَه. وقيل: يصِحُّ ذلك ممَّنْ عادَته الإمامَةُ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، لو نوَى الإمامةَ ظَانًّا حُضور مأمومٍ، صحَّ، وإنْ شكَّ، لم يصِحُّ، فلو ظَنَّ حضُورَه فلم يحْضُر، أو أحْرمَ بحاضِرٍ فانْصَرَفَ قبلَ إحْرامِهِ، أو عيَّنَ إمامًا أو مأمومًا، وقيلَ: إنْ ظَنَّهما، وقلْنا: لا يجِبُ تَعْيينُهما في الأصَحِّ. فأخْطأ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يصِحُّ. وقيل: يصيحُّ مُنْفرِدًا، كانْصِرافِ الحاضِر بعدَ دخُولِه معه. قال بعضُ الأصحابِ: وإنْ عَيَّن جِنازَةً فأخْطأَ،

فَإنْ أحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى الِانفِرَادَ لِعُذْرٍ جَازَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوَجْهان. قال الشَّيْخ تقِيُّ الدِّين: إنْ عيَّن وقصده خلف مَن حضَر، وعلى مَن حضَر، صَحَّ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، إذا بطَلتْ صلاة المأموم، أتَمَّها إمامُه مُنْفَرِدًا، لأنَّها لا هي منها ولا مُتعَلِّقَةٌ بها، بدَليلِ السَّهْوِ، وعِلْمِه بحدَثِه. وعنه، تَبْطُلُ. وذكرها المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» قِياسَ المذهبِ (¬1). الثَّالثةُ تَبْطُلُ صلاة المأمُومِ ببُطْلانِ صلاةِ إمامِه لعذْرٍ أو غيرِه. على الصِّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروعِ»، والمَجْدُ في «شرحِه»: اخْتاره الأكْثَرُ. وعنه، لا تَبْطُلُ. صحَّحَه ابنُ تَمِيمٍ، فعَلَيْها يُتِمُّونَها فُرادَى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال: والأشْهَرُ، أو جماعة. وكذا جَمَاعَتَيْن. وقال القاضي: تَبْطُلُ بتَرْكِ فرْضٍ مِنَ الإمامِ، وفي منْهِيٍّ عنه، كحدَثٍ منه، رِوايَتان. وقال المُصَنِّف: تَبْطُلُ بتَرْكِ شَرْطٍ مِنَ الإمام أو رُكْنٍ، أو تَعَمُّدٍ مُفْسِدٍ، وإلَّا فلا. على أصَحِّ الرِّوايتَيْن. قوله: فإنْ أَحْرَم مأمومًا، ثم نوَى الانْفِرادَ لِعُذْرٍ، جاز. بلا نِزاعٍ، لكن اسْتَثْنَى ابنُ عَقِيلٍ في «الفصُولِ» مسْألَةً؛ وصُورَتُها ما إذا كان الإمامُ يُعَجِّلُ في ¬

(¬1) المغني 2/ 511.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ، ولا يَتَمَيَّزُ انْفِرادُه عنه بنَوْعِ تَعْجيلٍ، فإنِّه لا يجوزُ انْفِرادُ المأْمومِ والحالةُ هذه، وإنِّما يَمْلِكُ الانْفِرادَ إذا اسْتَفادَ به تَعْجِيلَ لحُوقِه لحاجَتِه. قال في «الفُروع»: ولم أجِدْ خِلافَه، فيُعايَى بما. قلت: الَّذي يَظْهَرُ أنَّ هذه المسْألَةَ ليست داخِلَةً في كلامِهم؛ لأنَّهم قالوا: لعُذْرٍ. وهنا ليس هذا بعُذرٍ، فلا يجوزُ الانفِرادُ. فائدة: العُذْرُ مِثْلُ تَطْويلِ إمامِه، أو مَرَضٍ أو خَوْفِ نُعاسٍ، أو شيءٍ يُفْسِدُ صلَاته، أو على مالٍ، أو أهْلٍ، أو فَراتِ رُفْقَةٍ ونحوِه. قال في «الفُروعِ» وغيرُه

وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منَ الأصحابِ: العُذْرُ ما يُبِيحُ تَرْكَ الجماعَةِ. قوله: وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، لم يَجُزْ في إحْدَى الرِّوايتيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «الهِدايَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»: لم يَجُزْ في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وجزَم به في «الوَجيز». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، والمَجْدُ في «شرْحِه»، ونصَره. والرِّواية الثَّانِيَةُ، يجوزُ. وإليها مَيْلُ الشَّارِح، وأطْلَقَهما في «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْنِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». فوائد؛ منها، متى زالَ العُذْرُ، وهو في الصَّلاةِ، فلَه الدُّخولُ مع الإمامِ. ومها، لو كان فارقه في القِيامِ، أَتَى ببَقِيَّةِ القراءَةِ، وإنْ كان قد قَرَأ الفاتِحةَ، فلَه أنْ يرْكَعَ في الحالِ، وإنْ ظَنَّ في صلاة السِّرَّ أنَّ الإمامَ قرَأ، لم يقْرأ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يقْرأ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ معه الرُّكُوعَ. ومنها، لو فارَقَه لعُذْرٍ، وقد صلَّى معه ركْعَةً في الجُمُعَةِ، أتمَّها جُمْعَةً برَكْعَةٍ أخْرْى، كَمَسْبوقٍ، وإنْ فارقَه في الرَّكْعَةِ الأُولَى، فقال في «الفُروعِ»، والمَجْدْ في «شَرحِه»: فحُكْمُه حكمُ المرْحُومِ في الجُمُعَةِ حتَّى تَفوتَه الرَّكْعتان. على ما يأتِي في بابِها. وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ الظُّهْرُ قبلَ الجُمُعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا فقط. قال ابنُ تَميمٍ: وإنْ فارقَه في الأُولَى، فوَجْهان؛ أحَدُهما، يُتِمُّها

وَإنْ نَوَى الْإمَامَةَ لِاسْتِخْلَافِ الإِمَامِ لَهُ إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ، صَحَّ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جُمْعَةً. والثَّانِي، يُصَلِّيها ظُهْرًا. وهل يسْتَأنِف أو يَبْنِي؟ على وَجْهَيْن. وعلى قولِ أبي بَكْرٍ، لا يصِحُّ الظُّهْر قبَل الجُمُعَةِ فيهما، فيُتِمُّها نَفْلًا، سواءٌ فارَقَه في الأُولَى أو بعدَها. انتهى. وقدَّم في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي الكَبيرِ»، أنَّه إذا فارَقَه في الأُولَى لعُذْرٍ، يُتِمُّها جُمُعَةً. قوله: وإن نوَى الإمامةَ لاسْتِخلافِ الإمام له إذا سبَقه الحدَثُ، صَحَّ في ظاهرِ المذهبِ. اعلمْ أنَّ الإمامَ إذا سَبَقه الحدَثُ تَبْطُلُ صلاتُه، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، كتَعَمُّدِه. وعنه، تَبْطُلُ إذا سَبَقه الحَدَث مِن السَّبيلَيْن، ويَبْنِي إذا سَبَقَه الحدَثُ مِن غيرِهما. وعنه، لا تَبْطُلُ مُطْلَقًا، فيَبْنِي إذا تَطَهَّر. اختارَه الآجُرِّيُّ. وذكرَ ابنُ الجَوْزِيُّ وغيره رِوايةٌ؛ أنَّه يُخيَّرُ بين البِنَاءِ والاسْتِئْنافِ. وأمَّا المأمُومُ، فَتَبْطُلُ صلاتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعنه، لا تَبْطُلُ، اخْتارَه ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم ذلك. فحيث قُلْنا بالصِّحَّةِ، فلَه أنْ يَسْتَخلِفَ، على الصَّحِيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وهو ظاهِر المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ. وعنه، لا يصِحُّ الاسْتِخْلافُ. وأطْلقَهما في «الحاوِي». وحيث قُلْنا بالبُطْلانِ وصِحَّةِ صلاةِ المأمومِ، فحُكْمُه في الاسْتِخْلافِ حُكْمُ المسْأَلةِ التي قبلَها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وعلى صِحَّتِها والأَشْهَرِ، وبُطْلَانِها نقله صالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، وابن هانِئ. وقالَه القاضي، وغيرُه، وذكره في «الكافِي»، و «المَذْهَبِ». واخْتارَ المَجْدُ له أنْ يَسْتَخْلِف على الأصَحِّ. قال في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَمِيمٍ»: هذا الأشْهَرُ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيلَ: ليس له أنْ يسْتخْلِفَ هنا، وإنْ جاز الاسْتِخْلافُ في التي قبلَها؛ وهي ما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: لا تَبْطُلُ صلاتُه. واخْتارَه الآمِدِيُّ وغيرُه. وحيثُ قلْنا: يَسْتَخْلِفُ. فاسْتَخلَفَ، ثم توَضَّأ وحضَر، ثم صارَ إمَامًا، فعنه، يصِحُّ. وعنه، لا يصِحُّ. وعنه، يَسْتأنِفُ. وأطْلَقَهنَّ في «الفُروعِ»، في باب صلاةِ الجماعَةِ. قلتُ: الصَّوابُ الصِّحَّةُ، قِياسًا على ما إذا أحرَم لغيْبَةِ إمامِ الحَيِّ، ثم حضَر، على ما يأتِي قريبًا. قال ابنُ تَميمٍ: وإنْ تَطهَّر، يعْنِي الإمام، قريبًا، ثم عادَ فائتَمَّ بهم، جازَ. ولم يَحْكِ خِلافًا. قال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»: صَحَّ في المذهبِ. فوائد؛ الأُولَى، المذهبُ المنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّ له أنْ يَسْتَخْلِفَ مَسْبوقًا، ويحْتَمِلُه كلام المُصَنِّفِ هنا. وقيل: لا يصِحُّ اسْتِخلافُ المسْبوقِ. واخْتارَه المُصَنِّف. فعلى المذهبِ، الأُوْلَى له أن يَستخْلِفَ مَن يُسَلِّمُ بهم، ثم يقوم، فيَأتِي بما عليه. فتكونُ هذه الصَّلاةُ بثَلاثَةِ أئمَّةٍ. قال المَجْدُ، وابن تَمِيمٍ، وغيرهما: فإنْ لم يَسْتَخْلِفْ، وسَلَّموا مُنْفَرِدين أوِ انَتَظروه حتَّى سلَّم بهم، جازَ. نصَّ عليه كلِّه. وقال القاضي في موضع مِن «المُجَرَّدِ»: يُسْتَحَبُّ انْتِظارُه حتَّى يُسَلِّمَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يجوز سلامُهم قبلَه. والمذهبُ المنْصوصُ أَيضًا عن أحمدَ، أنَّ له أنْ يسْتَخْلِفَ مَن لم يكنْ دخَل معه أَيضًا، سواءٌ كان في الرَّكْعَةِ الأُولَى أو غيرِها. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ «الانْتِصارِ» وغيره، يسْتخْلِف أُمِّيًّا في تَشَهُّدٍ أخيرٍ. وقيلَ: لا يجوزُ أنْ يَسْتخْلِفَ هنا. إذا علِمْتَ ذلك، فعلى المنصوصِ في المسْألَتَيْن، يَبْنِي على ما مضىَ مِن صلاةِ الإمامِ مُرَتِّبًا، على الصَّحيحِ مِن المذهب، فإنْ أدْرَكَه في الثَّانيةِ واستخْلَفَه فيها، جلَس عَقيبَها. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «ابن تَمِيمٍ». وعنْه، يُخَيَّرُ بينَ تَرْتيبِ إمامِه، وبينَ أنْ يَبْنِيَ على تَرْتيبِ نَفْسِه، فيَجْلِسَ عَقِيبَ رَكْعَتيْن مِن صلاتِه، وهي ثالِثَةٌ للمأمُومِينَ ويَتبعونَه في ذلك. وأطْلَقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه». واخْتارَه المَجْدُ في الثَّانيةِ، وهي اسْتِخْلافُ مَن لم يكنْ دخل معه. قلتُ: فيُعايَى بها. وأطْلقَهما المَجْدُ في «شرْحِه» في المَسْبُوقِ الَّذي دخَل معه. وقال في الَّذي لم يَدْخُلْ معه: الأظْهَرُ فيه التَّخْيِيرُ، لأنَّه لم يَلْتَزِم المُتَابَعَة ابْتِداءً. الثَّانية، يَبْنِي الخلِيفَةُ في المسْألَةِ الأُولَى على صلاةِ الإمامِ قبلَه مِن حيث بلَغ، وأمَّا الخلِيفَةُ في المْسألةِ الثَّانيةِ، إذا قُلْنا: يَبْنِي على ترتيب الأوَّلِ، فإنَّه يأخُذُ في القِراءَةِ مِن حيثُ بلَغ الأوَّل. على الصَّحيح مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه المَجْدُ في «شَرحِه»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ في «رِعايِتِه». وقال بعضُ الأصحابِ: لابُدَّ مِن قراءة ما فاتَه مِنَ الفاتِحَةِ سِرًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزم به في «الفُروعِ». وهي عجيبٌ منه. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: والصَّحيحُ عندِي، أنَّه يقْرَأ سِرًّا ما فاتَه مِن فَرْضِ القِراءَةِ؛ لِئَلَّا تفوتَه الرَّكْعْةُ، ثم يَبْنِي على قراءةِ الأوَّلِ جَهْرًا إنْ كانت صلاةَ جَهْرٍ. وقال عن المنْصوصِ: لا وَجهَ له عندِي، إلَّا أنْ يقولَ معه بأنَّ هذه الرَّكْعَةَ لا يُعْتَدُّ له بها؛ لأنَّه لم يَأتِ فيها بفَرْضِ القراءةِ، ولم يُوجَدْ ما يُسْقِطُه عنه؛ لأنَّه لم يَصِرْ مأمومًا بحالٍ أو يقول: إنَّ الفاتِحَةَ لا تَتَعيَّنُ. فيَسْقُطُ فرْضُ القِراءةِ بما يقْرَأه. انتهى. وقال الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أنْ تجِبَ عليه قِراءَةُ الفاتِحَةِ.، ولا يَبْنِي على قِراءَةِ الإمامِ، لاُنَّ الإمامَ لم يَتَحَمَّل القراءةَ هنا. الثَّالثة، مَنِ اسْتَخْلَف فيما لا يُعْتدُّ له به، اعتدَّ به للمأمومِ. ذكَره بعضُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقال ابنُ تَميمٍ: لوِ اسْتَخْلَف مسْبُوقًا في الرُّكوع، لغَتّ تلك الرَّكْعة. وقالَه جماعةٌ كثيرةٌ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» أَيضًا. وقال ابن حامِدٍ: إنِ اسْتخْلَفَه في الرُّكوعِ أو بعدَه، قرأ لنَفْسِه وانْتَظَرَه المأمومُ ثم ركَع ولحِق المأمومُ. الرَّابعة، لو أدى الإمامُ جُزْءًا مِن صَلاتِه بعدَ حَدَثِه؛ مثْلَ أن يُحْدِثَ راكِعًا، فرفَع رأسَه، وقال: سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه. أو أحدَث ساجِدًا، فرفَع، وقال: اللهُ أكْبَرُ. ولم تَبْطُلْ صلاتُه، إنْ قُلْنا: يَبْنِي. ظاهرُ كلامِهم يَبْطُلُ، ولو لم يُرِدْ أداءَ رُكْنٍ. قالَه في «الفُروعِ». واشْتبَهَتِ المسْألَةُ على بعضِهم، فزادَ ونقَص. الخامسةُ، لو لم يَستخْلِفِ الإمامُ،

وَإنْ سُبِقَ اثْنَانِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ، فَائْتَمَّ أحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ في قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وصَلَّوا وُحْدَانًا، صَحَّ. واحْتجَّ الإمامُ أحمدُ بأنَّ مُعاوِيَةَ لمَّا طُعِنَ، صلَّى النَّاسُ وُحْدانًا. وإنِ اسْتخْلَفوا لأنْفسِهم، صَحَّ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وعنه، لا يصِحُّ. وإنِ اسْتَخْلَفَ كلُّ طائفةٍ رجُلًا، أوِ استَخلَفَ بعضُهم. وصلَّى الباقون فُرادَى، فلا بأسَ. السَّادسة، حُكْمُ مَن حصَل له مَرَضٌ، أو خَوْفٌ، أو حُصِرَ عنِ القراءةِ الواجِبَةِ، أو قصَّرَ، ونحوُه. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُه، وجنونٌ وإغْمَاءٌ. وصرَّح به القاضي وغيره في الإغْماءِ، والمَوْتِ، والمُتيمِّمِ إذا رأى الماءَ. وقال في «التَّرغيبِ» وغيرِه: أو بلا عُذْرٍ. حُكْمُ مَن سبَقه الحَدْث في الاسْتِخْلافِ، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ سُبِقَ اثْنَان ببَعض الصَّلاة فائْتَمَّ أحَدُهما بصاحِبِه في قَضاءِ ما فَاتَهما، فعلى وجْهَيْن. وحكَى بعضُهم الخِلافَ رِوايتَيْن؛ منهم ابنُ تَميمٍ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»؛ أحدُهما، يجوز ذلك. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرهم، لمَّا حكوا الخِلاف هنا، بِناء على الاسْتِخْلافِ. وتقدَّم جواز الاسْتِخلافِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم بالجواز هنا في «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وصَحَّحه في «التَّصْحِيح»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيح المُحَرَّرِ». وقدَّمه في

وَإنْ كَانَ لِغيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابن تَمِيمٍ». قال المَجْدُ في «شَرْحه»: هذا ظاهرُ روايَةِ مُهَنَّا. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يجوزُ. قال المَجْدُ في «شرحِه»: هذا منْصوصٌ أحمدَ في رواية صالحٍ. وعنه، لا يجوزُ هنا، وإنْ جَوَّزنا الاسْتِخْلاف. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وفرِّق بينَها وبينَ مسْألَةِ الاسْتِخْلافِ من وَجْهَيْن. فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ والمذهبُ، لو أمَّ مُقِيمٌ مِثْلَه إذا سلَّم مُسافِرٌ. ذكَره في «الفُروعِ» وغيرِه. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلقَ، المَسْبوقُ في الجُمُعَةِ. فإنَّه لا يجور ائتِمامُ مَسْبُوقٍ بمَسْبُوقٍ فيها. تطَع به الجمهورُ؛ لأنَّها إذا أُقِيمَت بمَسْجدٍ مرَّةً، لم تَقُمْ فيه ثانِيَةً. وذكَر ابنُ البَنَّا في «شَرْحِ المُجَرَّدِ»، أنَّ الخِلافَ جارٍ في الجُمُعَةِ أَيضًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه. قوله: وإنْ كان لغيرِ عُذرٍ، لم يَصِحَّ. قال في «الفُروعِ»: وبلا عُذْرِ السَّبْقِ كاسْتِخْلافِ الإمام بلا عُذْرٍ. قال في «النُّكَتِ»: صرَّح في «المُغنِي» (¬1) بأنَّ هذه المسْألةَ تُخَرَّجُ على مسْألَةِ الاسْتِخْلافِ. قال: وعلى هذا يكونُ كلامُه في ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 510، 511.

إنْ أحْرَمَ إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ، ثُمَّ حَضَرَ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَأحرْمَ بِهِمْ وَبَنَى عَلَى صَلَاةِ خَلِيفَتِهِ، وَصَارَ الإِمَامُ مَأمُومًا، فَهَلْ يَصحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُقْنِعِ» عَقِيبَ هذه المسْألَة، وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، لم يصِحَّ في هذه المسْألَةِ، ومسْألَةِ الاسْتِخْلافِ؛ لأنَّ المسْألَتَيْن في «المُغْنِي» واحِدَةٌ. ذكَرَه المَجْدُ في «شرْحِه». وذكر بعضُهم في الاسْتِخْلافِ لغيرِ عُذْرٍ رِوايتَيْن. انتهى. وقال الشَّارِحُ: وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، لم يصِحَّ إذا انْتقَل عن إمامِه إلى إمامٍ آخَر فائْتمَّ به، أو صار المأمومُ إمامًا لغيرِه عِن غيرِ عُذرٍ. قوله: وإنْ أحرَم إمَامًا لغيبةِ إمامِ الحيِّ، ثم حضَر في أثناء الصَّلاةِ فأحرم بهم، وبنى على صلاة خليفته، فصار الإمامُ مأمومًا فهل يصحُّ؛ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما في «المذْهَبِ»، و «الكافي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرحِ المَجْدِ»، و «شرحِ ابن مُنَجَّى»، و «الفائقِ»؛ أحَدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابن عَبْدوسٍ في «تذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفائقِ». قال ابنُ رزِينٍ في «شَرْحه»: وهو أظْهَرُ. والثَّانِي، لا يصِحُّ. قال في «الفائق»: هو الأصَحُّ عنْدَ شَيْخِنا أبي يَعْلَى. قال المَجْدُ: وهو مذهبُ أكثر العُلَماءِ. وعنه، يصِحُّ مِن الإمامِ الأعْظَمِ دُونَ غيرِه. وأطْلَقَهُنَّ في «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ» و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ». تنبيه: حكَى المُصَنِّف الخِلافَ هنا أوْجُهُا. وكذا حكَاه في «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، و «شرح المُجْدِ»، وابنُ مُنَجَّى، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِي الصَّغيرِ». وقدَّمه في «الرِّعالة الكُبرَي». وحكَاه رِواياتٍ في «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ» في باب صلاة؛ الجمَاعَةِ، و «مَجْمَع البَحْرَيْنِ»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، و «ابن تَميمٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال: في ذلك رِواياتٌ منْصوصَةٌ. وتقدَّم، إذا سَبَقه الحَدْث فاسْتَخْلَف، ثم صارَ إمامًا. فائدتان؛ إحْدَاهما، الخلافُ في الجَواز كالخِلافِ في الصِّحَّةِ. الثَّانيةُ، قال «المَجدُ» في «شرحِه»، وابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْنِ»: لا تَخْتلِف الرِّواياتِ في الإمام أحمدَ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لمَّا خرَج مِن مَرضيه، بعدَ دُخُولِ أبي بَكْرٍ في الصَّلاةِ، أنَّه كانَ إمامًا لأبِي بكْرٍ، وأبو بَكْرٍ كان إمامًا للنَّاسِ. وفي جَوازِ ذلك ثلاث رِوَاياتٍ، فكانَتِ الصَّلاة بإمامَيْن. وصرَّح ابنُ رَجَب في «شَرْحِ البُخَاريِّ» بذلك. قال في «مَجْمَع البحْرَيْن»: وصَح الرِّواياتِ أنَّ ذلك خاصٌّ به، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام. واخْتارَه أبو بَكرٍ وغيرُه. وقال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: وقيلَ: كان النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إمَام أبي بَكْرٍ، وأبو بَكْرٍ إمامَ النَّاس. وقيل: كان أبو بَكْر إمامًا، والنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عن يَسارِ أبي بَكْرٍ؛ لأنّ وَراءَهما صَفًّا. وفي جَوازِه وَجْهان. انتهى. ويأْتِي الخِلافُ إذا كان عن يَسارِ الإِمامِ وخلْفَه صَفٌّ في الموْقِفِ.

باب صفة الصلاة

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

السُّنَّةُ أنْ يَقُومَ إلَى الصَّلَاةِ إذَا قَالَ الْمُؤذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قوله: السُّنَّةُ، أنْ يَقومَ إلى الصَّلاةِ، إذا قال المؤذِّنُ: قد قامتَ الصَّلاةُ. أنَّه يقومُ عندَ كلمةِ الإقامَةِ، سواءً رأى الإمامَ أو لم يَره، وسواءً كان الإمامُ في المسْجدِ، أو قرِيبًا منه، أولا. وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةٌ عنِ الإمام أحمدَ. قال في «الفُروع»: جزم به بعْضُهم. وقدَّمه في «الفائِق». والصَّحيحُ مِن المذهبِ؛ أن المأمومَ لا يقومُ حتَّى يَرَى الإمامَ، إذا كان غائِبًا. وتقدَّم غيرُها إذا كان الإمامُ في المسْجدِ، سواءٌ رآهُ أو لم يره. وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقدمه في «الفروع» وغيرِه. وصحَّحه المَجْدُ وغيرُه. وقال المُصَنِّفُ: إنْ أُقِيمَتْ وهو في المسْجدٍ أو قرِيبًا منه، قَامُوا عندَ ذِكْرِ الإقامَةِ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان في غيرِه، ولم يعْلَمُوا قرْبَه، لم يقُومُوا حتَّى يَرَوْه وقيل: لا يقومُون إذا كان

ثُمَّ يُسَوِّي الْإمَامُ الصُّفُوفَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامُ في المسْجدِ، حتَّى يَروْه. وذكَرَه الآجُريُّ عن أحمدَ. وقِيامُ المأموم عندَ قوْله: قد قامتَ الصَّلاة. بنَ المُفْرَداتِ. قوله: ثُمَّ يُسَوِّي الإمامُ الصُّفُوف. هكذا عبارةُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ في كُتُبهم. وقال في «الإفَاداتِ»، و «التَّسْهِيلِ»: ويُسَوِّي الإمامُ صَفه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ؛ أن تَسْوِيَةَ الصُّفوفِ سُنَّةْ. وظاهرُ كلام الشَّيْخِ تقيِّ الدِّين وُجوبُه. وقال: مُرادُ من حكاه إجْماعًا اسْتحْبابُه، لا نَفْى وُجوبِهِ. وذكَر في «النكَتِ» الأحاديثَ الوارِدَةَ في ذلك. وقال: هذا ظاهِرٌ في الوُجوبِ؛ وعلى هذا بُطلان الصَّلاةِ به محَلُّ نظَرٍ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِل أنْ يَمْنَعَ الصِّحَّة، ويَحْتَمِل لا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فوائد؛ الأولَى، التَّسْويَةُ المسْنونةُ في الصُّفوفِ». هي مُحاذاةُ المناكِب والأكْعُبِ دُون أطْرافِ الأَصابِعِ. الثَّانيةُ، يُسْتحَبُّ تَراصُّ الصُّفوفِ، وسَدُّ الخلَلِ الذى فيها، وتَكمِيل الصَّفِّ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فلو تُرِكَ الأوَّل، كُرِهَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو المشْهورُ، قال في «النُّكَتِ»: هذا المشْهورُ، وهو أوْلى. وعندَ ابنِ عَقِيل، لا يُكْرَهُ؛ لأنَّه اخْتارَ أنّه لا يُكْرَهُ تَطوُّعُ الإمام في مَوْضِع المكتُوبَةِ، وقاسَه على تَرْكِ الصَّفِّ الأوَّلِ للمأْمُومينَ. وأطْلقَ الوَجْهَيْن فىَ الكراهَةِ في «الفُروعِ». الثَّالثةُ، قال في «النُّكَتِ»: يدْخُل في إطْلاقِ كلامِهم، لو عَلِمَ أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا مَشَى إلى الصَّفِّ الأوَّلِ، فاتَتْه رَكْعَة، وإنْ صلَّى في الصَّفِّ المُؤَّخَّرِ، لم تَفُتْه. قال: لكنْ هي في صورةٍ نادرةٍ، ولا يبْعدُ القوْلُ بالمُحافظَةِ على الرَّكْعَةِ الأخيرةِ، وإنْ كان غيرها مَشَى إلى الصَّفِّ الأوَّلِ. وقد يقالُ: يُحافِظُ على الركْعَةِ الأُولَى والأَخِيرةِ. وهذا كما قلْنا: لا يَسعَى إذا أَتَى الصَّلاة؛ للخَبَرِ المشْهورِ. قال الإمامُ أحمدُ: فإنْ أدْركَ التكْبيرةَ الأولَى، فلا بأْسَ أنْ يُسْرِعَ، ما لم يكنْ عجَّلَ لفتْحٍ. قال: وقد ظهَر ممَّا تقدَّم أنَّه يُعجِّلُ لإدْراكِ الرَّكْعَةِ الأخيرةِ، لكنْ هل تُقَيَّدُ المسْأَلَتان بتعَذُّرِ الجماعةِ؛ فيه تَرَدُّدٌ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وظاهر كلامِهم، يحافِظُ على الصَّفِّ الأوَّلِ، وإنْ فاتَتْه ركْعَةٌ. قال: ويتَوَجَّهُ المُحافظة على الركْعَةِ مِن نَصَّه: يُسْرِعُ إلى التَّكْبيرَةِ الأولَى. قال: والمُرادُ مِن إطْلاقهم إذا لم تَفُتْه الجماعةُ مُطْلَقًا، وإلاَّ حافَظَ عليها، فيُسْرِعُ لها. انتهى. الرابعةُ، الصَّفِّ الأوَّلُ، ويَمِينُ كِّل صَفٍّ للرْجالِ أفْضَلُ. قال الأصحابُ: وكلَّما قَرُبَ مِنَ الإمامِ فهو أفْضَل. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُرْبُ الأفْضَلِ والصَّفِّ منه. وقال في «الفروعِ»: ويتوَجَّه احْتِمال أنَّ بُعْدَ يَميِنِه ليس أفْضلَ من قُرْبِ يَسارِه. قال: لعَلَّه مُرادُهم. الخامسةُ، قال بعضُ الأصحابِ: الأفْضَل تأخِيرُ المَفْضُولِ والصَّلاة مَكانَه. قال ابنُ رزِين في «شَرْحِه»: يُؤَّخَّرُ الصِّبْيانُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم في الإيثَارِ بمَكانِه، في مَن سبَق إلى مَكانٍ ليس له ذلك. وصرَّح به غيرُ واحدٍ؛ منهم المَجْدُ في «شَرْحِه». قلت: وهو الصَّوابُ. ويأْتِي ذلك أَيضًا في باب الجماعَةِ في المَوْقِفِ. السَّادِسة، الصَّفُّ الأوَّلُ؛ هو ما يقْطعُه المِنْبَرُ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال في رِوايَة أبِي طالِبٍ، والمَرُّوذِيِّ، وغيرهما: المِنْبرُ لا يقْطَعُ الصَّفَّ. وعنه، الصَّفُّ الأوَّلُ؛ هو الذى يَلِي المنْبَرَ ولم يَقْطَعْه. حكَى هذا الخِلافَ كثيرٌ مِن الأصْحابِ. وقال ابنُ رَجَبٍ، في «شَرْحِ البُخاريِّ»: المنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّ الصَّفَّ الأوَّلَ هو الذى يَلى المقْصورةَ، وما تقْطعُه المقْصورةُ فليس بأوَّلَ. نقلَه المَرُّوذِيُّ، وأبو طالبٍ، وابنُ القاسمِ وغيرُهم. ثم قال: ورجَّح كثيرٌ منَ الأصحابِ أنَّه الذى يَلى الإمامَ بكلِّ حالٍ. قال: ولم أقِفْ على نَصٍّ لأحمدَ به. انتهى. مع أنَّه اخْتارَه. السَّابعةُ، ليس بعدَ الإقامَةِ وقبل التَّكْبير دعاء مسْنونٌ. نصَّ عليه. وعنه، أنَّه كان يدْعُو بينَها ويْرفَعُ يدَيْه.

ثُمَّ يَقُولُ: الله أَكْبَرُ. لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا» ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَقُولُ: اللهُ أكْبَر. لا يُجزِئُه غيرُها. يعنِي، لا يُجْزِئُهُ غيرُ هذا اللَّفْظِ، ويكونُ مُرتَّبًا. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يُجْزِئُه: اللهُ الأكْبَرُ، واللهُ الأعْظمُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم في «الحاوِي الكبِيرِ» بالإجْزاءِ في: اللهُ الأكْبَرُ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه: الأكْبَر اللهُ، أو الكبيرُ اللهُ، أو اللهُ الكبيرُ. ذكَرهما في «الرِّعَايَةِ». وقال في «التَّعْليقِ»: أكْبَرُ، كالكَبيرِ؛ لأنَّه إنَّما يكونْ أبْلغ إذا قيل: أكْبَرُ مِن كذا. وهذا لا يجوزُ على اللهِ. قال في «الفروعِ»: كذا قال. تنبيه: مِن شَرْطِ الإتْيان بقوْلِ: اللهُ أكْبرُ. أنْ يأتِيَ به قائِمًا، إنْ كانتِ الصَّلاةُ فرضًا، وكان قادِرًا على القِيامِ، فلو أتى ببعْضيه راكعًا، أو أتى به كلِّه راكِعًا، أو كبَّر قاعِدًا، أو أتَمَّه قائمًا، لم تَنْعَقِدْ فرْضًا، وتنْعقد نَفْلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا تنْعَقِدُ أَيضًا. وقيلَ: لا تنْعَقِدُ ممَّنْ كمَّلَها راكعًا فقطْ. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تميمٍ وابن حمْدانَ. فعلى الأوَّلِ، يدْرِكُ الركْعَةَ إنْ كان الإمامُ في نفْلٍ. ذكرَه القاضي، واقْتَصَرَ عليه في «الفروعِ». ويأتي حُكْمُ ما لو كبَّر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للرّكوعِ أو لغيرِه، أو سمَّع أو حَمِدَ قبلَ انْتِقالِه، أو كمَّله بعدَ انْتِهائِه عندَ قولِه: ثم يرْفَعُ يدَيْه، ويرْكَعُ مُكَبِّرًا. فائدة: لو زادَ على التَّكْبيرِ، كقوْلِهِ: الله أكْبَرُ كبيرًا، أو الله أكْبرُ وأعْظَمُ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجلُّ. ونحوِه، كرِهَ جزَم به في «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغير». قال المُصَنِّفُ في «المُغْنى» و «الشَّرْحِ»، وابنُ رَزِين وغيرُهم: لم يُسْتَحبَّ. نصَّ عليه -وكذا قال ابن تَميمٍ- وقال في «الفُروعِ»: والزِّيادةُ على التكْبيرِ، قيلَ: يجوزُ. وقيل: يُكْرَهُ.

فَإنْ لَمْ يُحْسِنْهَا لَزِمَهُ تَعَلُّمُهَا، فَإنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ كَبَّر بِلُغَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يُحْسِنْها لَزِمَه تَعلُّمُها. بلا نِزاع بين حيثُ الجملة. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يَلْزَمُه تعَلُّمُها في مَكانِه أو ما قَرُبَ مه فقط. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يَلْزَمُه ولوْ كان بادِيًا بعيدًا، فيَقْصِدُ البلدَ لتَعَلُّمِها فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في: «الفروعِ». قوله: فَإنْ خشَى فواتَ الوَقْتِ كَبَّرَ بلُغَتِه. وكذا إنْ عجَز. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقَطع به أكثرُهم. وِعنه، لا يكَبِّرُ بِلُغَتِه. ذكرها القاضي في «التَّعْلِيقِ». واخْتارَه الشَّريف أبو جَعْفرٍ. نقلّه عنه القاضي أبو الحُسَيْنِ. وكذا حُكْمُ التَّسْبِيح في الرُّكوع والسُّجودِ وسُؤالِ المَغْفِرَةِ والدُّعاءِ. قالَه في «القاعدَةِ العاشرَة»، وذكره في «المُحَرَّرِ» قولًا. وذكَره الآمدِيُّ، وابن تَميمٍ وَجْهًا. فعليه، يَحْرُمُ بلُغتِه على الصَّحيحِ. وقيل: يجِبُ تحْريكُ لِسانِه. وعلى المذهبِ لو كان يعْرِف لُغاتٍ؛ فقال في «المُنَوِّرِ» يقدَّمُ السِّرياني، ثم الفارِسيُّ، ثم التُّركِيُّ. وهذا الصَّحيحُ عندَ مَن ذكر الخِلافَ في ذلك، ويُخَيَّرُ بينَ التُّركِيِّ والهِنْدِيِّ. قال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغِير»: فإنْ عرف لِسانًا فارِسيًّا وسِرْيانيًّا، فأوْجُهٌ، الثالث، يُخيَّرُ بينَهما، ويقدَّمان على التُّركِيِّ. وقيل: يتَخيَّرُ بينَ الثَّلاثَةِ، ويُخيَّرُ بين التُّركِيِّ والهِنْدِيِّ. قال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»: قلتُ: إنْ لم يُقَدَّما عليه. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تميمٍ. وقال: ذكَر ذلك كلَّه بعْضُ أصحابِنا. قلتُ: وأكثرُ الأصحابِ لم يذْكروا ذلك، بل أطْلَقوا، فيُجْزِئُه التكبير بأيِّ لُغَةٍ أَرادَ.

وَيَجْهَرُ الْإمَامُ بِالتَّكْبِيرِ كُلِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو كان أخْرسَ أو مقْطوعَ اللِّسانِ، كبَّر بقَلْبِهْ، ولا يُحَرِّكُ لِسانَه. قال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: ولو قيلَ ببُطْلانِ الصَّلاةِ بذلك، كان أقْوَى. وقيل: يجبُ تحْريكُ لِسانِه بقدْرِ الواجبِ. ذكَره القاضي، وجزم به في «التَّلْخيصِ»، و «الإفَاداتِ»، فإنْ عجَز، أشارَ بقَلْبِه. وكذا حُكْمُ القِراءةِ والتَّسْبيحِ ونحوِه. وقيلَ: لا يُحرِّكُ لِسانَه إلَّا في التَّكْبير فقط. قال ابن تَميمٍ:. وهو ظاهرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِي به المُصَنِّف. الثَّانيةُ، الحُكْمُ في مَن عجَز عنِ التعَلُّمِ بالعَربِيَّةِ في كل ذِكْرٍ مفْروضٍ، كالتَّشَهُّدِ الأخير والسَّلامِ ونحوِه، كالحُكْمِ في مَن عجَز عن تكْبيرَةِ الإِحْرام بالعَربيَّةِ، فإنَّه يأْتى به بلغَتِه. وأمَّا المُسْتَحبُّ، فلا يُتَرْجِمُ عنه، فإِنْ فعَل، بَطلَت صلاتُه. نصَّ عليه. وقيلَ: إنْ لم يُحْسِنْه بالعَرَبِيَّةِ، أُتى به بلُغتِه. تنبيه: قوله: ويجْهَرُ الإمامُ بالتَّكْبير كُلِّه، ويُسِرُّ غيره به. يعْنِي، يُستَحَبُّ

وَيُسِرُّ غَيْرُهُ بِهِ وَبِالْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للإمام الجهْرُ بالتَّكْبيرِ كلَّه، ويُكْرَهُ لغيرِه الجهْر به مِن غيرِ حاجَةٍ، فإنْ كان ثمَّ حاجَةٌ لم يُكْرَهْ بل يُسْتَحَبُّ بإذْنِ الإمامِ وغيرِ إذْنِه وبالتَّحْميدِ. قوله: وبالقراءَةِ بقدْرِ مَا يُسْمِعْ نَفْسَهُ. يعْنى، أنَّه يجِبُ على المُصَلِّي أنْ يجْهرَ بالقِراءةِ فى صلاةِ السِّر وفي التَّكْبيرِ، وما في مَعْناه بقَدْرِ ما يُسْمِعُ نفْسَه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. واخْتارَ الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّين الاكتِفاءَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإتْيانِ بالحُروفِ، وإنْ لم يَسْمَعْها. وذكَره وَجْهًا في المذهبِ. قلت: والنَّفْسُ تمِيلُ إليه. واعْتبرَ بعضُ الأصحابِ سَماعَ مَن بقرْبِه. قال في «الفُروعِ»: ويَتوجَّهُ مِثلُه في كلِّ ما يتَعَلَّقُ بالنُّطْقِ، كطلاقٍ وغَيرِه. قلت: وهو الصَّوابُ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: بقَدْرِ ما يُسْمِعُ نفْسَه. إنْ لم يكنْ ثمَّ مانِعٌ، كطَرشٍ أو أصْواتٍ يسْمَعُها تَمْنَعُه مِن سَماعِ نفْسِه، فإنْ كان ثَمَّ مانعٌ، أتَى به، بحيث يحْصُل السَّماعُ مع عَدَم المُعارِضِ.

وَيَرْفَعُ يَدَيْه مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ مَمْدُودَةَ الْأَصَابعِ، مَضْمُومَةً بَعْضُهَا إلى بَعْض، إلى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ، أوْ إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَرْفعُ يَدَيْه مع ابْتِداءِ التَّكْبيرِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يرْفعُهما قبلَ ابْتِداءِ التَّكْبيرِ ويَخْفِضُهما بعده. وقيل: يتخَيَّرُ بينَهما. قال في «الفروعِ»: وهو أظْهَرُ. قوله: مَمْدُودَةَ الأصابعِ، مضْمُومًا بَعضُها إلى بَعض. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، مُفرَّقَةً. فائدة: يُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَقْبِلَ ببُطونِ أصابع يَدَيْه القِبْلَةَ حالَ التَّكْبيرِ. على الصَّحيح مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: قائِمة حالَ الرَّفْع والحَطِّ. وذكَره في «الفروعِ». قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وللبَيْتِ لا للأُذْنِ واجِهْ بأجْوَدَ قوله: إِلى حَذوِ مَنْكبَيْه وإلى فُرُوعِ أُذُنَيْه. هذا إحْدَى الرواياتِ. يعْني، أنَّه يُخَيَّرُ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الكافِي»، و «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «تجْريدِ العِنايةِ»، و «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإفاداتِ»، و «ابنِ رَزِين»، وقال: لا خِلافَ فيه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم. قال في «الفُروعَ»: وهو أشهْر. وقدَّمه في «التَّلخيص». وعنه، يرْفَعْهما إلى حَذْو مَنْكبيْه فقط. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشيُّ: هو المشْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «التَّسْهِيل»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُنَوِّر»، و «المُنْتَخَب»، و «نَظم النَّهاية»، وغيرهم. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَة»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «إدْراكِ الغايَة»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِييْن»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، إلى فروع من أُذُنَيْه. اخْتارَها الخَّلَال، وأطْلَقَهُنَّ في «المُذْهَبِ». وعنه، إلى صدْرِه. ونقل أبو الحارِثِ، يُجاوِزُ بها أُذُنَيْه. وقال أبو حفْصٍ: يجْعَلُ يَدَيْه حَذوَ مَنْكِبَيْه، وإبهامَيْه عندَ شحْمَة أُذُنَيْهِ. وقالَه القاضي في «التَّعْليقِ» وقال: أوْمأَ إليه أحمدُ. وقال في «الحاوِيَيْن»: والأوْلَى أنْ يحاذِيَ بمَنْكِبَيْهِ كُوعَيْه، وبإبْهامَيْه

ثُمَّ يَضَعُ كَفَّ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِ الْيُسْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ، وبأطْرافِ أصابِعه فُروع أذُنَيْه. فائدتان؛ إحْداهما، قال في «الفروعِ»: ولعَلَّ مُرادَهم أنْ تكُونا في حالِ الرَّفْعِ مكْشوفَتانِ، فإنَّه أفْضَل هنا وفي الدُّعاءِ. الثَّانية، قال ابنُ شِهَابٍ: رفْعُ اليدَيْن إشارةٌ إلى رفْعِ الحِجَابِ بينَه وبينَ ربِّه، كما أنَّ السَّبَّابَةَ إشارةٌ إلى الوَحْدانِيَّةِ. قوله: ثم يضعُ كفَّ يدِه اليُمْنَى على كُوعِ اليُسْرى. هذا المذهبُ. نصَّ

ويَجْعَلُهما تحتَ سُرَّتِه، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقال في «التّلْخيص»، و «البُلْغَة»: ثم يُرْسِلُهما، ثم يضَعُ اليُمْنَى على اليُسْرَى. ونقل أبو طالِبٍ، يضَعُ بعْضَ يَدِه على الكفِّ وبعْضها على الذِّراعِ. وجزَم بمِثْلِه القاضي في «الجامِعِ»، وزادَ، والرُّسْغِ والسَّاعِدِ. قال: ويقْبضُ بأصابِعه على الرُّسْغِ. وفعلَه الإمامُ أحمدُ. فائدة: معْنَى ذلك؛ ذُلٌّ ينَ يدَى عِزٌّ. نقلَه أحمدُ بن يَحْيَى الرَّقِّي (¬1) عنِ الإمام أحمدَ. قوله: ويَجْعَلُهما تحْتَ سُرَّته. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ¬

(¬1) أَحْمد بن يحيى بن حبان الرقي، روى عن الإمام أَحْمد. طبقات الحنابلة 1/ 84.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجْعَلُهما تحتَ صدْرِه. وعنه، يُخيَّرُ. اخْتارهَ صاحِبُ «الإرْشادِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يُرْسلُهما مُطْلَقًا إلى جانِبَيْه. وعنه، يُرْسِلُهما في النَّفْلِ دُونَ الفَرْضِ. زادَ في «الرِّعايَة» في الروايَة، الجِنازَةَ مع النَّفْلِ. ونُقِل عن الخَلاَّلِ أنَّه أرْسَل يَدَيْه في صلاةِ الجنازَة.

وَيَنْظُرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَنْظُرُ إلى موضِعِ سُجُودِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ النَّظَرَ إلى موْضِعِ سُجودِه مُسْتَحَبٌّ في جميعِ حَالاتِ الصَّلاةِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضي، وتَبِعَه طائفةٌ منَ الأصحابِ: ينْظُرُ إلى موْضِعِ سُجودِه، إلَّا حالَ إشارَتِه في التَّشَهُّدِ، فإنَّه ينْظُرُ إلى سبَّابَتِه. فائدة: الذي يظْهَرُ، أنَّ مُرادَ مَنْ أطْلَقَ في هذا البابِ، غيرُ صلاةِ الخوْفِ إذا كان العَدُوُّ في القِبْلَةِ، فإنَّهم لا ينْظُرون إلى موْضِعِ سُجودِهم، وإنَّما ينْظرونَ إلى العدُوِّ، وكذا إذا اشْتَدَّ الخوْفُ، أو كان خائِفًا من سَيْلٍ، أو سَبُعٍ، أو فوْتِ الوُقوفِ بعَرَفَةَ، أو ضَياعِ مالِه، وشِبْه ذلك ممَّا يحْصُلُ له به ضَرَرٌ إذا نظَر إلى موْضِعِ سُجودِهِ، فإنَّهم لا يَنْظُرون في هذه الحالاتِ إلى موْضِعِ سُجودِهم، بل لا يُسْتَحَبُّ. ولو قيلَ بتَحْريمِ ذلك لَكانَ قوِيًّا، بل لعَلَّه مُرادُهم. وهذا في النَّظَرِ هو الصَّوابُ الذى لا يُعْدَلُ عنه، فإنَّ فِعْلَ ذلك واجِبٌ في بعْضِ الصُّورِ، والنَّظَرَ إلى موْضِعِ سُجودِهِ مُسْتَحَبٌّ، فلا يُتْرَكُ الواجِبُ لأمْرٍ مُسْتَحبٍّ. وهو واضِحٌ.

ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وبحَمْدِك، وتَبارَكَ اسْمُكَ، وتَعالَى جَدُّكَ، ولَا إِلهَ غَيْرُكَ. هذا الاسْتِفْتاحُ هو المُسْتَحَبُّ عندَ الإِمامِ أحمدَ، وجمهورِ أصحابِه، وقطَع به أكثرُهم. واخْتارَ الآجُرِّيُّ الاسْتِفْتاحَ بخبَرِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّه. وهو: وَجَّهْت وَجْهِيَ، إلى آخرِه. واخْتارَ ابنُ هُبَيْرَةَ، والشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جمْعَهما. واخْتار الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ أَيضًا، أنَّه يقولُ هذا تارةً وهذا أُخْرَى. قلتُ: وهو الصَّوابُ، جَمْعًا بينَ الأدِلَّةِ.

ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَقولُ: أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. وكيْفَما تَعَوَّذَ مِن الوارِدِ فحَسَنٌ. لكنَّ أكْثَرَ الأصحابِ على أنَّه يَسْتَعِيذُ كما قال المُصَنِّفُ. وعنه، يقولُ مع ذلك: إنَّ اللهَ هو السَّميعُ العليمُ. اخْتاره أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيه»، والقاضى في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل. وعنه، يقولُ: أعُوذُ باللهِ السَّميع العليمِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ. جزَم به في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الرَّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الفائقِ». وعنه، يزيدُ معه: إنَّ الله هو السَّميعُ العليمُ. جَزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى.

ثُمَّ يَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَقُولُ: بسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيمِ. ولَيْسَتْ مِنَ الفاتِحَةِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، ونصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هي المنْصورَةُ عندَ أصحابنا. وعنه، أنَّها مِنَ الفاتِحَةِ. اخْتارَها أبو عبدِ اللهِ ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْصِ العُكْبَرِيُّ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي». فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذَهب، هي قرْآنُ، وهي آيَةٌ فاصِلَةٌ بينَ كلِّ سورَتَيْن سِوَى «بَراءَةَ». وهذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وفي كلامِ المُصَنِّفِ إشْعارٌ بذلك؛ لقولِه: ثم يقْرأُ بسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيمِ. وعنه، ليستْ قُرْآنًا مُطْلقًا، بل هي ذِكْرٌ.

وَلَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا مِنْهَا. وَلَا يَجْهَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن رَجَبٍ، في تفْسير الفاتِحَةِ: وفي ثُبوتِ هذه الرِّوايَةِ عن أحمدَ نظَرٌ. فائدة: ليستِ البَسْمَلَةُ آيةً مِن أوَّلِ كلِّ سورةٍ سِوَى الفاتِحَةِ، بلا نِزاعٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه: ولا خِلاف عنه نعْلَمُه أنَّها ليستْ آيةً مِن أوَّلِ كلِّ سورةٍ، إلَّا في الفاتِحَةِ. وجزَم به في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمِ»، وغيرِهم. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ولا يَجْهَرُ بشئٍ مِن ذلك. أنَّه لا يَجْهَرُ بالبَسْمَلَةِ، سواءٌ قُلْنا: هي مِنَ الفاتِحَةِ، أوْلا. وهو صحيحٌ. وصرَّح به المَجْدُ في «شَرْحِه». وقال: الرِّوايَة لا تخْتَلِفُ في تَركِ الجَهْرِ، وإنْ قُلْنا: هي مِنَ الفاتِحَةِ. وصرَّح به ابنُ حَمْدان، وابنُ تَميمٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ، [وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»] (¬1)، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم، وقدَّمُوه. وعليه الجمهورُ، فيُعايَى بها. وحكَى ابنُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ، وأبو الخطَّابِ وَجْهًا في الجَهْرِ بها، إنْ قُلْنا: هي مِنَ الفاتِحَةِ. وذكرَه ابنُ عَقِيلٍ في «إشارَاتِه». وعنه، أنَّه يجْهَرُ بها. وعنه، أنَّه يَجْهَرُ بها في المدينةِ، على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. وعنه، يَجْهَرُ بها في النَّفْلِ فقط. وقالَه القاضي أيضًا. واخْتارَ الشَّيْخُ تِقيُّ الدِّينِ، أنَّه يَجْهَرُ بها وبالتَّعَوُّذِ والفاتِحَةِ في الجِنازَةِ ونحوِها أحْيانًا. وقال: هو المَنْصوصُ، تعْلِيمًا للسُّنَّةِ. وقال: يُسْتَحَبُّ ذلك للتَّأْليفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما اسْتَحَبَّ الإِمامُ أحمدُ تَرْكَ القُنوتِ في الوِتْرِ تأْلِيفًا للمأْمُومِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُخَيَّرُ في غيرِ الصَّلاةِ في الجَهْرِ بها. نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: كالقِراءَةِ والتَّعَوُّذِ. وعنه، يَجْهَرُ. وعنه، لا يَجْهَرُ. ويأْتِي إذا عطَس، فقال: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِين. أو قال عندَ رَفْعِ رأْسِه مِن الرُّكوعِ: رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ. يَنْوِي بذلك العَطْسَةَ، والقِراءَة، أو الذِّكْرَ، عندَ قوْلِه: فإذا قامَ قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ.

ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَفِيهَا إِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً». ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ثم يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ، وفيها إحْدَى عَشْرَةَ تشْدِيدةً. يأْتِي، هل تَتَعَيَّنُ الفاتِحَة أم لا؟.

فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيبَهَا أَوْ تَشْدِيدَة مِنْهَا، أَوْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ كَثِيرٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَإنْ ترَك تَرْتِيبَها، لَزِمَه اسْتْئْنافُها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَرْتيبَ قِراءَةِ الفاتِحَةِ رُكْنٌ تَبْطُلُ الصَّلاةُ بتركِه مُطْلقًا. وعليه جماعةُ الأصحاب، وقطَع به أكثرهم. وقيلَ: يُتَسامَحُ إذا ترَك تَرْتِيبَها سَهْوًا. قوله: أو تَشْديدةً مِنْها. يعْنِي، إذا تَرك تشْديدَة منها، لَزِمَه اسْتِئْنافُها. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال القاضي في» الجامِعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكبيرِ»: إنْ ترَك التَّشْديدَ لم تَبْطُلْ صلاتُه. وقال ابنُ تَميمٍ وغيرُه: لا خِلافَ في صِحَّتِها مع تَلْيِينِه، أو إظْهارِ المُدْغَمِ قال في «الكافِي»: وإنْ خَفَّفَ الشَّدَّةَ صحَّ؛ لأنَّه كالنُّطْقِ به، مع العَجَلَةِ. وهو قوْلٌ في «الفُروعِ» غيرُ قوْلِ تَرْكِ التَّشْديدِ. تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ قولِه: أو قَطَعَها بذِكْرٍ كثيرٍ، أو سُكوتٍ طويلٍ، لَزِمَه اسْتِئْنافُها. أنَّه إذا كان يسِيرًا لا يَلْزَمُه اسْتِئْنافَها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الجمهورُ. وقيل: يَلْزمُه أَيضًا. اخْتارَه القاضي في «العُمَدِ». الثَّانِي، مَحَلُّ قولِه: أو قَطَعَها بذِكْرٍ كثيرٍ أو سُكوتٍ طويلٍ. إذا كان عَمْدًا، فلو كان سَهْوًا، عُفِيَ عنه. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. قال ابنُ تَميمٍ: لو سكَت كثيرًا نِسْيانًا أو نوْمًا، أو انْتَقَلَ إلى غيرِها غَلَطًا فطالَ، بَنَى على ما قرَأَ منها. وقيل: لا يُعْفَى عن شئٍ مِن ذلك. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرَحِه»

فَإذَا قَالَ: {وَلَا الضَّالِّينَ}. قَالَ: آمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما إذا كان عن غَفْلَةٍ، أو أُرْتِجَ عليه. ومَحَلُّ ذلك أَيضًا أنْ يكونَ غيرَ مشْروعٍ، فلو كان القَطْعُ أو السُّكوتُ مَشْروعًا، كالتَّأْمينِ، وسُجودِ التِّلاوَةِ، والتَّسْبيحِ للتَّنْبِيهِ ونحوِه، أو لاسْتِماع قِراءَةِ الإمامِ، لم يُعْتَبَرْ ذلك، وإنْ طالَ. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على هذا الأخيرِ عندَ قوْلِه: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْرَأَ في سَكَتاتِ الإِمامِ. ولا تَبْطُلُ بِنيَّةِ قَطْعِها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَبْطُلُ إذا سكَت. واخْتارَه القاضي. قوله: فإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمِين. في مَحَلُّ قولِ المأْمومِ: آمِينَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان؛ أحَدُهما، يقولُه الإمامُ والمأْمومُ مَعًا. قالَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، وابن تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. والوَجْهُ الثَّانِي، يقُولُه بعدَ الإمامِ.

يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الرِّعايَتيْن» و «الحاوِيَيْن»، و «الحَواشِي»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». قلتُ: وهو الأظْهَرُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قوله: يَجْهَر بها الإِمَامُ والمأمُومُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ

فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ، وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا قَرَأَ قَدْرَهَا فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ. وَقِيلَ: فِي عَدَدِ الْآيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا آيَةً وَاحِدَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفْرَداتِ. وعنه، تَرْكُ الجَهْرِ. فائدة: لو ترَك الإمامُ التَّأْمِينَ، أَتَى به المأْمومُ جَهْرًا؛ ليُذَكِّرَه، وكذا لو أسَرَّه الإمامُ، جهَر به المأْمومُ. قوله: فإنْ لم يَحْسِنِ الفَاِتحَةَ وضَاق الوَقْتُ عن تَعلُّمِها، قرَأ قدْرَها في عَدَدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرُوفِ. هذا أحَدُ الوُجوهِ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ». وأنْكَر بعْضُهم هذا الوَجْهَ، وعلى تقْديرِ صِحَّتِه ضَعَّفَه. وقيل: يقْرَأُ قدْرَها في عَدَدِ الحُروفِ والآياتِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال الشَّارِحُ: وهو أظْهَرُ. وصَحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه» و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: يقْرَأُ قدْرَها في عَدَدِ الآيات مِن غيرِها. قدَّمه في «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ». وأطْلقَه هو والأوَّلَ في «المُذْهَبِ». وأطْلق هذا والذى قبلَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وفي بعضِ نُسَخِ «المُقْنِعِ»، قرَأ قدْرَها في عَدَدِ الآياتِ مِن غيرِها، وفى عدَدِ الحُروفِ وَجْهان. وقيل: يقْرَأُ حُروفِها وآياتِها. جزَم به في «الإفَاداتِ». واخْتارَه بعْضُ المُتَأخِّرينَ. وقيلَ: يُجْزِئُ آيَةٌ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: قرَأ قدْرَها إذا ضاقَ الوَقْتُ عن تَعَلُّمِها. أنَّه يسْقُطُ تَعَلُّمُها إذا خافَ فَواتَ الوَقتِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقال

_ (¬1) أخرجه أبو داود،: باب ما يجزئ الأمي والأعجمى من القراءة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 192. والنسائي، في: باب ما يجزئ من القراءة لمن لا يحسن القراءة، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 110. والإمام أحمد، في المسند 1/ 180، 185، 4/ 353، 356، 382. (¬2) في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 199. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 96.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشِّيرازِيُّ: لا يسْقُطُ تعَلُّمُها لخَوْفِ فَواتِ الوَقْتِ، ولا يُصَلِّي بغيرِها، إلَّا أنْ يطولَ زمَنٌ ذلك. قوله: فإنْ لم يُحْسِنْ إلَّا آيةٌ كَرَّرَها بِقَدْرها. على الخِلافِ المُتقَدِّم، وهذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، سواءٌ كانت الآيَة مِنَ الفاتِحَةِ أو مِن غيرِها، ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وعنه، يُجْزِئُ قِرَاءَتُها مِن غيرِ تَكْرارٍ. اخْتارَها ابنُ أبِي مُوسى. وقيل: يقْرَأُ الآيَةَ، ويأْتِي بقَدْرِ بقِيَّةِ الفاتحَةِ منَ الذِّكْرِ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: يَحْتَمِلُ قولُه: فإنْ لم يُحْسِنْ إلَّا آيةً. أنْ تكونَ مِنَ الفاتحَةِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أَرادَ مِن غيرِها. وما قُلْناه مِنَ الاحْتِمالِ الأوَّلِ، أعَمُّ وأوْلَى. فائدة: لو كان يُحْسِنُ آيةً مِن الفاتحَةِ وشيْئًا مِن غيرِها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُكَرِّرُ الآية التى مِنَ الفاتحَة بقَدْرِها. وقيل: يقْرَأُ الآيَةَ والشَّيْءَ الذى مِن غيرِها مِن غيرِ تَكْرارٍ، إنْ كانَ قدْرَ الفاتحَةِ، وإلَّا كرَّر بقَدْرِها، لكنْ قال في «الرِّعايَةِ»: إنْ كان الذى يُحْسِنُه مِن آخِرِ الفاتحَةِ، فَلْيَجْعَلْ قِراءَتَه أخِيرًا. وأطْلَقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه». وابنُ تَميمٍ.

فَإنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُ بِلُغَةٍ أُخْرَى، وَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكلامِ غيرِه؛ أنَّه لو كان يُحْسِنُ بعْضَ آيَةِ، أنَّه لا يُكَرِّرُها. وهو صحيحٌ. جزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم. وقيل: هو كالآيَةِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ عرَف بعْضَ آيَةِ لا يَلْزَمُه تَكْرارٌ. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ خِلافُ ذلك. قوله: فإنْ لم يُحْسِنْ شَيئًا مِنَ القُرْآنِ لم يَجُزْ أن يُتَرْجِمَ عَنْهُ بلُغَةٍ أُخْرَى. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يجوزُ التَّرْجمَةُ عنه بغيرِ العَربِيَّةِ، إذا لم يُحْسِنْ شيئًا مِنَ القُرْآنِ. قوله: ولَزِمَه أنْ يَقُولَ: سُبْحَان اللهِ، والْحَمدُ لله، ولَا إله إلَّا الله، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلّا باللهِ. وكذا قال في «الكافِي»، و «الهادِي». وافَقَ المُصَنِّفَ هنا على زِيادَةِ: ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. صاحِبُ «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيز»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». وزادَ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، العَلِيِّ العَظِيمِ. والذى قدَّمه في «الفُروعِ»، أنَّه لا يقولُ: ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. وعنه، يُكَرِّرُ هذا بقَدْرِ الفاتحَةِ، أو يزيدُ على ذلك شيئًا مِنَ الثَّناءِ والذِّكْرِ بقَدْرِ الفاتحةِ. وذكرَه في «الحاوِي الكَبِيرِ»، عن بعضِ الأصحابِ. وقطَع به الصَّرْصَرِيُّ في «زَوائِدِ الكافِي». قال في «المُذْهَبِ»: لَزِمَه أنْ يقولَ: سُبْحانَ

فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بَعْضَ ذَلِكَ، كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الله، والحْمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، والله أكْبَرُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. ويُكَرِّرَه أو يُضِيفَ إليه ذِكْرًا آخَرَ حتَّى يَصِيرَ بقَدْرِ الفاتحةِ. [قال في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: ويُكَرِّرُه بقَدْرِ الفاتحةِ] (¬1). وما قالَه في «المُذْهَبِ»، هو قولُ ابنِ عَقِيل. وقال القاضي: يأْتِي بالذِّكْرِ المذْكورِ، ويَزيدُ كَلِمتَيْن مِن أيِّ ذِكْرِ شاءَ ليَكونَ سبْعًا. وقال الحَلْوانِيُّ: يَحْمَدُ ويُكَبِّرُ. وقال ابنُه في «تَبْصِرَتِه»: يُسَبِّحُ. ونقلَه صالِحٌ وغيرُه. ونقَل ابنُ مَنْصورٍ، يُسَبِّحُ ويُكَبِّرُ. ونقَل المَيْمُونِيُّ، يُسَبِّحُ ويُكَبِّرُ ويُهَلِّلُ. ونقَل عبدُ اللهِ، يَحْمَدُ ويُكَبِّرُ ويُهَلِّلُ. قال في «الفُروعِ»: واحْتَجَّ أحمدُ بخَبَرِ رِفَاعَةَ. فدَلَّ أنَّه لا يُعْتَبَر الكُلُّ روايةً واحدةً، ولا شيءٌ مُعَيَّنٌ. قوله: فإنْ لم يُحْسِنْ إلَّا بَعْضَ ذلك كَرَّرَه بِقَدْرِهِ. يعْنِي، بقَدْرِ الذِّكْرِ. وهو ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَإنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الذِّكْرِ، وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وقيل: يُكَرِّرُه بقَدْرِ الفاتِحَةِ. ذكَره في «الرِّعايَةِ الكبْرى». وقال ابنُ تَميمٍ: فإِنْ لم يُحْسِنْ إلَّا بعْضَ ذلك، كرَّرَه بقَدْرِه. وفيه وَجْهٌ، يُجْزِئُه التَّحْميدُ والتَّهْليلُ والتَّكْبيرُ. قوله: فإنْ لم يُحْسِنْ شَيئًا مِنَ الذِكْرِ وقَف بِقَدْرِ القِرَاءَةِ. كالأخْرَسِ. وهذا بلا نِزاعٍ في المذهبِ أعْلَمُه، لكنْ يَلْزَمُ مْن لا يُحْسِنُ الفاتحةَ، والأخْرَسَ، الصَّلاةُ خلفَ قارئ، فإنْ لم يَفْعَلا مع القُدْرَةِ، لم تصِحَّ صلاتُهما في وَجْهٍ. وجزَم به النَّاظِمُ. قلتُ: فيُعايىَ بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، خِلافُ ذلك، على ما يأْتِي في الإمامَةِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الأشْهَرِ، يَلزَمُ غيرَ حافِظٍ أنْ يقْرأَ في المُصْحَفِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ أنَّه لا يجِبُ عليه تحْريكُ لِسانِه. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيُر الأصحابِ، وأوْجبَه القاضي. قال ابنُ رَجَبٍ، في «القاعِدَةِ الثَّامنَةِ»: وهو بعيدٌ جِدًّا. انتهى. وهو كما قال، بل لو قِيلَ ببُطْلانِ الصَّلاةِ بذلك إذا كبَّرَ، لَكانَ مُتَّجَهَا، فإنَّ هذا كالعَبْدِ. وتقدَّم نظِيرُ ذلك للشَّيّخِ تقِيُّ الدِّينِ في تَكْبيرةِ الإِحْرامِ، وتقدَّم حُكْمُ الأخْرَسِ ومقْطوع اللِّسانِ هناك.

ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةً، تَكُونُ فِي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الفَاتِحَةِ سُورةٌ؛ تكونُ في الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَفِي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِه. بلا نِزاعٍ. ويأْتِي حُكْمُ السُّورَةِ في ذِكْرِ السُّنَنِ. وأوَّلُ المُفَصَّلِ، مِن سُوَرَةِ «ق» على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ» وغيرِه. وصحَّحه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»: أوَّلُهُنَّ «الحُجُراتُ». وقال ابنُ أَبى الفَتْحِ في «المُطْلِعِ»: للعُلَماءِ في المُفَصَّلِ أربعَةُ أقْوالٍ. فذكرَ هَذَيْن القَوْلَيْن. والثَّالِثُ، مِن أوَّلِ «الفَتْح». والرَّابعُ، مِن أوَّلِ «القِتَال». وصحَّحه ولَدُ صاحِبِ «التَّلْخيصِ». وذكَرَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ، وزادَ في «الآدَابِ» قولَيْن، وهما؛ وقيلَ: مِن {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (¬1)، وقيلَ: مِن {وَالضُّحَى} (¬2). ¬

(¬1) سورة الإنسان 1. (¬2) سورة الضحى 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي الباقي مِن أوْساطِهِ. وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. ونقَل حرْبٌ، في العَصْرِ نِصْفُ الظُّهْرِ. واخْتارَه الْخِرَقِيُّ، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهم: يقْرأُ في الظُّهْرِ أكْثَرَ مِنَ العَصْرِ. وذكرَ في «الرِّعايَةِ الكبْرى» ما اخْتارَه الْخِرَقِيُّ قوْلًا غيرَ هذا؛ فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ ما قالَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، مُرادَ القَوْلِ الأوَّلِ، ويكونَ بَيانًا له. تنبيه: مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّنْ أطْلقَ، إذا لم يكنْ عُذْرٌ، فإنْ كان ثَمَّ عُذْرٌ، لم تُكْرَهِ الصَّلاةُ بأقْصَرَ مِن ذلك، وكذلك المَرِيضُ والمُسافِرُ ونحوُهما، بل اسْتَحَبَّه القاضي في «الجامِعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو خالَفَ ذلك بلا عُذْرٍ، كُرِهَ بقِصارِ المُفَصَّلِ في الفَجْرِ، ولم يُكْرَهْ بطِوالِه في المَغْرِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يُكْرَهُ مُطْلَقًا. قال في «الحَواشِي»: وهو ظاهِر كلامِ غيرِ واحدٍ. وصرَّح به في «الواضِحِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المَغْرِبِ. وقيلَ: لا يُكْرَهُ مُطْلَقًا. قال الشَّارِحُ: لا بأْسَ بذلك. ويأَتِي في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ صلاة الجماعَةِ، اسْتِحْباب تَطْويلِ الرَّكْعَةِ الأُولَى أكْثَرَ مِنَ الثَّانيةِ.

وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قولِه: ويَجْهَرُ الإِمامُ بالقراءةِ في الصُّبْح والأُوليَيْن مِنَ المغْربِ والعِشاءِ. أنَّ المأْمومَ لا يجْهَر بالقراءةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وحُكِيَ قَوْلٌ بالجَهْرِ. قلتُ: وهو ضعيفٌ جِدًّا، لا يُلْتفَتُ إليه، ولا يُعَوَّلُ عليه. فوائد؛ منها، المُنْفَرِدُ والقائمُ لقَضاءِ ما فاتَه مع الإمامِ، يُخَيَّرُ بينَ الجَهْرِ والإِخْفاتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه: يُخَيَّرُ، وترْكُه أفْضَلُ. قال النَّاظِمُ: هذا أقْوَى. وكذا قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وقيل: يَجْهَرُ في غيرِ الجُمُعَةِ. ذكَرَه في «الحاوِي» وغيرِه. وعنه، يُسَنُّ الجَهْرُ. وقيل: يُكْرَهُ. وقالَه القاضي في موْضعٍ. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّ محَلَّ هذا الخِلافِ في قَضاءِ ما فاتَه، على القوْلِ بأنَّ ما يُدْرِكُه مع الإمامِ آخِرُ صلاِته، وما يَقْضِيه أوَّلُها. فأمَّا على القوْلِ بأنَّ ما يقْضِيه آخِرُها، فإنَّه يُسِرُّ. قوْلًا واحِدًا، على ما يأْتِي بَيانُه في الفَوائدِ هناك. ومنها، لا تجْهَرُ المرأةُ، ولو لم يَسْمَعْ صوْتَها أجْنَبِيُّ، بل يَحْرُمُ. قال الإمامُ أحمدُ: لا تَرْفَعُ صوْتَها. قال القاضي: أطْلَقَ الإِمامُ أحمدُ المَنْعَ. قال في «الحاوي»: وتُسِرُّ بالقِراءَةِ في أصَحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الكُبْرَى»، في أواخِرِ صلاةِ الجماعَةِ: وتَجْهَرُ المرأةُ في الجهْرِ مع المَحارِمِ والنِّساءِ. انتهى. وقيل: تجْهَرُ إذا لم يسْمَعْ صوْتَها أجْنبِيٍّ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وأطْلَقَ التَّحْريمَ وعدَمَه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: تجْهْرُ إنْ صلَّتْ بِنِساءٍ، ولا تجْهَرُ إنْ صلَّتْ وحدَها. ومنها، حُكْمُ الخُنْثَى في ذلك حُكْمُ المرأةِ. قالَه في «الرِّعايَة الكُبْرى». ومنها، يُكْرَهُ جهْرُه نَهارًا في صلاةِ النَّفْلِ. في أصَحِّ الوَجْهَيْن، ويُخَيَّرُ ليْلًا. قدَّمه في «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الحَواشِي». زادَ بعْضُهم، نفْلٌ لا تُسَنُّ له الجماعةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه ابنُ حمْدانَ. وقال في «الفُروعِ»، في صلاةِ التَّطَوُّعِ: ويُكرَهُ الجَهْرُ نَهارًا في الأصَحِّ. قال أحمدُ: لا يرْفَعُ ليْلًا، يُراعِي المَصْلَحَة. ومنها، لو قضَى صلاةَ سِرٍّ، لم يَجْهَرْ فيها، سواءٌ قَضاها ليْلًا أو نَهارًا. لا أعْلَمُ فيه خِلافًا، وإنْ قضَى صلاةَ جَهْرٍ في جماعةٍ ليْلًا، جهَر فيها. لا أَعْلَمُ فيه خِلافًا، وإنْ قَضاها نَهارًا، لم يجْهَرْ فيها. على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الكافِي»، والمَجْدُ. وصَحَّحه النَّاظِمُ إذا صلَّاها جماعةٌ. وقبل: يجْهَرُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ».

وَإنْ قَرَأَ بِقِرَاءَةٍ تخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُخَيَّرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وأطْلَقَهُنَّ في «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وفي المُنْفَرِدِ الذى يقضِي، الخِلافُ. قالَه في «الفُروعِ»، وغيره. ومنها: لو نَسِيَ الجهْرَ في الصَّلاةِ الجهْرِيَّةِ فأَسَرَّ، ثم ذكَر جهَر، وبنَى على ما أسَرَّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَبْتَدِئُ القِراءَةَ، سواءٌ كان قد فرَغ منها أوْ لا، وأمَّا إذا نَسِيّ الإِسْرار في صلاةِ السِّرِّ، فجهَر ثم ذكرَ، فإنَّه يَبْنِي على قِراءَته، قوْلًا واحِدًا. وفرَّقَ بينَهما الشَّارِحُ وغيرُه. ومنا، قال ابنُ نَصْرِ اللهِ، في «حَواشِي الفُروعِ»: الأَظْهَرُ أن المُرادُ هنا بالنَّهارِ، مِن طُلوعِ الشَّمْسِ، لا مِن طُلوعِ الفَجْرِ، وباللَّيْلِ؛ مِن غُروبِ الشَّمْسِ إلى طُلوعِها. قوله: وإنْ قَرَأ بقِرَاءَةٍ تَخرجُ عن مصحفِ عثمانَ، لم تَصحَّ صَلاتُه. وتَحْرُمُ؛ لعدَمِ تَواتُرِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإِفَاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الهِدايَةِ» و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يُكْرَه. وتصِحُّ إذا صَحَّ سَنَدُه؛ لصَلاةِ الصَّحابَةِ بعْضِهم خلفَ بعْضٍ. واخْتارَها ابن الجَوْزِيِّ، والشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ. وقال: هي أنَصُّ الرِّوايتَيْن. وقال: وقوْلُ أئمَّةِ السَّلَفِ وغيرِهم: مصْحَفُ عُثمانَ أحَدُ الحُروفِ السَّبْعَةِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَ المَجْدُ أنَّه لا يُجْزئُ عن رُكْنِ القراءةِ، ولا تَبْطُلُ الصَّلاةُ به. واخْتارَه في «الحاوِي الكَبِيرِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الصَّلاةِ بما في مُصْحَفِ عُثْمانَ، سواءٌ كان مِنَ العَشَرَةِ أو مِن غيرِها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ المنْصوصُ عنه، وقطَع به الأكثرُ. وعنه، لا يصِحُّ ما لم يتَواتَرْ. حكَاها في «الرِّعايَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: اخْتارَ الإِمامُ أحمدُ قراءةَ نافعٍ مِن روايةِ إسْمَاعِيلَ بنِ جَعْفَرٍ. وعنه، قِراءَةُ أهْلِ المدينةِ سَواءٌ، قال: إنَّها ليس فيها مَدٌّ ولا هَمْزٌ، كأبِي جَعْفَرٍ يزيدَ بنِ القَعْقَاعِ، وشَيْبَةَ، ومُسْلِم. وقَرَأَ نافِعٌ (عليهم) ثمَّ قراءةَ عاصِمٍ. نقلَه الجماعةُ؛ لأنَّه قرَأَ على أبِي عبدِ الرَّحْمَنِ السّلمِيِّ. وقرَأَ أبو عبْدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّحْمنِ على عُثْمانَ، وعَلِيٍّ، وزَيْدٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وابن مَسْعُودٍ. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ أنَّه اخْتارَها مِن روايَةِ أَبى بَكْرِ بنِ عَيَّاشٍ عنه؛ لأنَّه أضْبَطُ منه، مع عِلْمٍ وعَمَلٍ وزُهْدٍ. وعن أحمدَ، أنَّه اخْتارَ قِراءَة أهْلِ الحِجَازِ. قال: وهذا يَعُمُّ أهْلَ المدينةِ ومَكَّةَ. وقال له المَيْمُونِيُّ: أيَّ القِراءَاتِ تخْتارُ لى فَأَقْرَأُ بها؛ قال: قِراءَةُ أَبى

ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَرْكَعُ مُكَبِّرًا، فَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَمْرِو بنِ العَلاءِ، لُغَةُ قُرَيْشٍ والفُصَحاءِ مِنَ الصَّحابَةِ. انتهى. وفي هذا كِفايَةٌ. قوله: ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ويَرْكَعُ، مُكَبِّرًا. فيَكونُ رفْعُ يَدَيْه مع ابْتِداءِ الرُّكوعِ عندَ فَراغِه مِنَ القراءةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وعنه، يرْفَعُ مكَبِّرًا بعدَ سَكْتَةٍ يسيرَةٍ. فائدة: قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، وغيرُهم: يَنْبَغِي أنْ يكونَ تكْبِيرُ الخفْضِ والرَّفْع والنُّهُوضِ ابْتِداؤُه مع ابْتِداءِ الانْتِقالِ، وانْتِهاؤُه مع انْتِهائِه، فإنْ كمَّلَه في جُزْءٍ منه أجْزَأَه؛ لأنَّه لم يخْرُجْ به عن مَحَلِّه، بلا نِزاعٍ. وإنْ شرَع فيه قبلَه، أو كمَّلَه بعدَه، فوقَع بعْضُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خارجًا عنه، فهو كتَرْكِه؛ لأنَّه لم يُكَمِّلْه في محَلِّه، فأَشْبَهَ مَن تَمَّمَ قِرَاءَتَه راكِعًا، أو أخذ في التَّشَهُّدِ قبلَ قُعودِه. وقالوا: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، كما لا يأتِي بتَكْبيرَةِ رُكوعٍ أو سُجودٍ فيه. ذكَره القاضي وغيرُه وِفاقًا. ويَحْتَمِلُ أنْ يُعْفَى عن ذلك؛ لأنَّ التَّحَرُّزَ منه يَعْسُرُ، والسَّهْوَ به يكْثُرُ، ففي الإبْطالِ به أو السُّجودِ له مَشَقَّةٌ. قال ابنُ تَميمٍ: فيه وَجْهان؛ أظْهَرُهما، الصِّحَّةُ. وتابَعَه ابنُ مُفْلِحٍ في «الحَواشِي». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ذكَره في واجِباتِ الصَّلاةِ. وحُكْمُ التَّسْبيحِ والتَّحْميدِ حُكْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّكْبيرِ. ذكرَه في «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم أوَّلَ البابِ؛ لو أتَى ببَعْضِ تكْبيَرةِ الإِحْرامَ راكِعًا.

وَيَجْعَلُ رأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ، لَا يَرْفَعُهُ وَلَا يَخْفِضُهُ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَقَدْرُ الْإِجْزَاءِ الِانْحِنَاءُ بِحَيّثُ يُمْكنُهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقدْرُ الإجْزاءِ الانْحِناءُ، بحيث يُمْكنُه مَسُّ رُكْبَتَيْه. مُرادُه، إذا كان الرَّاكِعُ مِن أوْسَطِ النَّاس، وَقدْرُه مِن غيرِه. وهذا المذهبُ. وجزَم به الجمهورُ؛

ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. ثَلَاثًا، وَهُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوِي»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وصرَّح جماعةٌ بأَنْ يمَسَّ رُكْبَتَيْهِ بكَفَّيْه؛ منهم الآمِدِيُّ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». قال في «الوَسِيلَةِ»: نصَّ عليه. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: واخْتَلَفَ كلامُ الأصحابِ في قَدْرِ الإجْزاءِ؛ فظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، في «المُقْنِعِ»، وأبِي الخَطَّابِ، وابن الزَّاغُونِيِّ، وابنِ الجَوْزِيِّ، أنَّه بحيثُ يُمْكِنُه مَسُّ رُكْبَتَيْه بيدَيْه، فيُصدِّقُ برُءوسِ أصابِعِه. قال: والصَّحيحُ ما صرَّح به الآمِديُّ، وابنُ البَنَّا في «العُقودِ»، أنَّه قَدْرُ ما يُمْكِنُه مِن أخْذِ رُكْبَتَيْه بكَفَّيْه في حَقِّ أوْساطِ النَّاسِ، أو قَدْرُه مِن غيرِهم. وقال في «الرِّعايَةِ»: في أقَلَّ مِن ذلك احْتِمالان. وقال المَجْدُ: وضابِط الإجْزاءِ الذى لا يخْتلِفُ، أنْ يكونَ انْحِناؤُه إلى الرُّكوعِ المُعْتَدِلِ أقْرَبَ منه إلى القِيامِ المُعْتدِلِ. قوله: ويقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ الأفْضَلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُ: سُبْحانَ ربِّيَ العَظيمِ. فقط، كما قال المُصَنِّفُ، وقطَع به الجمهورُ. وعنه، الأفضلُ قوْلُ: سُبْحانَ رَبِّيَ العَظيمِ وبحَمْدهِ. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال في «الفائقِ» وغيرِه: ولا يُجْزِئُ غيرُ هذا اللَّفْظِ. قوله: ثَلاثًا. وهُوَ أَدْنَى الكَمَالِ. هذا بلا نِزاعٍ أعْلَمُه في تَسْبِيحَيِ الرُّكوعِ والسُّجودِ. وأمَّا أعْلَى الكمالِ؛ فتارةً يكونُ في حَقِّ الإمامِ، وتارةً يكونُ في حقٍّ المُنْفَرِدِ، فإنْ كان في حَقِّ الإمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الكَمالَ في حقِّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ إلى عَشْرٍ. قال المَجْدُ، وتابعَه صاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: الأصَحُّ ما بينَ الخَمْسِ إلى العَشْرِ. قالَا: وهو ظاهِرُ كلامِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: ثَلاثٌ، ما لم يُوتِرِ المأْمُومُ. قال في «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»: ولا يَزيدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامُ على ثَلاثٍ. وقيل: ما لم يَشُقَّ. وقالَه القاضي. وقيل: لا يزيدُ على ثَلاثٍ إلَّا برِضَا المأْمومِ، أو بقَدْرِ ما يحْصُلُ الثَّلاثُ له. وقيل: سبْعٌ. قدَّمَه في «الحاوِيَيْن»، و «حَواشِي ابنِ مُفْلحٍ». قال صاحِبُ «الفائقِ»، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميم: هو ظاهر كلام الإمام أحمدَ. وظاهر كلام ابن الزَّاغُونِيِّ في «الواضِحِ»، أن الكمالَ فَى حقه قَدْرُ قراءتِه. وقال الآجُرِّيُّ: الكمالُ خَمْسٌ؛ ليُدرِكَ المأمومُ ثلاثًا. وقيل: ما لم يخَف سَهْوًا. وقيل: ما لم يَطلْ عُرْفًا. وقيل: أوْسطه سبْعٌ، وأكثَرُه بقَدْرِ القِيامِ. وأمَّا الكمالُ في حَقِّ المنْفَرِد، فالصحيحُ، أنَّه لا حدَّ لغايَتِه، ما لم يخَفْ سَهْوًا. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه الزرْكَشِيُّ. وجزَم به في «المستَوْعِبِ». وقيل: بقَدْرِ قيامه. ونسَبَه المَجْد إلى غيرِ القاضي مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفائقِ». وأطْلقَهما ابنُ تَميم. وقيل: العُرْفُ. وأطْلقَهُنَّ في «الفروع». وقيلَ: سبع. وقَدَّمه في «الحاويَيْن»، و «الحَواشِي». وقيل: عشْرٌ. وقيل: أَوْسَطُه سَبْعٌ، وأكْثرُه بقدْرِ قِراءَة القِيام. كما تقدَّم في حقِّ الإمامِ.

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثُمَّ يَرْفَعُ رَأسَهُ، قائِلًا: سَمِع اللهُ لمَن حَمِدَه. ويَرْفَعُ يدَيْهِ. ويَحْتمِلُ أن يكونَ مُرادُه، أنْ يَرْفَعَ يَدَيْه مع رفْعِ رأْسِه. وهو إحْدَى الرُّوايَتيْن في حقِّ الإمامِ والمنْفرِدِ. وهو المذهب. وهو ظاهِرُ كلامِ جمهورُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: وهي أصَحُّ. وصحَّحه في «مَجْمَعُ البَحْرَيْن». وقدمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» و «الفائقِ». وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِح. وعنه، مَحَلُّ رفْع يَدَيْه بعدَ اعْتِدالِه. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ أَيضًا. وقدّمه ابنُ رزِين في «شَرْحِه». وأطْلقَهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميم»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحَواشِي». وقال القاضي: يرفَعُ يَديه مع رفْعِ رأسِه إنْ كان مأمُومًا، روايةً واحدةً. وكذا المُنْفَرِدُ، إنْ قلْنا: لا يقُولُ بعدَ الرفْعِ شيئًا. وجزَم به ابنُ مُنجَّى في «شَرْحِه»؛ فقال: أمَّا المأْمومُ فيبْتَدِئُه عندَ رَفْع رأسِه، روايةً واحدةً. وكذلك المنْفَرِدُ إنْ لم يَشْرَعْ له قوْلُ: رَبنا ولك الحَمْدُ. وقد قطَع المصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، بأنَّ رفْعَ اليدَين في حَقِّ المأْمومِ يكونُ مع رفْعِ رأسِه.

فَإذَا قَامَ قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السّمَاءِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا قامَ قال: ربَّنَا ولك الحَمْدُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الإتْيانَ بالواوِ أفْضَلُ في قولِه: ربَّنا ولك الحَمْدُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، الإتْيَانُ بلا واوٍ أفْضَلُ. فالخِلافُ في الأفْضَلِيَّةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يتَخَيَّرُ في ترْكِها، بل يأْتِي بها. قال في «الرعايَةِ»: ويجوزُ حذْفُ الواوِ على الأصَحِّ. فائدة: له قولُ: اللَّهُمَّ رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ. وبِلا واوٍ أَفْضَلُ. نصَّ عليه. وعنه، يقولُ: رَبَّنَا ولكَ الحمْدُ. ولا يتَخَيَّرُ بينَه وبينَ: اللَّهُمَّ رَبَّنا ولك الحَمْدُ. بالواوِ، وجازَ على الأَصَحِّ. فحكَى الخِلافَ في «الفُروعِ» مع عدَمِ الواوِ. وحكَاه في «الرِّعايَةِ» مع الواوِ، وهو أَوْلَى. قوله: ملْءَ السماءِ وَمِلءَ الأرْضِ. هكذا قالَه الإمامُ أحمدُ، وكثيرٌ منَ الأصحابِ، يعْنى، مِلْءَ السَّماءِ. على الإفْرادِ، منهم ابنُ عَقِيل في «الفُصُولِ»، و «التذْكِرَةِ»، وابنُ تَميمٍ، في «الهِدايَةِ»، و «الإيضَاحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «الإفاداتِ»، و «المُغْنِي»، و «الخِرَقِيِّ»، و «الكافى»، و «العُمْدَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُستوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشرحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوَّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «الحاوِييْن»، وغيرهم. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ»: والمعْروف في الأخْبارِ، مِلْءَ السَّمَواتِ، بالجمع. قلتُ: وجزَم به في «الرعايتَيْن». فائدتان، إحداهما، لو رفَع رأسَه مِنَ الرُّكوعِ فعطَس، فقال: رَبَّنا وَلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَمْدُ. ينْوِي بذلك عن العَطْسَةِ وذِكْرِ الرَّفْعِ، لم يُجْزِئْه. على الصحِيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايِة حَنْبَلٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الشرح». وقال المصَنِّفُ: يُجْزِئُه. وحملَ كلامَ الإمام أَحْمد على الاسْتِحْبابِ. فعلَى المذهبِ، لا تَبْطلُ صلاتُه على الصحيح. وعنه، تَبْطُلُ. ومثْل ذلك لو أَرادَ الشُّروعَ في الفاتحةِ فعطَس، فقال: الحَمْدُ للهِ ينْوِي بذلك عنِ العُطاسِ والقراءةِ. قال في «الفروع» في بابِ صِفَة الحَجِّ والعُمْرةِ: وفي الإجْزاءِ عن فَرْضِ القِراءَةِ وجْهان، وأطْلَقَهما ابنُ تَميم، ذكَره في بابِ ما يُبْطِلُ الصَّلاةَ، فظاهرُ كلامِهما، أَنَّها لا تُبْطلُ، وإنَّما الخِلاف في الإجْزاءِ عن

فَإنْ كَانَ مَأمُومًا لَمْ يَزِدْ عَلَى: رَبَنا وَلَكَ الْحَمْدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرْضِ القِراءَةِ. الثَّانيةُ، قال الإمامُ أَحْمد: إذا رفَع رأسَه مِنَ الرّكوعِ، إن شاءَ أرسلَ يدَيْه، وإنْ شاءَ وضَع يمينَه على شِمالِه. وقال في «الرعايَة»: فإذا قامَ أحدُهما أوِ المأمومُ حطَّهُما، وقال: رَبَّنَا وَلكَ الحَمْدُ. ووضَع كل مُصَلِّ يمِينَه على شِمالِه تحتَ سُرَّتِه. وقيل: بل فوْقَها تحتَ صدرِه، أو أرْسَلَهما. نصَّ عليه كما سبَق. وعنه، إذا قامَ رفَعهما، ثم حطَّهُما فقط. انتهى. وقال في «المُذْهَبِ»، و «الإفَاداتِ»، و «التلْخيص»، وغيرِهم: إذا انتصب قائِمًا أرْسَلَ يدَيْه. وقالَه القَاضى في «التعْليقِ» في افْتِراشِه في التَّشَهُّدِ. قال في «الفُروعِ»: وهو بعيدٌ. قوله: فإنْ كان مَأْمُومًا لم يَزدْ على رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال أبو الخطَّابِ: هو قوْلُ أصحابِنا. وعنه، يَزِيدُ: مِلْءَ

إلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّمَاءِ، إلى آخِرِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وصاحِب «النَّصِيحةِ»، والمَجْدُ في «شرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي الكَبِيرِ»، والشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ. وعنه، يزيدُ على ذلك أَيضًا: سَمِع اللهُ لمَنْ حمِدَه. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ أَيضًا. قَال الزَّرْكَشِيُّ: كلامُ أبي الخطابِ محْتَملٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوله: فإنْ كان مأمومًا، لم يَزِدْ على رَبَّنا وَلَك الحَمْدُ. أنَّ المُنْفَرِدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالإمامِ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسَمَّعُ ويَحْمَدُ فقط. وعنه، يُسَمِّعُ فقط. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفيها ضعْفٌ. وعنه، يَحْمَدُ فقط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ الأُولَى، يُسْتَحَبُّ أنْ يزِيد على: ما شِئْتَ من شئٍ بعده فيقولَ: أهْلَ الثناءِ والَمَجْدِ، أحَقُّ ما قالَ العَبْدُ، وكُلُّنا لكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لِمَا منَعْتَ، ولا ينْفعُ ذا الجَدُّ مِنكَ الجَدُّ. وغيرَ ذلك مما صَحَّ. وهذه إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهي الصَّحيحةُ. صحَّحه المصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَه في «الفائقِ»، وأبو حَفْصٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجاوِزُ: مِن شئٍ بعْدُ. قدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرى». وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: الصَحيحُ أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوْلَى ترْك الزَّيادَةِ لمَنْ يكْتَفِي في ركوعِه وسجودِه بأدْنَى الكمالِ، وقوْلُهما إذا

ثُمَّ يُكَبِّر وَيَخِرُّ سَاجِدًا، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أطَالَهما. وقال في «الرِّعايةِ»: قلتُ: يجوزُ، للأَثَرِ. وقال في «مَجْمع البَحْرَين»: لا بأْسَ بذلك. الثَّانية، محَلُّ قولِ: ربَّنا وَلكَ الحَمْدُ. في حقِّ الإمامِ والمُنْفَردِ بعدَ القِيامِ مِنَ الرُّكوعِ؛ لأنهما في حالِ قِيامهما يقُولان: سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَهُ. ومَحَلُّه في حَق المأمومِ حالُ رَفْعِه قوله: ثُمَّ يُكَبِّرُ ويَخَرُّ ساجدًا، ولا يْرفَعُ يَدَيْه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَرْفعُهما. وعنه، يَرْفَعُ في كُلِّ خفْضٍ ورَفْعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حيث اسْتحِبَّ رفعُ اليَدَيْن؛ فقال الإمامُ أحمدُ: هو مِن تَمامِ الصَّلاةِ. مَن رفَع أَتَمَّ صلاةً ممَّن لم يرْفَعْ. وعنه، لا أدْرِي. قال القاضي: إنَّما تَوَقَّفَ على نحوِ ما قالَه ابن سِيرِينَ: إن الرَّفْعَ مِن تمام صِحَّتِها. ولم يتَوَقَّفْ عن التَّمامِ الذى هو تَمامُ فَضِيلَةٍ وسُنَّةٌ. قال الإمامُ أحمدُ: مَنْ ترَكَه فقدْ ترَك السُّنَّةَ. وقال المَرُّوذِيُّ: مَنْ ترَك الرفْعَ يكون تاركًا للسُّنَّةِ. قال: لا يقولُ هكذا، ولكنْ يقول: راغِبٌ عن فِعْلِ النبيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأنْفَهُ، وَيَكُونُ عَلَى أطْرَافِ أصَابِعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَيضَعُ رُكْبَتَيهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وهو المشْهورُ عن أحمدَ. وعنه، يضَعُ يدَيْه ثم رُكْبَتيْه. قوله: ويكونُ على أطْرافِ أصَابِعه. الصَّحيحُ مِن المذهبِ؛ أنَّ هذه الصِّفَةَ هي المُستَحَبَّةُ، وتكونُ أصابِعه مفَرقَةً موَجهةً إلى القِبْلَةِ. وقيل: يجْعَلُ بطُونَها على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأرْضِ. وقيل: يُخَيَّرُ في ذلك. وقَال في «التَّلْخِيصِ»: وهل يجِبُ أنْ يجْعَلَ باطِنَ أطْرافِ أصابعِ الرِّجْليْن إلى القِبْلَةِ في السُّجودِ؛ فظاهِرُ إطْلاقِ الأصحابِ، وُجوبُ ذلك، إلَّا أنْ يكونَ في رِجْلَيْه نَعْلٌ أو خفٌ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يجِبُ فَتْحُ أصابعِ رِجْلَيْه إنْ أمْكنَ. فوائد؛ الأُولَى، لو سجَد على ظَهْرِ القدَمِ، جازَ. قالَه ابنُ تميمٍ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانية، يُسْتَحَبُّ ضَمُّ أصابع يَدَيْه في السجودِ. قال الإمامُ أحمدُ: ويُوجِّهُهما نحوَ

وَالسُّجُودُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَاجِبٌ، إلَّا الْأَنْفَ عَلَى إحْدَى الرَّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القبْلةِ. الثَّالثةُ، لو سقط إلى الأرْضِ مِن قِيامٍ أو رُكوعٍ، ولم يطْمَئِنَّ، عادَ قائمًا به، وإنِ اطْمأنَّ، عاد فانتصَبَ قائمًا ثم سجَد، فإنِ اعْتدَلَ حتَّى سجَد، سقَط. وقال المَجْدُ في «شرحِه»: إنْ سقط مِن قِيامِه ساجِدًا على جبْهَتِه، أجْزأَه باسْتِصْحابِ النية الأولَى؛ لأنَّه لم يخْرُجْ عن هيْئَةِ الصَّلاةِ. قال أبو المَعالى: إنْ سقط مِن قِيام لمَّا أَرادَ الانحِناءَ قَامَ راكِعًا، فلو أُكْمَل قِيامَه ثم ركَع، لم يُجْزِئْه كرُكوعَيْن. قوله: والسُّجُودُ على هذه الأعْضاءِ واجبٌ. أي رُكْنٌ إلَّا الأْنفَ على إحْدَى الرِّوايتيْن. وأطْلقَهما في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصة» و «المُغنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُسْتَوعِبِ» و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الشَّرحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الزرْكشيِّ»، إحْدَاهما، يجبُ السُّجودُ عليه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. قال القاضي: اخْتارَه أبو بكْرٍ وجماعةٌ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه ابن عَقِيل في «الفصولِ»، وصاحِبُ «تصْحيحِ المُحَررِ». واخْتارَه ابن عَبْدوس في «تذْكِرَتِه». وجزَم به في «الإفَاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «نَظْمِ المفْرداتِ». وهو منها. وقدَّمه في «الخلاصَة»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شرحِه». والرِّوايةُ الثانيةُ، لا يجِبُ. اخْتاره القاضي. وصحَّحه في «التَّصْحِيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «إدْرإكِ الغايةِ». وروَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآمِدِيُّ عن الإمامِ أحمدَ، أنَّه لا يجِبُ السُّجودُ على غيرِ الجَبْهَةِ. قال القاضي في «الجامِع»: هو ظاهِرُ كلامِ الإمام أحمدَ. وجزَم النَّاظِمُ أنَّ السُّجودَ على هذه الأعْضاءِ ومُباشَرَةَ المُصَلِّي بها، واجِبٌ لا رُكْنٌ. وقال: يجْبُرُه إذا تركَه ساهِيًا أُتَى بسُجودِ السَّهْوِ. قال في «الفروعِ»: ولعَلَّه أُخِذَ مِن إطْلاقِ بعضِهم الوُجوبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وليس بمتَّجَهٍ وهو كما قال؛ إذْ لم نَرَ أحدًا وافَقَه على ذلك صَرِيحًا. فائدتان؛ الأولَى، يُجْزِئُ السُّجودُ على بعض العضْوِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ولو كان بعضُها فوقَ بعضٍ؛ كأن يَضَعَ يَدَيْه على فَخِذَيْه حالةَ السُّجودِ. ونقَل الشَّالَنْجِيُّ: إذا وضَع مِن يَدَيْه بقَدْرِ الجبْهَةِ، أجْزأه. قال ابنُ

وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ المُصَلَّى بِشَيْء مِنْهَا، إلَّا الْجَبهَةَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ: ويجوز السجودُ ببَعْض الكَفِّ، ولو على ظهْرِه أو أطْرافِ أصابِعِه، وكذا على بعض أطْرافِ أصابع قدَمَيْه، وبعض الجَبْهةِ. وذكر في «التلْخيص»، أنَّه يجِبُ على باطِن الكَف. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يُجْزِئُه أنْ يسْجُدَ على أطْرافِ أصابعِ يدَيْه، وعليه أنْ يستَغْرقَ اليَديْن بالسجودِ، ويُجْزِئُ السُّجودُ على ظَهْرِ القَدَمِ. انتهى. الثانيةُ، لو عجزَ عن السجودِ بالجَبْهَةِ أو ما أمْكَنَه، سقَط السُّجودُ بما يقدِرُ عليه مِن غيرِها. على الصحِيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يسْقطُ، فيَلْزمُه السُّجودُ بالأنْفِ. ولا يجْزِئُ على الأنْفِ مع القُدْرَةِ على السُّجودِ بالجَبْهَةِ، قولًا واحِدًا. ولو قدَر على السُّجود بالوَجْهِ، تَبِعَه بقِيَّةُ الأعْضاءِ، ولو عجَز عن السجودِ به، لم يلْزَمْه بغيرِه، خِلافًا «لتَعْليقِ القاضي»، لأنَّه لا يُمْكِنُه وضْعُه بدُونِ بعضِها، ويُمْكِنُ رفعُه بدُونِ شيءٍ منها. قولُه: ولا يَجِبُ عليه مُبَاشرة المصلَّى بشيء منها إلَّا الجبهةَ، على إحدَى الرِّوايَتَيْن. وأطْلَقَهما في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» و «مَسْبُوكِ الذَّهَبَ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الحاوي»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْدَاهما، لا تجِبُ المُباشَرَةُ بها، يغْنى، أنَّها ليستْ برُكْنٍ. وهذا المذهبُ. وعليه جمهورُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضى. قال في «الفُروعِ»: هذا ظاهرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وصحَّحه الشَّارِحُ، والمَجْدُ في «شرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. واخْتارَه ابن عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»، و «المُنَوَّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «المحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايِةِ». قال القاضي في «المُجَردِ»، وابنُ رزِينٍ في «شرحِه»: لو سجَد على كَوْرِ العِمامَةِ أو كمِّهِ أو ذَيْلِه، صحَّتِ الصلاة، روايةً واحدةً. والروايةُ الثَّانيةُ، تجبُ المُباشَرَةُ بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّحه في «النَّظْم». وقدَّمه في «الحاويَيْن»، و «ابنِ تَميم». وقال: قطَع به بعضُ أصحابِنا. وقال ابن أبِي مُوسى: إنْ سجَد على قلَنْسُوتِه، لم يُجْزِئه، قوْلًا واحِدًا، وإنْ سجَد على كَوْرِ العِمامَةِ لتَوَقِّي حَرٍّ أو بَرْدٍ، جازَ قولًا، واحِدًا. وقال صاحِب «الروْضَةِ»: إنْ سجَد على كوْرِ العِمامَةِ، وكانتْ مُحَنَّكةً، جاز، وإلَّا فلا. فعلى المذهبِ، في كراهَةِ فِعْلِ ذلك رِوايَتان. وأطلقهما في «المُغني»، و «الشَّرْحِ»، و «الفروع»، و «مُخْتَصَرِ ابن تَميم»، و «الرعايَةِ الكبْرى». وحكَاهُما وَجْهيْن. قلتُ: الأوْلَى الكراهَةُ. تنبيه: صرَّحَ المصَنِّفُ أنَّه لا يجِبُ عليه المباشَرَة المُصَلِّي بغيرِ الجَبْهَةِ. وهو صحيح. أما بالقَدَمَيْن والركْبَتَيْن، فلا يجبُ المُباشَرَةُ بها إجْماعًا. قالَه المَجْدُ في «شرْحه»، بل يُكْرَهُ كشْف رُكْبتيْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ. وأمَّا باليَدَيْن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، كما قال المُصَنفُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وعنه، يجِبُ. قال القاضي في موْضِع مِن كلامِه: اليَدُ كالجَبْهَةِ في اعْتِبارِ المُباشَرَةِ. ونقَل صالِحٌ: لا يسْجُدُ ويَدَاه في ثَوْبِه، إلَّا مِن عُذْرٍ. وقال ابنُ عَقِيل: لا يسْجُدُ على ذَيْلِه أو كُمه. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ كونَ مثْلَ كَوْرِ العِمامَةِ. وقال صاحِبُ «الروْضَةِ» إذا سجَد ويدُه في كُمِّه مِن غير عُذْر، كُره، وفي الإجْزاءِ رِوايَتان. فعلى المذهبِ يُكْرَهُ سَتْرُهما. وعنه، لا يُكْرَهُ. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ فيما تقدَّم إذا لم يكنْ عُذْرٌ، فإنْ كان ثَمَّ عُذْرٌ من حَرٍ أو بَرْدٍ ونحوِه، أو سجَد على ما ليس بحائلٍ له، فلا كَراهَةَ، وصلاُته صَحيحَة، رِوايةً واحدة. قالَه ابنُ تَميمٍ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُكْرَهُ لعُذْرٍ. نقلَه صالِحَ وغيرُه. وقال في «المستوْعِبِ»: ظاهِرُ ما نقلَه أكثرُ أصحابِنا، لا فرق بين وُجودِ العُذْرِ وعدَمِه. قال في «الفروع»: كذا قال، وليس بمُرادٍ. وقد قال جماعةٌ: تكْرَه الصلاة بمكانٍ شديدِ الحَرِّ والبَرْدِ. قال ابنُ شهَابٍ: لتركِ الخُشُوعِ،

وَيُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِدَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكبَيْهِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كمُدافَعَةِ الأخْبَثَيْنِ. فائدة: قوله: ويُجافى عَضدَيْه عن جَنْبَيْهِ، وبَطه عن فَخِذيْهِ. قال الأصحابُ: وفَخِذَيْه عنْ ساقَيْه. وذلك مُقَيَّدٌ بما إذا لم يُؤْذِ جارَه، فإنْ آذَى جاره بشئٍ مِن ذلك، لم يفْعَلْه، وله أنْ يعتَمِدَ بِمَرْفِقَيْه على فَخِذَيْه إنْ طالَ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ولم يُقَيِّدْه جماعَةٌ بالطّولِ، بل أطْلَقوا. وقيل: يعْتَمِدُ في النَّفْل دُونَ الفَرْضِ. وعنه، يُكْرَهُ. فَوائد؛ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يُفَرِّقَ بينَ رِجْلَيْه حالَ قِيامِه، ويُراوِحُ بينَهما في النَّفْلِ والفرْضِ، ويأتِي ذلك عندَ قوله: يُكْرَهُ التَّراوُحُ. بأتمَّ مِن هذا. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُكْرهُ أنْ يُلْصِق كَعْبيْه. ومنها، لو سجَد على مَكانٍ أعْلَى مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موْضِع قَدميْه؛ كنشْزٍ (¬1) ونحوِه، جازَ، وإنْ لم تَكنْ حاجة. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وقال: قالَه بعضُ أصحابِنا. قال ابنُ عَقِيل: يكون موْضِعُ سُجودِه أعْلَى مِن موْضع قدمَيْه. وقيل: تبطُلُ بذلك. وقال في «التلْخيص»: اسْتِعْلاء الأسْفَلِ واجبٌ. وقيل: تبطُل إنْ كَثُرَ. قال أبو الخطابِ وغيرُه: إنْ خرَج عن صِفَةِ السُّجودِ، لم يُجْزِئْه. وقال ابنُ تميم: الصَّحيحُ أن اليسِيرَ من ذلك لا بأسَ به دُونَ ¬

(¬1) النشز: المكان المرتفع.

وَيَقُولُ: سبحانَ رَبىَ الْأَعْلَى. ثَلاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الكثيرِ. قالَه شيْخنا أبو الفَرج بنُ أبي الَفهمِ. وقدَّمه في «الرِّعايتين». قال في «الحاويين»: لم يكْرهَ في أحَدِ الوجْهيْن. وأطْلَقَهن في «الفُروعِ». ومنها، قال الأصحابُ: لو سجَد على حَشِيشٍ، أو قطْن، أو ثَلجٍ، أو بَرَدٍ ونحوِه، ولم يجدْ حجْمَه، لم يصحَّ؛ لعدَمِ المَكانِ المسْتَقِرِّ. قوله: ويضَعُ يَدَيْه حذْوَ مَنْكبَيْه. يعنى، حالةَ السُّجود. والخِلاف في مَحلّ وَضْع يدِه حالةَ السُّجودِ، كالخِلافِ في انْتِهاءِ رَفْع يدَيْه لتكبِيرَة الإحرامِ، على ما تقدّم، لكنْ خيرهُ هنا في «المحَررِ»، وقدَّم هناك؛ إلى مَنْكبَيْه. قال في «النكَت»: وفيه نظر، أو يكون مُرادُه، ويجْعل يدَيْه حذْوَ منْكبَيه أو أُذُنيه، يعْنِي، على ما تقدم مِنَ الخِلافِ. قولُه: ويَقول: سُبحانَ رَبِّيَ الأعْلَى. ثَلاثًا. واعلمْ أنّ الخلافَ هنا في أذنَى الكمالِ وأعْلاه وأوْسَطِه، كالخلاف في: سُبْحانَ رَبىَ العظيم. في الرُّكوعِ، على ما مَرَّ.

ثُمَّ يَرفَعُ رأسَهُ مُكَبرًا، وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، يَفْرِشُ رِجْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يَفْرشُ رِجْلَه اليُسرَى، ويَجْلِس عليها، ويَنْصِبُ الْيمنَى. هذا المذهبُ في صفَة الافْتراش لا غيرُ. وعليه الجمهور، وجُمْهورُهم قطَع به. وقال ابن الزَّاغونِيٌ في «الواضحِ»: يفْعَل ذلك، أو يُضْجِعُهما تحت يُسْراه.

الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْها، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِر لِي. ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثُمَّ يقولُ: رب اغْفِر لِي. ثلاثًا. اعلمْ أن الصحيح مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الكمالَ هنا ثلاثٌ لا غيرُ. قال المَجْدُ في «شرحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحريْن»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الفروعِ»، والمَجْدُ في «شَرحِه»، وصاحب «مَجْمَع البَحرين»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصغير». وقال ابن أبي موسى: السَّنة أنْ لا يزيدَ على مرَّتْيْن. وهو ظاهِرُ كلام الخرقىّ. وقال المصَنفُ، والشّارح، وابن الزاغونى في «الواضحِ»، وابن تميم، وابنُ رزِين في «شرحِه»: أدْنَى الكمالِ ثَلاث. والكَمال فيه مِثْل الكمالِ في تسبيح الرّكوعِ والسُّجود، على ما مضَى. قال الزَّركَشِي: هذا المشْهورُ. وقدَّمه ابنُ تَميم. وقال في «الحاوِي الكبيرِ»: والكمال هنا سبعٌ. وقيل: لغير

ثُمَّ يَسْجُدُ الثانِيَةَ كالأولَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامَ. ولم يَزِد على ذلك. وقال ابنُ عبْدوس في «تذْكِرَتِه»: ويُسَنُّ ما سهُلَ وترًا. فائدة: لا تكْرهُ الزيادَةُ على قولِه: رَبِّ اغْفِر لي. ولا على: سُبْحانَ رَبىَ العَظيم، وسُبْحانَ رَبى الأعْلَى. في الركوعِ والسُّجودِ، مما ورَد في الأخْبارِ. على الصَّحيح منَ المذهب. وقيل: يُكرَهُ. وعنه، يُسْتحَبُّ في النفْلِ. وقيل:

ثُمَّ يَرفَعُ رأسَهُ مُكَبرًا، وَيَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والفَرْضِ أَيضًا. اخْتارَه المصنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ». وتقدّم، هل تُسْتَحبُّ الزيادةُ على: ما شئت مِن شئٍ بعدُ. في الرفْع مِنَ الركوعِ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَقُومُ على صدورِ قدَمَيْه، معْتَمِدًا على رُكبَتَيْهِ، إلَّا أنْ يَشقَّ عليه، فَيَعْتَمِدَ بالأرضِ. الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ أنَّه إذا قامَ مِن السجْدَةِ الثّانية لا يجْلِسُ جلْسَةَ الاسْتِراحةِ، بل يقومُ على صدورِ قَدَميْه، مُعْتمدًا على ركْبَتَيْه. نص عليه، إلَّا أنْ يشُق عليه. كما قدَّمه المصَنّف، وعليه أكثر الأصحابِ. قال الزرْكَشي: هو المُخْتار منَ الروايتَيْن عند ابنِ أبِي مُوسى، والقاضى، وأبِي الحُسَيْنِ. قال ابن الزَّاغونِي: هو المُخْتار عندَ جماعةِ المشايخِ. وجزم به في «الْخِرَقِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «العُمدة»، و «الوَجيزِ»، و «المنَورِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ». وقدمه في «الفروع»، و «المُحَررِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الكبِيرِ»، و «الفائقِ»، و «إدراكِ الغايِة»، و «مَجْمَع البَحرَيْن». وعنه، أنَّه يجْلِسُ جَلْسَةَ الاستِراحَةِ. اخْتارَه أبو بكر عبد العزيز، والخلال، وقال: إنَّ أَحْمد رجع عنِ الأولَ، وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الرعايتَيْن»، و «الحاوي الصغِيرِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايِة»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

إلَّا أنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ، فيَعْتَمِدَ بِالْأَرضِ. وَعَنْهُ، يَجْلِسُ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى قَدَمَيْهِ وأَليَتَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهب»، و «التلْخيص»، و «البُلْغة»، و «شَرح المَجْد». وقيل: يجْلِس جَلْسَةَ الاسْتِراحَةِ من كان ضَعيفًا. واخْتارَه القاضي، والمُصَنفُ وغيرُهما. تنبيه؛ قوله، في جِلْسةِ الاسْتراحة؛ يجلسُ على قدمَيْه، وألْيَتَيْه. في صِفَةِ جلْسَةِ الاسْتِراحةِ رِواياتٌ؛ إحداها، ما قالَه المُصنف هنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المسْتوعِب»، و «المُحَرر»، و «الفائق»، وغيرهم. وقدمه المَجْدُ في «شَرحِه»، و «مَجْمع البَحرَيْن»، و «الزركَشي». قال في «المذْهبِ»: هذا ظاهِرُ المذهب. والرواية الثَّانية، أنَّ صِفَه جَلْسَةِ الاسْتراحةِ كالجلْسَةِ بين السَّجْدتين. وهي الصحيحةُ مِن المذهب. قدمه في «الفروعِ»، و «الحاويَيْن»، و «الشرحِ»، و «الرّعايتَيْن». وهو اِحتمالُ القاضي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّواية الثالثةُ، يجلِس على قدَميْه، ولا يلْصِقُ أليَتَيْه بالأرض. اخْتارَه الآجُريُّ، والآمدِيُّ. وقال: لا يخْتلف الأصحابُ في ذلك. فعليه إذا قائم لا يعْتَمِدُ بالأرض على الصحيح، بل ينْهضُ على صدورِ قدَمَيْه، معْتَمِدًا على ركْبَتَيْه. واخْتارَ الآجريُّ، أنَّه يعْتَمِدُ بالأرضِ إذا قامَ. فائدتان؛ إحداهما، إذا جلَس للاسْتِراحةِ فيقومُ بلا تكْبِيرٍ، على الصحيح مِن المذهب، ويَكْفيه تكْبِيره حينَ رَفْعِه منَ السجودِ. وقيل: ينْهَضُ مُكَبرًا. وقالَه أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخطابِ، وهو مِن المفرَداتِ، ورَده الشارِحُ وغيرُه. وحكاه المجْد إجْماعًا. الثانيةُ، ليستْ جَلْسَةُ الاسْتراحةِ مِنَ الركْعَةِ الأولى. وهل هي فصْل بين الركْعتيْن، أو مِنَ الثَّانية؟ على وجْهَيْن. ذكرَهُما ابنُ البَنا في «شَرحِه». وأطْلَقَهما ابن تميم، وابن حمدانَ في «رعايَتِه». قلتُ: الذي يظْهَر، أنَّها فصْلْ

ثُمَّ يَنْهَضُ. ثُمَّ يُصَلى الثانِيَةَ كَذَلِكَ، إلَّا في تَكْبِيرَةِ الْإحرامَ والِاسْتِفتاحِ، وَفِي الِاسْتِعاذَةِ رِوايَتانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَهما؛ لأنَّه لم يشْرَعْ في الثانيةِ، وقد فرغ منَ الأولَى. قوله: ثُم يُصَلى الثانِيَة كالأولَى، إلَّا في تَكْبِيرةِ الإحرام. بلا نِزاعٍ، والاسْتِفْتاح، بلا خِلافٍ أَيضًا إذا أتُى به في الأولى. وكذا لو لم يأت به فيها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وسواء قُلْنا بوُجوبِه أوْلا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال الآمدِي: متى قُلنا بوُجوبِ الاسْتِفْتاء فنَسِيه في الأولى، أتَى به في الثانيةِ. وإنْ لم نَقُلْ بوجوبه، فهل يأتِي به في الثَّانية؛ فيه خلافٌ في المذهبِ. قال: وظاهِرُ المذهبِ لا يأتِي به. قوله: وفي الاسْتعاذةِ رِوايَتان. وأطلقَهما في «الهِدايةِ»، و «المذْهَب الأحمَدِ»، و «المُسْتوْعِب»، و «الهادِي»، و «الكافي»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشرَح»، و «التَّلْخيص»، و «شرحَ المَجْدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرى»، «والحاوِيين»، و «الفائق»، و «الزَّرْكَشي»، و «مَجْمَع البحرَيْن»؛ إحداهما، لا يَتَعَوَّذُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِواية الجماعة، وصحَّحه في «التصحيح». وجزَم به في «المذْهَبِ»، وَ «مسْبوكِ الذَّهبِ»، و «الإفاداتِ»، و «المنَورِ»، و «المنْتَخبِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَرِ»، و «الرعاية الكُبْرى»، و «إدراكِ الغايَةِ»، وابن رزين في «شَرحِه». قال في «النكَت»: هي الرَّاجحُ مذهبًا ودَلِيلًا. والرِّوايةُ الثَّانية، يَتعَوذ. اخْتارهَ النّاظمُ. وبعَّدَ الرواية الأولَى. واخْتاره الشيخ تقِيُّ الدِّينِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: وهو الأصَحُّ دَلِيلًا. تنبيه: مَحَلُّ الخلاف إذا كان قد اسْتعاذَ في الأولَى، أمَّا إذا لم يسْتَعذْ في الأولَى، فإنَّه يأتِي بها في الثّانيةِ. قالَه الأصحابُ. قال ابن الجَوْزِي وغيره: رِواية واحدةً. قلتُ: ويُؤخَذُ ذلك من فحوَى كلامِ المُصنّفِ، مِن قولِه: ثَم يصلّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانيةَ كالأولَى. ثمَّ استَثْنَى الاسْتِعاذةَ، فدَلَّ أنَّه أتَى بها في الأولَى. فائدة: استَثْنَى أبو الخَطّابِ أَيضًا النيةَ، أيْ تجْديدها. وكذا صاحِبُ «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدراك الغايَةِ»، وابنُ تَميم، وغيرهم. وهو مُرادُ مَن أطْلق. وهذا ممَّا لا نزاعَ فيه، لكنْ قال المَجْدُ في «شرَحه»، وتَبعَه في «الحاوِي الكَبِيرِ»: لو ترَك أبو الخطابِ اسْتِثْناءَها، لَكانَ أحسَن؛ لأنها مِنَ الشَّرائطِ دُونَ

ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى؛ يَقْبِضُ مِنْها الْخِنْصِرَ والْبِنْصِرَ، وَيُحَلِّقُ الإبهامَ مَعَ الْوُسْطَى، وَيُشِيرُ بِالسبابَةِ في تَشَهُّدِهِ مِرارًا، وَيَبْسُطُ الْيُسْرَى عَلَى الْفَخِذِ الْيُسرى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأركانِ، ولا يُشْتَرَطُ مفارقَتها عندَنا لجُزْءٍ مِنَ الأولَى، بل يجوز أنْ تَتَقَدمَها اكْتفاءً بالدوامِ الحُكميِّ، وقد تَساوَتِ الرّكْعتانِ فيه. قال في «مجْمع البَحرَيْن»: قلت: إنْ أَرادَ أبو الخَطَّابِ باسْتثْنائِها أنَّه لا تُسَنُّ ذِكْرًا، فليس كذلك. فإنَّ اسْتصحابَها ذِكْرٌ مسْنون في جميع الصَّلاةِ، وإنْ أَرادَ حكْمًا فباطِلٌ؛ لأنَّ التَّكْرارَ عبارة عن إعادَةِ شيء فرِغَ منه وانقَضَى. ولو حكم بانقِضاءِ النية حُكْمًا لَبَطَلَتِ الصَّلاة، فلا حاجة إلى الاسْتِثْناءِ إذنْ. انتهى. قلت: إنما أَرادَ أبو الخطابِ أنَّه لا يجدد لها نِيةً، كما جددَها للركْعةِ الأولى. وهذا ممَّا لا نِزاعَ فيه، لكن تركَ اسْتِثْنائِها أوْلَى، لِما قالَه المَجْدُ. وكذلك ترَكها خَلْقٌ كثير مِن الأصحابِ، مع اتفاقهم على أنَّه لا يُجدّد نية للرَّكْعَة الثَّانية. قوله: ثمَّ يجْلِس مفْتَرِشًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ تَوَرَّكَ جازَ. والأفْضَلُ تركه. حكاه ابن تَميم وغيرُه. قوله: ويَضَعُ يدَه اليمْنى على فَخِذِه اليُمنَى، ويَقْبضُ منها الخِنْصِرَ والبِنْصِرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُحلِّقُ الإبهام مع الوسْطَى. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو المعْمول به. وجزم به في «الهِدايَة»، و «المُذْهب»، و «مسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المحَررِ»، و «الوجيزِ»، و «الفائق»، و «إدراك الغايَةِ»، و «المنَورِ»، و «المُنْتَخبِ»، و «المذْهب الأحمدِ» وغيرِهم. وقدّمه في «الكافي»، و «التلْخيص»، و «الفروعِ»، و «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِي الكبير»، وغيرِهم. وعنه، يقْبِض الخِنْصِرَ والبِنْصِرَ والوُسْطَى، ويَعْقِدُ إبْهامَه كخمْسِين. اخْتارَها المجْدُ. وقدمه ابنُ تَميم. وعنه، يَبسطُها كاليُسْرى. وعنه، يحَلقُ الإبهامَ بالوسْطَى ويَبْسُط ما سِواهما. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيّ؛ فإنَّه قال: يَبْسُطُ كَفَّه اليُسرَى على فَخِذه اليُسْرى، ويدَه اليُمْنى على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَخذه اليمنى، ويحلق الإبهامَ مع الوسْطى. قوله: ويُشير بالسبابة في تَشَهُّده مِرارًا. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «مسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المحَررِ»، و «شرح المَجْد»، و «إدراكِ الغايِة»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْريدِ العنايَةَ»، و «المُنوّرِ»، و «مجْمَعِ البَحرَيْن»، وغيرهم. وقدمه في «الفروع». وقال في «الرعاية الصغْرَى»، و «الحاوِيَين»: يُشِير بالمسبحةِ ثلاثًا. وجزم به في «الوجيزِ»، و «تَذْكِرةِ ابنِ عَبْدوس». قلتُ: يَحتَمل أنّه مرادُ الأولِ. وقال في «التلْخيص»، و «البلْغةِ»، و «الرعايَة الكبرى»: مرّتَيْن أو ثلاثًا. وذكَر جماعَةْ، يشيرُ بها. ولم يقُولوا: مِرارًا؛ منهم الخرَقِي، والمُصَنف في «العمْدَةِ». قال في «الفُروعِ»: وظاهِره مَرَّةٌ. وهو ظاهر كلامِ أَحْمد والأخْبار. وقال: ولعَلَه أظْهَرُ. تنبيه: الإشَارةُ تكونُ عندَ ذِكْرِ اللهِ تعالى فقط. على الصحيحِ منَ المذهبِ. وجزم به في «الكافى»، و «المُغنِي»، و «المُذْهَبِ»، و «مسْبوكِ الذَّهب»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفروِع» وغيرِه. وقيل: عندَ ذكْرِ اللهِ وذكْر رسوله. قدَّمه في «الشرح»، و «ابن تَميم»، و «الفائق». وذكرَ بعضهم، أنَّ هذا أصحُّ الرّوايتَيْن. وعنه، يُشير بها في جميع تشَهَدِه. وقيل: هل يشير بها عند ذِكر الله وذكْرِ رسولِه فقط، أو عند كل تشهدٍ؛ فيه رِوايَتان. فائدتان؛ الأولَى، لا يحَرّكها إصبعَه حالة الإشارةِ. على الصحِيح مِن المذهبِ. وقيل: يحَركها. ذكَره القاضي. الثّانيةُ، قولُه: ويشيرُ بالسبابةِ. هذا

ثُمَّ يَتَشَهَّدُ فَيَقُولُ: التَّحِياتُ لِلهِ والصَلَواتُ والطيباتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النّبيُّ وَرَحمَةُ اللَهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلَى عِبادِ اللهِ الصالِحِينَ، أَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفروع»: وظاهِرُه لا بغيرِها، ولو عُدِمَتْ. ووَجّهَ احتِمالًا أنَّه يُشر بغيرِها إذا عُدمت. وما هو ببعيدٍ. وقال في «الرعايَةِ الكُبْرى»: وعنه، يُشير بالإبهامِ طُول الصلاةِ على النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ ويَقْبِضُ الباقي. قوله: ويَبْسُط اليُسرى على الفَخِذ اليُسْرَى. هكذا قال أكثرُ الأصحاب. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيره. وقال في «الكافي»: ويستحب أنْ يَفْعَلَ ذلك، أو يلْقَمَها رُكبَتَه. قال في «النُّكَتِ»: وهو مُتوَجهٌ لصحةِ الرواية. واخْتاره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «النَّظْمَ».

هَذا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: هذا التشهُّدُ الأوّل. أنَّه لا يزيدُ عليه. وهو صحيح. وهو المذهبُ، وعليه الجمهور. ونص أَحْمد، أنَّه إنْ زادَ أساء. ذكرَه القاضي في «الجامِع»، واخْتارَ ابن هُبَيْرَة زِيادةَ الصّلاة على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-. واخْتارَه الآجُريُّ، وزادَ: وعلى آلِه. فائدة: لا تُكْرَهُ التَّسْمِيَة في أولِ التشهدِ، على الصَّحيح مِن المذهبِ، بل تركُها أولى. وقدمه في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميم»، وكَرهَها القاضي. وأطْلَقهما في «الرِّعاية». وذكر جماعة منِ الأصحاب، أنَّه لا بأسَ بزِيادَة: وحدَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا شَرِيكَ له. وقيل: قوْلُها أَولَى. وأطْلقهما ابنُ تَميم. والأوْلى تخْفِيفُه بلا نِزاعٍ. قوله: هذا التَّشَهُّدُ الأوَّلُ. يعنى، تَشَهدَ ابنِ مَسْعُود، وهو أفْضَل التشَهُّداتِ

ثُمَّ يَقُولُ: اللهُم صَلِّ عَلَى مُحمدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوارِدَةِ عنِ الإمام أحمدَ والأصحاب. وذكَر في «الوَسيلَةِ» رِواية، تَشَهُّدُ ابن مسْعود، وتشَهُّدُ ابنِ عَباسٍ سواءً، وتشَهُّدُ ابن عَباس؛ التحِيات المُبارَكاتُ الصلَواتُ الطيباتُ للهِ، إلى آخِرِه. ولَفْظُ مسْلمٍ؛ وأن محَمدًا رَسول الله. وتشهدُ عمر؛ التَّحياتُ للهِ، الزاكِياتُ الطيباتُ، الصلواتُ لِلّه، سَلام عليْك، إلى آخِرِه. ويأتي الخِلافُ في قدرِ الواجِبِ منه في الواجِباتِ.

كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيمَ، إنَّكَ حَمِيد مَجِيدٌ، وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَما بارَكْتَ عَلَى آلِ إبراهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَإنْ شاءَ قَالَ: كَما صَلَيْتَ عَلَى إبْراهِيمَ وَآلِ إبْراهِيمَ، و: كَما بارَكْتَ عَلَى إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإنْ شاءَ قال: كما صَليْتَ على إبْراهِيمَ، وآلِ إبْراهِيم، و: كما بارَكْتَ على إبْراهيم، وآلِ إبراهيمَ. أنَّ صفَةَ الصلاةِ على النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- الأولَى وهذه في الفَضيلة سواءٌ، فيخير، وهي رِواية عنِ الإمامِ أحمدَ. ذكَرها في «الرعايَةِ الكُبْرى». والصحيحُ مِنَ المذهب؛ أن الصفةَ التي ذكرَها المصَنّف أوّلًا أوْلَى وأفْضَلُ؛ وعليه الجمهورُ. ويحتَمِلَه كلامُ المصَنفِ. قال المَجْدُ في «شرحِه»: هذا اخْتيارُ أكثرِ أصحابِنا. قال الزَّركَشيُّ: هذا هو المشهور مِنَ الروايتَيْن، والمُختارُ لأكثر الأصحابِ. وجزَم به في «المحررِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائق»، وغيرِهم. وقدمه في «الفروعَ»، و «ابن تَميم»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيين»، و «التلْخيص»، و «الهِدايَةِ»، و «المذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المسْتوعبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وعنه، الأفْضَلُ، كما صَلَّيْتَ على إبراهِيمَ، وعلى آلِ إبْراهِيمَ، وكما باركْتَ على إبْراهِيمَ، وعلى آلِ إبْراهِيمَ. وعنه، يُخَيَّرُ. ذكرَها في «الفُروعِ». وعنه، الأفْضَل، كَما صَلَّيْتَ على إْبراهِيمَ وآلِ إبْراهيمَ، وكما بارَكْتَ على إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ. بإسْقاطِ على. كما ذَكَره المُصَنِّفُ ثانِيًا. واخْتارَه ابنُ عَقِيل. وأنْكَرَ هاتَيْن الصِّفَتَيْن الشَّيْخ تقِيُّ الدِّينِ، وقال: لم أجِدْ في شيءٍ مِنَ الصِّحاحِ، كما صَلَّيْتَ على إبْراهِيمَ. وآلِ إبْراهيمَ. بلِ المشْهورُ في أكْثَرِ الأحاديثِ والطُّرقِ لَفْظُ، آلِ إبْراهِيم. وفي بعْضِها لَفْظُ، إبْراهِيمَ. وروَى البَيْهَقِيُّ، الجمْعَ بينَ لَفْظِ إبْراهِيمَ، وآلِ إبْراهِيمَ، بإسْنادٍ ضعيفٍ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ مرْفُوعًا. ورَوَاه ابن مَاجَه موْقُوفًا. انتهى. قال جامِعُ «الاخْتِيارَاتِ». قلتُ: قد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ روَى الجَمْعَ بينَهما البُخارِيُّ في «صَحِيحِه»، وأخَذوا ذلك مِن كلامِ شَيْخِه في «قَواعِدِه» في القاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرةَ، وقال: أخْرَجَه أَيضًا النَّسائِيُّ. وهو كما قال. تنبيه: يأْتِي مِقدارُ الواجبِ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، والصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في التَّشَهُّدِ، والخِلاف في ذلك في آخِرِ البابِ، في الأرْكانِ والوَاجِباتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، الأفْضَل تَرتيبُ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، والتَّشَهُّدِ على ما ورد، فيُقَدَّمُ التَّشَهُّدُ على الصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في التَّشَهدِ الأخيرِ، فإنْ قدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأخَّر، ففي الإجْزاءِ وَجْهان. وأُطْلَقَهما في «المُغْنِي» و «الشَّرْحِ» , و «التَّامِ» لأَبِي الحُسَيْنِ، و «الزرْكَشِيِّ» , و «ابنِ تَميمٍ». قال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ صلَّى على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في التَّشَهُّدِ الأخيرِ قبلَه, أو نكَّسَه مع بَقَاءِ المَعْنَى، لم يُجْزِئْه. وقيل: بلى. ذكرَه القاضي. الثَّانيةُ, لو أبْدَلَ: آل. بأهْلِ في الصَّلاةِ، فهل يُجْزِئُه؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما المَجْدُ في «شرْحِه» , وابنُ تميمٍ، وصاحِبُ «المُطْلِعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ» , و «مَجْمَعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، وابن عُبَيْدانَ، والزَّرْكَشِيُّ. وهو ظاهِرُ ما في «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحَدُهما، يجوز ويُجْزِئُه، اخْتارَه القاضي، وقال: مَعْناهما واحِدٌ. وكذلك لو صغَّر، فقال: أُهَيْل. وقدَّمه ابن رَزِينٍ في «شرْحِه». وهو ظاهرُ ما قدَّمه ابن مُفْلح في «حَواشِيهِ». والوَجْهُ الثَّانِي، لا يُجْزْئُه. اخْتاره ابنُ حامِدٍ، وأبو حَفْصٍ؛ لأن الأهْلَ القرَابَةُ، والآل الأتْبَاعُ في الدِّينِ. الثَّالثةُ، آلُه أتْباعُه على دِينِه صلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيره مِنَ الأصحاب. قالَه المَجْدُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، و «الرِّعايَة الكُبْري»، و «المُطْلِع»، وابنُ عُبَيْدانَ، وابن مُنَجَّي في «شَرْحَيْهِما». وقيلَ: إله أزْواجُه وعشِيرَتُه ممَّنْ آمَنَ به. قيَّدَه به ابنُ تَميمٍ. وقيل: بنُو هاشِمٍ المُؤمِنُون، وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: آلُه بنُو هاشِمٍ، وبنُو المُطَّلِبِ. ذكَرَه في «المُطْلِعِ». وقيل: أهْلُه. وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: آلُه أهْل بَيْتِه، وقال: هو نَصُّ أحمدَ، واختِيارُ الشَّرِيفِ أبِي جَعْفَر وغيرِهم؛ فمنْهم بنُو هاشِمٍ، وفي بَنِي المُطَّلِب رِوايةُ الزَّكاةِ. قال في «الفائقِ»: آلُه أهْلُ بَيْتِه في المذهبِ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ. وهل أزْواجُه مِن آله؛ على رِوايتَيْن. انتهى. قال الشَّيْخُ تقِيُّ الدَّينِ: والمُخْتارُ، دُخولُ أزْواجِه في أهْلِ بَيْتِه. وقال الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ أَيضًا: أفْضَل أهْلِ بيْتِه، علىٌّ، وفاطمَةُ، وحسَنٌ، وحُسَيْنٌ، الذين أدارَ عليهم الكِساءَ وخَصَّهُم بالدعاءِ. قال في «الاخْتِيَاراتِ»: وظاهرُ كلامِ الشَّيْخِ تقِيِّ الدِّينِ في موْضِعٍ آخَرَ، أنَّ حَمْزَةَ أْفْضَل ين حسَنٍ وحُسَيْنٍ. واخْتارَه بعضُهم. الرابعة، تجوزُ الصَّلاة على غيرِ الأنْبِياءِ، صلَّى الله عليهم وسَلَّم، مُنْفرِدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه في رِواية أبِي داودَ وغيرِه. قال الأصْفَهانِيُّ في شَرْحِ «خُطْبَةِ الْخِرَقِيّ»: ولا تخْتَصُّ الصَّلاةُ بالأنْبِياءِ عندَنا؛ لقَوْلِ عليٍّ لعمرَ: صَلَّى اللهُ عليْك. وقدَّمه في «الفُروعِ». وحكى ابنُ عَقِيلٍ عنِ القاضي، أنَّه لا بأْسَ به مُطْلَقًا. وقيلَ: لا يصلَّى على غيرِهم إلَّا تبَعًا له. جزَم به المَجْدُ في «شرحِه»، و «مَجْمَع البحْرَيْن»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الآدابِ الكُبْرى». قال في «الفروعِ»: وكَرِهَها جماعةٌ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: تُسَنُّ الصَّلاةُ على غيرِه مُطْلَقًا. فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُوافِقًا للمذهبِ. وقيلَ: يَحْرُمُ. اخْتارَه أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالِي. واخْتاره الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ مع الشِّعارِ (¬1). ومَحَلُّ الخِلافِ في غيرِه صلَواتُ الله وسلامُه عليه، أمَّا هو، فإنَّه قدْ صَحَّ عنه الصَّلاة على آلِ أبِي أوْفَى وغيرِهم. ولقولِه تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (¬2). الخامسةُ، تُسْتَحَبُّ الصَّلاةُ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غيرِ الصَّلاةِ، وتتَأكَّدُ كثيرًا عندَ ذِكْرِه. قلتُ: وفي يَوْمِ الجُمُعَةِ ولَيْلتِها؛ للأخْبارِ في ذلك. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تجِبُ كُلَّما ذُكِرَ. اخْتاره ابنُ بَطَّةَ. ذكَرَه عنه ولَدُ صاحِبِ «الفُروعِ» (¬3) في شَرْحِ «المُقْنِعِ». وقال: ذَهَب إليه المُتَقَدِّمون مِن أصحابِنا. واخْتارَه أَيضًا الحَلِيميُّ (¬4) مِن الشَّافِعِيَّة. ذكره ابن رَجبٍ وغيرُه عنه. والطَّحاويُّ (¬5) مِن ¬

(¬1) نص كلام الشيخ تقى الدين: وأما ما نقل عن عليٍّ، فإذا لم يكن على وجه الغلو وجعل ذلك شعارًا لغير الرسول، فهذا نوع عن الدعاء، وليس في الكتاب والسنة ما يمنع منه، مجموع الفتاوى 22/ 473. (¬2) التوبة 103. (¬3) يقصد به ابن أبي يعلي سبق ترجمته. (¬4) الحسين بن الحسن بن مُحَمَّد الحليمي الشَّافعيّ، أبو عبد الله. القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، من أصحاب الوجوه في المذهب. تُوفِّي سنة ثلاث وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 231 - 234. (¬5) أَحْمد بن مُحَمَّد بن سلامة الأَزدِيّ الطحاوي الحنفي، أبو جعفر. الإمام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها، وصاحب التصانيف المشهورة. تُوفِّي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة, سير أعلام النبلاء 15/ 27 - 33.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَوَّذُ فَيَقُولَ: أعُوذُ باللهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَنفِيَّةِ. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه» عنه وغيرُه. وكذا البَزْدَوِيُّ (¬1) منهم. ذكرَه ولَدُ صاحِبِ «الفُروعِ» عنه. وأظُنُّ أنَّ اللَّخْمِيَّ (¬2) مِنَ المالِكيَّةِ اخْتارَه. وقال الطَّحَاوِيُّ أَيضًا: تجِبُ في العُمُرِ مَرَّة. وحُكِيَ ذلك عن أبِي حنِيفَةَ، ومالكٍ، وأصحابِه، والثَّوْرِيِّ، والأوْزَاعِيِّ. وقال ابنُ عبْدِ البَرِّ، والقاضى عِيَاضٌ: هو قوْل جمْهورِ الأُمَّةِ. وقال في «آدابِ الرِّعايَةِ الكبْرى»، بعدَ أنْ قال: تُسَنُّ الصَّلاة على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غيرِ الصَّلاةِ: وهي فرْضُ كِفايَةٍ. انتهى. وتَبِعَه في «الآدَابِ الكُبْرى». قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَتَعَوَّذَ، فَيَقولَ: أَعُوذُ باللهِ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ إلى آخِرِه. ¬

(¬1) على بن مُحَمَّد الحسين البردوى، أبو الحسن. شيخ الحنفية، وعالم ما وراء النهر، وصاحب الطريقة في المذهب. توفى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة - الجواهر المضية 2/ 594، 595. (¬2) علي بن مُحَمَّد الربعي اللخمي، أبو الحسن. من أهل الأندلس، كان فقيهًا فاضلًا، ذا حظ من الأدب، انتهيت إليه رئاسة الفتوى بإفريقية. توفى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. الديباج المذهب 2/ 104، 105.

وَإِنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ فِي الْأَخبَارِ فَلَا بَأْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، التَّعَوُّذُ واجِبٌ. حكَاها القاضي. وقال أبو عبدِ اللهِ ابنُ بَطَّةَ: مَن ترَك مِنَ الدُّعاءِ المشْروعِ شيئًا ممَّا يُقْصَدُ به الثَّناءُ على اللهِ تَعالَى، أعادَ. وعن أحمدَ، مَن ترَك شيئًا مِنَ الدُّعاءِ عمْدًا، يُعيدُ. قوله: وإنْ دعا بما ورَد في الأَخْبارِ فلا بَأْسَ. وهذا بلا نِزاعٍ. قال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شمْسُ الدِّينِ ابنُ مُفْلِح فِي «حَواشِيه»: المُرادُ بالأخْبارِ، أخْبارُ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-. قال في «المُذْهَبِ»: لا يدْعُو بما ليس في القُرْآنِ والسُّنَّة. ومَثَّل. قال في «التلْخيصِ»: وَلْيَتَخَيَّر مِنَ الأدْعِيَةِ الوارِدَةِ في الحديثِ ما أحَبَّ، ولا يدْعو في الصَّلاةِ بغيرها. انتهى. زادَ غيرُهم: وأخْبارُ الصَّحابَةِ أَيضًا. قال الشَّارِحُ وغيرُه: المُرادُ بالأخْبارِ، أخْبارُ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأصحابِه والسَّلَفِ. تنبيه: مفْهومٌ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إنْ دَعا بغيرِ ما ورَد في الأخْبارِ، أنَّ به بأْسًا وهو قِسْمان؛ أحَدُهما، أنْ يكونَ الدُّعاءُ مِن أمْرِ الآخِرَةِ؛ كالدُّعاءِ بالرِّزْقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَلَالِ، والرَّحْمَةِ والعِصْمَةِ مِنَ الفواحِشِ ونحوِه، ولو لم يَكنِ المَدْعُوُّ به يُشْبِهُ ما ورَد، فهذا يجوزُ الدُّعاءُ به في الصَّلاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصُّ عليه. وعليه الجمهورُ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، والشَّارِجُ، وغيرُهم. وقدَّه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِيِّ». وجرم به في «الفائق». وعنه، لا يجوز، وتَبْطلُ الصَّلاةُ به في وَجْهٍ، في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قال الشَّارِحُ: قالَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، ويَحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ. وهو ظاهِرُ كلام الخِرقِيِّ. وجزَم به في «المُسْتوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وقدَّم أنَّه لا يدْعُو بذلك في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». القِسْمُ الثَّاني، الدُّعاء بغيرِ ما ورَد، وليس مِن أمرِ الآخِرَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يجوزُ الدُّعاءُ بذلك في الصَّلاةِ، وتَبْطُلُ الصلاةُ به. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ الدُّعاء بحَوائِجِ دُنْياه. وعنه، يجوز الدُّعاءُ بحَوائِجِ دُنْياه ومَلاذِّها، كقَوْلِه: اللَّهمَّ ارْزقْنِي جارِيةً حسْناءَ، وحُلَّةً خضْراء، ودابَّةً هِمْلاجَةً؛ (¬1)، ونحوِ ذلك. ¬

(¬1) أي دابة مذللة منفادة تمشى في سرعة وبخترة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ الأولَى، يجوزُ الدُّعاءُ في الصَّلاةِ لشَخْصٍ مُعَيَّنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ, كما كانَ الإمامُ أحمدُ يدْعو لجماعَةٍ في الصَّلاةِ؛ منهم الإمامُ الشَّافِعِيُّ رَضىَ اللهُ عنهم. وعنه، لا يجوزُ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ» , و «الفائقِ». وعنه، يجوزُ في النَّفْلِ دُون الفَرْضِ. واخْتارَه أبو الحُسَيْنِ. قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أوْلَى. وعنه، يُكْرَهُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». الثَّانية، مَحَلُّ الخِلافِ فيما تقدَّم، إذا لم يأْتِ في الدُّعاءِ بكافِ الخِطَاب. فإنْ أتَى بها، بَطَلَتْ قوْلًا واحِدًا. ذكَره جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. قالَه في «الفروعِ». وقال أَيضًا: ظاهِرُ كلامِهم، لا تَبْطُلُ بقوْلِه: لَعَنَه اللهُ. عندَ ذِكْرِ الشَّيْطانِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصَحِّ. ولا تَبْطُلُ صلاة مَنْ عَوَّذَ نَفْسَه بقُرْآنٍ لحُمَّى، ولا منْ لدَغتْه عَقْربٌ، فقال: بِسْمِ الله. ولا بالحَوْقَلَةِ في أمْرِ الدُّنْيا. ويأْتِي ذلك بأَتَمَّ مِن هذا عندَ قوْلِه: وله أنْ يفْتحَ على الإمامِ إذا أُرْتِجَ عليه.

ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله. وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثُمَّ يُسَلِّمُ عَن يَمينِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ ابْتِداءَ السَّلامِ يكون حالَ التِفَاتِه. قدَّمه في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ رَزِينٍ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُغنِي»، و «الشَّرحِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَعِ البحْرَيْن». وذكَر جماعةٌ يسْتَقْبِلُ القِبْلَة بـ: السَّلامُ عَلَيْكم. ويَلْتفِتُ بالرَّحْمَةِ. منهم؛ صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابن عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». ويأْتِي إذا سلَّم المأْمومُ قبلَ سَلامِ الإِمامِ، هل تَبْطُلُ الصَّلاةُ؛ عندَ قوْلِه في صلاةِ الجماعَةِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ ركَع ورفَع قبلَ رُكوعِه. فوائد؛ الأُولَى، يجْهَرُ به إذا سلَّم عن يَمِينِهِ، ويُسِرُّ به إذا سلَّم عن يَسارِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أَوْلَى. واخْتارَه الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزِيزِ، وأبو حَفْصٍ العُكْبَريُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمجدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البحْرَيْن»، وابن تَميمٍ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: يُسِرُّ به عن يَمِينِه، ويَجْهَر به عن يَسارِه، عكْس الأوَّلِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، لِئَلَّا يُسابِقَه المأْمومُ في السَّلامِ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ يَجْهَر فيهما، ويكونُ الجهْرُ في الأُولَى أكْثَرَ. وقيل: يُسِرُّهما. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ في ذلك، إذا كان إمامًا أو مُنْفَرِدًا. فإنْ كان مأْمُومًا, أسَرَّهما، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وقبل: المُنْفَرِدُ كالمأْمومِ. جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». الثَّانية، يُسْتحَبُّ أنْ يكونَ الْتِفاتُه عن يَسارِه أكْثَرَ مِنِ التِفاتِه عن يَمِينِه. فعَلَه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام. وحَدُّه التِفاتُه بحيثُ يُرَى

فَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللهِ. لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحمَدُ فِي صَلَاةِ الجِنَازَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خَدَّاه. قالَه في «التلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم؛ للأخْبارِ في ذلك. الثَّالثةُ، حذْفُ السَّلام سُنَّةٌ. ورُوِيَ عنِ الإمامِ أحمدَ، أنَّه الجَهْرُ بالتَّسْلِيمَةِ الأولَى وإخْفاءُ الثَّانيةِ. قال في «التَّلْخيصِ»: والسُّنَّةُ أنْ تكونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانيةُ أخْفَى، وهو حذْف السَّلامِ في أظْهَرِ الرِّوايتَيْن. ورُوِيَ عنه: أنَّه لا يُطَوِّلُه، ويَمُدُّه في الصَّلاةِ، وعلى النَّاسِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، وابن رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ إرادَتُهما. وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن في «الفروعِ»، و «ابنِ تميمٍ». الرَّابعةُ، يُسْتَحَبُّ جزْمُه وعدَمُ إعْرابِه. قوله: فإنْ لم يَقُلْ: ورحمةُ اللهِ. لم يُجْزِئْه. يعْنِي، أنَّ قولَه: ورحْمَةُ اللهِ. في سَلامِه رُكْنٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُذْهَبِ». قال النَّاظِمِ: وهو الأقْوَى. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا في «عُقُودِه». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذَّهَبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهدايَةِ» , و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو ظاهرُ كلامِ الأكْثَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لذكْرِهم، وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال القاضي: يُجْزِئُه. يعْنِي، أنَّ قوْلَها سُنَّةٌ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. اخْتارَها المَجْدُ في «شرْحِه». وقدَّمه في «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقيل: هي مِنَ الوَاجِباتِ. اخْتارَه الآمِدِي. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأمَّا قوْلُ: ورحْمَةُ اللهِ. في الجِنازَةِ، فنَصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ، أنَّه لا يجِبُ. وهو المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم. وفيه وَجْهٌ؛ لا يُجْزِئُ بدُونِ ذكْرِ الرَّحْمَةِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: إذا لم نُوِجِبْه في الصَّلاةِ المَكتوبَةِ، فهُنا أوْلَى، وإنْ أوْجَبْناه هناك، احْتَمَلَ في الجِنازَةِ وَجْهَيْن. فائدتان، إحْدَاهما، لو نكَّس السَّلامَ، فقال: عَلَيْكُمُ السَّلامُ. أو نكَس السَّلامَ في التَّشَهدِ، فقال: عليْكَ السَّلَامُ أيُّها النَّبيُّ، أو عَلَيْنا السَّلامُ، وعلى عِبَادِ الله. لم يُجْزِئُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يُجْزِئُه. ذكَره القاضي. وهما وَجْهان، ذكَرَهما القاضي في «الجامِع الكَبيرِ»، وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، لو نكَّر السَّلامَ، فقال: سَلامٌ عَلَيْكمْ. أو نكَّس السَّلامَ، في التَّشَهُّدِ، فقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليْكَ السَّلامُ أيُّها النَّبِيُّ. أو عليْنا السَّلَامُ، وعلى عِبَادِ اللهِ. لم يُجْزِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا الصَّحيحُ عندَنا. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُجْزِئُه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «شرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقيل: تنْكِيرُه أوْلَى. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه ضَعْفٌ. وقال ابنُ تَميمٍ، وغيرُه: وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، يُجْزِئُ مع التنوِينِ، ولا يُجْزِئُ مع عدَمِه. ذكَرَه الآمِدِيُّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّه لا يزِيدُ بعدَ ذِكْرِ الرَّحْمَةِ، وبرَكاتُه. وهو الأوْلَى. قالَه الأصحابُ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ

وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَإِن لَمْ يَنْوِ، جَازَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ»، وغيرِهم: إنْ زادَ، وبرَكاتُه، فحسَنٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والأوَّلُ أحْسَنُ. قال في «الرِّعايَةِ»: فإنْ زادَ، وبرَكاتُه. جازَ. قوله: ويَنْوى بسَلامِه الخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ، فإن لم يَنْوِ جَارَ. يعْنى، أنَّ ذلك مُسْتحَبٌّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيُّ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكشِيُّ: هو المنصوصُ المشْهورُ؛ إذْ هو بعضُ الصَّلاةِ، فشَمِلَتْه نِيَّتُها. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الحاوي»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المَجْدُ، وغيرُه. وقال ابن حامِدٍ: تَبْطُلُ صلاتُه. يغْنى، أنَّها رُكْنٌ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. ولم يذْكُرِ ابنُ هُبَيْرَةَ عن أحمدَ غيرَه. وصحَّحه ابنُ الجَوْزِيِّ، وأطْلقَهما في «الهِدايةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: إنْ سَها عنها، سجَد للسَّهْوِ. يعْنى أنَّها واجِبَةٌ. وجزَم به في «الإفاداتِ»، و «إدْراكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغايَةِ». قال في «المُذْهَبِ»: واجِبَةٌ في أصَحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه في «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ». قال الآمِدِيُّ: إنْ قُلْنا بوُجوبِها، فتَركها عمْدًا، بَطلَتْ صلاتُه، وإنْ كان سَهْوًا، صَحَّتْ، ويسْجُدُ للسَّهْوِ. فوائد؛ الأُولَى، لو نوَى بسلامهِ الخروجَ مِن الصَّلاةِ وعلى الحَفَظَةِ، والإمامِ والمأْمومِ، جاز، ولم يُسْتَحَبَّ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه الآمِدِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكشِيِّ»، و «الفائقِ». قال في «التَّلْخيص»: لم تبْطُلْ على الأظْهَرِ. وقيل: تَبْطُلُ للتَّشْريكِ. وقيل: يُسْتحَبُّ. وقيل: يُسْتَحبُّ بالتَّسْليمَةِ الثَّانيةِ. الثَّانيةُ، لو نوَى بسَلامهِ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَفَظَةِ، والإِمامِ والمأْمومِ، ولم ينْوِ الخُروجَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ الجوازُ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ الجوازُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «لمُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائِق»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِييْن»، و «شَرْحِ المَجْدِ». وقيل: تَبْطُلُ لتَمَحُّضِه كلامَ آدَمِيٍّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وعنه، يَنْوِي المأْمومُ بسَلامِه الرَّدَّ على إمامِه. قال ابنُ رَجَبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: ونصَّ عليه في رِوايةِ أحمدَ، جماعَةٌ. قال: وهل هو مسْنُون، أو مُسْتحَبٌّ، أو جائرٌ؛ فيه رِوايتَان؛ إحْدَاهما، يُسَنُّ. وهو اخْتِيارُ أبي حفْصٍ العُكبَرِيُّ. والثَّانيةُ، الجواز. وهو اخْتِيارُ القاضِي أبِي يَعْلَى، وغيره. وقال في روايَةِ ابنِ هانِئْ: إذا نوَى بتَسْليمِه الرَّدَّ على الإمامِ، أجْزأَه. قال، وظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا، أنَّه واجِبٌ؛ لأنَّه رَدُّ سلَامٍ، فيكونُ فرْضَ كِفايَةٍ، إلَّا أنْ يُقالَ: إنَّ المسَلِّمَ في الصَّلاةِ لا يجِبُ الرَّدُّ عليه، أو يُقالُ: إنَّه يجوزُ تأْخيرُ الرد إلى بعدِ السَّلامِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»: وقيل: تَبْطُلُ بتَرْكِ السَّلامِ على إمامِه. قال ابنُ تَميمٍ: وعنه، لا يتْرُكُ السَّلام على الإِمام في الصَّلاةِ. وقال أبو حَفْصٍ العُكبَرِيُّ: السُّنَّةُ أنْ يَنْوِيَ بالأُولَى، الخُروجَ مِن الصَّلاةِ، وبالثَّانيةِ، الرَّدَّ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامِ والحَفَظَةِ ومنْ يُصَلِّي معه، إنْ كان في جماعةٍ. وقيل: عكْسُه. قالَه في «الفُروعِ». قال ابن تَميمٍ، بعدَ قوْلِ أبِي حَفْصٍ: وفيه وَجْهٌ؛ ينْوِي كذلك، إنْ قلْنا: الثَّانيةُ سُنَّةٌ. وإنْ قُلْنا: واجِبَةٌ. نوَى بالأُولَى الحفَظةَ، وبالثَّانيةِ الخُروج. وقال الآمِدِيُّ: لا يخْتَلِفُ أصحابُنا أنَّه يَنْوِي بالأُولَى الخُروجَ فقط، وفي الثَّانيةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان؛ أحدُهما، كذلك. والثَّاني، يُسْتحَبُّ أنْ يُضِيفَ إلى ذلك نِيَّةَ الحَفظَةِ

وَإنْ كَانَ فِي مَغْرِبٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ نَهَضَ مُكَبِّرا، إِذَا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَصَلَّى الثَّالِثَةَ والرَّابِعَةَ مِثْلَ الثَّانِيَةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ، وَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ومَن معه. وقال صاحِبُ «الإِيضاحِ»: نِيَّةُ الخروجِ في الأُولَى إنْ قُلْنا: الثَّانيةُ سُنَّةٌ، وفي الثّانيةِ إنْ قُلْنا: هي واجِبَةٌ. وكذا قال في «المُبْهِج». وقال: يُسْتحَبُّ أنْ يَنوِيَ الخروجَ في الثَّانيةِ، وقال بعضُ أصحابِنا: بل في الأَوَّلَةِ. الثَّالِثَةُ، قال ابنُ تَميمٍ: لو رَدَّ سلامَه الحاضِرُونَ ولم يَنْوِ الخُروجَ. فقال ابنُ حامِدٍ: تَبْطُلُ صلاتُه، وَجْهًا واحِدًا. وقال غيرُه: فيه وَجْهان. الرَّابعةُ، قال في «الفروعِ»: إنْ وَجَبَتِ الثَّانيةُ اعْتُبرَتْ نِيَّةُ الخُروجِ فيها، واقْتُصِرَ عليه. وتقدَّم ما يَشْهَدُ لذلك. وقال ابن رجبٍ، في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: والصَّحيحُ، أنَّه يَنْوِي الخُروجَ بالأُولَى سِرًّا، إنْ قُلْنا: يَخْرُجُ بها مِنَ الصَّلاةِ. أو قُلْنا: لا يَخْرُجُ إِلَّا بالثَّانيةِ. ومِن الأصحابِ من قال: إنْ قُلْنا: الثَّانيةُ سُنَّةٌ. نوَى بالأُولَى الخُروجَ، وإنْ قُلْنا: الثَّانيةُ فَرْضٌ. نوَي الخُروج بالثَّانيةِ خاصَّةً. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ كان في مَغْرِبٍ، أو رُباعِيَّةٍ، نهَض مُكَبِّرًا إذا فَرغ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ. أنَّه لا يرْفَعُ يدَيْه إذا نهَض مُكَبِّرًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يرْفَعُهما. اخْتارَه المَجْدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فإنَّه قد صَحَّ عنه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أنَّه كان يَرْفَعُ يَدَيْه إذا قامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ. رَواه البُخارِيُّ وغيرُه، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: إلَّا أنَّه لا يَجْهَرُ، ولا يَقْرَأُ شيئًا بعدَ الفَاتِحةِ. لا يَجْهَرُ في الثَّالِثَةِ والرَّابعَةِ، بلا نِزاعٍ، ولا يُسْتَحَبُّ أنْ يَقْرَأَ فيهما بعدَ الفاتحةِ شْيئًا مِنَ القُرْآنِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُسَنُّ. ذكَرَها القاضي في «شَرْحِه الصَّغِيرِ»، والقاضى أبو الحُسَيْنِ في «فروعِه». فعلى المذهب، لا تُكْرَهُ القِراءَة بعدَ الفاتحةِ، بل تُباحُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ»، وغيره وصحَّحه. [فائدة: النَّفْلُ في الثَّالثةِ والرَّابعَةِ، كالفرْضِ في ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قالَه في «الفروعِ». وقال أَيضًا، فيما إذا شفعَ المَغْرِبَ برابعَةٍ في إِعادَتِهَا: يقْرَأُ بالحَمْدِ وسورَةٍ، كالتَّطوُّعِ. نقَلَه أبو داودَ. وقطَع به] (¬1) المَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرُه. قال في «مجْمَعِ البَحْريْن»: هذا أقْوَى الرِّوايتَيْن. وعنه، يُكْرَهُ. ولعَلَّه أوْلَى. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

ثُمَّ يَجْلِسُ فِي التَّشَّهُّدِ الثَّانِي مُتُوَرِّكًا؛ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يجْلِسُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكًا، يفرِشُ رِجْلَه اليُسْرَى وينْصِبُ رجْلَه اليُمْنَى، ويُخْرِجُهما عن يَمينِه، ويجْعَلُ أَلْيَتَيْه على الأرْضِ. يتَوَرَّكُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي. واخْتلَفَ الأصحابُ في صِفتِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب؛ ما قالَه المُصَنِّفُ هنا. جزَم به في «الفروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المذْهَبِ» وغيرِهم. واخْتاره أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِي»، وغيرُهم. وقال الخِرَقِيُّ: إذا جلَس للتَّشَهُّدِ الأخيرِ توَرَّكَ، فنصَب رِجْلَه اليُمْنَى، وجعَل باطِنَ رِجْلِه اليُسْرَى تحتَ فَخِذِه اليُمْنَى، وجعَل ألْيَتَيْه على الأرضِ. واخْتارَه القاضي، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوِي». قال المُصَنِّفُ: فأيُّهما فَعَلَ، فَحَسَنٌ. وقال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»: وقيلَ: يُخْرِجُ قَدَمَه اليُسْرَى (¬1) مِن تحتِ ساقهِ الأيْمَنِ، ويَقْعُدُ على ألْيَتَيْه. وقيل: أو يُؤَخَّرُ رِجْلَه اليُسْرَى، ويجْلِسُ مُتَوَرِّكًا على شِقِّه الأيْسَرِ، أو يَجْعَلُ قدَمَه اليُسْرَى تحتَ فَخِذِه وساقِه. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ثُمَّ يَجْلِسُ التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكًا. أنَّه سواءٌ كان مِن رُباعِيَّةٍ، أو ثُلاِثيَّةٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يَتَوَرَّكُ في المغْرِبِ. ¬

(¬1) في الأصول: «الأيسر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو سجَد للسَّهْوِ بعَد السَّلامِ مِن ثُلاِثيَّةٍ أو رُباعِيَّةٍ، تَورَّك، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه. وإنْ كان مِن ثنائِيَّةٍ، فهل يَتَوَرَّكُ أو يفْتَرِشُ؛ فيه وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «الفُروع»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، يفتَرِشُ. وهو الصَّحيحُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. قال: وهو أَصَحُّ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: افْترَشَ في الأصَحِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، يَتَوَرَّكُ. اخْتاره القاضي. ويأْتِي ذلك أَيضًا في آخِرِ بابِ سجُودِ السَّهْوِ. ويأْتِي أَيضًا توَرُّكُ المسْبُوقِ في بابِ صلاةِ الجَماعَة عند قوله: وما أدْرَكَ مع الإمامِ فهو آخِر صَلاِته.

وَالْمَرْأةُ كَالرَّجُلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا أنَّهَا تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُودِ، وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً، أو تَسْدِلُ رِجْلَيْهَا فَتَجْعَلُهُمَا فِي جَانِبِ يَمِيِنهَا. وَهَلْ يُسَنُّ لَهَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمَرْأة كالرَّجُلِ في ذلك، إلَّا أَنَّها تجْمَعُ نَفْسَها في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وكذا في بَقِيَّةِ الصَّلاةِ بلا نِزَاعٍ، وَتجْلِسُ مُتربِّعَةً أَوْ تْسْدِلُ رِجْلَيْها فتَجْعَلُهما في جانِبِ يَمينِها. فظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ وأكثرِ الأصحابِ؛ أنَّها مُخَيَّرةٌ بينَ السَّدْلِ والتَّربُّعِ، وقدَّمه في «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتَيْن» لكنْ قالَا: تجْلِسُ مُتَرَبِّعَةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مُتَوَرِّكةً. والمنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّ السَّدْلَ أفْضَلُ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، والمَجْد في «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وحَكاه رِوايةً في «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه الخَلَّالُ. واقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم، أنَّها تجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً. وأمَّا إسْرارُها بالقِراءةِ، فتَقَدَّمَ عندَ قولِه: ويَجْهَر الإمامُ بالقراءةِ في الصُّبْحِ.

فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يُسَنُّ لها رفْعُ اليَدَيْنِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الحاوِييْن»، و «المُذْهَبِ». وهما فيه وَجْهان؛ إحْداهما، يُسَنُّ لها رَفْعُ اليَدَيْن. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». الثَّانيةُ، لا يُسَنُّ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإِفَاداتِ»، و «التَّسْهيلِ». واخْتاره القاضي، وهو ظاهِرُ الخرَقِيِّ، و «الهِدايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»؛ لعَدَمِ اسْتِثْنائِه. وعنه، تَرْفَعُهما قَلِيلًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وإليه مَيْلُ المَجْدِ في «شَرْحِه»؛ فإنَّه قال: هو أوْسَطُ الأقْوالِ. وعنه، يجوز. وعنه، يُكْرَهُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهل يُسَنُّ لها رفْعُ اليَدَيْن؛ تَوقَّفَ أحمدُ. فائدة: الخُنْثَى المُشْكِلُ كالْمرأَةِ. قالَه ابنُ تَميمٍ, وابنُ حمْدانَ في «رِعايَتِه». تنبيه: قوله: ويُكْرَهُ الالتفاتُ في الصَّلاةِ. مُقَيَّدٌ بما إذا لم يكُنْ ثَمَّ حاجَةٌ، فإنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ, كما إذا اشْتَدَّ الحرْبُ، ونحوِه، لم يُكرَهْ. ومُقَيَّدٌ أَيضًا بما إذا كان يَسِيرًا. فأمَّا إنْ كان كثِيرًا، مثْلَ إنِ اسْتَدارَ بجُمْلَتِه أوِ اسْتَدْبَرَها، فإنَّ صلاتَه تَبْطُلُ بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. قلتُ: ويُسْتَثْنَى مِن عُمومِ ذلك مسْأَلَةٌ؛ وهي ما إذا اسْتَدارَ بجُمْلَتِه، وكان داخِلَ البَيْتِ الحرامِ، فإنَّه إذا فعَل ذلك، لم تَبْطُلْ صلاتُه، بلا نِزاعٍ. فيُعايَى بها. وقد يُسْتَثْنَى أَيضًا، ما إذا اخْتلَف اجْتِهادُه وهو في الصَّلاةِ، فإنَّه يَسْتدِيرُ إلى جِهَةِ ما أدَّاهُ اجْتِهادُه إليها، لكنْ يُمْكِنُ أنْ يُقالَ: هذه الجِهَة بقِيَتْ قِبْلَتَه فيما إذا اسْتَدارَ عنِ القِبْلةِ. تنبيه: ظاهِر قولِه: ويُكْرَهُ الالْتِفاتُ في الصَّلاةِ. أنَّه لوِ الْتَفَت بصَدْرِه مع

وَرَفْعُ بَصَرِهَ إلى السَّمَاءِ، وَافْتِرَاشُ الذِّرَاعَيْنِ فِي السُّجُودِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهِه، أنَّها لا تَبْطُلُ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكر جماعَةٌ أنَّها تبْطُلُ. وجزَم به ابن تَميمٍ. قوله: ورَفْعُ بَصرِه إلى السَّماءِ. يعنِي، يُكْرَهُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيلَ: تبْطُلُ به وحدَه. ذكَرَه في «الحاوِي» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك، حالةُ التَّجَشُّؤَ، فإنَّه يرْفَعُ رأْسَه إلى السَّماءِ. نصَّ عليه في رِوايةِ مُهَنَّا وغيرِه؛ إذا تَجَشَّأَ وهو في الصَّلاةِ، يَنْبَغِيِ أنْ يرْفَعَ وَجْهَه إلى فوْقَ؛ لِئَلَّا يُؤْذِيَ مَن حوْلَه بالرائحةِ. ونقَل أبو طالِبٍ، إذا تَجَشَّأَ وهو في الصَّلاةِ، فَلْيَرْفَعْ

والإِقْعَاءُ فِي الْجُلُوسِ؛ وَهُوَ أَنْ يَفْرِشَ قدَمَيْهِ، وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ سُنَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رأسَه إلى السَّماءِ، حتَّى يذهبَ الرِّيحُ، وإذا لم يرْفَعْ، آذَى مَن حوله مِن رِيحِه. قلت: فيُعايَى بها. قوله: والإِقْعاءُ في الجُلُوس. يعنى، يُكْرَهُ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، سُنَّةٌ. اخْتاره الخَلَّالُ. وعنه، جائزٌ. تنبيه: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ صِفَةَ الإِقْعاءِ ما قالَه المُصَنِّفُ، وهو أنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْه، ويجْلِسَ على عَقِبيْه. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: هو أنْ يُقِيمَ قدَمَيْه، ويجْلِس على عَقِبَيْه، أو يجْلِسَ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ألْيَتَيْه ويُقيمَ قدمَيْه. وقال في «المحَرَّرِ». وغيرِه: هو أنْ يجْلِسَ على عَقبَيْه أو بينَهما، ناصِبًا قدمَيْه.

وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُكرَهُ ان يصَلِّيَ وهو حاقِنٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وعنه، يُعيدُ مع مُدافَعَةِ أحَدِ الأخْبَثَيْن. وعنه، يُعيدُ إنْ أزْعَجَه. وذكَر ابنُ أَبِي مُوسى. أنَّه الأظْهَرُ مِن قولِه. وحكاها في «الرِّعايَةِ» قوْلَّا. قال في «النُّكَتِ»: ولم أجِدْ أحدًا صرَّح بكراهَةِ صلاةِ مَن طرأ عليه ذلك، ولا من طرَأَ عليه التَّوَقانُ إلى الأكْلِ في أثْناءِ الصَّلاةِ. واسْتدَلَّ لذلك بمَسائِلَ فيها خِلافٌ، فخرَّجَ منها وَجْهًا بالكراهَةِ. فائدة: يُكْرَهُ أنْ يصَلِّيَ مع رِيحٍ مُحتَبَسَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «المُطْلِعِ»: هي في مَعْنى مُدافَعَةِ أحَدِ الأخْبَثَيْن، فتَجِيءُ الرِّوايات التى في

أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدافَعةِ هنا. وذكَر أبو المَعالِي كلامَ ابنِ أبِي موسى في المدافَعَةِ، أنَّ الصَّلاة لا تصِحُّ، قال؛ وكذا حُكْمُ الجُوعِ المُفْرِطِ، والعَطَشِ المُفْرِطِ. واحْتجَّ بالأخْبارِ. قال في «الفُروِعِ»: فتَجئُ الرِّواياتُ. قال: وهذا أظْهَر. وكذا قال أبو المَعالِي: يُكْرهُ ما يَمْنَعُه مِن إِتْمامِ الصَّلاةِ بخُشُوعِها، كَحَرٍّ وبَرْدٍ. وجزَم به في «الفُروعِ» في مَكانٍ. وقال في «الرَّوضَةِ»، بعدَ ذِكْرِ أعْذارِ الجُمُعَةِ والجماعَةِ: لأنَّ مِن شَرْطِ صحَّةِ الصَّلاةِ، أنْ يَعِيَ أفْعالها ويَعْقلَها، وهذه الأشْياءُ تَمْنَعُ ذلك، فإذا زالَتْ فَعَلها على كَمالِ خُشوعِها، وفِعْلُها على كَمالِ خُشوعِها بعَدَ فَوْتِ الجماعَةِ، أوْلَى مِن فِعْلِها مع الجماعةِ بدُونِ كَمالِ خشوعِها. قوله: أو بحَضْرَةِ طَعامٍ تَتوق نفسُه إليه. هكذا قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قال الزَّركَشِيُّ: المَنْعُ على سَبيلِ الكراهَةِ عندَ الأصحابِ. وقال في «الفروعِ»:

وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ, ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُكْرهُ ابْتِداؤُها تائِقًا إلى طَعامٍ. وهو أوْلَى. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ: وإنْ كان تائِقًا إلى شَرابٍ أو جِمَاعٍ، ما الحُكْمُ؟ لم أجِدْه. والظَّاهِرُ الكراهَةُ. انتهى. قلتُ: بل هما أوْلَى بالكراهَةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه يَبْدَأُ بالخَلاءِ والأكْلِ، وإنْ فاتَتْه

وَالتَّخَصُّرُ، وَالتَّرَوُّحُ، وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابعِ وَتَشْبيكُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعةُ. وهو كذلك. قوله: والتَّرَوُّحُ. يعْنى، يُكْرَهُ. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم تكُنْ حاجَةٌ، فإن كان ثَمَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاجَةٌ، كغَمٍّ شديدٍ ونحوِه، جازَ مِن غيرِ كراهَةٍ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه، وهو مِنَ المُفرَداتِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: ويُكْرهُ ترَوُّحُه. وقيل: يسِيرًا لغمٍّ أو حُزْنٍ. ولعَلَّه يعْنِي، لا يُكْرَهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه هنا بالتَّروُّحِ، أنَّ يُرَوِّحَ على نفْسِه بمِروَحَةٍ أو خِرْقةٍ أو غيرِ ذلك. وأمَّا مراوَحَتُه بينَ رِجْلَيْه فمُسْتحَبَّةٌ. زادَ بَعضُهم، إذا طالَ قِيامُه، ويُكْرَهُ كثْرَتها؛ لأنَّه مِن فِعْلِ اليَهُودِ.

وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله رَدُّ المارِّ بينَ يَدَيْه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ له رَدُّ المارِّ بينَ يَدَيْه، سواءٌ كان آدَمِيًّا أو غيرَه. وعليه الأصحابُ، وتَنْقصُ صلاتُه إنْ لم يَردَّه. نصَّ عليه. وحمَلَه القاضي، وتابَعَه في «الفائقِ» وغيرِه، على ترْكِه قادِرًا. وعنه، يجِبُ رَدُّه. والمُرادُ، إذا لم يَغْلِبْه. وعنه، يَرُدُّه في الفَرْضِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ له رَدَّهُ، سواءٌ كان المارُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحْتاجًا إلى المُرورِ أولا. وهو أحدُ الوجهَيْن. وجزَم به ابنُ الجَوزِيِّ في «المُذْهَبِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يَرُدُّه، قطَع به جماعةٌ؛ منهم المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابْنُ حمْدانَ في «رِعايَتِه الكُبْرى»، من «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». فوائد؛ منها، يَحْرُمُ المُرورُ بينَ المُصَلِّي وسُتْرَتِه، ولو كان بعيدًا عنها. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قال في «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةٌ؛ منهم ابنُ رَزِينٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»، و «الكافِي». قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: ويحْرُمُ على الأصَحِّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ» وغيرهم: يُكْرَهُ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ومنها، يَحْرُمُ عليه أَيضًا المُرورُ بينَ يدَيِ المُصَلِّي قرِيبًا مِن غير سُترَةٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يُكْرهُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ومنها، القُرْبُ هنا، ثلَاثَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أذرُعٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثر الأصحابِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا أقْوَى عندي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، و «الفائقِ». وقيل: العُرْفُ. وقيل: ما له المَشْىُ إليه لقَتْلِ الحَيَّة. على ما يأْتِي قريبًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِييْن»: وإنْ مَرَّ بقُرْبهِ عن ثلَاثة أذْرُعٍ، أو ما له المَشْيُ إليه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّ مَكَّةَ كغيرِها في السُّتْرَةِ والمُرورِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. قال في «النُّكَتِ»: قدَّمه غيرُ واحدٍ. وقدَّمه هو في «حَواشِيه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» في موْضِعٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، جوازُ المُرورِ بينَ يَدَيْه في مَكَّةَ مِن غيرِ سُتْرَةٍ ولا كَراهَةٍ. وهو الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به المَجْدُ في «شرْحِه»، والشَّارِحِ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الإفَاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «مَجْمَعِ البَحْريْن»، و «النَّظْمِ»، وابن رَزِينٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه ابن تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وأطلْقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن مَرَّ بقُرْبِه دُونَ ثَلاثَةِ أذْرُعٍ ولا سُتْرَةَ له، أو مَرَّ دُون سُتْرَتِه، في غيرِ المَسْجدِ الحَرامِ ومَكَّةَ. وقيل: والحَرَمِ. وقال في موْضِعٍ آخَرَ: وله ردُّ المارِّ أمامَه دُونَ سُتْرَتِه. وقيل: يَرُدُّه في غيرِ المَسْجدِ الحرامِ ومَكَّةَ. وقيل: والحَرَمِ. وقيل: وفيهما. انتهى. وقال المُصَنِّفُ، وتابَعَه الشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم: الحَرَمُ كمَكَّة. قال في «النُّكَتِ»: ولم أعلمْ أحَدًا مِنَ الأصحابِ قال به. فائدة: حيثُ قلْنا: له رَدُّ المارِّ. ورَدَّه فَأَبَى، فله دَفْعُه، فإنْ أصَرَّ فَلَه قِتالُه.

وَعَدُّ الْآيِ، وَالتَّسبِيحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، والرِّوايتَيْن. وعنه، ليس له قِتالُه. ومتى خافَ فسادَ صلاِته، لم يُكَرِّرْ دَفْعَه، ويَضْمَنُه إنْ كَرَّرَه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، والرِّوايتَيْن فيهما. وعنه، له تَكرارُ دَفْعِه، ولا يَضْمَنُه. قوله: وعَدُّ الآيِ، والتَّسْبِيح. له عَدُّ الآيِ بأصابِعِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب، وقطَع له كثيرٌ منهم. وقيل: يُكْرَهُ. ذكَرَه النَّاظِمُ. وله عَدُّ التَّسْبيحِ مِن غيرِ كراهَةً. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال أبو بَكْرٍ: هو في مَعْنَى عَدِّ الآيِ. قال ابنُ أبي مُوسى، لا يُكْرَهُ. في أصَحِّ الوَجهَيْن. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: له عَدُّ التَّسْبيحِ، في الأصَحِّ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه» وتَبِعَه في «مَجمَعِ البَحْرَيْن»: لا يُكْرَهُ عندَ أصحابِنا. واخْتارَه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم له في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الإِفَاداتِ»، و «الحاوِييْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخبٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». والرِّواية الأُخْرَى، يُكرَهُ. قال النَّاظِمُ: هو الأجْوَدُ. وهو ظاهِر كلامِه في «الوَجيزِ»؛ لعدَمِ ذِكْرِه في المُباحِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقالا: نصَّ عليه. وصحَّحه ابن نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغنِي» (¬1). وأطْلَقَهَما في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ». قال الشَّارِحُ: قد تَوَقَّفَ أحمدُ في ذلك. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُكْرَهُ عَدُّ الآيِ، وَجْهًا واحِدًا. وفي كراهَةِ عَدِّ التَّسْبيحِ وَجْهان. ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 397، 398.

وَقَتْلُ الْحَيَّة وَالْعَقْرَبِ وَالْقَمْلَةِ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَالْعِمَامَةِ، مَا لَمْ يَطُلْ, ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوله: وله قَتْلُ الحَيَّةِ والعَقْرَبِ والقَمْلَةِ. بلا خِلافٍ أعلَمُه بشَرْطِه، وله قَتْل القمْلَة مِن غيرِ كراهةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكرَهُ. وعندَ القاضي، التَّغافُل عنها أوْلَى. وعنه، يصُرُّها في ثوْبِه. وقال القاضي: إنْ رمَى بما، جازَ. فائدة: إذا قتَل القَمْلَة في المسْجدِ، جازَ دَفْنُها مِن غيرِ كراهةٍ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، كالبُصاقِ. اخْتارَه القاضي. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: لا يجوزُ. وأطْلَقَ الجوازَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعدمَه صاحِبُ «الفروعِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ في «الكُبْرَى». قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ دَفْنُها، إنْ قيلَ بنَجاسَةِ دَمِها. ولهذا قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفصولِ» وغيرِه: أعْماقُ المسْجدِ كظاهرِه في وُجوبِ صِيانَتِه عنِ النَّجاسَةِ. ولعَلَّه مُرادُ القوْلِ بعدَمِ الجوازِ.

فَإنْ طَالَ الْفِعْلُ فِي الصَّلَاةِ أبْطَلَهَا، عمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا، إلَّا أنْ يَفْعَلَهُ مُتَفَرِّقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ طالَ الفِعْل في الصَّلاةِ أَبْطَلَها، عَمْدًا كان أو سَهْوًا. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يُبْطِلُها إلَّا إذا كان عَمْدًا اخْتارَه المَجْدُ؛ لقِصَّةِ ذِي اليَدَيْن، فإنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مشَى وتكلَّمَ ودَخَل مَنْزِلَه. وفي روايةٍ: ودخَل الحُجْرَةَ. ومع ذلك بَنَى على صلاتِه. وقيل: لا تَبْطُلُ بالعَمَلِ الكثيرِ مِنَ الجاهلِ بالتَّحريمِ. قال ابنُ تَميمٍ: ومع الجَهْلِ بتَحْرِيمِه، لا تبْطُلُ. قاله بعضُ أصحابِنا. والأوْلَى جعْلُه كالنَّاسِي. قوله: إلَّا أنْ يفْعَلَه مُتَفَرِّقًا. يعنى، أنَّه لو فَعَل أفْعالًا مُتَفَرِّقَة، وكانتْ بحيث لو جُمِعتْ مُتوالِيةً لَكانتْ كثيرةً، لم تَبْطُلِ الصَّلاةُ بذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تَبْطُلُ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». تنبيهان؛ الأوَّل، مُرادُه بقولِه: فإنْ طالَ الفِعْل في الصَّلاةِ أبْطَلَها. إذا لم تكُنْ ضرُورةٌ، فإنْ كان ثَمَّ ضرورةٌ، كحالِه الخَوْفِ، والهَرَبِ مِن عدُوٍّ، أو سيْلٍ، أو سَبُعٍ، ونحوِ ذلك، لم تَبْطُلْ بالعَمَلِ الكثيرِ. قالَه الأصحابُ. وعُدَّ في «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» مِنَ الضَّرورةِ، إذا كان به حِكَّةٌ لا يصْبِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه. ويأتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في صلاةِ الخوْفِ. الثَّانِي، يُرْجَعُ في طُولِ الفِعْلِ وقِصرِه في الصَّلاةِ إلى العُرْفِ؛ فما عُدَّ في العُرْفِ كثيرًا فهو كثيرٌ، وما عُدَّ في العُرْفِ يسِيرًا فهو يسيرٌ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ»، والمُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في باب سجود السَّهْوِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ أنْ يكونَ العُرْفُ عندَ الفاعلِ. وقيل: قَدْرُ الكثيرِ ما خُيِّلَ للنَّاظرِ أنَّه ليس في صلاةٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الثَّلاثُ في حَدِّ الكثيرِ. قال في «الفائقِ»: وهو ضعيفٌ؛ لنَصِّ أحمدَ في مَن رأَى عقْرَبًا في الصَّلاةِ، أنَّه يخْطو إليها ويأْخُذُ النَّعْلَ ويقْتُلُها، وَيُردُّ النَّعْلَ إلى موْضِعِها. وهي أكثرُ مِن ثلَاثَةِ أفعالٍ. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. وقيل: اليَسيِرُ كفِعْلِ أبي بَرْزَةَ حينَ مشَى إلى الدَّابَّةِ، وقدِ انْفَلَتَتْ، وما فوقَه كثيرٌ. فوائد؛ الأُولَى، إشارَةُ الأخْرَسِ كالعمَلِ، سواءٌ فُهِمَتْ أولا. ذكَرَه ابنُ

وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّاغُونِيِّ. وذكَر أبو الخَطَّابِ مَعْناه. وقال أبو الوَفاءِ: إشارَتُه المَفْهومَةُ كالكلامِ تُبطِلُ الصَّلاةَ، إلَّا برَدِّ السَّلامِ. الثَّانيةُ، عمَلُ القَلْبِ لا يُبْطِلُ الصَّلاةَ, وإنْ طالَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يُبْطِلُ إنْ (¬1) طالَ. اخْتارَه ابن حامِدٍ، وابن الجَوْزِيِّ. قالَه الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ وقال: وعلى الأوَّلِ لا يُثابُ إلَّا على ما عَمِلَه بقَلْبِه. الثَّالثةُ، لا تَبْطُلُ الصَّلاة بإطَالَةِ النَّظْرِ في كتابٍ، إذا قَرَأَ بقلْبِه ولم يَنْطِق بلِسانِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا المذهبُ. وقد رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ أنَّه فعَلَه. وقيل: تَبْطُلُ. قالَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: لا أثَر لعمَلِ غيرِه. في ظاهرِ كلامِهم، [كمَن يَمُصُّ] (¬2) ثَدْى أُمِّه ثلاثًا فيَنزِلَ لبَنُها. قوله: ويُكْرَهُ تَكْرارُ الفاتِحَةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: تَبْطُلُ. وهو روايةٌ في «الفائقِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ¬

(¬1) في ط: «وإن». (¬2) في ا: «كصبى مص».

وَالجَمْعُ بَيْنَ سُوَلي فِي الْفَرْضِ، وَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والجَمْعُ بينَ سُوَرٍ في الفَرْضِ. يعنى، يُكْرَهُ. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ. نقَلَها ابن مَنْصُورٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ». وقدَّمَه في «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ». وعنه، لا يُكْرَهُ. وهو المذهبُ. رَواه الجماعةُ عن أحمدَ. قال أبو حَفْصٍ: العمَلُ على ما رَواه الجماعةُ لا بأْسَ. وصحَّحه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال النَّاظِمُ عنِ الأوَّلِ: وهو بعيدٌ، كتَكْرارِ سُورَةٍ في رَكْعَتيْن، وتَفْريقِ سورةٍ في ركْعْتَيْن. نصَّ عليهما، مع أنَّه لا يُسْتَحَبُّ الزِّيادةُ على سورةٍ في رَكْعَةٍ. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. واقْتصَرَ عليه في «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «الهادِي»، و «الشَّارِحِ»، و «الفائقِ». وعنه، تُكْرَهُ المُداوَمَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُكْرَهُ في النَّفْلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يُكْرَهُ. وهو غريبٌ بعيدٌ.

وَلَا تُكْرَهُ قِرَاءَةُ أوَاخِرِ السُّوَرِ وَأوْسَاطِهَا. وَعَنْهُ، تُكْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُكْرَهُ قراءةُ أواخِر السُّوَرِ وأوساطِها. هذا المذهبُ. نقلَه الجماعةُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكْرهُ مُطْلَقًا. وعنه، تُكْرَهُ المُداوَمَةَ. وعنه، يُكْرَهُ أوْساط السُّوَرِ دُونَ أواخِرِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لا يُكْرَهُ قِراءةُ أوائلِ السُّوَرِ. وقيل: أَواخِرُها أوْلَى. ومنها، يُكْرَهُ قِراءَةُ كلِّ القُرْآنِ في فرْضٍ؛ لعدَمِ نقْلِه، وللإطالَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. ومنها، قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ مُلازَمَةُ سُورَةٍ، مع اعْتِقادِ جَوازِ غيرِها. قال: ويتَوجَّه احْتِمالٌ وتخْريجٌ، يعنِي بالكَراهَةِ؛ لعَدَمِ نقْلِه. قلت: وهو الصَّوابُ.

وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى الإِمَامِ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله أَنْ يفْتحَ على الإِمام إذا أُرْتِجَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يَفْتَحُ عليه إنْ طالَ، وإلَّا فلا. وعنه، يفْتَحُ عليه في النَّفْلِ فقط. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ كان في النَّفْلِ جازَ، وإنْ كان في الفَرْضِ جازَ في الفاتحةِ، ولم يجُزْ في غيرِها. قال في «الفروعِ»: وظاهِرُ المسْألَةِ، لا تَبْطُلُ، ولو فتَح بعدَ أخْذِه في قراءةِ غيرِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ الأوَّلُ، عمومُ قولِه: وله أن يفْتَحَ على الإِمامِ. يشْمَلُ الفاتحةَ وغيرَها، وأنَّه لا يجِبُ. أمَّا في غيرِ الفاتحةِ، فلا يجِبُ بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وأمَّا في الفاتحةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وُجوبُ الفتْحِ عليه. وقيل: لا يجِبُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّانى، الألِفُ واللَّامُ في قَولِه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وله أنْ يفْتَحَ على الإِمامِ. للعَهْدِ، أيْ إمامِه فلا يفْتَحُ على غيرِ إمامِه. نصَّ عليه، سواءٌ كان مُصَلِّيا أو قارِئًا، لكنْ لو فتَحَ عليه، لم تَبْطُلْ صلاتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويُكْرَهُ. وعنه، تَبْطُلُ. وصحَّحه في «المُذْهَب». وقيل: تَبْطُلُ لتَجَرُّدِه للتَّفْهيمِ. اخْتارَه القاضي. وكذا إذا عطَس فحمدَ الله، على ما يأْتِي قريبًا، لا تَبْطُلُ، وهو مِنَ المُفْرداتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أُرْتِجَ على المُصَلِّي في الفاتحةِ، وعجَز عن إتْمامِها، فهو كالعاجزِ عنِ القيامِ في أثْناءِ الصَّلاةِ؛ يأْتِي بما يقدِرُ عليه، ولا يُعيدُ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفصولِ». قال في «الفُروعِ»: ويُؤْخَذُ منه، ولو كان إمامًا. والمذهبُ أنَّه

وَإذَا نَابَهُ شَيْءٌ، مِثْلَ سَهْوِ إمَامِهِ، أو اسْتِئْذَانِ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ، سَبَّحَ إنْ كَانَ رَجُلًا، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً صَفَّحَتْ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْتَخْلِفُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ويأْتِي ذلك في صلاةِ الجماعةِ، في إمامِ الحَيِّ العاجزِ عنِ القيامِ. تنبيهان؛ الأوَّلُ، قَولُه: وإذا نابَه شئٌ، مثْلَ سهْوِ إمامِه، أو اسْتِئْذانِ إنْسانٍ عليه، سبَّحَ إنْ كان رَجُلًا. بلا نِزاعٍ. ولا يضُرُّ ولو كَثُرَ، ويُكْرهُ له التَّصْفيقُ، وتَبْطُل الصَّلاةُ به إنْ كثُرَ. الثَّانِي، ظاهرُ قولِه: وإنْ كانتِ امْرأَةً صفَّحتْ ببَطْنِ كفِّها على ظَهْرِ الأُخْرَى. أنَّ ذلك مُسْتَحَبٌّ في حقِّها. وهو صحيحٌ، لكنّ محَلَّه أنْ لا يكثُرَ، فإنْ كَثُرَ بَطَلَتِ الصَّلاةُ، فلو سبَّحَتْ كالرَّجُلِ، كُرِهَ. نصَّ عليه. وقيل: لا يُكْرَهُ. قال ابنُ تَميمٍ: قالَه بعضُ أصحابِنا. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ ذلك، لا تَبْطُلُ بتَصْفيقِها على جِهَةِ اللَّعِبِ. قال: ولعَلَّه غيرُ مرادٍ. وتَبْطُلُ به لمنافاتِه الصَّلاةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قال في «الفُروعِ»: وفي كراهةِ التَّنْبِيه بنَحْنَحْةٍ رِوايَتان. وأطْلَقَهما هو والمُصَنِّف في «المُغْنِي»، و «الشارِحِ». قلتُ: الصَّوابُ الكراهَةُ. ثم وَجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفروعِ»، قال: أشْهَرُهما يُكْرَهُ. والثَّانيةُ، لا يُكْرَهُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. قال: وهو أظْهَرُ. ومنها، لا يُكْرَهُ تَنْبِيهُه بقِراءةٍ وتَكْبيرٍ وتَهْليلٍ وتَسْبيحٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ»، وقال: وعنه، تَبْطُلُ بذلك، إلَّا في تَنْبِيه الإِمامِ والمارِّ بينَ يَدَيْه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: إلَّا أنَّها لا تَبْطُلُ بتَنْبِيهِ مارٍّ بينَ يدَيْه. ومنها، لو عطَس؛ فقال: الحمْدُ للهِ. أو لسَعَه شئٌ، فقال: بِسْمِ اللهِ. أو سَمِعَ، أو رأى ما يَغُمُّه؛ فقال: إنَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للهِ وإنَّا إليه راجِعُون. أو رأى ما يُعْجِبُه؛ فقال: سُبْحانَ اللهِ. ونحوَه، كُرِهَ ذلك على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ترْكُ الحَمْدِ للعاطِسِ أوْلَى. نقلَ أبو داودَ، يَحْمَدُ في نَفْسِه ولا يُحَرِّكُ لِسانَه. ونقلَ صالِحٌ، لا يُعْجِبُنِي رَفعُ صوْتِه بها. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تَبْطُلُ صلاتُه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ الجماعةِ، في مَن عطَس فحمِدَ الله. ونقَل ها هنا في مَن قيلَ له في الصَّلاةِ: وُلِد لَكَ غُلامٌ. فقال: الحَمْدُ للهِ. أوِ: احْتَرَقَ دُكَّانُك. فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ. أو: ذهَب كِيسُك. فقال: لا حَوْل ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. فقد مضَتْ صلاتُه. وقدَّمه في «المغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرحِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وصحَّحه. وعنه، تَبْطُلُ. وكذا لو خاطبَ بشئٍ مِنَ القُرْآنِ، مِثْل أنْ يُسْتأْذَنَ عليه، فيقولَ: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} أو يقول لمَنِ اسْمُه يَحْيَى: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} ونحوُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، خِلافًا ومذهبًا. وصحَّح الصِّحَّةَ ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وقال القاضي: إنْ قصَد بما تقدَّم مِن ذلك كلِّه الذِّكْرَ فقط، لم تَبْطُلْ، وإنْ قصَد خِطابَ آدَمِيٍّ، بَطَلَتْ، وإنْ قَصَدَهما، فوَجْهان. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»، وغيرِه: ويَتَأتَّى الخِلافُ أَيضًا في تحْذيرِ ضَريرٍ مِن وقوعِه في بئرٍ ونحوِه، وتقدَّم إذا نَبَّه غيرَ الإمامِ.

وَإِنْ بَدَرَهُ الْبُصَاقُ، بَصَقَ فِي ثَوْبِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ أَنْ يَبْصُقَ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ بدَره البُصاقُ، بصق في ثَوْبِه. يعنِي، إذا كان في المسْجدِ وبَدَرَه البُصاقُ، فلا يَبْصُقْ إلَّا في ثَوبِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ المَجْدُ جَوازَه في المسْجِدِ ودَفْنَه فيه. قوله: وإنْ كان في غَيرِ المَسْجِدِ جازَ أنْ يَبْصُقَ عن يَسارِه، أو تحتَ قَدَمِه. وكذا قال في «الهِدَاية»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِي الصَّغِير»، و «الفائِقِ»، وغيرِهم، بل أكثرُ الأصحابِ. فظاهرُه، سواءٌ كان قدمَه اليُمْنَى أو اليُسْرَى. وهو الصَّحيحُ. وقدَّمه في «الفُروع». وقال جماعةٌ مِنَ الأصحاب: يبْصُقُ عن يسارِه، أو تحتَ قدمه اليُسْرَى. وجزم به في «المُسْتَوعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرى»، و «الحاوِي الكَبِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان، الأوَّلُ، قولُه: وإنْ كان في غيرِ المَسْجدِ، جازَ أنْ يبْصُقَ عن يَسارِه أو تحتَ قدَمِه. قال في «الرِّعايَة الكبرى»، و «الحاوِي الكبِيرِ»، وغيرِهما: لكن إنْ كان يصَلِّي، ففي ثَوْبِه أوْلَى. وهو ظاهِر ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقال المَجْدُ في «شَرْحِهِ»: إنْ كان خارِج المسْجدِ، جاز الأمْران، وفي البُقْعَةِ أوْلَى؛ لأنَّ نظافةَ البَدَنِ والثِّيابِ مِنَ المُسْتَقْذَراتِ الظَّاهِراتِ مسْتَحَبٌّ. ولم يُعارِضْه حُرْمَة البُقْعَةِ. وقال في «الوَجيزِ»: ويبْصُقُ في الصَّلاةِ والمَسْجدِ في ثَوْبِه، وفي غيرِهما يَسْرَةً (¬1). فظاهِره، أنَّه لا يَبْصُقُ عن يَسارِه إذا كان يصَلِّي خارِجَ المَسْجِدِ، ولعَلَّه أَرادَ أنَّه الأوْلى (¬2)، كما قال في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِي»، وإلَّا فلا أعلمُ له مُتابعًا. الثاني، مفْهومُ قولِه: جازَ أنْ يبْصُقَ عن يسْارِه، أو تحت قدَمِه. أنَّه لا يَبْصُقُ عن يَمينِه ولا أمامَه. وهو صحيحٌ، فإنَّ المذهبَ لا يخْتلِفُ أنَّ ذلك مَكْرُوهٌ. ¬

(¬1) في ا: «عن يساره». (¬2) في ا: «كالأولى».

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَة مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويستحَبُّ أنْ يُصَلِّيَ إلى سُتْرَةٍ، مثلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرهم. وأطْلَقَ في «الواضِحِ» الوُجوبَ. قوله: مثْل آخِرَةَ الرَّحْلِ. قال الإمامُ أحمدُ والأصحابُ: يكونُ طُولُها ذِراعًا، وعَرْضُها لا حَدَّ له. قال ابنُ تَميمٍ وغيره: وعنه، مثل عَظْمِ الذراعِ. وقال في «الرِّعايتَيْن»: وقيل: عُلوُّ شِبْرٍ. زادَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وقيل: ثلَاثة أصابع. قال في «الحاوِي الصَّغِيرِ»: وهي عُلُوُّ شِبْرٍ. فائدتان، الأُولى، تكفِي السُّتْرَةُ، سواءٌ كانت مِن جِدارٍ قريبٍ، أو سارِيةٍ، أو جَمادٍ غيره، أو حَرْبَةٍ، أو شجَرَةٍ. نصَّ عليه. أو عَصًا، أو إنْسانٍ، أو حَيوانٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَهِيمٍ طاهرٍ، غيرِ وَجْهَيْهِما. ويُكْرَهُ إلى وَجْهِ آدَمِيٌّ. نصَّ عليه. وفي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»: أو حيوانٍ غيرِه. قال في «الفُروعِ»: والأولُ المذهبُ، أو لَبِنةٍ ونحوِها، أو مِخَدَّةٍ، أو شئٍ شاخِصٍ غيرِ ذلك في الفضاءِ، كبَعيرٍ أو رَحْلِه. فإِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَعَذرَ ذلك، فعَصا مُلْقاةٌ عرْضًا. نصَّ عليه، أو سَوطٍ، أو سَهْمٍ، أو مُصَلَّاه الذى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تحتَه، أو خَيْطٍ، أو ما اعْتَقَدَه سُتْرةً. فإنْ تعَذَّر غَرْزُ العَصَا وَضَعها. الثَّانية، عرْضُ السُّتْرَةِ أعْجَبُ إلى الإمام أحمدَ. قال في «الرِّعايَةِ»، وغيرِها: يُسْتَحَبُّ ذلك، ويُسْتَحَبُّ أَيضًا أنْ ينْحَرِفَ عنها يسيرًا، ويُسْتحَبُّ أَيضًا القُرْبُ من سُتْرَتِه،

فَإنْ لَمْ يَجِدْ، خَطَّ خَطًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنْ يكونَ بينَه وبينها ثلاثةُ أذْرُعٍ مِن قَدَمَيْه. نصَّ عليهما. قوله: فإنْ لم يَجدْ، خَطَّ خَطًّا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكْرَهُ الخَطُّ. فعلى المذهبِ، يكونُ مِثْلَ الهِلالِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ: يكْفِي طولًا. فائدتان؛ الأولَى، السُّتْرَة المغْصوبَةُ والنَّجِسَة في ذلك كغيرِهما. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» وقيل: لا تُفِيدُ شيئًا. وجزَم به ابنُ رزين في «شَرْحِه»، في المغْصُوبَةِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ النَّجِسَةَ ليستْ كالمغْصوبَةِ. وأطْلَقَهما في المَغْصوبَةِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِييْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وقال: فالصَّلاة إليها كالقَبْرِ. قال صاحِبُ «النَّظْمِ»: وعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِياسِه سُتْرَةُ الذَّهَب. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ معها، لو وضَع المارُّ سُتْرَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومَرَّ، أو تَسَتَّرَ بدابَّةٍ، جازَ. قال الشَّارِحُ: أصْلُ الوَجْهَيْن إذا صلَّى في ثَوْبٍ مَغْصوبٍ، على ما تقدَّم. قال في «الكافِي»: الوَجْهان هنا، بناءً على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ في الثَّوْبِ المغْصوبِ. قلت: فعلَى هذا لا يكون ذلك سُتْرَةٌ. الثَّانيةُ، سُتْرَةُ الإمامِ سُتْرَةٌ لمن خلفَه، وسُتْرَةُ المأْمومِ لا تكْفِي أحَدَهما، بل لا يُسْتَحَبُّ له سُتْرَةٌ، وليست سُتْرَةً له. وذكَر الأصحابُ أنَّ معْنَى ذلك، إذا مَرَّ ما يُبْطِلُها. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه، أنَّ هذا فيما يُبْطِلُها خاصَّةً، وأنَّ كلامَهم في نَهْى الآدَمِيِّ عنِ المُرورِ على ظاهِرِه. وقال صاحِبُ «النَّظْمِ»: لم أجِدْ أحدًا تعَرَّضَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لجَوازِ مُرورِ الإِنْسانِ بين يديِ المأمومِين، فيَحْتَمِلُ جوازُه، اعْتِبارًا بسُتْرَةِ الإمامِ لهم حُكمًا. ويحْتمِلُ اخْتِصاصُ ذلك بعدَمِ الإبطالِ، لِمَا في مِنَ المَشَقَّةِ على الجميع. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه عدَمُ التَّصْريحِ به. وقال: احْتِجاجُهم بقَضِيَّة ابنِ عَبَّاس، والبَهِيمَةِ التى أرادَتْ أنْ تَمُرَّ بين يَدَيْه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، فدارَءها حتَّى الْتَصَقَتْ بالجِدارِ، فمَرتْ مِن وَرائِه، مُخْتَلِفٌ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجْهَيْن، والأوَّلُ أظْهَرُ. وقال ابن نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفروعِ»: صَوابُه، الثانِي أظْهَر؛ لأنَّه مَحَلُّ وِفاقِ الشَّافِعِيَّةِ، أعْنِي، عُمومُ سُتْرَةِ الإمام سُتْرَةٌ لما يُبْطِلُها ولغيرِه، كمُرورِ الآدَمِيِّ، ومَنْعِ المُصَلِّي المارَّ. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: من وَجَد فُرْجَةً في الصَّفِّ، قامَ فيها إذا كانتْ بحِذَائِه، فإنْ مشَى إليها عرْضًا، كُرِهَ. وعنه، لا.

فَإذا مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا شَيْء لَمْ يُكْرَهْ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُترَةٌ، فَمَر بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ، بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، وَفِي الْمَرأَةِ وَالْحِمَارِ رِوَايتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن لم تكُنْ سُتْرَةٌ، فمَرَّ بين يَدَيْه الكلْبُ الأسْوَدُ البَهِيمُ، بَطَلَتْ صَلَاتُه. لا أعلمُ فيه خِلافًا مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وهو مِن المُفْرَداتِ، وتقدَّم قريبًا جُمَلةٌ مِن أحْكام المُرورِ، عندَ قوله: وله رَدُّ المارِّ. فائدَتان؛ الأُولَى، الأسْوَدُ البَهِيمُ، هو الذى لا لَوْنَ فيه سِوَى السَّوادِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ الصَّيْدِ: هو ما لا بَيَاضَ فيه. نصَّ عيه. وقيل: لا لَوْنَ فيه غَيْرُ السَّوادِ. انتهى. وعنه، إنْ كان بينَ عَيْنَيْه بَياضٌ، لم يَخْرُجْ بذلك عن كَوْنِه بَهِيمًا، وتَبْطُلُ الصَّلاةُ بمرورِه. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وصحَّحه ابنُ تَميمٍ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: لو كان بينَ عَيْنَيْه نُكْتَتانِ تُخالِفان لَوْنَه، لم يَخرُجْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بهما عنِ اسْمِ البَهيم، وأحْكامِه. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». ويأتِي ذلك في باب الصَّيْدِ أَيضًا. الثَّانيةُ، البَهِيمُ في اللُّغةِ، هو الذى لا يُخالِط لَوْنَه لَوْنٌ آخَرُ، ولا يَخْتَصُّ ذلك بالسَّوادِ. قاله الجَوْهَرِيُّ (¬1) وغيرُه. ¬

(¬1) انظر: الصحاح 5/ 1875، وتهذيب اللغة 6/ 338.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي المَرْأةِ والحِمارِ رِوايَتَان. وأطْلَقهما في «الهِدايَة»، و «خِصَالِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الشَّرَحِ»، و «النَّظمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتيْن»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «نِهايَةِ ابن رَزِين»، إحْداهما، لا تَبْطُلُ. وهي المذهبُ. نَقَلَها الجماعة عن الإمام أحمدَ. وجزَم به في «الْخِرَقِيّ»، و «المُبْهِجِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال في «المُغْنِي» (¬1): هي المشهورةُ. قال في «الكافِي»: هذا المشْهورُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أشْهَرُهما. واخْتارَه ابن عَبْدُوسِ في «تَذكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «نَظْمِ نهايَةِ ابنِ رزين». قال في «الفُصُولِ»: لا تَبْطُلُ، في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «إدْراكِ الغايَةِ». ¬

(¬1) انظر: المغني 3/ 97.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّواية الثَّانيةُ، تَبْطُلُ. اخْتارَها المَجْدُ، ورَجَّحه الشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُسْتوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «حَواشِي ابن مُفْلِحٍ». وجزم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. واخْتاره الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ. وقال: هو مذهبُ أحمدَ. تنبيه: مُرادُه بالحِمارِ، الحمارُ الأهْلِيُّ. وهو الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وفي حِمارِ الوَحْش وَجْهٌ، أنَّه كالحِمارِ الأهْلِيِّ. ذكَرَه أبو البَقَاءِ، في «شرحِ الهِدايَةِ»، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال في «النُّكَتِ»: اسم الحِمارِ إذا أُطْلِقَ، إنَّما يَنْصَرِفُ إلى المَعْهودِ المألوفِ في الاسْتِعْمالِ، وهو الأهْلِيُّ. هذا الظَّاهرُ. ومَن صرَّح به مِنَ الأصحابِ، فالظاهرُ أنَّه صرَّح بمُرادِ غيرِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فليْستِ المسْأَلةُ على قوْلَيْن، كما يُوهِمُ كلامه في «الرِّعايَةِ». انتهى. قلت: وليس الأمْرُ كما قال، فقد ذَكَر أبو البَقَاءِ في «شَرْحِه» وَجْهًا بذلك، كما تقدَّم. وذكرَه العَلَّامَة ابن رجَبٍ في قاعِدةِ تَخْصيصِ العُمومِ بالعُرْفِ، قال: وللمَسْألةِ نَظائِر كثيرةً، مثل ما لو حلَف لا يأكل لَحْمَ بَقَرٍ، فهل يَحْنث بأكْلِ لَحْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَرِ الوَحْشِ؟ على وَجْهَيْن. ذكرَهما في «التَّرْغيبِ». وكذا لو حلَف لا يرْكَبُ حِمارًا، فرَكِب حِمارًا وَحْشيًّا، هل يَحْنَث أم لا؟ على وَجْهَيْن. وكذا وُجوبُ الزَّكاةِ في بَقَرِ الوَحْشِ وما أشْبَهَه. انتهى. فالوَجْهُ له وَجْهٌ حسَنٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، قال في «النُّكَتِ»: ظاهِر كلامِ الأصحابِ، أنَّ الصَّغِيرَةَ التى لا يَصْدُقُ عليها أنَّها امْرأَةٌ لا تَبْطُلُ الصَّلاة بمُرورِها. وهو ظاهِرُ الأخْبارِ. قال: وقد يُقال: تُشْبِهُ خَلْوَةَ الصَّغيرةِ بالماءِ، هل يَلْحَقُ بخلْوَةِ المرأةِ؛ على وَجْهَيْن. انتهى. قلت: المذهبُ أنَّه لا تَأْثِير لخَلْوتِها على ما مَرَّ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: كلامُهم في الصَّغيرَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. الثَّانيةُ، حُكْمُ مُرور الشَّيْطانِ بينَ يدَيِ المُصَلِّي، حُكْمُ مُرورِ المرأةِ والحِمارِ. قالَه أكثرُ الأصحابِ. وحكى ابنُ حامِدٍ فيه وَجْهَيْن. الثَّالثةُ، ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ وغيره مِنَ الأصحابِ، أنَّ الصَّلاةَ لا تَبْطُلُ بمُرورِ غيرِ من تقدَّمَ ذِكْره. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحكى القاضي في «شَرْح المُذْهَبِ» رِوايةٌ، أن السُنَّوْرَ الأسْوَدَ في قطْع الصَّلاةِ كالكَلْبِ الأسْودِ. الرَّابعة، حيثُ قُلْنا: تَبْطُلُ الصَّلاةُ بالمُرورِ. فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَبْطلُ بالوُقوفِ قُدَّامَه ولا الجُلوس. على الصَّحيحِ مِن المذهب. قال في «الفُروع»، و «الفائق»: وليس وقوفُه كمُرورِه، على الأصَحِّ. كما لا يُكْرَهُ إلى بعيرٍ وَظْهرٍ ورحْلٍ ونحوِه. ذكَرَه المَجْدُ. واخْتارَه الشَّيْخُ تقِي الدِّينِ. وصحَّحها المَجْدُ في «شَرْحِه». وعنه، تَبْطُلُ. وهما وَجْهان عندَ الأكْثَرِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِيِّ». الخامسة، لا فرْقَ في المرورِ بينَ النَّفْلِ والفرْضِ والجِنازَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يضُرُّ المُرورُ إذا كان في النَّفْلِ. ذكَرَها في «التَّمامِ»، ومَن بعدَه. وعنه، لا يَضُرُّ إذا كان في نَفْلٍ أو جِنازَةٍ. السَّادسة، يجِبُ رَدُّ الكافرِ المعْصوم دَمهُ عن بئر إذا كان يُصَلِّي. على أصَحِّ الوَجْهَيْن، كرَدِّ مُسْلمٍ عن ذلك، فَيقْطَعُ الصَّلاةَ ثم يَسْتَأنِفُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُتِمُّها. وقيلَ: لا يجِبُ رَدُّ الكافرِ. اخْتارَه ابن أبِي مُوسى. وتقدَّم ما قالَه في «التَّعْليقِ»، مِن حِكايَةِ الخلاف في عدَم بُطْلانِ صَلاةِ مَن حذَّر ضرِيرًا، قُبَيلَ قولِه: وإن بدَرَه البُصَاق. وكذا يجوز له قطعُ الصَّلاةِ إذا هرَب منه غَرِيمُه. نَقَل حُبَيْشٌ (¬1): يخْرجُ في طَلَبِه. وكذا إنْقاذ غرِيقٍ ونحوِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: نَفْلًا، فلو أبَى قَطْعَها، صبَحَّتْ. ذكَرَه الأصحابُ في الدَّارِ المَغْصوبَةِ. ¬

(¬1) جبيش بن سندى القطيعى. من كبار أصحاب الإمام أَحْمد، كان رجلًا جليل القدر، كتب عن الإمام أَحْمد نحوًا من عشرين أَلْف حديث. طبقات الحنابلة 1/ 146، 147.

وَيَجُوزُ لَهُ النَّظر فِي الْمُصْحَفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ السّابعة، لو دَعاه النَّبِيُّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وجَب عليه إجابَتُه في الفَرْض والنَّفْلِ، بلا نِزاعٍ، لكنْ هل تَبْطُلُ؛ الأظْهَرُ البُطْلان. قالَه ابن نَصْرِ اللهِ. ولا يُجِيبُ والِدَيْه في الفَرْضِ، قوْلًا واحِدًا، ولا في النَّفْلِ إنْ لَزِمَ بالشُّروعِ، وإنْ لم يَلْزَمْ بالشُّروعِ، كما هو المذهبُ، أجابهما. ونقَل المَرُّوذِيُّ: أجِبْ أُمَّك، ولا تُجِبْ أَبَاك. وهل ذلك وُجوبًا أو اسْتحْبابًا؛ يذْكُرْه الأصحابُ. قالَ ابنُ نَصْر اللهِ في «حَواشِي الفروعِ»: الأظْهَرُ الوُجوبُ. قلت: الصَّوابُ عدَمُ الوُجوبِ. أَو ينْظُر إلى قَرينَةِ الحالِ، وهو ظاهر كلامِ الأصحابِ في الجِهادِ، حيث قالوا: لا طاعَةَ لهما في تَرْكِ فرِيضَةٍ. وكذا حُكْمُ الصَّوْمِ لو دَعَواه أو أحَدُهما إلى الفِطْرِ. قوله: ويجُوزُ له النَّظَرُ في المُصْحَفِ. يعنِي، القِراءَةُ فيه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وعنه، يجوزُ له ذلك في النَّفْلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجوزُ لغيرِ حافِظٍ فقط. وعنه، فِعْلُ ذلك يُبْطِلُ الفَرْضَ. وقيل: والنَّفْل.

وَإذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أنْ يَسْأَلهَا، أَوْ آيَةُ عَذَابٍ أنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهَا. وَعَنْهُ، يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم إذا نظَر في كتابٍ وأَطالَ، بعدَ قوْلِه: إلَّا أنْ يَفْعَلَه مُتَفَرِّقًا. قوله: وإذا مرَّتْ به آيةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْألَها، أو آيةُ عَذابٍ أنْ يَسْتَعيذَ منها. هذا المذهبُ. يعنِي، يجوزُ له ذلك، [وعليه الأصحاب، ونصَّ عليه. وعنه، يُسْتحَبُّ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه لكُلِّ مُصَلِّ. وقيل: السُّؤَالُ والاسْتِعاذَةُ هنا إعادَة قِراءَتِها] (¬1). اخْتارَه أبو بَكْرٍ الدِّيَنَورِيُّ، وابن الجَوْزِيِّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي»: وفيه ضَعْفٌ. قال ابنُ تَميمٍ: وليس بشيء. وتابَعوا في ذلك المَجْدَ في «شَرْحِه»، فإنَّه قال: هذا وَهْمٌ مِن قائِلِه. وعنه، يُكْرَهُ في ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَرْضِ. وذكر ابن عَقِيل في جَوازِه في الفَرْضِ رِوايتيْن. وعنه، يَفْعَلُه وحدَه. وقيل: يُكْرَهُ فيما يَجْهَرُ فيه مِنَ الفرْضِ، دُونَ غيرِه. ونقَل الفضْلُ (¬1)، لا بأْسَ أنْ يقولَه مأمومٌ، ويخْفِضَ صوْتَه. وقال أحمدُ: إذا قرَأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} (¬2) في صلاةٍ وغيرِها، قال: سُبْحانَك فَبَلَى. في فرْض ونَفْلٍ. وقال ابنُ عَقيلٍ: لا يقولُه فيها. وقال أَيضًا: لا يُجِيبُ المُؤَذِّنَ في نَفْلٍ. قال: وكذا إن قرَأ في نَفْلٍ: {أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} (¬3) فقالَ: بَلى. لا يَفْعلُ. وقيل لأحمدَ: إذا قَرَأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} هل يقولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى؟ قال: إنْ شاءَ قال في نفْسِه، ولا يَجْهَرُ به. فوائد؛ إحْداها، لو قَرَأ آيةً فيها ذِكْر النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فإنْ كان في نَفْلٍ فقط، صلَّى عليه. نصَّ عليه، وهذا المذهبُ. جزَم به ابنُ تميمٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال: وأطْلَقَه بعضُهم. قال ابنُ القَيِّم في «كِتَابِه»: الصَّلاة على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ¬

(¬1) هو ابن زياد تقدمت ترجمته في الجزء الثاني صفحة 363. (¬2) سورة القيامة 40. (¬3) سورة التين 8.

فَصْلٌ: أَرْكَانُ الصَّلَاةِ اثْنَا عَشَرَ، الْقِيَامُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإحْرَامَ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالسُّجُودُ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالطُّمأنِينَةُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَالتَّشَهُدُ الأخِيرُ، وَالْجُلُوسُ لَهُ، وَالتَّسْلِيمَةُ الأولَى، وَالتَّرْتِيبُ. مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المنْصوصُ أنَّه يُصَلِّي عليه في النَّفْلِ فقط. وقال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»، و «الحاوِي»: وإنْ قَرَأ آيَةً فيها في ذِكْره، صَلوات اللهِ وسَلامُه عليه، جازَ له الصَّلاةُ عليه. ولم يُقَيِّداه بنافِلَةٍ. قال ابن القَيِّمِ: هو قوْلُ أصحابِنا. الثَّانيةُ، له رَدُّ السَّلامِ مِن إشارَةٍ، مِن غيرِ كراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَهُ في الفَرْض. وعنه، يجِبُ. ولا يَرُدُّه في نَفْسِه، بل يُسْتحَبُّ الرَّدُّ بعدَ فَراغِه منها. الثَّالثةُ، له أنْ يسَلِّمَ على المُصَلِّي مِن غيرِ كراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرهُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقاسَه ابنُ عَقِيلٍ على المَشْغولِ بمَعاشٍ أو حِسَابٍ. قال في «الفُروع»: كذا قال. وقال: ويتَوجَّهُ أنَّه إنْ تَأذَّى به، كرِهَ، وإلَّا لم يُكْرَه. وعنه، يُكْرَهُ في الفَرْضِ. وقيل: لا يُكْرَهُ إنْ عرَف المُصَلِّي كيْفيَّة الرد به، وإلَّا كُرِهَ. قوله: أركانُ الصَّلاةِ اثْنا عَشَرَ، القيامُ. مَحَلُّ ذلك، إذا كانت الصَّلاة فرْضًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان قادِرًا عليه. وتقدَّم الحُكْمُ لو كانَ عُرْيانًا، أو لم يجِدْ إلَّا ما يسْتُرُ عوْرَتَه أو مَنْكِبَيْه، فلو كان نَفْلًا، لم يَجِبِ القِيامُ مُطْلَقًا. وقيل: يجِبُ في الوِتْرِ. قال في «الرِّعايَةِ»: قلت: إنْ وجَب، وإلَّا فلا. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. تنبيه: عَدَّ الأصحابُ القِيامَ مِن الأرْكانِ. وقال ابن نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: في عَدِّ القِيام مِنَ الأرْكانِ نظَر؛ لأنَّه يُشْتَرَط تَقَدُّمُه على التَّكْبيرِ، فهو أوْلَى مِن النِّيَّةِ بكَوْنِه شرْطًا. انتهى. قلت: الذى يظْهَر قوْلُ الأصحابِ؛ لأنَّ الشُّروط هي التى يُؤتَى بها قبل الدُّخول في الصَّلاةِ، وتُسْتَصْحَبُ إلى آخِرِها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرُكْنُ يُفْرَغُ منه ويُنْتَقَلُ إلى غيرِه، والقِيامُ كذلك. فوائد؛ إحداها، قال أبو المَعالِي وغيرُه: حَدُّ القيامِ، ما لم يَصِرْ راكِعًا. وقال القاضي في «الخلاف»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: حَدُّه الانْتِصابُ قَدْرَ التَّحْريمَةِ، فقد أدْركَ المسبُوق فَرْضَ القِيامِ، ولا يضُرُّ مَيْلُ رأسِه. الثَّانية، لو قامَ على رِجْلٍ واحدةٍ، فظاهِر كلامٍ أكثرِ الأصحابِ، الإجْزاءُ. قالَه في «الفُروع». وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ. ونَقل خَطَّابُ بن بشْرٍ (¬1)، عن أحمدَ، لا أدْرِي. قال ابن الجَوْزِيِّ: لا يُجْزِئُه. قال في «النُّكَتِ»: قطَع به ابنُ الجَوْزِيِّ وغيرُه. وتقدَّم لو أتَى بتَكْبيرةِ الإحْرام أو ببعضِها راكِعًا. عندَ قولِه: ثم يقولُ: الله أكَبُر. لا يُجْزِئُه غيرُها. الثَّالثَةُ، قولُه: وتكبِيرَة الإحْرام. بلا نِزاعٍ. وليست بشَرْطٍ، بل هي مِن الصَّلاةِ. نصَّ عليه، ولهذا يُعْتَبَرُ لها شُرَوطُها. ¬

(¬1) خطاب بن بشر بن مطر البغدادي، أبو عمر. كان رجلًا صالحًا، قاصا، عنده عن الإمام أَحْمد مسائل حسان صالحة. توفى سنة أربع وستين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 152.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقراءةُ الفاتحَةِ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ؛ أنَّ قِراءةَ الفاتِحَةِ رُكْنٌ في كلِّ رَكْعَةٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، رُكْنٌ في الأوَّلَتين. وعنه، ليستْ رُكْنًا مُطْلَقًا، ويُجْزِيْه آيَةٌ مِن غيرِها. قال في «الفروعِ»: وظاهِرُه ولو قَصُرَتْ، ولو كانت كَلِمَةً، وأنَّ الفاتِحَةَ سُنَّةٌ. وأطْلَقَ في «المُسْتَوْعِبِ» الرِّوايتَيْن في تَعْيينِ الفاتِحَةِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنَّها لا تجِبُ في الجِنَازَة، بل تُسْتَحَبُّ. وذكَر الحَلْوَانِيُّ رِوايةً، لا يكفِي إلَّا سَبْعُ آياتٍ مِن غيرِها. وعنه، ما تَيَسَّرَ. وعنه، لا تجِبُ قِراءة في الأوَّلَتَيْن والفَجْرِ. وعنه، إنْ نَسِيها فيهما، قَرَأها في الثَّالثَةِ والرَّابعَةِ مرَّتيْن، وسجَد للسَّهْوِ. زادَ عبدُ الله في هذه الرِّوايَةِ، وإنْ تَرَكَ القِراءةَ في ثَلاثٍ، ثم ذكَر في الرَّابعَةِ، فسَدتْ صلاتُه واسْتَأنفَها. وذكَر ابن عَقِيل، إنْ نسِيَها في رَكْعَةٍ، أتَى بها فيما بعدَها مرَّتَيْن ويعْتَدُّ بها، ويَسْجُدُ للسَّهْوِ. قال في «الفنونِ»: وقد أشارَ إليه أحمدُ. فائدتان، إحْداهما، تجِبُ الفاتحةُ على الإمامِ والمُنْفَرِدِ. وبهذا على المأْمومِ، لكنَّ الإمامَ يتَحمَّلُها عنه. هذا المَعْنى في كلامِ القاضي وغيرِه. واقْتَصَرَ عليه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقيل: تجِبُ القِراءَةُ على المأمومِ في الظُّهْر والعَصْرِ، حيثُ تجِبُ فيهما على الإمامِ والمُنْفَرِدِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، قولُه: والطُّمَأْنِينَةُ في هذه الأفْعالِ. بلا نِزاعٍ. وحَدُّها، حصُولُ السُّكونِ وإنْ قَلَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَع البَحْريْن». قال في «الرِّعايَةِ»: فإنْ نقص عنه، فاحْتِمالان. وقيلَ: هي بقَدْرِ الذِّكْرِ الواجِب. قال المَجْدُ في «شرحه»، وتَبِعَه في «الحاوي الكبيرِ»: وهو الأقْوَى. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «الحاوِي الصغِيرِ». وفائِدَة الوَجْهَيْن، إذا نَسِيَ التَّسْبِيحَ في رُكوعِه، أَو سُجوده، أوِ التَّحْميِدَ في اعْتِدالِه، أو سُؤالَ المَغْفِرَةِ في جُلوسِه، أو عجَز عنه لعُجْمَةٍ أو خَرَسٍ، أو تعَمَّدَ ترْكَه، وقُلْنا: هو سُنَّةٌ. واطمَأنَّ قدْرًا لا يَتَّسِعُ له، فصَلاتُه صَحِيحةٌ على الوَجْهِ الأوَّلِ، ولا تصِحُّ على الثَّاني. وقيل: هي بقَدْرِ ظَنِّه أنَّ مأمومَه أتَى بما يَلْزَمُه. قوله: والتَّشَهُّدُ الأخِيرُ، والجُلُوسُ له. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّهما واجبَان. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو غرِيبٌ بعيدٌ. وقال أَيضًا: وقيلَ: التَّشهُّدُ الأَخير واجِبٌ، والجُلُوسُ له رُكْنٌ. وهو غرِيبٌ بعيدٌ. وقال أبو الحُسَيْنِ: لا يَخْتَلِفُ قولُه أنَّ الجُلوسَ فَرْضٌ. واخْتَلَف قولُه في الذِّكْرِ فيه. وعنه، أنَّهُما سُنَّةٌ. وعنه، التَّشَهُّدُ الأْخِير فقط سُنَّةٌ. فائدتان، إحْداهما، حيثُ قُلْنا بالوُجوبِ، فيُجْزئُ بعدَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ قوله: اللَّهُمَّ صَلِّ على محمدٍ. فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والقاضِي، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: وتُجْزِئُ الصَّلاةُ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، في الأصَحِّ. قال ابنُ تَميمٍ: هذا أَصَحُّ الوَجْهَيْن. قال الزَّرْكَشِيُّ: واخْتاره القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيلَ: الواجِبُ الجميعُ إلى قولِه: إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. الأخِيرتان. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قال أبو الخَطَّاب في «الهِدايَةِ»، وصاحِبُ «المُسْتوْعِب»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»: والمَجْزِئُ، التَّشَهُّدُ، والصَّلاةُ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إلى: حَمِيدٌ مَجِيدٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المذْهَبِ»، و «التلْخيصِ». قال في «الكافِي»: وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُ أصحابِنا: وتجِبُ الصَّلاة على هذه الصِّفَةِ. يعنِي، حدِيث كعْبِ بن عُجْرةَ. ويأتِي قريبًا مِقْدارُ الواجب مِنَ التَّشهد الأوَّل. الثَّانيةُ، قال ابن عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: كان يلْزَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أنْ يقولَ في التَّشَهُّدِ: وأشْهَدُ أنَّ محمدًا عبْدُه ورَسُولُه، اللَّهم صَلِّ على محمدٍ وعلى آلٍ محمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ على إبراهِيمَ، وعلى آلِ إبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٍ مَجِيدٌ. والشَّهادَتان في الأذانِ. وقال ابنُ حمْدانَ في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ لُزومُ ذلك وَجْهَيْن. قوله: والتَّسْليمَة الأولى. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّها واجِبَةٌ. ذكَرَها في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قوله: والتَّرْتيبُ. اعلمْ أنَّ جُمْهورَ الأصحابِ عَدَّ التَّرتيبَ مِنَ الأرْكانِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتابَعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحاوِي الكبِيرِ»: التَّرْتيبُ صِفةٌ مُعْتَبَرَةٌ للأرْكانِ، لا تقومُ إلَّا به، ولا يلْزَمُ مِن ذلك أنْ يكون رُكْنًا زائِدًا، كما أنَّ الفاتحةَ رُكنٌ وتَرْتِيبَها معْتَبَرٌ، ولا يُعَدُّ رُكْنًا آخَرَ، والتَّشَهُّدُ كذلك. وكذا السُّجودُ رُكْنٌ، ويُعْتبَر أنْ يكونَ على الأعْضاءِ السَّبْعَةِ، ولا يجْعَل ذلك رُكْنًا، إلى نَظائرِ ذلك. انتهى. قال الزَّرْكَشيُّ: بعضُهم يَعُدُّ التَّرَتِيبَ رُكْنًا،

وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ، التَّكْبِيرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، وَالتَّسْمِيعُ، وَالتَّحْمِيدُ فِي الرَّفْعِ مِنَ الركُوعِ، وَالتَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودُ مَرةً مَرَّةً، وَسُؤالُ الْمَغْفِرَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، وَالْجُلُوسُ لَهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي مَوْضِعِهَا، وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فِي رِوَايَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبعضُهم يقولُ: هو مُقَوِّمٌ للأرْكانِ، لا تقومُ إلَّا به. انتهى. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لكنْ يلْزَمُ أنْ لا تُعَدَّ الطُّمَأْنِينَةُ رُكْنًا؛ لأنَّها أَيضًا صِفَة الرُّكْنِ وهَيْئَتُه فيه. انتهى. قلت: لعَلَّ الخِلافَ لَفْظِيٌّ، إذْ لا يظْهَر له فائِدَةٌ. قوله: وواجِباتُها تسْعَةٌ، التَّكْبير غيرَ تَكْبِيرةِ الإحْرَامِ، والتَّسْمِيعُ والتَّحْميدُ في الرفْع مِنَ الرُّكوعِ، والتَّسْبيحُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ مَرةً مَرَّةً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّ ذلك رُكْنٌ. وعنه، سُنَّةٌ. وعنه، التَّكْبيُر رُكْنٌ إلَّا في حَقِّ المأْمومِ، فواجِبٌ. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ وغيره. قوله: وسُؤَال المغفِرَةِ بينَ السَّجْدَتَيْن مَرَّةً. يعْنِي، أنَّه واجِبٌ. وهو المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وعنه، رُكْنٌ. وعنه، سُنَّةٌ. وإنْ قُلْنا: التَّسْمِيعُ والتَّحْمِيدُ ونحوُهما واجِبٌ. ذكَرَه في «الفُروعِ». ونَبَّه عليه ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ». وقال جماعَةٌ: يُجْزِئُ: اللَّهمَّ اغْفِر لى. قوله: والتَّشَهُّدُ الأوَّلُ، والجُلُوسُ له. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، رُكْنٌ. وعنه، سُنَّةٌ. فائدة الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ الواجِبَ المُجْزِئَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، التَّحِيَّات للهِ، سَلامٌ عليْك أيُّها النَّبِيُّ ورَحْمَة اللهِ، سلام عَلَيْنا وعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالحينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَدًا رسُولُ اللهِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه ابن تَميمٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتاره القاضي، والشَّيْخان. وزادَ بعضُ الأصحاب، والصَّلَواتُ. وزادَ ابن تَميمٍ، و «حَواشِي» صاحِبِ «الفُروعِ»، وبَرَكاتَه. وزادَ بعضُهم، والطَّيِّباتُ. وذكَر الشَّارِحُ، السَّلَامُ. مُعَرَّفًا، وهو قُولٌ في «الرِّعايةِ». وذكَره ابنُ مُنَجَّى في الأولِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي». وقال في «الرِّعاية الكبْرَى»: إن أسْقَط، أشْهَدُ، الثَّانِيةَ، ففي الإجْزاءِ وَجْهان. والمنْصوصُ، الإجْزاءُ. وقال القاضي أبو الحُسَيْنِ في «التَّمامِ»: إذا خالَفَ التَّرْتيب في ألْفاظِ التَّشَهُّد، فهل يُجْزئُه؟ على وَجْهَيْن. وقيل: الواجِبُ جميعُ ما ذكَرَه المُصَنِّفُ في التَّشَهُّدِ الأْوَّلَ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تشَهُّدُ ابن مَسْعُودٍ، وهو الذى في «التَّلْخيص» وغيره. قال ابن حامِدٍ: رأيّتُ جماعةً مِن أصحابِنا يقولون: لو تَرَك واوًا أو حَرْفًا، أعادَ الصَّلاةَ. قال الزَّرْكشِيُّ: هذا قولُ جماعَةٍ، منهم ابنُ حامِدٍ، وغيره. قال في «الفروع»، بعدَ حِكايَةِ تَشَهُّدِ ابنِ مَسْعُودٍ، وقيل: لا يُجْزِئُ غيرُه. وقيل: متى أحَلَّ بلَفْظَةٍ ساقِطَةٍ في غيره، أجْزَأ. انتهى. وفيه وَجْهٌ، لا يُجْزِئُ مِنَ التَّشَهُّدِ ما لم يُرْفَعْ إلى النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ذكَرَه ابن تَميمٍ. وتقدَّم قريبًا قَدْرُ الواجِبِ مِنَ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- في التَّشَهُّدِ الأخير. وما تقدَّم مِنَ الواجِبِ مِن مُفرَداتِ المذهب. قوله: والصَّلاة على النَّبِيِّ، -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، في مَوْضعِها. يعنِي، أنَّها واجِبَةٌ في التَّشَهُدِ الأخيرِ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ عنِ الإمامَ أحمدَ. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ». واخْتارها الخِرقِيُّ، والمَجْدُ في «شرْحِه»، وابن عَبْدُوسٍ في «تذْكِرَتِه». وصحَّحَها في «النَّظْمِ»، و «الحاوِي الكبِيرِ». قال في «المُغْنِي» (¬1): هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الفائقِ». وعنه، أنَّها رُكْنٌ. وهي المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»: رُكْنٌ في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. قال في «البُلْغَةِ»: هي رُكْنٌ في أصَحِّ الرِّواياتِ. قال في «إدْراكِ الغايَةِ»: رُكْنٌ في الأصَحِّ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذه أظْهَرُ الرِّواياتِ. قال في «الفروعِ»: رُكْنٌ، على الأشْهَرِ عنه. اخْتارَه الأكْثَرُ. وجرم به في «الهِدَايَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 221.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واختارَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ، والآمدِيُّ، وغيرُهما. وعنه، أنَّها سُنَّةٌ. اختارَها أبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، كخارِجِ الصَّلاةِ. ونقل أبو زُرْعَة رُجوعَه عن هذه الرِّوايِة. وأطْلَقَهُنَّ في «المسْتَوعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وتقدَّم هل تجبُ الصَّلاةُ عليه، صلوات اللهِ وسلامُه عليه، أو تُسْتَحَبُّ خارِجَ الصَّلاةِ، عندَ قولِه: وإنْ شاءَ قال: كما صَلَّيْتَ على إبْراهِيم. قوله: والتَّسليمَةُ الثَّانية في رِوايةٍ. وكذا قال في «الهادِي»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وهذه إحْدَى الرِّواياتِ مُطْلَقًا. جزَم بها في «الإفاداتِ»، و «التَّسْهيلِ». قال القاضي: وهي أَصَحُّ. وقال في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»: وهما واجِبان، لا يَخْرجُ مِن الصَّلاةِ بغيرِهما. وصحَّحَها ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. وقدَّمها في «الفائقِ». والرِّواية الثَّانيةُ، أنَّها رُكْنٌ مُطْلَقًا كالأولَى. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «الهِدايَةِ»، في عَدِّ الأرْكانِ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». قال في «المُذْهَبِ»: رُكْن في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وصحَّحَها في «الحَواشِي». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، والأكْثَرُون. كذا قالَه الزَّرْكَشِيُّ. مع أنَّ ما قالَه في «الجامِع الصَّغِيرِ» يَحْتَمِلُه. وهي مِن المُفْرداتِ. وعنه، أنَّها سُنَّةٌ. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». واخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ. وقدَّمه ابن رَزِين في «شَرْحِه». قلتُ: وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا، فقال: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ صلاة مَنِ اقْتصَرَ على تَسْلِيمَةٍ واحدةٍ جائزَةٌ. وتَبعَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قلت: هذا مُبالَغَةٌ منه، وليس بإجْماعٍ. قال العَلَّامَةُ ابن القَيِّمِ: وهذه عادَتُه، إذا رأى قولَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، حَكاه إجْماعًا. وعنه، هي سُنَّةٌ في النَّفْلِ، دُون الفَرْضِ. وجزَم في «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، أنَّها لا تجِبُ في النَّفْلِ. وقدَّم أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ مَسائِله»، أنَّها واجِبَةٌ في المَكْتوبَةِ. وقال القاضي: التَّسليمَةُ الثَّانيةُ سُنَّةٌ في الجِنازَةِ والنَّافِلَةِ، رِوايةً واحدةً. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وأطلق الرِّوايتَيْن، هل هي سُنَّةٌ أم لا؛ في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»: وفي وُجوبها في الفَرْضِ رِوايَتان. قال في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وفي التَّسْليمَةِ الثَّانيةِ رِوايَتان. فوائد، الأُولَى، السَّلامُ مِن نَفْسِ الصَّلاةِ. قالَه الأصحابُ، وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. قال في «الفُروعِ»: وظاهره التَّسْليمَة الثَّانيةُ. وقال القاضي فى «التَّعْليقِ»: فيها روايَتان، إحْداهما، هي منها. والثَّانيةُ، لأنَّها لا تصادِفُ جًزْءًا منها. قال في «الفروع»: كذا قال. الثَّانية، الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ الخشُوعُ في الصَّلاةِ سُنَّةٌ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. ومعْناه في «التَّعْليقِ» وغيره. وقال الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: إذا غلَب الوَسْوَاسُ على أكْثَرِ الصَّلاةِ لا يُبْطِلُها، ويُسْقِط الفَرْضَ. وقال أبو المَعالِي وغيره: هو واجِبٌ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه، واللهُ وأعلمُ، في بعضِها. وقال ابنُ حامِدٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ: تَبْطُل صلاةُ مَن غلَب الوَسْواسُ على أكثَرِ صلاتِه. وتقدَّم نظِيرُ ذلك قُبَيْلَ قولِه: ويُكْرَهُ تَكْرارُ الفاتِحَةِ. الثَّالثةُ، ألْحَقَ في «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، الجَهْلَ بالسَّهْوِ في تَرْك الأرْكانِ والواجِباتِ والسُّنَنِ. وفي «الكافِي» ما يدُلُّ عليه، فإنَّه قال في الفصْلِ الثَّالثِ، من بابِ شَرائطِ الصَّلاةِ، فيما إذا عَلِمَ بالنَّجاسَةِ ثم أنْسِيها: فيه رِوايتان، كما لو جَهِلَها؛ لأنَّ ما يُعْذَرُ فيه بالجَهْلِ يُعْذَرُ فيه بالنِّسْيانِ،

منْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، وَمَنْ تَرَكَهُ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ. وَعَنْهُ، أنَّ هَذِهِ سُنَنٌ لا تَبْطُل الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كواجبَاتِ الصَّلاة. الرَّابعةُ، يُسْتَثنَى مِن قولِه: مَن ترَك مها شيئًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُه. تَكْبِيرةُ الرُّكوعِ لمَن أدْركَ الإمامَ راكِعًا، فإنَّ تَكْبِيرَةَ الإحْرامِ تُجْزِئُه، ولا يَضُرُّه ترْكُ تكبيرةِ الرُّكوعِ. كما جزم به المُصَنِّفُ في صلاةِ الجماعَةِ. وهو المنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ في مَواضِعَ، وسيَأْتى هناك. قلت: فيُعايَى بها. ولو قيل: إنَّها غيرُ واجبةٍ والحالُة هذه لَكان سدِيدًا. كوُجوبِ الفاتحةِ على المأْمومِ،

وَسُنَنُ الْأَقْوَالِ اثْنَا عَشَرَ، الِاسْتِفْتَاحُ، وَالتَّعَوُّذُ، وَقِرَاءَةُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَقَوْلُ: آمِينَ. وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ، وَالْجَهْرُ، وَالْإخْفَاتُ، وَقَوْلُ: مِلْءَ السَّمَاءِ. بَعْدَ التَّحْمِيدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُقوطِها عنه بتحَمُّلِ الإمامِ لها عنه. أو يقال: هنا سَقَطَتْ مِن غيرِ تَحَمُّلِ. ولعَلَّه مُرادُهم. واللهُ وأعلمُ. قوله: وسُنَن الأقوالِ اثْنا عَشَرَ، الاستِفْتاحُ، والتَّعَوُّدُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّهما واجبًان. اخْتاره ابن بَطَّةَ. وعنه، التَّعَوُّذُ وحدَه واجِبٌ. وعنه، يجِبُ التَّعَوُّذُ في كل رَكْعَةٍ.

وَمَا زَادَ عَلَى التَّسْبِيحَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَعَلَى الْمَرَّةِ فِي سُؤالِ الْمَغْفِرَةِ، وَالتَّعَوُّذُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَالقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ. فَهَذِهِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لَهَا. وَهَلْ يُشْرَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقراءةُ بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. تقدَّم الخِلافُ فيها؛ هل هي مِن الفاتحةِ، أم لا؟ مُسْتَوْفى في أوَّلِ الباب. قوله: وقولُ: آمِين. يعنى، أنَّ قولَها سُنَّةٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، واجِبٌ. قال في رِوايَةِ إسْحاقَ بن إبراهيمَ: آمِينَ. أمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو آكَدُ مِنَ الفِعْلِ. ويجوزُ فيها القَصْرُ والمَدُّ، وهو أوْلَى، ويَحْرُمُ تَشْديدُ الميمِ. قوله: وقراءةُ السُّورَةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ قِراءَةَ السُّورَةِ بعدُ الفاتحةِ في الرَّكْعَتَيْن الأولَتَيْن سُنَّةٌ. وعليه الأصحابُ. وعنه، يجِبُ قِراءَةُ شئٍ بعدَها. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُه ولو بعضُ آيَةٍ، لظاهِرِ الخَبَرِ. فعلى المذهبِ، يُكْرَهُ الاقْتِصارُ على الفاتحةِ. فائدة: يَبْتَدِئُ السُّورَةَ التى يقْرَؤُها بعدَ الفاتحةِ بالبَسْمَلَةِ. نصَّ عليه. زادَ بعضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب، سِرًّا. قال الشَّارِحُ: الخِلافُ في الجَهْرِ هنا، كالخِلافِ في أوَّل الفاتحةِ. قوله: والجَهْرُ والإخْفاتُ. هذا المذهبُ المعْمولُ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: هما واجِبان. وقيل: الإخْفاتُ وحدَه واجِبٌ. ونقَل أبو داودَ، إذا خافَتَ فيما يُجْهَرُ في حتَّى فرغَ مِن الفاتحة ثم ذكَر، يَبْتَدِئُ الفاتحةَ، فيَجْهَرُ، ويَسْجُدُ للسَّهْوِ. وتقدَّم ذلك عندَ قولِه: ويجْهَرُ الإمامُ بالقِراءَةِ. وتقدَّم هناك مَن يُشْرَعُ له الجَهْرُ والإخْفاتُ مُسْتَوْفًى. تنبيه: في عَدِّ المُصَنِّفِ الجَهْر وإلإخْفَاتَ مِن سُنَنِ الأقْوالِ نَظَرٌ، فإنَّهما فيما يَظْهَرُ مِن سُنَنِ الأفْعالِ؛ لأنَّهما هَيْئَةٌ للقولِ لا أنَّهما قول، مع أنَّه عدَّهما أَيضًا مِن سُنَنِ الأقْوال في «الكافِي». تنبيه: وقولُه: مِلْءَ السَّماءِ، بعدَ التَّحْمِيدِ. يعنى، في حَقِّ من شُرِعَ له قولُ ذلك. على ما تقدَّم، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، واجِبٌ إلى آخِرِه. قوله: والتَّعَوُّذُ في التَّشَهدِ الأخِيرِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ. وعنه، واجِبٌ. ذكَرها القاضي. وقال ابنُ بطَّةَ: منَ ترك مِنَ الدُّعاءِ المشْروعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيئًا مما يُقْصَدُ به الثَّناءُ على اللهِ تعالَى، أعادَ. وعنه، مَن ترَك شيئًا مِنَ الدُّعاءِ عمْدًا، أعادَ. وتقدَّم ذلك عندَ قولِه: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَتَعَوَّذَ. قوله: والقُنُوتُ في الوتْر. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع أكثرُهم به. وقال ابنُ شِهابٍ: سُنَّةٌ في ظاهرِ المذهب. فائدة: قوله: فهذه سُنَنٌ، لا تَبْطُلُ الصَّلاةُ بتَرْكِها، ولا يَجِبُ السُّجُودُ لها. لا يخْتَلِفُ المذهبُ في ذلك؛ لأنَّه بدَلٌ عنها. قالَه المَجْدُ وغيره. قوله: وهل يُشْرَعُ؟ على رِوايتيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّر»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرَحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، و «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «المَذْهَب الأحْمَدِ»، و «الحاوِيَيْن»، في سُجودِ السَّهْوِ، إحْدَاهما، يُشْرَعُ له السُّجودُ. وهو المذهبُ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايتَيْن». وإليه مَيْلُه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». والرِّواية الثَّانيةُ، لا يُشْرَعُ. قال في «الإفَاداتِ»: لا يسْجُدُ لسَهْوِه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «النَّظْمِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، فإنَّهم قالوا: سُنَّ في رِوايَةٍ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، و «الحاوِي الكَبيرِ» في آخِرِ صِفَةِ الصَّلاةِ. قال الزَّرْكَشِي: الأوْلَى تَرْكُه.

وَمَا سِوَى هَذَا مِنْ سُنَنِ الْأَفْعَالِ لَا تَبْطُل الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، وَلَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما سوَى هذا مِن سُنَنِ الأفْعَالِ، لا تَبْطُلُ الصَّلاة بِتَرْكِه بلا نِزاع، ولا يُشْرَعُ السُّجُودُ له. وهذه طرِيقَةُ المُصَنِّفِ. وجزم بها في «المُغْنِي»، و «الكافِي». قال الشَّارِحُ والنَّاظِمُ: تَرْكُ السُّجودِ هنا أوْلَى. وقدَّمه في «الفائقِ». وقالَه القاضي في «شَرْح المُذْهَب». وهو الصَّحيح مِنَ المذهبِ. والذى عليه أكثر الأصحابِ، أنَّ الرِّوايتَيْن أَيضًا في سُننِ الأفْعالِ، وأنَّهما في سُنَنِ الأقْوالِ والأفْعالِ مُخَرَّجَتان مِن كلامِ الإمامِ أحمدَ. وصرَّح بذلك أبو الخَطَّابِ في «الهِدايِة» وغيرِه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وقد نَصَّ الإمامُ أحمدُ، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ (¬1)، أنَّه قال: إنْ سجَد، فلا بَأْسَ، وإنْ لم يَسْجُدْ، فليس عليه شئٌ. ¬

(¬1) هو إسحاق بن منصور الكوسج. تقدمت ترجمته في الجزء الأول صفحة 52.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في رِوايَةِ صالحٍ: يَسْجُدُ لذلك، وما يَضُرُّه إن سجَد؟! فائدتان؛ إحْداهما، حيث قُلْنا: لا يسْجُدُ في سُنَنِ الأفْعالِ والأقْوالِ، لو خالَفَ وفعَل. فلا بأْسَ. نصَّ عليه. قالَه في «الفُروعِ». وجَزم به في «شَرْح المَجْد»، و «مَجْمَعِ البَحْريْن». وقال ابن تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ: تَبْطُلُ صلاتُه. نصَّ عليه. قلتُ: قد ذكَر الأصحابُ، أنَّه لا يسْجُدُ لتِلاوَةِ غيرِ إمامِه، فإنْ فعَل، فذَكَروا في بُطْلانِ صَلاِته وَجْهَيْن. وقالوا: إذا قُلْنا: سَجْدَة «ص» سَجْدَة شُكْرٍ. لا يَسْجُدُ لها في الصَّلاةِ. فإنْ خالَفَ وفعَل، فالمذهبُ تَبْطُلُ. وقيل: لا تَبْطُلُ. فليس يبْعُدُ أنْ يُخَرَّج هنا مثلُ ذلك. الثَّانيةُ، عدَّ المُصَنِّفُ في «الكافِي» سُنَن الأفْعالِ اثْنَتَيْن وعِشْرِين سُنَّةً. وذكَر في «الهِدايَةِ»، أنَّ الهَيْئاتِ خَمْسَة وعِشْرُونَ. وذكَرَها في «المُسْتوْعِبِ» خَمْسَة وأرْبَعِين هَيْئَةً. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هي خَمْسَة وأرْبَعون في الأشْهَرِ. وقالوا: سُمِّيَتْ هيْئةٌ؛ لأنَّها صِفَةٌ في غيرها. قال في «الرِّعايةِ»: فكُلُّ صُورَةٍ، أو صِفَةٍ لفِعْلٍ أو قولٍ، فهي هَيئَةٌ. قال في «الخُلاصَةِ»: والهَيْئاتُ هي صُوَرُ الأفْعالِ وحالاتُها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمُرادُهم بذلك سُنَنُ الأفْعالِ. [وقد عَدَّها في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما، وهي تَشْمَل سُنَنَ الأفْعالِ وغيرِها، وقد تكونُ رُكْنًا، كالطُّمَأْنِينَةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». وعَدَّ فيها، أنَّ منَ الهَيْئاتِ الجَهْرَ والإخْفاتَ. وعَدَّهما المُصَنِّفُ في سُنَنِ الأقْوالِ. كما تقدَّم] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب سجود السهو

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ سُجُودِ السَّهوِ وَلَا يُشرعُ فِي الْعَمْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ سُجُودِ السَّهْوِ قوله: ولا يُشْرَعُ في العَمْدِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وبنى الحَلْوانِيُّ سُجودَه لتَرْكِ سُنَّةٍ على كفَّارَةِ قتْلِ العَمْدِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يسْجدُ لعَمدٍ، مع صِحَّةِ صلاِته.

وَيُشرعُ لِلسَّهْوِ فِي زِيَادَة، وَنَقْص، وَشَكٍّ، لِلنَّافِلَةِ وَالْفَرْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، يُسْتثْنَى مِن قولِه: ويُشْرَعُ للِسّهْوِ في زيادةٍ ونَقْص وشَكٍّ للنَّافِلةِ والفَرْض. سِوَى صلاةِ الجِنازَةِ، وسُجودِ التِّلاوَة، فلا يسْجُدُ للسَّهْوِ فيهما. قالَه الأصحابُ. زادَ ابن تَميمٍ، وابنُ حمْدان، وغيرُهما، وسُجودُ الشُّكْرِ. وكذا لا يسْجدُ إذا سَها في سَجْدَتَي السَّهْوِ. نصَّ عيه. وكذا إذا سَها بعدَهما، وقبلَ سلامِه في السُّجودِ بعدَ السَّلامِ؛ لأنَّه في الجائز. فأمَّا سهْوُه في سُجودِ السَّهْوِ قبل السَّلام، فلا يسْجُدُ له أَيضًا. في أقْوَى الوَجْهَيْن. قالَه في «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «النُّكَتِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»: ولو سَها بعدَ سُجودِ السَّهْوِ، لم يسْجُدْ لذلك. وقَطَعا به. والوَجْهُ الثَّانى، يسْجُدُ له. وأطْلَقهما المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «ابن تَميمٍ»، و «الفُروعِ»،

فَأمَّا الزِّيَادَةُ، فَمتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلاةِ، قِيَامًا، أوْ قُعُودًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن». وكذا لا يسْجُدُ لحديثِ النَّفْس، ولا للنَّظَرِ إلى شئٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، أنَّه يسْجُدُ. وقال: لَخَّصْتُ ذلك في الكتابِ. الثَّانى، ظاهِرُ قوله: فأما الزِّيادَةُ، فمتى زادَ فِعْلًا مِن جِنْس الصَّلَاة، قيامًا أو قُعُودًا، أو رُكُوعًا أو سُجودًا، عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُه، وإن كان سَهْوًا، سجَد له. أنَّه لو جلَس سهْوًا في محَلِّ جلْسَةِ الاسْتِراحةِ بمقْدارِها، أنَّه يسْجُدُ للسَّهْوِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، والصَّحيحُ منهما. صحَّحَه في «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، وابن رَزِين في «شَرْحِه». وجزَم به الشَّارِحُ في موْضِعٍ، وفي آخَرَ، ظاهِرُه إطْلاق الخِلافِ. وصحَّحه

أوْ رُكُوعًا، أوْ سُجُودًا عَمْدًا، بَطَلَتِ الصَّلَاةُ، وَإنْ كَانَ سَهْوًا، سَجَدَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ في «شَرْحِه». وقال: هو ظاهرُ كلامِ أبي الخطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانيِ، لا يَلْزَمُه السُّجودُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». قال في «الحاوِيَيْن»: وهو أَصَحُّ عندي. قال الزَّرْكَشيُّ: إنْ كان جلُوسُه يسِيرًا، فلا سُجودَ عليه. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا قِياسُ المذهبِ، ولا وَجْهَ لما ذكَرَه القاضي، إلَّا إذا قُلْنا: تُجْبرُ الهَيْئاتُ بالسُّجودِ. انتهى. وأطْلَقَهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». الثَّالثُ، ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ وغيره، أنَّه يَسْجُدُ للسَّهْوِ في صلاةِ الخَوْفِ وغيرِها، في شِدَّةِ الخوْفِ وغيرِها. وقال في «الفائقِ»: ولا سُجودَ لسَهْوٍ في الخوْفِ. قالَه بعضُهم، واقْتَصَرَ عليه. قلتُ: فيُعايىَ بها. لكنْ لم أرَ أحَدًا مِنَ الأصحابِ ذكَر ذلك في شِدَّةِ الخوْفِ، وهو موافِقٌ لقَواعدِ المذهبِ. ويأْتى أحْكامُ سُجودِ السَّهْوِ في صلاةِ الخوْفِ إذا لم يَشْتَدَّ، في الوَجْهِ الثَّانِي، وتقدَّم في سُجودِ السَّهْوِ للنَّفْل إذا صلَّى على الرَّاحِلَةِ في اسْتِقْبالِ القِبْلِة. الرابعُ، قال ابنُ أبِي مُوسى، ومَن تَبِعَه: مَن كَثُرَ منه السَّهْوُ، حتَّى صارَ كالوَسْواسِ، فإنَّه يَلْهُو عنه،

وَإنْ زَادَ رَكْعَةً، فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، سَجَدَ لَهَا، وَإِنْ عَلِمَ فِيها، جَلَسَ فِي الْحَالِ، فَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَسَجَدَ، وَسَلَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يخْرُجُ به إلى نَوْعَ مُكابَرَةٍ، فيُفْضِي إلى الزِّيادَةِ في الصَّلاةِ مع تَيَقُّنِ إتْمامِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِه، فوجَب اطِّراحُه. وكذا في الوُضوءِ والغُسْل وإزالَةِ النَّجاسَةِ نحوُه.

وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ اثْنَانِ، لَزِمَهُ الرُّجُوعُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سبَّح به اثْنان لَزِمَه الرُّجُوعُ. يعنى، إذا كانَا ثِقَتَيْن. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، سواءً قُلْنا: يعْمَل بغلَبةِ ظَنِّه أوْ لا. وعنه، يُسْتَحَب الرُّجوعُ، فيَعْمَلُ بيَقينِه أو بالتَّحَرِّي. وذكر في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، في الفاسقِ احْتِمالًا، يرْجِعُ إلى قولِه، إنْ قُلْنا: يصِحُّ أذانُه. قال في «الفُروعِ»: وفيه نظَرٌ. وقيل: إنْ قُلْنا: يَبْنِي على غَلَبَةِ ظَنِّه. رجَع، وإلَّا فلا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. ذكرَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القاعِدَةِ» التى قبلَ الأخيرةِ. تنبيهات؛ الأوَّلُ، ظاهِر كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه يرجِعُ إلى ثِقَتَيْن، ولو ظنَّ خطَأهُما. وهو صحيحٌ. جزَم به المُصَنِّفُ، وابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». وقال: نصَّ عليه. قال في «الفروعِ»: وهو ظاهِر كلامِهم. قال: ويتوَجَّهُ تخرِيجٌ واحْتِمالٌ مِنَ الحُكْمِ مع الرِّيبَةِ. يعنِي، أنَّه لا يَلْزَمُه الرُّجوعُ إذا ظَنَّ خَطَأَهُما. الثَّانِي، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يَلْزَمُه الرُّجوعُ إذا سبَّح به واحِدٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وأطْلقَ الإمامُ أحمدُ أنَّه لا يْرجعُ لقوله. وقيل: يرجِعُ إلى ثِقةٍ في زِيادَةٍ فقط. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، يجوزُ رُجوعُه إلى واحدٍ يَظُنُّ صِدْقه. وجزَم به في «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ ما ذكَرَه الشَّيْخُ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، إنْ ظَنَّ صِدْقَه، عَمِل بظَنِّه لا بتَسْبِيحِه. الثَّالِث، محَلَّ قَبُولِ الثِّقَتَيْن والواحدِ، إذا قُلْنا: يَقْبل إذا لم يَتَيَقنْ صوابَ نفْسِه. فإنْ تَيَقَّنَ صوابَ نفْسِه، لم يرْجِعْ إلى قوْلِهم، ولو كَثُروا. هذا جادَّةُ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يرْجِعُ إلى قولِهم، ولو تَيَقَّنَ صوابَ نفْسِه. قال المُصَنِّفُ: وليس بصحيحٍ. قال في «الفائقِ»: وهو ضعيفٌ. وذكَرَه الحَلْوانِيُّ رِوايَة، كحُكمِه بشاهِدَيْن وترْكِه يقِينَ نفْسِه. قال في «الفُروع»: وهذا سهْوٌ، وهو خِلافُ ما جزَم به الأصحابُ، إلَّا أنْ يكونَ المُرادُ ما قالَه القاضي بتَرْكِ الإمامِ اليَقِينَ، ومُرادُه الأصْلُ. قال: كالحاكمِ يرْجعُ إلى الشُّهُودِ، ويَتْرُكُ الأصْلَ واليَقِينَ، وهو براءَةُ الذِّمَمِ. وكذا شهادَتُهما برُؤْيَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الهلَالِ، يرجعُ إليهما ويتْرُك اليَقِينَ والأصلَ، وهو بَقاءُ الشَّهْرِ. الرَّابعُ، قد يُقالُ: شَمِلَ كلامُ المصَنِّفِ المُصَلِّيَ وحدَه، وأنَّه كالإمامِ في تَنْبِيهِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، فحيثُ قلْنا يْرجِعُ الإمامُ إلى المُنَبِّهِ، يرْجِعُ المنْفَرِدُ إذا نُبِّهَ. قال القاضي: هو الأشْبَهُ بكلامِ الإمامِ أحمدَ، وقدَّمه في «الفروعِ». وقيلَ: لا يْرجِعُ المُنْفَرِدُ، وإنْ رجَع الإمامُ؛ لأنَّ مَن في الصَّلاةِ أشَدُّ تَحَفُّظًا. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. الخامسُ: قال في «الفُروعِ»: ظاهر كلامِهم، أنَّ المرأةَ كالرَّجُلِ في هذا، وإلَّا لم يكنْ في تَنْبِيهِها فائدةٌ، ولما كُرِهَ تَنْبِيهُها بالتَّسْبيحِ ونحوِه، وقد ذكَرَه في «مَجْمَعِ البَحْرَين» احْتِمالًا له، وقوَّاه ونَصَره. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ في المُمَيِّزِ خِلافُه، وكلامُهم ظاهر فيه. السَّادِسُ، لو اخْتلف عليه مَن يُنَبِّهُه، سَقط قولُهم، ولم يرْجِعْ إلى أحَدٍ منهم. على الصَّحيحِ مِنَ

فَإنْ لم يَرْجِعْ، بَطَلَتْ صَلَاُتهُ وَصَلَاةُ مَن اتَّبَعَهُ عَالِمًا، وَإنْ كَانَ فَارَقَة، أوْ كَانَ جَاهِلًا، لَمْ تَبْطُلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. ونقلَه المروذيُّ عنِ الإمام أحمدَ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيلَ: يَعْمَل بقولِ مُوافِقِه. قال في «الوَسِيلَةِ»: هو أشْبَة بالمذهبِ، وهوَ اخْتِيارُ أبِي جَعْفَر. وقيل: يعْمَل بقَوْلِ مُخالِفِه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قالَه ابنُ تَميمٍ. [السَّابعُ، يَلزَمُ المأْمُويين تَنْبِيهُ الإمامِ إذا سَها. قالَه المُصنِّفُ وغيرُه. فلو ترَكُوه، فالقِياسُ فَسادُ صَلاِتِهم] (¬1). قوله: فإن لم يَرْجِعْ، بَطَلَتْ صَلاتُه وصَلاةُ مَنِ اتَّبَعَه عالِمًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، أنَّ صلاة مَن اتَّبَعَه عالِمًا تَبْطُلُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تَبْطُلُ. وعنه، تجِبُ مُتابَعَتُه في الرَّكْعَةِ، لاحْتِمالِ تَرْكِ رُكْن قبل ذلك، فلا يتْرُك يَقِينَ المُتابَعَةِ بالشَّكِّ. وعنه، يُخَيَّرُ في مُتابَعَتِه. وعنه، يُسْتَحَبُّ مُتابَعَتُه. وقيل: لا تَبْطُلُ إلَّا إذا قُلْنا: يَبْنِي على اليَقِينِ. فأمَّا إنْ قلْنا: يَبْنِي على غلَبَةِ ظَنِّه. لم تَبْطلْ، ذكَرَه في «الرِّعايةِ». قوله: وإنْ فارَقَه، أو كان جاهِلًا، لم تَبْطُلْ. يعنى صلاتَه. وكذا إنْ نَسِيَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَبْطُل. وأطْلَقَ في «الفائقِ»، فيما إذا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَهِلوا وُجوبَ المُفارقَةِ، الرِّوايَتَيْن. فوائد؛ الأولَى، تجِبُ المُفارَقَةُ على المأمومِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثر الأصحابِ. وعنه، يجِبُ انْتِظارُه. نَقَلَها المَرُّوذِيُّ. واخْتارَها ابن حامِدٍ. وعنه، يُسْتَحَبُّ انْتِظارُه. وعنه، يُخَيَّرُ في انْتِظارِه، كما تقدَّم التَّخْيِير في مُتابَعَتِه. الثَّانيةُ، تَنْعَقِدُ صلاة المسبوقِ معه فيها. على الصَّحيح مِنَ المذهب. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ أدْرك المأمومُ رَكْعَةً مِن رُباعِيَّةٍ، وقامَ الإمامُ إلى خامِسَةٍ سَهْوًا، فتَبِعَه يَظُنُّها رابعَةً، انْعَقَدَتْ صلاتُه في الأصَحِّ. انتهى. وقيل: لا تنْعَقِدُ. فعلى المذهب، لا يُعْتَدُّ بهذه الرَّكْعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» وغيرِه. وقال القاضي، والمُصَنِّفُ: يعْتَدُّ بها. وتوَقَفَّ الإمامُ أحمدُ في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، وقال في «الحاوِي الكبِيرِ» وغيرِه: ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتَدَّ بها المَسْبوقُ إنْ صَحَّ اقْتِداءُ المُفْتَرِض بالمُتَنَفِّلِ. واخْتارَه القاضي أَيضًا. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. الثالِثَةُ، ظاهِر كلامِ الأصحاب، أنَّ الإمامَ لا يرْجِعُ إلى فِعْلِ المأمومِ، مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيام وقُعود وغيرِ ذلك، للأمْرِ بالتَّنْبِيهِ. وصرَّح به بعضُهم. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»: قالَه شيْخُنا، وتابعَه على ذلك. قال في «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ تخْريجٌ واحْتِمالٌ. وفيه نظَرٌ. قلتُ: فعَل ذلك بعضهم ممَّا يُسْتَأنَسُ به، ويقْوَى ظَنُّه. ونقل أبو طالِب، إذا صلَّى بقَوْمٍ تَحَرَّى، ونظَر إلى مَن خلْفَه، فإنْ قامُوا، تحَرَّى وقامَ، وإنْ سبَّحُوا به، تَحَرَّى وفعَل ما يفْعَلُون. قال القاضي في «الخِلافِ»: ويجبُ حَمْلُ هذا على أنَّ للإمام رأيًا، فإنْ لم يكنْ له رأىٌ، بَنَى على اليَقِينِ. الرَّابِعَةُ، لو نوَى صلاةَ رَكْعَتَيْن نفلًا وقامَ إلى ثالِثةٍ، فالأفْضَلُ له أنْ يُتِمَّها أرْبَعًا، ولا يَسْجُدَ للسَّهْوِ، لإباحَةِ ذلك، وله أنْ يرْجِعَ ويَسْجُدَ للسَّهْوِ. هذا إذا كان نَهارًا؛ وإنْ كان ليْلًا، فرُجوعُه أفْضَلُ، فيَرْجعُ ويَسْجُدُ للسَّهْوِ. نصَّ عليه. فلو لم

وَالْعَمَل الْمُسْتَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ، مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ، يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، وَلَا تَبْطُلُ بِالْيَسِيرِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يرْجِعْ، ففي بُطْلانِها وَجْهان. وأطْلَقَهما «ابن تَميمٍ»، و «الفائق». والمنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، أنَّ حُكْمَ قيامِه إلى ثالثةٍ ليْلًا، كقِيامِه إلى ثالثةٍ في صَلاةِ الفَجْرِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ في «حَواشِيه». وهو المذهبُ. ويأْتِي ما يتَعَلَّقُ بذلك عندَ قوْلِه: وإنْ تَطَوَّعَ في النَّهارِ بأرْبَعٍ، فلا بَأْسَ. في البابِ الذى بعدَه. قوله: والعَمَل المستَكثَرُ في العادَةِ، من غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ، يُبْطِلُها عَمْدُه وسَهْوُه. اعلمْ أنَّ الصَّلاةَ تَبْطُل بالعَمَل. الكثيرِ عَمْدًا، بلا نزاعٍ أعْلَمهُ، وتَبْطُلُ به أَيضًا سَهْوًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما جزَم به المُصَنِّف هنا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وحكَاه الشَّارِحُ وغيره إجْماعًا. وحكَى بعضُ الأصحابِ في سَهْوِه رِوايتيْن. واخْتارَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، لا تَبْطُلُ بالعَمَلِ الكثيرِ سَهْوًا، لقِصَّةِ ذِي اليَدَيْن، فإنَّه مشَى وتكَلَّمَ، ودخَل مَنزِلَه، وبنَى على صَلاِته، على ما تقدَّم. تنبيه: مُرادُه يبُطْلانِ الصَّلاةِ بالعَمَلِ المُسْتَكْثَرِ، إذا لم تكُنْ حاجَةٌ إلى ذلك، على ما تقدَّم في البابِ قبلَه، عندَ قوْلِه: فإنْ طالَ الفِعْلُ في الصَّلاةِ، أبطَلَها. وتقدَّم هناك حَدُّ الكَثير واليَسِيرِ، والخِلافُ فيه، فلْيُعاوَدْ. وتقدَّم حُكْمُ عَمَلِ الجاهِل في الصَّلاةِ هناك أَيضًا. قوله: ولا تَبْطُلُ باليَسيرِ، ولا يُشْرَعُ له سُجُودٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

وإنْ أكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، قَلَّ أوْ كَثُرَ، وَإنْ كَانَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ إذَا كَانَ يَسِيرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، منهم صاحِبُ «الوَجيز» وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُشْرَعُ له السُّجودُ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. فائدة: لا بَأْسَ بالعَمَلِ اليسِيرِ لحاجَةٍ، ويُكْرهُ لغيرِها. قوله: وإنّ أكَل أو شَرِبَ عَمْدًا بَطلَتْ صَلاتُه، قَلَّ أو كَثُرَ. إذا أكَل عمْدًا، فتارَةً يكونُ في نَفْلٍ، وتارةً يكونُ في فَرْضٍ، فإنْ كان في فَرْضٍ، بَطَلَتِ الصَّلاةُ بقَليلهِ وكثيرِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وحكَاه ابنُ المُنْذْرِ إجْماعًا. وحكى في «الرِّعايَةِ» قوْلًا بأنَّها لا تَبْطُلُ بشُرْبٍ يسيرٍ. وإنْ كان في نَفْلٍ، فتارَةً يكونُ كثيرًا، وتارةً يكون يَسِيرًا، فإنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كثيرًا بَطَلَتِ الصَّلاةُ، وإنْ كان يسِيرًا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها تَبْطُلُ. وهو إحْدَى الرِّوايات. قال الشَّارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ». قال في «الحَواشِي»: قدَّمه جماعةٌ. والرِّواية الثَّانيةُ، لا تَبْطُلُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، ونصَرَه؛ فهو إذَن المذهبُ، وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «شَرْحِ» المَجْدِ، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، تَبْطُلُ بالأكْلِ فقط. وقال ابنُ هُبَيْرَةَ: هي المشْهورةُ عنه. قال في «الفُروعِ»: هي الأشْهَرُ عنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن كان سَهْوًا، لم تَبْطُلْ إذا كان يَسِيرًا. وهذا المذهبُ، فرْضًا كان أو نفْلًا، وعليه أكثر الأصحابِ. وعنه، تَبْطُلُ. قدَّمه في «الكافى». وقيل: تَبْطُلُ بالأَكْل فقط. تنبيه: مفْهومُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّ الأكْلَ والشُّربَ سَهْوًا يُبْطِلُ الصَّلاةَ إذا كان كثيرًا. وهو صحيحٌ، فرْضًا كان أو نَفْلًا، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا تَبْطُلُ. وهو ظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. وقيل: يَبْطُلُ الفَرْضُ فقط. فوائد؛ منها، الجَهْلُ بذلك كالسَّهْوِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في

وإنْ أتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِه، كَالْقِرَاءَةِ فِي السُّجُودِ وَالْقُعُودِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيَامِ، وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، لَمْ تَبْطُلِ الصَّلَاةُ بعَمْدِه، وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ». وقال: ولم يذْكُرْ جماعةٌ الجَهْلَ في الأكْلِ والشُّرْبِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِب «الفائقِ». ومنها، لو كان في فَمِه سُكَّر أو نحوُه مُذابٌ وبَلَعَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه كالأكْلِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة». وجزم به في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا تَبْطُل. وما وَجْهان في «التَّلْخيص»، و «ابنِ تَميمٍ». وأطْلقهما. وذكَر في «المُذْهَبِ» في النَّفْلِ رِوايَتَيْن. قال: وكذا لو فتَح فاه فنزَل فيه ماءُ المطَرِ فابتَلَعَه. وذكَر في «الرِّعايَةِ»، إنْ بلَع ماءً وقَع عليه عِن ماءِ مَطَرٍ، لم تَبْطُلْ. ومنها، لو بَلع ما بين أسْنانِه ممَّا يجْرِي فيه الرِّيقُ مِن غيرِ مَضْغٍ، لم تَبْطلْ صلاتُه. نصَّ عليه، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: تَبْطُلُ. وقال في «الرَّوْضَةِ» ما يُمْكنُ إزالَتُه مِن ذلك، يُفْسِدُ ابْتِلاعُه. قوله: وإنْ أتَى بقولٍ مَشْرُوعٍ في غيرِ مَوْضِعِه، كالقراءةِ في السُّجُودِ والقُعُودِ، والتَّشَهدِ في القِيامِ، وقراءةِ السُّورَةِ في الأخيرَتَيْن، لم تَبْطُلِ الصَّلاةُ به. هذا المذهبُ، سواءٌ كان عمْدًا أو سَهْوًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقيلَ:

وَهَلْ يُشْرَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تبْطُلُ بقراءَتِه راكِعًا وساجدًا عَمْدًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الفَرَجِ. وقيلَ: تبْطُلُ به عَمْدًا مُطْلَقًا. ذُكِرَ هذا الوَجْهُ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». فعلى القوْلِ بالبُطْلانِ بالعَمْدِيِّةِ، يجِبُ السُّجودُ لسَهْوِه. تنبيه: مُرادُ المُصَنِّفِ بذلك، غيرُ السَّلام، على ما يأْتِي بعدَ ذلك مِنَ التَّفْصيلِ في كلامِ المُصَنِّفِ فيما إذا سلَّم عَمْدًا أو سَهْوًا. قوله: ولا يَجبُ السُّجُودُ لسَهْوِه. يعْنِي، إذا قُلْنا: لا يَبْطُلُ بالعَمْدِيِّة. على ما تقدَّم. قوله: وهَلْ يُشْرَعُ؟ على روَايتَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْح»، و «الحاوِيَيْن»، و «الكافِي»، إحْدَاهما، يُشْرَعُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»: ويُسْتَحَبُّ لسَهْوِه، على الأصَحِّ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»:

وَإنْ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَام صَلَاِته عَمْدًا، أَبْطَلَهَا، وَإنْ كَانَ سَهْوًا، ثُمَّ ذَكَرَ قَرِيبًا، أتَمَّهَا وَسَجَدَ، فَإنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، بَطَلَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْرَعُ في الأصَحِّ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذه أقْوَى، وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمَه أبو الحُسَيْن في «فُروعِه»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». ونصرَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «التَّحْقِيقِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. الرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُشْرَعُ. قال الزَّرْكشِيُّ: الأوْلَى ترْكُه. قوله: وإن سلَّم قبلَ إتْمامِ صَلاِتِه عَمْدًا، أبْطَلَها. بلا نِزاع، فإنْ كان سَهْوًا ثم ذكَر قرِيبًا، أتَمَّها وسجَد، بلا خِلافٍ أعْلَمُه، ولو خرَج مِنَ المسْجدِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهذا إنْ لم يكُنْ شرَع في صلاةٍ أُخْرَى، أو تكَلَّمَ، على ما يأتِي ذلك مُفَصَّلًا. وشرَط المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والشَّارِحُ، وابن تَميمٍ، وغيرُهم أَيضًا، عَدَمَ الحدَثِ، فإن أحْدَثَ بَطَلَتْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو كان الفصْلُ يسيرًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: والذى يَنْبَغِي أنْ يكونَ، حُكْمُ الحدَثِ هنا حُكْمَ الحدَثِ في الصَّلاةِ، هل يَبْنِي معه أو يَسْتَأْنِفُ، أو يُفَرِّقُ بينَ حدَث البوْلِ والغائطِ وغيرِهما؟ على الخِلافِ. تنبيه: كلامُه كالصَّريحِ أنَّها لا تَبْطُلُ. وهو صحيحٌ إنْ كان سَلامُه ظَنًّا أنَّ صلاتَه قد انْقضت، أمَّا لو كان السَّلامُ مِنَ العِشَاءِ يَظُنُّها التَّراوِيحَ، أو مِنَ الظُّهْرِ يَظُنُّها الجُمعَةَ، أو الفَجْرَ، فإنَّها تَبْطُلُ، ولا تَناقُضَ عليه، لاشْتِراطِ دَوامِ النِّيَّةِ ذِكْرًا أو حُكْمًا، وقد زالَتْ باعْتِقادِ صلاةٍ أُخْرَى. قالَه الزَّرْكَشى وغيرُهُ. قلتُ: يَتَوَجَّهُ عدَمُ البُطْلانِ. قوله: فإنْ طالَ الفَصْلُ بَطَلَتْ. هذا المذهبُ، جزَم به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. فائدة: لو لم يَطُلِ الفَصْلُ، ولكنْ شرَع في صلاةٍ أُخْرَى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يعُودُ إلى الأُولَى بعدَ قَطْع ما شرَع فيها. وهو ظاهرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا، والخِرَقِيِّ وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشهورُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الشَّرحِ»، و «ابن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ»، و «الزَّرْكشِيِّ». وغيرِهم. وقال في «المُبْهجِ»: يجْعَل ما يشْرَعُ فيه مِنَ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ تَمامًا للصَّلاةِ الأُولَى، فيبْنِي إحْدَاهما على الأُخْرَى، ويصِيرُ وجودُ السَّلامِ كعدَمه؛ لأنَّه سَهْوٌ معْذُورٌ فيه، وسواءٌ كان ما شرَع فيه فرْضًا أو نَفْلًا. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرهما. وعنه، تَبْطُلُ الأُولَى، إنْ كان ما شرَع في نَفْلًا، وإلَّا فلا. وعنه، تَبْطُلُ الأولَى مُطْلَقًا. نقَلَه أبو الحارِثِ ومُهَنَّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الذى في «الكافِي». ويأْتِي ذلك فيما إذا ترَك رُكْنًا ولم يذْكُرْه إلّا بعدَ سَلامِه. قوله: أو تَكلَّمَ لغيرِ مَصْلَحَةِ الصَّلاةِ بَطَلَتْ. يعْنِي، إذا ظَنَّ أنَّ صلاتَه قد تَمَّتْ، وتكَلَّمَ عَمْدًا لغيرِ مصْلَحَةِ الصَّلاةِ، كقَوْلِه: يَا غُلامُ، اسْقِنى ماءً، ونحوِه. فالصَّحيحُ منَ المذهبِ، بُطْلان الصَّلاةِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ.

وَإِنْ تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا، فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، إِحْدَاهُن، لا تَبْطُلُ. وَالثَّانِيَةُ، تَبْطُلُ. وَالثَّالِثَةُ، تَبْطُلُ صَلَاةُ المَأْمُومِ دُونَ الْإمَامِ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا تَبْطُل والحالَةُ هذه، وأطْلَقَهما جماعَةٌ. قوله: وإنْ تكلَّم لمَصْلَحَتِها، ففيه ثَلاثُ رِوَاياتٍ؛ إحْدَاهُنَّ لا تَبْطُلُ. نَصَّ عليها في رِوايَةِ جماعةٍ مِن أصحابِه. واخْتارَها المُصَنِّف، والشَّارِحُ، لقِصِّةِ ذِي اليدَيْن (¬1). وهي ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. وجزم به في «الإِفاداتِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابن مُفْلح في «حَواشِيهِ». وأجابَ القاضي وغيرُه عَنِ القِصَّةِ، بأنَّها كانتْ حالةَ إباحَةِ الكلام. وضَعَّفَه المَجْدُ وغيرُه؛ لأنَّ الكلامَ حُرِّمَ قبلَ الهجْرَةِ عندَ ابن حبَّانَ (¬2) وغيرِه، أو بعدَها بيَسِير عندَ الخَطَّابِيِّ وغيرِه. فعلى هذه الرِّوايَة، لو ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 27. (¬2) انظر: الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 6/ 26.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمْكنَه إصْلاحُ الصَّلاةِ بإشارَةٍ ونحوِها، فتَكَلَّمَ، فقال في المذهب وغيرِه: تَبْطُلُ. والرِّوايَةُ الثَّانية، تَبْطلُ. وهي المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه المَجْدُ وغيرُه، منهم أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، والقاضى أبو الحُسَيْنِ. قال المَجْدُ: هي أظْهَرُ الرِّواياتِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ، وجزَم به في «الإيضاحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الفائقِ». والثَّالِثَةُ، تَبْطُل صَلاةُ المأمُوم، دُونَ الإمامِ. اخْتارَها الْخِرَقِيُّ. فعلَى هذه، المُنْفَرِدُ كالمأْموم. قالَه في «الرِّعايَةِ». وهو ظَاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وعنه رِوايةٌ رَابِعَةٌ، لَا تَبْطُلُ إذا تكَلَّمَ لمَصْلَحَتِها سَهْوًا. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وفي «المُحَرَّرِ»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفائِق». ونصَرَه ابنُ الجَوْزِي.

وَإنْ تَكَلَّمَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، بَطَلَتْ. وَعَنْهُ، لَا تَبْطُلُ إذَا كَانَ سَاهِيًا أوْ جَاهِلًا، وَيَسْجُدُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تكَلَّم في صُلْب الصَّلاةِ بَطَلَتْ. إن كان عَالِمًا عَمْدًا، بَطَلَتِ الصَّلَاة، وإن كان سَاهِيًا بغَيرِ السَّلامِ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّ صلاتَه تَبْطُلُ أَيضًا. وهو المذهبُ، قدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، والقاضى أبو الحُسَيْن، و «الفائقِ» وغيرهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: إذا تكَلَّمَ سَهْوًا، فرِواياتٌ، أشْهَرُها، وهو اخْتِيارُ ابنِ أبِي مُوسى والقاضى، وغيرِهما، البُطْلانُ. ونصَرَه ابنُ الجَوْزِيِّ في «التَّحْقِيقِ». وعنه، لا تَبْطُل إذا كان ساهِيًا. اخْتارَه ابن الجَوْزِيِّ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «النَّظْمِ»، والشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه ابن تَميمٍ. [ويَحْتَمِلُ كلامُه في «الفُروعِ» إطْلاقَ الخِلافِ. وإليه ذهَب ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حواشيه»] (¬1). وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم قريبًا رِوايَةٌ ثالثةٌ، لا تَبْطُلُ إذا تكَلَّمَ سهْوًا لمَصْلَحَتِها، ومَنِ اخْتارَها. وإنْ كان جاهِلًا بتَحْريمِ الكَلامِ، أو الإبطالِ به، فهل هو كالنَّاسِي، أم لا تَبْطُلُ صلاتُه؛ فإن بَطلَتْ صلاةُ النَّاسِي، فيه رِوايَتان. فالمُصَنِّفُ جعَل الجاهِلَ كالنَّاسِي، وقدَّم أنَّه ككَلام العامِدِ، إحْدَاهما، أنَّه كالنَّاسِي، فيه مِنَ الخِلافِ وغيره ما في النَّاسِي. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه ابن مُفْلِحٍ في «حَواشِي المُقْنِعِ». قال في «الكافِي»، و «الرِّعايتيْن»: وفي كلامِ النَّاسِي والجاهلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتان. قال في «المُغْنِي»: والأوْلى أنْ يُخرَّجَ فيه رِوايَةُ النَّاسِي (¬1) انتهى. والرِّواية الثَّانيةُ، أنَّ كلام الجاهلِ لا يُبْطِلُ، وإنْ أبْطَلَ كلامُ النَّاسِي. وجزَم ابنُ شِهَابٍ بعدَم البُطْلانِ في الجاهِلِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ولا يُبْطِلُها كلامُ الجاهلِ، في أَقْوَى الوَجْهَيْن، وإنْ قُلْنا: يُبْطلُها كلامُ النَّاسِي. اخْتارَه القاضي، والمَجْدُ. وأطْلَقَ الخِلافَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ». وحكَى المَجْدُ، وابن تَميمٍ الخِلافَ وَجْهَيْن. وحكَاهما في «الفُروعِ» رِوَايتيْن. وقال القاضي في «الجامِع»: لا أعْرِف عن أحمدَ نَصًّا في ذلك. ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 446.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قَسَّمَ المُصَنِّف رَحِمَهُ اللهُ المتكَلِّمِ إلى قِسْمَيْن، أحَدُهما، مَن يَظُنُّ تَمَامَ صلاِته فيُسَلِّمُ، ثم يَتَكَلِّمُ، إمَّا لمَصْلَحَتِها أو لغيرِها. الثَّانِي، مَن يَتَكَلَّمُ في صُلْبِ الصَّلاةِ، فحكى في الأوَّلِ، إذا تكَلَّمَ لمَصْلَحَتِها، ثلاثَ رِواياتٍ، وحكَى في الثَّالثةِ رِوايتيْن. وهذه إحْدَى الطَّريقتَيْن للأصحابِ، واخْتِيارُ المُصَنِّفِ والشَّارِحِ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». والطريقة الثَّانيةُ، الخِلاف جارٍ في الجميع؛ لأنَّ الحاجَة إلى الكَلامِ هنا قد تكون أشَدَّ، كإمام نَسِيَ القِراءَةَ ونحوَها، فإنَّه يحْتاجُ أنْ يأْتِيَ برَكْعَةٍ، فلابُدَّ له مِن إعْلام المأْمُومِين. وهذه الطَّريقَةُ هي الصَّحيحةُ في المذهبِ. جزَم بها في «المُحَرَّر»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمها في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». واخْتارَها القاضي، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن»، وابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، اخْتارَ المُصَنِّفُ، وابن شِهَابٍ العُكبرِيُّ، في «عُيُونِ المسَائِلِ»، بُطْلانَ صلاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُكْرهِ على الكَلامِ، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحْرَين»، وإذا قُلْنا: تَبْطُلُ بكَلامِ النَّاسِي. فكذا كلامُ المُكْرَهِ وأوْلَى؛ لأنَّ عُذْرَه أنْدَرُ. وقال القاضي: لا تَبْطُلُ بخِلافِ النَّاسِي. قال في «الفُروعِ»: والنَّاسِي كالمُتَعَمِّدِ. وكذا جاهِلٌ ومُكْرَه، في رِوايَةِ. وعنه، لا. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ عندَه البُطْلانُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»: وإنْ قُلْنا: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعْذَرُ النَّاسِي. ففي المُكْرَهِ ونحوِه، وقيل: مُطْلَقًا، وَجْهان. وقال في «التَّلْخيصِ»: ولا تَبْطُلُ بكَلامِ النَّاسِي، ولا بكلامِ الجاهلِ بتَحْريمِ الكلامِ إذا كان قريبَ العَهْدِ بالإسْلامِ، في إحْدَى الرِّوايتين. وعليها يُخَرَّجُ سَبْقُ اللِّسانِ، وكَلامُ المُكْرَهِ. انتهى. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: ألْحَقَ بعضُ أصحابِنا المُكْرَهَ بالنَّاسِي. وقال القاضي: بل أَوْلَى بالعَفْوِ مِنَ النَّاسِي. انتهى. وكذا قال ابنُ تَميمٍ. ونصَر ابنُ الجَوْزِيِّ في «التَّحْقِيقِ» ما قالَه القاضي. واخْتارَه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». الثَّالِثَةُ، لو وجَب عليه الكَلامُ، كما لو خافَ على ضَرِيرٍ ونحوِه، فتكَلَّمَ مُحَذِّرًا له، بَطَلَتِ الصَّلاة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهير الأصحابِ. قال في «الفائقِ»، و «حَواشِيّ ابنِ مُفْلِحٍ»: هو قولُ أصحابنا. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا تَبْطُلُ. قال المُصَنِّفُ: هو ظاهرُ كلامٍ الإمام أحمدَ؛ لأنَّه علَّلَ صِحَّةَ صلاةِ مَن أجابَ النَّبيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- بوُجوبِ الكلامِ، وفَرَّقَ بينَهما بأنَّ الكلامَ هنا لم يجِبْ عَيْنًا. وقال القاضي وغيرُه: لُزومُ الإجابَةِ للنَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- لا يَمْنَعُ الفَسادَ؛ لأنَّه لو رأى من يَقْتُلُ رَجُلًا منَعه، فإذا فعل فسَدَتْ. قال في «الرِّعايَة الكبْرى»: وإنْ وجَب الكلامُ لتَحْذيرِ معْصُومٍ، ضريرٍ أو صغير، لا تَكْفِيه الإشارَةُ عن وُقوعِه في بِئْرٍ ونحوِها، فوَجْهان، أصَحُّهما، العَفْوُ والبِنَاءُ. وقدمه في «الفائقِ». وأطْلقَهما ابن تَميمٍ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». الرَّابعةُ، لو قامَ فيها فتَكَلَّمَ، أو سبَق على لِسَانِه حالَ قراءَتِه، أو غلَبه سُعالٌ أو عُطاسٌ، أو تَثَاؤُبٌ ونحوُه، فَبَانَ حَرْفان، لم تَبْطُلِ الصَّلاةُ. على الصَّحِيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ، وعليه الأكثر. وقيلَ: حُكْمُه حُكْمُ النَّاسِي. وإنْ لم يغْلِبْه ذلك، بطَلتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدُّين: هو كالنَّفْخِ وأوْلَى. الخامِسَةُ، حيث قلْنا: لا تَبْطُلُ بالكلامِ. فمَحَلُّه في الكلامِ اليَسِيرِ، وأمَّا الكلامُ الكثيرُ، فتَبْطُلُ به مُطْلقًا عندَ الجمهورِ. وقطَع به جماعَةٌ. قال القاضي في

وَإِنْ قَهْقَهَ، أَوْ نَفَخَ، أَوِ انْتَحَبَ، فَبَانَ حَرْفَانِ فَهُوَ كَالْكَلَامِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَعَالَى. قَالَ أَصْحَابُنَا فِي النَّحْنَحَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبى عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ كان يَتَنَحْنَحُ فِي صَلَاِته، وَلَا يَرَاهَا مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المجَرَّدِ»: هو روايَةٌ واحدةٌ. وعنه، لا فَرْقَ بينَ قليلِ الكلامِ وكثيره. اخْتارَه القاضي أَيضًا وغيرُه. قال في «الجامِع الكبِيرِ»: لا فَرْق بينَ الكلام القليلِ والكثيرِ، في حَقِّ النَّاسِي، في ظاهرِ كلام الإمام أحمدَ. وقال في «المُجَرَّدِ»: إنْ طالَ مِنَ النَّاسِي أفْسَدَ. رِوايةٌ واحدةٌ. وهما وَجْهان في «ابنِ تَميمٍ» وغيرِه. وأطْلقَهما هو والزَّرْكَشييُّ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وَإِنْ قَهْقة فبانَ حرْفان، فهو كالكلامِ. أنَّه إذا لم يَبِنْ حرْفان، أنَّه لا يضُرُّ، وأنَّ صلاتَه صحِيحةٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، أو الرَّوايتَيْن. جزَم به في «الهدايَةِ»، و «شَرْحِها» للمَجْدِ، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، والقاضى في «المُجَرَّدِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «الرِّعايِة الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّه كالكلامِ، ولو لم يَبِنْ حرفان. اخْتاره الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال: إنَّه الأظْهَر، وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي». وقال: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وقدَّمه في «الشَّرْح». وحكَاه ابنُ هُبَيْرةَ إجماعًا. وأطْلقَهما في «الفروعِ»، و «الفائقِ». قوله: أو نفَخ فَبانَ حَرْفَانِ، فهو كالكلامِ. وهذا المذهب، وعليه الأصحابُ. واختارَ الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّين، أنّ النَّفْخَ ليس كالكلام، ولو بانَ حَرْفانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأكثُر، فلا تَبْطُلُ الصَّلاة به. وهو رِوايَةٌ عَنِ الإمام أحمدَ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه؛ أنَّه إذا لم يبِنْ حَرْفان، أنَّ صلاتَه صحيحةٌ. وهو المذهبُ، وعليه أكثُر الأصحابِ، ونصَروه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالحَرْفَين. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». قوله: أوِ انْتَحَبَ، فبانَ حرْفانِ فهو كالكلام، إلَّا ما كان مِن خَشْيَةِ اللهِ تعالَى. إذا انتحَبَ فَبَانَ حَرْفان ولَم يَكُنْ مِنْ خشْيَةِ الله بَطَلَتِ الصَّلاةُ به، وإنْ كان مِن خشْيَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ صلَاتَه لا تَبْطُلُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، والمَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»، و «مَجْمَع البَحْريْن»، و «الحاوِي الكبِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوَّرِ»، وغيرهم. وقدَّمَه في «الفروع»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِي الصَّغِيرِ». وقيل: إنْ غَلَبَه، لم تَبْطُلْ، وإلَّا بَطَلَتْ. قال المُصَنِّفُ: وهو الأشْبَهُ بأصُولِ أحمدَ. وأطْلقَهما في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». فائدة: لو اسْتَدْعَى البُكاءَ كُرِهَ كالضَّحِكِ، وإلَّا فلا. وأمَّا إذا لَحَّن في الصَّلاةِ، فيَأْتِي عنه كلامُ المُصَنَّفِ في بابِ صلاةِ الجماعَةِ: وتُكْرَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إمامَةُ اللَّحَّانِ. قوله: وقال أصحابُنا: النَّحْنَحَةُ مثلُ ذلك. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثير منهم. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقد رُوِيَ عن

فَصْلٌ: وَأَمَّا النَّقْصُ؛ فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا، فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بَطَلَتِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا، وَإِنْ ذَكرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، عَادَ فَأَتَى بهِ وَبِمَا بَعْدَهُ, فَإنْ لَمْ يَعُدْ، بُطَلَتْ صَلَاُتهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أبِي عبدِ اللهِ، أنَّه كان يَتَنَحْنَحُ في صَلاتِه، ولا يَرَاها مُبْطِلَةً للصَّلاةِ. وهي رِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ. واخْتارها المُصَنِّفُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا لم تكُنْ حاجةٌ، فإنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ، فليستْ كالكلامِ، روايةً واحدةً، عندَ جمهورِ الأصحابِ. وقيل: هي كالكلامِ أَيضًا. وتقدَّم. قوله: فمتَى ترَك رُكْنًا فذَكَره بعدَ شُرُوعِه في قراءةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بَطلَت التى ترَكَه منِها. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وفيه وَجْهٌ؛ لا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ بشُروعِه في قِرَاءةِ رَكْعَةٍ أُخْرى، فمتى ذكَر قبل سُجودِ الثَّانيةِ، رجَع فسجَد للأُولَى، وإنْ ذكَر بعد أنْ سجَد، كان السُّجودُ عن الأُولَى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم يقومُ إلى الثَّانيِة. ذكَرَه ابنُ تَميم وغيُره. وقال في «المُبْهِجِ»: من ترَك رُكْنًا ناسِيًا، فذكَره حين شرَع في رُكْن آخَرَ، بَطَلَتِ الرَّكْعَةُ. قال في «الفُروعِ»: حُكِي ذلك روايةً. وقد تقدَّم في أرْكانِ الصَّلاةِ رِوايةٌ بأنَّه إذا نَسِيَ الفاتحةَ في الأُولَى والثَّانيةِ، قرأها في الثَّالِثَةِ والرَّابِعَةِ مرَّتَيْن. وزادَ عبدُ اللهِ، في هذه الرِّوايةِ، وإنْ ترَك القِراءةَ في الثَّلاثِ، ثم ذكَر في الرَّابِعَةِ، فسَدَتْ صلاتُه واسْتَأْنَفَها. وذكَر ابنُ عَقِيل، إنْ نَسِيها في رَكْعَةٍ فأتَى بها فيما بعدَها مرَّتَيْن يعْتَدُّ بها، ويسْجُدُ للسَّهْوِ. قال في «فُنونِه»: وقد أشارَ إليه أحمدُ. فعلَى المذهب؛ لو رجَع إلى الرَّكْعَةِ التى قد بَطَلَتْ عالِمًا عَمْدًا، بَطَلَتْ صلاتُه. قالَه في «الفروع» وغيره. تنبيهان؛ أحدُهما، مُرادُه بقولِه: فمتى ترك رُكْنًا فذكَرَه بعدَ شُروعِه في قِراءةِ رَكعَة أُخْرَى. غير النِّيَّةِ، إنْ قُلْنا: هي رُكْن. وغيرُ تكْبِيرَةِ الإحْرامِ. وهو واضِحٌ. الثَّانِي، مفْهومُ قولِه: فمتى ترَك رُكْنًا فذكَره بعدَ شُروعِه في قِراءَةِ رَكْعَةٍ أخْرَى، بَطَلَت التى تركه منها. أنَّه لا يَبْطُلُ ما قبلَ تلك الرَّكْعَةِ المتْروكِ منها الرُّكْنُ، ولا تَبْطُلُ قبلَ الشُّروعِ في القِراءَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرٌ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وحكَاه المَجْدُ في «شَرْحِه» إجْماعًا. وقيل: لا يَبْطُلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَيضًا ما قبلَها. اخْتارَه ابنُ الزَّاغُونيِّ. قال ابن تَميمٍ، وابن حَمْدانَ: وهو بعيدٌ. قوله: وإن ذكر فيَ ذلك. يعْنى، قبلَ شُروعِه في القراءَةِ، عادَ فأتَى به، وبما بعدَه. مثْلَ إن قامَ ولم يشْرَعْ في القِراءَةِ. نصَّ عليه؛ لأنَّ القيامَ غيرُ مقصُودٍ في نفْسِه؛ لأنَّه يلْزَمُ منه قدْرُ القِراءة الواجِبَةِ، وهي المقْصودَة. ولو كان قامَ مِنَ السَّجْدَةِ وكان قد جلَس للفَصْلِ، لم يجْلِسْ له إذا أَرادَ أنْ يأْتِيَ بالسَّجْدَةِ الثَّانيِة. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ والوَجْهَيْن. والوَجْهُ الثَّانِي، يجْلِسُ للفصْلِ بينَهما أَيضًا. قال في «الحاوِي الكَبِيرِ»: عندِي يجْلِسُ ليَأْتِي بالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ عن جُلوس. وهو احِتمالٌ في «الحاوِي الكَبِيرِ». وأمَّا إذا قامَ ولم يكُنْ جلَس للفَصْلِ، جلَس له. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»: يحْتمِلُ جلُوسُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُجودُه بلا جَلْسَةٍ. قلت: فيُعايَى بها. ولو سجَد سجْدَةً، ثم جلَس للاسْتِراحَةِ، وقامَ قبلَ السَّجْدَةِ الثَّانيِة، لم تُجْزِئْه جَلْسَةُ الاسْتِراحَةِ عن جَلْسَةِ الفَصْلِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «الحاوِي الصَّغِيرِ»: وعندِي يُجْزِئُه. وعلَّلَه. قوله: فإن لم يَعُدْ، بَطَلَتْ صَلاتُه. يعْنِي، إذا ذكَره قبلَ شُروعِه في القراءةِ، ولم يَعُدْ عَمْدًا، بَطَلَتْ صلاتُه، بلا خِلافٍ أعْلمه، وإن لم يَعُدْ سَهْوًا، بَطَلَتِ الرَّكْعَةُ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ»، وغيرِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما جزم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: إنْ لم يعُدْ، لم يعْتَدَّ بما يفْعَلُه بعدَ المَتْرُوكِ. جزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: يَحْيَى، مِن تَمامِ الرَّكْعَةِ فقط. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصوُل»: فإنْ ترَك رُكوعًا أو سَجْدَةً، فلم يذْكُرْ حتَّى قامَ إلى الثَّانيةِ، جعَلَها أوَّلَتَه، وإنْ لم يَنْتَصِبْ قائمًا، عادَ فتَمَّمَ الرَّكْعَةَ، كما لو ترَك القراءةَ يأْتِي بها، إلَّا أن يذْكُرَ بعدَ الانْحِطاط مِن قيامِ تلك الرَّكْعَةِ، فإنَّها تلْغُو، ويجْعَل الثَّانيةَ أوَّلَتَه. قال في «الفُروعَ»: كذا قال.

وَإنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَهُوَ كَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن عَلِمَ بعدَ السَّلامِ فهو كَتْرْكِ رَكْعَةٍ كامِلَةٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا لم يعلَمْ بَتْركِ الرُّكْنِ إلَّا بعدَ سلامِه، أنَّ صلاتَه صحيحةٌ، وأنَّه كتَرْكِ ركْعَةٍ. وجزَم به في «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ». وقيلَ: يأْتِي بالرُّكْنِ وبما بعدَه. قال ابنُ تَميمٍ، وابن حَمْدانَ: وهو أحْسَنُ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى. ونصَّ أحمدُ، في روايةِ الجماعةِ، أنَّها لا تَبْطُلُ إلَّا بطُولِ الفَصْلِ. ونقَل الأثْرَمُ وغيرُه، عن أحمدَ، تَبْطُلُ صلاتُه. وجزَم به في «المسْتوْعِبِ» و «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. فعلَى القولِ بالصِّحَّةِ؛ إذا أتَى بذلك، سجَد للسَّهْوِ قبلَ السَّلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَرْبٍ؛ لأن السُّجودَ لتَرْكِ الرُّكْنِ، والسَّلامَ تَبَعٌ. وقيل: يسْجُدُ بعدَ السَّلامِ؛ لأنَّه سلَّمَ عن نَقْصٍ. تنبيه: قوْله: فهو كَتْرْكِ ركْعَةٍ كاملَةٍ. يعْنِي، يأْتِي بها. وهو مُقَيَّدٌ بقرْبِ الفَصْلِ عُرْفًا، ولو انْحَرَف عن القِبْلةِ أو خرَج مِنَ المسْجِدِ. نصَّ عليه. وقيلَ: بدَوامِه في المسْجِدِ. قدَّمه في «الرعايَةِ». فلو كان الفَصْلُ قرِيبًا، ولكنْ شرَع في صلاةٍ أُخْرَى، عادَ فأَتَمَّ الأَوَّلَةَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، بعدَ قَطْعِ ما شرَع فيها، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، يسْتَأْنِفْها لتَضَمُّنِ عَمَلِه قطْعَ نِيَّتِها، وعنه، يسْتَأْنِفُها إنْ كان ما شرَع فيه نَفْلُا. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرازيُّ، في «المُبْهِجِ»:

وَإنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَربَع رَكَعَاتٍ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ يُتِمُّ الأَوَّلَةَ مِن صلاتِه الثَّانيةِ. وتقدَّم لفْظُه في الباب، عندَ قولِه: وإنْ طالَ الفَصْلُ بَطَلَتْ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في «الفصُولِ»: إنْ كانَتَا صلاتَيْ جَمْعٍ، أَتَمَّها ثم سجَد عَقِبَها للسَّهْوِ في الأُولَى؛ لأنَّهما كصلاةٍ واحدةٍ، ولم يخْرجْ مِنَ المسجِدِ، وما لم يخْرُجْ منه، يسْجُدُ عندَنا للسَّهْوِ. انتهى. فائدة: لو ترَك رُكْنًا مِن آخِرِ رَكعَةٍ سَهْوًا، ثم ذكَرَه في الحالِ، فإنْ كان سَلامًا أتى به فقط, وإنْ كان تَشَهُّدًا أتَى به وسجَد ثم سلَّم، وإنْ كان غيرَهما أتَى بركْعَةٍ كاملةٍ. نصَّ عليه. قال ابنُ تمَيم، وابن حَمْدانَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يأْتِيَ بالرُّكْنِ وبما بعدَه. وهو أحْسَن إنْ شاءَ اللهُ تعالَى، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ نَسِيَ أرْبَعَ سَجَداتٍ مِن أرْبَعِ رَكَعاتٍ، وذكَر في التَّشَهُّدِ، سجَد سَجْدَةً، فصَحَّتْ له ركْعَةٌ، ويَأْتِي بثلاثٍ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه في روايةِ الجماعَةِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وعنه، تبْطُلُ صلاتُه. وأطْلقَهما

وَذَكَرَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدَةً فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَيَأْتِي بثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. وَعَنْهُ، تَبْطُلُ صلَاُتهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخِرَقِيُّ». وعنه، يَبْنِي على تَكْبيرةِ الإحْرام. ذكَرَها الآمِدِيُّ. ونقَلَها المَيْمُونِيُّ. وعنه، يصِحُّ له رَكْعَتان. ذكَرَها ابن تَميم، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهما، وَجْهًا. وهو تَخْريجٌ في «النظْمِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتمِلُ أنْ يكون هو الصَّحيحَ، وأنْ يكونَ قوْلًا لأحمدَ؛ لأنَّه رضِيَ اللهُ عنه، نقَلَه عَنِ الشَّافِعِيٌ، وقال: هو أشْبَهُ مِن قولِ أصحابِ الرَّأْيِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ أنَّه لو ذكَر بعدَ سَلامِه، أنَّه ليس كمَن ذكَر وهو في التَّشهُّدِ، وأنَّ صلاتَه تبْطُلُ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. اخْتارَه ابنُ عَقِيلِ، والمُصَنِّفُ وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: قِياسُ المذهبِ قولُ ابنِ عَقِيلٍ, لأن مِن أصْلِنا أن مَن ترَك رُكْنًا مِن ركْعَةٍ، فلم يَدْرِ حتَّى سلَّم، أنَّه كمَنْ ترْك ركعةً، وهنا الفَرْضُ أنَّه لم يذْكرْ إلَّا بعدَ السَّلامِ، وإذا كان كمَن ترَك ركْعَةً، والحاصِلُ له مِن الصَّلاةِ رَكْعَةٌ، فتَبْطُلُ الصَّلاة رأْسَّا. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرَى»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال: ابْتَدأَ الصَّلاةَ، روايةً واحدةً. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائق»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: حُكْمُها حكْمُ ما لو ذكَر وهو في التَّشَهُّدِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: إنَّما يسْتَقِيمُ قول ابنِ عَقِيلِ على قولِ أبِي الخَطَّابِ، في مَن ترَك رُكْنًا، فلم يذْكُرْه حتَّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سلَّم، أنَّ صلَاته تَبْطُلُ، فأمَّا على منْصوصِ أحمدَ في البِنَاءِ، إذا ذكَر قبلَ طُولِ الفَصْلِ، فإنَّه يصْنعُ إذا كما يصْنَعُ إذا ذكَر في التَّشَهدِ. انتهى. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». فوائد؛ الأُولى، لو ذكَر أنَّه نَسِيَ أرْبَعَ سجَداتٍ مِن أرْبَعِ ركَعاتٍ، بعدَ أنْ قامَ

وَإنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَنَهَضَ، لِزَمَهُ الرُّجُوعُ، مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا، فَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا، لَمْ يَرْجِعْ، وَإنْ رَجَعَ، جَازَ. وإنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ. وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلَّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى خامِسَةٍ وشرَع في القِراءَةِ، وكان ذلك سَهْوًا أو جَهْلًا، لم تبْطُلْ صلاتُه، وكانت هذه الخامسةُ أُولَاه، ولغَى ما قبلَها، ولا يعيدُ الافْتتاح فيها. جزَم به في «الفروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، تشَهُّدُه قبلَ سجْدَتَيِ الأخيرةِ زِيادَةٌ فِعْليَّةٌ، وقبلَ السَّجْدَةِ الثَّانيةِ زِيادةٌ قوْلِيَّةٌ. الثَّالثةُ، لو ترَك سجْدَتْين أو ثلاثًا مِن رَكْعَتَيْن جَهِلَهما، صلَّى رَكْعَتَيْن، وإنْ ترَك ثلاثًا أو أرْبعًا مِن ثلاثٍ، صلى ثلاثًا، وإنْ ترك مِنَ الأَوَّلَةِ سجْدَةً، ومِنَ الثَّانيةِ سجْدتَيْن ومِن الرَّابِعَةِ سجْدَةً، وذكَر والتَّشَهُّدِ، سجَد سجْدَةً وصلَّى رَكْعَتَيْن، وإنْ ترك خمْس سجَداتٍ مِن ثلاثِ رَكَعاتٍ، أو مِن أرْبَعٍ، أتَى بسَجْدَتَيْن، فصَحَّتْ له رَكْعَةٌ كامِلَةٌ. قوله: وإنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الأوَّلَ ونهَض، لَزِمَه الرجوعُ، ما لم يَنْتَصِبْ قائمًا، فإنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ، وإن رجَع جَازَ. اعلمْ أنَّه إذا ترَك التَّشَهُّدَ الأولَ ناسِيًا وقامَ إلى ثالِثَةٍ، لم يَخْلُ من ثَلاثةِ كل أحْوالٍ؛ أحدُها، أنْ يذكُرَ قبلَ أنْ يعْتدِلَ قائمًا، فهنا يلْزَمُه الرُّجوعُ للتَّشَهُّدِ، كما جزَم به المُصَنِّف هنا. ولا أعلمُ فيه خِلافًا، ويلْزَمُ المأمومَ مُتابَعَتُه، ولو بعدَ قِيامِهم وشُروعهم في القِراءةِ. الحالُ الثَّانيةُ، ذكَره بعدَ أنِ اسْتَتَمَّ قائمًا، وقبل شُروعِه في القِراءةِ، فجزَم المُصَنِّفُ أنَّه لا يرْجعُ، وإنْ رجَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ. فظاهِرُه، أن الرُّجوعَ مَكْروهٌ، وهو إحْدَى الرِّوايات، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ يُكْرَهُ الرُّجوعُ. وصَحَّحه في «النَّظْمِ». قال الشَّارِحُ: الأوْلَى أنْ لا يرْجِعَ، وإن رجَع جازَ. قال في «الحاوِي الكبِيرِ»: والأَوْلَى له أن لا يرْجِعَ. وهو أَصَحُّ. قال في «المُحَرَّر»، و «المُغْنِي»: أوْلَى. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «ناظِمِ المُفْرداتِ». وهو منها. وقدَّمه في «مجْمَعِ البَحْريْن». وعنه، يُخيَّر بينَ الرُّجوعِ وعدَمِه. وعنه، يَمْضيِ في صلاتِه، ولا يرْجِعُ وُجوبًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». وعنه، يجبُ الرُّجوعُ، وأطْلَقَهما في «الفروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان إمامًا، فلم يُذَكِّرْه المأْمومُ حتَّى قام، فاخْتارَ المُضِيَّ أو شَرع في القِراءةِ، لَزِمَ المأْمومَ مُتابَعَتُه. على الصَّحيحِ عِنَ المذهبِ. وعنه، يَتشَهَّدُ المأْموم وُجوبًا. قال ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»: يَتَشَهَّدُ المأْموم ولا يتْبَعُه في القِيامِ، فإنْ تَبِعَه ولم يَتَشَهَّدْ، بَطَلَتْ صلاتُه. الحالُ الثَّالثةُ، ذكره بعدَ أنْ شرَع في القِراءَةِ، فهنا لا يرْجِعُ، قوْلًا واحِدًا، كما قطَع به المُصَنِّفُ بقولِه: وإنْ شَرع في القِراءةِ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَجُزْ له الرُّجوعُ. قوله: وعليه السُّجُودُ لذلك كُلِّه. أمَّا والحالِ الثَّانِي والثَّالثِ؛ فيَسْجُدُ للسَّهْوِ فيهما، بلا خلافٍ أعْلمُه، وأمَّا في الحالِ الأوَّلِ، وهو ما إذا لم ينْتَصِبْ قائمًا ورجَع، فقطع المُصَنِّفُ هنا بأنَّه يسْجُدُ له أَيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثُر الأصحابِ. وقيل: لا يجبُ السُّجودُ لذلك. وعنه، إن كَثُرَ نهوضُه، سجَد له، وإلَّا فلا. وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقال في «التَّلْخيص»: يسْجُدُ إن كان انْتهَى إلى حَدَّ الرَّاكِعِين، وإلَّا فلا. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: بل يُخَيَّرُ بينَهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نَسِيَ التَّشَهُّدَ دونَ الجُلوس له، فحُكْمُه في الرُّجوعِ إليه حُكْمُ ما لو نَسِيَه مع الجُلوس؛ لأنَّه المقْصودُ. فائدة: حُكْمُ التَّسْبيحِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ، وقوْلِ: رَبِّ اغْفِرْ لى. بينَ السَّجْدَتَيْن، وكلِّ واجبٍ إذا تَرَكَه سَهْوًا ثم ذكَره، حُكْمُ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، فيَرْجِعُ إلى تَسْبيحِ الرُّكوعِ قبلَ اعْتِدالِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه» في صِفَةِ الصَّلاةِ؛ فقال: ومَن نَسِيَ تَسْبِيحَ الرُّكوعِ ثمَّ ذكَر قبلَ أنْ ينْتَصِبَ قائمًا، رجَع. واخْتارَه القاضي. وقيل: لا يرْجعُ ويبْطُلُ؛ لعَمْدِه. وجزَم به في «المُغْنِي»، في بابِ صِفَةِ الصَّلاةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الحاوِي الكَبِيرِ». وإن ذكَره بعدَ اعْتدالِه، لَزِمَه المضِيُّ، ولم يَجُزِ الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُنَوِّرِ»، وابنِ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وقيل: يجوزُ الرُّجوعُ، كما في التَّشَهُّدِ الأخير. اخْتارَه القاضي، واقْتَصَرَ عليه في «المُحَرَّر». وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»؛ فقال: وإذا انْتَصَبَ، فالأَوْلَى أن لا يْرجِعَ، فإن رجَع جازَ. ذكَره القاضي، كالتَّشَهُّدِ الأوَّلِ. وقيلَ: لا يجوزُ أن يرْجِعَ. انتهى. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». فعلى القوْلِ بجَوازِ الرُّجوعِ فيهما، لو رجَع فأدْرَكَه مَسْبوقٌ، وهو راكِعٌ، فقد أدْرَك الرَّكْعَةَ بِذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الحاوِي الكَبِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُدْرِكُها

فَصْلٌ: وَأَمَّا الشَّكُّ؛ فَمَتَى شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، بَنَى عَلَى اليَقِينِ. وَعَنْهُ، يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَالْإمَامُ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك؛ لأنَّه نَفْلٌ، كرُجوعِه إلى الرُّكوعِ سَهْوًا. قوله: وأمَّا الشَّكُّ؛ فمتى شَكَّ في عددِ الرَّكعاتِ بَنَى على اليَقِين. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم؛ أبو بَكْرٍ، والقاضى، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» فيه. قال في «الفُروعِ»: اخْتاره الأكثرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «فُروعِ القاضي أبي الحُسَيْنِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «إدْراكِ الغاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يَبْنِي على غالِبِ ظَنَّه. قدَّمه في «الفائقِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين، وقال: على هذا عامَّةُ أُمورِ الشَّرْعِ، وأنَّ مثْلَه يُقالُ في طَوافٍ وسَعْىٍ ورَمْيِ جِمارٍ وغيرِ ذلك. قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ: هذا اخْتِيارُ الْخِرَقيِّ. قوله: وظاهرُ المذهبِ، أنَّ المنْفَرِدَ يَبْنِي على اليَقِين، والإِمامَ على غالبِ ظَنَّه. وكذا قال في «الكافِي»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الحاوِيَيْن». يعْنُون ظاهِرَ المذهبِ عندَهم. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذه المشْهورَة في المذهب. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقال: هي المشْهورَةُ عن أحمدَ، واخْتِيارُ الْخِرَقِيِّ. قال في «الفُروع»: واخْتُلِفَ في اختِيارِ الْخِرَقِيِّ؛ قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: ويأْخُذُ مُنْفَرِدٌ بيَقينِه، وإمامٌ بظَنِّه، على الأشْهَرِ فيها. واخْتارَه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوس في «تَذْكِرَته». وصحَّحَه النَّاظِمُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وقطَع في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» بأنَّ المُنْفَرِدَ يَبْنِي على اليَقينِ، وأطْلَقَ في الإمامِ والمُنْفَرِدِ، الرِّوايَتْين. وقال في «المُذْهَبِ»: يَبْنِي المُنْفَرِدُ على اليَقِينِ. روايهً واحدةً. وكذا الإمامُ في أصَحِّ الرِّوايَتْين، وكذا في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». فعلىَ القوْلِ بأنَّ الإمامَ يَبْنِي على غالِبِ ظَنِّه، قال الأصحابُ: لأنَّ له مَن يُنَبِّهُهُ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُهم ما لم يكُنِ المأْمومُ واحدًا، فإنْ كان المأْمُومُ، واحدًا أخَذَ الإمامُ باليَقِينِ، لأنَّه لا يرْجِعُ إليه، وبدَليلِ المأْمومِ الواحدِ لا يْرجِعُ إلى فِعْل إمامِه، ويَبْنِي على اليَقِينِ، للمَعْنَى المذْكورِ، فيُعايَى بها. انتهى. وبدَليلِ المأْمومَ الواحدِ لا يرْجعُ. قلتُ: قد صرَّح بذلك ابنُ تَميمٍ؛ فقال: إنْ كان المأْمومُ واحدًا، لا يُقَلِّدُ إمامَه، ويَبْنِي على اليَقِينِ. وكذا لا يْرجِعُ الإمامُ إلى تَسْبيح المأْموم الواحدِ، لكنْ متى كان مَن سبَّح على يَقِينِ مِن خَطَأ إمامِه، لم يُتابِعْه ولا يُسَلِّم قبلَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لو كان المأْمومُ واحدًا، فشَكَّ المأْمومُ، فلم أجِدْ فيها نصًّا عن أصحابِنا، وقِياسُ المذهبِ، لا يُقَلِّدُ إمامَه، ويَبْنِي على اليَقِينِ كالمُنْفَرِدِ، لكنْ لا يُفارِقُه قبلَ السَّلامِ، فإذا سلَّم، أتَى بالرَّكْعَةِ المشْكوكِ فيها وسجَد للسَّهْوِ. فائدتان؛ الأُولَى، يأْخُذُ المأْمومُ بفِعْلِ إمامِه، وفي فِعْلِ نفْسِه يَبْنِي على اليَقِينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: يأْخُذُ بغلَبَةِ ظَنِّه. الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا: يَبْنِي على اليَقينِ أو التَّحَرِّي. ففعَل ثمَّ تيقَّن أنَّه مُصيبٌ فيما فَعَلَه، فلا سُجودَ عليه. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لم يسْجُدْ إلَّا أنْ يزُولَ شكُّه بعدَ أنْ فعَل معه ما يجوز أنْ يكونَ زائِدًا فإنَّه يسْجُدْ. مِثالُه: لو كان في سُجودِ رَكْعَهٍ مِنَ الرُّباعِيَّةِ، وشكَّ هل هي أُولاه أو ثانِيَتُه؛ فبَنَى على اليَقِين وصلَّى أخْرَى رَكْعَتَيْن، ثم زالَ شكُّه، لم يسْجُدْ؛ لأنَّه لم يفْعَلْ إلَّا ما هو مأْمورٌ به على كُلِّ تقْديرٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: بل قد زادَ التَّشَهُّدَ الأوَّلَ في غيرِ موْضِعِه، وترَكه في موْضِعِه، على تقْديرِ أنْ يعْلَمَ أنَّها ثانيةٌ. انتهى. قال المَجْدُ: ولو صلَّى مع الشَّكِّ ثلاثًا، أو شرَع في ثالثهٍ، ثم تحقَّق أنَّها رابعَةٌ، سجَد؛ لأنَّه فعَل ما عليه مُترَدِّدًا في كوْنِه زِيادَةً، وذلك نقْصٌ مِن حيثُ المَعْنَى. ولو شَكَّ وهو ساجدٌ هل هو في السَّجْدَةِ الأُولَى أو الثَّانيةِ؛ ثم زالَ شكُّه لمَّا رفَع رأْسه مِن سُجودِه، فلا سَهْوَ عليه، ولو لم يَزُلْ شكُّه حتَّى سجَد ثانِيًا، لَزِمَه سُجودُ السَّهْوِ؛ لأنَّه أَدَّى فرْضَه شاكًّا في كوْنِه زائِدًا. قال: هذا هو الصَّحيحُ مِن مذهَبِنا. وفيهما وَجْهٌ؛ لا يسْجُدُ في القِسْمَيْن جميعًا. وهو ظاهرُ ما ذكَره القاضي في «المُجَرَّدِ»؛ فقال: وإذا سَها فتذكَّر في صلاِته، لم يسْجُدْ. انتهى كلامُ المَجْدَ. وتابعَه في «مَجْمَعِ البَحْريْن». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يسْجُدُ. قالَه في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قلتُ: فيُعايَى بها على هذا الوَجْهِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ».

فَإنِ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ شَكَّ في تَرْكَ رُكْنٍ، فَهُوَ تَرْكِهِ: وإنْ شَكَّ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ السُّجُود؟ عَلَى وَجْهيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومن شك في تركِ ركْن فهو كَتَرْكِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: هو كترْكِ ركْعَة قِياسًا، فيتَحَرى ويحْملُ بغلَبةِ الطن. وقاله أبو الفَرَج، في قَوْل وفِعْلٍ. فائدة: قال ابن تَميمٍ وغيرُه: لو جَهِلَ عينَ الركْنِ المتروكِ، بَنى على الأحْوط؛ فإنْ شك في القِراءة والركوعَ، جَعلَه قراءةً، وإنْ شك في الركوعَ والسجود، جعله ركوعًا، وإنْ ترَك آيتين متَوالِيتين مِنَ الفاتحةِ، جَعَلَهما من ركْعةٍ، وإنْ لم يعلم تواليهما، جعلَهما من رَكْعتَيْن. وفيه وَجْهٌ آخر، أنَّه يتَحرَّى، ويعْمَلُ بغلَبَةِ الظَّنِّ في ترْكِ الركْن كالركْعَةِ. وقال أبو الفرَجِ: التَّحَرِّي سائِغٌ في الأقوالِ والأفْعالِ، كما تقدَّم. انتهى. قوله: وإنْ شك في ترْكِ واجبٍ، فهل يلْزمه السُّجُود؟ على وجْهيْن. وأطْلقَهما في «الفروع»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الكافى»، و «القواعِدِ الفِقْهية»؛ إحْدَاهما، لا يَلزمه. وهو المذهب. وعليه أكثر الأصحاب. قال في «المذهب»: هو قول أكثرِ الأصحابِ. قال في «مَجْمع البَحْرَيْن»: لم يسْجدْ

وإنْ شَك فِي زِيَادَةٍ لَمْ يَسْجُدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في أصَحِّ الوَجْهَيْن. واخْتارَه ابنُ حامِد، والمصَنِّف، والمَجْد. وجزَم به في «الوجيزِ». وقدمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايَة الكبْرى»، و «شَرْح ابنِ رَزِين». والوَجْهُ الثاني، يَلزَمه. صححه في «التَّصْحيحِ»، و «النظْم»، و «الشرحِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدوس في «تذْكِرَتِه». وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفائقِ». وجزم به في «الإفاداتِ»، و «المنوِّر». فائدة: لو شَكَّ، هل دخَل معه في الرَّكعةِ الأولَى أو الثانية؟ جعَله في الثانيةِ، ولو أدْرك الإمامَ راكِعًا، ثم شك بعد تَكْبيرِه، هل رفَع الإمام رأسه قبل إدْراكه راكعًا أم لا؟ لم يعْتد بتلك الركعة. على الصحيحَ مِنَ المذهبِ. وقيل: يعْتَد بها. ذكرَه في «التلْخيص». قوله: وإن شكَّ في زيادةٍ لم يسجُدْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ. وعنه، يسْجدُ. اخْتارَه القاضي، كشَكِّه في الزيادَةِ وقتَ فِعلِها. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ.

وَلَيْسَ عَلَى الْمَأمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ، إلَّا أنْ يَسْهوَ إمَامُهُ، فَيَسْجُدَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لو سجد لشَكٍّ، ثم تبيَّنَ أنَّه لم يكنْ عليه سجودٌ، وهي مسْألة الكِسائِيِّ مع أبِي يوسفَ. قالَه في «مَجْمَعِ البحْرَيْن»، و «النكت»، ففي وجوبِ السجودِ عليه وجْهان. وأطْلَقهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميم»، المجد في «شَرْحِه»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِييْن»؛ أحَدُهما، يسْجدُ. جزم به في «التلْخيص». والثاني، لا يسجُدُ. وهو ظاهر ما اخْتاره في «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقال في «الرعايةِ الكبْرى»: وقيل: يسْجد للسهوِ في النقْص لا في الزيادَةِ، وهو أظْهَر. انتهى. الثَّانية، لا أثر لشَك مَن مسلم. على الصحيح مِنَ المذهبِ. نص عليه. وقيل: بلَى، مع قِصَرِ الزَّمَنِ. الثالثة، إذا علمَ أنَّه سَها في صلاته ولم يعلمْ، هل هو مما يُسْجَد له أم لا؛ لم يسْجدُ. على الصحيحِ ينَ المذهبِ. وقيل: يسْجد. الرابعة، لو شَك في محَل سجودِه، سجَد قبل السلامِ. قالَه ابن تَميم، وابن حمدان. الخامسةُ، لو شك هل سجد لسَهْوِه أم لا؟ سجَدَ مرة. وقيل: مرتيْن قبلَ السلامِ. وقيل: يفْعَل ما ترَكَه ولا يسْجد له. وقيل: إنْ شك هل سجد له؟ سجَد له سجْدَتيْن، وسجَد لسهْوِه سجْدَتَيْن بعد فعْلِ ما ترَكَه. كل ذلك في «الرِّعايةِ الكبْرَى» وغيرِه. قوله: وليس على المأموم سجود سَهْوٍ. زادَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، ولو أتَى بما ترَكَه بعدَ سلامِ إمامِه. وخالَفَه المَجْدُ وغيره في ذلك، على ما تقدم إذا شك في عددِ الركَعات. قوله: إلَّا أنْ يسْهُو إمامه، فَيَسْجدَ معه. يعْنِي، ولو لم يتمَّ المأموم التَّشهدَ، سجد معه ثم يتمه. على الصحيحِ مِن المذهب. وقيل: يُتمه ثم يعيدُ السجودَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثانيًا. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ.

فَإنْ لَمْ يَسْجُدِ الْإمَام، فَهَلْ يَسْجدُ الْمأمُومُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن لم يَسجُدِ الإمام فهل يَسْجُدُ المأموم؟ على روايتَيْن. وأطْلقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «الكافِي»، و «التلْخيص»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابن تَميم»، و «المغْنِي»، إحْدَاهما، يسْجد. وهو المذهبُ. قال في «الفروعِ»: سجَد هو على الأصح. قال في «الفائق»: الأصَح فعله. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمصنف، والقاضى في «التعْليقِ»، و «الروايتَين». قال في «الحاوِيَين»: سجَد المأمومُ في أصَحِّ الرِّوايتين. قال في «الرِّعاية»: يسْجُد المأمومُ على الأصَح. ونَصرها الشريفُ، وأبو الخطابِ. وجزَم به في «الإفاداتِ»، و «المنُور». وقدمه أبو الحسَيْنِ في «فروعه». وهو مِنَ المفْرَداتِ. والرواية الثَّانيةُ، لا يلْزَمه السجود. وهو مُقْتَضَى كلام الخِرَقِي. واخْتارَه أبو بَكْر، والمجْد في «شرحِه». قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: لم يسْجُدْ في أظْهَر الروايتين قال في «الوَجيزِ»: ولا سجودَ على مأْمومٍ إلَّا تبعًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لإمامه. وقدَّمه في «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ». فوائد؛ منها، قال المَجْدُ، ومَن تابعه: محَل الروايتَيْن فيما إذا تركَه الإمام سَهْوًا. قال في «مجمع البَحْرَيْن»: قلتُ: وزادَ ابنُ الجَوزِي قيْدًا آخَرَ، وهو ما إذا لم يَسْهُ المأمومُ، فإنْ سَهَوَا معًا ولم يسْجدِ الإمامُ، سجَد المأموم، رواية واحدة؛ لئلا تَخْلُوَ الصلاة عن جابِر في حَقِّه، مع نقْصِها منه حِسًّا، بخِلافِ ما قبلَه. وأما المسْبوقُ؛ فإنَّ سجودَه لا يُخِل بمُتابعَةِ إمامِه، فلِذا قلْنا: يسْجُد. بلا خِلافٍ كما قدم. انتهى. قال المَجْدُ ومَن تابعَه: وأما إنْ ترَكَه الإمامُ عَمْدًا، وهو مما يشرعُ قبلَ السلامِ، بَطلتْ صلاتُه في ظاهر المذهبِ. وهل تبْطل صلاةُ من

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خلْفَه؟ على رِوايتَيْن، يأتي أصْلهما. انتهى. قال الزرْكشيُّ: نعمْ، إنْ ترَكه عَمدًا لاعْتِقادِه عدمَ وجوبه، فهو كترْكِه سهْوا عندَ أبِي محمدٍ. ثم قال: والظاهِر أنَّه يخرجُ على تركِ الإمامِ ما يعتَقِدُ المأمومُ وجوبَه. ومنها، حيث قلْنا: يسْجُدُ المأمومُ إذا لم يسْجُدْ إمامهُ، فمَحَلُّه بعد سلام إمامِه، وألَّا ييْأسَ مِن سُجودِه ظاهِرا؛ لأنه رُبما ذكر فسَجد، وقد يكونُ ممن يرَى السجودَ بعدَ السلامِ، فلا يعلم أنَّه تارِك إلَّا بذلك. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: قلتُ: وَيَحْتَمِل أنْ يقولَ: سَبحْ به. فإنْ لم يفْهَمِ المُرادَ، أشارَ له إلى السُّجود، على ما مضَى مِنَ التفْصيلِ. ولم أقِفْ على من صرح به، غير أنَّه يدْخُلُ في عمومِ كلامِ الأصحابِ. انتهى. ومنها، المسبوقُ يسْجُدُ تَبَعًا لإمامِه إنْ سَهَا الإمامُ فيما أدْرَكَه معه. وكذا إنْ سَها فيما لم يدْرِكْه معه، على الصحيح مِنَ المذهب. وعنه، يسْجُد معه إنْ سجَد قبَل السلام، وإلا قضَى بعدَ سلامِ إمامه ثم سجَد. وعنه، يقْضِي ثم يسْجُد، سواء سجَد إمامُه قبل السلام أو بعدَه. وعنه، يخيَّرُ في مُتابعَتِه. وعنه، يسْجُدُ معه ثم يعيدُه. وهو مِنَ المُفْرَدَاتِ. وأطْلقَهما في «التلْخيص»، وقال: أصْلهما هل يسْجُدُ المأمومُ لسَهْوِ إمامِه، أو لمُتابعتِه؟ فيه رِوايَتان. فإذا قلنا: يسْجُدُ المسْبوقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع إمامه. فلم يسْجدْ إمامه، سجَد هو، رِوايةً واحدة. وحكاه غير واحد إجْماعًا؛ لأنه لم يوجدْ جابِر بن إمامِه. قال في «النكَت»: وفي معْناه، إذا انْفرد المأموم بعُذْر، فإنَّه يسْجدُ وإنْ لم يسْجدْ إمامه. قطَع به غير واحدٍ، منهم، صاحِبُ «الرِّعاية». ويأتي في صلاة الخوْفِ، في الوَجْهِ الثاني أحْكامُ السَّهوِ إذا فارَقَتْه إحْدَى الطائفَتَيْن. ومنها، لو قام المسْبوق بعدَ سلامِ إمامِه جَهْلًا بما عليه مِن سجود بعدَ السلام أو قبلَه، وقد نَسِيه ولم يشرَعْ في القِراءةِ، رجَع فسجَد معه وبنَى. نص عليه. وقيل: لا يرجِعُ. وقيل: إنْ لم يتم قِيامَه رجَع، وإلا فلا. بل يسْجدُ هو قبلَ سلامِ إمامِه. قال في «الحاوِيَين»: وعندِي إنْ لم يسْتَتِمَّ قائمًا رجَع، وإلا فلا، وإنْ شرَع في القِراءةِ، لم يرجِعْ، قوْلًا واحدًا. ومنها، لو أدركَ المسْبوق الإمامَ في إحْدَى سجْدَتِي السهْوِ، سجد (¬1)، فإذا سلَّم أتَى بالسَّجْدةِ الثَّانية، ثم قَضَى صلَاته. نص عليه. وقيل: لا يأتِي بالسَّجْدة الأخْرى، بل يقْضى صلاته بعدَ سلامِ إمامِه ثم يسْجُد. ومنها، لو أدْركَه (¬2) بعدَ أن سجد للسهْوِ وقبلَ السلامِ، لم يسْجُدْ. ذكَرَه في «المُذْهَبِ». واقْتصَرَ عليه في «الفروع». ومنها، لو سَها فسلم معه أو سَها معه، أو فيما انْفَرد به، سجَد. ¬

(¬1) والأصل: «وسجد». (¬2) في الأصل «أدرك».

فَصْلٌ: وَسُجُودُ السهو لِمَاُ يبطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ وَاجِب، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وسجُودُ السَّهْوِ لما يبْطِل عمدُه الصلاةَ، وَاجِب. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب. وعنه، يُشتْرَطُ السجود لصِحةِ الصلاةِ. قال ابنُ هُبيرةَ: وهو المشُهور عن أحمدَ. وعنه، مسْنُون. قال ابنُ تَميم: وتأولَها بعضُ الأصحاب. قلت: هو، المصَنِّف في «المغني». تنبيه: يُسْتثنَى مِن عمومِ كلامِ المُصَنفِ هنا، سجودُ السَّهْوِ نفْسُه، فإنَّ

وَمَحَلُّهُ قَبْل السَّلَامِ، إلَّا فِي السلَامِ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاِتهِ، وَفِيمَا إذَا بَنَى الْإمَامُ عَلَى غالِبِ ظَنه. وَعَنْهُ، أَن الْجَمِيِعَ قَبْلَ السَّلَامِ. وَعَنْهُ، مَا كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ فَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَا كَان مِنْ نقص كَانَ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاةَ تصحُّ مع سهوه. على الصحيح مِن المذهبِ، على ما يأتِي، دونَ عَمْده الذى قبلَ السلامِ، وكذا الذى بعدَه، على قوْل يأتِي. ولا يجبُ لسَهْوِه سجودٌ آخرُ، على ما تقدم أولَ البابِ. ويستثنى أَيضًا، إذا لَحنَ لحْنًا يُحيلُ المعْنَى سهوًا أو جَهْلًا، وقلْنا: لا تبْطُلُ صلاته. كما هو اخْتِيارُ أكْثَير الأصحاب؛ فإنَّ المَجْدَ قطَع في «شرْحِه»، أنَّه لا يسجد لسَهْوِه. قال في «النُّكَتِ»: وفيه نظرٌ؛ لأن عمْدَه فبْطِل، فوَجَب السجود لسهْوِه. وهذا ظاهِر ما قطع به في «الفُروع». قوله: ومحله قبلَ السلامِ، إلَّا في السلامِ قبلَ إتمامِ صَلاتِه، وفيما إذا بنى الإمامُ على غالبِ ظنه. وهذا المذهب في ذلك كله، وهو المشهورُ والمعْروف عندَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال الزَّرْكشيُّ، وابنُ حَمدانَ، وغيرُهما: هو المذهبُ. قال ابنُ تَميم: اخْتارَها مَشايخُ الأصحابِ. وقدمه في «الفروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه، وهو مِنَ المُفْرداتِ. وأما إذا قُلْنا: يَبْنِي الإمامُ على اليَقِينِ، فإنَّه يسْجُدُ قبل السلام، ويكونُ السجودُ بعدَه في صورةٍ واحدة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أطْلَقَ أكثرُ الأصحابِ قوْلَهم: السَّلامُ قبل إتمامِ صلَاته. وهو مَعْنى قوْلِ بعضِهم: السلامُ عن نقْص. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضي، والمَجْدُ ومَن تابعَهما: والأفْضَلُ قبلَه، إلَّا إذا سلم عن نَقْص رَكْعَةٍ فأكْثَر، وإلا سجَد قبلَ السلامِ. نص عليه في رِوايةِ حرب. وجزم به في «الوجيزِ»، و «الحاوِيَيْن». قال الزرْكشِي: وهو مُوجِبُ الدليلِ. وعنه، أن الجميعَ يسجد له قبل السلامِ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِي، وابنه أبو الفرج. قال القاضي في «الخِلافِ» وغيره: وهو القياسُ. قال الناظمُ: وهو أولَى. وقدمه «ابنِ تَميم»، و «الرعايتيْن»، و «الفائقِ». وعنه، أن الجميع بعد السلامِ. وعنه، ما كان مِن زِيادَة، فهو بعد السلام، وما كان من نقص، كان قبْلَه، فيسجُدُ من أَخَذَ باليَقين قبلَ السلامِ، ومَن أَخَذَ بظنِّه بعده. اخْتارَها الشيخ تَقِي الدين. وعنه، ما كان مِن نقْصٍ فهو بعدَ السلامِ، وما كان مِن زِيادةٍ كان قبله. عكْسُ التى قبلَها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: محَلُّ الخِلاف في سُجودِ السَّهْوِ، هل هو قبلَ السلامِ، أو بعدَه، أو قبلَه إلَّا في صُورتَيْن، أو ما كان مِن زِيادة أو نقْصٍ؟ على سبيلِ الاستحْبابِ والأفْضَلِيةِ؛ فيَجوزُ السجودُ بعدَ السلام إذا كان محَله قبلَ السّلامِ، وعكْسُه. وهذا هو الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وذكَره القاضي، وأبو الخطابِ وغيرُه. وجزَم به المجْدُ وغيرُه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال

وإن نَسِيَهُ قَبْل السَّلام، قَضَاه، مَا لَمْ يَطُلِ الْفَصلُ، أو يَخْرُجْ من المسْجِدِ. وَعَنهُ، أنهُ يَسْجُدُ وإنْ بَعُدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: لا خِلافَ في جَواز الأمْريْنِ، وإنما الكلام في الأوْلَى والأفْضَلِ. وذكَره بعضُ المالِكية والشافِعية إجْماعا. وقيل: محَلُّه وجوبًا. اخْتارَه الشَّيخ تَقِي الدينِ. وقال: عليه يدل كلامُ الإمام أحمدَ. وهو ظاهِر كلامِ صاحِبِ «المسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيص»، و «المصَنف»، وغيرِهم. قال الزرْكشى: وظاهر كلامِ أبي محمدٍ، وأكثر الأصحابِ، أنَّه على سَبيلِ الوجوبِ. وقدمه في «الرعاية». وأطْلَقَهما في «الفائقِ»، و «ابنِ تميم». قوله: وإن نسِيَه قبل السلامِ قَضاه، ما لم يَطل الفَصْل، أو يَخرجْ مِن المسْجدِ. اشْترَط المصَنف لقضاءِ السجودِ شرْطين؛ أحَدهما، أنْ يكون في المسْجِدِ. والثاني، أنْ لا يطُول الفَصْلُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ولعَله أشْهَر. قال الزرْكَشيُّ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهب. قال في «تَجْريدِ العِنَاية»: على الأظْهرِ. وجزَم به في «الإفادات»، و «المُنورِ». وقدمه في «الهِداية»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرح»، ونَصَراه، و «التلْخيص»، و «المحَرز»، و «ابنِ تَميم»، و «الرعاية الصغْرى»، و «الحاويين»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «إدْراكِ الغاية». قال في «الرعاية الكُبْرى»: فإنْ نَسِيَه قبلَه، سجَد بعدَه إنْ قَربَ الزَّمَن. وقيل: أو طالَ وهو في المسْجدِ. وعنه، يُشتَرَط أَيضًا أنْ لا يتَكَلمَ. ذكَرها الشرِيفُ في «مسَاِئلِه». وقيل: يَسجُدُ إنْ تكَلمَ لمَصْلَحَةِ الصّلاةِ، وإلا فلا. وعنه، يسْجد مع قِصَير الفَصْلِ، ولو خرَج مِنَ المسْجِدِ. اخْتارها المجد في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شرْحِه». وقال: نصَّ عليه في رِوايةِ ابن مَنْصُور. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: وإنْ نسِيَه وسلم، سجد إنْ قربَ زَمَنُه. قال الشارِحُ: اخْتارَها القاضي. قال ابنُ تميمٍ: ولو خرَج من المسْجِدِ ولم يَطُلْ، سجَد في أصَحِّ الوَجْهَيْن. وقدمه الزَّرْكَشى. وهو ظاهِرُ ما قدمه في «الكافِي»؛ فإنَّه قال: فإن نسىَ السُّجودَ فذكَره قبلَ طُولِ الفَضلِ، سجَد. وعنه، لا يسْجُدُ، سواء قصُر الفَصْلُ أو طالَ، خرَج مِنَ المسْجدِ أولا. وعنه، يسْجدُ وإنْ بَعدَ. اخْتارَها الشيخُ تقى الدين. وجزَم به ابن رَزِين في «نِهايته». وقيل: يسْجُدُ مع طُول الفَصْل ما دامَ في المسْجِدِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقي. وأطْلقَهما ابنُ تَميم، وأطْلقَ الخِلافَ في «الفُروعَ». فوائد؛ الأولَى، مِثلُ ذلك، خِلافًا ومذْهبًا، لو نَسى سجودَ السَّهْوِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المْشروعَ بعدَ السلامِ في القَضاءِ وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وإنْ نَسيِ سجودًا. وأطْلَق. الثَّانية، حيثُ قلْنا: يَسْجُد. فلو أحْدَث بعد صلَاته، فقيلَ: لا يسْجُد إذَا تَوضَّأ. وهو الصحيحُ. اخْتارَه المصَنف. وقيل: يسْجُدُ إِذَا تَوضَّأ. وأطْلقَهما في «الفُروع»، و «ابنِ تَميم»، و «الرعايَةِ»، و «الحَواشى». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحاب، أنّ حكمه حكْم مَن لم يحْدِثْ؛ لإطْلاقِهم. وتقدم إذا سلم عن نقْص سَهْوًا، وخرَج مِنَ المسْجِد، أو شرَع في صلاة أخْرى، أو طالَ الفصْلُ، هل تَبْطل صلاته أم لا؟ في كلام المصَنفِ وغيرِه أولَ البابِ. الثالثة، حيثُ قُلْنا: يسْجُدُ. فلم يذْكرْ إلَّا وهو في صلاة أخْرَى، سجَد إذا سلم. أطْلقَه بعض الأصحابِ. قاله في «الفروع». وقدَّمه هو وصاحِبُ «الرعاية»، و «الحَواشي»، وابن رَزِين في «شرحِه».

وَيَكفِيهِ لجَمِيعِ السهْوِ سَجْدَتَانِ، إلَّا أنْ يَخْتَلِفَ مَحَلهُمَا، فَفيهِ وَجْهَانِ؛ أحَدُهُمَا، تُجْزِئُهُ سَجْدَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يسْجد مع قِصَرِ الفَصْل، فيخَفِّفُها مع قصَرِ الفَصْلِ ليَسْجدَ. وجزمَ به المجْدُ في «شرْحِه». قال في «المغني»، و «الشرح»: يسْجُدُ بعدَ فَراغِه، في ظاهرِ كلام الخِرقِي، ما دامَ في المسْجِدِ. وعلى قوْلِ غيره، إنْ طالَ الفَصْل، لم يسْجُدْ، وإلا سجَد. انتهى. وقال في «الرّعايةِ»: وقيلَ: يسْجد إنْ قَصر الزمَنُ بينَهما، أو كانَتا صَلاتي جَمْع، وإلا فلا. وأطْلقَهما ابن تَميم. الرابعةُ، طُولُ الفَصْلِ وقِصَرُه مرْجِعه إلى العرفِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: طُولُ الفَصْلِ قَدْر رَكْعةٍ طوِيلَةٍ. قالَه القاضي في «الجامِع». وقيل: بل قَدْر الصلاةِ التى هو فيها ثانِيًا. قوله: ويكفِيه لجميع السهو سَجْدَتان، إلَّا أنْ يخْتَلِفَ مَحَلُّهما، ففيه وجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِداية»، و «المذْهَب»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَة»، و «الكافِي»، و «التلْخيص»؛ أحَدُهما، يكْفِيه سَجْدَتان. وهو المذهبُ. نص عليه. وصححه في «التصْحيح»، و «الرعاية الصغرَى». قال في «مَجمَع البَحْرَين»: هذا أقوَى الوَجْهَيْن. واخْتارَه المُصَنف، والشارِحُ. وإليه مَيْل المجْدِ في «شرحِه». قال ابنُ رَزِين في «شرحِه»: وهو أظهَرُ. وقدمه في «الفُروعَ»، و «الرعايتَيْن»،

وَالْآخَرُ، يَسْجُدُ لِكُل سَهْو سَجْدَتيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. والوَجْهُ الثاني، لكُل سهو سجْدَتان. صححه في «الفائقِ». وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الإفادات»، و «المُنَوِّرِ». وقدمه في «المحَرَّرِ». واخْتارَه أبو بَكْر. قال القاضي وغيره: لا يجوزُ إفْرادُ سهو بسجود، بل يتداخلُ. فعلى المذهبِ في أصْلِ المسْأَلةِ، وهو القوْل بأنه يجزئه سجْدتان، يغْلب ما قبل السلامِ. على الصحيح مِنَ المذهب. قال في «مجْمَع البحْرَيْن»: هذا أقْوى الوَجْهَيْن. وجزم به في «الكافِي»، و «المغني»، و «والشَّرْح». وقدمه في «الرِّعايتين»، و «الفائقِ»، و «الحاوِي الصغِيرِ»، و «شرح ابن منجَّى»، وغيرِهم. وقيل: يغْلب أسْبَقهما وُقوعا، وأطْلقهما المجْدُ في «شرحه»، و «مُحَرَّرِه»، و «الحاوِي الكبِيرِ». وقيل: ما محلُّه بعدَ السلامِ. قالَه في «الفروع»، وحكاه بمدَه، وأطْلَقَهُن في «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِناية»، و «الحاوي الكبِيرِ». فائدتان؛ إحْدَاهما، معنَى اخْتِلاف محلهما، هو أنْ يكونَ أحَدُهما قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّلامِ، والآخَرُ بعدَه، لاخْتِلافِ سَبَبِهما وأحْكامِهما. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْد في «شرحِه»، وصاحِب «مَجْمَع البَحْريْن» فيه. وقدمه «ابنِ تميم»، و «الرِّعايتَيْن». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال بعض الأصحاب: مَعْناه أنْ يكونَ أحَدُهما عن نقْص، والآخَرُ عن زِيادَةٍ؛ منهم صاحبُ «التلْخيص» فيه. وقدمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه» الثَّانية، قال المصنف، والشارِح، وغيرُهما: لو أحْرَمَ منفرِدًا، فصلى ركْعة، ثمْ نوى متُابعَةَ الإمامِ، وقُلْنا بجَوازِ ذلك، فهي فيما إذا انْفردَ به وسها إمامُه فيما تابعَه فيه، فإن صلاته تَنْتهى قبل صلاةِ الإمامِ. فعلى قوْلِنا: هما مِن جنْس واحد إنْ كان محَلُّهما واحدًا. وعلى قوْل مَنْ فسَّر الجنْسَيْنِ بالزيادَةِ والنقْص، يَحْتَمِلُ كوْنُهما مِن

وَمَتَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، جَلَسَ فَتَشَهَّدَ، ثُم سَلَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جِنْسَيْنِ. قالوا: وهكذا لو صلى مِنَ الرباعِيةِ رَكْعَة، ودخل مع مسافر فنَوَى مُتابعَتَه، فلمَّا سلم قامَ إمامُه ليُتم ما عليه، فقد حصل مأمومًا في وسَطِ صلَاته، منْفَرِدًا في طَرَفَيها. وإذا سَها في الوسَطِ والطرَفَيْنِ جميعًا، فعلَى قوْلِنا: إنْ كان محَل سجودِهما واحدًا، فهي جِنْس واحد، وإنِ اخْتَلَفَ محل السُّجودِ، فهي جِنْسان. وقال بعض أصحابِنا: هي جِنْسان. انتهى. وقال في «التلْخيص»، عنِ المثال الأول: خرَج عن السهْوِ مِن جِنْسيْن؛ لتغايرِ الفرادَى والمتابَعَةِ. وقيل: لا يوجِبُ ذلك جعْلُهما جِنْسَيْن. وقال في «الفُروعِ»: ويَكْفيه سُجود في الأصَح لسهْوَيْن؛ أحَدُهما، جماعةً، والآخر، مُنْفردًا. وأطْلقَهما في «الرعايَة» في هذه الصُّورةِ. قوله: ومتى سجَد بعدَ السلامِ، جلس فتشهدَ، ثم سلَّم. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطع به كثير منهم. وقيل: لا يتَشَهد. واخْتارَه الشيخُ تَقِي الدين. قال في «الرعايَة»: لا يتَشَهدُ، ولو نسِيَه وفَعلَه بعدَه. وإليه مَيْل المصَنف، والشارِح. فعلى المذهبِ، يَتَشهد التشَهُّدَ الأخِيرَ. قالَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، و «الفروعِ»، وغيرِهم. وقال في «الرعاية الكبْرى»: ويتشهد فيما بعدَه. وقيل؛ ويصَلى على النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، كما يصُلْى عليه في الصلاة. وعلى المذهبِ أَيضًا، يجْلِس مُفْتَرِشًا إذا كانتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة رَكْعتَيْن، على الصحيح. صححه في «مَجْمَع البَحْرَين»، والمَجْد في «شَرْحِه». وقال: هو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقدمه في «المغنِي»،

وَمَنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْوَاجِبَ قبْلَ السلَامِ عَمْدًا، بَطلتِ الصلَاةُ، وإنْ تَرَكَ الْمَشْرُوعَ بَعْدَ السلَامِ، لَمْ تَبْطلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرحِ»، و «شَرْح ابن رَزِين». ذكَرُوه في صِفَةِ الصلاةِ. وقيلَ: يتوَركُ. اخْتارَه القاضي. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابن تَميم»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وتقدم ذلك في صِفَةِ الصلاةِ، عندَ قوله: ثم يجْلِسُ في التشهدِ الثانِي مُتَوركًا. وأما إنْ كانتِ الصلاةُ ثُلاثيةً أو رُباعِية، فإنَّه يتَوَركُ، بلا نِزاع أعْلَمُه. فائدة: سُجودُ السهو وما يقولُه فيه وبعبد الرَّفْعِ منه، كسجودِ الصلاةِ، فلو خالفَ أعادَه بنيته. جزَم به في «الفُروعِ». وقدمه في «الرعايةِ». وقال: وقيلَ: إنْ سجَد بعد السلامِ، كَبَّر مرة واحدة وسجَد سجْدَتين ثم رفَع. قوله: ومَن ترَك السُّجُودَ الوَاجِبَ قبلَ السلامِ عَمْدا، بَطَلَتِ الصلاة. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثير منهم. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَطَلَتْ على الأصَح. قال المجْدُ في «شرحه»، و «مجْمع البحرَيْن»: هذا أصَحُّ. وهو ظاهرُ المذهب، وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «المحَرر» وغيرِه. وعنه، لا تبطل. وهو وَجْه حكاه المجْدُ وغيره. قوله: وإنْ ترَك المشْروعَ بعدَ السلام، لم تبْطلْ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب. قال في «الفُصولِ»: ويأثم بتركِ ما بعدَ السلامِ، وإنما لم تبْطلْ لأنه مُنْفَرِد عنها، واجِبٌ لها كالأذانِ. وعنه، تَبْطل. وهو وَجْه. ذكَره المجْدُ وغيره. فائدة: قال في «الفُروعَ»: وفي بُطْلانِ صَلاة المأمومَ الروايَتان. قال المَجْدُ في «شرحِه»: إذا بطَلَتْ صلاة الإمام، ففي بُطْلانِ صلاةِ المأمومِ رِوايَتان. وقال في «الرعاية الكبْرى»: ومن تعمدَ تركَ السجودِ الواجِبِ قبلَ السلام، بَطَلَتْ صلاته. وعنه، لا تبْطل، كالذى بعده في الأصَح فيه. وقيل: تبْطل صلاة المنْفَرِدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإمام دونَ المأمومَ. وقيل: إنْ بطَلَتْ صلاةُ الإمام بتَركِه، ففي صلاةِ المأْمومَ رِوايَتان. وقيل: وجْهان. انتهى. وتقدم أولَ البابِ، الذى لا يسْجُدُ له.

باب صلاة التطوع

بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَهِيَ أفْضَلُ تَطَوُّعِ الْبَدَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاةِ التَّطَوع تنبيه: يَحْتَملُ قوْله: وهي أفْضَلُ تطَوُّعِ البَدَنِ. أنْ يكونَ مُراده، أنها أفْضَلُ مِن جميعِ التَّطوعاتِ، فيَدْخل في ذلك التطَوعُ بالجهادِ وغيرِه. وهو أحد الوُجوهِ. قدَّمه في «الرعاية الكبرى»، و «حواشِي ابنِ مفلِح». وهو ظاهِرُ تعْليلِ ابن مُنَجَّى في «شرحِه». ويَحْتَمل أنْ يكونَ مرادُه، أنها أفْضَلُ التَّطوُّعاتِ سوَى الجِهاد؛ لقوله في كتابِ الجِهادِ: وأفْضل ما يتطَوعُ به الجهاد. ويكونُ عمومُ كلامِه هنا مخصوصًا. أو يقالُ: لم يدْخُلِ الجهادُ في كلامِه؛ لأنه في الغالبِ لا يحْصُلُ بالبَدَنِ فقط. ويحْتَمل أنْ يكونَ مُراده، أنها أفضَلُ التطَوُّعاتِ المقصورَةِ على البَدَنِ، كالصومِ والوُضوءِ والحَجِّ ونحوِه، بخِلافِ المتَعَدى نفْعه، كعِيادَةِ المريض، وقضاءِ حاجَةِ المُسْلمِ، والإصلاحِ بينَ النَّاس، والجِهادِ، وصِلَةِ الرحِمِ، وطلَبِ العِلْمِ وغيره. وهو وجْه اخْتارَه كثير مِن الأصحابِ، على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتي. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: وقول الشيخِ، يعنى به المصَنِّفَ: تطَوُّعُ البدَنِ. أيّ غير المتعدي نفْعه، المقْصور على فاعلِه. فأما المتعدي نفْعه، فهو آكَدُ من نفْلِ الصلاةِ. قال المجد في «شرحِه» عن كلامه في «الهِداية»، وهو كلام المصَنِّفِ: وهذه المسْألة محْمولَة عندي على نَفْل البَدنِ غيرِ المُتَعدي. انتهى. واعلمْ أنَّ تحرِير المذهبِ في ذلك، أن أفضَلَ التطوعاب مطْلقًا الجهاد. على الصحيح منَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحابِ، متَقدِّمهم ومتأخرهم، قال في «الفروعِ»: الجِهادُ أفضل تطَوعاتِ البَدنِ، أطْلَقَه الإمام أَحْمد، والأصحابُ. والصحيح مِنَ المذْهبِ أَيضًا، أنَّه أفضل مِنَ الرِّباطِ. وقيلَ: الرباطُ أفْضَل. وحُكىَ روايةً. وقال الشيخُ تَقِي الدينِ: العمَلُ بالقَوْس والرمحِ أفْضَل في الثغْرِ، وفي غيرِه نظِيرها. فعلى المذهبِ؛ النَّفقَةُ في الجهاد أفْضَل مِنَ النفَقة في غيرِها. على الصحيحَ مِنَ المذهبِ. ونقَل جماعةٌ عن الإمام أَحْمد، الصدقة على قَريبِه المُحتْاجِ أفضَل مع عدَمِ حاجَتِه إليه. ذكَره الخَلالُ وغيرُه. ونقل ابنُ هانئ، أن أحمدَ قال لرَجل أراد الثَّغْرَ: أقِمْ على أخْيك أَحَبُّ إليَّ، أرأيت إنْ حدَث بها حدث؟ من يلَيِها؟ ونقَل حرب، أنَّه قال لرَجل له مال كثير: أقِم على ولَدِك وتَعاهدْهم أحَبّ إليَّ. ولم يرخِّص له، يعنى، في غَزْو غيرِ مُحْتاج إليه. قال ابن الجَوْزي في كتابِ «صَفْوةِ الصفْوَةِ»: الصدَقة أفضل منَ الحَج، ومِنَ الجهادِ. ويأتِي في آخِر باب ذِكْرِ أهْل الزكاة، عندَ قوْلِه: والصدقَةُ على ذِي الرَّحم، صَدَقة وصِلَة (¬1). هل الصَّدَقَةُ أفْضَلُ مِنَ العتْقِ أم لا، أم هي أفْضَلُ زمَن المَجاعةِ، أو على الأقارِبِ؟ وهل هي أفْضلُ مِن الحج أم لا؟ وقال الشيخ تقي الدين: استيعاب عشرِ ذِي الحِجةِ بالعِبادَةِ ليلًا ونَهارًا أفضَلُ مِن الجِهادِ ¬______ (¬1) في ازيادة: «أهل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذى لم تذْهَبْ فيه نفْسه وماله، وهي في غير العشْرِ تعْدلُ الجِهادَ. قال في «الفُروعِ»: ولعَل هذا مرادُهم. انتهى. وعنه، العِلْمُ تعلُّمُه وتعْليمه أفْضَل مِنَ الجِهادِ وغيرِه. ونقل مُهَنَّا، طَلَب العلْم أفْضَل الأعْمالِ لمَن صحَّتْ نِيته. قيل: بأي شئٍ تصِحُّ النيةُ؟ قال: يَنْوى يتَواضَع فيه، وينْفى عنه الجهْلَ. واخْتارَه في «مجمَع البحْرَيْن». واخْتار بعدَه الجِهاد، ثم بعدَ الجهادِ إصْلاحَ ذات البيْنِ، ثم صِلَة الرحِمِ، والتكسب على العيالِ مِن ذلك. نص عليه الأصحابُ. انتهى. وقال في «نظمه»: الصلاة أفضَل، بعدَ العلْمِ والجِهادِ، والنكاحِ المُؤكدِ. واخْتارَ الحافِظ عَبْدُ الغني (¬1)، أن الرحْلَةَ إلى سَماعِ الحديثِ أفْضَلُ مِنَ الغزْو، ومِن سائرِ النوافِل. وذكَر الشيخ تَقِيُّ الدين، أن تعلمَ العِلْمِ وتعْليمه يدْخُل بعضه في الجِهادِ، وأنه نوْع مِن الجِهادِ مِن جهةِ أنَّه من فُروض الكِفاياتِ. قال: والمُتَأخِّرون مِن أصحابنا أطْلَقوا القوْلَ، أن أفضَلَ ما يتطوع به الجِهاد. وذلك لمَن أَرادَ أنْ يُنْشئه تطَوعا، باعْتِبارِ أنَّه ليس بفَرْض عَيْن عليه، باعْتِبارِ أن الفرْضَ قد سقَط عنه، فإذا باشَرَه، وقد سقَط عنه الفَرْضُ، فهل يقَعُ فرْضًا أو نَفْلًا؟ على وَجْهَيْن، كالوجْهَيْن في صلاةِ الجِنازَةِ إذا أعادَها بعدَ أنْ صلَّاها غيره. وانبنَى على الوَجْهيْن، جوازُ فِعْلِها بعدَ العَصْرِ والفَجْرِ مرة ثانيةً، والصحيحُ، أن ذلك يقعُ فرْضًا، وأنه يجوزُ فِعْلُها بعد العَصْرِ والفَجْرِ، وإنْ كان ابتِداءُ الدُّخولِ فيه تطَوُّعًا، كما في التَّطَوُّعِ الذى يَلْزَمُ بالشروعِ، فإنَّه كان نَفْلا، ثم يصيرُ إتمامُه واجِبًا. انتهى. وقال في «آداب عُيونِ المَسائل»: العلْمُ أفضلُ الأعْمالِ، وأقرَب العُلَماءِ إلى اللهِ، وأوْلاهم به، أكثرُهم له خَشية. انتهى. وأعلمْ أنَّ الصلاةَ، بعدَ الجِهادِ ¬

(¬1) عبد الغنى بن عبد الواحد بن عليّ المقدسيّ الجماعيلي الحافظ الكبير القدوة، صاحب التصانيف، تُوفِّي سنة ستمائة. سير أعلام النبلاء 21/ 443 - 471.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعلْمِ، أفْضَل التَّطَوعاتِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قال في «الفُروع»: ذكَره أكثر الأصحابِ. وقدمه في «الفروعِ»، و «الحاوِي الصَّغير»، و «الرعايَة الصغْرى»، وغيرهم. وقيل: الصوم أفضَلُ مِنَ الصلاةِ. قال الإمامُ أحمدُ: لا يدْخُلُه رِياء. قال بعضُهم: وهذا يدل على فضِيلَتِه على غيرِه. قال ابنُ شِهَاب: أفْضَل ما يَتَعبدُ به المتعبدُ الصَّوْمُ. وقيل: ما تعدى نفْعه أفْضَلُ. اخْتارَه المجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِي الكَبِيرِ»، و «مجْمَع البَحْرَين». وقال: اخْتارَه المجْدُ، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وقال: صرح به الشيخ، يعْنِي به المصَنفَ، في كتُبِه. وحمَل المجد كلامَه في «الهدايةِ» على هذا، وكذا صاحِبُ «مَجْمَع البحْرَيْن»، حمل كلامَ المُصَنفِ على هذا، كما تقدم. ونقَل المرُّوذِيّ، إذا صلَّى وقَرَأ واعْتَزَلَ، فلِنَفْسِه، وإذا أقْرَأ، فلَه ولغيرِه، يُقْرِئُ أعْجَبُ إلَيَّ. وأطْلَقَهُن ابنُ تميم. ونقَل حَنْبَل، اتِّباعُ الجنازَةِ أفْضَل مِنَ الصلاةِ. وفي كلامِ القاضي، التَّكَسُّب للإحْسانِ أفْضَل مِنَ التَّعَلمِ؛ لتَعَدِّيه. قال في «الفروعِ»: وظاهِر كلامِ ابن الجَوْزِي وغيرِه، أن الطوافَ أفْضَل مِنَ الصلاةِ في المسجدِ الحرامِ. واخْتاره الشيخُ تَقِيُّ الدين، وذكرَه عن جمهور العلَماءِ؛ للخَبَر. ونقَل حَنبلْ أنْ الإمام أحمدَ، قال: نرَى لمن قدِمَ مَكةَ أنْ يطُوفَ؛ لأنه صلاةْ، والطوافُ أفضَل مِن الصلاةِ، والصلاة بعدَ ذلك. وعنِ ابنِ عَباس، الطواف لأهْلِ العراقِ، والصلاةُ لأهْلِ مَكةَ. وكذا عَطاء. هذا كلامُ أحمدَ. وذكَر في رِواية أبي داودَ، عن عَطاء، والحسن، ومُجاهد (¬1)، الصلاةُ لأهلِ مَكةَ أفْضَلُ، والطواف للغرباء أْفْضَل. قال في «الفروعِ»: فدَل ما سبَق أن الطَّوافَ أفضَل مِنَ الوُقوفِ بعرَفَةَ، لاسِيما وهو عِبادَة بمفْرَدِه، يُعْتَبَرُ له ما يُعْتَبَر للصلاةِ. ¬

(¬1) انظر: باب الطواف أفضل أم الصلاة. . . .، من كتاب الحج. مصنف عبد الرَّزّاق 5/ 70، 71.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قلت: وفي هذا نظر. وقيل: الحج أفضَل؛ لأنه جِهاد. وذكَر في «الفروع» الأحادِيث في ذلك. وقال: فظَهَر أن نفلَ الحَج أفضَل مِن صَدَقةِ التطَوُّعِ، ومِنَ العِتْقِ، ومِن الأضْحِية. وعلى هذا إنْ ماتَ في الحَجِّ، فكما لو مات في الجِهادِ، يكون شِهيدًا. وذكَر الوارِد في ذلك. وقال: على هذا فالموْتُ في طلَب العلْمِ أوْلَى بالشهادة على ما سبَق. ونقَل أبو طالِب، ليس يُشبهُ الحَجّ شئٌ؛ للتَّعب الذى فيه، ولتلك المشاعرِ، وفيه مشهد ليس في الإِسْلام مِثْلُه، عَشِيةَ عرَفَةَ. وفيه إهْلاكُ المالِ والبَدنِ، وإنْ ماتَ بعَرَفَةَ، فقد طَهُرَ مِن ذنوبِه. ونقَل منها، الفِكْرُ أفضَل مِنَ الصلاةِ والصوْمِ. قال في «الفروعِ»: فقد يتَوجَّهُ أن عملَ القَلب أفضَل مِن عمَلِ الجوارِحِ. ويكونُ مراد الأصحابِ، عمَلَ الجَوارِحِ. ولهذا ذكَر في «الفُنونِ» رِوايةَ منها، فقال: يعْنِي، الفِكْرَ في آلاء الله، ودَلائل صنعه، والوَعْدِ والوعيدِ، لأنه الأَصْل الذى ينتِجُ أفْعالَ الخيرِ، وما أثْمَرَ الشيء فهو خَيْر مِن ثَمرَتِه. وهذا ظاهِرُ «المِنْهاج»، لابنِ الجَوْزيُّ؛ فإنَّه قال فيه: مَنِ انْفتَحَ له طريق عمَل بقَلْبِه بدَوامِ ذِكْر أو فِكْرٍ، فذلك الذى لا يعدَلُ به البَتَّة. قال في «الفروع»: وظاهِرُه أن العالِمَ بالله وبصِفاته أفضَل من العالمِ بالأحْكامِ الشرعية؛ لأن العلْمَ يشْرُف بشرف معْلومِه وبثمراتِه. وقال ابنُ عَقيل في خطْبَةِ «كِفايَتِه»: إنما تشْرف العُلوم بحسَبِ مؤَدِّياتها، ولا أعْظَم مِنَ البارِي، فيكون الحلِم المُودِّي إلى معرِفَتِه وما يجِبُ له وما يجوز، أجَلَّ العُلومِ. واخْتارَ الشيخ تَقِي الدين، أن كل أَحَد بحَسْبِه، وأن الذكْر بالقلب أفضلُ مِنَ القراءةِ بلا قَلْب. وهو مَعنَى كلام ابن الجَوْزِي، فإنَّه قال: أصوَبُ الأمورِ، أنْ ينْظُر إلى ما يطهِّرُ القلْبَ ويُصَفِّيه للذكْرِ والأُنس فيلازِمه. وقال الشيخُ تقِي الدين، في الرد على الرافِضى، بعد أنْ ذكَر تفْضيلَ أحمدَ للجِهادِ، والشافِعيِّ للصَّلاةِ، وأبِي

وَآكَدُهَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالاسْتِسْقَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنيفَةَ ومالِكٍ للذكْر: والتَّحْقيقُ، أنَّه لابد لكل واحدٍ مِن الآخَرِين، وقد يكونُ كل واحد أفْضَل في حالٍ. انتهى. قال في «الفُروع»: والأشْهر عنِ الإمام أحمدَ الاعْتناءُ بالحديثِ والفِقْهِ، والتَّحْرِيضُ على ذلك، وعجبَ مِمنِ احْتَج بالفُضَيْلِ. وقال: لعل الفُضَيْلَ قد اكتفى. وقال لا يُثَبِّطُ عن طلبِ العِلْمِ إلَّا جاهِلٌ. وقال: ليس قوْم خيْر من أهْلِ الحديثِ. وعابَ على مُحَدث لا يتفَقهُ. وقال: يعجبنِي أنْ يكونَ الرجُل فهِما في الفِقْهِ. قال الشيخُ تقى الدينِ: قال أَحْمد: معْرفَة الحديث، والفِقْهُ فيه أعجب إليَّ مِن حِفْظِه. وقال ابنُ الجَوْزِي في خطبةِ «المُذْهَبِ»: بِضاعَةُ الفقْهِ أرَبَحُ البَضَائع، والفُقَهاءُ يفْقهون مرادَ الشارعِ، ويفْهَمُون الحِكمةَ في كلْ واقع، وفتاوِيهم تُمَيِّزُ العاصي منَ الطَّائع. وقال في كتابِ «العِلْمِ» له: الفِقْهُ عُمْدةُ العلومِ. وقال في «صَيْدِ الخاطِرِ»: الفِقْهُ عليه مدارُ العلوم، فإنِ اتسَعَ الزمان للتزيد مِن العلْم، فلْيَكُنْ في التَّفقهِ، فإنَّه الأنفَع. وفيه، المُهِم في كل علم هو المهمُّ. قوله: وآكَدُها صَلاةُ الكسُوفِ والاسْتِسْقاء. يعنى، آكَد صلاةِ التطَوُّع.

ثُمَّ الْوِتْرُ، وَلَيْس بِوَاجِبٍ، وَوَقْتُهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأقَلُّهُ رَكْعَة، وَأكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلمُ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ، وَيُوترُ بِرَكْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروع» وغيرِه. وقيل: الوِتْرُ آكَد منهما. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. ونقَل حنْبَلٌ، ليس بعد المكتوبَةِ أفَضَلُ مِن قيام اللَّيْلِ. فائدة: صَلاة الكسوفِ آكَدُ مِن صلاةِ الاسْتسقاءِ. قاله ابن مُنَجَّى فىَ «شرحِه». وقال: صرح في «النهايةِ»، يعنِي جَده أَبا المَعالِي، بأن التراوِيحَ أفضلُ من صلاة الكسوف. تنبيه: ظاهِرُ قوله: ثم الوتْرُ. ثم السنن الراتبَة، أنهما أفْضَل مِن صلاةِ التراوِيحِ. وهو كالصريح، على ما يأتِي مِن كلامِه. وهو وَجْه لبعضِ الأصحابِ. وقدَّمه ابن رزِين في «شَرْحِه». واخْتارَه المصَنِّف. وهو ظاهِرُ كلامِه في «النظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «التسْهيلِ»، وغيرِهم. والصحيح مِنَ المذهبِ، أن التراوِيحَ أفْضَلُ مِنَ الوتْرِ، وأنها في الفَضِيلَةِ مثْل ما تُسَنُّ له الجماعة، مِن الكسوفِ والاستِقاءِ وغيرِهما، وأفْضَل منهما؛ فإنَّها مما تُسَن لها الجماعةُ. قالَه في «الفروعِ» وغيرِه. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه» وغيرِه. وقدمه في «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيين»، و «الفائقِ». وأطْلقَهما ابن تميمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهرُ كلامِه أَيضًا؛ أن الوتْر أفْضَلُ مِن سُنَّةِ الفَجر وغيرِها مِنَ الرواتبِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، سنةُ الفَجْرِ آكَدُ منها. اخْتارَها القاضي؛ لاخْتِصاصها بعَدَدٍ مخْصُوص. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ». ويأتِي، هل سنَّة الفَجْرِ آكَدُ مِن سنةِ المغْرِبِ، أم هي آكَدُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس بواجِبٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، ونص عليه. وعنه، أنَّه واجِب. اخْتارَه أبو بكْر. واخْتارَ الشيخ تقي الدين وُجوبَه على مَن يتهَجدُ بالليْلِ. قوله: ووَقته، ما بينَ صَلاةِ العشاءِ وطُلوعِ الفَجْر. هذا المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، آخره إلى صلاةِ الفَجْرِ. وجزَم به في «الكافِي». فائدة: أفضَلُ وَقتِ الوِتْرِ، آخر الليْلِ لمَن وَثِقَ بنَفْسِه. على الصحيح مِن المذهبِ. جزم به في «المغْنِي»، و «الشرح»، والمَجْدُ في «شرحِه»، وغيْرِهم. وقدمه في «الفُروع»، و «ابنِ تميم» وغيرِهما. وقيل: وَقته المُختارُ كصَلاةِ العِشاءِ. اخْتارَه القاضي. وقدمه في «الرِّعاية الكبرى»، و «الحاوِي الكَبِير». وقيل: الكُل سواء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأقله رَكعة، وأكثَرُ إحْدى عشرَة ركعةً. هذا المذهبُ، وعليه جماهير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب. وجزم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقيل: أكثَرُه ثلاثَ عشْرَةَ رَكْعَة. ذكَره في «التبصِرَةِ». وقيل: الوتر رَكْعَة، وما قبله ليس منه. نقَل ابن تميمٍ، أن أحمدَ قال: أنا أذْهَبُ إلى أن الوتْرَ ركْعة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولكنْ يكون قبلَها صلاة. قال في «الحاوِي الكبِير» وغيرِه: وهو ظاهرُ كلامِ الْخرَقيُّ. تنبيه: محَلُّ القولِ، وهو أن الوتْرَ ركْعة، إذا كانت مفْصولَةً، فأمَّا إذا اتَّصَلَتْ بغيرها، كما لو أوْتَر بخَمْسٍ أو سبْعٍ أو تِسْعٍ، فالجميع وتْرٌ. قالَه الزرْكَشِيُّ، كما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثبَت في الأحاديثِ. ونص عليه أحمدُ. قال شيْخنا الشيخُ تَقِيُّ الدينِ البعلِيُّ، تغمَّدَه اللهُ برَحْمَتِه: والذى يَظْهَر أنا على هذا القولِ، لا يُصَلِّي خَمْسًا ولا سبْعًا ولا تِسْعًا، بل لابد مِنَ الواحدَةِ مفْصُولَةً. كما هو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقيّ. وما قالَه الزرْكَشى لم يذْكُرْ مَن قالَه مِن أشياخِ المذهبِ، وإنما قال: الأحادِيثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيحةُ. انتهى. قلتُ: قد صرح بأنَّ أَحْمد نص عليه. فائدة: الصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يكْرَهُ أنْ يُوتِرَ برَكْعَةٍ، وعنه، يُكْرَهُ حتَّى في حَق المسافِرِ ومَن فاته الوِتْرُ، وتسَمى البُتَيْراءَ. وأطْلقهما المجْدُ في «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشي». وعنه، يكْرَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا عُذْرٍ. وقال أبو بكرٍ: لا بَأسَ بالوتْرِ برَكْعة لعذْرٍ؛ مِن مرضٍ، أو سَفَرٍ ونحوِه. وتقدَّم حُكْم الوِتْر على الراحِلةِ، في أولِ استِقْبالِ القِبْلةِ، وتقدم هل يجوز فِعْله قاعِدًا؛ في أولِ أرَكانِ الصَّلاة. قوله: وأكثرُه إحْدَى عَشرةَ رَكْعَةً، يُسَلمُ مِن كُل رَكْعتين. هذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الجمهور. وقيلَ كالتِّسْع. وجزَم. به أبو البَقاءِ في «شَرْحِه»، وقال في «الرعايةِ الكبرى»: وإنْ سرَد عشرًا وجلس للتشَهدِ، ثم أوْتر بالأخِيرَةِ، وتَحَّى وسلم، صَحَّ. نص عليه. وقيل: له سرْد إحْدَى عشرَةَ فأقل بتَشهد واحد وسلام. قال الزرْكَشى: وله سرْدُ الإحْدَى عشرةَ. وحكَى ابنُ عَقيلٍ وَجهين

وإنْ أوْتَرَ بتسْع سَرَدَ ثَمَانِيًا، وَجَلَسَ فَتَشَهَّدَ وَلَمْ يُسَلِّمْ، ثُم صَلَّى التاسِعَةَ وَتشَهَّدَ وَسَلَّمَ. وَكَذَلِكَ السبعُ. وإنْ أوْتَرَ بِخمْس، لَمْ يَجْلِسْ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنَّ ذلك أفْضَلُ. وليس بشيءٍ. انتهى. وقال القاضي في «المجَرد»: إنْ صلى إحْدَى عشرةَ ركْعَة أو ما شاءَ منْهن بسلَام واحدٍ، أجْزَأه. قوله: وإنْ أوتر بتسْع، سرَد ثَمانيًا، وجلَس ولم يُسَلمْ، ثم صلى التاسِعةَ، وَتشَهدَ وسلم. وهذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الوجيزِ»، وغيرِه. وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفروعِ»، و «ابن تميم»، وغيرهم. وهو مِنَ المُفْرداتِ. وقيلَ: كإحْدى عشْرَةَ، فيُسَلم مِن كلِّ ركْعَتَيْن. قوله: وكذلك السَّبعُ. هذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه المصَنِّف هنا. وجزَم به في «الكافِي». وقدمه في «الشرَّحِ». والصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يَسْرُدُ السبع كالخمْس. نص عليه، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «المحرر»، و «الوَجيزِ»، و «المنَور»، وغيرِهم. وقدمه في «الفروع»، و «ابنِ تميم»، و «الرعايتَيْن»، و «لحاوِييْن» وغيرِهم. وهو مِنَ المفْرَداتِ. وقيل: كإحْدَى عشَرةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أوْترَ بخمسٍ، لم يجْلسْ إلَّا في آخِرهِن. وهو المذهب. نص عليه. وعليه جماهيرُ الأصحاب. وجزَم به في «المحَررِ»، و «الوجيز»، و «المنوِّرِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وهو مِن المفْرَداتِ. وقيل: كتسع. وقيل: كإحْدى عَشْرَةَ. وقال ابن عقيلٍ في «الفصولِ»: إنْ أوْتَر بأكْثَرَ مِن ثلاثٍ، فهل يسَلمُ مِن كل ركْعتيْن كسائرِ الصلواتِ؟ قال: وهذا أصَح، أو يجْلِسُ عَقِيبَ الشفْع ويتشَهد، ثم يجْلِسُ عَقِيب الوتْر، ويُسَلمُ؟ فيه وَجْهان. انتهى. وهذه الصفاتُ مِن مفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: ذكَر القاضي في «الخِلاف»، أنَّ هذه الصفات الوارِدةَ عن النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إنما هي على صِفَاتِ الجَواز، وإنْ كان الأفْضَلُ غيرَه. وقد نص أحمدُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازِ هذا، فمحَلُّ نُصوصِ أحمدَ على الجَوازِ. قلتُ: وهو ظاهِر كلامِه في المذهب؛ فإنَّه قال: ويجوزُ أنْ يُصَلىَ الوترَ بتَسْليمَة واحدةٍ. ويَحْتَمِله كلامُه في «الوجيز»؛ فإنَّه قال: وله سرْدُ خَمسٍ أو سبْعٍ. وقال ابن عَبْدوس في «تذكرته»: ويجوزُ بخمْس، وسبْعٍ، وتِسْع بسلامٍ. والصحيحُ مِنَ أن فِعل هذه الصفاتِ مسُتحَبٌّ، وأنَّها أفضَل مِن صَلاتِه مثْنَى. قدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المجْدُ في «شرْحِه»، وابن تميم، و «مَجْمع البحرين». وقالوا: نصَّ عليه. وهو ظاهِر ما قدمه في «الفُروعِ»؛ فإنَّه حكَى وجْها أن الوِتْرَ بخمسٍ أو

وَأدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ سبعٍ، كإحْدَى عشرةَ. قلتُ: وهو ظاهِر كلامِ أكثرِ الأصحابِ؛ لاقْتِصارِهم على هذه الصِّفاتِ. وتقدَّم كلامُ ابنِ عقيل في «الفُصولِ». قوله: وأدْنى الكمالِ ثَلاثُ رَكَعات بتَسْلِيمتين. أيّ بسَلامين. وهذا بلا خِلاف أعلمه. وظاهِر كلام المُصنفِ؛ أنَّه يجوز بتسْليم واحدٍ. وهو المذهب. قال الإمام أحمدُ: وإنْ أوتر بثلاث لم يسَلمْ فيهن، لم يُضيق عليه عندي. قال في «الفُروع»: وبتَسْليمةٍ يجوز. وجزَم به المجْد في «شرْحه». وقال: نصَّ عليه. وقال ابن تميم، وصاحِب «الفائق»: وبواحِدَةٍ لا بأس. قال في «الرعايَتيْن»، و «الحاويين»، وغيرِهم: بسلامين، أو سَرْدًا بَسلام. وظاهِرُ ما قدمه في «الفُروعِ»، إذا قلْنا: بسَلام واحد. أنها تكون سرْدًا. قال القاضي في «شرحِه الصغير»: إذا صلَّى الثلاث بسَلام واحدٍ، ولم يكُن جلَس عَقِيبَ الثَّانية، جازَ، وإنْ كان جلَس، فوَجْهان؛ أصَحهما، لا يكون وتْرًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقيل: يفْعَل الثَّلاث: كالمغْرِبِ. قال في «المُسْتوعِبِ»: وإنْ صلى ثلاثًا بسَلام واحدٍ، جازَ، ويجْلِسُ عقِيبَ الثَّانيةِ، كالمغْرب. وخَير الشيخُ تقِع الدين بينَ الفَصلِ والوَصْلِ.

يَقْرأُ فِي الأولَى {سَبِّحِ}، وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثَةِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَقْنتُ فِيهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِر قولِه: ويَقْنُتُ فيها. أنَّه يقْنُتُ في جميع السَّنَةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، لا يقنتُ إلَّا في نِصْفِ رمضان الأخيرِ. نقله الجماعةُ. وهو وجْهٌ في «مُخْتَصَرِ ابن تميمٍ» وغيرِه. واخْتارَه الأثرَمُ. ونقَل صالحٌ، اخْتارُ القُنوتَ في النِّصْفِ الأخِير مِن رمضانَ، وإنْ قنتَ في السنةِ كلها، فلا بَأسَ. قال في «الحاوِي»، و «الرعايةِ»: رجَع الإمامُ أحمدُ عن تركِ القنوتِ في غيرِ النصْفِ الأخِيرِ مِن رمضانَ. قال القاضي: عندِي أن أحمدَ رَجع عَن القوْلِ بأنْ لا يقْنُتَ في الوِتْرِ إلَّا في النصْفِ الأخِيرِ؛ لأنه صرح في رِواية خطابٍ؛ فقال: كنْت أذْهَبُ إليه، ثم رأيْت السنةَ كلها. وخيَّر الشيخُ تقِي الدِّين في دعاءِ القنوتِ بين فِعْلِه وتركِه، وأنه إنْ صلى بهم قيامَ رمضانَ، فإن قنتَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جميعَ الشَّهْرِ، أو نِصْفَه الأخيرَ، أو لم يَقْنُتْ بحالٍ، فقد أحسَنَ. قوله: بعدَ الرُّكُوع. يعْنِي، على سبِيلِ الاسْتِحْبابِ، فلو كبَّر ورفَع يدَيْه، ثم قنَت قبل الركوعِ، جازَ، ولم يسنَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يُسَنُّ ذلك. وقيل: لا يجوزُ ذلك. قدمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرعايتَيْن». تنبيه: قوْلى: فلو كبَّر ورفَع يدَيْه ثم قنَت قبلَ الركوعِ، جازَ، ولم يُسنَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يسَنُّ ذلك. هكذا قالَه المجدُ في «شَرْحِه»، وصاحِب «الفروعِ»، وابنُ تَميمٍ. وقال: نص عليه. وقال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ: وإنْ قنَت قبلَ الركوعِ، جازَ.

فَيَقُولُ: اللهمَّ، إنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَهْدِيكَ، وَئسْتَغْفِرُكَ، وَنتُوبُ إلَيْك، وَنُؤمِنُ بكَ، وَنَتَوكَّلُ عَلَيْكَ، وَنثْنِي عَلَيْكَ الْخَير كُلَّهُ، ونَشكُرُكَ وَلَا نَكفُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِي مَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِي مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فيقول: اللَّهمَّ إنَّا نَسْتَعِينك، إلى قوله: أَنْتَ كما أثنَيْتَ على نَفْسِك. اعلمْ أنَّ الصحيح مِنَ المذهب، أنَّه يدْعُو في القنوتِ بذلك كله. قال الإمام أَحْمد: يدعو بدعاءِ عُمرَ «اللَّهمَّ إنَّا نسْتَعِينك»، وبدُعاء الحسَن «اللَّهمَّ اهْدنى في مَن هَدَيْتَ». وقال في «التلخيص»: ويقول بعدَ قولِه: «إن عذابَك الجد بالكفارِ ملْحِقٌ»، «ونَخْلعُ ونَتْرك منْ يَفْجرك» وقال في «النصِيحةِ»: ويدْعو معه بما في القرْآنِ. ونقَل أبو الحارثِ، بما شاءَ. اخْتارَه بعض الأصحابِ. قال أبو بكر في «التنبِيه»: ليس في الدعاءِ شيء مؤقَّتٌ، ومَهْما دعا به، جازَ. واقتصَر بعضُ

عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِي مَنْ تَوَليْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيما أعْطَيْتَ، وَقِنَا شَر مَا قَضَيْتَ؛ فَإنَّكَ تَقْضى وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبنا وَتعَالَيْتَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لَا نُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك، أَنْتَ كَمَا أثنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ على دُعاءِ، اللَّهُمَّ اهْدِنى. قال في «الفروعِ»: ولعَل المراد يُستحَب هذا وإنْ لم يَتعَيَّنْ. وقال في «الفُصولِ»: اخْتاره أَحْمد. ونقَل المروذِي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْتَحَبُّ بالسُّورَتيْن. فوائد؛ الأُولَى، يُصَلِّى على النبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، بعدَ الدُّعاء. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. وقال في «التبصِرَةِ»: يصَلِّي على النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وعلى آلِه، وزادَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} (¬1) الآية. قال في «الفروعِ»: فيَتَوَجهُ عليه قولها قبَيْلَ الأذانِ. وفي «نِهاية أبي المَعالى»، يُكْرَهُ. قال في «الفُصولِ»: لا يُوصَلُ الأذانُ بذِكْرٍ قبلَه، خِلاف ما عليه أكثرُ العوام اليومَ. وليس مَوْطِنَ قرْآنٍ، ولم يحْفَظْ عن السلفِ، فهو مُحْدَث. انتهى. وقال ابنُ تَميم: محَلُّ الصلاةِ على النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أولُ الدُّعاءِ، ووَسَطُه وآخِرُه. الثَّانية، يُفْرِدُ المنْفَرِد الضَّمِيرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعند الشيخِ تَقِيِّ الدين، لا يُفْرِدُه، بل يجْمَعه؛ لأنه يدْعُو لنَفْسِه وللمسْلِمِين. الثالثةُ، يُؤمنُ ¬

(¬1) سورة الإسراء: 111.

وَهَل يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المأْمومُ ولا يقنُتُ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. نص عليه. وعنه، يقْنُتُ. قدمه في «المُسْتَوعبِ». وعنه، يَقْنُتُ في الثَّناءِ. جزَم به في «الخُلاصَةِ». وعنه، يُخير بينَ القنُوتِ وعدَمِه. وعنه، إنْ لم يسْمع الإمامَ، دَعَا. وجزَم به في «الكافِي»، و «ابنِ تميم»، و «الشرحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الكبير». وحيث قلْنا: يَقْنتُ. فإنَّه لا يجْهر. على الصحيح مِن المذهبِ. وقيل: يَجْهَرُ بها الإمامُ. قال في «النكَتِ»: ثم الخِلاف في أصْلِ المسْألةِ، قيل: في الأفْضَلِية. وقيلَ: بل في الكَراهَةِ. الرابعة، يجْهَرُ المُنْفرِدُ بالقنوتِ كالإمامِ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وظاهرُ كلامِ جماعة مِنَ الأصحابِ، لا يَجْهَرُ إلَّا الإمام فقط. وقال القاضي في «الخِلاف»: قال في «الفروع»: وهو أظْهَر. الخامسة، ويرفعُ يَدَيْه في القنوتِ إلى صدْرِه ويَبسطُهما، وتكون بطونُهما نحوَ السماءِ. نص عليه. قوله: وهل يَمْسَحُ وَجْهَه بيدَيْه؟ على روايتَيْن. وأطْلقهما في «الهِداية»، و «المذْهَبِ»، و «مسْبُوك الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَة»، و «الهادِي» و «التلخيص»، و «ابنِ تَميم»، و «النَّظْمِ»، و «المَذْهبِ الأحْمَدِ»؛ إحْداهما، يمْسَحُ. وهو المذهبُ. فعَله الإمام أحمدُ. قال المَجْدُ في «شرحِه»، وصاحِب «مَجْمَع البَحْرَين»: هذا أقوَى الروايتيْن. قال في «الكافي»: هذا أَوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنْتَخبِ». وصححه المصَنفُ، والشارِح، وصاحِب «التصْحيحِ»، وغيرهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تذْكرَتِه». وقدمه في «الفُروع»، و «الكافي»، و «المُحَررِ»، و «الرعايتَيْن»، «الحاويين»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغاية»، وغيرِهم. والرواية الثَّانية، لا يمْسَحُ. قال القاضي: نقَلها الجماعة. واخْتارَها الآجُرى. فعليها روِيَ عنه، لا بَأسَ. وعنه، يُكْرَهُ المسْحُ، صححها في «الوَسِيلَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُروع». وقال الشيخ عَبْد القادر، في «الغنية»: يمْسَح بهما وجْهَه، في إحْدَى الروايتَيْن. والأخْرَى يضَعهما على صدْره. قال في «الفُروعَ»: كذا قال. فوائد؛ الأولَى، يمْسَحُ وجْهَه بيَدَيْه خارجَ الصلاةِ إذا دَعا، عندَ الإمامِ أحمدَ. ذكره الآجرى وغيره. ونقَل ابن هانِئٍ، أن أحمدَ رفَعَ يدَيْه، ولم يمْسَحْ. وذكر أبو حَفْص، أنَّه رخص فيه. الثَّانية، إذا أَرادَ أنْ يسْجُدَ، بعدَ فَراغه مِنَ القنوتِ، رفع يديه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، ونص عليه؛ لأنه مقْصود في القِيامِ، فهو كالقراءةِ. ذكرَه القاضي وغيرُه. قال في «النُّكَتِ»: قطَع به القاضي وغيرُه. وكان الإمام أحمدُ، رَحِمَه الله، يفْعَلُه. وقطَع به في «التلْخيص». وقدمه في «الفُروعَ»، و «الرعاية»، وَ «ابنِ تميم»، و «الفائق»، وغيرِهم. قلتُ: فيعايَى بها. وقيل: لا يرْفع يدَيْه. قال في «الفروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقال في «التلْخيص»، في صفةِ الصلاةِ، في الركْن السَّابع: وهل يرفَعُهما لرفْع الركوع، أو ليَمسحَ بها وَجْهه؟ على رِوايتين. وكذا الحُكْم إذا سجد للتلاوَةِ وهو في الصلاةِ، على ما يأتي قريبًا في كلام المُصَنفِ (¬1). الثالثة، يستحب أنْ يقولَ إذا سلم: سُبْحَانَ الملِك القُدُّوسِ، ثلاثًا ¬

(¬1) انظر صفحة 230.

وَلَا يَقْنُتُ فِي غيْرِ الْوِتْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويرْفَعُ صوْتَه في الثَّالثةِ. زادَ ابنُ تَميم وغيرُه، رَب المَلائكةِ والرُّوحِ. قوله: ولا يقْنتُ في غيرِ الوتر. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يكْرَه القنوت في الفجر كغيرها. وعليه الجمهور. وقال في «الوَجيزِ»: لا يجوز القنوت في الفجْرِ. قلتُ: النّص الوارِدُ عَن الإمامِ أحمدَ: لا يقْنت في الفَجْر. مُحْتَمل الكراهَةِ والتَّحْريمِ. وقال الإمام أَحْمد أَيضًا: لا يعجبني. وفي هذا اللفظ للأصحابِ وَجْهان، على ما يأتي مُحَرَّرًا آخرَ الكتاب في القاعدَ. وقال أَيضًا: لا أعَنِّف مَن يقْنُتُ. وعنه، الرُّخْصةُ في الفجرِ، ولم يذْهبْ إليه. قالَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي»، و «ابن تَميمٍ». وقيل: هو بِدْعَةٌ. قال ابن تميمٍ: القُنوت في غيرِ الوتْر مِن غيرِ حاجةٍ بِدْعَة. فائدة: لو ائتمَّ بمَنْ يقْنُت في الفجرِ تابعَه، فأمنَ أو دَعا. جزَم به في «المحَررِ»، و «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وجزم في «الفُصولِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمُتابعَةِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في «رُءُوس المسائلِ»: تابعه في الدُّعاءِ.

إلَّا أنْ تَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، فَلِلإِمَامِ خَاصَّةً الْقُنُوتُ فِي صلَاةِ الْفَجْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ تميم: أمَّنَ على دُعائه. وقال في «الرعايةِ الكبْرى»: تَبِعه فأمنَ ودَعا. وقيل: أوْ قنَتَ. وقال في «الفُروعِ»: ففي سكوتِ مُوتَمّ ومُتابَعتِه كالوتْرِ رِوايَتان. وفي فَتاوَى ابنِ الزاغونِيِّ، يُستَحَبُّ عندَ أحمدَ مُتابعَتُه في الدعاء الذى رَواه الحسَنُ بنُ علِيٍّ، فإنْ زادَ، كرِهَ مُتابعَتُه، وإنْ فارَقه إلى تمام الصلاة، كان أوْلى، وإنْ صبَر وتابعه، جازَ. وعنه، لا يُتابِعه. قال القاضىَ أبو الحُسَيْنِ: وهي الصحيحة عندي. قوله: إلَّا أنْ تَنْزِلَ بالمسْلِمين نَازِلَة، فَلِلْإمام خاصَّة القُنُوت. هذا المذهبُ. قدَّمه في «الفروعِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوي الصغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». واخْتارَه ابنُ عبدُوس في «تَذْكِرَته». وعنه، ويقْنُتُ نائِبُه أَيضًا. جزَم به في «المذْهَبِ»، و «المُحَرر»، و «المُنَوِّرِ». وقدمه في «الحاوِي الكَبيرِ». واخْتاره في «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقال الزرْكَشِي: ويخْتَصُّ القُنوتُ بالإمامِ الأعْظمِ وبأميرِ الجيشِ لا بكُل إمامٍ، على المشْهورِ. وعنه، يقنُتُ نائِبه بإذْنِه. اخْتارَه القاضي، وأبو الحُسَين. وعنه، يقْنُتُ إمامُ جماعة. وعنه، وكُل مصَلٍّ. اخْتارَه الشيَّخَ تقِيُّ الدِّينِ. قال في «المحررِ»: وهل يشرَعُ لسائرِ النَّاس؟ على رِوايتيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: في صَلاةِ الفَجْرِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. اخْتارَها المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وابن منَجَّى في «شَرْحِه». وجزَم به و «التَّسْهيلِ». وقدمه في «الحاوِي الكبيرِ». ومالَ إليها في «مَجْمع البَحْرَيْن». وعنه، يقنُتُ في الفَجْرِ، والمغرب والعشاء، في صلاةِ الجهْر. وفي بعض نُسَخِ «المقْنعِ»، وللإمامِ خاصةً القَنوتُ في صلاة الجهْرِ. قال في «الحاوِي الكبِيرِ»، و «ابن تَميم»: وقال صاحِب «المُغنِي» (¬1): يقْنتُ في الجَهْرِيَّاتِ فقط. ولعله أخَذَه مِنَ «المُقْنع». وجزَم به في «المُنْتَخَب»، و «المُنَورِ». وعنه، يقْنتُ في الفَجْرِ والمغرِبِ فقط. اخْتارَه أبو الخطابِ. قال في «المُغْنِي» (¬2): ولا يصِح هذا ولا ¬

(¬1) انظر: المغني 2/ 587. (¬2) 2/ 588.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذى قبلَه. وقال في «المُذْهَبِ»: يقْنُتُ في صلاةِ الصُّبحِ في النوازِل، روايةً واحدةً. وهل يقْنُتُ مع الصبحِ في المغرِبِ؟ على رِوايتَيْن. انتهى. وعنه، يقنُت في جميع الصلَواتِ المكْتوباتِ خلا الجُمعةِ. وهو الصحيح مِن المذهبِ. نصَّ عليه. اخْتاره المَجدُ في «شرحه»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» الشيخُ تَقِي الدين. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «الفروعَ»، و «المُحَررِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِي الصغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: يقنُتُ في الجُمُعَةِ أَيضًا. اخْتارَه القاضي، لكنَّ المنْصوص خِلافُه. تنبيه: قد يقالُ: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ وغيرِه، أنَّه يقْنُتُ لرَفْع الوَباءِ؛ لأنه

ثُمَّ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ، وَهِيَ عَشر رَكَعَاتٍ، رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعدَهَا، وَرَكْعتَانِ بَعدَ الْمَغرب، وَرَكْعتَانِ بَعدَ الْعشَاء، وَرَكْعتَانِ قبْلَ الْفَجْرِ، وَهُمَا آكَدُهَا. قَال أبو الْخَطَّابِ: وَأرْبَعٌ قبْلَ الْعَصْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَبِية بالنَّازِلَةِ وهو ظاهرُ ما قدمه في «الفروعِ». وقال: ويتَوجَّهُ أنَّه لا يقْنتُ لرَفْعه، في الأظْهَرِ؛ لأنَّه لم يثْبُتِ القنوت في طاعُونِ عِمْواسٍ ولا في غيرِه، ولأنه شَهادَة للأخْيارِ، فلا يسْأل رفْعه. انتهى. فائدة: قال الإمامُ أحمدُ: يرفَعُ صوْتَه بالقُنوتِ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه، والله وأعلمُ، في صلاة جَهْرِيَّةٍ. وظاهره وظاهرُ كلامِهم مُطلقًا. قوله: ثم السُّنَنُ الراتِبَة، وهي عَشْرُ رَكَعاتٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب. وذكَر القاضي في موْضِعٍ، أن السُّننَ الراتبَةَ ثمانٍ. قال في «المُسْتوْعِبِ»: فلم يذْكرْ قبلَ الظهْرِ شيئًا. وقال في «التلْخيص»: الرواتِب إحْدَى عشْرَة رَكْعَةً. فعَد ركعةَ الوتْرِ. وذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قلت: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرادُ منْ لم يذْكُرْه، لكنْ له أحْكام كثيرة فأفرَدَه. قوله: رَكْعتان قبل الظهْر. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعند الشيخ تَقِي الدين، أربعْ قبلَها، وهو قولٌ في «الرعاية». وقيل: بسَلام أو سلامَيْن. وحكىَ، لا سُنة قبلَها. وحُكِيَ، ست قبلها. قال ابن تَميم: وجعل القاضي قبلَ الظهرِ (ستًّا. وتقدَّم كلامُه في «المسْتَوْعِبِ». ويأتي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى بابِ الجمعة سنة الجُمعَة قبلَها وبعدَها. قوله: وركعَتان قبلَ الفَجْر، وهما آكَدها. هدا المذهب، وعليه الأصحابُ. قال ابنُ عقِيل: وجها واحدًا. وحُكى أن سنةَ المغْربِ آكَد. وحَكاه في «الرعاية» وغيرها قوْلا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ يسْتَحَبُّ تخفيفُ سنة الفَجْرِ، وقراءتُه بعدَ الفاتحة في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية بعدها: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}. وفي الأولَى بعدَها: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} (¬1). وفي الثَّانية: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (¬2) الآية. ويجوزُ فعْلُها راكبًا. على الصحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال القاضي في «الجامع الكَبِيرِ»: توَقفَ أحمدُ في موْضِع في سنةِ الفجْرِ راكبًا؛ فنقَل أبو الحارِثِ، ما سمعْت فيه شيئًا، ما أجْتَرِئ عليه. وسأله صالِح عن ذلك، فقال: قد أوْتر النَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، على بَعيرِه، ورَكْعَتَا الفجرِ ما سمعْتُ فيهما بشيءٍ، ولا أجْتَرِئ عليه. وعللَه القاضي بأن القِياسَ، مَنْعُ فعْلِ السننِ راكِبا، تَبَعًا للفَرائض، خولِفَ في الوتْرِ للخَبرِ، فبَقِيَ غيرُه على الأصْلِ. قال في ¬

(¬1) سورة البقرة 136. (¬2) سورة آل عمران 64.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»: كذا قال. فقد منَع، يعنِي القاضي، غيرَ الوتْرِ مِن السننِ. وقد ورَد في مسْلِمٍ «غَير أنَّه لا يصَلى عليها المكْتوبَةَ» (¬1) وللبخارِيّ «إلَّا الفرائض» (¬2). انتهى. ويسْتَحَب الاضْطِجاع بعدَها. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه. ويكون على الجانبِ الأيمن. وعنه، لا يُسْتحَب. وأطْلقَهما في «الفائق». ونقَل صالِح، وابن مَنْصورٍ، وأبو طالب، ومهنا، كراهَة الكلامِ بعدهما. وقال المَيْمُونِي: كنا نتَناظر في المسائل، أنا وأبو عبدِ الله، قبلَ صلاةِ الفَجْرِ. ونقَل ¬

(¬1) في: باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 487. (¬2) في: باب الوتر في السفر، من كتاب الوتر. صحيح البُخَارِيّ 2/ 32.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صالِحٌ، أنَّه أجازَ في قَضاءِ الحاجَةِ، لا الكلامِ الكثيرِ. وقال في «الفروعِ»: ويتوَجهُ احْتِمال بعدَم الكراهَةِ. قوله: وقال أبو الخَطابِ: وأربع قبل العَصْر. واخْتاره الآجُريُّ. وقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتاره أحمدُ. قال في «الفائقِ» وغيرِه: بسَلام أو سلامَيْن. وقال في «المُذْهب»، و «الخُلاصَة»، و «المسُتَوْعِبِ»: بسَلامَيْن. وذكَر ابنُ رجَبٍ في «الطبقاتِ»، أن أَبا الخَطابِ انْفَرَدَ بهذا القوْلِ. وأطْلَقَ في «المحَرَّرِ» فيها وَجْهَيْن.

وَمَنْ فَاتهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ السننِ، سُنَّ لَهُ قَضَاؤهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: فعْلُ الرَّواتِب في البيْتِ أفضلُ. على الصحيح مِنَ المذهب. وعنه، الفَجْرُ والمغرِب فقط. جزم به في «العُمْدَة». وقدَّمه في «الفائقِ». وقال في «المعني» (¬1): الفجْرُ والمغرب والعِشاء. وعنه، التسْوِية. وعنه، لا تسْقطُ سُنةُ المغْرِب بصَلاتها في المسْجِدِ. ذكَره البَرْمَكِيُّ. نقَله عنه في «الفائق». وفي «آدابِ عيونِ المَسائلِ»، صلاة النوافِل في البيوتِ أفضَل منها في المساجِدِ، إلَّا الرواتِبَ. قال عبد الله لأبِيه: إن محمدَ بنَ عبدِ الرحْمن (¬2) قال في سنةِ المغْرِبِ: لا تجْزِئُه إلَّا في بَيْته؛ لأنَّه عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسلامِ قال: «هِيَ مِنْ صلاةِ البُيوت» (¬3). قال: ما أحْسَنَ ما قال. قوله: ومن فاته شيء مِن هذه السننِ، سُنَّ له قضاؤه. هذا المذهبُ والمشهور عندَ الأصحابِ. قال في «الفروعِ»، و «الرعايةِ»، و «ابن تميم»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البحْرَيْن»: سُن على الأصَح. ونصرَه المَجْدُ في ¬

(¬1) انظر: المغنى 2/ 543. (¬2) هو ابن أبي ليلى تقدمت ترجمته في الجزء الأول صفحة 54. (¬3) أخرجه أبو داود، في: باب ركعتي المغرب أين تصليان، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 299. والنَّسائيّ، في: باب الحث على الصلاة في البيوت. . . .، من كتاب قيام الليل وتطوع النهار. المجتبى 3/ 162.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحه». واخْتارَه الشيخُ تقى الدينِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدايَه»، و «الخُلاصَة»، وغيرِهم. وقدمه في «المسْتَوْعِبِ» وغيرِه وعنه، لا يسْتَحَب قَضاؤُها. وعنه، يقْضِي سُنَّة الفجْرِ إلى الضحَى وقيل: لا يقْضِي إلَّا سنةَ الفَجْرِ إلى وَقْتِ الضُّحى، ورَكعَتَيِ الظهْرِ. وقال في «الرعاية»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يأثمُ تارِكُهنَّ مِرارًا ويرد قوْلُه. قال أحمدُ: مَنْ ترَك الوتر فهو رجُل سوءٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما قضاءُ الوتْرِ، فالصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يقْضي. وعليه جماهيرُ الأصحاب؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم المَجد في «شرْحِه»، وصاحِب «مَجْمَع البحرين»، و «الفروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرهم. وهو داخِل في كلام المصَنِّف؛ لأنَّه منَ السنن. فعلى هذا، يُقْضي مع شَفْعه على الصحيح. صحَّحه المجْدُ في «شرحه». وعنه، يقْضِيه منْفَرِدًا وحدَه. قدَمه ابنُ تَميمٍ. وأطلقَهما في «الفروعِ»، و [«مجمع البحْرَيْن»] (¬1). وعنه، لا يقضي. اخْتارَه الشيخ تَقِي الدينِ. وعنه، لا يقْضى بعدَ صلاةِ الفَجْرِ. وقال أبو بَكْر: يقْضي ما لم تَطْلع الشَّمس. وتقدم حكْمُ قضاءِ رواتب الفرائض الفَائتةِ، في آخر شروط الصلاةِ، عندَ قوْلِه: ومن فاتَتْه صلواتٌ، لزِمه قَضاؤها. مع أنها داخلَة في كلامِ المصَنِّفِ هنا. فوائد؛ إحْداها، يُكْره ترْك السنن الرواتب، ومتى داوَمَ على ترْكِها سقَطَتْ عَدالَته. قاله تَميم. قال القاضي: ويأثَمُ. وذكَر ابن عَقيل في «الفُصولِ»، أن الإدْمان على ترْكِ السننِ الرواتب غير جائز. وقال في «الفُروعِ»: ولا إثْمَ بتَرْكِ سنة، على ما يأتي في العدالَةِ. وقال عن كلام القاضي: مُرادُه إذا كان سبَبًا لتَرْكِ فرْض. ويأتِي مَزيدُ بَيان على ذلك في بابِ شروط مَن تُقْبل شهادَته. الثانيةُ، تُجْزئُ السنةُ عن تحِية المسْجد، ولا عكْس. الثالثةُ، يُسْتَحَبُّ الفصْلُ بينَ الفرْض وسُنتِه بقيام أو كلام. الرابعةُ، للزوْجةِ والأجيرِ والوَلَدِ والعبْد فعْلُ السنن الرواتب مع الفَرْضِ، ولا يجوزُ منعُهم. الخامسةُ، لو صلى سُنَّةَ الفَجْرِ بعدَ الفَرْضِ، وقبلَ خُروجِ وقْتها، أو سُنة الظهُر التى قبلَها بعدها، وقبل خُروج وَقتِها، كانت قضاءً. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وقيلَ: أداءً. أو صلى بعد خروج الوَقت قضاء بلا نِزاعٍ. فعلى كِلا الوَجْهَيْن. قال ابنُ تَميم: قضَى بعدَها وبدَأ بها. قال شيْخُنا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيخ تَقِي الدينِ بن قندس البَعْلِي: ولم أجِدْ من صرحَ بهذا غيرَه. وقد قال في «المنتقَى»، بابُ ما جاء في قَضاءِ سنتيِ الظهْرِ: عن عائشة، رَضِيَ الله عنها، قالت: كان رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إذا فاتَتْه الأرْبَع قبلَ الظهرِ، صلاهن بعدَ الرَّكْعتَيْن بعدَ الظهْرِ. روَاه ابنُ ماجَه. فهذا مُخالف لِما قالَه ابن تَميم. قلتُ: الحكم كما قالَه ابنُ تَميم. وقد صرح به المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقالَا: بَدأ بها عندَنا. ونصَراه على دَليلِ المُخالِفِ، وقاساه على المكْتوبة، والظاهِرُ أنَّه قوْلُ جميع الأصحاب؛ لقَوْلهما: عندَنا. السَّادسة، تسْتَحَب أنْ يصلِّىَ غيرَ الرواتبِ؛ أرْبعًا قبلَ الظهْرِ، وأربَعا بعدَها، وأربَعا قبلَ العَصْر، وأربعا بعد المغْرِبِ. وقال المصَنِّف: ستًا. وقيل: أو أكْثرَ، وأربعًا بعدَ العِشاءِ. وأمّا الرَّكْعتان بعدَ الوتْرِ جالِسًا، فقيلَ: هما سنةً. قدمه ابن تَميم، وصاحِبُ «الفائقِ». وهو مِن المُفْرداتِ. وعدهما الآمِدِي مِنَ السننِ الرواتبِ. قال في «الرعاية»: وهو غريب. قال المجْد في «شرحِه»: عدهما بعض الأصحابِ منَ السننِ الرواتِبِ. والصحيح من المذهب، أنهما ليسَتا بسنةٍ. ولا يُكْره فِعلُهما. نص عليه. اخْتارَه المُصَنف. وقدمه في «الفُروعِ»، و «الرعاية»، و «حَواشي ابن مفْلح». وقال: قدمه غيرُ واحد. وهو ظاهِر كلامِه. وإليه ميْل المَجْد في «شَرْحِه»، وقال في «الهَدْيِ»: هما سنة الوتْرِ. وتقدم الكلام على الركْعتَيْن بعدَ أذانِ المغرِبِ، في بابِ الأذانِ.

ثُمَّ التراوِيحُ، وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَة، يَقُومُ بِهَا في رَمَضَانَ في جَمَاعَةٍ، وَيُوتِرُ بَعْدَهَا في الْجَمَاعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم التراويحُ. يعنِي، أنها سُنة. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحاب،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به أكثرُهم. وقيل: بوجوبِها. حكَاه ابنُ عقيل عن أبي بَكْرٍ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ثُمَّ التراوِيح. أنَّ الوتر والسُّنَن الرواتِبَ أفْضَلُ منها. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهٌ. اخْتارَه المصَنف وجماعَةٌ. وقدمه ابن رَزِين في «شرْحِه». والصحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أن التَّراوِيحَ أفْضَل منها. وعليه الجمهورُ. وتقدّم ذلك أول البابِ أَيضًا. قوله: وهي عِشْرُون رَكْعَة. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ. وقال في «الرعايَةِ»: عِشْرون. وقيل: أو أزْيَدُ. قال في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»: ولا بأسَ بالزيادَةِ. نص عليه. وقال: روى في هذا ألوان. ولم يقْضِ فيها بشيءٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيْخُ تقي الدين: كل ذلك، أو إحْدى عشرةَ، أو ثلاث عَشْرَة، حسَن، كما نصّ عليه أحمدُ، لعدَمِ التَّوْقيتِ، فيكون تكْثِيرُ الركعاتِ وتقْليلُها بحسَبِ طُولِ القيام وقصَرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها, لابد مِنَ النِّيَّة في أوَّل كل تسْليمَة. على الصَّحيح مِن المذهبِ. وقيل: يكفِيها نِيةٌ واحدةٌ. وهو احْتِمال في «الرعاية». ومنها، أوّل وَقْتِها بعد صلاةِ العِشاءِ وسنَّتِها. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العمَلُ. وعنه، بل قبلَ السُّنة وبعد الفَرْض. نقَلها حَرْبٌ. وجزَم به في «العمْدَةِ». ويَحْتَمِله كلامه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: وتُسَنُّ التَّراوِيح في جماعَةٍ بعدَ العِشاءِ. انتهى. وأفْتى بعضُ المتَأخرين مِنَ الأصحاب بجَوازِها قبلَ العِشاءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين: مَن صلَّاها قبلَ العِشاءِ، فقد سلَك سبيل المُبتدِعَةِ المُخالِفِين للسُّنَّةِ. ومنها، فعْلها أولَ الليلِ أفْضَل، أطْلَقَه في «الفُروعِ». فقال: فِعْلُها أول الليل أَحَبُّ إلى أحمدَ. وقال ابنُ تَميم. إلَّا بمكَّةَ، فلا بأسَ بتأخيرِها. وقال في «الرعايةِ»: ولا يكْرَهُ تأخيرها بمَكةَ. وليس ذلك مُنافِيًا لِمَا في «الفروعِ». ومنها، فِعْلها في المَسْجِدِ أفْضَلُ. جزَم به في «الُمستوْعِبِ» وغيرِه. قلتُ: وعليه العمل في كل عَصْرٍ ومِصْرٍ. وعنه، في البَيْتِ أفْضَلُ. ذكَر

فَإنْ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ، جَعَلَ الْوِتر بَعْدَهُ، فَإنْ أحَبَّ مُتَابَعَةَ الْإمَامِ، فَأوْتَرَ مَعَهُ، قَامَ إذا سَلَّمَ الْإمَامُ فَشَفَعَهَا بِأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ هاتَيْن الرِّوايتين الشَّيخ تقي الدين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: وصرَّح الأصحابُ، أنَّ صلاتها جماعةٌ أفضَلُ. ونصَّ عليه في رواية يُوسُفَ بن مُوسى ومنها، يَسْتَرِيحُ بعدَ كل أرْبَع ركَعاتٍ بجلْسَةٍ يسيرةٍ. فعله السَّلَفُ، ولا بَأسَ بترْكِه، ولا يَدْعو إذا استراحَ. على الصحيح من المذهب. وقيل: ينْحَرِف إلى المصلين ويدْعو. وكَرِه ابن عقِيل الدعاءَ. قوله: فإنْ كان له تَهَجُّدٌ جعل الوتر بعده، فإنْ أَحَبُّ مُتابعَة الإمامِ، فأوْتر معه، قامَ إذا سلم الإمام فشَفَعها بأخرَى. هذا المذهب المشهور في ذلك كله، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جمهورُ الأصحابِ. وعنه، يعْجِبُنِي أنْ يوتِرَ معه. اخْتاره الآجُريُّ. [وذكَر أبو جَعْفَر العُكبَرِي في «شرحِ المَبْسُوطِ»، أنَّ الوِترَ مع الإمامِ في قِيامِ رَمضانَ أفْضَل، لقوله عليه أفْضَل الصلاة والسلامِ: «مَن قامَ مع الإِمامِ حتَّى يَنْصَرِف» (¬1) ذكَره عنه ابنُ رَجَبٍ] (¬2). وقال القاضي: إنْ لم يُوتِرْ معه، لم يدْخُلْ في وتْرِه لِئَلَّا يزيدَ على ما اقْتَضَتْه تحْرِيمةُ الإمامِ. وحمَل نصّ أحمدَ على رِوايةِ إعادَةِ المَغْرِبِ وشَفْعِها. وقال في «الرعاية»: وإنْ سلم معه، جازَ، بل هو أفْضَلُ. فوائد؛ إحْداها, لا يُكْرهُ الدُّعاءُ بعدَ التَّراوِيحِ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يكْرَه. اخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. الثَّانيةُ، إذا أوْترَ ثم أَرادَ الصَّلاةَ بعدَه، فالصحيح منَ المذهبِ، أنَّه لا ينْقُضُ وتره ويُصَلِّى، وعليه جمهورُ الأصحابِ؛ ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 163. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم المصَنِّف، والمَجْد، وصاحِب. «مجْمع البَحْرَيْن». قال في «المذْهَبِ»: فإنْ كان قد أوْتَرَ قبلَ التَّهَجُّدِ، لم يَنْقضْه في أصحِّ الوَجْهَيْن، وقدّمه في «الفروع»، و «مخْتصِر ابنِ تَميمٍ». فعلى هذا، لا يُوتِر إذا فرَغ. وقال في «الفروعِ»: ويتَوجهُ احْتِمال، يوتِرُ. وعنه، ينْقضُه اسْتِحْبابًا برَكْعَةٍ يصَلِّيها فتصير شَفْعا، ثم يصَلى مَثْنَى مَثْنى، ثم يُوتِر. قدَّمه في «الحاوِي الكبِير». وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ينقُضُه وُجوبًا على الصِّفَةِ المُتقدِّمة. وعنه، يُخَيَّر بينَ نَقْضِه وتَركه. وأطْلَقَهُن في «الفائق». وقال في «الرِّعايتيْن»، و «الحاوي الصغِيرِ»: وله أنْ يصَلِّىَ بعدَ الوتْرِ مثنَى مثنَى. زادَ في «الكبرى»، وقيل: يُكْرَه. قالوا: وإنْ نقَضَه برَكْعَةٍ،

وَيُكْرَهُ التطَوُّعُ بَيْنَ التراوِيح، وَفِي التَّعْقِيبِ رِوَايَتَانِ؛ وَهُوَ أنْ يَتَطَوعَ بَعْدَ التراوِيح وَالْوِتْرِ في جَمَاعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلَّى ما شاءَ وأوتَرَ. وعنه، يُكْرَهُ نقْضُه. وعنه، يَجِبُ. انتهى. وقال في «الكبِيرِ»: وعنه، إنْ قَربَ زَمَنُه، شَفَعه بأُخْرَى، وإنْ بَعُدَ، فلا، بل يُصَلى مَثْنَى، ولا يُوترُ بعدَه. الثالثةُ، قوله: ويُكْرَهُ التَّطوعُ بينَ التَّراوِيح. بلا نِزاعٍ أعْلَمه، ونصَّ عليه. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ الطَّوافُ بينَ التراويحِ مطْلَقًا. نصَّ عليه. وقيل: لا يُكْرَهُ إذا طافَ مع إمامِه، وإلَّا كُرِهَ. جزَم به ابنُ تَميمٍ. قوله: وفي التَّعقِيبِ روايَتان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابن تَميمٍ»، و «الفائق»؛ إحْدَاهما، لا يُكْرَهُ. وهو المذهب. نقَله الجماعة عن أحمدَ. وصححَهما في «المُغنِي»، و «الشرحِ»، وابن مُنَجَّى في «شرْحِه»، وصاحِب «التَّصْحِيحِ» في «كتابَيْه». وقدمه في «الكافِي»، و «شَرْح ابنِ رَزِين». وجزَم به في «الوجيزِ»، و «المُنتخبِ». قال المصنِّفُ وغيرُه: الكراهَة قوَلٌ قديمٌ. نقله محمدُ بن الحكَمِ. قلتُ: ليس هذا بقادِحٍ. والرواية الثانيةُ، يُكْرَه. نقَلها محمدُ بنُ الحَكَمِ. قال النَّاظِمُ: يُكْرَه في الأظْهَرِ. قال في «مَجْمَع البحْريْن»: يُكْرهُ التعْقيب، في أصَح الروايتَيْن. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الهِداية»، و «المُذْهب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «التلْخيص»، و «البلْغةِ»، و «المحَررِ»، و «شَرْحِ الهِداية» للمجْدِ، و «المنوَرِ»، و «الإفَاداتِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الحاوِي الكبيرِ». وقدمه في «الرعايتَيْن»، و «الحاوِي الصغِيرِ». قوله: وهو أنْ يتطَوَّعَ بعد التراوِيحِ في الوتْرِ في جماعة. هذا المذهبُ، نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، سواءٌ طالَ ما بينَهما أو قَصُرَ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الهداية»، و «لمذْهَبِ»، و «المستوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ، والمَجْدُ في «مُحَررِه»: إذا أخر الصلاةَ إلى نِصْفِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الليلِ، لم يكرَه، روايةً واحدةً، وإنَّما الخِلافُ إذا رَجَعوا قبلَ الإمامِ. قال المجْدُ في «شَرْحِه»: لو تَنَفَّلوا جماعةً بعدَ رَقدَةٍ، أو مِن آخِرِ الليلِ، لم يُكْرَه. نصَّ عليه، واخْتاره القاضي. وجزَم به ابنُ تميم، و «الرعايةِ الصُّغرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وابن منَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرعايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى». وقيل: إذا أخَّرَه بعدَ أَكْلٍ ونحوِه، لم يُكْرَه. وجزَم به ابنُ تَميم أَيضًا. واستَحْسَنَه ابنُ أبِي موسى لمن نقَض وتْرَه. وقال ابنُ تَميم: فإنْ خرَج ثم عادَ، فوْجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: في جماعةٍ. هذا الصحيحُ، وقطَع به الأكثرُ، ولم يقلْ في «التَّرغيبِ» وغيرِه: في جماعة. بل أطْلَقوا. واخْتاره في «النهاية». فوائد؛ إحْداها، يسْتَحبُّ أنْ يسلمَ مِن كُلِّ رَكْعَتَيْن، فإنْ زادَ، فقال في «الفُروع»: وظاهِر كلامهم، أنَّها كغيرِها. وقد قال الإمام أَحْمد، في مَن قام

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ التَّراوِيح إلى ثالثةٍ: يرْجِعُ وإنْ قرَأ؛ لأنَّ عليه تسْليمةً ولابدَّ، ويأتي ذلك أَيضًا قريبًا. الثَّانية، يسْتَحَبُّ أنْ يَبْتَدئَها بسُورَةِ القَلَمِ بعد الفاتحةِ، لأنها أولُ ما نزَل. نصَّ عليه، فإذا سجَدَ قرَأ مِنَ البَقَرَةِ. هذا المذهب. ونَقَل إبراهِيم بن محمدِ بن الحارِثِ (¬1)، أنَّه يقرَأ بها في عشاء الآخِرَةِ. قال الشيخ تَقِي الدين: وهو أحْسَنُ. الثالثةُ، يُسْتَحَب أنْ لا يزيدَ الإمامُ على خَتْمَةٍ، إلَّا أنْ يؤْثِرَ المأمُومون، ولا ينْقُصَ عنها. نصَّ عليه، وهذا الصحيح مِن المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به المجْد، وابنُ تَميم وغيرهما. قال في «الرعايةِ»: يُكْرَهُ النَّقْصُ عن خَتْمَةٍ. نصَّ عليه. وقيل: يعْتَبَر حالُ المأمومين. قدمه في «الشَّرحِ»، ¬

(¬1) إبراهيم بن أَحْمد بن الحارث الأَصْبهانِيّ، نقل عن الإمام أَحْمد أيضًا. طبقات الحنابلة 1/ 96.

وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْح ابنِ رَزِين». واخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: التَّقْدير بحالِ المأْمومينَ أوْلَى. وقال في «الغُنْيَةِ»: لا يزيدُ على ختْمةٍ؛ لئَلا يشُقَّ فيسْأموا، فيتْرُكوا بسبَبِه، فيَعْظُمَ إثْمُه. ويدْعو لختْمِه قبلَ الرُّكوعِ آخرَ رَكْعَةٍ مِن التَّراويحِ، ويرفَع يدَيْه ويطيلُ. نصَّ عليه في رِوايةِ الفَضْل بنِ زِيادٍ. قال في «الفائقِ»: ويُسَنُّ ختْمُه آخِرَ ركْعَةٍ مِنَ التَّراويحِ قبلَ الرُّكوعِ، وموعِظتَه بعد الخَتْمِ، وقرَاءَةُ دُعاء القُرْآنِ، مع رَفْع الأيدِي. نصَّ عليه. انتهى. وقيل للإمام أحمدَ: يخْتمُ في الوترِ ويدْعو؟ فسَهَّلَ فيه. قوله: وصَلاة اللَّيْل أفْضلُ من صَلاةِ النهارِ. بلا نزاع أعلمه. وأفْضلُها وسط الليل، والنِّصفُ الأخيرُ أفضَل مِنَ الأولِ. هكذا قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، وقطَعوا به؛ يعنى، أنَّ أفْضلَ الأثْلاثِ، الثُّلثُ الوسَطُ، وأفضلُ النِّصْفَيْن، النِّصْف الأخيرُ. جزَم به في «الهِداية»، و «شرْحِها» للمَجْد،

وَأَفْضَلُهَا وَسَطُ الليْلِ، وَالنَّصْف الأخِيرُ أفْضَلُ مِنَ الْأَوَّلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيص»، و «البُلْغة»: و «مجْمَع البحْرَيْن»، و «شرْحِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منَجَّى»، و «الخلاصَةِ»، و «الحاوِي الكبيرِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الفائق»، و «تجْريدِ العِناية»، و «تَذْكِرةِ ابنِ عبدوسٍ»، وغيرهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الكافِي»: والنِّصْف الأخير أفضَلُ. واقتصَرَ عليه. وجزَم به في «المُذْهبَ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرحِ». وجزم في «النَّظْمِ»، و «إدْراك الغايةِ»، أن أفْضَلَه الثُّلثُ بعد النِّصْفِ، كصلاةِ داودَ عليه الصلاة والسلامُ. وقال في «الإفَاداتِ»: وسَطُه أفضلُ، ثم آخِرُه. وقال في «الحاوِي الصغِيرِ»: والأفْضَلُ عندِي، أنْ ينامَ نصْفَه الأوَّلَ، أو ثلُثه الأولَ، أو سُدسَه الأخيرَ، ويقومَ بينَهما. وقال في «الرعايتَيْن»: آخِرُه خيرٌ مِن أولِه، ثم وسَطُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: خيْرُه أنْ ينامَ نصْفَه الأولَ. وقيلَ: بل ثلثه الأوَّل، ثم سُدسه الأخيرُ، ويقومُ ما بينهما. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: أفْضَلُه نصْفُه الأخيرُ، وأفضَلُه ثلثه الأولُ. نص عليه. وقيل: آخِره. وقيل: ثلث الليلِ الوسَط. انتهى. فإنْ أراد بقوله: ثلثه الأوَّل. الثلث الأولَ مِن الليلِ، فلا أعلم به قائِلًا. وإن أراد الثلث الأولَ مِن النصْفِ الأخيرِ، وهو ظاهر كلامِه، فلا أعلم به قائلًا. فلعَله أَرادَ ثلثَ الليلِ من أول النصْفِ الثاني، وفيه بُعْدٌ. ثم بعدَ ذلك رأيت القاضي أَبا الحسيْنِ ذكَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «فُروعِه»، أنَّ المرُّوذِي نقَل عَنِ الإِمام أَحْمد، أفضلُ القِيامِ قيام داودَ؛ وكان ينامُ نصْفَ الليْل، ثم يقوم سدسَه، أو رُبعَه. فقوله: ثم يقومُ سدسَه. موافِقٌ لظاهرِ ما في «الفُروعَ». فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ النصْفَ الأخيرَ أفضل منَ الثلثِ الوسَطِ ومِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه. قدَّمه في «الفروع»، و «الرعايتَيْن». وقيل: ثُلثُه الأوْسَط أفضلُ. وقيل: الأفضَلُ الثلثُ بعدَ النِّصْفِ. جزَم به في «النَّظْمِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». وقدمه القاضي أبو الحُسيْنِ في «فروعه». وقيل: أفضلُه النِّصْف بعدَ الثلُث الأولِ. حكَاه في «الرعايتَيْن»، كما تقدّم.

وَصَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى. وإنْ تَطوَّعَ في النَّهَارِ بِأرْبَعٍ فَلَا بَأسَ، وَالْأَفْضَلُ مَثْنَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تطَوَّعَ في النَّهارِ بأرْبَعٍ فلا بأسَ. اعلمْ أن الأفضَلَ في صلاةِ التَّطوُّع في الليلِ والنهارِ، أنْ يكون مثنى، كما قال المصَنف هنا، وإنْ زادَ على ذلك، صَحّ، ولو جاوزَ ثمانِيًا ليْلًا، أو أربعًا نَهارًا. وهذا المذهب. قال المجْد في «شرحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرُهما: هذا ظاهرُ المذهبِ. وهو أَصَحُّ. وقدمه في «الفُروع». وقال: وظاهره عَلِمَ العدَدَ أو نَسِيَه. واخْتارَه القاضي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخطَاب، والمجْدُ وغيرُهم. قال الزرْكَشي: وهو المشْهورُ. وقيل: لا يصِحُّ إلَّا مثنى فيهما. ذكَره في «المُنتخَبِ». وقيل: لا يصِح إلَّا مثنَى في الليلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط. وهو ظاهرُ كلامِ المصنِّفِ هنا. واخْتارَه هو، وابنُ شِهابٍ، والشَّارحُ. وقدَّمه في «الرعاية الكبْرى». قال الإمام أَحْمد، في من قامَ في التَّراويحَ إلى ثالثةٍ: يَرْجعُ، وإنْ قَرَأَ؛ لأنَّ عليه تسْليمًا ولابد. فعلى القولِ بصِحةِ التَّطوع بزيادةٍ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَثنى ليْلًا، لو فعَلَه كُرِهَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المحَرَّر»، و «الفائقِ»، و «الزرْكَشِي». وقدمه في «الفروعِ». وعنه، لا يُكْرَهُ. جزم به في «التَّبصرَةِ». وعلى القولِ بصِحةِ التطوُّع في النَّهارِ بأرْبعٍ، لو فَعل لم يُكْرَهْ. كما هو ظاهرُ كلامِ المصنفِ هنا. وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَه. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». ولو زادَ عليها، كرِهَ. جزَم به ابنُ تَميمٍ. وقال في «المذْهَبِ»: فإنْ زادَ على أربع نهارًا بتَسْليمةٍ واحدة، كرِهَ، رِواية واحدة. وفي الصحةِ رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، لو زادَ على ركعتَيْن، وقلْنا: يصِحُّ. ولم يجلس إلَّا في آخِرهن، فقد ترَك الأوْلَى ويجوز؛ بدليلِ الوتْر، وكالمكْتوبةِ، على رِواية. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروْعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعة، لا يجوزُ. وقال في «الفُصولِ»: إنْ تطوَّعَ بسِتِّ رَكَعاتٍ بَسلامٍ واحدٍ، ففي بُطْلانِه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَبْطل؛ لأنه لا نظيرَ له في الفَرْضِ. الثَّانيةُ، لو أحْرَمَ بعدَدٍ، فهل يجوز الزيادة عليه؟ قال في

وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَيَكُونُ في حَالِ الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعَ»: ظاهرُ كلامِه، في مَن قامَ إلى ثالثةٍ في التراويح، لا يجوزُ. وفيه في «الانْتِصار» خِلافٌ. ذكَره في لُحُوقِ زِيادةٍ بالعقْد. وتقدم في أوَّلِ سجودِ السهْوِ، لو نوَى رَكْعَتَيْن نَفْلا، وقامَ إلى ثالثةٍ ليْلًا أو نهارًا. قوله: وصَلاةُ القاعدِ على النِّصْفِ مِن صَلاةِ القاسمِ. هذا المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهير الأصحابِ، وقطَعوا به. وقال صاحِب «الإرْشادِ»، في آخِرِ بابِ جامِع الصلاةِ والسهْو، وصاحِب «المسْتَوْعبِ»: هي على النِّصْفِ مِن صلاةِ القائمِ، إلَّا المترَبِّع. انتهيا. قلتُ: قد روى الإمام أحمدُ في «مُسْندِه» حديثًا بهذه الزيادَةِ (¬1). قوله: ويكون في حالِ القيامِ مُتربِّعًا. يعنِى، يسْتحَبُّ ذلك. وهو المذهبُ، ¬

(¬1) انظر المسند 2/ 192، 193، 203.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحاب. وعنه، يَفْتَرِشُ. وذكَر في «الوَسِيلَةِ» رِواية؛ إنْ كَثُر ركوعُه وسجوده، لم يترَبَّعْ، وإلا تَرَبعَ. فعلى المذهبِ؛ يَثْني رِجْليْه في سُجودِه، بلا نِزاعٍ. وكذا في ركوعِه. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزرْكَشي: اخْتارَه الأكثَرون. وقطَع به في «الخِرَقِي»، و «المُسْتَوْعِب»، و «المحررِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الرعاية»، و «الزَّرْكَشي»، و «الشرحِ». وعنه، لا يَثنيهما في ركوعه. قال المصنف: هذا أقْيَسُ وأصَح في النظَرِ، إلَّا أن أحمدَ ذهَب إلى فِعْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنسٍ، وأخَذ به. قال في «حَواشى ابن مُفْلِحٍ» هذا أقْيَسُ. وقدَّمه في «مَجْمَع البَحْرَيْن»، وأطْلقَهما في «الفُروع»، و «الفائقِ»، و «ابن تَميم». وقال في «الرعايةِ الصغْرَى»: ومُتَرَبعًا أفْضَلُ. وقيل: حال قيامِه، ويَثْنِي رِجْلَه إنْ ركَع أو سجَد. تنبيه: محَل الخِلافِ في كوْنِ صلاةِ القاعدِ على النِّصْفِ مِن صلاةِ القائمِ، إذا كان غير مَعْذورٍ، فأما إنْ كان مَعْذورًا لمَرَض أو نحوِه، فإنَّها كصَلاةِ القائمِ في الأجْرِ. قال قيس «الفُروعَ»: ويتوَجَّه فيه فرْضًا ونَفْلًا. فائدة: يجوزُ له القِيامُ إذا اْبتَدَأ الصلاةَ جالِسًا، وعكْسُه. تنبيه: ظاهر كلامِ المصَنفِ، أن صلاةَ المضْطَجع لا تصِحُّ. وهو الصحيح مِنَ المذهبِ. قال المجْدُ في «شرحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمع البَحْريْن»، و «الزرْكَشي»: ظاهرُ قولِ أصحابِنا، المنْعُ. وقدمه في «الفُروعِ»، و «الرعاية». قال الشيخُ تقِي الدين: جوزَه طائِفة قليلة. ونقَل ابنُ هانِئٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ، فيكون على النِّصْفِ مِن صلاةِ القاعدِ. واختاره بعض الأصحابِ. قال الشيخ تَقِيُّ الدِّين: وهو قوْلٌ شاذٌّ لا يعرَف له أصْل في السلف. قال المجْدُ: وهو مذْهَب حسَنٌ. وجزَم به في «نَظْمِ نِهَايةِ ابنِ رَزين». وأطْلقَهما ابنُ تَميم، و «الفائق». وقال الشيخ تقيُّ الدينِ: لا يجوز التَّطَوعُ مُضْطَجِعًا لغيرِ عذرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الرِّعايتَيْن»، و «الإفاداتِ». وجعل محل الخِلافِ في «الرعاية الكبْرى» في غيرِ المعْذورِ. وغالب مَن ذكَر المسْألة، أطلَق. فعلى القول بالصحة، هل يومئُ، أو يسْجُد؟ على وَجْهين. وأطْلقهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، و «الفروع»، و «ابنِ تَميم»، و «الحواشِي»، و «النُّكَتِ». فائدتان؛ إحْداهما، التَّطَوُّع سيرا أفضَلُ. على الصَّحيح منَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويُسِرُّ بنيته. وعنه، هو والمسْجِدُ سواء. انتهى. ولا بأسَ بالجماعةِ. فيه. قال في «الفروعِ»: ويجوز جماعةً. أطْلقَه بعضُهم. وقيل: ما لم يتَّخَذْ عادةً وسُنةً. قطَع به المجْد في «شرْحِه»، و «مَجْمع البَحْريْن». وقيل: يُسْتَحَب. اختارَه الآمِدِي. وقيل: يكرهُ. قال الإمام أَحْمد: ما سَمِعْته. وتقدم هل يكره الجَهْرُ نَهارًا، وهل يخير ليْلا؟ في صِفَة الصلاةِ، عند قولِه: ويَجْهر الإمامُ بالقِراءة. الثَّانية، اعلمْ أن الصلاةَ قائمًا أفضَلُ منها قاعِدًا. والصحيح مِنَ المذهبِ، أن كثْرَةَ الركوعِ والسّجودِ أفضَل مِن طوال القيامِ. قال في «القاعِدَةِ السابعةَ عَشرَةَ»: المشهور أنَّ الكثْرَةَ أفْضَلُ. وقدمه في «الهِدايةِ»، و «المستوعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «التلْخيص»، و «المحَررِ» و «ابنِ تَميم»، و «الفروعِ» و «مَجْمع البَحْريْن»، ونصرَه. وقال: هذا أقوى الروايتَيْن. وجزم له في «الفائقِ»، و «الإفادات». وقال الشيخُ عبْد القادر، في «الغنيةِ»، وابن الجَوْزِيِّ، في «المذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، وصاحِب «الحاوِييْن»: كثرة الركوع والسجودِ أفضل مِن طولِ القيام في النَّهارِ، وطول القيامِ في الليلِ أفضلُ. قال في «مَجْمع البَحْرَيْن»: اختارَه جماعة من أصحابنا. وعنه، طول القيام أفْضَل مطْلَقًا. وقدَّمه في

وَأدْنَى صَلَاةِ الضُّحَى رَكْعَتَانِ، وَأكثرُهَا ثَمانٍ، وَوَقْتُهَا إِذَا عَلَتِ الشَّمْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعايتَيْن»، و «نِهاية ابن رزِين»، و «نَظْمِها». وعنه، التَّساوِي. اخْتارَه المَجْد، والشّيخ تَقِيُّ الدين. وقالت التحْقيق أن ذِكْرَ القيام، وهو القراءة، أفضَل مِن ذكْر الرُّكوعِ والسُّجودِ، وهو الذكْرُ والدعاءُ. وأَمَّا نفْسُ الركوع والسُّجودِ، فأفضَلُ مِن نفْس القيامِ، فاعْتدَلا, ولهذا كانت صلاتُه، عليه أفضل الصلاةِ والسلامِ، مُعْتدلَةً؛ فكانَ إذا أطالَ القِيامَ، أطال الرُّكوع والسُّجودَ بحسَب ذلك حتَّى يَتقارَبا. قوله: وأدنى صلاةِ الضُّحى رَكْعتانِ، وأكْثَرُها ثَمانٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وعنه، أكثرُها اثنا عشَر. وجزَم به في «الغُنْيَة»، و «نَظْم نِهاية ابنِ رَزِينٍ». قوله: ووقتُها، إذا علَتِ الشَّمْسُ. يعْنى، إذا خرَج وقْتُ الكراهَةِ. وهكذا قال أكثر الأصحاب، وهو المذهبُ. وقال في «الهِداية»، و «الكافِي»، و «التلْخيص»: إذا عَلَتِ الشَّمس واشْتَد حرُّها. ونص عليه الإمامُ أحمدُ. وقال في «المستوْعِبِ»، و «الحاوِي الكبيرِ»: حينَ تبيَض الشَّمس. وقال في «الرّعَاية الكُبْرى»: مِن عُلُو الشَّمْس. وقيل: وبياضِها. وقيل: وشدةِ حَرِّها. وقيل: بل زَوالِ وَقْتِ النَّهْيِ. انتهى. وقال المَجْدُ عن كلامِه في «الهِداية»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والنص: وهو محْمولٌ عندي على وَقتِ الفَضِيلَة. قال في «مَجْمع البَحْرَيْن»: وهو محْمولٌ عندَ الأصحابِ على وقْتِ الفَضيلَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: آخِر وَقْتِها إلى الزوالِ. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحاب، وقطع به أكثرهم. قال في «الفُروعِ»: والمراد، والله أعلمُ، قُبَيْلَ الزوالِ. انتهى. قلت: هو كالصريحِ في كلامِهم؛ فإن قوْلَهم: إلى الزوالَ. لا يدْخل الزَّوال في ذلك، لكنْ يَنْتَهِي إليه. وله نظائِرُ. وقال الشيخ عبْدُ القادرِ: له فعْلها بعد الزوال، وإنْ أخرَها حتَّى صلَّى الظهْر، قضاها نَدْبًا. فائدتان؛ إحْداهما، الصحيح مِنَ الذهبِ؛ أنَّه لا يسْتَحَب المُداومةُ على فِعْلِها، بل تُفْعَلُ غِبًّا. نصَّ عليه في رواية المرُّوذِي. وعليه جمهور الأصحابِ. قال في «الهِدايَةِ»: لا يُسْتحَبُّ المُداومَةُ عليها عندَ أصحابنا. قال في «مَجْمَع البحْرَيْن»: أكثرُ الأصحابِ قالوا: لا يسْتَحب المُداومةُ عليها. ونصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروع» وغيرِه. واختارَ الآجُرِّي، وابن عَقِيل، اسْتحبابَ

وَهَلْ يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِرَكْعَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُداومَةِ عليها. ونقَله موسى بنُ هارونَ (¬1) عن أحمدَ. قال في «الهِدايَةِ»: وعندى يسْتَحَبُّ المداومة عليها. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوك المذهَبِ»، و «مجْمعِ البحْرَيْن»: ويستحبُّ المداومة عليها، في أصْح الوَجهَيْن. قال المجْدُ في «شرْحِه»، وصاحبُ «الحاوِي الكَبيرِ»: وهو الصحيحِ عندِي. قال ابن تميم: واسْتِحْبابُ المُداومَةِ عليها أوْلى. قال في «الإفاداتِ»: ولا يكره مُداوَمَتها. فتلخَّصَ، أن الآجرِّيَّ، وابنَ عقيل، وأبا الخطَابِ، وابن الجَوْزِي، والمجْد، وابن حَمْدانَ، وابن تميم، وصاحِبَ «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، اخْتاروا اسْتِحْبابَ المُداومَةِ عليها. وأطْلقَ الوَجْهَيْن في «التَّلْخيص». واخْتار الشيخ تَقِي الدينِ المداومَةَ عليها لمن لم يَقُمْ منَ الليلِ، وله قاعِدة في ذلك؛ وهي: ما ليس براتِبٍ لا يُداوم عليه كالراتِبِ. الثَّانية، أفْضل وقتِها، إذا اشْتَدَّ الحَرُّ؛ للحديثِ الصَحيحِ الواردِ في ذلك. قوله: وهل يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِركْعَةٍ؛ على روايتَيْن. وأطْلقَهما في «المذْهب»، و «البلْغَةِ»، و «ابن تَميم»، و «النَّظْمِ»، و «مسْبوكِ الذهبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِي الصَغيرِ»، و «الزرْكَشي»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهب. صححَهما في «التصْحيحِ»، وابن مُنَجَّى في «شرحِه». قال في «الخُلاصَةِ»: يصِح أنْ يتطوعَ بركْعَةٍ على الأصَحِّ. قال في ¬

(¬1) موسى بن هارون بن عبد الله الحمال البَزَّار، أبو عمران. الإمام الحافظ الكبير الحجة النَّاقد، محدث العراق. تُوفِّي سنة أربع وتسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 116 - 119.

فَصْلٌ: وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ صَلَاةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيص»: ويصِحُّ التَّطَوُّعُ بركْعَةٍ، في أصَحِّ الروايتيْن. ونصَره في «مَجْمَع البَحْرَيْن»، والمَجْدُ في «شرْحِه». وقدمه في «الفروعِ»، و «المحَررِ»، و «الهِدايةِ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِي الكبِير»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزم به في «الإفادات»، و «نهايةِ ابن رَزِين»، و «نظْمِها». وصححَه أبو الخطابِ في «رُءوس المسائلِ». الرواية الثَّانية، لا يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ». وهي ظاهر كلامِ الْخرَقيِّ. ونصَرها المصَنِّف في «المغْنِي»، و «الشرح». وقال فيه ابنُ تَميم، والشارِح: أقلُّ الصلاةِ ركْعَتان. على ظاهرِ المذهبِ. فائدة: قال المَجْدُ في «شرْحه»، وابنُ تميم، والزرْكَشي، وابنُ حَمْدان في «رِعايتِه»، وصاحِب «الحاوِي»، و «مَجْمَع البَحْرَين»، وغيرهم: حكم التنفلِ بالثَّلاث والخمس حُكمُ التنفلِ برَكْعةٍ؛ فيه الروايَتان. ولا نعلم لهم مُخالِفًا. قال في «الفُروعِ»: ويصِح التَّطَوُّعُ بفرْدِ ركْعةٍ. قوله: وسُجودُ التِّلاوةِ صَلاةٌ. فيشْترَطُ له ما يشْرط للنافلةِ. وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصَحاب، وقطَع به أكثرهم. وعند الشَّيخِ تقِي الدين؛ سُجود التلاوَة وسُجودُ الشُّكْرِ خارِجُ الصلاةِ، لا يفْتَقر إلى وُضوءٍ، وبالوُضوءِ أفْضَل. وقد حكى النووِي، الإجْماعَ على اشتراطِ الطهارةِ لسجود التلاوَة والشكْرِ.

وَهُوَ سُنة لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ دُونَ السَّامِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو سُنَّةٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحاب. وعنه، واجبٌ مُطلقًا. اخْتاره الشيخُ تَقِي الدينِ. فعليْها يتيمم محْدِثٌ. قالَه في «الفُروعِ». وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»: لا يتَيَمَّم لخُوْفِ فوْتِه. وقيل: بلَى. وبعضُهم خرَّجَها على التَّيَمُّمِ للجِنازَةِ. واسْتَحْسنَه ابن تَميمٍ. وقال المَجدُ: لا يسْجدُ وهو محْدثٌ، ولا يقْضِيها إذا توَضَّأ. انتهى. وعنه، واجِب في الصَّلاة. فعلى المذهبِ في اسْتِحْبابِها للطَّائِف رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرعاية»، و «ابن تَميم»، و «المذْهَبِ». قلتُ: الأظْهَر مِن الوجْهَيْن، أنَّه يسْجد. وهو ظاهر كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. [قال ابن نَصْرِ اللهِ: هما مَبْنيَّان على قطْعِ الموالاة به وعَدمِه] (¬1). وعلى كلِّ قوْلٍ، يشترَط لسُجودهِ قِصَرُ الفَصْل. على الصحيحِ مِن المذهبِ، فيَسْجدُ متَوَضئٌ، ويَتَيَمَّمُ من يُباحُ له التيمم مع قصَرِ الفَصْلِ. قال في «الفُنون»: سَهْوُه عنه كسجودِ سَهْوٍ؛ يسْجد مع قصَرِ الفَصْلِ. وعنه، ويتَطَهر أَيضًا محدِث ويسْجد. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَةِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو سُنَّةٌ للقارِيّ وللمسْتَمع دونَ السامِع. وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وجزم به في «المُحَرْرِ»، و «الوجيزِ»، و «الكافِي»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفروع»، و «الرعايتَيْن»، وغيرهم. وصحّحه في «الحاويَيْن» وغيرِه. وهو مِنَ المفرَدات. وقيل: يسْجدُ السَّامعُ أَيضًا.

وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ القَارِئُ يَصْلُحُ إِمَامًا لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الفائق»، و «ابنِ تَميم». قوله: ويُعْتَبَرُ أنْ يكونَ القارئُ يَصْلُح إمامًا له. فلا يسْجُدُ قُدامَ إمامِه، ولا عَن يَساره. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدمه في «الفُروع»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ». وقيل: يسْجدُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به النَّاظِم؛ فإنَّه قال: وليس بشرطٍ مَوْقفٌ متَعَيِّنٌ. وقطَع به في «مَجْمع البحْرَيْنِ» كسجودِه لتِلاوَة أمي، وزمِنٍ؛ لأنَّ القراءة والقيامَ ليْسا من فروضِه. لا أعلمُ فيهما خِلافًا. ولا يسْجد

فَإنْ لَمْ يَجُدِ الْقَارِئُ، لَمْ يَسْجدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رجُلٌ لتلاوةِ امرأةٍ وخُنثى. وفي سجودِه لتلاوةِ صَبِي وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفائقِ». قلتُ: الصحيح مِن المذهبِ، سجوده لتِلاوَة الصبِي؛ لأنَّه كالنَّافِلةِ. والمذهب، صحَة إمامة الصبِي في النافِلَة، على ما يأْتي. قال في «الفروعِ»، و «المحَرَّرِ»، وغيرِهما: ويسَنّ للقارِئِ ولمُسْتمعِه الجائز اقْتداؤه به. وقيل: يصِحُّ إنْ صحّت إمامَته. وأطْلَقَهنَّ في «الرعايةِ». وجزَم في «المذْهَبِ»، أنَّه لا يسْجد لتِلاوة صَبِيٍّ. فائدة: قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لم أرَ مِنَ الأصحاب من تَعَرَّضَ للرَّفْعِ قبلَ القارِئُ، فيحتمِلُ المنع، كالصَلاةِ، ويَحْتَمل الجوازُ؛ لأنَّه سجْدَة واحدةٌ، فلا يُفْضِي إلى كبيرِ مُخالفَةٍ وتخليطٍ. وقالوا: لا يسْجد قبلَه، لعمومِ الأدِلَّة، ولأنه لا يَدرِى، هل يسْجدُ أم لا؟ بخِلافِ رَفْعه قبلَه. انتهى. قلت: الثاني هو الصواب. قوله: فإنْ لم يَسجد القارئ، لم يسجدْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب، وهو من المفرداتِ. وقيل: يسجد غير مُصلٍّ. وقدّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَسيلَةِ». فوائد؛ الأولَى، لا يسْجدُ في صلاه لقِراءةِ غيرِ إمامِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نص عليه، كقِراءةِ مأموم. وعنه، يسْجُدُ. وعنه، يسْجُد في النفْلِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ الفَرْضِ. وهو قوْلٌ في «الرعايةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. وخصَّ القاضي في موْضع من كلامِه الخِلافَ بالنفْلِ. قالَه في «مجْمَع البَحْرَين»، و «المَجْدِ». وقطَع به في «المذْهَبِ». وقيل: يسْجُدُ إذا فرَغ. اخْتارَه القاضي. فعلى القولِ بعدمِ السجود، لو خالَفَ وفعَل، ففي بُطْلانِ الصلاةِ به وَجْهان. حكاهما القاضي في «التَّخْرِيجِ». وأطْلَقَهما في «الفروعِ»، و «الرعاية»، و «ابنِ تميم». وقدّم في «الفائقِ» البُطْلانَ. الثَّانية، لا يقوم ركوع ولا سجود عن سجْدَةِ التلاوَةِ في الصَّلاة. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، وغيرهم. وعنه، بلى. وقيل: يجْزِئُ الركوعُ مُطْلَقًا. أعْنِي, سواء كان في الصلاة أو لا. قالَه في «الفروع» وغيرِه. وحكِي بين القاضي. وقال في «الرعايةِ»: وعنه، يجزئ ركوعُ الصلاةِ وحدَه. انتهى. قلت: اخْتارَها أبو الحُسَيْن. وقال في «الفائق»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يقومُ الرُّكوعُ مَقامَه، وتقومُ سجْدة الصلاةِ عنه. نص عليه. وجْزَم به في «مَجْمَعِ البحْرَيْن». وقدّمه ابن تَميمٍ. الثَّالثة، لو سجَد ثم قرَأ، ففي إعادَتِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفروع». وقال: وكذا يتوَجَّه في تحيةِ المسْجِدِ إنْ تكَررَ دُخوله. وأطْلقهما في «الفائقِ»، و «التَّلْخيص». وقال ابنُ تميم: وإنْ قرأ سجْدَةً فسجَد، ثم قَرَأها في الحالِ مرةً أخْرى، لا لأجْلِ السُّجود، فهل يُعيد السجودَ؟ على وجْهَيْن. وقال القاضي في «تَخْريجِه»: إنْ سجد في غيرِ الصلاة، تم صلَّى فقرَأها فيها، أعادَ السجود، وإن سجَد في صلاةٍ، ثم قرأها في غيرِ صلاةٍ، لم يسْجدْ. وقال: إذا قرَأ سجْدة في ركْعةٍ فسجد، ثم قرَأها في الثَّانية،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقيل: يُعيدُ السُّجودَ. وقيل: لا. وإنْ كرَّر سجْدةً، وهو راكبٌ في صلاةٍ، لم يكَرِّرِ السجودَ، وإنْ كان في غيرِ صلاة، لم يكررِ السجودَ. كذا وُجِد في النّسَخ. وقال في «الرعايةِ»: وكلما قرأ آيةً، سجد سجْدةً. قلت: إنْ كررها في ركْعَةٍ، سجَد مرَّةً. وقيل: إنْ كانت السجْدَة آخِرَ سورةٍ، فلَه السجودُ وتَرْكه. وقيل: إنْ قرأ سجْدَةً في مجْلِس مرتَيْن، أو في ركْعَتَيْن، أو سجَد قبلَها، فهل يسْجد للثاني! أو للأوَّلَةِ؟ فيه وَجْهان. وقيل: إنْ قرأها، فَسجَد ثم قرأها. وقيل: في الحال. فوَجْهان. الرابعة، لو سمعَ سجْدْتيْن معًا، فهل يسْجد سجْدَتيْن، أم يكْتَفى بواحدةٍ؟ قال ابن رجَب في «القاعدَةِ الثَّامِنةَ عَشْرةَ»: المنصوصُ في رِوايةِ البرزاطى (¬1)، أنَّه يسْجد سجْدَتَيْن. قال: ويتخرج أنْ يكْتَفِيَ بواحدة، وقد خرج الأصحابُ في الاكتفاء بسجْدة عن الصلاة عن سجْدةِ التلاوَةِ وَجْهًا, فهنا أوْلَى. انتهى (¬2). ¬

(¬1) نسبة إلى قرية عن قرى بغداد، وهو الفرج بن الصباح البرزاطى، نقل عن الإمام أَحْمد أشياء كثيرة. طبقات الحنابلة 1/ 255. (¬2) انظر: القواعد، لابن رجب 25.

وَهُوَ أربَعَ عَشَرةَ سَجْدَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو أربَعَ عَشرَةَ سجْدَةً، في الحجِّ منها اثْنَتان. هذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، في الحَجِّ واحدة فقط. وهي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُولَى. نقَله الآمديُّ. وعنه، هي الثَّانية، فتكون السَّجداتُ ثلاثَ عشْرَةَ. وعنه، سجْدَةُ «صَ» منه، فتكونُ خَمس عَشْرَة. اخْتارَها أبو بكر، وابن عَقِيلٍ. فعلى المذهب، سجْدَة «ص» سجْدَة شُكْر، فيسجد بها خارِجَ الصلاةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على كلِّ رواية، ولا يسْجد بها في الصَّلاة، فإنْ فَعَل عالمًا، بطلَتِ الصلاة. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به في «المنور». وقيل: لا تَبْطُلُ. قال في «الفُروع»: وهو أظْهرُ، لأنّ سبَبَها مِنَ الصَّلاةِ. وأطْلَقَهما «ابنِ تميم» و «المُذْهب»، و «الفائقِ»، و «الحاوِييْن»، و «مَجْمَع البَحريْن»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وقال: على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القول بأنَّها لا تبْطُلُ، لا فائدةَ في اخْتِلافِ الرِّوايتَيْن مِن حيث المَعنى، إلَّا هل هذه السَّجْدْة مؤكدة كتأْكيدِ سُجودِ التِّلاوةِ، أم هي دُونَه في التَّأْكيدِ كسُجودِ الشكْر؟ لأنَّ سُجود التلاوَةِ آكَد من سجود الشُّكْرِ.

فِي الْحَجِّ مِنْها اثْنَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: السَّجْدَةُ في «حَم» عندَ قولِه: {يَسْئَمونَ}. على الصحيحِ مِن المذهب؛ وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه المجْدُ في «شرحه»، و «مجمَع

وَيكَبِّرُ إذَا سَجَدَ، وإذَا رَفَعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحرين»، و «الزركَشِيّ». وقدمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقيل: عندَ قولِه: {تعبدُون}. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. وقدَّمه في «الرعايةِ الكبْرى». وأطْلَقَهما المَجْدُ في «شرحه»، و «ابن تَميم»، و «مجمعِ البَحرَيْن». وعنه، يُخَيَّرُ. تنبيه: ظاهر قولِه: ويكَبر إذا سجَد. أنَّه لا يُكَبِّر للإحرامِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ. قال المَجْدُ: هو قول القاضي وغيرِه مِن أصحابِنا. وقيل: يشتَرط تكْبيرة الإحرام. اخْتاره أبو الخطابِ. وجزَم به في «الإفادات». وصححه في «الرعايتيْن». وأطْلَقَهما في «الفائقِ». قوله: ويُكَبِّرُ إذا سجَد. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرعايتَيْن»: ويكَبر غير المُصلى في الأصَحِّ للإحرامِ والسجودِ والرفْعِ منه. فظاهِر كلامِه، أن في تكْبيرةِ السجودِ خلافًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا رفَع. يعنِي، يكَبِّرُ إذا رفَع. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يجْزئُه تكبْيرةٌ للسجودِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه

وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ، وَلَا يَتَشَهدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُ الأصحابِ. قوله: ويجْلِسُ. هكذا صرح به جماعةٌ كثيرةٌ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: فلعَلَّ المرادَ الندب، ولهذا لم يذْكروا جلُوسَه في الصلاةِ كذلك. قوله: ويسلِّمُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن السَلامَ ركْنٌ. نصَ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، ليس برُكن. وهما وَجْهان في «الفائقِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». فعلى المذهبِ؛ يُجْزِئُه تسْليمَةٌ واحدةٌ، وتكون عن يَمينه. وهذا المذهبُ. نص عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، تجِبُ الثِّنْتان. قوله: ولا يتَشَهَّدُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ. وقيل: بلَى. وهو تخْرِيج لأبِي الخطَّابِ، واخْتارَه. وهو مِن المفْرَداتِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «التَّلْخيص». قال في «الفُروع»: ونَصُّه لا يُسَنُّ. فائدتان؛ إحداها، الأفضَلُ أنْ يكون سُجودُه عن قِيام. جزم به المجدُ في «شَرحِه»، و «مَجْمَع البحرَيْن»، وغيرِهما. وقدمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. واخْتارَه الشيخ تقيُّ الدِّين، وقال: قالَه طائفَة مِن أصحابِ الإمام أحمدَ. وقيل للإمامِ أحمدَ: يقومُ ثم يسْجد؟ فقال: يسجدُ وهو قاعِدٌ. وقال ابنُ تَميم: الأفضَل أنْ يسْجد عن قِيام، وإنْ سجَد عن جلوس فحسَن. الثَّانية، يقولُ في سجودِه ما يقولُه في سُجودِ الصلاةِ، وإنْ زادَ على ذلك مما ورَد في سُجودِ التَّلاوَةِ فحسن.

وَإنْ سَجَدَ فِي الصَّلَاةِ رَفَع يَدَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يرفَعُهُا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سجد في الصلاةِ رفع يدَيْه. نصَّ عليه. يعنِي، في روايِة أبي طالِبٍ. وهو المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزم به في «الوجَيز»، و «المُنوِّرِ». وقدَّمه في «الهِدايَة»، و «المسْتَوْعِب»، و «الخلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايتَيْن»، و «النظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، و «مَجْمَع البحرين»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن». وقال القاضي في «الجامِع الكَبِير»: لا يرفَعُهما. وهو رِوايَة عن أحمدَ. قال في «النكَتِ»: ذكَر غيرُ واحدٍ، أنَّه قِياسُ المذهبِ. قلتُ: مهم المُصنِّفُ، والشارِحُ. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: هذا الأصَح. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، والمَجْدُ في «شرحِه»، و «المذهب»، و «الْتلْخيص». وتقام هل يرفَعُ

وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْإمَامِ السُّجُودُ فِي صَلَاةٍ لَا يُجْهرُ فِيها، ـــــــــــــــــــــــــــــ يدَيْه بعدَ فراغِه مِنَ القُنوتِ إذا أرادَ أنْ يسْجدَ؟ في أحكامِ الوتْرِ. فائدتان؛ إحداهما، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا سَجَد في غيرِ الصَّلاةِ يرفَعُ يدَيْه، سواءٌ قُلْنا: يرفَعُ يَدَيْه في الصَّلاةِ أو لا. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب. وجزَم به في «التلْخيص». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الرعايتَيْن»، و «ابنِ تَميم»، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا يرْفَعهما. ويَحتَمِله كلامُ المصَنفِ هنا، وصاحبِ «الوَجيز». وأطْلَقَهما في «الفائقِ». الثانيةُ، إذا قامَ المصَلِّي مِن سُجودِ التلاوَةِ، فإنْ شاء قرَأَ، ثم ركَع. وإنْ شاءَ ركَع مِن غير قراءة. نصَّ عليه. قوله: ولا يُستحَب للإمامِ السُّجُودُ في صَلاة لا يُجْهرُ فيها. بك يكرهُ. وهذا

فَإنْ فَعَلَ، فَالْمَأمُومُ مُخَير بَيْنَ أتباعِهِ وتَركِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ. وقدَّمه في «الفروع»، و «الرعاية»، وغيرِهما. وقيل: لا يكْرَهُ. اختاره المُصنِّف. قوله: فإنْ فعَل، فالمأموم مخَيَّر بينَ اتِّباعِه وتركه. هذا المذهب، وعليه أكثر الأصحابِ، وأكثرهم جزم به، وهو مِن المُفْرَداتِ. وقيل: يلزَمُه مُتابعتُه. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّف. تنبيه: مفْهوم كلامِه، أن المأمومَ يَلزَمه متابَعَة إمامه في السجودِ في صلاةِ الجَهْرِ. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»، و «الرعايَة»: يلزَمه في الأصحِّ. وجزم به المجدُ في «شَرحِه»، و «مَجْمَع البحرَيْن». وقيل: لا يلزَمه. جزَم به في «الحاوي الكَبير». فعلى المذهبِ؛ لو ترَك متابَعَته عَمدًا، بَطَلتْ صلاته. جزَم به المَجد في «شرحه»، و «مَجْمَعِ البحرَيْن»، وغيرِهما. وعلى الثَّانِي، لا تبْطل، بل يكْره.

وَيُسْتَحَبُّ سُجُودُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النَّعَمِ، وَانْدِفَاعِ النَّقَمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الراكبُ يُومِئُ بالسُّجودِ، قوْلًا واحدًا. وأمَّا الماشي، فالصحيح مِنَ المذهبِ، أنَّه يسْجُدُ بالأرض. وقيل: يُومئُ أَيضًا. وأطْلَقَهما في «الحاوِي». وقيل: يُومئُ إنْ كان مسافِرا، وإلا سجَد. قوله: ويُسْتَحبُّ سُجودُ الشُّكْر. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وقال ابن تميمٍ: يسْتَحَبُّ لأميرِ النَّاس لا غيره قال في «الفُروع»: وهو غريبٌ بعيدٌ. قوله: عندَ تجَدُّدِ النَّعَمِ، واندفاعِ النقَمِ. يغنى، العامَّتيْن للنَّاس. هكذا قال كثير مِنَ الأصحابِ، وأطْلَقوا. وقال القاضي وجماعة: يسْتَحَب عندَ تَجَدُّدِ نِعمةٍ، أو دَفْع نِقْمَة ظاهرةٍ؛، لأن العُقَلاءَ يهنَّون بالسلامَةِ مِنَ

وَلَا يَسْجُدُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العارِضِ، ولا يفْعلونَه في كلِّ ساعةٍ، وإنْ كان الله ويصرِفُ عنهم البلاء والآفاتِ، ويُمَتِّعُهم بالسمع والبصرِ، والعَقْلِ والدينِ، ويفَرقون في التَهْنِئَة بينَ النِّعْمَةِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، كذلك السُّجودُ للشكْرِ. انتهى. فائدة: الصحيح مِن المذهبِ، أنْ يسْجُدَ لأمرٍ. يخصُّه. نصّ عليه. وجزم به في «الرعاية الكبْرى». وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقيل: لا يسْجُدُ. [قدمه في «الرعايةِ الكبْرى»؛ فقال: يُسَن سُجود الشكْرِ لتَجَدد نِعمَه، وَدَفْع نِقْمةٍ عامتيْنِ للنَّاس. وقيل: أو خاصتيْن] (¬1). وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تميم». قوله: ولا يسْجُدُ له في الصلاةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَصْلٌ: فِي أوْقَاتِ النَّهْيِ، وَهِيَ خَمسَةٌ؛ بعدَ طُلُوعِ الْفَجْر ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم، واسْتَحبَّه ابنُ الزاغُونِي فيها. واخْتارَه بعض الأصحاب. وهو احتمالٌ في «انْتِصارِ أبي الخطابِ»، كسجودِ التِّلاوَةِ. وفرّق القاضي وغيرُه بينَهما؛ بأنَّ سبَبَ سُجودِ التِّلاوَةِ عارِضٌ مِن أفْعالِ الصلاةِ. فعلى المذهبِ؛ لو سجَد جاهِلًا، أو ناسِيًا، لم تبْطلِ الصَّلاةُ، وإنْ كان عامِدًا بطلتْ. على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. وعندَ ابنِ عَقِيل، فيه رِوايَتان؛ مَن حمِد لنعمةٍ، أو اسْترجَعَ لمُصيبةٍ. فائدة: لو رأى مبتلًى في دِينه، سجَد شكْرًا بحُضورِه وغيرِه، وإن كان مبْتَلًى في بدَنِه، سجَد وكَتمَه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحاب، وقطَع به أكثرُهم. قال القاضي وغيره: ويسأل الله العافيةَ. قال في «الفروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، لا يسْجد. ولعَلَّه ظاهِر الخبَرِ. فعل المذهب، قال في «الفروعِ»: والمرادُ إنْ قلْنا: يسْجد لأمر يخصه. قلتُ: فهو كالصريح في كلام ابن تميمٍ؛ فإنَّه قال: وهل يسْجُدُ لأمر يخُصُّه؟ فيه وَجْهان، لكنْ إنْ سجد لرؤْيَةِ مبتلًى في بَدَنِه، لم يُشْعره. فاسْتَدْرَكَ مِن السُّجودِ لأمرٍ مخْصوص، ذلك. قوله: في أوْقاتِ النَّهْي، وهي خَمسةً. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وظاهرُ كلامِ الخِرقيِّ، أن عند قِيامِها ليس

حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمس، وَبَعدَ الْعَصرِ، وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمس حَتَى ترتَفِعَ قِيدَ رمْح، وَعِنْدَ قِيَامها حَتَى تَزُولَ، وإذا تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ حَتى تَغْرُبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بوَقْتٍ نَهْى لقصَره. قال في «الفُروعِ»: وفيه وجْهٌ، أَنَّه ليس بوقتِ نهْي. قال الزركشى: ظاهرُ كلام الخرقي، أن أوْقاتَ النهْي ثلاثة؛ بعدَ الفَجر حتَّى تطْلُعَ الشَّمس، وبعد العصرِ حتَّى تغْربَ. وهذا الوَقْتُ يشتَمِل على وقْتين. وعنه، لا نَهيَ بعدَ العصرِ مُطْلَقًا. ويأتِي ذلك مُفَصلًا قرِيبًا أتَم مِن هذا. قوله: بعدَ طُلوع الفجْرِ. يعنِي، الفَجْر الثَّانِي، وهذا المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، مِن صلاةِ الفَجْرِ. اخْتاره أبو مُحَمَّد رِزْق اللهِ التَّمِيميُّ. قوله: وبعد العَصرِ. يعنِي، صلاةَ العصر. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحاب. ويأتِي قريبًا إذا جمع. وعنه، لا نَهْىَ لحدَ العصرِ مُطْلَقًا، كما تقدّم. وعنه، لا نَهْىَ بعدَ العصر ما لم تَصْفَر الشَّمسُ. فائدة: الاعتِبارُ بالفَراغِ بن صلاة العَصرِ، لا بالشروعِ. فلو أحرَمَ بها ثُمَّ قلَبها نَفْلا لعُذْرٍ، صَحَّ أنْ يتطَوَّعَ بعدها. قالَه ابنُ تميم، وابن حمدانَ، وصاحِب «الفائقِ»، وغيرُهم. والاعتِبارُ أَيضًا بصَلاِته، فلو صلَى منعَ مِنَ التطَوع، وإنْ لم يُصَل غيرَه، ومتى لم يصَل، فلَه التطَوُّعُ، وإن صلى غيرَه. قالَه الأصحابُ. قوله: وعندَ طلُوعِ الشَّمس حتَّى ترتفِعَ قِيدَ رمحٍ. هكذا قال أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال في «المُسْتَوعْبٍ»: حتَّى تبيض. وحَكاه في «الرعايةِ» قولًا. قوله: وعندَ قِيامها حتَّى تزولَ. هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وظاهر كلامِ الخِرَقِي، أله ليس بوقْتِ نهْي؛ لقِصَرِه كما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدّم. اخْتارَه بعض الأصحابِ. واخْتارَه الشَّيخُ تقِيُّ الدين في يوْمِ الجمعَةِ خاصةً. قال الإمامُ أحمدُ في الجمعة: إذَنْ لا يعجبني. قال في «الفُروع»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِره الجوازُ ولو لم يحْضُرِ الجامِعَ. وقال القاضي: ليسْتَظْهر بتَرْك الصلاةِ ساعةً بقَدر ما يعلَمُ زوالَها كسائر الأيام. فائدتان؛ إحداهما، لو جمع بينَ الظُّهْرِ والعصر في وَقْت الأولى، مُنِعَ مِنَ التَّطَوعِ المُطْلَقِ بعد الفَراغِ فما. قالَه ابنُ تَميم، وابن حَمدان، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الفائِق»، والزركَشي وغيرُهم. وأما سنة الظُّهْر الثَّانية، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنها تُفعل بعدَ العصرِ إذا جمَع، سواءٌ جمعَ في وقْتِ الأولَى أوِ الثَّانية. قدمه في «الفروع». وقيل: يفعْلها إذا جمَع في وَقتِ الظُّهْر. وقيل: بالمنع مُطْلقًا. وقال ابن عَقِيل، في «الفُصول»: يصلي سُنَّةَ الأولى إذا فرَغ مِن الثانيةِ، إذا لم تكنِ الثَّانية عصرًا، وهذا في العِشاءين خاصَّة. وتُقدم سُنَّة الأولَى منهما على الثَّانية، كما قدَم فرض الأولَى على الثاني. قال في «الفُروع»: كذا قال. الثَّانية، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن المَنْع في وقْتِ النهْيِ متعلِّق بجميعِ البلْدانِ. وعليه الأصحاب. وعنه، لا نَهْىَ بمكة. وهي قوْل في «الحاوي» وغيرِه. وتأوَّلَه القاضي على فِعلِ مالَه سببٌ، كرَكْعَتَيِ الطَّوافِ. قال المَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحه»: هو خِلاف الظَّاهرِ. ووجه في «الفروع» تَوْجِيهًا، إنْ قُلْنا: الحَرَم كمَكَّة في المرورِ بينَ يدَي المُصَلى، أن هنا مثْلَه. وكلامُ القاضي في «الخلافِ»؛ أنَّه لا يصَلِّى فيه اتفاقًا. قوله: وإذا تضَيَّفتْ للغروبِ حتَّى تغْرُبَ. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم رِوايةٌ؛ أنَّه لا نهْىَ بعدَ العصرِ مُطْلَقًا. تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإذا تَضَيَّفَتْ للغروبِ. أن ابتداءَ وَقتِ النهْيِ يحصُلُ قبلَ شُروعها في الغُروب، فيكونُ أوَّلُه إذا اصفرتْ. وهو إحدَى الروايتَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ. قال المجد في «شرحِه»: هذا أَولَى وأحوَطُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدمه في «الرعايةِ الكبْرى»، و «الحاوِي الكبِير»، و «الشرحِ»،

وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ فِيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «حَواشِي ابنِ مُفْلحٍ». والروايَة الثَّانيةُ، أوَّلُه إذا شرعتْ في الغروبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المجْدُ في «شَرحه»، وتبِعه في «مَجْمَع البحرَيْن». قال ابنُ تميم: واخْتلفَ قوله في الخامس. فعنه، أوَّلُه إذا شرَعَتْ في الغروب. وعنه، أوله إذا اصْفَرَّتْ. وقال في «الفُروع»، في تِعداد أوْقاتِ النَّهْيِ: وعند غروبِها، حتَّى تتمَّ. قوله: ويجُوزُ قَضاءُ الفَرائض فيها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحاب، وقطَع به أكْثرُهم. وحكَى في «التبصرَة»، في قضاء الفرائض في وَقْت النهْي رِوايتَيْن. فوائد؛ إحداها، يجوزُ صلاة النَّذْرِ في هذه الأوْقاتِ، على الصحيحِ مِنَ المذهب. جزم به في «الوَجيزِ»، و «الرعايَةِ الصُّغرى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وصحّحه في «مجمَع البَحرَيْن»، و «ابن تَميم». ونصَره المجد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شرحه»، وغيره. قال في «القواعِدِ الفِقْهية» (¬1): الأشْهرُ الجَوازُ. قال الزُّركَشِي: هذا أشْهرُ الروايتين. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرعاية الكبْرى»، و «المغني»، و «الشرح»، وغيرِهم. وعنه، لا يفْعَلها. ذكَرَه أبو الحُسَين. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». الثانيةُ، لو نذَر صلاةً في أوقات النهْي ¬

(¬1) صفحة 244.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالصحيح مِنَ المذهبِ، أن حُكمها حكْم صلاةِ النذرِ المطْلَقِ في وَقتِ النهْيِ، على ما تقدّم. قال المجد في «شَرحِه»، وتبعَه في «مَجْمَع البَحرَين»: قال أصحابنا: ينْعقِد النذْر، ويأتي به فيها. وجزَم به في «الوجيزِ»، و «ابنِ تَميم»، وغيرِهما. وقدمه في «الفروع» وغيره. وقال المجد في «شَرحِه»، والمصَنِّفُ في «المغني»، والشارِحُ: ويتَخرجُ أنْ لا ينعقدَ موجبًا لها. وتبِعَهم في «مجمع البحرين»، و «الفروعِ». وقال ابن عقيل، في «الفصول»: يفْعلها في غير وَقتِ النهيِ، ويكَفر، كنَذْرِه صوْمَ يوم العيد. وقال القاضي في «الخِلافِ» وغيره: أو نذَر صلاة مطْلَقَةً، أو في وَقْتٍ وفاتَ، فقِياس المذهب،

وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ، وإعَادَةُ الجَماعَةِ إذَا أقِيمَتْ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، بَعْدَ الْفَجْرِ والعصرِ. وهل يَجُوزُ فِي الثلَاثةِ الْبَاقِيَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز فِعلُها في وَقْتِ النهْي؛ لأن أحمدَ أجاز صوْمَ النذْر في أيامِ التشريقِ، على إحدَى الروايتين، مع تأكدِ الصَّوْمِ. الثالثة، لو نذَر الصلاةَ في مَكانٍ غصبٍ، ففي «مُفْرَداتِ أبِي يَعلَى»: ينعَقِدُ، فقيل له: يُصَلي في غيرِها؟ فقال: فلم يَف بنَذْرِه. وقال في «الفروع»: ويتَوجَّهُ أنَّه كصوْم يومِ العيد. قوله: ويجوزُ صَلاة الجِنازةِ، ورَكْعَتا الطَوافَ، وإعادة الجماعةِ إذا أقِيمتْ وهو في المَسْجِدِ، بعدَ الفَجْرِ والعصرِ. [الصحيحُ من المذهبِ، جواز صلاة الجِنازَةِ بعدَ الفَجْرِ والعَصرِ] (¬1)، وعليه الأصحابُ. وحَكاه ابن المنذِرِ، والمجدُ، وغيرهما إجماعًا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيره، قدَّمه في «الفُروع»، و «ابن تَميم»، و «الفائق»، وغيرِهم. قال المُصَنِّف، والشارِحُ: بغيرِ خِلاف. وبَعَّده ابن تميم. وحكاه في «الرعاية» قوْلًا بصلاةِ الفَرض منهما. وعنه، المَنْعُ مِنَ الصَّلاةِ عليها. نقَله ابنُ هانِيء. وعنه، المَنْعُ بعدَ الفَجْرِ فقط. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، جوازُ فِعلِ رَكْعتَي الطَّواف بعدَ الفَجْرِ والعصرِ. وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جوازُ إعادة الجماعة فهما مُطلقًا. جزَم به في «المذْهبِ»، و «الشرحِ»، و «الوَجيز»، و «المُغْنِي»، و «المنتخبِ». وقدمه في «الفُروع». واخْتارَه ابن عقِيل. واخْتارَ القاضي وغيره، لا يجوز إعادة الجماعةِ إلا مع إمامِ الحيِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «مَسْبُوكِ الذهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصةِ»، و «المحرر»، و «مجمع البحرين»، و «التلْخيص»، و «الحاوي الكبيرِ». واخْتارَه في «الفائق». وقدمه في «تجْريدِ العِنايَةِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغيرِ». قال ابن تَميم: وتعاد الجماعةُ مع إمامِ الحي إذا أقيمت وهو في المسْجِدِ، أو دخَل وهم يصَلُّون، سواء صلّى جماعةً أو فرادَى، لكنْ لا يسْتَحبُّ له الدُّخولُ. انتهى. وعنه، المَنْعُ فيها مُطلقا. ويأتِي ذلك مُسْتَوْفًى في صلاة الجماعةِ، عندَ قولِه: فإنْ صلّى ثم أقِيمَتِ الصلاةُ وهو في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْجِدِ، اسْتُحِبَّ له إعادَتُها. قوله: وهل يَجُوز في الثلاثةِ الباقية؟ على رِوايتَين. يعنِي، هل يجوز فعلُ صلاةِ الجنازَةِ ورَكْعَتَيِ الطوافِ، وإعادةُ الجماعَةِ، في الأوْقاتِ الثلاثةِ الباقيَة؟ وأطْلَقَهما ابنُ مُنجَّى في «شرحِه»، وابنُ تَميم، والزركَشي، والمَجْد في «شرحِه»، و «الخلاصَةِ». الصحيحُ منَ المذهبِ، جواز فعلِ ركْعَتَي الطَّوافِ، وإعادَةُ الجماعةِ في هذه الأوْقاتِ الثلاثةِ أيضًا. جزَم به في «التلْخيص»، و «الوجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المذهب»، و «المحَرر»، و «مَسْبُوكِ الذهبَ». وقدَّمه في «الْفروعِ»، و «الرعايةِ الكبْرى»، وغيرِهم. واخْتارَه الشيخُ تقي الدين، وصاحِب «الفائقِ». قال ابن تميم: وقطَع به بعض أصحابِنا. واخْتارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن عَقيل جوازَ إعادة الجماعة فيها. والرواية الثانية، لا يجوزُ. قال في «مجْمَع البَحرَين»: لا يجَوز في أقْوَى الرَّوايتين. وصحّحه في «النظْمِ»، و «التصحيح»، والقاضي، وأبو الخطابِ، و «الشرح». والصحيح مِنَ المذهبِ، لا تجوز صلاة الجِنازَةِ في هذه الأوقاتِ الثلاثة. قال في «مجْمَع البَحرَين»: لا تجوز صلاة الجنازَةِ في الأشْهرِ. وصحَّحه في «النَّظْم»، و «التصحيحِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «المغْني»، و «الشرَّحَ»، ونصراه. وقدمه في «المحرر». ذكَرَه في الصَّلاة على الجِنازَة. والرواية الثانية، تجوز. جزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه الشيخ تقي الدينِ، وصاحب «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «الهِدايِة»، و «شَرحِها» للمَجْدِ، و «الخلاصة»، و «المُذْهبِ»، و «مسبوكِ الذهبِ» ذكَراه في الجنائزِ. وقال ابن أبِي موسى: يصَلَّى عليها في جميع الأوْقاتِ إلَّا حال الغروبِ. وذكَر في «الرعايِة» قوْلًا بالجَواز في جميع الأوْقات، إلّا حال الغروب والزَّوالِ. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ في الصَلاةِ على الجِنازَةِ، إذا لم يخفْ عليها، أمَّا إذا خِيفَ عليها، فإنه يصَلى عليما في هذه الأوْقاتِ، قوْلًا واحدًا. فائدة: الصحيح مِنَ المذهب، تحريمُ الصلاة على القَبْر والغائبِ في أوْقاتِ النهْي كلها. وعليه جماهير الأَصحابِ، وجزَم به المُصَنِّفُ، و «الرعايةِ الصغْرَى»، و «الحاويَين». وصحّحه في «الرعاية الكبْرى». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروع». وقيل: إنْ كانتْ فرضا، لم يَحرُم، وإنْ كانتْ نَفْلًا، حَرمتْ. وأطْلقهما ابنُ تميم. وصححَ ابن الجَوزِيِّ، في «المُذهبِ» جواز الصلاةِ على القبْرِ في الوَقْتين الطيريلَين، وحكى قوْلًا؛ لا تجوزُ الصّلاة على القبْرِ في الأوْقاتِ الخَمس. وقال في «الفُصول»: لا تجوزُ بعدَ العصر؛ لأنّ العلةَ في جَوازِها على الجنازَةِ خوْف الانفجار، وقد أمِن في القَبْرِ. قال: وصلَّى قوْم مِن أصحابنا بعدَ

وَلَا يَجوزُ التَطَوُّعُ بغَيرِها فِي شَيء مِنْ هذهِ الْأوْقَاتِ الْخَمسَةِ، إلَّا مَا لَهُ سَبَبٌ؛ كَتَحِيَّةِ الْمَسجِدِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَصلَاةِ الْكُسُوفِ، وَقَضَاءِ السننِ الرَّاتِبَةِ، فَإنها عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العصر بفَتْوَى بعض المَشايخِ، ولعَله قاسَ على الجنازَةِ. قال: وحكي عنه، أنه علَّل بأنَّها صلاة مفروضة. وهذا يلْزَم عليه فِعلها في الأوْقاتِ الثلاث. انتهى. قوله: ولا يجوز التَّطَوُّع بغيرِها في شيءٍ مِنَ الأوقات الخَمسَةِ إلا ما له سَبَب. التطوُّعُ بغيرِ ما تقدّم ذكْره في الأوْقاتِ الخمسَةِ نوْعان؛ نوع له سبب. ونوْع لا سبَبَ له. فأمَّا الذي لا سبب له، وهو التَّطَوُّعُ المطْلَقُ، فجزَم المُصنف هنا، أنَّه لا يجوز فعله في شيءٍ منها. وهو المذهب بلا رَيب، وعليه جماهير الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يجوزُ. فعلى المذهب، لو شرَع في التطوُّعِ المُطلقِ، فدخَل وقْتُ النَّهْي وهو فيها، حَرُم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ». وقيل: لا يَحرم. وهو ظاهر كلامِ الخرقِي، فإنه قال: ولا يَبْتديء في هذه الأوْقاتِ صلاةً يتَطَوَّعُ بها. وكذا قال في «المُنور»، و «المُنْتَخَبِ». وقطَع به الزركشِي، لكنْ قال: يُخفِّفها. واقْتَصَر عليه ابنُ تَميم. وهو الصوابُ. وعلى المذهبِ، لو ابتدَأ التطَوعَ المُطْلقَ فيها، لم ينْعَقِد. على الصَّحيح مِن المذهبِ. جزَم به في «الوَجيز»، والمَجدُ في «شرحه»، و «الرعاية الصغرى»، و «الحاويَين»، و «الزركشِي»، و «القَواعِدِ الفقهية» في التاسِعَةِ، و «مجْمع البَحرَين». قال ابن تَميم، وصاحِبُ «الفائق»: لم تنْعقِد، على الأصح. قال في «التلْخيص»: لم تنعقد على الصحيح منَ المذهب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدمه في «الفروع»، و «الرِّعايَة الكبْرى». وعنه، تنعقد. فعلى القوْلِ بعدمِ الانعقاد، لا تنعقد مِن الجاهِلِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ تَميم. وقدمه في «الفائق»، و «مَجْمَع البَحرين». وعنه، تنعَقِدُ منه. قدمه في «الرعاية الكبْرى»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «حَواشي ابن مُفْلح»، وأطْلقهما في «الفُروع»، و «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاوي الصغير»، و «الزركشي». النوع الثاني، ما له سببٌ؛ كتحية المسْجِدِ، وسُجود التلاوةِ، وصلاةِ الكسوفِ، وقَضاءِ السنن الرواتب، فأطْلق المصنفُ فيها الروايتين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلْقَهما في «الخُلاصَةِ»، و «التلخيص»، و «البُلْغةِ»، و «الفروع»، و «النظْمِ»، و «إدراكِ الغايةِ»، و «الزركشي»، و «ابن تميم»، و «الهادِي»، و «الكافِي»؛ إحداهما، لا يجوزُ. وهي المذهبُ، وعليها أكْثَرُ الأصحاب. قاله ابنُ الزَّاغوني وغيره. قال في «الواضِحِ» في تحِية المسجد،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسنَنِ الراتِبَة: إنَّه اخْتيار عامةِ المشايخ. قال الشريف أبو جعفَر: هو (¬1) قول أكْثرِهم. قال في «الفروعِ»، و «تَجريدِ العِنايَةِ»: وهو الأشْهر. قال الشارح: هو المشْهور في المذهب. قال ابن هبَيرَةَ: هو المشْهورُ عندَ أحمدَ في الكسوفِ. قال ابن منجَّى في «شرحه»: هذا الصحيح. ونصَرَه أبو الخَطابِ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «الرعايتين»، و «الحاويين»، و «فروعِ» القاضي أبِي الحسَينِ. اخْتارَه الخِرقي، والقاضي، والمجْدُ، وغيرهم. والرواية الثَّانية، يجوز فِعلُها فيها. اخْتارَها أبو الخطابِ، في ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهدايةِ»، وابنُ عَقِيل، وابنُ الجَوْزِي في «المذهب»، و «مَسْبوك الذهب»، والسامَريُّ في «المُسْتَوْعِبِ»، وصاحب «الفائقِ»، و «مَجْمَع البَحرَين»، والشيخُ تقِي الدين. قال في «مَجْمع البَحرَين»: وهو ظاهِر قوْلِ الشيخِ في «الكافِي». وقدمه في «المُحَررِ». وعنه، روايَة ثالثة؛ يجوزُ قَضاء وردِه ووتْره قبلَ صلاةِ الفَجْرِ. قال المُصنف في (المُغني)، والشارح: وهو المنْصوصُ عن أحمدَ في قضاءِ وتْره. واخْتارَه ابن أبِي موسى، وصحّحه في «الحاوي الكِبير». قال الزّركشي: وهو حسَن. وجزم في «المنتخب» بجَوازِ قَضاء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السنن في الأوْقاتِ الخمسةِ. واخْتار المُصنفُ في «العُمدَة»، [جواز قضاءِ السنن الراتبَة في الوقْتَين الطويلين، وهما بعدَ الفَجْرِ والعصرِ. واخْتارَ المصنفُ أيضًا في «المغنِي»، والشارِحُ] (¬1)، جوازَ قَضاء سنةِ الفَجْر بعدَ صلاة الفَجْرِ، وجوازَ قضاءِ السُنن الرَّاتبةِ بعدَ العَصرِ. واخْتارَه في «التصحيحِ الكَبير». وقال: ¬

(¬1) زيارة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صححَه القاضي. واخْتار ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» جوازَ ما له سَببٌ في الوَقْتَين الطويلَين. وعنه، رِواية رابعة؛ يجوز قضاءُ وتره، والسننِ الراتبَةِ مطْلقًا، إنْ خافَ إهْماله. فعلَى القوْل بالمَنْع في الكسوفِ، فإنّه يذْكُرُ ويدعو حتى يَنْجَلِيَ. ويأتي ذلك في بابِه. تنبيه: محل الخِلافِ، في غيرِ تحية المسجِدِ حال خُطْبَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمعة، فإنه يجوز فعلُها مِن غيرِ كراهةٍ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وجزَم به في «الفُروعِ». وقال: ليس عنها جواب صحيح. وأجابَ القاضِي وغيره، بأن المَنْعَ هناك لم يخْتص الصلاةَ، ولهذا يمنع بن القراءة والكَلامِ، هو أخَف. والنهْيُ هنا اخْتَص الصَّلاة، هو آكَد. قال في «الفروعِ»: وهذا على العِلتَين أظهرُ. ثم قال القاضي: مع أن القياس المَنْعُ، ترَكْناه لخبَر سلَيكٍ. فائدة: مما له سببٌ؛ الصلاة بعدَ الوُضوء. والحَقَ الشيخ تقِي الدين صلاة الاستِخارَةِ بما يفوت. وقال في «الهِدايَة»، و «المُذْهب»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيص»، و «البُلْغةِ»، و «مَجْمَع البحرين» هنا، وغيرِهم: وسُجودُ الشكرِ، وصلاةُ الاسْتِسْقاءِ. فعَدوهما فيما له سببٌ. وصححوا جوازَ الفِعلِ كما تقدّم عهم. قلتُ: ذِكْر الاسْتِسْقاءِ فيما له سبَبٌ، ضعيف بعيدٌ. قال في «الفُروعِ»: ولا يجوزُ صلاةُ الاسْتِسْقاءِ وَقْتَ نَهي. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِب «المُغْنِي»، و «المحَرَّرِ»، و «مَجْمَع البَحرَين» هناك، وغيرهم: بلا خلافٍ. قال ابن رَزِين في «شرحه»؛ إجْماعًا. وأطْلَقَ جماعة الروايتين. ويأتي أيضًا في باب الاسْتِسْقاءِ بأتم مِن هذا. ولا تصلّى رَكعَتا الإحرام. على الصحيحِ. وقال في «الفروعِ»: ويتَوجه فيه بخِلافِ صلاة الاسْتسْقاءِ. ويأتي في بابِ الإحرامَ.

باب صلاة الجماعة

بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ هِيَ وَاجِبَةٌ لِلصَلَوَاتِ الخمسِ عَلَى الرجَالِ، لَا شرط. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الجماعَةِ قوله: هي واجِبَةٌ للصلواتِ الخمس على الرجالِ، لا شرط. هذا المذهب؛ بلا رَيبٍ، وعيه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثير مهما، ونصَّ عليه، وهو منِ مفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا تجب إذا اشْتَد الخوْف. وقيل: لا تَنْعَقِد أيضًا في اشْتِدادِ الخوفِ. اختاره ابنُ حامِد، والمصنِّف، على ما يأتي هناك. وعنه، الجماعة سنة. وقيل: فرض كفاية. ذكرَه الشيخ تقِي الدِّينِ وغيره. ومقاتلَة تارِكِها كالأذانِ، على ما تقدم. وذكَره ابن هبيرَةَ وفاقًا للأئمةِ الأربعَةِ. وعنه، أن الجماعَةَ شرطٌ لصحة الصلاة. ذكَرَها القاضي، وابن الزاغونِي في «الواضِحَ»، و «الإقْناع». وهي مِنَ المُفْرَداتِ. واختارَها ابنُ أبِي موسى، وابن عَقِيل، والشيخ تقِي الدينِ. فلو صلى وحدَه مِن غير عذْرٍ، لم تصِح. قال في «الفتاوى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المصرية»: هو قوْل طائفةٍ مِن أصحابِ الإمامِ أحمدَ. ذكره القاضي في «شرح المُذْهبِ» عنهم. انتهى. قال ابن عَقِيل: بِناءً على أصلنا في الصلاةِ في ثوب غصبٍ، والنهْيُ يخْتَص بالصَّلاة. وقال في «الحاوي الكبير» وفي هذا القول بعد. وعنه، حكْمُ الفائتة والمَنْذورَةِ حكْم الحاضرةِ. وأطْلَقَ في «الحاوي» وغيرِه فيهما وَجْهين. قال في «الفروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعَة، أن حكْمَ الفائتة فقط حُكْم الحاضرة. تنبيهات؛ الأول، ظاهِرُ قوْلِه: على الرجالِ. دخول العبيدِ في ذلك. وهو إحدَى الروايتين. نقَلها ابن هانِئ. وهو ظاهِر كلامِه في «المُسْتَوْعِب»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرح»، و «التلْخيص»، و «المُحَرر»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايةِ الكبرى»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وقال في «الصُّغرَى»: تَلْزَم، على الأصح، كل مسْلِم مكلف ذكرٍ قادرٍ. والصحيحُ بن المذهبِ، أنها لا تجِب عليهم. قدَّمه في «الفروعِ». وجزَم به المجْدُ في «شرحه» إذا لم تجِبْ عليه الجمُعَة. وأطْلَقَ ابن الجَوْزِي، في «المذهب»، وابن تميم، وصاحِب «الفائقِ»، وغيرهم في رِوايتَين. الثاني، مفْهوم كلامِ المصنف، أنها لا تجب على الخناثَى. وهو صحيحٌ. جزم به في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميم»، وغيرهما. قال في «الرعاية الكبرَى»: والمذهبُ وُجوبُها على كل مكلف، غير خنُثى وأنثى. وقيل: تجب عليهم. قال في «المستوْعِب»: تجِبُ على غير النِّساءِ. الثالث، مفْهومُ كلامِه أيضًا، أنَّها لا تجِب على النِّساءِ أيضًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، إلا أنَّ أبا يعلَى الصَّغيرَ مال إلى وُجويها عَليهِن إذا اجْتَمعن. وهو غريبٌ. الرابع، مفْهومُ قوله: الرّجالِ. أنها لا تجِبُ على المُميز. وهو صحيح، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرعايتَين»: تجِبُ على كل ذَكَر مكلّف. وكذا في «الحاوي الكَبيرِ». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الصغِير»: تلْزَم الرِّجال. وقيل: هو كالرجُلِ إذا قُلْنا: تَجِب عليه. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الناظِم. وجزَم به ابن الجَوْزِي في «المذْهب». فائدة: فعلى المذهب في أصلِ المسْألةِ، لو صلّى مُنْفَرِدًا، صَحَتْ صلاُنه، لكنْ إن كان لعُذْر، لم يَنْقص أجره، وإنْ كان لغيرِ عذر، فإنّه يأثم، وفي صلاته فضلٌ، خلافًا لأبي الخطَّابِ وغيرِه في المسْألَةِ الأولَى. ولنقْلِه عَنِ الأصحابِ في الثانية. قاله في «الفروع». واخْتاره الشيخُ تقِي الدِّينِ كأبِي الخطاب، في مَن عادَتُه الانْفِراد، مع عدَمِ العذْر، وإلَّا تمَّ أجْره. قلت: وهو الصواب، إلَّا أنْ يتوبَ حال وُجودِ العُذْرِ، فإن أجْره يَكمل. وقال الشيخ تَقِي الدين، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الصَّارِمِ المَسلول»: خَبَرُ التفْضيلِ في المعذورِ الذي تُباحُ له الصلاةُ وحدَه. قال في «الفُروع»: ويتَوجَّه احتمالُ تساويها في أصلِ الأجْرِ وهو الجَزاء، والفَضْل بالمُضاعفَةِ. فائدة: يسْتَحَبُّ للنساءِ صلاة الجماعَةِ. على الصحيح عِن المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قال الزركَشِي: هذا أشهر الرِّوايتَين. وصحّحه في «الفائقِ». وجزم به في «المُنَوِّر». وقدمه في «الفُروع»، و «المُحَرَّر»، و «ابن تَميم»، و «الرعايتَين»، و «الحاويين». ذكَرُوه في أواخرِ البابِ، و «التلخيص»، و «البُلْغة»، و «الخلاصَةِ»، و «الهدايَةِ»، و «المستوعب». وقال ابن عَقِيل: يسْتَحَب لهُن إذا اجْتَمَعن أنْ يُصَلّينَ فرائضهن جماعةً، في أصَحِّ الروايتَين. والرواية الثانيةُ، يُكْرهُ في الفريضَةِ، ويجوز في النافِلَةِ. انتهى. وعنه، لا يسْتَحَب لهنَّ الصلاة جماعةً. وعنه، يكرهُ. هذا الحُكْمُ إذا كُن منْفردات، سواءٌ كان إمامُهُن مِنْهُن أو لا. فأما صلاتُهُن مع الرجالِ جماعة؛ فالمشْهور في المذهبِ، أنه يكْرَهُ للشابةِ. قاله في «الفُروعِ». وقال: والمرادُ، والله أعلمُ، للمُستحسنةِ. واخْتارَه القاضي، وابنُ تمَيم. وجزم به في «المُذهْبَ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ». وقدمه في «الرعاية الكُبْرى»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميم». قال في «الهداية»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصغرى»، و «الحاويين»، وغيرِهم: وللعَجُوزِ والبرزَةِ (¬1) حضور جمع الرجالِ. قال في «المحرر»: ولا يكْرَهُ أنْ تَحضر العَجائِز جمع الرجالِ. وعنه، يباحُ مُطْلَقا. وهو ظاهرُ ما جزم به في «المُنوِّرِ». قال ابن تَميمٍ: وظاهِر كلام الشيخِ، يعنِي به المُصَنفَ، لا يكْرَهُ. وهو أصح. وقدَّمه في «الفروعِ». وعنه، يباحُ في القرض. واخْتار ابن هبَيَرةَ، يُسْتَحَب لهن. وقيل: يَحرُمُ في الجمعة. قال في «الفُروعِ»: ويتوجهُ في غيرِها مِثْلُها. ¬

(¬1) البرزة من النساء: الجليلة التي تظهر للناس ويجلس إليها القوم.

وَلَهُ فعلُها فِي بَيتهِ فِي أصح الروَايَتَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: حيثُ قلْنا: يسْتَحَبّ لها، أو يباح الصلاة جماعة. فصَلاتها في بيتِها أفْضَل بكل حال، بلا نِزاع. كما قال المُصَنِّف بعدَ ذلك: وبيتها خير لها. ويأتِي في كلام المُصَنف، إذا استأذنتِ المرأة إلى المسْجِدِ. قوله: وله فِعلُها في بَيته في أصحِّ الروايتَين. وكذا قال في «التلْخيص»، و «البلْغةِ»، و «مجمع البحرين». قال في «الشرحِ»، و «النظْمِ»: هذا الصحيح مِنَ المذهبِ. وصحّحه في «الحاوي» وغيرِه. وقدمه في «الفروع» و «الكافي»، و «الرعايَة الكبْرى»، و «ابنِ تميم»، وغيرهم. قال المَجد في «شرحه»: هي اخْتِيار أصحابِنا، وهي عندِي بعيدَة جدًّا إنْ حمِلَتْ على ظاهرها. والروايَة الثانية، ليس له فعلها في بيتِه. قدمه في «الحاوي». فائدتان؛ إحدَاهما، تنْعَقد الجماعة باثنَين، فإنْ أمَّ الرجل عبده أو زَوْجتَه، كانا جماعةً كذلك، وإنْ أم صَبيا في النفْل، جازَ، وإنْ أمَّه في الفرض، فقال أحمد: لا يكونُ مسْقطًا له؛ لأنه ليس مِن أهْلِه. وعنه، يصح، كما لو أم رجلًا مُتنَفلا. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي» (¬1). الثانية، الصّحيحُ مِن المذهبِ، أن فعلَها في المسْجدِ سنة؛ وصححه في «الحاوي» وغيرِه. وقدمه في «الفروعِ»، و «الرعايَة»، و «ابن تميم»، وغيرِهم. وعنه، فرض كِفايَةِ. جزَم به في «المُنَور». وقدَّمه في «المحرر». قال في «الفروعِ»: قدمه في «المحَرَّر» لاستِبْعادِه أنها سنَّة. ولم أجد أحدًا صرح به غيرَه. قال في «النكَتِ»: ولم أجد أحدًا مِنَ الأصحابِ قال بفرض الكِفاية قبل الشيخِ مجْدِ الدين. قال: وكلامه في «شرحِ الهدايَةِ» يدل على أنه هو لم يَجِد أحدًا منهم قال به. وعنه، واجِبَةٌ على القَريب منه. جزَم به في «الإفاداتِ». وقدمه في «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاوي الكَبِير». وقال في «الرعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: لا يصِحُّ في غير مسْجدٍ مع القدرَة عيه. وقلت: وهو بعيد. انتهى. وقيل: شرط للصِّحَةِ. فال في «الحاوي الكَبِير»: وفيه بعد. قال في «الرعايةِ الكبْرى»: وقلت: وهو بعيد. قال الشيَّخَ تَقي الدينِ: ولو لم يُمكنْه إلَّا بمشْيِه في مِلْكِ غيرِه، وإنْ كان بطَريقه منْكر، كغِنَاءٍ، لم يدَع المسْجدَ، وينكِره. نقَله يَعقُوب. ¬

(¬1) انظر: الكافي 1/ 174.

وَيُسْتَحَبُّ لأهْلِ الثغْرِ الاجْتِمَاعُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَالْأفْضَلُ لِغَيرِهِمُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ إلا بِحُضُورِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ويُسْتَحبُّ لأهْلِ الثغرِ الاجْتِماعُ في مسجد واحدٍ. بلا نِزاعٍ أعلمُه. وقيده الناظمُ بما إذا لم يحصُلْ ضرَر. قوله: والأفْضَلُ لغيرهم الصلاةُ في المسجدِ الذي لا تقامُ فيه الجماعة إلَّا بحُضُورِه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الشرح»، وابن مُنجى في «شرحِه»، والمَجْدُ في «شرحِ الهدَايَة»، و «التلْخيص»،

ثُمَّ مَا كَانَ أكْثَرَ جَمَاعَةً، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهداية»، و «المذهب»، و «المُستوْعِب»، و «الخلاصَةِ»، و «مجمع البَحرَين»، و «المنَوِّر»، و «المنْتخب»، و «تجْريدِ العِنايةِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُحرَّر»، و «الرعايتين»، و «الحاويَيْن»، و «ابنِ تَميم»، وغيرِهم. وهو ظاهر ما جزَم به في «الفروع». قال المصنفُ، والشارح، وابن تَميم، وابنُ حَمدانَ، وغيرهم: وكذا لو كانتِ الجماعةُ تُقام فيه، إلا أن في قصد غيره كسْرَ قلبِ إمامِه أو جماعة. زاد ابنُ حَمدانَ، وقيل: أو كَثرتْ جماعة المسْجدِ بحُضورِه. وقال في «الوَجيزِ»: والعَتِيقُ أفْضل، ثم الأبعَد، ثم ما تُمِّمتْ جماعَته به. فقطع أن العَتيقَ والأبعَدَ أفضَلُ مِن ذلك. قوله: ثم ما كان أكثر جماعةً، ثم في المسْجِد العَتِيقِ. هذا أحدٌ الوجوه. جزَم به في «الكافِي»، وابنُ مُنَجى في «شرحه»، و «المَذْهبِ الأحمدِ»، و «المنتخب»، و «الخُلاصة». قال الشارح: وهو أوْلَى. قال ابنُ تَميم: وهو الأصَحُّ. قال في «الرِّعاية الصُّغْرى»: وهو أظْهر. وقدمه في النظْمِ.

وهلِ الأوْلَى قَصدُ الْأبْعد أو الْأقْرَبِ؟ عَلى رِوَايتينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والصحيحُ منَ المذهبِ، أن المَسْجِدَ العتِيقَ أفضَل مِنَ الأكثر جماعة. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهب»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التلْخيص»، و «البلْغةِ»، و «المحَرر»، و «المُنَورِ»، و «مَجمع البَحرَين»، و «الإفادات»، و «الحاويَيْن» وغيرهم. وقدمه في «الفروعَ»، و «ابنِ تميم»، و «الرعايتَين»، و «تجْريدِ العنايَةِ». وقيل: إنِ اسْتَوَيا في القرب والبعدِ، فالأكثر جَمعا أوْلَى. قال في «الرعاية الكبرى»: وهو أظْهرُ. وقيل: الأبعَدُ والأقرب أفْضَل مِنَ الأكْثر جمعًا. [حكاه في «الفروعِ». وقدَّم في «المُحَرر»، أن الأبعدَ أفضَلُ مِنَ الأكثرِ جمعًا] (¬1). وجزَم به في «المُنَوِّر». قوله: وهلِ الأوْلَى قصد الأبعدِ أوْ الأقرب؟ على رِوايتَين. وأطْلقَهما في «الهِدايَة»، و «المُذهْبَ»، و «المسْتَوعب»،، «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاويَيْن»؛ إحدَاهما، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبعَدُ أوْلى. وهو المذهبُ. جزم به في «الوجيزِ»، و «المُنورِ». وقدمه في «الفروعِ»، و «المحَررِ»، و «النظْمِ»، و «ابنِ تميم»، و «حواشِي ابن مفلحٍ»، و «تجْريدِ العِناية»، و «الرعايتَين». زادَ في «الكبرى»، فالأبعد أفْضَل، وإنْ قل جَمعُه، ولم يكنْ أعتقَ. والرواية الثانيةُ، الأقرب أوْلى، كما لو تعَلَّقتِ الجماعة بحُضورِه. قدَّمه في «الخلاصةِ»، و «الفائقِ». وعنه، رِواية ثالثة، الأقْرب أولى إذِ اسْتويا في القِدمِ وكثْرَةِ الجمع، وإلا فالأبعدُ أوْلَى. وقيلَ: يرجح أحَدهما هنا بالقِدَمِ، لا بكثْرَةِ الجمع. ذكرها في «الرعاية». وقال أيضًا: وقيلَ: إن اسْتَويا في العَتَقِ، فالأكْثرُ جَمعًا أفْضل، وإنِ استَويا في كثرةِ الجَمع، فالعَتيق أفْضلُ. وقال أيضًا: إذا كان القَريب العَتِيق، فالأكْثر جمعا أفْضَل، وإنِ استوَيا في كثْرَةِ الجَمع، فالعَتِيقُ أفْضَل مِنَ الأبعد، والأعتق أوْلَى إنِ استوَيا في الكَثْرةِ والعَتَقِ، وإن كان أحدُهما أعتَقَ والآخَر أكثرَ جمعًا، رجحَ الأبعدُ. وعنه، بلِ الأقرب. انتهى. وفي كلامه بعضُ تكْرارٍ. قال المجْدُ في «شرحِه»: محَل الروايتْين في مسْجِدَين

وَلَا يَؤُمُّ فِي مَسْجِدٍ قَبْلَ إمَامِهِ الراتِبِ إلَّا بإذْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ جدِيدَين أو عَتيقَين، سواءٌ اخْتلَفا في كثْرة الجَمع وقلتِه، أو استويا. فائدة: انتظارُ كثْرَةِ الجَمع أفضَلُ مِن فضيلةِ أوَّلِ الوَقتِ، مع قلة الجَمع، في أحَدِ الوجْهين. قال ابن حامِدٍ: الانتظار أفْضَل. وقد أوْمأ إليه أحمدُ. والوَجْه الثاني، أن أوّل الوَقتِ أفضَلُ مع قِلةِ الجَمع مِنِ انتظارِ كثرةِ الجمع. قال القاضي: يَحتَمِل أنْ يصليَ ولا يَنْتِظَرَ؛ ليدرِكَ فضيلة أولِ الوَقتِ. قلت: وهو الصوب. وأطْلقَهما في «الفروع»، و «الرعايَة الكبْرى»، و «ابنِ تميمٍ»، و «الحاوي الكبِير»، و «الفائقِ». وأمَّا تقْديمُ انْتِظارِ الجماعةِ، ولو قلَّتْ، على أوَّلِ الوقْتِ إذا صلّى مُنْفَردًا، فهو المذهبُ. ذكَره الأصحابُ في كتب الخلافِ، والمُصنِّف في «المغْنِي»، وأبو المَعالي في «النَّهاية»، وغيرهم. قال في «الفروعِ»: ويتَوَجه تخْريج واحتمال مِنَ المتَيَمِّمِ أول الوقْتِ مع ظَن الماءِ آخِرَ الوَقتِ، على ما تقدّم. قوله: ولا يَؤم في مَسْجِدٍ قبلَ إمامِه الراتِب إلا بإذْنه. يعني، يحرم ذلك.

إلَّا أنْ يَتَأخَّرَ لِعُذْرٍ، فَإن لَمْ يُعلَم عُذْرُه انْتُظِرَ وَرُوسِلَ، مَا لَمْ يُخْشَ خُرُوجُ الْوَقتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ صرح به في «الفروع»، وأبو الخطَّابِ، والسَّامري، وغيرهم. قال الإمامُ أحمدُ: ليس لهم ذلك. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال القاضي: يمنع غير إمام الحي أنْ يؤذِّن ويُقيمَ ويؤمَّ بالمسْجِدِ. ذكره في «الفروع» آخِرَ الأذانِ. وقال القاضي، في «الخِلافِ»: قد كَره أحمدُ ذلك. قوله: إلَّا أن يتأخرَ لغذْرٍ. الصحيح مِن المذهب، أن غيرَ الإمامِ لا يؤمّ، إلَّا أنْ يتَأخرَ الإمام ويضيقَ الوقْتُ. قال في «الفروعِ»: هذا الأشْهرُ. وجزَم به ابنُ تميم، و «الفائق». وقال في «الكافي»: يجوز أنْ يَؤم غيرُ الإمامِ، مع غَيبَته، كفعلِ أبي بكر، وعبْدِ الرحمنِ بن عَوْفٍ. قوله: فإنْ لم يعلم عُذْره انْتُطرَ، وروسِلَ، ما لم يخْشَ خُرُوج الوَقت. إذا

فَإنْ صَلَّى، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، اسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا إلَّا الْمَغْرِبَ. وَعَنْهُ، يُعِيدُهَا، وَيَشْفَعُهَا بِرَابِعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تأخَّر الإمامُ عن وقْتِه المُعْتاد، رُوسِلَ إنْ كان قرِيبًا ولَم يكُنْ مشَقَّةٌ، وإنْ كان بعيدًا، ولم يغْلِبْ على الظَّنِّ حضُورُه، صلُّوا. وكذا لو ظن حُضورُه، ولكنْ لا ينْكرُ ذلك ولا يكْرَهُه. قاله صاحِبُ «الفُروع»، وابنُ تَميمٍ. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا: يَحْرُمُ أنْ يَؤُمَّ قبلَ إِمامِه. فلو خالفَ وأمَّ، فقال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه لا يصِحُّ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ولا يَؤمُّ، فإنْ فعَل، صَحَّ ويكْرَهُ، ويحْتَمِل البُطْلانُ؛ للنَّهْي. انتهى. الثَّانية، لو جاءَ الإمامُ بعدَ شُروعِهم في الصَّلاةِ، فهل يجوزُ تقْديمُه، ويصيرُ إمامًا والإمامُ مأْمومًا؟ لأنَّ حُضورَ إمام الحَي يَمْنَعُ الشُّروعَ، فكان عُذْرًا بعدَ الشُّروعِ، أم لا يجوزُ تقْديمه، أم يجوزُ للإمامِ الأعْظَمِ فقط؟ فيه رِوايَتان منْصوصتَان عَنِ الإمام أحمدَ. قاله في «الفُروعِ». وأطْلَقَهُنَّ فيه. وقيل: ثلاثَةُ أوْجُهٍ. وتقدَّم ذلك في آخرِ بابِ النِّيَّةِ، في كلام المُصَنّفِ، عندَ قولِه: وإنْ أحْرَمَ إمامًا لغَيبَةِ إمامِ الحَيِّ، ثم حضَر في أثْناءِ الصَّلاةِ. وتقدَّم المذهبُ في ذلك مُسْتَوْفًى. قوله: فإنْ صلَّى ثم أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وهو في المسْجِدِ، اسْتُحِبَّ له إعادَتُها. وكذا لو جاءَ مَسْجِدًا في غيرِ وَقْتِ نَهْي، ولم يقْصِدْه للإعادَةِ، وأُقِيمَتْ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيُر الأصحابِ، وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَررِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرِّعايتين»، و «الحاويَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «الحَواشي»، وغيرِهم. ولو كان صلَّى جماعةً، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُسُتوْعِبِ»، وغيرهما: اسْتُحِبَّ إعادَتُها مع إمامِ الحَيَّ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدَّينِ، لا يُعيدُها مَن بالمَسْجدِ وغيرُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا سبَبٍ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهر كلامِ بعضِهم. وعنه، تجِبُ الإعادة. وعنه، تجبُ مع إمامِ الحَي. وأطْلقَهما ابنُ تميم. قوله: إلَّا المغْرِبَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ إعادةُ المَغْرِبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يُعيدُها. صحَّحها ابن عَقِيل، وابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَةِ». وقطَع به في «التَّسْهيلِ». فعلَيها يشْفَعُها برابِعَةٍ، على الصَّحِيح؛ يقْرَأ فيها بالحَمْدِ وسُورَةٍ كالتَّطَوُّعِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ أبي داودَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يشْفعُها. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. فعلى القوْلِ بأنَّه يشْفَعُها، لو لم يفْعَلْ، انْبَنَى على صِحَّةِ التَّطوُّعِ بوتْرٍ، على ما تقدَّم. قاله في «الفروعِ» وغيرِه. فائدتان؛ إحْدَاهما، حيثُ قُلْنا: يُعيدُ. فالأُولَى فَرْضٌ. نصَّ عليه، كإعادَتِها مُنْفَرِدًا، لا أعلمُ فيه خِلافًا في المذهبِ. ويَنْوي المُعادَة نَفْلًا. ثم وجَدْتُ الشَّيخَ تَقِيَّ الدّينِ، في «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ» قال: وإذا صلَّى مع الجماعةِ، نَوَى بالثَّانيةِ مُعادَةُ، وكانتِ الأُولَى فْرضًا، والثَّانيةُ نَفْلًا. على الصَّحيحِ. وقيل: الفَرْضُ أكْمَلُهما. وقيل: ذلك إلى الله انتهى. فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أن القَوْلَين الأخِيرَين للعُلَماء، ويَحْتَمِلُ أنَّه أراد أنَّهما في المذهب. الثَّانيةُ، يُكْرهُ قَصْدُ المساجد لإعادةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعةِ. زادَ بعضُ الأصحاب، ولو كان صلَّى وحدَه، ولأجْل تكْبيرةِ الإحْرامِ لفَوْتِها له، لا لقَصْدِ الجماعةِ. نصُّ على الثَّلاثِ. وأمَّا دُخولُ المَسْجدِ وَقْتَ نَهْي للصَّلاةِ معهم، فَينَبِني على فِعْل ما له سبَبٌ، على ما تقدَّم. قاله في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، وغيرِهما. وقال في «التَّلْخيص»: لا يُستَحَبُّ دُخولُه وَقْت

وَلَا تُكْرَهُ إِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيرِ الْمَسَاجِدِ الثَلَاثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَهْي للصَّلاةِ مع إمامِ الحَيِّ، ويَحْرْمُ مع غيرِه، ويُخَيَّرُ مع إمامِ الحَيِّ [إذا كان غيرَ وَقْتِ نهي، ولا يُسْتَحَبُّ مع غيرِه] (¬1). [وقال القاضي: يُسْتَحَبُّ الدُّخولُ وَقْتَ النَّهْي للإعادةِ مع إمامِ الحَيِّ] (¬2)، ويُسْتَحَبُّ مع غيرِه، فيما سِوَى الفَجْرِ والعَصْرِ، فإنَّه يُكْرَهُ دُخولُ المسْجدِ بعدَها. ونقَله الأَثْرَمُ. وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ قريبًا. قوله: ولا تُكْرَهُ إعادَةُ الجماعةِ في غيرِ المساجِدِ الثَّلاثةِ. معْنَى إعادةِ الجماعَةِ؛ أنَّه إذا صلَّى الإمامُ الرَّاتِبُ، ثم حضَر جماعَةٌ لَم يُصَلُّوا، فإنَّه يُسْتَحَبُّ لهم أنْ يصَلُّوا ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعةٌ. وهذا المذهبُ، يعنْي، أنَّها لا تُكْرَهُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب، وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «الشَّرحِ»، و «ناظمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تميم»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وهو مِنَ المفْرَداتِ. وقيل: تُكْرَهُ. وقاله القاضي في موْضع مِن كلامِه. وقال في «الفُروع»: ويتَوَجَّهُ احْتمالٌ، تُكْرهُ في غيرِ مَسَاجدِ الأسْواق. وقيل: تكْرَهُ بالمَساجدِ العِظَامِ. وقاله القاضي في «الأحْكامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السُّلْطانِيَّةِ». وقيل: لا يجوزُ. تنبيه: الذي يظْهَر أنَّ مُرادَ مَن يقولُ: يُسْتحَبُّ أو لا يُكْرَهُ، نَفْيُ الكراهَةِ؛ لأنَّها غير واجبَةٍ؛ إذِ المذهبُ أنَّ الجماعةَ واجِبَةٌ. فإمَّا أنْ يكونَ مُرادُهم نَفْيَ الكراهَةِ، وقالُوه لأجل المُخالِفِ، أو يكونَ على ظاهِرِه، لكنْ ليُصَلُّوا في غيره. فائدة: لو أدْرَك ركْعتَين مِن الرُّباعِيَّةِ المُعادَةِ، لم يسَلَّمْ مع إمامهِ، بل يقْضِي ما فاتَه. نصَّ عليه، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم». وجزَم به في «التَّلْخيص» وغيرِه. وقال الآمِدِيُّ: له أنْ يسَلِّمَ معه. تنبيه: مفْهومُ قولِه: ولا تُكْرَهُ إعادَة الجماعةِ في غيرِ المساجد الثَّلاثَةِ. أنَّها تكْرَهُ في المَساجدِ الثَّلاثةِ؛ وهي مسْجِدُ مَكَّةَ والمَدينةِ والأقْصَى. وهو إحْدَى الرِّواياتِ عَنِ الإمامِ أحمدَ. وهو مفْهومُ كلامِه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: وإعادةُ جماعةٍ

وَإذَا أقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إلّا الْمَكتُوبَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُقامُ، إلَّا المغرِبَ، بمَسْجِدٍ غيرِ الثَّلَاثَةِ، هو فيه. وكذا في «التَّسْهيلِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به ناظِمُ «المُفْرداتِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». وهو مِنَ المُفْرَدات. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُكْرَهُ إلَّا في مسْجِدَيْ مَكَّةَ والمدينةِ فقط. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المُنَوَّرِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «ابن تَميم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». قال المْجْدُ: هي الَّاشْهَرُ عن أحمدَ. وذكرَه المُصَنِّفُ عَنِ الأصحابِ. والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، تُسْتَحَبُّ الإعادةُ أيضًا فيهِنَّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقَ الكراهَةَ وعدَمَها في المسْجِدين في «المُحَرَّرِ». والرِّوايَةُ الرَّابعةُ، تُسْتَحَبُّ الإعادةُ فيهِنَّ مع ثلاثةٍ فأقَلَّ. قال في «الرَّعايةِ»: وفيه بُعْدٌ؛ للخبَرِ. قوله: وإذا أُقِيمَتِ الصَّلاة فلا صَلاةَ إلَّا المكتُوبَةُ. بلا نِزاعٍ، فلو تَلبَّسَ بنافِلَةٍ

وَإنْ أُقِيمَت وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ أتَمَّهَا، إلَّا أَنْ يَخْشىَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ ما أُقِيمَت الصَّلاة، لم تنْعَقِدْ. على الصَّحيح مِنَ المذهب. وهو ظاهرُ اخْتِيارِ المَجْدِ، وغيرِه. وقيل: تصِحُّ، وهما مُخَرَّجان مِنَ الرِّوايتَين في مَن شرَع في النَّفْلِ المُطْلَقِ وعليه فوائِتُ، على ما تقدَّم في آخِرِ شُروطِ الصَّلاةِ. وتقدَّم نظيرُ ذلك بعدَ قَضاءِ الفرائض، فَلْيُعَاوَدْ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، في بابِ الأذانِ، و «ابن تَميمِ». قوله: وإنْ أُقِيمَت وهو في نافِلَةٍ أَتمَّها، إلَّا أنْ يَخْشَى فَواتَ الجماعَةِ،

فَيَقْطَعَهَا. وَعَنْهُ، يُتِمُّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَقْطَعُها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يُتِمُّها وإنْ خَشِيَ فَواتَ الجماعةِ، خفِيفَةٌ ركْعَتَين، إلَّا أنْ يشْرَعَ في الثَّالثةِ، فيُتِمَّ الأرْبَعَ. نصَّ عليه؛ لكراهَةِ الاقْتِصارِ على ثَلاثٍ، أوْ لا يجوزُ. قاله في «الفُروعِ»، في بابِ الأذانِ. وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفائقِ» وغيرُهم: وإنْ سلَّم مِنَ الثَّالثةِ، جازَ. نصَّ عليه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ».وقال ابنُ تَميمٍ: إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وهو في نافِلَةٍ، ولم يخَفْ فَوْتَ ما يُدْرِكُ به الجماعَةَ، أتَمَّها. وقال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ خافَ فوْتَها. وقيل: أو فوْتَ الرْكْعَةِ الأُولَى منها مع الإمامِ، قطَعَه. وعنه، بل يُتِمُّه، ويسَلَّمُ مِن اثْنَتَين، ويَلْحَقُهم. وعنه، يُتِمُّه، وإنْ خافَ الفَواتَ. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه أرادَ فَوْتَ جميعِ الصَّلاةِ. وقال صاحِبُ «النَّهايَةِ» فيها: المُرادُ بالفَواتِ فَواتُ الرَّكْعَةِ الأُولَى. وكُلٌّ مُتَّجَهٌ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: ويُتمُّ النَّافِلَةَ مَن هو فيها، ولو فاتَتْه ركْعَةٌ. وإنْ خَشِيَ فواتَ الجماعةِ، قَطَعَها. فائدتان؛ إحْداهما، قال في «الفُروعِ»: ولا فَرْقَ، على ما ذَكرُوه، في الشُّروعِ في نافِلَةٍ بالمَسْجدِ أو خارِجِه، ولو ببَيتِه. وقد نقَل أبو طالِبِ: إذا سَمِعَ الإقامَةَ، وهو في بَيتِه، فلا يصَلِّي رَكْعتَي الفَجْرِ ببَيتِه ولا بالمسْجدِ. الثَّانيةُ، لو جَهِلَ الإقامَةَ، فكَجهْلِ وَقْتِ نَهْي، في ظاهرِ كلامِهم. قال في «الفُروعِ»: لأنَّه أصْلُ المسْألَةِ. قال: وظاهرُ كلامِهم، ولو أرادَ الصَّلاةَ مع غيرِ ذلك الإمامِ، قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، كما لو سَمِعَها في غيرِ المَسْجدِ الذي يصَلِّي فيه، فإنَّه يَبْعُدُ

وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإمَامِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلُ به. قوله: ومَن كبَّر قبلَ سَلامِ إمامِه، فقَدْ أدْرَكَ الجماعَةَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو المعْمولُ به في المذهبِ. قال في «النُّكَتِ»، في الجَمْعِ: قطَع به الأصحابُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا إجْماعٌ مِن أهْلِ العِلْمِ. وقيلَ: لا يُدْرِكُها إلَّا برَكْعَةٍ. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ. وذْكَره رِوايةً عن أحمدَ، وقال: اخْتارَه جماعَةٌ مِن أصحابِنا. وقال: وعليها إن تَساوَتِ الجماعةُ، فالثَّانيةُ مِن أوَّلِها أفْضَلُ. قال في «الفُروع»: ولعَلَّ مُرادَه، ما نقَله صالِحٌ، وأبو طالِبٍ، وابنُ هانِيَّء، في قوْلِه - صلى الله عليه وسلم -: «الحَجُّ عَرَفَةُ» (¬1). أنَّه مِثْلُ قولِه: «مَنْ أدْركَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةَ» (¬2) إنَّما يريدُ بذلك فضْلَ الصَّلاةِ، وكذلك يُدْرِكُ فضْلَ الحَجِّ. قال صاحِبُ «المُحَرَّرِ»: ومَعْناه أصْلُ فضْلِ الجماعَةِ، لا حُصولُها فيما سُبِقَ به، فإنَّه فيه مُنْفَرِدٌ حِسًّا وحُكْمًا إجْماعًا. تنبيه: ظاهر كلامه، أنه يدركها بمجرد التكبير قبل إسلامه، سواء جلس أو ¬

(¬1) يأتي في كتاب الحج. (¬2) انظر الكلام عليه في صفحة 293.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَم يجْلِسْ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقال بعضُ الأصحابِ: يُدْرِكُها بشَرْطِ أنْ يجْلِسَ بعدَ تكْبِيرِه، وقبلَ سَلامِه. وحمَل ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» كلامَ المُصنِّفِ عليه. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لا يُدْرِكُها إذا كبَّر بعدَ سَلامِ الإمامِ مِنَ والأُولَى، وقبل سَلامِه مِنَ الثَّانيِة. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يُدْرِكها. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». وعنه، يُدْرِكها أيضًا إذا كبَّر بعدَ سَلامِه مِن الثَّانيِة إذا سجَد للسَّهْو بعدَ السَّلامِ، وكان تكْبِيرُه قبلَ سُجودِه. فائدتان؛ إحْداهما، لا يقومُ المَسْبوقُ قبلَ سَلامِ إمامِه مِنَ الثَّانيِة. فلو خالفَ وقامَ قبلَ سَلامِه، لَزِمَه العَوْدُ، فيقومُ بعدَ سَلامِه منها، إنْ قُلْنا بوُجوبِها، وأنَّه لا يجوزُ مُفارقتُه بلا عُذْرٍ، فإنْ لم يَعُدْ، خرَج منَ الائتِمامِ، وبطَل فرْضُه وصارَ نَفْلًا. زادَ بعضُهم، صارَ نَفْلًا بلا إمامٍ. وهذا أحَدُ الوُجوهِ. قدَّمه ابنُ تميمِ، وابن مُفْلِح في «حَواشيِه». والوَجْهُ الثاني يبطُلُ ائْتمامُه، ولا يبْطُل فرْضُه، إن قيلَ بمَنْعِ المُفارقَةِ لغيرِ عُذْرٍ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ» والوَجْهُ الثَّالثُ، تَبْطُلُ صلاتُه رأسًا، فلا يصِحُّ له نفْلٌ ولا فرْضٌ. وهو احْتِمالٌ في «مُخْتَصَرِ ابن تَميمٍ». وأطْلقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، ثم قال، بعدَ حِكايِة الأقْوالِ الثَّلاثةِ: وقلتُ: إنْ تَركَه عمْدًا، بطَلَتْ صلاتُه، وإلَّا بطَل ائتمامُه فقط. الثَّانيةُ، يقومُ المَسْبوقُ إلى القَضاءِ بتَكْبيرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وقيل: إنْ أدْرَكَه في التَّشَهُّدِ الأخيرِ، لم يُكَبَّرْ عندَ قِيامِه. وقيل: لا يُكَبِّرُ مَن كان جَالِسًا لمَرضٍ أو نَفْلٍ، أو غيرِهْما. ذكَرَه في «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وقال في «الصُّغْرى»: فإذا سلَّم إمامُه مُكَبَّرًا. نص عليه. وقيل: لا. فظاهِرُ هذا القولِ، أنَّه لا يُكَبِّرُ عندَ قِيامِه مُطْلَقًا.

وَمَنْ أدْرَك الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أدْرَكَ الرُّكُوعَ فقد أدْرَكَ الرَّكْعَةَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، سواءٌ أدْرَكَ معه الطُّمَأْنِينَةَ أولًا، إذا اطْمأْنَّ هو، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيز». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيلَ: يُدْرِكُها إنْ أدْركَ معه الطُّمَأْنِينَة. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَيْن»، تَبَعًا لابنِ عَقِيلٍ. وقال ابنُ رجَبٍ في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ»: إذا أدْرَكَ الإِمامَ في الرُّكوعِ بعدَ فَواتِ قَدْرِ الإجْزاءِ منه، هل يكونُ مُدْرِكًا له في

وَأجزَأتهُ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالأفْضَلُ اثْنَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَريضَةِ؟ ظاهِرُ كلامِ القاضي، وابنِ عَقِيل، تخْرِيجُها على الوَجْهين، إذا قُلْنا: لا يصِحُّ اقْتداء المُفْتَرِض بالمُتَنَفِّلِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويحْتَمِلُ أنْ تَجْرِي الرِّيادَةُ مَجْرى الواجب في بابِ الاتِّباعِ خاصَّةً؛ إذْ الاتِّباعُ قد يُسْقِط الواجبَ؛ كما في المَسْبوقِ ومُصَلِّي الجُمُعَةِ، مِنِ امرأةٍ وعَبْدٍ ومسافرٍ. انتهى (¬1) فعلى المذهبِ، عليه أنْ يأْتِيَ بالتَّكْبيرِ في حالِ قِيامِه. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ صِفةِ الصَّلاةِ. لو أتَى به أو ببَعْضِه راكِعًا أو قاعِدًا، هل تَنْعَقِدُ؟ فائدة: إنْ شكَّ هل أدْرَكَ الإمامَ راكِعًا أم لا؟ لم يُدْرِكِ الرَّكْعَةَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وذكَر في «التَّلْخيص» وَجْهًا؛ أنَّه يُدْرِكُها. وهو منَ المُفْرَداتِ؛ لأنَّ الأَصْل بَقاءُ ركُوعِه. قوله: وأجْزأته تَكْبيرَةٌ واحِدَةٌ. يعْنِي تكْبيرة الإحْرامِ، فتُجْزِئُه عن تكبِيرَةِ الرُّكوع. وهذا المذهبُ، نص عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفروعِ»، وغيره. وعنه، يُعْتَبَرُ معها تكْبيِرةُ الرُّكوعِ. اخْتارَها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ عَقِيلِ، وابنُ الجَوْزِي ¬

(¬1) القواعد، لابن رجب 4، 5.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُذْهَبِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وإنْ أدْركَه في الرُّكوعِ، فقد أدْرَكَ الرَّكْعَةَ إذا كبَّر تكْبِيرَتَين للإحْرامِ وللرُّكوعِ. قال في «الرَّعايَةِ الصُّغْرى» وإنْ لَحِقَه راكِعًا، لَحِقَ الرَّكْعَةَ، وكبَّر للإِحْرامِ قائمًا. نصَّ عليه. ثم للرُّكوعِ على الأصَحِّ إنْ أمْكَنَ، وكذا قال في «الكُبْرَى». وقال: إنْ أمْكَنَ وأمِنَ فوْتَه. وقال: إنْ ترَك الثَّانيةَ ولم يَنْوها بالأْوَّلَةِ، بَطَلَتْ صلاتُه. وعنه، يصِحُّ، ويُجْزِيء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إنْ ترَكَها عَمْدًا بَطَلتْ صلاتُه؛ وإنْ تركَها سَهْوًا، صحَّتْ، وسجَد له، في الأْقْيَس. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لو نوَى بالتَّكْبيرةِ الواحدَةِ تَكْبيرةَ الإِحْرامِ والرُّكوعِ، لم تَنْعَقِدِ الصَّلاةُ. على الصَّحيح مِنَ المذهب. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وعنه، تَنْعَقِدُ. اخْتارَ ابن شاقْلَا، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ, والشَّارِحُ. قال في «الحاوي الكَبيرِ»: وإنْ نواهُما بتكْبيرةٍ واحدَةٍ، أجْزأه، في ظاهرِ المذهبِ. نصَّ عليه، وأطلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ» و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة» (¬1): ومِنَ الأصحابِ مَن قال: إنْ قُلْنا: ¬

(¬1) صفحة 24.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تكْبِيرة الرُّكوعِ سُنَّةٌ، أجْزَأَتْه، وإنْ قُلْنا: واجِبَةٌ، لم يصِحَّ التَّشْريكُ. قال: وفيه ضَعْفٌ. وهذه المَسْألَةُ تدْلُّ على أنَّ تكبيرةَ الرَّكوعِ تُجْزِيء في حالِ القِيامِ، خِلافَ ما يقولُه المُتَأَخِّرون. انتهى. الثَّانيةُ، لو أدْرَكَ إمامَه في غيرِ الرَّكوعِ، اسْتُحِبَّ له الدُّخولُ معه. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، والمنصوص، أنه ينْحَطُّ معه بلا تكبيرة. جزَم به في «المُغْنِي» و «الشَّرحِ»، وغيرهما. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيره. وقيل: يُكبِّر. وأطْلَقَهما ابن تَميم، و «الفائقِ».

وَمَا أدْرَكَ مَعَ الإمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أوَّلُهَا، يَسْتَفْتِحُ لَهُ وَيَتَعَوَّذُ، وَيَقْرَأ السُّورَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما أدْرَكَ مع الإمامِ فهو آخِرُ صَلاته، وما يَقِضيه أوَّلُها. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويين»، و «ابن تَميم»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وعنه، ما أدْرَكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع الإمام فهو أوَّلُ صلاته، وما يقْضيه آخِرُها. تنبيه: لهذا الخِلاف فوائِدُ كثيرةٌ. ذَكَرها ابنُ رَجَب في «قَواعِده» (¬1) وغيرُه؛ فمنها، محَلُّ الاسْتِفْتاحِ. فعلى المذهبِ، يَسْتَفْتِحُ يقْضِيه. وعلى الثَّانيةِ، فيما أدْرَكَه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي، في «شرْحِ المُذْهَبِ»: لا يشْرَعُ الاسْتِفْتاح على كِلا الرِّوايتين؛ لفَوْتِ محَلِّه، ومنها، التَّعَوُّذُ، إذا قُلْنا: هو مخْصوصٌ بأوَّل ركْعَةٍ. فعلى المذهبِ، يَتَعَوَّذُ فيما يقْضِيه. وعلى الثَّانيةِ، فيما أدْركَه. قلتُ: الصواب هنا، أن يَتَعوَّذ فيما أدْرَكَه على الروايتَين. ولم أر أحدًا مِنَ الأصحاب قاله. وأمَّا على القَوْلِ بمشْروعِيَّتِه في كلَّ رَكْعةٍ، فتَلْغُو هذه الفائِدَةُ. ومنها، صِفة القِراءةِ في الجهْرِ والإخْفاتِ، فإذا فاتَتْه ركْعَتان مِنَ المغْرِبِ والعِشَاء، جهَر في قَضائهما مِن غيرِ كراهَةٍ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثْرَمِ. وإن أَمَّ فيهما، وقُلْنا بجوازِه، سُنَّ له الجَهْرُ بِناءً على المذهبِ. وعلى الثَّانيةِ، لا جَهْرَ هنا. وتقدمتَ المسْألُة في صِفةِ الصَّلاةِ، عندَ قوْله: ويَجْهَر الإمامُ بالقِراءَةِ (¬2). بأتمَّ مِن هذا. ومنها، مِقْدار القِراءةِ. وللأصحابِ فيه طرِيقان؛ أحَدُهما، إنْ أدْرَك ركْعَتَين منَ الرُّباعِيَّةِ، فإنه يقْرأ في المَقْضِيَّتَيْن بالحَمْدِ وسُورةٍ معها. على كِلا الرِّوايتَين. قال ¬

(¬1) صفحة 399، 400. (¬2) انظر 3/ 466.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ أبِي موسى: لا يخْتَلِفُ قوْلُه في ذلك. وذكرَ الخَلَّالُ، أنَّ قوْلَه اسْتَقَرَّ عليه. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): هو قوْل الأئمَّةِ الأرْبَعَةِ، لا نعلمُ عنهم فيه خِلافًا. وذكرَه الآجُرِّيُّ عن أحمدَ. والثَّانِي، يَبْنِي قراءَتَه على الخِلافِ في أصْلِ المسْألَةِ. ذكرَه ابنُ هُبَيرَةَ، وفاقًا للأئمَّةِ الأرْبعَةِ. وقاله الآجُرِّيُّ. وهي طرِيقَة القاضي ومَن بعدَه. قال في «الفُروعِ»: وجزَم به جماعةٌ. وذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى. قال العَلَّامَةُ ابنُ رَجَب في فوائِدِه (¬2): وقد نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ في رِوايَةِ الأَثْرَم، وأوْمَأَ إليه في رِوايَةِ حَرْبٍ وغيرِه. واخْتارَه المَجْدُ، وأنْكَرَ الطَّريقَةَ الأُولَى. وقال: لا يتَوَجَّهُ إلَّا على رأْي مَن رأَى قِراءةَ السُّورَةِ في كلِّ رَكْعَةٍ، أو على رأْي مَن رأَى قِراءةَ السُّورةِ في الأُخْرَيَيْن إذا نَسِيَها في الأُولَيَين. وقال: أصُولُ الأئمَّةِ تقْتَضِي الطَّريقَةَ الثَّانيةَ. صرَّح به جماعةٌ. قال ابنُ رَجَبٍ (¬3): قلتُ: وقد أشار الإِمامُ أحمدُ إلى مأْخَذٍ ثالثٍ؛ وهو الاحْتِياطُ للتَّرَدُّدِ فيهما. وقرِاءَةُ السُّورَةِ سُنَّةٌ مُوَّكَّدَةٌ، فيَحْتاطُ لها أكثْرَ مِنَ الاسْتِفْتاحِ والتَّعَوُّذِ. انتهى. ومنها، لو أدْرَكَ مِن الرُّباعِيَّةِ ركعةً، فعلى المذهبِ، يقْرأَ في الأُولَيَين بالحَمْدِ وسُورَةٍ، وفي الثَّالثةِ، بالحَمْدِ فقط. ونقَل ¬

(¬1) 2/ 281، 282. (¬2) انظر: القواعد، لابن رجب 399. (¬3) المصدر السابق 399.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه المَيمُونِيُّ، يحْتاطُ ويقْرأُ في الثَّلاثَةِ بالحَمْدِ وسورَةٍ. قال الخَلَّالُ: رجَع عنها أحمدُ. ومنها، قُنوتُ الوتْرِ إذا أدْركَه المَسْبوقُ مع مَن يُصَلِّيه بسَلامٍ واحدٍ، فإنَّه يَقَعُ في محَلِّه، ولا يُعيدُ على المذهب. وعلى الثَّانيةِ، يعيدُه في آخِرِ ركْعَةٍ يقْضِيها. ومنها، تكْبيراتُ العيدِ الزَّوائدِ إذا أدْرَكَ المَسْبوقُ الرَّكْعةَ الثَّانيةَ. فعلى المذهبِ، يُكَبِّرُ في المَقْضِيَّةِ سبْعًا، وعلى الثَّانيةِ، خَمْسًا. ومنها، إذا سُبِقَ ببَعضِ تكْبيراتِ صلاة الجِنازَةِ. فعلى المذهبِ، يُتابعُ الإِمامَ في الذِّكْرِ الذي هو فيه، ثم يقْرَأُ في أوَّلِ تكْبِيرَةٍ يقْضِيها. وعلى الثَّانيةِ، لا يُتابعُ الإِمامَ، بل يقْرَأُ الفاتحةَ خلفَ الإِمامِ. ومنها، محَلُّ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ في حقِّ مَن أدْرَكَ مِنَ المغْرِبِ، أو مِن رُباعِيَّةٍ ركْعَةً. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يتَشَهَّدُ عَقِيبَ ركْعَةٍ على كِلا الرِّوايتَين، وعليه الجمهورُ؛ منهم الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ، والقاضي. قال الخَلَّالُ: اسْتَقَرَّتِ الرِّواياتُ عليها. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وقال: في الأصَحِّ عنه. وعنه، يَتَشَهَّدُ عَقِيبَ ركْعَةٍ في المغْربِ فقط. وعنه، يتشَهَّدُ عَقِيبَ ركْعَتَين في الكُلِّ. نقَلها حَرْبٌ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، والشَّارِحُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الكلُّ جائزٌ. ورَدَّه ابنُ رجَبٍ. واخْتُلفَ في بِناءِ هاتَين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتين؛ فقيلَ: هما مَبْنِيَّتان على الرِّواتَين في أصْلِ المسْألَةِ، إنْ قُلْنا: ما يقْضِيه أوَّلُ صلاتِه لم يجْلِسْ إلَّا عَقِيبَ ركْعَتَين، وإنْ قُلْنا: ما يقْضِيه آخِرُها. تَشَهَّدَ عَقِيب ركْعَةٍ. وهي طريقَةُ ابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». وأوْمَأَ إليه في رِوايَةِ حَرْبٍ. وقيل: هما مبْنِيَّتان على القوْلِ بأنَّ ما يُدْرِكُه آخِر صلاته. وهي طريقَةُ المَجْدِ. ونصَّ على ذلك صرِيحًا في رِوايَةِ عبدِ اللهِ، والبَرَاثِيِّ (¬1). ومنها، تطْويلُ الرَّكْعةِ الأُولَى، على الرِّوايَهِ الثَّانيةِ، وتَرْتِيبُ السُّورَتَين في الرَّكْعَتَين. ذكَره ابنُ رَجَبٍ تخْرِيجًا له. وقال أيضًا: فأمَّا رفْعُ اليدَين إذا قامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، إذا قُلْنا باسْتِحْبابِه، فيَحْتمِلُ أنْ يرْفَعَ إذا قامَ إلى الرَّكعَةِ المحْكُومِ بأنَّها ثالِثةٌ، سواءٌ قامَ عن تشَهُّدٍ أو غيرِه، ويَحْتَمِلُ أنْ يرفَعَ إذا قامَ مِن تشَهُّدِه الأوَّلِ المُعْتَدِّ به، سواءٌ كان عَقِيبَ الثَّانيةِ أو لم يكُنْ. قال: وهو أظْهَرُ. انتهى. ومنها، التَّوَرُّكُ مع إمامِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَتَوَرَّكُ مع إمامِه، على الرِّوايَةِ الأُولَى، كما يَتَوَرَّكُ إذا قَضَى. قال في «الفروعِ»: وعلى الأُولَى يَتَوَرَّكُ مع إمامِه، كما يقْضِيه في الأصَحِّ. وعنه، يَفْتَرِشُ. وعنه، يُخَيَّرُ. وهو وَجْه في «الرِّعايَةِ». ¬

(¬1) في ا: «البرقاني». وفي الأصول: «البرقاني». وهو نسبة إلى براثا، موضع ببغداد متصل بالكرخ. وهو أحمد بن محمد بن خالد البغدادي البراثي، أبو العباس. الإمام المقرئ المحدث المجود، روى عن الإمام أحمد مسائل ومنها هذه المسألة. توفي سنة ثلاثمائة هجرية. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 64، سير أعلام النبلاء 14/ 92.

وَلَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفُروعِ»: ومُقْتَضَى قولِه: إنَّه هل يَتَوَرَّك مع إمامِه أو يَفْتَرِشُ؟ أنَّ هذا القعودَ هل هو رُكْنٌ في حَقِّه؟ على الخِلافِ. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»: القعودُ الفَرْضُ ما يفْعَلُه آخِرَ صلاتِه، ويَعْقُبُه السَّلامُ. وهذا معْدومٌ هنا، فجرَى مَجْرَى التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، على أنَّ القُعودَ هل هو رُكْنٌ في حَقِّه بعدَ سجْدَتَي السَّهْو مِن آخِرِ صلاتِه وليس بفَرْضٍ؟ كذا هنا. وقال المَجْدُ: لا يُحْتَسَبُ له بتَشَهُّدِ الإِمامِ الأخيرِ إجْماعًا، لا مِن أوَّلِ صلاته ولا مِن آخرِها، ويأتِي فيه بالتَّشَهُّدِ الأوَّلِ فقطَ؛ لوُقوعهِ وسَطًا، ويُكَرِّرُه حتى يُسَلِّمَ إمامُه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وعنه، مَنْ سُبِقَ برَكْعَتَين لا يَتَوَرَّكُ إلَّا في الآخِرِ وحدَه. وقيل: في الزَّائدَةِ على ركْعَتَين يَتَوَرَّكُ إذا قَضى ما سُبِقَ به. وقيل: هل يُوافِقُ إمامَه في تَوَرُّكِه، أم يُخَيَّرُ بينَهما؟ فيه رِوايَتان. انتهى. قوله: ولا تَجِبُ القراءةُ على المأمومِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. نصَّ عليه، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تجبُ القِراءَةُ عليه. ذكَرَها التِّرْمِذِيُّ، والبَيهَقِيُّ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. واخْتارَها الآجُرِّيُّ. نقَل الأَثْرَمُ، لا بُدَّ للمأْمومِ مِن قراءَةِ الفاتحةِ. ذكَره ابنُ أبِي مُوسى في «شَرْحِ الخِرَقِيِّ». وقال: إنَّ كثيرًا مِن أصحابِنا لا يعْرِفُ وُجوبَها. حكَاه في «النَّوادِرِ» قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الرِّوايَةُ أظْهَرُ. وقيل: تجِبُ في صلاةِ السِّرِّ. وحكَاه عنه ابن المُنْذِرِ. وأطْلقهما ابن تَميمٍ. ونقَل أبو داودَ، يقْرَأُ خلْفَه في كلِّ ركْعَةٍ إذا جهَر. قال: في الرَّكْعَةِ الأُولَى يُجزِئُ. وقيل: تجِبُ القراءةُ في سَكَتاتِ الإِمامِ وما لا يَجْهُرُ فيه. تنبيه: قوْلُه: ولا تجِبُ القِراءَةُ على المأْمومِ. معْناه، أنَّ الإِمامَ يَتَحَمَّلُها عنه، وإلَّا فهي واجِبَةٌ عليه. هذا مَعْنَى كلامِ القاضي وغيرِه. واقْتَصَر عليه في «الفُروعِ» وغيرِه. فائدة: يتَحَمَّلُ الإِمامُ عنِ المأْمومِ قِراءَةَ الفاتِحَةِ، وسجودَ السَّهْو، والسُّتْرَةَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما تقدَّم. قال في «التَّلْخيصِ» وغيره: وكذا التَّشَهُّدُ الأوَّلُ إذا سَبَقَه برَكْعَةٍ، وسُجُودُ التِّلاوَةِ، ودُعاءُ القنوتِ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرأَ فِي سَكَتَاتِ الْإِمَام، وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ، أَوْ لَا يَسْمَعُهُ لِبُعْدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَقْرَأَ في سَكَتاتِ الإِمامِ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يجبُ في سَكَتاتِ الإِمامِ، كما تقدَّم. تنبيهات؛ الأوَّلُ، قوْلُه: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْرَأَ في سَكَتاتِ الإِمام. يعْنِي، أنَّ القراءةَ بالفاتِحَةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هل الأفْضَلُ قِراءَتُه للفاتحةِ، للاخْتِلافِ في وجوبِها، أمْ بغيرِها؛ لأنَّه اسْتَمَعَ الفاتحة؟ ومُقْتَضَى نُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، وأكْثَرِ أصحابِه، أنَّ القِراءَةَ بغيرِها أفْضَلُ. نقَل الأَثْرَمُ في مَن قَرَأ خلْفَ إمامِه إذا فَرغ الفاتحةَ، يُؤَمِّن؟ قال: لا أدْرِي، ما سَمِعْتُ، ولا أرَى بأْسًا. وظاهِرُه التَّوَقُّفُ، ثم بَيَّنَ أنَّه سُنَّةٌ. انتهى. قال في «جامِعِ الاخْتِيَاراتِ»: مُقْتَضَى هذا إنَّما يكونُ غيُرها أفْضَلَ إذا سَمِعَها، وإلَّا فهي أفْضَلُ مِن غيرِها. الثَّانِي، أفادَنا المُصَنِّفُ رَحِمَه اللهُ تعالى، أنَّ تفْرِيقَ قراءةِ الفاتحةِ في سَكَتاتِ الإِمامِ لا يَضُرُّ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، ونصَّ عليه. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في صِفَةِ الصَّلاةِ. الثَّالثُ، أفادَنا المُصَنِّفُ أيضًا، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للإمامِ سَكْتتَين. وهو صحيحٌ. قال المَجْدُ ومَن تابعه: هما سَكْتَتانِ على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ؛ إحْدَاهما، تَخْتَصُّ بأوَّلِ ركْعَةٍ للاسْتِفْتاحِ. والثَّانِيَةُ، سكْتَةٌ يسيرةٌ بعدَ القراءةِ كلِّها؛ ليَرُدَّ إليه نَفَسَه، لا لِقراءَةِ الفاتحةِ خلْفَه. على ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اسْتَحَبَّ الإِمامُ أحمدُ في صلاةِ الجَهْرِ سَكْتَتين؛ عَقِيب التَّكْبيرِ للاسْتِفْتاحِ. وقبلَ الرُّكوعِ؛ لأجْلِ الفَصْلِ. ولم يَسْتَحبَّ أنْ يسْكُتَ سكْتَةَ تَسَعُ قِراءَةَ المأْمومِ، ولكنْ بعضُ الأصحابِ اسْتَحَبَّ ذلك. انتهى. وقال في «المُطْلِعِ»: سَكَتاتُ الإِمامِ ثَلاثٌ في الرَّكْعَةِ الأُولَى؛ قبلَ الفاتحةِ. وبعدَها. وقبلَ الرُّكوعِ. واثْنَتَان في سائرِ الرَّكَعاتِ؛ بعدَ الفاتحِة. وقبلَ الرُّكوعِ. انتهى. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يسْكُتَ الإِمامُ بعدَ الفاتحةِ بقَدْرِ قِراءَةِ المأْمومِ. جزمَ به في «الكافِي»، و «ابن تميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يسْكُتُ قبلَ الفاتحةِ: وعنه، لا يسْكُتُ لقراءَةِ المأْمومِ. وهو ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدِ ومَن تابَعَه، والشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، كما تقدَّم. قال في «الرعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الكَبيرِ»: ويَقِفُ قبلَ الحَمْدِ ساكِتًا وبعدَها. وعنه، بل قبلَها. وعنه، بل بعدَها. وعنه، بل بعدَ السُّورَةِ، قَدْرَ قِراءَةِ المأْمومِ الحَمْدَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا تُكْرَهُ القِراءَة في سَكْتَةِ الإمامِ لتَنَفُّسِه. نقَله ابنُ هانِئٍ عن أحمدَ. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال الشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ: لا يقْرَأُ في حالِ تَنَفُّسِه إجْماعًا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: وما لا يَجْهَرُ فيه. يعْنِي، أنَّه يُسْتَحَبُّ للمَأْمومِ أنْ يقرأَ في سَكَتاتِ الإِمامِ، وفيما لا يَجْهَرُ فيه، فيقْرَأُ فيما يَجْهَرُ فيه في سَكَتاتِ الإِمام الفاتِحَةَ أو غيرَها، على ما تقدَّم. ويقْرَأُ بها أَيضًا فقط في غيرِ الأُولَيَيْن، ويقْرَأُ بالفاتِحَةَ وغيرِها في الأُولَيَيْن فيما لا يَجْهَر فيه. نصَّ عليه. الثَّانِي، ظاهِرُ قوْلِه: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْرَأَ في سَكَتاتِ الإِمام. أنَّه لا يُسْتَحَبُّ للمأْمومِ القِراءَة حالَ جَهْرِ الإِمام. وهو صحيحٌ، بل يُكْرَهُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُرَوعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِي»، وغيرِهم. وعنه، يُسْتَحَبُّ بالحَمْدِ. اخْتارَه المَجْدُ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ هُبَيْرَةَ. وقالَه أحمدُ في رِوايَةِ إبراهيمَ ابنِ أبِي طالِبٍ (¬1). وقيل: يَحْرُمُ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يقْرَأُ. وقال أَيضًا: لا يُعْجِبُنِي. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقيل: يَحْرُمُ، وتبْطُلُ الصَّلاةُ به أَيضًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وأوْمَأَ إليه أحمدُ. قوله: أو لا يَسْمعُه لبُعْدِه. يعْنِي، أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يقرَأَ إذا لم يسْمَعِ الإِمامَ ¬

(¬1) إبراهيم بن أبي طالب مُحَمَّد بن نوح النَّيْسَابُورِيّ المُزَكى، أبو إسحاق. الإِمام الحافظ، المجود، الزَّاهد، شيخ نيسابور، وإمام المحدثين في زمانه. توفى سنة خمس وتسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 13/ 547 - 552.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لبُعْدِه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يقْرَأ. وحَكاه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه رِوايةً. وأطْلقَهما في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». فعلى المذهبِ؛ لو سَمِعَ هَمْهَمَةَ الإِمام، ولم يفْهَمْ ما يقولُ، لم يقْرَأْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلها الجماعةُ عَنِ الإِمامِ أحمدَ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وعنه، يقْرَأْ. نقَلها عبدُ اللهِ. واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. قلت: وهو الصَّوابُ. وأطْلقَهما الزَّرْكَشِيُّ. قوله: فإنْ لم يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وكذا في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»، في بابِ صَلاةِ الجماعَةِ، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْم»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُرعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ أحدُهما، يُسْتَحَبُّ أنْ يقرَأَ إذا كان قرِيبًا بحيثُ، يشْغَلُ مَن إلى جَنْبِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، في صِفَةِ الصَّلاةِ: قرأ في الأقْيَسِ. وجزَم به في «الإِفاداتِ». والوَجْهُ الثَّانِي، لا يقْرَأُ، بل يُكْرَهُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أوْلَى. تنبيه: مَنْشَأُ الخِلافِ، كوْنُ الإِمامِ أحمدَ رَحِمَه اللهُ سُئِل عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَطْرَشِ، أَيَقْرَأُ؟ قال: لا أدْرِي. فقال الأصحابُ: يَحْتمِلُ وَجْهَيْن؛ فبَعْضُ الأصحابِ حكَى الخِلافَ في الكراهَةِ والاسْتِحْبابِ مُطْلَقًا؛ منهم أبو الخَطَّابِ، ومَن تابعَه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وبعضُهم خَصَّ الخِلافَ بما إذا خَلَّط على غيرِه؛ منهم ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: الوَجْهان إذا كان قرِيبًا لا يَمْنَعُه إلَّا الطَّرَشُ. وكذا أضافَه الشَّيْخُ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، في «المُقْنَعِ». وإضافَةُ الحُكْمِ إلى سبَبٍ

وَهَلْ يَسْتَفْتِحُ وَيَسْتَعِيذُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقْتَضي اسْتِقْلالَه، لكنْ لا يُفْهَمُ منِ لفْظِ الشَّيْخِ الحُكْمُ على الوَجْهِ الثَّانِي ما هو؟ لتَوَسُّطِ الإِباحَةِ بينَهما. فإنِ اجْتَمَعَ مع الطَّرَشِ البُعْدُ، قرَأ بطريقِ الأَوْلَى، على ما تقدَّم. فأمَّا إنْ قُلْنا: لا يقْرَأْ البعيدُ الذى لا يسْمَعُ. لم يقْرَأْ صاحِبُ. الطَّرَشِ هنا، قوْلًا واحدًا. وكذا قال المَجْدُ في «شَرْحِه». قوله: وهل يَسْتفْتحُ ويَسْتَعِيذُ فِيمَا يَجْهَر فيه الإِمامُ؟ على روايتَيْن، وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُستوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». اعلمْ أنَّ للأصحابِ في محَلَّ الخِلافِ طُرُقًا؛ أحَدُها، أنَّ محَلَّ الخِلافِ في حالِ سُكوتِ الإمامِ، فأمَّا في حالِ قِراءَتِه، فلا يسْتَفْتِحُ ولا يسْتَعِيذُ، روايةً واحدةً. وهي طريقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفائقِ»، وابنِ حَمْدانَ في «رِعايَتِه الكُبْرى»، في بابِ صِفَةِ الصَّلاةِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين: مِنَ الأصحابِ مَن قال ذلك. الطَّريقُ الثانِي، أنَّ محَلَّ الرِّوايَتْين، يخْتَصُّ حالَةَ جَهْرِ الإِمامِ، وسَماعِ المأْمومِ له دُونَ حالَةِ سَكَتاِتِه. وهي طريقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الخِلافِ»، و «الطَّريقَةِ». نقَّله عنه المَجْدُ في «شْرْحِه»، صاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: المعْروفُ عندَ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّ النِّزاعَ في حالَةِ الجَهْرِ؛ لأنَّه بالاسْتِماعِ يحْصُلُ مقْصودُ القِراءةِ، بخِلافِ الاسْتِفْتاحِ والتَّعَوُّذِ. وقطَع به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. الطَّريقُ الثَّالِثُ، أنَّ الخِلافَ جارٍ في حالِ جَهْرِ الإِمامِ وسُكوتِه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ هنا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبِي الخَطَّابِ، وابنِ الجَوْزِيُّ، وغيرِهم. وهو كالصَّريحِ في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم؛ لكَوْنِهم حكَوْا الرِّوايتَيْن مُطْلقَتيْن، ثم حكَوْا روايةً بالتَّفْرِقَةِ. قلتُ: وهذه الطَّريقَةُ هي الصَّحِيحُة؛ فإنَّ النَّاقِل مُقَدَّمٌ على غيره، والتَّفْرِيعُ عليها. فإحْدَى الرِّواياتِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ له أنْ يَسْتَفْتِحَ ويَسْتَعِيذَ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن» في صَلاةِ الجماعةِ، و «الحاوِيَيْن». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُكْرَهُ أنْ يسْتَفْتِحَ ويسْتَعِيذَ مُطْلَقًا. صحِّحه في «التَّصْحِيحِ». واخْتارَه الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ. وعنه رِوايةٌ ثالثةٌ، إنْ سَمِعَ الإمامَ، كُرِهَا، وإلَّا فلا. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وصحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، في بابِ صِفَةِ الصَّلاةِ: ولا يسْتَفْتِحُ، ولا يَتَعَوَّذُ مع جَهْرِ إمامِه، على الأصَحِّ. قال في «النُّكَتِ»: هذا هو المشْهورُ. وعنه رِوايةٌ رابعَةٌ، يُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَفْتِحَ، ويُكْرَهُ أن يَتَعَوَّذَ. اخْتارَه القاضي في «الجامِعَ». قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو الأقْوَى. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». فائدة: قال ابنُ الجَوْزِيِّ: قراءةُ المأْمومِ وقْتَ مُخافَتَةِ إمامِه أفْضَلُ مِنِ اسْتِفْتاحِه. وغلَّطَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين، وقال: قوْلُ أحمدَ وأكثرِ الأصحابِ؛ الاسْتِفْتَاحُ أوْلَى؛ لأنَّ اسْتِماعَه بدَلٌ عن قِراءتِه. وقال الآجُرِّيُّ: أخْتارُ أنْ يبْدَأ بالحَمْدِ أوَّلُها: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وترْكَ الاسْتِفْتاحِ؛ لأنَّها فريضَةٌ. وكذا قال القاضي في «الخِلافِ»، في مَن أدْرَكه في ركُوعَ صلاةِ العيدِ: لو أدْرَكَ القِيامَ رتَّب الأذْكار، فلو لم يتَمَكَّنْ مِن جميعِها بدَأ بالقراءةِ؛ لأنّها فرْضٌ. انتهى.

وَمَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إِمَامِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ لِيَأْتِيَ بهِ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاُتهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، إِلَّا الْقَاضِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومن ركَع أو سجَد قبلَ إمامِه، فعليه أنْ يَرْفَعَ ليأْتِيَ به بعدَه. اعلمْ أنَّ ركُوعَ المأْموم أو سُجودَه أو غيرَهما قبلَ إمامِه عَمْدًا مُحَرَّمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحابِ. وقيل: مكْروهٌ. واخْتاره ابنُ عَقْيلٍ. فعلى المذهبِ؛ لا تَبْطُلُ صلاتُه بمُجَرَّدِ ذلك. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «الفُصولِ»: ذكَر أصحابُنا فيها رِوايَتْين. والصَّحيحُ، لا تَبْطُلُ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ لا تبْطُلُ، إنْ عادَ إلى مُتابَعَتِه حتَّى أدْرَكَه فيه. وعنه، تبْطُلُ إذا فعَله عَمْدًا. ذكَرها الإِمامُ أحمدُ في رِسالَتِه. وقدَّمه الشَّارِحُ؛ فقال: وتبْطُلُ صلاتُه في ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدُ في قال: ليس لمَن سبَق الإمامَ صلاةٌ، لو كان له صلاةٌ لرُجِيَ له الثَّوابُ، ولم يُخْشَ عليه العِقابُ. قال في «الحَواشِي»: اخْتاره بعضُ أصحابِنا. وأمَّا إذا فعَل ذلك سهْوًا أو جهْلًا، فإنَّها لا تبْطُلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ولو قلْنا: تبْطُلُ بالعَمْدِيَّةِ. وقيل: تبْطُلُ. ذكَره ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قوله: فإنْ لم يَفْعَلْ عَمْدًا بَطَلتْ صَلاتُه عندَ أصحابنا، إلَّا القاضِيّ. يعْنِي، إذا ركَع أو سجَد قبلَ إمامِه عَمْدًا أو سهْوًا، ثم ذكَر، فإنَّ عليه أنْ يرْفَعَ ليَأْتِيَ به بعدَ إمامِه، فإنْ لم يفْعَلْ عمْدًا حتَّى أدْركَه الإمامُ فيه، قال الأصحابُ: بَطَلَتْ صلاتُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه أكثُر الأصحابِ. قال في «الفروعِ»: اخْتاره الأكثرُ. وقدَّمه هو وغيرُه. وهو مِنَ المُفْرداتِ. وقال القاضي: لا تبْطُلُ. واخْتارَه جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. وصحَّحه ابنُ الجَوْزِي في «المُذْهَب». وذكَر في «التَّلْخيص»، أنَّه المشْهورُ. وعلَّلَه القاضي وغيرُه بأنَّ العادةَ أنَّ المأْمومَ يسْبِقُ الإِمامَ بالقَدْرِ اليَسيرِ، يعْنِي، يُعْفَى عنه، كفِعْلِه سهْوًا أو جهْلا. وقيل: تبْطُلُ بالرُّكوعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط. وقال المَجْدُ: إذا تعَمَّدَ سبْقَه إلى الرُّكْن عالِمًا بالنَّهْيِ، وقلْنا: لا تبْطُلُ صلاتُه، لم يَعُدْ، ومتى عادَ، بَطَلَتْ صلاتُه على كلا الوَجْهين. قال: لأنَّه زادَ رُكوعًا أو سُجودًا عمْدًا. وذلك يبْطُلُ عندَنا، قوْلًا واحِدًا. انتهى. وهي مِنَ المُفْرداتِ أَيضًا. وجزَم به ابنُ تَميمٍ على قوْلِ القاضي. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يُعِدْ سهْوًا، أنَّ صلاتَه لا تبْطُلُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وكذا الجاهِلُ. ويعْتَدُّ به. وقيل: تبْطُلُ منهما أَيضًا.

فَإنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ إِمَامِهِ عَالِمًا عَمْدًا فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ركَع ورفَع قبلَ ركوعِ إمامِه عالِمًا عَمْدًا فهل تَبْطُلُ صَلاتُه؟ على وجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الفروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجِّي»؛ أحَدُهما، تبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. اخْتارَه القاضي. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». الوَجْهُ الثَّانِي، لا تبْطُلُ. وذكَر في «التَّلْخيصِ»، أنَّه أشْهَرُ. فعليه، يعْتَدُّ بتلك الرَّكْعَةِ. صرَّح به ابنُ تَميمٍ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الرِّعايَةِ الكبْرى». وبَنَيا، هما وغيرُهما، الخِلافَ في أصْلِ المسْألَةِ على قوْلِنا بالصِّحَّةِ فيما إذا اجْتمَعَ معه في الرُّكوعِ، في المسْألَةِ السَّابقةِ. فائدة: حكى الآمِدِيُّ والسَّامَرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم، الخِلافَ رِوايتَيْن. وحكَاه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهم وَجْهَيْن.

وَإنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيّا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاُتهُ. وَهَلْ تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَإِنْ رَكَعَ وَرَفعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان جاهِلًا أو ناسِيًا لم تبْطُلْ صَلاتُه. بلا نزاعٍ. وهل تبْطُلُ تلك الرّكْعةُ؟ على روايتَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، تبْطُلُ. وهو المذهبُ. قال في «المُذْهَبِ»: لا يُعْتَدُّ له بتلك الرَّكْعَةِ، في أصَحِّ الرِّوايَتْين. قال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ويعيدُ الرَّكْعَة، على الأصَحَّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحَ»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تبْطُلُ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال في «الفائقِ»: وخرَّج منها صحَّةَ صلاِتِه عَمْدًا. انتهى. ومحَلُّ الخِلافِ في هذه المسْألَةِ، إذا لم يأْتِ بها مع إمامِه، فأمَّا إنْ أتَى بذلك مع إمامِه، صحَّتْ ركْعَتُه. جزَم به ابنُ تَميمٍ. قال ابنُ حَمْدانَ: يعيدُها إنْ فاتَتْه مع الإِمامَ. قوله: وإنْ ركَع أو رفع قبلَ رُكُوعِه، ثم سجَد قبلَ رَفْعِه، بَطَلَتْ صَلَاتُه، إلَّا

بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، إلَّا الْجَاهِلَ وَالنَّاسِيَ، تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا وَتَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجاهلَ والنَّاسِيَ تصِحُّ صَلاتُهما، وَتَبْطُلُ تلك الرَّكعة. لعدَمِ اقْتِدائِه بإمامِه فيها. قال في «الفروعِ»: وتبْطُلُ الرَّكْعَة ما لم يأْتِ بذلك مع إمامِه. فوائد؛ الأُولَى، مِثال ما إذا سَبَقَه برُكْنٍ واحدٍ كاملٍ؛ أنْ يرْكعَ ويْرفَعَ قبلَ رُكوعِ إمامِه. ومِثال ما إذا سَبَقَه برُكْنَيْن؛ أن يْركَعَ ويرْفعَ قبلَ ركُوعِه، ثم يسْجُدَ قبل رفْعِه. كما قالَه المُصَنِّفْ فيهما. الثَّانيةُ، الرُّكوعُ كرُكْنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: كرُكْنَيْن. وقال في «الرِّعايَةِ»: والسَّجْدَة وحدَها كالرُّكوعِ فيما قُلْنا. وقيلَ: بل السَّجْدَتان. الثَّالثةُ، ذكَر المُصَنِّفُ هنا حُكْمَ سبْقِ المأْمومِ للإِمامِ في الأفْعالِ، فأمَّا سبْقُه له في الأقْوالِ، فلا يَضُرُّ، سِوَى بتكْبيرةِ الإِحْرامِ وبالسَّلامِ. فأمَّا تكْبيرةُ الإِحْرامِ، فإنِّه يشْترطُ أنْ يأْتِيَ بها بعدَ إمامِه، فلو أتَى بها معه، لم يعْتَدَّ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وعنه، يعْتَدُّ بها إنْ كان سَهْوًا. وأمَّا السَّلامُ؛ فإنْ سلَّم قبلَ إمامِه عمْدًا، بَطَلَتْ، وإنْ كان سهْوًا، لم تبْطُلْ، ولا يعْتَدُّ بسلامِه. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في أوَّلِ سُجودِ السَّهْوِ. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يعْتَدُّ بسلامِه، وَجْهًا واحِدًا. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُسْتَوْعِبِ»: إذا سبَق المأْمومُ إمامَه في جميع الأقْوالِ، لم يضُرَّه إلَّا تكْبِيرَةُ الإِحْرامِ، فإنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يأْتِيَ بها بعدَه، والمُسْتَحَبُّ أنْ يتَأَخَّرَ عنه بما عَدَاها. الرَّابعة، الأَوْلَى أنْ يَشْرَعَ المأْمومُ في أفْعالِ الصَّلاةِ بعدَ شُروعِ الإِمامِ. قالَه ابن تَميمٍ وغيُره. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رزِين في «شَرْحِه»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، وغيرُهم: يُسْتَحَبُّ أنْ يشْرَعَ المأْمومُ في أفْعالِ الصَّلاةِ بعدَ فَراغِ الإِمامِ ممَّا كان فيه. انتهى. فإنْ وافَقَه في غيرِ تكْبيرَةِ الإِحْرامِ، كُرِهَ، ولم تبْطُلْ صلاتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهب، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقال في «المُبْهِجِ»: تبْطُلُ. وقيل: تبْطُلُ بالرُّكوعِ فقط. وقيل: تبْطُلُ بسلامِه مع إمامِه. واخْتارَ في «الرِّعايَة» إنْ سلَّم عمْدًا. وتقدَّم سبْقه في الأفْعالِ والأقْوالِ. الخامسةُ، قال ابن رَجَبٍ في «شَرْحِ البُخارِيِّ»: الأَوْلَى أنْ يسَلِّمَ المأْمومُ عَقِيبَ فَراغِ الإِمام مِنَ التَّسْليمتَيْن، فإنْ سلَّم بعدَ الأُولَى، جازَ عندَ مَن يقولُ: إنَّ الثَّانيةَ غيرُ واجِبَةٍ. ولم يَخُزْ عندَ مَن يَرى أنَّ الثَّانيةَ واجِبَةٌ، لا يخْرُجُ مِنَ الصَّلاةِ بدُونِها. انتهى. وظاهِرُه مُشْكِلٌ، ولعَلَّه أَرادَ أنَّ الأْوْلَى سَلامُ المأْمومِ عَقِيبَ فَراغِ الإمامِ مِن كُلِّ تسْليمِه، وأنَّه إنْ سلَّم المأْمومُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةَ بعدَ سلامِ الإِمام الأُولَى وقبلَ الثَّانيةِ، تَرَتَّبَ الحُكْمُ الذى ذكَره. السَّادسةُ، في تخَلُّفِ المأَمومِ عَنِ الإِمامِ عكْسُ ما تقدم. قال في «الفُروعِ» وغيره: وإنْ تخَلَّفَ عنه برُكْنٍ بلا عُذْرٍ، فكَالسَّبْقِ به، على ما تقدَّم، ولعُذْرٍ يفْعَلُه ويلْحَقُه. وفي اعْتِدادِه. بتلك الركْعَةِ الرِّوايَتان المُتَقَدِّمَتان في الجاهلِ والنَّاسِي، في قوْلِه: وهل تبْطُلُ تلك الرَّكْعَةُ؛ على رِوايتَيْن. وإنْ تخَلَّفَ عن إمامِه برُكْنَيْن، بَطَلتْ صلاتُه، إنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، وإنْ كان لعُذْرٍ، كنَوْمٍ وسَهْوٍ وزِحام، إنْ أَمِنَ فوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانيِة، أتَى بما تَرَكَه وتَبِعَه، وصحَّتْ ركْعَتُه، وإنْ لم يأْمَنْ فوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانيةِ، تَبعَ إمامَه ولغَتْ ركْعَتُه، والتى تَلِيها عِوَضٌ لتَكْميلِ ركْعَةٍ مع إمامِه على صِفَةِ ما صلَّاها. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهب. وعنه، يحْتَسِبُ بالأُولَى. قال الإمامُ أحمدُ، في مزْحُومٍ أدْرَكَ الرُّكوعَ، ولم يسْجُدْ مع إمامِه حتَّى فرَغ، قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْجُدُ سجْدَتَيْن للرَّكْعَةِ الأُولَى، ويقْضِي ركْعَةً وسجْدَتَيْن لصِحَّةِ الأُولَى ابْتِداءً. فعلى الثَّانى، كرُكوعَيْن. وعنه، يَتْبَعُه مُطْلَقًا وُجوبًا، وتَلْغُو أُولاهُ. وعنه، عكْسُه، فيُكَمِّلُ الأُولَى وُجوبًا، ويقْضِي الثَّانيةَ بعدَ السَّلامِ، كمَسْبوقٍ. وعنه، يشْتَغِلُ بما فاتَه، إلَّا أنْ يسْتَوِيَ الإمامُ قائِمًا في الثَّانيةِ، فتَلْغُو الأُولَى. قال ابنُ تميمٍ: إذا تخَلَّفَ عن الإِمامِ بركْنَيْن فصاعِدًا، بَطَلَتْ صلاتُه، وإنْ كان برُكْنٍ واحدٍ، فثَلاثَةُ أوْجُهٍ. الثَّالِثُ، إنْ كان رُكوعًا بطَل، وإلَّا فلا. وعلى المذهبِ

وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مَعَ إِتْمَامِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوَّلِ؛ لو زالَ عُذْرُ مَن أدرَكَ رُكوعَ الأُولَى، وقد رفَع إمامُه مِن رُكوعَ الثَّانيةِ، تابعَه في السُّجودِ، فتَتِمُّ له ركْعَةٌ مُلَفَّقَةً مِن ركْعَتَيْ إمامِه، يدْرِكُ بها الجُمُعَةَ. قلتُ: فُيعايَى بها. وقيل: لا يُعْتَدُّ له بهذا السُّجودِ، فيَأْتِي بسَجْدَتَيْن آخِرتَيْن والإِمامُ في تشَهُّدِه، وإلَّا عندَ سلامِه، ثم في إدْراكِ الجُمْعَةِ الخِلافُ. وإنْ ظَنَّ تحْريمَ مُتابعَةِ إمامِه فسجَد جهْلًا، اعْتُدَّ له به، كسُجودِ مَن يظُنُّ إدْراك المُتابعَةِ ففاتَتْ. وقيل: لا يعْتَدُّ به؛ لأنَّ فْرضَه الرُّكوعُ، ولا تبْطُل لجَهْلِه. فعلى الأُولَى؛ إنْ أدْرَكَه في التَّشَهُّدِ؛ ففي إدْراكِه الجُمُعَةَ الخِلافُ، وإنْ أدرَكَه في رُكوعِ الثَّانيةِ، تَبِعَه فيه، وتَمَّتْ جُمُعَتُه، وإنْ أدْرَكَه بعدَ رفْعِه منه تَبِعَه، وقضَى كمَسْبوقٍ يأْتِي برَكْعَةٍ، فَتتِمُّ له جُمُعَةٌ، أو بثَلاثٍ تَتِمُّ بها رُباعِيَّةٌ، أو يسْتَأنِفُها على الرِّواياتِ المُتقَدِّمَةِ. وعلى الثَّانى؛ أنَّه لا يُعْتَدُّ بسُجودِه، إنْ أتَى به ثم أدْركَه في الرُّكوع تَبِعَه، وصارتِ الثَّانيةُ أُولاهُ، وأدْرَكَ بها جُمُعَةً، وإنْ أدرَكَه بعدَ رفْعِه، تَبِعَه في السُّجودِ، فيحْصُلُ القَضاءُ والمُتابعَة معًا، وتَتِمُّ له ركْعَةٌ يُدْرِكُ بها الجُمُعَةَ. وقيل: لا يُعْتَدُّ به؛ لأنَّه مُعْتَدٌّ به للإِمامِ مِن ركْعَةٍ، فلو اعْتُدَّ به للمأْمومِ مِن غيرِها، اخْتَلَّ معْنَى المُتابعَةِ، فيأتِي بسُجودٍ آخَرَ، وإمامُه في التَّشَهُّدِ، وإلَّا بعدَ سلامِه. ومَن ترَك مُتابعَةَ إمامِه مع عِلْمِه بالتَّحْريمِ، بَطَلَتْ صلاتُه، وإنْ تَخَلَّفَ بركْعَةٍ فأكْثَرَ لعُذْرٍ، تابعَه وقَضَى كمَسْبوقٍ. وكما في صلاةِ الخَوْفِ. وعنه، تبْطُلُ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: ويُسْتَحَبُّ للإِمامِ تخْفيفُ الصَّلاةِ مع إتْمامِها. إذا لم يُؤْثِرِ المأْمومُ التَّطْويلَ، فإنْ آثَر المأمومُ التَّطْويلَ، اسْتُحِبَّ. قال في «الرِّعايَةِ»: إلَّا أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُؤْثِرَ المأْمومُ، وعدَدُهم محْصورٌ.

وَتَطْوِيلُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَطْويلُ الرَّكْعَةِ الأُولَى أكثرَ مِنَ الثَّانيةِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصّ عليه، وعليه الأصحابُ في الجُمْلَةِ، لكنْ قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ هل يُعْتَبرُ التَّفاوتُ بالآياتِ أم بالكَلِماتِ والحُروفِ؛ يتَوَجَّهُ كعاجزٍ عَنِ الفاتحةِ، على ما تقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في باب صِفةِ الصَّلاةِ. قال: ولعَلَّ المُرادَ لا أثَرَ لتَفاوُتٍ يسيرٍ، ولو في تطْويلِ الثَّانيةِ على الأُولَى؛ لأنَّ «الغاشِيَةَ» أطْوَلُ مِن «سَبِّح» وسورَةَ «النَّاسِ» أطْولُ مِنَ «الفَلَق» وصلَّى النَّبِيُّ، عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسلامِ، بذلك، وإلَّا كُرِهَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو طوَّل قِراءةَ الثَّانيةِ على الأُولَى، فقال أحمدُ: يُجْزِئُه، ويَنْبغِي أنْ لا يفْعَلَ. الثَّانيةُ، يُكْرَهُ للإِمامِ سُرْعَةٌ تمْنَعُ المأْمومَ مِن فعْلِ ما يُسَنُّ فِعْلُه. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يلْزَمُه مُراعاةُ المأْمومِ، إنْ تضَرَّرَ بالصَّلاةِ أوَّلَ الوقْتِ أو

وَلَا يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ دَاخِلٍ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ آخِرَه ونحوُه. وقال: ليس له أنْ يَزيدَ على القَدْرِ المَشْروعِ. وقال: يَنْبَغِي له أنْ يفْعَلَ غالِبًا ما كانَ عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلام يفْعَلُه غالِبًا، ويَزِيدَ وينْقُصَ للمَصْلَحَةِ كما كان عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ في يزيدُ وينْقُصُ أحْيانًا. قوله: ولا يُسْتحَبُّ انْتِظارُ داخِلٍ وهو في الرُّكوعِ، في إحدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»؛ إحْدَاهما، يُسْتَحَبُّ انْتِظارُه بشَرْطِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرحِ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَه القاضي، والشَّريفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطَّابِ، في «رُءوسِ مسَائِلِهما»، و «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ انْتِظارُه، فيُباحُ. قال في «الفروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: والشَّيْخُ يعْنِي به المُصَنِّفَ. وعنه رِوايَةً ثالثةٌ، يُكْرهُ. وتَحْتَمِلُه الرِّواية الثَّانيةُ للمُصَنِّفِ هنا. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ ببُطْلانها تخْريجٌ من تشْريكِه في نِيَّةِ خُروجِه مِنَ الصَّلاةِ، وتخْريجٌ مِنَ الكراهَةِ هنا في تلك. فعلى المذهبِ؛ إنَّما يُسْتحَبُّ الانْتِظارُ بشَرْطِ أنْ لا يشُقَّ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المأمُومِين. ذكرَه جمهورُ الأصحاب. ونصَّ عليه. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: يُسْتَحَبُّ ما لم يشُقَّ أو يَكثُرِ الجَمْعُ؛ منهم المَجْدُ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي» وغيرِه، والشَّارِحُ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: ما لم يشُقَّ أو يَكْثُر الجَمْعُ أو يطُلْ. وجزَم به في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». تنبيه: قوله: ولا يُسْتَحَبُّ انْتِظارُ داخِلٍ. نْكرةٌ في سِيَاقِ النَّفْي، فيَعُمُّ أيَّ داخِلٍ كان. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يشْتَرطُ أنْ يكون ذا حُرْمَةٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنَّما يُنْتَظَرُ مَن كان مِن أهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ ونحوُه. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مِن كلام القاضي، فإنَّه معْطوفٌ عليه. قلتُ: وهذا القوْلُ ضعيفٌ على إطْلاقِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا بأْسَ بانْتِظارِ مَن كان مِن أهْلِ الدِّياناتِ والهَيْئاتِ في غيرِ مَساجدِ الأسْواقِ. وقيل: يُنْتَظَرُ مَن عادَتُه يصَلِّي جماعَةٌ. قلت: وهو قوِيٌّ. وقال القاضي، في موضعٍ مِن كلامِه: يُكْرَهُ تطْويلُ القراءةِ والرُّكُوعَ انْتِظارًا لأحَدٍ في مَساجدِ الأسْواقِ، وفي غيرِها لا بأْسَ بذلك لمَن

وَإذَا اسْتَأْذَنَتِ الْمَرْأَةُ إلَى الْمَسْجِدِ كُرِهَ مَنْعُهَا، وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ جَرَتْ عادَتُه بالصَّلاةِ معه مِن أهْلِ الفَضْلِ، ولا يُسْتَحَبُّ. فائدة: حُكْمُ الانْتِظارِ في غيرِ الرُّكوعِ حُكْمُه في الرُّكوعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وصرَّح جماعةٌ أنَّ حالَ القِيام كالرُّكوعِ في هذا؛ منهم المُصَنِّفُ في «الكافِي»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقطَع المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الحاوي الكَبِيرِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، بأنَّ التَّشَهُّدَ كالرُّكوعِ على الخِلافِ؛ لِئَلَّا تفُوتَه صلاةُ الجماعةِ بالكُلّيِّةِ. زادَ في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، والاسْتِحْبابُ هنا أظْهَرُ؛ لِئَلَّا تفُوتَ الدَّاخل الجماعَةُ بالكُلِّيَّةِ. ثم قال: قلتُ: ولأنَّه مَظِنِّةُ عدَمِ المشَقَّةِ لجُلُوسِهم، وإنْ كان عدَمُها شرْطًا في الانْتِظارِ حيْثُما جازَ؛ لأنَّ الذينَ معه أعْظَمُ حُرْمَةً وأسْبَقُ حَقًّا. انتهى. وقال في «التَّلْخيصِ»: ومتى أحَسَّ بداخِلٍ، اسْتُحِبَّ انْتِظارُه. على أحَدِ الوَجْهَيْن. وقال ابن تَميمٍ: وإنْ أحسَّ به في التَّشَهُّدِ، فوَجْهان. وقال القاضي: لا يَنْتَظُره في السُّجودِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويُسَنُّ للإمام أنْ ينْتَظِرَ في قيامِه ورُكوعِه، وقيل: وتشَهُّدِه. وقيل: وغيره، مِمَّن دخل مُطْلَقًا ليُصَلِّىَ. قوله: وإذا اسْتَأْذَنَتِ المرأَةُ إلى المسْجدِ كُرِهُ مَنْعُها، وبَيْتُهَا خيْرٌ لها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كراهَةُ مَنْعِها مِنَ الخُروجِ إلى المسْجدِ ليْلًا أو نَهارًا. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُغْنِي» (¬1): ظاهِرُ الخَبَرِ منْعُ الرَّجُل مِن مَنْعِها. فظاهِرُ كلامِه، تحْريمُ المَنْعِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: متى خَشِيَ فِتْنَةً أو ضرَرًا، مَنَعَها. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ¬

(¬1) 10/ 224.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومتى خَشِيَ فِتْنَةً أو ضرَرًا، جازَ منْعُها، أو وجَب. قال ابن الجَوْزِيِّ: فإنْ خِيفَ فِتْنَةٌ نُهِيَتْ عن الخُروجِ. قال القاضي: ممَّا يُنْكَرُ خُروجُها على وَجْهٍ يخافُ منه الفِتْنَةَ. وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»: يُكْرَهُ مَنْعُها إذا لم يخَفْ فِتْنَةً ولا ضرَرًا. وقال في «النَّصِيحَةِ»: يُمْنَعْنَ مِنَ العيدِ أشَدَّ المَنْعِ، مع زِينَةٍ وطيبٍ ومُفْتِناتٍ. وقال: مَنْعُهُنَّ في هذا الوقْتِ مِنَ الخُروجِ أنفْعُ لهُنَّ وللرِّجالِ مِن جِهَاتٍ. ومتى قُلْنا: لا تُمْنَعُ. فبَيْتُها خيْرٌ لها.

فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ: السُّنَّةُ أنْ يَؤْمَّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم أوَّلَ البابِ، هل يُسَنُّ لهُنَّ حضُورِ الجماعَةِ أم لا؟ فائدتان؛ إحْداهما، ذكَر جماعةٌ مِن الأصحابِ، كراهةَ تَطيُّبِها إذا أرادَتْ حُضورَ المسْجدِ وغيرِه. وقال في «الفُروعِ»: وتحْريمُه أظْهَر لِمَا تقدَّم. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ. الثَّانيةُ، السَّيِّدُ مع أمَتِه كالزَّوْج مع زَوْجَتِه في المَنْعِ وغيرِه، فأمَّا غيرُهما، فقال في «الفُروعِ»: فإنْ قُلنا بما جزَم به ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: إنَّ مَن بلَغ رشِيدًا له أنْ ينْفَرِدَ بنَفْسِه، ذكرًا كان أو أُنْثَى، فواضِحٌ. لكنْ إنْ وجَد ما يمْنَعُ الخُروجَ شَرْعًا فظاهِرٌ أَيضًا. وعلى المذهبِ، ليس للأُنْثَى أنْ تَنْفَرِدَ، وللأبِ مَنْعُها منه؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ دخولُ مَن يُفْسِدُها، ويُلْحِقُ العارَ بها وبأهْلِها. فإذا ظاهِرٌ في أنَّ له مَنْعَها مِن الخُروجِ. وقوْلُ أحمدَ: الزَّوْجُ أمْلَكُ منَ الأَبِ. يدُلُّ على أنَّ الأَبَ ليس كغيرِه في هذا، فإنْ لم يكُنْ أبّ، قامَ أوْلِياؤُها مَقامَه. أطْلقَه المُصَنِّفُ. قال في «الفروعِ»: والمُرادُ المَحارِمُ، اسْتِصْحابًا للحَضانَةِ. وعلى هذا، في الرِّجالِ ذَوِي الأرْحامِ، كالخالِ أو الحاكمِ، الخِلافُ في الحَضَانَةِ. وقال أَيضًا في «الفروع»: ويتوَجَّهُ إنْ علِمَ أنَّه لا مانِعَ ولا ضرَرَ، حَرُمَ المَنْعُ على وَلِيِّ أو على غيرِ أبٍ. انتهى. قوله: السُّنَّةُ أنْ يَؤْمَّ القَوْمَ أقرؤُهم -أي لكتابِ الله- ثم أفْقَهُهم. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يقَدَّمُ الأفْقَهُ على الأقْرَأ، إنْ قرأَ ما يُجْزِئُ في الصَّلاة. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ. وحكَى ابن الزَّاغُونِيِّ عن بعضِ الأصحابِ، أنَّه رأى تقْديمَ الفَقِيهِ على القارِئُ. فائدتان، إحْداهما، يقَدَّمُ الأَقْرأُ الفَقِيهُ على الأفْقَهِ القارِئَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «النَّظْمِ». وقيل: عكْسُه. فعلى المذهبِ في أصْلِ المسْألَةِ، يقَدَّمُ الأجْوَدُ قراءةً على الأكْثرِ قُرآنًا. على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيُرهم. وقيل: يقَدَّمُ أكْثَرُهم قُرْآنًا. اخْتارَه صاحِبُ «رَوْضَةِ الفِقْهِ». الثَّانيةُ، مِن شرْطِ تقْديم الأقْرَأُ، حيثُ قُلْنا به، أنْ يكونَ عالِمًا فِقْهَ صلاتِه فقط، حافِظًا للفاتحةِ. وقيل: يُشْتَرطُ، مع ذلك، أنْ يعْلَمَ أحْكامَ سُجودِ السَّهْو. تنبيه: ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ وغيِره، لو كان القارِئُ جاهِلًا بما يحْتاجُ إليه في الصَّلاةِ، ولكنْ يأْتِي بها في العادةِ صحِيحَةً، أنَّه يقَدَّمُ على الفَقيهِ. قال الزَّرْكَشِيُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو ظاهِر كلامِ الإِمامِ أحمدَ، والخِرقِيُّ، والأكْثرِين، وهو أحَدُ الوَجْهَيْن.

ثُمَّ أَفْقَهُهُمْ، ثُمَّ أسَنُّهُمْ، ثُمَّ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَة، ثُمَّ أَشْرَفُهُمْ، ثُمَّ أَتْقَاهُمْ، ثُمَّ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانِي، أنَّ الأفْقَهَ الحافِظَ مِنَ القُرْآنِ ما يُجْزِئُه في الصَّلاةِ يقدَّمُ على ذلك. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وهو ظاهِر كلامِه في «الوَجيزِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وحسِّنَه المَجْد في «شَرْحِه». قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: وهو أَوْلَى. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلقهما ابنُ تَميمٍ. فائدة: قوله: ثُمَّ أفْقَهُهم. يعْنِي، إذا اسْتَوَيا في القِراءَةِ، قُدِّم الأفْقَهُ. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو اسْتَوَيا في الفِقْهِ، قُدِّم أقْرَأُهما. ولو اسْتَوَيا في جوْدَة القِراءة، قُدِّمَ أكْثَرهما قُرْآنْا. ولو اسْتَوَيا في الكثْرَةِ، قُدِّم أجْوَدُهما. ولو كان أحَدُ الفَقِيهَيْن أفْقَهَ، أو أعْلَمَ بأحْكامِ الصَّلاةِ، قُدِّم. ويُقَدَّم قارئُ لا يعْرِف أحْكامَ الصَّلاةِ على فَقيهِ أُمِّيٍّ. قوله: ثم أسَنُّهم. يعْنِي، إذا اسْتَوَوْا في القراءة والفِقْهِ، قُدَّم أسَنُّهم. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الإيضَاحِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الخِرَقِيَّ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». واخْتاره ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرتِه». وصحَّحه ابن الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وظاهِر كلامِ الإمامِ أحمدَ، تقْديمُ الأقْدَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هجْرَةً على الأسَنِّ. جزَم به في «الإِفاداتِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه الشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه الشَّيْخان. وجزَم في «النَّهايَةِ»، و «نَظْمِها»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» بتَقْديمِ الأقْدَمِ إسْلامًا على الأسَنِّ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُقَدَّم الأشْرَفُ، ثمَّ الأقْدَمُ هِجْرةً، ثم الأسَنُّ. عكْسَ ما قال المُصَنِّفُ هنا، وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. قوله: ثم أقْدَمُهم هجْرَةً، ثم أشْرَفُهم. هذا أحَدُ الوُجوهِ. حكَاه في «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «المُبْهِجِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإِفاداتِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الفائقِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانِي، يقَدَّم الأشْرَفُ على الأقْدَم هِجْرةً. وهو المذهبُ. وجزَم به «الخِرَقِيِّ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه المُصَنِّفُ كما تقدَّم. وقبل: يُقَدَّمُ الأتْقَى على الأَشْرَفِ. ولم يُقَدِّم الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بالنَّسَب. وذكَره عن أحمدَ، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الإيضاحِ». فائدة: قيلَ: الأقْدَمُ هِجْرةً، مَن هاجَرَ بنَفْسِه. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرَحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» وقيل: السَّبْقُ بآبائِه. قال الآمِدِيُّ: الهجْرَةُ مُنْقَطِعَةٌ في وَقْتِنا، وإنَّما يُقَدَّمُ بها مَن كان لآبائِه سَبْقٌ. وقيل: السَّبْقُ بكُلِّ منهما. قطع به في «مَجْمَعِ البَحْريْن»، و «الزرْكَشِيِّ». وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِي الكبِيرِ»، و «الحَواشِي». وأطْلقَهُنَّ في «الفروعِ». وأمَّا الأشْرَفُ، فقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: والمُرادُ به القُرَشِيُّ. وقالَه المَجْدُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: ومَعْنَى الشَّرَفِ؛ الأقْرَبُ فالأقْرَبُ منه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. فيُقَدَّمُ العَرَبُ على غيرِهم، ثم قُرَيْشٌ، ثم بنُو هاشِمٍ. وكذلك أبَدًا. وقال ابنُ تَميمٍ: ومعْنَى الشَّرَفِ؛ عُلُوُّ النَّسَبِ والقَدْرِ. قالَه بعضُ أصحابِنا، واقْتَصَرَ عليه. قلت: وقطَع به «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. فائدة: السَّبْقُ بالإِسْلامِ كالهِجْرةِ. وقالَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: ثم أتْقاهم. يعْنِي، بعدَ الأسَنِّ والأشْرَفِ والأقْدَم هِجْرَةً، الأَتْقَى. وهذا المذهبُ. جزم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» وغيرِهم. وقيل: يُقَدَّمُ الأتْقَى على الأشْرَفِ كما تقدَّم. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. واخْتاره الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّين كما تقدَّم. وهو الصَّوابُ. وقيلَ: يقَدَّمُ الأعْمَرُ للمَسْجِدِ على الأتْقَى والأوْرَعِ. وجزَم به في «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ»، و «الفصولِ». وزادَ، أو يفْضُلُ على الجماعَة المُنْعَقِدَةِ فيه. قالَ في «الرِّعايَةِ»: وقيل: بل الأعْمَرُ للمَسْجِدِ، الرَّاعِي له، والمُتَعَاهدُ لأُمورِه. فائدة: ذكَر في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم، أنَّ الأَتْقَى والأوْرَعَ سَواءٌ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ثُمَّ الأَتْقَى، ثم الأوْرَعُ، ثم مَن قرَع. وعنه، عَكْسُه فيهما. قوله: ثم مَن تَقَعُ له القُرْعَة. يعْنِي، بعدَ الأتْقَى. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبَوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِي الكبيرِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وعنه، يُقَدَّمُ مَنِ اخْتاره الجماعَة على القُرْعَةِ. قدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «المُبْهجِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإيضاحِ»، و «النَّظْمِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: فإنِ اسْتَوَوْا في التَّقْوى، أُقْرِعَ بينَهم. نصَّ عليه. فإنْ كان أحَدُهما يقومُ بعِمارَةِ المسْجدِ وتَعاهُدِه، فهو أحَقُّ به. وكذلك إنْ رَضِيَ الجِيرانُ أحَدَهما دُونَ الآخَرِ. قال الزَّرْكشِيُّ: فإنِ اسْتَوَوْا في التَّقْوَى والوَرعِ، قُدِّمَ أعْمَرُهم للمَسْجدِ، وما رَضِيَ به الجِيرانُ أو أكثرُهم. فإنِ اسْتَوَوْا في القُرْعَةِ، قال في «مَجْمَعِ البَحْريْن»: ثم بعدَ الأتْقَى مَن يخْتارُه الجِيرانُ أو أكَثَرُهم، لمَعْنًى مقْصودٍ شرْعًا، ككَوْنِه أعْمَرَ للمَسْجدِ، أو أنْفَعَ لجيرانِه ونحوِه ممَّا يعودُ بصَلاحِ المَسْجدِ وأهْلِه، ثم القُرْعَةُ. انتهى. وأطْلقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». فعلَى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لو اخْتَلفُوا في اخْتِيارِهم، عُمِلَ باخْتِيار الأكْثَرِ، فإنِ اسْتَوَوْا، فقيلَ: يُقْرَعُ. قلتُ: وهو أوْلَى. وقيل: يخْتارُ السُّلْطانُ الأَوْلَى. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فعلى القوْلِ باختِيارِ السُّلْطانِ، لا يتَجاوَزُ المُخْتَلَفَ فيهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: للسُّلْطانِ أنْ يخْتارَ غيرَهما. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «الفُروعِ». تنبيه: قوْلِي في الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: مَنِ اخْتاره الجماعَةُ. هكذا قال في «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابن تَميمٍ» وغيرِهما. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: من رَضِيَه وأَرادَه المُصَلُّون. وقيل: الجماعَةُ. وقيل: الجِيرانُ. وقيل: أكْثَرُهم. تنبيه: ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ القُرْعَةَ بعدَ الأتْقَى والأوْرَعِ، أو مَن تخْتارُه الجماعةُ، على الرِّوايَةِ الأُخْرَى. وهو صحيحٌ. وقيل: يُقَدَّمُ بحُسْنِ خُلُقِه. جزَم به في «الرِّعايَةِ» في مَوْضعٍ. وكذلك ابنُ تَميمٍ. وقيل، يُقَدَّمُ أَيضًا بحُسْن الخِلْقَةِ. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ.

وَصَاحِبُ الْبَيْتِ وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ، إلَّا أنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ ذَا سُلْطَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تحْرير الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ في الأَوْلَى بالتَّقْديمِ في الِإمامَةِ فالأَوْلَى؛ الأَقْرَأَ جوْدَةً، العارِفُ فِقْهَ صلَاته، ثمَّ القارِئُ كذلك، ثم الأفْقَهُ، ثم الأسَنُّ، ثم الأشْرَف، ثم الأقْدَمُ هِجْرَة، والأسْبَقُ بالإِسْلامِ، ثم الأتْقَى والأوْرَعُ، ثم مَن يختارُه الجِيرانُ، ثم القُرْعَة. واعلمْ أنَّ الخِلافَ إنَّمَا هو في الأَوْلَوِيَّةِ، لا في اشْتِراطِ ذلك ووُجوبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأكثرُ، وقطَعوا به، ونصَّ عليه، ولكنْ يُكْرَهُ تقْديمُ غيرِ الأوْلَى. ويأْتِي بأَتَمَّ مِن هذا قرِيبًا. قوله: وصاحِبُ البَيْتِ وإمامُ المسْجدِ أحَقُّ بالإِمامَةِ. يعْنِي، أنَّهما أحَقُّ بالإِمامَةِ مِن غيرِهما ممَّن تقَدَّم ذِكْرُه، إذا كان ممَّن تصِحُّ إمامَتُه قالَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِيِّ» وغيرِهما. قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ صَلُحَا للإِمامَةِ بهم مُطْلَقًا، وإنْ كان أفْضَلُ منهما. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهمْ. وقال ابنُ عَقِيل: هما أحَقُّ مِن غيرِهما مع التَّساوِي. ووَجَّه في «الفُروعِ» أنَّه يُسْتَحبُّ لهما أنْ يُقَدِّما أفْضَلَ منهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لهما تقْديمُ غيرِهما، ولا يُكْرَهُ. نصَّ عليه. وعنه، يُكْرَهُ تقْديمُ أبَوَيْهِما مُطْلَقًا، فغْيرُهما أوْلَى أنْ يُكْرهُ. وكذا الخِلافُ في إذْنِ مَنِ اسْتَحَقَّ التَّقْديمَ غيرِهما. ويأْتِي قرِيبًا بأعَمَّ مِن هذا. فائدة: المُعِيرُ والمُسْتَأْجِرُ أحَقُّ بالإِمامَةِ مِنَ المُسْتَعيرِ والمُؤجِّرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: عكْسُه. وقدَّم في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، أنَّ المُسْتَعِيرَ أوْلَى مِنَ المالِكِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: ويُخَرَّجُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن المُسْتَعِيرَ أوْلَى، إنْ قُلْنا: العارِيَّة هِبَةُ مَنْفَعَةٍ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ في المُؤَجِّرِ والمُسْتَأْجِرِ. قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ بعضُهم ذا سُلْطانٍ يعْنِي، فيكونُ أحَقَّ بالإِمامَةِ مِن صاحِبِ البَيْتِ، ومِن إمام المسْجدِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ،

والْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ، وَالْحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ الْمُسَافِرِ، وَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَى، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الجمهورُ. نصَّ عليه. وقيل: هما أحَقُّ منه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ في صاحبِ البَيْتِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، في صاحِبِ البَيْتِ والسُّلْطانِ. فائدة: لو كان البَيْتُ لعَبْدٍ، فسَيِّدُه أحَقُّ منه بالإِمامَةِ. قالَه في «الكافِي» (¬1) وغيرِه. وهو واضِحٌ، لأنَّ السيِّدَ صاحِبُ البَيْتِ، ولو كان البَيْتُ للمُكاتَبِ، كان أوْلَى. قالَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يُقدَّمان في بَيْتِهما على غيرِ سَيِّدِهما. قوله: والحُرُّ أَوْلَى مِنَ العَبْدِ ومِنَ المُكاتَب، ومَن بعضُه حُرٍّ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُقَدَّمُ عليه إلَّا إذا تساوَيا. وقيل: إذا لم يكنْ أحَدُهما إمامًا راتِبًا. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، العَبْدُ المُكَلَّفُ أوْلَى مِنَ الصَّبِيُّ، إذا قُلْنا: تصِحُّ إمامَتُه بالبالِغِين. قالَه في «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ إمامَةَ ¬

(¬1) 1/ 186.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَبْدِ صحيحةٌ مِن حيثُ الجُمْلَة. وهو صحيحٌ، لا أعلمُ فيه خِلْافًا في المذهبِ، إلَّا ما يأْتِي في إمامَتِه في صَلاةِ الجُمُعَةِ، بل ولا يُكْرهُ بالأحْرارِ. نصَّ عليه. قوله: والحاضِرُ أَوْلَى مِنَ المُسافرِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحاب. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ» وغيرِهم. وقال القاضي: إنْ كان فيهم إمامٌ، فهو أحَقُّ بالإِمامَةِ. قال القاضي: وإنْ كان مُسافِرًا. وجزَم به ابنُ تميمٍ. فوائد؛ الأُولَى، لو أتَمَّ الإِمامُ المُسافِرُ الصَّلاةَ، صحَّتْ صلاةُ المأْمومِ المُقيمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه عامَّةُ الأصحابِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ المَيْمُونِيِّ، وابن مَنْصُورٍ. وعندَ أبِي بَكْرٍ، إنْ أتَمَّ المُسافِرُ، ففي صِحَّةِ صلاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المأْمومِ رِوايَتا مُتَنَفِّلٍ بمُفْتَرضٍ. وذَكَرهما القاضي. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيره: ليس بجَيِّدٍ؛ لأنَّه الأصْلُ. فليس بمُتَنَفِّلٍ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: أنْكَر عامَّةُ الأصحابِ قوْلَ أبي بَكْرٍ: في صِحَّةِ صلاِتِه خلْفَه رِوايتَيْن. لأنَّه في الأخِيرَتَيْن مُتَنَفِّلٌ، لسُقوطهما بالتَّرْكِ لا إلى بدَلٍ. ومنَعه الأصحابُ؛ لأنَّ القَصْرَ عندَنا رُخْصَةٌ، فإذا لم يخْتَرْه تعَيَّنَ الفَرْضُ الأصْلِيُّ، وهو الأرْبعُ. ونقَل صالِحٌ التَّوَقُّفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها، وقال: دَعْها. انتهى. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: يجوزُ في رِوايَةٍ؛ لصِحَّةِ بناءِ مُقيمٍ على نِيَّةِ مُسافِرٍ، وهو الإِمامُ. الثَّانيةُ، إذا أتَمَّ المُسافِرُ، كرِهَ تقْديمُه، للخُروجِ مِن الخِلافِ، وإنْ قصَر، لم يُكْرهْ الاقْتِداءُ به. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: إجْماعًا. الثَّالثةُ، لو كان المُقيمُ إمامًا لمُسافِرٍ، ونوَى المُسافِرُ القَصْرَ، صحَّتْ صلاتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: إنْ نَوَى المُسافِرُ القَصْرَ، احْتَمَلَ أنْ لا يُجْزِئُهُ. وهو أَصَحُّ؛ لوُقوعِ الأُخْرَيَيْن منه بِلا نِيَّةٍ، ولأنَّ المأْمومَ إذا لَزِمَه حُكْمُ المُتابعَةِ لَزِمَه نِيَّةُ المُتابعَةِ، كنِيَّةِ الجُمُعَةِ ممَّن لا تَلْزَمُه خلْفَ مَن يُصَلِّيها. واحْتَمَلَ أنْ يُجْزِئُهُ؛ لأنَّ الإِتْمامَ لَزِمَه حُكْمًا. الرَّابعة، الحَضَرِيُّ أوْلى مِنَ البَدَوِيِّ، والمُتَوَضِّئُ أوْلَى مِن المُتَيَمِّمِ. قوله: والبَصيِر أَوْلَى مِنَ الأعْمَى، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وهما رِوايَتان، فالخِلافُ عائدٌ إليهما فقط. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، أحَدُهما، البَصيِر أوْلَى. وهو المذهبُ. قال المصَنِّفُ: وهو أَوْلَى، قال في «المُذْهَبِ»: هذا أَصَحُّ الوَجْهَيْن. قال في «البُلْغَةِ»: والبَصيِر أوْلَى منه، على الأصَحِّ. قال في «الهدايَةِ»: والبَصِيرُ أوْلَى مِنَ الأعْمَى عندي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «النَّهايَةِ»، و «نَظْمِها». واخْتارَه الشِّيَرازِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي»، و «إدْراكِ

وَفِي الْآخَرِ، هُمَا سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الغايَةِ». الوَجْهُ الثَّاني، هما سَواءٌ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «المسْتَوْعِب». وقيل: الأعْمَى أوْلَى مِنَ البَصِيرِ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. فائدة: لو كان الأعْمَى أصَمَّ، صحَّتْ إمامَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي». وصحَّحه فيهما. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» , و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وقال بعضُ الأصحابِ: لا يصِحُّ. وجزَم به في «الإِيضاحِ». وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «ابن تَميمٍ،» و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغِير». فائدة: لو أَذِنَ الأفْضَلُ للمَفْضولِ، ممِّن تقدَّم ذِكْرُه، لم تُكْرَهْ إمامَتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: تُكْرَهُ. وهو رِوايةٌ في صاحِبِ البَيْتِ، وإمامِ المسْجِدِ, كما تقدَّم. وفي رِسالَةِ أحمدَ في الصَّلاةِ، رِوايةَ مُهَنَّا (¬1)، لا يجوزُ أنْ يقَدِّمُوا إلَّا أعْلَمَهُم وأخْوَفَهُم، وإلَّا لم يَزالُوا في سَفالٍ. وكذا قال في «الغُنْيَةِ». ¬

(¬1) انظر: الصلاة وما يلزم فيها، للإمام أَحْمد 13.

وَهَلْ تَصِحُّ إمَامَةُ الْفَاسِقِ وَالْأَقْلَفِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: يجِبُ تقْديمُ مَن يقَدِّمُه اللهُ ورَسولُه، ولو مع شَرْطِ واقِفٍ بخِلافِه. انتهى. فإمامَةُ المفْضولِ بدُونِ إذْنِ الفاضلِ مَكْرُوهةٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وقيل: الأخْوَف أوْلَى. وقال في «الفُروعِ»: وأطْلقَ بعضُهم النَّصَّ، ولعَلَّ المرادَ سِوَى إمامِ المسْجدِ، وصاحبِ البَيْتِ، فإنَّه يَحْرُمُ. وذكَر بعضُهم، يُكْرَهُ. قال في «الفروعِ»: واحْتجَّ جماعةٌ، منهم القاضي، والمَجْدُ، على مَنْعِ إمامَةِ الأُمِّيِّ بالأَقْرأ بأمْرِ الشَّارِع بتَقْديمِ الأقْرَأ، فإذا قُدِّم الأُمِّيُّ، خُولِفَ الأمْرُ ودخَل تحتَ النَّهْيِ. وكذا احْتَجَّ في «الفُصولِ»، مع قولِه: يُسْتَحَبُّ للإِمام إذا اسْتَخْلفَ أنْ يُرَتِّبَ كما يُرَتِّبُ الإِمامُ في أصْلِ الصَّلاةِ، كالإِمامِ الأوَّل؛ لأنَّه نوْعُ إمامَةٍ. قوله: وهل تَصِحُّ إمامَةُ الفاسِقِ والأقلَفِ؛ على رِوَايتيْن. وأطْلقهما في «الهِدايَة»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». أمَّا الفاسِقُ، ففيه رِوَايَتان؛ إحْدَاهما، لا تصِحُّ. وهو المذهبُ، سواءً كان فِسْقُه مِن جِهَةِ الاعْتِقادِ أو مِن جِهَةِ الأفْعالِ مِن حيث الجُمْلة، وعليه أكثر الأصحابِ. قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: هي اخْتِيارُ المَشايخِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المشْهورةُ. واخْتِيارُ ابن أبِي مُوسى، والقاضى، والشِّيرَازِيِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجماعَةٍ. قال في «المذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لا يصِحُّ في أصَحِّ الرِّوايتيْن. قال في «الحاوِي الكَبِيرِ»: هي الصَّحيحَةُ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ هُبَيْرَة: هي الأشْهَرُ. قال النَّاظِمُ: هي الأوْلَى. ونصَرَها أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. واخْتارَها أبو بَكْرٍ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به ابن عَقِيلٍ في «التَّذْكِرةِ»، وغيره. قال في «الوَجيزِ»: ولا تصِحُّ إمامَةُ الفاسِقِ. وهو المشْهورُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما. قال الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: لا تصِحُّ خلفَ أهْلِ الأهْواءِ والبِدَعِ والفَسَقَةِ مع القُدْرَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تصِحُّ، وتُكْرَهُ. وعنه، تصِحُّ في النَّفْلِ. جزَم به جماعةٌ. قال ابنُ تَميمٍ: ويصِحُّ النَّفْلُ خلفَ الفاسقِ، رِوايةً واحدةً. قالَه بعضُ الأصحابِ. والظَّاهِرُ أنَّ مُرادَه، المَجْدُ؛ فإنَّه قال ذلك. وعنه، لا تصِحُّ خلفَ فاسِقٍ بالاعْتِقادِ بحالٍ. فعلى المذهبِ، يَلْزَمُ مَن صلَّى خلفَه الإِعادَةُ، سواءٌ عَلِمَ بفِسْقِه وقْتَ الصَّلاةِ أو بعدَها، وسواءٌ كان فِسْقُه ظاهِرًا أولا. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْريْن». ونصَّ عليه في رِوايَةِ صالحٍ, والأثْرَم، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الكافِي». وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا إعادةَ إذا جَهِلَ حالَه مُطْلَقًا، كالحَدَثِ، والنَّجاسَةِ. وفرَّق بينَهما في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»؛ بأنَّ الفاسِقَ يعلَمُ بالمانعِ، بخِلافِ المُحْدِثِ النَّاسِي؛ إذْ لو عَلِمَ, لم تصِحَّ خلْفَه بحالٍ (1). وقيل: إنْ كان فِسْقُه ظاهرًا، أعادَ، وإلَّا فلا؛ للعُذْرِ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ. وجزَم به «الخِرَقِّي»، و «الوَجيزِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: الأصَحُّ أنْ يُعِيدَ خلفَ المُعْلِنِ، وفي غيرِه رِوايَتان. وقيل: إنْ علِمَ لمَّا سلَّم، فوَجْهان، وإنْ علِمَ قبلَه، فرِوايَتان. قال في «المُحَرَّرِ» , و «الفائقِ»: وإنِ ائْتَمَّ بفاسِقٍ مَن يعْلَمُ فِسْقَه، فعل رِوايتَيْن. وقيل: يعيدُ لفِسْقِ إمامِه المُجَرَّدِ. وقيل: تقْليدًا فقط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المعْلِنُ بالبِدْعةِ، هو المُظْهِر لها، ضِدَّ الإِسْرارِ، كالمُتكلِّمِ بها، والدَّاعِي إليها، والمُناظِرِ عليها. وهكذا فسَّره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهما. وقال القاضي: المُعْلِن بالبِدْعةِ, مَن يعْتَقِدُها بدليلٍ. وضدُّه، مَن يعْتَقِدُها تقْليدًا. وقال: المُقَلِّدُ لا يُكَفَّرُ ولا يُفَسَّقُ. فوائد؛ الأُولَى، تصِحُّ إِمامَةُ العَدْلِ إذا كان نائِبًا لفاسِقٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثُر. قال الزَّرْكَشِيُّ وغيُره: هذا الصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتيْن. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكبْرى». وعنه، لا تصِحُّ؛ لأنَّه لا يسْتَنِيبُ من لا يباشِرُ. وقيل: إنْ كان المُسْتَنِيبُ عدْلًا وحدَه فوَجْهان. صحَّحه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامُ أحمدُ. وخالَفَ القاضي وغيُره. فعلى المذهب، لا يعيدُ. نصَّ عليه. وعنه، يعيدُ. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، لا يَؤْمُّ فاسِقٌ فاسِقًا. وقالَه القاضي وغيرُه، لأنَّه يُمْكِنُه رفْع ما عليه مِنَ النَّقْصِ. قلتُ: وصرَّح به ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ؛ فقالا: ولا يَؤُمُّ فاسِقٌ مِثْلَه. الثَّالثةُ، حيثُ قلْنا: لا تصِحُّ الصَّلاةُ خلفَه. فإنَّه يصَلِّي معه خَوْف أذًى، ويعيدُ. نصَّ عليه. وإنْ نوَى الانْفِرادَ ووَافقه في أفْعالِها، لم يُعِدْها. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ». وعنه، يعيدُ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، صلاةُ الجُمُعَةِ، فإنَّها تصَلَّى خلفَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال كثيرٌ منهم: يصَلَّى خلْفَه صلاة الجُمُعَة، رِوايةً واحدةً، لكنْ بشَرْطِ عَدمِ جُمُعَةٍ أُخْرَى خلفَ عَدْلٍ. قالَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» وغيرِه. وعنه، لا يصَلَّى الجُمُعَةُ أَيضًا خلْفَه. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ مِن الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ: وسَوَّى الآمِدِيُّ بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُمُعَةِ وغيرِها في تقْديمِ الفاسقِ. فعلى المذهبِ، لا يَلْزَمُه إعادَتُها على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفروع». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هي أشْهَرُ. وعنه، مَن أعادَها فمُبْتَدِعٌ مُخالِفٌ للسُّنَّةِ، ليس له مِن فَضْل الجُمُعَةِ شئٌ، إذا لم يَرَ الصَّلاةَ خلْفَه. وعنه، يعيدُها. جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مسْبُوكِ الذَّهَب». وصحَّحَه ابن عَقِيلٍ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: فيُعادُ على المذهبِ. قال في «الحاوِيَيْن»: هذا الصَّحيحُ عندِي. وصحَّحه في «مَجْمَع البَحْريْن». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفروعِ»: ذكَر غيرُ واحدٍ الإعادةَ ظاهرَ المذهبِ كغيرِها. قلتُ: ممَّن قالَه، هو في «حَواشِيه». وقدَّمه في «الرِّعايتيْن». نقَل ابنُ الحَكَم (¬1)، أنَّه كان يُصَلِّي الجُمُعَةَ، ثم يُصَلِّي الظُّهْرَ أرْبَعًا. قال: فإِنْ كانتِ الصَّلاةُ فَرْضًا، فلا تَضُرُّ صلاِتِي، وإنْ لم تكُنْ، كانتْ تلك الصَّلاة ظُهْرًا أرْبَعًا. ونقَل أبو طالِبٍ، أيُّما أَحَبُّ إليك؛ أُصَلِّي قبلَ الصَّلاةِ أو بعدَها؟ قال: بعدَ الصَّلاةِ، ولا أُصَلِّي قبْل. قال القاضي في «الخِلافِ»: يصَلِّي الظُّهْرَ بعدَ الجُمُعَةِ ليَخْرُجَ مِنَ الخِلافِ. وأطْلقَ الرِّوايتَيْن، وهما، الإعادةُ، وعدَمُها، ابنُ تَميمٍ. فائدة: ألْحَقَ المُصَنِّف بالجُمُعَةِ صلاةَ العِيدَيْن. وتابَعَه في «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) هو مُحَمَّد بن الحكم الأحول، أبو بكر. تقدمت ترجمته في الجزء الأول صفحة 100.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، وغيرهم. وقال في «الرِّعايَةِ الكبْرى»: ويُصَلِّي الجُمُعَةَ. وقيل: والعيدَ. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُقْتَدَى بالفاسِقِ في غيرِ الجُمُعَةِ. ولم يذْكُرْهُما في «الفُروعَ». فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ مَن صلَّى الجُمُعَةَ ونحوَها في بُقْعَةٍ غَصْبٍ للضَّرُورَةِ، حُكْمُ صلاةِ الجُمُعةِ خلفَ الفاسِقِ. ذكَرَه في «الفُروعِ». وقال: وذكَرهُما ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المحَرَّرِ» في مَن كفر باعْتِقادِه. ويعيدُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في أواخِرِ بابِ اجْتِناب النَّجاسَةِ. الثَّانيةُ، تصِحُّ الصَّلاةُ خلفَ إمام لا يَعْرِفُه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تصِحُّ. ورُوِيَ عنه أنَّه لا يصَلِّي إلَّا خلْفَ مَن يعْرِفُ. قال أبو بَكْر: هذا على الاسْتِحْبابِ. الثَّالثةُ، قال المَجْدُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصِحُّ الصَّلاةُ خلفَ مَن خالَفَ في الفُروعِ، لدَليلٍ أو تقْليدٍ. نصَّ عليه، ما لم يعْلَمْ أنَّه ترَك رُكْنًا أو شَرْطًا على ما يأْتِي. قال المُجْدُ، لمَن قال: لا تصِحُّ: هذا خَرْقٌ لإِجْماع مَن تقدَّم مِنَ الصَّحابَةِ فمَن بعدَهم. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُ الأصحابِ، ما لم يُفَسَّقْ بذلك. وذكَر ابنُ أبِي مُوسى، في الصَّلاةِ خلفَ شارِبِ نَبِيذٍ، مُعْتَقِدًا حِلَّه، رِوايَتيْن. وذكَر أنَّه لا يُصَلَّى خلفَ مَن يقولُ: الماءُ مِنَ الماء. وقيل: ولا خلفَ مَن يُجيزُ رِبَا الفَضْل، كبَيْعِ دِرْهَمٍ بدِرْهَمَيْن؛ للإجْماعِ الآنَ على تحْريمِها. ويأْتِي قريبًا إذا تَرك الإمامُ رُكْنًا أو شَرْطًا. وأمَّا الأقْلَفُ، فأطْلَق المُصَنِّفُ في صِحَّةِ إمامَتِه رِوايتَيْن؛ وهما رِوايَتان عندَ الأكْثَرِ. وقدَّم في «الرِّعايَةِ»، أنَّهما وَجْهان. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْدَاهما، تصِحُّ مع الكَراهَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تذْكِرَتِه». والرِّوايةُ الثَّانية، لا تصِحُّ. صحَّحَه في «الحاوِي الصَّغِيرِ». وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: تصِحُّ إمامَةُ الأقْلَفِ المَفْتوقِ قُلَفَتُه. وخصَّ في «الحاوِي الكَبِيرِ» وغيرِه الخِلافَ بالأقْلَفِ المُرْتَتِقِ. وقيل: إنْ كثُرَتْ إمامَتُه، لم تصِحَّ، وإلَّا صحَّتْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، هل المَنْعُ مِن صِحَّةِ إمامَتِه لتَرْكِ الخِتانِ الواجِبِ، أو لعَجْزِه عن غَسْل النَّجاسَةِ؟ فيه وجْهان. قالَه في «الرِّعايَةِ». قال ابنُ تَميمٍ: اخْتلَفَ الأصحابُ في مأْخَذِ المَنْعِ. فقال بعضُهم: ترْكُه الخِتانَ الواجِبَ. فعلى هذا، إنْ قلْنا بعدَمِ الوُجوبِ، أو سقَط القولُ به لضَرَرٍ، صَحَّتْ إمامَتُه. وقال جماعَةٌ آخَرون: هو عجْزُه عن شَرْطِ الصَّلاةِ، وهو التَّطَهُّرُ مِنَ النَّجاسَةِ. فعلى هذا، لا تصِحُّ إمامَتُه إلَّا بمِثْلِه، إنْ لم يجِبِ الخِتان. انتهى. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: إنْ كان تارِكًا للخِتانِ مِن غيرِ خَوْفِ ضرَرٍ، وهو يعْتَقِدُ وُجوبَه، فُسِّقَ

وَفِي إِمامَةِ أَقْطَعِ الْيَدَيْنِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصَحِّ. وفيه، الرِّوايان لفِسْقِه، لا لكَوْنِه أقْلَفَ، وإن ترَكه تأوُّلًا، أو خائِفًا على نفْسِه التَّلَفَ لكِبَرٍ ونحوِه، صحَّتْ إمامَتُه. انتهى. قلت: الذى قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم، أنَّ المَنْعَ لعَجْزِه عن غَسْلٍ النَّجاسَة. الثَّانيةُ، تصِحُّ إمامَة الأقْلَفِ بمثلِه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الحَواشِي». قال ابنُ تَميمٍ: تصِحُّ إمامَتُه بمِثْلِه إنْ لم يجِبِ الخِتانُ. انتهى. وقيل: لا تصِحُّ مُطْلَقًا. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». وقيل: تصِحُّ في التَّراويحِ إذا لم يكُنْ قارِئٌ غيرُه. قوله: وفي إمامَةِ أقْطَعِ اليَدَيْنِ وجْهان. وحَكاهما الآمِدِيُّ رِوايَتْين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» , و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»؛ إحْداهما، تصِحُّ مع الكراهَةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ». واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. اخْتاره أبو بَكْرٍ. تنبيه: مَنْشَأُ الخِلافِ، كوْنُ الإمامِ أحمدَ سُئلَ عن ذلك، فتَوَقَفَ. فائدتان؛ إحْدَاهما، حُكْمُ أقْطَعِ الرِّجْلَيْن، أو أحَدِهما، أو أحَدِ اليَدَيْن، حُكْمُ أقْطَعِ اليَدَيْن. كما تقدَّم. قالَه في «الفُروعِ»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرهم. وأطْلقَ في «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»، الخِلافَ في أقْطع اليَدَيْن أو الرِّجْلَيْن، ثم قال: وقيلَ: أو إحْدَاهُنَّ. واخْتارَ المُصَنِّفُ صِحَّةَ إمامَةِ أقْطَع أحَدِ الرِّجْلَيْن دُونَ أقْطَعِهما، وتَبعَه الشَّارِحُ.

وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ، وَلَا أَخْرَسَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطلق في «الفائقِ» الخِلافَ في أقْطَعِ يَدٍ أو رِجْلٍ، فظاهِرُه أنَّ أقْطَعَهما لا تَصِحُّ، قولًا واحدًا. وصرَّح بصِحَّة إمامَةِ أقْطَع اليَدِ أو الرِّجْلِ بمِثْلِه. وأطْلَقَ في «المُحَرَّرِ»، في أقْطَعِ اليَدِ أوِ الرِّجْلِ الوَجْهَيْن. الثَّانية، قال ابنُ عَقِيلٍ: تُكْرهُ إمامَةُ مَن قُطِعَ أنْفُه. ولم يذْكُرْه الأكْثَرُ، وإنَّما ذكَروا الصِّحَّةَ. قوله: ولا تَصِحُّ الصَّلاة خلفَ كافِرٍ. هذا المذهبُ بلا ريْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تصِحُّ إنْ أسَرَّ الكُفْرَ. وعنه، لا يعيدُ خلفَ مُبْتدِعٍ كافرٍ بِبدْعَتِه. وحكى ابنُ الزَّاغُونِيِّ رِوايةً بصِحَّةِ صلاةِ الكافِر، بِناءً على صِحَّةِ إسْلامِه بها. وبنَى على صِحَّةِ صلَاته صِحَّةَ إمامَتِه على احْتِمالٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو بعيدٌ. وتقدَّم ذلك في كتابِ الصَّلاةِ، عندَ قوله: وإذا صلَّى الكافِرُ حُكِمَ بإسْلامِه (¬1). فائدتان، إحْداهما، لو قال، بعدَ سَلامِه مِنَ الصَّلاة: هو كافِرٌ، وإنَّما صلَّى ¬

(¬1) الجزء الثالث صفحة 160.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَهَزُّؤًا. فنَصَّ أحمدُ، يُعيدُ المأْمومُ، كمَن ظَنَّ كُفْرَه أو حَدَثَه، فَبانَ بخِلافِه. وقيل: لا يعيدُ، كمَن جهِلَ حالَه. الثَّانيةُ، لو علِمَ مِن إنْسانٍ حالَ رِدَّةٍ وحالَ إسْلامٍ، أو حالَ إفاقَةٍ وحالَ جُنونٍ، كُرِهَ تقْديمُه، فإنْ صلَّى خلْفَه، ولم يعْلَمْ على أيِّ الحالَيْن هو؟ أعادَ على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يعيدُ. وقيل: إنْ علِمَ قبل الصَّلاةِ إسْلامَه، وشَكَّ في رِدَّتِه، فلا إعادةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهُنَّ في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ». تنبيه: دخَل في قولِه: ولا أخْرَسَ. عدَمُ صِحَّةِ إمامَتِه بمثلِه وبغيرِه. أمَّا إمامَتُه بغيرِه، فلا تصِحُّ، قولًا واحدًا عندَ الجمهورِ. وقيل: تصِحُّ إمامَةُ من طرَأ عليه الخَرَسُ دونَ الأصْلِيَّ. ذكَره في «الرِّعايَةِ». وأمَّا إمامَتُه بمِثْلِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّ إمامَتَه لا تصِحُّ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، والآمِدِيُّ، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّف في «المُغْنِي»، وجزَم به، وغيرُهم. وجزَم به في «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وعِبارَة كثيرٍ مِنَ الأصحابِ كعِبارَةِ المُصَنفِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتْين». وقال القاضي في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» (¬1)، والمُصَنّفُ في «الكافِي» (¬2): يصِحُّ أنْ يَؤُم مِثْلَه. وجزَم ¬

(¬1) صفحة 21. (¬2) 1/ 184.

وَلَا مَنْ بِهِ سَلَس الْبَوْلِ، وَلَا عَاجِزٍ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الحاوِيَيْن». قال الشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وهو أوْلَى، كالأُمِّيّ، والعاجِزِ عن القِيامِ يَؤُمُّ مِثْلَه. وأطْلَقَهما في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». تنبيه: دخَل في قولِه: ولا مَن به سَلَسُ البَوْلِ. عدَمُ صِحَّةِ إمامَتِه بمِثْلِه، وبغيرِه. أمَّا بغيرِه، فلا تصِحُّ إمامَته به. وأمَّا بمَن هو مثلُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الصِّحَّةُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «الشرحِ»، و «الحاوِي الكَبِيرِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا تصِح إمامَة مَن به سَلَسُ البَوْلِ لمَن لا سَلَسَ به. وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلام ابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»؛ فإنَّه قال: ولا يَؤُمُّ أخْرَسُ، ولا دائِمٌ حدَثُه، وعاجِزٌ عن رُكْنٍ، وأنْثَى بعَكْسِهم. وقال في «المُحَرَّر»: ومَن عجَز عن رُكْنٍ، أو شَرْطٍ، لم تصِحَّ إمامَتُه بقادِرٍ عليه. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقيل: تصِحُّ (¬1). جزَم ¬

(¬1) في الأصل: «لا تصح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، ؤأطْلَقَهما في «الفروعِ». قوله: ولا عاجِزٍ عَنِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ والقُعُودِ. والواوُ هنا بمَعْنَى «أو» وكذلك العاجِزُ عنِ الشَّرْطِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ. قالَه في إمامَةِ مَن عليه نَجاسَةٌ يَعْجزُ عنها (¬1). فائدة: يصِحُّ اقْتِداؤُه بمثلِه. قالَه ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» وغيرهم. قال الشَّارِحُ: وقِياسُ المذهبِ صِحَّتُه. واقْتصَرَ عليه. ومَنَع ابنُ عَقِيلِ في «المُفْرَدات» الإِمامَةَ جالِسًا مُطْلَقًا. ¬

(¬1) في ا: «عن إزالتها».

وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ عَاجِزٍ عَنِ الْقِيَامِ، إِلَّا إِمَامَ الْحَيِّ الْمَرْجُوَّ زَوَالُ عِلَّتِهِ، وَيُصَلُّونَ وَرَاءُهُ جُلُوسًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفروع»: ولا خِلافَ أنَّ المُصلِّيَ خلفَ المُضْطَجِعِ لا يضْطَجِعُ، وتصِحُّ بمِثْلِه. قوله: ولا تَصِحُّ خلفَ عاجِزٍ عنِ القيامِ. حُكمُ العاجِزِ عن القِيامِ، حُكْمُ العاجِزِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الرُّكوعِ أوِ السُّجودِ، على ما تقدَّم. قوله: إلَّا إمامُ الحَيِّ المَرْجُوُّ زَوالُ عِلَّتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إمامَةَ إمامِ الحَيِّ، وهو الإِمامُ الرَّاتِبُ، العاجِزِ عنِ القِيامِ لمَرضِ يُرْجَى زَوالُه جالِسًا، صحِيحَةٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال القاضي: لا تصِحُّ. ومنَع ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل، في «المُفْرَداتِ» الإمامَةَ جالِسًا مُطْلَقًا، كما تقدَّم. قوله: ويُصَلُّون وراءه جُلُوسًا. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرْرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال القاضي: هذا اسْتِحْسانٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقياسُ لا يصِحُّ. وعنه، يُصلَّون قِيامًا. ذكَرها في «الإيضَاحِ».

فَإنْ صَلَّوْا قِيَامًا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه في «النَّصِيحَةِ»، و «التَّحْقِيقِ». قوله: فإن صَلَّوا قِيامًا صَحَّتْ صَلاتُهم في أحَدِ الوَجْهَيْن. يعْنِي، على القولِ بأنَّهم يُصَلون جلُوسًا. وهما رِوايَتان. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»؛ و «الشَّرْح»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحَدُهما، تصِحُّ. وهو المذهب. قال في «الفُروع»: صحَّتْ على الأصَحِّ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: هذا المشْهورُ في المذهبِ. قال في «البُلْغَةِ»: صحَّتْ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصَحِّ. قال في «التَّلْخيصِ»، و «الحاوِيَيْن»: صحَّتْ في أصَحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه المَجْدُ في «شَرحِه»، وناظِمُ «المُفْرَادتِ»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال الزَّرْكَشِيُّ: قطع به القاضي في «التَّعْليقِ» فيما أَظُنُّ. واخْتارَه عمرُ بن بَدْرٍ المُغَازِليُّ (¬1) في «التَّصْحيحِ الكَبِيرِ». اخْتارَه في «النَّصِيحَةِ»، و «التَّحْقيقِ». وجزم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: اخْتارَه أكْثَرُ المَشايخِ. قالَه الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: تصِحُّ إذا جَهِلَ وُجوبَ الجُلوسِ، وإلَّا لم تصِحَّ. وهو احْتِمَالٌ للمُصَنِّفِ. تنبيهان؛ أحَدُهما، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ أنَّ إمامَ الحَيِّ إذا لم يُرْجَ زَوالُ عِلِّتِه، أنَّ إمامَتَه لا تصِحُّ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وفي «الإيضاح»، و «المُنْتَخَبِ»، إنْ لم يُرْجَ، صحَّتْ مع إمامِ الحَيِّ قائِمًا. الثَّانى؛ مفْهومُ كلامِ المُصَنِّف أَيضًا، أنَّها لا تصِحُّ مع غيرِ إمامِ الحَيِّ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تصِحُّ أَيضًا، وإنْ لم يُرْجَ زَوالُ عِلَّتِه. قال في «الفائقِ»: إلَّا إمامَ الحَيُّ، والإِمامَ الكَبِيرَ. ¬

(¬1) في ا: «المغاربي». وهو عمر بن بدر بن عبد الله المغازلى، أبو حفص له تصانيف في المذهب واختيارات. طبقات الحنابلة 2/ 128.

وَإنِ ابْتَدَأ بِهِمُ الصَّلَاةَ قَائِمًا، ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ، أَتَمُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ابْتدَأ بِهِم الصَّلاةَ قائِمًا، ثم اعْتَلَّ فجلَس، أتَمُّوا خَلْفَه قيامًا. بلا نِزاعٍ، ولم يَجُزِ الجُلوسُ. نصَّ عليه. وذكَر الحَلْوانِيُّ، ولو لم يكُنْ إمامَ الحَيِّ. فوائد؛ الأُولَى، لو أُرْتِجَ على المُصَلِّي في الفاتحةِ، وعجَز عن إتمامِها، فهو كالعاجِزِ عن القيامِ في أثْناءِ الصَّلاةِ؛ يأْتِي بما يقدِرُ عليه ولا يُعيدُها. ذكَره ابنُ عَقِيلِ في «الفصولِ». قال في «الفُروعِ»: ويُؤْخَذ منه ولو كان إمامًا. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يسْتَخْلِفُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وتقدَّم ذلك في بابِ النِّيَّةِ، وفي صِفَةِ الصَّلاةِ، فيما إذا أُرْتِجَ على الإمامِ أَيضًا. الثَّانيةُ، إذا تَرك الإمامُ رُكْنًا أو شَرْطًا عندَه وحدَه، وهو عالِمٌ بذلك، لَزِمَ المأْمومَ الإِعادةُ. على الصَّحيح مِنَ ـ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، كالإِمامِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُعيدُ إنْ علِمَ في الصَّلاةِ، وإلَّا فلا. ورَدَّه في «الفُروع». وقال: يتَوَجَّهُ مثلُه في إمامٍ يعْلَمُ حَدَثَ نفْسِه. وإنْ كان الرُّكْنُ والشَّرْطُ المَتْروك يعْتَقِدُه المأْمومُ رُكْنًا وشَرْطًا، دُونَ الإِمامِ، لم يَلْزَمْه الإِعادة، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، والشَّارِحُ، ومالَ إليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين، وصاحِبُ «الفائِق». وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين في مَوْضِعٍ آخَرَ: لو فعَل الإِمامُ ما هو مُحَرَّمٌ عندَ المأْمومِ دُونَه، ممَّا يُسوَّغُ فيه الاجْتِهادُ، صحَّتْ صلاتُه خلْفَه، وهو المشْهورُ عن أحمدَ. وقال في موْضِعٍ آخَرَ: الرِّواياتُ المنْقولَةُ عن أحمدَ لا تُوجبُ اخْتِلافًا دائمًا، ظواهِرُها، أنَّ كلَّ موضِعٍ يقْطَعُ فيه بخَطأ المُخالِفِ، يجِبُ الإِعادة، وما لا يقْطَعُ فيه بخطأُ المُخالفِ، لا يوجِبُ الإِعادةَ. وهو الذى عليه السُّنَّةُ والآثارُ، وقِياسُ الأُصولِ. انتهى. وعنه، يُعيدُ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: صحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيل. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن» ,

ولَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرأَةِ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ، وَلَا لِلْخَنَاثَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ كان في وجوبِه عندَ المأمومِ رِوايَتان، ففي صَلاتِه خلفَه رِوايتانِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في هذه المسْألَةِ، إذا علِمَ المأْمومُ وهو في الصَّلاةِ. فأمَّا إذا عَلِمَ بعدَ سلامِه، فلا إعادةَ. هذا هو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»: لا يُعيدُ. وهو الأصَحُّ. وقدَّمه في «الرِّعايَة». وقيل: يُعيدُ أَيضًا. فائدة: لو تَرك المُصَلَّى رُكْنًا أو شرْطًا مُخْتلَفًا فيه، بلا تأْويلِ ولا تقْليدٍ، أعادَ الصَّلاةَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه الآجُرِّي إجْمَاعًا. وعنه، لا يُعيدُ. وعنه، يُعيدُ اليَوْمَيْنِ والثَّلاثةَ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، لا يُعيدُ إنْ طالَ. قوله: ولا تصِحُّ إمامة المرأةِ للرِّجَالِ. هذا المذهب مُطْلَقًا. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب. ونصَره المُصَنِّف. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسِ في «تذْكِرَتِه». وجزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْريدِ العِنايَة»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الفُروعَ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الشَّرْحِ» و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، تصِحُّ في النَّقْلِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وعنه، تصِحُّ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّراويحِ. نصَّ عليه. وهو الأشْهَرُ عندَ المُتقَدِّمِين. قال أبو الخَطَّابِ: وقال أصحابُنا: تصِحُّ في التَّراويح. قال في «مَجْمَعِ البَحْريْن»: اخْتارَه أكثرُ الأصحاب. قال الزَّرْكَشيُّ: منصوصُ أحمدَ واخْتِيارُ عامَّةِ الأصحابِ، يجوزُ أن تؤُمَّهم في صَلاةِ التَّراويحِ. انتهى. وهو الذى ذكَره ابنُ هُبَيْرَة عن أحمدَ (¬1). وجزَم به في «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ». وقدَّمه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويأْتِي كلامُه في «الفروعِ». قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لا يجوزُ في غيرِ التَّراويحِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قيل: يصِحُّ، إنْ كانتْ قارِئةً وهم أُمّيُّون جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ» و «الحاوِيَيْن». قال الزَّرْكَشِيُّ: وقدَّمه ناظمُ «المُفْرَدات»، و «الرِّعايَة الكُبْرى». وقيل: إنْ كانتْ أقْرأ مِنَ الرِّجالِ. وقيل: إن كانت أقْرأ وذا رَحِمٍ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: إنْ كانت ذا رَحِمٍ أو عجوزًا. ¬

(¬1) انظر: الإفصاح عن معاني الصحاح، لابن هبيرة 1/ 145.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ القاضي، يصِحُّ إنْ كانت عجُوزًا. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَ الأكْثَرُ صِحَّةَ إمامَتِها في الجُمْلَةِ؛ لخَبرِ أُمِّ وَرَقةَ العامِّ والخاصِّ (¬1). والجَوابُ عن الخاصِّ، رَواه المَرُّوذِيُّ بإسْنادٍ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وإذْ صَحَّ، فيَتَوَجَّهُ حمْلُه على النَّفْلِ، جمْعًا بينه وبينَ النَّهْيِ. ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ في الفَرْضِ والنَّهْيِ؛ [لا يصحُّ، مع أنَّه للكَراهةِ] (¬2) انتهى. فائدة: حيث قلْنا: تصِحُّ إمامَتُها بهم. فإنَّها تقِفُ خلْفَهم؛ لأنَّه أسْتَرُ. ويقْتَدونَ بها. هذا الصَّحيحُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه، تَقْتدِي هي بهم في غيرِ القراءةِ، فيَنْوى الإمامَةَ أحدُهم. اخْتارَه القاضي في «الخِلافِ»؛ فقال: إنَّما يجوزَ إمامَتُها في القراءةِ خاصَّةً، دُونَ بقِيَّةِ الصَّلاةِ. قلتُ: فيُعايَى بها أَيضًا. قوله: ولا تصِحُّ إمامَةُ الخُنْثَى للرجالِ ولا للخَناثَى. هذا المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة. (¬2) في ا: «تصح مع الكراهة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحاب. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وحكَى ابن الزَّاغُونِيِّ احْتِمالًا بصِحَّةِ إمامَتِه بمثلِه للتَّساوى. قال ابنُ تَميمٍ: وقال بعضُ أصحابِنا: يقْتَدِي الخنْثَى بمثلِه. وهو سَهْوٌ. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعدٌ. وقيل: بل هو سَهْوٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، يجوزُ أنْ يؤُمَّ الخنْثَى الرِّجال فيما يجوزُ للمرأةِ أنْ تؤُمَّ فيه الرِّجالَ، على ما تقدَّم. الثَّانِي، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّة إمامَةِ الخُنْثَى بالنِّساءِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا تصِحُّ. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ». وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: لا تصِحُّ صلاتُه في جماعَةٍ. قال القاضي: رأيْتُ لأبِي جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، أنَّ الخُنْثَى لا تصِحُّ صلاتُه في جماعةٍ؛ لأنَّه إنْ قامَ مع الرِّجالِ، احْتَمَلَ أنْ يكون امرأةً، وإنْ قامَ مع النِّساءِ، أو وحده، أو ائْتَمَّ بامرأةٍ، احْتمَلَ أنْ يكون رجْلًا، وإنْ أمَّ الرَّجالَ، احْتَمَلَ أنْ يكونَ امرأةً. قال الزَّرْكشِيُّ: قلتُ: وهذا ظاهِر إطْلاقِ الخَرقِيِّ. انتهى. قلت:

وَلَا إمَامَةُ الصَّبِيِّ لِبَالِغ، إلَّا فِي النَّفْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه نَظَرٌ، إذْ ليس مُرادُ الخِرَقِيِّ بقوْلِه: وإنْ صلَّى خلفَ مُشْرِكٍ، أوِ امرأةٍ، أو خُنْثَى مُشْكِلٍ، أعادَ. العُمومَ قَطْعًا. فإنّ إمامةَ المرأةِ بالمرأةِ صحِيحَةٌ، كما صرَّح به بعدُ، بل مُرادُه، لا تصِحُّ صلاةُ مَن صلَّى خلْفَهم مِن حيث الجُمْلةُ. وأيضًا، فإنَّه ليس في كلامِه، أنَّ الخُنْثَى يكون مأْمومًا. ورَدَّ على من يقولُ: لا تصِحُّ صلاةُ جماعَةٍ لو أمَّ امرأةً وكانت خلْفَه. فإنَّ صلاتَهما صحيحةٌ، لأنَّه إنْ كان رجُلًا، صحَّتْ صلاتُهما، وإنْ كانتِ امْرَأة، صحَّتْ إمامَته بها، لأنَّ القائِل بذلك أدْخل في حصْرِه إمامَته بقوْلِه: وإن أمَّ الرِّجالَ، احْتَمَلَ أنْ يكون امرأةً. لكِنَّه ما ذكَر، إذا أمَّ امرأةً، ولكنْ تسَمَّى جماعةً في ذلك. قال في «الفروعِ» وإنْ قُلْنا: لا تَؤُمُّ خنْثَى نِساءً، وتبْطُلُ صلاةُ امرأةٍ بجَنْبِ رجُلٍ، لم يُصَلِّ جماعةً. فعلى المذهبِ، وهو صِحَّة إمامَةِ الخُنْثَى بالمرأةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تقِفُ وراءَه. وقال ابنُ عَقِيل: إذا أمَّ الخنثَى نِساءً، قام وسْطَهُنَّ. فائدة: لو صلَّى رجُلٌ خلفَ من يعْلَمُه خُنْثَى، ثم بانَ بعدَ الصَّلاةِ رجُلًا، لزِمَتْه الإعادةُ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ؛ لا يعيدُ إذا علِمَه خُنْثَى، أو جَهِلَ إشْكالَه. قوله: ولا إمامَةُ الصَّبيِّ لبالغٍ إلَّا في النَّفْلِ، علي إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلَقهما في

عَلى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشَّرح». و «النَّظْم»، و «ابن تَميم»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ». اعلمْ أنَّ إمامَة الصبيِّ تارةً تكونُ في الفَرْضِ، وتارةً تكونُ في النَّفْلِ؛ فإن كانتْ في الفُروضِ، فالصَّحيحُ مِن المذهب، أنَّها لا تصِحُّ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تصِحُّ. اخْتارَها الآجُريُّ. وحَكاها في «الفائقِ» تخْريجًا، واخْتارَه. وأطْلقَهما ابنُ تَميم. وقال ابنُ عَقِيل: يُخرَّجُ في صحَّةِ إمامَةِ ابنِ عَشْرٍ وَجْهٌ، بناءً على القوْلِ بوُجوبِ الصَّلاةِ عليه. وإنْ كان في النَّفْلِ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تصِحُّ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِي الكبِيرِ»: صَحَّ في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. قال في «الفُروعِ»: وتصِحُّ على الأصحِّ. اخْتاره الأكْثرُ. وكذا قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ، و «مَجمَعِ البَحْرَيْن». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، وذكَره ابنُ عَقِيل، و «الحاوِي الصَّغِير»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإِفاداتِ». واخْتارَه أبو جَعْفرٍ، وأكثرُ الأصحابِ. قالَه في «التَّصْحيحِ الكبِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تصحُّ في النَّفْلِ أَيضًا. قال في «الوَجيزِ»: ولا تصِحُّ إمامَةُ صَبيٍّ ولا امرأةٍ إلَّا بمثلِهم. وأطْلقهما في «التَّعْليقِ الكَبِير»، و «انْتِصارِ أبِي الخَطَّابِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». فائدة: قال في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»، تبعًا لصاحِبِ

وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مُحْدِثٍ وَلَا نَجِسٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ظاهِرُ المسْألَةِ، ولو قُلْنا: يَلْزَمُه الصَّلاةُ. وصرَّح به ابنُ البَنَّا في «العُقُودِ»؛ فقال: لا تصِحُّ، وإنْ قلْنا: تجِبُ عليه. وبِناؤُهم المسْألةَ على أنَّ صلَاته نافِلَةٌ، تقْتَضِي صحَّةَ إمامَتِه إنْ لَزِمَتْه. قال ذلك في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» مِن عندِه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. وصرَّح به غيرُ واحدٍ وَجْهًا. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم أنَّ ابنَ عَقِيل خرَّج وَجْهًا بصحَّةِ إمامَةِ ابنِ عَشْرِ، إنْ قُلْنا بوُجوبِ الصَّلاةِ عليه، وصرَّح به القاضي أَيضًا؛ فقال: لا يجوزُ أنْ يؤُمَّ في الجُمُعَةِ، ولا في غيرِها، ولو قُلْنا: تجِبُ عليه. نقَله ابنُ تَميمٍ في الجُمُعَةِ، ويأْتِي. وقال بعضُ الأصحاب: تصِحُّ في التَّراويحِ إذا لم يكُنْ غيرُه قارِئًا، وجْهًا واحدًا. قاله في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ». تنبيه: مفْهومُ قوْلِ المُصَنِّفِ: لبالغٍ. صِحَّةُ إمامَتِه بمثلِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال في «المُنْتَخَبِ»، أَعْنِي (¬1) ابن الشِّيرازِيِّ: لا تصِحُّ إمامَتُه بمثلِه. قوله: ولا تَصِحُّ إِمامَةُ مُحْدِثٍ ولا نَجِسٍ يعْلَمُ ذلك. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «الإِشارَةِ»: تصِحُّ إمامَةُ ¬

(¬1) في ا: «عن». وابن الشيرازي هو: عبد الوهَّاب بن عبد الواحد بن مُحَمَّد الشيرازي الدِّمشقيّ، أبو القاسم المعروف بابن الحنبلي. الإمام العلامة، الواعظ، شيخ الحنابلة بدمشق. صنف «المنتخب» و «المفردات» في الفقه. توفى سنة ست وثلاثين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 20/ 103، 104.

فَإنْ جَهِلَ هُوَ وَالْمَأْمُومُ حَتَّى قَضَوُا الصَّلَاةَ، صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحْدِثِ، والنَّجِسِ، إنْ جَهِلَه المأْمومُ وعَلِمَه الإِمامُ. وبناه القاضي في الخِلافِ أَيضًا على إمامَةِ الفاسِقِ لِفِسْقِه بذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتصِحُّ إمامَةُ مَن عليه نَجاسَةٌ يعْجِزُ عن إزالَتِها بمَن ليس عليه نَجاسَةٌ. قوله: فإِنْ جَهِلَ هو والمأْمُومُ حتَّى قَضَوا الصَّلاةَ، صحَّتْ صَلاةُ المأمُومِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَحْدَه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُعيدُ المأْمومُ أَيضًا. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». قالَ القاضي: وهو القِياسُ، لوْلا الأثَرُ عن عمرَ، وابنِه، وعُثمانَ، وعلِيٍّ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّه لو علِمَ الإمامُ بذلك أو المأْمومُ فيها، أنَّ صلاتَه باطِلَةٌ، فيَسْتَأْنِفُها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَبْنِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المأْمومُ. نقَل بَكْرُ بنُ محمدٍ، يَبْنون جماعةً أو فُرادَى. في مَن صلَّى بعضَ الصَّلاةِ وشَكَّ في وُضوئِه، لم يُجْزِئْه، حتَّى يتَيقِّنَ أنَّه كان على وضوءٍ، ولا تفْسُدُ صلاتُهم؛ إنْ شاءُوا قدَّموا واحدًا، وإنْ شاءُوا صلُّوا فُرادَى. قال القاضي: نصَّ أحمدُ على أنَّ عِلْمَهم بفَسادِ صلَاته لا يوجِبُ عليهم إعادةً. انتهى. وأمَّا الإِمامُ، فصلاتُه باطِلَةٌ في المسْألَتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو علِمَ مع الإِمامِ واحدٌ، أعادَ جميعُ المأْمومِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليهَ أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ القاضي، والمُصَنِّف، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن»، أنَّه لا يُعيدُ إلَّا العالِمُ فقط. وكذا نقَل أبو طالِبٍ إنْ عَلِمَه اثْنان. وأنْكَرَ هو إعادةَ الكُلِّ، واحْتَجَّ بخَبَرِ في ذِي اليَدَيْن.

وَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الأُمِّيِّ؛ وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ حَرْفًا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُبْدِلُ حَرْفًا، أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى، إِلَّا بِمِثْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَصِحُّ إمامَةُ الأُمِّيِّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تصِحُّ. وقيل: تصِحُّ صلاةُ القارِئُ خلفَه في النَّافِلَةِ. وجوَّز المُصَنِّفُ، وتبِعَه الشَّارِحُ، اقْتِداءَ مَن يُحْسِن قَدْرَ الفاتحةِ بمَن لا يُحْسِنُ قرْآنًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال ابن تَميمٍ: وفيه نظرٌ. وقال في «الرِّعاية»: ولا يصِحُّ اقْتِداءُ العاجزِ عنِ النِّصْفِ الأَوَّلِ مِنَ الحَمْدِ بالعاجزِ عن النِّصْفِ الآخِرِ، ولا عكْسُه. قوله: إلَّا بمِثْلِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ إمامَةِ الأُمِّيِّ بمثلِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المعْروفُ مِن مذهبِنا. وقيلَ: لا تصِحُّ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. وقيل: تصِحُّ إذا لم يُمْكِنْه الصَّلاةُ خلفَ قارئُ جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حِكايَةِ الأقْوالِ الثَّلَاثَةِ: وقيل: تُكْرَهُ إمامَتهم، وتصِحُّ مُطْلَقًا. وقيل: إنْ كَثُرَ ذلك منَع الصِّحَّة، وإلَّا فلا. وقيل: لا تصِحُّ مُطْلَقًا. ويأْتِي قريبًا في الأرَتِّ والألْثَغِ، وصِحَّةِ إمامَتِهما وعدَمِها، وإنْ كانَا داخِلَيْن في كلامِ المصَنِّفِ. وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ، والشَّارحِ في التى قبلَها. فائدتان؛ إحْداهما، لو اقْتَدى قارِئٌ وأُمِّيٍّ بأمِّيٍّ، فإنْ كانا عن يَمِينِه، أو الأُمِّيُّ عن يَمينِه، صحَّتْ صلاةُ الإمامِ والأُمِّيِّ، وبَطَلَتْ صلاةُ القارِئِ. على الصَّحيحِ. وإنْ كان خلْفَه، أو القارِئُ عن يَمينِه، والأُمِّيُّ عن يَسارِه، فَسَدَتْ صلاتُهما. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وفَسَدَتْ صلاةُ الإمامِ أَيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال الزَّرْكَشِيُّ: فإنْ كانا خلفَه فإنَّ صلاتَهما تفْسُدُ. وهل تبْطُلُ صلاةُ الإمامِ؛ فيه احْتِمالان، أشْهَرُهما البُطْلانُ. وقال في «الرِّعايتَيْن»: فإنْ كانا خلفَه، بطَل فرْضُ القارِئُ، في الأصَحُّ، وبَقىَ نَفْلًا. وقيل: لا يَبْقَى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَتَبْطُلُ صلاتُهم. وقيل: إلَّا الإمامَ. انتهى. وفي المذهب وَجْهٌ آخُر، حَكاه ابنُ الزَّاغونِيٌ، أنَّ الفَسادَ يخْتَصُّ بالقارِئ، ولا تبْطُلُ صلاةُ الأمِّيِّ. قال ابنُ الزَّاغُونِيُّ: واخْتلَفَ القائِلُون بهذا الوَجْهِ في تعْليلِه؛ فقال بعضهم: لأنَّ القارِئُ تكون صلاتُه نافِلَة، فما خَرج مِنَ الصَّلاةِ، فلم يَصِرِ الأمَّيُّ بذلك فَذًّا. وقال بعضُهم: صلاةُ القارِئُ باطِلَةٌ على الإطْلاقِ، لكنَّ اعْتِبارَ معْرِفةِ هذا على النَّاس أمْرٌ يشُقُّ، ولا يمْكِن الوقوفُ عليه، فعُفِيَ عنه للمَشقَّةِ. انتهى. قال الزرْكَشِيُّ: ويَحْتَمِلُ أنَّ الخرَقِي اخْتارَ هذا الوَجْهُ، فيكونُ كلامُه على إطْلاقِه. انتهى. قال ابنُ تَميمٍ: فإنْ كان خلْفَه، بطَلَ فرْضُ القارِئُ. وفي بَقائِه نفْلًا وَجْهان. فإنْ قُلْنا بصِحَّةِ صلاةِ الجميعِ، صحَّتْ، وإنْ قُلْنا: لا تصِحُّ. بَطَلَتْ صلاةُ المأمومِ، وفي صلاةِ الإمامِ وَجْهان. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ بَطَلَ فرْضُ القارِئُ، فهل يَبْقَى نقْلًا فتَصِحُّ صلاُتهم، أم لا يَبْقَى فتَبْطُلُ، أم تبْطُلُ إلَّا صلاةَ الإمامِ؛ فيه أوْجُهْ. الثَّانيةُ، الأمِّيُّ نِسْبَةٌ إلى الأمِّ. وقيل: المُرادُ بالأمِّيِّ الباقِي على أصْلِ وِلادَةِ أمِّه، لم يقْرَأْ ولم يكْتُبْ. وقيل: نِسْبَةً إلى أُمَّةِ العَرَبِ. قوله: وهو مَن لا يُحْسِنُ الفاتِحَة، أو يُدْغِمُ حَرفًا لا يُدْغمُ، أو يُبْدِلُ حَرفًا، أو يَلْحَنُ فيها لحْنًا يُحيلُ المعْنَى. فاللَّحْنُ الذى يُحيلُ المعْنَى؛ كضَمِّ التَّاءِ أو كسْرِها

وَإنْ قَدَرَ عَلَى إِصْلَاحِ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن: {أَنْعَمْتَ}. أو كسْرِ كافِ: {إِيَّاكَ}. قال في «الرِّعايَةِ»: وقُلْنا: تجِبُ قراءَتُها. وقيل: أوِ قراءةُ بدَلِها. انتهى. فلو فتحَ همْزةَ: {اهْدِنَا}. فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّ هذا لَحْنٌ يُحيلُ المعْنَى. قال في «الفُروعِ»: مُحِيلْ في الأصَح. قال في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»: يُحِيلُ في أصحِّ الوَجْهَيْن. وقيل: فتْحُها لا يُحيل المَعْنَى. فائدة: لو قرَأ قراءةً تحِيلُ المَعْنى، مع القدْرَةِ على إصْلاحها، مُتَعَمِّدًا (¬1)، حَرُمَ عليه، فإنْ عجَزَ عن إصْلاحِها، قرَأ مِن ذلك فرْضَ القراءةِ، وما زادَ تبْطُلُ الصَّلاةُ بعَمْدِه، ويُكَفَّرُ انِ اعْتقَدَ إِباحَتَه، ولا تبْطُلُ إنْ كان لجَهْل أو نِسْيانٍ، أو آفَةٍ، جعْلًا له كالمَعْدوم، فلا يَمنَعْ إمامَتَه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثُر الأصحاب. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هذا اخْتِيارُ ابنِ حامِدٍ، والقاضى، وأبِي الخَطَّابِ، وأكثرِ أصحابنا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْريْن»، وغيرِه. وقال أبو إسْحاقَ بن شَاقْلَا: هو ككَلامِ النَّاسِ، فلا يقْرؤُه، وتْبطُلُ الصَّلاةُ به. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». وخرَّج بعضُ الأصحابِ مِن قولِ أبِي إسْحاقَ عَدَمَ جوازِ قراءةِ ما فيه لَحْنٌ يُحِيل مَعْناه، مع عجْزِه عن إصْلاحِه. وكذا في إبْدال حرْفٍ لا يُبْدَل. فإنْ سبَقَ لسِانُه إلى تغْييرِ نظْمِ القرْآنِ بما هو منه، على وَجْهٍ يُحِيلُ مَعْناه، كقَوْلِه: إنَّ المُتَّقِين في ضَلالٍ وسُعُرٍ. ونحوِه، لم تبْطُلْ صلاتُه، على الصَّحيحِ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ محمدٍ بنِ الحَكَمِ. وإليه ميْلُه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه ابنُ تِّميم، و «الرِّعايَةِ»، ولا يسْجُدُ له. وعنه، تبْطُلُ. نقَلها الحسَن بنُ محمدٍ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَةِ». ومنها أخَذ ابنُ شَاقْلَا قوْلَه. قالَه ابنُ تَميم، وأطْلَقَهما في «مَجْمَع البَحْرَيْن». تنبيه: ظاهِرُ قولِه: أو يُبْدِلُ حرْفًا. أنَّه لو أبْدَلَ ضادَ {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، {الضَّالِّينَ} بظاءٍ مُشالَةٍ، أنْ لا تصِحَّ إمامَتُه. وهو أحَدُ الوُجوهِ. قال في «الكافِي» (¬1): هذا قِياسُ المذهب. واقْتَصَرَ عليه. وجزَم به ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّانِي، تصِحُّ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) 1/ 188.

وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ اللَّحَّانِ، وَالْفَأْفَاءِ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَالتَّمْتَامِ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ، وَمَنْ لَا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه القاضي. وأطْلقَهما في «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: تصِحُّ مع الجَهْلِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ علمَ الفرْقَ بينَهما لفْظًا ومعْنًى، بطَلَتْ صلاتُه، وإلَّا فلا. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». فائدة: الأَرَتُّ؛ هو الذي يُدْغِمُ حرْفًا لا يُدْغَمُ، أو حرْفًا في حرْفٍ. وقيل: مَن يلْحَقُه دَغْمٌ في كلامِه. والأَلْثَغُ؛ الذى يُبْدِل حرْفًا بحرْفٍ لا يُبْدَل به، كالعَيْنِ بالزَّاي وعكْسِه، أو الجيمِ بالشِّين, أو اللَّامِ أو نحوِه. وقيل: مَنْ أبْدَلَ حرْفًا بغيره. قال ذلك في «الرِّعايَة» وغيرِه. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا تصحُّ إمامَةُ الأَرَتَّ والأَلْثغِ كما تقدَّم. وظاهرُ كلام ابنِ البَنَّا، صِحَّةُ إمامَتِهما مع الكراهَةِ. وقال الآمِدِيُّ: يسِيرُ ذلك لا يْمْنَعُ الصِّحَّةَ، ويمْنَعُ كثيرُه. قوله: وتُكْرَهُ إمامَةُ اللَّحَّانِ. يعْنِي، الذي لا يُحِيلُ المَعْنَى. وهذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. ونقَل إسْماعِيلُ بنُ إسْحاقَ الثَّقفِيُّ (¬1)، لا يصَلَّى خلْفَه. تنبيهان؛ أحدُهما، قال في «مجْمَع البَحْرَيْن»: وقوْلُ الشَّيْخِ: وتُكْرَهُ إمامَةُ اللَّحَّانِ. أيِ الكثيرِ اللَّحْنِ، لا مَن يسْبِقُ لِسانُه باليسيرِ، فَقَلَّ مَن يَخْلُو مِن ذلك إمامٌ أو غيرُه. الثَّانِي، أفادَنا المُصَنِّفُ بقولِه: وتُكْرَهُ إمامَةُ اللَّحَّانِ. صحَّةَ إمامَتِه مع الكراهَةِ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، والمشْهورُ عندَ الأصحاب. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: فإنْ تعَمَّدَ ذلك، لم تصِحَّ صلاتُه؛ لأَنَّه مُسْتَهْزِئٌ ومتعَمِّدٌ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ ابن عَقِيلٍ في «الفُصولِ» قال: وكلامُهم في تحْريمِه يَحْتمِلُ وَجْهَيْن؛ أوَّلُهما، يَحْرُمُ. وقال ابنُ عَقِيل في «الفنونِ»، في التَّلْحينِ المُغَيِّرِ للنَّظْمِ: يُكْرَهُ؛ لقوْلِه: يَحْرُمُ. لأنَّه أكثر مِنَ اللَّحْنِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولا بَأْسَ بقِراءَتِه عجْزًا. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه غيرُ المُصَلِّي. قوله: والفأْفَاءُ الذي يُكَرِّرُ الفاءَ، والتَّمْتامُ الذي يُكَرِّرُ التَّاءَ، ومَنْ لا يُفْصِحُ ببَعضِ الحُروفِ. يعني، تُكْرُهُ إمامَتُهم. وهو المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم السِّرَاج الثَّقَفيّ, أبو بكر. كان له اختصاص بالإمام أَحْمد، وثقه الدارقطني. تُوفِّي سنة ست وثمانين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 103.

وَأَنْ يَؤُمَّ نِسَاءً أَجَانِبَ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وحُكِيَ قوْلٌ، لا تصِحُّ إمامَتُهم. حَكاه ابنُ تَميمٍ. قلتُ: قال في «المُبْهِجِ»: والتَّمْتامِّ والفأْفاءُ، تصِحُّ إمامَتُهم بمِثْلِهم، ولا تصِحُّ بمَن هو أكْمَلُ منهم. قلتُ: وهو بعيدٌ. تنبيه: قوله: ومن لا يُفْصِحُ ببَعضِ الحُروفِ. كالقافِ والضَّادِ. وتقدَّم قرِيبًا إذا أبْدَلَ الضَّادَ ظاءً. قوله: وأَنْ يَؤُمَّ نسْاءً أجانِبَ لا رجُلَ مَعَهُنَّ. يعْنِي، يُكْرَهُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: ولا رَجُل مَعَهُنَّ نَسِيبًا لإحْداهُنَّ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: ولا رَجُلَ معَهُنَّ مَحْرَمًا. وجزَم به في «الإفاداتِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وفسَّر كلامَ المُصَنِّفِ بذلك. وقال في «الفُصولِ»،

أَوْ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ آخِرَ الكُسوفِ: يُكْرَهُ للشَّوابِّ وذواتِ الهَيْئَةِ الخُروجُ، ويُصَلِّين في بُيوتِهِنَّ، فإنْ صلَّى بهم رجُل مَحْرَمٌ، جازَ، وإلَّا لم يَجُزْ، وصحَّتِ الصَّلاةُ. وعنه، يُكْرَهُ في الجَهْرِ فقطْ مُطْلَقًا. فائدة: قال في «الفُروعِ»: كذا ذكَرُوا هذه المسْألَةَ، وظاهِرُه، كراهَةُ تَنْزيهٍ فِيهنِّ. هذا في موْضِعِ الإجازَةِ فيه، فلا وَجْهَ إذَنْ لاعْتِبارِ كوْنِه نَسِيبَّا ومَحْرمًا مع أنَّهم احْتَجُّوا، أو بعضُهم، بالنَّهْيِ عَنِ الخَلْوَةِ بالأجْنَبِيَّةِ، فيَلْزَمُ منها التَّحْرِيمُ، والرَّجُلُ الأجْنَبِيُّ لا يمْنَعُ تحْريمَها، على خِلافٍ يأْتِي آخِرَ العدَدِ. والأَوَّلُ أظْهَرُ، للعُرْفِ والعادةِ، في إطْلاقِهم الكراهةَ، ويكونُ المُرادُ الجِنْسَ، فلا تلْزَمُ الأحْوالُ، ويُعَلَّلُ بخَوْفِ الفِتْنَةِ. وعلى كلِّ حالٍ لا وَجْهَ لاعْتِبارِ كوْنِه فيها. انتهى. وقد تقدَّم كلامه في «الفصولِ» قريبًا. قال الشَّارِحُ: ويُكْرَهُ أنْ يؤُمَّ نِساءً أجانِبَ لا رَجُلَ معَهُنَّ، ولا بأْسَ أنْ يؤْمَّ ذَواتِ محارِمِه. قوله: أو قَوْمًا أكْثَرُهم له كارِهُون. يعْنِي، يُكْرَهُ. وهذا المذهبُ، عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم بعضُهم بأنَّ ترْكَه أوْلَى. وقيل: يُفْسِدُ صلاتَه. نقَل أبو طالِبِ، لا يَنْبَغِي أنْ يؤْمَّهم. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين: أَتَي بواجِبٍ وبمُحَرَّمٍ مقاوِم صلاتَه، فلم تُقْبَلْ، إذِ الصَّلاةُ المقْبولَةُ ما يُثابُ عليها. وهذا القوْل مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: إنْ تعَمَّدَه. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهوم قوْلِه: أكْثَرُهم له كارِهُون. أنَّه لو كَرِهَه النِّصْفُ، لا يُكْرَهُ أنْ يؤُمَّهم. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهوْ ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ منهم. وقيل: يُكْرَهُ أَيضًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَوَى الفَرِيقان، فالأَوْلَى أنْ لا يؤُمَّهم، إزالَةً لذلك الاخْتِلافِ. وأطْلقَ ابنُ الجَوْزِيِّ فيما إذا اسْتوَيا وَجْهَيْن. الثَّانِي، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الكَراهةَ مُتعَلِّقَةٌ بالإِمامِ فقط، فلا يُكْرَهُ الائْتِمامُ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقال ابن عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: يُكْرَهُ له الإِمامَة، ويُكْرَهُ الائْتِمامُ به. فائدتان؛ إحْدَاهما، قال الأصحابُ: يُشْتَرَطُ أنْ يكونُوا يَكْرهُونَه بحَقٍّ. قال في «الفُروعِ»: قال الأصحابُ: يُكْرَهُ لخَلَلٍ في دِيِنه أو فَضْلِه. اقْتَصَرَ عليه في «الفُصولِ»، و «الغُنْيَةِ»، وغيرِهما. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذا كان بينَهم مُعادَاةٌ مِن جِنْسِ مُعاداةِ أهْلِ الأهْواءِ والمَذاهبِ، لم يَنْبَغِ أن يؤُمَّهم؛ لأنَّ المقْصودَ بالصَّلاةِ جماعةَّ، ائْتِلافُهم بلا خِلافٍ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: يكْرهُونَه لشَحْناءَ بينَهم في أمْرٍ دُنْيوِيّ ونحوِه. وهو ظاهرُ كلام جماعةٍ مِنَ الأصحابِ. الثَّانيةُ، لو كانوا يكْرهُونَه بغيرِ حَقٍّ، كما لو كَرِهُوه لدِينٍ أو سُنَّةٍ، لم تُكْرَهْ إمامَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. واسْتَحَبَّ القاضي أنْ لا يَؤُمَّهم، صِيانَةً لنَفْسِه.

وَلَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا وَالْجُنْدِيِّ، إذَا سَلِمَ دِينُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا بَأْسَ بإمامةِ ولَدِ الزِّنا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا بأْسَ بإمامَتِه إذا كان غير راتِبٍ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَةِ». وعَدَمُ كراهَةِ إمامَتِه مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قوله: والجندِيِّ. يعْنِي، لا بأْسَ بإمامَتِه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أَحَبُّ إلَيَّ أنْ يُصَلَّى خلفَ غيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، لا بأْسَ بإمامَةِ اللَّقيطِ، والمَنْفِيِّ بلِعانٍ، والخَصِيٌّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأَعْرابِيِّ. نصَّ عليه، والبَدوِيِّ، إنْ سَلِمَ دِينُهم وصَلُحوا لها. قال في «الفائقِ»: وكذا الأَعْرابيُّ في أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وعنه، تُكْرَهُ إمامَةُ البَدَوِيِّ. قالَه في «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، فائِدَةٌ غرِيبَةٌ؛ قال أبو البَقَاءِ: تصِحُّ الصَّلاةُ خلفَ الخُنْثَى. واقْتَصَرَ عليه في «الفائقِ». وقال في «النَّوادِرِ»: تنْعَقِدُ الجماعةُ

وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ يَؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والجُمُعَةُ بالملائكَةِ وبمُسْلِمى الجِنِّ. وهو موْجودٌ زمَنَ النُّبُوَّةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قالَا. والمُرادُ في الجُمُعَةِ، مَن لَزِمَتْه؛ لأنَّ المذهبَ لا تنْعَقِدُ الجُمُعَةُ بآدَمِيٍّ لا تَلْزَمُه، كمُسافرٍ وصَبِيُّ. فهُنا أوْلَى. انتهى. وقال ابنُ حامِدٍ: الجِنُّ كالإنْس في العِبَاداتِ والتَّكْليفِ. قال: ومذهبُ العُلَماءِ، إخْراجُ المَلائكَةِ عَنِ التَّكْليفِ، والوَعْدِ، والوَعيدِ. قال في «الفروعِ»: وقد عُرِفَ ممَّا سَبَقَ مِن كلامِ ابنِ حامِدٍ، وأبِي البَقَاءِ، أنَّه يُعْتَبَرُ لصِحَّةِ صلاتِه ما يُعْتَبَرُ لصِحَّةِ صلاةِ الآدَمِيِّ. قوله: ويَصِحُّ ائتمامُ مَن يُؤَدِّي الصَّلاةَ بمَن يَقْضيِها. مِثْلَ أَنْ يكونَ عليه ظُهْرُ أمْسِ، فأرادَ قَضاءَها، فائْتَمَّ به مَن عليه ظُهْرُ اليَوْمَ في وَقْتِها. وهذا المذهبُ، وعليه أكثُر الأصحاب. قال في «الفُروعِ»: يصِحُّ، على الأصح. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن، الصِّحَّةُ. نصَّ عليه في روايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. واخْتارَه الخَلَّالُ (¬1). وقالَ: المذهبُ عندِي، رِوايةً واحدةً. وغلَط مَن نقَل غيرَها. قال في «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِي الكَبِير»: وهو أظْهَرُ. قال النَّاظِمُ: هو أصحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ». قال في «الفُصولِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن تصِحُّ؛ لأنَّه اخْتلافٌ في الوقْتِ فقط. وعنه، لا تصِحُّ. نقَلها صالحٌ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الكَبِيرِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأطْلَقَهما في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التلْخيصِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «ابنِ تَمْيمٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ». فائدتان؛ إحْدَاهما، حُكْم ائْتِمامِ مَن يقْضِي الصَّلاةَ بمَن يؤَديِّها، حُكْمُ ائتمِامِ مَن يُؤدِّي الصَّلاةَ بمَن يقْضِيها، عكْسَ مسْأَلَةِ المُصَنِّفِ، خِلافًا ومذْهبًا. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: يصِحُّ القَضاءُ خلفَ الأداء، وفي العَكْس رِوايَتان. وكذا في «المُذْهَبِ»؛ فإنَّه أطْلقَ الخِلاف في المسْألَةِ الأُولَى، وقطَع في هذه المسْألَةِ بالصِّحَّةِ، وقال: وجْهًا واحدًا. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ قضَى فرْضًا خلفَ مَن يُؤِّدِّيه، صحِّ على الأصَحِّ، وإنْ أدَّاه خلفَ مَن يقْضِيه، لك يصِحَّ على الأصحِّ. الثَّانيةُ، مثلُ ذلك أَيضًا؛ ائْتِمامُ قاضِي ظُهْرِ يومٍ بقاضِي ظُهْرِ يُومٍ آخَرَ، خِلافًا ومذْهبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: يصِحُّ هنا وجْهًا واحدًا. قال ابنُ تَميمٍ: كما لو كانَا ¬

(¬1) في ا: «الخرقي».

وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَصِحُّ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليوْمٍ واحدٍ. تنبيه: قوله: وائْتِمامُ المُتَوَضِّئِ بالمُتَيَمِّمِ. هذه المسْألَةُ وجَدْتُها في نُسْخَةٍ مقْروءَةٍ على المُصَنِّفِ مِن أوَّلِها إلى آخِرِها، وعليها خطُّه. وأكثر النُّسَخِ ليس فيها ذلك، والحُكْمُ صحيحٌ، وصرَّح به الأصحابُ. فائدة: لا يؤُمُّ مَن عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ مَن تطَهرَ بأحَدِهما، ويأتَمُّ المُتَوَضِّئُ بالماسِحَ على كلِّ حالٍ. قالَه في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. قوله: ويصِحُّ ائتمامُ المُفْتَرِضِ بالمُتَنَفِّلِ، في إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَها صاحِبُ «الفُصولِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». والرِّوايةُ الأُخْرَى، لا يصِحُّ. وهي المذهبُ، وعليها جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْريْن»: لا يصِحُّ في أقْوَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَها أصحابُنا. قال المُصَنِّفُ, والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهم: اخْتارها أكثرُ الأصحابِ. قلتُ: منهم؛ القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم، وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: يصِحُّ للحاجَةِ. وهي كوْنُه أحَقَّ بالإِمامَةِ. ذكَره الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فائدة: عكْسُ هذه المسْألَةِ، وهو ائْتِمامُ المُتَنَفَّلِ بالمُفْتَرِضِ، يصِحُّ. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، وتبعُه الشَّارِحُ: لا نعلمُ في صِحَّتِها خِلافًا. قال في «الفُروعِ»: يصِحُّ على الأصحِّ. وعنه، لا يصِحُّ قال في «الرِّعايَة»: وقيل: يصِحُّ على الأصَحِّ. قوله: ومَن يُصَلِّي الظُّهْرَ بمَن يُصَلِّي العَصْرَ في إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، «الشَّرَحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِي الصَّغِيرِ»؛ إحداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «مجْمَعِ البَحْرَيْن»: لا يصِحُّ في أقْوَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه أصحابُنا. قال في «الفُروعِ»، بعدَ قوْلِه: ولا يصِحُّ ائْتِمامُ مُفْترضٍ بمُتَنَفِّلٍ: اخْتارَه الأكثرُ. وعنه، يصِحُّ. والرِّوايَتان في ظُهْرٍ خلفَ عَصْرٍ، ونحوِها عن بعضِهم. قال الشَّارِحُ، بعدَ ذِكْرِه الرِّوايتَيْن في مَن يُصَلِّي الظُّهْرَ بمَن يُصَلِّي العَصْرَ: وهذا فَرْعٌ على صِحةِ إمامَةِ المُتَنَفِّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمُفْترِضِ. وقد مضَى ذكْرُها. انتهى. وقدَّمه في «المُحَررِ»، «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الكبِير»، و «النظْمِ». والرِّوايَة الثَّانيةُ، يصِحُّ. اخْتارَها ابن عَقِيل في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، والشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ الكَبِيرِ». فائدة: عكْسُ هذه المسْألَةِ، وهو ائْتِمامُ مَن يصَلِّي العَصْرَ بمَن يصَلِّي الظهْرَ، مثلُ التي قبلَها في الحُكْمِ. قالَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيصِ». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: والرِّوايتان في ظُهْرِ خلفَ عصْرٍ، ونحوها عن بعضِهم. فشَمِلَ كلامُه ائْتِمامَ مَن يصَلِّي الظُّهْرَ بمَن يصَلِّي العِشاءَ، وعكْسَه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، عدَمُ صحَّةِ صلاةِ المغْرِبِ أو الفَجْرِ خلفَ مَن يصلِّي رُباِعِيَّةً تامَّةً أو ثُلَاثِيَّةَ، وعدَمُ صحَّةِ صلاةِ المغْرِبِ خلفَ مَن يصَلِّي العِشاءَ، قولًا واحدًا. وهو أحَدُ الطَّريقتَيْن. قال الشارِحُ وغيرُه: لا تصِحُّ، رِوايةً واحدةً. واخْتارَه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وهو مَعْنَى ما في «الفُصولِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ». والطَّريقَةُ الثَّانيةُ، الخِلافُ أَيضًا جارٍ هنا، كالخِلافِ فيما قبلَه. وأطْلقَ الطَّرِيقتَيْن ابنُ تَميمٍ. واخْتارَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، «الفائقِ»، والشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، الصِّحَّةَ هنا. قال المَجْدُ: صحَّ على منْصوصِ أحمدَ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هي أصحُّ الطَّريقَتْين. وقيل: تصِحُّ، إلَّا المَغْرِبَ خلفَ العِشاءِ، فإنَّها لا تصِحُّ. وحكى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في صلاةِ الفرِيضَةِ خلف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاةِ الجِنازَةِ رِوايتَيْن، واخْتارَ الجَوازَ. فعلى القولِ بالصِّحَّةِ، مُفارقَةُ المأْمومِ عندَ القِيام إلى الثَّالثةِ، ويُتِمُّ لنفْسِه، ويسَلِّمُ قبلَه. وله أنْ ينْتَظِرَه ليُسَلِّمَ معه. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفروعِ». قال في «التَّلْخيصِ»: هذا الأخِيرُ في المذهبِ. وقطَع به المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، ونصَراه. قال في «التَّرْغِيبِ»: يُتِمُّ. وقيل: أو ينْتَظِرُه. قال في «التَّلْخيصِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يُفارِقَه، ويَحْتَمِلُ أنْ يتَخَيَّرَ بينَ انْتِظارِ الإمامِ والمُفارقَةِ. قال ابنُ تَميمٍ: هل ينْتَظِرُه، أو يسَلِّمُ قبلَه؛ فيه وَجْهان، أحَدُهما، يسَلِّمُ قبلَه. والثَّانِي، إنْ شاءَ سلَّم، وإنْ شاءَ انْتَظَرَ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهل يُتِمُّ هو لنفْسِه ويسَلِّمُ, أو يصْبِرُ ليُسَلِّمَ معه؛ فيه وجْهان. وفي تخْيِيرِه بينَهما احْتِمالٌ. وقيل: وَجْه. قال في «الفُروع»: وكذا، يعْنِي على الصِّحَّةِ في أصْلِ المسْألَةِ، إنِ اسْتَخْلَفَ في الجُمُعَةِ صَبِيًّا، أو مَن أدْركَه في التَّشَهُّدِ، خُيِّرُوا بينَهما، أو قدَّمُوا مَن يسَلِّمُ بهم، حتَّى يصَلِّيَ أرْبعًا. ذكَره أبو المَعالِي. وقال القاضي في «الخلافِ» وغيرِه: إنِ اسْتَخْلَفَ في الجُمُعَةِ مَن أدْركَه في التَّشَهُّدِ، إنْ دخَل معهم بنِيَّةِ الجُمُعَةِ على قوْلِ أبِي إسْحاقَ، صحَّ. وإنْ دخَل بنِيَّةِ الظُّهْرِ، لم يصِحَّ، لأنَّه ليس مِن أهْلِ فرْضِها ولا أصْلًا فيها. وخرَّجَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، وغيرِهم على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظَهْرٍ مع عَصْرٍ وأوْلَى، لاتِّحادِ وَقْتِهما. انتهى. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أَيضًا؛ عدَمُ صحَّةِ صلاةِ المأْمومِ، إذا كانتْ أكثرَ مِن صلاةِ الإمامِ، كمَن يصَلِّي الظُّهْرَ أو المغْرِبَ خلفَ مَن يصَلِّي الفَجْر، أو مَن يصَلِّى العِشاءَ خلفَ مَن يصَلِّي التَّراوِيحَ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ». قال في «الرعايَةِ»: لم يصِحَّ في الأقْوَى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ فيهما. ونصَّ الإمامُ أحمدُ على الصِّحَّةِ في التَّراويحِ. قال في «الفائقِ»: وتُشْرَعُ عِشاءُ الآخِرَة خلفَ إمامِ التَّراويحِ. نصَّ عليه. ومنَعَه في «المُسْتَوْعِبِ». وهو ضعيفٌ. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ صلَّى الظُّهْرَ أرْبعًا خلفَ مَن يصَلِّي الفَجْرَ، فطَرِيقان. قطَع بعضُهم بعدَمٍ الصِّحَّةِ. ومنهم مَن أجْرَاه على الخلافِ. انتهى. وأطْلَق في «الكافِي» الخِلافَ بصِحَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ خلفَ مَن يصَلِّي التَّراوِيحَ. فعلى القولِ بالصِّحَّةِ، يُتِمُّ إذا سلَّم إمامُه، كمَسْبوقٍ ومُقيمٍ خلفَ قاصِرٍ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، واقْتصَر عليه في «الفروعِ». وعلى القولِ بالصِّحَّةِ أَيضًا، لا يجوزُ الاسْتِخْلافُ إذا سلَّم الإمامُ. قالَه القاضي وغيرُه. ونَقَلَه صالِحٌ في مُقِيمَيْن خلفَ قاصِرٍ؛ لأنَّ الأوَّلَ لا يُتِمُّ بالمَسْبوقِ. فكذا نائبُه؛ لأنَّ تحْريمَتَه اقْتضَتِ انْفِرادَه فيما يقْضِيه، وإذا ائْتَمَّ بغيرِه، بَطَلَتْ، كمُنْفَرِدٍ صارَ مأْمومًا, ولِكَمالِ الصَّلاةِ جماعةً، بخِلافِه في سبْقِ الحَدَثِ. وأمَّا صلاةُ الظهْرِ خلفَ مُصَلِّي الجُمُعَةَ، مثلَ أنْ يُدْرِكَهم في التَّشَهُّدِ، فقال المَجْدُ في «شرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قِياسُ المذهبِ، أَنَّه يَنْبَنِي على جَوازِ بِناءِ الظُّهْرِ على نِيَّة الجُمُعَةِ؛ فإنْ قُلْنا بجَوازِه، صحَّ الاقْتِداءُ، وجْهًا واحدًا. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وإنْ قُلْنا بعدَمِ البِنَاءِ، خُرِّجَ الاقْتِداءُ على الرِّوايتَيْن في مَن يصَلِّي الظُّهْرَ خلفَ مَن يصَلِّى العَصْرَ. وقال ابنُ تَميمٍ: وقد اخْتارَ الخِرَقِيُّ جوازَ الاقْتِداءِ، مع مَنْعِه مِن بِناءِ الظُّهْرِ على الجُمُعَةِ. فهذا يدُلُّ على أنَّ مذهبَه جَوازُ ائْتِمامِ المُفْتَرضِ كالمُتَنَفِّلِ، ومُصَلِّي الظُّهْرِ بمُصلِّي العصرِ. قال ابنُ تَميمٍ:

فَصْلٌ في الْمَوْقِفِ: السُّنَّةُ أنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الْإمَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ واعْتذَر له بكَوْنِه لم يدْرِكْ ما يعْتَدُّ به، فيُخرَّجُ منه صِحَّةُ الدُّخولِ إذا أدْرَكَ ما يعْتَدُّ به مع اخْتِلافِ الصَّلاةِ. انتهى. قوله: السُّنَّةُ أنْ يَقِفَ المأمومون خلفَ الإمامِ، فإنْ وقَفُوا قُدَّامَه، لم تَصِحَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وذكَر الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا قالُوه: وتَصِحُّ مُطْلَقًا. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ

فَإنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمْكَنَ الاقْتدِاءُ. وهو مُتَجَّهٌ. انتهى. وقيل: تصِحُّ في الجُمُعَةِ والعيدِ والجَنازَةِ ونحوِها لعُذْرٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال: من تأَخَّرَ بلا عُذْرٍ، فلمَّا أذَّن جاءَ فصلَّى قُدَّامَه عُذِرٌ. واخْتارَه في «الفائقِ». وقال: قلتُ: وهو مُخَرَّجٌ مِن تأَخُّرِ المرأةِ في الإمامَةِ. انتهى. قلت: وفيه نظرٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قولِه: فإنْ وقفُوا قُدَّامَه، لم يَصِحَّ. أنَّ عدَمَ الصِّحَّةِ مُتعَلِّقٌ بالمأْمومِ فقط، فلا تبْطُلُ صلاة الإمامِ، وهو صحيح، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَيْن». وقيل: تبْطُلُ أَيضًا. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِيَيْن»، و «ابن تَميمٍ»، و «الفُروعِ». وقال في «النُّكتِ»: الأَوْلَى أنْ يقالَ: إنْ نوَى الإمامَةَ مَن يصَلَّى قُدَّامَه، مع عِلْمِه، لم تنْعَقِدْ صلاتُه، كما لو نوَتِ المرأةُ الإمامةَ بالرِّجالِ, لأنَّه لا يُشْتَرَطُ أنْ ينْوِيَ الإمامَةَ بمَن يصِحُّ اقْتِداؤُه به. وإنْ نوَى الإمامَةَ ظَنًّا واعْتِقادًا أنَّهم يصَلُّون خلفَه، فصلُّوا قُدَّامَه، انْعَقَدَتْ صلاتُه، عمَلًا بظاهرِ الحالِ، كما لو نوَى الإمامَةَ مَن عادَتُه حُضور جماعَةٍ عندَه، على ما تقدَّم. الثَّانى، أطْلَقَ المُصَنِّفُ هنا، عدَمَ صِحَّةِ الصَّلاةِ قُدَّامَ الإمامِ، ومُرادُه غيرُ حَوْلِ الكَعْبَةِ. فإنَّه إذا اسْتَدَارُوا حوْلَ الكَعْبَةِ، والإمامُ منها على ذِراعَيْن، والمُقابِلون له على ذِراعٍ، صحَّتْ صلاتُهم. نصَّ عليه. قال المَجْدُ في «شرْحِه»: لا أعلمُ فيه خِلافًا. قال أبو المَعالِي، وابنُ مُنَجَّى: صحَّتْ إجْماعًا. قال القاضي في «الخِلافِ»: أوْمَأ إليه في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ. انتهى. هذا إذا كان في جِهَاتٍ، أمَّا إنْ كان في جِهَةٍ، فلا يجوزُ تقَدُّمُ المأمومِ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يجوزُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال أبو المَعالِي: إنْ كان خارِجَ المسْجدِ، بيْنَه وبينَ الكَعْبَةِ مسافَةٌ فوقَ بقِيَّةِ جِهَاتِ المأْمُومِين، فهل يمْنَعُ الصِّحَّةَ، كالجهَةِ الواحدةِ أم لا؟ على وَجْهَيْن. ومُرادُه أَيضًا, صلاةُ الخَوْفِ في شِدَّةِ الخوْفِ، فإنَّها تَنْعَقِدُ مع إمْكانِ المُتابَعَةِ. ويُعْفَى عنِ التَّقَدُّمِ على الإمامِ. نصَّ عليه

وَإنْ وَقَفوا مَعَهُ عَنْ يَمِينِهِ، أوْ عَنْ جَانِبَيْهِ، صَحَّ. وإنْ كَانَ وَاحِدًا، وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الفروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهم. قال في «الفُصولِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يُعْفَى. ولم يذْكُرْه غيرُه. قال ابنُ حامِدٍ: لا تَنْعَقِدُ. ورَجَّحه المُصَنِّفُ. وتقدَّم أوَّلَ البابِ. وقال في صلاةِ الخوْفِ: ومُرادُه، إذا لم يكُنْ داخِلَ الكعْبَةِ، فلو كان داخِلَها فجعَل ظَهْرَه إلى ظَهْرِ إمامِه، صحَّتْ إمامَتُه به؛ لأنَّه لم يَعْتَقِدْ خَطَأَه، وإنْ جعَل ظَهْرَه إلى وَجْهِ إمامِه، لم تصِحَّ؛ لأنه مُقَدَّمٌ عليه، وإنْ تقابلا منها، صحَّتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعَ»: صحَّتْ في الأصحِّ. وجزَم به أبو المَعالِي، وابنُ مُنَجَّى. وهو مِنَ المُفْرَدات. وقيل: لا تصِحُّ. وأطْلقَهما في «الفائقِ»، «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابن تميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، «التَّلْخيصِ». فائدة: قوله: وإنْ كان واحِدًا وقَف عَن يَمِيِنه. بلا نِزاعٍ، لكنْ لو بانَ عدَمُ

وَإِنْ وَقَفَ خَلْفَهُ، أوْ عَنْ يَسَارِهِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةِ مُصافَّتِه، لم تصِحَّ الصَّلاةُ. قال في «الفُروعِ»: والمُراد، والله أعلمُ، ممَّن لم يحْضُرْه أْحَدٌ. فيَجِيءُ الوَجْهُ تصِحُّ مُنْفَرِدًا. ونقَل أبو طالِبٍ، في رجُلٍ أمَّ رجُلًا قامَ عن يَسارِه، يعيدُ، وإنْ صلَّى الإمامُ وحدَه. وظاهِرُه، تصِحُّ مُنْفرِدًا دُونَ المأمومِ. قال في «الفُروعِ»: وإنَّما يَسْتَقِيمُ على الصَّلاةِ بنِيَّةِ الإمامِ. ذكَره صاحِبُ «المُحَرَّرِ». قوله: فإنْ وقَف عن يَسارِه، لم يصِحَّ. يعْنِي، إذا لم يكُنْ عن يَمينِه أحَدٌ. فإنْ كان عن يَمينِه أحَدٌ، صحَّتْ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، فإنْ لم يكنْ عن يَمِينِه أحد، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ صلَاته لا تصِحُّ إذا صلَّى ركْعَةً مُنْفَرِدًا. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفُروعِ) وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرداتِ. وعنه، تصِحُّ. اخْتارَه أبو محمدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّمِيمِيُّ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قال في «المُبْهِجِ»، «الفائقِ»: وقال الشَّرِيفُ: تصِحُّ مع الكَراهَةِ. قال الشَّارِحُ: وهو القِياسُ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الشَّيْخُ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، ولم أرَه في كُتُبِه. قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا القولُ هو الصَّوابُ. وقيلَ: تصِحُّ إنْ كان خلْفَه صَفٌّ، وإلَّا فلا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فائدة: قال ابنُ تَميمٍ: لو انْقَطَعَ الصَّفُّ عن يَمِينهِ أو خلْفِه، لا بأْسَ. وإنْ كان الانقِطاعُ عن يَسارِه، فقال ابنُ حامِدٍ: إنْ كان بعدَه مَقامُ ثَلَاثَةِ رِجالٍ، بَطَلَتْ صلاتُه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال في «الفُروعِ»: ولا بأْسَ

وَإنْ أمَّ امْرَأةً وَقَفَتْ خَلفُه، ـــــــــــــــــــــــــــــ بقطْعِ الصَّفِّ عن يَمِينِه أو خلْفِه. وكذا إنْ بعُدَ الصَّفُّ منه. نصَّ عليه. انتهى. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ أمَّ امْرأةً، وقَفتْ خلْفهُ. أنَّه ليس لها موْقِفٌ إلَّا خلفَ الإمامِ. وهو صحيحٌ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ وقَفتْ عن يَسارِه، فظاهِرُ كلامِهم، إنْ لم تبْطُلْ صلاتُها ولا صلاةُ مَن يلِيها، أنَّها كالرَّجُلِ. وكذا ظاهِرُ كلامِهم، يصِحُّ إنْ وقَفتْ عن يَمِينِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الوَجْهُ في تقْديمِها أمامَ النِّساءِ. انتهى. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وإذا كان المأْمومُ رجُلًا واحدًا، فمَوْقِفُه عن يَمِينِ الإمامِ، فإنْ كان امْرأةً وحدَها، فمَوْقِفُها خلفَ الإمامِ. فظاهرُ كلامِه، أنَّ صلاتَها لا تصِحُّ إذا وقَفتْ عن يَمينِ الإمامِ؛ لأنَّه جعَل لها مَوْقِفًا كما جعَل للرَّجُلِ مَوْقِفًا. فوائد؛ الأُولى، قال القاضي، في «التَّعْليقِ»: لو كان الإمامُ رجُلًا عُرْيانًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمأمومُ امْرأةً، فإنَّها تِقِفُ إلى جَنْبِه. قلتُ: فيُعايَى بها. الثَّانيةُ، لو أمَّ رجُلٌ خُنْثَى، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. قال في «مَجْمَعِ

فَإنِ اجْتَمَعَ أَنْوَاعٌ؛ تَقَدَّمَ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَيْن»، وغيرِه: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ. فعلى المذهب، قيل: يقِفُ عن يَمِينِه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ عندِي، على أصْلِنا، أنَّه يقِفُ عن يَمِينِه، لأنَّ وُقوفَ المرأةِ جَنْبَ الرَّجُلِ غيرُ مُبْطِلٍ، ووُقوفَه خلفَه فيه احْتِمالُ كوْنِه رجُلًا فَذًّا, ولا يخْتلِفُ المذهبُ في البُطْلانِ به. قال: ومَن تدَبَّرَ هذا منهم، علِمَ أن قوْلَ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ سَهْوٌ على المذهبِ. انتهى. قال الشَّارِحُ: فالصَّحيحُ، أنَّه يَقِفُ عن يَمِيِنه. وقيل: يَقِفُ خلفَه. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهما في «الفُروعِ». قوله: فإنِ اجْتَمَعَ أنْواعٌ؛ يُقدَّمُ الرِّجالُ، ثم الصِّبْيان، ثم الخناثَى، ثم النِّساءُ. أيّ على سَبيلِ الاسْتِحْبابِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الشَّرْحَ»، و «الوَجيزِ»، «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابن تَميمٍ»، و «المُنْتَخَبِ»، «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، تُقَدَّمُ المرأةُ على الصَّبِيِّ، فالخُنْثَى بطَريقٍ أوْلَى. ذكرَها ابنُ الجَوْزِيِّ. وجزَم به في «الإفاداتِ». فائدة: قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتابعَه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ في الخَناثَى، جَوازُ صلاتِهم صَفًّا. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا. قالَا: فإن بنَيْناه على أنَّ وُقوفَ الرَّجُلِ مع المرأةِ لا يُبْطلُ، ولا يكونُ فَذًّا، كما يَجِيءُ عن القاضي، فلا إشْكالَ في صِحَّتِه. وأمَّا إذا أَبطَلْنا صلاةَ مَن يِليها، كقوْلِ أبِي بَكْرٍ، أو جعَلْناه معها فَذًّا، كقَوْلِ ابنِ حامِدٍ، وأبي الخَطَّاب، وأكثرِ الأصحابِ، بَعُدَ القولُ جِدًّا، بجَعْلِ الخناثَى صَفًّا؛ لتَطَرُّقِ الفَسادِ إلى بعضِهم بالأمْرَيْن أو أحَدِهما. والذي يُمْكِنُ أنْ يُوَجَّهَ به قولُهم، كوْنُ الفَسادِ هنا، أنَّها تقَعُ في حَقِّ مُكَلَّفٍ غيرِ مُعَيَّنِ. وذلك لا يُلْتفَتُ إليه، كالمَنيِّ والرِّيحِ مِن واحدٍ غيرِ مُعيَّنِ، فإنَّا لا نُوجبُ غُسْلًا ولا وُضوءًا، كذا هنا. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: والصَّحيحُ عندِي، فَسادُ صلاتِهم صَفًّا؛ لشكِّنا في انْعِقادِ صلاةِ كلِّ منهم مُنْفرِدًا، والأصْلُ عدَمُه. وإنْ نظَرْنا إليهم مُجْتمِعين، فقد شكَكْنا في الانْعِقادِ في البعضِ، فيَلْزمُهمُ الإعادةُ، ولا يُمْكنُ إلَّا بإعادةِ الجميعِ، فيَلْزَمُهم ذلك ليَخْرجوا مِنَ العُهْدَةِ بتَعَيُّنٍ، كقولِه في الجُمُعَةِ لغيرِ حاجَةٍ إذا جهِلَتِ السَّابِقةُ. انتهيا. وتابعَهُما في «الفُروعِ». قال في «التَّلْخيصِ»: والخناثَى يِقفُون خلفَ الرِّجالِ. وعندِي أَنَّ صلاةَ الخَناثَى جماعةً، إنَّما تصِحُّ إذا قُلْنا بصِحَّةِ صلاةِ مَن يَلِي المرأةَ، إذا صلَّتْ في صفِّ الرِّجالِ. فأمَّا على قولِ مَن يُبْطِلُها مِن أصحابِنا، فلا تصِحُّ للخَناثَى جماعةٌ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منْهم يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ رجُلًا إلى جَنْبِ امرأةٍ، وإنْ لم يقِفُوا صفًّا، باحْتِمالِ الذُّكُورِيَّة، فيكونُ فَذًّا، فإذا حكَمْنا بالصِّحَّةِ وَقَفُوا كما قُلْنا. انتهى.

وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي تَقْدِيمِهمْ إلَى الإمَام، إذا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلك يُفْعَلُ في تَقْديمهم إلى الإِمامِ إذا اجْتمَعتْ جنائِزُهم. وهذا المذهبُ أَيضًا. نقَله الجماعةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. ولكنْ يُقدَّمُ الصَّبِيُّ على العَبْدِ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وعنه، تُقدَّمُ المرأةُ على الصَّبِيِّ. اخْتارَها الخِرَقِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ. ونصَرَه القاضي وغيرُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: تُقدَّمُ المرأةُ على الصَّبِيِّ والعَبْدِ. وهو خِلافُ ما ذكرَه غيرُ واحدٍ إجْماعًا. ويأْتِي ذلك أَيضًا في كتابِ الجَنائزِ بأَتَمَّ مِن هذا، عندَ قولِه: ويُقدَّمُ إلى الإمام أفْضلُهم. فائدتان؛ إحْداهما، السُّنَّةُ أنْ يتَقَدَّمَ في الصَّفِّ الأوَّلِ أُولُو الفضْلِ والسِّنِّ، وأنْ يَلِيَ الإمامَ أكْمَلُهم وأفْضَلُهم. قال الإمامُ أحمدُ: يَلِي الإمامَ الشُّيوخُ، وأهْلُ القُرْآنِ، ويُؤَخَّرُ الصِّبْيانُ. لكنْ لو سبَق مفْضولٌ هل يُؤَخَّرُ الفاضِلُ؟ جزَم المَجْدُ أنَّه لا يُؤَخَّرُ. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قد تقَدَّم في صِفَةِ الصَّلاةِ؟ أنَّ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ أخَّرَ قيْسَ بنَ عُبادة مِنَ الصَّفِّ الأولى، ووَقَف مَكانَه (¬1). وقال في «النُّكَتِ»، بعدَ أنْ ذكَر النَّقْلَ في المسْأَلَةِ في صلاةِ الجنازةِ: فظهَر من ذلك؛ أنَّه هل يُؤَخَّرُ المفْضولُ بحُضورِ الفاضِلِ، أو لا يؤَخَّرُ، أو يُفرَّقُ بينَ الجِنْسِ والأجْناسِ، أو يفَرَّق بينَ مسْألَةِ الجَنائزِ ومسْألَةِ الصَّلاةِ؟ فيه أقْوالٌ. انتهى. قلتُ: الذي قطَع به العَلَّامَةُ ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين» (¬2)، جَوازُ تأْخيرِ الصَّبيِّ عن الصَّفِّ ¬

(¬1) يأتي تخريجه في صفحة 443. (¬2) القواعد, لابن رجب 205.

وَمَنْ لَم يَقِفْ مَعَهُ إِلَّا كَافِرٌ، أوِ امْرَأَةٌ، أوْ مُحْدِثٌ يَعْلَمُ حَدَثَهُ، فَهُوَ فَذٌّ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، إلَّا في النَّافِلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاضِلِ، وإذا كان في وسَطِ الصَّفِّ. وقال: صرَّح به القاضي، وهو ظاهرُ كلام الإمامِ أحمدَ. وعليه حُمِلَ فِعْلُ أبَيِّ بنِ كعْبٍ بقَيْسِ بن عُبادةَ. انتهى. وتقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في أوَّلَ صِفَةِ الصَّلاةِ، ويأتِي بعْضُه في آخرِ بابِ صلاةِ الجُمُعَةِ. الثَّانيةُ، لو اجْتمَعَ رِجال أحْرارٌ وعَبيدٌ، قُدِّمَ الأحْرار. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يقدَّمُ العَبْدُ على الحُرِّ إذا كان دُونَه. قوله: ومَن لم يَقِف معه إلَّا كافِرٌ، أوِ امْرأةٌ، أو مُحْدِثٌ يعْلَمُ حَدَثه، فهو فَذٌّ. أمَّا إذا لم يَقِفْ معه إلَّا كافرٌ، فإنَّه يكونُ فَذًّا، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وكذا لو وقف معه مجْنونٌ. وأمَّا إذا لم يَقِفْ معه إِلَّا امْرأةٌ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يكونُ فذًّا. وذكَره المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» عن أكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا، والمُصَنِّف، وأبو المَعالِي. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يكونُ فَذًّا. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. وأطْلقَهما في «المحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائِق»، و «الحاوِييْن». قال في «الفُروعِ»: وإنْ وقفتْ مع رجُلٍ، فقال جماعةٌ: فذٌّ. وعنه، لا. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ وُقوفِ الخُنْثى المُشْكِلِ، حُكْمُ وُقوفِ المرأةِ، على ما تقدَّم. الثَّانية، لو وقَفتِ امرأةٌ مع رجُلٍ، فإنَّها تُبْطِلُ صلاة مَن يَلِيها، ولا تُبْطِلُ صلاةَ مَن خلْفَها ولا أمامَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الفُروعِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِييْن»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائِق»، و «الكافي»، وغيرِهم. قال في «الفُروعَ»: ذكَره ابن حامِدٍ. واخْتارَه جماعةٌ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً؛ تَبْطلُ صلاة مَن يَلِيها. قال في «الفُصولِ»: هو الأشْبَهُ، وأنَّ أَحْمد توَقَّفَ. وذكَره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ تَقِيُّ الدِّينِ في المنْصوصِ عن أحمدَ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. ذكَره في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ» وغيرِهم. وقيل: تبْطُلُ أَيضًا صلاة مَن خلْفَها. واخْتاره ابنُ عَقِيلٍ في «الفصولِ» أَيضًا. قال الشَّارِحُ: وقال أبو بَكْرٍ: تبْطل صلاةُ مَن يَلِيها، ومَن خلْفَها. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. وأطْلَقَ الأوَّل والثَّالِثَ ابنُ تَميمٍ. وقيل: تبْطُلُ أيضًا صلاةُ مَن أمامَها. واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ أَيضًا في «الفصولِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هذا الحُكْمُ في صلاِتهم، فأمَّا صلاتُها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّها لا تبْطُلُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ: صحِيحَةٌ عندَ أصحابنا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال الشَّرِيف، وابنُ عَقِيلٍ: تبْطُلُ. قال ابنُ عَقِيل؛ هذا الأشْبَهُ بالمذهبِ عندِي، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأمَّا إذا لم يقِفْ معه إلَّا

وَمَنْ جَاءَ فَوَجَدَ فُرْجَةٌ وَقَفَ فِيهَا، فَان لَمْ يَجِدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحْدِث يعلَمُ حدِّثَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يكونُ فذًّا، وعليه الأصحابُ. وكذا لو وقف بعه نَجِسٌ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يعْلَمْ حدَثَه، بل جَهِلَه، وجَهِلَ مُصافَّتَه أَيضًا، أنَّه لا يكون فَذًّا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي وغيرُه: حُكْمُه، حُكْمُ جَهْل المأمومِ حدَثَ الإمامِ. على ما سَبَق. قوله: وكذلك الصَّبِيُّ إلَّا في النَّافِلَةِ. يعْنِي، لو وَتَف مع رجُلٍ خلفَ الإمام. كان الرَّجُل فَذًا، إلَّا في النَّافِلَةِ، فإنَّه لا يكون فَذًّا، وتصِحُّ مُصافَّتُه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فيهما، وهو مِنَ المُفْرداتِ. واعلمْ أنَّ حُكْمَ مُصافَّةِ الصَّبيِّ، حُكْمُ إمامَته. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تصِحُّ مُصافَّته، وإنْ لم تصحَّ إمامَتُه. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. قال في «القواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وما قالَه أصْوت. فعلَى هذا القولِ، يقفُ الرَّجُل والصَّبِيُّ خلْفَه. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وعلى المذهبِ، يقِفان عن يَمينِه، أو مِن جانِبَيْه. نصَّ عليه. وقيل: تصِحُّ إمامَته دُونَ مُصافَّتِه. ذكرَه في «الرِّعايَةِ». قوله: ومَن جاء فوجَد فُرْجَةً وقَف فيها. يعْنِي، إذا كانتْ مُقابلَته فإنْ

وَقَف عَنْ يَمِين الْإمَامِ، فَانْ لَمْ يُمْكنْهُ، فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كانتْ غير مُقابِلَةٍ له، يَمْشِي إليها عَرْضًا، كُرِهَ. على الصَّحيحِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. فائدة: لو كان الصَّفُّ غيرَ مرْصوصٍ، دخَل فيه. نصَّ عليه كما لو كانتْ فُرْجَةٌ. قوله: فإن لم يَجِدْ، وقَف عَن يمِيِنِ الإمامِ، فإن لم يمكنْه، فله أن يُنَبِّهَ مَن يَقُومُ معه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ إذا لم يجِدْ فُرْجَةً، وكان الصَّفُّ مرْصوصًا، أنَّ له أنْ يخْرِقَ الصَّفَّ، ويقِف عن يَمينِ الإمام إذا قدَر. جزَم به ابنُ تَميمٍ. وقيل: بل يُؤخِّرُ واحِدًا مِنَ الصفِّ إليه. وقيل: يقِفُ فَذًّا. اختارَه الشِّيْخُ تَقِيُّ الدِّين. قال في «النُّكَتِ»: وهو قوِيٌّ، بِناءٌ على أنَّ الأمْرَ بالمُصافَّةِ إنَّما هو مع الإمْكانِ، وإذا لم يقْدِرْ أنْ يقفَ عن يَمينِ الإمامِ، فلَه أنْ يُنَبِّهَ مَن يقومُ معه بكَلام أو نَحْنَحَةٍ أو إشارةٍ، بلا خِلافٍ أعلَمُه، ويتْبَعُه، ويُكْرَهُ جَذْبُه على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الفروعِ»: ويُكْرَهُ جذْبُه في المنْصوص. قال المَجْدُ في «شرحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْريْن»: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وصحَّحه

فَإنْ صَلَّى فَذًّا رَكْعَة، لَمْ تَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ وغيره. ونصَره أبو المَعالِي وغيره. وقيل: لا يُكْرَهُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. ويَحْتَمِلُه كلامُه هنا. قال في «مَجْمَعِ البحْرَيْن»: اخْتارَه الشَّيْخ وبعضُ أصحابنا. وجزَم به في «الإفاداتِ». قال ابن عَقِيلٍ: جوَّز أصحابُنا جَذْبَ رجُلٍ يقومُ معه. وقِيلَ: يَحْرمُ. وهو من المُفْرَداتِ. قال في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»: اخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. قال: ولو كان عبْدَه أو ابنَه، لم يَجْزْ؛ لأنَّه لا يمْلِكُ التَّصرُّف فيه حالَ العِبادَةِ، كالأجْنبيِّ. قال في «الرِّعايِةِ»: وفي جَوازِ جَذْبِه وَجْهان. وقال في «الفائقِ»: وإذا لم يجِدْ مَن يَقْفُ معه، فهل يخْرِقُ الصَّفَ ليُصلِّيَ عن يَمينِ الإمام، أو يُؤخِّرُ واحِدًا مِنَ الصفِّ، أو يقِف فَذًّا؛ على أوْجُهٍ، اخْتار شيْخُنا الثَّالِثَ. انتهى. ومُرادُه بشَيْخِنا؛ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ. وقال الشَّيْخُ تَقيُّ الدِّينِ: لو حضَر اثنان وفي الصَّفِّ فُرجَةٌ، فأنا أفضِّلُ وُقوفهما جميعًا، أو يسُدُّ أحدُهما الفُرجَةَ، وينْفَرِدُ الآخَرُ. رجَّح أبو العَبَّاسِ الاصْطِفافَ مع بَقاء الفُرْجَةِ؛ لأنَّ سَدَّ الفُرْجَةِ مُسْتَحَبٌّ، والاصْطِفاف واجِبٌ. قوله: وإنْ صلَّى ركْعَةً فَذًّا، لم تصِحَّ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا بلا رَيْبٍ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المشْهورُ. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزٍ» وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرِّرِ»، وغيرِهما. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، تصِحُّ مُطْلَقًا. وعنه، تصِحُّ في النَّفْل فقط. وهو احْتِمالٌ في «تَعْلِيِقِ القاضي». وبَناه في «الفُصولِ» على مَن صلَّى بعضَ الصَّلاةِ مُنْفرِدًا، ثم نَوَى الائْتِمامَ. وعنه، تبْطلُ إن علِم النَّهْىَ، وإلّا فلا. وذكر في «النَّوادِرِ» رِوايَةً، تصِحُّ لخَوْفِهِ تضْييقًا. قال في «الفُروعِ»: وذكَره بعضُهم قولًا. وهو معْنَى قولِ بعضِهم: لعُذْرٍ. قلتُ: قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يقِفُ فَذًّا مع ضِيقِ المَوْضِعِ، أوِ ارْتِصاص الصَّفِّ وكَراهَةِ أَهْلِه دُخُوله. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتصِحُّ صلاةُ الفَذِّ لعُذْرٍ. انتهى. وقيل: لا تصِحُّ إنْ كان لغيرِ غَرَضٍ، وإلَّا صحَّتْ. وقيل: يعف فذًّا في الجِنازَةِ. اخْتاره القاضي في «التَّعْلقِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو المَعالِي، وابنُ مُنَجَّى. قال: فإنَّه أفضَلُ أنْ يَقِفَ صَفًّا ثالِثًا. وجزَم به في «الإفاداتِ». قال في «الفُصولِ»: فتكونُ مسْألةَ مُعَاياةٍ. ويأتِي قريبًا إذا صلَّتِ امْرأةٌ واحدةٌ خلفَ امْرأةٍ. تنبيهان؛ أحدهما، حيثُ قلْنا: يصِحُّ في غيرِ الجِنازَةِ. فالمُرادُ مع الكراهَةِ. قال في «الفُروعِ»: وقال: ويتوجَّهُ، يُكْرهُ إلَّا لعُذْرٍ. وهو ظاهرُ كلام شيْخِنا، يعْنِي به الشَّيْخَ تَقيُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثاني، مفْهومُ كلام المُصَنِّفِ في قوله: وإن صلَّى ركْعَةُ فَذًّا، لم تصِحّ. أنَّه إذا لم تَفُتِ الرَّكْعَةُ، حتَّى دخَل معه آخَر، أو دخَل هو في الصَّفِّ، أنَّه لا يكون فَذًّا، وأنَّ صلَاته صحيحةٌ. وهو كذلك، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تبْطُلُ بمُجرَّدِ إحْرامِه

وَإنْ رَكَعَ فَذًّا ثُمَّ دَخَلَ في الصَّفِّ، أوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلِ رَفعِ الإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ رَفَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ صَحَّتْ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ النَّهْىَ لَمْ تَصِحَّ، وَانْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَذًّا. اخْتارَه في «الرَّوْضَةِ». وذكَره، رِوايةً. فائدة: قال ابنُ تَميمٍ: إذا صلَّى ركْعةً مِنَ الفَرْضِ فَذًّا، بطَل اقْتِداؤُه، ولم تصِحَّ صلاتُه فرْضًا. وفي بَقائِها نَفْلًا وَجْهان. وقال في «الفائقِ»: وهل تبْطُلُ الصَّلاة أوِ الرَّكْعة وحدَها؟ على رِوايتَيْن. اخْتار أبو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ الثَّانيةَ. قوله: وإنْ ركَع فَذًّا، ثم دخَل في الصَّفِّ، أو وَقف معه آخَرُ قبلَ رَفْعِ الإمامِ، صحَّتْ صَلاتُه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأْصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المنصوصُ المشْهورُ المَجْزومُ به. وعنه، لا تصِحُّ. قال في «المسْتَوْعِبِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان القِياسُ أنَّها تَنْعَقِدُ الرَّكْعَةُ؛ لحديثِ أبِي بَكْرَةَ. وعنه، لا تصِحُّ إنْ عَلِمَ النَّهىَ، وإلَّا صحَّت. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» وغيره: وقال القاضي فىَ «شَرحِه الصَّغِيرِ»: إذا كبَّر للإحْرامِ دُونَ الصَّفِّ، طمَعًا في إدْراكِ الرَّكْعَةِ، جازَ، وإلَّا فوَجْهان؛ أصَحُّهما، لا يجوزُ. قوله: وإن رفَع ولم يَسْجُدْ: صحَّت. يعْنِي، إذا ركَع المأمومُ فَذًّا، ثم دخَل في الصفِّ راكِعًا،: الإمامُ قد رفَع رأسَه الرُكوعِ ولم يسْجُدْ، فالصَّحَّةُ مُطْلَقًا إحْدَى الرِّوايات، وهي المذهبُ. جزم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ». قال ابن مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحَواشِي». واختارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّين. وقيلَ: إنْ علِم النَّهْىَ، لم تصِحَّ، وإلَّا صحَّتْ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، نصَّ عليها. وجزَم به في «الإفاداتِ»، والطُّوفِي في «شَرْحِه». وقدَّمه في «المُغْنِي» ونصرَه. وحمَل هو والشَّارِحُ كلامَ الخِرقِي عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: صَرف أبو محمدٍ كلامَ الخِرَقِيِّ عن ظاهرِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحمَله على ما بعدَ الركوعِ؛ ليُوافِقَ المنْصوصَ، وجمهور الأصحابِ. وأطْلقَهما في «التَّلخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «مَجْمَع البحْرَيْن»، و «الفائقِ». وعنه رِوايةٌ ثالثةٌ، لا تصِحُّ مُطْلَقًا. اخْتارَها المَجْدُ في «شَرحِه». وقدَّمها في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». قال في «المُذْهَبِ»: بَطلتْ في أصحِّ الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَهُنَّ في «الفروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنْ رفَع ولم يسْجُدْ، صحَّتْ. أنَّه لو رفع وسجَد إمامُه قبلَ دخُولِه في الصفِّ، أو قبلَ وُقوفِ آخَرَ معه، أنَّ صلَاتَه لا تصِحُّ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال «الزَّرْكَشِيِّ»: لم تصِحَّ تلك الرَّكْعةُ بلا نِزاعٍ. وهل يخْتَصُّ البُطْلان بها حتَّى لو دخَل الصف بعدَها، أوِ انْضافَ إليه آخَرُ، ويصِحُّ ما بَقِي، ويقْضى تلك الرَّكْعةُ، أم لا تصِحُّ الصَّلاةُ رأسًا، وهو المشْهورُ؛ فيه رِوايَتانِ منْصوصَتان. حَكاهما أبو حَفْصٍ. واخْتار هو أنَّه، يعيدُ ما صلَّى خلفَ الصفِّ. انتهى. وقال في «المُنْتَخَب»، و «المُوجزِ»: حُكمُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُ ما لو رفَع الإمامُ ولم يسْجُدْ. قال في «الفائق»: وقال الحَلْوانِيُّ: تصِحُّ ولو سَجَد. قوله: وإنْ فَعَله لغيْرِ عُذْرٍ، لم تصِحَّ. وهو المذهبُ. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هذا ظاهِرُ المذهب. قال في «الفُروعِ»: وإن فعَله لغيرِ عُذْرٍ، لم تصِحَّ في الأصحِّ. قال في «الفائقِ»: ولو فعَله لغيرِ غرَضٍ، فهو باطِلٌ في أصحِّ الوَجْهيْن. وجزَم به في «الوجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنتَخَبِ» وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا تنْعَقِدُ الصَّلاةُ على المُخْتارِ مِنَ الوَجْهَيْن لأبِي الخَطَّابِ والشَّيْخيْن. وقل: حُكْمُه، حُكْمُ فِعْلِه لعُذْرٍ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمِ»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُغْنِي». وقال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنعَقِدُ صلَاتُه وتصِحُّ إنْ زالَتْ فُذوذِيَّتُه قبلَ الرُّكوعِ، وإلَّا فلا. وأطْلَقَ في «الفُصولِ»، فيما إذا كان لغرضٍ في إدْراكِ الرَّكْعةِ، وجْهْيْن؛ لخَبَرِ أبي بَكرٍ. قال «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ قبل رفْعِ الإمامِ. فائدة: مِثال فعْلِ ذلك لغيرِ غَرْضٍ؛ أنْ لا يَخافَ فوْتَ الرَّكْعةِ. قالَه في «المُسْتَوْعِب» وغيرِه.

وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَرَى مَنْ وَرَاءَ الْإمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، إذَا اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ مَنْ وَرَاءَهُ لَمْ تَصِحَّ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ إذَا كَانَا في الْمَسْجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو زُحِمَ في الرَّكْعَةِ الثَّانيةِ مِنَ الجُمُعَةِ، فأخْرِجَ مِنَ الصَّفّ وبَقِيَ فَذًّا، فإنَّه ينْوِي مُفارقَةَ الإمامِ؛ لأنَّها مُفارقَةٌ لعُذْرٍ، ويُتِمُّها جُمُعَةً؛ لإِدْراكِه معه ركْعَةً، كالمَسْبوقِ، فإنْ أقام على مُتابَعَةِ إمامِه، وتابَعَه فَذًّا، صحَّتْ معه. قدَّمه في «الرِّعايةِ». وعنه، يَلْزمُه إعادَتُها ظُهْرًا. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. وأطلَقَهما في «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وعنه، بل يُكْمِلُها بعدَ صلاةِ الإِمامِ جُمُعَةً، وإن كان قد صلَّاها معه. قوله: وإذا كان المَأمومُ يَرَى مَن وراءَ الإمام، صحَّتْ صلاتُه، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اتَّصَلتِ الصُّفوفُ. عُمومُه يشْمَلُ إذا كانا في المسْجدِ، أو كانا خارجيْن عنه، أو كان المأمومُ وحدَه خارِجًا عنِ المسْجدِ، فإنْ كانا في المسْجدِ، فلا يُشْتَرَط اتِّصال الصفوفِ، بلا خِلافٍ. قالَه الآمِدِيُّ. وحكاه المُجْدُ إجْماعًا قال في «النُّكَتِ» وغيرِه: وقطَع به الأصحابُ. وإنْ كانا خارِجًا عنه، أوِ المأمومُ وحدَه، فاشْترطَ المُصَنِّف هنا اتِّصالَ الصُّفوفِ، مع رُؤيَةِ مَن وراءَ الإمامِ. وجزم به «الخَرقِيِّ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «نِهايَةِ أبي المَعالِي»، و «المَذْهَب الأحْمَدِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أَنَّه لا يُشْترطُ اتِّصالُ الصُّفوفِ إذا كان يَرَى الإمامَ، أو مَن وَراءَه في بعضِها، وأمْكن الاقْتِداءُ، ولو جاوَزَ ثَلاثَمِائَةِ ذِراعٍ. جزَم به أبو الحُسَيْنِ وغيرُه. وذكَره المَجْدُ في «شَرْحِه»، الصَّحيحَ مِن المذهب. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ غير الخِرَقِيِّ مِنَ الأَصحابِ. قال في «النُّكَتِ»: قطَع به غيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٍ. وهو ظاهِر ما جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». فائدتان، إحْداهما، يرْجعُ في اتِّصالِ الصُّفوفِ إلى العُرْفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ حيث قلْنا باشْتِراطِه. جزَم به في «الكافِي»، و «نِهايَةِ» أبي المَعالِي، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وَصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وقال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»: اتِّصال الصُّفوفِ أن يكونَ بينَهما ثلَاثَةُ أذْرُعٍ. وقيل: متى كان بينَ الصَّفَّيْن ما يقومُ فيه صفٌّ آخَرُ، فلا اتِّصالَ. اخْتارَه المَجْدُ. وهو معْنَى كلامِ القاضي، وغيرِه، للحاجَةِ للرُّكوعِ والسُّجودِ، حيث اعْتُبِرَ اتِّصالُ الصُّفوفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفسَّر المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1) اتِّصالَ الصُّفوفِ ببُعْدٍ غير مُعْتادٍ لا يمْنَعُ الاقْتِداءَ. وفسَّرَه الشَّارحُ ببُعْدٍ غيرِ مُعْتادٍ، بحيثُ يمْنَعُ إمْكانَ الاقْتِداءِ؛ لأنَّه لا نصَّ فيه ولا إجْماعَ، فرجع إلى العُرْفِ. قال في «النُّكتِ»، عن تفْسيرِ المُصَنِّفُ، والشَّارحِ: تفْسِير اتِّصالِ الصُّفَوفِ بهذا التَّفْسيرِ، غريبٌ، وإمْكان الاقتِداءِ لا خِلاف فيه. انتهى. وقيل: يَمْنَعُ شُبَّاك ونحوُه. وحُكِيَ روايةً في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقد يكون الاتِّصال حِسًّا مع اخْتِلافِ البُنْيانِ، كما إذا وقَف في بيّتٍ آخَرَ عن يَمينِ الإمام، فلا بُدَّ مِنِ اتِّصالِ الصفِّ بتَواصُل المَناكِبِ، أو وقَف على عُلْوٍّ عن يَمِينِه والإمامُ في سُفْل، فالاتِّصال بمُوازاةِ رأسِ أحَدِهما رُكْبَةَ الآخَرِ. تنبيه: قال الزَّرْكشِيُّ: هذا فيما إذا تَواصلَتِ الصُّفوفُ للحاجَةِ، كالجُمعَةِ ونحوِها، أمَّا لغيرِ حاجةٍ، بأن وقَف قوْمٌ في طريقٍ وَراءَ المسْجدِ، وبين أيدِيهم، منَ المسْجدِ أو غيرِه، ما يُمْكِنُهم فيه الاقْتِداءُ، لم تصِحَّ صلاتُهم، على المشْهورِ. انتهى. الثَّانية، لو كان بين الإمامِ والمأمومِ نهْرٌ، قال جماعةٌ مِن الأصحابِ: مع القرْب المُصَحِّحِ. وكان النَّهْر تجْرِي فيه السُّفُنُ، أو طرِيقٌ، ولم تتَّصِلْ فيه الصُّفوفُ، إنْ صحَّتِ الصَّلاةُ فيه، لم تصِحَّ الصَّلاة، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعندَ أكثرِ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتَاره أكثرُ. قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ: اخْتار الأصحابُ عدَمَ الصِّحَّةِ. وكذا قال في «النُّكَتِ»، و «الحَواشِي». وقطع به أبو المَعالِي في «النَّهايَةِ» وغيره. وقدَّمه في ¬

(¬1) انظر: المغني 3/ 45.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: أمَّا إن كان بينَهما طرِيقٌ، فيُشْتَرَط لصِحَّةِ الاقْتِداءِ، اتِّصالُ الصُّفوفِ، على المذهب. وعنه، يصِحُّ الاقْتِداءُ به. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ. قال المُجْدُ: هو القياسُ، لكنَّه ترْكٌ للآثارِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابن تَميمٍ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يصِحُّ مع الضَّرُورَةِ. اخْتارَها أبو حَفْصٍ. وعنه، يصِحُّ في النَّفْلِ. ومِثال ذلك، إذا كان في سَفِينةٍ وإمامُه في أُخْرَى مقْرُونَةٍ بها؛ لأنَّ الماءَ طريق، وليستِ الصُّفوفُ مُتَّصِلةً قالَه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ في غيرِ صلاةِ الخَوْفِ كما ذكَره القاضي وغيرُه. وإن كانتِ السَّفينَة غيرَ مَقْرونَةٍ، لم تصِحَّ. نصَّ عليه في روايَةِ: أبِي جَعْفرٍ محمدِ بن يَحْيَى المُتَطيِّبِ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج الصِّحَّةَ مِنَ الطِّريقِ. وألحَقَ الآمِدِيُّ النَّارَ والبِئْرَ بالنَّهْرِ. قالَه أبو المَعالِي في الشَّوْكِ والنَّارِ. وألحَقَ في «المُبْهجِ» النَّارَ والسَّبُعَ بالنَّهْرِ. قال الشَّارِحُ وغيرُه: وإنْ كانتْ صلاةَ جُمُعَةِ، أو عيدٍ، أو جِنازَةٍ، لم يُؤثِر ذلك فيها. وتقدَّم في اجْتِنابِ النَّجاسَةِ، جَوازُ صلاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُمْعَةِ والعيدِ وغيرِهما في الطَّريقِ وغيرِه للضَّرُورةِ. قوله: وإنْ لم يَرَ مَن وراءه، لم تصحَّ. شَمِلَ ما إذا كانا في المسْجدِ، أو كانا خارِجيْن عنه، أو كان المأموم وحدَه خارِجًا عنه، فإنْ كان فيه لكنه لم يَرَه ولم يَرَ مَن وراءه، ويسْمَعُ التَّكبِير، فعُمومُ كلام المُصَنِّفِ هنا يقْتَضِي عدَمَ الصِّحَّةِ. وهو إحْدَى الروَّاياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وظاهر «المُغْنِي»، وصحَّحه في «النَّهايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الحاوِيَيْن»، في غيرِ الجُمُعَةِ. وقال: نصَّ عليه. وقدَّمه في «الهدايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وعنه، تصِحُّ إذا سَمِعَ التَّكْبيرَ. وهي المذهبُ. اخْتاره القاضي. قال ابن عَقِيلٍ: الصَّحيحُ، الصِّحَّةُ. وصحَّحه في «الكافِي». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَين». وجزَم به في «الإفاداتِ». وأطْلقَهمَا في «المُذْهَب»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وعنه، يصِحُّ في النَّفْلِ دُونَ الفَرْض. وعنه، لا يضُرُّ. المِنْبَر مُطْلَقًا. وعنه، لا يضُرُّ للجُمُعَةِ ونحوِها. نصَّ عليه. فمِنَ الأصحابِ من قال: هذا قالَه على رِوايَةِ عدَمِ اعْتِبارِ المُشاهَدَةِ. ومنهم مَن خصَّ الجُمُعَةَ ونحوَها؛ فقال: يجوز فيها ذلك على كِلا الرِّوايتَيْن، نظَرًا للحاجَةِ. ومنهم مَن الحَقَ بذلك، البِناءَ إذا كان لمَصْلَحَةِ المسْجدِ. قال في «النُّكَتِ»، و «الرِّعايَةِ» (¬1): وقيل: إنْ كان المانِعُ لمَصْلَحَةِ المسْجدِ، صحَّ، وإلَّا لم يصِحَّ. انتهى. قلت: قطع في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم بصِحَّةِ صلاةِ الجُمُعَة إذا سَمِعَ التَّكْبيرَ، مع عدَم رُؤيَةِ الإمام ومَن خلْفَه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قلت: وهو كالإجْمَاعِ. وفعْل النَّاسُ ذلك مع عدَمِ الرُّؤيَةِ بالمِنْبَرِ ونحوه مِن غيرِ نَكِيرٍ. وأمَّا إذا لم يَرَه ولا من وَرَاءَه، ولم يسْمَعِ التَّكبيرَ، فإنَّه لا يصِحُّ اقْتِداؤُه قولًا واحدًا، وإنْ كان ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ، لكنْ يُحْمَلُ على سَماع التَّكبيرِ؛ لعدَمِ المُوافِقِ على ذلك. وإنْ كانا خارِجيْن في المَسْجِدِ، أو كان المأموم خارِجَ المسْجدِ والإمامُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المَسْجدِ، ولم يَرَه ولا مَن وَراءَه، ولكنْ سَمِع التَّكْبيرَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا يصِحُّ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرِ مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، يصِحُّ. قال أحمدُ في رجُلٍ

وَلَا يَكُونُ الإِمَامُ أعْلَى مِنَ الْمَأمُومِ، فَإنْ فَعَلَ وَكَانَ كَثِيرًا، فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُه؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصَلِّي خارِج المَسْجدِ يومَ الجُمُعَةِ، وأبوابُ المَسْجدِ مُغْلَقَةٌ: أرْجُو أن لا يكونَ به بأسٌ. قلتُ: وهو عَيْنُ الصَّوابِ في الجُمُعَةِ ونحوِها للضَّرُورَةِ. وعنه، يصِحُّ في النَّفْلِ. وعنه، يصِحُّ في الجُمُعَةِ خاصَّةً. وعنه، وإن كان الحائِلُ حائِطَ المَسْجدِ، لم يمْنَعْ، وإلَّا منَع. وأمَّا إن كان يَراهُ مَن وَراءَه، فقد تقدَّمَ في أوَّلِ المسْألَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو مَنَع الحائلُ. الاسْتِطْراقَ، دُونَ الرُّؤْيَةِ، كالشُّبَّاكِ، لم يُؤثِّرْ. على الصَّحيحِ مِن المذهب كما تقدَّم. وحَكَى في «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً بتأثيرِه. وذكرَه الآمِدِيُّ وَجْهًا. الثَّانية، تكفِي الرُّؤْيَةُ في بعضِ الصَّلاةِ. صرَّح به الأصحابُ. قوله: ولا يكون الإمامُ أعْلَى مِنَ المأمومين. يعْنِي، يُكْرَهُ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأكثر؛ منهم القاضي، والشَّرِيف أبو جَعْفرٍ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُكْرَهُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وعنه، لا يُكْرَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ أَرادَ التَّعليمَ، وإلَّا كرِهَ. اختارَه ابنُ الزَّاغُوانِيِّ. قوله: فإنْ فعل وكان كثيرًا، فهل تصحّ صلاتُه؛ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما «الهِدايَةِ»، و «المَذْهَب»، و «المُستَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»؛ إحْدَاهما، تصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» و «تَذْكِرَة» ابن عَبْدوسٍ و، «الإِفاداتِ»، و «المنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المحَرِّرِ»، وفي «الخلاصَةِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاويَيَن»، و «الفائِق». واخْتارَه القاضي، والشَّرِيف أبو جعْفَرٍ، وأبو الخطَّابِ، والمَجْدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: لم تبْطُلْ في أصَحِّ الوَجْهَيْنْ والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ». قال النَّاظِمُ: وهو بعيدٌ. فوائد؛ إحْداها، لا بأسَ بالعُلُوِّ اليسيرِ، كدَرجَةِ المِنْبَرِ ونحوِها. قالَه المُصَنِّف، والمَجْدُ، وابنُ تَمتمٍ، وغيرُهم. وأطْلق في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما، الكَراهَةَ. الثَّانيةُ، مِقْدارُ الكثير ذِراعٌ، على الصَّحيحِ. قالَه القاضي. واقْتصَر عليه ابنُ تَميمٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقطع المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، أنّ اليَسِيرَ كدَرَجَةِ المِنْبَرِ ونحوِها. كما تقدَّم. وقالَ أبو المَعالِي في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: مِقدارُه قَدْرُ قامَةِ المأمومِ. وقيل: ما زادَ على عُلُوِّ دَرَجَةٍ. وهو كقولِ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ. الثَّالثةُ، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ساوَى الإمامُ بعضَ المأمومِين، صحَّتْ صلاتُه وصلاتهم، على الصّحيح مِنَ المذهبِ. وفي صِحَّةِ صلاةِ النّازلين عنهم، الخِلاف المُتَقَدَّمُ. وللمُصَنِّفِ احْتِمالٌ ببُطْلانِ صلاةِ الجميعِ. الرَّابعة، لا بأسَ بعُلُوِّ المأمُومين على الإمامِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، كسَطْحِ مَسْجدٍ ونحوه. وعنه، اخْتِصاصُ الجَوازِ بالضَّرُورَةِ. وقيل: يُباحُ سع اتِّصالِ الصُّفوفِ. نصَّ عليه.

وَيُكْرَهُ لِلْإمَامِ أنْ يُصَلِّيَ في طَاقِ الْقِبْلَةِ، أوْ يَتَطَوَّعَ في مَوْضِعِ الْمَكْتُوبَةِ، إلَّا مِنْ حَاجَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه في «الرِّعايَةِ». قوله: ويُكْرَهُ للإمامِ أنْ يُصَلِّيَ في طاقِ القِبْلَةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُكْرَهُ، كسُجودِه فيه. وعنه، تُسْتَحَبُ الصَّلاة فيه. تنبيه: محلُّ الخلافِ في الكراهَةِ، إذا لم تكنْ حاجَةٌ، فإن كان ثَمَّ حاجَةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كضِيقِ المَسْجدِ، لم يكرَهْ، رِوايةُ واحدةً. كما صرَّح به المُصَنِّفُ هنا. ومحَلُّ الخِلافِ أَيضًا، إذا كان المِحْراث يَمْنَعُ مُشاهدَةَ الإمامِ، فإن كان لا يمْنَعُه، كالخشَبِ ونحوِه، لم يُكْرَهِ الوقوف فيه. قالَه ابن تَميمٍ، وابن حَمْدانَ. فائدتان؛ إحْداهما، يُباحُ اتِّخاذُ المِحْرابِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، ونصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ. وعنه، ما يدُلُّ على الكراهَةِ. واقْتصَرَ عليه ابنُ البَنَّا. وعنه، يُسْتَحَبُّ. اخْتارَه الآجُرِّيُّ، وابن عَقِيلٍ. وقطَع به ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، وابن تَميمٍ في موْضِعٍ. وقدَّمه في «الآدابِ الكُبْرى» الثَّانيةُ، يقِف الإمامِ عن يَمِينِ المِحْرابِ إذا كانَ المَسجدُ واسِعًا. نَصَّ عليه. قالَه ابن تَميمٍ، وابن حَمْدانَ. قوله: وأن يَتَطَوَّعَ في مَوْضِعِ المكتوبةِ إلَّا مِن حاجةٍ. يعْنِي، يُكْرهُ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَرْكُه أوْلَى، كالمأمومِ.

وَيُكْرَهُ لِلْمَأمُومِينَ الْوُقُوفُ بَيْنَ السَّوَارِي إذَا قَطَعَتْ صُفُوفَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُكْرَهُ للمأمومين الوُقوف بين السَّوارى إذا قطَعَتْ صُفوفَهم. وهذا المذهب، وعليه الأصحابُ، وهو مِن المفْرَدات. وعنه، لا يُكْرَهُ لهم ذلك، كالإمامِ، وكالمِنْبَرِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم تكن حاجَةٌ، فإنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ، لم يُكْرَهِ الوْقوف بينَهما. فائدة: قوله: إذا قطَعتْ صُفوفَهم. أطْلقَ ذلك كغيرِه، وكأنَّه يرْجعُ إلى العُرْفِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْجه»: شرَط بعضُ أصحابِنا؛ أن يكونَ عرْضُ السَّارِية ثلاثة أذْرُعٍ؛ لأنَّ ذلك هو الَّذي يقْطَعُ الصفَّ. ونقَله أبو المَعالِي أَيضًا. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أكثرُ مِن ثَلاثَةٍ أو العُرْفُ، ومثلُ نظائرِه.

وَيُكْرَهُ لِلْإمَامِ إطَالَةُ الْقُعُودِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفهومُ قوله: ويُكْرَهُ للإمامِ إطالة القعود بعد الصَّلاةِ، مُسْتَقْبِلَ القِبْلة. أنَّ القعودَ اليسيرَ لا يُكْرَهُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وعنه، يُكْرَهُ.

فَإنْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ، لَبِثَ قَلِيلًا لِيَنْصَرِفَ النِّسَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإذَا صَلَّتِ الْمَرْأَة بِالنِّسَاءِ، قَامَتْ وَسَطَهُنَّ في الصَّفِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا صلَّتِ امْرأةٌ نِساءٍ، قامَتْ وَسطَهُنَّ. هذا ممَّا لا نِزاعَ فيه، لكنْ لو صلَّتْ أمامَهُنَّ وهُنَّ خلفَها، فالصَّحيحُ منَ المذهب، أنّ الصلاةَ تْصِحُّ. قال في «الفروعِ»: والأشْهَر يصِحُّ تقْدِيمُها. قال الزَّرْكَشيُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتيْن. وقيل: يتعَيَّنُ كونُها وسطًا، فإن خالفَتْ، بطَلَت الصلاة. وأطْلَقَها ابن تَميمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم مُوجِبُه لصاحبِ «الفُروع»، عندَ قولِه: وإنْ أمَّ امرأةً. فائدة: لو أمَّتِ امرأةً واحدةً، أو أكثرَ، لم يصِحَّ وُقوفُ واحدةٍ مِنْهنَّ خلفها مُنْفَردَةً. على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. قطَع به القاضي في «التَّعْليقِ». واقْتصرَ عليه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه في «الفُروعِ». وصحَّح المُصَنِّفُ في «الكافِي»، الصِّحَّةَ. قلت: فُيعايَى بها. وأطْلَقَهما ابن تميمٍ.

فَصْلٌ: وَيُعْذَرُ في تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، الْمَرِيضُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُعْذرُ في تركِ الجُمُعَةِ والجَماعَةِ، المَريضُ. بلا نِزاعٍ، ويُعْذَرُ أَيضًا في ترْكِهما لخَوْفِ حُدوثِ المرَضِ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا لم يتَضَرَّرْ بإتْيانِها راكِبًا، أو محْمولًا، أو تبرَّع أحدٌ به، أو بأن يقودَ أعْمَى، لَزِمَتْه الجُمْعَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. وقيل: لا تلْزَمُه، كالجماعَةِ. وأطْلقَهما ابن تميمٍ. ونقَل المَرُّوذِيُّ في الجُمُعَة، يَكْترِي ويرْكَبُ. وحمَله القاضي على ضَعْفٍ عَقِبَ المَرَضِ. فأمَّا مع المرَضِ، فلا

وَمَنْ يُدَافِعُ أَحدَ الأخْبَثَيْنِ، أو بِحَضْرَةِ طَعَام هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ يلزَمُه، لبَقاءِ العُذرِ. ونقَل أبو داودَ في مَن يحْضُرُ الجُمُعةَ، فيَعْجِزُ عنِ الجماعةِ يوْميْن مِنَ التَّعَبِ، قال: لا أدْرِي. الثَّانيةُ، تجِبُ الجماعة على مَن هو في المَسْجدِ، مع المَرَضِ والمطَرِ. قالَه ابن تَميمٍ. قوله: أو بحَضْرَةِ طَعام هو مُحْتاجٌ إليه. بلا نِزاع. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له أنْ يأكلَ حتَّى يشْبَعَ. نصَّ عليه، وقدَّمه في «الفُروع»، و «الحَواشِي»، و «الرِّعَايَةِ الكبْرى». وعنه، يأكُلُ ما يُسْكِنُ نفْسَه فقط. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ. وجزم به جماعةٌ في الجُمعَةِ؛ منهم ابنُ تميمٍ. قال في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: ويأكُلُ. تِبعَه في إحْدَى «الرِّوايتَيْن» في الجماعة لا الجُمُعَةِ. والرواية الثَّانية، بقدْرِ ما يُسْكِن نفْسَه ويسُدُّ رَمقَه، كأكْلِ خائفٍ فواتَ الجُمُعَةِ. قلت: هذا إذا رجا إدْراكَها. النهي. والذى يظْهَرُ، أن هذا مُرادُ

وَالْخَائِفُ مِنْ ضيَاعِ مَالِهِ، أوْ فَوَاتِهِ، أوْ ضَرَرٍ فِيهِ، أوْ مَوْتِ قَرِيبهِ، أوْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرٍ، أوْ سُلْطَانٍ، أَوْ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، والإمام أحمدَ، وإلاَّ فما كان في الخِلافِ فائدةٌ. قال ابنُ حامِدٍ: إن بدَأ بالطَّعام، ثم أقيمَتِ الصَّلاة، ابْتدَر إلى الصَّلاةِ. قال في «الفروعِ»: ولعلَّ مُرادَه مع عَدَم الحاجَةِ. قوله: والخَائِفُ مِن ضَياعِ مالِه. كشُرودِ دابَّتِه، وإباقِ عَبْدِه، ونحوِه، أو يَخافُ عليه مِن لصٌّ أو سُلْطانٍ، أو نحوِه. قوله: أو فَواتِه. كالضَّائِع، فدُلَّ عليه في مَكانٍ، أو قُدِمَ به مِن سفَرٍ. لكنْ قال المَجْدُ: الأفضَلُ تَرْكُ ما يرْجُو وُجودَه، ويصلِّي الجُمُعَةَ مع الجماعةِ. قول: أو ضَرَر فيه. كاحْتِراقِ خُبْزِه أو طَبيخِه، أو أطْلقَ الماءَ على زرْعِه، ويخافُ إن ترَكه فسَد، ونحوِه. قال المَجْدُ: والأْفضَل فِعْلُ ذلك، وترك الجُمُعَةِ والجماعَةِ. وهذا المذهبُ في ذلك كلَّه، ولو تعَمَّد سبَبَ ضررِ المالِ. وقال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل: يُعْذَرُ في ترْكِ الجُمُعَة إذا تَعَمَّدَ السَّببَ. قال: كسائرِ الجيَلِ لإسْقاطِ العِباداتِ. قال في «الفروعِ»: كذا أطلقَ، واسْتدَلَّ. وعنه، إنْ خافَ ظُلْمًا في مالِه، فلْيَجْعَلْه وِقايةً لدينهِ. ذكَره الخَلاَّلُ. فائدة: وممَّا يُعْذرُ به في ترْكِ الجُمُعَةِ والجماعةِ؛ خوفُ الضَّررِ في مَعِيشَةٍ يحتاجُها، أو مالٍ اسْتُؤْجرَ على حِفْظِه، وكنِظارَة بُسْتانٍ ونحوِه، أو تطْويلِ الإمامِ. قوله: أو مَوتِ قَريبِه. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه. قال في «مَجْمَع البحْرَيْن»: إذا لم يكنْ عندَه مَن يسُدُّ مَسَدَّه في أُمورِه.

أوْ مِنْ فَوَاتِ رُفْقَتِهِ، أوْ غَلَبَةِ النُّعَاسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ويُعْذَرُ أَيضًا في ترْكِها لتَمْريض قرِيبِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ فيه، وليس له يخْدِمُه، وأنَّه لا يتْركُ الجُمُعَةَ. وقال في «النَّصِيحَةِ»: وليس له من يخْدِمُه، أنْ يتضرَّرَ. ولم يجدْ بُدًّا مِن حُضورِه. ومثْلُه مَوتُ رَقيقه أو تمْرِيضُه. تنبيه: قوله: أو مِن فَواتِ رُفْقَتِه. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ. وقيَّدَه بعضُهم

أوِ الْأَذَى بِالْمَطَرِ، وَالْوَحْل، وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ في اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْبَارِدَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن يكونَ في سفرٍ مُباحٍ إنْشاءً واستِدامَةً؛ منهم ابن تَميمٍ، وابن حَمْدانَ. قوله: أو غَلَبَةِ النُّعاس. هذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم، وعدَّ في «الكافي»، الأعْذارَ ثَمانَيَةً، ولم يذْكرْ فيها غَلَبَةَ النُّعاسِ. تنبيه: يُشْتَرط في غَلَبَةِ النُّعاسِ، أن يخافَ فوْتَ الصَّلاةِ في الوقْتِ. وكذا مع الإمام مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه في «الفُروعَ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرى». وقيل: ذلك. عُذرٌ في ترْكِ الجماعةِ والجُمُعَةِ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. وجزم به في «مَجْمَع البَحْريْن». وقيل: ليس ذلك عُذْرٌ فيهما. ذكَره في «الفروع». وقطَع ابنُ الجَوْزِيِّ، في «المُذْهَب»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، أنَّه يُعْذَرُ فيهما بخوْفِه بُطْلانَ وُضوئِه بانْتِظارهما. فائدة: قال المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَع البَحْريْن»، وغيرُهما: الصَّبرُ والتَّجلُّدُ على دفْع النُّعاس، ويصلِّي معهم أفْضَلُ. قوله: والأذى بالمَطَرِ والوَحلِ. وكذا الثلْجُ، والجَليدُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ذلك عُذرٌ في السَّفَرِ فقط. قوله: والرِّيحِ الشَّديدَةِ في اللَّيلَةِ المُظْلِمَةِ البارِدَةِ. اشْتَرَطَ المُصَنِّفُ في الرِّيحِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن تكونَ شديدةً بارِدةً. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به ابن تَميمٍ، وابن حَمْدان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «رِعايَتَيْه»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُذهَبِ». الوَجْهُ الثَّانِي، يكْفِي كونُها بارِدةً فقط. وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الفروع». وجزَم به في «الفائقِ». واشْترطَ المُصَنِّفُ أَيضًا؛ أنْ تكونَ اللَّيْلة مُظْلِمةً. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. ولم يذْكرْ بعض الأصحابِ، مُظْلِمةً. إذا علِمْتَ ذلك، فالصحيح مِنَ المذهب، أنَّ هذه أعْذارٌ صحيحةٌ في تركِ الجُمُعَةِ والجماعةِ مُطْلَقًا، خَلا الرِّيحَ الشَّدِيدَةَ في اللَّيْلةِ المُظْلِمَةِ الباردَةِ. وعنه، في السَّفَرِ لا في الحضَرِ. وقال في «الفصولِ»: يُعْذَرُ في الجُمُعَة بمطر وخَوْفٍ وبَردٍ وفِتْنَةٍ. قال في «الفروعِ»: كذا قال. فوائد؛ إحْداها، نقَل أبو طالِبٍ، مَن قدَر أنْ يذهبَ في المطَرِ، فهو أفْضَلُ. وذكَرَه أبو المَعالِي، ثم قال: لو قلْنا: يسْعَى مع هذه الأعْذار. لأذْهَبَتِ الخُشوعُ، وجلبَت السَّهْو، فتَرْكه أفضَلُ. قال في «الفروعِ»: ظاهِرُ كلامِ أبي المَعالِي؛ أنَّ كلَّ ما أذْهَبَ الخُشوعَ، كالحَرِّ المُزْعِجِ، عُذْرٌ. ولهذا جعَله أصحابُنا كالبَرْدِ المُؤْلمِ في مَنْعِ الحُكْمِ، وإلاَّ فلا. الثَّانيةُ، قال ابنُ عقيلٍ في «المُفْرَدات»: تسْقُطُ الجُمُعَة بأيْسَرِ عُذْرٍ، كمَن له عَروسٌ تجَلَّى عليه. قال في «الفروع»، في آخِرِ الجُمُعَةِ: كذا قال. الثَّالثةُ، قال أبو المَعالِي: الزَّلْزَلَةُ عُذْرٌ، لأنَّها نوْعُ خوفٍ. الرَّابعة، مِن الأعْذارِ؛ مَن يكون عليه قَوَدٌ إِنْ رجَا العَفْوَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: ليس بعُذرٍ، إذا رَجاه على مالٍ فقط. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. قال في «الفُروعِ»: ولم يذْكرْ هذه المسْألةَ جماعَةٌ. وأمَّا مَن عليه حَدُّ اللهِ، أو حَدُّ قَذْفٍ، فلا يعْذَرُ به، قولًا واحدًا. قالَه في «الفروع». ويتَوجَّهُ في حَدِّ القَذْفِ، أنَّه عذْرٌ إنْ رجَا العَفْوَ. الخامسةُ، ذكر بعضُ الأصحابِ، أنَّ فِعْلَ جميع الرُّخَص أفضَلُ مِن ترْكِها، غَيْرَ الجَمْع. وتقدَّم أنَّ المَجْدَ، وغيرَه، قال: التَّجَلُّدُ على دفْع النُّعاسِ ويصلِّي معهم أفْضَلُ، وأنَّ الأفضَلَ ترْكُ ما يرْجُوه، لا ما يخاف تلَفَه. وتقدَّم كلامُ أبِي المَعَالِيِ قرِيبًا، ونقل أبي طالِبٍ. السَّادسةُ، لا يُعْذَرُ بمُنْكرٍ في طريقِه. نصَّ عليه، لأنَّ المقْصودَ لنَفْسِه لا قَضاءَ حَقٌّ لغيرِه. وقال في «الفُصولِ»: كما لا يُتْرك الصلاة على الجِنازَة لأجْلِ ما يتْبَعُها من نَوْحٍ وتعْدادٍ، في أصَحِّ «الرِّوايتَيْن». وكذا هنا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. السَّابعةُ، لا يُعْذَرُ أَيضًا بجهْل الطَّريقِ إذا وجَد مَن يهْدِيه. الثَّامنة، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعْذَرُ أَيضًا بالعَمَى إذا وجَد مَن يقودُه. وقال في «الفنونِ»: الإسْقاط به هو مُقْتَضى النصِّ. وقال في «الفُصولِ»: المَرَضُ والعَمَى مع عدَمِ القائدِ لا يكونُ عُذْرًا في حقِّ المُجاوِرِ في الجامِعِ، وللمُجاوِر للجامِعِ؛ لعدَمِ المَشَقَّةِ. وتقدَّم هل يلْزمُه إذا تبَرَّعَ له مَن يقودُه، أوَّلَ الفَصْلِ. قال القاضي في «الخِلافِ»، وغيرِه: ويلْزَمُه إنْ وجَد ما يقومُ مقامَ القائدٍ، كمَدِّ الحَبْلِ إلى مَوْضع الصَّلاةِ. التَّاسعةُ، يُكْرَهُ حُضورُ المَسْجدِ لمَن أكلَ بصَلًا أو ثوْمًا أو فجْلًا أو نحوَه، حتَّى يذهبُ رِيحُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعنه، يحْرمُ. وقيل: فيه وَجْهان. قال في «الفروعِ»: وظاهرُه ولو خلا المَسْجدُ مِن آدمِيٍّ؛ لتأذِّى الملائكَةِ. قال: والمُرادُ حُضورُ الجماعة، ولو لم تكنْ بمَسْجدٍ، ولو في غيرِ صلاةٍ. قال: ولعَلَّه مُرادُ قولِه في «الرِّعايَةِ»، وهو ظاهرُ «الفصولِ»: وتكْرَهُ صلاةُ من أكلَ ذا رائحةٍ كريهَةٍ مع بَقائها. أَرادَ دُخولَ المَسْجدِ أو لا. [وقال في «المُغْنِي» (¬1)، في الأطْعِمَة: يُكْرهُ أكْلُ كلِّ ذِي رائحةٍ كريهَةٍ؛ لأجْلِ رائحَتِه، أَرادَ دُخولَ المَسْجدِ أو لا] (¬2). واحْتَجَّ بخبَرِ المُغِيرَةِ، أنَّه لا يَحْرمُ؛ لأنَّه عليه أفْضَل الصَّلاة والسَّلامِ، لم يُخْرِجْه مِنَ المَسْجدِ. وقال: «إنَّ لَكَ عُذْرًا» (¬3). قال في «الفُروعِ»: وظاهرُه، أنَّه لا يخْرجُ. وأطْلقَ غيرُ واحدٍ، أنَّه يخْرج منه مُطْلَقًا. قال في «الفُروعِ»: لكنْ إنْ حَرُمَ دُخولُه، وجَب إخْراجُه، وإلا اسْتُحِبَّ. قال: ويتَوَجَّهُ مثْلُه مَن به رائِحةٌ كرِيهَةٌ. ولهذا سألَه جَعْفَرُ بن محمدٍ (¬4)، عنِ النَّفْطِ، ¬

(¬1) 13/ 351، 352. (¬2) سقط من ط، ا. (¬3) أخرجه أبو داود، في: باب في أكل الثوم، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 324، 325. (¬4) جعفر بن مُحَمَّد بن أبى عثمان الطَّيالِسيّ البغدادي، أبو الفضل. الإمام الحافظ المجود، أحد الأعلام. توفى سنة اثنتين وثمانين ومائتين. تاريخ بغداد 7/ 188، 186، طبقات الحنابلة 1/ 123، 124.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيُسْرَجُ به؟ قال: لم أسْمَعْ فيه شيئًا، ولكنْ يُتَأذَّى برائحَتِه. ذكَرَه ابن البَنَّا، في أحْكامِ المَساجِد.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب صلاة أهل الأعذار

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ وَيُصَلِّى الْمَرِيضُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صلاةِ أهْل الأعْذارِ قوله: ويُصَلِّى المَريضُ كما قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ: «صلِّ قائمًا». وهذا بلا نِزاعٍ، مع القُدْرَةِ عليه. وكذا يلْزَمُه لو أَمْكَنَه القِيامُ مُعْتَمِدًا على شئٍ، أو مُسْتَنِدًا على حائطٍ، أو غيرِه؛ وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، لا يلْزَمُه اكْتِراءُ مَن يُقِيمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَعْتَمِدُ عليه. فائدة: لو قدَر على قِيام فى صُورةِ راكِعٍ؛ لحَدَبٍ، أو كِبَرٍ، أو مَرضٍ ونحوِه، لَزِمَه ذلك بقَدْرٍ ما أمْكَنَه. ويأْتِى كلامُ ابنِ عَقِيلٍ فى الأحْدَبِ. قوله: فإنْ لم يَسْتَطِعْ، فقاعِدًا. بلا نِزاعٍ. وكذا إنْ كان يَلْحَقُه بالقِيامِ ضرَرٌ، أو زِيادَةُ مرَضٍ، أو تَأخُّرُ بُرْءٍ ونحوُه، فإنَّه يصَلِّى قاعِدًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يصَلِّى قاعِدًا إلَّا إذا عجَز عنِ القِيامِ، لَدَينا (¬1). وأسْقطَ القاضى ¬

(¬1) فى ا: «رويناه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِيامَ بضَرَرٍ مُتَوَهَّم، وأنَّه لو تحَمَّل الصِّيامَ والقِيامَ حتى زادَ مرَضُه، أَثِمَ. ونقَل عبدُ اللَّهِ، إذا كان قِيامُه يُوهِنُه ويُضْعِفُه، أحَبُّ إلىَّ أنْ يصلِّيَ قاعِدًا. وقال أبو المَعالِى: يصَلِّى شيْخٌ كبيرٌ قاعِدًا إنْ أمْكَنَ معه الصَّوْمُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو كان فى سَفينَةٍ، أو بيْتٍ قصيرٍ سقْفُه، وتعَذَّرَ القِيامُ والخُروجُ، أو خافَ عدُوًّا إنِ انْتَصَبَ قائِمًا، صلَّى جالِسًا. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: يصَلِّى قائِمًا ما أمْكَنَه؛ لأنَّه إنْ جلَس انْحَنَى، ثم إذا ركَع، فقيل: يُسْتَحَبُّ أنْ يزيدَ قليلًا. وقيل: يزيدُ، فإنْ عجَز حنَى رقَبَتَه. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه، يجِبُ. وجزَم بالثَّانِى ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا: يصَلِّى قاعِدًا. فإنَّه يتَربَّعُ اسْتِحْبابًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجبُ التَّربُّعُ. وعنه، إنْ أطالَ القِراءةَ ترَبَّعَ، وإلَّا افْتَرَشَ. وحيثُ ترَبَّعَ فإنَّه يَثْنِى رِجْلَيْه، كالمُتَنَفِّلِ قاعِدًا على ما مَرَّ، لكنْ إن قدَر أن يرْتَفِعَ إلى حَدِّ الرُّكوعِ، لَزِمَه ذلك، وإلَّا ركَع قاعِدًا. قالَه أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»، وصاحِبٌ «الرِّعايَةِ». وقال ابنُ تَميمٍ: ويَثْنِى رِجْلَيْه فى سُجودِه. وفى الرُّكوعِ رِوايَتان. وتقدَّم الصحيحُ مِنَ المذهبِ، هل يَثْنِى رِجْلَيْه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رُكوعِه كسُجودِه أم لا؟ فى بابِ صلاةِ التَّطوُّعَ (¬1). تنبيه: ظاهِرُ قولِه: فإنْ لم يَسْتَطِعْ، فعلى جَنْبٍ. أنَّه لو لم يشُقَّ القُعودُ عليه، أنَّه لا يصَلِّى على جَنْبٍ، بل يصَلِّى قاعدًا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. والصَّحيحُ منَ المذهبِ؛ أنَّه يصَلِّى على جَنْبِه، إذا شَقَّ عليه الصَّلاةُ قاعِدًا، لو بتعَدِّيه بضَرْبِ ساقِه ¬

(¬1) انظر: الجزء الرابع صفحة 200، 201.

فَإِنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِهِ، وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، صَحَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. فائدة: حيثُ جازَ له الصَّلاةُ على جَنْبه، فالأفْضلُ أنْ يكونَ على جَنْبِه الأيمَنِ، وليس بواجبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يلزَمُه الصَّلاةُ على جَنْبِه الأيمَنِ. قوله: فإنْ صلَّى على ظَهْرِه، ورِجْلاه إلى القِبْلَةِ، صحَّتْ صَلاُته، فى أحدِ

صَلَاتُهُ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»؛ إحْدَاهما، تصِحُّ صلاُته. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وصحَّحه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، ونصرَه. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الأشْهَرُ.

وَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَيَجْعَلُ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانِى، لا يصِحُّ. ونصَره المُصَنِّفُ ومالَ إليه. فال فى «الشَّرْحِ»: عدَمُ الصِّحَّةِ أظهَرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»؛ لأنَّهم ما أباحُوا الصَّلاةَ على الظَّهْرِ إلَّا مع العَجْزِ عنِ الصَّلاةِ على جَنْبِه. وعنه، يُخَيَّرُ. نقَل الأَثْرَمُ وغيرُه، يصَلِّى كيفَ شاءَ، كِلاهُما جائزٌ. ونقَل صالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، يصَلِّى على ما قدَر وتيسَّر له. انتهى. فعلى المذهبِ، يُكْرَهُ فِعْلُ ذلك. قطَع به فى «الفُروع»، و «الرِّعايَةِ». وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما: يكون تارِكًا للمُسْتَحَبِّ. قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: يكود تارِكًا للأوْلَى. تنييه: محَلُّ الخِلافِ؛ إذا كان قادِرًا على الصَّلاةِ على جَنْبِه وصلَّى على ظَهْرِه، أمَّا إذا لم يقْدِرْ على الصَّلاةِ على جَنْبهِ، فإنَّ صلَاتَه صحيحة على ظَهْرِه، بلا نِزاعٍ. فائدة: قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: فعلَى القولِ بالصِّحَّةِ؛ صلاتُه على جَنْبِه الأيْسَرِ أفْضَلُ مِنِ اسْتِلْقائِه فى أصَحِّ الوَجْهَيْن. وعكْسُه ظاهِرُ كلامِ القاضى، وأبِى الخَطَّابِ. قوله: ويُومئُ بالركُوعِ والسُّجُودِ. يعْنِى، مهْما أمْكنَه. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وقال أبو المَعالِى: أقلُّ رُكوعِه مُقابلَةُ وَجْهِه ما وراءَ رُكْبَتِه مِنَ الأرْضى أدْنَى مُقابَلَةٍ، وتَتِمَّتُها الكَمالُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو سجَد قدْرَ ما أمْكنَه على شيءٍ رفَعه، كُرِهَ، وأجْزأَه. نصَّ عليهما. وعنه، يُخَيَّرُ. وذكَر ابنُ عَقِيل رِوايةً، لا يُجْزِئُه، كيَدِه. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا بأْسَ بسُجودِه على وِسادَةٍ ونحوِها. وعنه، هو أوْلَى مِنَ الإيماءِ.

فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَوْمَأَ بِطرفِهِ، وَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عجَز عنه، أوْمأَ بطَرْفِه. هذا المذهبُ بلا رَيْب. ويكونُ ناوِيًا مُسْتَحْضِرًا للفِعْلِ والقوْلِ، إنْ عجَز عنه بقَلْبِه. وقال فى «التبصِرَةِ»: صلَّى بقَلْبِه أو طَرْفِه. وقال القاضى فى «الخِلافِ»، وتَبِعَه فى «المُسْتَوْعِبِ»: أوْمأَ بعَيْنَيْه وحاجِبَيْه، أو قَلْبِه. وقاسَ على الإِيماءِ برَأسِه. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا يلْزَمُه الإِيماءُ بطَرْفِه. وهو مُتَّجَهٌ؛ لعدَمِ ثُبوتِه. انتهى. قال فى «النُّكَتِ»، عن كلامِ القاضى، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»: ظاهِرُه، الاكْتِفاءُ بعَمَلِ القَلْبِ، ولا يجِبُ الإِيماءُ بالطَّرْفِ، وليس ببَعيدٍ. ولعَلَّ مُرادَه، أو بقَلْبِه، إنْ عجَز عنِ الإِيماءِ بطَرْفِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لو عجَز المرِيضُ عنِ الإِيماءِ برَأْسِه، سقَطتْ عنه الصَّلاةُ، ولا يلْزَمُه الإِيماءُ بطَرْفِه. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ.

وَإنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أوِ الْقُعُودِ فِى أَثْنَائِهَا، انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَأتَمَّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: الأحْدَبُ يُجَدِّدُ للرُّكوعِ نِيَّةً؛ لكَوْنِه لا يقْدِرُ عليه، كمَرِيضٍ لا يطِيقُ الحَرَكَةَ يُجَدِّدُ لكلِّ فِعْلٍ ورُكْنٍ قصْدًا، كـ «فُلْكٍ» فإنَّه يصْلُحُ فى العَرَبِيَّةِ للواحِدِ والجَمْعِ بالنِّيَّةِ. قوله: ولا تَسْقُطُ الصَّلاةُ. يعْنِى، بحالٍ مِنَ الأحْوالِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الكافِى»؛ قال هنا، وزادَ، ما دامَ عَقْلُه ثابِتًا. قال فى «النُّكَتِ»: فيَحْتَمِلُ أنَّه إذا عجَز عنِ الإِيماءِ بطَرْفِه، سَقطَتِ الصَّلاةُ، ويكونُ قوله: ولا تسْقُطُ الصَّلاةُ ما دامَ عقْلُه ثابِتًا. على الوَجْهِ المذْكُورِ، وهو قُدْرتُه على الإِيماءِ بطَرْفِه. ويدُلُّ عليه؛ أنَّ الظَّاهِرَ، أنَّه يَنْوِى بقَلْبه الإِيماءِ بطَرْفِه. انتهى. وعنه، تسْقُطُ الصَّلاةُ والحالَةُ هذه. اخْتارَها الشَّيْخُ تَقيُّ الدِّينِ. وضعَّفَها الخَلَّالُ. قوله: فإنْ قدَر على القيامِ أوِ القُعُودِ فى أثنائِها، انْتقَل إليه وأتَمَّها. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ إنْ كان لم يقْرَأْ، قامَ فقرأَ، وإنْ كان قد قرَأ، قامَ وركَع بلا قِراءةٍ، ويَبْنِى على إيمائِه، ويَبْنِى عاجِزٌ فيهما. ولو طرَأ عجْزٌ فأتَمَّ الفاتحةَ فى انْحِطاطِه، أجْزأ، إلَّا مَن بَرِئَ فأتمَّها فى ارْتفاعِه، فإنَّه لا يُجْزِئُه. قطَع به أكثرُ الأصحابِ.

وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ والْقُعُودِ، وَعَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا، وَبِالسُّجُودِ قَاعِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن عدَمِ الإِجْزاءِ بالتَّحْريمَةِ مُنْحطًّا، لا تُجْزِئُه. وقال المَجْدُ: لا تُجْزِئُه التَّحْريمةُ. فوائد؛ إحْداها، لو قدَر على الصَّلاةِ قائمًا مُنْفرِدًا وجالِسًا فى الجماعةِ، خُير بينَهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مَجْمعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرهم. قال فى «النُّكَتِ»: قدَّمه غيرُ واحدٍ. وقيل: صلاتُه فى الجماعةِ أوْلَى. وقيل: تلْزَمُه الصَّلاةُ قائمًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ القِيامَ ركْنٌ لا تصحُّ الصَّلاةُ إلَّا به مع القُدْرَةِ عليه، وهذا قادِرٌ،

وَإذَا قَالَ ثِقَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالطِّبِّ لِلْمَرِيضِ: إنْ صَلَّيْتَ مُسْتَلْقِيًا أمْكَنَ مُدَاوَاتُكَ. فَلَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والجماعةُ واجِبَةٌ تصحُّ الصلاةُ بدُونِها، وقُعودُهم خلفَ إمِام الحَىِّ لَدَلِيلٌ خاصٌّ. ثم وجَدْتُ أبا المَعالِى قدَّم هذا. وتقدَّم لو كان به رِيحٌ ونحوُه، ويقْدِرُ على حبْسِه حالَ القِيامِ، ولا يقْدِرُ على حبْسِه حالَ الرُّكوعِ والسُّجودِ فهل يرْكعُ ويسْجُدُ، أو يُومِئُ؟ فى بابِ الحَيْضِ، عندَ قوله: وكذلك مَن به سَلَسُ البَوْلِ. الثَّانيةُ، لو قال: إنْ أفْطَرتُ فى رَمضانَ، قدَرْتُ على الصَّلاةِ قائمًا، وإن صُمْتُ، صلَّيْتُ قاعِدًا. أو قال: إنْ صلَّيْتُ قائمًا لَحِقَنِى سَلَسُ البَوْلِ، أوِ امْتَنَعتْ علَىَّ القِراءةُ، وإنْ صلَّيْتُ قاعِدًا، امْتَنَعَ السَّلَسُ. فقال أبو المَعالِى: يصَلِّي قاعِدًا فيهما؛ لِما فيه مِنَ الجَمْع بينَهما فى الأُولَى، ولسُقوطِ القِيامِ فى النَّفْلِ. ولا صِحَّةَ مع ترْكِ القِراءةِ والحدَثِ. وقال فى «النُّكَتِ»: ومُقْتَضى إطْلاقِ كلامِ المَجْدِ؛ أنَّه يصَلِّى قائمًا. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّالثةُ، لو عجَز المَريضُ عن وضْع جَبْهَتِه على الأرْضِ، وقدَر على وضْعِ بقِيَّةِ أعْضاءِ السُّجودِ، لم يلزَمْه وضْعُ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه إنَّما وجَب تبَعًا. وقيل: يلزَمُه. قالَه فى «القاعِدَةِ الثَّامنةِ». تنبيه: ظاهِرُ قوله: وإذا قال ثِقاتٌ مِنَ العُلَماء بالطِّبِّ للمريضِ: إن صَلَّيتَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتلقيًا، أمْكنَ مُداواتُك. فلَه ذلك. إلَّا أنَّه لا يُقْبَلُ إلَّا قولُ ثلَاثَةٍ فصاعِدًا. قال فى «الفائقِ»: له الصَّلاةُ كذلك إذا قال أهْلُ الخِبْرَةِ: إنَّه ينْفَعُه. قال فى «المُحَرَّرِ»: ويجوزُ لمَن به رمَدٌ أنْ يصلِّىَ مُستَلْقِيًا إذا قال ثِقاتُ الطِّبِّ: إنَّه ينْفعُه. وكذا قال ابنُ تَميمٍ وغيرُه. قال ابنُ مُفْلحٍ، فى «حَواشِيه»: ظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ وجماعةٍ؛ أنَّه لا يُقْبَلُ إلَّا قوْلُ ثلاثةٍ. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وليس بمُرادٍ. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّ مُرادَ المُصَنِّفِ، الجِنْسُ مع الصِّفَةِ،

وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِى السَّفِينَةِ قَاعِدًا لِقَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس مُرادُه العدَدَ، إذ لم يقُلْ باشْتِراطِ الجمْع فى ذلك أَحَدٌ مِنَ الأصحابِ فيما وَقَفتُ عليه مِن كلامِهم. وأيضًا فإنَّ ظاهِرَ كلامِ المُصَنِّفِ مُتَّفَق عليه، وإنَّما مفْهومُه عدَمُ القَبُولِ فى غيرِ الجمْع. وليس بمُرادٍ. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، جوازُ فِعْلِ ذلك، بقولِ مسْلمٍ ثِقَةٍ، إذا كانِ طبيبًا حاذِقًا فَطِنًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقيل: يُشْترَطُ اثنان. وتقدَّم ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ وغيرِه. فوائد؛ إحْداها، حيثُ قبِلْنا قولَ الطَّيبِ، فإنَّه يَكْفِى فيه غَلَبَةُ الظَّنِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُشْترطُ لقَبُولِ خبَرِه أن يكونَ عن يقينٍ. قلتُ: وهو بعيدٌ جِدًّا. الثَّانيةُ، قوله: ولا تجوزُ الصَّلاةُ فى السَّفينَةِ قاعدًا، لقادِرٍ على

وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشْيَةَ التَّأَذِّى بِالْوَحْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِيامِ. بلا نِزاعٍ، ولو كانتْ سائِرَةً. ويجوزُ إقامَةُ الجماعةِ فيها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تُقامُ إنْ صلَّوا جُلُوسًا. نصَّ عليه. حَكاه ابنُ أبى مُوسى. الثَّالثةُ، لو كان فى السَّفينَةِ، ولا يقْدِرُ على الخُروجِ منها، صلَّى على حسَبِ حالِه فيها، وأتَى بما يقْدِرُ عليه مِنَ القِيامِ وغيرِه، على ما تقدَّم. وكلَّما دارَتِ انْحرَفَ إلى القِبْلَةِ فى الفرْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا تجِبُ كالنَّفْلِ، على الأصَحِّ فيه. قلتُ: فيُعايَى بها على هذا القولِ، وعلى القولِ الثَّانِى فى النَّافِلَةِ. وتقدَّم هذا فى بابِ اسْتِقْبالِ القِبْلةِ (¬1). تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ صِحَّةُ الصَّلاةِ فى السَّفينَةِ، مع القُدْرَةِ على الخُروجِ منها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تصِحُّ. قوله: «وتجُوزُ صَلاةُ الفَرْض على الراحِلَةِ خَشْيَةَ التأذى بالوَحْلِ. وكذا ¬

(¬1) انظر: الجزء الثالث صفحة 321.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمطَرِ، وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطعَ به كثيرٌ منهم. وعنه، لا تصِحُّ. واخْتارَه فى «الإرْشادِ».

وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يجُوزُ ذلك للمَريضِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَة»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الإرْشادِ»؛ إحْداهما، لا يجوزُ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. نقَلَه الأكثرُ. واخْتارَه أيضًا أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، إذا لم يتَضَرَّر. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الحَواشِى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، يحوزُ إذا لم يسْتَطِع النُّزولَ. نصَّ عليها فى رِوايَةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ. قال فى «الفُروعِ»: ولم يصرِّحْ بخِلافِه. وجزَم به فى «الفُصولِ» وغيرِه. وقيل: إنْ زادَ تَضَرُّرُه، جازَ، وإلَّا فلا. وجزَم به فى «الشَّرحِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال المَجْدُ: والصَّحيحُ عندِى، أنَّه متى تضَرَّرَ بالنُّزولِ، أو لم يكُنْ له مَن يُساعِدُه على نُزولِه ورُكوبِه، صلَّى عليها، وإنْ لم يتَضرَّرْ به، كان كالصَّحيحِ. انتهى. وقال فى «المُذْهَبِ»: إن كانتْ صلاتُه عليها كصلاِتِه على الأرْضِ، لم يَلْزَمْه النُّزولُ، فإن كان إذا نزَل أمْكَنَه أن يأْتِىَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأرْكانِ أو بعضِها، أو لم يكنْ ذلك مُمْكِنًا على الرَّاحِلَةِ، لَزِمَه النُّزولُ إذا كان لا يشُقُّ عليه مشَقَّةً شديدةً، فإن كانتِ المشَقَّةُ مُتَوَسِّطةً، فعلى رِوايتَيْن. وتقدَّم فى بابِ اسْتقْبالِ القِبْلةِ، صِفَةُ الصَّلاةِ على الرَّاحِلَةِ فى الفرْضِ وغيرِه (¬1). فوائد؛ إحْداها، أُجْرَةُ مَن يُنْزِلُه للصَّلاةِ، كماءِ الوُضوءِ، على ما تقدَّم. ذكرَه أبو المَعالِى. الثَّانيةُ، لو خافَ المرِيضُ بالنُّزولِ، أنْ ينْقطِعَ عن رُفْقَتِه إذا نزَل، أو يعْجِزَ عن رُكوبِه إذا نزَل، صلَّى عليها، كالخائفِ على نفْسِه بنُزولِه مِن عدُوٍّ ونحوِه. الثَّالثةُ، وكذا حُكْمُ غيرِ المريضِ. ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. ونقَل مَعْناه ابنُ هانِئٍ، ولا إعادةَ عليه، ولو كان عُذْرًا نادِرًا. وذكَر ابنُ أبِى مُوسى، إنْ لم يسْتَقْبِلْ، لم يصِحَّ إلَّا فى المُسايَفَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ومُقْتَضَى كلامِ الشَّيخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، جوازُه لخائفٍ ومريضٍ. الرَّابعةُ، لو كان فى ماءٍ وطِينٍ، أوْمأَ، كمَصْلُوبٍ ومرْبُوطٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يسْجُدُ على مَتْنِ الماءِ، كالغَريقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيه. وقيلَ فى الغَريقِ: يُومِئُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا إعادةَ على واحدٍ مِن هؤلاءِ. وعنه، يُعيدُ الكُلُّ. الخامسةُ، لو أتَى بالمأْمورِ الذى عليه، وصلَّى على الرَّاحِلَةِ بلا عُذْرٍ قائمًا، أو صلَّى فى السَّفينةِ مَن أمْكنَه الخُروجُ منها، وهى واقِفَةٌ أو سائرةٌ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفروعِ». وعنه، لا تصِحُّ. وقطَع به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، وغيرِهما فى الرَّاحِلَةِ. ¬

(¬1) انظر: الجزء الثالث صفحة 320.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه أبو المَعالِى وغيرُه. وقال فى «الفُصولِ»، فى السَّفينةِ: هل تصِحُّ، كما لو كانتْ واقِفَةً، أم لا كالرَّاحِلَةِ؟ فيه رِوايَتان. انتهى. وحُكْمُ العجَلَةِ والمِحَفَّةِ ونحوِهما فى الصَّلاةِ فيها، حُكْمُ الرَّاحِلَةِ والسَّفينةِ، على ما تقدَّم. على الصَّحيحِ بِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال ابنُ تَميمٍ: وفى الصَّلاةِ على العجَلَةِ مِن غيرِ عُذْرٍ، وَجْهان؛ أصَحُّهما، الصِّحَّةُ. قال فى «الفُروعِ»: وقطعَ جماعةٌ، لا تصِحُّ هنا. كمُعَلَّقٍ فى الهَواءِ مِن غيرِ ضَرُورَةٍ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: المَنْعُ هنا أوْجَهُ مِنَ المَنْعِ هناك. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا تصِحُّ فى العجَلَةِ؛ لأنها غيرُ مُسْتَقِرَّةٍ، كالأُرْجُوحَةِ. مع أنَّه اخْتارَ الصِّحَّةَ على الرَّاحِلَةِ والسَّفينةِ، كما تقدَّم. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وما قالَه بعيدٌ جِدًّا؛ لكوْنِ السَّفينةِ فوقَ الماءِ، وظَهْرِ الحَيوانِ أقْرَبُ إلى التَّزَّلْزُلِ وعدَمِ القَرارِ، مِن جمادٍ مُعْظَمُه على الأرْضِ، فهى أوْلَى بالصِّحَّةِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُ ما جزَم به أبو المَعالِى وغيرُه؛ أنَّها تصِحُّ فى الواقِفَه. وجزَم أبو المَعالِى وغيرُه، أنَّه لا يصِحُّ السُّجودُ، وأنَّها لا تصِحُّ فى أُرْجوحَةٍ لعدَمِ تَمَكُّنِه عُرْفًا. قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ شِهَابٍ: ومِثْلُها زَوْرَقٌ صغيرٌ. وجزَم المَجْدُ فى «شَرْحِه»، أنَّها لا تصِحُّ فى أُرْجوحَةٍ، ولا مِن مُعلَّقٍ في الهَواءِ، وساجدٍ على هواءٍ أو ماءٍ قُدَّامَه، أو على حَشيشٍ أو قُطْنٍ أو ثَلْجٍ، ولم يجِد حجْمَه ونحوِ ذلك، لعدَمِ إمْكانِ المُستْقَرِّ عليه. انتهى.

فصل فى قصر الصلاة

فَصْلٌ فِى قَصْر الصَّلَاةِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى رِوايَةِ عدَمِ الصِّحَّةِ فى السَّفينَةِ، يلْزَمُه الخُروجُ منها للصَّلاةِ. زادَ ابنُ حَمْدانَ وغيرُه، إلَّا أنْ يشُقَّ على أصحابِه. نصَّ عليه. السَّادسةُ، لا يُشْترَطُ كونُ ما يُحاذِى الصَّدْرَ مَقَرًّا، فلو حاذَاه رَوْزَنَةٌ (¬1) ونحوُها، صحَّتْ، بخِلافِ ما تحتَ الأعْضاءِ، فلو وضَع جَبْهَتَه على قُطْنٍ مُنْتفِشٍ، لم تصِحَّ. ¬

(¬1) الروزنة: الكوّة.

وَمَنْ سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا، يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً إلَى رَكْعَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: اشْتَمَل قوْلُ المُصَنِّفِ فى قَصْرِ الصَّلاةِ: ومَن سافَر سفرًا مُباحًا. على منْطوقٍ ومفْهوم؛ والمفْهومُ ينْقسِمُ إلى قِسْمَيْن؛ مفْهومُ مُوافَقَةٍ، ومفْهومُ مُخالفَةٍ. فالمَنْطوقُ، جوازُ القَصْرِ فى السَّفَرِ المُباحِ مُطْلَقًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ مُباحًا، غيرَ نزهَةٍ ولا فُرْجَةٍ. اخْتارَه أبو المَعالِى؛ لأنَّه لَهْوٌ بلا مصْلحَةٍ ولا حاجَةٍ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُذْهَبِ». ونقَل محمدُ بنُ العَبَّاسِ (¬1)، يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ سفَرَ طاعَةٍ. وهو ظاهِرُ كلامٍ ابنِ حامِدٍ. وقال فى «المُبْهِجِ»: إذا سافَر للتِّجارَةِ مُكاثِرًا فى الدُّنْيا، فهو سفرُ مَعْصِيَةٍ. قال فى «الرِّعايَةِ»، ¬

(¬1) محمد بن العباس بن الفضل المؤدب الطويل، أبو عبد اللَّه. نقل عن الإمام أحمد مسائل. توفى سنة تسعين ومائتين. تاريخ بغداد 3/ 115، طبقات الحنابلة 1/ 315.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ»: وفيه نظَرٌ. فعلى المذهبِ؛ إنْ كان أكثرُ قصْدِه فى سفَرة مُباحًا، جازَ القَصْرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به المَجْدُ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرهما. قال في «الفُروعِ»: هو الأصحُّ. وقيل: لا يجوزُ. ولو تَساوَيا فى قصْدِه، أو غلَب الحَظْرُ، لم يقْصُرْ قولًا واحدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو نقَل سَفَرَه المُباحَ إلى مُحَرَّمٍ، امْتَنَعَ القَصْرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. واخْتاره المَجْدُ، وغيرُه. وصحَّحه فى «مَجْمَع البَحْريْن»، و «النَّظْمِ» (¬1) وغيرِهما. قال القاضى، فى «التَّعْلِيقِ»: هو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: له القَصْرُ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. ولو نقَل سفَرَه المُحَرمَ إلى مُباحٍ، كما لو تابَ، وقد بَقِىَ مَسافَةُ قَصْرٍ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلَه القَصْرُ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: لا يقْصُرُ. وقيل: يقْصُرُ ولو بَقِىَ أقلُّ مِن مَسافَةِ القَصْرِ. وقطَع به ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». الثَّانيةُ، يجوزُ التَّرخصُ للزَّانِى إذا غُرِّبَ، ولقاطعِ الطَّريقِ إذا شُرِّدَ، ونحوِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ تَميمٍ: جازَ فى أصَحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ»، و «الفُروعِ». وكلامُه فيه بعضُ تعْقيدٍ. وقيل: لا يجوزُ لهم التَّرخُّصُ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الثَّالثةُ، يجوزُ القَصْرُ والتَّرخُّصُ للمُسافرِ مُكْرَهًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ كالأسِيرِ. وعنه، لا يقْصُرُ المُكْرَهُ. وقال الخَلَّالُ: إنْ أُكْرِهَ على سفَرٍ فى دارِ الإسْلامِ، قصَر، وفى دارِ الحَرْبِ لا يقْصُرُ، ومتى صارَ الأسيرُ فى بَلَدِ الكُفَّارِ، أتَمَّ. نصَّ عليه. وفيه وَجْهٌ، يقْصُرُ. الرَّابعةُ، تقْصُرُ الزَّوْجةُ والعَبْدُ تبَعًا للزَّوْج والسَّيِّدِ، فى نِيَّتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسفَرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايَى بها وفيها وَجْهٌ فى «النَّوادِرِ»، لا قَصْرَ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، لكنْ قال: الأوَّلُ أقْيَسُ وأشْهَرُ. وذكَر أبو المَعالِى، تُعْتبرُ نِيَّةُ مَن لها أنْ تَمْتنِعَ. قال: والجيْشُ مع الأميرِ، والجُنْدِىُّ مع أميرِه، إنْ كان رِزْقُهم مِن مالِ أنْفُسِهم، ففى أيِّهما تُعْتبرُ نِيَّتُه؟ فيه وَجْهان. وإنْ لم يكُنْ رِزْقُهم فى مالِهم، كالأجيرِ والعَبْدِ لشَرِيكَيْن، تُرجَّحُ نِيَّةُ إقامَةِ أحَدِهما. الخامسةُ، يقْصُرُ مَن حُبِسَ ظُلْمًا، أو حبَسه مرَضٌ، أو مطَر ونحوُه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، بخِلافِ الأسيرِ. قال فى «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يبْطُلَ حُكْمُ سفرِه؛ لوُجودِ صُورةِ: الإِقامَةِ. قال أبو المَعالى: كقَصْرِه لوُجودِ صُورةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّفَرِ فى التى قبلَها. وأمَّا المفْهومُ؛ فمفْهومُ المُوافقَةِ؛ وهو ما إذا كان سفَرُه مُسْتَحَبًّا أو واجِبًا، كسفَرِ الحَجِّ، والجِهادِ، والهِجْرَةِ، وزِيارَةِ الإخْوانِ، وعِيادَةِ المرْضَى، وزِيارَةِ أحَدِ المَسْجِدَيْن، والوالِدَيْن ونحوِه، فيجوزُ القَصْرُ فيه، بلا نِزاعٍ. ومفْهومُ المُخالفَةِ، يشْمَلُ قِسْمَيْن؛ القِسْمُ الأوَّلُ، سفَرُ المَعْصِيَة، فلا يجوزُ القَصْرُ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقطَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له كثيرٌ منهم. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ جوازَ القَصْرِ فيه. ورَجَّحه ابنُ عَقِيلٍ فى بعض المَواضعِ. وقالَه بعضُ المُتَأخِّرين. فعلى المذهبِ؛ لا يجوزُ له القَصْرُ، ولا أكْلُ المَيْتَةِ، إذا اضْطُرُّ إليه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب، ونصَّ عليه. قال فى «التَّلْخيصِ»: وعليه الأصحاب. وقيلَ: يجوزُ له أكْلُ المَيْتَةِ، ولا يُمْنَعُ منه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه فى «التَّلْخيص». وحَكاه فى «الفُروعِ» رِوايةً. وقال: هى أظْهَرُ. فعلى المذهبِ؛ إنْ خاف على نفْسِه، قيل له: تُبْ وكُلْ. ويأْتِى فى أوَّلِ الحَجْرِ، إذا سافَر وعليه دَيْنٌ يحِلُّ فى سفَرِه، أو هو حالٌّ، هل له التَّرخُّصُ أم لا؟ فائدة: قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: لا يتَرخَّصُ مَن قصَد مَشْهدًا، أو مَسْجِدًا غيرَ المَساجدِ الثَّلَاثةِ، أو قصَد قَبْرًا غيرَ قَبْرِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلتُ: أو نَبِىٍّ غيرِه. وجزَم بهذا فى «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى». قال فى «التَّلْخيصِ»: قاصِدُ المَشَاهِدِ وزِيارَتها لا يتَرَخَّصُ. انتهى. [وجزَم به فى «النَّظْمِ»] (¬1). والصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، جوازُ التَّرَخُّص. قالَه فى «المُغْنِى» وغيرِه. القِسْمُ الثَّانِى، السَّفَرُ المَكْروهُ، فلا يجوزُ القَصْرُ فيه. صرَّح به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقالَه ابنُ عَقِيل فى السَّفَرِ إلى المَشَاهِدِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. قلتُ: قال فى «الهِدايَةِ»: إذا سافَر سَفَرًا فى غيرِ مَعْصِيةٍ، فلَه أنْ يقْصُرَ. وكذا فى «الخُلاصَةِ». فظاهِرُهما، جَوازُ المسْحِ فى السَّفَرِ المَكْروهِ. قال فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»: ويُسَنُّ لمُسافرٍ لغيرِ معْصِيَةٍ. انتهى. ومَن يُجيزُ القَصْرَ فى سفَرِ المَعْصِيَةِ، فهنا بطَريقٍ أوْلَى. قوله: يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فرْسَخًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْترطُ فى جَوازِ القَصْر،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ تكونَ مَسافَةُ السَّفَرِ سِتَّةَ عَشَرَ فرْسَخًا، برًّا أو بَحْرًا. وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يُشْترَطُ أنْ يكونَ عِشْرين فرْسَخًا. حَكاها ابنُ أبِى مُوسى فمَن بعدَه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ جوازَ القَصْرِ فى مَسَافَةِ فرْسَخٍ. وقال أيضًا: إنْ حُدَّ، فتَحْديدُه ببَرِيدٍ أجْوَدُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: لا حُجَّةَ للتَّحْديدِ، بلِ الحُجَّةُ مع مَن أباحَ القَصْرَ لكُلِّ مُسافرٍ، إلَّا أنْ ينْعَقِدَ الإجْماعُ على خِلافِه. فوائد؛ إحْداها، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ مِقْدارَ المَسافةِ، تقْريبٌ لا تحْديدٌ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم تقْريبًا. وهو أوْلَى. قلتُ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ممَّا لا يُشَكُّ فيه. وقال أبو المَعالِى: المَسافَةُ تحْديدٌ. قال ابنُ رَجَبٍ، فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: الأمْيَالُ تحْديدٌ. نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ. الثَّانيةُ، السِّتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا يوْمان قاصِدَان. وذلك أرْبَعَةُ بُرُدٍ. والبَرِيدُ أربَعَةُ فَراسِخَ. والفَرْسَخُ ثَلَاَثةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمْيالٍ هاشِمِيَّةٍ، وبأَمْيالِ بَنِى أُمَيَّةَ مِيلَان ونِصْفٌ، والمِيلُ اثنا عشَرَ ألْفَ قَدَمٍ. قالَه القاضى وغيرُه. وقطَع به فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وذلك ستَّةُ آلافِ ذِراعٍ. والذِّراعُ أَرْبَعَةٌ وعِشْرون إصْبَعًا مُعْتَرِضَة مُعْتدِلةً. قطع به فى «الفُروعِ» وغيره. وقال أبو الفَرَجِ ابنُ أبى الفَهْمِ: المِيلُ أرْبعَةُ آلافِ ذِراعٍ بالواسِطِىِّ. انتهى. وقيل: هو ألْفُ خُطوَةٍ بخُطَى الجَمَلِ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه ألْفا خُطْوَةٍ، ثم قال: قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ الخِلافُ باخْتِلافِ خُطْوَتَيْه. ثم قال: وقيلَ: المِيلُ ألْفُ باعٍ؛ كلُّ باعٍ أرْبَعَةُ أذْرُعٍ فقط، كلُّ ذِراع أربعَة وعِشْرُون إصْبعًا، كلُّ إصْبَعٍ سِتُّ حَبَّاتِ شَعِيرٍ، بطُونُ بعضِها إلى بُطونِ بعضٍ، عرْضُ كلِّ شَعِيرَةٍ سِتُّ شَعَراتِ بِرْذَوْنٍ. انتهى. وقال الحافِظُ العَلَّامَةُ ابنُ حَجَرٍ، فى «فَتْحِ البَارِى، شَرْحِ صَحِيحِ البُخَارِىِّ» (¬1): وقيل: المِيلُ ثَلَاثةُ آلافِ ذِراعٍ. نقَلَه صاحِبُ ¬

(¬1) 2/ 567.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البَيانِ». وقيل: ثَلَاثَةُ آلافٍ وخَمْسُمِائَةٍ. وصحَّحه ابنُ عَبْدِ البَرِّ، ثم قال: الذِّراعُ الذى ذكَر، قد حُرِّرَ بذِراعِ الحديدِ، المُسْتَعْملِ الآنَ فى مِصْرَ والحِجَازِ فى هذه الأعْصارِ، ينْقُصُ عن ذِراعِ الحديدِ بقَدْرِ الثُّمُنِ. فعلى هذا، فالمِيلُ بذِراعِ الحديدِ على القوْلِ المَشْهورِ، خَمْسَةُ آلافِ ذِراعٍ ومائَتان وخَمْسون ذِراعًا. قال: وهذه فائدةٌ نَفِيسَةٌ قلَّ مَن تَنَبَّهَ إليها (¬1). انتهى. الثَّالثةُ، قال الجَوهَرِى (¬2). المِيلُ مِنَ الأرْض، مُنْتَهَى مَدِّ البصَرِ. وقيل: حدُّه أنْ ينْظُرَ إلى الشَّخْص فى أرْضٍ مُسَطحةٍ، فلا يَدْرِى؛ أهو رجُلٌ أوِ امْرأةٌ، أهو ذاهِبٌ أم هو آتٍ؟ الرَّابعةُ، المُعْتَبَرُ نِيَّةُ المَسافَةِ لا حقيقَتُها، فلو رجَع قبلَ اسْتِكْمالِها، فلا إعادةَ عليه. على ¬

(¬1) فى الفتح: «قل من نبه عليها». (¬2) انظر: صحاح اللغة 5/ 1823.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُعيدُ مَن لم يبْلُغِ المَسافةَ. حَكاها القاضى، فى «شَرْحِه»، قال: وهى أصحُّ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. ولو شكَّ فى قَدْرِ المَسافَةِ، لم يقْصُرْ، فلو خرَج لطَلبِ آبِقٍ ونحِوِه، على أنَّه متى وجَدَه رجَعِ، لم يقْصر ولو بلَغ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسافَةَ القَصْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَ ابنُ أبِى مُوسى، وابنُ عَقيلٍ، القَصْرَ ببُلوغِ المَسافَةِ، وإنْ لم يَنْوِها. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، كنِيَّةِ بلَدٍ بعَيْنِه يجْهَلُ مَسافَتَه ثم عَلِمَها، فإنَّه يقْصُرُ بعدَ علْمِه، كجاهلٍ بجَوازِ القَصْرِ ابْتداءً. ويأتى إذا سافرَ غيرُ مُكَلَّفٍ سفَرًا طويلًا، ثم كُلِّفَ فى أثْنائِه، بعدَ قوله: وإذا أقامَ لقَضاءِ حاجَتِه. الخامسةُ، لا يقْصُرُ سائحٌ ولا هائمٌ لا يقْصِدُ مَكانًا مُعَيَّنًا. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». قال فى «الكُبْرى»: لا يتَرخَّصُ فى الأصحِّ. وقال: كذا لا يتَرخَّصُ تائهٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنييه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ أهلَ مكَّةَ، ومَن حولَهم، كغيرِهم إذا ذَهَبُوا الى عرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ ومِنًى، وهو صحيحٌ. فلا يجوزُ لهمُ القَصْرُ ولا الجمْعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وقدَّمه فى «الفائقِ»، وقال: لا يجْمَعُون ولا يَقْصُرون عندَ جُمْهورِ أصحابِنا. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ فى «العِباداتِ الخَمْسِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، جوازَ القَصْرِ والجَمْعِ

إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ، أَوْ خيَامَ قَوْمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لهم. فيُعايَى بها. واخْتارَ المُصَنِّفُ، جوازَ الجمْعِ فقط. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ عن أحمدَ. فيُعايَى بها. تنبيهات؛ أحدُها، ظاهرُ قولِه: إذا فارقَ بُيوتَ قَريته. أنه لابدَّ أنْ يُفارِقَ البُيوتَ العامِرةَ، والخَرِبَةَ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه القاضى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ أنَّه لا يُشْتَرَطُ أنْ يُفارِقَ البُيوتَ الخَرِبَةَ، بل له القَصْرُ إذا فارَقَ البُيوتَ العامِرةَ، سواءٌ ولِيَها بُيوتٌ خَرِبَة، أو البَرِيَّةُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. أمَّا إنْ وَلِىَ البُيوتَ الخَرِبَةَ بُيوتٌ عامِرَةٌ، فلا بُدَّ مِن مُفارقَةِ البُيوتِ الخَرِبَةِ، والعامِرَةِ التى تَلِيها. قال أبو المَعالِى: وكذا لو جُعِلَ الخَرابُ مَزارعَ وبَساتينَ، يسْكُنُه أهْلُه، ولو فى فصْلِ النُّزْهَةِ. الثَّانِى، مفْهومُ كلامِه، أنَّه لا يقْصُرُ إلَّا إذا فارَقَ البُيوتَ، سواءٌ كانت داْخِلَ السُّورِ أو خارِجَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: له القَصْرُ إذا فارقَ سُورَ بلَدِه، ولو لم يُفارِقِ البُيوتَ. قدَّمه فى «الفائقِ». الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِه أيضًا، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، جوازُ القَصْرِ إذا فارقَ بُيوتَ قرْيَتِه، سواءٌ اتَّصلَ به بلَدٌ آخَرُ أو لا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واعْتبَرَ أبو المَعالِى انْفِصالَه ولو بذِراعٍ. موْجودٌ فى كلامِ المَجْدِ وغيرِه؛ لا يتَّصِلُ. وقال فى «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإذا تَقارَبَتْ قرْيَتان أو خِلَّتان، فهما كواحدَةٍ، وإنْ تَباعدَتا فلا. فائدتان؛ إحْداهما، قال أبو المَعالِى: لو بَرَزُوا بمَكانٍ لقَصْدِ الاجْتِماعِ، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعْدَ اجْتِماعِهم يُنْشِئون السَّفَرَ مِن ذلك المَكانِ، فلا قصْرَ حتى يُفارِقُوه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم يقْصُرون. وهو مُتَّجَهٌ. انتهى. الثَّانيةُ، يُعْتبرُ فى سُكانِ القُصورِ والبَساتِين، مُفارقَةُ ما نُسِبُوا إليه عُرْفًا. واعْتَبَرَ أبو المَعالِى، وأبو الوَفاءِ مُفارقَةَ مَن صعَد جبَلًا، المَكانَ المُحاذِىَ لرُءوس الحِيطانِ، ومُفارقةَ مَن هبَط، لأساسِها؛ لأنَّه لما اعْتُبِرَ مُفارقَةُ البُيوتِ إذا كانت مُحاذِيَةً، اعْتُبِرَ هنا مُفارقَةُ سَمْتِها.

وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الإِتْمَامِ، وَإِنْ أَتَمَّ جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو أفْضَلُ مِنَ الإِتْمامِ. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: الإِتْمامُ أفضَلُ. قوله: وإنْ أتَمَّ جازَ. يعْنِى، مِن غيرِ كراهَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقيل: لا يجوزُ الإِتْمامُ. قال فى «الفائقِ»: وعنه، التَّوَقُّفُ. وعنه، لا يُعْجِبُنِى الإِتْمامُ. وقيل: يُكْرَهُ الإِتْمامُ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ» (¬1): وعن أبِى بَكْرٍ، أنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الأخيرَتَيْن تَنَفُّلٌ (¬2)، لا يصِحُّ اقْتِداءُ المُفْترِض به فيهما. وهو مُتَمَشٍّ على أصْلِه؛ وهو عدَمُ اعْتِبارِ نِيَّةِ القَصْرِ. ويأْتِى عندَ اشْتِراطِ النِّيَّةِ، هل الأصْلُ فى صلاةِ المُسافرِ أرْبَعٌ أو رَكْعتان؟ ¬

(¬1) انظر: القواعد، لابن رجب 5. (¬2) فى القواعد: «نفل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُوتِرُ فى السَّفَرِ، ويصَلِّى سُنَّةَ الفَجْرِ أيضًا، ويُخَيَّرُ فى غيرِها. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: يُسَنُّ ترْكُ التَّطَوُّعِ بغيرِ الوِتْرِ، وسُنَّةِ الفَجْرِ. قيل للإمامِ أحمدَ: التَّطَوُّعُ فى السَّفَرِ؛ قاْل: أرجُو أنَّه لا بأْسَ به.

فَإِنْ أَحْرَمَ فِى الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ، أوْ فِى السَّفَرِ ثُمَّ أَقامَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَ أبو المَعالِى التَّخْييرَ فى النَّوافِلِ والسُّنَنِ الرَّاتبةِ. قلتُ: هو فِعْلُ كثيرٍ مِنَ السَّلفِ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، يتَطوَّعُ أفْضَلُ. وجزَم به فى «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى غيرِ الرَّواتبِ. ونقَله بعضُهم إجْماعًا. قال فى «الفائقِ»: لا بَأْسَ بتَنفُّلِ المُسافرِ. نصَّ عليه. قوله: فإنْ أحْرَمَ فى الحَضَرِ ثم سافَرْ، أو فى السَّفَر ثم أقامَ، لَزِمَه أنْ يُتِمَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ فيهما. قال فى «الفُروعِ»: ومَن أوْقَعَ بعضَ صلاِته مُقِيمًا، كراكبِ سفِينةٍ، أتَمَّ. وجعَلها القاضى وغيرُه، أصْلًا لمَن ذكَر صلاةَ سفَرٍ فى

أوْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ فِى سَفَرٍ، أوْ صَلَاةَ سَفَرٍ فِى حَضَرٍ، أوِ ائْتَمَّ بِمقِيمٍ، أوْ بِمَنْ يَشُكُّ فِيهِ، أوْ أحْرَمَ بصَلَاةٍ يَلْزَمُهُ إِتْمَامُهَا، فَفَسَدَتْ وَأعَادَهَا، أوْ لَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ، لَزِمَهُ أنْ يُتمَّ. وَقَالَ أبو بَكْرٍ: لَا يَحْتَاجُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ إِلَى نِيَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حضَرٍ. وقيل: إن نوَى القَصْرَ، مع علْمِه بإقامَته فى أثْنائِها، صحَّ. فعلى المذهبِ، لو كان مسَح فوقَ يومٍ وليْلَةٍ، بَطَلَتْ فى الأشْهَرِ؛ لبُطْلانِ الطَّهارةِ ببُطْلانِ المسْحِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو دخَل وقْتُ الصَّلاةِ على مُقيمٍ ثم سافرَ، أَتَمَّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الحَواشِى»: هو قولُ أصحابِنا، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يقصُرُ. اخْتارَه فى «الفائِق». وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا، كقَضاءِ المريضِ ما ترَكَه فى الصِّحَّةِ ناقِصًا، وكوُجوبِ الجُمُعَةِ على العَبْدِ الذى عتَق بعدَ الزَّوالِ، وكالمَسْحِ على الخُفَّيْن. وقيل: إنْ ضاقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوقتُ، لم يقْصُرْ. وعنه، إنْ فَعَلَها فى وَقْتِها، قصَر. اخْتارَها ابنُ أبِى مُوسى. الثَّانيةُ، لو قصَر الصَّلاتَيْن فى السَّفَر فى وَقْتِ أُولاهُما، ثم قَدِمَ قبلَ دُخولِ وَقْتِ الثَّانيةِ، أجْزأه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجْزِئُه. ومِثْلُه لو جمَع بينَ الصَّلَاتيْن فى وَقْتِ أُولاهُما بتَيَمُّمٍ، ثم دخَل وقتُ الثَّانيةِ وهو واجِدٌ للماءِ. قوله: وإذا ذكَر صلاةَ حَضَرٍ فى سَفَرٍ، أو صَلاةَ سَفَرٍ فى حَضَرٍ، لَزِمَه أنْ يُتِمَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ فيهما. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع كثيرٌ منهم. وقيل: يقْصُرُ فيما إذا ذكَر صلاةَ سفَرٍ فى حضَرٍ. وحُكِىَ وَجْهٌ، يقْصُرُ أيضًا فى عكْسِها، اعْتِبارًا بحالَةِ أدائها، كصَلاةِ صِحَّةٍ فى مرَضٍ. وهو خِلافُ ما حَكاه الإمامُ أحمدُ، وابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. قوله: أوِ ائْتَمَّ بمُقيمٍ، أو بمَن يشُكُّ فيه، لَزِمَه أنْ يُتمَّ. وهذا المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه، لا يَلْزَمُه الإِتْمامُ إلَّا إذا أدْرَكَ معه ركْعةً فأكثرَ. اخْتارَها فى «الفائقِ». فعلَيْها يقْصُرُ مَن أدرَك التَّشَهُّدَ فى الجُمُعَةِ. وعلى المذهبِ، يُتِمُّ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْرِيجٌ مِن صلاةِ الخوْفِ، يَقْصُرُ مُطْلَقًا. كما خرَّج بعضُهم إيقاعَها مرَّتَين، على صِحَّةِ اقْتِداءِ مُفْتَرِضٍ بمُتَنَفِّلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نوَى المُسافِرُ القَصْرَ، حيثُ يَحْرُمُ عليه، عالِمًا به، كمَن نَوَى القَصْرَ خلفَ مُقِيمٍ عالِمًا. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ صلَاته لا تنْعَقِدُ، لنِيَّته ترْكَ المُتابعَةِ ابْتِداءً، كنِيَّةِ مُقيم القَصْرَ ونِيَّةِ مُسافرٍ، وعقْدِ الظُّهْرِ خلفَ إمامِ جُمُعَةٍ. نصَّ عليه. وقيل: تنْعَقِدُ؛ لأنَّه لا يُعْتَبَرُ للإِتمامِ تعْيِينُه بنِيَّةٍ، فيُتم تبَعًا، كما لو كان غيرَ عالمٍ، وإنْ صحَّ القَصْرُ بلا نِيةٍ، قصَر. قال فى «الرِّعايَةِ»، وتابعَه فى «الفُروعِ» وغيرِه: وتتَخَرَّج الصِّحَّةُ فى العَبْدِ إن لم تجِبْ عليه الجُمُعَةُ. وإنْ صلَّى المُسافِرُ خلفَ مَن يصَلِّى الجُمُعَةَ، ونوَى القَصْرَ، لَزِمَه الإِتْمامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو المَعالِى: يتَّجِهُ أنْ تُجْزِئَه إنْ قُلْنا: الجُمُعَةُ ظُهْرٌ مقْصورةٌ. قال أبو المَعالِى وغيرُه: وإنِ أئتمَّ مَن يَقْصُرُ الظُّهْرَ بمُسافرٍ أو مُقِيمٍ يصَلِّى الصُّبْحَ، أتَمَّ. فائدة: لوِ اسْتخْلَف الإِمامُ المُسافِرُ مُقِيمًا، لَزِمَ المأْمُومين الإِتْمامُ، لأنَّهم باقْتِدائِهم الْتزَموا حُكْمَ تحْريمَتِه. ولأنَّ قُدومَ السَّفينَةِ بَلَدَه، يُوجِبُ الإِتْمامَ وإنْ لم يَلْتَزِمْه. وتقدَّم إذا اسْتَخْلَفَ مُسافِرٌ مُقِيمًا فى الخوْفِ، وإذا اسْتَخْلَفَ مُقِيمٌ مُسافِرًا لم يكُنْ معه، قصَر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو أحْرَم بصَلاةٍ يلزمُه إتمامُها ففسَدتْ وأعادَها، لَزِمَه أنْ يُتِمَّ. إذا أحْرَمَ بصلاةٍ يلْزَمُه إتْمامُها ففَسدتْ، إنْ كان فَسادُها عن غيرِ حدَثِ الإِمامِ، لزِمَه إتْمامُها، قولًا واحدًا. وإنْ كان فَسادُها لكونِ الإِمامِ بانَ مُحْدِثًا بعدَ السَّلامِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لزِمه الإِتْمامُ أيضًا. وإنْ بانَ مُحْدِثًا قبلَ السَّلامِ، ففى لُزومِ الإِتْمامِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، في مَوْضِعٍ آخَرَ: فلَه القَصْرُ فى الأصحِّ. قال أبو المَعالِى: إنْ بانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا معًا، قصَر. وكذا إنْ بانَ حدَثُه أوَّلًا، لا عكْسُه. فائدتان؛ إحْداهما، لو صلَّى مُسافِرٌ خائف بالطَّائفَةِ الأُولَى رَكْعةً، ثم أحْدَث واستخْلَفَ مُقِيمًا، لَزِمَ الطَّائِفَةَ الثَّانيةَ الإِتْمامُ؛ لائْتِمامِهم بمُقيمٍ. وأمَّا الطَّائفةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُولَى؛ فإنْ نوَوْا مُفارقَةَ الأولِ قصَرُوا، وإنْ لم يَنْووا مُفارقَتَه أتَمُّوا، لائتمامِهم بمُقيمٍ. قالَه في «مَجْمعِ البَحْرَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. الثَّانيةُ، لوِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أئْتَمَّ مَن له القَصْرُ، جاهِلًا حدَثَ نفْسِه، بمُقيم، ثم عَلِمَ حدَثَ نفْسِه، فله القَصْرُ؛ لأنَّه باطِلٌ لا حُكْمَ له.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو لم يَنْوِ القَصْرَ. يعنى، عند الإِحرامِ. لَزِمَه أنْ يُتِمَّ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُشْترَطُ فى جَوازِ القَصْرِ، أنْ يَنْوِيَه عندَ الإِحْرامِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا يَحْتاجُ القَصْرُ والجمْعُ إلى نِيةٍ. واخْتارَه الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينَ. واخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ فى القَصْرِ. قال ابن رَزِين فى «شَرْحِه»: والنُّصوصُ صريحةٌ فى أنَّ القَصْرَ أصْلٌ، فلا حاجَةَ إلى نِيَّتِه. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ ولو نوَى الإِتْمامَ ابْتِداءً؛ لأنَّه رُخْصَة، فيتَخَيَّرُ مُطْلَقًا كالصَّوْمِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: قد يَنبنِى على ذلك فِعْلُ الأصلِ فى صلاةِ المُسافرِ الأرْبَعَ. وجوَّزَ له ترْكَ رَكْعتَيْن، فإذا لم يَنْوِ القَصْرَ، لَزِمَه الأَصْلُ، ووقَعتِ الأرْبَعُ فرْضًا أو أنَّ الأَصْلَ فى حقِّه رَكْعَتان. وجوز له أنْ يزيدَ رَكْعتَيْن تطَوُّعًا. فإذا لم يَنْوِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَصْرَ، فله فِعْلُ الأصْلِ، وهو رَكْعَتان، فيه رِوايَتان؛ المشْهُور منهما، الأَوَّلُ. والثَّانِى، أظنُّه اخْتِيارَ أبِى بَكْرٍ. ويَنْبَنِى على ذلك إذا ائْتَمَّ به مُقيمٌ؛ هل يصِحُّ بلا خِلافٍ، أو هو كالمُفْتَرِضِ خلفَ المُتَنفِّلِ؟ ويُشْتَرَطُ أيضًا، أنْ يعْلمَ أن إِمامَه إذَنْ مُسافِرٌ، ولو بأمارَةٍ وعلامَةٍ كهَيْئَةِ لِباسٍ؛ لأنَّ إِمامَه نوَى القَصْرَ عمَلًا بالظنِّ؛ لأنَّه يتَعذَّرُ العِلْمُ. ولو قال: إنْ قصَر قصَرْتُ، وإنْ أَتَمَّ أتمَمْتُ، لم يَضُرَّ. ثم فى قَصْرِه إنْ سبَق إِمامَه الحدَثُ قبلَ عِلْمِه بحالِه وَجْهان؛ لتَعَارُض الأَصْلِ والظَّاهرِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و [«مُخْتَصَرِ ابنِ تَميم»] (1). قال فى «الرِّعايَةِ»: وله القَصْرُ فى الأصحِّ. [وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»] (¬1). فوائد؛ منها , لو شَكَّ فى الصَّلاةِ؛ هل نوَى القَصْرَ أم لا؟ لَزِمَه الإِتْمَامُ. وإنْ ذكَر فيما بعدُ أنَّه كان نَوَى، لوُجودِ ما يُوجِبُ الإِتْمامَ فى بعضِها، فكذا فى جَميعِها. قالَه الأصحابُ. وقال المَجْدُ: يَنْبَغِى عندِى أنْ يُقالَ فيه مِنَ التَّفْصيلِ ما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ لَهُ طَرِيقَانِ؛ بَعِيدٌ وَقَريبٌ، فَسَلكَ الْبَعِيدَ، أَوْ ذَكَرَ صَلاةَ سَفَرٍ فِى آخَرَ، فَلَهُ الْقَصْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقال فى مَن شكَّ هل أحْرَم بفَرْضٍ أو نَفْلٍ؟ ومنها, لو ذكَر مَن قامَ إلى ثالِثَةٍ سَهْوًا، قطَع. فلو نوَى الإتْمامَ، أَتَمَّ وأتَى له برَكْعتَيْن سِوَى ما سَها به، فإنَّه يَلْغُو. ولو كان مَن سَها إمامًا بمُسافرٍ، تابَعَه، إلَّا أنْ يعْلَمَ سَهْوَه، فتَبْطُل صلاتُه بمُتابعَتِه. ويتَخَرَّجُ، لا تبْطُلُ. ومنها, لو نوَى القَصْرَ فأتمَّ سَهْوًا، ففَرْضُه الرَّكْعتان، والزِّيادَةُ سَهْوٌ يسْجُدُ لها، على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا. قلتُ: فيُعايَى بها. ومنها, لو نوَى القصْرَ، ثم رفَضَه ونوَى الإِتْمامَ، جازَ. قال ابنُ عَقَيلٍ: وتكونُ الأُولَيان فْرضًا، وإنْ فعَل ذلك عمْدًا مع بَقاءٍ نيَّةِ القَصْرِ، بَطَلَتْ صلاتُه فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «مُخْتَصرِ ابنِ تميم»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قلتُ: الصَّوابُ الجوازُ، وفِعْله دلِيلُ بُطلانِ نيَّةِ القَصْدِ. قوله: ومَن له طريقان؛ طريقٌ بَعيدٌ وطريقٌ قَريبٌ، فسلَك البَعيدَ، فله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَصْرُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يقْصُرُ إلَّا لغرَضٍ. لا فى سلُوكِه سِوَى القَصْرِ. وخرَّجَه ابنُ عَقِيل وغيرُه على سفَرِ النُّزْهَةِ. ورَدَّه فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعَايَةِ»: وقيل: لا يقْصُرُ، إنْ سلَكَه ليقْصُرَ فقط. ثم قال: وقلتُ: ومثْلُه بقِيَّةُ رُخَصِ السَّفَرِ. قوله: أو ذكَر صَلاةَ سفَير فى آخَرَ، فله القَصْرُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه الزَّرْكَشِىُّ، وغيرُه. ونَصَرَه المَجْدُ وغيرُه. وقيل: يلْزَمُه الإتمامُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «نَظْمِ نِهاية ابنِ رَزِين». وأطْلَقَهما «ابنِ تَميمٍ»، و «المُحَررِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». فائدة: قال فى «الفُروعِ»: لو ذكًرها فى إقامَةٍ مُتَخَلِّلَةِ، أتَمَّ. وقيل: يقْصُرُ؛ لأنَّه لم يُوجَدِ ابْتِداءُ وُجُوبِها فيه. انتهى. والذي يظْهَرُ، أنَّ مُرادَه بالإِقامَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتَخَلِّلَةِ، التي يُتِمُّ فيها الصَّلاةَ فى أثْناءِ سفَرِه. ومُرادُه أيضًا، إذا كان سفَرًا واحدًا؛ بدَليلِ قولِه قبلَ ذلك: ومَن ذكَر صلاةَ حضَرٍ فى سفَرٍ أو عكْسه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ نَسِيَها فى سفَرٍ، ثم ذكَرها فى حضَرٍ، ثم قَضاها فى سفَرٍ آخَرَ، أتَمَّها. فيَحْتَمِلُ أن صاحِبَ «الفُروعِ» أرادَ هذا، ويكونُ قولُه: ومَن ذكَر صلاةَ سفَرٍ فى حضَرٍ، وأرادَ قضاءها فى الحضَرِ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، وهو مِن مفْهومِ المُوافقَةِ، أنَّه لو ذكَر الصَّلاةَ فى ذلك السَّفرِ، أنَّه يقْصُرُ بطريقٍ أوْلَى. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يلْزَمُه الإتمامُ؛ لأنه مُختَصٌ بالأدَاءِ كالجُمُعَةِ. ونقَل المَرُّوذِىُّ ما يدُلُّ عليه. قالَه المجدُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. الثَّانِى، ظاهرُ قولِه: أو ذكر صلاةَ سفَر. أنَّه لو تعَمَّد المُسافِرُ ترْكَ الصَّلاةِ حتى خرَج وقْتُها، أو ضاقَ عنها، أنَّه لا يَقْصُرُ. وجزَم به فى «المُحَررِ»، و «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وقالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وأخَذ صاحِبُ «المُحَرَّرِ» مِن تَقْييدِ المسْألَةِ، يعْنِى التى قبلَ هذه، بالنَّاسِى. وممَّا ذكره ابنُ أبِى مُوسى فى التى قبلَها، يعْنِى، إذا سافَر بعدَ وُجوبِها عليه على ما تقدَّم، أنَّه يُتِمُّ مَن تَعَمَّدَ تأخِيرَها بلا عُذْرٍ حتى ضاقَ وقْتُها عنها، وقاسَه على السَّفَرِ المُحَرمِ. وقالَه الحَلْوَانِىُّ؛ فإنَّه اعْتَبَر أنْ تُفْعلَ فى وَقْتِها. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»، فى وُجوبِ الصَّلاةِ بأوَّلِ الوقْتِ: إنْ سافَر بعدَ خُروج وَقْتِها, لم يَقْصُرْها؛ لأنَّه مُفَرِّطْ، ولا تَثْبُتُ الرُّخْصَةُ مع التَّفْريطِ فى المُرَخَّصِ فيه. انتهى. قال شيْخُنا فى «حَواشِى الفُروعِ»: لا يصْلُحُ أنْ يكونَ ما ذكَرَه الحَلْوَانِى مأخذًا لمسْألةِ «المُحَرَّرِ»؛ لأنَّه جزَم بعدَمِ قصْرِها، وجزَم بأنَّه إذا نَسِى صلاةً فى سفَرٍ فذكَرَها، أنَّه يَقْصُرُها. فعُلِمَ أنَّه لا يَشْتَرِطُ للقَصْرِ كوْنَها مُؤدَّاةً؛ لأنَّه لوِ اعْتَبَرَه، لم يصِحَّ قَصْرُ المَنْسِيَّة انتهى. قلتُ: فى قوْلِ شيْخِنا نظَرٌ؛ لأنَّه إنَّما اسْتدَلَّ على صاحِبِ «الفُروعِ» بما إذا نَسِيَها، وصاحِبُ «الفُروعِ» إنَّما قال: إذا تَرَكَها عَمْدًا. وأنَّه مُقاسٌ على السَّفَرِ المُحَرَّمِ، وأنَّ الحَلْوَانِىَّ قال ذلك، ولا يَلْزَمُ مِن تجْوِيزِ الحَلْوَانِىِّ قصْرُها إذا نَسِيَها، أنْ يَقْصُرَها إذا ترَكها عمْدًا. قال ابنُ رَجبٍ: ولا يُعْرَفُ فى هذه المسْألةِ كلامٌ للأصحابِ، إلَّا أنَّ بعضَ الأئمَّةِ المُتأخِّرين ذكَر، أنَّه لا يجوزُ القَصْرُ. واسْتَشْهد على ذلك بكلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ فى مَسائِلَ. وليس فيما ذكَرَه

وَإِذَا نَوَى الإِقَامَةَ فِى بَلَدٍ أَكْثَرَ مِنْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً أَتَمَّ، وَإِلَّا قَصَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حُجَّةٌ. انتهى. وأرادَ بذلك المَجْدَ. قال فى «النُّكَتِ»: ولم أجِدْ أحدًا ذكَرَها قبلَ صاحِبِ «المُحَرَّرِ». انتهى. وقيل: له القَصْرُ، ولو تعَمَّدَ التَّأخيرَ. وهو احْتِمال فى «ابنِ تميمٍ». وقال: وهو ظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، واخْتارَه فى «الفائقِ». وإليه ميْلُ ابنِ رَجَبٍ، ونصَرَه فى «النُّكَتِ». ورَدَّ ما اسْتدَلَّ به المَجْدُ. قال ابنُ البَنَّا فى «شَرْحِ المَجْدِ»: مَنِ أخَّرَ الصَّلاةَ عمْدًا فى السَّفَرِ وقَضاها فى السَّفَرِ، فله القَصْرُ كالنَّاسِى. قال: فلم يُفرقْ أصحابُنا بينَهما، وإنَّما يخْتَلِفان فى المأْثَمِ. انتهى. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو غريبٌ جِدًّا. وذكَر القاضى أبو يَعْلَى الصَّغيرُ فى «شَرْحِ المُذْهَبِ» نحوَه. وقال فى «النُّكَتِ»: وعُمومُ كلامِ الأصحابِ يدُلُّ على جَوازِ القَصْرِ فى هذه المسْألَةِ. وصرَّح به بعضُهم. وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» وجْهًا. وهو ظاهِرُ اخْتِيارِه فى «المُغْنِى». وذُكِر عنه ما يدُلُّ على ذلك. وجعَل ناظِمُ «المُفْرَداتِ» إتْمامَ الصَّلاةِ إذا ترَكها عمْدًا حتى يخرُجَ وَقْتُها، مِنَ المُفْرَداتِ؛ فقال: وهكذا فى الحُكْمِ مَن إذا تَرَكْ … صلَاتَه، حتَّى إذا الوقْتُ انْفَرَكْ وكانَ عمْدًا فرْضُه الإِتْمامُ … وليس كالنَّاسِى يا غُلامُ وهو قد قال: هيَّأْتُها على الصَّحيحِ الأَشْهَرِ وكأنَّه اعْتَمَد على ما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وإذا نوَى الإِقامَةَ فى بَلَدٍ أكْثرَ مِن إحدَي وعِشْرين صَلاةً أتَمَّ، وإلَّا قصرَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا إحْدى الرِّواياتِ عن أحمدَ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ. قال فى «الكافِى» (¬1): هى المذهبُ. قال فى «المُغْنِى» (¬2): هذا المشْهورُ عن أحمدَ. ونصَرَها فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال ابنُ رَجَب، فى «شَرْحِ البُخارِىِّ»: هذا مذهبُ ¬

(¬1) 1/ 200. (¬2) 3/ 147.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ المشْهورُ عنه، واخْتِيارُ أصحابِه. وجعَلَه أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ مذهبَ أحمدَ مِن غيرِ خِلافٍ عنه. وتأوَّلَ كلَّ ما خالَفَه مما رُوِىَ عنه. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه النَّاظِمُ. وعنه، إنْ نوَى الإِقامَةَ أكْثَرَ مِن عِشْرين صَلاةً، أتَمَّ، وإلَّا قصَر. وهذه الرِّوايَةُ هى المذهبُ. قال ابنُ عَقِيلٍ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه المذهبُ. قال فى «عُمْدَةِ الأدِلَّةِ»، والقاضى فى «خِلَافِه»: هذه أصحُّ الرِّوايتَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الإِيضَاحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» , و «نَظْمِها»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، إن نوَى الإِقامَةَ أكْثَرَ مِن تِسْعَةَ عشَرَ صلاةً، أتَمَّ، وإلَّا قصَر. قدَّمه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وأطْلَقَهُنَّ فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال فى «النَّصِيحَةِ»: إنْ نوَى الإِقامَةَ فوقَ ثلَاثةِ أيَّامٍ، أَتَمَّ، وإلَّا قصَر. فائدتان؛ إحْداهما، يُحْسَبُ يوْمُ الدُّخولِ والخُروجِ مِنَ المُدَّةِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يُحْسَبَانْ منها. الثَّانيةُ، لو نوَى المُسافِرُ إقامَةً مُطْلَقَةً، أو أقامَ ببادِيةٍ لا يُقامُ بها، أو كانتْ لا تُقامُ فيها الصلاة، لَزِمَه الإِتْمامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه الإِتْمامُ إلَّا أنْ يكونَ بمَوْضعٍ تُقامُ فيه الجُمُعَةُ. وقيل: أو غيرُها. ذكَرَه أبو المَعالِى. وقال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: إقامَةُ الجَيْش للغَزْوِ لا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ وإنْ طالَتْ، لفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. قال فى «النُّكَتِ»: يُشْتَرَطُ فى الإِقامَةِ التى لا

وَإِنْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ حُبِسَ، وَلَمْ يَنْوِ الإِقَامَةَ، قَصَرَ أَبَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تقْطَعُ السَّفَرَ، إذا نَوَاها، الإمْكانُ بأنْ يكونَ موْضِعَ لُبْثٍ وقَرارٍ فى العادةِ. فعلى هذا، لو نوَى الإِقامَةَ بمَوْضِعٍ لا يُمَكَّنُ، لم يَقْصر؛ لأنَّ المانِعَ نِيَّةُ الإِقامَةِ فى بلَدِه، ولم تُوجَدْ. وقال أبو المَعالِى فى «شَرْحِ الهِدايَة»: فإنْ كان لا يُتَصوَّرُ الإقامةُ فيها أصْلًا، كالمَفَازَةِ، ففيه وَجْهان. انتهى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وغيرُه: إِنَّ له القَصرَ والفِطْرَ، وإنَّه مُسافِر، ما لم يُجْمِعْ على إقَامةٍ ويَسْتَوْطنْ. قوله: وإذا أقامَ لقَضَاء حاجَةٍ، قصَر أبدًا. يعْنِى، إذا لم يَنْوِ الإِقامةَ، ولا يعلَمُ فراغَ الحاجَةِ قبلَ فَراغِ مُدَّةِ القَصْرِ. وهذه الصورةُ يجوزُ فيها القَصْرُ بلا خِلافٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن ظَنَّ أنَّ الحاجَةَ لا تنقَضِى إلَّا بعدَ مُضِى مُدةِ القَصْرِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ له القَصْرُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: له ذلك. جزَم به فى «الكافِى»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قال فى «الحَواشِى»: وهو الذى ذكَرَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. فوائد؛ إحْداها, لو نوَى إقامَةً بِشَرطٍ، مثلَ أنْ يقولَ: إنْ لَقِيتُ فُلانًا فى هذا البلَدِ، أقَمْتُ فيه، وإلَّا فلا. لم يَصِرْ مُقِيمًا بذلك. ثمَّ إنْ لم يلْقَه، فلا كلامَ، وإنْ لَقِيَه، صارَ مُقِيمًا إذا لم يفْسَخْ نِيَّتَه الأُولَى، فإنْ فَسَخَها قبلَ لِقائِه، أو حالَ لِقائِه، فهو مُسافِرٌ، فيَقْصرُ بلا نِزاعٍ، وإن فَسَخَها بعدَ لِقائِه، فهو كمَن نوَى الإِقامَةَ المانِعَةَ مِنَ القَصْرِ، ثمَّ نوَى السَّفَرَ قبلَ تَمامِ الإِقامَةِ، هل له القَصْرُ قبلَ شُروعِه فى السَّفَرِ؟ على وَجْهَين. قالَه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ». وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يجوزُ له القَصْرُ حتى يشْرَعَ فى السَّفَرِ، ويكونَ كالمُبْتدِئَ له كما لو تمَّتْ مدَّةُ؛ الإِقامَةِ، وعليه أكثرُ الأَصحابِ. قالَه المَجْدُ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «الفُروعِ»: واخْتارَ الأكثرُ، يَقْصُرُ إذا سافَر، كما لو تمَّتْ مدَّةُ الإِقَامَةِ. والوَجْهُ الثَّانِى، ونقَلَه صالِحٌ، أنَّه يقْصُرُ مِن حينِ نوَى السَّفَرَ، فأبطَل النِّيَّةَ الأُولَى بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ لأنَّها تثْبُتُ بها. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو مَرَّ بوَطنِه أتَمَّ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وعنه، يَقْصُرُ، إذا لم يكُنْ له حاجَةٌ سِوَى المُرورِ. ولو مَرَّ ببَلَدٍ له فيه امرأةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو تزَوَّجَ فيه، أَتَمَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، يُتِمُّ أيضًا إذا مَرَّ ببَلَدٍ له فيه أهْلٌ أو ماشِيَةٌ. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: أو مالٌ. وقال فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: لا مالٌ مَنْقولٌ. وقيل: إنْ كان له به وَلَدٌ أو والِدٌ أو دارٌ، قصَر. وفى أهلٍ غيرِهما، أو مالٍ, وَجْهان. الثَّالثةُ، لو فارَقَ وَطنَه بِنيَّةِ رُجوعِه بقُرْبٍ لحاجَةٍ، لم يتَرَخَّصْ حتى يرجِعَ ويُفارِقَه. نصَّ عليه. وكذا إنْ رجَع عليه لغرَضِ الاجْتيازِ به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط؛ لكَوْنِه فى طرِيقِ مقْصِدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال المَجْدُ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» هذا ظاهِرُ مذهبِنا. وأمَّا على قولِنا: يَقْصُرُ المُجْتازُ على وَطنِه. فيَقْصُرُ هنا فى خُروجِه منه أوَّلًا، وعوْدِه إليه واجْتيازِه به. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: وهو ظاهِرُ عِبارَةِ «الكافِى». انتهى. وإذا فارَق أوَّلًا وطنَه بنيَّةِ المُضِىِّ بلا عَوْدٍ، ثم بدا له العَوْدُ لحاجةٍ، فترَخُّصُه قبلَ نيَّةِ عَوْدِه جائزٌ، وبعدَها غيرُ جائزٍ، لا فى عَوْدِه ولا فى بلَدِه حتى يُفارِقَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال: ذكَرَه القاضى. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يترَخَّصُ فى عَوْدِه إليه لا فِيه، كنيَّةٍ طارِئةٍ للإِقامةِ بقرْيةٍ قريبةٍ منه. قال المَجْدُ: ويقْوَى عندِى، أنّه لا يقْصُرُ إذا دخَل وطنَه، ولكنْ يقْصُر فى عَوْدِه إليه. الرَّابعةُ، لا ينْتَهِى حُكْمُ السَّفَرِ ببُلوغِ البلَدِ الذى يقْصِدُه، إلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم ينْوِ الإِقامةَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المنْصوصُ والمُخْتارُ للأكثرِ. وقيل: بلَى. الخامسةُ، لو سافَر مَن ليس بمُكلَّفٍ، مِن كافرٍ وحائضٍ، سفرًا طويلًا، ثم كُلِّفَ بالصَّلاةِ فى أثْنائِه، فله القَصْرُ مُطْلَقًا فيما بَقِىَ. وقيل: يقْصُرُ إنْ بَقِىَ مسافَةُ القَصْرِ، وإلَّا فلا. واخْتارَه فى «الرِّعايَتَيْن». السَّادسةُ، لو رجَع إلى بلَدٍ أقامَ به إقامةً مانِعَةً، تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حتى فيه. نصَّ عليه؛ لزَوالِ نِيَّةِ إقامَتِه، كعَوْدِه مُخْتارًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: كوَطنِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: كلَّ مَن جازَ له القَصْرُ، جازَ له الفِطْرُ، ولا عكْسَ؛ لأنَّ المرِيضَ ونحوَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا مشَقَّةَ عليه فى الصَّلاةِ، بخِلافِ الصَّوْمِ. وقد ينْوِى المُسافرُ مَسِيرةَ يوْمَيْن

وَالْمَلَّاحُ الَّذِى مَعَهُ أَهْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ الإِقَامَةِ بِبَلَدٍ، لَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويقْطَعُهما مِنَ الفَجْرِ إلى الزَّوالِ، مثلًا، فيُفْطِرُ، وإنْ لم يقْصُرْ. أشارَ إليه ابنُ عَقِيلٍ، لكنَّه لم يذْكُرِ الفِطْرَ. قال فى «الفُروعِ»: فقد يُعايَى بها. وقال أيضًا: ولعَلَّ ظاهِرَ ما سبَق، أنَّ مَن قصَر جمَع؛ لكونِه فى حُكْمِ المُسافرِ. قال: وظاهرُ ما ذكَرُوه فى بابِ الجَمْع، لا يجْمَعُ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»، فى بحْثِ المسْألَةِ: إذا نوَى إقامةَ أربعَةِ أيام، له الجمْعُ، لا ما زادَ. وقيل للقاضى: إذا لم يُجمِعْ إقامَةً لا يقْصُرُ؛ لأنَّه لا يجْمَعُ. فقال: لا يسْلَمُ هذا، بل له الجمْعُ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: وهل يمْسَحُ مسْحَ مُسافرٍ مَنْ قَصَرَ؟ قال الأصحابُ؛ كالقاضى وغيرِه: هو مُسافِرٌ ما لم يفْسَخْ، أو ينْوِ الإِقامةَ، أو يتَزَوَّجْ، أو يقْدِرْ على أهْلٍ. وقال الأصحابُ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ: الأحْكامُ المُتعلِّقةُ بالسَّفَرِ الطَّويلِ أرْبعَةٌ؛ القَصْرُ، والجَمْعُ، والمَسْحُ ثلاثًا، والفِطْرُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: فإنْ نوَى إقامةً تزيدُ على أربْعَةِ أيَّامٍ، صارَ مُقِيمًا، وخرَج عن رُخْصَةِ السَّفَرِ، ويسْتَبِيحُ الرُّخَصَ ولا يخْرُجُ عن حُكْمِ السَّفَرِ إذا نوَى ما دُونَها. تنبيه: مفْهومُ قولِه: والمَلَّاحُ الذى معه أهْلُه، وليس له نِيَّةُ الإِقامةِ ببَلَدٍ، ليس له التَّرَخُّصُ. أنَّه إذَا لم يكُنْ معه أهْلُه، له التَّرخُّصُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. ولم يعْتَبرِ القاضى، فى موْضعٍ مِن كلامِه، فى الملَّاحِ ومَن فى حُكْمِه كِونَ أهلِه معه، فلا يتَرخَّصُ وحدَه. قال فى «الفُروعِ»: وهو خِلافُ نُصوصِه. فعلى قولِ القاضى، وعلى المذهبِ أيضًا، فيما إذا كان معه أهْلُه مع عدَمِ التَّرخُّص، مِنَ المُفْرَداتِ. قال الأصحابُ: لتَفْويتِ رَمضانَ بلا فائدةٍ؛ لأنَّه يقْضِيه فى السَّفَرِ، وكما تقْعُدُ امْرأته مكانَها كمُقِيمٍ. فائدة: قال فى «الرِّعَايَةِ»: ومثْلُ المَلَّاحِ مَن لا أهْلَ له، ولا وَطنَ، ولا مَنْزِلَ يقْصِدُه، ولا يُقيمُ بمَكانٍ، ولا يأوِى إليه. انتهى. وتقدَّم أنَّ الهائمَ والسَّائحَ والتَّائهَ لا يتَرخَّصُون. فائدتان؛ إحْداهما، المُكارِىُّ والرَّاعِى والفَيْجُ والبَريدُ ونحوهم، كالمَلَّاحِ فلا

فصل فى الجمع

فَصْلٌ فِى الْجَمْعِ: وَيَجُوزُ الجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ والْعَصْرِ، والْعِشَاءَيْنِ فِى وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لِثَلاثَةِ أُمُورٍ؛ السَّفَرِ الطَّوِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَرخَّصُون. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: عنه، يتَرخَّصُون، وإنْ لم يتَرخَّص المَلَّاحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وقال: سواءٌ كان معه أهْلُه أولًا؛ لأنَّه مُسافر مشْقوقٌ عليه، بخِلافِ الملَّاحِ. واخْتارَه أيضًا الشَّارِحُ، وأبو المَعالِى، وابنُ مُنَجَّى. وإليه مَيْلُ صاحبِ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الثَّانيةُ، الفَيْجُ، بالفَاءِ المفْتوحَةِ واليَاء المُثَنَّاةِ مِن تحتِ السَّاكِنَةِ، والجيمِ، رسُولُ السُّلْطانِ مُطْلَقًا. وقيل: رسولُ السُّلْطانِ إذا كان راجِلًا. وقيل: هو السَّاعِى. قالَه أبو المَعالِي. وقيل: هو البَرِيدُ. قوله: فَصْلٌ فى الجمعِ: ويجوزُ الجمعُ بينَ الظُّهْرِ والعصْرِ، والعِشاءين فى وقتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما لثلَاثةِ أمُورٍ؛ السَّفَرِ الطَّويلِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْتَرَطُ لجوازِ الجمْع فى السَّفَرِ، أنْ تكونَ مُدَّتُه مثلَ مُدَّةِ القَصْرِ. وعليه الأصحابُ. وقيل: ويجوزُ أيضًا الجَمْعُ فى السَّفَرِ القَصيرِ. ذكَرَه فى «المُبْهِجِ». وأطْلَقَهما. تنبيه: يؤْخَذُ مِن قولِ المُصَنِّفِ: ويجوزُ الجمْعُ. أنَّه ليس بمُسْتَحَبٍّ. وهو كذلك، بل ترْكُه أفْضَلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، ونصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وعنه، الجمْع أفْضَلُ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ وغيرُه، كجَمْعَى عَرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ. وعنه، التَّوَقُّفُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فى وقتِ إحْداهما. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ جوازُ الجمْعِ فى وَقْتِ الأُولَى كالثَّانيةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّركَشِىُّ: هو المشْهورُ المعْمولُ به فى المذهبِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ الجمْعُ للمُسافِرِ إلَّا فى وَقْتِ الثَّانيَة، إذا كان سائِرًا فى وَقْتِ الأُولَى. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. وحَكاه ابنُ تَميمٍ وغيرُه رِواية. وحمَلَه بعضُ الأصحابِ على الاسْتِحْباب. قالَه فى «الحَواشِى». وقيل: لا يجوزُ الجمْعُ إلَّا لسائرٍ مُطْلَقًا. وقال ابنُ أَبِى مُوسى:

وَالْمَرَضِ الَّذِى يَلْحَقُهُ [بِتَرْكِ الْجَمْعِ] (¬1) فِيهِ مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأظْهَرُ مِن مذهبِه، أنَّ صِفَةَ الجمْع، فِعْلُ الأُولَى آخِرَ وقْتِها وفعْلُ الثَّانيةِ أولَ وَقْتِها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الجمْعُ بينَ الصَّلَاتَيْن فى السَّفَرِ يخْتَصُّ بمَحَلِّ الحاجَةِ، لا أنَّه مِن رُخَصِ السَّفَرِ المُطْلَقَةِ كالقَصْرِ. وقال أيضًا: فى جَوازِ الجمْعِ للمَطَرِ فى وقْتِ الثَّانيةِ وَجْهان؛ لأنا لا نَثِقُ بدَوامِ المطَرِ إلى وقْتِها. وقيل: لا يصِحُّ جمعُ المُسْتَحَاضَةِ إلَّا فى وقْتِ الثَّانية فقط. قالَه فى «الرِّعايَةِ». تنبيه: ظاهرُ قولِه: السَّفَرِ الطَّويلِ. أنَّه لا يجوزُ الجمْعُ للمَكِّىِّ ومَن قارَبَه بعَرَفَةَ ومُزْدَلفَةَ ومِنًى. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ فى «العِبَاداتِ الخَمس»، والمُصَنِّفُ، والشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ، جوازَ الجمع لهم. وتقدَّم ذلك قريبا أوَّلَ البابِ، فى القَصْرِ (¬2). قوله: والمرض الذى يلحقُه بتركِ الجمْعِ فيه مَشَقَّةٌ وضَعْفٌ. الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انظر صفحة 43.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب، أنَّه يجوزُ الجمْعُ للمَرضى بشَرْطِه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجوزُ له الجمْعُ. ذكَرَها أبو الحُسَيْنِ فى «تَمامِه»، وابنُ عَقِيلٍ. وقال بعضُهم: إنْ جازَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له ترْكُ القِيامِ، جازَ له الجَمْعُ، وإلَّا فلا. فوائد؛ منها، يجوزُ الجَمْعُ للمَرَضِ للمَشَقَّةِ بكَثْرةِ النَّجاسَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ» رِوايةً، لا يجوزُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. وقال أبو المَعالِى: هو كمَريضٍ. ومنها، يجوزُ الجَمْعُ أيضًا لعاجزٍ عنِ الطهارَةِ والتَّيَمُّمِ لكُلِّ صلاة. جزَم به فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». ومنها، يجوزُ الجَمْعُ للمُسْتَحاضَةِ ومَن فى مَعْناها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يجوزُ. وعنه، إنِ اغْتسَلتْ لذلك جازَ، وإلَّا فلَا. وتقدَّم وَجْهٌ، أنَّه لا يجوزُ لها الجَمْعُ إلَّا فى وقْتِ الثَّانيةِ. ومنها، يجوزُ الجمْعُ أيضًا للعاجزِ عن معْرِفَةِ الوَقْتِ، كالأعْمَى ونحوِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: أوْمأَ اليه. ومنها، ما قالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها: يجوزُ الجمْعُ لمَن له شُغْلٌ، أو عُذْرٌ يُبِيحُ ترْكَ الجُمُعَةِ والجماعةِ، كَخَوْفِه على نفْسِه، أو حَرَمِه، أو مالِه، أو غيرِ ذلك. انتهى. وقد قال أحمدُ فى رِوايَةِ محمدِ بنِ مُشَيْشٍ (¬1): الجمْعُ فى الحضَرِ إذا كان عن ضَرُورةٍ ¬

(¬1) هو محمد بن موسى بن مشيش تقدمت ترجمته فى الجزء الأول صفحة 62.

وَالْمَطرَ الَّذِى يَبُل الثيابَ، إِلَّا أنَّ جَمْعَ الْمَطَرِ يَخْتَصُّ الْعِشَاءَيْنِ، فى أصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مثل مرَضٍ أو شُغْلٍ. قال القاضى: أَرادَ بالشُّغْلِ، ما يجوزُ معه ترْكُ الجُمُعَةِ والجماعةِ مِنَ الخوْفِ على نفْسِه أو مالِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «مَجْمَع البَحْرَيْنْ»: وهذا مِنَ القاضى يدُلُّ على أنَّ أعْذارَ الجُمُعَةِ والجماعةِ كلَّها تُبِيحُ الجمْعَ. وقالَا أَيضًا: الخوْفُ يُبِيحُ الجَمْعَ فى ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحْمدَ، كالمَرَضِ ونحوِه، وأوْلَى؛ للخَوْفِ على ذَهابِ النَّفْسِ والمالِ مِنَ العدُوِّ. قال فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِه» (¬1): ويتَوَجَّهُ أنَّ مُرادَ القاضى غيرُ غلَبَةِ النُّعاسِ. قلتُ: صرَّح بذلك فى «الوَجيزِ»، فقال: ويجوزُ الجمْعُ لمَن له شُغْلٌ أو عُذرٌ يُبِيحُ ترْكَ الجُمُعَةِ والجماعةِ، عدَا نُعاسٍ ونحوِه. وقال فى «الفائقِ»، بعدَ كلامِ القاضى: قلتُ: إلَّا النُّعاسَ. وجزَم فى «التَّسْهيلِ» بالجَوازِ فى كلِّ ما يُبِيحُ ترْكَ الجُمُعَةِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، جواز الجَمْع للطَّبَّاخِ، والخَبَّازِ ونحوِهما، ممَّن يخْشَى فَسادَ مالِه ومالِ غيرِه بتَرْكِ الجَمعِ. قوله: والمَطَرُ الذى يَبُلُّ الثِّيابَ. ومثلُه، الثَّلْجُ والبرَدُ والجَلِيدُ. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ؛ جوازُ الجَمْع لذلك مِن حيثُ الجُمْلةُ بشَرْطِه. نصَّ عليه، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يجوزُ الجَمْعُ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: الذى يَبُلُّ الثِّيابَ. أنْ يوجَدَ معه مشَقَّةٌ. قالَه الأصحابُ. ومفهومُ كلامِه، أنَّه إذا لم يَبُلَّ الثِّيابَ، لا يجوزُ الجَمْعُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيل: يجوزُ الجَمْعُ للطَّلِّ. قلتُ: وهو بعيدٌ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قوله: إلَّا أنَّ جَمْعَ المَطرِ يَخْتَصُّ العِشاءَيْن، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَتان، وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، نصَّ عليه، فى رِوايةِ الأَثْرَمِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ فى «رُءُوسِ المَسائلِ»؛ فإنّه جزَم به فيها. والوَجْهُ الآخَرُ، يجوزُ الجَمْعُ كالعِشاءَيْن. اخْتارَه القاضى، وأبو الخطَّابِ فى «الهِدايةِ» والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ, وغيرُهم. ولم يذْكُرِ ابنُ هُبَيْرَةَ عنْ أحمدَ غيرَه. وجزَم به فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «نَظْمِها»، و «التَّسْهِيلِ». وصحَّحَه فى

وَهَلْ يَجُوزُ لأجْلِ الْوَحْلِ، أَو الرِّيِحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ، أَوْ لِمَنْ يُصَلِّى فى بَيْتِهِ، أَو فِى مَسْجِدٍ طَرِيقُهُ تحْتَ سَابَاطٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وأطْلَقَهما فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «خِصَالِ» ابنِ البَنَّا، والطُّوفىُّ فى «شَرْحِ الخِرَقِىِّ»، و «الحاوِيَيْن». فعلى الثَّانى، لا يجْمَعُ الجُمُعَةَ مع العَصْرِ فى محَلٍّ يُبِيحُ الجمْعَ. قال القاضى أبو يَعْلى الصَّغِيرُ وغيره: ذكَرُوه فى الجُمُعَةِ. ويأْتى هناك. قوله: وهل يَجوزُ لأجْلِ الوَحْلِ؟ على وَجْهَيْن. عندَ الأكثر. وهما رِوايَتان عندَ الحَلْوَانِىِّ. وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرَحِ»؛ أحدُهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. قال القاضى: قال أصحابُنا: الوَحْلُ عُذرٌ يُبِيحُ الجَمْعَ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال ابنُ رَزِين: هذا أظْهَرُ وأقْيَسُ. وصحَّحَه ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وصاحِبُ «التَّلْخِيص»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ تَميمٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّصْحيحِ» وغيرُهم. وجزَم به الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «رُءُوسِ مَسائِلِهما»، و «المُبْهِجِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الإفاداتِ»، و «التَّسْهيلِ» وغيرهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الكافِى»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «شَرْحَ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وهو ظاهرُ كلامِه فى «العُمْدَةِ»؛ فإنَّه قال: ويجوزُ الجَمْعُ فى المطَرِ بينَ العِشاءَيْن خاصَّةً. وقيل: يجوزُ إذا كان معه ظُلْمَةٌ. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ أبِى مُوسى. فائدتان؛ إحْداهما، لم يُقَيِّدِ الجمهورُ الوَحْلَ بالبَللِ. وذكَر الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «رُءُوسِ مَسائِلِهِما» وغيرُهما، أنَّ الجوازَ مُخْتَصٌ بالبَلَلِ. الثَّانيةُ، إذا قُلْنا: يجوزُ للوَحْلِ. فمَحَلُّه بينَ المغْرِبِ والعِشاءِ، فلا يجوزُ بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، وإنْ جوَّزْناه للمطَرِ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وأطْلَقَ بعضُهمُ الجوازَ. قوله: وهل يَجُوزُ لأجْلِ الرِّيحِ الشَّديدَةِ والبارِدَةِ؟ على وَجْهَيْن عندَ الأكثرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهما رِوايَتان عندَ الحَلْوَانِىِّ. واعلمْ أنَّ الحُكْمَ هنا كالحُكْمِ فى الوَحْلِ، خِلافًا ومذهبًا, فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه. فائدة: الصَّحيحُ أن ذلك مُخْتَصٌّ بالعِشاءَيْن. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. زادَ فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، مع ظُلْمَةٍ. وأطْلقَ الخِلافَ، كالمُصَنفِ، فى «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ». قوله: وهل يَجُوزُ لمَن يُصلِّى فى بَيتِه، أو فى مَسْجدٍ طَرِيقُه تحتَ ساباطٍ؟ على وجْهَيْن. وكذا لو نالَه شئٌ يسيرٌ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الخلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الحَواشِى»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ أحدُهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. قال القاضى: هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». ونَصَرَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «المُنَوِّرِ»: ويجوزُ لمطَرٍ يَبُلُّ الثِّيابَ ليْلًا. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «العُمْدَةِ»، كما تقدَّم. وقيل: يجوزُ الجمْعُ هنا لمَن خافَ فوْتَ مسْجدٍ أو جماعةٍ، جمَع. قال المَجْدُ: هذا أصحُّ. وجزَم به فى «الإفاداتِ»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، مع أنَّهم أطْلَقوا الخِلافَ فى غيرِ هذه الصُّورَةِ كما تقدَّم. وقدَّم أبو المَعالِى، يجْمَعُ الإِمامُ،

وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ؛ مِنْ تَأْخِيرِ الأُولَى إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أوْ تَقْدِيم الثَّانِيَةِ إِلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ واحْتَجَّ بفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. فائدة: لا يجوزُ الجمْعُ لعُذْرٍ مِنَ الأعْذارِ سوى ما تقدَّم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، جوازَ الجمْع لتَحْصيلِ الجَماعَةِ، وللصَّلاةِ فى حمَّامٍ مع جَوازِها فيه خوْفَ فوْتِ الوقْتِ، ولخوْفٍ يخرجُ فى ترْكِه أىُّ مَشَقةٍ. قوله: ويَفْعَلُ الأرْفَقَ به؛ مِن تَأْخيرِ الأُولَى إلى وَقْتِ الثَّانية، أو تَقْديمِ الثَّانيةِ إليها. هذا أحَدُ الأقْوالِ مُطْلَقًا. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: هو ظاهِرُ المذهبِ المنْصوصُ عن أحمدَ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: يفعَلُ المرِيض الأرْفَقَ به، مِنَ التَّقْديمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والتَّأْخيرِ، وهو أفْضَلُ. ذكَرَه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»، والمُصَنِّفُ وغيرُهم. زادَ المُصَنِّفُ، فإنِ اسْتَوَيا عندَه، فالأفْضَلُ التَّأخيرُ. وقال ابنُ رَزِين: ويفْعَلُ الأرْفَقَ إلَّا فى جَمْع المطَرِ؛ فإنَّ التَّقْديمَ أفْضَلُ. وعنه، جَمْعُ التَّأخيرِ أفْضَلُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الإفاداتِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريد العِنايَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحَواْشِي». وقال: ذكَرَه جماعةٌ. قال الشَّارِحُ: لأنَّه أحْوَطُ. وفيه خُروجٌ مِنَ الخِلافِ، وعمَلًا بالأحاديثِ كلِّها. قال الزَّرْكَشِىُّ: المنْصوصُ، وعليه الأصحابُ، أنَّ جَمْعَ التَّأخيرِ أفْضَلُ. ذكَرَه فى جَمْعِ السَّفَرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «رَوْضَةِ الفِقْهِ»: الأفْضَلُ فى جَمْع المطرَ، التَّأْخيرُ. وقيل: جَمْعُ التَّأْخيرِ أفْضَلُ فى السُّفَرِ دُونَ الحضَرِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ فى حقِّ المُسافرِ. وقال: نصَّ عليه. وقال الآمِدِىُّ: إنْ كان سائرًا، فالأفْضَلُ التَّأخِيرُ، وإنْ كان فى المَنْزلِ، فالأفْضلُ التَّقْديمُ. وقال فى «المُذْهَبِ»: الأفْضَلُ فى حقِّ مَن يريدُ الارْتِحالَ فى وَقْتِ الأُولَى، ولا يغْلِبُ على ظَنِّه النُّزولُ فى وَقْتِ الثَّانيةِ، أنْ يُقدِّمَ الثَّانيةَ، وفى غيرِ هذه الحالَةِ، الأفضَلُ تأْخيرُ الأُولَى إلى دُخولِ وقْتِ الثَّانيةِ. انتهى. وقيل: جمْعُ التَّقْدِيمِ أفْضَلُ مُطْلَقًا. وقيل: جَمْعُ التَّقْديمِ أفْضَلُ فى جَمْع المطرَ، نقَلَه الأَثْرَمُ، وجَمْعُ التَّأْخيرِ أفْضَلُ فى غيرِه. وجزَم به فى «الكافِى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَتَيْن». وقال الشَّيْحُ تَقِىُّ الدِّينِ: فى جَوازِ الجَمْع للمطَرِ فى وقتِ الثَّانيةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان؛ لأنَّا لا نَثِقُ بدَوامِه. كما تقدَّم عنه. قلتُ: ذكَر فى «المُبْهِجِ» وَجْهًا؛ بأنَّه لا يجْمَعُ مؤخِّرًا بعُذْرِ المطَرِ. نقَلَه ابنُ تَميمٍ. وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وظاهِرُ «الفُروعِ»، إطْلاقُ هذه الأقْوالِ. فعلى القوْلِ بأنَّه يفْعَلُ الأرْفَقَ به عندَه، فلوِ اسْتَوَيا؛ فقال فى «الكافِى»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: الأفْضَلُ التَّأْخيرُ فى المَرَضِ، وفى المطَرِ التَّقْديمُ. وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ فى المرَضِ.

وَلِلْجَمْعِ فى وَقْتِ الأُولَى ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ نِيَّةُ الْجَمْعِ عِنْدَ إِحْرَامِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللجَمْع فى وقتِ الأُولَى ثلاثةُ شُروطٍ؛ نِيَّةُ الجَمع. يعْنِى، أحدُها نِيَّةُ الجَمْع. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ للجَمْع. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، كما تقدَّم فى كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وأطْلَقهما ابنُ تَميمٍ، و «المُسْتَوْعِبِ». وتقدَّم ذلك. قوله: عندَ إحْرامِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْترَطُ أنْ يَأْتِىَ بالنِّيَّةِ عندَ

وَيَحْتَمِلُ أنْ تُجْزِئَهُ النِّيَّةُ قَبْلَ سَلَامِهَا، وَأنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِقَدْرِ. الإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ، فَإِنْ صَلَّى السُّنَّةَ بَيْنَهُمَا، بَطَلَ الْجَمْعُ، فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَأنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاتيْنِ وَسَلَامَ الأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْرامِ الصَّلاةِ الأُولَى، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تُجْزِئَه النِّيَّةُ قبلَ سلامِها. وهو وَجْهٌ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. قال فى «المُذْهَبِ»: وفى وقتِ نِيَّةِ الجَمْع هذه، وَجْهان؛ أصَحُّهما، أنَّه ينْوِى الجَمْعَ فى أىِّ جُزْءٍ كان مِنَ الصَّلاةِ الأُولَى، مِن حينِ تكْبيرَةِ الإحْرامِ إلى أنْ يُسَلِّمَ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: تُجْزِئُه النِّيَّةُ بعدَ السَّلامِ منها، وقبلَ إحْرامِ الثَّانيةِ. ذكَرَه ابنُ تَميمٍ، عن أبِى الحُسَيْنِ. وقيل: تُجْزِئُه النِّيَّةُ عندَ إحْرامِ الثَّانيةِ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الفائقِ. وقيل: مَحَلُّ النِّيَّةِ إحْرامُ الثَّانيةِ، لا قبلَه ولا بعدَه. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم فى «التَّرْغِيبِ»، باشْتِراطِ النِّيَّةِ عندَ إحْرامِ الأُولَى وإحْرامِ الثَّانيةِ أَيضًا. قال ابنُ تَميمٍ: ومتى قُلْنا: مَحَلُّ النِّيَّةِ، الأُولَى. فهل تجِبُ فى الثَّانيةِ؟ على وَجْهَيْن. وقال فى «الحَواشِى»: ومتى قُلْنا: مَحَلُّ النِّيَّةِ، الأُولَى. لم تجِبْ فى الثَّانيةِ. وقيل: تجِبُ. قوله: وأنْ لا يُفَرِّقَ بينَهما إلَّا بقدْرِ الإِقامَةِ والوضُوءِ. اعلمْ أنَّ الصحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ أنَّه تُشْتَرَطُ المُوالاةُ فى الجَمْع فى وقتِ الأُولَى. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ عدمَ اشْتِراطِ المُوَالاةِ. وأخذَه مِن روايَةِ أبِى طالِبٍ، والمَرُّوذِىِّ، للمُسافرِ أنْ يصَلِّىَ العِشاءَ قبل مَغيبِ الشَّفَقِ. وعلَّلَه الإِمامُ أحمدُ؛ بأنَّه يجوزُ له الجمْعُ. وأخذَه أَيضًا، مِن نَصِّه فى جَمْعِ المطَرِ، إذا صلَّى إحْداهما فى بَيْتِه، وِالصَّلاةَ الأُخْرى فى المسْجدِ، فلا بأسَ. تنبيه: قوله: وأنْ لا يُفرِّقَ بينَهما إلَّا بقَدْرِ الإقامةِ والوُضوءِ. هكذا قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» , و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. زادَ جماعةٌ، فقالوا: لا يُفَرِّقُ بينَهما، إلَّا بقدْرِ الإقامةِ، والوضُوءِ إذا أحْدَث، والتَّكْبيرِ فى أيَّامِ العيدِ، أو ذِكْرٍ يسيرٍ؛ منهم صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» فيها. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1)، والشَّارِحُ: المرجِعُ فى اليسيرِ والكثيرِ إلى العُرْفِ، لا حد له سوى ذلك. قال: وقدَّره بعضُ أصحابِنا بقدْرِ الإِقامَةِ، والوضُوءِ. والصَّحيحُ؛ أنَّه لا حدَّ له. وقدَّم ما قالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلحٍ». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: والمرجِعُ فى طُولِه إلى العُرْفِ، وإنَّما قرب تحديدَه بالإقامَةِ، والوضُوءِ؛ لأنَّ هذا هو مَحَلُّ الإِقامَةِ، وقد يحتاجُ إلى الوضُوءِ فيه. وهما مِن مصالحِ الصَّلاةِ، ولا تدْعُو الحاجَةُ غالِبًا إلى غيرِ ذلك، ولا إلى أكثرَ مِن زَمَنِه. انْتَهَيا. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُسٍ». قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: وهو. أقْيَسُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ فرَّق بينَهما عُرْفًا، أو أزْيدَ مِن قَدْرِ وضوءٍ مُعْتادٍ، أو إقامَةِ صلاةٍ، بطَل. واعْتبرَ ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» المُوالاةَ. وقال: مَعْناها أنْ لا يفْصِلَ بينَهما بصلاةٍ ولا كلام؛ لِئَلَّا يزولَ معنى الاسمِ، وهو الجَمْعُ. وقال أَيضًا: إنْ سبَقَه الحَدَثُ فى الثَّانيةِ، وقُلْنا: تبْطُلُ به، فتوضَّأ أوِ اغْتَسَل ولم يُطِلْ، ففى بُطْلانِ جَمْعِه احْتِمالان. وحكَى القاضى فى «شَرْحِه ¬

(¬1) 3/ 138.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ» وجْهًا؛ أنَّ الجَمْعَ يُبْطِلُه التَّفْريقُ اليسيرُ. فعلى الأوَّلِ، قال فى «النُّكَتِ»: هذا إذا كان الوُضوءُ خفِيفًا، فأمَّا مَن طالَ وُضوءُه، بأن يكونَ الماءُ منه على بُعْدٍ، بحيثُ يطولُ الزَّمانُ، فإنَّه يَبْطُلُ جَمْعُه. انتهى. وفى كلامِ «الرِّعايَةِ» المُتَقَدِّمِ إيماءٌ إليه. وقطَع به الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. قوله: فإنْ صلَّى السُّنَّةَ بينَهما، بطَل الجَمْعُ فى إحْدى الرِّوايتَيْن. وهى المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمعِ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىّ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تبْطُلُ كما لو تَيَمَّم. قال الطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ الخِرَقِىِّ»: أظْهرُ القولِ دليلًا على عَدَمِ البُطْلانِ، إلْحاقًا للسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بجُزْءٍ مِنَ الصَّلاةِ لتأكُّدِها. وأمَّا صلاةُ غيرِ الرَّاتِبَةِ، فيَبْطُلُ الجَمْعُ عندَ الأكثرِ، وقطَعوا به. وقال فى «الانْتِصَارِ»: يجوزُ التَنَفُّلُ أَيضًا بينَهما. ونقلَ أبو طالِبٍ، لا بأسَ أنْ يتطوَّعَ بينَهما. قال القاضى فى «الخِلافَ»: رِوايةُ أبى طالبٍ تدُلُّ على صِحَّةِ الجمْعِ، وإنْ لم تحصُلِ المُوالاةُ. وتقدَّم أنَّ الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّين لا يَشْتَرِطُ المُوالاةَ فى الجمْع. وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يُطِلِ الصَّلاةَ، فإنْ أطالَها، بطَل الجَمْعُ، رِوايةً واحدةً. قالَه الزَّرْكَشِىُّ، وغيرُه. وتقدَّم نظِيرُه فى الوضوءِ. فائدة: يصلِّى سُنَّةَ الظُّهرِ بعدَ صلاةِ العَصْرِ، مِن غيرِ كراهةٍ. قالَه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يجوزُ. وقيل: إنْ جمَع فى وقتِ العَصْرِ، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ؛ لبَقاءِ الوقْتِ إذَنْ. ويصلِّى فى جَمْع التَّقْديمِ سُنَّةَ العِشاءِ بعدَ سُنَّةِ المغْرِبِ. على الصَّحيحِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الأشْبَهُ عندى، أنْ يؤخِّرَها إلى دُخولِ وقْتِ العِشاءِ. وذكَر الأوَّلَ احْتِمالًا. قوله: وأنْ يكونَ العُذْرُ موجودًا عندَ افْتِتاحِ الصَّلاتَيْن، وسلامِ الأُولَى. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرَحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «مَجمَع البَحْرَيْن»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلحٍ»، وغيرِهم. قال ابنُ تَميمٍ: وسواءٌ قُلْنا باعْتبارِ نِيَّةِ الجَمْع أم لا. وقيل: لا يُشْتَرَطُ وجودُ العُذْرِ عندَ سلامِ الأُولَى. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا أثرَ لانْقطاعِه عندَ سلامِ الأُولَى، إذا عادَ قبلَ طولِ الفَصْلِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وقيل: يُشْترَطُ وجودُ العُذْرِ فى جميعِ الصَّلاةِ الأُولَى. اخْتارَه صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». فوائد؛ منها, لو أحْرَم بالأولَى مع قيامِ المطَرِ، ثم انْقطَع، ولم يَعُدْ، فإنْ لم

وَإنْ جَمَعَ فى وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ فى وَقْتِ الأُولَى، مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا، واسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ إِلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْصُلْ منه وَحْلٌ، بطَل الجَمْعُ، وإنْ حصَل منه وَحْلٌ، وقُلْنا: يجوزُ الجَمْعُ لأجْلِه. لم تبْطُلْ. جزَم به ابنُ تَميمٍ، وابنُ مُفْلحٍ فى «حَواشِيه». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ حصَل به وَحْلٌ، فوَجْهان. انتهى. ولو شرَع فى الجَمْع مُسافرٌ لأجْلِ السَّفَرِ، فزالَ سفَرُه، ووُجِدَ وَحْلٌ أو مرَضٌ أو مطَرٌ، بطَل الجَمْعُ. ومنها، يُعْتَبَرُ بقاءُ السَّفرِ والمَرضِ، حتَّى يفرَغَ مِنَ الثَّانيةِ، فلو قَدِمَ فى أثْنائها، أو صحَّ، أو أقامَ، بطَل الجَمْعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالقَصْرِ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»؛ فقال: واسْتِمْرارُ العُذْرِ، حتَّى يشْرَعَ فى الثَّانيةِ، فيُتِمُّها نفْلًا، وقيل: تبْطُلُ. وقيل: لا يبْطُلُ الجَمْعُ، كانْقِطاعِ المطَرِ فى الأشْهَرِ. والفَرْقُ، أنَّ نتيجةَ المطَرِ وَحْلٌ فتَبِعَه، وهما فى المَعْنَى سَواءٌ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الحَواشِى»: والفرْقُ أنَّه لا يتَحَقَّقُ انْقِطاعُ المطَرِ؛ لاحْتمالِ عَوْدِه فى أثْناءِ الصَّلاةِ، وقد يخلُفُه عُذْرٌ مُبِيحٌ، وهو الوَحْلُ، بخِلافِ مَسْألَتِنا. انتهى. ومنها، ذكَر المُصَنِّفُ ثلاثةَ شُروطٍ، وبَقِيَ شرْطٌ رابعٌ، وهو التَّرتيبُ، لكن ترَكَه لوُضوحِه. قوله: وإنْ جمَع فى وقتِ الثَّانيةِ كَفاه نِيَّةُ الجَمْعِ فى وقْتِ الأُولَى، ما لم يضِقْ

وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن فِعْلِها. هذا المذهبُ، وعليه الأكثرُ. قالَه فى «الفُروعِ». قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: متى جمَع فى وقْتِ الثَّانيةِ، فلا بُدَّ مِن نِيَّةِ الجَمْع فى وقْتِ الأُولَى، ومَوْضِعُها فى وقْتِ الأُولَى، مِن أوَّلِه إلى أنْ يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُصَلِّيها. هكذا ذكَرَه أصحابُنا. انتهى. وقال المَجْدُ: وإنْ جمَع فى وقْتِ الثَّانيةِ، اشْتُرطَتْ نِيَّةُ الجَمْع قبلَ أنْ يَبْقَى مِن وقْتِ الأُولَى بقَدْرِها؛ لفَواتِ فائدَةِ الجَمعِ، وهو التَّخْفيفُ بالمُقارَنةِ بينَهما. وقالَه غيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيلَ: يصِحُّ ولو بَقِىَ قدْرُ تَكْبيرةٍ مِن وقْتِهما أو ركْعَةٍ. قال ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ»: وقْتُ النِّيَّةِ، إذا أخَّر مِن زَوالِ الشَّمْسِ أو غرُوبِها، إلى أنْ يَبْقَى مِن وقْتِ الأُولَى قَدْرُ ما ينْوِيها فيه؛ لأنَّه به يكونُ مُدْرِكًا لها أداءً. قوله: واسْتِمْرارُ العُذْرِ إلى دُخولِ وقْتِ الثَّانيةِ منهما. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: ولا يُشْتَرَطُ غيرُ ذلك. مُرادُه، غيرُ التَّرتيبِ، فإنَّه يُشْترَطُ بينَهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجعَلَه فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «نَهايَةِ أبِى المَعالِى»، أصْلًا لمَن قال بعدَم سقُوطِ التَّرْتيبِ بالنِّسْيانِ فى قَضاءِ الفَوائتِ. قال فى «النُّكَتِ»: فدَلَّ على أنَّ المذهبَ لا يسْقُطُ بالنِّسْيانِ. وقيل: يسْقُطُ التَّرْتِيبُ بالنِّسْيانِ؛ لأنَّ إحْداهما هنا تبعٌ لاسْتِقرارِهما، كالفَوائتِ. وقدَّمه ابنُ تَميم، و «الفائقِ». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقَبِعَه الزَّرْكَشِىُّ: التَّرتيبُ مُعْتبرٌ هنا، لكن بشَرْطِ الذِّكْرِ، كتَرْتيبِ الفَوائتِ. ووَجَّه فى «الفُروعِ» منها تخْريجًا بالسُّقوطِ مُطلقًا. وقيل: ويسْقُطُ التَّرْتيبُ أَيضًا بضِيقِ وقْتِ الثَّانيةِ، كفائتَةٍ مع مُؤدَّاةٍ، وإنْ كان الوقْتُ لها أداءً. قالَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». تنبيه: أخرَج بقوْلِه: ولا يُشْتَرَطُ غيرُ ذلك. المُوالاةَ، فلا تُشْتَرَطُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: تُشْتَرَطُ، فيأْثَمُ بالتَّأْخيرِ عَمْدًا، وتكونُ الأُولَى قَضاءً، ولا يَقْصُرُها المُسافِرُ. وقدَّم أبو المَعالى، أنَّه لا يَأْثَمُ به، وأمَّا الصَّلاةُ، فصَحيحَةٌ بكُلِّ حالٍ، كما لو صلَّى الأُولَى فى وقْتِها مع نِيَّةِ الجَمْعِ، ثم ترَكَه. فعلى المذهبِ، لا بأْسَ بالتَّطوعِ بينَهما. نصَّ عليه. وعنه، منْعُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُشترَطُ اتِّحادُ الإِمامِ ولا المأْمومِ فى صِحَّةِ الجَمْع. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. فلو صلَّى الأُولَى وحدَه، ثم صلَّى الثانيةَ إمامًا أو مأْمومًا، أو تعدَّد الإِمامُ بأن صلَّى بهم الأُولَى، وصلَّى الثَّانيةَ إمامٌ آخَرُ، أو تعدَّدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المأْمومُ فى الجَمْعِ؛ بأن صلَّى معه مأْمُومٌ فى الأُولَى، وصلَّى فى الأُخْرى مأْمومٌ آخَرُ، أو نوَى الجَمْعَ المعْذُورُ مِنَ الإِمامِ والمأْمومِ، كمَن نوَى الجَمْعَ خلفَ مَن لا يجْمَعُ أو بمَن لا يجْمَعُ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى الأشْهَرِ. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا صلَّى إحْدى صَلَاتى الجَمْع فى بَيْتِه، والأُخْرى مع الإِمامِ، فلا بأْسَ. وصحَّحه ابنُ تميم. وقدَّمَهُ فى «الرِّعايَةِ» فى عدَمِ اتِّخاذِ الإِمامِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُعْتبَرُ اتِّخاذُ المأْمومِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: يُعْتبَرُ فى الأصَحِّ. وقيل: يُعْتبرُ اتخاذُ الإِمامِ والمأمومِ أَيضًا. ذكَره فى «الرِّعايَةِ».

فصل فى صلاة الخوف

فَصْلٌ فى صَلَاةِ الْخَوْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قَالَ الإمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: صَحَّ عَنِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَاةُ الْخَوْفِ مِنْ خَمْسَةِ أَوجُهٍ، أو سِتَّةٍ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ فَعلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فصلٌ فى صلاةِ الخَوفِ، قال الإِمامُ أبو عبدِ اللَّه: صحَّ عنِ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، صلاةُ الخَوفِ مِن خمسةِ أوجُهٍ، أو سِتَّةٍ، كُلُّ ذلك جائزٌ لمَن فعَله. وفى رِوايةٍ عن الإِمامِ أحمدَ: مِن سِتَّةِ أوْجُهٍ أو سَبْعةٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: أكثرُ مِن ذلك.

فَمِنْ ذَلِكَ، إِذَا كَان الْعَدُوُّ فى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، صَفَّ الإمَامُ الْمُسْلِمِينَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِهِم جَمِيعًا إِلَى أنْ يَسْجُدَ فَيَسْجُدَ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِى يَلِيهِ، وَيَحْرُسَ الْآخرُ حَتَّى يَقُومَ الإمَامُ إِلَى الثَّانِيَةِ، فَيَسْجُدَ وَيَلْحَقَهُ، فَإِذَا سَجَدَ فى الثَّانِيَةِ، سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الَّذِى حَرَسَ، وَحَرَسَ الْآخَرُ حَتَّى يَجْلِسَ فى التَّشَهُّدِ، فَيَسْجُدَ وَيَلْحَقَهُ، فَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فمن ذلك، إذا كان العَدُوُّ فى جهةِ القِبْلةِ، صَفَّ الإِمامُ المُسْلمين خلفَه صَفَّين. يعنى، فأكْثَر. فهذه صِفَةُ ما صلَّى، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، فى عُسْفانَ. فيُصلِّى بهم جميعًا إلى أنْ يسْجُدَ، فيَسْجُدَ معه الصَّفُّ الذى يَلِيه، ويحْرُسَ الآخَرُ، حتَّى يقومَ الإِمامُ إلى الثَّانيةِ، فيَسْجُدَ ويَلْحَقَه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الأوْلَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الصَّفَّ المُؤَخَّرَ هو الذى يحْرُسُ أوَّلًا. كما قال المُصَنِّفُ. قال فى «النُّكَتِ»: هو الصَّوابُ. واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرَحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُسٍ»، و «التَّسْهيلِ»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلحٍ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمعِ البَحْرَيْن»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال القاضى وأصحابُه: يحْرُسُ الصفُّ الأوَّلُ أوَّلًا؛ لأنَّه أحْوَطُ. قال فى «مَجْمَع البَحْريْن»: ذكَره أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»،

الْوَجْهُ الثَّانِى، إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، جَعَلَ طَائِفَةً حِذَاءَ الْعَدُوِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَتَيْن»، و «الإِفاداتِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال ابنُ تَميم، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهما: وإنْ صفَّ فى نوْبَةِ غيرِه، فلا بأسَ. فوائد؛ إحْداها، قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يكونُ كل صفٍّ ثلاثةً أو أكثرَ. وقيل: أو أقل. ولم أرَها لغيرِه. الثَّانيةُ، لو تأخَّر الصفُّ المُقدَّمُ، وتقدَّمَ الصفُّ المُؤخَّرُ، كان أوْلَى للتَّسويةِ فى فضيلةِ الموقفِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوس»، و «ابنِ تَميم». وقيل: يجوزُ مِن غيرِ أفْضَلِيَّةٍ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّالثةُ، لو حرَس بعضُ الصفِّ، أو جعَلهم الإِمامُ صفًا واحدًا، جازَ. الرَّابعةُ، لا يجوزُ أنْ يحْرُسَ صفٌّ واحدٌ فى الرَّكْعتَيْن. الخامسةُ، يُشْترَطُ فى صلاةِ هذه الصِّفَةِ، أنْ لا يخافُوا كَمينًا، وأنْ يكونَ قِتالُهم مُباحًا، سواءٌ كان حضَرًا أو سفَرًا، وأنْ يكونَ المسْلِمون يَرَوْن الكُفَّارَ؛ لخوْفِ هُجومِهم. قوله: الوجْهُ الثَّانى، إذا كان العَدُوُّ فى غيرِ جهةِ القبلَةِ، جعَل طائفةً حِذاءَ

وَطَائِفَةً تُصَلِّى مَعَهُ رَكْعَةً، فَإذَا قَامُوا إلَى الثَّانِيَةِ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأتَمَّتْ لِأنْفُسِهَا أُخْرَى، وَسَلَّمَتْ وَمَضتْ إِلَى الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الأُخْرَى فَصَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، فَإذا جَلَسَ للِتَّشَهُّدِ أتَمَّتْ لِأنْفُسِهَا أُخْرَى، وَتَشَهَّدَتْ وَسَلَّمَ بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العدوِّ. بلا نِزاعٍ، لكن يُشْترَطُ فى الطائفَةِ، أنْ تكْفِىَ العدُوَّ. زادَ أبو المَعالِى، بحيثُ يحْرُمُ فرارُها. فلا يُشْترَطُ فى الطائفَةِ عدَدٌ على كِلا القَوْلَيْن. وهذا المذهبُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الخِرَقِىِّ»، و «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ»، و «العُقودِ» لابنِ البَنَّا، و «المُحَرِّرِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم، لإِطْلاقِهِمُ الطَّائفَةَ. قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هذا القِياسُ. وصحَّحه فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قال المُصَنِّفُ: والأَوْلَى أنْ لا يُشتَرطَ عَدَدٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يُشتَرطُ كونُ كلِّ طائفةٍ ثلَاثةً فأكثرَ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أشْهَرُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقيل: يُكْرَهُ أنْ تكونَ الطَائفةُ أقلَّ مِن ثلَاثةٍ. اخْتارَه القاضى، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِى فى أوائلِ كتابِ الحُدودِ، مِقْدارُ الطَّائفَةِ. فائدة: لو فرَّط الإِمامُ فى ذلك، أو فيما فيه حَظٌّ للمُسْلِمين، أثِمَ، ويكونُ قد أتَى صغِيرةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» تبَعًا لصاحِبِ «الفُصولِ». ولا يقْدَحُ فى الصَّلاةِ إنْ قارَنَها على الأشْبَهِ. قاله فى «الفُصولِ»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ». وقيل: يفْسُقُ بذلك، وإنْ لم يتَكَرَّرْ منه، كالمُودَعِ والوَصِىِّ والأمِينِ إذا فرَّط فى الأمانَةِ. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ، وقال: وتكونُ الصَّلاةُ معه مبْنِيَّةً على إمامَةِ الفاسِقِ. وأطلقَهما ابنُ تَميمٍ. قلتُ: إنْ تعَمَّدَ ذلك، فسَق قَطْعًا، وإلَّا فلا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فى المُودَعِ والوَصِىِّ والأمِينِ إذا فرَّط، هذا الخِلافُ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ». قوله: فإذا قاموا إلى الثَّانيةِ، ثبَت قائمًا، وأتمَّتْ لأنفُسِها أُخْرَى، وسلَّمتْ ومضَتْ إلى العَدُوِّ. الرَّكْعَةُ الثَّانيةُ التى تُتِمُّها لنَفْسِها، تقْرَأُ فيها بالحَمْدِ وسُورَةٍ، وَتَنْوِى المُفارَقَةَ؛ لأنَّ مَن ترَك المُتابعَةَ ولم يَنْوِ المُفارقَةَ، تبْطُل صلاتُه. ويَلزَمُها أيضًا أنْ تسْجُدَ لسَهْوِ إمامِها الذى وقَع منه قبلَ المُفارَقَةِ. عندَ فَراغِها. قلتُ: فيُعايَى بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها بعدَ المُفارَقَةِ مُنْفَرِدَةٌ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال ابنُ حامِدٍ: هى مَنْوِيَّة. وأمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّائفةُ الثَّانيةُ، فهى منْوِيَّةٌ فى كلِّ صلاِته، فيَسْجُدون لسَهْوِه فيما أدْرَكُوه وفيما فاتَهم كالمَسْبُوقِ، ولا يسْجدُون لسَهْوِهم. ومنَع أبو المَعالِى انْفِرادَه، فإنَّ مَن فارَقَ إِمامَه فأدْرَكَه مأمومٌ، بَقِىَ. على حُكْمِ إمامَتِه. تنبيه: قوله: ثبَت قائمًا. يعْنِى، يُطِيلُ القِراءةَ، حتى تحْضُرَ الطائفة الأُخْرَى. قوله: وجاءتِ الطائفَةُ الأخْرَى فصلَّت معه الرَّكْعَةَ الثَّانيةَ. فيَقْرأُ الإِمامُ إذا جاءُوا الفاتِحَةَ وسُورَةً، إنْ لم يكُنْ قرَأ، وإنْ كان قرَأ، قرَأ بقَدْرِ الفاتحةِ وسُورةٍ، ولا يُؤخِّرُ القِراءَةَ إلى مجِيئها. قال ابنُ عَقِيلٍ: لأنَّه لا يجوزُ السُّكوتُ، ولا التَّسْبِيحُ، ولا الدُّعاءُ، ولا القِراءَةُ بغيرِ الفاتحةِ. لم يَبْقَ إلَّا القراءَةُ بالفاتحةِ وسُورةٍ طويلَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال: لا يجوزُ. أىْ يُكْرَهُ. فائدة: يكْفِى إدْراكُها لرُكُوعِها، ويكونُ تَرَك الإِمامُ المُسْتَحَبَّ. وفى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ»: فعَل مَكْرُوهًا. قوله: فإذا جلَس للتَّشَهُّدِ أتمَّتْ لأنفسِها أُخْرَى، وتشهَّدتْ وسلَّم بهم. هذا المذهبُ، أعْنِى، أنها تُتِمُّ صلَاتها إذا جلَس الإِمامُ للتَّشَهُّدِ , يَنْتَظِرُهم حتى يُسَلِّمَ بهم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقيل: له أنْ يُسَلِّمَ قبلَهم. وجزَم به النَّاظِمُ. قال ابنُ أبِى مُوسى: لو أتمَّتْ بعدَ سلامِه، جازَ. وقيل: تقْضِى الطَّائفَةُ بعدَ سلامِه. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِى بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد، الأُولَى، تسْجُدُ الطَّائفَةُ الثَّانيةُ معه لسَهْوِه، ولا تُعيدُه، لأنَّها تنْفَرِدُ عنه. وهذا المذهبُ. وجعَلها القاضى وابنُ عَقِيل، كَمَسْبوقٍ. وقيل: إنْ سَها فى حالِ انْتِظارِها، أو سهَتْ بعدَ مُفارَقَتِه، فهل يثْبُتُ حُكْمُ القُدْوَةِ؟ وإذا لَحِقُوه فى التَّشَهُّدِ، هل يُعْتبرُ تجْديدُ نِيَّةِ الاقْتِداءِ؟ فيه خِلافٌ مأخوذٌ ممَّن زُحِمَ عن سُجودٍ، إذا سَها فيما يأْتى به، أو سَها إمامُه قبلَ لُحُوقِه، أو سَها المُنْفرِدُ، ثم دخَل فى جماعةٍ. وفيه وَجْهان. قالَه أبو المَعالِى. وأوْجَب أبو الخَطَّابِ سُجودَ السَّهْوِ على المَزْحومِ؛ لانْفِرادِه بفِعْلِه. وقِياسُ قولِه فى الباقى كذلك. قال المَجْدُ: وانْفَرَدَ أبو الخَطَّابِ عن أكثرِ أصحابِنا وعامَّةِ العُلَماءِ، أنَّ انْفِرادَ المأمومِ بما لا يقْطَعُ قُدْوَتَه، متى سَها فيه، أو به، حمَل عنه الإِمامُ. ونصَّ عليه أحمدُ فى مَواضِعَ، لبَقاءِ حُكْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُدْوَةِ. وأمَّا الطَّائفَةُ الأُولَى، فهى فى حُكْمِ الائْتِمام قبلَ مُفارَقَتِه؛ إنْ سَها لَزِمهم حُكْمُ سَهْوِه، وسَجُدوا له، وإنْ سَهَوْا لم يَلْحَقْهم حُكْمُ سَهْوِهم. وإذا فارَقوه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صارُوا مُنْفَرِدين لا يَلْحَقُهم سَهْوُه، وإنْ سَهَوْا سجَدوا. قالَه فى «الكافِى» (¬1). وهو مُشْكِلٌ بما تقدَّم فى آخِرِ بابِ السَّهْوِ، أنَّ المَسْبوقَ لو سَها مع الإِمامِ، أنَّه يسْجُدُ. الثَّانيةُ، هذه الصَّلاةُ بهذه الصِّفَةِ اخْتارَها الإِمامُ أحمدُ وأصحابُه، حتى قطَع بها كثيرٌ منهم، وقدَّموها على الوَجْهِ الثَّالثِ الآتى بعْدُ، وفضَّلوها عليه. وفعَلها عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ بذاتِ الرِّقاعِ. الثَّالثةُ، هذه الصِّفَةُ تُفْعَلُ، وإنْ كان العدُوُّ فى جِهَةِ القِبْلةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وجماعةٌ: مِن شُروطِ هذه الصَّلاةِ بهذه الصِّفَةِ، كونُ العدُوِّ فى غيرِ جِهَةِ القِبْلةِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». قال المَجْدُ: نصُّ أحمدَ محْمولٌ على ما إذا لم تكُنْ ¬

(¬1) 1/ 208.

فَإنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مَغْرِبًا، صَلَّى بِالأُولَى رَكْعَتَيْنِ، وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاةَ عُسْفانَ؛ لاسْتِئْثارِ العدُوِّ، وقولُ القاضى محْمولٌ على ما إذا كانت صَلاةَ عُسْفانَ. قوله: وإنْ كانتِ الصَّلاةُ مَغْرِبًا، صلَّى بالأولَى ركْعَتَيْن، وبالثَّانيةِ ركْعَة. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه. ولو صلَّى بالأُولَى ركْعَةً، وبالثَّانيةِ ركْعَتَيْن، عكْسُ الصِّفَةِ الأُولَى، صحَّتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وفى «الفُروعِ» تخْرِيجٌ بفَسادِها مِن بُطلانِها إذا فرَّقَهم أرْبَعَ فِرَقٍ.

وإنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً غَيْرَ مَقْصُورَةٍ، صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْن، وَأَتَمَّتِ الأُولَى بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} فى كُلِّ رَكْعَةٍ، وَالأُخْرَى تُتِمُّ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وَسُورَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانت رُباعيَّةً غيرَ مقْصورةٍ، صلَّى بكل طائفةٍ ركْعتَيْن. بلا نِزاعٍ. ولو صلَّى بطائفةٍ ركْعَة، وبالأُخْرَى ثلاثًا، صحَّ. ولم يُخرِّجْ فيها فى

وَهَلْ تُفَارِقُهُ الأُولَى فى التَّشَهُّدِ الْأوَّلِ أوْ فى الثَّالِثَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وخرَّج ابنُ تَميم البُطْلانَ. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ». قوله: وهل تُفارِقُه الأُولَى فى التَّشَهُّدِ الأوَّل أو فى الثَّالثةِ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الشَّرَحِ»؛ أحدُهما، تُفارِقُه عندَ فراغِ التَّشَهُّدِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ» و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصحيحِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». والوَجْهُ الثَّانِى، تُفارِقُه فى الثَّالثةِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. فعلى المذهبِ، ينْتَظِرُ الإِمامُ الطَّائفةَ الثَّانيةَ جالِسًا، يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ، فإذا أتَتْ، قامَ. زادَ أبو المَعالِى، تُحْرِمُ معه، ثم يَنْهَضُ بهم. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، يكونُ الانْتِظارُ فى الثَّالثةِ، فيَقْرا صورةً مع الفاتحةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وفيها احْتِمالٌ لابنِ عَقِيل، فى «الفُنونِ»؛ يُكررُ الفاتحةَ. فائدة: لا تَتَشَهَّدُ الطَّائفَةُ الثَّانيةُ بعدَ ثالثةِ المغْرِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

وَإنْ فَرَّقَهُمْ أرْبَعًا، فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، صَحَّتْ صَلَاةُ الأُولَيَيْنِ، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإمَامِ، وَالأُخْرَيَيْنِ إِنْ عَلِمَتَا بُطلانَ صَلَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه ليس محَلَّ تَشَهُّدِها. وقيل: تتَشَهَّدُ معه، إنْ قُلْنا: تقْضِى رَكْعَتَيْن مُتَوالِيَتَيْن؛ لئلَّا تصَلِّىَ المغْرِبَ بتَشَهُّدٍ واحدٍ. قلتُ: فعلى الأوَّلِ، إنْ قُلْنا: تقْضِى رَكْعَتَيْن مُتَوالِيتَيْن. يُعايَى بها. لكن يظْهَرُ بعدَ هذا، أن يُقالَ: لا تتَشَهَّدُ بعدَ الثَّالثةِ. وإذا قضَتْ تقْضِى رَكْعَتَيْن مُتَوالِيتَيْن، ويُتَصَوَّرُ فى المغْرِبِ أيضًا سِتُّ تَشَهُّداتٍ بأن يُدْرِكَ المأْمومُ الإِمامَ فى التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، فيَتَشَهَّدَ معه، ويكونُ على الإِمامِ سُجودُ سَهْوٍ محَلُّه بعدَ السَّلامِ، فيتَشَهَّدُ معه ثلاثَ تَشَهُّداتٍ، ثم يقْضِى فيتَشَهَّدُ عَقِيبَ ركْعَةٍ، وفى آخِرِ صلاِته، ولسَهْوٍ لِمَا يجبُ سُجودُه بعدَ السَّلامِ، بأنْ يُسَلِّمَ قبلَ إتْمامِ صلاِته. فيُعايَى بها. قوله: وإنْ فَرَّقهم أرْبَعَ فِرَقٍ، فصلَّى بكلِّ طائفَةٍ رَكْعَةً، صحَّتْ صَلاةُ الأُولَيَيْن. لمُفارَقَتِهما قبلَ الانْتِظارِ الثَّالثِ، وهو المُبْطُل. ذكَر هذا التَّعْلِيلَ ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ وغيرُه. قال ابنُ عَقِيل وغيرُه: وسواءٌ احْتاجَ إلى هذا التَّفْريقِ أو لا. قوله: وبطَلَتْ صَلاةُ الإِمامِ، والأُخْرَيَيْن إنْ عَلِمَتا بُطلانَ صلاِته. وهذا المذهبُ فى المَسْألتَيْن، وعليه أكَثرُ الأصحابِ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: والصَّحيحُ عندِى، على أصْلِنا، إنْ كان هذا الفِعْلُ لحاجَةٍ، صحَّتْ صلاةُ الكُلِّ، كحاجَتِهم إلى ثَلاثِمِائَةٍ بإزاءِ العدُوِّ، والجَيْشُ أرْبَعُمِائَةٍ؛ لجَوازِ الانْفِرادِ لعُذْرٍ. والانْتِظارُ إنَّما هو تطْويلُ قِيام وقِراءةٍ وذِكْرٍ. وإنْ كان لغيرِ حاجَةٍ، صحَّتْ صلاةُ الأُولَى؛ لجَوازِ مُفارَقَتِها، بدَليلِ جَوازِ صلاِتِه بالثَّانيةِ الرَّكَعاتِ الثَّلاثَ، وبطَلَتْ صلاةُ الإِمامِ والثَّانيةِ؛ لانفِرادِها بلا عُذْرٍ. وهو مُبْطِل على الأشْهَرِ، وبطَلَتْ صلاةُ الثَّالثةِ والرَّابعَةِ؛ لدُخولِهما فى صلاةٍ باطِلَةٍ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أحْسَنُ. وقيل: تبْطُلُ صلاةُ الكُلِّ بِنيَّةِ صلاةٍ محَرَّمٍ ابْتِداؤُها. وقيل: تصِحُّ صلاةُ الإِمامِ فقط.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ، أنْ يُصَلِّىَ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ تَمْضِىَ إلَى الْعَدُوِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به القاضى فى «الخِلافِ»، ووَجهَ فى «الفُروعِ» بُطْلانَ صلاةِ الأُولَى والثَّانيةِ؛ لانْصِرافِهما فى غيرِ محَلِّه. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وبَطَلَتْ صلاةُ الإِمامِ والأُخْرَيَيْن، إنْ عَلِمَتَا بُطْلانَ صلاِته. أنَّهما إذا جَهِلَتا بُطْلانَ صلاِته، تصِحُّ صلاتُهما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، بشَرْطِ أنْ يجْهَلَ الإِمامُ أيضًا بُطْلانَ صلاِتِه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. قال ابنُ تَميمٍ: ويَنْبَغِى أنْ يُعْتَبَرَ جَهْلُ الإِمامِ أيضًا. وقيل: لا تبْطُلُ، ولو لم يَجْهَلِ الإِمامُ بُطْلانَ صلاِته. قال فى «الفُروعِ»: وفيه نَظرٌ. ولهذا قيل: لا تصِحُّ كحَدَثِه. وقيل: لا تصِحُّ صلاتُهم ولو جَهِلُوا؛ للعِلْمِ بالمُفْسدِ. قال المَجْدُ: وهو أقْيَسُ على أصْلِنا، والجَهْلُ بالحُكْمِ لا تأْثيرَ له كالحَدَثِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: ولو قال قائلٌ ببُطْلانِ صلاةِ الجميع، إذا لم يكُنِ التَّفْريقُ لحاجَةٍ، ولم يُعْذَرِ المأْمُومون لجَهْلِهم. لم يبْعُدْ. قوله: الوَجْهُ الثَّالثُ، أنْ يصلِّىَ بطائفَةٍ رَكْعَة، ثم تَمْضىَ إلى العَدُوِّ، وتأْتِىَ

وَتَأْتِىَ الأُخْرَى فَيُصَلِّىَ بِهَا رَكْعَةً، وَيُسلِّمَ وَحْدَهُ، وَتَمْضِىَ هِىَ، ثُمَّ تَأْتِىَ الْأُولَى فَتُتِمَّ صَلَاتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُخْرَى فيصلِّىَ بها رَكْعَةً، ويُسلِّمَ وَحْدَهُ، وتَمْضِىَ هى، ثم تأتِىَ الأُولَى فَتُتِمَّ صلاتَها. ثم تأْتِىَ الأُخْرَى، فَتُتِمَّ صلاتَها. وهذا بلا نِزاعٍ، لكن إذا أَتَمَّتْها الطَّائفةُ الأُولَى، تَلْزَمُها القِراءةُ فيما تقْضِيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال القاضى فى «جَامِعِه الصَّغيرِ»: لا قِراءةَ عليها، بل إنْ شاءتْ قرَأَتْ، وإنْ شاءتْ لم تقْرَأْ؛ لأنَّها مُؤْتَمَّةِّ بالإِمامِ حُكْمًا. انتهى. ولو زُحِمَ المأْمومُ أو نامَ حتى سلَّم إمامُه، قرَأ فيما يقْضيه. نصَّ عليه. وعلى قوْلِ القاضى، لا يحْتاجُ إلى قراءةٍ. قالَه ابنُ تَميمٍ، وصاحبُ «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايَى بها على قوْلٍ فيهما. وأمَّا الطَّائفةُ الأُخْرى، فتَلْزمُها القراءةُ فيما تقْضيه، وَجْهًا واحدًا.

الْوَجْهُ الرَابعُ، أنْ يُصَلِّىَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ صَلَاةً، وَيُسَلِّمَ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، هذه الصَّلاةُ بهذه الصِّفةِ، وردَتْ فى حديثِ ابنِ عمرَ. رَواه البُخَارِىُّ، ومُسْلِمٌ، والإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ وغيرُهم. وليستْ مُخْتارةً عندَ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ، بل المُخْتارُ عندَهم، الوَجْهُ الثَّانى، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، لو قضَتِ الطَّائفةُ الأُخْرى ركْعَتَها حينَ تفُارِقُ الإِمامَ وسلَّمتْ، ثم مضَتْ، وأتَتِ الأُولَى فأتَمَّتْ، كخَبَرِ ابنِ مَسْعُودٍ، صحَّ. وهذه الصِّفةُ أوْلَى عندَ بعضِ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ»، واقْتصَرَ عليه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أحْسَنُ. قوله: الوَجْهُ الرَّابعُ، أنْ يصُلِّىَ بكُلِّ طائفَةٍ صَلاةً، ويُسلِّمَ بها. تصِحُّ الصَّلاةُ

الْوَجْهُ الْخَامِسُ، أنْ يُصَلِّىَ الرُّبَاعِيَّةَ الْمَقْصُورَةَ تَامَّةً، وَتُصَلِّىَ مَعَهُ كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَلَا تَقْضِىَ شَيْئًا، فَتَكُونَ لَهُ تَامَّةً، وَلَهُمْ مَقْصُورَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ بهذه الصِّفةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإنْ مَنعْنا اقْتِداءَ المُفْترِضِ بالمُتَنَفِّلِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، وقال: هو أصحُّ. وغيرِهم. وبَناه القاضى وغيرُه، على اقْتِداءِ المُفْترِضِ بالمُتَنَفِّلِ. وهذه الصِّفةُ فَعَلَها عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنَّسائِىُّ، مِن حديثِ أبى بَكْرَةَ. قوله: الوَجْهُ الخامسُ، أنْ يُصلِّىَ الرُّباعِيَّةَ المقصورَةَ تامَّةً، وتُصلِّى معه كُلُّ طائفَةٍ رَكْعَتَين، ولا تَقْضِىَ شيئًا، فتكونُ له تامَّةً، ولهم مقصورَةً. الصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ؛ أنَّ الصَّلاةَ بهذه الصِّفَةِ صحيحةٌ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وقال المَجْدُ: لا تصِحُّ؛ لاحْتِمالِ سلامِه مِن كلِّ رَكْعَتَيْن، فتكونُ الصِّفةُ التى قبلَها. قال: وتَبِعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». فلا يجوزُ إثْباتُ هذه الصِّفةِ مع الشَّكِّ والاحْتِمالِ. ونَصَراه. وهذه الصِّفةُ فعَلَها عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ فى ذَاتِ الرِّقاعِ. روَاه الإِمامُ أحمدُ، والبُخارِىُّ، ومُسْلِمٌ. قلتُ: فعلى المذهبِ، يُعايَى بها. فائدتان؛ إحْداهما، لو قصَر الصَّلاةَ الجائِزَ قصْرُها، وصلَّى بكلِّ طائفةٍ ركْعَةً بلا قَضاءٍ، صحَّ فى ظاهرِ كلامِه. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وقال: وهو المُخْتارُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وهو مِنَ المُفرداتِ. قال فى «الفُروعِ»: ومنَع الأكثرُ صِحَّةَ هذه الصِّفَةِ. قال الشَّارِحُ: وهذا قوْلُ أصحابِنا. ومالَ إليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ. قال القاضْى: الخوْفُ لا يُؤَثِّرُ فى نقْصِ الرَّكَعاتِ. قال فى «الكافِى» (¬1): كلامُ أحمدَ يقْتَضى أنْ يكونَ مِنَ الوُجوهِ الجائزَةِ، إلَّا أنَّ أصحابَه قالوا: لا تأْثيرَ للخَوْفِ فى عدَدِ الرَّكَعاتِ. وحمَلوا هذه الصِّفَةَ على شِدَّةِ الخوْفِ. انتهى. وهذا هو الوَجْهُ السَّادِسُ. قال الشَّارِحُ: وذكَر شَيْخُنا الوَجهَ ¬

(¬1) 1/ 210.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّادِسَ، أنْ يُصَلِّىَ بكُلِّ طائفَةٍ ركْعَةً، ولا يقضى شيئًا. وكذا قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وكان بعضُ مَشايِخنا يقولُ: الوَجْهُ السَّادِسُ، إذا اشْتدَّ الخوْفُ. وهذه الصِّفةُ صلَّاها عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، بذِى قَرَدٍ. رَواه النَّسائِىُّ، والأَثْرَمُ، مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ، وحُذَيْفَةَ، وزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ (¬1)، وغيرِهم. ¬

(¬1) حديث زيد بن ثابت أخرجه النسائى، فى: أول كتاب صلاة الخوف. المجتبى 3/ 136. كما روى عن أبى هريرة، أخرجه أبو داود، فى: باب من قال يكبرون جميعا وإن كانوا مستدبرى القبلة. . . إلخ، من كتاب صلاة السفر. سنن أبى داود 1/ 284. والترمذى، فى: تفسير سورة النساء، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 11/ 163، 164. والنسائى، فى: أول كتاب الخوف. المجتبى 3/ 141، 142.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ فى الصَّلَاة مِنَ السِّلَاحِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، تصِحُّ صلاةُ الجُمُعَةِ فى الخَوْفِ؛ فيُصلِّى بطائفةٍ ركْعةً بعدَ حُضورِها الخُطْبَةَ، فيُشْتَرَطُ لصِحَّتِها، حُضورُ الطَّائفةِ الأُولَى لها. وقيل: أو الثَّانيةِ. قالَه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وإنْ أحْرَم بالتى لم تحْضُرْها، لم تصِحَّ حتى يَخْطُبَ لها. ويُعْتبرُ أنْ تكونَ كلُّ طائفةٍ أرْبَعين، بِناءً على اشْتِراطِه فى الجُمُعَةِ، وتقْضِى كل طائفةٍ ركْعةً بلا جَهْرٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنْ تبْطُل إنْ بَقِىَ مُنْفَردًا بعدَ ذَهابِ الطَّائفةِ، كما لو نقَص العدَدُ. وقيلَ: يجوزُ هنا للعُذْرِ؛ لأنَّه مُتَرَقِّبٌ للطَّائفةِ الثَّانيةِ. قال أبو المَعالِى: وإنْ صلَّاها كخَبَرِ ابنِ عمرَ، جازَ. وأمَّا صلاةُ الاسْتِسْقاءِ، فقال أبو المَعالِى، واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ»: تُصَلَّى ضرورةً كالمَكْتُوبَةِ، وكذا الكُسوفُ والعيدُ، إلَّا أنَّه آكَدُ مِن الاسْتِسْقاءِ. قوله: ويُسْتحَبُّ أنْ يَحْمِلَ معه فى الصَّلاةِ مِنَ السِّلاحِ، ما يَدْفَعُ به عن نفْسِه،

وَلَا يُثْقِلُهُ؛ كَالسَّيْفِ، وَالسِّكِّينِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَجِبَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يُثْقِلُه، كالسَّيفِ، والسِّكِّينِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يجِبَ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه صاحِبُ «الفائقِ». ونصَرَه المُصَنِّفُ. وحكَاه أبو حَكِيم النَّهْرَوَانِىُّ عن أبِى الخَطَّابِ. قال الشَّارِحُ: هذا القوْلُ أظْهَرُ. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: أمَّا على بعضِ الوُجوهِ، فيما إذا حَرَسَتْ إحْدى الطَّائِفتَيْن، وهي فى حُكْمِ الصَّلاةِ، فيَنْبغى أنْ يجِبَ، قوْلًا واحدًا؛ لوُجوبِ الدَّفْع عنِ المُسْلمين، وأمَّا فى غيرِ ذلك، فإنْ قُلْنا: يجِبُ الدَّفْعُ عنِ النَّفْسِ، فكذلك، وإلَّا كان مُسْتَحَبًّا. انتهى. وقال فى «المُنْتَخَبِ»: هل يُستَحَبُّ؟ فيه رِوايتان. نقَل ابنُ هانِئٍ، لا بَأْسَ. وقيل: يجبُ مع عَدَمِ أَذَى مطَرٍ أو مَرَضٍ، ولو كان السِّلاحُ مُذَهَّبًا، ولا يُشْتَرَطُ حمْلُه، قوْلًا واحدًا. وقال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَوجَّه فيه تخْريجٌ واحْتِمالٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قولِه: ولا يُثْقِلُه. أنَّه إذا أثْقَلَه لا يُسْتَحَبُّ حمْلُه فى الصَّلاةِ كالجَوْشَنِ. وهو صحيحٌ، بل يُكْرَهُ. قالَه الأصحابُ. الثَّانى، يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ ما لا يُثْقِلُه، ولكنْ يمْنَعُه مِن إكْمالَ الصَّلاةِ، كالمِغْفَرِ، أو يؤْذِى غيرَه، كالرُّمْحِ إذا كان مُتَوسِّطًا، فإنَّ حمْلَ ذلك لا يُسْتَحَبُّ، بل يُكْرَهُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، إلَّا مِن حاجَةٍ. وقد جزَم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهما، بأنَّه لا يُسْتَحَبُّ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: يُكْرَهُ ما يمْنَعُه مِنِ اسْتِيفاءِ الأرْكانِ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه، اسْتِيفاؤُها على الكَمالِ. وقال فى «الفُصولِ»، فى مَكانٍ آخَرَ: إلَّا فى حرْبٍ مُباحٍ. قال فى «الفُروعِ»: وكذا قال. ولم يسْتَثْنِ فى مَكانٍ آخَرَ. فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ حمْلُ النَّجِسِ فى هذه الحالِ للحاجَةِ. جزَم به فى

فَصْلٌ: وَإذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ، صَلَّوْا رِجَالًا وَرُكْبَانًا، إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، يُومِئُونَ إِيمَاءً عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ولا يجوزُ حمْلُ نَجِسٍ إلَّا عندَ الضَّرورةِ، كمَن يخافُ وُقوعَ الحِجارَةِ والسِّهامِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويُسَنُّ حمْلُ كذا. وقيل: يجِبُ. وقيل: يجِبُ مع عدَمِ أذّى، وإنْ كان السِّلاحُ مُذَهَّبًا. وقيل: أو نَجِسًا، مِن عَظْمٍ أو جلْدٍ أو عَصَبٍ، ورِيشٍ، وشَعَرٍ. ونحوِ ذلك. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يجوزُ أنْ يحْمِلَ فى الصَّلاةِ سِلاحًا فيه نَجاسَةٌ. فلعَلَّه أرادَ، مع عدَمِ الحاجَةِ، جمْعًا بين الأقْوالِ. لكنْ ظاهرُ «الرِّعايَةِ»، أنَّ فى المسْألَةِ خِلافًا. وحيثُ حمَل ذلك وصلَّى، ففى الإِعادةِ رِوايَتان. ذكَرهما فى «الفُروعِ». وأطْلقَهما. وقال فى «الرِّعايَةِ» مِن عندِه: يحْتَمِلُ الإِعادةُ وعدَمُها وَجْهَين. قلتُ: يُعْطَى لهذه المسْألةِ حُكْمُ نَظائرِها، مِثْلُ ما لو تَيَمَّمَ خوْفًا مِنَ البَرْدِ وصلَّى، على ما تقدَّم. الثَّانيةُ، قال ابنُ عَقِيلٍ: حمْلُ السِّلاحِ فى غيرِ الخوْفِ فى الصَّلاةِ محْظورٌ. وقالَه القاضى. وقال القاضى أيضًا: مَن رفَع الجُناحَ عنهم، رفَع الكراهَةَ عنهم؛ لأنَّه مكْروهٌ فى غيرِ العُذْرِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، ولا يُكْرَهُ فى غيرِ العُذْرِ. وهو أظْهَرُ. انتهى. قوله: وإذا اشْتَدَّ الخَوفُ صَلَّوا رجالًا ورُكْبانًا، إلى القِبْلَةِ وغيرِها يُومئون إيماءً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على قَدْرِ الطَّاقةِ. فأفادَنا المُصَنِّفُ رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ الصَّلاةَ لا تَؤَخَّرُ فى شدَّةِ الخوْفِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، له التَّأخيرُ إذا احْتاجَ إلى عمَلٍ كثيرٍ. قال فى «الفائقِ»: وفى جَوازِ تأْخيرِ الصَّلاةِ عن وَقْتِها لقِتالٍ، رِوايَتان. قال فى «الرِّعايَةِ»: رجَع أحمدُ عن جَوازِ تأْخيرِها حالَ الحرْبِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: والصَّحيحُ، الرُّجوعُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فعلى المذهبِ، فالحُكْمُ فى صلاةٍ تُجْمَعُ مع ما بعدَها، فإنْ كانتْ أُولَى المَجْموعتَين،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالأَوْلَى تأْخيرُها، والخوْفُ يُبيحُ الجَمْعَ فى ظاهرِ كلامِ أحمدَ، كالمَرَضِ ونحوِه.

فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أمْكَنَهُم افْتتاحُ الصَّلاةِ إلى القِبْلَةِ، فهل يَلْزَمُهم ذلك؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»؛ إحْداهما، لا يَلْزمُهم. وهى المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: أصحُّهما لا يجِبُ. قال فى «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»: ولا يجِبُ على الأصحِّ. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»: ولا يلْزَمُ على الأظْهَرِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والصَّحيحُ لا يجِبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يلْزَمُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وفى «الوَجيزِ». تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يُمْكِنْه افْتِتاحُ الصَّلاةِ مُتَوَجِّهًا إليها، أنَّه لا يَلْزَمُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، رِوايةً واحدةً عندَ أكثرِ الأصحابِ. وحكَى أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى»، وابنُ عَقِيلٍ، رِوايةً باللُّزومِ،

وَمَنْ هَرَبَ مِنْ عَدُوٍّ هَرَبًا مُبَاحًا، أَوْ مِنْ سَيْلٍ، أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّى كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والحالَةُ هذه. وهو بعيدٌ، وكيفَ يلزَمُ شئٌ لا يمْكِنُ فِعْلُه؟ وقدَّم هذه الطَّريقةَ فى «الرِّعايَةِ». ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. قال ابنُ تَميمٍ: وفى وُجوبِ افْتِتاحِ الصَّلاةِ إلى القِبْلةِ رِوايَتان. قال بعضُ أصحابِنا: ذلك مع القُدْرَةِ، ولا يجِبُ ذلك مع العَجْزِ، رِوايةً واحدةً. وقال عَبْدُ العَزِيزِ فى «الشَّافِى»: يجِبُ ذلك مع القُدْرَةِ، ومع عدَمِ الإمْكانِ رِوايَتان. وذكَر ابنُ عَقِيل ذلك. انتهى. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن صلاةَ الجماعَةِ، والحالةُ هذه، تنْعَقِدُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهَادِى». ونصَّ عليه فى رِوايَةِ حَرْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: تنْعَقِدُ. نصَّ عليه فى المنْصوصِ، فدَلَّ على أنَّها تجِبُ: وهو ظاهِرُ ما احْتجُّوا به. انتهى. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ أنَّها لا تنْعَقِدُ. وقيل: تنْعَقِدُ ولا تجِبُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وليس ببعيدٍ. قال: وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ مِن قوْلِهم: ويجوزُ أنْ يصَلُّوا جماعةً. فعلى المذهبِ، يُعْفَى عن تقَدُّمِ الإِمامِ وعنِ العَمَلِ الكثيرِ، بشَرْطِ إمْكانِ المُتابعَةِ، ويكونُ سُجودُه أخْفَضَ مِن ركُوعِه، ولا يجِبُ سُجودُه على دابَّتِه، وله الكَرُّ والفَرُّ، والضَّربُ والطَّعْنُ، ونحوُ ذلك للمَصْلَحَةِ، ولا يزولُ الخوْفُ إلَّا بانْهِزام الكُلِّ. قوله: ومَن هرَب مِن عَدُوٍّ هَرَبًا مُباحًا، أَو مِن سَيْلٍ، أو مِن سَبُعٍ ونحوِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالنَّارِ، فله أنْ يُصلِّىَ كذلك. وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيل: إنْ كثُرَ دفْعُ العدُوِّ، مِن سَيْلٍ وسَبُعٍ، وسقُوطِ جِدارٍ ونحوِه، أبْطَل الصَّلاةَ. فائدة: مثْلُ السَّيْلِ والسَّبُعِ، خوْفُه على نفْسِه، أو أهْلِه، أو مالِه، أو ذَبِّه

وَهَلْ لِطَالِبِ العَدُوِّ الْخَائِفِ فَوَاتَهُ الصَّلاةُ كَذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتيْن). ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه. وعلى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، أو خوْفُه على غيرِه. وعنه، لا يُصَلِّى كذلك لخوْفِه على غيرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا يُصَلِّى كذلك لخوْفِه على مالِ غيرِه. وعنه، بلَى. قوله: وهل لطالِبِ العَدُوِّ الخائِف فَواتَه الصَّلاةُ كذلك؟ على رِوايَتَهما. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوك الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرَحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحْداهما، تجوزُ له الصَّلاةُ كذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «النَّظْمِ»: يجوزُ فى الأُوْلَى. ونَصَرَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ». قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: يجوزُ على الأظْهَرِ. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه الخِرَقِىُّ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. اخْتارَها القاضى. وصحَّحها ابنُ عَقِيلٍ. قال فى «الخُلاصَةِ»:

وَمَنْ أَمِنَ فى الصَّلاةِ أَتَمَّ صَلَاةَ آمِنٍ، وَمَنِ ابْتدَأَها آمِنًا فَخَافَ، أتَمَّ صلاةَ خَائِفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يصَلِّيها إلَّا إذا كان طالِبًا للعدُوِّ، على الأصحِّ. وقيل: إنْ خافَ عوْدَه عليه، صلَّى كخائفٍ، وإلَّا فكآمِنٍ. قالَه ابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به الشَّارِحُ. ونقَل أبو داودَ، فى القوْم يَخافون فوْتَ الغارَةِ، فيُؤَخِّرون الصَّلاةَ حتى تطْلُعَ الشَّمْسُ، أو يصَلُّون على دَوابِّهم؟ قال: كلٌّ أرْجو.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، مَن خافَ كمِينًا، أو مَكيدَةً، أو مكْروهًا، إن ترَكها، صلَّى صلاةَ خوْفٍ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهما: رِوايةً واحدةً، ولا يُعيدُ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وعنه، تلْزَمُه الإعادةُ. الثَّانيةُ، يجوزُ التَّيَمُّمُ مع وُجودِ الماءِ للخائفِ فوْتَ عدُوِّه كالصَّلاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه فى «الفُروعِ» هنا. فيُعايَى بها. وعنه، لا يجوزُ. وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ» فى بابِ التَّيَمُّمِ: وفى فوْتِ مَطْلوبِه رِوايَتان. الثَّالثةُ، يجوزُ للخائفِ فوْتَ الوُقوفِ بعَرَفَةَ، صلاةُ الخوْفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ

ومَنْ صَلَّى صَلَاةَ الخَوْفِ لِسَوادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بعَدُوٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُهُ، فَعَلَيْهِ الإِعَادَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ. وهو الصَّوابُ. وهو احْتِمالُ وَجْهٍ فى «الرِّعايَةِ». قال ابنُ أبِى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»: صلَّى ماشِيًا فى الأصحِّ. الرَّابعةُ، لو رأى سَوادًا، فظَنَّه عدُوًّا أو سَبُعًا، فَتَيَمَّمَ وصلَّى، ثم بانَ بخِلافِه، ففى الإعادَةِ وَجْهان. ذكَرهما المَجْدُ، وغيرُه. وصحَّحَ عدَمَ الإِعادةِ لكَثْرَةِ البَلْوى بذلك فى الأسْفارِ، بخِلافِ صلاةِ الخوْفِ. وقيل: يُقدِّمُ الصَّلاةَ، ولا يصَلِّى صلاةَ خائفٍ. وهو احْتِمالُ وَجْهٍ فى «الرِّعايَةِ» أيضًا. وقيل: يُؤخِّرُ الصَّلاةَ إلى أمْنِه. وهو احْتِمالٌ فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميم». وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وهُنَّ أوْجُهٌ فى «الفُروعِ». قوله: ومَن صلَّى صلاةَ الخَوفِ لِسَوادٍ ظَنَّه عَدُوًّا، فبانَ أنَّه ليس بِعَدُوٍّ، فعليه الإِعادةُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا إعادةَ عليه. وذكَره ابنُ هُبَيْرَةَ رِوايةً. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: إذا ظَنُّوا سَوادًا عدُوًّا، لم يَجُزْ أنْ يصَلُّوا صلاةَ الخوْفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ظهَر أنَّه عدُوٌّ، ولكِنَّه يقْصِدُ غيرَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا إعادةَ عليه؛ لوُجودِ سبَبِ الخوْفِ، بوُجودِ عدُوٍّ يخاْفُ هجُومَه، كما لا يُعيدُ مَن خافَ عدُوًّا فى تخَلُّفِه عن رَفيقِه فصلَّاها، ثم بانَ أمْنُ الطَّريقِ. وقيل: عليه الإِعادةُ. قوله: أو بينَه وبينَه ما يمْنَعُه، فعليه الإعادةُ. وهو المذهبُ أيضًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا إعادةَ عليه. وقيل: لا إعادةَ إنْ خَفِىَ المانِعُ، وإلَّا أعادَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو خافَ هدْمَ سورٍ، أو طَمَّ (¬1) خَنْدَقٍ إنْ صلَّى آمِنًا، صلَّى صلاةَ خائِفٍ ما لم يعْلَمْ خِلافَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يصَلِّى آمِنًا ما لم يظن ذلك. الثَّانيةُ، صلاةُ النَّفْلِ مُنْفَرِدًا يجوزُ فِعْلُها، كالفَرْضِ. وتقدَّم فى أوَّلِ بابِ سُجودِ السَّهْوِ، هل يسْجُدُ للسَّهْوِ فى اشْتِدادِ الخوْفِ؟ ¬

(¬1) الطَّم: الرَّدْم.

بابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صلاةِ الجُمُعَةِ فائدتان؛ إحْداهما، سُمِّيَتْ جُمُعَةً، لجَمْعِها الخَلْقَ الكثيرَ. قدَّمه المَجْدُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهما. وقال ابنُ عَقِيلٍ، فى «الفُصولِ»: إنما سُمِّيَتْ جُمُعَةً؛ لجمْعِها الجَماعاتِ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «مَجْمِع البَحْرَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو قريبٌ مِنَ الأوَّلِ: وقيلَ: لجَمْع طِينِ آدَمَ فيها. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو أوْلَى. وقيل: لأن آدَمَ جُمِعَ فيها خَلْقُه. رَواه أَحمدُ، وغيرُه، مرْفُوعًا (¬1). قال الزَّرْكَشِىُّ: واشْتِقاقُها قيلَ: مِن اجْتِماعِ النَّاسِ للصَّلاةِ. قالَه ابنُ دُرَيْدٍ. وقيلْ: بل لاجْتِماعِ الخَليقَةِ فيه وكَمالِها. ويُرْوَى عنه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أنَّها سُمِّيَتْ بذلك؛ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد عن سلمان الفارسى فى: المسند 5/ 439، 440.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاجْتِماعِ آدَمَ فيه مع حوَّاءَ فى الأرْضِ (¬1)، الثَّانيةُ، الجُمُعَةُ أفضَلُ مِنَ الظُّهْرِ، بلا نِزاعٍ، وهى صلاةٌ مُسْتقِلَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لعدَمِ انْعِقادِها بِنيَّةِ الظُّهْرِ، ممَّن لا تجِبُ عليه، ولجَوَازِها قبلَ الزَّوالِ لا أكثرَ مِن ركْعتَيْن. قال أبو ¬

(¬1) انظر: طبقات ابن سعد 1/ 40. وتاريخ الطبرى 1/ 121، 122.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْلَى الصَّغِيرُ، وغيرُه: فلا يجمعُ فى محَلٍّ يُبِيحُ الجمْعَ، وليس لمَن قُلِّدَها أنْ يؤُمَّ فى الصَّلواتِ الخَمْسِ. ذكَرَه فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» (¬1). وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وعنه، هى ظُهْرٌ مقْصورةٌ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». قال فى ¬

(¬1) الأحكام السلطانية 104.

وَهِىَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ، مُكَلَّفٍ، حُرٍّ، مُسْتَوْطِنٍ ببنَاءٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ»، و «الوَاضِحِ» وغيرِهما: الجُمُعَةُ هى الأصْلُ، والظُّهْرَ بدَلٌ. زادَ بعضُ الأصحاب، رُخْصَةٌ فى حَقِّ مَن فاتَتْه. وذكَر أبو إسْحاقَ وَجْهَيْن؛ هل هى فرْضُ الوَقْتِ، أَو الظُّهْرُ فرْضُ الوقْتِ، لقُدْرَيه على الظُّهْرِ بنَفْسِه بلا شَرْطٍ؟ ولهذا يقْضِى مَن فاتَتْه ظُهْرًا. وقطَع القاضى فى «الخِلافِ»، وغيرِه، بأنَّها فرْضُ الوقْتِ عندَ أحمدَ؛ لأنَّها المُخاطَبُ بها، والظُّهْرُ بدَلٌ. وذكَر كلامَ أبى إسْحَاقَ، ويبَدَأُ بالجُمُعَةِ خوْفَ فوْتِها، ويتْرُكُ فَجرًا فائِتَةً. نصَّ عليه. وقال فى القَصْرِ: قد قيلَ: إنَّ الجُمُعَةَ تُقْضَى ظُهْرًا. ويدُلُّ عليه، أنَّها قبلَ فَواتِها، لا يجوزُ الظُّهْرُ، وإذا فاتَتِ الجُمُعَةُ، لَزِمَتِ الظُّهْرُ. قال: فدَلَّ أنَّها قَضاءٌ للجُمُعَةِ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قوله: وهى واجِبَة على كُلِّ مسْلمٍ مُكلَّفٍ. أنَّها لا تجبُ على غيرِ المُكلَّفِ، فلا تجِبُ على المجْنونِ، بلا نِزاعٍ، ولا على الصَّبِىِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكنْ إنْ لَزِمَتْه المكتوبةُ، لَزِمَتْه الجُمُعَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا تجِبُ عليه، وإنْ وجبَتْ عليه المَكتوبةُ. اخْتارَه المَجْدُ، وقال: هو كالإجْماعِ. وصحَّحه ابنُ تَميم، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» , و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والزَّرْكَشِىُّ. وتقدَّم هذا فى كتابِ الصَّلاةِ. الثَّانى، مفْهومُ قولِه: مُسْتوطنٍ ببناءٍ. أنَّها لا تجِبُ على غيرِ مُسْتَوْطِنٍ، ولا على مُستَوْطِنٍ بغيرِ بِناءٍ، كَبيوتِ الشَّعَرِ، والحِرَاكى، والخِيامِ ونحوِها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمَ الأزَجِىُّ، صحَّتَها ووُجوبَها على المُسْتَوطِنِين بعَمودٍ أو خِيامٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واشْترَطَ الشَّيْخُ تقىُّ الدِّينِ فى مَوْضع آخَرَ من كلامِه، أنْ يكونوا يزْرَعون، كما يزْرَعُ أهلُ القَرْية. ويأتى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ صريحًا. قوله: ليس بينَه وبينَ مَوضع الجُمُعَةِ، أكثرَ مِن فَرْسَخٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِىِّ»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصغرى». وعنه، المُعْتَبَرُ إمْكانُ سَمَاعِ النِّداءِ. قدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تميمٍ». وزادَ فقال: المُعْتبَرُ إمْكانُ سَماعِ النِّداءِ غالِبًا. انتهى. وعنه، بل المُعْتَبَرُ سَماعُ النِّداءِ لإمْكانِه. وهو ظاهرُ ما جزَم به ابنُ رَزِين، وصاحبُ «تَجْريدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايةِ». وقال فى «الهِدايَةِ»: إذا كان مُسْتوطِنًا يسْمَعُ النِّداءَ، أو بينَه وبينَ موضِع ما تُقامُ فيه الجُمُعَةُ، فرْسَخٌ. وتابَعَه على ذلك فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ فعَلوها، ثم رجَعوا لبُيوتِهم، لَزِمَتْهم، وإلا فلا. وأطْلَقَ الأُولَى والثَّالثةَ فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وأطْلقَ الأُولَى والثَّانيةَ والرَّابِعةَ فى «المُسْتَوْعِبِ». تنبيهان؛ أحدُهما، أطْلقَ أكثرُ الأصحابِ ذِكْرَ الفَرْسَخِ. وقال بعضُهم: فرْسَخٌ تقْريبًا. وهو الصوابُ. الثَّانى، أكثرُ الأصحابِ يحْكى الرِّوايتَيْن الأولَيَيْن. كما تقدَّم. وقال فى «الفائقِ»: والمُعْتبرُ إمكانُ السَّماعِ، فيُحَدُّ بفَرْسَخٍ. وعنه، بحَقيقَتِه. وقال ابنُ تَميم، بعدَ أنْ قدَّم الرِّوايةَ الثانيةَ: وعنه، تحْديدُه بالفَرسَخِ فما دُونَ؛ فمِنَ الأصحابِ مَن حكَى ذلك رِوايةً ثانيةً، ومنهم مَن قال: هما سواءٌ؛ الصَّوْتُ قد يُسْمَعُ عن فَرْسَخٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: فعلى رِواية أنَّ المُعْتبرَ إمْكانُ سَماعِ النِّداءِ، فمحَلُّه، إذا كان المُؤذِّنُ صَيِّتا، والأصْواتُ هادِئةً، والرياحُ ساكنَةً، والمَوانِعُ مُنْتَفِيَةً. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: ليس بينَه وبينَ موْضِع الجُمُعَةِ أكثرُ مِن فرْسَخٍ. إذا حدَّدْنا بالفرْسَخِ، أو باعْتِبارِ إمْكانِ السَّماعِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ ابتداءَه مِن موْضِع الجُمُعَةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحَواشِى». وعنه، ابْتداؤه مِن أطْرافِ البَلَدِ. صحَّحه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «التَّلْخيص»، و «البُلْغةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». ويكونُ إذا قُلْنا: مِن مَكانِ الجُمُعَةِ مِنَ المَنارَةِ ونحوِها. نصَّ عليه. وقال أبو الخَطَّاب: المُعْتَبَرُ مِن أيِّهما وُجِدَ، مِن مَكانِ الجُمُعَةِ، أو مِن أطْرافِ البَلَدِ. الثَّانى، محَلُّ الخِلافِ فى التَّقْديرِ بالفَرْسَخِ، أو إمْكانِ سَماعِ النِّداءِ، أو سَماعِه، أو ذَهابِهم ورُجوعِهم فى يوْمِهم، إنَّما هو فى المُقيمِ بقَرْيةٍ، لا يبْلُغُ عدَدُهم ما يُشْتَرَطُ فى الجُمُعَةِ، أو فى مَن كان مُقيمًا فى الخِيامِ ونحوِها، أو فى مَن كان مُسافِرًا دُونَ مَسافَةِ قَصْرٍ، فمحَلُّ الخِلافِ فى هؤلاء وشِبْهِهِم. أمَّا مَن هو فى البَلَدِ التى تُقامُ فيها الجُمُعَةُ، فإنَّها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلزَمُه، ولو كان بينَه وبين موْضِع الجُمُعَةِ فَراسِخُ، سواءٌ سمِعَ النِّداءَ أو لم يسْمَعْه، وسواءٌ كان بُنْيانُه متَّصِلًا أو مُتَفَرِّقًا، إذا شَمِلَه اسْمٌ واحدٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، حيثُ قُلْنا: تلْزَمُ مَن تقدَّم ذِكْرُه، وسعَى إليها، أو كان فى موْضِعِ الجُمُعَةِ مِن غيرِ أهْلِها، وإنَّما هو فيها لتَعَلُّم العِلْمِ، أو شُغْلِ غيرِه، غيرُ مُسْتَوْطِنٍ، أو كان مُسافِرًا سَفَرًا لا قَصْرَ معه، فإنَّما يلْزَمُهم بغيرِهم، لا بأنْفُسِهم. على ما يأْتِى فى بعضها مِنَ الخِلافِ، ولا تنْعَقِدُ بهم؛ لِئَلَّا يصيرَ التَّابعُ أصْلًا. وفى صِحَّةِ إمامَتِهم وجْهان، ووجْهُهُما كوْنُها واجِبَةً عليهم، وكوْنُها لا تنْعَقِدُ بهم. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعِايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الحَواشِى». وأطْلَقَهما فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، فى المُقيمِ غيرِ المُسْتَوْطِنِ؛ أحدُهما، لا تصِحُّ إمامَتُهم. وهو الصَّحيحُ. وهو ظاهرُ كلامِ القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الإِفاداتِ». والثانيةُ، تصِحُّ إمامَتُهم. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وأبى بَكْرٍ؛ لأنَّهما علَّلا منْعَ إمامَةِ المُسافرِ فيها، بأنها لا تجِبُ عليه. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». الثَّانيةُ، لو سمِعَ النِّداءَ أهلُ قرْيةِ صغيرة مِن فوقِ فرْسَخٍ، لعُلُوِّ مَكانِها، أو لم يسْمَعْه مَن دُونَه لجَبَلٍ حائلٍ أوِ انْخِفاضِها، فعلى الخِلافِ المُتَقَدِّمِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقدَّم ابنُ تَميم فى المسْألةِ الأُولَى الوُجوبُ. وقدَّم فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى» فى المَسْألتَيْن الأخِيرَتَيْن عدَمَ الوُجوبِ. فإنْ قُلْنا: الاعْتِبارُ به فى المُنْخَفِضةِ، أو مَن كان بينَهم حائِلٌ. لَزِمَهم قصْدُ الجُمُعَةِ. وإنْ قُلْنا: الاعْتِبارُ بالسَّماعِ فيها. فقالَ القاضى: تُجْعَلُ كأنَّها على مُسْتوًى مِنَ الأرْضِ، ولا مانِعَ، فإنْ أمْكنَ سَماعُ النِّداءِ، وجبَتْ عليه، وإلَّا فلا. وقيل: لا تجِبُ عليه بحالٍ. الثَّالثةُ، لو وُجِدَ قرْيَتان مُتقارِبتان، ليس فى كلِّ واحدةٍ العدَدُ المُعْتبرُ، لم يُتَمَّمِ العَدَدُ منهما؛ لعدَمِ اسْتِيطانِ المُتَمِّمِ. ولا يجوزُ تجْميعُ أهْلِ بلَدٍ كامِلٍ فى ناقصٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ المَجْدُ، الجوازَ إذا كان بينَهما كما بينَ البُنْيانِ ومُصلَّى العيدِ؛ لعدَمِ خُروجِهم عن حُكْم بعضِهم. وجزَم به فى «مَجْمَعِ

وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ، وَلا عَبْدٍ، وَلَا امْرأةٍ، وَلَا خُنْثَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَيْن»، تَبَعًا للمَجْدِ. الرَّابعةُ، لو وُجِدَ العدَدُ فى كلِّ واحدةٍ مِنَ البَلْدَتَيْن، فالأَوْلَى تجْميعُ كلِّ قوْمٍ فى بَلَدِهم. وقيل: يلْزَمُ القرْيةَ قصدُ مِصْرٍ بينَهما فرسَخٌ فأقَلُّ، ولو كان فيهما العدَدُ المُعْتَبرُ. وحُكِىَ رِوايةً. قوله: ولا تَجِبُ على مُسافرٍ. يَحْتَمِلُ أنَّ مُرادَه، المُسافِرُ السَّفَرَ الطَّويلَ. فإنْ كان ذلك مُرادَه، وهو الظَّاهِرُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ كما قال، وعليه الأصحابُ، ولم يَجُزْ أنْ يُؤمَّ فيها. وهوْ مِنَ المُفْرَداتِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يَحْتَمِلُ أنْ تلزَمَه تبَعًا للمُقيمين. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. وهو منَ المُفْرَداتِ. وذكَر بعضُ أصحابنا وجْهًا، وحُكِىَ روايةً، تلْزَمُه بحُضورِها فى وقْتِها، ما لم يتضَرَّرْ بالانتِظارِ، وتنْعَقِدُ به، ويؤمُّ فيها. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى المذهبِ، لو أقامَ مدَّةً تمْنَعُ القَصْرَ، ولم ينْوِ اسْتِيطانًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الجُمُعَةَ تلْزَمُه بغيرِه. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: إنَّه الأشْهَرُ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ» فى مَوْضِعٍ، وغيرِهم. وعنه، لا تلْزَمُه. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، وغيرِه. وهو ظاهرُ ما فى «الكافِى». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُ المُصَنِّفِ، ما هو أعمُّ مِن ذلك، فيَشْمَلُ المُسافِرَ سَفَرًا قصيرًا فوقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرْسَخٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّها لا تجِبُ عليه، ولا تلْزَمُه. وجزَم به فى «الفُروعِ». وقيل: تلْزَمُه بغيرِه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». قوله: ولا عَبْدٍ. يعْنِى، لا تجبُ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشىُّ: هذه أَشْهَرُ الرِّواياتِ وأصحُّها عندَ الأصحابِ. وعنه، تجِبُ. عليه اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». فعليها، يُسْتحَبُّ أنْ يستأذِنَ سيِّدَه، ويحْرُمُ على سَيِّدِه منْعُه، فلو مَنَعه خالَفه وذهَب إليها. وقال ابنُ تَميمٍ: وحكَى الشَّيْخُ رِوايةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوُجوبِ. وقال: لا يذْهَبُ بغيرِ إذْنِه. وعنه، تجِبُ عليه بإذْنِ سيِّدِه. وهى مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. وعلى المذهبِ، لا يجوزُ أنْ يؤُمَّ فيها، على الصَّحيحِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قالَه ناظِمُها. وعنه، يجوزُ أنْ يؤُمَّ فيها. فائدة: المُدَبَّرُ والمُكاتَبُ، والمُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ، كالقِنِّ فى ذلك. وأما المُعْتَقُ بعضُه، فظاهِرُ قوْلِ المُصَنِّفِ: ولا تجبُ على عَبْدٍ. وُجوبُها عليه؛ لأنَّه ليس بعَبْدٍ. وظاهِرُ قوْلِه، فى أوَّلِ البابِ: حُرًّا. أنها لا تجِبُ عليه؛ لأنَّه ليس بحُرٍّ. وفيه خِلافٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّها لا تجِبُ عليه مُطْلَقًا. وقيل: تلْزَمُه إذا كان بينَه وبينَ سيِّدِه مُهايأَةٌ، وكانتِ الجُمُعَةُ فى نوْبَته. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وأمَّا إذا قُلْنا: بوُجوبِها على القِنِّ، فالمُعْتَقُ بعضُه بطريقٍ أوْلَى.

وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا. وَعَنْهُ، فِى الْعَبْدِ، أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا امْرَأةٍ. يعْنِى، لا تجِبُ عليها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وحَكَى الأَزجِىُّ فى «نِهايَتِه»، رِوايةً بوُجوبِها على المرأةِ. قلتُ: وهذه مِن أبعَدِ ما يكونُ، وما أظُنُّها إِلَّا غلَطًا، وهو قوْلٌ لا يُعَوَّلُ عليه، ولعَلَّ الإِجْماعَ على خِلافِه فى كلِّ عصْرٍ ومِصْرٍ. ثم وجَدتُ ابنَ المُنْذِرِ حَكاه إجْماعًا ووجَدتُ ابنَ رَجَبٍ، فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ» غلَّطَ مَن قالَه. ولعَلَّه أرادَ، إذا حَضَرَتْها. والخُنْثَى كالمرأةِ. قوله: ومَن حضَرها منهم أجْزَأتْه. بلا نِزاعٍ، ولم تنْعَقِدْ به، ولم يَجُزْ أنْ يؤُمَّ فيها. وهذا مَبْنِىٌّ على عَدَمِ وُجوبِها عليهم. أمَّا المرأةُ، فلا نِزاعَ فيها. وتقدَّم حُكْمُ المُسافرِ. وأمَّا العَبْدُ، إذا قُلْنا: لا تجِبُ عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ كما قال المُصَنِّفُ: أنَّها لا تَنْعَقِدُ به، ولم يَجُزْ أَنْ يؤُمَّ فيها. وعنه، تنْعَقِدُ به، ويجوزُ أنْ يؤُمَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها والحالَةُ هذه. وتقدَّم إذا قُلْنا: تجِبُ عليه. وكذلك الصَّبِىُّ المُمَيِّزُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُمَيزٌ كعَبْدٍ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فإنْ قُلْنا: تجِبُ عليه. انْعَقَدَتْ به وأَمَّ فيها، وإلَّا فلا. هذا الصَّحيحُ. وقال القاضى: لا تنْعَقِدُ بالصَّبِىِّ، ولا يجوزُ أنْ يؤُمَّ فيها، وإنْ قُلْنا: تجِبُ عليه. قال: وكذا لا يجوزُ أنْ يؤُمَّ فى

وَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ، إِذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَانْعَقَدَتْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِها، وإنْ قُلْنا: تجِبُ عليه. قالَه ابنُ تَميمٍ. فائدتان؛ إحْداهما، كلُّ مَن لم تجِبْ عليه الجُمُعَةُ، لمَرَضٍ أو سفَرٍ، أو اخْتُلِفَ فى وُجوبِها عليه، كالعَبْدِ ونحوِه، فصَلاةُ الجُمُعَةِ أفْضَلُ فى حقِّه. ذكَره ابنُ عَقِيل، وغيرُه. واقْتَصَر عليه فى «الفُروعِ». قلت: لو قيلَ: إنْ كان المرِيضُ يحْصُلُ له ضرَرٌ بذَهابِه إلى الجُمُعَةِ، أن ترْكَها أوْلَى. لكان أوْلَى. الثَّانيةُ، قوله: ومَن سقَطتْ عنه لعُذْرٍ إذا حضَرها، وجَبتْ عليه وانْعقَدتْ به. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: نحوَ المرضِ والمطَرِ، ومُدافعَةِ الأخْبثَيْن، والخَوْفِ على نفْسِه أو مالِه، ونحوِ ذلك، فلو حضَرها إلى آخِرِها ولم يصلِّها، أو انْصَرَفَ لشُغْلٍ غيرِ دفْعِ

وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الإِمَامِ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ لَا تَجبُ عَلَيْهِ أنْ لَا يُصَلِّىَ الظُّهْرَ حَتَّى يُصَلِّىَ الإِمَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ضرَرِه، كانَ عاصِيًا. أمَّا لو اتَّصل ضرَرُه بعدَ حُضورِه، فأرادَ الانْصِرافَ لدَفْعِ ضرَرِه، جازَ عندَنا؛ لوُجودِ المُسْقِطِ، كالمُسافِرِ سواءً. لكن كلامَ الشَّيْخِ هنا عامٌّ، يدْخُلُ فيه المُسافِرُ ومَن دامَ ضرَرُه بمَطرٍ ونحوِه، فإنَّه لا تجِبُ عليه، ويجوزُ له الانْصِرافُ، على ما حَكاه الأصحابُ، فيكونُ مُرادُه التَّخْصيصَ؛ وهو ما إذا لم يذْهَبوا حتى جَمَّعوا، فإنَّه يُوجَدُ المُسْقِطُ فى حقِّهم؛ وهو اشْتِغالُهم بدَفْعِ ضرَرِهم، فبَقِىَ الوجوبُ بحالِه، فيخرجُ المُسافرُ؛ فإن سفَرَه هو المُسْقِط، وهو باقٍ. ذكَره المَجْدُ. قلتُ: وهو ضعيفٌ؛ لأنَّه يقْتَضى أن المُوجِبَ، هو حضُورُهم وتجْميعُهم، فيكونُ عِلَّةَ نفْسِه. انتهى كلامُ صاحِبِ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال فى موْضعٍ آخَرَ: مُرادُه الخاصُّ، إنْ أرادَ بالحُضورِ حُضورَ مَكانِها، وإنْ أرادَ فعْلَها، فخِلافُ الظَّاهرِ. انتهى. قوله: ومَن صلَّى الظُّهرَ مِمَّن عليه حُضورُ الجُمُعَةِ قبلَ صلاةِ الإِمامِ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَصِحُّ صلاتُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، فإنْ ظنَّ أنَّه يدْرِكُها، لَزِمَه السَّعىُ اليها، وإنْ ظن أنَّه لا يدْرِكُها، انْتظَر حتى يتَيقَّنَ أن الإِمامَ قد صلَّى وفرَغ، ثم يصلِّى. وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، احْتِمالٌ، أنَّه متى ضاقَ الوقْتُ عن إِدْراكِ الجُمُعَةِ، فله الدُّخولُ فى صلاةِ الظُّهْرِ. وهو قوْلٌ فى «الفُروعِ». وقال: وسبَق وجْهٌ، أنَّ فرْضَ الوقتِ، الظُّهرُ؛ فعليه تصِحُّ مُطْلَقًا. وقيل: إنْ أخَّر الإِمامُ الجُمُعَةَ تأْخيرًا منْكَرًا، فللغيرِ أنْ يُصَلِّىَ ظهْرًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتُجْزِئُه عن فرْضِه. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقال: هو ظاهرُ كلامِ أحمدَ؛ لخبَرِ تأْخيرِ الأُمَراءِ الصَّلاةَ عن وَقْتِها. وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ. وقيَّده ابنُ أبِى مُوسى بالتأخيرِ، إلى أنْ يخْرُجَ أوَّلَ الوقْتِ. فائدة: وكذا الحكْمُ لو صلَّى الظُّهرَ أهلُ بلَدٍ، مع بَقاءِ وقتِ الجُمُعَةِ، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تصِحُّ. قوله: والأفْضَلُ لمَن لا تَجِبُ عليه الجُمُعَةُ، أنْ لا يصُلِّىَ الظُّهْرَ حتَّى يُصلِّىَ الإِمامُ. وهذا بلا نِزاعٍ. وأفادَنَا أنَّهم لو صلَّوا قبلَ صلاةِ الإِمامِ، أنَّ صلَاتهم صحيحةٌ. وظاهرُه؛ سواءٌ زالَ عُذْرُهم أولا، وهو كذلك. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، فى غيرِ الصبِىِّ إذا بَلَغ. وعنه، لا تصِحُّ مُطلقًا قبلَ صلاةِ الإِمامِ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبيهِ»، وفى الإمامَةِ فى «الشَّافِى». واخْتارَه ابنُ عَقِيل فى المريضِ. وقيل: لا تصِحُّ إنْ زالَ العُذْرُ قبلَ صلاةِ الإِمامِ، وإلَّا صحَّتْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو روايةٌ فى «التَّرْغيبِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: مَن لزِمَتْه الجُمُعَةُ بحُضورِه، لم تصِحَّ صلاتُه قبلَ صلاةِ الإِمامِ. انتهى. وقال القاضى فى موْضعٍ مِن «تَعْليقِه»: نقَلَه ابنُ تميمٍ. فعلى المذهبِ، لو حضَر الجُمُعَةَ فصلَّاها، كانت نَفْلًا فى حقِّه. على الصَّحيحِ. وقيل: فرْضًا. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: فتكونُ الظُّهْرُ إذَنْ نفْلًا. وأمَّا الصَّبِىُّ إذا بلَغ قبلَ صلاةِ الإِمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ صلَاتَه لا تصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: لا تصِحُّ فى الأشْهَرِ. وقيل: تصِحُّ، كغيرِه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وقال فى «الفُروعِ»: والأصَحُّ فى مَن دامَ عذْرُه، كامْرأةٍ، تصِحُّ صلاتُه، قوْلًا واحدًا. وقيل: الأفْضَلُ له التَّقْديمُ. قال: ولعلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُكْرَه لمَن فاتَتْه الجُمُعَةُ، أو لمَن لم يكُنْ مِن أهْلِ وُجوبِها، صلاةُ الظُّهْرِ فى جماعَةٍ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِه. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يُكْرَه لمَن فاتَتْه، أو لمعْذورٍ، الصَّلاةُ جماعةً فى المِصْرِ. وفى مَكانِها وَجْهان. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. ولم يَكْرَهْه

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ السَّفَرُ فى يَوْمِهَا بَعْدَ الزَّوَال، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ. ذكَرَه القاضَى. قال: وما كان يكْرَهُ إظْهارُها. ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه: لا يصلِّى فوقَ ثلَاثَةٍ جماعةً. ذكَره القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وقال ابنُ عَقِيلٍ: وكَرِهَ قَوْمٌ التَّجْميعَ للظُّهْرِ فى حقِّ أهْلِ العُذْرِ؛ لِئَلَّا يُضاهِىَ بها جُمُعَةً أُخْرى، احْتِرامًا للجُمُعَةِ المشْروعَةِ فى يوْمِها، كامرأةٍ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: ولا يَجوزُ لمِنَ تَلْزَمُه الجُمُعَةُ السَّفرُ فى يومِها بعدَ الزَّوال. مُرادُه، إذا لم يخَفْ فوْتَ رُفْقَتِه، فإنْ خافَ فوْتَهم، جازَ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقد تقدَّم ما يُعذَرُ فيه فى ترْكِ الجُمُعَةِ والجماعةِ. فإذا لم يكن عُذْرٌ، لم يَجُزِ السَّفَرُ بعدَ الزَّوالِ، حتى يصلِّىَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، بِناءً على اسْتِقْرارِها بأوَّلِ وقْتِ

وَيَجُوزُ قَبْلَهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ لِلْجِهَادِ خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبِها. قال فى «الفُروعِ»: فلهذا خرَج الجَوازُ مع الكَراهَةِ، ما لم يُحرِمْ، لعدَمِ الاسْتِقْرارِ. قوله: ويَجوزُ قبلَه. يعْنِى، وبعدَ الفَجْرِ؛ لأنَّه ليس بوقْتٍ للُّزُومِ على الصَّحيحِ، على ما يأْتِى. وهذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وجزَم به. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يجوزُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ. وعنه، يجوزُ للجِهادِ خاصَّةً. جزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «الكافِى». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». قال فى «المُغْنِى» (¬1): وهو الذى ذكَره القاضى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ الطُّوفِىِّ»، و «الفُروعِ». وأطْلقَ فى «الكافِى»، فى غيرِ الجِهادِ، الرِّوايتَيْن. وقال الطُّوفِىُّ فى «شَرْحِه»: قلتُ: ينْبَغِى أنْ يُقالَ: لا يجوزُ له السَّفرُ بعدَ الزَّوالِ أو حينَ ¬

(¬1) فى: المغنى 3/ 248.

فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ يشْرَعُ فى الأَذانِ لها؛ لجوازِ أنْ يشرَعَ فى ذلك فى وقْتِ صلاةِ العيدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ولا نِزاعَ فى تحْريمِ السَّفرِ حينئذٍ؛ لتعَلُّقِ حقِّ اللَّهِ بالإِقامةِ، وليس ذلك بعدَ الزَّوالِ. انتهى. تنبيهات؛ الأوَّلُ، هذا الذى قُلْنا، مِن ذكْرِ الرِّواياتِ، هو أصحُّ الطَّريقَتَيْن. أعْنِى، أنَّ مَحَلَّ الرِّواياتِ، فيما إذا سافَرَ قبلَ الزَّوالِ، وبعدَ طُلوعِ الفَجْرِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو ظاهرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ هنا؛ لأنَّه ليس وقْتَ وُجوبِها، على ما يأْتِى قرِيبًا. قال المَجْدُ: الرِّواياتُ الثَّلاثُ مبْنِيَّةٌ على أنَّ الجُمُعَةَ تجِبُ بالزَّوالِ، وما قبلَه وقْتُ رُخْصَةٍ وجَوازٍ، لا وقْتَ وُجوبٍ. وهو أصحُّ الرِّوايتَيْن. وعنه، تجِبُ بدُخولِ وَقْتِ جَوازِها، فلا يجوزُ السَّفَرُ فيه، قوْلًا واحدًا. انتهى. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وقال: وِذكَر القاضى فى مَوْضِعٍ، منْعَ السَّفرِ بدُخولِ وقْتِ فِعْلِ الجُمُعَةِ، وجعَل الاخْتِلاف فيما قبلَ ذلك. انتهى. الثَّانِى، محَلُّ الخِلافِ فى أصْلِ المسْألَةِ، إذا لم يأْتِ بها فى طَريقِه، فأمَّا إنْ أتَى بها فى طَريقِه، فإنَّه يجوزُ له السَّفرُ مِن غيرِ كراهَةٍ. الثَّالثُ، إذا قُلْنا برِوايَةِ الجَوازِ، فالصَّحيحُ، أنَّه يُكْرَهُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. قال بعضُ الأصحابِ: يُكْرَهُ رِوايةً واحدةً. قال الإِمامُ أحمدُ: قَلَّ مَن يفْعلُه إلَّا رأَى ما يَكْرَهُ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، لا يُكْرَهُ. قوله: ويُشْتَرَطُ لصحَّةِ الجُمُعَةِ أرْبعَةُ شُروطٍ، أحدُها، الوقْتُ، وأوَّلُه أوَّلُ

الْوَقْتُ، وَأَوَّلُهُ أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فى السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. وَآخِرُهُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقْتِ صلاةِ العيدِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. قلتُ: منهم القاضى وأصحابُه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال الخِرَقِىُّ: يجوزُ فِعْلُها فى السَّاعةِ السَّادسَةِ. وهو روايةٌ عن أحمدَ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وابنُ شَاقْلَا، والمُصَنِّفُ. وهو مِنَ المُفرَداتِ أيضًا. واخْتارَ ابنُ أبى مُوسى، يجوزُ فعْلُها فى السَّاعةِ الخامسَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وهو فى نُسْخَةٍ مِن نُسَخِ الخِرَقِىِّ. وجزَم بها عنه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن»، وأبو إسْحاقَ ابنِ شاقْلَا، وغيرُهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وذكَر ابنُ عَقِيل فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، و «المُفْرَداتِ» عن قوْم مِن أصحابِنا: يجوزُ فعْلُها بعَدَ طُلوعِ الفَجْرِ، وقبلَ طُلوعِ الشَّمْسِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال فى «الفائقِ»: وقال ابنُ أبِى مُوسى: بعدَ صلاةِ الفَجْرِ. وهو مِنَ المُفرداتِ. وتلْخيصُه، أنَّ كلَّ قوْلٍ قبلَ الزَّوالِ، فهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أوَّلُ وَقْتِها بعدَ الزَّوالِ. اخْتارَها الآجُرِّىُّ. وهو الأفضَلُ. فائدة: الصَّحيحُ مِن المذهبِ؛ أنَّها تَلْزَمُ بالزَّوالِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه الأصحابُ. وعنه، تَلْزَمُ بوقْتِ العيدِ. اخْتارَها القاضى. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَها القاضى، وأبو حَفْصٍ المَغازِلىُّ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم أنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» ذكَر، هل تسْتَقِرُّ بأوَّلِ وقْتِ وُجوبِها، أو لا تسْتقِرُّ حتى يُحْرِمَ بها؟.

فَإِنْ خَرَج وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا، صَلَّوْا ظُهْرًا، وَإنْ خَرَجَ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، أتَمُّوهَا جُمُعَةً، وَإنْ خَرَجَ قَبْلَ رَكْعَةٍ، فَهَلْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا، أوْ يَسْتَأنِفُونَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ خرَج وقد صلَّوا ركْعَةً، أتُمُّوها جُمُعةً. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُعْتَبرُ الوقْتُ فيها كلِّها إلَّا السَّلامَ. قوله: وإنْ خرَج قبلَ ركْعَةٍ، فهل يُتِمُّونَها ظُهْرًا، أو يَسْتأنِفونها؟ على وجهَيْن. وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «مَجْمَعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، و «الحَواشِى»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ المَجْدِ»؛ أحدُهما، يُتِمُّونَها ظُهْرًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «المُذهَبِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن». والوجهُ الثَّانى، يسْتأنِفُونَها ظُهْرًا. قال فى «المُغْنِى» (¬1): قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ؛ تُسْتَأْنفُ ظهْرًا. ولم يحْكِ خِلافًا. قال الطُّوفِىُّ ¬

(¬1) 3/ 192.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «شَرْحِه»: الوَجْهان مبْنيَّان على قولِ أبِى إِسْحاقَ والخِرَقِىِّ الآتِيَان. قال الشَّارِحُ: فعلَى قِياسِ قولِ الخِرَقِىِّ، تفْسُدُ صلاتُه، ويسْتَأْنفُها ظهْرًا. وعلى قِياسِ قولِ أبِى إِسْحاقَ، يُتِمُّها ظهْرًا. تنبيه: فى كلامِ المُصَنِّفِ إشْعارٌ أنَّ الوقتَ إذا خرَج قبلَ ركْعةٍ، لا يجوزُ إتْمامُها جُمُعَةً. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وصاحبِ «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه المُصَنِّفُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى

الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ بِقَرْيَةٍ يَسْتَوْطِنُهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا؛ فَلَا تَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِى غَيْرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: هو قولُ أكثرِ أصحابِنا. وليس كما قال. وعنه، يُتِمُّونَها جُمُعَةً. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قالَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. قال فى «الفُروعِ»: هو ظاهرُ المذهبِ. قال القاضى وغيرُه: مَن تلبَّس بها فى وقْتِها، أَتَمَّها جُمُعَةً، قِياسًا على سائرِ الصَّلواتِ. وقالوا: هو المذهبُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، وابنُ أبِى مُوسى، والقاضى، وأصحابُه. قال فى «المُذْهَبِ»: أتَمَّها جُمُعَةً، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المَجْدُ: اخْتارَه الأصحابُ إلَّا الخِرَقِىَّ، وتَبِعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وسَبَقَهما الفَخْرُ فى «التَّلْخيصِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ناظِم المُفْرَداتِ». وهو منها. فعلى المذهبِ، لو بَقِىَ مِنَ الوقْتِ قدْرُ الخُطْبَةِ والتَّحريمةِ، لزِمَهم فعْلُها، وإلَّا لم يَجُزْ. وكذا يلْزَمُهم إنْ شكُّوا فى خُروجِه، عمَلًا بالأصْلِ. وعليه، لو دخَل وقْتُ المغْرِبِ وهو فيها، فهو كدُخولِ وقْتِ العَصْرِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يبْطُلُ وَجْهًا واحدًا. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». والظَّاهرُ أنَّ مُرادَهم، إذا جَّوزْنا الجمْعَ بينَ الجُمُعَةِ والعَصْرِ، وجمَع جَمْعَ تأْخيرٍ. قوله: الثانى، أنْ يكونَ بقَرْيةٍ يستَوطِنُها أرْبَعون مِن أهلِ وجوبِها، فلا تجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إقامتُها فى غيرِ ذلك. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّم الأزَجِىُّ صحَّتَها، ووُجوبَها على المسْتَوْطِنِين بعَمُودٍ أو خِيامٍ.

وَيَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِى الْأَبْنِيَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ إِذَا شَمِلَهَا اسْمٌ وَاحِدٌ، وَفِيمَا قَارَبَ الْبُنْيَانَ مِنَ الصَّحْرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. واشْتَرَطَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى مَوْضعٍ مِن كلامِه؛ أنْ يكونوا يزْرَعون كما يزْرَع أهلُ القرْيِةِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقد تقدَّم ذلك عندَ قولِه: مُسْتَوْطِنِين. قوله: ويجوزُ إقامَتُها فى الأبنْيةِ المُتفَرِّقَةِ إذا شَمِلَها اسْمٌ واحِدٌ، وفيما قاربَ البُنْيانَ مِنَ الصَّحْراءِ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يجوزُ إقامَتُها إلَّا فى الجامِع. قال ابنُ حامِدٍ: هى فى غيرِ مسْجدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لغيرِ عُذْرٍ باطِلَةٌ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»: كلامُ أحمدَ يَحْتَمِلُ الجوازَ ولو بَعُد، وأنَّ الأشْبَه بتَأْويلِه المَنعُ، كالعيدِ؛ يجوزُ فيما قرب لا فيما بَعُد. قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل: إذا أُقِيمَت فى صحْراءَ، اسْتُخْلِفَ مَن يصلِّى بالضَّعَفَةِ.

الثَّالِثُ، حَضُورُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالثُ، حُضورُ أرْبعين مِن أهلِ القَرْيةِ، فى ظاهرِ المذهبِ. وكذا قال فى «الفُروعِ»، و «الشَّرحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونصَروه. قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: اخْتارَه عامَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشايخِ. وعنه، تنْعَقِدُ بثَلاثةٍ. اخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وعنه، تنْعَقِدُ فى القُرْى بثَلَاثَةٍ، وبأرْبَعَين فى أهْلِ الأمْصارِ. نَقَلها ابنُ عَقِيل. قال فى «الحاوِيَيْن»: وهو الأصحُّ عندِى. وعنه، تنْعَقِدُ بحُضورِ سبْعَةٍ. نَقَلَها ابنُ حامِدٍ، وأبو الحُسَيْنِ فى «رُؤسِ مَسائلِه». وعنه، تنْعَقِدُ بخَمْسَةٍ. وعنه، تنْعَقِدُ بأرْبعَةٍ. وعنه، لا تنْعَقِدُ إِلَّا بحُضورِ خَمْسينَ. تنْبيه: حيثُ اشْتَرطْنا عدَدًا مِن هذه الأعْدادِ، فيُعَدُّ الإِمامُ منهم. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. وعنه، يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ زائدًا عنِ العَدَدِ. وهو مِنَ المُفَرَداتِ. قال فى

فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إِتْمَامِهَا، اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِيَيْن»: وهل يُشْتَرَط كوْنُ الإِمامِ مِن جُمْلَةِ العَدَدِ على كلِّ روايةٍ؟ فيه رِوايتان؛ أصحُّهما، لا يُشْترَطُ. حَكاهَ أبو الحُسَيْنِ فى «رُءوس المَسائلِ». وأطْلقَهما فى «الفائقِ». فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، لو بانَ الإِمامُ مُحْدِثًا ناسِيًا له، لم يُجْزِهم؛ إلَّا أنْ يكونوا بدُونِه، العَدَدَ المُعْتبرَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَخَرَّجُ لا يُجْزِيهم مُطْلَقًا. قال المَجْدُ: بِناءً على رِوايةِ، أنَّ صلاةَ المُؤتَمِّ بنَاسٍ حَدَثَه، يُفيدُ إِلَّا أنْ يكونَ قرَأَ خلْفَه بقَدْرِ الصَّلاةِ صلاةَ انْفِرادٍ. فوائد؛ لو رأَى الإِمامُ اشْتِراطَ عدَدٍ دونَ المأْمُومين، فنقَص عن ذلك، لم يَجُزْ أنْ يؤُمَّهم، ولَزِمَه اسْتِخْلافُ أحَدِهم. ولو رآه المأْمُومين دونَ الإِمامِ، لم يَلْزَمْ واحِدًا منهما. ولو أمَر السُّلْطانُ أنْ لا يصلَّى إلَّا بأرْبَعين، لم يَجُزْ بأقَلَّ مِن ذلك العدَدِ، ولا أنْ يسْتَخْلِفَ، لقِصَرِ وِلاته، وَيَحْتَمِلُ أنْ يسْتَخْلِفَ أحدَهم. قوله: فإنْ نقَصوا قبلَ إتْمامِها، اسْتأنَفوا ظُهْرًا. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ إِنْ نَقَصُوا قَبْلَ رَكعَةٍ أَتَمُّوا ظُهْرًا. وَإنْ نَقَصُوا بَعْدَ رَكْعَةٍ أَتَمُّوا جُمُعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: المشْهورُ فى المذهبِ، أنَّه يُشْتَرَطُ كمالُ العدَدِ فى جميع الصَّلاةِ. قال أبو بَكْرٍ: لا أعلمُ فيه خِلافًا عن أحمدَ، إنْ لم يَتِمَّ العَدَدُ فى الصَّلاةِ والخُطْبَةِ، أنَّهم يُعِيدون الصَّلاةَ. انتهى. وفيل: يُتِمُّونَها ظُهْرًا. اخْتارَه القاضى. وقيل: يُتِمُّونَها جُمُعَةً. وقيل: يُتِمُّونَها جُمُعَةً إنْ بَقِىَ معه اثْنَا عشَرَ. ويَحْتَمِلُ أنَّهم إنْ نَقَصوا قبلَ ركْعةٍ، أتَمُّوا ظُهْرًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ نقَصوا بعدَ ركعةٍ أتَمُّوا جُمُعَةً. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقال: هو قِياسُ المذهبِ، كَمَسْبوقٍ. قال بعضُهم: وهو قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: احْتِمالُ المُصَنِّفِ، إنَّما هو على قولَ ابنِ شاقْلَا فى المَسبوقِ؛ لأنَّه لم يذْكُرِ النِّيَّةَ، كقولِ الخِرَقىِّ. انتهى. وفرق ابنُ مُنَجَّى بينَهما، بأنَّ المَسبوقَ أدْرَكَ ركْعةً مِن جُمُعَةٍ تمَّتْ شرائِطُها وصحَّتْ، فجازَ البِناءُ عليها، بخِلافِ هذه. قال فى «الفُروعِ»: وفرَّق غيرُ المُصَنِّفِ، بأنَّها صحَّتْ مِنَ المَسبوقِ تَبَعًا، كصِحَّتِها ممَّن لم يحْضُرِ الخُطْبَةَ تَبَعًا. انتهى.

وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً، أَتَمَّهَا جُمُعَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نَقَصوا، ولكنْ بَقِىَ العَدَدُ المُعتبرُ، أتَمُّوا جُمُعَةً. قال أبو المَعالِى: سواءٌ كانوا سَمِعوا الخُطْبةَ، أو لَحِقوهم قبلَ نقْصِهم. بلا خِلافٍ، كبَقائِه مع السَّامِعِين. وجزَم به غيرُ واحدٍ. قال فى «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهما: لو أحْرَمَ بثَمانين رجُلًا، قد حضَر الخُطْبةَ منهم أرْبَعون، ثم انْفَضُّوا، وبَقِىَ معه مَن لم يحضُرْها، أتمُّوا جُمُعَةً. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ بعضِهم خِلافُه. قوله: ومَن أدْرَك مع الإِمامِ منها ركْعَةً، أتمَّها جُمُعَةً. بلا خِلافٍ أعْلَمُه، وإنْ

وَمَنْ أدْرَكَ أقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أتَمَّهَا ظُهْرًا، إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى الظُّهْرَ فِى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا: يَنْوِى جُمُعَةً، وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أدْرَكَ أقلَّ مِن ذلك، أتمَّها ظُهْرًا، إذا كان قد نوى الظُّهْرَ فى قوْلِ الخِرَقِىِّ. وهو المذهبُ. ورُوِىَ عن أحمدَ، حَكاه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفروعِ» و «النَّظْمِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وصحَّحه الحَلْوانِىُّ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ مُفْلحٍ فى «حَواشِيه»: هذا أظْهَرُ الوَجْهَين. وقال أبو إسْحاقَ بنُ شاقْلَا: ينْوِى جُمُعَةً، ويُتِمُّها ظُهْرًا. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً عن أحمدَ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. قال القاضى فى مَوْضعٍ مِنَ «التَّعْليقِ»: هذا المذهبُ. وهو ظاهِرُ «العُمْدَةِ»، فإنَّه قال: فمَن أدْرَك منها ركْعةً، أتَمَّها جُمُعَةً، وإلَّا أتَمَّها ظُهْرًا. انتهى. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو ضعيف، فإنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فرَّ مِنِ اخْتِلافِ النِّيَّةِ، ثم الْتَزَمَه فى البِناءِ، والواجِبُ العَكْسُ أو التَّسْويةُ، ولم يقُلْ أحدٌ مِنَ العُلَماءِ بالبِناءِ مع اخْتِلافٍ يَمنعُ الاقْتِداءَ. انتهى. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قولُه بَعيدٌ جِدًّا، يَنْقُضُ بَعضُه بَعضًا. وأطْلَقَهما فى «الكافِى»، و «الهِدايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وقيلَ: إنَّ مَبْنَى الوَجْهَين؛ أنَّ الجُمُعَةَ، هل هى ظُهْرٌ مقْصورَةٌ، أو صلاةٌ مُسْتقِلَّةٌ؟ فيه وجْهان، على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وقيل: لا يجوزُ إتْمامُها ولا يصِحُّ؛ لاخْتِلافِ النِّيَّةِ. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: وقال بعضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِنا: لا يُصلِّيها مع الإمام؛ لأنَّه إنْ نَوَى الظُّهْرَ، خالَفَ نِيَّةَ إمامِه، وإنْ نَوَى الجُمُعَةَ، وأَتَمَّها ظُهْرًا، فقد صَحَّتْ له الظُّهْرُ مِن غيرِ نِيَّتِها. وقال ابنُ عَقِيل، فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، أو «الفُنونِ»: لا يجوزُ أنْ يصلِّيَها ولا ينْوِيَها ظُهْرًا؛ لأنَّ الوَقْتَ لا يصْلُحُ، فإن دخَل، نوَى جُمُعَةً وصلَّى رَكْعَتَين، ولا يعْتَدُّ بها. تنبيهان؛ أحدُهما، قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ التِّرْمِذِىِّ»: إنَّما قال أبو إسْحَاقَ: يَنْوِى جُمُعَةً، ويُتِمُّها أرْبعًا، وهى جُمُعَةٌ لا ظُهْر. لكنْ لمَّا قال: يُتِمُّها أرْبَعًا. ظنَّ الأصحابُ أنَّها تكون ظُهْرًا، وإنَّما هى جُمُعَة. قال ابنُ رَجَبٍ: وأنا وجَدْتُ له مُصَنَّفًا فى ذلك؛ لأنَّ صلاةَ الجُمُعَةِ كصلاةِ العيدِ، فصلاةُ العيدِ إذا فاتَتْه، صلَّاها أرْبَعًا. انتهى. الثَّانى، ظاهرُ قولِه: وإنْ أدْرَك أقلَّ مِن ذلك، أتمَّها ظُهْرًا. أنَّه لا يصِحُّ إتْمامُها جُمُعَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَخْتلِفُ الأصحابُ فيه. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُتِمُّها جُمُعَةً. ذكَرَها أبو بَكْر، وأبو حَكِيم فى «شَرْحِه»، قِياسًا على غيرِها مِنَ الصَّلواتِ، ولأنَّ مَن لَزِمَه أنْ يَبْنِىَ على صلاةِ الإِمامِ بإدْراكِ ركْعَةٍ، لَزِمَه بإدْراكِ أقَلَّ منها، كالمُسافِرِ يُدْرِكُ المُقيمَ. وأُجِيبُ بأنَّ المُسافِرَ إدْراكُه، إدْراكُ إلْزامٍ، وهذا إدْراكُ إسْقاطٍ للعدَدِ، فافْتَرَقا، وبأنَّ الظُّهْرَ ليس مِن شَرْطِها الجماعةُ، بخِلافِ مَسْألَتِنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إنْ كان الإِمامُ صلَّى الجُمُعَةَ قبلَ الزَّوالِ، لم يصِحَّ دُخولُ مَن فاتَتْه معه. على الصَّحيح مِنَ الوَجْهَين. جزَم به فى «الشَّرحِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهما؛ لأنَّها فى حقِّه ظُهْرٌ، ولا يجوزُ قبلَ الزَّوالِ، فإنْ دخَل انْعقَدَتْ نَفْلًا. والوجهُ الثَّانى، يصِحُّ أنْ يدْخُلَ بِنِيَّةِ الجُمُعَةِ، ثم يَبْنِىَ عليها ظُهْرًا. حَكاه القاضى فى «الرِّوايتَيْن»، والآمِدِىُّ عنِ ابنِ شاقْلَا. ويجبُ أنْ يُصادِفَ ابْتدِاءُ صلاتِه زَوالَ الشَّمْسِ على هذا.

وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الإِمَامِ، ثُمَّ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ، سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ أوْ رِجْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أحْرمَ مع الإِمامِ، ثم زُحِمَ عَنِ السُّجودِ، سجَد على ظَهْرِ إنْسانٍ أو رِجلِه. هذا المذهبُ. يعْنِى، أنَّه يلْزَمُه ذلك إنْ أمْكَنه. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وصحَّحوه، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وغيرهم. وقال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل: لا يسْجُدُ على ظَهْرِ أحَدٍ، ولا على رِجْلِه، ويُومِئُ غايَةَ الإمْكانِ. وعنه، إنْ شاءَ سجَد على ظَهْرِه، وإِنْ شاءَ انْتظرَ زَوالَ الزِّحامِ، والأفْضَلُ السُّجودُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ، وغيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، لوِ احْتاجَ إلى مَوْضِع يدَيْه ورُكْبَتَيْه أيضًا، فهل يجوزُ وَضْعُهما، إذا قُلْنا بجَوازِه فى الجَبْهَةِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يجوزُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا الأقْوَى عندِى. وهو قولُ إسْحَاقَ بنِ رَاهُويَه. والوجهُ الثَّانى، يجوزُ. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن».

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ سَجَدَ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الثَّانِيَةِ، فَيُتَابِعَ الْإِمَامَ فِيهَا، وَتَصِيرُ أُولَاهُ، وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما فى «الفروعِ»، و «ابْنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال ابنُ تَميمٍ: والتَّفريعُ على الجَوازِ. قال أبو المَعالِى: وإنْ لم يُمْكِنْه السُّجودُ، إلَّا على مَتاعِ غيرِه، صحَّتْ، كهذه المسْألَةِ. وجعَل طَرَفَ المصلِّى وذيلَ الثَّوْبِ أصْلًا للجَوازِ. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ التَّخلُّفَ عن السُّجودِ مع الإِمامِ لمرَضٍ، أو غَفْلَةٍ بنَومٍ أو غيرِه، أو سَهْوٍ ونحوِه، كالتَّخَلفِ بالزِّحامِ. واخْتارَ بعضُ الأصحابِ الفرْقَ بينَهما، فيَسْجُدُ المزْحومُ، إذا أَمِنَ فواتَ الثَّانيةِ، ولا يسْجُدُ السَّاهى بحالٍ، بل تُلْغَى ركْعَتُه. قوله: فإنْ لم يُمْكِنْه، سجَد إذا زالَ الزِّحامُ. بلا نِزاعٍ، بشَرْطِه. قوله: إلَّا أنْ يخافَ فوَاتَ الثَّانيةِ، فيُتابعَ الامامَ فيها، وتَصيرُ أُولَاه؛ فتلْغو الأُولَى، ويُتِمُّها جُمُعَةً. هذا المذهبُ، والصَّحيحُ مِنَ الرِّواياتِ. جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِديَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعَ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال: هذا أصحُّ. قال الشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. واقْتَصَر عليه. وعنه، لا يُتابِعُه، بل يشْتَغِلُ بسُجودِ الأُولَى. وعنه، رِوايةٌ ثالثةٌ؛ تلْغُو الأُولَى، ويُتابعُ الإِمامَ، وإنْ لم يخَفْ فوْتَ الثَّانيةِ، ولا يشْتَغِلُ بسُجودٍ. فوائد؛ لو أدْرَكَ مع الإمام ما يُعْتَدُّ به فَأحْرَمَ، ثم زُحِمَ عنِ السُّجودِ أو نَسِيَه، أو أدْرَك القِيامَ، وزُحِمَ عن الرُّكَوعِ والسُّجودِ، حتَّى سلَّم، أو توَضَّأْ لحَدَثٍ، وقُلْنا: يَبْنِى ونحوَ ذلك، اسْتَأْنف ظُهْرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِى مُوسى، والخِرَقِىُّ، والقاضى. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وعنه، يُتِمُّها ظُهْرًا. وعنه، جُمُعَةً. واخْتارَه الخَلَّالُ فى المسْألَةِ الأُولَى. وعنه، يُتِمُّ جُمُعَةً مَن زُحِمَ عن سُجودٍ أو نَسِيَه؛ لإِدْراكِه الرُّكوعَ، كمَن أتَى بالسُّجودِ قبلَ سلامِ إمامِه. على الصَّحيحِ مِنَ الرِّوايتَيْن؛ لأنَّه أَتَى به فى جماعةٍ، والإدْراكُ الحُكْمِىُّ كالحَقيقىِّ، كحَمْلِ الإِمامِ السَّهْوَ عنه. وإنْ أحْرَم فزُحِمٍ وصلَّى فَذًّا، لم تصِحَّ. وإنْ أُخْرِجَ فى الثَّانيةِ، فإنْ نَوى مُفارقَتَه، أَتَمَّ جُمُعَة، وإلَّا فعنه، يُتِمُّ جُمُعَةً. وعنه، يُعيدُ؛ لأنَّه فَذٌّ فى رَكْعَةٍ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: إلَّا أنْ يخافَ فَوْتَ الثَّانية. الاعْتِبارُ فى فوْتِ الثَّانيةِ بغلَبَةِ الظَّنِّ، فمَن غلَب على ظَنِّه الفوْتُ، فتابعَ إِمامَه فيها، ثم طوَّل، لم يضُرُّه ذلك، وإنْ غلَب على ظَنِّه عدَمُ الفوْتِ، فبادَر الإِمامُ فرَكع، لم يضُرَّه الإِمامُ. قالَه ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. فعلى المذهبِ مِن أصْلِ المَسْألَةِ، لو زالَ عُذْرُ مَن أدْرَك رُكوع الأُولَى، وقد رفَع إمامُه مِن رُكوعِ الثَّانيةِ، تابَعَه فى السُّجودِ، فتَتِمُّ له ركْعَةٌ مُلَفَّقةٌ مِن رَكْعَتَىْ إمامِه، يُدْرِكُ بها الجُمُعَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فيُعايَى بها. ولو لم نقُلْ بالتَّلْفيقِ فى مَن نَسِىَ أَرْبَعَ سَجَداتٍ مِن أَربَع رَكَعاتٍ، لتَحْصيلِ المُوالاةِ بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رُكوعٍ وسُجودٍ مُعْتَبَرٍ. وقيل: لا يُعْتَدُّ له بهذا السُّجودِ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى فى «المُجَرَّدِ». فيأْتِى بسَجْدتَيْن أُخْرَيَيْن والإِمامُ فى تَشَهُّدِه، وإلَّا عندَ سلامِه. ثم فى إدْراكِه الجُمُعَةَ الخِلافُ. وتقدَّم ذلك فى صلاةِ الجماعَةِ، بعدَ قولَهِ: إذا ركَع ورفَعَ قبلَ رُكوعِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو زُحِمَ عنِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، فهو كالمَزْحومِ عنِ السُّجودِ، فيَشْتَغِلُ بقضَاءِ ذلك، ما لم يخَفْ فوْتَ الثَّانيةِ، على ما تقدَّم. وفيه وجْهٌ، تلْغُو ركْعَتُه بكُلِّ حالٍ. وعلى هذا الوجْهِ، إنْ زُحِمَ عنِ الرُّكوعِ وحدَه، فوَجْهان؛ أحدُهما، يأْتِى به ويَلْحَقُه. اخْتارَه القاضى. والثَّانى، تلْغُو ركْعَتُه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، لو زُحِمَ عنِ الجُلوسِ للتَّشَهُّدِ؛ فقال ابنُ حامِدٍ: يأْتِى به قائمًا ويُجْزِئُه. وقال ابنُ تَميمٍ: الأَوْلَى انْتِظارُ زَوالِ الزِّحامِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ».

فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ فَسَجَدَ ثمَّ أدْرَكَ الإمَامَ فِى التَّشَهُّدِ، أُتَى بِرَكْعَةٍ أُخْرَى بَعْدَ سَلَامِهِ، وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ. وَعَنْهُ، يُتِمُّهَا ظُهْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يُتابِعْه، عالمًا بتَحْريمِ ذلك، بَطَلَتْ صلاتُه. بلا نِزاعٍ. وإنْ جَهِلَ تَحْريمَه فسجَد ثم أدْرَكَ الإمامَ فى التَّشَهُّدِ، أتَى برَكْعَةٍ أُخْرى بعدَ سلامِه، وصحَّتْ جُمُعَتُه. وهو المذهبُ، وعليه أَكْثرُ الأصحابِ. وعنه، يُتِمُّها ظُهْرًا. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فعلى القوْلِ بأنَّه يُتِمُّها ظُهْرًا، فهل يسْتَأنِفُ أو يَبْنِى؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قدَّم فى «الرِّعايَةِ» أَنَّه يَبْنِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، الاعْتِدادَ بسُجودِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، كسُجودِه يظُنُّ إدْراكَ المُتابعَةِ ففاتَتْ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وغيرُه. وقيل: لا يُعْتَدُّ به. اخْتارَه القاضى؛ لأن فرْضَه الرُّكوعُ، ولم يبْطُلْ لجَهْلِه. فعلى هذا القوْلِ، لو أَتُى بالسُّجودِ، ثم أدْرَكه فى رُكوعِ الثَّانيةِ تَبِعَه، فصارَتِ الثَّانيةُ أُولَاه، وأدْرَك بها الجُمُعَةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو سجَد جاهِلًا تحْريمَ المُتابعَةِ، ثم أدْرَكه فى رُكوعِ الثَّانيةِ، تَبِعَه فيه، وتمَتْ جُمُعَتُه، وإنْ أدْرَكه بعدَ رَفْعِه تَبِعَه، وقضَى كمَسْبوقٍ، يأْتِى برَكْعةٍ، فتَتِمُّ له جُمُعَة. قالَه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ أدْرَك معه السُّجودَ فيها، فهل تكْمُلُ به الأُولَى؛ على وجْهَين؛ فإنْ قُلْنا: تكْمُلُ. حصَل له ركْعَة، ويقْضِى أُخْرى بعدَ سلام الإِمامِ، وتصِحُّ جُمُعَتُه. النهى. الثَّانيةُ، قال أبو الخَطَّابِ وجماعةٌ: يسْجُدُ للسَّهْوِ كذلك. وقال المُصَنِّفُ، وغيرُه: لا

الرَّابعُ، أنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ، وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحُضُورُ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْجُدُ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أظْهَرُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: خالَف أبو الخطَّابِ أكثرَ الأصحابِ: الثَّالثةُ، قال فى «الفُروعِ»: فإنْ أدْرَكه بعدَ رَفْعِه وتَبِعَه فى السُّجودِ، فيَحْصُلُ القَضاءُ والمُتابعَةُ معًا، وتَتِمُّ له رَكْعةٌ، يُدْرِكُ بها الجُمُعَةَ. وقيل: لا يَعْتَدُّ. اخْتاره القاضى فى «المُجَرَّدِ»، لأنَّه مُعْتَدٌّ به للإمامِ مِن رَكْعةٍ، فلوِ اعْتدَّ به المأمومُ مِن غيرِها، احْتمَل مَعْنى المُتابعَةِ، فيَأْتِى بسُجودٍ آخَرَ وإمامُه فى التَّشَهُّدِ، وإلَّا بعدَ سلامِه. انتهى. وتقدَّم ذلك كلُّه بأَبْسَطَ مِن هذا فى بابِ صلاةِ الجماعةِ. قوله: الرَّابعُ، أنْ يتقدَّمَها خُطْبَتان. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه خُطْبَةٌ واحدةٌ. فائدتان؛ إحْداهما، هاتان الخُطْبَتان بدَلٌ عن رَكْعَتيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأكْثرُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: هذا إنْ قُلْنا: إنَّها ظُهْرٌ مقْصورَةٌ. وإنْ قُلْنا: إنَّها صلاةٌ تامَّةٌ. فلا. انتهى. وقيل: ليستا بدَلًا عنهما. الثَّانيةُ، لا تصِحُّ الخُطْبَةُ بغيرِ العَرَبِيَّةِ مع القُدْرةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تصِحُّ. وتصِحُّ مع العَجْزِ، قولًا واحدًا، ولا تُعَبَّرُ عنِ القراءةِ بكُلِّ حالٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: مِن شَرْطِ صِحَّتِهما، حَمْدُ اللَّهِ. بلا نِزاعٍ. فيَقولُ: الحَمْدُ للَّهِ. بهذا اللَّفْظِ. قطَع به الأصحابُ؛ منهم المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. قال فى «النُّكَتِ»: لم أجِدْ فيه خِلافًا. قوله: والصَّلاةُ على النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. هذا المذهبُ، وعليه أكْثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ المَجْدُ، يصَلِّى على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو يشْهَدُ أنَّه عبْدُ اللَّهِ ورَسولُه. فالواجِبُ عندَه ذِكْرُ الرَّسولِ لا لَفْظُ الصَّلاةِ. واخْتارَ الشَّيخ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ الصَّلاةَ عليه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، واجِبَةٌ لا شَرْطٌ. وأوْجبَ فى مَكانٍ آخَرَ الشَّهادَتَيْن، وأوْجَبَ أيضًا الصَّلاةَ عليه مع الدُّعاءِ الواجبِ، وتقدْيمَها عليه لوُجوبِ تقْديمِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، على النَّفْسِ، والسَّلامَ عليه فى التَّشَهُّدِ. وقيل: لا يُشْتَرَطُ ذكرُه. فائدتان؛ إحْداهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، عدَمُ وُجوبِ السَّلامِ عليه مع الصَّلاةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُ رِوايَةِ أبِى طالِبٍ، وُجوبُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ فى الخُطْبَتَيْن أيضًا دُخولُ وَقْتِ الجُمُعَةِ. ولم يذْكُرْه بعضُهم؛ منهم المُصَنفُ، والمَجْدُ فى «مُحَرَّرِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقِراءةُ آيَةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ الخُطْبْتَيْن، قِراءَةُ آيَةٍ مُطْلَقًا فى كلِّ خُطْبَةٍ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لأنَّها بدَلٌ مِن رَكْعَتَيْن. وعنه، لا تجِبُ قراءةٌ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وصحَّحه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقيل: لا تجِبُ قِراءةٌ فى الثَّانيةِ. ذكَره فى «التَّلْخيصِ». واخْتارَه الشَّيْخُ صدَقَةُ بنُ الحَسَنِ البَغْدادىُّ الحَنْبلِىُّ (¬1) فى «كِتابِه». نقَله عنه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وعنه، يُجْزِيُّ بعضُ آيَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو تخْرِيجٌ لابنِ عَقِيلٍ مِن صِحَّةِ خُطْبَةِ الجُنُبِ. وقيل: يُجْزِئُ بعضُها فى الخُطْبَةِ الأُولَى. وقيل: يُجْزِئُ بعضها فى الخُطْبَةِ الثَّانيةِ. وللمَجْدِ احْتِمالٌ، يُجْزِئُ بعضُ آيَةٍ تُفِيدُ مقْصودَ الخُطْبَةِ، كقولِه تعالَى: {يَاأَيُّهَا الْنَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ} (¬2). وقالَه القاضى فى مَوْضِعٍ مِنْ كلامِه. ذكَره عنه ابنُ تَميمٍ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: وهو الأَظْهَرُ عندِى. وقال أبو المَعالِى: لو قرَأ آيَةً لا تسْتَقِلُّ بمَعْنًى أو حُكْمٍ، ¬

(¬1) هو صدقة بن الحسين بن الحسن البغدادى، أبو الفرج، الفقيه الأديب، الشاعر. له مصنفات حسنة فى أصول الدين، وجمع تاريخا على السنين. توفى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 339. سير أعلام النبلاء 1/ 66، 67. (¬2) سورة النساء 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كقولِه: {ثُمَّ نَظَرَ} (¬1) أو: {مُدْهَامَتَّانِ} (¬2) لم يكْفِ ذلك. وهو احْتِمالُ المَجْدِ أيضًا. وقالَه القاضى أيضًا فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه. ومثَّله بقولِه: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (¬3) ذكَره عنه ابنُ تَميمٍ أيضًا. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» أيضًا: وهو الأظْهَرُ عندِى. فائدة: لو قرَأ ما يَتَضَمَّنُ الحَمْدَ والمَوْعِظَةَ، ثم صلَّى على النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كفَى على الصَّحيحِ. وقال أبو المَعالِى: فيه نَظَرٌ؛ لقولِ أحمدَ: لابُدَّ بن خُطْبَةٍ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، لا تكونُ خُطْبَةٌ إلَّا كما خطَب النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو خُطْبَةٍ تامَّةٌ. قوله: والوَصيَّةُ بتَقْوَى اللَّهِ. يعنى، يُشْترَطُ فى الخُطْبَتَيْن الوَصِيَّةُ بتَقْوَى اللَّهِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يُشْتَرَطُ ذلك ¬

(¬1) سورة المدثر 21. (¬2) سورة الرحمن 64. (¬3) سورة المدثر 22.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الثَّانيةِ فقط. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِىِّ؛ فإنَّه قال فى الثَّانيةِ: وقرَأ، ووعَظ. ولم يقُلْ فى الأُولَى: ووعَظ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، والمُصَنِّفُ، احْتِمالٌ؛ لا يجبُ إِلَّا حَمْدُ اللَّهِ تعالَى والمَوْعِظَةُ فقط. وذكَر أبو المَعالِى، والشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أَنَّه لا يكْفِى ذَمُّ الدُّنْيا، وذِكْرُ المَوْتِ. زادَ أبو المَعالِى: الحِكَمَ المَعْقُولَةَ التى لا تتَحركُ لها القُلوبُ، ولا تنْبَعِثُ بها إلى الخَيْر. فلو اقْتَصَر على قولِه: أطيعوا اللَّهَ، واجْتَنِبوا مَعاصيه. فالأظْهَرُ؛ لا يكْفِى ذلك، وإنْ كان فيه توْصِيَةٌ؛ لأنَّه لابُدَّ مِنِ اسْمِ الخُطْبَةِ عُرْفًا، ولا تحْصُلُ باخْتِصارٍ يفُوتُ به المَقْصودُ. فوائد؛ منها، أوْجَبَ الخِرَقِىِّ، وابنُ عَقِيل، الثَّناءَ على اللَّهِ تعالَى. واخْتَاره صَدَقَةُ ابنُ والحَسَنِ البَغْدَادِىُّ فى «كِتابِه»، وجعَله شرْطًا. نقَله عنه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». والمذهبُ خِلافُه. ومنها، يُسْتَحَبُّ أنْ يَبْدَأ بالحَمْدِ، ويُثَنِّىَ بالصَّلاةِ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُثَلِّثَ بالمَوْعِظَةِ، ويُرَبِّعَ بقراءةِ آيَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يجِبُ ترتِيبُ ذلك. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ، وابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ». لكنْ حَكاهُما احْتِمالَيْن فيهما. ومنها، يُشْترَطُ أيضًا المُوالاةُ بينَ الخُطْبَتَيْن، وبينَهما وبينَ الصَّلاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُشْترَطُ. ومنها، يُشْترَطُ تقدُّمُهما على الصَّلاةِ، بلا نزاعٍ. ومنها، يُشْتَرَطُ أيضًا المُوالَاة بينَ أجْزاءِ الخُطْبَةِ قولًا واحدًا. وحكَى بعضُهم قوْلًا. ومنها، يُشْترَطُ أيضًا النيةُ. ذكَرَه فى «الفُنونِ». وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. قالَه فى «الفُروعِ». ومنها، تبْطُلُ الخُطْبَةُ بكلامٍ يَسيرٍ مُحَرَّمٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا تَبْطُلُ كالأَذَانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَأوْلَى. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وإنْ حَرُمَ الكلامُ؛ لأجْلِ الخُطْبَةِ وتكلَّم فيها، لم تبْطُلْ به، قولًا واحدًا. ومنها، الخُطْبَةُ بغيرِ العَرَبِيَّةِ كالقِراءَةِ، وهل يجِبُ إبْدالُ عاجزٍ عنِ القِراءةِ بذِكْرٍ أم لا؟ لحُصُولِ مَعْناها مِن بقِيَّةِ الأرْكانِ. فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ حَمْدان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحُضورُ العَدَدِ المشترطِ. يعْنِى، فى القَدْرِ الواجبِ مِنَ الخُطْبَةِ. وكذا سائرُ شُروطِ الجُمُعَةِ. فوائد، يُعْتبرُ للخَطيبِ رفْعُ الصَّوْتِ بها، بحيثُ يُسْمِعُ العَدَدَ المُعْتبَرَ، فإنْ لم يحْصُلْ سَماعٌ لعارِضٍ، مِن نوم أو غفْلَةٍ أو مطرٍ أو نحوِه، صحَّتْ. وتقدَّم أنَّها لا تصِحُّ بغيرِ العَرِبِيَّةِ مع القُدْرَةِ. على الصَّحيحِ. وإنْ كان لبُعْدٍ، أو خفْضِ صوْتِه، لم تصِحَّ. ولو كانُوا طُرْشًا أو عُجْمًا، وكان عَرَبِيًّا سَمِيعًا، صحَّتْ. وإنْ كانوا كلُّهم صُمًّا؛ فذكَر المَجْدُ، تصِحُّ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقال غيرُ المَجْدِ: لا تصِحُّ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ». وظاهرُ «الفُروعِ» الإِطْلاقُ. وإِنْ كان فيهم صُمٌّ، وفيهم مَن يسْمَعُ، ولكنَّ الأصَمَّ قريبٌ، ومَن يسْمَعُ بعيدٌ، فقِيلَ: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصِحُّ؛ لفَواتِ المقْصودِ. وهو أوْلَى. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهما، وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الرِّعَايَةِ». وهو أوْلَى فى مَوضِعٍ. وذكَر بعدَ ذلك ما يدُلُّ على إطْلاقِ الخِلافِ. وَقيل: تصِحُّ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «النُّكَتِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وإنْ كانوا كلُّهم خُرْسًا مع الخَطبِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم يصَلُّون ظهْرًا لفواتِ الخُطَبَةِ صورةً ومَعْنًى. قلتُ: فيُعايَى بها. وفيه وَجْهٌ، يصَلُّون جُمُعَةً، ويخْطُبُ أَحدُهم بالإِشارَةِ، فيصِحُّ كما تصِحُّ جميعُ عِباداتِه؛ مِن صلاِته، وإمامَتِه، وظِهَارِه، ولِعَانِه، ويَمينِه، وتَلبِيَتِه، وشَهادَتِه، وإسْلامِه، ورِدَّتِه، ونحوِ ذلك. قلتُ: فيُعايَى بها أيضًا. فائدة: لوِ انْفَضُّوا عنِ الخَطيبِ، وعادُوا، وكثُرَ التَّفَرُّقُ عُرْفًا، فقيلَ: يَبْنِى على ما تقدَّم مِنَ الخُطْبَةِ. وقيل: يسْتَأْنِفُها. وهذا الوجْهُ ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ؛ لاشْتِراطِهم سَماعَ العَدَدِ المُعْتَبَرِ للخُطْبَةِ، وقدِ انْتفَى. قال فى

وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»: فإنِ انْفَضُّوا ثم عادُوا قبلَ أنْ يَتَطاوَلَ الفَصْلُ، صلَّاها جُمُعَةً. فَمَفْهومه، أنَّه إذا تَطاولَ الفَضلُ، لا يصلِّى جُمُعَةً ما لم يسْتَأْنِف الخُطْبَةَ. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّلْخيصِ»، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال ابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»: إنِ انْفَضُّوا لفِتْنَةٍ أو عدُوٍّ، ابْتَدأها كالصَّلاةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تبْطُل، كالوقْتِ يخرجُ فيها. ويَحْتَمِلُ أنْ يُفَرِّقَ بينَهما، بأنَّ الوقْتَ يتقَدَّمُ ويتَأخَّرُ للعُذْرِ، وهو الجَمْعُ. قوله: وهل يُشْتَرَطُ لهما الطَّهارةُ، وأن يَتَولَّاها مَن يتولَّى الصَّلاةَ؟ على رِوايتَيْن. أطْلقَ المُصَنِّفُ فى اشْتِراطِ الطَّهارَةِ للخُطْبَتَيْن، أعْنِى الكُبْرى والصُّغْرى، الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، لا يُشْتَرطان. وهي المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: لا يُشْترَطُ لهما الطَّهارَتان فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. اخْتارَه أكثرُنا. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخُطْبَتَيْن، ولو مِن جُنُب، نَصًّا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه الآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال: جزَم الأكثرُ بعدَمِ اشْتِراطِ الطَّهارَةِ الصُّغْرى؛ القاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما»، والشِّيرازِىُّ، والمَجْدُ، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ لهما الطَّهارَةُ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «الحَواشِى»: قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وعنه رِوايةٌ ثالثةٌ، يُشْتَرَطُ لهما الطَّهارَةُ الكُبْرى دونَ الصُّغْرى. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قال المُصَنِّفُ: الأشْبَهُ بأُصولِ المذهبِ، اشتراطُ الطَّهارَةِ الكُبْرى. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: والصَّحيحُ عندِى، أنَّ الطَّهارةَ مِنَ الجَنابَةِ تُشْترَطُ لهما. قال الشَّرِيف: هو قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وكأنَّه أخذَه مِن عدَمِ اعْتِدادِه بأَذانِ الجُنُبِ. وقال فى «البُلْغَةِ»: قال جماعةٌ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ: فلو خطَب جُنُبًا. جازَ بشَرْطِ أنْ يكونَ خارِجَ المسْجِدِ. قلتُ: قالَه القاضى فى «جامِعِه»، و «تَعْلِيقِه». وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال: يتَوَضَّأُ ويخْطُبُ فى المَسْجدِ. فعلى المذهبِ، تُجْزِئُ خُطْبَةُ الجُنُبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وهو عاصٍ بقِرَاءَةِ الآيَةِ؛ لأنَّ لُبْثَه لا تعَلُّقَ له بواجِبِ العِبادَةِ، كصلاةِ من معه دِرْهَمٌ غَصْبٌ. وقيل: لا تُجْزِئُ. وهو تخْريجٌ فى «المُحَرِّرِ»، كتَحْريمِ لُبْثِه. وإنْ عصَى بتَحْريمِ القِراءةِ، فهو مُتَعَلِّقٌ بفَرْضٍ لها، فهو كصَلاِته بمَكانٍ غصْبٍ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الفُصولِ»: نصَّ أحمدُ أنَّ الآيةَ لا تُشْترَطُ، وهو أشْبَهُ، أو جوازُ قراءَةِ الآيَةِ للجُنُبِ، وإلَّا فلا وَجْهَ له. وقال فى «الفُنونِ»، أو «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: يُحْمَلُ على النَّاسِى، إذا ذكَر اعْتَدَّ بخُطْبَتِه، بخِلافِ الصَّلاةِ، وسَتْرِ العوْرَةِ، وإزالَةِ النَّجاسَةِ، كطَهارَةٍ صُغْرى. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فعلى المذهبِ، لا يجوزُ له أنْ يخْطُبَ فى المَسْجدِ عالِمًا بحَدَثِ نفْسِه، إلَّا أنْ يكونَ مُتوضِّئًا، فإذا وصَل القِراءةِ، اغْتَسَلَ وقرَأ، إنْ لم يُطِلْ أو اسْتَناب مَن يقْرأُ. ذكَره ابنُ عَقِيل، وابنُ الجَوْزِىِّ، وغيرُهما. فإنْ قرَأ جُنُبًا، أو خطَب فى المَسْجدِ عالِمًا، مِن غيرِ وُضوءٍ، صحَّ مع التَّحْريمِ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: والتَّحْقيقُ، صِحَّةُ خُطْبَةِ الجُنُبِ فى المَسْجدِ، إذا تَوَضَّأ ثم اغْتَسَل قبلَ القِراءَةِ، وكان ناسِيًا للجَنابَةِ، وإنْ عُدِم ذلك كلُّه، خُرِّج على الصَّلاةِ فى المَوْضع الغَصْبِ. قال ابنُ تَميمٍ: وهذا بِناءً على مَنْع الجُنُبِ مِن قِراءةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ آيَةٍ أو بعضِها، وعدَمِ الإِجْزاءِ فى الخُطْبَةِ بالبَعضِ. ومتى قُلْنا: يُجْزِئُ بعضُ آيَةٍ، أو تَعْيِينُ الآيَةِ، ولا يُمْنَعُ الجُنُبُ مِن ذلك، أو لا تجِبُ القِراءةُ فى الخُطْبَةِ، خُرِّج فى خُطْبَتِه وَجْهان، قِياسًا على أذانِه. فائدة: حُكْمُ ستْرِ العوْرَةِ، وإزالَةِ النَّجاسَةِ، حُكْمُ الطَّهارةِ الصُّغْرى فى الإجْزاءِ وعَدَمِه. قالَه فى «الفُروعِ»، وأبو المَعالِى، وابنُ مُنَجَّى. وقال القاضى: يُشْتَرَطُ ذلك. واقْتَصَر عليه ابنُ تَميمٍ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ الرِّوايتَيْن فى اشْتِراطِ تَوَلِّى الصَّلاةِ مَن توَلَّى الخُطْبَةَ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ إحْداهما، لا يُشْتَرَطُ ذلك. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: صحَّتْ، أو جازَ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «التَّلْخيصِ»: من سُنَنِهما، أنْ يتَولَّاهما مَن يتَولَّى الصَّلاةَ على المشْهورِ. قالِ فى «البُلْغَةِ»: سُنَّة على الأصحِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». فعليهما لو خطَب مُمَيِّزٌ ونحوُه، وقُلْنا: لا تصِحُّ إمامَتُه فيها. ففى صحَّةِ الخُطْبَةِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وبيَّنَّا الخِلافَ على القولِ بصِحَّةِ أذانِه. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الصِّحَّةِ؛ لأنَّ المذهبَ المنصوصَ، أَنَّها بدَلٌ عن رَكْعَتَين كما تقدَّم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْترَطُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ونسَب الزَّرْكَشِىُّ إلى صاحِبِ «التَّلْخيصِ» أنَّه قال: هذا الأشْهَرُ. وليس كما قال. وقد تقدَّم لفْظُه. قال ابنُ أبِى مُوسى: لا تَخْتلِفُ الرِّوايَةُ، أنَّ ذلك شرْطٌ مع عدَمِ العُذْرِ، فأمَّا مع العُذْر، فعلى رِوايتَيْن. وفى «المُغْنِى» (¬1) احْتِمالان مُطْلَقان مع عدَمِ العُذْرِ. وعنه رِواية ثالثة، ذلك شرْط إنْ لم يكُنْ عُذْرٌ. جزَم به فى «الإِفاداتِ». وقدّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى». قال فى «الفُصولِ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال فى «الشَّرْحِ»: هذا المذهبُ. وأطْلَقَهُنَّ فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». ¬

(¬1) 3/ 178.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ إذا توَلَّى الخُطْبَتَيْن، أو إحْداهما، اثْنان. على الصَّحيحِ. وقيلَ: إنْ جازَ فى التى قبلَها، فهنا وَجْهان. وهي طريقَةُ ابنِ تَميمٍ، وابنِ حَمْدانَ. وقطَع ابنُ عَقِيل، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» بالجَوازِ. قال فى «النُّكَتِ»: يُعايَى بها، فيُقالُ: عِبادَةٌ واحدةٌ بِدْعَةٌ محْضَةٌ تصِحُّ مِن اثْنَين. فعلى المذهبِ، لو قُلْنا: تصِحُّ لعُذْرٍ. لا يُشْتَرَطُ حُضورُ النَّائبِ الخُطْبَةَ كالمَأْمومِ، لتَعَيُّنِها عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُشْتَرَطُ حُضورُه؛ لأنَّه لا تصِحُّ جُمُعَةُ مَن لا يشْهَدُ الخُطْبَةَ إلَّا تَبَعًا كالمُسافِرِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفائقِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى». فائدة: لو أحْدَث الخَطِيبُ فى الصَّلاةِ، واسْتَخلَفَ مَن لم يحْضُرِ الخُطْبَةَ، صحَّ فى أشْهَرِ الوَجْهَين. قالَه فى «الفُروعِ». ولو لم يكُنْ صلَّى معه، على أصحِّ الرِّوايتَيْن، إنْ أدْرَك معه ما تَتِمُّ به جُمُعَتُه. وكوْنُه يصِحُّ، ولو لم يكُنْ صلَّى معه، مِنَ المُفْرَداتِ. وإنْ أدْرَكَه فى التَّشَهُّدِ، فسَبَق فى ظُهْرٍ مع عَصْرٍ. وإنْ منَعْنا الاسْتِخْلافَ، أتَمُّوا فُرادَى. قيل: ظُهْرًا؛ لأن الجماعةَ شرْطٌ كما لو نقَص العدَدُ. وقيلٍ: جُمُعَةً برَكْعةٍ معه كمَسْبوقٍ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: جُمُعَة مُطْلَقًا؛ لبَقاءِ حُكْمِ الجماعَةِ لمنْع الاسْتِخْلافِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وإنْ جازَ الاسْتِخْلافُ فَأتَمُّوا فُرادَى، لم تصِحَّ جُمُعتُهم، ولو كان فى الثَّانيةِ؛ لو نقَص العَدَدُ. وإنْ جازَ أنْ يتَولَّى الخُطْبَةَ غيرُ الإِمامِ، اعْتُبِرَتْ عَدالَتُه. فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ».

وَمِنْ سُنَنِهِمَا أنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ، أوْ مَوْضِعٍ عَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنْ يتَخرَّجَ رِوايَتان. فوائد؛ إحْداها، قوله: ومِن سُنَنِهما، أنْ يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ، أو مَوْضعٍ عَالٍ. بلا نِزاعٍ، لكنْ يكونُ المِنْبَرُ عن يَمينِ مُسْتَقْبِلى القِبْلَةِ. كذا كان مِنْبَرُه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، وكان ثلاثَ دَرَجٍ، وكان يقِفُ على الثَّالثةِ التى تَلِى مَكانَ الاسْتِراحَةِ. ثم وقَف أَبو بَكْرٍ على الثَّانيةِ. ثم عمرُ على الأُولَى تأدُّبًا. ثم وقَف عُثْمانُ مَكانَ أبِى بَكْرٍ. ثم وقَف علىٌّ موْقِفَ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ثم فى زَمَنِ مُعاوِيَةَ قَلَعَه مَرْوَانُ، وزادَ فيه سِتَّ دَرَجٍ، فكان الخُلَفاءُ يرْتَقون سِتَّ دَرَجٍ، ويقِفون مَكانَ

وَيُسَلِّمَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ إِذَا أقْبَلَ عَلَيْهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عمرَ. وأمَّا إذا وقَف الخَطِيبُ على الأرْضِ، فإنَّه يقفُ عن يَسارِ مُسْتَقْبِلِى القِبْلَةِ، بخِلافِ المِنْبَرِ. قالَه أبو المَعالِى. الثَّانيةُ، قوله: ويُسلِّمَ على المأمُومين إذا أقْبَل عليهم. بلا نِزاعٍ، ويُسَلِّمُ أيضًا على مَن عندَه إذا خرَج. الثَّالثةُ، رَدُّ هذا السَّلامِ وكلِّ سلام مَشْروعٍ، فَرْضُ كِفايَةٍ على الجماعةِ المسَلَّمِ عليهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: سُنَّةٌ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، كابْتَدائِه؛ وفيه وجْهٌ غريبٌ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ، يجِبُ. الرَّابعةُ، لوِ اسْتَدْبَر الخطيِبُ السَّامِعِين، صحَّتِ الخُطْبَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ

ثُمَّ يَجْلِسَ إِلَى فَرَاغِ الْأذَانِ، وَيَجْلِسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقيلَ: لا تصِحُّ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. الخامسةُ، يُسْتَحَبُّ أن ينْحَرِفَ المأْمُومون إلى الخُطْبَةِ لسَماعِها. وقال أبو بَكْرٍ: ينْحَرِفون إليه إذا خرَج، ويتَربَّعون فها، ولا تُكْرَهُ الحَبْوَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وكَرِهَها المُصَنِّفُ، والمَجْدُ. السَّادسةُ، قوله: ثم يَجْلِسَ إلى فَراغِ الأذانِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الأَذانَ الأولَ مُسْتحَبٌّ. وقال ابنُ أبِى مُوسى: الأذانُ المُحَرِّمُ للبَيْع واجِبٌ. ذكَرَه بعضُهم رِوايةً. وقال بعضُ الأصحابِ: يسْقُطُ الفَرْضُ يومَ الجُمُعَةِ بأوَّلِ أذانٍ. وقال ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ»: يُبَاحُ الأذانُ الأوَّلُ، ولا يُسْتَحَبُّ. وقال المُصَنِّفُ: ومِن سُنَنِ الخُطْبَةِ، الأذانُ لها إذا جلَس الإِمامُ على المِنْبَرِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: إنْ أرادَ، مشْروعٌ مِن حيث الجُمْلةُ، أو فى هذا الموْضِع، فلا كلامَ، وإنْ أرادَ به، سُنَّةٌ يجوزُ ترْكُه، فليس كذلك بغيرِ خِلافٍ. ثم قال: قلتُ: فإنْ صلَّيْناها قبلَ الزَّوالِ، فلم أجِدْ لأصحابِنا فى الأذانِ الأوَّلِ كلامًا، فيَحْتَمِلُ أنْ لا يُشْرَعَ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُشْرَعَ كالثَّانِى. انتهى. وأمَّا وُجوبُ السَّعْى إليها، فيَأْتِى حُكْمُه والخِلافُ فيه، عندَ قولِه: ويُبَكِّرُ إليها ماشِيًا.

وَيَخْطبَ قَائِمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجْلِسَ بينَ الخُطْبتَيْن. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ جلُوسَه بينَ الخُطتَيْن سُنَّةٌ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، أنَّه شَرْطٌ. جزَم به فى «النَّصِيحَةِ». وقالَه أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ جوَّزْنا الخُطْبَةَ جالِسًا، على ما يأْتى بعدَ ذلك، فالمُسْتَحَبُّ أنْ يجْعلِ بينَ الخُطْبَتَيْن سكْتَةً بدَلَ الجَلْسَةِ. قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، تكونُ الجَلْسةُ خَفِيفة جِدًّا. قال جماعةٌ: بقَدْرِ سُورةِ الإخْلاصِ. وحَكاه فى «الرِّعايَةِ» قولًا. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ». فلو أبَى الجُلوسَ، فصَل بينَهما بسَكْتَةٍ. قوله: ويَخْطُبَ قائِمًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ الخُطْبَةَ قائِمًا سُنَّةٌ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قالَه فى «الحَواشِى» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ عندَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعٍ» وغيرِه. وعنه، شرْطٌ. جزَم به فى «النَّصِيحَةِ»، وقدَّمه فى «الفائقِ».

ويَعْتَمِدَ عَلَى سَيْفٍ، أَوْ قَوْسٍ، أَوْ عَصًا، وَيَقْصِدَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قوله: ويعْتَمِدَ على سَيْفٍ، أو قَوْسٍ، أو عصًا. بلا نِزاعٍ. وهو مُخَيَّرٌ بينَ أنْ يكونَ ذلك فى يُمْناه أو يُسْراه. ووَجَّه فى «الفُروعِ» تَوْجيهًا، يكونُ فى يُسْراه، وأمَّا اليَدُ الأُخْرى، فيَعْتَمِدُ بها على حرْفِ المِنْبَرِ أو يُرْسِلُها. وإذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يعْتَمِدْ على شئٍ، أمْسَك يَمِينَه بشِمالِه أو أرْسَلهما.

وَيَقْصِرَ الْخُطْبَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، قوله: ويَقْصِرَ الخُطْبَةَ. هذا بلا نِزاعٍ. لكنْ تكونُ الخُطْبَةُ الثَّانيةُ أقْصَرَ.

وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه القاضى فى «التَّعْليقِ». والواقِعُ كذلك. ومنها، يرْفَعُ صوْتَه حسَبَ طاقَتِه. ومنها، قوله: ويدْعُوَ للمُسْلمِين. يعْنِى، عُمومًا. وهذا بلا نِزاعٍ. ويجوزُ لمُعَيَّنٍ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ للسُّلْطانِ. وما هو ببَعيدٍ. والدُّعاءُ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَحَبٌّ فى الجُمْلَةِ، حتى قال الإِمامُ أحمدُ، وغيرُه: لو كان لنا دعْوَةٌ مُسْتجابةٌ، لدَعْونا بها لإمامٍ عادِلٍ؛ لأنَّ فى صَلاحِه صلاحٌ للمُسْلِمين. قال فى «المُغْنِى» (¬1) وغيرِه: وإنْ دَعا لسُلْطانِ المُسْلِمين فحسَنٌ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. ومنها، لا يْرفَعُ يدَيْه فى الدُّعاءِ، والحالَةُ هذه. على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) 3/ 181.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن لأصحابِنا. وقيل:

وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ الْإِمَامِ. وَعَنْهُ، يُشْتَرَطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يْرفَعُهما. وجزَم به فى «الفُصولِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ. قال المَجْدُ: هو بِدْعَةٌ. قوله: ولا يُشْترَطُ إذْنُ الإِمامِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُشْتَرَطُ. وعنه، يُشْتَرطُ إنْ قدَر على إذْنِه، وإلَّا فلا. قال فى «الإِفاداتِ»: تصِحُّ بلا إذْنِ الإِمامِ مع العَجْزِ عنه. وعنه، يُشْترَطُ لوُجوبِها لا لجَوازِها. ونقَل أبو الحارِث، والشَّالَنْجِىُّ، إذا كان بينَه وبينَ المِصْرِ قَدْرُ ما يَقْصُرُ فيه الصَّلاةَ، جَمَّعُوا ولو بلا إذْنٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُشْتَرطُ إذْنُه. فلو ماتَ، ولم يُعْلَمْ بمَوْتِه إلَّا بعدَ الصَّلاةِ، لم تلْزَمِ الإعادةُ، على أصحِّ الرِّوايتَيْن للمَشَقَّةِ. قال ابنُ تَميمٍ: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. وصحَّحَهما فى «الحَواشِى». وعنه، عليهمُ الإعادةُ؛ لبَيانِ عدَمِ الشَّرْطِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال فى «التَّلْخيصِ»: ومع اعْتِبارِه فلا تُقامُ إذا ماتَ، حتى يُبايَعَ عِوَضُه. وأطْلَقَهما قي «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ عُلِمَ موْتُه بعدَ الصَّلاةِ، ففى الإعادةِ رِوايَتان. وقيل: مع اعْتِبارِ الإِذْنِ. وقيل: إنِ اعْتَبَرْنا الإِذْنَ أعادُوا، وإلَّا فلا. وقيل: إنِ اعْتُبِرَ إذْنُه فماتَ، لم تُقَمْ حتى يُبايَعَ عِوَضُه. فائدتان؛ إحْداهما، لو غلَب الخَوارِجُ على بلَدٍ، فأَقاموا فيه الجُمُعَةَ، فنَصَّ أحمدُ على جَوازِ اتِّباعِهم. قالَه ابنُ عَقِيلٍ. قال القاضى: ولو قُلْنا: مِن شَرْطِها

فصل

فَصْلٌ: وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِى الْأُولَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَفِى الثَّانِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ، إذا كان خُروجُهم بتَأْويلٍ سائغٍ. وقال ابنُ أبِى موسى: إذا غلَب الخارِجِىُّ على بَلَدٍ، وصلَّى فيه الجُمُعَةَ، أُعِيدَتْ ظُهْرًا. الثَّانيةُ، إذا فرَغ مِنَ الخُطْبَةِ نزَل، وهل ينْزِلُ عندَ لفْظةِ الإِقامَةِ، أو إذا فرَغ بحيثُ يصِلُ إلى المِحْرابِ عندَ قولِها؟ يحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قالَه فى «التَّلْخيصِ». وتَبِعَه فى «الفُروعِ»، وابنُ تَميمٍ فى أوَّلِ صفَةِ الصَّلاةِ؛ أحدُهما، ينْزِلُ عندَ لفْظِ الإِقامَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والثَّانى، ينْزِلُ عندَ فَراغِه. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْرَأَ فى الأُولَى بِسورةِ الجُمُعَةِ، وفى الثَّانيةِ بالمُنافِقين.

بِالْمُنَافِقِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّسْهيلِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِهم. وعنه، يقْرَأُ فى الأُولَى بالجُمُعَةِ وفى الثَّانيةِ بسَبِّح. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ». وعنه، يقْرَأُ فى الأُولَى بسَبِّح، وفى الثَّانيَةِ بالْغاشِيَةِ. قدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وغيرُهم: وإنْ قرَأ فى الأُولَى يسَبِّح، وفى الثَّانيةِ بالْغاشِيَةِ، فحسَنٌ. وقال الخِرَقِىُّ: يقْرأُ بالحَمْدِ وسُورةٍ. وقال فى «الوَجيزِ»: يصَلِّيها رَكْعَتَيْن جَهْرًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ يُسْتَحَبُّ أنْ يقْرَأَ فى فَجْرِ يومِ الجُمُعَةِ، فى الرَّكْعَةِ الأُولَى {الم} السَّجْدَةَ، وفى الثَّانيةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لتَضَمُّنِهما ابْتِداءَ خَلْقِ السَّمَواتِ والأرْضِ، وخَلْقِ الإِنْسانِ إلى أنْ يدْخُلَ الجَنَّةَ أو

وَتَجُوزُ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّارَ. انتهى. وتُكْرَهُ المُداوَمَةُ عليهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: لِئَلَّا يُظَنَّ أنَّها مُفَضَّلَةٌ بسَجْدَةٍ. وقال جماعةٌ مِنَ الأَصحابِ: لِئَلَّا يُظَنَّ وُجوبُها. وقيل: تُسْتَحَبُّ المُداوَمَةُ عليهما. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخارِىِّ»: ورجَّحه بعضُ الأصحابِ، وهو الأظْهَرُ. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويُكْرَهُ تحَرِّيه قِراءةَ سجْدَةٍ غيرِها. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد زعَم بعضُ المُتَأَخِّرين مِن أصحابِنا، أنَّ تَعَمُّدَ قِراءةِ سُورَةِ سجْدَةٍ غيرِ {الم (1) تَنْزِيلُ} فى يومِ الجُمُعَةِ بِدْعَةٌ. قال: وقد ثبَت أنَّ الأمْرَ بخِلافِ ذلك. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه يُكْرَهُ قِراءةُ سورةِ الجُمُعَةِ فى ليْلَةِ الجُمُعَةِ. زادَ فى «الرِّعايَةِ»، والمُنافِقِين. وعنه، لا يُكْرَهُ. تنبيه: قد يقالُ: إنَّ مفْهومَ قوْلِ المُصَنِّفِ: وتجوزُ إقامَةُ الجُمُعَةِ فى مَوْضِعَين مِنَ البلَدِ للحاجَةِ. لا يجوزُ إقامَتُها فى أكْثَرَ مِن مَوْضِعَين، ولو كان هناك حاجَةٌ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولٌ لبعضِ الأصحابِ. وذكَرَه القاضى فى كتابِ «التَّخْرِيجِ». وهو بعيدٌ جدًّا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ جوازُ إقامَتِها فى أكثَر مِن مَوْضِعَين للحاجَةِ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ، وهو المنْصورُ فى كُتُبِ الخِلافِ. انتهى. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: هو المشْهورُ ومُخْتارُ الأصحابِ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ». وعنه، لا يجوزُ إقامَتُها فى أكثرَ مِن مَوْضِعٍ واحدٍ. وَأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: ولا يجوزُ مع عَدَمِها. يعْنِى، لا يجوزُ إقامَتُها فى أكْثَرَ مِن مَوْضِعٍ واحدٍ، إذا لم يكُن حاجَةٌ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا هو المعْروفُ فى المذهبِ. وعنه، يجوزُ مُطْلَقًا. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وحمَله القاضى على الحاجَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، الحاجَةُ هنا الضِّيقُ، أو الخَوفُ مِن فِتْنَةٍ أو بُعْدٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: إنْ كان البَلَدُ قِسْمَيْن بينَهما نائِرَةٌ (¬1)، كان عُذْرًا أَبْلَغَ مِن مشَقَّةِ ¬

(¬1) النائرة: الهائجة بين الناس.

فَإِنْ فَعَلُوا فَجُمُعَةُ الْإِمَامِ هِىَ الصَّحِيحَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الازْدِحامَ. الثَّانيةُ، الحُكْمُ فى العيدِ فى جَوازِ صلاتِه فى مَوْضِعَيْن فأكثرَ، والاقْتِصارِ على مَوْضِعٍ مع عدَمِ الحاجَةِ، كالجُمُعَةِ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ. واقْتَصَر عليه فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ فَعَلوا فجُمُعَةُ الإِمامِ هى الصَّحيحَةُ. يعْنِى، إذا أقامُوها فى أكثَرِ مِن مَوْضِعٍ لغيرِ حاجَةٍ، وقُلْنا: لا يجوزُ. فتكونُ جُمُعَةُ الإِمامِ هى الصَّحيحةُ. واعلمْ أنَّه إذا كانتِ الجُمُعَةُ التى أَذِنَ فيها الإِمامُ هى السَّابِقَةَ، والحالَةُ هذه، فهى الصَّحيحةُ بلا نِزاعٍ. وإنْ كانت مَسْبوقَةً، فهى الصَّحيحَةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه، وغيرِهم. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه الشَّيْخُ وأكثرُ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أوْلَى. وقيلَ:

فَإِنِ اسْتَوَيَا فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّابقَةُ هى الصَّحيحةُ. جزَم به فى «التَّسْهيلِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «نَظْمِها». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». وقال ابنُ تَميمٍ: فإنْ كانت إحْداهما بإذْنِ الإِمامِ، وقُلْنا: إذْنُه شرْطٌ، فهى الصَّحيحةُ فقط. وإنْ قُلْنا: ليس إذْنُه بشَرْطٍ. فوَجْهان؛ أحَدُهما، صِحَّةُ ما أَذِنَ فيها، وإنْ تأخَّرتْ. والثَّانى، صِحَّةُ السَّابِقَةِ. فوائد؛ إحْداها، لو اسْتَوَيا فى الإِذْنِ أو عدَمِه، لكن إحْداهما فى المَسْجدِ الأعْظَمِ، والأُخْرى فى مَكانٍ لا يَسَعُ النَّاسَ، أو لا يقْدِرون عليه، لاخْتِصاصِ السُّلْطانِ وجُنْدِه به، أو كانت إحْداهما فى قصَبَةِ البَلَدِ، والأُخْرى فى أقْصَى المدينَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ أنَّ السَّابقَةَ هى الصَّحيحَةُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: صلاةُ مَن فى المَسْجدِ الأعْظَمِ، ومَن فى قَصَبةِ البَلَدِ هى

فَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا، أَوْ جُهِلَتِ الْأُولَى بَطَلَتَا مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحةُ مُطْلَقًا. صحَّحه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحَواشِى». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، السَّبْقُ يكونُ بتَكْبيرَةِ الإِحْرامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنِ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الإِفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «التَّلْخيصِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: بالشُّروعِ فى الخُطْبَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقلتُ: أو بالسَّلامِ. الثَّالثةُ، حيثُ صحَّحْنا واحدةً منهما، أو منها، فغيْرُها باطِلَةٌ، ولو قُلْنا: يصِحُّ بِناءُ الظُّهْرِ على تحْريمِ الجُمُعَةِ. لعدَمِ انْعِقادِها؛ لفَوْتِها. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُتِمُّون ظُهْرًا، كالمُسافِرِ ينْوِى القَصْرَ فيَتَبَيَّنُ أنَّ إِمامَه مُقِيمٌ. قوله: وإنْ وقَعتا معًا بَطَلتا معًا. بلا نِزاعٍ، ويصلُّون جُمُعَةً، إنْ أمْكَن، بلا نِزاعٍ. قوله: فيما إذا اسْتَويا فى إذْنِ الإِمامِ أو عَدمِه، أو جُهِلَتِ الأُولَى بطَلتا معًا. بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ أيضًا. ويصلُّون ظهْرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصَحُّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه. وقيل: يصلُّون جُمُعَةً. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهذا ظاهرُ عِبارَةِ أبِى الخَطَّابِ. قال القاضى: يَحْتَمِلُ أنَّ لهم إقامَةَ الجُمُعَةِ؛ لأنَّا حكَمنا بفَسادِهما معًا، فكأنَّ المِصْرَ ما صُلِّيَتْ فيه جُمُعَةٌ صحيحةٌ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فوائد؛ إحْداها، لو جُهِلَ هل وقَعتا معًا، أو وقَعَتْ إحداهما قبلَ الأُخْرى؟ بَطَلتا معًا. فإنْ قُلْنا: تُعادُ فى التى قبلَها جُمُعَةً. فهُنا أوْلَى. وإنْ قُلْنا: تُعادُ ظُهْرًا. أُعيدَتْ هنا ظُهْرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قالا: هو أوْلَى. وقيل: تُعادُ هنا جُمُعَةً. قال ابنُ تَميمٍ: وهو الأشْبَهُ. وهو احْتِمالُ القاضى. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لو عُلِمَ سبْقُ إحْداهما، وجُهِلَتِ السَّابقةُ منهما، صلَّوا ظُهْرًا. على أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ». الثَّالثةُ، لو عُلِمَ سبْقُ إحْداهما، وعُلِمَتِ السَّابقةُ فى وقْتٍ، ثمَّ نُسِيَتْ، صلَّوا ظُهْرًا. جزَم به فى «الرِّعايَةِ». الرَّابعةُ، لو علِمَ أنَّه سبَقه غيرُه، أتَمَّها ظُهْرًا. وقيل: يسْتأْنِفُ ظُهْرًا. وقيل: إنْ عُلِمَ قبلَ السَّلامِ أنَّ غيرَها سبقَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فرَغَتْ؛ فإنْ قُلْنا: لا يَنْبَنِى الظُّهْرُ على نِيَّةِ الجُمُعَةِ. اسْتَأْنفوا ظُهْرًا. وإنْ قُلْنا: يَنْبَنِي. فوَجْهان فى البِناءِ والابْتِداءِ.

وَإِذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاجْتُزِئَ بِالْعِيدِ، وَصُلِّىَ ظُهْرًا، جَازَ إِلَّا لِلْإِمَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا وقَع العيدُ يومَ الجُمُعَةِ، فاجْتُزِئَ بالعيد، وصُلِّىَ ظُهْرًا، جازَ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يجوزُ، ولابُدَّ مِن صلاةِ الجُمُعَةِ. فعلى المذهبِ، إنَّما تسْقُطُ الجُمُعَةُ عنهم إسْقاطَ حُضورٍ لا وُجوبٍ، فيكونُ بمَنْزلَةِ المريضِ لا المُسافرِ والعَبْدِ؛ فلو حضَر الجامِعَ لزِمَتْه كالمريضِ، وتصِحُّ إمامَتُه فيها، وتنْعَقِدُ به، حتى لو صلَّى العيدَ أهْلُ بلَدٍ كافَّةً، كان له التَّجْميعُ بلا خِلافٍ. وأمَّا مَن لم يُصلِّ العيدَ، فيَلْزَمُه السَّعْىُ إلى الجُمُعَةِ بكلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حالٍ، سواءٌ بَلَغُوا العدَدَ المُعْتبرَ أم لم يبْلُغوا، ثمَّ إنْ بَلَغُوا بأنْفُسِهم، أو حضَر معهم تمامُ العدَدِ، لَزِمَتْهم الجُمُعَةُ، وإنْ لم يحْضُرْ معهم تَمامُه فقد تحَقَّقَ عَدَدُهم. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: وقال بعضُ أصحابِنا: إنَّ تتْميمَ العدَدِ وإقامَةَ الجُمُعَةِ، إنْ قُلْنا: تجِبُ على الإِمامِ حِينَئذٍ. يكونُ فَرْضَ كِفايَةٍ. قال: وليس ببعيدٍ. قوله: إلَّا للإِمامِ. يعْنِى، أنَّه لا يجوزُ له ترْكُها، ولا تسْقُطُ عنه الجُمُعَةُ. وهذا المذهبُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن». واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»: وليس للإِمامِ ذلك فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. وصحَّحَه ناظِمُ المُفْرَداتِ. وعنه، يجوزُ للإِمام أيضًا، وتسْقُطُ عنه لعِظَمِ المَشَقَّةِ عليه، فهو أوْلَى بالرُّخْصَةِ. واخْتارَه جماعةٌ؛ منهم المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وعنه، لا تسْقُطُ عنِ العدَدِ المُعْتَبَرِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: وعندِى أنَّ الجُمُعَةَ لا تسْقُطُ عن أحَدٍ مِن أهْلِ المِصْرِ بحُضورِ العيدِ، ما لم يحْضُرِ العدَدُ المُعْتَبَرُ، وتُقامُ. انتهى. قال ابنُ رَجَبٍ فى «القَواعِدِ»، على رِوايَةِ عَدَمِ السُّقوطِ عنِ الإِمامِ: يجِبُ أنْ يحْضُرَ معه مَن تنْعقِدُ به تلك الصَّلاةُ. ذكَرَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُه. فتَصِيرُ الجُمُعَةُ فرْضَ كِفايَةٍ، تسْقطُ بحُضورِ أرْبَعين. انتهى. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، وابنُ تَميمٍ وغيرُهما، فحكَوْا ذلك رِوايَةً، كما تقدَّم. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه، فيكونُ الوُجوبُ عندَ هؤلاءِ مُخْتَصًّا بالإِمامِ لا غيرَ، وهو الصَّحيحُ. وصرَّح به ابنُ تَميمٍ. فعلى هذا، إنِ اجْتمَعَ العدَدُ المُعْتبرُ للجُمُعَةِ معه، أقامَها الإِمامُ، وإلَّا صلَّوْا ظُهْرًا. وصرَّح بذلك ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. وجزَم ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه بأنَّ للإِمامِ الاسْتِنابَةَ. وقال: الجُمُعَةُ تسْقُطُ بأيْسرِ عُذْرٍ، كمَن له عَرُوسٌ تُجْلَى عليه، فكذا المَسَرَّةُ بالعيدِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال المَجْدُ: لا وجْهَ لعدَمِ سقُوطِها مع إمْكانِ الاسْتِنابَةِ. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سقُوطُ صلاةِ العيدِ بصلاةِ الجُمُعَةِ، وسواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُعِلَتْ قبلَ الزَّوالِ أو بعدَه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: تسْقُطُ فى الأصحِّ العيدُ بالجُمُعَةِ، كإسْقاطِ الجُمُعَةِ بالعيدِ، وأوْلَى. وصحَّحه المَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرُهم. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرُهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا تسْقُطُ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ». وقال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ ومَن تابَعَهُما: تسْقُطُ إنْ فَعَلها وقْتَ العيدِ، وإلَّا فلا. وفى مُفْرَداتِ ابنِ عَقِيلٍ احْتِمالٌ، يسْقُطُ الجَمْعُ ويصلَّى فُرادى. فعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ العَزْمُ على فِعْل الجُمُعَةِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: إنْ فُعِلَتْ بعدَ الزَّوالِ، اعْتُبِرَ العزْمُ على الجُمُعَةِ لتَرْكِ صلاةِ العيدِ.

وَأَقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَأَكْثَرُهَا سِتُّ رَكَعَاتٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأقلُّ السُّنَّةِ بعدَ الجُمُعَةِ ركْعَتان، وأكثَرُها سِتُّ رَكَعاتٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه قي «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: أكثَرُها أرْبَعٌ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ. قال فى «الإِفاداتِ»: والأرْبَعُ أشْهَرُ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهم: وإنْ شاءَ صلَّى أرْبعًا بسَلامٍ أو سَلامَيْن. وقال فى «التَّبْصِرَة»: قال شيخُنا: أدْنى الكَمالِ سِتٌّ. وحكَى عنه، لا سُنَّةَ لها بعدَها. قال فى «الفائقِ» وغيرِه: وعنه، ليس لها بعدَها سُنَّةٌ. قال فى «الفُروعِ»: وإنَّما قال أحمدُ: لا بأْسَ بتَرْكِها؛ فعَلَه عِمْرانُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الأفْضَلُ أنْ يصلِّىَ السُّنَّةَ مَكانَه فى المَسْجدِ، نصَّ عليه. وعنه، بل فى بيْتِه أفْضَلُ. والسُّنَّةُ أنْ يفْصِلَ بينَها وبينَ الصَّلاةِ بكلامٍ أوِ انْتِقالٍ ونحوِه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا سُنَّةَ لها قبلَها راتِبَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه اكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو مذهبُ الشَّافِعِىِّ، وأكثرِ أصحابِه، وعليه جماهيرُ الأئمَّةِ؛ لأنَّها، وإنْ كانتْ ظُهْرًا مقْصُورةً، فتُفارِقُها فى أحْكامٍ، كما أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تْركَ المُسافرِ السُّنَّةَ أفْضَلُ لكونِ ظُهْرِه مقْصورَةً. وعنه، لها رَكْعتان. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو قولُ طائفةٍ مِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ. قلتُ: اخْتارَه القاضى مُصَرَّحًا به فى «شَرْحِ المُذْهَبِ». قالَه ابنُ رَجَبٍ فى كتابِ «نَفْى البِدْعَةِ» عن الصَّلاةِ قبلَ الجُمُعَةِ. وعنه، أرْبَعٌ بسَلامٍ أو سلامَين. قالَه فى «الرِّعايَةِ» أيضًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو قولُ طائفةٍ مِن أصحابِنا أيضًا. قال عَبْدُ اللَّهِ: رأيْتُ أبِى يصلِّى فى المَسْجِدِ، إذا أذَّن المُؤَذِّنُ يومَ الجُمُعَةِ رَكَعاتٍ. وقال: رأَيْتُه يصلِّى رَكَعاتٍ قبلَ الخُطْبَةِ، فإذا قَرُبَ الأذانُ أو الخُطْبَةُ، تربَّع ونكَّس رأْسَه. وقال ابنُ هانِئٍ: رأيْتُه إذا أخَذ فى الأَذانِ، قامَ فصلَّى ركْعَتَين أو أرْبعًا. قال: وقال: أخْتارُ قبلَها رَكْعَتَين وبعدَها سِتًّا. وصلاةُ أحمدَ تدُلُّ على الاسْتِحْبابِ. قلتُ: قطَع ابنُ تَميمٍ وغيرُه، باسْتِحْبابِ صلاةِ أرْبَعٍ قبلَها، وليست راتِبَةً عندَهم. وقال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: وأقَلُّ سُنَّةٍ قبلَها ركْعتان، وليست راتِبةً على الأظْهَرِ. قلتُ: وفيه نظَرٌ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الصَّلاةُ قبلَها جائزةٌ حسَنَةٌ، وليست راتِبَةً، فمَن فعَل، لم يُنْكَرْ عليه، ومَن ترَك، لم يُنْكَرْ عليه. قال: وهذا أعْدَلُ الأقْوالِ. وكلامُ أحمدَ يدُلُّ عليه. وحِينَئذٍ فقد يكونُ ترْكُها أفْضَلَ، إذا كان الجُهَّالُ يعْتَقِدون أنَّها سُنَّةٌ راتِبَةٌ، أو أنَّها واجِبةٌ، فتُتْرَكُ حتى يعْرِفَ النَّاسُ أنَّها ليستْ سُنَّةً راتِبةً ولا واجِبَةً، لا سِيَّما إذا داومَ النَّاسُ عليها، فيَنْبَغِى ترْكُها أحْيانًا. انتهى. ولم يرْتَضِه ابنُ رَجَبٍ فى «كِتابِه»، بل مالَ إلى الاسْتِحْبابِ مُطْلَقًا.

فصل

فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجُمُعَةِ فِي يَوْمِهَا، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ إِلَيْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يغتسِلَ للجُمُعَةِ فى يومِها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، يجِبُ على مَن تَلْزَمُه الجُمُعَةُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. لكنْ لا يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ الصَّلاةِ اتِّفاقًا. وأوْجبَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، على مَن له عَرَقٌ أو ريحٌ يتَأَذَّى به النَّاسُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى الأغْسالِ المُسْتَحَبَّةِ فى بابِ الغُسْلِ. فائدتان؛ إحْداهما، يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ الغُسْلُ عن جِماعٍ. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، غُسْلُ يومِ الجُمُعَةِ آكَدُ مِن سائرِ الأغْسالِ، سوى الغُسْلِ مِن غُسْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَيِّتِ، فإنَّه آكَدُ مِن غُسْلِ الجُمُعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقيل: غُسْلُ الجُمُعَةِ آكَدُ. صحَّحه فى «الرِّعايَة». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطلقَهما ابنُ تَميمٍ. قوله فى يومِها. اعلَمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ أوَّلَ وقتِ الغُسْلِ، بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَجْرِ. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ تَميمٍ: وعنه، ما يدُلُّ على صِحَّتِه سَحَرًا. وقيل: أوَّلُه بعدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وآخِرُ وَقته إلى الرَّواحِ إليها. جزَم به فى «المُذْهَبِ»، وغيرِه. إذا علِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ أفْضَلَه كما قال المُصَنِّفُ: والأفْضَلُ فِعْلُه عندَ مُضِيِّه إليها. وقيل: الأفْضَلُ مِن أوَّلِ الوَقْتِ.

وَيَتَنَظَّفَ، وَيَتَطَيَّبَ، وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويتنَظَّفَ، ويتطَيَّبَ، ويلْبَسَ أحْسنَ ثِيابِه. بلا نِزاعٍ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وأفْضَلُها البَياضُ. وقد تقدَّم فى آخِرِ سَتْرِ العَوْرَةِ، أنه يُسَنُّ لُبْسُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَيَاضِ مُطْلَقًا.

وَيُبَكِّرَ إِلَيْهَا مَاشِيًا، وَيَدْنُوَ مِنَ الإِمَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُبكِّرَ إليها ماشِيًا. المُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ بعدَ طُلوعِ الفَجْرِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: المُسْتَحَبُ أنْ يكونَ بعدَ صلاةِ الفجرِ. وقال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالِى: لا يُسْتَحَبُّ للإِمامِ التَّبْكيرُ إليها. فائدة: يجِبُ السَّعْىُ إليها بالنِّداءِ الثَّانى، وهو الذى بينَ يدَىِ المِنْبَرِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجِبُ بالنِّداءِ الأوَّلِ. قال بعضُهم: لسُقوطِ الفَرْض به. وقيل: لأنَّ عُثْمانَ سَنَّه، وعَمِلَتْ به الأُمَّةُ. وخرَّج رِوايةً، تجِبُ بالزَّوالِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، فى مَن مَنْزِلُه قريبٌ، أمَّا مَن منْزِلُه بعيدٌ، فيَلزَمُه السَّعْىُ فى وَقْتٍ يُدْرِكُها كلَّها، إذا عَلِمَ حُضورَ العدَدِ، ويكونُ السَّعْىُ بعدَ طُلوعِ الفَجْرِ لا قبلَه. قال القاضى فى «الخِلافِ»، وغيرِه: إنَّه ليس بوقْتِ السَّعْى إليها أيضًا.

وَيَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَيَقْرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِى يَوْمِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَدْنوَ مِنَ الإِمامِ، ويشْتَغِلَ بالقراءةِ والذِّكْرِ. وكذا الصَّلاة نفْلًا، ويقْطَعُ التَّطَوُّعَ بجُلوس الإِمَامِ على المِنْبَرِ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قوله ويقْرَأَ سورةَ الكَهْفِ فى يومِها. هكذا قال حمهورُ الأصحابِ، ونصَّ

وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ، وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الإِمامُ أحمدُ. وقال أبو المَعالِى: يقْرَأُ سُورةَ الكَهْفِ فى يومِها وليلتِها؛ للخَبَرِ. قال فى «الوَجيزِ»: ويقْرأ سُورةَ الكَهْفِ فى يومِها أو ليلتِها. وقال فى «الرِّعايَة»: ويُسَنُّ أنْ يقْرأَ فى يومِها سُورةَ الكَهْفِ وغيرَها. قوله: ويُكْثر الدُّعاءَ. يعْنِى فى يومِها، وأفْضَلُه بعدَ العَصْرِ؛ لساعَةِ الإِجابَةِ. قال الإِمامُ أحمدُ: أكثرُ الأحاديثِ، أنَّها فى السَّاعَةِ التى تُرْجَى فيها الإِجابَةُ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَصْرِ. وتُرْجَى بعدَ زوالِ الشَّمْسٍ. قلتُ: ذكَر الحافِظُ شِهَابُ الدِّينِ بنُ حَجَرٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ» (¬1) فيها ثلَاثةً وأرْبَعِينَ قوْلًا. وذكَر القائلَ بكُلِّ قولٍ ودَلِيلَه، فأحْبَبْتُ أنْ أذكُرَها مُلَخَّصَةً؛ فيقولُ: قيل: رُفِعَتْ. موْجودَة فى جُمُعَةٍ واحدةٍ فى كلِّ سنَةٍ. مَخْفِيَّةٌ فى جميعِ اليومِ. تَنْتقِلُ فى يومِها، ولا تَلزَمُ ساعةً مُعَيَّنةً، لا ظاهِرَةً ولا مَخْفِيَّةً. إذا أُذِّنَ لصلاةِ الغَداةِ. مِن طُلوعِ الفَجْرِ إلى طُلوعِ الشَّمْسِ. مثْلُه وزادَ، مِنَ العَصْرِ إلى الغُروبِ. مثْلُه وزادَ، ما بينَ أنْ ينْزِلَ الإِمامُ مِنَ المِنْبَرِ ¬

(¬1) انظر: فتح البارى 2/ 416 - 421.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أنْ يُكَبِّرَ. أوَّلُ ساعَةٍ بعدَ طُلوعِ الشَّمْسِ. عندَ طُلوعِها فى آخِرِ السَّاعةِ الثَّالثةِ مِنَ النَّهارِ. مِنَ الزَّوالِ إلى أنْ يصيرَ الظِّلُّ نِصْفَ ذِراعٍ. مثْلُه إلى أنْ يصِيرَ الظِّلُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذِراعًا. بعدَ الزَّوالِ بشِبْرٍ إلى ذِراعٍ. إذا زَالَتِ الشَّمْسُ. إذا أذَّن المُؤَذِّنُ لصلاةِ الجُمُعَةِ. مِنَ الزَّوالِ إلى أنْ يدْخُلَ فى الصَّلاةِ. مِنَ الزَّوالِ إلى خُروجِ الإِمامِ. ما بينَ خروجِ الإِمامِ إلى أنْ تُقامَ الصَّلاةُ. ما بينَ خُروجِه إلى أنْ تنْقَضِىَ الصَّلاةُ. ما بينَ تحْريمِ البَيْع إلى حِلِّه. ما بينَ الأذانِ الى انْقِضاءِ الصَّلاةِ. ما بينَ أنْ يجْلِسَ على المِنْبَرِ إلى انْقِضاءِ الصَّلاةِ. عندَ خروجِ الإِمامِ. عندَ التَّأْذينِ والإِقامة وتكْبيرِ الإِمامِ. مثْلُه، لكنْ قال: إذا أذَّن، وإِذا رَقِىَ المِنْبَرَ، وإذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ. مِن حينِ يفْتَتِحُ الخُطْبَةَ حتى يفْرَغَ منها. إذا بلَغ الخَطيبُ المِنْبرَ وأخذَ فى الخُطْبَةِ. عندَ الجُلوس بينَ الخُطْبتَيْن. عندَ نُزولِه مِنَ المِنْبَرِ. حينَ تُقامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يقومَ الإِمامُ فى مَقامِه. مِن إقامَةِ الصَّلاةِ إلى تَمامِ الصَّلاةِ. وقتُ قراءَةِ الإِمامِ الفاتِحَةَ إلى أنْ يقولَ: آمِينَ. مِنَ الزَّوالِ إلى الغُروبِ. مِن صلاةِ العَصْرِ إلى غُروبِها. فى صلاةِ العَصْرِ. بعدَ العَصْرِ إلى آخرِ وقْتِ الاخْتِيارِ. بعدَ العَصْرِ مُطْلقًا. مِن وَسَطِ النَّهارِ إلى قُرْبِ آخرِ النَّهارِ. مِنِ اصْفِرارِها إلى أنْ تَغيبَ. آخِرُ ساعة بعدَ العَصْرِ. مِن حِينِ يَغِيبُ نِصْفُ قُرْصِها، أو مِن حينِ تَتَدَلَّى للغُروب إلى أنْ يتَكامَلَ غُروبُها. هى السَّاعَةُ التى كان عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، يُصَلِّيها فيها. قال: وليست كلُّها مُتَغَايِرَة مِن كلِّ وجْهٍ، بل كثير منها يُمْكِنُ أنْ يتَّحِدَ مع غيرِه، وليس المُرادُ مِن أكْثَرِها، أنَّها تَسْتَوعِبُ جميعَ الوقْتِ الذى عُيِّن، بل المَعْنَى، أنَّها تكونُ فى

وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، إِلَّا أن يَكُونَ إِمَامًا، أوْ يَرَى فُرْجَةً فَيَتَخَطَّى إِلَيْهَا. وَعَنْهُ، يُكْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أثْنائِه. انتهى. قوله: ولا يتَخطَّى رِقابَ النَّاسِ، إلَّا أنْ يكونَ إمامًا، أو يرَى فُرْجَةً فيتَخطَّى إليها. أمَّا إذا كان إمامًا، فإنَّه يتَخطَّى مِن غيرِ كراهَةٍ، إنْ كان مُحْتاجًا للتَّخطِّى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ». قال ابنُ تَميمٍ: يُكْرَهُ تَخَطِّى رِقابِ النَّاسِ لغيرِ حاجَةٍ. وقال فى «الكافِى» (¬1): إذا أَتَى المَسْجِدَ، كُرِهَ أنْ يتَخطَّى النَّاسَ، إِلَّا أنْ يكونَ إِمامًا ولا يجدُ طريقًا فلا بأْسَ بالتَّخطِّى. انتهى. وقيل: يتَخطَّى الإِمامُ مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، وابن مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وهو ظاهرُ ما جزَم به أبو الخَطَّابِ، وأبو المَعالِى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «الغُنْيَةِ». وزادَ، والمُؤَذِّنُ أيضًا. وأمَّا غيرُ الإِمامِ، فإنْ وجَد فُرْجَةً، فإنْ كان لا يصِلُ إليها إلَّا بالتَّخطِّى، فلَه ذلك مِن غيرِ كراهَةٍ، وإنْ كان يصِلُ إليها بدُونِ التَّخطِّى، كُرِهَ له ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما. قدَّمه فى «الفُروعِ» فيهما. قال ابنُ تَميمٍ: ويُكْرَهُ تخَطِّى رِقابِ النَّاسِ لغيرِ حاجَةٍ، فإنْ رأى فُرْجَةً، لم يُكْرَه التَّخطِّى إليها. انتهى. ويأْتِى كلامُ المَجْدِ، وغيرِه. وعنه، لا يُكرهُ التِّخطِّى فى المَسْأَلَتَين. وهو ظاهرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ ¬

(¬1) 1/ 226.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا، و «الخُلاصَةِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ». وصحَّحه فى «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليس لأحَدٍ أنْ يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاس ليَدْخُلَ فى الصَّفِّ إذا لم يكُنْ بينَ يدَيْه فُرْجَةٌ، لا يومَ الجُمُعَةِ ولا غيرَه. وعنه، يُكْرَهُ التَّخطِّى فيها. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يُكْرَهُ أنْ يتَخطَّى ثلاثة صفُوفٍ فأكْثَرَ، وإلَّا فلا. وجزَم به فى «المُغْنِى». قال فى «الكافِى» (¬1): فإنْ كان لا يصِلُ إليها إلا بتَخطِّى الرَّجُلِ والرَّجُلَيْن، فلا بأْسَ. وإنْ ترَكوا أوَّلَ المَسْجدِ فارِغًا وجلَسُوا دُونَه، فلا بأْسَ بتَخطِّيهم. انتهى. وعنه، يُكْرَه إنْ تخطَّى أرْبَعَ صفُوفٍ فأكثرَ، وإلَّا فلا. وقيل: إنْ كانتِ الفُرْجَةُ أمامَه، لم يُكْرَهْ، وإلَّا كُرِهَ. وأطْلقَ فى «التَّلْخيص» رِوايتَيْن فى كراهَةِ التَّخطِّى، إذا كانتِ الفُرْجَةُ أمامَه. وقطَع المَجْدُ، أنَّه لا يُكْرَهُ التَّخطِّى للحاجَةِ مُطْلَقًا، وابنُ تَميمٍ. ¬

(¬1) 1/ 226.

وَلَا يُقِيمُ غَيْرَهُ فَيَجْلِسُ مَكَانَهُ، إِلَّا مَنْ قَدَّمَ صَاحِبًا لَهُ فَجَلَسَ فِى مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وإنْ لم يجِدْ غيرُ الإِمامِ فُرْجَة، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُكْرَهُ له التَّخطىِّ وإنْ كان واحدًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به الأكثرُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِى، وصاحِبُ «النَّصيحَةِ»، و «المُنْتَخَبِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يحْرُمُ التَّخطِّى. وفى كلامِ المُصَنِّفِ فى مَسْأَلَةِ التَّبْكيرِ إلى الجُمُعَةِ، أنَّ التَّخطِّىَ مذْمومٌ. والظَّاهرُ، أنَّ الذَّمَّ إنَّما يتَوجَّهُ على فعْلِ مُحَرَّمٍ. قوله: ولا يُقيمُ غيرَه، فيَجْلِسُ مكانَه. هكذا عِبارَةُ غالِبِ الأصحابِ، فيَحْتَمِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّحْريمَ. وهو المذهبُ. صرَّح به فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَموا به. قال فى «الهِدايَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم: ليس له ذلك. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: يُكْرَهُ ذلك. وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: قلتُ: القِياسُ جوازُ إقامَةِ الصِّبْيان؛ لأنّه غيرُ موْضِعِهم. وتقدَّم فى أوَّلِ صفَةِ الصَّلاةِ، وفى المَوْقفِ فى صلاةِ الجَماعَةِ، هل يُؤَخَّرُ المفْضولُ مِنَ الصَّفِّ الأوَّلِ للفاضِلِ؟ تنبيه: شَمِلَ قولُه: ولا يُقيمُ غيرَه. عبْدَه ووَلَدَه. وهو صحيحٌ، حتى ولو كانت عادَتُه الصَّلاةَ فيه، حتى المُعَلِّمُ ونحوُه. قالَه الأصحابُ. فعلى المذهبِ، وهو القوْلُ بالتَّحْريمِ، لو أقامَه قَهْرًا، ففى صِحَّةِ صلاِته وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». ذكَره فى بابِ إزالَةِ النَّجاسَةِ. قلتُ: الذى تقْتَضِيه قواعِدُ المذهبِ، عدَمُ الصِّحَّةِ؛ لارْتِكابِ النَّهْى. قوله: إلَّا مَن قدَّم صاحِبًا له فجلَس فى مَوْضِع يحْفَظُه له. قالَه الأصحابُ. وقال أكثرُهم: سواء حفِظه بإذْنِه أو بدُونِ إذْنِه. ولم يذْكُرْ جماعةٌ الحِفْظَ بدُونِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْنِه؛ منهم المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: القِياسُ كراهَتُه للوَكيلِ؛ لأنَّه إيثار بأمْرٍ دِينىٍّ. وهو الصَّوابُ. تنبيه: اختلَف الأصحابُ فى العِلَّةِ فى جَوازِ الجُلوس؛ فقيلَ: لأنَّه يقومُ باخْتِيارِه. جزَم به فى «التَّلْخيصِ». وبه علَّل الشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». وقيل: لأنَّه جلَس لحِفْظِه له، ولا يحْصُلُ ذلك إلَّا بإقامَتِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو آثر بمَكانِه وجلَس فى مَكانٍ دُونَه فى الفَضْلِ، كُرِهَ له ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الحَواشِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشْهورُ. وقيلَ: يُباحُ. وهو احْتِمال للمَجْدِ فى «شَرْحِه»، كما لو جلَس فى مثلِه، أو أفْضَلَ منه. وقال ابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»: لا يجوزُ الإيثارُ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ إنْ آثَر مَن هو أفْضَلُ منه. وهو احْتِمال فى «المُغْنِى»، وغيرِه. وقال فى «الفُنونِ»: إنْ آثر ذا هَيْئَةٍ بعِلْمٍ ودِينٍ، جازَ، وليس إيثارًا حقيقَةً، بل اتِّباعًا للسُّنَّةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، وقال: ويُؤْخَذُ مِن كلامِهم، تخْريجُ سُؤالِ ذلك عليها. قال: وهو مُتَّجَهٌ. وصرَّح فى «الهَدْىِ» فيها بالإِباحَةِ. ويأْتِى آخِرَ الجَنائزِ إهْداءُ التُّرْبَةِ للمَيِّتِ. فعلى المذهبِ، لا يُكْرَهُ قَبولُه، على الصَّحيحِ، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُكْرَهُ. وهو احْتِمالٌ للمَجْدِ فى «شَرْحِه»؛ لأنَّه إعانَةٌ لصاحِبِه على مَكْروهٍ، وإقْرارُه عليه. قال سندى: رأيْتُ الإِمامَ أحمدَ قامَ له رجُلٌ مِن موْضِعِه، فأَبَى أنْ يجْلِسَ فيه. وقال له: ارْجِعْ إلى

وَإنْ وَجَدَ مُصَلًّى مَفْرُوشًا، فَهَلْ لَهُ رَفْعُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ موْضِعِكَ. فرَجع إليه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، لو آثر شخْصًا بمَكانِه، فسَبَقَه غيرُه إليه، جازَ. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحَواشِى». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقيل بالمنْعِ، وهو احْتِمالٌ للمجدِ، إنْ قَبِلَ الإِيثارِ، غيرُ مكروهٍ. وقيل: بالمَنْع مُطْلَقًا. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحاه. وصحَّحه ابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه ابنُ رَزِين. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». ويأْتِى نظِيرُها فى إحْياءِ المَواتِ. قوله: وإنْ وجَد مُصلًّى مَفْروشًا، فهل له رَفْعُه؟ على وجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»، و «شَرْحِ الخِرَقِىِّ» للطُّوفِىِّ؛ أحدُهما، ليس له رفْعُه. وهو المذهبُ، صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائِق»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. الثَّانى، له رفْعُه. جزَم به فى

وَمَنْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ لِعَارِضٍ لَحِقَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لغيرِه رفْعُه فى أظْهَرِ قوْلَى العُلَماءِ. وقال فى «الفائقِ»: قلتُ: فلو حضَرتِ الصَّلاةُ، ولم يحْضر، رفعَ. انتهى. قلتُ: هذا الصَّوابُ. وقيل: إنْ وصَل إليه صاحِبُه مِن غيرِ تخَطىِّ أحَد، فهو أحقُّ به، وإلَّا جازَ رفْعُه. فائدة: تحْرُمُ الصَّلاةُ على المُصلَّى المفْروشِ لغيرِه. جزَم به المَجْدُ وغيرُه، وقدَّم فى «الفُروعِ» بأنَّه لا يُصلَّى عليه. وقيل: يُكْرَهُ جلُوسُه عليه. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجهُ إنْ حرُمَ رفْعُه، فله فرْشُه، وإلَّا كُرِهَ. وأطْلقَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ليس له فْرشه. وأمَّا صحَّةُ الصَّلاةِ عليه، فقال فى «الفُروعِ»، فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ: ولو صلَّى على أرضِه أو مُصَلَّاه بلا غَصْبٍ، صحَّ فى الأصحِّ. وقيلَ: حمْلُهما على الكَراهَةِ أوْلَى. قوله: ومَن قامَ مِن مَوْضِعِه لعارِضٍ لَحِقَه، ثم عادَ إليه فهو أحَقُّ به. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «القَواعِدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفِقْهِيَّة»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: فهو أحقُّ به فى الأصحِّ. وقيل: ليس هو أحقَّ به مِن غيرِه. فعلى المذهبِ، يُسْتَثْنَى مِن ذلك الصَّبِىُّ، إذا قامَ مِن صفٍّ فاضِلٍ، أو فى وَسَطِ الصفِّ، فإنَّه يجوزُ نقْلُه عنه. صرَّح به القاضى. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قالَه فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين» (¬1). وتقدَّم ذلك فى صلاةِ الجماعَةِ، فى المَوْقِفِ بأتَمَّ مِن هذا، فَلْيُعاوَدْ. ¬

(¬1) انظر: القواعد، لابن رجب 205.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، أطْلقَ كثير مِنَ الأصحابِ المَسْألةَ، وشرَط بعضُهم أنْ يكونَ عوْدُه قَرِيبا. قلتُ: فلعله مُرادُ مَن أطْلقَ. قال فى «الوَجيزِ»: ثم عادَ ولم يتَشاغَلْ بغيرِها. الثَّانيةُ، إذا لم يصِلْ إلى موْضِعِه إلَّا

وَمَنْ دَخَلَ وَالإمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، يُوجِزُ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتُّخطِّى، فعلى الخِلافِ المُتَقَدِّمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجوَّز أبو المَعالِى التَّخطِّى هنا، وإنْ مَنَعْناه هناك، وقطَع به فى «الخُلاصَةِ». قوله: ومَن دخَل والإِمامُ يخْطُبُ، لم يَجْلِسْ حتى يرْكَعَ رَكْعَتَيْن، يُوجِزُ فيهما. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أطْلقَه الإِمامُ أحمدُ وأكثرُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم: يصلِّى ركْعَتَيْن إنْ لم يَفُتْه مع الإِمامِ تكْبيرةُ الإِحْرامِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ لو جلَس قبلَ صَلاِتهما، قامَ فأتَى بهما. قالَه الأصحابُ، وأطْلقُوا. وذكَر المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيرُه فى سُجودِ التِّلاوَةِ فى فَصْلِ، إذا قرَأ السَّجْدَةَ مُحْدِثًا، أنَّ التحِيةَ تسْقُطُ بطولِ الفَصْلِ. ووجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بسُقُوطِهما مِن عالم، ومِن جاهِل لم يعْلَمْ عن قُرْب، ولا تُسْتحَبُّ التَّحِيَّةُ للإمامِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ. ذكَره أبو المَعالِى، وغيرُه. فعلى هذا يُعايَى بها. ولا تجوزُ الزِّيادَةُ على رَكْعَتَين. ذكَرَه الأصحابُ. وإنْ صلَّى فائتَةً كانت عليه، أجْزَأ عنهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: لا تُجْزِئُ؛ للخبَرِ وكالفَرض عنِ السُّنَّةِ. فعلى المذهبِ، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُه حصُولُ ثَوابِها. وإنْ كانتِ الجُمُعَةُ فى غيرِ مَسْجدٍ، لم يُصلِّ شيئًا. قالَه ابنُ تَميم، وابنُ حَمْدانَ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وتقدَّم فى أوَاخِرِ بابِ الأَذانِ، الصَّحيحُ مِنَ الرِّوَايتَيْن لا يصلِّى التَّحِيَّةَ قبلَ فَراغِ المُؤذِّنِ. ويأْتِى قريبًا ابْتِداءُ النَّافِلَةِ حالَ الخُطْبَةِ.

وَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ وَالإمَامُ يَخْطُبُ، إِلَّا لَهُ، أَوْ لِمَنْ كَلَّمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ الكَلامُ والإِمامُ يخطُبُ، إلَّا له، أو لِمَن كلَّمه. الكلامُ تارَةً يكونُ بينَ الإِمامِ وبينَ مَن يكَلِّمُه، وتارَةً يكونُ بينَ غيرِهما؛ فإنْ كان بينَ الإِمامِ وغيرِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، إباحَةُ ذلك، إذا كان لمَصْلَحةٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُكْرَهُ لهما مُطْلَقًا. وعنه، يُباحُ لهما مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وجماعةٍ مِنَ الأصحاب. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وإنْ كان الكَلامُ مِن غيرِهما، فقدَّم المُصَنِّفُ التَّحْريمَ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «التَّلْخيصِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لا يجوزُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، وابنُ تَميمٍ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يَحْرُمُ على مَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْمَعُ دونَ غيرِه. اخْتارَه جماعةٌ؛ منهم القاضى. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وعنه، يُكْرَهُ مُطْلَقًا. وعنه، يجوزُ. فائدة: قال فى «النُّكَتِ»: ورِوايَةُ عدَم التَّحْريمِ على ظاهِرِها، عندَ أكثرِ الأصحابِ. وقال أبو المَعالِى: وهذا محْموَلٌ على الكَلِمَةِ والكَلِمتَيْن؛ لأنَّه لا يُخِلُّ بسَماعِ الخُطْبَةِ، ولا يُمْكِنُه التَّحَرُّزُ مِن ذلك غالِبًا، لاسِيَّما إذا لم يَفُتْه سَماعُ أرْكانِها. تنبيه: ظاهرُ قولِه: والإِمامُ يخْطُبُ. أنَّ الكلامَ يجوزُ بينَ الخُطْبَتَيْن إذا سكَت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ، أنَّ الكلامَ بينَهما يُباحُ، وهو أحَدُ الوُجوهِ. قال المَجْدُ: هذا عندِى أصحُّ وأقْيَسُ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ الجَوازَ؛ قال: لأنَّه ليس بخاطِبٍ. وقيل: يُكْرَهُ. وقيل: يحْرُمُ. وهو ظاهرُ كلامِ القاضى. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الحَواشِى». وأطْلَقَ الثَّانى والثَّالثَ فى «الفائقِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: فى كراهَتِه بينَ الخُطْبَتَيْن وَجْهان. قال فى «الحاوِيَيْن»: وفى الكلامِ بينَ الخُطْبتَيْن وَجْهان، وفى إباحَتِه فى الجُلوسِ بينَ الخُطْبتَيْن وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو تنفَّس الإِمامُ فهو فى حُكْمِ الخُطْبَةِ. ووجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بالجَوازِ حالَةَ التَّنَفُّسِ. الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ الكلامُ، إذا شرَع الخَطيبُ فى الدُّعاءِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد يَحْرُمُ مُطْلَقًا. وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَحْرُمُ فى الدُّعاءِ المشْروعِ دونَ غيرِه. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». الثَّالثةُ، يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلَقَ، ما إذا احْتاجَ الى الكلامِ كتَحْذيرِ ضَريرٍ أو غافِلٍ عن بِئْرٍ، أو هُلْكَةٍ ونحوِه، فإنَّه يجوزُ الكلامُ، بل يجِبُ، كما يجوزُ قطْعُ الصَّلاةِ له. الرَّابعةُ، تجوزُ الصَّلاةُ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا سَمِعَها. نصَّ عليه. وقال القاضى فى كتابِ «التَّخْريجِ»: يكونُ ذلك فى نفْسِه. الخامسةُ، يجوزُ تأْمِينُه على الدُّعاءِ، وحَمْدُه خُفْيَةً إذا عطَس. نصَّ عليه. السَّادسةُ، يجوزُ رَدُّ السَّلامِ، وتشْمِيتُ العاطِسِ نُطْقًا مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: يجوزُ ذلك فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. اخْتارَه المَجْدُ وجماعةٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ لمَن لم يسْمَعْ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «النَّاظِمِ»، و «الحَواشِى». قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يجوزُ إنْ سَمِعَ ولم يَفْهَمْه. وعنه، يَحْرُمُ مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «التَّلْخيصِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَ فى رَدِّ السَّلامِ الرِّوايتَيْن فى «الفائقِ». السَّابعةُ، إشارَةُ

وَيَجُوزُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبَعْدَهَا. وَعَنْهُ، يَجُوزُ فِيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخْرَسِ المفْهومَةُ كالكلامِ. وفى كلامِ المَجْدِ، له تسْكيتُ المُتكلِّمِ بالإِشارَةِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: يُسْتَحَبُّ. قوله: ويَجوزُ الكَلامُ قبلَ الخُطْبَةِ وبعدَها. يعْنِى، مِن غيرِ كراهَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقيل: يُكْرَهُ. فوائد؛ منها، يَحْرُمُ ابْتِداءُ النَّافِلَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَحْرُمُ على مَن لم يَسْمَعْها. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقيل: يُكْرَهُ. فعلى المذهبِ، قال فى «الفُروعِ»: فى كلامِ بعضِ الأصحابِ، يتَعلَّقُ التَّحْريمُ بجُلوسِه على المِنْبَرِ. قلتُ: جزَم به فى «الكافِى»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «ابنِ حَمْدانَ»، و «ابنِ تَميمٍ». وفى كلامِ بعضِهم، يتَعَلَّقُ بخروجِه. وقطَع به أبو المَعالِى. قالَه فى «الفُروعِ». وهو الأشْهَرُ فى الأخْبارِ، ولو لم يشْرَعْ فى الخُطْبَةِ. وظاهرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضِهم، لا. وفى «الخِلافِ» للقاضى وغيرِه، ويُكْرَهُ ابْتداءُ التَّطَوُّعِ بخُروجِه. قال فى «الفُروعِ»، وظاهرُ كلامِهم، لا تحْريمَ إنْ لم يَحْرُمِ الكَلامُ فيها. قال: وهو مُتَّجَهٌ، فلو كان فى الصَّلاةِ وخرَج الإِمامُ، خفَّفَه. فلو نوَى أرْبعًا صلَّى رَكْعَتَيْن. قال المَجْدُ: يتَعَيَّنُ ذلك، بخِلافِ السُّنَّةِ. ومنها، يجوزُ لمَن بَعُدَ عنِ الخَطيبِ ولم يَسْمَعْه، الاشْتِغالُ بالقِراءةِ والذِّكْرِ خُفْيَةً، وفِعْلُه أفْضَلُ. نصَّ عليه؛ فيَسْجُدُ للتِّلاوَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: إنْ بعُدوا فلم يسْمَعوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صوْتَه، جازَ لهم إقْراءُ القُرْآنِ والمُذاكَرَةُ فى العِلْمِ. وقيل: لا. ومنها، يُكْرَهُ العَبَثُ حالَةَ الخُطْبَةِ. وكذا شُرْبُ الماءِ إنْ سَمِعَها. وقالَ المَجْدُ: يُكْرَهُ ما لم يشْتَدَّ عطَشُه. وجزَم أبو المَعالِى بأنَّ شُرْبَه إذا اشْتَدَّ عطَشُه أوْلَى. وقال فى «النَّصيحَةِ»: إنْ عَطِشَ فشَرِبَ، فلا بأْسَ. قال فى «الفُصولِ»: وكَرِهَ جماعةٌ مِنَ العُلَماءِ شُرْبَه بِقِطْعَةٍ بعدَ الأَذانِ؛ لأنَّه بَيْعٌ مَنهىٌّ عنه، وأكْلُ مالٍ بالباطِلِ. قال: وكذا شُرْبُه على أنْ يُعْطِيَه الثَّمَنَ بعدَ الصَّلاةِ؛ لأنَّه بَيْعٌ. قال فى «الفُروعِ»: فأطْلقَ. قال: ويتَوجَّهُ يجوزُ للحاجَةِ، دَفْعًا للضَّرورَةِ، وتحْصيلًا لاسْتِماعِ الخُطْبَةِ. انتهى. وقال ابنُ تَميمٍ: ولا بأْسَ بشِراءِ ماء للطَّهارَةِ بعدَ أذانِ الجُمُعَةِ. وقالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه. وزادَ، وكذا شِراءُ السُّتْرَةِ. ويأْتِى أحْكامُ البَيْعِ بعدَ النِّداءِ، فى كتابِ البَيْعِ، إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالَى.

باب صلاة العيدين

بابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صلاةِ العِيدَيْن

وَهِىَ فَرْضٌ على الْكِفايَةِ، إِذَا اتَّفَقَ أهلُ بَلَدٍ على تَرْكِهَا قاتَلَهُمُ الْإِمَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهى فَرْضٌ على الكِفايةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ: فرْضُ كِفايَةٍ، على الأصحِّ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فْرضُ كِفايَةٍ فى أظْهَرِ الرِّوايتَيْن. قال فى «الحَواشِى»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصٍ»، و «البُلْغَةِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وعنه، هى فرْضُ عَيْنٍ. اخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال: قد يُقالُ بوُجوبِها على النِّساءِ وغيْرِهِنَّ. وعنه، هى سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ. جزَم به فى «التَّبصِرَةِ». فعلى المذهبِ، يُقاتَلون على ترْكِها، وعلى أنَّها سُنَّةٌ لا يُقَاتَلون. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالأَذانِ، والتَّراوِيحِ، وقال أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»: يُقاتَلون أيضًا.

وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، وَآخِرُهُ إِذَا زَالَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، خَرَجَ مِنَ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قوله: فإنْ لم يَعْلَمْ بالعيدِ إلَّا بعدَ الزَّوالِ، خرَج مِنَ الغَدِ فصلَّى بهم. هذا بلا نِزاعٍ، ولكن تكونُ قَضاءً مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»: تكونُ أداءً، مع عدَمِ العِلْمِ للعُذْرِ. انتهى. ومنها، أنَّها تصلَّى، ولو مضَى أيَّامٌ، وعليه الأكثرُ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةٌ. قال ابنُ حَمْدانَ: وفيه نظرٌ. وقال القاضى: لا يصَلُّن. وقال فى «التَّعْليقِ»: إنْ علِموا بعدَ الزَّوالِ، فلم يصَلُّوا مِنَ الغَدِ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصَلُّوها. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، آخِرَ البابِ، اسْتِحْبابُ قَضائِها إذا فَاتَتْه،

وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْأَضْحَى، وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ، وَالْأَكْلُ فِى الْفطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَالْإِمْسَاكُ فِى الْأَضْحَى حَتَّى يُصلِّىَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنَّه يجوزُ قبلَ الزَّوالِ وبعدَه على الصَّحيحِ. ومنها، قوله: ويُسَنُّ تَقْديمُ الأضْحَى، وتأْخيرُ الفِطْرِ. بحيثُ يُوافِقُ أهْلَ مِنًى فى ذَبْحِهم. نصَّ عليه. قوله: والأكْلُ. فى الفِطْرِ قبلَ الصَّلاةِ. يعْنِى، قبلَ الخُروجِ إلى الصَّلاةِ. والمُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ تَمَراتٍ، وأنْ يكونَ وِتْرًا. قال المَجْدُ، وتَبِعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو آكَدُ مِن إمْساكِه فى الأضْحَى. قوله: والإمْساكُ فى الأضْحَى حتى يُصلِّىَ. وذلك ليَأْكُلَ مِن أُضحِيَتِه، فلو لم يكُنْ له أُضْحِيَةٌ، أكَل إنْ شاءَ قبلَ خُروجِه. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، وقالَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ.

وَالْغُسْلُ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ، مَاشِيًا عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ، إِلَّا الْمُعْتَكِفَ يَخْرُجُ فِى ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ، أَوْ إِمَامًا يَتَأَخَّرُ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والغُسْلُ. تقدَّم الكلامُ عليه فى بابِ الغُسْلِ، فى الأغْسالِ المُسْتَحَبَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والتَّبْكيرُ إليها بعدَ الصُّبْحِ. هكذا قيَّدَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ بقولِهم: بعدَ الصُّبْحِ. يعْنِى، بعدَ صلاةِ الصُّبْحِ؛ منهم المُصَنِّفُ هنا، وفى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وأطْلَقَ الأكْثَرُ. قوله: ماشيًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو المَعالِى: إنْ كان البلَدُ ثَغرًا، اسْتُحِبَّ الرُّكوبُ وإظْهارُ السِّلاحِ. وقال الشَّارِحُ وغيرُه: وإنْ كان بعيدًا، فلا بأْسَ أنْ يَرْكَبَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وزادَ ابنُ رَزِينٍ وغيرُه، أو لعُذْرٍ. وهو مُرادٌ قَطْعًا. فائدة: لا بأْسَ بالرُّكوبِ فى الرُّجوعِ. وكذا مِن صلاةِ الجُمُعَةِ. قوله: على أحْسَنِ هَيْئَةٍ، إلَّا المعْتَكِفَ، يَخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. الذَّاهِبُ إلى العيدِ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُعْتَكِفًا، أو غيرَ مُعْتَكِفٍ، فإنْ كان مُعْتَكِفًا، فلا يخْلُو؛ إمّا أنْ يكونَ الإِمامَ أو غيرَه، فإنْ كان الإِمامَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُسْتَحَبُّ له التَّجَمُّلُ والتَّنَظُّفُ. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُسَنُّ التَّزَيُّنُ للإمامِ الأعْظَمِ، وإنْ خرَج مِنَ المُعْتَكَفِ. نقَله عنه فى «الفائِقِ». قال فى «الفُروعِ»: يخْرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه. قال جماعةٌ: إلَّا الإمامَ. وإنْ كان غيرَ الإِمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يخرُجُ فى ثيابِ اعْتِكافِه، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه: المُعْتَكِفُ كغيرِه فى الزِّينَةِ والطِّيبِ ونحوِهما. وإنْ كان غيرَ مُعْتَكِفٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فى حقِّه، أنْ يأْتِىَ إليها على أحْسَنِ هَيْئَةٍ، وعليهَ الأصحابُ. وعنه، الثِّيابُ الجَيِّدَةُ والرَّثَّةُ فى الفَضْلِ سَواءٌ، وسواءٌ كان مُعْتَكِفًا أو غيرَه. فائدة: إنْ كان المُعْتَكِفُ فرَغ مِنِ اعْتِكافِه قبلَ ليْلَةِ العيدِ، اسْتُحِبَّ له المَبيتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليْلَةَ العيدِ فى المَسْجدِ، والخُروجُ منه إلى المُصَلَّى، وإنْ كان اعْتِكافُه ما انْقَضَى، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، جوازُ الخُروجِ. وهو صحيحٌ. وصرَّح به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِهم. قال

وَإذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ، رَجَعَ فِى أُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ: يجوزُ له الخُروجُ، ولُزومُه مُعْتَكَفَه أوْلَى. وتابَعَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. قوله: وإذا غدا مِن طريقٍ، رجَع فى أُخْرَى. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يرْجِعُ فى الطَّريقِ الأقْرَبِ إلى مَنْزِلِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويذهبُ فى الطَّريقِ الأبْعَدِ. فائدة: ذَهابُه فى طَريقٍ ورُجوعُه فى أُخْرَى، فعَله النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. رواه البُخَارِىُّ ومُسْلِمٌ (¬1). فقيل: فعَل ذلك ليَشْهَدَ له الطَّرِيقان. وقيلَ: ليَشْهَدَ له سُكَّانُ الطَّريقَيْن مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ. وقيل: ليتَصَدَّقَ على أهْلِ الطَّريقَيْن. وقيل: ليُساوِىَ بينَهما فى التَّبُّركِ به، وفى المَسَرَّةِ بمُشاهَدَتِه، والانْتِفاعِ بمَسْألَتِه. وقيل: ليَغيظَ المُنافِقين أو اليهودَ. وقيل: لأنَّ الطَّريقَ الذى يغْدو منه كان أطْوَلَ، فيَحْصُلُ كثْرَةُ الثَّوابِ بكَثْرَةِ الخُطَى إلى الطَّاعَةِ. وقيل: لأنَّ طريقَه إلى المُصَلَّى كانت على اليَمِينِ، فلو ¬

(¬1) أخرجه البخارى، فى: باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد، من كتاب العيدين. صحيح البخارى 2/ 29. ولم يخرجه مسلم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رجَع لرجَع إلى جِهَةِ الشِّمالِ. وقيل: لإظْهارِ شِعارِ الإسْلامِ فيهما. وقيل: لإظْهارِ ذِكْرِ اللَّهِ. وقيل: ليُرْهِبَ المُنافِقين واليهودَ بكَثْرَةِ مَن معه. ورَجَّحَه ابنُ بَطَّالٍ. وقيل: حذَرًا مِن كَيْدِ الطَّائفتَيْن أو إحْدَاهما. وقيل: ليزورَ أقارِبَه الأحْياءَ والأمْواتَ. وقيل: ليَصِلَ رَحِمَه. وقيل: ليتَفاءلَ بتَغْييرِ الحالِ إلى المَغْفِرَةِ والرِّضا. وقيل: كان فى ذَهابِه يتَصدَّقُ، فإذا رجَع لم يَبْقَ معه شئٌ، فيَرْجِعُ فى طريقٍ أُخْرَى، لِئَلَّا يَرُدَّ مَن يسْألُه. قال الحافِظُ شِهابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ (¬1): وهو ضعيفٌ جِدًّا. وقيل: فعَل ذلك لتَخْفيفِ الزِّحامِ. وقيل: لأنَّ المَلائكَةَ تَقِفُ على الطُّرُقاتِ، فأرادَ أنْ يشْهَدَ له فَريقان منهم. وقال ابنُ أبى جَمْرَةَ (¬2): هو فى مَعْنى قولِ يَعْقوبَ لبَنيه {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} (¬3) فأَشارَ إلى أنَّه فَعل ذلك حذَرًا مِن إصابَةِ العَيْنِ. وقال العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ: إنَّه فعَل ذلك لجميع ما ذُكِرَ مِنَ الأشْياءِ المُحْتَمِلَةِ القريبةِ. انتهى. قلتُ: فعلَى الأَقْوالِ الثَّلاثةِ الأُوَلِ، يخرجُ لنا فِعْلُ ذلك فى جميع الصَّلَواتِ الخَمْسِ. وقد نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، على ¬

(¬1) انظر: فتح البارى 2/ 473. (¬2) عبد اللَّه بن أبى جمرة، أبو محمد. الولى القدوة، الزاهد، العلامة المقرئ، مؤلف «مختصر البخارى» وشرحه «بهجة النفوس». توفى سنة تسع وتسعين وستمائة. نيل الابتهاج بتطريز الديباج، للتنبكتى 140. (¬3) سورة يوسف 67.

وهل مِن شَرْطِها الاسْتِيطانُ، وإذْنُ الإِمامِ، والعَدَدُ المَشْرُوطُ للجُمُعَةِ؟ على رِوايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِحْبابِ ذلك فى الجُمُعَةِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ. قوله: وهل مِن شَرْطِها الاسْتيطانُ، وإذنُ الإِمامِ، والعَدَدُ المشْترَطُ للجُمُعَةِ؟ على روايتَيْن. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الحاوِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الحَواشِى»، و «شَرْحِ المَجْدِ». أمَّا الاسْتيطانُ والعدَدُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما يُشْتَرَطان كالجُمُعَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه القاضى، والآمِدِىُّ، وأكثرُنا. قال فى «الخُلاصَةِ»: يُشْتَرَطان على الأصحِّ. قال فى «الوَسيلَةِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». ونصَرَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ. وجزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيل»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرَحِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُشْتَرَطان. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: منهم المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «نَظْمِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، و «نَظْمِ الوَجيزِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «ابنِ تَميمٍ». وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، وأوْجبَ فى «المُنْتَخَبِ» صلاةَ العيدِ بدُونِ العدَدِ المُشْتَرَطِ للجُمُعَةِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: يُشْترَطُ الاسْتيطانُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ الاسْتيطانُ، رِوايةً واحدةً. وذكَر فى اشْتِراطِ العدَدِ الرِّوايتَيْن. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكْتفَى باسْتيطانِ أهْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البادِيَةِ إذا لم نَعْتَبرِ العدَدَ. وقالَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا: إذا قُلْنا باعْتِبارِ العدَدِ، وكان فى القرْيَةِ أقَلُّ منه، وإلى جَنْبِه مِصْرٌ أو قرْيَةٌ يُقامُ فيها العيدُ، لزِمهمُ السَّعْىُ إليه، قَرُبوا أو بعُدوا؛ لأن العيدَ لا يتَكَرَّرُ، فلا يشُقُّ إتْيانُه، بخِلافِ الجُمُعَةِ. قال ابنُ تَميمٍ: وفيه نظَرٌ. وقال المَجْدُ: ليستْ بدُونِ اسْتيطانٍ وعدَدٍ سُنَّةً مؤَكَّدَةً إجْماعًا. وأمَّا إذْنُ الإِمامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، أنَّه لا يُشْترَطُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ كالجُمُعَة. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ إذْنُه. قال فى «الخُلاصَةِ»: يُشْترَطُ على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» هنا، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائق»، والقاضى أبو الحُسَيْنِ. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ»، أنَّه أصحُّ الرِّوايتَيْن. ونصرَه الشَّرِيفُ، وأبو الخطَّابِ، مع أنَّهما فى «الهِدايَةِ»، و «الفائقِ»، قدَّما فى كتابِ الجُمُعَةِ، عدَمَ اشْتِراطِ إذْنِ الإِمامِ فى صلاةِ العيدِ، وقدَّما فى هذا البابِ اشْتِراطَ إذْنِه، فناقَضا. وأطْلَقَ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» هنا فى إذْنِه الرِّوايتَيْن، مع أنَّهما قدَّما فى الجُمُعَةِ عدَمَ الاشْتِراطِ، فيكونُ الخِلافُ هنا أقْوَى عندَهم فى الاشْتِراطِ، يُؤيِّدُه أنَّه قدَّم فى «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» هناك، عدَمَ الاشْتِراطِ، وقدَّما هنا الاشْتِراطَ. قلتُ: وهو ضعيفٌ. والظَّاهِرُ، أن مُرادَ صاحِبِ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، ذِكْرُ الخِلافِ، لا إطْلاقُه لقُوَّتِه. وجعَلها فى «الفُروعِ» وغيرِه

وَتسَنُّ فِى الصَّحْرَاءِ، وَتُكْرَهُ فِى الْجَامِعِ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الشُّروطِ كالجُمُعَةِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ورِوايَتا إذْنِ الإِمامِ هنا فرْعٌ على رِوايَتَى الجُمُعَةِ. وتَحْريرُ المذهبِ فى ذلك؛ أنَّه يُعْتَبَرُ فى الجُمُعَةِ، فهنا أوْلَى، وإنْ لم نَعْتَبِرْها ثَمَّ. فأصحُّ الرِّوايتَيْن هنا، لا يُعْتَبَرُ أيضًا، كالعدَدِ والاسْتيطانِ. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّ القوْلَ باشْتِراطِهما فى الجُمُعَةِ أوْلَى مِنَ القولِ بالاشْتِراطِ فى العيدِ، فعلى المذهبِ، يفْعَلُها المُسافِرُ والعَبْدُ والمرأةُ والمُنْفَرِدُ ونحوُهم تبَعًا. ويُسْتَحَبُّ أنْ يقْضِيَهَا مَن فاتَتْه، كما يأْتِى. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، لا يُسْتَحَبُّ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يفْعَلُونَها أصالَةً. قوله: وتُسَنُّ فى الصَّحْراءِ. وهذا بلا نِزاعٍ إلَّا ما اسْتُثْنِىَ على ما يأْتِى. وتكْرَهُ فى الجامِع إلَّا مِن عُذْرٍ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقيل: لا تُكْرَهُ فيه مُطْلَقًا. تنبيه: يسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممّن أطْلَقَ، مكَّةُ؛ فإنَّ المَسْجِدَ فيها أفْضَلُ مِنَ الصَّحْراءِ قَطْعًا. ذكَره فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» محَلَّ وِفاقٍ. وقالَه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. فيُعايَى بها. فائدة: يجوزُ الاسْتِخْلافُ للضَّعَفَةِ مَن يصَلِّى بهم فى المَسْجِدِ. قالَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ، وصاحِبُ «الفائقِ»: يسْتَحَبُّ. نصَّ عليه. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرُهم. ويخْطُبُ بهم إنْ شاءَ وإنْ ترَكوها فلا بأْسَ، لكنَّ المُسْتَحَبَّ أنْ يخْطُبَ. ولهم فِعْلُها قبلَ الإِمامِ وبعدَه، والأَوْلَى أنْ يكونَ بعدَ صلاةِ الإِمامِ، فإنْ خالَفوا وفَعَلوا، سَقَط الفَرْضُ، وجازَتِ التَّضْحِيَةُ. ذكَرَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ صلَّاها أرْبعًا، لم يصَلِّها قبلَ مُسْتَخْلِفِه؛ لأنَّ تَقْيِيدَه يُظْهِرُ شعارَ اليَوْمِ ويَنْوِيها كمَسْبوقَةٍ نَفْلًا. قدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقال: فإنْ نَوَوْه فرْضَ كِفايَةٍ أو عَيْنٍ، أو جَهِلوا السَّبْقَ، فَنَوَوه فرْضًا أو سُنَّةً، فوَجْهان. انتهى. ويصَلِّى بهم رَكْعَتَيْن، كصَلاةِ الخَليفةِ. قدَّمه فى «الفائقِ». وعنه، أربَعًا. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قال فى «الفُروعِ»: وفى صِفَةِ صلاةِ الخَلِيفَةِ الخِلافُ، لاخْتِلافِ الرِّوايَة فى صِفَةِ صلاةِ علىٍّ وأبِى مَسْعُودٍ البَدْرِىِّ. وعنه، رَكْعَتَيْن إنْ خطَب، وإنْ لم يخْطُبْ فأَرْبَعٌ. فائدة: يُباح للنِّساءِ حُضورُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يسْتَحَبُّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمَجْدُ فى غيرِ المُسْتَحْسَنَةِ. وجزَم بالاسْتِحْبابِ فى «التَّلْخيصِ». وعنه، يُكرهُ. وعنه، يُكْرَهُ للشَّابَّةِ دُونَ غيرِها. قال النَّاظِمُ: وأكْرَهُ لخُرَّدٍ بأوْكَدَ وعنه، لا يُعْجِبُنِى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: قد يقالُ بوُجوبِها على النِّساءِ.

وَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ، فَيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يُكَبِّرُ فِى الأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاح. وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا، وَفِى الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ خَمْسًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فيُصلِّى ركْعَتَيْن، يُكَبِّرُ فى الأُولَى بعدَ الاسْتِفْتاحِ وقبلَ التَّعَوُّذِ سِتًّا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكَبِّرُ سَبْعًا. وعنه، يُكَبِّرُ خَمْسًا. وفى الثَّانِيَةِ أرْبَعًا. كما يأْتِى. وقوله: بعدَ الاسْتِفْتاحِ. هو المذهبُ، وعليه الأكثرُ. وعنه، يسْتَفْتِحُ بعدَ التَّكْبِيراتِ الزَّوائدِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزِيزِ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُخَيَّرُ بينَ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الثَّانيَةِ بعدَ القيامِ مِنَ السُّجودِ خَمْسًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم رِوايةٌ، أنَّه يكَبِّرُ فى الأُولَى خَمْسًا، وفى الثَّانيةِ أرْبَعًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ أهْلَ القُرَى والأمْصارِ فى هذه الصِّفَةِ، على حَدٍّ سواءٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصَلِّى أهْلُ القُرَى بلا تكْبيرٍ. ونقَل جَعْفَرٌ، يصَلِّى أهْلُ القُرَى أربَعًا، إلَّا أنْ يخْطُبَ رجُلٌ فيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْن.

يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، ويَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِىِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَإنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويقولُ: اللَّهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للَّهِ كَثيرًا، وسُبْحانَ اللَّهِ بُكْرَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأصيلًا، وصلَّى اللَّهُ على محمدٍ النَّبِىِّ وآلِه، وسَلَّم تَسْليمًا. وإنْ أحَبَّ قالَ غيرَ ذلك. هكذا قال كثير مِنَ الأصحابِ. واعلمْ أنَّ الذِّكْرَ بينَ التكْبيرِ غيرُ مَخْصوصٍ بذِكْرٍ. نقَله حَرْبٌ عنه. ورُوِىَ عنه، أنَّه يَحْمَدُ ويُكَبِّرُ ويصَلِّى على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وعنه، يقولُ ذلك ويدْعُو. وعنه، يُسَبِّحُ ويُهَلِّلُ. وعنه، يذْكُرُ ويُصَلِّى على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وعنه، يدْعُو ويصَلِّى على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. كلُّ ذلك قد ورَد عنه؛ فلذلك قال المُصَنِّفُ: وإنْ أحَبَّ قال غيرَ ذلك. فائدة: يأْتِى بالذِّكْرِ أيضًا بعدَ التَّكْبيرةِ الأخيرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَيْن. قال المَجْدُ: وهو أصحُّ. قال الزَّرْكَشىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ أبِى الخطَّابِ.

ثُمَّ يَقْرا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِى الأولَىْ بـ «سَبِّح»، وَفِى الثَّانِيَةِ بِـ «الغَاشِيَةِ»، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانِى، لا يأْتِى به. قالَه القاضى، وابنُه أبو الحُسَيْنِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفائقِ». قال فى «الرِّعايَة الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»: ويقولُه فى وَجْهٍ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى» وغيرِه؛ لأنَّهم قالوا: يأْتِى بالذِّكْرِ بينَ كلِّ تَكْبيرَتَيْن. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرى»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». قوله: ثم يَقْرأُ بَعْدَ الفاتحةِ فى الأُولى بـ «سَبِّح»، وفى الثَّانيةِ بـ «الغاشية» هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يقْرأُ فى الأُولَى بـ «ق»، وفى الثَّانيةِ بـ «اقْتَرَبَت». اخْتارَهَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآجُرِّىُّ. وعنه، يقْرَأُ فى الثَّانيةِ بالفَجْرِ. وعنه، لا تَوقيتَ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ.

وَيَكُونُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فِى الرَّكْعَتَيْنِ. وَعَنْهُ، يُوَالِى بَيْنَ الْقرَاءَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويكونُ بعدَ التَّكْبيرِ. يعْنِى، القِراءةُ تكونُ بعدَ التَّكْبيرِ فىَ الرَّكْعَتَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَروه. وعنه، يوالِى بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِراءَتَيْن. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. فتكونُ القِراءةُ فى الرَّكْعَةِ الثَّاْنيةِ عَقِبَ القيامِ. وعنه، يُخَيَّرُ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه.

فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَسْتَفْتِحُ الأُولَى بِتِسْعِ تَكبِيرَاتٍ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، يَحُثُّهُمْ فِى خُطْبَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ، وَيُرَغِّبُهُمْ فِى الأُضْحِيَةِ فِى الْأَضْحَى، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ حُكْمَ الأُضْحِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: فإذا سلَّم خطَب خُطْبَتَيْن، يَجْلِسُ بينَهما. صرح بأنَّ الخُطْبَةَ بعدَ الصَّلاةِ. وهو كذلك. فلو خطَب قبلَها لم يعْتَدَّ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر المَجْدُ قولَ أكثرِ العُلَماءِ. وذكَر أبو المَعالِى وَجْهَيْن. فائدة: خُطْبَةُ العيدَيْن فى أحْكامِها، كخُطْبَةِ الجُمُعَةِ فى أحْكامِها، غيرَ التَّكْبيرِ مع الخَطيبِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»: على الأصحِّ. زادَ فى «الرِّعايَةِ»، وقدّمه فى «الفائقِ» حتى فى أحْكامِ الكلامِ، على الأصحِّ. حتى قال الإِمامُ أحمدُ: إذا لم يسْمَعِ الخَطيبَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العيدِ، إنْ شاءَ رَدَّ السَّلَامَ وشَمَّتَ العاطِسَ، وإنْ شاءَ لم يفْعَلْ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، إلَّا فى الكلامِ. قال ابنُ تَميمٍ: وهى فى الإنْصاتِ والمَنْع مِنَ الكَلامِ، كخُطةِ الجُمُعَةِ. نصَّ عليه. وعنه، لا بأْسَ بالكلامِ فيهما بخِلافِ الجُمُعَةِ. وأطْلقَهما فى «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: فى تَحْريمِ الكلامِ رِوايتَان، إمَّا كالجُمُعَةِ، أو لأنَّ خُطْبَتَها مَقامُ رَكْعَتَيْن، بخِلافِ العيدِ. واسْتَثْنَى جماعةٌ مِنَ الأصحابِ أنَّها تُفارِقُ الجُمُعَةَ فى الطَّهارةِ، واتِّحادِ الإِمامِ والقِيامِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَلْسَةِ بينَ الخُطْبَتَيْن، والعدَدِ؛ لكَوْنِها سُنَّةً لا شرْطًا للصَّلاةِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: وتُفارِقُ خُبطْةُ العيدِ خُبطةَ الجُمُعَةِ فى سِتَّةِ أشْياءَ؛ فلا تجِبُ هنا الطَّهارَةُ، ولا اتِّحادُ الإِمامِ، ولا القِيامُ، ولا الجَلْسَةُ هنا، قولًا واحدًا بخِلافِ الجُمُعَةِ فى وَجْهٍ. ولا يُعْتَبَرُ لها العدَدُ، وإنِ اعْتَبَرْناه للصَّلاةِ، بخِلافِ الجُمُعَةِ. ولا يجْلِسُ عَقيبَ صُعودِه للخُطةِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لعدَمِ انْتِظارِ فَراغِ الأذانِ هنا. انتهى. واسْتثْنَى ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «الحَواشِى»، الأرْبَعَةَ الأُوَلَ. وأطْلقَ ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الكُبْرى» وَجْهَيْن فى اعْتِبارِ العدَدِ للخُطةِ، إنِ اعْتَبَرْناه فى الصَّلاةِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجْلِسُ إذا صَعِدَ المِنْبَرَ ليسْتَريحَ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الكافِى». و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. قال ابنُ تميمٍ: المنْصوصُ أنَّه يجْلِسُ. صحَّحه فى «الفُصولِ». قال المَجْدُ: الأظْهَرُ أنَّه يجْلِسُ ليسْتريحَ ويتَرادَّ نفَسَه إليه. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقيل: لا يجْلِسُ. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن». قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وقال المَجْدُ أيضًا: ويُفارِقُها أيضًا فى تأخيرِها عنِ الصَّلاةِ، واسْتِفْتاحِها بالتَّكْبيرِ، وبَيانِ الفطْرَةِ والأُضْحِيَةِ، وأنَّه لا يجِبُ الإنْصاتُ لها، بل يُسْتحَبُّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: إذا اسْتَقْبَلَهم سلَّم وأوْمَأ بيَدِه. قوله: يستفْتِحُ الأُولَى بتِسْع تَكبيراتٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ افْتِتاحَها يكونُ بالتَّكبيرِ، وتكونُ التَّكبيراتُ مُتَوالِيَةً نَسَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى: إنْ هلَّل بينَهما أو ذكَر، فحسَن، والنَّسَقُ أوْلَى. وقال فى «الرِّعايَةِ»: جازَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ أحمدَ، تكونُ التَّكبيراتُ وهو جالِسٌ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانِى، يقولُها وهو قائمٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، والعَمَلُ عليه، وهو ظاهرُ كلامِ

وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ، وَالذِّكْرُ بَيْنَهُمَا، وَالْخُطْبَتَانِ، سُنَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه؛ حيْثُ جعَل التَّكْبيرَ مِنَ الخُطبَةِ. قال فى «الفُروعِ»، بعدَ ذِكْرِ هذا الوَجْهِ: فلا جَلْسَةَ ليَسْتَرِيح إذا صَعَد؛ لعدَمِ الأذانِ هنا، بخِلافِ الجُمُعَةِ. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، افْتِتاحَ خُطبةِ العيدِ بالحَمْدِ؛ قال: لأنَّه لم يُنْقَلْ عنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه افْتَتَح خُطْبةً بغيرِه وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: «كلُّ أمْرٍ ذى بالٍ لَا يُبْدأُ فيه بالحَمْدِ للَّهِ، فهو أجْذَمُ» (¬1) انتهى. قوله: والثَّانيةَ بسَبْعٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَحَلَّ التَّكْبيرِ فى الخُطْبَةِ الثَّانيةِ فى أوَّلِها، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، مَحَلُّه فى آخِرِها. اخْتارَه القاضى. فائدة: هذه التَّكبيراتُ التى فى الخُطبةِ الأُولَى والثَّانيةِ، سُنَّة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: شَرْطٌ. قوله: والتَّكبيراتُ الزَّوائدُ، والذِّكْرُ بينَهما، سُنَّةٌ. يعْنِى، تَكبيراتِ الصَّلاةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، هما شرْطٌ. اخْتارَه الشَّيْخُ أبو الفَرَجِ الشِّيرازِىُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ ترك التَّكبيراتِ الزَّوائِدَ عامِدًا، أثِمَ، ولم تبْطلْ، وساهيًا لا يَلْزَمُه سُجودٌ؛ لأنَّه هَيْئَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ تَميمٍ وغيرُه: وعلى الأُولَى إنْ ترَكَه سَهْوًا، فهل يُشْرَعُ له السُّجودُ؟ على روايتَيْن. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود، فى: باب الهَدْى فى الكلام، من كتاب الأدب. سنن أبى داود 2/ 560.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والخُطْبَتَان سُنَّةٌ. هذا المذهبُ بلا رَيْب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: هما شرْطٌ. ذكَرَه القاضى وغيرُه. قال ابنُ عقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: هما مِن شَرائطِ صلاةِ العيدِ.

وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا بَعْدَهَا فِى مَوْضِعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَتَنَفَّلُ قبل الصَّلاةِ، ولا بعدَها فى مَوْضِعِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كراهَةُ التَّنَفُّلِ قبلَ صلاةِ العيدِ وبعدَها فى مَوْضِعِها. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. وكذا قال فى «النُّكَتِ». وقال: هذا مَعْنَى كلامِ أكثرِ الأصحابِ. انتهى. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. ونصَّ عليه. ونقَل الجَماعَةُ عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامِ أحمدَ، لا يصَلِّى. وقال فى «المُوجزِ»: لا يجوزُ. وقال صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، وابنُ رَزِين، وغيرُهما: لا يُسَنُّ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: لا ينْبَغِى. وقدَّم فى «الفُروعِ» أنَّ ترْكَه أوْلَى. وقيل: يصَلِّى تحيَّةَ المَسْجدِ. اخْتارَه أبو الفَرَجِ. وجزَم به فى «الغُنْيَةِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. ورجَّحه فى «النُّكَتِ». ونصُّه، لا يصَلِّيها. وقيل: تجوزُ التَّحيَّةُ قبلَ صلاةِ العيدِ لا بعدَها. وهو احْتِمالٌ لابنِ الجَوْزِىِّ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: والأظْهَرُ عندِى، يأْتِى بتَحيَّةِ المَسْجدِ قبلَها. قال فى «الفائقِ»: فلو أدْرَك الإِمامَ يخْطُبُ وهو فى المَسْجدِ، لم يُصَلِّ التَّحِيَّةَ عندَ القاضى. وخالَفَه الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». وقال فى «المُحَرَّرِ»: ولا سُنَّةَ لصَلاةِ العيدِ قبلَها ولا بعدَها. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: ظاهرُ قولِه: فى مَوْضِعِها. جوازُ فعْلِها فى غيرِ مَوْضِعِها مِن غيرِ كراهَةٍ.

وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَام الْإِمَامِ، صَلَّى مَا فَاتَهُ عَلَى صِفَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: لا ينْبَغِى أنْ يصلِّىَ قبلَها ولا بعدها حتى تَزُولَ الشَّمْسُ، لا فى بيْتِه ولا فى طَريِقه، اتِّبَاعًا للسُّنَّةِ والجماعةِ مِنَ الصَّحابةِ. وهو قولُ أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فائدة: كَرِهَ الإِمامُ أحمْدُ قَضاءَ الفائتَةِ فى مَوضع صلاةِ العيدِ فى هذا الوَقْتِ؛ لئَلَّا يُقْتَدَى به. قوله: ومَن كبَّر قبلَ سَلامِ الإِمامِ، صلَّى ما فاتَه على صِفَتِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى: هو كَمن فاتَتْه الجُمُعَةُ، لا فرْقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى التَّحْقيقِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد نصَّ أحمدُ على الفرْقِ فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ. فيَمْتَنِعُ الإِلْحاقُ. وقال القاضى أيضًا: يصَلِّى أرْبعًا، إذا قُلْنا: يقْضِى مَن فاتَتْه الصلاةُ أربْعًا. فوائد؛ إحْداها، يكَبِّرُ المَسْبوقُ فى القَضاءِ بمذهبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بمذهبِ إمامِه. الثَّانيةُ، لو أدْرَكَ الإِمامَ قائمًا، بعدَ فَراغِه مِنَ التَّكْبيراتِ أو بعضِها، أو ذكَرَها قبلَ الرُّكوعِ، لم يأْتِ بها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه فى المَسْبوقِ، وكما لو أدْرَكَه راكِعًا. نصَّ عليه. قال جماعةٌ: كالقِراءَةِ وأوْلَى؛ لأنَّها رُكْنٌ. قال الأصحابُ: أو ذَكَرَه فيه. وقيل: يأْتِى به. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وعن أحمدَ: إنْ سَمِع قِراءَةَ الإِمامِ لم يكَبِّرْ، وإلَّا كبَّرَ. قال ابنُ تَميمٍ: واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. الثَّالثةُ: لو نَسِىَ التَّكْبيرَ حتى ركَع، سقَط، ولا يأْتِى به فى رُكوعِه، وإنْ ذكَرَه قبلَ الرُّكوعِ فى القِراءةِ أو بعدَها، لم يأْتِ به. على أصحِّ الوَجْهَيْن, كما تقدَّم. فإنْ كان قد فرَغ مِنَ

وَإنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ، اسْتُحِبَّ لَهُ أنْ يَقْضِيَهَا عَلَى صِفَتِهَا. وَعَنْهُ، يَقْضِيهَا أَرْبَعًا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِراءةِ، لم يُعِدْها، وإنْ كان فيها أَتَى به، ثم اسْتَأْنفَ القِراءَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يَسْتَأْنِفُ إنْ كان يسِيرًا. وأطْلقَه القاضى وغيرُه. قوله: وإنْ فاتَتْه الصَّلاةُ، اسْتُحِبَّ له أنْ يَقْضيها. يعْنِى متى شاءَ، قبلَ الزَّوالِ وبعدَه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يقْضيها قبلَ الزَّوالِ، وإلَّا قضاها مِنَ الغَدِ. قوله: على صِفَتِها. هذا المذهبُ. اخْتارَه الجُوزجانِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُغْنِى»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المَحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «النِّهايَةِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ. وعنه، يقْضِيها أرْبَعًا بلا تكْبيرٍ، ويكونُ بسَلامٍ. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»: كالظُّهْرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يقْضِيها أرْبعًا بلا تكْبيرٍ أيضًا، بسَلامٍ أو سلَامَيْن. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه المشْهورةُ مِنَ الرِّواياتِ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافاتِهم». وأبو بَكْرٍ فيما حَكاه عنه القاضى والشَّرِيفُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ». وعنه، يُخَيَّرُ بينَ رَكْعَتَيْن وأرْبَعٍ. وعنه، يُخَيَّرُ فى الركعَتَيْن بينَ التَّكْبيرِ وترْكِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُخَيَّرُ بينَ رَكْعَتَيْن بتَكْبيرٍ، وغيرِه. وقيل: بل كالفَجْرِ. وبينَ أرْبَعٍ بسَلامٍ أو سَلامَيْن، وبينَ التَّكْبيرِ الزَّائدِ. وعنه، لا يُكَبِّرُ المُنْفَرِدُ. وعنه، ولا غيرُه. بل

وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ فى لَيْلَتَى الْعِيدَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يصَلِّى رَكْعَتَيْن كالنَّافلةِ. وخيَّرَه فى «المُغْنِى» (¬1) بينَ الصَّلاةِ أرْبعًا، إمَّا بسَلامٍ واحدٍ، وإمَّا بسَلامَيْن، وبينَ الصَّلاةِ رَكْعَتَيْن، كصَلاةِ التَّطَوُّعِ، وبينَ الصَّلاةِ على صِفَتِها. وقال فى «العُمْدَةِ»: فإنْ أحبَّ صلَّاها تَطَوُّعًا، إنْ شاءَ رَكْعَتَيْن، وإنْ شاءَ أرْبعًا، وإنْ شاءَ صلَّاها على صِفَتِها. وقال فى «الإِفاداتِ»: قَضاها على صِفَتِها، أو أرْبَعًا سَرْدًا أو بسَلامَيْن. وأطْلقَ رِوايَةً؛ القَضاءَ على صِفَتِها، أو أرْبَعًا، أو التَّخْيِيرَ بينَ أرْبَع ورَكْعَتَيْن، فى «الجامِع الصَّغِير»، و «الهِدايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الإِيضاحِ»، و «الفُصولِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. فائدة: لو خرَج وَقْتُها ولم يصَلِّها، فحُكْمُها حُكْمُ السُّنَنِ الرَّواتبِ فى القَضاءِ. قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُصولِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يجْمَعَ أهْلَه ويُصلِّيها جماعةً. فعَله أنَسٌ. قوله: ويُسَنُّ التَّكْبيرُ فى لَيْلَتَى العيدَيْن. أمَّا ليْلَةُ عيدِ الفِطْرِ، فيُسَنُّ التَّكْبيرُ فيها ¬

(¬1) انظر: المغنى 3/ 284, 285.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ أعَلَمُه. ونصَّ عليه. ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ يكَبِّرَ مِنَ الخُروجِ إليها إلى فَراغِ الخُطْبَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ مِنهم القاضى وأصحابُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إلى خُروجِ الإِمامِ الي صلاةِ العيدِ. وقيل: إلى سَلامِه. وعنه، إلى وُصولِ المُصلِّى إلى المصلَّى، وإنْ لم يخرُجِ الإِمامُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا يُسَنُّ التَّكْبيرُ عَقيبَ المَكْتُوباتِ الثَّلاثِ فى ليْلَةِ عيدِ الفِطْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا يُكَبِّرُ عَقيبَ المَكْتوبَةِ فى الأشْهَرِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. واخْتارَه القاضى، وغيرُه. وقيل: يُكَبِّرُ عَقيبَها. وهو وَجْهٌ ذكَره ابنُ حامِدٍ، وغيرُه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وهو عَقيبُ الفَرائضِ، أشدُّ اسْتِحْبابًا. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». الثَّانيةُ، يجْهَرُ بالتَّكْبيرِ فى الخُروجِ إلى المُصلَّى فى عيدِ الفِطْرِ خاصَّةً. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وعنه، يُظهِرُه فى الأضْحَى

وَفِى الْأَضْحَى، يُكَبِّرُ عَقِيبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فى جَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُكَبِّرُ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. جزَم به فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، ونصَره. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فقال فيه: ويكَبر فى خُروجِه إلى المُصلَّى. وأمَّا التَّكْبيرُ فى ليْلَةِ عيدِ الأضْحَى، فيُسَنُّ فيها التَّكْبيرُ المُطْلَقُ بلا نِزاعٍ. وفى العَشْرِ كلِّه لا غيرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُسَنُّ المُطقُ مِن أوَّلِ العَشْرِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. جزَم به فى «الغُنْيَةِ»، و «الكافِى»، وغيرِهما. فائدتان؛ إحْداهما، قال الإِمامُ أحمدُ: يرْفَعُ صوْتَه بالتَّكْبيرِ. الثَّانيةُ، التَّكْبيرُ فى ليْلَةِ الفِطْرِ آكَدُ مِنَ التَّكْبيرِ فى ليْلَةِ الأضْحَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ»، أنَّ التَّكْبيرَ فى عيدِ الأضْحَى آكَدُ، ونَصَره بأدِلَّةٍ كثيرةٍ. وقال فى «النُّكَتِ»: التَّكْبيرُ ليْلَةَ الفِطْرِ آكَدُ، مِن جِهَةِ أمْرِ اللَّهِ به، والتَّكْبيرُ فى عيدِ النَّحْرِ آكَدُ، مِن جِهَةِ أنَّه يُشْرَعُ أدْبارَ الصَّلَواتِ، وأنَّه مُتَّفَقٌ عليه. قوله: وفى الأضْحى، يُكَبِّرُ عَقِيبَ كلِّ فَريضَةٍ فى جَماعَةٍ. هذا المذهبُ. يعنى، أنَّه لا يُكَبِّرُ إلَّا إذا كان فى جماعةٍ. جزَم به فى «الوَجيزِ» , و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه الخِرَقِىُّ، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحَواشِى»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ رَزِينٍ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال: هو المشْهورُ عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ. قال فى «مَجمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أقْوَى الرِّوايتَيْن. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: على الأظْهَرِ. قاك الزَّرْكَشِىُّ: المشْهورُ أنَّه لا يكَبِّرُ وحدَه. وهى اخْتِيارُ أبى حَفْصِ، والقاضى، وعامَّةِ أصحابه. انتهى. وعنه، أنَّه يُكَبِّرُ، وإنْ كان وحدَه. قال فى «الإِفاداتِ»: ويكَبِّرُ بعدَ الفَرْضِ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «البُلْغَةِ»، وظاهرُ كلامِ ابن أبى مُوسى. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». تنبيهُ: مفهومُ قوله: عَقيبَ كلِّ فريضَةٍ. أنَّه لا يكَبِّرُ عَقيبَ النَّوافلِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»،

إِلَّا الْمُحْرِمَ، فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: لا يكَبِّرُ، رِوايةً واحدةً. وقال الآجُرِّىُّ مِن أئمَّةِ أصحابِنا: يكَبِّرُ عَقِيبَها. قوله: مِن صَلاةِ الفَجْرِ يومَ عَرَفَةَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو كالمُحْرِمِ، على ما يأْتِى. وعنه، يكَبِّرُ مِن صلاةِ الفَجْرِ يومَ النَّحْرِ. قوله: إلَّا المُحْرِمَ، فإنَّه يُكَبِّرُ مِن صَلاةِ الظُّهْرِ يومَ النَّحْرِ. وَآخِرُه كالمُحِلِّ؛ وهو إلى العَصْرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِن المُفْرَداتِ. وعنه، ينْتَهِى تكْبيرُ المُحْرِمِ صُبْحَ آخرِ أيَّامِ التَّشْريقِ. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وأمَّا المُحِلُّ، فلا أعلمُ فيه نِزاعًا، أنَّ آخِرَه إلى العَصْرِ مِن آخرِ أيَّامِ التَّشْريقِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ: لو رمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ قبلَ الفَجْرِ، فمَفْهومُ كلامِ أصحابِنا، يقْتَضِى أنَّه لا فَرْقَ، حمْلًا على الغالِبِ. والمنْصوصُ فى رِوايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّه يبْدَأْ بالتَّكْبيرِ ثم يُلَبِّى؛ إذِ التَّلْبِيَةُ قد خرَج وقْتُها المُسْتَحَبُّ، وهو الرَّمْىُ ضُحًى، فلذلك قدَّم التَّكْبيرَ عليها. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. فوائد؛ الأُولَى، يُكَبِّرُ الإِمامُ إذا سلَّم مِنَ الصَّلاةِ، وهو مُسْتَقْبلَ القِبْلةِ. على ظاهرِ ما نقَل ابنُ القاسِمِ عنه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ فى المذهبِ، أنَّه يكَبِّرُ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هو الأظْهَرُ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه ابنُ تَميم، و «الحَواشِى». وقيل: يُخَيَّرُ بينَهما. وهو احْتِمالٌ فى «الشَّرْحِ». وقيل: يكَبِّرُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ويكَبِّرُ أيضًا مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ. الثَّانية، لو قضَى صلاةً مكْتُوبةً فى أيَّامِ التَّكْبيرِ، والمَقْضِيَّةُ مِن غيرِ أيَّامِ التَّكْبيرِ، كبَّرَ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، وابنُ رَزِينِ فى «شَرْحِه». وعنه، لا يُكَبِّرُ. قال المَجْدُ: الأقْوَى عندِى أنَّه لا يكَبِّرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وجزَم به فى «الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إليه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». ولو قَضاها فى أيَّامِ التَّكْبيرِ، والمَقْضِيَّةُ مِن أيَّامِ التَّكْبيرِ أيضًا، كبَّر لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى»، و «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيَّدَه بأن يقْضِيَهَا فى تلك السَّنَةِ. وكَذا فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال: وقيل: مَن فاتَتْه صلاةٌ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ، فقَضاها فيها، فهى كالمُؤَدَّاةِ فى أيَّامِ التَّشْريقِ فى التَّكْبيرِ وعدَمِه. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: حُكْمُها حُكْمُ المُؤَدَّاةِ فى التَّكْبيرِ؛ لأنَّها صلاةٌ فى أيَّامِ التَّشْريقِ. وقال فى «الفُروعِ»: يكَبِّرُ. وقيل: حُكْمِ المَقْضِىِّ كالصَّلاةِ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا؛ لأنَّه تعْظِيمٌ للزَّمانِ. انتهى. ولو قَضاها بعدَ أيَّامِ التَّكْبيرِ، لم يُكَبِّرْ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرُ؛ لأنَّها سُنَّةٌ فاتَ محَلُّها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هذا التَّعْليلُ باطِلٌ بالسُّنَنِ الرَّواتِبِ، فإنَّها تُقْضَى مع الفَرائضِ أشْبَهَ التَّلْبِيَةَ. وقال ابنُ تَميمٍ: وإنْ قَضاها فى غيرِها، فهل يُكَبِّرُ؟ على وَجْهَيْن. الثَّالثةُ، تكَبِّرُ المرأةُ كالرَّجُلِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، مع الرِّجالِ ومُنْفَردَةً، لكنْ لا تجْهَرُ به، وتأْتِى به كالذِّكْرِ عَقيبَ الصَّلاةِ. وعنه، لا تُكَبِّرُ كالأَذانِ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، تُكَبِّرْ تَبَعًا للرِّجالِ فقط، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشهورُ. وفى تكْبيرِها إذا لم تُصَلِّ معهم رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال فى «التَّرْغِيبِ»: هل يُسَنُّ لها التَّكْبيرُ؟ فيه رِوايَتان. الرَّابعةُ، المسافِرُ كالمُقيمِ فيما ذكَرْنا.

وَإنْ نَسِىَ التَّكْبِيرَ قَضَاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، أوْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَسْىَ التكْبيرَ قَضاه. وهذا بلا نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، فيَقْضِيه فى المَكانِ الذى صلَّى فيه، فإنْ قامَ منه أو ذهَب، عادَ وجلَس وقَضاة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: جلَس جِلْسَةَ التَّشَهُّدِ. وقيل: له قَضاؤُه ماشِيًا. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ». قوله: ما لم يُحْدِثْ، أو يَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ. فإذا أحْدَث، أو خَرج مِنَ المسجدِ، لم يُكَبِّرْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «المُغْنِى». وقيل: يُكَبِّرُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو الصَّحيحُ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال فى «الكافِى»: فإنْ أحْدَث قبلَ التَّكْبيرِ، لم يكَبِّرْ، وإنْ نَسِىَ التَّكْبيرَ، اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وكبَّر، ما لم يخْرُجْ مِنَ المسجدِ. انتهى. وقيل: إنْ نَسِيَه حتى خرَج مِنَ المسجدِ، كبَّر. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ». وزادَ، وإنْ بَعُدَ. تنبيهان؛ أحدُهمما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يكَبِّرُ إذا لم يُحْدِثْ، ولم يخْرُجْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المَسْجدِ ولو تكلَّم. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يكَبِّرُ إذا تكلَّم. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلقَهما فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». الثَّانِى، ظاهرُ كلامِه أيضًا، أنَّه يكَبِّرُ إذا لم يُحْدِثْ، ولم يخْرُجْ مِنَ المسْجدِ ولو طالَ الفَصْلُ. وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحاب. قالَه فى «الفُروعِ»، وجعَل القوْلَ به تَوْجيهَ احْتِمالٍ وتخْريجٍ مِن عندِه. قلتُ: هذه المَسْأَلَةُ تُشْبِهُ ما إذا نَسِىَ سُجودَ السَّهْوِ قبلَ السَّلامِ، فإنَّ لَنا قوْلًا يقْضِيه، ولو طالَ الفَصْلُ وخرَج مِنَ المَسْجدِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ, تقدَّم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقْضِية إذا طالَ الفَصْلُ، سواءٌ خرَج مِنَ المَسْجدِ أو لا. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. فائدة: يكَبِّرُ المأْمومُ إذا نَسِيَه الإِمامُ، ويكَبِّرُ المَسْبوقُ إذا كمَّل، وسلَّم. نصَّ عليه. ويكَبِّرُ مَن لم يَرْمِ جَمْرَةَ العَقَبَةِ ثم يُلبِّى. نصَّ عليه.

وَفِى التَّكْبِيرِ عَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى التَّكْبيرِ عَقيبَ صَلاةِ العيدَيْن وجْهان. وكذا فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ» وغيرِهم. وحكَى كثيرٌ مِنَ الأصحابِ الخِلافَ رِوايتَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفى التَّكْبيرِ بعدَ صلاةِ العِيدَيْن رِوايَتَان. وقيل: وفيه بعدَ صلاةِ الأضْحَى وَجْهان. وقال ابنُ تَميم، والزَّرْكَشِىُّ: وفى التَّكْبيرِ عَقيبَ صلاةِ عيدِ الأضْحَى وَجْهان. وحكَى فى «التَّلْخيصِ»، فى التَّكْبيرِ عَقِيبَ صلاةِ العيدِ، رِوايتَيْن. وقال فى «النُّكَتِ»، عن كلامِ «المُحَرَّرِ»: سياقُ كلامِه، فى عيدِ الأضْحَى. وهو صحيحٌ؛ لأنَّ عيدَ الفِطْرِ ليس فيه تَكْبيرٌ مُقَيَّدٌ. وكذا قطَع المَجْدُ فى «شَرْحِه». ولَنا وَجْهٌ؛ أنَّ فى عيدِ الفِطْرِ تكْبيرًا مُقَيَّدًا. فعليه، يُخرَّجُ فى التَّكْبيرِ عَقِيبَ عيدِ الفِطْرِ وَجْهان كالأضْحَى. انتهى. وأطْلقَ الخِلافَ فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قال أبو الخَطَّابِ: وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ؛ أحدُهما، لا يكَبِّرُ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يُكَبِّرُ عَقِيبَها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ.

وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ شَفْعًا، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، وللَّهِ الْحَمْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: هو أشْبَهُ بالمذهبِ وأحَقُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الفائقِ»: يكَبَر عَقِيبَ صلاةِ العيدِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ». وقدَّمه ابنُ رَزِيق فى «شَرْحِه». واخْتارَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قوله: وصِفَة التَّكْبيرِ شَفْعًا، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِله إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ اللَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْبرُ، وللَّهِ الحَمْدُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واسْتَحَبَّ ابنُ هُبَيْرَةَ تَثْلِيثَ التَّكْبيرِ أوَّلًا وآخِرًا. فائدتان؛ إحْداهما، لا بأْسَ بقولِه لغيرِه بعدَ الفَراغِ مِنَ الخُطْبَةِ: تقَبَّل اللَّهُ مِنَّا ومِنك. نقَله الجماعةُ عنِ الإِمامَ أحمدَ، كالجَوابِ. وقال الإِمامُ أحمدُ أيضًا: لا أبْدَأُ به. وعنه، الكُلُّ حسَنٌ. وعنه، يُكْرَهُ. قيلَ له فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ: تَرَى أنْ تَبْدأَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به؟ قال: لا. ونقَل علِىٌّ بنُ سَعيدٍ، ما أحْسنَه! إلَّا أنْ يخافَ الشُّهْرَةَ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: هو فِعْلُ الصَّحابَةِ وقولُ العُلَماءِ. الثَّانيةُ، لا بأْسَ بالتَّعْريفِ بالأمْصارِ عَشِيَّةَ عرَفَةَ. نصَّ عليه. وقال: إنَّما هو دُعاء وذِكْرٌ. وقيل له: تفْعَلُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنتَ؟ قال: لا. وعنه، يُسْتَحَبُّ. ذِكَرَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. ولم يَرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين التَّعْريفَ بغيرِ عَرَفَةَ، وأنَّه لا نِزاعَ فيه بينَ العُلَماءِ، وأنَّه مُنْكَرٌ، وفاعِلُه ضالٌّ.

باب صلاة الكسوف

بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَإِذَا كَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوِ الْقَمَرُ، فَزِعَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ، جَمَاعَةً وَفُرَادَى، بِإِذْنِ الْإِمَامَ وَغَيْرِ إِذنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صلاةِ الكُسوفِ فائدة: الكُسوفُ والخُسوفُ، بمَعْنًى واحدٍ. وهو ذَهابُ ضوْءِ شئٍ، كالوَجْهِ واللَّوْنِ، والقمَرِ والشَّمْسِ. وقيل: الخُسوفُ الغَيْبوبَةُ. ومْنه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} (¬1) وقيل: الكُسوفُ ذَهابُ بعْضِها، والخُسوفُ ذَهَابُ كُلِّها. وقيل: الكُسوفُ للشَّمْسِ، والخُسوفُ للقَمَرِ. يقالُ: كَسَفَتْ بفَتْحِ الكافِ وضَمِّها، ومثلُه خسَفتْ. وقيل: الكُسوفُ، تغَيُّرُهما، والخُسوفُ، تَغَيُّبُهما فى السَّوادِ. قوله: وإذا كسَفتِ الشَّمْسُ أو القَمَرُ، فَزِعَ النَّاسُ إلى الصَّلاةِ، جماعَةً وفُرادى. تجوزُ صلاةُ الكُسوفِ مع الجماعةِ، وتجوزُ صلاتُها مُنْفرِدًا فى الجامِعِ ¬

(¬1) سورة القصص 81.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه، لكنَّ فِعْلَها مع الجماعَةِ أفْضَلُ، وفى الجامِع. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تُفْعَلُ فى المُصَلَّى. قوله: بإذنِ الإمام وغيرِ إذنِه. لا يُشْترَطُ إذْنُ الإِمامِ فى فِعْلِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأَصحابُ. وعنه، يُشْتَرطُ. ذكَرها أبو بَكْرٍ. وأطْلقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وفى اعْتِبارِ إذنِ الإِمامِ فيها للجماعَةِ، رِوايَتَان. وقيل: النَّصُّ عدَمُه. انتهى.

وَيُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةَ جَامِعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُنادَى لها، الصَّلاةَ جامِعَةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُنادَى لها. ويُجْزِئ قولُه: الصَّلاةَ. فقط. وعنه، لا يُنادَى لها. وهو قوْلٌ فى «الفُروعَ» وغيرِه. وتقدم ذلك آخِرَ الأذانِ. فائدة: النِّداءُ لها سُنَّةٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى، وابنُ الزَّاغُونِىِّ: هو فَرْضُ كِفايَةٍ كالأَذانِ.

ثُمَّ يْصَلِّى رَكْعَتَيْن، يَقْرَأُ فى الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةً طَوِيلَةً، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يَركَعُ رُكُوِعًا طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْفَعُ، فَيُسَمِّعُّ وَيُحَمِّدُ، ثُمَّ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ، وَيُطِيلُ، وَهُوَ دُون الْقِيَامَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْكَعُ، فَيُطِيلُ.، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَويلَتَيْنِ، ثمَّ يَقُومُ إِلَى الثَّانِيَةِ، فَيَفْعَلُ مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: ثم يُصَلِّى رَكْعَتَيْن، يَقْرَأْ فى الأُولَى بعدَ الفاتِحةِ سُورَةً طَويلَةً. قال الأصحابُ: البَقَرَةَ أو قَدْرَها. قلتُ: الذى يَظْهَرُ، أنَّ مُرادَهم إذا امْتَدَّ الكُسوفُ، أمَّا إذا كان الكُسوفُ يسِيرًا، فإنَّه يقْرَأْ على قدْرِه. ويُؤَيِّدُه قولُ المُصَنِّفِ وغيرِه: فإنْ تجَلَّى الكُسوفُ فيها، أتَمَّها خَفيفَةً. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ صلاةَ الكُسوفِ سُنَّةٌ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى»: هى واجِبَةٌ على الإِمامِ والنَّاسِ، وإنَّها ليستْ بفَرْضٍ. قال ابنُ رَجَبٍ: ولعَلَّه أرادَ أنَّها فَرْضُ كِفايَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجْهَرُ بالقِراءَةِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. والجَهْرُ فى كُسوفِ الشَّمْس مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يَجْهَرُ فيها بالقِراءةِ. اخْتارَه الجُوزجَانِىُّ. وعنه، لا بأْسَ بالجَهْرِ. قوله: ثم يَرْكَعُ رُكُوعًا طَويلًا. هكذا قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، وأطْلَقَوا. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقطَع به «الخِرَقِىِّ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يكونُ رُكوُعه قَدْرَ قراءةِ مِائَةِ آيَةِ، منهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ. وتَبِعَهم صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرُهم. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قلتُ: والأُولَى أوْلَى، وأنَّ الطُّولَ والقِصَرَ، يرْجِعُ إلى طُولِ الكُسوفِ وقِصَرِه، كما قُلْنا فى القراءةِ. وقيل: يكونُ رُكوعُه قَدْرَ مُعْظَمِ القراءةِ. واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى، والمَجْدُ. وقيل: يكونُ قَدْرَ نِصْفِ القِراءةِ. وقال فى «المُبْهِجِ»: يُسَبِّحُ فى الرُّكوعِ بقَدْرِ ما قرَأ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ظاهرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشىِّ»، أنَّ الأقْوالَ التى حكَوْها فى قَدْرِ الرُّكوعِ مُتَنَافِيَةٌ؛ لقولِهم: ثم يرْكَعُ فيُطِلُ. وقال فُلانٌ: بقَدْرِ كذا. بالواو، والذى يظْهَرُ، أنَّ قولَ مَن قال: يرْكَعُ رُكوعًا طوِيلًا. لا يُنافِى ما حُكِىَ مِنَ الأقوالِ، بل اخْتِلافُهم فى تَفْسيرِ الطَّويلِ، ولذلك قال ابنُ تَميم: ثم يرْكَعُ فيُطيلُ. قال القاضى: بقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ. وقال ابنُ أبِى مُوسى: بقَدْرِ مُعْظَمِ القِراءَةِ. ففسَّر قَدْرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِطالَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ثم يرْكَعُ ويُسَبِّحُ قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ. وقيل: بل قَدْرَ مُعْظَمِ القراءةِ. وقيل: قَدْرَ نصْفِها. فلم يَحكِ خلافًا فى الإطَالَةِ، وإنَّما حُكِىَ الخِلافُ فى قَدْرِها. قوله: ثم يَرْفَعُ، فيُسَمِّعُ، ويُحَمِّدُ، ثم يَقْرأُ الفَاتحةَ وسُورَةً، ويُطيلُ، وهو دونَ القِيامِ الأوَّلِ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم: يقْرَأُ آل عِمْرانَ، أو قَدْرَها. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: قاله طائفة مِنَ الأصحابِ. وقال بعضُ الأصحابِ: تكونُ كمُعْظَمِ القراءةِ الأُولَى. وقيل: تكونُ قِراءةُ الثَّانيةِ قَدْرَ ثُلُثَى قراءةِ الأَوَّلَةِ، وقراءةُ الثَّالِثَةِ نِصْفَ قراءةِ الأوَّلَةِ، وقِراءةُ الرَّابعَةِ بقَدْرِ ثُلُثَى قراءةِ الثَّالثةِ. واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. ذكَره فى «المُسْتَوْعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَرْكَعُ؛ فيُطيلُ، وهو دونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ. فتكونُ نِسْبَتُه إلى القراءةِ كنِسْبَةِ الرُّكُوعِ الأوَّلِ مِنَ القراءةِ الأُولَى، كما تقدَّم. ثم يرْكَعُ بقَدْرِ ثُلُثَى رُكُوعِه الأوَّلِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: يكونُ كلُّ رُكوعٍ، بقَدْرِ ثُلُثَى القراءةِ التى قبلَه. قوله: ثم يَرْفَعُ، ثم يَسْجُدُ. لكنْ لا يطيلُ القيامَ مِن رَفْعِه الذى يسْجُدُ بعدَه. جزَم به فى «الفُروعِ». قال ابن تَميمٍ، والزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ أصحابِنا. وصرَّح به ابنُ عَقِيلٍ. قلت: وحَكاه القاضى عِيَاضٌ إجْماعًا. قوله: سَجْدَتَيْن طَوِيلَتَيْن. هذا المذهبُ. جزَم به «الخِرَقِىِّ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغايَةِ». قال فى «الفُروعِ»: ويُطِيلُهما فى الأَصحِّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يُطلُهما كإِطالَةِ الرُّكوعِ. جزَم به فى «التّذْكِرةِ» لابنِ عَقِيل، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ». وقيل: لا يُطيلُهما. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ حامِدٍ، وابنِ أبِى مُوسى، وأبِى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُطيلُ الجلْسَةَ بينَ السَّجْدتَيْن؛ لعدَمِ ذِكْرِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال المَجْدُ: هو أصحُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: يُطيلُه. اخْتارَه الآمِدِىُّ. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: ويُطيلُ الجُلوسَ بينَ السَّجْدَتَيْن كالرُّكوعِ. وجزَم به فيهما أيضًا فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهما فى «الفائقِ». قوله: ثم يَقُومُ إلى الثَّانيَةِ، فيَفْعَلُ مثلَ ذلك. يعنى، فى الرُّكوعَيْن وغيرِهما، لكنْ يكونُ دونَ الأُولَى قِيامًا وقِراءةً، ورُكوعًا وسُجودًا، وتَسْبيحًا واسْتِغْفارًا. قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ، وغيرُهم: القِراءةُ فى كلِّ قِيامٍ أقْصَرُ ممَّا قبلَه، وكذلك التَّسْبِيحُ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يقْرأُ فى الثَّانيةِ فى القِيامِ الأوَّلِ، بعدَ الفاتحةِ، سُورَةَ النِّساءِ أو قَدْرَها، وفى الثَّانِى، بعدَ الفاتحةِ، سُورَةَ المائدَةِ أو قَدْرَها. وذكَر أبو الخَطَّابِ وغيرُه، القيامَ الثَّالِثَ أطْولَ مِنَ الثَّانِى. وقيل: بقَدْرِ النِّصْفِ مما قرَأ أو سبَّح فى رُكوعِ الأوَّلَةِ وقِيامِها.

فَإِنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ فِيهَا أتَمَّهَا خَفِيفَةً، وَإنْ تَجَلَّى قَبْلَهَا، أَوْ غَابَتِ الشَّمْسُ كَاسِفَةً، أوْ طَلَعَتْ وَالْقَمَرُ خَاسِفٌ، لَمْ يُصَلِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تَجَلَّى الكُسوفُ فيها أتَمَّها خَفِيفَةً. يعْنِى، على صِفَتِها. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيل: يُتِمُّها كالنَّافِلَةِ إنْ تجَلَّى قبلَ الرُّكوعِ الأوَّلِ أو فيه، وإلَّا أتَمَّها على صِفَتِها، لتَأكُّدِها بخَصائِصِها. وقال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالِى: مَن جوَّز الزِّيادَةَ عندَ حُدوثِ الامْتِدادِ على القَدْرِ المنْقولِ، جوَّز النُّقْصانَ عندَ التَّجَلِّى، ومَن منَع، منَع النَّقْصَ؛ لأنَّهْ التَزَمَ رُكْنًا بالشُّروعِ، فتَبْطُلُ بتَرْكِه. وقيل: لا تُشْرَعُ الزِّيادةُ لحاجَةٍ زالَتْ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: وإنْ تَجَلَّى قبلَها، أو غابَتِ الشَّمسُ كاسِفَةً، أو طلَعتْ والقَمرُ خاسِفٌ، لم يُصَلِّ. بلا خِلافٍ أعَلَمُه، لكنْ إذا غابَ القَمَرُ خاسِفًا ليْلًا، فالأشْهَرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المذهبِ، أنَّه يصَلِّى له. قالَه فى «الفُروعِ». قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشْهورُ. قال: وقطَع به جماعةٌ، كالقاضى، وأبِى المَعالِى. وقيل: لا يصَلِّى له. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وابنِ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأطْلَقَهما فى «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْدَاها، إذا طلَع الفَجْرُ والقَمَرُ خاسِفٌ، لم يُمْنَعْ مِنَ الصَّلاةِ، إذا قُلْنا: إنَّها تُفْعَلُ فى وَقْتِ نَهْى. اخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لم يُمْنَعْ فى أظْهَرِ الوَجْهَيْن. قال: وهو ظاهرُ كلامِ أبِى الخَطَّابِ. وقيل: يُمْنَعُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال الشَّارِحُ: فيه احْتِمالَان. ذكَرَهما القاضى. الثَّانيةُ، لا تُقْضَى صلاةُ الكُسوفِ، كصَلاةِ الاسْتِسْقاءِ، وتحِيَّةِ المَسْجدِ، وسُجودِ الشُّكْرِ. الثَّالثةُ، لا تُعادُ إذا فرَغ منها، ولم ينْقَضِ الكُسوفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وجزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقيل: تُعادُ رَكْعَتَيْن. وأطْلقَ أبو المَعالِى فى جَوازِه

وَإِنْ أَتَى فِى كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، فَلَا بَأْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَيْن. فعلى المذهبِ، وحيثُ قُلْنا: لا تُصَلَّى، فإنَّه يذْكُرُ اللَّه تَعالَى ويدْعُوه، ويَسْتَغْفِرُه حتى تنْجَلِىَ. قوله: وإنْ أتَى فى كلِّ رَكْعَةٍ بثلاثِ رُكُوعاتٍ، أو أرْبَعٍ، فلا بَأْسَ. يعْنِى، أنَّ ذلك جائزٌ مِن غيرِ فضِيلَةٍ، بل الأفْضَلُ، رُكوعان فى كلِّ رَكْعَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، أرْبعُ رُكُوعاتٍ فى كلِّ رَكْعَةٍ، أفْضَلُ. تنبيه: ظاهرُ قولِه: فلا بأْسَ. أنَّه لا يُزادُ على أرْبَع رُكوعاتٍ، ولا يجوزُ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه فى «الفائقِ». والعُذْرُ لمَن قال ذلك، أنَّه لم يطلعْ على الوَارِدِ فيه. قال المُصَنِّفُ: لا يُجاوِزُ أرْبَعَ رُكوعاتٍ فى كلِّ رَكعَةٍ، لأنَّه لم يأْتِنا عنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكثرُ مِن ذلك. انتهى. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ فِعْلُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بكُلِّ صِفَةٍ ورَدتْ؛ فمنه حديثُ كَعْبٍ: خَمْسُ رُكُوعاتٍ فى كُلِّ رَكْعَةٍ. روَاه أبو داودَ. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَه الشَّارِحُ. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». ومنه، أنَّه يأْتِى بها كالنَّافِلَةِ. وقد ورد ذلك فى السُّنَنِ. وهذا المذهبُ أيضًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لأنَّ الثَّانِى سُنَّةٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، لكنَّ الأفْضَلَ رُكُوعان فى كلِّ ركْعَةٍ، كما تقدَّم. وظاهرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، أنَّه لا يَزِيدُ على رُكُوعَيْن فى كلِّ رَكْعةٍ؛ فإنهما، بعدَ ما ذكَرا رُكوعَيْن فى كلِّ رَكْعةٍ، قَالا: أرْبَعُ رُكُوعاتٍ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: وقيل: أو ثَلاثٌ. قال فى «الكُبْرى»: وعنه، تكونُ كلُّ ركْعَةٍ بما شاءَ مِن رُكوعٍ، أو اثْنَيْن، أو ثَلاثٍ، أو أرْبَعٍ، أو خَمْسٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الرُّكوعُ الثَّانِى وما بعدَه سُنَّةٌ، بلا نِزاعٍ. وتُدْرَكُ به الرَّكْعَةُ، فى أحَدِ الوُجوهِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والوَجْهُ الثَّانِى، لا تُدْرَكُ به الرَّكْعَةُ مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحَواشِى». وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّالثُ، تُدْرَكُ به الرَّكْعَةُ إنْ صلَّاها بثَلاثِ رُكوعَاتٍ أو أرْبَعٍ؛ لإدْراكِه مُعْظمَ الرَّكْعَةِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُخْطَبُ لها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: لا خُطْبَةَ لصَلاةِ الكُسوفِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه الأصحابُ. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. انتهى. وعنه، يُشْرَعُ بعدَ صلاِتها خُطْبَتان، سواءٌ تجَلَّى الكُسوفُ أو لا. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ، والقاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ». وحَكَاه عنِ الأصحابِ. وقدَّمه ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخارِىِّ».

وَلَا يُصَلِّى لِشَىْءٍ مِنْ سَائِرِ الْآيَاتِ، إِلَّا الزَّلْزَلَةَ الدَّائِمَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: أُحِبُّ أنْ يخْطُبَ بعدَها. وقيل: يخْطُبُ خُطْبَةً واحدةً مِن غيرِ جلُوسٍ. وأطْلق جماعةٌ مِنَ الأصحابِ فى اسْتِحْبابِ الخُطْبَةِ رِوايتَيْن. ولم يذْكُرِ القاضى وغيرُه نصًّا عن أحمدَ، أنَّه لا يخطبُ، إنَّما أخَذُوه مِن نَصِّه، لا خُطْبَةَ فى الاسْتِسْقاءِ. وقال أيضًا: لم يذْكُرْ لها أحمدُ خُطْبَةً. قوله: ولا يُصَلِّى لشئٍ مِن سائرِ الآياتِ. هذا المذهبُ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، وعليه أكثرُ الأصحابِ، بل جماهيرُهم. وعنه، يصَلِّى لكُلِّ آيَةٍ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ هذا قولُ مُحَقِّقِى أصحابِنا وغيرِهم، كما دلَّتْ عليه السُّنَنُ والآثارُ، ولولا أنَّ ذلك قد يكونُ سبَبًا لشَرٍّ وعَذابٍ، لم يصِحَّ التَخْوِيفُ به. قلتُ: واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى، والآمِدِىُّ. قال ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»: وهو أظْهَرُ. وحكَى ما وقَع له فى ذلك. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يصَلُّون لكُلِّ آيَةٍ ما أحَبُّوا، رَكْعَتَيْن أو أكثرَ، كسائرِ الصَّلَواتِ، ويخطبُ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقيل: يجوزُ ولا يُكْرَهُ. ذكَره فى «الرِّعايَةِ». قال ابنُ تَميم: وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه». ولم أرَه فيها. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يُصَلِّى للرَّجْفَةِ، وفى الصَّاعِقَةِ، والرِّيحِ الشَّديدَةِ، وانْتِثارِ النُّجومِ، ورَمْى الكَواكِبِ، وظُلْمَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّهارِ، وضَوْءِ اللَّيْلِ، وَجْهان. انتهى. قوله: إلَّا الزَّلْزَلَةَ الدَّائِمَةَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يصَلِّى لها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: قال الأصحابُ: يصَلِّى لها. وقيل: لا يصَلِّى لها. ذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ». وذكَر أبو الحُسَيْنِ، أنَّه يصَلِّى للزَّلْزَلَةِ، والرِّيحِ العاصِفِ، وكَثْرَةِ المطَرِ، ثَمانِ رُكُوعاتٍ، وأرْبَعَ سَجداتٍ. وذكَره ابنُ الجَوْزِىِّ فى الزَّلْزَلَةِ. فوائد؛ لوِ اجْتَمَعَ جنازَة وكُسوف، قُدِّمَتِ الجِنازَةُ. ولو اجْتَمَعَ مع الكُسوفِ جُمُعَةٌ، قُدِّمَ الكُسوفُ إنْ أُمِنَ فوْتُها، أو لم يشْرَعْ فى خُطْبَتِها. ولوِ اجْتَمَعَ مع الكُسوفِ عيدٌ، أو مكْتوبَةٌ، قُدِّمَ عليها إنْ أمِنَ الفَوْتَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقَدِّمان عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ولوِ اجْتَمَعَ كُسوفٌ وَوِترٌ، وضاقَ وَقْتُه، قُدِّمَ الكُسوفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال المَجْدُ: هذا أصحُّ. قال فى «المُذْهَبِ»: بَدَأ بالكُسوفِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمَه فى «الخُلاصَةِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ» للآدَمِىِّ. والوَجْهُ الثَّانِى، يُقَدَّمُ الوِتْرُ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولوِ اجْتَمَعَ كُسوفٌ، وتَراوِيحُ، وتعَذَّرَ فِعْلُها فى ذلك الوقْتِ، قُدِّمَتِ التَّراوِيحُ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. والوَجْهُ الثَّانِى، يُقَدَّمُ الكُسوفُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قلت: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه آكَدُ منها. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». وقيل: إنْ صُلِّيَتِ التَّراوِيحُ جماعةً، قُدِّمَتْ لمَشَقَّةِ الانْتِظارِ. ولوِ اجْتَمَع جِنازَةٌ، وعيدٌ أو جُمُعَةٌ، قُدِّمَتِ الجِنازَةُ إنْ أُمِنَ فوْتُها. قال فى «الفُروعِ» فى الجَنائزِ: تَقَدَّمَ أن الجنازَة تُقَدمُ على الكُسوفِ. فَدَلَّ على أنَّها تُقَدَّمُ على ما يُقَدَّمُ الكُسوفُ عليه. وصرَّحوا منه بالعيدِ، والجُمُعَةِ. وصرَّح ابنُ الجَوْزِىِّ أيضًا بالمَكْتوباتِ. ونقَل الجماعةُ، تقْديمَ الجِنازَةِ على فَجرٍ وعَصْرٍ فقط. وجزَم به جماعةٌ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ. وفى «المُسْتَوْعِبِ»: يُقَدَّمُ المَغْرِبُ عليها-، لا الفَجْرُ. ولو حصَل كُسوفٌ بعَرَفَةَ، صلَّى له ثم دفَع. تنييه: قولُنا: ولوِ اجْتمَع مع الكُسوفِ صلاةُ عيدٍ. هو قولُ أكثرِ العُلَماءِ مِن أهْلِ السُّنَّةِ والحديثِ، أنَّهما قد يَجْتَمِعان، سواءٌ كان أضْحَى أو فِطْرًا. ولا عِبْرَةَ بقولِ المُنَجِّمين فى ذلك. وقيل: إنَّه لا يُتَصَوَّرُ كُسوفُ الشَّمْسِ إلَّا فى الثَّامِنِ والعِشْرين والتَّاسِع والعِشْرين، ولا خُسوفُ القَمَرِ إلَّا فى إبْدارِه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال العُلَماءُ: ورُدَّ هذا القوْلُ بوُقوعِه فى غيرِ الوقْتِ الذى قالوه؛ فذكَر أبو شامَةَ فى «تَارِيخِه»، أنَّ القَمَرَ خسَف ليْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ مِن جُمادَى الآخِرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سنَةَ أرْبَعٍ وخَمْسين وسِتِّمائَةٍ، وكسفَتِ الشَّمْسُ فى غَدِه، واللَّهُ على كلِّ شئٍ قديرٌ. انتهى. وكسفَتِ الشَّمْسُ يومَ ماتَ إبْراهِيمُ، وهو يومُ عاشِرٍ مِن رَبِيعٍ الأوَّلِ. ذكَره القاضى، والآمِدِىُّ، والفَخْرُ فى «تَلْخِيصِه» اتِّفاقًا عن أهْلِ السِّيَرِ. قال فى «الفُصولِ»: لا يخْتَلِفُ النقْلُ فى ذلك. نقَله الواقِدِىُّ، والزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وأنَّ الفُقَهاءَ فَرَّعوا وبَنَوا على ذلك، لو اتَّفَقَ عيدٌ وكُسوفٌ. وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»، وغيرِه: لاسِيَّما إذا اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. فائدة: يُسْتَحَبُّ العِتْقُ فى كُسوفِ الشَّمْسِ. نصَّ عليه؛ لأمْرِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، بذلك فى «الصَّحِيحَيْن» (¬1). قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: يُسْتحَبُّ لقادِرٍ. ¬

(¬1) بل أخرجه البخارى فقط، فى: باب من أحب العتاقة فى كسوف الشمس، من كتاب الكسوف. صحيح البخارى 2/ 47.

باب صلاة الاستسقاء

بَابُ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَإذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَقَحَطَ الْمَطَرُ، فَزِعَ النَّاسُ إِلَى الصَّلَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صلاةِ الاسْتِسْقاءِ تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإذا أجْدَبَتِ الأرْضُ، فزِع النَّاسُ إلى الصَّلاةِ. أنَّه إذا خِيفَ مِن جدْبِها، لا يُصَلَّى. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يُصَلَّى. قوله: وقَحَطَ المَطَرُ. أى احْتَبَسَ القَطْرُ. واعلمْ أنَّه إذا احْتَبَسَ عن قومٍ، صلَّوا بلا نِزَاعٍ، وإنِ احْتبَسَ عن آخَرِين، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصلِّى لهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُ مَن لم يُحْبَسْ عنهم. قطعَ به ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الإِفاداتِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. قال ابنُ تَميمٍ: لا يخْتَصُّ بأهْلِ الجَدْبِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: إنِ اسْتَسْقَى مُخْصِبٌ لمُجْدِبٍ، جازَ. وقيل: يُسْتَحَبُّ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: يُسْتَحَبُّ ذلك. وقيل: لا يصلِّى لهم غيرُهم. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». فائدة: لو غارَ ماءُ العُيونِ أو الأنْهارِ، وضرَّ ذلك، اسْتُحِبَّ أنْ يصلُّوا صلاةَ الاسْتِسْقاءِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الإِفاداتِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الرِّعايتَيْن»: اسْتَسْقَوْا على الأقْيَسِ. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وعنه، لا يصلُّون. قال ابنُ عَقِيلٍ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: قال

وَصِفَتُهَا فِى مَوْضِعِهَا وَأحْكَامِهَا، صِفَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابُنا: لا يصلُّون. وقدَّمه فى «الفائقِ». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وهما وَجْهان فى «شَرْحِ المَجْدِ». قوله: وصفَتُها فى مَوْضِعِها وأحكامها، صِفَةُ صَلاةِ العيدِ. هذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يصلِّى بلا تَكْبِيراتٍ زَوائِدَ، ولا جَهْرٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال أبو إسْحَاقَ البَرْمَكِىُّ: يَحْتَمِلُ أنَّ هذه الرِّوايَةَ قوْلٌ قديمٌ رجَع عنه. وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يقْرأُ فى الأُولَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} (¬1) وفى ¬

(¬1) سورة نوح 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةِ ما أحَبَّ. وجزَم به فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال ابنُ رَجبٍ، فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: وإنْ قرَأ بذلك كان حَسَنًا. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنْ يقْرأُ بالشَّمْسِ وضُحَاها، واللَّيْلِ إذا يَغْشَى. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنْ يقْرأ بعدَ الفاتحةِ بما يقْرأُ به فى صلاةِ العيدِ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يصلِّى الاسْتِسْقاءَ وقْتَ نَهْى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرُهم: بلا خلافٍ. قال ابنُ رَزِينٍ: إجْماعًا. وأطْلَقَ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

وَإذَا أَرَادَ الإِمَامُ الْخُرُوجَ لَهَا، وَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِى، وَالْخُروجِ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ، وَتَرْكِ التَّشَاحُنَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِهم، رِوايتَيْن. وصحَّحوا جوازَ الفِعْلِ. قلتُ: وهو بعيدٌ. والعجَبُ مِن صاحِبِ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» كوْنُه قطَع هنا، بأنَّها لا تصلَّى. وقال: بلا خِلافٍ. وذكَر فى أوْقاتِ النَّهْى رِوايتَيْن. وصحَّح أنَّها تصلَّى. وهو ذُهولٌ منه. وتقدَّم ذلك فى أوْقاتِ النَّهْى. الثَّانيةُ، وقْتُ صلاتِها وقْتُ صلاةِ العيدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بعدَ الزَّوالِ. قوله: وأمرَهم بالتَّوْبةِ مِنَ المعَاصِى، والخُروجِ مِنَ المظالمِ، والصِّيامِ، والصدَّقَةِ. والتَّوْبَةُ فى كل وَقْتٍ مطْلوبَة شرْعًا، وكذا الخُروجُ مِنَ المَظَالِمِ، لكَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا يتأكَّدُ ذلك. وأمَّا الصَّيامُ والصَّدقَةُ، فَيأْمُرُهم بهما الإِمامُ مِن غيرِ عَدَدٍ فى الصَّوْمِ. كما هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقالَه جماعةٌ كثيرةٌ مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الإِفاداتِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «التَّسْهِيلِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ حامِدٍ: ويُسْتَحَبُّ الخُروجُ صائمًا. وتَبِعَه جماعةٌ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يكونُ الصَّوْمُ ثلاثَةَ أيَّامٍ، منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». ولم يذْكُرْ جماعةٌ الصَّوْمَ والصَّدَقَةَ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «النِّهَايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم. وذكَر ابنُ تَميم الصَّدَقَةَ، ولم يذْكُرِ الصوْمَ: وذكرَ ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ» الصَّوْمَ، ولم يذْكُرِ الصَّدقَةَ. فائدة: هل يلْزَمُ الصَّوْمُ بأمْرِ الإمامَ؟ قال فى «الفُروعِ»: ظاهرُ كلامَ الأصحابِ، لا يلْزَمُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: تجِبُ طاعَتُه فى غيرِ المَعْصِيَةِ. وذكَره بعضُهم إجْماعًا. ثم قال صاحِبُ «الفُروعِ»: ولعلَّ المُرادَ فى السياسَةِ والتَّدْبيرِ والأُمورِ المُجْتَهدِ فيها، لا مُطْلَقًا. ولهذا جزَم بعضُهم، تجِبُ فى الطَّاعةِ، وتُسَنُّ فى المَسْنُونِ، وتُكْرَهُ فى المَكْروهِ. وقال فى «الفائقِ» قلتُ: ويأْمُرُهم بصِيامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ فيِجبُ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وأبو المَعالِى، لو نذَر الإِمامُ الاسْتِسْقاءَ مِنَ الجَدْبِ وحدَه، أو هو والنَّاسُ، لَزِمَه فى نفْسِه، وليس له أنْ يُلْزِمَ غيرَه بالخُروجِ معه، وإنْ نذَر غيرُ الإِمامِ، انْعَقَد أيضًا.

وَيَعِدُهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، وَيَتَنَظَّفُ لَهَا، وَلَا يَتَطَيَّبُ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَذَلِّلًا، مُتَضَرِّعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويتنظَّفُ لها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ

وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينَ وَالصَّلَاحِ، وَالشُّيُوخُ، وَيَجُوزُ خُروجُ الصِّبْيَانِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُسْتَحَبُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم. وقيل: لا يَتنظَّفُ، كما أنَّه لا يتَطيَّبُ. قوله: ويجوزُ خُروجُ الصِّبْيانِ. يعْنِى، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ. فإنْ كان غيرَ مُمَيِّزٍ، جازَ خُروجُه بلا خِلافٍ. وكذلك الطِّفْلُ مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ، بلا خِلافٍ فيهما.

وَإنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا، وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان مُمَيِّزًا، فقدَّم المُصَنِّفُ جوازَ خُروجِه مِن غيرِ اسْتِحْباب. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال ابنُ حامِدٍ: يُسْتَحَبُّ. وهو المذهب. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، والآمِدِىُّ، والقاضى، وغيرُهم. قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: نحن لخُروجِ الصِّبْيانِ والشُّيوخِ أشدُّ اسْتِحْبابًا. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». فوائد؛ منها، يجوزُ خُروجُ العَجائزِ مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ. وجعَله ابنُ عَقِيل ظاهِرَ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقيل: يُسْتَحَبُّ خُروجُهُنَّ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». ومنها، لا تخرُجُ امْرأةٌ ذاتُ هَيْئَةٍ، ولا شابة؛ لأنَّ القَصْدَ إجابَةُ الدُّعاءِ، وضرَرُها أكثرُ. قال المَجْدُ: يُكْرَهُ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ البَهَائمِ مِن غيرِ كراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يُسْتَحَبُّ إخْراجُها. ونصَرَاه. ومنها، ما قالَه ابنُ عَقِيل، والآمِدِىُّ: إنَّه يؤْمَرُ سادةُ العَبِيدِ بإِخْراجِ عبيدِهم وإمائِهم، ولا يجِبُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه مع أمْنِ الفِتْنَةِ. قوله: وإنْ خرَج أهْلُ الذمَّةِ يُمْنَعُوا، ولم يَخْتَلِطوا بالمُسْلِمين. وهذا بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لا يُفْرَدُون بيومٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ونصَرَه المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا يُفْرَدُ أهلُ الذِّمَّةِ بيوْم فى الأظْهَرِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإِفاداتِ». واخْتارَه المَجْدُ، وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحَواشِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قال فى «البُلْغَةِ»: فإنْ خرَج أهلُ الذِّمَّةِ، فَلْيَنْفَرِدوا. قال فى «الوَجيزِ»: وينْفَرِدُ أهلُ الذمَّةِ إنْ خَرَجوا. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ خرَجُوا لم يُمْنَعُوا، وأُمِرُوا بالانْفِرادِ عنِ المُسْلِمين. قال الخِرَقِىُّ: لم يُمْنَعوا، وأُمِرُوا أنْ يكُونوا مُنْفرِدين عنِ المُسْلِمين. فكلام هؤلاءِ يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُهم بالانفِرادِ، عَدَمَ الاخْتِلاطِ. وهو الذى يظْهَرُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُهم، الانْفِرادَ بيوم. وقيل: الأُوْلَى خُروجُهم مُنْفرِدين بيومٍ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ»؛ فقال: وخُروجُهم فى يوم آخَرَ أوْلَى. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لو قال قائلٌ: إنه لا يجوزُ خُروجُهم فى وقْتٍ مُفْرَدٍ. لم يُبْعِدْ؛ لأنَّهم قد يُسْقَون فتُخْشَى الفِتْنَةُ على ضَعَفَةِ المُسْلِمين. فوائد؛ منها، يُكْرَهُ إخْراجُ أهلِ الذِّمَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وغيرُهم مِنَ العُلَماءِ. وظاهرُ كلامِ أبِى بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، أنَّه لا يُكْرَهُ. وهو قوْل فى «الفُروعِ». وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ». ونقَل المَيْمُونِىُّ، يخْرُجون معهم. فأمَّا خُروجُهم مِن تلْقاءِ أنْفُسِهم، فلا يُكَرهُ، قولًا واحدًا. ومنها، حُكْمُ نِسائِهم ورَقِيقِهم وصِبْيانِهم، حُكْمُهم. ذكَرَه الآمِدِىُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الفُروعِ»: وفى خُروجِ عَجائزِهم، الخِلافُ. وقال: ولا تخرُجُ شابَّةٌ منهم. بلا خِلافٍ فى المذهبِ. ذكَرَه فى «الفُصولِ». وجعَل كأهْلِ الذِّمَّةِ كلَّ مَن خالَفَ دِينَ الإسْلامِ فى الجُمْلَةِ. وفنها، يجوزُ التَّوَسُّلُ بالرَّجُلِ الصَّالحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ. قال الإِمامُ أحمدُ للمَرُّوذِىِّ: يتَوسَّلُ بالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى دُعائِه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. وجعَله الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ كَمَسْألةِ اليَمينِ به. قال: والتَّوسُّلُ بالإيمانِ به وطاعَتِه ومَحَبَّتِه والصَّلاةِ والسَّلام عليه، وبدُعائِه وشَفاعتِه، ونحوِه ممَّا هو مِن فعْلِه أو أفْعالِ العِبادِ المأْمورِ بها فى حَقِّه، مَشْروعٌ إجْماعًا. وهو مِنَ الوَسِيلةِ المأْمورِ بها فى قولِه تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (¬1) وقال الإِمامُ أحمدُ، وغيرُه مِنَ العُلَماءِ: فى قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَق» (¬2). الاسْتِعاذَةُ لا تكونُ بمَخْلُوقٍ. ¬

(¬1) سورة المائدة 35. (¬2) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 2/ 290، 375.

فَيُصَلِّى بِهِمْ، ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يخْطُبُ خُطْبةً واحِدةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وعنه، يخْطُبُ خُطْبَتَيْن. قال ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ» (¬1): اخْتارَها الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ. قلتُ: الخِرَقِىُّ قال: ثم يخْطُبُ. فكلامُه مُحْتَمِلٌ. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا صعِد المِنْبَرَ، واسْتقْبَلَ النَّاسَ، يجْلِسُ جَلْسَةَ الاسْتِراحةِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يجْلِسُ فى الأصحِّ. وهو ظاهرُ كلامِه. ثم يقومُ يخْطُبُ. انتهى. وقيل: لا يجْلِسُ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. ¬

(¬1) 1/ 180.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: فيُصَلِّى بهم، ثم يخْطُبُ. أنَّ الخُطةَ تكونُ بعدَ الصَّلاةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى فى «رِوايتَيْه» والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ. وعنه، يُخَيَّرُ. اخْتارَها جماعةٌ، منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِى مُوسى، والمَجْدُ. وأطْلَقَهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، بقولِه: ثم يخْطُبُ. أنَّه يخْطُبُ للاسْتِسْقاءِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ، والقاضى فى «الرِّوايتَيْن»، والمَجْدُ، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ: هذا المشْهورُ. وقالَهْ الخِرَقِىُّ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقال القاضى: فحمَل الرِّوايَةَ الأُولَى، وقوْلَ الْخِرقِىِّ على الدُّعاءِ. وعنه، يدْعُو مِن غيرِ خُطْبَةٍ. نَصَره القاضى فى «الخِلافِ» وغيرِه: قال ابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»: وهو الظَّاهِرُ مِن مذهبِه. وذكَر أيضًا، أنَّه أصحُّ الرِّوايتَيْن. قال ابنُ هُبَيْرَةَ، وصاحِب «الوَسِيلَةِ»: هى المنْصوصُ عليها. قال الزَّرْكَشىُّ هى الأشْهَرُ عن أحمدَ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى».

وَيُكْثِرُ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ، وَقِرَاءَةَ الْآياتِ الَّتِى فِيهَا الْأَمْرُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يفتَتِحُها بالتَّكبيرِ. هذا المذهبُ، وعليه مُعْظمُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: يفْتَتِحُها بالاسْتِغفارِ. وقالَه أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى». وعنه، يفْتَتِحُها بالحَمْدِ. قالَه القاضى فى «الخِصَالِ»، واخْتارَه فى «الفائقِ». وهو

وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ ما اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، كما تقدَّم عنه فى خُطْبةِ العيدِ. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: وهو الأظْهَرُ. فائدة: «قوله: ويرْفعُ يدَيْه، فيَدْعو. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يكونُ ظهورُ يَدَيْه نحوَ

«اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، غَدَقًا مُجَلِّلًا، سَحًّا عَامًّا، طَبَقًا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّماءِ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْىَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا». ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّماءِ؛ لأنّه دُعاءُ رَهْبَةٍ. ذكَره جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ عَقِيل وجماعة: دُعاءُ الرَّهْبَةِ بظهورِ الأكُفِّ. وذكَر بعضُ الأصحابِ وَجْهًا، أن دُعاءَ الاسْتِسْقاءِ كغيرِه، فى كوْنِه يجْعَلُ بطونَ أصابعِه نحوَ السَّماءِ. وهو ظاهرُ كلامَ كثيرٍ مِنَ الأصحاب. قلتُ: قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وزادَ، ويُقيمُ إبْهامَهُما فيَدْعو بهما. وقَدَّمه فى «الحَواشِى». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال: صارَ كفُّهما نحوَ السَّماءِ لشِدَّةِ الرَّفْع، لا قصْدًا له، وإنَّما كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يوَجِّهُ بطُونَهما مع القَصْدِ، وأنَّه لو كان قصدَه، فغيرُه أوْلَى وأشْهَرُ. قال: ولم يقُلْ أجَدٌ ممَّن يرَى رَفْعَهما فى القُنوتِ: إنَّه يرْفَعُ ظُهورَهما، بل بطُونَهما.

وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فى أثْنَاءِ الْخُطْبَةِ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، فَيَجْعَلُ الْأيْمَنَ عَلَى الْأيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الأَيْمَنِ، حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويستَقْبِلُ القِبلَةَ فى أثناء الخطْبَةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرهم. وقيل: لا يسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ إلَّا بعدَ فَراغِه مِنَ الخُطْبةِ. قال فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهما: ويسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى أثْناءِ دُعائِه. وقال فى «الفُروعِ»: ويَسْتَقبِلُ القِبْلَةَ فى أثْناءِ كلامِه، قيل: بعدَ خُطْبَتِه. وقيل: فيها. فائدة: قوله: ويُحَوِّلُ رِداءَه. مَحَلَّ التَّحْويلِ، بعدَ اسْتِقْبالِ القِبْلةِ.

وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ: ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدتَّنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدتَّنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ سُقُوا، وَإلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا. وَإنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ، شَكَروا اللَّهَ تَعَالَى، وَسَأَلُوة الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سُقُوا قبلَ خُروجِهم، شكَروا اللَّهَ تعالى. وتحْريرُ المذهبِ فى ذلك، أنَّهم إنْ كانوا لم يتَأهَّبوا للخُروجِ، لم يصلُّوا، وإنْ كانوا تأهَّبوا للخُروجِ، خرَجوا وصلَّوا شكْرًا للَّهِ، وسأَلُوه المَزِيدَ مِن فضْلِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرهما: وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: يخْرُجون ويدْعُون ولا يصلُّون. وهو ظاهِرُ كلامِ الآمِدِيِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصلُّون ولا يخْرُجون. وهو ظاهِرُ ما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّر»؛ فإنَّهما قالَا: يصلُّون، ولم يتَعَرَّضا للخُروجِ. وقيل: لا يخْرُجون ولا يصلُّوَن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ سُقُوا قبلَ

وَيُنادَى لَهَا: الصَّلَاةَ جَامِعَةً. وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا إِذْنُ الإِمَامِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ خُروجِهم، صلَّوا فى الأصَحِّ، وشَكروا اللَّهَ، وسأَلُوه المزِيدَ مِن فَضْلِه. وقيل: فى خُروجِهم إلى الصَّلاةِ والدُّعاءِ، أو الدُّعاءِ وحدَه، وَجْهان. وقيل: شُكْرُهم له بإدْمانِ الصَّوْمِ والصَّلاةِ والصَّدَقَةِ. انتهى. وإنْ كانوا تَأَهَّبوا للخُروجِ، وخرَجوا، وسُقُوا بعدَ خُروجِهم وقبلَ صَلاِتهم، صلَّوا بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قوله: ويُنادَى لها: الصَّلاةَ جامِعَةً. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقيل: لا يُنادَى لها. وهو ظاهرُ ما قدَّمه ابنُ رَزِينٍ؛ فإنَّه قال: وقيل: يُنادَى لهاَ، الصَّلاةُ جامِعَةٌ. ولا نصَّ فيه. انتهى. قوله: وهل مِن شَرْطِها إذْنُ الإِمامِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»،

وَيُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ فى أوَّلِ الْمَطرَ، وَيُخْرِجَ رَحْلَهُ وَثِيَابَهُ؛ لِيُصِيبَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُشْتَرَطُ. وهى المذهبُ. قال فى «الفائقِ»: ولا يُشْتَرَطُ إذْنُ الإِمامِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وعنه، يُشْتَرَطُ إذْنُه فى الصَّلاةِ والخُطْبَةِ، دُونَ الخُروجِ لها والدُّعاءِ. نقَلَها البُرْزَاطِىُّ. وقيل: وإنْ خَرَجوا بلا إذْنِه، صلَّوا ودَعَوا بلا خُطْبَةٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى اشْتِراطِ إذْنِ الإِمامِ، إذا صلَّوا جماعةً، فأمَّا إنْ صلَّوا فُرادَى، فلا يُشْتَرَطُ إذْنُه، بلا نِزاعٍ. فائدتان؛ إحْداهما، قال القاضى، وتَبِعَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: والاسْتسْقاءُ ثلَاثَةُ أضْرُبٍ، أحدُها، الخُروجُ والصَّلاةُ، كما وَصَفْنا. الثَّانى، اسْتِسْقاءُ الإِمام يِوْمَ الجُمُعَةِ على المِنْبَرِ. الثَّالثُ، أنْ يَدْعُوا اللَّهَ عَقِيبَ صَلَواتِهم وفى خَلَواتِهم. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: الاسْتِسْقاءُ على ثلَاثَةِ أضْرُبٍ، أكْمَلُها الاسْتِسْقاءُ على ما وَصَفْنا. الثَّانِى يَلِى الأُولَى فى الاسْتِحْبابِ، وهو أنْ يَسْتَسْقوا عَقِيبَ صَلَواتِهم وفى خُطْبَةِ الجُمُعَةِ، فإذا فرَغ، صلَّى الجُمُعَةَ. الثَّالثُ، وهو أقْرَبُها، أنْ يخْرُجَ ويدْعُوَ بغيرِ صلاةٍ. الثّانيةُ، قولُه: ويُسْتحَبُّ أنْ يَقفَ فى أوَّلِ المَطرَ، ويُخرِجَ رَحْلَه وثِيابَه؛ ليُصِيبَها. قال الأصحابُ: ويتَوضَّأُ منه ويغْتَسِلُ. وذكَر الشَّاِرحُ وغيرُه الوُضوءَ فقط.

وَإذَا زَادَتِ الْمِيَاهُ فَخِيفَ مِنْهَا، اسْتُحِبَّ أنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ، وَالْآكَامِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الْآيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زادَتِ المِياهُ، فَخِيفَ منها، اسْتُحِبَّ أنْ يقولَ. كذا إلى آخرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المِياهَ إذا زادَتْ وخِيفَ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ ذلك حَسْبٌ. وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَعوا به. وقيل: يُسْتَحَبُّ مع ذلك صلاةُ الكُسوفِ؛ لأَنَّه ممَّا يخَوِّفُ اللَّهُ به عِبادَه، فاسْتُحِبَّ له صلاةُ الكُسوفِ. كالزَّلْزَلَةِ. وهذا الوَجْهُ اخْتِيارُ الآمِدِىِّ. فائدة: يحْرُمُ أنْ يقولَ: مُطِرْنَا بنَوْءِ كذا. لمِا ورَد فى «الصَّحِيحَيْن» (¬1). ولا يُكْرَهُ أنْ يقولَ: مُطِرْنَا فى نَوْءِ كذا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الآمِدِىُّ: يُكْرَهُ، إلَّا أنْ يقولَ مع ذلك: برَحْمَةِ اللَّهِ سُبحانَه وتَعالى. ¬

(¬1) أخرجه البخارى، فى: باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم، من كتاب الأذان، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}. . . إلخ، من كتاب الاستسقاء، وفى: باب غزوة الحديبية. . . إلخ، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 1/ 214، 2/ 41، 5/ 155. ومسلم، فى: باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 36، 37. كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى النجوم، من كتاب الطب. سنن أبى داود 2/ 341، 342. والنسائى، فى: باب كراهية الاستمطار بالكوكب، من كتاب الاستسقاء. المجتبى 3/ 133، 134. والإمام مالك، فى: باب الاستمطار بالنجوم، من كتاب الاستسقاء. الموطأ 1/ 192. والإمام أحمد، فى: المسند 4/ 117.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الجنائز

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحْيمِ كتَابُ الجَنائِزِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتَابُ الجَنائِزِ فائدة: الجَنائزُ، بفَتْحِ الجيمِ، جَمْعُ جِنازَةٍ، بالكَسْرِ، والفَتْحُ لُغَةٌ. ويقالُ: بالفَتْحِ؛ للمَيِّتِ، وبالكَسْرِ، للنَّعْشِ عليه المَيِّتُ. ويقال: عَكْسُه. ذكرَه صاحِبُ «المَشَارِقِ» (¬1). وإذا لم يكُن، المَيِّتُ على السَّريرِ، لا يقالُ له: جِنازَةٌ، ولا نَعْشٌ. وإنَّما يقالُ له: سَرِيرٌ. ¬

(¬1) انظر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضى عياض 1/ 156.

تُسْتَحَبُّ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَتَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُسْتَحَبُّ عِيادَةُ المريضِ. يعْنى، مِن حينِ شُروعِه فى المَرَضِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ عِيادَتُه بعدَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقال فى «المُبْهِجِ»: تجِبُ العِيادةُ. واخْتارَه الآجُرِّىُّ. وقال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مرَّةً. وقال فى أوَاخِرِ «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: عِيادَةُ المريضِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فرْضُ كِفايَةٍ. قال الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ: والذى يقْتَضِيه النَّصُّ. وصوَّب ذلك. فيقالُ: هو واجِبٌ على الكِفَايَةِ. واخْتارَه فى «الفائقِ». وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ: السَّنَّةُ عِيادَةُ المرِيضِ مرةً واحدةً. وما زادَ، نافِلَةٌ. فوائد؛ الأُولَى، قال أبو المَعالِى ابنُ مُنَجَّى: ثلاثَةٌ لا تُعادُ، ولا يُسَمَّى صاحِبُها مرِيضًا؛ وَجَعُ الضِّرْسِ، والرَّمَدُ، والدُّمَّل. واحْتَجَّ بقوْلِه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «ثَلَاَثَةٌ لَا تُعَادُ» (¬1)، فذكَرَه. رَواه النَّجَّادُ عن أبى هُرَيْرَةَ مَرْفوعًا. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وقال فى «الآدَابِ»: وظاهرُ كلامِ الأصحابِ يدُلُّ على خِلافِ هذا. وكذا ظاهرُ الأحاديثِ. والخَبَرُ المذْكورُ لا تُعْرفُ صِحَّتُه، بل هو ضعيفٌ. وذكَرَه ابنُ الجَوْزِىِّ فى المَوْضُوعاتِ. ورَوَاه الحاكِمُ فى «تَارِيخِه» بإسْنادٍ جيِّدٍ، عن يَحْيى بنِ أبِى كَثِيرٍ قوْلَه. وعن زَيْدِ بنِ أرْقَمَ، قال: عادَنِى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، مِن وَجَعِ عَيْنِى. انتهى. الثَّانيةُ، لا يُطِيلُ الجُلوسَ عندَ المريضِ. وعنه، قدْرُه، كما بينَ خُطْبَتَى الجُمُعَةِ. قال فى ¬

(¬1) رواه ابن الجوزى، فى: الموضوعات 3/ 208، 209. وابن عدى، فى: الكامل 6/ 2314. وقال الهيثمى: رواه الطبرانى فى الأوسط، وفيه مسلمة بن على وهو ضعيف. المجمع 2/ 300.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ اخْتِلافُه باخْتِلافِ النَّاسِ، والعمَلِ بالقَرائنِ وظاهرِ الحالِ، ومُرادُهم فى الجُمْلَةِ. انتهى. وهو الصَّوابُ. ثم رأَيْتُ النَّاظِمَ قطع به. الثَّالثةُ، قال الإِمامُ أحمدُ: يعودُ المرِيضَ بُكْرَةً وعَشِيًّا. وقال عن قُرْبِ وَسَطِ النَّهارِ: ليس هذا وَقْتَ عِيادَةٍ. فقال بعضُ الأصحابِ: يُكْرَهُ إذَنْ. نصَّ عليه. قال المَجْدُ: لا بأْسَ به فى آخِرِ النَّهارِ. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ على أنَّ العِيادَةَ فى رَمضانَ ليْلًا. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: وتكونُ العِيادَةُ غِبًّا. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ إطْلاقِ جماعَةٍ، خِلافُ ذلك. قال: ويتَوجَّهُ اخْتِلافُه باخْتِلافِ النَّاسِ، والعمَلِ بالقَرائنِ وظاهرِ الحالِ. قال: ومُرادُهم فى ذلك كلِّه فى الجُمْلَةِ. الرَّابعةُ، نصَّ الإِمامُ أحمدُ، أنَّ المُبْتَدِعَ لا يُعادُ. وقال فى «النَّوَادِرِ»: تحْرُمُ عِيادَتُه. وعنه، لا يُعادُ الدَّاعِيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط. واعْتَبَرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، المَصْلَحَةَ فى ذلك. وأمَّا مَن جهَر بالمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا مع بَقاءِ إسْلامِه، فهل يُسَنُّ هجْرُه؟ وهو الصَّحيحُ. قدَّمه ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ (¬1) فى «آدَابِهِ»، و «الآدَابِ الكُبْرى»، و «الوُسْطى» لابنِ مُفْلِحٍ، أو يجِبُ إنِ ارْتدَع، أم يجِبُ مُطْلَقًا إلًّا مِنَ السَّلامِ، أو تركُ السَّلامِ فرْضُ كِفايَةٍ، ويُكْرَهُ لبَقِيَّةِ النَّاسِ؟ فيه أوْجُهٌ للأصحابِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وترْكُ العِيادَةِ مِنَ الهَجْرِ. الخامسةُ، تُكْرَهُ عِيادَةُ الذِّمِّىِّ. وعنه، تُباحُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويجوزُ الدُّعاءُ له بالبَقاءِ والكثْرَةِ لأجْلِ الجِزْيَةِ. السَّادسةُ، يُحْسِنُ المريضُ ظنَّه بربِّه. قال القاضى: يجِبُ ذلك. قال المَجْدُ: يَنْبَغِى أنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ باللَّهِ تعالى. وتَبِعَه فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُغَلِّبُ رَجاءَه على خوْفِه. وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يُغَلِّبُ الخوْفَ. ونصَّ أحمدُ، يَنْبَغِى للمُؤْمِنِ أنْ يكونَ رَجاؤُه وخوْفُه واحِدًا. زادَ فى روايَةٍ، فأَيُّهما غلَب صاحِبُه هلَك. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا هو العَدْلُ. السَّابعةُ، تَرْكُ الدَّواءِ أفْضَلُ. ونصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. واخْتارَ القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ، وغيرُهم، فِعْلُه أفْضَلُ. وجزَم به فى «الإفْصَاحِ». وقيل: يجِبُ. زادَ ¬

(¬1) هو محمد بن عبد القوى بن بدران، تقدمت ترجمته فى 1/ 18.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم، إنْ ظنَّ نفْعَه. ويحْرُمُ بمُحَرَّمٍ مأْكُولٍ وغيرِه، وصَوْتِ مَلْهاةٍ وغيرِه، ويجوزُ التَّداوِى ببَوْلِ الإبِلِ فقط. ذكَره جماعةٌ. نصَّ عليه. وظاهرُ كلامِه في مَوْضِعٍ، لا يجوزُ. وهو ظاهِرُ «التَّبْصِرَةِ» وغيرِها. قال: وكذا كلُّ مأْكولٍ مُسْتَخْبَثٍ، كبَوْلِ مأْكُولٍ أو غيرِه، وكلُّ مائعٍ نَجِسٍ. ونَقَلَه أبو طالِبٍ، والمَرُّوذِىُّ، وابنُ هَانِيَّ، وغيرُهم. ويجوزُ ببَوْلِ ما أُكِلَ لَحْمُه. وفي «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغِيبِ»، يجوزُ بدِفْلَى (¬1) ونحوِه لا تضُرُّ. نقَل ابنُ هانِىَّ، والفَضْلُ، في حَشِيشَةٍ تُسْكِرُ، تُسْخَقُ وتُطْرَحُ مع دَواءٍ، لا بأْسَ إلَّا مع الماءِ فلا. وذكَر غيرُ واحدٍ، أنَّ الدَّواءَ المَسْمومَ إنْ غَلَبَتْ منه السَّلامَةُ -زادَ بعضُهم، وهو مَعْنَى كلامِ غيرِه- ورُجِى نفْعُه، أُبِيحَ شُرْبُه؛ لدَفْعِ ما هو أعْظَمُ منه، كغيرِه مِنَ الأدْوِيَةِ. وقيل: لا. وفي «البُلْغَةِ»، لا يجوزُ التَّدَاوِى بخَمْرٍ في مرَضٍ. وكذا ¬

(¬1) الدفلى: شجرة مُرَّة، وهي من السموم. تهذيب اللغة 14/ 126.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بنَجاسَةٍ أكْلًا وشُرْبًا. وظاهِرُه، يجوزُ بغيرِ أكْلٍ وشُرْبٍ، وأنَّه يجوزُ بطاهرٍ. وفي «الغُنْيَةِ»، يحْرُمُ بمُحَرَّمٍ؛ كخَمْرٍ وشَىْءٍ (¬1) نَجِسٍ. ونقَل الشَّالَنْجِىُّ، لا بأْسَ بجَعْلِ المِسْكِ في الدَّواءِ، ويُشْرَبُ. وذكَر أبو المَعَالِى، يجوزُ اكْتِحالُه بمِيلِ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ. وذكَره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: لأنَّها حاجَةٌ. وفي «الإيضاحِ»، يجوزُ بتِرْياقٍ. انتهى. ولا بأْسَ بالحِمْيَةِ. نقلَه حَنْبَلٌ. الثَّامنةُ، يُكْرَهُ الأَنِينُ على أصحِّ الرِّوايتَيْن، والمذهبِ منهما. تنبيه: ظاهر قوله-: وتَذْكيرُه التَّوْبَةَ والوَصِيَّةَ. أنَّه سواءٌ كان مرَضُه مَخُوفًا أو لا. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وصرَّح به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ.، خُصوصًا التَّوْبَةَ، فإنَّها مَطْلوبَةٌ في كلِّ وَقْتٍ، وتَتَأَكَّدُ فى المَرَضِ. وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: هذا في المَرَضِ ¬

(¬1) في النسخ: «مَنِى». والمثبت كما في الغنية 1/ 41.

فَإِذَا نَزَلَ بِهِ، تَعَاهَدَ بَلَّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَنَدَّى [38 و] شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ، وَلَقَّنَهُ قَوْلَ: لَا إلهَ إِلَّا اللهُ. مَرَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ المَخُوفِ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحَواشِى»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» فى الوَصِيَّةِ. قلتُ: وهو ضعيفٌ جدًّا في التَّوْبَةِ. قوله: فإذا نَزَلَ به، تعاهَدَ بَلَّ حَلْقِه بماءٍ أو شَرابٍ، وندَّى شَفَتَيْه بقُطْنَةٍ. بلا نِزاعٍ. وقوله: ولَقَّنه قَوْلَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ. مَرةً، ولم يَزِدْ على ثلاثٍ، إلَّا أنْ يتَكَلَّمَ بعدَه، فَيُعِيدُ تَلْقِينَه بلُطفٍ ومُداراةٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُلَقَّنُ ثلاثًا، ويُجْزِىُّ مرَّةٌ، ما لم يَتَكَلَّمْ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ونقَل مُهَنَّا، وأبو طالِبٍ، يُلَقَّنُ مرَّةً. قدَّمه في «الفُروعِ»، وِفاقًا للأئمَّةِ الثَّلاَثةِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: المنْصُوصُ أنَّه لا يزيدُ على مرَّةٍ، ما لم يتَكَلَّمْ، وإنَّما اسْتُحِبَّ تَكْرارُ الثَّلاثِ، إذا لم يُجِبْ أوَّلًا؛ لجَوازِ أنْ يكونَ ساهِيًا أو غافِلًا، وإذا كرَّر الثَّلاثَ، عُلِمَ أنَّ ثَمَّ مانِعًا. فائدة: قال أبو المَعالِى: يُكْرَهُ تلْقِينُ الوَرَثَةِ للمُحْتَضِرِ بلا عُذْرٍ.

وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدَ تَلْقِينَهُ بِلُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ولقَّنه قوْلَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ. قال الأصحابُ: لأنَّ إقْرارَه بها إقْرارٌ بالأُخْرَى. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ بأنْ يلَقِّنَه الشَّهادتَيْن. كما ذكَره

وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةَ يس, ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعةٌ مِنَ الحَنَفِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ؛ لأنَّ الثَّانيةَ تَبَعٌ، فلِهذا اقْتَصَرَ في الخَبَرِ على الأولَى. قوله: ويقرأُ عندَ سورَةَ يس. قال الأصحابُ: وكذا يقْرَأُ عندَه سُورةَ

وَيُوجِّهُهُ إِلى الْقِبْلَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاتحةِ. ونصَّ عليهما، واقْتَصَرَ الأكثرُ على ذلك. وقيل: يقْرأُ أيضًا سُورةَ تَبارَكَ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». قوله: ويُوَجِّهُه إلى القِبْلَةِ. وهذا ممَّا لا نِزاعَ فيه، لكنَّ أكثرَ النُّصوصِ عنِ الإمامِ أحمدَ، على أنْ يُجْعَلَ على جَنْبِه الأيمَنِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: وهو الأفْضَلُ. قال المَجْدُ: وهو المشْهورُ عنه، وهو أصحُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: نقَلَه الأكثرُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ». وعنه، مُسْتَلْقٍ على قَفاه أفْضَلُ. وعليها أكثرُ الأصحابِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ، يعْنى به المُصَنِّفَ، وعليها الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَه الأكثرُ. قال أبو المَعالِى: اخْتارَه أصحابُنا. قلتُ: وهذا المعْمولُ به، بل رُبَّما شقَّ جعْلُه على جَنْبِه الأيْمَنِ. وزادَ جماعةٌ على هذه الرِّوايَةِ، يرْفَعُ رأْسَه قليلًا، ليَصِيرَ وَجْهُه إلى القِبْلَةِ دُونَ السَّماءِ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، هما سواءٌ. قطَع به في «المُحَرَّرِ». وقال القاضى: إنْ كان الموْضِعُ واسِعًا، فعلى جَنْبِه، وإلَّا فعلَى ظهْرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإذا نَزَلَ به (¬1)، فعَل كذا ويُوَجِّهُه. أنَّه لا يوَجِّهُه قبلَ النُّزولِ به، وتَيقُّنِ موْتِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأوْلَى التَّوْجِيهُ قبلَ ذلك. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ في المذهبِ. فائدة: اسْتحَبَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، تطْهيرَ ثِيابِه قُبَيْلَ موْتِه. ¬

(¬1) زيادة عن: ا.

فَإِذَا مَاتَ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ، وَشَدَّ لَحْيَيْهِ، وَلَيَّنَ مَفَاصِلَهُ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَسَجَّاهُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُهُ، وَجَعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً أَوْ نَحْوَهَا، وَوَضَعَهُ عَلَى سَرِيرِ غَسْلِهِ، مُتَوَجِّهًا، مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: فإذا ماتَ أَغَمَضَ عَيْنَيه. هذا صحيحٌ؛ فلِلْرَّجلِ أنْ يُغَمِّضَ ذاتَ محارمِه، وللمرْأةِ أنْ تُغمِّضَ ذا محْرَمِها. وقال الإمامُ أحمدُ: يُكْرَهُ أنْ يُغَمِّضَه جُنُبٌ، أو حائضٌ، أو يقْرَباه. ويُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ عندَ تغميضِه: بِاسْمِ اللهِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى مِلَّةِ رسولِ اللهِ. نصَّ عليه. قوله: وجعَل على بَطْنِه مِرآةً أو نحوَها. يعْنِي، مِنَ الحديدِ، أو الطِّينِ، ونحوِه. قال ابنُ عَقِيلٍ: هذا لا يُتَصوَّرُ إلَّا وهو على ظهْرِه. قال: فيُجْعَلُ تحتَ رأْسِه شئٌ عالٍ؛ ليُجْعلَ مُسْتَقْبِلًا بوَجْهِه القِبْلَةَ.

وَيُسَارِعُ فِي قَضَاء دَيْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: ويُسارِعُ في قَضاءِ دَيْنِه. وكذا قال الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، واللهُ أعلمُ، يجِبُ ذلك.

وَتَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ، وَتَجْهِيزِهِ إِذَا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتجْهيزِه. قال في «الفُروعِ»: قال الأصحابُ: يُسْتَحَبُّ أنْ يُسْرَعَ

بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَمَيْلِ أَنْفِه، وَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى تجْهيزِه. واحْتجُّوا بقولِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لا يَنْبَغِي لجِيفَةِ مُسْلِمٍ أنْ تُحْبَسَ بينَ ظَهْرَانَىْ أهْلِهِ». قال: و «لا يَنْبَغِى» للتَّحْريمِ. واحْتجَّ بعضُهم باسْتِعمالِ الشَّارِعِ، كقولِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، في الحريرِ: «لا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقين» (¬1). واعلمْ أنَّ موْتَه تارةً يكونُ فَجْأَةً، وتارةً يكونُ غيرَ فَجْأَةٍ. فإنْ كان غيرَ فجأَةٍ، بأنْ يكونَ عن مرَضٍ ونحوِه، فيُسْتَحَبُّ المُسارَعَةُ فى تجْهيزِه، إذا تُيقِّن موْتُه، ولا بأْسَ أنْ ينْتظِرَ به مَن يحْضُرُه، إنْ كان قريبًا، ولم يُخْشَ عليه، أو يشُقَّ على الحاضِرين. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ؛ لما يُرْجَى له بكَثْرَةِ الجَمْعِ، ولا بأْسَ أيضًا أنْ ينْتَظِرَ وَلِيَّه. جزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» , و «ابنِ تَميمٍ». وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وقيل: لا ينْتظرُ. وأطْلقَ أحمدُ تعْجِيلَه في رِوايَةٍ عنه. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». وإنْ كان موتُه فجأَةً؛ ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في: باب القباء وفروج حرير. . . .، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 186. ومسلم، في: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . . .، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1646. والنسائى. فى: كتاب الصلاة فى الحرير، من كتاب القبلة. المجتبى 2/ 56. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 143، 149, 150.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالموتِ بالصَّعْقَةِ، والهَدْمِ، والغرَقِ، ونحوِ ذلك، فينْتظرُ به حتى يُعْلمَ موْتُه. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ». قال فى «الفائقِ»: ساغَ تأْخِيرُه قليلًا. وعنه، يُنْتظَرُ يوْمٌ. قال الإمامُ أحمدُ: يُتْرَكُ يوْمًا. وقال أيضًا: يتْركُ مِن غُدْوةٍ إلى اللَّيْلِ. وقيل: يُتْركُ يوْمَيْن ما لم يُخَفْ عليه. قال الآمِدِىُّ: أمَّا المَصْعوقُ، والخائفُ، ونحوُه، فيُتَرَبَّصُ به، وإنْ ظهرَ علامَةُ المَوْتِ، يومًا أو يوْمَيْن. وقال: إنْ لم يَطُلْ مرَضُه، بُودِرَ به عندَ ظُهورِ علاماتِ الموْتِ. وقال القاضى: يُتْركُ يوْمَيْن أو ثلاثةً، ما لم يُخَفْ فَسادُه. قوله: إذَا تُيُقِّنَ مَوْتُه، بانْخِسافِ صُدْغَيْه، ومَيلِ أنْفِه، وانْفِصالِ كَفَّيْه، واسْتِرخاءِ رِجْلَيْه. هكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» , و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» , و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وزادَ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرِهم، وامْتدَّت جلْدَةُ وَجْهِه. ولم يذْكُرْ فى «الخُلاصَةِ» انْفِصالَ كَفَّيْه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ موْتَه يُتَيقَّنُ بانْخِسافِ صُدْغَيْه، ومَيلِ أنْفِه. جزَم به في «المُذْهَبِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبْيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ذلك يُعْتبَرُ فى كلِّ ميِّتٍ، والأصحابُ إنَّما ذكَروا ذلك فى موْتِ الفُجاءَةِ ونحوِه، إذا شكَّ فيه. قلتُ: ويُعْلَمُ الموْتُ بذلك في غيرِ المَوتِ فَجْأةً بطريقٍ أوْلَى. الثَّانى، قوله: إذا تُيُقِّنَ مَوْتُه: راجِعٌ إلى المُسارعَةِ في تجْهيزِه فقط، فى ظاهرِ كلامِ السَّامَرِّىِّ، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ». قالَه فى «الحَواشِى». قال: وظاهرُ كلامِ ابنِ تَميم، أنَّه راجعٌ إلى قولِه: ولين مَفاصِلِه. وما بعدَه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هو راجِعٌ إلى قَضاءِ الدَّيْنِ، وتفْريقِ الوَصِيَّةِ، والتَّجْهيزِ. قال: وهذا ظاهرُ كلامِه فى المذهبِ. فوائد؛ الأولَى، قال الآجُرىُّ فى مَن ماتَ عشِيَّةً: يُكْرَهُ ترْكُه فى بيْتٍ وحدَه، بل يبِيتُ معه أهلُه. انتهى. ولا بأْسَ بتَقْبيلِ المَيِّتِ، والنَّظَرِ إليه، ولو بعدَ تكْفينِه. نصَّ عليه. الثَّانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ النَّعْىُ؛ وهو النِّداءُ بموْتِه، بل يُكْرَهُ. نصَّ عليه. ونقَل صالِحٌ، لا يُعْجِبُنِي. وعنه، يُكْرَهُ إعْلامُ غيرِ قريبٍ، أو صديقٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، أو جارٍ. وعنه، أو أهلِ دِينٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ اسْتِحْبابُه. قال: ولعَلَّ المُرادَ لإعْلامِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أصحابَه بالنَّجاشِىِّ. وقوْلُه عن الذي كان يَقُمُّ المَسْجدَ: «أَلا آذَنْتُمونِى» (¬1). انتهى. الثَّالثةُ، إذا ماتَ له أقارِبُ فى دَفْعَةٍ واحدَةٍ، كهَدْمٍ ونحوِه، ولم يُمْكِنْ تجْهيزُهم دَفْعَةً واحدةً، ¬

(¬1) سيأتى تخريجه فى صفحة 178.

فَصْلٌ فِى غَسْلِ الْمَيِّتِ: غَسْلُ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَدَأ بالأَخْوَفِ فالأَخْوَفِ، فإنِ اسْتَوَوْا بَدَأ بالأبِ، ثم بالابنِ، ثم بالأقْرَبِ فالأقْرَبِ. فإنِ اسْتَوَوْا، كالإخْوَةِ والأعْمامِ، قدَّم أفْضَلَهم. جزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقيل: يُقَدِّمُ الأسَنَّ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وأطْلَقَ الآجُرِّىُّ، أنَّه يقَدِّمُ الأخْوَفَ، ثم الفَقِيرَ، ثم مَن سبَق. فعلى المذهبِ، لو اسْتَوَوْا فى الأفْضَلِيَّةِ، قُدِّمَ أسَنُّهم، فإنِ اسْتَوَوْا فى السِّنِّ، قُدِّمَ أحدُهم بالقُرْعَةِ. فوائد؛ قوله: غَسْلُ المَيِّتِ فَرْضُ كِفايَةٍ. اعلمْ أنَّه يُشْتَرَطُ لغَسْلِه شُروطٌ؛ منها، أنْ يكونَ بماءٍ طَهُورٍ. ومنها، أنْ يكونَ الغاسِلُ مُسْلِمًا، فلا يصِحُّ غَسْلُ كافرٍ لمُسْلمٍ، إنِ اعْتُبِرَتْ له النِّيَّةُ، وإنْ لم تُعْتَبَرْ له النِّيَّةُ، صحَّ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميمٍ: ولا يُغَسِّلُ الكافِرُ مسْلِمًا. نصَّ عليه. وفيه وَجْهٌ، يجوزُ إذا لم تُعْتَبَرِ النِّيَّةُ. وهو تخْرِيجٌ للمَجْدِ. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قلتُ: الصَّحيحُ ما قدَّمه ابنُ تَميمٍ. وهو المنْصوصُ، سواءٌ اعْتَبَرْنا له النِّيَّةَ أم لا. وأمَّا إذا حضَرْ مسْلِمٌ، وأمرَ كافِرًا بمُباشَرَةِ غَسْلِه، فغَسَّله نائبًا عنه، صحَّ غَسْلُه. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال المَجْدُ: يحْتَمِلُ عنْدِى أنْ يصِحَّ الغَسْلُ هنا؛ لوُجودِ النِّيَّةِ مِن أهلِ الغَسْلِ، فيصِحُّ، كالحَىِّ إذا نوَى رفْعَ الحَدَثِ، فأمَرَ كافِرًا بغَسْلِ أعْضائِه. وكذا الأُضْحِيَةُ إذا باشرَها ذِمِّىٌّ على المشْهورِ، اعْتِمادًا على نِيَّةِ المُسْلِمَ. انتهى. وظاهِرُ كلامِ الإمامَ أحمدَ، أنَّه لا يصِحُّ. وهو رِوايةٌ فى «الفُروعِ». ووَجْهٌ فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وأطْلَقَهما هو وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ إنْ صحَّ غَسْلُ الكافرِ، يَنْبَغِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ لا يُمَكَّنَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ غَسَّلَه الكافِرُ، وقلنا: يصِحُّ، يمَّمَه معه مسْلِمٌ. ويأْتِى غَسْلُ المسْلِمِ الكافِرَ فى كلامِ المُصَنِّفِ. ومِنَ الشُّروطِ، كوْنُ الغاسِلِ عاقِلًا. ويجوزُ كوْنُه جُنُبًا وحائضًا مِن غيرِ كراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، يُكْرَهُ فيهما. وجزَم به في «الرِّعايَةَ الصُّغْرى». وقدَّمه فى «الكُبْرى». وعنه، في الحائض، لا يُعْجِبُنِي، والجُنُبُ أيْسَرُ. وقيل: المُحْدِثُ مثْلُهما. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ويجوزُ أنْ يُغَسِّلَ حَلالٌ مُحْرِمًا، وعكْسُه. قال المَجْدُ وغيرُه: الأفْضَلُ أنْ يكونَ ثقَةً عارِفًا بأحْكامِ الَغَسْلِ. وقال أبو المَعالِى: يجِبُ ذلك. نقَل حَنْبَلٌ: لا يَنْبَغِي إلَّا ذلك. وقيل: تُعْتَبرُ المعْرِفَةُ. وقيل: تُعْتَبَرُ العَدَالةُ. ويصِحُّ غَسْلُ المُمَيِّزِ للمَيِّتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»: ويجوزُ مِن مُمَيِّزٍ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه النَّاظِمُ. قال فى «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: والصَّحيحُ السُّقوطُ. وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: يُكْرَهُ أنْ يكونَ الغاسِلُ مُمَيِّزًا. واقْتَصَرَ عليه. وعنه، لا يصِحُّ غَسْلُ المُمَيِّزِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال: كأذانِه. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» بعدَ أنْ قدَّم الصِّحَّةَ: قال المَجْدُ: ويتَخَرَّجُ أنَّه إذا اسْتَقَلَّ بغَسْلِه، لم يعْتَدَّ به، كما لو يعْتَدَّ بأذانِه؛ لأنَّه ليس أهْلًا لأداءِ الفرْضِ، بل يقَعُ فِعْلُه نفْلًا. انتهى. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: حكَى بعضُهم فى جوازِ كوْنِه غاسِلًا للمَيِّتِ، ويسْقُطُ به الفرْضُ، رِوايتَيْن. وطائفةٌ وَجْهَيْن. قال: والصَّحيحُ السُّقوطُ كما تقدَّم. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وفى مُمَيِّزٍ رِوايَتَان كأَذانِه. فدَلَّ أنَّه لا يكْفِى مِنَ المَلائكَةِ. وهو ظاهرُ كلامِ الأكْثرِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: يكْفِى إنْ علِمَ. وكذا قال القاضى فى «التَّعْليِق». وذكَر ابنُ شِهَابٍ معْنَى كلامِ القاضى، ويتَوَجَّهُ فى مُسْلِمى الجنِّ كذلك وأوْلَى؛ لتَكْليفِهم. انتهى كلامُ صاحِبِ «الفُروعِ». وتأْتِى الَنِّيَّةُ والتَّسْمِيَةُ فى كلام المُصَنِّفِ. ويأْتِى كذلك هناك أيضًا، هل يُشْتَرَطُ العقْلُ؟ قوله: غَسْلُ الميِّتِ، وتَكْفينُه، والصَّلاةُ عليه، ودَفْنُه، فَرْضُ كِفايَةٍ. بلا نِزاعٍ. فلو دُفِنَ قبلَ الغَسْلِ مَن أمْكَن غَسْلُه، لَزِمَ نبْشُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، وغيرِه. وأطْلقَه بعضُهم. وجزَم جماعةٌ مِنَ الأصحاب، أنَّه يجِبُ نَبْشُه، إذا لم يُخْشَ تفَسُّخُه. زادَ بعضُهم، أو تغَيُّرُه. وقيل: يحْرُمُ نبْشُه مُطْلَقًا. ومثْلُه مَن دُفِنَ غيرَ مُتَوَجِّهٍ إلى القِبْلةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: قال أصحابُنا: يُنْبَشُ، إلَّا أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يخافَ أنْ يتفَسَّخَ. وقيل: يَحْرُمُ نَبْشُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّم ابنُ تَميمٍ، أنَّه يُسْتَحَبُّ نَبْشُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. ولو دُفِنَ قبلَ تكْفينِه، فقيلَ: حُكْمُه حُكْمُ مَن دُفِنَ قبلَ الغَسْلِ، على ما تقدَّم. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: لا، كَستْرِهِ بلا تُرابٍ. وصحَّحه فى «الحاوِى الكَبِير»، و «النَّاظِمِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الفُصولِ»، و «المُغْنى»، و «الشَرْحِ». وفى «المُنْتَخَبِ» فيه رِوايَتان. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: ولو بَلِىَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فمع تفَسُّخِه لا يُنْبَشُ، فإذا بَلِىَ كلُّه فأوْلَى أنْ لا يُنْبَشَ. ولو كُفِّن بحريرٍ، فذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى نَبْشِه وَجْهَيْن، وتَبِعَه فى «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى عدَمُ نَبْشِه. ولو دُفِنَ قبلَ الصَّلاةِ عليه، فكالغَسْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم. نصَّ عليه؛ ليُوجَدَ شَرْطُ الصَّلاةِ، وهو عدَمُ الحائلِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال ابنُ شِهَابٍ، والقاضى: لا يُنْبَشُ، ويُصلَّى على القَبْرِ. وهو مذهَبُ الأئمَّةِ الثَّلاثَةِ؛ لإمْكانِها عليه. وعنه، يُخَيَّرُ. قال بعضُهم: فكذا غيرُها. ويجوزُ نبْشُه لغَرَضٍ صحيحٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، كتَحْسينِ كفَنِه، ودَفْنِه فى بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِن بُقْعتِه، ودَفْنِه لعُذْرٍ بلا غَسْلٍ ولا حَنُوطٍ، وكإفْرادِه؛ لإفْرادِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ لأبِيه. وقيل: لا يجوزُ. قال القاضى فى «أحْكامِه»: يُمْنَعُ مِن نقْلِ المَوْتَى مِن قُبورِهم إذا دُفِنوا فى مُباحٍ. ويأْتِى إذا وقَع فى القَبْرِ مالَه قِيمَةٌ، أو كُفِّنَ بغَصْبٍ، أو بلَع مالَ غيرِه، هل يُنْبَشُ؟ وهل يجوزُ نقْلُه لغرَضٍ صحيحٍ؟

وَأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَصِيُّهُ، ثُمَّ أَبُوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّ الْأَمِيرَ أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ وَصِيّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأوْلَى النَّاسِ به وصِيُّه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِن مُفْردَاتِ المذهبِ. وقيل: لا يُقَدَّمُ الوصِىُّ على الوَلِىِّ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. تنبيه: أفادَنَا المُصَنِّفُ صِحَّةَ الوَصِيَّةِ بالغَسْلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وقيل: لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به ولو صحَّحْنا الوَصيَّةَ بالصَّلاةِ. فائدة: حيثُ قُلْنا: يُغَسِّلُ الوَصِىُّ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ عدْلًا، وعليه الأكثرُ. وقيل: لا تُشْتَرَطُ العَدالَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثمَّ أبُوه. بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ. ووَجَّهْ فى «الفُروعِ» تخْريجًا مِنَ النِّكاحِ بتَقْديمِ الابنِ على الأبِ. قوله: ثم جَدُّه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يقدَّمُ الابنُ على الجَدِّ فقط. وعنه، يقدَّمُ الأخُ وبَنُوه على الجَدِّ. حَكاها الآمِدِىُّ، وغيرُه. وعنه، هما سواءٌ. قوله: ثم الأقْرَبُ فالأقْرَبُ مِن عَصَباتِه. نسَبًا ونعْمَةً، فيُقَدَّمُ الأخُ مِنَ الأبَوَيْن على الأخِ مِنَ الأبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقال القاضى: إذا قُلْنا: هما سواءٌ فى وِلاية النِّكاحِ. فكذا هنا. وحكَاه الآمِدِىُّ رِوايةً، واخْتارَها. وقدَّمه ناظِمُ المُفْرَداتِ. وهو منها. ذكَرَه فى كتابِ النَّكاحِ. قلتُ: ويَنْبَغِى أنْ يكونَ العَمُّ مِنَ الأبوَين ومِنَ الأبِ كذلك. وكذلك أعمامُ الأبِ ونحوُه، وبنُو الِإخْوَةِ مِنَ الأبوَيْن أو الأبِ. ثم وَجَدْتُ المُصَنِّفَ والشَّارِحَ وغيرَهما، ذكَروا ذلك. قولهَ: ثم ذَوُو أرْحامِه. كالمِيراثِ فى التَّرْتيبِ. ثم مِن بعدِهم الأجانِبُ. قالَه ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. وقال فى «الفُروعِ»: قال صاحبُ «المُحَرَّرِ»، أو صاحِبُ «النَّظْمِ»: ثم بعدَ ذَوِى الأرْحامِ صدِيقُه. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» عن هذا القوْلِ تقْديمَ الجارِ على الأجْنَبِىِّ. قال: وفى تقْديمِه على الصَّديقِ نظَرٌ. انتهى. وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: ثم ذَوِى رَحِمه الأقْرَبِ فالأقْرَبِ، ثم أصْدقائِه مِنَ الأجانبِ، ثم غيرِهم، الأدْيَنِ الأعْرَفِ، الأوْلَى فالأوْلَى. تنبيه: محَلُّ هذا كلِّه في الأحْرارِ. أمَّا الرَّقيقُ، فإنَّ سيِّدَه أحقُّ بغَسْلِ عبْدِه بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. وقال أبو المَعالِى: لا حقَّ للقاتلِ فى المَقْتولِ إنْ لم يَرِثْه؛ لمُبالغَتِه فى قَطيعَةِ الرَّحمِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ أحدًا ذكَرَه غيرَه، ولا يتَّجِهُ فى قَتْلٍ لا يأْثَمُ فيه. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا الصَّلاةَ عليه؛ فإنَّ الأمِيرَ أحَقُّ بها بعدَ وَصِيِّه. هذا الذي ذكَرْناه قبلَ ذلك، مِنَ الأوْلَوِيَّةِ والتَّرْتيبِ فى التَّقْديمِ، إنَّما هو فى غَسْلِه. أمَّا الصَّلاةُ عليه، فأحقُّ النَّاسِ بها وَصِيُّه، كما قالَه المُصَنِّفُ، ثم الأميرُ، كما قال. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الحاوِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: يُقَدَّمُ الأميرُ على الوَصِىِّ. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وقيل: يقدَّمُ الأبُ على الوَصِىِّ. ذكَره القاضى عنِ ابنِ أحمدَ. نقَلَه ابنُ تَميمٍ. وعنه، يقدَّمُ الوَلِىُّ على السُّلْطانِ. جزَم به ابنُ عَقِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «التَّذْكِرَةِ». تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، صِحَّةَ الوَصِيَّةِ بالصَّلاةِ عليه. وهو صَحيحٌ. واعلمْ أنَّ صِحَّةَ الوَصِيَّةِ بالصَّلاةِ عليه، حُكْمُها حُكمُ الوَصِيَّةِ إليه بالنِّكاحِ، على ما يأْتى فى أثْناءِ بابِ أرْكانِ النِّكاحِ، وإبْخَاسُ الأبِ لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، صِحَّةُ وصِيَّتِه إلى فاسِقٍ يَنْبَنِي على صِحَّةِ إمامَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو المَعالِى، وغيرُه: لا تصِحُّ وَصِيَّتُه إليه، وإنْ صحَّحْنا إمامتَه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به الزَّرْكَشِىُّ. الثَّانيةُ، لو وَصَّى بالصَّلاةِ عليه إلى اثْنَين، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ الوَصِيَّةِ. وقيل: لا تصِحُّ فى هذه الصُّورَةِ. فعلى المذهبِ، قيل: يصلِّيان معًا صلاةً واحدةً. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقال: فيه نظَرٌ. وقيل: يصلِّيان مُنْفَرِدَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّالثةُ، الظَّاهِرُ أنَّ مُرادَه بالأميرِ هنا، هو السُّلْطانُ، وهو الإمامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأعْظَمُ أو نائِبُه. واعلمْ أنَّه إذا اجْتمَعَ السُّلْطانُ وغيرُه، قُدِّمَ السُّلْطانُ، فإنْ لم يحْضُرْ فأمِيرُ البَلَدِ، فإنْ لم يحْضُرْ أميرُ البلَدِ، فالحاكمُ. قالَه فى «الفُصُولِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وذكَر غيرُ صاحبِ «الفُصولِ»، إنْ لم يكُنِ الأميرُ، فالنَّائبُ مِن قِبَلِه في الإِمامَةِ، فإنْ لم يكُنْ، فالحاكمُ. الرَّابعةُ، ليس تقْديمُ الخَليفَةِ والسُّلْطانِ على سَبِيلِ الوُجوبِ. قالَه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فبَعْدَ الوَصِىِّ والحاكمِ فى الصَّلاةِ عليه أبُوه، ثم جَدُّه، ثم أقْرَبُ العَصَبَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، على ما تقدَّم فى غَسْلِه. فيُقدَّمُ الأخُ والعَمُّ وعمُّ الأبِ وابنُ الأخِ مِنَ الأبَويْن على مَن كان لأبٍ منهم. وجعَلَهما القاضى فى التَّسْوِيَةِ كالنِّكاحِ. وقطَع به الزَّرْكَشِىُّ. وقال فى «الفُصُولِ»: فى تقْديمِ أخِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبوَيْن على أخٍ لأبٍ، رِوايَتَان؛ إحْداهما، هما سواءٌ. قال: وهو الأشْبَهُ. وذكَر أبو المَعالِى، أنَّه قيلَ: فى التَّرْجيحِ بالأمُومَةِ وَجْهان، كنِكاحٍ وتحَمُّلِ عَقْلٍ؛ لأنَّه لا مدْخلَ لها فى وِلايَةِ الصَّلاةِ. وقال فى «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»: يقدَّمُ بعدَ الأميرِ أقْرَبُ العَصَبَةِ. فيَحْتَمِلُ ما قالَ الأصحابُ، ويَحْتَمِلُ تقْديمُ الابنِ على الأَب. ولم أرَه هنا للأصحابِ. ثم الزَّوْجُ بعدَ العَصَبَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وقالَا: أكثرُ الرِّواياتِ عن أحمدَ، تقْديمُ العَصَباتِ على الزَّوْجِ. قال فى «الكافِى»: هذا أشْهَرُ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه الخَلَّالُ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، يُقَدَّمُ الزَّوْجُ على العَصَبَةِ كغَسْلِها. وهى مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم الآجُرِّىُّ، والقاضى فى «التَّعْليقِ»، والآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «الخِلافِ»، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، والمَجْدُ، وغيرُهم. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهي أصَحُّ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصَحُّ الرِّوايتَيْن. وصحَّحَه فى «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به ابنُ عبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ». وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». وذكَر الشَّرِيفُ، يُقدَّمُ الزَّوْجُ على ابِنه. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». واقْتَصَرَ ابنُ تَميمٍ على كلامِ الشَّرِيفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبْطَلَه أبو المَعالِى بتَقْديمِ أبٍ على جَدٍّ. وفى بعضِ نُسَخِ «الخِلافِ» للقاضى، الزَّوْجُ أوْلَى مِنِ ابنِ المَيَّتَةِ منه. وفى بعضِ النُّسَخِ، أوْلَى مِن سائرِ العَصَباتِ فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقاسَ عليه ابنَه منها. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَخرَّجُ مِن تقْديمِ الزَّوْجِ، تقْديمُ المرأةِ على ذَواتِ قَرابَتِه. وعندَ الآجُرِّىِّ، يُقَدَّمُ السُّلْطانُ، ثم الوَصِىُّ، ثم الزَّوْجُ، ثم العصَبَةُ. فعلى المذهبِ، وهو تقْديمُ العَصَباتِ على الزَّوْجِ، يقَدَّمُ ذَوُو الأرْحامِ على الزَّوْجِ أيضًا. قال فى «الفُروعِ»: ثم السُّلْطانُ، ثم أقْرَبُ العَصَبَةِ، ثم ذَوُو الأرْحامِ. والمُرادُ ثمَّ الزَّوْجُ، إنْ لم يُقَدَّمْ على عصَبَةٍ. انتهى. فَبَيَّنَ أنَّ مُرادَ الأصحابِ، إذا قدَّمْنا العَصَبَةَ على الزَّوْجِ، يُقَدَّمُ عليه ذَوُو الأرْحامِ. وإذا قدَّمْناه على العَصَبَةِ، فيُقدَّمُ على ذَوِى الأرْحامِ بطَريقٍ أوْلَى. تنييه: محَلُّ هذا الخِلافِ فى الأحْرارِ. وأمَّا لو كان المَيِّتُ رقِيقًا، فإنَّ سيِّدَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحقُّ بالصَّلاةِ عليه مِنَ السُّلْطانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، السُّلْطانُ أحقُّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وهو احْتِمالٌ فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». فوائد؛ مَن قدَّمه الوَلِىُّ فهو بمَنْزِلَتِه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ووَكِيلُ كلِّ يقومُ مقامَه في رُتْبَتِه، إذا كان ممَّن يصِحُّ مُباشَرتُه للفِعْلِ، كوِلايَةِ النِّكاحِ وأوْلَى. وقال أبو المَعالِى: فإنْ غابَ الأقْرَبُ بمَكانٍ تفُوتُ الصَّلاةُ بحُضورِه تحَوَّلَتْ للأبْعَدِ، فلَه مَنْعُ مَن قَدِمَ بوَكالَةٍ ورِسالَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ولو قدَّم الوَصِىُّ غيرَه فوَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى أنَّه ليس له ذلك، وينْتَقِلُ إلى مَن بعدَ الوَصِىِّ، أو يفْعَلُه الوَصِىُّ. ولو تَساوَى اثْنان فى الصِّفاتِ، فالصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، يُقَدَّمُ الأوْلَى بالإِمامَةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وغيرهم. وقيل: يقدَّمُ الأسَنُّ. قال القاضى: يَحْتَمِلُ تقْديمُ الأسَنِّ؛ لأنَّه أقْرَبُ إلى إجابَةِ الدُّعاءِ، وأعْظَمُ عندَ اللهِ قَدْرًا. جزَم به فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينِ»، و «نَظْمِها». وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال: فإنِ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ بينَهم. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: لو اجْتَمع اثْنان مِن أوْلِياءِ المَيِّتِ، واستَوَيا وتَشاحَّا فى الصَّلاةِ عليه، أُقْرِعَ بينَهما. ويقدَّمُ الحُرُّ البعيدُ على العَبْدِ القريبِ. ووَجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بتَقْديمِ القَريبِ. ويقَدَّمُ العَبْدُ المُكلَّفُ على الصَّبِىِّ الحُرِّ والمرْأةِ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». ولو تقدَّم أجْنَبِىٌّ وصلَّى، فإنْ صلَّى الوَلِىُّ خلْفَه، صارَ إذْنًا. قال أبو المَعالِى: ويُشْبِهُ تصَرُّفَ الفضُولِىِّ إذا أُجِيزَ، وإلَّا فله أنْ يعيدَ الصَّلاةَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه، لا يعيدُ غيرُ الوَلِىِّ. قال: وتَشْبِيهُه المَسْأَلَةَ بتَصرُّفِ الفُضولِىِّ يقْتَضِى مَنْعَ التَّقْديمِ بلا إذْنٍ. قال: ويتَوجَّهُ أنَّه كتَقْديمِ غيرِ صاحبِ البَيْتِ، وإمامِ المَسْجدِ بلا إذْنٍ، كما تقدَّم. ويَحْتَمِلُ المَنْعُ هنا؛ لمَنْعِ الصَّلاةِ ثانيًا، وكوْنِها نفْلًا عندَ كثيرٍ مِنَ العُلَماءِ. انتهى. وقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: فلو صلَّى الأبْعَدُ، أو أجْنَبِىٌّ مع حُضورِ الأوْلَى بغيرِ إذْنِه، صحَّ، كصلاةِ غيرِ إمامِ المَسْجدِ الرَّاتِب، ولأنَّ مقْصودَ الصَّلاةِ الدُّعاءُ للمَيِّتِ، وقد حصَل، وليس فيها كَبِيرُ افْتِئاتٍ تشِحُّ به

وَغَسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ الْأَقْرَبُ مِنْ نِسَائِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأنْفُسُ عادةً، بخِلافِ وِلاِيَة النِّكاحِ. ولو ماتَ بأرْضٍ فَلاةٍ، فقال فى «الفُصولِ»: يقدَّمُ أقْرَبُ أهلِ القَافِلَةِ إلى الخَيْرِ، والأشْفَقُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ كالإِمامَةِ. قوله: وغَسْلُ المَرأةِ أحَقُّ النَّاسِ به الأقربُ فالأقرَبُ مِن نسائِها. حُكْمُ غَسْلِ المرأةِ إذا أوْصَتْ، حُكْمُ الرَّجُلِ إذا أوْصَى، على ما سبَق. وأمَّا الأقارِبُ، فأحقُّ النَّاس بغَسْلِها، أمُّها، ثُمَّ أمَّهاتُها وإنْ علَتْ، ثم بِنْتُها وإنْ نزَلتْ، ثم القُرْبَى، كالمِيراثِ، وعمَّتُها وخالَتُها سواءٌ؛ لاسْتِوائِهما فى القُرْبِ والمَحْرَمِيَّةِ. وكذا بِنْتُ أخِيها وبِنْتُ أخْتِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ». وقال فى «الهِدايَةِ»: يقَدَّمُ بَناتُ الأخِ على بَناتِ الأُخْتِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ مَن كانتْ عَصَبَةً، ولو كانتْ ذكَرًا، فهى أوْلَى. لكنَّه سوَّى بينَ العَمَّةِ والخالَةِ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو في غايَةِ الإشْكالِ. قال: والضَّابِطُ فى ذلك، أنَّ أوْلَى النِّساءِ ذاتُ الرَّحِم المَحْرَمِ، ثم ذاتُ الَّرحِمِ غيرِ المَحْرَمِ. ويقدَّمُ الأقْرَب فالأَقْرَبُ، فإذا اسْتَوَيَتَا امْرأَتان فى القُرْبِ مع

وَلِكُلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ غَسْلُ صَاحِبِهِ [38 ظ] , فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ سُرِّيَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَحْرَمِيَّةِ فيهما، أو عدَمِها، فعندَنا هما سواءٌ، اعْتِبارًا بالقُرْبِ والمَحْرَمِيّةِ فقط. وعندَ الشَّافِعِيَّةِ، مَن كانت فى محَلِّ العُصوبَةِ لو كانت ذكَرًا، فهى أوْلَى. وبه قال أبو الخَطَّابِ فى بِنْتَىِ الأخِ والأخْتِ دُونَ العَمَّةِ والخالَةِ. ولم يَحْضُرْنِي لتَفْرِقَتِه وَجْهٌ. انتهى. ويقدَّمُ مِنْهُنَّ مَن يقدَّمُ مِنَ الرِّجالِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، فى الصَّلاةِ عليه: حتَّى وَالِيه وقاضِيه. ثم بعدَ أقارِبِها، الأجْنَبِيّاتُ، ثم الزَّوْجُ، أو السَّيِّدُ. على الصَّحيحِ، على ما يَأْتِي قرِيبًا. قوله: ولِكُلِّ واحِدٍ مِنَ الزَّوْجَين غَسْلُ صَاحِبِه فى أصَحِّ الروايتَيْن. اعلمْ أنَّه يجوزُ للمرْأَةِ أنْ تُغَسِّلَ زوْجَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وذكَره الامامُ أحمدُ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. وجزَم به المَجْدُ وغيرُه. ونفَى الخِلافَ فيه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المنْصوصُ المشْهورُ الذى قطعَ به جمهورُ الأصحابِ. ولو كان قبلَ الدُّخولِ، أو بعدَ طَلاقٍ رَجْعِىٍّ، إنْ أُبِيحَتِ الرَّجْعِيَّةُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: أو حَرُمَتْ. وكذا لو وَلَدَتْ عَقِبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موْتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ، لا تُغَسِّلُه والحالَةُ هذه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُغَسِّلُه مُطلَقًا، كالصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فى مَن أبانَها فى مَرَضِه. وحُكِىَ عنه رِوايةٌ ثالثةٌ، تُغسِّلُه لعدَمِ مَن يُغسِّلُه فقط. فيَحْرُمُ عليها النَّظر إلى العَوْرَةِ. قال فى «الإفاداتَ»: ولأحَدِ الزَّوْجَيْن غَسْلُ الآخَرِ لضَرُورَةٍ. فائدة: قال أبو المَعالِى: ولو وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ بعدَ موْتِه، أو قَبَّلتْ ابنَه لشَهْوَةٍ، لم تُغَسِّلْه؛ لرَفْع ذلك حِلَّ النَّظَرِ واللَّمْسِ بعدَ الموْتِ. ولو وَطِئ أُخْتَها بشُبْهَةٍ، ثم ماتَ فى العِدَّةِ، لم تُغسِّلْه إلَّا أنْ تضَعَ عَقِيبَ موْتِه؛ لزَوالِ الحُرْمَةِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعَ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أثْبَتَ الرِّوايَةَ الثَّانيةَ أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وحكَى المَجْدُ, أنَّ ابنَ حامِدٍ وغيرَه أثْبَتَها، ولم يُثْبِتْها المَجْدُ وجماعةٌ. قال فى «الفُروعِ»: وحُكِىَ عنه المَنْعُ مُطْلَقًا، فَذَكَرها بصِيغَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّمْريضِ. وأمَّا الرَّجُلُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ له أنْ يُغَسِّلَ امْرأَتَه. وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونقَله الجماعةُ عنِ الِإمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما»، والشِّيرَازِىُّ فى «المُبْهِجِ»، و «الإيضَاحِ»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ». وقال: هو المشْهورُ عن أحمدَ. ونَصَرَه هو والمُصَنِّفُ وغيرُهما. وقال الزَّرْكَشِىُّ: هو المشْهورُ عندَ الأصحابِ. وعنه، لا يُغَسِّلُها مُطْلَقًا. وأطْلَقَهُما فى «الكافِى». وعنه، يُغَسِّلُها عندَ الضَّرورَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى رِوايَةِ صالحٍ، وقد سُئِلَ، هل يُغَسِّلُ الرَّجُلُ زوْجتَه، والمرأَةُ زوْجَها؟ فقال: كِلاهُما واحِدٌ، إذا لم يكُنْ مَن يُغَسِّلُهما، فأرْجُو أنْ لا يكونَ به بأْسٌ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به فى «الإفاداتِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: حمَل المُصَنِّفُ، ومَن تابعَه، كلامَ الخِرَقِيِّ على التَّنْزِيه. ونَفْىِ القَوْلِ بذلك. وحمَله ابنُ حامِدٍ، والقاضى على ظاهرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أوْفَقُ لنَصِّ أحمدَ. قوله: وكذا السَّيِّدُ مع سُرِّيَّتِه. وهي معه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ للسَّيِّدِ غَسْلَ سُرِّيَّتِه. وكذا العكسُ.، لبَقاءِ المِلْكِ مِن وَجْهٍ؛ لأنَّه يَلْزَمُه تجْهِيزُها، أو أنَّ النَّفْىَ إذا انْتهَى تقَرَّر حُكْمُه. وعنه، لا يُغَسِّلُها ولا تُغَسِّلُه. وقيل: له تَغْسِيلُها دُونَها. فائدتان؛ إحْداهما، أمُّ الوَلَدِ مع السَّيِّدِ وهو مَعَها، كالسَّيِّدِ مع أمَتِه وهي معه، على ما تقدَّم. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل بالمَنْعِ فى أمِّ الوَلَدِ، وإنْ جوَّزْناه للأمَةِ؛ لبَقاءِ المِلْكِ فى الأمَةِ مِن وَجْهٍ، كقَضاءِ دَيْنٍ ووَصِيَّةٍ. الثَّانيةُ، حيثُ جازَ الغَسْلُ، جازَ النَّظَرُ لكلٍّ منهما غيرَ العوْرَةِ. ذكَرَه جماعةٌ، وجوَّزَه فى «الانْتِصارِ»، وغيرِه بلا لَذَّةٍ. وجوَّز فى «الانْتِصارِ»، وغيرِه، اللَّمْسَ والخَلْوَةَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ، وكلامِ ابنِ شِهَابٍ. واخْتَلَفَ كلامُ القاضي فى نظَرِ الفَرْجِ؛ فمَرَّةً أجازَه بلَا لَذَّةٍ، ومرَّةً منَع. قال: والمُعِينُ فى الغَسْلِ والقِيامِ عليه، كالغاسِلِ فى الخَلْوَةِ بها، والنَّظَرِ إليها. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ تَميمٍ: ولكُلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوْجَيْن النَّظَرُ إلى الآخَرِ بعدَ الموْتِ، ما عدَا الفَرْجَ. قالَه أصحابُنا، وسُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن ذلك، فقال: قد اخْتُلِفَ فى نظَرِ الرَّجُلِ إلى امْرأَتِه. وجزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. فائدة: ترْكُ التَّغْسيلِ مِنَ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ والسَّيِّدِ أوْلَى مِن فِعْلِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأجْنَبِيَّ يُقَدَّمُ على الزَّوْجَةِ. جزَم به ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وصحَّحه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. قال فى «الفُروعِ»: هو الأشْهَرُ. وقيل: لا يُقَدَّمُ عليها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أَيضًا، أنَّ المرأةَ الأجْنَبِيَّةَ، تُقَدَّمُ على الزَّوْجِ والسَّيِّدِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وقيل: لا تُقَدَّمُ عليهما. واخْتارَه القاضى فى السَّيِّدِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الزَّوْجَةَ أوْلَى مِن أمِّ الوَلَدِ. واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وفيه وَجْهٌ، هما سواءٌ، فيُقْرَعُ بينَهما. قالَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال فى «الفُروعِ»: وفي تقْديمِ أمِّ الوَلدِ على زوْجَتِه وعكْسِه وَجْهان، فحكَى الخِلافَ فى أنَّ الزَّوْجةَ هل هى أوْلَى مِن أمِّ الولَدِ، أو أمَّ الوَلَدِ أوْلَى مِنَ الزَّوْجَةِ؟ وأطْلقَهما. وإنَّما الخِلافُ الذي رأيْناه، هل الزَّوْجَةُ أوْلَى، أو هما سواءٌ؟ فلعَلَّه اطَّلَع على نقْلٍ فى ذلك. وفي تقْديمِ زَوْجٍ على سَيِّدٍ وعكْسِه، وتَساوِيهما، فيُقْرَعُ، أوْجُهٌ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحَواشِى». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: الزَّوْجُ أوْلَى مِنَ السَّيِّدِ، فى أصحِّ الاحْتِمالَيْن. وظاهِرُ كلامِ أبِى الخَطَّابِ تَساوِيهما. قلتُ: الصَّوابُ ما صحَّحَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قولِه: وكذلك السَّيِّدُ مع سُرِّيَّتِه. أنَّه لا يُغَسِّلُ أمتَه المُزَوَّجَةَ ولا المُعْتَدَّةَ مِن زَوْجٍ. وقد قال فى «الفُروعِ»: ولا يُغَسِّلُ أمتَه المُزَوَّجَةَ والمُعْتَدَّةَ مِن زَوْجٍ، فإنْ كانتْ فى اسْتِبْراءٍ، فوَجْهان، ولا المُعْتَقَ بعضُها. انتهى. وهذا فيه إشْكالٌ, ووَجْهُه، أنَّ ظاهِرَ كلامِ الأصحابِ، جوازُ غَسْلِ السَّيِّدِ لأمَتِه. وهو كالصَّريحِ مِن قولِهم: إذا اجْتَمَع سيِّدٌ وزَوْجٌ هل يُقَدَّمُ الزَّوْجُ أو السَّيِّدُ؟ كما تقدَّم. فلو لم يجَوِّزُوا للسَّيِّدِ غَسْلَهاِ، لَمَا تَأَتَّى الخِلافُ فى الأَوْلَوِيَّةِ بينَه وبينَ الزَّوْجِ، ولم يحْضُرْنِى عن ذلك جَوابٌ. ولعَلَّ هذا مِن كلامِ أبِي المَعالِى؛ فإنَّ هذه المسْأَلَةَ بعدَ كلامِ أبِي المَعالِى فى «الفُروعِ»، فيكونُ مِن تَتِمَّةِ كلامِه، ويكونُ قوْلًا لا تَفْرِيعَ عليه. فائدة: للسَّيِّدِ غَسْلُ مُكاتَبَتِه مُطْلَقًا, وليس لها غَسْلُه إنْ لم يَشْتَرِطْ وَطْأَها.

وَللِرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غَسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ. وَفِى ابْنِ السَّبْعِ وَجْهَانِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللرَّجُلِ والمرْأَةِ غَسْلُ مَن له دونَ سَبْعِ سنِينَ. مِن ذَكَرٍ أو أُنْثَى، ولو كان دُونَها بلَحْظَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» و «الفُروعِ»، وغيرِهم: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ»، وغيرِها. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، التَّوَقُّفُ فى غَسْلِ الرَّجُلِ للجارِيَةِ. وقال: لا أجْتَرِئ عليه. وعنه، يُمْنَعُ مِن غَسْلِها. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: هو أوْلَى مِن قوْلِ الأصحابِ. وجزَم بهَ فى «الوَجيزِ». وعنه، غَسْلُ ابْنَتِه الصَّغِيرَةِ. وقيل: يُكْرَه دُونَ سَبْعٍ إلى ثَلاثٍ. وقال الخَلَّالُ: يُكْرَهُ للرَّجُلِ الغَريبِ غَسْلُ ابْنَةِ ثلاثِ سِنِين، والنَّظَرُ إليها. وحكَى ابنُ تَميمٍ وَجْهًا، للرَّجُلِ غَسْلُ بنْتِ خَمْسٍ فقط.

وَفِى غَسْلِ مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى غَسْلِ مَن له سَبْعٌ وجْهان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن» و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، ليس له ذلك. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: اخْتارَه أبوَ بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ. فلعَلَّه اطَّلَع على قوْلٍ لأبِى بَكْرٍ. وهذا الوَجْهُ ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإفاداتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على جَوازِ غَسْلِ مَن له دُونَ سَبْعِ سنِين. والوَجْهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، يجوزُ لها غَسْلُه. وجزَم به ابنُ رَزِين فى «نِهايَتِه». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وحكَى بعضُهم الجَوازَ قوْلَ أبِى بَكْرٍ. انتهى. ولا يَبْعُدُ أنْ يكونَ له فيها قوْلَان. وقيل: يجوزُ للمَرْأةِ غَسْلُه دُونَ الرَّجُلِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»؛ فقالَا: وللأُنْثَى غَسْلُ ذَكَرٍ له سبْعُ سِنِين ولا عكس. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». فجَعَلَه الوَجْهَ الثَّانى مِنَ الوَجْهَيْن اللَّذين ذكَرَهُما المُصَنِّفُ. وأمَّا الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، فإنَّما حكَيَا الوَجْهَيْن كما ذكَرْناهُما أوَّلًا. وهو أوْلَى.

وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسْوَةٍ, أَوِ امْرَأَةٌ رِجَالٍ, أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ, يُمِّمَ فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الأُخْرَى, يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ الْقَمِيصِ, وَلَا يُمَسُّ, ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيِه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ لهما غَسْلُ مَن له أكثرُ مِن سَبْعِ سِنِين، قولًا واحدًا. وهو صحيحٌ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: صرَّح به أبو المَعالِى فى «النَّهايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ غَسْلُ مَن له سَبْعٌ إلى عشْرٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أمْكَنَ الوَطْءُ أم لا. قالَه فى «الفُروعِ». وقال: فلا عَوْرَةَ إذَنْ. وقال ابنُ تَميمٍ: والصَّحيحُ, أنَّها لا تُغَسِّلُهُ إذا بلَغ عَشْرًا. وَجْهًا واحِدًا. انتهى. وقيل: تُحَدُّ الجارِيَةُ بتِسْعٍ. وقيل: يجوزُ لهما غَسْلُهما إلى البُلوغِ. وحَكاه أبو الخَطَّابِ رِوايةً. قوله: وإنْ ماتَ رَجُلٌ بينَ نِساءٍ، أوِ امْرأةٌ بينَ رِجالٍ، أو خُنْثَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُشْكِلٌ، يُمِّم فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّوايةُ الأُخْرَى، يُصَبُّ عليه الماءُ مِن فَوْقِ القَميصِ. وعنه، التَّيَمُّمُ وصَبُّ الماءِ سواءٌ. فعلى المذهبِ، يكونُ التَّيَمُّمُ بحائلٍ على الصَّحيحِ. وقيل: أو بدونِ حائلٍ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يُمَسُّ على الصَّحيحِ. وقيل: يُمَسُّ بحائلٍ. فائدة: يجوزُ أنْ يَلِىَ الخُنْثَى الرِّجالُ والنِّساءُ، والرِّجالُ أوْلَى مِنْهُنَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هُنَّ أوْلَى منهم. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ».

وَلَا يُغْسِّلُ مُسْلِمٌ كَافِرًا, وَلَا يَدْفِنُهُ, إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يُوَارِيهِ غَيْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُغَسِّلُ مُسْلمٌ كافِرًا, ولا يَدْفِنُه، وكذا لا يُكَفِّنُه، ولا يتْبَعُ جِنازَتَه. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ ذلك. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، وأبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ. قال أبو حَفْصٍ: رَوَاهُ الجَماعَةُ، ولعَلَّ ما رَواه ابنُ مُشَيْشٍ قولٌ قديمٌ، أو يكونُ قَرابَةً بعيدَةً، وإنَّما يُؤْمَرُ بذلك إذا كانتْ قرِيبَةً مثْلَ ما روَاه حَنْبَلٌ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وعنه، يجوزُ فِعْلُ ذلك به دُونَ غَسْلِه. اخْتارَه المَجْدُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال المَجْدُ: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ، لا بأْسَ أنْ يَلِىَ قَرابتَه الكافِرَ. وعنه، يجوزُ دَفْنُه خاصَّةً. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ذهَب إليه بعضُنا. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ، إذا غُسِّلَ، أنَّه كثَوْبٍ نَجِسٍ، فلا يُوَضَّأُ ولا يُنْوَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغَسْلُ، ويُلْقَى فى حُفْرَةٍ. قلتُ: هذا مُتَعَيَّنٌ قَطْعًا. قال ابنُ عَقِيلٍ، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ: وإذا أَرادَ أنْ يَتْبَعَها، ركِب وسارَ أمامَها. قلتُ: قد روَى ذلك الطَّبَرَانِىُّ، والخَلَّالُ مِن حديثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ، أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أمرَ ثابِتَ بنَ قَيْسٍ بذلك، لمَّا ماتَت أمُّه، وهى نَصْرانِيَّةٌ. فيُعايَى بها. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ المُتقدِّمِ، إذا كان الكافرُ قَرابَةً أو زَوْجَةً أو أمَّ وَلَدٍ. فأمَّا إنْ كانتْ أجْنَبِيَّةً، فالصَّحيحُ، أنَّه يُمْنَعُ مِن فِعْلِ ذلك به، قولًا واحِدًا. وسَوَّى فى «التَّبْصِرَةِ» بينَ القَريبِ والأجْنَبِىِّ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا غَسْلُ الكافِرِ للمُسْلِمِ، فتَقدَّمَ حُكْمُه فى أوَّلِ الفَصْلِ. قوله: إلَّا أنْ لا يجدَ مَن يُوارِيه غيرَه. فيَدْفِنَه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ومَن تابَعَه: إذا لم يكُنْ له أحَدٌ، لَزِمَنا دَفْنُه، ذِمِّيَّا كان أو حَرْبِيًّا أو مُرْتَدًّا، فى ظاهر كلامِ أصحابِنا. وقال أبو المَعالِى وغيرُه: لا يَلْزَمُنا ذلك. وقال أبو المَعالِى أَيضًا: مَن لا أمانَ له، كمُرْتَدٍّ، فَنَتْركُه طُعْمَةَ الكَلْبِ، وإنْ غَيَّبْناه فكَجِيفَةٍ.

وَإِذَا أَخَذَ فِى غَسْلِهِ, سَتَرَ عَوْرَتَهُ وَجَرَّدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُغَسِّلُهُ فِى قَمِيصٍ خَفِيفٍ, وَاسِعِ الْكُمَّيْنِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أخَذ فى غَسْلِه، ستَر عَوْرَتَه. على ما تَقَدَّمَ فى حَدِّها. بلا نِزاعٍ، إلَّا أنْ يكونَ صَبِيًّا صغيرًا دُونَ سَبْعٍ، فإنَّه يُغَسَّلُ مجَردًا بغيرِ سُتْرَةٍ، ويجوزُ مَسُّ عوْرَتِه. فائدة: يُسْتَحَبُّ أنْ يبدأَ فى الغَسْلِ بِمَن يخافُ عليه، ثمَّ الأقْرَبِ، ثم الأفْضَلِ بعدَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقدَّمُ عليه الأسَنُّ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وأطْلَقَ الآجُرِّىُّ، يُقَدَّمُ الأخْوَفُ، ثم الفَقِيرُ، ثم مَن سَبق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وجَرَّدَه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال الخِرَقِىُّ: فإذا أخَذ فى غَسْلِه، ستَر مِن سُرَّتِه إلى رُكْبَتِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «النَّظْمِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصراه، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى، والشِّيرازِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقال القاضى: يُغَسَّلُ فى قَميصٍ وَاسِعِ الكُمَّيْن. جزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، و «التَّعْليقِ»، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه القاضى وسائرُ أصحابِه، والمجدُ فى

وَيُسْتَرُ الْمَيِّتُ عَنِ الْعُيُونِ. وَلَا يَحْضُرُهُ إِلَّا مَنْ يُعِينُ فِى غَسْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»، وابنُ الجَوْزِىِّ. انتهى. وهو الذى ذكَره ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الِإمامِ أحمدَ (¬1). وقال الإمامُ أحمدُ: يُعْجِبُنِى أنْ يُغَسِّلَ المَيِّتَ وعليه ثوْبٌ؛ يُدْخِلُ يَدَه مِن تحتِ الثَّوْبِ، فإنْ كان القَمِيصُ ضَيِّقَ الكُمَّيْن، فتَق الدَّخارِيصَ، فإنْ تَعَذَّرَ جَرَّدَه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «البُلْغَةِ»: ولا ينْزِعُ قَميصَه إلَّا أنْ لا يَتَمَكَّنَ، فيَفْتِقَ الكُمَّ، أو رأْسَ الدَّخارِيصِ، أو يُجَرِّدَه ويَسْتُرَ عَوْرَتَه. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». قوله: ويُسْتَرُ الميِّتُ عنِ العُيونِ. فيكونُ تحتَ ستْرٍ، كَسَقْفٍ أو خَيْمَةٍ ونحوِ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل أبو داودَ، يُغَسَّلُ فى بَيْتٍ مُظْلِمٍ. قوله: ولا يَحْضُرُهْ إلَّا مَن يُعِينُ فى غَسْلِه. ويُكْرَهُ لغيرِهم الحُضورُ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: لوَلِيِّه الدُّخولُ عليه كيفَ شاءَ. وما هو ببَعيدٍ. ¬

(¬1) انظر: الإفصاح، لابن هبيرة 1/ 182.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، لا يُغَطَّى وَجْهُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونقَله الجماعَةُ. وظاهِرُ كلامِ أبِى بَكْرٍ، أنَّه يُسَنُّ ذلك, وأوْمَأ إليه؛ لأنَّه رُبَّما تغَيَّرَ لدَمٍ، أو غيرِه، فيُظَنُّ به السُّوءُ. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ فَعَله أو ترَكه،

ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْجُلُوسِ، وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ عَصْرًا رَفِيقًا، وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ, ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا بأْسَ. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُه فى كلِّ أحْوالِه. وكذا على مُغْتَسَلِه مُسْتَلْقيًا. قالَه فى «الفُروعِ». وقدَّمه، وقال: ونصوصُه، يكونُ كوقْتِ الاحْتِضارِ. قوله: ثم يَرْفَعُ رَأسَه برِفْقٍ إلى قَريبٍ مِنَ الجلُوسِ، ويَعْصِرُ بَطْنَه عَصْرًا رَفِيقًا، ويُكْثِرُ صَبَّ الماءِ حينَئذٍ. يفْعَلُ به ذلك كلَّ غَسْلَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يفْعلُه إلَّا فى الغَسْلَةِ الثَّانيةِ. وعنه، لا يفْعَلُه إلَّا فى الثَّالثةِ. تنبيه: مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلَقَ، غيرُ الحامِلِ، فإَّنه لا يَعْصِرُ بَطْنَها؛

ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِه خِرْقَةً، فَيُنَجِّيهِ بِهَا. وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَتِه، وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إِلَّا بِخِرْقَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لئَلَّا يُؤْذِيَ الوَلَدَ. صرَّح به ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الحَواشِى»، وغيرُهما. قوله: ثم يَلُفُّ على يَدِه خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ. وصِفَتُه، أنْ يَلُفَّها على يَدِه، فيَغْسِلَ بها أحَدَ الفَرْجَيْن، ثم يُنَجِّيَه، ويأْخذَ أُخْرَى للفَرْجِ الآخَرِ. وفى «المُجَرَّدِ»، يكْفِى خِرْقَةٌ واحدةٌ للفَرْجَيْن. وحُمِل على أنَّها غُسِلَتْ وأُعِيدَتْ. تنبيه: قوله: ولا يحِلُّ مَسُّ عَوْرَتِه. ولا النَّظَرُ إليها. يعْنِى، إذا كان المَيِّتُ

ثُمَّ يَنْوِى غَسْلَهُ، وَيُسَمِّى, ـــــــــــــــــــــــــــــ كبيرًا، فإنْ كان صغيرًا فقد تقدَّم قرِيبًا. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ لا يمسَّ سائرَ بدَنِه إلَّا بخِرْقَةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: بَدَنُه كلُّه عَوْرَةْ إكْرامًا له، مِن حيثُ وجَب سَتْرُ جَميعِه، فيَحْرُمُ نظره. ولم يَجُزْ أنْ يحْضُرهُ إلَّا مَن يُعِينُ على أمْرِه. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِى بَكْرٍ. وقال فى «الغُنْيَةِ» كقولِ الأصحابِ، مع أنَّه قال: جميعُ بَدَنِه عورَةٌ؛ لوُجوبِ سَتْرِ جميعِه. قوله: ثم يَنْوِى غَسْلَه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ النِّيَّةَ لغَسْلِه فَرْضٌ. قال فى «الفُروعِ»: فرْضٌ على الأصَحِّ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: فرْضٌ فى ظاهرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الجمهورُ. وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ. وجزَم به فى «الكافِى»، وغيرِه، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وعنه، ليستْ بفَرْضٍ. وذكَرها القاضى وَجْهًا. قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ أبِى مُوسى. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لحُصولِ تَنْظيفِه بدُونِها، وهو المقْصودُ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ». وقيل: إنْ قُلْنا: يَنْجُسُ بمَوْتِه، صحَّ غَسْلُه بلا نِيَّةٍ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». فائدة: لا يُعْتَبَرُ نَفْسُ فِعْلِ الغَسْلِ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. اخْتارَه المَجْدُ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «الحَواشِى»: وهو ظاهرُ ما ذكَرَه الشَّيْخُ وغيرُه. والوَجْهُ الثَّانِى، يُعْتَبَرُ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو ظاهرُ كلامِه. قال فى «التَّلْخيصِ»: ولابُدَّ مِن إعادةِ غَسْلِ الغَريقِ على الأظْهَرِ. فظاهِرُه اعْتِبارُ الفِعْلِ. قالَه فى «الحَواشِى»، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». فعلى الأوَّلِ، لو تُرِكَ المَيِّتُ تحتَ مِيزابٍ، أو أنْبُوبَةٍ، أو مطرٍ، أو كان غرِيقًا، فحَضَر مَن يصْلُحُ لغَسْلِه ونوَى غَسْلَه، إذا اشْتَرَطْناها، ومضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غَسْلُه فيه، أجْزَأ ذلك. وعلى الثَّانِى، لا تُجْزِئُه. وإذا كان المَيِّتُ ماتَ بغَرَقٍ أو بمطرٍ، فقال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: يجِبُ تَغْسِيلُه، ولا يُجْزِئُ ما أصابَه مِنَ الماءِ. نصَّ عليه. قال المَجْدُ: هذا إنِ اعْتَبَرْنا الفِعْلَ أو لم يكُنْ

وَيُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ، وَفِى مَنْخَرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا، وَيُوَضِّئُهُ، وَلَا يُدْخِلُ الْمَاءَ فِى فِيهِ وَلَا أَنْفِه, ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمَّ مَنْ نَوَى غَسْلِه فى ظاهرِ المذهبِ. قال: ويتَخَرَّجُ أنْ لا حاجةَ إلى غَسْلِه إذا لم يُعْتَبَرِ الفِعْلُ ولا النِّيَّةُ. وقال فى «الفائقِ»: ويجِبُ غَسْلُ الغَريقِ، على أصحِّ الوَجْهَيْن. ومأْخَذُهما وُجوبُ الفِعْلِ. قوله: ويُسَمِّى. حُكْمُ التَّسْمِيَةِ هنا، فى الوُجوبِ وعدَمِه، حُكْمُها فى الوُضوءِ والغُسْلِ. على ما تقدَّمَ فى بَابِها. قوله: ويُدْخِلُ إِصْبَعَيْه. مَبْلولَتَيْن بالماءِ بينَ شَفَتَيه، فيَمْسَحُ أسْنانَه، وفى مَنْخَرَيْه فيُنَظِّفُهما. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ

وَيَضْرِبُ السِّدْرَ، فيَغْسِلُ برَغْوَتِهِ رَأْسَه ولِحْيَتَهُ وَسَائِرَ بَدَنِهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم. وقيل: يفْعَلُ ذلك بخِرْقَةٍ خَشِنَةٍ مبْلولةٍ، أو بقُطْنَةٍ يَلُفُّها على الخِلالِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا الأوْلَى. نصَّ عليه، واقْتَصَرَ عليه. وكذا الزَّرْكَشِىُّ. وقال ابنُ أبِى مُوسى: يَصُبُّ الماءَ على فِيه وأنْفِه، ولا يُدْخِلُه فيهما. فائدة: فعْلُ ذلك مُسْتَحَبٌّ لا واجِبٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ أحمدَ. وعامَّةِ أصحابِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الفائقِ» وغيرِه. وقيل: واجبٌ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الخِلافِ»، وكالمَضْمَضَةِ. فائدة: يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ ذلك بخِرْقَةٍ. نصَّ عليه. قوله: ويُوَضِّئُه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ وُضوءَه مُسْتَحَبٌّ لا واجِبٌ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لقِيامِ مُوجبِه، وهو زَوالُ عَقْلِه. وقيل: واجِبٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى فى مَوْضِعٍ مِن «تَعْلِيقِه»، وابنِ الزَّاغُونِىِّ. قوله: ويَضْرِبُ السِّدْرَ، فيَغْسِلُ برَغْوَتِه رأسَه ولِحْيَتَه. بلا نِزاعٍ. وقوله: وسائرَ بَدَنِه. هو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وجماعَةٍ مِنَ الأصحابِ. وهو الذى ذكَره ابنُ هُبَيْرَةَ عن الإمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»،

ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ الْأَيْسَرَ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ, يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا, ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يغْسِلُ برَغْوَةِ السِّدْرِ إلَّا رأْسَه ولحْيَتَه فقط. واقْتَصَرَ عليه فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وإذا ضرَب السِّدْرَ وغسَل برَغْوَتِه رأْسَه ولحْيَتَه، أو رأْسَه ولحْيَتَه وسائرَ بَدَنِه، وأرادَ أنْ يُغَسِّلَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجْعَلُ السِّدْرَ فى كلِّ مرَّةٍ مِنَ الغَسَلاتِ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1)، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ: ومنْصوصُ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، أنَّ السِّدْرَ يكونُ فى الغَسَلاتِ الثَّلاثِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو ظاهرُ كلامِ ¬

(¬1) 3/ 375.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا؛ لقولِه: يفْعَلُ ذلك ثلَاثًا. بعدَ ذِكْرِ السِّدْرِ وغيرِه. ونقَل حَنْبَلٌ، يُجْعَلُ السِّدْرُ فى أوَّلِ مرَّةٍ. اخْتارَه جماعةٌ؛ منهم أبو الخَطَّابِ. وعنه، يُجْعَلُ السِّدْرُ فى الأولَى والثَّانيةِ، فيكونُ فى الثَّالثةِ الكافورُ. ونقَل حَنْبلٌ أَيضًا، ثلَاثًا بسِدْرٍ، وآخِرُها بماءٍ. وقال بعضُ الأصحابِ: يُمَرِّخُ جسَدَه كلَّ مرَّةٍ بالسِّدْرِ، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصُبُّ عليه الماءَ بعدَ ذلك ويُدَلِّكُ. قال فى «الفُروعِ»: ويُمَرِّخُ بسِدْرٍ مَضْروبٍ أوَّلًا. وأمَّا صِفَةُ السِّدْرِ مع الماءِ، فقال الخِرَقِىُّ: يكونُ فى كلِّ المياهِ شئٌ مِنَ السِّدْرِ. قال فى «المُغْنِى» (¬1)، و «الزَّرْكَشِىِّ»: هذا المنْصوصُ عن أحمدَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، لا يُشْتَرَطُ كوْنُ السِّدْرِ يسِيرًا, ولا يجِبُ الماءُ القَراحُ بعدَ ذلك. قال: وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ فى الأوَّلِ، ونصُّه فى الثَّانِى. قال فى «الفُروعِ»: وقيل: يُذَرُّ السِّدْرُ فيه وإنْ غَيَّرَه. وقال فى «المُغْنِى» (¬2): وذهَب كثيرٌ مِنَ المُتَأخِّرين مِن أصحابِنا، أنَّه لا يُتركُ مع الماءِ سِدْرٌ يُغَيِّرُه. ثم ¬

(¬1) 3/ 375. (¬2) 3/ 376.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتَلَفوا؛ فقالَ ابنُ حامِدٍ: يُطْرَحُ فى كلِّ الماءِ شئٌ يسِيرٌ مِنَ السِّدْرِ لا يغَيِّرُه. وقال: الذى وَجدْتُ عليه أصحابَنا، أنَّه يكونُ فى الغَسْلَةِ وَزْنُ دِرْهَمٍ ونحوُه مِنَ السِّدْرِ، فإنَّه إذا كان كثيرًا سلَبه الطُّهُورِيَّةَ. وقال القاضى، وأبو الخطَّابِ، وطائفةٌ ممَّن تبِعَهُما: يُغَسَّلُ أوَّلَ مرَّةٍ بثُفْلِ السِّدْرِ، ثم يُغَسَّلُ بعدَ ذلك بالماءِ القَراحِ، فيكونُ الجميعُ غَسْلَةً واحدةً، والاعْتِدادُ بالآخِرِ دُونَ الأوَّلِ، سواءٌ زالَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّدْرُ أو بَقِىَ منه شئٌ. وقال الآمِدِىُّ: لا يُعْتَدُّ بشئٍ مِنَ الغَسَلاتِ التى فيها السِّدْرُ فى عَدَدِ الغَسَلاتِ. فائدة: يقومُ الخِطْمِىُّ ونحوُه مقامَ السِّدْرِ. قوله: ثم يَغْسِلُ شِقَّه الأيمنَ، ثم الأيسَرَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: يبدَأْ فى غَسْلِ شِقِّه الأيْمنِ بصَفْحَةِ عُنُقِه، ثم بالكَتِفِ إلى الرِّجْلِ، ثم الأيْسَرِ كذلك، ثم يرْفَع جانِبَه الأيمنَ ويغْسِلُ ظهْرَه ووَرِكَه وفَخِذَه، ويفْعَلُ بجانبِه الأيسَرِ كذلك. ذكَره القاضى. وهو الذى فى «الكافِى»، و «مُخْتَصرِ ابنِ تَميم»، وغيرِهما. قال فى «الحَواشِى»: وهو أشْبَهُ بفِعْلِ الحَىِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: لا يغْسِلُ الأيْسَرَ قبلَ إكْمالِ غَسْلِ الأيمَنِ. فائدة: يُقَلِّبُه على جَنْبِه مع غَسْلِ شِقَّيْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: يُقَلِّبُه بعدَ غَسْلِهما. قوله: يَفْعَلُ ذلك ثلاًثا. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه ذلك مع الوُضوءِ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وحُكِىَ روايةً. قال ابنُ تَميمٍ: وعنه، يُوَضَّأُ لكُلِّ غَسْلَةٍ. واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». ويَحْتَمِلُ أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرادَه بالتَّثليثِ، غيرُ الوُضوءِ. وهو الوَجْهُ الثَّانِى، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب، فلا يُوَضَّأُ إلَّا أوَّلَ مرَّةٍ، إلَّا أنْ يخْرُجَ منه شئٌ، فيُعادَ وُضُوءُه. قالَه الإِمامُ أحَمدُ. فائدة: يُكْرَهُ الاقْتِصارُ فى غَسْلِه على مرَّةٍ واحدةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

يُمِرُّ فِى كُلِّ مَرَّة يَدَهُ، فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ بِالثَّلَاث،. أَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ، غَسَّلَهُ إِلَى خَمْسٍ، فَإِنْ زَادَ فَإِلَى سَبْعٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُعْجِبُنِى ذلك. قوله: ويُمِرُّ فى كلِّ مرةٍ يَدَه. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وعنه، يفْعَلُ ذلك عَقِبَ الثَّانيةِ. نقَله الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ؛ لأنَّه يلينُ فهو أمْكَنُ. وعنه، يفْعَلُ ذلك عَقِبَ الثَّالثةِ. وقيلَ: هل يُمِرُّ يدَه ثلاًثا، أو مرَّتَيْن، أو مرَّةً؟ فيه ثلاَثةُ أوْجُهٍ. قوله: فإنْ لم يُنَقَّ بالثَّلاثِ، أو خرَج مِنه شئٌ، غسَّله إلى خَمْسٍ، فإنْ زادَ فإلى سَبْعٍ. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مسْألتَيْن؛ إحْدَاهما، إذا يُنَقَّ بالثَّلاثِ، غُسِّلَ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْسٍ، فإنْ لم يُنَقَّ بالخَمْسِ، غُسِّلَ إلى سَبْعٍ. فظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُزادُ على سَبْعٍ. ونقَله الجماعةُ عنِ الإمامِ أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم به جماعةٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: نصَّ عليه أحمدُ، والأصحابُ. ونقَل أبو طالِبٍ، لا تجوزُ الزِّيادةُ. ونقَل ابنُ وَاصِل، يُزادُ إلى خَمْسٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُزادُ على سَبْعٍ إلى أنْ يُنَقَّى. ويقْطَعُ على وِتْر. قدَّمه في «الفُروعِ»، وجزَم به فى «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقال: إنَّما يذْكُرُ أصحابُنا ذلك لعدَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاحْتِياجِ إليه غالِبًا، ولذلك لم يُسَمِّ عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، فوْقَها عَدَدًا. وقولُ أحمدَ: لا يُزادُ على سَبْعٍ. محْمولٌ على ذلك، أو على ما إذا غُسِلَ غَسْلًا مُنْقِيًا إلى سَبْعٍ، ثم خرَجَتْ منه نَجاسَة. انتهى. قلتُ: قد ثبَت فى «صَحِيحِ البُخارِيِّ»، فى بعضِ رِواياتِ حديثِ أمِّ عَطِيَّةَ: «اغْسِلْنَها ثَلاًثا، أو خَمْسًا، أو سَبْعًا، أو أكْثَرَ مِن ذلك إنْ رَأيْتُنَّ ذَلِكَ». الثَّانيةُ، إذا خرَج منه شئٌ بعدَ الثَّلاثِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُغَسَّلُ إلى خَمْسٍ، فإنْ خرَج منه شئٌ بعدَ ذلك، فإلى سَبْعٍ. نصَّ عليه. قال المَجْدُ، وصاحبُ «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىّ: وعليه الجمهورُ. وقدَّمه فى «مَجْمَع البَحْرَيْن». قال ابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»: لا يخْتلِفُ المذهبُ فيه؛ لأنَّ هذا الغَسْلَ وجَب لزَوالِ عقْلِه، فقد وجَب بما لا يوجبُ الغُسْلَ، فجازَ أنْ يبْطُلَ بما تبْطُلُ به الطَّهارةُ الصُّغْرى، بخِلافِ غُسْلِ الجَنابَةِ؛ لأنَّه ليس بمُمْتنعٍ أنْ يبْطُلَ الغُسْلُ بما لا يوجبُ الغُسْلَ، كخَلْع الخُفِّ لا يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلِ، وتُنْقَضُ الطَّهارَةُ به. انتهى. مع أنَّ صاحبَ «الفُروعِ» وغيرَه قطَعوا، أنَّ غَسْلَ المَيِّتِ تعَبُّدِى لا يُعْقَلُ مَعْناه. وقال أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل: لا تجِبُ إعادةُ غَسْلِه بعدَ الثَّلاثِ، بل تُغْسَلُ النَّجاسَةُ ويُوَضَّأُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ويأْتِى إذا خرَج منه شئٌ بعدَ السَّبْع قرِيبًا. فائدة: لو لمسَتْه أُنْثَى لشَهْوَةٍ، وانْتقَضَ طُهْرُ المَلْمُوس، غُسِّلَ على قوْلِ أبِى

وَيَجْعَلُ فِى الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ كَافُورًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ ومَن تابعَه. فيُعابَى بها. وعلى المذهبِ، يُوَضَّأُ فقط. ذكَرَه أبو المَعالِى. فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: لفْظُ المُصَنِّفِ وإطْلاقُه يعُمُّ الخارِجَ النَّاقِضَ مِن غيرِ السَّبِيلَيْن، وأنَّه يُوجِبُ إعادَةَ غَسْلِه. وقد نصَّ عليه فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. ونقَل عنه أبو داودَ، أنَّه قال: هو أسْهَلُ. فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، لا يُعادُ الغَسْلُ مِن ذلك؛ لأنَّ فى، كوْنِه حدَثًا مِنَ الحَىِّ خِلافًا، فنَقَصَتْ رُتْبَتُه عن المُجْمَعِ عليه هنا. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، لا يُعادُ الغَسْلُ مِن يسيرِه، كما يُنْقَضُ وُضوءُ الحَىِّ. انتهى. وقدَّم الرِّوايةَ الأُولَى ابنُ تَميمٍ، والزَّرْكَشِيُّ. الثَّانيةُ، يجِبُ الغَسْلُ بمَوْتِه. وعلَّلَه ابنُ عَقِيلٍ بزَوالِ عقْلِه. وتجِبُ إعادَتُه إذا خرَج مِنَ السَّبِيلَيْن شئٌ. وكذا لو خرَج مِن غيرِ السَّبِيلَيْن، على رِوايَةِ الأَثْرَمِ المُتقدِّمَةِ، وجميعُ ذلك مِن مُوجِباتِ الوُضوءِ لا غيرُ. فيُعابَي بهِنَّ. قوله: ويَجْعَلُ فى الغَسْلَةِ الأخِيرَةِ كَافُورًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يجْعَلُ الكافُورَ فى كلِّ الغَسَلاتِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فعلى المذهبِ، يكونُ مع الكافُورِ سِدْرٌ. على الصَّحيحِ. نَقَلَه الجماعةُ عَنِ الإِمامِ أحمدَ. قال الخَلَّالُ: وعليه العمَلُ. واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقيل: يُجْعَلُ

وَالْمَاءُ الْحَارُّ، وَالْخِلَالُ، وَالْأُشْنَانُ يُسْتَعْمَلُ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحدَه فى ماءٍ قَراحٍ. اخْتارَه القاضى. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمً». قوله: والماءُ الحارُّ، والخِلَالُ، والأُشْنَانُ، يُسْتَعْملُ إنِ احْتِيجَ إليه. إذا احْتِيجَ إلى شئٍ مِن ذلك، فإنَّه يُسْتَعْمَلُ مِن غيرِ خِلافٍ بلا كَراهَةٍ. ومَفْهومُه، أنَّه إذا لم يُحْتَجْ إليه أنَّه لا يسْتَعْمِلُه، فإنِ اسْتَعْمَلَه كُرِهَ فى الخِلالِ والأُشْنانِ بلا نِزاعٍ، ويكْرَهُ فى الماء الحارِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه مُوجبُه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. واسْتَحَبَّه ابنُ حامِدٍ.

وَيَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَلَا يُسَرِّحُ شَعَرَهُ، وَلَا لِحْيَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا بأْسَ بغَسْلِه فى الحَمَّامِ. نقَلَه مُهَنَّا. فائدة: قوله: ويَقُصُّ شَارِبَه. بلا نِزاعٍ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وللشَّافِعِىِّ قوْلٌ كذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُقَلِّمُ أظْفَارَه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يُقَلِّمُها. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: إنْ طالَتْ وفَحُشَتْ أُخِذَتْ، وإِلَّا فلا. فوائد؛ إحْدَاها، يأْخُذُ شَعَرَ إِبِطَيْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يأْخُذُه. وقيل: إنْ فَحُشَ أخَذَه، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لا يأْخُذُ شَعَرَ عانَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ، وغيرِهما. وصحَّحَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وعنه، يأْخُذُه. اخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الحاوِيَيْن». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الجمهورِ. وأطْلَقَهمَا فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ». وعنه، إنْ فَحُشَ أخَذَه، وإلَّا فلا. وقال أبو المَعالِى: ويأُخُذُ ما بينَ فَخِذَيْه. فعلى رِوايَةِ جَوازِ أخْذِه، يكونُ بنُورَةٍ؛ لتَحْريم النَّظَر. قال فى «الفُصولِ»: لأَنَّها أسْهَلُ مِنَ الحلْقِ بالحديدِ. واخْتارَه القاضى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُؤْخَذ بحلْقٍ أو قَصٍّ. قدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلحٍ». وقال: نصَّ عليه. قلتُ: وهو المذهبُ؛ فإنَّ أحمدَ نصَّ عليه فى رِوايَةِ حَنْبَل، وعليه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ. وأطْلَقَهما فى «الفُروِعِ»، و «الرِّعايَةِ». وظاهِرُ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، «والزَّرْكَشِىِّ»، إطْلاقُ الخِلافِ. وقيل: يُزالُ بأحَدِهما. قال ابنُ تَميمٍ: ويُزالُ شَعَرُ عانَتِه بالنُّورَةِ، أو بالحَلْقِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وعلى كلِّ قوْلٍ، لا يُباشِرُ ذلك بيَدِه، بل يكونُ عليها حائلٌ. وكُلُّ ما أُخِذَ، فإنَّه يُجْعَلُ مع المَيِّتِ، كما لو كان عُضْوًا سقَط منه، ويُعادُ غَسْلُ المَأْخُوذِ. نصَّ عليه؛ لأنَّه جُزْءٌ منه كعُضْوٍ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُه. الثَّالثةُ، يحْرُمُ خَتْنُه. بلا نِزاعٍ فى المذهبِ. الرَّابعةُ، يحْرُمُ حلْقُ رأْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ولا يحْلِقُ رأْسَه فى الأصحِّ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، يُكْرَهُ. قال: وهو أظْهَرُ. قال المَرُّوذِىُّ: لا يُقَصُّ. وقيلَ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُحْلَقُ. وجزَم به فى «التَّبْصَرَةِ». الخامسةُ، يُسْتَحَبُّ خِضَابُ شَعَرِ المَيِّتِ بحِنَّاءٍ. نصَّ عليه. وقيل: يُسْتَحَبُّ للشَّائبِ دُونَ غيرِه. اخْتارَه المَجْدُ، وحمَل نَصَّ أحمدَ عليه. وقال أبو المَعالِى: يُخَضَّبُ مَن كان عادَتُه الخِضَابَ فى الحَياةِ. قوله: ولا يُسَرِّحُ شَعَرَه، ولا لِحْيَتَه. هكذا قال الِإمامُ أحمدُ. قال القاضى:

وَيُضْفَرُ شَعَرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وُيَسْدَلُ مِنْ وَرَائِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ ذلك. وقيل: لا يُسَرَّحُ الكَثِيفُ. واسْتَحَبَّ ابنُ حامِدٍ، يُمْشَطُ بمُشْطٍ واسِع الأسْنانِ. تنبيه: محَلُّ ما تقدَّم مِن ذلك كلِّه، فى غيرِ المُحْرِمِ، فأمَّا المُحْرِمُ، فإنَّه لا يَأْخُذُ منه شيئًا ممَّا تقدَّم، على ما يأْتِى قريبًا. قوله: ويُضْفَرُ شَعَرُ المَرْأةِ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ، ويُسْدَلُ مِن وَرَائِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْرٍ: يُسْدَلُ أمامَها.

ثُمَّ يُنَشِّفُهُ بِثَوْبٍ. فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ بَعْدَ السَّبْعِ حَشَاهُ بالْقُطْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يُنَشِّفُه بِثَوْبٍ. لِئَلَّا يَبْتَلَّ كفَنُه. وقال فى «الوَاضِحِ»: لأنَّه سُنَّةٌ للحَىِّ فى رِوايَةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وفى «الوَاضِحِ» أيضًا، لأَنَّه مِن كَمالِ غُسْلِ الحَىِّ. واعلمْ أنَّ تَنْشِيفَ المَيِّتِ مُسْتَحَبٌّ، وقطَع به الأكثرُ. وذكرَ فى «الفُروعِ»، فى أثْناءِ غَسْلِ المَيِّتِ، رِوايةً بكَراهَةِ تَنْشِيفِ الأعْضاءِ، كدَمِ الشَّهيدِ. وفى «الفُصولِ»، فى تَعْليلِ المَسْألَةِ، ما يدُلُّ على الوُجوبِ. فائدة: لايتَنَجَّسُ ما نُشِّفَ به. نصَّ عليه. وقيل: يَتَنَجَّسُ. قوله: فإنْ خرَج مِنه شَئٌ بعدَ السَّبْعِ حَشَاه بِالقُطْنِ، فإنْ لم يَسْتَمْسِكْ فَبِالطِّينِ

فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَبِالطِّينِ الْحُرِّ، يُغْسَلُ الْمَحَلُّ، وَيُوَضَّأُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرِّ. إذا خرَج منه بعدَ السَّبْعِ شئٌ، سَدَّ المَكانَ بالقُطْنِ والطِّينِ الحُرِّ، ولا يُكْرَهُ حَشْوُ المَحَلِّ إنْ لم يَسْتَمْسِكْ بذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعنه، يُكْرَهُ. حَكاها ابنُ أبى مُوسى. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قوله: ثم يُغْسَلُ المَحَلُّ، ويُوضَّأْ. ولا يُزادُ على السَّبْعِ، رِوايَةً واحدةً. لكنْ إنْ خرَج شئٌ غُسِلَ المَحَلُّ. قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: قلتُ: فإنْ لم يَعْدُ الخارجُ موْضِعَ العادَةِ، فقِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يُجْزِئُ فيه الاسْتِجْمارُ. قوله: ويُوَضَّأُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُوَضَّأُ؛ للمَشَقَّةِ والخَوْفِ عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهما رِوايَتان منْصُوصَتان. تنييه: قال ابنُ مَنَجَّى فى «شَرْحِه»: لم يتَعرَّضِ المُصَنِّفُ إلى أنَّه يُلْجْمُ المَحَلَّ بالقُطْنِ، فإنْ لم يمنَعْ، حشَاه به. قال: وصرَّح به أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّهايَةِ» فيها، يعْنِى به أبا المَعالِى، وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قوله: وإنْ خرَج مِنه شَىْءٌ بعدَ وضْعِهِ فى أكْفَانِهِ، لَمْ يَعُدْ إلى الغَسْلِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا هو المشْهورُ عن أحمدَ، وهو أصحُّ. وعنه، يُعادُ غَسْلُه، ويُطَهَّرُ كفَنُه. وعنه، يُعادُ غَسْلُه، إنْ كان غُسِّلَ دُونَ سَبْعٍ. وعنه، يُعادُ غَسْلُه مِنَ الخارِجِ، إذا كان كثيرًا قبلَ تَكْفينِه وبعدَه. وصحَّحه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أنَصُّها. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ». وعنه، خرُوجُ الدَّمِ أيْسَرُ. وتقدَّم الاحْتِمالُ فى ذلك.

وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا يُلْبَسُ الْمَخِيطَ، وَلَا يُخَمَّرُ رَأسُهُ، وَلَا يُقْرَبُ طِيبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُغَسَّلُ المُحْرِمُ بِماءٍ وسِدْرٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُصَبُّ عليه الماءُ ولا يُغَسَّلُ كالحَلَالِ؛ لِئَلَّا يَتَقَطَّعَ شَعَرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قولِه: ولا يُخَمَّرُ رأْسُه. أنَّه يُغَطَّى سائِرَ بَدَنِه، فيُغَطِّى رِجْلَيْه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَل حَنْبَلٌ المَنْعَ مِن تَغْطِيَةِ رِجْلَيْه. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخيصِ». قال الخَلَّالُ: هو وَهْمٌ مِن ناقِلِه. وقال: لا أعْرِفُ هذأ فى الأحاديثِ، ولا روَاه أحَدٌ عن أبِى عبدِ اللهِ غيرُ حَنْبَلٍ. وهو عندِى وَهْمٌ مِن حَنْبَلٍ. والعَمَلُ على أنَّه يغَطىِّ جميعَ بدَنِ المُحْرِمِ إلَّا رأْسَه؛ لأنَّ الإحْرامَ لا يتَعَلَّقُ بالرِّجْلَيْن، ولهذا لا يُمْنَعُ مِن تَغْطِيَتهما فى حَياتِه، فهكذا بعدَ ممَاتِه. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: فلا يقالُ: كلامُ الخِرَقِيِّ خرَج على المُعْتادِ؛ إذْ فى الحديثِ، أنَّه يُكَفَّنُ فى ثَوْبَيْه، أى الإزَارُ والرِّداءُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعادةُ أنَّه لا يُغَطىِّ مِن سُرَّتِه إلى رِجْلَيْه. انتهى. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: يمْكِنُ تَوْجِيهُ تَحْريمٍ، أنَّ الإحْرامَ يحرِّمُ تغْطِيَةَ قَدَمَىِ الحَيِّ بما جرَتْ به العادَةُ، كالخُفِّ والجَوْرَبِ والْجُمجُمِ ونحوِه، وقد اسْتَيْقَنَّا تحْريمَ ذلك بعدَ المَوْتِ، مع كوْنِه ليس بمُعْتادٍ فيه، وإنَّما المُعْتادُ فيه، سَتْرُهما بالكَفَنِ، فكان التَّحْرِيمُ أوْلَى. انتهى. ومفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه يغَطىِّ وَجْهَه وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، والمشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن، بِناءً على أنَّه يجوزُ تَغْطِةُ وَجْهِه فى حالِ حَياتِه. وعنه، لا يُغَطىَّ وَجْهُه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم. فوائد؛ إحْدَاها، يُجَنَّبُ المُحْرِمُ المَيِّتُ ما يُجَنَّبُ فى حَياتِه لبَقَاءِ الإِحْرامِ، لكنْ لا يجِبُ الفِداءُ على الفاعِلِ به ما يُوجِبُ الفِدْيَةَ لو فَعَلَه حيًّا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تجِبُ عليه الفِدْيَةُ. وقال فى «التَّبصِرَةِ»: يسْتُرُ على نفْسِه

وَالشَّهِيدُ لَا يُغَسَّلُ، إِلَّا أنْ يَكُونَ جُنُبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بشئٍ. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، والأصحابِ، أنَّ بقِيَّةَ كفَنِه كحَلالٍ. وذكَر الخَلَّالُ عن أحمدَ، أنَّه يُكَفَّنُ فى ثَوْبَيْه لا يُزادُ عليهما. واخْتارَه الخَلَّالُ. ولعَلَّ المُرادَ، يُسْتَحَبُّ ذلك، فيكونُ كما ذكَرَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُه. وذكَر فى «المُغْنِى» وغيرِه، الجوازَ. انتهى. تنبيه: هذا كلُّه فى أحْكامِ المُحْرِمِ، فأمَّا إنْ كان المَيِّتُ امْرأَةً، فإنَّه يجوزُ إلْبَاسُها المَخِيطَ، وتُجنَّبُ ما سِوَاه، ولا يُغَطىَّ وَجْهُها، رِوايةً واحدةً. قالَه فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن». الثَّالثةُ، لا تُمْنَعُ المُعْتَدَّةُ إذا ماتَتْ مِنَ الطِّيبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تُمْنَعُ. قوله: والشَّهِيدُ لا يُغَسَّلُ. سواءٌ كان مُكَلَّفًا أو غيرَه. وكلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، يَحْتَمِلُ أنَّ غَسْلَه مُحَرَّمٌ، ويَحْتَمِلُ الكراهَةَ. قطع أبو المَعالِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّحْريمِ. وحُكِىَ رِوايةً عن أحمدَ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: لا يجوزُ غَسْلُه. وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: قلتُ: لم. أَقِفْ على تَصْريحٍ لأصحابِنا، هل غَسْلُ الشَّهيدِ حَرامٌ أو مَكْروةٌ؟ فيَحْتَمِلُ الحُرْمَةَ؛ لمُخالَفَةِ الأمْرِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ جُنُبًا. يعْنِى، فيُغَسَّلُ. وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وعنه، لا يُغَسَّلُ أيضًا. فوائد؛ إحْدَاها، حُكْمُ مَن. طَهُرَتْ مِنَ الحَيْضِ والنِّفاسِ حُكْمُ الجُنُبِ، خِلافًا ومذهبًا. وكذا كلُّ غُسْل وجَب قبلَ القَتْلِ، كالكافرِ يُسْلِمُ ثم يُقْتَلُ. وقيلَ فى الكافرِ: لا يُغسَّلُ، وإنْ غُسِّلَ غيرُه. وصحَّحه ابنُ تَميمٍ. وقدَّمهْ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال فى «الفُروعِ»: ولا فَرْقَ بينَهم. وأمَّا إذا ماتَتْ فى أثْناءِ حيْضِها أو نِفاسِها، فقد سَبَقَتِ المَسْأَلةُ فى بابِ الغُسْلِ. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المَسْألَةِ،

بَلْ يُنْزَعُ عَنْهُ السِّلَاحُ وَالْجُلُودُ، وَيُزَمَّلُ فِى ثِيَاْبِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لو ماتَ وعليه حدَثٌ أصْغَرُ، فهل يُوَضَّأُ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحَواشِى». قلتُ: الذى ظهَر أنَّه لا يُوَضَّأُ؛ لأنَّه تَبَعٌ للغَسْلِ، وهو ظاهِرُ الحديثِ. الثَّانيةُ، لو كانَ على الشَّهيدِ نَجاسَةٌ غيرُ الدَّمِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تُغْسَلُ. وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ ببَقائِها، كالدَّمِ. فعلى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو لم تَزُلِ النَّجاسَةُ إلَّا بزَوالِ الدَّمِ، لم يَجُزْ إزَالَتُها. ذكَرَه أبو المَعالِى. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم غيرُه بغَسْلِها؛ منهم صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه». قلتُ: فيُعايَى بها. الثَّالثةُ، صرَّح المَجْدُ بوُجوبِ بَقاءِ دَمِ الشَّهيدِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِهم. وذكَرُوا رِوايَةَ كَراهَةٍ تَنْشيفِ الأعْضاءِ، كدَمِ الشَّهيدِ.

وَإِنْ أَحَبَّ كَفَّنَهُ [39 ظ] بِغَيْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ - قوله: وإنْ أحَبَّ كفَّنَه فى غيرِها. يعْنِى، إنْ أحَبَّ كفَّن الشَّهيدَ فى ثِيابٍ غيرِ الثِّيابِ التى قُتِلَ فيها. وهذا قوْلُ القاضى فى «المُجَرَّدِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وشَذَّ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، فجعَل ذلك مُسْتَحَبُّا، وتَبِعَه على ذلك أبو محمدٍ. قلتُ: جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجبُ دَفْنُه فى ثِيابِه التى قُتِلَ فيها. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المنْصوصُ، - وعليه جمهورُ الأصحابِ؛ منهم القاضى في «الخِلافِ». قال فى «الفُروعِ»: ويجِبُ دَفْنُه فى بقِيَّه ثِيابِه فى المَنْصُوصِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. فلا يُزادُ على ثِيابِه، ولا يُنْقَصُ عنها بحسَبِ

وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْنُونِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا بأْسَ بالزِّيادَةِ أو النَّقْصِ ليَحْصُلَ المَسْنُونُ. ذكَرَه القاضى فى «التَّخْرِيجِ». وجزَم به ابنُ تَميمٍ. قوله: ولا يُصَلَّى عليه، فى أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ، والقاضى. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ مِنَ الرِّواياتِ، واخْتِيارُ القاضى، وعامَّةِ أصحابِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تجِبُ الصَّلاةُ عليه. اخْتارَها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ فى «التَّنبِيهِ»، وأبو الخَطَّابِ. وحُكِىَ عنه، تحْرُمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةُ عليه. وعنه، إنْ شاءَ صَلَّى، وإنْ شاءَ لم يُصَلِّ. فعَلَيْها، الصَّلاةُ أفْضَلُ. على الصَّحِيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «ابنِ تَميم». وعنه، ترْكُها أفْضَلُ. وظاهِرُ كلامِ القاضى فى «الخِلافِ»، أنَّهما سواءٌ فى الأَفْضَلِيَّةِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى الشَّهيدِ الذى لا يُغَسَّلُ، فأمَّا الشَّهِيدُ الذى يُغَسَّلُ، فإنَّه يُصَلَّى عليه على سَبِيلِ الوُجوبِ، رِوايةً واحدةً. فائدةٌ جليلةٌ: قيلَ: سُمِّىَ شَهِيدًا لأنَّه حَيٌّ. وقيل: لأنَّ الله وَمَلاِئِكَتَه يشْهَدون له بالجَنَّةِ. وقيل: لأنَّ المَلائكَةَ تَشْهَدُ له. وقيل: لِقِيامِه بشَهادَةِ الحقِّ حتى قُتِلَ.

وَإِنْ سَقَطَ منْ دَابَّتِهِ، أَوْ وُجدَ مَيَتًّا وَلَا أثَرَ بِهِ، أَوْ حُمِلَ فَأَكَلَ، أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ، غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لأنَّه يشْهَدُ ما أُعِدَّ له مِنَ الكَرامَةِ بالقَتْلِ. وقيل: لأنَّه شَهِدَ للهِ بالوُجودِ والإلهِيَّةِ بالفِعْلِ، شهِدَ غيرُه بالقَوْلِ. وقيل: لسُقوطِه بالأرْضِ، وهى الشَّهادَةُ. وقيل: لأنَّه شُهِدَ له بوُجوبِ الجَنَّةِ. وقيل: مِن أجْلِ شاهِدِه، وهو دَمُه. وقيل: لأنَّه شُهِدَ له بالإيمانِ وبحُسْنِ الخَاتِمَةِ بظاهرِ حالِه. وقيل: لأنَّه يُشْهَدُ له بالأَمانِ مِنَ النَّارِ. وقيل: لأنَّ عليه شاهِدًا بكَوْنِه شهِيدًا. وقيل: لأنَّه لا يشْهَدُه عندَ موْتِه إلَّا مَلاِئِكَةُ الرَّحْمَةِ. وقيل: لأنَّه الذى يشْهَدُ يوْمَ القِيامَةِ بإبْلاغِ الرُّسُلٍ. فهذه أرْبَعَةَ عَشَرَ قوْلًا؛ ذكَر السَّبْعَةَ الأولَى، ابنُ الجَوْزِىِّ. والثَّلاَثةَ التى بعدَها، ابنُ قر قُولٍ (¬1) فى «المَطالِعِ». والأرْبَعَةَ الباقِيَةَ، ابنُ حَجَرٍ فى «شَرْحِ البُخارِيِّ» (¬2) فى كتابِ الجِهادِ، وقال: وبعضُ هذا يخْتَصُّ بمَن قُتِلَ فى سبيلِ اللهِ، وبعضُها يَعُمُّ غيرَه. انتهى. ولا يخْلُو بعضُها مِن نوْعِ تَداخُلٍ. قوله: وإنْ سقَط مِن دابَّتِهِ، أو وُجِدَ مَيِّتًا ولا أثَرَ به. يعْنِى، غُسِّلَ وصُلِّىَ ¬

(¬1) هو إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم، الوهرانى، المعروف بابن قرقول، أبو إسحاق. الإمام العلامة، ولد بالأندلس، وكان رحالًا فى العلم، نقالا، فقيها. له كتاب «المطالع على الصحيح». توفى سنة تسع وستين وخمسمائة. فتح أعلام النبلاء 20/ 520، 521. (¬2) انظر: فتح البارى 6/ 42، 43.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وكذا لو سقَط مِن شاهِقٍ فماتَ، أو رَفَسَتْه دابَّةٌ فماتَ منها. قال الأصحابُ: وكذا لو ماتَ حَتْفَ أنْفِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وكذا مَن عادَ عليه سَهْمُه فيها. نصَّ عليه. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فى ذلك كلِّه، أنَّه يُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: لا يُغَسَّلُ ولا يُصَلَّى عليه، وحُكِىَ رِوايةً. واخْتارَه القاضى قديمًا فى مَن سقَط عن دابَّتِه، أو عادَ عليه سِلاحُه فماتَ، أو سقَط مِن شاهِقٍ، أو فى بئْرٍ، ولم يكُنْ ذلك بفِعْلِ العَدُوِّ. واخْتارَه القاضى أيضًا فى «شَرْحِ المُذْهَبِ» فى مَن وُجِدَ ميِّتًا، ولا أثَرَ به. قدَّمه الشَّيْخُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، أنَّه إذا عادَ عليه سِلاحُه فقَتَله، لا يُغَسَّلُ، ولا يصَلَّى عليه، ونَصَراه. تنبيه: قوله: وإنْ وُجِدَ مَيِّتًا ولا أثَرَ به. هكذا عبارةُ أكثرِ الأصحابِ. وزادَ أبو المَعالِى، ولا دَمَ فى أنْفِه ودُبُرِه، أو ذَكَرِه. قوله: أو حُمِلَ فأكَل، أو طال بَقَاؤُه. يعْنِى، لو جُرِحَ فأكَل، فإنَّه يُغَسَّلُ، ويُصَلَّى عليه. وكذا لو جُرِحَ فشَرِبَ، أو نامَ، أو بالَ، أو تكَلَّم. زادَ جماعةٌ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عطَس. نصَّ عليه؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه الكُبْرى». وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، ولو لم يَطُلِ الفَصْلُ. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْنْ»، و «ابنِ تَميمٍ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقيل: لا يُغَسَّلُ إلَّا إذا طالَ الفَصْلُ، أو أكلَ فقط. اخْتارَه المَجْدُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»؛ فقال: الصَّحيحُ عندِى، التَّحْديدُ بطولِ الفَصْلِ أو الأكْلِ؛ لأنَّه عادَةُ ذوِى الحياةِ المُسْتقِرَّةِ، وطولُ الفَصْلِ دَليلٌ عليها. فأمَّا الشُّرْبُ والكلامُ، فيُوجَدان ممَّن هو فى السِّياقِ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحه المُصَنِّفُ. قلتُ: وهو- عَيْنُ الصَّوابِ. وعنه، يُغَسَّلُ فى ذلك كلِّه إلَّا مع جِراحَةٍ كثيرةٍ، ولو طالَ الفَصْلُ معها. قال فى «مَجْمَعِ البَحْريْن»: والأوْلَى أنَّه إنْ لم يتَطاوَلْ به ذلك، فهو كغيرِه مِنَ الشُّهَداءِ. واخْتارَه جماعةٌ مِن أصحابِنا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: الاعْتِبارُ بتَقَضِّى الحرْبِ، فمتى ماتَ وهى قائمةٌ، لم يُغَسَّلْ، ولو وُجِدَ منه شئٌ مِن ذلك. وإنْ ماتَ بعدَ انْقِضائِها، غُسِّلَ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: وكذا نقَله ابنُ البَنَّا فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «العُقُودِ» عن مذهَبِنا. انتهى. قال الآمِدِىُّ: إذا خرَج المَجْروحُ مِنَ المعْركَةِ، ثم ماتَ بعدَ تَقَضِّى القِتالِ، فهو كغيرِه مِنَ المَوْتَى. قال ابنُ تَميمٍ: وظاهرُ كلامِ القاضى فى موْضعٍ، أنَّ الاعْتِبارَ بقِيامِ،. الحرْبِ، فإنْ ماتَ وهى قائمةٌ، لم يُغَسَّلْ، وإنِ انْقضتْ قبلَ موْتِه، غُسِّلَ. ولم يُعْتَبرْ خُروجُه مِنَ المعْركَةِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: نقَل الجماعةُ، إنَّما يُتْركُ غَسْلُ مَن قُتِلَ فى المعْركَةِ، وإنْ حُمِلَ وفيه روحٌ، غُسِّلَ. تنبيه: قوله: أو طالَ بَقَاؤُه. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ عُرْفًا.

وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا، فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا - كقتيلِ اللُّصوصِ ونحوِه - فهل يُلْحَقُ بالشَّهِيدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحْدَاهما، يلْحَقُ بشَهيدِ المعْركَةِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا يُغَسَّلُ المقْتولُ ظُلْمًا على الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه القاضى وعامَّةُ أصحابِه. وصحَّحه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. الرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يلْحَقُ بشَهِيدِ المعْركةِ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصحَّحه فى «التَّصْحيحَ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». تنبيه: قدْ يقالُ: دخَل فى كلامِه، إذا قتَل البَاغِى العادِلَ، وهو أحَدُ الطرَّيقَتَيْن. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. وقيل: بل حُكْمُه حُكْمُ قَتيلِ الكُفَّارِ. وهو المنْصوصُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وعنه، يلْحَقُ بشَهِيدِ المعْرَكَةِ إنْ قُتِلَ فى مُعْتَرَكٍ بينَ المُسْلِمين، كقَتِيلِ البُغاةِ والخَوارِجِ فى المعْركَةِ، أو قَتَلَه الكُفَّارُ صَبْرًا فى غيرِ حَرْبٍ، كخُبَيْبٍ (¬1)، وإلَّا فلا. ¬

(¬1) خبيب بن عَدِى بن مالك الأنصارى، شهد بدرًا، وكان فى الرهط الذين غدرت بهم قبائل من المشركين فى سرية عاصم وباعوه إلى قريش، فصلبوه وقتلوه ثأرًا لمن كان قتل منهم يوم بدر. الإصابة 2/ 262 - 264.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قيل: إنَّما لم يُغَسَّلِ الشَّهيدُ دَفْعًا للحَرج والمَشَقَّةِ، لكَثْرَةِ لشُّهَداءِ فى المعْركَةِ. وقيل: لأنَّهم لمَّا لم يُصَلَّ عليهم، لم يُغَسَّلُوا. وقيل، وهو لصَّحيحُ: لِئَلَّا يزُولَ أثر العِبادَةِ المطْلوبِ بَقَاؤُها. وإنَّما لم يُصَلَّ عليهم، قيل: لأنَّهم أحْياءٌ عندَ رَبِّهم، والصَّلاةُ إنَما شُرِعَتْ فى حقِّ الموْتَى. وقيل: لِغِناهم عنِ الشَّفاعَةِ. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: الشَّهِيدُ غيرُ شَهِيدِ المعْركَةِ، بِضْعَةَ

وَإذَا وُلِدَ السِّقْطُ لأَكْثَرَ مِنْ أَربَعَةِ أَشْهُرٍ، غُسِّلَ وَصُلِّىَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَشَرَ، مُفَرقَةً فى الأخْبارِ، ومِن أغْرَبِها: «مَوْتُ الغَرِيب، شَهادَةٌ» (¬1) رَواه ابنُ ماجَه والخلَّالُ مرْفُوعًا، وأغْرَبُ منه: «مَن عَشِقَ وعَفَّ وكَتَمَ فَماتَ، ماتَ شَهِيدًا» (¬2). ذكرَه أبو المَعالِى، وابنُ مُنَجَّى. وقال بعضُ الأصحابِ المُتَأخِّرين: كوْنُ العِشْقِ شَهادَةً مُحالٌ. ورَدَّه فى «الفُروعِ». تنبيه: مفهوم قوله: وإذا وُلِدَ السِّقْطُ لأكْثَرَ مِن أرْبَعَةِ أشْهُرٍ، غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه. ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه، بلفظ «غربة»، فى: باب ما جاء فيمن مات غريبا، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 515. وانظر: اللآلئ المصنوعة، للسيوطى 2/ 132، 133. (¬2) أخرجه الخطيب، فى: تاريخ بغداد 13/ 184. عن ابن عباس. وانظر: كنز العمال 3/ 372.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لو وُلِدَ لدُونِ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ، أنَّه لا يُغَسَّلُ ولا يصَلَّى عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروع،»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». قال فى «الفُصُولِ»: لم يَجُزْ أنْ يصَلَّى عليه. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ». فقال: بعدَ ارْبَعِ الشُّهورِ سقْطٌ يُغسَلُ … وصَلِّ لو لم يَسْتَهِلَّ نَقَلُوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، متى بانَ فيه خَلْقُ الِإنْسانِ، غُسِّلَ وصلِّىَ عليه. واخْتارَه أبو بكْرٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّنْبِيهِ»، وابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «التَلْخيصِ». وقال: وقد ضَبَطَه بعضُ الأصحابِ بأرْبَعَةِ أشْهُرٍ؛ لأنَّها مَظِنَّةُ الحَياةِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. فوائد، إحْداها، يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ هذا المَوْلودِ. نصَّ عليه. واخْتارَه الخَلَّالُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يُسَمَّى إلا بعدَ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ. نقَلَه

وَمَنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ يُمِّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، قال القاضى وغيرُه: لأنَّه لا يُبْعَثُ قبلَها. وقال القاضى فى «المُعْتَمَدِ»: يُبْعَثُ قبلَها. وقال: هو ظاهرُ كلام الإمامِ أحمدَ. قال الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ: وهو قوْلُ كثيرٍ مِنَ الفُقَهاءِ. وقال فى «نِهايَةِ المُبْتَدِى»: لا يُقْطَعُ بإعادَتِه وعَدَمِها كالجَمادِ. وقال فى «الفُصولِ»: لا يجوزُ أنْ يُصَلَّى عليه كالعَلَقَةِ؛ لأنه لا يُعادُ ولا يُحاسَبُ. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ مَن لم يَسْتَهِلَّ أيضًا. وإنْ جُهِلَ ذكَرٌ أم أُنْثَى، سُمِّىَ باسْمٍ صالحٍ لهما، كطَلْحَةَ وهِبَةِ اللهِ. الثَّالثةُ، لو كان السِّقْطُ مِن كافرٍ، فإنْ حُكِمَ بإسْلامِه، فكَمُسْلم، وإلَّا فلا. ونَقَل حَنْبَلٌ، يصَلَّى على كلِّ موْلودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ. الرَّابعةُ، مَن ماتَ فى سَفِينَةٍ، غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه بعدَ تَكْفِينِه، وأُلقِىَ فى البَحْر سَلًّا، كإدْخالِه فى القَبْرِ مع خَوْفِ فَسادٍ أو حاجَةٍ. ونقَلَ عَبْدُ الله، يُثَقَّلُ بشئٍ. وذكَره فى «الفُصُولِ» عن أصحابِنا. قال: ولا موْضِعَ لنا، الماءُ فيه بَدَلٌ عنِ التُّرابِ إلَّا هنا. فيُعايىَ بها. قوله: ومَن تعَذَّر غَسْلُه يُمِّمَ. وكُفِّنَ وصُلِّىَ عليه، مثلُ اللَّدِيغِ ونحوِه. وهذا

وَعَلَى الْغَاسِلِ سَتْرُ مَا رَآهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُيَمَّمُ؛ لأنَّ المقْصودَ التَّنْظيفُ. قلتُ: فيُعايَى بها. وذكَر ابنُ أبِى مُوسى، فى المُحْتَرِقِ ونحوِه، يُصَبُّ عليه الماءُ، كَمَن خِيفَ عليه بمَعْركَةٍ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً، فى مَن خِيفَ تَلَاشِيه به، يُغَسَّلُ. وذكَرَ أبو المَعالِى، في مَن تعَذَّر خُروجُه مِن تحتِ هَدْمٍ، لا يُصلَّى عليه؛ لتَعذُّرِ الغَسْل كِمُحْتَرِقٍ. قوله: وعلى الغاسِل سَتْرُ ما رآهُ إن لم يكُنْ حَسَنًا. شَمِلَ مسْألَتَيْن؛ إحْدَاهما، إذا رأى غيرَ الحسَنِ. الثَّانيةُ، إذا رأى حسَنًا. الأولَى صرِيحَة فى كلامِه، والثَّانيةُ مفْهومَةٌ مِن كلامِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجبُ عليه سَتْرُ غيرِ الحسَنِ. وهو ظاهِرُ قولِه: وعلى الغاسِلِ. لأنَّ «على» ظاهِرَةٌ فى الوُجوبِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجِبُ إظْهارُ الحسَنِ، بل يُسْتَحَبُّ. قال فى «الفُروعِ»: ويلْزَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغاسِلَ سَتْرُ الشَّرِّ، لا إظْهارُ الخَيْرِ في الأشْهَرِ فيهما. نقَل ابنُ الحَكَمِ، لا يُحَدِّثُ به أحدًا. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنفُ، وأكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: والصَّحيحُ، أنَّه واجِبٌ. والتَّحَدُّثُ به حَرامٌ. وقدَّمه فى «مَجْمَع البَحْرَيْن» وغيرِه. وقطَع به أبو المَعالِى فى «شَرْحِه» وغيرِه. وقيل: لا يجِبُ سَتْرُ ما رآه مِن قَبِيحٍ، بل يُسْتَحَبُّ. واخْتارَه القاضى. وجزَم به ابنُ الجَوْزِىِّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: يجبُ إظْهارُ الحسَنِ. وقال جماعة. مِنَ الأصحابِ: إنْ كان المَيِّتُ معْرُوفًا ببِدْعَةٍ أو قِلةِ دينٍ أو فُحورٍ ونحوِه، فلا بأسَ بإظْهارِ الشَّرِّ عنه، وسَتْرِ الخَيْرِ عنه؛ لتُجْتنَبَ طرِيقتُه. وجزم به فى «المُحَرَّرِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الكافِى»، وأبو المعالِى، وابنُ تَميمٍ، وابنُ عَقِيلٍ؛ فقال: لا بأسَ عندِى بإظْهارِ الشَّرِّ عنه؛ لتُحْذَرَ طَرِيقتُه. انتهى. لكنْ هل يُسْتَحَبُّ ذلك أو

فَصْلٌ فِىِ الْكَفَنِ: وَيَجِبُ كَفَنُ الْمَيِّتِ فِى مَالِهِ، مُقَدَّمًا عَلَى الدَّيْنَ وَغيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُباحُ؟ قال فى «النُّكَتِ»: فيه خِلافٌ. قلتُ: الأوْلَى أنَّه يُسْتَحَبُّ. وظاهرُ تَعْليلِهم يدُلُّ على ذلك. قوله: ويجِبُ كَفَنُ المَيِّتِ فى مالِه، مُقَدَّمًا على الدَّيْنِ وغيرِه. وهذا المذهبُ المقْطوعُ به عندَ أكثرِ الأصحابِ، واخْتارُوه. وقيل: لا يُقَدَّمُ على دَيْنِ الرَّهْنِ، وأرْشِ الجِنايَةِ ونحوِهما. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى أوَّلِ كتابِ الفَرائضِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد، الأُولَى، الواجبُ لحَقِّ اللهِ تَعالَى، ثَوْبٌ واحدٌ بلا نِزاعٍ. فلو وَصَّى بأقَلَّ منه، لم تُسْمَعْ وَصِيَّتُه. وكذا لحَقِّ الرَّجُلِ والمرأةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه جماعةٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المشْهورُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل،. وأبو محمدٍ. وقيل: ثَلاَثةٌ. اخْتارَه القاضى. وحُكِىَ رِوايَةً. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الِإمامِ أحمدَ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فلو أوْصَى أنْ يُكفَّنَ بثَوْبٍ واحدٍ، صحَّ. قال ابنُ تَميمٍ: قال بعضُ أصحابِنا: وَجْهًا واحِدًا. وقال فى «التَّلْخيصِ»: إذا قُلْنا: يجِبُ ثلاَثةُ أثْوابٍ. لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ بأقَلَّ منها. انتهى. وقيل: يُقَدَّمُ الثَّلاثةُ على الإِرْثِ والوَصِيَّةِ، لا على الدَّيْنِ، اختارَه المَجْدُ فى «شَرحِه». وجزَم به أبو المَعالِى، وابنُ تَميمٍ. وأطْلَقَ فى تقْديمِها على الدَّيْن، وَجْهَيْن. وقال أبو المَعالِى: إنْ كُفِّنَ مِن بَيْتِ المالِ، فثَوْبٌ واحدٌ، وفى الزَّائدِ للجَمالِ وَجْهان. وقيل: تجِبُ ثلاَثةٌ للرَّجُلِ، وخَمْسَةٌ للمَرْأَةِ. ويأتِى ذلك عندَ قوْلِه: والواجبُ مِن ذلك ثَوْبٌ يسْتُرُ جَمِيعَه. الثانية، يجِبُ مَلْبوسُ مثْلِه فى الجُمَعِ والأعْيادِ، إذا لم يُوصِ بدُونِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه غيرُ واحدٍ. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ. وقال فى «الفُصُولِ»: يكونُ بحسَبِ حالِه كنَفَقَتِه فى حَياتِه. الثَّالثةُ، الجديدُ أفْضلُ مِنَ العَتيقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ما لم يُوصِ بغيرِه. وقيل: العَتِيقُ الذى ليس بِبَالٍ، أفْضَلُ. قالَه ابنُ عَقِيل، وجزَم به فى «الفُصُولِ». وقيلَ لأحمدَ: يصَلِّى فيه، أو يُحْرِمُ فيه، ثم يَغْسِلُه ويضَعُه لكَفَنِه، فرآه حَسَنًا. وعنه، يُعْجِبُنِى جديدٌ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَسِيلٌ. وكَرِهَ لُبْسَه حتى يُدَنِّسَه. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): جَرَتِ العادَةُ بتَحْسِينِه، ولا يجِبُ. وكذا قال فى «الوَاضِحِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ بما جرَتْ به عادةُ الحَيِّ. الرَّابعةُ، يُشْتَرَطُ فى الكفَنِ، أنْ لا يصِفَ البَشَرَةَ، ويُكْرَهُ إذا كان يحْكِى هَيْئَةَ البَدَنِ، وإنْ لم يَصِفِ البَشَرَةَ. نصَّ عليه. ويُكْرَهُ أيضًا بشَعَرٍ وصُوفٍ، ويحْرُمُ بجُلُودٍ، وكذا بحرِيرٍ للمَرْأةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الفُروعِ»: وجعَلَه المَجْدُ، ومَن تابَعَه، احْتِمالًا لابن عَقِيل. قلتُ: صرَّح به فى «الفُصُولِ»، ولم يطَّلِعْ على النَّصِّ. وعنه، يُكْرَهُ ولا يحْرُمُ. قدَّمه فى «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقيل: لا يُكْرَهُ. ويجوزُ التَكْفِينُ بالحَريرِ عندَ العدَمِ للضَّرُورَةِ، ويكونُ ثَوْبًا واحدًا، والمُذَهَّبُ مثلُ الحريرِ فيما تقدَّم مِنَ الأحْكامِ. ويُكْرَهُ تكْفِينُها بمُزَعْفرٍ ومُعَصْفَرٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ فيه. كما سبَق فى سَتْرِ العَوْرَةِ، فيَجِئُ الخِلافُ، فلا يُكْرَهُ لها، لكنَّ البَياضَ أوْلَى. انتهى: وزادَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، يُكْرَهُ بما فيه النُّقُوشُ. وهو مَعْنَى ما فى «الفُصُولِ». وجزَم به ابنُ تَميم وغيرُه. ويَحْرُمُ تَكْفِينُ الصَّبِىِّ بحَرِيرٍ، ولو قُلْنا بجَوازِ لُبْسِه فى حَياتِه. قالَه فى «التَّلْخيِصِ»، و «الفُروعِ». الخامسةُ، لا يُكْرَهُ تَعْمِيمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقال بعضُ الأصحابِ: يُكْرَهُ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ حَمْدَانَ». السَّادسةُ، لو سُرِقَ كفَنُ المَيِّتِ كُفنَ ثانِيًا. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وابنُ حَمْدانَ. قال فى «الفُروعِ»: ثانِيًا، وثالِثًا فى المَنْصُوصِ، وسواءٌ قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ أو لا، ما لم يُصْرَفْ فى دَيْنٍ أو وَصِيَّةٍ. ولو ¬

(¬1) 3/ 386.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، إِلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جُبِىَ له كفَنٌ فما فضَل فلِرَبِّه، فإنْ جُهِلَ كُفِّنَ به آخَرُ. نَصَّ عليه، فإنْ تعَذَّر تُصُدِّقَ به. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: تُصْرَفُ الفَضْلَةُ فى كفَنٍ آخَرَ، ولو عُلِمَ رَبُّها. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقدَّمه فى «الكُبْرى». وقال: نصَّ عليه. وفى «مُنْتخَبِ ولَدِ الشِّيرَازِىِّ»، هو كزَكاةٍ فى رِقابٍ أو غُرْمٍ. وجعَل المَجْدُ اخْتِلاطَه كجَهْلِ رَّبه. قال فى «الفُروعِ»: وكلامُ غيرِه خِلافُه. وهو أظْهَرُ. انتهى. وقيل: الفَضْلَةُ لوَرَثَةِ المَيِّتِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ وَرَثَةُ رَبِّه. فهو إذَنْ واضِحٌ مُتَعيِّنٌ. [قالَا: لضَعْفٍ وسَهْوٍ] (¬1). ولو أكَل المَيِّتَ سَبُعٌ، أو أخَذَه بكَفَنِه ترَكَه، وإنْ كان تَبَرَّعَ به أجْنَبِيٌّ، فهو له دُونَ الوَرَثَةِ. قطَع به ابنُ تَميم، و «الحاوِيَيْن». وقيل: للوَرَثَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأمَّا لو اسْتَغْنَى عنه قبلَ الدَّفْنِ، فإنَّه للأجنَبِيِّ إجْماعًا. قالَه فى «الحاوِيَيْن». ويأْتِى بعضُ ذلك فى القَطْعِ والسَّرِقَةِ. قوله: فإنْ لم يكُنْ له مالٌ، فعلى مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه. ثم فى بَيْتِ المالِ، فإنْ تَعَذَّر مِن بَيْتِ المالِ، فعلى كلِّ مُسْلمٍ عالمٍ. قال فى «الفُروعِ»: أطْلَقَه الأصحابُ. قال فى «الفُنونِ»: قال حَنْبَلٌ (¬2): ويكونُ بثَمَنِه، كالمُضْطَرِّ. وذكَره أيضًا غيرُه. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن ظَنَّ أنَّ غيرَه لا يقومُ به، تعَيَّن عليه. ¬

(¬1) فى ط: «والإ فضعيف انتهى». (¬2) فى الأصل، ط: «حنبلى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُكَفَّنُ ذِمِّيٌ مِن بَيْتِ المالِ للعُدْمِ كمُرْتَدٍّ. وقيل: يجِبُ كالمَخْمَصَةِ. وذكَر جماعةٌ لا يُنْفَقُ عليه، لكنْ للإِمامِ أنْ يُعْطِيَه. وجزَم به المَجْدُ، وابنُ تَميمٍ. زادَ بعضُهم، لمَصْلَحَتِنا. فائدة: لو وُجِدَ ثَوْبٌ واحدٌ، ووُجِدَ جماعةٌ مِنَ الأمْواتِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُجْمَعُ فى الثَّوْبِ ما يُمْكِنُ جَمْعُه فيه منهم. قال فى «الفُروعِ»: هو الأشْهَرُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال: قالَه أصحابُنا. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». قال ابنُ تَميمٍ: وقال شيخُنا: يُقَسَّمُ الكَفَنُ بينَهم ويُسْتَرُ بما يحْصُلُ لكُل واحدٍ منهم عوْرَتُه، ولا يُجْمَعُون فيه. وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»، تفْرِيعًا على الأوَّلِ: قلتُ: فإنْ أمْكَنَ أنْ يُجْعَلَ بينَ كلِّ اثْنَيْن حاجِزٌ مِن عَسَبٍ ونحوِه، فلا بأْسَ. انتهى. قلتُ: يَنْبَغِى أنْ يُسْتَحَبَّ هذا. ولو لم يجِدْ ما يَسْتُرُ كلَّ المَيِّتِ، ستَر رأْسَه وباقِيه بحَشِيشٍ أو وَرَقٍ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وجزَمْ به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: بل يسْتُرُ عوْرَتَه، وما فضل يسْتُرُ به رأْسَه، وما يَلِيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به فى «المُغْنىِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الحَواشِى». وقال فى «الفُروعِ»: وهل يُقَدَّمُ سَتْرُ رأْسِه؛ لأنَّه أفْضَلُ مِن باقِيه بحَشِيشٍ، أو كَحَالِ الحياةِ؟ فيه وَجْهان. وقال فى «القاعِدَةِ السِّتِّين بعدَ المِائَةِ»: إذا اجْتَمَعَ مَيِّتَان فبُذِلَ لهما كَفَنان، وكان أحَدُ الكَفَنَيْن أجْوَدَ، ولم يُعَيِّنِ البَاذِلُ ما لكُلِّ واحدٍ منهما، فإنَّه يُقْرَعُ بينَهما. وقطَع به. وقال: فى كلام أحمدَ ما يُشْعِرُ بأنَّه أخَذ بالحديثِ الوارِدِ فى ذلك. فائدة: يُقَدَّمُ الكَفَنُ على دَيْنِ الرَّهْنِ وأرْشِ الجِنايَةِ ونحوِهما. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقيل: لا يُقَدَّمُ. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى أوَّلِ كتابِ الفَرائضِ. قوله: إلَّا الزَّوجَ لا يَلْزَمُه كَفَنُ امْرَأتِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: يَلْزَمُه. وحُكِىَ رِوايةً. وقيلَ: يلْزَمُه مع عدَمِ التَّرِكَةِ. اخْتارَه الآمِدِىُّ. فعلى المذهبِ، إذا لم يكُنْ لها تَرِكَةٌ، فعلى مَن تجِبُ عليه نَفَقَتُها لو كانتْ خالِيَةً مِنَ الزَّوْجِ.

وَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فِى ثَلَاثِ لَفَائِفَ بيضٍ، يُبْسَطُ بَعْضُهَا فوْقَ بَعْضٍ بَعْدَ تجْمِيرِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتحَبُّ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فى ثَلاثِ لَفَائفَ بِيضٍ، يُبْسَطُ بَعضُها فوقَ بَعض بعد تَجميرِها. بلا نِزاعٍ. زادَ غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِى»، - يُجَمِّرُها ثَلاًثا. قال فى «الفروعِ»: والمُرادُ وِتْرًا، بعدَ رَشِّها بماءِ وَرْدٍ وغيرِه، ليَعْلَقَ بها البَخورُ. فائدة: يُكْرَهُ زِيادَةُ الرَّجُلِ على ثَلاَثةِ أثْوابٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشرحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهَم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: لا يُكْرَهُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «ابنِ تَميمٍ»، وصحَّحه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ».

ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا مُسْتَلْقِيًا، وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ فِيمَا بَيْنَهَا، وَيُجْعَلُ مِنْهُ فِى قُطْنٍ يُجْعَلُ مِنْهُ بَيْنَ ألْيَتَيْهِ، وَيُشَدُّ فَوْقَهُ خِرْقَةٌ مَشْقُوقَة الطَّرَفِ كَالتُّبَّانِ، تَجْمَعُ أَلْيتَيْهِ وَمثَانَتَهُ، ويجْعَلُ الْبَاقِى عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ، وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ، وَإنْ طُيِّبَ جَمِيعُ بَدَنِه كَانَ حَسَنًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يُوضَعُ عليها مُسْتَلْقِيًا، ويُجْعَلُ الحَنُوطُ فيما بينَها. بلا نِزاعٍ. والمُسْتَحَبُّ أن يُذَرَّ بينَ اللَّفائفِ حتى على اللِّفافَةِ. ونصَّ عليه أحمدُ والأصحابُ. فائدة: الحَنُوطُ والطِّيبُ مُسْتَحَبٌّ، ولا بَأْسَ بالمِسْكِ فيه.- نصَّ عليه. وقيل: يجِبُ الحَنُوطُ والطِّيبُ. قوله: ويُجْعَلُ منه فى قُطْنٍ يُجْعَلُ منه بينَ ألْيَتَيْه، ويُشَدُّ فوقَه خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّرَفِ كالتُّبَّانِ، تَجْمَعُ ألْيَتَيْه ومَثانَتَه، ويُجْعَلُ الباقى على مَنافِذِ وَجْهِه، ومَوَاضِعِ سُجودِه. قوله: وإنْ طُيِّبَ جميعُ بَدَنِه كان حَسنًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، لكنْ يُسْتَثْنَى داخِلُ عَيْنَيْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: والمنْصوصُ يكونُ داخِلَ عَيْنَيْه. وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقيل: يُطَيَّبُ أيضًا داخِلُ عَيْنَيْه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به الشَّارِحُ. وقيل: التَّطْيِيبُ وعدَمُه سواءٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُوضَعُ فى عَيْنَيْه كافُورٌ. الثَّانيةُ، يُكْرَهُ الوَرْسُ والزَّعْفَرانُ فى الحَنُوطِ.

ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفَافَةِ الْعُلْيَا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيُرَدُّ طَرَفُهَا الْآخَرُ فَوْقَهُ، ثُمَّ يُفْعَلُ [40 و] بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَذَلِكَ، وَيُجْعَلُ مَا عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ مِمَّا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ يَعْقِدُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفافَةِ العُلْيا على شِقِّه الأيمنِ، ويُرَدُّ طَرَفُها الآخَرُ فوقَه، ثم يفعلُ بالثَّانيةِ والثَّالثةِ كذلك. فظاهِرُه، أنَّ طَرَفَ اللِّفافَةِ التى مِن جانِبه الأيْسَرِ، تُرَدُّ على اللِّفافَةِ التى مِنَ الجانِبِ الأيمَنِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقالَا: لِئَلَّا يسْقُطَ عنهْ الطرَفُ الأيمَنُ إذا وُضِع على يَمِينه فى القَبْرِ. وجزَم به فى «الحَواشِى». وعلَّلَه بذلك. وزِادَ فقال: لأنَّ ذلك عادةُ الأحْياء فى لُبْسِ الأقْبِيَةِ

وَتُحَلُّ الْعُقَدُ فِى الْقَبْرِ، وَلَا يُخْرَقُ الْكَفَنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والفَرَجِيَّاتِ (¬1). وعلَّلَه ابنُ مُنَجى فى «شَرْحِه» بالكَلام الأَخيرِ، وزادَ، والأرْدِيَةِ. قال فى «الفُروعَ»: جزَم به الشَّيْخُ وغيرُه. وقدَّمَ فى «الفُروعَ»، أنَّه يُرَدُّ طَرَفُ اللِّفافَةِ العُلْيا مِنَ الجانبِ الأيسَرِ على شِقِّهِ الأيمَنِ، ثم طَرَفُها الأيمَنُ على الأيْسَرِ، ثم الثَّانيةُ والثَّالثةُ كذلك، عكْسُ الأُولَى. وقال: جزَم به جماعةٌ. قلتُ: منهم صاحِبُ «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ». قال المَجْدُ: لأنَّه عادةً لُبْسُ الحَىِّ فى قباءٍ ورِدَاءٍ ونحوِهما. وقال فى «الفُروعِ» مِن عندِه: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ، أنَّهما سَواءٌ. قوله: وتُحَلُّ العُقَدُ فى القبرِ- بلا نزاعٍ- ولا يُخْرَقُ الكَفَنُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كَراهَةُ تَخْرِيقِ الكفَنِ مُطْلَقًا. وكَرِهَه أحمدُ. وقال: فإنَّهم يتَزاوَرون فيها. وقال أبو المَعالِى: لا يُخرَقُ إلَّا لخَوْفِ نَبْشِه. قال أبو الوَفاءِ: ولو خِيفَ نَبْشُه لا يُخرَقُ. قال فى «الفُروعِ»: لا يُخْرَقُ إلَّا لخَوْفِ نَبْشِه، وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. ¬

(¬1) الفرجيات: ثوب واسع طويل الأكمام يتزيا به علماء الدين.

وَإنْ كُفِّنَ فِى قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كُفِّنَ فى قميصٍ ومِئْزَرٍ ولفافةٍ، جازَ. مِن غيرِ كَراهَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِى: وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: فإنْ تعَذرَتِ اللَّفائِفُ، كُفنَ فى مِئْزَرٍ وقَمِيصٍ ولفافةٍ، فظاهِرُه، الكَراهَةُ مع عَدَمِ التَّعَذُّرِ، أو لا يجوزُ.

وَتُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِى خَمْسَةِ اثوَابٍ، إِزَارٍ، وَخِمَارٍ، وَقَمِيصٍ، وَلِفَافَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، يكونُ القَمِيصُ بكُمَّيْن ودَخارِيصَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا. الثَّانيةُ، الِإزارُ؛ القَمِيصُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ وغيرِه. وعنه، يُزَرُّ عليه. قوله: وتُكَفَنُ المرأةُ فى خمسةِ أثوابٍ؛ إزارٍ، وخِمارٍ، وقميصٍ، ولِفافتَيْن. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشىُّ: اخْتارَه القاضى، وأكثرُ الأصحابِ. قال فى «المُغْنِي» (¬1): هذا الذى عليه أكثرُ أصحابِنا. وهو الصَّحيحُ. وكذا قال الشَّارِحُ. قال الطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ الخِرَقِى»: وهو أوْلَى وأظْهَرُ. قال ابنُ رَزينٍ: عليه أكثرُ الأشْياخِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «العُقُودِ» لابنِ البَنَّا، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، ¬

(¬1) 3/ 391، 392.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». والمنْصوصُ عن أحمدَ، أن المرأةَ تُكَفَّنُ بخِرْقَةٍ يُشَدُّ بها فَخِذَاها، ثم مِئْزَرٍ، ثم قَمِيصٍ وخِمارٍ، ثم لِفافةٍ واحدةٍ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، و «المُحَرَّرِ»، و «الِإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال: هو الاخْتِيارُ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وعندِى أنَّه يُشَدُّ فَخِذَاها بالِإزارِ تحتَ الدِّرْعِ، وتُلفُّ فوقَ الدِّرْعِ والخِمارِ باللِّفَافَتَيْن، جَمْعًا بينَ الأحاديثِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»: وتُكَفَّنُ المرأةُ فى قَميص وإزارٍ وخِمارٍ ولِفافَتَيْن، وما يَشدُّ فَخِذَيها. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وشَذَّ فى «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى»، فزادَ على الخَمْسَةِ ما يَشُدُّ فَخِذَيها. انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ: لا بأْسَ أنْ تُنَقَّبَ. وذكَر ابنُ الراغُونِى وَجْهًا، أَنَّها تُسْتَرُ بالخِرْقَةِ، وهو أنْ يُشَدَّ فى وَسَطِها، ثم تُؤْخَذُ اخْرَى فيُشَدُّ إِحْدَى طَرَفَيْها ممَّا يَلى ظَهْرَها، والأُخْرَى ممَّا يَلى السُرَّةَ، ويكونُ لِجَامُها على الفَرْجَيْن، ليُوقَنَ بذلك مِن عَدَمِ خُروجِ خارِجٍ. وقال: هو الأشْهَرُ عندَ الأصحابِ. فائدة: يُكَفَّنُ الصَّغِيرُ فى ثَوْبٍ واحدٍ، ويجوزُ في ثَلاَثةٍ. نصَّ عليه. قال المَجْدُ: وإنْ وَرِثَه غيرُ مُكَلَّفٍ، لم تَجُزِ الزيادةُ على ثَوْبٍ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ. وتُكَفَّنُ الصَّغيرةُ فى قَمِيصٍ ولِفافَتَيْن إن كان لها دونَ تِسْعٍ، وكذا ابنَةُ تِسْعٍ إلى البُلوغِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل الجماعةُ، أنَّها مِثْلُ البَالغَةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وتُكَفَّنُ الجارِيَةُ التى لم تبْلُغْ فى لِفافَتَيْن وقَمِيصٍ. ثم اخْتُلِفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى حَدِّ البُلوغِ؛ فقيلَ عنه: إنَّه البُلوغُ المُعْتادُ. وقيل، وهو الأكثرُ عنه: إنَّه بلُوغُ تِسْع سِنِين. انتهى. وحَكاهما فى «مَجْمَع البَحْرَيْن» رِوايتَيْن، وأطْلَقَهما.

وَالْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ ثَوْبٌ يَستُرُ جَمِيعَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والوَاجِبُ مِن ذلك ثوبٌ يَسْترُ جَميِعَه. يعْنِى، الذَّكَرَ والأُنْثَى، والكبِيرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّغِيرَ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: تجِبُ ثَلاثَةُ أثْوابٍ. اخْتارَه القاضى. وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. وقيل: تجِبُ خَمْسَةٌ. ذكَره ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم ذلك أوَّلَ الفَصْلِ بأتَمَّ مِن هذا وزِيادَةٍ.

فَصْلٌ فِى الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ قوله: فَصْلٌ فى الصَّلاةِ على المَيِّتِ. تقَدَّم فى كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الصَّلاةَ فرضٌ على الكِفَايَةِ. وتقدَّم مَن أوْلَى بالصَّلاةِ عليه، فى كلامِه أيضًا. وتُسَنُّ لها الجَماعَةُ بلا نِزاعٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنها تَسقُطُ بصَلاةِ رَجُلٍ أو امْرأةٍ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «مَجْمَعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَحْرَيْن». وعنه، لا تسْقُطُ إلَّا بثَلاَثةٍ فصاعِدًا. وقيل: لا تَسْقُطُ إلَّا باثْنَيْن فصاعِدًا. اخْتارَه صاحِبُ «الرَّوْضَةِ». وقيل: تسْقُطُ بنِساءٍ وخَناثَى عندَ عدَمِ الرِّجالِ، وإلَّا فلا. قال ابنُ تَميم: وهو ظاهِرُ كلامِ بعضِ أصحابِنا. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». وقدَّم المَجْدُ سقُوطَ الفَرْضِ بفِعْلِ المُمَيَّزِ كغُسْلِه، وقدَّمه فى «مَجْمَع البَحْرَيْن». وقيل: لا تسْقُطُ؛ لأنَّها نَفْلٌ. جزَم به أبو المَعالِى. وأطْلَقَهما فى «الرعايَةِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». ويأْتِى هل يُسَنُّ للنِّساءِ الصَّلاةُ على المَيِّتِ جماعةً؟ عندَ قوْلِه: وإنْ لم يحْضُره غيرُ النِّساءِ، صَلَّيْنَ عليه. مُسْتَوْفًى. فائدتان؛ إحْدَاهما، يُستَحَبُّ أنْ لا تنْقُصَ الصُّفُوفُ عن ثَلاثةٍ. نصَّ عليه. فلو وقَف فيها فَذًّا، جازَ عندَ القاضى فى «التَعْليقِ»، وابنِ عَقِيلٍ، وأبِى المَعالِى، وأنَّه أفْضَلُ أنْ يعيَّنَ صفًّا ثالثًا. وجزَم به فى «الِإفاداتِ». قال فى «الفُصُولِ»: فتكونُ مسْألَةَ مُعاياةٍ. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، عدَمُ الصِّحَّةِ، كصلاةِ الفَرْضِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى صَلاةِ الجماعةِ؛ عندَ قولِه: وإنْ صلَّى رَكْعَةً فَذًّا، لم يصِحَّ. الثَّانيةُ، لم يُصَلَّ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بإمامٍ، إجْماعًا. قالَه ابنُ عَبْدِ البَر؛ احتِرامًا له وتَعظيمًا. ورَوَى الطَّبَرانِىُّ، والبَزَّارُ، أنَّه [- صلى الله عليه وسلم -] (¬1) أوْصَى بذلك (¬2). قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: ولأنَّه لم يكُنْ قد اسْتَقَرَّ خَلِيفَةٌ بعدُ، فيُقَدَّمُ، فلو تَقَدَّم أحَدٌ رُبَّما أفْضَى إلى شَحْناءَ. انتهى. قلتُ: فيه نظَرٌ، والذى يظْهَرُ، أنَّ أبا ¬

(¬1) زيادة من:. (¬2) ذكره الهيثمى فى: مجمع الزوائد 9/ 24.وقال: رواه البزار، والطبرانى فى الأوسط.

السُّنَّةُ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، ووَسَطِ الْمَرْأَةِ , ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ تَولَّى الخِلافَةَ (¬1) قبلَ دَفْنِه. قوله: السُّنَّةُ أنْ يَقُومَ الِإمامُ عندَ رَأْسِ الرَّجُلِ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به فى «الكافِى»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الشَّرحِ». وهو المشْهورُ فى حديثِ أنَسٍ. قال فى «مَجْمعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه المُصَنِّفُ. والرِّوايةُ الثانيةُ، أنَّه يقِفُ عندَ صدْرِ الرَّجُلِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونَقَلَها الأكثرُ أيضًا. قال فى «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: نَصَّ عليها فى رِوايَةِ عَشَرَةٍ مِن أصحابِه. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬2): لا يخْتلِف المذهبُ أنَّه يقِفُ عندَ صَدْرِ الرَّجُلِ، وعندَ مَنْكِبَيْه. وجزَم به الخِرَقِىُّ، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) 3/ 452.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه ابنُ هُبَيْرَةَ. قال المَجْدُ، والشَّارِحُ: القَوْلان مُتَقَارِبان؛ فإنَّ الواقِفَ عندَ أحَدِهما، يُمْكِنُ أنْ يكونَ عندَ الآخَرِ لتَقارُبِهما، فالظَّاهِرُ، أنَّه وَقَفَ بينَهما. وأطْلَقَهما فى «تَجْريدِ العِنايةِ». وقيل: يقومُ عندَ مَنْكِبَيْه. وتقدَّم فى كلامِه فى «المُغْنِى». قوله: ووَسَطِ المَرْأَةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَله الأكثرُ عنِ الإمامِ أحمدَ. وعنه، يقِفُ عندَ صَدْرِ الرَّجُلِ والمرْأةِ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قال الخَلَّالُ: رِوايَةُ قِيامِه عندَ صَدْرِ المرأةِ سَهْوٌ، فيما حُكِىَ عنه، والعَمَلُ على ما

وَيُقَدَّمُ إِلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُهُمْ، وَيُجْعَلُ وَسَطُ الْمَرْأَةِ حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَوَاه الجماعةُ. وأطْلَقَهما فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». فعلى المذهبِ فى المَسْألَتَيْن، يقومُ مِنَ الخُنْثَى بينَ الصَّدْرِ والوَسَطِ، [وكذا لو اجْتَمَعَ رجُلٌ وامرأةٌ، على إحْدَى الرِّواياتِ. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِىِّ، واخْتِيارُ أبِى الخَطَابِ فى «خِلافِه». قال: والمنْصوصُ، وبها قطَعَ القاضى فى «التَّعْليقِ»، و «الجامِعِ»، والشَّرِيفُ، يُسوِّى بين رأسَيْهما، ويقِفُ حِذاءَ صَدْرِهما. وعنه، التَّخْيِيرُ، مع اخْتِيارِ التَّسويَةِ] (¬1). قوله: ويُقَدَّمُ إلى الِإمامِ أفْضَلُهم. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايةِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) فى ط: «ويأتى الخلاف، فى محل الوقوف إذا اجتمع الرجال والنساء قريبا، وتحريره. فائدة: لم يذكر المصنف ولا غيره موقف المنفرد. قال ابن نصر الله: والظاهر، أنه كالإمام. انتهى. وهو كما قال.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به ابنُ تَميمٍ. وقيل: يُقَدَّمُ الأكبرُ. وقيل: يُقَدَّمُ الأدْيَنُ. وقيل: يُقَدَّمُ السَّابِقُ، إلَّا المرأةَ. جزَم به أبو المَعالِى. وقال: لا يجوزُ تقْديمُ النِّساءِ على الرِّجالِ. انتهى. ثم القُرْعَةُ، ومع التساوِى يُقَدَّمُ مَنِ اتَّفَقَ. فوائد؛ إحْدَاها، يُسْتَحَبُّ أنْ يُقَدَّمَ إلى الِإمامِ الرَّجُلُ الحُرُّ، ثم العَبْدُ البالِغُ، ثم الصَّبِىُّ الحُرُّ، ثم العَبْدُ، ثم الخُنْثَى، ثم المرأةُ الحُرَّةُ، ثم الأمَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «الإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحَه فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَميم»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحَواشِى»، و «الفائقِ»، و «الشَّرحِ»، وغيرِهم. وعنه، تُقَدَّمُ المرأةُ على الصَّبِىِّ. وهو مِنَ المُفرَداتِ. واخْتارَها الخِرَقِىُّ، وأبو الوَفاءِ، ونَصَرها القاضى وغيرُه. وعنه، تُقَدَّمُ المرأةُ على الصَّبِىِّ والعَبْدِ. وهو خِلافُ ما ذكَره غيرُ واحدٍ إجْماعًا. وعنه، يُقَدَّمُ الصَّبِىُّ على العَبْدِ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وعنه، يُقَدَّمُ العبْدُ على الحُرِّ إذا كان دُونَه. وقيل: هما سواءٌ. وتقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك فى صَلاةِ الجماعةِ، عندَ قولِه: وكذلك يُفعَلُ بهم فى تقْديمِهم إلى الِإمامِ، إذا اجْتَمَعَتْ جَنائِزُهم. الثَّانيةُ، يُقَدَّمُ الأفْضَلُ أمَامَهما فى المَسيرِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. الثَّالثةُ، قال فى «الحَواشِي»: قال غيرُ واحدٍ: والحُكْمُ فى التَّقْديمِ إذا دُفِنُوا فى قَبْرٍ واحدٍ، حُكْمُ التَّقْديمِ إلى الِإمامِ، على ما تقدَّم. وقطَع به ابنُ تَميمٍ. الرَّابعةُ، جَمْعُ الموْتَى فى الصَّلاةِ أفْضَلُ مِنَ الصَّلاةِ عليهم مُنْفَرِدين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: عكْسُه. قال فى «المُذْهَبِ»: إذا اجْتمعَتْ جَنائزُ رِجالٍ ونِساءٍ، فإنْ أُمِنَ التَّغَيُّرُ عليهم، فالأفْضَلُ أنْ يصَلَّى على كلِّ جِنازَةٍ وحدَها. فإنْ خِيفَ عليهم التَّغَيُّرُ، وأمْكَنَ أنْ يُجعَلَ لكُلِّ واحدٍ إمامٌ، فعَل ذلك. وإنْ لم يمْكِنْ ذلك، صُلِّىَ عليهم صَلاةٌ واحدةٌ. انتهى. ووَجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بالتَّسْوِيةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُجْعَلُ وَسَطُ المَرأةِ حِذَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ. وهذا بِناءً منه على ما قالَه أوَّلًا؛ أنَّه يقومُ عندَ رأْسِ الرَّجُلِ ووَسَطِ المرأةِ. وتقدَّمَ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه يقومُ عندَ صدْرِ الرَّجُلِ ووَسَطِ المرأةِ. فكذا يجعَلُ إذا اجْتَمَعُوا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الهِدايَة»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّم المُصَنِّفُ هنا بأنَّه يُخالِفُ بينَ رُءُوسِهم عندَ الاجْتِماعِ. قال فى «المُغْنِى» (¬1): وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شرحِه»: هذا المذهبُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشيرَازِىُّ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»،. و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الخُلاصَةِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: يُسَوِّى بينَ رُءوسِهم، ويقومُ مقامَه ¬

(¬1) 3/ 454.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الرِّجالِ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، نقَلَها جماعةٌ. قال فى «الفُروعِ»: اختارَه جماعةٌ. قال الزَّركَشِىُّ: هى المنْصوصَةُ عن أحمدَ. واخْتارَها القاضى فى «الجامِعِ»، و «التَّعْليقِ»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. وجزَم به فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الهَادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الِإفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، ونَصَرَه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وأطلَقَهما فى «الشَّرحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «ابنِ تَميم»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وعنه، التَّخْيِيرُ مع اخْتِيارِ التَّسْوِيَةِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ جَعَل المرْأَةَ عندَ صَدْرِ الرَّجُلِ أو أسْفَلَه، فلا بأْسَ. فائدتان؛ إحْدَاهما، لو اجْتَمَعَ رِجالٌ مَوْتَى فقط، أو نِساءٌ فقط، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُسَوَّى بينَ رُءوسِهم، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُجْعَلُون درَجًا؛ رأْسُ هذا عندَ رِجْلِ هذا، وأنَّ هذا والتَّسْوِيَةَ سواءٌ. قال الخَلَّالُ: على هذا ثَبَت قوْلُه. وأمَّا الخَناثَى إذا اجْتَمعوا، فإنَّه يُسَوَّى بينَ رُءوسِهم. الثَّانيةُ، إذا اجْتَمَعَ مَوْتَى، قُدِّمَ مِنَ الأوْلِياءِ للصَّلاةِ عليهم أوْلَاهُم بالإمامَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ

وَيُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكْبِيراتٍ، يَقْرأُ فى الأولَى الْفَاتِحَةَ، ويُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فى الثَّانِيَةِ , ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. جزَم به فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، ونَصَره، وغيرِهما. وقيل: يُقَدَّمُ وَلِىُّ أسْبَقِهم حُضورًا. اخْتارَه القاضى. وقيل: يُقَدَّمُ ولِىُّ أسْبَقِهم مَوْتًا. وقيل: يُقدَّم وَلِىُّ أسْبَقِهم غَسْلًا. وأطْلَقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. فإنْ تَساوَوْا، أُقْرِعَ. ولوَلىِّ كلِّ مَيِّتٍ أنْ يَنْفَرِدَ بصَلاِته على مَيِّتِه. قوله: ويُكَبِّرُ أربعَ تَكْبيراتٍ؛ يَقْرَاُ فى الأولَى بالفاتِحَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يقْرَأُ الفاتِحَةَ إنْ صلَّى فى المَقْبَرَةِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ البُرزاطِىّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يزِيدُ على الفاتحةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعوا به، حتى قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: لا يقْرَأُ غيرَها بغيرِ خِلافٍ فى مَذْهَبِنا. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يقْرَأُ الفاتحةَ وسُورَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، يَتَعَوَّذُ قبلَ قِراءةِ الفاتحةِ. علىِ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يَتَعَوَّذُ. قال القاضى: يُخَرَّجُ فى الاسْتِعاذةِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، لا يَسْتَفْتِحُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، بلَى. اخْتارَه الخَلَّالُ. وجزَم به فى «التَّبْصِرَةِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قوله: ويُصَلِّى على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فى الثَّانيَةِ. كما فى التَّشَهُدِ، ولا يزِيدُ عليه.

ويَدْعُو فِى الثَّالِثَةِ , ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. واسْتَحَبَّ القاضى أنْ يقولَ، بعدَ الصَّلاةِ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهُمَّ صَلِّ على مَلائِكَتِك والمُقَرَّبِين، وأنْبِيائِك والمُرْسَلِين، وأهْلِ طاعَتِك أجْمَعِين. لأنَّ عَبْدَ اللهِ نقَل: يصَلِّى على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، والمَلائِكَةِ والمُقَرَّبِين (2). وقيل: لا تَتَعَيَّنُ الصَّلاةُ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ تكونَ كالتى فى التَّشَهُّدِ. وهو ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ هنا. وجَزم به فى «الكافِى». تنبيه: قوله: ويَدعُو فى الثَّالثةِ. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ أنْ يدْعُوَ بما ورَد؛ وممَّا ورَد، ما قالَه المُصَنِّفُ. ووَرَد غيرُه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الدُّعاءَ يكونُ فى الثَّالثةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَل جماعةٌ عن أحمدَ، يدْعُو للمَيِّتِ بعدَ

فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا؛ إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ,اللَّهُمَّ مَنْ أحْيَيْتَهُ منَّا فَأحْيِهِ عَلى الإسْلامِ والسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا , [40 ظ] ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعَةِ، وللمُسْلِمِين بعدَ الثَّالثةِ. اخْتارَه الخَلاَّلُ. واحْتَجَّ المَجْدُ فى ذلك، على أنَّه

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوْبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأبيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَزَوْجًا خيْرًا مِنْ زَوْجهِ، وَأدْخِلْهُ الجَنَّةَ ,وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ النَّارِ , وَافْسَحْ لَهُ فِى قَبْرِهِ , وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يتَعَيَّنُ الدُّعاءُ للمَيِّتِ فى الثَّالثةِ، بل يجوزُ فى الرَّابعَةِ، ولم يحْكِ خِلافًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَيْن هنا: قال الأصحابُ: لا تتَعَيَّنُ الثَّالثةُ للدُّعاءِ، بل

وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ , وَفَرَطاً وَأَجْراً , ـــــــــــــــــــــــــــــ لو أخَّر الدُّعاءَ للمَيِّتِ إلى الرَّابعَةِ، جازَ. قوله: وإنْ كان صَبِيًّا قال: اللَّهُمَّ اجْعَلْه ذُخْرًا لِوَالِدَيْه، إلى آخره. وكذا يُقالُ

وَشِفِيعاً مُجَاباً. اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا , وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا , وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ , وَاجْعَلْهُ فِى كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ , وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَاْبَ الْجَحِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الأُنْثَى الصَّغيرَةِ، ولا يَزيدُ على ذلك. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، إنْ كان صغِيرًا، زادَ الدُّعاءَ لوالِدَيْه بالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، للخَبَرِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». واقْتَصَرَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ علي الدُّعاءِ لوالِدَيْه بالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، للخَبَرِ، لكنْ زادَ، والدُّعاءَ له. وزادَ جماعةٌ، سُؤالَ المَغْفِرَةِ له. وفى «الخِلافِ» للقاضى وغيرِه، فى الصَّبِىِّ، الأشْبَهُ أنَّه يُخالِفُ الكبيرَ فى الدُّعاء له بالمَغْفِرَةِ، لأنَّه لا ذَنْبَ عليه. وكذا فى «الفُصولِ»، أنَّه يدْعُو لوالِدَيْه؛ لأنَّه لا ذَنْبَ له، فالعُدولُ إلى الدُّعاءِ لوالِدَيْه هو الأشْبَهُ. فوائد، إحْدَاها، إنْ لم يعْرِفْ إسْلامَ والِدَيْه، دَعا لمَوالِيه. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم فى مَن بلَغ مجْنونًا وماتَ، أنَّه كَصَغيرٍ. الثَّانيةُ، نقَل حَنْبَلٌ وغيرُه، أنَّه يُشِيرُ فى الدُّعاءِ بإصْبَعَيْه. ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه، لا بَأْسَ بذلك. قال ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ»: لا بأْسَ بالإشارَةِ حالَ الدُّعاءِ للمَيِّتِ. نصَّ عليه.

وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلاً , وَيُسَلِّمُ تَسْليمَةً واحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ , ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَالثةُ، يقولُ فى الصَّلاةِ على الخُنْثَى المُشْكلِ: إنْ كان هذا المَيِّتُ أو الشَّخْصُ، إلى آخِرِهِ. قالَه فى «الرِّعايةِ» وغيرِه. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ، وأبو المَعالِى وغيرُهم. ويقولُ فى الصَّلاةِ على المرْأةِ: إنَّ هذه أمَتُك بِنْتُ أمَتِك، إلى آخرِه. قوله: ويَقِفُ بعدَ الرَّابِعَةِ قليلًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. ولم يذْكُرْ جماعةٌ منهم الوُقوفَ بعدَ الرَّابعَةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يدعو بشئٍ بعدَ الرَّابعَةِ. وهو صحيحٌ. وإنَّما يقِفُ قلِيلاً بعدَها؛ ليُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفوفِ، وهو المذهبُ. نقَله الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروَعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رزِين». وهو ظاهِرُ كلامِه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وعنه، يقِفُ ويدْعُو. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والآجُرِّىّ، وأبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «ابن تَميمٍ»، و «مَسْبُوكِ الذَهَبِ». فعلى هذه الرِّوايَة، يُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ: اللَّهُمَ رَبَّنا آتِنا فى الدُّنْيا حَسَنَةً، ؤفى الآخِرَةِ حسَنةً، وقِنَا عذَابَ النَّارِ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. وجزَم به فى «الهِدايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوِيَيْن». وحَكاه ابنُ الزَّاغُونِىِّ عنِ الأكْثَرِين. واخْتارَه المَجْدُ. وهو ظاهرُ نَصِّ الإمام أحمدَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرعايتَيْن»، و «مَجْمعِ البَحْرَيْن». وقيل: المُسْتحَبُّ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقولَ: اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنا أجْرَه، ولا تَفْتِنَّا بعْدَه، واغْفِرْ لَنا وله. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قالَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ. وقال أيضًا: كلٌّ حسَنٌ. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ» رِوايةً، ويقولُ إيَّهما شاءَ. قال فى «الِإفاداتِ»: يقولُ: رَبَّنا آتِنَا فى الدُّنْيا حَسَنَةً، إلى آخِرِه. أو يدْعُو. وقال فى «البُلْغَةِ»: ويدْعُو بعَدَ الرَّابعَةِ دُعاءً يسِيرًا. وعنه، يُخْلِصُ الدُّعاءَ للمَيِّتِ فى الرَّابعَةِ. نصَّ عليه. واخْتارَه الخَلَّالُ. وتقدَّم ذلك قرِيبًا. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يتَشَهَّدُ بعدَ الرَّابعَةِ ولا يُسَبِّحُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به، ونصَّ عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه واخْتارَ حَرْبٌ، مِن كِبارِ أئمَّةِ الأصحابِ، أنَّه يقولُ: السَّلامُ عَلَيْك أيُّها النَّبِىُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبرَكاتُه، السَّلامُ علينا، وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالِحِين، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشْهَدُ أنَّ محمدًا عبْدُه ورسُولُه. قوله: ويُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً واحِدَةً. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. واسْتَحَبَّ القاضى أنْ يُسَلِّمَ تسْليمَةً ثانيةً عن يَسارِه. ذكَره الحَلْوانِىُّ وغيرُه رِوايةً. فعلى المذهبِ، يجوزُ الِإتيانُ بالثَّانيةِ مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ ظاهِرَ كلامِ أحمدَ يُكْرَهُ؛ لأنَّه لم يعْرِفْه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: عن يَمِينِه. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه. ويجوزُ تِلقاءَ وَجْهِه. نصَّ عليه. وجَعَله بعضُ الأصحابِ الأوْلَى. وتقدَّم فى صِفَةِ الصَّلاةِ، هل تجِبُ، ورَحْمَةُ اللهِ أم لا؟

وَيَرْفَعُ يَدَيهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ الإمامَ يجْهَرُ بالتَّسْليمِ، وظاهرُ كلامِ ابنِ الجَوْزِىِّ، أنَّه يُسِرُّ. انتهى. قلتُ: قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَهَبِ»: والهَيْئاتُ رَفْعُ اليَدَيْن مع كلِّ تكْبيرةٍ، والإخْفاتُ بالأذْكارِ ما عدَا التَّكْبيرةَ، والالْتِفاتُ فى التَّسْليمِ إلى اليَمِينِ. انتهى. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ثم يُسَلِّمُ عن يَمينه. نصَّ عليه. وقيل:

وَالْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ , الْقِيَامُ , والتَّكْبِيراتُ , وَالْفَاتِحَةُ , والصَّلاةُ عَلَى النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم - , وَأدْنَى دُعَاءٍ لِلميِّتِ , وَالسَّلامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسِرُّه. قوله: والوَاجِبُ مِن ذلك، القِيَامُ. تبعَ فى ذلك أكثرَ الأصحابِ. ومُرادُه، إذا كانتِ الصَّلاةُ فرْضًا. قالَه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه، ولو تكَرَّرَتْ أنَّ فِعْلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ الثَّانيةِ فرْضٌ. وقال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: وقِياسُ جَوازِ صَلاةِ النَّافِلَةِ مِنَ القاعِدِ، وجَوازِ صَلاةِ الجِنازَةِ قاعِدًا، إذا كان قد صَلَّى عليه مَرَّةً. انتهى. قلتُ: قد ذكَروا في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، الأرْكانَ، ولم يذْكُروا القِيامَ. فظاهِرُهَ أنَّه غيرُ رُكْنٍ، ولم أرَ مَن صرَّح بذلك مُطْلَقًا. قوله: والتَّكْبِيرَاتُ. بلا نِزاعٍ، لكنْ لو ترَك تكْبِيرةً عمْدًا، بَطَلَتِ الصَّلاةُ، وسَهْوًا يكَبِّرُها ما لم يَطُلِ الفَصْلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعيدُها كما لو طالَ. قوله: والفَاتِحَةُ. هذا المذهبُ، والصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا تجبُ. ولم يُوجِبِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ القِراءةَ، بل اسْتَحَبَّها. وهو ظاهِرُ نقْلِ أبَى طالبٍ. ونقَل ابنُ وَاصِلٍ (¬1) وغيرُه، لا بأْسَ. وعنه، لا يقْرأُ الفاتحةَ في المَقْبَرَةِ. وتقدَّمَتْ هذه الرِّوايَةُ. قوله: والصَّلَاةُ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وهذا المذهبُ، وأطْلقَه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحَواشِى». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: في الأصحِّ. وقال المَجْدُ وغيرُه: يجِبُ إنْ وَجَبَتْ في الصَّلاةِ، وإلَّا فلا. وقطَع به ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه في «النُّكَتِ». ¬

(¬1) هو محمد بن أحمد بن واصل المصري، أبو العباس. . عنده عند أبي عبد الله مسائل حسان. طبقات الحنابلة 1/ 263، 264.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والسَّلامُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ التَّسْليمَةِ الواحدةِ، وهي الأوْلَى، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، ثِنْتَان. خرَّجَها أبو الحُسَيْنِ وغيرُه. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. فائدة: قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر الواجِبَ: ولعَلَّ ظاهِرَ ذلك، تعَيُّنُ القِراءةِ في الأُولَى، والصَّلاةِ في الثَّانيةِ، والدُّعاءِ في والثَّالثةِ، خِلافًا «للمُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى». ولم يسْتَدِلَّ في «الكافِى» لِمَا قال. وقالَه في «الوَاضِحِ» في القِراءَةِ في الأُولَى. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِى المَعالِى وغيرِه. وسبَق كلامُ المَجْدِ. انتهي. قلتُ: صرَّح في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» بالتَّعْيينِ. فقال: وأقَلُّ ما يُجْزِئُّ في الصَّلاةِ سِتَّةُ أرْكانٍ؛ النِّيَّةُ، والتَّكْبِيراتُ الأرْبَعُ، والفاتحةُ بعدَ الأُولَى، والصَّلاةُ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، بعدَ الثَّانيةِ، والدُّعاءُ للمَيِّتِ بعدَ الثَّالثةِ، والتَّسْلِيمَةُ مرَّةً واحدةً. انتهي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ يُشْتَرَطُ لصلاةِ الجِنازَةِ ما يُشْترطُ للصَّلاةِ المَكْتوبَةِ، على ما تقدَّم، إلَّا الوَقْتَ. قال المَجْدُ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، وابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ»، وغيرُهم: ويُشْتَرَطُ أيضًا حُضورُ المَيِّتِ بينَ يَدَيْه، فلا تصِحُّ الصَّلَاةُ على جِنازَةٍ محْمولَةٍ. وصرَّح به جماعةٌ في المَسْبُوقِ. قال المَجْدُ وغيرُه: قُرْبُها مِنَ الإِمامِ مقْصودٌ، كقُرْبِ المأْمومِ مِنَ الإمامِ؛ لأنَّه يُسَنُّ الدُّنُوُّ منها. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: للصَّلاةِ على جِنازَةٍ مَحْمولَةٍ مأْخَذان؛ الأوَّلُ، اشْتِراطُ اسْتِقْرارِ المَحَلِّ، فقد يُخَرَّجُ فيه ما في الصَّلاةِ في السَّفينَةِ، وعلى الرَّاحِلَةِ مع اسْتِيفاءِ الفَرائضِ وإمْكانِ الانْتِقالِ. وفيه روايَتان. والثَّانِى، اشْتِراطُ مُحاذَاةِ المُصَلِّى للجنازَةِ، بحيثُ لو كانتْ أعْلَى مِن رَأْسِه، وهذا قد يُخَرَّجُ فيه ما في عُلُوِّ الإمامِ على المأمَومِ، فلو وُضِعَتْ على كُرْسِيٍّ عالٍ، أو مِنْبَرٍ، ارْتَفَعَ المَحْذورُ الأوَّلُ دونَ الثَّانِى. انتهى. وقال أبو المَعالِى أيضًا: لو صُلِّىَ على جِنازَةٍ وهي مَحْمولَةٌ على الأعْناقِ، أو على دابَّةٍ، أو صَغِيرٍ على يدَىْ رَجُلٍ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ الجِنازَةَ بمَنْزِلَةِ الإمامِ. ولو صُلِّىَ عليها، وهي مِن وَرَاءِ جِدارٍ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي في «الخِلافِ»: صلاةُ الصَّفِّ الأخيرِ جائزةٌ، ولو حصَل بينَ الجِنازَةِ وبينَه مَسافَةٌ بعيدةٌ. ولو وقَف في مَوْضِع الصَّفِّ الأخيرِ بلا حاجَةٍ، لم يَجُزْ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ولا تصِحُّ الصَّلاةُ على مَن في تَابوتٍ مُغَطَّى، وقيل: إنْ أمْكَنَ كشْفُه عادةً، ولا مِن وَرَاءِ جِدارٍ أو حائلٍ غيرِه. وقلتُ: يصِحُّ كالمكَبَّةِ. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ» أيضًا: ولا يجِبُ أنْ يُسامِتَ الإمامُ المَيِّتَ، فإنْ لم يُسامِتْه كُرِهَ، وصحَّتْ صَلاتُه. انتهى. ويُشْترَطُ أيضًا، تَطْهِيرُ المَيِّتِ بماءٍ، أو تيَمُّمٍ لعُذْرٍ أو عدَمٍ، فإنْ تعَذَّر صلَّى عليه. ويُشْتَرَطُ أيضًا، إسْلامُ المَيِّتِ. ولا يُشْترَطُ معْرِفَةُ عيْنِ المَيِّتِ، فيَنْوِى الصّلاةَ على الحاضرِ. على

وَإنْ كَبَّرَ الإمَامُ خَمْسًا كُبِّرَ بِتَكْبِيرِهِ. وَعَنْهُ، لَا يُتَابَعُ في زِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعٍ. وَعَنْهُ، يُتَابَعُ إِلَى سَبْعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ جَهِلَه نَوَى مَن يُصَلِّى عليه الامامُ. وقيل: لا. فعلى المذهبِ، الأوْلَى معْرِفَةُ ذُكُوريَّتِه وأُنوثِيَّتِه، واسمِه، وتَسْمِيَتُه في دُعائِه. وإنْ نَوَى أحَدَ المَوْتَى، اعْتُبِرَ تَعْيِينُه، كتَزْويجِه إحْدَى مُولِيَتَيْه، فإنْ بانَ غيرُه، فجزَم أبو المَعالِى، أَنَّها لا تصِحُّ. وقال: إنْ نَوَى على هذا الرَّجُلِ، فَبَانَ امْرأةً، أو عكْسُه، فالقِياسُ الإِجْزاءُ، لقُوَّةِ التَّعْيين على الصِّفَةِ في الأيْمانِ وغيرِها. قال في «الفُروعِ»: وهو معْنَى كلامٍ غيرِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ نَوَى أحَدَ الموْتَى، عَيَنّهَ، فإنْ عَيَّن مَيِّتًا فَبَان غيرُه، احْتَمَلَ وَجْهَيْن. قوله: وإنْ كبَّر خَمْسًا كُبِّرَ بتَكْبيرِه ولم يُتابَعْ على أزيدَ منها. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أشْهَرُ الرِّواياتِ. قال الشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه الخِرَقِي، والمُصَنِّفُ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يُتابَعُ في زِيادَةٍ على أرْبَعٍ. قال أبو المَعالِى: هذا المذهبُ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هي ظاهِرُ كلامِ أبِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطّابِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِهِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعنه، يُتابَعُ إلى شَبْعٍ، وهي المذهبُ. نَقَلها الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَها أبو بَكْرٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العَزيزِ، وابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْصٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَيْنِ، والمَجْدُ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَها عامَّةُ الأصحابِ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: تُوبعَ على الأظْهَرِ إلى سَبْعٍ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقَهُنَّ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعلى الرِّواياتِ كلِّها، المُخْتارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبعًا. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثْرَمِ. فوائد؛ إحْدَاها، لا يُتابَعُ الإِمامُ إذا زادَ على أرْبَعٍ، إذا عُلِمَ أو ظُنَّ بِدْعَتُه أو رَفْضُه لإظْهارِ شعارِهم. ذكَرَه ابنُ عَقِيل محَلَّ وفاقٍ. نقَلَه عنه في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». فيكونُ مُسْتَثْنًى مِنَ الخِلافِ في كلامِ الأصحابِ، مع أنَّ ظاهِرَ كلامَ المُصَنِّفِ وغيرِه خِلافُ ذلك. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»، وتَبِعَه في «مَجْمَع البَحْرَيْن»: هل يدْعُو بعدَ الزِّيادَةِ؟ يَحْتَمِلُ أنْ يُخَرَّجَ على الروايتَيْن في الدُّعاءِ بعدَ الرَّابعَةِ. وهذا الصَّحيحُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَدْعُوَ هنا. وإنْ قُلْنا: يدْعُو هناك. ويَحْتَمِلُ أنْ يدْعُوَ هنا فيما قبلَ الأخيرَةِ. وإنْ قُلْنا: لا يدْعُو هناك. وأطْلَقَهُنَّ ابن تَميمٍ. الثَّالثةُ، لو كبَّر، فجِئَ بجِنازَةٍ ثانيةٍ، أو أكْثرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكَبَّر، ونَوَاها لهما، وقد بَقِىَ مِن تكْبيرِه أرْبَعٌ، جازَ على غيرِ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. نصَّ عليه. وخرَّج في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» عَدَمَ الجَوازِ بكُلِّ حالٍ. فعلى المنْصوصِ، يدْعُو عَقِيبَ كلِّ تكْبيرةٍ. اخْتارَه القاضي في «الخِلافِ». قال في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو أصحُّ. وقيل: يُكَبِّرُ بعدَ التَّكْبيرةِ الرَّابعةِ مُتَتَابِعًا، كالمَسْبوقِ. وهو احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ. وقيل: يقراُ في الخامسَةِ، ويصَلِّى على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، في السَّادسَةِ، ويدْعو في السَّابعَةِ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِى»، و «الشَّرَحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» وجزَم به في «الكافِى» وغيرِه. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وأطْلَقَ القَوْلَيْن الأخِيرَيْن في «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يقْرَأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}. في الرَّابعَةِ، ويُصَلِّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، في الخامسَةِ، ويدْعُو للمَيِّتِ في السَّادِسَةِ، فيَحْصُلُ للرَّابعِ أَرْبَعُ تَكْبِيراتٍ. قال في «الفُروعِ»: وفى إعادةِ القراءةِ أو الصَّلاة للتى حضَرَتْ الوَجْهان. وأطْلَقَهما أيضًا ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». والصَّوابُ، أنَّ القِراءةَ والصَّلاةَ على النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، على الجِنازَةِ لا تُشْرَعُ بعدَ التَّكْبيرةِ الثَّانيةِ. وهو مُرادُ صاحِب «الفُروعِ». صرَّح به ابنُ حمْدانَ، وابنُ تَميمٍ. والألِفُ في قوله: أو الصَّلاةِ. زائدةٌ. واللهُ أعلمُ. فوائد، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الصَّلاةَ لا تبْطُلُ بمُجاوزَةِ سَبْعِ تكْبِيراتٍ عَمْدًا. نصَّ عليه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» وغيرِها. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تبْطُلُ. وذكَر ابنُ حامِدٍ وغيرُه، تبْطُلُ بمُجاوزَةِ أَرْبَعٍ عمْدًا، وبكُلِّ تَكْبيرةٍ لا يُتابَعُ عليها. فعلى المذهب، لا يجوزُ للمأْمومِ أنْ يُسَلِّمَ قبلَ الإِمامِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الرَّعايَةِ» وغيرِها. وقدَّمه في «الفُروع». وذكَر أبو المَعالِى وَجْهًا، يَنْوِى مُفارَقَتَه ويسَلِّمُ. والمُنْفَرِدُ كالإِمامِ في الزِّيادَةِ. والمَسْبوقُ خلفَ الإمام المُجاوِزِ، إنْ شاءَ قَضَى ما فاتَه بعدَ سلامِ الإمامِ، وإنْ شاءَ سلَّم معه. على الصًّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال بعضُ الأصحابِ. والسَّلامُ معه أوْلَى. وقال في «الفُصولِ»: إنْ دخَل معه في الرَّابعَةِ، ثم كبَّر الإِمامُ

وَمَنْ فَاتَهُ شَىْءٌ مِنَ التَّكْبِيرِ [41 و]، قَضَاهُ عَلَى صِفَتِهِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يَقضِيهِ مُتَتَابعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الجِنازَةِ الرَّابعَةِ ثلاثًا، تمَّتْ للمَسْبوقِ صَلاةُ جِنازَةٍ، وهي الرَّابعَةُ، فإنْ أحَبَّ سلَّم معه، وإنْ أحَبَّ قَضَى ثلاثَ تَكْبيراتٍ لتَتِمَّ صلاتُه على الجميعِ. ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ؛ تتِمُّ صلاتُه على الجميعِ وإنْ سلَّم معه؛ لتَمَامِ أرْبَع تكْبِيراتٍ للجميعِ. والمَحْذورُ النَّقْصُ عن ثَلاثٍ، ومُجاوَزَةُ سَبْعٍ؛ ولهذا لو جِئَ بجِنازَةٍ خامسةٍ، لم يُكَبِّر عليها الخامِسَةَ. قالَه في «الفُروعِ». ويجوزُ للمَسْبوقِ أنْ يدْخُلَ بينَ التكْبِيرتَيْن كالحاضرِ، إجْماعًا وكغيرِه. وعنه، ينْتَظِرُ تكْبِيرَه. وقال في «الفُصولِ»: إنْ شاءَ كَبَّر، وإنْ شاءَ انْتَظَرَ، وليس أحَدُهما أوْلَى مِنَ الآخَرِ، كسائرِ الصَّلَواتِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ويقْطَعُ قِراءتَه للتَّكْبيرَةِ الثَّانيةِ، لأنَّها سُنَّةٌ. ويَتْبَعُه، كمَسْبوقٍ يرْكَعُ إمامُه. واخْتارَ المَجْدُ، يُتِمُّها ما لم يَخَفْ فَوْتَ الثَّانيةِ. وإذا كبَّر الإمامُ قبلَ فَراغِه أدْرَكَ التَّكْبِيرةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالحاضرِ، وكإدْراكِه راكِعًا. وذكَر أبو المَعالِى وَجْهًا، لا يدْرِكُ، ويدْخُلُ المَسْبوقُ بعدَ الرَّابعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يدْخُلُ. وقيل: يدْخُلُ إنْ قُلْنا: بعدَها ذِكْرٌ. وإلَّا فلا. ويقْضِى ثلاثَ تَكْبِيراتٍ. على الصَّحيحِ. وقيل: أَرْبَعًا. قوله: ومَن فاتَه شَىْءٌ مِنَ التَّكْبِير، قَضَاه على صِفَتِه. هذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الإِفاداتِ»، و «تَذْكِرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشًرْحِ». و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: يقضِيه مُتَتابِعًا. ونصَّ عليه. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَرْكَشِىِّ»، وقال: هو منْصوصُ أحمدَ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ وغيرُهما: إنْ رُفِعَتِ الجنازَةُ قبلَ إتْمام التّكْبيرِ، قَضاه مُتَوالِيًا، وإنْ لم تُرْفَعْ، قَضاه على صِفَتِه. ذكَرَه الشَّارِحُ. وقال المَجْدُ، بعدَ أنْ حكَى القَوْلَيْن الأوَّلَيْن: ومحَلُّ الخِلافِ، فيما إذا خُشِىَ رفْعُ الجِنازَةِ. أمَّا إنْ

فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يَقْضِهِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عُلِمَ، بعادَةٍ أو قرِينَةٍ، أنَّها تَنْزِلُ، فلا تردُّدَ أنَّه يَقْضِى التَّكْبيراتِ بذِكْرها، على مُقْتَضَى تعْليلِ أصحابِنا. انتهى. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فقال: ويقْضِى ما فاتَه على صِفَتِه، فإنْ خَشِىَ رَفْعَها تابعَ، رُفِعَتْ أم لا. نصَّ عليه. وقيل: على صِفَتِه. والأصحُّ إلَّا أنْ تُرْفَعَ، فيُتابعَ. انتهى. قلتُ: وقطَع غالِبُ الأصحابِ بالمُتابعَةِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، إنْ رُفِعَتِ الجِنازَةُ، قطَعه على الصَّحيحِ. وقيل: يُتِمُّه مُتَتَابِعًا. قوله: فَإنْ سَلَّم ولم يَقْضِه، فعلى رِوايَتَيْن. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلَخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحْدَاهما، لا يجبُ القَضاءُ، بل يُسْتَحَبُّ. وهو المذهبُ المنْصوصُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه في «الفرُوعِ» وغيرِه. قلتُ: منهم الخِرَقِىُّ، والقاضى، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به في «المُحَرِّرِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجِبُ القَضاءُ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، والآجُرِّىُّ، والحَلْوِانِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وقال، اخْتارَه شيْخُنا. وقال: ويقْضِيه بعدَ سلامِه، لا يأْتِى به ثم يتْبَعُ الإِمامَ في أصحِّ الرِّوايتَيْن. فائدة: يُكْرَهُ لمَن صَلَّى عليها أنْ يُعيدَ الصَّلاةَ مرةً ثانيةً. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكْثرُ، ونصَّ عليه. وقيل: يَحْرُمُ. وذكَرَه في «المُنْتَخَبِ» نصًّا. وفى كلامِ القاضي، الكَراهَةُ وعدَمُ الجَوازِ. وقال في «الفُصولِ»: لا يصَلِّيها مرَّتَيْن، كالعِيدِ. وقيل: يصَلِّى ثانيًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، والمَجْدُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال أيضًا في موْضِع آخَرَ: ومَن صَلَّى على الجِنازَةِ، فلا يعيدُها إلاَّ لسَبَبٍ، مثْلَ أنْ يُعيدَ غيرُه الصَّلاةَ فيُعِيدَها معهم، أو يكونَ هو أحقُّ بالإمامَةِ مِنَ الطَّائفَةِ الثَّانيةِ، فيُصَلِّى بهم. وأطْلَقَ في «الوَسِيلَةِ»،

وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ، صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِلَى شَهْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «فُروعِ أبِى الحُسَيْن»، عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه يُصَلِّى ثانيًا؛ لأنَّه دُعاءٌ. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ، والمَجْدُ، يصَلِّى عليها ثانِيًا تَبَعًا، لا اسْتِقلالًا إجْماعًا. ويأْتِى قرِيبًا اسْتِحْبابُ الصَّلاةِ لمَن لم يُصَلِّ. ويأْتِى أنَّه إذَا صَلَّى على الغائبِ، ثم حضَر، اسْتِحْبابُ الصَّلاةِ عليه، بعدَ قوْلِه: وإنْ كان في أحَدِ جانِبَىِ البَلَدِ، لم يُصَلَّ عليه. فهو مُسْتَثْنًى مِنَ النُّصوصِ. قوله: ومَن فاتَتْه الصَّلاةُ على الجِنازَةِ، صَلَّى على القَبْرِ إلى شَهْرٍ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائِقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُصَلِّى عليها إلى سنَةٍ. وقيل: يصَلِّى عليها ما لم يَبْلَ. فعليه، لو شَكَّ في بِلَاه، صَلَّى. على الصَّحيحِ. وقيل: لا يصَلِّى. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: يصَلِّى عليه أبدًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وهو أظْهَرُ - فعلى المذهبِ، ذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم، لا تضُرُّ الزِّيادةُ اليَسِيرَةُ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ الإمامِ أحمدَ. قال القاضي: كاليوْمِ واليَوْمَيْن. فوائد؛ إحْدَاها، متى صَلَّى على القَبْرِ كان المَيِّتُ كالإِمامِ. قالَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى» وغيرِه. الثَانيةُ، حيثُ قُلْنا بالتَّوْقيتِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ أوَّلَ المُدَّةِ مِن وَقْتِ دَفْنِه. جزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الزَّرْكَشِى». وقال: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشْهورُ. واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. فعليه، لو لم يُدْفَنْ مدَّةً تزيدُ على شَهْرٍ، جازَ أنْ يصَلِّىَ عليه. وقيل: أوَّلُ المُدَّةِ مِن حينِ الموْتِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». الثَّالثةُ، وحيثُ قُلْنا بالتَّوْقيتِ أيضًا، فإنَّ الصَّلاةَ تحْرُمُ بَعدَه. نصَّ عليه. الرَّابعةُ، قوْلُه: صَلَّى على القَبْرِ. هذا ممَّا لا نِزاعَ فيه أعْلَمُه. يعْنِى، أَنَّه يصَلِّى على المَيِّتِ وهو في القَبْرِ. صرَّح به في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، فأمَّا الصَّلاةُ وهو خارِجُ القَبْرِ في المَقْبَرَةِ، فتَقَدَّم الخِلافُ فيه، في بابِ اجْتِنابِ النَّجاسَةِ. الخامسةُ، مَن شَكَّ في المُدَّةِ، صلَّى حتَّى يعْلَمَ فَراغَها. قالَه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ الوَجْهُ فى الشَّكِّ في بَقائِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّادسةُ، حُكْمُ الصَّلاةِ على الغَريقِ ونحوِه فى مِقْدارِ المُدَّةِ، كحُكْمِ الصَّلاةِ على القَبْرِ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي في «تَخْريجِه»: إذا تَفَسَّخَ المَيِّتُ فلا صلاةَ. السَّابعةُ، لو فاتَتْه الصَّلاةُ مع الجماعَةِ، اسْتُحِبَّ له أنْ يصَلِّىَ عليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِى»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصَلِّى مَن لم يصَلِّ إلى شَهْرٍ. وقيَّدَه ابنُ شِهابٍ. وقيل: لا تُجْزِئُه الصَّلاةُ بنِيَّةِ السُّنَّةِ. جزَم به أبو المَعالِى؛ لأنَّه لا يَتَنَفَّلُ بها ليَقْضِيَها بدُخولِه فيها. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وذكَر الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنَّ بعضَ الأصحابِ ذكَر وَجْهًا، أنَّها فرْضُ كِفايَةٍ:، مع سقُوطِ الإثْمِ بالأَوْلَى. وقال أيضًا: فُروضُ الكِفاياتِ، إذا قامَ بها رجُلٌ،

وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ بالنِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَىِ الْبَلَدِ، لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ، في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَقَطَتْ، ثم إذا فَعَل الكُلُّ ذلك، كان كلُّه فرْضًا. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ محَلَّ وِفاقٍ، لكن لَعَلَّه إذا فعَلُوه جميعًا، فإنَّه لا خِلافَ فيه. وفى فِعْلِ البعضِ بعدَ البَعضِ، وَجْهان. الثَّامنةُ، لا تجوزُ الصَّلاةُ على المَيِّتِ مِن وَراءِ حائلٍ قبلَ الدَّفْنِ. نصَّ عليه، لعدَمِ الحاجَةِ. وَسَبَق أَنَّه كإمامٍ، فيَجِئُ الخِلافُ. قالَه في «الفُروعِ». وصحَّحَ في «الرِّعايَةِ» الصِّحَّةَ كالمكَيَّةِ. وتقدَّم ذلك في شُروطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ عليها. قوله: ويُصَلَّى على الغَائِبِ بالنِّيَّةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا تجوزُ الصَّلاةُ عليه. وقيل: يصَلَّى عليه إنْ لم يكُن صُلِّىَ عليه، وإلَّا فلا. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وابنُ عَبْدِ القَوِيِّ، وصاحِبُ «النَّظْمِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الصَّلاةِ على الغائِبِ عنِ البَلَدِ، سواءٌ كان قرِيبًا أو بعيدًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لابدَّ أنْ يكونَ الغائِبُ مُنْفَصِلًا عنِ البَلَدِ بما يُعَدُّ الذَّهابُ إليه نوْعَ سفرٍ. وقال: أقْرَبُ الحُدودِ، ما تجِبُ فيه الجُمُعَةُ. وقال القاضي: يكْفِى خَمْسونَ خُطْوَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مُدَّةُ جَوازِ الصَّلاةِ على الغائبِ، كمُدَّةِ جَوازِ الصَّلاةِ على القَبْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضي في «الخِلافِ»: يصَلَّى على الغائبِ مُطْلَقًا. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو الواقِعُ في البِلادِ البعيدةِ. قوله: وإنْ كان في أحَدِ جانِبَىِ البَلَدِ، لم يُصَلَّ عليه بالنِّيَّةِ، في أصَحِّ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. والوَجْهُ الثَّانِى، يصَلَّى عليه للمَشَقَّةِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وأبطَلَه المَجْدُ بمَشَقَّةِ المَرَضِ والمطَرِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فيها تخْرِيجٌ. تنيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الخِلافَ جارٍ، سواءٌ كانتِ البَلَدُ صغِيرةً أو كبيرةً. وهو ظاهِرُ إطْلاقِ بعضِهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَحَلَّ الخِلافِ في البَلَدِ الكبيرِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وأمَّا البَلَدُ الصَّغِيرُ، فلا يصَلَّى على مَن في جانِبِه بالنِّيَّةِ، قوْلًا واحدًّا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: القائِلُون بالجَوازِ قيَّدَ مُحَقِّقُوهم البَلَدَ بالكَبيرِ، ومنهم مَن أطْلقَ ولم يُقَيِّدْ. انتهي. قلتُ: الَّذي يظْهَرُ أنَّ مُرادَ مَن أطْلَقَ، البَلَدُ الكَبِيرُ.

وَلَا يُصَلِّى الإْمَامُ عَلَى الْغَالِّ، وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْدَاهما، لو حضَر الغائِبُ الَّذي كان قد صُلِّىَ عليه، اسْتُحِبَّ أنْ يُصَلَّى عليه ثانِيًا. جزَم به ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايَى بها. وهي مُسْتَثْناةٌ مِن قوْلِهم: لا يُسْتَحَبُّ إعادةُ الصَّلاةِ عليه. على ما تقدَّم. الثَّانيةُ، لا يُصَلَّى مُطْلَقًا على المُفْتَرَسِ الماْكُولِ في بَطْنِ السَّبُعِ، والذي قد اسْتَحَالَ باحْتِراقِ النَّارِ ونحوِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «التَّلْخيصِ»: على الأظْهَرِ. قال في «الفُصولِ»: فأمَّا إنْ حصَل في بَطْنِ السَّبُعِ، لم يصَلَّ عليه مع مُشاهَدَةِ السَّبُعِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يُصَلَّى عليهما. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». قوله: ولا يُصَلَّى الإِمَامُ على الغالِّ، ولا مَن قتلَ نَفْسَه. مُرادُه، لا يُسْتَحَبُّ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: يَحْرُمُ. وهو وَجْهٌ حَكاه ابنُ تَميمٍ. وحكَى روايةً حَكاها في «الرِّعايَةَ». وهذا ظاهِرُ ما قدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقال: هذا المذهبُ المنْصوصُ بلا رَيْبٍ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه. وعنه، يُصَلِّى عليهما حتَّى على باغٍ ومُحارِبٍ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ الأَوَّلُ، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أَنَّه يُصلِّى على غيرِ الغالِّ ومَن قتَل نفْسَه، وذلك قِسْمان؛ أحدُهما، أهْلُ البِدَعِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصَلِّى عليهم. وعنه، يصَلِّى عليهم. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّانى، غيرُ أهْلِ البِدَعِ. فيُصَلِّى عليهم مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يُصَلِّى على أهْلِ الكَبائرِ. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. وجزَم بها في «التَّرغيبِ» وغيرِه. وقدَّمها في «التَّلْخيصِ». واخْتارَ المَجْدُ، أَنَّه لا يصَلِّى على كلِّ مَن ماتَ على مَعْصِيَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرةٍ بلا تَوْبَةٍ. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَه. وعنه، ولا يُصَلِّى على مَن قُتِلَ في حَدٍّ. وقال في «التَّلْخيصِ»: لا يخْتلفُ المذهبُ، أَنَّه إذا ماتَ المَحْدودُ، أَنَّه يجوزُ للإِمامِ الصَّلاةُ عليه، فإنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، صلَّى على الغَامِدِيَّةِ (¬1). وجزَم في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، أنُّ الشَّارِبَ الَّذي لم يُحَدَّ كالغالِّ ¬

(¬1) سيأتى تخريجه بعد قليل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاتلِ النَّفْسِ. وذكرَه في «الكُبْرى» رِوايةً. وعنه، ولا مَن ماتَ وعليه دَينٌ، لم يُخْلِف وَفَاءً. وهي مِنَ المُفْرَداتِ. التنبيه الثانى، المُرادُ هنا بالإِمامِ، إمامُ القَرْيَةِ. وهو وَالِيها في القَضاءِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو بَكْرٍ. نقَل حَرْبٌ، إمامُ كلِّ قَرْيَةٍ وَالِيها. وخَطَّأَه الخَلَّالُ. قال المَجْدُ: والصَّوابُ تَسْوِيَتُه، فإنَّ أعْظَمَ مُتَوَلٍّ للإِمامةِ في كلِّ بلْدَةٍ، يحْصُلُ بامْتِناعِه الرَّدْعُ والزَّجْرُ. ونقَل الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه الإمامُ الأعْظَمُ. واخْتارَه الخَلَّالُ. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال: هو أشْهَرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَيْن. وقيل: الإمامُ الأعْظَمُ أو نائبُه. فائدة: إذا قُتِلَ البَاغِى، غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه. وأمَّا قاطِعُ الطَّريقِ، فإنَّه يُقْتَلُ أوَّلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فعليه يُغَسَّلُ ويصَلَّى عليه، ثم يُصْلَبُ، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: يُصْلَبُ عَقِيبَ القَتْلِ، ثم يُنْزَلُ فيُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَنُ. جَزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، في بابِ المُحارِبِين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقيل: يُصْلَبُ قبلَ القَتْلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِى هذا فى بابِ حَدِّ المُحارِبِين.

وَإنْ وُجِدَ بَعْضُ الْمَيِّتِ، غُسِّلَ وَصُلِّىَ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ، لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَوَارِحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وُجِدَ بعضُ الميِّتِ- يعْنِى، تَحْقيقًا- غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه. يعْنِى، غيرَ شَعَرٍ وظُفْرٍ وسِنٍّ. وظاهِرُه، سواءٌ كان البعضُ الموْجودُ يعِيشُ معه، كَيَدٍ ورِجْلٍ ونحوِهما، أوْلا، كرأْسِ ونحوِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، تَبَعًا للمَجْدِ فى «شَرْحِه»: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، وقال: هو المشْهورُ. قال فى «الوَجيزِ»: وبعضُ المَيِّتِ ككُلِّه. وعنه، لا يُصَلَّى على الجَوارِحِ. قال الخَلَّالُ: لعلَّه قوْل قديمٌ لأبِى عَبْدِ اللهِ، والذى اسْتَقَرَّ عليه قوْلُه هو الأوَّلُ. فعليها، الاعْتِبارُ بالأكْثَرِ منه، فإنْ وُجدَ الأكْثُر أوَّلًا، صُلِّىَ عليه. ولو وُجِدَ بعدَه الأقَلُّ، لم يصَلَّ عليه. وإنْ وُجِدَ الأقَلُّ أوَّلًا، لم يُصَلَّ عليه لفَقْدِ الأكْثَرِ. فظاهرُ كلامِ ابنِ أبِى مُوسى، أنَّ ما دُونَ العُضْوِ الكاملِ لا يُصَلَّى عليه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: ما دُونَ العُضْوِ القاتلِ لا يُصَلَّى عليه. وقالَه فى «الفُروعِ». وهو فى بعضِ نُسَخِ ابنِ تَميمٍ. قوله: وصُلِّىَ عليه. تحْريرُ المذهبِ، أنَّه إنْ عُلِمَ أنَّه لم يُصَلَّ عليه، وَجَبَتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةُ عليه، قوْلًا واحدًا. وإنْ كان صُلِّىَ عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أَنَّه يُسْتَحَبُّ الصَّلاةُ عليه. قال المَجْدُ، وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ: وهو الأصحُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقيل: يجِبُ أيضًا. اخْتارَه القاضى. وصحَّحه فى «الرِّعايَةِ». وحيثُ قُلْنا: يُصَلَّى. فإنَّه يَنْوِى على البَعضِ الموْجودِ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَنْوِى الجُمْلةَ. واخْتارَه فى «التَّلْخيصِ». وأمّا غَسْلُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه واجِبٌ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ: رِوايةً واحدةً. وكذا تكْفِينُه ودَفْنُه. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُغَسَّلُ ويُكَفَّنُ ويُدْفَنُ فى الأصحِّ. وقيل: لا يجِبُ ذلك كلُّه. وهو مِنَ المُفرَداتِ، وهو ضعيفٌ. قال ابنُ تَميمٍ: وحكَى الآمِدِىُّ سقُوطَ الغَسْلِ إنْ قُلْنا: لا يُصَلَّى عليها. فائدتان؛ إحْدَاهما، إذا صُلِّىَ على البَعضِ، في وُجِدَ الأكثرُ، فقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: احْتمَلَ أنْ لا تجِبَ الصَّلاةُ، واحْتَمَلَ أنْ تجِبَ، وإنْ تكَررَ الوُجوبُ، جَعْلًا للأكْثَرِ كالكُلِّ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وتَبعَ- المَجْدَ فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: لا يُصَلَّى على الأقَلِّ. وعنه، يصَلَّى. قال ابنُ تَميمٍ: وإذا وُجِدَتْ جارِحَةٌ مِن جُمْلَةٍ، لم يُصَلَّ عليها. وإنْ قُلْنا بالصَّلاةِ على الجَوارحِ، وجَب أنْ يصَلَّى عليها، ثم إذا وُجِدَ الجُمْلَةُ، فهل تجِبُ إعادةُ الصَّلاةِ؟ فيه وَجْهان تقدَّما. وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، يجِبُ هنا، وإنْ لم تجِبْ فيما إذا صلَّى على الأكْثَرِ، ثم وُجِدَتِ الجارحَةُ. وهل يُنْبَشُ ليُدْفَنَ معه أو بجَنْبِه؟ فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ حمْدانَ». قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ وُجِدَ الجزءُ بعدَ دَفْنِ المَيِّتِ، غُسِّلَ وصُلِّىَ عليه ودُفِنَ إلى جانِبِ القَبْرِ، أو يُنْبَشُ بعضُ القَبْرِ ويدْفَنُ فيه. وقال ابنُ رَزِينٍ: دُفِنَ بجَنْبِه ولم يُنْبَشْ؛ لأنَّه مُثْلَةٌ. الثَّانيةُ، ما بَانَ مِن حىٍّ، كيَدٍ وساقٍ انفْصَلَ فى وَقْتٍ، لو وُجِدَتْ فيه الجُملَةُ، لم تُغَسَّلْ ولم يصَلَّ عليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصَلَّى عليها إنِ احْتَمَلَ موْتُه. قالَه فى «الفُروعِ».

وَإنِ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، صُلِّىَ عَلَى الْجَمِيعِ، يَنْوِى مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَطَ مَن يُصَلَّى عليه بِمَن لا يُصَلَّى عليه، صُلِّىَ على الجميعِ، يَنْوِى مَن يُصَلَّى عليه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وكذا حُكْمُ غَسْلِهم وتكْفِيِهم، بلا نِزاعٍ. وعنه، إنِ اخْتلَطوا بدارِ الحرْبِ، فلا صلاةَ. وأمَّا

وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِى الْمَسْجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دَفْنُهم، فقال الِإمامُ أحمدُ: إنْ قَدَروا دَفَنُوهم مُنْفَرِدين، وإلَّا فمع المُسْلِمين. قوله: ولا بأْسَ بِالصَّلاةِ على الميَّت فى المسْجِدِ. يعْنِى، أنَّها لا تُكْرَهُ فيه. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: الصَّلاة فيه أفْضَلُ. قال الآجُرًىُّ: السُّنًةُ الصَّلاةُ عليه فيه وأنَه قوْلُ أحمدَ. وقيل: عدَمُ الصَّلاةِ فيه أفْضلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخيَّرَه الِإمامُ أحمدُ فى الصَّلاةِ عليه فيه وعدَمِها. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا أُمِنَ تَلْوِيثُه، فأمَّا إذا لم يُؤْمَنْ تَلْوِيثُه، لم تَجُزِ الصَّلاةُ فيه. ذكَرَه أبو المَعالِى وغيرُه.

وِإنْ لَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُ النِّسَاءِ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَحْضرْه غيرُ النِّساءِ صَلَّيْنَ عليه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُسَنُّ لهُنَّ الصَّلاةُ عليه جماعةً، إذا لم يصلِّ عليه رِجالٌ. نصَّ عليه؛ كالمَكْتوبَه. وقيل: لا يُسَنُّ لهُنَّ جماعةٌ. بل الأفْضَلُ فُرادَى. اخْتارَه القاضى. وعلى كِلا القَوْلَيْن يسْقُطُ فرْضُ الصَّلاةِ بهِنَّ، ولو كانتْ واحدةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم فى أوَّلِ الفَصْلِ ويقدَّمُ مِنْهنَّ مَن يُقدَّمُ مِنَ الرِّجالِ. قال فى «الفُصولِ»: حتى ولو كان مِنْهُنً وَالِيةٌ وقاضِيَةٌ. فأمَّا إذا صلَّى الرِّجالُ، فإنَهُنَّ يصَلِّينَ فُرادَى. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: جماعةً. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلَقهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ. فائدة: له بصَلاةِ الجِنازَةِ قِيراطٌ. وهو أمْرٌ معْلومٌ عندَ اللهِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ أنَّه قِيراطٌ نِسْبَتُه مِن أجْرِ صاحِبِ المُصِيبَةِ، وله بتَمامِ دَفْنِها قِيراطٌ آخَرُ. وذكَر أبو المَعالِى وَجْهًا، أنَّ الثَّانِىَ بوَضْعِه فى قَبْرِه. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ إذا سُتِرَ باللَّبِنِ. فائدة: يُكْرَهُ أخْذُ الأجْرَةِ للحَمْلِ والحفْرِ والغَسْلِ ونحوِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرعايتَيْن». وصحَّحه فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ويجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ. وعنه، لا يُكْرَهُ. وعنه، يُكْرَهُ بلا

فَصْلٌ فِى حَمْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ: يُسْتَحَبُّ التَّرْبِيعُ فِى حَمْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ السَّرِيرِ الْيُسْرَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلَى الْمُؤَخِّرَةِ، ثُمَّ يَضَعِ قَائِمَتَهُ الْيُمْنَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلَى الْمُؤَخرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حاجَةٍ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ تَميمٍ: كَرِهَ أحمدُ أخْذَ أُجْرَةٍ، إلًا أنْ يكونَ مُحْتاجًا، فمِن بَيْتِ المالِ، فإنْ تعَذَّر أُعْطِىَ قَدْرَ عَمَلِه. وعنه، لا بأْسَ. والصَّحيحُ، جَوازُ أخْذِها على مالا يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ فاعِلُه مِن أهْلِ القُرْبَةِ. قالَه بعضُ أصحابِنا. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ أخْذُ الأجْرَةِ. وقالَه الآمِدِىُّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: يُسْتَحَبُ التَّرْبيعُ فى حَمْلِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكثرُهم. وقال أبو حَفْصٍ، والآجُرِّىُّ وغيرُهما: يُكْرَهُ التَّربِيعُ إنِ ازْدَحَموا عليه أيُّهم يحْمِلُه. قوله: وهو أنْ يَضَعَ قائِمَةَ السَّرِيرِ اليُسْرَى المقَدَّمَةَ على كَتِفِه اليُمْنَى، ثم يَنْتَقِلَ إلى

وَإنْ حَمَلَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ فَحَسَنٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المؤخَّرةِ. مُرادُه بقائمةِ السَّريرِ اليُسْرَى، المُقَدَّمةُ التى مِن جِهةِ يمينِ المَيِّتِ. قوله: ثم يَضَعَ قَائمَتَه اليُمْنَى المقَدَّمَةَ على كَتِفِه اليُسْرَى، ثم يَنْتَقِلَ إلى المؤخَّرةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، فتكونُ البَداءَةُ مِنَ الجانِبَيْن مِنْ عندِ رأْسِه، والخِتامُ مِن عندِ رِجْلَيْه. وعنه، يبْدَأُ بالمُؤَخَّرةِ وهى الثَّالثةُ، يجْعلُها على كَتفِه الأيْسَرِ، ثم المُقَدَّمةِ، فتكونُ البَداءةُ بالرَّأْسِ، والخِتامُ به. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وإنْ حمَل بينَ العُمودَيْن فَحَسَنٌ. يعْنِى، لا يُكْرهُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، يُكْرهُ. وعنه، التَّربِيعُ والحمْلُ بينَ العَمودَيْن سواءٌ. فعليها، الجَمْعُ بينَهما أوْلَى. زادَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، إذا جمعَ وحملَ بينَ العَمُودَيْن، فمِن عندِ رأْسِه، ثم مِن عندِ رِجْلَيْه. وقال فى «المُذْهبِ»: مِن ناحِيَةٍ رِجْلَيْه لا يصِحُّ إلَّا التَّرْبِيعُ.

وَيُسْتَحَبُّ الإسْرَاعُ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُسْتَحَبُّ سَتْرُ نَعْشِ المرأةِ. ذكَره جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حمْدانَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «المُسْتوْعِبِ»: يُسْتَرُ بالمكبةِ. ومَعْناه فى «الفُصولِ». قال بعضُ العُلَماءِ: أوَّلُ مَنِ اتُّخِذَ ذلك له زَيْنَبُ أمُّ المُؤمِنِين (¬1)، وماتَت سَنَةَ عِشْرِين. وقال فى «التَّلْخيصِ»: لا بأْسَ بجَعْلِ المكبة عليه وفوْقَها ثوبٌ. انتهى. ويكْرَهُ تغْطيَتُه بغيرِ البَياضِ، ويُسّنُّ به. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ وغيرُهما: لا بأْسَ. بحَمْلِها فى تابُوتٍ. وكذا مَن لم يمْكِنْ ترْكُه على النَّعْشِ إلَّا بمِثْلِه، كالأحْدَبِ ونحوِه. قال فى «الفُصولِ»: المُقَطّعُ تُلَفَّقُ أعْضاؤُه بطينٍ حُرٍّ ويُغَطَّى حتى لا يتَبَيَّنَ تَشْوِيهُه. وقال أيضًا: الواجِبُ جَمْعُ أعْضائِه فى كفَنٍ واحد وقبرٍ واحدٍ. وقال أبو حَفْصٍ وغيره: يُسْتَحَبُّ شَدُّ النَّعْشِ بعِمامَةٍ. انتهى. ولا بأْسَ بحَمْلِ الطِّفْلِ بينَ يَدَيْه، ولا بأْسَ بحَمْلِ المَيِّتِ بأعْمِدَةٍ للحاجَةِ، وعلى داَّبةٍ لغَرَضٍ صحيحٍ، ويجوزُ لبُعْدِ قَبْرِه. وعنه، يُكْرَهُ. قوله: ويُسْتَحَبُّ الإسْرَاعُ بِها. مُرادُه إذا لم يُخَفْ عليه بالإسْراعِ، فإن خِيفَ ¬

(¬1) أخرج ابن سعد أنه لما ماتت زينب بنت جحش أشارت أسماء بنت عميس على عمر أن يجعل لها نعشاً ويغشيه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، تأنَّى. قال: وإنْ لم يُخَفْ عليه، فنَصَّ الِإمامُ أحمدُ، أنَّه يسْرِعُ، ويكونُ دُونَ الخَبَبِ. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ: يَمْشِى أعْلَى دَرجاتِ المَشْىِ المُعْتادِ. وقال فى «المُذْهبِ»: يُسْرِعُ فوقَ المَشْىِ ودُونَ الخَببِ. وقال القاضى: يُسْتَحَبُّ الِإسْراعُ بحيثُ لا يخْرُجُ عنِ المَشْىِ المُعْتادِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُسَنُّ الإسْراعُ بها يسِيرًا. قال فى «الكافِى»: لا يُفْرِطُ فى الِإسْراعِ فَيَمْخُضهَا ويُؤْذِىَ مُتَّبِعِيها. ¬

= بثوب، وكانت أول من صنع لها ذلك. الطبقات 8/ 111. وتقدم فى صفحة 82 حكاية صاحب الشرح أن أول من صنع لها ذلك فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وكلامُهم مُتَقارِبٌ. فائدة: يرُاعَى بالإسْراعِ الحاجَةُ. نصَّ عليه.

وَيَكُونُ الْمُشَاةُ أَمَامَهَا، وَالرُّكْبَانُ خَلْفَهَا [41 ظ]، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأنْ يَكُونَ المُشاةُ أمامَها. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، يمْشِى حيثُ شاءَ. وقال المُصَنِّفُ فى «الكافِى»: حيثُ مشَى فحَسَنٌ. وعلى الأوَّلِ، لا يُكْرَهُ خلْفَها وحيثُ شاءَ. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والرُّكْبانُ خَلْفَها. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ. وهذا بلا نِزاع. فلو رَكِبَ وكان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمامَها، كُرِهَ. قالَه المَجْدُ. ومُرادُ مَن قال: الرُّكْبانُ خلْفَها. إذا كانتْ جِنازَةَ مُسْلم. وأمَّا إذا كانتْ جِنازَةَ كافرٍ، فإنَّه يرْكبُ ويتقدَّمُها، على ما تقدَّم. فائدتان؛ إحْدَاهما، يُكْرهُ الرُّكوبُ لمَن تَبِعَها بلا عُذْرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُكْرهُ، كرُكوبِه [1/ 186 او] فى عَوْدِه. قال القاضى فى «تَخْريجِه»: لا بأْسَ به، والمَشْىُ أفْضَلُ. الثَّانيةُ، فى راكبِ السَّفينةِ وَجْهان؛ أحَدُهما، هو كَراكبِ الدَّابَّةِ،. فيكونُ خلْفَها. وقدَّمه صاحِبُ «الفُروعِ»، فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِ جامعِ الأيْمانِ، لو حلَف لا يرْكَبُ، حَنِثَ برُكوبِ سفِينَةٍ، فى المنْصُوصِ، تقْديمًا للشَّرْعِ واللُّغَةِ. فعلى هذا، يكونُ راكِبًا خلْفَها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّانِى، يكونُ منها كالماشِى، فيكونُ أمامَها. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «الحَواشِى». قال بعضُ الأصحابِ: هذان الوَجْهان مَبْنِيَّان على أنَّ حُكْمَه كراكبِ الدَّابَّةِ، أو كالماشِى، وأنَّ عليهما يَنْبَنِى دَوَرَانُه فى الصَّلاةِ.

وَلَا يَجْلِسُ مَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُوضَعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجْلِسُ مَن تَبِعَها حتى تُوضَع. يعْنِى، يُكْرَهُ ذلك. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكْرَهُ الجُلوسُ، كمَن كان بعيدًا عنها. تنبيه: قَوْلُه: حتى تُوضَعَ. يعْنِى، بالأرْضِ للدَّفْنِ. وهذا المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ. وعنه، حتى تُوضَعَ للصَّلاةِ. وعنه، حتى تُوضَعَ فى اللَّحْدِ.

وَإنْ جَاءَتْ وَهُوَ جَالِسٌ لَمْ يَقُمْ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جاءَت وهو جالِسٌ لم يَقُمْ لها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وعنه، يُسْتَحَبُّ القِيامُ لها، ولو كانتْ كافِرَةً. نَصَرَه ابنُ أبِى مُوسى. واخْتارَهْ القاضى، وابنُ عَقِيل، والشَّيْخُ تَقِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ» فيه. وعنه، القِيامُ وعدَمُه سواءٌ. وعنه، يُسْتَحَبُّ القِيامُ حتى تَغِيبَ أو تُوضَعَ. وقالَه ابنُ أبى مُوسى. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ على هذا، يقومُ حينَ يَرَاها قبلَ وُصُولِها إليه؛ للخَبَرِ. فوائد، إحْدَاها، كان الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، إذا صلَّى على جنازَةٍ، هو وَلِيُّها، لم يجْلِسْ حتى تُدْفَنَ. ونَقَل حَنْبَلٌ، لا بأسَ بقِيامِه على القَبرِ حتى تُدْفَنَ؛ جَبْرًا وإكْرامًا. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: - هذا حسَنٌ لا بأْسَ به. نصَّ عليه. الثَّانيةُ، اتِّباعُ الجِنازَةِ سُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى آخِرِ «الرِّعايَةِ»: اتِّباعُها فَرْضُ كِفايَةٍ. انتهى. وهو حَقٌّ له ولأهْلِه. وذكَر الآجُرِّىُّ، أنَّ مِنَ الخيْرِ أنْ يتْبَعَها لقَضاءِ حق أخِيه المُسْلمِ. الثَّالثةُ، يَحْرُمُ عليه أنْ يتْبَعَها ومعها مُنْكَرٌ عاجِزٌ عن مَنْعِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، نحوُ طَبْلٍ أو نَوْحٍ أو لَطْمِ نِسْوَةٍ، وتَصْفيقٍ ورَفْع أصواتِهِنَّ. وعنه، يتْبَعُها ويُنْكِرُ بحسْبِه، ويَلزَمُ القادِرَ، فلو ظنَّ أنَّه إذا تَبِعَها أُزِيلَ المُنْكَرُ، لَزِمَه على الرِّوايتَيْن؛ لحُصُولِ المقْصُودَيْن. ذكَره المَجْدُ. وتَبِعَه فى «الفُروعِ». فيُعايىَ بها. وقيل فى العاجِزِ: كمَن دُعِىَ إلى غَسْل مَيِّتٍ، فسَمِعَ طَبْلًا أو نوْحًا، وفيه رِوايَتان. نقَل المَرُّوذِىُّ،

وَيُدْخَلُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ، إِنْ كَانَ أَسْهلَ عَلَيْهِم، ـــــــــــــــــــــــــــــ لا. ونقَل أبو الحارِثِ وأبو داودَ، يُغَسِّلُه ويَنْهاهُم. قلتُ: إنْ غلَب على ظَنِّه الزَّجْرُ، غَسَّلَهِ، وإلَّا ذهَب. الرَّابعةُ، يُكْرَهُ للمرأةِ اتِّباعُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. رقيل: يُكرَهُ للأجنَبِيَّةِ. قال ابن أبِى مُوسى: قد رخَّص بعضُهم لها فى شُهودِ أبِيها ووَلَدِها وذِى قَرابَتِها، مع التَّحَفُّظِ والاسْتِحْياءِ والتَّسَتُّرِ. وقال الآجُرِّىُّ: يَحْرُمُ. وما هو ببعيدٍ فى زَمَنِنا هذا. قال أبو المَعالِى: يُمْنَعْنَ مِن اتِّباعِها. وقال أبو حَفْصٍ-: هو بِدْعَةٌ، يُطْرَدْنَ، فإنْ رَجَعْنَ، وإلَّا رجَع الرِّجالُ، بعدَ أنْ يَحْثُوا على أفْواهِهِنَّ التُّرابَ. قال: ورخَّص الإمامُ أحمدُ فى اتِّباعِ جنازَةٍ يتْبَعُها النِّساءُ. قال أبو حَفصٍ: ويَحْرُمُ بلُوغُ المرأةِ القَبْرَ. قوله: ويُدْخَلُ قَبْرَه مِن عندِ رِجْلِ القَبْرِ، إنْ كان أسْهلَ عليهم. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يبْدَأُ بإدْخالِ رِجْلَيْه مِن عندِ رأْسِه. ذكَره ابنُ الزَّاغُونِىِّ. فوائد؛ إحْدَاها، إذا كان دُخوُله مِن عندِ رِجْلِ القَبْرِ يشُقُّ، أدْخَلَه مِن قبْلَتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُعْتَرِضًا. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ» وغيرهما. وقال فى «الفُروعِ»: لا يُدْخَلُ المَيِّتُ مُعْتَرِضًا مِن قبْلَتِه. ونقَل الجَماعَةُ، الأسْهَلُ، ثم سواءٌ. الثَّانيةُ، أوْلَى النَّاسِ بالتَّكْفِينِ والدَّفْنِ، أوْلَاهُم بالغَسْلِ، على ما تقدَّم. وقال فى «المُحَرَّر» وغيره: والسُّنَّةُ أنْ يَتَوَلَّى دَفْنَ المَيِّتِ غاسِلُه. انتهى. والأوْلَى لمَن هو أحقُّ بذلك أنْ يتَولَّاهُما بنَفْسِه، ثم بنَائِبه إنْ شاءَ، ثم بعدَهم الأوْلَى بالدَّفْنِ، الرِّجالُ الأجانِبُ، ثم مَحارِمُه مِنَ النِّساءِ، ثم الأجْنَبيَّاتُ، ومَحارِمُها مِنَ الرِّجالِ أوْلَى مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجانبِ، ومِن مَحَارِمِها النِّساءِ بِدَفْنِها. وهل يُقدَّمُ الزَّوْجُ على مَحارِمِها الرِّجالِ أم لا؟ فيه رِوايَتان وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «النُّكَتِ»؛ إحْدَاهما، يقَدَّمُ المَحارِمُ على الزَّوْجِ. قال الخَلَّالُ: اسْتَفاضَتِ الرِّوايةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، أنَّ الأوْلياءَ يقَدَّمونَ على الزَّوْجِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُغْنِى». وقدَّمه فى «النَّظْمِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، الزَّوْجُ أحقُّ مِنَ الأوْلياءِ بذلك. اخْتارَه القاضى، وأبو المَعالِى. فإنْ عُدِمَ الزَّوْجُ ومَحارِمُها الرِّجالُ، فهل الأجانبُ أوْلَى، أو نِساءُ مَحارِمِها مع عدَمِ مَحْذُورٍ مِن تكَشُّفِهِنَّ بحَضْرَةِ الرِّجالِ أو غيره؟ قال المَجْدُ: أو اتِّباعهنَّ؟ فيه رِوايَتان، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابن تَميم»، و «النُّكَتِ»؛ - إحْدَاهما، الأجانِبُ أوْلَى. وهو الصَّحيحُ. قال المُصَنِّفُ: هذا أصحُّ وأحْسَنُ. واخْتارَه المَجْدُ. وقدَّمه النَّاظِمُ. وقال: هو أشْهَرُ القَولَيْن. والثَّانيةُ، نِساءُ مَحارِمها أوْلَى. جزَم به الخِرَقِىُّ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وأبو المَعالِى. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». وقال: نصَّ عليه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذه الرِّوايَةُ محْمولَةٌ عندِى على ما إذا لم يَكُنْ فى دَفْنِهِنَّ مَحْذُورٌ مِنِ اتِّباعِ الجِنازَةِ، أو التَّكَشُّفِ بحَضْرَةِ الأجانبِ أو غيرِه. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُقَدَّمُ الأقْرَبُ منهنَّ فالأقرَبُ، فى حقِّ الرِّجُلِ. وعلى كِلا الرِّوايتَيْن، لا يُكْرهُ دفْنُ الرِّجالِ للمرأةِ، وإنْ كان مَحْرَمُها حاضِراً. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجهُ احْتِمالٌ، يَحْمِلُها مِنَ المُغْتَسَلِ إلى النَّعْشِ. الثَّالثةُ، يُقَدَّمُ مِنَ الرِّجالِ الخَصِىُّ، ثم الشَّيْخُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم الأفْضَلُ دينًا ومَعْرِفةً. ومَن بَعُدَ عهْدُه بجِماعٍ أوْلَى ممَّن قَرُبَ. الرَّابعةُ، يُسْتَحَبُّ تَعْمِيقُ القَبْرِ وتَوْسعَتُه مِن غيرِ حدٍّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الكافِى». وقال أحمدُ أيضًا: إلى الصَّدْرِ. وقال أكثرُ الأصحابِ: قامَةٌ وبَسْطَة. قالَه فى «الفُروعِ»، وذكَرَه غيرُ واحدٍ نصًّا عن أحمدَ. والبَسْطَةُ، البَاعُ. الخامسةُ، يكْفِى مِن ذلك ما يَمْنَعُ ظُهورَ الرَّائحةِ،. والسِّباعَ. ذكَره الأصحابُ.

وَلَا يُسَجَّى الْقَبْرُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِامْرأةٍ. وَيَلْحَدُ لَهُ لَحْدًا، وَيَنْصِبُ عَلَيْهِ اللَّبِنَ نَصْبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَلْحَدُ له لحدًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ اللَّحْدَ أفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ، بل

وَلَا يُدْخِلُهُ خَشَبًا، وَلَا شَيْئًا مَسَّتْهُ النَّارُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْره الشَّقُّ بلا عُذْرٍ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس اللَّحْدُ بأفْضَلَ منه. ذكَرَها في «الفُروعَ»، و «الرِّعايَة». قوله: ويَنْصِبُ عليه اللَّبِنَ نَصْبًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ اللَّبِنَ أفْضَلُ مِنَ القَصَبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُنْصَبُ عليه قَصَبٌ. اخْتارَه الخَلًالُ، وصاحِبُه، وابنُ عَقِيلٍ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: ولا يُدْخِلُه خَشَبًا. إذا لم يكُنْ ضرورَة، فإنْ كان ثَمَّ ضَرورةٌ أُدْخِلَ الخَشَبُ.

وَيَقُولُ الَّذِى يُدْخِلُهُ: بِسْمِ اللهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْدَاهما، يُكْرَهُ الدَّفْنُ فى تَابوتٍ، ولو كان المَيِّتُ امرأةً. نِصَّ عليه. زادَ بعضُهم، ويُكْرَهُ فى حَجَرٍ مَنْقُوشٍ. وقال بعضُهم.: أو يُجْعَلُ فيه حديدٌ، ولو كانتِ الأرْضُ رُخْوَةً أو نَدِيَّةً. الثَّانيةُ، لا توْقيتَ فى مَن يُدْخِلُه القَبْرَ، بل ذلك بحسَبِ الحاجَةِ. نصَّ عليه. كسائرِ أمُورِه. وقيل: الوِتْرُ أفْضَلُ. قوله: ويَقولُ الذى يُدْخِلُه: بسمِ اللهِ، وعلى مِلَّةِ رسولِ اللهِ. وهذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يقولُ: اللَّهُمَّ بارِكْ فى القَبْرِ وصاحِبِه. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ قَرَأ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (¬1). وإنْ أتَى بذِكْرٍ ودُعاءٍ يلِيقُ عندَ وَضْعِه وإلْحادِه، فلا بأْسَ؛ لفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، وفِعْلِ الصَّحابَةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعِين. ¬

(¬1) سورة طه 55.

وَيَضَعُهُ فِى لَحْدِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَن، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَضَعُه فى لَحْدِه على جنْبِه الأيْمنِ، مُسْتقبلَ القِبْلَةِ. وَضْعُه فى لَحْدِه على جَنْبِه الأيمَنِ مُسْتَحَبٌّ، بلا نِزاعٍ. وكوْنُه مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ واجِبٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ اخْتارَه القاضى وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقطع به الآمِدِىُّ، والشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ، والقاضى أبو الحُسَيْن، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال صاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»: يُسْتَحَبُّ ذلك. وقدَّمه ابنُ تَميم. فعلى المذهبِ، لو وُضِعَ غيرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ، نُبِشَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: قال أصحابُنا: يُنْبَشُ إلَّا أنْ يخافَ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَفَسَّخَ. وعلى القوْلِ الثَّانِى، لا يُنْبَشُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه فى «النُّكَتِ». وتقدَّم ذلك مِّسْتَوْفًى فى أوَّلِ فصْلِ غَسْلِ المَيِّتِ بأتَمَّ مِن هذا. فوائد؛ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يضعَ تحتَ رأْسِه لَبِنَةً كالمِخَدَّةِ للحَىِّ، ويُكْرهُ وَضْعُ بِساطٍ تحتَه مُطْلَقًا. قدَّمه فى «الفُروعِ». والمنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّه لا بأْسَ

وَيَحْثُو التُّرَابَ فِى الْقَبْرِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، وَيُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَطيفَةِ مِن عِلَّةٍ، قالَه فى «الفُروعِ». وعنه، لا بأسَ بها مُطْلَقًا. قال ابنُ تَميمٍ: وإنْ جُعِلَ تحتَه قَطيفَةٌ فلا بأْسَ. نصَّ عليه. وقيل: يُسْتَحَبُّ. ومنها، يُكْرَهُ وضْعُ مُضَرَّبَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا بأْسَ بها. وتُكْرَهُ المِخَدَّةُ، قولًا واحدًا. ومنها، كَرِهَ الِإمامُ أحمدُ الدَّفْنَ عندَ طُلوعِ الشَّمْسِ وغُروبِها، وكذا عندَ قيامِها، وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وجزَم به ناظِمُها. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): لا يجوزُ. وذكَر المَجْدُ، أنَّه يُكْرَهُ. ومنها، الدَّفْنُ فى النَّهارِ أوْلَى، ويجوزُ ليْلًا. نصَّ عليه. وعنه، يُكْرَهُ. ذكَرَه ابنُ هُبَيْرَةَ اتِّفاقَ الأئمَّةِ الأرْبَعَةِ. وعنه، لا يفْعَلُه إلَّا ضَرُورَةً. ومنها، الدَّفْنُ فى الصَّحراءِ أفْضَلُ. وكَرِهَه أبو المَعالِى وغيُره فى البُنْيانِ. قوله: ويَحْثو التُّرابَ فى القَبْرِ ثَلاثَ حَثَياتٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، اسْتِحْبابُ فعْلِ ذلك مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ ذلك للقَريبِ منه ¬

(¬1) 3/ 502.

وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ عَنِ الْأرْضِ قَدْرَ شِبْرِ مُسَنَّمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط. وعنه، لا بأْسَ بذلك. وحيثُ قُلْنا: يحْثُو. فيَأْتِى به مِن أىِّ جِهَةٍ كانتْ. وقيل: مِن قِبَلِ رأْسِه. جزَم به ابنُ تَميمٍ. فائدة: يُكْرَهُ زيادةُ تُرابِه. نصَّ عليه. قال فى «الفُصولِ»: إلَّا أنْ يحْتاجَ إليه. نقَل أبو داودَ، إلَّا أنْ يَسْتَوِىَ بالأرْضِ، ولا يُعْرَفَ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مع أنَّ تُرابَ قَبْرٍ لا يُنْقَلُ إلى آخَرَ. فائدة: لا بأْسَ بتَعْليمِه بحَجَرٍ، أو خَشَبَةٍ ونحوِهما. نصَّ عليه. ونصَّ أيضًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه يُسْتَحَبُّ، ولا بأْسَ بلَوْحٍ، نقَلَه المَيْمُونِىُّ. ونقَل المَرُّوذِىُّ، يُكْرَهُ. ونقَل الأَثْرَمُ، ما سمِعْتُ فيه بشئٍ.

وَيُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُرَشُّ عليه الماءُ. وكذا قال الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويُرَشُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الماءُ. وعنه، لا بأسَ. فائدة: يُسْتَحَبُّ تَلْقينُ المَيِّتِ بعد دفنِه عندَ أكثرِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اسْتحبَّه الأكثرُ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه القاضى، وأصحابُه، وأكثرُنا. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. فيجْلِسُ المُلقَنُ عندَ رأْسِه. وقال الشَيْخُ تَقِىُّ الدِّين.: تلْقينُه بعدَ دفْنِه مُباحٌ عندَ أحمدَ، وبعضِ أصحابِنا. وقال: الِإباحةُ أعْدَلُ الأقوالِ، ولا يُكْرَهُ. قال أبو المَعالِى: لوِ انْصرفوا قبلَه لم يَعودُوا؛ لأنَّ الخَبَرَ قبلَ انْصرافِهم. وقال المُصنِّفُ: لم نسْمَعْ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّلْقينِ شيئًا عن أحمدَ، ولا أعلمُ فيه للأئمَّةِ قولًا، سِوَى ما رَواه الأَثرَمُ، قال: قلتُ لأبِى عبدِ الله: فهذا الذى يَصْنَعونَ إذا دُفِنَ المَيِّتُ، يقِفُ الرَّجلُ فيقولُ: يا فلانُ ابنَ فُلانَةَ إلى آخِرِه. فقال: ما رأَيْتُ أحَدًا فعَل هذا إلا أهْلَ الشَّامِ، حينَ ماتَ أبو المُغِيرَةِ. وقال فى «الكافِى»: سُئِلَ أحمدُ عن تلْقينِ المَيِّتِ فى قبرِه؟ فقال: ما رأَيْتُ أحَدًا يفْعلُه إلَّا أهْلَ الشَّامِ. وقد روَى الطَّبَرَانِىُّ، وابنُ شاهِينَ، وأبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى» وغيرُهم فى ذلك حدِيثًا. وقال فى «الفُروعِ»: وفى تلْقينِ غيرِ المُكَلَّفِ وَجْهان، بِناءً على نُزولِ المَلَكَيْن إليه، وسُؤالِه وامْتِحانِه؛ النَّفْىُ قوْلُ

وَلَا بَأْسَ بِتَطْيينِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ. والِإثْباتُ قولُ أبى حَكيمٍ، وغيرِه. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: وهو ظاهرُ كلامِ أبِى الخَطَّابِ. وحَكاه ابنُ عَبْدوسٍ المُتَقَدَّمُ عنِ الأصحابِ. قال الشَيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهو أصحُّ. قال ابنُ حَمْدانَ فى «نِهَايَة المُبْتَدئين»: قال أبو الحسنِ ابنُ عَبْدُوس: يُسْألُ الأطْفَالُ عنِ الإقْرارِ الأوَّلِ حينَ الذُّرِّيةِ، والكِبارُ يُسألونَ عن مُعْتَقَدِهم فى الدُّنْيا، وإقْرارِهم الأوَّلِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وقال شَيْخُنا: يُلَقَّنُ. وقَدَّمَه فى «الرِّعايتَيْن». فعلى هذا، يكونُ المذهبُ التَّلْقينَ، والنَّفْسُ تميلُ إلى عدَمِه، والعمَلُ عليه، وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ فى «مُخْتَصَرِه»، و «الحاوِيَيْن». قوله: ولا بأْسَ بتَطْيينِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل:

وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ، وَالْجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْتَحَبُّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال أبو حَفْص: يُكْرَهُ. قوله: ويُكْرَهُ تَجْصيصُه، والبِناءُ والكِتابَةُ عليه. أمَّا تَجْصِيصُه، فمَكْروهٌ بلا خِلافٍ نعْلَمُه. وكذا الكِتابَةُ عليه، وكذا تزْويقُه، وتخْليقُه، ونحوُه، وهو بِدْعَةٌ. وأمَّا البِناءُ عليه، فمَكْروهٌ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، سواءٌ لاصَقَ البِناءُ الأرْضَ أم لا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: أطْلَقَه أحمدُ، والأصحابُ. وقال صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمَجْدُ، وابنُ تَميمٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم: لا بأْسَ بقُبَّةٍ وبَيْتٍ وحظيرةٍ فى مِلْكِه. وقدَّمه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، لكنِ اخْتارَ الأوَّلَ. وقال المَجْدُ: يُكْرَهُ ذلك فى الصَّحراءِ، للتَّضْييقِ والتَّشَبُّهِ بأبْنِيَةِ أهْلِ الدُّنْيا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ويُكْرَهُ إنْ كان فى مُسَبلَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه الصَّحراءُ. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: يُكْرَهُ البِناءُ الفاخِرُ كالقُبَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه لا بأْسَ ببِناءٍ. وعنه، مَنْعُ البِناءِ فى وَقْفٍ عامٍّ. وقال أبو حَفْص: تَحْرُمُ الحُجْرَةُ، بل تُهْدَمُ. وحرَّم الفُسْطاطَ أيضًا. وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ الفُسْطاطَ والخَيْمَةَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: متى بنَى ما يخْتَصُّ به فيها، فهو غاصِبٌ. وقال أبو المَعالِى: فيه تَضْيِيقٌ على المُسْلِمين، وفيه فى مِلْكِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إسْرافٌ وإضاعَةُ مالٍ. وقال فى «الفُصولِ»: القُبَّةُ والحظيرةُ والتُّرْبَةُ، إنْ كان فى مِلْكِه، فعَل ما شاءَ، وإنْ كان فى مُسَبَّلَةٍ، كُرِهَ التَّضْييقُ بلا فائدةٍ، ويكونُ اسْتِعْمالًا للمُسَبَّلَةِ فيما لم تُوضَعْ له. قوله: ويُكْرَهُ الجُلوسُ، والوَطْءُ عليه، والاتِّكاءُ إليه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وكَراهَةُ المشْىِ فى المقابرِ بالنَّعْلَيْن مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وجزَم به ناظِمُها. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: لا يجوزُ. وقالَه فى «الكافِى»، وغيرِه. وقدَّم ابنُ تَميم، وغيرُه، له المَشْىُ عليه ليَصِلَ إلى مَن يزُورُه للحاجَةِ. وفعَله الِإمامُ أحمدُ. وسألَه عَبْدُ اللهِ، يُكْرَهُ دَوْسُه وتَخَطِّيه؟ فقال: نعمْ، يُكْرَه دَوْسُه. ولم يَكْرَهِ الآجُرِّىّ توَسُّدَه؛ لفِعْلِ على، رَضِىَ الله عنه. رواه مالِكٌ (¬1). ¬

(¬1) فى: باب الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر، من كتاب الجنائز. الوطأ 1/ 233.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ مِثْلُه فى الجُلوسِ. فائدة: لا يجوزُ التَّخَلِّى عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «نِهايَة الأَزَجِىِّ»: يُكْرَهُ التَّخَلِّىْ. قلتُ: فلعَلَّه أرادَ بالكراهَةِ التَّحْريمَ، وإلَّا فبعيدٌ جدًّا. ويُكْرَهُ التَّخَلِّى بينَها. وكَرِهَه الِإمامُ أحمدُ. زادَ حَرْبٌ، كراهِيَةً شديدةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الفُصول»: حُرْمَتُه باقيةٌ؛ ولهذا يُمْنَعُ من جميعِ ما يُؤْذِى الحَىَّ أنْ يُنال به، كتَقريب النَّجاسَةِ منه. انتهى. فائدة: يُكرَهُ الحديثُ عندَ القُبورِ، والمَشْىُ بالنَّعْلِ، ويُسْتَحَب خَلْعُه، إلَّا خوْفَ نَجاسَةٍ أو شَؤكٍ ونحوِه. وعنه، لا يُسْتَحَبُّ خَلْعُ النَّعْلِ، كالخُفِّ، وفى التُمُشكِ وَجْهان. وأطلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النُّكَتِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقال: نَظَرًا إلى المَعْنَى، والقَصْرِ على النَّصِّ، أحدُهما، لا يُكْرَهُ. اختارَه القاضى. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. والثَّانِى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ كالنَّعْلِ. وقطَع ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ، أنَّه لا يُكْرَهُ بالنِّعالِ. قال فى «النُّكَتِ»: وهو غريبٌ ضعيفٌ مُخالِفٌ للخَبَرِ والمذهبِ.

وَلَا يدْفَنُ فِيهِ اثْنَانِ إِلَّا لِضَرورَةٍ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ كلِّ اثْنَيْن حَاجزٌ مِنَ التُّرَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُدْفَنُ فيه اثنان إلَّا لضَرورَةٍ. وكذا قال ابنُ تَميمٍ، والمَجْدُ، وغيرُهما. وظاهِرُه التَّحْريمُ إذا لم يكُنْ ضَرورةٌ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به أبو المَعالِى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُكْرَهُ. اخْتارَه ابنُ

وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ إلَى الْقِبْلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، والشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ، وغيرُهما. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهرُ، وقطَع به المَجْدُ فى نَبْشِه لغَرَض صحيح، ولم يُصَرِّحْ بخِلافِه، فدَلَّ على أنَّ المذهبَ عندَه، رِوايةً واحدةً، لا يَّحْرُمُ. انتهى. وعنه، يجوزُ. نقَل أبو طالِبٍ وغيرُه، لا بأُسَ. وعنه، يجوزُ ذلك فى المَحارِمِ. وقيل: يجوز فى مَن لا حُكْمَ لعَوْرَتِه. وهو احْتِمالٌ للمَجْدِ فى «شَرْحِه». قوله: ويُقَدَّمُ الأفْضَلُ إلى القِبْلَةِ. يعْنِى، حيثُ جوَّزْنا دفْنَ اثْنَيْن فأكثرَ فى قبرٍ واحدٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقَدَّمُ إلى القِبْلَةِ الأفْضلُ. وقيل: يُقَدَّمُ الأكبرُ. وقيل: يُقَدَّمُ الأدْيَنُ. والخِلافُ هنا كالخِلافِ فى تقْديمِهم إلى الإمَامِ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ عليهم، على ما تقدَّم. وكذا لوِ اخْتلفَتْ أنواعُهم، كرِجال ونِساءٍ وصِبْيانٍ، قُدم إلى القِبْلَةِ مَن يُقَدَّمُ إلى الإمَامِ فى الصَّلاةِ عليهم، كما تقدَّم. قالَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» وغيرِه. فإنِ اسْتَوَوا فى الصِّفاتِ، قُدِّمَ أحَدُهم إلى القِبْلَةِ بالقُرْعَةِ. قالَه فى «القَواعِدِ». قوله: ويُجْعَلُ بينَ كلِّ اثْنَيْن حاجزٌ مِنَ التُّرَابِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. إلَّا أنَّ الآجُرئَ قال: إنَّما يجْعَلُ ذلك إذا كان رِجالٌ ونِساءٌ. قال فى «الفُروعَ»: كذا قال. فوائد؛ إحْدَاها، قال ابنُ حمْدانَ وغيرُه: وإنْ جُعِلَ القبرُ طوِيلًا، وجُعِلَ رأْسُ كلِّ واحدٍ عندَ رِجْلَىِ الآخرِ، أو وسَطِه، جازَ. وهو أحْسَنُ ممَّا قبلَه، ويكونُ رأْسُ المفْضولِ عندَ رِجْلَىِ الفاضلِ أو وسَطِه (¬1) كالدَّرَجِ. الثَانيةُ، يُسْتَحَبُّ جَمعُ الأقاربِ فى بُقْعَةٍ واحدةٍ؛ لأنَّه أسْهَلُ لزِيارَتِهم وأبعدُ لانْدِراسِهم. ويُسْتَحَبُّ الدَّفنُ فى البُقْعَةِ التى يكْثُرُ فيها الصَّالحون والشُّهداءُ، وكذا البِقَاعُ الشَّريفةُ. الثَّالثةُ، مَن سبَق إلى مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ، قُدِّم. فإنْ جاءَا معًا، أُقْرِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال المَجْدُ، وتَبعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وصاحِبُ ¬

(¬1) فى أ: «ساقه».

وَإنْ وَقَعَ فِى الْقَبْرِ مَالَهُ قِيمَةٌ.، نُبِشَ وَأُخِذَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الفِقهِيًةِ»: إذا جاءَا معًا، قُدِّمَ منَ له مَزِيَّةٌ [نحوُ كونِه] (¬1) عندَ أهْلِه. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: قلتُ: وكذا لو كان واقِفُ الأرْضِ، إنْ جازَ أنْ يُدْفَنَ فيها كما قدَّمْنا، مَن له مَزيَّةٌ بإخْراجِ السَّبْقِ فى المُفاضلَةِ. ثم قال: فإنْ تَساوَيَا، أُقْرِعَ. قلتُ: فإنْ خِيفَ على أحَدِهما بتَفْويِته هذه البُقعَةَ، فيَنْبَغِى أنْ يُقَدَّمَ بذلك، كما يقدَّمُ المُضطَرُّ على صاحبِ الطَّعامِ ونحوِه. انتهى. الرَّابعةُ.، متى عُلِمَ أنَّ المَيِّتَ صارَ تُرابًا، قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم ظُنَّ أنَّه صارَ تُرابًا، ولهذا ذكَر غيرُ واحدٍ، يعْمَلُ بقوْلِ أهْلِ الخِبْرَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ دَفْنُ غيرِه فيه. قال أبو المَعالِى: جازَ الدَّفْنُ، والزِّراعَةُ، وغيرُ ذلك. ومُرادُه، إذا لم يُخالِف شَرْطَ واقِفِه لتَعْيِينه الجِهَةَ. وقيل: لا يجوزُ. قال الآمِدِىُّ: ظاهِرُ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ. وأمَّا إذا لم يَصِرْ تُرابًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ الدَّفْنُ فيه. نصَّ عليه. ونقَل أبو طالِبٍ، تَبْقَى عِظامُه مَكانَه ويُدْفَنُ. اخْتارَه الخَلاَّلُ. الخامسةُ، قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم أبو المَعالِى، كما تقدَّم: له حرثُ أرْضِه إذا بَلِىَ العَظْمُ. قوله: وإنْ وقَع فى القَبْرِ ماله قيمَةٌ، نُبِشَ وأُخِذَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، المَنْعُ إنْ بُذِلَ له عِوَضُه. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على روايةٍ؛ يُمْنَعُ مِن نَبْشِه بلا ضَرُورةٍ. ¬

(¬1) فى. أ: «شوكة».

وَإنْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ غَصْبٍ، أَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ، غَرِمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَقِيلَ: يُنْبَشُ، وَيُؤْخَذُ الْكَفَنُ، وَيُشَقُّ جَوْفُهُ فَيُخْرَجُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه بقولِه: مالَه قِيمَةٌ. يعْنِى، فى العادَةِ والعُرْفِ. وإنْ قلَّ خطَرُه، قال أبو المَعالِى: ذكَره أصحابُنا. قال: ويَحْتَمِلُ ما يجِبُ تعْرِيفُه لو رَماهُ به فيه. قوله: وإنْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ غَصْبٍ، لم يُنْبَشْ؛ لهتْكِ حُرْمَتِه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،. و «الشَّرْحِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال المَجْدُ: إنْ تَغَيَّر المَيِّتُ وخُشِىَ عليه المُثْلةُ، لم يُنْبَشْ، وإلَّا نُبِشَ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقيل: يُنْبَشُ مُطْلَقًا، ويؤْخَذُ الكفَنُ. صحَّحه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وجزَم به فى «الِإفاداتِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهُنَ ابن تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكبْرى». وأطْلَقَ الأوَّلَ والأخيرَ فى «التَلْخيصِ». فعلى المذهبِ، يغْرَمُ ذلك منِ تَرِكَتِه، كما قال المُصَنَفُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميم: قالَه أصحابُنا. وقال المَجْدُ: يضْمَنُه مَن كَفَّنَه فيه؛ لمُباشَرَتِه الِإتْلافَ عالِمًا، فإنْ جهِلَه فالقَرارُ على الغاصِبِ، ولو كان المَيِّتَ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». فائدة: حيثُ تعَذَّرَ الغرْمُ نُبِشَ، قوْلًا واحدًا. قوله: أو بلَع مالَ غيرِه، غَرِمَ ذلك مِن تَرِكَتِه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». ومالَ إليه الشَّارِحُ. وقيل: يُنْبَشُ ويُشَقُّ جوْفُه فيُخرَجُ منه. صحَّحه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه فى «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». فعلى هذا القوْلِ، لو كان ظَنَّه مِلْكَه، فوَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قلتُ: الصَّوابُ نَبْشُه. وقال المَجْدُ هنا كما قالَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى التى قبلَها. وأطْلَقَهُنَّ فى «الرعايَةِ الكُبْرى». وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّه يغْرَمُ اليسِيرَ مِن تَرِكَتِه وَجْهًا واحدًا. وما هو ببعيدٍ. وحيثُ قُلْنا: يغْرَمُ مِن ترِكَتِه. فتعَذَّرَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُنْبَشُ ويشَقُّ جوْفُه. وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ بُذِلَتْ قِيمَتُه لم يُشَقَّ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال بعضُ الأصحابِ أيضًا: إنْ بذَلَها وارِثٌ، لم يُشَقَّ، - وإلَّا شُقَّ. وقيل: لم يُشَقَّ مُطْلَقًا. تنبيه: مفْهومُ قولِه: أو بلَع مالَ غيرِه. أنَّه لو بلَع مالَ نفْسِه، أنَّه لا يُنْبَش. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يُنْبَشَ (¬1) إذا كانَ له قيمة. وقال فى «المُبْهِجِ»: يُحْسَبُ مِن ثُلُثِه. فعلى المذهبِ، يُؤْخَذُ إذا بَلِىَ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو كان عليه دَيْنٌ يُنْبَشُ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وظاهِرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه لا يُنْبَشُ. فائدة: لو بلَع مالَ غيرِه بإذْنِه، أُخِذَ إذا بَلِىَ المَيِّتُ، ولا يُعْرَضُ له قبلَه، ولا يضْمَنُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كمالِه. وقال فى «الفُصولِ»: إنْ بَلعه بإذْنِه، فهو المُتْلِفُ لمالِه، كقولِه: ألْقِ مَتاعَكَ فى البَحْرِ. فألقاه. قال: وكذا لو رآه مُحْتاجًا إلى رَبْطِ أسْنانِهْ بذَهَبٍ، فأعْطاه خَيْطًا مِن ذَهبٍ، أو أنْفًا مِن ذَهب، فأعْطَاه فرَبَطَه به وماتَ، لم يجِبْ قَلْعُه ورَدُّه؛ لأنَ فيه مُثْلَةً. قال فى ¬

(¬1) فى ط: «يشق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعَ»: كذا قال. فائدة: لو ماتَ وله أنْفٌ ذَهبٌ، لم يُقْلعْ، لكنْ إنْ كان بائِعُه لم يأْخُذْ ثَمَنَه أخَذَه مِن ترِكَتِه، ومع عدَمِ التَّرِكَةِ يأُخذُه إذا بَلِىَ. وهذا المذهبُ. وقيل: يُؤْخَذُ فى الحالِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّه لا يُعْتَبَرُ للرُّجوعِ حياةُ المُفْلِسِ فى قوْلٍ، مع أنَّ فيه هنا مُثْلَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ دَفْنُ الشَّهيِد بمَضرَعِه سُنَّةٌ. نصَّ عليه. حتى لو نُقِلَ، رُدَّ إليه. ويجوزُ نقْلُ غيرِه. أطْلقَه الِإمامُ أحمدُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ، وهو ظاهِرُ كلامِهم، إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُه. وذكَر المَجْدُ إنْ لم يُظَنَّ تَغَيُّرُه. انتهى. وقال فى «الكافىِ»: وحمْلُ المَيِّتِ إلى غيرِ بلَدِه لغير حاجَةٍ مَكْروهٌ. ولا يُنْقَلُ إلَّا لغرضٍ صحيحٍ، كبُقْعَةٍ شريفةٍ ومُجاورَةِ صالحٍ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، ولو رَضِىَ به. وصرَّح به أبو المَعالِى، فقال: يجبُ نقْلُه لضَرُورةِ.، نحوَ كوْنِه بدارِ حَرْبٍ، أو مَكان يُخافُ فيه نَبْشُه وتحْريقُه، أو المُثْلَةُ به. قال: فإن تعَذرَ نقْلُه بدارِ حَرْبٍ، فالأوْلَى، تسْوِيَتُه بالأرْضِ وإخْفاؤُه مخَافةَ العَدوِّ. ومَعْناه كلامُ غيرِه. فيُعايَىَ بها. وتقدَّم فى أوَّلِ الفصْلِ الأوَّلِ مِن هذا البابِ، لو دُفِنَ قبلَ غَسْلِه أو تكْفيِنه، أو الصَّلاةِ عليه، هل يُنْبَشُ أم لا؟ وهل يجوزُ نَبْشُه لغَرضٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٍ؟ فلْيرُاجَعْ هناك.

وَإنْ مَاتَتْ حَامِلٌ لَمْ يُشَقَّ بَطْنُهَا، وَتَسْطُو عَلَيْهِ الْقَوَابِلُ فَيُخْرِجْنَهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُشَقَّ بَطنُهَا، إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَحْيَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَتْ حامِلٌ لم يُشَقَّ بَطْنُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المنْصوصُ، وعليه الأصحابُ. قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ يُشَقَّ بَطْنُها، إذا غلَب على الظَّنِّ أنَّه يَحْيَا. وهو وَجْهٌ فى «ابنِ تَميمٍ» وغيرِه. فعلى المذهبِ، تَسْطُو عليه القَوَابِلُ فيُخْرِجْنَه، إذا احْتملَ حياتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى فى «الخلافِ»: إنْ لم يُوجَدْ أماراتُ الظّهورِ بانْفِتاحِ المَخارِجِ وقُوَّةِ الحرَكَةِ، فلا تَسْطُو القَوابِلُ. فعلى الأوَّلِ، إنْ تعَذَّرَ إخْراجُه بالقَوابِلِ، فالمذهَبُ، أنَّه لا يُشَقُّ بَطْنُها. قالَه فى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ ابنُ هُبَيْرَةَ، أنَه يُشَقُّ ويُخْرَجُ الوَلَدُ. قلتُ: وهو أوْلَى. فعلى

وَإنْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ حَامِلٌ مِنْ مُسْلِمٍ، دُفِنَتْ وَحْدَهَا، وَيجْعَلُ ظَهْرُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، [يُتْرَكُ ولا يُدْفَنُ] (¬1) حتى يموتَ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يسْطُو عليه الرجالُ. والأوْلَى بذلك المَحارِمُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمَجْدُ، كمُداوَاةِ الحَىِّ. وصحَّحه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وهو أقْوَى مِنَ الذى قبلَه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. ولم يُقَيِّدْه الِإمامُ أحمدُ بالمَحْرَمِ. وقيَّده ابنُ حَمْدانَ وغيرُه بذلك. فائدة: لو خرَج بعضُ الحَمْلِ حيًّا، شُقَّ بطْنُها حتى يكْمُلَ خُروجُه. فلو ماتَ قبلَ خُروجِه، وتعَذَّرَ خُروجُه، غُسِّلَ ما خرَج منه وأجْزَأَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وأوَّلُ مَن أفْتَى فى هذه المسْألَةِ ابنُ عَقِيلٍ. وقيل: تيَمَّمَ لِما لم يخْرُجْ، وهو احْتِمالٌ لابنِ الجَوْزِىِّ. قوله: وإنْ ماتَتْ ذِمِّيَّةٌ حامِلٌ مِن مُسْلِمٍ، دُفِنَتْ وَحْدَها. إنْ أمْكَنَ، وإلا دُفِنَتْ مع المُسْلِمين. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، تُدْفَنُ بجَنْبِ ¬

(¬1) فى ط: «تترك ولا تدفن».

وَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَقابرِ المُسْلِمين، وأنَّ المَرُّوذِىَّ قال: كلامُ أحمدَ، لا بأْسَ به مَعَنا؛ لِمَا فى بَطْنِها. قوله: ويُجْعَلُ ظَهْرُها إلى القِبْلَةِ. يعْنِى، وتكونُ على جَنْبِها الأيسَرِ؛ ليكونَ وَجْهُ الجَنِينِ إلى القِبْلَةِ على جَنْبِه الأيْمَنِ. فائدتان؛ إحداهما، لا يُصَلَّى على هذا الجَنِينِ؛ لأنَّه ليس بمَوْلودٍ ولا سقْطٍ. وهذا المذهبُ. وذكر بعضُ الأصحابِ، يُصَلَّى عليه إنْ مضَى زَمَنُ تَصْوِيرِه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَه إذا انْفَصَلَ. الثَّانيةُ، يُصَلَّى على المُسْلِمَةِ الحاملِ، بلا نِزاعٍ، ويُصَلَّى على حَمْلِها إنْ كان قد مضَى زَمَنُ تَصْويرِه، وإلَّا صُلِّىَ عليها دُونَه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «فُنونِه»: لا يُنْوَى بالصَّلاةِ على حَمْلِها. وعلَّلَه بالشَّكِّ فى وُجودِه. قوله: ولا تُكْرَهُ القراءَةُ على القَبْرِ، فى أصَحِّ الرِّوَايتَيْن. وهذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه، ونصَّ عليه. قال الشَّارِحُ: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. قال الخَلَّالُ، وصاحِبُه: المذهبُ رِوايةً واحدةً، لا تُكْرَهُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُكْرَهُ. اخْتارَها عَبْدُ الوَهَّابِ الوَرَّاقُ (¬1)، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الفُروعِ». واخْتارَها أيضًا أبو حَفصٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: نقَلها جماعةٌ، وهى قوْلُ جمهورِ السَّلَفِ، وعليها قُدَماءُ أصحابِه. وسَمَّى المَرُّوذِىَّ. انتهى. قلتُ: قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ: رجَع الِإمامُ أحمدُ عن هذه الروايةِ؛ فقد روَى جماعةٌ عنِ الِإمامِ أحمدَ، أنَّه مَرَّ بضَريرٍ يقْرأُ عندَ قَبْرٍ، فَنَهاه. وقال: القِراءةُ عندَ القَبْرِ بِدْعَةٌ. فقال محمدُ بنُ قُدامَةَ الجَوْهَرِىُّ: يا أبا عَبْدِ الله، ما تقولُ فى مُبَشِّرٍ الحَلَبِىِّ؟ فقال: ثِقَهٌ. فقال: حدَّثَنِى مُبَشِّرٌ ¬

(¬1) عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع الوراق، أبو الحسن. الإمام القدوة الرباني الحجة، كان كبير الشأن من خواص الإمام أحمد. توفى سنة إحدى وخمسين ومائتين. تاريخ بغداد 11/ 25 - 28.

وَأَىُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ، نَفَعَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أبِيه، أنَّه أوْصى إذا دُفِنَ أنْ يُقْرَأَ عندَه بفاتحةِ البَقَرَةِ وخَاتِمَتِها. وقال: سمِعْتُ ابنَ عمرَ يُوصِى بذلك. فقال الإِمامُ أحمدُ: ارْجِعْ فقلْ للرَّجُلِ يقْرأُ. فهذا يدُلُّ على رُجوعِه. وعنه، لا يُكْرَهُ وَقْتَ دَفْنِه دُونَ غيرِه. قال فى «الفائقِ»: وعنه، يُسَنُّ وقْتَ الدَّفْنِ. اخْتارَها عَبْدُ الوَهَّابِ الوَرَّاقُ وشيْخُنا. وعنه، القِراءةُ على القَبْرِ بِدْعَةٌ؛ لأنَّها ليستْ مِن فِعْلِه عليه أفْضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ولا من فِعْلِ أصحابِه. فعلىْ القوْلِ بأنَّه لا يُكْرَهُ، فيُسْتَحَبُّ. على الصَّحيحِ. قال فى «الفائقِ»: تُسْتَحَبُّ القِراءةُ على القَبْرِ. نصَّ عليه أخِيرًا. قال ابنُ تَميمٍ: لا تُكْرَهُ القِراءةُ على القَبْرِ، بل تُسْتَحَبُّ. نصَّ عليه. وقيلَ: تُباحُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وتُباحُ القِراءةُ على القَبْرِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»: لا بأْسَ بالقِراءةِ عندَ القَبْرِ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». قوله: وأىُّ قُرْبَةٍ فعَلها وجعَلها للْميِّتِ المُسْلِمِ، نفَعَه ذلك. وهو المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: مَن حَجَّ نَفْلًا عن غيرِه، وقع عن مَن حَجَّ لعدَمِ إذْنِه. فائدة: نقَل المَرُّوذِىُّ، إذا دَخَلْتُم المَقابِرَ فاقْرأُوا آيَةَ الكُرْسِىِّ وثَلاثَ مَرَّاتٍ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. ثم قولُوا: اللَّهُمَّ إنَّ فضْلَه لأهْلِ المَقابرِ، يعْنِى، ثَوابَه. وقال القاضى: لابُدَّ مِن قوْلِه: اللَّهُمَّ إنْ كنتَ أثَبْتَنِى على هذا، فقد جعَلْتُ ثَوابَه، أو ما تَشاءُ منه، لفُلانٍ. لأنَّه قد يتخَلَّفُ فلا يتَحكَّمُ على اللهِ. وقال المَجْدُ: مَنْ سأَلَ الثَّوابَ ثم أهْداه، كَقْولِه: اللَّهُمْ أثِبْنِى على عَمَلِى هذا أحْسَنَ الثَّوابِ، واجْعَلْه لفُلانٍ. كان أحْسَنَ، ولا يَضُرُّ كوْنُه مجْهولًا؛ لأنَّ اللهَ يعْلَمُه. وقيل: يُعْتَبرُ أنْ ينْوِيَه بذلك وقتَ (¬1) فِعْلِ القُرْبَةِ. وقال الحَلْوَانِىُّ فى «التَّبْصِرَةِ»: يُعْتَبَرُ أنْ ينْوِيَه بذلك قبلَ فِعْلِ القُرْبَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه»: يُشْتَرَطُ أنْ تتقَدَّمَه نِيَّةُ ذلك أو تُقارِنَه. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ أرادُوا أنَّه يُشْتَرَطُ للإهْداءِ ونقْلِ ¬

(¬1) فى أ: «قبل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّوابِ، أنْ ينْوِىَ المَيِّتَ به ابْتِداءً، كما فهِمَه بعضُ المُتأخِّرِين وبعْدَه، فهو، مع مُخالَفَتِه لعُمومِ كلامِ الِإمامِ أحمدَ والأصحابِ، لا وَجْهَ له فى أثَرٍ له ولا نَظَرٍ. وإن أرادُوا أنَّه يصحُّ أنْ تَقَعَ القُرْبَةُ عنِ المَيِّتِ ابْتداءً بالنِّيَّةِ له، فهذا مُتَّجَهٌ. ولهذا قال ابنُ الجَوْزِىِّ: ثَوابُ القُرآنِ يصِلُ إلى المَيِّتِ إذا نَواه قبلَ الفِعْلِ، ولم يُعْتَبَرِ الِإهْداءُ. فظاهِرُه عَدَمُه. وهو ظاهِرُ ما سبَق فى «التَّبْصِرَةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: قال حَنْبَلٌ: يُشْتَرَطُ تقْديمُ النِّيَّةِ؛ لأنَّ ما تدْخلُه النِّيابَةُ مِنَ الأعْمالِ لا يحْصُلُ للمُسْتَنِيبِ إلَّا بالنِّيَّةِ مِنَ النَّائب قبلَ الفَراغِ. تنبيه: قوْلُه: وأىُّ قُرْبَةٍ فعَلَها، وجَعَلَها للمَيِّتِ المُسْلِمِ، نفَعَه ذلك. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو أهْدَى بعضَه، كنِصْفِه، أو ثُلُثِه، ونحو ذلك. كما تقَدَّم عنِ القاضى وغيرِه. وهذه قد يُعايَى بها، فيقالُ: أيْنَ لَنا موْضِعٌ تصِحُّ فيه الهَدِيَّةُ، مع جَهالَةِ المُهْدِى لها؟ ذكَرَها فى «النُّكَتِ». وتقدَّم فى أوَاخرِ بابِ الجُمُعَةِ، كراهةُ إيثارِ الِإنْسانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَكانِ الفاضِلِ، وهو إيثارٌ بفَضِيلَةٍ، فيَحْتاجُ إلى الفرقِ بينَه وبينَ إهْداءِ القُرَبِ. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: وأىُّ قُرْبَةٍ فعَلها. الدُّعاءَ والاسْتِغْفارَ، والواجِبَ الذى تدْخُلُه النِّيابَةُ، وصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، والعِتْقَ، وحَجَّ التَّطَوُّعِ، فإذا فَعَلها المُسْلِمُ وجعَل ثَوابَها للمَيِّتِ المُسْلمِ، نفَعه ذلك إجْماعًا. وكذا تصِلُ إليه القِراءةُ والصَّلاةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصِّيامُ. فائدتان؛ إحْدَاهما، قال المَجْدُ: يُسْتَحَبُّ إهْداءُ القُرَبِ للنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال فى «الفُنونِ»: يُسْتَحَبُّ إهْداءُ القُرَبِ، حتى للنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. ومنَع مِن ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ؛ فلم يَرَه لمَن له ثَوابٌ بسَبَبِ ذلك، كأجْرِ العاملِ، كالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومُعَلَّمِ الخَيْر، بخِلافِ الوالدِ، فإنَّ له أجْرًا كأجْرِ الوَلَدِ. الثَّانيةُ، الحَىُّ فى كلِّ ما تقدَّم كالمَيِّتِ فى نَفْعِه بالدُّعاءِ ونحوِه. وكذا القِراءةُ ونحوُها. قال

ويُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْلَحَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُصْلِحُونَ هُمْ طَعَامًا لِلنَّاسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى: لا تُعْرَفُ رِوايَةٌ بالفَرْقِ بينَ الحَىِّ والمَيِّتِ. قال المَجْدُ: هذا أصحُّ. قال فى «الفائقِ»: هذا أظْهَرُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا ينْتَفِعُ بذلك الحَىُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم المُصَنِّفُ وغيرُه، فى حَجِّ النَّفْلِ عنِ الحَىِّ، لا ينْفَعُه. ولم يَسْتَدِلَّ له. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ»: القِراءةُ ونحوُها لا تصِلُ إلى الحَىِّ. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يُصْلَحَ لأهْلِ الميِّتِ طَعامٌ يُبْعَثُ به إليهم. بلا نِزاعٍ. وزادَ المَجْدُ وغيرُه: ويكونُ ذلك ثلاَثةَ أيَّام. وقال: إنَّما يُسْتَحَبُّ إذا قُصِدَ أهْلُ المَيِّتِ. فأمَّا لِمَا يَجْتَمِعُ عندَهم، فيُكْرَهُ؛ للمُساعدَةِ على المَكْرُوهِ. انتهى.

فصل: وَيُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقبُورِ. وَهَلْ تُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُصْلِحُون هم طَعامًا للنَّاس. يعْنِى، لا يُسْتَحَبُّ، بل يُكْرَهُ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحاب. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُكْرَهُ إلَّا لحاجَةٍ. وقيل: يَحْرُمُ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، أنَّه يباحُ لغيرِ أهْلِ المَيِّتِ، ولا يُبَاحُ لأهْلِ المَيِّتِ. وقال غيرُه: يُسَنُّ لغيرِ أهْلِ المَيِّتِ، ويُكْرَهُ لأهْلِه. قوله: ويُسْتَحَبُّ للرجالِ زِيارَةُ القُبُورِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وحَكاه الشَّيْخُ مُحْيىِ الدِّينِ النَّوَوِىُّ إجْماعًا. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشَّرْحِ»: لا نعْلَمُ خِلافًا بينَ أهْلِ العِلْمِ فى اسْتِحْبابِ زِيارةِ الرِّجالِ القُبورَ. وأمَّا المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» فقال (¬1): لا نعْلَمُ خِلافًا فى إباحَةِ زِيارَتِها للرِّجالِ. قال فى «مَجْمَع البَحْرَيْن»: يُسْتَحَبُّ فى ظاهرِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المنْصوصُ المشْهورُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، لا بأْسَ بزِيارَتِها. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ وغيرِ واحدٍ مِن الأصحابِ. وقد أخذ أبو المَعالِى، والمَجْدُ، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم، الإباحَةَ مِن كلام الخِرَقِىِّ؛ فقالوا:. وقيلَ: يُباحُ، ولا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه أمْرٌ بعدَ حَظْرٍ. لكن الجُمهور قالُوا: الاسْتِحْبابُ لقَرينَةِ تذَكُّرِ الموْتِ، أو للأمْرِ. ¬

(¬1) فى: المغنى 3/ 517.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تُكْرَهُ للنِّساء؟ على رِوَايَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْدَاهما، يُكْرَهُ لَهُنَّ. وهى المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، و «الوَجيزِ»، و «المُنوِّرِ»، وغيرهم. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ مُنَجَّى فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: هذا أظْهَرُ الرِّواياتِ. قال فى «النَّظْمِ»: هو أوْلَى. ورَجَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُكْرَهُ، فتُباحُ. وعنه رِوايةٌ ثالثةٌ، تحْرُمُ، كما لو عَلِمتْ أنَّه يقَعُ منها مُحَرَّمٌ. ذكَرَه المَجْدُ. واخْتارَ هذه الرِّوايةَ بعضُ الأصحابِ. وحكَاها ابنُ تَميمٍ وَجْهًا. قال فى «جامِعِ الاخْتِيارَاتِ»: وظاهرُ كلامِ الشيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، تَرْجِيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّحْريمِ؛ لاحْتِجاجِه بلَعْنِه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، زَوَّاراتِ القُبورِ، وتصْحيحِه إيَّاه. وأطْلَقَهُنَّ فى «الحاوِيَيْن». وتقدَّم فى فصْلِ الحَمْلِ، أنَّه يُكْرَهُ لهُنَّ اتِّباعُ الجَنائزِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فوائد؛ إحْدَاها، يجوزُ للمُسْلمِ زِيارةُ قَبْرِ الكافرِ. قالَه المَجْدُ وغيرُه. وقال الشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ زِيارَتُه للاعْتِبارِ. وقال أيضًا: لا يُمْنَعُ الكافِرُ مِن زِيارةِ قَبْرِ أبِيه المُسْلِمِ. الثَّانيةُ، الأوْلَى للزَّائرِ أنْ يَقِفَ أمامَ القَبْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يقِفُ حيثُ شاءَ. والأوْلَى أنْ يكونَ حالةَ الزِّيارَةِ قائمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، قُعودُه كقِيامِه. ذكَره أبو المَعالِى. ويَنْبَغِى أنْ

وَيَقُولُ إِذَا زَارَهَا أَوْ مَرَّ بِهَا: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يَقْرُبَ منه، كزِيارَته حالَ حَياتِه. ذكَرَه فى «الوَسِيلَةِ»، و «التَّلْخيصِ». الثَّالثةُ، ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، اسْتِحْبابُ كثْرَةِ زيارَةِ القُبورِ. وهو ظاهرُ كلامِ الإمام أحمدَ. قال فى رِوايَةِ أبِى طالِبٍ: وقال له رجُلٌ: كيفَ يرِقُّ قلْبِى؟ قال: ادْخُلِ المَقْبَرَةَ. وهو ظاهرُ الحديثِ: «زُورُوا القُبُورَ، فإنَّها تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» (¬1). وقدَّمه فى «الفُروعَ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويُكْرَهُ الإِكْثارُ مِن زِيارَةِ المَوْتَى. قلت: وهو ضعيفٌ جدًّا، ولم يُعْرَفْ له فيه سلَفٌ. الرَّابعةُ، يجوزُ لَمْسُ القَبْرِ مِن غيرِ كراهَةٍ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وعنه، يُكْرَهُ. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وعنه، يُسْتَحَبُّ. قال أبو الحُسَيْنِ فى «تَمامِه»: وهى أصحُّ. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: هل يُسْتَحَبُّ عندَ فَراغِ دَفْنِه وَضْعُ يَدِه عليه، وجُلُوسُه على جانِبَيْه؟ فيه رِوايَتان. قوله: ويَقُولُ إذا زارَها أو مَرَّ بها: سَلامٌ عليكم، إلى آخِرِه. نَكَّرَ المُصَنِّفُ، رَحِمُه اللهُ تعالى، لفْظَ السَّلامِ. وقالَه جماعةٌ مِنَ الأصحاب. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ. وورَد الحديثُ فيه مِن طريقِ أحمدَ (¬2)، مِن رِوايَةِ أبى هُرَيْرَةَ ¬

(¬1) سبق تخريجه فى 5/ 431. (¬2) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 2/ 375. بلفظ: «السلام. . . .».

وَإنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، وَيَرْحَمُ الله الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعائِشَةَ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ أنَّه يقولُ مُعَرَّفًا؛ فيقولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أشهرُ فى الأخْبارِ، روَاه مُسْلِمٌ مِن رِوايَةِ أبِى هُرَيْرَةَ (¬1)، وبُرَيْدَةَ. وجَزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وخيَّره المَجْدُ وغيرُه بينَهما؛ منهم صاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وقالوا: نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفائقِ». ¬

(¬1) لم يروه مسلم عن أبى هريرة، بل عن عائشة وبريدة فقط.

وَيسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ ناصِرٍ (¬1): يقولُ للمَوْتَى: عَلَيْكُم السَّلامُ. فائدة: إذا سلَّم على الحَىِّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُخَيَّرُ بينَ التَّعْريفِ والتَّنْكيرِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ذكَرَه غيرُ واحدٍ. قلتُ: منهم المَجْدُ، وصاحِبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وعنه، تعْرِيفُه أفْضَلُ. قال النَّاظِمُ: كالرَّدِّ. وقيل: تنْكيرُه أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. ورَدَّه المَجْدُ. وقال ابنُ البَنَّا: سَلامُ التَّحِيَّةِ مُنَكَّرٌ، وسَلامُ الوَداعِ مُعَرَّفٌ. قوله: ويُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أهْلِ الميِّتِ. يعْنِى، سواءٌ كان قبلَ الدَّفْنِ أو بعدَه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»: التَّعْزِيَةُ بعدَ الدَّفْنَ أوْلَى؛ للإِياسَ التَّامِّ منه. فائدة: يُكْرَهُ تَكْرارُ التَّعْزِيَةِ. نصَّ عليه. فلا يُعَزِّى عندَ القَبْرِ مَن عَزَّى قبلَ ¬

(¬1) هو محمد بن ناصر بن محمد السلامى البغدادى، أبو الفضل. الإمام المحدث الحافظ، كان شافعيًّا أشعريًّا ثم انتقل إلى مذهب الحنابلة فى الأصول والفروع. توفى سنة خمسين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 20/ 265 - 270.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وعنه، يُكْرَهُ عندَ القَبْرِ لمَن عزَّى. وقال ابنُ تَميمٍ: قال الإمامُ أحمدُ: أكْرَهُ التَّعْزِيَةَ عندَ القَبْرِ، إلَّا لمَن لم يُعَزِّ. وأطْلَقَ جوازَ ذلك فى رِوايَةِ أُخْرَى. انتهى. وتُكْرَهُ التَّعْزِيَةُ لامْرأةٍ شابَّةٍ أجْنَبِيَّةٍ للفِتْنَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فيه ما فى تَشْمِيتِها إذا عطَسَتْ. ويُعَزِّى مَن شَقَّ ثوْبَه. نصَّ عليه، لزَوالِ المحرَّمِ، وهو الشَّقُّ، ويُكْرَهُ اسْتِدامَةُ لُبْسِه. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ التَّعْزِيَةَ ليستْ مَحْدودَةً بحَدٍّ. وهو قوْلُ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ. فظاهِرُه، يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ الخبَرِ. وقيل: آخِرُها يومُ الدَّفْنِ. وقيل: تُسْتَحَبُّ إلى ثلاَثَةِ أيَّامٍ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وذكَر ابنُ شِهَابٍ، والآمِدِىُّ، وأبو الفَرَجَ، والمَجْدُ، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهم، يُكْرَهُ بعدَ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ؛ لتَهْيِيجِ الحُزْنِ. قال المَجْدُ: لإذْنِ

وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِعِ فى الإحْدادِ فيها. وقال: لم أجِدْ فى آخِرِها كلامًا لأصحابِنا. وقال أبو المَعالِى: اتَّفَقُوا على كراهتِه بعدَها، ولا يبْعدُ تَشْبِيهُها بالإحْدادِ على المَيِّتِ. وقال: إلَّا أن يكونَ غائِبًا، فلا بأْسَ بتَعْزِيَتِه إذا حضَر. واخْتارَه النَّاظِمُ. وقال: ما لم تُنْسَ المُصِيبَةُ. الثانى، قوله: ويُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أهْلِ الميِّتِ. وهكذا قال غيرُه مِنَ الأصحاب. قال فى «النُّكَتِ»: وقوْلُ الأصحابِ: أهْلُ المَيِّتِ. خَرج على الغالبِ. ولعَلَّ المُرادَ، أهْلُ المُصِيبَةِ. وقطَع به ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن» مذهبًا لأحمدَ، لا تفَقُّهًا مِن عندِه. قال فى «النُّكَتِ»: فيُعَزَّى الإنْسانُ فى رَفيقِه وصَديقِه ونحوِهما، كما يُعَزَّى فى قرِيبِه. وهذا مُتَوَجَّهٌ. انتهى. قوله: ويُكْرَهُ الجُلُوسُ لها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «مَجمَعِ البَحْرَيْن»: هذا اخْتِيارُ أصحابِنا. وجزَمْ به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى. «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وعنه، ما يُعْجِبُنِى. وعنه، الرُّخْصَةُ فيه؛ لأنَّه عزَّى وجلَس. قال الخلَّالُ: سهَّل الإمامُ أحمدُ فى الجُلوسِ إليهم فى غيرِ موْضعٍ. قال فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: وقيل: يُباحُ ثلاثًا كالنَّعْىِ. ونُقِلَ عنه المَنْعُ منه. وعنه، الرُّخْصَةُ

وَيَقُولُ فِى تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ: أعْظَمَ اللهُ أجْرَكَ، وَأحْسَنَ عَزَاءَك، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأهْلِ المَيِّتِ. نَقَله حَنْبَلٌ. واخْتارَه المَجْدُ. ومَعْناه اخْتِيارُ أبِى حَفْصٍ. وعنه، الرُّخْصَةُ لأهْلِ المَيِّتِ ولغيرِهم، خوْفَ شدَّةِ الجَزَعِ. وقال الإمامُ أحمدُ: أمَا والمَيِّتُ عندَهم، فأكْرَهُه. وقال الآجُرىُّ: يأْثَمُ إنْ لم يمنَعْ أهْلَه. وقال فى «الفُصولِ»: يُكْرَهُ الاجْتِماعُ بعدَ خُروجِ الرُّوحِ؛ لأنَّ فيه تَهْيِيجًا للحُزْنِ. فائدة: لا بأْسَ بالجُلوسِ بقُرْبِ دارِ المَيِّتِ، ليتبعَ الجِنازَةَ، أو يخْرجَ وَلِيُّه فيُعَزِّيَه. فعَله السَّلفُ. قوله: ويَقُولُ فى تَعْزِيةِ المُسْلمِ بِالمُسْلِمِ: أعْظَمَ اللهُ أجْرَكَ، وأحْسَنَ عَزاءَك، وغفَر لمَيِّتك. ولا يَتَعَيَّنُ ذلك، بل إنْ شاءَ قالَه، وإنْ شاءَ قال غيَره، فإنَّه لا يَتَعَيَّنُ فيه شئٌ؛ فقد عزَّى الإمامُ أحمدُ رَجلًا، فقال: آجَرَنا اللهُ وإيَّاكَ فى هذا الرَّجُلِ. وعزَّى أبا طالِبٍ، فقال: أعْظَمَ الله أجْرَكُم، وأحْسَنَ عزاءَكُم.

وَفِى تَعْزِيَتِهِ عَنْ كَافِرٍ: أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ، وَأحْسَنَ عَزَاءَكَ. وَفِى تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِمُسْلِمٍ: أَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكَ، وغَفَرَ لِميِّتِكَ. وَفِى [42 ظ] تَعْزِيَتِهِ عَنْ كَافِرٍ: أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ، وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى تَعْزِيَتِه عَن كافِرٍ: أعْظَمَ الله أَجْرَك، وأحْسَنَ عَزَاءَك. يعْنِى، إذا عزَّى مُسْلِمٌ مسْلمًا عن مَيِّتٍ كافرٍ، فأفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمه الله تعالى، أنَّه يعَزِّيه عنه. وهو صحيحٌ، وهو المذهب، وعليه. جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُعَزِّيه عن كافرٍ. وهو رِوايةٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: يقولُ: أعْظَمَ الله أجْرَك، وأحْسَنَ عَزَاءَك. وصارَ لك خَلَفًا عنه. قوله: وفى تَعْزيَةِ الكافرِ بِمُسْلِمٍ: أحْسَنَ الله عَزاءَك، وغفَر لميِّتِك. وفى تَعْزيَتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن كافرٍ: أخْلَفَ الله عليك، ولا نقَص عَدَدَك. أو كَثَّرَ عَدَدَك. فَيْدعو لأهْلِ الذِّمَّةِ بما يرْجِعُ إلى طُولِ العُمْرِ وكثْرةِ المالِ والولَدِ، ولا يدْعُو لكافرٍ حىٍّ بالأجْرِ، ولا لكافرٍ مَيِّتٍ بالمَغْفِرَةِ. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ: ويقولُ له أيضًا: وأحْسنَ عَزَاءَك. وقال أبو عَبْدِ اللهِ ابنُ بَطَّةَ: يقولُ: أعْطاكَ الله على مُصِيبَتِك أفْضلَ ما أعْطَى أحدًا مِن أهْلِ دِينك. وقال فى «الفائقِ»: قلتُ: لا يَنْبَغِى تَعْزِيَتُه عن كافرٍ، ولا الدعاءُ بالِإخْلافِ عليه، وعَدَمِ تَنْقيصِ عَدَدِه، بلِ المشْروعُ الدُّعاءُ بعدَمِ الكافِرِين وإبادَتِهم، كما أخْبَر الله تعالى عن قوْمِ نُوحٍ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُ المُصَنِّفِ بتَعْزيَةِ الكافرِ بمُسْلمٍ أو عن كافرٍ، حيثُ قيلَ بجَوازِ ذلك، مِن غيرِ نظَرٍ إلى أنَّ المُصَنِّفَ اخْتارَ ذلك أوْ لا. ويَحْتَمِلُ أنَّ مُرادَه، جَوازُ التَّعْزِيَةِ عندَه، فيكونُ قد اخْتارَ جَوازَ ذلك. والأوَّلُ، أوْلَى. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، تحْريمُ تَعْزِيَتِهم، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ أحْكامِ الذِّمَّةِ. ولنا رِوايةٌ بالكَراهَةِ. قدَّمها فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، ورِوايَةٌ بالإِباحَةِ، فعليهما (¬1) نقولُ ما تقدَّم. فوائد؛ إحْدَاها، قال فى «الفُروعِ»: لم يذْكُرِ الأصحابُ، هل يَرُدُّ المُعَزَّى شيئًا أم لا؟ وقد رَدَّ الإِمامُ أحمدُ على مَن عزَّاه، فقال: اسْتَجابَ الله دُعاءَك، ورَحِمَنا وإيَّاكَ. انتهى. وكفَى به قُدْوَةً ومتَّبَعًا (¬2). قلتُ: جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، معْنَى التَّعْزِيَةِ، التَّسْلِيَةُ، والحَثُّ على الصَّبْرِ بوَعْدِ الأجْرِ، والدُّعاءُ للمَيِّتِ والمُصابِ. الثَّالثةُ، لا يُكْرَهُ أخْذُه بيَدِ مَن عزَّاه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَصَّ ¬

(¬1) فى أ: «فعليها». (¬2) فى أ: «ومتبوعا».

وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَأَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا يُعْرَفُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعنه، الوَقْفُ. وكَرِهَه عَبْدُ الوَهَّابِ الوَرَّاقُ. وقال الخَلَّالُ: أحبُّ إلَىَّ أنْ لا يفْعلَه. وكَرِهَه أبو حَفْصٍ عند القَبْرِ. قوله: ويَجُوزُ البُكَاءُ على الميِّتِ. يعْنِى، مِن غيرِ كراهَةٍ، سواءٌ كان قبلَ مَوْتِه أو بعدَه؛ لكثَرَةِ الأحاديثِ فى ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بحَمْلِ النَّهْىِ عن البُكاءِ بعدَ الموْتِ، على تَرْكِ الأَوْلَى. قال المَجْدُ: أو أنَّه كَرِهَ كثرةَ البُكاءِ والدَّوامَ عليه أيَّامًا. قال جماعةٌ: الصَّبْرُ عنِ البكاءِ أجْمَلُ، منهم ابنُ حمْدانَ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ البُكاءَ يُسْتَحَبُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحْمةً للمَيِّتِ، وأنّه أكْمَلُ مِنَ الفَرَحِ، كَفَرَحِ الفُضَيْلِ (¬1) لمَّا ماتَ ابنُه علىٌّ. قلتُ: اسْتِحْبابُ البُكاءِ رَحْمةً للمَيِّتِ سُنَّةٌ صحيحةٌ لا يُعْدَلُ عنها. قوله: وأنْ يَجْعَلَ المُصَابُ على رَأْسِه ثَوْبًا يُعْرَفُ به. يعْنِى، يجوزُ ذلكْ ليَكونَ علامَةً يُعْرَفُ بها. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى ¬

(¬1) الفضيل بن عياض بن مسعود التميمى اليربوعى، أبو على. الإمام القدوة الثبت، شيخ الإسلام. كان شاطرًا يقطع الطريق، ثم تاب الله عليه فجاور بحرم اللَه. وكان ثقة نبيلًا فاضلا عابدا ورعا، كثير الحديث. توفى سنة سبع وثمانين ومائة. انظر ترجمته وترجمة ابنه على، فى: سير أعلام النبلاء 8/ 372 - 395.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»: يُكْرَهُ لُبْسُه خِلافَ زِيِّه المُعْتادِ. فائدة: يُكْرَهُ للمُصابِ تغْييرُ حالِه؛ مِنْ خلْعِ رِدَائِه ونَعْلِه، وتغْليقِ حانُوتِه، وتعْطيلِ مَعاشِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُكْرَهُ. وسُئِلَ الإمامُ أحمدُ عن مَسْألةٍ يَوْمَ ماتَ بِشْرٌ، فقال: ليس هذا يومَ جوابٍ، هذا يوْمُ حُزْنٍ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقال المَجْدُ: لا بأْسَ بهَجْرِ المُصابِ الزِّينَةَ وحُسْنَ الثِّيابِ ثَلاَثةَ أيَّامٍ. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وابنُ حمْدانَ.

وَلَا يَجُوزُ النَّدْبُ، وَلَا النِّيَاحَةُ، وَلَا شَقُّ الثِّيَابِ، وَلَا لَطْمُ الْخُدُودِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجوزُ النَّدْبُ، ولا النِّياحَةُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه فى رِوايَةِ حَنْبلٍ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفَاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: اخْتارَه المَجْدُ، وجماعةٌ مِن أصحابِنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشىِّ». وقال: هو المذهبُ. وعنه، يُكْرَهُ النَّدْبُ والنَّوْحُ الذى ليس فيه إلَّا تعْدادُ المَحاسِن بصِدْقٍ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِى». قال الآمِدِىُّ: يُكْرَهُ فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال: واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، والقاضى أبو يَعْلَى، والخِرَقِىُّ. انتهى. نقَله عنه في «مَجْمَعِ البَحْرَيْن». وقال: اخْتارَه كثيرٌ مِن أصحابِنا. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ». وذكَر المُصَنِّفُ عنِ الإِمامِ أحمدَ ما يدُلُّ على إباحَتِهما، وأنَّه اخْتِيارُ الخَلَّالِ وصاحِبهِ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: قد نقَلَه الآمِدِىُّ عنِ الخَلَّالِ وصاحبِه قبلَ المُصَنِّفِ. ذكَرَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع المَجْدُ، أنَّه لا بأْسَ بيَسِيرِ النَّدْبِ إذا كان صِدْقاً، ولم يخْرُجْ مخْرجَ النَّوْحِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا قُصِدَ نظْمُه؛ كفِعْلِ أبى بَكْرٍ، وفاطمَةَ. وتابَعَه فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قلتُ: وهذا ممَّا لا شَكَّ فيه. قال فى «الفائقِ»: ويُباحُ يَسِيرُ النَّدْبِ الصِّدْقِ. نَصَّ عليه. قوله: ولا يَجُوزُ شَقُّ الثِّيابِ، ولَطْمُ الْخُدُودِ، وما أشْبَهَ ذلك. مِنَ الصُّراخِ، وخَمْشِ الوَجْهِ، ونَتْفِ الشَّعَرِ، ونَشْرِه وحَلْقِه. قال جماعةٌ؛ منهم ابنُ حَمْدانَ، والنَّخَعِىُّ (¬1): قال فى «الفُصُولِ»: يَحْرُمُ النَّحِيبُ والتّعْدادُ، والنِّياحَةُ، وإظْهارُ الجَزَعَ. ¬

(¬1) كذا فى: أ. وفى الأصل: «النخفى». ولم نعرفه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قال فى «الفُروعِ»: جاءَتِ الأخْبارُ، المُتَّفقُ على صِحَّتِها، بتَعْذيبِ المَيِّتِ بالنِّياحَةِ والبُكاءِ عليه، فحَمَله ابنُ حامِدٍ على ما إذا أوْصَى به؛ لأنَّ عادَةَ العَرَبِ الوَصِيَّةُ به، فخرَج على عادَتِهم. قال النَّوَوِىُّ فى «شَرْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْلِمٍ» (¬1): هو قوْلُ الجمهورِ وهو ضعيفٌ، فإنَّ سِياقَ الخَبَرِ يُخالِفُه. انتهى. وحمَله الأَثْرَمُ على مَن كَذَّبَ به حينَ يموتُ. وقيل: يَتَأَذَّى بذلك مُطْلَقاً. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقيل: يُعَذَّبُ بذلك. وقال فى «التَّلْخيصِ»: يتَأذَّى بذلك إنْ لم يُوصِ بتَرْكِه, كما كان السَّلَفُ يُوصُونَ، ولم يعْتَبِرْ كوْنَ النِّياحَةِ عادَةَ أهْلِه. ¬

(¬1) انظر: شرح النووى على صحيح مسلم 6/ 228، 229.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ المَجْدُ، إذا كان عادةَ أهْلِه ولم يُوصِ بتَرْكِه، يُعَذَّبُ؛ لأنَّه متى ظَنَّ وُقوعَه ولم يُوصِ، فقد رَضِىَ، ولم يَنْهَ مع قُدْرَتِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الحَواشِى». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» (¬1)، أنَّه يُعَذَّبُ بالبُكاءِ الذى معه نَدْبٌ، أو نِياحَةٌ بكُلِّ حالٍ. ومنها، ما هَيَّجَ المُصِيبَةَ؛ مِن وَعْظٍ، أو إنْشادِ شِعْرٍ، فمِنَ النِّياحَةِ. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وَمَعْناه لابنِ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ». ومنها، يُكْرَهُ الذَّبْحُ عندَ القَبْرِ، وأكْلُ ذلك. نَصَّ عليه. وجزَم الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ بحُرْمَةِ الذَّبْحِ والتَّضْحِيَةِ عندَه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وفى ¬

(¬1) 3/ 487، 488.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَعْنى هذا ما يفْعَلُه كثيرٌ مِن أهْلِ زَمانِنا مِنَ التَّصَدُّقِ عندَ القَبْرِ بخُبْزٍ أو نحوِه، فإنَّه بِدْعَةٌ، وفيه رِياءٌ وسُمْعَةٌ، وإشْهارٌ لصَدقةِ التَّطوُّعِ المَنْدوبِ إلى إخْفائِها. انتهى. وتبِعَه جماعةٌ. قال فى «الفُروعِ»: قال جماعةٌ: وفى مَعْنى الذَّبْحِ على القَبْرِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّدقةُ عندَه، فإنَّه مُحْدَثٌ، وفيه رِياءٌ وسُمْعَةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إخْراجُ الصَّدَقَةِ مع الجِنازَةِ بِدْعَةٌ مكْروهةٌ. وهو يشْبِهُ الذَّبْحَ عندَ القَبْرِ. ونقَل أبو طالِبٍ، لم أسْمَعْ فيه بشئٍ، وأكْرَهُ أنْ أَنْهَى عنِ الصَّدَقَةِ.

كتاب الزكاة

كِتَابُ الزَّكَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الزَّكاةِ فائدة: الزَّكاةُ فى اللُّغَةِ، النَّماءُ. وقيلَ: النَّماءُ والتَّطْهيرُ؛ لأنَّها تُنَمِّى المالَ وتُطَهِّرُ مُعْطيها. وقيل: تُنَمِّى أجْرَها. وقال الأزْهَرِىُّ: تُنَمِّى الفُقَراءَ. قلْتُ: لو قيلَ: إنَّ هذه المَعانىَ كلَّها فيها. لَكانَ حسناً؛ فتُنَمِّى المالَ، وتُنَمِّى أجْرَها، وتُنَمِّى الفقراءَ، وتُطَهِّرُ مُعْطِيها. وسُمِّيَتْ زكاةً فى الشَّرْعِ للمَعْنَى اللُّغَوِىِّ. وحدُّها فى الشَّرْعِ، حقٌّ يجبُ فى مالٍ خاصٍّ. قالَه فى «الفُروعِ».

تَجِبُ الزَّكَاةُ فِى أَرْبَعَةِ أصْنَافٍ مِنَ الْمَالِ، السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْأَثْمَانِ، وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ. وَلَا تَجِبُ فِى غَيْرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجِبُ فى غيرِ ذلك. يعْنِى، لا تجبُ فى غيرِ السَّائمةِ، والخارِجِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأرْضِ، والأَثْمانِ، وعُروضِ التِّجارةِ.

وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تَجِبُ فِى الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْوَحْشِىِّ وَالْأَهْلِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوْلُه: وقال أصحابُنا: تَجِبُ فى المُتَوَلِّدِ بين الوَحْشِىِّ والأهلىِّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرداتِ. وجزَم به المُصَنِّفُ فى «الهادِى». قال فى «الفُروعِ»: جزَم به الأكثرُ. قال: ولم أجِدْ فيه نصّاً، وإنَّما أوْجبوا فيه، تَغْليباً واحْتِياطاً؛ كتَحْريمِ قتْلِه، وإيجابِ الجزاءِ بقَتْلِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والنُّصوصُ تَتَناوَلُه. قال المَجْدُ: تتَنَاولُه بلا شَكٍّ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، لا تجبُ الزَّكاةُ فيه. وإليه ميْلُ الشَّارِحِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. وأطْلَقَ فى «التَّبْصِرَةِ» فيه وَجْهَيْن. وذكَر ابنُ تَميمٍ، أنَّ القاضىَ ذَكَرَهما، وحكَى فى «الرِّعايَةِ» فيه رِوايتَيْن. وأطْلَقَ الخِلافَ فى «الفائق».

وَفِى بَقَرِ الْوَحْشِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى بَقَرِ الوَحْشِ رِوايَتَان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، تجبُ فيها. وهى المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: هو ظاهرُ المذهبِ، اخْتارَه أصحابُنا. قال المَجْدُ: اخْتارَه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والروايةُ الثَّانيةُ، لا تجِبُ الزَّكاةُ فيها. اخْتارَها المُصَنِّفُ. وهو ظاهرُ قوْلِه: ولا تَجِبُ فى غيرِ ذلك. قال الشَّارِحُ: وهى أصَحُّ. قال فى «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»: ولا زكاةَ فى بقَرِ الوَحْشِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال ابنُ رَزِينٍ: وهو أظْهَرُ وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الخُلاصَةِ»: وفائِدَتُه تكْميلُ النِّصابِ ببَقَرَةِ وَحْشٍ. انتهى. والظَّاهرُ, أنَّه أرادَ فى الغالبِ، وإلَّا فمتى كَمَلَ النِّصابُ منه، وجَبَتْ فيه، عندَ مَن يقولُ ذلك. فوائد؛ منها، حُكْمُ الغنَمِ الوَحْشِيَّةِ حكمُ البقَرِ الوَحْشِيَّةِ، خِلافاً ومذهباً. والوُجوبُ فيها مِنَ المُفْرداتِ. ومنها, لا تجبُ الزَّكاةُ فى الظِّباءِ. على الصَّحيحِ مِنَ

وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ الإِسْلَامِ، وَالْحُرِّيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، ونصَّ عليه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وعليه الأصحابُ. وحكَى القاضى فى «الطَّريقَةِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ»، عنِ ابنِ حامِدٍ، وُجوبَ الزَّكاةِ فيها. وحُكِىَ رِوايةً؛ لأنَّها تُشْبِهُ الغَنَمَ. والظَّبْيَةُ تُسَمَّى عَنْزاً. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». ومنها، تجبُ الزَّكاةُ فى مالِ الصَّبِىِّ والمجنونِ، بلا خِلافٍ عندَنا. وهل تجبُ فى المالِ المنْسُوبِ إلى الجَنِينِ، إذا انْفَصَلَ حَيّاً، أم لا؟ قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِ، عدَمُ الوُجوب. وجزَم به المَجْدُ فى مسْأَلَةِ زكاةِ مالِ الصَّبِىِّ، مُعَلِّلاً بأنَّه لا مالَ له. بدليلِ سقوطِه مَيِّتاً؛ لاحْتِمالِ أنَّه ليس حَمْلاً، أو أنَّه ليس حيّاً. وقال المُصَنِّفُ، فى فِطْرَةِ الجَنِين: لم يثْبُتْ له أحْكامُ الدُّنْيا إلَّا فى الإِرْثِ والوَصِيَّةِ بشَرْطِ خُروجِه حيّاً. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايَةِ» الوُجوبَ لحُكْمِنَا له بالمِلْكِ ظاهِراً، حتى مَنَعْنا باقِىَ الوَرَثَةِ. وهما وَجْهان ذكَرَهُما أبو المَعالِى. وتَبِعَه فى «الفُروعِ». تنبيه: دخَل فى قَولِه: ولا تَجِبُ إلا بشُروطٍ خَمْسةٍ؛ الإِسلامِ، والحُرِّيَّةِ.

فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا مُكَاتَبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُعْتَقُ بعضُه، فتَجِبُ الزَّكاةُ فيما يَمْلِكُه بجُزْئه الحُرِّ. قالَه الأصحابُ. قوله: ولا تَجِبُ على كافِرٍ. هذا المذهبُ، وقطَع به الأكثرُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: لا تجِبُ على أصْلِىٍّ، على الأشْهَرِ. وكذا المُرْتَدُّ. نصَّ عليه، سواءٌ حكَمْنا ببَقاءِ مِلْكِه مع الرِّدَّةِ أو زَوالِه. جزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». ونصَرَه. وذكَرَه فى «الشَّرْحِ» ظاهِرَ المذهبِ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، فى كتابِ الصَّلاةِ. فقيلَ: لكوْنِها عِبادَةً. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيلَ: لمنْعِه مِن مالِه. وإنْ قُلْنا: يزولُ مِلْكُه. فلا زكاةَ عليه. وأطْلَقَ القوْلَيْن ابنُ تَميمٍ. وعنه، تجِبُ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَعْنَى أنَّه يُعاقَبُ عليها إذا ماتَ على كُفْرِه. وعنه، تجِبُ علىَ المُرْتَدِّ. نَصَرَه أبو المعالِى. وصحَّحَه الأزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: تجبُ لما مضَى منَ الأحْوالَ على مالِه حالَ رِدَّتِه؛ لأنَّها لا تُزيلُ مِلْكَه، بل هو موْقوفٌ. وحَكاه ابنُ شَاقْلَا رِوايةً. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وتقدَّم ذلك بأَتَمِّ مِن هذا فى أوَّلِ كتابِ الصَّلاةِ. قوله: ولا تَجِبُ على مُكاتبٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقِنِّ. وعنه، يُزَكِّى بإذْنِ سيِّدِه.

فَإِنْ مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ مَالاً، وَقُلْنَا: إِنَّهُ يَمْلِكُهُ. فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. وَإنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ. فَزَكَاتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَه مالاً، وقلنا: إنَّه يَمْلِكُه. فلا زَكاةَ فيه. يعْنِى، على واحدٍ منهما. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»، وصاحِبُ «الحَواشِى»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قالَه أكثَرُ الأصحابِ. قلتُ: منهم أبو بَكْرٍ، والقاضِى، والزَّرْكَشِىُّ. وهو المذهبُ المعْروفُ المقْطوعُ به. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يُزَكِّيه العَبْدُ. ذَكَرها فى «الإِيضَاحِ»، وغيرِه. وقالَه ابنُ حامِدٍ. واخْتارَه فى «الفائقِ». وعنه، يُزَكِّيه العَبْدُ بإذْنِ سَيِّدِه. قال ابنُ تَميمٍ: والمَنْصوصُ عن أحمدَ، يُزَكِّى العبْدُ مالَه بإذْنِ سيِّدِه. وعنه، التَّوَقُّفُ. وقال فى «الفُروعِ»، تبَعاً لابنِ تَميمٍ وغيرِه: ويَحْتَمِلُ أنْ يُزَكِّيَه السَّيِّدُ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وعنِ ابنِ حامِدٍ، أنَّه ذكَر احْتِمالاً بوُجوبِ زَكاتِه على السَّيِّدِ، على كِلا الرِّوايتَيْن، فيما إذا مَلَّكَ السَّيِّدُ عبْدَه، سواءٌ قُلْنا: يَمْلِكُه، أوْلا؛ لأنَّه إمَّا ملكٌ له، أو فى حُكْمِ مِلْكِه؛ لتَمَكُّنِه مِنَ التَّصَرُّفِ فيه؛ كسائرِ أمْوالِه. قلتُ: وهو مذهبٌ حسَنٌ. فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُه. فزَكاتُه على سيِّدِه بلا نِزاعٍ. تنبيه: أفادَنَا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ العَبْدَ إذا مَلَّكَه سَيِّدُه مالاً، أنَّ فى مِلْكِه خِلافاً؛ لقَوْلِه: وقُلْنا إنَّه يَمْلِكُه. واعْلَمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، أنَّه لا يَمْلِكُ بالتَّمْليكِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى. قالَه ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه» , و «قَواعِدِ ابنِ اللَّحَّامِ». وقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُ عندَ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»، فى بابِ الدُّيونِ المُتَعَلِّقةِ بالرَّقيقِ: والذى عليه الفَتْوَى، أنَّه لا يَمْلِكُ. قال فى «الفُروعِ»، فى آخِرِ بابِ الحَجْرِ: اخْتارَ الأصحابُ، أنَّه لا يَمْلِكُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يَمْلِكُ بالتَّمْليكِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قالَه فى «الفُروعِ»، وابنُ شَاقْلَا. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهى أظْهَرُ. قال فى «الفائقِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»: ويَمْلِكُ بتَمْليكِ سيِّدِه وغيرِه، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الرِّعايتَيْن»: لو مُلِّكَ، مَلَكَه فى الأقْيَسِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «مَجْمَع البَحْرَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». فائدة.: تجبُ الزَّكاةُ على المُعْتَقِ بعضُه بقَدْرِ ما يَمْلِكُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لهذا الخِلافِ فوائدُ عديدةٌ. أكْثَرُها مُتَفَرِّقَةٌ فى الكتابِ. ومنها، ما تقدَّم، وهو ما إذا مَلَّكَه سيِّدُه مالاً. ومنها، إذا مَلَّكَه سيِّدُه عبْداً وأهَلَّ عليه هِلالُ الفِطْرِ، فإنْ قُلْنا؛ لا يَمْلِكُه. ففِطْرَتُه على السَّيِّدِ. وإن قُلْنا: يَمْلِكُه. لم تجِبْ على واحدٍ منهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما، اعْتِباراً بزَكاةِ المالِ. وقال فى «الفُروعِ»: فلا فِطْرَةَ إِذَنْ فى الأصحِّ. وقيل: تجِبُ فِطْرَتُه على السَّيِّدِ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». ويُؤَدِّى السَّيِّدُ عن عبْدِ عبْدِه، إنْ لم يَمْلِكْ بالتَّمْليكِ. وإنْ ملَك، فلا فِطْرَةَ له؛ العدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ ونقْصِ مِلْكِ العَبْدِ. وقيل: يَلْزَمُ السَّيِّدَ الحُرَّ كنَفَقَتِه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ومنها، تكْفيرُه بالمالِ فى الحَجِّ، والأَيْمانِ، والظِّهارِ، ونحْوِها. وفيه للأصحابِ طُرُقٌ. ذكَرَها ابنُ رَجَبٍ فى «فَوائِدِه»، وذَكَرْتُها فى آخرِ كِتابِ الأَيْمانِ. ومنها، إذا باعَ عبْداً, وله مالٌ. وللأصحابِ أيضاً فيها طُرُقٌ. ذكَرْتُها فى آخرِ بابِ بَيْعِ الأُصولِ والثِّمارِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، إذا أَذِنَ لعَبْدِه الذِّمِّىِّ أنْ يشْتَرِىَ له بمالِه عبْداً مُسْلِماً، فاشْتَراه؛ فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ بالتَّمْليكِ. لم يصِحَّ شِراؤُه له. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. صحَّ، وكان مَمْلُوكاً للسَّيِّدِ. قال المَجْدُ: هذا قِياسُ المذهبِ عندِى. قال ابنُ رَجَبٍ: قلتُ: ويتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ، لا يصِحُّ على القَوْلَيْن، بِناءً على أحَدِ الوَجْهَيْن؛ أنَّه لا يصِحُّ شِراءُ الذِّمِّىِّ لمسْلمٍ بالوَكالَةِ. انتهى. قلتُ: ويتخَرَّجُ الصَّحيحُ على القَوْلَيْن، بِناءً على أحَدِ الوَجْهَيْن؛ أنَّه يَصِحُّ (¬1) شِراؤه للمُسْلِمِ بالوَكالَةِ. ومنها، عكْسُ هذه المسْأَلَةِ؛ لو أَذِنَ الكافِرُ لعبْدِه المُسْلمِ، الذى يَثْبُتُ مِلْكُه عليه، أنْ يشْتَرِىَ بمالِه رَقِيقاً مُسْلِماً، فإنْ قُلْنا: ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «لا يصح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمْلِكُ. صحَّ، وكان العبْدُ له. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. لم يصِحَّ. ومنها، تَسَرِّى العَبْدِ، وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، بِناؤُه على الخِلافِ فى مِلْكِه. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. جازَ تَسَرِّيه، وإلَّا فلا؛ لأنَّ الوَطْءَ بغيرِ نِكاحٍ ولا مِلْكِ يَمينٍ، مُحَرَّمٌ بنَصِّ الكتابِ والسُّنَّةِ. وهى طرِيقَةُ القاضِى، والأصحابِ بعدَه. قالَه ابنُ رَجَبٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والثَّانِى، يجوزُ تَسَرِّيه على كلا الرِّوايتَيْن. وهى طرِيقَةُ الخِرَقِىِّ، وأبى بَكْرٍ، وابنِ أبِى مُوسَى، وأبى إسْحاقَ بنِ شَاقْلَا. ذكَره عنه فى «الوَاضِحِ»، ورَجَّحَها المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». قال ابنُ رَجَبٍ: وهى أصحُّ. وحَرَّرَها فى «فَوائِدِه». وتأْتِى هذه الفائِدَةُ فى كلامِ المُصَنِّفِ فى آخرِ بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ، فى قوْلِه: وللعَبْدِ أنْ يتَسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه. بأَتَمَّ مِن هذا. ومنها, لو باعَ السَّيِّدُ عبْدَه نفْسَه بمالٍ فى يَدِه، فهل يعْتِقُ؟ المنْصُوصُ، أنَّه يعْتِقُ بذلك. وذكَرَه القاضى (¬1) مع قوْلِه: إنَّ العَبْدَ لا يَمْلِكُ. ونَزَّلَه القاضى على القوْلِ بالمِلْكِ. ومنها، إذا أعْتَقَه سيِّدُه وله مالٌ، فهل يسْتَقِرُّ مِلْكُه للعَبْدِ أم يكونُ للسَّيِّدِ؟ على رِوايتَيْن. فمِنَ الأصحابِ مَن بَناها على القوْلِ بالمِلْكِ وعَدَمِه. فإنْ قُلْنا يَمْلِكُه. اسْتَقَرَّ مِلْكُه عليه بالعِتْقِ، وإلَّا فلا. وهى طريقَةُ أبى بَكْرٍ، والقاضى فى «خِلافِه»، والمَجْدِ. ومنهم، مَن جعَل الرِّوايتَيْن على القوْلِ بالمِلْكِ. ومنها, لو اشْتَرى العَبْدُ زوْجَتَه الأمَةَ بمالِه. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. انفسَخَ نِكاحُه. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. لم ينْفَسِخْ. ومنها, لو مَلَّكَه سيِّدُه أمَةً فاسْتَوْلَدَها. فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. فالوَلَدُ مِلْكُ السَّيِّدِ. وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. فالوَلَدُ مَمْلُوكُ العَبْدِ، لكِنَّه لا يعْتِقُ عليه، حتى يَعْتِقَ، فإذا عَتَق، ولم يَنْزعْه منه قبلَ عِتْقِه، عتَق عليه؛ لتَمامِ مِلْكِه حِينَئذٍ. ذكَرَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». ومنها، هل ينْفُذُ تَصرُّفُ السَّيِّدِ فى مالِ العَبْدِ دونَ اسْتِرْجاعِه؟ فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. صحَّ بغيرِ إشْكالٍ. وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. فظاهِرُ ¬

(¬1) فى القواعد الفقهية ص 421: «الخرقى». ولعله الصواب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه ينْفُذُ عِتْقُ السَّيِّدِ لرقيقِ عبْدِه قال القاضى: فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ رجَع فيه قبلَ عِتْقِه. قال: وإنْ حُمِلَ على ظاهِرِه، فلأنَّ عتْقَه يتَضَمَّنُ الرُّجوعَ فى التَّمْليكِ. ومنها، الوَقْفُ عليه، فنَصَّ أحمدُ، أنَّهُ لا يصِحُّ. فقيلَ: ذلك يتَفَرَّعُ على القوْلِ بأنَّه لا يَمْلِكُ. فأمَّا إنْ قيلَ: إنَّه يَمْلِكُ. فيَصِحُّ الوَقْفُ عليه؛ كالمُكاتَبِ فى أظْهَرِ الوَجْهَيْن، والأكْثَرون على أنَّه لا يصِحُّ الوَقْفُ عليه، على الرِّوايتَيْن لضَعْفِ مِلْكِه. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ فى أوَّلِ الوَقْفِ. ومنها، وَصِيَّةُ السَّيِّدِ لعبْدِه بشئٍ مِن مالِه، فإنْ كان بجُزْءٍ مُشاعٍ منه، صحَّ وعتَق مِنَ العبْدِ بنِسْبَةِ ذلك الجُزْءِ؛ لدُخولِه فى عُمومِ المالِ، ويَكْمُلُ عِتْقُه مِن بقِيَّةِ الوَصِيَّةِ. نصَّ عليه، وفى تعْلِيلِه ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ. ذَكَرَها ابنُ رَجَبٍ فى «فَوائِدِ قَواعِدِه». وعنه، لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ لقِنٍّ. ومنها، ذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وإنْ كانتِ الوَصِيَّةُ بجُزْءٍ مُعَيَّن، أو مُقَدَّرٍ، ففى صحَّةِ الوَصِيَّةِ رِوايتان؛ أشْهَرُهما، عَدَمُ الصِّحَّةِ. فمِنَ الأصحابِ مَن بَناهُما على أنَّ العَبْدَ هل يَتَمَلَّكُ أم لا؟ وهي طرِيقَة ابنِ أبِى مُوسى، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. وأشارَ إليه الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ صالحٍ. ومنهم مَن حَمَل الصِّحَّةَ على أنَّ الوَصِيَّةَ كَقَدْرِ المُعَيَّنِ، أو المُقَدَّرِ مِنَ التَّرِكَةِ لا بِعَيْنِه، فيَعُودُ إلى الجُزْءِ المُشاعِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو بعيدٌ جِدّاً. ويأْتِى ذلك فى كلام المُصَنِّفِ، فى باب المُوصَى له بأَتَمَّ مِن هذا. ومنها, لو غَزَا العَبْدُ على فَرَسٍ مَلَّكَه إيَّاها سيِّدُه. فإن قُلْنا: يَمْلِكُها. لم يُسْهَمْ لها؛ لأنَّها تَبَعٌ لمالِكِها، فيُرْضَخُ لها، كما يُرْضَخُ له. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُها. أُسْهِمَ لها؛ لأنَّها لسَيِّدِه. قال ابنُ رَجَبٍ: كذا (¬1) قال الأصحابُ، والمنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه يُسْهَمُ لفَرَسِ العَبْدِ، وتَوَقَّفَ مرَّةً أُخْرَى، وقال (1): لا يُسْهَمُ لها مُتَّحِداً. ومَوْضِعُ هذه الفوائدِ فى كلامِ الأصحابِ، فى آخرِ بابِ الحَجْرِ، فى أحْكامِ العَبْدِ. ¬

(¬1) سقط من الأصول، والمثبت من القواعد الفقهية لابن رجب ص 423.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هل الخِلافُ فى مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْليكِ، مُخْتَصٌّ بتَمْليكِ سَيِّدِه أم لا؟ فاخْتارَ فى «التَّلْخيصِ»، أنَّه مُخْتَصٌّ به، فلا يَمْلِكُ مِن غيرِ جِهَتِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وقال فى «التَّلْخيصِ»: وأصحابُنا لم يُقَيِّدوا الرِّوايتَيْن بتَمْليكِ السَّيِّدِ، بل ذكَرُوهما مُطْلَقاً فى مِلْكِ العَبْدِ إذا مُلِّكَ. قلتُ: جزَم به فى «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». قال فى «القَواعِدِ»: وكلامُ الأكْثَرين يدُلُّ على خِلافِ ما اخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». فإذا عَلِمْتَ ذلك، فيَتَفَرَّعُ على هذا الخِلافِ مَسائِلُ؛ منها، اللُّقَطَةُ بعدَ الحَوْلِ. قال طائِفَةٌ مِنَ الأصحابِ: تَنْبَنِى على رِوايَتَىِ المِلْكِ وعدَمِه، جَعْلاً لتَمْليكِ الشَّارِعِ كتَمْليكِ السَّيِّدِ، منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ». وظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِى مُوسَى، أنَّه يَمْلِكُ اللُّقطَةَ، وإنْ لم تُمْلَكْ بتَمْليكِ سيِّدِه. وعندَ صاحِبِ «التَّلْخيصِ»، لا يَمْلِكُها بغيرِ خِلافٍ. وكذلك فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، أنَّها مِلْكٌ لسيِّدِه بمُضِىِّ الحَوْلِ. ومنها، حِيازَةُ المُباحاتِ؛ مِن احْتِطابٍ، أو احْتِشاشٍ، أوِ اصْطِيادٍ، أو معْدِنٍ، أو غيرِ ذلك. فمِنَ الأصحابِ مَن قال: هو مِلْكٌ لسيِّدِه دُونَه. رِوايَةً واحدَةً، كالقاضِى، وابنِ عَقِيلٍ، لكنْ لو أَذِنَ له السَّيِّدُ فى ذلك، فهو كتَمْليكِه إيَّاه. ذكَرَه القاضى وغيرُه. وخرَّج طائِفَةٌ المسْألةَ على الخِلافِ فى مِلْكِ العَبْدِ وعدَمِه، منهم المَجْدُ، وقاسَه على اللُّقَطَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ فى مَوْضِعٍ آخَرَ. ومنها، لو أُوصِىَ للعَبْدِ، أو وُهِبَ له، وقبِلَه بإذْنِ سيِّدِه، أو بدُونِه، إذا أجَزْنا له ذلك على المنْصوصِ، فالمالُ للسَّيِّدِ. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وذكَره القاضى وغيرُه. وبَناه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه على الخِلافِ فى مِلْكِ السَّيِّدِ. ويأْتِى أيضاً هذا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ المُوصَى له. ومنها، لو خلَع العَبْدُ زوْجَتَه بعِوَضٍ، فهو للسَّيِّدِ. ذكَرَه الخِرَقِىُّ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ

الثَّالِثُ، مِلْكُ نِصَابٍ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصاً يَسِيراً؛ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، بِناؤُه على الخِلافِ فى مِلْكِ العَبْدِ. قال ابنُ رَجَبٍ: يَعْضُدُه أنَّ العَبْدَ هنا يمْلِكُ البُضْعَ، فمَلَك عِوَضَه بالخُلْعِ؛ لأنَّ مَن مَلَك شيئاً ملَكَ عِوَضَه. فأمَّا مَهْرُ الأمَةِ، فهو للسَّيِّدِ. ذكَر ذلك كلَّه ابنُ رَجَبٍ فى الفائدةِ السَّابعَةِ مِن «قَواعِدِه» بأَبْسطَ مِن هذا. قوله: الثَّالِثُ، مِلْكُ نِصابٍ، فإنْ نقَص عنه فلا زَكاةَ فيه، إلَّا أنْ يكونَ نَقْصاً يَسِيراً، كالحَبَّةِ والحَبَّتَيْن. فالنِّصابُ تقْريبٌ فى النَّقْدَيْن. وهذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وذهَب إليه الأكْثَرون. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، تبَعاً للمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، وصاحبُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْن»، وقال: قالَه غيرُ الخِرَقِىِّ. قال فى «الفائقِ»: ولو نقَص النِّصابُ ما لا يُضْبَطُ، كحبَّةٍ وجَبَتْ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «الحَواشِى»: قالَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: المشْهورُ عندَ الأصحابِ، لا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ اليَسِيرُ، كالحَبَّةِ والحبَّتَيْن. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، النِّصابُ تحْديدٌ، فلا زكاةَ فيه، ولو كان النَّقْصُ يسِيراً. قال فى «المُبْهِجِ»: هذا أظْهَرُ وأصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الشَّرْحِ»: وهو ظاهِرُ الأخْبارِ، فيَنْبَغِى أنْ لا يُعْدَلَ عنه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو قوْلُ القاضى، إلَّا أنَّه قال: إلَّا أنْ يكونَ نقْصاً يدْخُلُ فى المَكاييلِ، كالأُوقِيَّةِ، ونحوِها، فلا يُؤَثِّرُ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «حَواشِى المُقْنِعِ»، و «الكافِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وعنه، لا يضُرُّ النَّقْصُ، ولو كان أكْثَرَ مِن حبَّتَيْن. وعنه، حتى ثلاثَةِ دَراهِمَ وثُلُثِ مِثْقالٍ. وأطْلقَ فى «الفائقِ» فى ثُلُثِ مِثْقالٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَ ابنُ تَميمٍ في الدَّانِقِ والدَّانِقَيْن، الرِّوايتَيْن. وقيل: الدَّانِقُ والدَّانِقان لا يمْنَعُ في الفِضَّةِ، ويمْنَعُ في الذَّهَبِ. قال أبو المَعالي: وهذا أوْجَهُ. وقيل: يضُرُّ النَّقْصُ اليسيرُ في أوَّلِ الحوْلِ أو وسَطِه، دُونَ آخرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ اليسيرُ. ثم بعدَ ذلك يؤثر نقْصُ ثَمَن، في رِواية اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وفى أُخْرَى، في الفِضَّةِ ثُلُثُ دِرْهَمٍ. وفى أُخْرَى، في الذَّهبِ نِصْفُ مِثْقالٍ. ولا يؤثِّرُ الثُّلُثُ. فائدتان؛ إحْدَاهما، الصَّحيحُ، أنَّ نِصابَ الزَّرْعِ والثَّمَرِ تحْديدٌ. وجزَم به القاضى في «المُجَرَّدِ»، والسَّامَرِّىُّ في «المُستوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِى»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، نِصابُ ذلك تقْريبٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف هنا، وجزَم به في «الوَجيز». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميم». فعلى المذهبِ، يُوثِّر نحوُ رَطْلَيْن ومُدَّيْن. وعلى الرِّوايَة الثَّانيةِ، لا يُؤثِّرُ. قالَه في «الفُروعِ»، قال: وجعَلَه في «الرِّعايَة» من فوائدِ الخِلافِ. الثَّانية، لا اعْتِبارَ بنَقْصٍ داخلَ الكَيْلِ، في أصحِّ الوَجْهَيْن. قال في «الفُروعِ»: جزَم به الأئمَّةُ. وقيلَ: يُعْتَبَرُ. وقال في «التَّلْخيص»: إذا نقَصَ ما لو وُزِّعَ على الخَمْسَةِ أوسُقٍ ظهَرَ فيها، سقَطَتِ

وَتَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِالْحِسَابِ، إِلَّا فِى السَّائِمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّكاةُ، وإلا فلا. قوله: وتَجِبُ فيما زادَ على النِّصابِ بالحِسابِ، إلَّا في السَّائِمةِ. لا تجِبُ الزَّكاةُ في وَقْصِ السَّائمةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكْثَرُهم. وقيل: تجِبُ في وَقْصها. اخْتارَه الشيرازِيُّ. فعلى هذا القوْلِ، لو تَلِفَ بعِير مِن تسْعَةِ أبعِرَةٍ، أو مَلَكَه قبلَ التَّمَكُّنِ، إنِ اعْتَبَرْنا التَّمَكُّنَ، سقَط تسعُ شِيَاهٍ. ولو تَلِفَ مِنَ التِّسْع سِتَّة، زَكَّى الباقِىَ ثُلُثَ شاةٍ. ولو كانتْ مَغْصوبَة فأخَذ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منها بعيرًا بعدَ الحَوْلِ، زكَّاه بِتُسْع شاةٍ. ولو كان بعضُها ردِيئًا أو صِغارًا، كان الواجِبُ وسَطًا، ويخرجُ مِنَ الأعْلَى بالقيمَةِ. فهذه أربَعُ مسائِلَ مِن فوائدِه. وعلى المذهبِ، يجبُ في الصُّورَةِ الأولَى شاة. وفى الثانية، ثلاَثةُ أخْماسِها. وفي الثَّالثةِ، خُمْسُها. وفي الرَّابعَةِ، يتعَلَّقُ الواجِبُ بالخِيَارِ، ويتعَلَّقُ الردِئُ بالوَقْص؛ لأنَّه أحَظُّ. واخْتارَه أبو الفَرَجِ أيضًا. ومن فوائدِ الخِلافِ أيضًا، لو تَلِفَ عِشْرون بعِيرًا مِن أربَعِين قبلَ التَّمَكُّنِ، فيَجِبُ على المذهب، خمْسَةُ أتساعِ بِنْتِ لبونٍ.

الرَّابعُ، تَمَامُ الْمِلْكِ، فَلَا زَكَاةَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ، [43 و] وَلَا فِى السَّائِمَةِ الْمَوْقُوفَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الثاني، يجِبُ نِصْفُ بنْتِ لبونٍ. وعلى المذهبِ، لو كان عليه دَيْن بقَدْرِ الوَقْص، لم يُؤثرْ في وُجوبِ الشَّاةِ المُتَعَلِّقةِ بالنِّصابِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. قالَه في «الفُروعِ»، واقْتَصَرَ عليه. قال المَجْدُ، في «شَرْحِه»: وفوائدُ ذلك كثيرةٌ. فائدة: قال في «الفُروعِ»: في تعَلُّقِ الوُجوبِ بالزَائدِ على نِصاب السَّرِقَةِ احْتِمالان. يعْنِى، أنَ القَطْعَ هل يتَعَلَّقُ بجميعِ المَسْروقِ، أو بالنِّصابِ منه فقط؟ فظاهِرُ ما قطَع به المَجْدُ في «شَرْحِه»، أنه يتَعَلَّقُ بالجميع. وهى نظِيرُ المسْألةِ التى قبلَها. قوله: فلا زَكاة في دَيْنِ الكِتابَةِ. هذا المذهبُ، وقطَع به الأصحابُ؛ لعدَم اسْتِقْرارِها. قال في «الفُروعِ»: ولهذا لا يصِحُّ ضمانُ دَيْنِ الكِتابَةِ، وفيه رِواية بصِحّةِ الضمانِ، فدَلَّ على الخِلافِ هنا. انتهى. قوله: ولا في السَّائِمةِ الموْقُوفَةِ، ولا في حِصَّةِ المُضَارِبِ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ

وَلَا فِى حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، عَلَى أحدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِسْمَةِ، على أحَدِ الوَجْهَيْن فيهما. أمَّا السَّائمَةُ الموْقوفَةُ، فإنْ كانت على مُعَيَّنين، كالأقاربِ ونحوِهم، ففي وُجوبِ الزكاةِ فيها وَجْهان. وأطْلَقَهما ابنُ تَميم، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، تجِبُ الزَّكاةُ فيها. وهو المذهبُ. نَصَّ عليه. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الفائقِ». قال في «الرِّعايَة الكُبْرى»: والنَّصُّ، الوُجوبُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا زكاةَ فيها. قدَّمه في «الشَّرحِ». قال بعضُ الأصحابِ: الوَجْهان مَبْنِيَّان على مِلْكِ الموْقوفِ عليه وعدَمِه. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه». وعندَ بعضِ الأصحابِ، الوَجْهان مَبْنِيَّان على رِوايَة المِلْكِ فقط. قالَه ابنُ تَميم. فعلى المذهبِ، لا يجوزُ أنْ يُخْرِجَ مِن عَينها؛ لمَنْع نقْلِ المِلْكِ في الوَقْفِ، فيخرجُ مِن غَيْرِها. قلتُ: فيُعايي بها. وإنْ كانتِ السائمةُ أو غيرُها وَقْفًا على غيرِ مُعَيَّن، أو على المساجدِ والمَدارس، والرُّبُطِ ونحوِها، لم تجِبِ الزكاةُ فيها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَة، ونَصَّ عليه؛ فقال في أرْض موْقوفَةٍ على المساكينِ: لا عُشْرَ فيها؛ لأنها كلَّها تصيرُ إليهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ خِلافٌ. فائدة: لو وقَفَ أرضًا أو شجَرًا على مُعَيَّن، وجبَتِ الزَّكاةُ مُطْلَقًا في الغلَّةِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لجَوازِ بيْعِها، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونَصَّ عليه. وجزَم به الخِرَقِيُّ، و «التلْخيص»، وابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، والزرْكَشِيُّ، و «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: رِوايةً واحدَةً. وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميم»، و «الرعايَةِ الكُبْرى». وقيل: تجِبُ مع غِنَى الموْقوفِ عليه، دُونَ غيرِه. جزَم به أبو الفَرَجِ، والحَلْوانِي، وابنُه، وصاحِبُ «التبصِرَةِ». قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه ظاهِرُ ما نقلَه عليُّ بنُ سعيدٍ وغيرُه. فحيثُ قُلْنا بالوُجوبِ، فإنْ حصَل لكُل واحدٍ نِصابُ زكاةٍ، وإلَّا خُرِّجَ على الرِّوايتَيْن في تأثيرِ الخُلْطَةِ في غيرِ السَّائمةِ، على ما يأْتِى. فوائد؛ منها، لو أوْصَى بدَراهِمَ في وُجوهِ البِرِّ، أو ليُشْتَرَى بها ما يُوقف، فاتَّجَرَ بها الوَصِىُّ، فرِبْحُه، مع أصْل المالِ، فيما وصَّى به، ولا زَكاةَ فيهما، وإنْ خَسِرَ، ضَمِنَ النَّقْصَ. نَقَلَه الجماعةُ عنِ الإمامِ أحمدَ. وقيل: رِبْحُه إرْثٌ. وقال في المُؤجَّر، في مَنِ اتَّجرَ بمالِ غيرِه، إنْ رَبِحَ: له أجْرَةُ مِثْلِه. ويأتِى ما إذا نَمَى المُوصَى بوَقْفِه بعدَ الموْتِ وقُبِلَ وَقْفُه، في كتابِ الوَصايا في فوائدِ ما إذا قَبِلَ الوصِيَّةَ بعدَ الموْتِ، متى يَثْبُتُ له المِلْكُ. ومنها، المالُ المُوصَى به يُزَكِّيه مَن حالَ عليه الحَوْلُ على مِلْكِه. ومنها، لو وَصَّى بنَفْع نِصَابِ سائمةٍ، زَكَّاها مالِكُ الأصْلِ. قال في «الرِّعايتَيْن»، وتابعَه في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ لا زَكاةَ إنْ وَصَّى بها أبدًا. فيُعايىَ بها. وأنا حِصَّةُ المُضارِبِ مِنَ الرِّبْحِ قبلَ القِسْمةِ؛ فذكَر المُصَنِّفُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبِ الزَّكاةِ فيها وَجهَيْن، [وأطْلَقَهما في «الفائقِ»] (¬1). واعْلَمْ أنَّ حصَّةَ المُضارِبِ مِنَ الرِّبْحِ قبلَ القِسْمَةِ لا تخْلُو؛ إمَّا أنْ نقولَ: لا يمْلِكُها بالظهورِ، أو يَمْلِكُها فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُها بالظُّهُورِ. فلا زَكَاةَ فيها، ولا يَنعَقِدُ عليها الحَوْلُ حتى تُقَسَّمَ. وإنْ قُلْنَا: تُمْلَكُ بمُجَرَّدِ الظهورِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا تجبُ فيها الزَّكاةُ أيضًا، ولا ينْعَقِدُ عليها الحَوْلُ قبلَ القِسْمَةِ. نَصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْر، وابنُ أبِى مُوسَى، والقاضى. وجزَم به في «الخِلَافِ»، و «المُجَرَّدِ». وذكَره في «الوَسِيلَةِ» ظاهِرَ المذهبِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشرحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحَواشِى»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِى، تجِبُ الزَّكاةُ فيها، وينْعقِدُ عليها الحَوْلُ. اخْتارَه أبو الخطَّابِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «محرَّرِه»، و «الفائقِ». وقال في «الفائقِ»، بعدَ إطلاقِ الوَجْهَيْن: والمُخْتارُ وُجوبُها بعدَ المُحاسَبَةِ. فعلى القوْلِ بالوُجوبِ، يُعْتَبَرُ بلوغُ حِصتِه نِصابًا، فإنْ كان دُونَه انبنَى على الخُلْطَةِ فيه، على ما يأتِى، ولا يَلْزَمُه إخْراجُها قبلَ القَبْض، كالدَّيْنِ، ولا يجوزُ له إخْراجُها مِن مالِ المُضارَبة بلا إذْن. على الصحيح مِنَ المذهبِ. نَصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: وأمَّا حقُّ رَبِّ المالِ، فليس للمُضارِبِ تزْكِيَتُه بدُونِ إذْنِه. نَصَّ عليه في رِوايَةِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآجُرِّىِّ، اللَّهُمَّ إلا أنْ يصيرَ المُضارِبُ شرِيكًا، فيكونُ حكْمُه حُكْمَ سائرِ الخُلَطاءِ. وقيل: يجوزُ؛ لدُخولِهما على حُكْمِ الإسْلامِ، ومِن حُكْمِه، وُجوبُ الزَّكاةِ وإخْراجُها مِنَ المالِ. صحَّحَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما في «المُحَررِ»، و «الفائقِ». فائدة: يَلْزَمُ رَبَّ المالِ زَكاةُ رأْسِ مالِه مع حِصَّتِه مِنَ الرِّبْحِ، وينْعَقِدُ عليها الحَوْلُ بالظُّهورِ. نَصَّ عليه. زادَ بعضُهم، في أظْهَرِ الروايتَيْن. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ قبل قَبْضِها. وفيه احْتِمالٌ. ويَحْتَمِلُ سقُوطُها قبلَه لتَزَلْزُلِها. انتهى. وأمَّا حِصَّةُ المُضاربِ إذا قُلْنا: لا يَملِكُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالظهورِ. فلا يَلْزَمُ رَبَّ المالِ زكاتُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو قوْلُ القاضى، والأكْثرَين. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وحكَى أبو الخَطابِ في «انْتِصَارِه» عنِ القاضى، يَلْزَمُ رَبَّ المالِ زَكاتُه، إذا قُلْنا: لا يَمْلِكُه العامِلُ بدُونِ القِسْمَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى في «خِلَافِه»، في مسْألةِ المُزارَعَةِ. وحَكاه في «المُسْتَوْعِبِ» وَجْهًا. وصحَّحَه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيّة»: وهو ضَعِيفٌ. قال في «الحَواشِي»: وهو بعيدٌ. وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، لكنِ اخْتارَ الأوَّلَ. فائدة: لو أدَّاها رَبُّ المالِ مِن غيرِ مالِ المُضارَبَةِ، فرأسُ المالِ باقٍ، وإنْ أدَّاها منه، حُسِبَ مِنَ المالِ والرِّبْحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال: ذكَرَه القاضى. وتَبِعَه صاحِبُ «المُستَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَررِ» وغيرُهما. فيَنْقُصُ رُبْعُ عُشْرِ رأسِ المالِ. وقال المُصَنِّف، في «المُغْنِى»، و «الشَّارِحِ»: يُحسَبُ مِنَ الرِّبْحِ فقط، ورأسُ المالِ باقٍ. وجزَما به؛ لأنَّ الرِّبْحَ وِقايَةٌ لرأْسِ المالَ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الحَواشِى». وقال في «الكافِى»: هى مِن رأس المالِ. ونصَّ عليه الإمامُ

وَمَنْ كانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَلِئٍ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، زَكَّاهُ إِذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ؛ لأنَّه واجِبٌ عليه كدَيْنِه. وقيل: إنْ قُلْنا: الزَّكاةُ في الذِّمَّةِ. فمِنَ الرِّبْحِ ورأْسِ المالِ. وإنْ قُلْنا: في العَيْنِ. فمِنَ الرِّبْحِ فقط. قوله: ومَن كان له دَيْنٌ على مَلئٍ، مِن صَداقٍ أو غيرِه، زَكَّاه إذا قَبَضَه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ، فلا يُزَكيه إذا قَبَضَه. وعنه، يُزَكِّيه إذا قَبَضَه، أو قبلَ قَبْضِه. قال في «الفائقِ»: وعنه، يلْزَمُه في الحالِ. وهو المُخْتارُ. تنبيه: قوْلُه: على مَلئٍ. مِن شَرْطِه، أنْ يكونَ باذِلًا. فائدة: الحَوالَةُ به والإبراءُ منه، كالقَبْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ جُعِلا وَفاءً فكالقَبْضِ، وإلَّا فلا. قوله: زَكَّاه إذا قَبَضَه لما مَضى، يعْنِى، مِنَ الأحْوالِ. وهذا المذهبُ، سواءٌ قصَد ببَقائِه الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ أو لا. وجزَم به في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُزَكِّيه لسنَةٍ واحدةٍ، بِناءً على أنَّه يُعْتبرُ لوُجوبِها إمْكانُ الأداءِ، ولم يُوجَدْ فيما مضَى. فوائد؛ إحْدَاها، يُجْزِئُه إخْراجُ زَكاتِه قبلَ قَبْضِه لزَكاةِ سنِين، ولو منَع التَّعْجيلَ لأكْثَرَ مِن سنَةٍ؛ لقيامِ الوُجوبِ، وإنَّما لم يجِبِ الأداءُ رُخْصةً. الثَّانيةُ، لو ملَك مائِةً نقْدًا، ومائِةً مُؤجَّلَةً، زكَّى النَّقْدَ؛ لتَمامِ حوْلِه، وزَكَّى المُؤجَّلَ إذا قبَضَه. الثَّالثةُ، أوَّلُ حَوْلِ الصَّداقِ، مِن حينِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، عَيْنًا كان أو دَيْنًا، مُسْتَقِرًّا كان أو لا. نصَّ عليه. وكذا عِوَضُ الخُلْع والأجْرَةِ. وعنه، ابْتِداءُ حَوْلِه مِن حينِ القَبْضِ لا قبلَه. وعنه، لا زَكاةَ في الصَّداقِ قبلَ الدُّخولِ حتى يُقْبَضَ. فيَثْبُتُ الانْعِقادُ والوُجوبُ قبل الحَوْلِ. قال المَجْدُ: بالإجْماعِ، مع احْتِمالِ الانْفِساخِ. وعنه، تملِكُ قبلَ الدُّخولِ نِصْفَ الصَّداقِ. وكذا الحُكْمُ خِلافًا ومذهبًا في اعْتِبارِ القَبْضِ في كلِّ دَيْن، إذا كان في غيرِ مُقابلَةِ مالٍ، أو مالٍ زكَوِيٍّ عندَ الكُلِّ. كمُوصًى به، ومَوْروثٍ، وثَمَنِ مَسْكَنٍ. وعنه، لا حوْلَ لأجْرَةٍ، فيُزَكِّيه في الحالِ كالمَعْدِنِ. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّين. وهو مِنَ المُفْرداتِ. وقيَّدَها بعضُ الأصحابِ بأُجْرَةِ العَقارِ. وهو مِنَ المُفْرداتِ أيضًا، نظرًا إلى كوْنِها غلَّةَ أرْضٍ ممْلوكَةٍ له. وعنه أيضًا، لا حوْلَ لمُسْتفادٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكرَها أبو المَعالِى في مَن باعَ سمَكًا صادَه بنِصَابِ زَكاةٍ. فعلى الأوَّلِ، لا يَلْزَمُه الِإخْراجُ قبلَ القَبْضِ. الرَّابعةُ، لو كان عليه دَيْنٌ مِن بهِيمَةِ الأنْعامِ، فلا زكاةَ؛ لاشْتِراطِ السَّوْمِ فيها، فإنْ عُيَّنَتْ زُكِّيَتْ كغيْرِها. وكذا الدِّيَةُ الواجِبَةُ، لا تجِبُ فيها الزَّكاةُ؛ لأنَّها لم تتَعَيَّن مالًا زكَوِيًّا؛ لأنَّ الِإبِلَ في الذِّمَّةِ فيها أصْلٌ أو أحدَها. تنبيه: شَمِلَ قوْلُ المُصَنِّفِ: مِن صَداقٍ أو غيْرِه. القَرْضَ، ودَيْنَ عُروضِ التِّجارَةِ. وكذا المَبِيعَ قبلَ القَبْضِ. جزَم به المَجْدُ وغيرُه، فيُزَكِّيه المُشْتَرِى، ولو زالَ مِلْكُه عنه، أو زالَ، أو انْفَسَخَ العَقْدُ، بتَلَفِ مَطْعومٍ قبلَ قَبْضِه. ويُزَكِّى المَبِيعَ بشَرْطِ الخِيَارِ، أو في خِيَارِ المجْلِس مَن حُكِمَ له بمِلْكِه، ولو فُسِخَ العَقْدُ. ويُزَكِّى أيضًا دَيْنَ السَّلَمِ إنْ كان للتِّجارَةِ، ولم يكُن أثْمانًا. ويُزَكِّى أيضًا ثَمَنَ المَبِيعَ ورأسَ مالِ السَّلَمِ قبلَ قَبْضِ عِوَضِهم، ولو انْفَسَخَ العَقْدُ. قال فى «الفُروعِ»: جزَم بذلك جماعَةٌ. وقال في «الرِّعاية»: وإنَّما تجِبُ الزَّكاةُ في مِلْكٍ تام مَقْبُوض. وعنه، أو مُمَيَّزٍ لم يُقْبَضْ. ثم قال: قلتُ: وفيما صَحَّ تصَرُّفُ ربِّه فيه قبلَ قبْضِه، أو ضَمِنَه بتَلَفِه. وفى ثَمَنِ المَبِيع، ورأْسِ مالِ المُسَلَّمِ قبلَ قَبْضِ عِوَضِهما، ودَيْنِ السَّلَمِ إنْ كان للتِّجارَةِ، ولم يكُن أثْمانًا، والمَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيَارِ قبل القَبْضِ، رِوايتَان. وللبائعِ إخْراجُ زكاةِ مَبِيعٍ فيه خِيارٌ منه، فيَبْطُل البَيْعُ في قَدْرِه، وفى قِيمَتِه رِوايَتَا تفْريقِ الصَّفْقَةِ، وفى أيَّهما تُقْبَلُ. قوله: وفى قيمَةِ المُخْرَجِ، وجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: الصَّوابُ قوْلُ المُخْرِجِ. فأمَّا مَبِيعٌ غيرُ مُتعَيَّن ولا مُتمَيَّزٍ فيُزَكِّيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البائعُ. الخامسةُ، كلُّ دَيْن سقَط قبلَ قَبْضِه، ولم يُتَعَوَّضْ عنه، تسْقُطُ زكاتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هل يُزَكيه مَن سقَط عنه؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَيْن. وإنْ أسْقطَه رُّبه زكَّاه. نصَّ عليه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كالِإبراءِ مِنَ الصَّداقِ ونحوِه. وقيل: يُزَكِّيه المُبَرَّأ مِنَ الدَّيْنِ؛ لأنَّه مِلْكٌ عليه. وقيل: لا زكاةَ عليهما. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». وهو مِنَ المُفْرداتِ. وإنْ أخَذ ربُّه به عِوَضًا، أو أحالَ أو احْتالَ، زادَ بعضُهم، وقُلْنا: الحَوالَةُ وَفاءٌ، زكَّاه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كعَيْنٍ وَهَبَها. وعنه، زَكاةُ التَّعْويضِ على المَدِينِ. وقيل في ذلك وفى الإبراءِ: يُزَكِّيه ربُّه إنْ قدَر وإلَّا المَدِينُ. السَّادسةُ، الصَّداقُ في هذه الأحْكامِ كالدَّيْنِ فيما تقدَّم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: سقُوطُه كلُّه لانْفِساخِ النِّكاحِ مِن جهَتِها كإسْقاطِها، وإنْ زكَّتْ صداقَها. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقيلَ: لا ينْعَقِدُ الحَوْلُ؛ لأنَّ المِلْكَ فيه غيرُ تامٍّ. وقيلَ: محَلُّ الخِلافِ فيما قبلَ الدُّخولِ. هذا إذا كان في الذِّمَّةِ. أمَّا إنْ كان مُعَينًا فإنَّ الحَولَ ينْعَقِدُ مِن حينِ المِلْكِ. نَصَّ عليه. انتهى. وإنْ زَكَّتْ صداقَها كلَّه، ثم تنَصَّف بطَلاقٍ، رجَع فيما بَقِىَ بكُلِّ حقِّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ كان مِثْلِيًّا، وإلَّا فقِيمَةُ حقِّه. وقيلَ: يرْجِعُ بنِصْفِ ما بَقِىَ، ونِصْفِ بدَلِ ما أخْرَجَتْ. وفيل: يُخَيَّرُ بينَ ذلك ونِصْفِ قيمَةِ ما أصْدَقَها يومَ العَقْدِ أو مِثْلِه، ولا تُجْزِئُها زَكاتُها منه بعدَ طَلاقِه؛ لأنَّه مُشْتَرَكٌ. وقيل: بلَى، عن حقِّها، وتغْرَمُ له نِصْفَ ما أخْرجَتْ، ومتى لم تزَكِّه رجَع بنصْفِه كامِلًا, وتزَكِّيه هى. فإنْ تعَذَّر، فقال في «الفُروعِ»: يتوجَّهُ لا

وَفِى الدَّيْنِ عَلَى غَيْرِ الْمَلِيءِ، وَالْمُؤَجَّلِ، وَالْمَجْحُودِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَالضَّائِعِ، رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، هُوَ كَالدَّيْنِ عَلَى الْمَلِئِ، وَالثَّانِيَةُ، لَا زَكَاةَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يلْزَمُ الزَّوْجَ. وقال في «الرِّعايَةِ»: يلْزَمُه، ويرْجِعُ عليها إنْ تعَلَّقَتْ بالعَيْنِ. وقيل: أو بالذِّمَّةِ. [فائدة: لو وهبَتِ المرأةُ صداقَها لزَوْجِها، لم تسْقُطْ عنها الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه القاضى وغيرُه. وعنه، تجِبُ على الزَّوْجِ. وفي «الكافِي» احْتِمالٌ بعدَمِ الوُجوبِ عليها] (¬1). قوله: وفى الدَّيْنِ على غيرِ المَلئِ، والمؤَجَّلِ، والمجْحُودِ، والمغْصُوبِ، والضائِع، رِوايَتان. وكذا لو كان على مُماطِل، أو كان المالُ مسْروقًا، أو موْروثًا، أو غيرَه، جَهِلَه، أو جَهِلَ عندَ مَن هو. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»؛ إحْدَاهما، كالدَّيْنِ على المَلئِ، فتَجِبُ الزَّكاةُ في ذلك كلِّه إذا قَبَضَه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: اختارَه الأكْثرُ. وذكَره أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ ظاهِرَ المذهبِ. وصحَّحَه ابنُ عَقِيل، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِىِّ، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». ونَصَرَها أبو المَعالي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: اخْتارَها الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الايضاحِ»، و «الوَجيزِ». وجزَم به جماعَة في المُؤَجَّلِ؛ وِفاقًا للأئمَّةِ الثَّلاثةِ؛ لصِحَّةِ الحَوالَةِ به والِإبراءِ. وشَمِلَه كلامُ الخِرَقِىِّ. وقطعْ به في «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِي». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا زكاةَ فيه بحالٍ. صحَّحَها في «التَّلْخيصِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وجزَم به في «العُمْدَةِ» في غيرِ المُؤَجَّلِ, ورَجَّحَها بعضُهم. واخْتارَها ابنُ شِهابٍ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». وقيل: تجِبُ في المدفونِ في دارِه، وفى الدَّيْنِ على المُعْسِرِ والمُماطِلِ. وجزَم في «الكافِى» بوُجوبِها في وَدِيعَةٍ، جَهِلَ عندَ مَن هى. وعليه، مالا يؤملُ رُجُوعُه؛ كالمَسْرُوقِ، والمغْصُوبِ، والمَجْحودِ، لا زكاةَ فيه، وما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يؤملُ رجُوعُه، كالدَّيْنِ على المُفْلِس، أو الغائبِ المُنْقَطِعِ خَبَرُه، فيه الزَّكاةُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هذه أقْرَبُ. وعنه، إنْ كان الذى عليه الدَّيْنُ يُؤدِّى زكاتَه، فلا زَكاةَ على ربِّه، وإلَّا فعليه الزَّكاةُ. نَصَّ عليه في المَجْحودِ. ذكَرهما الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. فعلى المذهبِ، يُزَكِّى ذلك كلَّه إذا قَبَضَه لما مضَى مِنَ السِّنِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وجزَموا به. وقال أبو الفَرجِ، في «المُبْهِجِ»: إذا قُلْنا: تجِبُ في الدَّيْنِ. وقبَضَه، فهل يُزَكِّيه لما مضَى أم لا؟ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتَيْن. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّه ذلك في بقِيَّةِ الصُّوَرِ. تنبيه: قوْلُه: المَجْحُودُ. يعْنِى، سواءٌ كان مجْحُودًا باطِنًا أو ظاهِرًا، أو ظاهِرًا وباطِنًا. هذا المذهبُ.، وعليه الأكْثَرُ. وقَيَّدَه في «المُسْتَوْعِبِ» بالمَجْحُودِ ظاهِرًا وباطِنًا. وقال أبو المَعالِى: ظاهِرًا. فوائد؛ منها، لو كان بالمَجْحُودِ بيِّنَةٌ، وقُلْنا: لا تجِبُ في المَجْحُودِ. ففيه هنا وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» و «ابنِ تَميمٍ». وقال: ذكَرهما القاضى؛ أحدُهما، تجِبُ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والثَّاني، لا تجِبُ. ومنها، لو وجَبَتْ في نِصابٍ بعضُه دَيْنٌ على مُعْسِرٍ، أو غَصْبٌ أو ضالٌ ونحْوُه، ففى وُجوبِ إخْراجِ زكاةِ ما بيَدِه قبلَ قَبْضِ الدَّيْنِ والغَصْبِ والضَّالِّ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»؛ أحدُهما، يجِبُ إخْراجُ زكاةِ ما بيَدِه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه». فلو كانت إبِلًا خمْسًا وعِشْرين، منها خَمْسٌ مغْصوبَةٌ أو ضالَّةٌ، أخْرجَ أرْبعَةَ أخْماسِ بِنْتِ مَخَاضٍ. والثَّاني، لا يجِبُ حتى يقْبِضَ ذلك. فعلَى هذا الوَجْهِ، لو كان الدَّيْنُ على مَلئٍ، فوَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ وجوبُ الإخْراجِ. ومنها، لو قَبَض شيئًا مِنَ الدَّيْنِ، أخْرَجَ زكاتَه ولو لم يبْلُغْ نِصابًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونَصَّ عليه في رِوايةِ صالحٍ، وأبى طالِبٍ، وابنِ مَنْصُورٍ. وقال: يُخْرِجُ زكاتَه بالحِسَابِ ولو أنه دِرْهَمٌ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال القاضى في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»: لا يلْزَمُه ما لم يكُنِ المَقْبُوضُ نِصابًا، أو يَصِيرُ ما بيَدِه ما يُتَمِّمُ به نِصابًا. ومنها، يرْجِعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المغْصوبُ منه على الغاصبِ بالزَّكاةِ لنَقْصِه بيَدِه كتَلَفِه. ومنها، لو غُصِبَ ربُّ المالِ بأسْرٍ أو حَبْسٍ. ومُنِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ في مالِه، لم تسْقُطْ زكاتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لنُفوذِ تصَرُّفِه فيه. وقيل: تسْقُطُ.

قَالَ الْخِرَقِيُّ: وَاللُّقَطَةُ إِذَا جَاءَ رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلْحَوْلِ الَّذِى كَانَ الْملْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: قالَ الخِرَقِيُّ: واللقَطَةُ إذا جاءَ رَبُّها زكَّاها للحَولِ الذى كان المُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا منها. اللقَطَةُ قبلَ أنْ يعلمَ بها ربُّها، حُكْمُها حكمُ المالِ الضَّائِع. على ما تقدَّم خِلافًا ومذهَبًا. وعندَ الخِرَقِيِّ، أنَّ الزَّكاةَ تجِبُ فيها إذا وجدَها ربُّها لحَوْلِ التَّعْريفِ. وذكَر المُصَنِّفُ الخِرَقِيَّ؛ تأكيدًا لوُجوبِ الزَّكاةِ فيما ذكَرَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إذا ملَك المُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ، بعدَ الحَوْلِ، اسْتَقْبلَ بها حوْلًا وزكَّى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه مَدِينٌ بها. وحُكِىَ عنِ القاضى، لا زَكاةَ فيها، نظرا إلى أنَّه ملَكَها مَضْمُونَةً عليه بمِثْلِها، أو قِيمَتِها، فهى دَيْنٌ عليه في الحقِيقَةِ. انتهى. وكذلك قال ابنُ عَقِيلٍ، لكنْ نظَر إلى عدَمِ اسْتِقْرارِ المِلْكِ فيها. انتهى. فعلَى القَوْلِ الثَّانِي؛ لو مَلَك قَدْرَ ما يقابِلُ قَدْرَ

وَلَا زَكَاةَ فِى مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَنْقُصُ النِّصَابَ، إِلَّا فِي الْمَوَاشِى وَالْحُبُوبِ فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عِوَضِها، زكَّى. على الصَّحيحِ. وقيلَ: لا؛ لعدَمِ اسْتِقْرارِ مِلْكِه لها. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَقِيلٍ. وإذا مَلَكَها المُلْتَقِطُ وزَكَّاها، فلا زَكَاةَ إذَنْ على رَبِّها. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بلَى. وهل يُزَكِّيها ربُّها حَوْلَ التَّعْريفِ أو بعدَه، إذا لم يَمْلِكْها المُلْتَقِطُ؟ فيه الروايَتَان في المالِ الضَّالِّ. وإنْ لم يَمْلِكِ اللُّقَطَةَ، وقُلْنا: له أنْ يتَصدَّقَ بها، لم يضْمَنْ حتى يخْتارَ ربُّها الضَّمانَ، فتَثْبُتُ حِينئذٍ في ذِمَّتِه؛ كدَيْنٍ تجدَّدَ، فإنْ أخْرَجَ المُلْتَقِطُ زَكاتَها عليه منها، ثم أخذَها ربُّها، رجَع عليه بما أخْرَجَ. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي: لا يرْجِعُ عليه، إنْ قُلْنا: لا يَلْزمُ ربَّها زَكاتُها. قال في «الرِّعايةِ»: لوُجوبِها على المُلْتَقِطِ إذَنْ. قوله: ولا زكاةَ في مالِ مَن عليه دَيْنٌ يَنْقُصُ النِّصابَ. هذا المذهبُ، إلَّا ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَثْنَى. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزكاةَ مُطْلَقًا. وعنه، يمْنَعُ الدَّيْنُ الحالُّ خاصَّةً. جزَم به في «الإرْشادِ»، وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا في الحُبوبِ والمَوَاشِى في إحْدَى الروايتَيْن. وقدَّمه في «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يمْنَعُ أيضًا. وهى المذهبُ. نَصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ. قال ابنُ أبي مُوسَى:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الصَّحيحُ مِن مذهبِ أحمدَ. قلتُ: اخْتارَه أبو بكْرٍ، والقاضى، وأصحابُه، والحَلْوانِىُّ، وابنُ الجَوْزِيِّ، وصاحِبُ «الفائِق»، وغيرُهم. وجزَم به فى «العُمْدَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يمْنَعُ ما اسْتَدانَه للنَّفقَةِ على ذلك، أو كان ثَمَنَه، ولا يمْنَعُ ما اسْتدانَه لمُؤْنَةِ نفْسِه، أو أهْلِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: فعلَى روايةِ عدَمِ المَنْع، ما لَزِمَه مِن مُؤْنَةِ الزَّرْعِ مِن أُجْرَةِ حَصَادٍ، وكِراءِ أرْضٍ ونحوِه يَمْنَعُ. نَصَّ عليه. وذكَره ابن أبِى مُوسَى. وقال: رِوايَةً واحدَةٌ. وتَبِعَه صاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخِيصِ». وحكَى أبو البَرَكاتِ رِوايةً؛ أنَّ الدَّيْنَ لا يمْنَعُ فى الظَّاهِرِ مُطْلَقًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لم أجِدْ بها نصًّا عن أحمدَ. انتهى. وعنه، يمْنَعُ، خلَا الماشِيَةَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. فوائد؛ الأُولَى، فى الأمْوالِ، ظاهِرَةً وباطِنَةً. فالظَّاهِرَةُ، ما ذكَره المُصَنِّفُ مِنَ الحُبوبِ والمَواشِى، وكذا الثِّمارُ. والباطِنَةُ، كالأثْمانِ، وقِيمَةِ عُروضِ التِّجارَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرازىُّ: الأمْوالُ الباطِنَةُ، هى الذَّهبُ والفِضَّةُ فقط. انتهى. وهلِ المعْدِنُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمْوالِ الظَّاهِرَةِ، أو الباطِنَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، هو مِن الأمْوالِ الظَّاهِرَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الشِّيرَازِيِّ، على ما تقدَّم. والثَّانى، هو مِنَ الأمْوالَ الباطِنَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنّه أشْبَهُ بالأثْمانِ، وقِيمَةِ عُروضِ التِّجارَةِ. قال فى «المُغْنِى» (¬1): الأمْوالُ الظَّاهِرَةُ؛ السَّائمةُ، والحُبوبُ، والثِّمارُ. قال فى «الفائقِ»: وتمنعُ فى المَعْدِنِ. رقيلَ: لا. الثَّانيةُ، لا يمْنَعُ الدَّيْنُ خُمْسَ الرِّكازِ. ¬

(¬1) 4/ 264.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاع. الثَّالثةُ، لو تعَلَّقَ بعَبْدِ تجارَةٍ أرْشُ جِنايَةٍ، منَع الزَّكاةَ فى قِيمَتِه؛ لأنَّه وجَب جَبْرًا لا مُواساةً، بخِلافِ الزَّكاةِ. وجعَلَه بعضُهم كالدَّيْنِ؛ منهم صاحِبُ «الفُروعِ» فى «حَواشِيه». الرَّابعةُ، لو كان له عَرَضُ قُنْيَةٍ يُياعُ لو أفْلَسَ يَفِى بما عليه من الدَّيْنِ، جُعِلَ فى مُقابلَةِ ما عليه مِنَ الدَّيْنِ، وزكَّى ما معه مِنَ المالِ، على إحْدَى الروايتَيْن. قال القاضى: هذا قِياسُ المذهبِ. ونصَرَه أبو المَعالِى، اعْتِبارًا بما فيه الحظُّ للمَساكِين. وعنه، يُجْعَلُ فى مقابلَةِ ما معه ولا يُزَكِّيه. صحَّحَه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الحَواشِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الفائقِ». ويَنْبَنِى على هذا الخِلافِ، ما إذا كان بيَدِه ألْفٌ، وله ألْفٌ دَيْنًا على مَلئٍ، وعليه مِثْلُها؛ فإنَّه يزَكِّى ما معه على الأُولَى لا الثَّانيةِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «الفائقِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» هنا، جَعْلَ الدَّيْن مُقابِلًا لما فى يَدِه. وقالوا: نصَّ عليه. ثم قالوا: أو قيلَ: مُقابِلًا للدَّيْنِ. الخامسةُ، لو كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له عَرَضُ تِجارةٍ بقَدْرِ الدَّيْنِ الذى عليه، ومعه عَيْنٌ بقَدْرِ الدَّيْنِ الذى عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجْعَلُ الدَّيْنَ فى مُقابلَةِ العَرَضِ، ويُزَكِّى ما معه مِنَ العَيْنِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، وأبي الحارِثِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحَواشِى»، و «ابنِ تَميمٍ». وقيل: إنْ كان فيما معه مِنَ المالِ الزَّكَوِيِّ جِنْسُ الدَّيْنِ، جُعِلَ فى مُقابَلَتِه. وحَكاه ابنُ الزَّاغُونِىِّ روايَةً. وتابعَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرهم. وإلَّا اعْتُبِرَ الأحَظُّ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يُعْتَبَرُ الأحَظُّ للفُقَراءِ مُطْلَقًا؛ فمَن له مِائتَا دِرْهَمٍ وعَشَرَةُ دَنانِيرَ، قِيمَتُها مِائَتا دِرْهَم، جَعَل الدَّنانِيرَ قُبالَةَ دَيْنِه، وزَكّى ما معه. ومَن له أَرْبَعُونْ شاةً وعَشرَةُ أبْعِرةٍ، ودَيْنُه قِيمَةُ أحَدِهما، جَعَل قُبالَةَ دَيْنِه الغنَمَ، وزَكَّى شاتَيْن. السَّادِسةُ، دَيْنُ المَضْمونِ عنه، يَمْنَعُ الزَّكاةَ بقَدْرِه فى مالِه، دُونَ الضَّامِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا لأبِى المَعالى. السَّابعةُ، لا تجِبُ الزَّكاةُ فى المالِ الذى حجَرَ عليه القاضى للغُرَماءِ، كالمالِ المغْصوبِ، تَشْبِيهًا للمَنْعِ الشَّرعِىِّ بالمَنْع الحِسِّىِّ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقال الأزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا بعيدٌ، بل إلْحاقُه بمالِ الدُّيونِ أقْرَبُ. اخْتارَه أبو المَعالى. وظاهِرُ «الفُروعِ»، إطْلاقُ الخِلافِ. وقيل: إنْ كان المالُ سائمةً زكَّاها، لحُصولِ النَّماءِ والنِّتاجِ مِن غيرِ تصَرُّفٍ، بخِلافِ غيرِها. وقال أبو المَعالى: إنْ قضَى الحاكِمُ دُيونَه مِن مالِه، ولم يفْضُلْ شئٌ مِن مالِه، فهو الذى ملَك نِصابًا وعليه دَيْنٌ. قال: وإنْ سمَّى لكُلِّ غريمٍ بعضَ أعْيانِ مالِه، فلا زَكاةَ عليه، مع بقَاءِ مِلْكِه؛. لضَعْفِه بتَسْليطِ الحاكمِ لغريمِه على أخْذِ حقِّه. انتهى. وإنْ حجَر عليه بعدَ وُجُوبِها، لم تسْقُطِ الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تسْقُطُ إنْ كان قبل تَمَكُّنِه مِنَ الإخْراجِ. قال فى «الحَواشِى»، و «ابنِ تَميمٍ»: وهو بعيدٌ. ولا يَمْلِكُ إخْراجَها مِنَ المالِ؛ لانْقِطاعِ تصَرُّفِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال ابنُ

وَالْكَفَّارَةُ كَالدَّيْنِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ: والأوْلَى أنْ يَمْلِكَ ذلك كالرَّاهِنِ. وهما وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»؛ فإنَّه قال: لا يُقْبَلُ إقْرارُه بها. وجزَم به بعضُهم. ولا يُقْبَلُ إقْرارُ المَحْجورِ عليه بالزَّكاةِ، وتتعَلَّقُ بذِمَّتِه، كدَيْنِ الآدَمِيِّ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وأبو المَعالِى. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يُقْبَلُ، كما لو صدَّقَه الغَرِيمُ. ويأْتِى زكاةُ المرْهُونِ فى فَوائِدِ الخِلافِ الآتِى آخِرَ البابِ. قوله: والكَفَّارةُ كالدَّيْنِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وحَكاهما أكْثَرُهم رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الحَواشِى»، و «ابنِ تَميمٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، إذا لم يَمْنَعْ دَيْنُ الآدَمِىِّ الزَّكاةَ، فدَيْنُ اللهِ، مِنَ الكفَّارَةِ والنَّذْرِ المُطْلَقِ، ودَيْنِ الحَجِّ ونحْوِه، لا يمْنَعُ بطريقٍ أوْلَى. وإنْ منَع الزَّكَاةَ، فهل يمْنَعُ دَيْنُ الله؟ فيه الخِلافُ؛ أحدُهما، هو كالدَّيْنِ الذى للآدَمِىِّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه المَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه». وهو قوْلُ القاضى وأتْباعِه. وجزَم به ابنُ لبَنَّا فى «خِلَافِه» فى الكفَّارَةِ، والخَراجِ. وقال: نصَّ عليه. وهو الذى احْتَجَّ به القاضى فى الكفَّارَةِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يمْنَعُ وجُوبَ الزَّكاةِ. فائدتان؛ إحْداهما، النَّذْرُ المُطْلَقُ ودَيْنُ الحَجِّ ونحوُه كالكفَّارَةِ، كما تقَدَّم. وقال فى «المُحَرَّرِ»: والخَراجُ مِن دَيْنِ اللهِ. وتابَعَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قالَه القاضى، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. ففِيه الخِلافُ فى إلْحاقِه بدُيونِ الآدَمِيِّين. وأمَّا الإمامُ أحمدُ، فقدَّم الخَراجَ على الزَّكاةِ. وقال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّين: الخَراجُ مُلْحَقٌ بدُيونِ الآدَمِيِّينْ. ويأْتِى، لو كان الدَّيْنُ زَكاةً، هل يمْنَعُ؟ عندَ فَوائدِ الخِلافِ فى أنَّ الزَّكاةَ، هل تجِبُ فى العَيْنِ، أو فى الذِّمَّةِ؟ الثَّانيةُ، لو قال: للهِ علىَّ أنْ أتصَدَّقَ بهذا. أو هو صَدَقَةٌ. فحالَ الحَوْلُ، فلا زكاةَ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ حامِدٍ: فيه الزَّكاةُ. فقال فى قوله: إنْ شفَى اللهُ مرِيضِى، تصَدَّقْتُ مِن هاتَيْن المِائَتَيْن بمِائَةٍ. فشُفِىَ، ثم حالَ الحَوْلُ قبلَ أنْ يَتَصَدَّقَ بها، وجَبَتِ الزَّكاةُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: إنْ نذَر التَّضْحِيَةَ بنِصَابٍ مُعَيَّن، وقيل: أو قال: جعَلْتُه ضَحايا. فلا زكاةَ، ويَحْتَمِلُ وجُوبُها إذا تَمَّ حوْلُه. قبلَها. انتهى. ولو قال: علىَّ لله أِنْ أتَصَدَّقَ بهذا النِّصابِ إذا حالَ الحَوْلُ. وجَبَتِ الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقيل: هى كالتى قبلَها. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، وأطْلَقَهما «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ». فعلَى الأوَّلِ؛ تُجْزِئُه الزَّكاةُ منه على أصحِّ الوَجْهَيْن، ويَبْرَأُ بقَدْرِها مِنَ الزَّكاةِ والنَّذْرِ، إنْ نَواهُما معًا؛ لكوْنِ الزَّكاةِ صَدَقَةً. وكذا لو نذَر الصَّدَقَةَ ببعضِ

الْخَامِسُ، مُضِىُّ الْحَوْلِ شَرْطٌ، إِلَّا في الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّصابِ، هل يُخْرِجُهما، أو يُدْخِلُ النَّذْرَ فى الزَّكاةِ ويَنْوِيهما؟ وقال ابنُ تَميمٍ: وجبَتِ الزَّكاةُ ووجَب إخْراجُهما معًا. وقيل: يُدْخِلُ النَّذْرَ فى الزَّكاةِ ويَنْوِيهما معًا. انتهى. قوله: الخامِسُ، مُضِىُّ الحوْلِ شَرْطٌ، إلا فى الخارجِ مِنَ الأرْضِ. فيُشْتَرَطُ مُضِىُّ الحَوْلِ فى الأثْمانِ، والماشِيَةِ، وعُروضِ التِّجارَةِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، - اشْتِراطُ مُضِيِّ الحَوْلِ كامِلًا. وهو أحَدُ الوُجوهِ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والقاضى، لكنْ ذكَرَه إذا كان النَّقْصُ فى أثْناءِ الحَوْلِ. والوَجْهُ الثَّانى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعْفَى عن ساعَتَيْن. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ. قلتُ: عليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّم المَجْدُ فى «شَرْحِه»، أنَّه لا يُؤثرُ أقَلُّ مِن مُعْظَمِ اليوْم. وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»: ولا يؤَثِّرُ نقصٌ دُونَ اليومِ. وقيل: يُعْفَى عن نِصْفِ يومٍ. وقال أبو بَكْرٍ: يُعْفَى عن يوْمٍ. اخْتارَه القاضى. وصحَّحَه ابنُ تَميمٍ. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وليس كما قال، وقد تقدَّم لفْظُه. وقيل: يُعْفَى عن يوْمَيْن. وقيل: الخَمْسَةُ والسَّبْعَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وقال فى

فَإِذَا اسْتَفَادَ مَالًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَتِمَّ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، إِلَّا نِتَاجَ السَّائِمَةِ، وَرِبْحَ التِّجَارَةِ، فَإِنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ أصْلِهِ إِنْ كَانَ نِصَابًا، وَإِنْ لَمْ يَكنْ نِصَابًا فَحَوْلُهُ مِنْ حِينَ كَمَلَ النِّصَابُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرَّوْضَة»: يُعْفَى عن أيَّام. قال فى «الفُروعَ»: فإمَّا أن مُرادَه ثَلَاَثةُ أيَّامٍ؛ لِقِلَّتِها، واعْتِبارِها فى مَواضِعَ، أو ما لم يُعَدَّ كثيرًا عُرْفًا. وقيل: يُعْتَبَرُ طرَفَا الحَوْلِ خاصَّةً فى العُروضَ خاصَّةً. قوله: فإذا اسْتفادَ مالًا، فلا زكاةَ فيه حتى يَتمَّ عليه الحَوْلُ. وهذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا ما اسْتَثْنَى، وسواءٌ كان المُسْتَفادُ مِن جِنْسِ ما يَمْلِكُه أو لا. وعليه الأصحابُ. وحُكِىَ عنه رِوايةٌ فى الأُجْرَةِ؛ أنَّها تَتْبَعُ المالَ الذى مِن جِنْسِها. فائدة: يُضَمُّ المُسْتَفَادُ إلى نِصابٍ بيَدِه مِن جِنْسِه أو فى حُكْمِه، ويُزَكِّى كُلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مالٍ إذا تَمَّ بحوْلُه. وهذا الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعْتَبَرُ النِّصابُ فى المُسْتَفادِ أيضًا. قوله: إلَّا نِتاجَ السَّائمةِ، ورِبْحَ التِّجارَةِ؛ فإنَّ حَوْلَه حولُ أصْلِه إن كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصابًا، وإنْ لم يَكُنْ نِصابًا فحَوْلُه مِن حِينَ كمَل النِّصابُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، حوْلُه مِن حينَ ملَك الأُمَّاتِ. نقَلها حَنْبَلٌ. وقيلَ: حَوْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّتاجِ منْذُ كمَل أُمَّهاتُه (¬1) نِصابًا، وحَوْلُ أُمَّهاتِه منْذُ ملَكَهُنَّ. ذكَره فى «الرِّعايَةِ». ووَجَّه فى «الفُروعِ» تَخْريجًا واحْتِمالًا فى رِبْحِ التِّجارَةِ؛ أنَّ حَوْلَهْ ¬

(¬1) فى الفروع: «أمَات». وعلّق على ذلك بقوله: كذا يقال: أمّات، وإنما يقال: أمّهات فى بنات آدم فقط، واستعمل الفقهاء الأمّهات فى المواشى أيضًا، وهو غلط، والله أعلم، كذا ذكره بعضهم، وقول الفقهاء لغة أيضًا، ويقال فى بنى آدم: أمّهات، وفيه لغة: أمَات. انظر: الفروع 2/ 340.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَوْلُ أصْلِه. قلتُ: قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيلَ عنهَ: إذا كَمَلَ النِّصابُ بالرِّبْحِ، فحَوْلُه مِن حينَ مَلك الأصْلَ، كالمَاشِيَةِ، فى رِوايَةٍ. فعلَى رِوايَةِ حَنْبَلٍ؛ لو أبْدَلَ بعضَ نِصابٍ بنِصابٍ مِن جِنْسِه، كعِشْرين شاةً بأرْبَعِين، احْتَمَلَ أنْ يَنْبَنِىَ على حَوْلِ الأُولَى، ويَحْتَمِلُ أنْ يَبْتَدِئَ الحَوْلُ. وأطْلَقَهما فى

وَإنْ مَلَكَ نِصَابًا صِغَارًا، انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حِينَ مَلَكَهُ. وَعَنْهُ، لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَبْلُغَ سِنًّا يُجْزِى مِثْلُهُ في الزَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وهما وَجْهان مُطْلَقَان فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، ورِوايَتان مُطْلَقتان فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: الصَّوابُ، الثَّانِى مِنَ الاحْتِمالَيْن. قوله: وإنْ ملَك نِصابًا صِغارًا، انْعَقَدَ عليه الحوْلُ مِن حينَ مَلَكَه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا ينْعَقِدُ حتى يبْلُغَ سِنًّا يُجْزِئُ مِثْلُه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الواجِبِ. وحكَى ابنُ تَميمٍ، أنَّ القاضىَ قال فى «شَرْحِه الصَّغِيرِ»: تجِبُ الزَّكاةُ فى الحِقاقِ، وفى بَناتِ المَخاضِ، واللَّبُونِ، وَجْهًا، بناءً على السِّخالِ. ونقَل حَرْبٌ، لا زَكاةَ فى بَناتِ المَخاضِ حتى تكونَ فيها كبيرةً. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فعلَى المذهبِ، لو تغَذَّتْ باللَّبَنِ فقط، لم تجِبْ لعدَمِ السَّوْمِ المُعْتَبَرِ. اخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: تجِبُ لوُجوبِها فيها تَبَعًا للأُمَّاتِ، كما تَتْبَعُها فى الحَوْلِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «ابنِ تَميمٍ». وهما احْتِمالان ذكَرهما ابنُ عَقِيل. وعلى الرِّوايَةِ الثانيةِ، ينْقَطِعُ ما لم يَبْقَ واحِدَةٌ مِنَ الأُمَّاتِ. نصَّ عليه، وهو الصَّحيحُ عليها. وقيل: ينْقَطِعُ ما لم يَبْقَ نِصابٌ مِنَ الأُمَّاتِ.

وَمَتَى نَقَصَ النِّصَابُ في بَعْضِ الْحَوْلِ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، انْقَطَعَ الْحَوْلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى نقَص، النِّصابُ فى بَعضِ الحَوْلِ. انْقَطَعَ الحَوْلُ. هذا المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وتقدَّم قوْلٌ، بأنَّه لو انْقَطَعَ فى أثْناءِ حوْلِ عُرضِ التِّجارَةِ، وكان كامِلًا فى أوَّلِه وآخِرِه، أنَّه لا يَضُرُّ. قوله: أو باعَه، أو أبْدَلَه بغيرِ جِنْسِه، انْقَطَعَ الحوْلُ. هذا المذهبُ بشَرْطِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ تَميمِ: وإنْ أبْدَلَه لا بمِثْلِه ممَّا فيه الزَّكاةُ، انْقَطَعَ على الأصحِّ. قال فى «القَواعِدِ»: وخرج أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» رِوايةً بالبِنَاءِ فى الإِبدالِ مِن غيرِ الجِنْسِ مُطْلَقًا. فائدتان؛ إحْدَاهما، لا ينْقَطِعُ الحَوْلُ بإبْدالِ نِصابِ ذَهَبٍ بفِضَّةٍ، أو بالعَكْسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. فيكونُ ذلك مُسْتَثْنًى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلَقَ. وفيه رِوايةٌ مُخَرَّجَةٌ مِن عَدَمِ ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخرِ، وإخْراجِه عنه. قال ابنُ تَميمٍ: إبْدالُ أحَدِ النَّقْدَيْن بالآخرِ يَنْبَنِى على الضَّمِّ. قال فى «القَواعِدِ»: فيه رِوايَتَان. قال الزَّرْكَشِىُّ: طرِيقَةُ أبي محمدٍ، وطائفَةٍ، وصحَّحَها أبو العَبَّاسِ، مَبْنِيَّةٌ على الضَّمِّ، وطريقَةُ القاضى وجماعَةٍ، منهم المَجْدُ،

إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنَ الزَّكَاةِ عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا، فَلَا تَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الحَوْلَ لا ينْقَطِعُ مُطْلَقًا، وإنْ لم نَقُلْ بالضَّمِّ. تنبيه: حيْثُ قُلْنا: لا ينْقَطِعُ الحَوْلُ. فالصَّحيحُ، أنَّه يُخْرِجُ ممَّا مَلَكَه عندَ وُجوبِ الزَّكاةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». ؤقال القاضى، وتَبعَه فى «شَرْحِ المذْهبِ»: يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَه أكْثَرَ الحَوْلِ. قال ابنُ تَميمٍ: ونصَّ أحمدُ على مِثْلِه. الثَّانيةُ، لا ينْقَطِعُ الحَوْلُ فى أمْوالِ الصَّيارِفَةِ؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى سقُوطِها فيما ينْمُو، أو وُجوبِها فى غيرِه. قال فى «الفُروعِ»: والأصُولُ تَقْتَضِى العَكْسَ. وهذا أيضًا يكونُ مُسْتَثْنًى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. قوله: إلَّا أنْ يَقْصِدَ بذلك الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا قَصَد بالبَيْع أو الهِبَةِ أو الإتْلافِ أو نحوِه الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ، لم تَسْقُطْ. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به أكثَرُهم. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ فى «مُفْرَداتِهْ»، عن بعضِ الأصحاب: تسْقُطُ الزَّكاةُ بالتَّحَيُّلِ. وِفَاقًا لأبي حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ، كما فى بعدِ الحَوْلِ الأَوَّلِ. قلتُ: وقَواعِدُ المذهبِ وأُصولُه تأْبَى ذلك. فعلَى المذهبِ، اشْتَرَط المُصَنِّفُ أنْ يكونَ ذلك عندَ قُرْبِ وُجوبِها. وجزَم به جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، عَدَمَ السُّقوطِ إذا فعَله فارًّا قبلَ الحَوْلِ بيَوْمَيْن فأكثرَ. وفى كلامِ القاضى، بيَوْمَيْن أو يوم. وقيل: بشَهْرَيْن. حَكاه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقدَّم فى «الفُروعِ»، أنَّه متى قصَد بذلك الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ مُطْلَقًا، لم تسْقُط، وسواء كان فى أوَّلِ الحَوْلِ أَوْ وسَطِه أو آخرِه. قال: وأطْلَقَه الإِمامُ أحمدُ، فلِهَذا قال ابنُ عَقِيل: هو ظاهِرُ كلامِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وقال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وهو الغالِبُ على كلامِ كثيرٍ مِن المُتَقَدِّمين، واخْتِيارُ طائِفَةٍ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتأخِّرين، كابنِ عَقِيلٍ، والمَجْدِ، وغيرِهما. وذكَره بعضُهم قوْلًا. وقال فى «الفائقِ»: نصَّ أحمدُ على وُجوبِها فى مَن باعَ قبلَ الحَوْلِ لنصْفِ عام. قال ابنُ تَميمٍ: والصَّحيحُ، تأْثيرُ ذلك بعدَ مُضِىِّ أكْثَرَ الحَوْلِ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيره: لا أوَّلَ الحَوْلِ؛ لنُدْرَتِه. وفى كلامِ القاضى، فى أوَّلِ الحَوْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَظَرٌ. وقال أيضًا: فى أوَّلِه أو وَسَطِه لم يُوجَدْ لرَبِّ المالِ الغَرَضُ، وهو التَّرَفُّه بأكْثَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَوْلِ والنِّصابِ، وحصُولُ النَّماءِ فيه. فائدتان؛ إحْدَاهما، يُزَكِّى مِن جِنْسِ المَبيع لذلك الحَوْلِ فقط، إذا قصَد الفِرارَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: إنْ أبْدلَه بعَقارٍ ونحوِه، وَجَبَتْ زَكاةُ كُلِّ حَوْلٍ. وسألَه ابنُ هانِئً فى مَن ملَك نِصابَ غَنَمٍ سِتَّةَ أشْهُرٍ، ثم باعَها، فمَكَثَتْ عندَه سِتَّةَ أشْهُرٍ؟ قال: إذا فرَّ بها مِنَ الزَّكاةِ، زكَّى ثَمَنَها إذا حالَ عليها الحَوْلُ. وقيل: يُعْتَبَرُ الأحظُّ للفُقَراءِ. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى أنَّه لم يقْصِدْ بما فَعَل الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ، قُبِلَ فيما بينَه وبينَ اللهِ تَعالَى. وفى الحُكْمِ وَجْهان. وأطْلَقَهما

وَإنْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ بَنَى عَلَى حَوْلِهِ، وَيَتَخَرَّجُ أن يَنْقَطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعَ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: الأوْلَى أنَّه إنْ غرِفَ بقَرائِنَ أنَّه قَصَد. الفِرارَ، لم يُقْبَلْ قوْلُه، وإلَّا قُبِلَ. قوله: وإنْ أبْدَلَه بنِصابٍ مِن جِنْسِه، بَنَى على حَوْلِه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ويتَخَرَّجُ أنْ يَنْقَطِعَ. وهو لأبى الخَطَّاب؛ كالجِنْسَيْن. قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ: ينْقَطِعْ على الأصحِّ. وقاس حماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم، البِناءَ على الحَوْلِ الأوَّلِ فى هذه المسْأَلَةِ على عُروضِ التِّجارَةِ، تُباعُ بنَقْدٍ أو تُشْتَرى به، فإنَّه يُبْنَى. وحُكِىَ الخِلافُ. تنبيه: اعلمْ أنّ بعضَ الأصحابِ عبَّر فى هذه المسْأَلةِ بالبَيْعِ، كما قالَه المُصَنِّفُ هنا، وعبَّر بعضُهم بالإِبْدالِ. قال فى «الفُروعِ»: ودَلِيلُهم يقْتَضِى التَّسْوِيَةَ. وعبَّر القاضى بالإبْدالِ. ثم قال: نصَّ عليه فى رِوايَةِ أحمدَ بنِ سعيدٍ (¬1)، فى الرَّجُلِ يكونُ عندَه غنَمٌ سائمةٌ، فيَبيعُها بضِعْفِها مِنَ الغَنَمِ، هل يُزَكِّيها أم يُزَكِّى الأصْلَ؟ فقال: بل يُعْطِى زكاتَها؛ لأَنَّ نَماءَهَا منها. وقال أبو المَعالِى: المُبادَلَةُ، هل هى بَيْعٌ؟ فيه رِوايَتَان. ثم ذكَر نصَّه بجَوازِ إبْدالِ المُصْحَفِ، لا بَيْعِه، وقوْلَ أحمدَ: ¬

(¬1) أحمد بن سعيد بن صخر الدارمى السرخسى، أبو جعفر، الإِمام العلامة الفقيه الحافظ الثبت، أكثر التطواف، وتوسع فى العلم، وبعد صيته. توفى سنة ثلاث وخمسين ومائتين. تاريخ بغداد 4/ 166 - 169.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُعاطَاةُ بَيْعٌ، والمُبادَلَةُ مُعاطَاةٌ. وأنَّ هذا أشْبَهُ. قال: فإنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. انْقَطعَ الحوْلُ، كلَفْظِ البَيْعِ؛ لأنَّه ابْتِداءُ مِلْكٍ. نَعَم، المُبادَلَةُ تدُلُّ على وَضْعِ شئٍ مُماثِلٍ له كالتَيّمُّمِ عنِ الوُضوءِ، فكُلُّ بَيْعٍ مُبادَلَةٌ، ولا عَكْسَ. انتهى. وقال أبو بَكْرٍ فى المُبادَلَةِ: هل هى بَيْعٌ أم لا؟ على رِوايتَيْن. وأنْكَر القاضى ذلك. وقال: هى بَيْعٌ بلا خِلافٍ. ذكَره ابنُ رَجَبٍ فى «القَاعِدَةِ الثَّالثَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ». ويأْتِى هذا فى أوَائلِ كتابِ البَيْع، عندَ حُكْمِ بَيْع المُصْحَفِ. فائدة: لو زادَ بالاسْتِبْدالِ، تَبعَ الأُصُولَ فى الحَوْلِ أيضًا. نصَّ عليه كنتَاجٍ، فلو أبْدَل مِائَةَ شاةٍ بمِائتَيْن، لَزِمَه شاتان (¬1)، إذا حالَ حَوْلُ المِائةِ. نصَّ عليه. وقال أبو المَعالِى: يستأنفُ للزَّائدِ حوْلًا. وقال فى «الانْتِصارِ»: إنْ أبْدَلَه بغيرِ جِنْسِه بَنَى. أوْمَأَ إليه. ثم سَلَّمه وفرَّق. وقال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ: لا يَبْنِى فى الأصَحِّ. فائدة: لو أبْدَلَه بغيرِ جِنْسِه، ثم رُدَّ عليه بعَيْبٍ ونحوِه، اسْتَأْنفَ الحَوْلَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر أبو بَكْرٍ، إذا أَبْدَلَ نِصابًا بغيرِ جِنْسِه، ثم رُدَّ عليه بعَيْبٍ ونحوِه، يَنْبَنِى على الحَوْلِ الأوَّلِ إذا لم تحْصُلِ المُبادَلَةُ بَيْعًا، وفى نُسْخَةٍ، إذا لم نَقُلْ: المُبادَلَةُ بَيْعٌ. ولو أبْدَلَ نِصابَ سائمةٍ بمِثْلِه، ثم ظهَر على عَيْبٍ، بعدَ أنْ وَجَبَتِ الزَّكاةُ، فله الرَّدُّ، ولا تسْقُطُ الزَّكاةُ عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إذا دَلَّسَ البائعُ العَيْبَ، فرُدَّ عليه، فزَكاتُه عليه، فإنْ أخْرَجَ مِنَ النِّصابِ، فله رَدُّ ما بَقِىَ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وفى الآخرِ، يَتَعَيَّنُ له الأرْشُ. قلتُ: ¬

(¬1) فى ا: «زكاة مائتين».

وَإذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ في عَيْنِ الْمَالِ. وَعَنْهُ، تَجِبُ في الذِّمَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، على ما يأْتِى فى خِيَارِ العَيْبِ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. فعلى الأوَّلِ، لو اخْتلَفا فى قِيمَةِ المُخْرَجِ، كان القَوْلُ قوْلَ المُخْرِجِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيلَ: القوْلُ قوْلُ صاحِبِه. وأطْلَقَهما ابنُ تميمٍ، و «الفُروعِ» على ما تقدَّم. قوله: وإذا تَمَّ الحَوْلُ وَجَبَتِ الزَّكاةُ فى عَيْنِ المالِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فى روايةِ الجماعَةِ. قال فى «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الجماعةُ. قال الجمهورُ: وهذا ظاهرُ المذهبِ. وحَكاه أبو المَعالِى وغيرُه. انتهى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هى الظَّاهرَةُ عندَ أكْثرَ أصحابِنا. وجزَم به فى «الإرْشادِ»، والقاضى فى «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْليقِ»، و «الجامِعِ»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه الصَّغِيرِ». وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيْرِهم. وعنه، تجبُ فى الذِّمَّةِ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يَتَعَلَّقُ بالذِّمًّةِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال ابنُ عَقِيل: هو الأشْبَهُ بمَذهَبِنا. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ». وقال: رِوايَةٌ واحدَةٌ. وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، و «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها»، واخْتارَه. وأطْلَقَهما فى «المُبْهِجِ»، و «الإيضَاحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقيلَ: تجِبُ فى الذِّمَّةِ، وتتَعَلقُ بالنِّصابِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ووَقَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك فى كلامِ القاضى، وأبى الخَطَّابِ وغيْرِهما، وهى طرِيقَةُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. قال فى «القَواعِدِ»: وفى كلامِ أبي بَكْرٍ إشْعارٌ بتَنْزيلِ الرِّوايتَيْن على اخْتِلافِ حالَيْن؛ وهما يَسارُ المالِكِ وإعْسارُه، فإنْ كان مُوسِرًا وجبَتْ فى ذِمَّتِه، وإنْ كان مُعْسِرًا وجَبَتْ فى عَيْنِ المالِ. قال: وهو غَرِيبٌ. تنبيه: لهذا الخِلافِ، أعْنِى أنَّها، هل تجِبُ فى العَيْنِ أو فى الذِّمَّةِ؟ فوائدُ جمَّةٌ؛ منها، ما ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا، وهو ما إذا مضَى حَوْلان على النِّصابِ، لم تُؤَدَّ زَكاتُهما، فعليه زَكاةٌ واحدَةٌ، إنْ قُلْنا: تجِبُ فى العَيْنِ. وزَكاتَان إنْ قُلْنا: تجبُ فى الذِّمَّةِ. هكذا أطْلَقَ الإمامُ أحمدُ، أنَّ عليه زكاتَيْن، إذا قُلْنا: تجِبُ فى الذِّمَّةِ. وتَبِعَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ هنا، فأطْلَقُوا، حتى قالَ ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»: ولو قُلْنا: إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ. لم تسْقُطْ هنا؛ لأنَّ الشئَ لا يُسْقِطُ نفْسَه، وقد يُسْقِطُ غيرَه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، ومَن تابَعَهُما: إنْ قُلْنا: تجِبُ فى الذِّمَّةِ. زكَّى لكُلِّ حَوْلٍ، إلَّا إذا قُلْنا: دَيْنُ اللهِ يَمْنَعُ. فيُزَكِّى عن حَوْلٍ واحدٍ، ولا زكاةَ للحَوْلِ الثَّانِى؛ لأجْلِ الدَّيْنِ، لا للتَّعَلُّقِ بالعَيْنِ. وجزَم به فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا قوْلُ الأكْثَرِ. وزادَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، متى قُلْنا: يَمْنَعُ الدَّيْنُ. فلا زكاةَ للعَامِ الثَّانِى، تعَلَّقَتْ بالعَيْنِ أو بالذِّمَّةِ. وقال: حيْثُ لم يُوجِبْ أحمدُ زكاةَ العامَ الثَّانى، فإنَّه بنَى على روايةِ مَنْع الدَّيْنِ؛ لأنَّ زكاةَ العامِ الأوَّلِ صارتْ ديْنًا على ربِّ المالِ، والعَكْسُ بالعَكْسِ. وجَعَل فَوائدَ الرِّوايتَيْن، إخْراجَ الرَّاهنِ المُوسِرِ مِنَ الرَّهْنِ بلا إذْنٍ، إنْ عُلِّقَتْ بالعَيْنِ، واخْتِيارَه فى سُقُوطِها بالتَّلَفِ وتقْدِيمها على الدَّيْن. قالَه فى «الفُروعِ»، وقال غيرُه خِلافَه. ويأْتِى أيضًا. وقال فى «القَواعِدِ»: قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: تتَكَرَّرُ زَكاتُه لكُلِّ حَوْلٍ على القَوْلَيْن، وتأوَّلَ كلامَ أحمدَ بتَأْويلٍ فاسِدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ هذه الفائدَةِ، فى غيرِ ما زكَاتُه الغَنَمُ مِنَ الإِبِلِ، كما قال المُصَنِّفُ. فأمَّا ما زَكاتُه الغَنَمُ مِنَ الإِبِلِ، فإنَّ عليه لكُلِّ حَوْلٍ زَكاةً. على كِلا الرِّوايتَيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: أمَّا لو كان الواجِبُ غيرَ الجِنْسِ، كالإِبلِ المُزَكَّاةِ بالغَنَمِ، فنَصَّ أحمدُ، أنَّ الواجِبَ فيه فى الذِّمَّةِ، وإنْ كانتِ الزَّكاةُ فيه تتَكَرَّرُ. وفرَّق بينَه وبينَ الواجِبِ مِنَ الجِنْسِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: والشِّياهُ عنِ الإِبِلِ تتَعَلَّقُ بالذِّمَّةِ فتَتَعَدَّدُ وتتَكَرَّرُ. وقلتُ: هذا إن قُلْنا: لا تسْقُطُ بدَيْنِ اللهِ. انتهى. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيَرازيُّ فى «المُبْهِجِ»: حُكْمُه حُكْمُ ما لو كان الواجِبُ مِن جِنْسِ المُخْرَجِ عنه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ، واخْتَارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، أنَّه كالواجِبِ مِنَ الجِنْسِ، على ما سبَق مِنَ العَيْن والذِّمَّةِ، لأنَّ تعَلُّقَ الزكاةِ كتعَلُّقِ الأرْشِ بالجَانِى، والدَّيْنِ بالرَّهْنِ. فلا فرقَ إذن. فعلَى المذهبِ، لو لم يكُنْ له سِوَى خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ، ففى امْتِناعِ زَكاةِ الحَوْلِ الثَّانِى، لكَوْنِها دَيْنًا، الخِلافُ. وقال القاضى فى «الخِلَافِ»، فى هذه المسْأَلةِ؛ لا يَلْزَمُه. وعلى المذهبِ أيضًا، فى خَمْسٍ وعِشْرِين بعِيرًا فى ثلاَثَةِ أحْوالٍ؛ الأولُ، حَوْلُ بِنْتِ مَخاضٍ، ثم ثَمانِ شِيَاهٍ؛ لكُلِّ حَوْلٍ أرْبَعُ شِيَاهٍ. وعلى كلامِ أبي الخَطَّابِ، أنَّها تجِبُ فى العَيْنِ مُطْلَقًا كذلك لأوَّلِ حَوْلٍ، ثم للثَّانِى، ثم إنْ نقَص النِّصابُ بذلك عن عِشْرِ ين بعِيرًا إذا قَوَّمْناه، فلِلثَّالِثِ ثلاثُ شِيَاهٍ وإلَّا أرْبَعٌ. فوائد؛ إحْداها، متى أفْنَتِ الزَّكاةُ المالَ، سقَطَتْ بعدَ ذلك. صرَّح به فى «التَّلْخيصِ». وجزَم به فى «الفُروعِ»، لكنْ نصَّ أحمدُ، فى رِوايِة مُهَنَّا على وُجوبِها فى الدَّيْنِ بعدَ اسْتِغْراقِه بالزَّكاةِ. قال فى «القَواعِدِ»: فإمَّا أنْ يُحْمَلَ ذلك على القوْلِ بالوُجوبِ فى الذِّمَّةِ، وإمَّا أنْ يُفَرَّقَ بينَ الدَّيْنِ والعَيْنِ؛ بأنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمِىٌّ لا وُجودَ له فى الخارِجِ، فتَتَعَلَّقُ زكاتُه بالذِّمَّةِ، رِوايةً واحدَةً. ولكنْ نصَّ أحمدُ، فى رِوايَة غيرِ واحدٍ، على التَّسْوِيَةِ بينَ الدَّيْنِ والعَيْنِ فى امْتِناعِ الزَّكاةِ فيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ. وصرَّح بذلك أبو بَكْرٍ وغيرُه. الثَّانيةُ، تعَلقُ الزَّكاةِ بالعَيْنِ مانِعٌ مِن وُجوبِ الزَّكاةِ فى الحَوْلِ الثَّانِى وما بعدَه بلا نِزاعٍ. وليس بمانِعٍ مِن انْعِقادِ الحوْلِ الثَّانِى ابْتِداءً. وهو قوْلُ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ. ونقَل المَجْدُ الاتِّفاقَ عليه. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه الخَلَّالُ فى «الجامِع». وأوْرَدَ عن أحمدَ مِن روايَةِ حَنْبَلٍ ما يَشْهَدُ له. وقيلَ: إنَّه مانِعٌ مِن انْعِقادِ الحَوْلِ الثَّانِى ابْتِداءً. وهو قوْلُ القاضى فى «شَرْحِ المذهبِ»، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى». وأطْلَقَهما فى «القَواعِدِ». ويأتِى مَعْنَى ذلك فى الخُلْطَةِ إذا باعَ بعضَ النِّصابِ. الثَّالثةُ، إذا قُلْنا: تجِبُ الزَّكاةُ فى العَيْنِ. فقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: تتَعَلَّقُ به كتَعلُّقِ أرْشِ جِنايَةِ الرَّقيقِ. برَقَبَتِه، فلِرَبِّه إخْراجُ زكاتِه مِن غيرِه، والتَّصَرُّفُ فيه ببَيْع وغيرِه، بلا إذْنِ السَّاعِى، وكلُّ النَّماءِ له. وإنْ أتْلَفَه، لَزِمَه قِيمَةُ الزَّكاةِ دُونَ جِنْسِه، حيوانًا كان النِّصابُ أو غيرَه. ولو تصَدَّقَ بكُلِّه، بعدَ وُجوبِ الزَّكاةِ ولم يَنْوِها، لم يُجْزِئْه. وإذا كان كلُّه مِلْكًا لرَّبِّه، لم يَنْقُصْ بتَعَلُّقِ الزَّكاةِ، بل يكونُ دَيْنًا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كدَيْنِ آدَمِىٍّ، أو لا يَمْنَعُ لعَدَمِ رُجْحانِها على زكاةِ غيرِها، بخِلافِ دَيْنِ الآدَمِيِّ. وقيل: بل يتَعَلَّقُ به كتَعلُّقِ الدَّيْنِ بالرَّهْنِ، وبمالِ مَن حُجِرَ عليه لفَلَسِه، فلا يصِحُّ تصَرُّفُه فيه قبلَ وَفائِه أو إذْنِ رَبِّه. وقيل: بل كتَعَلُّقِه بالتَّرِكَةِ، قال: وهو أقْيَسُ. قال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»: تعَلُّقُ الزَّكاةِ بالنِّصابِ، هل هو تعَلُّقُ شَرِكَةٍ أو ارْتِهانٍ، أو تعَلُّقُ اسْتِيفاءٍ كالجِنايَةِ؟ اضْطربَ كلامُ الأصحاب اضْطِرابًا كثيرًا. ويحْصُلُ منه ثلاَثَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أنَّه تعَلُّقُ شَرِكَةٍ. وصرَّح به القاضى فى مَوْضِعٍ مِن «شَرْحِ المذهبِ». وظاهِرُ كلامِ

وَلَا يُعْتَبَرُ في وُجُوبِهَا إِمْكَانُ الأدَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي بَكْرٍ يدُلُّ عليه، وقد بيَّنه فى مَوْضِعٍ آخَرَ. والثَّانى، تعَلُّقُ اسْتِيفاءٍ. وصرَّح به غيرُ واحدٍ؛ منهم القاضى. ثم منهم مَن يُشَبِّهُه بتَعَلُّقِ الجِنايَةِ. ومنهم مَن يشَبِّهُه بتَعلُّقِ الدَّيْنِ بالتَّرِكَةِ. والثَّالثُ، أنَّه تعَلُّقُ رَهْنِ. وينْكَشِفُ هذا النِّزاعُ بتَحْريرِ مَسائِلَ؛ منها، أنَّ الحَقَّ هل يتَعَلَّقُ بجميعِ النِّصابِ، أو بمِقْدارِ الزِّكاةِ فيه غَيْرَ مُعَيَّنٍ؟ ونقَل القاضى وابنُ عَقِيلٍ، الاتِّفاقَ على الثَّانِى. ومنها، أنَّه مع التَّعلُّقِ بالمالِ، هل يكونُ ثابِتًا فى ذِمَّةِ المالكِ أم لا؟ ظاهِرُ كلامَ الأكْثرَ، أنَّه على القَوْلَ بالتعَلُّقِ بالعَيْنِ، لا يَثْبُتُ فى الذِّمَّةِ منه شئٌ، إلَّا أنْ يتْلَفَ المالُ، أو يتَصَرَّفَ فيه المالِكُ بعدَ الحَوْلِ، وظاهِرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ، والمَجْدِ فى «شَرْحِه». أمَّا إذا قُلْنا: الزَّكاةُ فى الذِّمَّةِ. يتعَلَّقُ بالعَيْنِ تعَلُّقَ اسْتِيفاء مَحْضٍ، كتَعَلُّقِ الدُّيونِ بالتَّرِكَةِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، وهو حسَنٌ. ومنها، مَنْعُ التَّصَرُّفِ. والمذهبُ لا يَمْنَعُ. انتهى. قوله: ولا يُعْتَبَرُ فى وجُوبِها إمْكانُ الأَداءِ، ولا تَسْقُطُ بِتَلَفِ المالِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى

وَلَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تَسْقُطُ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّها تسْقُطُ إذا لم يُفَرِّطْ. فيُعْتَبَرُ التَّمَكنُ مِنَ الأداءِ مُطْلقًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ النِّصابَ إذا تَلِفَ بغيرِ تَفْريطٍ مِنَ المالكِ، لم يضْمَنِ الزَّكاةَ على كلا الرِّوايتَيْن. قال: واخْتارَه طائفَةٌ مِن أصحابِنا. وذكَر القاضى، وابنُ عَقِيل رِوايةً باعْتِبارِ إمْكانِ الأداءِ فى غيرِ المالِ الظَّاهِرِ. وذكَر أبو الحُسَيْنِ رِوايةً، لا تسْقُطُ بتَلَفِ النِّصابِ غيرَ الماشِيَةِ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ، على الروايَةِ الثَّانيةِ: تسْقُطُ فى الأمْوالِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الباطِنَةِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ أبي عبدِ اللهِ النَّيْسابُورِىِّ (¬1) وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: روَى أبو عبدِ الله. النَّيْسابُورِيُّ، الفَرْقَ بينَ الماشِيَةِ والمالِ. والعَمَلُ على ما روَى الجماعَةُ، أنَّها كالمالِ. ذكَره القاضى وغيرُه. وقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وعنه رِوايةٌ ثانيَةٌ، تسْقُطُ الزَّكاةُ إذا تَلِفَ النِّصابُ أو بعضُه قبلَ التَّمَكُّنِ مِن أداءِ الزَّكاةِ، وبعدَ تمامِ الحَوْلِ، فمنهم مَن قال: هى عامَّةٌ فى جميعِ الأمْوالِ. ومنهم مَن خَصَّها بالمالِ الباطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ. ومنهم مَن عكَسِ ذلك. ومنهم مَن خَصَّها بالمَواشِى. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، زكاةُ الزُّروعِ والثِّمارِ إذا تَلِفَتْ بجائِحَةٍ قبلَ القَطْع، فإنَّ زكَاتَها تسْقُطُ. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ فى بابِ زكاةِ الخارِجِ مِنَ الأرْضِ، عندَ قوْلِه: فإنْ تَلِفَتْ قبلَه بغيرِ تَعَدٍّ منه، سَقَطَتِ ¬

(¬1) هو محمد بن رافع بن أبي زيد سابور القشيرى النيسابورى، أبو عبد الله، الإمام الحافظ الحجة القدوة، بقية الأعلام. توفى سنة خمس وأربعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 214 - 218.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّكاةُ. قال فى «القَواعِدِ»: اتِّفاقًا. قال: وخرَّج ابنُ عَقِيل وَجْهًا بوُجوبِ زكاتِها أيضًا. قال: وهو ضَعيف مُخالِف للإِجْماعِ الذى حكَاه ابنُ المُنْذِرِ وغيرُه. قلتُ: قد قالَه غيرُ ابنِ عَقِيلٍ. وذكَرَه ابنُ عقيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» رِوايَةً. ذكَرَه ابنُ تَميمٍ. قال فى «الفُروعِ»: وأظُنُّ فى «المُغْنِى» (¬1) أنَّه قال: قِياسُ مَن جعَل وَقْتَ الوُجوبِ بُدُوَّ الصَّلاحِ، واشْتِدَادَ الحَبِّ، أنَّه كنَقْصِ نِصابٍ بعدَ الوُجوبِ قبلَ التَّمَكنِ. النهى. ويأْتِى ذلك فى بابِ زكاةِ الخارِجِ مِنَ الأرْضِ. فعلى المذهبِ، لو تَلِفَ النِّصابُ بعدَ الحَوْلِ وقبلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الأداءِ، ضَمِنَها. ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 170.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يَضْمَنُها. وجزَم فى «الكافِى»، و «نِهايَةِ أبِى المَعالِى»، بالضَّمانِ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو تَلِفَ النِّصابُ، ضَمِنَها. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يَضْمَنُها. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يَضْمَنُها مُطْلَقًا. واخْتارَه فى «النَّصِيحَةِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغنِى»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين. وذكَرَه جماعةٌ رِوايةً عن الإِمامِ أحمدَ. ولو أمْكَنَه إخْراجُها، لكنْ خافَ رُجوعَ السَّاعِى، فهو كَمَن لم يُمْكِنْه إخْراجُها. فلو نُتِجَتِ السَّائمةُ، لم تُضَمَّ فى حُكْمِ الحَوْلِ الأوَّلِ، على المذهبِ، وتُضَمُّ على الثَّانِيَةِ. تنبيه: اخْتلَف الأصحابُ فى مأْخَذِ الخِلافِ فى أصْلِ المسْأَلةِ؛ فقيلَ:

وَإذَا مَصى حَوْلَانِ عَلَى نِصَابٍ لَمْ يُؤَدِّ زكَاتَهُمَا، فَعَلَيْهِ ركَاةٌ وَاحِدَةٌ، إِنْ قُلْنَا: تَجِبُ في الْعَيْنِ. وَزَكَاتَانِ، إِنْ قُلْنَا: تَجِبُ في الذِّمَّةِ. إِلَّا مَا كَانَ زَكَاتُهُ الْغَنَمَ مِنَ الإبِلِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ حَولٍ زَكَاةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافُ هنا مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى محَلِّ الزَّكاةِ، فإنْ قيلَ: هى فى الذِّمَّةِ. لم تسْقُطْ، وإلَّا سَقَطَتْ. وهو قوْلُ الحَلْوانِيِّ فى «التَّبْصِرَةِ»، والسَّامَرِّيِّ. وقيل: إنَّه ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وفى كلامِ الإِمام أحمدَ إيماءٌ إليه أيضًا، فتكونُ مِن جُمْلَةِ فوائدِ الخِلافِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنًّ هذه المسْأَلةَ ليست مَبْنِيَّةً على الخِلافِ فى مَحَلِّ الزَّكاةِ، هل هى فى الذِّمَّةِ أو فى العَيْنِ؟ قال فى «القَواعِدِ»: وهو قوْلُ القاضى وأكْثَرِ ين. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ومِنَ الفَوائِدِ قوْلُ المُصَنِّفِ: وإنْ كان أكْثَرَ مِن نِصابٍ، فعليه زَكاةُ جَميعِه لكُلِّ حَوْلٍ، إنْ قُلْنا: تجِبُ فى الذِّمَّةِ. وإنْ قُلْنا: تَجِبُ فى العَيْنِ. نقَص مِن زَكاتِه لكُلِّ حَوْلٍ بقَدْرِ نَقْصِه منها.

وَإنْ كَانَ أكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ جَمِيعِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ، إِنْ قُلْنَا: تَجِبُ في الذِّمَّةِ. وَإنْ قُلْنَا: تَجِبُ في الْعَيْنِ. نَقَصَ مِنْ زَكَاتِهِ كُلَّ حَولٍ بِقَدْرِ نَقصِهِ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا ماتَ مَن عليه الزَّكاةُ أُخِذَتْ مِن تَرِكَتِه. هذا المذهبُ. أوْصَى بها أو لم يُوصِ، وعليه الأصحابُ. ونقَل إسْحاقُ بنُ هانِئٍ، فى مَن عليه حَجٌّ لم يُوصِ به، وزكاةٌ وكفَّارَةٌ، مِنَ الثُّلثِ. ونُقِلَ عنه، مِن رأْسِ المالِ، مع عِلْمِ وَرَثَتِه به. ونُقِلَ عنه أيضًا فى زكاةٍ، من رأْسِ مالِه مع صَدَقَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: فهذه أرْبَعُ رِواياتٍ فى المسْأَلةِ. ولَفْظُ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ يَحْتَمِلُ تقْيِيدُه بعدَمِ وَصِيَّتِه، كما قيَّد الحَجَّ، يَؤيِّدُه أنَّ الزَّكاةَ مِثْلُه أو آكَدُ، ويَحْتَمِلُ أنَّه على إطْلاقِه. ولم أجِدْ فى كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ سِوَى النَّصِّ السَّابِقِ. انتهى. قوله: فإنْ كان عليه دَيْنٌ اقْتَسَموا بالحِصَص. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَل عبدُ اللهِ، يُبْدأُ بالدَّيْنِ. وذكَره جماعةٌ قوْلًا؛ منهم ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ»، وغيرُهما، كتَقْديمِه بالرَّهْنِيَّةِ. وقيل: تُقدَّمُ الزَّكاةُ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» وغيرُهما. قال المَجْدُ: تُقَدَّمُ الزَّكاةُ، كبَقاءِ المالِ الزَّكَوِىِّ. فجَعَلَه أصْلًا. وذكَرَه بعضُهم مِن تَتِمَّةِ القَوْلِ. وحكَى ابنُ تَميم وَجْهًا؛ تُقدَّمُ الزَّكاةُ، ولو عُلِّقَتْ بالذِّمَّةِ. وقال: هو أوْلَى. وقالَه المَجْدُ قبلَه. وقيل: إنْ تَعَلَّقَتِ الزَّكاةُ بالعَينِ، قُدِّمَتْ، وإلَّا فلا. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قُلتُ: إنْ تَعَلَّقَتِ الزَّكاةُ بالذِّمَّةِ تَحاصَّا، وإلاَّ فلا، بل يُقَدَّم دَيْنُ الآدَمِيِّ. ويأْتِى بعضُ ذلك فى آخِرِ كتابِ الوَصايا. فائدتان؛ إحْداهما، لو كان المالِكُ حيًّا وأفْلَسَ، فصَرَّح المَجْدُ فى «شَرْحِه»، أنَّ الزَّكاةَ تُقدَّم حتى فى حالِ الحَجْرِ. وقال: سواءٌ قُلْنا: تتعَلَّقُ الزَّكاةُ بالعَيْنِ أو بالذِّمَّةِ. إذا كان النِّصابُ باقِيًا. قال فى «القَواعِدِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، والأَكْثَرِين. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ، تقْديمُ الدَّيْنِ على الزَّكاةِ. الثَّانيةُ، دُيونُ اللهِ كلُّها سواءٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، تُقَدَّمُ الزَّكاةُ. على الحَجِّ. وقالَه بعضُهم. وذكَره بعضُهم قوْلًا. وأمَّا النَّذرُ بمُتَعَينٍ؛ فإنَّه يُقَدَّم على الزَّكاةِ والدَّيْنِ. قالَه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ تقْديمُ الدَّيْنِ. انتهى. ومِنَ الفَوائِدِ، إنْ كان النِّصابُ مَرْهُونًا، ووَجَبَتْ فيه الزَّكاةُ، فهل تُؤَدَّى زكاتُه منه؟ هنا حالَتان؛ إحْداهما، أنْ لا يكونَ له مالٌ غيرُه يُؤَدِّى منه الزَّكاةَ، فهُنا يُؤَدِّى الزَّكاةَ مِن عَيْنِ الرَّهْنِ. صرَّح به الخِرَقِىُّ والأصحابُ. الحَالَةُ الثَّانِيةُ، أنْ يكونَ للمالكِ مالٌ يُودِّي منه الزَّكاةَ غيرُ الرَّهْنِ، فهُنا ليس له أداءُ الزَّكاةِ منه بدُونِ إذْنِ المُرْتَهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه الخِرَقِيُّ أيضًا. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» أنَّه متى قُلْنا: الزَّكَاةُ تتعَلَّقُ بالعَيْنِ، فله إخراجُها منه أيضًا؛ لأنَّه تعَلُّقٌ قَهْرِىٌّ. وينْحَصِرُ فى العَيْنِ، فهو كحَقِّ الجِنايَةِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويُزَكَّى المرْهونُ على الأصحِّ، ويُخْرِجُها الرَّاهِنُ منه بلا إذْنٍ إنْ عَدِمَ، كجِنايَةِ رَهْن على دَيْنِه. وقيل: منه مُطْلَقًا. وقيل: إنْ عُلِّقَت بالعَيْنِ. وقيل: يُزَكِّى راهِنٌ مُوسِرٌ، وإنْ أيْسَرَ مُعْسِرٌ، جعَل بَدَلَه رَهْنًا. وقيل: لا. انتهى. ومِنَ الفوائدِ، التَّصَرُّفُ فى النِّصابِ أو بعضِه، ببَيْعٍ أو غيرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّتُه. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ. قال الأصحابُ: وسواءٌ قُلْنا: الزَّكاةُ فى العَيْنِ أو فى الذِّمَّةِ. وذكَر أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى»، إنْ قُلْنا: الزَّكاةُ فى الذِّمَّةِ. صحَّ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا. وإنْ قُلْنا: فى العَيْنِ. لم يصِحَّ التَّصَرُّفُ فى مِقْدارِ الزَّكاةِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهذا مُتَوجَّهٌ على قوْلِنا: إنَّ تعَلُّقَ الزَّكاةِ تعَلُّقُ شَرِكَةٍ أو رَهْنٍ. صرَّح به بعضُ المُتَأَخِّرين. قلت: تقدَّم ذلك فى الفائدةِ الثَّالثةِ قريبًا. ونزَّل أبو بَكْرٍ هذا على اخْتِلافِ الرِّوايتَيْن المَنْصُوصَتَيْن عن أحمدَ فى المرْأَة إذا وَهَبَتْ زَوْجَها مَهْرَها الذى لها في ذِمَّتِه، فهل تجِبُ زَكاتُه عليه أو عليها؟ قال: فإنْ صحَّحْنا هِبَةَ المَهْرِ جَمِيعِه، فعلَى المرأةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إخْراجُ زَكاتِه مِن مالِها، وإنْ صحَّحْنا الهِبَةَ فيما عَدَا مِقْدارَ الزَّكاةِ، كان قَدْرُ الزَّكاةِ حقًّا للمَساكِينِ فى ذِمَّةِ الزَّوْجِ، فيَلْزَمُه أداؤُه إليهم، ويسْقُطُ عنه بالهِبَةِ ما عدَاه قال ابنُ رَجَبٍ: وهذا بِناءٌ غريبٌ جِدًّا. وعلى المذهبِ، لو باعَ النِّصابَ كلَّه، تَعَلَّقَتِ الزَّكاةُ بذِمَّتِه حِينَئذٍ، بغيرِ خِلافٍ، كما لو تَلِفَ. فإنْ عجَز عن أدائِها، فقال المَجْدُ: إنْ قُلْنا: الزَّكاةُ فى الذِّمَّةِ ابْتِداءً. لم يُفْسَخِ البَيْعُ. وإنْ قُلْنا: فى العَيْنِ. فُسِخَ البَيْعُ فى قَدْرِها، تقْدِيمًا لحَقِّ المَساكِينِ. وجزَم به فى «القَاعِدَةِ الرَّابعَةِ والعِشْرِين». وقال المُصَنِّفُ: تتَعَيَّنُ فى ذِمَّتِه، كسائرِ الدُّيونِ بكُل حالٍ ثم ذكَر احْتِمالًا بالفَسْخِ فى مِقْدارِ الزَّكاةِ مِن غيرِ بِناءٍ على مَحَلِّ التَّعَلُّقِ. ومِنَ الفَوائِدِ، إذا كان النِّصابُ غائبًا عن مالِكِه، لا يقْدِرُ على الإخْراجِ منه، لم يَلْزَمْه إخْراجُ زَكاتِه حتى يتَمكَّنَ مِنَ الأداءِ منه. نصَّ عليه. وصرَّح به المَجْدُ فى مَوْضِعٍ مِن «شَرْحِه». ونصَّ أحمدُ فى مَن وجَب عليه زكاةُ مالٍ، فَأَقْرَضَه، لا يلْزَمُهْ أداءُ زَكاتِه حتى يَقْبِضَه. قال فى «القَواعِدِ»: ولَعَلَّه يرْجِعُ إلى أنَّ أداءَ الزَّكاةِ لا يجِبُ على الفَوْرِ. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُه أداَءُ زَكاتِه قبلَ قَبْضِه؛ لأنَّه فى يَدِه حُكْمًا، ولهذا يتْلَفُ مِن ضَمانِه، بخِلافِ الدَّيْنِ فى ذِمَّةِ غَرِيمِه. وكذا ذكَرَه المَجْدُ فى مَوْضِع مِن «شَرْحِه». وأشارَ فى مَوْضِع إلى بِنَاء ذلك على محَلِّ الزَّكاةِ. فإنْ قُلْنا: الذِّمَّةُ. لَزِمَه الإِخْراجُ عنه مِن غَرِيمِه؛ لأنًّ زكاتَه لا تسْقُطُ بتَلَفِه، بخِلافِ الدَّيْنِ. وإنْ قُلْنا: العَيْنُ. لم يَلْزَمْه الإخْراجُ حتى يتَمَكَّنَ مِن قَبْضِه. وقال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: ومَن كان له مالٌ غائِبٌ، وقُلْنا: الزَّكاةُ فى العَيْنِ. لم يَلْزَمْه الإخْراجُ عنه. وإنْ قُلْنا: فى الذِّمَّةِ. فوَجْهان. قال ابنُ رجَبٍ: والصَّحيحُ الأوَّلُ. وقال: ووُجوبُ الزَّكاةِ على الغائبِ إذا تَلِفَ قبلَ قَبْضِه، مُخالِفٌ لكلامِ أحمدَ. ومِنَ الفَوائدِ، ما تقدَّم على قَوْلٍ؛ وهو ما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْرَجَ رب المالِ زكاةَ حقِّه مِن مالِ المُضارَبَةِ مِنه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُحْسَبُ ما أخْرَجَه مِن رَأْسِ المالِ ونَصِيبِه مِنَ الرِّبْحِ، كما تقدَّم. وقيل: يُحْسَبُ مِن نَصِيبِه مِنَ الرِّبْحِ خاصَّةً. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1). وقال فى «الكافِى»: هى مِن رَأْسِ المالِ. فبَعضُ الأصحابِ بنَى الخِلافَ على الخِلافِ فى محَلِّ التَّعلُّقِ .. فإنْ قُلْنا: الذِّمَّةُ. فهى مَحْسوبَةٌ مِنَ الأصْلِ والرِّبْحِ، كقَضاءِ الدُّيونِ. وإنْ قُلْنا: العَيْنُ. حُسِبَتْ مِنَ الرِّبْحِ، كالمُؤْنَةِ. قال ابنُ رَجَبٍ فى «الفَوائدِ»: ويُمْكِنُ أنْ يُبْنَى على هذا الأصْلِ أيضًا، الوَجْهان فى جَوازِ إخْراجِ المُضارِبِ زكاةَ حِصَّتِه مِن مالِ المُضارَبَةِ. فإنْ قُلْنا: الزَّكاةُ تتَعَلَّقُ بالعَيْنِ. فله الإِخْراجُ منه، وإلَّا فلا. قال: وفى كلامِ بعضِهم إيماءٌ إلى ذلك. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: النِّصابُ الزَّكَوِيُّ سبَبْ لوُجوبِ الزَّكاةِ، وكما يدْخُلُ فيه تَمامُ المِلْكِ، يدْخُلُ فيه مَن يجِبُ عليه. أو يُقالُ: الإِسْلامُ والحُرِّيَّةُ شَرْطان للسَّبَبِ، فعَدَمُهما مانِعٌ في صِحَّةِ السَّبَبِ وانْعِقادِه. وذكَر غيرُ واحدٍ هذه الأرْبَعَةَ شُروطًا للوُجوبِ كالحَوْلِ؛ فإنَّه شَرْطٌ للوُجوبِ بلا خِلافٍ، لا أَثرَ له فى السَّبَبِ. وأمَّا إمْكانُ الأداءِ، فشَرْطٌ للزُومِ الأداءِ. وعنه، للوُجوبِ. انتهى. ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 261.

باب زكاة بهيمة الأنعام

بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَلَا تَجِبُ إِلَّا في السَّائِمَةِ مِنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ زكاةِ بهيمَةَ الأنْعامِ قوله: ولا تَجِبُ إلَّا فى السَّائِمَةِ منها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تجِبُ فى المَعْلوفَةِ أيضًا. قال ابنُ تَميمٍ: ونصَر ابنُ عَقِيلٍ وُجوبَ الزَّكاةِ فى المَعْلوفَةِ فى مَوْضِعٍ مِن «فُنُونِه». انتهى. وذكَر ابنُ

وَهِىَ الَّتِى تَرْعَى في أَكْثَرِ الْحَوْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، و «الفُنُونِ» تَخْريجًا بوُجوبِ الزَّكاةِ فيما أُعِدَّ للإِجارَةِ مِنَ العَقَارِ والحَيَوانِ وغيرِه فى القِيمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فلو كان نتاجُ النِّصابِ المُباعِ له فى الحَوْلِ رَضِيعًا غيرَ سائمٍ فى بقِيَّةِ حَوْلِ أُمَّهاتِه، فوَجْهَان. انتهى. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. وأطْلَق بعضُهم احْتِمالَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وقيل: تجِبُ فيما أُعِدَّ للعَملِ، كالإِبلِ التى تُكْرَى. وهو أظْهَرُ. ونصُّه لا. انتهى. قوله: وهى التى تَرْعَى فى أكْثَرِ الحَوْلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ صالحٍ وغيرِه. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعْتَبَرُ أنْ تَرْعَى الحَوْلَ كلَّه. زادَ بعضُ الأصحابِ، ولا أَثَرَ لعَلَفِ يَوْمٍ أو يَوْمَيْن. وظاهِرُ كلامِ القاضى، فى «أحْكامِه»، عَدَمُ اشْتِراطِ أكْثَرِ الحَوْلِ. قالَه ابنُ تَميمٍ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك العَوامِلُ، ولو كانتْ سائِمةً. نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وقالَه المَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الحاوِى»، والزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرُهم. قال فى «الرعايَةِ الكُبْرَى»: ولا زَكاةَ فى عَوامِلِ أكْثَرِ السَّنَةِ بحالٍ ولو بأُجْرَةٍ. وقيل: تجبُ فى المُؤجَّرَةِ السَّائمةِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ولا تجِبُ فى الرَّبائبِ فى الأصحِّ، وإنْ كانت سائمةً. انتهى. فوائد؛ إحْداها، لا يُعْتَبَرُ للسَّوْمِ والعَلَفِ نِيَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَرَه المُصَنِّفُ. ورَجَّحَه أبو المَعالِى. قال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «حَواشِى ابنِ مُفْلِحٍ»: لا يُعْتبرُ فى السَّوْمِ والعَلَفِ نِيَّةٌ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقيل: تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ لهما. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ». فلوِ اعْتَلَفَتْ بنَفْسِها، أو عَلَفَها غاصِبٌ، فلا زَكاةَ على الأوَّلِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لفَقدِ السَّوْمِ المُشْتَرَط. وعلى الثَّانِى، تجِبُ، كما لو غصب حبًّا وزَرَعَه فى أرْضِ ربِّه، فإنَّ فيه الزَّكاةَ على مالِكِه، كما لو نبَت بلا زَرْعٍ. وفِعْلُ الغاصِبِ مُحَرَّمٌ، كما لو غصَب أثْمانًا فَضاعفَها، ولعدَمِ المُؤْنَةِ، كما لو ضلَّتْ فأكَلَتِ المُباحَ. قال المَجْدُ: وطَرْدُه ما لو سلَّمَها إلى راعٍ يُسِيمُها فعَلَفَها. وعَكْسُهما؛ لو تَبرَّعَ حاكِمٌ، ووصَّى بعلَفِ ماشِيَةِ يَتِيمٍ، أو صَديقٌ بذلك بإذْنِ صَديقِه، لفقدِ قَصْدِ الإِسامَةِ ممَّن يُعْتَبَرُ وُجودُه منه. وقيل: تجِبُ إذا عَلَفَها غاصِبٌ. اخْتارَه غيرُ واحدٍ. وفى مأْخَذِه وَجْهان؛ تحْريمُ علَفِ الغاصِبِ، أو انْتِفاءُ المُؤْنَةِ عن رَبِّها. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «ابنِ حَمْدانَ». قلتُ: الصَّوابُ الثَّانِى. واخْتارَه الآمدى. والأوَّلُ اخْتارَه القاضى، ورَدَّه المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. ولو أسامَتْ بنَفْسِها، أو أسامَها غاصِبٌ، وجَبَتِ الزَّكاةُ على الأوَّلِ لا الثَّانِى؛ لأنَّ ربَّها لم يَرْضَ بإسامَتِها، فقد فُقِدَ قصْدُ الإِسامَةِ المُشْترَطُ. زادَ صاحِبُ «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، كما لو سامَتْ مِن غيرِ أنْ يُسِيمَها. قال فى «الفُروعِ»: فجعَلاه أصْلًا. وكذا قطَع به أبو المَعالى. وقيلَ: يجِبُ إنْ أسامَها الغاصِبُ، لتَحَقُّقِ الشَّرْطِ، كما لو كَمُلَ النِّصابُ بيَدِ الغاصِبِ. وإنْ لم يعْتَدَّ بِسَوْمِ الغاصبِ، ففى اعْتِبارِ كوْنِ سَوْمِ المالك أكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تميمٍ»، وابن حَمْدانَ، فى «الكُبْرَى»؛ أحدُهما، عدَمُ اعْتِبارِ ذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ، فى «المُغْنِى»، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِين. وقال الأصحابُ: يسْتَوِى غصْبُ النِّصابِ وضَياعُه كلَّ الحَوْلِ أو بعضَه. وقيل: إنْ كان السَّوْمُ عندَ الغاصبِ أكْثَرَ، فالرِّوايتَان، وإنْ كان عندَ ربِّها أكْثَرَ، وجَبَتْ، وإنْ كانتْ سائمةً عندَهما، وجبَتِ الزَّكاةُ، على رِوايَةِ وُجوبِ الزَّكاةِ فى المَغْصُوبِ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، يُشْترَطُ فى السَّوْم أنْ تَرْعَى المُباحَ، فلو اشْتَرَى ما تَرْعاه، أو جَمَع لها ما تأْكُلُ، فلا زَكاةَ فَيها. قالَه الأصحابُ. الثَّالثةُ، هلِ السَّوْمُ شرْطٌ، أو عَدَمُ السَّوْمِ مانِعٌ؟ فيه لَي جْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». فعلى الأوَّلِ، لا يصِحُّ التَّعجيلُ قبلَ الشُّروعِ، ويصِحُّ على الثَّانِى. قلتُ.: قطَع المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما، بأنَّ السَّوْمَ شرْطٌ. قلتُ: منَع ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» مِن تحَقُّقِ هذا الخِلافِ، وقال: كلُّ ما كان وُجودُه شرْطًا، كان عدَمُه مانِعًا، كما أنَّ كلَّ مانع فعدَمُه شرْطٌ. ولم يُفرِّقْ أحدٌ بينَهما، بل نصُّوا على أنَّ المانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ. وأطالَ الكلامَ على ذلك. وقال فى «الفروعِ»، فى الخُلْطَةِ، فى أوَّلِ الفَصْلِ الثَّانى: التَّعلُّقُ بالعَيْنِ لا يَمْنَعُ

وَهِىَ عَلَى ثَلَاثَةِ أنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، الإبِلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَتَجِبَ فِيهَا شَاةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ انْعِقادَ الحَوْلِ باتِّفاقِنا. الرَّابعةُ، لو غصَب ربُّ السَّائمةِ عَلَفًا، فعَلَفَها وقطَع السَّوْمَ، ففى انْقِطاعِه شَرْعًا وَجْهان. قطَع فى «المُغْنِى» (¬1) بسُقوطِ الزَّكاةِ. قلتُ: وَهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وكذا لو قطَع ماشِيَتَه عنِ السَّوْمِ؛ لقَصْدِ قطْعِ الطَّريقِ بها ونحوِه، أو نَوَى قُنْيَةَ عَبيدِ التِّجارَةِ لذْلك، أو نوَى بثِيابِ الحَريرِ التى للتِّجارَةِ لُبْسَها. وأطْلَقَهما فى ذلك كلِّه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا ينْقَطِعُ بذلك. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ أسامَها بعضَ الحَوْلِ، ثم نَوَاها لعَمَلٍ أو حَمْلٍ. فلا زَكاةَ، كسُقوطِ زَكاةِ التِّجارَةِ بنِيَّةِ القُنْيَةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهى مُحْتَمِلَةٌ، وبينَهما فَرْقٌ. وجزَم جماعةٌ بأنَّ مَن نَوَى بسائمةٍ عمَلًا، لم تَصِرْ له قُنْيَةً. انتهى. الخامِسَةُ، تجِبُ الزَّكاةُ فيما توَلَّدَ بينَ سائمةٍ ومعْلُوفَةٍ. قالَه الأصحابُ، وقطَعوا به. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وتجِبُ على الأظْهَرِ فيما وُلِدَ بينَ سائمةٍ ومعْلُوفَةٍ. تنبيه: ظاهرُ قوله: أحَدُها، الإِبلُ، فلا زَكاةَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَتَجِبَ ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 274.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها شَاةٌ. أنَّ القِيمَةَ لا تُجْزِئُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْرٍ: تُجْزِئُه عشَرَةُ دَراهِمَ، لأنَّها بدَلُ شاةِ الجبْرانِ. أطْلَقَه بعضُ الأصحابِ. وذكَر بعضُهم، لا تُجْزِئُه مع وُجودِ الشَّاةِ، وإلَّا فوَجْهان؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُشْتَرَطُ فى الشَّاةِ المُخْرَجَةِ عنِ الإِبلِ، أنْ تكونَ بصِفَتِها؛ ففى كرامٍ سمانٍ كرِيمَةٌ سمِينَةٌ، والعكْسُ بالعَكْسِ. وإنْ كانتِ الإِبِلُ مَعِيبَةً، فقيلَ: يُخْرِجُ شاةً كشَاةِ الصِّحاحِ، لأنَّ الواجِبَ مِن غيرِ جِنْسِ المالِ، فلم يُؤَثِّرْ فيها عَيْبُه،

فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كشَكاةِ الفِدْيَةِ والأُضْحِيَةِ. وقيلَ: تُجْزِئُه شاةٌ صحيحَةٌ قِيمَتُها على قَدْرِ قِيمَةِ (¬1) المالِ، تنْقُصُ قِيمَتُها على قَدْرِ نَقْصِ الإبلِ، كالمُخْرَجَةِ عنِ الغَنَمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ للمُواساةِ. ثم رأيْتُ المُصَنِّفَ، فى «المُغْنِى» قدَّمه. وكذلك الشَّارِحُ، وابنُ رَزِين، فى «شَرْحِه»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعليهما لا يُجْزِئُه شاةٌ مَعِيبَةٌ؛ لأنَّ الواجِبَ ليس مِن جِنْسِ المالِ. وقيك: تُجْزِئُه شاةٌ تجْزِئُ فى الأُضْحِيَةِ. ذكَرَه القاضى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». قوله: فإنْ أخْرَجَ بعِيرًا لم يُجزئْه. هذا المذهبُ المنْصُوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه جمهورُ أصحابِه. وقيلَ: يُجْزِئُه إنْ كانتْ قِيمَتُه قِيمَةَ شاةٍ وسَطٍ فأَكْثَرَ، بِناءً ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على إخْراجِ القِيمَة. وقيلَ: يُجْزِئُه إنْ أجْزَأَ عن خَمْسٍ وعِشْرِين، وإلَّا فلا. فعلى القَوْلِ بالإِجْزاءِ، هل الواجِبُ كلُّه أو خُمْسِه؟ حكَى القاضى أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَجْهَيْن؛ فعلى الثَّانِى، يُجْزِئُ عنِ العِشْريِن بَعِيرٌ، وعلى الأوَّلِ، لا يُجْزِئُ عنها إلَّا أرْبَعَةُ أبْعِرَةٍ. قلتُ: الأوْلَى أنَّ الواجِبَ كلُّه، وأنَّه يُجزِئُ عنِ العِشْريِن بعِيرًا (¬1) على الأوَّلِ أيضًا. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قلتُ: ويَنْبَنِى عليها لو اقْتَضَى الحالُ الرُّجوعَ، فهل يرْجِعُ بكُلِّه أو خُمْسُهُ؟ فإنْ قُلْنا: الجميعُ واجِبٌ. رجَع. وإنْ قُلْنا: الواجِبُ الخُمُسُ، والزَّائِدُ تطَوُّعٌ. رجَع بالواجِبِ لا التَّطَوُّعِ. وممَّا يَنْبَغِى أنْ يَنْبَنِى عليه أيضًا، النِّيَّةُ؛ فإنْ جَعَلْنا الجميعَ فرْضًا، نَوَى الجميعَ فَرْضًا لُزومًا، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ الخُمْسُ. كفَاه الاقْتِصارُ عليه فى النِّيَّةِ. انتهى. ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى أواخِرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: وكلُّ دَمٍ ذكَرْناه يُجْزِئُ فيه شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وفى الهَدْىِ والأضاحِى، عندَ قوْلِه: وإذا نذَر هَدْيًا مُطْلَقًا. فوائد؛ منها، لو أخْرَجَ بقَرَةً، لم تُجْزِئْه، قوْلًا واحِدًا. وإنْ أخْرَجَ نِصْفَىْ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَفِى الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِى خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِى الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزأَهُ ابْنُ لَبُونٍ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ شاتَيْن، لم يُجْزِئْه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. ومنها، قوْلُه، فى بِنْتِ المَخاضِ: فإن عَدِمَها أجْزَأَه ابنُ لَبُونٍ. العَدَمُ إمَّا لكَوْنِها ليست فى مالِه، أو كانت فى مالِه ولكِنَّهَا مَعِيبَةٌ.

الَّذِى لَهُ سَنَتَانِ، فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهر قوله: فإن عَدِمَها أجْزَأه ابنُ لَبُونٍ. أنَّ خُنْثَى لَبُونٍ لا يُجْزِئُ. وهو أحَدُ القَوْلَيْن، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الإِجْزاءُ. جزَم به في «الفائقِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: هو الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويُجْزِئُ الخُنْثَى المُشْكِلُ في الأقْيَسِ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ الحِقَّةِ والجَذَعَةِ والثَّنِىِّ عن بِنْتِ المَخاضِ إذا عَدِمَها، على المذهبِ.، بل هى أوْلَى لزِيادَةِ السِّنِّ، ولو وجَد ابنَ لَبُونٍ. وأمَّا بِنْتُ اللَّبُونِ، فجزَم المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، بالجَوازِ مع وُجودِ ابنِ لَبُونٍ، وله جُبْرانٌ. وهو ظاهِرُ كلام غيرِهم، على مما يأْتِى. وقال في «الفُروعِ»: وفي بِنْتِ لَبُونٍ وَجْهان؛ لاسْتِغْنَائِه بابنِ اللَّبُونِ عنِ الجُبْرانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» بالجَوازِ؛ لأنَّ الشَّارِعَ لم يَشْتَرِطْ لأحَدِهما عَدَمَ الإجْزاءِ. انتهى. ومنها، لو كان في مالِه بِنْتُ مَخَاضٍ أعْلَى مِنَ الواجِبِ، لم يُجْزِئْه ابنُ لَبُونٍ. جزَم به الأصحابُ، لكنْ لا يَلْزَمُه إخْراجُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. بل يُخَيَّرُ بينَ إخْراجِها وبينَ شِراءِ بِنْتِ مَخاضٍ لصِفَةِ الواجِبِ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه». وقيل: يَلْزَمُه إخْراجُها. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. ومنها، لا يجْبُرُ فقْدَ الأُنوثِيَّةِ بزِيادَةِ السِّنِّ في غيرِ بِنْتِ مَخَاضٍ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. فلا يُخرِجُ عن بِنْتِ لَبونٍ حِقًّا إذا لم تكُنْ في مالِه، ولا عنِ الحِقَّةِ جَذَعًا. قالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، ونصَروه، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ. قال في «الفائقِ»: لا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بزِيادَةِ سِنٍّ، في أصحِّ الوَجْهَيْن. وقيلَ: يُجْبَرُ. ذكَر ابنُ عَقِيلٍ، في مَوْضِعٍ مِنَ «الفُصُولِ»، جوازَ الجَذَعِ عنِ الحِقَّةِ، لي عن بِنْتِ لَبونٍ. قال في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: اخْتارَه القاضى وابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قوله: فإنْ عَدِمَه أيضًا لَزِمَه بِنْتُ مَخاضٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ؛ لقوْلِه في خَبَرِ أبى بَكْرٍ الصَّحيحِ: فمَن لم يكُنْ عندَه بِنْتُ مَخاضٍ

وَفِى سِتٍّ وَثَلَاِثينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى سِتٍّ وَأرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَفِى إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ، وَفِى سِتٍّ وَسَبْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ، وَفِى إِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهِها، وعندَه ابنُ لَبونٍ، فإنَّه يُقْبَلُ منه. ذكَره ابنُ حامِدٍ، وتَبِعَه الأصحابُ. قالَه في «الفُروعِ». وقيلَ: يُجْزِئُه ابنُ لَبونٍ إذا حصَّله. اخْتارَه أَبو المَعالِى. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: فإنْ عَدِمَ ابنَ لَبونٍ حصَّل أصْلًا لا بدَلًا، في الأظْهَرِ. تنبيه: ظاهرُ قوله: وفى سِتٍّ وثَلاثِينَ بِنْتُ لَبونٍ. عدَمُ إجْزاءِ ابنِ لَبُونٍ إذا عَدِمَها، ولو جَبَره. وهو صحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. وقيل: يجْزِئُ، ويَجْبُرُه. فوائد؛ الأُولَى، تجْزِئُ الثَّنِيَّةُ عنِ الجَذَعةِ بلا جُبْرانٍ، بلا نِزاعٍ. قال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعالى: ولا تجْزِئُ سِنٌّ فوقَ الثَّنِيَّةِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ، الإِجْزاءَ في مسْأَلَةِ الجُبْرانِ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهرُ. وقيل: تجْزِئُ حِقَّتان، أو ابنَتَا لَبونٍ عنِ الجَذَعَةِ، وابنَتَا لَبونٍ عنِ الحِقَّةِ. جزَم به المُصَنِّفُ. قال بعضُ الأصحابِ: وينْتقِضُ ببِنْتِ مَخَاضٍ عن عِشْرين، وبثلاثِ بَنَاتِ مَخَاضٍ عنِ الجَذَعةِ. الثَّانيةُ، الأسْنانُ المَذْكورَةُ في الإِبلِ، في كلام المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الفُقَهاءِ، هو قوْلُ أهْلِ اللُّغَةِ. وهو الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصَحابِ، وأكْثَرُهم قطَع به. وذكَر ابنُ أبِى مُوسى، أنَ بِنْتَ المَخاضِ عُمُرُها سَنَتان، وبِنْتَ اللَّبُونِ لها ثَلاثُ سِنِين، والحِقَّةَ أرْبَعُ سِنِين، والجَذَعَةَ خَمْسُ سِنِين كامِلَةٌ. وحمَلَه المَجْدُ في «شَرْحِه» على بعضِ السَّنَةِ. قال في «الفُروعِ»: فكيفَ يَحْمِلُه على بعضِ السَّنَةِ، مع قوْلِه: كامِلَةً؟ انتهى. وقيلَ: لبِنْتِ المَخاضِ نِصْفُ سنَةٍ،

فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِى كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولبِنْتِ اللَّبُونِ سَنَةٌ، وللحِقَّةِ سنَتان، وللجَذَعَةِ ثلاثُ سِنِين. وقيلَ: للجَذَعَةِ سِتُّ سِنِين. وقيلَ: سِنُّ بِنْتِ المَخاضِ مُدَّةُ الحَمْلِ. وعن أحمدَ، بِنْتُ المَخاضِ التى تتَمَخَّضُ بغيْرِها. الثَّالثةُ، سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخاضٍ؛ لأنَّ أُمَّها قد حَمَلَتْ غالِبًا. وليس بشَرْطٍ. والمَخاضُ؛ الحامِلُ. وسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبونٍ؛ لأنَّ أُمَّها وضَعَتْ وهى ذاتُ لَبَنٍ. وسُمِّيَتْ حِقَّةً؛ لأنَّها اسْتحَقَّتْ أنْ ترْكَبَ، ويُحْمَلَ عليها، ويَطْرُقَها الفَحْلُ. وسُمِّيَتْ جَذَعَةً؛ لأنَّها تجْذَعُ إذا سَقَطَتْ سِنُّها. والثَّنِيَّةُ، يأْتِى مِقْدارُ سِنِّها في بابِ الأُضْحِيَةِ. قوله: إلى عِشْرين ومِائَةٍ، فإذا زَادَتْ واحِدَةً فَفِيها ثَلاثُ بَناتِ لَبونٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثرٌ منهم، أنَّ الفَرْضَ يتَغَيَّرُ بزِيادَةِ واحدَةٍ على عِشرين ومِائَةٍ. وعنه، لا يتَغَيَّرُ الفَرْضُ حتى تَبْلُغَ ثلاِثين ومِائَة، فيكون فيها حِقَّةٌ وبِنْتا لَبونٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ عبدُ العَزيزِ في كتابِ «الخِلافِ»، وأبو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ. فعليها، وُجوبُ الحِقَّتَيْن إلى تِسْعَةٍ وعِشْرين ومِائَةٍ. وعنه، في إحْدَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعِشْرين ومائَةٍ حِقَّتان، وبِنْتُ مَخَاضٍ إلى أرْبَعِين ومِائَةٍ. قال القاضى: وذلك سَهْوٌ مِن ناقِلِه. ونَقَل حَرْبٌ، أنَّه رجَع عن ذلك. قالَه ابنُ تَميمٍ في بعضِ النُّسَخِ. فعلى المذهبِ، هل الواحِدَةُ عَفْوٌ، وإنْ تَغَيَّرَ الفَرْضُ بها، أو يتَعَلَّقُ بها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوُجوبُ؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما ابنُ عَقِيل في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، وتابعَه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وأطْلَقَهما. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الوُجوبَ يتَعلَّقُ بها، وكذا في غيرِ هذه المسْأَلَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ.

فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الحِقَاقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يتَغَيَّرُ الواجِبُ بزِيادَةِ بعضِ بعيرٍ، ولا بَقَرَةٍ ولا شاةٍ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه في المذهبِ. قوله: فإذا بلَغَتْ مائَتَيْن اتَّفق الفرْضان، فإن شاءَ أخْرجَ أرْبعَ حِقاقٍ، وإنْ شاءَ أخْرجَ خمسَ بَناتِ لَبونٍ. هذا عليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى. قال في كتابِ «الرِّوايتَيْن»: هذا الأشْبَهُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. قال الآمِدِىُّ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ في رِوايَةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصورٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال ابنُ تَميمٍ: اخْتارَه الأكثرُ. وقال: وهو الأظهَرُ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، وجماعةٌ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ في «شَرْحِه»: وقد نصَّ أحمدُ على نَظِيرِه في زَكاةِ البَقَرِ. وجزَم به في «الإِفَاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». والمَنْصوصُ، أنَّه يُخْرِجُ الحِقاقَ. وقالَه القاضى في «شَرْحِه»، و «مُقْنِعِه». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهَادِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واسْتَثْنَى في «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ» وغيرهما، مالَ اليَتِيمِ والمَجْنُونِ، فإنَّه يَتعَيَّنُ إخْراجُ الأَدْوَنِ المُجْزِئُ منهما. وقدَّم القاضى في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، أنَّ السَّاعِىَ يأْخُذُ أفْضَلَهما إذا وُجِدا في مالِه. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ وغيرُهما: يتَعيَّنُ ما وُجِدَ عندَه منهما. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُهم، واللهُ أعلمُ، أنَّ السَّاعِىَ ليس له تكْلِيفُ المالِكِ سِوَاه. وفى كلام غيرِ واحدٍ ما يدُلُّ على هذا. قال: ولم أجِدْ تَصْريحًا بخِلافِه، وإلَّا فالقَوْلُ به مُطْلَقًا، بعيدٌ عندَ غيرِ واحدٍ، ولا وَجْهَ له. تنبيه: منْصوصُ أحمدَ على التَّعْيينِ. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فتَجِبُ الحِقاقُ عيْنًا مُطْلَقًا. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وأوَّلَه المُصَنِّفُ وغيرُه على صِفَةِ التخْييرِ. وتقدَّم قوْلُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ وغيرِهما، أنَّه يتَعَيَّنُ ما وُجِدَ عندَه منهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتْ إبِلُه أرْبَعَمِائَةٍ، فعلى المَنْصُوصِ، لا يجْزِئُ غيرُ الحِقاقِ. وعلى قوْلِ الأصحابِ، يخَيَّرُ بينَ إخْراجِ ثَمانِ حِقاقٍ، أو عَشْرِ بَنَاتِ لَبونٍ، فإنْ أخْرَج أرْبَعَ حِقاقٍ وخَمْسَ بَناتِ لَبونٍ، جازَ. قال في «الفُروعِ»: هذا المَعْروفُ، وجزَم به الأئمَّةُ. ثم قال: فإطْلاقُ وَجْهَيْن سَهْوٌ. قال في «القاعِدَةِ الحاديَةِ بعدَ المِائَةِ»: جازَ بغير خِلافٍ. قلتُ: ذكَر الوَجْهَيْن ابنُ تَميمٍ. أمَّا لو أخْرَج مع التَّشْقيصِ، كحِقَّتَيْن وبِنْتَىْ لَبونٍ ونِصْفٍ عن مِائَتَيْن، لم يَجُزْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال ابنُ تَميمٍ: لم يَجُزْ على الأصحِّ. وفيه وَجْهٌ، لا يجوزُ مُطْلقًا.

وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال في «الفُروعِ»: وفيه تخْريجُ مَن عتَق نِصْفَىْ عَبْدٍ في الكفَّارَةِ. قال: وهو ضَعيفٌ. الثَّانيةُ، أفادَنَا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، بقَوْلِه: وليس فيما بينَ الفَرِيضَتَيْن شيءٌ. أنَّ الزَّكاةَ تتعَلَّقُ بالنِّصابِ، لا بما زادَ مِنَ الأوْقاصِ. وهو

وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا، أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا وَمَعَهَا شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الجمهورُ. وقيلَ: تجِبُ في وَقْصِها أيضًا. اخْتارَه الشِّيرازِيُّ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى بفَوائدِه عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: وتجِبُ فيما زادَ على النِّصابِ بالحِسابِ إلَّا في السَّائمَةِ. قوله: ومَن وجَبتْ عليه سِنٌّ فعَدِمَها، أخْرَج سِنًّا أسْفلَ منها، ومعها شاتان

وَإنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو عشرون دِرْهَمًا، وإن شاءَ أخْرَجَ سِنًّا أعْلى منها، وأخَذ مثلَ ذلك. وهذا بلا نِزاعٍ بشَرْطِه، ويُعْتَبَرُ فيما عدَل إليه، أنْ يكونَ في مِلْكِه؛ فلو عَدِمَها لَزِمَه تَحْصيلُ الأصْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. وقال أبو المَعالِى: لا يُعْتَبَرُ كوْنُ ذلك في مِلْكِه. كما تقدَّم في بِنْتِ المَخاضِ إذا عَدِمَها وعدِمَ ابنَ اللَّبونِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لو أخْرَج شاةً وعَشَرَةَ دَراهِمَ، أو أخَذ شاةً وعَشَرَةَ دَراهِمَ، أنَّه لا يُجْزِئُه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو احْتِمالٌ في «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ومالا إليه. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقيلَ: يُجْزِئُه. وهو الصحيحُ. اخْتارَه القاضى. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: وهو أقْيَسُ بالمذهَبِ. قال ابنُ أبى المَجْدِ في «مُصَنَّفِه»: أجْزأه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأظْهَرِ. وجزَم به في «الإِفَاداتِ». وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الكافِى»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ» له،

فَإِنْ عَدِمَ السِّنَّ الَّتِى تَلِيهَا انْتَقَلَ إِلَى الْأُخْرَى، وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَنْتَقِلُ إِلَّا إِلَى سِنٍّ تَلِى الْوَاجِبَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». قوله: فإنْ عَدِمَ السِّنَّ التى تَلِيها، انْتَقل إلى الأُخْرى، وجبَرَها بأرْبَعِ شِياهٍ، أو أرْبَعَين دِرْهَمًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى في «المُجَرَّدِ». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هو أقْيَسُ بالمذهَبِ. قال ابنُ أبى المَجْدِ: وأوْمَأ إليه الإِمامُ أحمدُ. وقال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ». ومالَ إليه المُصَنِّفُ في «المُغْنِى». وقال أبو الخَطَّابِ: لا ينْتَقِلُ إلَّا إلى سِنٍّ تَلِى الواجِبَ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «النِّهايَةِ»: هو ظاهِرُ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، يجوزُ الانْتِقالُ إلى جُبْرانٍ ثالثٍ إذا عدِمَ الثَّانىَ، كما لو وجَبَتْ عليه جَذَعَةٌ وعَدِمَ الحِقَّةَ وبِنْتَ اللَّبونِ، فله الانْتِقالُ إلى بِنْتِ مَخاضٍ، أو وجَبَتْ عليه بِنْتُ مَخاضٍ، وعَدِمَ بنْتَ لَبونٍ، وابنَ لَبونٍ، والحِقَّةَ، فله الانْتِقالُ إلى الجَذَعةِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، وغيرُهم. فوائد؛ إحْداها، حيْثُ جَوَّزْنا الجُبْرانَ، فالخِيَرةُ فيه لرَبِّ المالِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيْرِهما. إلَّا وَلىُّ اليَتِيمِ والمَجْنونِ،

وَلَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِى غَيْرِ الإِبِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّه يتَعَيَّنُ عليه إخْراجُ الأَدْوَنِ المُجْزِئِ، فيُعايَى بها. وقال القاضى: الخِيَرَةُ فيه لمَن أعْطَى، سواءٌ كان رَبَّ المالِ أو الآخِذَ. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». ووجَّه في «الفُروعِ» تخْريجًا بتَخْييرِ السَّاعى. الثَّانيةُ، حيْثُ تعَدَّد الجُبْرانُ، جازَ إخْراجُ جُبْرانٍ غَنَمًا، وجُبْرانٍ دَراهِمَ، فيَجوزُ إخْراجُ شاتَيْن أو عِشْرين دِرْهمًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يجوزُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وكذا الحُكْمُ في الجُبْرانِ الذى يُخْرِجُه عن فَرْضِ المِائَتَيْن مِنَ الإِبلِ إذا أخْرَجَ عن خَمْسِ بَناتِ لَبونٍ خَمْسَ بَناتِ مَخاضٍ، أو مَكانَ أرْبَعِ حِقَاقٍ أرْبَعَ بَناتِ لَبُونٍ. وقاله غيرُهما. وهو داخِلٌ في كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» وغيرِه. وأمَّا الجُبْرانُ الواحِدُ، ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. الثَّالثةُ، إذا عَدِمَ السِّنَّ الواجِبَ عليه، والنِّصابُ مَعيِبٌ، فلَه دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلَى مع الجُبْرانِ، وليس له دَفْعُ ما فوقَها مع أخْذِ الجُبْرانِ؛ لأنَّ الجُبْرانَ قدَّرَه الشَّارِعُ وَفْقَ ما بينَ الصَّحِيحَيْن، وما بينَ المَعِيبَيْن أقَلُّ منه، فإذا دفَعَه المالِكُ، جازَ، لتَطَوُّعِه بالزَّائدِ، بخِلافِ السَّاعِى، وبخِلافِ وَلِيِّ اليَتِيمِ والمَجْنُونِ؛ فإنَّه لا يجوزُ له إخْراجٌ إلَّا الأَدْوَنَ، وهو أقَلُّ الواجِبِ، كما لا

فَصْلٌ: النَّوْع الثَّانِى، الْبَقَرُ، وَلَا شَىْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ، فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ اوْ تَبِيعَةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَةٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ؛ وَهِىَ الَّتِى لَهَا سَنَتَانِ، وَفِى السِّتِّينَ تَبِيعَانِ، ثُمَّ فِى كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، ثُمَّ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ له أنْ يَتَبَرَّعَ، كما تقدَّم قرِيبًا. الرَّابعةُ، لو أخْرَج سِنًّا أعْلَى مِنَ الواجِبِ، فهل كلُّه فَرْضٌ، أو بعضُه تَطَوُّعٌ؟ قال أبو الخَطَّابِ: كلُّه فَرْضٌ. وهو مُخالِفٌ للقاعِدَةِ. وقال القاضى: بعضُه تطَوعٌ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ الشَّارِعَ أعْطاه جُبْرانًا عَنِ الزِّيادَةِ. فائدتان؛ إحْدَاهما، قوله في زَكاةِ البَقَرِ: فيَجِبُ فيها تَبِيعٌ أو تَبيعَةٌ. التَّبِيعُ؛ ما عُمُرُه سَنةٌ ودخَل في الثَّانِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: ذكَره الأكْثَرُ. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: هى التى لها نِصفُ سنَةٍ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: سَنَتان. وقيل: مَا يَتْبَعُ أُمَّه إلى المَرْعَى. وقيل: ما انْعَطَفَ شَعَرُه. وقيل: ما حاذَى قَرْنُه أُذُنَه. نصَّ عليه. وقدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ. والتَّبِيعُ، جَذَعُ البَقَرِ. الثَّانيةُ، يُجْزِئُ إخْراجُ مُسِنٍّ عن تَبِيعٍ وتَبِيعَةٍ. قالَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: وفى أرْبَعين مُسِنَّةٌ؛ وهى التى لها سَنَتَان. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. أعْنِى، أنَّ المُسِنَّةَ هى التى لها سَنَتان. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضى، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: هى التى لها سنَةٌ. وقيلَ: هى التى لها ثَلاثُ سِنِين. وقيل: هى التى لها أرْبَعُ سِنِين. وقيل: هى التى يَلِدُ مِثْلُها. وقيل: هى التي بَلَغَتْ سِنَّ أُمِّها حينَ وَضعَتْها. وقيل: هى التى ألْقَتْ سِنًّا. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفُروعِ»، ولها سَنَتان. فوائد؛ منها، المُسِنَّةُ؛ هى ثَنِيَّةُ البَقَرِ. ومنها، يجوزُ إخْراجُ أعْلَى مِنَ المُسِنَّةِ سِنًّا عنها. ومنها، لا يُجْزِئُ إخْراجُ مُسِنٍّ عن مُسِنَّةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُجْزِئُ. وجزَم به بعضُهم. فعلَيْه، يُجْزِئُ إخْراجُ ثَلاَثةِ أتْبِعَةٍ عن مُسِنَّتَيْن. ومنها، قوله: ثم في كلِّ ثَلاِثين تَبِيعٌ، وفى كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةٌ. بلا نِزاعٍ. لكنْ لو اجْتَمَعَ الفَرْضان، كمِائَةٍ وعِشْرِين، فحُكْمُها حُكْمُ الإِبِلِ إذا اجْتَمَعَ الفَرْضان، على ما تقدَّم. لكنْ نصَّ الإِمامُ أحمدُ هنا على التَّخْييرِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقال في «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «تَجْريدِ

وَلَا يُجْزِئُ الذَّكَرُ فِى الزَّكَاةِ فِى غَيْرِ هَذَا، إلَّا ابْنُ لَبُونٍ مَكَانَ بنْتِ مَخَاضٍ إِذَا عَدِمَهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، فَيُجْزِئُ الذَّ كَرُ فِى الْغَنَمِ، وَجْهًا وَاحِدًا، وَفِى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ»: فإنِ اجْتَمَعَ مِائَةٌ وعِشْرُون، فهل يَتَعَيَّنُ فيها ثَلاثُ مُسِنَّاتٍ، أو يُخَيَّرُ بينَها وبينَ أرْبعَةِ أتْبِعَةٍ؟ وَجْهان وقال القاضي، في «أحْكامِه»: يأْخُذُ العامِلُ الأفْضَلَ. وقيل: المُسِنَّاتِ. قوله: ولا يُجْزِئُ الذَّكرُ في الزَّكاةِ في غيرِ هذا، إلَّا ابنُ لَبُونٍ مَكانَ بنْتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَخاضٍ إِذا عَدِمَها. كما تقدَّم. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، على ما يأْتِى قريبًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْزِئُ ذَكَرُ الغَنَمِ عنِ الإِبلِ والغَنَمِ أيضًا. قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّه ذُكورًا، فيُجْزِئُ الذَّكَرُ في الغَنَمِ، وَجْهًا واحِدًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُصَنِّفِ. وقيلَ: لا يُجْزِئُ. فعليه، يُجْزِئُ أُنْثَى بقِيمَةِ الذَّكَرِ، فيُقَوَّمُ النِّصابُ مِنَ الأُناثَى، وتُقَوَّمُ فرِيضَتُه، ويُقَوَّمُ نِصابُ الذُّكُورِ، وتُؤْخَذُ أُنْثَى بقِسْطِه. قوله: وفى الإِبِلِ والبَقَرِ في أحدِ الوَجْهَين. يعْنِى، يُجْزِئُ إخْراجُ الذَّكَرِ إذا كان النِّصابُ كلُّه ذُكُورًا، في الإِبِلِ والبَقَرِ، في أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. صحَّحَه في «النَّظْمِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُجْزِئُ فيهما إلَّا أُنْثَى، فتُقَدَّمُ كما تُقَدَّمُ في نِصابِ ذُكورِ الغَنَمِ على الوَجْهِ الثَّانِى. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: يُجْزِئُ عنِ البَقَرِ لا عنِ الإِبِلِ؛ لِئَلَّا يُجْزِئَ ابنُ لَبُونٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِين وعن سِتٍّ وثَلاِثين، فيَتَساوى الفَرْضان. وقيل: يُجْزِئُ ابنُ

وَيُؤْخَذُ مِنَ الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ، وَمِنَ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُؤْخَذُ إِلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَخاضٍ عن خَمْسٍ وعِشْرِين، فيقُومُ الذَّكَرُ مقامَ الأُنْثَى التى في سِنِّهِ كسائر النُّصُبِ. وحَكاه ابنُ تَميمٍ عن القاضى، وأنَّه أصحُّ. وقال: قال القاضى: يُخْرِجُ عن سِتٍّ وثَلاِثين ابنَ لَبُونٍ زَائِدَ القِيمَةِ على ابنِ مَخاضٍ بقَدْرِ ما بينَ النِّصابَيْن. وقال في «المُذْهَبِ»: فإنْ كانت كلُّها ذُكورًا، أجْزَأ إخْراجُ الذَّكَرِ في البَقَرِ، قوْلًا واحِدًا، وفي الإِبِلِ والغَنَمِ وَجْهان. كذا وجَدْتُه في نُسْخَتَين؛ القَطْعَ بالإِجْزاءِ في البَقَرِ، وإطْلاقَ الخِلافِ في الإِبِلِ والغَنَمِ، ولم أرَ هذه الطَّريقَةَ لغيرِه، فلعَلَّه تَصْحِيفٌ مِنَ الكاتِبِ. قوله: ويؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ صَغيرَةٌ، ومِنَ المِرَاضِ مَرِيضَةٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه في الصَّغِيرَةِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا يُؤْخَذُ إلًّا كبِيرَةٌ صحِيحَةٌ، على قَدْرِ المالِ. وحكَاه عن أحمدَ. قال القاضى: أوْمَأَ إليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وذكَره في «الانْتِصَارِ»، و «الواضِحِ» رِوايَةً. قال الحَلْوانِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، كشاةِ الِإبِلِ. وفرَّق بينَهما. فعلى المذهبِ، يُتَصَوَّرُ أخْذُ الصَّغيرَةِ إذا أبْدّلَ الكِبارَ بصِغارٍ، أو ماتَتِ الأُمَّاتُ وبَقِيَتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّغارُ. وذلك على الرِّوايَةِ المَشْهورَةِ؛ أنَّ الحَوْلَ ينْعَقِدُ على الصِّغارِ مُنْفَرِدًا، كما تقدَّم. تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ: ويُؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ صغِيرةٌ. الفُصْلانَ مِنَ الإِبِلِ، والعَجاجِيلَ مِنَ البَقَرِ؛ فيُوخَذُ منها كالسِّخالِ. وهو أحَدُ الوُجوهِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. فلا أثرَ للسِّن، ويُعْتَبَرُ العَدَدُ، فيُؤْخَذُ مِن خَمْسٍ وعِشْرِين إلى إحْدَى وسِتِّين واحِدَةٌ منها، ثمَّ في سِتٍّ وسَبْعِين ثِنْتان، وكذا في إحْدَى وتِسْعِين، ويُؤْخَذُ فِى ثَلاثِينَ عِجْلًا إلى تِسْعٍ وخَمْسِين واحِدٌ، ويُؤْخَذُ في سِتِّين إلى تِسْعٍ وثَمانِين اثْنان، وفى التِّسْعِين ثَلاثٌ منها. فيُعايىَ بذلك على هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهِ، والتَّعْدِيلُ على هذا الوَجْهِ بالقِيمَةِ مَكانَ زِيادَةِ السِّنِّ، كما سَبَق في إخْراجِ الذَّكرِ مِنَ الذُّكُورِ، فلا يُؤَدِّى إلى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ التى غايرَ الشَّرْعُ بالأحْكامِ فيها باخْتِلافِها. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ إخْراجُ الفُصْلانِ والعَجاجِيلِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِى». وقوَّاه ومالَ إليه. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه؛ فيُقَوَّمُ النِّصابُ مِنَ الكِبارِ، ويُقَوَّمُ فَرْضُه، ثم يقَوَّمُ الصِّغارُ، ويُؤْخَذُ عنها كبيرةٌ بالقِسْطِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّىَ إلى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ في سَنِّ المُخْرَجِ. والوَجْهُ الثَّالِثُ، وقالَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِضَارِ»، يُضَعِّفُ سِنَّ المُخْرَجِ في الإِبِلِ، فيُخْرِجُ عن خَمْسٍ وعِشْرِين واحدَةً منها، ويخْرِجُ عن سِتٍّ وثَلاثِين واحدَةً منها، كسِنٍّ واحدَةٍ منْهُنَّ مرَّتَيْن، وفى سِتٍّ وأرْبَعِين مِثْلُ واحدَةٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، وفى إحْدَى وسِتِّين مِثْلُها أرْبَعَ مرَّاتٍ. والعُجولُ على هذا. وأطْلَقَهُنَّ المجْدُ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الرَّابعُ، واخْتارَه أيضًا أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: يُضَعِّفُ ذلك في الإِبلِ خاصَّةً. والوجْهُ الخامِسُ، وقالَه السَّامَرِّئُ في «المُسْتَوْعِبِ»، يخْرِجُ عن خَمْسٍ وعِشْرِين فَصيلًا واحدًا منها، وعن سِتٍّ وثَلاثِين فَصِيلًا واحدًا منها ومعه شاتَان أو عِشْرُون دِرْهَمًا، وعن سِتٍّ وأرْبَعِين واحدًا منها، ومعه الجُبْرانُ مُضاعفًا، فيكونُ أرْبَعُ شِيَاهٍ أو أرْبَعُون دِرْهمًا، أو شاتَان مع عِشْرِين دِرْهَمًا. وعن إحْدَى وسِتِّين واحدًا منها، ومعه الجُبْرانُ مُضاعَفًا مرَّتَيْن، فيكونُ سِتٍّ شِيَاهٍ أو سِتِّين دِرْهَمًا. ويخْرِجُ عن ثَلاثِين عِجْلًا واحدًا منها، وعن أرْبَعِين واحِدًا وثُلُثَ قِيمَةِ آخَرَ. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وقيل: يُؤْخَذُ مِنَ الصِّغارِ مِن غيرِ اعْتِبارِ سِنٍّ. وقيل: يُعْتَبَرُ بغَنَمِه دُونَ غَنَمِ غيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان عندَه أقلُّ مِن خَمْسٍ وعِشْرِين مِنَ الإِبلِ صِغارًا، وجَبَتْ عليه

فَإِنِ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، وَصِحَاحٌ وَمِرَاضٌ، وَذُكُورٌ وَإنَاثٌ، لَمْ يُؤْخَذْ إِلَّا أُنْثَى صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في كلِّ خَمْسٍ شاةٌ كالكِبَارِ. قوله: فإِنِ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وكِبارٌ، وصِحَاحٌ ومِرَاضٌ، وذكورٌ وإناثٌ، لم يُؤْخَذْ إلَّا أُنْثَى صحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ، على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فعلى هذا، لو كان قِيمَةُ المالِ المُخْرجِ، إذا كان المالُ المُزَكَّى كلُّه كِبَارًا صِحاحًا، عِشْرِين، وقِيمَتُه بالعَكْسِ عَشَرَةٌ، وجبَتْ كبيرةٌ صحيحَةٌ قِيمَتُها خَمْسَةَ عشَرَ مع تَساوِى العَدَدْين. ولو كان الثُّلُثُ أعْلَى، والثُّلُثان أدْنَى، فشاةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَتُها ثَلاثَةَ عشَرَ وثُلُثٌ. وبالعَكْسِ، شاةٌ قِيمَتُها سِتَّةَ عشَرَ وثُلُثَان. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، مَن لَزِمَه رأْسان فيما نِصْفُه صحيحً ومَعِيبٌ، أخْرَجَ صحِيحَةً ومَعِيبَةً، كِنصَابٍ صحيحٍ مُفْرَدٍ. وهذا القوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ.

وَإنْ كَانَ نَوْعَيْنِ؛ كَالْبَخَاتِىِّ وَالْعِرَابِ، وَالْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ، وَالْضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان مالُه مِائَةً وإحْدَى وعِشْرين شاةً، والجميعُ مَعيِبٌ إلَّا واحدَةً، أو كان عندَه مِائَةٌ وإحْدَى وعِشْرون شاةً كبيرةً، والجميعُ سِخَالٌ إلَّا واحدةً كبيرةً، فإنَّه يُجْزِئُه عنِ الأوَّلِ صحيحَةٌ ومَعِيبَةٌ، وعنِ الثَّانِى شاةٌ كبيرةٌ وسَخْلَةٌ، إنْ وجبَتِ الزَّكاةُ في سِخالٍ مُفْرَدَةٍ، وإلَّا وجبَتْ كبيرةٌ بالقِسْطِ. وهو مَعْنَى قوْلِهم: وإن كان الصَّحيحُ غيرَ واجبٍ، لَزِمَه إخْراجُ الواجِبِ صحِيْحًا بقَدْرِ المالِ. قوله: وإنْ كان نَوْعَين، كالبَخاتِيِّ والعِرَابِ، والبَقَرِ والجَوَاميسِ، والضَّأْنِ

أَوْ كَانَ فِيهِ كِرَامٌ وَلِئَامٌ، وَسِمَانٌ وَمَهَازِيلُ، أُخِذَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَعْزِ، أو كان فيه كرامٌ ولِئامٌ، وَسِمانٌ ومَهَازِيلُ، أُخِذَتِ الفَرِيضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَين. اعلمْ أنَّه إذا كان النِّصابُ مِن نَوْعَيْن، كما مثَّل المُصَنِّفُ، أوَّلًا، فقطَع بأنَّه تُؤْخَذُ الفَرِيضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يُخَيَّرُ السَّاعِى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. ونقَل حَنْبَلٌ في ضأْنٍ ومَعْزٍ، يُخَيَّرُ السَّاعِى؛ لاتِّحادِ الواجِبِ. ولم يَعْتَبِرْ أبو بَكْرٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِيمَةَ في النَّوْعَيْن. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ ما نقَل حَنْبَلٌ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، في حِنْثِ مَن حلَف لا يأْ كُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بأَكْلِه لَحْمَ جامُوسٍ، الخِلافُ لنا هنا في تَعارُضِ الحقيقَةِ اللُّغويَّةِ والعُرْفيَّةِ، أيُّهما يُقَدَّمُ؟ وأمَّا إذا كان النِّصابُ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِرامٌ ولئامٌ، وسِمانٌ ومَهازِيلُ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بأنَّه تُؤْخَذُ الفَريضَةُ مِن أحَدِهما على قَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. وهو اخْتِيارُه. وذكَره أبو بَكْرٍ. في هزِيلَةٍ بقِيمَةِ سَمينَةٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجِبُ في ذلك الوسَطُ. نصَّ عليه، بقَدْرِ قِيمَةِ المالَيْن. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فوائد؛ إحْداها، لو أخْرَجَ عنِ النِّصابِ مِن غيرِ نوعِه ما ليس في مالِه منه، جازَ، إنْ لم تنْقُصْ قِيمَةُ المُخْرَجِ عنٍ النَّوْعِ الواجبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى قوْلِ أبى بَكْرٍ، يجوزُ ولو نقَصَتْ. وقيلَ: لا يُجْزِئُ هنا مُطْلَقًا، كغيرِ الجِنْسِ، وجازَ مِن أحَدِ نَوْعَى مالِه، لتَشْقيصِ الفَرْضِ. وقيلَ: يُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ مِنَ الضَّأْنِ عنِ المَعْزِ، وَجْهًا واحِدًا. الثَّانيةُ، لا تُضَمُّ الظِّباءُ، إذا قُلْنا: تجِبُ الزَّكاةُ فيها، إلى الغَنَمِ في تكْميلِ النِّصابِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ في

فَصلٌ: النَّوْعُ الثَّالِثُ، الْغَنمُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَتَجِبُ فِيهَا شُاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاهٍ، ثُمَّ فِى كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أنها تُضَمُّ، وحُكِىَ وَجْهٌ، وحُكِىَ روايةٌ أيضًا. الثَّالثةُ، يُضَمُّ ما توَلَّدَ بينَ وَحْشِيٍّ وأهْلِيٍّ، إنْ وجَبَتْ. قوله في زَكاةِ الغَنَمِ: إلى مائتَيْن، فإذا زَادَتْ واحِدَةً، ففيها ثَلاثُ شِياهٍ. هذا بلا نِزاعٍ. قوله: ثم في كُلِّ مائَةِ شَاةٍ شَاةٌ. فيكونُ في أرْبَعِمائَةِ شاةٍ أرْبَعُ شِيَاهٍ، وفي خَمْسِمائةٍ خمْسُ شِيَاهٍ. وعلى هذا فقِسْ. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه القاضى، وجمْهورُ الأصحابِ. وعنه، في ثَلاثِمائةٍ وواحِدَةٍ أرْبَعُ شِيَاهٍ، ثم في كلِّ مائةِ شاةٍ شاةٌ، فيكونُ في خَمْسِمائةِ شاةٍ خَمْسُ شِياهٍ، فالوَقْصُ مِن ثَلاثِمائةٍ وواحدةٍ إلى خَمْسِمائةٍ.

وَيُؤْخَذُ مِنَ الْمَعْزِ الثَّنِىُّ، وَمِنَ الضَّأْنِ الْجَذَعُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّ المِائةَ زائدَةٌ؛ ففى أرْبَعِمائةٍ وواحدَةٍ خَمْسُ شِياهٍ، وفى خَمْسِمائةٍ وواحِدَةٍ سِتُّ شِياهٍ. وعلى هذا أبَدًا. فائدتان؛ إحْدَاهما، مِنَ الأصحابِ مَن ذكَر هذه الرِّوايَةَ الأخيرةَ، وقال: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وأنَّ التى قَبْلَها سَهْوٌ؛ منهم المَجْدُ في «شَرْحِه». وذكَر بعضُهم الرِّوايَةَ الثَّانيةَ، وقال: اخْتارَهَا أبو بَكْرٍ. ولم يَذْكُرِ الثَّالثةَ، وهو مَعْنَى ما في «المُغْنِى» (¬1). وذكَرَهما بعضُ المُتأَخِّرين؛ منهم ابنُ حَمْدانَ، وابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، قوله: ويُؤْخَذُ مِنَ المَعْزِ الثَّنِىُّ، ومِنَ الضَأْنِ الجَذَعُ. فالثَّنِيُّ ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 39.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المَعْزِ؛ مالَه سَنَةٌ. والجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ مالَه نِصْفُ سنَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ مالَه ثَمانِ شُهورٍ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسَى، في «الإِرْشَادِ». ويأْتِي ذلك في أوَّلِ بابِ الهَدْىِ والأَضاحِى.

وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ، وَلَا هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ؛ وَهِىَ الْمَعِيبَةُ،. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُؤخَذُ تِيْس ولا هَرِمَةٌ. أمَّا التَّيْسُ، فَتارَةً يكونُ تَيْسَ الضِّرابِ، وهو فَحْلُه، وتارةً يكونُ غيرَه؛ فإنْ كان فَحْلَ الضِّرابِ، فلا يُؤْخَذُ؛ لخبَرِه، إلَّا أنْ يشاءَ ربُّه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال المَجْدُ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. وكذا ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. فلو بذَلَه المالِكُ، لَزِمَ قَبُولُه، حيثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ. وقيلَ: لا يُؤْخَذُ؛ لنَقْصِه وفَسادِ لَحْمِه. وإنْ كان التَّيْسُ غيرَ فَحْلِ الضِّرابِ، فلا يؤْخَذُ؛ لنَقْصِه وفَسادِ لَحْمِه. قوله: ولا ذَاتُ عَوَارٍ؛ وهى المعِيبَةُ. لا يُجْزِئُ إخْراجُ المَعِيبَةِ، وهى التى لا يُضَحَّى بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. وقال الأَزَجِىُّ في «نِهايَتِه»، وأوْمَأَ إليه المُصَنِّفُ: لابدَّ أنْ

وَلا الرُّبَّى؛ وَهِىَ الَّتِى تُرَبِّى وَلَدَهَا، وَلَا الْحَامِلُ، وَلَا كَرَائِمُ الْمَالِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونَ العَيْبُ يُرَدُّ به في البَيْعِ. ونُقِلَ عنِ الإِمام أحمدَ، لا تؤْخَذُ عَوْراءُ ولا عَرْجاءُ ولا ناقِصَةُ الخَلْقِ. واخْتارَ المَجْدُ الإِجْزاءَ إنْ رآه السَّاعِى أنْفَعَ للفُقَراءِ لزِيادَةِ صِفَةٍ فيه، وأنَّه أقْيَسُ بالمذهبِ؛ لأنَّ مِن أصْلِنا، إخْراجَ المُكَسَّرةِ عنِ الصِّحاحِ، ورَدئِ الحَبِّ عن جيِّدِه، إذا زادَ قَدْرُ ما بينَهما مِنَ الفَصْلِ. على ما يأْتِى. فائدة: قوله: ولا الرُّبَّى؛ وهى التى تُرَبِّى ولَدَها، ولا الحَامِلُ. وهذا بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاع. قال المَجْدُ: ولو كان المالُ كذلك؛ لما فيه مِن مُجاوَزَةِ الأشْياءِ المَحْدودَةِ (¬1). ومِثْلُ ذلك طَروقَةُ الفَحْلِ. قلتُ: لو قيلَ بالجَوازِ إذا كان النِّصابُ كذلك، لكان قوِيًّا في النَّظَرِ. وهو مُوافِقٌ لقَواعدِ المذهبِ. ¬

(¬1) في ط: «المحمودة».

وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ إخْرَاجُ القِيمَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِى، سواءٌ كان ثَمَّ حاجَةٌ أم لا، لمَصْلَحَةٍ أوْلا، الفِطْرَةُ وغيرُها. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُجْزِئُ القِيمَةُ مُطْلَقًا. وعنه، تُجْزِئُ في غيرِ الفِطْرَةِ. وعنه، تُجْزِئُ للحاجَةِ، مِن تعَذُّرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَرْضِ ونحوِه. نقلَها جماعَةٌ؛ منهم القاضى في «التَّعْلِيقِ». وصحَّحَها جماعَةٌ؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيلَ: ولمَصْلَحَةٍ أيضًا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا. وذكَر بعضُهم رِوايَةً، تُجْزِئُ للحاجَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ البَنَّا في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: إذا كانتِ الزَّكاةُ جُزْءًا لا يمْكِنُ قِسْمَتُه، جازَ صَرْفُ ثَمَنِه إلى الفُقَراءِ. قال: وكذا كلُّ ما يحْتاجُ إلى بَيْعِه، مثلَ أنْ يكونَ بعِيرًا لا يقْدِرُ على المَشْىِ. وعنه، تُجْزِئُ عن ما يُضَمُّ دُونَ غيرِه. وعنه، تُجْزِئُ القِيمَةُ، وهى الثَّمَنُ لمُشْتَرِى ثَمَرَتِه التى لا تَصِيرُ تَمْرًا وزَبِيبًا مِنَ السَّاعِى قبلَ جِدَادِه. والمذهبُ، لا يصِحُّ شِراؤُه، فلا تُجْزِئُ القِيمَةُ على ما يأْتِى. فائدة: لو باعَ النِّصابَ قبلَ إخْراجِ زَكاتِه، وقُلْنا بالصِّحَّةِ، على ما تقدَّم في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَاخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، فعنه، له أنْ يخْرِجَ عُشْرَ ثَمَنِه. نصَّ عليه. وأنْ يُخْرِجَ مِن جِنْسِ النِّصابِ. ونَقَلَ صالِحٌ، وابنُ مَنْصورٍ، وإنْ باعَ تَمْرَه أو زَرْعَه، وقد بلَغ، ففى ثَمَنِه العُشْرُ أو نِصْفُه. ونقَل أبو طالبٍ، يتَصدَّقُ بعُشْرِ الثَّمَنِ. قال القاضى: أطْلقَ القَوْلَ هنا، أنَّ الزَّكاةَ في الثَّمَنِ. وخَبَرُه في رِوايَةِ أبى دَاوُدَ. انتهى. وعنه رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، لا يجوزُ أنْ يُخْرِجَ مِنَ الثَّمَنِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ وصحَّحَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال القاضى: الرِّوايَتَان بِناءً على رِوايَتَىْ إخْراجِ القِيمَةِ. وقال هذا المَعْنَى قبلَه أبو إسْحقَ وغيرُه، وقالَه بعدَه آخَرُون. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: إذا باعَ فالزَّكاةُ في الثَّمَنِ، وإنْ لم يَبعْ فالزَّكاةُ فيه. وذكَر ابنُ أبى مُوسَى الرِّوايتَيْن في إخْراجِ ثَمَنِ الزَّكاةِ بعدَ البَيْعِ، إذا تَعَذَّر

وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنَ الْفَرْضِ مِنْ جِنْسهِ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلُ. وعن أبى بَكْرٍ، إنْ لم يقْدِرْ على تَمْرٍ وَزَبِيبٍ، ووجَدَه رُطَبًا، أخْرَجَه. وزادَ بقَدْرِ ما بينَهما. ذكَرَه الآمِدِىُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهما عنه. قوله: وإنْ أخْرَجَ سِنًّا أعْلى مِنَ الفَرْضِ مِن جِنْسِه، جازَ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وتقدَّم جوازُ إخْراجِ المُسِنِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ التَّبِيعِ والتَّبِيعَةِ، وإخْراجِ الثَّنِيَّةِ عنِ الجَذَعَةِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» وَجْهًا بعدَمِ الجَوازِ. قال الحَلْوانِيُّ في «التَّبْصِرَةِ»: إن شَاءَ رَبُّ المالِ أخْرَجَ الأَكُولَةَ، وهى السَّمِينَةُ، وللسَّاعِى قَبُولُها. وعنه، لا؛ لأنَّها قِيمَةٌ. قال

فصل فى الخلطة

فَصْلٌ فِى الْخُلْطَةِ: وَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فِى نِصَابٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ حَوْلًا، لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِى بَعْضِه، فَحُكْمُهُمَا فِى الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ مُشَاعًا بَيْنَهُمَا، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ؛ بِأَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا، فَخَلَطَاهُ وَاشْتَرَكَا فِى الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَحْلَبِ وَالرَّاعِى وَالْفَحْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»: كذا قال. وهو غريبٌ بعيدٌ. قلتُ: يُنَزَّه الإِمامُ أحمدُ أنْ يقولَ مِثْلَ ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، قوله: وإذا اخْتَلَطَ نَفْسَان أو أكْثَرُ مِن أهْلَ الزَّكاةِ في نِصابٍ مِنَ الماشِيَةِ حَوْلًا، لم يَثبُتْ لهما حُكْمُ الانْفِرادِ في بعضِه، فَحُكْمُهما في الزَّكاةِ حُكْمُ الواحِدِ. وهذا بلا نِزاعٍ، سواءٌ أثَّرَتِ الخُلْطَةُ في إيجابِ الزَّكاةِ أو إسْقاطِها، أو أثَّرَتْ في تغْييرِ الفَرْضِ أو عدَمِه؛ فلو كان لأرْبَعِين مِن أهْلِ الزَّكاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبَعَون شاةً مُخْتَلِطَةً، لَزِمَهم شاةٌ، ومع انْفِرَادِ هم لا يَلْزَمُهم شئٌ. ولو كان لثَلَاثَةِ. أنْفُسٍ مِائَةٌ وعِشْرون شاةً، لَزِمَهم شاةٌ واحدَةٌ، ومع انْفِرَادِهم ثلاثُ شِيَاهٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُوَزَّعُ الواجِبُ على قَدْرِ المالِ مع الوَقْصِ؛ فسِتَّةُ أبْعِرَةٍ مُخْتَلِطَةٍ مع تِسْعَةٍ، يَلْزَمُ ربَّ السِّتَّةِ شاةٌ وخُمُسُ شاةٍ. ويلْزَمُ ربَّ التِّسْعَةِ شاةٌ وأرْبَعَةُ أخْماسِ شاةٍ. الثَّانيةُ، قوله: سَواءٌ كانت خُلْطَةَ أعْيَانٍ؛ بأنْ تكونَ مُشاعًا بينَهما. تُتَصَوَّرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِشاعَةُ بالإِرْثِ والهِبَةِ والشِّراءِ أو غيرِه. قوله: أو خُلْطَةَ أوصافٍ؛ بأنْ يكونَ مالُ كُلِّ واحِدٍ مُتَمَيِّزًا. فلو اسْتَأْجَرَه ليَرْعَى غَنَمَه بشاةٍ منها، فحالَ الحَوْلُ ولم يُفْرِدْها، فهما خَلِيطان، وإنْ أفْرَدَها فنَقَص النِّصابُ، فلا زكاةَ. قوله: فَخَلَطاه واشْتَركا في المُراحِ والمَسْرَحِ والمَشْرَبِ والمحْلَبِ والرَّاعِى والفَحْلِ. وهكذا جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الكَافِى»، و «النَّظْمِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». واعلمْ أنَّ للأصحابِ في ضَبْطِ ما يُشْتَرطُ في صِحَّةِ الخَلْطِ طُرُقًا؛ أحَدُها هذا. الطَّرِيقُ الثَّاني، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ، والمَبِيتِ؛ وهو المُراحُ والمَحْلَبُ، والفَحْلُ لا غيرُ. وهى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم بها الخِرَقِىُّ، والمَجْدُ في «مُحَرَّرِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِزَتِه»، فزادُوا على المُصَنِّفِ المَرْعَى، وأسقَطوا الرَّاعِىَ والمشْرَبِ؛ الطَّريقُ الثَّالثُ، اشْتِراطُ المُراحِ؛ وهو المأْوَى والمَرْعَى والرَّاعِى، والمَشْربِ؛ وهو مَوْضِعُ الشُّرْبِ وآنِيَتُه، والمَحْلَبِ؛ وهو مَوْضِعُ الحَلْبِ وآنِيَتُه، والمَسْرَحِ؛ وهو مُجْتَمَعُها لتذهبَ، والفَحْلِ. قدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». فزَادُوا على المُصَنِّفِ، المَرْعَى، وآنِيَةَ الشُّربِ، وآنِيَةَ المَحْلبِ. الطَّريقُ الرَّابعُ، اشْتِراطُ المَسْرَحِ، والمَرْعَى، والمَشْربِ، والمُرَاحِ، والمَحْلَب، والفَحْلِ. وبه جزَم في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». فأسقَط الرَّاعِىَ. الطًّريقُ الخامِسُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَرْعَى، ومَوْضِعِ شُرْبِها وحَلْبها وآنِيَتِها وفَحْلِها ومَسْرحِها. وبه جزَم في «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأسقَط المُراحَ، وزادَ الآنِيَةَ والمَرْعَى. الطَّريقُ السَّادِسُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَسْرَحِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَبِ، والفَحْلِ. قدَّمَهَا في «الفائقِ». فأسْقَطَ المَشْرَبَ. الطَّريقُ السَّابعُ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والفَحْلِ، والمَسْرحِ، والمُراحِ. وجزَم بها في «الفُصُولِ». وقدَّمها في «المُسْتَوْعِبِ». فأسقَط المَحْلَبَ والمَشْرَبَ. الطَّريقُ الثَّامِنُ، اشْتِراطُ الفَحْلِ، والرَّاعِى، والمَرْعَى، وَالمأْوَى؛ وهو المَبِيتُ، والمَحْلَبُ. وبه جزَم في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ». فزاد المَرْعَى، وأسقَط المَشرَبَ والمَسْرَحَ. الطَّريقُ التَّاسِعُ، اشْتِراطُ المَبيتِ، والمَسْرَحِ، والمَحْلَبِ، وآنِيَتِه، والمَشْرَبِ، والرَّاعِى، والمَرْعَى، والفَحْلِ. قدَّمها ابنُ أبى المَجْدِ في «مُصَنَّفِه». فزادَ المَرْعَى، وآنِيَةَ المَحْلَبِ. الطَّريقُ العاشِرُ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَبِيتِ، والفَحْلِ. وبه قطَع في «الإِيضَاحِ». فجَمَع بينَ المُراحِ والمَبِيتِ. وأسقَط المَشْرَبَ، والمَحْلبَ، والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الحادِى عَشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرَحِ، والفَحْلِ، والمَرْعَى. وهى طريقَةُ الآمِدِىِّ. فزادَ المَرعَى، وأسقَط المَشْرَبَ، والمَحْلَبَ، والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الثَّاني عشَر، اشْتِراطُ الفَحْلِ، والرَّاعِى، والمَحْلَبِ فقط. وهى طريقَةُ ابنِ الزَّاغُونِىِّ في «الواضِحِ». فأسْقَطَ المَشْرَبَ، والمُراحَ، والمَسْرَحَ. الطَّريقُ الثَّالِثَ عشَر، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَشْربِ، والرَّاعِى. وبها قطَع ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه». الطَّريقُ الرَّابِعَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَحْلَبِ، والمبِيتِ، والفَحْلِ. وبها قطَع في «المُبْهِجِ»، فجمعَ بينَ المُراحِ والمَبِيتِ، كما فَعَل في «الإيضاحِ»، إلَّا أنَّه زادَ عليه المَحْلَبَ، وأسْقَطَ المَشْرَبَ والرَّاعِىَ. الطَّريقُ الخامِسَ عشَرَ، اشْتِراطُ الرَّاعِى فقط. وهى طريقَةُ بعضِ الأصحابِ. ذكَرَه القاضى في «شَرْحِ المُذْهَبِ» عنه. وعن أحمدَ نحوُه. الطَّريقُ السَّادِسَ عشَرَ، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرَحِ، والفَحْلِ، والمَشْرَبِ. وبها قطَع ابنُ البَنَّا في «الخِصَالِ»، و «العُقُودِ». الطَّريقُ السَّابعَ عشَرَ، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَرْعَى، والفَحْلِ، والمَشْربِ. وبها قطَع في «الخُلاصَةِ». فزادَ المَرْعَى، وأسْقَط المَسْرَحَ. الطَّريقُ الثَّامِنَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المَسْرَحِ، والمَرْعَى، والمَحْلَبِ، والمَشْرَبِ، والمَقِيلِ، والفَحْلِ. وبها قَطَع في «الإفاداتِ». فزادَ المَقِيلَ والمَرْعَى، وأسقَط الرَّاعِىَ والمُراحَ. الطَّريقُ التَّاسِعَ عَشَرَ، اشْتِراطُ المَرْعَى، والفَحْلِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَبِ، والمَشْرَبِ. وبها قطَع في «العُمْدَةِ». الطَّريقُ العِشْرُون، اشْتِراطُ المَرْعَى، والمَسْرَحِ، والمَشْرَبِ، والمَبِيتِ، والمَحْلَب، والفَحْلِ. وبها جَزَم في «المُنَوِّرِ». فزادَ المَرْعَى، وأسقَط الرَّاعِىَ. الطًّريقُ الحادِى والعِشْرُون، اشْتِراطُ المُراحِ، والمَسْرحِ، والمَشْربِ، والرَّاعِى والفَحْلِ. وبها قطَع في «المُنْتَخَبِ». فأسقَط المَحْلَبَ. الطَّريقُ الثَّاني والعِشْرُون، اشْتِراطُ الرَّاعِى، والمَبِيتِ فقط. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، ذكَرَها القاضى في «شَرْحِه». الطَّريقُ الثَّالثُ والعِشْرُون، اشْتِراطُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَوْضِ، والرَّاعِى، والمُراحِ فقط. وهو أيضًا رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. فهذه ثلاثَةٌ وعِشْرُون طريقَةً، لكنْ قد ترْجِعُ إلى أقل منها باعْتِبارِ ما تُفَسَّرُ به الألْفاظُ على ما يأْتِى بَيانُه. فائدة: المُراحُ، بضمِّ الميمِ؛ مكان مَبِيتِها. وهو المأْوَى، فالمَبِيتُ هو المُراحُ. فسَّروا كلَّ واحدٍ منهما بالآخَرِ. وهذا الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: المُراحُ؛ رَواحُها منه جُمْلَةً إلى المَبِيتِ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وجمَع فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضاحِ» بين المُراحِ والمَبِيتِ، كما تقدَّم. فعندَه أنَّهما مُتَغايِرَان. وأمَّا المَسْرَحُ؛ فهو المكانُ الذى تَرْعَى فيه الماشِيةُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حامِدٍ. وقال: إنَّما ذكَر الإِمامُ أحمدُ المَسْرَحَ؛ ليكونَ فيه راعٍ واحدٌ. قدَّمه فى «المُطْلِعِ». فعليه، يَلْزَمُ مِنِ اتحادِه اتِّحادُ المَرْعَى، ولذلك قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حامِدٍ: المَسْرَحُ والمَرْعَى شئٌ واحدٌ. وقيلَ: المَسْرَحُ مَكانُ اجْتِماعِها لتَذْهَبَ إلى المَرْعَى. جزَم به فى «الفُصُولِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ نَميمٍ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أوْلَى؛ دفْعًا للتَّكْرارِ. وهو الصَّحيحُ. وفسَّره فى «المُسْتَوْعِب» بمَوْضِعِ رَعْيِها وشُرْبِها. وفسَّرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» بمَوْضِعِ. الرَّعْىِ، مع أنَّه جمَع بينَهما فى «المُحَررِ»، مُتابعَةً للخِرَقِىِّ. وقال: يَحْتَمِلُ أنَّ الخِرَقِىَّ أرادَ بالمَرْعَى الرَّعْىَ، الذى هو المصْدَرُ لا المَكانُ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالمَسْرحِ المَصْدَرَ، الذى هو السُّروحُ لا المَكانُ؛ لأنَّا قد بيَّنَّا أنَّهما واحدٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَعْنَى المَكانِ. فإذا حَمَلْنا أحَدَهما على المَصْدَرِ، زالَ التَّكْرارُ. وحصَل به اتِّحادُ الرَّاعِى والمَشْرَبِ. انتهى. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): يَحْتَمِلُ أنَّ الخِرَقِىَّ أرادَ بالمَرْعَى الرَّاعِىَ؛ ليكونَ مُوافِقًا لقَوْلِ أحمدَ، ولكوْنِ المَرْعَى هو المَسْرَحُ. انتهى. وأمَّا المَشْرَبُ؛ فهو مَكان الشُرْبِ فقط. وهو الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: موْضِعُ الشُرْبِ، وما يحْتاجُ إليه مِن حَوْضٍ ونحوِه. وبه قطَع ابنُ تميمٍ، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأمَّا المَحْلَبُ؛ فهو موْضِعُ الحَلْبِ. على الصَّحيحِ، وعليه الأكثرُ. وقيلَ: مَوْضِعُ المَحَلْبِ وآنِيَتُه. وبه جزَم ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرُهم. تنبيه: لا يُشْترطُ خَلْطُ اللَّبَنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، بل مَنَعُوا مِن خَلْطِه وحرَّمُوه. وقالوا: هو رِبًا. وقيلَ: يُشْتَرَطُ خَلْطُه. وقالَه القاضى فى «شَرْحِه الصَّغيرِ». وِأمَّا الرَّاعِى، فَمَعْروفٌ. ومَعْنَى الاشْتِراكِ فيه، أنْ لا يَرْعَى أحَدَ المالَيْن دونَ الآخرِ. وكذا لو كان راعِيان فأكثرُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يَرْعَى غيرَ مالِ الشَّرِكةِ. وأمَّا الفَحْلُ، فمَعْروفٌ. ومَعْنَى الاشْتِراكِ فيه، أنْ لا تكونَ فُحُولَةُ أحَدِ المالَيْن لا يطْرُقُ المالَ الآخَرَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يَنْزُو على غيرِ مالِ الشَّرِكةِ. وأمَّا المَرْعَى؛ فهو موْضِعُ الرَّعْىِ ووَقْتُه ة قالَه فى «الرِّعايَةِ». وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ والمَجْدِ وغيرِهما، أنَّ المَرْعَى هو المَسْرَحُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الخُلْطَةِ. فإنْ كانتْ خُلْطَةَ ¬

(¬1) انظر: المغنى 53/ 4.

فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا، أَوْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِى بَعْضِ الْحَوْلِ، زَكَّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدَيْنِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أعْيانٍ، لم تُشْتَرَط لها النِيَّةُ إجْماعًا، وإنْ كانتْ. خُلْطَةَ أوْصافٍ، ففيها وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، لا تُشْترَطُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «الكافِى»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقال عنِ القوْلِ الثَّانى: وليس بشئٍ. والوَجْهُ الثَّانى، تشتَرطُ النِّيَّةُ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، والمَجْدُ، وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضاحِ»، والحَلْوانِىُّ وغيرُهم. وتَظْهَرُ فائدَةُ الخِلافِ، لو وقَعَتِ الخُلْطَةُ اتِّفاقًا، أو فعَلَه الرَّاعِى، وتأخَّرَتِ النِّيَّةُ عن المِلْكِ. وقلَ: لا يضُرُّ تأْخِيرُها عنه بزَمَنٍ يسيرٍ، كتَقْدِيمِها على المِلْكِ، بزَمَنٍ يسيرٍ. فائدة: قوله: فإنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنها، أو ثبَت لهما حُكْمُ الانْفرادِ فى بعضِ الحَوْلِ، زَكَّيا زَكاةَ المنْفَردَيْن فيه. فيَضُمُّ مَن كان مِن أهْلِ الزَّكاةِ مالَه بعضَه إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض ويُزَكِّيه، إنْ بلَغ نِصابًا، وإلَّا فلا. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»: إنْ تُصُوِّرَ يضَمِّ حَوْلٍ إلى آخَرَ نَفْعٌ، فكَمَسْألَتِنا. يعْنِى مسْألةَ الخُلْطةِ، قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فائدة: قوله.: أو ثبَت لهما حُكمُ الانْفِرادِ فى بعضِ الحَوْلِ، زَكَّيا زَكاةَ المنْفَرِدَيْن فيه. مِثالُ ذلكْ؛ لو خلَطا فى أثْناءِ الحَوْلِ نِصابَيْن ثَمانِين شاةً، زكَّى كلُّ واحدٍ، إذا تمَّ حوْلُه الأوَّلُ، زكاةَ انْفِرادٍ، وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، زكاةَ خُلْطةٍ، فإنِ اتَّفقَ حَوْلَاهُما، أخْرَجَا شاةً عندَ تمامِ الحَوْلِ، على كلِّ واحدٍ نِصفُها، وإنِ اخْتلَفَ، فعلَى الأوَّلِ نِصْفُ شاةٍ عندَ تمامِ حَوْلِه. فإنْ أخْرَجَها مِن غيرِ المالِ، فعلَى الثَّانِى نِصْفُ شاةٍ أيضًا، إذا تمَّ حَوْلُه. وإنْ أخْرَجَها مِنَ المالِ، فقد تمَّ حوْلُ الثَّانِى على تِسْعَةٍ وسَبْعين شاةً ونِصْفِ شاةٍ له منها أرْبَعُون شاةً، فيَلْزَمُه أرْبَعون جُزْءًا مِن تِسْعةٍ وسَبْعين جُزْءًا ونِصْف جُزْءٍ مِن شاةٍ، فنُضَعِّفُها، فتكونُ ثَمانين جُزْءًا مِن مِائَةِ جُزْء، وتِسْعَةً وخَمْسين جزْءًا مِن شاةٍ، ثُمَّ كُلَّما تمَّ حوْلُ أحَدِهما، لَزِمَه مِن زكاةِ الجميعِ بقَدْرِ مالِه فيه.

وَإنْ ثَبَتَ لأحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ، وَعَلَى الْآخَرِ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أحَدِهِمَا، فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَالهِ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله. فإنْ ثبَتَ لأحَدِهما حُكْمُ الانْفِرَادِ وحدَه، فعليه زَكاةُ المنْفَردِ، وعلى الآخَرِ زَكاةُ الخُلْطةِ. مِثالُه، إنْ مَلَكا نِصابَيْن فَخَلَطاهُما، ثم يَبِيعُ أحدُهما نَصِيبَه أجْنَبِيًّا، فقد ملَك المُشْتَرِى أرْبَعِين، لم يثْبُتْ لها حُكْمُ الانْفِرادِ، فإذا تمَّ حوْلُ الأوَّلِ، لَزِمَه زَكاةُ انْفِرادٍ، شاةٌ، فإذا تمَّ حوْلُ الثَّانِى، لَزِمَه زكاةُ خُلْطةٍ، نِصْفُ شاةٍ، إنْ كان الأولُ أخْرَجَ الشَّاةَ مِن غيرِ المالِ، وإنْ أخْرَجَها منه، لَزِمَ الثَّانِى أرْبَعُون جُزْءًا مِن تِسْعةٍ وسَبْعين جُزْءًا مِن شاةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يُزكِّىْ الثَّانِى عن حَوْلِه الأوَّلِ زكاةَ انْفِرادٍ؛ لأنَّ خَلِيطَه لم ينْتَفِعْ فيه بالخُلْطَةِ. قوله: ثُمَّ يُزَكِّيان فيما بعدَ ذلك الحَوْلِ زَكاةَ الخُلْطَةِ، كُلَّما تَمَّ حَوْلُ أحَدِهما، فعليه. بقَدْرِ مالِه منها. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان بينَهما نِصابُ خُلْطةٍ، ثَمانُون شاةً، فباعَ كل منهما غَنَمَه بغَنَمِ صاحِبِه، واسْتَداما الخُلْطَةَ، لم ينْقَطِعْ حوْلُهما، ولم يَزُلْ خَلْطُهما فى ظاهرِ المذهبِ، فإنَّ إبْدالَ النِّصابِ بجِنْسِه لا يقْطَعُ الحَوْلَ. وكذا لو تَبايَعا البعضَ بالبعضِ، قلَّ أو كَثُرَ. وَتَبْقَى الخُلْطَةُ فى غيرِ المَبِيعِ إنْ كان نِصابًا، فيُزَكِّى بشَاةٍ زكاةَ انْفِرادٍ عليهما لتَمَامِ حوْلِه. وإذا حالَ حَوْلُ المَبِيعِ، وهو أرْبَعُون، ففيه الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزين»، و «ابنِ تَميمٍ»، وصحَّحَه. وقيلَ: لا زكاةَ فيه. اخْتارَه فى «المُجَرَّدِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ». فعلَى المذهبِ، هى زكاة خُلْطَةٍ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «ابن تَميمٍ»، وصحَّحَه. وقيلَ: زكاة انْفِرادٍ. وأطْلَقَهما فى «الفروعِ». فأمَّا إنْ أَفْرداها، ثم تَبايَعَاها، ثم خَلَطاها، فإنْ طالَ زَمَن الانْفِرادِ، بطَلَ حُكْمُ الخلْطَةِ. وكذا إنْ لم يَطلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وهو ظاهِرُ ما صحَّحَه المَجْدُ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» فى مَكانٍ. وقيلَ: لا يؤثِّرُ الانْفِرادُ اليَسيرُ. وأطْلَقَهما المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «ابنَ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكبْرَى»، و «الفُروعِ». وإنْ أفْرَدا بعضَ النِّصاب وتَبايَعَاه، وكان الباقِى على الخُلْطَةِ

وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مُشَاعًا، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصابًا، بَقِىَ حُكْمُ الخُلْطَةِ فيه، وهل ينْقَطِعُ فى المَبِيعِ؟ فيه الخِلافُ فى ضَمِّ مالِ الرَّجُلِ المُنْفَرِدِ إلى مالِه المُخْتَلِطِ، وإنْ بَقِىَ دونَ نِصابٍ، بَطَلَتْ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَبْطُلُ الخُلْطَةُ فى هذه المسائلِ، بِناءً على انْقِطاعِ الحوْلِ ببَيْعِ النِّصابِ بجِنْسِه. وفى كلامِ القاضى كالأوَّلِ والثَّانِى. قوله: ولو ملَك نِصابًا شَهْرًا، ثم باعَ نِصْفَه مُشاعًا، أو أعْلمَ على بعضِه وباعَه

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِع، وَعَلَيْهِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ زَكَاةُ حِصَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخْتَلِطًا، فقالَ أبو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الحوْلُ ويَسْتأْنِفانِه مِن حينِ البَيْعِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ». وصحَّحَه فى «تَصحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وقال ابنُ حامِدٍ: لا ينْقَطِعُ حوْلُ البائِعِ. وعليه عندَ تمامِ حوْلِه زكاةُ حِصَّتِه. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «مُصَنَّفِ ابنِ أبى المَجْدِ»، و «الحاوِى

فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْمَالِ انْقَطعَ حَوْلُ الْمُشْتَرِى؛ لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَقُلْنَا: الزَّكَاةُ فِى العَيْنِ. فَكَذَلِكَ. وَإنْ قُلْنَا: فِى الذِّمَّةِ. فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكاةُ نَصيبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَبِيرِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قوله: فإنْ أخْرَجَها مِنَ المالِ، انْقَطَعَ حوْلُ المشْتَرِىْ؛ لنُقْصانِ النِّصابِ. وهذا الصَّحيحُ على قوْلِ ابنِ حامِدٍ. وقالَه الأئمَّةُ الأرْبعَةُ. وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم يسْتَدِمِ الفقيرُ الخُلْطَةَ بِنصْفِه. فإنِ اسْتَدامَها لم ينْقَطعْ حوْلُ المُشْتَرِى. وقيل: إنْ زكَّى البائعُ منه إلى فَقيرٍ، زكَّى المُشْتَرِى. وقيل: يسْقُطُ كأخْذِ السَّاعِى منه. قال فى «الفُروعِ»: وهذا القوْلُ الثَّانِى، واللَّهُ أعلمُ، على قوْلِ أبى بَكْرٍ. قوله: وإنْ أخْرَجَها مِن غيرِه، وقُلْنا: الزَّكاةُ فى العَيْنِ، فكذلك. يعْنِى، ينْقَطِعُ حوْلُ المُشْتَرِى لنُقْصانِ النِّصابِ. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ هنا، وفى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الكافِى». واخْتارَه أبو المَعالى، والشَّارِحُ. وذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ عن أبى الخَطَّابِ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا مُخَالِفٌ لما ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى كِتابِه «الهِدايَةِ»، ولا نعْرِفُ له مُصَنَّفًا يُخالِفُه. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المُشْتَرِىَ يُزَكِّى بنِصْفِ شاةٍ إذا تمَّ حوْلُه. قال المَجْدُ: لأنَّ التَّعَلُّقَ بالعَيْن لا يمْنَعُ انْعِقادَ الحوْلِ بالاتِّفاقِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: جزَم به الأكثرُ؛ منهم أبو الخَطَّابِ فى «هِدايَتِه». قلتُ: وهو الصَّوابُ بلا شَكٍّ. وذكَر ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ، وقال: إنَّه خَطَأٌ فى النَّقْلِ والمَعْنَى. وبيَّنَ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد، منها، إذا لم يَلْزَمِ المُشْتَرِى زكاةُ الخُلْطةِ، فإنْ كان له غَنَمٌ سائمَةٌ، ضمَّها إلى حِصتِه فى الخُلْطَةِ، وزكَّى الجَميعَ زَكاةَ انْفِرادٍ، وإلَّا فلا شئَ عليه. ومنها، حُكْمُ البائعِ، بعدَ حوْلِه الأوَّلِ ما دامَ نِصابُ الخُلْطةِ ناقِصًا، كذلك. ومنها، إنْ كان البائِعُ اسْتَدَانَ ما أخْرَجَه، ولا مالَ له يُجْعَلُ فى مُقابَلَةِ دَيْنِه إلَّا مالَ الخُلْطَةِ، أو لم يُخْرِج البائعُ الزَّكاةَ حتى تَمَّ حوْلُ المُشْتَرِى، فإنْ قُلْنا: الدَّيْنُ لا يمْنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ، أو قُلْنا: يمْنَعُ، لكنْ للبائعِ مالٌ يجْعَلُه فى مُقابَلَةِ دَيْنِ الزَّكاةِ، زكَّى المُشْتَرِى حِصَّتَه زكاةَ الخُلْطَةِ، نِصْفَ شاةٍ، وإلَّا فلا زكاةَ عليه. قالَه فى «الفروعِ»، وقدَّمه. وقال ابنُ تَميمٍ فى المسْألَةِ الأُولَى: وإنْ أخْرَجَ مِن غيرِه، فوَجْهان؛ أحدُهما، لا زَكاةَ عليه، ويسْتأْنِفانِ (¬1) الحوْلَ مِن حينِ الإِخْراجِ. ذكَرَه القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ»، بِناءً على تعَلُّقِ الزَّكاةِ بالعَيْنِ. والثَّانى، عليه الزَّكاةُ. وبه قطَع بعضُ أصحابِنا. ولا يَمْنَعُ التَّعلُّقُ بالعَيْنِ وُجوبَها ما لم يَحُلْ حوْلُها قبلَ إخْراجِها، ولا انْعِقادَ الحوْلِ الثَّانِى فى حقِّ البائعِ، حتى يمْضِىَ قبلَ الإِخْراجِ، فلا تجِبُ الزَّكاةُ له. وإنْ لم يكُنْ أخْرَجَ حتى حالَ حوْلُ المُشْتَرِى، فهى مِن صُوَرِ تَكْرارِ الحوْلِ قبلَ إخْراجِ الزَّكاةِ. انتهى. واقْتصَرَ فى مسْألَةِ تعَلُّقِ الزَّكاةِ بالعَيْنِ، أنَّه لا يمْنَعُ التَّعَلُّقُ بالعَيْنِ انْعِقادَ الحوْلِ الثَّانِى قبلَ الإِخْراجِ. وقال: قطَع به بعضُ أصحابِنا، كما تقدَّم. واللَّه أعلمُ. ¬

(¬1) فى أ: «يستأنف».

وَإِنْ أَفْرَدَ بَعْضَهُ وَبَاعَهُ ثُمَّ اخْتَلَطَا، انْقَطَعَ الْحَوْلُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يحْتَمِلُ أَلَّا يَنْقَطِعَ إِذَا كَانَ زَمَنًا يَسِيرًا. وَإِنْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مُشَاعًا، فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِى بَكْرٍ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ عَلَيْهِ زَكَاةُ خَلِيطٍ. فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِى، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ خَلِيطٍ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أفردَ بعضَه وباعَه، ثم اخْتلَطا، انْقَطَعَ الحوْلُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أنْ لا ينْقطِعَ إذا كان زَمَنًا يسِيرًا. قوله: وإنْ ملَك نِصابَيْن شَهْرًا، ثم باع أحَدَهما مُشاعًا، فعلى قياسِ قَوْلِ أبى بَكْر، يَثْبُتُ للبِائعِ حُكْمُ الانْفِرَادِ، وعليه عندَ تَمامِ حولِه زَكاةُ مُنْفَرِدٍ، وعلى

وَإِذَا مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا، ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ؛ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِى الْمُحَرَّمِ، وَأَرْبَعِينَ فِى صَفَرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قياسِ قولِ ابنِ حامِدٍ، عليه زكاةُ خَليطٍ. وقد عُلِمَ الصَّحيحُ منهما فيما تقدَّم، لكنَّ صاحِبَ الفُروعِ وغيرَه قطَعوا بأنَّ المسْألَةَ مُفَرَّعةٌ على قوْلِ أبى بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ. وقال فى «الفُروعِ»: وذكَر ابنُ تَميمٍ، أنَّ الشَّيْخَ خرَّج المسْألةَ على وَجْهَيْن، وأنَّ الأَوْلَى وُجوبُ شاةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وهذا التَّخْريجُ لا يَخْتصُّ بالشَّيْخِ. انتهى. فائدتان؛ إحداهما، لو كان المالُ سِتِّين فى هذه المسْألَةِ، والمَبِيعُ ثُلُثَها، زكَّى البائِعُ ثُلُثَى شاةٍ عنِ الأرْبَعين الباقِيَةِ، على قوْلِ ابنِ حامِدٍ، وزكَّى شاةً على قوْلِ أبى بَكْرٍ. الثَّانيةُ، لو ملَك أحَدُ الخَليطَيْن، فى نِصابٍ فأكثرَ، حِصَّةَ الآخَرِ منه بشِراءٍ أو إرْثٍ، أو غيرِه، فاسْتَدَامَ الخُلْطةَ، فهى مِثْلُ مسْألَةِ أبى بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ فى المَعْنَى، لا فى الصُّورَةِ؛ لأنَّه هناك كان خَليطَ نفْسِه، فصارَ هنا خَليطَ أجْنَبِىٍّ، وهنا بالعَكْسِ. فعلى قوْلِ أبِى بَكْرٍ، لا زكاةَ حتى يَتِمَّ حوْلُ المالَيْن مِن كَمالِ مِلْكَيْهِما، إلَّا أنْ يكونَ أحدُهما نِصابًا، فيُزَكِّيه زَكاةَ انْفِرادٍ. وعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، يُزَكِّى مِلْكَه الأوَّلَ لتَمامِ حوْلِه زَكاةَ خُلْطةٍ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، فيما إذا كان بينَ رَجُلٍ وابنِه عَشْر مِنَ الإبِلِ خُلْطةً، فماتَ الأبُ فى بعضِ الحوْلِ، ووَرِثَه الابنُ، أنَّه يَبْنِى على حَوْلِ الأبِ فيما وَرِثَه ويُزَكِّيه. قوله: وإذا مَلك نِصابًا شَهْرًا، ثم ملَك آخَرَ لا يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، مِثْل إنْ ملَكْ

فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ فِى الثَّانِى، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الآخَرِ، عَلَيْهِ لِلثَّانِى زَكَاةُ خُلْطَةٍ، كَالْأَجْنَبِىِّ فِى الَّتِى قَبْلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبَعين شاةً فى المُحَرَّمِ وأرْبَعين فى صَفَرٍ، فعليه زَكاةُ الأوَّلِ عندَ تَمامِ حولِه، ولا شئَ عليه فى الثَّانى، فى أحَدِ الوجْهَيْن. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وهذا الوَجْهُ وَجْهُ الضَّمِّ. وفى الآخَرِ، عليه للثَّانِى زَكاةُ خُلْطَةٍ، كالأجْنَبِىِّ فى التى قبلَها. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو أصحُّ. على ما يأْتِى فى التَّفْريغِ. وأطْلَقَهُما فى «الشَّرْحِ». وقيلَ: يَلْزَمُه شاةٌ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ». وضعَّفَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ. وهو وَجْهُ الانْفِرادِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال فى أوَّلِ الفائدَةِ الثَّالثةِ: إذا اسْتَفَادَ مالًا زَكَوِيًّا مِن جنْسِ النِّصابِ فى أثْنَاءِ الحَوْلِ، فإنَّه يَنْفرِدُ بحَوْلٍ عندَنا، ولكنْ هل يضُمُّه إلى النِّصابِ فى العَدَدِ، أو يخْلِطُه به ويُزَكِّيه زكاةَ خُلْطَةٍ، أو يُفْرِدُه بالزَّكاةِ كما أفْردَه بالحَوْلِ؟ فيه ثَلَاثةُ أوْجُهٍ. وصحَّح المَجْدُ فى «شَرْحِه» الوَجْهَ الثَّانِىَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وزعم أنَّ المُصَنِّفَ ضعَّفه، وإنَّما ضعَّف الثَّالثَ. فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، هلِ الزِّيادَةُ كنِصابٍ مُنْفرِدٍ؟ وهوَ قوْلُ أبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»، والمَجْدِ، أو الكُلُّ نِصابٌ واحِدٌ؟ وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحِ. قال فى «الفَوائدِ»: وهو الأظْهَرُ. فيه وَجْهان؛ فعلَى الثَّانى، إذا تَمَّ حوْلُ المُسْتَفَادِ، وجَب إخْراجُ بَقِيَّةِ المَجْموعِ بكُلِّ حالٍ. وعلى الأوَّلِ؛ إذا تَمَّ حَوْلُ المُسْتَفَادِ، وجَب فيه ما بَقِىَ مِن فَوْضِ الجميعِ، بعدَ إسْقاطِ ما أخْرَجَ عنِ الأوَّلِ منه، إلَّا أنْ يَزيدَ بَقِيَّةُ الفَرْضِ على فَرْضِ المُسْتَفادِ بانْفِرادِه، أو نَقْصٍ عنه، أو يكونَ مِن غيرِ جنْسِ الأوَّلِ، فإنَّه يتَعَذَّرُ هنا وَجْهُ الضَّمِّ، ويَتَعَيَّنُ وَجْهُ الخلْطَةِ، ويَلْغُو وَجْهُ الانْفِرادِ. صرَّح بذلك المَجْدُ فى «شَرْحِه». والتَّفاريعُ الآتيةُ بعدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذه الأوْجُهِ الثَّلاثةِ. فائدتان؛ إحداهما، لو مَلَك أرْبَعين شاةً أُخْرى فى رَبيع الأوَّلِ، فى مَسْألَتنا، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ، لا شئَ عليه سِوَى الشَّاةِ الأُولَى (¬1). وعلى الثَّانِى، عليه زَكاةُ خُلْطةٍ؛ ثُلثُ شاةٍ، لأنَّها ثُلثُ الجميعِ. وعلى الثَّالثِ، عليه شاةٌ، وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، فى كل ثُلثُ شاةٍ؛ لتَمامِ حَوْلِها على الثَّالثِ أيضًا. الثَّانيةُ، لو ملَك ¬

(¬1) فى الأصل: «للأولى».

وَإنْ كَانَ الثَّانِى يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ؛ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مِائَةَ شَاةٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إِذَا تَمَّ حَوْلُهُ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْسَةَ أبْعِرَةٍ، بعدَ خَمْسةٍ وعِشْرِين، فعلَى الأوَّلِ، لا شئَ عليه سِوَى بِنْتِ مَخاضٍ الأُولَى (¬1). وعلى الثَّانِى، عليه سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وعلى الثَّالثِ، عليه شاةٌ. وفيما بعدَ الحَوْلِ الأوَّلِ، فى الأولى، خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ؛ لتَمامِ حوْلِها، وسُدْسٌ على الخَمْسِ الباقِيَةِ؛ لتَمامِ حَوْلِها. ولو ملَك مع ذلك سِتًّا فى رَبيع الأوَّل، ففى الخَمْسةِ والعِشْرين الأُولى بِنْتُ مَخَاضٍ. وفى الأُخْرى عَشَرَةٌ؛ لتَمامِ حَوْلِها، رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ ونِصْفُ تُسْعِها. وعلى الثَّانِى، فى الخَمْسِ، لتَمامِ حوْلِها، سُدْسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وفى السِّتِّ، لتَمامِ حوْلِها، سُدْسُ بِنْتِ لَبُونٍ. وعلى الثَّالثِ، لكُلٍّ مِنَ الخَصْرِ والسِّتِّ شاةٌ؛ لتَمامِ حوْلِها. قوله: وإنْ كان الثَّانِى يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، مثْلَ أنْ يكونَ مِائَةَ شاةٍ، فعليه زَكاتُه إذا تَمَّ حوْلُها، وَجْهًا واحِدًا. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يَلْزَمُه للثَّانى شاةٌ، ¬

(¬1) فى الأصل: «للأولى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وثلاثَةُ أسْباعِ شاةٍ؛ لأنَّ فى الكُلِّ شاتَيْن، والمِائَةُ خَمْسَةُ أسْباعِ الكُلِّ. وهذا القوْلُ مَبْنِىٌّ على القَوْلِ الثَّانِى فى المْسألَةِ التى قبلَها مِن أصْلِ المُصَنِّف، وهو أنَّ عليه زَكاةَ خُلْطَةٍ. وقال ابنُ تَميمٍ: قال بعضُ أصحابِنا: إنْ كان الثَّانِى يبْلغُ نِصابًا، وجَبَتْ فيه زَكاةُ انْفِرادٍ فى وَجْهٍ، وخُلْطَةٍ فى وَجْهٍ، ولا يُضَمُّ إلى الأوَّلِ فيما يجِبُ فيها، وَجْهًا واحدًا، إذا كان الضَّمُّ يُوجِبُ تغَيُّرَ الزَّكاةِ أو نَوْعِها، مِثْلَ أنْ ملَك ثَلاثين مِنَ البقَرِ بعدَ خَمْسِين، فيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ، أو ثلاثَةُ أرْباعِ مُسِنَّةٍ، ولا تجِبُ المُسِنَّةُ على الوَجْهِ الأوَّلِ فى التى قبلَها، بل يجِبُ ضَمُّ الثَّانِى إلى الأوَّلِ، ويُخْرِجُ إذا حالَ الحوْلُ الثَّانِى ما بَقِىَ مِن زكاةِ الجميعِ، فتَجِبُ هنا المُسِنَّةُ. قال ابنُ تَميمٍ: وهذا أحْسَنُ. فائدة: لو ملَك مِائَةً أُخْرَى فى رَبيعٍ، ففيها شاةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، وهو وَجْهُ الخُلْطَةِ، عليه شاةٌ ورُبْعُ شاةٍ؛ لأنَّ فى الكُل ثلاثَ شِيَاهٍ، والمِائَةٌ رُبْعُ الكلِّ وسُدسُه، فحِصَّتُها مِن فَرْضِه، رُبْعُه وسُدْسُه. فوائد؛ لو ملَك إحْدَى وثَمانِين شاةً، بعدَ أرْبَعِين، ففيها شاةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، عليه شاةٌ وإحدى وأرْبَعون جُزْءًا مِن شاةٍ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كخَليطٍ. وفى مِائَةٍ وعِشْرين، بعدَ مِائَةٍ وعِشْرِين، شاتَان، أو شاةٌ ونِصْفٌ، أو شاةٌ، على الأقْوالِ الثَّلاثَةِ. وفى خَمْسَةِ أبْعِرَةٍ، بعدَ عِشْرِين بعِيرًا، شاةٌ. على الصَّحيحِ (¬1)، الثَّالِثُ، زادَ المُصَنِّفُ، وعلى الأوَّلِ أيضًا. انتهى (¬2). وعلى الثَّانِى، خَمْسُ بَناتِ مَخَاضٍ. زادَ ابنُ تَميمٍ، وعلى الأوَّلِ أيضًا. وفى ثَلاثين مِنَ البَقَرِ، بعدَ خَمْسين، تَبِيعٌ على الثَّالِثِ، وثلاثَةُ أرْباعِ مُسِنَّةٍ على الثَّانِى. قال فى «الفَوائدِ»: وهو أظْهَرُ. وعندَ المَجْدِ، لا يجِئُ الوَجْهُ الأوَّلُ فى هاتَيْن المَسْألتَيْن؛ لأنَّه يُفْضِى فى الأُولى إلى إِيجابِ ما يَبْقَى مِن بِنْتِ مَخَاضٍ بعدَ إسْقاطِ أرْبَعِ شِيَاهٍ، وهى مِن غيرِ الجِنْسِ. ويُفْضِى فى الثَّانيةِ إلى إيجابِ فَرْضِ نِصابٍ فما ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، أ: «اثنين».

وَإِنْ كَانَ الثَّانِى يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يَبْلُغُ نِصَابًا، مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ فِى الْمُحَرَّمِ وَعَشْرًا فِى صَفَرٍ، فَعَلَيْهِ فِى الْعَشْرِ إِذَا تَمَّ حَوْلُهَا رُبْعُ مُسِنَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَه، فلهذا قال: الوَجْهُ الثَّانِى أصحُّ؛ لعدَمِ اطِّرادِ الأوَّلِ. وضعَّف الثَّالِثَ، وضعَّفه فى «المُغْنِى» أيضًا. قوله: وإنْ كان الثَّانِى يَتغيَّرُ به الفَرْضُ ولا يَبْلغُ نِصابًا، مِثْلَ اْنْ يَمْلِكَ ثَلاثين مِنَ البَقَرِ فى المُحَرَّمِ وعَشْرًا فى صَفَرٍ، فعليه فى العَشْرِ إذا تَمَّ حَوْلُها رُبعُ مُسِنَّةٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالْ المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفائقِ»: قوْلًا واحدًا. قال فى «الفوائد»: وعليه الأصحابُ. قال ابنُ تَميمٍ: قطَع به بعضُ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى

وَإنْ مَلَكَ مَا لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَخَمْسٍ، فَلَا شَىْءَ فِيهَا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وِفِى الثَّانِى، عَلَيْهِ سُبْعُ تَبِيعٍ إِذَا تَمَّ حَوْلُهَا. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّون شَاةً، كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ، فَعَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ؛ نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: على الوَجْهِ الثَّالِثِ، لا شئَ عليه هنا. قوله: وإنْ ملَك ما لا يُغَيِّرُ الفَرْضَ، كخَمْسٍ، فلا شَىْءَ فيها فى أحدِ الوَجْهَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وفى الثَّانِى، عليه سُبعُ تَبِيعٍ إذا تَمَّ حَوْلُها. فائدة: مثْلُ ذلك لو ملَك عِشْرين شاةً بعدَ أرْبَعين بقَرَةً، أو ملَك عَشْرًا مِنَ البَقَرِ بعدَ أرْبَعين بقَرَةً. فعلى المذهبِ، لا شئَ عليه. وعلى الثَّانِى، عليه ثُلثُ شاةٍ فى الأُولَى، أو خُمسُ مُسِنَّةٍ فى الثَّانيةِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» فى الأُولَى. قوله: وإذا كان لرَجُلٍ سِتُّون شاةً، كُلُّ عِشْرينَ منها مُخْتَلِطةٌ مع عِشْرين لرَجُلٍ آخَرَ، فعلى الجَميعِ شاةٌ؛ نِصْفُها فى صاحبِ السِّتِّين، ونصْفُها على

وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدْسُ شَاةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خُلطائِه، على كُلِّ واحِدٍ سُدسُ شاةٍ. اعلم أنَّه إذا كانتِ السِّتُّون مُخْتَلِطةً؛ كلُّ عِشْرين منها مع عِشْرين لآخَرَ، فإنْ كانت مُتَفرِّقةً، وبينَهم مسافَةُ قَصْرٍ، فالواجِبُ عليهم ثلاثُ شِياهٍ؛ على ربِّ السِّتِّين شاةٌ ونِصْفٌ، وعلى كلِّ خَليطٍ نِصْفُ شاةٍ، إذا قُلْنا: إنَّ البُعْدَ يُؤَثِّر فى سائمَةِ الإِنْسانِ. على ما يأْتِى قريبًا. وإنْ قُلْنا: لا يُؤَثِّر. أو كانت قرِيبَةً، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ، على الجميعِ شاةٌ، نِصْفُها على صاحبِ السِّتِّين، ونِصْفُها على خُلَطائِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هذا قوْلُ الأصحابِ. وقيلَ: على الجميع شاتَان ورُبعٌ، على ربِّ السِّتِّين ثلَاثَةُ أرْباعِ شاةٍ، لأنَّها مُخالِطَةٌ لعِشْرين خُلْطَةَ وَصْفٍ، ولأرْبَعِين بجِهَةِ المِلْكِ، وحِصَّةُ العِشْرين مِن زَكاةِ الثَّمانِين رُبعُ شاةٍ. وعلى كلِّ خليطٍ نِصْفُ شاةٍ؛ لأنَّه مُخالِطٌ لعِشْرين فقط. اخْتارَه المَجْدُ فى «مُحَرَّرِه». وقال الآمِدِىُّ بهذا الوَجْهِ، إلَّا أنَّه قال: يَلْزَمُ كلَّ خَليطٍ رُبعُ شاةٍ؛ لأنَّ المالَ الواحدَ يُضَمُّ. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، فى الجميعِ ثلاثُ شِياهٍ؛ على ربِّ السِّتين شاةٌ ونِصْفٌ، جَعْلًا للخُلْطَةِ قاطِعَةً بعضَ مِلْكِه عن بعض، بحيثُ لو كان له مِلْكٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ، اعْتُبِرَ فى تَزْكِيَتِه وحدَه، وعلى كلِّ خَليطٍ نِصْفُ شاةٍ؛ لأنَّه لم يُخالِطْ سِوَى عِشْرين. والتَّفارِيعُ الآتيةُ مَبْنِيَّةٌ على هذه الأوْجهِ. فائدتان؛ إحداهما، لو لم يُخالِطْ ربُّ السِّتِّين منها إلَّا بعِشْرين لآخَرَ، فعلى

وَإنْ كَانَتْ كُلُّ عَشْرٍ مِنْها مُخْتَلِطَةً بِعَشْرٍ لِآخَرَ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَا شَىْءَ عَلَى خُلَطَائِهِ؛ لَأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِطُوا فِى نِصَابٍ. وَإذَا كَانَتْ مَاشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقَةً فِى بَلَدَيْنِ لَا تُقْصَرُ بَيْنَهُمَا الصَّلَاةُ، فَهِىَ كَالْمُجْتَمِعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوَّلِ، فى الجميعِ شاةٌ؛ على ربِّ السِّتِّين ثلَاثَةُ أرباعِها، وعلى ربِّ العِشْرين رُبعُها. وعلى الثَّانِى، على رب السِّتِّين فى الأرْبَعين المُنْفَرِدةِ ثُلثا شاةٍ، ضمًّا إلى بقِيَّةِ مِلْكِه، وفى العِشْرين رُبعُ شاةٍ، ضمًّا لها إلى بقِيَّةِ مالِه، وهو الأرْبَعون المُنْفَرِدةُ، وإلى عِشْرين الآخَرِ؛ لمُخَالَطتِها بعضَه وصْفًا وبعضَه مِلْكًا، وعلى ربِّ العِشْرين نِصْفُ شاةٍ. وذكَرَه فى «التَّلْخيصِ». قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الثَّالثِ كالأوَّلِ هنا، وعلى الرَّابِعِ، فى الأرْبَعين المُخْتَلِطةِ شاةٌ بينَهما نِصْفان، وفى الأرْبَعين المُنْفَرِدةِ شاةٌ على رَبِّها. الثَّانيةُ، لو كان خَمْسةٌ وعِشْرون بَعِيرًا، كلُّ خَمْسةٍ منها خُلْطَةٌ بخَمْسةٍ لآخَرَ، فعلَى الوَجْهِ الأوَّلِ؛ عليه نِصْفُ حِقَّةٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ عُشْرُها. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، عليه خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ شاةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، عليه خَمْسةُ أسْداسِ بِنْتِ مَخاضٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ سُدسُ بِنْتِ مَخاضٍ. وعلى الوَجهِ الرَّابعِ، عليه خَمْسُ شِياهٍ، وعلى كلِّ خَليطٍ شاةٌ. قوله: وإذا كانتْ ماشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقةً فى بَلَدَيْن لا تُقْصَرُ بينهما الصَّلاةُ، فهى

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبِى الْخَطَّابِ. وَالْمَنْصُوصُ أنَّ لِكُلِّ مَالٍ حُكْمَ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ كَانَا لِرَجُلَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُجْتَمِعَةِ. إجْماعًا. وإنْ كان بينهما مَسافَةُ القَصْرِ فكذلك عندَ أبى الخَطَّابِ. وهو رِوَايَةٌ عن أحمدَ، واخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ». والمنْصوصُ فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ وغيرِه، أن لكُلِّ مالٍ حُكْمَ نفْسِه كما لو كانا لرَجُلَيْن. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب، والمَشْهورُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فعلى ما اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، يكْفِى إخْراجُ شاةٍ ببَلدِ أحَدَىِ المَالَيْن؛ لأنَّه حاجَةٌ. وقيلَ: يُخْرِجُ مِن كلِّ بلَدٍ بالقِسْطِ.

وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِى غَيْرِ السَّائِمَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تُؤَثِّرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ سائرَ الأمْوالِ لا يُؤثِّرُ فيها تَفَرُّقُ البُلْدانِ، قوْلًا واحِدًا. وهو صحيحٌ، وعليه الأصحابُ، وحَكاه فى «الفُروعِ» وغيرِه إجْماعًا. وجعَل أبو بَكْرٍ فى سائرِ الأمْوالِ رِوايتَيْن كالماشِيَةِ. قالَه ابنُ تَميمٍ. قوله: ولا تُؤثِّرُ الخُلْطَةُ فى غيرِ السَّائمةِ. هذا الصَّحيحُ والمَشْهورُ فى المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، تُوثِّرُ خُلْطَةُ الأعْيانِ. اخْتارَها الآجُرِّىُّ. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ. قال أبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه الصَّغيرِ»: هذا أقْيَسُ. وخصَّ القاضى فى «شَرْحِه الصَّغيرِ»، هذه الرِّوايَةَ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، تُؤثِّرُ خُلْطَةُ الأعْيانِ بلا نِزاعٍ، وكذا الأوْصافُ أيضًا. وهو تخْريجُ وَجْهٍ للقاضى، وحَكاه ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وَجْهًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ كلامِ الأكْثَرَين؛ لإِطْلاقِهم الروايَةَ. وقيل: لا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الأوْصافِ على هذه الرِّوايَةِ، وإنْ أثَّرَتْ خُلْطَةُ الأعْيانِ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وأطْلَقَهُما الزَّرْكَشِىُّ. قال القاضى فى «الخِلافِ»: نقَل حَنْبلٌ، تُضَمُّ كالمَواشِى؟ فقال: إذا كانا رَجُلَيْن لهما مِنَ المالِ ما تجِبُ فيه الزَّكاةُ مِنَ الذَّهَبِ والوَرِقِ، فعليهما الزكاةُ بالحِصَص. فيُعْتَبَرُ على هذا الوَجْهِ اتِّحادُ المُؤَنِ ومَرافِقِ المِلْك، فيُشْتَرَطُ اشْتراكُهما فيما يتعَلَّقُ بإصْلاحِ مالِ الشَّرِكَةِ، فإنْ كانتْ فى الزَّرْعِ والثَّمَرِ، فلا بُدَّ مِن الاشْتِراكِ فى الماءِ والجَرِين

وَيَجُوزُ لِلسَّاعِى أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ أَىِّ الْخَلِيطيْنِ شَاءَ، مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والبَيْدَرِ (¬1) والعُمَّالِ، مِنَ النَّاطُورِ والحَصادِ، والدَّوابِّ ونحوِه. وإنْ كانتْ فى التِّجارَةِ، فلا بُدَّ مِنَ الاشْتِراكِ فى الدُّكَّانِ، والميزَانِ، والمَخْزِنِ، ونحوِه ممَّا يُرْتَفَقُ به. قوله: ويَجوزُ للسَّاعِى أخْذُ الفَرْضِ مِن مالِ أىِّ الخَليطَيْن شاء، مع الحاجَةِ وعدَمِها. يعْنِى، فى خُلْطَةِ الأوْصافِ. والحاجَةُ، أنْ يكونَ مالُ أحَدِهما صِغارًا، ومالُ الآخَرِ كِبارًا، أو يكونَ مالُ كل واحدٍ منهما أرْبَعين أو ستِّين ونحوَ ذلك. وعدَمُ الحاجَةِ واضِحٌ. وهذا ممَّا لا نِزاعَ فيه فى المذهبِ، ونصَّ عليه. لكنْ قال فى ¬

(¬1) الجرين والبيدر بمعنًى، وهو الجرن.

وَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْقِيمَةِ. فَإنِ اخْتَلَفَا فِى الْقِيمَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ، إِذَا عُدِمَتِ الْبَيِّنَةُ. وَإذَا أَخَذَ السَّاعِى أَكْثَرَ مِنَ الْفَرْضِ ظُلْمًا، لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَلِيطِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو بعدَ قِسْمَةٍ فى خُلْطَةِ أعْيانٍ مع بَقَاءِ نَصِيبَيْن، وقد وجَبَتِ الزَّكَاةُ. وقالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: لا يأْخُذُ إلَّا إذا كان نَصيبُ أحَدِهما مَفْقُودًا، فله أخْذُ الزَّكَاةِ مِنَ النَّصيبِ الموْجُودِ، ويرْجِعُ على صاحِبِه بالقِسْطِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ لِمَا قالَه القاضى إلَّا عدمُ الحاجَةِ. فيتَوجَّهُ منه، اعْتِبارُ الحاجَةِ لأخْذِ السَّاعِى. قوله: فإن اخْتَلَفا فِى القِيمةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ المَرْجُوعِ عليه. يعْنِى، مع يَمِينِه إذا احْتَمَلَ صِدْقُه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ غارِمٌ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يتَوَجَّهُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المُعْطِى؛ لأنَّه كالأمينِ. قوله: وإذا أخَذ السَّاعِى أكْثَرَ مِنَ الفَرْضِ ظُلْمًا، لم يَرْجِعْ بالزِّيادَةِ على خَليطِه.

وَإِنْ أَخَذَهُ بِقَوْلِ بَعْض الْعُلَمَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ قال: الأظْهَرُ أنَّه يرْجِعُ. فعلى المذهبِ، لو أخَذ عن أرْبَعين مُخْتَلِطةً شاتَيْن مِن مالِ أحَدِهما، أو أخَذ عن ثَلاثين بعِيرًا جَذَعَةً، رجَع على خَليطِه فى الأُولَى بقِيمَةِ نِصْفِ شاةٍ، وفى الثَّانيةِ بقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخاضٍ. قوله: وإنْ أخَذَه بقَوْلِ بعضِ العُلَماءِ رجَع عليه. كأَخْذِه صَحيحَةً عن مِراضٍ، أو كبيرةً عن صِغارٍ، أو قِيمَةَ الواجِبِ ونحوِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال أبو المَعالِى: إنْ أخَذ القِيمَةَ، وجازَ أخْذُها، رجَع بنِصْفِها، إنْ قُلْنا: القِيمَةُ أصْلٌ. وإنْ قُلْنا: بدَلٌ. فيَرْجِعُ بنِصْفِ قِيمَةِ شاةٍ، وإنْ لم تَجُزِ القِيمَةُ فلا رُجوع. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ تَميمٍ: إنْ أخَذ السَّاعِى فوقَ الواجِبِ بتَأْويلٍ، أو أخَذ القِيمَةَ، أجْزأَتْ فى الأظْهَرِ، ورجَع عليه بذلك. فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «الفُروعِ»: وإطْلاقُ الأصحابِ يَقْتَضِى الإِجْزاءَ، ولو اعْتقَدَ المأْخوذُ منه عَدَمَ الإِجْزاءِ. وصوَّب فيه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين الإِجْزَاءَ، وجَعَلَه فى مَوْضِعٍ آخَرَ كالصَّلاةِ خلفَ تارِكٍ شَرْطًا عندَ المأْمومِ. الثَّانيةُ، يُجْزِئُ إخْراجُ بعضِ الخُلَطَاءِ بإذْنِ باقِيهم، وبغيرِ إذْنِهم، غَيْبَةً وحُضورًا. قالَه ابنُ حامِدٍ، واقْتَصَرَ عليه فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: عَقْدُ الخُلْطةِ جعَل كلَّ واحدٍ منهما كالآذِنِ لخَليطِه فى الإِخْراجِ عنه. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، عَدَمَ الإِجْزاءِ؛ لعدَمِ نِيَّتِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم فى زَكاةِ حِصَّةِ المُضارِبِ مِنَ الرِّبْحِ، أنَّه لا يجوزُ إخْراجُ الزَّكاةِ من مالِ المُضارَبَةِ بلا إذْنٍ. نصَّ عليه؛ لأنَّه وِقايَةٌ. قال فى «الفُروعٍ»: فدَلَّ أنَّه يجوز لولا المانِعُ. وقال أيضًا: ولعَلَّ كلامَهم فى إذْنِ كلِّ شَريكٍ للآخرِ فى إخْراجِ زَكاتِه، يُوافِقُ ما اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ». ويُشْبِهُ هذا أنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ بلا إذْنٍ صَريحٍ. على الأصحِّ. انتهى.

باب زكاة الخارج من الأرض

بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ زكاةِ الخارجِ مِنَ الأرْضِ

تَجِبُ الزَّكَاةُ فِى الْحُبُوبِ كُلِّهَا، وَفِى كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ؛ كَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَاللَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالْبُنْدُقِ. وَلَا تَجِبُ فِى سَائِرِ الثَّمَرِ، وَلا فِي الْخُضَرِ، وَالْبُقُولِ، وَالزَّهْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: تَجِبُ الزَّكاةُ فى الحُبُوبِ كلِّها، وفى كُلِّ ثَمَرٍ يُكالُ ويُدَّخَرُ. هذا المذهبُ عندَ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ؛ فهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ عندَ جماعَةٍ، تجِبُ فى كلِّ مَكيلٍ مُدَّخَرٍ مِن حبٍّ وثَمَرٍ. انتهى. فيَجِبُ، على هذا، فى كلِّ مَكيلٍ يُدَّخَرُ مِنَ الحُبوبِ والثِّمارِ، ممَّا يُقْتاتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فيَدْخُلُ فى كلامِه البُرُّ، والعَلَسُ، والشَّعِيرُ، والسُّلْتُ، والأُرْزُ، والذُّرَةُ، والدُّخْنُ، والفُولُ، والعَدَسُ، والحِمَّصُ، واللُّوبْيَا، والجُلُبَّانُ (¬1)، والماشُ، والتُّرْمُسُ، والسِّمْسِمُ، والخَشْخاشُ (¬2)، ونحوُه. ويدْخلُ فى كلامِه أيضًا، بذْرُ البُقولِ، كبذْرِ الهنْدَبَا، والكُرْفُسِ وغيرِهما. ويدْخلُ بذْرُ الرَّياحِين بأسْرِها، وأَبازِيرُ القُدورِ، كالكُسْفَرةِ، والكَمُّونِ، والكَرَاوْيَا، والشَّمَرِ، والأنْسونِ، والقِنَّبِ، وهو الشَّهدانِجُ، والخَرْدَلُ. ¬

(¬1) الجلبان: من القطانى. (¬2) الخشخاش: نبت ثمرته حمراء، وهو ضربان؛ أبيض وأسود، واحدته خشخاشة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويدْخُلُ بذْرُ الكَتَّانِ، والقِرْطِمِ، والقِثَّاءِ، والخِيَارِ، والبِطِّيخِ، وحبُّ الرَّشادِ، والفُجْلِ. ويخْرُجُ مِن قوْلِه: فى الحُبوبِ كلِّها، وفى كلِّ ثَمَر. الصَّعْتَر، والأُشْنانُ، والوَرَقُ المقْصودُ، كَوَرَقِ السِّدْرِ والخَطْمِىِّ، والآسِ، ونحوه. ويأْتِى أيضًا قريبًا ما يخرجُ مِن كلامِه. ويدْخُلُ فى قوْلِه: فى كلِّ ثَمَرٍ يُكالُ، ويُدَّخرُ. ما مِثْلُه مِنَ التَّمْرِ، والزَّبِيبِ، واللَّوْزِ، والفُسْتُقِ، والبُنْدُقِ، وغيرِه. وحكَى ابنُ المُنْذِرِ روايةً، أنَّه لا زكاةَ إلَّا فى التَّمْرِ، والزَّبِيبِ، والبُرِّ، والشَّعِيرِ. وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «مُخْتَصَرِه»، وناظِمُها. والذى قدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: اخْتارَه جماعَةٌ، وجزَم به آخَرون، أنَّ الزَّكاةَ تجِبُ فى كلِّ مَكيلٍ مُدَّخَرٍ. ونقَله أبو طالِبٍ. ونقَل صالِحٌ، وعبدُ اللَّهِ، ما كان يُكالُ ويُدَّخَرُ، وفيه نَفْعُ الفَقِيرِ، ففيه العُشْرُ، وما كان مِثْلَ القِثَّاءِ، والخِيَارِ، والبَصَلِ، والرَّياحِينِ، والرُّمَّانِ، فليس فيه زكاةٌ إلَّا أنْ يُباعَ، ويَحُولَ الحوْلُ على ثَمَنِه. فهذا القوْلُ أعمُّ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلِ الذى قالَه المُصَنِّفُ، فيَدْخُلُ فيه ما تقدَّم ذِكْرُه فى القَوْلِ الذى قالَه المُصَنِّفُ، ويدْخُلُ فيه أيضًا، الصَّعْتَرُ والأُشْنَانُ وحَبُّه، ونحوُه. ويدْخُلُ أيضًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلُّ وَرَقٍ مَقْصُودٍ، كوَرَقِ السِّدْرِ، والخَطْمِىِّ، والآسِ، والحِنَّاءِ، والوَرْسِ (¬1)، والنِّيلِ (¬2)، والغُبَيْراءِ (¬3)، والعُصْفُرِ (¬4)، ونحوِه. وهذا عليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ ¬

(¬1) الورس: نبت يستعمل لصبغ الحرير باللون الأحمر. (¬2) النيل: نبات ذو ساق صلب وشعب دقاق وورق صغار مرصفة من جانبيه. (¬3) الغبيراء: نبات سمى بذلك لغبرة ورقه. (¬4) العصفر: نبات صيفى، يستعمل زهره تابلا، ويستخرج منه صبغ أحمر يصبغ به الحرير ونحوه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو اخْتِيارُ العامَّةِ. وشمِلَه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَ ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، الخِلافَ فى الأشْنَانِ، والغُبَيْراءِ، والصَّعْتَرِ، والكَتَّانِ، والحِنَّاءِ، والوَرَقِ المقْصودِ. قال فى «الفُروعِ»: وفى الحِنَّاءِ الخِلافُ. ولم يُوجِبْ فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما فى ورَقِ السِّدْرِ والخَطْمِىِّ الزَّكاةَ، وزادَ فى «المُسْتَوْعِبِ» الحِنَّاءَ. تنبيه: دخل فى عُمومِ قولِه: ولا تَجِبُ فى سَائرِ الثَّمَرِ. التُّفَّاحُ، والإِجَّاصُ، والمِشْمِشُ، والخَوْخُ، والكُمَّثْرَى، والسَّفَرْجلُ، والرُّمَّانُ، والنَّبقُ (¬1)، والزُّعْرُورُ (¬2)، والمَوْزُ، والتُّوتُ ونحوُه. ودخَل فى الخُضَرِ، البِطِّيخُ، والقِثَّاءُ، ¬

(¬1) النبق: ثمر السِّدْر. (¬2) الزعرور: ثمر شجرة، يكون أحمر وقد يكون أصفر، له نوى صلب مستدير.

وَعَنْهُ، أَنَّهَا تَجِبُ فِى الزَّيْتُونِ، وَالْقُطْنِ، وَالزَّعْفَرَانِ، إِذَا بَلَغَا بِالْوَزْنِ نِصَابًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِيَارُ؛ والباذِنْجَانُ، واللِّفْتُ، وهو السَّلجمُ، والسِّلْقُ، والكرنبُ، وهو القُنَّبِيطُ، والبَصَلُ، والثُّومُ، والكُرَّاتُ، والبتُّ، والجَزَرُ، والفُجْلُ ونحوُه. ودخَل فى البُقولِ، الهِنْدبَا، والكُرْفُسُ، والنَّعْناعُ، والرَّشادُ، والبَقْلَةُ الحَمْقَاءُ، والقَرَظُ (¬1)، والكُسْفَرَةُ الخَضْراءُ، والجَرْجِيرُ ونحوُه. ويأْتِى حكمُ ما يَجتَنِيه مِنَ المُباحِ. فائدة: لا تجِبُ أيضًا فى الرَّيْحانِ، والمِسْكِ، والوَرْدِ، والبَرَمِ (¬2)، والبِنَفْسجِ، واللَّيْنَوفرِ، والياسَمِينِ، والنَّرْجِسِ، والمَرْدَكُوشِ (¬3)، والمنْثُورِ (¬4)، ولا فى طَلْعِ الفُحَّالِ (¬5)، ولا فى سَعَفِ النَّخْلِ والخُوصِ، ولا فى تِينِ البَرِّ وغيرِه، ولا فى الوَرَقِ، ولا فى لَبَنِ المَاشِيَةِ، وصُوفِها، ووَبَرِها، ولا فى القَصَبِ الفارِسِىِّ، والحَريرِ، ودُودِ القَزِّ، ونحوِ ذلك. تنبيه: دخَل فى كلام المُصَنِّفِ، الزَّيْتُونُ، والقُطْنُ، والزَّعْفَرانُ. أمَّا الزَّيْتُونُ، فقد تَقَدَّم عَدَمُ الوُجوبِ فيه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المصَنِّفُ، ¬

(¬1) القرظ: شجر يدبغ به. (¬2) البرم: ثمر الأراك. (¬3) كذا بالأصول، وفى معجم أسماء النبات، والمعجم الوسيط: «المردقوش». وهو بقل عشبى عطرى زراعى من الفصيلة الشفوية. معجم أسماء النبات 130، المعجم الوسيط 2/ 896. (¬4) المنثور: جنس زهر من الفصيلة الصليبية ذو رائحة ذكية. (¬5) الفحال: ذَكَرُ النخل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارحُ، والخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى فى «التَّعْليقِ». قالَه الزَّرْكَشِىُّ، وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «الكافِى»، و «الهادِى». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تجِبُ فيه. صحَّحَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»، والشِّيرَازِىُّ فى «المُبْهِجِ»، وأبو المَعالِى فى «الخُلاصَةِ». واخْتارَها القاضى، والمَجْدُ. وقدَّمه ابْنُ تَميمٍ، وجزَم به فى «الإِيضاحِ»، و «التَّذْكِرَةِ» لابنِ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وأمَّا القُطْنُ، فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّها لا تجِبُ فيه. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، والمذهبُ منهما. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى فى «التَّعْليقِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تجِبُ فيه. اخْتارَها ابنُ عَقِيلٍ. وصَحَّحَها فى «المُبْهِجِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمها ابنُ تَميمٍ. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وحكَاهُما فى «الإِيضاحِ» وَجْهَيْن، وأطْلَقَهما. فعلى القوْلِ بأنَّها لا تَجِبُ، فإنَّها تَجِبُ فى حَبِّه، على الصَّحيحِ. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به جماعة، منهم المُصَنِّفُ. وقدَّم ابنُ تَميمٍ، عَدَمَ الوُجوبِ، وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن. فائدة: الكَتَّانُ كالقُطْنِ فيما تقدَّم. ذكَرَه القاضى. وكذا القِنَّبُ. ذكَرَه فى «الفُروعِ». وذكَر المُصَنِّفُ والشَّارحُ، إنْ وجَبَتْ فى القُطنَ، ففيهما احْتِمالان. وأمَّا الزَّعْفَرانُ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّها لا تجِبُ فيه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارحُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه اخْتِيارُ الأكْثَرِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى فى «التَّعْليقِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الهَادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكَافِى»، و «شَرْحِ ابن رَزِينٍ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تَجِبُ. اخْتارَها ابنُ عَقِيلٍ. وصحَّحَها فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُبْهِجِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمها ابنُ تَميمٍ. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وتقدَّم حُكْمُ الحِنَّاءِ. فوائد؛ إحْداها، قال القاضى: الوَرْسُ عندِى بمَنْزِلَةِ الزَّعْفَرَانِ، يُخَرَّجُ على رِوايتَيْن. قال فى «الهِدايَةِ»: ويُخَرجُ الوَرْسُ والعُصْفُرُ على وِجْهَيْن، قِياسًا على الزَّعْفَرانِ. قال فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: ويُخرَّجُ على الزَّعْفَرانِ العُصْفُرُ والوَرْسُ والنِّيلُ. قال الحَلْوانِىُّ: والفُوَّةُ (¬1). وصحَّح فى «الخُلاصَةِ» الوُجوبَ فى الزَّعْفَرانِ. وأطْلَقَ الوَجْهَيْنِ فى العُصْفُرِ والوَرْسِ. وأطْلقَ الخِلافَ فى العُصْفُرِ والوَرْسِ والنِّيلِ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ¬

(¬1) عشب مادته تستعمل فى صبغ الحرير والصوف.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا زَكاةَ فى الجَوْزِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: لا تجِبُ فيه فى الأشْهَرِ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ» وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وكذا لا تَجِبُ فى التِّينِ، والمِشْمِشِ، والتُّوتِ، وقَصَبِ السُّكَّرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الآمِدِىُّ، وصاحِبُ «الفائقِ»: لا تجبُ فى التينِ فى ظاهرِ المذهبِ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضاحِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الإِفاداتِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» فى الكُلِّ. وقيلَ: تَجِبُ فى ذلك كلِّه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين فى التينِ. وقال فى «الفُروعِ»: الأظْهَرُ الوُجوبُ فى العُنَّابِ. قال: فالتِّينُ والمِشْمِشُ والتُّوتُ مثْلُه. وأطْلَقَ فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتَيْن»، فى التِّينِ وقَصَبِ السُّكَّرِ والجَوْزِ، الخِلافَ. الثَّالثةُ، تَجِبُ الزَّكاةُ فى العُنَّاب. على الصَّحيحِ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. وجَزَم به القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى». وقيلَ: لا زكاةَ فيه. قدَّمه فى

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا زَكَاةَ فِى حَبِّ الْبُقُولِ؛ كَحَبِّ الرَّشَادِ، وَالْأَبَازِيرِ؛ كَالْكُسْفَرَةِ، وَالْكَمُّونِ، وَبِزْرِ الْقِثَّاءِ، وَالْخِيَارِ، وَنَحْوِهِ. وَيُعْتَبَرُ لِوُجُوبِها شَرْطَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ تَبْلُغَ نِصَابًا، قَدْرُهُ بَعْدَ التَّصْفِيَة فِى الْحُبُوبِ، وَالْجَفَافِ فِى الثِّمَارِ، خَمْسَةُ أَوْسُقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ». ويأْتِى بعدَ الكلامِ على العَسَلِ، هل تَجِبُ الزَّكاةُ فيما ينْزِلُ مِنَ السَّماءِ مِنَ المَنِّ ونحوِه أم لا؟ وقال ابنُ حامِدٍ: لا زَكاةَ فى حبِّ البُقلالِ، كحَبِّ الرَّشادِ، والأَبازِيرِ؛ كالكُسْفَرَةِ، والكَمُّونِ، وبِذْرِ القِثَّاءِ، والخِيَارِ، ونحوِه. ويدْخُلُ فى كلامِ إبنِ حامِدٍ: حَبُّ الفُجْلِ، والقِرْطِمِ، وغيرهما، وبِذْرُ الرَّياحِينِ؛ لأنَّها ليْستْ بقُوتٍ، ولا أُدْمٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويدْخُلُ فى هذا: بِذْرُ اليَقْطِينِ. وذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ» فى المُقْتَاتِ. قال: والأوَّلُ أوْلَى، ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، ما يَجْتَنِيه مِنَ المُباحِ، وما يَكْتَسِبُه اللَّقَّاطُ ونحوُ ذلك. قوله: ويُعْتَبَرُ لوُجُوبِها شَرْطان؛ أحدُهما، أنْ تَبْلُغَ نِصابًا بعدَ التَّصْفِيةِ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحبُوبِ، والجفافِ فى الثِّمارِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ عندَ أبى محمدٍ، وصاحبِ «التَّلْخيصِ»، وابنِ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الخُلاصَةِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «التَّعْليقِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وابنُ الْجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصح الرِّوايتَيْن. قال القاضى فى «الرِّوايتَيْن»: هذا الأَشْبَهُ بالمذهب. وعنه، أنه يُعْتَبَرُ نِصابُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ والكَرْمِ رُطَبًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العَزيزِ فى «خِلافِه»، والقَاضِى، وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه الروايةُ أنَصُّ عنه. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. وقوله: ثم يُوخَذُ عُشْرُه يابِسًا. يعْنِى، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. وقولُه: عُشْرُه. يعْنِى، عُشْرَ الرُّطَبِ. فظاهِرُه، أنَّه يأْخُذُ منه إذا يَبِسَ بمِقْدارِ عُشْرِ رُطَبه. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وقال: نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. نَقَل الأَثْرَمُ، أنَّه قيلَ لأحمدَ: خَرَص عليه مِائَةَ وَسَقٍ رُطَبًا، يُعْطِه عَشَرَةَ أوْسُقٍ تَمْرًا؟ قال: نعم، على ظاهرِ الحديثِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه لا يأْخُذُ إلَّا عُشْرَ يابِسِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ، ورَدَّ الأوَّلَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ».

وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِىِّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ ألْفًا وَسِتَّمِائَةِ رَطْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إِلَّا الْأُرْزَ وَالْعَلَسَ؛ نَوْعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ يُدَّخَرُ فِى قِشْرِهِ، فَإِنَّ نِصَابَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ قِشْرِهِ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا الأُرْزَ والعَلَسَ، نَوْعٌ مِنَ الحِنْطَةِ يُدَّخَرُ فى قِشْرِه، فإنَّ نصابَ كلِّ واحِدٍ منهما مع قِشْرِه عَشَرَةُ أوْسُقٍ. مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ ممَّن أطْلَقَ، بأنَّ نِصابَ كلِّ واحدٍ مِنَ الأُرْزِ والعَلَسِ، عَشَرَةُ أوْسُقٍ فى قِشْرِه، إذا كان ببَلَدٍ قد خَبِرَه أهْلُه، وعَرَفُوا أنَّه يَخْرُجُ منه مُصَفًّى النِّصْفُ. فأمَّا ما يخرجُ دُونَ النِّصْفِ، كغالِبِ أُرْزِ حَرَّانَ، أو يخْرُجُ فوقَ النِّصْفِ، كجَيِّدِ الأُرْزِ الشِّمالِىِّ، فإنَّ نِصابَه يكونُ بقِشْرِه ما يكونُ قَدْرُ الخارجِ منه خَمْسَةَ أوْسُقٍ. فَيُرْجَعُ فى ذلك إلى أهْلِ الخِبْرَةِ. قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. قال فى «الفُروعِ»: فنِصَابُهما فى قِشْرِهما عَشَرَةُ أَوْسُقٍ، وإنْ صُفِّيَا، فخَمْسَةُ أَوْسُقٍ، ويخْتَلِفُ ذلك بخِفَّةٍ وثقَلٍ. وهو واضِحٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو شَكَّ فى بُلُوغِ النِّصابِ خُيِّرَ بينَ أنْ يحْتاطَ ويُخْرِجَ عُشْرَه قبلَ قَشْرِه، وبينَ قَشْرِه واعْتِبارِه بنَفْسِه، كمَغْشُوشِ النَّقدَيْن، على ما يأْتِى. وقيلَ: يُرْجَعُ فى نِصابِ الأُرْزِ إلى أهْلِ الخِبْرَةِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو صُفِّىَ الأرْزُ والعَلَسُ، فنِصَابُ كُلٍّ مِنهما خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، بلا نِزاعٍ. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ» وغيرِهما: الوَسَقُ والصَّاعُ كَيْلان، لا صِنْجَتَان، نُقِلَ إلى الوَزْنِ ليُحْفَظَ ويُنْقَلَ، وكذا المُدُّ. واعلمْ أنَّ المَكِيلَ يخْتلِفُ فى الوَزْنِ؛ فمنه الثَّقيلُ، كالأُرْزِ والتَّمْرِ الصَّيْحانِىِّ، والمُتَوَسِّطُ، كالحِنْطَةِ والعَدَسِ، والخَفِيفُ، كالشَّعيرِ والذُّرَةِ. وأكَثْرُ التَّمْرِ أخَفُّ مِنَ الحِنْطَةِ، على الوَجْهِ الذى يُكالُ شَرْعًا؛ لأنَّ ذلك على هَيْئَتِه غير مَكْبُوسٍ. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ وغيرُه مِنَ الأَئمَّةِ، على أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّاعَ خَمْسَةُ أرْطالٍ وثُلُثٍ بالحِنْطَةِ، أىْ بالرَّزِينِ منها؛ لأنَّه الذى يُساوِى العَدَسَ فى وَزْنِه. فتَجِبُ الزَّكاةُ فى الخَفِيفِ إذا قارَبَ هذا الوَزْنَ، وإنْ لم يَبْلُغْه؛ لأنَّه فى الكَيْلِ كالرَّزِينِ. ومَنِ اتَّخَذَ مَكِيلًا يَسَعُ خَمْسَةَ أرْطالٍ وثُلُثًا مِن جيِّدِ الحِنْطَةِ، ثم كالَ به ما شاءَ، عَرَف ما بلَغَ حَدَّ الوُجوبِ مِن غيرِه. نصَّ أحمدُ على ذلك. وقالَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال: إنَّه الأصحُّ. وحكَى القاضِى عن ابنِ حامِدٍ، يُعْتَبَرُ أبْعَدُ الأمْرَيْن فى الكَيْلِ أو الوَزْنِ. وذكَر ابنُ عَقَيلٍ وغيرُه، أنَّ الاعْتِبارَ بالوَزْنِ. قال فى «الفائقِ»: وهو ضَعِيفٌ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: والوَسَقُ سِتُّونَ صاعًا، والصَّاعُ أرْبَعَةُ أمْدادٍ، والمُدُّ رَطْل وثُلُثٌ بالعِرَاقِىِّ بُرًّا. وقيلَ: بل عَدَسًا. وقلتُ: بل ماءً. انتهى. وكذا قال فى «الفائقِ». لكنْ حكَى القوْلَ فى العَدَسِ رِوايَةً. وقال فى «الإِفاداتِ»: مِن بُرٍّ، أو عَدَسٍ، أو ماءٍ. وقال فى «الحاوِيَيْن»: بُرًّا. ثم مثَّلَ كَيْلَه مِن غيرِه. نصَّ عليه. وقيل: بل وَزْنُه. ومثَّلَ ابنُ تَميمٍ بالحِنْطَةِ فقط. قال فى «التَّلْخيصِ»: ولا تَعْوِيلَ على هذا الوَزْنِ إلَّا فى البُرِّ. ثم مثَّلَ مَكيلَ ذلك مِن جميعِ الحُبوبِ. وتقدَّم، هل نِصابُ الزُّروعِ والثِّمارِ تَقْريبٌ أو تَحْديدٌ؟ فى كتابِ الزَّكاةِ، عندَ قوْلِه: الثَّالِثُ مِلْكُ نِصابٍ. فوائد؛ الأُولَى، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ نِصابَ الزَّيتُونِ كغيرِه، وهو خَمْسَةُ أوْسُقٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونقَلَه صالِحٌ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: نِصابُه سِتُّونَ صَاعًا. قال ابنُ تَميمٍ: ونَقَلَه صالِحٌ عن أبِيهِ، ولعَلَّه سَهْوٌ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو سَهْوٌ. وقال أبو الخَطَّابِ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، وتَبعَه فى «المُذْهَبِ»: لا نصَّ فيها عن أحمدَ. ثمِ ذكرَ عنِ القاضِى، يتَوجَّهُ أن يُجْعَلَ نِصابُه ما يبْلُغُ قِيمَتُه قِيمَةَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِن أدْنى ما تُخْرِجُ الأرْضُ ممَّا تجِبُ فيه الزَّكاةُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: والظَّاهِرُ أنَّ أبا الخَطَّابِ سَهَا على شَيْخِه بذِكْرِ الزَّيْتُونِ مع القُطْنِ والزَّعْفَرَانِ، كما سَهَا على أحمدَ بأنَّه لم ينُصَّ فيه بشئٍ، وإنَّما ذكَر القاضى اعْتِبارَ النِّصابِ بالقِيمَةِ فى القُطْنِ والزَّعْفَرَانِ، وليس الزَّيْتُونُ فى ذلك. هكذا ذكَرَه فى «خِلافِه». ولم نَجِدْ فى شئٍ مِن كُتُبِه اعْتِبارَ نِصابِه بالقِيمَةِ. وقد ذكَر فى «المُجَرَّدِ» اعْتِبارَه بالأَوْسُقِ كما قدَّمْنا. انْتَهَى كلامُ المَجْدِ. وقال الشِّيرَازِىُّ فى «الإِيضاحِ»، وتَبِعَه فى «الفائقِ» وغيرِه: هل يُعْتَبَرُ بالزَّيْتِ أو بالزَّيْتُونِ؟ فيه رِوايتَان. فإنِ اعْتُبِرَ بالزَّيْتِ، فنِصابُه خَمْسَةُ أفْراقٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهو غريْبٌ. الثَّانيةُ، يجوزُ له أنْ يُخْرِجَ مِنَ الزَّيْتُونِ، وإنْ أخْرَجَ مِنَ الزَّيْتِ كانْ أفْضَلَ ولا يتَعَيَّنُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. وقيلَ: يُخْرِجُ زَيْتُونًا حَتْمًا، كالزَّيْتُونِ الذى لا زَيْتَ فيه؛ لوُجوبِها فيه، وكدِبْسٍ (¬1) عن تَمْرٍ. وقيلَ: يُخْرِجُ زَيْتًا. قالَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. قال أبو المَعالِى، عنِ الأوَّلِ: ويُخْرِجُ عُشْرَ كُسْبِه (¬2). قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ غيرِه، لأنَّه منه، بخِلافِ التِّينِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هل يُخْرِجُ مِنَ الزَّيْتُونِ أو مِن دُهْنِه؟ فيه وَجْهان. قال فى «الفُروعِ»: فيَحْتَمِلُ أنَّ مُرادَه، أنَّ الخِلافَ فى الوُجوبِ، ويدُلُّ عليه سِياقُ كلامِه، ويَحْتَمِلُ فى الأَفْضَلِيَّةِ، وظاهِرُه، لا يَلْزَمُ إخْراجُ غيرِ الدُّهْنِ، وإلَّا فلو أخْرَجَه والكُسْبَ، لم يَكُنْ للوَجْهِ ¬

(¬1) الدبس: عسل التمر، وعسل النحل. (¬2) الكسب: عصارة الدهن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرِ وَجْهٌ؛ لأنَّ الكُسْبَ يصِيرُ وَقُودًا كالتِّبْنِ، وقد يُنْبَذُ ويُرْمَى رَغْبَةً عنه. انْتَهَى كلامُه. الثَّالثةُ، يُخْرِجُ زَكاةَ السِّمْسِمِ منه كغيرِه. قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه لا يُجْزِئُ شَيْرَجٌ (¬1) وكُسْبٌ لعَيْبِهما (¬2)؛ لفَسادِهما بالادِّخارِ، كإخْراجِ الدَّقِيقِ والنُّخالَةِ، بخِلافِ الزَّيْتِ وكُسْبِه. وهو واضِحٌ. انتهى. قال ابنُ تَميمٍ: ولا يُخْرِجُ مِن دُهْنِ السِّمْسِمِ، وَجْهًا واحِدًا. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يُجْزِئُ شَيْرَجٌ عن سِمْسِمٍ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه كما سبَق مِن قوْلِ أبى المَعالِى، وأنَّه لو أخْرَجَ الشَّيْرَجَ والكُسْبَ، أجْزَأ. الرَّابعَةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ نِصابَ القُطْنِ والزَّعْفَرانِ وغيرِهما ممَّا لا يُكالُ، كالوَرْسِ ونحوِه، ألْفٌ وسِتُّمائةِ رَطْلٍ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضِى فى «المُجَرَّدِ»، والمُصنِّفُ. وجزَم به فى «الإِفاداتِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، والشَّارِحُ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِه. وْهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. والوَجْهُ الثَّانى، نِصابُ ذلك أنْ تَبْلُغَ قِيمَتُه قِيمَةَ أدْنَى نَباتٍ يُزَكَّى. وهو احْتِمالٌ للقاضِى فى «التَّعْليقِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، والمَجْدُ، والقاضِى فى «الخِلافِ». وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، وجزَم به فى «الخُلاصَةِ». وظاهِرُ «الفُروعِ»، الإِطْلاقُ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». زادَ القاضِى فى «الخِلافِ»، إلَّا العُصْفُرَ، فإنَّه تَبَعٌ للقِرْطِمِ؛ لأنَّه أصْلُه، فاعْتُبِرَ به، فإنْ بلَغ القِرْطِمُ خَمْسَةَ أوْسُقٍ، زُكِّىَ وتَبِعَه العُصْفُرُ، وإلَّا فلا. وقيلَ: يُزَكَّى قليلُ ما لا يُكالُ وكثِيرُه. ومِنَ الأصحاب مَن خصَّ ذلك بالزَّعْفَرانِ. قال فى «الفُروعِ»: ولا فَرْقَ. وقيل: نِصابُ الزَّعْفَرانِ ¬

(¬1) الشيرج: دهن السمسم. (¬2) فى الفروع: «لعينهما». الفروع 2/ 411.

وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُعْتَبَرُ نِصَابُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ رُطَبًا، ثُمَّ يُؤْخَذُ عشْرُهُ يَابِسًا، وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِى تَكْمِيلِ النِّصَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَرْسِ والعُصْفُرِ، خَمْسَةُ أمْناءٍ، جَمْعُ مَنَا، وهو رَطْلان، وهو المَنُّ، وَجَمْعُه أمْنانٌ. قوله: وتُضَمُّ ثَمَرَةُ العامِ الواحدِ بعضُها إلى بعضٍ فى تَكْميلِ النِّصابِ. وكذا

فَإِنْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ يَحْمِلُ فِى السَّنَةِ حَمْلَيْنِ، ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ. وَقَالَ الْقَاضى: لَا يُضَمُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زَرْعُ العامِ الواحدِ، وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ. وحُكِىَ عنِ ابنِ حامِدٍ، لا يُضَمُّ صَيْفِىٌّ إلى شِتْوِىٍّ إذا زُرِعَ مَرَّتَيْن فى عامٍ. وقال القاضِى فى «المُجَرَّدِ»: والنَّخْلُ التِّهامِىُّ يتَقَدَّمُ لشِدَّةِ الحَرِّ. فلو أطْلَعَ وجُدَّ، ثم أطْلَعَ النَّجْدِىُّ، ثم لم يُجَدَّ حتى أطْلَع التِّهامِىُّ، ضُمَّ النَّجْدِىُّ إلى التِّهامِىِّ الأوَّلِ، لا الثَّانِى؛ لأنَّ عادةَ النَّخْلِ يَحْمِلُ كلَّ عامٍ مرَّةً، فيكونُ التِّهامِىُّ الثَّانِى ثَمَرَةَ عامٍ ثانٍ. قال: وليس المُرادُ بالعامِ هنا اثْنَىْ عشَرَ شَهْرًا، بل وَقْت اسْتِغْلالِ المُغِلِّ مِنَ العامِ عُرْفًا، وأكْثَرُه عادةً نحوُ سِتَّةِ أشْهُرٍ بقَدْرِ فَصْلَيْن، ولهذا أجْمَعْنا أنَّ مَنِ اسْتَغَلَّ حِنْطَةً أو رُطَبًا آخِرَ تَمُوزٍ مِن عامٍ، ثم عادَ فاسْتَغَلَّ مِثْلَه فى العامِ المُقْبِلِ أوَّلَ لمُوزٍ، أو حُزَيْران، لم يُضَمَّا، مع أنَّ بيْنَهما دُونَ اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا. انتهى. ومَعْناه كلامُ ابنَ تَميمٍ. قوله: فإنْ كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ فى السَّنَةِ حمْلَيْن، ضُمَّ أحَدُهما إلى الآخَرِ. هذا

وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إِلَى آخَرَ فِى تَكْمِيلِ النِّصَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: قالَه الأصحابُ. وقال القاضِى: لا يُضَمُّ؛ لنُدْرَتِه، مع تَنَافِى أصْلِه، فهو كثَمَرَةِ عامٍ آخَرَ، بخِلافِ الزَّرْعِ. فعلى هذا، لو كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ بعضُه فى السَّنَةِ حمْلًا، وبعضُه حمْلَيْن، ضَمَّ ما يَحْمِل حمْلًا إلى أيِّهما بلَغ معه، وإن كان بيْنَهما فإلى أقَرَبِهما إليه. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ. قال أيضًا: وفى ضَمِّ حمْلِ نَخْلٍ إلى حمْلِ نَخْلٍ آخَرَ، فى عامٍ واحدٍ وجهان. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ولا يُضَمُّ جِنْسٌ إلى آخَرَ فى تَكْميلِ النِّصابِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ.

وَعَنْهُ، أَنَّ الْحُبُوبَ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. وَعَنْهُ، تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقِطنِيَّاتُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ». وصحَّحَه فى «إدْراكِ الغَايَةِ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وهو المذهبُ على ما اصْطَلْحناه فى الخُطْبَةِ. وعنه، أنَّ الحُبوبَ يُضَمُّ بعضُها إلى بعضٍ. رَوَاها صالِحٌ، وأبو الحارِثِ، والمَيْمُونِىُّ. وصحَّحَها القاضى وغيرُه. واخْتارَها أبو بَكْرٍ. قالَه المُصَنِّفُ. قال إسْحاقُ ابن هانِئٍ: رجَع أبو عبدِ اللَّهِ عن عدَمِ الضَّمِّ، وقال: يُضَمُّ. وهو أحْوَطُ. قال القاضى: وظاهِرُه الرُّجوعُ عن مَنْعِ الضَّمِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نِهايَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وعنه، تُضَمُّ الحِنْطةُ إلى الشَّعِيرِ، والقِطْنِيَّاتُ بعضُها إلى بعضٍ. اخْتارَها الخِرقِىُّ، وأبو بَكْرٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلَافَيْهِما». قال فى «المُبْهِجِ»: يُضَمُّ ذلك، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال القاضى: وهو الأظْهَرُ. نقلَه ابنُ رَزِينٍ عنه. وجزَم به فى «الإِيضَاحِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «الوَجيزِ». وصحَّحه القاضى فى «المُجَرَّدِ». قاله المَجْدُ فى «شَرْحِه». وهى مِنَ المُفْرَداتِ. وظاهِرُ «الفُروعِ»، إطْلاقُ الخِلافِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «تَجْرِيدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ». فعليها، تُضَمُّ الأبَازِيرُ بعضُها إلى بعض، وحَبُّ البُقولِ؛ لتَقارُبِ المَقْصودِ. وكذا يُضَمُّ كُلُّ ما تَقارَبَ، ومع الشَّكِّ لا ضَمَّ. قال ابنُ تَميمٍ: وعنه، يُضَمُّ ما تَقارَبَ فى المَنْبتِ والمَحْصَدِ. وحكَى ابنُ تَميم أيضًا رِوايَةً، تُضَمُّ الحِنْطَةُ إلى الشَّعيرِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه على رِوايَةِ أنَّه جِنْسٌ. وخرَّج ابنُ عَقِيلٍ، ضَمَّ التَّمْرِ إلى الزَّبِيبِ، على الخلافِ فى الحُبوبِ. قال المَجْدُ: ولا يصِحُّ؛ لتَصْريحِ أحمدَ بالتَّفْرِقَةِ بينَهما وبينَ الحُبوبِ، على قولِه بالضَّمِّ فى رِوايةِ صالحٍ، وحَنْبَلٍ. وقال ابنُ تَميمٍ، بعدَ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ: وقالَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخَطَّابِ، وتوَقَّفَ عليه فى رِوايَةِ صالحٍ. فائدة: القِطنِيَّاتُ حُبوبٌ كثيرةٌ؛ منها الحِمَّصُ، والعَدَسُ، والمَاشُ، والجُلُبَّانُ، واللُّوبْيَا، والدُّخْنُ، والأُرْزُ، والباقِلَّا، ونحوُها، ممَّا يُطْلَقُ عليها هذا الاسْمُ. تنبيه: ظاهِرُ قولِة: ولا يُضَم جِنْسٌ إلى آخَرَ. أنَّه يُضمُّ أنْواعُ الجِنْسِ بعضُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى بعضٍ فى تكْميلِ النِّصابِ. وهو صحيحٌ؛ فالسُّلْتُ نوْعٌ مِنَ الشَّعيرِ. جزَم به جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ؛ لأنَّه أشْبَهُ الحُبوبِ بالشَّعيرِ فى صُورَتِه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: السُّلْتُ لوْنُه لَوْنُ الحِنْطَةِ، وطبْعُه طَبْعُ الشَّعيرِ فى البُرودَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه أنَّه مُسْتَقِلٌّ بنَفْسِه، أو هل يُعْمَلُ بلَوْنِه أو بطبعِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: السُّلْتُ يُكَمَّلُ بالشَّعيرِ. وقيل: لا. يعْنِى، أنَّه أصْلٌ بنَفْسِه. قالَه بعضُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميمٍ: وفيه وَجْهْ، السُّلْتُ أصْلٌ بنَفْسِه. وأطْلَقَ فى «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، فى ضَمِّ السُّلْت إلى الشَّعِيرِ، وَجْهَيْن. وتَقَدَّم أنَّ العَلَسَ نوْعٌ مِنَ الحِنْطَةِ فيُضَمُّ إليها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: لا يُضَمُّ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: فى ضَمِّ العَلَس إلى البُرِّ وَجْهان. وقال أيضًا: والحارُوسُ (¬1) نَوْعٌ مِنَ الدُّخْنِ يُضَمُّ. وقال أيضًا: وفى ضَمِّ الدُّخْنِ إلى الذُّرَةِ وَجْهان. ويأْتِى ضَمُّ الذَّهَبِ إلى الفِضَّةِ، فى بابِ زَكاةِ الأَثْمانِ. ¬

(¬1) كذا فى النسخ بالحاء، وبالراء قبل الواو، ولعلها «الجاوَرْس» وهو الذرة.

الثَّانِى، أن يَكُونَ النِّصَابُ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَلَا تَجِبُ فِيمَا يَكْتَسِبُهُ اللَّقَّاطُ، أَوْ يَأْخُذُهُ بحَصَادِهِ، وَلَا فِيَما يَجْتَنِيهِ مِنَ الْمُبَاحِ؛ كَالْبُطْمِ، وَالزَّعْبَلِ، وَبِزْرِ قَطُونَا وَنَحْوِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: ولا تَجِبُ فيما يَكْتَسِبُه اللَّقَّاطُ، أو يَأخُذُه أُجْرَةً بحَصَادِه. بلا نِزاعٍ. وكذا ما يَمْلِكُه بعدَ بُدُوِّ صَلاحِه؛ بشِراءٍ أو إرْثٍ أو غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: تجِبُ الزَّكاةُ يوْمَ الحَصادِ والجِدَادِ، فتَجِبُ الزَّكاةُ على المُشْتَرِى؛ لتَعَلُّقِ الوُجوبِ وهو فى مِلْكِه، ويأْتِى ذلك أَيضًا عندَ قولِ المُصَنِّفِ: وإذا اشْتَدَّ الحَبُّ وبَدَا صَلاحُ الثَّمَرَةِ. قوله: ولا فيما يَجْتَنِيه مِنَ المُبَاحِ -أى لا تَجِبُ- كالبُطْمِ والزَّعْبَلِ -وهو شَعِيرُ الجَبَلِ- وبزْرِ قَطُوِنَا ونحوِه. كالعفصِ والأُشْنَانِ، والسِّماقِ والكَلأ، سواءٌ أخذَه مِن مَواتٍ، أو نَبَت فى أرْضِه، وقُلْنا: لا يَمْلِكُه إلَّا بأَخْذِهِ. فأخذَه.

وَقَالَ الْقَاضِى: فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا نَبَتَ فِى أَرْضِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وقالوا: هذا الصَّحيحُ. وردُّوا غيرَه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، واخْتارَه. وجزَم به فى «الإِفَاداتِ» فيما يَجْتَنِيه مِنَ المُباحِ. وقيلَ: تجِبُ فيه. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقال فى «المُذْهَبِ»: المذهبُ تجِبُ فى ذلك. قال القاضى فى «الخِلافِ»، و «الأَحْكام السُّلْطانِيَّةِ»: قيِاسُ قوْلِ أحمدَ، وُجوبُ الزَّكاةِ فيه؛ لأنَّه أوْجَبَها فى العَسَلِ، فَيُكْتَفَى بمِلْكِه وَقْتَ الأخْذِ كالعَسَلِ. انتهى. وهو

فصل

فَصْلٌ: وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِىَ بِغَيْرِ مُونَةٍ؛ كَالْغَيْثِ، وَالسُّيُوخِ، وَمَا يَشْرَب بِعُرُوقِهِ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِىَ بِكُلْفَةٍ؛ كَالدَّوَالِى وَالنَّوَاضِحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: أشْهَرُ الوَجْهَيْن الوُجوبُ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وجزَم به فى «الإِفَاداتِ» فيما يَنْبُتُ فى أرْضِه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابن تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». فائدة: لو نبَت ما يَزْرَعُه الآدَمِىُّ، كمَن سقَط له حَبُّ حِنْطَةٍ فى أرْضِه، أو أرْضٍ مُباحَةٍ، وجَب عليه زَكاتُه؛ لأنَّه ملَكَه وَقْتَ الوُجوبِ. وكذا إنْ قُلْنا: يَمْلِكُ ما يَنْبُتُ فى أرْضِه مِنَ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُه. قالَه فى «الرِّعايَةِ»، وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه. قوله: ويَجِبُ العُشْرُ فيما سُقِىَ بغيرِ مُؤْنَةٍ، كالغَيْثِ والسُّيوحِ، وما يَشْرَبُ بعُروقِه، ونِصْفُ العُشْرِ فيما سُقِىَ بكُلْفَةٍ؛ كالدَّوَالِىِ والنَّوَاضحِ. وكذا ما سُقِىَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنَّاعُورَةِ أو السَّانِيَةِ، وما يحْتاجُ فى تَرْقِيَةِ الماءِ إلى الأرْضِ إلى آلةٍ مِن غَرْفٍ أو غيرِه. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ: لا يُؤثِّرُ حَفْرُ الأنْهارِ والسَّواقِى لِقِلَّةِ المُؤْنَةِ؛ لأنَّه مِن جُمْلَةِ إحْياءِ الأرْضِ، ولا يتَكَرَّرُ كلَّ عامٍ. وكذا مَن يُحوِّلُ الماءَ فى السَّواقِى؛ لأنَّه كحَرْثِ الأرْضِ. وقال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ: وما يُدِيرُ الماءَ، مِنَ النَّواعِيرِ ونحوِها، ممَّا يُصْنَعُ مِنَ العامِ إلى العامِ، أو فى أثْنَاءِ العامِ، ولا يحْتاجُ إلى دُولَابٍ تُديرُه الدَّوابُّ، يجِبُ فيه العُشْرُ؛ لأنَّ مُؤْنَتَه خَفِيفَةٌ، فهى كحَرْثِ الأرْضِ، وإصْلاحِ طُرُقِ الماءِ. فائدتان؛ إحداهما، لو اشْتَرى ماءَ بِرْكَةٍ أو حَفِيرةٍ، وسقَى به سَيْحًا، وجَب عليه العُشْرُ، فى ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قالَه المَجْدُ. وقال: ويَحْتَمِلُ وُجوبُ

فَإِنْ سُقِىَ نِصْفَ السَّنَةَ بِهَذَا، وَنِصْفَهَا بِهَذَا، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ. وَإِنْ سُقِىَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ اعْتُبِرَ أَكثَرُهُمَا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ. وَإِنْ جُهِلَ الْمِقْدَارُ، وَجَبَ الْعُشْرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصْفِ العُشْرِ؛ لأنَّه سقَى بمُونَةٍ. وأطْلَقَ ابنُ تَميم فيه وَجْهَيْن. الثَّانيةُ، لو جمَع الماءَ وسقَى به، وجَب العُشْرُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْريجٌ منه فى الصُّورَتَيْن، وإطْلاقُ غيرِ واحدٍ يَقْتَضِيه؛ كعمَلِ العَيْن. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. وذكَر ابنُ تَميمٍ وغيرُه، إنْ كانتِ العَيْنُ أو القَناةُ يكْثُرُ نُضوبُ الماءِ عنها، ويحْتاجُ إلى حَفْرٍ مُتَوالٍ، فذلك مُؤْنَةٌ، فيَجِبُ نِصْفُ العُشْرِ فقط. قوله: وإنْ سُقِىَ بأحَدِهما أكْثَرَ مِنَ الآخَرِ، اعْتُبِرَ أكثَرُهما. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقالَ ابنُ حَامِدٍ: يُؤخَذُ بالقِسْطِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ جُهِلَ المِقْدَارُ وجَب العُشْرُ. يعْنِى، إذا جَهِلَ مِقْدارَ السَّقْىِ فلم يَعْلَمْ، هل سقَى سَيْحًا أكْثَرَ، أو الذى بمُؤْنَةٍ أكْثَرَ؟ وهذا المذهبُ، نصَّ عليه فى رِواِيَةِ عبدِ اللَّهِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُخرِجُ حتى يَعْلَمَ براءَةَ ذِمَّتِهِ. تنبيه: قوله: وإنْ سُقِىَ بأحَدِهما أكثرَ. الاعْتِبارُ بالأكْثَرِ، النَّفْعُ للزَّرْعِ والنُّمُوِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: الاعْتِبارُ بأكْثَرِ السَّقْياتِ. وقيلَ: الاعْتِبارُ بالأكْثرَ مُدَّةً. وأطْلَقَهُنَّ «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». فائدتان؛ إحداهما، مَن له بُسْتانان أو أرْضٌ، سقَى أحَدَ البُسْتانَيْن بكُلْفَةٍ والآخَرَ بغيرِها، أو بعضَ الأرْضِ بمُؤْنَةٍ وبعضَها بغيرِها، ضَمَّ أحَدَهما إلى الآخَرِ فى تَكْميلِ النِّصابِ، وأخذَ مِن كلِّ واحدٍ بحْسَبِه. الثَّانيةُ، لو اخْتلَفَ السَّاعِى

وَإذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ، وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ورَبُّ الأرْضِ فيما سقَى به، فالقَوْلُ قوْلُ ربِّ الأَرضِ مِن غيرِ يَمِينٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكثرُ. وقال القاضى فى «الأحْكَامِ السُّلْطانِيَّةِ»: للسَّاعِي اسْتِحْلافُه، لكنْ إنْ نكَل، لم يَلْزَمْه إلَّا ما اعْتَرَفَ به. وقال بعضُ الأصحابِ: تُعتَبَرُ البَيِّنَةُ فيما يظْهَرُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُرادُ غيرِه. وذكَر ابنُ تَميمٍ هذا وَجْهًا. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: وإذا اشْتَدَّ الحَبُّ وبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ، وجَبَت الزَّكَاةُ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وأكثرُهم قطَع به. وقال ابنُ أبى مُوسَى: تجبُ الزَّكاةُ يوْمَ الحَصادِ والجِدادِ؛ للآيَةِ. فيُزَكِّيه المُشْتَرِى؛ لتعَلُّقِ الوُجوبِ فى مِلْكِه. وتقدَّم ذلك قريبًا. فائدة: لو باعَه ربُّه وشرَط الزَّكاةَ على المُشْتَرِى، قال فى «الفُروعِ»: فإطْلاقُ كلامِهِم، خُصُوصًا الشَّيْخَ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، لا يصِحُّ. وقال المَجْدُ، وقطَع به ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ: قِياسُ المذهبِ، يصِحُّ؛ للعِلْمِ بها.

فَإِنْ قَطَعَهَا قَبْلَهُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، إِلَّا أَنْ يَقْطَعَهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ فَتَلْزَمَهُ، وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إِلَّا بِجَعْلِهَا فِى الْجَرِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فكأنَّه اسْتثْنَى قَدْرَهَا ووَكَّلَه فى إخْراجِه، حتى لو لم يُخْرِجْها المُشْتَرِى وتعَذَّرَ الرُّجوعُ عليه، ألْزَمَ بها البائِعَ. قوله: فإنْ قطَعَها قبلَه فلا زَكَاةَ فيها، إلَّا أنْ يقْطَعَها فِرارًا مِنَ الزَّكاةِ، فتَلْزَمَه. تقدَّم الكلامُ على ذلك، والخِلافُ فيه فى أوَاخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، فَلْيُعَاوَدْ. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِهم، أو صَرِيحُ بعِضِهم، أنَّ صلاحَ الثَّمَرَةِ هنا حُكْمُه حُكْمُ صلاحِ الثَّمَرَةِ المذْكورَةِ فى بابِ بَيْعِ الأُصولِ والثِّمارِ، على ما يأْتِى. قال ابنُ تَميمٍ: صلاحُ الفُسْتُقِ والبُنْدُقِ ونحوِه إذا انْعَقَدَ لُبُّه، وصلاحُ الزَّيْتُونِ إذا كان له زَيْتٌ يجْرِى فى دُهْنِه، وإنْ كان ممَّا لا زيتَ فيه فبأَنْ يصْلُحَ للكَبْسِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويجِبُ إذا اشْتَدَّ الحَبُّ، أو بدَا اشْتِدادُه، وبدَا صلاحُ الثَّمَرَةِ بحُمْرَةٍ أو صُفْرَةٍ، وانْعَقَدَ لُبُّ اللَّوْزِ والبُنْدُقِ والفُسْتُقِ والجَوْزِ، إنْ قُلْنا: يُزَكَّى. وجرَى دُهْنُ الزَّيْتُونِ فيه، أو بدَا صلاحُه، وطابَ أكْلُه، أو صَلُحَ للكَبْسِ إنْ لم يكُنْ له زَيْت. وقيلَ: صلاحُ الحِنْطَةِ إذا أفْرَكَتْ، والعِنَبِ إذا انْعَقَدَ وحَمُضَ. وقيلَ: وتمَوَّهَ وطابَ أكْلُه. انتهى. قوله: ولا يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ إلَّا بجَعْلِها فى الجَرِينِ. وهذا المذهبُ، وعليه

فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ سرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، سَقَطَت الزَّكَاةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَدْ خُرِصَتْ أوْ لَمْ تُخْرَصْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه، لا يَسْتَقِرُّ الوُجوبُ إلَّا بتَمَكُّنِه مِنَ الأَداءِ،؛ سَبَق فى أثْناءِ كتابِ الزَّكاةِ؛ للزُوم الإِخْراجِ إذَنْ. فائدة: الجَرِينُ يَكونُ بمِصْرَ والعِرَاقي. والبَيْدَرُ، والأنْدَرُ يكونُ بالشَّرْقِ والشَّامِ. والمِرْبَدُ يكونُ بالحِجَازِ. وهو الموْضِعُ الذى تُجْمَعُ فيه. الثَّمَرَةُ ليَتَكَاملَ جَفافُها. والجوجانُ يكونُ بالبَصْرَةِ، وهو موْضِعُ تشْمِيسِها وَتَيْبِيسِها. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها، ويُسَمَّى بلُغَةِ آخرِين المسطاح، وبلُغَةِ آخَرِين الطبابة. قوله: فإنْ تَلِفَتْ قبلَه بغيرِ تَعَدٍّ مِنه، سَقَطَتِ الزكاةُ، سَواءٌ كانتْ قد خُرِصَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لم تُخْرَصْ. إذا تَلِفَتْ بغيرِ تعَدٍّ، فى عِبارَةِ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ، منهم المَجْدُ. ونصَّ عليه أحمدُ، قبلَ الحَصَادِ والجدَادِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وذكَرَه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وفى عِبارةِ جماعةٍ أَيضًا، قبلَ أنْ تَصِيرَ فى الجَرِين والبَيْدَرِ، كالمُصَنِّفِ، وابنِ تَميمٍ وغيرِهما، سَقَطَتِ الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال ابنُ تَميمٍ: قطَع به أكثرُ أصحابِنا. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: سَقَطَتِ اتِّفاقًا. وقيلَ: لا تَسْقُطُ. قال ابنُ تَميمٍ: وذكَرَ ابنُ عَقيل فى «عُمدِ الأدِلَّةِ» رِوايةً؛ أنَّ الزَّكاةَ لا تَسْقُطُ عنه. وقالَه غيرُه. انتهى. قال فى «القَواعِدِ»: وهو ضعيف، مُخالِفٌ للإِجْماعِ. قال فى «الفُروعِ»: وأظُنُّ فى «المُغْنِى» أنَّه قال: قِياسُ مَن جَعَل وَقْتَ الوُجوبِ بُدُوَّ الصَّلاحِ، واشْتِدادَ الحَبِّ، أنَّه كنَقْصِ نِصَابٍ بعدَ الوُجوبِ قبلَ التَّمَكُّنِ. انتهى. وتقدَّم ذلك فى آخِرِ كتابِ الزَّكاةِ. فائدة: لو بَقِىَ بعدَ التَّلَفِ نِصابٌ، وجَبتِ الزَّكاةُ فيهْ، وإلَّا فلا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وذكَر ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»، فيما إذا لم يَبْقَ نِصَابٌ، وَجْهَيْنِ. قال ابنُ تَميم: اخْتارَ الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، الوُجوبَ فيما بَقِىَ بقِسْطِه. قال: وهو

وَإذَا ادَّعَى تَلَفَهَا قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحُّ، كما لو تَلِفَ بعضُ النِّصابِ عِن غيرِ الزَّرْعِ والثَّمَرَةِ، بعدَ وُجوبِ الزَّكاةِ، قبلَ تَمَكُّنِه عِنَ الإِخْراجِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: أظْهَرُهما يُزَكِّى ما بَقِىَ بقِسْطِه. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: وإنِ ادَّعَى تَلَفَها قُبِلَ قولُه بغيرِ يَمينٍ. ولو اتُّهِمَ فى ذلك. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ونصَرَه، وكذا صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم. وقيلَ: يُقْبَلُ قوْلُه بيَمِينه. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وهو مِنَ المُفْرَداتِ، ويُصَدَّقُ فى دَعْوَى. غَلَطٍ مُمْكِنٍ مِنَ الخارِصِ. قال فى «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهم: كالسُّدُسِ ونحوِه، ولا يُقْبَلُ فى الثُّلُثِ والنِّصْفِ. وقيلَ: إنِ ادَّعَى غَلَطًا مُحْتَمَلًا، قُبِلَ بلا يَمِينٍ، وإلَّا فلا قال فى «الفُروعِ»: فإنْ

وَيَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْحبِّ مُصَفًّى، وَالثَّمَرِ يَابِسًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَحُشَ، فقِيلَ: يُرَدُّ قولُه. وقيلَ: ضَمانًا كانتْ أو أمانةً، يُرَدُّ فى الفاحِشِ فقط. وظاهِرُ كلامِهم، لو ادَّعَى كَذِبَ الخارِصِ عَمْدًا، لم يُقْبَلْ. وجزَم به فى «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ولو قال: ما حصَل فى يَدِى غيرُ كذا. قُبِلَ، قولًا واحِدًا. فائدة: لا تُسْمَعُ دَعْواهُ فى جائحَةٍ ظاهرةٍ تظْهَرُ عادَةً إلَّا ببَيِّنةٍ، ثم يُصَدَّقُ فى التَّلَفِ. جزَم به المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يُصَدَّقُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ»، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. قوله: ويَجِبُ إخْرَاجُ زَكاةِ الحَبِّ مُصَفًّى، والثَّمَرِ يابِسًا. هذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: وأطْلَقَ ابنُ تَميمٍ، عنِ ابنِ بَطَّةَ، له أنْ يُخْرِجَ رُطَبًا وعِنَبًا. قال: وسِياقُ كلامِه إنَّما هو فيما إذا اعْتَبَرْنا نِصَابَه كذلك. وقال فى «الرِّعَايَةِ»: وقيلَ: يُجْزِئُ رُطَبُه. وقيلَ: فيما لا يُثْمَرُ ولا يُزَبَّبُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ثم قال: وهذا وأمْثالُه لا عِبْرَةَ به، وإنَّما يُؤْخَذُ منها بما انْفَرَدَ به بالتَّصْرِيحِ، وكذا يُقَيِّدُ (¬1) فى مَوْضِعِ الإِطْلاقِ، ويُطْلِقُ فى مَوْضِعِ التَّقْييدِ (¬2)، ويُسَوِّى بينَ شَيْئَيْن المَعْروفُ التَّفْرِفَةُ بينَهما وعَكْسُه. قال: فلهذا وَأمْثالِه حصَل الخَوْفُ وعدَمُ الاعْتِمادِ. فعلى المذهبِ، لو خالَفَ وأخْرَجَ سُنْبُلًا رطْبًا وعِنَبًا، لم يُجْزِئْه، ووقَع نَفْلًا، ولو كان الآخِذُ السَّاعِىَ؛ فإنْ جَفَّفَه وجاءَ قَدْرَ الواجِبِ، أجْزَأ، وإلَّا أعْطَى إنْ زادَ، أو أخَذ إنْ نقَص، وإنْ كان بحالِه رَدَّه، وإنْ تَلِفَ رَدَّ مِثْلَه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه ¬

(¬1) فى الأصول: «يقدم»، والمثبت من الفروع 2/ 423. (¬2) فى الأصول: «التقديم»؛ والمثبت من الفروع 2/ 423.

فَإِنِ احْتِيجَ إلَى قَطْعِهِ قَبْلَ كَمَالِهِ لِضَعْفِ الْأَصْلِ وَنَحْوِهِ، أَوْ كَانَ رُطَبًا لَا يِجِئُ مِنْهُ تَمْرٌ، أوْ عِنبًا لَا يَجِئُ مِنْهُ زَبِيبٌ، أَخْرَجَ مِنْه عِنَبًا وَرُطَبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. قالَه المَجْدُ. وقال: وعندِى لا يَضْمَنُه، إنْ أخَذه منه باخْتِيَارِه ولم يتَعَدَّ. واخْتارَه ابنُ تَميم أيضًا، وقدَّم، يَضْمَنُه بقِيمَتِه. قال: وفيه وَجْهٌ بمِثْلِه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: فإنِ احْتِيج إلى قَطْعِه قبلَ كَمْالِه؛ لضَعْفِ الأصْلِ ونحوِه -كخَوْفِ العَطَشِ، أو لتَحْسِينِ بقِيَّته- أو كان رُطبًا لا يَجِئُ منه تَمْرٌ، أو عِنَبًا لا يَجِئُ منه زَبِيْبٌ -زادَ فى «الكَافِى»: أو يَجِئُ منه زَبِيبٌ رَدِئٌ. انتهى. قلتُ: وعلى قِيَاسِه إذا جاءَ منه تَمْر رَدِئٌ- أخْرَجَ منه رُطَبًا وعِنَبًا. يعْنِى، جازَ قَطْعُه، وإخْراجُ زَكاتِه منه. قال فى «المُغْنِى» (¬1)، و «الشَّرحِ»: وإنْ كان يكْفِى التَّخْفيفُ، ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 180.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَجُزْ قَطْعُ الكُلِّ. قال فى «الفُروعِ»: وفى كلامِ بعضِهم إطْلاقٌ. فقدَّم المُصَنِّفُ هنا جَوازَ إخْراجِ الرُّطَبِ والعِنَبِ، والحَالَةُ هذه، فله أنْ يُخْرِجَ مِن هذا رُطبا وعِنَبًا مُشاعًا، أو مَقْسُومًا بعدَ الجِدَادِ، أو قبلَه بالخَرْصِ، فيُخَيَّرُ السَّاعِى بينَ قَسْمِه مع ربِّ المالِ قبلَ الجِدَادِ بالخَرْصِ، ويأْخُذُ نَصِيبَهم شَجَراتٍ مُفْرَدَةً، وبعدَ الجدَادِ بالكَيْلِ. وهذا الذى قدَّمه المُصَنِّفُ هنا، اخْتارَه القاضى وجماعةٌ مِنَ الأَصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». وصحَّحَه ابنُ تميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». فأوَّلُ كلامِ القاضى الذى ذكَرَه المُصَنِّفُ، وهو تَخْيِيرُ السَّاعِى، مُوافِقٌ لِمَا قدَّمه المُصَنِّفُ، وباقِى كلامِه مُخالفٌ للنَّصِّ، والمَنْصُوصُ، أنَّه لا يُخْرِجُ إلَّا يابِسًا. اختارَه أبو بَكْرٍ فى «الخِلَافِ». وجزَم به فى «الإِفَاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قلتُ: هذا المذهبُ؛ لأنَّه المنْصُوصُ. واخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». وعنه، يجوزُ إخْراجُ القِيمَةِ هنا، وإنْ مَنَعْنا مِن إخْراجِها فى غيرِ هذا المَوْضِع. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالى، وُجوبَ الزَّكاةِ فى ذلك مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، والأئمةُ الأرْبعَةُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، يُعْتَبَرُ بنَفْسِه؛ لأنَّه مِنَ الخُضَرِ، وهو قوْلُ محمدِ بنِ الْحَسَنِ، واحْتِمالٌ فيما لا يتمرُ ولا يَصِيرُ زَبِيبًا. وهو رِوايَةٌ عن مالِكٍ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ حتى يَبْلُغَ حدًّا يكونُ منه خَمْسَةُ أوْسُقٍ ثَمْرًا أو زَبِيبًا. على الصَّحيحِ كغيرِه. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، وغيرُهم. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا أصحُّ. وقيلَ: يُعْتَبَرُ نِصابُه رُطبا وعِنَبًا. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه غيرُ واحدٍ؛ لأنَّه نِهايَتُه، بخِلافِ غيرِه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وهما وَجْهانِ عندَ الأكْثَرِ، ورِوَايَتَانِ فى «المُسْتَوْعِبِ». فعلى ما اخْتارَه القاضى، وجماعةٌ، وقدَّمه فى «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما فى أصْلِ المسْألَةِ، لو أتْلَفَ ربُّ المالِ نَصِيبَ الفُقَراءِ، ضَمِنَ القِيمَةَ كالأجْنَبِىِّ. ذكَرَه القاضى. وجزَم به فى «الكافِى». وعلى المنْصُوصِ، يجِبُ فى ذِمَّتِه تَمْرًا أو زَبِيبًا. ولو أتْلَفَ ربُّ المالِ جميعَ الثَّمَرَةِ، فعليه قِيمَةُ الواجِبِ، على قوْلِ القاضى ومَن تابَعَه، كما لو أتْلَفَها أجْنَبِىٌّ. وعلى المَنْصُوصِ، يَضْمَنُ الواجِبَ فى ذِمَّتِه تَمْرًا أو زَبِيبًا، كغيرِهما إذا أتْلَفَه، فلو لم يجدِ التَّمْرَ أو الزَّبِيبَ فى المَسْأَلتَيْنِ، بَقِىَ الواجِبُ فى ذِمَّتِه يُخْرِجُه إذا قَدَرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُخْرِجُ قِيمَتَه فى الحالِ. وهما رِوايَتَانِ فى «الإِرْشادِ»، ووَجْهانِ فى غيرِه. وهما مَبْنِيَّانِ على جَوازِ إخْراجِ القِيمَةِ عندَ إعْوازِ الفَرْضِ، كما تقدَّم فى كَلامِ المُصَنِّفِ. وذكَر هذا البِناءَ المَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما، وهى طرِيقَة ثَانِيَةٌ فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، لو أخْرَجَ قِيمَةَ الواجِبِ هنا، ومَنَعْنا مِن إخْراجِ القِيمَةِ، لم يَجُزْ ذلك فى إحْدَى الرِّوايتَيْن كغيرِه. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». وعنه، يجوزُ، دَفْعًا لمَشَقَّةِ إخْراجِه رُطَبًا بعَيْنِه، فإنَّه عندَ أخْذِه قد لا يَحْضُرُه السَّاعِى والفَقيرُ، ويَخْشَى فَسادَه بالتَّأْخِيرِ، ولذلك أجَزْنا للسَّاعِى بَيْعَه، وللمُخْرِجِ شِراءَه مِن غيرِ كَراهَةٍ. قالَه المَجْدُ. وأطْلَقَهما هو وصاحِبُ «الفُروعِ». الثَّالثةُ، لا يجوزُ قطْعُ ذلك إلَّا بإذْنِ السَّاعِى إنْ كان، وإلَّا جازَ. الرَّابعةُ، لو قطَعَه قبلَ الوُجوبِ لأَكْلِه حِصْرِمًا، أو خِلَالًا، أو لبَيْعِه، أو تَخْفِيفِه عَنِ النَّخْلِ، أو

وَقَالَ الْقَاضِى: يُخَيَّرُ السَّاعِى بَيْنَ قَسْمِهِ مَعَ رَبِّ الْمَال قَبْلَ الْجُذَاذِ وَبَعْدَهُ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَالمَنْصُوصُ أنَّهُ لَا يُخْرِجُ إِلَّا يَابِسًا، وَأنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ زَكَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لتَحْسِينِ الباقِى، أو لمَصْلَحَةٍ ما، لم تَجِبِ الزَّكاةُ، وإنْ قَصَدَ به الفِرارَ، وجَبَتِ الزَّكاةُ. تنبيه: قولُه فى تَتِمَّةِ كلامِ القاضى: يُخَيَّرُ السَّاعِى بينَ بَيْعِه منه أو مِن غيرِه. والمنصوصُ أنَّه لا يَجُوزُ له شِراءُ زكاتِه. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، لا يجوزُ للإِنْسانِ شِراءُ زَكاتِه مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: هو أشْهَرُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: صرَّح جماعةٌ مِن أصحابِنا، وأهْلُ الظاهِرِ أنَّ البَيْعَ باطِلٌ. احْتَجَّ الإِمامُ أحمدُ بقوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام: «لا تَشْتَرِه ولا تَعُدْ فى صَدَقَتِك». وعلَّلُوه بأنَّه وَسِيلَةٌ إلى اسْتِرْجاعِ شئٍ منها؛ لأنَّه يُسامِحُه رَغْبَةً أو رَهْبَةً. وعنه، يُكْرَهُ شِراؤُها. اخْتارَه القاضى وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «الفائقِ». وقال فى «الوَجِيزِ»: ولا يَشْتَرِيها لغيرِ ضَرْورَةٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» فى هذا البابِ. وعنه، يُباحُ شِراؤُها؛ لو وَرِثَها. نصَّ عليه. وأطْلَقَهُنَّ فى «الحاوِيَيْن». فوائد؛ منها، لو رجَعَتِ الزَّكاةُ إلى الدَّافِعِ بإرْثٍ، أُبِيحَتْ له عندَ الأئمَّةِ الأرْبَعَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وعلَّلَه جماعةٌ بأنَّه بغيرِ فِعْلِه. قال: فيُؤْخَذُ منه أنَّ كلَّ شئٍ حصَل بفِعْلِه، كالبَيْع، ونُصوصُ أحمدَ إنَّما هى فى الشِّراءِ. وصرَّح فى رِوايَةِ علىِّ بنِ سَعِيدٍ، أنَّ الهِبَةَ كالمِيراثِ. ونقَل حَنْبَلٌ، ما أرادَ أنْ يَشْتَرِيَه فلا، إذا كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شئٌ جَعَلَه للَّهِ، فلا يَرْجعُ فيه. واحْتَجَّ المَجْدُ للقولِ بصِحَّةِ الشِّراءِ، بأنَّه يَصِحُّ أنْ يأْخُذَها مِن دَينِه، ويأخُذَهَا بهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ، فَبِعِوَضٍ (¬1) أوْلَى. ومنها، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه سواءٌ اشْتَراها ممَّن أخذَها منه، أو مِن غيرِه. قال: وهو ظاهِرُ الخَبَرِ. ونقَله أبو داوُدَ فى فَرَسٍ حَمِيلٍ (¬2). وهو الذى قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»؛ فإنَّه قال: ويُكْرَهُ شِراءُ زَكاتِه، وصَدَقَتِه. وقيلَ: ممَّن أخذها منه. انتهى. قلتُ: وظاهِرُ مَن علَّل بأنَّه يُسامِحُه، أنَّه مَخْصُوصٌ بمَن أخَذَها. وقال فى «الفُروعِ» أيضًا: وكذا ظاهِرُ كلامِهم، أنَّ النَّهْىَ يَخْتَصُّ بعَيْنِ الزكاةِ. ونقَل حَنْبَلٌ، وما أرادَ أنْ يَشْتَرِيَه به، أو شيئًا مِن نِتاجِه فلا (¬3). ومنه، الصَّدَقَةُ كالزَّكاةِ فيما تقدَّم مِنَ الأحْكامِ، لا أعلمُ فيه خِلافًا. ¬

(¬1) فى أ: «فيعوض منها». (¬2) فى أ: «حميد». (¬3) سقط من: أ.

وَيَنْبَغِى أَنْ يَبْعَثَ الإِمَامُ سَاعِيًا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ، فَيَخْرُصَهُ عَلَيْهِمْ؛ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَنْبَغى أنْ يَبْعَثَ الإِمامُ ساعِيًا إذا بَدَا صَلاحُ الثمَرِ، فَيَخْرُصَه عليهم؛ ليَتَصَرَّفوا فيه. بَعْثُ الإِمامِ ساعِيًا للخَرْصِ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به أكثَرُهم. وذكَر أبو المَعالى ابنُ مُنَجَّى، أنَّ نَخْلَ البَصْرَةِ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخْرَصُ. وقال: أجْمَعَ عليه الصَّحَابَةُ، وفُقهاءُ الأمْصارِ. وعلَّلَ ذلك بالمَشَّقةِ وغيرِها. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: قوله: يَنْبَغِى. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ. فوائد؛ الأُولَى، لا يُخْرَصُ غيرُ النَّخْلِ والكَرْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجُمْهورُ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: يُخْرَصُ غيرُ الزَّيْتُونِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ولا فَرْقَ. الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ كوْنُ الخارِصِ مُسْلِمًا أمِينًا خَبِيرًا. بلا نِزاعٍ. ويُعْتَبَرُ أنْ يكونَ غيرَ مُتَّهَم. ولم يذْكُرْه جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الحاوِى». وقيل: عَدْلٌ. ولا يُعْتَبَرُ كوْنُه حُرًّا. على

فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا، خَرَصَ كُلَّ نَوْعٍ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يُشْتَرَطُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: حُرٌّ فى الأشْهَرِ. وجزَم به فى «الفائقِ». الثَّالثةُ، يَكْفِى خارِصٌ واحِدٌ. بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» تَخْرِيجًا بأنَّه لا يَكْفِى إلَّا اثْنان، كالقَائفِ عندَ مَن يقولُ به. الرَّابعةُ، أُجْرَةُ الخَرْصِ على ربِّ النَّخْلِ والكَرْمِ. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه ما يأْتِى فى حَصَادٍ. الخامِسَةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ الحَصَادَ والجِدَادَ ليْلًا. السَّادِسَةُ، يَلْزَمُ خَرْصُ كلِّ نَوْعٍ وحدَه؛ لاخْتِلافِ الأنْواعِ وَقْتَ الجَفافِ، ثم يُعَرَّفُ المالِكُ قَدْرَ الزَّكاةِ، ويُخَيَّرُ بينَ أنْ يَتَصَرَّفَ بما شاءَ، ويَضْمَنَ قَدْرَهَا، وبينَ حِفْظِها إلى وَقْتِ الجَفافِ، فإنْ لم يَضْمَنِ الزَّكاةَ وتصَرَّفَ، صحَّ تَصَرُّفُه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وكُرِهَ. وقيل: يُباحُ. وحكَى ابنُ تَميمٍ عنِ القاضى، أنَّه لا يباحُ التَّصَرُّف، كتَصَرُّفِه قبل الخَرْصِ. وأنَّه قال فى مَوْضِعٍ آخَرَ: له ذلك كما لو ضَمِنَهَا. وعليهما، يصِحُّ تَصَرُّفُه. وإنْ أتْلَفَهَا المالِكُ بعدَ الخَرْصِ، أو تَلِفَتْ بتَفْريطِه، ضَمِنَ زَكاتَها بخَرْصِها تَمْرًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه يَلْزَمُه

وَإنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا، فَلَهُ خَرْصُ كُلِّ شَجَرَةٍ وَحْدَهَا، وَلَهُ خَرْصُ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَجْفِيفُ هذا الرُّطَبِ بخِلافِ الأجْنَبِىِّ. وعنه، رُطَبًا كالأجْنَبِىِّ، فإنَّه يَضْمَنُهُ بمِثْلِه رُطَبًا يَوْمَ التَّلَفِ. وقيل: بقِيمَتِه رُطَبًا. قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه غيرُ واحدٍ. وتقدَّم قرِيبًا، إذا أتْلَفَ ربُّ المالِ نَصِيبَ الفُقَراءِ أو جميعَ المالِ، فيما إذا كان لا يَجِئُ منه تَمْرٌ ولا زَبِيبٌ، أو تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ. السَّابِعَةُ، لو حَفِظهَا إلى وَقْتِ الإخْرَاجِ، زَكَّى الموْجودَ فقط، سواءٌ وافَقَ قولَ الخارِصِ أولا، وسواءٌ اخْتارَ حِفْظَهَا ضَمانًا بأنْ يتَصَرَّفَ، أو أمانَةً؛ لأنَّها أمانَةٌ كالوَدِيعَةِ، وإنَّما يعْمَلُ بالاجْتِهادِ مع عدَمِ تَبَيُّنِ الخَطَأ؛ لأنَّ الطاهِرَ الإصابَةُ. وعنه، يَلْزَمُه ما قالَ الخارِصُ، مع تَفَاوُتِ قَدْرٍ يَسِيرٍ يُخْطِئُ فى مِثْلِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لا يغْرَمُ ما لم يُفَرِّطْ ولو خُرِصَتْ. وعنه، بلَى. انتهى.

وَيِجِبُ أَنْ يَتْرُكَ فِى الْخرْصِ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ أوِ الرُّبْعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ أنْ يَتْرُكَ فى الخَرْصِ لِرَبِّ المَالِ الثُلُثَ أو الرُّبْعَ. بحَسَبِ اجْتِهادِ السَّاعِى، بحَسَبِ المَصْلَحَةِ، فيَجِبُ على السَّاعِى فِعْلُ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ»: الثُّلثُ كثِيرٌ، لا يَتْرُكُه. وقال الآمِدِىُّ وابنُ عَقِيلٍ: يَتْرُكُ قَدْرَ أكلِهم وهَدِيَّتِهم بالمَعْروفِ، بلا تَحْدِيدٍ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أصحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: هو أصحُّ. انتهى. وقال ابنُ حامِدٍ: إنما يُتْرَكُ فى الخَرْصِ إذا زادَتِ الثَّمَرَةُ على النِّصابِ، فلو كانتْ نِصابًا فقط، لم يُتْرَكْ شئٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، هذا القَدْرُ المَتْروكُ للأَكْلِ لا يكْمُلُ به النِّصابُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. واخْتارَ المَجْدُ، أنَّه يُحْتَسَبُ به مِنَ النِّصابِ، فيَكْمُلُ به، ثم يأْخُذُ زكاةَ الباقِى سِوَاه. الثَّانى، لو لم يأْكلْ ربُّ المالِ المَتْروكَ له بلا خَرْصٍ، أخَذَ زَكاتَه. على الصَّحيحِ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ

فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَميمٍ، وابنُ رَجَبٍ فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسَّبْعِين»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال صاحِبُ «الفُروعِ»: دَلَّ النَّصُّ الذى فى المسْأَلَةِ قبلَها على أنَّ ربَّ المالِ لو لم يأْكُلْ شيئًا، لم يُزَكِّه (¬1)، كما هو ظاهِرُ كلامَ جماعَةٍ، وأظُنُّ بعضَهم جزَم به أو قدَّمه، وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» احْتِمالًا له. انتهى. فائدتان؛ إحداهما، قوله: فإنْ لم يفْعَلْ، فلرَبِّ المالِ الأكْلُ بقَدْرِ ذلك، ولا يُحتَسَبُ عليه. نصَّ عليه. وكذا إذا لم يَبْعَثِ الإِمامُ ساعِيًا، فعلى ربِّ المالِ مِنَ الخَرْصِ ما يفْعَلُه السَّاعِى، ليَعْرِفَ قَدْرَ الواجِبِ قبلَ التَّصَرُّفِ؛ لأنَّه مُسْتَخْلَفٌ فيه، ولو ترَك السَّاعِى شيئًا مِنَ الواجِبِ، أخْرَجَه المالِكُ. نصَّ عليه. الثَّانيةُ، ¬

(¬1) كذا بالأصول. وفى الفروع: «يتركه». انظر: الفروع 2/ 433.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدَّم أنَّه لا يُخْرَصُ إلَّا النَّخْلُ والكَرْمُ، فلا تُخْرَصُ الحُبوبُ إجْماعًا، لكنْ للْمالِكِ الأكْلُ منها هو وعِيالُه، بحَسَبِ العادَةِ، كالفَرِيكِ وما يَحْتاجُه، ولا يُحْتَسَبُ به عليه، ولا يُهْدِى. نصَّ على ذلك كلِّه. وخرَّج القاضى فى جَوازِ الأكْلِ منها وَجْهَيْن؛ مِنَ الأكْلِ مِنَ الزَّرْعِ الذى ليس له حائطٌ وقال القاضى فى «الخِلافِ»: أسْقَطَ أحمدُ عن أرْبابِ الزَّرْعِ الزَّكاةَ فى مِقْدارِ ما يأكلونَ، كما أسْقَطَ فى الثِّمارِ. قال: وذكَرَه فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ، وجَعَلَ الحُكْمَ فيهما سَواءً. وقال فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصُولِ»، وغيرِهما: يُحْسَبُ عليه ما يأْكُلُه، ولا يُتْرَكُ له منه شئٌ. وذكَرَه الآمِدِىُّ ظاهِرَ كلامِه، كالمُشْتَرَكِ مِنَ الزرْعِ. نصَّ عليه؛ لأنَّه القِيَاسُ. والحَبُّ ليس فى مَعْنَى الثَّمَرَةِ. وحكَى رِوايَةً، أنَّه لا يُزَكِّى ما يُهْدِيِه أيضًا. وقدَّم بعضُ الأصحابِ، أنَّه يزَكِّى ما يُهْدِيه مِنَ الثَّمَرَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم الأئمَّةُ

وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ، فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ أَخَذَ مِنَ الْوَسَطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بخِلافِه. وحكَى ابنُ تَميمٍ، أنَّ القاضىَ قال فى «تَعْلِيقهِ»: ما يأْكُلُه مِنَ الثَّمَرَةِ بالمَعْروفِ لا يُحْسَبُ عليه، وما يُطْعِمُه جارَه وصَدِيقَه يُحْسَبُ عليه. نصَّ عليه. وذكَر أبو الفَرَجِ، لا زَكاةَ فيما يأْكُلُه مِن زَرْعٍ وَثَمرٍ. وفيما يُطْعِمُه رِوَايَتَان. وحكَى القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ»، فى جَوازِ أكْلِه مِن زَرْعِه، وَجْهَيْن. قوله: ويُؤْخَذُ العُشْرُ مِن كُلِّ نَوْعٍ على حِدَتِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ، وذلك بشَرْطِ أنْ لا يَشُقَّ. على ما يأْتِى. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُؤْخَذُ مِن أحَدِهما بالقِيمَةِ، كالضَّأْنِ مِنَ المَعْزِ. قوله: فإنْ شَقَّ ذلكْ -يعْنِى، لكَثْرَةِ الأنواعِ واخْتِلافِها- أَخَذ مِنَ الوسَطِ. هذا أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه الأكثرُ. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. وقيلَ: يُخْرِجُ مِن كلِّ نَوْعٍ، وإنْ شَقَّ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحَاه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو المذهَبُ على ما اصْطَلَحْناه. وقيلَ: يأْخُذُ مِنَ الأكْثَرَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لو أخْرَجَ الوَسَطَ عن جَيِّدٍ ورَدِئٍ بقَدْرِ قِيمَتَى الواجِبِ منهما

وَيَجِبُ الْعُشرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْمَالِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ، أو أخْرَجَ الرَّدِئَ عنِ الجَيِّدِ بِالقِيمَةِ، لم يُجْزِئْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ تَميم: لا يُجْزِى فى أصحِّ الوَجْهَيْنِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وفيه وَجْهٌ، يُجْزِئُ. قال المَجْدُ: قِيَاسُ المذهبِ جَوازُه. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»: يَحْتَمِلُ. فى الماشِيَةِ كمَسْألَةِ الأثْمانِ. على ما يأْتِى هناك. الثَّانيةُ، لا يجوزُ إخْراجُ جِنْسٍ عن آخَرَ؛ لأنَّه قِيمَةٌ، ولا مشَقَّةَ، ولو قُلْنا بالضَّمِّ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يجوزُ إنْ قُلْنَا بالضَّمِّ، وإلَّا فلا. الثَّالِثَةُ، قوله: ويَجِبُ العُشْرُ على المَسْتَأجر دون المالِكِ. بلا خِلافٍ أعْلَمُه، بخِلافِ الخَراجِ، فإنَّه على المالِكِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، على المُسْتَأْجِرِ أيضًا. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ حُكْمِ الأرَضِين المَغْنُومَةِ.

وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِى كُلِّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك المُسْتَعِيرُ لا يَلْزَمُه خَراجٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحُكِىَ عنه، يَلْزَمُه. وقيل: يَلْزَمُ المُسْتَعِيرَ دُونَ المُسْتَأْجِرِ. الرَّابعَةُ، قوله: ويَجْتَمِعُ العُشْرُ والخَراجُ فى كُلِّ أرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً. وكذا كلُّ أرْضٍ خَراجيَّةٍ. نصَّ عليه. فالخَراجُ فى رَقَبَتِها، والعُشْرُ فى غَلَّتِها. الخامِسَةُ، لا زَكاةَ فى قَدْرِ الخَراجِ، إذا لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكُنْ له مالٌ آخَرُ يقابِلُه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُسْتَوعِبِ»: لأنَّه كَدَيْنِ آدَمِىٍّ. وكذا ذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّه أصحُّ الرِّواياتِ، وأنَّه اخْتِيَارُ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه مِن مُؤنَةِ الأرْضِ، فهو كَنَفَقَةِ زَرْعِه. وسَبَقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى كتابِ الزَّكاةِ الرِّواياتُ. السَّادِسَةُ، إذا لم يكُنْ له سِوَى غَلَّةِ الأرْضِ، وفيها مالا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَكاةَ فيه، كالخُضَرِ، جَعَلَ الخَرجَ فى مُقابلَته؛ لأنَّه أحْوَطُ للفُقَراءِ. السَّابِعَةُ، لا ينْقُصُ النِّصابُ بمُونَةِ الحَصَادِ والدِّياسِ (¬1) وغيرِهما منه؛ لسَبْقِ ¬

(¬1) الدياس: الدراس.

وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ، وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ. وَعَنْهُ، عَلَيْهِمْ عُشْرَانِ، يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوُجوبِ ذلك. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ ضِدُّه، كالخَراجِ. ويأْتِى فى مُؤْنَةِ المَعْدِنِ ما يُشابِهُ ذلك. الثَّامِنَةُ، تَلْزَمُ الزَّكاةُ فى المُزَارَعَةِ مَن حُكِمَ بأنَّ الزَّرْعَ له، وإنْ صَحَّتْ فبَلَغ نَصِيبُ أحَدِهما نِصابًا، زَكَّاه، وإلَّا فرِوايَتَا الخُلْطَةِ فى غيرِ السَّائمَةِ، على ما تقدَّم. التَّاسِعَةُ، متى حصَد غاصِبُ الأَرْضِ زَرْعَه اسْتَقَرَّ مِلْكُه، على ما يأْتى فى أوَّلِ الغَصْبِ، وَزَكَّاه، وإنْ تَمَلَّكَه ربُّ الأرْضِ قبلَ اشْتِدادِ الحَبِّ، زكَّاه. وكذا قِيلَ بعدَ اشْتِدَادِه؛ لأنَّه اسْتَنَدَ إلى أوَّلِ زَرْعِه، فكأنَّه أخَذَه إذَنْ. وقيلَ: يُزَكِّيه الغاصِبُ؛ لأنَّه مَلَكَه وَقْتَ الوُجوبِ. ويأْتِى قوْلٌ، أنَّ الزَّرْعَ للغاصِبِ فيُزَكِّيه. العاشِرَةُ، لا زَكاةَ فى المُعَشَّراتِ بعدَ أداءِ العُشْرِ، ولو بَقِيَتْ أحْوالًا، ما لم تكُنْ للتِّجارَةِ. قوله: ويَجُوزُ لأهْلِ الذِّمَّةِ شِراءُ الأَرْضِ العُشْرِيَّةِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «الإِفادَاتِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»، و «إِدْرَاكِ الغايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى». ونصَرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وعنه، لا يجوزُ لهم شِراؤُها. اخْتارَها أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ عبدُ العَزِيزِ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». فعلَى الرِّوايَةِ الأُولَى، اقْتَصَرَ بعضُ الأصحابِ على الجَوازِ، كالمُصَنِّفِ هنا. وبعضُهم قال: يجوزُ، ويُكْرَهُ. منهم المُصَنِّفُ فى «الكافِى». وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: يجوزُ. وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لو خالَفَ واشْتَرَى صحَّ. قال فى «الفُروعِ»: جزَم به الأصحابُ، وهو كما قال. وكلامُ الشَّيخِ تَقِىِّ الدِّينِ فى «اقْتِضَاءِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ»، يُعْطِى أنَّ على المَنْعِ، لا يصِحُّ شِراؤُه. قالَه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، فى غيرِ نَصَارَى بَنِى تَغْلِبَ، فأمَّا نَصَارَى بَنِى تَغْلِبَ، فلا يُمْنَعون مِن شِراءِ الأرْضِ العُشْرِيَّةِ والخَراجِيَّةِ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. ونَقَله ابنُ القاسِمِ، عن أحمدَ، وعليهم عُشْران كالماشِيَةِ. فائدة: يجوزُ لأهْلِ الذِّمَّةِ شِراءُ الأرْضِ الخَراجيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وأَلْحَقَهَا ابنُ البَنَّا بالأرْضِ العُشْرِيَّة. قوله: ولا عُشْرَ عليهم. هذا مَبْنِىٌّ على ما جزَم به، مِن أنَّهم يجوزُ لهم شِراءُ الأرْضِ العُشْرِيَّةِ. وهذا الصَّحيحُ على هذا التَّفْريعِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وذكَر القاضى فى «شَرْحِه الصَّغِيرِ»، أنَّ إحْدَى الرِّوايتَيْن وُجوبُ نِصْفِ العُشْرِ على الذِّمِّىِّ غيرِ التَّغْلِبِىِّ، سواء اتَّجَرَ بذلك أو لم يَتَّجِرْ به، مِن مالِه وثَمَرَتِه وماشِيَتِهِ. وقوْلُ المُصَنِّفِ: وعنه، عليهم عُشْران، يسْقُطُ أحَدُهما بالإسْلامِ. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَر شيْخُنا فى «اقْتِضاءِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ»، على هذا، هل عليهم عُشْران، أم لا شئَ عليهم؟ على رِوايتَيْن. قال: وهذا غَرِيبٌ. ولعَلَّه أخذَه مِن لَفْظِ «المُقْنِعِ». انتهى. يعْنِى، أنَّ نقْلَ هذه الرِّوايَةِ، على القَوْلِ بجَوازِ الشراءِ غَرِيبٌ. فأمَّا على رِوايَةِ مَنْعِهم مِنَ الشِّراءِ، لو خالَفُوا واشْتَرَوا، لصَحَّ الشِّراءُ بلا نِزاعٍ عندَ الأصحابِ، كما تقدَّم، وعليهم عُشْران. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» وغيرِه. قال فى «الإِفَاداتِ»: وإنِ اشْتَرَى ذِمِّىٌّ عُشْرِيَّةً، فعليه فيها عُشْران. وعنه، لا شئَ عليهم. قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه بعضُهم. وعنه، عليهم عُشْرٌ واحِدٌ. ذكَرَها القاضى فى «الخِلَافِ»، كما كان قبلَ شِرائِهم. قدَّمها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ له. انتهى. وقال فى «الفائقِ»: يُمْنَعُ الذِّمِّىُّ مِن شِراءِ أرْضٍ عُشْرِيَّةِ. وعنه، لا. وعنه، يَحْرُمُ، ويصِحُّ. ولا شئَ عليه فى الخارِجِ. اخْتارَه الشَّيْخُ. وعنه، يَلْزَمُه عُشْران. اخْتارَه شيْخُنا. وعنه، عُشْرٌ واحدٌ. ذكَرَه القاضى فى «التَّعْليقِ». فوائد؛ منها، حيْثُ قُلْنا: عليهم عُشْران. فإنَّ أحدَهما يسْقُطُ بالإِسْلامِ عندَ الأصحابِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً، لا يسْقُطُ أحَدُهما بالإِسْلامِ. ومنها، حُكْمُ

فصل

فَصْلٌ: وَفِى الْعَسَلِ الْعُشْرُ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مِنْ مِلْكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما مَلَكَه الذِّمِّىُّ بالإِحْياءِ، حُكْمُ شِراءِ الأرْضِ العُشْرِيَّةِ، على ما تقدَّم. ويأْتِى حُكْمُ إحْياءِ الذِّمِّىِّ، وما يجبُ عليه، فى بابِ إحْياءِ المَواتِ. ومنها، حيْثُ أُخِذَ منهم عُشْر أو عُشْران، فإنَّ حُكْمَ مَصْرِفِه حُكْمُ ما يُؤْخَذُ مِن نَصَارَى بنى تَغْلِبَ، على ما يأْتِى. ومنها، الأرْضُ الخَراجِيَّةُ؛ هى ما فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقَسَّمْ، وما جلَا عنها أهْلُها خَوْفًا، وما صُولِحُوا عليه، على أنَّها لَنا، ونُقِرُّها معهم بالخَراجِ. والأرْضُ العُشْرِيَّةُ، عندَ الإِمامِ أحمدَ وأصحابِه؛ هى ما أسْلَمَ أهْلُها عليها. نَقَله حَربٌ؛ كالمَدِينَةِ ونحوِها، وما أحْياهُ المُسْلِمون واخْتَطُّوه. نَقَلَه أبو الصَّقْرِ؛ كالبَصْرَةِ، وما صُولِحَ أهْلُه على أنَّه لهم بخَراجٍ يُضْرَبُ عليهم. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ؛ كأرْضِ اليَمَنِ، وما فُتِحَ عَنْوَةً وقُسِّم؛ كنِصْفِ خَيْبَرَ، وكذا ما أقْطَعَهَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُون مِنَ السَّوادِ إقْطاعَ تَمْلِيكٍ، على الرِّوايتَيْن. ولم يذْكُرْ جماعةٌ هذا القِسْمَ مِن أرْضِ العُشْرِ، منهم المُصَنِّفُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ أنَّ العُشْرِيَّةَ لا. يجوزُ أنْ يُوضَعَ عليها خَراجٌ، كما ذكَرَه القاضى وغيرُه، وأنَّ العُشْرَ والخَراجَ يَجْتَمِعانِ فى الأرْضِ الخَراجِيَّةِ، فلهذا لا تَنَافِىَ بينَ قوْلِه فى «المُغْنِى»، و «الرِّعايَةِ»: الأرْضُ العُشْرِيَّةُ هى التى لا خَراجَ عليها. وقوْلِ غيرِه: ما يَجِبُ فيه العُشْرُ خَراجِيَّةً أو غيرَ خَراجِيَّةٍ. وجعَلَهما أبو البَرَكاتِ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» قَوْلَيْن، وإنَّ قوْلَ غيرِ الشَّيْخِ أظْهَرُ. قوله: وفى العَسَلِ العُشْرُ، سَوَاءٌ أخَذَه مِن مَواتٍ أو مِن مِلْكِه. هذا المذهبُ، رِوايةً واحِدَةً، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر فى «الفُروعِ» أدِلَّةَ المسْألَةِ. وقال: مَن تأمَّلَ هذا وغيرَه، ظهَر له ضَعْفُ المسألَةِ، وأنَّه يَتَوجَّهُ

وَنِصَابُهُ عَشَرَةُ أفْرَاقٍ، كُلُّ فَرَقٍ سِتُّونَ رَطْلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى؛ أنَّه لا زَكاةَ فيه، بِناءً على قَوْلِ الصَّحابِىِّ. قال: وسَبق قوْلُ القاضى، فى الثَّمَرِ يأْخُذُه مِنَ المُباحِ: يُزَكِّيه فى قِيَاسِ قَوْلِ أحمدَ فى العَسَلِ. فقد سَوَّى بينَهما عندَ أحمدَ، فدَلَّ أنَّ على القَوْلِ الآخَرِ، لا زَكاةَ فى العَسَلِ مِنَ المُباحِ عندَ أحمدَ، وقدِ اعْتَرَفَ المَجْدُ أنَّه القِياسُ، لوْلَا الأَثَرُ، فيُقالُ: قد تبَيَّنَ الكلامُ فى الأثَرِ. ثُمَّ إذا تَساوَيا فى المَعْنَى، تَساوَيَا فى الحُكْمِ وتَرْكِ القِياسِ، كما تعَدَّى فى العَرَايَا إلى بَقِيَّةِ الثِّمارِ وغيرِ ذلك، على الخِلافِ فيه. انتهى. ففى كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» إيماءٌ إلى عدَمِ الوُجوبِ، وما هو ببَعِيدٍ. قوله: ونِصابُه عَشَرَةُ أفْراقٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» تَخْرِيجًا؛ أنَّ نِصابَه خَمْسَةُ أفْرَاقٍ كالزَّيْتِ. قال: لأنَّه أعْلَى ما يُقَدَّرُ به فيه، فاعْتُبِرَ خَمْسَةُ أمْثالِه كالوَسْقِ. قوله: كُلُّ فَرَقٍ سِتُّون رَطْلًا. هذا قوْلُ ابن حامِدٍ، والقاضى فى «المُجَرَّدِ». وجزَم به فى «التَّسْهِيلِ»، و «المُبْهِجِ». وقدَّمه فى «التَّلْخِيصِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً. نصَّ عليه، وجزَم به فى «الوَجِيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». واخْتارَه المَجْدُ وغيرُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وقيلَ: سِتَّةٌ وثَلاثُونَ رَطْلًا. قالَه القاضى فى «الخِلَافِ». وأطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ». وقيلَ: مِائَةٌ وعِشْرون. ونفَاه المَجْدُ. وحكَى ابنُ تَميمٍ قوْلًا، أنَّه مِائَةُ رَطْلٍ. قال: وعن أحمدَ نحوُه. وقيلَ: نِصابُه ألْفُ رَطْلٍ عِرَاقِيَّة. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى». وقدَّمه فى «الكَافِى». نَقَل أبو داوُدَ، مِن كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ. فائدة: الفَرَقُ بفَتْحِ الرَّاءِ. وقيلَ: بفَتْحِها وسُكونِها، مِكْيالٌ مَعْروفٌ بالمَدِينَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه ابنُ قُتَيْبَةَ وثَعْلَبٌ والجَوْهَرِىُّ، وغيرُهم. ويَدُلُّ عليه حديثُ كَعْبٍ، وهو مُرادُ الفُقَهاءِ. وأمَّا الفَرْقُ، بالسُّكُونِ، فمِكْيالٌ ضَخْمٌ مِن مَكايِيلِ أهْلِ العَراقِ. قالَه الخَلِيلُ. قال ابنُ قُتَيْبَةَ وغيرُه: يسَعُ مِائَةً وعِشْرِين رَطْلًا. قال المَجْدُ: ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قائِلَ به هنا. قال فى «الفُروعِ»: وحكَى بعضُهم قَوْلًا. وتقدَّم ذلك. فائدة: لا زَكاةَ فيما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ على الشَّجَرِ، كالمَنِّ، والتَّرَنْجُبِين (¬1)، والشِّيرخَشْكِ (¬2)، ونحوِها. ومنه اللَّاذَنُ، وهو طَلٌّ ونَدًى يَنْزِلُ على نَبْتٍ تأْكُلُه ¬

(¬1) الترنجبين: يسقط بخراسان يشبه المن. (¬2) الشيرخشك: معرب عن شيركش، بمعنى المن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِعْزَى، فتَعْلَقُ (¬1) تلك الرُّطوبَةُ بها فيُؤْخَذُ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الفائقِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ؛ لعدَمِ النَّصِّ. وجزَم به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، والشَّارِحُ فى مَسْأَلَةِ عدَمِ الوُجوبِ فيما يَخْرُجُ مِنَ البَحْرِ. وقيلَ: تجِبُ فيه كالعَسَلِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قال بعضُهم: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». واقْتَصَرَ فى «المُسْتَوْعِبِ» على كلام ابنِ عَقِيلٍ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فيه وَجْهان؛ أشْهَرُهما الوُجوبُ. وقيلَ: عدَمُه. انتهى. وظاهِرُ «الفُروعِ» الإطْلاقُ. وأطْلَقَهما فى «تَجْرِيدِ العِنَايَة». فعلَى الوُجوبِ، نِصابُه كنِصَابِ العَسَلِ. صرَّحَ به جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: هو كالعَسَلِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فتتعلق».

فصل فى المعدن

فَصْلٌ فِى الْمَعْدِنِ: وَمَنِ اسْتَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا مِنَ الْأَثْمَانِ، أوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَالصُّفْرِ، وَالزِّئْبَق، وَالْقَارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالزِّرْنِيخِ، وَسَائِرِ مَا يُسَمَّى مَعْدِنًا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ فِى الْحَالِ، رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهِ، أوْ مِنْ عَيْنِهَا، إِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا، سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ فِى دَفْعَةٍ أَوْ دَفَعَاتٍ لَمْ يَتْرُكِ الْعَمَلَ بَيْنَهَا تَرْكَ إِهْمَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَنِ اسْتَخْرَجَ مِن مَعْدنٍ نِصابًا مِنَ الأثْمانِ، ففيه الزَّكاةُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه يُشْتَرَطُ فى وُجوبِ الزَّكاةِ فى المَعْدِن، اسْتِخْرَاجُ نِصابٍ. وعنه، لا يُشْتَرَطُ. فيَجِبُ فى قَليلِه وكثيرِه. وخصَّ هذه الرِّوايةَ فى «الفُروعِ» بالأَثْمانِ؛ فقال: قال الأصحابُ: مَن أخْرَجَ نِصابَ نَقْدٍ. وعنه، أو دُونَه. وظاهِرُ كلامِ «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ» وغيرِهما، عُمومُ الرِّوايَةِ فى الأَثْمانِ وغيرِها، فقال ابنُ تَميمٍ: وعنه، تجِبُ الزَّكاةُ فى قَليلِ المَعْدِنِ وكثيرِه (¬1). ذكَرَها ابنُ شِهَابٍ فى «عُيونِه». وقال فى «الفائقِ»: وعنه، لا يُشْتَرَطُ للمَعْدِنِ ¬

(¬1) فى ط: «وكثيرها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصَابٌ. ذكَرَها ابنُ شِهَابٍ. تنبيه: قوْلُه: ومَنِ اسْتَخْرَجَ مِن مَعْدِنٍ نِصابًا، ففيه الزَّكاةُ. مُرادُه، إذا كان من أهْلِ الزَّكاةِ. فأمَّا إنْ كان ذِمِّيًّا أو مُكاتَبًا، فلا شئَ عليه، ولا يُمْنَعُ منه الذِّمِّى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُمْنَعُ مِن مَعْدِنٍ بدَارِنا. وجزَم به جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى». فعليه، يَمْلِكُه آخِذُه قبلَ مَنْعِه (¬1) مَجَّانًا. على الصَّحيحِ، وعليه الأكثرُ. وقال فى «التَّلْخيصِ»: ذلك كإحْيائِه المَواتَ، وإنْ أخْرَجَه عَبْدٌ لمَوْلاه، زكَّاه سَيِّدُه، وإنْ كان لنَفْسِه، انْبَنَى على مِلْكِ العَبْدِ، على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ. فائدة: إذا كان المَعْدِنُ بِدَارِ الحَرْبِ، ولم يُقْدَرْ على إخْرَاجِه إلَّا بقَوْمٍ لهم مَنَعَةٌ، فغَنيمَةٌ (¬2) تُخَمَّسُ بعدَ رُبْعِ العُشْرِ. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «بيعه». (¬2) فى أ: «فقيمته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو ما قِيمَتُه نِصَابٌ، ففيه الزَّكاةُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأكْثَرُهم قطَع به. واخْتارَ الآجُرىُّ وُجوبَ الزَّكاةِ فى قليلِ ذلك وكثيرِه. وتَقَدَّم الرِّوايَةُ التى نقلَها ابنُ شِهَابٍ. تنبيه: شَمِلَ قولُه: مِنَ الجَوْهَرِ والصُّفْرِ والزِّئْبَقِ والقَارِ والنِّفْطِ والكُحْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والزِّرْنيخِ وسائرِ ما يُسَمَّى مَعْدِنًا. المَعْدِنَ المُنْطِبعَ وغيرَ المُنْطِبعِ، فغيْرُ المنْطَبعِ؛ كالياقُوتِ، والعَقِيقِ، والبَنَفْشِ، والزَّبَرْجَدِ، والفَيْرُوزجِ، والبِلَّوْرِ، والمُوميا، والنَّوْرَةِ، والمَغْرَةِ، والكُحْلِ، والزِّرنيخِ، والقَارِ، والنِّفْطِ، والسَّبَجِ، والكِبْرِيتِ، والزِّفْتِ، والزُّجَاجِ، واليشم، والزَّاجِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل مُهَنَّا، لم أسْمَعْ فى مَعْدِنِ القَارِ والنِّفْطِ والكُحْلِ والزِّرْنِيخِ شيئًا. قال ابنُ تَميمٍ: وظاهِرُه التَّوقُّفُ فى غيرِ المُنْطَبعِ. قلتُ: ذكَر فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ» وغيرِهم، الزُّجاجَ مِنَ المَعْدِنِ. وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّه مَصْنُوعٌ، اللَّهُم إلَّا أنْ يُوجَدَ بعضُ ذلك مِن غيرِ صُنْعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ذكَر الأصحابُ مِنَ المَعَادِنِ، المِلْحَ. وجزَم فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها بأنَّ الرُّخامَ والبِرامَ ونحوَهما مَعْدِنٌ. وهو مَعْنَى كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحاب. ومالَ إليه فى «الفُروعِ». فائدة أُخْرَى: قال ابنُ الجَوْزِىِّ، فى «التَّبصِرَةِ» فى مَجْلِسِ ذِكْرِ الأرْضِ: وقد أُحْصِيَتِ المَعَادِنُ، فوَجَدُوها سَبْعَمائةِ مَعْدِنٍ. قوله: ففيه الزَّكاةُ فى الحَالِ؛ رُبعُ العُشْرِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال ابنُ هُبَيْرَةَ، فى «الإِفْصَاحِ»: قال مالِكٌ والشَّافِعِىُّ وأحمدُ: فى المَعْدِنِ الخُمسُ، يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ. قوله: مِن قِيمَتِه. يعْنى، إذا كان مِن غيرِ الأثْمانِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو الفَرَج ابنُ أبى الفَهْمِ شيْخُ ابنِ تَميم: يُخْرِجُ مِن عَيْنه، كالأثْمانِ. تنبيه: قوله: أو مِن عَيْنِها، إنْ كانت أثْمانًا. ليس هذا مِن كلامِ المُصَنِّفِ،

وَلَا يَجُوزُ إِخْرُاجُهَا إِذَا كَانَتْ أَثْمَانًا إِلَّا بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّما زاده بعضُ مَن أجازَ له المُصَنِّفُ الإِصْلَاحَ. قالَه ابنُ مُنَجَّى. وقال: إنَّما اقْتَصَرَ المُصَنِّفُ على قوْلِه: مِن قِيمَتِه. إمَّا لأنَّ الواجِبَ فى الأثْمانِ مِن جِنْسِه ظاهِرٌ، وإمَّا على سَبِيلِ التَّغْلِيبِ؛ لأنَّه ذكَر الأثْمانَ وأجناسًا كثيرةً، فغَلَّبَ الأكْثَرَ. انتهى. قلت: الأوَّلُ أوْلى، فالقِيمَةُ إنَّما تكونُ فى غيرِ الأثْمانِ. فائدة: توله: سَوَاءٌ اسْتَخْرجَه فى دَفْعَةٍ أو دَفَعاتٍ، لم يَتْرُكِ العَمَلَ بينهما تَرْكَ إهْمال. مِثالُه، لو تَرَكَه لمَرَض، أو سَفَرٍ، أو لإِصْلاحِ آلةٍ، أو اسْتِراحَةٍ ليْلًا أو نَهارًا، أو اشْتِغالِه بتُرابٍ خَرَجَ بينَ النِّيلَيْن، أو هَرَبَ عَبِيدُه أو أَجِيرُه، أو نحو ذلك ممَّا جَرَتْ به العادَةُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: أو سَفَرٍ يَسِيرٍ. انتهى. فلا أثَرَ لتَرْكِ ذلك، وهو فى حُكْمِ اسْتِمْرارِه فى العَمَلِ. قال الأصحابُ: إنْ أهْمَلَه وتَرَكَه، فلِكُلِّ مَرَّةٍ حُكْمٌ. [قال ابنُ مُنَجَّى: وَجْهُ الإهْمالِ إنْ لم يكُنْ عُذْرٌ، وإلَّا فَمَعْدِنٌ] (¬1). قوله: ولا يَجُوزُ إخْرَاجُها إذا كانت أثْمانًا إلَّا بعدَ السَّبْكِ والتَّصفِيةِ. وذلك لأنَّ وَقْتَ الإِخْراجِ منها بعدَ السَّبْكِ والتَّصْفِيَةِ، ووَقْتَ وُجوبِها إذا أحْرِزَ. على ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم المُصنِّفُ فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، أنَّ وَقتَ وُجوبِها بظُهورِه، كالثمَرَةِ بصَلاحِها. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَ الأوَّلِين، اسْتِقْرارُ الوُجوبِ. فوائد؛ الأُولَى، لا يُحْتسَبُ بمُؤنَةِ السَّبْكِ والتَّصْفِيَةِ. على الصَّحيحِ منَ المذهبِ، كمُؤْنَةِ اسْتِخْراجِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُحْسَبُ النِّصابُ بعدَها. الثَّانِيةُ، إنْ كان عليه دَيْنٌ بسَبَبِ ذلك احْتَسَبَ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: احْتَسَبَ به فى ظاهرِ المذهبِ. وجزَم به

وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ؛ مِنَ اللْولُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». قال الشَّارِحُ: احْتَسَبَ به على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما يحْتَسِبُ بما أنفق على الزَّرْعِ؛ على ما تقدَّم فى كتابِ الزَّكاةِ. وأطْلَقَ فى «الكافِى» وغيرِه، أنَّه لا يُحْتَسَبُ؛ كمُؤْنَةِ الحَصَادِ والزِّراعَةِ. الثَّالثةُ، لا يُضَمُّ جنس مِنَ المَعْدِنِ إلى جِنْسٍ آخَرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: يُضَمُّ. اختارَه بعضُ الأصحابِ. قال ابنُ تَميم: وهو أحْسَنُ. وقيلَ: يُضَمُّ إذا كانتْ مُتقارِبَةً؛ كَقَارٍ ونِفْطٍ، وحَدِيدٍ ونُحاس. وجزَم به فى «الإِفَاداتِ». وقال المُصَنِّفُ: والصَّوابُ، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى، إنْ كان فى المَعْدِنِ أجْناسٌ مِن غيرِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ضُمَّ بعضُها إلى بعض؛ لأنَّ الواجبَ فى قِيمَتِها، فأشْبَهَتِ العُروضَ. الرَّابعةُ، فى ضَمِّ أحَدِ النَّقْدَيْن إلىَ الآخَرِ الرِّوايَتَان الاثْنَتان، نقْلًا ومَذْهَبًا. قالَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ. الخامِسَةُ، لو أخْرَجَ نِصابًا مِن نَوْعٍ واحدٍ مِن مَعادِنَ مُتَفَرِّقَةٍ، ضُمَّ بعضُه إلى بعض كالزَّرْعِ مِن مَكانَيْن، وإنْ أخْرَجَ اثْنان نِصابًا فقط، فإخْراجُهما للزَّكاةِ مَبْنِىٌّ على خُلْطَةِ غيرِ السَّائمةِ، على ما تقدَّم. قوله: ولا زَكاةَ فيما يُخْرَجُ مِنَ البَحْرِ؛ مِنَ اللُّؤلُؤِ والمَرْجَانِ والعَنْبَرِ ونحوِه.

وَعَنْهُ، فِيهِ الزَّكَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، والنَّاظِمُ، و «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْر. واخْتارَه أيضًا المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا زَكاةَ فيه فى الأظْهَرِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، فيه الزَّكاةُ. قال فى «الفُروعِ»: نصَرَه القاضى، وأصحابُه. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هو المَنْصورُ فى الخِلَافِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: زَكَّاه على الأصحِّ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ»، و «الإِفَاداتِ». وقدمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «خِصَالِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، و «البُلْغَةِ». وأطْلَقَهما فى «الكافِى»، فى غيرِ الحَيَوانِ. وقيلَ: يجِبُ فى غيرِ الحَيَوانِ. جزَم به بعضُهم، كصَيْدِ البَرِّ. وقدَّمه فى «الكافِى». ونصُّ أحمدَ، التَّسْوِيَةَ بينَ ما يَخْرُجُ مِنَ البَحْرِ. فائدة: مثَّلَ فى «الهِدايَةِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «المحَرَّر»، و «الإِفَاداتِ»، وغيرِهم، بالمِسْكِ والسَّمَكِ. فعلى هذا، يكونُ المِسْكُ بَحْرِيًّا. وذكَر أبو يَعْلَى الصغِيرُ، أنَّه يَرَى فيه الزَّكاةَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ثم قال: وكذا ذكَرَه القاضى فى «الخِلَافِ». يُؤَيِّدُه مِن كلامِ أحمدَ، أنَّ فى «الخِلافِ»، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَيْن،

فصل

فَصْلٌ: وَفِى الرِّكَازِ الْخُمْسُ، أَي نَوْعٍ كَانَ مِنَ الْمَالِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِأَهْلِ الْفَىْءِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ زَكَاة، وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وكذلك السَّمَكُ والمِسْكُ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ، فقال: كان الحسَنُ يقولُ: فى المِسْكِ إذا أصَابَه صاحِبُه، الزَّكاةُ. شَبَّهَه بالسَّمَكِ إذا اصْطادَه وصارَ فى يَدِه مِائَتَا دِرْهَمٍ، وما أشْبَهه. فظاهِرُ كلامِهم على هذا، لا زَكاةَ فيه. ولعَلَّه أوْلَى. انتهى كلامُ صاحِبِ «الفُروعِ». وفصَل القاضى فى «الجَامِعِ الصَّغيرِ»، و «النَّاظِمِ»، بينَ ما يُخْرِجُه البَحْرُ، وبينَ المِسْكِ. كما قالَه القاضى فى «الخِلَافِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن أخْرَجَ مِنَ البَحْرِ كذا وكذا، أو أخَذ ممَّا قذَفَه البَحْرُ مِن عَنْبَرٍ وعُودٍ وسَمَكٍ. وقيل: ومِسْكٍ وغيرِ ذلك. انتهى. وقطَع فى بابِ زكاةِ الزُّروعِ والثِّمارِ، أنَّه لا زَكاةَ فى المِسْكِ. كما تقدَّم. قلتُ: قد تقدَّم فى بابِ إزالَةِ النَّجاسَةِ، أنَّ المِسْكَ سُرَّةُ الغَزَالِ. على الصَّحيحِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: دمُ الغِزْلَانِ. وقيل: مِن دابَّةٍ فى البَحْرِ لها أنْيابٌ. فيكونُ مَن مَثَّل بالمِسْكِ مِنَ الأصحابِ مَبْنِىٌّ على هذا القوْلِ أو هم قائِلُون به. قوله: وفى الرِّكازِ الخُمْسُ، أىَّ نَوْعٍ كان مِنَ المَالِ، قَلَّ أو كَثُرَ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وَوَجَّهَ فى «الفُروعِ» تخْريجًا، لا يجِبُ فى قَليلِه إِذا قُلْنا: إنَّ المُخْرَجَ زَكاةٌ. فائدة: يجوزُ إخْراجُ الخُمسِ منه ومِن غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ: يتَعَيَّنُ أنْ يُخْرِجَ منه. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا، لا يجوزُ بَيْعُه قبلَ إخْراجِ خُمسِه. قالَه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قوله: لأهْل الفَىْءِ. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسَى، والقاضى فى «التَّعْلِيقِ»، «الجامِعِ»، وابنُ عَقِيل، والشِّيرَازِىُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِح، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وقال: هو المذهبُ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «النَّظمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إِدْراكِ الغَايَةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وصحَّحَه المَجْدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «شَرْحِه». وعنه، أنَّه زَكاةٌ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الإِفْصَاحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وِقال فى «الإِفَاداتِ»: لأهْلِ الزَّكاةِ أو الفَىْءِ. فعلى المذهبِ، يجِبُ أن يُخَمِّسَ كل أحَدٍ وجَد ذلك، مِن مُسْلِم أو ذِمِّىٍّ، ويجوزُ لمَن وجدَه تَفْرِقَتُه بنَفْسِه، كما إذا قُلْنا: إنَّه زَكاة. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. وقالَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجوزُ. وهو تخْرِيجٌ فى «المُغْنِى». قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيرِه، كخُمسِ الغَنِيمَةِ والفَىْءِ. وأطْلَقَهُما ابنُ تَميمٍ. فعلى الأوَّلِ، يُعْتَبَرُ فى إخْراجِه النِّيَّةُ. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ، يُؤخَذُ الرِّكازُ كله مِنَ الذِّمِّىِّ لبَيْتِ المالِ، ولا خُمسَ عليه. وعلى القَوْلِ بأنَّه زَكاةٌ، لا تجبُ على مَن ليس مِن أهْلِها، لكنْ إنْ وجَدَه عَبْدُه، فهو لسَيِّدِه ككَسْبِه، ويَمْلِكُه المُكاتَبُ، وكذا الصَّبِىُّ، والمَجْنونُ، ويُخْرِجُه عنهما وَلِيُّهما. وصحَّحَ بعضُ الأصحابِ، على القَوْلِ بأنَّه زَكاةٌ، وُجوبَه على كلِّ واجدٍ. وهو تخْريجٌ فى «التَّلْخيصِ». نقَلَه عنه الزَّرْكَشِىُّ. ولم أرَه فى النُّسْخَةِ التى عندِى. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحَاه. وجعَلَا الأوَّلَ تَخْرِيجًا لهما. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ للإِمامِ ردُّ سائرِ الزَّكَواتِ على مَن أُخِذَتْ منه إنْ كان مِن أهْلِها. على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ونصَرَه، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتَيْن». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به فى «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، لأنَّه أخذَها بسبَبٍ مُتَجدِّدٍ، كإرْثِها أو قبْضِها مِن دَيْنٍ، بخِلافِ ما لو ترَكَها له، لأنَّه لم يَبْرَأْ منها. نصَّ عليه. وعنه، لا يجوزُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وذكَرَه المذْهبَ. قال ابنُ تَميمٍ: يجوزُ فى رِوايَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال القاضى، فى مَوْضِعٍ مِنَ «المُجَرَّدِ»: لا يجوزُ ذلك. ذكرَه فى الرِّكازِ والعُشْرِ. وحكَى أبو بَكْر ذلك عن أحمدَ فى زكاةِ الفِطْرِ. وكذا الحُكْمُ فى صَرْفِ الخُمس إلى وَاجدِه، إذا قُلْنا: إنَّه زَكَاةٌ، فَيَقْبِضُه منه، ثم يرُدُّه إليه. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيلَ: يجوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكازِ فقط. جزَم به ابنُ تَميمٍ. وأمَّا إذا قُلْنا: خُمس الرِّكازِ فىْءٌ. فإنَّه يجوزُ تَرْكُه له قبلَ قَبْضِه منه، كالخَراجِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: فى الأَقْيَسِ. وجزَم به فى

إِنْ وَجَدَهُ فِى مَوَاتٍ، أَوْ أَرْضٍ لَا يَعْلَمُ مَالِكَهَا، وَإِنْ عَلِمَ مَالِكَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِيَيْن». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، و «الفُروعِ». وعنه، لا يجوزُ ذلك. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. الثَّانيةُ، يجوزُ للإِمامِ رَدُّ خُمْسِ الفَىْءِ والغَنِيمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «الخِلَافِ»، وابنُ عَقِيلٍ. قال فى «الفُروعِ»: له ذلك فى الأصحِّ. وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقيلَ: ليس له ذلك. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وذكر بعضُهم الغَنِيمَةَ أصْلًا للمَنْعِ فى الفَىْءِ، وذكَر الخَراجَ أصْلًا للجَوازِ فيه. الثَّالثةُ، المُرادُ بمَصْرِفِ الفَىْءِ هنا، مَصْرِفُ الفَىْءِ المُطْلَقُ للمَصَالِحِ كلِّها، فلا يَخْتَصُّ بمَصْرِفِ خُمسِ الغَنِيمَةِ. تنبيهان؛ أحدُهما، قوله: وباقِيه لواجِدِه. مُرادُه، إنْ لم يكُنْ أجِيرًا فى طَلَبِ الرِّكازِ، أو اسْتَأْجَرَه لحَفْرِ بِئْرٍ يُوجَدُ فيه الرِّكازُ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه؛ فإنَّه ليس له إلَّا الأُجْرَةُ. الثَّانى، قوله: وباقِيه لواجِدهِ، إنْ وجَده فى مَوَاتٍ، أو أرْضٍ لا يَعْلَمُ مالِكَها. وكذا إنْ وجَدَه فى مِلْكِه الذى مَلَكَه بالإِحْياءِ، أو فى شارِعٍ أو طريقٍ غيرِ مَسْلُوكٍ، أو قَرْيَةٍ خَرَابٍ، أو مَسْجِدٍ، وكذا لو وجَده على وَجْهِ الأرْضَ، بلا نِزاعٍ فى ذلك. قوله: وإنْ عَلِمَ مَالِكَها، أو كانتْ مُنْتَقِلَةً إليه بهِبَةٍ، أو بَيْعٍ، أو غيرِ ذلك،

أوْ كَانَتْ مُنْتَقِلَةً إِلَيْهِ، فَهُوَ لَهُ أَيْضًا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِمَالِكِهَا، أوْ لِمَنِ انْتَقَلَتْ عَنْهُ، إِنِ اعْتَرَفَ بهِ، وَإلَّا فَهُوَ لأوَّلِ مَالِكٍ. وَإنْ وَجَدَهُ فِى أَرْضِ حَرْبِىٍّ مَلَكَهُ، إِلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيْكُونُ غَنِيمَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو له أيْضًا، هذا المشْهورُ فى المذهبِ، والرِّوايَتَيْنِ، سواءٌ ادَّعاه وَاحِدٌ أو لا. قال فى «الفُروعِ»: هذا أشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أنصُّ الروايتَيْن. واخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، أنَّه لمالِكِها، أو لمَنِ انْتَقَلَتْ عنه إنِ اعْتَرَفَ به، وإلَّا فهو لأوَّلِ مالِكٍ. يعْنِى، على هذه الرِّوايَةِ، إذا لم يَعْتَرفْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به مَنِ انْتَقَلَتْ عنه، فهو لمَن قَبْلَه، إنِ اعْتَرَفَ به، وإنْ لم يَعْتَرِفْ به، فهو لمَن قبْلَه كذلك، إلى أوَّلِ مالكٍ، فيكونُ له، سواءٌ اعْتَرَفَ أولا، ثم لوَرَثَتِه إنْ ماتَ، فإنْ لم يكُنْ له وَرَثَةٌ، فلِبَيْتِ المالِ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفَائقِ». وعنه رِوايَةٌ ثَالثةٌ، يكونُ للمَالِكِ قبْلَه إنِ اعْتَرَفَ، فإنْ لم يَعْتَرِفْ به، أو لم يُعْرَفِ الأوَّلُ، فهو لواجِدِهِ. على الصَّحيحِ. وقيل: لبَيْتِ المالِ. فعلَى المذهبِ، إنِ ادَّعاه المالِكُ قبْلَه بلا بَيِّنَةٍ ولا وَصْفٍ، فهو له مع يَمِينِه. جزَم به أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لوَاجِدِه. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن. فإنِ ادَّعاه بصِفَةٍ وحلَفَ، فهو له. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانية، إنِ ادَّعاه واجِدُه، فهو له. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ لا يكونُ له. وعلى الرِّوايَةِ الثَّالثةِ، إنِ انْتَقَلَ إليه المِلْكُ إرْثًا، فهو مِيراثٌ، فإنْ أنْكَرَ الوَرَثَةُ أنَّه لمَوْرُوثِهم، فهو لمَن قبْله، على ما سَبَقَ، وإن أنْكَرَ واحِدٌ، سَقَطَ حقُّه فقط. فوائد؛ منها، متى دفَع إلى مُدَّعِيه بعدَ إخْراجِ خُمسِه، غَرِمَ واجِدُه بدَلَه، إنْ كان إخْراجُه باخْتِيارِه، وإنْ كان الإِمامُ أخَذه منه قَهْرًا، غَرِمَه الإِمامُ، لكنْ هل هو مِن مالِه، أو مِن بَيْتِ المالِ؟ فيه الخِلافُ. قالَه فى «الفُروعِ». قدَّم فى «الرِّعايَتَيْن»، وهو ظاهِرُ ما جزَم ول فى «الحاوِيَيْن»، أنَّه مِن مالِ الإِمامِ. وذكَر أبو المَعالِى، أنَّه إذا خَمَّسَ رِكازًا، فادُّعِىَ ببَيِّنَةٍ، هل لوَاجِدِه الرُّجوعُ، كزَكاةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُعجَّلَةٍ؟ ومنها، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو وُجِدَ الرِّكازُ فى مِلْكِ آدمىٍّ مَعْصُومٍ، فيكونُ لوَاجِدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ عندَ الأكْثرَ، فإنِ ادَّعاه صاحِبُ المِلْكِ، ففى دَفْعِه إليه بقَوْلِه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. وعنه، هو لصاحبِ المِلْكِ. قال الزَّرْكَشِى وقطَع صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، تَبَعًا لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لمالِكِ الأرْضِ. وعنه، إنِ اعْتَرَفَ به، وإلَّا فعلَى ما سبَقَ. ومنها، لو وَجَدَ لُقَطَةً فى مِلْكِ آدَمِى مَعْصُوم، فَواجِدُها أحقُّ بها. على الصَّحيحِ. قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وقال: نصَّ عليه فى رِوايَة الأَثْرَمِ، وهو الذى نَصَره القاضى فى «خِلافِه»، وكذلك ذكَرَه فى «المُجَرَّدِ» فى اللُّقَطَةِ، ولم يذْكُرْ فيه خِلافًا. انتهى. وعنه، هى لصاحِبِ المِلْكِ بدَعْواه بلا صِفَةٍ، لأنَّها تَبَع للمِلْكِ. حكَاها القاضى، والمَجْدُ فى «مُحَرَّرِه» وغيرُهما. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وكذا حُكْمُ المُسْتَأْجِرِ إذا وجَد فى الدَّارِ المُؤْجَّرَةِ رِكازًا أو لُقَطَةً. على الصَّحيحِ. وعنه، صاحِبُ المِلْكِ أحقُّ باللُّقَطَةِ. فلو ادَّعَى كلُّ واحدٍ مِن مُكْرٍ ومُكْتَرٍ، أنَّه وجَده أوَّلًا، أو أنَّه دَفَنه، فوَجْهان. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وكذا فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وقدَّم ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ المُكْرِى. قلتُ: الصَّوابُ أنّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلَ قَوْلُ المُسْتَأْجِرِ. وعليهما، مَن وصَفه [حلَف وأخَذه] (¬1). نصَّ عليه فى رِوايَةِ الفَضْلِ. وكذا لو عادَتِ الدَّارُ إلى المُكْرِى، وقال: دَفَنْتُه قبلَ الإجارَةِ. وقال المُكْتَرِى: أنا وَجَدْتُه. عندَ صاحبِ «التَّلْخيصِ». وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّ القَوْلَ قَوْلُ المُسْتَأْجِرِ. ومنها، لو وَجَدَه مَنِ اسْتُؤْجرَ لحَفْرِ شئٍ أو هَدْمِه، فعلَى ما سَبَق مِنَ الخِلافِ، على الصَّحيحِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيلَ: هو لمَنِ اسْتَأجَرَه. جزَم به القاضى فى مَوْضِع. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وذكَر القاضى فى مَوْضِعٍ آخَرَ، أنَّه لوَاجِدِهِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال ابنُ رَزِينٍ: هو للأجيرِ. نصَّ عليه. والثَّانيةُ، للمالك. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، أنَّه لُقَطَةٌ، ثم قالَا: وعنه، رِكازٌ يأْخُذُهُ وَاجِدُه. وعنه، رَبُّ الأرْضِ. ومنها، لو دخَل دارَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فحَفَر لنَفْسِه، فقال القاضى فى «الخِلَافِ»: لا يمتَنِعُ أنْ يكونَ له؛ كالطَّائرِ والظَّبْى. انتهى. ومنها، مُعِيرٌ ومُسْتَعِيرٌ كمُكْرٍ ومُكْتَرٍ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم فى «الرِّعايتَيْن»، وتَبِعَه فى «الحاوِيَيْن»، أنَّهما كبائعٍ مع مُشْتَرٍ، يُقَدَّمُ قَوْلُ صاحِبِ اليَدِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وذكَر القاضى الرِّوايتَيْن السَّابِقَتَيْن، إنْ كان لُقَطَةً. نقَل الأَثْرَمُ، لا يُدْفَعُ إلى البائعِ بلا صِفَةٍ. وجزَم به فى «المُجَرَّدِ». ونَصَرَه فى «الخِلافِ». وعنه، بلَى؛ لسَبْقِ يَدِهِ. قال: وبهذا قال جماعةٌ. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «صفة واحدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وجَده فى أرْضِ حَرْبِىٍّ ملَكَه. يعْنِى، أنَّه رِكازٌ. وهذا المذهبُ، مِن حيْثُ الجُمْلَةُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ، ونصَّ عليه. وقيلَ: هو غَنِيمَةٌ. خرَّجَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» مِن قَوْلِنا: الرِّكازُ فى دارِ الإِسْلامِ للمالِكِ. وخرَّجه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ممَّا إذا وجَدَه فى بَيْتٍ أو خَرَابةٍ (¬1). قوله: إلَّا أنْ لا يَقْدِرَ عَليه إلا بجماعةٍ مِنَ المُسْلِمين -يعْنِى، لهم مَنَعَةٌ- فيكونُ غَنِيمَةً. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به. فائدة: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وغيره، فى المَدْفُونِ فى دارِ الحرْبِ: هو كسائرِ مالِهم المأْخُوذِ منهم، وإنْ كانتْ عليه علامَةُ الإِسْلامِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬2): إنْ وُجِدَ بدَارِهم لُقَطَةٌ مِن مَتَاعِنا، فكَدارِنا. ومِن مَتاعِهم غَنِيمَةٌ، ومع الاحْتِمالِ تُعَرَّفُ حوْلًا بدَارِنا، ثم تُجْعَلُ فى الغَنِيمَةِ. نصَّ عليه احْتِياطًا. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ» فى اللُّقَطَةِ، فى دَفِينِ مَواتٍ عليه ¬

(¬1) كذا فى: أ، ط. وهى غير منقوطة فى الأصل. وفى المغنى والشرح: «خزانة». (¬2) انظر: المغنى 4/ 235.

وَالرِّكَازُ مَا وُجِدَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، عَلَيْهِ عَلَامَتُهُمْ. فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ، فَهُوَ لُقَطَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ علامَةُ الإِسْلامِ: لُقَطَةٌ، وإلَّا رِكازٌ. قال فى «الفُروعِ»: ولم يُفَرِّقْ بينَ دارٍ ودارٍ. ونقَل إسْحاقُ، إذا لم يكُنْ سِكَّةٌ للمُسْلِمين، فالخُمسُ. وكذا جزَم فى «عيونِ المَسائلِ»، ما لَا علامَةَ عليه رِكازٌ. وألْحَقَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ بالمَدْفونِ حُكْمًا، الموْجُودَ ظاهِرًا بخَرَابٍ جاهِلِى، أو طريقٍ غيرِ مَسْلُوكٍ. قوله: والرِّكازُ ما وُجِدَ مِن دِفْنِ الجَاهِلِيةِ، عليه عَلامَتهم. بلا نِزاعٍ. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو كان عليه علامَةُ مَن تقدَّم مِنَ الكُفَّارِ فى الجُمْلَةِ، فى دارِ الإِسْلامِ، أو عُهِدَ عليه، أو على بعضِه علامَةُ كُفْرٍ فقط. نصَّ عليه. قوله: فإنْ كانتْ عليه عَلامَةُ المُسْلِمين، أو لم تَكُنْ عليه عَلامَة، فهو لُقَطَةٌ. إذا كان عليه علامَةُ المسلِمِين، فهو لُقَطَةٌ، وكذا إنْ كان على بعضِه علامَةُ المُسْلِمِين، وإنْ لم يكُنْ عليه علامَةٌ، فالمذهبُ أيضًا أنَّه لُقَطَةٌ. وعليه الأصحابُ. ونَقَل أبو طالبٍ فى إناءِ نَقْدٍ، إنْ كان يُشْبِهُ مَتَاعَ العَجَمِ، فهو كَنْزٌ، وما كان مِثْلَ العِرْقِ فمَعْدِنٌ، وإلَّا فلُقطَةٌ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب زكاة الأثمان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ زكَاةِ الأَثْمَانِ وَهِىَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَلَا زَكَاةَ فِى الذَّهَبِ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، فَيَجِبُ فِيهِ نِصْفُ مِثْقَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ زَكاةِ الأَثْمانِ (¬1) قوله: وهى الذَّهَبُ والفِضَّةُ. ولا زَكاةَ فى الذَّهَبِ حتَّى يَبْلُغَ عِشْرِين مِثْقالًا، ¬

(¬1) من هنا إلى قوله: تنبيه ظاهر كلام المصنف. . . فى صفحة 66 سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَجِبُ فيه نِصْفُ مِثْقالٍ. ولا فى الفِضَّةِ حتَّى تَبْلُغَ مِائَتَى دِرْهَمٍ، فيَجِبُ فيها خَمْسَةُ

وَلَا فِى الْفِضَّةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَى دِرْهَمٍ، فَيَجِبُ فِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دَرَاهِمَ. مُرادُه، وَزْانُ مِائَتَى دِرْهَمٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الشَّيْخَ تَقِىُّ الدِّينِ، فإنَّه قال: نِصابُ الأثْمانِ، هو المُتَعَارَفُ فى كلِّ زَمَنٍ، مِن خالِصٍ ومَغْشُوشٍ، وصَغِيرٍ وكبيرٍ. وكذا قال فى نِصَابِ السَّرِقَةِ وغيرِها، وله قاعِدَةٌ فى ذلك. فائدتان؛ إحداهما، المِثْقَالُ، وَزْنُ دِرْهَمٍ وثَلَاثَةُ أسْباعَ دِرْهَمٍ. ولم يَتَغَيَّرْ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جاهلِيَّةٍ ولا إسْلامٍ. والاعْتِبارُ بالدِّرْهَمِ الإِسْلامِىِّ الذى وَزْنُه سِتَّةُ دَوانِقَ، والعشَرَةُ سَبْعَةُ مَثاقِيلَ. وكانتِ الدَّراهِمُ فى صَدْرِ الإِسْلامِ صِنْفَيْن؛ سُودًا؛ زِنَةُ الدِّرْهَمِ منها ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ، وطَبَرِيَّةً زِنَةُ الدِّرْهَمِ مها أربَعَةُ دَوَانِقَ، فجمَعَهما بنُو أمَيَّةَ وجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتة دَوَانِقَ. والحِكْمَةُ فى ذلك، أنَّ الدَّراهِمَ لم يكُنْ منها شئٌ

وَلَا زَكَاةَ فِى مَغْشُوشِهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ قَدْرُ مَا فِيهِ نِصَابًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن ضَرْبِ الإِسْلامِ، فرأَى بَنُو أُمَيَّةَ صرْفَهَا إلى ضَرْبِ الإِسْلامِ ونَقْشِه، فجمَعوا أكْبَرَها وأصْغرَها، وضَرَبوا على وزْنهما. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: زِنَةُ كلِّ مِثْقالٍ اثْنان وسَبْعُون حبَّةَ شَعِيرٍ مُتَوَسِّطَةً، وزِنَةُ كلِّ دِرْهَم إسْلامِىٍّ، خَمْسُون حبَّةَ شعيرٍ وخُمْسَا حبةِ شَعيرٍ مُتَوَسِّطَةٍ. انتهى. وقيلَ: المِثْقالُ اثْنَتان وثَمانُون حبَّةً وثَلَاثةُ أعْشارِ حبَّةٍ وعُشْرُ عُشرِ حَبَّةٍ. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الفُلوسَ كعُروضِ التِّجارَةِ فيما زَكاتُه القِيمَةُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: لا زكاةَ فيها. اخْتارَه جماعة، منهم الحَلْوانِىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، فقالَ: والفُلوسُ أثْمان، فلا تُزكَّى. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ. وقيلَ: تَجِبُ إذا بلَغَتْ قِيمَتُها نِصابًا. وقيل: إذا كانتْ رائِجَةً. وأطْلَقَ فى «الفُروعِ» فيما إذا كانتْ نافِقَةً، وَجْهَيْن. ذكَرَه فى باب الرِّبا. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: فيها الزَّكاةُ إذا كانتْ أثْمانًا رائجَةً، أو للتِّجارَةِ، وبلَغَتْ قِيمَتُها نِصابًا، فى قِيَاس المذهبِ. وقال أيضًا: لا زَكاةَ فيها إنْ كانتْ للنَّفَقَةِ، فإن كانتْ للتِّجارَةِ، قوِّمَتْ كَعُروضٍ. وقال فى «الحاوِى الكَبِيرِ»: والفُلوسُ عُروضٌ، فتُزَكَّى إذا بلَغَتْ قِيمَتُها نِصابًا، وهى نافِقَةٌ. وقال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»: والفُلوسُ ثَمَنٌ فى وَجْهٍ، فلا تُزَكَّى. وقيلَ: سِلْعَةٌ، فتُزَكَّى إذا بلَغَتْ قِيمَتُها نِصابًا وهى رائجَة. وكذا قال فى «الرِّعايتَيْن». ثم قال فى «الكُبْرَى»: وقيلَ: فى وُجوبِ الرَّائجَةِ وَجْهان، أشْهَرُهما عَدَمُه؛ لأنَّها أثْمانٌ. قلتُ: ويَحْتَمِلُ الوُجوبَ إذَنْ. وإنْ قُلْنا: عَرْضٌ. فلا، إلَّا أنْ تكونَ للتِّجارَة. قوله: ولا زَكاةَ فى مَغْشُوشِهِما حتى يَبْلُغَ قَدْرُ ما فيه نِصابًا. يعْنِى، حتى يبْلُغَ

فَإِنْ شَكَّ فِيهِ، خُيِّرَ بَيْنَ سَبْكِهِ وَبَيْنَ الْإِخْرَاجَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخالِصُ نِصابًا. وهو المذهبُ، وعليه الجمْهورُ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وحكَى ابنُ حامِدٍ فى «شَرْحِه» وَجْهًا، إنْ بلَغ مَضْرُوبُه نِصابًا، زَكَّاه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه، ولو كان الغِشُّ أكْثَرَ. وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ قرِيبًا مِن ذلك. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرازِىُّ: يُقَوَّمُ مَضْرُوبُه كالعَرْضِ. قوله: فإنْ شَكَّ فيه، خُيِّرَ بينَ سَبْكِه وبينَ الإِخْراجِ. يعْنِى لو شَكَّ، هل فيه نِصَابٌ خالِصٌ؟ فإنْ لم يَسْبِكْه اسْتَظْهَرَ، وأخْرَجَ ما يُجْزِئُه بيَقينٍ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا زَكاةَ فيه مع الشَّكِّ، هل هو نِصَابٌ أم لا؟. فوائد؛ إحْداها، لو كان مِنَ المغْشُوش أكثْرُ مِن نِصابٍ خالِصٍ، لكنْ شَكَّ فى قَدْرِ الزِّيادَةِ، فإنه يَسْتَظْهِرُ ويُخْرِجُ ما يُجْزِئُه بيَقِينٍ، فلو كان المغْشوشُ وَزْنَ ألْفٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذَهَبًا وفِضَّةً؛ سِتَّمِائةٍ مِن أحَدِهما، وأرْبَعَمِائة مِنَ الأُخْرَى، زكَّى سِتَّمِائةٍ ذَهَبًا وأرْبَعَمِائةٍ فِضَّةً، وإنْ لم [يُجْزئ ذَهَبٌ] (¬1) عن فِضَّةٍ، زكَّى ستَّمِائَةٍ ذَهَبًا وسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً. الثَّانيةُ، إذا أردْتَ معْرِفَةَ قَدْرِ غِشِّه، فضَعْ فى ماء ذَهبًا خالِصًا بوَزْنِ المَغْشُوش، وعَلِّم قَدْرَ عُلُوِّ الماءِ، ثم ارْفَعْه، ثم ضَعْ فِضةً خالِصةً بوَزْنِ المغْشُوشِ، وعَلِّمْ عُلُوَّ الماءِ، ثم ضَعِ المغْشُوش وعلِّمْ عُلُو الماءِ، ثم امْسَحْ ما بينَ الوُسْطَى والعُلْيا وما بينَ الوُسْطَى والسُّفْلَى، فإنْ كان المَمْسُوحان سَواءً، فنِصْفُ المغْشُوشِ ذَهَبٌ، ونِصْفُه فِضَّةٌ، وإنْ زادَ أو نقَص فبحِسابِه. الثَّالثةُ، قال الأصحابُ: إذا ¬

(¬1) فى أ: «يجز ذهبًا». وغير واضحة فى الأصل. والمثبت من الفروع 2/ 456.

وَيُخْرِجُ عَنِ الْجَيِّدِ الصَّحِيحِ مِنْ جنْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ زادَت قِيمَةُ المغْشُوش بصَنْعَةِ الغِشِّ، أخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِه، كحَلْى الكِراءِ إذا زادَتْ قِيمَتُه لصِناعَتِه. الرَّابعةُ، لو أرادَ أنْ يُزَكِّى المغْشُوشَةَ منها؛ فإنْ علِمَ قدْرَ الغِشِّ فى كلِّ دِينارٍ، جازَ، وإلَّا لم يُجْزِئْه إلَّا أنْ يَسْتَظْهِرَ، فيُخْرِجَ قَدْرَ الزَّكاةِ بيَقِينٍ، وإنْ أخْرَجَ ما لا غِشَّ فيه، كان أفْضَلَ، وإنْ أسْقَطَ الغِش وزَكَّى على قَدْرِ الذَّهَبِ، جازَ، ولا زَكاةَ فى غِشِّها، إلَّا أنْ تكونَ فِضَّةً وله مِنَ الفِضَّةِ ما يُتِمُّ به نِصابًا، أو نقولُ برِوايَة ضَمِّه إلى الذَّهَبِ. زادَ المَجْدُ، أو يكونُ غِشُّها للتِّجارَةِ. قوله: ويُخْرِجُ عَنِ الجَيِّدِ الصَّحيحِ مِن جِنْسِه. هذا ممَّا لا نِزاعَ فيه. فإنْ

فإِنْ أَخْرَجَ مُكَسَّرًا أوْ بَهْرَجًا زَادَ قَدْرَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَضْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْرَجَ مُكَسًرا أو بَهْرَجًا -وهو الرَّدِئُ- زادَ قَدْرَ ما بينَهما مِنَ الفَضْلِ. نصَّ

نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وكذا لو أخْرَجَ مغْشُوشًا مِن جِنْسِه. وهذا المذهبُ المنْصُوصُ عن أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: يُجْزِئُ المَغْشُوشُ، ولو كان مِن غيرِ جِنْسِه. وقيلَ: يجِبُ المِثْلُ. اخْتارَه فى «الانْتِصَارِ». واخْتارَه فى «المُجَرَّدِ» فى غيرِ مُكَسَّرٍ عن صَحيحٍ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ تَميم: وإنْ أخْرَجَ عن صِحَاح مُكَسَّرَةً، وزادَ بقَدْرِ ما بينَهما، جازَ على الأصحِّ. نصَّ عليه. وإنْ أخْرَجَ عن جِيَادٍ بَهْرَجًا بقِيمَةِ جِيادٍ، فوَجْهان؛ أحَدُهما، يُجْزِئُ. والثَّانى، لا يُجْزئُ. ولا يَرْجِعُ فيما أخْرَجَ. قالَه القاضى. وقيَّدَ بعضُهم الوَجْهَيْن بما عيْنُه لا مِن جِنْسِه. انتهى. فائدة: يُخْرِجُ عن جَيِّدٍ صحيحٍ ورَدِئٍ مِن جِنْسِه، ويُخْرِجُ مِن كلِّ نَوْعٍ بحِصَّتِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: إنْ شَقَّ، لكَثْرَةِ الأَنْواعِ، أخْرَجَ مِنَ الوَسَطِ، كالماشِيَة. جزَم به المُصَنِّفُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ.

وَهَلْ يُضَمُّ الذَّهَبُ إِلَى الْفِضَّةِ فِى تَكْمِيلِ النِّصَابِ، أوْ يُخْرَجُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولو أخْرَجَ عنِ الأعْلَى مِنَ الأدْنَى، أو مِنَ الوَسَطِ، وزادَ قَدْرَ القِيمَةِ، جازَ. نصَّ عليه، وإلَّا لم يَجزْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ وتَعْلِيلهم، أنها كمَغْشُوشٍ عن جَيِّدٍ، على ما تقدَّم. وإنْ أخْرَجَ مِنَ الأعْلَى بقَدْر القِيمَةِ دُونَ الوَزْنِ، لم يُجْزِئْه، ويُجْزِئُ قَلِيلُ القِيمَةِ عن كثيرِها مع الوَزْنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: وزِيادَةُ قَدْرِ القِيمَةِ. قوله: وهل يُضَمُّ الذَّهَبُ إلى الفِضَّةِ فى تَكْميلِ النِّصابِ، أو يُخْرَجُ أحَدُهما عَنِ الآخرِ؟ على روايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». أمَّا ضمُّ أحَدِ النَّقْدَيْن إلى الآخَرِ فى تكْميلِ النِّصابِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الضَّمُّ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه أكْثَرُ. قال الزَّرْكَشِى: اختارَها الخَلَّالُ، والقاضى، ووَلدُه، وعامَّةُ أصحابِه؛ كالشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، فى «خِلَافَيْهِما»، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ»، وابنِ البَنَّا. انتهى. قلتُ: ونصَرَه فى «الفُصُولِ». واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»: هذا أظْهَرُ. وجزَم به فى «الإيضَاحِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ» و «الإِفَاداتِ»، و «الهَادِى». وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُضَمُّ. قال المَجْدُ: يُرْوَى عن أحمدَ، أنَّه رجَع إليها أخِيرًا، واخْتارَه أبو بَكْر فى «التَّنْبِيهِ»، مع اخْتِيَارِه فى الحُبُوبِ الضَّمَّ. قال فى «الفائقِ»: ولا يُضَمُّ أحَدُ النَّقْدَيْن إلى الآخَرِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن، وهو المُخْتارُ. انتهى. قال ابنُ مُنَجَّى فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: هذه أصحُّ. وهو ظاهِرُ ما نصَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». وجزَم به فى «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن». وهذا يكونُ المذهبَ على المُصْطَلَحِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وأمَّا إخْراجُ أحَدِهما عنِ الآخَر، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الجَوازُ. قال فى «الفائقِ»: ويجوزُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال المُصَنِّفُ: وهى أصحُّ. ونصَرَه الشَّرِيف أبو جَعْفَرٍ فى «رُءوسِ المَسائلِ»، والشَّارِحُ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وجزَم به فى «الإِفَاداتِ». وقدَّمه ابنُ تَميم وغيرُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. جزَم به فى «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَة»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه أبو بَكْرٍ، كما اخْتارَ عَدَمَ الضَّمِّ. ووافَقَه أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ» هنا. وخالَفاه فى الضَّمِّ؛ فاخْتارَا جَوازَه. وصحَّحَ المُصَنِّفُ والشَّارِحُ جَوازَ الإِخْراجِ، ولم يُصَحِّحا شيئًا فى الضَّم. وصحَّحَ فى «الفائقِ» عَدَمَ الضَّمِّ. وصحَّحَ جَوازَ إخْراجِ أحَدِهما عنِ الآخَرِ. كما تقدَّم عنه. قال ابنُ تَميمٍ: وعنه، لا يجوزُ. واخْتَلَف أصحابُنا فى ذلك؛ فمنهم مَن بَناه على الضَّمِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنهم مَن أطْلَقَ. انتهى. قلتُ: بَناهما على الضَّمِّ فى «الكافِى»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «الحاوِيَيْن»: وفل يُجْزِئُ مُطْلَقًا إخْراجُ أحَدِ النَّقْدَيْن عن الآخَرِ، أو إذا قُلْنا بالضَّمِّ؟ على وَجْهَيْن. وقال فى «الفُروعِ»، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَيْن: وعنه، يُجْزِئُ عما يُضَمُّ. وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى «الفُصولِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». ورُوِىَ عن ابنِ حامِدٍ، أنّه يُخْرِجُ ما فيه الأحَظُّ للفُقَراءِ. فعلى المذهبِ، هل يجوزُ إخْراجُ الفُلُوسِ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَتَيْن». وقال: قلتُ: إنْ جُعِلَتْ ثَمنًا، جازَ، وإلَّا فلا. وتقدَّم أنَّه قدَّمَ أنَّها أثْمانٌ. وقال فى «الحاوِيَيْن»، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ فى إجْزاءِ أحَدِ النَّقْدَيْن، مُطْلَقًا أو إذا قُلْنَا بالضَّمِّ: وعليهما يُخَرَّجُ إجْزاءُ الفُلوسِ. وقال فى «الرِّعايَتَيْن»: وعنه، يجوزُ إخْراجُ أحَدِهما عنِ الآخَرِ بالحِسابِ، مع الضَّمِّ. وقيلَ: وعدَمُه مُطْلَقًا. وفى إجْزاءِ الفُلوس عنها إذَنْ مع الإِخْراجِ المَذْكورِ وَجْهان.

ويَكُونُ الضَّمُّ بِالأَجْزَاءِ. وَقِيلَ: بِالْقِيمَةِ فِيمَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويكونُ الضَّمُّ بالأجْزاءِ. يعْنِى، إذا قُلْنا بالضَّمِّ فى تَكْميلِ النِّصاب. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الضَّمَّ يكونُ بالأجْزاءِ، كما قدَّمه المُصَنِّفُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى فى «تَعْلِيقِهِ»، و «جامِعِه»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلَافيْهِما»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيلَ بالقِيمَةِ فيما فيه الحَظُّ للمَساكينِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، يُكَملُ أحَدَهما بالآخَر بما هو أحَظُّ للفُقَراءِ مِنَ الأجْزاءِ أو القِيمَةِ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وذكَرَها القاضى وغيرُه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال الزَّركَشِىُّ: وعن القاضى، أظُنُّه فى «المُجَرَّدِ»، أنَّه قال: قِياسُ المذهبِ، أنَّه يُعْتَبَرُ الأحَظُّ للمَساكين. فعلى هذا، لو بلَغ أحَدُهما نِصابًا، ضُمَّ إليه ما نقَص عنه، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وعنه، يكونُ الضَّمُّ بالقِيمَةِ مُطْلَقًا. ذكَرَها القاضى أبو الحُسَيْنِ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ»، إلى وَزْنِ الآخَرِ، فيُقَوَّمُ الأعْلَى بالأدْنَى. وعنه، يُضَمُّ الأقَلُّ منهما إلى الأكْثَرِ. ذكَرَها المَجْدُ فى «شَرْحِه». فيُقَوَّمُ بقِيمَةِ الأكثرِ. نقَلَها أبو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسابُورِىُّ.

وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، فى فَوائدِ الخِلافِ؛ لو كان معه مِائَةُ دِرْهَمٍ وعَشَرَةُ دَنانِيرَ قِيمَتُها مِائَةُ دِرْهَمٍ، ضُمَّا، وإنْ كانتْ قِيمَتُها دُونَ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ضُمَّا، على غيرِ رِوايةِ الضَّمِّ بالقِيمَةِ. ولو كانتِ الدَّنانِيرُ ثَمانِيَةً، قِيمَتُها مِائَةُ دِرْهَمٍ، فلا ضَمَّ. الثَّانيةُ، يُضَمُّ جيِّدُ كل جِنْس إلى رَدِيئه، ويُضَمُّ مَضْروبُه إلى تِبْرِه. قوله: وتُضَمُّ قِيمَةُ العُرُوض إلى كلِّ واحِدٍ منهما. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، والشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ فى كُتُبِه. وقال: لا أعلمُ فيه خِلافًا. فائدة: لو كان معه ذَهَبٌ وفِضَّة وعُروضٌ، ضَمَّ الجميعَ فى تَكْميلِ النِّصابِ. قالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ وغيرُهما. وجعَلَه المَجْدُ فى «شَرْحِه» أصْلًا لرِواية ضَمِّ

فصل

فَصْلٌ: وَلَا زَكَاةَ فِى الْحَلْى الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ إلى الفِضَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: اعْتَرَفَ المَجْدُ أنَّ الضَّمَّ فى الذَّهَبِ والفِضَّةِ كعُروض التِّجارَةِ، قال: فيَلزَمُ حينَئذٍ التخْريجُ مِن تَسْوِيته بينَهم؛ لأنَّ التَّسْوِيَةَ مقْتَضِيَةٌ لاتِّحادِ الحُكْمِ وعدَمِ الفَرْقِ. قال: وجزَم بعضُهم، أظُنُّه أبا المَعالِى ابنَ مُنَجَّى، بأنَّ ما قُوِّمَ به العُروضُ، كناضٍّ (¬1) عندَه، ففى ضَمِّه إلى غيرِ ما قُوِّمَ به الخِلافُ السَّابِقُ. وقال ابنُ تَميمٍ: وتُضَمُّ العُروض إلى أحَدِ النَّقْدَيْن، بلَغ كلُّ واحدٍ منهما نِصابًا أولا. وإنْ كان معه ذهَبٌ وفِضَّة، وعُروضٌ، الكُلُّ للتِّجارَةِ، ضَمَّ الجميعَ. وإنْ لم يكُنِ النَقْدُ للتِّجارةِ، ضَمَّ العُروضَ إلى إِحْدَيْهما، وفيه وَجْهٌ، يُضَمُّ إليهما. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ». وزادَ، بعدَ القوْلِ الثَّانِى، إنْ قُلْنَا بضَمِّ الذَّهبِ إلى الفِضَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ولا زَكاةَ فى الحَلْى المُبَاحِ المُعَدِّ للاسْتِعمالِ، فى ظَاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، تجِبُ فى الزَّكاةُ. قال فى «الفائقِ»: ¬

(¬1) الناضُّ: اسم للدرهم والدينار إذا تحول عينا بعد أن كان متاعا. انظر ما يأتى فى صفحة 55.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المُخْتارُ نظَرًا. وعنه، تَجِبُ فيه الزَّكاةُ إذا لم يُعَرْ ولم يُلْبَسْ. وقال القاضى فى «الأَحْكَامِ السُّلْطانِيَّةِ»: نقَل ابنُ هانِئٍ، زَكاتُه عارِيَّتُه. وقال: هو قوْلُ خَمْسَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ. وذكَرَه الأثْرَمُ عن خَمْسَةٍ مِنَ التَّابِعِين. وجزَم به فى «الوَسِيلَةِ» وذَكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه» جَوابًا. تنبيهان؛ أحدُهما، قوله: ولا زَكاةَ فى الحَلْى المُباحِ. للرَّجُلِ والمرْأةِ إذا أُعِدَّ للّبْسِ المُباحِ أو الإِعارَةِ. وهو صحيحٌ. وكذا لو اتَّخذَه مَن يحْرُمُ عليه، كرَجُلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَّخِذُ حَلْى النِّساءِ لإعارَتِهنَّ، أو امْرأةٍ تتَّخِذُ حَلْى الرِّجالِ لإِعارَتِهم. ذكَرَه جماعةٌ؛ منهم القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقال بعضُ الأصحابِ: لا زَكاةَ فيه، إلَّا أنْ يقْصِدَ بذلك الفِرارَ مِنَ الزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ غيرِه، وهو أظْهَرُ. ووَجَّهَ احْتِمالًا؛ لا يُعْدَمُ وُجوبُ الزكاةِ ولو قصَد الفِرارَ منها. وحكَى ابنُ تَميمٍ، أنَّ أبا الحَسَنِ التَّمِيمِىَّ قال: إنِ اتَّخذَ رجلٌ حَلْى امْرأةٍ، ففى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زكاتِه رِوايَتان. وحكَاهما فى «الفائقِ»، وأطْلَقَهما. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِه، أنَّه سواءٌ كان مُعْتَادًا، أو غيرَ مُعْتادٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. وقيدَ بعضُ الأصحابِ ذلك بأنْ يكونَ مُعْتادًا. فائدة: لو كان الحَلْىُ ليَتيم لا يَلْبَسُه، فلوَلِيِّه إعارَتُه، فإنْ فعَل، فلا زَكاةَ،

فَأَمَّا الْحَلْىُ الْمُحَرَّمُ، وَالآنِيَةُ، وَمَا أعِدَّ لِلْكِرَاءِ أَوِ النَّفَقَةِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ لم يُعِرْه، ففيه الزَّكاةُ. نصَّ أحمدُ على ذلك. ذكَرَه جماعَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: ويأتِى فى العارِيةِ، أنه يُعْتَبَرُ كوْنُ المُعيرِ أهْلًا للتَّبَرُّعِ. قال: فهذان قوْلان، أو أنَّ هذا لمَصْلَحَةِ مالِه، ويُقالُ: قد يكونُ هناك كذلك، فإنْ كان لمَصْلَحَةِ الثَّوابِ توَجَّهَ خِلافٌ، كالقَرْضِ. انتهى. قوله: فأَمَّا الحَلْىُ المُحَرَّمُ -قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وكذلك المَكروهُ. انتهى- والآنِيَةُ، وما أعِدَّ للكِرَاءِ أو النَّفَقَةِ، ففيه الزَّكاةُ. تجِبُ الزَّكاةُ فى الحَلْى المُحَرَّمِ، والآنِيَةِ المُحَرَّمَةِ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وكذا ما أُعِدَّ للنَّفَقَةِ، أو ما أُعِدَّ للفُقَراءِ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُنْيَةِ أو الادِّخارِ، وحَلْى الصَّيارِفِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ الزَّكاةِ فيه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فيما أعِدَّ للكِرَاءِ. وقيلَ: ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اتَّخَذَه مِن ذلك لسَرَفٍ أو مُباهَاةٍ، كُرِهَ، وزُكِّىَ، وإلَّا فلا. وجزَم به بعضُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ أنه قوْلُ القاضى، إلَّا فى مَن اتَّخذَ خَواتِيمَ. ومُرادُه، مع نِيَّة لُبْس أو إعارَةٍ. قال: وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، لا زكاةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان مُرادُه اتَّخَذَه لسَرَفٍ أو مُباهَاةٍ فقط، فالمذهبُ، قوْلًا واحدًا، [لا تجِبُ] (¬1) الزَّكاةُ. انتهى. واخْتارَ ابنُ عَقِيل فى «مُفْرَداتِهِ» و «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، أنَّه لا زكاةَ فيما أعِدَّ للكِرَاءِ، وقال صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ»: لا زَكاةَ فى حَلْى مُباحٍ، لم يُعَدَّ للتَّكَسُّبِ به. فائدة: لو انْكَسَرَ الحَلْىُ وأمْكَنَ لُبْسُه، فهو كالصَّحيحِ، وإنْ لم يُمْكِنْ لُبْسُه، فإنْ لم يَحْتَجْ فى إصْلاحِه إلى سَبْكٍ وتجْديدِ صَنْعَةٍ، فقال القاضى: إنْ نوَى ¬

(¬1) فى الفروع: «تجب». انظر: الفروع 2/ 464.

وَالاعْتِبَارُ بِوَزْنِهِ، إِلَّا مَا كانَ مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ إصْلاحَه، فلا زَكاةَ فيه، كالصَّحيحِ. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». ولم يذْكُرْ نِيَّةَ إصْلاحٍ ولا غيرَها. وذكَرَه ابنُ تميم وَجْهًا. فقال: ما لم يَنْوِ كَسْرَه، فيُزَكِّيه. قال فى «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ غيرِه. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، يُزَكِّيه، ولو نوَى إصْلاحَه. وصحَّحَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به المُصَنِّفُ، ولم يذْكُرْ نِيَّةَ إصْلاحٍ ولا غيرَها. وأمَّا إذا احْتاجَ إلى تَجْديدِ صَنْعَةٍ، فإنَّه يُزَكيهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ تَميمٍ: فيه وَجْهان؛ أظْهَرُهما، فيه الزَّكاةُ. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ كان الكَسْرُ لا يَمْنَعُ مِنَ اللُّبْسِ، لم تجِبْ فيه الزَّكاةُ. وحكَى ابنُ تَميمٍ كلامَ صاحِبِ «المُبْهِجِ». فقال فى «الفُروعِ»: كذا حكَاه ابنُ تَميمٍ. وإنَّما هو قوْلُ القاضى المذْكُورُ، [و «لا» زائِدَةٌ غَلَطٌ] (¬1). انتهى. قلتُ: إنْ أرادَ أنَّ ابنَ تَميمٍ زادَ «لا»، فليس كما قال؛ فإنَّ ذلك فى «المُبْهِجِ» فى نُسَخٍ مُعْتَمَدَةٍ، وإنْ أرادَ أنَّ صاحِبَ «المُبْهِجِ» زادَ «لا» غَلَطًا منه، فمِن أينَ له أنَّ ذلك غَلَط؟ بل هو مُوافِقٌ لقَواعدِ المذهبِ، فإنَّ الكَسْرَ إذا لم يَمْنَعْ مِنَ اللُّبْسِ، فهو كالصَّحيحِ، وذلك لا زَكاةَ فيه. فكذا هذا. ¬

(¬1) قال فى تصحيح الفروع: كذا فى النسخ وصوابه: «ولم زائدة غلطًا»؛ لأنها فى كلام أبى الفرج. انظر: الفروع 2/ 465.

فَإِنَّ الاعْتِبَارَ فِى النِّصَابِ بِوَزْنِهِ، وَفِى الإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والاعْتِبارُ بوَزْنه. إلَّا ما كان مُباحَ الصِّناعَةِ، فإنَّ الاعْتِبارَ فى النِّصابِ بوَزْنِه، [وفى الإِخْراجِ بقِيمَتِه. الحَلْىُ المُباحُ الصناعَةِ، عنه وعن غيره، الاعْتِبارُ فى النِّصابَ فيه بوَزْنِه] (¬1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال ابنُ رَجَبٍ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. وحكَاه بعضُ الأصحابِ إجْماعًا. وقيلَ: الاعْتِبارُ بقِيمَتِه. قال ابنُ رَجبٍ: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِع فى «فُصُولِه». وحُكِىَ رِوايةً، بِناءً على أنَّ المُحَرمَ لا يَحْرُمُ اتِّخاذُه، وتضْمَنُ صنْعَتُه بالكَسْرِ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ». وقيلَ: الاعْتِبارُ بقِيمَتِه إذا كان مُباحًا، وبوَزْنه إذا كان مُحَرَّمًا. واخْتَارَه ابنُ عَقيلٍ أيضًا. فعلى هذا، لو تحلَّى الرَّجُلُ بحَلْىِ المرأةِ، أو بالعَكْس، أوِ اتَّخَذَ أحَدُهما حَلْى ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرِ قاصِدًا لُبْسَه، أوِ اتَّخَذَ أحَدُهما ما يُباحُ لما يَحْرُمُ عليه، أو لمَن يَحْرُمُ عليه، فإنَّه يَحْرُمُ، وتُعْتَبَرُ القِيمَةُ؛ لإباحَةِ الصَّنْعَةِ فى الجُمْلَةِ. وجزَم فى «البُلْغَةِ» فى حَلْى الكِراءِ، باعْتِبارِ القِيمَةِ. وذكَر بعضُهم وَجْهَيْن. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ فى مُباحِ الصناعَةِ، دُونَ الحَلْى المُباحِ للتِّجارَةِ، فأمَّا المُباحُ للتِّجارةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه تُعْتَبَرُ قِيمَتُه. نصَّ عليه. فعلى هذا، لو كان معه نَقْدٌ مُعَدٌّ للتِّجارةِ، فإنَّه عَرْض يقَوَّمُ بالأجْزاءِ إنْ كان أحَظَّ للفُقَراءِ، أو نقَص عن نِصَابِهِ. وقال بعضُ الأصحابِ: هذا ظاهِرُ نَقْلِ إبْراهِيمَ بنِ الحارِثِ، والأَثْرَمِ. وجزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ونصَّ فى رِوايَةِ الأَثْرَم على خِلافِ ذلك. قال: فصار فى المَسْأَلَةِ رِوايَتَان. قال فى «الفُروعِ»: وأظُنُّ هذا مِن كلامِ وَلَدِه. وحَمَل القاضى بعضَ المَرْوِىِّ عن أحمدَ على الاسْتِحْبابِ. وجزَم به بعضُهم. وجزَم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» بالأوَّلِ، إذا كان النَّقْدُ عَرْضًا. قوله: إلَّا ما كان مُباحَ الصِّناعَةِ، فإنَّ الاعْتِبارَ فى النِّصَابِ بِوَزْنه، وفى الإِخْرَاجِ

وَيباحُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ، وَقبِيعَةُ السَّيْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقِيمَتِه. الأشهَرُ فى المذهبِ، أنَّ الاعْتِبارَ فى مُباحِ الصِّناعَةِ فى الإخْراجِ بقِيمَتِه. قالَه فى «الفُروعِ». واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال ابنُ تَميمٍ: هذا الأظْهَرُ. قال ابنُ رَجَبٍ: اخْتارَه القاضى وأصحابُه. قال القاضى: هو قِيَاسُ قَوْلِ أحمدَ: إذا أخْرَجَ عن صِحَاح مُكَسَّرَةً، يُعْطِى ما بينَهما. فاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الوَزْنِ؛ كزِيادَةِ القِيمَةِ لنَفَاسَةِ جَوْهَرِه. وقيلَ: تُعْتَبَرُ القِيمَةُ فى الإخْراجِ إنِ اعْتُبِرَتْ فى النِّصابِ، وإنْ لم تُعْتَبَرْ فى النِّصابِ، لم تُعْتَبَرْ فى الإخْراجِ. قال أبو الخَطَّابِ: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وصحَّحَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِهِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». فائدة: إنْ أخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِه مُشاعًا، أو مِثْلَه وَزْنًا مما يُقابِلُ جَودتَه زِيادَةُ الصَّنْعَةِ، جازَ. وإنْ جَبَر زِيادَةَ الصَّنْعَةِ بِزِيادَةٍ فى المُخْرَجِ، فكَمُكَسَّرَةٍ عن صِحَاحٍ، على ما تقدَّم. وإنْ أرادَ كَسْرَه، مُنِعَ لنَقْص قِيمَتِه. وقال ابنُ تَميمٍ: إنْ أخْرَجَ مِن غيرِه بقَدْرِه، جازَ، ولو مِن غيرِ جِنْسِه، وإنْ لم تُعْتَبَرِ القِيمَةُ، لم يُمْنَعْ مِنَ الكَسْرِ ولا يُخْرِجُ مِن غيرِ الجِنْسِ. وكذا حُكْمُ السَّبائكِ. انتهى.

وَفِى حِلْيَةِ الْمِنْطَقَةِ رِوَايَتَانِ. وَعَلَى قِيَاسِهَا الْجَوْشَنُ، وَالْخُوذَةُ، وَالْخُفُّ، وَالرَّأَنُ، وَالْحَمَائِلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُباحُ للرِّجالِ مِنَ الفِضَّةِ الخَاتَمُ. اتِّخاذُ خاتَمِ الفِضَّةِ للرَّجُلِ مُباحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ، فى كتابِ «الخَواتِيمِ»: هذا اخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ. انتهى. وجزَم به فى «التَّلْخيص»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، فى بابِ الحَلْى، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرهما. وقيلَ: يُسْتَحَبُّ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، فى بابِ اللِّباس، وقدَّمه فى «الآدَابِ». وجزَم به فى «الرِّعايَة الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، فى بابِ اللِّباس. وقيلَ: يُكْرَهُ لقَصْدِ الزِّينَةِ. جزَم به ابنُ تَميمٍ. قال ابنُ رَجَب، فى كتابِ «الخَواتِيمِ»: قالَه طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: النَّهْىُ عن الخاتَمِ ليَتَمَيزّ اَلسُّلْطانُ بما تَخَتَّمَ به. فظاهِرُه الكَراهَةُ إلَّا للسُّلْطانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قدَّم فى «الرِّعايَة الكُبْرَى»، وجزَم به فى «الرِّعايَة الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، فى بابِ اللباسِ، اسْتِحْبابَ التَّخَتُّمِ بخَاتَمِ الفِضَّةِ. وجزَمُوا فى بابِ الحَلْى بإبَاحَتِه. وظاهِرُه التَّناقُضُ، أو يكونُ مُرادُهم فى باب الحَلْى، إخْراجَ الخاتَمِ مِنَ التَّحْريمِ، لا أنَّ مُرادَهم لا يُسْتَحَبُّ. وهذا أوْلَى. فوائد؛ منها، الأفْضَلُ للابِسهِ جعْلُ فَصِّه ممَّا يلِى كَفَّه؛ لأنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، كان يفْعَلُ ذلك. وهو فى «الصَّحِيحَيْنِ» (¬1). وكان ابنُ عَبَّاس يَجْعَلُه ممَّا يلِى ظَهْرَ كَفِّه. روَاه أبو داوُد (¬2). وكذا علىُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَعْفَرٍ كان يَفْعَلُه. روَاه أبو زرْعَةَ الدِّمَشْقِىُّ. وأكْثَر النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذلك. ومنها، جوازُ لُبْسِه فى خِنْصَرِ يَدِهِ اليُمْنَى واليُسْرَى، والأفْضَلُ فى لُبْسِه، فى إحْداهما على الأُخْرَى. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وتابَعَه فى «الفُروعِ»، و «الآدَابِ الكُبْرَى»، و «الوُسْطَى». والصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّ التَّخَتُّمَ فى اليَسَارِ أفْضَلُ. نصَّ عليه فى رِوايَة صالِحٍ، والفَضْلِ بنِ زِيَادٍ. وقال الإمامُ أحمد: هو أقْرَبُ وأثْبَتُ، وأحَبُّ إلىَّ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الإِفَاداتِ»، وغيرِهم. قال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ، فى «آدَابِهِ المَنْظُومَةِ»: ويَحْسنُ فى اليُسْرَى، كأحمد وصَحْبِه. انتهى. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد أشارَ بعضُ أصحابِنا إلى أنَّ التَّخَتُّمَ فى اليُمْنَى مَنْسُوخٌ، وأنَّ التَّخَتُّمَ فى اليَسَارِ آخِرُ الأمْرَيْن. انتهى. قال فى «التَّلخيصِ»: ضَعَّف الإِمامُ أحمدُ حدِيثَ التَّخَتُّمِ فى اليُمْنَى. وهذا مِن غيرِ الأكْثَرِ الذى ذكَرْناه فى الخُطْبَةِ، أنَّ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» هو المذهبُ. وقيلَ: اليُمْنَى أفْضَلُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». فلِصَاحِب «الرِّعايَةِ» فى هذه المسْأَلَةِ ثَلاثُ اخْتِيَاراتٍ. ¬

(¬1) انظر تخريج حديث: اتخذ خاتما من ورق. المقدم فى صفحة 35. (¬2) فى: باب ما جاء فى التختم فى اليمين أو اليسار، من كتاب الخاتم. سنن أبى داود 2/ 408.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، يُكْرَهُ لُبْسُه فى السَّبَّابَةِ والوُسْطى للرَّجُلِ. نصَّ عليه؛ للنَّهْى الصَّحيحِ عن ذلك. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ولم يقَيدْه فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. انتهى. قلتُ: أكثرُ الأصحابِ لم يُقَيِّدوا الكَراهَةَ فى اللُّبْس بالسَّبَّابَةِ والوُسْطى للرِّجالِ، بل أطْلَقُوا. قال ابنُ رَجَبٍ، فى «كِتَابِه»: وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّ ذلك خاصٌّ بالرِّجالِ. انتهى. قلتُ: منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعَايَةِ». وقال ابنُ رَجَبٍ أيضًا: وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، جَوازُ لُبْسِه فى الإبهامِ والبِنْصَرِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ذلك لا يُكْرَهُ فى غيرِهما، وإنْ كان الخِنْصَرُ أفْضَلَ؛ اقْتِصَارًا على النَّصِّ. وقال أبو المَعالِى: الإِبْهامُ مِثْلُ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى. يعْنِى، فى الكَراهَةِ. قال فى «الفُروعِ» مِن عندِه: فالبِنْصَرُ مِثْلُه، ولا فَرْقَ. قلتُ: لو قيلَ بالفَرْقِ، لكان مُتَّجَهًا؛ لمُجاوَرَتِها لما يُباحُ التَّخَتُّمُ فيها، بخِلافِ الإِبْهامِ لبُعْدِه واسْتِهْجانِه. ومنها, لا بأْسَ بجَعْلِه مِثْقالًا وأكثرَ، ما لم يخْرُجْ عنِ العادَةِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ. وقال ابنُ حَمْدانَ، فى كُتبه الثَّلَاثةِ: يُسَنُّ جعْلُه دُونَ مِثْقالٍ. وتابعَه فى «الحاوِيَيْن»، و «الآدَابِ». قال ابنُ رَجَبٍ، فى «كِتابِه»: قِياسُ قوْلِ مَن مَنَعَ مِن أصحابِنا تحَلِّى النِّساءِ بما زادَ على ألْفِ مِثْقالٍ، أنْ يُمْنَعَ الرَّجُلُ مِن لُبْسِ الخَاتَمِ إذا زادَ على مِثْقالٍ وأوْلَى؛ لوُرودِ النَّصِّ هنا، وثَمَّ ليس فيه حديثٌ مرْفُوعٌ، بل مِن كلامِ بعضِ الأصحابِ. انتهى. ومنها، ما ذَكَرَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه عن القاضى، أنَّه قال: لو اتَّخَذَ لنَفْسِه عِدَّةَ خَواِتيمَ، أو مَناطِقَ، لم تسْقُطِ الزكاةُ فيما خرَجَ عنِ العادَةِ، إلَّا أنْ يتَّخِذَ ذلك لوَلَدِه، أو عَبْدِه. قال ابنُ رَجَبٍ: فهذا قد يدُلُّ على مَنْع لُبْسِ أكثرَ مِن خاتَمٍ واحدٍ؛ لأنَّه مُخالِفٌ للعادَةِ، وهذا قد يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ العَوائدِ. انتهى. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ولهذا ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، لا زَكاةَ فى ذلك. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: لا زَكاةَ فى كلِّ حَلْى أُعِدَّ لاسْتِعْمالٍ مُباحٍ، قَلَّ أو كَثُرَ، لرَجُلٍ كان أو امْرأةٍ. ثم قال: وعلى هَذَيْن القَوْلَيْن يُخَرَّجُ جوازُ لُبْسِ خاتَمَيْن فأكْثَرَ جميعًا. ومنها، يُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بالعَقِيقِ، عندَ صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقدَّمه فى «الرِّعَايَةِ»، و «الآدَابِ». ولم يَسْتَحِبَّه ابنُ الجَوْزِىِّ. قال ابنُ رَجَب، فى «كِتَابِه»: وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، لا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، وقد سأله ما السُّنَّةُ؟ يعْنِى فى التَّخَتُّمِ، فقال: لم تكُنْ خَواتِيمُ القَوْمِ إلَّا فِضَّةً. قال العُقَيْلىُّ (¬1): لا يصِحُّ فى التَّخَتُّمِ بالعَقِيقِ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شئٌ. وقد ذَكَرَها كلَّها ابنُ رَجَبٍ، وأعَلَّها فى «كِتَابِه». ومنها، فَصُّ الخاتَمِ إنْ كان ذَهَبًا، وكان يَسِيرًا، فإنْ قُلْنا بإباحَةِ يَسيرِ الذَّهَبِ، فلا كلامَ، وإنْ قُلْنا بعدَمِ إباحَتِه، فهل يُباحُ هنا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، التَّحْريمُ أيضًا. وقد نصَّ أحمدُ على مَنْعِ مِسْمارِ الذَّهَبِ فى خاتَمِ الفِضَّةِ، فى رِوايَة الأَثْرَمِ، وإبْراهِيمَ بنِ الحارِثِ. وهذا اخْتِيارُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانى، الإِباحَةُ. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ عبدِ العَزِيزِ، والمَجْدِ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ فى العَلَمِ. وإليه مَيْلُ ابنِ رَجَبٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. ومنها، يُكْرَهُ أنْ يُكْتَبَ على الخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ؛ قُرآنٌ، أو غيرُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُكْرَهُ دُخولُ الخَلاءِ بذلك. فلا كَرَاهَةَ هنا. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ فى الكَراهَةِ دَلِيلًا إلَّا قوْلَهم: لدُخولِ الخَلاءِ به. والكَراهَةُ تَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عدَمُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد ورَد عن كثير مِنَ السَّلَفِ، كِتابَةُ ذِكْرِ اللَّهِ على خَواتِيمِهم. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ فى «كِتابِه». ¬

(¬1) هو محمد بن عمرو بن موسى، صاحب كتاب «الضعفاء». توفى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. العبر 2/ 194.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهُر قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، حينَ قال للنَّاس: «إنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا، وَنَقَشْتُ فيه، محمدٌ رسُولُ اللَّهِ، فَلَا يَنْقُشْ أحدٌ على نَقْشِى» (¬1). لأنَّه إنَّما نَهاهم عن نَقْشِهم «محمدٌ رَسُولُ اللَّه» لا عن غيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما ورَد، لا يُكْرَهُ غيرُ ذِكْرِ اللَّه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: أو ذِكْر رَسولِه. قال فى «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ لا يُكرهُ ذلك. ومنه, لا يجوزُ أنْ يُنْقَشَ على الخَاتَمِ صُورَةُ حَيَوانٍ. بلا نِزاع؛ للنُّصوصِ الثَّابِتَةِ فى ذلك. لكنْ هل يَحْرُمُ لُبْسُه، أو يُكْرَهُ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَحْرُمُ. اخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، فى آخِرِ «الفُصُولِ». وحكَاه أبو حَكِيم النَّهْرَوَانِىُّ عنِ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو مَنْصُوصٌ عن أحمدَ فى الثِّيابِ والخَواتِمِ. وذكَرَ النَّصَّ. وهو المذهبُ. والوَجْهُ الثَّانى، يُكْرَهُ، ولا يَحْرُمُ. وهو الذى ذكَرَه ابنُ أبى مُوسَى. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ أيضًا، فى كتابِ الصَّلاةِ. وصحَّحَه أبو حَكيِمٍ. وإليه مَيْلُ ابن رَجَبٍ. ومنها، يُكْرَهُ للرَّجُلِ والمرْأَة لُبْسُ خاتَمِ حديدٍ وصُفْرٍ ونُحاسٍ ورَصاصٍ. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعةٍ، منهم إسْحاقُ. ونقَل مُهَنَّا، أكْرَهُ خاتَمَ الحَديدِ؛ لأنَّه حِلْيَةُ أهْلِ النَّارِ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المُرادَ بالكَراهَةِ هنا، كراهَةُ تَنْزِيهٍ. قال ابنُ رَجَب: عندَ أكْثَرِ الأصحابِ. وعنه، ما يدُل على التَّحْريمِ. نقَلَه أبو طالِبٍ، والأثْرَمُ. قال ابنُ رَجَبٍ: عندَ أكْثَرِ الأصحابِ. وظاهِرُ كلام ابنِ أبى مُوسَى، تَحْرِيمُه على الرِّجالِ والنِّساءِ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيزِ، أنَّه متى صلَّى وفى يَدِه خَاتَمٌ مِن حَديدٍ، أو صُفْرٍ، أعادَ الصَّلاةَ. انْتَهى. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «فَتاوِيه»: الدُّمْلُوجُ الحَدِيدُ، والخاتَمُ الحديدُ، نَهَى الشَّرْعُ عنهما. وأجابَ أبو الخَطَّابِ عن ذلك، فقال: يجوزُ دُمْلُوجٌ مِن حَديدٍ. قال فى «الفُروعِ»: فيَتَوُجهُ مِثْلُه الخاتَمُ، ونحوُه. ونقَلَ أبو طالِبٍ، ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى صفحة 35.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّصاصُ لا أعلمُ فيه شيئًا وله رائحَةٌ. قوله: وفى حِلْيَةِ المِنْطَقَةِ رِوَايَتَان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»؛ إحْدَاهما، يُباحُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «التَّصْحِيحِ». قال فى «الفُروعِ»: تُباحُ حِلْيَةُ المِنْطَقَةِ على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الكافِى». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُباحُ: ففيها الزَّكاةُ. وحُكِىَ ذلك عنِ ابنِ أبى مُوسَى، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: وعلى قِياسِها الجَوْشَنُ والخُوذَةُ والخُفُّ والرَّأَنُ والحَمائِلُ. قالَه الأصحابُ. وجزَم فى «الكافِى» بإِباحَةِ الكُلِّ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: قد حُكِىَ فى «الكافِى» عن ابنِ أبى مُوسَى، وُجوبُ الزَّكاةِ فى ذلك. ونصَّ أحمدُ على تَحْريمِ الحَمَائِلِ. ومنَع ابنُ عَقِيلٍ مِنَ الخُفِّ والرَّأنِ، ففِيهما الزَّكاةُ. وكذا الحُكْمُ عندَه فى الكمرانِ والخريطةِ (¬1). ومَنَع القاضى مِن حَمائِلِ السَّيْفِ، وحكَاه عن أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ذلك الاقْتِصَارُ على هذه الأشْياءِ، وقال غيرُ واحدٍ، بعدَ ذِكْرِ ذلك: ونحوُ ذلك. فيُؤْخَذُ منه ما صرَّحَ به بعضُهم، أنَّ الخِلافَ فى المِغْفَرِ والنَّعْلِ ورَأْسِ الرُّمْحِ وشَعِيرَةِ السِّكِّينِ ونحوِ ذلك، وهذا أظْهَرُ لعَدَمِ الفَرْقِ. انتهى. وجزَم ابنُ تَميمٍ، أنه لا يُباحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بالفِضَّةِ. وجزَم فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن» بالإِبَاحَةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ¬

(¬1) الخريطة: وعاء من جلد ونحوه يشد على ما فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال، عن عَدَمِ الإِبَاحَةِ: وهو بعيدٌ. انتهى. قال فى «الفُرْوعِ»: ويدْخُلُ فى الخِلافِ تركاشُ النَّشَّابِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: وكذلك الكَلالِيبُ؛ لأنَّها يَسِيرٌ تابعٌ. وتقدَّم كلامُ أبى الحَسَنِ التَّمِيمِىِّ فى أوَّلِ بابِ الآنِيَةِ. فائدتان؛ إحْداهُما، لا يُباحُ غيرُ ما تقدّم، فلا يُباحُ تَحْلِيَةُ المَرَاكبِ، ولِباسِ الخَيْلِ؛ كاللُّجْمِ، وقَلائِدِ الكِلَابِ، ونحوِ ذلك. وقد نصَّ الإِمامُ أحمدُ على تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الرِّكابِ واللِّجامِ. وقال: ما كان سَرْجٌ ولجامٌ، زُكِّىَ. وكذا تَحْلِيَةُ الدَّواةِ والمِقْلَمَةِ، والكمرانِ، والمِرْآةِ، والمُشْطِ، والمُكْحُلَةِ، والمِيلِ، والمِسْرَجَةِ، والمِرْوَحَةِ، والمَشْرَبَةِ، والمُدْهُنِ، وكذا المِسْعَطِ، والمِجْمَرِ، والقِنْدِيلِ. وقيل: يُكْرَهُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قيلَ، ولا فَرْقَ. ونقَلَ الأَثْرَمُ، أكْرَهُ رَأْسَ المُكْحُلَةِ وحِلْيَةِ المِرْآةِ فِضَّةً. ثم قال: وهذا شئٌ تافِهٌ، فأمَّا الآنِيَةُ، فليس فيها تَحْريمٌ. قال القاضى: ظاهِرُه لا يَحْرُمُ؛ لأنَّه فى حُكْمِ المُضَبَّبِ، فيكونُ الحُكْمُ فى حِلْيَةِ جميع الأوانِى كذلك. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وسبَق فى بابِ الآنِيَة ما حكَاه ابنُ عَقِيل فى «الفُصُولِ» عن أبى الحَسَنِ التَّمِيمِىِّ، فى كِتابِه اللَّطيفِ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ مَسْجِدٍ ومِحْرابٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لو وُقِفَ على مَسْجِدٍ أو نحوِ قنْدِيلُ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، لم يَصِحَّ، ويَحْرُمُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ: هو بمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ، فيُكْسَرُ ويُصْرَفُ فى مَصْلَحَةِ المَسْجِدِ وعِمَارَتِه. انتهى. ويَحْرُمُ أيضًا، تَمْوِيهُ سَقْفٍ وحائطٍ بذَهَبٍ أو فِضةٍ؛ لأنَّه سرَف وخُيَلاءُ. قال فى «الفُروعِ»: فَدَلَّ على الخِلافِ السَّابِقِ، فى إباحَتِهِ تَبَعًا. تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قُلْنا: يَحْرُمُ. وَجَبَتْ إزالته وزَكَاتُه, وإنِ اسْتُهْلِكَ فلم يَجْتَمِعْ منه شئٌ فله اسْتِدامَتُه، ولا زَكاةَ فيه؛ لعَدَمِ الفائدةِ وذَهابِ المالِيَّةِ.

وَمِنَ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السَّيْفِ، وَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ؛ كَالْأَنْفِ، وَمَا رَبَطَ بِهِ أَسْنَانَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُباحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُباحُ مِنَ الفِضَّةِ إلَّا ما اسْتَثْناه الأصحابُ، على ما تقدَّم. وهو صحيح، وعليه الأصحابُ. وقال صاحِبُ «الفُروعِ» فيه: ولا أعْرِفُ على تَحْرِيمِ لُبْس الفِضَّةِ نصًّا عن أحمدَ، وكلامُ شيْخِنا يدُلُّ على إِبَاحَةِ لُبْسِها للرِّجالِ، إلَّا ما دَلَّ الشَّرَعُ على تَحْرِيمِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: لُبْسُ الفِضَّةِ إذا لم يَكُنْ فيه لَفْط عامٌ بالتَّحْريمِ، لم يكُنْ لأحَدٍ أنْ يُحَرِّمَ منه إلَّا ما قامَ الدَّليلُ الشَّرَعِىُّ على تَحْرِيمِه، فإذا أباحَتِ السُّنَّةُ خاتَمَ الفِضَّةِ، دلَّ على إباحَةِ ما فى مَعْناه، وما هو أولَى منه بالإِباحَةِ، وما لم يكُنْ كذلك، فيحْتاجُ إلى نَظَرٍ فى تَحْليله وتَحْريمِه، والتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عَدَمُه. ونَصَرَه صاحِبُ «الفُروعِ»، ورَدَّ جميعَ ما اسْتَدَلَّ به الأصحابُ. قوله: ومِنَ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السيَّفَ. هذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ: كان فى سَيْفِ عُمَرَ سَبائِكُ مِن ذَهَبٍ، وكان فى سَيْفِ عُثْمانَ بنِ حُنَيْفٍ مِسْمَارٌ مِن ذَهَبٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: جعَل أصحابُنا الجَوازَ مذهب أحمدَ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَة»: يُباحُ فى الأظْهَرِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «شرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنتخَبِ الآدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ». قال الزَّركَشِىُّ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهورُ. وعنه، لا يُباحُ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاويَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». تنبيه: حكَى بعضُ الأصحابِ عَدَمَ الإِبَاحَةِ احْتِمالًا، وحكَى بعضُهم الخِلافَ وَجْهَيْن، كصاحبِ «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيَّدَ ابنُ عَقِيل الإباحَةَ باليَسيرِ، مع أنَّه ذكَرَ أنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ثَمانِيَةُ مَثاقِيلَ. وذكَر بعضُ الأصحابِ الروايتَيْن فى إباحَتِه فى السَّيْفِ.

وَيُبَاحُ للِنِّسَاءِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كُلُّ مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ بَلَغَ أَلْفَ مِثْقَالٍ حَرُمَ، وَفيهِ الزَّكَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم ما نقَلَه الإِمامُ أحمدُ عن سَيْفِ عُمَرَ وعُثْمَانَ. وقيلَ: يُباحُ الذَّهَبُ فى السِّلاحِ. واخْتارَه الآمِدِىُّ، والشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ. وقيلَ: كلُّ ما أُبِيحَ تَحْلِيَتُه بفِضَّةٍ، أُبِيحَ تَحْلِيَتُه بذَهَب. وكذا تَحْلِيَةُ خاتَمِ الفِضَّةِ به. وقال أبو بَكْرٍ: يُباحُ يَسيرُ الذَّهَبِ، تَبَعًا لا مُفْرَدًا، كالخاتَمِ ونحوِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يباحُ يَسيرُه تَبَعًا لغيرِه. وقيلَ: مُطْلَقًا. وقيلَ: ضَرُورَةً. قلتُ: أو حاجَةً لا ضَرُورَةً. انتهى. وتقدَّم ذلك فى أوائلِ بابِ الآنيَةِ، وتقدَّم هناك كلامُ الشَّيخِ تَقِىُّ الدِّينِ على اخْتِيارِ أبى بَكْرٍ. قوله: ويُبَاحُ للنِّساءِ مِنَ الذَهَبِ والفِضَّةِ كل ما جَرَتْ عادَتُهُنَّ بلُبْسِه، قَلَّ أو كَثُرُ. كالطَّوْقِ، والخَلْخَالِ، والسِّوارِ، والدُّمْلُوجِ، والقُرْطِ، والعِقْدِ، والمقلَّدَةِ، والخاتَمِ, وما فى المَخَانِقِ مِن حَرائِزَ وَتَعَاوِيذَ، وأكرٍ، ونحوِ ذلك. حتى قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم: وتَاجٍ. وهذا المذهبُ فى ذلك كله، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: ويُباحُ للمَرأَةِ التَّحَلِّى بالذهَبِ والفِضَّةِ مُطْلَقًا، فى إحْدَى الروايتَيْنِ. وفى الأُخْرَى، إذا بلَغَ الْفًا، فهو كثير، فيَحْرُمُ للسَّرَفِ. قال فى «الفُروعِ»: ولَعَلَّ مُرادَه عنِ الرِّوايَةِ الثَّانِية، مِنَ الذَّهَبِ، كما صرَّحَ به بعضُهم، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. انتهى. قال المصَنِّفُ هنا: وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ بَلَغ الْفَ مِثْقَالٍ، حَرُمَ، وفيه الزَّكاةُ. وكذا قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. فظاهِرُه، أنَّه سَواءٌ كان مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ. وعنه أيضًا، ألْفُ مِثْقالٍ كثيرٌ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. وعنه، عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ كثيرٌ. وأباحَ القاضى ألْفَ مِثْقالٍ فما دُونَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُباحُ المُعْتادُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكنْ إِن بلَغ الخَلْخَالُ ونحوُه خَمْسَمِائَةِ دينارٍ، فقد خرَج عنِ العادَةِ. وتقدَّم قوْلُه: ما كان مِن ذلك لسرَفٍ أو مُباهَاةٍ، كُرِهَ وزُكِّى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، جَوازُ تَحْلِيَة المرْأَةِ بدَراهِمَ وَدَنانِيرَ مُعَرَّاةٍ وفى مُرْسَلَةٍ (¬1). وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، فلا زَكاةَ فيه. والوَجْهُ الثّانى، لا يَجوزُ تَحْلِيَتُها بذلك. فعليها الزَّكاةُ فيه. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائقِ»، و «المُذْهَبِ». قلتُ: قد ذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، فى بابِ جامِع الإيْمَانِ، إذا حَلَفَ لا يَلْبَسُ حَلْيًا، فلبِسَ دَراهِمَ أو دَنَانِيرَ فى مُرْسَلَةٍ، فى حِنْثِه وَجْهَيْن. جزَم فى «الوَجيزِ» بعدَمِ الحِنْثِ، وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرتِه»، الحِنْثَ. فالصَّوابُ فى ذلك؛ أنْ يُرْجَعَ فيه إلى العُرْفِ والعادَةِ، فمَن ¬

(¬1) المعراة: ذات العروة التى تعلق منها. والمرسلة: زيادة طويلة تقع على الصدر، أو القلادة فيها الخرز وغيره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عُرْفُهم وعادَتُهم اتِّخاذَ ذلك حَلْيًا، فلا زَكاةَ فيه، ويحْنَثُ فى يَمِينه، وإلَّا فعليه الزَّكاةُ ولا حِنْثَ. فوائد؛ إحْداها, لا زَكاةَ فى الجَوْهَرِ، واللُّؤلُؤِ، ولو كان فى حَلْى، إلَّا أنْ يكونَ لتجَارَةٍ، فيُقَوَّمُ جَمِيعُه تَبَعًا. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: ولا زَكاةَ فى حَلْى جَوْهَرٍ. وعنه، ولُؤْلُؤٍ. وقال غيرُ واحدٍ: إلَّا أنْ يكونَ لتجَارَةٍ أو سَرَفٍ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وهو قوْلٌ فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرَى». وإنْ كان للكِرَاءِ، فوَجْهان. وأطْلَقَهما فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُ الزَّكاةِ. وظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، عَدَمُ الوُجوبِ. الثَّانيةُ، يُباحُ للرَّجُلِ والمرْأةِ التَّحَلِّى بالجَوْهَرِ ونحوِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر أبو المَعالِى، يُكْرَهُ ذلك للرَّجُلِ؛ للتَّشَبُّهِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَه غيرُ تَخَتُّمِه بذلك. الثَّالِثَةُ، هذه المسْأَلةُ، وهي تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بالمرْأَةِ، والمرْأَةِ بالرَّجُلِ فى اللِّباسِ وغيرِه، يَحْرُمُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المَرُّوذِىُّ: كنتُ عندَ أبى عبدِ اللَّهِ، فمَرَّتْ به جارِيَةٌ عليها قَباءٌ، فتَكَلَّمَ بشئٍ، قلتُ: تَكْرَهُه؟ قال: كيف لا أكْرَهُه جدًا، وقد لَعَن النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّساءِ بالرِّجالِ (¬1). قال: وكَرِهَ الإِمامُ أَحمدُ أنْ يَصيرَ للمَرْأةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجالِ. وجزَم به المُصَنِّفُ. وجزَم به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الفُصُولِ»، ¬

(¬1) أخرجه البخارى، فى: باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 7/ 205. وأبو داود، فى: باب لباس النساء، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 2/ 381. والترمذى، فى: باب ما جاء فى المتشبهات بالرجال من النساء، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 234. وابن ماجه، فى: باب فى المخنثين، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 614. والإمام أحمد، فى: المسند 1/ 254، 330، 339، 2/ 287، 289.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النِّهايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، وغيْرهم، فى لُبْسِ المرْأَةِ العِمامَةَ. وكذا قال القاضى: يجِبُ إنْكارُ تَشَبُّهِ الرِّجالِ بالنِّساءِ وعَكْسِه. واحْتَجَّ بما نَقَلَه أبو داوُدَ، ولا يُلْبِسُ خادِمَتَه شَيْئًا مِن زِىِّ الرِّجَالِ، لا يُشَبِّهُها بهم. ونقَل المَرُّوذِىُّ، لا يُخاطُ لها ما كان للرجُلِ وعَكْسُه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيص»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم: يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ، ولا يَحْرُمُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، مع جزْمِهم بتَحْريمِ اتِّخاذِ أحَدِهما حَلْى الآخَرِ ليَلْبَسَه، مع أنَّه داخِلٌ فى المسْأَلةِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه الذى عَناه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ بكَلامِه السَّابقِ، فى الفَصْلِ قبلَه. وقال فى «الفُصُولِ»: تُكْرَهُ صلاةُ أحَدِهما بلِبَاسِ الآخَرِ؛ للتَّشَبُّهِ.

باب زكاة العروض

بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوضِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فى عُرُوضِ التِّجَارَةِ، إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ زَكاةِ العُروضِ

وَيُؤْخَذُ مِنْهَا لَا مِنَ الْعُرُوضِ، وَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُؤْخَذُ منها لا مِنَ العُرُوض. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرهم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويَجوزُ الأخْذُ مِن عَيْنِها أيضًا. قوله: ولا تَصِيرُ للتِّجارةِ إلَّا أنْ يَمْلِكَها بفِعْلِه بنيَّةِ التِّجَارَةِ بها، فإنْ مَلَكَها

بِفِعْلِهِ بنِيَّةِ التِّجَارَةِ بهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بإِرْثٍ، أو مَلَكَها بفِعْلِه بغيرِ نِيَّةٍ، ثم نوَى التِّجارَةَ بها, لم تَصِرْ للتِّجارَةِ. وإن كانَ عندَه عَرْضٌ للتِّجارَةِ فنَواه للقُنْيةِ، ثم نَوَاه للتِّجارَةِ، لم يَصِرْ للتِّجارَةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أنصُّ الرِّوايتَيْن وأشْهَرُهما. واخْتارَها الخِرَقِىِّ، والقاضى، وأكثرُ الأصحابِ. قال فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ؛ لأن مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لا ينْقُلُ عنِ الأصْلِ، كنِيَّةِ إسامَةِ المَعْلوفَةِ، ونِيَّةِ الحاضِرِ السَّفَرَ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى» وغيرِهم. وعنه، أنَّ العَرْضَ يصيرُ للتِّجارَةِ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. نَقَلَه صالِحٌ، وابنُ إبْرَاهِيمَ، وابنُ مَنْصُور. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى، وابنُ عَقِيل، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به فى «التَّبْصِرَةِ»، و «الرَّوْضَةِ»، والمُصَنِّف فى «العُمْدَةِ». وأطْلَقَهُما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». تنبيه: قوله. إلَّا أنْ يَمْلِكَها بفِعْلِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ فيما مَلَكَه المُعاوَضَةُ، فحُصولُه بالنِّكاحِ والخُلْع والهِبَةِ والغَنِيمَة، كالبَيْع. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يُشْتَرَطُ أنْ يَمْلِكَها بعِوَضٍ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. وقيلَ: تُعْتَبَرُ المُعاوَضَةُ، سَواءٌ تَمَحَّضَتْ؛ كَبَيْع وإجارَةٍ ونحوِهما، أو لا؛ كنِكَاحٍ وخُلْع وصُلْح عن دَمٍ عَمْدٍ. قال المَجْدُ: وهذا نَصُّه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». فعلى هذا القَوْلِ، لو مَلَك بغيرِ عِوَضٍ، كالهِبَةِ والغَنِيمَةِ ونحوِهما، لم يَصِرْ للتِّجارَةِ؛ لأنَه لم يَمْلِكْه بعِوَضٍ، أشْبَهَ المَوْرُوثَ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ ملَكَه بفِعْلِه بلا عِوَضٍ، كوصِيَّةٍ وهِبَةٍ مُطْلَقَةٍ وغَنِيمَةٍ واحْتِشَاشٍ واحْتِطَابٍ واصْطِيادٍ، أو بِعِوَضٍ غيرِ مالِىٍّ، كدِية عن دَم عَمْدٍ ونِكاحٍ وخُلْعٍ، زادَ فى «الكُبْرَى»، أو بعِوَضٍ مَالِىٍّ بلا عَقْدٍ، كَرَد بعَيْب أو فَسْخٍ، أو أخْذِه بشُفعَةٍ، فوَجْهان فى ذلك كلِّهْ. وعنه، يُعْتَبَرُ كَوْنُ العِوَضِ نَقْدًا. ذكَرَه أبو المَعالِى. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً، فيما إذا مَلَك عَرْضًا للتِّجارَةِ بعَرْصِ قُنْية، لا زَكاةَ. قال فى «الفُروعِ»: فهى هذه الرِّوايَةُ. وقال ابنُ تَميمٍ: يُخَرَّجُ منها اعْتِبارُ كَوْنِ بَدَلِه نَقْدًا أو عَرْضَ تِجَارَةٍ. فوائد؛ إحْداها، معْنَى نِيَّةِ التِّجارةِ، أنْ يَقْصِدَ التَّكَسُّبَ به بالاعْتِيَاضِ عنه لا بإتْلافِه، أو مع اسْتِبْقائِه؛ فإذا اشْتَرَى صَبَّاغٌ ما يَصْبُغُ به ويَبْقَى، كزَعْفَرَانٍ ونِيلٍ وعُصْفُرٍ ونحوِه، فهو عَرْضُ تِجَارَةٍ يُقَوِّمُه عندَ حَوْلِه. وكذا لوِ اشْتَرَى دَبَّاغٌ ما يَدْبُغُ به، كَعَفْصٍ وقرضٍ، وما يدْهُنُ به، كسَمْنٍ ومِلْحٍ. ذكَرَه ابنُ البَنَّا. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر المَجْدُ فى «شَرْحِه»، لا زَكاةَ فيه. وقال أيضًا: لا زَكاةَ فيما لا يبقَى له أَثَرٌ فى العَيْنِ، كالحَطَبِ والمِلْحِ والصَّابُونِ والأُشْنانِ والقلى والنُّورَةِ ونحو ذلك. الثَّانيةُ، لا زَكاةَ فى آلاتِ الصَّبَّاغ، وأمْتِعَةِ

فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ، أَوْ مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا، لَمْ تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّجَّارِ، وقَوارِيرِ العَطَّارِ والسَّمَّانِ ونَحْوِهم، إلَّا أنْ يُرِيدَ بَيْعَها بما فيها. وكذا آلاتُ الدَّوابِّ إنْ كانتْ لحِفْظِها وإنْ كان بَيْعُها معها، فهى مالُ تِجَارَةٍ. الثَّالثةُ، لو لم

وَإنْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ، فَنَوَاهُ لِلْقُنْيَةِ، ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ. وَعَنْهُ، أن الْعُرُوضَ تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يكُنْ ما ملَكَه عَيْنَ مالٍ، بل مَنْفَعَةَ عَيْنٍ، وَجَبَتِ الزَّكاةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وقيلَ: لا تجِبُ. فيه كما لو نَواهَا بدَيْنٍ حالٍّ. الرَّابعَةُ، لو باعَ عَرْضَ قُنْيَة، ثم اسْتَرَدَّه ناوِيًا به التِّجارَةَ، صارَ للتِّجارَةِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ». ولوِ اشْتَرَى عَرْضَ تِجَارَةٍ بعَرْضِ قُنْيَةٍ، فردَّ عليه بعَيْب، انْقَطَعَ الحَوْلُ. ومِثْلُه، لو باعَ عَرْضَ تجارةٍ بعَرْضِ قُنْيَةٍ فرُدَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. قالَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. ولو قُتِلَ عَبْدُ تجارَةٍ خَطَأً، فصَالَحَ على مالٍ، صارَ للتِّجارَةِ، من إنْ كان عَمْدًا، وقُلْنا: الواجِبُ أحَدُ شَيْئَيْن، فكذلك. وإنْ قُلْنا: الواجِبُ القِصَاصُ عَيْنًا. لم يَصرْ للتِّجارَةِ إلا بالنِّيَّةِ. ذَكَرَه القاضى فى التَّخْريجِ. وجزَمِ به فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». ولوِ اتَّخَذَ عَصِيرًا للتِّجارَةِ فتَخَمَّرَ، ثم تَخَلَّلَ، عادَ حُكْمُ التِّجارَةِ. ولو ماتَتْ ماشِيَةُ التِّجارَةِ، فدَبَغَ جُلُودَهَا، وقُلْنا:

وَتُقَوَّمُ الْعُرُوضُ عِنْدَ الْحَوْلِ بِمَا هُوَ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِين، مِنْ عَيْنٍ أَوْ وَرِقٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتُرِيَتْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَطْهُرُ. فهى عَرْضُ تجارَةٍ. قالَه القاضى. وجزَم به فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ» وغيرِهما. الخامِسَةُ، تَقْطَعُ نِيَّةُ القُنْيَةِ حوْلَ التِّجارَةِ، وتَصِيرُ للقُنْيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّها الأصْلُ، كالإِقامَةِ مع السَّفَرِ. وقيلَ: لا تَقْطَعُ إلَّا المُمَيزَّةَ. وقيل: لا تَقْطَعُ نِيَّةٌ مُحَرَّمَةٌ، كَنَاوٍ مَعْصِيَة فلم يَفْعَلْها، ففى بُطْلانِ أهْلِيَّتِه للشَّهادَة خِلافٌ. ذكَرَه أبو المَعالِى. قولهَ: وتُقَوَّمُ العُرُوضُ عندَ الحَوْلِ بما هو أحَظُّ للمَساكِينِ مِن عَيْنٍ أو وَرِقٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِى، سواءٌ كان مِن نَقْدِ البَلَدِ أو لا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الحَلْوَانِىُّ: تُقَوَّمُ بنَقْدِ البَلَدِ، فإن تَعَدَّدَ فبالْأحَظِّ. وعنه، لا يُقَوَّمُ نقْدٌ بنَقْدٍ آخَرَ، بِناءً على قَوْلِنا: لا يُبنَى حَوْلُ نَقْدٍ على حَوْلِ نَقْدٍ آخَرَ، فيُقَوَّمُ بالنَّقْدِ الذى اشْتَرى به. فوائد؛ الأُولَى، ما قوَّمه به لا عِبْرَةَ بتَلَفِه إلَّا قبلَ التَّمَكُّنِ. فعلى ما سَبَق فى أواخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، ولا عِبْرَةَ أيضًا بنَقْصِه بعدَ تَقْويمِه، ولا بزِيادَتِه إلَّا قبلَ التَّمَكُّنِ، فإنَّه كتَلفِه، وإنَّما قُلْنا: لم تُؤَثِّرِ الزِّيادَةُ؛ لأنَّه كنَتَاجِ الماشِيَةِ بعدَ الحَوْلِ. الثَّانيةُ، لو بَلَغَتْ قِيمَةُ العُرُوضِ بكُلِّ نَقْدٍ نِصابًا، قُوِّمَ بالأنْفَعِ للفُقَراءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ. صحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ تَميمٍ، وغيرُهما. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخيص»، وغيرُهم، وهو الصَّوابُ. وقيلَ: يُخَيَّرُ. قالَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه، وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، إلَّا أنَّه قال: يَنْبَغِى أنْ يُقَيَّدَ بنَقْدِ البَلَدِ (¬1). وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. وقيلَ: يُقَوَّمُ بفِضَّةٍ. الثَّالِثةُ، لوِ اتَّجَرَ فى الجَوارِى للغِنَاءِ، قَوَّمَهُنَّ سَواذِجَ، ولوِ اتجَرَ فى الخصْيَانِ، قوَّمَهم على صِفَتِهم، ولوِ اتَّجَرَ فى آنِيَة الذَّهَبِ والفِضَّةِ، لم يَنْظرْ إلى القِيمَةِ، وهو عاصٍ بذلك، بل تَحْرِيمُ الآنِيَةِ أشَدُّ مِن تَحْرِيمِ اللِّباس؛ لتَحْرِيمِها على الرِّجالِ والنِّساءِ. والخِرَقِىُّ، رَحِمَه اللَّهُ، أطْلَقَ الكَراهَةَ، ومُرادُه التَّحْرِيمُ، بدَليلِ قوْلِه: والمُتَّخِذُ آنِيَةَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ عاصٍ، وعليه الزَّكاةُ. وذلك مُصْطَلَحُ المُتَقَدِّمِين فى إطْلاقِهم الكَراهَةَ، وإرَادَتِهم التَّحْريمَ. وعلى هذا أكثرُ الأصحابِ فى إرادَةِ الخِرَقِىِّ ذلك. وقطَع المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّه لا خِلافَ فيه بينَ أصحابِنا. وفى «جامِعِ القاضى»، و «الوَسِيلَةِ»، ظاهِرُ الخِرَقِىِّ كَراهَة تَنْزيه. تنبيه: تقدَّم فى البابِ الذى قبلَه ضَمُّ العُرُوضِ إلى كل واحدٍ مِنَ النَّقْدَيْن، وضَمُّ النَّقْدَيْن إلى العُرُوضِ، فى تَكْمِيلِ النِّصابِ ونحْوِه. ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 254.

وَإنِ اشْتَرَى عَرْضًا بِنِصَابٍ مِنَ الأثْمَانِ أَوْ مِنَ الْعُرُوضِ, بَنَى عَلَى حَوْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ مِنَ السَّائِمَةِ لَمْ يَبْنِ عَلَى حَوْلِهِ، وَإنْ مَلَكَ نِصَابًا مِنَ السَّائِمَةِ لِلتِّجَارَةِ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ دُونَ السَّوْمِ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغ قِيمَتُهَا نِصَابَ التِّجَارَةِ، فعَلَيْهِ زَكَاةُ السَّوْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَاه بنصابٍ مِنَ السَّائمةِ لم يَبْنِ على حَوْلِه. وكذا لو باعَه بنصَابٍ مِنَ السَّائمةِ. وهذا بلا نِزاع فيهما، إلَّا أنْ يَشْتَرِىَ نِصابَ سائمةٍ للتِّجارَةِ بنصَابِ سائمةٍ للقُنْيَة، فإنَّه يَبْنِى. على الصحيح مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: يَبْنِي فى الأصح. وجزَم به جماعةٌ. وقيل: لا يَبْنِى. قوله: وإنْ مَلَكَ نِصابًا مِنَ السَّائمةِ للتِّجارَةِ، فعليه زَكاةُ التِّجارَةِ دونَ السَّوْمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: عليه زَكاةُ السَّوْم دُونَ التِّجارةِ. ذَكَرَه القاضى وغيرُه؛ لأنَّها أقْوَى؛ للإِجْماعِ، وتَعَلُّقِها بالعَيْنِ، لكنْ إنْ نقَص نِصابُه، وَجَبَتْ زَكاةُ التِّجارَةِ. وقيلَ: يَلْزَمُه أنْ يُزَكِّى بالأحَظِّ منهما للفُقَراءِ. واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». ويظْهَرُ أثر الخِلافِ فى الأمْثِلَةِ فى الإبلِ والغَنَمِ. وقد ذَكَرَها هو ومَن تَبِعَه، وأطْلَقَهُنَّ فى «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يُزَكِّى النِّصابَ للعَيْنِ، والوَقْصَ (¬1) للقِيمَةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سَواءٌ اتَّفَقَ حَوْلَاهُما أو لا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، والصَّحيحُ منهما، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيلَ: يُقَدَّمُ السَّابِقُ فى حَوْلِ السَّائمةِ أوِ التِّجارةِ. اخْتارَه المَجْدُ؛ لأنَّه وُجِدَ سَبَبُ زَكاتِه بلا مُعارِض. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ لم تَبْلُغ قِيمَتُها نِصابَ التِّجارَةِ، فعليه زَكاةُ السَّوْم. كأرْبَعِين شاةً، قِيمَتُها دونَ مِائَتَيْن، أو دونَ عِشْرِين مِثْقالًا. وكذا الحُكْمُ فى عَكس هذه المسْأَلَةِ؛ ¬

(¬1) الوقص: ما بين الفريضتين من نُصُب الزكاة مما لا شئ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو كان عندَه ثَلاثُون مِنَ الغنَمِ قِيمَتُها مِائَتَا دِرْهَمٍ، أو عِشْرُون مِثْقالًا، فعليه زَكاةُ التِّجارَةِ وهذا المذهبُ فى المَسْأَلَتَيْن، وقطَع به كثير مِنَ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ: لا خِلافَ فيه. وصحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ». وقدمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى فى «المُجَردِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يُقَدَّم ما تَمَّ نِصابُه، بل يُغلبُ حُكْمُ ما يغْلِبُ إذا اجْتَمَعَ النِّصابان. وإنْ أدَّى إلى إسْقاطِ الزكاةِ. قَالَه أبو الخطَّابِ فى «الخِلافِ». وحكَاه ابنُ عَقِيل عن شَيْخِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن أنَّه متى نَقَصَتْ قِيمَةُ الأرْبَعِين شاةً عن مِائَتَى دِرْهَمٍ، فلا شئَ فيها. قال المَجْدُ: وهذا ظاهِرُ كلامِه. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم غيرُ واحدٍ بأنَّه إنْ نقَصَ نِصابُ السَّوْمِ، وجَبَتْ زَكاةُ التِّجارَةِ. انتهى. وهذا إذا لم يَسْبِقْ حَوْلُ السَّوْمِ. فأمَّا إنْ سبَق حَوْلُ السَّوْمِ، وكانتْ قِيمَتُه أقلَّ مِن نِصابٍ فى بعض الحَوْلِ، فلا زَكاةَ مُطْلَقًا، حتى يتمَّ الحَوْلُ مِن حينِ يبْلُغُ النِّصابَ، فى وَجْهٍ اخْتارَه القاضى. وعن أحمدَ ما يدُل عليه. وفى وَجهٍ آخَرَ، تجبُ زَكاةُ السَّوْمِ عندَ حَوْلِه، فإذا حالَ حَوْلُ التِّجارَةِ، وَجَبَتْ زَكاةُ الزَّائدِ على النِّصابِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو احْتِمالٌ فى «الشَّرْحِ». ومالَ إليه. وكذا حكَى المُصَنِّفُ إذا سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وأمَّا إنْ نَقَصَ عن نِصابِ جميع الحَوْلِ، وَجَبَتْ زَكاةُ السَّوْمِ. على أصحِّ الوَجْهَيْن؛ لِئَلَّا تسْقُطَ بالكُلِّيَّةِ. صحَّحَه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». واخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: لا تجِبُ زَكاةُ السَّوْمِ. فائدة: لو مَلَك سائمةً للتِّجارةِ نِصْفَ حَوْلٍ، ثم قطَع نِيَّةَ التِّجارَةِ، اسْتَأْنَفَ حوْلًا ولم يَبْنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واختارَ المُصَنِّفُ، يَبْنِى؛ لوُجُودِ

وَإِنِ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ نَخْلًا لِلتِّجَارَةِ، فَأَثْمَرَتِ النَّخْلُ، وَزُرِعَتِ الأَرْضُ، فَعَلَيْهِ فِيهِمَا الْعُشْرُ، وَيُزَكِّى الْأَصْلَ لِلتِّجَارَةِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُزَكِّى الْجَميعَ زَكَاةَ الْقِيمَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبَبِ الزَّكاةِ بلا مُعارِضٍ. وبَنَاه المَجْدُ على تقْديمِ ما وُجِدَ نِصابُه فى المسْألةِ السَّابِقَةِ. وأطْلَقَ ابنُ تَميمٍ وَجْهَيْن. قوله: وإنِ اشْتَرى أرْضًا أو نَخْلًا للتِّجارَةِ، فأثْمَرَتِ النَخْلُ وزُرِعَتِ الأرْضُ، فعليه فِيهِما العُشْرُ، ويُزَكِّى الأصْلَ للتِّجارَةِ. يعْنِى، إذا اتَّفَقَ حَوْلَاهما. وهذا أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وذكَر ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، أنَّ جَدَّه أبا المَعالِى ذكَر فى «شَرْحِ الهِدايَةِ»، أنَّه اخْتِيارُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ. قلتُ: جزَم به القاضى، فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ». وقال القاضى: يزَكِّى الجميعَ زَكاةَ القِيمَةِ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وصحَّحَه فى «البُلْغَةِ». وقدَّمَه فى

وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَسْبِقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ حَوْلَ التِّجَارَةِ فَيُخْرِجَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ وغيرُهما: اخْتارَه القاضى، وأصحابُه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا المَنْصُوصُ عن أحمدَ. ونَصَره. قوله: ولا عُشْرَ عليه، إلَّا أنْ يَسْبِقَ وُجُوبُ العُشْرِ حوْلَ التِّجارَة فَيُخْرِجَه. اعلمْ أنَّه تارَةً يتَّفِقُ حَوْلُ التِّجارةِ والعُشْرُ فى الوُجوبِ، بأنْ يكونَ بُدُوُّ الصَّلاحِ فى الثَّمَرَةِ واشْتِدادُ الحَبِّ عندَ تَمامِ الحَوْلِ، وكانتْ قِيمَةُ الأصْلِ تبْلُغُ نِصابَ التِّجارةِ. فهذه مَسْألةُ المُصَنِّفِ المُتَقَدِّمَةُ التى فيها الخِلافُ. وتارَةً يَخْتَلِفان فى وَقْتِ الوُجوبِ، مثْل أنْ يَسْبِقَ وُجوبُ العُشْرِ حَوْلَ التِّجارةِ، أو عَكْسُه، أو يتَّفِقَان، ولكن أحَدَهما دونَ نِصابٍ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ السَّبْقِ هنا حُكْمُ ما لو ملَك نِصابَ سائمةٍ للتِّجارَةِ، وسبَق حَوْلُ أحَدِهما على الآخَرِ. وحُكْمُ تقْديمِ ما كَمَلَ نِصابُه هنا حُكْمُ ما لو وُجِدَ نِصابُ أحَدِهِما، كما تقدَّم قريبًا. جزَم به المجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهما، فقالا: وإنِ اخْتلَفَ وَقْتُ الوُجوبِ، أو وُجِدَ نِصَابُ أحدِهما، فكَمَسْأَلةِ سائمةِ التِّجارةِ التى قبلَها فى تقْديمِ الأسْبَقِ,

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقديمِ ما تمَّ نِصابُه. انتهيا. وقيلَ: يزَكِّى عُشْرَ الزّرْعِ والثَّمَرِ إذا سبَق وُجوبُه. جزَم به فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: فلو سبَق نِصَابُ العُشْرِ، وجَب العُشْرُ، وَجْهًا واحِدًا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. قلتُ: الذى يَظْهَرُ، أنَّه لا تَنافِى بينَ القَوْلَيْن، وأنَّ هذه المَسْأَلَةَ كمَسْأَلةِ السَّائمةِ التى للتِّجارةِ. وقطَع هؤلاءِ الجماعَةُ بِناءً منهم على أحَدِ الوَجْهَين فى مسْألةِ السَّائمةِ التى للتِّجارةِ. تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ أخْرَجَ العُشْرَ، فإنَّه لا يلْزَمُه سوى. زَكاةِ الأصْلِ، وحيْثُ أخْرَجَ عنِ الأصْلِ والثَّمَرَةِ والزَّرْعِ زَكاةَ القِيمَةِ، فإنَّه لا يلْزَمُه عُشرٌ للزَّرْعِ والثَّمَرةِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا بينَ الأصحابِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا سبَق وُجوبُ العُشْرِ حوْلَ التِّجارةِ، أنَّ عليه العُشْرَ مع إخْراجِه عنِ الجميعِ زَكاةَ القِيمَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا قائِلَ به. ولذلك قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحهِ»: يَنْبَغِى أنْ يَعُودَ الاسْتِثْناءُ إلى الخِلافِ المذكورِ فى المسْألَةِ، أىِ (¬1) الخِلافِ فى اعْتِبارِ القِيمَةِ فى الكُلِّ، أو فى الأصْلِ دونَ النَّماءِ إذا اتَّفَقَ وُجوبُ العُشْرِ وزَكاةُ التِّجارةِ. الثَّانى، فعلى ما قدَّمه المُصَنِّفُ، يُسْتَأْنَفُ حَوْلُ التِّجارَةِ على زَرْعٍ وثَمَر مِنَ الحَصَادِ والجِدَادِ؛ لأنَّ به يَنْتَهِى وُجوبُ العُشْرِ الذى لوْلَاه لَكانا جارِيَيْن فى حَوْلِ التِّجارَةِ. وهذا الصَّحيحُ. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ». وقيلَ: لا يُسْتَأنَفُ عليهما الحَوْلُ حتى يُباعَا، فيُسْتَقْبَل بثَمنِهما الحَوْلُ، كَمالِ القُنْيَةِ. وهو تخْريجٌ فى «شَرْح المَجْدِ». وجزَم ابنُ تَميمٍ أنَّه يُخَرَّجُ على مالِ القُنْيَةِ. فوائد؛ الأُولَى، لو نقَص كلُّ واحدٍ عنِ النِّصابِ، وجَبَتْ زَكاةُ التِّجارةِ، وإنْ بلَغ أحدُهما نِصابًا، اعْتُبِرَ الأحَظ للفُقَراءِ. الثَّانيةُ، لو زرَع بِذْرًا للقُنْيَةِ فى أرْضِ التِّجارَةِ، فواجِبُ الزَّرْعِ العُشْرُ، ووَاجبُ الأرْضِ زَكاةُ القِيمَةِ. ولو زرَع بِذرًا للتِّجارَةِ فى أرْضِ قُنْيَةٍ، فهل يزَكِّى الزّرْعَ زَكاةَ عُشْر، أو قِيمَةٍ؟ فيه الخِلاف ¬

(¬1) فى أ: «إلى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى أصْلِ المسْألةِ. الثَّالِثَةُ، لو كانَ الثَّمَرُ لا زَكاةَ فيه كالسَّفَرْجَل، والتُّفَّاحِ ونحوِهما، أو كان الزَّرْعُ لا زَكاةَ فيه، كالخُضْرَاواتِ، أو كان لعقَارِ التِّجَارةِ وعَبِيدِها أجْرَةٌ، ضُمَّ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ والأُجْرَةُ إلى قِيمَةِ الأصْلِ فى الحَوْلِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ, كالرِّبْحِ. وقيل: لا يُضَمُّ. الرَّابعةُ، لو أكْثَرَ مِن شِراءِ عَقارٍ، فارًّا مِنَ الزَّكاةِ، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأكْثرَ، أو صَرِيحُه، أنه لا زَكَاةَ عليه. وقيلَ: عليه الزَّكاةُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن». الخامسةُ، لا زَكاةَ فى قِيمَةِ ما أُعِدَّ للكِرَاءِ؛ مِن عَقارٍ، وحَيوانٍ وغيرِهما. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى ذلك تَخْريجًا مِنَ الحَلْى المُعَدِّ للكِرَاءِ. السَّادسةُ، لا زَكاةَ فى غيرِ ما أُعِدَّ للتِّجارةِ؛ مِن عَرْضٍ، وحيَوانٍ، وعَقارٍ، وثِيابٍ، وشَجَرٍ. وتقدَّم فى أوَّلِ البابِ ما لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ؛ مِنَ الآلاتِ، والأمْتِعَةِ، والقَوارِيرِ، ونحوها، التى للصُّنَّاعِ والتُّجَّار والسُّمَّانِ ونحوِهم. السَّابعةُ، لو اشْتَرَى شِقْصًا للتِّجارةِ بألفٍ، فصارَ عندَ الحَوْلِ بأَلْفَيْن، زَكاهما، وأخذه الشَّفِيعُ بأَلْفٍ. ولو اشْتَراه بأَلْفَيْن، فصارَ عندَ حَوْلِهِ بألفٍ، زَكَّى ألفًا واحِدَة، وأخذَه الشَّفِيعُ بأَلْفَيْن؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يأْخُذُ بما وقَع عليه العَقْدُ.

وإذا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِه فى إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَأَخْرَجَاهَا مَعًا، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ صَاحِبِه، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أذِنَ كلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَين لصاحِبِه فى إخْراجِ زَكاتِه فأخْرَجاها مَعًا، ضَمِنَ كلُّ وَاحِدٍ نصِيبَ صَاحِبِه. هذا المذهبُ، وعليه جاهيرُ الأصحابِ، وقدَّمُوه؛ لأنَّه انْعَزَلَ حُكْمًا، لأنَّه لم يَبْقَ على المُوَكِّلِ زَكَاةٌ، كما لو علِمَ ثم نَسِىَ. والعَزْلُ حُكْمًا يَسْتَوى فيه العِلْمُ وعدَمُه؛ بدَليلِ ما لو وَكلَه فى بَيْعِ عَبْدٍ، فباعَه الموَكَّلُ أو أعْتَقَه. وزادَ فى «شَرْحِ المُحَرَّرِ»، أو جُهِلَ السَّبْقُ. قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ: وهو غريبٌ حسَنٌ. وقيلَ: لا يضْمَنُ مَن لم يَعْلمْ بإخْرَاجِ صاحِبِه، بِناءً على أنَّ الوَكِيلَ لا يَنْعَزِلُ قبلَ العِلْمِ. وقيلَ: لا يَضمَنُ، وإنْ قُلْنا: يَنْعَزِلُ قبلَ العِلْمِ. لأنَّه غَرَّه، كما لو وَكَّلَه فى قَضَاءِ دَيْنً، فقَضاه بعدَ قَضاءِ المُوَكِّلِ ولم يَعْلَمْ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وفرَّقَ المَجْدُ فى «شَرْحِه» بينَهما، بأنه لم يُفَوِّتْ حَقَّ المالِك بدَفْعِه؛ إذْ له الرُّجوعُ على القابِضِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ضَمِنَ كلُّ واحدٍ منهما حَقَّ

وَإنْ أَخْرَجَهَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، ضَمِنَ الثَّانِى نَصِيبَ الْأَوَّلِ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَيَتَخَرَّجُ أن لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرِ. وقيلَ: لا، كالجاهلِ منهما، والفَقيرِ الذى أخذَها منهما، فى الأقْيَسِ فيهما. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: وِإنْ أخْرَجَها أحَدُهما قبلَ الآخَرِ، ضَمِنَ الثَّانِى نَصِيبَ الأوَّلِ، عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويتَخَرَّجُ أنْ لا ضَمانَ عليه إذا لم يعْلَمْ، بِناءً على عدَمِ انْعِزالِ الوَكيلِ قبلَ عِلْمِه،؛ تقدَّم. وتأْتِى المسْأَلَةُ فى الوَكالَةِ. وقيل: لا يَضْمَنُ، وإنْ قُلْنا: يَنْعَزِلُ الوَكيلُ قبلَ عِلْمِه. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وهما القَوْلان اللَّذان قبلَ ذلك. فوائد؛ الأُولَى، لو أَذِنَ غيرُ الشُّرَكاء، كلُّ واحدٍ للآخَرِ، فى إخْراجِ زَكاتِه، فَحُكْمُه حُكْمُ المسْألَةِ التِى قبلَها, لكنْ هل يبْدَأ بزَكاتِه وجُوبًا؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحْدَاهما، لا يَجِبُ إخْراجُ زَكاتِه أوَّلًا، بل يُسْتَحَبُّ. وهو الصَّحيحُ، قطَع به القاضى، وفرَّقَ بينَها وبينَ الحَجِّ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يَجِبُ إخْراجُ زَكاتِه قبلَ إخْراجِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زكاةِ الآذِنِ. قال فى «الفُروعِ»: وقد دَلَّتْ هذه المسْأَلَةُ على أنَّ نَفْلَ الصَّدقَةِ قبلَ أداءِ الزَّكاةِ فى جَوازِه وصِحَّتِه، ما فى نَفْلِ بقِيَّةِ العِبادَاتِ قبلَ أدَائِها. الثَّانيةُ، لو لَزِمَتْه زَكاةٌ ونَذْرٌ، قدَّم الزَّكاةَ، فإنْ قدَّم النَّذْرَ، لم يَصِرْ زَكاةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَبْدَأُ بما شاءَ. ويأتِى نَطرُه فى قَضاءِ رَمضانَ قبلَ صَوْمِ النَّذْرِ. الثَّالثةُ، لو وَكَّلَ فى إخْرَاجِ زَكاتِه، ثم أخْرَجَها هو، ثم أخْرَجَ الوَكِيلُ قبلَ عِلْمِه، قال فى «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ أنَّ فى ضَمانِه الخِلافَ السَّابِقَ، ولهذا لم يذْكُرْها الأكثرُ، اكْتِفاءً بما سبق، وأطْلقَ بعضُهم ثَلاثَةَ أوْجُهٍ، ثالِثُها, لا يَضْمَنُ إنْ قُلْنَا: لا يَنْعَزِلُ. وإلَّا ضَمِنَ. وصحَّحَه فى «الرِّعايَتْين»، و «الحاوِيَيْن». الرَّابعةُ، يُقْبَلُ قوْلُ المُوَكَّلِ، أنَّه أخْرَجَ قبلَ دَفْعِ وَكِيلهِ إلى السَّاعِى، وقوْلُ مَن دَفع زَكاةَ مالِه إليه، ثم ادَّعَى أنَّه كانَ أخْرَجَها. الخامِسَةُ، حيثُ قُلْنا: لا يصِحُّ الإِخْراجُ. فإنْ وُجِدَ مع السَّاعِى أُخِذَ منه، وإنْ تَلِفَ، أو كان دفَعَه إلى الفُقَراءِ، أو كانا دفَعا إليه، فلا. تنبيه: سبَق حُكْمُ المُضارِبِ ورَبِّ المالِ، فى كتابِ الزَّكاةِ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ولا زَكاةَ فى حِصَّةِ المُضَارِبِ مِنَ الرِّبْحِ قبلَ القِسْمَةِ.

باب زكاة الفطر

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ زكاةِ الفِطْرِ

وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِه، إِذَا فَضَلَ عِنْدَهُ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِةِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ، وَإنْ كَانَ مُكَاتبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهى وَاجبَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يخْتَصُّ وُجوبُ الفِطْرَةِ بالمُكَلَّفِ بالصَّوْمِ. وحُكِىَ وَجْهٌ. لا تجِبُ فى مالِ صَغيرٍ. والمنْصُوصُ خِلافُه. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: على كلِّ مُسْلمٍ. أنَّها لا تجِبُ على غيرِه. وهو صَحِيحٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه رِوايَةٌ مُخَرَّجةٌ، تجِبُ على المُرْتَدِّ. وظاهِرُ كلامِه، أنَّها لا تجِبُ على كافر لعَبْدِه المُسلِمِ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. [ونصَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». قال فى «الحاوِى الكَبِيرِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ] (1). وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تَلْزمُه. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وصحَّحَه ابنُ تَميمٍ. [وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا] (¬1). وكذا حُكْمُ كلِّ كافرٍ لزِمَتْه نَفقَةُ مُسْلمٍ، فى فِطْرَتِه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: مَبْنَى الخِلافِ على أنَّ السَّيِّدَ، هل هو مُتَحَمِّلٌ أو أَصِيلٌ؟ وفيه قوْلان، إنْ قُلْنا: مُتَحَمِّلٌ. وجَبَتْ عليه. وإنْ قُلْنا: أصِيلٌ. لم تجِبْ. فائدة: قوْلُه: وهى واجِبة. هل تُسَمَّى فَرْضًا؟ فيه الرِّوايَتان اللَّتان فى المَضْمَضَةِ والاسْتنْشاقِ. وقد تقَدَّمَتا فى باب الوُضوء، وتقدَّم فائدَةُ الخلاف هناك. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا فضَل عنده عن قُوتِه وقُوتِ عِيالِه، يومَ العيدِ ولَيْلَتَه. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يُعْتَبرُ كْونُ ذلك فاضِلًا عن ما يحْتاجُه لنَفْسِه، أو لمَن تلْزمُه مُؤْنَتُه؛ مِن مَسْكَنٍ، وخاِدِمٍ، ودَابةٍ، وثِيابِ بِذْلَةٍ، ونحوِ ذلك. على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى «الحاوِيَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وذكَر بعضُهم هذا قوْلًا. كذا قال. انْتَهى. قلتُ: قدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، وُجوبَ الإِخْراجِ مُطْلَقًا. وذكَر الأوَّلَ. قوْلًا مُوجَزًا. تنبيه: الْحَقَ المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، بما يحْتاجُه لنَفْسِه، الكُتُبَ التى يحْتاجُها للنَّظَرِ والحِفْظِ، والحَلْى للمَرْأةِ للُبْسِها، أو لكراء يحتاجُ إليه. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ هذا فى كلامِ أحَدٍ قبلَه، ولم يُسْتَدَلَّ عليه. قال: وظاهِرُ ما ذكَرَه الأكثرُ مِنَ الوُجوبِ، واقتصارهم على ما سبَق مِنَ المانِعِ، أنَّ هذا لا يَمْنَعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبَ زَكاةِ الفِطْرِ. ووَجَّهَ احْتِمالًا، أنَّ الكُتُبَ تُمْنَعُ، بخِلافِ الحَلْى للُّبْسِ؛ للحاجَةِ إلى العِلْمِ وتحْصِيله. قال: ولهذا ذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، أنَّ الكُتُبَ تَمْنَعُ فى الحَجِّ والكَفَارَةِ، ولم يذْكُرِ الحَلْىَ. فهذه ثَلَاثةُ أقْوالٍ؛ المَنْعُ، وعَدمُه، والمَنْعُ فى الكُتُبِ دُونَ الحَلْى. فعلى ما قالَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: هل يَمْنَعُ ذلك مِن أخْذِ الزَّكاةِ؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ احْتِمالان؛ المَنْعُ وعدَمُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ للفَقيرِ الأخْذُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّكاةِ لشِراءِ كُتُبٍ يَحْتاجُها. وعلى القَوْلِ الثَّانى، الذى هو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، يَمْنَعُ ذلك أخْذَ الزَّكاةِ. وعلى الاحْتِمالٍ الأوَّلِ، وهو المَنْعُ مِن أخْذِ الزَّكاةِ، هل يَلْزَمُ مِن كوْنِ ذلك مانِعًا مِن أخْذِ الزَّكاةِ، أنْ يكونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ فى بَقِيَّة الأبْوابِ، تَسْوِيَةً بينَهما أم لا؟ لأنَّ الزَّكاةَ أضْيَقُ. قال فى «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ الخِلافُ. وعلى الاحْتِمالِ الثَّانى، الذى هو الصَّوابُ، هو كسائِر ما لابدَّ منه. ذكَر ذلك فى «الفُروعِ». فائدة: قوله: وإنْ كان مُكاتبا. يعْنِى، أنَّها تجِبُ على المُكاتَبِ. وهذا بلا نِزاعٍ. وهو مِنَ المفْرَداتِ. ويَلْزَمُه أيضًا فِطْرَةُ قَرِيبِه ممَّن تَلْزمه مُؤنَتُه. وهو مِنَ

وَإنْ فَضَلَ بَعْضُ صَاعٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهُ؟ عَلى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفرَداتِ أيضًا. وتجِبُ فِطْرَةُ زَوْجَتِه عليه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا تجبُ عليه. قوله: وإنْ فضَل بعضُ صاعٍ، فهل يَلْزَمُه إخْراجُه؟ على روايتَيْن. وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، و «شَرْحِ المَجدِ»، و «الفُروعِ». وقال: التَّرْجيحُ مُخْتَلِفٌ؛ إحْداهما، يَلْزَمُه إخْراجُه، كبعضِ

وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ يَمُوُنهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفَقَةِ القَريبِ. وهذا المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ رَجَب فى «قَواعِدِه». وفرَّقَ بينَه وبينَ الكَفارةِ. قال فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»: أخْرَجَه، على أصحِّ الرِّوايتَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الإِفادَاتِ»، و «المُنوِّرِ»، و «المُنتَخَبِ» وغيرِهم، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه إخْراجُه كالكَفَّارةِ. جزَم به [فى «الإِرْشادِ»] (¬1) وابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ». وقال فى «الفُصُول»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ»، و «المُبهِجِ»، و «العُمْدَةِ». وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ». فعلى المذهبِ، يُخْرِجُ ذلك البعضَ، ويجِبُ الإِتْمامُ على مَن تَلْزَمُه فِطْرَتُه. وعلى الثَّانيةِ، يصِيرُ البعضُ كالمَعْدومِ، ويتَحَمَّلُ ذلك الغيرُ جَمِيعَها. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: وتلْزَمُه فِطْرَةُ مَن يَمُونُه مِنَ المُسلِمين. الزَّوْجَةَ، ولو كانت أمَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا يَلْزَمُه فِطْرَةُ زَوْجَتِه الأَمَةِ. وتقدَّم إذا كان للكافرِ عبد مُسْلِمٌ، أو أقارِبُ مُسْلِمون، وأوْجَبْنا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه النَّفَقَةَ، هل تجِبُ عليه الفِطْرَةُ لهم أم لا؟ فى أوَّلِ البابِ. وتقدَّم إذا ملَك العَبْدُ عَبْدًا، هل تجبُ عليه فِطْرَتُه؟ فى أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُؤَدِّى عَنْ جَمِيعِهِمْ، بَدَأَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِامْرَأَتِه، ثُمَّ بِرَقِيقِهِ، ثُمَّ بِوَلَدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يَجِدْ ما يُؤدِّى عن جَميعِهم، بدَأ بنَفْسِهِ -بلا نِزاعٍ- ثم بامْرَأَتِه، ثم برَقِيقِه، ثم بوَلَدِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ:

ثُمَّ بأُمِّهِ، ثُمَّ بِأَبِيهِ، ثُمَّ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ فى الْمِيرَاثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقَدِّمُ الرَّقِيقَ على امْرأَتِه؛ لِئَلَّا تسْقُطَ بالكُلِّيَّةِ؛ لأنَّ الزَّوْجَةَ تُخْرِجُ مع القُدْرَةِ. وأطْلَقهُما فى «الفُصولِ». وقيلَ: يقَدِّمُ الوَلَدَ على الزَّوْجَةِ. وقيلَ: يُقدِّمُ الوَلَدَ الصَّغيرَ على الزَّوْجَةِ والعَبْدِ. قوله: ثم بوَلَدِه، ثم بأُمِّهِ، ثم بأَبِيه. تَقْدِيمُ الوَلَدِ على الأبَوَيْن أحَدُ الوُجوهِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: جزَم به جماعةٌ، وقدَّمه آخَرُون. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الهادِى» و «الوَجيزِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ». والوَجْهُ الثَّانى، يُقَدَّم الوَلَدُ مع صِغَرِه على الأَبَويْن. جزَم به ابنُ شِهَابٍ. والوَجْهُ الثَّالِثُ، يُقَدَّمُ الأبوان على الوَلَدِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». والمذهبُ كما جزَم به المُصَنِّفُ؛ فى تقْدِيمَ الأُمِّ على الأبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «إدرَاكِ الغايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدمه فى «الفُروعِ»، [و «الهادِى»] (¬1)، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، وقيل: يُقَدَّمُ الأبُ على الأمِّ. وحكَاه ابنُ أبى مُوسَى رِوايَةً. وقيل بتَساوِيهِما. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ عَنِ الْجَنِينِ، وَلَا يَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اسْتَوَى (¬1) اثْنان فأكْثَرُ فى القَرابَةِ، ولم يَفْضُلْ سوى صاعٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقْرَعُ بينَهم، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: يُوَزَّعُ بينَهم. وقيل: يُخَيَّرُ فى الإِخْراجِ عن أيِّهم شاءَ. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يُخْرِجَ عن الجَنِينِ، ولا يَجِبُ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تجِبُ. نقَلَها يَعْقُوبُ بنُ بَخْتَانَ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ وُجوبُها إذا مضَتْ له أرْبَعةُ أشْهُر، ويُسْتَحَبُّ قبلَ ذلك. ¬

(¬1) فى أ: «اشترى».

وَمَنْ تَكَفَّلَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ فى شَهْرِ رَمَضَانَ، لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ عِنْد أَبِى الْخَطَّابِ. وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يَلْزَمُه فِطْرَةُ البائِنِ الحامِلِ، إنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ لها. وإنْ قُلْنا: للحَمْلِ. لم تجِبْ. على أصحِّ الرِّوايَتيْن، بِناءً على وُجوبِها على الجَنِينِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويُسْتَحَبُّ فِطْرَةُ الجَنِينِ، إنْ قُلْنا: النَّفَقةُ له. وعنه، تجِبُ. فلو أبانَ حامِلًا، لَزِمَتْه فِطْرَتُها إنْ وجَبَتِ النَّفَقَةُ لها، وفى فِطْرَةِ حَمْلِها إذَنْ وَجْهان. وإنْ وجبَتِ النَّفَقَةُ للحَمْلِ، وجَبتْ فِطْرَتُه. وفى أُمِّه إذَنْ وَجْهَان. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقيلَ: تُسَنُّ فِطْرَتُه، وإنْ وجَبَتِ النَّفَقَةُ له، وتجِبُ فِطْرَتُه وإنْ وجَبَتِ النَّفَقَةُ لأُمِّه. قوله: ومَن تَكَفَّل بمُؤْنَةِ شَخْصٍ فى شهْرِ رَمضانَ، لم تَلْزَمْه فِطْرَتُه عندَ أبى الخطَّابِ. وهو رِواية عن أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وحمَلا كلامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ على الاسْتِحْبابِ؛ لعَدَم الدَّليلِ. واخْتارَه صاحِبُ «الفائقِ» أَيضًا. قال فى «التَّلْخِيصِ»: والأقْيَسُ أن لا تلْزَمَه. انتهى. والمَنْصُوصُ، أنَّها تَلْزَمُه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. قال فى «الهِدايَةِ»: قالَه الأصحابُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلقَهما فى «الفائقِ». تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فى شهْرِ رَمضانَ. أنَّه لابدَّ أنْ يَمُونَه كلَّ الشَّهْرِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: قِياسُ المذهبِ، يَلْزَمُه إذا مَانَه آخِرَ ليْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ، كمَن مَلك عَبْدًا أو زَوجَةً قبلَ الغُروب. ومَعْناه فى «الانْتِصارِ»، و «الرَّوْضَةِ». وأطلَقَ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، وغيرِهم، وَجْهَيْن فى مَن نزَل به ضَيْفٌ قبلَ الغُروبِ ليْلَةَ العيدِ. زادَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، قلتُ: أو نزَل به قبلَ فَجْرِها، إنْ عَلَّقْنا الوُجوبَ به. وظاهِرُ كلامِه أَيضًا على المَنْصُوصِ، أنَّه لو مَانَه جماعَةٌ فى شَهْرِ رَمَضانَ، أنَّها لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَجِبُ عليهم. وهو أحَدُ الاحْتِمالَيْن. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وجزَم به فى «الفائقِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والاحْتِمالُ الثَّانى، تجِبُ عليهم بالحِصَصِ، كعَبْدٍ مُشْترَكٍ. وأطْلقَهُما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «ابنِ تَميمٍ». وحكَاهما وَجْهَيْن. وعلى قوْلِ ابنِ عَقِيلٍ، تجِبُ فِطْرَتُه على مَن مانَه آخِرَ ليْلَةٍ. فائدتان؛ إحداهما، لوِ اسْتَأجَر أجِيرًا أو ظِئْرًا بطَعامِهما، لم تَلْزَمْه فِطْرَتُهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: بلى. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أقْيَسُ. الثَّانيةُ، لو وجَبَتْ نَفَقَتُه فى بَيْتِ المالِ، فلا فِطْرَةَ له. قالَه القاضى ومَن بَعْدَه، وجزَم به ابنُ تَميمٍ وغيرُه؛ لأنَّ ذلك ليس بإنْفاقٍ، إنَّما هو إِيصالُ المالِ فى حقِّه، أو أنَّ المالَ لا مالِكَ له. قالَه فى «الفُروعِ». والمُرادُ مُعَيَّنٌ؛ كعَبيدِ الغَنيمَةِ قبلَ القِسْمَةِ، والفَىْءِ، ونحوِ ذلك.

وَإذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَعَلَيْهِمْ صَاعٌ. وَعَنْهُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَاعٌ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا كان العَبْدُ بينَ شُرَكاءَ، فعليهم صاعٌ واحِدٌ. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا الظَّاهِرُ عنه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يدُلُّ على أنَّه رجَع عن رِوايَةِ وجُوبِ صاعٍ على كلِّ واحدٍ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: قال فَوْزانُ: رجَع أحمدُ عن هذه المسألةِ، يعْنِى، عن إِيجابِ صاعٍ كامِلٍ على كلِّ واحدٍ، وصحَّحَه ابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شرْحِه». وقال: هو المذهبُ. واخْتَارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الهِدَايَةِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «المُنْتَخَبِ». وعنه، على كلِّ واحدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاعٌ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ. قالَه المَجْدُ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه ابنُ البَنَّا فى «عُقُودِه» وغيره. وصحَّحَه فى «المُبْهِجِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقهِما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُذْهَبِ» و «الحَاويَيْن». قوله: وكذلك الحُكْمُ فيمَن بعضُه حُرٌّ. وكذا الحُكْمُ أَيضًا، لو كان عَبْدان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأكْثَرُ بينَ شُرَكاءَ أكثرَ مِنهم، أو مَن وَرِثَه اثنان فأكثرُ، أو مَن ألْحَقَتْه القافَةُ باثْنَيْن أو بأكثرَ، ونحوُهم، حُكْمُهم كحُكْمِ العَبدِ (¬1) بينَ الشُّرَكاءِ، على ما تقدَّم نقلًا ومذهبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: لو ألْحَقَتِ القافَة وَلدًا باثْنَيْن، فكالعَبْدِ المُشْتَرَكِ. جزَم به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ». قال: وتَبعَ ابنُ تَميمٍ قوْلَ بعضِهم: يَلْزَمُ كلَّ واحدٍ صاعٌ. وَجْهًا واحِدًا. وتَبِعَه فى «الرِّعايتَيْن»، ثم خرَّج خِلافَه مِن عندِه، وجزَم بما جزَم به ابنُ تَمِيمٍ فى «الحاوِيَيْن». ووُجوبُ الصَّاعِ على كل واحدٍ فى هذه المَسائِلِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتارَ أبو بَكْرٍ فى مَن بعضُه حُرٌّ، لُزومَ السَّيِّدِ بقَدْرِ مِلْكِه، ولا شئَ على العَبْدِ فى الباقِى. ويأْتِى لو كان نَفْعُ الرَّقيقِ لواحِدٍ، ورَقبَتُه لآخَرَ، على مَن تجِبُ فِطْرَتُه؟ بعدَ قوْلِه: وتجِبُ بغُروبِ الشَّمْسِ. ¬

(¬1) فى أ: «العبيد».

وَإنْ عَجَزَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ عَنْ فِطْرَتِهَا، فَعَلَيْهَا أَوْ عَلَى سَيِّدِهَا إِنْ كَانَتْ أَمَةً فِطْرَتُهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو هايأَ مَن بعضُه حُرٌّ سيِّدَ باقِيه، لم تَدْخُلِ الفِطْرَةُ فى المُهايَأَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه القاضى وجَماعةٌ؛ لأنَّه حقٌّ للَّهِ كالصَّلاةِ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: لم تَدْخُلِ الفِطْرَةُ فيها على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». فعلى هذا، أيُّهما عجَز عن ما عليه، لِم يَلْزَمِ الآخرَ قِسْطُه، كشَرِيكٍ ذِمِّىٍّ لا يَلْزَمُ المُسْلِمَ قِسْطُه، فإنْ كان يَوْمُ العِيدِ نوْبَةَ العَبْدِ المُعْتَقِ نِصْفُه مثَلًا، اعْتَبرَ أنْ يَفْضُلَ عن قُوتِه نِصْفَ صاعٍ، وإنْ كان نوْبَةَ سيِّده، لَزِمَ العَبْدَ نِصْفُ صاعٍ، ولو لم يَمْلِكْ غيرَه؛ لأنَّ مُؤنتَه على غيرِه. قلتُ: فيعايَى بها. وقيلَ: تَدْخُلُ الفِطْرَةُ فى المُهايأَةِ، بِنَاءً على دُخولِ كَسْبٍ نادِرٍ فيها كالنَّفَقَةِ. فلو كان يوْمُ العِيدِ نوْبَة العَبْدِ، وعجَز عنها, لم يَلْزَمِ السَّيِّدَ شئٌ؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه نَفَقَتُه، كمُكاتَبٍ عجَز عنِ الفِطْرَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقلتُ: تَلْزَمُه إنْ وجَبَتْ بالغُروبِ فى نَوْبَتِه. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَوَجَّهٌ. وِإنْ كانتْ نَوْبَةَ السَّيِّدِ، وعجَز عنها، أدَّى العَبْدُ قِسْطَ حُرِّيَّتِه، فى أصحِّ الوَجْهَيْن، بِنَاءً على أنَّها عليه بطرَيقِ التَّحمُّلِ، كمُوسِرَةٍ تحتَ مُعْسِر. وقيل: لا تَلْزَمُه. قوله: وإنْ عجَز زَوْجُ المرأةِ عَن فِطْرَتِها، فعليها أو على سَيِّدِها إن كانَتْ أمَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه كالمعْدومِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويحْتَمِلُ أنْ لا تجِبَ. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ كالنَّفَقَةِ. قال ابنُ تَميمٍ: وإنْ أعْسَرَ زَوْجُ الأمَةِ، فهل تجِبُ على سيِّدِها؟ على وجْهَيْن. فعلى هذا الوَجْهِ الثَّانِى، هل تبْقَى فى ذِمَّتِه كالنَّفَقَةِ، أم لا كفِطْرَةِ نَفْسِه؟ يتوجَّهُ احْتِمالان. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: الأُوْلَى السُّقُوطُ، وهو كالصَّريحِ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وعلى المذهبِ، هَل ترجِعُ الْحُرَّةُ والسَّيِّدُ إذا أخْرَجا على الزَّوْجِ إذا أَيْسَرَ كالنَّفَقَةِ، أم لا كفِطْرَةِ القَريبِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، يَرْجِعان عليه. قال فى «الرِّعايتَيْن»، فى الحُرَّةِ: تَرْجِعُ عليه فى الأَقْيَسِ إذا أيْسَرَ بالنَّفَقَةِ. وقال فى مسْألَةِ السَّيِّدِ: يرجِعُ على الزَّوْجِ الحُرِّ فى وَجْهٍ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يَرْجعان عليه إذا أَيْسَرَ. وهو ظاهرُ بَحْثِهِ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ومأْخَذُ الوَجْهَين، أنَّ مَن وجَبَتْ عليه فِطْرَةُ غيرِه، هل تجِبُ عليه بطَريقِ التَّحَمُّلِ عن ذلك الغيرِ، أو بطَريقِ الأصالَةِ؟ فيه وَجْهان للأصحابِ. قال فى «الفائقِ»: ومَن كانتْ نفَقَتُه على غيرِه، ففِطْرَتُه عليه. وهل يكونُ مُتَحَمِّلًا، أو أصِيلًا؟ على وَجْهَين. وكذا قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وقال: والأشْهَرُ أنَّه مُتَحَمِّلٌ غيرُ أصيل. قال فى «التَّلْخِيصِ»: ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا، أنَّه يكونُ مُتَحَمِّلًا،

وَمَنْ كَانَ لَهُ غَائِبٌ أَوْ آبِقٌ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهُ، إلَّا أَنْ يَشُكَّ فى حَيَاتِهِ فَتَسْقُطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُخْرَجُ عنه أصيلًا، بل هو أَصيلٌ. فوائد؛ الأُولَى، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ فِطْرَةِ زوجَةِ العَبْدِ على سيِّدِه. قال المُصَنِّفُ: هذا قِياسُ المذهبِ كالنَّفَقَةِ، وكمَن زَوَّجَ عبْدَه بأَمتِه. قال ابنُ تَميمٍ: هذا أصحُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيلَ: تجِبُ عليها إنْ كانتْ حُرَّةً، وعلى سيِّدِها إنْ كانت أمَةً. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: قالَه أصحابُنا المُتَأخِّرُون. وقدمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». [قال فى «الحاوِيَيْن»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: هذا أشْهَرُ الوَجْهَيْن] (¬1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قال المَجْدُ وغيرُه: القَوْلُ بالوُجوبِ مَبْنىٌّ على تعَلُّقِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ برَقَبَةِ العَبْدِ، أو أنَّ السَّيِّدَ مُعْسِرٌ، فإنْ كان مُوسِرًا، وقُلْنا: نفَقَةُ زَوْجَةِ عَبْدِه عليه، ففِطْرَتُه عليه. وتَبعَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. الثَّانيةُ، لو كانتْ زَوجَتُه الأمَةُ عندَه ليلًا، وعندَ سيِّدِها نَهارًا، ففِطْرَتُها على سيِّدِها، لقُوَّةِ مِلْكِ اليَمينِ فى تَحمُّلِ الفِطْرَةِ. على الصَّحِيحِ. وإليه مَيلُ المَجْدِ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: بينَهما نِصْفان كالنَّفقةِ. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وتقدَّمَ وُجوبُ فِطرَةِ قَريبِ المُكاتَبِ وزَوْجَتِه. الثَّالثةُ، لو زوَّجَ قرِيبَه، ولَزِمَتْه نَفَقَةُ امْرَأتِه، فعليه فِطْرَتُها. قوله: ومَن كان له غائبٌ أو آبِقٌ فعليه فِطْرَته. وكذا المغْصُوبُ. وهذا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيلَ: لا تجِبُ على الغائبِ فِطْرَةُ زَوْجَتِه ورَقيقِه. وحكاه ابنُ تَميم وغيرُه رِوايَةً واحِدَةً (¬1). قال فى «الفُروعِ»: وعنه، رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِن زَكاةِ المالِ، لا تجِبُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: يحتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه إخْرَاجُ زَكاتِه حتَّى يَرْجِعَ، كزَكاةِ الدَّيْنَ والمَغْصُوبِ. فائدة: يُخْرِجُ الفِطْرَةَ عنِ العَبْدِ والحُرِّ مَكانَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِه. قال المَجْدُ: نَصَّ عليه. وقيلَ: مَكانَهما. قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه بعضُهم. وأطْلَقهما. قوله: إلَّا أنْ يشُكَّ فى حَياتِه، فتَسْقُطَ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه فى رِوايَةِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أخْرَجَ لِمَا مَضَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ صالِحٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَراءَةُ الذِّمَّةِ، والظَّاهِرُ مَوْتُه، وكالنَّفَقَةِ. وذكَر ابنُ شِهَابٍ، أنَّها لا تَسْقُطُ، فتَلْزَمُه؛ لِئَلَّا تَسْقُطَ بالشَّكِّ. قلتُ: وهو قَوىٌّ فى النَّظَرِ. والأصْلُ عدَمُ مَوْتِه. قال ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِهِ»: ويتخَرَّجُ لنا وَجْهٌ بوُجوبِ الفِطْرَةِ للعَبْدِ الآبِقِ المُنْقَطِعِ خَبَرُه، بِنَاءً على جَواز عِتْقِه. قوله: وإنْ عَلِمَ حَياتَه بعدَ ذلك، أخْرَجَ لما مضَى. هذا مَبْنىٌّ على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ فى التى قبلَها، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ تَمِيمٍ: المَنصوصُ عن أحمدَ لُزومُه. وقيل: لا يُخْرِجُ، ولو عَلِمَ حَياتَه.

وَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ النَّاشِزِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يُخْرِجُ عنِ القَريِبِ فقط كالنَّفَقَةِ. ورُدَّ ذلك بوُجُوبِها، وإنَّما تَعَذَّرَ أَيضًا لها كتعذُّره بحَبْسٍ ومَرَضٍ ونحوِهما. قوله: ولا تَلزَمُ الزَّوجَ فِطْرَةُ النَّاشِزِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال أبو الخطَّابِ: تَلزَمُه. [قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا ظاهِرُ المذهبِ] (¬1). وأطْلَقهما فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكمُ فى كلِّ مَن لا تَلزَمُ الزَّوجَ نَفَقَتُها، كالصِّغَرِ وغيرِه. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: ومَن لَزِمَ غيرَه فِطْرَتُه، فأخْرَجَ عن نَفْسِه بغيرِ إذْنِه، فهل يُجْزئُه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»؛ أحَدُهما، تُجْزِئُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «الوَجِيزِ» و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: أجْزَأه على الأظْهَرِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتيْن»، واخْتارَه ابن عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ»، و «النَّظْمِ». [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا ظاهِرُ المذهبِ] (¬1). والوَجْهُ الثَّانِى؛ لا تُجْزِئُه. قدَّمه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَزينٍ فى «شَرْحِه». وقال فى «الانْتِصَارِ»: فإنْ أخْرَجَ بغيرِ إذْنِه ونِيَّتِه، فوَجْهان. تنبيه: مأْخَذُ الخِلافِ هنا مَبْنىٌّ على أنَّ مَن لَزِمَتْه فِطْرَةُ غيرِه، هل يكونُ مُتَحَمِّلًا عنه أو أصيلًا؟ فيه وَجْهان تقدَّما. ذكَرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» المسْألَةَ، وقال: إنْ أخْرَجَ عن نَفْسِه، جازَ. وقيلَ: لا. وقيلَ: إنْ قُلْنا: الزَّوْجُ والقَرِيبُ مُتَحَمِّلان. جازَ، وإنْ قُلْنا: هما أصِيلان. فلا. فظاهِرُه أنَّ المُقَدَّمَ عندَه عدَمُ البِناءِ. فوائد؛ إحداها, لو لم يُخْرِجْ مَن لَزِمَتْه فِطْرَةُ غيرِه عن ذلك الغيرِ، لم يَلْزمِ الغيرَ شئٌ، وللغيرِ مُطالَبتُه بالإِخراجِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: جزَم به الأصحابُ، منهم أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»، كنَفَقَتِه. وقال أبو المَعالِى: ليس له مُطَالَبتُه بها, ولا اقتِراضُها عليه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فعلى المذهبِ، هل تُعْتَبَرُ نِيَّتُه فيه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ». قلتُ: الصَّواب الاكْتِفاءُ بِنيَّةِ المُخْرِجِ. الثَّانيةُ، لو أخْرَجَ عن مَن لا تَلزَمُه فِطْرَتُه بإذْنِه، أجْزَأ، وإلَّا فلا. قال أبو بَكْر الآجُرِّىُّ: هذا قوْلُ فُقَهاءِ المُسْلِمين. الثَّالثةُ، لو أخْرَجَ العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سيِّدِه، لم تجْزِئْه مُطْلَقًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. ولعَلَّه خارِجٌ عنِ الخِلافِ الذى ذكَرَه المُصَنِّفُ. وقيلَ: إنْ مَلَّكَه

وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّيِّدُ مالًا، وقُلْنا: يَمْلِكُه. ففِطْرَتُه عليه ممَّا فى يَدِه، فيُخْرِجُ العَبْدُ عن عَبْدِه ممَّا فى يَدِه. وقيلَ: بل تسْقُطُ لتَزَلْزُلِ مِلْكِه ونقْصِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعلى الوُجوبِ إنْ أخْرَجَها بلا إذْنِ سيِّدِه، أجْزَأَتْ. قلتُ: لا تُجْزِئُه. وقيلَ: فِطْرَته عليه ممَّا فى يَدِه، فإنْ تعَذَّرَ كَسْبُه، فعلى سيِّدِه. انتهى. قوله: ولا يَمْنَعُ الدَّينُ وُجُوبَ الفِطْرَةِ، إلَّا أنْ يَكُونَ مُطالَبًا به. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَجْزُومُ به عندَ الشَّيْخَين وغيرِهما. وجزَم به الخِرَقىُّ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وصاحِبُ «الشَّرْحِ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» وغيرُهم. وعنه، يَمْنَعُ، سواءٌ كان مُطالَبًا به أوْ لا. وقالَه أبو الخَطَّابِ. وعنه، لا يَمْنَعُ مُطْلَقًا. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «العُقُودِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، وجعَل الأوَّلَ اخْتِيارَ المصَنفِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الحاوِيَيْن».

وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً، أو وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ، وَإنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَجَبَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجِبُ بغُرُوبِ الشَّمْسِ مِن لَيْلَةِ الفِطْرِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يَمْتدُّ وَقْتُ الوُجوبِ إلى طُلوعِ الفَجْرِ الثَّانى مِن يَوْمِ الفِطْرِ. واخْتارَ مَعْناه الآجُرِّىُّ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَجِبُ بطُلوعِ الفَجْرِ مِن يَوْمِ الفِطْرِ. قال فى «الإِرْشَادِ»: ويَجِبُ إخْراجُ زَكاةِ الفِطْرِ بعدَ طُلوعِ الفَجْرِ الثَّانى مِن يومِ الفِطْرِ قبلَ صلاةِ العيدِ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمْتَدُّ الوُجوبُ إلى أنْ يُصَلَّى العيدُ. ذكَرَها المَجْدُ فى «شَرْحِه». فعلى المذهبِ، لو أسْلَمَ بعدَ غُروبِ الشَّمْسِ، أو ملَك عَبْدًا أو زَوْجَةً، أو وُلِدَ له وَلَدٌ، لم تَلزَمْه فِطْرَتُه، وإنْ وُجِدَ ذلك قبلَ الغُروبِ، وجَبَتْ، وإنْ ماتَ قبلَ الغُروبِ ونحوِه، لم تَجِبْ، ولا تَسْقُطُ بعْدُ. فوائد؛ الأُولَى، لا يسْقُطُ وُجوبُ الفِطْرَةِ بعدَ وُجوبِها بمَوْتٍ ولا غيرِه، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. ولو كان مُعْسِرًا وَقْتَ الوُجوبِ، ثم أَيْسَرَ، لم تَجِبِ الفِطْرَةُ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُخْرِجُ متى قدَر، فتَبْقَى فى ذِمَّتِه. وعنه، يُخْرِجُ إنْ أيسَرَ أيَّامَ العيد، وإلَّا فلا. قال الزَّرْكَشِىُّ: فيَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ أيَّامَ النَّحْرِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ السِّتَّةَ مِن شَوَّالٍ؛ لأنَّه قد نصَّ فى رِوايَةٍ أُخْرَى، أنَّه إذا قدَر بعدَ خَمْسَةِ أيَّامٍ، أنَّه يُخْرِجُ. وعنه، تَجِبُ إنْ أيْسَرَ يومَ العيدِ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. الثَّانيةُ، تَجِبُ الفِطْرَةُ فى العَبْدِ المَرْهُونِ والمُوصَى به على مالِكِه وَقْتَ الوُجوبِ. وكذا المَبِيعُ فى مُدَّةِ الخِيارِ، ولو زالَ مِلْكُه، كمَقْبُوضٍ بعدَ الوُجوبِ، ولم يُفْسَخْ فيه العَقْدُ، وكما لو رَدَّه المُشْتَرِى بعَيْبٍ بعدَ قَبْضِه. الثَّالثةُ، لو ملَك عَبْدًا دُونَ نفْعِه، فهل فِطْرَتُه عليه، أو على مالِكِ نَفْعِه، أو فى كَسْبِه؟ فيه الأوْجُهُ الثَّلاثَةُ التى فى نَفَقَتِه، التى ذكَرَهُنَّ المُصَنِّفُ وغيرُه، فى بابِ المُوصَى به، فالصَّحيحُ هناك هو الصَّحيحُ هنا. هذا أَصَحُّ الرِّوايَتَيْن (¬1). قدَّمه فى «الفُروعِ». وقدَّم جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّ الفِطْرَةَ تجِبُ على مالِكِ الرَّقَبَةِ، لوُجُوبِها على مَن لا نَفْعَ فيه، وحَكَوُا الأوَّلَ قوْلًا؛ منهم المُصَنِّفُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وتقدَّم لو كان العَبْدُ مُسْتَأْجَرًا، أو كانتِ الأمَةُ ظِئْرًا، أنَّ فِطْرَتَهما تجِبُ على السَّيِّدِ، على الصَّحِيحِ. ¬

(¬1) فى ط: «الطريقتين».

وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَفْهومُ قولِه: ويَجُوزُ إخْراجُها قبلَ العيدِ بيَوْمَيْن. أنَّه لا يجوزُ إخْراجُها بأكْثَرَ مِن ذلك. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يجوزُ تَقْدِيمُها بثَلَاثةِ أَيَّامٍ، قال فى «الإِفادَاتِ»: ويجوزُ قبلَه بيَوْمَيْن، أو ثَلَاثَةٍ. وقطَع فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، أَنَّه يجوزُ

وَالْأَفْضَلُ إِخْرَاجُهَا يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقْدِيمُها بأيَّامٍ، وهو فى بعضِ نُسَخِ «الإِرْشادِ»، فيَحْتَمِلُ أنَّهم أرادُوا ثَلَاثةَ أيَّامٍ، كالرِّوايَةِ، ويَحْتَمِلُ غيرَ ذلك. وقيلَ: يجوزُ تَقْدِيمُها بخمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وحُكِىَ رِوايَةً؛ جَعْلًا للأكْثَرِ كالكُلِّ. وقيل: يجوزُ تَقديمُها بشَهْرٍ. ذكَرَه القاضى فى «شَرْحِه الصَّغِيرِ». قوله: والأَفْضَلُ إخْراجُها يَوْمَ العِيدِ، قبل الصَّلاةِ. مِن بعدِ طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانى. صرَّح به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما، أو قَدْرِها إنْ لم

وَيَجُوزُ فى سَائِرِ الْيَوْمِ. فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ، أَثِمَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُصَلَّ. وهذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ: يُخْرِجُ قبلَها. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ: الأفْضلُ أنْ تُخْرَجَ إذا خرَج إلى المُصَلَّى، وجزَم به ابنُ تَمِيمٍ. فدخَلَ فى كلامِهم، لو خرَج إلى المُصَلَّى قبلَ الفَجْرِ. قوله: ويَجُوزُ فى سائرِ اليَوْمِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يَحْرُمُ التَّأْخيرُ إلى بعدِ الصَّلاةِ. وذكَر المَجْدُ، أنَ الإِمامَ أحمدَ أَوْمَأَ إليه، ويكونُ قَضاءً. وجزَم به ابنُ الجَوْزىِّ، فى كتابِ «أسْبابِ

فصل

فَصْلٌ: وَالْوَاجِبُ فى الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيرِ وَدَقِيقِهِمَا وَسَوِيقِهِمَا، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَمِنَ الْأَقِطِ فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وهذا القَوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ. قال فى «الرِّعايَةِ»، عنِ القَوْلِ بأنَّه قَضاءٌ: وهو بعيدٌ. تنبيه: يَحْتَمِلُ قَوْلُ المُصَنِّفِ: ويجوزُ فى سائرِ اليَوْمِ. الجَوازَ مِن غيرِ كَراهَةٍ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضى. ويَحْتَمِلُ إرادَتَه الجَوازَ مع الكَراهَةِ. وهو الوَجْهُ الثَّانى، وهو الصَّحيحُ. قال فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»: وكانَ تارِكًا للاخْتِيارِ. قال فى «الفُروعِ»: القَوْلُ بالكَراهَةِ أظْهَرُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قوله: فإنْ أخَّرَها عنه أثِمَ، وعليه القَضاءُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَأْثَمُ. نقَل الأثْرَمُ، أرْجُو أنْ لا بأْسَ. وقيلَ له، فى رِوايَةِ الكَحَّالِ: فإنْ أخَّرَها؟ قال: إذا أعَدَّها لقَوْمٍ. قوله: والواجِبُ فى الفِطْرةِ، صَاعٌ مِنَ البُرِّ (¬1). هذا الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) بعده فى أ: «والشعير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، إجْزاءَ نِصْفِ صَاعٍ مِنَ البُرِّ. قال: وهو قِياسُ المذهبِ فى الكَفَّارَةِ، وأنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَقتَضِيه ما نَقَله الأثْرَمُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. واختارَ ما اختارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، صاحِبُ «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الصَّاعُ قَدْرٌ معْلومٌ. وقد تقدَّم قَدْرُه فى آخِرِ بابِ الغُسْل، فيُؤْخَذُ صاعٌ مِنَ البُرِّ، ومِثْلُ مَكيلِ ذلك مِن غيرِه. وتقدَّم ذِكْرُ ذلك مُسْتَوْفًى فى أوَّلِ بابِ زَكاةِ الخِارِجِ مِنَ الأرْضِ. ولا عِبْرَةَ بوَزْنِ التَّمْرِ. وقطَع به الجُمْهُورُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا عِبْرَةَ بوَزْنِ التَّمْرِ. قلتُ: وكذا غيرُه ممَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخْرِجُه سِوَى البُرِّ. وقيلَ: يُعْتَبرُ الصَّاعُ بالعَدَسِ كالبُرِّ. وقلتُ: بلْ بالماءِ كما سبَق. انتهى. ويحْتاطُ فى الثَّقيلِ؛ ليَسْقُطَ الفَرْضُ بِيَقينٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ودَقِيقُهما وسَوِيقُهما. يعْنِى، دَقِيقَ البُرِّ والشَّعيرِ وسَوِيقَهما، فيُجْزِئُ إخْراجُ أحَدِهما. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وعنه، لا يُجْزِئُ ذلك. وقيل: لا يُجْزِئُ السَّويقُ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». فعلى المذهب، يُشْتَرطُ أنْ يكونَ صَاعُ ذلك بوَزْنِ حَبِّه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه؛ لأَنَّه لو أخْرَجَ الدَّقيقَ بالكَيْلِ لَنقَصَ عنِ الحَبِّ؛ لِتَفَرُّقِ الأجْزاءِ بالطَّحْنِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، الإِجْزاءُ وإنْ لم يُنْخَلْ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُصُولِ»، و «الفُروعِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الرِّعايَتيْن»، وغيرِهم. وقيلَ: لا يُجْزِء إخْراجُه إلَّا مَنْخُولًا. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». قوله: ومِنَ الأقِطِ، فى إحْدَى الرِّوايَتيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»؛ إحداهما، الإجْزاءُ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. نَقَله الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. انتهى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى، والقاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما»، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ، وابنُ البَنَّا، والشِّيرَازِىُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وجزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُبْهِجِ»، و «العُقُودِ» لابِن البَنَا، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإِفادَاتِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، وغيرِهمِ. وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ. قال فى «تجْرِيدِ العِنايَةِ»: ويُجْزِئُ صَاعُ أقِطٍ على الأَظهَرِ. وعنه، يُجْزئُ لِمن يَقْتاتُه دُونَ غيرِه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، نقَلَه المَجْدُ وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، وجماعَةٌ: وعنه، لا يُجْزِئُ إلَّا عندَ عَدمِ الأرْبَعَةِ. فاخْتلَفَ نقْلُهم فى مَحل الرِّوايَةِ. وعنه، لا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «التَّسْهِيلِ». قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قلتُ: قال فى «الهِدايَةِ»: فأمَّا الأَقِطُ، فعنه، أنَّه لا يُخْرَجُ مع وُجودِ هذه الأصْنافِ، وعنه، أنَّه يُخْرَجُ على الإِطْلاقِ، وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ. فحكَى اخْتِيارَ أبى بَكْرٍ جَوازَ الإِخْراجِ مُطْلَقًا. وحكَى فى «الفُروعِ» اخْتِيارَه عَدَمَ الجَوازِ مُطْلَقًا. فلَعلَّ أنْ يكونَ له فى المَسْألةِ اخْتِيَاران. فعلى المذهبِ، هل يُجْزِئُ اللَّبَنُ غيرُ المَخِيضِ والجُبْنُ، أو لا يُجْزِئان؟ أو يُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ الجُبْنِ، أو عَكْسُه؟ أو يُجْزِئان عندَ عدَمِ الأقِطِ؟ فيه أقْوالٌ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَمِيمٍ». وأطْلقَ الثَّلَاثَةَ الأُوَلَ فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وأطْلقَ الأُولَيَيْن الزَّرْكَشِىُّ. قال ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، إِجْزاءُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّبَنِ، دُونَ الجُبْنِ. قال فى «الفُروعِ»: والذي وُجِدَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه قال: يُرْوَى عنِ الحَسَنِ صَاعُ لَبَنٍ؛ لأنَ الأقِطَ رُبَّما ضاقَ، فلم يَتعرَّضْ لِلْجُبْنِ. انتهى. قلتُ: الجُبْنُ أوْلَى مِنَ اللَّبَنِ. والقَوْلُ الرَّابعُ، احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الفُروعِ». وقال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إذا قُلْنا: يجوزُ إخْراجُ الأقِطِ مُطْلَقًا. فإذا عَدِمَه أخْرَجَ عنه اللَّبَنَ. قال القاضى: إذا عَدِمَ الأقِطَ، وقُلْنا: له إخْراجُه. جازَ إخْراجُ اللَّبَنِ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: إذا لم يَجِدِ الأقِطَ، على الرِّوايَةِ التى تقولُ: يُجْزِئُ. وأخْرَجَ عنه اللّبَنَ، أجْزَأَه؛ لأنَّ الأقِطَ مِنَ اللَّبَنِ؛ لأنَّه لَبَنٌ (¬1) مُجَمّدٌ مُجَفَّفٌ بالمَصْلِ. وجزَم به ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». وقال: لأنَّه أكمَلُ منه. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَعْدَمَهُ، فَيُخْرِجَ مِمَّا يَقْتَاتُ عِنْدَ ابْن حَامِدٍ. وَعِنْدَ أَبِى بَكْرٍ يُخْرِجُ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَنْصُوصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال المُصنِّفُ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ أنَّه لا يُجْزِء اللَّبَنُ بحَالٍ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وإذا قُلْنا: يجوزُ إخْراجُ الأَقطِ. لم يَجُزْ إِخْراجُ اللَّبَنِ مع وُجودِه، ويُجْزِئُ مع عدَمِه. ذكَرَه القاضى. وذكَر ابنُ أبى مُوسى، لا يُجْزِئُ. قوله: ولا يُجْزِئُ غيرُ ذلك. يعْنِى، إذا وُجِدَ شئٌ مِن هذه الأجْناسِ التى ذكَرَها, لم يُجْزِئْه غيرُها، وإنْ كان يَقْتاتُه. وهو الصَّحيحُ (¬1)، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويأْتى كلامُ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ قَرِيبًا. وظاهِرُ كلامِه إجْزاءُ أحَدِ الأجْناسِ المُتَقَدِّمَةِ، وإنْ كان يَقْتاتُ غيرَه. وهو صَحيحٌ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا، وصرَّح به الأصحابُ. تنبيه: دخَل فى كلامِ المُصَنِّفِ، وهو قوْلُه: ولا يُجْزِئُ غيرُ ذلك. القِيمَةُ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «صحيح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُجْزِئُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، رِوايَةٌ مُخَرَّجةٌ، يُجْزِئُ إخْراجُها. وقيلَ: يُجْزِئُ كلُّ مَكِيلٍ مَطْعُومٍ. قال ابنُ تَمِيمٍ: وقد أَوْمَأَ إليه الإِمامُ أحمدُ واختارَ الشَّيْخُ، يُجْزِئُه مِن قُوتِ بَلدِه مِثْلُ الأُرْزِ وغيرِه، ولو قدَر على الأصْنافِ المذْكورَةِ فى الحديِثِ. وذكَرَه رِوايَةً، وأنَّه قوْلُ أكثر العُلَماءِ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ، وحكَاه فى «الرِّعايَةِ» قَوْلًا. قوله: إلَّا أنْ يَعْدَمَه، فيُخْرِجَ مِمَّا يَقتاتُ، عندَ ابنِ حَامِدٍ. سَواءٌ كان مَكِيلًا أو غيرَه، كالذُّرةِ والدُّخْنِ واللَّحْمِ واللَّبَنِ، وسائِرِ ما يَقْتاتُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». قال فى «التَّلْخيصِ»: هذا المذهبُ. وقيل: لا يعْدِلُ عنِ اللَّحْمِ واللَّبَنِ. وعندَ أبى بَكْرٍ، يُخْرِجُ ما يَقُومُ مَقَامَ المنْصُوصِ؛ مِن حَبٍّ وتَمْرٍ يُقْتاتُ. فلا بُدَّ أنْ يكونَ مَكِيلًا مُقْتاتًا يقومُ مَقامَ المَنْصُوصِ. وهذا المذهبُ. قال المَجْدُ: هذا أشبَهُ بكلامِ أحمدَ. نقَل حَنْبَلٌ، ما يقومُ مَقامَها صَاعٌ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ، ومَعْناه قَوْلُ أبى بَكْرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإِفاداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْنٍ». زادَ فى «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «ابنِ حَمْدانَ»، ممَّا

وَلا يُخْرِجُ حَبًّا مَعِيبًا، وَلَا خُبْزًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ يقْتاتُ غالِبًا. وقيلَ: يُجْزِئُ ما يقُومُ مَقَامَها، وإنْ لم يكُنْ مَكِيلًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولأبى الحَسَنِ ابنِ عَبْدُوسٍ احْتِمالٌ، لا يُجْزِئُ غيرُ الخَمْسَةِ المَنْصُوصِ عليها، وتَبْقَى عندَ عدَمِ هذه الخَمْسَةِ فى ذِمَّتِه، حتَّى يَقْدِرَ على أحَدِها (¬1). قوله: ولا يُخْرِجُ حَبًّا مَعِيبًا. كَحبٍّ مُسَوَّسٍ ومَبْلولٍ، وقَدِيمٍ تَغيَّرَ طَعْمُه ونحوِه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: إن عَدِمَ غيرَه، أجْزَأ، وإلَّا فلا. فائدتان؛ إحداهما، لو خَالَطَ الذى يُجْزِئُ ما لَا يُجْزِئُ، فإنْ كان كثيرًا لم يُجْزِئْه، وإنْ كان يسيرًا زادَ بقَدْرِ ما يكونُ المُصَفَّى صَاعًا؛ لأنَّه ليس عَيْبًا، لقِلَّةِ مشَقَّةِ تَنْقيَتِه. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: لو قيلَ بالإجْزاءِ، ولو كان مالا يُجْزِئُ كثيرًا، إذا زادَ بقَدْرِه لكان قَويًّا. الثَّانيةُ، نصَّ الإِمامُ أحمدُ على تنْقيَةِ الطَّعامِ الذى يُخْرِجُه. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أخذها».

وَيُجْزِئُ إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْ أجْنَاسٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا خُبْزًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا ابنَ عَقِيلٍ، فإنَّه قال: يُجْزِئُ. وحكَاه فى «الرِّعايَةِ»، وغيرِها قَولًا. وقال الزَّرْكَشِىُّ، فى كتابِ الكَفّاراتِ: لو قيلَ بإجْزاءِ الخُبْزِ فى الفِطْرَةِ، لكان مُتَوجَّهًا. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على كلامِ ابنَ عقِيلٍ. قوله: ويجزِئُ إخْراجُ صاعٍ من أجْنَاسٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ؛ لتَفاوتِ مَقْصودِها، أو اتِّحادِه. وقاسَه المُصَنِّفُ على فِطْرَةِ العَبْدِ المُشْتَركِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقلتُ: لا يُخْرِجُ فِطْرَةَ عَبْدِه مِن جِنْسَيْن، وإنْ كان لاثْنَين، احْتَمَل وَجْهَيْن. وقال فى «الفُروِع»: ويتَوَجَّهُ تَخْريجٌ واحْتِمالٌ مِنَ الكَفَّارَةِ، لا يُجْزِئُ؛ لظاهِرِ الأخْبارِ، إلَّا أنْ تُعَدَّ (¬1) بالقيمَةِ. وخرَّجَ فى «القَواعِدِ» وَجْهًا بعَدَمِ الإِجْزاءِ. ¬

(¬1) فى ط: «يقول». وهى غير واضحة بالأصل.

وَأفْضلُ الْمُخْرَجِ التَّمْرُ، ثُمَّ مَا هُوَ أنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ بَعْدَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأفْضلُ المُخْرَجِ التَّمْرُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ اتِّباعًا للسُّنَّةِ، ولفعْلِ الصَّحابَةِ والتَّابِعين، ولأنَّه قُوتٌ وحَلاوَةٌ، وأقْرَبُ تناوُلًا، وأقلُّ كُلْفَةً. قلتُ: والزَّبيبُ يُساويه فى ذلك كلِّه لوْلا الأثَرُ. وقال فى «الحاوِيَيْن»: وعندى الأفْضَلُ أَعْلى الأجْناسِ قيمَةً وأنْفَعُ. فظاهِرُه، أنَّه لو وُجِدَ ذلك لكان أفْضَلَ مِنَ التَّمْرِ، ويحتَمِلُ أنَّه أَرادَ غيرَ التَّمْرِ. وقال الشَّارِحُ، وابنُ رَزينٍ: ويحتَمِلُ أنْ يكونَ أفْضَلُها أغْلَاها ثَمَنًا، كما أن أفْضَلَ الرِّقابِ أغْلاها ثَمَنًا. قوله: ثم ما هو أنْفَعُ للفُقراءِ. هذا أحَدُ الوُجوهِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ هنا. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «التَّسْهيلِ». وقدمه فى «النَّظْمِ». وقيلَ: الأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ الزَّبيبُ. [وهو المذْهبُ] (¬1). جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النِّهايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تذْكِرَتِه». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والأفْضَلُ عندَ الأصحابِ، بعدَ التَّمْرِ، الزَّبيبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ الأكْثرين. وأطْلقَهُما المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقيلَ: الأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ البُرُّ. جزَم به فى «الكَافِى»، و «الوَجِيزِ». وقدَّمه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِىَ الْجَمَاعَةَ مَا يَلْزَمُ الْوَاحِدَ، وَالْوَاحِدَ مَا يَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وحمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ هنا عليه، وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وعنه، الأقِطُ أفْضَلُ لأهْلِ الباديَةِ إنْ كان قُوتَهم. وقيلَ: الأَفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِه غالِبًا وَقْتَ الوُجوبِ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. قال «الرِّعايَةِ»: قلتُ: الأفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِه غالِبًا وَقْتَ الوُجوبِ، لا قُوتَه هو وحدَه. انتهى. وأيُّهما، أعْنى الزَّبيبَ والبُرَّ، كان أفْضَلَ، بعدَه فى الأفْضَليَّةِ الآخَرُ، ثم الشَّعِيرُ بعدَهما، ثم دَقِيقُهما، ثم سَوِيقُهما. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قوله: ويَجوزُ أنْ يُعْطِىَ الجَماعَةَ ما يَلزَمُ الواحِدَ، والواحِدَ ما يَلزَمُ الجَماعَةَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، على ما يَأْتى فى اسْتِيعابِ الأصْنافِ، فى بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ، لكنِ الأفْضَلُ، أنْ لا ينْقُصَ الواحِدَ عن مُدِّ بُرٍّ، أو نِصْفِ صَاعٍ مِن غيرِه. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، الأفْضَلُ، تَفْرِقَةُ الصَّاعِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ ما جزَم به جماعةٌ؛ للخُروجِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ. وعنه، الأفْضَلُ، أنْ لا ينْقُصَ الواحِدُ عنِ الصَّاعِ. قال فى «الفُروِع»: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ؛ للمَشَقَّةِ، وعَدَمِ نَقْلِه وعمَلِه. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: لو فَرَّقَ فِطْرَةَ رَجُلٍ واحدٍ على جَماعةٍ، لم يُجْزِئْه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فوائد؛ الأُولَى، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَفْريقَ (¬1) الفِطْرَةِ بنَفْسِه أفْضَلُ. وعنه، دَفْعُها إلى الإِمامِ العادِلِ أفْضَلُ. نقَلَه المَرُّوذِىُّ. ويأْتى مَزيدُ بَيانٍ على ذلك فى البابِ الذى بعدَه. الثَّانيةُ، لو أعْطَى الفَقيرَ فِطْرَةً، فرَدَّها الفقيرُ إليه عن نَفْسِه، جازَ عند القاضى. قال فى «التَّلْخيصِ»: جازَ فى أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه فى «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ إنْ لم يحْصُلْ حِيلَةٌ فى ذلك. وقال أبو بَكْرٍ: مذهبُ أحمدَ، لا يجوزُ، كشِرائِها. وأطْلَقَهُما فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن». ولو حُصِّلَتْ عندَ الإِمامِ، فقَسَّمها على مُسْتَحِقيها، فعادَ إلى إنْسانٍ فِطْرَتُه، جازَ عندَ القاضى أَيضًا. وهو المذهبُ. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ونصَرَه، وغيرُه. وقال أبو بَكْر: مذهبُ أحمدَ، لا يجوزُ كشِرائِها. وظاهِرُ «الفُروعِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، إطْلاقُ الخِلافِ فيهما، فإنَّهما قَالَا: جائزٌ عندَ القاضى، وعندَ أبى بَكْرٍ لا يجوزُ. وأطْلَقَهُما فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائِق». قال فى «الرِّعايَتيْن»: الخِلافُ فى الإجْزاءِ. ¬

(¬1) فى ط: «تفرقة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: فى التَّحْريمِ. انتهى. وتقَدَّمَتِ المَسْألةُ بأعَمَّ مِن ذلك فى الرِّكازِ، فَلْتُعَاوَدْ. ولو عادَتْ إليه بمِيراثٍ، جازَ. قَوْلًا واحِدًا. الثَّالثةُ، مَصْرِفُ الفِطْرَةِ مَصْرِفُ الزَّكاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فلا يجوزُ دَفْعُها لغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»، عن بعضِ الأصحابِ: تُدْفَعُ إلى مَن لا يجِدُ ما يَلْزَمُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ دَفْعُها إلَّا لمَن يستَحِقُّ الكَفَّارَةَ، وهو مَن يأْخُذُ لحاجَتِه، ولا تُصْرَفُ فى المُؤَلَّفَةِ والرِّقابِ وغيرِ ذلك. الرَّابعةُ، قال الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ الفَضْلِ بنِ زِيادٍ: ما أحْسَنَ ما كان عطاءٌ يَفْعَلُ، يُعْطِى عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبوَيْه صَدَقَةَ الفِطْرِ حتَّى ماتَ، وهذا تَبَرُّعٌ.

باب إخراج الزكاة

بَابُ إِخْرَاجَ الزَكَاةِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقتِ وُجُوبِهَا مَعَ إِمكَانِهِ إِلَّا لِضَرَرٍ؛ مِثْلَ أَنْ يَخشَى رُجُوعَ السَّاعِى عَلَيْهِ، وَنحْوَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ إِخْراجَ الزَّكاةِ قوله: لا يَجُوزُ تأْخيرُها عن وَقْتِ وُجوبِها، مع إمْكانِه. هذا المذهبُ فى الجُمْلَةِ. نصَّ عليه، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يلزَمُه إخْراجُها على الفَوْرِ؛ لإطْلاقِ الأمْرِ، كالمَكانِ (¬1). قوله: مع إمْكانِه. يعْنى، أنَّه إذا قدَر على إخْراجِها, لم يجُزْ تأْخيرُها، وإنْ تعَذَّرَ إخْراجُها مِنَ النِّصابِ؛ لغيْبَةٍ أو غيرِها، جازَ التَّأْخيرُ إلى القُدْرَةِ، ولو كان قادِرًا على الإخْراج من غيرِه. وهذا المذهبُ. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ¬

(¬1) فى أ: «كالكفارة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهما. ويحتَمِلُ أنْ لا يجوزَ التَّأخيرُ إنْ وجَبَتْ فى الذِّمَّةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم تسقُطْ بالتَّلَفِ. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المَسْألةِ، يجوزُ التَّأْخيرُ؛ لضرَرٍ عليه، مثلَ أنْ يخْشَى رُجوعَ السَّاعِى عليه، ونحو ذلك، كخَوْفِه على نَفْسِه أو مالِه. ويجوزُ له التَّأْخيرُ أَيضًا لحاجَتِه إلى زَكاتِه إذا كان فَقيرًا مُحْتاجًا إليها، تَخْتَلُّ كِفايَتُه ومَعيشَتُه بإخْراجِها. نصَّ عليه. ويُؤْخَذُ منه ذلك عندَ مَيْسَرَتِه. قلتُ: فيُعايَى بها. ويجوزُ أَيْضًا التَّأْخيرُ ليُعْطيَها لمَن حاجَتُه أشَدُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نقَل يَعْقوبُ: لا أُحِبُّ تَأْخيرَها، إلَّا أنْ لا يَجِدَ قوْمًا مِثْلَهم فى الحاجَةِ فيُؤَخِّرَها لهم. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وقال: جزَم به بعضُهم. قلتُ: منهم صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وابنُ رَزِينٍ. وقال جماعَةٌ، منهم المَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مُجَرَّدِه»: يجوزُ بزَمَنٍ يَسِيرٍ لمَن حاجَتُه أشَدُّ؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه، ولا يفوتُ المَقْصودُ، وإلَّا لم يجُزْ ترْكُ واجِبٍ لمَنْدُوبٍ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وقيَّدَ ذلك بعضُهم بالزَّمَنِ اليَسيرِ. قال فى «المُذْهَبِ»: ولا يجوزُ تأْخيرُها مع القُدْرَةِ، فإنْ أمْسَكَها اليَوْمَ واليَوْمَيْن ليتحَرَّى الأفْضَلَ، جازَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ المَنْعُ. ويجوزُ أَيضًا التَّأْخيرُ لقَريبٍ. قدَّمه فى «الفروع»، وقال: جزَم به جماعَةٌ. قلتُ: منهم ابنُ رَزينٍ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». وقدَّم جماعَةٌ المَنْعَ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَتيْن»، [و «الحاوِيَيْن»] (¬1)، و «الفَائقِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: وأطْلَقَ القاضى، وابنُ عَقِيلٍ رِوايتَيْن فى القَريبِ، ولم يُقَيِّدَاه بالزَّمَنِ اليَسيرِ. ويجوزُ أَيضًا التَّأخيرُ للجارِ، كالقَريبِ. جزَم به فى «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ولم يذْكُرْه الأكْثَرُ. وقدَّم المَنْع فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفَائقِ». وعنه، له أنْ يُعْطِىَ قريبَه كلَّ شَهْرٍ شيئًا. وحمَلَها أبو بَكْرٍ على تَعْجيلها. قال المَجْدُ: وهو خِلافُ الظَّاهِرِ. وعنه، ليس له ذلك. وأطْلَقَ القاضى، وابنُ عَقِيل الرِّوايتَيْن. فائدتان؛ إحداهما، يجوزُ للإمامِ والسَّاعى تأخيرُ الزَّكاةِ عندَ رَبِّها لمَصْلَحَةٍ، كقَحْطٍ ونحوِه. جزَم به الأصحابُ. الثَّانيةُ، وهى كالأجْنَبِيَّةِ ممَّا نحنُ فيه، نصَّ الإِمامُ أحمدُ على لُزومِ فَوْريَّةِ النَّذْرِ المُطْلَقِ والكَفَّارةِ. وهو المذهبُ. قالَه فى «القَواعِدِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يَلزَمان على الفَوْرِ. قال ذلك ابنُ تَمِيمٍ، وتَبِعَه صاحِبُ «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». وقال فى «الفائقِ»: المَنْصوصُ عدَمُ لُزومِ الفَوْرِيَّةِ. ولعَلَّه سَبْقُ قَلَمٍ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَإِنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا جَهْلًا بِهِ، عُرِّفَ ذَلِكَ، فَإِنْ أصَرَّ كَفَرَ وَأُخِذَتْ مِنْهُ، وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلًا بِهَا، أُخِدتْ مِنْهُ وَعُزِّرَ. فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ، أَوْ كَتَمَهُ، أوْ قَاتَلَ دُونَهَا، وَأَمْكَنَ أخْذُهَا، أُخِذَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَأْخُذُهَا وَشَطْرَ مَالِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن منَعَها بُخْلًا بها، أُخِذَتْ مِنه وعُزِّرَ. وكذا لو منَعَها تَهاونًا. زادَ فى «الرِّعايَةِ» مِن عندِه، أو هَمَلًا. قال فى «الفُروعِ»: كذا أطْلَقَ جماعَة التَّعْزِيرَ. قلتُ: أطْلَقَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: إنْ فعَلَه لِفسْقِ الإِمامِ، لكَوْنِه لا يضَعُها مَواضِعَها, لم يُعَزَّرْ. وجزَم به غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، مهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ». قلتُ: وهذا الصَّوابُ، بل لو قيلَ بوُجُوبِ كِتْمانِه، والحالَةُ هذه، لكان سَديدًا. تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: وعُزِّرَ. إذا كان عالِمًا بتَحْريمِ ذلك، والمُعَزِّرُ له هو الإِمامُ، أو عامِلُ الزَّكاةِ. على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيلَ: إنْ كان مالُه باطِنًا، عَزَّرَه الإِمامُ أو المُحْتَسِبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ غيَّبَ مالَه، أو كتَمَه، أو قاتَل دونَها، وأمْكَن أخْذُها، أُخِذَتْ منه مِن غيرِ زِيادَةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْر فى «زَادِ المُسافِرِ»: يَأْخُذُها وشَطْرَ مالِه. وقدَّمه الحَلْوانِىُّ فى «التَّبصِرَةِ». وذكَرَه المَجْدُ رِوايَةً. وقال أبو بَكْر أَيضًا: يَأخُذُ شَطْرَ مالِه الزَّكَوِىِّ. وقال إبْراهِيمُ الحَرْبِىُّ: يُؤْخَذُ من خيارِ مالِه زيادَةُ القيمَةِ بشَطْرِها، مِن غيرِ زيادَةِ عدَدٍ ولا سِنٍّ. قال المَجْدُ: وهذا تَكَلُّفٌ ضَعيفٌ. وعنه، تُؤْخَذُ منه ومِثْلُها. ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقالَه أبو بَكْرٍ أَيضًا فى «زَادِ المُسَافِرِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِع مِن كلامِه: إذا منَع الزَّكاةَ، فرأى الإِمامُ التَّغْليظَ عليه بأخْذِ زيادَةٍ عليها، اختَلفتِ الرِّوايَةُ فى ذلك. تنبيهات؛ أحدُها، مَحلُّ هذا عندَ صاحِبِ «الحاوِى» وجماعَةٍ، فى مَن كتَم مالَه فقط. وقال فى «الحاوِى»: وكذا قيل: إنْ غَيَّبَ مالَه، أو قاتَلَ دُونَها. الثَّانى، قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم ابنُ حَمْدانَ: وإنْ أَخَذَها غيرُ عَدْلٍ فيها، لم يَأْخُذْ مِنَ المُمْتَنِعِ زِيادَةً. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَ جماعَةٌ آخَرون الأخْذَ، كَمسْألةِ التَّعْزيرِ السَّابِقَةِ. الثَّالثُ، قدَّم المصَنِّفُ هنا، أنَّه إذا قَاتَل عليها،

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أخْذُهَا اسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ وَأَخْرَجَ، وَإلَّا قُتِلَ وَأُخِذَت مِنْ تَرِكَتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا كَفَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَكْفُرْ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال بعضُ أصحابِنا: إنْ قاتَلَ عليها كفَر. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به بعضُ الأصحابِ، وأطْلَقَ بعضُهم الرِّوايتَيْن. وعنه، يكْفُرُ وإنْ لم يُقاتِلْ عليها. وتقدَّم ذلك فى كتابِ الصَّلاةِ. قوله: فإنْ لم يُمْكِنْ أخْذُها، اسْتُتِيبَ ثلاثًا، فإنْ تابَ وأخْرَجَ، وإلَّا قُتِلَ. حُكْمُ اسْتِتابَتِه هنا، حُكْمُ اسْتِتابَةِ المُرْتَدِّ فى الوُجوبِ وعدَمِه. على ما يَأْتِى بَيانُه إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى فى بابِه. وإذا قُتِلَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقْتَلُ حدًّا. وهو مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفْرَداتِ. وعنه، يُقْتَلُ كُفْرًا. فائدة: إذا لم يُمْكِنْ أخْذُ الزَّكاةِ منه إلَّا بالقِتالِ، وجَب على الإِمامِ قِتالُه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى رِوايةً، لا يجِبُ قِتالُه إلَّا لمَن جحَد وُجوبَها.

وَإنِ ادَّعَى مَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ؛ مِنْ نُقْصَانِ الْحَوْلِ أوِ النِّصَابِ، أَوِ انْتِقَالِهِ عَنْهُ فى بَعْضِ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ، قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى ما يَمْنَعُ وجوبَ الزَّكاةِ؛ مِن نُقْصانِ النِّصابِ أو الحَولِ، أو انْتِقالِه عنه فى بعضِ الحوْلِ، ونَحوه، كادِّعائِه أداءَها، أو أن ما بيَدِه لغيرِه، أو تَجَدُّدِ مِلْكِه قريبًا، أو أنَّه مُنْفَرِدٌ، أو (¬1) مُخْتَلِطٌ، قُبِلَ قَوْلُه بغيرِ يَمينٍ. وهذا المذهبُ، ¬

(¬1) سقط من: أ.

وَالصَّبِىُّ وَالْمَجْنُونُ يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُسْتَحْلَفُ فى ذلك كله. ووَجَّه فى «الفروعِ» احْتِمالًا، يُسْتَحْلَفُ إنِ اتُّهِمَ، وإلَّا فلا. وقال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانيَّةِ»: إنْ رأى العامِلُ أنْ (¬1) يَسْتَحْلِفُه، فعَل، فإنْ نكَل، لم يَقْضِ عليه بنُكولِه. وقيلَ: يَقْضِى عليه. قلتُ: فعلى قَوْلِ القاضى، يُعايَى بها. فائدة: قال بعضُ الأصحابِ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّ اليمينَ لا تُشْرَعُ. قال فى «عُيونِ المَسائِل»: ظاهِرُ قوْلِه: لا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ على صدَقاتِهم. لا يجبُ ولا يُسْتَحَبُّ، بخِلافِ الوَصِيَّةِ للفُقراءِ بمالٍ. قوله: والصَّبىُّ والمَجْنُونُ يُخْرِجُ عنهما ولِيُّهُما. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يَلْزَمُه الإخْراجُ إنْ خافَ أنْ يُطالَبَ ¬

(¬1) فى أ: «أنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك، كمَن يَخْشَى رُجوعَ السَّاعِى، لكنْ يُعْلِمُه إذا بلَغ وعقَل.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ دَفْعُهَا إِلَى السَّاعِى. وَعَنْهُ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الْعُشْرَ، وَيَتَوَلَّى هُوَ تفْرِيقَ الْبَاقِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ للإنْسَانِ تَفْرِقَةُ زَكاتِه بنَفْسِه. سواءٌ كانتْ زَكاةَ مالٍ أو فِطْرَةٍ. نصَّ عليه. قال بعضُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حَمْدانَ: بشَرْطِ أمانَتِه. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُرادُ غيرِه. أىْ مِن حيثُ الجُمْلَة. انتهى. قوله: وله دَفْعُها إلى السَّاعِى. وإلى الإِمامِ أَيضًا. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه

وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، دَفْعُهَا إلَى الإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال ناظِمُها: زَكاتُه يُخْرِجُ فى الأيَّام … بنَفْسِه أَوْلَى مِنَ الإِمامِ وقيلَ: يجِبُ دَفْعُها إلى الإمامَ إذا طَلَبها، وِفاقًا للأئمَّةِ الثَّلَاثةِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ أنْ يدْفَعَ إليه العُشْرَ، ويتَوَلَّى هو تَفْرِيقَ الباقِى. وقال أبو الخَطابِ: دَفْعُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الإِمامِ العادِلِ أفْضَلُ. واخْتارَه ابنُ أبى مُوسَى، للخُروجِ مِنَ الخِلافِ وزَوالِ التُّهْمَةِ. وعنه، دَفْعُ المالِ الظَّاهِرِ إليه أفْضَلُ. وعنه، دَفْعُ الفِطْرَةِ إليه أفْضَلُ. نقلَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرُّوذِىُّ، كما تقدَّم فى آخِرِ بابِ الفِطْرَةِ. وقيل: يجِبُ دَفْعُ زَكاةِ المالِ الظَّاهِر إلى الإِمامِ، ولا يُجْزِئُ دُونَه. فوَائد؛ الأُولَى، يجوزُ دفْعُ زَكاتِه إلى الإِمامِ الفاسِقِ. على الصَّحيِح مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقال القاضِىّ فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يَحْرُمُ عليه دَفْعُها، إنْ وَضعَها فى غيرِ أهْلِها، ويجِبُ كَتْمُها إِذَنْ عنه. واخْتارَه فى «الحاوِى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. ويأْتِى فى بابِ قتالِ أهْلِ البَغْى، أنَّه يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكاةِ إلى الخَوارِجِ والبُغاةِ. نصَّ عليه فى الخَوارِجِ. الثَّانية، يجوزُ للإِمامِ طلَبُ الزَّكاةِ مِنَ المالِ الظَّاهِرِ والباطِنِ. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ، إنْ وضَعَها فى أهْلِها. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: لا نظَرَ له فى زَكاةِ المالِ الباطِنِ، إلَّا أنْ يُبْذَلَ (¬1) له. وقال ابنُ تَمِيمٍ: فيما تجِبُ فيه الزَّكاةُ. قال القاضى: إذا مَرَّ المُضارِبُ أو المَأْذُونُ له بالمالِ على عاشِرِ المُسْلِمين، أخَذ منه الزَّكاةَ. قال: وقيلَ: لا تُؤْخَذ منه حتَّى يَحْضُرَ المالِكُ. الثَّالثةُ، لو طَلَبَها الإِمامُ، لم يجِبْ دَفْعُها إليه، وليس له أنْ يُقاتِلَه على ذلك إذا لم يَمْنَعْ إخْراجَها بالكُلِّيَّةِ. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ شِهَابٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيلَ: يجِبُ عليه دَفْعُها إليه، إذا طلَبَها, ولا يُقاتلُ لأجْلِه؛ لأنَّه مُخْتَلَفٌ فيه. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: وصحَّحَه غيرُ واحدٍ فى «الخِلافِ». قلتُ: صحَّحَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: لا يجِبُ دَفْع الباطِنَةِ بطَلَبِه. قال ابنُ تَميمٍ: وَجْهًا واحِدًا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: مَن جوَّزَ القِتالَ على تَرْكِ طاعَةِ وَلِىِّ الأمْرِ، جَوَّزَه هنا، ومَن لم يُجَوِّزْه إلَّا على تَرْكِ طاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِه، لم يُجَوِّزْه. الرَّابعُة، يجوزُ للإمامِ طلَبُ النَّذْرِ ¬

(¬1) فى ط: «يبذله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكَفَّارَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه فى الكَفَّارةِ والظِّهارِ. وقيلَ: ليس له ذلك. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفُروعِ». الخامِسَةُ، يجِبُ على الإِمامِ أنْ يَبْعثَ السُّعَاةَ عندَ قُرْبِ الوُجوبِ لقَبْضِ زَكاةِ المالِ الظَّاهِرِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ، وقالَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، والوُجوبُ هو المذهبُ. ولم يذْكُرْ جماعَةٌ هذه المَسْألَةَ، فيُؤْخَذُ منه، لا يَجِبُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه أظْهَرُ. وفى «الرِّعايَةِ» قوْلٌ: يُسْتَحَبُّ. ويَجْعَلُ حَوْلَ الماشِيَةِ المُحَرَّمَ، لأنَّه أوَّلُ السَّنَةِ. وتَوقَّفَ أحمدُ، ومِثْلُه إلى شَهْرِ رَمضان، فإنْ وجَد مالًا لم يَحُلْ حوْلُه، فإنْ عجَّلَ ربُّه زَكاتَه، وإلَّا وَكَّلَ ثِقَةً يَقْبِضُها ثم يَصْرِفُها فى مَصارِفِها، وله جَعْلُ ذلك إلى رَبِّ المالِ إنْ كان ثِقَةً، وإنْ لم يجِدْ ثِقَةً، فقال القاضى: يُؤَخِّرُها إلى العَامِ الثَّانِى. وقال الآمِدِىُّ: لرَبِّ المالِ أنْ يُخْرِجَها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال فى «الكافِى»: إنْ لم يُعَجلْها، فإمَّا أنْ يُؤَكِّلَ، أو يُؤَخِّرَها إلى الحَوْلِ الثَّانِى. وإذا قبَض السَّاعِى الزَّكَاةَ، فَرَّقَها فى مكانِه وما قَارَبَه، فإنْ فضَل شئٌ حمَلَه. ولَه بَيْعُ مالِ الزَّكاةِ، لحاجَةٍ أو مَصْلَحَةٍ، وصَرْفُه فى الأحَظِّ للفُقَراءِ أو حاجَتِهم، حتى فى أُجْرَةِ مَسْكَنٍ. وإنْ باعَ لغيرِ حاجَةٍ، فقال القاضى: لا يصِحُّ. وقيلَ: يصِحُّ. وقدَّمه بعضُهم، وهو ابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتَيْه»، واقتَصَر المُصَنِّفُ فى «الكافِى» على البَيْعِ إذا خافَ تَلَفه، ومالَ إلى الصِّحَّةِ.

وَلَا يَجوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا بِنِيَّةٍ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تُجْزِئُهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا جزَم ابنُ تَميمٍ، أنَّه لا يَبِيعُ لغيرِ حاجَةٍ، لخَوْفِ تَلَفٍ، ومُؤْنَةِ نَقْلٍ، فإنْ فعَل، ففى الصِّحَّةِ وَجْهان. أطْلَقهما فى «الحاوِيَيْن» و «الفُروعِ». قوله: ولا يَجُوزُ إخْراجُها إلَّا بنِيَّةٍ. هذا بلا نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلةُ، فيَنْوِى الزَّكاةَ أو صَدَقةَ الفِطْرِ، فلو نوَى صدَقةً مُطْلَقةً، لم يُجْزِئْه، ولو تصَدَّقَ بجميع مالِه، كصَدقتِه بغيرِ النِّصابِ مِن جِنْسِه؛ لأنَّ صَرْفَ المالِ إلى الفَقيرِ له جِهَاتٌ، فلا تتَعَيَّنُ الزَّكاةُ إلَّا بالتَّعْيينِ. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: إنْ تصَدَّقَ بمالِه المُعَيَّنِ، أجْزَأَه. ولو نوَى صدَقةَ المالِ، أو الصَّدقةَ الواجِبَةَ، أجْزأَه (¬1). على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: كَفَى فى الأصَحِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: جزَم به جماعَةٌ. وقال: وظاهِرُ التَّعْلِيلِ المُتَقدِّمِ، لا يَكْفِى نِيَّةُ الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ، أو صَدَقَةِ المالِ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به جماعَة، مِن أنَّه يَنْوِى الزَّكاةَ. قال: وهذا مُتَّجَهٌ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أجزأ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الفَرْضِ، ولا تَعْيِينُ المالِ المُزَكَّى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وفى «تَعْليقِ القاضى»، فى كتابِ الطَّهارَةِ، وجْهٌ؛ تُعْتَبرُ نِيَّةُ التَّعْيينِ إذا اخْتَلَف المالُ، مِثْل شاةٍ عن خَمْسٍ مِنَ الإِبلِ، وشاةٍ أُخْرَى عن أرْبَعِين مِنَ الغَنَمِ، ودِينارٍ عن نِصَابٍ تالِفٍ، ودِينارٍ آخَرَ عن نِصابٍ قائمٍ، وصَاعٍ عن فِطْرَةٍ، وصَاعٍ آخَرَ عن عَشْرٍ. فعلى المذهبِ، لو نَوَى زَكاةً عن مالِه الغائبِ، فإنْ كان تالِفًا فعَنِ الحاضِرِ، أجْزَأَ عنه إنْ كان الغائِبُ تالِفًا، وإنْ كانَا سالِمَيْن أجْزَأَ عن أحَدِهما. ولو كان له خَمْسٌ مِنَ الإِبلِ، وأرْبَعُون مِنَ الغَنَمِ، فقال: هذه الشَّاةُ عنِ الإِبلِ أو الغَنَمِ. أجْزأَتْه عن أحْدِهما. وكذا لو كان له مالٌ حاضِرٌ وغائِبٌ، وأخْرَجَ، وقال: هذه زَكاةُ مالِى الحاضِرِ أو الغائِب. وإن قال: هذا عن مالِى الغائبِ إنْ كان سالِمًا، وإنْ لم يكُنْ سَالِمًا فتَطَوُّعٌ فبَانَ سالِمًا، أجْزأَ عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه لم يُخْلِصِ النِّيَّةَ للفَرْضِ، كمَن قال: هذه زَكاةُ مالِى، أو نَفْلٌ. أو: هذه زَكاةُ إرْثِى مِن مُوَرِّثى إنْ كان ماتَ؛ لأنَّه لم يَبْنِ على أصْلٍ. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال المُصَنِّفُ وغيرُه: كقَوْلِه ليْلَةَ الشَّكِّ: إنْ كان غدًا مِن رَمضانَ ففَرْضِى، وإلَّا فنَفْلٌ. وقال المَجْدُ: كقَوْلِه: إنْ كان وَقْتُ الظُّهْرِ دخَل، فصَلاتِى هذه عنها. وقال جماعَة؛ منهمُ ابنُ تَمِيمٍ: لو قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ: إنْ كان الوَقْتُ دخَل فَفرْضٌ، وإلَّا فنَفْلٌ. فعلى الوَجْهَيْن. وقال أبو البَقَاءِ، فى مَن بلَغ فى الوَقْتِ: التَّرَدد فى العِبَادَةِ يُفْسِدُها. ولهذا لو صَلَّى أو نوَى، إنْ كان الوَقْتُ قد دخَل، فهى فَرِيضَة، وإنْ لم يَكُنْ دخَل، فنَافِلَةٌ. لم يَصِحَّ له فَرْضًا ولا نَفْلًا. وتقدَّم فى كتابِ الزَّكاةِ، فى فَوائدِ وُجوبِ الزَّكاةِ فى العَيْنِ أو فى الذِّمَّةِ، هل يَلْزَمُه إخْراجُ زَكاةِ مالِه الغائبِ أم لا؟ الثَّانيةُ، الأُوْلَى مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للدَّفْعِ، ويجوزُ تقْديمُها على الدَّفْعِ بزَمَنٍ يَسيرٍ، كالصَّلاةِ، على ما سبَق مِنَ الخِلافِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يجوزُ تَقْديمُ النِّيَّةِ على الأداءِ (¬1) بالزَّمَنِ اليَسيرِ، كسَائرِ العِبادَاتِ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: تُعْتبَرُ النِّيَّةُ عندَ الدَّفْعِ. قوله: ولا يجُوزُ إخْراجُها إلَّا بِنيَّةٍ، إلَّا أنْ يَأْخُذَها الإِمامُ مِنه قَهْرًا. إذا أخَذ الإِمامُ الزَّكاةَ منه قَهْرًا (¬2) وأخْرَجَها ناوِيًا للزَّكاةِ، ولم يَنْوِها رَبُّها، أجْزأتْ عن رَبِّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المَجْدُ: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ لمَن ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «الأدنى». (¬2) سقط من الأصل، أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَأمَّلَه. قال ابنُ مُنجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. واخْتارَه القاضى وغيرُه. قال فى «القَواعِدِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِ هم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، وصحَّحَه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يُجْزِئُه أيضًا مِن غيرِ نِيَّةٍ. واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا فى «فَتاوِيه». قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهذا أصْوَبُ. وظاهِرُ «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِطْلاقُ؛ فإنَّه قال: أجْزأَتْ عندَ القاضى وغيرِه، وعندَ أبى الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، لا تُجْزِئُ. وأطْلَقَهما المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ تَمِيمٍ، والزَّرْكَشِىُّ، وصاحِبُ «الفائقِ». فعلى الأوَّلِ، تُجْزِئُ ظاهِرًا وباطِنًا. وعلى الثَّانِى، تُجْزِئُ ظاهِرًا لا باطِنًا. فائدة: مِثْلُ ذلك، لو دَفَعها رَبُّ المالِ إلى مُسْتَحِقها كُرْهًا وقَهْرًا، قالَه المَجْدُ وغيرُه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو دفَع زَكاتَه إلى الإِمامِ طائِعًا، ونَواها الإِمامُ دُونَ ربِّها، أنّها لا تُجْزِئُ، بل هو كالصَّريحِ فى كلام المُصَنِّفِ. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أَحمدَ، والخِرَقِىِّ، لمَن تأَمَّلَه. وهو اخْتِيارُ أبى الخَطابِ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ البَنَّا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينَ فى «فَتاوِيه». وقدَّمه ابنُ تَمِيمٍ، وابنُ رَزِينٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقيلَ: تُجْزِئُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ،

وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى وَكِيلهِ، اعْتُبِرَتِ النِّيَّةُ مِنَ الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضى وغيرُهما. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الفروعِ»: أجْزأتْ عندَ القاضى وغيرِه. وظاهِرُ «الفُروعِ»، الإطْلاقُ، كما تقدَّم. وأمَّا إذا لم يَنْوِها ربُّها ولا الإِمامُ، فإنَّها لا تُجْزِئُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه: لا يحْتاجُ الإِمامُ إلى نِيَّة منه، ولا مِن ربِّ المالِ. قلتُ: فعلى هذا القَوْلِ يُعايَى بها. وأطْلَقَهما المَجْدُ فى «شَرْحِه»، والزَّرْكَشىُّ. فعلى المذهبِ، تقَعُ نَفْلًا، ويُطالَبُ بها. فائدتان؛ إحداهما، لو غابَ المالِكُ، أو تعَذَّرَ الوُصولُ إليه بحَبْسٍ ونحوِه، فأخَذَ السَّاعِى مِن مالِه، أجْزأ ظاهِرًا وباطِنًا، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ له وِلايَةَ أخْذِها إذَنْ، ونِيَّةُ المالِكِ مُتعَذِّرَةٌ بما يُعْذَرُ فيه. الثَّانيةُ، إذا دفَع زَكاتَه إلى الإِمامِ، ونَواهَا دُونَ الإِمامِ، أجْزَأَتْه؛ لأنَّه لا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ المسْتَحِقِّ، فكذا نائِبُه. شرعه: ظاهِرُ قولِه: وإنْ دفَعَها إلى وَكِيلِه، اعتُبِرَت النِّيَّةُ مِنَ الموَكِّلِ دونَ الوكِيلِ. أنَّه سواءٌ بعدَ دَفْعِ الوَكيلِ أوْ لا. واعلمْ أنَّه إذا دَفَعها الوَكِيلُ مِن غيرِ نِيَّةٍ، فَتارَةً يدْفَعُها بعدَ زمَنٍ يسيرٍ، وتارَة يدْفَعُها بعدَ زَمَنٍ طويلٍ؛ فإنْ دَفَعها إلى مُسْتَحِقِّها بعدَ زَمَنٍ يَسيرٍ، أجْزَأَتْ، وإنْ دفَعَها بعدَ زَمَنٍ طَويلٍ مِن نِيَّةِ الوَكيلِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، الإِجْزاءُ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: تُجْزِئُ عندَ أبى الخَطَّابِ وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الفَائقِ». وقال القاضى وغيرُه: لابدَّ مِن نِيَّةِ الوَكِيلِ أيضًا والحالَةُ هذه. وهو المذهبُ وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». و «ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وصحَّحَه الشَّارِحُ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فوائد، الأُولَى، لو لم يَنْوِ المُوَكِّلُ، ونَواهَا الوَكِيلُ عندَ إخْراجِها، لم تُجْزِئْه، وإنْ نَواهَا هو والوَكِيلُ، صحَّ، وهو الأفْضَلُ، بَعُدَ ما بينَهما أو قَرُبَ. الثَّانيةُ، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللَّه تعالَى، جَوازَ التَّوْكيلِ فى دَفْعِ الزَّكاةِ. وهو صَحيحٌ، لكِنْ يُشْتَرطُ فيه أنْ يكونَ ثِقَةً. نصَّ عليه، وأنْ يكونَ مُسْلِمًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفائِق»: مُسْلِمًا فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَمِيمٍ». وحَكَى القاضى فى «التَّعْليقِ» وَجْهًا بجَوازِ توْكيلِ الذِّمِّىِّ فى إخْراجِها. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». ونقَلَه ابنُ تَمِيمٍ عن بعضِ الأصحابِ. ولعَلَّه عَنَى شيْخَه المَجْدَ، كما لو اسْتَنابَ ذِمِّيًّا فى ذَبْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُضْحِيَةٍ، جازَ على اخْتِلافِ الرِّوايَتَيْن. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويجوزُ تَوْكيلُ الذِّمِّىِّ فى إخْراجِ الزَّكاةِ إذا نوَى المُوَكِّلُ، وكَفَتْ نِيَّتُه، وإلَّا فلا. انتهى. قلتُ: وهو قوِىٌّ. الثَّالثةُ، لو قال شخْصٌ لآخَرَ: أخْرِجْ عنِّى زَكاتِى مِن مالِكَ. ففَعَل، أجْزَأَ عنِ الآمِرِ. نصَّ عليه فى الكَفَّارَةِ. وجزَم به جماعَةٌ، منهم المُصَنِّفُ فى الزَّكاةِ. واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»، بعدَ ذِكْرِ النَّصِّ: وألْحَقَ الأصحابُ بها الزَّكاةَ فى ذلك. الرَّابعةُ، لو وَكَّلَه فى إخْراجِ زَكاتِه، ودفَع إليه مَالًا، وقال: تصَدَّقْ به. ولم يَنْوِ الزَّكاةَ، فأَخْرَجَها الوَكِيلُ مِنَ المالِ الذى دفَعَه إليه، ونَواهَا زَكاةً، فقِيلَ: لا تُجْزِئُه؛ لأنَّه خَصَّه بما يَقْتَضِى النَّفْلَ. وقيلَ: تُجْزِئُه؛ لأنَّ الزَّكاةَ صَدَقَةٌ. قلتُ: وهو أوْلَى. وقد سمَّى اللَّه الزَّكاةَ صَدَقَةً. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». ولو قال: تَصَدَّقْ به نَفْلًا، أو عن كفَّارَتى. ثم نوَى الزَّكاةَ به قبلَ أنْ يتَصَدَّقَ، أجْزَأَ عنها؛ لأنَّ دَفْعَ وَكِيلِه كدَفْعِه، فكَأنَّه نوَى الزَّكاةَ، ثم دفَع بنَفْسِه. قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وعلَّلَه بذلك. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَمِيمٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: وظاهرُ كلامِ غيرِ المَجْدِ، لا يُجْزِئُ؛ لاعْتِبارِهم النِّيَّةَ عندَ التَّوْكيلِ. الخامِسَةُ، فى صِحَّةِ تَوْكِيلِ المُمَيِّزِ فى دَفْعِ الزَّكاةِ وَجْهان، ذكَرَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وأطْلَقَهُما هو وصاحِبُ «الفُروعِ». قلتُ: الأُوْلَى الصِّحَّةُ؛ لأنَّه أهْلٌ للعِبَادَةِ. السَّادسَةُ، لو أخْرَجَ شَخْصٌ مِن مالِه زَكاةً عن حَىٍّ بإذْنِه، صَحَّ، وإلَّا فلا. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: فإنْ نوَى الرُّجوعَ بها، رجَع فى قِيَاسِ المذهبِ. السَّابعةُ، لو أخْرَجَها مِن مالِ مَن هى عليه بلا إذْنِه، وقُلْنا: يصِحُّ تَصَرُّفُ الفُضُولِىِّ مَوْقُوفًا على الإِجازَةِ. فأَجازَه رَبُّه، كَفَتْه، كما لو أَذِنَ له، وإلَّا فلا. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقلتُ: إنْ

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دَفْعِهَا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا، وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا. وَيَقُولَ الآخِذ: آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أبْقَيْتَ، وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُورًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان باقِيًا بيَدِ مَن أخَذَه، أجْزَأَتْ عن رَبِّه، وإلَّا فلا؛ لأنَّه إذن كالدَّيْنِ، فلا يُجْزِئُ إسْقاطُه مِنَ الزَّكاةِ. الثَّامِنَةُ، لو أخْرَجَ زَكاتَه مِن مالٍ غَصْبٍ، لم يُجْزِئْه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيلَ: إنْ أَجازَها ربُّه، كَفَتْ مُخْرِجَها، وإلَّا فلا. التَّاسِعَةُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ عندَ دَفْعِها: اللَّهُمَّ اجْعَلْها مَغْنَمًا، ولا تَجْعَلْها مَغْرَمًا. وهذا بلا نِزاعٍ. زادَ بعضُهم، ويَحْمَدُ اللَّه على تَوْفيقِه لأدائِها. قوله: ويَقُولَ الآخِذُ: آجَرَكَ اللَّه فيما أعْطَيْتَ، وبارَكَ لكَ فيما أَبقَيْتَ، وجعَلَه لكَ طَهورًا. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ له قوْلُ ذلك. وظاهِرُه، سواءٌ كان الآخِذُ الفُقَراءَ، أو العامِلَ، أو غيرَهما. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العامِلِ إذا أخَذ الزَّكاةَ أنْ يَدْعُوَ لأهْلِها. وظاهرُه الوُجوبُ، لأنَّ لَفْظةَ «عَلَى» ظاهِرة فى الوُجوبِ. وأوْجَبَ الدُّعاءَ لَه الظَّاهِريةُ، وبعضُ الشَّافِعِيةِ. وذكَر المَجْدُ فى قوْلِه: على الغَاسِلِ سَتْرُ ما رَآه. أنَّه على الوُجوبِ. وذكَر القاضى فى «العُدَّةِ» (¬1)، وأبو الخَطَّابِ فى «التَّمْهيدِ»، فى بابِ الحُروفِ، أنَّ «عَلَى» للإِيجاب. وجزَم به ابنُ مُفْلِحٍ فى «أصُولِه». قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: على العامِل أن يقولَها. ¬

(¬1) فى أ: «العمدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، إنْ عَلِمَ ربُّ المالِ، وقال ابنُ تَميمٍ: إنْ ظَنَّ أنَّ الآخِذَ أهْلٌ لأخْذِها، كُرِهَ إعْلامُه بها. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقال: لِمَ يُبَكِّتُه؟! يُغطِيه ويَسْكُتُ، ما حَاجَتُه إلى أنْ يُقَرِّعَه؟! وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» وغيرِهم. وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّ تَرْكَه أفْضَلُ. وقال بعضُهم: لا يُسْتَحَبُّ. نصَّ عليه. قال فى «الكافِى»: لا يُسْتَحَبُّ إعْلامُه. وقيلَ: يُسْتَحَبُّ إعْلامُه. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لابدَّ مِن إعْلامِه. قال ابنُ تَميمٍ: وعن أحمدَ مِثْلُه، كما لو رَآه مُتَجَمِّلًا. هذا إذا عَلِم أنَّ مِن عادَتِه أخْذَ الزَّكاةِ. فأمَّا إذا كان مِن عادَتِه أنَّه لا يأخُذُ الزَّكاةَ، فلابُدَّ مِن إعْلامِه، فإنْ لم يُعْلِمْه، لم يجُزِئْه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا قِياسُ المذهبِ عندِى. واقْتَصرَ عليه، وتابَعه فى «الفُروعِ»؛ لأنَّه لا يَقْبَلُ زَكاةً ظاهِرًا، واقْتَصرَ عليه ابنُ تَميمٍ، وقال: فيه بُعْدٌ. قلتُ: فعلى هذا القوْلِ، قد يُعايَى بها. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ عَلِمَه أهْلًا لها، وجَهِلَ أنَّه يأخُذُها، أو عَلِمَ أنَّه لا يَأْخُذُها، لم يُجْزِئْه، وقلتُ: بلَى. انتهى. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ إظْهارُ إخْراجِ الزَّكاةِ مُطْلَقًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. قال فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»: يُسْتَحَبُّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيلَ: لا يُسْتَحَبُّ. وقيلَ: إنْ منَعَها أهْلُ بلَدِه، اسْتُحِبَّ له إظْهارُها، وإلَّا فلا. وأطْلَقَهنَّ ابنُ تَميمٍ. وقيلَ: إنْ نفَى عنه ظَنَّ السَّوْءِ بإظْهارِه، اسْتُحِبَّ، وإلَّا فلا. اخْتارَه يُوسُفُ الجَوْزِىُّ، ذكَرَه فى «الفائقِ»، ولم يذْكُرْه فى «الفُروعِ»، وأطْلَقَهنُّ فى «الفائقِ».

وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ تُجْزِئُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ نَقْلُها إلى بَلَدٍ تُقْصَرُ إليه الصَّلاةُ. هذا المذهبُ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَعْروفُ فى النَّقْلِ. يعْنِى، أنَّه يَحْرُمُ، وسَواءٌ فى ذلك نقَلَها لرَحِم أو شِدَّةِ حاجَةٍ أو لا. نصَّ عليه. وقال القاضى فى «تَعْلِيقِه»، و «رِوَايَتَيْه»، و «جَامِعِه الصَّغِيرِ»، وابنُ البَنَّا: يُكْرَهُ نَقْلُها مِن غيرِ تَحْريمٍ. ونقَل بَكْرُ بنُ محمدٍ، لا يُعْجِبُنِى ذلك. وعنه، يجوزُ نَقْلُها إلى الثَّغْرِ. وعلَّلَه القاضى بأنَّ مُرابَطَةَ الغازِى بالثَّغْرِ قد تَطُولُ، ولا يُمْكِنُه المُفارَقَةُ. وعنه، يجوزُ نقْلُها إلى الثَّغْرِ وغيرِه، مع رُجْحانِ الحاجَةِ. قال فى «الفائقِ»: وقيلَ: تُنْقَلُ لمَصْلَحَةٍ راجِحَةٍ، كقَرِيبٍ مُحْتاجٍ ونحوِه. وهو المُخْتارُ. انتهى. واخْتاره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: يُقَيَّدُ ذلك بمَسِيرَةِ يَوْمَيْن،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتحْديدُ المَنْعِ مِن نقْلِ الزَّكاةِ بمَسافَةِ القَصْرِ ليس عليه دَليلٌ شَرْعِىٌّ. وجعَل مَحَلَّ ذْلك الأَقاليمَ؛ فلا تُنْقَلُ الزَّكاةُ مِن إقْلِيمٍ إلى إقْليمٍ، وتنْقَلُ إلى نَواحِى الإِقْليمِ، وإنْ كان أكْثرَ مِن يَوْمَيْن. انتهى. واخْتارَ الآجُرِّىُّ جَوازَ نقْلِها للقَرابَةِ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، جَوازُ نقْلِها إلى ما دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ، وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ. يعْنِى بالمَنْعِ. قوله: فإنْ فعَل فهل تُجْزِئُه؟ على رِوايَتيْن. ذكَرَهما أبو الخَطَّابِ ومَن بعدَه. يعْنِى، إذا قُلْنا: يَحْرُمُ نقْلُها ونقَلَها. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «الفُصُول»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «شَرْحِ المَجْدد» و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىُّ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»؛ إحداهما، تُجْزِئُه. وهى المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَب»، وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ». واخْتارَه المُصَنِّف، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ. فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ، وغيرُهما. قال القاضى: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ يَقْتَضِى ذلك. ولم أجِدْ عنه نصًّا فى هذه المَسْأَلَةِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». الرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُجْزِئُه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى، وجماعَةٌ. قاله فى «الفُروعِ». وصحَّحَه

إلَّا أَنْ يَكُونَ فِى بلَدٍ لَا فُقَرَاءَ فِيهِ، فَيُفَرِّقَهَا فِى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمُ. وهو ظاهِرُ ما فى «الإِيضاحِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على عدَمِ الجَوازِ. قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ فى بَلَدٍ لا فُقرَاءَ فيه، أو كان ببادِيَةٍ، فيُفَرِّقَها فى أقْرَبِ البِلادِ إليه. وهذا عندَ مَن لم يَرَ نقْلَها؛ لأنَّه كمَن عندَه المالُ بالنِّسْبَةِ إلى غيرِه، وأطْلقَه لى «الرَّوْضَةِ». فوائد؛ الأُولَى، أُجْرَةُ نقْلِ الزَّكاةِ، حيثُ قُلْنا به، على ربِّ المالِ، كوَزْنٍ وكَيْلٍ. الثَّانيةُ، المُسافِرُ بالمالِ فى البُلْدانِ، يُزَكِّيه فى المَوْضِعِ الذى إقامَةُ المالِ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْثَرُ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه فى رِوايَةِ يُوسُفَ بنِ مُوسَى، وجزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ»، وقال: نقَلَه الأكْثرُ؛ لتَعلُّقِ الأطْماعِ به غالِبًا. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ نقْلِ محمدِ بنِ الحَكَمِ، تَفْرِقَتُه فى بَلَدِ الوُجوبِ وغيرِه مِنَ البُلْدانِ التى كانَ بها فى الحَوْلِ. وعندَ القاضى، هو كغَيْرِه، اعْتِبارًا بمَكانِ الوُجوبِ؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى تأْخيرِ الزَّكاةِ. وقيلَ: يُفَرِّقُها حيثُ حالَ حوْلُه، فى أىِّ مَوْضِعٍ كان. وظاهِرُ المَجْدِ فى «شَرْحِه»، إطْلاقُ الخِلاِفِ. الثَّالثةُ، لا يجوزُ نقْلُ الزَّكاةِ لأَجْلِ اسْتِيعابِ الأصْنافِ إذا أوْجَبْناه، وتعَذَّرَ بدُونِ النَّقْلِ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدمه فى «الفُروعِ»، وقال: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ. يعْنِى بالجَوازِ، وما هو ببَعيدٍ.

فَإِنْ كَانَ فِى بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِى آخَرَ، أَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَالِ فِى بَلَدِهِ، وَفِطْرَتَهُ فِى الْبَلَدِ الَّذِى هُوَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كان فى بَلَدٍ، ومَالُه فى آخرَ، أخرجَ زَكاةَ المَالِ فى بَلَدِه. يعْنِى فى بَلَدِ المالِ. وهذا بلا نِزاعٍ. نصَّ عليه، لكِنْ لو كان المالُ مُتَفَرِّقًا، زكَّى كل مالٍ حيْثُ هو. فإنْ كان نِصابًا مِنَ السَّائمَةِ فى بلَدَيْن، ففيه (¬1) وَجْهَان؛ أحدُهما: يَلْزَمُه فى كلِّ بَلَدٍ تَعذَّر ما فيه مِنَ المالِ؛ لِئَلا ينْقُلَ الزَّكاةَ إلى غيرِ بلَدِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ إخْراجُها فى أحَدِهما؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى تَشْقِيصِ زَكاةِ الحَيوانِ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قلتُ: وهو أوْلَى، ويُغْتَفَرُ مِثْلُ هذا؛ لأجْلِ ¬

(¬1) فى أ: «فعنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّرَرِ لحُصُولِ التَّشْقِيصِ، وهو مُنْتَفٍ شَرْعًا. وأطْلَقهما المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ». قوله: وفِطْرَتَه فى الْبَلَدِ الذى هو فيه. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو نقَلَها، ففى الإِجْزاءِ الرِّوايتَان المُتَقدِّمَتان فى كلامِ المُصَنِّفِ، نقْلًا ومذهَبًا. فائدتان، إحْداهما، يُؤَدِّى زَكاةَ الفِطْرِ عن مَن يَمُونُه، كعَبْدِه ووَلَدِه الصَّغِيرِ وغيرِهما، فى البَلَدِ الذى هو فيه. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ونصَرَه، وقال: نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: هو ظاهِرُ كلامِه. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ

وَإذَا حَصَلَ عِنْدَ الإِمَامِ مَاشِيَةٌ، اسْتُحِبَّ لَهُ وَسْمُ الإبِلِ فِى أَفْخَاذِهَا، وَالْغَنَمِ فِىِ آذَانِهَا، فَإِنْ كَانَتْ زَكَاةً كَتَبَ «للَّهِ» أوْ «زَكَاةٌ»، وَإنْ كَانتْ جِزْيَةً كَتَبَ «صَغَارٌ» أوْ «جِزْيَةٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى». وقيلَ: يُؤَدِّيه فى بلَدِ مَن لَزِمَه الإخْراجُ عنهم. قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه بعضُهم. قلتُ: قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى الفِطْرَةِ، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، يجوزُ نقْلُ الكَفَّارَةِ والنَّذْرِ والوَصِيَّةِ المُطْلقَةِ، إلى بَلَدٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلاةُ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وصحَّحُوه. وقال فى «التَّلْخيصِ»: وخرَّجَ القاضى وَجْهًا فى الكَفَّارَةِ بالمَنْعِ؛ فيُخَرَّجُ فى النَّذْرِ والوَصِيَّةِ مِثْلُه، أمَّا الوَصِيَّةُ لفُقَراءِ بَلَدٍ، فيَتَعيَّنُ صَرْفُها فى فُقَرائِه. نصَّ عليه فى رِوايَةِ إسْحاقَ بنَ إبْرَاهِيمَ. فائدة: قوْلُه: وإذا حضل عندَ الإِمامِ مَاشِيَةٌ، اسْتُحِبَّ له وَسْمُ الإِبِلِ فى أفْخَاذِها. وكذلك البَقَرُ. وأمَّا الغنَمُ، ففى آذَانِها كما قال المُصَنِّفُ. وهذا بلا

فصل

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَوْلِ إِذَا كَمَلَ النِّصَابُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ، لكِنْ قال أبو المعَالِى ابنُ مُنَجَّى: الوَسْمُ بالحِنَّاءِ أو بالقِيرِ (¬1) أفْضَلُ. انتهى. ويأْتِى متى يَمْلِكُ الزَّكاةَ والصَّدقَةَ، فى أوَاخِرِ البابِ الذى بعدَه. قوله: ويَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكاةِ عن الحَولِ إذا كمَل النِّصَابُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به، كالدَّيْنِ ودِيَةِ الخَطَأَ. نقَل الجَماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، لا بَأْسَ به. زادَ الأَثْرَمُ، هو مِثْلُ الكَفَّارَةِ قبلَ الحِنْثِ، والظِّهارُ أصْلُه. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه، أنَّهما على حَدٍّ واحِدٍ، فيهما الخِلافُ فى الجَوازِ والفَضِيلَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، تَرْكُ التَّعْجِيلِ أفْضَلُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ ¬

(¬1) القير لغة فى القار. اللسان (ق ى ر).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الأصحابِ. قال: ويَتوَجَّهُ احْتِمالٌ، تُعْتَبرُ المَصْلَحَةُ. قلتُ: وهو تَوْجِيهٌ حَسَنٌ. وتقَدَّم نقْلُ الأَثْرَمِ. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: فى كلامِ القاضى، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ» وغيرِهما أنَّ النِّصابَ والحَوْلَ سبَبان، فقُدِّمَ الإِخْراجُ على أحَدِهما. قلتُ: صرَّح بذلك المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقال فى «المُحَرَّرِ»: والحَوْلُ شَرْطٌ فى زَكاةِ الماشِيَةِ والنَّقْدَيْن وعُروضِ التِّجارَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وفى كلامِ الشَّيْخِ وغيرِه أنَّهما شَرْطان. قلتُ: صرَّح بذلك فى «المُقْنِعِ»، فقال فى أوَّل كتابِ الزَّكاةِ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ، مِلْكُ نِصَابٍ. وقال بعدَ ذلك: الخامِسُ، مُضِىُّ الحَوْلِ شَرْطٌ. وصرَّح به فى «المُبْهِجِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِى». قال فى «الفُروعِ»: وفى كلامِ بعضِهم، أنَّهما سبَبٌ وشَرْطٌ. قلتُ: وهو أيضًا فى كلامِ المَجْدِ فى «شَرْحِه». وقال فى «الوَجِيزِ»: ومِلْكُ النِّصابِ شَرْطٌ. وسكَت عنِ الحَوْلِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، جَوازُ تَعْجِيلِ زَكاةِ مالِ المَحْجُورِ عليه. وهو

وَفِى تَعْجِيلِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وكثير مِنَ الأصحابِ، وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ تَعْجِيلُها. قلتُ: وهو الأُولَى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ تَميمٍ». قوله: وفى تَعْجِيلها لأكثَرَ مِن حَوْلٍ رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «مُنْتَهَى الغايَةِ» له، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّركَشِىِّ»، و «الشَّارِح»؛ إحْداهما، يجوزُ تَعْجِيلُها لحَوْلَيْن فقط. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الرِّعايَتيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «التَّصْحِيحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». ومالَ إليه فى «الشَّرْحِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ لأكْثَرَ مِن حَوْلٍ؛ لأنَّ الحَوْلَ الثَّانى لم يَنْعَقِدْ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهِيلَ». قال فى «الإِفادَاتِ»، و «المُنْتَخَبِ»: ويجوزُ لِحَوْلٍ. وصحَّحَه فى «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «ابنِ تَميمٍ». فعلى المذهبِ، لا يجوزُ تَعْجِيلُها لثَلَاثَةِ أعْوامٍ فأَكْثَرَ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ فيه، اقْتِصَارًا على ما ورَد. قال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ»: رِوايَةً واحِدَةً. وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّعْجيلُ لثَلاثَةِ أعْوامٍ فأكثرَ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وهو تاجٌ لصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» فيهما، وهكذا فى «التَّلْخيصِ». لكنْ وُجِدَ فى بعضِ نُسَخِ «المُقْنِعِ»: وفى تَعْجِيلِها لحَوْلَيْن رِوايَتان. والنُّسْخَةُ الأُولَى مَقْرُوءَةٌ على المُصَنِّفِ. قال صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ»: يجوزُ أعْوامًا. نقَلَه عنه ابنُ تَميمٍ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يجوزُ لأعْوامٍ. نقَلَه عنه فى «الفائقِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: أو عن ثَلاثَةِ أحْوالٍ، أو عن أكْثَرَ. فائدة: إذا قُلْنا: يجوزُ التَّعْجِيلُ لعامَيْن. فعَجَّلَ عن أرْبَعِين شاةً شاتَيْن مِن غيرِها، جازَ، ومنها لا يجوزُ عنهما، ويَنْقَطِعُ الحَوْلُ. وكذا لو عَجَّلَ شاةً واحِدَةً عنِ الحَوْلِ الثَّانى وحدَه؛ لأنَّ ما عَجَّلهَ منه للحَوْلِ الثَّانِى زالَ مِلْكُه عنه. ولو قُلْنا: يرْتجِعُ ما عَجَّلَه؛ لأنَّه تجْدِيدُ مِلْكٍ. فإنْ ملَك شَاةً، اسْتَأْنَف الحَوْلَ مِنَ الكَمالِ. وقيلَ: إنْ عجَّلَ شاتَيْنِ (¬1) مِنَ الأَرْبَعِين، أَجْزَأَ عنِ الحَوْلِ الأَوَّلِ، إنْ قُلْنَا: يَرْجعُ. وإنْ عَجَّلَ واحِدَةً مِنَ الأرْبَعِين، وأُخْرَى مِن غيرِها، جازَ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ أخْرَجَ شاةً منه، وشاةً مِن غيرِه، أجْزَأ عنِ الحَوْلِ الأوَّلِ ولم يُجْزِئُ عنِ الثَّانِى؛ لأنَّ النِّصابَ نقَص، وإنْ تَكَمَّلَ بعدَ ذلك، صارَ إخْراجُ زَكاتِه وتَعْجِيلُه لها قبلَ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «شاة».

وَإنْ عَجَّلَهَا عَنِ النِّصَابِ وَمَا يَسْتَفِيدُهُ، أجْزَأَ عَنِ النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَمالِ نِصابِها. قوله: فإنْ عَجَّلَها عنِ النِّصابِ وما يَسْتَفِيدُه، أجْزَأ عنِ النِّصابِ دونَ الزِّيادَةِ. وكذا لو عجَّلَ زكاةَ نِصابَيْن مَن ملَك نِصابًا. وهذا المذهبُ فيهما. نصَّ عليه. وعنه، تُجْزِئُ عنِ الزِّيادةِ أيضًا؛ لوُجوب سبَبِها فى الجُمْلةِ. حكَاها ابنُ عَقِيلٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن هذه الرِّوايةِ احْتِمالُ تَخْريجٍ بضَمِّه إلى الأصْلِ فى حوْلِ الوُجوبِ، فكذا فى التَّعْجِيلِ، ولهذا اخْتارَ فى «الانْتِصارِ»، يُجْزِئُ عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَفادِ مِنَ النِّصابِ فقط، وقيلَ به إنْ لم يبْلُغِ المُسْتَفادُ نِصابًا؛ لأنَّه يتْبَعُه فى الوُجوبِ والحوْلِ كمَوْجودٍ، فإذا بلَغَه اسْتَقَلَّ (¬1) بالوُجوب فى الجُمْلةِ، لو لم يُوجَدِ الأصْلُ. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ»، وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» فى الثَّانيةِ. وقيلَ: يُجْزِئُ عنِ النَّماءِ إنْ ظهَر، وإلَّا فلا. ذكَرَه فى «الرِّعايَتيْن». وقال فى «القاعِدَةِ العِشْرِين»: لو عجَّلِ الزَّكاةَ عن نَماءِ النِّصابِ قبلَ وُجودِه، فهل يُجْزِئُه؟ فيه ثَلاثةُ أوجُهٍ؛ ثَالِثُها، يُفَرَّقُ بينَ أنْ يكونَ النَّماءُ نِصابًا، فلا يجوزُ، وبينَ أنْ يكونَ دُونه، فيَجوزُ. قال: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ رابعٌ بالفَرْقِ بينَ أنْ يكونَ النَّماءُ نتاجَ ماشِيَةٍ، أو رِبْحَ تجارةٍ؛ فيجوزُ فى الأوَّلَ دُون الثَّانى. فوائد؛ إحْداها، لو عجَّل عن خَمْس عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ، وعن نِتاجِها بِنْتَ مَخاضٍ فنتِجتْ مِثْلَها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُجْزِئُه، وَيلْزَمُه بِنْتُ مَخاضٍ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقيلَ: يُجْزِئُه. وأطْلقَهما ابن تَميمٍ، وابنُ حَمْدَانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فعلى المذهبِ، هل له أنْ يرْتَجِعَ المُعجَّلَةَ؟ على وَجْهَيْن. وأطقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، ¬

(¬1) فى أ: «استقبل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «ابنِ تَميمٍ». قلتُ: الأُوْلَى، جوازُ الارْتِجاعِ. فإنْ جازَ الارْتِجاعُ فأخَذَها، ثم دفَعَها إلى الفَقيرِ، جازَ، وإنِ اعْتَدَّ بها قبل أخْذِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّها على مِلْكِ الفَقيرِ. الثَّانيةُ، لو عجَّل مُسِنَّةً عن ثَلاثِين بَقرَةً ونِتاجِها، فَنُتِجَتْ عَشْرًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّها لا تُجْزِئُه عَنِ الجميعِ، بل عَنِ الثَّلاثِين. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيلَ: تُجْزِئُه عَنِ الجميعِ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فعلى المذهبِ، ليس له ارْتجاعُها، ويُخْرِجُ للعَشْر رُبْعَ مُسِنَّةٍ. وعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، يُخَيَّرُ بينَ ذلك، وبينَ ارْتِجاعِ المُسِنَّةِ، ويُخْرِجُها أو غيرَها عنِ الجميعِ. الثَّالثةُ: لو عجَّل عن أرْبَعِين شاةً شاةً، ثم أبْدَلَها بمِثْلِها، أوْ نُتِجَتْ أرْبَعِين سَخْلَةً، ثم ماتَت الأُمَّاتُ، أجزأَ المُعَجَّلُ عَنِ البدَلِ والسِّخالِ؛ لأنَّها تُجْزِئُ مع بَقاءِ الأُمَّاتِ عَنِ الكُلِّ، فعَن أحَدِهما أوْلَى. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ». وقال: قطَع به بعضُ أصحابِنا وذكَر أبو الفَرَج ابنُ أبى الفَهمِ وَجْهًا، لا تُجْزِئُ؛ لأنَّ التَّعْجيلَ كان لغيرِها. وأطلَقهما فى «الحاوِيَيْن». فعلى المذهبِ، لو عجَّل شاةً عن مِائَةِ شاةٍ، أو تَبِيعًا عن ثَلاِثِين بقَرَةً، ثم نُتِجَتِ الأُمَّاتُ مِثْلَها وماتَتْ، أجْزأَ المُعَجَّلُ عَنِ النِّتاجِ؛ لأنَّه يتْبَعُ فى الحوْل. وهذا الصَّحيِحُ منَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُجْزِئُ؛ [لأنَّه لا يُجْزِئُ] (¬1) مع بقَاءِ الأُمَّاتِ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «ابنِ تَميمٍ». وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فعلى الأوَّلِ، لو نُتِجَتْ نِصْفُ الشِّياهِ مِثْلَها، ثم ماتَتْ أمَّاتُ الأوْلادِ، أجْزأ المُعَجَّلُ عنها. وعلى الثَّانى، يجِبُ مِثْلُه. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ؛ لأنَّه نِصابٌ لمُ يزَكِّه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم المَجْدُ فى «شَرْحِه» بنِصْفِ شاةٍ؛ لأنَّه قِسْطُ السِّخالِ مِن واجِبِ المَجْموعِ، ولم يصِحَّ التَّعْجيلُ عنها. وقال أبو الفَرَجِ: لا يِجبُ شئٌ. قال ابنُ تَميمٍ: وهو أشْبَهُ بالمذهبِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». ولو نُتِجَتْ نِصْفُ البَقَرِ مِثْلَها، ثم ماتَتِ الأُمَّاتُ، أجْزأ المُعَجَّلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»؛ لأنَّ الزَّكاةَ وجبَتْ فى العُجولِ تَبعًا. وجزَم ¬

(¬1) سقط من: أ. وفى ط: «فإنه لا يجزئ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجدُ فى «شَرْحِه» على الثَّانِى بنِصْفِ تَبِيعٍ بقَدْرِ قِيمَتِها، قِسْطُها مِنَ الواجِبِ. الرَّابعةُ، لو عجَّلَ عن أحَدِ نصِابَيْه وتَلِفَ، لم يَصْرِفْه إلى الآخَرِ، كما لو عجَّلَ شاةً عن خَمْسٍ مِنَ الإِبلِ، فتَلِفَتْ وله أرْبَعون شاةً، لم يُجْزئْه عنها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى فى تَخْرِيجِه: مَن له ذهَبٌ وفِضَّة وعُروضٌ، فعجَّلَ عن جِنْسٍ منها ثم تَلِفَ، صرَفَه إلى الآخَرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. الخامسةُ، لو كان له ألْفُ دِرْهَمٍ، وقُلْنا: يجوزُ التَّعْجيلُ لعامَيْن، وعنِ الزِّيادةِ قبلَ حُصولِها. فعجَّلَ خَمْسِين. وقال: إنْ رَبِحْتُ ألْفًا قبلَ الحَوْل، فهى عنها، وإلَّا كانتْ للحَوْل الثَّانى، جازَ. السَّادسةُ، لو عجَّلَ عن ألْفٍ يَظُنُّها له، فبانَتْ خَمْسَمِائَةٍ، أجْزأَ عن عامَيْن.

وَإنْ عَجَّلَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الطَّلْعِ وَالْحِصْرِمِ، لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عجَّلَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ قبلَ طُلُوعِ الطلْعِ والحِصْرِمِ، لم يُجْزِئْه. وكذا لو عجَّلَ عُشْرَ الزَّرْعِ قبلَ ظُهورِه، والماشِيَةَ قبلَ سَوْمِها. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يجوزُ بعدَ مِلْكِ الشَّجَرِ، ووَضْعِ البِذْرِ فى الأرْضِ؛ لأنَّه لم يَبْقَ للوُجوبِ إلَّا مُضِىُّ الوَقْتِ عادةً، كالنِّصابِ الحَوْلِىِّ. [وأطلْقَهما فى «المُحَرَّرِ»] (¬1). ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وصالِحٌ، للمالِكِ أنْ يَحْتَسِبَ فى العُشْرِ بما زاد عليه السَّاعِى لسَنَةٍ أُخْرَى. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: قبلَ طُلوعِ الطَّلْعِ والحِصْرِم. جوازُ التَّعْجيلِ بعدَ طُلوعِ ذلك وظُهورِه. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ؛ لأنَّ ظُهورَ ذلك كالنِّصابِ، والإِدْراكُ كالحَوْلِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وقيل: لا يجوزُ حتى يشْتَدَّ الحَبُّ ويَبْدُوَ ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَإِنْ عَجَّل زَكَاةَ النِّصَابِ، فتَمّ الْحَوْلُ وَهُوَ ناقِصٌ قدرَ مَا عَجَّلَهُ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاحُ الثَّمرَةِ؛ لأنَّه السَّبَبُ. جزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وأطْلقَهما فى «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: وكذا يُخرَّجُ الخِلافُ إنْ أَسامَها دُونَ أكثرِ السَّنَةِ. [وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لا يجوزُ تَعْجيلُ العُشْرِ؛ لأنَّه يجِبُ بسَبَبٍ واحدٍ، وهو بُدُوُّ الصلاحِ. وجوَّزَه أبو الخَطَّابِ، إذا ظَهَرتِ الثَّمَرَةُ وطَلْعُ الزَّرْعِ. انتهى. فائدة: لا يصِحُّ تَعْجيلُ زَكاةِ المَعْدِنِ والرِّكازِ بحالٍ، بسَبَبِ أنَّ وجُوبَها يُلازِمُ وُجودَها. ذكَرَه فى «الكافِى» وغيرِه] (¬1). قوله: وإنْ عجَّلَ زَكاةَ النِّصَابِ، فتَمَّ الحَولُ وهو نَاقِصٌ قَدْرَ ما عجّلَه، جازَ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وإنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ، فَنُتِجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً، لَزِمَتْهُ شَاةٌ ثَالِثَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان حُكْمُ ما عجَّله كالمَوْجودِ فى مِلْكِه، يتِمُّ به النِّصابُ؛ لأنَّه كمَوْجودٍ فى مِلْكِه وَقْتَ الحوْلِ فى إجْزائِه عن مالِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال أبو حَكِيمٍ: لا يُجْزِئُ، ويكونُ نَفْلًا، ويكونُ كَتَالِفٍ. فعلى المذهبِ، لو ملَك مِائَةً وعِشْرِين شاةً، فعَجَّل شاةً، ثم نُتِجَت قبلَ الحْولِ واحِدَةً لَزِمَه شاةٌ ثانِيَةٌ. وعلى الثَّانى، لا يَلْزَمُه. قوله: وإنْ عجَّلَ زَكاةَ المِائَتَيْن، فنُتِجَتْ عندَ الحولِ سَخْلَةً، لزمَتْه شاةٌ ثالِثَةٌ. بِناءً على المذهب فى المسْأَلَةِ التى قبلَها. وعلى قوْلِ أبى حَكيمٍ، لا يَلْزَمُه. ومِن فوائدِ الخِلافِ أيضًا؛ لو عجَّل عن ثَلاثمائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَ دراهِمَ، ثم حالَ الحوْلُ، لَزِمَه زكاةُ مِائَةٍ، دِرْهَمان ونِصْفٌ. ونقَلَه مُهَنَّا. وعلى الثَّانى، يَلْزَمُه زكاةُ خَمْسٍ وتِسْعِين دِرْهمًا. وقال المَجدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»، على الثَّانى:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُه زَكاةُ اثْنَيْن وتِسْعِين ونِصْفُ دِرْهمٍ. وهذا، واللَّه أعلمُ، سَهْوٌ؛ لأنَّ الباقِىَ فى مِلْكِه، بعدَ إخْراجِ الخَمْسَةِ المُعَجَّلَةِ، مِائَتان وخَمْسَة وتِسْعُون، فَالخَمْسَةُ الْمُخرجَةُ أجْزأَتْ عن مِائَتَيْن، وهى كالتَّالِفَةِ على قوْلِ أبى حَكِيمٍ، فلا تجِبُ فيها زكاةٌ، وإنَّما الزَّكاةُ على الباقِى، وهو خَمْسَةٌ وتِسْعُون. ومِن فوائدِ الخِلافِ أيضًا، لو عجَّل عن ألْفٍ خَمْسًا وعِشْرِين منها، ثم رَبِحَتْ خَمْسَةً وعِشْرِين، لَزِمَه زكاتُها، على المذهبِ. وعلى الثّانِى، لا يَلْزَمُه شئٌ. ومنها، لو تَغَيَّرَ بالمُعَجَّلِ قَدْرُ الفَرْضِ، قُدِّرَ كذلك على المذهبِ. وعلى الثَّانِى، لا. فائدتان؛ إحداهما، لو نتَج المالُ ما يَتَغَيَّرُ به الفَرْضُ، كما لو عجَّل تَبِيعًا عن ثَلاِثين مِنَ البَقَرِ، فَنُتِجتْ عَشْرًا، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُجْزِئُه المُعَجَّلُ عن شئٍ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والوَجْهُ الثَّانِى، يُجْزِئُه عمَّا عجَّلَه، ويَلْزَمُه للنِّتاجِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». فعلى الأوَّل، هل له ارْتجاعُ المُعَجَّلِ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». قلتُ: إنْ كان المُعَجَّلُ موْجودًا، ساغَ ارْتجاعُه. الثَّانيةُ، لو أخَذ السَّاعِى فوقَ حقِّه مِن ربِّ المالِ، اعتدَّ بالزِّيادةِ مِن سَنةٍ ثانيةٍ. نصَّ عليه. وقال الإِمامُ أحمدُ أيضًا: يُحْسَبُ ما أهْداه للعاملِ مِنَ الزَّكاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. وعنه، لا يُعْتَدُّ بذلك. وجمَع المُصَنِّفُ بينَ الرِّوايتَيْن، فقال: إنْ نَوَى المالِكُ التَّعْجيلَ، اعْتُدَّ به، وإلَّا فلا. وحَمَلَها على ذلك. وحمَل المَجْدُ رِوايةَ الجَوازِ على أنَّ السَّاعِىَ أخَذ الزِّيادَة بنيَّةِ الزَّكاةِ إذا نَوَى التَعْجيلَ. قال: وإنْ عَلِمَ أنَّها ليستْ عليه وأخذَها، لم يُعْتَد بها. على الأصحِّ؛ لأنَّه أخَذَها غَصْبًا. قال: ولَنا رِوايةٌ، أنَّ مَن ظُلِمَ فى خَراجِه، يحْتسبُه مِنَ العُشْرِ، أو مِن خَراجٍ آخَرَ. فهذا أوْلَى. ونقَل عنه حَرْبٌ، فى أرْضِ صُلْحٍ يأْخُذُ السُّلْطانُ منها نِصْف الغَلَّةِ، ليس له ذلك. قيل له: فيُزَكِّى المالِكُ عمَّا بَقِىَ فى يَدِه؟ قال: يُجْزِئُ ما أخَذَه السُّلْطانُ عنِ الزَّكاةَ. يعْنِى إذا نوَى به المالِكُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: إنْ زادَ فى الخَرْصِ، هل يُحْتَسَبُ بالزِّيادةِ مِنَ الزَّكاةِ؟ فيه رِوايَتان. قال: وحمَل القاضى المسْأَلةَ على أنَّه يحْتَسبُ بنيَّةِ المالِكِ وَقْتَ الأخْذِ، وإلَّا لم يُجْزِئْه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ما أخَذَه باسْمِ الزَّكاةَ، ولو فوقَ الواجِبِ، بلا تأْوِيلٍ، اعتدَّ به، وإلَّا فلا. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُعْتَدُّ بما أخذَه. وعنه، بوَجْهٍ سائغٍ. وعنه، لا. وكذا ذكَرَه ابنُ تَميمٍ فى آخِرِ فصْلِ شِراءِ الذِّمِّىِّ لأرْضٍ عُشْرِيَّةٍ. وقدَّم أنَّه لا يُعْتدُّ به.

وَإنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَمَاتَ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ اسْتَغْنَى، أَجْزَأَتْ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عجَّلَها فدفَعَها إلى مستَحِقِّها، فماتَ أو ارْتَدَّ أو اسْتَغْنَى. يعْنِى مَن دُفِعَتْ إليه مِن هؤلاءِ، أجْزَأَتْ عنه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ

وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى غَنِىٍّ، فَافتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ، لَمْ تُجْزِئْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا تُجْزِئُه. وهو وَجْهٌ، ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. تنبيه: مُرادُه بقَوْلهِ: وإنْ دفَعَها إلى غَنِىٍّ، فافْتَقَرَ عندَ الوُجوبِ، لم تجْزِئْه. إذا عَلِمَ أنَّه غَنِىٌّ حالةَ الدَّفْعِ، وهذا بلا نِزاعٍ، وأمَّا إذا دَفَعها إليه ظانًّا أنَّه فقِيرٌ، وهو

وَإنْ عَجَّلَها ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمِسكِينِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِىَ، أوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ، رَجَعَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الباطِنَ غَنىٌّ، فَيَأْتِى فِى كلامَ المُصنِّفِ فى آخِرِ البابِ الذى بعدَه، عندَ قوْلِه: وإنْ دفَعَها إلى مَن لا يَسْتَحِقُّها وهو لا يعْلَمُ، ثم عَلِمَ. فائدة: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّه، بقَوْلِه: وإنْ عجَّلَها ثم هلَك المالُ قبلَ الحَوْلِ، لم يَرْجِعْ على المِسْكِينِ. أنَّ الزَّكاةَ إذا عجَّلَها ثم هلَك المالُ قبلَ الحَوْلِ، أنَّه لا زَكاةَ عليه. وهو صَحيحٌ، لأنَّا تَبيَّنَّا أنَّ المُخْرَجَ غيرُ زكاةٍ. وكذا الحُكْمُ لو ارْتَدَّ المالِكُ أو نَقص النِّصابُ. وكذا لو ماتَ المالِكُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: إنْ ماتَ بعدَ أنْ عجَّل، وَقعتِ المَوْقعَ، وأجْزأَتْ عَنِ الوَارِثِ. قوله: لم يَرْجِعْ على المِسْكِينِ. اعلمْ، أنَّه إذا بانَ أن المُخْرَجَ غيرُ زكاتِه، فالصَّحيحُ، أنَّه لا يَمْلِكُ الرُّجوعَ فيما أخْرجَه مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال القاضى وغيرُه: هذا المذهبُ؛ لوُقوعِه نَفْلًا، بدَليلِ مِلْكِ الفَقيرِ لها. قال المَجْدُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: لم يرْجِعْ فى الأصحِّ. وقيلَ: يَمْلِكُ الرُّجوعَ فيه. قال القاضى فى «الخِلَافِ»: أَوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ مُهَنَّا، فى مَن دَفع إلى رجُلٍ زكاةَ مالِه، ثم عَلِمَ غِنَاه، يأْخُذُها منه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ شِهَابٍ، وأبو الخَطَّابِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال غيرُ واحد؛ منهم ابنُ تَميمٍ، على هذا القَولِ: إنْ كان الدَّافِعُ وَلِىَّ ربِّ المالِ، رجَع مُطْلَقًا. وإنْ كان ربَّ المالِ ودفَع إلى السَّاعِى مُطْلَقًا، رجَع فيها، ما لم يدْفَعْها إلى الفَقيرِ، وإن دفَعَها إليه فهو كما لو دفَعَها ربُّ المالِ. قال فى «الفُروعِ»: وجزَم غيرُ واحِدٍ عنِ ابنِ حامِدٍ، إن كان الدَّافِعُ لها السَّاعِىَ، رجَع مُطْلَقًا. قلتُ: منهم المُصَنِّفُ هنا. وأطْلقَ الوَجْهَيْن فى أصْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْأَلةِ فى «الفُروعِ»، وأكثرُ الأصحابِ على أنَّ الخِلافَ وَجْهان، وحَكَاه أبو الحُسَيْنِ رِوايتَيْن، وحكَى فى «الوَسِيلَةِ»، أنَّ مِلْكَه للرُّجوعِ رِوايَةٌ. وتقدَّم قوْلُ القاضى فيه. فائدة: لو أعلَمَ ربُّ المالِ السَّاعِىَ، أنَّ هذه زكاةٌ مُعَجَّلَة، ودفَعَها السَّاعِى إلى الفَقيرِ، رجَع عليه، أعْلَمَه السَّاعِى بذلك أم لم يُعْلِمْه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «مُخْتَصرِ ابنِ تَميمٍ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقيلَ: لا يرْجِعُ عليه إذا لم يُعْلِمْه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، كما قال المُصَنِّفُ وغيرُه. وهى داخِلَةٌ فى كلامِ المُصَنِّفِ. وإنْ دفَعَها ربُّ المالِ إلى الفَقيرِ وأعْلَمه أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ، رجَع عليه، وإلَّا فلا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه ابنُ حامِدٍ هنا. وقيل: يرْجِعُ، وإنْ لم يُعْلِمْه. وقيل: وإنْ عَلِمَ الفَقيرُ أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ، رجَع عليه، وإلَّا فلا. قال ابنُ تَميمٍ: جزَم به بعضُهم. وقال: وإِذا لم يعْلَمْ فأوْجُهٌ؛ الثَّالثُ، يرْجِعُ إنْ أعْلَمَه، وإلا فلا. انتهى. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا؛ أنَّه لا يرْجعُ عليه مُطْقًا على المُقَدَّمِ عندَه. وقال فى «الفُروعِ»: وقيلَ: فى الوَلِىِّ أوْجُهٌ؛ الثَّالثُ، يرْجِعُ إنْ أعْلَمَه. قال: وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن دفَع إلى السَّاعِى. وقيل: يرْجِعُ إنْ أعْلَمه، وكانت بيَدِه. فائدة: متى كان ربُّ المال صادِقًا، فله الرُّجوعُ باطِنًا، أعْلَمه بالتَّعْجيلِ أوْلا، لا ظاهِرًا، مع الإطْلاقِ؛ لأنَّه خِلافُ الظَّاهِرِ. وإنِ اخْتلَفا فى ذِكْرِ التَّعْجيلِ، صُدِّقَ الآخِذُ، عَملًا بالأصْلِ، ويحْلِفُ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والمَجدُ فى «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقيلَ: لا يحْلِفُ. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. وحيثُ قُلْنا: له الرُّجوعُ. ورجَع، فإنْ كانتِ العَيْنُ باقِيَةً، أخَذَها بزِيادَتِها المُتَّصِلَةِ لا المُنْفَصِلَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّمانِين»: وهو الأظهَرُ؛ لحُدُوثِها فى مِلْك الفَقيرِ كنَظائرِه. وأشارَ أبو المَعالِى إلى ترَدُّدِ الأمْرِ بينَ الزَّكاةِ والقَرْضِ (¬1)؛ فإذا تَبَيَّنَّا أنَّها ليستْ بزكاةٍ، بَقِىَ كوْنُها قَرْضًا (¬2). وقيلَ: يرْجِعُ بالمُنْفَصِلَةِ أيضًا، كرُجوعِ بائعِ المُفْلِسِ المُسْتَردِّ عيْنَ مالِه بها. ذكَرَه القاضى. قال فى «القَواعِدِ»: اخْتارَه القاضى فى «خِلَافِه». وإنْ نقَصَتْ عندَه، ضَمِنَ نقْصَها كجُمْلَتِها وأبْعاضِها، كمَبِيعٍ ومَهْرٍ. وهذا المذهبُ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يضْمَنُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه ابنُ تَميمٍ. قال: وأطْلقَ بعضُهم الوَجْهَيْن، يعْنِى فى ضَمانِ النَّقْصِ، ولو كان جُزْءًا منها. وإنْ كانتْ تالِفَةً ضمنَ مِثْلَها أو قِيمَتَها يوْمَ التَّعْجيلِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ ما قالَه صاحِبُ «المُحَرر»: يومَ التَّلَفِ على صِفَتِها يومَ ¬

(¬1) فى أ: «الفرض». (¬2) فى أ: «فرضًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّعْجيلِ، لأنَ ما زادَ بعدَ القَبْضِ حدَث فى مِلْكِ الفَقيرِ، ولا يَضْمَنُه، وما نقَص يَضْمَنُه. انتهى. وأمَّا ابنُ تَميمٍ، فقال: ضَمِنَها يَوْمَ التَّعْجِيلِ. وقال شيْخُنا، يعْنِى به المَجْدَ: يوْمَ التَّلَفِ على صِفَتِها يومَ التَّعْجيلِ. فصاحِبُ «الفُروعِ» فسَّرَ مُرادَ الأصحابِ بما قالَه المَجْدُ، وابنُ تَميمٍ جعَلَه قوْلًا ثانِيًا فى المسْألَةِ، وتَفْسيرُ صاحِبِ «الفُروعِ» أوْلَى وأقْعَدُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَغْرَمُ نقْصَها يومَ رَدِّها، أو قِيمتَها، إنْ تَلِفَتْ، أو مِثْلَها يوْمَ عُجِّلَتْ. وقيلَ: بل يوْمَ التَّلَفِ. فصِفَتُها يوْمَ عُجِّلَتْ. وقيل: يضْمَنُ المِثْلِىَّ بمِثْلِه، وغيرَه بقِيمَتِه يوْمَ عُجِّلَ، ولا يضْمَنُ نَقْصَه. فوائد؛ منها، لو اسْتَسْلَفَ السَّاعِى الزَّكاةَ، فتَلِفَتْ فى يَدِه مِن غيرِ تَفْريطٍ، لم يَضْمَنْها، وكانتْ مِن ضَمانِ الفُقراءِ. سواء سأله الفُقراءُ ذلك أو ربُّ المالِ، أو لم يسْأَلْه أحَدٌ. هذا الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: إنْ تَلِفتْ بيَدِ السَّاعِى، ضُمِنَتْ مِن مالِ الزَّكاةِ. قدمه ابنُ تَميمٍ، وجزَم به فى «الحاوِيَيْن». وقيلَ: لا. وذكَر ابنُ حامِدٍ، أنَّ الإِمامَ يدْفَعُ إلى الفَقيرِ عِوَضَها مِن مالِ الصَّدَقاتِ. ومنها، لو تعمَّدَ المالِكُ إتلافَ النِّصابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعضِه بعدَ التَّعْجيلِ، غيرَ قاصِدٍ الفِرارَ منها، فحُكْمُه حُكْمُ التَّالِفِ بغيرِ فِعْلِه فى الرُّجوعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو سأَلَه الفُقَراءُ قبْضَها، أو قبَضَها لحاجَةِ صِغارِهم، وكما بعدَ الوُجوبِ. وقيل: لا يرْجِعُ. وقيل: لا يرْجِعُ فيما إذا أَتْلَفَ (¬1) دُونَ الزَّكاةِ؛ للتُّهْمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وهل إتْلافُه مالَهَ عمْدًا بعدَ التَّعْجيلِ كتَلَفِه بآفةٍ سَماوِيَّةٍ، أو كإتْلافِ أجْنَبِىٍّ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. ومنها، لو أخْرَجَ زَكاتَه فتَلِفَتْ قبلَ أنْ يقْبِضَها الفَقيرُ لَزِمَه بدَلُها. ومنها، يُشْتَرَطُ لِملْك الفَقيرِ لها، وإجْزائِها عن ربِّها، قَبْضُه، فلا يُجْزئ غَداءُ الفُقراءِ ولا عَشاؤُهم. جزَم به ابنُ تَميمٍ، وغيرُه. ولا يصِحُّ تَصَرُّفُ الفَقيرِ فيها (¬2) قبلَ قَبْضِها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وخرَّجَ المَجْدُ فى المُعَينَّةَ المَقْبولَةِ كالمَقْبُوضَةِ، كالهِبَةِ وصدَقَةِ التَّطَوُّعِ والرَّهْنِ. قال: والأوَّلُ أصحُّ. انتهى. وقال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ عيَّنَ زَكاتَه، فقَبِلَها الفَقِيرُ، فتَلِفَتْ قبلَ قَبْضِه، لم يُجْزِئْه فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين»: فى الزَّكاةِ والصَّدقَةِ والقَرْضِ وغيرِها طَرِيقَان، أحدُهما، لا يمْلِكُ إلَّا بالقَبْضِ، رِوايةً واحدَةً. وهى طرِيقَةُ القاضى فى «المُجَرّدِ»، والشِّيرَازِىِّ فى «المُبْهِجِ». ونصَّ عليه فى مَواضِعَ. والطَّريقُ الثَّانى، لا يمْلِكُ فى المُبْهَمِ بدُونِ القَبْضِ، وفى ¬

(¬1) فى أ: «أتلفت». (¬2) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُعَين يمْلِكُ بالعَقْدِ. وهى طرِيقَةُ القاضى فى «خِلَافِه»، وابنِ عقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه»، والحَلْوَانِىِّ وابنهِ (¬1)، إلَّا أنَّهما حكَيَا فى المُعَيَّنِ رِوايتَيْن كالهِبَةِ. انتهى. فإِذا قُلْنا: تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ القَبُولِ. فهل يجوزُ بَيْعُها؟ قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والخَمْسِين»: نصَّ أحمدُ على جوازِ التَّوْكيلِ. قال: وهو نَوْعُ تصَرُّفٍ، فَقِياسُه سائرُ التَّصَرُّفاتِ، وتكونُ حِينَئِذٍ كالهِبَةِ المَمْلوكةِ بالعَقْدِ. ولو قال الفَقيرُ لربِّ المالِ: اشْتَرِ لى بها ثوْبًا. ولم يَقْبِضْها منه، لم يُجْزِئْه، ولو اشْتَراه كان للمالِكِ، ولو تَلِفَ كان مِن ضَمانِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْريجٌ مِن إذْنِه لغَريمِه فى الصَّدقَةِ بدَيْنِه عنه، أو صَرْفِه، أو المُضارَبَةِ به. قلتُ: والنَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. ويأتى فى البابِ الذى بعدَه، إذا أبرَأ الغَريمُ غريمَه، أو أحالَ الفَقيرَ بالزَّكاةِ، هل تسقطُ الزَّكاةُ عنه؟ عندَ قولِه: ويجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلى مُكاتَبِه وإلى غَريمِه. ¬

(¬1) هو عبد الرحمن بن محمد بن على بن محمد الحلوانى، أبو محمد، الفقيه الإمام، تفقه على أبيه، وبرع فى الفقه وأصوله، وصنف كتاب «التبصرة» فى الفقه، و «الهداية» فى أصول الفقه. توفى سنة ست وأربعين وخمسائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 221.

باب ذكر أهل الزكاة

بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَهمْ ثَمَانِيَة أَصْنَافٍ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ذِكْرِ أهلِ الزَّكاةِ قوله: وهم ثَمانيَةُ أصْنافٍ؛ الفقراءُ؛ وهمُ الذين لا يَجِدون ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم. والثَّانى، المساكينُ؛ وهمُ الذين يجِدون مُعْظَمَ الكِفايَةِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الفَقيرَ أسْوَأُ حالًا مِنَ المِسْكينِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، عَكْسُه. اخْتارَه ثَعْلَبٌ اللُّغَوِىُّ، وهو مِنَ الأصحابِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقال الشَّيْخُ تَقىُّ الدِّينِ: الفَقْرُ والمَسْكَنَةُ صِفَتان لمَوصوفٍ واحدٍ.

الْفُقَرَاءُ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِمْ. وَالثَّانِى، الْمَسَاكِينُ، وَهُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَ مُعْظَمَ الْكِفَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، قولُ المُصَنِّفِ عن المَساكينِ: هم الذين يجدون مُعْظَمَ الكِفايَةِ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الهَادى»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ» وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الإِفاداتِ»، و «الحاويَيْن»، و «الوجيزِ»، و «الفائقِ»، وجماعةٌ: همُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذين لهم أكْثَرُ الكِفايَةِ. وقال النَّاظِمُ: همُ الذين يَجِدون جُلَّ الكِفايَةِ. وقال فى «الكافِى»: هم الذين لهم ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم. وقال فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضاحِ»، و «العُمْدَةِ»: هم الذين لهم ما يقَعُ مَوقِعًا مِن كِفايَتِهم، ولا يَجدون تَمامَ الكِفايَةِ. وهو مُرادُه فى «الكافِى». وقال ابنُ عَقيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»: همُ الذين يقْدِرون على بعضِ كِفايتهم. وقال ابنُ رَزينٍ: المِسْكينُ؛ مَن لم يَجِدْ أكْثَرَ كِفايَتهِ. فلعَلَّه مَن يَجِدُ بإسْقاطِ لم، أو أرادَ نِصْفَ الكِفايَةِ فقط. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»؛ همُ الذين لهم أكْثَرُ كِفايَتِهم؛ وهو مُعظمُها، أو ما يقَعُ موقِعًا منها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كنِصْفِها. وقال ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: والمِسْكينُ مَن وجَد أكْثَرَها أو نِصْفَها. فتَلخَّصَ مِن عِباراتِهم، أنَّ المِسْكينَ مَن يجدُ مُعْظَمَ الكِفايَةِ. ومَعناه، واللَّه أعلمُ، أكثرُها. وكذا جُلُّها. وقد فسَّرَ فى «الرِّعايَةِ» أكْثرَها بمُعْظَمِها، لكنَّ أعْظَمَها وجُلَّها فى النَّظَرِ أخَصُّ مِن أكْثَرِها، فإنَّه يُطْلَقُ على أكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ ولو بيَسيرٍ، بخِلافِ جُلِّها، وقرِيبٌ منه مُعْظَمُها. وفى عِباراتِهم، مَن يَقْدِرُ على بعضِها ونِصْفِها. فيُمْكِنُ حمْلُ مَن ذكَر بعضَها على نِصْفِها، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ أقلَّ مِنَ النِّصْفِ، وأنَّها أقوالٌ. وأمَّا الفُقراءُ فهم الذين لا يَجِدون ما يقَعُ موقِعًا مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِفايَتِهم، أو لا يَجِدون شيئًا ألْبَتَّةَ. وقال فى «المُبْهِجِ» و «الإِيضَاحِ»: هم الذينَ لا صَنْعَةَ لهم. والمَساكينُ؛ هم الذِين لهم صَنْعَةٌ ولا تُقِيمُ بهم. وقال الخِرَقىُّ: الفُقَراءُ؛ الزَّمْنَى والمَكافيفُ. ولعَلَّهم أرَادوا، فى الغالِبِ، وإلَّا حيثُ وُجِدَ مَن ليس معه شئٌ، أو معه ولكن لا يقَعُ موقِعًا مِن كِفايته، فهو فَقيرٌ، وإنْ كان له صَنْعَةٌ، أو غيرَ زَمِنٍ ولا ضَريرٍ. الثَّانى، قوْلُه: وهم ثَمانيَةُ أصْنَافٍ. حصَر مَن يَسْتَحِقُّ الزَّكاةَ فى هذه الأصْنافِ الثَّمانيةِ. وهو حَصْرُ المُبتَدَأ فى الخَبَرِ، فلا يجوزُ لغيرِهم الأخْذُ منها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، جوازَ الأخْذِ مِنَ الزَّكاةِ لشِراءِ كُتُبٍ يَشْتَغِلُ فيها مِمَّا يحْتاجُ إليه، مِن كُتُبِ العِلْم التى لابُدَّ منها لمَصْلَحَةِ دِينه ودُنْيَاه. انتهى. وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قدَرَ على الكَسْبِ، ولكنْ أرادَ الاشْتِغالَ بالعِبادَةِ، لم يُعْطَ مِنَ الزَّكاةِ. قوْلًا واحِدًا. قلتُ: والاشْتِغالُ بالكَسْبِ، والحالَةُ هذه، أفْضَلُ مِنَ العِبادَةِ. ولو أرادَ الاشْتِغالَ بالعِلْمِ، وهو قادِر على الكَسْبِ، وتعَذَّرَ الجمعُ بينَهما، فقال فى «التَّلْخيصِ»: لا أعلمُ لأصحابِنا فيها قوْلًا، والذى أرَاه جوازَ الدَّفْعِ إليه. انتهى. قلت: الجوازُ قطَع به النَّاظِمُ، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وَقيلَ: لا يُعْطى إلَّا إذا كان الاشْتِغالُ بالعِلْمِ يَلْزَمُ. الثَّالثُ: شَمِلَ قوْلُه: الفُقراءُ والمَساكِينُ. الذَّكَرَ والأُنْثَى، والكَبِيرَ والصَّغِيرَ. وهو صحيحٌ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالذَّكرُ والأُنْثَى الكَبيرُ لا خِلافَ فى جَوازِ الدَّفْعِ إليه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ إعْطاءِ الصَّغيرِ مُطْلَقًا، وعليه معْظمُ الأصحابِ. وعنه، يُشْتَرطُ فيه أنْ يأْكُلَ الطَّعامَ. ذكَرَها المَجْدُ، ونَقَلها صالِحٌ وغيرُه، وهى قوْلٌ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وقال القاضى: لا يجوزُ دَفْعُها إلى صَبِىٍّ لم يأْكُلِ الطَّعامَ. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، ذكَرَه فى بابِ الظِّهارِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وحيثُ جازَ الأخْذُ، فإنَّها تُصْرَفُ فى أُجْرَةِ رَضاعِه وكُسْوتِه، وما لَابُدَّ منه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالذى يَقْبَلُ ويقْبِضُ له الزَّكاةَ والهِبَةَ والكفَّارةَ، مَن يلِى مالَه؛ وهو وَلِيُّه مِن أبٍ، ووَصِىٍّ، وحاكمٍ، وأمينِه، ووَكِيلِ الوَلِىِّ الأَمِينِ. قال ابنُ مَنْصُور: قلتُ لأحمدَ: قال سُفْيانُ: لا يَقْبِضُ للصَّبِىِّ إلَّا الأبُ أو وَصِىٌّ أو قاضٍ. قال أحمدُ: جَيِّدٌ. وقيلَ له فى رِوايَة صالحٍ: قبَضَتِ الأُمُّ وأَبُوه حاضِرٌ؟ فقال: لا أعْرِفُ للأُمِّ قبْضًا، ولا يكونُ إِلَّا الأبُ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أحمدَ تصْريحًا بأنَّه لا يصحُّ قَبْضُ غيرِ الوَلِىِّ مع عدَمِه، مع أنَّه المشْهورُ فى المذهبِ. وذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، أنَّه لا يعْلَمُ فيه خِلافًا، ثم ذكَر أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه يصِحُّ قبْضُ مَن يلِيه، مِن أُمٍّ أو قَريبٍ وغيرِهما، عندَ عدَمِ الوَلِىِّ؛ لأنَّ حِفْظَه مِنَ الضَّياعِ والهَلاكِ أوْلَى مِن مُراعاةِ الوِلايةِ. انتهى. وذكَر المَجْدُ، أنَّ هذا مَنْصوصُ أحمدَ. نقَل هارُونُ الحَمَّالُ فى الصِّغارِ، يُعْطَى أوْلِياؤُهم. قلت: ليس لهم وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى مَن يُعْنَى بأمْرِهم. ونَقَل مُهَنَّا، فى الصَّبِىِّ، والمَجْنونِ، يَقْبِضُ له وَلِيُّه. قلتُ: ليس له وَلِىٌّ؟ قال: يُعْطَى الذى يقومُ عليه. وذكَر المَجْدُ نصًّا ثالِثًا بصِحَّةِ القَبْضِ مُطْلَقًا. قال بَكْرُ بنُ محمدٍ: يُعْطِى مِنَ الزَّكاةِ الصَّبِىَّ الصَّغيرَ؟ قال: نعم، يُعْطِى أَبَاه أو مَن يقومُ بشَأْنِه. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» هذه الرِّوايَةَ، ثم قال: قلتُ: إنْ تعَذَّرَ، وإلَّا فلا. فائدة: يصِحُّ مِنَ المُمَيِّزِ قبْضُ الزَّكاةِ والهِبَةِ والكفَّارَةِ ونحوِها. قدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقال: على ظاهرِ كلامِه. قال المَرُّوذِىُّ: قلتُ لأحمدَ: يُعْطِى غُلامًا شِيئًا مِنَ الزَّكاةِ؟ قال: نعم، يدْفَعُها إلى الغُلامِ. قلتُ: فإنِّى أخافُ أنْ يُضَيِّعَه. قال: يدْفَعُه إلى مَن يقومُ بأمْرِه. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ والحارِثِىِّ. قال فى «الفُروعِ»: والمُمَيِّزُ كغيرِه. وعنه، ليس أهْلًا لقَبْضِ ذلك. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا، المَنْعُ مِن ذلك، وأنَّه لا يصِحُّ قبْضُه بحالٍ. قال: وقد صرَّح به القاضى فى «تَعْليقِه»، فى كتابِ المُكاتَبِ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ صالحٍ، وابنِ مَنْصُور. انتهى. قال فى «القَواعدِ الأُصُوليَّةِ»: فى المَسْألَةِ رِوايَتان؛ أشْهَرُها، ليس هو أهْلًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ، وأبْدَى فى «المُغْنِى» احْتِمالًا، أنَّ صِحَّةَ قبْضِه تقِفُ على إذْنِ الوَلِىِّ دونَ القَبولِ.

وَمَنْ مَلَكَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ مَا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتهِ، فَلَيْسَ بِغَنِىٍّ وَإنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن ملَك مِن غيرِ الأثمانِ ما لا يَقومُ بكفايَتِه، فليس بغَنِىٍّ وإنْ كَثُرَتْ قِيمَتُه. وهذا بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا كان له عَقارٌ أو ضَيْعَةٌ يَسْتَغِلُّها عَشَرَةُ آلافٍ أو أكْثَرُ لا تُقِيمُه، يعْنِى لا تكْفِيه، يأخُذُ مِنَ الزَّكاةِ. وقيلَ له: يكونُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له الزَّرْعُ القائمُ، وليس عندَه ما يحْصُدُه، أيأْخُذُ مِنَ الزَّكاةِ؟ قال: نعم، يأْخُذُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وفى مَعْناه ما يحْتاجُ إليه لإقامَةِ مُؤْنَتِه. تنبيه: تقدَّم فى أوَّلِ زَكاةِ الفِطْرِ، عندَ قوْلهِ: إذا فضَل عن قُوتِه وقُوتِ عِيالهِ. لو كان عندَه كُتُبٌ، ونحوُها يحْتاجُها، هل يجوزُ له أخْذُ الزَّكاةِ أم لا؟

وَإنْ كَانَ مِنَ الأَثْمَانِ، فَكَذَلِكَ فِى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالأُخْرَى، إِذَا مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا مِنَ الذَّهَبِ، فَهُوَ غَنِىٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان مِنَ الأثمانِ، فكذلك فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. نَقَلها مُهَنَّا، واخْتارَها ابنُ شِهَابٍ العُكبَرِىُّ، وأبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الحاوِى»، وغيرُهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هى الصَّحيحَةُ مِنَ الرِّوايتَيْن عند المُصَنِّفِ، وأبى الخَطَّابِ، ولم أجِدْ ذلك صريحًا فى كتُبِ المُصَنِّف. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». وصحَّحَه فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. والرِّوايَة الأُخْرَى، إذَا ملَك خَمْسين دِرْهَمًا أو قِيمَتَها مِنَ الذَّهَبِ، فهو غنِىٌّ. فلا يجوزُ الأخْذُ لمَن ملَكَها، وإنْ كان محْتاجًا، ويأْخُذُها مَن لم يَمْلِكْها، وإنْ لم يكُنْ مُحْتاجًا. وهذه الرِّوايَةُ عليها جماهيرُ الأصحابِ، وهى المذهبُ عندَهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ، حتى إنَّ عامَّةَ مُتَقَدِّميهم لم يحْكُوا خِلافًا. قال ابنُ منَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال ابنُ شِهَابٍ: اخْتارَها أصحابُنا، ولا وَجْهَ له فى المَعْنَى، وإنما ذهَب إليه أحمدُ لخَبَرِ ابنِ مَسْعُودٍ، ولعَلَّه لمَّا بانَ له ضعْفُه رجَع عنه، أو قال ذلك لقوْمٍ بأعْيانِهم كانوا يتَّجِرون بالخَمْسِينْ، فتَقومُ بكِفايَتِهم، وأجابَ غيرَه بضَعْفِ الخَبرِ. وحمَلَه المُصَنِّفُ وغيرُه على المَسْألةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتَحْرُمُ المَسْألَةُ، ولا يَحْرُمُ الأخْذُ. وحمَلَه المَجْدُ على أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، قالَه فى وَقْتٍ كانتِ الكِفايَةُ الغَالِبَةُ بخَمْسِين. وممَّن اخْتارَ هذه الرِّوايَةَ؛ الخِرَقِىِّ، وابنْ أبى مُوسى، والقاضى، وابنُ عَقِيلٍ، فقَطَعوا بذلك، ونصَرَه فى «المُغْنِى» (¬1)، وقال: هذا الظَّاهِرُ مِن مذهبِه. قال فى «الهَادِى»: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. ونقَلَها الجماعَة عن أحمدَ. قلتُ: نَقَلها الأثْرَمُ، وابنُ مَنْصُورٍ، وإسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ، ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 118.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأحمدُ بنُ هَاشِمٍ الأَنْطَاكِىُّ، وأحمدُ بنُ الحَسَنِ، وبِشْرُ بنُ مُوسَى، وبَكْرُ بنُ محمدٍ، وأبو جَعْفَرِ ابنِ الحَكَمِ، وجَعْفرُ بنُ محمدٍ، وحَنْبَلٌ، وحَرْبٌ، والحَسَنُ ابنُ محمدٍ، وأبو حامِدِ ابنُ أبِى حَسَّانَ، وحَمْدانُ بنُ الوَرَّاقِ، وأبو طالِبٍ، وابناهُ؛ صالِحٌ وعَبْدُ اللَّهِ، والمَرُّوذِىُّ، والمَيْمُونِىُّ، ومحمدُ بنُ داوُدَ، ومحمدُ بنُ مُوسَى، ومحمدُ بنُ يَحْيَى، وأبو محمدٍ مَسْعُودٌ، ويُوسُفُ بنُ مُوسَى، والفَضْلُ ابنُ زِيَادٍ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ». وعنه، الخَمْسُون تَمْنَعُ المَسْأْلَة لا الأَخْذَ، ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. وتقدَّم أنَّ المُصَنِّفَ حمَل الخَبَرَ على ذلك، وأطْلقَهما فى «التَّلْخيصِ». ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، فى مَن معه خَمْسُمِائَةٍ وعليه ألْفٌ، لا يأْخُذُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الزَّكاةِ. وحُمِلَ على أنَّه مُؤجِّلٌ، أو على ما نقَلَه الجماعَةُ. تنبيه: قوْلُه فى الرِّوايةِ الثَّانيةِ: أو قِيمَتَها مِنَ الذَّهَبِ. هل يُعْتَبرُ الذَّهبُ بقِيمَةِ الوقْتِ، لأنَّ الشَّرْعَ لم يحُدَّه، أو يُقَدَّرُ بخَمْسَةِ دَنانِيرَ، لتعَلُّقِها بالزَّكاةِ؟ فيه وَجْهان. وأَطْلقَهما فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقال: ذكَرهما القاضى فيما وَجدْتُه بخَطِّه على «تَعْليقهِ»، واخْتارَ فى «الأحْكام السُّلْطانِيَّةِ» الوَجْهَ الثَّانِى. قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، الأوَّلُ، وهو الصَّوابُ. ويأتى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى البابِ قدْرُ ما يأْخُذُ الفَقيرُ والمِسْكينُ وغيرُهما، ويأْتِى بعدَه إذا كان له عِيالٌ. فائدة: مَن أُبِيحَ له أخْذُ شئٍ، أُبيحَ له سُؤالُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَحْرُمُ السُّؤالُ، لا الأخْذُ، على مَن له قُوتُ يوم؛ غداءٌ وعَشاءٌ. قال ابنُ عَقِيلٍ: اخْتارَه جماعةٌ. وعنه، يَحْرُمُ ذلك على مَن له قوتُ يومٍ؛ غَداءٌ وعَشاءٌ. ذكَر هذه الرِّوايَةَ الخَلَّالُ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المِنْهاجِ»، إنْ عَلِم أنَّه يَجِدُ مَن يسألُه كلَّ يومٍ، لم يَجُزْ أنْ يسْألَ أكثرَ مِن

الثَّالِثُ، الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا، وَهُمُ الْجُبَاةُ لَهَا، وَالْحَافِظُونَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قُوتِ يوم وليْلَةٍ، وإنْ خافَ أنْ لا يجِدَ مَن يُعْطِيه، أو خافَ أنْ يعْجِزَ عنِ السُّؤالِ، أُبِيحَ له السُّؤالُ أكْثَرَ مِن ذلك. وأمَّا سُؤالُ الشَّئِ اليَسيرِ؛ كشِسْعِ النَّعْلِ، أو الحِذاءِ، فهل هو كغيرِه فى المَنْعِ، أو يُرَخَّصُ فيه؟ فيه رِوايَتان، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأُوْلَى الرُّخْصَةُ فى ذلك؛ لأنَّ العادةَ جارِيَةٌ به. فائدتان؛ إحْداهما، قوله: والعامِلُون عليها؛ وهمُ الجُبَاةُ لها، والحافِظُون لها. العامِلُ على الزَّكاةِ؛ هو الجابِى لها، والحافِظُ، والكاتِبُ، والقاسِمُ، والحاشِرُ، والكَيَّالُ، والوَزَّانُ، والعَدَّادُ، والسَّاعِى، والرَّاعِى، والسَّائِقُ، والحَمَّالُ، والجَمَّالُ، ومَن يُحْتاجُ إليه فيها، غيرُ قاضٍ ووَالٍ. وقيلَ لأحمدَ، فى رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، الكَتَبَةُ مِنَ العامِلين؟ قال: ما سمعْتُ. الثَّانيةُ، أُجْرَةُ كَيْلِ الزَّكاةِ ووَزْنِها ومُونَةُ دَفعِها على المالِكِ. وقد تقدم التَّنْبِيهُ على ذلك.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مُسْلِمًا أَمِينًا، مِنْ غَيْرِ ذَوِى الْقُرْبَى، وَلَا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا فَقْرُهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يُشْتَرَطُ إِسْلَامُهُ، وَلَا كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِى الْقُرْبَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُشْتَرطُ أنْ يكونَ العامِلُ مُسْلِمًا أمينًا مِن غَيْرِ ذَوِى القُرْبَى. يُشْترَطُ أنْ يكونَ العامِلُ مُسْلِمًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، قالَه فى «الهِدايَةِ» -قال الزَّرْكَشِىُّ: وأظُنُّه فى «المُجَرَّدِ» - والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والنَّاظِمُ. ونَصَره الشَّارِحُ، وقدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وجزَم به فى «الوَجيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الإِفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنتخَبِ». وقال القاضى: لا يُشْتَرطُ إسْلامُه. اخْتارَه فى «التَّعْلِيقِ»، و «الجامِعِ الصَّغِيرِ». وهى رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَها أكثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الفُصولِ»، و «التَّذْكِرَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «العُقودِ» لابنِ البَنَّا. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «نَظْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وظاهرُ «الفُروعِ»، الإطْلاقُ، فإنَّه قال: يُشْتَرطُ إسْلامُه فى رِوايَةٍ. وعنه، لا يُشْترَطُ إسْلامُه. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»: وفى الكافِرِ -وقيل: وفى الذِّمِّىِّ- رِوايَتان. وقال القاضى، فى «الأحْكام السُّلْطانيَّةِ»: يجوزُ أنْ يكونَ الكافِرُ عامِلًا فى زكاةٍ خاصةٍ عُرِفَ قدْرُها، وإلَّا، فلا فائدتان؛ إحداهما، بنَى بعضُ الأصحابِ الخِلافَ هنا على ما يأخُذُه العامِلُ، فإنْ قُلْنا: ما يأخُذُه أُجْرَةٌ. لم يُشْتَرطْ إسْلامُه، وإنْ قُلْنا: هو زكاةٌ. اشْتُرِطَ إسْلامُه. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ما يأخُذُه العامِلُ أُجرَةٌ فى المَنْصُوصِ. الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: إذا عَمِل الإِمامُ أو نائبُه على الزَّكاةِ، لم يكُنْ له أخْذُ شئٍ؛ لأنَّه يأَخُذُ رزْقه مِن بيْتِ المالِ. قال ابنُ تَميمٍ: ونَقل صالِحٌ عن أبِيه، العامِلُ هو السُّلْطانُ الذَى جعَل اللَّه له الثُّمْنَ فى كِتابِه. ونَقل عبدُ اللَّهِ نحوَه. قال فى «الفُروعِ»: كذا ذكَرَا، ومُرادُ أحمدَ، إذا لم يأْخُذْ مِن بَيْتِ المالِ شيئًا، فلا اخْتِلافَ، أو أنَّه على ظاهرِه. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. ويأْتِى نظِيرُها فى رَدِّ الآبِقِ، فى آخرِ الجَعالَةِ. وأمَّا اشتِراطُ كوْنِ العامِلِ مِن غيرِ ذَوِى القُرْبَى، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُ الوَجْهَيْن، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. قدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدَ، والشَّارِحُ، والناظِمُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأظهَرُ. وقال القاضى: لا يُشْترَطُ كوْنُه مِن غيرِ ذَوِى القُرْبَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ لجُمْهورِ الأصحابِ. قال فى «المُغْنِى» (¬1): هو قوْلُ أكثرِ أصحابِنا. قال الشَّارِحُ: وقال أصحابُنا: لا يُشْتَرطُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. قال فى «تجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. وجزم به فى «الهِدَايَةِ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) 4/ 112.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»؛ لعدَم ذكْرِهم له فى الشُّروطِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الفائِق». وبَناهُما فى «الفُصُول»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، على ما يأْخُذُه العامِلُ؛ هل هو أُجْرَةٌ أو زكاةٌ؟ وظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ عَدمُ البِنَاءِ. وقيلَ: إنْ مُنِعَ مِنَ الخُمْسِ، جازَ، وإلَّا فلا. وقال المُصَنِّفُ: إنْ أخَذ أُجْرَتَه مِن غيرِ الزَّكاةِ، جازَ، وإلَّا فلا. وتابَعه ابنُ تَميمٍ. وأمَّا اشْتِراطُ كوْنِه أمِينًا، فهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن جَوازِ كوْنِه كافِرًا، كوْنُه فاسِقًا مع الأمانَةِ. قال: ولعَلَّه مُرادُهم، وإلَّا فلا يَتَوجَّه اعْتِبارُ العَدَالَةِ مع الأمانَةِ دونَ الإسْلام. قال: والظَّاهِرُ، واللَّه أعلمُ، أنَّ مُرادَهم بالأمانَةِ العَدالَةُ. وذكَر الشَّيْخُ وغيرُه، أنَّ الوَكِيلَ لا يُوَكِّلُ إلَّا أمِينًا، وأنَّ الفِسْقَ يُنافِى ذلك. انتهى. قوله: ولا يشتْرَطُ حُرِّيَّتُه ولا فَقْرُه: هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا فى عدَم اشْتِراطِ فَقْرِه. وقيلَ: يُشْتَرطان. ذكَر الوَجْهَ باشْتِراطِ حُرِّيَّتِه أبو الخَطَّابِ، وأَبو حَكِيمٍ، وذكَر الوَجْهَ باشْتِراطِ فَقْرِه ابنُ حامِدٍ. وقيلَ: يُشْتَرطُ إسْلامُه وحُرِّيته فى عِمالَةِ تَفْويضٍ لا تَنْفيذٍ. وجَوازُ كوْنِ العَبْدِ عامِلًا مِن مُفْردَاتِ المذهبِ. فوائد؛ الأُولَى، قال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُشْتَرطُ عِلْمُه بأحْكامِ الزَّكاةِ، إنْ كان مِن عُمالِ التَّفْويضِ، وإنْ كان فيه مُنَفِّذًا، ققد عيَّن الإِمامُ ما يأْخُذُه، فيَجوزُ أنْ لا يكونَ عالِمًا. قال فى «الفُروعِ»: وأطْلقَ غيرُه أنْ لا يُشْتَرطَ إذا كتَب له ما يأْخُذُه، كسُعاةِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وذكَر أبو المَعالِى، أنَّه يُشْتَرطُ

وَإنْ تَلِفَتِ الزَّكَاةُ فى يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، اُعْطِىَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كوْنُه كافِيًا. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُرادُ غيرِه. قال: وظاهِرُ ما سبَق لا يُشْتَرطُ ذُكُورِيَّتُه. وهذا مُتَوجَّهٌ. انتهى. قلتُ: لو قيلَ باشْتِراطِ ذُكُورِيَّتِه، لَكانَ له وَجْهٌ؛ فإنه لم يُنْقَلْ أنَّ امْرأةً وَلِيَتْ عِمالَةَ زَكاةٍ ألْبَتَّةَ، وَترْكُهم ذلك قدِيمًا وحدِيثًا يدُلُّ على عدَمِ جَوازِه. وأيضًا ظاهِرُ قوْلِه تعالَى: {والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} لا يَشْمَلُها. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يكونَ حمَّالُ الزَّكاةِ ورَاعِيها، ونحوُهما كافِرًا وعَبْدًا ومِن ذَوِى القُرْبَى وغيرِهم، بلا خِلافٍ أعْلَمُه؛ لأنَّ ما يأْخُذُه أُجْرَةٌ لعَملِه لا لعِمالَتِه. الثَّالثةُ لم يُشْتَرطُ فى العامِلِ أنْ يكونَ مُكَلِّفًا بالِغًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فى المُمَيِّزِ العاقِلِ الأمِينِ تَخْريجٌ. يعْنِى، بجوَازِ كوْنِه عامِلًا. الرَّابعَةُ، لو وكَّل غيرَه فى تَفْرِقَةِ زَكاتِه، لم يدْفَعْ إِليه مِن سَهْمِ العامِلِ. قوله: وإنْ تَلِفَتِ الزكاةُ فى يدهِ مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، أُعطِىَ أُجْرَتَه مِن بيتِ المالِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: يُعْطَى أُجْرَتَه مِن بَيْتِ المالِ، عندَ أصحابِنا. وفيه وَجْهٌ لا يُعْطَى شيئًا. قال فى «الفُروعِ»: قال ابنُ تَميمٍ: واخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ». ولقد اطَّلَعْتُ على نُسَخٍ كثيرةٍ «لمُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، فلم أجدْ فيه: اخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ». بل يحْكِى الوَجْهَ مِن غيرِ زِيادَةٍ، فلعَلَّ الشَيْخَ اطَّلَع على نُسْخَةٍ فيها ذلك، والذي قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِهِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأقْوَى عندِى التَّفْصِيلُ، وهو أنَّه إنْ كان شرَط له جُعْلًا على عمَلِه، فلا شئَ له؛ لأَنَّه لم يُكْمِلِ العمَلَ؛ فى سائرِ أنْواعِ الجَعالاتِ، وإنِ اسْتَاجَره إجارَةً صَحِيحَةً بأُجْرةٍ؛ مُسَمَّاةٍ منها، فكذلك؛ لأنَّ حقَّه مُخْتَصٌّ بالتَّالِفِ، فيَذْهَبُ مِنَ الجميعِ. وإنِ اسْتَأْجرَه إجارَةً صحيحةً بأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ، ولم يُقَيِّدْها بها، أو بعَثَه ولم يُسَمِّ له شيئًا، فلَه الأُجْرَةُ مِن بيْتِ المالِ؛ لأنَّ دَفْعَ العِمالَةِ مِن بَيْتِ المالِ مع بقَائِه جائزٌ للإِمامِ. ولم يُوجَدْ فى هاتَيْن الصُّورَتَيْن ما يُعَيِّنُها مِنَ الزَّكاةِ، فلذلك

الرَّابِعُ، الْمُؤلَّفَةُ قُلُوبُهُم؛ وَهُمُ السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فى عَشَائِرِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، أَوْ يُخْشى شَرُّهُ، أَوْ يُرْجى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إِيمَانِهِ، أَو إِسْلَامُ نَظِيرِهِ، أو جِبَايَةُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا، أَوِ الدَّفْعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ. وَعَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تعَيَّنتْ فيه عندَ التَّلَفِ. انتهى. وهذا لَفْظُه. قال ابنُ تَميمٍ: وهو الأصحُّ. والظاهِرُ أنَّ هذا المَكانَ مِنَ «الفُروعِ» غيرُ مُحَررٍ. فائدة: يخَيَّرُ الإِمامُ، إنْ شاءَ أرْسَلَ العامِلَ مِن غيرِ عَقْدٍ ولا تَسْمِيَةِ شئٍ، وإنْ شاءَ عقَد له إجارَة، ثم إنْ شاءَ جعَل له أخْذَ الزَّكاةِ وتَفريقَها، وإنْ شاءَ جعَل إليه أخْذَها فقط، فإنْ أذِنَ له فى تَفْريقِها، أو أطْلَقَ، فله ذلك، وإلَّا فلا. قوله: الرَّابِعُ، الْمُؤلَّفَةُ قُلُوبُهُم؛ وَهُمُ السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فى عَشَائِرِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى

أَنَّ حُكْمَهُمُ انْقَطَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إسْلامُه، أو يُخْشَى شَرُّه، أو يُرْجَى بعَطيَّتِه قُوَّةُ إيمانِه، أو إسْلامُ نَظِيرِه، أو جِبايَةُ الزَّكاةِ مِمَّن لا يُعْطِيها، أو الدَّفْعُ عنِ المُسْلِمين. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ المُؤلَّفَةِ باقٍ، وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أنَّ حُكْمَهم انْقطَعَ مُطْلَقا. قال فى «الإِرْشادِ»: وقد عُدِمَ فى هذا الوَقْتِ المُؤلَّفَةُ. وعنه، أنَّ حُكْمَ الكُفَّارِ منهمُ انْقطَعَ. واخْتارَ فى «المُبْهجِ»، أن المُؤَلَّفَةَ مَخْصُوصٌ بالمُسْلِمين. وظاهِرُ الخِرَقِىِّ، أنَّه مَخْصُوصٌ بالمُشْرِكين. وصاحِبُ «الهِدايَةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وجماعَةٌ، حكَوُا الخِلافَ فى الانْقِطاعِ فى الكُفَّارِ، وقطَعوا ببَقاءِ حُكْمِهم فى المُسْلِمين. فعلى رِوايَةِ الانْقِطاعِ، يُرَدُّ، سَهْمُهم على بَقِيَّةِ الأصْنافِ، أو يُصْرَفُ فى مَصالِح المُسْلِمين. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ تَميمٍ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَ فى «الفُروعِ»: وظاهر كلامِ جماعةٍ، يُرَدُّ على بَقِيَّةِ الأصْنافِ فقط. قلتُ: قدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايَةِ». قال المَجْدُ: يُرَدُّ على بَقِيَّةِ الأصْنافِ، لا أعَلمُ فيه خلافًا إلَّا ما رَواه حَنْبَلٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فَيُرَدُّ سَهْمُهم فى بَقِيَّةِ الأصْنافِ. وعنه، فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَصالِح. وما حَكَى الخِيَرَةَ. ولعَلَّه، وعنه، وفى المَصالحِ. بزِيادَةِ واوٍ. فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: هل يَحِلُّ للمُؤَلَّفِ ما يأْخُذُه؟ يتَوجَّهُ، إِنْ أُعْطِىَ المُسْلِمْ ليَكُفَّ ظُلْمَه، لم يَحِلَّ، كقَوْلِنا فى الهَدِيَّةِ للعامِلِ ليَكُفَّ ظُلْمَه، وإِلَّا حَلَّ. واللَّهُ أعلَمُ. الثَّانيةُ، يُقْبَلُ قوْلُه فى ضَعْفِ إسْلامِه، ولا يُقْبَلُ قوْلُه، أنَّه مُطاعٌ، إِلَّا ببَيِّنَةٍ.

الْخَامِسُ، الرِّقَابُ؛ وَهُمُ الْمُكَاتَبُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسُ، الرِّقابُ؛ وهمُ المُكاتَبُون. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ المُكاتَبِين مِنَ الرِّقابِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: لا يخْتَلِفُ المذهبُ فى ذلك. وعنه، الرِّقابُ عَبِيدٌ يُشْتَرَوْن ويُعْتَقُون مِنَ الزَّكاةِ لا غيرُ. فلا تُصْرَفُ إلى مُكاتَبٍ، ولا يُفَكُّ بها أسِير ولا غيرُه، سِوَى ما ذكَر. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: الرِّقابُ؛ وهمُ المُكَاتَبُون. أنَّه لا يجوزُ دَفْعُها إلى مَن عُلِّقَ عِتْقُه بمَجئِ المالِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقال جماعَةٌ: هم كالمُكاتَبِين فيُعْطَوْن. وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ». وظاهِرُ كلامِه أيضًا، جَوازُ أخْذِ المُكاتَبِ قبلَ حُلولِ نجْمٍ. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَر القَوْلَيْن. [وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» وغيرِهم] (¬1). وقيلَ: لا يأْخُذُ إلَّا إذا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَلَّ نَجْمٌ. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن فى المُؤَجَّلِ. فوائد؛ إحداها، لو دفَع إلى المُكاتَبِ ما يقْضِى به دَيْنَه، لم يَجُزْ أنْ يَصْرِفَه فى غيرِه. الثَّانيةُ، لو عتَق المُكاتَبُ تَبَرُّعًا، مِن سيِّدهِ أو غيرِه، فما معه منها له. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: مع فَقْرِه. وقيل: بل للمُعْطِى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. قالَه فى «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «المُحرَّرِ». [وظاهِرُ «الفُروعِ»، إطْلاقُ الخِلافِ] (¬1). وقيلَ: بل هو للمُكاتَبِين. ولو عجَز أو ماتَ وبيَدِه وَفاءٌ، ولم يَعْتِقْ (¬2) بمِلْكِه الوَفاءَ، فما بيَدِه لسَيِّدهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»: وهو أصحُّ. زادَ فى «الكُبْرَى»، وأشْهَرُ. وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقالَه الخِرَقىُّ فيما إذا عجَز. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّم فى «المُحَرَّرِ»، أنَّها تُسْتَرَدُّ إذا عجَز. وعنه، يُرَدُّ للمُكاتَبِين. نقَلَها حَنْبَلٌ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وجزَم به فى «المُذْهَبِ» فيما إذا عجَز، حتَّى ولو كان سيِّدُه قبَضَها. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» بعنه وعنه. وقيلَ: هو للمُعْطِى. حتَّى قال أبو بَكْرٍ، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، ط: «نعتقه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضى: ولو كان دفَعَها إلى سيِّدِه. وقيلَ: لا تُؤْخَذُ مِن سيِّدِه، كما لو قبَضَها منه ثم أعْتَقَه. قطَع به الزَّرْكَشِىُّ. وإنِ اشْترَى بالزَّكاةِ شيئًا ثم عجَز، والعَرْضُ بيَدهِ، فهو لسيِّدِه على الأُولَى وعلى الثَّانيةِ، فيه وَجْهان. وأطْلقَهما ابنُ تَميمٍ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه فى الرِّقابِ. ويأتِى قرِيبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ بعدَ حاجَتِه، [ولو أُعْتِقَ بالأَداءِ والإِبْراءِ، فما فضَل معه فهو له. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، كما لو فضَل معه مِن صدَقَةِ التَّطوعِ. وقيلَ: بل هو للمُعْطِى، كما لو أعْطَى شيئًا لفَكِّ رَقَبَةٍ. صحَّحَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيلَ: الخِلافُ رِوايَتان. وقيلَ: هو للمُكاتَبين أيضًا] (¬1). تنبيه: هذه الَأحْكامُ فى الزَّكاةِ. أمَّا الصَّدَقةُ المفْروضَةُ، فكلامُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» يقْتَضِى جَرَيانَ الخِلافِ فيه. وكذا كلامُه فى «الفُروعِ». وظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ» اخْتِصاصُه بالزكاةِ. ويأْتِى فى أوَائلِ الكِتابَةِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا ماتَ المُكاتَبُ قبلَ الأداءِ، هل يكونُ ما فى يَدِه لسيدِه أو الفاضِلُ لورَثَتِه؟ الثَّالثةُ، يجوزُ الدَّفْعُ إلى سيِّدِ المُكاتَبِ بلا إذْنِه. قال الأصحابُ: وهو أوْلَى كما يجوزُ ذلك للإمام، فإنْ رَقَّ لعَجْزِه، أُخِذَتْ مِن سيِّدهِ. هذا الصَّحيحُ. وقال المَجْدُ: إنما يجوزُ بلا إذْنِه إنْ جازَ العِتْقُ منها؛ لأنَّه ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِىَ بِهَا أَسِيرًا مُسلِمًا. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يدْفَعْ إليه ولا إلى نائبِه، كقَضاءِ دَيْنَ الغَريمَ بلا إذْنِه. ويأْتِى فى كلامَ المُصَنِّفِ قبلَ الفَصْلِ، جَوازُ دَفْعِ السيدِ زَكاتَه إلى مُكاتَبِه، ويأتِى أيضًا إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ بعدَ العِتْقِ. الرَّابعةُ، لو تَلِفَتِ الزَّكاةُ بيَدِ المُكاتَبِ، أجْزَأتْ، ولم يَغْرَمْها، عتَق أو رُدَّ رقِيقًا. الخامسةُ، مِن شَرْطِ صِحَّةِ الدَّفْعِ إلى المُكاتَبِ مِنَ الزَّكاةِ، أنْ يكونَ مُسْلِمًا لا يجِدُ وَفاءً. قوله: ويَجُوزُ أنْ يفْدِىَ بها أسيرًا مُسْلمًا. نصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الإفادَاتِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِهِ» وابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِهِ»، والقاضى فى «التَّعْليقِ» وغيرِه. وصحَّحَه النَّاظِم، وقدَّمه فى «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، وقال: اخْتارَه جماعةٌ، وجزَم به آخَرُون. وعنه، لا يجوزُ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه الخَلَّالُ. وأطْلقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وأطْلَقَ بعضُ الأصحابِ الرِّوايتَيْن مِن غيرِ تَقيِيدٍ. فائدة: قال أبو المَعالِى: مثْلُ الأسِيرِ المُسْلمِ، لو دفَع إلى فَقيرٍ مُسْلِمٍ، غرَّمه

وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْتَرِىَ مِنْهَا رَقَبَةً يُعْتِقُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سُلْطانٌ مالًا ليَدْفَعَ جَوْرَه. قوله: وهل يَجُوزُ أنْ يَشْترِىَ مِنها رَقَبَةً يُعْتِقُها؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ إحداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ، جزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الإفادَاتِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، والقاضى فى «التَّعْليقِ» وغيرُهم. والثَّانيةُ، لا يجوزُ. قدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». واخْتارَه الخَلَّالُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: رجَع أحمدُ عنِ القوْلِ بالعِتْقِ. حكَاه مِن رِوايَةِ صالحٍ، ومحمدِ بنِ مُوسَى، والقاسِمِ، وسِنْدِيّ. [وَرَدَّه المُصَنفُ فى «المُغْنِى» وغيرِه] (¬1). وعنه، لا يُعْتِقُ مِن زكاتِه رَقَبَةً، لكن يُعِينُ فى ثَمَنِها. قال أبو بَكْرٍ: لا يُعْتِقُ رَقَبَةً كامِلَةً. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، لا يُعْتِقُ منها رَقَبَةً تامَّةً. وعنه، ولا بعضَها، بل يُعِينُ فى ثَمَنِها. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُؤْخَذُ مِن قوْلِ المُصَنِّفِ: يُعْتِقُها. أنَّه لو اشْترَى ذا رَحِمِه، لا يجوزُ؛ لأنَّه يُعْتَقُ بمُجَرَّدِ الشِّراءِ مِن غيرِ أنْ يعْتِقَه هو. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المسْألَةِ، لو أعتقَ عبْدَه أو مُكاتَبَه عن زكاتِه، ففى الجَوازِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفائِق»؛ أحدُهما، عدَمُ الجَوازِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانِى، الجَوازُ. اخْتارَه القاضى. فائدتان؛ إحداهما، حيثُ جوَّزْنا العِتْقَ مِنَ الزَّكاةِ، غير المُكاتَبِ إذا ماتَ وخلَّفَ شيئًا، رُدَّ ما رجَع مِن وَلائِه فى عِتْقِ مِثْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: وفى الصَّدَقاتِ أيضًا. قدَّمه ابنُ تَميمٍ. وهل يعْقِلُ عنه؟ فيه رِوايَتان، وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ العَقْلِ. ثم وجَدْتُه فى «المُغْنِى» قُبَيْلَ كتابِ النِّكاحِ، قدَّمه ونَصَره. وعنه، وَلاؤُه لمَن أعْتقَه. وما أعْتقَه السَّاعِى مِنَ الزَّكاةِ، فوَلاؤُه للمُسْلِمين. وأمَّا المُكاتَبُ، فوَلاؤُه لسيِّدهِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وحكَى بعضُهم وَجْهًا، أنَّ حُكْمَهم حُكْمُ

السَّادِسُ، الْغَارِمُونَ؛ وَهُمُ الْمَدِينُونَ، وَهُمْ ضَرْبَانِ؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَضَرْبٌ غَرِمَ لإِصْلَاحِ نَفْسِهِ فى مُبَاحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِهم، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. وقدَّمه فى «الفائِق». الثَّانيةُ، لا يُعْطَى المُكاتَبُ لفَقْرِه. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرُهم، واقْتصرَ عليه فى «الفُروعِ»؛ لأنَّه عَبْدٌ. قوله: السَّادِسُ، الغارِمُون؛ وهم المَدينُون، وهم ضَرْبان؛ ضَرْبٌ غَرِمَ لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ. يُعْطَى مَن غَرِم لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، بلا نِزاعٍ فيه، لكنْ شرَط المُصَنِّفُ فى «العُمْدَةِ»، وابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، كوْنَه مُسْلِمًا. ويأْتِى ذلك عندَ قوْلِه: ولا يجوزُ دَفْعُها إلى كافرٍ. بأتَمَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن هذا. تنبيه: قوله: وضَرْبٌ غَرِمَ لإصْلاحِ نَفْسِه فى مُباحٍ. وكذا مَن اشتَرى نفْسَه مِنَ الكُفّارِ، جازَ له الأخْذُ مِنَ الزَّكاةِ. فوائد؛ [منها، لو كان غارِمًا، وهو قَوىٌّ مُكْتَسِبٌ، جازَ له الأخْذُ للغُرْمِ. قالَه القاضى فى «خِلَافهِ»، وابنُ عَقِيل فى «عُمَدِه» فى الزُّكاةِ، وذكَرَه أيضًا فى «المُجَرُّدِ»، و «الفُصولِ» فى بابِ الكِتابَةِ، وهو ظاهرُ كلامِ أحمدَ. وقيلَ] (¬1): ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [لا يجوزُ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». وأطْلَقهما فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ»، وقال: هذا الخِلافُ راجعٌ إلى الخِلافِ فى إجْبارِه على التَّكسُّبِ لوَفاءِ دَيْنِه. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ الإجْبارُ، على ما يأْتِى فى بابِ الحَجْرِ] (¬1). ومنها، لو دفع إلى غارِمٍ ما يقْضِى به دَيْنَه، لم يَجُزْ صَرْفُه فى غيرِه، وإنْ كان فقِيرًا، ولو دفَع إليه لفَقْرِه، جازَ أنْ يَقْضِىَ به دَيْنَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وِحكَى فى «الرِّعايَةِ» وَجْهًا، لا يجوزُ. ومنها، لو تحَمَّلَ بسَبَبٍ إتْلافِ مالٍ أو نهْبٍ، جازَ له الأخْذُ مِنَ الزَّكاةِ، وكذا إنْ ضَمِنَ عن غيرِه مالًا، وهما مُعْسِران، جازَ الدَّفْعُ إلى كُل منهما، وإنْ كانا مُوسِرَيْن أو أحَدُهما، لم يَجُزْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يجوزُ إنْ كان الأصِيلُ مُعْسِرًا، والحَمِيلُ مُوسِرًا. وهو احْتِمالٌ فى «التَّلْخيصِ». وقال فى «التَّرْغِيبِ»: يجوزُ إنْ ضَمِنَ مُعْسِرٌ مُوسِرًا بلا أمْرِه. ومنها، يَجُوزُ الأخْذُ للغارِمِ لذاتِ البَيْنِ قبلَ حُلولِ دَيْنِه، وفى الغارِمِ لنَفْسِه ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهان. قالَه فى «الفُروعِ». ومنها، يجوزُ الأخْذُ، لقَضاءِ دَيْنِ اللَّهِ تعالَى. ومنها، لو وكَّل الغَريمُ مَن عليه زكاةٌ، قبلَ قَبْضِها منه لنَفْسِه أو بوَكيلِه، فى دَفْعِها عنه إلى مَن له عليه دَيْنٌ عن دَيْنِه، جازَ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ ضِدُّه. وقال فى «الفُروعِ»: فإنْ قيلَ: قد وكَّل المالكَ. قيلَ: فلو قال: اشْتَرِ لى بها شيئًا. ولم يقْبضْها منه، فقد وكَّلَه أيضًا، ولا يُجْزئُ؛ لعَدمِ قَبْضِها، ولا فرْقَ. قال: فيتوَجَّهُ فيهما التَّسْوِيَةُ وتخْرِيجُهما على قوله لغَريمِه: تصَدَّقْ بدَيْنِى عليك، أو ضارِبْ به. لا يصحُّ لعدَمِ قَبْضِه. وفيه تخْريجٌ، يصِحُّ، بِناءً على أنَّه، هل يصِحُّ قَبْضُه (¬1) لمُوَكِّلِه؟ وفيه رِوايَتان. انتهى. وتأْتِى هاتَان الرِّوايَتان فى آخِر بابِ السَّلَمَ. ومنها، لو دفَع المالِكُ إلى الغَريمِ بلا إذْنِ الفَقيرِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّحَها غيرُ واحدٍ، كدَفْعِها إلى الفَقِيرِ، والفَرْقُ واضِحٌ. انتهى. قال فى «الرِّعايتَيْن» (¬2)، و «الحاوِيَيْن»: جازَ على الأصحِّ. وكلامُ الشيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ يَقْتضِيه. وعنه، لا يصِحُّ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وأمَّا إذا دفَعَها الإِمامُ فى قَضاءِ الدَّيْنِ، فإنَّه يَصِحُّ، قوْلَّا وَاحدًا، لوِلَايَتِه عليه فى إيفَائِه، ولهذا يُجْبِرُه عليه إذا امْتنَعَ. ومنها، يُشْترَطُ فى إخْراجِ الزَّكاةِ تَمْليكُ المُعْطَى كما تقدَّم فى آخِرِ البابِ الَّذي قبلَه، فلا يجوزُ أنْ يُغَدِّىَ الفُقراءَ ولا يُعَشِّيَهم، ولا يقْضِىَ منها دَيْنَ مَيِّتٍ غَرِم لمَصْلحَةِ نفْسِه أو غيرِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين الجَوازَ، وذكرَه إحْدَى الرِّوايتَيْن عن أحمدَ، لأنَّ الغارِمَ لا يُشْتَرطُ تَمْلِيكُه، لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَالْغَارِمِينَ}. ولم يقُلْ: وللْغارِمين. ويأْتِى بَقِيَّةُ أحْكامِ الغارِمِ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ويجوزُ دَفْعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه وإلى غَريمِه. ويأْتِى أيضًا إذا غَرِم فى مَعْصِيَةٍ. ¬

(¬1) فى ش: «قبل قبضه». (¬2) فى الأصل، ط: «الرعاية».

السَّابِعُ، فى سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: السَّابِعُ، فى سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ. فلَهم الأخْذُ منها بلا نِزاعٍ، لكِنْ لا يصْرِفُون ما يأْخُذُون إلَّا لجِهَةٍ واحدَةٍ. كما تقدَّم فى المُكاتَبِ والغارِمَ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وهمُ الذين لا دِيوانَ لهم. أنَّه لو كان يأْخُذُ مِنَ الدِّيوانِ، لا يُعْطَى منها. وهو صَحيحٌ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ فيه ما يَكْفِيه، فإنْ لم يكُنْ فيه ما يكْفِيه، فله الأخْذُ، تَمامَ ما يَكْفِيه. قالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها.

وَلَا يُعْطَى مِنْهَا فى الْحَجِّ. وَعَنْهُ، يُعْطى الْفَقِيرُ مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ أوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يجوزُ للمُزَكِّى أنْ يَشْتَرِىَ له الدَّوابَّ والسِّلاحَ ونحوَهما. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. فيَجِبُ أنْ يدْفَعَ إليه المالَ. قال فى «الفُروعِ»: الأشْهَرُ المَنْعُ مِن شِراءِ ربِّ، المالِ ما يحْتاجُ إليه الغَّازِى، ثم صَرْفُه إليه. اخْتارَه القاضى وغيرُه. ونقَلَه حيث صالِحٌ وعبدُ اللَّهِ، وكذا نقَلَه ابنُ الحَكَمِ، ونقَل أيضًا، يجوزُ. وقال: ذكَر أبو حَفْصٍ فى جَوازِه رِوايتَيْن. قوله: ولا يُعْطَى مِنها فى الحَجِّ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وقالَا: هى أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وعنه، يُعْطَى الفَقيرُ ما يَحُجُّ به الفرْضَ، أو يَسْتَعِينُ به فيه. وهى المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ عَبْدِ اللَّه، والمَرُّوذىُّ، والمَيْمُونِىِّ. قال فى «الفُروعِ»: والحَجُّ مِنَ السَّبيلِ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ عندَ الأصحابِ. انتهى. قال «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: الحَجُّ مِنَ السَّبيلِ على الأصحِّ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: على الأظْهَرِ وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإيضَاحِ»، و «الخِرَقِىِّ»، و «الإفادَاتِ» و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». فعلى المذهبِ، لا يأْخُذُ إلَّا الفَقيرُ، كما صرَّح به المُصَنِّفُ فى الرِّوايَةِ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ عَبْدوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الحاويَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يأْخُذُ الغَنِيُّ أيضًا. وهما احتمالان فى «التَّلْخيصِ». قال أبو المَعالِى: كما لو أوْصَى بثُلُثِه فى السَّبِيلِ. وعلى المذهبِ أيضًا، لا يأْخُذُ إلَّا لحَجِّ الفَرْضِ، أو يَسْتَعِينُ به فيه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: جزَم به غيرُ واحدٍ. قلت: منهم صاحِبُ «الإِفاداتِ» فيها، والمُصَنِّفُ هنا. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أوْلَى. وعنه، يأْخُذُ لحَجِّ النَّفْلِ أيضًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وابن الجَوْزِىِّ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وجزَم به فى «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نِهايَتهِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم يَشْتَرِطِ الفَرْضَ الأَكْثَرُون؛ الخِرَقِىُّ، والقاضى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وأبو البَرَكاتِ، وغيرُهم. قال فى «الفُروعِ»: وصحَّحَه بعضُهم. قال القاضى:

الثَّامِنُ، ابْنُ السَّبِيلِ، وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ، دُونَ الْمُنْشِئ لِلسَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ، فَيُعْطَى قَدْرَ مَا يَصِلُ بِهِ إلَى بَلَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وأطْلَقهما المَجْدُ فى «شَرْحهِ»، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». فائدة: العُمْرَةُ كالحَجِّ فى ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. نقَل جَعْفَرٌ، العُمْرَةُ فى سَبِيلِ اللَّهِ. وعنه، هى سُنَّةٌ. قوله: الثَّامنُ، ابنُ السَّبِيلِ؛ وهو المسافِرُ المنْقَطِعُ بِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشِّيرَازِىُّ قدَّم فى «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ»، أنَّ ابنَ السَّبيلِ هم السُّؤَّالُ. واعلمْ أنَّه إذا كان السَّفرُ فى الطَّاعَةِ، أُعْطِىَ بلا نِزاعٍ بشَرْطِه، وإنْ كان مُباحًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُعْطَى أيضًا. وقيلَ: لابُدَّ أنْ يكونَ سفَرَ طاعَةٍ، فلا يُعْطَى فى سفَر مُباحٍ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وجزَم به أيضًا فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». وإنْ كان سفَرَ نُزْهَةٍ، ففى جَوازِ إعْطائِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يجوزُ الأخْذُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: فيُعْطَىِ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ سفَرَ مَعْصِيَةٍ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو مَن انْقطَعَ به فى سفر مُباحٍ. قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: الأصحُّ، يُعْطَى؛ لأنَّه مِن أقْسامِ المُباحِ فى الأصحِّ، كما تقدَّم فى صَلاةِ المُسافرِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يجوزُ الأخْذُ، ولا يُجْزِىُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». [قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، بعدَ أنْ أطْلقَ الوَجْهَيْن: والصَّحيحُ، الجَوَازُ فى سفَرِ التَّجارَةِ دُونَ التَّنَّزُّهِ] (¬1). وأمَّا السَّفَرُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَكْروهُ، فظاهرُ كلامِ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُعْطَى، منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ». وظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، أنَّه يُعْطَى. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «التَّلْخيصِ». كما تقدَّم. وقالِ فى «الفُروعِ»: وعلَّلَه غيرُ واحدٍ بأنَّه ليس بمَعْصِيَةٍ، فدَلَّ أنَّه يُعْطَى فى سفَر مَكْرُوهٍ. قال: وهو نظِيرُ إباحَةِ التَّرخُّصِ فيه. انتهى. وأمَّا سفَرُ المَعْصِيَةِ، فإنَّه لا يُعْطَى فيه. وقطَع به الأكثرُ. وظاهِرُ ما قالَه فى «الفُروعِ»، أنَّه نظِيرُ إباحَةِ التَّرَخُّصِ فيه، جَريَانُ خِلافٍ هنا، فإنَّ الشَّيْخَ تَقِىُّ الدِّينِ اختارَ هناك جَوازَ التَّرَخُّصِ فى سفَرِ المَعْصِيَةِ، ورَجَّحَه ابنُ عَقِيلٍ فى بعضِ المَواضِعِ كما تقدَّم. قال فى «إدْراكِ الغايَةِ»: وابنُ السَّبِيلِ الآيِبُ إلى بلَدِه، ولو مِن فُرْجَةٍ أو مُحَرَّم، فى وَجْهٍ. ويأْتِى قرِيبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا تابَ مِنَ المَعْصِيَةِ. قوله: دونَ المُنْشِىئُ للسَّفَرِ مِن بَلَده. يعْنِى أنَّه لا يُعْطَى. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُعْطَى أيضًا. فائدتان؛ إحداهما، يُعْطَى ابنُ السَّبيلِ قَدْرَ ما يُوصِّلُه إلى بلَدهِ، ولو مع غِناهُ فى بلَدِه، ويُعْطَى أيضًا ما يُوصِّلُه إلى مُنْتهَى مَقْصِدِه، ولو اجْتازَ عن وَطَنِه. على

وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ مَا يُغْنِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيح مِنَ المذهب. وهو مَرْوِىٌّ عنِ الإمام أحمدَ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: اخْتارَه أصحابُنا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ إنَّما فارَقَ وطَنَه لِمَقْصِدٍ صَحِيحٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ عامَّةِ الأصحابِ. واخْتار المُصَنِّفُ، أنَّه لا يُعْطَى. وذكَرَه المَجْدُ ظاهِرَ رِوايَةِ صالحٍ وغيره، وظاهِرَ كلامِ أبى الخَطَّاب. الثَّانيةُ، لو قدَر ابنُ السَّبِيلِ على الاقْتِراضِ، فأَفْتَى المَجْدُ بعدَمِ الأَخْذِ مِنَ الزَّكاةِ، وأفْتَى الشَّارِحُ بجوَازِ الأخْذِ. وقال: لم يَشْتَرِطْ أصحابُنا عدَمَ. قُدْرَتِه على القَرْضِ، ولأنَّ كلامَ اللَّهِ على إطْلاقِه. وهو كما قال، وهو الصَّوابُ. قوله: ويُعْطَى الفَقِيرُ والمِسْكينُ ما يُغْنِيه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ كلَّ واحدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الفَقيرِ والمِسْكينِ يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتِه سَنةً. قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. قال فى «الحاوِيَيْن»: هذا أصحُّ عندِى. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: ويُعْطَيان كِفايَتَهما لتَمام سنَةٍ، لا أكْثَرَ، على الأشْهَرِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: ولا يَجوزُ الدَّفْعُ للفَقِيرِ … أَكْثرَ مِن غِناهُ فى التَّقْديرِ وعنه، يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتهِ دائمًا بمَتْجَرٍ أو آلَةِ صَنْعَةٍ، ونحوِ ذلك. اخْتارَه فى «الفائقِ». وهى قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». وعنه، لا يأْخُذُ أكْثَر مِن خَمْسِين دِرْهمًا حتَّى تَفْرَغَ، ولو أخَذَها فى السَّنَةِ مِرارًا، وإنْ كَثُرَ. نصَّ عليه، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَ الآجُرِّىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الْدِّينِ، جَوازَ الأخْذِ مِنَ الزَّكاةِ جُمْلةً واحدَةً، ما يصِيرُ به غَنِيًّا وإنْ كَثُرَ. والمذهبُ، لا يجوزُ ذلك. وتقدَّم آخِرَ بابِ إخْراجِ الزَّكاةِ اشْتِراطُ قَبْضِ الفَقيرِ للزَّكاةِ وما يتَعلَّقُ به، وتقدَّم أيضًا ذلك قرِيبًا.

وَالْعَامِلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ، وَالْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ مَا يَقضِيَان بِهِ دَيْنَهُمَا، وَالْمُؤلَّفُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأْلِيفُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والعامِلُ قَدْرَ أُجْرَتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ ما يأْخُذُه العامِلُ أُجْرَةٌ. نصَّ عليه، وعليه أَكْثرُ الأصحابِ. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. وقيلَ: ما يأْخُذُه زَكاةٌ. فعلى المذهبِ، يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ المِثْلِ، جاوَزَ الثَّمُنَ أو لم يُجاوِزْه. نصَّ عليه، وهو الصَّحيحُ. وعنه، له ثُمُنُ ما يَجْبِيه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: فعلى هذه الرِّوايَةِ، إنْ جاوَزتْ أُجْرَتُه ذلك، أُعْطِه مِنَ المَصالحِ. انتهى. هذا الحُكْمُ إذا لم يسْتَأْجِرْه الإِمامُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يسْتَحِقُّ ذلك بالشَّرْعِ، ونصَّ عليه، وعليه أكْثرُ الأصحابِ. وقال القاضى، فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: قِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يسْتَحِقُّ إذا لم يُشْرَطْ له جُعْلٌ، إلَّا أنْ يكونَ معْروفًا بأخْذِ الأُجْرَةِ على عمَلِه. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الرَّابعةِ والسَّبْعِين». فأمَّا إنِ اسْتَأْجرَه، فتقدَّم آخِرَ فَصْلِ العاملِ. فائدة: يُقَدَّمُ العامِلُ بأُجْرتِه على غيرِه مِن أهْلِ الزَّكاةِ، وإنْ نوَى التَّطوُّعَ بعَمَلِه، فلَه الأخْذُ. قالَه الأصحابُ. وتقدَّم أنَّ الإِمام ونائبَه فى الزَّكاةِ لا يأْخُذُ شيئًا عندَ اشْتِراطِ إسْلامِه. قوله: والمولَّفُ ما يَحْصُلُ بِه التَّأْليفُ. هكذا قال أكثَرُ الأصحابِ. وقال

وَالغَازِى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِغَزْوِهِ وَإنْ كَثُرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم: يُعْطَى الغَنِىُّ، ما يرَى الإِمامُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه ما ذكَرَه جماعةٌ، ما يحْصُلُ به التَّأْليفُ؛ لأنَّه المَقْصودُ، ولا يُزادُ عليه؛ لعدَمِ الحاجةِ. فائدة: قوله: والغَازِى ما يحْتاجُ إليه لغَزْوهِ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لا يشْتَرى ربُّ المالِ ما يحْتاجُ إليه الغازِى ثم يدْفَعُه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه قِيمَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: فيه رِوايَتان، ذكَرَهما أبو حَفْصٍ؛ الأشْهَرُ المَنْعُ. ونقَلَه صالِح، وعَبْدُ اللَّهِ، وابنُ الحَكَمِ، واخْتارَه القاضى وغيرُه. وعنه، يجوزُ. ونقَلَه ابنُ الحَكَمِ أيضًا، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فقال: ويجوزُ أنْ يشْتَرِىَ كلُّ واحِدٍ مِن زَكاتِه خيْلًا وسِلاحًا، ويجْعَلَه فى سَبيلِ اللَّهِ تعالى. وعنه، المَنْعُ منه. انتهى. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال: ولا يجوزُ أنْ يشتَرِى مِنَ الزَّكاةِ فرَسًا يصيرُ حَبِيسًا فى الجِهادِ، ولا دارًا، ولا ضيْعَةً للرِّباطِ، أو يَقِفَها على الغُزاةِ، ولا غَزْوُه على فَرَسٍ أخْرجَه مِن زَكاتِه. نصَّ على ذلك كلِّه، لأنَّه لم يُعْطِها لأحَدٍ، ويجْعَلْ نفْسَه مَصْرِفًا، ولا يُغْزَى بها عنه، وكذا لا يَحُجُّ بها، ولا يُحَجُّ بها عنه. وأمَّا إذا اشْتَرى الإِمامُ فرَسًا بزكاةِ رجُلٍ، فلَه دفْعُها إليه يغْزُو عليها، كما له أن يَرُدَّ

وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَمَنْ كَانَ ذَا عِيَالٍ أخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ. وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ الْغِنَى، إلَّا أَرْبَعَةٌ؛ الْعَامِلُ، وَالْمُؤَلَّفُ، وَالْغَارِمُ لإصْلَاحِ ذَاتِ البَيْنِ، وَالْغَازِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه زَكاتَه لفَقْرِه أو غُرْمِه. قوله: ومَن كان ذا عِيالٍ أخَذ ما يكْفِيهم. تقدَّم قرِيبًا فى قوْلِه: ويُعْطَى الفَقيرُ والمِسْكينُ ما يُغْنِيه. أن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه يأْخُذُ تَمامَ كِفايَتِه سنَةً. وتقدَّم رِوايَةٌ، أنَّه لا يأْخُذُ أكْثرَ مِن خَمْسِين دِرْهَمًا. فعلى المذهبِ، يأْخُذُ له ولعِيالِه قَدْرَ كِفايِتِهم سنَةً. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، يأْخُذُ له ولكُلِّ واحدٍ مِن عِيالِه خَمْسِين خَمْسِين. قوله: ولا يُعْطَى أحَدٌ منهم مع الغِنَى، إلَّا أرْبَعَةٌ؛ العامِلُ، والمؤلَّفُ، والغارِمُ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، والغازِى. أمَّا العامِلُ، فلا يُشْتَرطُ فَقْرُه، بل يُعْطَى مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغِنَى. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وذكَرَه المَجْدُ إجْماعًا. وذكَر ابنُ حامِدٍ وَجْهًا باشْتِراط فَقرِه. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِه: ولا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُه ولا فَقْرُه. وأمَّا المُؤَلَّفُ، فيُعْطَى مع غِناه. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وأمَّا الغارِمُ لإصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فيأْخُذُ مع غِناه. على الصَّحيِح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يأْخُذُ مع الغِنَى. [ومحَلُّ هذا إذا لم يدْفَعْها مِن مالِه، فإنْ دفَعَها لم يَجُزْ له الأَخْذُ، على ما يأْتِى قريبًا] (¬1). وأمَّا الغازِى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، جوازُ أخْذِه مع غِناه. ونقَل صالِحٌ، إذا وصَّى بفَرَسٍ يُدْفَعُ إلى مَن ليس له فَرَسٌ، أحَبُّ إلَىَّ إذا كان ثِقَةً. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ أنَّ بقِيَّةَ الأصْنافِ لا يُدْفَعُ إليهم مِنَ الزَّكاةِ مع غِناهم. وهو صَحيحٌ. أما الفَقيرُ والمِسْكينُ، فواضِحٌ، وكذا ابنُ السَّبيل. وأمَّا المُكاتَبُ، فلا يُعْطَى لفَقْرِه. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه جماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابن حَمْدانَ، وغيرُهم. واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ»؛ لأنَّه عَبْدٌ، وتقدَّم ذلك. وأمَّا الغارمُ لنَفْسِه فى مُباحٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُعْطَى إِلَّا مع فَقْرِه، وعليه أكثَرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيلَ: يُعْطَى مع غِناه أيضًا. ونقلَه محمدُ بنُ الحَكَمِ، وتأوَّلَه القاضى على أنَّه بقَدْرِ كِفايَتهِ. قال فى «الرِّعايَةِ»، عن هذا القَوْل: وهو بعيدٌ. فعلى المذهبِ، لو كان فَقيرًا ولكِنَّه قَوىٌّ مُكْتَسِبٌ؛، جازَ له الأَخْذُ أيضًا. قالَه القاضى فى «خِلافهِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِه»، فى الزَّكاةِ، وذكَرَاه أيضًا فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصُولِ»، فى بابِ الكِتابَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقيلَ: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه». قلتُ: هذا المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كَثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وأطْلقَهما فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ»، وقال: هذا الخِلافُ راجِعٌ إلى الخِلافِ فى إجْبارِه على التَّكَسُّبِ لوَفاء دَيْنِه. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الإجْبارُ، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الحَجْرِ. فائدة: لو غَرِم لضَمانٍ، أو كَفالَةٍ، فهو كمَن غَرِم لنَفْسِه فى مُباحٍ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيلَ: هو كمَن غَرِم لاصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فيَأْخُذُ مع غِناه بشَرْطِ أنْ يكونَ الأصِيلُ مُعْسِرًا. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ وغيره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا قُلْنا: الغَنِىُّ مَن مَلك خَمْسِين دِرْهمًا. وملَكها، لم يَمْنَعْ ذلك مِنَ الأخْذِ بالغُرْمِ. على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ، والرِّوايتَيْن. وعنه، يَمْنَعُ. فعلى المذهبِ، مَنْ له مِائَةٌ وعليه مِثْلُها، أُعْطِىَ خَمْسِين، وإنْ كان عليه أكثرُ مِن مِائَةٍ تُرِكَ له ممَّا معه خَمْسُون، وأُعْطِىَ تمامَ دَيْنهِ. وعلِى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ؛ لا يُعْطَى شيئًا حتَّى يصْرِفَ جميعَ ما فى يَدِه، فيُعْطَى ولا يُزادَ على خمْسِين، فإذا صرَفَها فى دَيْنهِ، أُعْطِىَ مِثْلَها مرَّةً بعدَ أُخْرَى، حتَّى يقضِىَ دَيْنَه.

وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْغَارِمِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَازِى وَابْنِ السَّبِيلِ شَىْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ، لَزِمَهُمْ رَدُّهُ، وَالْبَاقُونَ يَأْخُذُونَ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا، فَلَا يَرُدُّونَ شَيْئًا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ فى الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ أيْضًا أخْذًا مُسْتَقِرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فضَل مع الغارمِ والمُكاتَبِ والغازِى وابنِ السَّبِيل شَئٌ بعدَ حاجَتِهم، لَزِمَهم رَدُّه. إذا فضَل مع الغارمِ شئٌ بعدَ قَضاءِ دَيْنهِ، لزِمَه ردُّه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكنْ لو أُبْرِئ الغَرِيمُ ممَّا عليه، أو قُضِىَ دَيْنُه مِن غيرِ الزَّكاةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يرُدُّ ما معه. قال فى «الفُروعِ»: اسْتُرِدَّ منه على الأصحِّ. ذكَرَه جماعةَ، وجزَم به آخَرُون، وذكَرَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ظاهِرَ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: ردَّه فى الأصَحِّ. وجزم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُسْتَردُّ منه، وأطْلقَهما فى «الحاوِيَيْن». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: قال القاضى فى «تَعْليقهِ»: هو على الرِّوايَتَيْن فى المُكاتَبِ؛ فإذا قُلْنا: أخْذُه هناك مُسْتَقِرٌّ. فكذا هنا. قال ابنُ تَميمٍ: فإنْ كان فقِيرًا، فله إمْساكُها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تُوخَذُ منه. ذكَرَه القاضى. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»: إذا اجْتَمعَ الغُرْمُ والفَقْرُ فى مَوْضِعٍ واحدٍ، أخَذ بهما، فإنْ أُعْطِىَ للفَقْرِ، فله صَرْفُه فى الدِّينِ، وإنْ أُعْطِىَ للغُرْمِ، لم يَصْرِفْه فى غيرِه. وقاعِدَةُ المذهبِ فى ذلك، أنَّ مَن أخَذ بسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الأخْذُ به، وهو الفَقْرُ، والمَسْكنَةُ، والعِمالَةُ، والتَّأْليفُ، صرَفَه فيما شاءَ كسائِر مالِه، وإنْ كان بسَبَبٍ لا يَسْتَقِرُّ الأخْذُ به، لم يَصْرِفْه إلَّا فيما أخَذَه له خاصَّةً؛ لعدَمِ ثُبوتِ مِلْكِه عليه مِن كلِّ وَجْهٍ، ولهذا يُسْتَردُّ منه إذا أُبْرِئ، أو لم يَغْزُ. قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه صاحِبُ «الفُروعِ». وأمَّا إذا فضَل مع المُكاتَبِ شئٌ، فجزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يرُدُّه، وهو المذهبُ، جزَم به فى «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، و «الإفادَاتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إدْراكِ الغايَة»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، وصحَّحَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». والوَجْهُ الثَّانِى، يأْخذُون أخْذًا مُسْتَقِرًّا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ كما قال المُصَنِّفُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وأطْلَقهما فى «شَرْحِ المَجْدِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والخِلاف وَجْهان على الصَّحيح. وقيل: رِوايَتان. وقيل: ما فضَل للمُكاتَبِين غيرُه. وكذا الحُكْمُ لو عتَق بإبْراءٍ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم فى أحْكامِ المُكاتَبِ إذا عتَق تَبَرُّعًا مِن سيِّدِه أو غيرِه، أو عجَز أو ماتَ، وبيَدِه وفاءٌ. فائدة: لو اسْتَدانَ ما عَتق به، وبيَدِه مِنَ الزَّكاةِ قَدْرُ الدَّيْنِ، فلما صرْفه؛ لبَقاءِ حاجَتِه إليه بسَبَبِ الكِتابَةِ. وأمَّا الغازِى إذا فضَل معه فَضْلٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَلْزَمُه ردُّه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الكافِى» أيضًا، و «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِىِّ. وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحهِ»، و «الوَجيزِ»، و «الإفادَاتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ» للآدَمىِّ، وغيرِهم. [وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإذَا ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: جزَم به جماعةٌ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ» والوَجْهُ الثَّانِى، لا يرُدُّه. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وصحَّحَه النَّاظِمُ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والسَّبْعِين»: قال الخِرَقِىِّ والأكْثَرون: لا تُستَرَدُّ. انتهى. وحمَل الزَّرْكَشِىُّ كلامَ الخِرَقِىِّ الَّذى فى الجِهادِ على غيرِ الزَّكاةِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال أيضًا فى «القَواعِدِ»: إذا أخَذ مِنَ الزَّكاةِ ليَحُجَّ، على القوْلِ بالجَوازِ، وفضَل منه فضْلَةٌ، الأظْهَرُ أنَّه يسْتَردُّه؛ كالوصِيَّةِ وأوْلَى. وقِياسُ قوْلِ الأصحابِ فى الغازِى، أنَّه لا يُسْتَرَدُّ. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ، أن الدَّابَّةَ لا تُسْتَرَدُّ، ولا يلْزَمُ مِثْلُه فى النَّفَقَةِ. وأمَّا ابنُ السَّبِيلِ إذا فضَل معه شئٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يرُدُّ الفاضِلَ بعدَ وُصولِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. وعنه، لا يرُدُّه، بل هو له، فيكونُ أخْذُه مُسْتَقِرًّا. وأطْلَقهما فى «الحاوِيَيْن». وقال الآجُرِّىُّ: يلْزَمُه صَرْفُه للمَساكِين. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، ولَعلَّ مُرادَه، مع جَهْلِ أرْبابِه. قوله: والباقُون يأْخُذون أخْذًا مُسْتَقِرًّا، فلا يرُدُّون شَيْئًا. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. قوله: وإذا ادَّعى الفَقْرَ مَن عُرِفَ بالغِنَى. لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ، وهذا بلا نِزاعٍ. والبَيِّنَةُ هنا ثلَاثةُ شُهودٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ

أَوِ ادَّعَى إِنسَانٌ أَنَّهُ مُكاتَبٌ أوْ غارِمٌ أَوِ ابْنُ سَبِيلٍ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيلَ: يكْفى اثْنان، كدَيْنِ الآدَمىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ، وحماعةٍ فى كتابِ الشَّهاداتِ. وتأْتِى بَيِّنَةُ الإِعْسارِ فى أوائلِ بابِ الحَجْرِ. قوله: أو ادَّعى إنْسَانٌ أنَّهُ مُكاتَبٌ أو غارِمٌ أو ابنُ سَبيلٍ، لم يُقْبَل إِلَّا ببَيِّنَةٍ. إذا ادَّعَى أنَّه مُكاتَبٌ، أو غارِمٌ لنَفْسِه، لم يُقْبَلْ إِلَّا ببَيِّنةٍ. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنِ ادَّعَى أنَّه غارِمٌ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فالظَّاهِرُ يُغْنِى عن إقامَةِ البَيِّنةِ، فإنْ خَفِىَ لم يُقْبَلْ إِلَّا ببَيِّنةٍ. قالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ. وأطْلقَ بعضُ

وَإنْ صَدَّقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ، أوِ الْغَارِمَ غَرِيمُهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ البيِّنَةَ، وبعضُهم قيَّدَ بالغارِمِ لنَفْسِه. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يُقْبَلُ قَوْلُه إنَّه غارِمٌ بلا بَيِّنَةٍ. وإنِ ادَّعَى أنَّه ابنُ سَبِيلٍ؛ فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه لا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال فى «الفُروعِ»: قدَّمه جماعة، وجزَم به آخَرُون؛ منهم أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ. وقيلَ: يُقْبَلُ قوْلُه بلا بَيِّنةٍ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن». فائدتان؛ إحداهما، لو ادَّعَى ابنُ السَّبيلِ أنَّه فَقيرٌ، لم يدْفَعْ إليه إلَّا ببَيِّنَةٍ إنْ عُرِفَ بمالٍ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى أنَّه يريدُ السَّفَرَ، قُبِلَ قوْلُه بلا يَمينٍ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لوِ ادَّعَى الغَزْوَ، قُبِلَ قوْلُه. وهو صَحيحٌ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، والزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»: يُقْبَلُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقيلَ: لا يُقْبَلُ [إلَّا ببَيِّنةٍ] (¬1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ صدَّق المُكاتَبَ سَيِّدُه، أو الغَارِمَ غَرِيمُه، فعلى وَجْهَيْن. إذا صدَّق المُكاتَبَ سيدُه؛ فأطْلَق المُصَنِّفُ الوَجْهَيْن فى أنَّه، هل يُقْبَلُ قوْلُه بمُجرَّدِ تَصْديقِه، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى، قُبِلَ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أم لابدَّ مِنَ البَيِّنَةِ؟ وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، أحدُّهما، لا يُقْبَلُ تصْديقُه للتُّهْمَةِ، فلابُدَّ مِنَ البَيِّنَةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، ولم أرَ مَنْ تابعَه على ذلك. قال فى «إدْراكِ الغايَةِ»: وفى تَصْدِيقِ غَريمهِ والسَّيِّدِ وَجْه. والوَجْهُ الثَّانِى، يُقْبَلُ قوْلُه بمُجرَّدِ تصْديقِ سيِّدِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو الأصحُّ. وجزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو المذهبُ. وإذا صدَّق الغَريمَ غرِيمُه، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فيه وجْهَيْن، وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبُ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: الصَّحيحُ القَبُولُ. قال فى «الفُروعِ»: ويُقْبَلُ إنْ صدَّقه غرِيمٌ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ.

وَإنْ رَآهُ جَلْدًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ، أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، بَعْدَ أَنْ يُخبِرَه أنَّهُ لا حَظَّ فِيهَا لِغَنىٍّ وَلا لِقَوِىٍّ مُكتَسِبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن رَآه جَلْدًا، أو ذكَر أنَّه لا كَسْبَ له، أعْطاه مِن غيرِ يَمينٍ. بلا نِزاعٍ، وذلك بعدَ أنْ يُخْبِرَه أنَّه لا حَظَّ فيها لغَنِىٍّ ولا لقَوِىٍّ مُكْتَسِبٍ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ إخْبارُه بذلك هل هو واجِبٌ أم لا؟ قال فى «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ وُجوبُه. وهو ظاهِرُ كلامِهم: أعْطاه بعدَ أنْ يخبِرَه. وقوْلِهم: أخْبرَه وأعْطاه. انتهى. وتقدَّم

وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا، قُلِّدَ وَأُعْطِىَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَمَنْ غَرِمَ أَوْ سَافَرَ فى مَعْصِيَةٍ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَابَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلَ البابِ، لو اشْتغَل بالعِلْمِ قادرٌ على الكَسْبِ، وتعذَّر الجمْعُ بينَهما. قوله: وإنِ إدَّعَى أنَّ له عِيَالًا، قُلِّدَ وأُعْطِىَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه القاضى والأكثرُ. ويحتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ ذلك إلَّا ببَيَّنةٍ، واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. قوله: وَمَن غَرِم أو سافَر فى مَعْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه. إذا غَرِم فى معْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه مِنَ الزَّكاةِ، بلا نِزاعٍ، وإذا سافَر فى معْصيَةٍ، لم يُدْفَعْ إليه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكْثَرون. وقد حكَى فى «إدْراكِ الغايَةِ» وَجْهًا بجَوازِ الأخْذِ للرَّاجِعِ مِن سَفَرِ المَعْصيَة. وتقدَّم ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تابَ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وأطْلَقهما فى الغارِمِ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أحدُهما، يُدْفَعُ إليهما. وهو المذهبُ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»: دفَع إليه فى أصحِّ الوجْهَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ» (1)، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المنَوِّرِ»، [فى الغارِمِ] (¬1)، ولم يذْكُروا المُسافِرَ إذا تابَ، وهو مِثْلُه. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيل فى الغارمِ. وصحَّحَه ابنُ تَميمٍ فى الغارِمِ. قال فى «الفُروعِ» فى الغارِمِ: فإنْ تابَ دُفِعَ إليه فى الأصحِّ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا فى الْأَصْنَافِ كُلِّها. فَإنِ اقْتَصَرَ عَلَى إنْسَانٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ثَلَاثَة مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، إِلَّا الْعَامِلَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ فى الغارِمِ: المذهبُ الجَوازُ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقيلٍ، وأبو البَرَكاتِ، وصاحبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. انتهى. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى المُسافِرِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُدْفَعُ إليهما. وقدَّم ابنُ رَزينٍ عدَمَ جَوازِ الدَّفْعِ إلى الغارِمِ إذا تابَ، وجَوازَ الذَفْعِ للمُسافرِ إذا تابَ. قوله: ويُسْتَحَبُّ صَرْفُها فى الأصْنافِ كلِّها. لكُلِّ صِنْفٍ ثُمْنُها إنْ وُجِدَ، حيث وجَب الإِخْراجُ، فإن اقْتصَر على إنْسانٍ واحدٍ، أجْزأه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، والقاضى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصحابُ، وهو المذهبُ، كما لو فرَّقَها السَّاعِى، وذكرَه المَجْدُ فيه إجْماعًا. وعنه، يجِبُ اسْتيعابُ الأصْنافِ كلِّها. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يجبُ الدَّفْعُ إلى ثَلَاثَةٍ مِن كل صِنْفٍ، على الصَّحيحِ، إلَّا العاملَ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا فى الرِّوايَةِ. وعنه، يُجْزِئُ واحدٌ مِن كل صِنْفٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»؛ لأنَّه لمَّا لم يمْكِن الاسْتِغْراقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حمَل على الجنْس، وكالعاملِ، مع أنَّه فى الآيةِ بلَفْظِ الجَمْع: {وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ الْسَّبِيلِ}. لا جَمْعَ فيه. وعلى هذه الرِّوايَةِ أيضًا، لو دَفَع إلى اثْنَيْن، ضَمِن نصِيبَ الثَّالثِ، وهل يَضْمَنُ الثُّلُثَ، أو ما يقَعُ عليه الاسْمُ؟ خرَّج المَجْدُ فى «شَرْحِه» وَجْهَيْن مِنَ الأُضْحيَةِ. على ما يأْتِى إنْ شاءَ اللَّه تعالى. وحكَاهما ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه» مِن غيرِ تخْريجٍ. والصَّحيحُ هناك، أنَّه يضْمَنُ أقلَّ ما يقَعُ عليه الاسْمُ، على ما يأْتِى. وقوْلُه فى الرِّوايةِ الثانِيةِ: إلَّا العاملَ، فإنَّه يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يكونَ واحِدًا. هذا الصَّحيحُ على هذه الرِّوايَةِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أنَّه إنْ قُلْنا: ما يأْخُذُه أُجْرَةٌ. أجْزأ عامِلٌ واحِدٌ، وإِلَّا فلا يجْزئُ واحِدٌ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ أيضًا، إنْ حَرُمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقْلُ الزَّكاةِ، كفَى الموْجودُ مِنَ الأصْنافِ الذى ببَلَدِه، على الصَّحيحِ، فتُقيَّدُ الرِّوايةُ بذلك. وقيلَ: لا يكْفِى. وعليها أيضًا، لا تجِبُ التَّسْوِيَةُ بينَ الأصْنافِ، كتَفْضيلِ بعضِ صِنْفٍ على بعض، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ: وظاهِرُ كلامِ أبى بَكْرٍ -بإعْطاءِ العاملِ الثُّمْنَ، وقد نصَّ عليه أحمدُ- وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ بينَهم. فوائد؛ إحداها، يسْقُطُ العامِلُ إنْ فرَّقها ربُّها بنَفْسِه. الثَّانيةُ، مَن فيه سبَبان، مِثْلَ إنْ كان فِقيرًا غارِمًا أو غازيًا، ونحوَ ذلك، جازَ أنْ يُعْطَى بهما، وعليه الأصحابُ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: جازَ أنْ يُعْطَى بهما، على الرِّوايتَيْن؛ يعْنِى فى الاسْتِيعابِ، وعدَمِه. ولا يجوزُ أنْ يُعْطَى بأحَدِهما لا بعَيْنهِ، لاخْتِلافِ أحْكامِهما فى الاسْتِقْرارِ وعدَمِه، وقد يتَعذَّرُ الاسْتِيعابُ، فلا يُعْلَمُ المُجْمَعُ عليه

وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا إِلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَتَفْرِيقُهَا فِيهِمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المُخْتَلَفِ فيه، وإنْ أُعْطِىَ بهما وعُيِّنَ لكلِّ سَبَبٍ قَدْرٌ، فذَاك، وإنْ لم يعَيَّن، كان بينَهما نِصْفَيْن، وتظْهرُ فائدَتُه لو وُجدَ ما يُوجِبُ الرَّدَّ. الثَّالثةُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ صَرْفُها الى أقارِبِه الذين لا تَلْزَمُه مُؤْنَتُهم وتَفْريقُها فيهم على قَدْرِ حاجَتِهم. وهذا بلا نِزاعٍ. [وقد حكَاه المَجْدُ إجماعًا، وصاحِبُ «الفُروعِ» وِفاقًا] (¬1)، لكِنْ يُسْتحَبُّ تَقْديمُ الأقْرَبِ والأحْوَجِ، وإنْ كان الأجْنَبِىُّ أحْوَجَ أُعْطِى الكُلَّ، ولم يُحابِ بها قَريبَه. والجارُ أوْلَى مِن غيرِه، والقَريبُ أوْلَى مِنَ الجارِ. نصَّ عليه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إِلَى مُكَاتَبِهِ، وَإِلَى غَرِيمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقدَّم العالِمُ والدَّيِّنُ على ضِدِّهما. وإذا دفَع ربُّ المالِ زكاتَه إلى العاملِ، وأحْضَر مِن أهْلِه مَن لا تَلْزَمُه نفَقَتُه، ليدْفَعَ إليهم زكاتَه، دفَعَها إليهم قبلَ خَلْطِها بغيرِها، وإنْ خلَطَها بغيرِها، ففم كغيرِهم، ولا يُخْرِجُهم منها؛ لأن فيها ما هم به أخَصُّ. ذكَرَه القاضى، واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: ويجوزُ للسَّيِّدِ دَفْعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه، وإلى غَريمهِ. يجوزُ دفعُ زَكاتِه إلى مُكاتَبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصْحابِ، وصحَّحُوه. قال المَجْدُ: هذا أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيز» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يجوزُ. اخْتارَها القاضى فى «التَّعْليقِ»، و «التَّخْريجِ». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. وأطْلقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». ويجوزُ دفْعُ زَكاتِه إلى غَريمهِ؛ ليَقْضِىَ به ديْنَه إذا كان غيرَ حِيلَةٍ، سواءٌ دفَعَها إليه ابْتِداءً أو اسْتَوْفى حقَّه، ثم دفَع إليه ليَقْضِىَ ديْنَ المُقْرِضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ إذا لم يكُنْ حِيلَةً. قال الإِمامُ أحمدُ: إنْ أرادَ إحْياءَ مالِه، لم يَجُزْ. وقال أيضًا: إذا كان حِيلَةً فلا يُعْجِبُنِى. وقال أيضًا: أخافُ أنْ يكونَ حِيلَةً، فلا أرَاه. ونَقل ابنُ القاسِمِ، إنْ أرادَ حِيلَةً، لم يصْلُحْ، ولا يجوزُ. قال القاضى وغيرُه: يعْنِى بالحِيلَةِ، أنْ يعْطِه بشَرْطِ أنْ يرُدَّها عليه مِن دَيْنِه، فلا يُجْزِئُه. وذكَر المُصَنِّفُ، أنَّه حصَل مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه إذا قصَد بالدَّفْع إحْياءَ مالِه أو اسْتِيفاءَ دَيْنهِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّها للَّهِ، فلا يَصْرِفُها إلى نَفْعِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: إنْ قَضاه بلا شَرْطٍ، صحَّ، كما لو قَضَى دَيْنَه بشئٍ، ثم دفَعَه إليه زكاةً، ويُكْرَهُ حِيلَةً. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وتَبعَ صاحِبَ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» فى «الحاوى الصَّغِيرِ». وذكَر أبو المَعالِى الصِّحَّةَ وِفاقًا إلَّا بشَرْطِ تمْليكٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. واخْتارَ الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ» الإجْزاءَ؛ لأنَّ اشْتِراطَ الرَّدِّ لا يَمْنعُ التَّمْليكَ التَّامَّ؛ لأنَّ له الرَّدَّ مِن غيرِه، فليس مُسْتَحَقًّا. قال: وكذا الكلامُ إنْ أبْرَأ المَدِينَ مُحْتَسِبًا مِنَ الزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ تَميمٍ: ويجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلى الغَريمِ. نصَّ عليه، فإنْ شرَط عليه ردَّ الزَّكاةِ وَفاءً فى دَيْنهِ، لم يُجْزِئْه. قالَه القاضى، وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضى: وهو مَعْنَى قوْلِ أحمدَ: لا يُعْجِبُنِى إذا كان حِيَلةً. ثم قال ابنُ تَميمٍ: والأصحُّ أنَّه إذا دفَع إليه بجِهَةِ الغُرْمِ، لم يَمْنَعِ الشَّرْطُ الإِجْزاءَ، وإنْ قصَد بدَفْعِه إليه إحْياءَ مالِه، لم يُجْزِئْه. نصَّ عليه. قالَه المُوَفَّقُ. ثم قال: وإنْ ردَّ الغَريمُ إليه ما قبَضَه قَضاءً عن دَيْنهِ، فله أخْذُه. نصَّ عليه. وعنه فى مَن دفَع إلى غَريمهِ عَشَرَةَ دَراهِمَ مِنَ الزَّكاةِ، ثم قبَضَها منه وَفاءً عنَ دَيْنهِ، لا أَرَاه، أخافُ أنْ يكونَ حِيلَةً. انتهى كلامُ ابنِ تَميمٍ. فائدتان؛ إحداهما، لو أبْرأ ربُّ المالِ غَريمَه مِن دَيْنِه بنِيَّةِ الزَّكاةِ، لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، سواءٌ كان المُخْرَجُ عنه عيْنًا أو دَيْنًا. واخْتارَ الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ» الجوازَ، كما تقدَّم. وهو توْجِيهُ احْتِمالٍ وتخْريجٌ لصاحِبِ «الفُروعِ». وقال: بِناءً على أنَّه

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى كَافِرٍ، وَلَا عَبْدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ هل هو تَمْليكٌ أم لا؟ وقيلَ: يُجْزِئُه أنْ يُسْقِطَ عنه قَدْرَ زَكاةِ ذلك الدَّيْنِ منه، ويكونَ ذلك زَكاةَ ذلك الدَّيْنِ. حكَاه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، واخْتارَه أيضًا؛ لأنَّ الزَّكاةَ مُواسَاةٌ. الثَّانيةُ، لا تكْفِى الحَوالَة بالزَّكاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزمَ به ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّ الحَوالةَ وَفاءٌ. وذكَر المُصَنِّفُ فى انْتِقالِ الحَقِّ بالحَوالَةِ، أنَّ الحَوالَةَ بمَنْزِلَةِ القَبْضِ، وإلَّا كان بَيْعَ دَيْنٍ بدَيْنٍ، وذكَر أيضًا، إذا حلَف لا يُفارِقُه حتى يقضِيَه حقَّه فأحالَه به، فَفارقَه ظَنًّا منه أنَّه قد بَرِئَ، أنَّه كالنَّاسِى. وتقدَّم بعضُ فُروعِ الغارِمِ فى فَصْلِه، وتقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ إذا أحالَه بدَيْنِه، هل يكونُ قَبْضًا؟ عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ومَن كان له دَيْن على مَلِئٍ مِن صَداقٍ أو غيرِه. قوله: ولا يجُوزُ دَفْعُها إلى كافِرٍ. يُسْتَثْنَى مِن ذلك المُؤَلَّفُ، كما تقدَّم فى كلامِ

وَلَا فَقِيرَةً لَهَا زَوْجٌ غَنِىٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ. وأمَّا العامِلُ، فقد قدَّم المُصَنِّفُ هناك مِن شَرْطِه أنْ يكونَ مُسْلِمًا، وكلامُه هنا مُوافِق لذلك، وتقدم الخِلافُ فيه هناك. وأمَّا الغارِمُ لذَاتِ البَيْنِ، والغازِى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ الدَّفْعُ إليهما إذا كانا كافِرَيْن. قالَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهما. وجزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» بالجَوازِ. قال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ومَن حَرُمَتْ عليه الزَّكاةُ بما سبَق، فله أخْذُها لغَزْوٍ، وتأليفٍ، وعِمالَةٍ، وغُرْمٍ لذاتِ البَيْنِ، وهَدِيَّةٍ ممَّن أخذَها وهو مِن أهْلِها. وجزَم ابنُ تَميمٍ أنَّها لا تُدْفَعُ إلى غارِمٍ لنَفْسِه كافرٍ. فظاهِرُه، يجوزُ لذاتِ البَيْنِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه ظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، فإنَّه ذكَر المَنْعَ فى الغارِمِ لنَفْسِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا إلى عَبْدٍ. هذا المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، إلَّا ما اسْتَثْنَى مِن كوْنِه عامِلًا، على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ. على ما تقدَّم. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِهما: ومَن حَرُمَتْ عليه الزَّكاةُ، مِن ذَوِى القُرْبَى وغيرِهم، فإنَّه يجوزُ أنْ يأْخُذَ منها لكَوْنِه غازِيًا، أو عامِلًا، أو مُؤَلَّفًا، أو لإصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ دفْعُها إلى عَبْدٍ، ولو كان سيِّدُه فَقيرًا. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. وقال المَجْدُ فى تعْليلِ المَسْألةِ: لأنَّ الدَّفْعَ إليه دفْعٌ إلى سيِّدهِ؛ لأنَّه إنْ قُلْنا: يُمَلَّكُ. فله تَملُّكُه عليه، والزَّكاةُ دَيْنٌ أو أمانَةٌ، فلا يدْفَعُها إلى مَن لم يأْذَنْ له المُسْتَحِقُّ، وإنْ كان عبْدَه، كسائرِ الحُقوقِ. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»، فى بابِ الكِتابَةِ: إذا كان العَبْدُ بينَ اثْنَيْن، فكاتَبَه أحدُهما، يجوزُ، وما قبَضَه مِنَ الصَّدَقاتِ فنِصْفُه يُلاقِى نصفَه المُكاتَبَ، فيَجوزُ، وما يُلاقِى نِصْفَ السَّيِّدِ الآخَرِ، إنْ كان فَقيرًا، جازَ فى حِصَّتِه، وإنْ كان غَنِيًّا، لم يَجُزْ. انتهى. قال المَجْدُ: وكذا إنْ كاتَبَ بعضَ عبْدهِ، فما أخذَه مِنَ الصَّدقَةِ يكونُ للحِصَّةِ المُكاتَبَةِ منه بقَدْرِها، والباقِى لحِصَّةِ السَّيِّدِ مع فَقْرِه. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ ذلك يُشْبِهُ دفْعَ الزَّكاةِ بغيرِ إذْنِ المَدينِ إلى غَرِيمهِ، هل يَجُوزُ؟ انتهى. قلتُ: تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحِيحَ، جَوازُ دَفْعِ الزَّكاةِ الى الغرِيمِ بغيرِ إذْنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَدِينِ، فى فَصْلِ الغارِمِ. وجزَم غيرُ القاضى مِنَ الأصحابِ أنَّ جميعَ ما يأْخُذُه مَن بعضُه مُكاتَبٌ يكونُ له؛ لأنَّه اسْتحَقَّه بجُزْئِه المُكاتَب، كما لو وَرِثَ بجُزْئِه الحُرِّ. فائدة: المُدَبَّرُ وأمُّ الوَلَدِ والمُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ، كالعَبْدِ فى عدَمِ الأخْذِ مِنَ الزَّكاةِ. وأمَّا مَن بعضُه حُرٌّ، فإنَّه يأْخُذُ مِنَ الزَّكاةِ بقَدْرِ حُرِّيَّتِه بنِسْبَتِه مِن خَمْسِين، أوِ مِن كِفايَتِه، على الخِلافِ المُتَقدِّمِ أوَّلَ البَابِ، فمَن نِصْفُه حُرٌّ يأْخُذُ خمْسَةً وعِشْرِين أو نِصْفَ كِفايَتِه. قوله: ولا فَقيرَةٍ لها زَوْجٌ غَنِىٌّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ويأْتِى قرِيبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، هل يجوزُ دَفْعُها إلى سائرِ مَن تَلْزَمُه مُؤْنَتُه مِن أقارِبِه؟ فوائد؛ إحْداها، لا يجوزُ دَفْعُها أبى غَنِىٍّ بنَفَقةٍ لازِمَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وأطْلقَ فى «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ» وَجْهَيْن. وجزَم فى «الكافِى» بجوَازِ الأخْذِ. قال المَجْدُ: لا أحْسَبُ ما قالَه إلَّا مُخالِفًا للإجْماعِ فى الوَلَدِ الصَّغيرِ. الثَّانيةُ، هل يجوزُ دفْعُها إلى غَنِىٍّ بنَفقَةٍ تَبرَّعَ بها قرِيبُه أو غيرُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، واخْتارَ فيهما الجَوازَ. وهو الصَّوابُ،

وَلَا الْوَالِدَيْنِ وَإنْ عَلَوْا، وَلَا الْوَلَدِ وَإنْ سَفَلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». الثَّالثةُ، لو تعَذَّرَتِ النَّفَقَةُ مِن زَوْجٍ أو قَرِيبٍ بغَيْبَةٍ أو امْتِناعٍ، أو غيرِه، جازَ أخْذُ الزَّكاةِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه، كمَن غُصِبَ مالُه، أو تعَطَّلَتْ منْفَعَةُ عَقارِه. قوله: ولا الوالِدَيْن وإِنْ عَلَوْا، ولا الوَلَدِ وإنْ سَفَل. إنْ كان الوالِدَان وإنْ عَلَوْا، والوَلَدُ وإنْ سفَل فى حالِ وُجوب نَفقَتِهم عليه، لم يَجُزْ دَفْعُها إليهم إجْماعًا، وإنْ كانوا فى حالي لا تجِبُ نَفقَتُهم عليهَ، كوَلَدِ البِنْتِ وغيرِه ممن ذكَر، [و؛ إذا لم يتَّسِعْ للنفقَةِ مالُه] (¬1)، لم يَجُزْ أيضًا دَفْعُها إليهم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب. وقيلَ: يجوزُ والحالَةُ هذه. اختارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وذكَرَه المَجْدُ ظاهِرَ كلامِ أبى الخَطَّابِ، وأطْلقَ فى «الوَاضِحِ»، فى جَدٍّ وابنِ ابن مَحْجُوبَيْن، وَجْهَيْن. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَلَا إِلَى الزَوْجَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُعْطِى عَمُودَىْ نسَبِه، لغُرْمٍ لنَفْسِه ولا لكِتابَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: يجوزُ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ولا يُعْطوْا لكَوْنِهم ابنَ سَبِيلٍ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر المَجْدُ أنَّه يُعْطَى. واخْتارَهْ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ويأْخُذُ لكَونِه عامِلًا ومُؤَلَّفًا وغازِيًا وغارِمًا لذاتِ البَيْنِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

وَلَا لِبَنِى هَاشِم، وَلَا مَوَالِيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. قوله: ولا بَنِى هاشِم. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وكالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إجْماعًا. وقيلَ: يجوزُ إنْ مُنِعُوا الخُمسَ؛ لأنَّه محَل حاجَةٍ وضَرُورَةٍ. اخْتارَه الآجُرىُّ. قال فى «الفائقِ»: وقال القاضى يَعْقُوبُ، وأبو البَقَاءِ، وأبو صالح: إنْ مُنِعُوا الخُمْسَ، جازَ. ذكَرَه الصَّيْرَفىُّ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: ومالَ شيْخُنا إلى أنَّهم إنْ مُنِعوا الخُمسَ، أخَذُوا الزَّكاةَ، ورُبَّما مالَ إليه أبو البَقاءِ، وقال: إنَّه قولُ القاضى يَعْقُوبَ مِن أصحابِنا، ذكَرَه ابنُ الصَّيْرَفىِّ فى «مُنْتَخَبِ الفُنونِ»، واخْتارَه الآجُرِّىُّ فى كِتابِ «النَّصِيحَةِ». انتهى. وزادَ ابنُ رَجَبٍ، على مَن سمَّاهم فى «الفائقِ»، نَصْرَ ابنَ عَبْدِ الرَّزاقِ الجِيلِىَّ. قلتُ: واخْتارَه فى «الحاوِيَيْن». وقال جامِعُ «الاخْتِيَاراتِ»: وبنُو هاشِم إذا مُنِعوا مِن خُمْسِ الخُمْس، جازَ لهم الأخْذُ مِنَ الزَّكاةِ، ويجوزُ لهم الأخْذُ مِن زكاةِ الهاشِمِّيين. انتهى. فتلَّخصَ جوازُ الأخْذِ لبَنِى هاشِم إذا مُنِعوا مِن خُمسِ (¬1) الخُمْسِ عندَ القاضى يَعْقُوبَ، وأبى البَقاءِ، وأبى صالحٍ، ونَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وأبى طالِبٍ البَصْرِىِّ، وهو صاحِبُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِيَيْن»، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. تنبيه: تقدَّم الخِلافُ فى جَوازِ كوْنِ ذَوِى القُرْبَى عاملين فى فَصْلِه، ولم يَسْتَثْنِ جماعةٌ سِوَاه. وذكَر المُصَنِّفُ، أنَّ بَنِى هاشِم يُعْطوْن للغزْوِ والحَمالَةِ، وأن الأصحابَ قالوا: يُعْطَى لغُرْم لنَفْسِه، ثم ذكَر احْتِمالًا بعدَمِ الجَوازِ. قال فى «الفُروعِ»: وذكَر بعضُهم أنَّه أظهَرُ. قلتُ: جزَم فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، بجَوازِ أخْذِ ذَوِى القُرْبَى مِنَ الزَّكاةِ إذا كانوا غُزاةً، أو عُمَّالًا، أو مُؤلَّفِين، أو غارِمين لذاتِ البَيْنِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يجوزُ أنْ يُعْطَوْا لكَوْنِهم غُزاةً أو غارِمين لإصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ. قال القاضى: قِياسُ المذهبِ أنَّهم يأْخُذون لمَصْلَحَتِنا لا لحاجَتِهم وفَقْرِهم. وكذا قال المَجْيدُ، وزادَ، أو مُؤَلَّفَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: بنُو هاشِمٍ منَ كان مِن سُلالَةِ هاشِم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». فيَدْخلُ فيهم آلُ العَبَّاسِ، وآلُ عَلِىٍّ، وآلُ جَعْفَر، وآلُ عَقِيلٍ، وآلُ الحارِثِ بنِ عَبْدِ المُطلِبِ، وآلُ أبى لَهَب. وجزَم فى «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أن بَنِى هاشِمٍ همْ آلُ العَبَّاسِ، وآلُ عَلِىٍّ، وآلُ جَعْفَرٍ، وآلُ عَقيلٍ، وآلُ الحارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. فلم يُدْخِلا آلَ أبى لَهَبٍ، مع كوْنِه أخا العَبَّاسِ وأبِى طالِبٍ. قوله: ولا لمَوالِيهم. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأوْمَأ الإِمامُ أحمدُ فى رِوايَةِ يَعْقوبَ إلى الجَوازِ. فوائد؛ إحْداها، يجوزُ دفْعُها إلى مَوالِى مَوالِيهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُئِلَ الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ عن مَوْلَى قُرَيْشٍ، يأْخُذُ الصَّدقَةَ؟ قال: ما يُعْجِبُنِى. قيل له: فإنْ كان مَوْلَى مَوْلًى؟ قال: هذا أبْعَدُ. قال فى «الفروعِ»: فيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ. الثَّانيةُ، يجوزُ دَفْعُها إلى وَلَدِ هاشِمِيَّةٍ مِن غيرِ هاشِمىٍّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، اعْتِبارًا بالأبِ. قال فى «الفُروعِ»: يجوزُ فى ظاهرِ كلامِهم. وقالَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وقال أبو بَكْر فى «التَّنْبِيه»، و «الشَّافِى»: لا يجوزُ. واقْتَصرَ عليه فى «الحاوِى الكَبِيرِ». وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وظاهِرُ «شَرْحِ المَجدِ» الإِطْلاقُ. الثَّالثةُ، لا يَحْرُمُ أخْذُ الزَّكاةِ على أزْواجِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى ظاهرِ كلامِ الإمام أحمدَ والأصحابِ، قالَه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1)، وتَبِعَه ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 112.

وَيَجُوزُ لِبَنِى هَاشِمٍ الأَخْذُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَوَصَايَا الْفُقَرَاءِ، وَالنَّذْرِ. وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ فى قوْلِ عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها: إنَّا آلَ محمدٍ لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقَةُ. هذا يدُلُّ على تحْريمِها على أزْوَاجِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. ولم يَذْكُرا ما يُخالِفُه. وجزَم به ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: أزْواجُه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مِن أهْلِ بَيْتِه المُحَرَّمِ عليهم الزَّكاةُ، فى إحْدَى الرِّوايَتَيْن. والثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ عَليْهِنَّ. انتهى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: فى تَحْريمِ الصَّدقَةِ عَلَيْهِن، وكَوْنهِنَّ مِن أهْلِ بَيْيه رِوايَتان؛ أصَحُّهما التَّحْريمُ، وكوْنُهنَّ مِن أهْل بَيْتِه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ويجُوزُ لبَنى هاشِمٍ الأخْذُ مِن صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، ووَصايا الفُقَراءِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وحكَاه فى «الفُروعِ» إجْماعًا. ونقَل المَيمُونِىُّ، أنَّ التَّطَوُّعَ لا يحِل لهم أيضًا. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: فيكونُ النَّذْرُ والوَصِيَّةُ للفُقَراءِ أوْلَى بالتَّحْريمِ. وجزَم فى «الرُّوْضَةِ» بتَحْريمِ أخْذِ صدَقَةِ التَّطَوُّعِ على بَنِى هاشِمٍ ومَوالِيهم. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والنَّذْرِ. يعْنِى يجوزُ لهم الأخْذ مِنَ النَّذْرِ، كصَدقَةِ التَّطَوُّعِ ووَصايَا الفُقَراءِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وجزَم به أكثرُهم. وقطَع فى «الرَّوْضَةِ» بتَحْريمِه أيضًا عليهم. وحكَى فى «الحاوِيَيْن» فى جَوازِ أخْذِهم مِنَ النُّذُورِ وَجْهَيْن، وأطْلَقهما هو وصاحِبُ «تَجْريدِ العِنايَةِ». قوله: وفى الكَفَّارَةِ وَجْهان. قال فى «الهِدَايَةِ»: ويتَخرَّجُ فى الكفَّارَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفائِق»، و «الزَّرْكَشِىُّ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ أحدُهما، هى كالزَّكاةِ، فلا يجوزُ لهم الأخْذُ منها لوجُوبِها بالشَّرْعِ. وهو المذهبُ، صحَّحَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقال: بل هى أوْلَى مِنَ الزَّكاةِ فى المَنْعِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: وللهاشِمىِّ والمُطَّلِبِىِّ الأخْذُ مِنَ الوَصِيَّةِ، وصدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، هى كصدَقَةِ التَّطوُّعِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ، وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». تنبيه: رأَيْتُ فى نُسْخَتَيْن عليهما خَطُّ المُصَنِّفِ: ويجوزُ لبَنِى هاشِمٍ الأخْذُ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صدَقَةِ التَّطوُّعِ، ووَصايَا الفُقَراء، وفى النَّذْرِ وَجْهان. بغيرِ ذِكْرِ الكفَّارَةِ رأْسًا، وإطْلاقُ الخِلافِ فى النَّذْرِ. ثم أُصْلِحَ وعُمِلَ كما فى الأصْلِ؛ وهو: ويجوزُ لبَنِى هاشِمٍ الأخْذُ مِن صدَقَةِ التَّطَوُّعِ، ووَصايا الفُقَراءِ والنَّذْرِ، وفى الكفارَةِ وَجْهان. وهو ألْيَقُ بالمَشْهُورِ بينَ الأصحابِ، ولكنْ قد ذكَرْنا الخِلافَ فى النَّذْرِ أيضًا. فائدة، إذا حَرُمَتِ الصَّدقَةُ على بنى هاشِمٍ، فالنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بطَريقٍ أوْلَى. ونَقلَه المَيْمُونِىُّ، وإنْ لم تَحْرُمْ عليهم، فهى حَرامٌ عليه أيضًا، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه جماعةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفائقِ»: ويحْرُمُ عليه صدَقَةُ التَّطوُّعِ، على أصحِّ الرِّوايتَيْن. ونقَل جماعة عن أحمدَ، لا تحْرُمُ عليه. اخْتارَه القاضى. ذكَرَهما ابنُ البَنَّا وَجْهَيْن، وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»،

وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى سَائِرِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ، أَوْ إِلَى الزَّوْجِ، أوْ بَنِى الْمُطَّلِبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الكَبِيرِ». قوله: وهل يَجُوزُ دَفْعُها إلى سَائرِ مَن تَلْزَمُه مؤْنَتُه مِن أقارِبِه؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»؛ إحْداهما، لا يجوزُ دَفْعُها إليهم، وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُبْهِجِ»، و «الإيضَاحِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «العُمْدَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإِفاداتِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وصحَّحَه فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» [و «تَصْحيحِ المُحرَّرِ»] (¬1). واخْتارَه القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، و «التَّعْليقِ». وقال: هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُهما، وأنَصُّهما. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هى الأظْهَرُ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ؛ منهم المَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ دَفْعُها إليهم. نقَلَها الجَماعَةُ عنِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامِ أحمدَ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتبِعَه الشَّارِحُ: هى الظَّاهِرُ عنه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». قال القاضى فى «التَّعْليقِ»: يمْكِنُ حَمْلُهما على اخْتِلافِ حالَيْن؛ فالمنعُ إذا كانتِ النَّفقَةُ واجِبَةً، والجَوازُ إذا لم تجِبْ. فعلى هذه الرِّوايةِ، لو دفَعَها إليه وقَبِلَها، لم تَلْزَمْه نفَقَتُه لاسْتِغْنائِه بها، والنفقَةُ لا تجِبُ فى الذِّمَّةِ. وإنْ لم يقْبَلْها، وطالَبه بنفَقَتِه الواجِبَةِ، أُجْبِرَ على دَفْعِها، ولا يُجْزِئُه فى هذه الحالِ جعْلُها زكاةً. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، جَوازُ دَفْعِها إلى أقارِبِه الذين لا تَلْزَمُه نفَقَتُهم إذا كان يَرِثُهم. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. وهو المذهبُ، نقَلَها الجماعةُ، وهو داخِلٌ فى عُمومِ قوْلِ المُصَنِّفِ: ويُسْتَحَبُّ صَرْفُها الى أقارِبِه الذين لا تَلْزَمُه مُؤنَتُهم. وهو ظاهرُ كلامِه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وجزَم به فى «الكافِى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال الزَّرْكَشِىُّ: جازَ الدَّفْعُ إليهم، بلا نِزاعٍ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ؛ منهم الخِرَقِىُّ، والقاضى، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ دَفْعُها إليهم. صحَّحَه فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّالثةُ، إنْ كان يمُونُهم عادةً، لم يَجُزْ دَفْعُها إليهم، وإلَّا جازَ. ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونىِّ. فوائد؛ الأُولَى، لو كان أحَدُهما يرِثُ الآخَرَ، ولا يرِثُه الآخَرُ؛ كعَمَّةٍ وابنِ أخِيها، وعَتِيقٍ ومُعْتِقِه، وأخَوَيْن لأحَدِهما ابنٌ، ونحوُه، فالوَارِثُ منهما تَلْزَمُه النَّفقَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى بابِ نَفَقَةِ الأقارِبِ، فعَليْها، فى جَوازِ دَفْعِ الزَّكاةِ إليهم الخِلافُ المُتَقدِّمُ، وعَكْسُه الآخَرُ ذكَرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، يجوز دَفْعُها إلى ذَوِى الأرْحام، ولو وَرِثُوا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن؛ لضَعْفِ قَرابَتِهم. قال المُصنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يجوزُ دَفْعُها إليهم. الثَّالثةُ، فى الإرْثِ بالرَّدِّ الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. قالَه فى «الفُروعِ»، وقدَّمه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يجوزُ، وفيه رِوايةٌ. وتقدَّم إذا كان غَنِيًّا بنَفقَةٍ لازِمَةٍ أو تَبرُّعٍ، هل يجوزُ الدَّفْعُ إليه؟ عندَ قوْلِه: ولا فَقِيرَةٌ لها زَوْجٌ غَنِىٌّ؟ الرَّابعةُ، يجوزُ كوْنُ قَريبِ المُزَكِّى عامِلًا، ويأْخُذُ مِن زَكاتِه بلا نِزاعٍ. جزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المَجْدُ: لا تَخْتَلِفُ الرِّوايَةُ، أنَّه يجوزُ أنْ يَدْفَعَ إلى أقارِبِه لغيرِ النَّفقَةِ الواجِبَةِ عليه، إذا كان غارِمًا أو مُكاتَبًا، أو ابنَ سَبِيل، بخِلافِ عَمُودَىْ نَسَبِه؛ لقُوَّةِ القَرابَةِ. وجعَل فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، الأَقارِبَ كعَمُودَىِ النَّسَبِ فى الإعْطاءِ لغُرْمٍ وكِتابَةٍ لا غيرُ، على قَوْلٍ. فقالوا: وقيلَ: يُعْطِى عَمُودَى نسَبِه وبقِيَّةَ أقارِبِه لغُرْم وكِتابَةٍ. وأطْلقَ هَذين الوَجْهَيْن فى «الحاوِيَيْن». وقال فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: لا يُدْفَعُ إلى أقارِبِه مِن سَهْم الغارِمين إذا كانوا منهم. وجزَم المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّه يُعْطِى تَرابَتَه لعِمالَةٍ، وتَأْليفٍ، وغُرْم لذاتِ البَيْنِ، وغَزْوٍ، ولا يُعْطِى لغيرِ ذلك. الخامسةُ، لو تَبرَّعَ بنفَقَةِ قريبٍ أو يَتيِمٍ أو غيرِه، وضَمَّه إلى عِيالهِ، جازَ له دفْعُ الزَّكاةِ إليه. قال المَجْدُ: هو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، والقاضى، وأكثرِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ؛ منهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ونقَل أكْثَرُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه لا يجوزُ دَفْعُها إليه. اخْتارَه أبو بَكْر فى «التَّنْبيهِ»، وابنُ أبى مُوسَى فى «الإِرْشادِ». وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ». قوله: أو إلى الزَّوْجِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الإيضَاحِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهَادِى»، و «المُغْنى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»؛ إحْداهما، يجوزُ. وهى المذهبُ. اخْتارَه القاضى وأصحابُه، والمُصَنِّفُ. قالَه فى «الفُروعِ»، [وفيه نظَرٌ؛ لأنَّا لم نجِدِ المُصَنِّفَ اخْتارَه فى كُتُبِه، بل المَجْزُومُ به فى «العُمْدَةِ» خِلافُ ذلك] (¬1). قال ابنُ رَزِينٍ: هذا أظْهَرُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قالَه شيْخُنا فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، وصحَّحَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «التَّصْحِيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وقدَّمه فى «إِدْرَاكِ الغايَةِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الخِرَقِىِّ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهِيلِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه فى «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»، وقال: اخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه أبو بَكْر، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، وقال: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. واخْتارَه الخَلالُ أيضًا، وقال: هذا القوْلُ الذى عليه أحمدُ، ورِوايَةُ الجَوازِ قولٌ قَدِيمٌ رجَع عنه. فائدة: لم يَسْتَثْنِ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ هنا، جَوازَ أخْذِ الزَّوْجِ مِنَ الزَّوْجَةِ، وأخْذِها منه لسَبَبٍ مِنَ الأسْبابِ غيرِ الفَقْرِ والمَسْكنَةِ، فلا يجوزُ أخْذُ واحدٍ منهما لغَزْوٍ، ولا لِكتابَةٍ، ولا لقَضاءِ دَيْن، ونحوِه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ظاهرُ المذهبِ، لا يجوزُ أخْذُ واحدٍ منهما مِنَ الآخَرِ لقَضاءِ دَيْنٍ ولا لِكتابَةٍ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: يجوزُ الأخْذُ لقَضاءِ دَيْنٍ أو كِتابَةٍ؛ لأنَّه لا يدْفَعُ عن نفْسِه نفَقَةً واجِبَةً، كعَمُودَىِ النَّسَبِ، وأمَّا الأخْذُ لغيرِهما، فلا يجوزُ، قوْلًا واحِدًا. قوله: أو بَنِى المُطَّلِبِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، [و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»] (¬1)؛ إحداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، والمُصَنِّفِ فى «العُمْدَةِ»، وابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»؛ لمنْعِهم بَنِى هاشِمٍ ومَوالِيهم، واقْتِصارِهم على ذلك. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِى، والشَّيْخُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «العُقودِ»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه». والرِّوايةُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. اخْتارَه القاضى وأصحابُه، وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ»، و «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «الإفادَاتِ»، و «الوَجيزِ»، و «التَّسْهيلِ»، وإليه مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: لم يذْكُرِ الأصحابُ مَوالِىَ بَنِى المُطَّلِبِ. قال: ويتَوجَّهُ أنَّ مُرادَ أحمدَ والأصحابِ، أنَّ حُكْمَهم كموَالِى بَنِى هاشِمٍ. وهو ظاهرُ الخَبَرِ والقِياسِ. وسُئِلَ فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ عن مَوْلَى قُرَيْشٍ، يأْخُذُ الصَّدقَةَ؟ قال: ما يُعْجِبُنِى. قيل له: فإنْ كان مَوْلَى مَوْلًى؟ قال: هذا أبْعَدُ. فيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ. انْتَهى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ». والظاهِرُ أنَّه تابَعَ القاضِىَ؟ فإنَّه قال فى بعضِ كلامِه: لا يُعْرَفُ فيهم رِوايَةٌ، ولا يَمْتَنِعُ أنْ نقولَ فيهم ما نقولُ فى مَوالِى

وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَلِمَ، لَمْ يُجْزِئْهُ، إِلَّا الْغَنِىَّ إِذَا ظَنَّهُ فَقِيرًا، فِى إِحْدَى الرِّوَايتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَنِى هاشِمٍ. انتهى. ملتُ: لم يطَّلِعْ صاحبُ «الفُروعِ» على كلامِ القاضى وغيرِه مِنَ الأصحابِ فى ذلك؛ فقد قال فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، و «الإِشارَةِ»، و «الخِصَالِ» له: تحْرُمُ الصَّدقَةُ المفْروضَةُ على بَنِى هاشِمٍ، وبَنِى المُطَّلِبِ، ومَوالِيهم. وكذا قال فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضَاحِ». وقال فى «الوَجيزِ»: ولا تُدْفَعُ إلى هاشِمىٍّ ومُطَّلِبِىٍّ ومَوالِيهما. قوله: وإنْ دَفَعَها إلى مَن لا يسْتَحِقُّها وهو لا يعْلَمُ، ثم عَلِم، لم يُجْزِئْه، إلَّا الغَنِىَّ إذا ظنَّه فَقيرًا، فى إحْدَى الروايتَيْن. اعلمْ أنَّه إذا دفَعَها إلى مَن لا يَسْتَحِقُّها، وهو لا يعْلَمُ ثم عَلِم، فَتارَةً يكونُ عدَمُ اسْتِحْقاقِه لغِنَاه، وتارَةً يكونُ لغيرِه، فإن كان لكُفرِه أو لشَرَفِه أو كوْنِه. عَبْدًا، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّها لا تُجْزِئُه. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لم تُجْزِئْه فى الأشْهَرِ. قال صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمصنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: لم تُجْرِئْه، روايةً واحدةً. وجرَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائِق»، و «الخُلاصَةِ». وقيلَ: حُكْمُه حُكْمُ ما لو بانَ غَنِيًّا، على ما يأْتِى قرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. وجزَم به ابنُ عَقِيل فى «فُنونِه». وكذلك ذكَرَه القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ». وحكَاهُما ابنُ تَميم طَريقَتَيْن، وأطْلَقهما. قال فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: فيه طريقَان؛ أحَدُهما، كالغَنِىِّ. والثَّانِى، لا تُجْزِئُه قَطْعًا. فعلى المذهبِ، يَسْتَرِدُّها بزِيادَةٍ مُطْلَقًا. ذكَرَه الآجُرِّىُّ، وأبو المَعالِى، وغيرُهما، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». وإنْ ظهَر قرِيبًا للمُعْطِى، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا يُجْزِئُه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالَه المَجْدُ، وتَبِعَه فى «الفُروعِ». وسَوَّى فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» بينَ ما إذا بانَ قرِيبًا غيرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَمُودَىِ النَّسَبِ، وبينَ ما إذا بانَ غَنِيًّا، وأطْلقَ الروايتَيْن. والمَنْصُوصُ، أنَّه يُجْزِئُه إذا بانَ قرِيبًا مُطْلَقًا. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هذا أصْوَبُ عندى؛ لخُروجها عن مِلْكِه إلى من يَجُوزُ دفْعُ زكاةِ سائرِ النَّاسِ إليه، ولحَديثِ يَزيدَ بنِ مَعْنٍ (¬1). انتهى. قال فى «القَواعِدِ»: فإنْ بانَ نَسِيبًا، فطَرِيقان؛ أحدُهما، لا يُجْزِئُه. قوْلًا واحدًا. والثَّانى، هو كما لو بانَ غَنيًّا. والمَنْصُوصُ هنا، الإجْزاءُ؛ لأنَّ المانِعَ خشْيَةُ المُحابَاةِ، وهو مُنْتَفٍ مع عدَمِ العِلْمِ، وأمَّا إذا دفَعَها إلى غَنِىٍّ، وهو لا يَعْلَمُ، ثم عَلِم، فأطلقَ المُصَنِّفُ فى الإجْزاءِ رِوايتَيْن، وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائِق»؛ إحداهما، يُجْزِئُه. وهو المذهب. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا الصَّحيحُ. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: هذا المذهبُ. قال المَجْدُ: اخْتارَه أصحابُنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُه. اخْتارَه الآجُرىُّ، والمَجْدُ، وغيرُهما. فعلى هذه الرِّوايةِ، يرْجعُ على الغنِىِّ بها إنْ كانت باقِيَةً، وإنْ كانت تَلِفَتْ، رُجِعَ بقِيمَتِها يومَ تَلَفِها إذا عَلِم أنَّها زَكاةٌ. رِوايةً واحدَةً. ذكَرَه القاضى وغيرُه. ¬

(¬1) كذا فى النسخ. وهو حديث معن بن يزيد أن أباه أخرج صدقة فى المسجد فأخذها هو. . . أخرجه البخارى، فى: باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى 2/ 138. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 470.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ شِهَابٍ: ولا يَلْزَمُ إذا دفَع صدَقَةَ تطَوُّع إلى فَقيرٍ، فَبانَ غَنِيًّا؛ لأنَّ مَقْصِدَه فى الزَّكاةِ إبْراءُ الذِّمَّةِ، وقد بطَل ذلك، فيَمْلِكُ الرُّجوعَ، والسَّبَبُ الذى أخْرَجَ لأجْلِه فى التَّطوُّعِ الثَّوابُ، ولم يَفُتْ، فلم يَمْلِكِ الرُّجوعَ. وسبَق رِوايَةُ مُهَنَّا فى آخِرِ البابِ الذى قبلَه، عندَ قولِه: لم يَرْجِعْ على المِسْكِينِ. وسبَق كلامُ أبى الخَطَّابِ وغيرِه هناك. وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ أنَّ كلَّ زَكاةٍ لا تُجْزِئُ، أو (¬1) إنْ بانَ الآخِذُ غَنِيًّا، فالحُكْمُ فى الرُّجوعِ كالزَّكاةِ المُعَجَّلةِ، عَلى ما تقدَّم فى آخِرِ البابِ الذى قبلَه، وتقدَّم هناك تَفارِيعُ ذلك كلِّه. فوائد؛ إحداها، لو دَفَع الإِمامُ أو السَّاعِى الزَّكاةَ إلى مَن يظُنُّه أهْلًا لأخْذِها، لم يَضْمَنْ إذا بانَ غَنِيًّا، ويَضْمَنُ فى غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. قال القاضى فى «المُجَردِ»: لا يَضْمَنُ الإِمامُ إذا بانَ غَنِيًّا، بغيرِ خِلافٍ. وصحَّحَه فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، وجزَم المَجْدُ وغيرُه بعدَمِ الضَّمانِ إذا بانَ غَنِيًّا، وفى غيرِه رِوايَتان. انتهى. وعنه، يضْمَنُ فى الجميعِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغرَى»، ولم يذكُرْ رِوايَةَ التَّفْرِقَةِ، وتابعَه فى «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وعنه، لا يضْمَنُ فى الجميعِ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» رِوايَةَ التَّفْرِقَةِ. وقدَّم الضَّمانَ مُطْلَقًا، وأطْلقَهُنَّ ابنُ تَميمٍ. الثَّانيةُ، لا يجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلَّا لمَن يظُنُّه مِن أهْلِها، فلو لم يَظُنَّه مِن أهْلِها، فدفَعَها إليه، ثم بانَ مِن أهْلِها، لم تُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى ¬

(¬1) فى أ: «و».

فصل

فَصْلٌ: وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مُسْتَحَبَّةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْريجٌ مِنَ الصَّلاةِ إذا أصابَ القِبْلَةَ. الثَّالثةُ، الكفَّارَةُ كالزَّكاةِ، فيما تقدَّم مِنَ الأحْكامِ، ومَن ملَك فيهما الرُّجوعَ، ملَكَه وَارِثُه.

وَهِىَ أَفْضَلُ فِى شَهْر رَمَضَانَ، وَأوْقَاتِ الْحَاجَاتِ. وَالصَّدَقَةُ عَلَى ذِى الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: والصَّدَقَةُ على ذِى الرَّحِمِ صَدَقَة وصِلَة. هذا بلا نِزاعٍ، وهى أفْضَلُ مِنَ العِتْقِ. نقَلَه حَرْبٌ، لحَديثِ مَيْمُونَةَ. والعِتْقُ أفْضَلُ مِنَ الصَّدقَةِ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجانبِ، إلَّا زَمَنَ الغَلاءِ والحاجَةِ. نَقَله بَكْرُ بنُ محمدٍ، وأبو داوُدَ. وقال الحَلْوَانِىُّ فى «التَّبْصِرَةِ»، وصاحِبُ «الحاوِى الصَّغيرِ»: العِتْقُ أحَبُّ القُرَبِ إلى اللَّهِ. انتهيا. ويأْتِى ذلك أوَّلَ كتابِ العِتْقِ. وهلِ الحَجُّ أفْضَلُ، أم الصَّدقَةُ مع الحاجَةِ، أم مع الحاجَةِ على القَريبِ، أم على القَريبِ مُطْلَقًا؟ فيه أرْبَعُ رِوَاياتٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الحَج أفْضَلُ مِنَ الصَّدقَةِ، وهو مذهَبُ أحمدَ. انتهى. قلتُ: الصَّدقَةُ زمَنَ المَجاعَةِ لا يَعْدِلُها شئٌ، لاسِيَّما الجارُ، خُصوصًا القَرابَةَ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وَصِيَّتُه بالصَّدقَةِ أفْضَلُ مِن وَصِيَّتِه بالحَجِّ التَّطَوُّعِ. فيُؤْخَذُ منه، أن الصَّدقَةَ أفْضَلُ بلا حاجَةٍ، فيَبْقَى قوْلٌ خامِسٌ. وفى كتابِ «الصَّفْوَةِ» لابنِ الجَوْزِىِّ: الصَّدقَةُ أفْضَلُ مِنَ الحَج ومِنَ الجِهادِ. وسبَق فى أوَّلِ صلاةِ التَّطوُّعِ، أنَّ الحَجَّ أفْضَلُ مِنَ العِتْقِ. فحيثُ قُدِّمتِ الصَّدقَةُ على الحَجِّ، فعلى العِتْقِ بطَريقٍ أوْلَى، وحيثُ قُدِّمَ العِتْقُ على الصدقَةِ، فالحَجُّ بطَريقٍ أوْلَى. ويأْتِى فى بابِ الوَلِيمَة، هل يجوزُ الأَكْلُ مِن مالِ مَن فى مالِه حرامٌ وحلالٌ أم لا؟

وَتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ. وَإنْ تَصَدَّقَ بِمَا يَنْقُصُ مُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَثِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُستَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالفاضِلِ عن كِفايَتِه وَكِفايَةِ مَن يَمونُه. هكذا أطْلقَ جماعة مِنَ الأصحابِ. ومُرادُهم بالكِفايَةِ الكِفايَةُ الدَّائمَةُ، كما صرَّح به الأصحابُ، بمَتْجَرٍ أو غَلَّةِ وَقْفٍ أؤ صَنْعَةٍ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، أعْنِى الصَّدقَةَ بالفاضِلِ عن كِفايَتهِ، وكِفايةِ مَن يَمُونُه بمَتْجَرٍ ونحوهِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ومَعْنَى كلام ابنِ الجَوْزِىِّ فى بعضِ كُتُبِه، لا يَكْفِى الاكْتِفاءُ بالصَّنْعَةِ. وقالَه فى غَلَّةِ وَقْفٍ أَيضًا. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وفى الاكتِفاءِ بالصَّنْعَةِ نظَرٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِع مِن كلامِه: أُقْسِمُ باللَّهِ لو عبَس الزَّمانُ فى وَجْهِك مرَّةً، لعَبَسَ فى وَجْهِك أهْلُكَ وجِيرانُك. ثم حَثَّ على إمْساكِ المالِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى كِتابِه «السِّرِّ المَصُونِ»، أن الأُوْلَى أنْ يدَّخِرَ لحاجَةٍ تَعْرُضُ، وأنَّه قد يتَّفِقُ له مَرْفِقٌ فيُخْرِج ما فى يَدِه، فيَنْقَطِعُ مَرْفِقُه، فيُلاقِى مِنَ الضَّررِ ومِنَ الذُّلِّ ما يكونُ الموْتُ دُونَهْ. وذكر كلامًا طوِيلًا فى ذلك.

وَمَنْ أرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ. . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تصَدَّقَ بما يَنْقُصُ مُؤْنَةَ مَن تَلْزَمُه مُؤْنته، أثِمَ. وكذا لو أضَرَّ ذلك بنَفْسِه، أو بغَريمِه، أو بكَفالَتِه. قالَه الأصحابُ. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ظاهرُ كلام جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه إذا لم يُضَرَّ، فالأصْلُ الاسْتِحْبابُ. وجزَم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» بما ذكَرَه بعضُ الأصحابِ، أنَّه يُكْرَهُ التَّصدُّقُ قبلَ الوَفاءِ والإنْفاقِ الواجِبِ. قوله: ومَن أرَادَ الصَّدقَةَ بماله كلِّه، وهو يعْلَمُ مِن نَفْسِه حُسْنَ التَّوَكُّل والصَّبْرَ

وَالصَّبْرَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإنْ لَمْ يَثقْ مِنْ نَفْسِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَنِ المسْأَلَةِ، فله ذلك. بلا نِزاعٍ، لكِنَّ ظاهِرَ ذلك الجَوازُ، لا الاسْتِحبابُ. وصرَّح به بعضُهم. وجزَم المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيره بالاسْتِحْبابِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ودَليلُهم يَقْتَضِى ذلك. قوله: فإنْ لَم يَثِقْ مِن نَفْسِه، لَمْ يَجُزْ له. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. فيُمْنَعُ مِن ذلك، ويُحْجَرُ عليه. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه:

وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أنْ يَنْقُصَ نَفْسَهُ عَنِ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ ذلك. قوله: ويُكْرَهُ لمَن لا صَبْرَ له على الضِّيق أنْ يَنْقُصَ نَفْسَه عَنِ الكِفايَةِ التَّامَّةِ. بلا نِزاعٍ. زادَ فى «الفُروعِ» وغيرِه، وكذا مَن لا عادَةَ له بالضِّيق. فوائد؛ الأُولَى، ظهَر ممَّا سبَق أنَّ الفَقيرَ لا يَقْتَرِضُ ويتَصدَّقُ. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ فى فَقيرٍ لقَرابَته وَليمَةٌ، يَسْتَقْرِضُ ويُهْدِى له. ذكَرَه أبو الحُسَيْنِ فى «الطَّبَقاتِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: فيه صِلَةُ الرَّحِم بالقَرْضِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ مُرادَه أنَّه يظُنُّ وَفاءً. وقال أيضًا: ويتَوجَّهُ فى الأظْهَرِ أنَّ أخْذَ صدَقَةِ التَّطَوُّعِ أوْلَى مِنَ الزَّكاةِ، وأنَّ أخْذَها سِرًّا أوْلَى. قال: فيهما قوْلان للعُلَماءِ، أظُنُّ عُلَماءَ الصُّوفِيَّةِ. الثَّانيةُ، تجوزُ صدَقَةُ التَّطَوُّعِ على الكافرِ والغَنِىِّ وغيرِهما. نصَّ عليه، ولهم أخْذُها. الثَّالثةُ، يُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ، فلا يأْخُذُ الغَنِىُّ صدَقَةً، ولا يتَعرَّضُ لها، فإنْ أخَذَها مُطهِرًا للفاقَةِ، قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ التَّحْريمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الرابعةُ، يحْرُمُ المَنُّ بالصَّدقَةِ وغيرِها. وهو كبِيرَةٌ على نصِّ أحمدَ، الكِبيرَةُ ما فيه حَدُّ فى الدُّنْيا، أو وَعِيدٌ فى الآخِرَةِ، ويَبْطُلُ الثَّوابُ بذلك. وللأصحابِ خِلافٌ فيه، وفى بُطْلانِ طاعَةٍ بمَعْصِيَةٍ. واخْتارَ الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ الإِحْباطَ بمَعْنَى المُوازَنَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَحْرُمَ المَنُّ، إلَّا عندَ مَن كُفِر إحسانُه وأُسِئَ إليه، فلَه أنْ يُعَدِّدَ إحْسانَه. الخامِسةُ، مَن أخْرَجَ شيئًا يتَصدَّقُ به، أو وَكَّلَ فى ذلك، ثُمَّ بدَا له، اسْتُحِبَّ أنْ يُمْضِيَه، ولا يَجِبُ. قال الإِمامُ أحمدُ: ما أحْسَنَه أنْ يُمْضِيَه. وعنه، يُمْضِيه ولا يرْجِعُ فيه. وحمَل القاضى ما رُوِى عن أحمدَ، على الاسْتِحْبابِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا أعلمُ للاسْتِحْباب وَجْهًا. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والخَمْسِين»: وهو كما قال، وإنَّما يتَخرَّجُ على أنَّ الصَّدقَةَ تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ، كالهَدْىِ والأُضْحِيَةِ يَتَعَيَّنان بالقَوْلِ، وفى تَعْيِينِهما بالنِّيَّةِ وَجْهان. انتهى. وتقدَّم متى يَمْلِكُ الصَّدقَةَ؟ فى آخرِ البابِ الذى قبلَه، فَلْيُعاوَدْ.

كتاب الصيام

كِتَابُ الصِّيَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الصِّيَامَ فوائد؛ إحداها، الصَّوْمُ والصِّيامُ فى اللُّغَةِ، الإِمْساكُ. وهو فى الشَّرْعِ، عِبارَةٌ عن إمساكٍ مَخْصُوص فى وَقْتٍ مَخْصُوصٍ على وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. الثَّانيةُ، فُرِضَ رمَضانُ فى السَّنَةِ الثَّانيةِ إجْماعًا، فَصامَ عليه أفْضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، تِسْعَ رَمَضاناتٍ إجْماعًا. الثَّالثةُ، المُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ: شَهْرُ رَمضانَ. كما قال اللَّهُ تعالى، ولا يُكْرَهُ قَوْلُ: رَمضانُ، بإسْقاطِ شَهْر مُطْلَقًا، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر المُصَنِّفُ، يُكْرَهُ إلَّا مع قَرِينَةٍ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وَجْهًا، يُكْرَهُ مُطْلَقًا. وفى «المُنْتَخَبِ»، لا يجوزُ.

يَجبُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ، أَكْمَلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثمَّ صَامُوا. وَإن حَالَ دُونَ مَنْظرِهِ غَيْمٌ أوْ قَتَرٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ، وَجَبَ صِيَامُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حالَ دون مَنْظَرِه غَيْمٌ أو قَتَرٌ لَيْلَةَ الثَّلاِثِين، وجَب صِيامُهُ بِنيَّةِ

فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ. وَعَنْهُ، النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَام، فَإِنْ صَامَ صَامُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ رمَضانَ فى ظاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ عندَ الأصحابِ، ونصَرُوه، وصنَّفوا فيه التَّصانيفَ، ورَدُّوا حُجَجَ المُخالفِ، وقالوا: نُصوصُ أحمدَ تدُلُّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وعنه، لا يجِبُ صوْمُه قبلَ رُويَةِ هِلالِه، أو إكْمالِ شَعْبانَ ثَلاِثين. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا مذهبُ أحمدَ المَنْصُوصُ الصَّريحُ عنه. وقال: لا أصْلَ للوُجوبِ فى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، ولا فى كلامِ أحَدٍ مِنَ الصَّحابةِ. ورَدَّ صاحِبُ «الفُروعِ» جميعَ ما احْتَجَّ به الأصحابُ للوُجوبِ، وقال: لم أجِدْ عن أحمدَ صرِيحًا بالوُجوبِ، ولا أمرَ به، فلا يتَوجَّهُ إضافَتُه إليه. واخْتارَ هذه الرِّوايةَ أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقيل. ذكَرَه فى «الفائقِ». واخْتارَها صاحِبُ «التَبصِرَةِ». قاله فى «الفُروعِ». واخْتارهَا الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وأصحابُه؛ منهم صاحِبُ «التَّنْقيحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. وصحَّحَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». فعلى هذه الروايةِ، يُباحُ صَوْمُه. قال فى «الفائقِ»: اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقيل: بل يُسْتَحَبُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه أبو العَبَّاسِ. انتهى. قال فى «الاخْتِياراتِ»: وحُكِىَ عن أبى العَبَّاسِ، أنَّه كان يمِيلُ أخِيرًا إلى أنَّه لا يُسْتَحَبُّ صوْمُه. انتهى. وعنه، النَّاسُ تَبَعٌ للإِمامِ، فإنْ صامَ صامُوا، وإلَّا فلا. فيتَحرَّى فى كَثْرَةِ كَمالِ الشُّهورِ ونَقْصِها، وإخْبارِه بمَن لا يُكْتَفى به، وغيرِ ذلك مِنَ القَرائنِ، ويعْمَلُ بظَنِّه. وقيل: إلا المُنْفَرِدَ برُؤْيَتِه، فإنَّه يصُومُه، على الأصحِّ. وقيل: النَّاسُ تَبَعٌ للإِمامِ فى الصَّوْمِ والفِطْرِ، إلَّا المُنْفَرِدَ برُؤْيَتِه، فإنَّه يصومُه. حكَى هذين القَوْلَيْن صاحبُ «الرِّعايَةِ». قلت: المذهبُ وجوبُ صومَ المُنْفَرِدِ برؤيَتِه، على ما يأتِى فى كلامَ المُصَنِّفِ قَريبًا. وعنه، صَوْمُه مَنْهِى عنه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه أبو القاسِمِ ابنُ مَنْدَهَ الأصْفَهانِىُّ (¬1)، وأبو الخَطَّاب، وابنُ عَقيل، وغيرُهم. قال الزركَشِىُّ: وقد قيلَ: إنَّ هذا اختِيارُ ابنِ عَقيلٍ، وأدبَ الخَطَّاب، فى «خِلافَيْهما». قال: والذى نَصَره أبو الخَطَّابِ فى «الخِلافِ الصَّغيرِ» كالَأوَّلِ، وأصْلُ هذا فى الكَبيرِ. انتهى. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قيلَ: يُكْرَهُ صَوْمُه. وذكَرَه ابنُ عَقيلٍ رِوايةً. وقيل: النَّهْىُ للتَّحْريمِ. ونقَلَه حَنْبَلٌ. ذكَرَه القاضِى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفائقِ»، فقال: وإذا لم يجِبْ، فهل هو مُباحٌ، أو مَنْدُوبٌ، أو مَكْرُوهٌ، أو مُحَرَّمٌ؟ على أرْبَعةِ أوْجُهٍ، اخْتارَ شيْخُنا الأوَّلَ. انتهى. ¬

(¬1) عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق ابن منده العبدى الأصبهانى، أبو القاسم، الإمام المحدث، صاحب المصنفات. توفى سنة سبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 349 - 354.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال بعضُ الأصحابِ: يَجِئُ فى صِيامِه الأحْكامُ الخَمْسَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقوْلٌ سادِسٌ بالتَّبَعِيَّةِ. وعَمِلَ ابنُ عَقيلٍ فى مَوْضِع مِنَ «الفُنونِ» بعادَةٍ غالِبَةٍ، كمُضِىِّ شَهْرَيْن كامِلَيْن، فالثَّالثُ ناقِصٌ. وقال: هو مَعْنَى التَّقْديرِ. وقال أيضًا: البُعْدُ مانِعٌ كالغَيْمِ، فيَجِبُ على كُل حَنْبَلِىٍّ يصومُ مع الغَيْمِ أنْ يصُومَ مع البُعْدِ؛ لاحْتِمالِه. وقال أيضًا: الشُّهورُ كلُّها مع رَمضانَ فى حقِّ المَطْمُورِ، كاليَوْمِ الذى يُشَكُّ فيه مِنَ الشَّهْرِ فى التَّحَرُّزِ، وطَلَبِ التَّحْقيقِ، ولا أحَدَ قال بوُجوبِ الصَّوْم، بل بالتَّأخِيرِ؛ ليقَعَ أداءً أو قَضاءً، كذا لا يجوزُ تقْديمُ صَوْمٍ لا يتَحَقَّقُ مِن رمَضانَ. وقال فى مَكانٍ آخَرَ: أو يَظُنُّه، لقَبُولِنا شَهادَةَ واحدٍ. تنبيه: فعلَى قوْلِ الأصحابِ، يجوزُ صَوْمُه بنِيَّةِ رَمضانَ، حُكْمًا ظَنِّيًّا بوُجوبِه احْتِياطًا، ويُجْزئُ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يَنْوِيه حُكْمًا جازِمًا بوُجوبِه. وذكَرَه ابنُ أبى مُوسَى عن بعضِ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: حُكِىَ التَّمِيمِىِّ. فعلى المُقدَّمِ، وهو الصَّحيحُ، ويُصَلِّى التَّراويحَ. على أصحِّ الوَجْهَيْن. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضِى، وجماعَةٌ، منهم وَلَدُه القاضِى أبو الحُسَيْنِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، فى صَلاةِ التَّطَوُّعِ، وصاحِبُ «الحاوِى الكَبيرِ»: هذا الأقْوَى عندِى. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: هو أشْبَهُ بكلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ الفَضْلِ، القِيامُ قبلَ الصِّيامِ احْتِياطًا لسُنَّةِ قِيامِه، ولا يتَضَمَّنُ مَحْذُورًا، والصَّوْمُ نُهِىَ عن تَقَدُّمِه. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: ويُصَلِّى التَّراوِيحَ لَيْلَتئذٍ فى الأظْهَرِ. قال ابنُ تَميمٍ: فُعِلَتْ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحَّ الوَجْهَيْن. قال ابنُ الجَوْزِىِّ: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، واخْتِيارُ أكثرِ مشايخِنا المُتَقدِّمِين. ذكَرَه فى كتاب «دَرْءِ اللَّوْمِ والضَّيْمِ فى صَوْمِ يَوْمِ الغَيْمِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يُصَلِّى التَّراويحَ؛ اقْتِصارًا على النَّصِّ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ، والتَّميمِيُّونَ وغيرُهم. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال فى «التَّلْخِيصِ»: وهو أظْهَرُ. قال النَّاظِمُ: هو أشْهَرُ القَوْلَيْن. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ الهِدايَةِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ» و «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وهو ظاهِرُ «الفُروعِ». وأمَّا بقِيَّةُ الأحْكامِ؛ مِن حُلولِ الآجالِ، ووُقوعِ المُتَعَلَّقاتِ، وانْقِضاءِ العِدَدِ، ومُدَّةِ الإيلاءِ، وغيرِ ذلك، فلا يَثْبُتُ منها شئٌ، على الصَّحيحِ عندَهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: هو أشْهَرُ. وذكَر القاضِى احْتِمالًا، تَثْبُتُ هذه الأحْكامُ كما يثْبُتُ الصَّوْمُ وتوابِعُه، وتَبْيِيتُ النِّيَّةِ، ووُجوبُ الكفَّارةِ بالوَطْءِ فيه، ونحوُ ذلك. قال فى «القَواعِدِ»: وهو ضَعيفٌ. قال الزَّرْكَشىُّ: هما احْتِمالَان للقاضِى فى «التَّعْلِيقِ»، وأطْلَقهما. وعلى رِوايَةِ أنَّه يَنْوِيه حُكْمًا جازمًا بوُجُوبِه، يُصَلِّى التَّراويحَ أيضًا، على الصَّحيحِ. وجزَم به أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يُصَلِّى. فائدة: قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ غُمَّ هِلالُ شَعْبانَ وهِلالُ رَمضانَ جميعًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى الرِّوايَةِ الأوَّلَةِ، وهى المذهبُ عندَ الأصحابِ، يجِبُ أنْ يُقَدِّرُوا رَجَبًا وشَعْبانَ ناقِصَيْن، ثم يصُومُوا، ولا يُفْطِرُوا حتى يَرَوْا هِلالَ شَوَّالٍ، أو يُتِمُّوا صَوْمَهم اثْنَيْن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وثَلاثينَ يوْمًا. وعلى هذا فَقِسْ إذا غُمَّ هِلالُ رَجَبٍ وشَعْبانَ ورَمضانَ. ويأْتِى هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأَتَمَّ مِن هذا عندَ قوْلِه: وإنْ صامُوا لأجْلِ الغَيْمِ، لم يُفْطِرُوا.

وَإذَا رُئِىَ الْهِلَالُ نَهَارًا، قَبْلَ الزَّوَالِ أوْ بَعْدَهُ، فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِذا رُئِىَ الهِلالُ نَهارًا، قبلَ الزَّوالِ وبعدَه، فهو لِلَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ. هذا المذهبُ، سواء كان أوَّلَ الشَّهْرِ أو آخِرَه. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: هذا المَشْهُورُ. قال الزَّرْكَشىُّ: هذا المذهبُ. فعَليْه، لا يجِبُ به صَوْمٌ، ولا يُباحُ به فِطْر. وعنه، إذا رُئِىَ بعدَ الزَّوالِ، فهو لِلَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ، وقبلَ الزَّوالِ للماضِيَةِ. اخْتارَه أبو بَكْر، والقاضِى. وقدَّمه فى «الفائقِ». وعنه، إذا رُئِىَ بعدَ الزَّوالِ آخِرَ الشَّهْرِ فهو لِلَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ، وإلَّا لِلَّيْلَةِ الماضِيَةِ. قال فى «المُذْهَبِ»: فأمَّا إذا رُئِىَ فى آخِرِه قبلَ الزَّوالِ، فهو

وَإذَا رَأى الْهِلَالَ أهْلُ بَلَدٍ، لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لِلْماضِيَةِ. قوْلًا واحدًا. وإنْ كان بعدَ الزَّوالِ، فعلى رِوايتَيْن. انتهى. وعنه، إذا رُئِىَ قبلَ الزَّوالِ وبعدَه آخِرَ الشّهْرِ، فهو لِلَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ، وإلَّا لِلَّيْلَةِ الماضِيَةِ. قوله: وإذا رأى الهِلالَ أهْلُ بَلَدٍ، لَزِم النَّاسَ كُلَّهم الصَّوْمُ. لا خِلافَ فى لُزومِ الصَّوْمِ على مَن رآه، وأمَّا مَن لم يَرَه، إن كانتِ المَطالِعُ مُتَّفِقَةً، لَزِمَهم الصَّوْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، وإن اخْتَلَفَتِ المَطالِعُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لُزومُ الصَّوْمِ أيضًا. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال فى «الفائقِ»: والرُّؤْيَةُ ببَلَدٍ تَلْزَمُ المُكَلَّفِين كافَّةً. وقيل: تَلْزَمُ مَن قارَبَ مَطْلَعَهم. اخْتارَه شيْخُنا، يعْنى به الشيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ. وقال فى «الفُروعِ»: وقال شَيْخُنا، يعْنِى به الشيْخَ تَقِىُّ الدِّينِ: تَخْتلِفُ المَطالِعُ باتِّفاقِ أهْلِ المَعْرِفَةِ؛ فإنِ اتَّفقَتْ لَزِمَ الصَّوْمُ، وإلَّا فلا. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَلْزَمُ مَن لم يَرَه حُكْمُ مَن رَآه. ثم قال: قلت: بل هذا مع تَقارُبِ المَطالِعِ واتِّفاقِها، دونَ مسَافَةِ القَصْرِ لا فِيما فوْقَها، مع اخْتِلافِها. انتهى. فاخْتارَ أنَّ البُعْدَ مَسافةُ القَصْرِ، وفرَّع فيها على المذهب وعلى اختِياره، فقال: لو سافَرَ مِن بَلَدٍ الرُّؤْيَةُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إلى بَلَدٍ الرُّؤْيَةُ ليْلَةَ السَّبْتِ، فبَعُدَ، وتَمَّ شهْرُه ولم يَرَوُا الهِلالَ، صامَ معهم. وعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، يُفْطِرُ، فإنْ شَهِدَ به وقُبِلَ قَوْلُه، أفْطروا معه، على المذهبِ. وإنْ سافرَ إلى بَلَدٍ الرُّؤْيَةُ ليْلَةَ الجُمُعَةِ مِن بلَدٍ الرويَةُ ليْلَةَ السَّبْتِ، وبَعُدَ، أَفْطَرَ معهم، وقضَى يوْمًا، على المذهبِ، ولم يُفْطِرْ على الثَّانى، ولو عَيَّدَ ببَلَدٍ بمُقْتَضَى الرُّؤْيَةِ ليْلَةَ الجُمُعَةِ فى أوَّلِه، وسارَتْ سفِينَةٌ أو غيرُها سرِيعًا فى يوْمِه إلى بلَدٍ الرُّؤْيَةُ ليْلَةَ السَّبْتِ، وبَعُدَ، أمْسَكَ معهم بقِيَّةَ يوْمِه، لا على المذهبِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

وَيُقْبَلُ فى هِلَالِ رَمَضَانَ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُقْبَلُ فى سَائِرِ الشُّهُورِ إِلَّا عَدْلَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وما ذكَرَه على المذهبِ واضِحٌ، وعلى اخْتِياره فيه نظَرٌ؛ لأنَّه فى الأُولَى اعْتبَرَ حُكْمَ البَلَدِ المُنْتقِلِ إليه؛ لأنَّه صارَ مِن جُمْلتِهم، وفى الثَّانيةِ اعْتَبَر حُكْمَ المُنْتَقِلِ منه؛ لأنَّه الْتزَمَ حُكْمَه. انتهى. قوله: ويُقْبَلُ فى هِلالِ رَمَضانَ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحدٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَثْبُتُ بقَوْلِ عَدْلٍ واحدٍ. وقيل: حتى مع غَيْمٍ وقَتَرٍ. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ خِلافُه. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ التَّسْوِيَةُ. وعنه، لا يُقْبَلُ فيه إلَّا عَدْلان كبَقِيَّةِ الشُّهورِ. واخْتارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو بَكْرٍ، أنَّه إنْ جاءَ مِن خارجِ المِصْرِ، أو رَآه فى المِصْرِ وحْدَه، لا فى جماعةٍ، قُبِلَ قَوْلُ عَدْلٍ واحِدٍ، وإلَّا اثْنان، وحكَى هذه رِوايةً. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل عنه: إنْ جاءَ مِنْ خارِجِ المِصْرِ، أو رَآه فيه لا فى جَمْعٍ كثير، قُبِلَ، وإلَّا فلا. فقال فى هذه الرِّوايَةِ: لا فى جَمْعٍ كثير. ولم يقُلْ: وإلَّا اثْنان. فعلى المذهبِ، هو خَبَرٌ لا شَهادَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فيُقْبَلُ قَوْلُ عَبْدٍ وامْرأةٍ واحدَةٍ. وقال فى «المُبْهِجِ»: أمَّا الرُّؤْيَةُ، فَيصُومُ النَّاسُ بشَهادَةِ الرَّجُلِ العَدْلِ أو امْرأتَيْن. فظاهِرُه، أنَّه لا يُقْبَلُ قوْلُ امرأةٍ واحدةٍ. ويأْتِى الخِلافُ فيها. وعلى المذهبِ أيضًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يخْتَصُّ بحاكمٍ، بل يَلْزَمُ الصَّوْمُ مَن سَمِعَه مِن عَدْلٍ. قال بعضُ الأصحابِ: ولو رَدَّ الحاكمُ قوْلَه. وقال أبو البَقاءِ: إذا رُدَّتْ شَهادَتُه ولَزِمَ الصَّوْمُ، فأخْبرَه غيرُه، لم يَلْزَمْه بدُونِ ثُبوتٍ. وقيل: إنْ وَثِقَ إليه لَزِمَه. ذَكَرَه ابنُ عَقيلٍ. فعلى المذهبِ، لا يُعْتَبرُ لفْظُ الشَّهادَةِ. وذكَر القاضِى فى شَهادَةِ القاذِفِ، أنَّه شهادَةٌ لا خبَرٌ، فَتَنْعَكِسُ هذه الأحْكامُ، وذكَر بعضُهم وَجْهَيْن، هل هو خَبَرٌ أو شَهادَةٌ؟ وقال فى «الرِّعايَةِ»: وفى المَرْأةِ والعَبْدِ، إذا قُلْنا: يُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلٍ، وَجْهان. وأطْلَقَ فى قَبُولِ قَوْلِ المرْأةِ الواحدةِ، إذا قُلْنا: يُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلٍ واحدٍ، الوجْهَيْن فى «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وقال فى «الكافِى»: يُقْبَلُ العَبْدُ؛ لأنَّه خَبَرٌ، وفى المَرْأةِ وَجْهان؛ أحدُهما، يُقْبَل؛ لأنَّه خَبَرٌ. والثَّانى، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ طرِيقَه الشَّهادَةُ، ولهذا لا يُقْبَلُ فيه شاهِدُ الفَرْعِ مع إمْكانِ شاهدِ الأصْلِ، ويطَّلِعُ عليه الرِّجالُ؛ كهِلالِ شَوَّالٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا يُقْبَلُ قَوْلُ الصَّبِىِّ المُمَيِّزِ والمَسْتُورِ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وقطَع به أكثرُهم. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فى المَسْتُورِ والمُمَيِّزِ الخِلافُ. فائدة: إذا ثبَت الصَّوْمُ بقَوْلِ عَدْلٍ، ثبَتَتْ بقِيَّةُ الأحْكام. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه»، فى مسْألَةِ الغَيْمِ. وقطَع به فى «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والثَّلاثِين بعدَ المائةِ». وقال: صرَّح به ابنُ عَقيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضِى فى مسْألَةِ الغَيْمِ، مُفَرِّقًا بينَ الصَّوْمِ وبينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرهِ: قد يُثْبِتُ الصَّوْمَ ما لا يُثْبِتُ الطَّلاقَ والعِتْقَ ويحِلُّ الدَّيْنَ، وهو شَهادةُ عَدْلٍ. ويأْتِى إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى، إذا علَّق طلاقَها بالحَمْلِ، فشَهِدَ به امْرأَةٌ. قوله: ولا يُقْبَلُ فى سائِر الشُّهُورِ إلَّا عَدْلان. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطعَ به أكثرُهم. وحَكَاه التِّرْمِذِىُّ إجْماعًا (¬1). وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وعنه، ¬

(¬1) انظر: عارضة الأحوذى 3/ 207.

وَإذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ. اثْنَيْنِ ثَلَاِثينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ، أَفْطَرُوا. وَإنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْبَلُ فى هِلالِ شوَّالٍ عَدْلٌ واحدٌ بمَوْضعٍ ليس فيه غيرُه. فعلى المذهبِ، قال الزَّرْكَشِىُّ: قَوْلُه: بشَهادةِ عَدْلَيْن. يُحْتَملُ عندَ الحاكِم، ويُحْتَملُ مُطْلَقًا. وبه قطَع أبو محمدٍ، فجوَّز الفِطْرَ بقَوْلِهما لمَن يعْرِفُ حالهما، ولو رَدَّهما الحاكمُ لجَهْلهِ بهما، ولكُلِّ واحدٍ منهما الفِطْرُ. انتهى. قوله: وإذَا صَامُوا بشَهَادَةِ اثنين ثَلاِثين يَوْمًا فلم يَرَوُا الهِلالَ، أفْطَروا. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ مِنهُم. وقيل: لا يُفْطِرون مع الصَّحْوِ. وصحَّحَه فى «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، وأبو محمدٍ ابنُ الجَوْزِىِّ؛ لأنَّ عدَمَ الهِلالِ يَقِين، فيُقدَّمُ على الظَّنِّ، وهو الشَّهادَةُ. انتهى. قلتُ: ليس كما قال عن صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»؛ فإنَّ صاحِبَ «المُسْتَوْعِبِ» قطَع بالفِطْرِ؛ فقال: وإنْ صامُوا بشَهادةِ عَدْلَيْن، أفْطَروا، وَجْهًا واحدًا. قوله: وإنْ صَامُوا بِشَهادَةِ وَاحَدٍ، فعلى وَجْهَيْن. عندَ الأكثرِ. وقيل: هما رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، لا يُفْطِرُون. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «القَواعِدِ»: أشْهَرُ الوَجْهَيْن لا يُفْطِرُون. انتهى. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُون. اخْتارَه أبو بَكْر، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «التَّسْهِيلِ»، وظاهرُ كلامِه فى «الحاوِييْن»، أنَّ على هذا الأصحابَ، فإنَّه قال فيهما: ومَن صامَ لشَهادَةِ اثْنَيْن ثَلاِثين يوْمًا، ولم يَرَه مع الغَيْمِ، أفْطَرَ، ومع الصَّحْوِ، يصُومُ الحادِىَ والثَّلاثِين. هذا هو الصَّحيحُ. وقال أصحابُنا: له الفِطْرُ بعدَ إكْمالِ الثَّلاثِين، صَحْوًا كان أو غَيْمًا، وإنْ صامَ بشَهادةِ واحدٍ، فعلى ما ذكَرْنا فى شَهادَةِ اثْنَيْن. وقيلَ: لا يُفْطِرُ بحالٍ. انتهى. وقيل: لا يُفْطِرُون إذا صامُوا بشَهادةِ واحدٍ، إلَّا إذا كان آخِرَ الشَّهْرِ غيْمٌ.

وَإنْ صَامُوا لأَجْلِ الْغَيْمِ، لَمْ يُفْطِرُوا. وَمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، لَزِمَهُ الصَّوْمُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهذا أحْسَنُ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى. واخْتارَه فى «الحاوِيَيْن». قوله: وإنْ صَامُوا لأجْلِ الغَيْمِ، لم يُفْطِرُوا. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يُفْطِرُون. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ صامُوا جَزْمًا مع الغَيْمِ أو القَتَرِ، أَفْطَرُوا، وإلَّا فلا. قلتُ: وكِلا القَوْلَيْن ضَعيفٌ جِدًّا، فلا يُعْمَلُ بهما. فعلى المذهبِ، إنْ غُمَّ هلالُ شَعْبانَ، وهِلالُ رَمَضانَ، فقد يُصامُ اثْنان وثَلاثُون يوْمًا؛ حيثُ نقَصْنا رجبًا وشَعْبانَ، وكانا كامِلَيْن. وكذا الزِّيادةُ إنْ غُمَّ هِلالُ رَمضانَ وشَوَّالٍ، وأكمَلْنا شَعْبانَ ورَمضانَ، وكانا ناقِصَيْن. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وعلى هذا فقِسْ. قال فى «الفُروعِ»: وليس مُرادُه مُطْلَقًا. فائدة: لو صامُوا ثَمانيةً وعِشْرين، ثم رأَوْا هِلالَ شوَّالٍ، أفْطَروا قَطْعًا، وقضَوْا يوْمًا فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه حَنْبَلٌ. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ويتَوجَّهُ تخْريجٌ واحْتِمالٌ. يعْنِى، أنَّهم يقْضُون يوْمَيْن. قوله: ومَن رأى هِلالَ رَمَضانَ وحْدَه ورُدَّتْ شَهادَتُه، لَزِمَه الصَّوْمُ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونَقَل حَنْبَلٌ، لا يَلْزمُه الصَّوْم. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال الزَّرْكَشِىُّ، وصاحِبُ «الفائِق»: هذه الرِّوايَةُ أنَصُّهما عن أحمدَ. فعلى المذهبِ، يَلْزَمُه حُكْمُ رَمَضانَ، فيقَعُ طلاقُه وعِتْقُه المُعَلَّقُ بهِلالِ رَمَضانَ، وغيرُ ذلك مِن خَصائصِ الرَّمَضانِيَّةِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيَةِ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: لا يَلْزَمُه شئٌ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، أنَّه يَلْزَمُه جمعُ الأحْكامِ، خَلا الصِّيامَ على هذه الرِّوايَةِ. ويأْتِى فى بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، عندَ قوْلِه: وإنْ جامَعَ فى يوْم رأَى الهِلالَ فى لَيْلَتِه، ورُدَّتْ شَهادَتُه. بعضُ ما يتَعلَّقُ بذلك. فعلى الأُولَى، هل يُفْطِرُ يوْمَ الثَّلاِثين مِن صِيام النَّاسِ؛ لأنَّه قد كَمَّلَ العِدَّةَ فى حقِّه، أم لا يُفْطِرُ؟ فيه وَجْهان. ذكرَهُما أبو الخَطَّابِ، وقال فى «الرِّعايَتَيْن»، وتابعَه فى «الفائِق»: قلتُ: فعلَى الأوَّلَةِ، هل يُفْطِرُ مع النَّاسِ، أو قبلَهم؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وأطْلقَ الوَجْهَين فى «الفُروعِ». وقال: ويتَوجَّهُ عليهما وُقوعُ

وَإنْ رَأى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، لَمْ يُفْطِرْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلاقِه، وحَلُّ دَيْنِه المُعَلَّقَيْن به. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: فعلى الأَوَّلَةِ يقَعُ طَلاقُه، ويحِلُّ دَيْنُه المُعَلَّقان به. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقَواعِدُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ تَقْتَضِى أنَّه لا يُفْطِرُ إلَّا مع النَّاسِ، ولا يَقَعُ طَلاقُه المُعَلَّقُ، ولا يحِلُّ دَيْنُه. وتقدَّم إذا قُلْنا: يُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلٍ واحدٍ. أنَّه خَبَرٌ لا شَهادَةٌ، فَيلْزَمُ مَن أخْبرَه الصَّوْمُ. قوله: وإنْ رأَى هِلالَ شَوَّالٍ وَحْدَه، لم يُفْطِرْ. هذا المذهبُ، نقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو حَكيمٍ: يتَخرَّجُ أنْ يُفْطِرَ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ: يجِبُ الفِطْرُ سِرًّا. وهو حَسَنٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى مَن رأَى هِلالَ شَوَّالٍ وحدَه: وعنه، يُفْطِرُ. وقيلَ: سِرًّا. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: لا يجوزُ إظْهارُ الفِطْرِ إجْماعًا. قال القاضِى: يُنْكَرُ على مَن أكَل فى رَمضانَ ظاهِرًا، وإنْ كان هناك عُذْرٌ. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه المَنْعُ مُطْلقًا. وقيل لابنِ عَقيلٍ: يجِبُ مَنْعُ مُسافِرٍ ومَريضٍ وحائضٍ مِنَ الفِطْرِ ظاهِرًا؛ لِئَلَّا يُتَّهَمَ؟ فقال: إنْ كانتْ أعْذارٌ خَفِيَّةٌ، يُمْنَعُ مِن إظْهارِه؛ كمَريضٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أمارَةَ له، ومُسافرٍ لا عَلامَةَ عليه. تنبيه: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: والنِّزاعُ فى أصْلِ المَسْأَلةِ مَبْنىٌّ على أصْلٍ، وهو أنَّ الهِلالَ، هل هو اسْمٌ لِمَا يطْلُعُ فى السَّماءِ وإنْ لم يَشْتَهِرْ ولم يَظْهَرْ، أو أنَّه لا يُسَمَّى هِلالًا إلَّا بالظُّهورِ والاشْتِهارِ, كما يدُلُّ عليه الكِتابُ، والسُّنَّةُ، والاعْتِبارُ؟ فيه قوْلان للعُلَماءِ، هما رِوايَتان عن أحمدَ. فائدتان؛ إحْداهما، قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: المُنْفَرِدُ بمَفازَةٍ ليس بقُرْبِه

وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ، تَحَرَّى وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بلَدٌ، يَبْنِى على يَقِينِ رُؤْيَتِه؛ لأنَّه لا يتَيَقَّنُ مُخالَفَةَ الجماعَةِ، بل الظَّاهِرُ الرُّؤْيَةُ بمَكانٍ آخَرَ. الثَّانيةُ، لو رَآه عدْلان، ولم يَشْهَدا عندَ الحاكِم، أو شَهِدا فرَدَّهُما لجَهْلِه بحالِهما، لم يجُزْ لأحَدِهما، ولا لمَن عرَف عَدالتَهما، الفِطْرُ بقَوْلِهما، فى قِياسِ المذهبِ. قالَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»؛ لِمَا فيه مِنَ الاخْتِلافِ، وتَشْتِيتِ الكَلِمَةِ، وجَعْلِ مَرْتَبَةِ الحاكِم لكُلِّ إنْسانٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم المُصنِّفُ، والشَّارِحُ بالجَوازِ. [وهو الصَّوابُ] (¬1). قوله: وإذا اشْتَبَهَتِ الأشْهُرُ على الأسِيرِ، تَحَرَّى وصامَ، فإنْ وافَقَ الشَّهْرَ، أو ما بعدَه، أجْزَأَه. إنْ وافقَ صَوْمُ الأسيرِ ومَن فى مَعْناه، كالمَطْمُورِ ومَن بِمَفازَةٍ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

أَو ما بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِهم، شَهْرَ رَمَضانَ، فلا نِزاعَ فى الإِجْزاءِ، وإنْ وافقَ ما بعده، فَتارَةً يُوافِقُ رَمَضانَ القابِلَ، وتارةً يُوافِقُ ما قبلَ رَمَضانَ القابِلِ؛ فإنْ وَافقَ ما قبلَ رَمَضانَ القابِلِ، فلا نِزاعَ فى الإِجْزاءِ, جزَم المُصَنِّفُ، لكِنْ إنْ صادَفَ صَوْمُه شَوَّالًا أو ذا الحِجَّةِ، صامَ بعدَ الشَّهْرِ يَوْمًا مَكانَ يَوْمِ العيدِ، وأرْبَعًا إنْ قُلْنا: لا تُصامُ أيَّامُ التَّشْريقِ. ويأْتِى ما إذا صامَ شهْرًا كامِلًا عن رَمَضانَ، وكان أحَدُهما ناقِصًا، فى بابِ ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ. وإنْ وافَقَ رَمَضانَ السَّنَةَ القابِلَةَ، فقال المَجْدُ فى «شَرْحِهِ»: قِياسُ المذهبِ، لا يُجْزِئُه عن واحدٍ منهما إنِ اعْتَبرْنا نِيَّةَ التَّعْيينِ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم نَعْتَبِرْها، وقَع عن رَمَضانَ الثَّانِى، وقضَى الأوَّلَ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قوله: وإنْ وافَقَ قبلَه، لم يُجْزِئْه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفائقِ»: قلتُ: وتتَوَجَّهُ الصِّحَّةُ، بناءً على أنَّ فَرْضَه اجْتِهادُه. فعلى المذهبِ، لو صامَ شَعْبانَ ثَلاثَ سِنين مُتوالِيَةٍ، ثُمَّ عَلِمَ بذلك، صامَ ثلاثَةَ أشْهُرٍ، شَهْرًا على إثْرِ شَهْرٍ، كالصَّلاةِ إذا فاتَتْه. نقَلَه مُهَنَّا، وذكَرَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم، واللَّهُ أعلمُ، أنَّ هذه المَسْأَلَةَ كالشَّكِّ فى دُخولِ وَقْتِ الصَّلاةِ، على ما سبَق. وسبَق فى بابِ النِّيَّةِ، تصِحُّ نِيَّةُ القَضاءِ بِنيَّةِ الأداءِ وعَكْسُه، إذا بانَ خِلافُ ظَنِّه للعَجْزِ عنها. انتهى. فائدة: لو تحَرَّى وشَكَّ، هل وقَع صَوْمُه قبلَ الشَّهْرِ أو بعدَه؟ أجْزَأَه، كمَن تحَرَّى فى الغَيْمِ وصلَّى. ولو صامَ بلا اجْتِهادٍ، فحُكْمُه حكْمُ مَن خَفِيَتْ عليه

وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ إِلَّا عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِىٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القِبْلَةُ، على ما تقدَّم. ولو ظَنَّ أنَّ الشَّهْرَ لم يدْخُلْ فَصامَ، ثم تَبَيَّنَ أنَّه كان دخَل، لم يُجْزِئْه. وسبَق فى القِبْلَةِ وَجْهٌ بالإِجْزاءِ. فكذا هنا. ولو شَكَّ فى دُخولِه، فكما لو ظَنَّ أنَّه لم يدْخُلْ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ونَقل مُهَنَّا، إنْ صامَ لا يدْرِى هو رَمَضانَ أوْ لا؟ فإنَّه يَقْضِى إذا كان لا يدْرِى. ويأتِى ما يتَعلَّقُ بالقضَاءِ فى بَابِه. قوله: ولا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا على المُسْلِم العاقِلِ البالِغ القادِرِ على الصَّوْمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتَرَزَ مِن غيرِ القادِرِ، كالعاجِزِ عنِ الصَّوْمِ لِكبر أو مَرضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، وما فى مَعْناه، على ما يأْتِى إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى. قوله: ولا يَجِبُ علَى كافرٍ ولا مَجْنُونٍ. تقدَّم حُكْمُ الكافرِ فى كتابِ الصَّلاةِ. والرِّدَّةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ إجْماعًا، فلو ارْتَدَّ فى يَوْمٍ، ثم أسْلَمَ فيه أو بعدَه، أو ارْتَدَّ فى ليْلَةٍ، ثم أسْلَمَ فيها، فجزَم المُصَنِّفُ وغيرُه بقَضائِه. وقال المَجْدُ: يَنْبَنِى على الرِّوايتَيْن فيما إذا وُجِدَ المُوجِبُ فى بعضِ اليومِ، فإنْ قُلْنا: يجِبُ. وجَب هنا، وإلَّا فلا. وأمَّا المَجْنُونُ، فَيأْتِى حُكْمُه بعدَ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا صَبِىٍّ. يعْنِى، لا يجِبُ الصَّوْمُ عليه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهِبِ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، قال القاضِى: المذهَبُ عِندى، روايَةً واحِدَةً، لا يجبُ الصَّوْمُ حتى يَبْلُغَ. وعنه، يجِبُ على المُمَيِّزِ إنْ أَطاقَه، وإلَّا فلا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى، وأطْلَقهما فى «الحاوِيَيْن». وأطْلقَ فى «التَّرْغِيبِ»، وجْهَين. وأطْلَق ابنُ عَقيلٍ الرِّوايتَيْن، ومُرادُهم، إذا كانَ مُمَيِّزًا, كما صرَّح به جماعةٌ.

وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِهِ إِذَا أَطَاقَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجِبُ على مَن بلَغ عَشْرَ سِنِين وأَطاقَه. وقد قال الخِرَقِىُّ: يُؤْخَذُ به إذن. فائدة: أكثرُ الأصحابِ أطْلَقَ الإِطاقَةَ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وحَدَّ ابنُ أبى مُوسَى إطاقَتَه بصوْمِ ثلَاثةِ أيَّامٍ مُتَوالِيَةٍ ولا يضُرُّه. قوله: لكِنْ يُؤْمَرُ به إذا أطاقَه، ويُضْرَبُ عليه ليَعْتادَه. يعْنِى، على القوْلِ بعَدَمِ الوُجوبِ. قال أكثرُ الأصحابِ: يكونُ الأمْرُ بذلك والضَّرْبُ عندَ الإِطاقَةِ. قاله فى «الفُروعِ». وذكَر المُصَنِّفُ قوْلَ الخرَقِىِّ، وقال: اعْتِبارُه بالعَشْرِ أوْلَى؛ لأمْرِه، علبه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، بالضَّرْبِ على الصَّلاةِ عندَها. وقال المَجْدُ: لا يُؤْخَذُ به، ويُضْرَبُ عليه فيما دُونَ العَشْرِ، كالصَّلاةِ. وعلى كِلا القَوْلَيْن، يجِبُ ذلك على الوَلىِّ. صرَّح به جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ».

وَإذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فى أَثْنَاءِ النَّهَارِ، لَزِمَهُمُ الإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ رَزِينٍ: يُسَنُّ لِوَلِيِّه ذلك. فائدة: حيثُ قُلْنا بوُجوبِ الصَّومِ على الصَّبِىِّ، فإنَّه يَعْصى بالفِطْرِ، ويَلْزَمُه الإِمْساكُ والقَضاءُ كالبالِغِ. قوله: وإذا قامَتِ البَيِّنَةُ بالرُّؤْيَةِ فى أثْناء النَّهارِ، لَزِمهم الإِمْسَاكُ والقَضاءُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر أبَو الخَطَّابِ رِوايةً، لا يَلْزَمُ الإِمْساكُ.

وَإنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ، أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ، أَوْ بَلَغَ صَبِىٌّ، فَكَذَلِكَ. وَعَنْهُ، لَا يَلْزَمُهُمْ شَىْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُمْسِكُ ولا يَقْضِى، وأنَّه لو لم يعْلَمْ بالرُّؤْيَةِ إلَّا بعدَ الغُروبِ، لم يَلْزَمْه القَضاءُ. قوله: وإنْ أسْلَمَ كافِرٌ، أو أفَاقَ مَجْنُونٌ، أو بلَغ صَبِىٌّ، فكذلك. يعْنِى، يَلْزَمُهم الإِمْساكُ والقَضاءُ إذا وُجِدَ ذلك فى أثْناءِ النَّهارِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يجِبُ الإِمْساكُ ولا القَضاءُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، وقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه لم يُدْرِكْ وَقْتًا يمْكِنُه التَّلَبُّسُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىُّ فى «الكَافِى». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». وأطْلقَهُما فى المَجْنُونِ، فى «المُغْنِى». وقال الزَّرْكَشِىُّ: وحكَى أبو العبَّاسِ رِوايَةً فيما أظُنُّ، واخْتارَها، يجِبُ الإِمْساكُ دُونَ القَضاءِ. والقَضاءُ فى حقِّ هؤلاءِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويأْتِى أحْكامُ المَجْنُونِ. فائدة: لو أسْلَمَ الكافِرُ الأَصْلِىُّ فى أثْناءِ الشَّهْرِ، لم يَلْزَمْه قَضاءُ ما سبَق منه، بلا

وَإنْ بَلَغَ الصِّبِىُّ صَائِمًا أَتَمِّ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِى. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطِّابِ، عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٍ عندَ الأئمَّةِ الأرْبعَةِ. قوله: وإنْ بلغَ الصَّبِىُّ صَائمًا -أَىْ بالسِّنِّ أو الاحْتِلامِ- أَتَمَّ، ولا قَضاءَ عليه عندَ القاضِى. كنَذْرِه إتْمامَ نَفْلٍ. قال فى «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»: فلا قَضاءَ فى الأصحِّ. وصحَّحَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدُّمه فى «المُستَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعندَ أبى الخَطَّابِ، عليه القَضَاءُ، كالصَّلاةِ إذا بلَغ فى أثْنائِها. وجزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «الوَجيزِ». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكَافِى»، و «المُغْنِى»،

وَإِنْ طَهُرَتْ حَائِضٌ، أَوْ نُفَسَاءُ، أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ مُفْطِرًا، فَعَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ. وَفِى الْإِمْسَاكِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهَادِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِهِ»، و «مُحَررِهِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». والخِلاف هنا مَبْنىٌّ على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ فى المَسْأَلَةِ التى قبلَها. فائدة: لو عَلِمَ أنَّه يبْلُغُ فى أثْناءِ اليوْمِ بالسِّنِّ، لم يَلْزَمْه الصَّوْمُ قبلَ زَوالِ عُذْرِه؛ لوُجودِ المُبِيحِ. قالَه الأصحابُ. ولو عَلِمَ المُسافِرُ أنَّه يَقْدَمُ غدًا، لَزِمَه الصَّوْمُ، على الصَّحيحِ. نقَلَه أبو طالِبٍ، وأبو داوُدَ، كمَن نذَر صَوْمَ يومِ يَقْدَمُ فُلانٌ، وعَلِمَ قُدومَه فى غَدٍ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: يُسْتَحَبُّ؛ لوُجودِ سبَبِ الرُّخْصَةِ. قال المَجْدُ: وهو أقْيَسُ؛ لأنَّ المُخْتارَ أنَّ مَن سافرَ فى أثْناءِ يَوْمٍ له الفِطْرُ. قوله: وإنْ طَهُرَتْ حائِضٌ، أو نُفَساءُ، أو قَدِمَ المُسافِرُ مفْطِرًا، فعليهم القَضاءُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إجْماعًا. وفى الإِمْساكِ رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يَلْزَمُه الإِمْساكُ. وهو المذهَبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَهم الإِمْساكُ، على الأصحِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيح»، و «فُصُولِ ابنِ عَقِيلٍ». قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: أمْسَكُوا على الأظْهَرِ. ونَصَرَه فى «المُبْهِجِ»، وجزَم به فى «الإِيضاحِ»، و «الوَجيز»، و «الإِفاداتِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّانية، لا يَلْزَمُهم الإمْساكُ. وتقدَّم أنَّ مَن أُبِيحَ له الفِطْرُ؛ مِنَ الحائِض، والمَريضِ، وغيرِهما، لا يجوزُ لهم إظْهارُه، عندَ قوْلِه: وإنْ رأَى هِلالَ شَوَّالٍ وحدَه، لم يُفْطِرْ. ويأْتِى فى أحْكامِ أهْلِ الذِّمَّةِ مَنْعُهم مِن إظْهارِ الأكْل فى رَمَضانَ. فوائد؛ الأُولَى، لو أبْرَأ المَريضُ مُفْطِرًا، فحُكْمُه حُكْمُ الحائضِ والنُّفَساءِ والمُسافِرِ. الثَّانيةُ، لو أفْطَرَ المُقِيمُ متَعَمِّدًا، ثم سافرَ فى أثْناءِ اليَوْمِ، أو تعَمَّدَتِ المرأةُ الفِطْرَ، ثم حاضَتْ فى أثْناءِ اليوْمِ، لَزِمَهم الإِمْساكُ فى السَّفَرِ والحَيْضِ. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وحَنْبَل. فيُعايَى بها. ووجَّه فى الفُروعِ عدَمَ الإِمْساكِ مع الحَيْضِ ومع السَّفَرِ خِلافًا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وعنه فى صائمٍ أفْطَرَ

وَمَنْ عَجَزَ عَن الصَّوْمِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَمْدًا، أو لم يَنْوِ الصَّوْمَ حتى أصْبَحَ، لا إمْساكَ عليه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وأطْلَقَ جماعةٌ الرِّوايتَيْن فى الإِمْساكِ. وقال فى «الفُصُولِ»: يُمْسِكُ مَن لم يُفْطِرْ، وإلَّا فرِوَايتَان. ونقَل الحَلْوَانِىُّ، إذا قال المُسافِرُ: أُفْطِرُ غدًا. أنَّه كقُدومِه مُفْطِرًا. وجعَلَه القاضِى محَلَّ وِفاقٍ. الثَّالثةُ، إذا قُلْنا: لا يجِبُ الإِمْساكُ. فقَدِمَ مُسافِرٌ مُفْطِرًا، فوَجَد امْرأَتَه طَهُرَتْ مِن حَيْضِها، جازَ له أنْ يَطأَها. فيُعايَى بها. الرَّابعةُ، لو حاضَتِ امْرأةٌ فى أثْناءِ يَوْمٍ، فقال الإِمامُ أحمدُ: تُمْسِكُ، كمُسافِرٍ قَدِمَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجعَلَها القاضِى كعَكْسِها، تَغْلِيبًا للواجِبِ. ذكَرَه ابنُ عَقيلٍ فى «المَنْثُورِ»، وذكَرَ فى «الفُصُولِ»، فيما إذا طرَأ المانِعُ، رِوايتَيْن. وذكَرَه المَجْدُ. قال فى «الفُروعِ»: ويُؤْخَذُ مِن كلامِ غيرِه، إنْ طرَأ جُنُونٌ، وقُلْنا: يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وإنَّه لا يَقْضِى، أنَّه هل يَقْضِى على الرِّوايَتَيْن فى إفاقَتِه فى أثْناءِ يَوْمٍ، بجامِعَ أنَّه أدْرَكَ جُزْءًا مِنَ الوَقتِ؟ قال فى «الفُرُوعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، لا إمْساكَ مع المانِعِ، وهو أظْهَرُ. الخامسةُ، لا يَلْزَمُ مَن أفْطَرَ فى صَوْمٍ واجِبٍ، غيرِ رَمَضانَ، الإِمْساكُ. ذكَرَه جماعةٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُ. قوله: ومَن عجَز عَنِ الصَّوْمِ لكِبَرٍ، أو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، أفطَرَ وأَطْعَم عن كلِّ يَوْم مِسْكينًا. بلا نِزاعٍ، لكنْ لو كانَ الكَبيرُ مُسافِرًا أو مَرِيضًا، فلا فِدْيَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لفطْرِه بعُذْرٍ مُعْتَادٍ. ذكَرَه القاضِى فى «الخِلافِ». قاله فى «الفُروعِ». وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ذكَرَه القاضِى فى «تَعْلِيقِه». وهما كِتابٌ واحِدٌ، ولا قَضاءَ عليه والحالَةُ هذه؛ للعَجْزِ عنه، وتَبعَ القاضِى مَن بعدَه، فيُعايَى بها. ويأْتِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُ الكَفَّارَةِ إذا عجَز عنها، بعدَ أحْكام الحامِلِ والمُرْضِعِ. ويأْتِى آخِرَ بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، إذا عجَزَ عن كفَّارَةِ الوَطْءِ وغيرِه. فائدتان؛ إحداهما، لو أطْعَمَ العاجِزُ عنِ الصَّوْمِ؛ لكِبَرٍ، أو مرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، ثم قدَر على القضاءِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ المعْضُوبِ فى الحَجِّ إذا أُحِجَّ عنه ثم عُوفِىَ. على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى كتابِ الحَجِّ. جزمَ به المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَرَ بعضُ الأصحابِ احْتِمالَيْن؛ أحَدُهما، هذا. والثَّانِى، يَلْزَمُه القَضاءُ بنَفْسِه. الثَّانيةُ، المُرادُ بالإِطعامِ هنا، ما يُجْزِئُ فى الكفَّارَةِ. قالَه الأصحابُ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: أفْطَرَ وأطعَمَ عن كلِّ يوْمٍ مِسْكينًا. أنَّه لا يُجْزِئُ الصَّوْمُ

وَالْمَرِيضُ إِذَا خَافَ الضَّرَرَ، وَالْمُسَافِرُ، اسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ، فَإِنْ صَامَا أَجزَأَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنهما. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لو تَبرَّعَ إنْسانٌ بالصَّوْمِ عن من لا يُطِيقُه لكِبَرٍ ونحوِه، أو عن مَيِّتٍ، وهما مُعْسِران، توَجَّه جَوَازُه؛ لأنَّه أَقْرَبُ إلى المُمَاثَلَةِ مِنَ المالِ. وحكَى القاضِى فى صَوْمِ النَّذْرِ فى حَياةِ النَّاذِرِ نحوَ ذلك. قوله: والمريضُ إذا خافَ الضَّرَر، والمُسافِرُ، اسْتُحِبَّ لهما الفِطْرُ. أمَّا المَرِيضُ إذا خافَ زِيادَةَ مَرضِه، أو طُولَه، أو كان صَحيحًا، ثم مَرِضَ فى يَوْمِه، أو خافَ مرَضًا لأَجْلِ العَطَشِ أو غِيرِه، فإنَّه يُسْتَحَبُّ له الفِطْرُ، ويُكْرَهُ صوْمُه وإتْمامُه إِجْماعًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، [مَن لم يُمْكِنْه التَّداوِى فى مرَضِه] (¬1)، وتَرْكُه يَضُرُّ به، فلَه ¬

(¬1) قال المرداوى -صاحب الإنصاف- فى تصحيح الفروع: كذا فى النسخ، ولعله: ومن لم يمكنه التداوى فى صومه، أو: ومن لم يمكنه التداوى فى مرضه إلا بفطره. فيكون فيه نقص، وهذا أولى من التقدير الأول. انظر الفروع 3/ 27.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّداوِى. نقَلَه حَنْبَلٌ فى من به رَمَدٌ يخَافُ الضَّرَرَ بتَرْكِ الاكْتِحالِ لتَضَرُّرِه بالصَّوْمِ، كتَضَرُّرِه بمُجَرَّدِ الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، مفْهومُ قوْلِه: والمريضُ إذا خافَ الضَّرَرَ. أنَّه إذا لم يَخَفِ الضَّرَرَ لا يُفْطِرُ. وهو صَحِيحٌ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ»، فى وَجَعِ رَأْسٍ وحُمَّى، ثم قال: قلتُ: إلَّا أنْ يتَضَرَّرَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقيل لأحمدَ: متى يُفْطِرُ المَرِيضُ؟ قال: إذا لم يَسْتَطِعْ. قيل: مِثْلُ الحُمَّى؟ قال: وأىُّ مرَضِ أشَدُّ مِنَ الحُمَّى! الثَّالثةُ، إذا خافَ التَّلَفَ بصَوْمِه، أجْزَأَ صَوْمُه، وكُرِهَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «عُيُونِ المَسائِلِ»، و «الانْتِصَارِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» , و «الفائقِ»، وغيرِهم: يَحْرمُ صَوْمُه. قال فى «الفُروعِ»: ولم أَجِدْهم ذكَروا فى الإِجْزاءِ خِلافًا. وذكَرَ جماعةٌ فى صَوْمِ الظِّهارِ، أنَّه يجِبُ فِطْرُه بمَرَضٍ مَخُوفٍ. الرَّابعةُ، لو خافَ بالصَّوْمِ ذَهابَ مالِه، فسَبَق أنَّه عُذْرٌ فى تَرْكِ الجُمُعَةِ والجَماعَةِ وفى صَلاةِ الخَوْفِ. الخامسةُ، لو أحاطَ العدُوُّ ببَلَدٍ، والصَّوْمُ يُضْعِفُهم، فهل يجوزُ الفِطْرُ؟ ذكَرَ الخَلَّالُ رِوايتَيْن. وقال ابنُ عَقيلٍ: إنْ حصَر العَدُوُّ بلَدًا، أو قصَد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْلِمون عَدُوَّا بمَسافَةٍ قريبةٍ، لم يَجُزِ الفِطْرُ والقَصْرُ، على الأصحِّ. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا كانُوا بأرْضِ العَدُوِّ، وهم بالقُرْبِ، أفْطَرُوا عندَ القِتالِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الفِطْرَ؛ للتَّقَوِّى على الجِهادِ، وفعَلَه هو، وأمرَ به لمَّا نزَل العَدُوُّ دِمَشقَ. وقدَّمه فى «الفائقِ»، وهو الصَّوابُ. فعلى القَوْلِ بالجَوازِ، يُعايَى بها. وذكَر جماعةٌ، فى مَن هو فى الغَزْوِ، وتَحْضُرُ الصَّلاةُ والماءُ إلى جَنْبِه، يخَافُ إنْ ذهَب إليه على نَفْسِه، أو فَوْتَ مَطْلُوبِه، فعنه، يَتَيَمَّمُ ويُصَلِّى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، لا يَتَيَمَّمُ ويُؤخِّرُ الصَّلاةَ. وعنه، إنْ لم يخَفْ على نَفْسِه، تَوَضَّأَ وصلَّى. وسبَق ذلك فى التَّيَمُّمِ، وأنَّ المذهبَ، أنَّه يتَيَمَّمُ ويُصَلِّى. السَّادِسةُ، لو كان به شَبَقٌ يخَاف منه تشَقُّقَ أُنثَيَيْه، جامَعَ وقَضَى ولا يُكَفِّرُ. نقَلَه الشَّالَنْجِىُّ. قال الأصحابُ: هذا إذا لم تنْدَفِعْ شهْوَتُه بدُونِه، فإنِ انْدفعَتْ شهْوتُه بدُونِ الجِماعِ، لم يَجُزْ له الجِماعُ. وكذا إنْ أمْكَنَه أنْ لا يُفْسِدَ صوْمَ زوْجَتِه، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ للضَّرُورَةِ، فإذا تضَرَّرَ بذلك، وعندَه امْرأةٌ؛ حائضٌ وصائمَةٌ، فقِيلَ: وَطْءُ الصَّائمةِ أوْلَى؛ لتَحْريمِ الحائضِ بالكِتابِ، ولتَحْريمِها مُطْلَقًا. صحَّحَه العَلَّامَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَجَبٍ، فى «القاعِدَةِ الثَّانيةَ عشْرَةَ بعدَ المِائَةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقيلَ: يتخَيَّرُ؛ لإِفْسادِ صوْمِها. وأطْلقَهُما فى «الفُروعِ»، وهما احْتِمالان بوَجْهَيْن مُطْلَقَيْن فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». السَّابعةُ، لو تعَذَّرَ قَضاؤْه؛ لدَوامِ شَبَقِه، فحُكْمُه حُكْمُ العاجِزِ عنِ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ أو مرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه. على ما تقدَّم قرِيبًا. ذكَرَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّامنةُ، حُكْمُ المرَضِ الذى يُنْتفَعُ فيه بالجِماعِ، حُكْمُ مَن يخافُ مِن تشَقُّقِ أُنثَيَيْه. قوله: والمسَافِرُ يُسْتَحَبُّ له الفِطْرُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وسواءٌ وجَد مشَقَّةً أم لا. وفيه وَجْهٌ، أنَّ الصَّوْمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفضَلُ. ذكَرَه فى القاعِدَةِ الثَّانيةِ والعِشْرِين مِنَ «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، المُسافِرُ هنا، هو الذى يُباحُ له القَصْرُ. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يُباحُ له الفِطْرُ، ولو كان السَّفَرُ قَصِيرًا. الثَّانيةُ، لو صامَ فى السَّفَرِ، أجْزَأَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يُعْجِبُنِى. واحْتَجَّ حَنْبَلٌ بقَوْلِه، علَيه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فى السَّفَرِ» (¬1). قال فى «الفُروعِ»: والسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هذا القَوْلَ. ورِوايةُ حَنْبَلٍ تَحْتَمِلُ عدَمَ الإِجْزاءِ، ويُؤَيِّدُه تَفَرُّدُ حَنْبَلٍ، وحَمْلُها على رِوايَةِ الجماعةِ أَوْلَى. فعلى المذهبِ، ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى صفحة 372.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو صامَ فيه كُرِهَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحَكَاه المَجْدُ عنِ الأصحابِ. قال: وعندِى لا يُكْرَهُ إذا قَوىَ عليه. واخْتارَه الآجُرِّئُ. وظاهِرُ كلام ابنِ عَقيلٍ فى «مُفْرَداتِه»، وغيرِه، لا يُكْرَهُ، بل تَرْكُه أفْضَلُ. قال: وليس الصَّوْمُ أَفْضَلَ. وهو

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فى رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المُفْرَداتِ، وفرَّق بينَه وبينَ رُخْصَةِ القَصْرِ، أنَّها مُجْمَعٌ عليها، تَبْرَأُ بها الذِّمَّةُ. قال فى «الفُروعِ»: ورُدَّ بصَوْمِ المريضِ، وبتَأْخيرِ المَغْرِبِ ليْلَةَ المُزْدَلِفَةِ. الثَّالثةُ، لو سافَرَ ليُفْطِرَ، حَرُمَ عليه. قوله: ولا يَجوزُ أنْ يَصُومَا فى رَمَضانَ عن غيرِه. يعْنِى، المُسافِرَ والمَرِيضَ؛

وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فى سَفَرِهِ، فَلَهُ الْفِطْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا المرِيضُ، فلا نِزاعَ فى عدَمِ الجَوازِ. وأمَّا المُسافِرُ، فالمذهبُ، وعليه الأصحابُ، أنَّه لا يجوزُ مُطْلقًا. وقيلَ: للمسافِرِ صوْمُ النَّفْلِ فيه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو غَرِيبٌ بعيدٌ. فعلى المذهبِ، لو خالفَ وصامَ عن غيرِه، فهل يقَعُ باطِلًا، أو يقَعُ ما نَواه؟ قال فى «الفُروعِ»: هى مَسْأَلةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ. يعْنِى، الآتِيَةَ فى أوَّلِ الفَصْلِ مِن هذا البابِ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو قلَب صوْمَ رَمَضانَ إلى نَفْلٍ، لم يصِحَّ له النَّفْلُ، ويَبْطُلُ فَرْضُه، إلَّا على رِوايَةِ عدَمِ التَّعْيِينِ. فائدة: لو قَدِمَ مِن سَفَرِه فى أثْناءِ النَّهارِ، وكانَ لم يأْكُلْ، فهل ينْعَقِدُ صوْمُه نَفْلًا؟ قال القاضِى: لا ينْعَقِدُ نَفْلًا. ذكَرَه عنه فى «الفُصُولِ»، واقْتَصرَ عليه. قوله: ومَن نوَى الصَّوْمَ فى سَفَرِه، فله الفِطْرُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجوزُ له الفِطْرُ بالجِماعِ؛ لأنَّه لا يقْوَى على السَّفَرِ. فعلى الأوَّلِ، قال أكثرُ الأصحابِ: لأنَّ مَن له الأَكْلُ له الجِماعُ، كمَن لم يَنْوِ. وذكَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، مِنهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّه يُفْطِرُ بنِيَّةِ الفِطْرِ، فيَقَعُ الجماعُ بعدَ الفِطْرِ. فعلى هذا، لا كَفَّارَةَ بالجِماعِ. اخْتارَه القاضِى، وأكثرُ الأَصحابِ. قالَه المَجْدُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر بعضُهم رِوايَةً، أنَّه يُكَفِّرُ. وجزمَ به على هذا. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. انتهى. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، إنْ جامَعَ، كَفَّرَ، على الصَّحيحِ عليها. وعنه، لا يُكَفِّرُ؛ لأنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِى جَوازَه، فلا أقلَّ مِنَ العَملِ به فى إسْقاطِ الكفَّارَةِ، لكِنْ له الجِماعُ بعدَ فِطْرِه بغيرِه، كفِطْرِه بسَبَب مُباحٍ. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ فى آخِرِ بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وهو قوْلُه: وإنْ نوَى الصَّوْمَ فى سفَرِه، ثم جامَعَ، فلا كَفَّارَةَ عليه. فائدة: المَرِيضُ الذى يُباحُ له الفِطْرُ، حُكْمُه حُكْمُ المُسافِرِ فيما تقدَّم. قالَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ وغيرُهما. وجعَلَه القاضِى، وأصحابُه، وابنُ شِهابٍ فى كُتُبِ الخِلافِ، أصْلًا للكَفَّارَةِ على المُسافِرِ، بجامعِ الإِباحَةِ. وجزمَ جماعةٌ.

وَإنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ، ثُمَّ سَافَرَ فى أَثْنَائِهِ، فَلَهُ الْفِطْرُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الأصحابِ بالإِباحَةِ على النَّفْلِ. ونقَل مُهَنَّا فى المريضِ، يُفْطِرُ بأَكْلٍ. فقلتُ: يُجامِعُ؟ قال: لا أدْرِى. فأَعَدْتُ عليه، فحوَّل وَجْهَه عَنِّى. قوله: وإنْ نَوَى الحاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ، ثم سافَرَ فى أثْنائِه، فله الفِطْرُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، سواءٌ كان طَوْعًا أو كَرْهًا. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، ولكنْ لا يُفْطِرُ قبلَ خُروجِه. وعنه، لا يجوزُ له الفِطْرُ مُطْلَقًا. ونقَلَ ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ نوَى السَّفَرَ مِنَ اللَّيْلِ، ثم سافَرَ فى أثْناءِ النَّهارِ، أفْطَرَ، وإنْ نوَى السَّفَرَ فى النَّهارِ، وسافَرَ فيه، فلا يُعْجِبُنِى أنْ يُفْطِرَ فيه. والفَرْقُ أنَّ نِيَّةَ السَّفَرِ مِنَ اللَّيْلِ تَمْنَعُ الوجُوبَ، إذا وُجِدَ السَّفَرُ فى النَّهارِ، فيكونُ الصِّيامُ قبلَه مُراعًى، بخِلافِ ما إذا طرَأَتِ النِّيَّةُ والسَّفَرُ فى أثْناءِ النَّهارِ. قاله فى «القَواعِدِ». وعنه، لا يجوزُ له الفِطْرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بجِماعٍ، ويجوزُ بغيرِه. فعلى المَنْعِ، لو وطِئَ وجَبَتِ الكفَّارَةُ، على الصَّحيحِ. وجعَلَها بعضُ الأصحابِ كمن نوَى الصَّوْمَ فى سفَرِه، ثم جامَعَ. على ما تقدَّم قرِيبًا. وعلى الجَوازِ، وهو المذهَبٌ، الأَفْضَلُ له أنْ لا يُفْطِرَ. ذكَرَه القاضِى، وابنُ عَقيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، وغيرُ هم. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ اذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا، وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُعايَى بها. قوله: والحامِلُ والمُرضِعُ إذا خافَتا على أنْفُسِهما، أفْطَرَتا، وقَضَتا. يعْنِى، مِن غيرِ إطْعامٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، وذكَرَ بعضُهم رِوايةً بالإِطْعامِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو نصُّ أحمدَ فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ وصالحٍ، وذكَرَه وتأَوَّلَه القاضِى على خَوْفِها على وَلَدِها. وهو بعيدٌ. انتهى. فائدة: يُكْرَهُ لهما الصَّوْمُ والحالَةُ هذه، قوْلًا واحِدًا. قوله: وإنْ خافَتا على ولَدَيْهما، أفْطَرَتا، وقضَتا، وأطْعَمَتا عن كلِّ يَوْمٍ مِسْكينًا. إذا خافَتَا على وَلَدَيْهِما أفْطَرَتا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، بلا رَيْبٍ، وأطْلَقَه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: إنْ قَبِلَ وَلَدُ المُرْضِعَةِ ثَدْىَ غيرِها، وقَدَرَتْ أنْ تَسْتأْجرَ له، أو له ما (¬1) يُسْتَأْجَرُ منه، فَلْتَفْعَلْ وَلْتَصُمْ، وإلَّا كان لها الفِطْرُ. انتهيا. ولعَلَّه مُرادُ مَنْ أطْلَقَ. فوائد؛ إحداها، يُكْرَهُ لهما الصَّوْمُ والحالَة هذه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وذكَر ابنُ عَقيلٍ فى النُّسَخِ، إنْ خافَتْ حامِلٌ ومُرْضِعٌ على حَمْلٍ ووَلَدٍ، حالَ الرَّضاعِ، لم يَحِلَّ الصَّوْمُ، وعليها الفِدْيَةُ، وإنْ لم تخَف، لم يَحِلَّ الفِطْرُ. الثَّانية، يجوزُ الفِطْرُ للظِّئْرِ، وهى التى تُرْضِعُ وَلَدَ غيرِها، إذا خافَتْ عليه، أو على نفْسِها. قالَه الأصحابُ. وذكَرَ فى «الرِّعايَةِ» قوْلًا، أنَّه لا يجوزُ لها الفِطْرُ إذا خافَتْ على رَضيعِها. وحَكَاه ابنُ عَقيلٍ فى «الفُنُونِ» عن قَوْمٍ. قلتُ لو ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «لم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيلَ: إنَّ محَلَّ ما ذكَرَه الأصحابُ، إذا كانتْ مُحْتاجَةً إلى رَضاعِه، أو هو مُحْتاجٌ إلى رَضاعِها، فأمَّا إذا كانتْ مُسْتَغْنِيَةً عن رَضاعِه، أو هو مُسْتَغْنٍ عن رَضاعِها، لم يَجُزْ لها الفِطْرُ. الثَّالثةُ، يجِبُ الإِطْعامُ على مَن يمُونُ الوَلَدَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقيلٍ في «الفُنُونِ»: يَحْتَمِلُ أنَّه على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُمِّ. وهو أشْبَهُ؛ لأنَّه تبَعٌ لها، ولهذا وجَبَتْ كفَّارَةٌ واحِدَةٌ، ويَحْتَمِلُ أنَّه بينَها وبين مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه مِن قَريبٍ، أو مِن مالِه؛ لأنَّ الإِرْفاقَ لهما. وكذلك الظِّئْرُ، فلو لم تُفْطِرِ الظِّئْرُ فَتَغَيَّرَ لبَنُها أو نقَص، خُيِّرَ المُسْتأْجِرُ، فإنْ قصَدَتِ الإِضْرارَ أَثِمَتْ، وكان للحاكم إلْزامُها الفِطْرَ بطَلَبِ المُسْتَأْجِرِ. ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ تأَذَّى الصَّبِىُّ بنَقْصِه أو تَغْيِيرِه، لَزِمَها الفِطْرُ، فإنْ أبَتْ فلأهْلِه الفَسْخُ. قال في «الفُروعِ»: فيُؤْخَذُ مِن هذا، أنَّه يَلْزَمُ الحاكمَ إلْزامُها بما يَلْزَمُها، وإنْ لم تَقْصِدِ الضَّرَرَ بلا طلَبٍ قبلَ الفَسْخِ. قال: وهذا مُتَّجَهٌ. الرَّابعةُ، يجوزُ صَرْفُ الإِطْعامِ إلى مِسْكينٍ واحدٍ جُمْلَةً واحدةً، بلا نِزاعٍ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، إخْراجُ الإِطْعامِ على الفَوْرِ؛ لوجُوبِه. قال: وهذا أَقْيَسُ. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم في أوَّلِ بابِ إخْراجِ الزَّكاةِ، أنَّ المَنْصُوصَ عنِ الإِمامِ أحمدَ لُزُومُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إخْراجِ النَّذْرِ المُطْلَقِ والكَفَّارةِ على الفَوْرِ. وهذا كفَّارَةٌ. وقال المَجْدُ: إنْ أتَى به مع القَضاءِ، جازَ؛ لأنَّه كالتَّكْمِلَةِ له. الخامسةُ، لا يَسْقُطُ الإِطْعامُ بالعَجْزِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ. واخْتارَه المَجْدُ، وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيلَ: يَسْقُطُ. اخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. وصحَّحَه في «الحاوِى الكَبيرِ». وجزمَ به في «الكافِى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وذكَرَ القاضِى وأصحابُه، يسْقُطُ في الحامِلِ والمُرْضِعِ؛ ككَفَّارةِ الوَطْءِ، بل أَوْلَى للعُذْرِ. ولا يسْقُطُ الإِطْعامُ عنِ الكَبيرِ والمَأْيُوسِ بالعَجْزِ، ولا إطْعامُ مَن أخَّرَ قَضاءَ رَمَضانَ وغيرِه، غيرَ كفَّارَةِ الجِماعِ. وجزمَ به فى «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الفائقِ». السَّادسةُ، لو وجَد آدَمِيًّا مَعْصُومًا فى مَهْلَكَةٍ، كغَريقٍ ونحوِه، فقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ

وَمَنْ نَوَى قَبْلَ الْفَجْر، ثُمَّ جُنَّ، أَوْ أُغْمِىَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ، لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ. وَإِنْ أَفاقَ جُزْءًا مِنْهُ، صَحَّ صَوْمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «فَتَاوِيه»: يَلْزَمُه إنْقاذُه ولو أفْطَرَ. ويأْتِى في الدِّيَاتِ، أنَّ بعضَهم ذكَرَ في وُجوبِه وَجْهَيْن، وذكَرَ بعضُهم هنا وَجْهَيْن، هل يَلْزَمُه الكفَّارَةُ كالمُرْضِعِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال في «التَّلْخيصِ»، بعدَ أنْ ذكَرَ الفِدْيَةَ على الحامِلِ والمُرْضِعِ؛ للخَوْفِ على جَنِينِهما: وهل يلْحَقُ بذلك مَنِ افْتقَرَ إلى الإِفْطارِ لِإنْقاذِ غَريقٍ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وجزمَ في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» بوُجُوبِ الفِدْيَةِ. وقال: لو حصَل له بسَبَبِ إنْقاذِه ضَعْفٌ في نَفْسِه فأفْطَرَ، فلا فِدْيَةَ عليه كالمَريضِ. انتهى. فعلى القَوْلِ بالكفَّارَةِ، هل يرْجِعُ بها على المُنْقَذِ؟ قال في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّه كإِنْقاذِه مِنَ الكُفَّارِ، ونفَقَتِه على الآبِقِ. قلتُ: بل أَوْلَى، وأَوْلَى أيضًا مِنَ المُرْضِعِ. وقالُوا: يجِبُ الإِطْعامُ على مَن يَمُونُ الوَلَدَ، على الصَّحيحِ كما تقدَّم. قوله: ومَن نوَى قبلَ الفَجْرِ، ثمْ جُنَّ، أو أُغْمِىَ عليه جَمِيعَ النَّهارِ، لم يَصِحَّ صَوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَرَ في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ بعضَ الأصحابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خرَّج مِن رِوايَةِ صِحَّةِ صَوْمِ رَمَضانَ بنِيَّةٍ واحدةٍ في أوَّلِه، أَّنه لا يَقْضِى مَن أُغْمِىَ عليه أيَّامًا بعدَ نِيَّتِه المَذْكورَةِ. قوله: وإنْ أَفاقَ جُزْءًا مِنه، صَحَّ صَوْمُه. إذا أفاقَ المُغْمَى عليه جُزْءًا مِنَ النَّهارِ، صحَّ صَوْمُه بلا نِزاعٍ، والجُنونُ كالإِغْماءِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزمَ به في «الحَاوِي» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَإِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ، صَحَّ صَوْمُهُ. وَيَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْمَجْنُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: يَفْسُدُ الصَّوْمُ بقَليلِ الجُنونِ. اخْتارَه ابنُ البَنَّا، والمَجْدُ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ في «الوَاضِحِ»: هل مِن شَرْطِه إفاقَتُه جميعَ يَوْمِه، أو يَكْفِى بعضُه؟ فيه رِوايَتان. قوله: ويَلْزَمُ المُغْمَى عليه القَضَاءُ دُونَ المجنُونِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لُزومُ القَضاءِ على المُغْمَى عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا يَلْزَمُه. قال في «الفائقِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المُخْتارُ. وتقدَّم ما نقَلَه في «المُسْتَوْعِبِ» مِنَ التَّخْريجِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَجْنونَ لا يَلْزَمُه القضاءُ، سَواءٌ فاتَ الشَّهْرُ كلُّه بالجُنونِ أو بعضُه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَلْزَمُ القَضاءُ مُطْلَقًا. وعنه، إنْ أفاقَ في الشَّهْرِ، قضَى، وإنْ أفاقَ بعدَه، لم يَقْضِ؛ لعِظَمِ مشقَّتِه. فائدة: لو جُنَّ في صَوْمِ قَضاءٍ أو كفَّارَةٍ ونحوِ ذلك، قَضاهُ بالوُجوبِ السَّابقِ.

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ وَاجِبٍ، إِلَّا أنْ يَنْوِيَهُ مِنَ اللَّيْلِ مُعَيِّنًا. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ صَوْمُ واجِبٍ، إلَّا أنْ يَنْوِيَه مِنَ اللَّيلِ مُعَيِّنًا. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. يعْنِى، أنَّه لا بُدَّ مِن تَعْيِينِ النِّيَّةِ، وهو أنْ يَعْتَقِدَ أنَّه يصومُ مِن رَمَضانَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مِن قَضائِه، أو نَذْرِه، أو كفَّارَتِه. قال القاضِى في «الخِلَافِ»: اخْتارَها أصحابُنا؛ أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ، وغيرُهما. واخْتارَها القاضِى أيضًا، وابنُ عَقيل، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَها الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أنَصُّهما، واخْتِيارُ الأكْثَرِين. وعنه، لا يجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لرَمَضانَ. فعليها، يصِحُّ بنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، وبنِيَّةِ نَفْلٍ ليْلًا، وبنِيَّةِ فَرْضٍ تردَّدَ فيها. واخْتارَ المَجْدُ، يصِحُّ بنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ؛ لتعَذُّرِ صَرْفِه إلى غيرِ رَمَضانَ، ولا يَصِحُّ بنِيَّةٍ مُقَيَّدَةٍ بنَفْلٍ، أو نَذْرٍ، أو غيرِه؛ لأنَّه ناوٍ تَرْكَه، فكيفَ يُجْعَلُ كنِيَّةِ النَّفْلِ؟ وهذا اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ في «شَرْحِه للمُخْتَصَرِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، إنْ كان جاهِلًا، وإنْ كان عالِمًا فلا. وقال في «الرِّعايَةِ»، فيما وجَب مِنَ الصَّوْمِ في حَجٍّ أو عُمْرَةٍ: يتَخَرَّجُ أنْ لا يَجِبَ نِيَّةُ التَّعْيِينِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: إلَّا أنْ يَنْوِيَه مِنَ اللَّيْلِ. يعْنِى، تُعْتَبرُ النِّيَّةُ مِنَ اللَّيْلِ لكُلِّ صَوْمٍ واجِبٍ، بلا نِزاعٍ، ولو أتَى بعدَ النِّيَّةِ بما يُبْطِلُ الصَّوْمَ، لم يَبْطُلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ حامِدٍ: يَبْطُلُ. قلتُ: وهذا بعيدٌ جِدًّا. وأطْلقَهما في «الحَاوِيَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو نوَتْ حائِضٌ صَوْمَ غَدٍ، وقد عرَفَتِ الطُّهْرَ ليْلًا، فقيلَ: يصِحُّ؛ لمَشَقَّةِ المُقارَنَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيلَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّها ليستْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أهْلًا للصَّوْمِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» بقِيلَ وقِيلَ. وقال في «الرِّعايَةِ»: إنْ نوَتْ حائِضٌ صَوْمَ فَرْضٍ ليْلًا، وقدِ انْقَطَعَ دَمُها، أو تَمَّتْ عادَتُها قبلَ الفَجْرِ، صحَّ صَوْمُها، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لا تَصِحُّ النِّيَّةُ في نهارِ يَوْمٍ لصَوْمِ غَدٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقد شَمِلَه قوْلُ المُصَنِّفِ: إلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يَنْوِيَه مِنَ اللَّيْلِ. وعنه، يصِحُّ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ، فقال: مَن نَوَى الصَّوْمَ عن قَضاءِ رَمَضانَ بالنَّهارِ، ولم يَنْوِ مِنَ اللَّيْلِ، فلا بَأْسَ، إلَّا أنْ يكونَ فسَخ النِّيَّةَ بعدَ ذلك. فقَوْلُه: ولم يَنْوِها مِنَ اللَّيْلِ. يَبْطُلُ به تأْوِيلُ القاضِى. وقوْلُه: عن قَضاءِ رَمَضانَ. يَبْطُلُ به تأْوِيلُ ابنِ عَقيلٍ، على أنَّه يَكْفِى لرَمَضانَ نِيَّةٌ في أوَّلِه. وأقرَّها أبو الحُسَيْنِ على ظاهِرِها. الثَّالثةُ، يُعْتَبرُ لكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةٌ مُفْرَدَةٌ. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُجْزِئُ في أوَّلِ رَمَضانَ نِيَّةٌ واحدَةٌ لكُلِّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَرَها أبو يَعْلَى الصَّغيرُ. وعلى قِياسِه النَّذْرُ المُعَيَّنُ. وأطْلقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». فعليها، لو أفْطَرَ يَوْمًا لعُذْرٍ أوْ غيرِه، لم يصِحَّ صِيامُ الباقِى بتلك النِّيَّةِ. جزمَ به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقيل: يصِحُّ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، فقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: ما لم يَفْسَخْها، أو يُفْطِرْ فيه يوْمًا.

وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَحْتاجُ إلى نِيَّةِ الفَرْضِيَّةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يجِبُ ذلك. وأطْلقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». فائدتان؛ إحداهما، لا يحْتاجُ مع التَّعْيينِ إلى نِيَّةِ الوجُوبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يحْتاجُ إلى ذلك. الثَّانيةُ، لو نَوَى خارِجَ رَمَضانَ قَضاءً ونَفْلًا، أو قَضاءً وكفَّارةَ ظِهَار، فهو نَفْلٌ إلْغاءً لهما بالتَّعارُضِ، فتَبْقَى نِيَّةُ أصْلِ الصَّوْمِ. جزمَ به المَجْدُ في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: على أيِّهما يقَعُ؟ فيه وَجْهان.

وَلَوْ نَوَى، إِنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، فَهُوَ فَرْضِى، وَإلَّا فَهُوَ نَفْلٌ، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: لو نَوَى، إنْ كان غَدًا مِن رَمَضانَ، فهو فَرْضِى، وإلَّا فهو نَفْلٌ، لم يُجْزِئْه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مَبْنِيٌّ على أنَه يُشْترَطُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ، على ما تقدَّم قريبًا. وعنه، يُجْزِئُه. وهي مَبْنِيَّةٌ على رِوَايةِ أنَّه لا يجِبُ تعيِينُ النِّيَّةِ لرَمَضانَ. واخْتارَ هذه الرِّوايَةَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال فى «الفائقِ»: نصَرَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وشيْخُنا، وهو المُخْتارُ. انتهى. ونقَل صالِحٌ عن أحمدَ رِوايَةً ثالثةً بصِحَّةِ النِّيَّةِ المُترَدِّدَةِ والمُطْلَقَةِ مع الغَيْمِ، دُونَ الصَّحْوِ؛ لوجُوبِ صَوْمِه. فوائد؛ منها، لو نَوَى، إنْ كان غدًا مِن رَمَضانَ، فصَوْمِى عنه، وإلَّا فهو عن واجِبٍ عيَّنَه بنِيَّتِه, لم يُجْزِئْه عن ذلك الواجِبِ. وفى إجْزائِه عن رَمَضانَ، إنْ بانَ منه، الرَّوايَتان المُتقَدِّمَتان. ومنها، لو نَوَى، إنْ كان غدًا مِن رَمَضانَ، فصَوْمِى عنه، وإلَّا فأنا مُفْطِرٌ، لم يصِحَّ. وفيه، فى ليْلَةِ الثَّلاثِين مِن رَمَضانَ، وَجْهان؛ للشَّكِّ والبِنَاءِ على الأصْلِ، قدَّم في «الرِّعَايَةِ» الصِّحَّةَ. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسِّتِّين»: صَحَّ صَوْمُه في أَصحِّ الوَجْهَيْن؛ لأنَّه بنَى على أصْلٍ لم يَثْبُتْ زَوالُه، ولا يُقْدَحُ تَرَدُّدُه؛ لأنَّه حُكْمُ صَوْمِه مع الجَزْمِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُجْزِئُه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. ومنها، إذا لم يُرَدِّدِ النِّيَّةَ، بل نَوَىَ ليْلَةَ الثَّلاِثِين مِن شَعْبانَ، أنَّه صائمٌ غدًا مِن رَمَضانَ، بلا مُسْتَنَدٍ شَرْعِىٍّ، كصَحْوٍ أو غَيْمٍ، ولم نُوجِبِ الصَّوْمَ به، فبَانَ منه، فعلى الرِّوايتَيْن في مَن ترَدَّدَ أو نَوَى مُطْلَقًا. وظاهِرُ رِوايَةِ صالحٍ، والأَثْرَمِ، يُجْزِئُه

وَمَنْ نَوَى الإِفْطَارَ، أَفْطَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع اعْتِبارِ التَّعْيِينِ لوجُودِها. قاله في «الفُروعِ» هنا. وقال في كِتابِ الصِّيامِ: ومَن نَواه احْتِياطًا بلا مُسْتَنَدٍ شَرْعِىٍّ، فَبانَ منه، فعنه، لا يُجْزِئُه. وعنه، بلَى. وعنه، يُجزِئُه ولو اعْتَبرَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ. وقيلَ: في الِإجْزاءِ وَجْهان. وتأْتِى المَسْألَةُ. انتهى. ومنها، لا شَكَّ مع غَيْمٍ وقَتَرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بلَى. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. قال: بل هو أضْعَفُ، رَدًّا إلى الأصْلِ. ومنها، لو نَوَى الرَّمَضانِيَّةَ عن مُسْتَنَدٍ شَرْعِىٍّ، أجْزأَه، كالمُجْتَهِدِ في الوَقْتِ. ومنها، لو قال: أنا صائمٌ غدًا، إنْ شاءَ الله تعالَى. فإنْ قصَد بالمَشِيئَةِ الشَّكَّ والتَّرَدُّدَ في العَزْمِ والقَصْدِ، فسَدَتْ نِيَّتُه، وإلَّا لم تَفْسُدْ. ذكَرَه القاضِى فى «التَّعْليقِ»، وابنُ عَقيلٍ في «الفُنُونِ»، واقْتصرَ عليه في «الفُروعِ»؛ لأنَّه إنَّما قصدَ أنَّ فِعْلَه للصَّوْمِ بمَشِيئَةِ الله وتوْفيقِه وتَيْسيرِه، كما لا يَفْسُدُ الإِيمانُ بقَوْلِه: أنا مُؤْمِنٌ، إنْ شاءَ الله تعالَى. غيرَ مُتَرَدِّدٍ في الحالِ. ثم قال القاضِى: وكذا نقولُ في سائرِ العِبَاداتِ: لا تَفْسُدُ بذِكْرِ المَشِيئةِ في نِيَّتِها. ومنها، لو خطَر بقَلْبِه ليْلًا أنَّه صائِمٌ غدًا، فقد نَوَى. قال في «الرَّوْضَةِ»، ومَعْناه لغيرِه: الأكْلُ والشُّرْبُ بنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّة عندَنا. وكذا قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو حينَ يتَعَشَّى يتَعَشَّى عَشاءَ مَن يُريدُ الصَّوْمَ، ولهذا يُفَرَّقُ بينَ عَشاءِ ليْلَةِ العِيدِ، وعَشاءِ ليَالِى رَمَضانَ. قوله: ومَن نَوَى الإِفْطَارَ، أفْطَرَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وزادَ في رِوايَةٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكَفَّرُ إنْ تعَمَّدَه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يَبْطُلُ صَوْمُه. تنبيه: معْنَى قوْلِهم: مَن نَوَى الإِفْطارَ، أفْطَرَ. أي صارَ كمَن لم يَنْوِ، لا كمَن أكَل، فلو كان في نَفْلٍ، ثم عادَ ونَواه، جازَ. نصَّ عليه. وكذا لو كان عن نَذْرٍ أو كفَّارَةٍ أو قَضاءٍ، فقطَع نِيَّتَه، ثم نوَى نَفْلًا، جازَ. ولو قلَب نِيَّةَ نَذْرٍ وقَضاءٍ إلى النَّفْلِ، كان حُكْمُه حُكْمَ مَنِ انْتقَلَ مِن فَرْضِ صَلاةٍ إلى نَفْلِها، على ما تقدَّم في بابِ نِيَّةِ الصَّلاة. وعلى المذهب، لو ترَدَّدَ في الفِطْرِ، أو نوَى أنَّه سَيُفْطِرُ ساعَةً أُخْرَى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو قال: إنْ وجَدْتُ طَعامًا أكَلْتُ، وإلَّا أتْمَمْتُ. فكالخِلافِ فى الصَّلاةِ، قيل: يبْطُلُ؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ بالنَّيَّةِ. نقَل الأثْرَمُ، لا يُجْزِئُه عنِ الواجِبِ، حتى يكونَ عازِمًا

وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ، قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الزَّوَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّوْمِ يوْمَه كلَّه. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وقيلَ: لا يَبْطُلُ؛ لأنَّه لم يجْزِمْ نِيَّةَ الفِطْرِ، والنِّيَّةُ لا يصِحُّ تَعْليقُها. وأطْلقَهما في «الفُرُوعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: ويَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بنِيَّةٍ مِنَ النَّهارِ، قبلَ الزَّوَالِ وبعدَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الفُرُوعِ»: وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضِى في أكثرِ كُتُبِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ومنهم ابنُ أبى مُوسَى، والمُصَنَّفُ. وصحَّحَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»، و «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ». وقال القاضِى: لا يُجْزِئُه بعدَ الزَّوَالِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه في «المُجَرَّدِ»، وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمام أحمدَ. واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ، وابنُ البَنَّا في «الخِصَالِ». وقدَّمه في «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». فائدة: يُحْكَمُ بالصَّوْمِ الشَّرْعِىِّ المُثابِ عليه مِن وَقْتِ النِّيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه أبو طالبٍ. قال المَجْدُ: وهو قَوْلُ جماعَةٍ مِن أصحابِنا؛ منهم القاضِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المناسِكِ مِن «تَعْلِيقِه». واخْتارَه المُصَنَّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه في «الكَافي»، و «الشَرْحِ»، و «الحَاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشىِّ». وقيل: يُحْكَمُ بالصَّوْمِ مِن أوَّلِ النَّهارِ. اخْتارَه القاضِى في «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وجزمَ به فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن». وأطْلقَهما في «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ». فعلى المذهبِ، يَصِحُّ تطَوُّعُ حائضٍ طَهُرَتْ، وكافرٍ أسْلَمَ، ولم يأْكُلَا بقِيَّةَ اليَوْمِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وعلى الثَّانِى، لا يَصِحُّ؛ لامْتِناعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَبْعيضِ صَوْمِ اليَوْمِ، وتعَذُّر تكْميلِه؛ لفِقْدِ الأهْلِيَّةِ في بعضِه. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، يَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ عليهما؛ لأنَّه لا يصِحُّ منهما صَوْمٌ، كمَن أكَل ثُمَّ نوَى صَوْمَ بقِيَّةِ يوْمِه، وما هو ببَعيدٍ.

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ [57 و] وِمَنْ أَكَلَ، أوْ شَرِبَ، أَوِ اسْتَعَطَ، أَوِ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى الْجَائِفةَ بِمَا يَصِلُ إِلَى جَوْفِهِ، أَوِ اكْتَحَلَ بِمَا يَصِلُ إِلَى حَلْقِهِ، أوْ دَاوَى الْمَأمُومَةَ، أوْ قَطَرَ في أُذُنِهِ مَا يَصِلُ إِلَى دِمَاغِهِ، أَوْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مِنْ أىِّ مَوْضِعٍ كَانَ، أوِ اسْتَقَاءَ، أوِ اسْتَمْنَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ ويُوجِبُ الكفَّارةَ قوله: أو اسْتَعَطَ. سواءٌ كان بدُهْنٍ أو غيرِه، فوصَل إلى حَلْقِه أو دِماغِه، فسَد صَوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ في «الكافِى»: إنْ وصَل إلى خَياشِيمِه أفْطَرَ؛ لنَهْيهِ، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، الصَّائمَ عنِ المُبالغَةِ في الاسْتِنْشاقِ. قوله: أو احْتَقَنَ، أو دَاوَى الجائِفَةَ بما يَصِلُ إلى جَوْفِه. فسَد صوْمُه، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ عدَمَ الإِفْطارِ بمُداوَاةِ

أوْ قَبَّلَ أوْ لَمَسَ فَأَمْنَى أوْ أَمْذَى، أوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ حَجَمَ، أَو احْتَجَمَ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، لَمْ يَفْسُدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جائفَةٍ ومَأْمُومَةٍ، وبحُقْنَةٍ. فائدتان؛ إحداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أدْخَلَ شيئًا إلى مُجَوَّفٍ فيه قُوَّةٌ تُحِيلُ الغِذاءَ أو الدَّواءَ مِن أىِّ مَوْضِعٍ كان، ولو كان خَيْطًا ابْتلَعَه كلَّه أو بعضَه، أو طعَن نفْسَه، أو طعَنَه غيرُه بإذْنِه بشيءٍ في جَوْفِه، فغَابَ كلُّه أو بعضُه فيه. الثَّانيةُ، يُعْتَبرُ العِلْمُ بالواصِلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع المَجْدُ في «شَرْحِه» بأنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكْفِى الظَّنُّ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: أو اكْتَحَلَ بما يَصِلُ إلى حَلْقِه. فسَد صوْمُه، وسَواءٌ كان بكُحْلٍ، أو صَبِرٍ، أو قَطُورٍ، أو ذَرُورٍ، أو إثْمِدٍ مُطيَّبٍ. وهذا المذهبُ في ذلك كلَّه، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ أبى مُوسَى: الاكْتِحالُ بما يجِدُ طَعْمَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كصَبِرٍ، يُفَطِّرُ. ولا يُفَطِّرُ الِإثْمِدُ غيرُ المُطِّيبِ إذا كان يَسِيرًا. نصَّ عليه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بذلك كلِّه. وقال ابنُ عَقيلٍ: يُفْطِرُ بالكُحْلِ الحادِّ دُونَ غيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: بما يَصِلُ إلى حَلْقِه. يعْنِى، يتَحقَّقُ الوصُولَ إليه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزمَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، إنْ وصَك يَقِينًا أو ظاهِرًا أفْطَرَ، كالوَاصِلِ منَ الأنْفِ، كما تقدَّم عنه فيما إذا احْتقَنَ أو دَاوَى الجائِفَةَ. قوله: أو دَاوى المأمُومَةَ. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الشَّيْخَ تَقِىَّ الدينِ؛ فإنَّه قال: لا يُفْطِرُ بذلك. كما تقدَّم عنه قرِيبًا. قوله: أو اسْتَقَاءَ. يعْنِى، فَقاءَ، فسَد صَوْمُه. وهذا المذهبُ، سواءٌ كان قلِيلًا أو كثيرًا، وعليه أكثرُ الأصحاب. قال المُصَنِّف وغيرُه: هذا ظاهِرُ المذهبِ، [وعليه الأصحابُ] (3). قال المَجْدُ [في «شَرْحِه»] (¬1)، وغيرُه: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزمَ به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُرُوعِ» وغيرِه. وقال في «الفُرُوعِ»: ويتَوَجَّهُ أنْ لا يُفْطِرَ به. وعنه، لا يُفْطِرُ إلَّا بمِلْءِ الفَمِ. اخْتارَه ابنُ عَقيلٍ. وعنه، بمِلْئِه أو نِصْفِه، كنَقْضِ الوضُوءِ. قال ابنُ عَقيلٍ في «الفُصُولِ»: ولا وَجْهَ لهذه الرِّوايَةِ عندِى. وعنه، إنْ فَحُشَ أفْطَرَ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا. وقالَه القاضِى. وذكَر ابنُ هُبَيْرَةَ أنَّها الأشْهَرُ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: واستقاؤه ناقِضٌ. واحْتَجَّ القاضِى بأنَّه لو تجَشَّأَ لم يُفْطِرْ، وإنْ كان لا يَخْلُو أنْ يَخْرُجَ معه أجْزاءٌ نَجِسَةٌ؛ لأنَّه يَسِيرٌ. كذا ههنا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ويتَوجَّهُ ظاهِرُ كلامِ غيرِه، إنْ خرَج معه نَجَسٌ، فإن قصَد به القَئ، فقد اسْتَقاءَ، فيُفْطِرُ، وإنْ لم يَقْصِدْ لم يَسْتَقِئْ، فلم يُفْطِرْ، وإنْ نُقِضَ الوضُوءُ. وذكَر ابنُ عقِيلٍ في «مُفْرَداتِه»، أنَّه إذا قاءَ بنَظَرِه إلى ما يُغْثِيه، يُفْطِرُ؛ كالنَّظَرِ والفِكْرِ. قوله: أو اسْتَمْنَى. فسَد صوْمُه، يعْنِى، إذا اسْتَمْنَى فأَمْنَى. وهذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا يَفْسُدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو قَبَّلَ أو لمس فأمْنَى. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا، بأنَّه لا يُفْطِرُ. ومالَ إليه، ورَدَّ ما احْتَجَّ به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو نامَ نَهارًا فاحْتَلَم، لم يَفْسُدْ صَوْمُه. وكذا لو أمْنَى مِن وَطْءِ لَيْلٍ، أو أمْنَى ليْلًا مِن مُباشَرَةٍ نَهارًا. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو وَطِئَ قُرْبَ الفَجْرِ، ويُشْبِهُه مَنِ اكتحَلَ إذَنْ. الثَّانيةُ، لو هاجَتْ شَهْوَتُه فأمْنَى أو أمْذَى (3)، ولم يَمسَّ ذكَرَه، لم يُفْطِرْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وخُرَّجَ، بلَى. قوله: أو أمْذَى (3). يعْنِى، إذا قبَّلَ أو لمَس فأَمْذَى (¬1)، فسَد صَوْمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يُفْطِرُ. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، ¬

(¬1) في الأصل: «مذى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو محمدٍ الجَوْزىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. نقَلَه عنه في «الاخْتِيَاراتِ». قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. واخْتارَ في «الفائقِ»، أنَّ المَذْى عن لَمسٍ لا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وجزمَ به في «نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها». ويأتِى في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخرِ البابِ، إذا جامَعَ دُونَ الفَرْجِ فأَنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ، وما يتَعَلَّقُ به. قوله: أو كرَّر النَّظَرَ فأنْزَلَ. فسَد صَوْمُه، وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّىُّ: لا يَفْسُدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أو كرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ. أنَّه لو كرَّرَ النَّظَر فأَمْذَى، لا يُفْطِرُ. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الصَّحيحُ. وقال في «الفُروعِ»: القَوْلُ بالفِطْرِ أقْيَسُ على المذهبِ؛ كاللَّمْسِ، ورُوِىَ عن أبى بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيزِ. ومفْهومُ كلامِه أيضًا، أنَّه إذا لم يُكَرِّرِ النَّظَرَ لا يُفْطِرُ. وهو صَحِيحٌ، وسَواءٌ أَمْنَى أو أَمْذَى. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لعَدَمِ إمْكانِ التَّحَرُّزِ. وقيلَ: يُفْطِرُ بهما. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، يُفْطِرُ بالمَنِىَّ لا بالمَذْىِ. وقطَع به القاضِى. ويأْتِى قرِيبًا، إذا فكرَ فأَنْزَلَ، وكذا إذا فكَّرَ فأَمذَى. ويأتى بعدَ ذلك، هل تجِبُ الكفَّارَةُ بالقُبْلَةِ واللَّمْسِ وتَكْرَارِ النَّظَرِ؟. قوله: أو حجَم أو احْتَجَم. فسَد صوْمُه. هذا المذهبُ فيهما، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إنْ عَلِمَا النَّهْىَ أفطَرا، وإلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، إنْ مَصَّ الحاجِمُ القارُورَةَ أفْطَرَ، وإلَّا فلا، ويُفْطِرُ المَحْجُومُ عندَه إنْ خرَج الدَّمُ، وإلَّا فلا. وقال الخِرَقِىُّ: أو احْتَجَم. فظاهِرُه، أنَّ الحاجِمَ لا يُفْطِرُ. ولا نعلمُ أحدًا مِنَ الأصحابِ فرَّقَ في الفِطْرِ وعدَمِه بينَ الحاجمِ والمَحْجُومِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ولعَلَّ مُرادَه ما اخْتارَه شيْخُنا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الحاجِمَ يُفْطِرُ إذا مَصَّ القارُورَةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: كان مِن حَقِّه أنْ يذْكُرَ الحاجِمَ أيضًا. فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ والأصحابِ، أنَّه لا فِطْرَ إنْ يَظْهَر دَمٌ. قال: وهو مُتَوَجَّهٌ، واخْتارَه شيْخُنا، وضَعَّفَ خِلافَه. انتهى. قلتُ: قال في «الفائقِ»: ولو احْتجَمَ فلم يَسِلْ دَمٌ، يُفْطِرْ في أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزمَ بالفِطرِ، ولو لم يَظْهَرْ دَمٌ، في «الفُصُولِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «الزَّرْكَشىِّ»، فقال: لا يُشْترَطُ خُروجُ الدَّمِ، بل يُناطُ الحُكْمُ بالشَّرْطِ. الثَّانيةُ، لو جرَح نفْسَه لغيرِ التَّداوِى بدَلَ الحِجامَةِ، لم يُفْطِرْ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بغيرِ الحِجامَةِ، فلا يُفْطِرُ بالفَصْدِ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، والصَّحيحُ منهما. قال في «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُفْطِرُ بالفَصْدِ على أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحَه الزَّرْكَشِىُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزمَ به القاضِى في «التَّعْلِيقِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ» فيه، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُ به. جزمَ به ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الإمامِ أحمدَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن، واخْتارَه هو، وصاحِبُ «الفائقِ»، وأطْلقَهما في «الحاوِيَيْن». وقال في «الرِّعايتَيْن»: الأوْلَى إفْطارُ المَفْصُودِ دُونَ الفاصِدِ. قال فى «الفَائقِ»: ولا فِطْرَ على فاصِدٍ في أصحَّ الوَجْهَيْن. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. فعلى القَوْلِ بالفِطْرِ، هل يُفْطِرُ بالتَّشْرِيطِ؟ قال في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وقال: الأولَى إفْطارُ المَشْرُوطِ دُونَ الشَّارِطِ. واخْتارَه الشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ. وصحَّحَه فى «الفائقِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا يُفْطِرُ بإخْراجِ دَمِه برُعَافٍ وغيرِه، وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الإِفْطارَ بذلك. قوله: عامِدًا ذاكِرًا لصَوْمِه، فسَد صَوْمُه، وانْ فعَلَه ناسيًا أو مُكْرَهًا، لم يَفْسُدْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، أنَّه إذا فعَل ما تقدَّم ذِكْرُه عامِدًا، ذاكِرًا لصَوْمِه مُخْتارًا، يَفْسُدُ صَوْمُه، وإنْ فعَلَه ناسِيًا أو مُكْرَهًا، سَواء أُكْرِهَ على الفِطْرِ حتى فعَلَه، أو فُعِلَ به، لم يَفْسُدْ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. ونقَلَه الفَضْلُ فى الحِجَامَةِ. وذكَرَه ابنُ عَقيلٍ في مُقَدِّماتِ الجِمَاعِ. وذكَرَه الخِرَقِىُّ في الإِمْنَاءِ بقُبْلَةٍ، أو تَكْرارِ نَظَر. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: المُساحَقَةُ كالوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ. وكذا مَنِ اسْتَمْنَى فأنْزَلَ المَنِىَّ. وذكَر أبو الخطَّابِ، أنَّه كالأَكْلِ في النِّسْيانِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ فعَل بعضَ ذلك جاهِلًا أو مُكْرَهًا، فلا قَضاءَ فى الأصحِّ. وعنه، يُفْطِرُ بحجامَةٍ ناسٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»؛ لظاهرِ الخَبَرِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ أيضًا، الفِطْرَ بالاسْتِمْناءِ ناسِيًا. وقيل: يُفْطِرُ باسْتِمْناءٍ ناسٍ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، ومُقَدِّماتِ الجماعِ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ»، الفِطْرَ إنْ أمْنَى بغيرِ مُباشَرَةٍ مُطْلَقًا. وقيل: عامِدًا. أوَ أمْذَى بغيرِ المُباشَرَةِ عامِدًا. وقيل: أو ساهِيًا. وقال في المُكْرَهِ: لا قَضاءَ في الأصحِّ. وقيل: يُفْطِرُ إنْ فعَل بنَفْسِه كالمَريضِ، ولا يُفْطِرُ إنْ فعَلَه غيرُه به، بأنْ صَبَّ في حَلْقِه الماءَ مُكْرَهًا، أو نائِمًا، أو دخَل في فِيهِ ماءُ المَطَرِ. فوائد؛ إحداها، لو أُوجِرَ (¬1) المُغْمَى عليه لأجْلِ علاجِه، لم يُفْطِرْ. على ¬

(¬1) أوجر المريضَ: صب الدواء في حلقه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقيل: يُفْطِرُ. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجاهِلَ بالتَّحْريمِ يُفْطِرُ بفِعْلِ المُفْطراتِ، ونصَّ عليه في الحِجامَةِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ: هو قَوْلُ غيرِ أبى الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحَاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو اخْتِيارُ الشَّيْخَيْن. وقيلْ: لا يُفْطِرُ كالمُكْرَهِ والنَّاسِى. وجزمَ به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّبصِرَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، واقْتصَرَ على كلامِ أبى الخَطَّابِ في «الحَاوِى الكَبيرِ»، وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»؛ لأنَّه لم يتَعَمَّدِ المُفْسِدَ؛ كالنَّاسِى. الثَّالثةُ، لو أرادَ مَن وجَب عليه الصَّوْمُ أنْ يأْكُلَ، أو يَشْرَبَ فى رَمَضانَ، ناسِيًا أو جاهِلًا، فهل يجِبُ إعْلامُه على مَن رَآه؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه الإعْلامُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو في الجاهِلِ آكَدُ؛ لفِطْرِه به على المَنْصُوصِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُه إعْلامُه. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وَجْهًا ثالِثًا، بوجُوبِ إعْلامِ الجاهِلِ، لا النَّاسِى. قال: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه إعْلامُ مُصَلًّ أتَى بمُنافٍ لا يُبْطِلُ وهو ناسٍ أو جاهِلٌ. انتهى. قلتُ: ولهذه المَسْأَلةِ نَظائِرُ. منها، لو عَلِمَ نَجاسَةَ ماءٍ، فأرادَ جاهِلٌ به اسْتِعْمالَه، هل يَلْزَمُه إعْلامُه؟ قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، أوْ لا؟ أو يَلْزَمُه إنْ قيلَ: إزالَتُها شَرْطٌ؟ أقْوالٌ. ومنها، لو دخَل وَقْتُ صَلاةٍ على نائمٍ، هل يجِبُ إعْلامُه، أوْ لا؟ أو يجِبُ إنْ ضاقَ الوَقْتُ؟ جزمَ به في «التَّمْهِيدِ». وهو الصَّوابُ. أقْوالٌ؛ لأن النائمَ كالنَّاسِى. ومنها، لو أصابَه ماءُ مِيزَابٍ، هل يَلْزَمُ الجَوابُ للمَسْئُولِ، أوْ لا؟ أو يَلْزَمُ إنْ كان نَجِسًا؟ اخْتارَه الأزَجِىُّ، وهو الصَّوابُ. أقْوالٌ. وتقدَّم ذلك في كتابِ الطَّهارَةِ والصَّلاةِ. وسبَق أيضًا، أنَّه يجِبُ على المأمُومِ تَنْبِيهُ الإِمام فيما يُبْطِلُ؛ لِئَلَّا يكونَ مُفْسِدًا لصلَاِته مع قُدْرَتِه. الرَّابعةُ، لو أكَل ناسِيًا، فظَنَّ أنَّه قد أفْطَرَ فأكَل عَمْدًا، فقال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ أنَّها مَسْأَلةُ الجاهِلِ بالحُكْمِ، فيه الخِلافُ السَّابِقُ. وقال في «الرَّعايَةِ»: يصِحُّ صَوْمُه، ويَحْتَمِلُ عدَمُه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. انتهى. قلتُ: ويُشْبِهُ ذلك لو اعْتقَدَ البَيْنُونَةَ في الخُلْعِ لأجْلِ عدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ، ثم فعل ما حلَف عليه، على ما يأْتِى في آخرِ بابِ الخُلْعِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا كفَّارَةَ عليه فيما تقدَّم مِنَ المَسائلِ، حيثُ قُلْنا: يَفْسُدُ صَوْمُه. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، سِوَى المُباشَرَةِ بقُبْلَةٍ، أو لَمْسٍ، أو تَكْرارِ نَظَر وفِكْرٍ، على خِلافٍ وتَفْصِيلٍ، يأتى قرِيبًا إنْ شاءَ الله تعالَى. ونقَل حَنْبَلٌ، يَقْضِى ويُكَفِّرُ للحُقْنَةِ. ونقَل محمدُ بنُ

وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أوْ غُبَارٌ، أوْ قَطَرَ في إِحْلِيلِهِ، أوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، أو احْتَلَمَ، أوْ ذَرَعَهُ الْقَئُ، أوْ أصْبَحَ وَفِى فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ، أوِ اغْتَسَلَ، أوْ تَمَضْمَضَ، أوِ اسْتَنْشقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ. وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أو بَاِلَغَ فِيهِمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدَك (¬1)، يَقْضِى ويُكَفِّرُ مَنِ احْتَجَمَ في رَمَضانَ وقد بلَغَه الخَبَرُ، وإنْ لم يَبْلُغْه، قَضَى فقط. قال المَجْدُ: فالمُفْطِراتُ المُجْمَعُ عليها أوْلَى. وقال: قال ابنُ البَنَّا، على هذه الرِّوايَةِ: يُكَفِّرُ بكُلِّ ما فطَّرَه بفِعْله؛ كبَلْعِ حَصاةٍ وقَىْءٍ ورِدَّةٍ وغير ذلك. وقال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ رِوايَةِ محمدِ بنِ عَبْدَك: وعنه، يُكَفِّرُ مَن أفْطَرَ بأَكْلٍ أو شُرْبٍ أوِ اسْتِمْناءٍ. فاقْتَصرَ على هذه الثَّلاَثةِ. وقال فى «الحَاوِيَيْن»: وفى الاسْتِمْناءِ سَهْوًا وَجْهان. وخصَّ الحَلْوانِىُّ رِوايَةَ الحِجامَةِ بالمَحْجُومِ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِىِّ، على رِوايَةِ الحِجامَةِ، كما ذكَره ابنُ البَنَّا، لأنَّه أتَى بمَحْظُورِ الصَّوْمِ؛ كالجِماعِ. وهو ظاهِرُ اخْتِيارِ أبى بَكْرٍ الآجُرِّىِّ، وصرَّح في أكْلٍ وشُرْبٍ. تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُكَفِّرُ هنا. فهي ككَفَّارَةِ الجِماعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وقيل: يُكَفِّرُ للحِجامَةِ ككَفَّارَةِ الحامِلِ والمُرْضِعِ، على ما تقدَّم. وأطْلقَهما في «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشىِّ». قوله: وإنْ طارَ إلى حَلْقِه ذُبابٌ أو غُبَارٌ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، هذا المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) محمد بن عبدك بن سالم القزاز. روى عن الإمام أحمد وغيره، وكان ثقة. توفى سنة ست وسبعين ومائتين. تاريخ بغداد 2/ 384.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وحكَى في «الرِّعايَةِ» قَوْلًا، أنَّه يُفْطِرُ مَن طارَ إلى حَلْقِه غُبارٌ إذا كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ ماشٍ، أو غيرَ نَخَّالٍ أو وَقَّادٍ. وهو ضَعِيفٌ جدًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو قطَر في إحْلِيلِه. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكثرُهم. وقيلَ: يُفْطِرُ إنْ وصَل إلى مَثانَتِه؛ وهو العُضْوُ الذي يَجْتَمِعُ فيه البَوْلُ داخِلَ الجَوْفِ. قوله: أو فكَّرَ فأنْزَلَ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وكذا لو فكَّرَ فأمْذَى، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ فيهما، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ: يُفْطِرُ بالإنْزالِ والمَذْىِ إذا حصَل بفِكْرِه. وقيل: يُفْطِرُ بهما إنِ اسْتَدْعاهُما، وإلَّا فلا. قوله: أو احْتَلَمَ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ. قوله: أو ذرَعَه القَىْءُ. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ، وكذا لو عادَ إلى جَوْفِه بغيرِ اخْتِيارِه، فأما إنْ أعادَه باخْتِيارِه، أو قاءَ ما لَا يُفْطِرُ به، ثم أعادَه باخْتِيارِه، أفْطَرَ. قوله: أو أصْبَحَ وفى فِيهِ طَعامٌ فلفَظَه. لم يَفْسُدْ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ، وكذا لو شَقَّ لَفْظُه فبَلَعَه مع رِيقِه بغيرِ قَصْدٍ، أو جرَى رِيقُه ببَقِيَّةِ طعَامٍ تعَذَّرَ رَمْيُه، أو بلَع رِيقَه عادَةً، لم يُفْطِرْ. وإنْ أمْكَنَه لَفْظُه، بأنْ تمَيَّزَ عن رِيقِه، فبَلَعَه باخْتِيارِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْطَرَ. نصَّ عليه. قال أحمدُ، في مَن تنَخَّعَ دَمًا كثِيرًا في رَمَضانَ: أجبُنُ عنه، ومِن غيرِ الجَوْفِ أهْوَنُ. وإنْ بصَق نُخامَةً بلا قَصْدٍ مِن مَخْرَجِ الحاءِ المُهْمَلَةِ، ففي فِطْرِه وَجْهان، مع أنَّه في حُكْمِ الظَّاهِرِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قيلَ. وجزمَ به في «الرِّعايَةِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الفِطْرِ. قوله: أو اغْتَسَل. يعْنِى، إذا أصْبَحَ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه. لو أخَّرَ الغُسْلَ إلى بعدِ طُلوعِ الفَجْرِ واغْتَسَلَ، صحَّ صَوْمُه، بلا نِزاعٍ. وكذا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو أخَّرَه يَوْمًا كامِلًا، صحَّ صَوْمُه، ولكنْ يأْثَمُ. وهذا المذهبُ، مِن حيثُ الجُمْلَةُ، ومِن حيثُ التَّفْصِيلُ، يَبْطُلُ صَوْمُه، حيثُ كفَّرْناه بالتَّرْكِ بشَرْطِه، وحيثُ لم نُكَفِّرْه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّرْكِ، لم يَبْطُلْ، ولكنْ يأْثَمُ. وهذا المذهبُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يَجِئُ على الرِّوايَةِ التي تقولُ: يَكْفُرُ بتَرْكِ الصَّلاةِ إذا تَضايَقَ وَقْتُ التي بعدَها. أنْ يَبْطُلَ الصَّوْمُ إذا تضَايَقَ وَقْتُ الظُّهْرِ قبلَ أنْ يَغْتَسِلَ ويُصَلِّىَ الفَجْرَ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ومُرادُه ما قالَه في «الرِّعايَةِ»، كما قدَّمْناه مِنَ التَّفْصيلِ. انتهى. قلتُ: وإنَّما لم يَرْتَضِ صاحِبُ «الفُروعِ» كلامَه في «المُسْتَوْعِبِ»؛ لأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنْ لا يَكْفُرَ بمُجَرَّدِ تَرْكِ الصَّلاةِ، ولو ترَك صَلَواتٍ كثيرةً، بل لا بُدَّ مِن دُعائِه إلى فِعْلِها. كما تقدَّم ذلك في كتابِ الصَّلاةِ. فائدتان؛ إحداهما، حُكْمُ الحائضِ، تُؤَخِّرُ الغسْلَ إلى بعدِ طُلوعِ الفَجْرِ، حُكْمُ الجُنُبِ، على ما تقدَّم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَل صالِحٌ، في الحائضِ تُؤَخِّرُ الغُسْلَ بعدَ الفَجْرِ، تَقْضِى. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ للجُنُبِ والحائضِ إذا طَهُرَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليْلًا، الغُسْلُ قبلَ الفَجْرِ. قوله: وإنْ زَادَ على الثَّلاثِ، أو بالَغَ فيهما، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الكَافِى»، و «الهَادِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يُفْطِرُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحِيحِ». قال في «العُمْدَةِ»: لو تمَضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ، فوصَل إلى حَلْقِه ماءٌ، لم يَفْسُدْ صَوْمُه، وجزمَ به في «الإفادَاتِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. ويأْتِى كلامُه في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُ. صحَّحَه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وجزمَ في «الفُصُولِ» بالفِطْرِ بالمُبالَغَةِ. وقال به إذا زادَ على الثَّلاثِ. وقيلَ: يَبْطُلُ بالمُبالَغَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ الزِّيادَةِ. اخْتارَه المَجْدُ. قال في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»: لو دخَل حَلْقَه ماءُ طَهارَةٍ، ولو بمُبالَغَةٍ، لم يُفْطِرْ. وظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، إبْطالُ الصَّوْمِ بالمُجاوَزَةِ على الثَّلاثِ، فإنَّه قال: إذا جاوَزَ الثَّلاثَ، فسبَق الماءُ إلى حلْقِه، يُعْجِبُنِى أنْ يُعِيدَ الصَّوْمَ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ في «شَرْحِه». فائدتان؛ إحداهما، لو تَمضْمَضَ أو اسْتَنْشَقَ لغيرِ طَهارَةٍ، فإنْ كان لنجَاسَةٍ ونحوِها، فحُكْمُها حُكْمُ الوضُوءِ، وإنْ كان عبَثًا أو لحَرٍّ أو عَطَشٍ، كُرِهَ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وفى الفِطْرِ به، الخِلافُ المُتقَدِّمُ في الزَّائدِ على الثَّلاثِ. وكذا الحُكْمُ إنْ غاصَ في الماءِ في غيرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ، أو أسْرَفَ في الغُسْلِ المَشْرُوعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: إنْ فعَلَه لغَرَضٍ صَحِيحٍ، فكَالْمَضْمَضَةِ المَشْرُوعَةِ، وإنْ كان عبَثًا، فكَمُجاوَزَةِ الثَّلاثِ. ونقَل صالِحٌ، يتَمَضْمَضُ إذا أُجْهِدَ. الثَّانيةُ، لا يُكْرَهُ للصَّائِمِ الغُسْلُ. واخْتارَ المَجْدُ، أن غَوْصَه في الماءِ كصَبِّه عليه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا بَأْسَ به إذا لم يخَفْ أنْ يَدْخُلَ الماءُ حَلْقَه أو مَسامِعه. وجزمَ به بعضُهم. وقال في «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ في الأصحِّ. فإنْ دخَل حَلْقَه، ففي فِطْرِه وَجْهان. وقيل: له ذلك ولا يُفْطِرُ. انتهى. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وأبو داوُدَ، وغيرُهما، يدْخُلُ الحَمَّامَ ما لم يخَفْ ضَعْفًا.

وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا في طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، قوله: ومَن أكَل شاكًّا في طُلُوعِ الفَجْرِ، فلا قَضاءَ عليه. يعْنِى، إذا دامَ شَكُّه، وهذا بلا نِزاعٍ، مع أنَّه لا يُكْرَهُ الأكْلُ والشُّرْبُ مع الشَّكِّ في طُلوعِه، ويُكْرَهُ الجِماعُ مع الشَّكِّ. نصَّ عليهما. الثَّانيةُ، لو أكَلَ يَظُنُّ طُلوعَ الفَجْرِ، فَبانَ ليْلًا، ولم يُجَدِّدْ نِيَّةَ صَوْمِه الواجِبِ، قضَى. قال فى «الفُروعِ»: كذا جزمَ به بعضُهم، وما سبَق، مِن أنَّ له الأكْلَ حتى يَتَيَقَّنَ طُلوعَه، يدُلُّ على أنَّه لا يَمْنَعُ نِيَّةَ الصَّوْمِ، وقَصْدُه غيرُ اليَقِينِ، والمُرادُ، والله أعلمُ، اعْتقادُ طُلوعِه.

وَإنْ أَكلَ شَاكًّا في غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قوله: وإنْ أكَل شاكًّا في غُروبِ الشَّمْسِ، فعليه القَضاءُ. يعْنِى، إذا دامَ شَكُّه، وهذا إجْماعٌ. وكذا لو أكَلَ يظُنُّ بَقاءَ النَّهارِ إجْماعًا، فلو بانَ ليْلًا فيهما، لم يَقْضِ. وعِبارَةُ بعضِهم، صحَّ صَوْمُه. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وإنْ أكَلَ يظُنُّ الغُروبَ، ثم شَكَّ ودامَ شَكُّه، لم يَقْضِ. وجزمَ به. وقال في «القاعدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: يجوزُ الفِطْرُ مِنَ الصِّيامِ بغَلبَةِ ظَنِّ غُروبِ الشمْسِ، في ظاهِرِ المذهبِ. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: لا يجوزُ الفِطرُ إلَّا مع تيَقُّنِ الغُروب. وبه جزمَ صاحِبُ «التَّلْخِيصِ». والأوَّلُ أصحُّ. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: لو أكَلَ ظانًّا أنَّ الفَجْرَ لم يَطْلُعْ، أو أنَّ الشَّمْسَ قد غَرَبَتْ، ولم يتَبَيَّنْ له شئٌ، فلا قَضاءَ عليه، ولو ترَدَّدَ بعدُ. قالَه أبو محمدٍ. وأوْجَبَ صاحِبُ «التَّلْخِيصِ» القَضاءَ في ظَنِّ الغُروبِ، ومِن هنا قال: يجوزُ الأَكْلُ بالاجْتِهادِ في أوَّلِ اليَوْمِ دُونَ آخِرِه، وأبو محمدٍ يُجَوِّزُه بالاجْتِهادِ فيهما. ¬________ (¬1) في الأصل: «تعيين».

وَإنْ أَكَلَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أكلَ مُعْتَقِدًا أنَّه لَيْلٌ فَبانَ نَهارًا، فعليه القَضاءُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وحكَى في «الرَّعايَةِ» رِوايَةً، لا قَضاءَ على مَن جامعَ يعْتقِدُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليْلًا، فبانَ نَهارًا. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا قَضاءَ عليه. واخْتارَ صاحِبُ الرِّعايَةِ، إنْ أكلَ يظُنُّ بَقاءَ اللَّيْلِ فأخْطأَ، لم يَقْضِ لجَهْلِه، وإنْ ظَنَّ دخُولَه فأَخْطَأَ، قَضَى. وتقدَّم إذا أكَل ناسِيًا، فَظَنَّ أنه أفْطَرَ، فأَكَل مُتَعَمِّدًا.

فَصْلٌ: وَإذَا جَامَعَ في نَهَارِ رَمَضَانَ في الْفَرْجِ، قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، [57 ظ] فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، عَامِدًا كَانَ أو سَاهِيًا. وَعَنْهُ، لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مَعَ الإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا جامَعَ في نَهارِ رَمَضانَ في الفَرجِ، قُبُلًا كان أو دُبُرًا - يعنى، بفَرْجٍ أصْلِىٍّ في فرْجٍ أصْلِىٍّ - فعليه القَضاءُ والكَفارَةُ، عامِدًا كان أو ساهِيًا. لا خِلافَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في وجُوبِ القَضاءِ والكفَّارةِ على العامِدِ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ النَّاسِىَ كالعامِدِ في القَضاءِ والكفَّارَةِ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَشْهورُ عنه، والمُخْتارُ لعامَّةِ أصحابِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُكَفَّرُ. اخْتارَها ابنُ بَطَّةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على أنَّ الكفَّارَةَ ماحِيَةٌ، ومع النِّسْيانِ، لا إثْمَ يَنْمَحِى. وعنه، ولا يَقْضى أيضًا. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». تنبيهات؛ الأوَّلُ، قوْلُه: قُبُلًا كان أو دُبُرًا. هو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» تخْريجًا مِنَ الغُسْلِ والحَدِّ، لا يَقْضِى، ولا يُكَفَّرُ إذا جامَعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الدُّبُرِ، لكنْ إنْ أنْزَلَ فسَد صَوْمُه. وقد قاسَ جماعَةٌ عليهما. الثَّانِى، شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى، الحَىَّ والمَيِّتَ مِنَ الآدَمِىِّ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ أوْلَجَ في آدَمِىًّ مَيِّتٍ، ففى الكفَّارَةِ وَجْهان. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ لصُّغْرَى»، و «الحَاوِيَيْن». ويأْتِى حُكْمُ وَطْءِ البَهِيمَةِ المَيِّتةِ. الثَّالثُ، شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا، المُكْرَهَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وسَواء أُكْرِهَ حتى فعَلَه، أو فُعِلَ به؛ مِن نائمٍ وغيرِه. وعنه، لا كفَّارةَ عليه مع الإِكْراهِ والنِّسْيانِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا كفَّارَةَ على مَن فُعِلَ به مِن نائمٍ ونحوِه. وعنه، كلُّ أمْرٍ غُلِبَ عليه الصَّائمُ، فليس عليه قَضاءٌ ولا غيرُه. قال أكثرُ الأصحابِ كما قال المُصَنِّفُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا يدُلُّ على إسْقاطِ القَضاءِ والكفَّارَةِ مع الإِكراهِ والنِّسْيانِ. قال ابنُ عَقيلٍ في «مُفْرَداتِه»: الصَّحيحُ في الأكْلِ والوَطْءِ، إذا غُلِبَ عليهما لا يُفْسِدان. قال: فأنا أُخَرِّج في الوَطْءِ رِوايَةً مِنَ الأَكْلِ، وفى الأَكْلِ رِوايةً مِنَ الوَطْءِ. ونفَى القاضى في «تَعْلِيقِه» هذه الرِّوايةَ، وقال: يجبُ القَضاءُ رِوايَةً واحِدَةً. وكذا قال الشِّيرَازِىُّ وغيرُه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أَنَّه لا قَضاءَ مع الإِكْراهِ، واخْتارَه في «الفَائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَقْضِى مَن فعَل بنَفْسِه، لا مَن فُعِلَ به مِن نائمٍ وغيرِه. وقيل: لا قَضاءَ مع النَّوْمِ فقط. وذكَر بعضُهم نصَّ أحمدَ، لعدَمِ حُصولِ مَقْصُودِه. فوائد؛ الأُولَى، حيثُ فسَد الصَّوْمُ بالإِكراهِ، فهو في الكفَّارَةِ كالنَّاسِى، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يرْجِعُ بالكفَّارَةِ على مَن أكْرَهَه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: يُكَفَّرُ مَن فعَل بالوَعيدِ دُونَ غيرِه. الثَّانيةُ، لو جامَعَ يعْتَقِدُه ليْلًا، فَبانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَهارًا، وجَب القَضاءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: جزمَ به الأكثرُ. وذكَر في «الرِّعايَةِ» رِوايةً، أنَّه لا يَقْضِى. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُكَفِّرُ. اخْتارَه الأصحابُ. قالَه المَجْدُ، وأنَّه قياسُ من أوجَبَها على النَّاسِى وَأَوْلَى. انتهى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُكَفِّرُ. وأْطلقَهما في «الفُروعِ». فعلى الثَّانيةِ، إنْ علِمَ في الجِماعِ أنَّه نَهارًا، ودامَ عالِمًا بالتَّحْريمِ، لَزِمَتْه الكفَّارَةُ بِناءً على مَن وَطِئَ بعدَ فَسادِ صَوْمِه. الثَّالثةُ، لو أَكَل

وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأةَ كَفَّارَةٌ مَعَ الْعُذْرِ. وَهَل يَلْزَمُهَا مَعَ عَدَمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ناسِيًا، أو اعْتقَدَ الفِطْرِيَّةَ، ثم جامَعَ، فَحُكْمُه حُكْمُ النَّاسِى والمُخْطِئ، إلَّا أنْ يعْتَقِدَ وجُوبَ الإمْساكِ، فيُكَفِّرَ، على الصَّحيحِ، على ما يأْتِى. قوله: ولا يَلْزَمُ المَرأةَ كَفارَةٌ معَ العُذْر. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب. وذكَر القاضي رِوايَةً، تُكفِّرُ. وذكَر أيضًا، أنَّها مُخَرَّجَةٌ مِنَ الحَجِّ. وعنه، تُكفِّرُ، وتزْجِعُ بها على الزَّوْجِ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. قالَه في «التَّلْخِيصِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الرِّعايتَيْن»: وعنه، لا تَسْقُطُ، فيُكَفَّرُ عنها. وقال ابنُ عَقِيل: إنْ أُكْرِهَت حتى مَكَّنتْ، لَزِمَتْها الكفَّارَةُ، وإنْ غُصِبَتْ أو أُتِيَتْ نائمةً، فلا كفَّارَةَ عليها. فائدتان؛ إحداهما، الصّحيحُ مِنَ المذهب، فَسادُ صَوْمِ المُكْرَهَةِ على الوَطْءِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، لا يَفْسُدُ. اخْتارَه في «الرَّوْضَةِ». وأطْلقَهما في «مَسْبُوكِ الذَّهبِ». وقيل: يَفْسُدُ انْ قَبِلَتْ، لاْ المَقْهُورَةُ والنَّائمةُ. وأفْسَدَ أبنُ أبى مُوسى صوْمَ غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّائمةِ. الثَّانيةُ، لو جُومِعَتِ المرأةُ ناسِيَةً، فلا كفَّارَةَ عليها، وإنْ أوْجَبْناها على النَّاسِى. قال في «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وجماعةٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيل: حُكْمُها حُكْمُ الرَّجُلِ النَّاسِى، على ما تقدَّم. ذكَرَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتخرَّجُ أنْ لا يَفْسُدَ صوْمُها مع النِّسْيانِ، وإنْ فسَد صوْمُه؛ لأنَّه مُفْسِدٌ لا يُوجِبُ كفَّارةً. انتهى. وكذا الخِلافُ والحكمُ، إذا جُومِعَتْ جاهِلَةً ونحوها. وعنه، يُكَفَّرُ عنِ المَعْذُورَةِ بإكْراهٍ، أو نسْيانٍ، أو جَهْلٍ, ونحوِه، كأمِّ ولَدِه إذا أكْرَهَها وقُلْنا: يَلْزَمُها الكفارَةُ. قوله: وهل يَلْزَمُها معَ عَدمِه؟ على رِوايتَيْن. يعْنِى إذا طاوَعَتْه. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «الكَافِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحَاوِى الكَبِيرِ»، و «الفَائقِ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يَلْزَمُها. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وجزمَ به في «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُصُولِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

وَعَنْهُ، كُلُّ أمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مَعَ الإكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحَاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». [وصحَّحَه في «المُحَرَّرِ»] (¬1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُها كفّارَةٌ. جزمَ به في «الوَجِيزِ». وعنه، يَلْزَمُ الزَّوْجَ كفَّارَةٌ واحِدَةٌ عنهما. خرَّجَها أبو الخَطَّابِ مِنَ الحَجِّ، وضعَّفَه غيرُ واحدٍ؛ لأنَّ الأصْل عدَمُ التَّداخُلِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو طاوَعَتْ أمُّ ولَدِه على الوَطْءِ، كفَّرَتْ بالصَّوْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكَفِّرُ عنها سيِّدُها. الثَّانيةُ، لو أكْرَهَ الرَّجُلُ الزَّوْجَةَ على الوَطْءِ، دَفَعَتْه بالأسْهَلِ فالأسْهَلِ، ولو أفْضَى ذلك إلى ذهَابِ نَفْسِه، كالمارِّ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَ يدَىِ المُصَلِّى. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ».

وَإنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأنْزَلَ، أو وَطِئَ بَهِيمَةً في الْفَرْجِ، أَفْطَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جامَعَ دُونَ الفَرجِ فأنْزَلَ، أَفْطَرَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا يُفْطِرُ بالإنْزالِ إذا باشَرَ دُونَ الفَرْجِ. ومال إليه.

وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أمْذَى بالمُباشَرَةِ دُونَ الفَرْجِ، أفْطرَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُفْطِرُ بذلك. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك إذا قبَّلَ أو لمَس فأَمْنَى أو أمْذَى أوَّلَ البابِ، فإنَّ المَسْألَةَ واحدَةٌ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُفْطِرُ أيضًا إذا كان ناسِيًا. وجزمَ به الخِرَقِىُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: ومَن جامَعَ دُونَ الفَرْجِ، فأَنْزَلَ عامِدًا أو ساهِيًا، فعليه القَضاءُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عنه، والمُخْتارُ لعامَّةِ أصحابِه، والقاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزمَ به في «الوَجِيزِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُفْطِرُ إذا كان ناسِيًا، سَواءٌ أمْنَى أو أمذَى. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الِإمامِ أحمدَ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قوله: أو وَطِئَ بَهِيمَةً في الفَرْجِ، أَفْطَرَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الإيلاجَ في البَهيمَةِ كالإِيلاجِ في الآدَمِىِّ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقيل عنه: لا تجِبُ الكفَّارَةُ بوَطْءِ البَهِيمَةِ. ومَبْنَى الخِلافِ، عندَ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، على وجُوب الحَدِّ بوَطْئِها وعدَمِه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وخرَّج أبو الخَطَّابِ في الكفًّارةِ وَجْهَيْن. بِناءً على الحَدِّ. وكذا خرَّجه القاضي رِوايَةً، بِناءً على الحَدِّ. انتهى. وقال ابنُ شِهَابٍ: لا يجِبُ بمُجَرَّدِ الإيلاجِ فيه غُسْلٌ ولا فِطْرٌ ولا كفَّارَةٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. فائدة: الإيلاجُ في البَهِيمَةِ المَيِّتَةِ كالإِيلاجِ في البَهِيمَةِ الحَيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: الحكْمُ مخْصُوصٌ بالحَىِّ فقط. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «الفُروعِ»: كذا قيل. قوله: وفى الكَفَّارَةِ وجْهان. وهما رِوايَتان في المُجامِعِ دُونَ الفَرجِ؛ يعْنِى، إذا جامَعِ دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، أو وَطِئَ بهِيمَةً في الفَرْجِ، وقُلْنا: يُفْطِرُ. فأطْلقَ الخِلاف فيما إذا جامعَ دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الكَافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»؛ إحداهما، لا تجِبُ الكفَّارَةُ. وهي المذهبُ، اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «النَّصِيحَةِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. قال ابنُ رَزِينٍ: وهي أصحُّ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تجِبُ الكفَّارةُ. اخْتارَها الأكثرُ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى، والقاضى. قال الزَّرْكَشِىُّ: هي المَشْهورةُ مِنَ الرِّوايتَيْن، حتى إنَّ القاضِىَ في «التَّعْلِيقِ» لم يذْكُرْ غيرَها. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَها الأكثرُ. وجزمَ به في «الِإفادَاتِ»، و «الوَجِيزِ». وقدَّمه في «الفَائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». فعلى الأُولَى، لا كفَّارةَ على النَّاسِى أيضًا بطريقٍ أوْلَى. وعلى الثَّانيةِ، يَجِبُ عليه أيضًا، كالعامِدِ، على الصَّحِيحِ. جزمَ به الخِرَقِىُّ، و «الوَجِيزِ»، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هي المَشْهورَةُ عنه، والمُخْتارةُ لعامَّةِ أصحابِه، والقاضى وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، وغيرُهما: لا كفَّارَةَ على النَّاسِى. فائدة: لو أنْزَلَ المَجْبُوبُ بالمُساحَقَةِ، فحُكْمُه حُكمُ الواطِئِ دُونَ الفَرْجِ إذا أنْزَلَ. قالَه الأصحابُ. وكذلك إذا تَساحَقَتِ امْرأَتان فأنْزَلَتا، [إنْ قُلْنا: يَلْزَمُ المُطاوِعَةَ كفَّارَةٌ. وإلَّا فلا كفَّارَةَ. قالَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «المُغْنِى» (¬1): إذَا تَساحَقَتا فأنْزَلَتا] (¬2)، فهل حُكْمُهما حكمُ المُجامِعِ في الفَرْجِ، أو لا كفَّارَةَ ¬

(¬1) 4/ 367. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهما بحالٍ؟ فيه وَجْهان، مَبْنِيَّان على أنَّ الجِماعَ مِنَ المَرْأةِ، هل يُوجِبُ الكفَّارَةَ؟ على رِوايتَيْن. وأصَحُّ الوَجْهَيْن، لا كفَّارَةَ عليهما؛ لأنَّه ليس بمَنْصُوص عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فيَبْقَى على الأصْلِ. انتهى. وكذلك الاسْتِمْناءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي في «التَّعْلِيقِ»: لا كفَّارةَ بالاسْتِمْناءِ. مُعْتَمِدًا على نصِّ أحمدَ، وبالفَرْقِ. فائدتان؛ إحْداهما، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ القُبْلَةَ واللَّمْسَ ونحوَهما، إذا أنْزَلَ أو أمْذَى به، لا تجِبُ به الكفَّارَةُ، ولو أوْجَبْناها بالمُجامَعَةِ دُونَ الفَرْجِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَها الأصحابُ. وعنه، حُكْمُ ذلك حُكْمُ الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ. اخْتارَها القاضي. وجزمَ به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإفادَاتِ». وأطْلقَهما في «الفُروعِ». ونصُّ أحمَدَ، إنْ قَبَّلَ فأمْذَى لا يكَفِّرُ. الثَّانيةُ، لو كرَّرَ النَّظَرَ

وَإنْ جَامَعَ في يَوْمٍ رَأى الْهِلَالَ في لَيْلَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فأَمْنَى، فلا كفَّارَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو لم يُكَرِّرْه. وعنه، هو كاللَّمْسِ إذا أمْنَى به. وجزمَ في «الإفادَاتِ» بوجُوبِ الكفَّارَةِ بذلك. واخْتارَه القاضي في «تَعْلِيقِه». وقدَّمه في «الفَائقِ». وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن في «الهِدَايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ». وقيل: إنْ أمْنَى بفِكْرِه، أو نَظْرَةٍ واحِدَةٍ عَمْدًا، أفْطَرَ، وفى الكفَّارَةِ وَجْهان. وأمَّا إذا وَطِئَ بهِيمَةً في الفَرْجِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ في وجُوبِ الكفَّارَةِ بذلك، إذا قُلْنا: يُفْطِرُ. وَجْهَيْن. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الحَاوِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، هو كوَطْءِ الآدَمِيَّةِ، وهو الصَّحيحُ، ونصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزمَ به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، لا تجِبُ الكفَّارَةُ بذلك. خرَّجه أبو الخَطَّابِ مِنَ القَوْلِ بعدَمِ وُجوبِ الحَدِّ بوَطْءِ البهِيمَةِ. وخرَّجه القاضي رِوايَةً، بِناءً على الحَدِّ. وهو احْتِمالٌ في «الكَافِى». وتقدَّم قوْلُ ابنِ شِهَابٍ: لا يجِبُ بمُجَرَّدِ الإِيلاجِ فيه غُسْلٌ ولا فِطْرٌ ولا كفَّارَةٌ. قوله: وإنْ جامَع فى يَوْمٍ رَأى الهِلالَ في لَيْلَتِه، ورُدَّتْ شَهادَتُه، فعليه القَضاءُ والكَفَّارَةُ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونَقل حَنْبَلٌ: لا يَلْزَمُه الصَّوْمُ.

وَإِنْ جَامَعَ فِى يَوْمَيْنِ وَلَمْ يُكَفِّرْ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَوْ كفَّارَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وتبِعَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يَلْزَمُه شئٌ مِنَ الأحْكامِ الرَّمَضانِيَّةِ، مِنَ الصَّوْمِ وغيرِه. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِه فى كتابِ الصِّيامِ: ومَن رأَى هِلَالَ رَمَضانَ وحدَه، ورُدَّتْ شَهادَتُه. قوله: وإنْ جامَعَ فى يَوْمَيْن ولم يُكَفِّرْ، فهل تَلْزَمُه كَفَّارةٌ أو كَفَّارَتان؟ على وجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُغْنِى»، و «الهَادِى»، و «الكَافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه كفَّارتان. وهو المذهبُ. وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ (¬1) عنِ الإِمامِ أحمدَ رَحِمَه اللهُ، كيَوْمَيْن فى رَمَضانَيْن. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى فى «خِلَافِه»، و «جامِعِه»، و «رِوَايَتَيْه»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ ¬

(¬1) فى: الاستذكار 10/ 110.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «خِلَافَيْهما»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». ونصَرَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «الخُلَاصَةِ»: لَزِمَه كفَّارَتان فى الأصحِّ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال فى «التَّلْخِيصِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: لَزِمَه ثِنْتان فى الأظْهَرِ. وجزمَ به فى «الإِيضَاحِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يَلْزَمُه إلَّا كفَّارَةٌ واحدَةٌ، كالحُدودِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسَى. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: واخْتارَه القاضى. وقدَّمه هو وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». فائدة: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: فعلى قوْلِنا بالتَّداخُلِ، لو كفَّرَ بالعِتْقِ فى اليَوْمِ الأوَّلِ عنه، ثم فى اليَوْمِ الثَّانِى عنه، ثم استحقَّتِ الرَّقَبَةُ الأُولَى، لم يَلْزَمْه بدَلُها، وأجْزَأَتْه الثَّانِيَةُ عنهما. ولو اسْتحقَّتِ الثَّانيةُ وحدَها, لَزِمَه بدَلُها، ولو استُحِقَّتا جميعًا، أجْزَأَه بدَلُهما رَقَبَةٌ (¬1) واحِدَةٌ؛ لأنَّ مَحَلَّ التَّداخُلِ وجُودُ السَّبَبِ الثَّانى قبلَ أداءِ مُوجِبِ الأوَّلِ. ونِيَّةُ التَّعْيِينِ لا تُعْتَبرُ، فتَلْغُو وتَصِيرُ كنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ. هذا قِياسُ مذهبِنا. انتهى. ¬

(¬1) فى ا: «وقيل».

وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ فِى يَوْمِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ، إِذَا جَامَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن جامَعَ ثم كَفّرَ، ثم جامَعَ فى يَوْمِه، فعليه كَفَّارَةٌ ثانِيَةٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المذهبِ. وذكَر الحَلْوَانِىُّ رِوايةً، لا كفَّارَةَ عليه. وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ مِن أنَّ الشَّهْرَ عِبادَةٌ واحِدَةٌ. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا بما يَقْتَضِى دُخُولَ أحمدَ فيه. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو جامَعَ، ثم جامَعَ قبلَ التَّكْفيرِ، أنَّه لا يَلْزَمُه إلَّا كفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ: بغيرِ خِلافٍ. انتهى. وعنه، عليه كفَّارَتان. فعلى المذهبِ، تعدَّدَ الواجِبُ وتَداخلَ مُوجِبُه. ذكَرَه صاحِبُ «الفُصُولِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهما. وعلى الثَّانى، لم يجِبْ بغيرِ الوَطْءِ الأوَّلِ شئٌ. قوله: وكذلك كُلُّ مَن لَزِمَه الإِمْساكُ إذا جامَعَ. يعْنِى، عليه الكفَّارَةُ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، فى مُسافِرٍ قَدِمَ مُفْطِرًا، ثم جامعَ، لا كفَّارَةَ عليه. فاخْتارَ المَجْدُ حَمْلَ هذه الرِّوايَةِ على ظاهِرِها. وهو وَجْهٌ، ذكَرَه ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ». وذكرَ القاضى فى «تَعْلِيقِه» وَجْهًا فى مَن لم يَنْوِ الصَّوْمَ، لا كفَّارَةَ عليه. وحمَل القاضى، وأبو الخَطَّابِ هذه الرِّوايَةَ على أنَّه لا يَلْزَمُه الإِمْساكُ. فائدة: لو أكَل ثم جامَعَ، ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. ذكَرَه فى «الفُروعِ».

وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو جامَعَ وهو صَحيحٌ، ثم جُنّ أو مَرِضَ أو سافَرَ، لم تَسْقُطْ عنه. وكذا لو حاضَتْ أو نَفِسَتْ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، ونصَّ عليه فى المَرَضِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ» وَجْهًا، تَسْقُطُ الكفَّارَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحدُوثِ حَيْضٍ ونِفاسٍ؛ لمَنْعِهما الصِّحَّةَ، ومِثْلُهما مَوْتٌ. وكذا جُنونٌ إنْ منَع طَرَآنُه الصِّحَّةَ. فائدة: - وإنْ كانت كالأجْنَبِيَّةِ - لو ماتَ فى أثْناءِ النَّهارِ، بطَل صَوْمُه. وفائدَةُ

وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ فِى سَفَرِهِ، ثُمَّ جَامَعَ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بُطْلانِ صَوْمِه، أنَّه لو كان نَذْرًا، وجَبَ الإِطْعامُ عنه مِن تَرِكَتِه، وإنْ كان صَوْمَ كفَّارَةِ تَخْيِيرٍ، وجَبَتِ الكفَّارَةُ فى مالِه.

وَعَنْهُ، عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَوَى الصَّوْمَ فى سَفَرِه، ثم جامَعَ، فلا كَفَّارَةَ عليه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزمَ به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى، وأكثرُ الأصحابِ. قالَه المَجْدُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: يُفْطِرُ بنِيَّةِ الفِطْرِ، فيقَعُ الجِماعُ بعدَ الفِطْرِ. وذكَر بعضُ الأصحابِ رِوايَةً، عليه الكفَّارَةُ، وجزمَ به على هذا. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وتقدَّم رِوايَةً، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ومَن نَوَى الصَّوْمَ فى سفَرِه، فله الفِطْرُ. أنَّه لا يجوزُ الفِطْرُ بالجِماعِ. فعليها، إنْ جامَعَ كفَّرَ، على الصَّحيحِ. وعنه، لا يُكَفِّرُ.

وَلَا تَجِبُ [58 و] الْكَفَّارَةُ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ فِى صِيَامِ رَمَضَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجِبُ الكفَّارَةُ بغيرِ الجِماعِ فى صِيامِ رَمَضانَ. يعْنِى، فى نَفْسِ أيَّامِ رَمَضانَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعْ به أكثرُهم. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» رِوايَةً، يكَفِّرُ إنْ أفْسَدَ قَضاءَ رَمَضانَ. فائدة: لو طلَع الفَجْرُ وهو مُجامِعٌ، فإنِ اسْتَدامَ، فعليه القَضاءُ والكفَّارَةُ، بلا نِزاعٍ. وإنْ لم يَسْتَدِمْ، بل نزَع فى الحالِ، مع أوَّلِ طُلوعِ الفَجْرِ، فكذلك عندَ ابنِ حامِدٍ، والقاضى. ونصَرَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ». وجزمَ به فى «المُبْهِجِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. قال فى «الخُلَاصَةِ»: فعليه القَضاءُ والكفَّارَةُ فى الأصحِّ. وقال أبو حَفْصٍ: لا قَضاءَ عليه ولا كفَّارَةَ. قال فى «الفَائقِ»: وهو المُخْتارُ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «القَواعِدِ». وأطْلقَهما فى «الإِيضَاحِ»، و «المُبْهِجِ» فى مَوْضِعٍ آخَرَ، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». وذكَر القاضى، أنَّ أصْلَ ذلك اخْتِلافُ الرِّوايتَيْن فى جَوازِ وَطْءِ مَن قال لزَوْجَتِه: إنْ وَطِئْتُكِ فأنتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّى. قبلَ كفَّارَةِ الظِّهارِ، فإنْ جازَ فالنَّزْعُ ليس بجِماعٍ، وإلَّا كان جِماعًا. وقال ابنُ أبى مُوسى: يَقْضِى، قوْلًا واحِدًا. وفى الكفَّارَةِ عنه خِلافٌ. قال المَجْدُ: وهذا يَقْتَضِى رِوايتَيْن؛ إحداهما، يَقْضِى. قال: وهو أصحُّ عندِى؛ لحُصُولِه مُجامِعًا أوَّلَ جُزْءٍ مِنَ اليَوْمِ، أُمِرَ بالكَفِّ عنه بسبَبٍ سابقٍ مِنَ اللَّيْلِ.

وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال ابنُ رَجَبٍ فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والخَمْسِين»: المذهبُ أنَّه يُفْطِرُ بذلك، وفى الكفَّارَةِ رِوايَتان. وقال: يَنْبَغِى أنْ يقالَ: إنْ خَشِىَ مُفاجَأَةَ الفَجْرِ، أفْطَرَ، وإلَّا فلا. وتقدَّم فى بابِ الحَيْضِ بعضُ ذلك. قوله: والكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فإنْ لم يَجِدْ فصِيامُ شَهْرَيْن مُتَتابِعَين، فإنْ لم يَسْتَطِعْ فإطْعامُ سِتِّين مِسْكِينًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ الكفَّارَةَ هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واجِبَةٌ على التَّرْتِيبِ، كما قدَّمه المُصَنِّفُ. وعنه، أنَّ الكفَّارَةَ على التَّخْيِيرِ، فبِأَيِّها كفَّرَ أجْزَأَه. قدَّمه فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «نَظْمِ نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ». ويأْتِى ذلك أيضًا فى أوَّلِ الفَصْلِ الثَّالثِ مِن كتابِ الظِّهارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو قدَر على العِتْقِ فى الصِّيامِ، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ. نصَّ عليه. ويَلْزَمُه إنْ قدَر عليه قبلَ الشُّروعِ فى الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ الوَطْءُ هنا قبلَ التَّكْفيرِ، ولا فى لَيالِى صَوْمِ الكفَّارَةِ. قال فى «التَّلْخِيصِ»: وهذه الكفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ سَواءٌ، إلَّا فى تَحْريمِ الوَطْءِ قبلَ التَّكْفيرِ، وفى لَيالِى الصَّوْمِ إذا كفَّر به فإنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُباحُ. وجزمَ به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، ككَفَّارَةِ

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ عَنْهُ. وَعَنْهُ، لَا تَسْقُطُ. وَعَنْهُ، أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّخْيِيرِ، فَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القَتْلِ. ذكَرَه فيها القاضى وأصحابُه. وذكَر ابنُ الحَنْبَلِىِّ (¬1) فى كتابه «أسْبَابِ النُّزُولِ»، أنَّ ذلك يَحْرُمُ عليه عُقُوبَةً. وجزمَ به. قوله: فإنْ لم يَجِدْ سَقَطَت عنه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه (¬2) الكفَّارَةَ ¬

(¬1) هو عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازى. تقدمت ترجمته فى 4/ 390. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تسْقُطُ عنه بالعَجْزِ عنها. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزمَ به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ عجَز وَقْتَ الجِمَاعِ عنها بالمالِ - وقيل: والصَّوْمِ - سقَطَتْ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وعنه، لا تسْقُطُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ هذه الرِّوايَةَ أظْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيره، تَفْريعًا على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: فلو كفَّر عنه غيرُه بإذْنِه، فله أخْذُها. وجزمَ به فى «المُحَرَّرِ»، وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن». وقيل: وبدُونِ إذْنِه. وعنه، لا يَأْخُذُها. وأطْلَقَ ابنُ أبى مُوسَى فى أنَّه، هل يجوزُ له أكْلُها، أم كان خاصًّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك الأعْرابِىِّ؟ على رِوايتَيْن. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، رخَّصَ للأعْرابِىِّ فيه لحاجَتِه، ولم يكُنْ كفَّارَةً. فوائد؛ إحداها, لا تسْقُطُ غيرُ هذه الكفَّارَةِ بالعَجْزِ عنها، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ واليَمِينِ، وكفَّاراتِ الحَجِّ، ونحوِ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المَجْدُ وغيرُه: وعليه أصحابُنا. وعنه، تسْقُطُ. وذكَر غيرُ واحدٍ، تسْقُطُ كَفَّارَةُ (1) وَطْءِ الحائضِ بالعَجْزِ، على الأصحِّ. وعنه، تسْقُطُ كَفَّارَةُ (1) وَطْءِ الحائضِ بالعَجْزِ عنها كلِّها؛ لأنَّه لا بدَلَ فيها. وقال ابنُ حامِدٍ: تسقُطُ مُطْلَقًا كرَمَضانَ. وتقدَّم فى كتابِ الصِّيامِ، بعدَ أحْكامِ الحامِلِ والمُرْضِعِ، هل يسْقُطُ الإِطْعامُ بالعَجْزِ؟ وتقدَّم كَفَّارَةُ (¬1) وَطْءِ الحائضِ فى بابِه. الثَّانيةُ، حُكْمُ أكْلِه مِنَ الكفَّاراتِ بتَكْفيرِ غيرِه عنه، حكمُ كفَّارَةِ رَمَضانَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، جَوازُ أكْلِه مخْصُوصٌ بكفَّارَةِ رَمَضانَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ». الثَّالثةُ، لو مَلَّكَه ما يُكَفِّرُ به، وقُلْنا: له أخْذُه هناك. فله هنا أكْلُه، وإلَّا أخرَجَه عن نَفسِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: هل له أكْلُه، أو يَلْزَمُه التَّكْفِيرُ به؟ على رِوايتَيْن. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وجزمَ فى «الحاوِيَيْن»، أنَّه ليس له أخْذُها هنا. ويأْتِى فى كتابِ الظِّهارِ شئٌ مِن أحْكامِ الكفَّارَةِ لرَمَضانَ وغيرِه، مِقْدارُ ما يُطْعِمُ كلَّ مِسْكِينٍ وصِفَتُه. ¬

(¬1) فى ا: «ككفارة».

باب ما يكره وما يستحب، وحكم القضاء

بَابُ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ، وَحُكْمُ الْقَضَاءِ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْلَعَهُ، وَأنْ يَبْتَلِعَ النُّخَامَةَ. وَهَلْ يُفْطِرُ بِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يُكْرَهُ وما يُسْتحَبُّ، وحُكْمُ القَضاءِ قوله: يُكْرَهُ للصَّائمِ أنْ يَجْمَعَ رِيقَه فيَبْتَلِعَه، وأنْ يَبْتَلِعَ النُّخامَةَ. وهل يُفْطِرُ بهما؟ على وَجْهَيْن. إذا جمَع رِيقَه وابْتَلعَه قَصْدًا، كُرِهَ، بلا نِزاعٍ، ولا يُفْطِرُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، كما لو ابْتلَعَه قَصْدًا ولم يَجْمَعْه. وجزمَ به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يُفْطِرُ بذلك، فيَحْرُمُ فِعْلُه. وأطْلقَهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». فوائد؛ إحداها, لو أخْرَجَ رِيقَه إلى ما بينَ شَفَتَيْه، ثم أعادَه وبلَعَه، حرُمَ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأفْطَرَ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزمَ به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال المَجْدُ: لا يُفْطِرُ إلَّا إذا خرَج إلى ظاهِرِ شَفَتَيْه، ثم يُدْخِلُه ويَبْلَعُه؛ لإِمْكانِ التَّحَرُّزِ منه عادَةً، كغيرِ الرِّيقِ. الثَّانيةُ، لو أخْرَجَ حَصاةً مِن فَمِه أو دِرْهَمًا أو خَيْطًا ثم أَعادَه، فإنْ كان ما عليه كثيرًا فبَلَعَه، أفْطَرَ، وإنْ كان يَسِيرًا، لم يُفْطِرْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُفْطِرُ. الثَّالثةُ، لو أخْرَجَ لِسانَه ثم أدْخَلَه إلى فيه بما عليه وبلَعَه، لم يُفْطِرْ، ولو كان كثيرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ مِنهم القاضى. وجزمَ به فى «المُذهَبِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: أطْلَقَه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُفْطِرُ. وأطْلقَهما فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الرَّابعةُ، لو تنَجَّسَ فَمُه، أو خرَج إليه قَىْءٌ، أو قَلْسٌ فبَلَعَه، أفْطَر، نصَّ عليه، وإنْ قَلَّ؛ لإِمْكانِ التَّحَرُّزِ منه، وإنْ بصَقَه وبَقِىَ فَمُه نَجِسًا فبَلَع رِيقَه، فإنْ تحَقَّقَ أنَّه بلَع شيئًا نَجِسًا، أفْطَرَ، وإلَّا فلا. وأمَّا النُّخامَةُ إذا بلَعَها، فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فى الفِطْرِ به وَجْهَيْن. واعلمْ أنَّ النُّخامَةَ تَارَةً تكونُ مِن جَوْفِه، وتَارَةً تكونُ مِن دِماغِه، وتَارَةً تكونُ مِن حَلْقِه. فإذا وصَلَتْ إلى فَمِه ثم بلَعَها، فللأصحابِ فيها ثلَاثُ طُرُقٍ؛ أحدُها، إنْ كانتْ مِن جَوْفِه، أفْطرَ بها، قوْلاً واحِدًا، وإلا فرِوَايَتان. وهذه الطَّريقَةُ هى الصَّحيحَةُ، وهى طرِيقَةُ صاحِبِ «الفُروعِ» وغيرِه؛ إحْداهما، يُفْطِرُ فيَحْرُمُ. وهو المذهبُ. جزمَ به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَرْحِ». والثَّانيةُ، لا يُفْطِرُ، فيُكْرَهُ. جزمَ به فى «الوَجِيزِ». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». الطَّريقُ الثَّانِى، فى بَلْعِ النُّخامَةِ مِن غيرِ تَفْريقٍ رِوايَتان، وهي طرِيقَةُ القاضى وغيرِه. قالَه في «المُسْتَوْعِبِ». وجزمَ بها

وَيُكْرَهُ ذَوْقُ الطَّعَامِ، وَإنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِى حَلْقِهِ، أَفْطَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مُحَرَّرِه»، والمُصَنِّفُ هنا، وفى «المُغْنِى»، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وقدَّمها فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم؛ إحداهما، يُفْطِرُ بذلك. وهو المذهبُ، جزمَ به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ». والثَّانيةُ، لا يُفْطِرُ به. صحَّحَه فى «الفُصُولِ». وجزمَ به فى «الوَجِيزِ». وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «المُغْنِى». الطَّريقُ الثَّالثُ، إنْ كانتْ مِن دِمَاغِه، أفْطَرَ، قوْلًا واحِدًا. وإنْ كانتْ مِن صَدْرِه، فرِوايَتان. وهى طرِيقَةُ ابنِ أبى مُوسَى. نقَلَه عنه فى «المُسْتَوْعِبِ». قوله: ويُكْرَهُ ذَوْقُ الطَّعامِ. هكَذا قال جماعةٌ وأطْلقوا؛ منهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقيلٍ: يُكْرَهُ مِن غيرِ حاجَةٍ، ولا بأْسَ به للحاجَةِ. وقال أحمدُ: أحَبُّ إلَىَّ أنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعامِ، فإنْ فعَل فلا بأْسَ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّه لا بَأْسَ به إذا كان لمَصْلَحَةٍ وحاجَةٍ؛ كذَوْقِ الطَّعامِ مِنَ القِدْرِ، والمَضْغِ للطِّفْلِ، ونحوِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». وحكَاه أحمدُ عن ابنِ عَبَّاسٍ. فعلى الأوَّلِ، إنْ وجَد طَعْمَه فى حَلْقِه، أفْطَرَ؛ لإِطْلاقِ

وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ. الَّذِى لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أجْزَاءٌ، وَلَا يَجُوزُ مَضْغُ مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أجْزَاءٌ، إِلَّا أنْ لَا يَبْلَعَ رِيقَهُ، وَمَتَى وَجَدَ طَعْمَهُ فِى حَلْقِهِ، أَفْطَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَراهَةِ. وعلى الثَّانِى، إذا ذَاقَه، فعليه أنْ يَسْتَقْصِىَ فى البَصْقِ، ثم إنْ وجَد طَعْمَه فى حَلْقِه، لم يُفْطِرْ، كالمَضْمَضَةِ، وإنْ لم يَسْتَقْصِ فى البَصْقِ، أفْطَرَ؛ لتَفْريطِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزمَ جماعةٌ، يُفْطِرُ مُطْلَقًا. قلتُ: هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ الخِلافُ فى مُجاوَزَةِ الثَّلاثِ. قولهَ: ويُكْرَهُ مَضْغُ العِلْكِ الذى لا يَتَحَلَّلُ منه أجْزَاءٌ. قال فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما: وهو المُومْيا، واللِّبانُ الذى كلَّما مضَغَه قَوِىَ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الاصحابُ؛ لأنَّه يَحْلُبُ الفَمَ، ويَجْمَعُ الرِّيقَ ويُورِثُ العَطَشَ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا يُكْرَهُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فى تَحْريمِ ما لا يتَحَلَّلُ غالِبًا، وفِطْرِه بوُصُولِه أو طَعْمِه إلى حَلْقِه وَجْهان. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»: وفى تَحْريمِ ما لا يتَحَلَّلُ وَجْهان. وقيل: يُكْرَهُ بلا حاجَةٍ. فعلى المذهبِ، هل يُفْطِرُ إنْ وجَد طَعْمَه فى حَلْقِه أم لا؟ فيه وَجْهان، وأطْلقَهما فى «الكَافِى»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». أحدُهما، لا يُفْطِرُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا؛ لأنَّ مُجَرَّدَ وُجودِ الطَّعْمِ لا يُفَطِّرُ، كمَن لطَخ باطِنَ قدَمِه بحَنْظَلٍ، إجْماعًا. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. والوَجْهُ الثَّانى، يُفْطِرُ. وجزمَ به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قوله: ولا يجُوزُ مَضْغُ ما يَتَحَلَّلُ منه أَجْزاءٌ. هذا ممَّا لا نِزاعَ فيه فى الجُمْلَةِ، بل هو إجْماعٌ.

وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ لا يَبْلَعَ رِيقَه. يعْنِى، فيَجُوزُ. وهكذا قال فى «الكافِى»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وجزَمُوا به بهذا القَيْدِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحْرُمُ مَضْغُ ذلك، ولو لم يَبْتَلِعْ رِيقَه. وجزمَ به الأكثرُ، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وفرَض بعضُهم المَسْألةَ فى ذَوْقِه، يَعْنِى، يَحْرُمُ ذَوْقُه، وإنْ لم يَذُقْه، لم يَحْرُمْ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ويَحْرُمُ ذَوْقُ ما يتَحَلَّلُ، أو يَتَفَتَّتُ. وقيل: إنْ بلَع رِيقه، وإلَّا فلا. قوله: وتُكْرَهُ القُبْلَةُ، إلَّا أنْ يَكُونَ مِمَّن لا تُحَرِّكُ شَهْوَتَه، على إحْدَى الرِّوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فاعِلُ القُبْلَةِ لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ممَّن تُحَرِّكُ شَهْوَتَه أوْ لا، فإنْ كان ممَّن تُحَرِّكُ شَهْوَتَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كَراهَةُ ذلك فقط. جزمَ به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وصحَّحَه. وعنه، تَحْرُمُ. جزمَ به فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيره. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَظُنَّ الإِنْزالَ، فإن ظَنَّ الإِنْزالَ حَرُمَ عليه، قوْلاً واحِدًا. وإنْ كان ممَّن لا تُحَرَّكُ شَهْوَتَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُكْرَهُ. قال فى «الفَائقِ»: ولا تُكْرَهُ له القُبْلَةُ إذا لم تُحَرِّكْ شَهْوَتَه، على أصحِّ الرِّوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُبْهِجِ» , و «الوَجِيزِ»: وتُكْرَهُ القُبْلَةُ بشَهْوَةٍ. فمَفْهُومُه، لا تُكْرَهُ بلا شَهْوَةٍ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وصحَّحَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعنه، تُكْرَهُ؛ لاحْتِمالِ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن». تنبيه: الظَّاهِرُ أنَّ الخِلافَ الذى أطْلَقَه المُصَنِّفُ، عائدٌ إلى مَن لا تُحَرِّكُ شَهْوَتَه، وعليه شرَح الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، ولأنَّ الخِلافَ فيه

وَيَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ, فَإِنْ شُتِمَ اسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ: إِنِّى صَائِمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْهَرُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يعُودَ على مَن تُحَرِّكُ شَهْوَتَه، فيكونَ تَقْدِيرُ الكَلامِ على هذا، وتُكْرَهُ القُبْلَةُ على إحْدَى الرِّوايتَيْن، إلَّا أنْ يكونَ ممَّن لا تُحَرِّكُ شَهْوَتَه، فلا تُكْرَهُ. لكنْ يُبْعِدُ هذا أنَّ المُصَنِّفَ لم يَحْكِ الخِلافَ فى «المُغْنِى»، و «الكَافِى». فائدة: إذا خرَج منه مَنِىٌّ أو مَذْىٌ بسَبَبِ ذلك، فقد تقدَّم فى أوَّلِ البابِ الذى قبلَه، وإنْ لم يَخْرُجْ منه شئٌ، لم يُفْطِرْ. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. واعلمْ أنَّ مُرادَ مَنِ اقْتصَرَ مِنَ الأصحابِ، كالمُصَنِّفِ وغيرِه، على ذِكْرِ القُبْلَةِ، دَواعِى الجماعِ بأَسْرِها أيضًا, ولهذا قَاسُوه على الإِحْرامِ. وقالوا: عِبادَةٌ تَمْنَعُ الوَطْءَ، فمَنعَتْ دَواعِيَه. قال فى «الكَافِى»، وغيرِه: واللَّمْسُ، وتَكْرارُ النَّظَرِ كالقُبْلَةِ؛ لأنَّهما فى مَعْناها. وقال فى «الرِّعايَةِ»، بعدَ أنْ ذكَر الخِلافَ فى القُبْلَةِ: وكذا الخِلافُ فى تَكْرارِ النَّظَرِ، والفِكْرِ فى الجِماعِ، فإنْ أنْزَلَ، أَثِمَ وأفْطَرَ، والتَّلَذُّذُ باللَّمْسِ والنَّظَرِ، والمُعانَقَةِ والتَّقْبِيلِ سَواءٌ. هذا كلامُه، وهو مُقتَضَى ما فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. قوله: فإنْ شُتِمَ اسْتُحِبَّ أنْ يَقُولَ: إنِّى صَائمٌ. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه، أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقولَ ذلك بلِسَانِه فى الفَرْضِ والنَّفْلِ مع نَفْسِه، يَزْجُرُ نفْسَه بذلك، ولا يُطْلِعُ

فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ، وَأَنْ يُفْطِرَ عَلَى التَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ: اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ [58 ظ] أَفْطَرْتُ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّى، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاسَ عليه، وهو أحَدُ الوُجوه. جزمَ به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ كلامِه هو وصاحِبُ «الفَائقِ» وغيرِه، وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه، أنْ يقُولَه جَهْرًا فى رَمَضانَ وغيرِه. وهو الوَجْهُ الثَّانى للأصحابِ، واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه، أنْ يقُولَه جَهْرًا فى رَمَضانَ، وسِرًّا فى غيرِه، زاجِرًا لنَفْسِه، وهو الوَجْهُ الثَّالِثُ. واخْتارَه المَجْدُ؛ وذلك للأَمْنِ مِنَ الرِّياءِ، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. تنبيهان؛ أحدهما، قوله: ويُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الإِفْطارِ. إجْماعًا. يعْنِى, إذا تحَقَّقَ غُروبُ الشَّمْسِ. الثانى، قوله: ويُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ السَّحُورِ. إجْماعًا، إذا لم يَخْشَ طُلوعَ الفَجْرِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ، والأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، اسْتِحْبابُ السَّحُورِ مع الشَّكِّ. وذكَر المُصَنِّفُ أيضًا قوْلَ أبى داوُدَ: قال أبو عَبْدِ الله: إذا شَكَّ فى الفَجْرِ يأْكُلُ حتى يَسْتَيْقِنَ طُلُوعَه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَ غيرِ الشَّيْخِ، الجوازُ، وعدَمُ المَنْعِ بالشَّكِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا جزمَ ابنُ الجَوْزِىِّ وغيرُه، يأْكُلُ حتى يَسْتَيْقِنَ. وقال: إنَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وكذا خَصَّ الأصحابُ المَنْعَ بالمُتَيَقِّنِ، كشَكِّه فى نَجاسَةِ طاهِرٍ. قال الآجُرِّىُّ وغيرُه: ولو قال لعالِمَيْن: ارْقُبَا الفَجْرَ. فقال أحدُهما: طلَع الفَجْرُ. وقال الآخَرُ: لم يَطْلُعْ. أكلَ حتى يتَّفِقَا. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا خافَ طُلوعَ الفَجْرِ، وجَب عليه أنْ يُمْسِكَ جُزْءًا مِنَ اللَّيْلِ؛ ليتَحَقَّقَ له صَوْمُ جميعِ اليَوْمِ. وجعَلَه أصْلًا لوُجوبِ صَوْمِ يَوْمِ ليْلَةِ الغَيْمِ. وقال: لا فَرْقَ. ثم ذكَر هذه المَسْأَلةَ فى مَوْضِعِها، وأنَّه لا يَحْرُمُ الأكْلُ مع الشَّكِّ فى الفَجْرِ. وقال: بل يُسْتَحَبُّ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»: الأَوْلَى أنْ لا يأْكُلَ مع شكِّه فى طُلوعِه. وجزمَ به المَجْدُ، مع جَزْمِه بأنَّه لا يُكْرَهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولى، تقدَّم عندَ قوْلِه: ومَن أكلَ شاكًّا فى طُلوعِ الفَجْرِ، فلا قَضاءَ عليه. أنَّه لا يُكْرَهُ الأكْلُ والشُّرْبُ مع الشَّكِّ فى طلوعِه، ويُكْرَهُ الجِماعُ. نصَّ عليهما. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: لا يجِبُ إمْساكُ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ فى أوَّلِه وآخِرِه، فى ظاهرِ كلامِ جماعَةٍ، وهو ظاهِرُ ما سبَق، أو صَرِيحُه. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحُّ الوَجْهَيْن. وقطَع جماعةٌ مِنَ الأصحابِ بوُجوبِ الإِمْساكِ، فى «أصُولِ الفِقْهِ»، و «فُروعِه»، وأنَّه مِمَّا لا يَتِمُّ الواجِبُ إلَّا به. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنُونِ»، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ فى صَوْمِ يوْمِ ليْلَةِ الغَيْمِ. الثَّالثةُ، المذهبُ، يجوزُ له الفِطْرُ بالظَّنِّ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّلْخِيصِ»: يجوزُ الأكْلُ بالاجْتِهادِ فى أوَّلِ اليوْمِ، ولا يجوزُ فى آخِرِه إلَّا بيَقِينٍ، ولو أكَل ولم يتَيَقَّنْ، لَزِمَه القَضاءُ فى الآخِرِ، ولم يَلْزَمْه فى الأوَّلِ. انتهى. قال فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو ضعيفٌ. الرَّابعةُ، إذا غابَ حاجِبُ الشَّمْسِ الأعْلَى، أفْطَرَ الصَّائمُ حُكْمًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ لم يَطْعَمْ. ذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وجزمَ به فى «الفُروعِ»، فلا يُثابُ على الوِصَالِ، كما هو ظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ». واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وقال: وقد يَحْتَمِلُ أنَّه يجوزُ له الفِطْرُ. وقال: والعَلاماتُ الثَّلاثُ، فى قَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «إذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنا، وأَدْبَرَ النَّهارُ مِنْ هَهُنَا، وغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ» (¬1)، مُتَلازِمَةٌ، وإنَّما جمعَ بينَها لِئَلَّا يُشاهِدَ غُروبَ الشَّمْسِ، فيَعْتَمِدَ على غيرِها. ذكَرَه النَّوَوِىُّ فى «شَرْحِ مُسْلِمٍ» (¬2) عنِ العُلَماءِ. قال فى «الفُروعِ»: ¬

(¬1) أخرجه البخارى، فى: باب الصوم فى السفر والإفطار، وباب متى يحل فطر الصائم، وباب يفطر بما تيسر عليه بالماء، من كتاب الصيام. صحيح البخارى 3/ 43، 46، 47. ومسلم، فى: باب بيان وقت انقضاء الصوم. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 772، 773. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووى 7/ 209.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا قال. قال: ورأَيْتُ بعضَ أصحابِنا يتَوقَّفُ فى هذا، ويقولُ: يُقْبِلُ اللَّيْلُ مع بَقاءِ الشَّمْسِ. ولعَلَّه ظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ». انتهى. قلتُ: وهذا مُشاهَدٌ. الخامسةُ، تحْصُلُ فَضِيلَةُ السَّحورِ بأَكْلٍ أو شُرْبٍ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وكَمالُ فَضِيلَتِه بالأكْلِ. قوله: وأنْ يُفْطِرَ على التَّمْرِ، فإنْ لم يَجِدْ فعلى الماءِ. هكذا قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»: يُسَنُّ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُفْطِرَ على الرُّطَبِ، فإنْ لم يَجِدْ، فعلى التَّمْرِ، فإنْ لم يَجِدْ، فعلى الماءِ. وقال فى «الوَجيزِ»: ويُفْطِرُ على رُطَبٍ أو تَمْرٍ أو ماءٍ. وقال فى «الحاوِيَيْن»: يُفْطِرُ على تَمْرٍ أو رُطَبٍ أو ماءٍ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: ويُسَنُّ أنْ يُعَجِّلَ فِطْرَه على تَمْرٍ أو ماءٍ. قوله: وأنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ لك صُمْتُ، وعلى رِزْقِك أفْطَرْتُ، سُبْحانَك وبحَمْدِك، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّى، إنَّك أنت السَّميعُ العَليمُ. هكذا ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهمُ المُصَنِّفُ، وأبو الخطَّابِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أوْلَى. واقْتَصرَ عليه جماعةٌ. وذَكَرَه ابنُ حَمْدانَ، وزادَ، بِسْمِ الله. وذكَرَه ابنُ الجَوْزِىِّ، وزادَ فى أوَّلِه، بِسْمِ الله، والحَمْدُ لله. وبعدَ قوْلِه: وعلى رِزْقِكَ أفْطَرْتُ. وعليك تَوَكَّلْتُ. وذكَر بعضُ الأصحابِ قوْلَ ابنِ عُمَرَ: كان النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ إذا أفْطَرَ: «ذهَب الظَّمَأُ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وثبَت الأَجْرُ، إنْ شاءَ اللهُ تَعالَى».

وَيُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ فِى قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَلَا يَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، يُسْتَحَبُّ أنْ يدْعُوَ عندَ فِطْرِه، فإنَّ له دَعْوَةً لا تُرَدُّ. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يُفَطِّرَ الصُّوَّامَ، ومَن فطَّر صَائِمًا، فلَهُ مِثْلُ أجْرِهِ, مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِه شَىْءٌ. قالَه فى «الفُروعِ». وظاهِرُ كلامِهم، مِن أىِّ شئٍ كانَ، كما هو ظاهِرُ الخَبَرِ. وقال الشَيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: مُرادُه بتَفْطِيرِه أنْ يُشْبِعَه. الثَّالثةُ، يُسْتَحَبُّ له كَثْرَةُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، والذِّكْرِ، والصَّدقَةِ. قوله: ويُسْتَحَبُّ التَّتابُعُ فى قَضاءِ رَمَضانَ، ولا يَجِبُ. هذا المذهَبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وذكَرَه القاضِى فى «الخِلافِ»، فى أنَّ الزَّكاةَ تجِبُ على الفَوْرِ إنْ [قُلْنا: إنَّ] (¬1) قَضاءَ رَمَضانَ على الفَوْرِ. واحْتَجَّ بنَصِّه فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفَّارَةِ. ويأْتِى فى البابِ الذي يَلِيه، هل يصِحُّ التَّطَوُّعُ بالصِّيامِ قبلَ قَضاءِ (¬1) رَمَضانَ لهم أم لا؟. تنبيه: كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطلَقَ، مُقَيَّدٌ بما إذا لم يَبْقَ مِن شَعْبانَ إلَّا ما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَّسِعُ للقَضاءِ فقط، فإنَّه فى هذه الصُّورَةِ يتَعَيَّنُ التَّتابُعُ، قوْلًا واحِدًا. فائدتان؛ إحداهما، هل يجِبُ العَزْمُ على فِعْلِ القَضاءِ؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ الخِلافُ فى الصَّلاةِ. ولهذا قال ابنُ عَقيلٍ فى الصَّلاةِ: لا يَنْتَفِى إلَّا بشَرْطِ العَزْمِ على النَّفْلِ فى ثَانِى الوَقْتِ. قال: وكذا كلُّ عِبادَةٍ مُتَراخِيَةٍ. الثَّانية، مَن فاتَه رَمَضانُ كامِلاً، سَواءٌ كان تامًّا أو ناقصًا، لعُذْرٍ، كالأَسِيرِ والمَطْمُورِ ونحوِهما، أو غيرِه، قَضَى عدَدَ أيَّامِه مُطْلَقًا، كأعْدادِ الصَّلَواتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعندَ القاضِى، إنْ قضَى شَهْرًا هِلَالِيًّا أجْزَأَه، سَواءٌ كان تامًّا أو ناقِصًا، وإنْ لم يَقْضِ شَهْرًا، صامَ ثَلَاثِيِن يَوْمًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقال: هو أشْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: أجْزَأَ شَهْرٌ هِلالِىٌّ ناقِصٌ، على الأصحِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائِق». وجزمَ به فى «الإِفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّلْخيصِ». فعلى الأوَّلِ، مَن صامَ مِن أوَّلِ شَهْرٍ كامِلٍ، أو مِن أثْناءِ شَهْرٍ، تِسْعَةً وعِشْرين يوْمًا، وكان رَمَضانُ الفائِتُ ناقِصًا، أجْزأَه عنه، اعْتِبارًا بعدَدِ الأيَّامِ. وعلى الثَّانى، يَقْضِى يَوْمًا؛ تَكْمِيلًا للشَّهْرِ بالهِلالِ أو العدَدِ ثَلاِثِين يَوْمًا. قوله: ولا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضاءِ رَمَضانَ إلى رَمَضانَ آخَرَ مِن غيرِ عُذْرٍ - نصَّ عليه.

فَإِنْ فَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا بلا نِزاعٍ - فإنْ فعَل، فعليه القَضاءُ وإطْعامُ مِسْكينٍ لكُلِّ يَوْمٍ. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُه، ولو أخَّرَه رَمَضانَاتٍ ولم يَمُتْ. وهو كذلك. ووجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا يجِبُ الإِطْعامُ؛ لظاهِرِ قوْلِه تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وتقدَّم قرِيبًا، أنَّ قَضاءَ رَمَضانَ على التَّراخِى، على الصَّحيحِ.

وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُطْعِمُ ما يُجْزِئُ كَفَّارَةً، ويجوزُ الإِطْعامُ قبلَ القَضاءِ ومعه وبعدَه. قال المَجْدُ: الأفْضَلُ تقْديمُه عندَنا، مُسارَعَةً إلى الخَيْرِ، وتَخَلُّصًا مِن آفاتِ التَّأْخيرِ. قوله: وإنْ أَخَّرَه لعُذْرٍ، فلا شئَ عليه، وإنْ ماتَ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وذكَر فى «التَّلْخيصِ» رِوايَةً، يُطْعَمُ عنه، كالشَّيْخِ الكَبيرِ. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يجِبَ الصَّوْمُ عنه، أو التَّكْفِيرُ.

وَإِنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَمَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ آخَرَ، أُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمِ مِسْكِينٌ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، فَهَلْ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ أَوِ اثْنَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: وإنْ أخَّرَه لغيرِ عُذْرٍ، فماتَ قبلَ رَمَضانَ آخَرَ، أُطْعِمَ عنه لكلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ. أنَّه لا يُصامُ عنه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»، فى جَوابِ مَن قال: العِبادَةُ لا تَدْخُلُها النِّيابَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: لا نُسَلِّمُ، بل النِّيابَةُ تدْخُلُ الصَّلاةَ والصِّيامَ، إذا وجَبَتْ وعجَز عنها بعدَ المَوْتِ. وقال أيضًا فيه: فأمَّا سائِرُ العِبادَاتِ، فلَنا رِوايَةٌ، أنَّ الوَارِثَ ينُوبُ عنه فى جَميعِها، فى الصَّوْمِ والصَّلاةِ. انتهى. ومالَ النَّاظِمُ إلى جَوازِ صوْمِ رَمَضانَ عنه بعدَ مَوْتِه. فقال: لو قيلَ به، لم أُبْعِدْ. وقال فى «الفَائقِ»: ولو أخَّرَهُ لا لعُذْرٍ، فتُوفِّىَ قبل رَمَضانَ آخَرَ، أُطْعِمَ عنه لكُلِّ يوْمٍ مِسْكينٌ، والمُخْتارُ الصِّيامُ عنه. انتهى. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ويَصِحُّ قَضاءُ نَذْرٍ - قلتُ: وفَرْضٍ - عن مَيِّتٍ مُطْلَقًا، كاعْتِكافٍ. انتهى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إن تبَرَّعَ بصَوْمِه عن مَن لا يُطِيقُه لكِبَرٍ ونحوِه، أو عن مَيِّتٍ، وهما مُعْسِران، يتَوجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازُه؛ لأنَّه أقْرَبُ إلى المُمَاثَلَةِ مِنَ المالِ. قوله: وإن ماتَ بعدَ أَنْ أَدْرَكَه رَمَضانُ آخَرُ، فهل يُطْعَمُ عنه لكلِّ يَوْمٍ مِسْكينٌ أو اثْنان؟ على وَجْهَيْن. وحَكاهُما فى «الفَائِق» رِوايتَيْن، وأطْلقَهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: فوَجْهان. وقيل: رِوايتَان؛ أحدُهما، يُطْعَمُ عنه لكُلِّ يوْمٍ مِسْكينٌ فقط. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وجزمَ به فى «الوَجِيزِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ومالَ إليه المَجْدُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ إطْلاقِ الخِرَقِىِّ، والقاضِى، والشِّيرَازِىِّ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يُطْعَمُ عنه لكُلِّ يومٍ مِسْكِينان؛ لاجْتِماعِ التَّأْخيرِ والمَوْتِ بعدَ التَّفْريطِ. جزمَ به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الإِفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، لا يَقْضِى مَن أفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بلا عُذْرٍ، وكذلك الصَّلاةُ، وقال: ولا تصِحُّ مِنه. وقال: ليس فى الأدِلَّةِ ما يُخالِفُ هذا. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدتان؛ إحْداهما، الإِطْعامُ يكونُ مِن رأْسِ المالِ، أَوْصَى به أو لم يُوصِ. الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُ صوْمُ كفَّارَةٍ عن مَيِّتٍ، وإنْ أوْصَى به. نصَّ عليه. وإنْ كان موْتُه

وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أوْ حَجٌّ أَوِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ، فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ قُدْرَتِه عليه، وقُلْنا: الاعْتِبارُ بحالَةِ الوُجوبِ، أُطْعِمَ عنه ثَلاثَةُ مَساكِينَ، لكُلِّ يَوْمٍ مِسْكينٌ. ذكَرَه القاضِى. ولو ماتَ وعليه صَوْمُ شَهْرٍ مِن كفَّارَةٍ، أُطْعِمَ عنه أيضًا. نقَلَه حَنْبَلٌ. ففيه جَوازُ الإِطْعامِ عن بعضِ صَوْمِ الكَفَّارَةِ. ولو ماتَ وعليه صَوْمُ المُتْعَةِ، أُطْعِمَ عنه أيضًا. نصَّ عليه. قوله: وإنْ ماتَ وعليه صَوْمٌ أو حَجٌّ أو اعْتِكافٌ مَنْذُورٌ، فعَلَه عنه وَلِيُّه. إذا ماتَ وعليه صوْمٌ مَنْذُورٌ، فعَلَه عنه وَلِيُّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. واخْتارَ ابنُ عَقيلٍ، أنَّ صوْمَ النَّذْرِ عنِ المَيِّتِ كقَضاءِ رَمَضانَ على ما سبَق. وقدَّمه فى «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ صوْمُ جماعةٍ عنه فى يَوْمٍ واحدٍ، ويُجْزِئُ عن عِدَّتِهم مِنَ الأيَّامِ، على الصَّحيحِ. اخْتارَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو أظْهَرُ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وحَكَاه الإِمامُ أحمدُ عن طاوُسٍ. وحمَل المَجْدُ ما نُقِلَ عن أحمدَ على صَوْمٍ شَرْطُه التَّتابُعُ، وتَعْليلُ القاضِى يدُلُّ عليه. ونقَل أبو طالِبٍ، يصُومُ واحِدٌ. قال القاضِى فى «الخِلافِ»: فمَنْعُ الاشْتِراكِ، كالحَجَّةِ المَنْذُورَةِ، تصِحُّ النِّيابَةُ فيها مِن واحدٍ لا مِن جماعَةٍ. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يصُومَ غيرُ الوَلِىِّ بإذْنِه وبدُونِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: جزمَ به القاضِى والأكثرُ، [منهم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»] (¬1). وقيل: لا يصِحُّ إلَّا بإِذْنِه. وذكَر المَجْدُ أنَّه ظاهِرُ نقْلِ حَرْبٍ؛ يصُومُ أقْرَبُ النَّاسِ إليه، ابنُه أو غيرُه. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ، يَلْزَمُ مِنَ الاقْتِصارِ على النَّصِّ، أنَّه لا يُصامُ بإِذْنِه. فائدتان؛ الأُولَى، قوله: فعَلَه عنه وَلِيُّه. يُسْتَحَبُّ للوَلِىِّ فِعْلُه. واعلمْ أنَّه إذا كان له تَرِكَةٌ، وجَب فِعْلُه، فيُسْتَحَبُّ للوَلِىِّ الصَّوْمُ، وله أنْ يدْفَعَ إلى مَن يصُومُ عنه مِن تَرِكَتِه عن كلِّ يَوْمٍ مِسْكينًا. وجزَم به فى «القَاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ». فإنْ لم يكُنْ له تَرِكَةٌ، لم يَلْزَمْه شئٌ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: ومع امْتِناعِ الوَلِىِّ مِنَ الصَّوْمِ يجِبُ إطْعامُ مِسْكينٍ، مِن مالِ المَيِّتِ عن كلِّ يَوْمٍ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومع صَوْمِ الوَرثَةِ لا يجِبُ. وجزَم المُصَنِّفُ فى مَسْألَةِ مَن نذَر صَوْمًا فَعَجَزَ عنه، أنَّ صوْمَ النَذْرِ لا إطْعامَ فيه بعدَ المَوْتِ، بخِلافِ رَمَضانَ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ فى كلامِه خِلافَه. وقال المَجْدُ: لم يذْكُرِ القاضِى فى «المُجَرَّدِ» أنَّ الوَرَثَةَ إذا امْتنَعُوا يَلْزَمُهم اسْتِنابَةٌ، ولا إطْعامٌ. الثَّانيةُ، لا كَفَّارَةَ مع الصَّوْمِ عنه، أو الإِطْعامِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ الصَّوْمَ عنه بدَلٌ مُجْزِئٌ بلا كَفَارَةٍ. وأوْجَبَ فى «المُسْتَوْعِبِ» الكَفَّارَةَ. قال: كما لو عيَّن بنَذْرِه صَوْمَ شَهْرٍ فلم يَصُمْه، فإنَّه يجِبُ القَضاءُ والكَفَّارَةُ. قال فى «الرَّعايَةِ»: إنْ لم يَقْضِه عنه ورَثَتُه أو غيرُهم، أُطْعِمَ عنه مِن تَرِكَتِه؛ لكُلِّ يَوْمٍ فَقيرٌ مع كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وإنْ قَضَى، كَفَتْه كَفَّارَةُ يَمينٍ. وعنه، مع العُذْرِ المُتَّصِلِ بالمَوْتِ. تنبيهان؛ الأوَّلُ، هذا التَّفْرِيعُ كُلُّه فى مَن أمْكَنَه صَوْمُ ما نذَرَه، فلم يَصُمْه حتى ماتَ، فأمَّا إنْ أمْكَنَه صَوْمُ بعضِ ما نذَرَه، قُضِىَ عنه ما أمْكَنَه صَوْمُه فقط. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ذكَرَه القاضِى وبعضُ أصحابِنا. وذكَرَه ابنُ عَقيلٍ أيضًا. وذكَر القاضِى فى مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ عنِ المَيِّتِ، أنَّ مَن نذَر صَوْمَ شَهْرٍ وهو مريضٌ، وماتَ قبلَ القُدْرَةِ عليه، يثْبُتُ الصِّيامُ فى ذِمَّتِه، ولا يُعْتَبرُ إمْكانُ أدَائِه، ويُخَيَّرُ وَلِيُّه بينَ أنْ يصُومَ عنه، أو يُنْفِقَ على مَن يصُومُ عنه. واخْتارَ المَجْدُ، أنَّه يُقْضَى عنِ المَيِّتِ ما تَعَذَّرَ فِعْلُه بالمرَضِ دُونَ المُتَعذَّرِ بالموْتِ، وقال فى «القاعِدَة التَّاسِعَةَ عَشرَةَ»: وأمَّا المَنْذُوراتُ، ففى اشْتِراطِ التَّمَكُّنِ (¬1) لها مِنَ ¬

(¬1) فى الأصل: «المتمكن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأداءِ وَجْهان. فعلى القَوْلِ بالقَضاءِ، هل يقْضِى الصَّائمُ الفائِتَ بالمَرضِ خاصَّةً، أو الفائتَ بالمرَضِ والمَوْتِ؟ على وَجْهَيْن. الثَّانى، هذا كلُّه إذا كان النَّذْرُ فى الذِّمَّةِ، فأمَّا إنْ نذَر صوْمَ شَهْرٍ بعَيْنِه، فماتَ قبلَ دُخولِه، لم يُصَمْ ولم يُقْضَ عنه. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهذا مذهبُ سائرِ الأئمَّةِ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. وإنْ ماتَ فى أثْنائِه، سقَط باقِيه، فإنْ لم يَصُمْه لمرَضٍ حتى انْقَضَى، ثم ماتَ فى مَرضِه، فعلى الخِلافِ السَّابقِ فيما إذا كان فى الذِّمَّةِ. هذه أحْكامُ مَن ماتَ وعليه صوْمُ نَذْرٍ، وأمَّا مَن مات وعليه حَجٌّ مَنْذورٌ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ وَلِيَّه يفْعَلُه عنه، ويصِحُّ منه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ. وفى «الرِّعايَةِ» قوْلٌ، لا يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فوائد؛ إحْداها, لا يُعْتَبرُ تمَكُّنُه مِنَ الحَجِّ فى حَياتِه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وقال: هو ظاهرُ كلامِه، وهو أصحُّ. وقال القاضِى فى «خِلافِه»، فى الفَقيرِ إذا نذَر الحَجَّ، ولم يمْلِكْ بعدَ النَّذْرِ زادًا ولا راحِلَةً حتى ماتَ: لا يُقْضَى عنه، كالحَجِّ الواجِبِ بأصْلِ الشَّرْعِ. قال المَجْدُ: وعليه قِياسُ كلِّ صُورةٍ ماتَ قبلَ التَّمَكُّنِ، كالذى يموتُ قبلَ مَجِئِ الوَقْتِ، أو عندَ خَوْفِ الطَّريقِ، قال: وهذه المَسْألَةُ شَبِيهَةٌ بمَسْألَةِ أمْنِ الطَّريقِ وسعَةِ الوَقْتِ، هل هو فى حَجَّةِ الفَرْضِ شَرْطٌ للوُجوبِ فى اِلذِّمَّةِ، أو للزُومِ الأداءِ؟. الثَّانيةُ، حُكْمُ العُمْرَةِ المَنْذُورَةِ حُكْمُ الحَجِّ المَنْذُورِ إذا ماتَ وهى عليه. الثَّالثةُ، يجوزُ أنْ يُحَجَّ عنه حَجَّةُ الإِسْلامِ بإذْنِ وَلِيِّه، بلا نِزاعٍ، وبغيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ عَقيلٍ، والمَجْدُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ». ويأْتى ذلك فى كتابِ الحَجِّ. فعلى المذهبِ، له الرُّجوعُ بما أنْفقَ على التَّرِكَةِ. وكذا لو أُعْتِقَ عنه فى نَذْرٍ، أو أُطْعِمَ عنه فى كَفَّارَةٍ، إذا قُلْنا: يصِحُّ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعين»، فى ضِمْنِ تعْليلِ القاضِى. وأمَّا إذا ماتَ وعليه اعْتِكافٌ مَنْذُورٌ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُفْعَلُ عنه. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ إبْرَاهِيمَ وغيرُه، يَنْبَغِى لأهْلِه أنْ يعْتَكِفُوا عنه. وحكَى فى «الرِّعايَةِ» قوْلًا، لا يصِحُّ أنْ يُعْتَكَفَ عنه. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ على هذا أنْ يُخْرَجَ عنه كَفَّارَةُ يمينٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُطْعَمَ عنه لكُلِّ يومٍ مِسْكِينٌ. انتهى. فعلى المذهبِ، إنْ لم يُمْكِنْه فِعْلُه حتى ماتَ، فالخِلافُ السَّابقُ كالصَّوْمِ. وقيل: يُقْضَى. وقيل: لا. فعليه، يسْقُطُ إلى غيرِ بدَلٍ. تنبيه: اعلمْ أنَّ فى نُسْخَةِ المُصَنِّفِ كما حكَيْتُه فى المَتْنِ هكذا: وإنْ ماتَ وعليه صَوْمٌ، أو حَجٌّ، أو اعْتِكافٌ مَنْذُورٌ. فلَفْظَةُ مَنْذُورٍ، مُؤَخَّرَةٌ عن الاعْتِكافِ. وهكذا فى نُسَخٍ قُرِئَتْ على المُصَنِّفِ، فغيَّرَ ذلك بعضُ أصحابِ المُصَنِّفِ المأْذُونِ له بالإِصْلاحِ، فقال: وإنْ ماتَ وعليه صوْمٌ مَنْذُورٌ أو حَجٌّ أو اعْتِكافٌ، فعَلَه عنه وَلِيُّه. لأنَّ تأْخيرَ لفْظَةِ مَنْذُورٍ، لا يخْلُو مِن حالَيْن؛ إمَّا أنْ يُعيدَه إلى الثَّلاثَةِ، أو إلى الأخيرِ، وهو الاعْتِكافُ. وعلى كِلَيْهما يحْصُلُ فى الكلامِ خَلَلٌ؛ لأنَّه لو عادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الاعْتِكافِ فقط، بَقِىَ الصَّوْمُ مُطْلَقًا، والوَلِىُّ لا يَفْعَلُ الواجِبَ بالشَّرْعِ مِنَ الصَّوْمِ. وإنْ عادَ إلى الثَّلاثَةِ، بَقِىَ الحَجُّ مَشْرُوطًا بكَوْنِه مَنْذُورًا, ولا يُشْترَطُ ذلك؛ لأنَّ الوَلِىَّ يَفْعَلُ الحَجَّ الواجِبَ بالشَّرْعِ أيضًا، فلذلك غيَّر. ولا يقالُ: إذا قدَّمْنا لفْظَةَ مَنْذُورٍ على الحَجِّ والاعْتِكافِ، يَبْقَى الاعْتِكافُ مُطْلَقًا؛ لأنَّا نقولُ: لا يكونُ الاعْتِكافُ واجِبًا إلَّا بالنَّذْرِ. قلتُ: والذى يظْهَرُ أنَّ كلامَ المُصَنِّفِ على صِفَةِ (¬1) ما قالَه مِن غيرِ تَغْييرٍ أوْلَى، ولا يُرَدُّ على المُصَنِّفِ شئٌ ممَّا ذكَر؛ لأنَّ مُرادَه هنا النِّيابَةُ فى المَنْذُوراتِ لا غيرُ، ولذلك ذكَر الصَّلاةَ المَنْذُورَةَ، والصَّوْمَ المَنْذُورَ، فكذا الاعْتِكافُ والحَجُّ. وأمَّا كَوْنُ الحَجِّ إذا كان واجِبًا بالشَّرْعِ يُفْعَلُ، فهذا مُسَلَّمٌ. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ فى كتابِ الحَجِّ، فقال: ومَن وجَب عليه الحَجُّ فتُوُفِّىَ قبلَه، أُخْرِجَ عنه مِن جميعِ مالِه حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ. وهذا واضِحٌ. ولذلك ذكَر غالِبُ الأصحابِ مِثْلَ ما قال المُصَنِّفُ هنا، فيَذْكُرون الصَّوْمَ والحَجَّ والاعْتِكافَ المَنْذُوراتِ. واللهُ أعلمُ. قوله: وإنْ كانتْ عليه صَلاةٌ مَنْذُورَةٌ، فعلى رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، و «مُحَرَّرِه»، والشَّارِحُ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، تُفْعَلُ عنه. وهو المذهبُ، ونقَلَه حَرْبٌ. وجزَم به فى «الإِفادَاتِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «العُمْدَةِ»، وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وقدَّمه فى «المُغْنِى». قال القاضِى: اخْتارَها أبو بَكْرٍ، والخِرَقِىُّ، وهى الصَّحيحَةُ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضِى فى «التَّعْليقِ»، وغيرُهما. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُفْعَلُ عنه. نقَلَها الجماعَةُ عن أحمدَ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهى أصحُّ. قال فى «إدْرَاكِ الغَايَةِ»: لا تُفْعَلُ فى الأشْهَرِ. قال فى «نَظْمِ النِّهَايَةِ»: لا تُفْعَلُ فى الأظْهَرِ، فعلى المذهبِ، تصِحُّ وَصِيَّتُه بها. تنبيهات؛ أحدُها، قال فى «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعين بعدَ المِائَةِ»: كثيرٌ مِنَ الأصحابِ يُطْلِقُ ذِكْرَ الوارِثِ هنا. وقال ابنُ عَقيلٍ وغيرُه: هو الأقْرَبُ فالأَقْرَبُ. وكذلك قال الخِرَقِىُّ: هو الوارِثُ مِنَ العَصَبَةِ. الثَّانى، هذه الأحْكامُ كلُّها، وهو القَضاءُ، إذا كان النَّاذِرُ قد تمَكَّنَ مِنَ الأداءِ، فأمَّا إذا لم يتَمَكَّنْ مِنَ الأداءِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه كذلك، فلا يُشْترَطُ التَّمَكُّنُ. وقيل: يُشْترَطُ. الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُفْعَلُ غيرُ ما ذُكِرَ مِنَ الطَّاعاتِ المَنْذُورَةِ عنِ المَيِّتِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ؛ لاقْتِصارِهم على ذلك. وقال فى «الإِيضاحِ»: مَن نذَر طاعَةً فماتَ، فُعِلَتْ. وقال الخِرَقِىُّ: ومَن نذَر أنْ يصُومَ، فماتَ قبلَ أنْ يأْتِىَ به، صامَ عنه ورَثَتُه مِن أقارِبِه، وكذلك كلُّ ما كان مِن نَذْرِ طاعَةٍ. وكذا قال فى «العُمْدَةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يصِحُّ أنْ يُفْعَلَ عنه كلُّ ما كان عليه مِن نَذْرِ طاعَةٍ، إلَّا الصَّلاةَ، فإنَّها على رِوايتَيْن. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: قِصَّةُ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ تدُلُّ على أنَّ كلَّ نَذْرٍ يُقْضَى. وكذا ترْجمَ عليها فى كِتابِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنْتَقَى»، بقَضاءِ كُلِّ المَنْذُوراتِ عنِ المَيِّتِ. وقال ابنُ عَقيلٍ وغيرُه: لا تُفْعَلُ طهارَةٌ مَنْذُورَةٌ عنه مع لُزُومِها بالنَّذْرِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فى فِعْلِها عنِ المَيِّتِ ولُزومِها بالنَّذْرِ ما سبَق فى صَوْمِ يوْمِ الغَيْمِ، هل هى مَقْصُودَةٌ فى نفْسِها أم لا؟ مع أنَّ قِياسَ عدَمِ فِعْلِ (¬1) الوَلِىِّ لها، أنْ لا تُفْعَلَ بالنَّذْرِ، وإنْ لَزِمَتِ الطَّهارَةُ، لَزِمَ فِعْلُ صَلاةٍ ونحوِها بها، كنَذْرِ المَشْىِ إلى المَسْجِدِ، يلْزَمُ تَحِيَّةٌ؛ صلاةُ رَكْعَتَيْن، على ما يأْتِى فى النَّذْرِ. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. وقال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ الطَوافَ المَنْذُورَ كالصَّلاةِ المَنْذُورَةِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «الفعل».

باب صوم التطوع

بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَأَفْضَلُهُ صِيَامُ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ قوله: وأَفْضَلُه صَوْمُ داوُدَ، عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وكان أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ، مِنَ الأصحابِ، يَسْرُدُ الصَّوْمَ. فظاهِرُ حالِه، أنَّ سَرْدَ الصَّوْمِ أفْضَلُ. فائدتان؛ إحداهما، يَحْرُمُ صوْمُ الدَّهْرِ إذا أدخَل فيه يَوْمَىِ العِيدَيْن، وأيَّامَ

وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَوْمُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّشْريقِ. ذكَرَه القاضى وأصحابُه، بل عليه الأصحابُ. وعبَّر القاضى وأصحابُه بالكَراهَةِ، ومُرادُهما، كراهَةُ تحْريمٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ والمَجْدُ وغيرُهما، وهو واضِحٌ. وإنْ أفْطَر أيَّامَ النَّهْىِ، جازَ صَوْمُه، ولم يُكْرَهْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. نقَل صالِحٌ، إذا أفْطَرَها رَجَوْتُ أنْ لا بأْسَ به. واخْتارَ الكَراهةَ المُصَنِّفُ. وهو رِوايَةُ الأَثْرَمِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الصَّوابُ قوْلُ مَن جعَلَه تَرْكًا للأوْلَى أو كَرِهَه. الثَّانيةُ، قوله: ويُسْتَحَبُّ صِيامُ أَيَّامِ البِيضِ مِن كُلِّ شَهْرٍ. هذا بلا نِزاعٍ. واعلمْ أنَّه يُسْتحَبُّ صِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهْرٍ، والأفْضَلُ أنْ تكونَ أيَّامَ البِيضِ، نصَّ عليه، فإنَّها أفْضَلُ. نصَّ عليه. وسُمِّيَتْ بَيْضاءَ لِابْيِضاضِها ليْلًا بالقَمَرِ ونَهارًا بالشَّمْسِ. وهذا الصَّحيحُ. وذكَر أبو الحَسَنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّمِيمِىُّ فى كِتابِه «اللّطِيفُ الذى لا يسَعُ جَهْلُه»، إنَّما سُمِّيَتْ بيْضاءَ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى تابَ فيها على آدَمَ، وبيَّضَ صحِيفَتَه. وهى؛ الثَّالِثَ عشَرَ، والرَّابعَ عشَرَ، والخامِسَ عشَرَ.

وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ، [59 و] وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهر قوله: ومَن صامَ رَمَضانَ، وأَتْبَعَه بسِتٍّ من شَوَّالٍ، فكأَنَّما صامَ الدَّهْرَ. أنَّ الأَوْلَى، مُتابعَةُ السِّتِّ؛ إذِ المُتابعَةُ ظاهِرُها التَّوالِى. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وجاعةٍ كثيرةٍ مِنَ الأصحابِ. وصرَّح بعضُ الأصحابِ بذلك. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، حصُولُ فَضِيلَتِها بصَوْمِها مُتَتابِعَةً ومُتفَرِّقَةً. ذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفَائقِ»، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلَاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخِيصِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الحَاوِيَيْن»، وغيرِهم؛ لإِطْلاقِهم صَوْمَها. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ فرَّقَها جازَ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ في أوَّلِ الشَّهْرِ وآخرِه. قال في «اللَّطائِفِ»: هذا قوْلٌ أحْمَدُه. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. واسْتحَبَّ بعضُ الأصحابِ التَّتابُعَ، وأنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونَ عَقِيبَ العيدِ. قال في «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ، ولَعَلَّه مُرادُ أحمدَ والأصحابِ، لِمَا فيه مِنَ المُسارَعَةِ إلى الخَيْرِ، وإنْ حصَلَتِ الفضِيلَةُ بغيرِه. فائدتان؛ إحداهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الفَضِيلَةَ لا تَحْصُلُ بصِيامِ السِّتَّةِ في غيرِ شَوَّالٍ. وهو صَحيحٌ، وصرَّح به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ، تحْصُلُ الفَضِيلَةُ بصَوْمِها في غيرِ شَوَّالٍ. وقال في «الفَائقِ»: ولو كانت مِن غيرِ شوَّالٍ، ففيه نظَرٌ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ مُخالِفٌ للحديثِ، وإنَّما أُلْحِقَ بفَضِيلَةِ رَمَضانَ لكَوْنِه حَرِيمَه، لا لكَوْنِ الحسَنةِ بعَشْرِ أمْثالِها، ولأنَّ الصَّوْمَ فيه يُساوِى رَمَضانَ في فَضيلَةِ الواجِبِ. قال في «الفُروعِ»:

وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَوجَّهُ تَحْصيلُ فَضِيلَتِها لمَن صامَها، وقَضَى رَمَضانَ، وقد أفْطَره لعُذْرٍ. قال: ولعَلَّه مُرادُ الأصحابِ، وما ظاهِرُه خِلافُه، خرَج على الغالِبِ المُعْتادِ. انتهى. قلتُ: وهو حسنٌ. الثَّانيةُ، قوله: وصِيامُ يومِ عاشوراءَ كفَّارَةُ سَنَةٍ، ويومِ عَرَفَةَ كفَّارَةُ سَنَتَيْن. وهذا بلا نِزاعٍ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: أمَّا كوْنُ صَوْمِ يومِ عرَفَةَ بسَنَتيْن، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لمَّا كان يوْمُ عرَفَةَ في شَهْرٍ حَرام بينَ شَهْرَيْن حَرامَيْن، كفَّر سَنَةً قبلَه وسَنَةً بعدَه. والثَّانى، إنَّما كان لهذه الأُمَّةِ، وقد وُعِدَتْ في العَملِ بأَجْرَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّما كفَّر عاشُوراءُ السَّنَةَ الماضِيَةَ، لأنَّه تَبِعَها وجاءَ بعدَها، والتَّكْفيرُ بالصَّوْمِ إنَّما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ لِمَا مضَى لا لِما يأْتِى. قوله: ولا يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعَرَفَةَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وفِطْرُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْضَلُ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، أنَّه يُسْتَحَبُّ لمَن كان بعرَفَةَ إلَّا لمَن يُضْعِفُه. وحكَى الخَطَّابِىُّ عن أحمدَ مِثْلَه. وقيل: يُكْرَهُ صِيامُه. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، يُسْتَثْنَى مِن ذلك إذا عَدِمَ المُتَمَتِّعُ والقارِنُ الهَدْىَ، فإنَّه يصُومُ عَشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلاَثَةً في الحَجِّ، ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ آخِرُها يومَ عرَفَةَ، عندَ الأصحابِ، وهو المَشْهورُ عن أحمدَ. على ما يأْتِى في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الفِدْيَةِ. تنبيه: عدَمُ اسْتِحْبابِ صَوْمِه؛ لتَقَوِّيه على الدُّعاءِ. قالَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. وعن الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، لأنَّه يَوْمُ عيدٍ. فائدتان؛ الأُولَى، سُمِّىَ يوْمَ عرَفَةَ للوُقُوفِ بعرَفَةَ فيه. وقيلَ: لأنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ

وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِى الْحِجَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بإِبْراهِيمَ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فلمَّا أتَى عرَفَةَ، قال: عرَفْتَ؟ قال: عرَفْتُ. وقيل: لتَعارُفِ حوَّاءَ وآدَمَ بها. الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وأكثرِ الأصحابِ، أنَّ يوْمَ التَّرْوِيَةِ في حقِّ الحاجِّ ليس كيَوْمِ عَرَفَةَ في عدمِ الصَّوْمِ. وجزَم في «الرِّعايَةِ» بما ذكَرَه بعضُهم، أنَّ الأفْضَلَ للحاجِّ الفِطْرُ يومَ التَّرْوِيَةِ ويَوْمَ عرَفَةَ بهما. انتهى. وسُمِّىَ يوْمَ التَّرْوِيَةِ؛ لأنَّ عرَفَةَ لم يكُنْ بها ماءٌ، وكانوا يَتَرَوَّوْنَ مِنَ الماءِ إليها. وقيل: لأنَّ إبْراهيمَ، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، رأَى ليْلَةَ التَّرْوِيَةِ الأمْرَ بذَبْحِ ابنِه، فأصْبَحَ يتَرَوَّى، هل هو مِنَ اللهِ، أو حُلْمٌ؟ فلمَّا رَآه اللَّيْلَةَ الثَّانيةَ، عرَف أنَّه مِنَ اللهِ. قوله: ويُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذى الحِجَّةِ. بلا نِزاعٍ، وأفْضَلُه يَوْمُ التَّاسِعِ وهو يَوْمُ عرَفَةَ، ثمَّ يوْمُ الثَّامِنِ، وهو يومُ التَّرْوِيَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الرِّعايتَيْن»، و «الفَائقِ»: وآكَدُ العَشْرِ، الثَّامِنُ، ثمَّ التَّاسِعُ. قلتُ: وهو خَطَأٌ. وقال في «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ لقَوْلِ بعضِهم: آكَدُه الثَّامِنُ ثمَّ التَّاسِعُ. ولعلَّه أخَذَه مِن قوْلِه في «الهِدَايَةِ»: آكَدُه يومُ التَّرْوِيَةِ وعَرَفَةَ. قوله: وأفْضَلُ الصِّيامِ بعدَ شَهْرِ رَمَضانَ شَهْرُ الله المُحرَّمُ. قال عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أَفْضَلُ الصَّلاةِ بعدَ المَكْتُوبَةِ، جَوْفُ اللَّيْلِ، وأَفْضَلُ الصِّيامِ بعدَ شَهْرِ رَمَضانَ، شَهْرُ الله المُحَرَّمُ». روَاه مُسْلِمٌ. فحمَلَه صاحِبُ «الفُروعِ» على ظاهرِه. وقال: لعَلَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، لم يُكْثِرِ (¬1) الصَّوْمَ فيه لعُذْرٍ، أو لم يعْلَمْ فضْلَه إلَّا أخِيرًا. انتهى. وحمَلَه ابنُ رَجَبٍ في «لَطَائفِه» على أنَّ صِيامَه ¬

(¬1) في ا: «يلتزم»، وانظر الفروع 3/ 111.

وَيُكْرَهُ إِفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْضَلُ مِنَ التَّطوُّعِ المُطْلَقِ بالصِّيامِ؛ بدَليلِ قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أفْضَلُ الصَّلَاةِ بعْدَ المَكْتُوبَةِ، جَوْفُ اللَّيْلِ». قال: ولا شَكَّ أنَّ الرَّواتِبَ أفْضَلُ. فمُرادُه بالأفْضَلِيَّةِ، في الصَّلاةِ والصَّوْمِ والتَّطوُّعِ، المُطْلَقُ. وقال: صوْمُ شَعْبانَ أفْضَلُ مِن صَوْمِ المُحَرَّمِ؛ لأنَّه كالرَّاتِبَةِ مع الفَرائضِ. قال: فظَهرَ أنَّ فَضْلَ التَّطَوُّعِ ما كان قرِيبًا مِن رَمَضانَ، قبلَه أو بعدَه، وذلك مُلْتَحِقٌ بِصيامِ رَمَضانَ؛ لقُرْبِه منه. وهو أظْهَرُ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، أفْضَلُ المُحَرَّمِ اليَوْمُ العاشِرُ؛ وهو عاشُوراءُ، ثمَّ التَّاسِعُ؛ وهو تاسُوعاءُ، ثمَّ العشْرُ الأُوَلُ. الثَّانيةُ، لا يُكْرَهُ إفْرادُ العاشِرِ بالصِّيامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد أمَر الإِمامُ أحمدُ بصَوْمِهما، ووَافقَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أنَّه لا يُكْرَه، وقال: مُقْتَضَى كلامِ أحمدَ، أنَّه يُكْرَهُ. الثَّالثةُ، لم يجبْ صَوْمُ يوْمِ عاشُوراءَ قبلَ فَرْضِ رَمَضانَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه الأكثرُ، منهم القاضى. قال المَجْدُ: هو الأصحُّ مِن قوْلِ أصحابِنا. وعنه، أنَّه كان واجِبًا، ثمَّ نُسِخَ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: ويُكْرَهُ إِفْرَادُ رَجَبٍ بالصَّوْمِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وحكَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ في تحْريمِ إفْرادِه وَجْهَيْن. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه أخَذَه مِن كراهَةِ أحمدَ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُكْرَهُ إِفْرادُ غيرِ رجَبٍ بالصَّوْمِ، وهو صحيحٌ لا نِزاعَ فيه. قال المَجْدُ: لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. فائدتان؛ إحداهما، تزُولُ الكراهَةُ بالفِطْرِ مِن رَجَبٍ، ولو يَوْمًا، أو بصَوْمِ شَهْرٍ آخرَ مِنَ السَّنَةِ. قال المَجْدُ: وإنْ لم يَلِهِ. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: لم يذْكُرْ أكثرُ الأصحابِ اسْتِحْبابَ صوْمِ رَجَبٍ وشَعْبانَ. واسْتَحَبَّه (¬1) ابنُ أبي مُوسَى ¬

(¬1) في ا: «واستحسنه»، وانظر الفروع 3/ 119.

وَإِفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمِ السَّبْتِ، وَيَوْمِ الشَّكِّ، وَيَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ، إِلَّا أَنْ يُوافِقَ عَادَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الإِرْشَادِ». قال ابنُ الجَوْزِىِّ، في كتابِ «أَسْبَابِ الهِدَايَةِ»: يُسْتَحَبُّ صوْمُ الأشْهُرِ الحُرُمِ وشَعْبانَ كلِّه. وهو ظاهرُ ما ذكَرَه المَجْدُ في الأشْهُرِ الحُرُمِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: آكدُ شَعْبانَ يَوْمُ النِّصْفِ. واسْتَحَبَّ الآجُرِّىُّ صوْمَ شَعْبانَ، ولم يذْكُرْ غيرَه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: في مذهَبِ أحمدَ وغيرِه نِزاعٌ؛ قيل: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رجَبٍ وشَعْبانَ. وقيل: يُكْرَهُ، فيُفْطِرُ ناذِرُهما بعضَ رَجَبٍ. قوله: وإِفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ. يعْنِي، يُكْرَهُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال المَجْدُ: لا نعلمُ فيه خِلافًا. وقال الآجُرِّىُّ: يَحْرُمُ صَوْمُه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا أُحِبُّ أنْ يَتَعَمَّدَه (¬1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ صَوْمُ ¬

(¬1) في ا: «يتعهده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يوْمِ الجُمُعَةِ. وحكَاه في «الرِّعايَةِ» وَجْهًا. قوله: ويَوْمِ السَّبْتِ. يعْنِي، يُكْرَهُ إفْرادُ يوْمِ السَّبْتِ بالصَّوْمِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا يُكْرَهُ صِيامُه مُفْرَدًا، وأنَّه قوْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرِ العُلَماءِ، وأنَّه الذي فَهِمَه الأَثْرَمُ مِن رِوايَتِه، وأنَّ الحَدِيثَ شاذٌّ أو مَنْسُوخٌ. وقال: هذه طرِيقَةُ قُدَماءِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ الذين صَحِبُوه؛ كالأَثْرَمِ، وأبى داوُدَ، وأنَّ أكثرَ أصحابِنا فَهِمَ مِن كلامِ الإمامِ أحمدَ الأخْذَ بالحدِيثِ. انتهى. ولم يذْكُرِ الآجُرِّىُّ كراهةَ غيرِ صَوْمِ يوْمِ الجُمُعَةِ، فظاهِرُه، لا يُكْرَهُ غيرُه. قوله: ويَوْمِ الشَّكِّ. يعْنِي، أنَّه يُكْرَهُ صَوْمُه. واعلمْ أنَّه إذا أرادَ أنْ يصُومَ يومَ الشَّكَّ؛ فَتارَةً يصُومُه لكَوْنِه وافَق عادَتَه، وتارَةً يصُومُه موْصُولاً قبلَه، وتارةً يصُومُه عن قَضاءِ فَرْضٍ، وتَارَةً يصُومُه عن نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أو مُطْلَقٍ، وتارةً يصُومُه بِنيَّةِ الرَّمَضانيَّةِ احْتِياطًا، وتارةً يصُومُه تطَوُّعًا مِن غيرِ سبَبٍ، فهذه سِتُّ مَسائِلَ؛ إحْداها، إذا وافَق صَوْمُ يوْمِ الشَّكِّ عادَتَه، فهذا لا يُكْرَهُ صَوْمُه، وقد اسْتَثْناه المُصَنِّفُ في كلامِه بعدَ ذلك. الثَّانيةُ، إذا صامَه موْصُولاً بما قبلَه مِنَ الصَّوْمِ، فإنْ كان موْصُولاً بما قبلَ النِّصْفِ، فلا يُكْرَهُ، قوْلاً واحدًا، وإنْ وَصَلَه بما بعدَ النِّصْفِ، لم يُكْرَهْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: يُكْرَهُ. ومَبْناهما على جَوازِ التَّطَوُّعِ بعدَ نِصْفِ شَعْبانَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ، ونصَّ عليه، وإنَّما يُكْرَهُ تقَدُّمُ رَمَضانَ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْن. وقيل: يُكْرَهُ بعدَ النِّصْفِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن». وأطْلقَهما في «الحاوِيَيْن». ومالَ صاحِبُ «الفُروعِ» إلى تحْريمِ تقَدُّمِ رَمَضانَ بيَوْمٍ أو يَوْمَيْن. الثَّالثةُ، إذا صامَه عن قَضاءِ فَرْضٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ. وعنه، يُكْرَهُ صَوْمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَضاءً. جزَم به الشِّيرَازِىُّ في «الإيضَاحِ»، وابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ»، وصاحِبُ «الوَسِيلَةِ» فيها. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ طَرْدُه في كلِّ واجِبٍ للشَّكِّ في بَزاءَةِ الذِّمَّةِ. الرَّابعةُ، إذا وافَق نَذْرٌ مُعَيَّنٌ يوْمَ الشَّكِّ، أو كان النَّذْرُ مُطْلَقًا، لم يُكْرَهْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَوْمُه، قوْلًا واحدًا. الخامسةُ، إذا صامَه بنِيَّةِ الرَّمَضانِيَّةِ احْتِياطًا، كُرِهَ صَوْمُه. ذكَرَه المَجْدُ وغيرُه، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». السَّادسةُ، إذا صامَه تَطوُّعًا مِن غيرِ سبَبٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يُكْرَهُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا. قال في «الكَافِى»: قالَه أصحابُنا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ، والأكْثَرِين. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ رَحِمَه اللهُ. وقيل: يَحْرُمُ صَوْمُه، فلا يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ في «الكَافِى»، ومالَ إليه فيه. واخْتارَه ابنُ البَنَّا، وأبو الخَطَّابِ في «عِباداتِه الخَمْسِ»، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به ابنُ الزَّاغُونِىِّ وغيرُه. ومالَ إليه في «الفُروعِ». وهما رِوايَتان في «الرِّعايَةِ». وعنه، لا يُكْرَهُ صَوْمُه. حكَاه الخَطَّابِىُّ عنِ الإِمامِ أحمدَ. السَّابعةُ، يوْمُ الشَّكِّ هو يَوْمُ الثَّلاثِين مِن شَعْبانَ، إذا لم يكُنْ في السَّماءِ عِلَّةٌ ليْلَةَ الثَّلاثِين، ولم يتَراءَ النَّاسُ الهِلالَ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضى، وأكثرُ الأصحابِ: أو شَهِدَ به مَن رُدَّتْ شَهادَتُه. قال القاضى: أو كان في السَّماءِ عِلَّةٌ، وقلنا: لا يجِبُ صَوْمُه. قوله: ويَوْمِ النَّيْرُوزِ والمِهْرَجانِ. يعْنِي، يُكْرَهُ صَوْمُهما. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ أنَّه لا يُكْرَهُ؛ لأنَّهم لا يُعَظِّمُونَهما بالصَّوْمِ. فوائد؛ منها، قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، ومَن تَبِعَهما: وعلى قياسِ كَراهَةِ صَوْمِهما كُلُّ عيدٍ للكُفَّارِ، أو يوْمٍ يُفْرِدُونَه بالتَّعْظيمِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يجوزُ تَخْصِيصُ صَوْمِ أعْيادِهم. ومنها، النَّيْروزُ والمِهْرَجانُ، عِيدان للكُفَّارِ. قال الزَّمَخْشَرِىُّ (¬1): النَّيْرَوزُ؛ الشَّهْرُ الثَّالثُ مِن شُهُورِ الرَّبيعِ، والمِهْرَجانُ؛ اليومُ السَّابعُ مِنَ الخَريفِ. ومنها، يُكْرَهُ الوِصَالُ؛ وهو أنْ لا يُفْطِرَ بينَ اليَوْمَيْن فأكثرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يَحْرُمُ. واخْتارَه ابنُ البَنَّا. قال الإمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِي. ¬

(¬1) محمود بن عمر بن محمَّد الزمخشرى، أبو القاسم، العلامة، كبير المعتزلة صاحب «الكشاف». توفى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 20/ 151 - 156.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأوْمَأَ إلى إباحَتِه لمَن يُطِيقُه. وتزُولُ الكراهَةُ بأَكْلِ تَمْرَةٍ ونحوِها، وكذا بمُجَرَّدِ الشُّرْبِ، على ظاهرِ ما رَواه المَرُّوذِىُّ عنه. ولا يُكْرَهُ الوِصالُ إلى السَّحَرِ. نصَّ عليه، ولكنْ ترَك الأوْلَى، وهو تَعْجِيلُه الفِطْرَ. ومنها، هل يجوزُ لمَن عليه صَوْمُ فَرْضٍ أنْ يتَطَوَّعَ بالصَّوْمِ قبلَه؟ فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُغْنِي»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»؛ إحداهما، لا يجوزُ، ولا يصِحُّ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وقال في «الحاوِيَيْن»: لم يصِحَّ في أصحِّ الرِّوايتَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الإفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ، ويصِحُّ. قدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «النَّظْمِ». قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةَ عَشرَةَ»: جازَ على الأصَحِّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فعلى المذهبِ، وهو عدمُ الجَوازِ، فهل يُكْرَهُ القَضاءُ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ، أم لا يُكْرَهُ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الفَائقِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الكَراهَةِ. وهذه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّريقَةُ هى الصَّحيحَةُ، وهى طريقةُ المَجْدِ في «شَرْحِه»، وتابعَه في «الفُروعِ». وقال: هذه الطَّريقةُ هى الصَّحيحَةُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: وهذا أقْوَى عندِى. قال في «الفُروعِ»: لأنَّا إذا حرَّمْنا التَّطَوُّعَ قبلَ الفَرْضِ، كان أبْلَغَ مِنَ الكراهَةِ، فلا يَصِحُّ تَفْرِيعُها (¬1) عليه. انتهى. ولنا طريقةٌ أُخْرَى، قالَها بعضُ الأصحابِ، وهي إنْ قُلْنا بعَدَمِ جَوازِ التَّطَوُّعِ قبلَ صَوْمِ الفَرْضِ، لم يُكْرَهِ القَضاءُ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ، بل يُسْتَحَبُّ؛ لِئَلَّا يخْلُوَ مِنَ العِبادَةِ بالكُلَّيَّةِ. وإنْ قُلْنا بالجَوازِ، كُرِهَ القَضاءُ فيها؛ لتَوْفيرِها على التَّطَوُّعِ؛ لبيانِ (¬2) فَضْلِه فيها مع فَضْلِ القَضاءِ. قال في «المُغْنِى»: قالَه بعضُ أصحابنا. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ويُباحُ ¬

(¬1) في ا: «تفريعًا»، وانظر الفروع 3/ 132. (¬2) كذا بالنسخ، ولعل الصواب: «لينال». وانظر: المغنى 4/ 403. والفروع 3/ 131.

وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَىِ الْعِيدَيْنِ عَنْ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قَضاءُ رَمَضانَ في عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ. وعنه، يُكْرَهُ. وقال في «الكُبْرَى» أيضًا: ويَحْرُمُ نفْلُ الصَّوْمِ قبلَ قَضاءِ فَرْضِه لحُرْمَتِه. نصَّ عليه. وعنه، يجوزُ. فائدة: لو اجْتَمعَ ما فُرِضَ شَرْعًا ونَذْرٌ، بُدِئَ بالمَفْروضِ شَرْعًا، إنْ كان لا يخافُ فَوْتَ المَنْذورِ، وإنْ خِيفَ فَوْتُه، بُدِئَ به، ويَبْدَأُ بالقَضاءِ أيضًا إنْ كان النَّذْرُ مُطْلَقًا. قوله: ولا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَىِ العِيدَيْن عن فَرْضٍ ولا تطَوُّعٍ، وإنْ قصدَ صِيامَهما

وَإِنْ قَصَدَ صِيَامَهُمَا كَانَ عَاصِيًا، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَرْضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عاصِيًا، ولم يُجزِئْه عن فَرْضٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ صوْمُ يَوْمَىِ العِيدَيْن عن فَرْضٍ، ولا نَفْلٍ، وعليه الأصحابُ. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وعنه، يصِحُّ عن فَرْضٍ. نقَلَه مُهَنَّا في قَضاءِ رَمَضانَ. وفي «الوَاضِحِ» رِوايَةٌ،

وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا، وَفِي صِيَامِهَا عَنِ الفَرْضِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ عن نَذْرِه المُعَيَّنِ. قوله: ولا يَجُوزُ صِيامُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا - بلا نِزاعٍ - وفي صَوْمِها عنِ الفَرْضِ رِوَايَتان. وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الكَافِى»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» هنا، و «الحاوِى الكَبِيرِ»؛ إحداهما، لا يجوزُ. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسَى، والقاضى. قال في «المُبْهِجِ»: وهي الصَّحيحَةُ. وقدَّمه الخِرَقِىُّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهي التي ذهَب إليها أحمدُ أخِيرًا. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ. صحَّحَه في «التَّصْحِيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ صَوْمِ النَّذْرِ والتَّطَوُّعِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وذكَر التِّرْمِذِىُّ عن أحمدَ جوازَ صَوْمِها عن دمِ المُتْعَةِ خاصَّةً. قال الزَّرْكَشِىُّ: خَصَّ ابنُ أبي موسَى الخِلافَ بدَمِ المُتْعَةِ. وكذا ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ، تخْصِيصُ الرِّوايَةِ بصَوْمِ المُتْعَةِ. وهو ظاهِرُ «العُمْدَةِ»؛ فإنَّه قال: ونهَى عن صِيامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، إلَّا أنَّه أرْخَصَ في صَوْمِها للمُتَمَتِّعِ إذا

وَمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ لَهُ إِتْمَامُهُ، وَلَمْ يَجِبْ، فَإِنْ أَفْسَدَهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَجِدْ هَدْيًا. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». قلتُ: وقدَّم المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ الفِدْيَةِ، أنَّها تُصامُ عن دَم المُتْعَةِ إذا عُدِمَ. وجزَم به في «الإِفادَاتِ». وصحَّحَه في «الفَائقِ»، في بابِ أقْسامِ النُّسُكِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في آخرِ بابِ الإِحْرامِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، في بابِ الفِدْيَةِ: هذا المذهبُ. وقدَّمه الشَّارِحُ هناك، والنَّاظِمُ. قوله: ومَن دخَل في صَوْمٍ أو صلاةٍ تَطَوُّعًا، اسْتُحِبَّ له إتْمَامُه، ولم يَجِبْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعن أحمدَ، يجِبُ إتْمامُ الصَّوْمِ، ويَلْزَمُه القَضاءُ. ذكَرَه ابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ في «الكَافِى». ونقَل حَنْبَلٌ في الصَّوْمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ أوْجَبَه على نفْسِه، فأَفْطَرَ بلا عُذْرٍ، أعادَ. قال القاضى: أيْ، نَذْرَه. وخالَفَه ابنُ عَقِيلٍ، وذكَرَه أبو بَكْرٍ في النَّفْلِ، وقال: تفرَّدَ به حَنْبَلٌ. وجميعُ الأصحابِ نقَلُوا عنه، لا يَقْضِى. وفي «الرِّعايَةِ» وغيرِها رِوايَةٌ في الصَّوْمِ، لا يقْضِى المَعْذُورُ. وعنه، يَلْزَمُ إتْمامُ الصَّلاةِ، بخِلافِ الصَّوْمِ. قال المُصَنِّفُ في «الكَافِى»، والمَجْدُ: مالَ إلى ذلك أبو إسْحاقَ الجُوزْجَانِىُّ، وقال: الصَّلاةُ ذاتُ إحْرامٍ وإحْلالٍ كالحَجِّ. قال المَجْدُ: والرِّوايَةُ التي حكَاها ابنُ البَنَّا في الصَّوْمِ، تدُلُّ على عَكْسِ هذا القَوْلِ؛ لأنَّه خصَّه بالذِّكْرِ. وعلَّلَ رِوايَةَ لُزُومِه بأنَّه عِبادَةٌ تجِبُ بإفْسادِها الكفَّارَةُ العُظْمَى، فلَزِمَتْ بالشُّروعِ، كالحَجِّ. قال: والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، التَّسْوِيَةُ. قوله: وإنْ أَفْسَدَه، فلا قَضاءَ عليه. هذا مَبْنِىٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم، ولكنْ يُكْرَهُ خُروجُه منه بلا عُذْرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: [وعلى المذهبِ، يُكْرَهُ خُروجُه. يتَوَجَّهُ لا يُكْرَهُ إلَّا لعُذْرٍ] (¬1)، وإلَّا كُرِهَ في الأصحِّ. ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وفي الفروع: «وعلى المذهب، هل يكره خروجه؟ يتوجه، لا يكره لعذر». الفروع 3/ 134.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، هل يُفْطِرُ لضَيْفِه؟ قال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ أنَّه كصائمٍ دُعِىَ. يعْنِي إلى وَلِيمَةٍ. وقد صرَّح الأصحابُ في الاعْتِكافِ، يُكْرَهُ تَرْكُه بلا عُذْرٍ. الثَّانيةُ، لم يذْكُرْ أكثرُ الأصحابِ سِوَى الصَّوْمِ والصَّلاةِ. وقال فى «الكَافِى»: وسائرُ التَّطَوُّعاتِ، مِنَ الصَّلاةِ والاعْتِكافِ وغيرِهما، كالصَّوْمِ، إلَّا (¬1) الحجَّ والعُمْرةَ. وقيل: الاعْتِكافُ كالصَّوْمِ على الخِلافِ. يعْنِي، إذا دخَل في الاعْتِكافِ وقد نوَاه ¬

(¬1) في الأصل، ا: «و». انظر الكافي 1/ 365.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُدَّةً، لَزِمَتْه ويقْضِيها. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. ورَدَّ المُصَنِّفُ، والمَجْدُ كلامَ ابنِ عَبْدِ البَرِّ فى ادِّعائِه الإجْماعَ. الثَّالثةُ، لو نوَى الصَّدقَةَ بمالٍ مُقَدَّرٍ، وشرَع فى الصَّدقَةِ به، فأَخْرَجَ بعضَه، لم تَلْزَمْه الصَّدقَةُ بباقِيه إجْماعًا. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ولو شرَع فى صلاةِ تَطَوُّعٍ قائمًا، لم يَلْزَمْه إتْمامُها قائمًا، بلا خِلافٍ فى المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضى وجماعَةٌ، أنَّ الطَّوافَ كالصَّلاةِ في الأحْكامِ، إلَّا فيما خصَّه الدَّليلُ. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه أنَّه كالصَّلاةِ هنا. قال: ويتَوَجَّهُ على كلِّ حالٍ، [أنَّ في طَوافِ شَوْطٍ أو شَوْطَين، أَجْرًا] (¬1)، وليس مِن شَرْطِه تَمامُ الأُسْبوعِ، كالصَّلاةِ. الرَّابعةُ، لا تَلْزَمُ الصَّدقَةُ والقِراءَةُ والأذْكارُ بالشُّروعِ. وأمَّا نفْلُ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَيأْتِى حُكْمُه في آخرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: ومَن رفَض إحْرامَه، ثمَّ فعَل مَحْظُورًا، فعليه فِداؤُه. الخامسةُ، لو دخَل في واجِبٍ مُوَسَّعٍ، كقَضاءِ رَمَضانَ كلِّه قبلَ ¬

(¬1) في ا: «إن نوى طواف شوط أو شوطين، أجزأ»، وانظر الفروع 3/ 136.

وَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَيَالِى الْوِتْرِ آكَدُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَمَضانَ، والمَكْتُوبَةِ في أوَّلِ وَقْتِها، وغيرِ ذلك، كنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وكفَّارَةٍ - إنْ قُلْنا: يجوزُ تأْخِيرُهما - حَرُمَ خُروجُه منه بلا عُذْرٍ. قال المُصَنِّفُ: بغيرِ خِلافٍ. قال المَجْدُ: لا نعلمُ فيه خِلافًا، فلو خالفَ وخرَج، فلا شئَ عليه غيرَ ما كان عليه قبلَ شرُوعِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يُكَفِّرُ إنْ أفْسَدَ قَضاءَ رَمَضانَ. قوله: وتُطْلَبُ لَيْلَةُ القَدْرِ في العَشْرِ الأَخِيرِ مِن رَمَضانَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، منهم المُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ»، و «الهَادِى». وقال في «الكَافِى»، و «المُغْنِي»: تُطْلَبُ في جميعِ رَمَضانَ. قال الشَّارِحُ: يُسْتَحَبُّ طَلَبُها في جميعِ لَيالِى رَمَضانَ، وفي العَشْرِ الأَخيرِ آكَدُ، وفي لَيالِى الوِتْرِ آكَدُ. انتهى. قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ تُطْلَبَ في النِّصْفِ الأخيرِ منه؛ لأحادِيثَ ورَدَتْ في ذلك. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مذهبُ جماعَةٍ مِنَ الصَّحابةِ، خُصوصًا ليْلَةَ سَبْعَةَ عشَرَ، لا سِيَّما إذا كانتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ. قوله: ولَيالِى الوِتْرِ آكَدُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. واخْتارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ، أنَّ كُلَّ العَشْرِ سَواءٌ. فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: الوِتْرُ يكونُ باعْتِبارِ الماضِى، فتُطْلَبُ ليْلَةُ القَدْرِ ليْلَةَ إحْدَى وعِشْرِين، وليْلَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِين، إلى آخرِه، ويكونُ باعْتِبارِ الباقِى؛

وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لِتاسِعَةٍ تَبْقَى». فإذا كان الشَّهْرُ ثَلاثِين، يكونُ ذلك لَيالِىَ الأشفاعِ؛ فلَيْلَةُ الثَّانيةِ، تاسِعَةٌ تَبْقَى، وليْلَةُ الرَّابعَةِ، سابِعَةٌ تَبْقَى، كما فسَّره أبو سَعِيدٍ الخُدْرِىُّ. وإنْ كانَ الشَّهْرُ ناقِصًا، كان التَّارِيخُ بالباقِى كالتَّاريخِ بالماضِى. قوله: وأَرْجاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِين. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال المُصَنِّفُ في «الكَافِى»: وأرْجاها الوِتْرُ مِن لَيالِى العَشْرِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقيل: أرْجَاها ليْلَةُ ثَلاثٍ وعِشْرِين. وقال في «الكَافِى» أيضًا: والأحادِيثُ تدُلُّ على أنَّها تَنْتَقِلُ في لَيالِى الوِتْرِ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ»: الصَّحيحُ عندِى أنَّها تَنْتَقِلُ في أفْرادِ العَشْرِ، فإذا اتَّفقَتْ لَيالِى الجمعِ في الأفرادِ، فأَجْدَرُ وأخْلَقُ أنْ تكونَ فيها. وقال غيرُه: تَنْتَقِلُ في العَشْرِ الأخيرِ. وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ عنِ الإِمامِ أحمدَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا شَكَّ فيه. وقال المَجْدُ: ظاهِرُ رِوايَةِ حَنْبَلٍ، أنَّها ليْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ. فعلى هذا، لو قال: أنتِ طالِقٌ ليْلَةَ القَدْرِ. قبلَ مُضِىِّ ليْلَةِ أوَّلِ العَشْرِ، وقَع الطَّلاقُ فى اللَّيْلَةِ الأخيرَةِ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مضَى منه ليْلَةٌ، وقَع الطَّلاقُ في السَّنَةِ الثَّانيةِ، في ليْلَةِ حَلِفِه فيها. وعلى قوْلِنا: إنَّها تَنْتَقِلُ في العَشْرِ. إنْ كان قبلَ مُضِىِّ ليْلَةٍ منه، وقَع الطَّلاقُ في اللَّيْلَةِ الأخِيرَةِ، وإنْ كان مضَى منه ليْلَةٌ، وقَع الطَّلاقُ في اللَّيْلَةِ الأخيرةِ مِنَ العامِ المُقْبِلِ. واخْتارَه المَجْدُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أطْهَرُ. قال المَجْدُ: ويتَخَرَّجُ حُكْمُ العِتْقِ واليَمِينِ على مَسْألَةِ الطَّلاقِ. قلتُ: هو الصَّوابُ. قلتُ: تلَخَّصَ لنا في المذهبِ عِدَّةُ أقْوالٍ. وقد ذكَر الشَّيْخُ الحافِظُ النَّاقِدُ شِهابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ العَسْقَلَانِىُّ، في «شَرْحِ البُخَارِىِّ»، أنَّ في ليْلَةِ القَدْرِ للعُلَماءِ خَمْسَةً وأرْبَعِين قوْلًا، وذكَر أدِلَّةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّ قوْلٍ (¬1)، أحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَها هنا مُلَخَّصَةً، فأقُولُ: قيلَ: وَقعَتْ خاصَّةً بسَنَةٍ واحدَةٍ. وقَعَتْ في زَمَنِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. خاصَّةٌ بهذه الأُمَّةِ. مُمْكِنَةٌ في جميعِ السَّنَةِ. تَنْتَقِلُ في جميعِ السَّنَةِ. ليْلَةُ النِّصْفِ مِن شَعْبانَ. مُخْتَصَّةٌ برَمَضانَ مُمْكِنَةٌ في جميعِ لَيالِيه. أوَّلُ لَيْلَةٍ منه. لَيْلَةُ النِّصْفِ منه. لَيْلَةُ سَبْعَةَ عشَرَ. قلتُ: أو إنْ كانتْ ليْلَةَ جُمُعَةٍ. ذكَرَه في «اللَّطائفِ». ثَمانِ عشرَةَ. تِسْعَ عشرَةَ. حادِى عِشْرِين. ثَانِي عِشْرِين. ثَالثِ عِشْرِين. رَابعِ عِشْرِين. خامِسِ عِشْرِين. سَادِسِ عِشْرِين. سابعِ عِشْرِين. ثامِنِ عِشْرِين. تاسِعِ عِشْرِين. ثَلاثِين. أرْجاهَا ليْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين. ثَلاثٍ وعِشْرِين. سَبْعٍ وعِشْرِين. تَنْتَقِلُ في جميعِ رَمَضانَ. في النِّصْفِ الأخيرِ. في العَشْرِ الأخيرِ كلِّه. في أوْتارِ العَشْرِ الأخيرِ. مِثْلُه ¬

(¬1) انظر فتح البارى 4/ 262 - 266.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بزيادَةِ اللَّيْلَةِ الأخيرةِ. في السَّبْعِ الأَواخِرِ. وهل هى اللَّيالِى السَّبْعُ مِن آخِرِ الشَّهْرِ، أو في آخِرِ سَبْعٍ مِنَ الشَّهْرِ؟ مُنْحَصِرةٌ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ منه. في أشْفاعِ العَشْرِ الأَوْسَطِ، والعَشْرِ الأخِيرِ. مُبْهَمَةٌ في العَشْرِ الأوْسَطِ. أوَّلُ ليْلَةٍ، أو آخِرُ ليْلَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلُ ليْلَةٍ، أو تاسِعُ ليْلَةٍ، أو سابعَ عشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين، أو آخِرُ ليْلَةٍ. في سَبْعٍ، أو ثَمانٍ مِن أوَّلِ النِّصْفِ الثَّانى. ليْلَةُ سِتَّ عشرَةَ، أو سَبْعَ عشرَةَ. ليْلَةُ سَبْعَ عشرَةَ، أو تِسْعَ عَشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين. ليْلَةُ تِسْعَ عشرَةَ، أو إحْدَى وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ إحْدَى وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين، أو خَمْسٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ اثْنَتَيْن وعِشْرِين، أو ثَلاثٍ وعِشْرِين. ليْلَةُ ثَلاثٍ وعِشْرِين، أو سَبْعٍ وعِشْرِين. الثَّالثةُ مِنَ العَشْرِ الأخيرِ، أو الخامِسَةُ منه. وزِدْنا قوْلًا على ذلك. فوائد؛ إحداها، لو نذَر قِيامَ ليْلَةِ القَدْرِ، قامَ العَشْرَ كلَّه، وإنْ كان نَذْرُه في أثْناءِ العَشْرِ، فحُكْمُه حُكْمُ الطَّلاقِ، على ما تقدَّم. ذكَرَه القاضى في «التَّعْليقِ»، في النُّذُورِ. الثَّانيةُ، قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: يُسَنُّ أنْ يَنامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلى شئٍ. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، ليْلَةُ القَدْرِ أفْضَلُ اللَّيالِى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحَكَاه الخَطَّابِىُّ إجْماعًا. وعنه، ليْلَةُ الجُمُعَةِ أفْضَلُ. ذكَرها ابنُ عَقِيلٍ. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهذه الرِّوايَةُ اخْتِيارُ ابنِ بَطَّةَ، وأبى الحَسَنِ الجَزَرِىِّ، وأبى حَفْصٍ البَرْمَكِىِّ؛ لأنَّها تابِعَةٌ لأفْضَلِ الأيَّامِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليْلَةُ الإِسْراءِ أفْضَلُ فى حَقِّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مِن ليْلَةِ القَدْرِ. وقال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: يوْمُ الجُمُعَةِ أفْضَلُ أيَّامِ الأُسْبوعِ إجْماعًا. وقال: يوْمُ النَّحْرِ أفْضَلُ أيَّامِ العامِ. وكذا ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه» في صَلاةِ العيدِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما ذكَرَه أَبو حَكِيمٍ، أنَّ يَوْمَ عرَفَةَ أفْضَلُ. قال: وظهَرَ ممَّا سبقَ، أنَّ هذه الأيَّامَ أفْضَلُ مِن غيرِها، ويتَوَجَّهُ على اخْتِيارِ شيْخِنا بعدَ يَوْمِ النَّحْرِ، يَوْمُ القَرِّ الذي يَلِيه. وقال في «الغُنْيَةِ»: إن اللهَ اخْتارَ مِنَ الأَيَّامِ أرْبَعَةً؛ الفِطْرَ، والأضْحَى، وعَرَفَةَ، ويوْمَ عاشُورَاءَ، واخْتارَ منها يوْمَ عرَفَةَ. وقال أيضًا: إنَّ اللهَ اخْتارَ للحُسَيْنِ الشَّهادَةَ في أشْرَفِ الأيَّامِ، وأعْظَمِها وأجَلِّها، وأرْفَعِها عندَ الله مَنْزِلَةً. الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: عَشْرُ ذِى الحِجَّةِ أَفْضَلُ، على ظاهرِ ما في «العُمْدَةِ» وغيرِها، وسبَق كلامُ شيْخِنا في صَلاةِ التَّطوُّعِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: قد يُقالُ ذلك، وقد يُقالُ: لَيالِى عَشْرِ رَمَضانَ الأخيرِ وأيَّامُ ذلك أفْضَلُ. قال: والأوَّلُ أظْهَرُ؛ لوُجُوهٍ. وذكَرَها. الخامسةُ، رَمَضانُ أفْضَلُ الشُّهورِ. ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَرَه ابنُ شِهَابٍ في مَن زالَ عُذْرُه. وذكَرُوا أنَّ الصَّدقَةَ فيه أفْضَلُ. وقال في «الغُنْيَةِ»: إنَّ اللهَ اخْتارَ مِنَ الشُّهورِ أرْبَعةً؛ رَجَبًا، وشعبانَ،

وَيَدْعُو فِيهَا بِمَا رُوِىَ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِىَ اللهُ عَنْهَا، [59 ظ] أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ وَافَقْتُهَا فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِى: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّى». ـــــــــــــــــــــــــــــ ورمضانَ، والمُحَرَّمَ، واخْتارَ منها شَعبانَ وجعَلَه شَهْرَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فكَما أنَّه أفْضَلُ الأنْبِياءِ، فشَهْرُه أفْضَلُ الشُّهورِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: قال القاضى في قوْلِه تَعالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (¬1). إنَّما سمَّاها حُرُمًا لتَحْريمِ القِتالِ فيها، ولتَعْظيمِ انْتِهاكِ المَحارِمِ فيها أشَدَّ مِن تَعْظيمِه في غيرِها، كذلك تعْظِيمُ الطَّاعاتِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ مَعْناه. ¬

(¬1) سورة التوبة 36.

كتاب الاعتكاف

كِتَابُ الاِعْتِكَافِ وَهُوَ لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الاعْتِكافِ تنبيه: قوله: وهو لزُومُ المسْجِدِ لِطاعَةِ الله تَعالى. يعْنِي، على صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، مِن مُسْلِمٍ طاهرٍ ممَّا يُوجِبُ غُسْلًا.

وَهُوَ سُنَّةٌ، إِلَّا أَنْ يَنْذِرَهُ، فَيَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: وهو سُنَّةٌ، إلَّا أَنْ يَنْذِرَه، فيَجِبُ. بلا نِزاعٍ، وإنْ علَّقَه أو غَيْرَه (¬1) بشَرْطٍ، فله شَرْطُه، وآكَدُه عَشْرُ رَمَضانَ الأخِيرُ، ولم يُفَرِّقِ الأصحابُ بينَ الثَّغْرِ (¬2) ¬

(¬1) في ا: «قيده»، وانظر الفروع 3/ 147. (¬2) في ا: «البعيد»، وانظر الفروع 3/ 147.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وهو المذهبُ. ونقلَ أبو طالِبٍ، لا يَعْتَكِفُ بالثَّغْرِ؛ لِئَلَّا يَشْغَلَه عنِ النَّفِيرِ (¬1). ولا يصِحُّ إلَّا بالنِّيَّةِ، ويجِبُ تَعْيينُ المَنْذُورِ بالنِّيَّةِ ليتَمَيَّزَ، وإنْ نَوَى الخُروجَ منه، فقِيلَ: يَبْطُلُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، إلْحَاقًا له بالصَّلاةِ والصِّيامِ. وقيلَ: لا؛ ¬

(¬1) في ا: «الثغر»، وانظر الفروع 3/ 148.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لتعَلُّقِه بمَكانٍ، كالحَجِّ. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». ولا يصِحُّ مِن كافرٍ، ومَجْنُونٍ، وطِفْلٍ. ولا يَبْطُلُ بإغْماءٍ. جزَم به في «الرِّعايَةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ».

وَيَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ. فَعَلَى هَذَا، لَا يَصِحُّ فِي لَيْلَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَا بَعْضِ يَوْمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ بغيرِ صَوْمٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه في «نَظْمِ نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ». فعلى المذهبِ، أَقلُّه، إذا كان تطَوُّعًا، أو نَذْرًا مُطْلَقًا، ما يُسَمَّى به مُعْتَكِفًا لابِثًا. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه ولو لَحْظَةٌ. وفي كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ، أقلُّه ساعَةٌ، لا لَحْظَةٌ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُذْهَبِ»، وغيرِه. وعلى المذهبِ أيضًا، يصِحُّ الاعْتِكافُ في أيَّامِ النَّهْىِ التي لا يصِحُّ صَوْمُها. وعليه أيضًا، لو صامَ ثمَّ أفْطَرَ عَمْدًا، لم يَبْطُلِ اعْتِكافُه. وعلى الثَّانيةِ، لا يصِحُّ في ليْلَةٍ مُفْرَدَةٍ، كما قال المُصَنِّفُ. ويَحْتَمِلُ قوْلُه: ولا بعضِ يَوْمٍ. أنَّ مُرادَه إذا كان غيرَ صائمٍ، فأمَّا إنْ كان صائمًا، فيَصِحُّ في بعضِ يوْمٍ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروِع»: جزَم بهذا غيرُ واحدٍ. قلتُ: منهم صاحِبُ «الإِفادَاتِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ». واخْتارَه في «الفَائقِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ على إطْلاقِه، فلا يصِحُّ الاعْتِكافُ بعضَ يَوْمٍ، ولو كان صائمًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الوَجْهُ الثَّانِي. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائِق»، وكلامُه في «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ككَلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: اشْتِراطُ كوْنِه لا يصِحُّ أقلُّ مِن يَوْمٍ، إذا اشْتَرطْنا الصَّوْمَ، اخْتِيارُ أبي الخَطَّابِ. وأطْلَقهما المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيةِ، إذا نَذَرَ اعْتِكافًا وأطْلَقَ، يَلْزَمُه يَوْمٌ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُهم، إذا لم يكُنْ صائمًا. انتهى. قلتُ: قال في «الفَائقِ»: ولو شَرَطَ النَّاذِرُ صَوْمًا، فيَوْمٌ على الرِّوايَتيْن. ثمَّ قال: قلتُ: بل مُسَمَّاه مِن صائمٍ. انتهى. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيةِ أيضًا، لا يصِحُّ الاعْتِكافُ في أيَّامِ النَّهْىِ التي لا يصِحُّ صَوْمُها، واعْتِكافُها نَذْرًا ونفْلًا، كصَوْمِها نَذْرًا ونَفْلًا. فإنْ أتَى عليه يَوْمُ العيدِ في أثْناءِ اعْتِكافٍ مُتَتابعٍ، فإنْ قُلْنا: يجوزُ الاعْتِكافُ فيه. فالأَوْلَى أنْ يثْبُتَ مَكانَه، ويجوزُ خُروجُه لصَلاةِ العيدِ، ولا يَفْسُدُ اعْتِكافُه، وإنْ قُلْنا: لا يجوزُ. خرَج إلى المُصَلَّى إنْ شاءَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلى أهْلِه، وعليه حُرْمَةُ العُكوفِ، ثمَّ يعودُ قبلَ غُروبِ الشَّمْسِ مِن يَوْمِه لتَمامِ أيَّامِه. فوائد؛ الأُولَى، على القَوْلِ باشْتِراطِ الصَّوْمِ، لا يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ الصَّوْمُ له، ما لم يَنْذِرْه، بل يصِحُّ فى الجُمْلَةِ، سَواءٌ كان فَرْضَ رَمَضانَ، أو كفَّارَةً، أو نَذْرًا، أو تَطوُّعًا. الثَّانيةُ، لو نذَر أنْ يَعْتَكِفَ رَمَضانَ فَفاتَه، لَزِمَه شَهْرٌ غيرُه، بلا نِزاعٍ، لكِنْ هل يَلْزَمُه صَوْمٌ؟ قدَّم فى «الرِّعايَتيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم، أنَّه لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه لم يَلْتَزِمْه. وقيل: يَلْزَمُه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أوْلَى. ثمَّ قال: وقيلَ: إنْ شرَطْناه فيه لَزِمَه، وإلَّا فلا. وهذا هو الذي في «المُسْتَوْعِبِ»، وقالَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وأطْلَقَ اللُّزومَ وعدَمَه فى «الفُروعِ». وأمَّا إذا شرَط فيه الصَّوْمَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُجْزِئُه رَمَضانُ آخَرُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر القاضى وَجْهًا، لا يُجْزِئُه. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن. ولم يذْكُرِ القاضى خِلافًا فى نَذْرِ الاعْتِكافِ المُطْلَقِ، أنَّه يُجْزِئُه صَوْمُ رَمَضانَ وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وهذا خِلافُ نصِّ أحمدَ، ومُتَناقِضٌ؛ لأنَّ المُطْلَقَ أقْرَبُ إلى الْتِزامِ الصَّوْمِ، فهو أَوْلَى. ذكَرَه المَجْدُ. قال في «الفُروعِ»: والقَوْلُ به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُطْلَقِ مُتَعَيِّنٌ. الثَّالثةُ، لو نذَر اعْتِكافَ عَشْرِ رَمَضانَ الأخيرِ، فَفاتَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ قَضاؤُه خارِجَ رَمَضانَ. ذَكَرَه القاضى، وقدَّمه فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وقال ابنُ أبي مُوسَى: يَلْزَمُه قَضاءُ العَشْرِ الأخيرِ مِن رَمَضانَ في العامِ المُقْبِلِ. وهو ظاهِرُ رِوايَةِ حَنْبَلٍ، وابنِ مَنْصُورٍ. ولأنَّها مُشْتَمِلَةٌ على ليْلَةِ القَدْرِ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الرِّعايَةِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به في «الفَائقِ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِن تَعْيِينِ العَشْرِ تَعْيِينُ رَمَضانَ في التي قبلَها. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لاشْتِمالِه على ليْلَةٍ لا تُوجَدُ في غيرِه، وهي ليْلَةُ القَدْرِ. الرَّابعةُ، لو نذَر أنْ يَعْتَكِفَ صائِمًا، أو بصَوْمٍ (¬1)، لَزِمَاه معًا، فلو فرَّقَهما أو اعْتَكَفَ وصامَ فرْضَ رَمَضانَ ونحوَه، لم يُجْزِئْه. وذكَر المَجْدُ عن بعضِ الأصحابِ، يَلْزَمُه الجميعُ، لا الجَمْعُ، فله فِعْلُ كُلٍّ منهما مُنْفَرِدًا. وإنْ نذَر أنْ يصُومَ مُعْتَكِفًا، فالوَجْهان في التي قبلَها. قالَه المَجْدُ. وتَبِعَه في «الفُروعِ». وقال في «التَّلْخِيصِ»: ولو نذَر أنْ يصُومَ مُعْتَكِفًا، أو يُصَلِّىَ مُعْتَكِفًا، لم يَلْزَمْه الجميعُ؛ لأنَّ الصَّوْمَ مِن شِعارِ الاعْتِكافِ، وليس الاعْتِكافُ مِن شِعارِ الصَّوْمِ والصَّلاةِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولو نذَر أنْ يصُومَ، أو يُصَلِّىَ مُعْتَكِفًا، صَحَّا بدُونِه ولَزِماه، دُونَ الاعْتِكافِ. وقيل: يَلْزَمُه الاعْتِكافُ مع الصَّوْمِ فقط. انتهى. وإنْ نذَر أنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، فالوَجْهان. وفيها وَجْهٌ ثالثٌ، لا يَلْزَمُه الجَمْعُ هنا؛ لتَباعُدِ ما بينَ العِبادَتَيْن. ولو نذَرَ أنْ يُصَلِّىَ صَلاةً ويَقْرَأَ فيها سُورَةً بعَيْنِها, لَزِمَه الجَمْعُ، فلو قرَأها خارِجَ الصَّلاةِ، لم يُجْزِئْه. ذكَرَه في ¬

(¬1) في ا: «يصوم معتكفًا»، وانظر الفروع 3/ 162.

وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ لِلْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَا لِعَبْدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصَارِ»، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قوله: ولا يَجُوزُ الاعْتِكافُ للمَرْأةِ بغيرِ إذْنِ زَوْجِها، ولا للعَبْدِ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه - بلا نِزاعٍ - وإنْ شَرَعا فيه بغيرِ إذْنٍ، فلهما تَحْلِيلُهما. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وخرَّجَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، أنَّهما لا يُمْنَعان مِن اعْتِكافٍ مَنْذُورٍ، كرِوايَةٍ في المرأةِ في صَوْمٍ وحَجٍّ مَنْذُورَيْن. ذكَرَها القاضى في «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْليقِ»، ونصَرَها في غيرِ مَوْضِعٍ. والعَبْدُ يصُومُ النَّذْرَ. قال المَجْدُ: ويتَخرَّجُ وَجْهٌ ثالثٌ، مَنْعُهما وتَحْلِيلُهما مِن نَذْرٍ مُطْلَقٍ فقط؛ لأنَّه على التَّراخِى، كوَجْهٍ لأصحابِنا في صَوْمٍ وحَجٍّ مَنْذُورٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنَّ لهما تَحْلِيلَهما إذا أذِنا لهما في النَّذْرِ، وهو غيرُ مُعَيَّنٍ. قال المَجْدُ: ويتخَرَّجُ وَجْهٌ رابعٌ، مَنْعُهما وتَحْلِيلُهما، إلَّا مِن مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ قبلَ النِّكاحِ والمِلْكِ، كوَجْهٍ لأصحابِنا في سُقوطِ نَفَقَتِها. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، إنْ لَزِمَ بالشُّروعِ فيه، فكَالمنْذُورِ. فعلى المذهبِ، إنْ لم يُحَلِّلاهُما، صحَّ وأجْزَأ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، و «الفُروعِ». وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ منهم ابنُ البَنَّا: يقَعُ باطِلًا لتَحْريمِه، كصَلاةٍ في مَغْصُوبٍ. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وذكَرَه نصَّ أحمدَ في العَبْدِ.

فَإِنْ شَرَعَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ، فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان بإذْنٍ، فلهما تَحْلِيلُهما إنْ كان تَطَوُّعًا، وإلَّا فلا. إذا أذِنا لهما؛ فَتارَةً يكونُ واجِبًا، وتارَةً يكونُ تَطَوُّعًا. فإنْ كان تَطَوُّعًا، فلَهُما تَحْلِيلُهما، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان واجبًا؛ فَتارَةً يكونُ نذْرًا مُعَيَّنًا، وتارَةً يكونُ مُطْلَقًا، فإنْ كان مُعَيَّنًا، لم يكُنْ لهما تحْلِيلُهما، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان مُطْلَقًا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّهما ليس لهما تحْلِيلُهما. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم المَنْعُ، كغيرِه. واخْتارَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، في النَّذْرِ المُطْلَقِ الذي يجوزُ تفْريقُه - كنَذْرِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، قال فيها: إنْ شِئْتَ مُتَفَرِّقَةً أو مُتَتابِعَةً - إذا أُذِنَ لهما في ذلك، يجوزُ تَحْلِيلُهما مِنه عندَ مُنْتَهى كلِّ يَوْمٍ؛ لجَوازِ الخُروجِ له مِنه أُذِنْ، كالتَّطَوُّعِ. قال: ولا أعْرِفُ فيه نصًّا لأصحابِنا، لكنَّ تعْلِيلَهم يدُلُّ على ما ذكَرْتُ. قال في «الفُروعِ»: وهذا متَوجِّهٌ. قال في «الرِّعايَةِ»: لهما تَحْلِيلُهما

وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ بِغَيْرِ إِذْنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في غيرِ نَذْرٍ. وقيل: في غيرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أَذِنا لهما، ثمَّ رجَعا قبلَ الشُّروعِ، جازَ إجْماعًا. الثَّانيةُ، حُكْمُ أمِّ الوَلَدِ والمُدَبَّرِ والمُعَلَّقِ عِتْقُه بصِفَةٍ، حُكْمُ العَبْدِ فيما تقدَّم. قوله: وللمُكاتَبِ أنْ يعْتَكِفَ بغيرِ إِذْنِ سيِّدِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، ونصَّ عليه،

وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، إِنْ كانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهما. وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: له أنْ يعْتَكِفَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قوله: ويَحُجَّ بغيرِ إِذْنِ سَيِّدِه. يعْنِي، للمُكاتَبِ أنْ يَحُجَّ بغيرِ إذْنِ سيِّدِه. وهذا المذهبُ أيضًا مُطْلَقًا، نصَّ عليه. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، [و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وعلَّلُوه بأنَّ السَّيِّدَ لا يَسْتَحِقُّ مَنافِعَه، ولا يَمْلِكُ إجْبارَه على الكَسْبِ، وإنَّما له دَيْنٌ في ذِمَّتِه، فهو كالحُرِّ المَدينِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» هنا.] (¬1) قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، [و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرهم هنا] (¬2): ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: ش.

وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فِيهِ، إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ. انتهوا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، في بابِ الكِتابَةِ، ولا يمنعُ مِن إنْفاقِه هنا. وقال المُصَنِّفُ: يجوزُ بشَرْطِ أنْ لا يُنْفِقَ على نفْسِه ممَّا قد جمَعَه ما لم يحِلَّ نَجْمٌ. ونقَل المَيْمُونِىُّ، له الحَجُّ مِنَ المالِ الذي جمَعَه، ما لم يأْتِ نَجْمُه. وحمَلَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ على إذْنِه له. ويأْتِى ذلك في بابِ المُكاتَبِ بأَتَمَّ مِن هذا. فائدة: يجوزُ للمُكاتَبِ أنْ يعْتكِفَ ويحُجَّ بإذْنِ سيِّدِه. وأطْلقَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، وقالوا: نصَّ عليه أحمدُ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ. وصرَّح به بعضُهم. وعنه، المَنْعُ مُطْلَقًا. قوله: ولا يَصِحُّ الاعْتِكافُ إلَّا في مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فيه. اعلمْ أنَّ المُعْتَكِفَ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يأْتِىَ عليه في مُدَّةِ اعْتِكافِه فِعْلُ صَلاةٍ، وهو ممَّن تَلْزَمُه الصَّلاةُ، أوْ لا، فإنْ لم يأْتِ عليه في مُدَّةِ اعْتِكافِه فِعْلُ صلاةٍ، فهذا يصِحُّ اعْتِكافُه في كلِّ مَسْجِدٍ، سواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جُمِعَ فيه أوْ لا، وإنْ أتَى عليه في مُدَّةِ اعْتِكافِه فِعْلُ صَلاةٍ، لم يصِحَّ إلَّا في مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فيه، أىْ يُصَلَّى فيه الجماعةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ في الصُّورَتَيْن،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهذا مَبْنِىٌّ على وجُوبِ صَلاةِ الجماعةِ أو شَرْطِيَّتِها. أمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ قُلْنا: إنَّها سُنَّةٌ. فيَصِحُّ فى أىِّ مَسْجِدٍ كان. قالَه الأصحابُ. واشْتِراطُ المَسْجِدِ الذى يُجْمَعُ فيه مِن مُفْردَاتِ المذهبِ. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»: لا يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاعْتِكافُ مِنَ الرَّجُلِ مُطْلَقًا إلَّا فى مَسْجِدٍ تُقامُ فيه جماعةٌ. قال المَجْدُ: وهو ظاهِرُ رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وظاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قوله: إلَّا المرأةَ لها الاعْتِكافُ فى كُلِّ مَسْجِدٍ إلاَّ مَسْجِدَ بَيْتِها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ومَسْجِدُ بَيْتِها ليس مَسْجِدًا، لا حَقِيقَةً ولا حُكْمًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: وقال فى «الانْتِصارِ»: لا بُدَّ أنْ يكونَ فى مَسْجِدٍ تُقامُ فيه الجماعةُ. وهو ظاهِرُ رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، والخِرَقىِّ, كما تقدَّم ذلك فى الرَّجُلِ. فوائد؛ إحداها، رَحْبَةُ المَسْجدِ ليست منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوَايتَيْن، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقىِّ؛ و «الحاوِيَيْن»، و «الرعايتَيْن» فى مَوْضِعٍ. وقدَّمه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ إسْحاقَ بنِ إبْرَاهِيمَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحَارِثِىُّ فى إحياء المَواتِ: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أنَّها منه. جزَم به بعضُ الأصحابِ، منهم القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، وجزَم به فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرَى» فى مَوْضِعٍ؛ فقالَا: ورَحْبَةُ المَسْجِدِ كَهُوَ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وجمَع القاضى بينَهما فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه؛ فقال: إنْ كانت مَحُوطَةً، فهى منه، وإلاَّ فلا. قال المَجْدُ: ونقلَ محمدُ بنُ الحَكَمِ ما يدُلُّ على صِحَّةِ هذا الجَمْعِ، وهو أنه كان إذا سَمِعَ أذانَ العَصْرِ وهو فى رَحْبَةِ المَسْجِدِ، انْصرَفَ ولم يُصَلِّ فيه. وقال: ليس هو (¬1) بمَنْزِلَةِ المَسْجِدِ، حَدُّ (¬2) المَسْجِدِ هو الذى عليه حائِطٌ وبابٌ. وقدَّم هذا الجمعَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: ومِن أصحابِنا مَن جعَل المسْألَةَ على ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى ا: «هذا»، وانظر الفروع 3/ 153.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتَيْن. والصَّحيحُ أنَّها رِوايَةٌ واحدَةٌ، على اخْتِلافِ الحالَيْن. وقدَّمه أيضًا فى «الرَّعايَةِ الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ، و «الآدَابِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، المَنارَةُ التى للمَسْجِدِ إنْ كانت فيه، أو بابُها فيه، فهى مِنَ المَسْجِدِ بدَليلِ مَنْعِ جُنُبٍ. وإنْ كانَ بابُها خارِجًا منه، بحيثُ لا يُسْتَطْرَقُ إليها إلَّا خارِجَ المَسْجِدِ، أو كانت خارِجَ المَسْجِدِ - قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ، واللهُ أعلمُ، وهى قَرِيبةٌ منه، جزَم به بعضُهم - فخرَجَ للأَذانِ، بطَل اعْتِكافُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه مشَى حيثُ يُمْشَى لأمْرٍ منه بُدُّ، كخُروجه إليها لغير الأَذانِ. وقيلَ: لا يَبْطُلُ. اخْتارَه ابنُ البَنَّا، والمَجْدُ. قال القاضى: لأنَّها بُنيَت له، فكأنَّها فيه. وقال أبو الخطَّابِ: لأنَّها كالمُتَّصِلَةِ به. وقال المَجْدُ: لأنَّها بُنِيَتْ للمَسْجِدِ لمَصْلحَةِ الأَذانِ، وكانت منه

وَالْأفْضَلُ الِاعْتِكَافُ فِى الْجَامِعِ إذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ. وَمَن نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أوِ الصَّلَاةَ فِى مَسْجِدٍ، فَلَهُ فِعْلُهُ فِى غَيْرِه، ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما بُنِيَتْ له، ولا يَلْزَمُ ثُبوتُ بَقِيَّةِ أحْكامِ المَسْجِدِ لأنَّها لم تُبْنَ له. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ». الثَّالثةُ، ظَهْرُ المَسْجِدِ منه، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. الرَّابعةُ، لما ذكَر فى «الآدَابِ» الثَّوابَ الحاصِلَ بالصَّلاةِ فى مَسْجِدَى مَكَّةَ والمدِينةِ، قال: وهذه المُضاعفَةُ تَخْتَصُّ المَسْجِدَ, على ظاهرِ الخَبَرِ، وظاهِرِ قوْلِ العُلَماءِ مِن أصحابِنا وغيرِهم. قال ابنُ عَقِيلٍ: الأحْكامُ المُتعلِّقَةُ بمَسْجِدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، لِمَا كان فى زَمانِه، لا ما زِيدَ فيه؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «فِى مَسْجِدِى هَذا». واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أن حُكْمَ الزَّائدِ حُكْمُ المَزِيدِ عليه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: والأفْضَلُ الاعْتِكافُ فِى الجامِعِ إذا كانتِ الجُمُعَةُ تتَخَلَّلُه. ولا يَلْزَمُ فيه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر فى «الانْتِصَارِ» وجْهًا بلُزُومِ الاعْتِكافِ فيه، فإنِ اعْتَكَفَ فى غيرِه، بَطَل بخُرُوجِه إليها. فائدة: يجوزُ لمَن لا تَلْزَمُه الجُمُعَةُ أنْ يعْتَكِفَ فى غيرِ الجامِعِ الذى تَتَخَلَّلُه الجُمُعَةُ، لكنْ يبْطُلُ بخُروجِه إليها، إلَّا أنْ يشْتَرِطَه، كعِيادَةِ المريضِ. قوله: ومَن نذَر الاعْتِكافَ أو الصَّلاةَ فى مَسْجِدٍ، فله فِعْلُه فى غيرِه. هذا

إِلَا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاَثةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، إلَّا ما اسْتَثْناه المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفَائقِ»: قال أبو الخَطَّابِ: القِياسُ وُجوبُه. انتهى. وجزَم به فى «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، إلاَّ مَسْجِدَ قُباءٍ، إذا نذَر الاعْتِكافَ أو الصَّلاةَ فيه، لا يَفْعَلُه فى غيرِه. تنبيهات؛ الأوَّلُ، ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، أنَّه سَواءٌ نذَر الاعْتِكافَ أو الصَّلاةَ، فى مَسْجِدٍ قريبٍ أو بعيدٍ، عَتِيقٍ أو جديدٍ، امْتازَ بِمَزِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، كقِدَمٍ وكَثْرَةِ جَمْعٍ، أوْ لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. ومَفْهُومُ كلامِ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، إذا كان المَسْجِدُ بعيدًا يحْتاجُ إلى شَدِّ رَحْلٍ، يَلْزَمُه فيه (¬1). وهو ظاهرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ فى «الانتِصارِ»؛ فإنَّه قال: القِياسُ لُزومُه، ¬

(¬1) انظر: المغنى 4/ 493.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ترَكْناه؛ لقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ. . . .» الحديثُ. وذكرَه أبو الحُسَيْن احْتِمالًا فى تَعْيينِ المَسْجِدِ العَتيقِ للصَّلاةِ. وذكَر المَجْدُ فى «شَرْحِه»، أنَّ القاضِىَ ذكَر وَجْهًا، يتعَيَّنُ المَسْجِدُ العَتِيقُ فى نَذْرِ الصَّلاةِ. قال المَجْدُ: ونَذْرُ الاعْتِكافِ مِثْلُه. وأطْلَقَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى تَعْيينِ ما امْتازَ بمَزِيَّةٍ شرْعِيَّةٍ، كقِدَمٍ وكَثْرَةِ جَمْعٍ، وَجْهَيْن، واخْتارَ فى مَوْضِعٍ آخَرَ، يتَعَيَّنُ. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: الاعْتِكافُ والصَّلاةُ لا يخْتَصَّان بمَكانٍ، بخِلافِ الصَّوْمِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قالَا. فعلى المذهبِ، له أنْ يعْتكِفَ ويُصلِّىَ فى غيرِ المَسْجِدِ الذى عَيَّنَه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا كفَّارَةَ عليه، جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. ولم يُذْكَرْ عدَمُ الكفَّارَةِ فى نُسْخَةٍ قُرِئتْ على المُصَنِّفِ، وكذا فى نُسَخٍ كثيرةٍ. وقيلَ: عليه كفَّارَةٌ قال فى «الرِّعايتَيْن»: وعليه كفَّارَةُ يَمين فى وَجْهٍ إنْ لم يفْعَلْ. وجزَم بالكفَّارَةِ فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ». ذكَرَه فى بابِ النَّذْرِ. الثَّانى، قال فى «الفُروعِ»: وفى الكفَّارَةِ وَجْهان إنْ وجَبتْ فى غيرِ المُسْتَحَبِّ. انتهى. فمَحَلُّ الخِلافِ، إذا قُلْنا بوُجوبِ الكفَّارَةِ فى غيرِ المُسْتَحبِّ. الثَّالثُ، جعَل المُصَنِّفُ الصَّلاةَ والاعْتِكافَ، إذا نذَرهما فى غيرِ المَساجِدِ الثَّلاَثَةِ، على حَدٍّ سواءٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلام جماعةٍ، يصَلِّى فى غيرِ مَسْجِدٍ أيضًا. ولعَلَّه مُرادُ غيرِهم، وهو مُتَّجهٌ. انتهى. الرَّابعُ، قوْلُه: فله فِعْلُه فى غيرِه. يعْنِى، مِنَ المَساجدِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، يصَلِّى فى غيرِ مَسْجِدٍ أيضًا، ولعَلَّه مُرادُ غيرِهم، وهو مُتَّجهٌ. انتهى. فائدة: لو أرادَ الذَّهابَ إلى ما عيَّنَه بنَذْرِه، فإنْ كان يحْتاجُ إلى شَدِّ رَحْلٍ، خُيِّرَ بينَ ذَهابِه وعدَمِه، عندَ القاضى وغيرِه. وجزَم بعضُ الأصحابِ بإباحَتِه. واختارَ المُصنِّفُ والشَّارِحُ الإِباحَةَ فى السَّفَرِ القَصيرِ، ولم يُجَوِّزْه ابنُ عَقِيلٍ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال فى «التَّلْخِيصِ»: لا يتَرخَّصُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَهُ، يُكْرَهُ. وذكَر ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِ المُقْنِعِ»، يُكْرَهُ إلى القُبورِ

وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ [60 و] , ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ الْأَقْصَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَشاهِدِ. قال فى «الفُروعِ»: وهى المَسْأَلَةُ بعَيْنِها. وحكَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وَجْهًا، يجِبُ السَّفَرُ المَنْذُورُ إلى المَشاهِدِ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه، واللهُ أعلمُ، اخْتِيارُ صاحِبِ «الرِّعايَةِ». وإنْ كان لا يحْتاجُ إلى شَدِّ رَحْلٍ، خُيِّرَ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، بينَ الذهابِ وغيرِه. ذكَرَه القاضى، وابنُ عَقِيل، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الوَاضِحِ»: الأفْضَلُ الوَفاءُ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. قوله: إلَّا المَساجِدَ الثَّلاَثةَ، وأفْضَلُها المَسْجدُ الحَرَامُ، ثم مَسْجِدُ المَدِينَةِ، ثم المَسْجِدُ الأَقْصَى. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَكةَ أفْضَلُ مِنَ المدينةِ. نصَرَه القاضى وأصحابُه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، المدِينَةُ أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. ويأْتِى ذلك أيضًا فى آخرِ بابِ صَيْدِ الحَرَمِ ونَباتِه. فعلى المذهبِ، إذا عيَّنَ المسْجِدَ الحرامَ فى نَذْرِه، لم يُجْزِئْه فى غيرِه؛ لأنَّه أفْضَلُها. احْتَجَّ به أحمدُ

فَإِذَا نَذَرَهُ فِى الْأَفْضَلِ، لَمْ يَجُزْ فِى غَيْرِهِ، وَإنْ نَذَرَهُ فِى غَيْرِهِ، فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ - إنْ قُلْنا: المَدِينَةُ أفْضَلُ - أنَّ مَسْجِدَها أفْضَلُ. وهذا ظاهِرُ كلامِ المَجْدِ فى «شَرْحِه» وغيرِه، وصرَّح به فى «الرِّعايَةِ». وإنْ عيَّنَ مسْجِدَ المدينةِ، لم يُجْزِئْه فى غيرِه، إلَّا المَسْجِدَ الحَرامَ، على ما تقدَّم. وإنْ عيَّنَ المَسْجِدَ الأقْصَى، أجْزأَه المَسْجِدان فقط. نصَّ عليه.

وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ، لَزِمَهُ الشُّرُوعُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ لَيْلَتِهِ إِلَى انْقِضَائِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن نذَر اعْتِكافَ شَهْر بعَيْنِه، لَزِمه الشُّروعُ فيه قبلَ دُخُولِ لَيْلَتِه إلى انقِضائِه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، أو يدْخُلُ قبلَ فَجْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلِ ليْلَةٍ مِن أوَّلِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّه بِنَاءً على اشْتِراطِ الصَّوْمِ له. فائدتان؛ إحْداهما، كذا الحُكْمُ والخِلافُ والمذهبُ إذا تذَر عَشْرًا مُعَيَّنًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، جَوازُ دخُولِه بعدَ صَلاةِ الفَجْرِ. الثَّانيةُ، لو أرادَ أنْ يعْتكِفَ العَشْرَ الأخِيرَ مِنَ رَمَضانَ تَطوُّعًا، دخَل قبلَ ليْلَتِه الأُولَى. نصَّ عليه. وعنه، بعدَ صلاةِ فَجْرِ أوَّلِ يَوْمٍ مِنه. وتقدَّم إذا نذَر اعْتِكافًا فى رَمَضانَ وفاتَه. ولو نذَر أنْ يعْتكِفَ

وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا، لَزِمَهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ العَشْرَ، لَزِمَه ما يتَخلَّلُه مِن لَيالِيه إلَّا ليْلَتَه الأُولَى. نصَّ عليه. وفيها، فى لَيالِيه المُتَخَلِّلَةِ تخْريجُ ابنِ عَقِيلٍ، وقوْلُ أبى حَكِيمٍ الآتِيَان قرِيبًا. قوله: وإنْ نذَر شَهْرًا مُطْلَقًا، لَزِمَه شَهْرٌ مُتَتابِعٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال القاضى: يَلْزَمُه التَّتابُعُ، وَجْهًا واحِدًا، كمَن حلَف لا يُكَلَّمُ زَيدًا شَهْرًا، وكَمُدَّةِ الإيلاءِ والعُنَّةِ، وبهذا فارَقَ لو نذَر صِيامَ شَهْرٍ. وعنه، لا يَلْزَمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَتابُعُه. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وصحَّحَه ابنُ شِهَابٍ وغيرُه. فائدتان؛ إحداهما، يَلْزَمُه أنْ يدْخُلَ مُعْتكَفَه قبلَ الغُروبِ مِن أوَّلِ ليْلَةٍ منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم فى نَظِيرَتِها. وعنه، أو وَقْتَ صلاةِ المَغْرِبِ. وذكَرَه ابنُ أبى مُوسى. وعنه، أو قبلَ الفَجْرِ الثَّانِى مِن أوَّلِ يَوْمٍ منه. الثَّانيةُ، يَكْفِيه شَهْرٌ هِلَالِىٌ ناقِصٌ بلَيالِيه، أو ثَلاثِين يوْمًا بلَيالِيها. قال المَجْدُ، على رِوايةِ أنَّه لا يجِبُ التَّتابُعُ: يجوزُ إفْرادُ اللَّيالى عنِ الأيَّامِ إذا لم نَعْتَبِرِ الصَّوْمَ، وإنِ اعْتبَرْناه، لم يجِبْ، ووجَب اعْتِكافُ كلَّ يَوْمٍ مع ليْلَتِه المُتقَدِّمَةِ عليه. وإنْ ابْتدَأ الثَّلاثين فى أثْناء النَّهارِ، فتَمامُه فْى تلك السَّاعَةِ مِنَ اليَوْمِ الحادِى والثَّلاِثين، وإنِ ابْتَدَأه فى أثْنَاءِ اللَّيْلِ، تَمَّ فى مثلِ تلك السَّاعَةِ مِنَ اللَّيلَةِ الحاديةِ، والثَّلاثين، إنْ

وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً، فَلَهُ تَفْرِيقُهَا، إلَّا عِنْدَ الْقَاضِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ لم نَعْتَبِرِ الصَّوْمَ، وإنِ اعْتَبَرْناه فثلَاثِينَ ليْلَةً صِحَاحًا بأيَّامِها الكامِلَةِ، فَيتِمُّ اعْتِكافُه. بغُروبِ شَمْسِ الحادِى والثَّلاِثين فى الصُّورَةِ الأُولَى، أو الثَّانى والثَّلاِثين فى الثَّانيةِ؛ لِئَلاَّ يعْتَكِفَ بعضَ يَوْمٍ، أو بعضَ ليْلَةٍ دُونَ يوْمِها الذى يلِيها. قوله: وإنْ نذرَ أيَّامًا مَعْدُودَةً، فله تَفْرِيقُها. وكذا لو نذَر لَيالِىَ مَعْدُودَةً. وهذا المذهبُ فيهما، وعليه الأكْثَرُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقال القاضى: يَلْزَمُه التَّتابُعُ. وقيلَ: يَلْزَمُه التَّتابُعُ إلَّا إذا نذَر ثَلاِثين يوْمًا، للقَرِينَةِ؛ لأنَّ العادةَ فيه لَفْظُ الشَّهْرِ، فعُدولُه عنه يدُلُّ على عدَمِ التَّتابُعِ. قلتُ: لو قيلَ: يلْزَمُه التَّتابُعُ فى نَذْرِه الثَّلاِثين يوْمًا. لكان له وَجْهٌ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ مَن نذَر اعْتِكافَ شَهْرٍ. ثم وَجَدْتُ ابنَ رَزِينٍ فى «نِهَايته» ذكَرَه وَجهًا، وقدَّمه ناظِمُها. تنبيه: مُرادُ المُصَنِّفِ بقَوْلِه: فله تَفْرِيقُها. إذا لم يَنْوِ التَّتابُعَ، فأما إذا نَوَى التَّتابُعَ، فإنَّه يَلْزَمُه. قالَه الأصحابُ. فوائد؛ منها، إذا تابعَ، فإنَّه يَلْزَمُه ما يتخَلَّلُها مِن ليْلٍ أو نَهارٍ. على الصَّحيحِ

وإِنْ نَذَرَ أيَّامًا أوْ لَيَالِىَ مُتَتَابِعَةً، لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ أو نَهَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَلْزَمُه. ومنها، يدْخُلُ مُعْتَكَفَه، فيما إذا نذَر أيَّامًا، قبلَ الفَجْرِ الثَّانِى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، أو بعدَ صَلاِته. ومنها، لو نذَر أنْ يعْتكِفَ يوْمًا مُعَيَّنًا أو مُطْلَقًا، دخَل مُعْتَكَفَه قبلَ فَجْرِه الثَّانِى، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وخرَج بعدَ غُروبِ شَمْسِه. وحكَى ابنُ أبى مُوسَى رِوايَةً؛ يدْخُلُ وَقْتَ صَلاةِ الفَجْرِ. ومنها، لو نذَر شَهْرًا مُتَفرَّقًا، جازَ له تَتَابُعُه. قوله: وإنْ نذَر أيَّامًا أو لَيالِىَ مُتَتابِعَةً، لَزِمَه ما يَتَخَلَّلُها مِن لَيلٍ أو نَهارٍ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وخرَّجَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا يَلْزَمُه ما يتَخَلَّلُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه أبو حَكِيمٍ، وخرَّجه أيضًا مِنِ اعْتِكافِ يَوْم لا يَلْزَمُه معه ليْلَةٌ. وقيلَ: لا يَلْزَمُه ليْلًا. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نذَر اعْتِكافَ يَوْمٍ، مُعَيَّنًا أو مُطْلَقًا، فقد تقدَّم متى يدْخُلُ مُعْتَكَفَه، ولا يجوزُ تَفْريفُه بساعَاتِه مِن أيّامٍ، فلو كان فى وَسَطِ النَّهارِ، وقال: لله علىَّ أنْ أعْتَكِفَ يوْمًا مِن وَقتى هذا. لَزِمَه مِن ذلك الوَقتِ إلى مِثْلِه. وفى دُخُولِ اللَّيْلَةِ الخِلافُ

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَالطَّهَارَةِ، وَالْجُمُعَةِ، وَالنَّفِيرِ الْمُتَعَيِّنِ، وَالشَّهَادَةِ الْوَاجِبَةِ، وَالْخَوْفِ مِنْ فِتْنَةٍ، أوْ مَرَض، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَنَحْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّابِقُ. واخْتار الآجُرِّىُّ، إنْ نذَر اعْتِكافَ يوْمٍ، فمِن ذلك الوَقْتِ إلى مِثْلِه. تنبيه: مُرادُه بقوله: ولا يَجُوزُ للمُعْتَكِفِ الخُروجُ إلَّا لما لا بُدَّ مِنْه؛ كحاجَةِ الإِنْسانِ. إجْماعًا، وهو البَوْلُ والغائِطُ، إذا لَزِمَه التَّتابُعُ فى اعْتِكافِه، وسَواءٌ عيَّنَ بنَذْرِه مُدَّةً، أو شرَط التَّتابُعَ فى عدَدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يَحْرُمُ بَوْلُه فى المَسْجِدِ فى إناءٍ، وكذا فَصْدٌ وحِجَامَةٌ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ احْتِمالًا، يجوزُ فى إناءٍ، كالمُسْتَحاضَةِ، مع أمْنِ تَلْوِيثِه. وكذا حُكْمُ النَّجاسَةِ فى هَواءِ المَسْجِدِ. قال ابنُ تَميمٍ: يُكْرَهُ الجِماعُ فوقَ المَسْجِدِ، والتَّمَسُّحُ بحَائِطِه والبَوْل عليه. نصَّ عليه. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»، فى الإِجارَةِ، فى التَّمَسُّحِ بحائطِه: مُرادُه الحَظْرُ، فإذا بالَ خارِجًا وجسَدُه فيه لا ذكَرُه، كُرِهَ. وعنه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْرُمُ. وقيل: فيه الوَجْهان. وتقدَّم بعضُ ذلك فى آخر بابِ الوُضوءِ. قوله: والطَّهَارَةِ. يجوزُ له الخُروجُ للوُضوءِ عن حَدَثٍ. نصَّ عليه. وإن قُلْنا: لا يُكْرَهُ. فعَلَه فيه بلا ضَرُورَةٍ، ويخْرُجُ لغُسْلِ الجَنابَةِ، وكذا لغُسْلِ الجُمُعَةِ إنْ وجَب، وإلَّا لم يَجُزْ، ولا يجوزُ الخُروجُ لتَجْديدِ الوُضوءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ يجوزُ له أيضًا الخُروجُ لقَىْءٍ بَغتَه، وغَسْلِ مُتَنَجِّسٍ لحاجَتِه، وله المَشْىُ على عادَتِه، وقَصْدُ بَيْتِه إِن لم يجِدْ مَكانًا يليقُ به، لا ضَرَرَ عليه فيه ولا مِنَّةً، كسِقايَةٍ لا يحْتَشِمُ مِثْلُه منها، ولا نَقْصَ عليه، ويَلْزَمُه قَصْدُ أقْرَبِ مَنْزِلَيْه لدَفْعِ حاجَتِه به. ويجوزُ الخُروجُ ليَأْتِىَ بمَأْكُولٍ ومَشْرُوبٍ يحْتاجُه، إنْ لم يكُنْ له مَن يأْتِيه به. نصَّ عليه. ولا يجوزُ الخُروجُ لأَكْلِه وشُرْبِه فى بَيْتِه، فى ظاهرِ كلامِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضى: يتَوَجَّهُ الجَوازُ. واخْتارَه أبو حَكِيمٍ، وحمَل كلامَ أبى الخَطَّابِ عليه. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ خرَج لما لا بُدَّ منه إلى مَنْزِلِه، جازَ أنْ يأْكُلَ فيه يَسِيرًا، كَلُقْمَةٍ ولُقْمَتَيْن، لا كُلَّ أكْلِه. قوله: والجُمُعَةِ. يخْرُجُ إلى الجُمُعَةِ إنْ كانت واجِبَةً عليه، وكذا إنْ لم تكُنْ واجِبَةً عليه واشْترَطَ خُروجَه إليها، فأمَّا إنْ كانت غيرَ واجِبَةٍ عليه ولم يَشْتَرِطِ الخُروجَ إليها، فإنَّه لا يجوزُ له الخُروجُ إليها، فإنْ خرَج بطَل اعْتِكافُه. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا: يَخْرُجُ إلى الجُمُعَةِ. فله التَّبكِيرُ إليها. نصَّ عليه، وله إطالَةُ المُقامِ بعدَها، ولا يُكْرَهُ؛ لصَلاحِيَةِ المَوْضعِ للِاعْتِكافِ، لكِنَّ المُسْتَحَبَّ عكْسُ ذلك. ذكَرَه القاضى، وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ أبى داوُدَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ: ويحْتَمِلُ أنْ تكونَ الخِيَرَةُ إليه فى تَعْجيلِ الرُّجوعِ وتأْخِيرِه. وفى «شَرْحِ المَجْدِ» احْتِمالٌ، أنَّ تَبْكِيرَه أفْضَلُ، وأنَّه ظاهِرُ كلامِ أبى الخطابِ فى بابِ الجُمعَةِ؛ لأنَّه لم يَسْتَثْنِ المُعْتَكِفَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يَضِيقَ الوَقْتُ، وأنه إنْ تَنفَّلَ فلا يَزيدُ على أرْبَعٍ. ونقَل أبو داوُدَ فى التَّبْكِيرِ، أجْوَدُ، وأنَّه يرْكَعُ بعدَها عادَتَه. الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه سُلوكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّريقِ الأقْرَبِ إلى الجُمُعَةِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وظاهِرُ ما سبَق يَلْزَمُه، كقَضاءِ الحاجَةِ. قال بعضُ الأصحابِ: الأفْضَلُ خُروجُه لذلك وعَوْدُه فى أقْصَرِ طريق، لا سِيَّما فى النَّذْرِ. والأفْضَلُ سُلوكُ أطْوَلِ الطُّرُقِ إنْ خرَج لجُمُعَةٍ وعِبادَةٍ غيرِها. قوله: والنَّفِيرِ المتَعَيِّنِ. بلا نِزاعٍ، وكذا إذا تعَيَّنَ خُروجُه لإِطْفاءِ حَريقٍ، وإنْقاذِ غَرِيقٍ، ونحوِه. قوله: والشَّهادَةِ الواجِبَةِ. يجوزُ الخُروجُ للشَّهادَةِ المُتَعَيَّنَةِ عليه، فَيلْزَمُه الخُروجُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يَبْطُلُ اعْتِكافُه، ولو لم يتَعيَّنْ عليه التَّحَمُّلُ، ولو كان سبَبُه اخْتِيارِيًّا. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَ فى «الرعايَةِ»، إنْ كان تَعَيَّنَ عليه تَحَمُّلُ الشَّهادَة وأداؤُها، خرَج لها، وإلاَّ فلا. فائدَة: قوله: والخَوْفِ مِن فِتْنَةٍ. يجوزُ الخُروجُ إنْ وقَعَتْ فِتْنَةٌ وخافَ منها - إنْ أقامَ فى المَسْجِدِ - على نفْسِه أو حُرْمَتِه أو مالِه نَهْبًا، أو حَرِيقًا، ونحوه، ولا يَبْطُلُ اعْتِكافُه بذلك. قوله: أو مَرَضٍ. اعلمْ أنَّ المرَضَ إذا كان يتَعذَّرُ معه القِيامُ فيه، أو لا يُمْكِنُه إلَّا بمَشقَّةٍ شديدةٍ، يجوزُ له الخُروجُ، وإنْ كان المَرضُ خفِيفًا، كالصُّداعِ والحُمَّى الخَفِيفَةِ، لم يَجُزْ له الخُروجُ، إلَّا أنْ يُباحَ به الفِطْرُ فيُفْطِرَ، فإنَّه يخْرُجُ إنْ قُلْنا باشْتِراطِ الصَّوْمَ، وإلَّا فلا. قوله: والحَيْضِ والنِّفَاسِ. تخْرُجُ المرأةُ للحَيْضِ والنَّفاسِ إلى بَيْتِها إنْ لم يكُنْ للمَسْجِدِ رَحْبَةٌ، فإذا طَهُرَتْ رجَعَتْ إلى المَسْجِدِ، وإنْ كان له رَحْبَةٌ يُمْكِنُها ضَرْبُ خِبائِها فيها بلا ضَرَرٍ، فعَلَتْ ذلك، فإذا طَهُرَتْ رجعَتْ إلى المَسْجدِ. ذكَرَه الخِرَقِىُّ، وابنُ أبى مُوسَى. ونقَلَه يَعْقُوبُ بنُ بَخْتَانَ عن أحمدَ. وقدَّمَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، واقْتَصَرَ عليه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. ونقَل محمدُ ابنُ الحَكَمِ، تذْهَبُ إلى بَيْتِها، فإذا طَهُرَتْ بَنَتْ على اعْتِكافِها. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قلتُ: الظَّاهِرُ أنَّ محَلَّ الخِلافِ، إذا قُلْنا: إنَّ رَحْبَةَ المَسْجِدِ ليست منه. وهو واضِحٌ. فعلى الأوَّل، إقامَتُها فى الرَّحْبَةِ على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ وغيرُهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه يُسَنُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جلُوسُها فى الرَّحْبَةِ غيرِ المَحُوطَةِ. وحكَى صاحِبُ «التَّلْخيصِ» قوْلاً بوُجوبِ الكفَّارَةِ عليها. وهذا الحُكْمُ إذا لم تخَفْ تَلْوِيثَه، فأمَّا إنْ خافَتْ تَلْوِيثَه، فأيْنَ شاءَتْ. وكذا بشَرْطِ الأمْنِ على نفْسِها. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولهذا قال بعضُهم: هذا مع سَلامَةِ الزَّمانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله، بعد ذكْرِ ما يجوزُ الخُروجُ له: ونحوِ ذلك. فنحْوُ ذلك، إذا تعَيَّنَ خُروجُه لإِطْفاءِ حَريقٍ، أو إنْقاذِ غَريقٍ, كما تقدَّم. وكذا إذا أكْرَهَه السُّلْطانُ أو غيرُه على الخُروجِ، وكذا لو خافَ أنْ يأخُذَه السُّلْطانُ ظُلْمًا، فخرَج واخْتَفَى، وإنْ أخْرجَه لاسْتِيفاءِ حقًّ عليه، فإنْ أمْكَنَه الخُروجُ منه بلا عُذْرٍ، بطَل اعْتِكافُه، وإلَّا لم يَبْطُلْ؛ لأنَّه خُروجٌ واجِبٌ. فائدة: لو خرَج مِنَ المَسْجِدِ ناسِيًا، لم يَبْطُلِ اعْتِكافُه، كالصَّوْمِ. ذكرَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». وذكَر القاضى فى «الخِلَافِ»، وابن عَقِيل فى «الفُصُولِ»، يَبْطُلُ؛ لمُنافَاتِه الاعْتِكافَ، كالجِماعِ. وذكَر المَجْدُ أحدَ الوَجْهَيْن، لا يَنْقَطِعُ التَّتابُعُ، ويَبْنِى، كمرَضٍ وحَيْضٍ، واخْتارَه، وذكَرَه قِياسَ المذهبِ. وجزم أيضًا، أنَّه لا يَنْقَطِعُ تَتابُعُ المُكْرَهِ. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لا يبطُلُ اعْتِكافُه إذا أُكْرِهَ على الخُروجِ، ولو خرج بنَفْسِه.

وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً، إِلَّا أنْ يَشْتَرِطَهُ، فَيَجُوزُ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: ولا يَعُودُ مَريضًا، ولا يَشْهَدُ جِنازَةً. وكذا كلُّ قُرْبَةٍ؛ كزِيارَةٍ، وتَحَمُّلِ شَهادَةٍ وأدائِها، وتَغْسِيلِ مَيِّتٍ، وغيرِه، إلَّا أنْ يشتَرِطَ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأصحابُ. وعنه، له فِعْلُ ذلك كلِّه مِن غيرِ شَرْطٍ. وذكَر التَّرْمِذِىُّ (¬1)، وابنُ المُنْذِرِ رِوايَةً عن أحمدَ بالمَنْعِ، مع الاشْتِراطِ أيضًا. فعلى المذهبِ، لا يَقْضِى زمَنَ الخُروجِ إذا نذَر شَهْرًا مُطْلَقًا، فى ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ»، كما لو عيَّنَ الشَّهْرَ. قال المَجْدُ: ولو قَضَاه صار الخُروجُ المُسْتَثْنَى والمَشْرُوطُ فى غيرِ الشَّهْرِ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك، لو تعَيَّنَتْ عليه صلاةُ جِنَازَةٍ خارِجَ المَسْجدِ، أو دَفْنُ ¬

(¬1) فى: كتاب المعتكف يخرج لحاجته أم لا؟، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 17.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَيِّتٍ، أو تَغْسِيلُه، فإنَّه كالشَّهادَةِ إذا تعَيَّنَتْ عليه، على ما سبَق. ويأْتِى آخِرَ البابِ ما يجوزُ له فِعْلُه فى المَسْجِدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو شرَط فى اعْتِكافِه فِعْلَ ما له منه بدٌّ، وليس بقُرْبَةٍ ويَحْتاجُه، كالعَشاءِ فى بَيْتِه، والمَبِيتِ فيه، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن. جزَم به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشارِحُ، وغيرُهما، ونصَرُوه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وعنه، المَنْعُ مِن ذلك. جزَم به القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. واخْتارَه المَجْدُ وغيرُه. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». ولو شرَط الخروجَ للبَيْعِ والشِّراءِ، أو الإِجارَةِ، أو التَّكَسُّبَ بالصِّناعَةِ فى المَسْجِدِ، لم يَجُزْ، بلا خِلافٍ عنِ الإِمامِ أحمدَ وأصحابِه. ولو قال: متى مَرِضْتُ، أو عرَض لى عارِضٌ، خرَجْتُ. فله شَرْطُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، وأطْلَقُوا. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المَجْدُ: فائدَةُ الشَّرْطِ هنا، سُقوطُ القَضاءِ

وَلَهُ السُّؤَالُ عَنِ الْمَرِيضِ فِى طَرِيقِهِ مَا لَمْ يُعَرِّجْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المُدَّةِ المُعَيَّنَةِ، فأمَّا المُطْلقَةُ، كنَذْرِ شَهْرٍ مُتَتابعٍ، فلا يجوزُ الخُروجُ منه إلَّا لمرَضٍ، فإنَّه يَقْضِى زمَنَ المرَضِ؛ لإِمْكانِ حمْلِ شَرْطِه هنا على نَفْى انْقِطاعِ التَّتابُع فقط، فنُزِّلَ على الأقَلِّ، ويكونُ الشَّرْطُ أفادَ هنا البِنَاءَ مع سُقوطِ الكَفَّارَةِ على أصْلِنا. قوله: وله السُّؤَالُ عنِ المَريضِ فى طَرِيقِه ما لم يُعَرِّجْ. إذا خرَج إلى ما لا بُدَّ منه، فسَألَ عنِ المَريضِ أو غيرِه فى طَرِيقِه، ولم يُعَرِّجْ، جاز؛ كبَيْعِه وشِرائِه إذا لم يقِفْ له. قال فى «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ لقَوْلِه فى «الرِّعايَةِ»: فَسَأل عنِ المَريضِ. وقيل: أو غيرِه. فائدة: لو وقَف لمَسْألَتِه، بطَل اعْتِكافُه.

وَالدُّخُولُ إِلَى مَسْجِدٍ يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ، فَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ خُرُوجًا مُعْتَادًا كَحَاجَةِ الإِنْسَانِ [60 ظ] وَالطَّهَارَةِ، فَلَا شَىْءَ فِيهِ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ فِى الْمُتَتَابِعِ وَتَطَاوَلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والدُّخولُ إلى مَسْجِدٍ يُتِمُّ اعْتِكافَه فيه. إذا خرَج لما لا بدَّ منه، فدَخَل مَسْجِدًا يُتِمُّ اعْتِكافَه فيه، جازَ، إنْ كان الثَّانِى أقْرَبَ إلى مَكانِ حاجَتِه مِنَ الأوَّلِ، وإنْ كان أبعَدَ، أو خرَج إليه ابْتِداءً بلا عُذْرٍ، بَطَلَ اعْتِكافُه؛ لتَرْكِه لُبْثًا مُسْتَحَقًّا. جزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه فيهما. وكلامُ المُصَنِّفِ مَحْمُولٌ على الأوَّلِ. قوله: وإنْ خرَج لغيرِ المعْتَادِ فى المتَتابعِ وتَطاوَلَ، خُيِّرَ بينَ اسْتِئْنافِه وإتْمامِه مع كَفَّارَةِ يَمِينٍ. مُرادُه بالتَّتابُعِ، غيرُ المُعَيَّنِ. ومُرادُه بالخُروجِ غيرِ المُعْتادِ،

خُيِّرَ بَيْنَ اسْتِئْنَافِهِ وإِتْمَامِهِ مَعَ كَفارَةِ يَمِين، وَإنْ فَعَلَهُ فِى مُتَعَيِّنٍ, قَضَى. وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخُروجُ للنَّفِيرِ، والخَوْفِ، والمرَضِ، ونحوِ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «الرَّعايَةِ»: يُتِمُّه، وفى الكفَّارَةِ الخِلافُ. وقيل: أو يسْتَأْنِفُ إنْ شاءَ. قال فى «الفروعِ»: كذا قال. وقال: ويتخَرَّجُ، يَلْزَمُ الاسْتِئْنافُ فى مرَضٍ يُباحُ الفِطْرُ به، ولا يجِبُ، بِناءً على أحَدِ الوَجْهَيْن فى انْقِطاعِ صَوْمِ الكفَّارَةِ بما يُبيحُ الفِطْرَ ولا يُوجِبُه. واخْتارَ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، أنَّ كلَّ خُروجٍ لواجِبٍ، كمرَضٍ لا يُؤْمَنُ معه تَلْوِيثُ المَسْجِدِ، لا كفَّارَةَ فيه، وإلَّا كان فيه الكفَّارَةُ. واخْتارَ المُصَنِّفُ وُجوبَ الكفَّارَةِ، إلَّا لعُذْرِ حَيْضٍ أو نِفاسٍ؛ لأنَّه مُعْتادٌ، كحاجَةِ الإِنْسانِ. وضعَّفَ المَجْدُ كلامَ القاضى والمُصَنِّفِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال المَجْدُ. قال فى «الفروعِ»: وظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يَعْنِى به المُصَنِّفَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَقْضِى، ولعَلَّه أظْهَرُ. قال: ويتَوجَّهُ مِن قوْلِ القاضى هنا فى الصَّوْمِ، ولا فَرْقَ. فائدة: تَقْيِيدُ المُصَنِّفِ الخُروجَ لغيرِ المُعتادِ، يدُلُّ على أنَّه يوجَدُ خُروجٌ لمُعْتادٍ، وهو صحيحٌ، فالمُعْتادُ مِن هذه الأعْذارِ؛ حاجَةُ الإِنْسانِ إجْماعًا، والطَّهارَةُ مِنَ الحَدَثِ إجْماعًا، والطَّعامُ والشَّرابُ إجْماعًا، والجُمُعَةُ. وقد تقدَّم شُروطُ ذلك. وغيرُ المُعْتادِ، بقِيَّةُ الأعْذارِ المُتقَدِّمَةِ. ثم إنَّ غيرَ المُعْتادِ إذا خرجَ له، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يتَطاوَلَ أوْ لا، فإنْ تَطاوَلَ، فهو كلامُ المُصَنِّفِ المُتقَدِّمُ، وإنْ لم يتَطاوَلْ، فذكَر المُصَنِّفُ والشَّارِحُ وغيرُهما، أنَّه لا يَقْضِى الوَقتَ الفائتَ بذلك؛ لكَوْنِه يسيرًا مُباحًا، أو واجِبًا. ويُوافِقُه كلامُ القاضى فى النَّاسِى. قال فى «الفُروعِ»: وعلى هذا يتَوجَّهُ، لو خرَج بنَفْسِه مُكْرَهًا، أنْ يُخَرَّجَ بُطْلانُه على الصَّوْمِ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ وغيرِه، أنَّه يَقْضِى. واخْتارَه المَجْدُ. قوله: وإنْ فعَلَه فى مُتَعَيَّنٍ، قضَى، وفى الكَفّارَةِ وَجْهان. يعْنِى إذا خرَج لغيرِ المُعْتادِ، وتَطاوَلَ فى مُتَتابعٍ مُتَعَيِّنٍ. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يكفِّرُ مع القَضاءِ. وهو المذهبُ، ونصَّ عليه فى الخُروجِ لفِتْنَةٍ، وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الذى ذكرَه الخِرَقِىُّ. انتهى. والذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ فى الفِتْنَةِ، والخُروجِ للنَّفيرِ، وعِدَّةِ الوفَاةِ. وذكَرَه ابنُ أبى مُوسَى فى عِدَّةِ الوَفاةِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا كفّارَةَ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعن أحمدَ ما يدُلُّ على أنَّه لا كفَّارَةَ مع العُذْرِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: وعن أحمدَ - فى مَن نذَر صَوْمَ شَهْرٍ بعَيْنِه، فمَرِضَ فيه، أو حاضَتْ فيه المرأةُ - فى الكفّارَةِ مع القَضاءِ رِوايتَان، والاعْتِكافُ مِثْلُه. هذا مَعْنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ وغيرِه. وقالَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمَجْدُ، وغيرُهما. قال: فَتُخَرَّجُ جميعُ الأعْذَارِ فى الكفّاراتِ فى الاعْتِكافِ على رِوايتَيْن. وعنِ القاضى، إنْ وجَب الخُروجُ، فلا كفَّارَةَ، وإنْ لم يجِبْ، وجَبتْ. وقال ابن عَبْدُوسٍ المُتقَدِّمُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»: إنْ كان الخُروجُ لحَقِّ نفْسِه، كالمرَضِ والفِتْنَةِ ونحوِهما، وَجَبَتْ، وإنْ كان لحَقٍّ عليه، كالشهادَةِ والنفيرِ والحَيْضِ، فلا كفَّارَةَ. وقيل: تجِبُ. ونقَل المَرُّوذِىُّ وحَنْبَلٌ، عدَمَ الكفّارَةِ فى الاعْتِكافِ. وحمَلَه المَجْدُ على رِوايَةِ عدَمِ وُجوبِها فى الصَّوْمِ وسائرِ المَنْذُوراتِ.

وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فِى الْمُتَتَابِعِ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَإنْ فَعَلَهُ فِى مُعَيَّنٍ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَفِى الِاسْتِئْنَافِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو ترَك اعْتِكافَ الزَّمَنِ المُعَيَّنِ لعُذرٍ أو غيرِه، قَضاه مُتَتابِعًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يَلْزَمُه التَّتابُعُ إلَّا بشَرْطِه أو بنِيَّتِه الثَّانيةُ، إذا خرَج لغيرِ المُعْتادِ، وتَطاوَلَ فى نَذْرِ أيَّامٍ مُطْلَقَةٍ، فإنْ قُلْنا: يجِبُ التَّتابُعُ، على قوْلِ القاضى السَّابقِ. فحُكْمُه حُكْمُ النَّذْرِ المُتَتابعِ، كما تقدَّم فى كلامِ المُصَنِّفِ. وإنْ قُلْنا: لا يجِبُ. تَمَّمَ ما بَقِىَ، على ما تقدَّم، لكِنَّه يَبْتَدِئُ اليومَ الذى خرَج فيه مِن أوَّلِه ليَكُونَ مُتَتابِعًا، ولا كفَّارَةَ عليه. هذا المذهبُ. وقال المَجْدُ: قِياسُ المذهبِ، يُخَيَّرُ بينَ ذلك وبين البِنَاءِ على بعضِ اليومِ ويُكَفِّرُ. قوله: وإن خرَج لما له منه بُدٌّ فى المُتَتابع، لَزِمَه اسْتِئْنافُه. يعْنِى، سَواءٌ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَتابِعًا بشَرْطٍ، كمَن نذَر اعْتِكافَ شَهْرٍ مُتَتابِعًا، أو عَشَرةِ أيَّامٍ مُتَتابِعَةً، أو كان مُتَتابعًا بِنيَّةٍ، أو قُلْنا: يُتابِعُ فى المُطْلَقِ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، بشَرْطِ أنْ يكونَ عامِدًا مُخْتارًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به المَجْدُ فى «شَرْحِه» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَسْتَأْنِفُ المُطْلَقَ المُتَتابع بلا كفّارَةٍ. وقيل: أو يَبْنِى، ويكَفِّرُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهذا القوْلُ مِنَ المُفْرَداتِ. فائدة: خُروجُه لمالَه منه بُدٌّ مُبْطِلٌ، سَواءٌ تطَاوَلَ أوْ لا، لكنْ لو أخْرَجَ بعضَ جسَدِه، لم يَبْطُلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: يَبْطُلُ. هذا كلُّه إذا كان عالِمًا مُخْتارًا، فأمَّا إنْ خرَج مُكْرَهًا أو ناسِيًا، فقد سبَق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فعَلَه فى مُعَيَّنٍ، فعليه كَفّارَةٌ - يعْنِى، إذا خرَج لما لَه منه بُدُّ - وفى الاسْتِئْنافِ وَجْهان. واعلمْ أنَّه إذا خرج فى المُعَيَّنِ، فتارَةً يكونُ نذْرُه مُتَتابِعًا مُعَيَّنًا، وتارَةً يكونُ مُعَيَّنًا ولم يُقَيِّدْه بالتَّتابُعِ، فإنْ كان مُعَيَّنًا ولم يُقَيِّدْه بالتَّتابُعِ، كنَذْرِه اعْتِكافَ شَهْرِ شَعْبانَ، وخرَج لما لَه منه بُدٌّ، فعليه كفّارَةُ يَمِين. رِوايَةً واحدَةً. وفى الاسْتِئْنافِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»، والشَّارِحُ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، يسْتأْنِفُ؛ لتَضَمُّنِ نَذرِه التَّتابُعَ. قال المَجْدُ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحُّ فى المذهبِ، وهو قِياسُ قوْلِ الخِرَقِىِّ. وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ». وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «الخُلَاصَةِ». والوَجْهُ الثَّانِى، يَبْنِى؛ لأنَّ التَّتابُعَ حصَل ضرُورَةَ التَّعْيينِ، فسَقَط بفَواتِه، كقضَاءِ رَمَضانَ، ويَقْضِى ما فاتَه. وأصْلُ هذَيْن الوَجْهَيْن، مَن نذَر صَوْمَ شَهْرٍ بعَيْنِه، فأفْطَرَ فيه، فإنَّ فيه رِوايتَيْن. وإنْ كان مُتَتابِعًا مُعَيَّنًا،

وَإِنْ وَطِئَ الْمُعْتَكِفُ فِى الْفَرْجِ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، إِلَّا لِتَرْكِ نَذْرِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَقَالَ الْقَاضِى: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كنَذْرِه شَعْبانَ مُتَتابِعًا، اسْتَأْنفَ إذا خرَج، وكفَّرَ كفارَةَ يمينٍ. قوْلًا واحدًا. قوله: وإنْ وَطِئَ المعْتَكِفُ فى الفَرْجِ، فسَدَ اعْتِكَافُه. إنْ وَطِئَ عامِدًا، فسَد اعْتِكافُه إجْماعًا، وإنْ كان ناسِيًا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ فَسادُ اعْتِكافِه أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب، نصَّ عليه، وعليه أكثَرُ الأصحابِ. وخرجَ المَجْدُ مِنَ الصَّوْمِ عدَمَ البُطْلانِ. وقال: الصَّحيحُ عندِى أنَّه يَبْنِى. قوله: ولا كفَّارَةَ عليه إلاَّ لتَرْكِ نَذْرِه. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تجِبُ كَفَّارَةٌ بالوَطْءِ فى الاعْتِكافِ مُطْلَقًا. نقَلَه أبو داوُدَ. وهو ظاهرُ نقْلِ ابنِ إبْراهِيمَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الكَافِى»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال فى «الفَائقِ»: ولا كفَّارَةَ عليه للوَطْءِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وهو الصَّحيحُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوجيزِ». واخْتارَ القاضى وأصحابُه وُجوبَ الكفَّارَةِ إنْ كان نذْرًا، كرَمَضانَ والحَجِّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ» و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. تنبيهات؛ الأوَّلُ، قوْلُه: إلَّا لتَرْكِ نَذْرِه. يَعْنِى، إنَّما تجبُ الكفَّارَةُ لتَرْكِ النَّذْرِ لا للوَطْءِ، مثلَ أنْ يطَأَ فى وَقْتِ عَيْنِ اعْتِكافِه بالنَّذْرِ. الثَّانى، خصَّ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ وُجوبَ الكفَّارَةِ بالوَطْءِ بالاعْتِكافِ المَنْذُورِ لا غيرُ؛ مِنهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. واخْتارَه المَجْدُ ورَدَّ غيرَه. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: تَجِبُ فى التَّطَوُّعِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: لا وَجْهَ له. قال: ولم يذْكُرْها القاضى، ولا وَقفْتُ على لَفْظٍ يدُلُّ عليها عن أحمدَ. وهى فى «المُسْتَوْعِبِ». فهذه ثَلاثُ رِواياتٍ. الثالثُ، حيثُ أوْجَبْنا عليه الكفَّارَةَ بالوَطْءِ، فقال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيه»: عليه كفّارَةُ يَمينٍ. وحكَى ذلك رِوايَةً عن أحمدَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، وقدَّمه فى «الرَّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الخُلَاصَةِ». قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُ أبى بَكْرٍ، ما اخْتارَه صاحِبُ «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، أنّه أفْسَدَ المَنْذُورَ بالوَطْءِ، وهو كما أفْسدَه بالخُروجِ لما لَه منه بُدٌّ، على ما سبَق. وهذا مَعْنَى كلامِ القاضى فى «الجَامِعِ الصَّغِيرِ». وذكَر بعضُ الأصحابِ أنَّه قيل: إنَّ هذا الخِلافَ فى نَذْرٍ. وقيل: مُعَيَّنٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم به فى «الإِفاداتِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، فلهذا

وَإِنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأنْزَلَ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: تَجِبُ الكفَّارَتان؛ كفَّارَةُ الظِّهارِ، وكفّارَةُ اليَمينِ. وحكَى القولَ بذلك فى «الحاوِى» وغيرِه. وقال القاضى فى «الخِلَافِ»: عليه بالوَطْءِ كفَّارَةُ الظِّهارِ. وقدَّمه فى «النّظْمِ»، و «الفَائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَ فى «الكُبْرَي» وُجوبَها، ككَفَّارَةِ رَمَضانَ. قال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدَايَةِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وتأوَّلَها المَجْدُ. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشّرْحِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وهما رِوايَتان عندَ الشَّيرازِىِّ. قوله: وإنْ باشَر دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، فسَد اعْتِكافُه، وإلَّا فلا. بلا نِزاعٍ فيهما، ثم رأيْتُ الزَّرْكَشِىَّ حكَى عنِ ابنِ عَبْدُوسٍ المُتقدِّمِ احْتِمالًا بعدَمِ الفَسادِ مع الإِنْزالِ، ومتى فسَد خُرِّجَ فى إلْحاقِه بالوَطْءِ فى وُجوبِ الكفَّارَةِ وَجْهان. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. وقال المَجْدُ: يتَخرَّجُ وَجْهٌ ثالِثٌ، يَجِبُ بالإِنْزالِ بالوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يجِبُ بالإِنْزالِ باللَّمْسِ والقُبْلَةِ. وقال: مُباشرَةُ النَّاسِى كالعامِدِ على إطْلاقِ أصحابِنا. واخْتارَ هنا، لا يُبطِلُه كالصَّوْمِ. انتهى. قلتُ: الأوْلَى وُجوبُ الكفَّارَةِ إذا أنْزَلَ بالمُباشرَةِ فيما دُونَ الفَرْجِ، إذا قُلْنا بوُجوبِها بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. فوائد؛ الأُولَى، لا تحْرُمُ المُباشَرةُ فيما دُونَ الفَرْجِ بلا شَهْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر القاضى احْتِمالًا بالتَّحْريمِ. وما هو ببَعِيدٍ. وتحْرُمُ المُباشرَةُ بشَهْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: لا تحْرُمُ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لو سَكِرَ فى اعْتِكافِه، فسَد، ولو كان ليْلًا، ولو شرِبَ ولم يَسْكَرْ، أو أتَى كبيرةً، فقال المَجْدُ: ظاهِرُ كلامِ القاضى، لا يَفْسُدُ. واقْتصَرَ

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ، وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ هو وصاحِبُ «الفُروعِ» عليه. الثَّالثةُ، لو ارْتَدَّ فى اعْتِكافِه، بطَل بلا نِزاعٍ. قوله: ويُسْتَحَبُّ للمُعْتَكِفِ التَّشاغُلُ بفعْلِ القُرَب، واجْتِنابُ ما لا يَعْنِيه. مِن جِدَالٍ ومِراءٍ، وكثْرَةِ كلامٍ ونحوِه. قال المُصَنِّفُ: لأنَّه مكْرُوهٌ فى غيرِ الاعْتِكافِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ففيه أوْلَى. وله أنْ يتَحدَّثَ مع مَن يأْتِيه ما لم يُكْثِرْ، ولا بأْسَ أنْ يأْمُرَ بما يُريدُ خَفِيفًا لا يشْغَلُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، ليس الصَّمْتُ مِن شريعَةِ الإِسْلامِ. قال ابنُ عَقيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلى اللَّيْلِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه»: وظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخْبارِ تحْرِيمُه. وجزَم به فى «الكَافِى»، وإنْ نذَرَه لم يَفِ به. الثَّانيةُ، لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يَجْعَلَ القُرآنَ بَدلًا عنِ الكلام. ذكرَه ابنُ عَقِيلٍ، وتَبِعَه غيرُه. وجزَم فى «التَّلْخِيصِ»، و «الرَّعايَةِ»، أَنَّه يُكْرَهُ ولا يَحْرُمُ. وقال الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ: إنْ قرَأ عندَ الحُكْمِ الذى أُنزِلَ له، أو ما يُناسِبُه فحَسَنٌ، كقَوْلِه لمَن دَعاه لذَنْبٍ تابَ منه: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} (¬1). وقوْلِه عندَ ما أهمَّه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} (¬2). ¬

(¬1) سورة النور 16. (¬2) سورة يوسف 86.

وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْم، وَالْمُنَاظَرَةُ فِيهِ، إِلَّا عِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، إِذَا قَصَدَ بِهِ الطَّاعَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَحبُّ له إقْراءُ القُرْآنِ والعِلْمِ، والمُناظَرةُ فيه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدَايَةِ». قال أبو بَكْرٍ: لا يُقْرِئُ (¬1) ولا يكْتُبُ الحديثَ، ولا يُجالِسُ العُلَماءَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُسْتَحَبُّ إذا قصَد به الطَّاعَةَ. واخْتارَه المَجْدُ وغيرُه. وذكَر الآمِدِىُّ فى اسْتِحْبابِ ذلك رِوايَتَيْن. فعلى المذهبِ، فِعْلُه لذلك أفْضَلُ مِنَ الاعْتِكافِ؛ لتَعدِّى نَفْعِه. قال المَجْدُ: ويَتخرَّجُ على أصْلِنا فى كراهَةِ أنْ يَقْضِىَ القاضِى بينَ النَّاسِ وهو مُعْتَكِفٌ، ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «يقرأ»، وانظر الفروع 3/ 196.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان يسيرًا، وَجْهان، بِناءً على الإِقْراءِ وتَدْرِيس العِلْمِ، فإنَّه فى مَعْناه. فوائد؛ إحْداها، لا بأْسَ أنْ يتَزَوَّجَ، ويشْهَدَ النِّكاحَ لنَفْسِه ولغيرِه، ويُصلِحَ بينَ القوْمِ، ويعُودَ المرِيضَ، ويُصَلِّىَ على الجِنازَةِ، ويُعَزِّىَ، ويُهَنَّئَ، ويُؤَذِّن، ويُقِيمَ، كلُّ ذلك فى المَسْجِدِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ ظاهِرَ «الإِيضاحِ»، يحْرُمُ أنْ يَتَزوَّجَ أو يُزَوِّجَ. وقال المَجْدُ: قال أصحابُنا: يُسْتَحَبُّ له تَرْكُ لُبْسِ رَفِيعِ الثِّيابِ، والتَّلَذُّذِ بما يُباحُ قبلَ الاعْتِكافِ، وأنْ لا ينامَ إلَّا عن غَلَبَةٍ، ولو مع قُرْبِ الماء، وأنْ لا ينامَ مُضْطَجِعًا بل مُتَربِّعًا مُسْتَنِدًا، ولا يُكْرَهُ شئٌ مِن ذلك. انتهى. وكَرِهَ ابنُ الجَوزِىَّ وغيرُه لُبْسَ رَفيعِ الثِّيابِ. قال المَجْدُ: ولا بأْس بأَخْذِ شَعَرِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأظْفارِه فى قِيَاسِ مَذهَبِنا. وكَرِهَ ابنُ عَقِيلٍ إزَالَةَ ذلك فى المَسْجِدِ مُطْلَقًا، صيانَةً له. وذكَر غيرُه، يُسَنُّ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه مُطْلَقًا، وإلَّا (¬1) يحْرُمُ إلْقاؤه فيه. ويُكْرَهُ له أنْ يَتَطيَّبَ. قدَّمه فى «الفروعِ». نقَل المَرُّوذِىُّ، لا يَتَطيَّبُ. ونَقل أيضًا، لا يُعْجِبُنى. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ونَقل ابنُ إبْرَاهِيمَ، يَتَطيَّبُ كالتَّنظُّفِ، ولِظَواهِرِ الأدِلَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. وقَاسَ أصحابُنا الكَراهةَ على الحَجِّ، والتَّحْرِيمَ على الصَّوْمِ. وأطْلَقَ فى «الرِّعايَةِ» فى كراهَةِ لُبْسِ الثَّوْبِ الرَّفيعِ والتَّطيُّبِ وَجْهَيْن. ويحْرُمُ الوَطْءُ فى المَسْجِدِ، على ما يأْتِى فى أوَاخِرِ الرَّجْعَةِ. ¬

(¬1) فى النسخ «لا»، وانظر الفروع 3/ 198.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الفُروعِ» هناك. وقال ابنُ تَميمٍ: يُكْرَهُ الجِماعُ فوقَ المَسْجِدِ، والتَّمَسُّحُ بحائطِه، والبَوْلُ عليه. نصَّ عليه. على ما تقدَّم قريبًا عندَ خُروجِه لِما لا بدَّ منه. الثَّانيةُ، يَنْبَغِى لمَن قصَد المَسْجِدَ للصَّلاةِ أو غيرِها، أنْ يَنْوِىَ الاعْتِكافَ مُدَّةَ لُبْثِه فيه، لا سِيَّما إنْ كان صائِمًا. ذكَرَه ابنُ الجَوْزِىَّ فى «المِنْهَاجِ»، ومَعْناه فى «الغُنْيَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، ولم يَرَ ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. الثَّالثةُ، لا يجوزُ البَيْعُ والشَّراءُ فى المسْجِدِ للمُعْتَكِفِ وغيرِه، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وجزَم به القاضى، وابنُه أبو الحُسَيْنِ، وصاحِبُ «الوَسِيلَةِ»، و «الإِفْصَاحِ»، و «الشَّرْحِ» هنا، وابنُ تَميمٍ وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهما. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: منَع صِحَّتَه وجَوازَه أحمدُ. وجزَم فى «الفُصُولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» بالكَراهَةِ، وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، [و «المُغْنِى»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «المَجْدِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1)، فى آخرِ كتابِ البَيْعِ. ونَقل حَنْبَلٌ عن أحمدَ ما يَحْتَمِلُ أنَّه يجوزُ أنْ يَبيعَ ويَشْتَرِى فى المسجدِ ما لَا بُدَّ منه، كما يجوزُ خُروجُه له، إذا لم يكُنْ له مَن يأْتِيه به. فعلى المذهبِ، لا يجوزُ فى المَسْجِدِ، ويَخْرُجُ له. وعلى الثَّانى، يجوزُ، ولا يَخْرُجُ له. وعلى المذهب أيضًا، قيلَ: فى صِحَّةِ البَيْعِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الآدَابِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فى صِحَّتِهما وَجْهان مع التَّحْرِيمِ. قلتُ: قاعِدَةُ المذهبِ تَقْتَضِى عدَمَ الصِّحَّةِ. وتقدَّم كلامُ ابنِ هُبَيْرَةَ. وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، الصِّحَّةُ هنا. وقال فى «الفُروعِ»، فى آخِر كتابِ الوَقْفِ: وفى صِحَّةِ البَيْعِ فى المَسْجِدِ، وِفاقًا للأئمَّةِ الثَّلاَثةِ، وتحْريمِه، خِلافًا لهم، رِوايَتان. وقال فى «المُغْنِى» (¬2)، قبلَ كتابِ السَّلَمِ بيَسِير: ويُكْرَهُ البَيْعُ والشِّراءُ فى المَسْجِدِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) 6/ 383.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ باعَ، فالبَيْعُ صحيحٌ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ مَواضِعِ الصَّلاةِ واجْتِنابِ النَّجاسَاتِ: يُسَنُّ أن يُصانَ المَسْجِدُ عنِ البَيْعِ والشِّراءِ فيه. نصَّ عليه. وقال ابنُ أبي المَجْدِ في «مُصَنَّفِه»، في كتابِ البَيْعِ قبلَ الخِيَارِ: يَحْرُمُ البَيْعُ والشِّراءُ في المَسْجِدِ؛ للخَبَرِ، ولا يصِحَّان في الأصحِّ فيهما. انتهى. قال ابنُ تَميمٍ: ذكر القاضي في مَوْضِعٍ بُطْلانَه. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يصِحُّ مع الكَراهَةِ. وقال في «الفُروعِ»: والإِجارَةُ فيه كالبَيْعِ والشِّراءِ. ويأْتِى في كتابِ الحُدودِ، هل يحْرُمُ إقامَةُ الحَدِّ فيه أم يُكْرَهُ؟ وقال ابنُ بَطَّال المَالِكِىُّ (¬1): أجْمَعَ العُلَماءُ أنَّ ما عَقَده مِنَ البَيْعِ في المَسْجِدِ لا يجوزُ نقْضُه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. الرَّابعةُ، يحْرُمُ التَّكَسُّبُ بالصَّنْعَةِ في المَسْجدِ، كالخِياطَةِ وغيرِها، والقَلِيلُ والكثيرُ ¬

(¬1) على بن خلف بن بطال البكري القرطبي، أبو الحسن، كان من أهل العلم والمعرفة، شرح «صحيح البخاري». توفى سنة تسع وأربعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 47.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُحْتاجُ وغيرُه سَواءٌ. قالَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الإيضَاحِ»، و «المُذْهَبِ». قال المَجْدُ: قالَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل حَرْبٌ التَّوَقُّفَ في اشْتِراطِه. ونَقل أبو الخَطَّابِ، ما يُعْجِبُنِى أنْ يعمَلَ، فإنْ كان يحْتاجُ، فلا يَعْتَكِفُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: لا يجوزُ له فِعْلُ غيرِ ما هو فيه مِنَ العِبادَةِ، ولا يجوزُ أن يتَّجِرَ ولا يصْنَعَ الصَّنائِعَ. قال: وقد منَع بعضُ أصحابِنا مِنَ الإِقْراءِ وإمْلاءِ الحديثِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال ابنُ البَنَّا: يُكْرَهُ أن يتَّجِرَ أو يَتَكَسَّبَ بالصَّنْعَةِ. حكَاه المَجْدُ، وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وإنِ احْتاجَ للُبْسِه خِياطَةً أو غيرَها، لا للتَّكَسُّبِ، فقال ابنُ البَنَّا: لا يجوزُ. حكَاه المَجْدُ. واخْتارَ هو والمُصَنِّفُ وغيرُهما الجَوازَ، قالوا: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، كَلَفِّ عِمامَتِه والتَّنْظِيفِ. الخامسةُ، لا يَبْطُلُ الاعْتِكافُ بالبَيْعِ وعمَلِ الصَّنْعَةِ للتَّكَسُّبِ. على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ. وذكرَ المَجْدُ في «شَرْحِه» قوْلًا بالبُطْلانِ إنْ حَرُمَ؛ لخُروجِه بالمَعْصِيَةِ عن وُقوعِه قُرْبَةً، واللهُ أعلمُ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب المناسك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْمَنَاسِكِ يَجِبُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِى العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ المَناسِكِ فائدة: الصَّحيحُ أنَّ الحَجَّ فُرِضَ سنةَ تِسْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ. وقيلَ: سنةَ عَشْرٍ. وقيل: سنةَ سِتًّ. وقيل: سنةَ خَمْسٍ. قوله: يجِبُ الحَجُّ والعُمْرَةُ في العُمُرِ مَرَّةً واحِدةً. وُجوبُ الحَجَّ في العُمُرِ مرَّةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدةً إجْماعٌ. والعُمْرَةُ، إذا قُلْنا: تجِبُ، فمَرَّةً واحدَةً، بلا خلافٍ. والصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، أنَّها تجِبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «العُمْدَةِ»، و «الكَافِى». قال المَجْدُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعُمْرَةُ فَرْضٌ كالحَجِّ. ذكَرَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: جزَم به جُمْهورُ الأصحابِ. وعنه، أنَّها سُنَّةٌ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فعليها، يجِبُ إتْمامُها إذا شُرِعَ فيها، وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ». وعنه، تجِبُ على الآفاقِىِّ دونَ المَكَّيَّ. نصَّ عليه في رِوايَةِ عَبْدِ الله، والأَثْرَمِ، والمَيْمُونِىِّ، وبَكْرِ بنِ محمدٍ، واخْتارَها المُصَنَّفُ في «المُغْنِى»، والشَّارِحُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدَّينِ: عليها نُصوصُه. وأطْلقَهُنَّ في «الفَائقِ».

الْإِسْلَامِ، وَالْعَقْلِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا. وَالْبُلُوغِ، وَالْحُرَّيَّةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِىٍّ وَلَا عَبْدٍ، وَيَصِحُّ مِنْهُمَا، [61 و] وَلَا يُجْزِئُهُمَا إِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: بخَمْسَةِ شُرُوطٍ؛ الإِسْلامِ، والعَقْلِ، فلا يجبُ على كافرٍ ولا مَجْنونٍ، ولا يَصِحُّ منهما. إنْ كان الكافِرُ أصْلِيًّا، لم يجِبْ عليه إجْماعًا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُعاقَبُ عليه، وعلى سائرِ فُروعِ الإِسْلامِ، كالتَّوْحيدِ، إجْماعًا. وعنه، لا يُعاقَبُ عليه. وعنه، يُعاقَبُ على النَّواهِى، لا الأَوامِرِ. وتقدَّم ذلك في أوائلِ كتابِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ المُرْتَدَّ، وهو كذلك، لكنْ هل يَلْزَمُه الحَجُّ باسْتِطاعَتِه في حالِ رِدَّتِه؟ فإن قُلْنا: يَقْضِى ما فاتَه مِن صَلاةٍ وصَوْمٍ. لَزِمَه الحَجُّ، وإلَّا فلا، ولا تَبْطُلُ اسْتِطاعَتُه برِدَّتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، تَبْطُلُ، ولا يجِبُ عليه الحَجُّ باسْتِطاعتِه في حالِ رِدَّتِه فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَجِبُ. وإنْ حَجَّ ثم ارْتَدَّ ثم أسْلَم، وهو مُسْتطِيعٌ، لم يَلْزَمْه حَجٌّ ثانٍ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَلْزَمُه. جزَم به في «الجَامِعِ الصَّغِيرِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصُولِ» في كتابِ الحَجِّ، و «الإِفادَاتِ». قال أبو الحَسَنِ الجَزريُّ (¬1)، ¬

(¬1) أبو الحسن الجزرى البغدادي، شيخ حنبلى كانت له حلقة تدريس بجامع القصر، وله قدم في المناظرة، ومعرفة بالأصول والفروع. طبقات الحنابلة 2/ 167.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجماعةٌ: يَيْطُلُ الحَجُّ بالرِّدَّةِ. واخْتارَه القاضي. وصحَّحَه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» هنا. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفَائقِ»، في كتابِ الصَّلاةِ. وتقدَّم ذلك كلُّه مُسْتَوْفًى في كتابِ الصَّلاةِ، فَلْيُراجَعْ. فوائد؛ الأُولَى، لا يصِحُّ الحَجُّ مِنَ الكافرِ، ويَبطُلُ إحْرامُه، ويخْرُجُ منه برِدَّتِه فيه. الثَّانيةُ، لا يجِبُ الحَجُّ على المَجْنُونِ إجْماعًا، لكنْ لا تبْطُلُ اسْتِطاعَتُه بجُنونِه، ولا يصِحُّ الحَجُّ منه إنْ عقَدَه بنَفْسِه، إجْماعًا. وكذا إنْ عقَدَه له الوَلِيُّ، اقتِصارًا على النَّصِّ في الطِّفلِ. وقيل: يصِحُّ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. الثَّالثةُ، هل يَبْطُلُ إحْرامُه بالجُنونِ؛ لأنَّه لم يبقَ مِن أهْلِ العِباداتِ، أم لا يَبْطُلُ كالمَوْتِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وابنُ عَقِيلٍ؛ أحدُهما، لا يَبْطُلُ. قُلْتُ: وهو قِياسُ الصَّوْمِ، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفاقَ جُزْءًا مِنَ اليَوْمِ. والصَّحيحُ هناك الصِّحَّةُ، وهو قوْلُ الأئمَّةِ الثَّلاَثةِ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». فعليه، حُكْمُه حُكْمُ مَن أُغْمِىَ عليه. والوَجْهُ الثَّانى، يَبْطُلُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وهو قِياسُ قوْلِ المَجْدِ في الصَّوْمِ. الرَّابعةُ، لا يَبْطُلُ الإِحْرامُ بالإِغْماءِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: هو المَعْروفُ. وقيل: يَبْطُلُ. وأطْلَقَ ابنُ عَقِيلٍ وَجْهَيْن في بُطْلانِه بجُنونٍ وإغماءٍ. الخامسةُ، لا يَبطُلُ الإحْرام بالسُّكْرِ، قوْلًا واحِدًا. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» البُطْلانَ مِنَ الوَجْهِ الذي ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ في الإِغْماءِ. فائدة: قوله: والبُلُوغِ والحُرِّيَّةِ، فلا يجِبُ على صَبِيٍّ ولا عَبْدٍ، بلا نِزاعٍ، لكنْ مالَ في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» إلى الوُجوبِ على العَبْدِ، إذا قُلْنا، يَمْلِكُ. وفى يَدِه مالٌ يُمْكِنُه أن يَحُجَّ به. وكذا إذا لم يَحْتَجْ إلى راحِلَةٍ؛ لكَوْنِه دونَ مَسافَةِ

إِلَّا أن يَبْلُغَ وَيَعْتِقَ فِى الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِى الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا، فَيُجْزِئُهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ القَصْرِ، ويُمْكِنُه المَشىُ بلا ضَررٍ يَلْحَقُه، ومِثْلُه العَبْدُ المُكاتَبُ، والمُدَبَّرُ، وأمُّ الوَلَدِ، والمُعْتَقُ بعضُه. قولِه: إِلَّا أن يَبْلُغَ ويَعْتِقَ في الحَجِّ قبلَ الخُرُوجِ مِن عَرَفَةَ، وفى العُمْرَةِ قبلَ طَوافِها. هذا المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُجْزِئُهما. فائدة: لو سعَى أحَدُهما قبلَ الوُقوفِ، وقبلَ البُلوغِ، وبعدَ طَوافِ القُدومِ، وقُلْنا: السَّعْىُ رُكْنٌ. فهل يُجْزِئُه هذا السَّعْىُ أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه» و «الزرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُجْزِئُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنَّفِ هنا وغيرِه. واخْتارَه القاضي في «التَّعْلِيقِ»، وأبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرَّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يُجْزِئُه. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المَجْدُ، وقال: هو الأشْبَهُ بتَعْليلِ أحمدَ الإِجْزَاءَ باجْتماعِ الأرْكانِ حالَ الكَمالِ. واخْتارَه القاضي في «المُجرَّدِ»، وقال: هو قِياسُ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الفَائقِ»، و «الرَّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». فعلى الثَّانى، لا يُجْزِئُه إعادَةُ السَّعْىِ - ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، بأنَّه لا يُشْرَعُ مُجاوَزَةُ عدَدِه ولا تَكْرارُه، واسْتِدامَةُ الوُقوفِ مَشْرُوعٌ، ولا قَدْرَ له مَحْدُودٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبرَى» - وقيل: يُجْزِئُه إعادَتُه. قال في «التَّرْغِيبِ»: يُعِيدُه على الأصحِّ. قال في «التَّلْخِيصِ»:

وَيُحْرِمُ الصَّبِىُّ الْمُمَيِّزُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَيَفْعَلُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ عَمَلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لَزِمَه الإِعادَةُ، على أصحِّ الوَجْهَيْن. فائدتان؛ إحداهما، حيثُ قُلْنا بالإِجْزاءِ، فلا دمَ عليهما لنَقْصِهما في ابْتِداءِ الإِحْرامِ، كاسْتِمْرارِه. الثَّانيةُ، حُكْمُ الكافِر يُسْلِمُ، والمَجْنُونِ يُفِيقُ، حُكْمُ الصَّبِىَّ والعَبْدِ فيما تقدَّم. قوله: ويُحْرِمُ الصَّبِيُّ المُمَيِّزُ بإذْنِ وَلِيِّه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الصَّبِىَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُمَيِّزَ لا يصِحُّ إحْرامُه إلَّا بإذْنِ وَلِيِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن. وقيل: يصِحُّ إحْرامُه بدونِ إذْنِ وَلِيِّه. اخْتارَه المَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرَّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفَائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ المَجْدِ». فعَلى الثَّانِى، يُحَلِّلُه الوَلِيُّ إذا كان فيه ضرَرٌ. على الصَّحيحِ. وقيل: ليسَ له تحْلِيلُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: وغيرُ المُمَيِّزِ يُحْرِمُ عنه وَلِيُّه. أنَّه لا يصِحُّ أن يُحْرِمَ عنه غيرُ الوَلِىِّ. وهو صحيحٌ، وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وجزم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي وغيرُه، وقال: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقيلَ: يصِحُّ مِنَ الأُمِّ أيضًا. وهو ظاهِرُ رِوايَةِ حَنْبَلٍ، واخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الكَافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال الزَّرْكَشِيُّ: وإليه مَيْلُ أبي محمدٍ. واخْتارَ بعضُ الأصحابِ الصِّحَّةَ في العَصَبةِ والأُمِّ. قال في «الفَائقِ»: وكذا الأمُّ والعَصَبةُ سواءٌ، على أصحِّ الوَجْهَيْن. قال في «الرَّعايَةِ»: يصِحُّ في الأظْهَرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وألْحَقَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، العَصَبةَ غيرَ الوَلِىِّ بالأُمّ. وقال في «الحاوِيَيْن»: وفى أُمَّه وعَصَبتِه غيرِ وَلِيِّه وَجْهان. فائدة: الوَلِيُّ هنا؛ مَن يَلِى مالَه، فيَصِحُّ إحْرامُه عنه، ولو كان مُحْرِمًا، ولو كان لم يَحُجَّ عن نفْسِه؛ لأنَّ معْنَى الإِحْرامِ عنه، عَقْدُه له. تنبيه: ظاهرُ قولِه: ويفْعَلُ عنه ما يَعْجزُ عن عَمَلِه. أنَّه لا يفْعَلُ عنه ما لا يعْجِزُ عنه. وهو صحيحٌ، فيَفْعَلُ الصَّغيرُ كلَّ ما يقْدِرُ عليه، كالوُقوفِ والمَبِيتِ، وسَواءٌ أحْضرَه الوَلِيُّ أو غيرُه، وما عجَز عنه يفْعَلُه الوَلِيُّ، كما قال المُصَنِّفُ، لكنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجوزُ أن يَرْمِىَ عنه إلَّا مَن رَمَى عن نَفْسِه، كالنِّيابةِ في الحَجِّ، فإنْ قُلْنا بالإِجْزاءِ هناك، فكذا هنا، وإنْ قُلْنا: لا يُجزئُ هناك. وقع عن نَفْسِه هنا إنْ كان مُحْرِمًا بفَرْضِه، وإنْ كان حَلالًا، لم يُعْتَدَّ به، وإنْ قلْنا: يقَعُ الإِحْرامُ باطِلًا. فكذا الرَّمْىُ هنا، وإنْ أمْكَنَ الصَّبِيِّ أن يُناوِلَ النَّائِبَ الحَصَا، ناوَلَه، وإنْ لم يُمْكِنْه، اسْتُحبَّ أن تُوضَعَ الحَصاةُ في كَفِّه، ثم تُؤْخَذَ منه فتُرْمَى عنه، فإن وَضعَها النَّائِبُ في يَدِه ورَمَى بها، فجعَل يدَه كالآلةِ، فَحَسَنٌ. وإنْ أمْكَنَه أن يطُوفَ، فَعَلَه، فإنْ لم يُمْكِنْه، طِيفَ به مَحْمُولًا أو راكبًا. وتُعْتَبرُ النِّيَّةُ مِنَ الطَّائفِ به، وكوْنُه ممَّن يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يعْقِدَ له الإِحْرامَ، فإنْ نوَى الطَّوافَ عن نفْسِه وعنِ الصَّبِىِّ، وقَع عنِ الصَّبِىَّ، كالكَبيرِ يُطافُ به مَحْمولًا لعُذْرٍ. ويجوزُ أن يطُوفَ عنه الحَلالُ والمُحْرِمُ، وسَواءٌ كان طافَ عن نفْسِه أو لا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ في ذلك كلَّه. وذكرَ القاضي وَجْهًا؛ لا يُجْزِئُ عنِ الصَّبِىِّ، كالرَّمْي عنِ الغيرِ. فعلى هذا، يقَعُ عنِ الحامِلِ؛ لأنَّ النِّيَّةَ هنا شَرْطٌ، فهى كجُزْءٍ منه شَرْعًا. وقيل: يقَعُ هنا عن نفْسِه، كما لو نوَى الحَجَّ عن نفْسِه وعن غيرِه، والمَحْمُولُ المَعْذُورُ وُجِدَتِ النِّيَّةُ منه وهو أهْلٌ. ويَحْتَمِلُ أن تَلْغُوَ نِيَّتُّه هنا؛ لعدَمِ التَّعْيِينِ، لكَوْنِ الطَّوافِ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقَعُ عن غيرِ مُعَيَّنٍ.

وَنَفَقَةُ الْحَجِّ وَكَفَّارَاتُهُ فِى مَالِ وَلِيِّهِ. وَعَنْهُ، فِى مَالِ الصَّبِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ونَفَقَةُ الحَجِّ في مالِ وَلِيِّهِ. هذا المذهبُ، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه القاضي في بعضِ كُتُبِه، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: هذا أقْوَى الرِّوايتَيْن. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وهو أصحُّ. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخبِ الآدَمِىِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال: إجْماعًا. وعنه، في مالِه. اخْتارَه جماعةٌ، منهم القاضي في «خِلَافِه»، وقدَّمه في «الهِدَايَةِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطْلقَهُما في «الفُروعِ»، و «الكَافِى»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ يخْتَصُّ بِما يزيدُ على نفَقَةِ الحضَرِ، وبما إذا أنشأَ السَّفَرَ للحَجِّ به تمْرينًا على الطَّاعَةِ. زادَ المَجْدُ، ومالُه كثيرٌ يحْمِلُ ذلك. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الحاوِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وقال في «الرِّعايتَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم: ونفَقةُ الحَجَّ - وقيل: الزَّائدَةُ على نفقَة حضَرِه - وكفَّارَتُه، ودِماؤُه، تَلْزَمُه في مالِه. انتهى. وقال المَجْدُ: أمَّا سفَرُ الصَّبِىِّ معه لِتجارَةٍ أو خِدْمَةٍ، أو إلى مكَّةَ ليَسْتَوْطِنَها، أو ليُقيمَ بها لِعِلْمٍ أو غيرِه ممَّا يُباحُ له السَّفرُ به في وَقْتِ الحَجِّ وغيرِه، ومع الإِحْرامِ وعدَمِه، فلا نفقَةَ على الوَلِىَّ، رِوايةً واحدةً، بل على الجِهَةِ الواجِبَةِ فيها بتَقْديرِ عدَمِ الإِحْرامِ. انتهى. وتابعَه في «الفُروعِ». وقال: ويُؤْخَذُ هذا مِن كَلامِ غيرِه مِنَ التَّصَرُّفِ لمَصْلحَتِه. قوله: وكَفَّارَتُه في مالِ ولِيِّه. وهو المذهبُ، وإحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»: يَلْزَمُ ذلك الوَلِىَّ، في أقوَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، فقال: وما لَزِمَه مِنَ الفِدْيَةِ، فعلى وَلِيِّه إجْماعًا. ثم حكَى الخِلافَ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: نفقَةُ الحَجِّ ومُتَعلَّقاتُه المُجْحِفَةُ بالصَّبِىِّ تَلْزَمُ المُحْرِمَ به. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تكونُ في مالِ الصَّبِيِّ. قدَّمه في «الهِدَايَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحَاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». واخْتارَه القاضِى في «الخِلَافِ». وأطْلقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحلُّ الخِلافِ في وُجوبِ الكفَّاراتِ فيما يفْعَلُه الصَّبِيُّ، فيما إذا كان يَلْزَمُ البالِغَ كفَّارَتُه مع الخَطَإِ والنِّسْيانِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: أو فعَلَه به الوَلِىُّ لمَصْلحَتِه، كتَغْطِيةِ رأسِه لبَرْدٍ، أو تَطْيِيبِه لمرَضٍ. فأمَّا إنْ فعَلَه الوَلِىُّ لا لعُذْرٍ، فكفَّارَتُه عليه، كمَن حلَق رأْسَ مُحْرِمٍ بغيرِ إذْنِه. فأمَّا ما لا يَلْزَمُ البالِغَ فيه كفَّارَةٌ مع الجَهْلِ والنِّسْيانِ، كاللُّبْسِ والطَّيبِ في الأَشْهَرِ، وقَتْلِ الصَّيْدِ في رِوايَةٍ، والوَطْءِ والتَّقْليمِ على تخْريجٍ، فلا كفَّارَةَ فيه إذا فعلَه الصَّبِىُّ؛ لأنَّ عمْدَه خَطَأٌ. فائدتان؛ إحداهما، حيثُ أوْجَبْنا الكفَّارَةَ على الوَلِىِّ بسَببِ الصَّبِىِّ ودخَلَها الصَّوْمُ، صامَ عنه؛ لوُجوبِها عليه ابْتِداءً. الثَّانيةُ، وَطْءُ الصَّبِىِّ كوَطْءِ البالِغِ ناسِيًا، يمْضِى في فاسِدِه، ويَلْزَمُه القَضاءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا يَلزَمُه قَضاؤُه. وحكَاه القاضي في «تَعْلِيقِه» احْتِمالًا. فعلى المذهب، لا يصِحُّ القَضاءُ إلَّا بعدَ البُلوغِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أَحمدُ. وقيل: يصِحُّ قبلَ بلُوغِه. وصحَّحَه القاضي في «خِلَافِه». وكذا الحُكْمُ والمذهبُ إذا تحَلَّلَ الصَّبِيُّ مِن إحْرامِه لفَواتٍ أو إحْصارٍ، لكنْ إذا أرادَ القَضاءَ بعدَ البُلوغِ، لَزِمَه أنْ يُقَدِّمَ حَجَّةَ الإِسْلامِ على المَقْضِيَّةِ، فلو خالفَ وفعلَ، فهو كالبالِغِ، يُحْرِمُ قبلَ الفَرْضِ بغيرِه، على ما يأْتِى آخِرَ البابِ. ومتى بلَغ في الحَجَّةِ الفاسِدَةِ في حالٍ يُجْزِئُه عن حَجَّةِ الفَرْضِ لو كانت صَحِيحَةً، فإنَّه يَمْضِى فيها، ثم يَقْضِيها، ويُجْزِئُه ذلك عن حَجَّةِ الإِسْلامِ والقَضاءِ، كما يأْتِي نظِيرُه في العَبْدِ قريبًا. قلتُ:

وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْإِحْرَامُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ الْإِحْرَامُ نَفْلًا إِلَّا بِإِذْنِ زَوجِهَا، فَإِنْ فَعَلَا، فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا وَيَكُونَانِ كَالْمُحْصَرِ، وَإِنْ أَحْرَمَا بِإِذْنٍ، لَمْ يَجُزْ تَحْلِيلُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُعايَى بها. ويأْتِى حكمُ حَصْرِ الصَّبِىِّ أيضًا، في بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ. قوله: وليس للعَبْدِ الإِحْرَامُ إلَّا بإذنِ سَيِّدِه. بلا نِزاعٍ، فلو خالَفَ وأحْرَمَ مِن غيرِ إذْنِه، انْعقَدَ إحْرامُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، كالصَّلاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّوْمِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يتَخرَّجُ بُطْلانُ إحْرامِه بغَصْبِه لنَفْسِه، فيكونُ قد حَجَّ في بدَنٍ غَصْبٍ، فهو آكَدُ منَ الحَجِّ بمالٍ غَصْبٍ. قال في «الفُروعِ»: وهذا مُتَوَجِّهٌ، ليس بينهما فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ. قال: فيكونُ هذا المذهبَ. ونَصرَه، وسبَق مِثْلُه في الاعْتِكافِ عن جماعَةٍ. قال: ودَلَّ اعْتِبارُ المَسْألَةِ بالغَصْبِ على تخْريجِ رِوايَةٍ؛ إنْ أُجِيزَ، صحَّ، وإلَّا فلا. انتهى. قوله: فإن فَعَلا، فلهما تَحْليلُهما. يعْنِى، العَبْدَ والمرْأةَ. فذَكَر المُصَنِّفُ هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمَ العَبْدِ والمرْأَةِ. أمَّا حُكْمُ العَبْدِ إذا أحْرَمَ، فلا يَخْلُو؛ إمّا أن يكونَ بواجِبٍ كالنَّذْر، أو بتَطَوُّعٍ. فإنْ كان بواجِبٍ، فَتارَةً يُحْرِمُ بإذْنِه، وَتارَةً يُحْرِمُ بغيرِ إذْنِه. وإنْ كان بتَطَوُّعٍ، فَتارة أيضًا يحْرِمُ بإذْنِه، وتارةً يحْرِمُ بغيرِ إذْنِه. فإنْ أحْرَمَ بتَطوُّع بغيرِ إذْنِه، فله تحْلِيلُه، إذا قُلْنا: يصِحُّ. وهذا المذهبُ، كما هو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهما. وصحَّحَه النَّاظِمُ. وعنه رِوايَةٌ أُخْرَى، ليس له تحْلِيلُه. نقلَها الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَها أبو بَكْرٍ، والقاضي، وابنُه. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأشْهَرُ، وهو منها. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ قوْلَ أحمدَ: لا يُعْجِبُنِى مَنْعُ السَّيِّدِ عبْدَه مِنَ المُضِيِّ في الإحْرامِ زَمَنَ الِإحْرام، والصَّلاةِ والصِّيام. وقال: إنْ لم يُخَرَّجْ منه وُجوبُ النَّوافِلِ بالشُّروِع، كَان بَلاهَةً. وأطْلقَهمَا في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الفُروعِ». فإنْ أحْرَمَ بنَفْلٍ بإذْنِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ له تحْلِيلُه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به المُصَنِّفُ هنا. وعنه، له تحْلِيلُه. فائدة: لو باعَه سيِّدُه وهو مُحْرِمٌ، فمُشْتَرِيه كبائعِه في تحْلِيلِه وعدَمِه، وله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَسْخُ إنْ لم يعْلَمْ، إلَّا أن يَمْلِكَ بائعُه تحْلِيلَه فيُحَلِّلَه. وإنْ عَلِم العَبْدُ برُجوعِ السَّيِّدِ عن إذْنِه، فهو كما لو لم يأْذَنْ، وإنْ لم يَعْلَمْ، ففيه الخِلافُ في عَزْلِ الوَكيلِ قبلَ عِلْمِه، على ما يأْتِى إنْ شاءَ اللهُ تعالى، في بابِ الوَكالَةِ. وأمَّا إنْ كان إحْرامُه بواجِبٍ، مِثْل إنْ نذَر الحَجَّ، فإنَّه يَلْزَمُه. قال المَجْدُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وهل لسَيِّدِه تَحْلِيلُه؟ لا يخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ النَّذْرُ بإذْنِه، أو بغيرِ إذْنِه، فإنْ كان بإذْنِه، لم يَجُزْ له تحْلِيلُه، وإنْ كان بغيرِ إذْنِه، فهل له مَنْعُه منه أم لا؛ لوُجوبِه عليه كواجِبِ صلاةٍ وصَوْمٍ؟ - قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ، بأصْلِ الشَّرْعِ - فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، والمَجْدُ في «شَرْحِه»؛ إحْداهما، له مَنْعُه منه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي، والمُصَنَّفُ، والشَّارِحُ. [وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»] (¬1). قلتُ: وهو الصَّوابُ. والرَّوايَةُ الثَّانيةُ، ليس له مَنْعُه منه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ كان النَّذْرُ مُعَيَّنًا بوَقْتٍ، لم يَمْلِكْ مَنْعَه منه؛ لأنَّه قد لَزِمَه على الفَوْرِ، وإنْ كان مُطْلَقًا، فله مَنْعُه منه. قال في «الفُروعِ»: وعنه ما يدُلُّ على خِلَافِه، وهو ظاهِرُ كلامِهم. فوائد؛ لو أفْسَدَ العَبْدُ حَجَّه بالوَطْءِ، لَزِمَه المُضِىُّ فيه والقَضاءُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ القَضاءِ في حالِ الرِّقِّ. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، ليس لسيِّدِه منْعُه منه، إنْ كان شُروعُه فيما أفْسَدَه بإذْنِه. هذا الصَّحيحُ. وقيل: له ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْعُه. حكَاه القاضي في «شَرْحِ المُذْهَبِ». نقَله عنه ابنُ رَجبٍ. وإنْ لم يكُنْ بإذْنِه، ففي مَنْعِه مِنَ القضاءِ وَجْهان، كالمَنْذُورِ. وأطْلقَهما المَجْدُ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ». قلتُ: الأَوْلَى جَوازُ المَنْعِ. ثم وَجدْتُ صاحِبَ «الفُروعِ» قدَّم ذلك في بابِ مَحْظُوراتِ الإِحْرامِ، في أحْكامِ العَبْدِ. وأيضًا فإنَّه قال: كالمَنْذُورِ. والمذهبُ، له مَنْعُه مِنَ المَنْذُورِ، كما تقدَّم. وهل يَلْزَمُ العَبْدَ القَضاءُ لفَواتٍ أو إحْصارٍ؟ فيه الخِلاف المُتقَدِّمُ في الحُرِّ الصَّغِيرِ. وإنْ عتَق قبلَ أنْ يأْتِيَ بما لَزِمَه مِن ذلك، لَزِمَه أن يَبْتَدِئَ بحَجَّةِ الإِسْلامِ، فإن خالَفَ، فَحُكْمُه كالحُرَّ، على ما تقدَّم؛ يَبْدَأُ بنَذْرٍ أو غيرِه قبلَ حَجَّةِ الإسْلامِ. وإنْ عتَق في الحَجَّةِ الفاسِدَةِ في حالٍ يُجْزِئُه عن حَجَّةِ الفَرْضِ لو كانت صحيحةً، فإنَّه يَمْضِى فيها، ويُجْزِئُه ذلك عن حَجَّةِ الإسْلامِ والقَضاءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: عندى أنَّه لا يصحُّ. انتهى. ويَلْزَمُه حُكْمُ جِنايَتِه، كحُرٍّ مُعْسِرٍ. وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَحَلَّل لحَصْر، أو حلَّلَه سيِّدُه، لم يتَحلَّلْ قبلَ الصَّوْمِ، وليس له مَنْعُه. نصَّ عليه. وقيل: في إذْنِه فيه، وفى صَوْمٍ آخَرَ في إحْرامٍ بلا إذْنِه وَجْهان. وأطْلقَهما (¬1). قالَه في «الفُروعِ». وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ بالتَّمْلِيك. ووَجَد الهَدْىَ، لَزِمَه. ويأْتِى هذا وغيرُه في آخرِ كتابِ الأَيْمانِ مُسْتَوْفًى. وإنْ ماتَ العَبْدُ ولم يَصُمْ، فلِسَيِّدِه أنْ يُطْعِمَ عنه. ذكَره في «الفُصُولِ»، وإنْ أفْسَدَ حَجَّه صامَ. وكذا إنْ تَمتَّعَ أو أقْرَنَ. وذكَر القاضي، أنَّه على سيِّدِه إنْ أذِنَ فيه. انتهى. ورَدَّه المُصَنِّفُ. وقال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وهَدْىُ تمَتُّعِ العَبْدِ وقِرَانِه عليه. وقيل: على سَيِّدِه إنْ أذنَ فيهما. وقيل: ما لَزِمَه مِن دَمٍ فعلَى سيِّدِه، إنْ أحْرَمَ بإذْنِه، وإلَّا صامَ. قال في «الكُبْرَى»: قلتُ: بل يَلْزَمُه وحدَه. ويأْتِى حُكْمُ حَصْرِ العَبْدِ والصَّبِىِّ، في بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ أيضًا. هذا حُكْمُ العَبْدِ، وتقدَّم أحْكامُ حَجِّ المُكاتَبِ في أوَّلِ كتابِ الاعْتِكافِ. وأمَّا أحْكامُ المَرْأةِ، فإذا أحْرَمَتْ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بواجِبٍ، أو تطَوُّعٍ، فإن كان بواجِبٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ بنَذْرٍ، أو بحَجَّةِ الإِسْلامِ، وإنْ كان بتَطَوُّعٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ بإذْنِه، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بغيرِ إذْنِه، فإنْ كان بتَطَوُّعٍ بغيرِ إذْنِه، فجزَم المُصَنِّفُ بأنَّ له تحْلِيلَها. وهو المذهبُ، وإحْدَى الرَّوايتَيْن. اخْتارَه جماعةٌ، منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ - وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ - وابنُ حامِدٍ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الإِفادَاتِ»، و «الوَجِيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخبِ الآدَمِيِّ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يَمْلِكُ تحْلِيلَها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وابنُه أبو الحُسَيْن. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهي أصْرَحُهما. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، وأطْلقَهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرَّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، ذكرُوه في بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ، و «الفُروعِ»، و «القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وإنْ أحْرمَتْ بنَفْلٍ بإذْنِه، فليس له تَحْلِيلُها، قوْلًا واحدًا، وله الرُّجوعُ ما لم تُحْرِمْ، وإنْ أحْرمَتْ بنَذْرٍ بغيرِ إذْنِه، فإن قُلْنا في إحْرامِها بالتَّطَوُّعِ بغيرِ إذْنِه: لا يَمْلِكُ تحْلِيلَها. فهُنا بطَريقٍ أوْلَى. وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ تحْلِيلَها هناك. فهل يَمْلِكُ تحْلِيلَها هنا؟ فيه رِوايَتان. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «القَوَاعِدِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحْداهما، يَمْلِكُ تحْلِيلَها. وهو ظاهِرُ كلامِ بعضِهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّانيةُ، ليس له تحْلِيلُها. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثير مِنَ الأصحابِ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال في «المُغْنِى»، في مَكانٍ: وليس له مَنْعُها مِنَ الحَجِّ المَنْذُورِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو المذهبُ المَنْصُوصُ، وبه قطَع الشَّيْخان. وقيل: له تَحْلِيلُها إنْ كان النَّذْرُ غيرَ مُعَيَّنٍ، وإنْ كان مُعَيَّنًا، لَم يمْلِكْه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وإنْ أحْرَمَتْ بنَذْرٍ بإذْنِه، لم يَمْلِكْ تحْلِيلَها،

وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرأَتِهِ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ، وَلَا تَحْلِيلُهَا إنْ أحرَمَتْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلًا واحدًا. فائدة: حيثُ جازَ له تحْلِيلُها فحَلَّلَها، فلم تَقْبَلْ، أَثِمَتْ، وله مُباشَرَتُها. قوله: وليس للزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِه مِن حَجِّ الفَرْضِ، ولا تَحلِيلُها إن أَحْرَمَتْ به. اعلمْ أنَّه إذا اسْتَكْملَتِ المرْأَةُ شُروطَ الحَجِّ، وأرادَتِ الحَجَّ، لم يكُنْ لزَوْجِها مَنْعُها منه، ولا تحْلِيلُها إنْ أحْرَمَتْ به. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وعنه، له تَحْلِيلُها. قال في «التَّلْخِيصِ»: وقيلَ: فيه رِوايَتان. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ منه مَنْعُها. قال: وظاهِرُه ولو أحْرَمتْ قبلَ المِيقاتِ. وأمَّا إذا لم تَسْتَكْمِلْ شُروطَ الحَجِّ، فله مَنْعُها مِنَ الخُروجِ له والإِحْرامِ به، فلو خالفَتْ، وأحْرَمَتْ، والحالَةُ هذه، لم يَمْلِكْ تحْلِيلَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمْلِكُه. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. فوائد؛ الأولَى، حيثُ قُلْنا: ليس له مَنْعُها. فيُسْتَحَبُّ لها أن تَسْتأْذِنَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونقَل صالِحٌ، ليس له منْعُها، ولا يَنْبَغِى أن تخْرُجَ حتَّى تَسْتَأْذِنَه. ونقَل أبو طالِبٍ، إنْ كان غائِبًا كتبَتْ إليه، فإنْ أذِنَ، وإلَّا حجَّتْ بمَحْرَمٍ. وقال ابنُ رجَبٍ في «قَوَاعِدِه»: نصَّ أحمدُ في رِوايَةِ صالِحٍ، على أنَّها لا تَحُجُّ إلَّا بإذْنِه، وأنَّه ليس له منْعُها. قال: فعلى هذا، يُجْبَرُ على الإِذْنِ لها. الثَّانيةُ، لو أحْرَمَتْ بواجِبٍ فحلَف زوْجُها بالطَّلاقِ الثَّلاثِ، أنَّها لا تَحُجُّ العامَ، لم يَجُزْ أن تَحِلَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، هي بمَنْزِلَةِ المُحْصَرِ. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسَى، كما لو مَنَعَها عَدُوٌّ مِنَ الحَجِّ، إلَّا أن تدْفَعَ إليه مالَها. ونقَل مُهَنَّا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُئِلَ عنِ المَسْألَةِ، فقال: قال عَطاءٌ: الطَّلاقُ هَلاكٌ، هي بمَنزِلَةِ المُحْصَرِ. ووَجَّهَ في «الفروعِ» تخْرِيجًا بمَنْعِ الإِحْرامِ. وقال: هو أظْهَرُ وأقْيَسُ. ذكَرَه في أوَّلِ كتابِ الجَنائزِ. وسألَه ابنُ إبْراهِيمَ، عن عَبْدٍ قال: إذا دَخَل أوَّلُ يَوْمٍ مِن رمضانَ، فامْرَأَتُه طالِقٌ ثلاثًا إنْ لم يُحْرِمْ أوَّلَ يَوْم مِن رمضانَ؟ قال: يُحْرِمُ، ولا تَطْلُقُ امْرَأتُه، وليس لسيِّدِه أن يَمْنَعَه أن يخْرُجَ إلى مَكَّةَ إذا عَلِمَ منه رُشْدًا. فجَوَّزَ أحمدُ إسْقاطَ حَقِّ السَّيِّدِ لضَرَرِ الطَّلاقِ الثَّلاثِ مع تأَكُّدِ حقِّ الآدَمِىِّ. وروَى عَبْدُ اللهِ عنه، لا يُعْجِبُنِى أن يَمْنَعَه. قال في «الانْتِصَارِ»: فاسْتَحَبَّ أنْ لا يَمْنَعَه. الثَّالثةُ، ليس للوالِدِ مَنْعُ وَلَدِه مِن حَجٍّ واجِبٍ، ولا تحْلِيلُه منه، ولا يجوزُ للوَلَدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طاعَتُه فيه، وله مَنْعُه مِنَ التَّطَوُّعِ كالجِهَادِ، لكنْ ليس له تحْلِيلُه إذا أحْرَمَ، للُزُومِه بشُروعِه. ويَلْزَمُه طاعَةُ والِدَيْه في غيرِ مَعْصِيَةٍ، ويَحْرُمُ طاعَتُهما فيها. ولو أمَرَه بتَأْخيرِ الصَّلاةِ ليُصَلِّىَ به، أخَّرَها. نصَّ على ذلك كلِّه. قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: ولو كانَا فاسِقَيْن. وهو ظاهرُ إطْلاقِ الإِمام أحمدَ. وقال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ: هذا فيما فيه نَفْعٌ لهما، ولا ضرَرَ عليه، فإن شقَّ عليه ولم يَضُرَّه، وَجبَ، وإلَّا فلا. انتهى. وظاهِرُ رِوايَةِ أبي الحَارِثِ وجَعْفَرٍ، لا طاعَةَ لهما إلَّا في البِرِّ. وظاهِرُ رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، لا طاعَةَ في مَكْرُوهٍ. وظاهِرُ رِوايَةِ جماعَةٍ، لا طاعَةَ لهما في تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ. وقال المَجْدُ، وتَبِعَه ابنُ تَميمٍ وغيرُه: لا يجوزُ له مَنْعُ وَلَدِه مِن سُنَّةٍ راتِبَةٍ. وقال أحمدُ في مَن يَتأخَّرُ عنَ الصَّفِّ الأولِ لأجْلَ أبِيه: لا يُعْجِبُنِى، هو يَقْدِرُ يَبَرُّ أباه بغيرِ هذا. وقال في «الغُنْيَةِ»: يجوزُ تَرْكُ النَّوافِلِ لطاعَتِهما، بل الأَفْضَلُ طاعَتُهما. ويأْتِى في مَن يأْمُرُه أحَدُ أبوَيْه بالطَّلاقِ، في كتابِ الطَّلاقِ، وكلامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ في أمْرِه بنِكاحِ مُعَيَّنَةٍ. الرَّابعةُ، ليس لوَلىِّ السَّفِيهِ المُبَذِّرِ مَنْعُه مِن حجِّ الفَرْضِ، ولكنْ يدْفَعُ نفَقتَه إلى ثِقَةٍ ليُنْفِقَ عليه في الطَّريقِ. وإنْ أحْرمَ بنَفْلٍ وزادَتْ نفقَتُه على نفَقةِ الحَجِّ، ولم يَكْتَسِبِ الزَّائِدَ، فقيل: حُكْمُه

فَصْلٌ: الشَّرْطُ الْخَامِسُ، الِاسْتِطَاعَةُ؛ وَهُوَ أن يَمْلِكَ زَادًا وَرَاحِلَةً صَالِحَةً لِمِثْلِهِ بِآلَتِهَا الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ، أَوْ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ، فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مَسْكَنٍ، وَخَادِمٍ، وَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَمُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ عَلَى الدَّوَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُ العَبْدِ إذا أحْرَمَ بلا إذْنِ سيِّدِه. وصحَّحَ في «النَّظْمِ»، أَنَّه يَمْنَعُه. ذكَرَه في أواخِرِ الحَجْرِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فله في الأصحِّ مَنْعُه منه، وتحْلِيلُه بصَوْمٍ، وإلَّا فلا. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، فإن منَعَه فأحْرَمَ، فهو كمَن ضاعَتْ نفَقَتُه. قوله: الخامِسُ، الاسْتِطاعَةُ؛ وهو أن يَمْلِكَ زادًا وراحِلةً. هذا المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونَصَّ عليه. واعْتَبَر ابنُ الجَوْزِىَّ، في «كَشْفِ المُشْكِلِ»، الزَّادَ والرَّاحِلَةَ في حقِّ مَن يحْتاجُهما، فأمَّا مَن أمْكنَه المَشْىُ والتَّكَسُّبُ بالصَّنْعَةِ، فعليه الحَجُّ. واخْتارَه الشَّيْخُ عَبْدُ الحَلِيمِ (¬1)، ولدُ المَجْدِ، ووالِدُ الشَّيْخِ تَقِىَّ الدِّينِ، في القُدْرَةِ بالتَّكَسُّبِ، وقال: هذا ظاهِرٌ على أصْلِنا، فإنَّ عندَنا، يُجْبَرُ المُفْلِسُ على الكَسْبِ، ولا يُجْبَرُ على المَسْألَةِ. قال: ولو قيلَ بوُجوبِ الحَجِّ عليه إذا كان قادِرًا على الكَسْبِ، وإنْ بَعُدَتِ المسافَةُ، كان مُتَوجِّهًا على أصْلِنا. وقال القاضي ما قالَه في «كَشْفِ المُشْكِلِ»، ¬

(¬1) عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحرانى، شهاب الدين، أبو المحاسن، إمام محقق، من أعيان الحنابلة. توفى سنة اثنتين وثمانين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 310، 311.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وزاد فقال: تُعْتَبرُ القُدْرَةُ على تحْصِيلِه بصَنْعَةٍ أو مَسْألَةٍ إذا كانتْ عادَتَه. انتهى. وقيل: مَنْ قدَر أن يَمْشِىَ عن مَكَّةَ مسافَةَ القَصْرِ، لَزِمَه الحَجُّ والعُمْرَةُ؛ لأنَّه مُسْتَطِيعٌ، فَيدْخُلُ في الآيَةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». فعلى المذهبِ، يُسْتَحَبُّ الحَجُّ لمَن أمْكَنَه المَشْىُ والتَّكَسُّبُ بالصَّنْعَةِ، ويُكْرَهُ لمَن له حِرْفةُ المَسْألَةِ. قال أحمدُ: لا أُحِبُّ له ذلك. واخْتلَفَ الأصحابُ في قوْلِ أحمدَ: لا أُحِبُّ كذا. هل هو للتَّحْريمِ أو للكَراهَةِ؟ على وَجْهَيْن. على ما يأتِى في آخرِ الكِتابِ. وعلى المذهبِ في أصْلِ المَسْألَةِ، يُشْتَرطُ الزَّادُ، سَواءٌ قَرُبَتِ المَسافَةُ أو بَعُدَتْ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، إنِ احْتاجَ إليه، ولهذا قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: الحَجُّ بَدَنِيٌّ مَحْضٌ، ولا يجوزُ دَعْوَى أنَّ المالَ شَرْطٌ في وُجوبِه؛ لأنَّ الشَّرْطَ لا يحْصُلُ المَشْرُوطُ دُونَه، وهو المُصَحِّحُ للمَشَرُوطِ، ومَعْلُومٌ أنَّ المَكَّىَّ يَلْزَمُه، ولا مالَ له. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُشْترَطُ مِلْكُ الزَّادِ، فإنْ لم يكُنْ في المنازِلِ، لَزِمَه حَمْلُه، وإنْ وَجدَه في المنازِلِ، لم يَلْزَمْه حمْلُه إنْ كان بثَمَنِ مِثْلِه، وإنْ وَجدَه بزِيادَةٍ، ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ شِراءِ الماءِ للوُضوءِ إذا عُدِمَ، على ما تقدَّم في بابِ التَّيَمُّمِ. وهذا هو الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الفُروعِ». والثَّاني، يَلْزَمُه هنا بذْلُ الزِّيادَةِ التى لا تُجْحِفُ بمالِه، وإنْ منَعْناه في شِراءِ الماءِ للوُضوءِ. وهي طرِيقَةُ أبي الخَطَّابِ، وتَبِعَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ في «الكَافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرهم. وفرَّقُوا بينَ التَّيَمُّمِ وبينَ هذا بأَنَّ الماءَ يتَكَرَّرُ عدَمُه، والحَجُّ الْتزَمَ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشَاقَّ، فكذا الزِّيادَةُ في ثَمَنِه إذا كانتْ لا تُجْحِفُ بمالِه؛ لِئَلَّا يفُوتَ. نقلَه المَجْدُ في «شَرْحِه». ويُشْترَطُ أيضًا، القُدْرَةُ على وِعاءِ الزَّادِ؛ لأنَّه لا بُدَّ منه. وأمَّا الرَّاحِلَةُ، فيُشْترَطُ القُدْرَةُ عليهما مع البُعْدِ؛ وقَدْرُه مَسافَةُ القَصْرِ فقط، إلَّا مع العَجْزِ، كالشَّيْخِ الكبيرِ ونحوِه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه. وقال في «الكَافِى»: وإنْ عجَز عنِ المَشْىِ، وأمْكَنَه الحَبْوُ، لم يَلْزَمْه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُرادُ غيرِه. قوله في الرَّاحِلةِ: صالِحةً لمِثْلِه. يعْنِى، في العادَةِ؛ لاخْتِلافِ أحْوالِ النَّاس؛ لأنَّ اعْتِبارَ الرَّاحِلَةِ للقادرِ على المَشْىِ لدَفْعِ المَشَقَّةِ. قالَه المُصَنِّفُ وجاعةٌ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. ولم يذْكُرْه بعضُهم، لظاهرِ النَّصِّ. واعْتبرَ في «المُسْتَوْعِبِ» إمْكانَ الرُّكُوبِ، مع أنَّه قال: راحِلَةً تَصْلُحُ لمِثْلِه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ في قوْلِه عنِ الرَّاحِلَةِ: تَصْلُحُ لمِثْلِه. أَنَّه لا يُعْتبَرُ ذلك في الزَّادِ. وهو صحيحٌ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم في عادَةِ مِثْلِه في الزَّادِ، يَلْزَمُه، لظاهرِ النَّصِّ، لِئلاَّ يُفْضِىَ إلى تَرْكِ الحَجِّ، بخِلافِ الرَّاحِلَةِ. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، أنَّه كالرَّاحِلَةِ. انتهى. قلتُ: قطَع بذلك في «الوَجِيزِ»؛ فقال: ووَجَد زادًا ومَرْكُوبًا صالِحَيْن لمِثْلِه. وقال في «الفُروعِ»: والمُرادُ بالزَّادِ، أن لا يحْصُلَ معه ضرَرٌ لرَداءَتِه. فائدة: إذا لم يقْدِرْ على خِدْمَةِ نفْسِه، والقِيامِ بأَمْرِه، اعْتُبِرَ مَن يخْدِمُه؛ لأنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن سَبيلِه. قالَه المُصَنِّفُ. وقال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه، لو أمْكنَه، لَزِمَه؛ عمَلًا بظاهرِ النَّصَّ، وكلامُ غيرِه يَقْتَضِى أنَّه كالرَّاحِلَةِ، لعدَمِ الفَرْقِ. قوله: فاضِلًا عن مُؤْنَتِه ومُؤْنَةِ عِيالِه على الدَّوامِ. اعلمْ أنَّه تُعْتبَرُ كِفايَتُه وكِفايَةُ عِيالِه إلى أن يعُودَ، بلا خِلافٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُعْتبَرُ أن يكونَ له إذا رجَع ما يقُومُ بكِفايَتِه وكِفايَةِ عِيالِه على الدَّوامِ، مِن عَقارٍ أو بِضاعَةٍ أو صِناعَةٍ، وعليه أكثر الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «مُحَرَّرِه»، و «الإِفادَاتِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «المنَوِّرِ»، وغيرِهم؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاقتِصارِهم عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»، و «الكَافِى»: تُعْتَبرُ كِفايَةُ عِيالِه إلى أن يعُودَ فقط. قدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الفَائقِ». نقَل أبو طالِبٍ، يجِبُ عليه الحَجُّ إذا كان معه نفَقَةٌ تُبَلِّغُه مَكَّةَ ويَرْجِعُ، ويُخَلِّفُ نفقَةً لأهْلِه حتَّى يرْجِعَ. تنبيه: ظاهرُ قولِه: فاضِلًا عن قَضاءِ دَيْنِه. أنَّه سَواءٌ كان حالًّا أو مُؤَجَّلًا، وسَواءٌ كان لآدَمِىًّ أو للهِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وأنْ لا يكونَ عليه دَيْنٌ حالٌّ يُطالَبُ به، بحيثُ لو قَضاه لم يَقْدِرْ على كَمالِ الزَّادِ والرَّاحِلَةِ. انتهى. فظاهِرُه، أنَّه لو كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُؤَجَّلًا، أو كان حالًّا ولكنْ لا يُطالَبُ به، أنَّه يجِبُ عليه. ولم يذْكُرْه الأكثرُ، بل ظاهِرُ كلامِهم، عدَمُ الوُجوبِ. فائدة: إذا خافَ العنَتَ مَن يقْدِرُ على الحَجَّ، قدَّم النِّكاحَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ لوُجوبِه إذن. وحَكاه المَجدُ إجْماعًا، لكنْ نُوزِعَ في ادِّعاءِ الإجْماعِ. وقيلَ: يُقدِّمُ الحَجَّ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ، كما لو لم يخَفْه، إجْماعًا. قوله: فاضِلًا عمَّا يَحْتَاجُ إليه مِن مَسْكَنٍ وخادِمٍ. وكذا ما لا بُدَّ له منه. فائدة: لو فضَل مِن ثَمَنِ ذلك ما يَحُجُّ به بعدَ شِرائِه منه ما يكْفِيه، لَزِمَه

وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ بِحَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَجُّ. قالَه الأصحابُ. ولو احْتاجَ إلى كُتُبِه، لم يَلْزَمْه بَيْعُها. فلو اسْتَغْنَى بإِحْدَى النُّسْخَتَيْن بِكِتَابٍ (¬1)، باعَ الأُخْرَى. قالَه المُصَنَّفُ، والشَّارِحُ، ومَن تَبِعَهما. وتقدَّم نظيرُه في أوَّلِ بابِ الفِطْرَةِ. ¬

(¬1) في ا: «لكتاب» وانظر الفروع 3/ 231.

فَمَنْ كَمَلَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ، وَجب عَلَيْهِ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فمَن كَمَلَتْ فيه هذه الشُّروطُ، وجَب عليه الحَجُّ على الفوْرِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يجِبُ على الفَوْرِ، بل يجوزُ تأخِيرُه. ذكَرَها ابنُ حامِدٍ. واخْتارَه أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حازِمٍ، وصاحِبُ «الفَائقِ». وذكَرَه ابنُ أبي مُوسَى وَجْهًا. زادَ المَجْدُ، مع العَزْمِ على فِعْلِه في الجُمْلَةِ. ويأْتِى في كتابِ الغَصْبِ، إذا حجَّ بمالٍ غَصْبٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أيْسَرَ مَن لم يَحُجَّ، ثم ماتَ مِن تلك السَّنَةِ، قبلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الحَجِّ، فهل يجِبُ قَضاءُ الحَجِّ عنه؟ فيه رِوايَتان، أظْهَرُهما الوُجوبُ. قالَه في «القَوَاعِدِ

فَإِنْ عَجَزَ عَنِ [61 ظ] السَّعْىِ إِلَيْهِ لِكِبَرٍ، أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، وَيَعْتَمِرُ مِنْ بَلَدِهِ، وَقَدْ أجزَأَ عَنْهُ وَإنْ عُوفِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُولِيَّةِ»، و «الفِقْهِيَّةِ». قوله: وإنْ عجَز عنِ السَّعْى إليه لِكِبَرٍ، أو مرَضٍ لا يُرجَى بُرْؤُه، لَزِمَه أن يُقِيمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن يحُجُّ عنه، ويعْتَمِرُ مِن بلَدِه، وقد أجْزَأ عنه وإنْ عُوفِىَ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، ولكنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَر الأصحابُ، لو اعْتَدَّتْ مَن رُفِعَ حَيْضُها بسَنَةٍ، لم تَبْطُلْ عِدَّتُها بعَوْدِ حَيْضِها. قال المَجْدُ: وهي نَظيرُ مسْألَتِنا. يعْنِى، إذا اسْتَنابَ العاجِزُ ثم عُوفِىَ. قال في «الفُروعَ»: فدَلَّ على خِلافٍ هنا؛ للخِلافِ هناك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو عُوفِىَ قبلَ فَراغِ النَّائبِ، أنَّه يُجْزِئُ أيضًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هذا أصحُّ. قال في «الفُروعَ»: أجْزأَه في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ في «المُغْنِى». وقيل: لا يُجْزئُه. قال المُصَنِّفُ: والذى يَنْبَغِى، أنَّه لا يُجْزِئُه. وهو أظْهَرُ الوَجْهَيْن عندَ الشَّيْخ تِقِيِّ الدِّينِ. وأطْلقَهما في «الفَائقِ». وأمَّا إذا بَرِئَ قبلَ إحْرامِ النَّائبِ به (¬1)، فإنَّه لا يُجْزِئُه، قَوْلًا واحدًا. الثَّانيةُ، ألْحَقَ المُصَنِّفُ وغيرُه بالعاجِزِ لكِبَر أو مرَض لا يُرْجَى بُرْؤُه، مَن كان نِضْوَ الخِلْقَةِ، لا يقْدِرُ على الثُّبُوتِ على الرَّاحِلَةِ إلَّا بمشَقَّةٍ غيرِ مُحْتَمَلَةٍ. قال الإمامُ ¬

(¬1) زيادة من: ط، وانظر: «الفروع» 3/ 246.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ: أو كانتِ المرأةُ ثَقِيلَة لا يقْدِرُ مِثْلُها أنْ (¬1) يرْكَبَ إلَّا بمَشَقَّةٍ شديدَةٍ. وأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ وغيرُه عدمَ القُدْرَةِ. قوله: لَزِمَه أن يُقِيمَ مَن يَحُجُّ عنه ويَعْتَمِرُ. يعْنِى، يكونُ ذلك على الفَوْرِ، كما ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدَّم. قوله: مِن بلَدِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيلَ: يُجْزِئُ أنْ يَحُجَّ عنه مِن مِيقَاتِه. واخْتارَه في «الرِّعايَةِ». ويأْتِي نظيرُ ذلك في مَن ماتَ وعليه حَجٌّ وعُمْرَةٌ. فوائدَ؛ منها، لو كان قادِرًا على نفَقَة راجِلٍ، لم يَلْزَمْه الحَجُّ. على الصَّحِيح مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»: قيل: هذا قِياسُ المذهبِ. واخْتارَ هو اللُّزومَ. ومنها، لو كان قادِرًا ولم يجِدْ نائِبًا، ففي وُجوبِه في ذِمَّتِه وَجْهان، بِناءً على إمْكانِ المَسِيرِ، على ما يأْتي قرِيبًا. قالَه المجْدُ وغيرُه، وزادَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ قُلْنا: يَثْبُتُ فى ذِمَّتِه. كان المالُ المُشْترَطُ فى الإِيجابِ على المَعْضُوبِ بقَدْرِ ما نُوجِبُه (¬1) عليه لو كان صحيحًا. وإنْ قُلْنا: لا يَثْبُتُ فى ذِمَّتِه، إذا لم يجِدْ نائِبًا. اشْتُرِطَ للمالِ المُوجَبِ عليه أنْ لا يَنْقُصَ عن نفَقَةِ المِثْلِ للنَّائبِ؛ لِئَلَّا يكونَ النَّائبُ باذِلًا للطَّاعَةِ فى البَعْضِ، وهو غيرُ مُوجَبٍ على أصْلِنا، كبَذْلِ الطَّاعَةِ فى الكُلِّ. ومنها، يجوزُ للمرأةِ أنْ تَنُوبَ عنِ الرَّجُلِ، ولا إساءةَ ولا كراهةَ فى نِيابَتِها عنه. قال فى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «يوجبه»، وانظر: الفروع 3/ 246.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ احْتِمالٌ، يُكْرَهُ لفَواتِ رَمَلٍ وحَلْقٍ ورَفْعِ صَوْتٍ بتَلْبِيَةٍ ونحوِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو رَجَى زَوالَ عِلَّتِه، لا يجوزُ له أنْ يَسْتَنِيبَ، وهو صحيحٌ، فإنْ فعَل لم يُجْزِئْه، بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ أَمْكَنَهُ السَّعْىُ إلَيْهِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِى وَقْتِ الْمَسيرِ، وَوَجَدَ طَرِيقًا آمِنًا لَا خَفَارَةَ فِيهِ، يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ. وَعَنْهُ، أَنَّ إمْكَانَ الْمَسِيرِ وَتَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَتِ الْخَفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ بَذْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أمْكنَه السَّعْىُ إليه، لَزِمَه ذلك إذا كان فى وقتِ المسِيرِ، ووجَد طرِيقًا آمِنًا لا خَفَارَةَ فيه، يُوجَدُ فيه الماءُ والعَلَفُ على المُعْتادِ. يُشْترَطُ فى الطَّريقِ أنْ يكونَ آمِنًا، ولو كان غيرَ الطَّريقِ المُعْتادِ، إذا أمْكَنَ سُلوكُه، برًّا كان أو بَحْرًا، لكنَّ البَحْرَ تارةً يكونُ الغالبُ فيه السَّلامَةَ، وتارةً يكونُ الغالِبُ فيه الهَلاكَ، وتارةً يَسْتَوِى فيه الأمْران، فإنْ كان الغالِبُ فيه السَّلامَةَ، لَزِمَه سُلوكُه، وإنْ كان الغالِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه الهَلَاكَ، لم يلْزَمْه سُلوكُه إجْماعًا، وإنْ سَلِمَ فيه قوْمٌ، وهلَك فيه آخرون، فذكَر ابنُ عَقِيلٍ، عنِ القاضى، يَلْزَمُه، ولم يُخالِفْه. وجزَم به فى «التَّلْخِيصِ»، و «النَّظْمِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَلْزَمُه. جزَم به المُصَنِّف وغيرُه، وهو ظاهِرُ كلامِ المَجْدِ فى «شَرْحِه». وقال ابنُ الجَوْزِىّ: العاقِلُ إذا أرادَ سُلوكَ طريقٍ يَسْتَوِى فيه احْتِمالُ السَّلامَةِ والهَلاكِ، وجَب الكَفُّ عن سُلوكِها. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: أَعانَ على نفْسِه، فلا يكونُ شَهِيدًا. فظاهِرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلَافِ. ويُشْترَطُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، أنْ لا يكونَ فى الطَّريقِ خَفارَةٌ، فإنْ كان فيه خَفارَةٌ، لم يَلْزَمْه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ كانتِ الخَفارَةُ لا تُجْحِفُ بمالِه، لَزِمَه بذْلُها. وجزَم به فى «الإِفادَاتِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وهو ظاهِرُ «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقيَّدَه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، والمُصَنِّفُ فى «الكَافِى»، باليَسِيرَةِ. زادَ المَجْدُ، إذا أَمِنَ الغَدْرَ مِنَ المَبْذُولِ له. انتهى. قلتُ: لعَلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ، بل يتَعَيَّنُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الخَفارَةُ تجوزُ عندَ الحاجَةِ إليها فى الدَّفْعِ عنِ المُخَفَّرِ، ولا يجوزُ مع عدَمِها، كما يأْخُذُه السُّلْطانُ مِنَ الرَّعايا. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: يُوجَدُ فيه الماءُ والعَلَفُ على المُعْتادِ. لا يَلْزَمُه حمْلُ ذلك لكُلِّ سفَرِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لمشَقَّتِه عادَةً. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُه حَمْلُ عَلَفِ البَهائِم إنْ أمْكنَه، كالزَّادِ. قال فى «الفروعِ»: وأظُنُّه أنَّه ذُكِرَ فى الماءِ أيضًا. قوله: ومَن أمْكنَه السَّعْىُ إليه، لَزِمَه ذلك إذا كان فى وقتِ المَسِيرِ، ووجَد طرِيقًا آمِنًا. قدَّم المُصَنِّفُ أن إمْكانَ المَسِيرِ، وتخْلِيَةَ الطَّريقِ، مِن شَرائطِ لزُومِ الأَداءِ، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيَّ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، وتَبِعَه في «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ أصحابِنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «التَّلْخِيصِ». وعنه، أنَّ إمْكانَ المسيرِ وتخْلِيَةَ الطرَّيقِ، مِن شَرائطِ الوُجوبِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، على ما يأْتِى فى المَحْرَمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظاهرُ كلامِ ابنِ أبى مُوسى، والقاضى فى «الجَامِعِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»،

وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَتُوُفِّىَ قَبْلَهُ، أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى». وأطْلَقهما فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكَافِى»، و «المُغْنِى»، و «شَرْحِ المَجْدِ». فعلى المذهبِ (¬1)، هل يأْثَمُ إنْ لم يَعْزِمْ على الفِعْلِ إذا قدَر؟ قال ابنُ عَقِيلٍ: يأْثَمُ إنْ لم يَعْزِمْ، كما نقولُ فى طَرَآنِ الحَيْضِ، وتلَفِ الزَّكاةِ قبلَ إمْكانِ الأداءِ. والعَزْمُ فى العِبادَاتِ مع العَجْزِ يقومُ مَقامَ الأداءِ فى عدَمِ الإِثْمِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الذى فى الصَّلاةِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيةِ، لو حَجَّ وَقْتَ وُجوبِه، فمَات فى الطَّريقِ، تَبيَّنَّا عدَمَ الوُجوبِ. وعلى الأوَّل، لو كَمَلَتِ الشُّروطُ الخَمْسَةُ، ثم ماتَ قبلَ وُجودِ هَذَيْن الشَّرْطَيْن، حُجَّ عنه بعدَ مَوْتِه، وإنْ أعْسَرَ قبلَ وُجودِهما، بَقِىَ فى ذِمَّتِه. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لم يَجِبْ عليه الحَجُّ قبلَ وُجودِهما. فائدة: يَلْزَمُ الأعْمَى أنْ يَحُجَّ بنَفْسِه بالشُّروطِ المذْكورَةِ، ويُعْتَبرُ له قائدٌ، كبَصِيرٍ يجْهَلُ الطَّريقَ، والقائِدُ للأَعْمَى كالمَحْرَمِ للمَرْأَةِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ، وأطْلَقُوا القائِدَ. وقال فى «الوَاضِحِ»: يُشْتَرَطُ للأداءِ قائدٌ يُلائِمُه، أىْ يُوافِقُه، ويَلْزَمُه أُجْرَةُ القائدِ بأُجْرَةِ مِثْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: وزِيادَةٌ يسِيرَةٌ. وقيل: وغيرُ مُجْحِفَةٍ. ولو تبَرَّعَ القائدُ، لم يَلْزَمْه؛ للْمِنَّةِ. قوله: ومَن وجَب عليه الحَجُّ فتُوُفِّىَ قبلَه، أُخْرِج عنه مِن جميعِ مالِه حَجَّةٌ ¬

(¬1) في ط: «الأول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعُمْرَةٌ. بلا نِزاعٍ، وسَواءٌ فرَّطَ أوْ لا، ويكونُ مِن حيثُ وجَب عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ويجوزُ أنْ يُسْتَنابَ مِن أقْرَبِ وَطَنَيْه لتَخْيِيرِ المَنُوبِ عنه. وقيل: مَن لَزِمَه بخُرَاسَانَ، فَماتَ ببَغْدادَ، أُحِجَّ منها. نصَّ عليه، كحَياتِه. وقيلَ: هذا هو القوْلُ الأوَّلُ، لكنِ احْتُسِبَ له بسَفَرِه مِن بلَدِه. قال فى «الفُروعِ»: وفيه نظَرٌ؛ لأنَّه مُتَّجَهٌ لو سافَرَ للحَجِّ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: ويَلْزَمُ الوُرَّاثَ أنْ يحُجُّوا مِن أصْلِ مالِ المَيِّتِ عنه، حتى يُخْرِجُوا هذا، وإنْ لم تكُ بالوَصِيَّةِ، ولا تُجْزِئُ مِن مِيقَاتَيْه. وقيل: يُجْزِئُ أنْ يُحَجَّ عنه مِن مِيقاتِه؛ لأنَّه مِن حيثُ وجَب. واختارَه في «الرِّعايَةِ». فعلى المذهبِ، لو أُحِجَّ عنه خارِجًا عن بلدِ المَيِّتِ إلى دونِ مسافَةِ القَصْرِ، فقال القاضى:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه؛ لأنَّه فى حُكْمِ القَريبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: لا يُجْزِئُه. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وإنْ كان أكثرَ مِن مَسافَةِ القَصْرِ، لم يُجْزِئْه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَه، ويكونُ مُسِيئًا، كمنَ وجَب عليه الإِحْرامُ مِنَ المِيقاتِ، فأحْرَمَ مِن دُونِه. وتقدَّم نظيرُه فيما إذا أُحِجَّ عنِ المَعْضُوبِ. وتقدَّم إذا أيْسَرَ، ثم ماتَ قبلَ التَّمَكُّنِ. فائدتان؛ إحداهما، الصَّحيحُ، أنَّه يجوزُ أنْ يحُجَّ عنه غيرُ الوَلِيِّ بإذْنِه وبدُونِه. اخْتارَه ابنُ عَقِيل فى «فُصُولِه»، والمَجْدُ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «الفَائقِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». ذكَرَه فى بابِ حُكْمِ قَضاءِ الصَّوْمِ. وقيل: لا يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصَارِه». وتقدَّم ذلك فى الصَّوْمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذه المَسْأَلَةُ آخِرُ ما بَيَّضَه المَجْدُ فى «شَرْحِه». الثَّانيةُ، لو ماتَ هو أو نائِبُه

فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أُخِذَ لِلْحَجِّ بِحِصَّتِهِ، وَحُجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الطَّريقِ، حُجَّ عنه مِن حيثُ ماتَ فيما بَقِىَ؛ مَسافَةً، وقوْلًا، وفِعْلًا. قوله: فإنْ ضاقَ مالُه عن ذلك، أو كان عليه دَيْنٌ، أُخِذَ للحَجِّ بحِصَّتِه، وحُجَّ به مِن حيثُ يَبْلُغُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، يسْقُطُ الحَجُّ، سَواءٌ عيَّنَ فاعِلَه أوْ لا. وعنه، يُقَدَّمُ الدَّيْنُ لتأَكُّدِه. وهو قوْلٌ فى «شَرْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيِّ». فائدة: لو وصَّى بحَجٍّ نَفْلٍ، أو أطْلَقَ، جازَ مِنْ مِيقاتٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، ما لم تَمْنَعْ قَرِينَةٌ. وقيل: مِن مَحَلٌ وصيَّتِه. وقدَّمه فى «التَّرْغِيبِ»، كحَجٍّ واجِبٍ. ومَعْناه للمُصَنِّفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِى بعضُ ذلك فى بابِ المُوصَى به.

فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا؛ وَهُوَ زَوْجُهَا، أو مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ، إِذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا. وَعَنْهُ، أنَّ الْمَحْرَمَ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأدَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الحَجِّ على المرأَةِ وجُودُ مَحْرَمِها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. يعْنِى، أنَّ المَحْرَمَ مِن شَرائِط الوُجوبِ، كالاسْتِطاعَةِ وغيرِها، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايتَيْن». وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الإِفادَاتِ». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أنَّ المَحْرَمَ مِن شَرائطِ لُزومِ الأداءِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وأطلَقهما الزركَشِىُّ. فعليها، يُحَجُّ عنها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو ماتَتْ، أو مَرِضَتْ مرَضًا لا يُرْجَى بُرْؤُه، ويَلْزَمُها أنْ تُوصِىَ به. وهى أيضًا مِنَ المُفْرَداتِ. وعلى المذهبِ، لم تَسْتَكْمِلْ شُروطَ الوُجوبِ. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، فى بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكَافِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىَّ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى». وعنه، لا يُشْتَرَطُ المَحْرَمُ إلَّا فى مَسافَةِ القَصْرِ، كما لا يُعْتبَرُ فى أطْرافِ البَلَدِ، وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ». ونَقل الأَثْرَمُ، لا يُشْتَرطُ المَحْرَمُ فى الحَجِّ الواجِبِ. قال الإِمامُ أحمدُ: لأنَّها تَخْرُجُ (¬1) مع النِّساءِ، ومع كلَّ مَن أَمِنَتْه. وعنه، ¬

(¬1) فى النسخ: «لا تخرج»، وانظر الشرح أعلاه، والفروع 3/ 235.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُشْتَرطُ المَحْرَمُ فى القَواعِدِ مِنَ النِّساءِ اللَّاِتِى لا يُخْشَى مِنْهُنَّ ولا عَلَيْهِنَ فِتْنَةٌ. ذَكَرها المَجْدُ. ولم يَرْتَضِه صاحِبُ «الفُروعِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تَحُجُّ كلُّ امْرأةٍ آمِنَةٍ مع عدَمِ المَحْرَمِ. وقال: هذا مُتَوجِّهٌ فى كلِّ سَفرِ طاعَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ الخُنْثَى كالرَّجُلِ. فائدة: قال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّ المَحْرَمَ شَرْطٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للوُجوبِ دونَ أمْنِ الطَّريقِ وسَعَةِ الوَقْتِ، حيثُ شرَطَه ولم يَشْتَرِطْهُما. وظاهرُ نقْلِ أبى الخَطَّابِ يَقْتَضِى رِوايَةً بالعَكْسِ؛ وهو أنَّه قطَع بأنَّهما شَرْطان للوُجوبِ، وذكَر فى المَحْرَمِ (¬1) رِوايَةً بأنَّه شَرْطٌ للُّزومِ. قال: والتَّفْرِقَةُ على كِلا الطَّرِيقَيْن مُشْكِلَةٌ، والصَّحيحُ، التَّسْوِيَةُ بينَ هذه الشُّروطِ الثَّلاَثَةِ، إمَّا نَفْيًا، وإمَّا إثْباتًا. انتهى. قلتُ: ممَّن سَوَّى بينَ الثَّلاَثَةِ؛ المُصَنَّفُ فى «الكَافِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ» فيه، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «الوَجِيزِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهم. وأشارَ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «المحرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ إلى أنَّها تُرادُ للحِفْظِ، والرَّاحِلَةُ لنَفْسِ السَّعْىِ. قال فى «الفُروعِ»: وما قالَه المَجْدُ صحيحٌ. وذكَر كلامَ ابنِ عَقِيلٍ. انتهى. وممَّن فرَّقَ بينَ المَحْرَمِ، وبينَ سَعَةِ الوَقْتِ وأمْنِ الطَّريقِ، المُصَنِّفُ فى «المُقْنِعِ»؛ فإنَّه قدَّم فيهما أنَّهما مِن شَرائطِ اللُّزومِ، وقدَّم فى المَحْرَمِ، أنَّه مِن شَرائطِ الوُجوبِ. وكذلك فعَلَ النَّاظِمُ. وتَبِعَ صاحِبَ «الهِدَايَةِ» صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، فقَطعُوا بأنَّهما مِن شَرائطِ الوُجوبِ، وأطْلَقوا فى المَحْرَمِ الرِّوايتَيْن. وقطَع فى «الإِيضَاحِ»، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَحْرَمَ شَرْطٌ للوُجوبِ، وأطْلقَ فيهما رِوايتَيْن، عكْسَ صاحِبِ «الهِدَايَةِ» ومَنْ تابَعه. وقدَّم فى «التَّلْخِيصِ»، أنَّهما مِن شرَائطِ اللُّزوم، كالمُصَنِّفِ، وأطْلَقَ في المَحْرَمِ الرِّوايتَيْن. وظاهرُ كلامِه فى «الفُروعِ» التَّفْرِقَةُ؛ فإنَّه أطْلَقَ فيهما الرِّوايتَيْن بعنه وعنه، وقال: اخْتارَ الأكثرُ أنَّهما مِن شرَائطِ الأَداءِ. وقدَّم أنَّ المَحْرَمَ مِن شَرائطِ الوُجوبِ، فمُوافقَتُه للمَجْدِ تُنافِى ما اصْطَلَحَه فى «الفُروعِ»، وظهَر أنَّ للمُصَنِّفِ فى هذه المسْأَلةِ ثَلاثَ طُرُقٍ فى كُتُبِه؛ «الكَافِى»، و «المُقْنِعِ»، و «الهَادِى». تنبيهات؛ الأَوَّلُ، دخلَ فى عمُومِ كلامِ المُصَنِّفِ، فى قوْلِه: وهو زَوْجُها أو مَن تحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ بنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُباحٍ. رابُّها؛ وهو زَوْجُ أُمِّها، ورَبِيبُها؛ وهو ابنُ زَوْجِها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليهما، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. ونقَل الأَثْرَمُ فى أُمِّ امْرأَتِه، يكونُ مَحْرَمًا لها فى حَجِّ الفَرْضِ فقط. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال الأَثْرَمُ: كأنَّه ذهَب إلى أنَّها لم تُذكَرْ فى قوْلِه تعالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الآية. وعنه، الوَقْفُ فى نَظَرِ شَعَرِها، وشَعَرِ الرَّبِيبَةِ؛ لعدَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكْرِهما فى الآيَةِ. وهى أيضًا مِنَ المُفْرَداتِ. الثَّانى، قولُه: بنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُبَاحٍ. يُحْترَزُ منه عنِ السَّبَبِ غيرِ المُباحِ؛ كالوَطْءِ بشُبْهَةٍ أو زِنًى، فليس بمَحْرَمٍ لأُمِّ المَوْطُوءَةِ وابْنَتِها؛ لأنَّ السَّبَبَ غيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُباحٍ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: كالتَّحْريمِ باللِّعانِ وأوْلَى. وعنه، بلَى، يكونُ مَحْرَمًا. وهو قوْلٌ فى «شَرْحِ الزَّرْكَشِىَّ». وأطْلَقَهما فى «الحاوِى الكَبِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ» فى وَطْءِ الشُّبْهَةِ لا الزِّنَى. وهو ظاهِرُ ما فى «التَّلْخِيصِ»؛ فإنَّه قال: بسَبَبٍ غيرِ مُحَرَّمٍ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وذكَرَه قولَ أكثرِ العُلمَاءِ؛ لثبُوتِ جميعِ الأحْكامِ، فيَدْخُلُ فى الآيَةِ، بخِلافِ الزِّنَى. الثَّالثُ، قال فى «الفُروعِ»: المُرادُ، واللهُ أعلمُ، بالشُّبْهَةِ ما جزَم به جماعَةٌ، أنَّه الوَطْءُ الحرامُ مع الشُّبْهَةِ، كالجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ ونحوِها. لكنْ ذكَر الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، فى مَسْأَلَةِ تَحْريمِ المُصاهَرَةِ، أنَّ الوَطْءَ فى نِكاحٍ فاسدٍ كالوَطْءِ بشُبْهَةٍ. الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا وجماعَةٍ، أن المُلاعِنَ يكونُ مَحْرَمًا للمُلاعِنَةِ؛ لأنَّها تحْرُمُ عليه على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّأْبِيدِ بسبَبٍ مُباحٍ. ولا أعْلَمُ به قائلًا، فلهذا قال الآدَمِىُّ البَغْدَادِىُّ، وصاحِبُ «الوَجِيزِ»: بسبَبٍ مُباحٍ لحُرْمَتِها. وهو مُرادُ مَن أطْلَقَ. الخامسُ، قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وغيرُه: وأزْواجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّهاتُ المُؤْمِنين فى التَّحْريمِ، دُونَ المَحْرَميَّةِ. انتهى. فيكونُ ذلك مُسْتَثْنًى مِن كلامِ مَن أطْلَقَ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: المَحْرَمُ زَوْجُها، ومَن تحْرُمُ عليه أُبدًا، لا مَن تَحْرِيمُها بوَطْءِ شُبْهَةٍ أو زِنًى. فقيلَ: إنَّما قال ذلك؛ لِئَلَّا يَرُدَّ عليه أزْواجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ تَحْرِيمَهُنَّ على المُسْلِمين أبدًا بسَبَبٍ مُباحٍ؛ وهو الإِسْلامُ، وليْسُوا بمَحارِمَ لهُنَّ. فقيل: كان يجِبُ اسْتِثْناؤُهُنَّ كما اسْتَثْنَى المَزْنِىَّ بها. فأُجِيبُ، لانْقِطاعِ حُكْمِهِنَّ، فأوْرَد عليه المُلاعِنَةَ، ولا جوابَ عنه. السَّادِسُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ العَبْدَ ليس بمَحْرَمٍ لسيِّدَتِه؛ لأنَّها لا تحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المشْهورُ، والمَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. انتهى. [قال القاضى مُوَفَّقُ الدِّينِ، فى «شَرْحِ مَناسِك المُقْنِعِ»: وهو المَشْهورُ المَعْروفُ أمْرُه] (¬1). ونقَلَه الأَثْرَمُ وغيرُه. ولأنَّه أيضًا لا يُؤْمَنُ عليها كالأَجْنَبِىَّ، ولا يَلْزَمُ مِنَ النَّظَرِ المَحْرَمِيَّةُ. وعنه، هو مَحْرَمٌ لها. قال المَجْدُ: لأنَّ القاضِىَ ذكرَ فى «شَرْحِ المُذْهَبِ»، أنَّ مذهبَ أحمدَ، أنَّه مَحْرَمٌ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». [السَّابعُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، دُخولُ العَبْدِ إذا كان قرِيبًا. قال فى «الفُروعِ»: يُشْترَطُ كَوْنُ المَحْرَمِ ذَكَرًا مُكَلَّفًا مُسْلِمًا. نصَّ عليه. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» وغيرِه، واشْتَرطَ الحُرِّيَّةَ فى المَحْرَمِ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وجزَم به] (¬1). فوائد؛ الأُولَى، قوله: إذا كان بالِغًا عاقِلًا. بلا نِزاعٍ. والمذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنّه يُشْترَطُ فيه أيضًا أنْ يكونَ مُسْلِمًا. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهَبِ. جزَم به ناظِمُها، وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ اشْتِراطُ كَوْنِ المُسْلمِ أمِينًا عليها. قلتُ: وهو قَوِيٌّ فى النَّظَرِ. قال: ويتَوَجَّهُ أنَّه لا يُعْتَبرُ إسْلامُه إنْ أُمِنَ عليها. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنَّ الذِّمِّىَّ الكِتَابِىَّ مَحْرَمٌ لابنَتِه المُسْلِمَةِ، إنْ قُلْنا: يَلِى نِكاحَها كالمُسْلِمِ. انتهى. قلتُ: يُشْكِلُ هذا على قوْلِ الأصحابِ: إنَّهم يُمْنَعُون مِن دُخولِ الحَرَمِ. لكنْ لنا هناك قوْلٌ بالجَوازِ للضَّرُورَةِ، أو للحاجَةِ، أو مُطلَقًا، فيتَمَشَّى هذا الاحْتِمالُ على بعض هذه الأقْوالِ. الثَّانيةُ، نفَقَةُ المَحْرَمِ تَجبُ عليها. نصَّ عليه. فيُعْتَبرُ أنْ تَمْلِكَ زادًا وراحِلَةً لها وله. الثَّالثةُ، لو بذَلَتِ النَّفقَةَ له، لم يَلْزَم المَحْرَمَ، غيرَ عَبْدِها، السَّفَرُ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَلْزَمُه. الرَّابعةُ، ما قالَه صاحِبُ «الفُروعِ»، أنَّ ظاهِرَ كلامِهِم لو أرادَ أُجْرَةً، لا تَلْزَمُها. قال: ويتَوَجَّهُ أنَّها كنَفَقَتِه، كما فى التَّغْريبِ فى الزِّنَا، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ مَاتَ الْمَحْرَمُ فِى الطَّرِيقِ، مَضَتْ فِى حَجِّهَا، وَلَمْ تَصِرْ. مُحْصَرَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى قائدِ الأعْمَى، فدَلَّ ذلك كلُّه على أنَّه لو تبَرَّعَ، لم يَلْزَمْها، للْمِنَّةِ. قال: ويتَوَجَّهُ أنْ يجِبَ للمَحْرَمِ أُجرَةُ مِثْلِه، لا النَّفَقَةُ، كقائدِ الأعْمَى، ولا دَلِيلَ يخُصُّ وُجوبَ النَّفقَةِ. الخامسةُ، إذا أَيِسَتِ المرأةُ مِنَ المَحْرَمِ، وقُلْنا: يُشْترَطُ للُزومِ السَّعْىِ. أو كان وُجِدَ، وفرَّطَتْ بالتَّأْخيرِ حتى عُدِمَ، فعنه، تُجَهِّزُ رَجُلًا يَحُجُّ عنها. قلتُ: وهو أوْلَى، كالمَعْضُوبِ. وعنه ما يدُلُّ على المَنْعِ. وأطْلَقهما المَجْدُ فى «شرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ». قال المَجْدُ: يُمْكِنُ حَمْلُ المَنْعِ على أنَّ تزَوُّجَها لا يبعُدُ عادةً، والجَوازُ على مَن أيِسَتْ ظاهرًا أو عادةً، لزِيادَةِ سِنٍّ أو مرَضٍ أو غيرِه ممَّا يَغْلِبُ على ظَنِّها عدَمُه، ثم إنْ تزَوَّجَتْ أو اسْتَنابَتْ مَن لها مَحْرَمٌ ثم فُقِدَ، فهى كالمَعْضُوبِ. وقال الآجُرِّىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»: إنْ لم يكُنْ

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَذْرِهِ، وَلَا نَافِلَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ، [62 و] انْصَرَفَ إِلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَعَنْهُ، يَقَعُ مَا نَوَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحْرَمٌ، سقَط فرْضُ الحَجِّ ببَدَنِها، ووَجبَ أنْ يَحُجَّ عنها غيرُها. قال في «الفُروعِ»: وهو محْمُولٌ على الإِياسِ. قال في «التَّبْصِرَةِ»: إنْ لم تَجِدْ مَحْرَمًا، فرِوايَتان؛ لتَرَدُّدِ النَّظَرِ في حُصولِ الإِياس منه. قوله: ولا يَجُوزُ لمَن لم يحُجَّ عن نفسِه أن يحُجَّ عن غيرِه، ولا نَذْرِه، ولا نافِلةٍ، فإنْ فعَلَ، انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسْلامِ. اعلمْ أنَّه إذا لم يكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الإسْلامِ، وأرادَ الحَجَّ؛ فتارةً يريدُ الحَجَّ عن غيرِه، وتارةً يُريدُ الحَجَّ عن نفْسِه غيرَ حَجَّةِ الإِسْلامِ. فإنْ أرادَ الحَجَّ عن غيرِه، لم يَجُزْ، فإنْ خالفَ وفعَل،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْصرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وسَواءٌ كان حَجُّ الغيرِ فرْضًا، أو نَذْرًا، أو نَفْلًا، وسَواءٌ كان الغيرُ حيًّا أو مَيِّتًا. هذا المذهَبُ. قالَه في «الفُروعِ» وغيرِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال القاضى في «الرِّوَايتَيْن»: لم يخْتَلِفْ أصحابُنا فيه. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: يقَعُ عنِ المَحْجُوجِ عنه، ثم يقْلِبُه الحاجُّ عن نَفْسِه. نقَل إسْماعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ، لا يُجْزِئُه؛ لأَنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، قال لمَن لَبَّى عن غيرِه: «اجْعَلْهَا عَنْ نَفْسِكَ». وعنه، يقَعُ باطِلًا. نقَله علِيٌّ الشَّالَنْجِىُّ (¬1). واخْتارَه أبو بَكْرٍ. ¬

(¬1) لعله على بن إبراهيم بن محمد الشالنجى الجرجاني، روى عن عمران بن موسى السختياني، ومحمد بن علّويه وغيرهم. الأنساب 7/ 260.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجوزُ عن غيرِه، ويقَعُ عنه. قَال القاضى: وهو ظاهِرُ نَقْلِ محمدِ بنِ مَاهَانَ (¬1). وفى «الانْتِصَارِ» رِوايةٌ، يقَعُ عمَّا نَواه بشَرْطِ عَجْزِه عن حَجِّه لنَفْسِه. فعلى المذهبِ، لا يَنُوبُ مَن لم يُسْقِطْ فَرْضَ نفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ ما قيل: ينُوبُ في نَفْلِ عَبْدٍ وصَبِيٍّ، ويُحْرِمُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». ورَجَّح غيرُ واحدٍ المَنعَ. وأمَّا إذا ¬

(¬1) محمد بن ماهان النيسابورى، جليل القدر، له مسائل حسان عن الإمام أحمد. توفى سنة أربع وثمانين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 321، 322.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرادَ أنْ يحُجَّ عن نفْسِه نذْرًا أو نافِلَةً، فالصَّحيحُ مِنَ المذهَبِ، أنَّ ذلك لا يجوزُ، ويقَعُ عن حَجَّةِ الإِسْلامِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يقَعُ ما نوَاه. وعنه، يقَعُ باطِلًا. ولم يذْكُرْها بعضُهم هنا؛ منهم القاضى أبو الحُسَيْنِ في «فُروعِه»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِى»، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، وغيرُهم. وحَكَوْها في التى قبلَها. فعلى المذهَبِ، لا تُجْزِئُ عنِ المَنْذورةِ مع حَجَّةِ الإِسْلامِ معًا. على الصَّحيحِ. مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ونَقل أبو طالِبٍ، تُجْزِئُ عنهما، وأنَّه قوْلُ أكثرِ العُلَماءِ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ. فوائد؛ إحداها، لو أحْرَمَ بنَفْلٍ مَن عليه نَذْرٌ، ففيه الرِّواياتُ المُتقَدِّمَةُ، نقْلًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومذهَبًا. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ هذا وغيرَه الأشْهَرُ في أنَّه يسْلُكُ في النَّذْرِ مَسْلكَ الواجِبِ لا النَّفْلِ. الثَّانيةُ، العُمْرَةُ كالحَجِّ، فيما تقدَّم ذِكْرُه. الثَّالثةُ، لو أتَى بواجِبِ أحَدِهما، فله فِعْلُ نذْرِه ونفْلِه قبل إتْيانِه بالآخَرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا؛ لوُجوبِهما على الفَوْرِ. الرَّابعةُ، لو حَجَّ عن نذْرِه، أو عن نَفْلٍ، وعليه قَضاءُ حَجَّةٍ فاسِدَةٍ، وَقعَتْ عن القَضاءِ دُونَ ما نوَاه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه في «القاعدَةِ الحادِيَةَ عَشْرَةَ». الخامسةُ، النَّائبُ كالمَنُوبِ عنه فيما تقدَّم؛ فلو أحْرَمَ النَّائبُ بنَذْرٍ أو نَفْلٍ عن مَن عليه حَجَّةُ الإِسْلامِ، وقَع عنها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ولو اسْتَنابَ عنه، أو عن مَيِّتٍ، واحدًا في فرْضِه، وآخَرَ في نَذْرِه في سنَةٍ، جازَ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهو أفْضَلُ مِنَ التَّأْخيرِ؛ لوجُوبِه على الفَوْرِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، فيَلْزَمُه وُجوبُه إذَنْ، ولْيُحْرِمْ بحَجَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِسْلامِ قبلَ الآخَرِ، وأيُّهما أحْرَمَ أوَّلًا، فعن حَجَّةِ الإِسْلامِ، ثم الأُخْرَى عن النَّذْرِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، ولو لم يَنْوِه. وقال في «الفُصُولِ»: يَحْتَمِلُ الإِجْزاءُ؛ لأنَّه قد يُعْفَى عنِ التَّعْيِينِ في بابِ الحَجِّ، ويَنْعَقِدُ مُبْهَمًا، ثم يُعَيَّنُ. قال: وهو أشْبَهُ، ويَحْتَمِلُ عكْسُه؛ لاعْتِبارِ تعْييِنه، بخِلافِ حَجَّةِ الإِسْلامِ.

وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ أنْ يَسْتَنِيبَ فِى حَجِّ التَّطَوُّعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَجُوزُ لمَن يَقْدِرُ على الحَجِّ بنَفْسِه أنْ يَسْتَنِيبَ في حَجِّ التَّطَوُّعِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، والصَّرْصَرِيُّ في «نَظْمِه»؛ إحداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ في الأصحِّ. قال في «الخُلَاصَةِ»: ويجوزُ على الأصحِّ. وصحَّحَه في «التَّصْحِيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الكَافِى»، و «الوَجِيزِ»، و «الإفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه في «الهِدَايَةِ»، و «الهَادِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن». وصحَّحَه القاضى أبو الحُسَيْنِ، وصاحِبُ «التَّصْحِيحِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ، ولا يصِحُّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يجوزُ له أنْ يَسْتَنِيبَ إذا كان عاجِزًا عَجْزًا يُرْجَى معه زَوالُ عِلَّتِه، مِن غيرِ خِلافٍ. وهى طريقَةُ المُصَنِّفِ، وتابعَه الشارِحُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ القادِر بنَفْسِه، على الخِلافِ، كما تقدَّم. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». فوائد؛ منها، حُكْمُ المَحْبُوسِ حُكْمُ المرِيضِ المَرْجُوِّ بُرْؤْه. قالَه الزَّرْكَشِيُّ. ومنها، تصِحُّ الاسْتِنابَةُ عنِ المَعْضُوبِ والمَيِّتِ في النَّفْلِ، إذا كانَا قد حجَّا حَجَّةَ الإسْلامِ. ومنها، يُسْتَحَبُّ أنْ يَحُجَّ عن أبوَيْه. قال بعضُ الأصحاب: إنْ لمَ يَحُجَّا. وقال بعضُهم: يُسْتَحَبُّ أنْ يَحُجَّ عنهما وعن غيرِهما، ويُسْتَحَبُّ أنْ يُقَدِّمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُمَّ، ويُقدِّمَ واجِبَ أبِيه على نَفْلِ أُمِّه. نصَّ عليهما. وقد تقدَّم حُكْمُ طاعَةِ والِدَيْه في الحَجِّ الواجبِ والنَّفْلِ، عندَ قَوْلِه: وليسَ للزَّوْجِ مَنْعُ امرأتِه مِن حَجِّ الفَرْضِ. ومنها، في أحْكامِ النِّيابَةِ، فَنقولُ: مَن أُعْطِىَ مالًا ليَحُجَّ به عن شَخْصٍ بلا إجارَةٍ ولا جَعالَةٍ، جازَ. نصَّ عليه، كالغَزْوِ. وقال أحمدُ أيضًا: لا يُعْجِبُنى أنْ يأْخُذَ دَراهِمَ ويَحُجَّ عن غيرِه، إلَّا أنْ يتَبرَّعَ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه الإجارَةُ، أو أَحُجُّ حجَّةً بكذا. والنَّائبُ أمِينٌ، يرْكَبُ ويُنْفِقُ بالمعْرُوفِ منه، أو ممَّا اقْترَضَه أو اسْتَدانَه لعُذْرٍ على ربِّه، أو يُنْفِقُ مِن نفْسِه، ويَنْوِى رُجوعَه به، ولو ترَكَه وأنْفقَ مِن نفْسِه، فقال فى «الفُروعِ»: ظاهرُ كلامِ أصحابِنا، يَضْمَنُ، وفيه نظَرٌ. انتهى. قال الأصحابُ: ويَضْمَنُ ما زادَ على المعْروفِ، ويَرُدُّ ما فضَل إلَّا أنْ يُؤْذَنَ له فيه؛ لأنَّه لا يَمْلِكُه، بل أباحَه، فيُؤْخَذُ منه، لو أحْرَمَ، ثم ماتَ مُسْتَنِيبُه، أخذَه الورَثَةُ، وضمِنَ ما أنْفَقَ بعدَ مَوْتِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، لا؛ للُزومِ ما أُذِنَ فيه. قال في «الإِرْشَادِ» وغيرِه، في قوْلِه: حُجَّ عنِّي بهذا، فما فضَل فلكَ (¬1): ليس له أنْ يَشْتَرِىَ به تِجارَةً قبلَ حَجِّهِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، يجوزُ له صَرْفُ نَقْدٍ بآخَرَ لمَصْلَحَةٍ، وشِراءُ ماءٍ للطّهارَةِ به، وتَداوٍ، ودخُولُ حَمَّامٍ. وإنْ ماتَ، أو ضَلَّ، أو صُدَّ، أو مَرِضَ، أو تَلِفَ بلا تَفْريطٍ، أو أَعْوَزَ بعدَه، لم يَضْمَنْ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مِن كلامِهم، يُصَدَّقُ، إلَّا أنْ يدَّعِىَ أمْرًا ظاهِرًا، فَيُبَيَّنَه، وله نفَقَةُ رُجوعِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ مُطْلَقًا. وعنه، إنْ رجَع لمرَضٍ، رَدَّ ما أخَذ، كرُجوعِه لخَوْفِه مرَضًا. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فيه احْتِمالٌ. وإنْ سلَكَ طرِيقًا يُمْكِنُه سلُوكُ أقْرَبَ منه بلا ضَرَرٍ، ضَمِنَ ما زادَ. قال المُصَنِّفُ: أو تعَجَّلَ عَجَلَةً يُمْكِنُه ترْكُها. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ونقَل الأَثْرَمُ، يَضْمَنُ ما زادَ على ما أُمِرَ بسُلوكِه. ولو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لك» , وانظر: الفروع 3/ 252.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جاوَزَ المِيقاتَ مُحِلًّا، ثم رجَع ليُحْرِمَ، ضمِنَ نفَقَةَ تجَاوُزِه ورُجوعِه. وإنْ أقامَ بمَكَّةَ فوقَ مُدَّةِ قَصْرٍ بلا عُذْرٍ، فمِن مالِه، وله نفَقَةُ رُجوعِه، خِلافًا «للرِّعايَةِ الكُبْرَى»، إلَّا أنْ يتَّخِذَها دارًا ولو ساعةً واحدَةً، فلا. وهل الوِحْدَةُ عُذْرٌ أم لا؟ ظاهرُ كلامِ الأصحابِ مُخْتَلِفٌ. قال في «الفُروعِ»: والأَوْلَى أنَّه عُذْرٌ. ومَعْناه في «الرِّعايَةِ» وغيرِها، للنَّهْىِ. وذكَر المُصَنِّفُ، إنْ شرَط المُؤَجِّرُ على أجيرِه أنْ لا يتَأخَّرَ عنِ القافِلَةِ، أو لا يسيرَ في آخرِها، أو وَقْتَ القائلَةِ، أو ليْلًا، فخالفَ، ضَمِنَ. فدَلَّ أنَّه لا يضْمَنُ بلا شَرْطٍ، والمُرادُ مع الأمْنِ. قالَه في «الفُروعِ». ومتى وجَب القَضاءُ، فمِنْه عنِ المُسْتَنِيبِ، وَيرُدُّ ما أخَذ؛ لأنَّ الحَجَّةَ لم تقَعْ عن مُسْتَنِيبِه لجِنايَتِه. كذا مَعْنَى كلامِ المُصَنِّفِ. وكذا في «الرِّعايَةِ»، نفَقَةُ الفاسِدِ والقَضاءُ على النَّائبِ. ولعَلَّه ظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ». قالَه في «الفُروعِ»، وقال: وفيه نظَرٌ. فإنْ حَجَّ مِن قابِلٍ بمالِ نفْسِه، أجْزأَه. ومع عُذْرٍ، ذكَر المُصَنِّفُ إنْ فاتَ بلا تَفْرِيطٍ، احْتُسِبَ له بالنَّفَقَةِ. فإنْ قُلْنا: يجبُ القَضاءُ. فعليه؛ لدُخولِه في حَجٍّ ظَنَّه عليه، فلم يكُنْ، وَفاتَه. وذكرَ جماعةٌ، إنْ فاتَ بلا تَفْريطٍ، فلا قَضاءَ عليهما، إلا واجِبًا على مُسْتَنِيبٍ، فيُؤدَّى عنه بوُجوبٍ سابقٍ، والدِّماءُ عليه. والمَنْصُوصُ، ودمُ تَمَتُّعٍ وقِرانٍ، كنَهْيِه عنه، وعلى مُسْتَنِيبِه إنْ أذِنَ، كدَمِ إحْصارٍ. وأطْلَقَ في «المُسْتَوْعِبِ» في دَمِ إحْصارٍ وَجْهَيْن. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ أمرَ مرِيضٌ مَن يَرْمِى عنه، فنَسِىَ المأْمورُ، أساءَ، والدَّمُ على الآمِرِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ ما سبَق مِن نَفَقَةِ تَجاوُزِه ورُجوعِه، والدَّمَ مع عُذْرٍ، على مُسْتَنِيبِه، كما ذكَرُوه في النَّفقَةِ في فَواتِه بلا تَفْريطٍ، ولعَلَّه مُرادُهم. انتهى. وإنْ شرَط أحدُهما أنَّ الدَّمَ الواجِبَ عليه على غيرِه، لم يصِحَّ شرْطُه، كأَجْنَبِيٍّ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، إنْ شرَطَه على نائبٍ، لم يصِحَّ. اقْتَصَرَ عليه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»، فيُؤْخَذُ منه، يصِحُّ عكْسُه. وفى صِحَّةِ الاسْتِئْجارِ لحَجٍّ أو عُمْرَةٍ، رِوايَتا الإِجارَةِ على قُرْبَةٍ، يأْتِيَان في كلامِ المُصَنِّفِ في الإِجارَةِ. والمذهبُ عدَمُ الصِّحَّةِ، ولا يَلْزَمُ مِنِ اسْتِنابَةٍ إجارَةٌ؛ بدَليلِ اسْتِنابَةِ قاضٍ، وفى عمَلٍ مَجْهُولٍ، ومُحْدِثٍ في صَلاةٍ. قال في «الفُروعِ»: كذا قالوا. واخْتارَ ابنُ شَاقْلَا، يصِحُّ. وذكرَ في «الوَسِيلَةِ» الصِّحَّةَ عنه وعن الخِرَقِىِّ. فعلى هذا، تُعْتَبرُ شُروطُ الإِجارَةِ. وإنِ اسْتَأْجرَ عيْنَه لم يَسْتَنِبْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. وقال في «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ كتَوْكيلٍ، وأنْ يَسْتَنِيبَ لعُذْرٍ. وإنْ ألزمَ ذِمَّتَه بتَحْصِيلِ حَجَّةٍ له، اسْتَنابَ، فإنْ قال: بنَفْسِكَ. قال في «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ في بُطْلانِ الإِجارَةِ ترَدُّدٌ، فإنْ صحَّتْ لم يَجُزْ أن يَسْتَنِيبَ. انتهى. [ولا يَسْتَنِيبُ في إجارَةِ العَيْنِ، ويجوزُ في إجارَةِ الذِّمَّةِ، فإنْ قال: بنَفْسِكَ. لم يَجُزْ في وَجْهٍ، وفى آخَرَ، تَبْطُلُ الإِجارَةُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»] (¬1). قال الآجُرِّيُّ: وإنِ اسْتَأْجرَه؛ فقال: يحُجُّ عنه من بلَدِ كذا. لم يَجُزْ حتى يقولَ: يُحْرِمُ عنه مِن مِيقاتِ كذا. وإلَّا فَمجْهُولَةٌ. فإذا وَقَّتَ مَكانًا يُحْرِمُ منه، فأَحْرَمَ قبلَه فماتَ، فلا أُجْرَةَ، والأُجْرَةُ مِن إحْرامِه ممَّا عَيَّنَه إلى فَراغِه. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، لا جَهالَة، ويُحْمَلُ على عادَةِ ذلك البَلَدِ غالِبًا، ومَعْناه كلامُ أصحابِنا ومُرادُهم. قال: ويتَوجَّهُ، إنْ لم يكُنْ للبَلَدِ إلَّا مِيقَاتٌ واحدٌ، جازَ. فعلى قوْلِه، يقَعُ الحَجُّ عنِ المُسْتَنِيبِ، وعليه أُجْرَةُ مِثْلِه. ويُعْتَبرُ تَعْيِينُ النُّسُكِ وانْفِساخُها بتَأْخيرِ يأْتِى في الإِجارَةِ، فإنْ قَدِمَ فيَتَوجَّهُ جَوازُه لمَصْلحَةٍ، وعدَمُه لعدَمِها، وإلَّا فاحْتِمالَان، أظْهَرُهما، يجوزُ. قالَه في «الفُروعِ». ومَعْنَى كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، يجوزُ، وأنَّه زادَ خيْرًا. ويَمْلِكُ ما يأخُذه ويتَصرَّفُ فيه، ويَلْزَمُه الحَجُّ، ولو أُحْصِرَ، أو ضَلَّ، أو تَلِفَ ما أخَذَه، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فرَّطَ أو لا، ولا يُحْتَسَبُ له بشئٍ. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، لا يَضْمَنُ بلا تَفْريطٍ والدِّماءُ عليه، وإنْ أفْسَدَه كفَّرَ، ومَضَى فيه وقَضاه، وتَجِبُ أُجْرَةُ مُسافِرٍ قبلَ إحْرامِه. جزَم به جماعَةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيلَ: لا. وأطْلَقَ بعضُهم وَجْهَيْن. وعلى الأوَّلِ قِسْطُ ما سارَه، لا أُجْرَةُ المِثْلِ، خِلافًا لصاحِبِ «الرِّعايَةِ»، وإنْ ماتَ بعدَ رُكْنٍ، لَزِمَه أُجْرَةُ الباقِى. ومَن ضمِنَ الحَجَّةَ بأُجْرَةٍ أو جُعْلٍ، فلا شئَ له، ويَضْمَنُ ما تَلِفَ بلا تَفْريطٍ، كما سبَق. وقال الآجُرَّيُّ: وإنِ اسْتُؤْجِرَ مِن مِيقاتٍ، فَماتَ قبلَه، فلا، وإنْ أحْرَمَ منه، ثم ماتَ، احْتُسِبَ منه إلى مَوْتِه. ومَنِ اسْتُؤْجِرَ عن مَيِّتٍ، فهل تصِحُّ الإِقالَةُ أم لا؛ لأنَّ الحَقَّ للمَيِّتِ؟ يتَوَجَّهُ احْتِمالان. قالَه في «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى الجَوازُ؛ لأنَّه قائمٌ مَقامَه، فهو كالشَّرِيكِ، والمُضارِبِ. والصَّحيحُ، جَوازُ الإقالَةِ منهما، على ما يأْتِى في الشَّركَةِ. وعلى الثَّانِى، يُعايَى بها. ومَن أُمِرَ بحَجٍّ، فاعْتَمَرَ لنَفْسِه، ثم حَجَّ عن غيرِه، فقال القاضى وغيرُه: يَرُدُّ كلَّ النَّفقَةِ؛ لأنَّه لم يُؤْمَرْ به. وجزَم به في «الحاوِى الكَبِيرِ». ونصَّ أحمدُ - واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه - إنْ أحْرَمَ به مِن مِيقَاتٍ، فلا، ومِن مكَّةَ، يَرُدُّ مِنَ النَّفقَةِ ما بينَهما. ومَن أُمِرَ بإفْرادٍ فقَرَنَ، لم يَضْمَنْ، كتَمَتُّعِه. وفى «الرِّعايَةِ»، وقيلَ: هَدَرَ (¬1). قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ومَن أُمِرَ بتَمَتُّعٍ فقَرَنَ، لم يَضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. وقال القاضى وغيرُه: يَرُدُّ نِصْفَ النَّفقَةِ؛ لفوَاتِ فَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ. وعُمْرَةٌ مُفْردَةٌ كإفْرادِه ولو اعْتَمرَ؛ لأنَّه أحَلَّ فيها مِنَ المِيقاتِ. ومَنْ أُمِرَ بقرانٍ فتَمَتَّعَ أو أفْرَدَ، فلِلْآمِرِ، ويَرُدُّ نَفَقَةَ قَدْرِ ما يَتْرُكُه مِن إحْرامِ النُّسُكِ المَتْروكِ مِنَ المِيقاتِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «الفُصُولِ» وغيرِها: يَرُدُّ نِصْف النَّفَقةِ، وإنَّ مَن تمَتَّعَ لا يَضْمَنُ؛ لأنَّه ¬

(¬1) في ا: «يعذر»، وانظر: الفروع 3/ 259.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زادَه خَيْرًا. وإنِ اسْتَنابَ شخْصًا في حَجَّةٍ، واسْتَنابَه آخَرُ في عُمْرَةٍ، فَقَرَنَ، ولم يَأْذَنا له، صَحَّا له، وضَمِنَ الجميعَ، كمَن أُمِرَ بحَجٍّ فاعْتَمَرَ أو عكْسُه. ذكَرَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ وغيرُه، يقَعُ عنهما، ويَرُدُّ نِصْفَ نفَقَةِ مَن لم يأْذَنْ؛ لأنَّ المُخالفَةَ في صِفَتِه. قال في «الفُروعِ»: وفى القَوْلَيْن نظَرٌ؛ لأنَّ المسْأَلَةَ تُشْبِهُ مَن أُمِرَ بالتَّمَتُّعِ فقَرَنَ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ منهما، لا ضَمانَ هنا، وهو مُتَّجَهٌ إنْ عدَّدَ أفْعالَ النُّسُكَيْن، وإلَّا فاحْتِمالان. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الصِّحَّةِ عن واحدٍ منهما، وضَمانُ الجميعِ. وإنْ أُمِرَ بحَجٍّ أو عُمْرَةٍ، فقَرَنَ لنَفْسِه، فالخِلافُ. وإنْ فَرَغَه ثم حجَّ أو اعْتَمَرَ لنَفْسِه، صحَّ، ولم يَضْمَنْ، وعليه نفَقَةُ نفْسِه مُدَّةَ مُقامِه لنَفْسِه. وإنْ أُمِرَ بإحْرامٍ مِن مِيقَاتٍ، فأَحْرَمَ قبلَه، أو مِن غيرِه، أو مِن بَلَدِه، فأَحْرَمَ مِن مِيقاتٍ، أو في عامٍ، أو في شَهْرٍ، فخالَفَ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: أساءَ لمُخالَفَتِه. وذكَر المُصَنِّفُ، يجوزُ؛ لإِذْنِه فيه بالجُمْلَةِ. وقال في «الانْتِصَارِ»: لو نوَاه بخِلافِ ما أمَرَه به، وجَب رَدُّ ما أخذَه. ويأْتِى في أوَاخرِ بابِ الإِحْرامِ، في كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، بعضُ أحْكامِ مَن حَجَّ عن غيرِه.

باب المواقيت

بَابُ الْمَوَاقِيتِ وَمِيقَاتُ أهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، وَأهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ، وَأَهْلِ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المَوَاقِيتِ فوائد؛ الأُولَى، قوله: ومِيقَاتُ أهْلِ المدِينَةِ مِنْ ذِى الحُلَيْفَةِ، وأهْلِ الشَّامِ ومِصْرَ والمغْرِبِ الجُحْفَةُ، وأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمُ، وأهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ، وأهْلِ المشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ. اعلمْ أنَّ بين ذِى الحُلَيْفَةِ وبين مَكَّةَ عَشَرَة أيَّامٍ أو تِسْعَةً. وهو أبعَدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَواقِيتِ. وقيل: أكْثْرُ مِن سَبْعِين فَرْسَخًا. وقيل: مِائَتا مِيلٍ إلَّا مِيلَيْن، وبينَها وبينَ المَدِينَةِ مِيلٌ. قالَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال الزَّرْكَشِيُّ: سِتَّةُ أمْيالٍ أو سَبْعَةٌ، وبينهما تَبايُنٌ كبيرٌ. والصَّوابُ، أنَّ بينَهما سِتَّةَ أمْيالٍ، ورأَيْتُ مَن وَهَّمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلَ مَن قال: إنَّ بينَهما مِيلًا. ويَلِيه في البُعْدِ، الجُحْفَةُ. وهى على ثَلاثِ مَراحِلَ مِن مَكَّةَ. وقيل: خَمْسِ مَراحِلَ أو سِتَّةٍ. ووَهِمَ مَن قال: ثَلاثٌ. والثَّلاَثةُ الباقِيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَها وبين مَكَّةَ ليْلَتان. وقيل: أقْرَبُها ذاتُ عِرْقٍ. حكَاه في «الرِّعايَةِ». وقال الزَّرْكَشِىُّ: قَرْنٌ عن مَكَّةَ يوْمٌ وليْلَةٌ، ويَلَمْلَمُ ليْلَتان. ورأَيْتُ في «شَرْحِ الحافِظِ ابنِ حَجَرٍ» (¬1)، أنَّ بينَ يَلَمْلَمَ وبينَ مَكَّةَ مَرْحَلتَيْن، ثَلاثُون مِيلًا، وبينَ ذاتِ عِرْقٍ وبينَ مَكَّةَ مَرْحلَتان، والمَسافَةُ اثْنان وأرْبَعُون مِيلًا. فَقَرْنٌ لأهْلِ نَجْدٍ، وهى نَجْدُ اليَمَنِ، ونَجْدُ الحِجَازِ والطَّائفِ. وذاتُ عِرْقٍ للمَشْرِقِ والعِراقِ وخُرَاسَانَ. الثَّانيةُ، هذه المَواقِيتُ كلُّها ثبَتَتْ بالنَّصِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأوْمَأَ أحمدُ أنَّ ذاتَ عِرْقٍ باجْتِهادِ عمرَ. قال في «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ، أنَّه ¬

(¬1) انظر: فتح البارى 3/ 386، 389.

وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خَفِىَ النَّصُّ فوَافقَه، فإنَّه مُوَفَّقٌ للصَّوابِ. قاله المُصَنِّفُ. ويجوزُ أنْ يكونَ عمرُ ومَن سأَلَه لم يعْلَمُوا بتَوْقيتِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ذاتَ عِرْقٍ، فقال ذلك برَأْيِه، فأَصابَ. فقد كان مُوَفَّقًا للصَّوابِ. انتهى. قلتُ: يتَعيَّنُ ذلك؛ إِذْ مِنَ المُحالِ أنْ يعْلَمَ أحَدٌ مِن هؤلاءِ بالسُّنَّةِ، ثم يسْأَلُونَه أنْ يُوَقِّتَ لهم. الثَّالثةُ، الأَوْلَى أنْ يُحْرِمَ مِن أوَّلِ جُزْءٍ مِنَ المِيقاتِ، فإنْ أحْرَمَ مِن آخِرِه، جازَ. ذكَرَه في «التَّلْخِيصِ» وغيرِه. قوله: وهذه المَواقيتُ لأهْلِها، ولِمَن مَرَّ عليها مِن غيرِهم. وهذا المذهَبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. فلو مَرَّ أهْلُ الشَّامِ أو غيرُهم على ذِى الحُلَيْفَةِ، أو مَرَّ غيرُ أهْلِ ميقاتٍ على غيرِه، لم يكُنْ لهم مُجاوزَتُه إلَّا مُحْرِمين. نصَّ عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، فَمِيقَاتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ تأْخِيرُه إلى الجُحْفَةِ إذا كان مِن أهْلِ الشَّامِ. وجعَلَه في «الفُروعِ» توْجيهًا مِن عندِه، وقوَّاه ومالَ اليه، وهو مذهبُ عطاءٍ وأبي ثَوْرٍ ومالكٍ. قوله: ومَن مَنْزِلُه دونَ الميقاتِ، فَمِيقاتُه مِن مَوْضِعِه. بلا نِزاعٍ، لكنْ لو كان

وَأَهْلُ مَكَّةَ إِذَا أَرَادُوا الْعُمْرَةَ، فَمِنَ الْحِلِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ له مَنْزِلان، جازَ أنْ يُحْرِمَ مِن أقْرَبِهما إلى البَيْتِ، والصَّحيحُ مِنَ المذهَبِ، أنَّ الإِحْرامَ مِنَ البَعيدِ أوْلَى. وقيلَ: هما سَواءٌ. قوله: وأهْلُ مَكَّةَ إذا أرَادُوا العُمْرَةَ، فَمِنَ الحِلِّ. سَواءٌ كان مِن أهْلِها، أو مِن

وَإِذَا أَرَادُوا الْحَجَّ، فَمِنْ مَكَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِهم، وسَواءٌ كان في مَكَّةَ أو في الحَرَمِ، هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهَبِ، وكلَّما تباعَدَ كان أفْضلَ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى، أنَّ مَن كان بمَكَّةَ مِن غيرِ أهْلِها، إذا أرادَ عُمْرَةً واجِبَةً، فمِنَ المِيقاتِ، فلو أحْرَمَ مِن دُونِه، لَزِمَه دَمٌ، وإنْ أرادَ نَفْلًا، فمِن أدْنَى الحِلِّ. وعنه، مَنِ اعْتمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ - أطْلقَه ابنُ عَقِيلٍ، وزادَ غيرُ واحدٍ فيها، مِن أهْلِ مَكَّةَ - أهَلَّ بالحَجِّ مِنَ المِيقاتِ، وإلَّا لَزِمَه دَمٌ. قال في «الفُروعِ»: وهى ضَعيفَةٌ عندَ الأصحابِ، وأوَّلَها بعضُهم بسُقوطِ دَمِ المُتْعَةِ عن الآفَاقِيِّ بخُروجِه إلى المِيقَاتِ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في صِفَةِ العُمْرَةِ، أنَّ العُمْرَةَ مِنَ التَّنْعيمِ أفْضَلُ، وبعدَها إذا أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ بها، وفِعْلُ العُمْرَةِ في كلِّ سَنةٍ وتَكْرَارُها. قوله: وإذا أرَادُوا الحَجَّ، فَمِن مَكَّةَ. هذا المذهبُ، سَواءٌ كان مَكِّيًّا أو غيرَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان فيها. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه لا تَرْجيحَ. يعْنِى، أنَّ إحْرامَه مِنَ المَسْجِدِ وغيرِه سَواءٌ في الفَضِيلَةِ. ونقَل حَرْبٌ، يُحْرِمُ مِنَ المَسْجِدِ. قال في «الفُروعِ»: ولم أجِدْ عنه خِلافَه. ولم يَذْكُرْه الأصحابُ إلَّا في «الإِيضَاحِ»؛ فإنَّه قال: يُحْرِمُ به مِنَ المِيزَابِ. قلتُ: وكذا قال في «المُبْهِجِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ لهم الإحْرامُ مِنَ الحَرَمِ والحِلِّ، ولا دَمَ عليهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الأثْرَمُ، وابنُ مَنْصُورٍ. ونَصَرَه القاضى وأصحابُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، إذا فعلَ ذلك، فعليه دَمٌ. وعنه، إنْ أحْرَمَ مِنَ الحِلِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعليه دَمٌ لإحْرامِه دُونَ المِيقَاتِ، بخِلافِ مَنْ أحْرَمَ مِنَ الحرَمِ. صحَّحَه في «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»، والنَّاظِمُ. وجزَم به المُصَنِّفُ، وقال: إنْ مَرَّ في الحَرَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ مُضِيَّه إلى عرَفةَ، فلا دَمَ عليه. وأطْلَقَ الأُولَى والثَّالِثَةَ في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وعنه، في مَنِ اعْتمَرَ في أشْهُرِ الحَجِّ مِن أهْلِ مَكَّةَ، يُهِلُّ بالحَجِّ مِنَ المِيقاتِ، فإنْ لم يَفْعَلْ، فعليه دَمٌ. وعن أحمدَ، المُحْرِمُ مِنَ المِيقاتِ عن غيرِه، إذا قَضَى نُسُكَه، ثم أرادَ أنْ يُحْرِمَ عن نفْسِه، واجبًا أو نَفْلًا، أو أحْرَمَ عن نَفْسِه، ثم أرادَ أنْ يُحْرِمَ عن غيرِه، أو عن إنْسانٍ، ثم عن آخَرَ، يُحْرِمُ مِنَ المِيقاتِ، وإلاَّ لَزِمَه دَمٌ. اخْتارَه القاضى وجماعةٌ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: لا خِلافَ فيه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال.

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ، فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إِلَيْهِ، أَحْرَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المَشْهورُ، خِلافَ ما جزَم به القاضى وغيرُه، ورَدُّوه (¬1). وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ والإِمامِ أحمدَ، لكنَّ بعضَهم تَأَوَّلَه. ويأْتِي بعضُ ذلك في بابِ صِفَةِ الحَجِّ. قوله: ومَن لم يكُنْ طَرِيقُه على مِيقَاتٍ، فإذا حَاذى أقْرَبَ المَواقِيتِ إليه، أحْرَمَ. ¬

(¬1) في ا: «وروى».

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّة تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغيْرِ إِحْرَامٍ، إِلَّا لِقِتَالٍ مُبَاحٍ، أَوْ حَاجَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ؛ كَالْحَطَّابِ وَنَحْوِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يُسْتَحَبُّ الاحتِياطُ، فإنْ تَساوَيا في القُرْبِ إليه، فمِن أبعَدِهما عن مَكَّةَ. وأطْلَقَ الآجُرِّىُّ، أنَّ مِيقَاتَ مَن عرَّج عنِ المَواقِيتِ، إذا حَاذَاها. فائدة: قال في «الرِّعايَةِ»: ومَن لم يُحاذِ مِيقَاتًا، أحْرَمَ عن مَكَّةَ بقَدْرِ مَرْحلَتَيْن. قال في «الفُروعِ»: وهذا مُتَّجَهٌ. قوله: ولا يجَوزُ لمَن أرادَ دُخولَ مَكَّةَ تجَاوُزُ المِيقَاتِ بغيرِ إحْرَامٍ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. سَواءٌ أرادَ نُسُكًا أو مَكَّةَ. وكذا لو أرادَ الحَرَمَ فقط. وعليه

ثُمَّ إِنْ بَدَا لَهُ النُّسُكُ، أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ تَجاوُزُه مُطْلَقًا مِن غيرِ إحْرامٍ، إلَّا أنْ يُريدَ نُسُكًا. ذكَرَها القاضى وجماعَةٌ، وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ»: وهى أظْهَرُ؛ للخَبَرِ. واخْتارَه في «الفَائقِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وظاهِرُ النَّصِّ. تنبيه: قوله: ولا يجوزُ لمَن أرَادَ دُخولَ مكَّةَ. مُرادُه، إذا كان مُسْلِمًا مُكَلَّفًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُرًّا، فلو تَجاوَزَ المِيقاتَ كافِرٌ، أو صَبِيٌّ، أو عَبْدٌ، ثم لَزِمَهم؛ بأنْ أسْلَمَ، أو بلَغ، أو عتَق، أحْرَمُوا مِن مَوْضِعِهم مِن غيرِ دَمٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَصَّ عليه، واخْتارَه جماعَةٌ، منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القَواعِدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُوليَّةِ»: والمذهبُ، لا دَمَ على الكافِرِ عندَ أبى محمدٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه في الكافِرِ يُسْلِمُ، يُحْرِمُ مِنَ المِيقاتِ. اختارَه أبو بكرٍ، ونَصَرَه القاضى وأصحابُه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه حُرٌّ بالِغٌ عاقِلٌ، كالمُسْلِمِ، وهو مُتَمَكِّنٌ مِنَ المانِعِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويتَخرَّجُ في الصَّبِيِّ والعَبْدِ كذلك. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى»، و «الفائقِ»، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايَةِ: وهما مِثْلُه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وغيرُه مِثْلُه وأوْلَى. انتهى. قلت: لو قِيل بالدَّمِ عليهما دُونَ الكافرِ والمَجْنونِ، لَكان له وَجْهٌ؛ لصِحَّتِه منهما مِنَ المِيقاتِ، بخِلافِ الكافرِ والمَجْنونِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنَع الزَّرْكَشِىُّ مِنَ التَّخْرِيجِ، وقال: الرِّوايَةُ التى في الكافرِ مَبْنيَّةٌ على أنَّه مُخاطَبٌ بفُروعِ الإِسْلامِ. انتهى. وقال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وبَنَى بعضُهم الخِلافَ في الكافرِ على أنَّه مُخاطَبٌ بفُروعِ الإِسْلامِ. وعنه، يَلْزَمُ الجميعَ دَمٌ إذا لم يُحْرِمُوا مِنَ المِيقاتِ. وأمَّا المَجْنونُ، إذا أفاقَ بعدَ مُجاوزَةِ المِيقاتِ، فإنَّه يُحْرِمُ مِن مَوْضِعِ إفاقَتِه، ولا دمَ عليه. فائدة: لو تَجاوَزَ الحُرُّ المُسْلِمُ المُكَلَّفُ المِيقاتَ بلا إحْرامٍ، لم يَلْزَمْه قَضاءُ الإِحْرامِ. ذكَرَه القاضى في «المُجَرَّدِ». وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: لم يَلْزَمْه قَضاءُ الإِحْرام الواجبِ في الأصحِّ. وذكَر القاضى أيضًا وأصحابُه، يقْضِيه، وأنَّ أحمدَ أوْمَأَ إليه، كنَذْرِ الإِحْرامِ. قوله: إلَّا لقِتَالٍ مُبَاحٍ، أو حاجَةٍ مُتَكَرَّرَةٍ، كالحَطَّابِ. والفَيْجِ، ونَقْلِ المِيرَةِ، والصَّيْدِ، والاحْتِشاشِ، ونحوِ ذلك. وكذا ترَدُّدُ المَكِّىِّ إلى قرْيَتِه

وَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ رَجَعَ مُحْرِمًا إِلَى الْمِيقَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحِلِّ. ويأْتِى في آخِرِ كتابِ الحُدُودِ، هل يجوزُ القِتالُ بمَكَّةَ؟ قوله: ثم إنْ بَدَا له النُّسُكُ، أحْرَمَ مِن مَوْضِعِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَلْزَمُه أنْ يرْجِعَ فيُحْرِمَ مِنَ المِيقاتِ، ولا دَم عليه. وذكَرَها في «الرَّعايَةِ» قوْلًا. قوله: ومَن جَاوَزَه مُرِيدًا للنُّسُكِ، رجَع فأحْرَمَ منه. يعْنِى، يَلْزَمُه الرُّجوعُ. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ، لكنَّ ذلك مُقَيَّدٌ بما إذا لم يخَفْ فَوْتَ الحَجِّ أو غيره. بلا نِزاعٍ. قال في «الفُروعِ»: وأطْلَقَ في «الرِّعايَةِ» في وُجوبِ الرُّجوعِ وَجْهَين، وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّهما بعدَ إحْرامِه، وكلٌّ منهما ضعِيفٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قلتُ: قال في «الرِّعايَةِ»: وفى وُجوبِ رُجوعِه مُحِلًّا ليُحْرِمَ منه مع أمْنِ عَدُوٍّ، وفَوْتِ وَقْتِ (¬1) الحَجِّ، وجَهْان. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يَلْزَمُه الرُّجوعُ إلى المِيقَاتِ بعدَ إحْرامِه بحالٍ. ذكرَه القاضى. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه إنْ لم يخفْ عَدُوًّا ولا فواتًا، لَزِمَه الرُّجوعُ والإِحْرامُ مِنَ المِيقاتِ. انتهى. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو رجَع، فأَحْرَمَ مِنَ المِيقاتِ قبلَ إحْرامِه، أنَّه لا شئَ عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به كثيرٌ منهم. وحُكِىَ وَجْهٌ، عليه دَمٌ. قوله: فإنْ أحْرَمَ مِن مَوْضِعِه، فعليه دَمٌ، وإنْ رجَع إلى الميقاتِ. هذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهما. وعنه، يسْقُطُ الدَّمُ إنْ رجَع إلى المِيقَاتِ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ». فائدتان؛ إحداهما، الجاهِلُ والنَّاسِى، كالعالمِ العامِدِ، بلا نِزاعٍ. والمُكْرَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُطِيعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقال في «الفُروعِ»: وقاله بعضُ أصحابِنا في المُكْرَهِ. وقال: ويتَوَجَّهُ أنْ لا دمَ على مُكْرَهٍ، أو أنَّه كإتْلافٍ. وقال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمُ المُكْرَهَ دَمٌ. الثَّانيةُ، لو أفْسَدَ نُسُكَه هذا، لم يسْقُطْ دمُ المُجاوَزَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وعليه الأصحابُ. ونقلَ مُهَنَّا، يسْقُطُ بقَضائِه. وأطْلقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ، وَلَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ [62 ظ] مُحْرِمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: والاخْتِيارُ أنْ لا يُحْرِمَ قبلَ مِيقَاتِه. أنَّه يجوزُ الإحْرامُ قبلَ المِيقاتِ، لكِنَّه فعَل غيرَ الاخْتِيارِ، فيكونُ مَكْرُوهًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّم في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، الجَوازَ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِ كراهةٍ، وأنَّ المُسْتَحَبَّ، مِنَ المِيقاتِ. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، فيكونُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُباحًا. ونَقَل صالِحٌ، إنْ قَوِىَ على ذلك فلا بَأْسَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُحْرِمُ بالحَجِّ قبلَ أشْهُرِه. يعْنِى، أنَّ هذا هو الاخْتِيارُ، فإنْ فعَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مُحْرِمٌ، لكنْ يُكْرَهُ ويصِحُّ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهَبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. نَقل أبو طالِبٍ وسِنْدِيٌّ, يَلْزَمُه الحَجُّ، إلَّا أنْ يُريدَ فَسْخَه بعُمْرَةٍ، فله ذلك. قال القاضى: بِناءً على أصْلِه في فَسْخِ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ. وعنه، ينْعَقِدُ عُمْرَةً. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، وابنُ حامِدٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّها أظْهَرُ. وقال: وقد يَنْبَنى الخِلافُ على الخِلافِ في الإِحْرامِ؛ فإنْ قُلْنا: شَرْطٌ. صحَّ كالوُضُوءِ. وإنْ قُلْنا: رُكْنٌ. لم يصِحَّ. وقد يُقالُ على القوْلِ بالشَّرْطِيَّةِ: لا يصِحُّ أيضًا. انتهى. ونقَل عَبْدُ اللهِ، يجْعَلُه عُمْرَةً. ذكَره القاضى مُوافِقًا للأوَّلِ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه أرادَ، إنْ صرَفَه إلى عُمْرَةٍ، أجْزَأَ عنها، وإلَّا تحَلَّلَ بعَمَلِها ولا يُجْزِئُ عنها،

وَأَشْهُرُ الْحَجِّ؛ شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقولُ: يتَحَلَّلُ بعَمَلِها، ولا يُجْزِئُ عنها. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، يُكْرَهُ. قال القاضى: أرادَ كراهَةَ تَنْزِيهٍ. وذكَر ابنُ شِهَابٍ العُكْبَرِىُّ رِوايَةً، لا يجوزُ. قوله: وأشْهُرُ الحَجِّ؛ شَوَّالٌ، وذُو القَعْدةِ، وعَشْرٌ مِن ذِى الحِجَّةِ. فيكونُ يومُ النَّحْرِ مِن أشْهُرِ الحَجِّ، وهو يَوْمُ الحَجِّ الأكْبرِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، آخِرُه ليْلَةُ النَّحْرِ. واخْتارَ ابنُ هُبَيْرَةَ، أنَّ أشْهُرَ الحَجِّ؛ شَوَّالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ كامِلًا. وهو مذهَبُ مالِكٍ. فائدة: الصَّحيحُ، أنَّ فائدةَ الخِلافِ تعَلُّقُ الحِنْثِ به. وقالَه القاضى. وهو مذهبُ الحَنَفِيَّةِ. وجزَم به في «الفُروعِ». وقال: يتَوجَّهُ أنَّه جَوازُ الإِحْرامِ فيها، على خِلافٍ سبَق. وهو مذهَبُ الشَّافِعِىِّ. وعندَ مالِكٍ، فائدةُ الخِلافِ تعَلُّقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّمِ بتَأْخيرِ طَوافِ الزِّيارَةِ عنها. وقال المُتَوَلِّى (¬1)، مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لا فائدةَ فيه ¬

(¬1) هو عبد الرحمن بن مأمون بن علي النيسابورى المتولى، أبو سعد، الإمام العلامة شيخ الشافعية، له كتاب «التتمة»، وكتاب كبير في الخلاف. توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 585، 586.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا في كراهَةِ العُمْرَةِ عندَ مالِكٍ فيها. ونقَل فى «الفَائقِ» عن ابنِ الجَوْزِيِّ، أنَّه قال: فائدةُ الخِلافِ خُروجُ وَقْتِ الفَضِيلَة بتَأْخيرِ طَوافِ الزِّيارةِ عنِ اليومِ العاشِرِ، ولُزومُ الدَّمِ في إحْدَى الرِّوايتَيْن. وتأْتِى أحْكامُ العُمْرَةِ في صِفَةِ العُمْرَةِ.

باب الإحرام

بَابُ الْإِحْرَامِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَيَتَنَظَّفَ، وَيَتَطَيَّبَ، وَيَلْبَسَ ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ؛ إِزَارًا وَرِدَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الإِحْرامِ فائدتان؛ إحداهما، الإِحْرامُ؛ هو نِيَّةُ النُّسُكِ. وهى كافِيَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وذكَر أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصَارِ» رِوايَةً، أنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ كافِيَةٌ مع التَّلْبِيَةِ، أو سَوْقِ الهَدْىِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. الثَّانيةُ، لو أحْرَمَ حالَ وَطْئِه، انْعقَدَ إحْرامُه. صرَّح به المَجْدُ، [وقطَع به ابنُ عقيلٍ] (¬1). وقال بعضُ الأصحابِ، في البَيْعِ الفاسِدِ: لا يجِبُ المُضِيُّ فيه. فدَلَّ على أنَّه لا ينْعَقِدُ، فيكونُ باطِلًا. ذكرَه في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ». وتقدَّم في أوَّل كتابِ المنَاسِكِ، هل يَبْطُلُ الإِحْرامُ بالإِغْماءِ والجُنونِ؟. تنبيه: شمِلَ قولُه: يُسْتَحَبُّ لمن أرادَ الإِحْرامَ أنْ يَغْتَسِلَ. الحائضَ والنُّفَساءَ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَتَجَرَّدَ عَنِ الْمَخِيطِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ، بلا نِزاعٍ. وتقدَّم ذلك. فائدة: إذا لم يَجِدْ ماءً، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونقَله صالِحٌ، أنَّه يَتَيَمَّمُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»، في بابِ الغُسْلِ: ويَتَيَمَّمُ في الأصحِّ لحاجَةٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: تَيمَّم في الأَشْهَرِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الإفادَاتِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ». واخْتارَه الفاضى وغيرُه. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ له التَّيَمُّمُ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفَائقِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «التَّلْخِيصِ»، و «الحاوَيَيْن»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قوله: ويَتَطَّيَّبُ. يعْنِى، في بدَنِه، وسَواءٌ كان له جُرْمٌ أوْ لا. فأمَّا تَطْيِيبُ ثَوْبِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُكْرَهُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّىُّ: يحْرُمُ. وقيل: تَطْيِيبُ ثَوْبِه كتَطْيِيبِ بدَنِه. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: قد شَمِلَه كلامُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. ويأْتِى، هل له اسْتِدامَةُ ذلك؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهل تجِبُ الفِدْيَةُ به؟ في آخِرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: وليس له لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قوله: ويَلْبَسُ ثَوْبَيْن أبْيَضَيْن نَظيفَيْن؛ إزَارًا ورِدَاءً. فالرِّداءُ يضَعُه على كَتِفَيْه، والإِزَارُ في وَسَطِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر الحَلْوَانِىُّ في «التَّبصِرَةِ»، إخْراجُ كَتِفِه الأيْمَنِ مِنَ الرِّداءِ أوْلَى. الثَّانيةُ، يجوزُ إحْرامُه في

وَيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، وَيُحْرِمَ عَقِيبَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَوْبٍ واحدٍ. قال في «التَّبْصِرَةِ»: بعضُه على عاتِقِه. قوله: ويُصَلِّى رَكْعَتَيْن، ويُحْرِمُ عَقِيبَهما. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يُحْرِمَ عَقيبَ صلاةٍ؛ إمَّا مَكْتُوبَةٍ أو نَفْلٍ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ أنْ يُحْرِمَ عَقِيبَ مكْتُوبَةٍ فقط، وإذا رَكِبَ وإذا سارَ سواءٌ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يُحْرِمَ عَقِيبَ فَرْضٍ إنْ كان وَقْتَه، وإلَّا فليس للإِحْرامِ صلاةٌ تخُصُّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُصَلِّى الرَّكْعتَيْن في وَقْتِ نَهْىٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فيه الخلافُ الذى في صَلاةِ الاسْتِسْقاءِ في وَقْتِ النَّهْىِ، وقد مَرَّ، ولا يُصَلِّيهما أيضًا مَن عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ.

وَيَنوِى الْإِحْرَامَ بِنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ الأوَّلُ، قوله: ويَنْوِى الإحْرامَ بِنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، ولا يَنْعَقِدُ إلَّا بالنِّيَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن مُنَجَّى: إنْ قيل: الإِحْرامُ ما هو؟ فإنْ قيلَ: النِّيَّةُ. قيلَ: فكيفَ ينْوِى

وَيَشْتَرِطُ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّى أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِى، فَيَسِّرْهُ لِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّيَّةَ، ونِيَّةُ النِّيَّةِ لا تجِبُ؛ لِمَا فيه مِنَ التَّسَلْسُلِ؟ وإنْ قيلَ: التَّجَرُّدُ. فالتَّجَرُّدُ ليس رُكْنًا في الحَجِّ، ولا شَرْطًا وِفاقًا، والإِحْرامُ، قيلَ: إنَّه أحدُهما. فالجَوابُ، أنَّ الإِحْرامَ النِّيَّةُ، والتَّجَرُّدَ هيْئَةٌ لها. والنِّيَّةُ لا تجِبُ لها النِّيَّةُ. وقوْلُ المُصَنِّفِ هنا: ويَنْوِى الِإحْرامَ بنُسُكٍ مُعَيَّن. مَعْناه، يَنْوِى بنِيَّيِه نُسُكًا مُعَيَّنًا. والأشْبَهُ، أنَّه شرْطٌ، كما ذهَب إليه بعضُ أصحابِنا؛ كنِيَّةِ الوُضوءِ. انتهى. الثَّانِى، ظاهرُ قوْلِه: ويَشْتَرِطُ -أى يُسْتَحَبُّ- فيقولُ: اللَّهُمَّ إنِّى أُرِيدُ النُّسُكَ الفُلَانِىَّ. إلى آخرِه،

وَتَقَبَّلْهُ مِنِّى، فَإِنْ حَبَسَنِى حَابِسٌ، فَمَحِلِّى حَيْثُ حَبَسْتَنِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه يقولُ ذلك بلِسَانِه، أو ما في مِعْناه. وهو صحيحٌ، فلا يَصِحُّ الاشْتِراطُ بقَلْبِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ؛ لأنَّه تابعٌ للإِحرْامِ، وينَعَقِدُ بالنِّيَّةِ. فكذا الاشْتِراطُ. وهما احْتِمالَان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» (1)، و «الزَّرْكَشِى» (1). واسْتَحَبَّ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين الاشْتِراطَ للخائفِ فقط. ونَقل أبو داوُدَ، إنِ اشْترَطَ فلا بأْسَ. فائدة: الاشْتِراطُ يُفيدُ شَيْئَيْن؛ أحدُهما، إذا عاقَه عَدُوٌّ، أو مرَضٌ، أو ذَهابُ

وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالإفْرَادِ وَالْقِرَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفقَةٍ، أو نحوُه، جازَ له التَّحْلُّلُ. الثَّاني، لا شئَ عليه بالتَّحَلُّلِ. وصرَّح المُصَنِّفُ بذلك فى آخِرِ بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ، لكنَّ قوْلَنا: جازَ له التَّحَلُّلُ. هو المذهبُ، وعليه الأكثرُ؛ منهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِى، وصاحِبِ «التَّلْخِيصِ»، وأبى البَرَكاتِ، أنَّه يَحِلُّ بمُجَرَّدِ الحَصْرِ. وهو ظاهِرُ الحديثِ.

وَأفْضَلُهَا التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْإفْرَادُ. وَعَنْهُ، إنْ سَاقَ الْهَدْىَ، فَالْقِرَانُ أفْضَلُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأفْضَلُها التَّمَتُّعُ، ثم الإِفْرادُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه مِرارًا كثيرةً، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ، وصالحٍ: يَخْتارُ المُتْعَةَ؛ لأنَّه آخِرُ ما أمرَ به النَّبِىُّ - صلي الله عليه وسلم -. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، إنْ ساقَ الهَدْىَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالقِرانُ أفْضَلُ، ثم التَّمَتُّعُ. روَاها المَرُّوذِىُّ. واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدينِ. وقال: هو المذهبُ. وقال: إنِ اعْتَمَرَ وحَجَّ فى سَفْرَتَيْن، أو اعْتمَرَ قبلَ أشْهُرِ الحَجِّ، فالإفْرادُ أفْضَلُ باتِّفاقِ الأئمَّةِ الأرْبعَةِ. ونصَّ عليه أحمدُ فى الصُّورَةِ الأُولَى. وذكرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «الخِلَافِ» وغيرِه. وهى أفْضَلُ مِنَ الثَّانيةِ. نصَّ عليه. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «الفائقِ» فى الصُّورَةِ الأُولَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: اخْتلَفَ العُلَماءُ فى حَجَّةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، بحَسَبِ المذاهبِ، حتى اخْتلَفَ كلامُ القاضى وغيرِه؛ هل حَلَّ مِن عُمْرَتِه؟ فيه وَجْهان. فال فى «الفُروعِ»: والأظْهَرُ قوْلُ أحمدَ: لا أشُكُّ أنَّه كان قارِنًا، والمُتْعَةُ أحَبُّ إلَىَّ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: وعليه مُتَقَدِّمُو أصحابِه.

وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ؛ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِى أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيَفْرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ قَرِيبٍ مِنْهَا فِى عَامِهِ. وَالإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا. وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ. وَلَوْ أحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، لَمْ يَصِحَّ إِحْرَامُهُ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وصِفَةُ التَّمَتُّعِ؛ أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ فى أشْهُرِ الحَجِّ. هذا هو الصَّحيحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وفى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التلْخِيصِ»، و «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وقال بعضُ الأصحابِ: هو أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ. وأطْلَقَ، منهم صاحِبُ «المُبْهِجِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقطَع جماعةٌ، أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ مِن مِيقاتِ بلَدِه، وأطْلَقوا، منهم المُصَنِّفُ فى «الكَافِى»، وابنُ عَقيلٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم فى أشْهُرِ الحَجِّ. قوله: ويفْرَغَ منها. هكذا قال الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: قال الأصحابُ: ويفْرَغُ منها. قلتُ: جزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «التَّذْكِرَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الكَافِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الخِرَقِىِّ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ويتَحلَّلُ. وقال الزَّرْكَشِى: وصِفَةُ التَّمَتُّعِ، أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ثم يَحُجَّ مِن عامِه. قال: وقد أشارَ الشَّيْخان إلى ذلك؛ فقالا: حَقِيقَةُ التَّمَتُّعِ ذلك، قال: ولا يَغُرَّنَّكَ ما وَقعَ فى كلامِ أبى محمدٍ وغيرِه، مِن أنَّ التَّمَتُّعَ؛ أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ويَفرَغَ منها، ثم يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن مَكَّةَ، إلى آخرِه؛ فإنَّ هذا التَّمَتُّعَ المُوجِبُ للدَّمِ، ومِن هنا قُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنَّ تَمَتُّعَ حاضِرِ المَسْجدِ الحَرامِ صحيحٌ على المذهبِ. انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ»: فالتَّمَتُّعُ أَنْ يَعْتَمِرَ قبلَ الحَجِّ فى أشْهُرِه. وتَبِعَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». ولم يقُولُوا: ويَفْرَغُ منها. ويأْتِى أيضًا فى شُروطِ وُجوبِ الدَّمِ على التَّمَتُّعِ، هل النيةُ شَرْط فى التَّمَتُّع أم لا؟. قلتُ: ما قالَه الزَّرْكَشِىُّ لا يَرُدُّ على كلامِ الأصحابِ فى قوْلِهم: ويَفْرَغُ منها. إذِ الفَراغُ لابدَّ منه على كلِّ مُتَمَتِّع، سواءٌ كان آفاقِيًّا أو مَكِّيًّا؛ إذْ لو أحْرَمَ بالحَجِّ قبلَ فَراغِ العُمْرَةِ لَكانَ قارِنًا، والقارِنُ لا دَمَ عليه لأجْلِ تَمَتُّعِه؛ لأنَّه انْتقَلَ عنِ التَّمَتُّعِ إلى القِرانِ، فلذلك أوْجَبْنا عليه دَمَ القِرانِ، كما يأْتِى فى شُروطِ وُجوبِ الدَّمِ على المُتَمَتِّعِ، وقالَه هو فى الشروطِ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». ولا يَلْزَمُ ممَّا ادَّعاه عدَمُ صِحَّةِ عُمْرَةِ المَكِّىِّ، فإنَّ إلأصحابَ قالُوا: يَفْرَغُ منها. وقالُوا: يصِحُّ تَمَتعُ المَكِّىِّ. فإذا تَمَتَّعَ المَكِّىُّ وأحْرَمَ بالعُمْرَةِ، فلابُدَّ مِن فَراغِه منها، وإلَّا صارَ قارِنًا. فلا سَبِيلَ إلى التَّمَتُّعِ إلَّا بفَراغِهِ مِنَ العُمْرَةِ. وظاهِرُ كلامِ الزَّرْكَشِىِّ، أنَّه لا يُشْتَرطُ ذلك للمَكِّىِّ. وليس الأمرُ كذلك. ويأْتِى فى آخرِ بابِ دُخولِ مَكَّةَ، هل يحِلُّ المُتَمَتِّعُ إذا فرَغ مِنَ العُمْرَةِ ولم يَسُقِ الهَدْىَ إذا كان مُلبِّدًا أم لا؟ [ويأْتِى أيضًا فى شُروطِ وُجوبِ الدَّمِ على المُتَمَتِّعِ، هل النِّيَّةُ شَرْطٌ فى التَّمَتُّعِ أم لا؟] (¬1) قوله: ثم يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن مَكَّةَ، أو مِن قَرِيبٍ منها فى عامِه. هكذا زادَ جماعةٌ؛ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم صاحِبُ «الفَائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ونقَلَه حَرْبٌ، وأبو داودَ، يعْنِى أنَّهم قالوا: مِن مكَّةَ أو مِن قَريب منها. ومنهم صاحبُ «الوَجيزِ»، لكنْ قَيَّدَ القُرْبَ بالحَرَمِ. والذى عليه أُ كثرُ الأصحابِ، أنَّه يُحْرِمُ فى عامِه، ولم يقُولُوا: مِن مَكَّةَ. ولا: مِن قَريب منها. ونسَبه فى «الفُروعِ» إلى الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ». وزادَ بعضُ الأصحابِ، فقال: يُحْرِمُ فى عامِه مِن مكَّةَ. ولم يذْكُرْ، قرِيبًا منها. منهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الكَافِى»، وابنُ عَقِيل فى «تَذْكِرَتِه». قوله: والإفْرَادُ، أنْ يُحْرِمَ بالحَجِّ مُفْرَدًا. وهذا بلا نِزاع، ولكنْ يعْتَمِرُ بعدَ ذلك. ذكَرَه جماعة مِنَ الأصحابِ، وأطْلَقوا، منهم صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال جماعة: يُحْرِمُ بالحَجِّ مِنَ المِيقاتِ، ثم يُحْرِمُ بالعُمْرَةِ مِن أدْنَى الحِلِّ. قال فى «الفَائقِ»: هو أنْ يَحُجَّ ثم يَعْتَمِرَ مِن أدْنَى الحِلِّ. وكذا فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه»: والإفْرادُ، أنْ يحْرِمَ بالحَجِّ مِنَ المِيقاتِ. زادَ بعضُهم على ذلك، وعنه، بل يُحْرِمُ بالعُمْرَةِ مِنَ المِيقاتِ، وهو صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: الإفْرادُ، أنْ لا يأْتِىَ فى أشْهُرِ الحَجِّ بغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أجْوَدُ. قال القاضى وغيرُه: ولو تحَلَّلَ منه فى يَوْمِ النَّحْرِ، ثم أحْرَمَ فيه بعُمْرَةٍ، فليس بمُتَمَتعٍ، فى ظاهرِ ما نقَله ابنُ هانِىٌ؛، ليس على مُعْتَمِر بعدَ الحَجِّ هَدْىٌ؛ لأنَّه فى حُكْمِ ما ليس مِن أشْهُرِه، بدَليلِ فَوْتِ الحَجِّ فيه. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «مُفْرَدَاتِه». قال فى «الفُروعِ»؛ فدَلَّ أنَّه لو أحْرَمَ بعدَ تَحلُّلِه مِنَ الأوَّلِ، صحَّ. وقال فى «الفُصُولِ»: الإفْرادُ، أنْ يُحْرِمَ فى أشْهُرِه، فإذا تحَلَّلَ منه، أحْرَمَ بالعُمْرَةِ مِن أدْنَى الحِلِّ. قوله: والقِرَانُ، أنْ يُحْرِمَ بهما جَمِيعًا. هكذا أطْلَقَ جماعةٌ، منهم صاحِبُ «المُبْهِجِ»، و «المُحَرَّرِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: والقِرَانُ، أنْ يجْمعَ بينَهما فى مُدَّةِ الإحْرامِ. وقال آخَرُون: يُحْرِمُ بهما جميعًا مِنَ المِيقاتِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ»، وابنُ عَقيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». قوله: أو يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ، ثم يُدْخِلَ عليها الحَجَّ. أطْلَقَ ذلك أكثرُ الأصحابِ. وقال بعضُ الأصحابِ: مِن مَكَّةَ، أو قُرْبِها. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُعْتَبرُ لصِحَّةِ إدْخالِ الحَجِّ على العُمْرَةِ الإِحْرامُ به فى أشْهُرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: يُعْتَبرُ ذلك. الثَّانيةُ، لو شرَع فى طَوافِ العُمْرَةِ، لم يصِحَّ إدْخالُ الحَجِّ عليها، كما لو سَعَي، إلَّا لمَن معه هَدْيٌ، فإنَّه يصِحُّ ويصِيرُ قارِنًا، بِناءً على المذهبِ، مِن أنَّ مَن معه الهَدْىُ لا يجوزُ له التَّحَلُّلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ ينْطِقَ بما أحْرَمَ به مِن عُمْرَةٍ أو حَجٍّ أو هما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ». وعن أبى الخَطَّابِ، لا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ ما أحْرَمَ به. نقَله الزَّرْكَشِىُّ. قوله: ولو أحْرَمَ بالحَجِّ، ثم أدْخَلَ عليه العُمْرةَ، لم يَصِحَّ إحْرامُه بها. ولم يَصرْ قارِنًا. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بِناءً على أنَّه يَلْزَمُه بالإحْرامِ الثَّانى شئٌ، وفيه خِلافٌ. وقيل: يجوزُ إدْخالُ العُمْرَةِ على الحَجِّ ضَرُورَةً. فعلى المذهبِ، يُسْتَحَبُّ أنْ يرْفُضَها لتَأكُّدِ الحَجَّ بفِعْلِ بعضِه، وعليه لرَفْضِها دَمٌ ويَقْضِيَها. فائدة: مذهبُ الإِمامِ أحمدَ، وأكثرِ أصحابِه، أنَّ عمَلَ القَارِنِ كالمُفْرِدِ فى الإِجْزاءِ. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. ويسْقُطُ تَرْتيبُ العُمْرَةِ، ويَصِيرُ التَّرْتيبُ للحَجِّ كما يتَأخَّرُ الحِلَاقُ إلى يَوْمِ النَّحْرِ، فوَطْوه قبلَ طَوافِه لا يُفْسِدُ عُمْرَتَه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المذهبُ المُخْتارُ للأصحابِ. وعنه، على القَارِنِ طَوافَان وسَعْيَان. وعنه، على القَارِنِ عُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ. اخْتارَها أبو بَكْر، وأبو حَفْص، لعدَمِ طَوافِها. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ صِفَةِ الحَجِّ، أنّ عُمْرَةَ القَارِنِ تُجْزِيُ عن عُمْرَةِ الإسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يُقَدِّمُ القَارِنُ فِعْلَ العُمْرَةِ على فِعْلِ الحَجَّ، كمُتَمَتِّعٍ ساقَ هَدْيًا، فلو وقَف بعَرَفَةَ قبلَ طَوافِه وسَعْيِه لها،

وَيَجِبُ عَلىَ الْمُتَمتِّعِ وَالْقَارِنِ [63 و] دَمُ نُسُكٍ، إذَا لَم يَكُونَا مِن حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ وَهُمْ أهْلُ مَكَّةَ، وَمَنْ كَان مِنْهَا دُون مَسَافَةِ الْقَصْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقيلَ: تَنْتَقِضُ عُمْرَتُه ويصيرُ مُفْرِدًا بالحَجِّ، يُتمُّه ثم يَعْتَمِرُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا تَنْتَقِضُ عُمْرَتُه، فإذا رَمَى الجَمْرَةَ، طافَ لها ثم سعَى، ثم طافَ للحَجِّ ثم سعَى. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ويأْتى، هل للقِرانِ (¬1) إحْرامَان أو إحْرامٌ واحِدٌ؟ فى آخِرِ بابِ الفِدْيَةِ قبلَ قوْلِه: وكلُّ هَدْي أو إطْعام فهو لمَساكِينِ الحَرَم. قولَه: ويَجِبُ على القارِنِ والمُتَمَتعِ دَمُ نُسُك. فالواجِبُ عليهما دَمُ نُسُكٍ، لا دَمُ جُبْرانٍ. أمَّا القَارِنُ، فيَلْزَمُه دَمٌ،؛ قال المُصَنّفُ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «القران».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. ونَقل بَكْرُ بنُ محمدٍ، عليه هَدْيٌ، وليس كالمُتَمَتِّعِ، إنَّ اللهّ أَوْجَبَ على المُتَمَتِّعِ هَدْيًا فى كِتابِه، والقَارِنُ إنَما رُوِىَ أنَّ عمرَ قال للصُّبَىِّ: اذْبَحْ تَيْسًا. وسألَه ابنُ مُشَيْش، القارِنُ يجِبُ عليه الدَّمُ وُجوبًا؟ فقال.: كيفَ يجِبُ عليه وُجوبًا؟ وإنَّما شَبَّهُوه بالمُتَمَتِّعِ. قال فى «الفُروعِ»: فيَتَوجَّهُ منه رِوايَةٌ؛ لا يَلْزَمُه دمٌ. فعلى المذهبِ، يكونُ الدَّمُ دَمَ نُسُكٍ،؛ قال المُصَنِّفُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «المُبْهِجِ»، و «عُيُونِ المَسَائِل»: ليس بدَمِ نُسُكٍ. يَعْنِيان، بل دَمُ جُبْرانٍ. فائدة: لا يَلْزَمُ الدَّمُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ.؛ قال المُصَنِّفُ. وقالَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: والقِياسُ، أنَّه لا يَلْزَمُ مَن سافرَ سفَرَ قَصْرٍ أو إلى المِيقاتِ، إنْ قُلْنا به، كظاهِر مذهَبِ الشَّافِعِىِّ، وكلامُهم يَقْتَضِى لزُومَه؛ لأنَّ اسْمَ القِرَانِ باقٍ بعدَ السَّفَرِ، بخِلافِ التَّمَتُّعِ. انتهى. وأمَّا المُتَمَتِّعُ، فيَجِبُ الدَّمُ عليه بسَبْعَةِ شُروطٍ؛ أحدُها، ماذكَرَه المُصَنِّفُ هنا، وهو إذا لم يكُنْ مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ، وهذا شَرْطٌ فى وُجوبِه إجْماعًا. وفسَّرَ المُصَنِّفُ حاضِرِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْجِدِ الحرَامِ؛ أنَهم أهْلُ مَكَةَ، ومَن كان منها دونَ مَسافَةِ القَصْرِ. فظاهِرُه، أنَّ ابْتِداءَ مَسافَةِ القَصْرِ مِن نفْسِ مَكَّةَ. وهو اخْتِيارُ بعضِ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الشًرْحِ»، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ». وقالَه الإمامُ أحمدُ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقيلَ: أوَّلُ مسافَةِ القَصْرِ مِن آخِرِ الحَرَمِ. وهو المذهبُ. وذكرَه ابنُ هُبَيْرَةَ قوْلَ أحمدَ. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ». فوائد؛ الأُولَى، مَن له مَنْزِلٌ قريبُ دونَ مَسافَةِ القَصْرِ، ومنْزِلٌ بعيدٌ فوقَ مَسافَةِ القَصْرِ، لم يَلْزَمْه دمٌ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ؛ لأنَ بعضَ أهْلِه مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ، فلم يُوجَدِ الشَرْطُ، وله أنْ يُحْرِمَ مِنَ القَريبِ. واعْتَبرَ القاضى فى «المُجَردِ»، وابنُ عَقِيل فى «الفُصُول»، إقامتَه أكثرَ بنَفْسِه، ثم بمالِه، ثم ببَنِيه (¬1)، ثم الذى أحْرَمَ منه. الثَّانيةُ، لو دخَل آفاقِىٌّ مَكَّةَ، مُتَمَتِّعًا ناوِيًا الإِقامةَ بها ¬

(¬1) فى ط: «بنيته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ فَراغِ نُسُكِه، أو نوَاها بعدَ فَراغِه منه، فعليه دَمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا، وحُكِىَ وَجْهٌ، لا دَمَ عليه. الثَّالثةُ، لو اسْتَوْطنَ آفَاقِى مَكَّةَ، فهو مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ. الرَّابعةُ، لو اسْتَوْطَنَ مَكِّىٌّ الشَّامَ أو غيرَها، ثم عادَ مُقيمًا مُتَمَتِّعًا، لَزِمَه الدَّمُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصُولِ»: لادَمَ عليه، كسَفَرِ غيرِ مَكِّىٍّ ثم عَوْدِه. الشَّرْطُ الثَّانى، أنْ يَعْتَمِرَ فى أشْهُرِ الحَج. قال الإِمامُ أحمدُ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذْى أهَلَّ. والاعْتِبارُ عندَنا بالشَّهْرِ الذى أحْرَمَ فيه لا بالشَّهْرِ الذى حَلَّ فيه؛ فلو أحْرَمَ بالعُمْرَةِ فى رَمَضانَ، ثم حَلَّ فى شَوَّالٍ، لم يكُنْ مُتَمَتِّعًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعةٍ. الشَّرْطُ الثَّالثُ، أنْ يَحُجَّ مِن عامِه. الشَّرْطُ الرَّابعُ، أن لا يُسافِرَ بين العُمْرَةِ والحَجِّ، فإنْ سافرَ مسَافَةَ قَصْرٍ فأكْثَرَ - أطْلَقه جماعةٌ، منهم المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَهم، فأَحْرَمَ - فلا دَمَ عليه. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ فى «التذْكِرَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وقالا: ولم يُحْرِمْ به مِن مِيقَاتٍ، أو يُسافِرْ سَفَرَ قَصْرٍ. وقال فى «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»: ولا يُحْرِمُ بالحَجِّ مِنَ المِيقاتِ، فإنْ أحْرَمَ به مِنَ المِيقاتِ، فلا دَمَ عليه. ونصَّ عليه أحمدُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وحمَلَه القاضى علي أنَّ بينَه وبينَ مَكَّةَ مَسافَةَ قَصْرٍ وقال ابنُ عَقِيلٍ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو رِوايَةٌ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»، و «التَّلْخِيصِ»: إنْ سافرَ إليه فأحْرَمَ به، فوَجْهان. ويَظْهَرُ أثَرُ هذا الخِلافِ فى «قَرْنٍ» مِيقاتِ أهْلِ نَجْدٍ؛ فإنَّه أقَلُّ ممَّا يُقْصَرُ فيه الصَّلاةُ، أمَّا ما عدَاه، فإنَّ بينها وبينَ مَكَّةَ مسافةَ قَصْرٍ، على ظاهرِ ما قالَه الزَّرْكَشِىُّ فى المَواقِيتِ. وتقدَّم قوْلٌ، إن أقْرَبَها ذاتُ عِرقٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ؛ يَلْزَمُه دَمٌ (¬1) وإنْ رجَع. الشَّرْطُ الخامسُ، أنْ يَحِلَّ مِنَ العُمْرَةِ قبلَ إحْرامِه بالحَجِّ، بحِلِّ أوَّلًا، فإنْ أحْرَمَ به قبلَ حِلِّه منها، صارَ قارِنًا. الشَّرْطُ السَّادسُ، أنَّ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ مِنَ المِيقاتِ. ذكَرَه أبو الفَرَجِ، والحَلْوَانِىُّ. وجزَم به ابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى، وابنُ عَقِيل، وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»،. ¬

(¬1) زيادة من: ش

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايَةِ»، وغيرِهم: إنْ بَقِىَ بينَه وبينَ مَكَّةَ مَسافَةُ (¬1) قَصْرٍ، فأحْرَمَ منه، لم يَلْزَمْه دَمُ المُتْعَةِ، لأنَّه مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ، بل دَمُ المُجاوَزَةِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، أنَّه إذا أحْرَمَ بالعُمْرَةِ مِن دُونِ المِيقاتِ، يَلْزَمُه دَمان؛ دَمُ المُتْعَةِ، ودَم لإحرامه من دُونِ المِيقاتِ؛ لأنَّه لم يُقِمْ ولم يَنْوِها به، وليس بساكِن، ورَدُّوا ما قالَه القاضى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ولو أحْرَمَ الآفَاقِىُّ بعُمْرَةٍ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجَّ، ثم أقامَ بمَكَّةَ، واعْتَمَر مِنَ التَّنْعِيمِ فى أشْهُرِ الحَجِّ، وحجَّ مِن عامِه، فهو مُتَمَتِّع، نصَّ عليه، وعليه دَمٌ. قالَا: وفى نَصِّه على هذه الصُّورَةِ تَنْبِيه على إيجابِ الدَّمِ فى الصُّورَةِ الأولَى بطرَيقِ الأوْلَى. الشَّرْطُ ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وفى الفروع: «دون مسافة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّابعُ، نِيَّةُ التَّمَتُّعِ فى ابْتِداءِ العُمْرَةِ أو فى أثْنائِها. قالَه القاضى، وأكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ذكرَه القاضى، وتَبِعَه الأكثرُ. قلتُ: جزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَنْوِى فى الأصحِّ. وقال فى «الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»: ويَنْوِى فى الأظْهَرِ. وقيل: لا تشْترَطُ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ. اخْتارَه المُصنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فؤائد؛ إحداها، لا يُعْتَبرُ وُقوعُ النُّسُكَيْن عن واحدٍ. ذكَرَه بعضُ الأصحابِ، منهم المُصَنِّف، والمَجْدُ. قالَه الزَّرْكَشِى، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». فلو اعْتَمَرَ لنَفْسِه، وحَجَّ عن غيرِه، أو عكْسُه، أو فعَل ذلك عنِ اثْنَيْن، كان عليه دَمُ المُتْعَةِ. وقال فى «التَّلْخِيصِ» فى الشَّرْطِ الثَّالثِ: أنْ يكون النُّسُكان عنِ شَخْص واحدٍ، إمَّا عن نفْسِه أو غيرِه، فإنْ كان عن شَخْصَيْن، فلا تَمَتُّعَ؛ لأنَّه لم يَخْتَلِفْ أصحابُنا، أنَّه لابُدَّ مِنَ الإحْرامِ بالنُّسُكِ الثَّانى مِنَ المِيقاتِ، إذا كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن غيرِ الأوَّلِ والمُصَنِّفُ يُخالِفُ صاحِبَ «التَّلْخِيصِ» فى الأصْلَيْن اللَّذَيْن بنَى عليهما. والمَجْدُ يُوافِقُه فى الأصْلِ الثَّانى، وظاهِرُ كلامِه مُخالَفَتُه فى الأوَّلِ. الثَّانيةُ، لا تُعْتَبرُ هذه الشُّروطُ - فى كَوْنِه مُتَمَتِّعًا، على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ومَعْنَى كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، يُعْتَبَرُ. وجزَم به فى «الرعايَةِ» - إلَّا الشَّرْطَ السَّادِسَ، فإن المُتْعَةَ تصِحُّ مِنَ المَكِّىِّ، كغيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَله الجماعَةُ عن أحمدَ، كالإفْرادِ. ونقلَ المَرُّوذِيُّ، ليس لأهْلِ مَكَّةَ مُتْعَة. قال القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم: مَعْناه، ليس عليهم دَمُ مُتْعَةٍ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: قد يقالُ: إنَّ هذا مِنَ الإِمامِ أحمدَ بِناءً على أنَّ العُمْرَةَ لا تجِبُ عليهم، فلا مُتْعَةَ عليهم، أىِ الحَجُّ كافِيهم؛ لعدَمِ وُجوبِها عليهم، فلا حاجةَ لهم إليها. انتهى. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً، لا تصِحُّ المُتْعَةُ منهم. قال ابنُ أبى مُوسى: لا مُتْعَةَ لهم. وأطْلَقهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفَائقِ». الثَّالثةُ، لا يسْقُطُ دَمُ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ بإفْسَادِ نُسُكِهما. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، يسْقُطُ. وأطْلَقهما فى «الحاوِيَيْن». وقال القاضى: إنْ قُلْنا: يَلْزَمُ القَارِنَ للإِفْسادِ دمَان. سقَط دَمُ القِرَانِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، لا يسْقُطُ دَمُهما أيضًا بفَواتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يسْقُطُ. الخامسةُ، إذا قضَى القَارِنُ قارِنًا، لَزِمَه دَمَان؛ لقِرَاَنِه الأَوَّلِ دَمٌ، ولقِرَانِه الثَّانِى آخَرُ، وفى دَمِ فَواتِه الرِّوايَتان المُتقَدِّمَتان. وقال المُصَنِّفُ: يَلْزَمُه دمان، دَمٌ لقِرَانِه، ودَمٌ لفوَاتِه. وإذا قضَى القارِن مُفرِدًا، لم يَلزَمْه شئٌ؛ لأنَّه أفْضَلُ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم غيرُ واحدٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه يَلْزَمُه دَمٌ لقِرَانِه الأوَّلِ. وفيه لفواتِه الرِّوايَتان. وزادَ فى «الفُصُولِ»، يَلْزَمُه دَمٌ ثالِثٌ لوُجوبِ القَضاءِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فإذا فرَغ مَن قَضَى مُفْرِدًا، أحْرَمَ بالعُمْرَةِ مِنَ الأبْعَدِ، كمَن فسَد حَجُّه، وإلَّا لَزِمَه دَمٌ. وإذا قَضَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَمَتِّعًا، فإذا تحَلَّلَ مِنَ العُمْرَةِ، أحْرمَ بالحَجِّ مِنَ الأبْعَدِ. السَّادسةُ، يَلْزَمُ دَمُ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ بطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به القاضى فى «الخِلَافِ»، ورَدَّ ما نُقِلَ عنه خِلافُه إليه، وجزَم به فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يَلْزَمُ الدَّمُ إذا أحْرَمَ بالحَجِّ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وعنه، يَلْزَمُ الدَّمُ بالوُقوفِ. وذكَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، اخْتِيارَ القاضى. قال الزَّرْكَشِىُّ، ولعَلَّه فى «المُجَرَّدِ»: وأطْلَقها والتى قبلَها فى «الكَافِى»، ولم يذْكُرْ غيرَهما. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الوَاضِحِ»: يجِبُ دَمُ القِرَانِ بالإحْرامِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وعنه، يَلْزَمُ بإحْرامِ العُمْرَةِ لنِيَّتِه التَّمَتُّعَ إذَنْ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنْ يَبْنِىَ عليها ما إذا ماتَ بعدَ سبَبِ الوُجوبِ، يُخْرَجُ عنه مِن تِركَتِه. وقال بعضُ الأصحاب: فائدَةُ الرِّواياتِ، إذا تعَذَّرَ الدَّمُ، وأرادَ الانْتِقالَ إلى الصَّوْمِ، فمتَى يَثْبُتُ التَّعَذُّرُ، فيه الرِّوايَاتُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، هذا الحُكْمُ المُتقَدِّمُ، فى لُزومِ الدَّمِ. وأمَّا وَقْتُ ذَبْحِه، فجزَم فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَهِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، أنَّه لا يجوزُ ذَبْحُه قبلَ وُجوبِه. قال فى «الفُروعِ»،: وقاله القاضى وأصحابُه: لايجوزُ قبلَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ. قال: فظاهرُه يَجُوزُ إذا وجَب؛ لقَوْلِه: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (¬1). فلو جازَ قبلَ يَوْمِ النَّحْرِ، لجَازَ الحَلْقُ؛ لوُجودِ الغايَةِ. قال: وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّه فى المُحْصَرِ، ويَنْبَنِى على عُمومِ المَفْهومِ، ولأنَّه لو جازَ لنَحَرَه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، وصارَ كمَن لا هَدْىَ معه، وفيه نظَرٌ؛ لأنَّه كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا، أو كان له نِيَّةٌ، أَو فَعَلَ الأفْضَلَ، ولمَنَعَ التَّحَلُّلَ بسَوْقِه. انتهى. وقد جزَم فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، و «الفَائقِ» وغيرِهم، أنَّ وَقْتَ دَمِ المُتْعَةِ والقِرَانِ، وَقْتُ ذَبْحِ الأُضْحِيَةِ، على ما يأْتِى فى ¬

(¬1) سورة البقرة 196.

وَمَنْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا، أَحْبَبْنَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ إِذَا طَافَ وَسَعَى وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً؛ لِأَمْرِ رَسُولٍ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ بِذلِكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا، فَيَكُون عَلَى إِحْرَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابه. واخْتارَ أبو الخَطَّاب فى «الانْتِصَارِ»، يجوزُ له نَحْرُه بإحْرامِ العُمْرَةِ، وأنَّه أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ؛ لأنَّه مُبْدَلٌ. وحملَ رِوايةَ ابنِ مَنْصُورٍ بذَبْحِه يَوْمَ النَّحْرِ على وُجوبِه يَوْمَ النَّحْرِ. ونقَل أبو طالِبٍ، إنْ قَدِمَ قبلَ العَشْرِ ومعه هَدْىٌ، يَنْحَرُه، لا يضيعُ أو يموتُ أو يُسْرَقُ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا ضَعيفٌ. قال فى «الكَافِى»: إنْ قَدِمَ قبلَ العَشْرِ، نحَرَه، وإنْ قَدِمَ به فى العَشْرِ، لم يَنْحَرْه حتى يَنْحرَه بمِنىً. استدلالًا بهذه الرِّوايَةِ، واقْتَصرَ عليه. الثَّانى، هذا الحُكْمُ معَ وُجودِ الهَدْىِ، أما مع عدَمِه، فيَأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ فى أثْناءِ بابِ الفِدْيَةِ. قوله: ومَن كان قَارِنًا أو مُفْرِدًا، أحْبَبْنَا له أنْ يَفْسَخَ إذا طافَ وسَعَى ويَجْعلَها عُمْرَةً؛ لأمْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه بذلك. اعلمْ أنَّ فَسْخَ القَارِنِ والمُفْرِدِ حجَّهما إلى العُمْرَةِ، مُسْتَحَبُّ بشَرطِه. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وعبَّرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى، وأصحابُه، والمَجْدُ، وغيرُهم، بالجَوازِ، وأرَادُوا فَرْضَ المَسْأَلَةِ مع المُخالِفِ. قالَه فى «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، لكِنَّ المُصَنِّفَ هنا ذكَر الفَسْخَ بعدَ الطَّوافِ والسَّعْىِ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفَائقِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِى، وقال: هذا ظاهِرُ الأحادِيثِ. وعنِ ابنِ عَقِيل، الطَّوافُ بنِيَّةِ العُمْرَةِ هو الفَسْخُ، وبه حصَل رَفْضُ الإحْرامِ لا غيرُ. فهذا تحْقِيقُ الفَسْخِ وما ينْفَسِخُ به. قال الزَّرْكَشِى: قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا جَيِّدٌ، والأَحادِيثُ لا تأْبَاه. انتهى. وقال فى «الهِدَايَةِ»، وتَبِعَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، وهو مَعْنَى كلامِ القاضى وغيرِه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للقَارِنِ والمُفْرِدِ أنْ يفْسَخا نُسُكَهما إلى العُمْرَةِ، بشَرْطِ أنْ لا يكُونا وَقَفا بعَرَفَةَ، ولا سَاقَا هَدْيًا. فلم يُفْصِحُوا بوَقْتِ الفَسْخِ، بل ظاهِرُ كلامِهم، جوَازُ الفَسْخِ، سَواءٌ طَافَا وسعَيَا أوْلا، إذا لم يَقِفَا بعَرَفةَ. قال الزَّرْكَشِى: ولا يَغُرَّنَّكَ كلامُ ابنِ مُنَجَّى؛ فإنَّه قال: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الطَّوافَ والسَّعْىَ شَرْطٌ فى اسْتِحْبابِ الفَسْخِ. قال: وليس الأمْرُ كذلك؛ لأنَّ الأخْبارَ تَقْتَضِى الفَسْخَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الطَّوافِ والسَّعْىِ؛ لأنَّه إذا طافَ وسَعَى ثم فسَخَ، يحْتاجُ إلى طَوافٍ وَسعْىٍ لأجْلِ العُمْرَةِ، ولم يَرِدْ مِثْلُ ذلك. قال: ويُمْكِنُ تأُوِيلُ كلامِ المُصَنِّفِ، على أنَّ «إذا» ظَرْفٌ لـ «أَحْبَبْنَا له أنْ يفْسَخَ وَقْتَ طَوافِه»، أىْ وَقْتَ جَوازِ طَوافِه. انتهى كلامُ ابنِ مُنَجَّى. وغفَل عن كلامِ الخِرَقِىِّ، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحِ. وكلامُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ وغيرِهما لا يَأْبَى ذلك. قال الزَّرْكَشِىُّ: وليس فى كلامِهم ما يَقْتَضِى أنَّه يطُوفُ طَوافًا ثانِيًا، كما زعَم ابنُ مُنَجَّى. انتهى. قلتُ: قال فى «الكَافِى»: يُسَنُّ لهما، إذا لم يكُنْ معهما هَدْىٌ، أنْ يفْسَخا نِيَّتَهما بالحَجِّ، ويَنْوِيَا عُمْرَةً مُفْرَدَةً، ويحِلَّا مِن إحْرامِهما بطَوافٍ وسَعْىٍ وتَقْصير، ليَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْن. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقَوْلُ ابنِ مُنَجَّى. إنَّ الأخْبارَ تَقْتَضِى الفَسْخَ قبلَ الطَّوافِ والسَّعْىِ. ليس كذلك، بل قد يقالُ: إنَّ ظاهِرَها، أنَّ الفَسْخَ إنَّما هو بعدَ الطَّوافِ. ويُؤيِّدُه حدِيثُ جابرٍ؛ فإنَّه كالنَّصِّ، فإنَّ الأَمْرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالفَسْخِ إنَّما هو بعدَ طَوافِهم. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: لهما أنْ يَفْسَخا نِيَّتَهما بالحَجِّ. زادَ المُصَنِّفُ، إذا طَافَا وَسعَيا، فيَنْوِيَان بإحْرامِهما ذلك عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فإذا فرَغَا فها وحَلَّا، أحْرَما بالحَجِّ، ليَصِيرَا مُتَمَتِّعَيْن. وقال فى «الانْتِصَارِ»، و «عُيُونِ المَسائِلِ»: لو ادَّعَى مُدَّعٍ وُجوبَ الفَسْخِ، لم يَبْعُدْ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجِبُ على مَن اعْتَقَدَ عدَمَ مسَاغِه. نقَله فى «الفَائقِ». قوله: إلَّا أنْ يكونَ قد سَاقَ معه هَدْيًا، فيكونَ على إحْرامِه. هذا شَرْطٌ فى صِحَّةِ فَسْخِ القَارِنِ والمُفْرِدِ حَجَّهما إلى العُمْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويأْتِى حِكايَةُ الخِلافِ بعدَ هذا. ويُشْتَرطُ أيضًا كوْنُه لم يَقِفْ بعرَفَةَ. قالَه الأصحابُ.

وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعِّ هَدْيًا، لَمْ يَكنْ لَهُ أنْ يَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو سَاقَ المُتَمَتِّعُ هَدْيًا، لم يَكُنْ له أنْ يَحِلَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. فعلى هذا، يُحْرِمُ بالحَجِّ إذا طافَ وسَعَى لعُمْرَتِه قبلَ تَحلُّلِه بالحَلْقِ، فإذا ذبَحَه يوْمَ النَّحْرِ، حَلَّ منهما معًا. نصَّ عليه. نقَل أبو طالِبٍ، الهَدْىُ يَمْنَعُه مِنَ التَّحَلُّلِ مِن جميعِ الأشْياءِ فى العَشْرِ وغيرِه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحِلُّ كمَن لم يَهْدِ. وهو مُقْتَضَى ما نقَله يُوسُفُ بنُ مُوسى. قالَه القاضى. ونَقَل أبو طالِبٍ أيضًا، فى مَن يَعْتَمِرُ قارِنًا أو مُتَمَتِّعًا ومعه هَدْىٌ، له أنْ يُقَصِّرَ مِن شَعَرِ رأْسِه خاصَّةً. وعنه، إنْ قَدِمَ قبلَ العَشْرِ، نحَرَ الهَدْىَ وحَلَّ. ونقَل يُوسُفُ بنُ مُوسى، فى مَن قَدِمَ مُتَمَتِّعًا معه هَدْىٌ، إنْ قَدِمَ فى شَوَّالٍ، نحَرَه وحَلَّ، وعليه هَدْىٌ آخَرُ، وإنْ قَدِمَ فى العَشْرِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَحِلَّ. فقيلَ له: خبَرُ مُعاوِيَةَ؟ فقال: إنَّما حَلَّ بمِقْدارِ التَّقْصِيرِ. قال القاضى: ظاهِرُه يتَحَلَّلُ قبلَ العَشْرِ؛ لأنَّه لا يطولُ إحْرامُه. وقال المُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ كلامُ الخِرَقِىِّ، أنَّ له التَّحَلُّلَ، ويَنْحَرُ هَدْيَه عند المَرْوَةِ. ويأْتِى هذا أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ دُخولِ مَكَّةَ. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ صحَّ الفَسْخُ، فإنَّه يَلْزَمُه دَمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وذكرَه القاضى فى «الخِلَافِ».

وَالْمَرأةُ إِذَا دَخَلَتْ مُتَمَتِّعَةً فَحَاضَتْ، فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ، أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ، وَصَارَتْ قَارِنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكرَ المُصَنِّفُ، عنِ القاضى، أنَّه لا يَلْزَمُ دَم لعدَمِ النِّيَّةِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لا يُسْتَحَبُّ الإحْرامُ بنِيَّةِ الفَسْخِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يُكْرَهُ ذلك. واقْتَصرَ فى «الفُروعِ» على حِكايَةِ قَوْلِهما. قوله: والمرأةُ إذا دخَلَتْ مُتَمَتِّعَة، فحاضَتْ فخَشِيَتْ فَواتَ الحَجِّ، أحْرَمَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحَجِّ وصارَتْ قارِنَةً. نصَّ عليه. ولم تَقْضِ طَوافَ القُدُومِ. وهذا بلا نِزاعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى ذلك كلِّه. وكذا الحُكْمُ لو خافَ غيرُها فَواتَ الحَجِّ. نصَّ عليه. ويجِبُ دَمُ القِرَانِ، وتسْقُطُ عنه العُمْرَةُ. نصَّ عليه. وجزَم به القاضى وأصحابُه فى كُتُبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ».

وَمَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، صَحَّ، وَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أحْرَم مُطْلَقًا - بأنْ نوَى نَفْسَ الإحرامِ، ولم يُعَيِّنْ نُسُكًا - صَحَّ، وله صَرْفُه إلى ما شاء. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الإمامُ أحمدُ أيضًا: يجْعلُه عُمْرَةً. وقال القاضى: يجْعلُه عُمْرَةً، إن كان فى غيرِ أشْهُرِ

وإنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ، انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ بِمِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَجِّ. وذكَر غيرُه أنَّه أوْلَى، كابْتداءِ إحْرامِ الحَجِّ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: إنْ شرَطْنا تَعْيِينَ ما أحْرَمَ به، بطَل المُطْلَقُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: وإنْ أحْرَم بمثْلِ ما أحْرَم به فُلَانٌ، انْعَقَدَ إحْرامُه بمثلِه. وكذا لو أحْرَمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما أحْرَمَ به فُلانٌ، بلا خِلافٍ فيهما نَعْلَمُه، ثم إنْ عَلِمَ ما أحْرَمَ به فُلانٌ، انْعقَد بمثْلِه. ولو كان إحْرامُ الأوَّلِ مُطْلَقًا، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو أحْرَمَ هو به مُطْلَقًا، على ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه، لا يَلْزَمُه صَرْفُه إلى ما يُصْرَفُ إليه، ولا إلى ما كان صرَفَه إليه. وأطْلَقَ بعضُ الأصحابِ احْتِمالَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ

وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْن أَوْ عُمْرَتَيْن، انْعَقَدَ بِإِحْدَاهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، يعملُ بقَوْلِه، لا بما وقَع فى نفْسِه. ولو كان إحْرامُ مَن أحْرَمَ بمِثْلِه فاسدًا، فقال فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ الخِلافُ لنا فيما إذا نذَر عِبادَةً فاسدَةً، هل تَنْعَقِدُ صَحيحةً أم لا؟ على ما يأْتِى فى النَّذْرِ. ولو جَهِلَ إحْرامَ الأوَّلِ، فحُكْمُه حُكْمُ مَن أحْرَمَ بنُسُكٍ ونَسِيَه، كلى ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. ولو شَكَّ، هل أحْرَمَ الأوَّلُ أو لا؟ فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ مالو لم يُحْرِمْ، فيكونُ إحْرامُه مُطْلَقًا. قال فى «الفُروع»: هذا الأشْهَرُ. وقال: فظاهِرُه، ولو أُعْلِمَ أنَّه لم يُحْرِمْ؛ لجَزْمِه بالإحْرام، بخِلافِ قوْلِه: إنْ كان مُحْرِمًا فقد أحْرَمْتُ. فلم يكُنْ مُحْرِمًا. وقال فى «الكَافِى»: حُكْمُه حُكْمُ مَن أحْرَمَ بنُسُكٍ ونَسِيَه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». فائدة: قوله: وإنْ أحْرَمَ بحَجَّتَيْن أو عُمْرَتَيْن، انْعَقَدَ بإحْدَاهما. بلا نِزاعٍ. قال فى «الفُروعِ» مُعَلِّلًا: لأنَّ الزَّمان يصْلُحُ لواحِدَةٍ، فيَصِحُّ به، كتَفْريقِ الصَّفْقَةِ. قال: فدَلَّ على خِلافٍ هنا، كأَصْلِه. قال: وهو مُتَوَجّةٌ. يعْنِى، أنَّه لا يصِحُّ بواحِدَةٍ منهما فى قَوْلٍ. وقال أيضًا: يتَوَجَّهُ الخِلافُ فى انْعِقادِه بهما.

وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ، جَعَلَهُ عُمْرَةً. وَقَالَ الْقَاضِى: يَصْرِفُهُ إِلَى مَا شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أحْرَمَ بنُسُكٍ ونَسِيَه، جَعَلَه عُمْرَةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَلَه أبو داودَ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهما. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقال القاضى: يَصْرِفُه إلى أيِّهما شاءَ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، وقطَع به جماعةٌ. وحمَل القاضى نصَّ أحمدَ على الاسْتِحْبابِ، وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه على كلِّ تقْديرٍ جائزٌ. قال فى «المُحَرَّر»: ومَن أحْرَمَ بنُسُكٍ فأُنْسِيَه، أو أحْرَمَ به مُطْلَقًا، ثم عَيَّنَه بتَمَتُّعٍ أو إفْرادٍ أو قِرَانٍ، جازَ، وسقَط

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه فرْضُه، إلَّا النَّاسِىَ لنُسُكِه إذا عَيَّنَه بقِرَانٍ، أو بتَمَتُّعٍ وقد ساقَ الهَدْىَ، فإنَّه يُجْزِئُه عنِ الحَجِّ دُون العُمْرَةِ. وأطْلَقَ جماعَةٌ وَجْهَيْن؛ هل يجْعَلُه عُمْرَةَ أو ما شاءَ؟ فائدة: لو عيَّنَ المَنْسِىَّ بقِرَانٍ، صحَّ حَجُّه، ولا دَمَ عليه. على الصَّحيحِ. وقيل: يَلْزَمُه دَمُ قِرَانٍ احْتِياطًا. وقيلَ: وتصِحُّ عُمْرَتُه، بناءً على إدْخالِ العُمْرَةِ على الحَجِّ لحاجَةٍ، فيَلْزَمُه دَمُ قِرانِ. ولو عَيَّنَه بتَمَتُّعٍ، فَحُكْمُه حُكْمُ فَسْخِ الحَجِّ الى العُمْرَةِ، ويَلْزَمُه دَمُ المُتْعَةِ، ويُجْزِئُه عنهما. ولو كان شَكُّه بعدَ طَوافِ العُمْرَةِ، جعَلَه عُمْرَةً؛ لامْتِناعِ إدْخالِ الحَجِّ إذَنْ لمَنْ لا هَدْىَ معه، فإذا سعَى وحلَق، فَمع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَقاءِ وَقْتِ الوُقوفِ، يُحْرِمُ بالحَجِّ ويُتِمُّه ويُجْزِئُه، ويَلْزَمُه دَمٌ للحَلْقِ فى غيرِ وَقْتِه، إنْ كان حاجًّا، وإلَّا فَدَمُ مُتْعَةٍ. ولو كان شكُّه بعدَ طَوافِ العُمْرَةِ، وجعَلَه حَجًّا

وَإنْ أَحْرَمَ عَنْ رَجُلَيْنِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْيهِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَصْرِفُهُ إِلَى أَيِّهمَا شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو قِرَانًا، تَحلَّلَ بفعْلِ الحَجِّ، ولم يُجْزِئْه واحِدٌ منهما، للشَّكِّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ المَنْسِىَّ عُمْرَةٌ، فلا يصِحُّ إدْخالُه عليها بعدَ طَوافِها، ويَحْتَمِلُ أنَّه حَجُّ، فلا يصِحُّ إدْخالُها عليه، ولا دَمَ ولا قَضاءَ؛ للشَّكِّ فى سَبَبهما. فائدة: قوله: وإنْ أحْرَمَ عَن رَجُلَيْن، وقَع عَن نَفْسِه. بلا نِزاعٍ. وكذا لو أحْرَمَ عن نَفْسِه وعن غيرِه. قوله: وإنْ أحْرَمَ عَن أحَدِهما لا بعَيْنه، وقَع عَن نَفْسِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه

وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، لَبَّى تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَصْرِفُه إلى أيِّهما شاءَ. قال فى «الهِدَايَةِ»: وعندي له صَرْفُه إلى أيِّهما شاءَ. واخْتارَه القاضى. وأطْلَقهما فى «المحَرَّرِ»، و «الفَائقِ». فعلى القَوْلِ الثَّانى، لو طافَ شوْطًا، أو سعَى، أو وقَف بعرَفَةَ قبلَ جَعْلِه لأحَدهِما، تعَيَّنَ جَعْلُه عن نفْسِه. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، تَبْطُلُ. كذا قال فى «الرِّعايَةِ»، ويضْمَنُ. فائدة: يوِّدَّبُ مَن أخَذ مِنِ اثْنَيْبن حَجَّتَيْن ليَحُجَّ عنهما فى عامٍ واحدٍ؛ لفِعْلِه مُحَرَّمًا. نصَّ عليه. فإنِ اسْتَنابَه اثْنان فى عامٍ فى نُسُكٍ، فأحْرَمَ عن أحَدِهما بعَيْنِه، ونَسِيَه، وتعَذَّرَ مَعْرِفَتُه، فإنْ فرَّطَ أعادَ الحَجَّ عنهما، وإنْ فرَّطَ المُوصَى إليه بذلك، غَرِمَ ذلك، وإلَّا فمِن ترِكَةِ المُوصِيَيْن، إنْ كان النَّائِبُ غيرَ مُسْتَأْجَرٍ لذلك، وإلَّا لَزِمَاه. وإنْ أحْرَمَ عن أحَدِهما بعَيْنِه ولم يَنْسَه، صحَّ، ولم يصِحَّ إحْرامُه للآخَرِ بعدُ. نصَّ عليه. قلتُ: قد قيلَ: إنَّه يُمْكِنُ فِعْلُ حَجَّتَيْن فى عام واحدٍ؛ بأَنْ يقِفَ بعَرَفَةَ، ثم يطُوفَ للزِّيارَةِ بعدَ نِصْفِ ليْلَةِ النَّحْرِ بيَسيرٍ، ثم يُدْرِكَ الوُقوفَ بعَرَفَةَ قبلَ طُلوعِ فَجْرِ ليْلَةِ النَّحْرِ. قوله: وإذا اسْتَوَى على راحِلَتِه، لَبَّى. يعْنِى، إذا اسْتَوَتْ به راحِلَتُه قائمةً. وهذا أحَدُ الاْقْوالِ، وقطَع به جماعةٌ؛ منهم الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

لَبَّيْكَ، [63 ظ] لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفَائقِ». وقيلَ: يُسْتَحبُّ ابْتِداءُ التَّلْبِيَةِ عَقِبَ إحْرامِه. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: المَشْهورُ فى المذهبِ، أنَّ الأَوْلَى أنْ تكونَ التَّلْبِيَةُ حينَ يُحْرِمُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «التَّلْخِيصِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ونقَل حَرْبٌ، يُلَبِّى متى شاءَ ساعةَ يُسَلِّمُ، وإنْ شاءَ بعدُ.

وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ، وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا، وَالْإِكْثَارُ مِنْهَا، وَالدُّعَاءُ بَعْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وقيل: واجِبَةٌ. اخْتارَه فى «الفائقِ». الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ أن يُلَبِّىَ عن أَخْرَسَ وَمرِيضٍ. نقَله ابنُ إبْرَاهِيمَ. قال جماعةٌ: وعن مَجْنونٍ ومُغْمًى عليه. زاد بعضُهم، ونائمٍ. وقد ذكَر الأصحابُ، أنَّ إشارةَ الأَخْرَسِ المَفْهُومَةَ كنُطْقِه. قلتُ: الصَّوابُ الذى لاشَكَّ فيه أنَّ إشارةَ الأَخْرَسِ بالتَّلْبيَةِ تقومُ مقامَ النُّطْقِ بها، حيثُ عَلِمْنا إرادَتَه لذلك. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوله: لَبَّى تَلْبِيةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ. . . .».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى آخره، أنَّه لا يَزيدُ عليها. وهو صحيحٌ، فلا تُسْتَحَبُّ الزِّيادَةُ عليها، ولكنْ لا تُكْرَهُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفْصَاحِ»: تُكْرَهُ الزِيادَةُ عليها. وقيلَ: له الزِّيادَةُ بعدَ فَراغِها، لا فيها. الثانى، ظاهرُ قولِه: ويُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بها. الإطْلاقُ، فيَدْخُلُ فيه لو أحْرَمَ مِن بلَدِه، لكِنَّ الأصحابَ قيَّدُوا ذلك بأنَّه لا يُسْتَحَبُّ إظْهارُها فى مَساجِدِ الحِلِّ وأمْصارِها. والمَنْقُولُ عن أحمدَ، إذا أحْرَمَ مِن مِصْرِه، لا يُعْجِبُنِى أنْ يُلَبِّىَ حتى يَبْرُزَ. فيكونُ كلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطْلَقَ، مُقَيَّدًا بذلك. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، لا يُلَبِّى بوُقوفِه بعرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ؛ لعدَمِ نقْلِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فائدتان؛ إحداهما، قوله: والدُّعاءُ بعدَها. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ الدُّعاءُ بعدَ التَّلْبِيَةِ، بلا نِزاع، ويُسْتَحَبُّ أيضًا بعدَها الصَّلاةُ على النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. الثَّانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُ التَّلْبِيَةِ فى حالَةٍ واحِدَةٍ. قالَه الإِمامُ أحمدُ، وقالَه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم مِنَ الأصَحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ». وقال له الأَثْرَمُ: ما شئٌ يفْعَلُه العامَّةُ؟ يُكَبِّرون دُبُرَ الصَّلاةِ ثَلاًثا. فتَبَسَّمَ، وقال: لا أَدْرِى مِن أيْنَ جاءُوا به؟ قلتُ: ألَيْسَ يُجْزِئُه مَرَّةٌ؟ قال: بلَى؛ لأنَّ المَرْوِىَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا. وقال القاضى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الخِلَافِ»: يُسْتَحَبُّ تَكْرارُها فى حالَةٍ واحدةٍ؛ لتَلَبُّسِه بالعِبادَةِ. وقال

وَيُلَبِّى إِذَا عَلَا نَشزًا، أَوْ هَبَطَ وَادِيًا، وَفِى دُبُرِ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارح: تَكْرارُه ثلاًثا حسَنٌ، فإنَّ الله وِتْر يُحِبُّ الوِتْرَ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ تَكْرارُها فى حالةٍ واحدةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ويُلَبِّى إذا عَلا نَشْزًا، أو هبَط وادِيًا، وفى دُبُرِ الصَّلَواتِ المكْتُوباتِ،

وَإِقْبَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِذَا الْتَقَتِ الرِّفَاقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإقْبالِ اللَّيْلِ والنَّهارِ، وإذا التَقَتِ الرِّفاقُ. بلا نِزاعٍ. ويُلَبِّى أيضًا إذا سمِعَ مُلَبِّيًا، أو أتَى مَحْظُورًا ناسِيًا، أو رَكِبَ دابَّةً. زادَ فى «الرِّعايَةِ»، أو نزَل عنها. وزادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُستَوْعِبِ»، وإذا رأَى البَيْتَ.

وَلَا تَرْفَعُ الْمَرأَةُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ، إِلَّا بِقَدْرِ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَرْفَعُ المرْأةُ صَوْتَها بالتَّلْبِيَةِ، إلَّا بمِقْدارِ ما تُسْمِعُ رَفيقَتَها. السُّنَّةُ أنْ لا ترْفَعَ صوْتَها. حكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. ويُكْرَهُ جَهْرُها بها أكثرَ مِن إسْماعِ رَفِيقَتِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ خَوْفَ الفِتْنَةِ. ومَنَعها فى «الوَاضِحِ» مِن ذلك، ومِن أذانٍ أيضًا. هذا الحُكْمُ إذا قُلْنا: إنَّ صَوْتَها ليس بعَوْرَةٍ. وإن قُلْنا: هو عَوْرَةٌ. فإنَّها تُمْنَعُ. وظاهِرُ كلامِ بعضِ الأصحابِ، أنَّها تَقْتَصِرُ على إسْماعِ نفْسِها. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَّجَهٌ. وفى كلامِ أبى الخَطَّابِ، والمُصَنِّفِ، وصاحِب «المُسْتَوْعِبِ»، وجماعةٍ، لا تجْهَرُ إلَّا بقَدْرِ ما تُسْمِعُ رَفِيقَتَها. فوائد؛ الأُولَى، لا تُشْرَعُ التَّلْبِيَةُ بغيرِ العرَبِيَّةِ لمَن يقْدِرُ عليها. قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يذْكُرَ نُسُكَه فى التَّلْبِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونَصَراه. وقدَّمه فى «الفَائقِ». وقيلَ: لا يُسْتَحَبُّ. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الهِدَايَةِ»، و «والمُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقيلَ: يُسْتَحَبُّ ذِكْرُه فيها أوَّلَ مرَّةٍ. اخْتارَه الآجُرِّيُّ. وحيثُ ذكَرَه، فيسْتَحَبُّ للقَارِنِ ذِكْرُ العُمْرَةِ قبلَ الحَجِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه؛ فيَقولُ: لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجًّا. للحَديثِ المُتَّفَقِ عليه. وقال الآجُرِّىُّ: يذْكُرُ الحَجَّ قبلَ العُمْرَةِ؛ فيَقولُ: لَبَّيْكَ حَجًّا وعُمْرَةً. الثَّالثةُ، لا بأْسَ بالتَّلْبيَةِ فى طَوافِ القُدومِ. قالَه الإمامُ أحمدُ وأصحابُه. وحكَى المُصَنِّفُ، عن أبى الخَطَّابِ، لا يُلبِّى؛ لأنَّه مُشْتَغِلٌ بذِكْرٍ يَخُصُّه. فعلى الأوَّلِ، قال الأصحابُ: لا يُظْهِرُ التَّلْبِيَةَ فى طَوافِ القُدومِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، وغيرِهم: لا يُسْتَحَبُّ إظْهارُها فيه. ومَعْنَى كلامِ القاضى، يُكْرَهُ إظْهارُها فيه. وصرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» وَجْهًا؛ يُسَن إظْهارُها فيه. وأمَّا فى السَّعْىِ بعدَ طَوافِ القُدومِ، فقالَ فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ أنَّ حُكْمَه كذلك. وهو مُرادُ أصحابِنا. الرَّابعةُ، لا بَأْسَ أنْ يُلَبِّىَ الحَلالُ. ذكرَه المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ وغيرُه، وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، يُكْرَهُ؛ لعدَمِ نَقْلِه. فال: ويتَوَجَّهُ أنَّ الكلامَ فى أثْناءِ التَّلْبِيَةِ، ومُخاطَبَتَه، حتى بسَلامٍ ورَدِّه منه، كالأَذانِ. انتهى. قلتُ: قال فى «المُذْهَبِ»: [لا يقْطَعُ التَّلْبِيَةَ بكلامٍ] (¬1)، فإنْ سُلِّمَ عليه، رَدَّ وبَنَى. تنبيه: هذا أحْكامُ فِعْلِ التَّلْبِيَةِ، أمَّا وَقْتُ قَطْعِها، فَيأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ دُخولِ مَكَّةَ، فَلْيُعاوَدْ. ¬

(¬1) فى ا: «يقطع التلبية».

باب محظورات الإحرام

بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَهِىَ تِسْعَةٌ؛ حَلْقُ الشَّعَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ محْظُوراتِ الإِحْرامَ قوله: وهى تسْعَةٌ؛ حَلْقُ الشَّعَرِ، وتَقْلِيمُ الأظْفَارِ. يُمْنَعُ مِن إزالَةِ الشَّعَرِ إجْماعًا، وسَواءٌ كان مِنَ الرَّأْسِ أو غيرِه مِن أجْزاءِ البدَنِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ أزالَ شَعَرَ الأَنْفِ، لم يَلْزَمْه دَمٌ؛ لعَدَمِ التَّرَفُّهِ.

وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال: وظاهِرُ كلامِ غيرِه خِلافُه، وهو أظْهَرُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، أنَّ تَقْليمَ الأظْفارِ كحَلْقِ الشَّعَرِ. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا شئَ فى تَقْليمِ الأظْفارِ. وحكَى المُصَنِّفُ وَمن تَبِعَه رِوايَةً، لا شئَ فيها. قال فى «الفُروعِ»: [وظاهِرُه، أنَّ الرِّوايَةَ عن أحمدَ] (¬1)، ولم أجِدْه لغيرِه. [وعِبارَتُه فى «المُغْنِى»] (¬2)، فى بابِ الفِدْيَةِ، أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ ممْنُوعْ مِن أخْذِ أظْفارِه، وعليه الفِدْيَةُ بأَخْذِها فى قَوْلِ أكثَرِهم؛ حَمَّادٍ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن عَطاءٍ. وعنه، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيهِ فِدْيَةٌ. انتهى. هذا لفْظُه. والظَّاهِرُ أنَّ قوْلَه: وعنه. يعُودُ إلى عَطاءٍ، لا إلى الإِمامِ أحمدَ؛ لأنَّه لم يتَقدَّمْ له ذِكْرٌ. نبَّهَ على ذلك ابنُ نَصْرِ الله فِى «حَوَاشِيه». وهو كما قال] (¬3). ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: ش. (¬3) انظر: المغنى 146/ 5.

فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ إِلَّا فِى أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فمَن حلَق أو قلَّم ثلاثَةً، فعليه دَمٌ. هذا المذهبُ. قالَه القاضى وغيرُه، ونَصَره هو وأصحابُه، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الإفادَاتِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الخُلَاصَةِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يجِبُ الدَّمُ إلَّا فى أرْبَعِ شَعَراتٍ فَصاعِدًا. نقَلها جماعةٌ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغنِى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم به فى «الطَّرِيقِ الأقْرَبِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى الأشْهَرُ عنه. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وذكَر ابنُ أبى مُوسَى رِوايةً؛ لا يجِبُ الدَّمُ إلَّا فى خَمْسٍ فصاعِدًا. واخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». قال فى «الفُروعِ»: ولا وَجْهَ لها.

وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ فِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مُدٌّ مِنْ طَعَام. وَعَنْهُ، قَبْضَةٌ. وَعَنْهُ، دِرْهَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أضْعَفُها. وأطْلَقهُنَّ فى «التَّلْخِيصِ». ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا، لا يجِبُ الدَّمُ إلَّا فيما يُماطُ به الأَذَى. وهو مذهَبُ مالكٍ. قال فى «الفَائقِ»: والمُخْتارُ تعَلُّقُ الدَّمِ بمِقْدارٍ يَتَرَفَّهُ بإزالَتِه. قوله: وفيما دونَ ذلك فى كلِّ واحِدٍ مُدٌّ مِن طَعامٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو المذهبُ عندَ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وهو الذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّواياتِ، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ؛ الخِرَقِىِّ، وأبى بَكْرٍ، وابنِ أبى مُوسَى، والقاضى، وأصحابِه، وغيرِهم. انتهى. وعنه، قَبْضَةٌ. لأنَّه لا تقْدِيرَ فيه مِنَ الشَّارِعِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ المُرادَ، يتَصَدَّقُ بشئٍ. وعنه، دِرْهَمٌ. وعنه، نِصْفُ دِرْهَمٍ. وعنه، دِرْهَمٌ أو نِصْفُه. ذكَرَها أصحابُ القاضى، وخرَّجَها القاضى مِن لَيالِى مِنًى. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ويَلْزَمُ، على تخْريجِ القاضى، أنْ يُخرَّجَ أنْ لا شئَ عليه، وأنْ يجِبَ دَمٌ، كما جاءَ ذلك فى لَيالِى مِنًى. ووَجَّه فى «الفُروعِ» تخْريجًا، يَلْزَمُه فى كلِّ شَعَرَةٍ أو ظُفْرٍ ثُلُثُ دَمٍ. وما هو ببعيدٍ.

وَإنْ حُلِقَ رَأْسُهُ بِإِذْنِهِ، فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حُلِقَ رَأْسُه بِإذْنِه، فالفِدْيَةُ عليه. يعْنِى، على المَحْلُوقِ رأْسُه، ولا شئَ على الحالِقِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفى «الفُصُولِ» احْتِمالٌ، أنَّ الضَّمانَ على الحالِقِ إذا كان مُحْرِمًا، كشَعَرِ الصَّيْدِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فائدة: لو حُلِقَ رأْسُه، وهو ساكِتٌ ولم يَنْهَهُ، فقيلَ: الفِدْيَةُ على المَحْلُوقِ رأْسُه؛ لأنَّه أمانَةٌ عندَه؛ كوَديعَةٍ. صحَّحَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الكَافِى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ «المُنَوِّرِ». وقيلَ: على الحالِقِ؛ كإتْلافِه مالَه وهو ساكِتٌ. وجزَم به فى «الإِفادَاتِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ». وهو ظاهِرُ كلامِ

وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِب»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ». قوله: وإنْ كان مُكْرَهًا أو نائِمًا، فالفِدْيَةُ على الحالِق. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: على المَحْلُوقِ رأْسُه. وذكَر فى «الإِرْشَادِ» وَجْهًا؛ أنَّ الفِدْيَةَ على الحالِقِ. ووَجَّه فى «الفُروعِ» احْتِمالًا؛ أنَّه لا فِدْيَةَ على واحدٍ فهما؛ لأنَّه لا دَلِيلَ عليه. ويأْتِى إذا أُكْرِهَ على الحَلْقِ، وحلَقَ بنَفْسِه، فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ الفِدْيَةِ. قوله: وإنْ حلَق مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلالٍ، فلا فِدْيَةَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه

وَقَطْعُ الشَّعَرِ وَنَتْفُهُ كَحَلْقهِ، وَشَعَرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ. وَعَنْهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ مُفْرَدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وفى «الفُصُولِ» احْتِمالٌ؛ يجِبُ الضَّمانُ على المُحْرِمِ الحالِقِ. فائدة: لو طَيَّبَ غيرَه، فحُكْمُه حُكْمُ الحالِقِ، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ والتَّفْصِيلِ. قلتُ: لو قيلَ بوُجوبِ الفِدْيَةِ على المُطَيِّبِ المُحْرِمِ، لَكانَ مُتَّجهًا؛ لأنَّه فى الغالِبِ لا يسْلَمُ مِنَ الرَّائحةِ، بخِلافِ الحَلْقِ. وفى كلامِ بعضِ الأصحابِ، أو أَلْبَسَه غيرُه، فكَالحالِقِ. قوله: وقَطْعُ الشَّعَرِ ونَتْفُه كحَلْقِه. وكذا قَطْعُ بعضِ الظُّفْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج ابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا، يجِبُ عليه بنِسْبَتِه، كأُنمُلَةِ إصْبَعٍ، وما هو ببَعِيدٍ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وهو احْتِمالٌ لأبِى حَكِيمٍ. ذكَرَه عنه فى «المُتْسَوْعِبِ». وذكَرَه فى «الفَائقِ» وغيرِه قوْلًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وشَعَرُ الرَّأْسِ والبَدَنِ واحِدٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهَبِ والرِّوايتَيْن. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ، وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الهَادِى». وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». وعنه، لكُلِّ واحدٍ حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ. نقَلها الجماعَةُ عن أحمدَ. واخْتارَها القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وجماعةٌ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «الفُروعِ». وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ أزَالَ شَعَرَ الأنْفِ، لم يَلْزَمْه دَمٌ.؛ لعدَمَ التَّرَفُّهِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال: وظاهِرُ كلامِ غيرِه خِلافُه. وهو أظْهَرُ. وتَظْهَرُ فائِدَةُ الرِّوايتَيْن، لو قطَعَ مِن رأْسِه شَعَرَتَيْن، ومِن بدَنِه شعَرَتَيْن، فيَجِبُ الدَّمُ على المذهبِ، ولا يجِبُ على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. فائِدةُ: ذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنه لو لَبِسَ أو تطَيَّبَ فى رأْسِه وبدَنِه، أنَّ

وَإِنْ خَرَجَ فِى عَيْنَيْهِ شَعَرٌ فَقَلَعَهُ، أَوْ نَزَلَ شَعَرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ فَقَصَّهُ، أَوِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَصَّهُ، أَوْ قَلَعَ جِلْدًا عَلَيْهِ شَعَرٌ، [64 و] فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه الرِّوايتَيْن المُتقَدِّمتَيْن. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّ عليه فِدْيَةٌ واحِدَةٌ. وجزَم به القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. وهو المذهبُ. وذكَر ابنُ أبِى مُوسى الرِّوايتَيْن فى اللُّبْسِ. وتبِعَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّما أنَّ عليه فِدْيَةً واحِدَةً. قوله: وإِنْ خرَج فى عَينَيْه شَعَرٌ فقَلَعَه، أَو نَزَل شَعَرُه فغطَّى عَينَيْه فقَصَّه، أو انكَسَرَ ظُفْرُه فَقَصَّه -يعْنِى، قصَّ ما احْتاجَ إلى قَصِّه- أو قلَع جِلْدًا عليه شَعَرٌ، فلا فِدْيَةَ عليه. وكذا لو افْتَصَدَ فزَالَ الشَّعَرُ؛ لأنَّ التَّابعَ لا يُضْمَنُ، أو حجَم أو احْتَجمَ ولم يقْطَعْ شعَرًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ فى الفَصْدِ مِثْلُه. والمذهبُ فى ذلك كلِّه، أنَّه لا فِدْيَةَ عليه بفِعْلِ شئٍ مِن ذلك. وقال الآجُرِّىُّ: إنِ انْكَسَرَ ظُفْرُه فآذاه، قطَعَه وفَدَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو حصَل له أذَّى مِن غيرِ الشَّعَرِ، كشِدَّةِ حَرٍّ وقُروحٍ وصُداع، أَزالَه وفَدَى، كأَكْلِ صَيْدٍ لضَرُورَةٍ. الثَّانيةُ، يَجُوزُ له تخْلِيلُ لِحْيَتِه، ولا فِدْيَةَ بقَطْعِه بلا تعَمُّدٍ. نقَلَه ابنُ إبْرَاهِيمَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إنْ بانَ بمَشْطٍ أو تخليلٍ، فَدَى. قال الإمامُ أحمدُ: إنْ خلَّلَها فسَقطَ شَعَرٌ، أو كان مَيِّتًا، فلا شئَ عليه. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. الثَّالثةُ، يَجُوزُ له حَكُّ رأْسِه وبدَنِه برِفْقٍ. نصَّ عليه، ما لم يَقْطَعْ شَعَرًا. وقيل: غيرُ الجُنُبِ لا يُخَلُّلُهما بيَدَيْه، ولا يحُكُّهُما بمُشْطٍ

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ؛ فَمَتَى غَطَّاهُ بِعِمَامَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا ظُفْرٍ. الرَّابعةُ، يَجُوزُ غَسْلُه فى حمَّام وغيرِه بلا تَسْريحٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ قوْلُ، أنَّ ترْكَ غَطْسِه فى الماءِ وتَغْيِيبِ رأْسِه أوْلَى، أو الجَزْمُ به. الخامسةُ، يجوزُ له غَسْلُ رأْسِه بِسِدْرٍ أو خِطْمِىٍّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وصحَّحَه فى «الكَافِى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر جماعَةٌ، يُكْرَهُ. وجزَم به صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وعنه، يَحْرُمُ ويَفْدِى. نقَل صالِحٌ، قد رَجَّلَ شَعَرَه. ولعَلَّه يقْطَعُه مِنَ الغُسْلِ. وعلى القَوْلِ بالكراهَةِ، حكَى صاحِبُ «المُستَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما، فى الفِدْيَةِ رِوايتَيْن، وقدَّموا عَدَمَ الوُجوبِ. وقيلَ: الرِّوايَتان على القَوْلِ بتَحْريمِ ذلك؛ فإنْ قُلْنا: يَحْرُمُ. فَدَى، وإلَّا فلا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، كالاسْتِظْلالِ بالمَحْمِلِ على ما يأْتِى قرِيبًا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى مَنِ احْتاجَ إلى قَطْعِه بحِجَامَةٍ أو غَسْلٍ: لم يَضُرَّه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. تنبيه: قوله: الثَّالثُ، تغْطِيَةُ الرَّأْسِ. تقدَّم فى آخِرِ بابِ السِّواكِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أن الأُذُنَيْن مِنَ الرَّأْسِ، وأنَّ ما فوْقَهما مِنَ البَياضِ مِنَ الرَّأْسِ، على الصَّحيحِ. وتقدَّم فى بابِ الوُضوءِ، ما هو مِنَ الرَّأْسِ، وما هو مِنَ الوَجْهِ،

أَوْ قِرْطَاسٍ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ عَصَبَهُ، أَوْ طَيَّنهُ بِطِينٍ أَوْ حِنَّاءٍ أَوْ غَيْرِه، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِلافُ فى ذلك مُسْتَوْفًى؛ فما كان مِنَ الرَّأْسِ حَرُمَ تَغْطِيَتُه هنا، وعليه الفِدْيَةُ. قوله: فمتَى غَطَّاه بعِمامَةٍ، أو خِرْقَةٍ، أو قِرْطاسٍ فيه دَواءٌ أو غيرُه، أَو

وَإِنِ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمِلِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَصَبه -ولو بِسَيْرٍ- أو طَينَّهَ بطينٍ أو حِنَّاءٍ أو غيرِه -ولو بنُورَةٍ- فعليه الفِدْيَةُ. بلا نزاعٍ. فائدة: فِعْل بعضِ المَنْهِىِّ عنه، كفِعْلِه كلِّه فى التَّحْريمِ. قوله: وإنِ اسْتَظَلَّ بالمَحْمِلِ، ففِيه رِوايَتان. سواءٌ كان راكِبًا أو ماشيًا. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى وجماعهٌ، واقتَصَر عليه فى «الفُروعِ». وكذا ما فى مَعْناه، كالهَوْدَجِ، والعَمَّارِيَّةِ، والمِحَفَّةِ، ونحوِ ذلك. واعلمْ أنَّ كلامَ المُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ فى تحْريمِ الاسْتِظْلالِ. وفيه رِوايَتان؛ إحداهما، يَحْرُمُ. وهو [الصَّحيحُ مِنَ] (¬1) المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهُورُ عن أحمدَ، والمُخْتارُ لأكثرِ الأصحابِ، حتى إنَّ القاضِىَ فى «التَّعْلِيقِ» وفى غيرِه، وابنَ الزَّاغُونِىِّ، وصاحِبَ «العُقُودِ»، و «التَّلْخِيصِ»، وجماعَةً، لا خِلافَ عندَهم فى ذلك. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وهو ظاهِرُ ماقدَّمه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُكْرَهُ. اخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالَا: هى الظَّاهِرُ عنه. وجزَم ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وصحَّحَه فى «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ». قال القاضى مُوَفَّقُ الدِّينِ: هذا المَشْهورُ. وأطْلقَهما فى «الكَافِى»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»، [و «الفُروعِ»] (¬1)، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يجوزُ مِن غيرِ كراهَةٍ. ذكَرَها فى «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ كلامُ المُصَنِّفِ فى وُجوبِ الفِدْيَةِ بفِعْلِ ذلك، وهو الظَّاهِرُ؛ لقَوْلِه قبلَ ذلك: فمتى فعَل كذا وكذا، فعليه الفِدْيَةُ، وإنِ اسْتَظَلَّ بالمَحْمِلِ، ففيه رِوايَتان. فسِياقُه يَدُلُّ على ذلك، وعليه «شرْحُ ابنِ مُنَجَّى»، وفيها رِوايَاتٌ؛ إحداها، لا تجِبُ الفِدْيَةُ بفِعْلِ ذلك. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». قال ابنُ رَزِينِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِه»: وهو أظْهَرُ. قال فى «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنَايَةِ»: ولا يَسْتَظِلُّ بمَحْمِل فىْ رِوايَةٍ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْنا عليه فى الخُطْبَةِ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تجِبُ عليه الفِدْيَةُ بفِعْلِ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به الخِرَقِى، وصاحِبُ «الِإفاداتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «الِإيضَاحِ». وصحَّحَه فى «الفُصُولِ»، و «المُبْهِجِ». واخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ». وأطْلقَهما في «الكَافِى»، و «الهَادِى»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «نِهَايَةِ ابنِ رَزِين». والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، إنْ كَثُرَ الاسْتِظْلالُ، وَجبَتِ الفِدْيَةُ، وإلَّا فلا. وهو المَنْصُوصُ عن أحمدَ فى رِوايَةِ جماعَةٍ. اخْتارَه القاضى، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهما. وأطْلقَهُنَّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ». تنبيه: اخْتلَفَ الأصحابُ فى مَحَلِّ الروايتَيْن الأُولَيَيْن؛ فعندَ ابنِ أبِى مُوسى، والمُصَنِّفِ فى «الكَافِى»، والمَجْدِ، والشَّارِحِ، وابنِ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، أنَّهما مَبْنِيَّتان على الروايتَيْن فى تحْريمِ الاسْتِظْلالِ وعدَمِه، فإنْ قُلْنا: يَحْرُمُ. وَجبَتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفِدْيَةُ، وإلَّا فلا. وهى طَرِيقَةُ ابنِ حَمْدانَ. وعندَ القاضى، وصاحِبِ لا المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أنَّهما مَبْنِيَّتان على القَوْلِ بالتَّحْريمِ فى الاسْتِظْلالِ؛ إذْ لا جَوازَ عندَهم، إلَّا أنَّ القاضِىَ يَسْتَثْنِى اليَسِيرَ فيُبِيحُه، ولا يُوجِبُ فيه فِدْيَة، كما تقدَّم. فوائد؛ إحداها، وكذا الخِلافُ والحُكْمُ إذا اسْتظَلَّ بثَوْبٍ ونحوِه، نَازِلًا وراكِبًا. قالَه القاضى وجماعَةٌ. واقْتَصر عليه فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لا أثَر للقَصْدِ وعدَمِه فيما فيه فِدْيَةٌ، وما لا فيه فِدْيَةٌ، على الصَّحيِحَ منَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ قصَد به السِّتْرَ، فدَى، مِثْلَ أنْ يقْصِدَ بحَمْلِ

وَإنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا، أَوْ نَصَبَ حِيَالَهُ ثَوْبًا، أوِ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أوْ شَجَرَةٍ أوْ بَيْتٍ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شئٍ على رأْسِه السِّتْرَ. الثَّالثةُ، يجوزُ تَلْبيدُ رأْسِه بغِسْلٍ أو صَمْغٍ ونحوِه؛ لِئَلَّا يدْخُلَه غُبَارٌ أو دَبِيبٌ، ولا يُصِيبَه شَعَثَ. قوله: وإنْ حمَل على رَأْسِه شيئًا، أو نصَب حيالَه ثوبًا، أو اسْتَظَلَّ بخَيْمَةٍ أو شَجَرَةٍ أو بَيْتٍ، فلا شئَ عليه. ولو قصَد به السِّتْرَ. ولم يَسْتَثْنِ ابنُ عَقِيلٍ، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حمَل على رأْسِه شيئًا وقصَد السِّتْرَ به ممَّا تجِبُ فيه الفِدْيَةُ.

وَفِى تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى تَغْطِيَةِ الوَجْهِ رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»؛ إحداهما، يُباحُ، ولا فِدْيَةَ عليه. هذا الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: منهم القاضى فى «تَعْلِيقِه»، و «جَامِعِه»، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الرِّعايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والجَوازُ أصحُّ. وصحَّحَه فى «الفُصُولِ»، و «التَّصْحِيحِ»، و «تَمامِ أبِى الحُسَيْنِ»، و «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، وغيرِهما. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنَايَةِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على المَنْعِ مِن تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ. وقدَّمه فى «الكَافِى»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ، وعليه الفِدْيَة بتَغْطِيَتِه. نقَلَها الأكثرُ

فَصْلٌ: الرَّابعُ، لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ الإمام أحمدَ. وقدَّمه فى «المُبْهِجِ». قوله: اَلرَّابعُ، لُبْسُ المخِيطِ والخُفَّيْن، إلَّا أنْ لا يَجِدَ إزَارًا، فَلْيَلْبَسْ سَراوِيلَ،

إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إِزَارًا، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، أَوْ لا يَجِدَ نَعْلَيْن, فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلَا يَقْطَعْهُمَا، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو نَعْلَيْن، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْن، ولا يقْطَعْهُما، ولا فِدْيَةَ عَلَيه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ فى رِوايَةِ الجَماعَةِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، إنْ لم يقطَعِ الخُفَّيْن إلى دُونِ الكَعْبَين، فعليه الفِدْيَةُ. قال الخَطَّابِيُّ (¬1): العَجَبُ مِنَ ¬

(¬1) فى: معالم السنن 2/ 176، 177.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامِ أحمدَ فى هذا -يعْنِى فى قوْلِه بعَدَمِ القَطْعِ- فإنَّه لا يَكادُ يُخالِفُ سُنَّةً تبْلُغُه. وقَلتْ سُنَّة لم تَبْلُغْه. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: والعَجَبُ كلُّ العَجَبِ مِنَ الخَطَّابِىِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى تَوَهُّمِه عن أحمدَ مُخالَفَةَ السُّنَةِ أو خَفاءَهَا، وقد قال المَرُّوذِىُّ: احْتَجَّيْتُ على أبى عَبْدِ اللهِ بقَوْلِ ابنِ عمرَ، عنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقلتُ: هو زِيادَةٌ فى الخَبَرِ. فقال: هذا حدِيثٌ، وذاك حدِيثٌ. فقدِ اطَّلَعَ على السُّنَةِ، وإنَّما نظرَ نظَرًا لا يَنْظُرُه إلَّا الفُقَهاءُ المُتَبَصِّرُون، وهذا يدُلُّ على غايَتِه فى الفِقْهِ والنَّظرَ. انتهى. وفى «الانْتِصَارِ» احْتِمالٌ، يَلْبَسُ سَراوِيلَ للعَوْرَةِ فقط. ويأْتِى فى أوَّلِ جَزاءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّيْدِ، إذا لَبِسَ مُكْرَهًا. تنبيه: ظاهرُ قولِه: ولا يَقْطَعْهما. أنَّه لا يجوزُ قَطْعُهما. وهو صحيحٌ. قال الِإمامُ أحمدُ: هو فَسادٌ. واحْتَجَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما بالنَّهْىِ عن إضاعَةِ المالِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجوَّز القَطْعَ أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وأنَّ فائِدَةَ التَّخْصِيصِ، كراهَتُه لغيرِ إحْرامٍ. قال المُصَنِّفُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأوْلَى قَطَعُهما، عمَلًا بالحديثِ الصَّحيحِ، وخُروجًا عن حالِهما مِن غيرِ قَطْعٍ. فوائد؛ الأُولَى، الرَّأَنُ كالخُفِّ فيما تقدَّم. الثانية، لو لُبِسَ مَقْطوعًا دُونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَعْبَيْن، مع وُجودِ نَعْلٍ، لم يَجُزْ، وعليه الفِدْيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصُّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقال القاضى، وابنُ عَقِيل فى «مُفْرَداتِه»، والمَجْدُ، والشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ له لُبْسُه، ولا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه ليسَ بخُفٍّ. فلُبْسُ اللَّالِكَةِ والجُمْجُمِ ونحوِهما يَجُوزُ، على الثَّانِى لا الأوَّلِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقِياسُ قَوْلِ الإِمامِ أحمدَ فى اللَّالِكَةِ والجُمْجُمِ، عَدمُ لُبْسِهما، لا مع عدَمِ النَّعْلَيْن. الثَّالثةُ، لو وجَد نعْلًا لا يُمْكِنُه لُبْسُها، لَبسَ الخُفَّ، ولا فِدْيَةَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشًّارِحُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والمَنْصُوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، أنَّ عليه الفِدْيَةَ بلُبْسِ الخُفِّ. وقدَّمه فى «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: هذا المذهبُ. الرَّابعةُ، يُباحُ النَّعْلُ كيْفما

وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ مِنْطَقَةً ولا رِدَاءً وَلَا غَيْرَهُ، إِلَّا إِزَارَهُ وَهِمْيَانَهُ الَّذِى فِيهِ نَفَقَتُهُ، إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِالْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كانت. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لإطْلاقِ إباحَتِها. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، تجِبُ الفِدْيَةُ فى عَقِبِ النَّعْلِ أو قَيْدِها، وهو السَّيْرُ المُعْتَرِضُ على الزِّمامِ. وذِكَرَه فى «الإرْشَادِ». قال القاضى: مُرادُه، العَرِيضَيْن. وصحَّحَه بعضُهم؛ لأنَّه مُعْتَادٌ فيها. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: لُبْسُ المَخِيطِ. ما عُمِلَ على قَدْرِ العُضْوِ. وهذا إجْماعٌ؛ ولو كان دِرْعًا مَنْسُوجًا، أو لِبْدًا مَعْقُودًا، ونحوَ ذلك. قال جماعةٌ: بما عُمِلَ على قَدْرِه وقُصِدَ به. وقال القاضى وغيرُه: ولو كان غيرَ مُعْتادٍ، كجَوْرَبٍ فى كفٍّ، وخُفٍّ فى رأْسٍ، فعليه الفِدْيَة. فائدة؛ لا يُشْتَرطُ فى اللُّبْسِ أنْ يكونَ كثيرًا، بلِ الكثيرُ والقَليلُ سَواءٌ. فائدتان؛ إحداهما، قوله: ولا يَعْقِدُ عليه مِنْطَقَةً ولا رِدَاءً ولا غيرَه. نصَّ عليه، وليس له أنْ يُحْكِمَه بشَوْكَةٍ، أو إبْرَةٍ، أو خَيْطٍ، ولا يُزِرَّه فى عُرْوَتِه، ولا يَغْرِزَه فى إزَارِه، فإنْ فعَل، أَثِم وفَدَى. الثَّانيةُ، يجوزُ شَدُّ وَسَطِه بمِنْديلٍ وحبلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِهما، إذا لم يَعْقِدْه. قال الِإمامُ أحمدُ، فى مُحْرِمٍ حزَم عِمَامةً على وَسَطِه: لا يعْقِدُها، ويُدْخِلُ بعضَها فى بعضٍ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدينِ: يجوزُ له شدُّ وسَطِه بحَبْلٍ وعِمَامَةٍ ونحوِهما، وبرِداءٍ لحاجَةٍ. قوله: ولا يَعْقِدُ عليه مِنْطَقَةً. اعْلمْ أنَّ المِنْطَقَةَ لا تخْلُو؛ إمَّا أنْ يكُونَ فيها نَفَقَتُه أو لا، فإنْ كان فيها نَفَقَتُه، فحُكْمُها حُكْمُ الهِمْيَانِ، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، وإنْ لم يكُنْ فيها نَفَقَتُه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يَلْبَسَها لوجَعٍ أو لحِاجَةٍ أو غيرِهما، فإنْ لَبِسَها لوَجع أو حاجةٍ، فالصَّحيحُ أنَّه يَفْدِى. وكذا لو لَبِسَها لغيرِ حاجَةٍ بطَريقٍ أوْلَى. وفى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغِيبِ» رِوايَةٌ؛ أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِنْطَقَةَ كالهِمْيَانِ. اختارَه الآجُرِّىُّ، وابنُ أبى مُوسَى، وابنُ حامِدٍ. وذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّ الفَرْقَ بينَهما النَّفَقَةُ وعدَمُها، وإلَّا فهما سَواءٌ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قوله: إلَّا إزارَه وهِمْيانَه الذى فيه نَفَقَتُه، إذا لم يَثْبُتْ إلَّا بالعَقْدِ. أمَّا الإِزارُ إذا لم يَثْبُتْ إلَّا بالعَقْدِ، فله أنْ يعْقِدَه، بلا نِزاعٍ. وأمَّا الهِمْيَانُ، فله أيضًا أنْ يعْقِدَه إذا لم يثبُتْ إلَّا بالعَقْد، إذا كانتْ نفَقَتُه فيه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى «رَوْضَةِ الفِقْهِ» لبَعضِ الأصحابِ، ولم يُعْلَمْ مَن هو مُصَنِّفُها، لا يَعْقِدُ سُيورَ الهِمْيَانِ. وقيلَ: لا بأْسَ، احْتِياطًا على النَّفقَةِ.

وَإنْ طَرَحَ عَلَى كَتِفَيْهِ قَبَاءً، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَقَالَ الْخِرَلِىُّ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، إِلَّا أنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِى كُمَّيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طرَح على كَتِفَيْه قَبَاءً، فعليه ألفِدْيَةُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الهِدَايَةِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قلتُ: منهم القاضى فى «خِلافِه»، وأبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ. وقال الخِرَقِىُّ: لا فِدْيَةَ عليه، إلَّا أنْ يُدْخِلَ يدَيْه فى الكُمَّيْن. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. صحَّحَها فى «التَّلْخِيصِ»،

وَيَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ عَنْدَ الضَّرُورَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الترْغِيبِ»، و «الخُلَاصَةِ». ورَجَّحَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به فى «المُبْهِجِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقهما فى «الفَائقِ». وقال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إذا طرَح القَبَاءَ على كتِفَيْه، ولم يُدْخِلْ يدَيْه فى الكُمَّيْن، فليسَ عليه شئٌ، وَجْهًا واحِدًا. وإنْ أدْخَلَ يدَيْه، ففى الفِدْيَةِ وَجْهان. قلتُ: وهو ضعيفٌ. ولم أرَه لغيرِه، فلعَلَّه سَها. وقال فى «الوَاضِحِ»: إنْ أدْخلَ إحْدَى يدَيْه، فَدَى. تنييه: مفهومُ قولِه: ويتَقَلَّدُ بالسَّيْفِ عندَ الضَّرُورَةِ. أنَّه لا يتَقلَّدُ به عندَ عدَمِها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وقطَع به كثيرٌ منهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يتَقلَّدُ به لغير ضَرُورَةٍ. اخْتارَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ المُرادَ فى غيرِ مَكَّةَ؛ لأنَّ حَمْلَ السِّلاحِ فيها لا يَجُوزُ إلَّا لحاجَةٍ. نقَل الأثْرَمُ، لا يتَقَلَّدُ بمَكَةَ إلَّا لخَوْفٍ. وإنَّما منَع منه؛ لأنَّه فى مَعْنَى اللُّبْسِ عندَه. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»: والقِياسُ إباحَتُه مِن غيرِ ضَرُورَةٍ؛ لأنَّ ذلك ليسَ فى مَعْنَى المَلْبُوسِ المَنْصُوصِ على تحْريمِه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وظاهِرُه، أنَّهُ يُباحُ عندَه فى الحَرَمِ. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّ المُصَنِّفَ ما أرادَ ذلك، وانَّما أرادَ جوازَ التَّقَلُّدِ به للمُحْرِمِ، مِن غيرِ ضَرُورَةٍ فى الجُمْلَةِ، أمَّا المَنْعُ مِن ذلك فى مَكَّةَ، فله مَوْضِعٌ غيرُ هذا. وكذا ابنُ الزَّاغُونِىِّ، وكذا الرِّوايَةُ. فائدة: الخُنْثَى المُشْكِلُ إنْ لَبِسَ المَخِيطَ، أو غَطَّى وَجْهَه وجسَدَه، لم يَلْزَمْه

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، الطِّيبُ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تطْيِيبُ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ، وَشَمُّ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبةِ، وَالادِّهَانُ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فِدْيَة للشَّكِّ، وإنْ غَطَّى وَجْهَه ورأْسَه، فَدَى؛ لأنَّه إمَّا رجُلٌ أو امْرأةٌ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْر: يُغَطِّى رأْسَه ويفْدِى. وذكَرَه أحمدُ عنِ ابنِ المُبارَكِ، ولم يُخالِفْه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قوله: الخَامِسُ، شَمُّ الأدْهانِ المُطَيِّبةِ والادِّهانُ بها. يحْرُمُ الادِّهانُ بدُهْنٍ مُطَيِّبٍ، وتَجِبُ به الفِدْيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الوَاضِحِ» رِوايَةً؛ لافِدْيَةَ بذلك. ويأْتِى قرِيبًا حُكْمُ الأدْهانِ غيرِ المُطَيِّبَةِ.

وَشَمُّ الْمِسْكِ ؤِالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ [64 ظ] وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ، وَالتَّبَخِّرُ بِالْعُودِ وَنَحْوِهِ، وَأَكْلُ مَا فِيهِ طِيبٌ يَظْهَرُ طَعْمُهُ أَو رِيحُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأكْلُ ما فيه طيبٌ يَظْهَرُ طَعْمُه أو رِيحُه. إذا أكَل ما فيه طِيبٌ يَظْهَرُ طَعْمُه أو رِيحُه، فَدَى، ولو كان مَطبُوخًا أو مَسَّتْه النَّارُ، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وإنْ كانت رائِحَتُه ذهَبَتْ، وَبقِىَ طَعْمُه، فالمَذهَبُ، كما قال المُصَنِّفُ، أنَّه يَحْرُمُ عليه، وعليه الفِدْيَةُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكَثرُ. وقيلَ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا فِدْيَةَ عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. ويأْتِى إذا اشْتَرى طِيبًا وحمَلَه وقَلَّبَه ولم يقْصِدْ شَمَّه، عندَ قوْلِه: وإنْ جلَس عندَ العَطَّارِ.

وَإنْ مَسَّ مِنَ الطِّيب مَا لَا يَعْلَقُ بِيَدِهِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. الْعُودِ وَالْفَوَاكِهِ وَالشِّيحِ وَالْخُزَامَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ مَسَّ مِنَ الطِّيبِ مالا يَعْلَقُ بيَدِه، فلا فِدْيَةَ عليه. بلا نِزاعٍ؛ كمِسْكٍ غيرِ مَسْحُوقٍ، وقِطَعِ كافُورٍ، وعَنْبَرٍ، ونحوِه. ومفْهُومُه، أنَّه إذا عَلِقَ بيَدِه، أنَّ عليه الفِدْيَةَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، كغَاليةٍ وماءِ وَرْدٍ. وقيلَ: أو جَهِلَ ذلك، كمِسْكٍ مَسْحُوقٍ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». ويأْتِى فى بابِ الفِدْيَةِ قبلَ قوْلِه: وإنْ رفَض إحْرامَه. لو مَسَّ طِيبًا يَظُنُّه يابِسًا فَبانَ رَطْبًا، هل تجِبُ عليه الفِدْيَةُ أم لا؟ فائدة: قوله: وله شَمُّ العُودِ والفَواكِهِ والشِّيحِ والخُزامَى. بِلا نِزاعٍ. وكذا

وَفِى شَمِّ الرَّيْحَانِ وَالنَّرْجِسِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْبَرَمِ وَنَحْوِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كلُّ نبَاتِ الصَّحْراءِ، وما يُنْبِتُه الآدَمِىُّ لا لقَصْدِ الطَّيبِ، كالَحِنَّاءِ والعُصْفُرِ. وكذا القَرَنْفُلُ والدارصِيِنيُّ (¬1) ونحوُها. قوله: وفى شَمِّ الرَّيْحانِ والنَّرْجِسِ والوَرْدِ والبَنَفْسَجِ والبَرَمِ ونَحْوِها، ¬

(¬1) الدارصينى: شجر هندى يكون بتخوم الصين كالرمان، وأوراقه كأوراق الجوز، إلا أنها أدق، ولا زهر له ولا بزر، وهو معرب عن (دارشين) الفارسى. تذكرة داود 137/ 1.

وَالِادِّهَانِ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ فِى رَأْسِهِ، رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والادِّهانِ بُدهْنٍ غيرِ مُطَيِّبٍ فِى رَأسِه، رِوايتَان. شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ شَيْئَيْن؛ أحدُهما، الادِّهانُ بدُهْنٍ غيرِ مُطَيِّبٍ. والثَّانِى، شَمُّ ماعدَا ذلك، ممَّا ذكَرَه ومخوِه، وهو ينْقَسِمُ إلى قِسْمَيْن؛ أخدُهما، ما يُنْبتُه الآدَمِىُّ للطِّيبِ، ولا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ، كالرَّيْحانِ الفارِسِىِّ، والنَّمَّام (¬1)، والبَرَمِ، والنَّرْجِسِ، والمَرْزَجُوشِ، ونحوِها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُباحُ شَمُّه، ولا فِدْيَةَ فيه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأصحابُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ». وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) النَّمَّام: نبت طيِّبٌ مُدِرٌّ، عى كذلك لسطوع رائحته؛ لأنه يدل بها على نفسه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والروايةُ الثَّانيةُ، يَحْرُمُ شَمُّه، وفيه الفِدْيَةُ وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وصحَّحَ فى «التَّصْحِيحِ»، أنَّه لا شئَ فى شَمِّ الرَّيْحانِ، وأوْجبَ الفِدْيَةَ فى شَمِّ النَّرْجِسِ، والبَرَمِ، وهو غريبٌ، أعْنِى التَّفْرِقَةَ بينَ الرَّيْحانِ وغيرِه، وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وذكَر القاضى وغيرُه، أنَّه يَحْتمِلُ أنَّ المذهبَ رِوايَةً وأحِدَةً، لا فِدْيَةَ فيه، وأنَّ قوْلَ أحمدَ: ليسَ مِن آلةِ المُحْرِمِ. للكراهِيَةِ. وذكَر القاضى أيضًا رِوايَةً أُخْرَى؛ أنَّه يَحْرُمُ شَمُّ ما نبَت بنَفْسِه فقط. القِسْمُ الثَّاني، ما يَنْبُتُ للطِّيبِ، ويُتَّخَذُ منه طِيبٌ، كالوَرْدِ والبَنَفْسَجِ، والخِيرِىِّ، وهو المنْثُورُ، واللَّيْنُوفَرُ، واليَاسَمِينُ؛ وهو الذى يُتَّخَذُ منه الزَّنْبَقُ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحْرُمُ شَمُّه، وعليه الفِدْيَةُ إنْ شَمَّه. اخْتارَه القاضى. والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ، كماءِ الوَرْدِ. وصحَّحَه فى «النَّظْمِ»، و «التَّصْحِيحِ»، و «الكَافِى». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وابنُ البَنَّا فى «عُقُودِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه يُباحُ شَمُّه، ولا فدْيَةَ فيه. وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المَذهَبِ الأحْمَدِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». تنبيهان؛ الأوَّلُ، مُرادُه بالرَّيْحانِ، الرَّيْحانُ الفارِسِىُّ. صرَّح به الأصحابُ. قال فى «إدْرَاكِ الغَايَةِ»: وله شَمُّ رَيْحانٍ. وعنه، بَرىٍّ. الثانى، تابعَ المُصَنِّفُ أبا الخَطَّابِ فى حِكايَةِ الرِّوايتَيْن فى جميعِ ذلك، وتابعَ أبا الخَطَّابِ أيضًا صاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرُهم. وحكَى المُصَنِّفُ فى «الكَافِى»، فى الرَّيْحانِ الفارِسِىِّ، الرِّوايتَيْن، ثم قال: وفى سائرِ النَّباتِ الطيِّبِ الرَّائحَةِ، الذى لا يُتَّخَذُ منه طِيبٌ، وَجْهان، قِياسًا على الرَّيْحانِ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ، أنَ جميعَ القِسْمَيْن فيه وَجْهان؛ الرَّيْحانُ وغيرُه، ثم قال: وقيل: فى الجميعِ رِوايتان. انتهى. فتَلَخَّصَ للأصحابِ فى حِكايَةِ الخِلافِ، ثَلاثُ طُرُقٍ. [فائدة: الرَّيْحانُ وغيرُه نحوُه كأَصْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وفى «الفُصُولِ» احْتِمالٌ بالمَنْعِ، كماءِ وَرْدٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عَكسُه (¬1). انتهى] (¬2). وأمَّا الادِّهانُ بدُهْنٍ لا طِيبَ فيه، ¬

(¬1) فى أ: «عليه». والمثبت من الفروع 3/ 379. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالزَّيْتِ والشَيْرَجِ، ودُهْنِ البَانِ السَّاذَجِ ونحوِها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، جَوازُ ذلك، ولا فِدْيَةَ فيه. نصَّ عليه. وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ»، و «الرِّعايَة الكُبْرَى». وجزَم به فى «المُبْهِجِ»، و «الإِفَادَاتِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: أو يَدَّهِنْ فى رَأسِه بالشَّيْرَجْ … أو زَيْتٍ المَنْصُوصُ لا مَنْ خرَّجْ وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وصحَّحَه ابنُ البَنَّا فى «عُقُودِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، عدَمُ الجَوازِ، فإنْ فعَل، فعليه الفِدْيَةُ. قال فى «الفُروعِ»: ذكَر القاضى، أنَّه اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. قلتُ: قال الخِرَقِىُّ فى «مُخْتَصَرِه»: ولا يدَّهِنُ بما فيه طِيبٌ، ولا ما لا طِيبَ فيه. فعطَفَه على مافيه الفِدْيَةُ، والظَّاهِرُ التَّساوِى. ويأْتِى فى التَّنْبِيهِ الثَّالثِ. قال القاضى: هذه الرِّوايَةُ أَنَصُّ الرِّوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «التَّرْغِيبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرَّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الشَّرْحِ». ولكنْ إنَّما حكَى الخِلافَ فى التَّحْرِيم وعدَمِه، لا فى وُجوبِ الفِدْيَةِ. تنبيهات؛ الأَوَّلُ، شَمِلَ قوْلُ المُصَنِّفِ: والادِّهانُ بدُهْنٍ غيرِ مُطَيِّبٍ. الزَّيْتَ، والشَّيْرَجَ، والسَّمْنَ، والشَّحْمَ، والبَانَ السَّاذَجَ. وذكَرَه جماعَةٌ كثيرةٌ. واقْتَصرَ القاضى، وابنُ عَقِيلٍ على الزَّيْتِ والشَّيْرَجِ. وذكَر جماعَةٌ، أنَّ السَّمْنَ كالزَّيْتِ. الثَّافى، ظاهِرُ قوْلِه: فى رَأْسِه. أنَّ الخِلافَ مَخْصُوصٌ بالرَّأْسِ فقط. وفى غيرِه، يجوزُ. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، و «الشَّارِحِ»، وتَبِعَهُما ابنُ مُنَجَّى، وناظِمُ المُفْرَداتِ، كما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: فكانَ يَنْبَغِى أنْ يقولَ: والوَجْهِ. ولهذا قال بعضُ أصحابِنا: فى دَهْنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَعَرِه. فلم يَخُصَّ الرَّأْسَ. وقال القاضى وغيرُه: الرِّوايتَان فى رَأْسِه وبَدَنِه. قلتُ: وعلى هذا الأكثرُ، كالمُصَنِّفِ فى «الكَافِى»، وصاحِبِ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، وغيرهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه طَرِيقَةُ الأكْثَرِين. قلتُ: ورَدَ النَّصُّ عن أحمدَ بالمَنْعِ فى الرَّأْسِ، فكذلك اقْتَصرَ عليه المُصَنِّفُ. ومَنْ أجْرَى الخِلافَ فى جميعِ البَدَنِ، نظَر إلى تَعْليلِ الِإمامِ أحمدَ بالشَّعَثِ، وهو موْجُودٌ فى البَدَنِ، وفى الرَّأْسِ أكثرُ. الثَّالثُ، حيثُ قُلْنا بالتَّحْريمِ، فإنَّ الفِدْيَةَ تجِبُ، على ظاهرِ كلامِ الأصحابِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال: وكذلك قال القاضى فى «تَعْلِيقِه»: إنَّه ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّه منَع منه، واخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. انتهى. قلتُ:

وَإِنْ جَلَسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ، أَوْ فِى مَوْضِعٍ لِيَشَمَّ الطِّيبَ.، فَشَمَّهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى «الفُروعِ». ولم يُوجِبِ المُصَنِّفُ الفِدْيَةَ على كِلا الرِّوايتَيْن. وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن». وقد ذكَر ذلك القاضى أيضًا فى «تَعْلِيقِه»، لكِنَّه جعَل المَنْعَ مِن أحمدَ بمَعْنَى الكَراهَةِ مِن غيرِ فِدْيَةٍ. قوله: وإنْ جلَس عندَ العَطَّارِ، أو فى مَوضعٍ ليَشَمَّ الطِّيبَ، فَشَمَّه -مثْلَ مَن قصَد الكَعْبَةَ حالَ تَجْمِيرِها- فعليه الفِديَةُ، وإلَّا فلا. متى قصَد شَمَّ الطِّيبِ، حَرُمَ عليه، وعليه الفِدْيَةُ إذا شَمَّ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وحكَى القاضى فى «التَّعْلِيقِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، عن ابنِ حامِدٍ، يُباحُ ذلك.

فَصْلٌ: السَّادِسُ، قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ وَاصْطِيَادُهُ؛ وَهُوَ مَا كَانَ وَحْشِيًّا مَأْكُولَا، أوْ مُتَوِّلدًا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يجوزُ لمُشْتَرِى الطِّيبِ حَمْلُه وتَقْليبُه، إذا لم يَمَسَّه ولو ظهَر رِيحُه؛ لأنَّه لم يقْصِدِ الطِّيبَ، ولا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: ويتَوَجَّهُ، ولو عَلِقَ بيَدِه؛ لعَدَمِ القَصْدِ، ولحاجَةِ التِّجارَةِ. وعن ابنِ عَقِيلٍ، إنْ حمَلَه مع ظُهورِ رِيحِه، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ. ونقَل ابنُ القاسِمِ، لا يَصْلُحُ للعَطَّارِ يَحْمِلُه للتِّجارَةِ، إلَّا ما لا رِيحَ له. الثَّانيةُ، لو لَبِسَ، أو تَطَيِّبَ، أو غَطَّي رأْسَه جاهِلًا، فقال فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ أنْ يكونَ كالأَكْلِ فى الصَّوْمِ جاهِلًا. وقد قال القاضى لخَصْمِه: يجِبُ أنْ يقولَ ذلك. قوله: السَّادِسُ، قَتْلُ الصَّيْدِ واصْطِيادُه؛ وهو ما كان وَحْشيًّا مأكُولًا. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى قَتْلِه الجَزاءُ إجْماعًا مع تحْرِيمِه، إلَّا أنَّ فى بَقَرِ الوَحْشِ رِوايَةً؛ لا جَزاءَ فيها، على ما يأْتِى. ويأْتِى إذا قتَل الصَّيْدَ مُكْرَهًا أو ناسِيًا، فى بابِ الفِدْيَةِ. قوله: أو مُتَوَلِّدًا منه ومِن غيرِه. شَمِلَ قِسْمَيْن؛ قِسْمٌ مُتَوَلِّدٌ بينَ وَحْشِىٍّ وأهْلِىٍّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقِسْمٌ مُتَوَلِّدٌ بينَ وَحْشِيٍّ وغيرِ مأْكُولٍ. وكِلاهُما يَحْرُمُ قتْلُه، قوْلًا واحِدًا، وعليه الجَزاءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وما أُكِلَ أبوَاه فُدِىَ، وحَرُمَ قتْلُه، وكذا ما أُكِلَ أحَدُ أبَويْه دُونَه. وقيلَ: لا يُفْدَى، كمُحَرَّمِ الأبوَيْن. انتهى. وفى «الفُروعِ» هنا سَهْوٌ فى النَّقْلِ

فَمَنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ تَلِفَ فِى يَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ «الرِّعايَةِ». تنبيه: يأْتِى حُكْمُ غيرِ الوَحْشِىِّ، وما هو مُخْتَلَفٌ فيه، عندَ قوْلِه: ولا تَأْثِيرَ للحَرَمِ ولا للإِحْرامِ فى تحْرِيمِ حَيَوانٍ إنْسِىِّ. انتهى.

وَيَضْمَنُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، أَوْ أشَارَ إِلَيْهِ، أَوْ أَعَانَ عَلَى ذَبْحِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: ويضْمَنُ مادَلَّ عليه، أو أَشارَ إليه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، وابنُ إبْراهِيمَ، وأبو الحَارِثِ فى الدَّالِّ. ونقَلَه عَبْدُ اللهِ فى المُشِيرِ.

أَوْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ فِى ذَبْحِهِ؛ مِثْلَ أَنْ يُعِيرَهُ سِكِّينًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مُحْرِمًا، فَيَكُونَ جَزَاؤُهُ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونقَلَه أبو طالِبٍ فى المُشِيرِ وفى الذى يُعِينُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ كانتِ الدَّلالَةُ مُلْجِئَة، لَزِمَه الجَزاءُ للمُحْرِمِ، كقَوْلِه: دخَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّيْدُ فى هذه المغَارةِ. وإنْ كانت غيرَ مُلْجِئَةٍ، لم يَلْزَمْه، كقَوْلِه: ذَهب إلى تلكَ البَرِّيَّةِ. لأنَّه لا يضْمَنُ بالسَّبَبِ مع المُباشَرَةِ إذا لم يكُنْ مُلْجِئًا؛ لوُجوبِ الضَّمانِ على القاتلِ والدَّافِعِ، دونَ المُمْسِكِ والحافِرِ. وقال فى «الفَائقِ»: والمُخْتارُ تحريمُ الدَّلَالَةِ والإِشَارَةِ، دونَ لُزومِ الضَّمانِ بهما. وقال أبو حَكِيمٍ فى «شَرْحِه»: إذا أمْسَكَ المُحْرِمُ صَيْدًا حتى قتَلَه الحَلَالُ، لَزِمَه الجَزاءُ، ويرْجِعُ به على الحَلَالِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وهذا محْمُولٌ على أنَّه لم يُمْسِكْه ليَقْتُلَه، بل أمْسَكَه للتَّمَلُّك، فقتَلَه الحَلالُ بغيرِ إذْنِه، فيَرْجِعُ عليه بالجَزاءِ؛ لأنَّه ألْجَأَه على الضَّمانِ بقَتْلِه. فوائد؛ إحداهِا، لا ضَمانَ على دَالٍّ ومُشِيرٍ إذا كان قد رآه مَن يُرِيدُ صَيْدَه قبلَ ذلك، وكذا لو وُجِدَ مِنَ المُحْرِم عندَ رُويَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أو اسْتِشْرافٌ، ففَطِنَ له غيرُه فَصادَه، أو أَعارَه آلَةً لغيرِ الصَّيْدِ، فاسْتَعْمَلَها فيه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما سبَق، لو دَلَّه فكَذَّبَه، لم يَضْمَنْ. الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ دَلالَةٌ على طِيبٍ ولِباسٍ. ذكَرَه القاضى، وابنُ شِهابٍ، وغيرُهما. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ»؛ لأنَّه لا يَضْمَنُ بالسَّبَبِ، ولأنَّه لا يتعَلَّقُ بهما حُكْمٌ مُخْتَصٌّ، والدَّلَالَةُ على الصَّيْدِ يتعَلَّقُ بها حُكْمٌ مُخْتَصٌّ وهو مُخْتَصٌّ، وهو تحريمُ الأكْلِ والإِثْمُ. الثَّالثةُ، لو نصَب شَبَكَةً ثم أحْرَمَ، أو أحْرَمَ ثم حفرَ بئْرًا بحَقٍّ، كدَارِه، أو للمُسْلِمِين بطرِيقٍ واسِعٍ، لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ بذلك، وإلَّا ضَمِنَ، كالآدَمِىِّ إذا تَلِفَ فى هذه المسْأْلَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَ في «الانْتِصَارِ» ضَمانَه، وأنَّه لا تجِبُ به كفَّارَةُ قَتْلٍ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُ مَن أطْلَقَ مِن أصحابِنا، والله أعلمُ، إذا لم يَتَحَيَّلْ، فالمذهَبُ، رِوايَةً واحدَةً. وإذا تَحَيَّلَ (¬1)، فالخِلافُ. قال: وعدَمُه أشْهَرُ وأظْهَرُ. وقال فى «الفُصُولِ»، فى أوَاخِرِ الحَجِّ، فى دِبْقٍ (¬2): قبلَ إحْرامِه لا يَضْمَنُ به، بل بعدَه، كنَصْبِ أُحْبُولَةٍ، وحَفْرِ بِئْر، ورَمْىٍ، اعْتِبارًا بحالَةِ النَّصْبِ والرَّمْىِ، ويَحْتَمِلُ الضَّمانُ، اعْتِبارًا بحالِ الإِصابَةِ. وقال أيضًا: يتَصَدَّقُ مَن آذَاه أو أفْزَعَه بحسَبِ أذِيَّتِه اسْتِحْسانًا. قال: وتَقْرِيبُه كَلْبًا مِن مَكانِ الصَّيْدِ جنايةٌ، كتَقْرِيبه الصَّيْدَ مِن مَهْلَكَةٍ. قوله: إلَّا أنْ يكونَ القاتِلُ مُحْرِمًا فيكُونَ جَزاؤُه بينهما. يعْنِى، إذا كان القاتِل مُحْرِمًا، والمُتَسَبِّبُ فى قَتْلِه مُحْرِمًا، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّ الجَزاءَ بينَهما. وهو ¬

(¬1) فى ا: «يتحيل». وفى الأصل، ط: «لم يتحيل». وكذا بالفروع 408/ 3. (¬2) الدبق: حمل شجر فى جوفه كالغراء لازق يلزق بجناح الطائر فيصاد به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وإحْدَى الرِّواياتِ. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الِإرْشَادِ»، و «الهِدايَةِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الكافِى»، وصحَّحَه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، على كُلِّ واحدٍ جَزاءٌ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وحكَاهُما فى «المُذْهبِ» وَجْهَيْن، وأطْلَقهما. والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، عليهما جَزاءٌ واحدٌ، إلَّا أنْ يكونَ صَوْمًا، فعلي كلِّ واحدٍ صَوْمٌ تَامٌّ. [ولو أهْدَى واحِدٌ، وصامَ الآخَرُ، فعلى المُهْدِى بحِصَّتِه، وعلى الصَّائمِ صَوْمٌ تَامٌّ] (¬1). نقَل هذه الرِّوايَةَ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الإمامِ أحمدَ الجماعَةُ، ونَصَرها القاضى وأصحابُه. وقال الحَلْوَانِىُّ: عليها الأكثرُ. وقدمها فى «المُبْهِجِ»، وقال: هى أظْهَرُ. وقيل: لا جَزاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ قاتِلٍ. قال فى «الفُروعِ»: فيُؤْخَذُ مِن هذا، لا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع مُباشِرٍ. قال: ولعَلَّه أظْهَرُ، لاسِيَّما إذا أمْسَكَه ليَمْلِكَه، فقتلَه مُحِلٌّ. انتهى. وقيلَ: القَرارُ على القاتِلِ؛ لأنَّه هو جعَل فِعْلَ المُمْسِكِ عِلَّةً. قال فى «الفُروعِ»: وهذا مُتَوَجَّهٌ. وجزَم ابنُ شِهَابٍ، أنَّ الجَزاءَ على المُمْسِك؛ لتَأَكُّدِه، وأنَّ عكْسَه (¬1) المالُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ويأْتِى ذلك أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ جَزاءِ الصَّيْدِ، عندَ قوْلِه: وإنِ اشْترَكَ جماعةٌ فى قَتْلِ صَيْدٍ. ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «عليه». وانظر: الفروع 3/ 412.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، كذا الحُكْمُ والخِلافُ لو كان الشَّرِيكُ سَبُعًا، فإنْ سبَق حَلَالٌ أو سَبُعٌ، فجَرَحَه أحدُهما ثم قتَلَه المُحْرِمُ، فعليه جَزاؤُه مَجْرُوحًا، وإنْ سبَق هو فجَرحَه، وقتَلَه أحدُهما، فعلى المُحْرِمِ أرْشُ جَرْحِه، فلو كانَا مُحْرِمَيْن، ضَمِنَ الجارِحُ نقْصَه، والقاتِلُ تَتِمَّةَ الجَزاءِ. ولو جرَح المُحِلُّ والمُحْرِمُ معًا، قيل: على المُحْرِمِ بقِسْطِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «خِلَافِه». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقيلَ: عليه جَزاءٌ كامِلٌ. جزَم به القاضى أبو الحُسَيْنِ، والشَّارِحُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». الثانية، لو كان الدَّالُّ والشَّرِيكُ لا ضَمانَ عليه، كالمُحِلِّ مع المُحْرِمِ، فالجَزاءُ جمِيعُه على المُحْرِمِ. على الصَّحيَحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: فى الأشْهَرِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصرَاه، وقالَا: هذا ظاهِرُ قَوْلِ أحمدَ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ». قال ابنُ البَنَّا: نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: والمَنْقُولُ عن أحمدَ، إطْلاقُ القَوْلِ. ولم يُبَيِّنْ. قال القاضى: فيَحْتَمِلُ أنْ يريدَ به جميعَه، ويَحْتَمِلُ بحِصَّتِه. وذكَر بعضُهم وَجْهَيْن؛ لأنَّه اجْتمَعَ مُوجِبٌ ومُسْقِطٌ، فغلَبَ الإِيجابُ. قال فى «القَاعِدَةِ الثَّامنَةِ والعِشْرِين»: قال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: مُقْتَضَى الفِقْهِ عندِى، أنَّه يَلْزَمُه نِصْفُ الجَزاءِ. الثَّالثةُ، لو دَلَّ حَلالٌ حَلالًا على صَيْدٍ فى الحَرَمِ.

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الأَكلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَكلُ مَا صِيدَ لأَجْلِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو كما لو دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا على صَيْدٍ. قالَه ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال جماعةٌ: لا ضَمانَ على دالٍّ فى حِلٍّ، بل على المَدْلُولِ وحدَه، كَحَلالٍ دلَّ مُحْرِمًا. ويأْتِى ذلك فى أوَّلِ بابِ صَيْدِ الحَرَمِ. قوله: ويحْرُمُ عليهِ الأكْلُ مِن ذلك كُلِّه، وأكْلُ ما صِيدَ لأجْلِه. يحْرُمُ على المُحْرِمِ الأكْلُ مِن كلِّ صَيْدٍ صادَه أو ذَبحَه إجْماعًا، وكذا إنْ دلَّ مُحْرِمٌ حَلالًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، فقَتَلَه، أو أَعانَه، أو أشارَ إليه، ويحْرُمُ عليه ما صِيدَ لأَجلِها. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. نقَله الجماعةُ عن الإمامِ أحمدَ، وعليه الأصحابُ، وعليه الجَزاءُ إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكلَه، وإنْ أَكَل بعضَه ضَمِنَه بمِثْلِه مِنَ اللَّحْمِ. وفى «الانْتِصَارِ» احْتِمالٌ بجَوازِ أكْلَ ما صِيدَ لأَجْلِه. فائدتان؛ إحداهما، ماحَرُمَ على المُحْرِمِ، بدَلَالَةٍ أو إعانَةٍ أو صِيدَله، لا يَحْرُمُ على مُحْرِمٍ غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَحْرُمُ. الثَّانيةُ، لو قَتَل المُحْرِمُ صَيْدًا، ثم أكَلَه، ضَمِنَه لقَتْلِه لا لأَكْلِه. نصَّ عليه. وكذا إنْ حَرُمَ عليه بالدَّلالَةِ أو الإِعانَةِ عليه أو الإِشارَةِ، فأَكَل منه، لم يَضْمَنْ للأَكْلِ؛ لأنَّه صَيْدٌ مَضْمُون بالجزاءِ مَرَّةً، فلم يجِبْ به جَزاءٌ ثانٍ، كما لو أَتْلَفَه. وهذا المذهبُ، وجزَم به الأكثرُ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: عليه الجَزاءُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: دخَل فى قولِه: ولا يحْرُمُ عليه الأكْلُ مِن غيرِ ذلك. لو ذبَح مُحِلٍّ صَيْدًا لغيرِه مِنَ المُحْرِمِين، فإنَّه يَحْرُمُ على المَذْبُوحِ له، ولا يَحْرُمُ على غيرِه مِنَ المُحْرِمِين، على الصَّحيحِ مِن المذهَبِ. جزَم به فى «التَّلْخِيصِ» وغيرِه. وقيلَ:

وَإنْ أَتلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، أَوْ نَقَلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَفَسَدَ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ [65 و] بِقِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْرُمُ عليه أيضًا. وأطْلَقهما فى «القَاعِدَةِ الثَّانيةِ بعدَ المِائَةِ». قوله: وإنْ أتْلَف بَيْضَ صَيْدٍ، أو نقَلَه إلى مَوضِعٍ آخرَ ففَسَد، فعليه ضَمانُه بقِيمَتِه. إذا أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ بفِعْلِه، أو بنَقْلٍ ونحوِه، فحُكْمُه حُكْمُ الصَّيْدِ، على ما تقدَّم. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فعليه ضَمانُه بقِيمَتِه. أنَّه إذا لم يكُنْ له قِيمَةٌ، كالمَذِرِ، لا شئَ عليه فيه، ولو كان فيه فَرْخٌ مَيِّتٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ، لكِن يُسْتَثْنَى مِنَ المَذِرِ بَيْضُ النَّعامِ؛ فإنَّ الأصحابَ قالُوا: لقِشْرِ بَيْضِه قِيمَةٌ. وعنه، لا شئَ فى قِشْرِه أيضًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَلْوانِىُّ فى «المُوجَزِ»: إنْ تصَوَّرَ وتخَلَّقَ الفَرْخُ فى بَيْضَتِه، ففيه ما فى جَنِينِ

وَلَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِغَيْرِ الإِرْثِ. وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ بِهِ أيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ صَيْدٍ سقَط بالضَرْبَةِ مَمِّتًا. انتهى. وإنْ كسَر بَيْضَةً، فخَرج منها فَرْخٌ فعَاشَ، فلا شئَ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه فى «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أنْ يضْمنَه، إلَّا أنْ يُحْفَظَ مِنَ الخارِجِ إلى أنْ ينْهَضَ فيَطِيرَ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يضْمنَه؛ لأنَّه لم يَجْعَلْه غيرَ مُمْتَنِعٍ بعدَ أنْ كان مُمْتَنِعًا، بل ترَكَه على صِفَتِه. انتهى. ويأْتِى إذا قتَل حامِلًا، فأَلْقَتْ جَنِينَها مَيِّتًا، فى جَزاءِ الصَّيْدِ. قوله: ولَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ بغيرِ الإِرْثِ. لا يَمْلِكُ الصَّيْدَ ابْتِداءً بشِراءٍ، ولا باتِّهابٍ، ولا باصْطِادٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ولا يَمْلِكُ صَيْدًا باصْطِادِه بحالٍ، ولا بِشِراءٍ ولا باتِّهابٍ فى الأصحِّ فيهما. فحكَى وَجْهًا بصِحَّةِ المِلْكِ بالشِّراءِ والاتِّهابِ. وقال فى «الفُروعِ»: وفى «الرِّعايَةِ»، يَمْلِكُه بشِرَاءٍ أو اتِّهابٍ. والظَّاهِرُ، أنَّه سقَط لَفْظَةُ «قَوْل». فعلى المذهبِ، لو قبَضَه ثم تَلِفَ، فعليه جَزاؤُه، وعليه قِيمَةُ المُعَيَّنِ لمالِكِه. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايَةِ»: لا شئَ لوَاهِبِه. انتهى. وعلى المذهبِ أيضًا، لو قبَضَه رَهْنًا فتَلِفَ، فعليه جَزاؤُه فقط، وإنْ لم يتْلَفْ، فعليه رَدُّه، فإنْ أرْسلَه، فعليه ضَمانُه لمالِكِه، وليسَ عليه جَزاءٌ، ويَرُدُّ المَبِيعَ ولا يُرْسِلُه. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه إرْسالُه. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ». ويَرُدُّ الموْهُوبَ على وَاهِبِه، على الصَّحِيحِ، كالمَبِيعِ، فإن تَلِفَ بعدَ رَدِّة، فهَدَرٌ قبلَ الرَّد مِن ضَمانِه. ولا يتَوَكَّلُ المُحْرِمُ -خرَج به إلى الحِلِّ- فى بَيْعِ الصَّيْدِ ولا شِرائِه، فلو خالَفَ لم يصِحَّ عقْدُه. ولا يسْتَرِدُّ المُحْرِمُ الصَّيْدَ الذى باعَه وهو حَلالٌ، بخِيَارٍ ولا عَيْبٍ فى ثَمَنِه ولا غيرِ ذلك؛ لأنَّه ابْتِداءُ مِلْكٍ، وإنْ رَدَّه المُشْتَرِى عليه بخِيَارٍ أو عَيْبٍ، فله ذلك، ويَلْزَمُ المُحْرِمَ إرْسالُه. وأمَّا مِلْكُه بالإِرْثِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَمْلِكُه به، وعليه

وَإِنْ أَمْسَكَ صَيْدًا حَتّي تَحَلَّلَ، ثُمَّ تَلِفَ أَوْ ذَبَحَهُ، ضَمِنَهُ، وَكَانَ مَيْتَةً. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ أَكْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: لا يَمْلِكُه به أيضًا. فعليه، يكونُ أحَقَّ به، فيَمْلِكُه إذا حَلَّ. وأطْلَقهما فى «القاعِدَةِ الخَمْسِين»، [و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم] (¬1). قوله: وإنْ أمْسَكَ صَيْدًا حتى تحلَّلَ، ثم تَلِفَ أو ذَبَحَه، ضَمِنَه، وكان مَيْتَةً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أبا الخَطَّابِ؛ فإنَّه قال: له أكْلُه، ويَضْمَنُه. كما قالَه المُصَنِّفُ. فوائد؛ الأُولَى، وكذا الحُكْمُ لو أمْسَكَ صَيْدَ الحَرَمِ، وخرَج به إلي الحِلِّ. الثَّانيةُ، لو حلَب الصَّيْدَ بعدَ إخْراجِه إلى الحِلِّ، أو بعدَ حِلِّه (¬2)، ضَمِنَه بقِيمَتِه، وهل يَحْرُمُ أم لا؛ لأنَّ تحْريمَ الصَّيْدِ لعارِض؟ فيه احْتِمالَان فى «الفُنونِ»، قلتُ: ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، ط: «حكمه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَوْلَى تحْرِيمُه، كأَصْلِه. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ مِثْلُه بَيْضُه. الثَّالثةُ، لو ذبَح المُحْرِمُ صَيْدًا، أو قتَلَه، فهو مَيْتَةٌ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، فيَحْرُمُ أكْلُه على المُحْرِمِ والحَلالِ. الرَّابعةُ، لو ذبَح مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَم، فكَالمُحْرِمِ. ويأْتِى إذا اضْطُرَّ إلى أكلِ صَيْدٍ فذَبحَه، هل هو مَيْتَةٌ، أو يَحِلُّ بذَبْحِه؟ عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ومَنِ اضطُرَّ إلى أكْلِ الصَّيْدِ، فله اكْلُه. الخامسةُ، لو كسَر مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ، حرُم عليه اكْلُه، ويُباحُ أكْلُه للحَلالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، لأنَّ حِلَّه له لا يقِفُ على كَسْرِه، ولا يُعْتَبرُ له أهْلِيَّتُه، فلو كسَرَه مَجُوسِىٌّ، أو بغيرِ تَسْمِيَةٍ، حلَّ. وقال القاضى: يحْرُمُ على الحَلالِ أيضًا، كالصَّيْدِ، لأنَّ كسْرَه جرَى مَجْرَى الذَّبْحِ؛ بدَليلِ حِلِّه للمُحْرِمِ بكَسْرِ الحَلالِ له، وتحْرِيمِه عليه بكَسْرِ المُحْرِمِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْرُمُ عليه ما كسَرَه. وقيل: وعلى حَلالٍ ومُحْرِمٍ.

وَإنْ أَحْرَمَ وَفِى يَدِهِ صَيْدٌ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ، لَزِمَهُ إِزَالَةُ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ الْحُكْمِيَّةِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل، فَتَلِفَ، ضَمِنَهُ، وَإنْ أرْسَلَهُ إِنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا، فَلَا ضَمَان عَلَى الْمُرْسِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أحْرَمَ وفى يَدِه صَيْدٌ، أو دخَل الحرَمَ بصَيْدٍ، لَزِمَه إزالَةُ يَدِه المُشَاهَدَةِ دونَ الحُكْمِيَّةِ عنه. إذا أحْرَمَ وفى يَدِه صَيْدٌ، لَزِمَه إزالَةُ يَدِه المشاهَدَةِ، مثلَ ما إذا كان فى قَبْضَتِه، أو خَيْمَتِه، أو رَحْلِه، أو قَفَصِه، أو مَرْبُوطًا بحَبْلٍ معه، ونحوِه، ومِلْكُه باقٍ عليه، فيَرُدُّه مَن أخذَه (¬1)، ويَضْمَنُه مَن قتَلَه، دونَ الحُكْمِيَّةِ، مثلَ أنْ يكونَ فى بَيْتِه، أو بلَدِه، أو فى يَدِ نائبٍ له فى غيرِ مَكانِه، ومِلْكُه باقٍ عليه أيضًا، ولا يَضْمَنُه إنْ تَلِفَ، وله التَّصَرُّفُ فيه بالبَيْعِ والهِبَةِ وغيرِهما، ومَن غصَبَه لَزِمَه رَدُّه. وهذا المذهبُ فيهما، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: وجزَم فى ¬

(¬1) في الأصل، ط: «حده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»، لا يصحُّ نقْلُ مِلكِه عمَّا بيَدِه المُشاهَدَةِ. قال: فيه نَظَرٌ. انتهى. قلتُ: لم أجِدْ ذلك في «الرِّعايتَيْن»، بل صرح في «الكبْرَى» بالجَوازِ؛ فقال: ومن أحْرَمَ، أو دخَل الحَرَمَ، وله صَيْد، أو ملَكَه بعدُ، لم يَزُل مِلْكُه عنه، وإنْ كان بيَدِه ابْتِداءً أو دَوامًا، أو معه في قَفَص أو حَبْلٍ، أرْسَلَه، ومِلكُه فيه باقٍ، وله بَيْعُه وهِبَتُه بشَرْطِهما. انتهى. وقال في «عُيُونِ المَسائلِ»: إنْ أحْرَمَ وعندَه صَيْدٌ، زالَ مِلْكُه عنه؛ لأنَّه لا يجوز ابْتدِاءُ مِلْكِه. والنِّكاحُ يُرادُ للاسْتِدامَةِ والبَقاءِ، فلهذا لا يزُولُ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وأمَّا إذا دخَل الحَرَمَ بصَيْدٍ، فالمذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجَماعَةُ، أنَّه يَلزَمُه إزالَةُ يَدِه عنه وإرْسالُه، فإنْ أتْلفَه أو تَلِفَ، ضمِنَه. كما قال المُصَنِّفُ، كصَيْدِ الحِلِّ في الحَرَمِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّه لا يَلزَمُه إرْسالُه، وله ذَبْحُه، ونَقْل المِلْكِ فيه؛ لأنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِعَ إنَّما نهَى عن تَنْفيرِ صَيْدِ مَكَّةَ، ولم يُبَيِّنْ مثلَ هذا الحُكْمِ الخَفِيِّ مع كَثْرَةِ وُقوعِه، والصَّحابَةُ مُخْتلِفون، وقِياسُه على الإحْرامِ فيه نَظَر؛ لأنَّه آكُدُ لتَحْريمِه ما لا يُحَرِّمُه. قوله: فإنْ لم يفْعَلْ، فتَلِفَ، ضَمِنَه. إذا أحرَمَ وفي مِلْكِه صَيْدٌ، وهو في يدِه المُشاهَدَةِ، لَزِمَه إرْسالُه، فإنْ لم يفْعَلْ حتَّى تَلِفَ، فجزمَ المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَضْمَنُه مُطلَقاً. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وهو تَخْريجٌ لابنِ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به النَّاظِمُ، كالمُصَنِّفِ. والوَجْهُ الثَّانى، إنْ أمْكنَه إرْسالُه فلم يُرسِلْه حتَّى تَلِفَ، ضَمِنَه، وإلَّا فلا؛ لعدَمِ تَفْرِيطِه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ». ونَصَّ أحمدُ على التَّفْرِقةِ بينَ اليَدَيْن. وجزَم به في «المُغْنِي» و «الشرْح» و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِين». وقدَّمه فى «الفُصُولِ». ويَحتَمِلُه كلام المُصَنِّفِ هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَيضًا. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وأمَّا إذا ملَك الصَّيْدَ في الحِلِّ، ودخَل به في الحَرَمِ، ولم يُرْسِلْه حتَّى أتْلَفَه، أو تَلِفَ في يَدِه، فإنَّه يَضمَنُه، قوْلاً واحِداً عندَ الأصحابِ. ونقَله الجماعَةُ. كما تقدَّم. فائدة: لو أمْسَكَ صَيْداً في الإحْرامِ، لَزِمَه إرْسالُه، فإنْ ماتَ قبلَ إرْسالِه، ضَمِنَه مُطْلَقًا، قوْلاً واحِداً. قوله: وإنْ أرْسَلَه إنْسان مِنْ يَدِه قَهْرًا، فلا ضَمانَ على المُرْسِلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وعندَ أبي حَنِيفَةَ يَضْمَنُه؛

وَإنْ قَتَلَ صَيْدًا صَائلاً عَلَيْهِ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لانَ مِلْكَه مُحْترَمٌ، فلا يَبْطُلُ بإحْرامِه. وقوَّى أدِلَّتَه، ومالَ إليها، وقال بعدَ ذلك: فَظَهَر أنَّ قَوْلَ أبي حَنِيفَةَ مُتَوَجِّهٌ. قلتُ: قطَع بذلك فى «المُبْهِجِ»؛ فقال فى فَصْل جَزاءِ الصَيْدِ: فإنْ كان في يَدِه صَيْد قبلَ الإحْرامِ، ثم أحْرَمَ، فأرْسَلَه مِن يَدِه غيرُه بغيرِ إذْنِه، لَزِمَه ضَمانُه، سَواء كان المُرْسِلُ حَلالاً أو مُحْرِمًا. انتهى. ونقَل هذا فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والتِّسْعِين»، ثم قال: اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يكونَ المُرْسِلُ حاكِمًا أو وَلِيَّ صَبِيِّ، فلا ضَمانَكما للوِلايةِ. ثم قال: هذا كلُّه بِناءٌ على قوْلِنا: يجِبُ إرْسالُه وإلْحاقُه بالوَحْشِىِّ. وهو المَنْصُوصُ، أمَّا إنْ قُلْنا: يجوزُ له نقْلُ يَدِه عنه إلى غيرِه بإعَارَةٍ أو إيدَاعٍ، كما قالَه القاضِيّ في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في بابِ العارِيَّةِ، فالضَّمانُ واجِبٌ بغيرِ إشْكالٍ. انتهى. فائدة: لو أمْسَكَه حتى حَلَّ فمِلْكُه باقٍ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقالَه القاضِيّ وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِي» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الكَافِي»: يُرْسِلُه بعدَ حِلِّه، كما لو صادَه وهو مُحْرِمٌ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكبْرَى». قال فى «الفُروعَ»: كذا قال. قوله: وإنْ قتَلَ صَيْدًا صائِلاً عليه دَفْعًا عن نَفْسِه، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ.

أوْ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ سَبُع، أوْ شَبَكَةٍ لِيُطْلِقَهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ فِيهمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. قالَه القاضِى. وهو ظاهِرُ كلامِ الامامِ أحمدَ وقِياسُ قَوْلِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَرْحِ»، وغيرِهم. ولا فرْقَ بينَ أنْ يخْشَى منه التَّلَفَ أو مضَرَّةً، كجَرْحِه، أو إتْلافِ مالِه، أو بعضِ حَيوانِه. قالَه الأصحابُ. وقال أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»: عليه الجَزاءُ. قوله: أوْ بتَخْلِيصِه مِنْ سَبُع، أوْ شَبَكةٍ لِيُطلِقَه، لَمْ يَضْمَنْه إذا تَلِفَ. يعْنِي، إذا فكَّه بسَبَبِ تخْلِيصِه من سَبُعٍ أو شَبَكَةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: في الأشْهَرِ. وقيل: يَضْمَنُه. ويأتِي في باب الغَصْبِ، إذا حالَ حَيوانٌ بينَه وبينَ

وَلا تَأثِيرَ لِلْحَرَمِ وَلا لِلْإحْرَامِ في تَحْرِيمِ حَيَوَانٍ إنْسِيٍّ، وَلا مُحَرَّمِ الْأَكْلِ.، إلَّا الْقَمْلَ في رِوَايَةٍ. وَأيُّ شَيءٍ تَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ خَيْرًا مِنه. ـــــــــــــــــــــــــــــ مالِه وقتلَه، هل يَضْمَنُه أم لا؟ ويأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا أتْلَفَ بعضَ الصَّيْدِ أو جرَحَه. قوله: ولا تَأثِيرَ للحَرَمِ ولا للإحْرامِ في تَحْريمِ حَيوانٍ إنْسِيُّ، ولا مُحَرَّمِ الأكْلِ. ذكَر المُصَنِّفُ هنا شَيْئَين؛ أحدُهما، الحَيوان الإنْسِىُّ. والثَّانى، الحَيوانُ المُحَرَّم أكْلُه. فأمَّا الحَيوان الإنْسِيُّ، فلا يَحرمُ على المُحْرِمِ، ولا في الحَرَمِ إجْماعًا، لكِنَّ الاعْتِبارَ في الوَحْشِيِّ والأهْلِيِّ بأصْلِه، فالحَمامُ وَحْشِىٍّ، وإنْ تأهَّلَ، نصَّ عليه، ففيه الجَزاءُ كالمُتَوَحِّشِ. قطَع به الأصحابُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ البَطَّ كالحَمامِ، فهو وَحْشِيُّ وإنْ تأَهَّلَ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيٌّ: المُصَحَّحُ وُجوبُ الجَزاءِ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَضْمَنُه إذا كان أهْلِيًّا؛ لأنه مألوف بأصْلِ الخِلْقَةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قالوا. وأطْلَقَ بعضُ الأصحابِ في الدَّجاجِ رِوايتَيْن، وخصَّهما ابنُ أبِي مُوسى ومَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تابعَه بدَجَاجِ السِّنْدِ. وصحَّح المُصَنِّفُ، والشارِحُ، أنَّ الدَّجاجَ السِّنْدِيَّ وَحْشِيٌّ، كالحَمامِ. وأطْلَقَ في «الفَائقِ»، في دَجاجِ السِّنْدِ والبَطِّ، الروايتَيْن. وقدَّم في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، أنَّ في الدَّجاجِ الأهْلِيِّ الجَزَاءَ. قلتُ: هذا مُشْكِلٌ جِدًّا، ورُبَّما كان مخالِفَ الإجْمَاعِ، والاعْتِبارُ في الأهْلِيِّ بأَصْلِه، فلو توَحَّشَ بَقَرٌ أو غيرُه فهو أهْلِيٌّ. قال الإمامُ أحمدُ، في بَقَرَةٍ توَحَّشَتْ: لا شئَ فيها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجَوامِيسَ أهْلِيَّةَ مُطْلَقًا. ذكَرَه القاضِيّ وغيرُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وما توَحَّشَ مِن إنْسِيِّ، أو تأْنَّسَ مِن وَحْشِيٍّ، فليسَ صَيْدًا. وقيلَ: ما توَحَّشَ مِن إنْسِيِّ، فهو على الإباحَةِ لرَبِّه ولغيرِه، وما تأنَّسَ مِن وَحْشِيٍّ، فكما لو لم يَتَأنَّسْ. وقيل: ما تَلِفَ مِن وَحْشِيٍّ، لم يَحِلَّ، وفيه الجَزاءُ، ولو توَحَّشَ إنْسِيٌّ، لم يَحْرُمْ. انتهى. وأمَّا مُحَرّم الأكْلِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه لا جَزاءَ في قَتْلِه، إلَّا ما سبَق مِنَ المُتَولِّدِ، وما يَأتِي في القَمْلِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ مِن حيثُ الجُمْلَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمامُ أحمدُ: لا فِدْيَةَ في الضِّفْدَعِ. وقال في «الإرْشَادِ»: فيه حُكومَة. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ونقَلَه عَبْدُ اللهِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: لا أعرِفُ له وَجْهاً. وقال ابنُ عَقِيلٍ: في النَّمْلَة لُقْمَةٌ، أو تَمْرَةٌ إذا لم تُؤْذِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويتَخرَّجُ مِثْلُ ذلك في النَّحْلَةِ، وفي أُمِّ حُبَيْن وَجْهٌ؛ يَضْمَنُها بجَدْي. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو خِلافُ القِياسِ. وأُمُّ حُبَيْن؛ هي الحِرْباءُ. قال في «الفُروعِ»: وهي دابَّةٌ معْروفَةٌ، مثلُ أمِّ عُرْس، وابنِ آوَى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هي دابَّةٌ مُنْتَفِخَةُ البَطْنِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ مثْلُه كلُّ مُحَرَّمٍ لم يُؤْمَرْ بقَتْلِه. انتهى. وفي السِّنَّوْرِ الأهْلِيِّ وَجْهٌ؛ أنَّ فيه الجَزاءَ. ويأْتِي الكلامُ في الثَّعْلَبِ، والسِّنَّوْرِ الأهْلِيِّ، والهُدْهُدِ، والقِرْدِ، ونحوِها، في بابِ جَزاءِ الصَّيْدِ. قوله: إلَّا القَمْلَ في رِوَايةٍ، إذا قَتَلَه المُحْرِمُ. اعلمْ أنَّ في جَوازِ قَتْلِ القَمْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصِئبانِه (¬1) للمُحْرِمِ رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكَافِي»، و «الهَادِي»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحداهما، يُباحُ قتْلُها، كالبَراغِيثِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإفاداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُباحُ قتْلُها. وهي الصَّحِيحَةُ مِنَ المذهبِ، وهي ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال ¬

(¬1) الصئبان: بيض القمل والبرغوث، واحدته صئبانة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيٌّ: هي أنَصُّ الرِّوايتَيْن، واخْتِيار الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «المُحَرَّرِ». فعلى المذهبِ، هل يجِبُ عليه في قَتْلِها جَزاءٌ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الكَافِي»، إحداهما، لا جَزاءَ عليه. وهي المذهبُ. قال في «العُمْدَةِ»: لا شئَ فيما حَرُمَ أكْلُه إلَّا المُتَوَلِّدَ. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِين»، وصحَّحه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ»، فلا تفْرِيعَ عليها. والثانيةُ، عليه جَزاءٌ. وقال في «المُحَرَّرِ»: إنْ حَرُمَ قتْلُه، ففيه الفِدْيَةُ، وإلَّا فلا. [وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم] (¬1). فعليها، أيُّ شئٍ تصَدَّقَ به كان خَيْرًا منه، كما جزَم به المُصَنِّفُ، وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «المُحَرر»، و «الرعايةِ»، وغيرِهم. تنبيه: ظاهِرُ كلام المُصَنِّف، أنَّ الروايتَيْن في تحْريمِ قَتْلِ القَمْلِ، لا فَرْق فيهما بينَ قَتْلِه ورَمْيِه، أوَ قَتْلِه بالزِّئْبَقِ ونحوِه، مِن رَأسِه، وبدَنِه، وثَوْبِه، ظاهِرِه وباطِنِه. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. [وجزَم به ابنُ رَزِينٍ، وغيرُه. وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثر الأصحابِ] (¬2). ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: رَمْيُه مِن غيرِ ظاهِرِ ثوْبِه كقَتْلِه. وقال فى «المُذْهَبِ»: إذا قُلْنا: لا يُباحُ قَتْلُه، وكان قد جعَل في رَأْسِه زِئّْبَقًا قبلَ الإحرامِ، فَتَلِفَ بَعْدَ (¬1) الإحْرَام، لم يَضْمَنْ. انتهى. قلتُ: هذا يُفْتِي مَنْ نصَب الأُحْبُولَة قبلَ الإحْرامِ، ثم يقَعُ فيها بعدَ الإحْرامِ صَيْدٌ، على ما تقدَّم. [وأطْلَقهما في «الفُروعِ»] (¬2). وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: إنَّما الرِّوايَتان فيما إذا أَزالَه مِن شَعَرِه، وبَدَنِه، وباطِنِ ثَوْبِه، ويَجُوزُ مِن ظاهِرِه. نقَلَه عنهما في «الفُروعِ». وحكَى المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّ الرِّوايتَيْن ¬

(¬1) بياض بالأصول، ولعلها كما أثبتناها. (¬2) زيادة من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما أزَالَه مِن شَعَرِه، أمَّا ما ألْقاه مِن ظاهرِ بَدَنِه، (وثَوْبِه، فلا شئَ فيه، رِوايةً واحِدةً. انتهيا. قال الزَّرْكَشِيُّ: قال القاضي في «الرِّوايتَيْن»: ومَوْضِعُ الروايتَيْن، إذا ألْقاهَا من شَعَرِ رَأَسِه، أو بَدَنِه، أو لَحْمِه، أمَّا إنْ ألْقاهَا مِن ظاهرِ بدَنِه (¬1)، أو ثِيَابِه، أو بَدَنِ مُحِرمٍ، أو مُحْرِمٍ غيرِه، فهو جائزٌ، ولا شئَ عليه، رِواية واحدةً. فائدة: يَجْوزُ قَتْلُ البَراغيثِ مطْلَقاً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جَماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به أكثرُهم، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقال في ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ظاهرُ تَعْلِيقِ القاضي، أن البَراغِيثَ كالقَمْلِ. قال: وهو متوَجَّهٌ. وجزَم في «الرِّعايَةِ» في مَوْضِعٍ، لا يَقْتُلُ البَراغِيثَ ولا البَعُوضَ. وذكَرَه في مَوْضِعٍ آخَرَ قوْلاً، وزادَ، ولا قُرادًا. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ قَرَصَه ذلك، قتَلَه مجَّانًا، وإلَّا فلا يقْتُلْه. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: إلَّا القَمْلَ، إذا قتَلَه المُحْرِمُ. أنَّه لا يَحْرُمُ قتْلُه في الحَرَمِ. وهو صحيحٌ، فيُباحُ بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ. فوائد؛ يُسْتَحَبُّ قَتْلُ كلِّ مُؤْذٍ مِن حَيَوانٍ وطيْرٍ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: هو مُرادُ مَنْ أباحَه. انتهى. فمنه الفَواسِقُ الخَمْسَةُ وهُنَّ؛ الغُرابُ الأسْوَدُ، والأبقَعُ -وقيل: المُرادُ في الحديثِ، الأبْقَعُ. قالَه الزرْكَشِيُّ- والحِدَأةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ، والأسْوَدُ البَهِيمُ. وفي مُسْلِمٍ: والحَيَّةُ. أَيضًا. وفيه: يُقْتَلْنَ في الحَرَمِ والإحْرَامِ. وفيه. أنَّه، عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ، أمرَ مُحْرِماً بقَتْلِ حَيَّةٍ في مِنّى. فنَصَّ مِن كلِّ جِنْسٍ على أدْناهُ تَنْبِيهاً، والتنبِيهُ مُقَدَّمٌ على المَفْهومِ إنْ كان. وللدارَقُطنىِّ: يَقْتُلُ المُحْرِمُ الذِّئّْبَ (¬1). نقلَ حَنْبَلٌ، يقْتُلُ المُحْرِم الكَلْبَ العَقُورَ، والذِّئْبَ، ¬

(¬1) أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحج. سنن الدارقطني 2/ 232.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّبُعَ، وكُلَّ ما عدَا مِنَ السِّباعِ. ونقَل أبو الحَارِثِ، يقْتُلُ السَّبُعَ، عَدَا أولم يَعْدُ. انتهى. وممَّا يَقْتُلُ أَيضًا، النَّمِرَ، والفهْدَ، وكلَّ جارِحٍ؛ كنَسْر، وبازِىٍّ، وصَقْر، وباشقٍ، وشاهِينٍ، وعُقَابٍ، ونحوِها، وذُبابٍ،، ووَزَغٍ، وعَلَقٍ، وطبُّوعٍ، وبَقٍّ، وبَعُوضٍ. ذكَرَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. ونقَل حَنْبَلٌ، يَقْتُلُ القِرْدَ، والنَّسْرَ، والعُقَابَ، إذا وثَب، ولا كفَّارَةَ. وقال قومٌ: لا يُباحُ قَتْلُ غُرابِ البَيْنِ. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه ظاهِرُ «المسْتَوْعِبِ»؛ فإنَّه مثَّل بالغُرابِ الأبقَعِ فقط. فإنْ قتَلَ شيئاً مِن هذه الأشْياءِ مِن غيرِ أنْ يعْدُوَ عليه، فلا كفَّارَةَ عليه، ولا يَنْبَغِي له. وما لا يُؤْذِي بطبعِه، لاجَزاءَ فيه، كالرَّخَمِ، والبُومِ ونحوهما. قال بعضُ الأصحابِ: ويجوزُ قتلُه. منهم النَّاظِمُ. وقيل: يُكْرَهُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقيلَ: يَحْرُمُ. نقَل أبو داودَ، ويقْتُلُ كُلَّ ما يُؤْذِيه. وللأصحابِ وَجْهان فى نَمْلٍ ونحوِه. وجزَم فى «المُسْتَوْعِبِ»، يُكْرَهُ قتلُه مِن غير أَذِيَّةٍ، وذكَرَ منها الذُّبابَ. قال فى التَّحْريمِ: والتَّحْرِيمُ أظْهَرُ؛ للنَّهْيِ. نقَل حَنْبَلٌ، لا بَأْسَ بقَتْلِ الذَّرِّ. ونقَل مُهَنَّا، ويقتُلُ النَّمْلَةَ إذا عَضتْه، والنحْلةَ إذا آذَتْه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدينِ، لا يجوزُ قتلُ نَحْلٍ، ولو بأخْذِ كُل عسَلِه. قال هو وغيرُه: إنْ لم ينْدَفِعْ

وَلا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَفِي إبَاحَتِهِ في الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَمْلٌ إلَّا بقَتْلِه، جازَ. قال الإمامُ أحمدُ: يُدَخِّنُ للزَّنابِيرِ إذا خَشِيَ أذَاهم، هو أَحَبُّ إلَيَّ مِن تَحْريقِه، والنَّمْلُ إذا آذاه يقْتُلُه. فائدتان؛ إحداهما، قوله: ولا يَحْرُمُ صَيْد البَحْرِ على المُحْرِمِ. هذا إجْماعٌ. واعلمْ أنَّ البَحْرَ المِلْحَ والأنْهارَ والعُيونَ سَواءٌ. الثَّانيةُ، ما يعيشُ في البَرِّ والبَحْرِ، كالسُّلَحْفَاةِ والسَّرَطانِ ونحوِهما، كالسّمَك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل عَبْدُ اللهِ، عليه الجَزاءُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ المُرادَ، أنَ ما يعيشُ في البَرِّ له حُكْمُه، وما يعِيشُ في البَحرِ له حُكْمُه. وأمَّا طَيْر الماءِ، فَبَرء بلا نِزاعٍ؛ لانَّه يُفْرِخُ ويبيضُ في البَرِّ. قوله: وفي إباحَتِه في الحَرَم رِوايتان. وأطْلَقهما في «الفُروعَ»، و «الفَائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ». وقالَ في «الفُروعِ» أَيضًا، في أحْكامِ صَيْدِ المدِينةِ: وفي صَيْدِ السَّمَكِ في الحَرَمَيْن رِوايَتَان. وقد

وَيَضْمَن الجَرَادَ بِقِيمَتِهِ، فَإنِ انْفَرَشَ في طَرِيقِهِ، فَقَتَلَهُ بِالْمَشْىِ ـــــــــــــــــــــــــــــ سبَقَتا؛ إحْداهما، لا يُباحُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «الشَّرْحِ»، والشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في «مَنْسَكِه». وقدَّمه في «المُغْنِي»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1). قال في «الوجيزِ»: ويَحْرُمُ صَيْد الحَرَمِ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. والثَّانيةُ، يُباحُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «الإفاداتِ». وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال في «الفُصُولِ»: وهو اخْتِيارِي. وصحَّحَه النَّاظِمُ. قوله: ويَضْمَن الجَرادَ بقيمَتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجَرادَ إذا قُتِلَ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

عَلَيْهِ، فَفِي الْجَزَاءِ وَجْهَانِ. وَعَنْهُ، لا ضَمَانَ في الْجَرَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُضْمَنُ. جزَم به في «الوَجِيزِ»، و «الإفادَاتِ»، و «المُنَورِ». قال ابنُ مُنَجى: هذا المذهبُ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: يُضْمَنُ على الأظْهَرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكَافِي»، و «المُبْهِجِ». وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشارِحِ. وعنه، لا يُضْمَن الجَرادُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وجزَم به في «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «نَظْمِها». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ. فعلى المذهبِ، يَضْمَنُه بقِيمَتِه، كما قال المُصَنِّفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجِيز» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وعنه، يتَصدَّقُ بتَمْرَةٍ عن جَرادَةٍ. وجزَم به في «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ». وقدَّمه فى «الفُصُولِ». قال القاضي: هذه الرِّوايَةُ تقْوِيمٌ لا تقْدير، فتَكون المَسْأَلةُ رِوايَةً واحِدَةً. قوله: فإنِ انفرَش في طَرِيقِه، فقَتَلَه بالمَشْيِ عليه، ففي الجَزاءِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرحِ»، و «الحاوِيَيْن»،

وَمَنِ اضْطرُّ إِلَى أكلِ الصَّيْدِ، أوِ احْتَاجَ إِلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ، فَلَهُ فِعْلُهُ، وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَالقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، عليه الجَزاءُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، وصحَّحَه في «التَّصْحِيحِ». والثَّاني، لا جَزاءَ عليه. قال النَّاظِمُ: ويُفْدَى جَرادٌ في الأصَحِّ بقِيمَةٍ … ولو في طريق دُسْتَه بِمُبَعَّدِ قال في «الفُصُولِ»: وهذا أصحُّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فائدة: حُكْمُ بَيْضِ الطيرِ إذا أتْلَفَه لحاجَةٍ، كالمَشْيِ عليه، حُكْم الجَراد إذا افترَشَ في طَرِيقِه. قالَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما. قوله: ومَنِ اضْطُرَّ إلى أكْلِ الصَّيْدِ. فله اكْلُه. وهذا بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، لكنْ إذا ذبَحَه فهل هو كالمَيْتَةِ، لا يحِلُّ أكلُه [283/ 1] إلَّا لمَنْ يجوزُ له أكْلُ المَيْتَةِ، أو يُحِلُّه الذَّبْحُ؛ قال القاضي: هو مَيْتَة. واحْتَجَّ بقولِ أحمدَ: كلُّ ما اصْطادَه المُحْرِمُ وقتلَه، فإنَّما هو قبلَ قتلِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال القاضي. قال: ويتَوَجَّهُ حِلُّه؛ لحِلِّ أكْلِه. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعليه الفِدَاءُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: لا فِداءَ عليه والحالَةُ هذه. وحُكِيَ عن أبي بَكْرٍ. قالَه الزَّرْ كَشِيُّ. تنبيه: يَأْتِي في آخِرِ كتابِ الأطْعِمَةِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، لو اضْطُرَّ إلى الأكْلِ ووجَد مَيْتَةً وصَيْدًا وهو مُحْرِم، أو في الحَرَمِ. وأما إذا احْتاجَ إلى فِعْلِ شئٍ مِن هذه المَحْظُوراتِ، مثل إنِ احْتاجَ إلى حَلْقِ شَعَرِه لمرَض، أو قَمْلٍ، أو غيرِه، أو إلى تَغطِيَةِ رَأَسِه، أو لُبْسِ المَخِيطِ ونحوِ ذلك، وفعَلَه، فعليه الفِدْيَةُ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. ويجوزُ تقْديم الفديَةِ بعدَ وُجودِ العذرِ، وقبلَ فِعْلِ المَحْظُورِ.

فَصْلٌ: السَّابع، عَقْد النِّكَاحِ لا يَصِحُّ مِنْهُ. وَفِي الرَّجْعَةِ رِوَايَتَانِ. وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِ في شَيءٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان بالمُحْرِمِ شئٌ لا يحِبُ أنْ يطَّلِعَ عليه أحد، جَازَ له اللُّبْسُ، وعليه الفِدَاءُ. نصَّ عليه. قلتُ: فيُعايىَ بها. وتقدَّم إذا دَلَّ على طِيبٍ أو لِباسٍ، عندَ الدَّلالَةِ على الصَّيْدِ. قوله: السَّابع، عَقْد النِّكاحِ لا يَصِحُّ منه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعةُ. وسَواءٌ زوَّج غيرَه، أو تَزَّوجَ مُحْرِمَةً أو غيرَها، وَلِيًّا كان أو وَكِيلاً. وعنه، إنْ زوَّج المُحْرِمُ غيرَه، صحَّ سَواءٌ كان وَلِيًّا أوْ وَكِيلاً. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، كما لو حلَق المُحْرِمُ راسَ حَلال. قالَه الزَّرْكَشِيُّ. فعلى المذهبِ، الاعْتِبارُ بحالَةِ العَقْدِ، فلو وَكَّل مُحْرِمٌ حَلالاً، فعَقَده بعدَ حِلِّه، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. ولو وكَّل حَلالٌ حَلالاً، فعَقَدَه بعدَ أنْ أحْرَمَ، لم يصحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. ولو وكَّلَ ثم أحْرَمَ، لم يَنْعَزِلْ وَكِيلُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَنْعَزِلُ. فعلى المذهبِ، لو حَلَّ المُوَكِّلُ كان لوَكِيله عَقْدُه له في الأَقْيَس. قالَه في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». فلو قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عقَدَه قبلَ إحْرامِي. قُبِلَ قوْلُه. وكذا لو قال: عقَدَه بعدَ إحْرامِي. لأنَّه يَمْلِكُ فَسْخَه، فيَمْلِكُ إقْرارَه به، ولكِنْ يَلْزَمُه نِصْفُ المَهْرِ. ويصِحُّ العَقْدُ مع جَهْلِهِما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُقُوعَه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مِنَ المُسْلِمين تَعاطِي الصَّحِيحِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُ (¬1) بعدَ أنْ حَلَلْتِ. فقالتْ: بل وأنا مُحْرِمَةٌ. صُدِّقَ الزَّوْجُ، وتُصَدَّقُ هي في نَظيرَتِها في العِدَّةِ؛ لأنَّها مُؤتَمَنَةٌ. ذكَرَه ابنُ شِهَابٍ وغيرُه. الثَّانيةُ، لو أحْرَمَ الإمامُ، مُنِعَ مِنَ التَّزْوِيجِ لنَفْسِه وتَزْويجِ ¬

(¬1) في أ: «تزوجتك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أقارِبِه، وأمَّا بالوِلايةِ العامَّةِ، فقال القاضي في «التَّعْلِيقِ»: لم يَجُزْ له أنْ يُزوِّجَ، وإنَّما يُزَوِّجُ خُلَفاؤُه، ثم سَلَّمه؛ لأنَّه يجوزُ بوِلايةِ الحُكْمِ ما لا يجوزُ بوِلايةِ النَّسَب. وذكَر ابنُ عَقِيل احْتِمالَيْن في عدَمِ تزْويجِه وجَوازِه للحَرَجِ؛ لأنَّ الحُكَّامَ إنَّما يُزَوِّجُون بإذْنه ووِلاِيته، واخْتارَ الجَوازَ لحِلِّه حالَ وِلاِيته. والاسْتِدامَةُ أقْوَى؛ لأنَّ الإمامةَ لا تَبْطُلُ بفِسْقٍ طرَأ. واقْتَصرَ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» على حِكايَةِ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ. وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّ نائِبَه إذا أحْرَمَ، مِثْلُ الإمامِ. قلتُ: قال ابن الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: للإمامِ الأعْظَمِ ونائبِه أنْ يُزَوِّجَ وهو مُحْرِمْ بالوِلايةِ العامَّةِ، على ظاهرِ المذهبِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، عدَمُ الصِّحَّةِ منهما. قوله: وفي الرَّجْعَةِ رِوايتَان. يعْنى في إباحَتِها وصِحَّتِها. وأطْلَقهما في «الإرْشادِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ذكَروه فى بابِ الرَّجْعَةِ، و «الحاوِيَيْن»، وناظِمُ «المُفْرَدات»، [و «المُحَرَّرِ»] (¬1)؛ إحْداهما، تُباحُ، وتصِحُّ. وهو المذهبُ. اخْتارَها الخرقِىُّ، والقاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحَه فى «الهدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» هنا، و «التَّلْخِيصِ»، [و «البُلْغَة»] (1)، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «التَصْحِيحِ»، [و «تَصْحِيح المُحَرَّرِ»] (1)، و «الفَائقِ». قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: عليها الجُمْهورُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإفاداتِ». وقدَّمه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، المَنْعُ وعدَمُ الصِّحَّةِ. نَقَلها الجماعَةُ عن أحمدَ. ونصَرَها القاضي وأصحابُه. قال ابنُ عَقِيل: لا يَصِحُّ على المَشْهُورِ. قال في «الإيضاحِ»: وهي أصحُّ. ونصَرَها فى «المُبْهِجِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هي الأشْهَرُ عن أحمدَ. فوائد؛ الأُولَى، تُكْرَهُ خِطبَةُ المُحْرِمِ كخِطبةِ العَقْدِ وشُهودِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْرُمُ ذلك لتَحْريمِ دَواعِي الجِمَاعِ. وأطْلَق أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ تحْريمَ الخِطْبَةِ. الثَّانيةُ، تُكْرَهُ الشَّهادَةُ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقيلٍ: تَحْرُمُ. وقدَّمه القاضي، واحْتَجَّ بنَقْلِ حَنْبلٍ، لا يَخْطُبُ. قال: ومَعْناه لا يَشْهَدُ النِّكاحَ. ثم سَلَّمَه. وقال في «الرِّعايَةِ»

فَصْلٌ: الثَّامِنُ، الْجِمَاعُ في الْفَرْجِ، قُبُلاً كَانَ أَوْ دُبُرًا، مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها: يُكرهُ لمُحِلّ خِطْبَةُ مُحْرِمَةٍ، وأنَّ في كراهَةِ شَهادَتِه فيه وَجْهان. قال في «الفروعِ»: كذا قال. الثَّالثةُ، يصِحُّ شِراءُ الأمَةِ للوَطْءِ وغيرِه. قال المُصَنِّفُ: لا أعلمُ فيه خِلافًا. الرَّابعةُ، يجوزُ اخْتِيارُ مَن أسْلَمَ على أكْثرَ مِن أرْبَع نِسْوَةٍ لبَعضِهنَّ، في حالِ إحْرامِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وابنُ رَزِينٍ. وقال القاضي: لا يخْتَارُ والحالَةُ هذه. ويأتِي ذلك في بابِ نِكاحِ الكُفَّارِ، فإنَّه مَحَلُّه. قوله: الثَّامِنُ، الجِماعُ في الفَرْجِ، قُبُلاً كان أو دُبُرًا، مِن آدَمِيٍّ أو غيرِه.

آدَمِيّ أوْ غَيْرهِ. فَمَتَى فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ التَحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَسَدَ نُسُكُهُ، عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فمتى فعلَ ذلك قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ، فسَد نُسُكُه. هذا المذهبُ، قولاً واحِدًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، إلَّا أن بعضَهم خرَّج عدَمَ الفَسادِ بوَطْءِ البَهِيمَةِ مِن عدَمِ الحَدِّ بوَطْئِها. وأطْلَقَ الحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْن؛ أحدُهما، لا يَفْسُدُ، وعليه شاةٌ. وأطْلَقَ في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، في فَسَادِ النُّسُكِ بوَطْءِ البَهِيمَةِ، وَجْهَيْن. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»: وإذا وَطِئَ بهِيمَةً، فكَالْوَطْءِ في غيرِها، في أصحِّ الوَجْهَيْن. وتقدَّم إذا أحْرَمَ حالَ وَطْئِه، في أوَّلِ بابِ الإحْرامَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: عَامِدًا كان أو ساهِياً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ السَّاهِيَ في فِعْلِ ذلك كالعامِدِ. وقطَع به كثيرٌ منهم، وكذا الجاهِلُ والمُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه. ونقَلَه الجماعَةُ في الجاهِلِ. وذكَر في «الفُصُولِ» رِوايةً، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَفْسُدُ حَجُّ النَّاسِي، والجاهِلِ، والمُكْرَهِ، ونحوِهم. وخرَّجَها القاضي في كتابِ «الروايتَيْن». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفَائقِ»، ومالَ إليه في «الفُروعِ». وقال: هذا مُتَّجَهٌ. ورَدَّ أدِلَّةَ الأصحابِ، وقال: فيه نظَرٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: المُكْرَهَةُ لا يَفْسُدُ حَجُّها، وعليها بَدَنَةٌ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ ما يجِبُ بالوَطْءِ، في بابِ الفِدْيَةِ، في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانِي، وبعدَه، إذا وَطِئ،

وَعَلَيْهِمَا الْمُضِيُّ في فَاسِدِهِ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ حَيْث أحرَمَا اوَّلاً. وَنَفَقَةُ الْمَرأةِ في الْقَضَاءِ عَلَيْهَا إِنْ طَاوَعَتْ، وَإنْ أُكْرِهَتْ فَعَلَى الزَّوَجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عامِدًا أو مُخْطئًا. قوله: وعليهما المُضِيُّ في فاسِدِه. حُكْمُه حُكْم الإحْرامِ الصَّحيحِ. نَقَله الجماعةُ، وعليه الأصحابُ. وقال في رِوايَةِ ابنِ إبْرَاهِيمَ: أَحَبُّ إليَّ أنْ يَعْتَمِرَ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَنْعِيمِ، يعْنِي، يَجْعَلُ الحَجَّ عُمْرَةً، ولا يُقِيمُ على حَجَّةٍ فاسِدَةٍ. وهو مذهَبُ مالِكٍ. قوله: والقَضاءُ على الفَوْرِ. إِنْ كان ما أفْسَدَه حَجًّا واجبًا، فلا نِزاعَ في وُجوبِ القَضاءِ، وتُجْزِئُه الحَجَّةُ مِن قابِلٍ. وإنْ كان الذي أفْسَدَه تَطوُّعاً، فَالمنْصُوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، وجُوبُ القَضاءِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ وُجوبُ إتْمامِه، لا وُجوبُه في نَفْسه، لقَوْلِهم: إنَّه تَطوُّعٌ، فيُثابُ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَوابَ نَفْلٍ. وفي «الهِدايَةِ»، و «الانْتِصارِ»، و «عُيُونِ المَسائلِ» رِوايَةٌ، لا يَلْزَم القَضاءُ. قال المَجْدُ: لا أحْسَبُها إلَّا سَهْوَا. قوله: والقَضاءُ على الفَوْرِ مِن حيثُ أحْرَما أوَّلاً. إنْ كانَا أحْرَما قبلَ المِيقَاتِ، أو مِنَ المِيقاتِ، أحْرَما في القَضاءِ مِنَ المَوْضِعِ الذي أحْرَما منه أوَّلاً، وإنْ كانَا أحْرَما مِن دُونِ المِيقاتِ، أحْرَما مِنَ المِيقاتِ. وهذا بلا نِزاع. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنْ يُحْرِمَ مِنَ المِيقاتِ

وَيَتَفَرَّقَانِ في الْقَضَاءِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أصَابَهَا فِيهِ إلَى أنْ يَحِلَّا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أوْ مُسْتَحَبٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطقًا. ومالَ إليه. قوله: ونَفَقَةُ المرأةِ في القَضاءِ عليها إنْ طاوَعَتْ -بلا نِزاع- وإنْ أُكْرِهَتْ، فعلى الزَّوْجِ. وهو المذهبُ، ولو طَلَّقَها. نقَل الأثرَمُ، على الزَّوْجِ حَمْلُها, ولو طَلَّقَها وتَزوجَتْ بغيرِه، ويُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانى على إرْسالِها إنِ امْتَنَعَ. ويأْتِي في بابِ الفِدْيَةِ في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانِي، وُجوبُ فِدْيَةِ الوَطْءِ على المَرْأةِ في الحَجِّ والعُمْرَةِ. قوله: ويتَفرَّقان في القَضاءِ مِنَ الموْضِعِ الذي أصابَها فيه إلى أنْ يَحِلَّا. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا ظاهِر المذهبِ. وعنه، يتَفَرَّقان مِنَ المَوْضِعِ الذي يُحْرِمان منه. قوله: وهل هو واجِبٌ أو مُسْتَحبٌّ؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهادِى»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، مُسْتَحَبٌّ. وهو المذهبُ. قال في «الشَّرْحِ»: وهو أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمَه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واختارَه ابن عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». والوَجْهُ الثَّانِي، أنَ ذلك واجِبٌ. جزَم به أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسَائلِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مَعْنَى التفَرُّقِ؛ أنْ لا يرْكَبَ معها في مَحْمِلٍ، ولا يَنْزِلَ معها في فُسْطَاطٍ، ونحوِ ذلك. قآل الإمامُ أحمدُ: يتفَرَّقان في النُّزولِ، والفُسْطاطِ،، والمَحْمِلِ، ولكنْ يكونُ بقُرْبِها. انتهى. وذلك ليُراعِيَ أحْوالَها، فإنَّه مَحْرَمُها. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ أنَّ زوْجَها الذي وَطِئَها يجوزُ ويصْلُحُ أنْ يكونَ مَحْرَماً لها في حَجَّةِ القَضاءِ. وهو صحيح، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. قالَه في «الفُروعِ». وقد ذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ بقُرْبِها ليُراعِيَ أحْوالَها؛ لأنَّه مَحْرَمُها. ونقَل ابن الحَكَمِ، يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ معها مَحْرَمٌ غير الزَّوْجِ. قلتُ: فيُعايَى بها. فوائد؛ الأولَى، حُكْمُ العُمْرَةِ حُكْم الحَجِّ في فَسادِها بالوَطْءِ قبلَ الفَراغِ مِنَ السَّعْىِ ووُجوبِ المُضِيِّ في فاسدِها، ووُجوبِ القَضاءِ وغيرِه، فإنْ كان مَكِّيًّا، أو حصَل بها مُجاوِرًا، أحْرَمَ للقَضاءِ مِنَ الحِلِّ، سَواء أحْرَمَ بها منه أو مِنَ الحَرَمِ. وإن أفْسَد المُتَمَتِّعُ عُمْرَتَه، ومضَى فيها وأتَمَّها، فقال الإمامُ أحمدُ: يخْرُجُ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِيقاتِ، فيُحْرِمُ (¬1) منه بعُمْرَةٍ، فإنْ خافَ فَوْتَ الحَجِّ، أحْرَمَ به مِن مَكَّةَ، وعليه دَمٌ، فإذا فَرَغ مِنَ الحَجِّ، أحْزَمَ مِنَ المِيقاتِ بعُمْرَةٍ مَكانَ الذي أفْسَدَها، وعليه هَدْىٌ لِمَا أفْسَدَ مِن عُمْرَتِه. وهذا المذهب. وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعَ». ونقَل أبو طالِبٍ، والمَيْمُونِيُّ، فإذا فرَغ منه أحْرَمَ مِن ذِى الحُلَيْفَةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فيخرج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعُمْرَةٍ مَكانَ ما أفْسَدَ. قال القاضي ومَن تَبِعَه، تفْرِيعاً على رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، أنَّ دَمَ المُتْعَةِ والقِرَانِ يسْقُطُ بالإفْسَادِ، فقال: إنْ أهَلَّ بعُمْرَةٍ للقَضاءِ، فهل هو مُتَمَتِّعٌ؟ إنْ أنْشأَ سَفَرَ قَصْرٍ، فمُتَمَتِّعٌ، وإلاَّ فلا. على ظاهِرِ نقْلِ ابنِ إبْراهِيمَ، إذا أنْشَأَ سفَرَ قَصْرٍ، فمُتَمَتِّعٌ. ونقَل ابنُ إبْرَاهِيمَ رِوايَةَ أُخْرَى، يَقْتَضِي إنْ بلَغ المِيقَاتَ، فمُتَمَتِّعٌ، فقال: لا يكُونُ مُتْعَةً حتى يخْرُجَ إلى ميقَاتِه. الثَّانيةُ، قَضاءُ العَبْدِ كنَذْرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يصِحُّ في حالِ رِقِّه؛ لأنَّه وجب عليه بإيجابِه. قال في «الفُروعِ»: هذا أشْهَرُ. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ».

وَإنْ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ [وتقدَّم ذلك في كتابِ المنَاسِك، في أحْكامِ العَبْدِ] (¬1). وإنْ كان الذي أفْسَدَه مأذُونًا فيه، قضَى متى قدَر. نقَلَه أبو طالِبٍ، ولم يَمْلِكْ منْعَه منه؛ لأنَّ إذْنَه فيه إذْنٌ في مُوجَبِه ومُقْتَضاه. وإنْ كان غيرَ مأْذُونٍ فيه، ملَك السَّيِّدُ منْعَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لتَفْويتِ حقِّه. وقيل: لا يَمْلِكُه لوُجوبِه. [وتقدَّم أَيضًا هناك] (1). وإنْ أُعْتِقَ قبلَ القَضاءِ، انْصرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: عندي لا يصِحُّ. الثَّالثةُ، يَلْزَم الصَّبِيَّ القَضاءُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إذا أفْسَدَه. نصَّ عليه؛ لأنَّه يَلْزَمُه البَدَنَةُ، والمُضِيُّ في فاسِدِه؛ كبالغٍ. وقيل: لا يَلْزَمُه القَضاءُ؛ لعدَمِ تكْليفِه. وحكَاه القاضي فى «تَعْلِيقِه» احْتِمالاً. فعلى المذهبِ، يكون القَضاءُ بعدَ بُلُوغِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يصِحُّ قبلَ بُلُوغِه. وصحَّحَه القاضي في «خِلافِه». الرَّابعةُ، يكْفِي العَبْدَ والصَّبِيَّ حَجَّةُ القَضاءِ عن حَجَّةِ الإِسْلامِ، والقَضاءُ إنْ كفَتْ، لو صحَّتْ كالأدَاءِ (¬2). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخالَف ابنُ عَقِيلٍ. وتقدَّم ذلك مع أحْكامِ العَبْدِ بأتَمَّ مِن هذا، في أوَّلِ كتابِ الحَجِّ، فَلْيُعاوَدْ. الخامسةُ، لو أفْسَدَ القَضاءَ، لَزِمَه قَضاءُ الواجِبِ الأوَّلِ لا القَضاءُ. قوله: وإن جامَعَ بعدَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ لم يَفْسُدْ حَجُّه. هذا المذهبُ، سَواءٌ كان مُفرِدًا أو قَارِنًا، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ حَجَّه ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) في أ: «كالأولى».

وَيَمْضِى إلَى التَّنْعِيمِ فَيُحْرِمُ؛ لِيَطُوفَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يفْسُدُ إنْ بَقِىَ إحْرامُه، وفسَدَ بوَطْئِه. وذكَر أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، أنَّ مَن وَطِئَ فى الحَجِّ قبلَ الطَّوافِ، فسَد حَجُّه. وحملَه بعضُهم على ما قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ. قال فى «المُسْتَوعِبِ»، عن كلامِ أبى بَكْرٍ: يريدُ إذا لم يكُنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فلا يكونُ قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ جامَعَ قبلَ تحَلُّلِه الأوَّلِ. وقيل: قبلَ رَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ. ويأتِى فى صِفَةِ الحَجِّ، بِمَ يحْصُلُ التَّحَلُّل الأوَّلُ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: هل يكونُ بعدَ التَّحلُّلِ الأوَّلِ مُحْرِماً؟ ذكر القاضي وغيرُه، أنَّه يكونُ مُحْرِماً؛ لبَقاءِ تحْريمِ الوَطْءِ المُنافِي وُجودُه صِحَّةَ الإحْرامِ. وقال القاضي أَيضًا: إطْلاقُ المُحْرِمِ؛ مَن حَرُمَ عليه الكُلُّ. وقال ابن عَقِيل في «الفُنونِ»: يبطُل إحْرامُه على احْتِمال. وقال في «مُفْرَدَاتِه»: هو مُحْرِمٌ؛ لوُجوبِ الدَّمِ. وذكَر المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» هنا، وتَبعَه في «الشَّرحِ»، أنَّه مُحْرِمٌ. وقالا في مَسْألةِ ما يُبْاحُ بالتَّحلُّلِ الأوَّلِ: نَمْنَعُ أنَّه مُحْرِمٌ، وإنَّما بَقِيَ بعضُ أحْكامِ الإحْرامِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وَالميْمُونِيُّ، وابن الحَكَمِ، في مَن وَطِئ بعدَ الرَّمْيِ، يَنْتَقِضُ إحْرامُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: لو وَطِئ بعدَ الطَّوافِ وقبلَ الرَّمْيِ،، فظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، أنَّه كالأوَّلِ، ولأبِي مُحَمَّد في مَوْضِعٍ، في لزُومِ الدَّمِ احْتِمالان. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَواضِعَ أُخَرَ بلُزومِ الدَّمِ، تبَعًا للأصحابِ. قوله: ويَمْضِي إلى التَّنعِيمِ فيُحْرِمُ؛ ليَطُوفَ وهو مُحْرِمٌ. اعلمْ أنَّ المذهبَ، أنَّ الوَطْءَ بعدَ التَّحَلُّلِ الأولِ يُفْسِد الإحْرامَ، قولاً واحِدًا، ويَلْزَمُه أنْ يُحْرِمَ مِن الحِلِّ؛ ليَجْمَعَ بينَ الحِلِّ والحرَمِ، ليَطُوفَ في إحْرام صحيحٍ؛ لأنَّه رُكْنُ الحَجِّ، كالوُقوفِ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفَائق». وقالَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: سَواءٌ أبْعَدَ أوْ لا. ومَعْناه، كلامُ غيرِه. قالَه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ومَن تابَعهما: والمَنْصُوصُ عَن أحمدَ، أنَّه يعْتَمِرُ. فيَحْتَمِلُ أنَّه أَرادَ هذا المَعْنَى، يعْنِي ما تقدَّم، وسمَّاه عُمْرَةً؛ لأنَّ هذا أفْعالُ العُمْرَةِ. ويَحتَمِلُ أنَّه أَرادَ عُمْرَةً حقِيقَةً، فيَلْزَمُ سَعْىٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقْصِيرٌ. قالوا: والأوَّلُ أصحُّ. وقال الشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ أَيضًا: يَعْتَمِرُ مُطْلَقًا. وعليه نصُوصُ أحمدَ. وجزَم به القاضي في «الخِلافِ»، وابنُ عَقِيل في «مُفْرَداتِه»، وابن الجَوْزِيِّ في كتاب «أسْبَابِ الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُبْهِجِ». قال أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ»: يأتى بعَمَلِ عُمْرَةٍ، وبالطَّوافِ والسَّعْيِ، وبقِيَّة أفْعالِ الحَجِّ. قوله: وهل يَلْزَمُه بَدَنَةٌ، أو شَاةٌ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروع»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يَلْزَمُه بَدَنَةْ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الإفَادَاتِ»، (والقاضى) (¬1)، والمُوَفَّقُ في «شَرْحِ مَناسِكِ المُقْنِع»، ونَصَره، وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «النَّظْمِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه شاةٌ. وهي المذهبُ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «الخُلاصَةِ»: يَلْزَمُه دَمٌ. وجزَم به في «الإرْشَادِ»، و «الإيضاحِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الكَافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «شَرْحِها». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وصحَّحَه القاضي في كتابِ «الرِّوايتَيْن». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَصْلٌ: التَّاسِع، الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لِشَهْوَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو طافَ للزِّيارَةِ ولم يَرْمِ، ثم وَطِئ، فقدَّم فى «المُغْنِي»، و «الشَرْحِ»، أنَّه لا يَلْزَمُه إحْرامٌ مِنَ الحِلِّ، ولا دَمَ عليه؛ لوُجودِ أرْكانِ الحَجِّ، وَيحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه. قال فى «الفُروعَ»: وظاهِرُ كلامَ جماعةٍ كما سَبقَ. الثَّانيةٌ، العُمْرَةُ كالحَجِّ فيما تقدَّم، وتفْسُدُ قبلَ فَراغِ الطَّوافِ. وكذا قبلَ سَعْيِها، إنْ قُلْنا: هو رُكْنٌ أو واجِبٌ. وقال في «الترغِيبِ»: إنْ وَطِئَ قبلَ السعْيِ، خُرِّجَ على الروايتَيْن في كوْنِه رُكْنًا أو غيرَه. انتهى. ولا تَفْسُدُ قبلَ الحَلْقِ إنْ لم يجِبْ. وكذا إنْ وجَب. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، ويَلْزَمُه دَمٌ. وقدمه في «التَّرْغِيبِ»، أنَّها تفْسُدُ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: في فِداءِ مَحْظُورِها قبلَ الحَلْقِ الرِّوايتَان. وقال في «الرِّعايَةِ»: وعنه، يفْسُد الحَجُّ فقط. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ويأْتِى في بابِ الفِدْيَةِ، في آخِرِ الضَّرْبِ الثَّانى، ما يجِبُ بالوَطْءِ في العُمْرَةِ. قوله: التَّاسِعُ، المُباشَرَةُ فِيما دونَ الفَرْجِ لشَهْوَةٍ - وكَذا إن قبَّل أو لمسَ

وَهَلْ يَفْسُدُ نُسُكُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإنْ لَمْ يُنْزِلْ، لَمْ يَفْسُدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لشَهْوَةٍ - فإنْ فعَل فأنزَلَ، فعليه بَدَنَةٌ. هذا المذهبُ. نقَلَه الجَماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، وعليه الأصحابُ. قال في «الإرْشَادِ»: قوْلاً واحِدًا. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، عليه شاةٌ إنْ لم يفْسُدْ. ذكَرَها القاضي وغيرُه. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ في «نِهايته»، أنَّ عليه شاةً. وجزَم به نَاظِمُها. وأطْلَقهما الحَلْوَانِيُّ، كما لو لم يفْسُدْ. قال في «الفُروعِ»: والقِياسَان ضَعِيفان. ويأْتِي أَيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في باب الفِدْيَةِ في الضَّرْبِ الثَّالثِ، في قوْلِه: ومتى أنْزَلَ بالمُباشَرَةِ دُونَ الفَرْجِ، فعليه بَدَنةٌ. قوله: وهل يَفْسُدُ نُسُكُه؟ على روايتَيْن. وأطْلَقهما في «الإرْشادِ»، و «الإيضاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، لا يفْسُدُ. وهي المذهبُ. صحَّحَها في «التَّصْحِيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفَائقِ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه النَّاظِمُ. والثَّانيةُ، يفْسُدُ. نَصَرها القاضي، وأصحابُه. قال في «المُبْهِجِ»: فسَد في أصح الرِّوايتَيْن. وقدَّمه في «الهِدَايَةِ» وغيرِها. وصحَّحَه في «البُلْغَةِ». واخْتارَها الخِرَقِي، وأبو بَكْر في الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ إذا أنْزَلَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه أشْهَرُهما. وعنه رِوايَةٌ ثالثة، إنْ أمْنَى بالمُباشَرَةِ، فسَد نُسُكُه دُونَ غيرِه.

فصْلٌ: وَالْمَرْأةُ إحْرَامُهَا في وَجْهِهَا، وَيَحْرُمُ [66 و]، عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ، إِلَّا في اللِّبَاس، وَتَظْلِيلِ الْمَحْمَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يُنْزِلْ، لم يَفْسُدْ. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ وغيرُه: لا يُعْلَمُ فيه خِلافًا. . وقال في «الفُروعِ»: وسبَق في الصومِ خِلافٌ، ومِثْلُه الفِدْيَةُ، فظاهِرُ كلامِ الحَلْوَانِيِّ، أن فيه خِلافًا. ويأْتِي ما يجِبُ عليه بذلك في بابِ الفِدْيَةِ. قوله: والمَرْأةُ إحْرامُها في وَجْهِها. هذا بلا نِزاعٍ، فيَحْرُمُ عليها تغْطِيَتُه ببُرْقُعٍ، أو نِقَاب، أو غيرِهما، ويجوزُ لها أنْ تسْدِلَ على وَجْهِها لحاجَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ جَوازَ السَّدْلِ. وقال الإمامُ أحمدُ: إنَّما لها أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَسْدِلَ على وَجْهِها مِن فوْق، وليس لها أنْ ترْفعَ الثَّوْبَ مِن أسفلَ. قال المُصَنِّفُ: كأنَّ أحمدَ يقْصِدُ أن النِّقابَ مِن أسْفَلَ على وَجْهِها. وقال القاضي ومَن تَبِعَه: تَسْدِلُ ولا يُصِيبُ البشَرَةَ، فإنْ أصابَها، فلم تَرْفعْه مع القُدْرَةِ، فدَتْ، لإستدامَةِ السِّتْرِ. قال المُصَنِّفُ: ليس هذا الشَّرْطُ عن أحمدَ، ولا في الخَبَرِ، والظَّاهِرُ خِلافُه، فإنَّ المَسْدُولَ لا يكادُ يسْلَمُ مِن إصابَةِ البَشَرَةِ، فلو كان شَرْطًا لبَيَّنَهَ. قال في «الفُروعِ»: وما قَاله صحيحٌ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولو مَسَّ وَجْهَها، فالصَّحيحُ جَوازُه؛ لأنَّ وَجْهَها كيَدِ الرَّجُلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّف وغيرِه، أنَّ غيرَ الوَجْهِ لا يحْرُمُ تغْطِيَتُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في «الإيضَاحِ»: والمرأةُ إحْرامُها في وَجْهِها وكَفَّيْها. وقال في «المُبْهِجِ»: وفي الكَفَّيْن رِوايَتان. وقال في «الانْتِصارِ»: المرأة أُبِيحَ لها كشْفُ الوَجْهِ في الصَّلاةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإحْرامَ. فائدة: يَجْتَمِعُ في حقِّ المُحْرِمَةِ وُجوبُ تغْطَيةِ الرَّأْسِ، وتَحْرِيمُ تغْطِيةِ الوجْهِ، ولا يمْكِنُها تغْطِيَةُ كُلِّ الرَّأْسِ الَّا بتَغْطِيةِ جُزْءٍ مِنَ الوجْهِ، ولا كَشْف جميعِ الوجْهِ إلَّا بكَشْفِ جُزْء من الرَّأْسِ، فالمُحَافظة على سَتْرِ الرَأْسِ كلَّه أوْلَى؛ لأنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ آكَدُ؛ لأنَّه عَوْرَة، ولا يخْتَصُّ بالإحْرامِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ

وَلَا تَلْبَسُ الْقُفازَيْنِ وَالْخَلْخَالَ وَنَحْوَهُ، وَلَا تَكْتَحِلُ بِالإِثْمِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم. قلتُ: لعَلَّهم أرادُوا بذلك الاسْتِحْبابَ، وإلَّا حيثُ قُلْنا: يجِبُ كَشْفُ الوَجْهِ، فإنَّه يُعْفَى عنِ الشئِ اليَسِيرِ منه، وحيْثُ قُلْنا: يجِبُ سَتْرُ الرَّأْسِ. فيُعْفَى عنِ الشئِ اليَسِيرِ، كما قُلْنا فى مَسْحِ الرَّأْسِ فى الوُضوءِ، على ما تقدَّم. قوله: ولاتَلْبَسُ القُفَّازَيْن. يعْنِى، أنَّه يَحْرُمُ عليها لُبْسُهما. نصَّ عليه. وهما شئٌ يُعْمَلُ لليَدَيْن، كما يُعْمَلُ للبُزَاةِ؛ وفيه الفِدْيَةُ كالرَّجُلِ، فإنَّه أيضًا يُمْنَعُ مِن لُبْسِهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يَلْزَمُ مِن تَغْطيهما بكُمِّهَا لمشَقَّةِ التَّحَرُّزِ، جَوازُه بهما؛ بدَليلِ تغْطِيَةِ الرَّجُلِ قدَمَيْه بإزارِه لا بخُفٍّ، وإنَّما جازَ تغْطِيَةُ قدَمِها بكُلِّ شئٍ، لأنَّها عَوْرَةٌ فى الصَّلاةِ. ولَنا فى الكَفَّيْن رِوايَتان، أو الكَفَّان يتَعلَّقُ بهما حُكْمُ التَّيَمِّمِ كالوَجْهِ. فائدة: لو لَفَّتْ على يدَيْها خِرَقًا أو خِرْقَةً، وَشدَّتْها على حِنَّاءٍ أوْلا، كشَدِّه على جسَدِه شيئًا. ذكَرَه فى «الفُصُولِ» عن أحمدَ، فقال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِ، لا يَحْرُمُ عليها ذلك. واخْتارَه في «الفَائقِ». وقال القاضى وغيرُه: هما كالقُفَّازَيْن. واقْتَصرَ عليه فى «المُسْتَوعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والخَلْخالَ ونَحْوَه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهُ يُباحُ لها لُبْسُ الخَلْخَالِ، والحَلْىِ، ونحوِهما. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه جمهورُ الأصحابِ. وعنه، يحْرُمُ ذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، لكنْ قال فى «المُطْلِعِ»، عن كلامِ المُصَنِّفِ: وإنَّما عطَف الخَلْخَالَ ونحوَه على القُفَّازَيْن، وإنْ كان لُبْسُ القُفَّازَيْن مُحَرمًا، ولُبْسُ الخَلْخَالِ والحَلْىِ مُباحًا فى ظاهِرِ الَمذهبِ؛ لأنَّ لُبْسَه مَكْرُوهٌ، فبَيْنَهُما اشْتِراكٌ فى رُجْحانِ التَّرْكِ. انتهى، وحمَل صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِىِّ على الكراهَةِ، وكلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّف ككَلامِ الخِرَقِىٍّ، لكِنَّ ابنَ مُنَجَّى شرَح على أنَّه مُحَرَّمٌ، فحمَلَه على ظاهِرِه، ولم يَحْكِ خِلافًا. فائدة: لا يَحْرُمُ عليها لِباسُ زِينَةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وزادَ، ويُكْرَهُ. وقال الحَلْوَانِى فى «التَّبْصِرَةِ»: يحْرُمُ لِباسُ زِينَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه كحَلْىٍ. قوله: وَلا تَكْتَحِلُ بالإِثْمِدِ. ونحوِه. قال الشَّارِحُ، تبَعًا للمُصَنِّفِ فى «المُغْنِي»: الكَحْلُ بالإثْمِدِ مَكرُوهٌ للمرْأةِ والرَّجُلِ، وإنَّما خُصَّتِ المرأةُ بالذِّكْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّها محَلُّ الزِّينَةِ، والكراهَةُ فى حقِّها أكثرُ مِنَ الرَّجُلِ. انتهى. وقدَّمه. فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، الكراهَةُ مُطْلَقًا. أعنى سَواءٌ كان الكُحْلُ للزِّينَةِ أو غيرِها. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهما. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ إلَّا إذا كان لزينَةٍ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: لا يجوزُ. نقَل ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُورٍ، لا تَكْتَحِلُ المرأةُ بالسَّوادِ. فظاهِرُه التَّخْصِيصُ بالمرأةِ، وهذا ظاهِرُ كلامِ ابنِ ألى مُوسى. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وحمَل صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» كلامَ صاحِبِ «الإرْشَادِ» على الكراهَةِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهرُ

وَيَجُوزُ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْكُحْلِىِّ، وَالْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ، وَالنَّظَرُ فِى الْمِرْآةِ لَهُمَا جَمِيعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الخِرَقِىِّ، التَّحْريمُ. وقد يقالُ: ظاهِرُه وُجوبُ الفِدْيَةِ. وقد أقرَّه ابنُ الزَّاغُونِىِّ على ذلك؛ فقال: هو كالطِّيبِ واللِّباسِ. وجعَلَه المَجْدُ مَكْرُوهًا، وكذا أبو محمدٍ، ولم يُوجِبْ فيه فِدْيَةً، وسَوَّى بيبنَ الرَّجُلِ والمرأةِ. قوله: ويَجُوزُ لُبْسُ المُعَصْفَرِ والكُحْلِىِّ. يجوزُ لُبْسُ المُعَصْفَرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعةُ، وعليه الأصحابُ، سَواءٌ كان اللَّابِسُ رجُلًا أو امرأةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الوَاضِحِ»: يجوزُ لُبْسُه ما لم يَنْفُضْ عليه. وسبَق فى آخرِ بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ، أنَّه يُكْرَهُ للرَّجُلِ فى غيرِ الإِحْرامِ، ففيه أوْلَى. وأما الكُحْلِىُّ وغيرُه مِنَ الصِّباغِ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يجوزُ لُبْسُه مِن غيرِ اسْتِحْبابٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها: يُسَنُّ لُبْسُ ذلك. قال فى «الفُروعَ»: وهو أظْهَرُ. قوله: والخِضابُ بالحِنَّاء. يعْنِى، لا بأسَ به للمَرْأةِ فى إحْرامِها. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، فإنَّهَما قالَا: لا بأْسَ به. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ. ذكَرَه القاضى وجماعَةٌ، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. فعليه، إنْ فعَلَتْ، فإنْ شدَّتْ يَدَيْها بخِرْقَةٍ، فدَتْ، وإلَّا فلا. فائدة: يُسْتَحَبُّ لها الخِضَابُ بالحِنَّاءِ عندَ الإحْرامِ. قالَه الأصحابُ، ويُسْتَحَبُّ فى غيرِ الإحْرامِ لمُزَوَّجَةٍ؛ لأنَّ فيه زِينَةً وتحْبِيبًا للزَّوْجِ، كالطِّيبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها: ويُكْرَهُ لأيِّمٍ؛ لعدَم الحاجَةِ مع خَوْفِ الفِتْنَةِ. [وفى «المُسْتَوْعِبِ»، لا يُسْتَحَبُّ لها. وقال فى مَكانٍ آَخَرَ: كَرِهَه أحمدُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو بلا حاجَةٍ. فأمَّا الخِضَابُ للرَّجُلِ، فقال المُصَنِّف، والشَّارِحُ، وجماعةٌ: لا بأْسَ به فيما لا تشَبُّهَ فيه بالنِّسَاءِ. وأطْلَقَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، لها الخِضَابُ بالحِنَّاءِ. يَخْتَصُّ النِّساءَ] (¬1). وظاهِرُ ما ذكَرَه القاضى، أنَّه كالمرْأةِ فى الحِنَّاءِ؛ لأنَّه ذكَر المسْألَةَ واحِدَةً. انتهى. ويُباحُ لحاجَةٍ. قوله: والنَّظَرُ فى المِرْآةِ لهما جَميعًا. يعْنِى، يجوزُ للرجُلِ والمرأةِ النَّظرُ فى المِرْآةِ لحَاجَةٍ؛ كمُداوَاةِ جُرْحٍ، وإزَالَةِ شَعَرٍ يَنْبُتُ فى عَيْنِه، ونحوِ ذلك. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ. وإنْ كانَ النَّظَرُ لإزالَةِ شَعَثٍ، أو تَسْويَةِ شَعَرٍ، أو شئٍ مِنَ الزِّينَةِ، ¬

(¬1) كذا كالأصول، والنص غير مستقيم. وفى الفروع: «وفى المستوعب، لا يستحب لها. . . . فأما الخضاب للرجل، فذكر الشيخ أنه لا بأس به فيما لا تشبه فيه بالنساء. . . . وأطلق فى المستوعب، له الخضاب كالحناء، وقال فى مكان آخر: كرهه أحمد. . . . وقال شيخنا: هو بلا حاجة مختص بالنساء». انظر الفروع 3/ 454.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُرِهَ ذلك (¬1). ذكَرَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنْ مُنَجَّى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه لا يُكْرَهُ، وفى تَرْكِ الأوْلَى نظَرٌ؛ لأنَّه لا يُمْنَعُ أنْ يأتُوا شُعْثًا غُبْرًا. وأطْلَقَ جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، لا بأْسَ به، وبعضُ مَن أطْلَقَ، قيَّد فى مَكانٍ آخَرَ بالحاجَةِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال الآجُرىُّ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، وغيرُهما: ويَلْبَسُ الخاتَمَ. وتقدَّم جَوازُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لُبْسِه للزِّينَةِ فيما يُباحُ مِنَ الفِضَّةِ للرِّجالِ. قال فى «الفُروعِ»: وإذا لم يُكْرَهْ فى غيرِ الإحْرامِ، فيتَوجَّهُ فى كراهَتِه للمُحْرِمِ لزِينَةٍ؛ ما فى كُحْلٍ ونظَر فى مِرْآةٍ. فائدة: يجْتَنِبُ المُحْرِمُ ما نَهَى اللهُ عنه، ممَّا فُسِّر به الرَّفَثُ والفُسوقُ؛ وهو السِّبابُ. وقيل: المَعاصِى، والجِدَالُ، والمِراءُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: المُحْرِمُ ممْنُوعٌ مِن ذلك كلِّه. وقال فى «الفُصُولِ»: يجِبُ اجْتِنابُ الجِدالِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المُمارَاةُ فيما لا يَعْنِى. [وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يَحْرُمُ عليه الفُسوقُ؛ وهو السِّبابُ، والجِدالُ؛ وهو المُمارَاةُ فيما لا يَعْنِى] (¬1). وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ كلُّ جِدَالٍ ومِراءٍ فيما لا يَعْنِيه، وكلُّ سِبَابٍ. وقيلَ: يَحْرُمُ كما يَحْرُمُ على المُحِلِّ، بل أوْلَى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال فى «الروضَةِ» وغيرِها: ¬

(¬1) سقط: من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْتَحَبُّ أنْ يَتوَقَّى الكَلامَ فى ما لا ينْفَعُ، والجِدَالَ والمِراءَ واللَّغْوَ وغيرَ ذلك، ممَّا لا حاجَةَ به إليه، ويُسْتَحَبُّ قِلَّةُ الكلامِ إلَّا فى ما ينْفَعُ، وقال فى «الرعايَةِ»: يُكْرَهُ له كَثْرَةُ الكلامِ بلا نفْعٍ. انتهى. ويجوزُ له التِّجارَةُ وعمَلُ الصَّنْعَةِ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ ما لم يشْغَلْه عن مُسْتَحَبٍّ أو واجبٍ.

باب الفدية

بَابُ الْفِدْيَةِ وَهِىَ عَلَى ثَلَاَثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُهَا، مَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنِ صِيَام ثَلَاَثَةِ أيَّام، أوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ؛ لِكُلِّ مِسْكِين مُدُّ بُرٍّ، اوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ، أوْ ذَبْحِ شَاةٍ، وَهِىَ فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمِ الْأظْفَار، وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَاللُّبْسِ، وَالطِّيبِ. وَعَنْهُ، يَجِبُ الدَّمُ، إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِعُذْرٍ، فَيُخَيَّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الفِدْيَةِ قوله: وهى على ثَلاَثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، ما هُو على التَّخْييرِ، وهُو نَوْعان؛ أحدُهما، يُخَيَّرُ فيه بينَ صِيامِ ثلاثَةِ أيَّام، أو إطْعامِ سِتَّةِ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ، أو نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أو شَعِيرٍ، أو ذَبْحِ شاةٍ، وهى فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأسِ، وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ، وتَغطِيَةِ الرَّأْسِ، واللُّبْسِ، والطِّيبِ. هذا المذهبُ فى ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُلِّه (¬1) من حيثُ الجُمْلَةُ. أمَّا [مِن حيثُ] (¬2) التَّفْصيلُ، فإنْ كان بالصِّيامِ، فيُجْزِئُه ثَلاَثَةُ أيَّام. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقالَه الإمامُ أحمدُ والأصحابُ. وقال الآجُرِّىُّ: يصُومُ ثَلاَثةَ أيَّام فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رجَع. وإنْ كان بالإطْعامِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، أنَّه يُطْعِمُ لكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المنَوِّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه فى «الفَائقِ»، و «الفُروعِ»، وهى أشْهَرُ. وعنه، لا يُجْزِئُه إلَّا نِصْفُ صاعِ بُرٍّ لكُلِّ مِسْكينٍ كغيرِه. وجزَم به فى «الكَافِى». وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) سقط: من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَه لا يُجْزِئُ الخُبْزُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واختارَ الشَّيخُ تَقِىُّ الدِّينِ الإجْزاءَ، ويكونُ رَطْلَيْن عِراقِيَّيْن، كرِوايَةٍ ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه فى كفَّارَةِ الظِّهارِ. قال: ويَنْبَغِى أنْ يكونَ بأُدْمٍ، وإنْ كان ممَّا يُؤْكَلُ مِن بُرٍّ وشَعِيرٍ، فهو أفْضَلُ. الثَّاني، ظاهِرُ كلامِه، أنَّه سَواءٌ كان معْذُورًا، أو غيرَ معْذُورٍ. وذِكْرُه الرِّوايَةَ بعدَ ذلك يدُلُّ عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نقَله جَعْفَرٌ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، [و «المُحَرر»] (¬1)، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يجِبُ الدَّمُ، إلَّا أنْ يفْعلَه لعُذْرٍ، فيُخَيَّرَ. جزَم به القاضى وأصحابُه فى كُتُبِ الخِلَافِ. قال المُصَنِّفُ: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يتَعَيَّنُ الدَّمُ، فإنْ عَدِمَه أطْعَمَ، فإنْ تعَذَّر صامَ، فيكونُ علي التَّرْتِيبِ. فائدة: يجوزُ له تقْديمُ. الكفَّارَةِ على الحَلْقِ، ككَفَّارَةِ اليَمِين. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

الثَّانِى، جَزَاءُ الصَّيْدِ؛ يَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ أوْ تَقْوِيمِهِ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِى بِهَا طَعَامًا، فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِين مُدًّا، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ، خُيِّرَ بَيْنَ الإطْعَامِ وَالصِّيَامِ. وَعَنْهُ، أنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَجِبُ الْمِثْلُ، فَإِن لَمْ يَجِدْ، لَزِمَهُ الإطْعَامُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّاني، جزَاءُ الصَّيْدِ؛ يُخيَّرُ فيه بينَ المِثْلِ أو تَقْويمِه -أىْ تَقْوِيمِ المِثْلِ- بدَراهمَ يَشْتَرِى بها طَعامًا، فيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أو يَصُومُ عن كُلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُدٍّ يومًا، وإن كان ممَّا لا مِثْلَ لَه، خُيِّرَ بينَ الإطْعامِ والصِّيامِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ كَفَّارةَ جزَاءِ الصَّيْدِ على التَّخْيِيرِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصُوصُ، والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحرَّرِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّ جَزاءَ الصَّيْدِ على التَّرْتِيبِ، فيَجِبُ المِثْلُ، فإنْ لم يجِدْ، لَزِمَه الإِطْعامُ، فإنْ لم يجِدْ، صامَ. نقلَها محمدُ بنُ الحَكَمِ. فعلى المذهبِ، يُخَيَّرُ بينَ الثَّلاثَةِ الأشْياءِ التى ذكَرَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ؛ وهى إخْراجُ المِثْلِ، أو التَقويمُ بطَعامٍ، أو الصِّيامُ عنه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، الخِيَرَةُ بينَ شَيْئَيْن؛ وهى إخْراجُ المِثْلِ، والصِّيامُ، ولا إطْعامَ فيها. فإنما ذُكِرَ في الآيَةِ ليعْدِلَ به الصِّيامَ، لأنَّ مَن قدَر على الإطْعامِ قدَر على الذَّبْحِ. نقَلَها الأَثْرَمُ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو أرادَ الإطْعامَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنَّه يُقَوِّمُ المِثْلَ، كما قال المُصَنِّفُ: بدَرَاهِمَ، ويَشْتَرِى بها طَعامًا. وعنه، لا يقَوِّمُ المِثْلَ، وإنَّما يقَوِّمُ الصَّيْدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَكانَ إتْلافِه أو بقُرْبِه. وأطْلَقهما فى «الإرْشَادِ». وحيثُ قَوَّمَ المِثْلَ أو الصَّيْدَ، فإنَّه يَشْتَرَى به طَعامًا للمَساكِينِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، له الصَّدَقةُ بالدَّراهِمِ، وليْستِ القِيمَةُ ممَّا خَيَّرَ الله فيه (¬1). ذكَرَها ابنُ أبي مُوسَى. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وهل يجوزُ إخْراجُ القِيمَةِ؟ فيه احْتِمالَان. تنبيهات؛ الأوَّلُ، التَّقْويمُ يكونُ بالمَوْضِعِ الذى أتْلَفَه فيه وبقُرْبِه. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وسِنْدِىٌّ. وجزَم به القاضى وغيرُه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُ واحدٍ، يُقَوِّمُه بالحَرَم؛ لأنَّه محَلُّ ذَبْحِه. وتقدَّم روايَةٌ، أنَّه يقوِّمُ الصَّيْدَ مَكانَ إتْلافِه أو بقُرْبِه. الثَّاني، الطَّعامُ هنا، هو الذى يُخْرَجُ فى الفِطْرَةِ، وفِدْيَةِ الأذَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقَدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيلَ: ويُجْزِئُ أيضًا كل ما يُسَمَّى طَعامًا. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» وغيرِه. وجزَم به القاضى فى «الخِلَافِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، ظاهِرُ قوْلِه: فيُطْعِمُ كلَّ مِسْكِين مُدًّا. أنَّه سَواءٌ كان مِنَ البُرِّ، أو مِن غيرِه. وكذا هو ظاهِرُ الخِرَقِىِّ، وأجْراه ابنُ مُنَجَّى على ظاهِرِه، وشرَح عليه، ولم يتَعرَّضْ إلى غيرِه. وقال الشَّارِحُ: والأوْلَى أنَّه لا يُجْزِئُ؛ مِن غيرِ البُرِّ أقَلُّ مِن نِصْفِ صَاعٍ؛ لأنَّه لم يَرِدِ الشَّرْعُ فى مَوْضِع بأقَلَّ مِن ذلك فى طُعْمَةِ المسَاكِينِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المنْصُوصُ والمَشْهورُ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو المذهبُ المَنْصُوصُ. الرَّابعُ، ظاهِرُ قوْلِه أيضًا: أو يصُومُ عن كُلِّ مُدِّ يوْمًا. أنَّه سَواءٌ كان مِنَ البُرِّ أو مِن غيرِه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أيضًا. وتابَعه فى «الإرْشَادِ»، و «الجَامِعِ الصَّغِيرِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «الإيضَاحِ». وقدَّمه فى «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْح». وهو رِوايَةٌ أثْبتَها بعضُ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، أنَّه يصُومُ عن طَعامِ كُلِّ مِسْكين يَوْمًا. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». فوائد؛ الأُولَى، أطْلَقَ الإمامُ أحمدُ فى رِوايَةٍ عنه، فقالَ: يصُومُ عن كل مُا يَوْمًا. وأطْلقَ فى رِوايَةٍ أُخْرَى، فقالَ: يصُومُ عن كُل مُدَّيْن يَوْمًا. فنَقَل المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، عنِ القاضى، أنَّه قال: المَسْألةُ رِوايةٌ واحِدةٌ. وحمَل رِوايَةَ المُدِّ على البُرِّ، ورِوايَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَّيْن على غيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: والذى رأيْتُه فى رِوايَتَىِ القاضى، أنَّ حَنْبلًا، وابنَ مَنْصُورٍ نقَلا عنه، أنَّه يصُومُ عن كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. وأنَّ الأثْرَمَ نقَل فى فِدْيَةِ الأذَى، عن كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وعن نِصْفِ صَاعٍ، تَمْرًا أو شَعِيرًا، يَوْمًا. قال: وهو اخْتيارُ الخِرَقِىِّ، وأبي بَكْرٍ. قال: ويُمْكِنُ أنْ يُحْمَلَ قوْلُه: عن كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. على أن نِصْفَ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ والشَّعيرِ، لا مِنَ البُرِّ. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعلى هذا، فإحْدَى الرِّوايتَيْن مُطْلَقَةٌ، والأُخْرَى مُقَيَّدَة، [لا أنَّ] (¬1) ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «لأنَّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَيْن مُطْلَقَتان. وإذنْ يَسْهُلُ الحَمْلُ. وكذلك قطَع أبو البَرَكاتِ وغيرُه، إلى أنَّ عَزْوَ ذلك إلى الخِرَقِيِّ. وفيه نظَرٌ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: فأقَرَّ بعضُ الأصحابِ النَّصَّيْن على ظاهِرِهما، وحمَل بعضُ الأصحابِ ذلك على ما سبَق، يعْنِى، حمْلَ رِوايَةِ المُدِّ على البُرِّ، ورِوايَةِ المُدَّيْن على غيرِه. قال: وهو أظْهَرُ. انتهى. الثَّانيةُ، لو بَقِىَ مِنَ الطَّعام ما لا يعْدِلُ يَوْمًا، صامَ عنه يَوْمًا. نصَّ عليه؛ لأنَّه لا يتَبَعَّضُ. الثَّالثةُ، لا يجِبُ التَّتابُعُ في هذا الصِّيامِ، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه؛ للآيَةِ. الرَّابعةُ، لا يجوزُ أنْ يصُومَ عن بعضِ الجَزاءِ، ويُطْعِمَ عن بعضِه. نصَّ عليه، ولا أعلمُ فيه خِلافًا.

[66 ظ] فصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِى عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهُوَ ثَلاَثةُ أنْوَاعٍ؛ أحَدُهَا، دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، فَيَجِبُ الْهَدْىُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ ثَلَاَثَةِ أَيَّام فِى الْحَجِّ، وَالأفْضَلُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَإنْ صَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، أَجْزأَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الضَّرْبُ الثَّانِى على التَّرْتِيبِ، وهو ثلَاثَةُ أنواعٍ؛ أحَدُها، دَمُ المُتْعَةِ والقِرانِ، فيَجِبُ الهَدْىُ. ولا خِلافَ فى وُجوبِه، وقد تقدَّم وَقْتُ وُجوبِه، ووَقْتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذبْحِه، فى بابِ الإحْرامِ، عندَ قَوْلِه: ويَجِبُ على القَارِنِ والمُتَمَتِّعِ دَمُ نُسُكٍ، فإنْ لم يَجِدْه -يعْنِى، فى مَوْضِعِه، فلو وجَدَه فى بَلَدِه، أو وجَد مَن يُقْرِضُه، فهو كمَن لم يَجِدْه. نصَّ عليه- فصيامُ ثَلاَثةِ أيام فى الحَجِّ، والأفْضَلُ أن يكونَ آخِرُها يَوْمَ عَرَفَة. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، منهم القاضى فى «التَّعْلِيقِ». قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ عن أحمدَ، وعليه أصحابُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلَّلَ بالحاجَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وفيه نظَرٌ. وعنه، الأفْضَلُ أنْ يكونَ آخِرُها يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. وذكَرَها القاضى فى «المُجَرَّدِ». ذلك مذهَبُ أحمدَ، وإليه مَيْلُ صاحِبِ «الفُروعَ». فعلى المذهبِ، قال المُصَنفُ وغيرُه: يُقدِّمُ الإِحْرامَ على يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، فيُحْرِمُ يَوْمَ السَّابعِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يُحْرِمُ يَوْمَ السَّادِسِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: فيكونُ مُسْتَثْنًى مِن قوْلِهم: يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّعِ الذى حَلَّ، الإحْرامُ بالحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. فيُعايىَ بها. فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ تقْديمُ صِيامِ الثَّلاَثَةِ أيَّامٍ بإحْرامِ العُمْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. وفى كلامِ المُصَنِّفِ إيماءٌ إليه؛ لقَوْلِه: والأَفْضَلُ أنْ يكونَ آخِرُها يَوْمَ عرَفَةَ. وعنه، يصُومُها إذا حَلَّ مِنَ العُمْرَةِ. الثَّانيةُ، لا يجوزُ صَوْمُها قبلَ الإحْرامِ بالعُمْرَةِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ فى أشْهُرِ الحَجِّ. ونقَلَه الأَثْرَمُ، فَيَكُونُ السَّبَبَ. قال ابنُ عَقِيلٍ: أحَدُ نُسُكَىِ التَّمَتُّعِ، فجازَ تقْدِيمُها عليه، كالحَجِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، عن هذه الرِّوايَةِ: وليس بشئٍ، وأحمدُ مُنَزَّهٌ عن هذه المُخَالَفَةِ لأهْلِ العِلْمِ. الثَّالثةُ، وَقْتُ وُجوبِ صَوْم الأيَّام الثَّلاثَةِ، وَقْتُ وُجوبِ الهَدْىِ، على ما تقدَّم فى بابِ الإحْرامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه الأصحابُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه بدَلٌ كسائِر الأبْدالِ. وقال القاضى: وعندَنا يجِبُ إذا أحْرَمَ بالحَجِّ. وقد قال أحمدُ فى رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ وسِنْدِيٍّ، عن صِيَامِ المُتْعَةِ، متى يجِبُ؟ قال: إذا عقَد الإِحْرامَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال القاضى أيضًا: لا خِلافَ أنَ الصَّوْمَ يتَعَيَّنُ قبلَ يَوْمِ النَّحْرِ، بحيثُ لا يجوزُ تأْخِيرُه إليه، بخِلافِ الهَدْىِ. انتهى. الرَّابعةُ، ذكَر القاضى، وأصحابُه، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم، إنْ أخَّر صِيامَ أيَّامِ التَّشْريقِ والأيَّامِ الثَّلاثَةِ إلى يَوْمِ النَّحْرِ، فقَضاءٌ. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على مَنْعِ صِيامٍ، وإلَّا كان أداءً. ولعَلَّ فى كلامَ صاحِبِ «الفُروعِ»: مَبْنى على عدَمِ مَنْعِ صِيامِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ. بزِيادَةِ «عَدَمِ»، وبها يتَّضِحُ المَعْنَى. قوله: وسَبْعَةٍ إذا رجَع إلى أهْلِه، وإنْ صامَ قبلَ ذلك، أجْزَأ. يعْنى، بعدَ إحْرامِه بالحَجِّ، لكنْ لا يجوزُ صَوْمُها فى أيَّامِ التَّشْريقِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛

فَإِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنْهُ، لَا يَصُومُهَا، وَيَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةَ أَيَّام، وَعَلَيْهِ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لبَقاءِ أعْمالِ الحَجِّ. قالَه فى «الفُروعِ». ويجوزُ صَوْمُها بعدَ أيَّام التَّشْرِيقِ. يعْنِى، إذا كان قد طَافَ طَوافَ الزِّيارَةِ. قالَه القاضى. والمُرادُ بقَوْلِه: {إِذَا رَجَعْتُمْ}. يعنى، مِن عَمَلِ الحَجِّ؛ لأنَّه المذكُورُ، ومُعْتَبَرٌ لجَوازِ الصَّوْمِ. قوله: فإن لم يَصُمْ قبلَ يومِ النَّحْرِ -يعْنِى، الأيَّامَ الثَّلاثَةَ- صَامَ أيَّامَ مِنًى. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى باب أقْسامِ النُّسُكِ. وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، وصحَّحَه فى «الفَائقِ». وعنه، لا يصُومُها. وتقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك مع زِيادَةٍ حسَنَةٍ فى أوَاخِرِ بابِ صَوْمِ التطَوُّعِ، وذُكِرَ مَن قدَّم وأطْلَقَ وصحَّح. فعلى القَوْلِ بأنَّه يصُومُ أيَّامَ مِنىً، وصامَها، فلا دَمَ عليه. جزَم به جماعَةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: لعَله مُرادُ القاضى وأصحابِه، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، بتَأخيرِ الصَّوْمِ عن أيَّامِ الحَجِّ. وقوْلُه: ويَصومُ بعدَ ذلك عَشَرَةَ أيَّامٍ، وعليه دَمٌ. يعْنِى، إذا قُلْنا: لا يَجُوزُ صَوْمُ أيَّامِ مِنىً. وكذا لو قُلْنا: يجوزُ صَوْمُها. ولم يَصُمْها، فقام المُصَنِّفُ هنا، أنَّ عليه دَمًا على هذه الرِّوايَةِ. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به فى «الإفادَاتِ»،

وَعَنْهُ، إنْ تَرَكَ الصّوْمَ لِعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهُ، وَإنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «المُنتخَبِ» (¬1). واخْتارَها الخِرَقِىُّ، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ». وعنه، إنْ ترَك الصَّوْمَ لعُذْرٍ، لم يَلْزَمْه إلَّا قَضاؤُه، وإنْ ترَكَه لغيرِ عُذْر، فعليه مع فِعْلِه دَمٌ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، فى ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ أَخَّرَ الْهَدْىَ أوِ الصَّوْمَ لعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهُ، وَإنْ أَخَّرَ الْهَدْىَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ: وَعِنْدِى أنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الصَّوْمِ دَمٌ بِحَالٍ، وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِى الصِّيَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعْذُورِ دُونَ غيرِه. وقدَّم ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، أنَّه إنْ ترَكَه لغيرِ عُذْرٍ، عليه دَمٌ، وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى المَعْذُورِ. وعنه، لا يَلْزَمُه دَمٌ بحالٍ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، كما قالَه المُصَنِّفُ عنه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى التى نَصَّها القاضى فى «تَعْلِيقِه». وأطْلَقهُنَّ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ». وقال: التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ. وأطْلقَ الخِلافَ فى غيرِ المَعْذُورِ، فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ». وأمَّا تأْخِيرُ الهَدْىِ عن أيَّامِ النَّحْرِ، فهل يَلْزَمُه فيه دَمٌ أمْ لا، أمْ يَلْزَمُه مع عدَمِ العُذْرِ، ولا يَلْزَمُه مع العُذْرِ؟ فيه الرواياتُ المُتقَدِّمةُ فى الدَّمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ إحْداهُنَّ، يلْزَمُه دَمٌ مُطْلَقًا. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ». والثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه دَمٌ بحالٍ سِوَى الهَدْىِ. وقدَّمه فى «إدْرَاكِ الغَايَةِ». والثَّالثةُ، إنْ أخَّرَه لعُذْرٍ، لم يَلْزَمْه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وصحَّحَه فى «الكُبْرَى». وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الكَافِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «إدْرَاكِ الغايةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، فى المَعْذُورِ دُونَ غيرِه. قلتُ: هذا المذهبُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أيضًا، وُجوبُ الدَّمِ على غيرِ المَعْذُورِ. وأطْلَقَ الخِلافَ فى غيرِ المَعْذُورِ، فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الكَافِى»، و «الشَّرْحِ». وحكَى جماعَةٌ الخِلافَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعْذُورِ وَجْهَيْن، وفى غيرِ المَعْذُورِ رِوايتَيْن. فائدتان؛ إحداهما، قوله: ولا يَجِبُ التَّتابُعُ فى الصِّيامِ. اعلمْ أنَّه لا يجِبُ تَتابُعٌ، ولا تَفْرِيقٌ فى الأيَّام الثَّلاَثَةِ والسَّبْعَةِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ لإطْلاقِ الأمْرِ، ولا يجِبُ التًّفْريقُ ولا التَّتابُعُ بينَ الثَّلاثَةِ والسَّبْعَةِ إذا قضَى، كسائرِ الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، لو ماتَ قبلَ الصَّوْمِ، فحُكْمُه حُكْمُ صَوْمِ رَمَضانَ، على ما سبَق، تَمَكَّنَ منه أوْلا. نصَّ عليه.

وَمَتَى وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، فَشَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْهَدْىِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى وجَب عليه الصَّوْمُ فشرَع فيه ثم قدَر على الهَدْىِ، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ إليه، إلَّا أنْ يَشاءَ، هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفى «الفُصُولِ» وغيرِه تخْرِيجٌ، يَلْزَمُه الانْتِقالُ إليه. وخرَّجُوه مِن اعْتِبارِ الأغْلَظِ فى الكَفَّارَةِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «وَاضِحِه»: إنْ فرَغَه ثم قدَر يَوْمَ النَّحْرِ عليه، نَحَره إنْ وجَب إذَنْ، وإنَّ دَمَ القِرانِ يجبُ بإحْرام. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال فى «القَاعِدَةِ الخامِسَةِ»: لو كفَّرَ المُتَمَتِّعُ بالصَّوْمِ، ثم قدَر على الهَدْىِ وَقْتَ وُجوبِه، فصرَّح. ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإقْنَاعِ»، بأنَّه لايجْزِئُه الصَّوْمُ. وإطْلاقُ الأكْثَرِين يُخالِفُه،

وَإنْ وَجَبَ، وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بل وفى كلامِ بعضِهم تصْرِيحٌ به. قوله: وإن وجَب، ولم يَشْرَعْ فيه، فهل يَلْزَمُه الانْتِقالُ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الكَافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم؛ إحداهما، لا يَلْزَمُه. وهى المذهبُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذه المذهبُ. انتهى. وصحَّحَه فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه، كالمُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ. صحَّحه فى «التَّصْحِيحِ»، و «النَّظْمِ»، والقاضى المُوَفَّقُ [فى «شَرْح المَناسِكِ»] (¬1). وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِىِّ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»؛ لأنَّهم قالوا: لا يَلْزَمُه الانْتِقالُ بعدَ الشُّروعِ. قال فى «التَّلْخِيصِ»: ومَبْنَى الخِلافِ، هل الاعْتِبارُ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ، أو بأغْلَظِ الأحْوالِ؟ فيه رِوايَتان. انتهى. قلتُ: المذهبُ، الاعْتِبارُ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ. كما يأْتِى فى كلامِه فى كفَّارَةِ الظِّهارِ مُحَرَّرًا. فعلى المذهبِ، لو قدَر على الشِّراءِ بثَمَنٍ فى الذِّمَّةِ، وهو مُوسِرٌ فى بَلَدِه، لم يَلْزَمْه ذلك، بخِلافِ كفَّارَةِ الظِّهارِ واليَمِينِ وغيرِهما. قالَه فى «القَواعِدِ». فائدة: قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عشَرَ»: إذا عَدِمَ هَدْىَ المُتْعَةِ ووجَب الصِّيامُ عليه، ثم وجَد الهَدْىَ قبلَ الشُّروعِ فيه، فهل يجِبُ عليه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

النَّوْعُ [67 و] الثَّانِى، الْمُحْصَرُ، يَلْزَمُهُ الْهَدْىُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ، ثُمَّ حَلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الانْتِقالُ أم لا؟ يَنْبَنِى على أنَّ الاعْتِبارَ فى الكفَّاراتِ بحالِ الوُجوبِ، أو بحالِ الفِعْلِ، وفيه رِوايَتان. وقالَه فى «التَّلْخِيصِ». فإنْ قُلْنا: بحالِ الوُجوبِ، صارَ الصَّوْمُ أصْلًا، لا بدَلًا. وعلى هذا، فهل يُجْزِئُه فِعْلُ الأصْلِ، وهو الهَدْىُ؟ المَشْهورُ، أنَّه يُجْزِئُه. وحكَى القاضى فى «شَرْحِ المُذْهَبِ»، عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه لا يُجْزِئُه. قلتُ: يأْتِى فى كلامِ المُصَنفِ فى أثْناءِ الظهارِ الخِلافُ فى ذلك، وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الاعْتِبارُ بحالِ الوُجوبِ. قوله: النَّوْعُ الثَّاني، المُحْصَرُ، يَلْزَمُه الهَدْىُ، فَإنْ لم يَجِدْ، صامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ، ثم حَلَّ. اعلمْ أنَّه إذا أُحْصِرَ عنِ البَيْتِ بعَدُوٍّ، فله التَّحَلُّلُ، بأنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِنيَّةِ التَّحَلُّلِ وُجوبًا مَكانَه، ويجوزُ أنْ يَنْحرَه فى الحِلِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، ينْحَرُه فى الحَرَمِ. وعنه، يَنْحَرُه المُفْرِدُ والقَارِنُ يَوْمَ النَّحْرِ. ويأْتِي ذلك فى قوْلِه: ودَمُ الإحْصارِ يُخْرِجُه حيْثُ أُحْصِرَ. فإنْ لم يجِدِ الهَدْىَ، صامَ عَشَرَةَ

النَّوْعُ الثَّالِثُ، فِدْيَةُ الْوَطْءِ، تَجِبُ بِهِ بَدَنَةٌ، فَان لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أيَّام؛ ثَلَاثَةً فِى الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ؛ كَدَمِ الْمُتْعَةِ؛ لِقَضَاء الصَّحَابَةِ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيَّامٍ بالنِّيَّةِ، ثم حَلَّ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونقَله الجماعةُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ولا إطْعامَ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، بلَى. وقال الآجُرِّىُّ: إنْ عَدِمَ الهَدْىَ مَكانَه قَوَّمَه طَعامًا، وصامَ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وحَلَّ. قال: وأُحِبُّ أنْ لا يحِلَّ حتى يصُومَ إنْ قدَر، فإنْ صَعُبَ عليه، حَلَّ ثم صامَ. ويأْتِى حُكْمُ الفَواتِ قرِيبًا، وتأْتِى أحْكامُ المُحْصَرِ في بابِه بأَتَمَّ مِن هذا. قوله: النَّوْعُ الثَّالِثُ، فِدْيَةُ الوَطْءِ؛ تَجِبُ به بَدَنَةٌ، فإن لم يَجِدْها، صامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلاَثةً في الحَجِّ، وسَبْعَةً إذَا رجَع، كَدَمِ المُتْعَةِ؛ لِقَضاءِ الصَّحابَةِ به، رَضِىَ اللهُ عَنْهم. هذا المذهبُ. يعْنِى، أنَّه يَنْتِقلُ مِنَ الهَدْىِ إلى الصِّيامِ. قال المُصَنِّفُ،

وَقَالَ القَاضِى: إنْ لَمْ يَجِدِ الْبَدَنَةَ، أخْرَجَ بَقَرَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَسَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ، أخْرَجَ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا فَإنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّهُ مُخَيَّرٌ فِى هَذِهِ الْخَمْسَةِ، فَبِأَيِّهَا كَفَّر أجْزَأَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الكَافِى»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقال القاضى: إنْ لم يَجِدِ البَدَنَةَ، أخْرَجَ بَقَرَةً، فإنْ لم يَجِدْ، فَسَبْعًا مِنَ الغنَمِ، فإنْ لم يَجِدْ أخْرَجَ بقِيمَتِها، أىِ البَدَنَةِ، طَعامًا، فإن لم يَجِدْ صامَ عن كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم، وقالوا: فإنْ لم يجِدْ، صامَ عن كلِّ مُدِّ بُرٍّ، أو نِصْفِ صَاعِ تَمْرٍ أو شَعيرٍ، يَوْمًا. وقال فى «الفُروعِ»: وقال القاضى: يتَصدَّقُ بقِيمَةِ البَدَنَةِ طَعامًا، فإنْ لم يجِدْ، صامَ عن طعامِ كلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا؛ كجَزاءِ الصَّيْدِ، لا ينتقِلُ فى إحْدَى الرِّوايتَيْنِ لا الى الإطْعامِ مع وُجودِ المِثْلِ، ولا الى الصِّيامِ مع القُدْرَةِ على الإطْعامِ. ونقلَه أيضًا المُصَنِّفُ والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن القاضى. ويأْتى فى كلامِ المُصَنِّفِ، مَن وَجبَتْ عليه بَدَنَةٌ، أجْزأَتْه بقَرَةٌ، ويُجْزِئُه أيضًا سَبْعٌ مِنَ الغَنَمِ. على ما يأْتِى هناك. قال المُصَنِّفُ هنا: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنه مُخَيَّرٌ فى هذه الخَمْسَةِ، فبأَيِّها كفَّر أجْزأه. وكذا نقَله عنه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: إنَّما صرَّح الخِرَقِىُّ بإجْزاءِ سَبْعٍ عِنَ الغَنَمِ مع وُجودِ البَدَنَةِ. هكذا ذكَر فى كِتَابِه. ولعَل ذلك قد نَقَله بعضُ الأصحابِ عنه فى غيرِ كِتَابِه «المُخْتَصَرِ». انتهى. فائدة: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: قال صاحِبُ «النِّهايَةِ» فيها، يعْنِى، [بعدَ هذَا] (¬1): مَنْشَأُ الخِلافِ بينَ الخِرَقِىِّ والقاضى، أنَّ الوَطْءَ، هل هو مِن قَبِيلِ الاسْتمْتَاعاتِ، أو مِن قَبِيلِ الاسْتِهْلاكاتِ؟ فعلى هذا، إنْ قيلَ: هو مِن قَبيلِ الاسْتِمْتاعاتِ، وجَب أنْ تكونَ كفارَتُه على التَّخْيِيرِ؛ لأنَّ الطِّيبَ واللُّبْسَ اسْتِمْتَاعٌ، ¬

(¬1) فى، الأصل، ط: «جده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهما على التَّخْيِيرِ. على الصَّحيحِ. وإنْ قيلَ: هو مِن قَبِيلِ الاسْتِهْلاكِ، وجَب أنْ يكونَ على التَّرْتيبِ؛ لأنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ اسْتِهْلاكٌ، وكفَّارَتُه على التَّرتِيبِ. على الصَّحيحِ. انتهى. فائدة: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: واعلمْ أنَّ الانْتِقالَ مِنَ البَدَنَةِ إلى الصِّيام لم أجِدْ به قوْلًا لأحمد، ولا لأحَدٍ مِنَ الأصحابِ. وكأنَّه، واللهُ أعلمُ، اخْتارَه لِمَا فيه مِن مُوافَقَةِ العبَادِلَةِ، إلَّا أنَّ فيه نَظَرًا، نقْلًا وأثَرًا؛ أمَّا النَّقْلُ، فقال فى «المُغْنِى» (¬1): يجِبُ على المُجامِعِ بدَنَةٌ، فإنْ لم يجِدْ، فشَاةٌ. وأيضًا فإنَّه شَبَّهَ هنا فِدْيَةَ الوَطْءِ بِفدْيَةِ المُتْعَةِ، والشبَهُ إنَّما يكونُ فى ذاتِ الواجِبِ، أو فى نَفْسِ الانْتقالِ. ويُرَدُّ على الأوَّلِ، أنَّه لا يجِبُ فيها بدَنَةٌ بل شَاةٌ. وعلى الثَّانِى، أنَّه لا يجوزُ الانْتِقالُ فى المُتْعَةِ مع القُدْرَةِ على الشَّاةِ. وأما الأثَرُ، فإنّ المَرْوِىَّ عنِ العَبادِلَةِ، أنَّ مَن أفْسَدَ حَجَّه، أفْتَوْه إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ، انْتَقَلَ إلى صيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ولا يَلْزَمُ فى حَق مَن لم يَجِدْ بَدَنَةً أن يُقالَ عنه: لم يَجِدِ الهَدْىَ؛ لأنَّه قد ¬

(¬1) انظر: المغنى 5/ 167.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَجِدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بَقَرَةً أو شاةً. انتهى. قلتُ: فى كلامِ ابنِ مُنَجَّى شئٌ؛ وهو أنَّه نقَل عنِ المُصَنفِ فى «المُغْنِى» أنَّه قال: يجِبُ على المُجامِعِ بَدَنَةٌ، فإن لم يجِدْ، فشَاةٌ. وهذا لم يَقُلْه المُصَنفُ فى «المُغْنِى» عن أصحابِ المذهَبِ، وإنَّما نقَلَه عنِ الثَّوْرِيِّ، وإسْحاقَ، فلعَلَّه كان فى النُّسْخَةِ التى عندَه نَقْصٌ، فسقَط هذا النَّقْلُ والاعْتِراضُ. وقوْلُه: والشَّبَهُ إنَّما يكونُ فى ذاتِ الواجِبِ، أو فى نَفْس الانْتِقالِ. فيُرَدٌّ على الأوَّلِ، أنَّه لا يجِبُ فيها بَدَنَةٌ، بل شَاةٌ. قلتُ: هذا غيرُ وارِدٍ، والجامِعُ بينَهما، أنَّ هذا هَدْىٌ وهذا هَدْيٌ، ولا يَلْزَمُ المُساوَاةُ مِن كل وَجْهٍ، بل يُكْتَفَى بجامِعٍ ما. وقوْلُه: ويُرَدُّ على الثَّاني، أنَّه لا يَجُوزُ الانْتِقالُ فى المُتْعةِ مع القُدْرَةِ على الشَّاةِ. قلتُ: وهذا مُسَلَّمٌ، فإنَّا نقولُ: لا يجوزُ الانْتِقالُ عنِ الهَدْىِ الواجِب بالوَطْءِ مع القُدْرَةِ عليه. وهكذا قال المُصَنِّفُ، فلا يُرَدُّ عليه. وقوْلُه: وأمَّا الأَثَرُ، فإنَّ المَرْوِيَّ عنِ العَبادِلَةِ، أنَّ مَنْ أفْسَدَ حَجَّه، أفْتَوْه إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ، انْتقَلَ إلى صِيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ولا يَلْزَمُ فى حَقِّ مَن لم يَجِدْ بَدَنَةً أنْ يُقالَ عنه: لم يَجِدِ الهَدْىَ؛ لأنَّه قد لا يَجدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بقَرَةً أو شَاةً. قُلْنا: هذا مُسَلَّمٌ. والمُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، قد نَبَّه على هذا بعدَ ذلك بقَوْلِه: ومَن وَجبَتْ عليه بَدَنةٌ، أجْزَأَتْه بقَرَةٌ، ويُجْزِئُه أيضًا سَبْعٌ مِنَ الغنَمِ. على ما يأْتِى. فلم يَمْنَعْ ذلك المُصَنِّفُ. غايَتُه، أنَّ ذلك ظاهِرُ كلامِه. فيُرَدُّ بصَرِيحِ كلامِه الآتِى، ونُقَيِّدُه به. وكلامُ المُصَنِّفِ يُقَيِّدُ بعضُه بعضًا، وهذا عَجَبٌ منه؛ إذْ هو شارِحُ كلامِه.

وَيَجِبُ بِالْوَطْءِ فِى الْفَرْجِ بَدَنَةٌ، إِنْ كَانَ فِى الْحَجِّ، وَشَاةٌ، إنْ كَانَ فِى الْعُمْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ بَدَنَةٌ، إن كانَ فى الحَجِّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وسَواءٌ كان قَارِنًا أو غيرَه. وعنه، يَلْزَمُ القَارِنَ بَدَنَةٌ للحَجِّ، وشاةٌ للعُمْرَةِ، إنْ لَزِمَه طَوافَان وسَعْيان. قال فى «الحاوِى» وغيرِه: اخْتارَه القاضى. وقال فى «الفُروعِ»: وعندَ أبي حَنِيفَةَ، إنْ وَطِئَ قبلَ طَوافِ العُمْرَةِ، فسَدَتْ، وعليه شاةٌ لها وشَاةٌ للحَجِّ، وبعدَ طَوافِها لا تَفْسُدُ، بل حَجَّةٌ، وعليه دَمٌ. قال القاضى: ويتَخَرَّجُ لنا مثلُ هذا على رِوايَتِنا، عليه طَوَافان وسَعْيان. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: ويتَخرَّجُ لنا، أنْ يَلْزَمَه بَدَنَةٌ للحَجِّ وشاة للعُمْرَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ أفْسَدَ قَارِنٌ نُسُكَه بوَطْءٍ، لَزِمَه بَدَنَةٌ. نصَّ عليه، وشاةٌ مع دَمٍ القِرَانِ. وقيل: إنْ لَزِمَه طَوافَان- وقيل: وسَعْيَان- لَزِمَه كفَّارَتان لهما، وبَدَنةٌ وشاةٌ، وسقَط دَمُ القِرَانِ. قوله: وشاةٌ إنْ كانَ فى العُمْرَةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَلَه أبو طالِبٍ. وقال الحَلْوَانِىُّ فى «المُوجَزِ»: الأشْبَهُ أنَه يجِبُ بَدَنَةٌ، كالحَجِّ. قوْلُه: وُجوبُ البَدَنَةِ بوَطْئِه فى الحَجِّ، والشَّاةِ بوَطْئِه فى العُمْرَةِ. إنَّما هو مِن حيثُ الجُمْلَةُ، أمَّا مِن حيثُ التَّفْصِيلُ، فقد تقدَّم فى آخِرِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ؛ فإنَّه تارةً يكونُ

وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، إِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً، وَإنْ كَانَتْ مُكرَهَةً، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا. وَقِيلَ: تَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ يَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ، وتارَةً بعدَه، وما فيه مِنَ الخِلَافِ، فَلْيُعْلَمْ ذلك. قوله: ويَجِبُ على المَرْأةِ مثلُ ذلك، إنْ كانت مُطاوِعَةً. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونقَلَه الجَماعَةُ عن الإمامِ أحمد، أن المرْأَةَ كالرَّجُلِ إذا طاوَعَتْ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ، والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّر»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُجْزِئُهما هَدْىٌ واحِدٌ؛ لأنَّه جِماعٌ وَاحِدٌ.

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّالِثُ، الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ لِلْفَوَاتِ، أَوْ لِتَركِ وَاجِبٍ، أَوْ لِلْمُبَاشَرَةِ فِى غَيْرِ الْفَرْجِ؛ فَمَا أَوْجَبَ مِنْهُ بَدَنَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا فِدْيَةَ عليها؛ لأنَّه لا وَطْءَ منها. ذكَرَه القاضى وَغيرُه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وصحَّحَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قوله: وإن كانت مُكْرَهَةً، فلا فِدْيَةَ عليها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، عليها الفِدْيَةُ. وعنه، يَفْدِى عنها الواطِى. ووَجَّه فى «الفُروعِ» رِوايَةً، أنَّها تَفْدِى وتَرْجِعُ على الواطِئِ، مِنَ الرِّوايةِ التى فى الصَّوْمِ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: المُكْرهَةُ يَفْسُدُ صَوْمُها، ولا يَلْزَمُها كفَّارَةٌ، ولا يَفْسُدُ حَجُّها، وعليها بَدَنَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: الضَّرْبُ الثالِثُ، الدِّماءُ الواجِبَةُ للفَواتِ، أو لتَرْكِ واجِبٍ، أو للمُباشَرةِ

فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْوَطْءِ فِى الْفَرْجِ. وَمَا عَدَاهُ، فَقَالَ [67 ظ] الْقَاضِى: مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ مُلْحَق بِدَمِ الْمُتْعَةِ، وَمَا وَجَبَ لِلْمُبَاشَرَةِ مُلْحَقٌ بِفِدْيَةِ الأَذَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى غيرِ الفَرْجِ؛ فما أوْجَبَ منه بَدَنَةً، فَحُكْمُها حُكْمُ البَدَنَةِ الوَاجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. إذا فاتَه الحَجُّ لعدَمِ وقوفِه بعَرَفَةَ لعُذْرِ حَصْرٍ أو غيرِه، ولم يَشْتَرِطْ أنَّ مَحِلِّى حيثُ حَبَسْتَنِى، فعليه هَدْيٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا هَدْىَ عليه. وأطْلَقَهما المُصَنِّفُ فى هذا الكِتابِ، فى بابِ الفَواتِ والإِحْصارِ. فعلى المذهبِ، يُجْزِئُ مِنَ الهَدْىِ ما اسْتَيْسَرَ، مِثْلُ هَدْى المُتْعَةِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقال فى «المُوجَزِ»: هوٍ بَدَنَةٌ. وعلى المذهبِ، إنْ عَدِمَ الهَدْىَ زَمَنَ وُجوبِه، صامَ عشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلاثَةً فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رجَع. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، مِن أنَّ دمَ الفَواتِ مَقِيسٌ على دَمِ المُتْعَةِ، فهو مثلُه سَواءٌ، فهو داخِل فى كلامِ القاضى الآتِى. وعلى كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبِ «المُوجَزِ»، حُكْمُها حُكْمُ البَدَنَةِ الواجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. هذا ما يَظْهَرُ. وأمَّا الخِرَقِىُّ، فإنَّه جعَل الصَّوْمَ عن دَمِ الفَواتِ كالصَّوْمِ عن جَزاءِ الصَّيْدِ؛ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا. ويأْتِى ذلك فى بابِ المُحْصَرِ بأتَمَّ مِن هذا. وأمَّا إذا باشَرَ دُونَ الفَرْجِ، وأوْجَبْنا عليه بَدَنَةً، فإنَّ حُكْمَها حُكْمُ البَدَنَةِ الواجِبَةِ بالوَطْءِ فى الفَرْجِ. على ما تقدَّم مِن غيرِ خِلافٍ أعْلَمُه. قوله: وما عَداه -يعْنِى، ما عدَا ما يجِبُ فيه البَدَنَةُ- فقال القاضى: ما وجَب لتَرْكِ واجبٍ، مُلْحَقٌ بدَمِ المُتْعَةِ، وما وجَب للمُباشَرَةِ، مُلْحَقٌ بفِدْيَةِ الأذَى. مِثالُ تَرْكِ الواجِبِ الذى يجِبُ به دَمٌ، تَرْكُ الإحْرامِ مِنَ المِيقاتِ، والوُقُوفِ بعَرَفَةَ إلى غُروبِ الشَّمْسِ، أو المَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ الى بعدِ نِصْفِ الليْلِ، أو طَوافِ الوَداعِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو المَبِيتِ بمِنىً، أو الرَّمْىِ، أو الحِلَاقِ، أو نحوِها، فحُكْمُ هذه الدِّماءِ الواجِبَةِ بتَرْكِ الواجِبِ، حُكْمُ دَمِ المُتْعَةِ، على ما تقدَّم. جزَم به الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ومَن ترَك واجِبًا، ولو سَهْوًا، جَبَره بدَمٍ، فإنْ عَدِمَه؛ فكَصَوْمِ المُتْعَةِ والإطْعامِ عنه. ومِثَالُ فِعْلِ المُباشَرَةِ المُوجِبَةِ للدَّمِ، كُلُّ اسْتِمْتاعٍ يُوجِبُ شاةً، كالوَطْءِ فى العُمْرَةِ، وبعدَ التَّحَللِ الأوَّلِ فى الحَجِّ، إذا قُلْنا به، والمُباشَرَةِ مِن غيرِ إنْزالٍ، ونحوِ ذلك، إذا قُلْنا: تَجِبُ شاةٌ. فحُكْمُها حُكْمُ فِدْيَةِ الأذَى، على ما تقدَّم فى أوَّلِ البابِ. وهذا أيضًا مِن غيرِ خِلافٍ. جزَم به الشَّارِحُ، وابنُ

وَمَتَى أَنْزَلَ بِالْمُبَاشَرَةِ دُوِن الْفَرْجِ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَإِنْ لَم يُنْزِلْ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَعَنْهُ، بَدَنةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى، وغيرُهما. قوله: ومتى أنْزَلَ بالمُباشَرَةِ دونَ الفَرْجِ، فعليه بَدَنَةٌ. هذا المذهبُ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروعِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، عليه شاةٌ، إنْ لم يَفْسُدْ نُسُكُه. ذكَرَها القاضى وغيرُه. وأطْلَقهما الحَلْوانِىُّ. وتقدَّم ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى البابِ الذى قبلَه، فى قوْلِه: التاسع، المُباشَرَةُ فيما دونَ الفَرْجِ، وهل يَفْسُدُ نُسُكُه بذلك؟ قوله: فإن لم يُنْزِلْ، فعليه شاةٌ. هذا المذهبُ، وإحْدَى الرِّوايتَيْن. قال الشَّارِحُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعليه شاةٌ فى الصَّحيحِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «الكَافِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ». وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وعنه، بَدَنةٌ. نَصَرهاَ القاضى وأصحابُه. قاله فى «الفُروعِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قبَّل، أو لمَسَ لشَهْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. والخِرَقِىُّ حكَم

وَإنْ كَرَّرَ النَّظرً فَأَنْزَلَ، أوِ اسْتَمْنَى، فَعَلَيْهِ دَمٌ، هَلْ هُوَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإنْ مَذَى بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ شَاةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنَّه إذا أنْزَلَ بالمُباشَرَةِ دونَ الفَرْجِ، يَفْسُدُ حَجُّه، وحكَى الرِّوايتَيْن فى ما أنْزَلَ بالقُبْلَةِ. وعكْسُه (¬1) ابنُ أبي مُوسَى فحكَى الرِّوايتَيْن فى الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ، وجزَم بعَدَمِ الإفْسادِ فى القُبْلَةِ. قوله: وإن كرَّر النظَرَ فأنْزَلَ، أو اسْتَمْنَى، فعليه دَمٌ، هل هو بَدَنَةٌ أو شاةٌ؟ على رِوايَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكَافِى»؛ إحْداهما، عليه بَدَنَةٌ. وهو المذهبُ. نصَّ ¬

(¬1) بياض فى: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وعليه الجُمْهورُ؛ منهم القاضى، وأصحابُه، والخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». والثَّانيةُ، عليه شاةٌ. جزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: لَزِمَه دَمٌ. قال الزُّرْكَشِىُّ: هى المَنْصُوصَةُ. قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: ومُحْرِمٌ بالنَّظَرِ المُكَرَّرِ … أمْنَى فَدَى بالشَّاةِ أو بالْجَزَرِ فائدة: لو نظَر نَظْرَةً فأمْنَى، فعليه شاةٌ، بلا نِزاعٍ، وإنْ لم يُمْنِ، فلا شئَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر القاضى رِوايَةً؛ يَفْدِى بمُجَرَّدِ النَّظَرِ، أنْزَلَ أم لا. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه إنْ كرَّر. قوله: وإنْ مَذَى بذلك، فعليه شاةٌ. يعْنِى، إذا مَذَى بتَكْرارِ النَّظَرِ. وهذا

وَإنْ فَكَّرَ فَانزَلَ، فَلَا فِديَةَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ؛ فهم صاحِبُ «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذّهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلَاصَة»، و «الهادِى»، و «المُجَرَّدِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروع» وغيره. قال الزَّرْكَشِىُّ: اتَفقَ عليه الأصحابُ. وقال فى «الكَافِى»: لا فِنيَةَ بمَذْىٍ بتَكْرارِ نَظَر. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّه منه تخْرِيج، لا فِديَةَ بمَذْىٍ بغيرِ النَظَرِ. وجزَم به الآدَمِىُّ البَغْدادِىُّ فى «كِتَابِه»؛ فقال: إنْ مَذَى باسْتِمناء. قلتُ: وجزَم به فى «الوَجيزِ»؛ فقال: وإنْ مَذَى باسْتمناءٍ، فلا فِدْيَةَ. وتقَدَّم الرِّوايةُ التى ذكَرَها القاضى. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يُكَرِّرِ النَّظرَ وأمْنَى، لا شئَ عليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأَكْثَرِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرَّوْضَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: عليه شاة بذلك. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقيِّ؛ فإنَّه قال: وإنْ نظَر فصرَف بصَرَه فأَمْذَى، فعليه دَمٌ. وشرَح على ذلك ابنُ الزَّاغُونِىِّ. قوله: وإن فكَّر فأنْزَلَ، فلا فديَةَ علَيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروع» وغيرِه. وعن أبى حَفْصٍ، وابنِ عَقِيلٍ، أنَّه كالنَّظرِ؛ لقُدرَتِه عليه. ومُرادُهما، إذا اسْتَدْعاه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا إذا غَلبَه، فلا نِزاعَ أنَّه لا شئَ فيه. قالَه الزَّركَشِىُّ وغيرُه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». فائدتان؛ إحداهما، الخَطَأْ هنا كالعمدِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

فَصْلٌ: وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ، مِثْلَ أَنْ حَلَقَ ثُمَّ حَلَقَ، أَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ، قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ كَفَّرَ عَنِ الْأوَّلِ، لَزِمَتْهُ لِلثَّانِى كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالوَطْءِ. وقيلَ: لا. كما سبَق فى الصَّوْمِ. الثَّانيةُ، المرأةُ كالرَّجُلِ مع وُجودِ الشَّهْوَةِ منها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويَتوَجَّهُ فى خَطَإٍ ما سبَق. قوله: ومَن كرَّر مَحْظُورًا مِن جِنْس، مثلَ أنْ حلَق ثم حلَق، أو وَطِئَ ثم وَطِئَ - سواءٌ وَطِئَ المرأةَ الأُولَى أو غيرَها- قبلَ التَّكْفِيرِ عنِ الأوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وكذا لو قلَّم ثم قلَّم، أو لَبِسَ ثم لَبِسَ، ولو بخَيْطٍ على رأْسِه، أو بدَواءٍ مُطَيَّبٍ فيه، أو تطَيَّبَ ثم تطَيَّبَ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، ونصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وسَواءٌ تابَعه أو فرَّقَه. فظاهِرُه، أنَّه لو قلَّم خَمْسَةَ أظْفَارٍ فى خَمْسَةِ أوْقاتٍ، يَلْزَمُه دَمٌ. وهو صحيحٌ، وقالَه القاضى، وعلَّلَه بأنَّه لمَّا ثبَتَتِ الجُمْلَةُ فيه على الجُمْلَةِ فى تَداخُلِ الفِدْيَةِ، كذا الواحِدُ على الواحِدِ فى تكْمِيلِ الدَّمِ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». وعنه، أنَّ لكُلِّ وَطْءٍ كفَّارَةً، وإنْ لم يُكَفرْ عنِ الأوَّلِ؛ لأنَّه سبَبٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للكفَّارَةِ، فأوْجَبَها، كالأوَّلِ. قال فى «الفُروع»: فيتوَجَّهُ تخْرِيجٌ فى غيرِه. وعنه، إنْ تعَدَّدَ سبَبُ المَحْظُورِ، مِثْلَ أنْ لَبِسَ لشِدَّةِ الحَرِّ، ثم لَبِسَ للبَرْدِ، ثم للمَرضِ، فعليه كفَّاراتٌ، وإلَّا واحِدَةٌ. ونقَل الأَثْرَمُ فى مَن لَبِسَ قَمِيصًا أو جُبَّةً وعِمَامَةً لعِلَّةٍ واحدةٍ، فكفَّارَة واحدَةٌ. قلتُ: فإنِ اعْتَلَّ فلَبِسَ جُبَّةً، ثم بَرِئَ، ثم اعْتَلَّ فَلِبسَ جُبَّة؟ قال: عليه كفَّارَتان. وقال ابنُ أبِى مُوسى فى «الإرْشَادِ»: إنْ لَبِسَ وغطَّى رأْسَه مُتَفرِّقاً، وجَب عليه دَمان، وإنْ كان فى وَقْتٍ واحدٍ، فعلى رِوايتَيْن. انتهى. قوله: وإنْ كفَّر عنِ الأَوَّلِ، لَزِمَتْه للثَّانى كَفَّارةٌ. هذا المذهبُ، وعليه

وإنْ قَتَل صَيْدًا بَعدَ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِ جَزَاوهُمَا. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، ولا أعلَمُ فيه خِلافًا، إلاَّ أنَّ المُصَنِّفَ، والشَّارِحَ، وصاحِبَ «الفُروعِ»، ذكَرُوا الخِلافَ المُتقدَّمَ بعدَ ذِكْرِ هذه المسْأَلَةِ. وذكَر فى «الرعايَة» الرِّوايَةَ الأولَى فى المسْأَلةِ الأُولَى، وأعادَها فى الثَّانيةِ، وليسَ بشئٍ. قوله: وإنْ قتل صَيْدًا بعد صَيْدٍ، فعليه جَزاؤهما. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ. وعنه، عليه جَزاءٌ واحدٌ، سَواءٌ كفَّر عن الأوَّلِ أوْ لا، وحكَاها فى «الفُروعِ» بصِيغةِ التَّمْرِيضِ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا تتَعَدَّدُ

وَإِنْ فَعَلَ مَحْظُوراً مِنْ أَجْنَاس، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِدَاءٌ. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ لم يكَفِّرْ عنِ الأوَّلِ. ونقلَ حَنْبَلٌ أيضًا، إنْ تَعَمَّدَ قتْلَه ثانِيًا، فلا جزاءَ فيه، ويَنْتَقِمُ الله منه. فائدة: لو قتَل صَيْدَيْن فأكثرَ معًا، تعَدَّدَ الجَزاءُ، قوْلًا واحِدًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قوله: وإنْ فعَل مَخظُورًا مِن أجْناس، فعليه لِكُلِّ واحِدٍ فداءٌ. اعلمْ أنَّه إذا فعَل مَخظُورًا مِن أجْناس، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ تتَّحِدَ كفَّارَتُه أو تخْتَلِفَ، فإنِ اتَّحَدَتْ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ؛ لحِكايَتِه الخِلافَ، مِثْلَ أنْ حلَق، ولَبِسَ، وتطَيَّبَ، ونحوَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ما قالَه المُصَنِّفُ، أنّ عليه لكُلِّ واحدٍ كفَّارَةً. ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروع»: وهو أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه، [وصحَّحَه فى «التَّلْخِيصِ»، و «تَصحِيحِ المُحَرَّر». وقدَّمه فى «المُغنِى»، و «الشّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، عليه فِديَةٌ واحِدَةٌ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»] (¬1). وعنه، إنْ كانت فى وَقْتٍ واحدٍ، ففِديَةٌ واحِدَةٌ، وإنْ كانت فى أوْقاتٍ، فعليه لكُلِّ واحد فِديَة. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيلَ: إنْ تَباعَدَ الوَقْتُ تعَدَّدَ الفِداءُ، وإلَّا فلا. فائدة: قال الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه: إذا لَبِسَ وغطَّى رأْسَه ولَبِسَ الخُفَّ، ففِدْيَةٌ واحِدَةٌ؛ لأنَّ الجميعَ جِنْسٌ واحدٌ. [وإنِ اخْتَلَفَ] (¬2) الكفَّارَةُ، مِثْلَ أنْ حلَق، أو لَبِس، أو تَطيَّبَ ووَطِئَ، تعدَّدَتِ الكفَّارَةُ، قوْلا واحِداً. ¬

(¬1) زيادة من: من. (¬2) فى ا: «وأن لا تختلف».

وَإنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ قَتَلَ صَيْدًا عَامِدًا أوْ مُخْطِئًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَعَنْهُ فِى الصَّيْدِ، لَا كَفَّارَةَ إلَّا فِى الْعَمدِ. وَيُخَرَّجُ فِى الْحَلْقِ مِثْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَق، أو قلَّم، أو وَطِئَ، أو قتَل صَيْدًا عامِدًا أو مُخْطِئًا، فعليه الكَفَّارَةُ. إذا حلَق أو قلَّم، فعليه الكفَّارَةُ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونَصَّ عليه. وقيل: لا فِدْيَةَ على مُكْرَهٍ وناس وجاهِلٍ ونائمٍ ونحوِهم. وهو رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِن قَتْلِ الصَّيْدِ. وذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم رِوايَةً. واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ وغيرُه، وهو قَوْلُ المُصَنِّفِ، ويُخَرَّجُ فى الحَلْقِ مِثْلُه. واخْتارَه فى «الفَائقِ» فى حَلْقِ الرّأْسِ، وتَقْليمِ الأَظْفارِ. وأمَّا إذا وَطِئَ، فإنَّ عليه الكفَّارَةَ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطعُوا به، إلَّا المرْأَةَ إذا كانت مُكْرَهَةً، على ما تقدَّم فيها مِنَ الخِلافِ قرِيباً، مع أنَّها لا تنخُلُ فى كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا إذا قتَل صَيْدًا، فعليه الكفَّارَةُ، سَواءٌ كان عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جفهورُ الأصحابِ، ونقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ، منهم صالِحٌ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشّرحِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: عليه الأصحابُ. وعنه، لا جَزاءَ بقَتْلِ الخَطَإِ. نقَلَه صالِحٌ أيضاً، واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزىُّ وغيرُه. فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الفُروعِ»: المُكْرَهُ عندَنا كمُخْطِئٍ، وذكَر الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، فى كِتابِ الأيْمانِ، فى مَوْضِعَيْن، أنَّه لا يَلْزَمُه، وإنَّما

وَإنْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ، أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُ المُكْرِة، يعْنِى بكَسْرِ الرَّاءِ، وجزَم به ابنُ الجَوْزِىِّ. قالَه فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّة». الثَّانيةُ، عمدُ الصَّبِىِّ ومَن زالَ عقْلُه بعدَ إحرامِه، خَطَأٌ. وتقدَّم ذلك. قوله: وإنْ لَبِسَ، أو تَطَيَّبَ، أو غَطَّى رَأْسَه ناسِيًا، فلَا كَفَّارَةَ عليه. وكذا إنْ كان جاهِلًا أو مُكْرَهًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن». ونقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، ظاهِرَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. وعنه، تجِبُ الكفَّارَةُ. نصَرَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «تَعْلِيقِه» وأصحابُه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أن الجاهِلَ بالحُكْمِ هنا كالصَّوْمِ، على ما تقدَّم. وقال القاضى لخَصْمِه؛ يجِبُ أنْ يقولَ ذلك. فائدتان؛ إحداهما، متى زالَ عُذْرُ مَن تطَيَّبَ، غَسَلَه فى الحالِ، فلو أخَّر غُسْلَه بلا عُذْرٍ، فعليه الفِدْيَةُ، ويجوزُ له غَسْلُه بيَدِه وبمائعٍ وغيرِه. ويُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَعِينَ فى غَسْلِه بحَلالٍ، فإنْ كان الماءُ لا يكْفِى الوُضوءَ وغَسْلَه، غسَلَ به الطِّيبَ، وتَيَمَّمَ للحَدَثِ؛ لأنَّ الوُضُوءَ له بدَلٌ. قلتُ: فيُعايىَ بها. ومحلُّ هذا، إذا لم يَقْدِرْ على قطْعِ رائحَتِه بغيرِ الماءِ، فإنْ قدَر على قَطْعِ الرَّائحَةِ بغيرِ الماءِ، فعَل وتوَضَّأ؛ لأنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَضدَ قَطْعُها. وإنْ لم يَجِدِ الماءَ، مسَحَه بخِرقَةٍ، أو حَكَّه بتُرابٍ أو غيرِه حسَبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمكانِ. الثَّانيةُ، لو مَسَّ طِيبًا، يظُنُّه يابِسًا، فَبانَ رَطْبًا، ففى وُجوبِ الفِدْيَةِ بذلك وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروع»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِير»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه قصَد مَسَّ الطيِّبِ. والثَّانى، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّه جَهِلَ تحْرِيمَه، فأشْبَهَ مَن جَهِلَ تحْريمَ الطِّيبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ

وَمَنْ رَفَضَ [68 و] إحْرَامَهُ، ثُمَّ فَعَلَ محْظُورًا، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ. قوله: ومَن رفَض إحْرامَه، ثم فعَل مَحْظُورًا فعليه فِداؤُه. اعلمْ أنَّه لا يَفْسُدُ الإحْرامُ برَفْضِه بالنِّيَّةِ، ولو كان مُحْصَرًا، لم يُبَحْ له التَّحَلُّلُ، بل حُكْمُه باقٍ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، فإذا فعَل مَحْظُورًا بعدَ رَفْضِه، فعليه جَراؤُه. وكذا لو فعَل جميعَ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ بعدَ رَفْضِه، فعليه لكُلِّ مَحْظُورٍ كفَّارَةٌ، إنْ لم يتَداخَلْ، إن لم يرْفُضْ إحْرامَه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُجْزِئُه كفَّارَة واحدَةٌ. ذكَرَها فى «المُسْتَوْعِب» فى آخِرِ بابِ ما يَحْرُمُ على المُحْرِمَ. فائدة: يَلْزَمُه لرَفْضِه دَمٌ. ذكَرَه فى «التَّرْغِيب» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا شئَ عليه

ومَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِى بَدَنِهِ، فَلَهُ اسْتِدَامَةُ ذَلِكَ فِى إِحْرَامِهِ، وَلَيْسَ لَهُ لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لرَفْضِه؛ لأنَّها نِيَّةٌ لم تُفِدْ شيئاً. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. وتقدَّم -إذا أفْسَدَ الحَجَّ التَّطوُّعَ أو العُمْرَةَ- رِوايَة؛ أنَّه لا يَلْزَمُ القَضاءُ، عندَ قوْلِه: وعليهما المُضِىُّ فى فاسِدِه. فى البابِ الذى قبلَ هذا. قوله: ومن تطَيَّبَ قَبلَ إحْرامِه فى بَدَنِه، فله اسْتِدامَةُ ذلك. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ لو نقَله مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ مِن بَدَنِه، أو نقَلَه عنه، ثم رَدَّه إليه، أو مَسَّه بيَدِه، فعليه الفِدْيَةُ، بخِلافِ سَيَلانِه بعَرَقٍ وشَمْسٍ.

وَإنْ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، خَلَعَهُ وَلَم يَشُقَّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس لهُ لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّب. يعْنِى، بعدَ إحْرامِه، وأمَّا عندَ إحْرامِه، فيَجُوزُ، لكِنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، كراهَةُ تَطيبِ ثَوْبِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الآجُرىُّ: يَحْرُمُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وقيلَ: هو كتَطْيِيبِ بَدَنِه. وتقدَّم ذلك فى أوَّل بابِ الإحْرامِ. فائدة: قوله: وإنْ أحْرَمَ وعليه قَميصٌ، خَلَعَه ولم يَشُقَّه. وكذا لو كان عليه سَراوِيلُ، أو جُبَّةٌ، أو غيرُهما. صرَّح به الأصحابُ.

فَإنِ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ، فعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَإنْ لَبِس ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا، وَانْقَطَعَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ إِذَا رُشَّ فِيهِ مَاءٌ فَاحَ رِيحُهُ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن اسْتَدامَ لُبْسَه، فعليه الفِدْيَةُ. مُرادُه، ولو اسْتَدامَ لحْظةَ فأكثرَ فوقَ المُعْتادِ فى خَلْعِه. قوله: وإنْ لَبِسَ ثَوْبًا كان مُطَيبًا، فانْقَطَع رِيحُ الطِّيبِ منه، وكان بِحَيْثُ إذا رُشَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه ماءٌ فاحَ رِيحُه، فعليه الفِدْيَةُ. وهذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو افْتَرشَه. نصَّ عليه. ولو كان تحتَ حائل غيرِ ثِيَابِ بَدَنِه، ولوكان ذلك الحائلُ لا يَمْنَعُ رِيحَه ومُباشَرَتَه. وإنْ منَع، فلا فِدْيَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقَ الآجُرِّىُّ، أنَّه إذا كان بينَهما حائلٌ، كُرِهَ، ولا فِدْيَةَ. فائدة: القارِنُ كغيرِه فيما تقدَّم مِنَ الأحْكام. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قالَه فى «الفُروع» وغيرِه؛ لظاهرِ الكِتابِ والسُّنَّةِ. فاخْتارَ القاضى إنَّه إحْرامَان. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه ظاهرُ قوْلِ أحمدَ؛ فإنَّه شبَّهَهُ بحُرْمَةِ الحَرَمِ، وحرَمِ الإحْرامِ؛ لأنَّ الأحْرامَ هو نِيَّةُ النُّسُكِ، ونِيَّةُ الحَجِّ غيرُ نِيَّةِ العُمْرَةِ. واخْتارَ بعضُهم أنَّه إحْرامٌ واحدٌ، كبَيْعِ عَبْدٍ ودارٍ صَفْقَةً واحِدَةً، فهو عَقْدٌ واحِدٌ والمَبِيعُ اثْنان. وعنه، يَلْزَمُه بفعْلِ مَحْظُورٍ جَزاءَان. ذكَرَها فى «الوَاضِحِ». وذكَرَه القاضى وغيرُه تخْرِيجًا، إنْ لَزِمَه طوافَان وسَعْيان. [وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): قال القاضى: إذا قُلْنا: عليه طَوافَان، لَزِمَه جَزاءَان. انتهى] (¬2). وخَصَّها ابنُ عَقِيلٍ بالصَّيْدِ، كما لو أفْرَدَ كل واحدٍ بإحْرامٍ. قال فى «الفُروع»: والفَرْقُ ظاهرٌ، وكما لو وَطِئَ وهو مُحْرِمٌ صائمٌ. قال القاضى: لا يمْتَنِعُ التَّداخُلُ، ثم لم يتَداخَلا؛ لاخْتِلافِ كفَّارَتهما، أو لأنَّ الإحْرامَ والصِّيامَ لا يتَداخَلان، والحَجَّ والعُمْرَةَ يتَداخَلانِ عندَنا. [وخرَّج فى «المُغْنِى»، لُزومَ بَدَنَةٍ وشاةٍ، فيما إذا أفْسَدَ نُسُكَه بالوَطْءِ، إذا قُلْنا: يَلْزَمُه طَوافَان] (¬3). ¬

(¬1) انظر: المغنى 5/ 349. (¬2) زيادة من: ش. (¬3) زيادة من: ش.

فَصْلٌ: وَكُلُّ هَدْىٍ أَوْ إِطْعَام، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، إِنْ قَدَرَ عَلَى إِيصَالِهِ إِلَيْهِم، إِلَّا فِدْيَةَ الأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوَهَا، إِذَا وُجِدَ سَبَبُهَا فِى الْحِلِّ، فيُفَرِّقُهَا حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا. وَدَمُ الإِحْصَارِ يُخْرِجُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكُلُّ هَدْي أو إطْعام، فهُوَ لمَساكِينِ الحَرَمِ، إنْ قدَر على إيصالِه إليهم. يعْنِى، إذا كان مُتَعَلِّقًا بالإحْرامِ، أو الحَرَمِ، فالهَدايَا والضَّحايَا مُخْتَصَّةٌ بمسَاكِينِ الحَرَمِ، كهَدْىِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ وغيرِهما، وكذا ما وجَب لتَرْكِ واجِبٍ، كالإحْرامِ مِنَ المِيقاتِ، وطَوافِ الوَداعِ ونحوِهما، وكذا جَزاءُ المَحْظُوراتِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا فَعَلها فى الحَرَمِ. نصَّ عليه، فيَجِبُ نَحْرُه بالحَرَمِ، ويُجْزِئُه فى أىِّ نَواحِى الحَرَمِ كان. قال الإمامُ أحمدُ: مَكَّةُ ومِنِّى واحِدٌ. وقال مالِكٌ: لا يَنْحَرُ فى الحَجِّ إلَّا بمِنَى، ولا فى العُمْرَةِ إلَّا بمَكَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: وهو مُتَوجَّهٌ. وأمَّا الإطْعامُ، فهو تَبَعٌ للنَّحْرِ، ففى أىِّ مَوْضِعٍ فى النَّحْرِ، فالطَّعامُ كذلك. فوائد؛ إحداها، الأفْضَلُ أنْ يَنْحَرَ فى الحَجِّ بمِنَى، وفى العُمْرَةِ بالمَرْوَةِ. جزَم به فى «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، اخْتِصاصُ فُقَراءِ الحَرَمِ بِهَدْىِ المُحْصَرِ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال ناظِمُها: وهَدْيُه فعِنْدَنا يَخْتَصُّ … بفُقرَاءِ الحَرَمِ قَدْ نَصُّوا الثَّالثةُ، لو سلَّمه للفُقَراءِ فنَحَرُوه، أجْزَأ، فإنْ لم يفْعَلُوا، اسْتَرَدَّه ونحَرَه، فإنْ أبَى أو عجَز، ضَمِنَه. وقال فى «الفُروعِ»: ويَتوجَّهُ احْتِمالٌ، لا يَضْمَنُ، ويجِبُ تَفْرِقَةُ لَحْمِه بالحَرَمِ، وإطْلاقُه لمَساكِيِنه. الرَّابعةُ، مَساكِينُ الحَرَمِ؛ مَن كان فيه أهْلُه، ومَن ورَد إليه مِنَ الحَاجِّ، وغيرُهم؛ وهم الذين تُدْفَعُ إليهم الزَّكاةُ. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: إنْ قدَر على إيصَالِه إليهم. أنَّه إذا لم يَقْدرْ على إيصَالِه إليهم، أنَّه يجوزُ ذَبْحُه وتفْرِقَتُه هو والطَّعامِ فى غيرِ الحَرَمِ. وهو صحيحٌ، وهو الصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الرِّوايتَيْن. قال فى «الفُروع»: والجَوازُ أظْهرُ. وجزَم به الشَّارِحُ وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قوله: إلَّا فِدْيَةَ الأذَى واللُّبْس وِنحْوَها. كالطِّيبِ ونحوِه. وزادَ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، ودَمَ المُباشَرةِ دُونَ الفَرْجِ، إذا لم يُنْزِلْ. وقال فى «الفُروعِ»: وما وجَب بفِعْلِ محْظُورٍ، فحيثُ فَعَله. ولم يَسْتَثْنِ سِوَى جَزاءِ الصَّيْدِ. وكذا قال الزَّرْكَشِىُّ: إذا وُجدَ سبَبُها فى الحِلِّ، فيُفَرِّقُها حيثُ وُجِدَ سبَبُها. وهذا المذهبُ مُطْلَقَا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُفَرِّقُها فى الحَرَمِ. وقالَه الخِرَقىُّ فى غيرِ الحَلْقِ. قاله فى «الفُصُول»، و «التَّبْصِرَة»؛ لأنَّه الأَصْلُ، خُولِفَ فيه لما سبَق. واعْتبَرَ فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصُولِ»، العُذْرَ فى المَحْظُورِ، وإلَّا فغيرُ المَعْذُورِ كسائرِ الهَدْىِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو البَرَكاتِ: ما فعَلَه لعُذْرٍ، يَنْحَرُ هَدْيَه حيثُ اسْتَباحَه، وما فعلَه لغيرِ عُذْرٍ، اخْتَصَّ بالحَرَمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قيلَ: النَّحْرُ فى الحِلِّ. فذلك على سَبِيلِ الجَوازِ، على مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وغيرِهما. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والخِرَقِىِّ، و «التَّلْخِيص»، الوُجوبُ. الثَّانى، مفْهومُ كلامِه، أنَّ فِدْيَةَ الأَذَى واللُّبْسِ نحوِهما، إذا وُجِدَ سبَبُها فى الحَرَمِ، يُفَرِّقُها فيه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. فوائد؛ الأولَى، جَزاءُ الصَّيْدِ لمَساكِينِ الحَرَمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُفَرِّقُه حيثُ قتَلَه، كحَلْقِ الرَّأْسِ. ذكَرَها القاضى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا يُخالِفُ نصَّ الكتابِ، ومَنْصُوصَ أحمدَ، فلا يُعَوَّلُ عليه. وقيل: يُفَرِّقُه حيثُ قتَلَه لعُذْر. الثَّانيةُ، دَمُ الفَواتِ، كجَزاءِ الصَّيْدِ. الثَّالثةُ، وقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الأَذَى واللُّبْسِ ونحوِهما، وما أُلْحِقَ به، حينَ فعَلَه، إلَّا أنْ يَسْتَبِيحَه لعُذْرٍ، فله الذَّبْحُ قبلَه. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيره: وكذلك ما وجَب لتَرْكِ واجِبٍ. الرابعةُ، لو أمْسَكَ صَيْدًا أو جرَحَه، ثم أخرَجَ جَزاءَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم تَلِفَ المَجْروحُ أو المُمْسَكُ، أو قدَّم مَن أبِيحَ له الحَلْقُ فِدْيَتَه قبلَ الحَلْقِ، ثم حلَق، أجْزأ. نصَّ عليه، وقال فى «الرِّعايَةِ»: إنْ أخْرجَ فِداءَ صَيْدٍ بيَدِه قبلَ تَلَفِه فتَلِفَ، أجْزأَ عنه. وهو بعيدٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ودَمُ الإحْصارِ، يُخْرجُه حَيْثُ احْصِرَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وِعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُجْزِئُه إلا فى الحَرَمِ، فيَبْعَثُه إليه، ويُواطِئٌ رجُلًا على نَحْرِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْتَ تَحلُّلِه. قال فى «المُبْهِجِ»: وقال بعضُ أصحابِنا: لا ينْحَرُ هدىَ الإحْصارِ، إلَّا بالحَرَمِ. قال المُصَنِّفُ: هذا فى مَن كان حَصْرُه خاصًّا، أمَّا الحَصْرُ العامُّ،

وَأما الصِّيَامُ، فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ. وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ، يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ أوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ. وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، أَجْرأَتْهُ بَقَرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يقُولُه أحد. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، عندَ قوْله: الثَّانِى، دَمُ المُحْصَرِ. فوائد؛ إحْداها، قوله: وأما الصِّيامُ، فيجْزِئُه بكُلِّ مَكان. قال فى «الفُروعِ»: ويُجْزِئ صَوْمٌ وِفاقًا، والحَلْقُ وِفاقًا، وهَدْىُ تَطوُّع. ذكَرَه القاضى وغيرُه وفاقا. وما يُسَمى نُسُكًا بكُلِّ مَكانٍ. الثانيةُ، قوله: وكُلُّ دَمٍ ذَكَرناه، يُجْزئُ فيه شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. ويُجْزئُ أيضًا سُبْعُ بقَرةٍ، والأفْضَلُ ذبْحُ بَدَنَةٍ أو بقَرَة، لكِنْ إذا ذَبحَها عنِ الدَّمِ، هل تَلْزَمُه كلُّها، كما لو اخْتارَ الأعْلَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن خِصالِ الكفَّارَة؟ اخْتارَه ابنُ عَقِيل، وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ». ذكَرَه فى المَنْذُورِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». [وصحَّحَه فى «تَصْحِيح المُحَرَّرِ»] (1). أم يَلْزَمُ سُبْعُها فقط، والبَاقِى له اكْلُه والتَّصَرُّفُ فيه؛ لجَوازِ ترْكِه مطْلَقًا، كذَبْحِه سَبْعَ شِيَاهٍ؟ قال ابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»: فإنْ ذبَح بَدَنَةً، لم تَلْزمه كلُّها فى الأشْهرِ. انتهى. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرحِه»، وقال: هذا أقْيَسُ. فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، [و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»] (¬1)، و «الفَائق»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وقال: قلتُ: ويَنْبَغِى أنْ يَنْبَنِىَ على الخِلافِ أيضًا زِيادَةُ الثَّوابِ؛ فإنَّ ثَوابَ الواجِبِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أعظَمُ مِن ثَوابِ التَّطَوُّعِ. انتهى. ويأْتِى نظِيرُها فى بابِ الهدىِ والأَضاحِى، عندَ قوْلِه: وإذا نذَر هَدْيًا مُطْلَقًا. فأقَلُّ ما يُجْزِئ شاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وتقدَّم نظِيرُها فيما إذا كان عندَه خَمْسٌ مِنَ الإبِلِ، فأخْرَجَ زَكاتَها بعِيرا، فى بابِ زَكاةِ بَهيمَةِ الأنعامِ. الثَّالثةُ، حُكْمُ الهدىِ حُكْمُ الأضْحِيَةِ. نصَّ عليه قِياسا عليها، فلا يُجْزِئُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الهدىِ مالا يُضَحَّى به، على ما يأْتِى فى بابِ الأُضْحِيَةِ. قوله: ومَن وَجَبتْ عليه بَدَنَة، أجْزَأئه بقَرَة. وكذا عكْسُها، وتُجْزِئُه أيضًا البقَرَةُ فى جَزاءِ الصَّيْدِ عنِ البَدَنَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جاهيرُ الأصحاب. وقيلَ: لا تُجْزِئُه؛ لأنَّها تُشْبِهُ النعامَةَ. وذكَر القاضى وغيرُه رِوايَةً فى غيرِ النًّذرِ، لا تُجْزِى البَقَرَةُ عنِ البَدَنَةِ مُطْلَقًا، إلَّا لعَدَمِها، وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ». ويأْتِي فى بابِ الهدىِ والأضاحِى، فى فَصْلِ سَوْقل الهدىِ، إذا نذَر بدَنَةً، أجْزأتْه بقَرَةٌ. فائدة: مَن لَزِمَتْه بَدَنَة، أجْزأَه سَبْعُ شِيَاهٍ مُطْلَقًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يُجْزئُ عندَ عَدَمِها. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. نقَلَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، لا يُجْزِئُه إلاَّ عشْرُ شِيَاهٍ، والبَقَرَةُ كالبَدَنَةِ فى إجْزاءِ سَبْعِ شِيَاهٍ عنها بطَريقٍ أوْلَى. ومَن لَزِمَتْه سَبْعُ شِيَاهٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أجْزأه بَدَنَة أو بَقَرَة. ذكَرَه المُصَنفُ فى «الكَافِى»؛ لإجْزائِها عن سَبْعَةٍ. وقدَّمه فى «الفُروع». وذكَر جماعةٌ، تُجْزئ إلا فى جَزاءِ الصَّيْدِ. وجزَم به فى «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال المُصَنِّفُ: لا تُجْزئ البَدَنَةُ عن سَبْعِ شِيَاهٍ فى الصَّيْدِ. والظَّاهِرُ عنه؛ لأنَّ الغنَمَ أطْيَبُ لَحْمًا، فلا يعدِلُ عنِ الأعْلَى إلى الأدْنَى. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ. ويأْتِي فى بابِ الهَدْىِ، إذا نذَر بَدَنَةً، تُجْزِئُه بقَرَةٌ. فى كلامَ المُصَنِّفِ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب جزاء الصيد

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَهُوَ ضَربَانِ، أَحَدُهُمَا، لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فَيَجِبُ فِيهِ مِثْلُهُ. وَهُوَ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا، مَا قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ، فَفِيهِ [68 ظ] مَا قَضَتْ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ جَزاءِ الصَّيْدِ تنبيه: مفهومُ قولِه: وهو ضَرْبان؛ أحَدُهما، ماله مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فيَجِبُ فيه مثلُه. وهو نَوْعان؛ أحَدُهما قَضَتْ فيه الصَّحَابةُ، رِضْوانُ اللهِ عليهم، ففيه ما قَضَتْ. أنَّه لو قضَى بذلك غيرُ الصَّحابِىِّ، أنَّه لا يكونُ كالصَّحابيِّ. وهو

فَفِى النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقد نقَل إسْماعِيلُ الشَّالَنْجِىُّ، هو على ما حكَم الصَّحابَةُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ فَرْضَ الأصحابِ المسْأَلَةَ فى الصَّحابَةِ؛ إنْ كان بِناءً على أنَّ قَوْلَ الصَّحابِىِّ حُجَّةٌ، قُلْنا: فيه رِوايَتان. وإنْ كان لسَبْقِ الحُكْمِ فيه، فحُكْمُ غيرِ الصَّحابِىِّ مثلُه فى هذه الآيَةِ. وقدِ احتَجَّ بالآيَةِ القاضى، ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، كلُّ ما تقدَّمَ فيه مِن حُكْمٍ فهو على ذلك. ونقَل أبو داودَ، ويُتَّبَعُ ما جاءَ، قد حُكِمَ وفُرِغَ منه. وقد رجَع الأصحابُ فى بعضِ المِثْلِ

وَفِى حِمَارِ الْوَحْشِ، وبَقَرَتِهِ، وَالأَيِّلِ، وَالثَّيْتَلِ، وَالْوَعْلِ بَقَرَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى غيرِ الصَّحابِىِّ، على ما يأْتِى. انتهى. قوله: وفى حِمَارِ الوحشِ، وبقَرَتِه، والأيِّلِ، والثَّيْتَلِ، والوَعْلِ بقَرَةٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، فى حِمَارِ الوحشِ بَدَنَةٌ. وأطْلَقهما فى

وَفِى الضَّبُعِ كَبْشٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكَافِى». وعنه، فى كلِّ واحدٍ مِنَ الأرْبعَةِ بَدَنَةٌ. ذكَرَها فى «الوَاضِحِ»، و «التَّبْصِرَةِ». وعنه، لا جَزَاءَ فى بقَرَةِ الوَحْشِ. فائدة: الأَيِّلُ، ذكَرُ الأَوْعالِ. والوَعْلُ، هو الأَرْوَى؛ وهو التَّيْسُ الجَبَلِىُّ. قالَه الجَوْهَرِىُّ (¬1) وغيرُه. ففى الَأَرْوَى بقَرَةٌ، كما تقدَّم فى الوَعْلِ. جزَم به فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: فيها عَضْبٌ. وهو ما قُبِضَ قرْنُه مِنَ البَقَرِ، وهو دُونَ الجَذَعِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ». قوله: وفى الضَّبُعِ كَبْشٌ. بلا نِزاعٍ، إلَّا أنَّه قال فى «الفَائق»: فى الضَّبُعِ شاةٌ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: كَبْشٌ أو شَاةٌ. ¬

(¬1) فى الصحاح 1843/ 5.

وَفِى الْغَزَالِ وَالثَّعْلَبِ عَنْزٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الغَزَالِ والثَّعْلَبِ عَنْزٌ. فالغَزالُ وكذا الظَّبْيَةُ إلى حينِ يقْوَى، ويَطْلُعُ قَرْناه، هى ظَبْيَةٌ، والذَّكَرُ ظَبْىٌ، فإذا كان الغزَالُ صَغِيرًا، فالعَنْزُ الواجبَةُ فيه صَغِيرةٌ مثْلُه، وإنْ كان كبِيرًا، فمِثْلُه. وأمَّا الثَّعْلَبُ، فقطَع المُصَنِّفُ هنا، أَنَّ فيه عَنْزًا. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ». و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «الفَائقِ»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: فيه شاةٌ فى الجماعَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُبْهِجِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الإفادَاتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّر»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». وحكَاه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» رِوايَةً. وعنه، لا شئَ عليه فيه؛ لأنَّه سَبُعٌ. وأطْلَقَهما فى «المُبْهِجِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ حَرُمَ أكْلُه. انتهى. تنييه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، إنَّه سواءٌ أبِيحَ أكْلُه أم لا؟ وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدَايَةِ»، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «الشَّرْح»، و «التَّلْخِيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّر»، و «الوَجيزِ»، و «الفَائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على وُجوبِ القَضاءِ مِن غيرِ قَيْدٍ. وهو أحَدُ الوَجْهيْن تغْلِيبًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال فى «الكَافِى»، فى بابِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ: وفى الثَّعْلَبِ الجَزاءُ، مع الخِلافِ فى أكْلِه؛ تغْلِيبًا للحُرْمَةِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً. نقَل بَكْرٌ، عليه الجَزاءُ، هو صَيْدٌ، لكِنْ لا يُؤْكَلُ. وقيلَ: إنَّما يجِبُ الجزاءُ على القَوْلِ بإباحَتِه. وهو المذهبُ. قال الزَّركَشِىُّ: هذا أصحُّ الطَّرِيقَيْن عندَ القاضى، وأبي محمدٍ، وغيرِهما. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن». واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: والهُدْهُدُ والصُّرَد (¬1) فيه الجَزاءُ، إذا قُلْنا: إنَّه مُباحٌ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ حيثُ قال فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ: ولا تأْثِيرَ للحَرَمِ ولا للإحْرامِ فى ¬

(¬1) الصرد: طائر أبقع ضخم الرأس والمنقار، نصفه أبيض ونصفه أسود، لا يُرَى على الأرض ولا يكون إلا على شجرة، يصيد العصافير.

وَفِى الْوَبْرِ وَالضَّبِّ جَدْىٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تحْريمِ حَيَوانٍ إنْسِىٍّ ولا مُحَرَّمِ الأكْلِ. وقال فى «المُسْتَوعِبِ»: وما فى حِلِّه خِلافٌ، كثَعْلَبٍ، وسِنَّوْرٍ، وهُدْهُدٍ، وصُرَدٍ، وغيرِها، ففى وُجوب الجَزاءِ الخِلافُ. وقال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يَحْرُمُ قتْلُ السِّنَّوْرِ والثَّعْلَبِ، وفى وُجوب القِيمَةِ بقَتْلِهما رِوايَتان. وقال فى «المُبْهِج»: وفى الثَّعْلَبِ رِوايَتان؛ إحْدَاهما، أَنَّه صَيْدٌ فيه شاةٌ. والأُخْرَى، ليس بصَيْدٍ، ولا شئَ فيه. قوله: وفى الوَبْرِ والضَّبِّ جَدْىٌ. الصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّ فى قَتْلِ الوَبْرِ جَدْيًا. جزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الإفادَاتِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه

وَفِى الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ لَها أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروع»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وعنه، فيه شاةً. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، وجزَم به فى «الهادِى». وأطْلَقَهما فى «التَّلْخِيصِ». وقيل: فيه جَفْرَةٌ. اخْتارَه القاضى. وأمَّا الضَّبُّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ فى قتْلِه جَدْيًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّر»، و «الوَجيزِ»، و «الإفادَاتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، فيه شاةٌ. اخْتارَه القاضى، وأطْلَقَهما فى «التَّلْخِيصِ». قوله: وفى اليَرْبُوعِ جَفْرَةٌ لها أرْبعَةُ أشْهُرِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. جزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْح»، و «المُحَرَّر»، و «الفَائق»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وغيرِهم. وعنه، جَدْىٌ. وقيل: شاةٌ. وقيل: عَناقٌ.

وَفِى الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِى الْحَمَامِ؛ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ، شَاةٌ، وَقَالَ الْكِسَائِىُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الأرْنَبِ عَناقٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قالَه فى «الفَائقِ». وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: فيه جَفْرةٌ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». لكِنْ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: العَنَاقُ لها ما بينَ ثُلُثِ سَنَةٍ ونِصْفِها قبلَ أنْ تَصِيرَ جَذَعَةً، والجَفْرَةُ عَناقٌ مِنَ المَعْزِ لها ثُلُثُ سنَةٍ فقط. وقال فى «الفَائقِ»: الجَفْرَةُ لها أرْبَعُ شُهورٍ. وقال فى «الفُروعِ»: الجَفْرَةُ مِنَ المَعْزِ لها أرْبَعُ شُهورٍ، والعَنَاق أُنْثَى مِن وَلَدِ المَعْزِ دُونَ الجَفْرَةِ. انتهى. قوله: وفى الَحَمَامِ؛ وهو كُلُّ ما عَبَّ وهدَر، شَاةٌ. وجُوبُ الشَّاةِ في الحَمامِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا خِلافَ فيه، والعَبُّ؛ وَضْعُ المِنْقارِ فى الماءِ، فيكْرَعُ كالشَّاةِ ولا يشْرَبُ قطْرةً قَطْرَةً كبَقِيَّةِ الطُّيورِ، والهَدْرُ، الصَّوْتُ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحَمامَ كُلُّ ماعَبَّ وهدَر، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال الكِسَائِىُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمامٌ. وقاله (¬1) صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ»، و «الغُنْيَةِ»، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ. فمِمَّا يَعُبُّ ¬

(¬1) فى الأصل، م: «وقال».

النَّوْعُ الثَّانِى، مَالَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويهْدِرُ، الحَمامُ، وتُسَمِّى العرَبُ القَطا حمَامًا، وكذا الفَواخِتُ والوراشِينُ، والقُمْرِىُّ، والدُّبْسِىُّ، والشَّفانِينُ. وأمَّا الحَجَلُ، فإنَّه لا يَعُبُّ، وهو مُطَوَّقٌ، ففيه الخِلافُ. قوله: النَّوْعُ الثَّانِى، ما لم تَقْضِ فيه الصَّحابَةُ، فيُرْجَعُ فيه إلى قَوْلِ عَدْلَين مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أهْلِ الخِبْرَةِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ القَاتِلُ أَحَدَهما. نصَّ عليه، وأنْ يكونا القاتِلَيْن أيضًا، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلاَّ ما تقدَّم عن صاحبِ «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من أنَّه يُقْبَلُ قوْلُ غيرِ الصَّحابِىِّ، فى أوَّلِ البابِ. وقيَّدَ ابنُ عَقِيلٍ المسْألةَ بما [إذا كان] (¬1) قتْلُه خطَأ. قال: لأنَّ العَمْدَ يُنافِى العَدالَةَ، فلا يُقْبَلُ قوْلُه، إلا أنْ يكونَ جاهِلاً تحْرِيمَه، لعدَمِ فِسْقِه. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. ولعَله مُرادُ الأصحابِ. قال بعضُهم: وعلى قِيَاسِه، قَتْلُه لحاجَةِ أكْلِهْ. ويأتِى ف أوَاخِرِ بابِ شُروطِ مَن تُقْبَلُ شَهادَتُه، قَبُولُ شَهادةِ الإنْسانِ على فِعْلِ نفْسِه. وتقدَّم، هل تجِبُ فِدْيَةٌ فى الضفْدَعِ، والنَّملَةِ، والنحْلَةِ، وامٌ حُبَيْنٍ، والسِّنَّوْرِ الأهْلِى أم لا؟ وهل تَجِبُ فى البَطِّ والدَّجاجِ ونحوِه أم لا؟ عندَ قوْلِه: ولا تأْثِيرَ للحَرَمِ ولا للإحْرامِ فى تحْريمِ حَيوانٍ إنْسِى ولا مُحَرَّمِ الأكْلِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَجِبُ فِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ مِثْلُهُ، الَّا الْمَاخِضَ تُفْدَى بِقِيمَةِ مِثْلِها. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ فِيها مِثْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: فى سِنوْرِ البَرِّ، والهُدْهُدِ، والصُّرَدِ حُكُومَةْ إنْ أُلْحِقَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: مُطْلَقًا. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى الثَّعلَبِ. قوله: ويَجِبُ فى كُلِّ واحِدٍ مِنَ الكَبِيرِ والصَّغِيرِ، والصَّحِيحِ والمَعِيب، مثلُه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال فى «الفُروعِ»: وقِياسُ قَوْلِ أبى بَكْر فى الزَّكاةِ، يضْمَنُ مَعِيبًا بصَحيح. ذكَرَه الحَلْوَانِىُّ، وخرَّجه فى «الفُصُولِ» احتِمالاً مِنَ الرِّوايَةِ هناك، وفيها يُعتَبرُ الكبيرُ أيضًا، فهنا مِثْلُه. قالَه فى «الفُروعِ». فلو قتَل فَرْخَ حمَام، كان فيه صَغِير مِن أوْلادِ الغنَمِ، وفى فَرخِ النَّعامَةِ جَزاءٌ، وفيما عدَاها قِيمَتُه، إلَّا ما كان أكْبرَ مِنَ الحَمامِ، ففيه ما نذْكُرُه قرِيبًا. قوله: إلَّا المَاخِضَ تُفْدَى بقِيمَةِ مِثْلِها. هذا أحَدُ الوَجْهيْن. واخْتارَه القاضى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال أبو الخَطابِ: يجِبُ فيها مِثْلُها. وهو المذهبُ، جزَم به فى «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «الهادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وأطْلَقَهما فى «الشرحِ». وقيل: يَضْمَنُ بقِيمَةِ مِثْلِها أو بحائلٍ؛ لأنَّ هذا لا يزِيدُ فى لَحْمِها كَلَوْنِها. قالَه فى «الفَائقِ» على الأوَّلِ. ولو فَداها بغيرِ ماخِضٍ فاحتِمالان. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وتُفْدَى الماخِضُ بمِثْلِها، فإنْ عَدِمَ الماخِضَ فقِيمَةُ ماخِضٍ مِثْلِها. وقيلَ: قِيمَةُ (¬1) غيرِ ماخِض. فائدتان؛ إحداهما، لو جنَى على حامِلٍ، فألقَتْ جَنِينَها مَيِّتًا، ضَمِنَ نقْصَ الأمِّ فقط. وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «قيمته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّ الحَملَ فى البَهائمِ زِيادَةٌ. وقال فى «المُبْهِج»: إذا صادَ حامِلاً، فإنْ تَلِفَ حَملُها، ضَمِنَه. وقال فى «الفُصُولِ»: يَضْمَنُه إنْ تهيأ لنَفْخِ الرُّوحِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنّه يَصِيرُ حَيوانا، كا يَضْمَنُ جَنِينَ امْرأةٍ بغُرةٍ (¬1). وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ فى «الكَافِى»، وصاحِبُ «التلْخِيص»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم: إنْ ألْقَتْه حيًّا ثم ماتَ، فعليه جَزاؤُه. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: إذا كان لوَقْتٍ يعيشُ لمِثْلِه، وإن كان لوَقْتٍ لا يعيشُ لمِثْلِه، فهو كالمَيِّتِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشرحِ». وقاسَ فى «القاعِدَةِ الرابِعَةِ والثمانِين»، وُجوبَ عُشْرِ قِيمَةِ أمِّه، على قوْلِ أبى بَكْرٍ فى وُجوبِ عُشْرِ قِيمَةِ جَنينِ الدابةِ، على ما يأْتِى فى الغَصْب ومَقادِيرِ الدياتِ. وتقدَّمَتْ أحكامُ البَيْضِ المَذِرِ وما فيه مِنَ الفِرَاخِ، وكذا لو أُخْرِجَ مِن كسْرِه البَيْضَةَ فَرْخٌ فعَاشَ أو ماتَ، عندَ قوْلِه: وإنْ أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ. ¬

(¬1) فى الأصول: «بعده». والمثبت من الفروع 3/ 429.

وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعوَرَ مِنْ عَيْنٍ بأعوَرَ مِنْ عَيْنٍ أُخْرَى، وَفِدَاءُ الذَّكَرِ بِالأُنْثَى، وَفِى فِدَائِها بِهِ وَجْهانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانية، قوله: ويَجُوزُ فِدَاءُ أعوَرَ مِن عَيْن بأعوَرَ مِن أخْرَى. وهذا بلا نِزاعٍ، وكذا يجوزُ فِداءُ أعْرَجَ مِن قائمةٍ بأعْرَجَ مِن أخْرَى؛ لأنَّه يَسِيرٌ. ولا يجوزُ فِداءُ أعْوَرَ بأعْرَجَ ولا عكْسُه؛ لعدم المُماثَلَةِ. قوله: ويَجُوزُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بالأنْثَى، وفى فِدائِها به وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَة»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكَافِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائق»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. صحَّحَه فى «النَّظْمِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: والأُنْثَى أفْضَلُ، فيَفْدِى بها. واقْتَصرَ عليه. وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: تُفْدَى أُنْثَى بمِثْلِها.

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِى، مَا لَا مِثْلَ لَهُ؛ وَهُوَ سَائِرُ الطَّيْرِ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ، إِلا مَا كَانَ أكْبَرَ مِنَ الْحَمَامِ، فَهَلْ تَجبُ فِيهِ قِيمَتُهُ أوْ شَاةٌ؟ عَلَى وَجْهيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فظاهِرُ ذلك، عدَمُ الجَوازِ. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيح». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ البَغْدَادِىِّ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبرَى»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ». قوله: الضَّربُ الثَّانِى، مالا مِثْلَ له؛ وهو سائرُ الطَّيْرِ، ففيه قِيمَتُه. بلا نِزاعٍ، إلاَّ ما اسْتَثْناه بقوْلِه: إلاَّ ما كان أكْبَرَ مِنَ الحَمامِ. كالإوَزِّ، والحُبَارَى، والحَجَلِ، على قوْلِ غيرِ الكِسَائِىِّ، والكبيرِ مِن طَيْرِ الماءِ، والكُركِىِّ، والكَرَوانِ، ونحوِه. فهل تجِبُ فيه قِيمَتُه أو شاةٌ؟ على وَجْهيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكَافِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الهَادي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشِى»؛ أحدُهما، تجِبُ فيه قِيمَتُه؛ لأنَّ القِياسَ خُولف فى الحَمامِ. وهو المذهبُ، صحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «العُمدَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «إدرَاكِ الغَايَةِ»، وغيرِهم؛ لاقْتِصَارِهم على وُجوبِ الشَّاةِ فى الحَمامِ دُونَ غيرِه. والوَجْهُ الثَّاني، فيه شاةٌ. اخْتارَه

وَمَنْ أتْلَفَ جُزْءًا [69 و] مِنْ صَيْدٍ، فَفِيهِ مَا نَقصْ قِيمَتِهِ، أوْ قِيمَةِ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابن حامِدٍ، وابنُ أبى مُوسَى. وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شرحِه». قال فى «الخُلَاصَةِ»: فأمَّا طَيْرُ الماءِ، ففيه الجَزاءُ، كالحَمامِ. وقيل: القِيمَةُ. انتهى. قوله: ومَن أتْلَفَ جُزْءًا مِن صَيْدٍ، ففيه ما نقَص مِن قِيمَتِه، أو قيمَةِ مِثْلِه إنْ كان مِثْلِيا. إذا أتْلَفَ جُزءًا مِن صَيْدٍ وانْدمَلَ، وهو مُمتَنع، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ الصيْدُ مما لا مِثْلَ له، أو له. مِثْلٌ، فإنْ كان مما لا مِثْلَ له، فإنَّه يضْمَنُه بقِيمَتِه؛ لأنَّ جُملَتَه تُضْمَنُ بقِيمَتِه، فكذلك أجْزاؤُه. وإنْ كان له مِثْلٌ، فهل يضْمَنُ بمِثْلِه مِن مِثْلِه لحمًا، أو يضْمَنُ بقِيمَةِ مِثلِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَة»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتوعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يضْمَنُ بمِثْلِه مِن مِثْلِه لحمًا. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى [«المُغْنِى» (¬1)، و] (¬2) «الشرح»: وهو أوْلَى. وقدمه فى «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «الفُروعِ». وقال: ويضْمَنُ بعضَه بمِثْلِه لَحمًا؛ لضَمانِ أصْلِه بمِثْلِه مِنَ النعَمِ، ولا مشَقَّةَ فيه؛ لجَوازِ عُدولِه إلى عَدْلِه مِن طَعام أو صَوْمٍ. وقال القاضى فى «الخِلَاف»: لا يُعرَفُ فيما دُونَ النفْسِ، فلو قُلْنا به، لم يمتنِعْ، وإنْ سلَّمْنا، فهو الأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنَّه لم يُوجِبْ فى شَعَرِه ثُلُثَ دَمٍ؛ لأنَّ النَّقْصَ فيما يُضْمَنُ بالمِثْلِ لا يُضْمَنُ به، كطَعامٍ مُسَوَّسٍ فى يَدِ الغاصِبِ، ولأنَّه يَشُقُّ، فلم يُوجِبْ، كما فى الزَّكاةِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، تجِبُ قِيمَةُ مِثْلِه. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ». ¬

(¬1) المغنى 5/ 407. (¬2) زيادة من: ش.

وَإنْ نَفَّرَ صَيْدًا، فَتَلِف بِشَىْءٍ، ضَمِنَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، قوله: لو نَفَّرَ صَيْدًا، فتَلِفَ بشئٍ، ضَمِنَه. وكذا لو نقَص فى حالِ نُفُورِه، ضَمِنَه، بلا خِلافٍ فيهما، ولا يَضْمَنُ اذا تَلِفَ فى مَكانِه بعدَ أمْنِه مِن نُفورِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَضْمَنُ. ولو تَلِفَ فى حالِ نُفُورِه بآفةٍ سَماوِيَّةٍ، ففى ضَمانِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى الضَّمانُ؛ لأَّنه اجْتمَعَ سبَبٌ وغيرُه، ولا يمكِنُ إحالته على غيرِ السَّبَبِ هنا، فيُغَيَّرُ

وَإنْ جَرحَهُ فَغَابَ وَلَم يَعْلَمْ خَبَرَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَم يعلم مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ. وَإنِ انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِع، فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّبَبُ. ثم وَجَدْتُه فى «الرعايَةِ الكُبْرَى» قدَّمه، وقال: وقيلَ: لا يَضْمَنُ بآفَةٍ سَماويَّةٍ فى الأصحِّ. قلتُ: والضَّمانُ ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو كالصَّرِيح فى كلامِه فى «الكَافِى». الثَّانيةُ، لو رمَى صَيْدًا فأَصابَه، ثم سقَط على آخَرَ فمَاتَا، ضَمِنَهما، فلو مشَى المجْروحُ قَلِيلا، ثم سقَط على آخَرَ، ضَمِنَ المَجْروحَ فقط. على الصَّحيحِ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما سبَق، يَضْمَنُهما. قلتُ: هى شَبِيةٌ بما إذا تَلِفَ فى مَكانِه بعدَ أمْنِه، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ جرَحَه فَغابَ ولم يَعلَمْ خَبَرَه، فعليه ما نقَص. يعنِى، إذا كان الجُرْحُ غيرَ مُوحٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عليه أرْشَ ما نقَص بالجَرْحِ. كما قال المُصَنِّفُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: يضْمَنُه كلَّه. وهو ظاهِرُ إطْلاق كلامِ القاضى وأصحابِه، على ما يأْتِى بعدَ ذلك. فعلى المذهبِ، يُقَوِّمُه صَحِيحًا أو جَرِيحًا غيرَ مُنْدَمِلٍ، لعَدَمِ معْرِفَةِ انْدِمالِه، فيَجِبُ ما بينَهما، فإنْ كان سُدسَه، فقيلَ: يجِبُ سُدسُ مِثْلِه. قلتُ: وهو الصَّحيحُ. [وقدمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»] (¬1)، قِياسًا على ما إذا أتْلَفَ جُزْءًا مِنَ الصَّيْدِ، على ما تقدم قربيا. وقد صرَّح فى «الهِدَايَة»، و «المُذهب»، و «المُسْتَوْعِب»، وغيرِهم بذلك. وكذا فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وقدَّموا وُجوبَ مِثْلِه مِن مِثْلِه لَحْمًا، كما تقدَّم. وقيلَ: يجِبُ قِيمَةُ سُدْسِ مِثْلِه. [وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ»] (1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» بقيلَ، وقيلَ. قوله: وكذلك إنْ وجَدَه مَيِّتًا ولم يعلم مَوْتَه بجِنَايَتِه. إذا جَرحَه وغابَ عنه، ثم وَجدَه مَيِّتًا، ولا يَعلمُ، هل مَوْتُه بجِنايته أم لا؟ فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ ما جرَحَه وغابَ ولم يَعْلَمْ خَبَرَه. جزَم به فى «الوَجِيز»، و «النظْم»، وغيرِهما. وقامه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيلَ: يضْمَنُه كلَّه هنا. وهو احتِمالٌ فى «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ»؛ لأنَّه وُجِدَ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سبَبُ إتْلافِه منه، ولم يَعْلَمْ له سبَبًا آخَرَ، فوجَب إحالته على السبَبِ المعْلُومِ. قال الشارِحُ: وهذا أقْيَسُ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ، كنَظائرِه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «القَواعِدِ». فائدة: لو جرَحَه جُرْحًا غيرَ مُوحٍ، فوَقَع فى ماءٍ، أو تَردَّى فماتَ، ضَمِنَه لتَلَفِه بسَببِه. قوله: وإنِ انْدَملَ غيرَ مُمْتَنِعٍ، فعليه جَزاءُ جَمِيعِه. وكذا إنْ جرَحَه جُرْحًا

وَإنْ نَتَفَ رِيشَهُ فَعَادَ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الرِّيشِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوحِيًا (¬1). وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر المُصَنِّف، والشَّارِحُ تخرِيجًا، أنَّه لا يَضْمَنُ سِوَى ما نقَص فيما إذا انْدَمَلَ غيرَ مُمْتَنِع. وأطْلَقَ القاضى وأصحابُه، فى كُتُبِ الخِلَافِ، وُجوبَ الجَزاءِ كامِلًا، فيما إذا جرَحه وغابَ، وجَهِلَ خَبَرَه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، على ما تقدّم؛ فإن كلامَه مُطْلَقٌ. فظاهرُ كلامِهم، أنَّ الجُرْحَ لو كان غيرَ مُوحٍ، وغابَ، أنَّ عليه الجَزاءَ كامِلًا. قوله: وإنْ نتَف رِيشَه فعَادَ، فلا شئَ عليه. وكذا إنْ نتَف شَعَرَه. وهو ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هو قوْلُ غيرِ أبى بَكْرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الهدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، [و «شَرْحِ المَناسِكِ»] (1)، وغيرِهم. [وصحَّحَه فى «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). وقيل: عليه قِيمَتُه؛ لأنَّه غيرُ الأَوَّلِ. وجزَم به فى «الإفادَاتِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيّةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ذكَر أبو بَكْرٍ، أنَّ عليه حُكُومَةً. ويأْتِي نظيرُها إذا قطَع غُصْنًا ثم عادَ، فى البابِ الذى بعدَه، وتقدَّم، إذا أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، فى كلامِ المُصَنِّفِ فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ. فائدة: لو صادَ غيرَ مُمْتَنِعٍ بنَتْفِ رِيشِه أو شَعَرِه، فكالجَرْحِ على ما سَبق. وإنْ غابَ، ففيه ما نقَص؛ لإمْكانِ زَوالِ نقْصِه، كما لو جَرَحَه وغابَ، وجَهِلَ حالَه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَكُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكُلَّما قتَل صَيْدًا حُكِمَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ. وعنه، لا يجِبُ إلَّا فى المَرَّةِ الأولَى. وعنه، إنْ كفَّرَ عنِ الأَوَّلِ، فعليه للثَّانِي كفَّارَةٌ، وإلَّا فلا. وتقدَّم ذلك فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ،

وَإنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فى قَتْلِ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَعَنْهُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ. وَعَنْهُ، إِنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى قوْلهِ: وإنْ قتَل صَيْدًا بعدَ صَيْدٍ، فعليه جَزاؤُهما. بأتمَّ مِن هذا. قوله: وإذا اشْتَرَكَ جَماعَةٌ فى قَتْلِ صَيْدٍ، فعليهم جَزاءٌ واحدٌ. وهذا إحْدى الرِّواياتِ، والمذهبُ منها (¬1)، وسَواءٌ باشَرُوا القَتْلَ، أو كان بعضُهم مُمْسِكًا والآخَرُ مُباشِرًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبى مُوسَى، والقاضى أَيضًا، والمُصَنِّفُ، ¬

(¬1) فى ا: «منهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الكَافِى»، وصحَّحَه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المُخْتارُ مِنَ الرِّواياتِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الخُلَاصَةِ». وعنه، على كلِّ واحدٍ جَزاءٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، إنْ كفَّرُوا بالمالِ، فكفَّارَةٌ واحدَةٌ، وإنْ كفَّرُوا بالصِّيامِ، فعلَى كلِّ واحدٍ كفارَةٌ. ومَن أهْدَى، فبحِصَّتِه، وعلى الآخَرِ صَوْمٌ تامٌّ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. واخْتارَه القاضى وأصحابُه. وذكَرَه الحَلْوانِيُّ عنِ الأكْثَرِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». وقيلَ: لا جَزاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُباشِرٍ. قال فى «الفُروعِ»: فيُؤْخَذُ منه، لا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مع مُباشِرٍ. قال: ولعَلَّه أظْهَرُ، لا سِيَّما إذا أمْسَكَه ليَمْلِكَه، فقتَلَه مُحِلٌّ. وقيلَ: القَرارُ (¬1) على المُبَاشِرِ (¬2)؛ لأنَّه هو الذى جعَل فِعْلَ المُمْسِكِ عِلَّةً. قال فى «الفُروعِ»: [وهذا مُتَّجَهٌ، وجزَم ابنُ شِهَابٍ، أنَّ الجَزاءَ على المُمْسِكِ، وأنَّ عَكْسَه المالُ. قال فى «الفُروعِ»] (¬3): كذا قال. وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ، فى قَتْلِ الصَّيْدِ، عندَ قوْلِه: إلَّا أنْ يكونَ القاتِلُ مُحْرِمًا. فإنَّ حُكْمَ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «القرآن». وانظر: الفروع 3/ 411. (¬2) فى الأصول: «المباشرة» ولا يستقيم بها المعنى، والمثبت من الفروع 3/ 411. (¬3) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْأَلتَيْن (¬1) واحِدٌ. ذكَرَه الأصحابُ. وتقدَّم هناك شَرِيكُ السَّبُعِ وشَرِيكُ الحَلالِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «المسلمين».

باب صيد الحرم ونباته

بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ، فَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ صَيْدِهِ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِ فِى مِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صَيْدِ الحَرَمِ ونَباتِه بقوله: فَمَن أتْلَفَ مِن صَيْدِه شَيْئًا، فعليه ما على المُحْرِمِ فى مِثْلِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. وقيلَ: يَلْزَمُ جزَاءَان؛ جَزاءٌ للحَرَمَ، وجَزاءٌ للإحْرامَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أتْلَفَ كافِرٌ صَيْدًا فى الحَرَمِ، ضَمِنَه. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»، فى بحْثِ مسْألةِ كفَّارَةِ ظِهارِ الذِّمِّىِّ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به. . . . (¬1)، وبَناه بعضُهم على أنَّهم؛ هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإسْلامِ أم لا؟ قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وليس ببِنَاءٍ جَيِّدٍ. وهو كما قال. الثَّانيةُ، لو دَلَّ مُحِلٌّ حلالًا على صَيْدٍ فى الحَرَمِ، فقَتَلَه، ضَمِناه معًا بجَزاءٍ واحدٍ. على الصَّحيحِ ¬

(¬1) بياض بالأصول قدر كلمة واحدة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» , وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منها. وجزَم جماعَةٌ، منهم القاضى، أنَّه لا ضَمانَ على الدَّالّ فى حِلٍّ، بل على المَدْلُولِ

وَإنْ رَمَى الْحَلَالُ مِنَ الْحِلِّ صَيْدًا فى الْحَرَمِ، أَوْ أَرسَل كَلْبَهُ عَلَيْهِ، أو قَتَلَ صَيْدًا عَلَى غُصْنٍ فى الْحَرَمِ أصْلُهُ فى الْحِلِّ، أو أَمْسَكَ طَائِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وحدَه، كَحلالٍ دَلَّ مُحْرِمًا. قوله: وإنْ رَمَى الحَلَالُ مِنَ الحِل صَيْدًا فى الحَرَمِ، أو أرْسَلَ كلْبَه عليه، أو قتَل صيْدًا على غُصْنٍ فى الحَرَمِ أصْلُه فى الحِلِّ، أو أمْسَكَ طَائِرًا فى الحلِّ، فهلَك

فِى الْحِلِّ فَهَلَكَ فِرَاخُهُ فى الْحَرَمِ، ضَمِنَ فِى أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فِرَاخُه فى الحَرَمِ، ضَمِنَ فى أصَحِّ الرِّوَايتَيْن. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ ولا يَضْمَنُ الأُمَّ فيما تَلِفَ فِراخُه فى الحَرَمِ. قال فى «القَواعِدِ»: لو رَمَى الحَلالُ مِنَ الحِلِّ صَيْدًا فى الحَرَمِ فقتَلَه، فعليه ضَمانُه. نصَّ عليه، وجزَم به ابنُ أبى مُوسَى، والقاضى، والأكثَرُون. وحكَى القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وجماعةٌ رِوايَةً بعَدَمِ الضَّمانِ. وهو ضَعِيفٌ، ولا يَثْبُتُ عن أحمدَ وُرُودُه لوُجوهٍ جَيِّدَةٍ. والثَّانيةُ، لا يضْمَنُ؛ لأنَّ القاتِلَ حَلالٌ فى الحِلِّ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، إلَّا أنهما اسْتَثْنَيا إذا هلَك فِراخُ الطَّائرِ المُمْسَكِ، فقَدَّمُوا الضَّمانَ مُطْلَقًا. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»: الضَّمانُ ظاهِرُ المذهبِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو رَمَى الحَلالُ صَيْدًا، ثم أحْرَمَ قبلَ أنْ يُصِيبَه، ضَمِنَه،

وَإنْ قَتَلَ مِنَ الْحَرَمِ صَيْدًا فى الْحِلِّ بِسَهْمِهِ، أوْ كَلْبِهِ، أوْ صَيْدًا عَلَى غُصْنٍ فى الْحِلِّ أصْلُهُ فى الْحَرَمِ، أوْ أمْسَكَ حَمَامَةً فى الْحَرَمِ، فَهَلَكَ فِرَاخُهَا فى الْحِلِّ، لَمْ يَضْمَنْ، فى أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو رَمَى المُحْرِمُ صَيْدًا، ثم أحلَّ قبلَ الإصابَةِ، لم يَضْمَنْه، اعْتِبارًا بحالِ الإِصابَةِ فيهما. ذكَرَه القاضى فى «خِلافِه» فى الجِناياتِ. قال: ويَجِئُ عليه قوْلُ أحمدَ: إنَّه يَضْمَنُ فى المَوْضِعَيْن. قال فى «القَواعِدِ»: ويتَخَرَّجُ عدَمُ الضَّمانِ عليه (¬1). الثَّانيةُ، هل الاعْتِبارُ بحالةِ الرَّمْىِ، أو بحالةِ الإِصابَةِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، الاعْتِبارُ بحالِ الإصابَةِ. جزَم به القاضى فى «خِلافِه»، وأبو الخَطَّابِ فى «رُءُوسِ المسَائلِ»؛ فلو رَمَى بينَهما، وهو مُحْرِمٌ، فوقَع بالصَّيْدِ وقد حَلَّ، حَلَّ أكْلُه، ولو كان بالعَكسِ، لم يجِلَّ. والوَجْهُ الثَّانى، الاعْتِبارُ بحالَةِ الرَّامِى والرَّمْىِ. قالَه القاضى فى كِتَابِ الصَّيْدِ. قوله: إنْ قتَل مِنَ الحَرَمِ صَيْدًا فى الحِل بسَهْمِه، أو كلْبِه، أو صَيْدًا على غُصْنٍ فى الحِلِّ أصْلُه فى الحَرَم، أو أمْسَكَ حَمامَةً فى الحَرَمِ، فَهلَك فِرَاخُها فى الحِلِّ، لم يَضْمَنْ، فى أصَحِّ الرِّوَايتَيْن. وهى المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الخُلَاصَةِ»، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يضْمَنُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، وغيرُهما؛ اعْتِبارًا بالقاتِلِ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «الإرْشَادِ»: فإنْ أرْسَلَ كَلْبَه فى الحَرَمِ، فاصْطَادَ فى الحِلِّ، فالأَظهَرُ عنه، أنْ لا جَزاءَ عليه. وقيلَ عنه: عليه الجَزاءُ. قال: وهو اخْتِيارِي. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، فيما إذا هلَك فِراخُ الطَّائرِ المُمْسَكِ. وقال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: إنَّه ظاهِرُ المذهبِ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الهِدايَةِ»، و «الهَادِى»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، إلَّا ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ احْتِمالٌ فى الطَّائرِ على الغُصْنِ، يَضْمَنُ؛ لأنَّه تابعٌ

وَإنْ أَرسَلَ كَلْبَهُ مِنَ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِى الْحِلِّ، فَقَتَلَ صَيْدًا فِى ـــــــــــــــــــــــــــــ لأصْلِه. وقال أَيضًا: ويتَوَجَّهُ ضَمانُ الفِراخِ إذا تَلِفَ فى الحِلِّ. وقدَّمه أَيضًا فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، كما تقدَّم؛ لأنَّه سَببُ تَلَفِه. فوائد؛ منها, لو فَرَّخَ الطَّيْرُ فى مَكانٍ يحْتاجُ إلى نَقْلِه عنه، فنقَلَه فهلَكَ، ففيه الوَجْهان المُقتَدِّمان. ومنها, لو كان بعضُ قَوائمِ الصَّيْدِ فى الحِلِّ وبعضُها فى الحَرَمِ، حَرمَ قتْلُه، ووَجَب الجَزاءُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ تَغْليبًا للحُرْمَةِ. وفى «المُسْتَوْعِبِ» رِوايَةٌ، لا يحْرُمُ؛ لأنَّ الأَصْلَ الإِباحَةُ، ولم يَثْبُتْ أنَّه مِن صَيْدِ الحَرَم. ومنها, لو كان رأْسُه فى الحَرَمِ وقَوائمُه الأرْبعَةُ فى الحِلِّ، فقال القاضى: يُخَرَّجُ على الرِّوايتَيْن. واقْتَصَرَ. قلتُ: الأوْلَى هنا، عدَمُ الضَّمانِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحاب. وحكَى فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، الخِلافَ وَجْهَيْن، وأطْلَقاهُما. قوله: وإنْ أرْسَل كَلْبَه مِنَ الحِلِّ على صَيْدٍ فى الحِلِّ، فقتَل صَيْدًا فى الحَرَمِ، فعلى وجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الكَافِى». أحدُهما، لا يضْمَنُه مُطْلَقًا. وهو

الْحَرَمِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَهْمِهِ، ضَمِنَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، ونصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُذْهَبِ» و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ» و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ» , و «الهَادِى» و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ» و «الفَائقِ» وغيرِهم. والثَّانى، يَضْمَنُه مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، يضْمَنُه إنْ أرْسَلَه بقُرْبِ الحَرَمِ؛ لتَفْريطِه، وإلَّا فلا. وجزَم به فى «الإفادَاتِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ» و «المُنتخَبِ». واخْتارَه ابنُ أبِى مُوسَى، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». والخِلافُ رِواياتٌ عن أحمدَ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فعلى الرِّوايَةِ الثَّالثةِ، لو قتَل الكَلْبُ صَيْدًا غيرَ الصَّيْدِ المَرْسُولِ إليه، لم يضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وعنه، يضْمَنُ؛ لتَفْريطِه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن الصَّيْدَ المَقْتولَ فى الحَرَمِ غيرُ الصَّيْدِ الذى أرْسَلَه عليه. واعلمْ أنَّ جُمْهورَ الأصحابِ إنّما يحْكُون الخِلافَ المُتَقدِّمَ فيما إذا قُتِلَ الصيْدُ المَرْسولُ عليه فى الحَرَمِ، ولكِنْ صرَّح فى «الكَافِى» بالمَسْأَلتَيْن، وأنَّ حُكْمَهما واحِدٌ. قلتُ: لكنَّ عدَمَ الضَّمانِ فيما إذا قُتِلَ غيرُ المَرْسُولِ عليه أوْلَى وأقْوَى. قوله: وإنْ فعَل ذلك بِسَهْمِه، ضَمِنَه. إنْ قتَل السَّهْمُ صَيْدًا قصَدَه، وكان الصَّيْدُ فى الحَرَمِ، فقد تقدَّم فى كلامِ المُصَنِّفِ، وإنْ قتَل صَيْدًا غيرَ الذى قصَدَه، بأنْ شطَح السَّهْمُ، فدَخَل الحَرَمَ فقَتَلَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكمُ الكَلْبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ». وقيلَ: يَضْمَنُه مُطْلَقًا. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الخُلَاصَةِ»، والمُصَنِّفُ هنا، والشَّارِحُ. وأمَّا إذَا رَمَى صَيْدًا فى الحِلِّ، فقَتَلَه بعَيْيه فى الحَرَمِ، فهذه نادِرَةُ الوُقوعِ، وظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، تَضْمِينُه؛ منهم صاحِبُ «الفَائقِ» وغيرُه، بل هو كالصَّرِيح فى ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، لو دخَل سَهْمُه أو كَلْبُه الحَرَمَ، ثم خرَج فقتَلَه فى الحِلِّ، لم يَضْمَنْ، ولو جرَح الصَّيْدَ فى الحِلِّ، فتحَامَلَ فدخَل الحَرَمَ، وماتَ فيه، حَلَّ أكْلُه، ولم يضْمَنْ، كما لو جرَحَه، ثم أحْرَمَ فَماتَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ:

فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ وَحَشِيشِهِ، إِلَّا الْيَابِسَ وَالإذْخِرَ، وَمَا زَرَعَهُ الْآدَمِىُّ. وَفِى جَوَازِ الرَّعْىِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُكْرَهُ أكْلُه؛ لمَوْتِه فى الحَرَمِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ عليه الصَّيْدُ فى هذه المَواضِعِ، سَواءٌ ضَمِنَه أوْ لا؛ لأنَّه قتْلٌ فى الحَرَمِ، ولأنَّه سبَبُ تَلَفِه. قوله: ويَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِ الحَرَمِ وحَشيشِه. يَحْرُمُ قَلْعُ شجَرِ الحَرَمِ إجْماعًا. والمذهبُ، وعليه الأصحابُ، أنَّه يحْرُمُ قَلْعُ حَشِيشِه ونَباتِه، حتى السِّواكُ والوَرَقُ، إلَّا اليابِسَ، فإنَّه مُباحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وفيه احْتِمالٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا بأس بالانْتِفاعِ بما زالَ بغيرِ فِعْل آدَمِىٍّ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ الخَبَرَ فى القَطْعِ. انتهى، قال بعضُ الأصحابِ: لا يحْرُمُ عُودٌ ووَرَقٌ زَالَا مِن شَجَرَةٍ أو زالَتْ هى، بلا نِزاعٍ فيه (¬1)، وما انْكَسَر ولم ينْقَطِعْ، فهو كالظُّفْرِ المُنْكَسِرِ، على ما تقدَّم. الثَّانيةُ، تُباحُ الكَمْأَةُ والفَقْعُ (¬2) والثَّمَرَةُ كالإذْخِرِ. قوله: ومما زرَعَه الآدَمِىُّ بما زَرَعَه الآدَمِىُّ مِنَ البُقُولِ، والزَّرْعِ، والرَّياحِينِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) انظر ما يأتى فى صفحة 55.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يحْرُمُ أخْذُه, ولا جَزاءَ فيه، بلا نِزاعٍ. ولا جَزاءَ أَيضًا فيما زَرَعَه الآدَمِىُّ مِنَ الشَّجَرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَل المَرُّوذِىُّ، وابنُ إبْرَاهِيمَ، وأبو طالِبٍ، وقد سُئِلَ عنِ الرَّيْحَانِ والبُقولِ فى الحَرَمِ؟ فقال: ما زَرَعْتَه أنتَ، فلا بَأْسَ، وما نبَت فلا. قال القاضى وغيرُه: ظاهِرُه أن له أخْذَ جميعِ ما زرَعَه. وجزَم به القاضى وأصحابُه فى كُتُبِ الخِلافِ؛ لأنَّه أنْبَتَه، كالزَّرْعِ. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ» و «الحاوِى»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وجزَم ابنُ البَنَّا فى «خِصَالِه» بالجَزاءِ فى الشَّجَرِ؛ للنهْىِ عن قَطعِ شَجَرِها، سَواءٌ أنْبَتَه الآدَمِىُّ، أو نبَت بنَفْسِه. ونَسَبَه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» إلى قوْلِ القاضى. وأطْلَقهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ، ونقَل عنِ القاضى أنَّه قال: ما أنْبَتَه فى الحَرَمِ أوَّلًا ففيه الجَزاءُ، وإنْ أنْبَتَه فى الحِلِّ، ثم غَرَسه فى الحَرَمِ، فلا جَزاءَ فيه. واخْتارَ المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1)، إنْ كان ما أنْبَتَه الآدَمِىُّ مِن جِنْسِ شَجَرِهم، كالجَوْزِ، واللَّوْزِ، والنَّخْلِ، ونحوِها, لم يَحْرُمْ، قِياسًا على ما أنْبَتُوه مِنَ الزَّرْعِ، والأهْلِىِّ مِنَ الحَيوانِ. تنبيه: يَحْتَمِلُ قوْلُ المُصَنِّفِ: وما زرَعه الآدَمِىُّ. اخْتِصاصَه بالزَّرْعِ دُونَ الشَّجَرِ، فيكونُ مفْهومُ كلامِه تحْريمَ قطْعِ الشَّجَرِ الذى أنْبتَه، وعليه الجَزاءُ. كما جزَم به ابنُ البَنَّا. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّ المفْهومَ مِن إطْلاقِ الزَّرْعِ ذلك. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ على إطْلاقِه، فيَعُمَّ الشَّجَرَ، كما هو المذهبُ. قلتُ: وهو أقْرَبُ؛ لأنَّ الأصْلَ العمَل بالعُمومِ، حتى يقُومَ دَليلٌ على التَّخْصِيصِ، لا سِيَّما إذا وافقَ الصَّحيحَ، ولأن «ما» مِن ألْفاظِ العُمومِ، ولكِنْ فيه تجَوُّزٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ ما ينبِتُ الآدَمِيُّون جِنْسَه، كما اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». وذكَر هذه الاحْتِمالاتِ الشَّارِحُ فى كلامِ المُصَنِّفِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُبَاحُ إلَّا ما اسْتَثْناه؛ فلا يُباحُ قَطْعُ الشَّوْكِ والعَوْسَجِ وما فيه مَضَرَّةٌ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال فى «المُحَررِ»: وشَجَرُ الحَرَمِ ونَباتُه مُحَرَّمٌ، إلَّا اليابِسَ، ¬

(¬1) انظر: المغنى 5/ 186.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإذْخِرَ، وما زَرَعه الإنْسانُ أو غرَسَه. فظاهِرُه، عدَمُ الجَوازِ. قلتُ: ثبَت فى «الصَّحِيحَيْن»: لا يُعْضَدُ شَوْكُه. وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شَرحِه». واخْتارَ أكثرُ الأصحابِ جَوازَ قَطْعِ ذلك، منهم القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»؛ لأنَّه يُؤْذِى بطَبْعِه، أشْبَهَ السِّبَاعَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه جُمْهورُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى جَوازِ الرَّعْيِ وَجْهان. أكثر الأصحابِ حكَى الخِلافَ وَجْهَيْن، كالمُصَنِّفِ. وحكَاه أبو الحُسَيْنِ وجماعَةٌ رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكَافِى»، و «المُغْنِى»، و «التلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يجوزُ. جزَم به أبو الخَطَّابِ، وابنُ البنَّا، وغيرُهما فى كُتُبِ الخِلَافِ، ونَصَره القاضى [فى «الخِلافِ»] (1)، وابنُه، وغيرُهما. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ». وجزَم به الأزَجِىُّ فى «المُنْتَخَبِ»، [و «التَّنْبِيهِ»، و «رءُوس المسَائلِ». وصحَّحَه فى «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الإفادَاتِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضى فى «التَّعْلِيقِ»: محَلُّ الخِلافِ، إذا أدْخَلَ بَهائِمَه لرَعْيِه، فأمَّا إنْ أدْخلَها لحاجَةٍ، لم يَضْمَنْه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ الاحْتِشَاشُ للبَهائمِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقد منَع المُصَنِّفُ فى أولِ البابِ مِنَ الاحْتِشاشِ مُطْلَقا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إنِ احْتَشَّه لبَهائمِه فهو ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ قَلَعَهُ ضَمِنَ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ، وَالصَّغِيرَةَ بِشَاةٍ، وَالْحَشِيشَ بِقِيمَتِهِ، وَالْغُصْنَ بِما نَقَصَ. فَإِنِ اسْتَخْلَفَ سَقَطَ الضَّمَانُ، فى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كرَعْيِه. وكذا قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»: إنَّ فيه وَجْهَيْن. وأطْلَقهما. قوله: ومَن قلَعَه ضَمِنَ الشجَرةَ الكَبيرَةَ ببقَرَةٍ. هذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَة، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» , و «إدْرَاكِ الغَايَةِ» , و «الهِدايَةِ» , و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الهَادِى»، و: «الكَافِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم به القاضى وأصحابُه فى كتُبِ الخِلافِ. وعنه، يضْمَنُها ببَدَنَةٍ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الإفادَاتِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». وعنه، يضْمَنُها بقِيمَتِها. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وأمَّا الشَّجَرةُ الصَّغيرةُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تُضْمَنُ بشَاةٍ. وجزَم به أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى وأصحابُه فى كُتُبِ الخِلافِ، ومنهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «الكَافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «تَجْرِيدِ العِنَايَةِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يَضْمَنُها بقِيمَتِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تُضْمَنُ الشَّجرَةُ المُتَوسِّطَةُ ببَقَرةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وعنه، بقِيمَتِها. وأمَّا ضمَانُ الحَشِيشِ، والوَرَقِ بقِيمَتِه، فلا أعلمُ فيه خِلافًا، ونصَّ عليه. وأمَّا الغُصْنُ، فيُضْمَنُ بما نقَص. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلَاصَةِ»، و «الكَافِى»، و «الهَادِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «إدراكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ». وقيلَ: يضْمَنُه بقِيمَتِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يضْمَنُه بنَقْصِ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ. وعنه، يضْمَنُ الغُصْنَ الكبيرَ بشاةٍ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». قوله: فإن اسْتَخْلَفَ -هو أو الحَشِيشُ- سقَط الضَّمانُ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكَافِى»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيّةِ»؛ أحدُهما، يسْقُطُ الضَّمانُ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ذكَرَه أصحابُنا. قال فى «الفُروعِ»: ويسْقُطُ الضَّمانُ باسْتِخْلافِه، فى أشْهَرِ الوَجْهَيْن. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الخُلَاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يسْقُطُ الضَّمانُ. جزَم به فى «الإفادَاتِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هو الصَّحيحُ عندى، كحَلْقِ المُحْرِمِ شَعَرًا ثم عادَ. وتقدَّم نظِيرُها، إذا نتَف رِيشَه فعادَ، فى البابِ الذى قبلَه.

وَمَنْ قَطع غُصْنًا فى الْحِلِّ أصْلُهُ فى الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ. فَإِنْ قَطَعَهُ فى الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فى الْحِلِّ، لَمْ يَضْمَنْهُ، فِى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها, لا يجوزُ الانْتِفاعُ بالمقْطُوعِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، كالصَّيْدِ. وقيل: ينْتَفِعُ به غيرُ قاطِعِه. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنى» وغيره. الثَّانيةُ، لو قلَع شجَرًا مِنَ الحَرَمِ، فغرَسَه فى الحِلِّ، لَزِمَه رَدُّه، فإنْ تعَذَّرَ أو يبِسَ، ضَمِنَه، فإنْ رَدَّه، وثبَت كما كان، فلا شئَ عليه، وإنْ ثبَت ناقِصًا، فعليه ما نقَص. الثَّالثةُ، إذا لم يجِدِ الجَزاءَ، قوَّمَه ثم صامَ. نقَلَه ابنُ القاسِمِ. قالَه فى «الفُروعِ». قال فى «الفُصُولِ»: مَن لم يجِدْ، قَوَّم الجَزاءَ طَعامًا، كالصَّيدِ. قال فى «الوَجيزِ»: ويُخَيَّرُ بينَ إخراجِ البَقَرَةِ وبينَ تَقوِيمِها، وأنْ يفْعلَ فى ثَمَنِها كما قُلْنا فى جَزاءِ الصَّيْدِ. فائدة: قوله: ومَن قطَع غُصْنًا فى الحِلِّ أصْلُه فى الحَرَمِ، ضَمِنَه. بلا نِزاعٍ. وكذا لو كان بعضُه فى الحِلِّ وبعضُه فى الحَرَمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قَطَعَه فى الحَرَمِ وأصْلُه فى الحِلِّ، لم يَضْمَنْه، فى أحَدِ الوجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»؛ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» و «الهَادِى»؛ أحدُهما، لا يضْمَنُه. وهو المذهبُ. اختارَه القاضى. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفَائقِ» [و «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ» و «المُنتخَبِ». وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَضْمَنُه. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسَى، وجزَم به فى «الإفادَاتِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ». فوائد؛ منها، قال الإمامُ أحمدُ: لا يُخْرِجُ مِن تُرابِ الحَرَمِ، ولا يُدْخِلُ إليه مِنَ الحِلِّ، ولا يُخْرِجُ مِن حِجارَةِ مَكَّةَ إلى الحِلِّ، والخُروجُ أشَدُّ. واقْتَصرَ بعضُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا، إِلَّا مَا تَدْعُو ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ على كراهَةِ إخْراجِه، وجزَم فى مَكانٍ آخَرَ بكراهَتِهما. وقال بعضُهم: يُكْرَهُ إخْراجُه إلى الحِلِّ. وفى إدْخالِه إلى الحَرَم رِوايَتان. وقال فى «الفُصُولِ»: لا يجوزُ فى تُرابِ الحِلِّ والحَرَمِ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: والأوْلَى أنَّ تُرابَ المَسْجِدِ أكْرَهُ. وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، يُكْرَهُ إخْراجُه للتَّبَرُّكِ ولغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَهم، يَحْرُمُ. ومنها, لا يُكْرَهُ إخْراجُ ماءِ زَمْزَمَ. قال أحمدُ: أخْرَجه كَعْبٌ. ولم يَزِدْ على ذلك. ومنها، حدُّ الحَرَمِ مِن طريقِ المدِينةِ، ثلَاثَةُ أمْيالٍ عندَ بُيُوتِ السِّقاءِ. وقال القاضى: حدُّه مِن طَرِيقِ المدِينَةِ، دُونَ التَّنْعيمِ عندَ بُيُوتِ نِفَارٍ على ثَلَاثةِ أمْيالٍ، ومِنَ اليَمَنِ، سَبْعَةُ أمْيالٍ عندَ إضاحَةِ لِبْنٍ، ومِنَ العِراقِ، سَبْعَةُ أمْيالٍ على ثَنِيَّةِ رِجْلٍ. وهو جَبَلٌ بالمنْقَطعِ. وقيل: تِسْعَةُ أمْيالٍ. ومِن الجِعْرانَةِ، تِسْعَةُ أمْيالٍ فى شِعْبٍ يُنْسَبُ إلى عَبْدِ اللهِ بنِ خَالدِ بنِ أسَدٍ. ومِن جَدَّةَ، عَشَرَةُ أمْيالٍ عندَ مُنْقَطعِ الأعْشَاشِ. ومِنَ الطَّائف، سَبْعَةُ أمْيالٍ عندَ طَرَفِ عُرَنَةَ. ومِن بَطْنِ عُرَنَةَ أحَدَ عَشَرَ مِيلًا. قال ابنُ الجَوْزِىِّ: وُيقالُ: عندَ أضَاةِ لِبْنٍ، مَكانَ أضاحَةِ لِبْنٍ، قال فى «الفُروعِ»: وهذا هو المَعْروفُ. والأوَّلُ ذكَرَه فى «الهِدايَةِ» وغيرِها. قوله: ويَحْرُمُ صَيْدُ المَدينَةِ -نصَّ عليه فى رِوايَةِ الجماعةِ، [وعليه الأصحابُ، لكنْ لو فعَل وذبَح، صحَّت تذكِيَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وذكَر القاضى فى صِحَّتِها احْتِمالَيْن. والمَنْعُ ظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ» الآتِى وغيرِه] (¬1) - وشَجَرُها وحَشِيشُها، إلَّا ما تَدْعُو الحَاجَةُ إليه من شَجَرِها؛ للرَّحْلِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ شَجَرِهَا لِلرَّحْلِ وَالْعَارِضَةِ وَالْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْ حَشِيشِهَا لِلْعَلَفِ. وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَيْهَا صَيْدًا, فَلَهُ إِمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والعَارِضَةِ، والقَائمةِ، ونحوِها -كالوِسادَةِ، والمَسَدِ؛ وهو عودُ البَكَرَةِ- ومِن حَشيشِها لِلْعَلَفِ. ومَن أدْخَلَ إليها صَيْدًا فله إمْسَاكُه. وهذا مالا أعلمُ فيه نِزاعًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: حُكْمُ حَرَمِ المَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكةَ فيما سبَق، إلَّا فى مسْألةِ مَن أدْخَلَ صَيْدًا، أو أخَذَ ما تدْعُو الحاجَةُ إليه مِنَ الشَّجَرِ والحَشِيشِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أدْخَلَ إليها صَيْدًا، فله إمْساكُه وذَبْحُه. قد تقدَّم قريبًا، أنَّ

وَلَا جَزَاءَ فى صَيْدِ الْمَدِينَةِ. وَعَنْهُ، جَزَاؤُهُ سَلَبُ الْقَاتِلِ لِمَنْ أخَذَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضِيَ ذكَر فى صِحةِ تذْكِيَةِ الصَّيْدِ احْتِمالَيْن، وأن الصَّحيحَ مِنَ المذهب الصِّحةُ. قوله: ولا جَزاءَ فى صَيْدِ المَدينَةِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه غيرُ واحدٍ. قلتُ: منهم المُصَنِّفُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنتخَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الخُلَاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الكَافِى»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ»، و «نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ». وعنه، جَزاؤُه سَلَبُ القاتِلِ لمَن أخَذَه. وهو المَنْصُوصُ عندَ الأصحابِ فى كُتُبِ الخِلافِ. قالَه فى «الفُروعِ». ونَقَلَه الأَثْرَمُ، والمَيْمُونِيُّ، وحَنْبَلٌ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ نِهَايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهَادِى»، و «التلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى».

وَحَدُّ حَرَمِهَا مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إِلَى عَيْرٍ، وَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَوْلَ الْمَدِينَةِ اثْنَىْ عَشَرَ مِيلًا حِمًى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما: سَلَبُ القاتِلِ؛ ثِيابُه. قال جماعةٌ، منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والسَّراوِيلُ. وقال فى «الفُصُولِ» وغيرِه: والزِّينةُ مِنَ السَّلَبِ، كالمِنْطَقَةِ، والسِّوَارِ، والخَاتَمِ، والجُبَّةِ. قال: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ مِن آلةِ الاصْطِادِ؛ لأنها آلةُ الفِعْلِ المَحْظُورِ. كما قال فى سَلَبِ المَقْتُولِ. قال غيرُه: وليْستِ الدَّابَّةُ منه. الثَّانيةُ، إذا لم يَسْلُبْه أحدٌ، فإنَّه يتُوبُ إلى لله تِعالَى ممَّا فعَل. قوله: وحَرَمُها ما بينَ ثَوْرٍ إلى عَيْرٍ. وهو ما بينَ لابَتَيها، وقدْرُه، بَرِيدٌ فى بَرِيدٍ. نصَّ عليه. قال المُصَنّفُ فى «المُغْنى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: قال أهْلُ العِلْمِ بالمدِينَةِ: لا يُعْرَفُ بها ثَوْرٌ ولا عَيْرٌ، وإنَّما ما جَبَلان بمَكَّةَ. فيَحْتَمِل أنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أرادَ قَدْرَ ما بينَ ثَوْرٍ إلى عَيْرٍ، وَيحْتَمِلُ أنَّه أَرادَ جبَلَيْن بالمدِينةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسمَّاهُما ثوْرًا وعَيْرًا تَجَوُّزًا (¬1). والله أعلمُ. وقال فى «المُطْلِعِ»: عَيْرٌ جبَلٌ معْروفٌ بالمدِينَةِ مشْهورٌ. وقد أنكَرَه بعضُهم. قال مُصْعَبٌ الزُّبيْرِىُّ (¬2): ليس بالمدِينَةِ عَيْرٌ ولا ثَوْرٌ. وأمَّا ثَوْرٌ، فهو جبَلٌ بمَكةَ معْروفٌ، فيه الغارُ الذى تَوارَى فيه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بَكْرٍ رَضِىَ الله عنه. وقد صحَّ عنه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّه قال: «المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ». قال عِيَاضٌ: أكثرُ الرُّواةِ فى «البُخَارِىِّ» ذكَرُوا عَيْرًا، فأما ثَوْرٌ، فمِنْهم مَن كنَّى عنه بكذا، ومنهم مَن ترَك مَكانَه بَياضًا؛ لأنَّهم اعْتقَدُوا ذِكْرَ ثَوْرٍ خَطَأ. قال أبو عُبَيْدٍ (¬3): أصْلُ الحَديثِ، «مِنْ ¬

(¬1) انظر: المغنى 5/ 191. (¬2) مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت الأسدى الزبيرى، أبو عبد الله. الإِمام العلامة بالأنساب وأيام العرب، له كتاب «النسب الكبير» و «نسب قريش». توفى سنة ست وثلاثين ومائتين. تاريخ بغداد 13/ 112 - 114. (¬3) فى: غريب الحديث 1/ 315، 316.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَيْرٍ إلى أُحُدٍ». وكذا قال الحَازِمِىُّ (¬1) وجماعةٌ، وقال: الرِّوايَةُ صحيحَةٌ. وقدَّرُوا كما قدَّر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «المُطلِعِ»: وهذا كلُّه لأنَّهم لا يعْرِفُون ثَوْرًا بالمدِينَةِ، وقد أخْبَرَنا العَلَّامَةُ عَفِيفُ الدِّينِ عبدُ السَّلامِ بنُ مَزْرُوعٍ البَصْرِىُّ (¬2)، قال: صَحِبْتُ طائفَةً مِنَ العرَبِ مِن بَنِى هَيثمٍ، وكنتُ إذا صَحِبْتُ العرَبَ أسْأَلُهم عمَّا أراه مِن جَبَلٍ أو وادٍ، وغيرِ ذلك، فمرَرْنا بجَبَلٍ خلفَ أُحُدٍ، فقلْتُ: ما يُقالُ لهذا الجَبَلِ؟ قالوا: هذا جَبَلُ ثَوْرٍ. فقلْتُ: ما تقُولُون؟! قالوا: هذا ثَوْرٌ معْروفٌ مِن زَمَنِ آبائِنا وأجْدادِنا. فنَزلْتُ وصلَّيْتُ رَكْعَتَيْن. انتهى. وقال العَلَّامَةُ ابنُ حجَرٍ فى «شَرْحِ البُخَارِىِّ (¬3)»: وذكَر شيْخُنا أبو بَكْرِ بنُ حُسَيْنٍ المرَاغِىُّ (¬4)، نزِيلُ المدِينَةِ، فى «مُخْتَصَرِه» لأخْبارِ المدِينَةِ، أنَّ خَلَفَ أهْلِ المدِينَةِ ينْقُلُون عن سَلَفِهم؛ أنَّ خَلْفَ أُحُدٍ، مِن جِهَةِ الشَّمالِ، جبَلًا صغِيرًا إلى الحُمْرَةِ بتَدْويرٍ، يُسَمَّى ثَوْرًا. قال: وقد تحَقَّقْتُه بالمُشاهَدَةِ. ¬

(¬1) محمد بن موسى بن عثمان الحازمى الهمذانى، أبو بكر. الإِمام الحافظ، الحجة الناقد، النسابة البارع، له كتاب «الناسخ والمنسوخ» و «المؤتلف والمختلف فى أسماء البلدان». توفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 21/ 167 - 172. (¬2) عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد المصرى البصرى، أبو محمد، عفيف الدين، فقيه حنبلى محدث حافظ. توفى سنة ست وتسعين وستمائة. شذرات الذهب 5/ 435، 436. (¬3) انظر: فتح البارى 4/ 82، 83. (¬4) أبو بكر بن حسين بن عمر العثمانى المراغى المصرى، زين الدين. إمام علامة، ولى قضاء المدينة، واختصر «تاريخ المدينة». توفى سنة ست عشرة وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 120.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقال المُحِبُّ الطَّبَرِىُّ (¬1)، بعدَ حِكايَةِ كلام أبى عُبَيْدٍ ومَن تَبِعَه، قال: أخْبَرنِي الثِّقَةُ العالِمُ عبدُ السَّلامِ البَصْرِىُّ، أنَّ حِذاءَ أُحُدٍ، عن يَسارِه جانِحًا إلى وَرائِه، جَبَلًا صغيرًا يُقالُ له ثَوْرٌ، وأخْبَرَ أنَّه تكَرَّرَ سُؤالُه عنه لطَوائِفَ مِنَ العرَبِ العارِفِين بتِلْك الأرْضِ وما فيها مِنَ الجِبالِ، فكُلٌّ أخْبَرَ أنَّ ذلك الجَبَلَ اسْمُه ثَوْرٌ، وتَوارَدُوا على ذلك. قال: فعَلِمْنا أنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ فى الحديثِ صحيحٌ، وأنَّ عدَمَ عِلْمِ أكابِرِ العُلَماءِ به لعدَمِ شُهْرَتِه، وعدَمِ بَحْثِهم عنه. قال: وهذه فائدَةٌ جلِيلَةٌ. انتهى. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم: وحَرَمُها ما بينَ جَبَلَيْها. وقيل: كما بينَ ثَوْرٍ إلى عَيْرٍ. وقال فى «الفُروعِ»: وحَرَمُها ما بينَ لابَتَيْها، بَرِيدٌ فى بَرِيدٍ. نصَّ عليه. انتهى. وقد ورَد: «أُحَرِّمُ ما بينَ لابَتَيْهَا»، وفى رِوايَةٍ: «ما بينَ جَبَلَيْهَا»، وفى رِوايَة: «ما بينَ مَأْزِمَيْهَا». قال الحافِظُ العَلَّامَةُ ابنُ حَجَرٍ فى «شَرْحِه»: رِوايَةُ: «ما بَيْنَ لابَتَيْهَا» أرْجَحُ؛ لتَوارُدِ الرِّوايَةِ عليها، ورِوايَةُ: «جَبَلَيْهَا» لا تُنافِيها، فيكونُ عندَ كلِّ جَبَلٍ لابَةٌ. أو «لابَتَيْهَا» مِن جِهَةِ الجَنُوبِ والشَّمالِ، و «جَبَلَيْهَا» مِن جِهَةِ المَشْرِق والمَغْرِبِ، وعاكَسَه فى «المُطْلِعِ». وأمَّا رِوايَةُ «مَأْزِمَيْهَا»، فالمَأْزِمُ، المَضِيقُ بينَ الجبَلَيْن، وقد يُطْلَقُ على الجَبَلِ نفسِه. ¬

(¬1) أحمد بن عبد الله بن محمد الطبري، محب الدين، أبو العباس. إمام حافظ فقيه، شيخ الحرم، له «السمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين» وغيره. توفى سنة أربع وتسعين وستمائة. الأعلام 1/ 153.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، مَكَّةُ أفْضَلُ مِنَ المدِينةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونَصَره القاضى وأصحابُه وغيرُهم. وأخذَه مِن روايَةِ أبى طالِبٍ، وقد سُئِلَ عن الجِوارِ بمَكَّةَ، فقال: كيف لنا به؟ وقد قال النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكِ لَأحَبُّ البِقَاعِ إلَى اللهِ، وإنَّكِ لَأحَبُّ البِقَاعِ إلَىَّ» (¬1). وعنه، المدِينَةُ أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: الكَعْبَةُ أفْضَلُ مِن مُجَرَّدِ الحُجْرَةِ، فأمَّا وهو فيها، فلا والله وِلا العَرْشُ وحمَلته والجَنَّةُ؛ لأنَّ بالحُجْرَةِ جسَدًا لو وُزِنَ به لرجَح. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ كلامُ الأصحابِ، أنَّ التُرْبَةَ على الخِلافِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا أعلَمُ أحَدًا فضَّلَ التُّرْبَةَ على الكَعْبَةِ إلَّا القاضِىَ عِيَاضًا، ولم يَسْبِقْه أحدٌ. وقال فى «الإرْشَادِ» وغيرِه: محَلُّ الخِلافِ، فى المُجاوَرَةِ، وجَزمُوا بأَفضَلِيَّةِ الصَّلاةِ وغيرِها فى مَكةَ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين وغيرُه. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرٌ. ومَعْنَى ما جَزَم به فى «المُغنِى» وغيرِه، أنَّ مَكَّةَ أفْضَلُ، وأنَّ المُجاوَرَةَ بالمَدِينَةِ أفْضَلُ. الثَّانيةُ، تُسْتَحَبُّ المُجاوَرَةُ بمَكَّةَ، ويجُوزُ لمَن هاجرَ منها المُجاوَرَةُ بها. ونقَل حَنْبَلٌ، إنَّما كَرِهَ عمرُ، رَضِىَ الله عنه، الجِوَارَ بمَكَّةَ لمَن هاجَرَ منها. قال فى «الفُروعِ»: فيَحْتَمِلُ القَوْلُ به، فيكونُ فيه رِوايَتان. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: المُجاوَرَةُ فى مَكانٍ يتَمَكَّنُ فيه إيمَانُه وتقوَاه، أفْضَلُ حيثُ كان. انتهى. الثَّالثةُ، تُضاعَفُ الحسَنَةُ والسَّيِّئَةُ بمَكانٍ أو زَمانٍ فاضِلٍ. ذكَرَه القاضى وغيرُه، وابنُ الجَوْزِىِّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ¬

(¬1) أخرجه الترمذى، فى: باب فى فضل مكة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى 13/ 280. وابن ماجه، فى: باب فضل مكة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1037. والدارمى، فى: باب إخراج النبى - صلى الله عليه وسلم - من مكة، من كتاب السير. سنن الدارمى 2/ 239.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد سُئِلَ فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، تُكْتَبُ السَّيِّئةُ أكثرَ مِن واحِدَةٍ؟ قال: لا، إلَّا بمَكَّةَ. وذكَر الآجُرِّىُّ، أنَّ الحَسَناتِ تُضاعَفُ، ولم يَذْكُرِ السَّيِّئاتِ. الرَّابعةُ، لا يَحْرُمُ صَيْدُ وَجٍّ وشَجَرُه، وهو وادٍ بالطَّائفِ، وفيه حديثٌ روَاه أحمدُ، وأبو داودَ، عن الزُّبيْرِ مرْفُوعًا: «إنَّ صَيْدَ وَجٍّ وعِضاهَهُ حَرَمٌ مُحَرمٌ لله». لكنَّ الحديثَ ضعَّفَه الإمامُ أحمدُ وغيرُه مِنَ النُّقادِ. وقال فى «الرعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: ويُباحُ للمُحْرِمِ صَيْدُ وَجٍّ. وهو خَطَأٌ لا شَكَّ فيه؛ لأنَّ الخِلافَ الذى وقَع بينَ العُلَماءِ إنَّما هو فى إباحَتِه للمُحِلِّ، فعندَ الإمامِ أحمدَ، يُباحُ له. وعندَ الشَّافِعِىِّ، لا يُباحُ. وأمَّا المُحْرِمُ، فلا يُباحُ له، بلا نِزاعٍ. واللهُ أعلمُ.

باب ذكر دخول مكة

بَابُ ذِكْرِ دُخُولَ مَكَّةَ يُسْتَحَبُّ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أعْلَاهَا، مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ذِكْر دُخولِ مَكَّةَ تنبيه: ظاهرُ قولِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ. أنَّه سواءٌ كان دُخولُها ليلًا أو

ثُمَّ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِى شَيْبَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نهارًا. أمَّا دُخولُها فى النَّهارِ، فمُسْتحَبٌّ، بلا نزاعٍ. وأمَّا دُخولُها فى الليلِ، فمُسْتحَبٌّ أَيضًا، فى أحدِ الوَجْهَيْن. ذكَرَه فى «الفُروعِ»، وهو ظاهرُ كلامِ جَماعَةٍ. وقد نقَل ابنُ هانئٍ، لا بأْسَ. وإنَّما كرِهَه مِنَ السُّرَّاقِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ دُخولُها فى الليلِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»؛ وهو ظاهرُ ما جزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّهم إنَّما اسْتَحَبُّوا الدُّخولَ نهارًا. فائدة: يُسْتَحبُّ له إذا خرَج مِن مكَّةَ، أنْ يخْرُجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى مِن كُدًى.

فَإِذَا رَأى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ، وقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، حَيِّنَا رَبَّنَا بالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا وَتَشْريفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ، مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قولِه: ثم يدخلُ المسْجِدَ مِن بابِ بنى شَيْبَةَ. أنَّه لا يقولُ حين دُخولِه شيئًا. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الهِدايةِ»: يقولُ حينَ دخولِه: بسْمِ اللهِ، وباللهِ، ومِنَ اللهِ، وإلى اللهِ، اللهُمَّ افْتَحْ لي أبوابَ فَضْلِك. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يقولُ: بسْمِ اللهِ، اللهُمَّ افْتَحْ لي أبوابَ فضْلِك. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه يقولُ، إذا أَرادَ دُخولَ المسْجِدِ، ما ورَد فى ذلك مِنَ الأحاديثِ. ولا أظُنُّ أنَّ أحدًا مِنَ الأصحابِ لا يسْتَحِبُّ قولَ ذلك؛ إذْ قَوْلُ ذلك مُسْتَحَبٌ عندَ إرادَةِ دُخولِ كلِّ مسْجِدٍ، فالمَسْجِدُ العَتِيقُ بطريقٍ أوْلَى وأحْرَى، وإنَّما سكَتوا عنه هنا اعْتِمادًا على ما قالوه هناك، وإنَّما يذْكُرون هنا ما هو مُخْتَصٌّ به. هذا ما يظْهَرُ. قوله: فإذا رأى البيتَ، رفَع يَدَيْه وكبَّر. إذا رأَى البيتَ، رفَع يَدَيْه. نصَّ عليه.

تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، الْحَمْدُ لِلّه رِبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وَالحَمْدُ لِلّه اِلَّذِى بَلَّغَنِى بَيْتَهُ، وَرَآنِى لِذَلِكَ أهْلًا، وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَ إلَى حَجِّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّى، وَاعْفُ عَنِّى، وَأصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ. يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقولُه: وكبَّر. هذا أحدُ الوُجوهِ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وفى «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجِيزِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ» , و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّسْهيلِ»، و «الفَائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم، وقيلَ: ويُهَلِّلُ أَيضًا. قال فى «النَّظْمِ»: وكبَّر ومجَّد. وجزَم به فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال فى «العُمْدَةِ»: رفَع يَدَيْه وكبّر الله وحمَّد ودَعا. وقيل: يرْفَعُ يدَيْه ويدْعُو فقط. ومنه ما قالَه المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكَافِى»، و «التَّلْخِيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، لا يشْتَغِلُ بدُعاءٍ. واقْتصَرَ فى «الرَّوْضَةِ» على قَوْلِه: اللَّهُمَّ زِدْ هذا البَيْتَ. إلى قولِه: مِمَّن حجَّه واعْتمَرَه، تعْظِيمًا وتشْريفًا وتكْريمًا ومَهابةً وبِرًّا. قوله: يَرْفَعُ بذلك صَوْتَه. جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وقال فى «الفُروعِ»: وقيلَ: يجهَرُ به. وظاهِرُه، أنَّ المُقدَّمَ عدَمُ الجَهْرِ بذلك، ولم أرَ أحدًا قدَّمه، لكنَّ المُصَنِّفَ فى «المُغْنى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ، قالَا: قال بعضُ أصحابِنا: يرْفَعُ بذلك صوْتَه. فالظَّاهِرُ، أنَّه تابَعَهما، وأنَّ المسْألةَ مَسْكوتٌ عنها عندَ بعضِهم، وبعضُهم قال: يجْهَرُ. فتكونُ المسْألةُ قوْلًا واحِدًا.

ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ، إِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا، أوْ طَوَافِ الْقُدُومِ، إنْ كَانَ مُفْرِدًا أوْ قَارِنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَبْتَدِئُ بطَوافِ العُمْرَةِ، إنْ كان مُعْتَمِرًا، أو طَوافِ القُدُومِ، إنْ كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا. هذا المذهبُ بلا ريْبٍ. أعْنِى، أنَّه لا يبْتَدِئُ بشئٍ أوَّلَ مِنَ الطَّوافِ ما لم تَقُمِ (¬1) الصَّلاةُ. وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحبُ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقدمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هو المذهبُ. انتهى. وجزَم فى «الفُصُولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايَة»، وغيرِهم، يفْعَلُ ذلك بعدَ تحِيَّةِ المسْجدِ. قال فى «التلْخيصِ» وغيرِه: والطّوافُ تحِيَّةُ الكَعْبَةِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «تقام بها».

وَيَضْطَبع بِرِدَائِهِ، فَيَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ عَاتِقِهِ الأيْمَنِ، وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُسَمَّى طوافُ القارِنِ والمُفْرِدِ طوافَ القُدومِ، وطوافَ الوُرودِ. قوله: ثم يَضْطَبعُ برِدائِه. الصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّ الاضْطِاعَ يكونُ فى جميعِ الأسْبُوعِ. وفى «التَّرْغِيبِ» رِوايةٌ؛ يكونُ الاضْطِباعُ فى رَمَلِه فقط. وقالَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأثْرَمُ. وأطْلقَهما الزَّرْكَشِىُّ. ولم يذْكُرِ ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه» الاضْطِباعَ إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ. ونَفاه فى طَوافِ الوَداعِ.

ثُمَّ يَبْتَدِئُ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ، فَيُحاذِيهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ، وَإنْ شَاءَ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَإنْ شَاءَ أشَارَ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وَالله أَكْبَرُ، إِيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. كُلَّمَا اسْتَلَمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَبْتَدِئُ مِنَ الحَجَرِ الأَسْود، فَيُحاذِيه بجَمِيعِ بَدَنِه. إذا حاذَى الحَجَرَ الأسْودَ بجميعِ بدَنِه، أجْزَأَ، قوْلًا واحدًا. وإنْ حاذَى بعضَ الحَجَرِ بكُلِّ بدَنِه، أجْزَأ أَيضًا، قوْلًا واحدًا. لكنْ قال فى «أسْبابِ الهِدايةِ»: وَلْيَمُرَّ بكُلِّ الحَجَرِ بكُلِّ بدَنِه. وإنْ حاذَى الحجَرَ أو بعضَه ببَعض بدَنِه، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُجْزِئُ ذلك الشَّوْطُ. صحَّحَه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يُجْزِئُه. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ. وصحَّحَه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». قوله: ثم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه، وإن شاءَ اسْتَلَمَه وقبَّل يَدَه، وإن شاءَ أشارَ إليه. خيَّرَه المُصَنِّفُ بينَ الاسْتِلامِ مع التَّقْبيلِ، وبينَ الاسْتِلامِ مع تَقْبيلِ يَدِه، وبينَ الإِشارةِ إليه. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». و «الكَافى»، و «المُغْنِى»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم، ما معْناه، أنَّه يسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه، فإنْ شَقَّ، اسْتَلَمه وقبَّل يدَه، فإنْ شَقَّ الاسْتِلامُ، أشارَ إليه. فجعَلوا فِعْلَ ذلك مُرَتبًا. وقال فى «الفُروعِ»: ثم يَسْتَلِمُه بيَدِه اليُمْنَى. نقَل الأثْرَمُ، ويسْجُدُ عليه، وإنْ شَقَّ قبَّل يَدَه. نقَلَه الأثْرَمُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا بأْسَ. قال القاضى: فظاهِرُه، لا يُسْتَحَبُّ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: هل له أنْ يُقَبِّلَ يدَه؟ فيه خِلافٌ بينَ أصحابِنا، وإلَّا اسْتلَمه بشئٍ وقبَّلَه. وفى «الرَّوْضَةِ»، فى تقْبِيلِه الخِلافُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَدِ، ويُقَبِّلُه، وإلا أشارَ إليه بيَدِه أو بشئٍ ولا يُقَبِّلُه فى الأصحِّ. انتهى. يعْنِى، لا يُقَبِّلُ المُشارَ به. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فيَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه. بل وقيلَ: يسْتَلِمُه ويُقَبِّلُ يدَه، كما لو عسُر تقْبِيلُه. نصَّ عليه. وإنْ لمَسَه بشئٍ فى يَدِه قَبَّلَه، فإنْ عسُر لمْسُه، أشارَ إليه بيَدِه، وقامَ نحوَه. وقيلَ: ويُقَبِّلُها إذَنْ. انتهى. فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ لا أعلمُ له مُتابِعًا, ولعَلَّه أَرادَ جوازَ هذه الصِّفاتِ، لا الاسْتِحْبابَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبالُ الحجَرِ بوَجْهِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو السُّنَّةُ. وهو ظاهِرُ الخِرَقِىِّ، وهو ظاهِرُ ما قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»؛ فإنَّهما قالا: فإنْ لم يُمْكِنْه اسْتِلامُه وتقْبِيلُه، قامَ بحِذائِه، واسْتَقْبَلَه بوَجْهِه، وكبَّر وهلَّل (¬1). لكِنَّ هذا مخْصُوصٌ بصُورةٍ. ¬

(¬1) انظر: المغنى 5/ 214.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا قطَع به الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لا يُسْتحَبُّ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ. قال القاضى فى «الخِلافِ»: لا يجوزُ أنْ يَبْتَدِئَه غيرَ مُسْتَقْبِلٍ له فى الطوافِ مُحْدِثًا. وأطْلقَهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، الاسْتِلامُ؛ هو مسْحُ الحجَرِ باليَدِ أو بالقُبْلَةِ، مِنَ السَّلام، وهو التَّحِيَّةُ. وقيلَ: مِنَ السِّلامِ؛ وهى الحجارَةُ. واحِدُها سَلِمَةٌ، [يعْنِى، بفتْحِ السِّينِ] (¬1) وبكَسْرِ اللَّامِ، وقيل: مِنَ المُسالَمَةِ. كأنَّه فعَل ما يفْعَلُ المُسالِمُ. وقيلَ: الاسْتِلامُ أنْ يُحَيِّى نفْسَه عندَ الحجَرِ بالسَّلامَةِ. وقيل: هو مهْموزُ الأصْلِ، مأخوذٌ مِن المُلاءمَةِ؛ وهى المُوافَقةُ. وقيل: مِنَ الَّلأْمَةِ؛ وهى السِّلاحُ. كأنَّه حصَّن نفْسَه بمسِّ الحجَرِ. واللهَ أعلمُ. قوله: ويَقولُ: بِسْم اللهِ واللهُ أكبرُ، إيمانًا بكَ، وتَصْديقًا بكِتابِك، ووفاءً بعَهْدِك، واتِّباعًا لسُنَّةِ نبِيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. كلَّما اسْتلَمَه. هكذا قالَه جماعةٌ كَثيرون ¬

(¬1) سقط من: ط

ثُمَّ يَأْخُذُ عَلَى يَمِينِهِ، ويَجْعَلُ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ. فَإِذَا أتَى عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِىِّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الأصحابِ، ولم يذْكُرْه آخَرُون. وزادَ جماعةٌ على الأوَّلِ، اللهُ أكبرُ، الله أكبرُ، لا إلَه إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحَمْدُ. فائدة: قوله: ويَجْعَلُ البَيْتَ عن يَسارِه. وذلك ليُقَرِّبَ جانِبَه الأيْسرَ إليه. والذى يَظْهَرُ، أنَّ ذلك لمَيْلِ قلْبِه إلى الجانبِ الأيسَرِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لكَوْنِ الحرَكةِ الدَّوْرِيَّةِ تَعْتَمِدُ فيها اليُمْنَى على اليُسْرَى، فلمَّا كان الإكْرامُ فى ذلك للخارجِ، جُعِلَ لليُمْنَى. قوله: فإذا أتَى على الرُّكْنِ اليَمانِىِّ اسْتَلَمَه وقبَّل يَدَه. جزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يُقَبِّلُ يدَه مع الاسْتِلامِ مِن غيرِ تَقْبيلِ الرُّكْنِ. وهو أحَدُ الأقْوالِ. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يسْتَلِمُه مِن غيرِ تَقْبيلٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعلى هذا الأصحابُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى، والشَّيْخان، وجماعَةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِىُّ، وابنُ أبي مُوسى فى «الإرْشادِ»: ويُقَبِّلُ الرُّكْنَ اليَمانِىَّ. وقال فى

وَيَطُوفُ سَبْعًا، يَرْمُلُ في الثَّلَاثَةِ الأُوَلِ مِنْهَا، وَهُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْى مَعَ تَقَارُبِ الخُطَى، وَلَا يَثِبُ وَثْبًا، وَيَمْشِى أرْبَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»: وفى تَقْبيلِ الرُّكْنِ اليَمانِيِّ وَجْهان. فائدتان؛ إحداهما، قولُه: يَرْمُلُ فى الثَّلاثةِ الأوَلِ منها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ولم يَذْكُرِ ابنُ الزَّاغُونِيِّ الرَّمَلَ إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ، ونَفاه فى طَوافِ الوَداعِ. فعلى المذهبِ، لو لم يَرْمُلْ فِيهنَّ، أو فى بعضِهنَّ، لم يَقضِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: لو ترَك الرَّمَلَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والاضْطِباعَ فى هذا الطَّوافِ، أو لم يَسْعَ فى طوافِ القُدومِ، أتَى بهما فى طَوافِ الزِّيارَةِ أو غيرِه. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه يقْضِيه إذا ترَكَه عامِدًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: قد يُحْمَلُ على اسْتِحْبابِ الإِعادةِ. الثَّانيةُ، لو طافَ راكِبًا، لم يَرْمُلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهما. وقال القاضى: يَخُبُّ به مَرْكُوبُه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو إسْراعُ المَشْى مع تَقارُبِ الخُطَى. وهذا بلا نزاعٍ. لكنْ إنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُرْبَ البَيْتِ زِحامٌ، فظَنَّ أنَّه إذا وقَف لم يُؤْذِ أحدًا، ويُمْكِنُ الرَّمَلُ، وقَف ليجْمَعَ بينَ الَّرمَلِ والدُّنُوِّ مِنَ البَيْتِ، وإنْ لم يظُنَّ ذلك، وظَنَّ أنه إذا كان فى حاشِيَةِ النَّاسِ تمَكَّنَ مِنَ الرمَلِ، فعَل، وكان أوْلَى مِنَ الدُّنُوِّ. وإنْ كان لا يتمَكَّنُ مِنَ الرَّمَلِ أيضًا، أو يخْتَلِطُ بالنِّساء، فالدُّنوُّ مِنَ البَيْتِ أوْلَى. والتأخيرُ للرَّمَلِ أو للدُّنُوِّ مِن البَيتِ حتى يقْدِرَ عليه، أَوْلَى مِن عدَمِ الرَّمَلِ والبُعْدِ مِنَ البَيْتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الفُصولِ»: لا ينْتَظِرُ الرَّمَلَ، كما لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتْرُكُ الصَّفَّ الأوَّلَ لتعَذُّرِ التَّجافِى فى الصَّلاةِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: والإتْيانُ به فى الزِّحامِ مع القُرْبِ، وإنْ تعَذر الرَّمَلُ، أوْلَى مِن الانْتِظارِ، كالتَّجافِى فى الصلاةِ، لا يتْرُكُ فضِيلةَ الصَّفِّ الأوليِ لتعَذُّره. وقال فى «الفُصولِ» أيضًا، فى فُصولِ اللِّباسِ مِن صلاةِ الخَوْف: العَدْوُ فى المسْجدِ على مثْلِ هذا الوَجْهِ مكْروهٌ جِدًّا. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، ويتوَجَّهُ ترْكُ الأوْلَى.

وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِىَّ، اسْتَلَمَهُمَا أوْ أشَارَ إِلَيْهِمَا. وَيَقُولُ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ: اللهُ أكْبَرُ وَلَا إِلهَ إِلَّا اللهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكُلَّما حاذَى الحَجَرَ والرُّكْنَ اليَمانِىَّ، اسْتَلَمَهما أو أشارَ إليهما. يعْنِى، اسْتلَمَهما إنْ تيَسَّرَ، وإلَّا أشارَ إليهما. كُلَّما حاذَى الحجَرَ اسْتلَمَه، بلا نِز اعٍ، إنْ تيَسَّرَ له، وإلَّا أشارَ إليه. وكُلَّما حاذَى الرُّكْنَ اليمَانِىَّ، اسْتَلمَه أيضًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: يسْتَلِمُهما كل مرَّةٍ. وقيلَ: اليَمانِىَّ فقط. قلتُ: وهذا القوْلُ ضعيفٌ جدًّا. وقيل: ويُقَبِّلُ يدَه أيضًا. كما قالَه المُصنِّفُ هنا، فى أوَّلِ طَوافِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الخِرَقِىُّ، وابنُ أبي مُوسى: يُقَبِّلُ الرُّكْنَ اليَمانِىَّ. كما تقدَّم عنهما. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ عسُر، قبَّل يدَه، فإنْ عسُر لمْسُه، أشارَ إليه. . وقيل: إنْ شاءَ أشارَ إليهما. قال فى «المُسْتوْعِب» وغيرِه: وكلَّما حاذَاهما، فعَل فيهما مِنَ الاسْتِلامِ والتَّقْبيلِ، على ما ذكَرْناه أوَّلاً. قوله: ويقولُ كُلَّما حاذَى الحجَرَ: الله أكْبَرُ، ولا إلَه إلَّا اللهُ. هكذا قاله جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيلَ: يُكَبِّرُ فقط. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وتقَل الأَثْرَمُ، يُكَبِّرُ ويُهَلِّلُ، ويرْفَعُ يدَيْه. وقيلَ: يقولُ: اللهُ أَكْبَرُ، ولا حوْلَ ولا قُوةَ إلَّا باللهِ.

وَبَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، وغيرِهما: يقولُ عندَ الحجَرِ ما تقدَّم ذِكْرُه فى ابْتِداءِ أوَّلِ الطَّوافِ. وهو قوْلُ: بسْمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، إيمانًا بك. إلى آخرِه. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ويقولُ كُلَّما حاذَى الحجَرَ. أنَّه يقولُه فى كلِّ طَوْفَةٍ، إلى فَراغِ الأُسْبُوعِ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يقولُ ذلك فى أشْواطِ الرَّمَلِ فقط. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قوله: وبينَ الرُّكْنَيْن: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى

وَفِى سَائِرِ الطَّوَافِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»: يقولُ ذلك بينَ الرُّكيْن آخِرَ طَوافِه. وتَبِعَه على ذلك فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ». وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، وغيرِهم: يقولُ بعدَ الذِّكرِ، عندَ مُحاذاةِ الحجَرِ فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مشْكورًا، وذَنْبًا مغْفُورًا. ويقولُ فى الأرْبَعةِ: رَبِّ اغْفِرْ وارْحمْ، واعْفُ عمَّا تعلَمُ، وأنتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ، اللَّهُمَّ ربَّنا آتِنا فى الدُّنْيا حسنَة، وفى الآخِرَةِ حسنَةً، وقِنا عذابَ النَّارِ. فلم يَخُصُّوا هذا بما بينَ الرُّكْنَيْن. قوله: وفى سائِرِ الطَّوافِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، وذَنْبًا

وَذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَيَدْعُو بِمَا أحَبَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، وتَجاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، وأنتَ الأعَزُّ الأَكْرَمُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»: يقولُ فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، وذنْبًا مغْفُورًا، وفى الأرْبعَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، واعْفُ عمَّا تعْلَمْ، وأنتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ. وقالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وقال فى «الفُروعِ»: ويُكْثِرُ فى بقِيَّةِ رَمَلِه مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ. ومنه، رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، واهْدِ الطَّريقَ الأقْوَمَ. وتقدَّم ما قالَه فى «الهِدايَةِ» وغيرِها، فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ، وفى الأرْبعَةِ الأشْواطِ الباقيةِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يرْفعَ يدَيْه فى الدُّعاءِ، وأنْ يقِفَ فى كلِّ شوْطٍ فى المُلْتَزَمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمِيزَابِ، وعندَ كلِّ رُكْنٍ، ويدْعُوَ. وذكَر أدْعِيَةً تخُصُّ كلَّ مَكانٍ مِن ذلك. فَلْيُراجِعْه مَن أرادَه. فائدة: تجوزُ القِراءَةُ للطَّائفِ. نصَّ عليه. وتُسْتَحَبُّ أيضًا، وقالَه الآجُرِّىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل أبو داودَ، أيُّهما أحَبُّ إليك؟ قال: كُلٌّ. وعنه، تُكْرَهُ القِراءةُ. قال فى «التَّرْغيبِ»: لتَغْلِيطِه المُصَلِّين. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليس له القِراءةُ إذا غلَّطَ المُصَلِّين. وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِب». وقال أيضًا: تستَحَبُّ القِراءةُ فيه، لا الجَهْرُ بها. وقال القاضى وغيرُه: ولأَنَّه صلاةٌ، وفيها

وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا أهْلِ مَكَّةَ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ. وَلَيْسَ في غيْرِ هَذَا الطَّوَافِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قراءةٌ ودُعاءٌ، فيجِبُ كَوْنُه مِثْلَها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: جِنْسُ القِراءةِ أفْضَلُ مِنَ الطَّوافِ. قوله: وليس فى غيرِ هذا الطَّوافِ رَمَلٌ ولا اضْطِباعٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيل: مَن ترَك الرمَلَ والاضْطِباعَ فى هذا الطَّوافِ، أَتَى بهما فى طَوافِ الزِّيارَةِ، أَوْ فى غيرِه. قال القاضى، وصاحبُ «التَّلْخيصِ»: لو ترَك الرَّمَلَ فى القُدومِ، أتَى به فى الزِّيارَةِ، ولو رمَل فى القُدومِ، ولم يَسْعَ عَقِبَه، إذا طافَ للزِّيارَةِ، رمَل. ولم يذْكُرِ ابن الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه» الرَّمَلَ والاضْطِباعَ، إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ، ونَفاهُما فى طوافِ الوَداعِ. فائدة: لا يُسَنُّ الرَّمَلُ والاضْطِباعُ للحاملِ المعْذورِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّيُّ: يرْمُلُ

وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أوْ مَحْمُولًا، أجْزَأهُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ. وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَحْمولِ. [ولا يُسَنُّ الرَّمَلُ إذا طافَ أو سعَى راكِبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. واخْتارَه القاضى. قال الزَّرْكَشِىُّ، أظُنُّه فى «المُجَرَّدِ» أو غيرِه، يجِبُ فيه] (¬1). قوله: ومن طافَ راكِبًا أو مَحْمُولًا، أجْزَأ عنه. قدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّ الطَّوافَ يُجْزِئُ مِنَ الرَّاكبِ مُطْلَقًا. وتحْريرُ ذلك، أنَّه لا يخْلو؛ إما أنْ يكونَ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَكِبَ لعُذْرٍ، أو لا، فإنْ كان رَكِبَ لعُذْرٍ، أجْزَأ طوافُه، قوْلًا واحدًا. وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، فقدَّم المُصَنِّفُ الإجْزاءَ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، [وغيرُهم، وقدَّمه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ كلام القاضى. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»] (¬1)، و «التَّلْخيصِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وناظِمُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُفْرَداتِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُ الرِّواياتِ، واخْتِيارُ القاضى أخِيرًا، والشَّريفِ أبي جَعْفَر. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، تُجْزِئُ، وعليه دَمٌ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: حكَاها أبو محمدٍ، ولم أرَها لغيرِه، بل قد أنْكَر ذلك أحمدُ، فى رِوايَةِ محمدِ بنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِىِّ (¬1)، فى الرَّدِّ على أبي حنيفةَ. قال: طافَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على بَعِيرِه. وقال هو: إذا حُمِلَ، فعليه دَمٌ. انتهى. قلتُ: لا يَلْزَمُه مِن إنْكارِه ورَدِّه، أنْ لا يكونَ نُقِلَ عنه، والمُجْتَهِدُ هذه صِفَتُه، والنَّاقِلُ مُقَدَّمٌ على النَّافِى. وأطْلقَهُنَّ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال الإمامُ أحمدُ: إنَّما طافَ عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، [على بعِيرِه] (¬2)؛ ليَراه النَّاسُ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: فيَجِئُ مِن هذا، لا بأْسَ (¬3) به للإمامِ الأعْظَمِ؛ ليَراه الجُهَّالُ. فائدة: السَّعْىُ راكِبًا كالطَّوافِ راكِبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ ¬

(¬1) محمد بن منصور بن داود الطوسى، أبو جعفر. الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام، روى عن الإمام أحمد، وكان ثقة. توفى سنة أربع وخمسين ومائتين. سير أعلام النبلاء 2/ 212 - 214. (¬2) زيادة من: 1. (¬3) فى الأصل، ط: «ما بيّن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وذكَرَه الخِرَقِىُّ، والقاضى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». [وقطَع المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، بالجوازِ لعُذْرٍ ولغيرِ عُذْرٍ] (¬1). وأمَّا إذا طِيفَ به محْمولًا، فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه يصِحُّ مُطْلَقًا. وتحْريرُه، إنْ كان لعُذْرٍ، أجْزَأ، قوْلًا واحِدًا بشَرْطِه. وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، فالذى قدَّمه المُصَنِّفُ إحْدَى الرِّوايتَيْن. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «التَّلْخِيصِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُه. وهو المذهبُ. ولمَّا قدَّم فى «الفُروعِ» عدَمَ الإجْزاءِ فى الطَّوافِ راكِبًا لغيرِ عُذْرٍ، وحكَى الخِلاف، قال: وكذا المَحْمولُ. وقدمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وناظِمُ «المفْرَداتِ»، وهو منها. واخْتارَه القاضى أخِيرًا، والشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ، كالطَّوافِ راكِبًا. فائدة: إذا طِيفَ به محْمولًا، لم يَخْكُ من أحْوالٍ؛ أحدُها، أنْ ينْوِيا جميعًا عنِ المَحْمولِ، فتَخْتَصُّ الصِّحَّةُ به. الثَّانى، أنْ ينْوِيا جميعًا عن الحاملِ، فيَصِحُّ له فقط، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا رَيْبٍ. الثَّالثُ، نوَى المَحْمولُ عن نفْسِه، ولم يَنْوِ الحامِلُ شيئًا، فيَصِحُّ عنِ المَحْمولِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشىُّ، وغيرُهم. وقيل: لا بُدَّ مِن نيَّةِ الحاملِ. حكَاه فى «الرِّعايَةِ». الرَّابعُ، عكْسُها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نوَى الحامِلُ عن نفْسِه، ولم يَنْوِ المَحْمُولُ شيئًا، فيَصِحُّ عنِ الحامِلِ. الخامسُ، لم ينْوِيا شيئًا، فلا يَصِحُّ لواحدٍ منهما. السَّادسُ، نوَى كل واحدٍ منهما عن صاحِبه، لم يصِحَّ لواحدٍ منهما. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ» (¬1)، وغيرِهم. السَّابعُ، أنْ يقْصِدَ كلُّ واحدٍ منهما عن نفْسِه، فيقَعُ الطَّوافُ عنِ المَحْمولِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ و «الفُروعِ»، وقال: وصِحَّةُ أخْذِ الحاملِ الأجْرَةَ تدُلُّ على أنَّه قصَدَه به؛ لأنَّه لا يصِحُّ أخْذُها عمَّا يفْعَلُه عن نفْسِه، ذكَرَه القاضى وغيرُه. انتهى. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: ووُقوعُه عن المَحْمولِ أوْلَى. وهو ظاهِرُ ما قطعَ به فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»؛ فإنَّهما قالا: ولا يُجْزِئُ مَن حمَلَه مُطْلَقًا. وقيلَ: يقَعُ عنهما. وهو احْتِمالٌ لابنِ الزَّاغُونِيِّ. قال المُصَنِّفُ: وهو قوْلٌ حسَنٌ. وهو مذهبُ أبي حَنِيفَةَ. وقيلَ: يقَعُ عنهما لعُذْرٍ. حكَاه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: يقَعُ عن حامِلِه. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك؛ لأنّه هو الطَّائفُ، وقد نَواه لنَفْسِه. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: لا يُجْزِئُ عن واحدٍ منهما. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ طَافَ مُنْكِسًا، أوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ، أوْ شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ، أوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّوَافِ، وَإنْ قَلَّ، أوْ لَمْ يَنْوِهِ، لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طافَ مُنْكِسًا، أو على جِدارِ الحِجْرِ، أو شاذَرْوَانِ الكَعبَةِ، أو ترَك شَيْئًا مِنَ الطَّوافِ، وإنْ قَلَّ، أو لم يَنْوِه، لم يُجْزِئْه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه إذا طافَ على شَاذَرْوَانِ الكَعْبَةِ لا يُجْزِئُه، وقطَعوا به. وعندَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، أنَّه ليس مِنَ الكَعْبَةِ، بل جُعِلَ عِمادًا للبَيْت. فعلى الأوَّلِ، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسَّ الجدارَ بيَدِه فى مُوازاةِ الشَّاذَرْوَانِ، صحَّ؛ لأنَّ مُعْظمَه خارِجٌ عنِ البيتِ. قالَه فى «الرِّعايَة الكُبْرى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهما. قلتُ: ويَحْتَمِلُ عدَمُ الصِّحَّةِ. فوائد؛ الأُولَى، لو طافَ فى المَسْجدِ مِن وَراءِ حائلٍ، كالقُبَّةِ وغيرِها، أجْزأه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّه فى المَسْجِدِ. وقيل: لا يُجْزِئُه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الثَّانيةُ، لو طافَ حولَ المَسْجِدِ، لم يُجْزِئْه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُصُولِ»: إنْ طافَ حوْلَ المَسْجِدِ، احْتمَلَ أنْ لا يُجْزِئَه. واقْتَصَرَ عليه. الثَّالثةُ، إذا طافَ على سَطْحِ المَسْجِدِ، فقالَ فى «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ الإِجْزاءُ، كصَلاتِه إليها. الرَّابعةُ، لو قصَد بطَوافِه غَرِيمًا، وقصَد معه طَوافًا بنِيَّةٍ حقِيقيَّةٍ لا حُكْمِيَّةٍ، قال فى «الفُروعِ»: توَجَّهَ الإِجْزاءُ فى قِياسِ قوْلِهم. ويتوَجَّهُ احْتِمالٌ كعاطسٍ قصَد بحَمْدِه قِراءَةً. وفى الإِجْزاءِ عن فرْضِ القِراءَةِ وَجْهان. وتقدَّم ذلك فى صِفَةِ الصَّلاةِ. وقال فى «الانْتِصار» فى الضَّرُورَةِ: أفْعالُ الحَجِّ لا تَتْبَعُ إحْرامَه، فتتَراخَى عنه، ويَنْفَرِدُ بمَكانٍ وزَمَنٍ ونِيَّةٍ؛ فلو مرَّ بعَرَفَةَ، أو عَدا حَوْلَ البَيْتِ بِنيَّةِ طلَبِ غَريم أو صَيْدٍ، لم يُجْزِئْه. وصحَّحه فى «الخِلافِ» وغيرِه، فى الوُقوفِ فقط؛ لأنَّه لا يفْتَقِرُ إلى نِيَّةٍ.

وَإنْ طَافَ مُحْدِثًا، أوْ نَجِسًا، أوْ عُرْيَانًا، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ، وَيَجْبُرُه بِدَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طافَ مُحْدِثًا، أو نَجِسًا، أو عُرْيانًا، لم يُجْزِئْه. إذا طَافَ مُحْدِثًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه لا يُجْزِئُه. قال القاضى وغيرُه: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالصَّلاةِ فى جميع الأحْكامِ، إلَّا فى إباحةِ النُّطْق. وعنه، يُجْزِئُه ويَجْبُرُه بدَمٍ قال فى «الفُروعِ»: وعنه، يَجْبُرُه بدَمٍ، إنْ لم يكُنْ بمَكَّةَ. ولعَلَّه مُرادُ المصَنِّفِ. وعنه، يصِحُّ مِن ناسٍ، ومَعْذُورٍ فقط. وعنه، يصحُّ منهما فقط، مع جُبْرانِه بدَمٍ. وعنه، يصِحُّ مِنَ الحائضِ، وتَجْبُرُه بدَمٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ منها ومِن كل معْذُورٍ، وأنَّه لا دَمَ على واحدٍ منهم. وقال: هلِ الطَّهارَةُ واجبَةٌ أو سُنَّةٌ لها؟ فيه قوْلان فى مذهبِ أحمدَ وغيرِه. ونقَل أبو طالِبٍ، والتّطوُّعُ أيْسَرُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، فى آخرِ نَواقِضِ الوُضوءِ، وأوائلِ بابِ الحَيْضِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، يَلْزَمُ النَّاسَ انْتِظارُ الحائضِ لأجَلِ الحَيْضِ فقط، حتى تَطُوفَ إنْ أمْكَنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «الفُروعِ». وجزَم به ابنُ شِهَابٍ. وقيل: لا يَلْزَمُ. الثَّانيةُ، لو طافَ فيما لا يَجُوزُ له لُبْسُه، صحَّ، ولَزِمَتْه الفِدْيَةُ. ذكَرَه الآجُرِّيُّ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». الثَّالثةُ، النَّجِسُ

وَإنْ أحْدَثَ في بَعْضِ طَوَافِهِ، أوْ قَطَعَهُ بِفَصْلٍ طَوِيلٍ، ابْتَدَأهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والعُرْيانُ كالمُحْدِثِ، فيما تقَدَّم مِن أحْكامِه. قوله: وإنْ أحْدَثَ فى بعضِ طَوافِه، أو قطَعَه بفَصْلٍ طويلٍ، ابتَدَأه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ؛ لأنَّ المُوالاةَ شَرْطٌ. واعْلَمْ أنَّ حُكْمَ الطَّائفِ إذا أحْدَثَ فى أثْناءِ طَوافِه، حُكْمُ المُصَلِّى إذا أحْدَثَ فى صَلاتِه، خِلافًا ومذهبًا، على ما تقدَّم. ذكَرَه

وَإنْ كَانَ يَسِيرًا، أوْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، أوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ، صَلَّى، وَبَنَى. وَيَتَخَرَّجُ أنَّ الْمُوَالَاةَ سُنَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويُبْطِلُه الفَصْلُ الطَّويلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، لا تُشْتَرطُ المُوالاةُ مع العُذْرِ. ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه. هنا. ويتَخَرَّجُ أنَّ المُوالاةَ سُنَّةٌ. وهو لأبِى الخَطَّابِ. وذكًره فى «التَّلْخِيصِ» وَجْهًا. وهو رِوايَةٌ فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وأمَّا إذا كان يَسِيرًا، أو أُقيمَتِ الصَّلاةُ، أو حضَرَتْ جِنانزَةٌ، فإنَّه مَعْفُوٌّ عنه، يُصَلِّى ويَبْنِى، كما قال المُصَنِّفُ، ولكنْ يكونُ ابْتِداءُ بِنائِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن عندِ الحَجَرِ، ولو كان القَطْعُ فى أثْناءِ الشَّوْطِ. نصَّ عليه. وصرَّح به المُصَنِّفُ وغيرُه. فائدة: لو شَكَّ فى عَددِ الأشْواطِ فى نَفْسِ الطَّوافِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يأْخُذُ إلَّا باليَقينِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر أبو بَكْرٍ وغيرُه، ويأْخُذُ أيضًا بغَلَبَةِ ظَنِّه. انتهى. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وقولُ أبي بكْرٍ

ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، والأَفْضَلُ أن تَكُونَ خَلْفَ الْمَقَامِ يَقْرَأُ فِيهِمَا {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بَعْدَ «الْفَاتِحَةِ» ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخالِفٌ هنا لِمَا قالَه، فيما إذا شَكَّ فى عدَدِ الرَّكَعاتِ، أنَّه يأْخُذُ باليَقينِ، ويأْخُذُ بقوْلِ عَدْلَيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيلَ: لا. وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ويأْخذُ أيضًا بقوْلِ عَدْلٍ، وقَطَعا به. قوله: ثم يُصَلِّى رَكْعَتَيْنْ، والأفْضَلُ أنْ يَكونا خلفَ المَقامِ. هاتَان الرَّكْعتان سُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّهما واجِبَتان. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو صلَّى المكْتُوبَةَ بعدَ الطوافِ، أجْزأ عنهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وعنه، يُصَلِّيهما أيضًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. فائدة أُخرَى: لا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ المَقامِ ولا مَسْحُه. قال فى «الفُروعِ»: إجْماعًا. قال فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: لا يَمَسُّه. ونقَل الفَضْلُ، يُكْرَهُ مَسُّه وتَقْبِيلُه. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ»، فإذا بلَغ مَقامَ إبْراهِيمَ، فَلْيَمَسَّ الصَّخْرَةَ بيَدِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولْيُمَكِّنْ منها كَفَّه ويَدْعُو.

ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الرُّكْنِ فَيَسْتَلِمُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَعُودُ إلى الرُّكْنِ فيَسْتَلِمُه. هذا المذهبُ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ. وفى كتابِ «أسْبابِ الهِدايَةِ» لابنِ الجَوْزِيِّ، يأْتِى المُلْتَزَمَ قبلَ صلاةِ رَكْعَتَيْن. فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ جَمْعُ أَسابِيعَ، ثم يصَلِّى لكُلِّ أُسْبوعٍ منها ركْعتَيْن. نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يُكْرَهُ قطْعُ الأسابيعِ على شَفْعٍ، كأُسْبوعَيْن وأرْبعَةٍ ونحْوِها. قال فى «الفُروعِ»: فيُكْرَهُ الجمْعُ إذَنْ. ذكَرَه فى «الخِلافِ»، و «المُوجَزِ»، ولم يذْكُرْه جماعةٌ. الثَّانيةُ، يجوزُ له تأْخيرُ سَعْيِه عن طَوافِه، بطوافٍ وغيرِه. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، إذا فرَغ المُتَمَتِّعُ، ثم عَلِمَ أنَّه كان على غيرِ طَهارةٍ فى أحَدِ الطَّوافَيْن، وجَهِلَه، لَزِمَه الأشَدُّ؛ وهو كوْنُه فى طَوافِ العُمْرَةِ، فلم تصِح، وَلم يَحِل منها، فيَلْزَمُه دَمٌ للحَلْقِ، ويكونُ قد أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ، فيصِيرُ قارِنًا، ويُجْزِئُه الطَّوافُ للحَجِّ عنِ النُّسُكَيْن. ولو قدَّرْناه مِنَ الحَج، لَزِمَه إعادةُ الطَّوافِ، ويَلْزَمُه إعادةُ السَّعْىِ على التَّقْديرَيْن؛ لأنَّه وُجِدَ بعدَ طَوافٍ غيرِ مُعْتَدٍّ به. وإنْ كان وَطِئ بعدَ حِلِّه مِنَ العُمْرَةِ، حكَمْنا بأنَّه أدْخَلَ حَجًّا على عُمْرَةٍ فاسِدَةٍ، فلا يصِحُّ، ويلْغُو ما فعَلَه مِن أفْعالِ الحَجِّ، ويتَحلَّلُ بالطَّوافِ الذى قصَدَه للحَجِّ مِن عُمْرَتِه الفاسِدَةِ، وعليه دَمٌ للحَلْق، ودَمٌ للوَطْءِ فى عُمْرَتِه، ولا يحْصُلُ له حَجٌّ وعُمْرَةٌ. ولو قدَّرْناه مِنَ الحَجِّ، لم يَلْزَمْه أكثرُ مِن إعادةِ الطَّوافِ

ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ. وَيَسْعَى سَبْعًا، يَبْدَأُ بِالصَّفَا، فَيَرْقَى عَلَيْهِ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ فَيَسْتَقْبلُهُ، وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَاهَدَانَا. لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّعْىِ، ويحْصُلُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ. الرَّابعةُ، يُشْترَطُ لصِحَّةِ الطَّوافِ عشَرَةُ أشْياءَ. ذكَرَها المُصَنِّفُ مُتفَرِّقَةً، إلَّا الخُروجَ عنِ المَسْجِدِ؛ النِّيَّةُ، وسَتْرُ العَوْرَةِ، وطَهارَةُ الحدَثِ، والخَبَثِ، وتكْمِيلُ السَّبْع، وجعْلُ البَيْتِ عن يَسارِه، وأنْ لا يمْشِىَ على شئٍ منه، وأنْ لا يخْرُجَ عَنِ المَسْجِدِ، وأنْ يُوالىَ بينَه، وأنْ يَبْتَدِئُ بالحجَرِ الأسْوَدِ فيُحاذِيَه. وفى بعضِ ذلك خِلافٌ تقدَّم ذِكْرُه. وسُنَنُه؛ استِلامُ الرُّكْنِ، وتَقْبِيلُه، أو ما يقومُ مقامَه مِنَ الإشارَةِ، واسْتِلامُ الرُّكْنِ اليَمانِيِّ، والاضْطِباعُ، والرَّمَلُ، والمَشْىُ فى مَواضعِه، والدُّعاءُ، والذِّكْرُ، ورَكْعَتا الطَّوافِ، والطوافُ ماشِيًا، ءوالدُّنُوُّ مِنَ البيتِ. وفى بعضِ ذلك خِلافٌ ذكَرْناه. ذكَر ذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قوله: ثم يَخْرُجُ إلى الصَّفا من بابِه، ويسْعَى سَبْعًا، يَبْدأُ بالصَّفا، فيَرْقَى عليه

الْحَمْدُ، يُحْيِى وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَىٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأحزَابَ وَحْدَهُ، لَا إِله إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. ثُمَّ يُلَبِّى وَيَدْعُو بِمَا أحَبَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يرَى البيتَ ويَسْتقْبِلَه. بلا نزاعٍ. قوله: يُكَبِّرُ ثلاثًا، ويقول: لا إلَه إلَّا الله، إلى قوْلِه: ولو كَرِه الكافِرُون. يعْنِى، يقولُ ذلك إذا رَقَى على الصَّفَا، واسْتَقْبلَ الكَعْبَةَ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخِيصِ» و «المُحَرَّر»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، وغيرِهم: يُكَرِّرُ ذلك ثلاثًا. وقال فى «الفُروعَ»: يقولُ ذلك ثلاثًا، إلى قوْلِه: هزَم الأحْزابَ وحدَه. ولم يذْكُرْ ما بعدَه. قوله: ثم يُلَبِّى. يعْنِى، بعدَ هذا الدُّعاءِ. وهكذا قال فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ويُلّبِّى عَقِيبَ كلِّ مرَّةٍ. ولم يذْكُرِ التَّلْبِيَةَ فى «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قوله: ويَدْعُو. اقْتَصرَ جماعة مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الصَّفَا، وَيَمْشِى حَتَّى يأْتِىَ الْعَلَمَ، فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ، ثُمَّ يَمْشِى حَتَّىِ يَأْتِىَ الْمَرْوَةَ، فَيَفْعَلُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ يَنْزِلُ، فيَمْشِى في مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى في مَوْضِعِ سَعْيِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعًا، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً، يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا، وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ. فَإنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وقال جماعةٌ: ويرْفَعُ يدَيْه. ولم يذْكُرْ فى «المُحَرَّرِ»، وجماعةٌ، الدُّعاءَ. قوله: ثم يَنْزِلُ مِنَ الصَّفا، ويَمْشِى حتى يأْتِىَ العَلَمَ. هكذا قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يَمْشِى حتى يأْتِىَ العَلَمَ. منهم الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال جماعةٌ: يمْشِى إلى أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَبْقَى بينَه وبينَ العَلَمِ نحوُ سِتَّةِ أذْرُعٍ. منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ». [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»] (¬1). قال فى «الفُروعَ»: وهو أظْهَرُ. قوله: فيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلى العَلَمِ. هكذا قال جماهيرُ الأصحابِ، أعْنِى قالوا: يسْعَى سعْيًا شديدًا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه الأصحابُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقال جماعةٌ: يَرْمُلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وتقدَّم، هل يفْعَلُ ذلك إنْ كان راكِبًا؟ عندَ الرَّمَلِ فى الطَّوافِ.

وَيُسْتَحَبُّ انْ يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا. وَعَنْهُ، أنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يُجْزِئُ السَّعْىُ قبلَ الطَّوافِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وعنه، يُجْزِئُ مُطْلَقًا مِن غيرِ دَمٍ. ذكَرَها فى «المُذْهَبِ». وعنه، يُجْزِء مُطْلَقًا مع دَمٍ. ذكَرَها القاضى. وعنه، يُجْزِئُ مع السَّهْوِ والجَهْلِ. قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا. أمَّا السُّتْرَةُ، والطَّهارَةُ، فسُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّهارتَيْن: هو المذهبُ المشْهُورُ المَنْصُوصُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقال عنِ السُّتْرَةِ: الأكْثَرون قطَعوا بذلك مِن غيرِ خِلافٍ. وقيلَ: هما فى السَّعْى كِالطَّوافِ. لها ما تقدَّم. وأمَّا المُوالاةُ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّها سُنَّةٌ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وهو تخْريجٌ فى «الهِدايَةِ» وغيرِها. وعنه، أنَّها شَرْطٌ كالطَّوافِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: عليها الأكْثَرُ. قلتُ: منهم القاضى. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وجزَم ح به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، لا يُشْترَطُ مع العُذْرِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن النِّيَّةَ ليستْ شرْطًا فى السَّعْىِ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: وفيه نظرٌ وضَعْفٌ. وقيل: هى شرْطٌ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه عِبادَةٌ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، ولا أظُنُّ أحدًا مِنَ الأصحابِ يقولُ غيرَ ذلك، ولا وَجْهَ لعدَمِ اشْتِراطِها. وزادَ فى «المُحَرَّرِ»،

وَالْمَرْأةُ لَا تَرْقَى وَلَا تَرْمُلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسِ»، وأنْ لا يُقَدِّمَ السَّعْىَ على أشْهُرِ الحَجِّ. وصرَّح أبو الخَطابِ بخِلافِ ذلك، وقال: لا أعْرِفُ مَنْعَه عن أحمدَ. وذكَر وَلَدُ الشِّيَرازِيِّ، أنَّ سَعْيَه مُغْمًى عليه، أو سَكْرَانَ، كوُقُوفِهما. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ عدَمُ الصِّحَّةِ، قوْلًا واحدًا.

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْىِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا، قَصَّرَ مِنْ شَعَرِهِ، وَتَحَلَّلَ، إلَّا أنْ يَكُونَ الْمُتَمَتِّعُ قَدْ سَاقَ هَدْيًا، فَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَحُجَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله:. فإنْ كان مُعْتَمِرًا، قَصَّر مِن شَعَرِه. الصَّحيح مِنَ المذهبِ -نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ- أنَّ الأفْضَلَ أنْ يُقَصِّر مِن شَعَرِه فى العُمْرَةِ؛ ليَحْلِقَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَجِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُسْتَوْعِب»، و «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: والحَلْقُ فى الحَجِّ والعُمْرَةِ أفْضَلُ مِنَ التقْصيرِ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: حلَق أو قصَّر، وحَلَّ منهما. قوله: إلَّا أنْ يكونَ المُتَمَتِّعُ قد ساقَ هَدْيًا، فلا يحِلُّ حتى يَحُجَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وقيل: يحِلُّ، كمَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَهْدِ. وهو مُقْتضَى ما نقَلَه يُوسُفُ بنُ مُوسى. قالَه القاضى. وقال فى «الكافِى»، و «الفائقِ»، وغيرِهما: وعنه، له التَّقْصِيرُ مِن شَعَرِ رأْسِه خاصَّةً، دُونَ أظْفارِه وشارِبِه. انتهى. وعنه، إنْ قَدِمَ قبلَ العَشْرِ، نحَر الهَدْىَ وحَلَّ. ونقَل يُوسُفُ بنُ مُوسى، يَنْحَرُ ويحِلُّ، وعليه هَدْىٌ آخَرُ. وقال مالِكٌ: يَنْحَرُ هَدْيَه عندَ المَرْوَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرقِيِّ. وتقدَّم ذلك بعَيْنِه، فى بابِ الإِحْرامِ، عندَ قولِه: ولو ساقَ المُتَمَتِّعُ هَدْيًا، لم يكُنْ له أنْ يحِلَّ. فعلى المذهبِ، يُحْرِمُ بالحَجِّ، إذا طافَ وسعَى لعُمْرَتِه، قبلَ تَحلُّلِه بالحَلْقِ، فإذا ذبَحَه يومَ النَّحْرِ، حَلَّ منهما معًا. نصَّ عليه. وتقدَّم هذا أيضًا هناك. تنبيهان؛ أحدُهما، مَحَلُّ ما تقدَّم فى المُتَمَتِّع. أنا المُعْتَمِرُ غيرُ المُتَمَتِّعِ، فإنَّه يحِلُّ، ولو كان معه هَدْىٌ. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يَسُقِ الهَدْىَ، يحِلُّ، سواءٌ كان مُلَبِّدًا رأْسَه أوْ لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيلَ: لا يحِلُّ (¬1) مَن لَبْدَ رأْسَه حتى يَحُجَّ. جزَم به فى «الكافِى». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا وَصَلَ الْبَيْتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن كان مُتَمَتِّعًا، قطَع التَّلْبِيَةَ إذا وصَل البَيْتَ. وكذا قال الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم. وعنه، يقْطَعُها برُؤْيَةِ البَيْتِ. والصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، أنَّه يقْطَعُها إذا اسْتلَمَ الحَجَرَ وشرَع فى الطَّوافِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ المَيْمُونِيِّ، وحَنْبَلٍ، والأَثْرَمِ، وأبى داودَ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وحمَل الأوَّلَ [على ظاهرِه] (¬1)، والثَّانى عليه. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِيِّ على المنْصُوصِ، وحمَلَه المَجْدُ على ظاهِرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: يجوزُ حمْلُه على ظاهِرِه. وجوَّز القاضى فى «التَّعْليقِ» الاحْتِمالَيْن. وحمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ على المنْصُوصِ. والشَّارِحُ شرَح على ¬

(¬1) زيادة من: 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْصُوصِ، ولم يَحْكِ خِلافًا. فائدة: لا بأسَ بالتَّلْبِيَةِ فى طَوافِ القُدوم. قالَه الإمامُ أحمدُ والأصحابُ. وحكَى المُصَنِّفُ عن أبي الخَطَّابِ، أنَّه لا يُلّبِّى فيه. قال الأصحابُ: لا يُظْهِرُ التَّلْبِيَةَ فيه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: لا يُسْتَحَبُّ. ومعْنَى كلامِ القاضى، يُكْرَهُ، وصرَّح به المُصَنِّفُ. وفى «الرِّعايَة» وَجْهٌ؛ يُسَنُّ. والسَّعْىُ بعدَ طوافِ القُدومِ كذلك. وهو مُرادُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». تنبيه: وأمَّا وقْتُ قطْعِ التَّلْبِيَةِ فى الحَجِّ، فيأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ فى قولِه، فى البابِ الذى بعدَ هذا: ويقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مع ابْتداءِ الرَّمْىِ.

باب صفة الحج

بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ صِفَةِ الحَجِّ

يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّع الَّذِى حَلَّ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحِلِّينَ بِمَكَّةَ، الإحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْم التَّرْوِيَة -وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ- مِنْ مَكَّةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ مِنَ الْحَرَمِ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّع الذى حَلَّ، وغيرِه مِنَ المُحِلِّين بمَكَّةَ، الإحْرامُ يومَ التَّرْوِيَةِ؛ وهو الثامِنُ مِن ذِى الحِجَّةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ للإمامِ أحمدَ: المَكِّىُّ يُهِلُّ إذا رأى الهِلالَ؟ قال: كذا يُرْوَى عن عُمَرَ. قال القاضى: فنَصَّ على أنَّه يُهِلُّ قبلَ يوْمِ التَّرْوِيَةِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: يُحْرِمُ المُتَمَتِّعُ يومَ التَّرْوِيَةِ، فلو جاوزَه غيرَ مُحْرِمٍ، لَزِمَه دَمُ الإِساءَةِ مع دَمِ التَّمَتُّع. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُحْرِمُ يومَ التَّروِيَةِ أو غيرَه، فإنْ عبَرَه، فعليه دَمٌ. وتقدَّم فى بابِ الإِحْرامِ، أنَّ المُتَمتِّعَ إذا ساقَ الهَدْىَ، لم يحِلَّ، ويُحْرِمُ بالحَجِّ بعدَ طَوافِه وسَعْيِه. ويُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، المُتَمَتِّعُ إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ وصامَ، فإنَّه يُحْرِمُ يومَ السَّابع، على ما تقدَّم فى الفِدْيَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، يُسْتَحَبُّ أن يفْعَلَ عندَ إحْرامِه هذا ما يفْعَلُه عندَ الإِحْرامِ مِنَ المِيقاتِ؛ مِن الغُسْلِ، والتَّنْطيفِ، ويَتَجَرَّدُ عنِ المَخيطِ، ويَطوَفُ سَبعًا، ويُصَلِّى ركْعَتَيْن، ثم يُحْرِمُ. الثَّانيةُ، إذا أحْرَمَ بالحَجِّ، لا يطُوفُ بعدَه قبلَ خُروجِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لودَاعِ البَيْتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الأثْرَمُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه الأكْثَرُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وأبو داودَ، لا يخْرُجُ حتى يُوَدِّعَه، وطَوافُه بعدَ رُجوعِه مِن مِنًى للحَجِّ. وجزَم به فى «الواضِحِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأطْلقَ جماعةٌ رِوايتَيْن. فعلَى الأوَّلِ، لو أتَى به وسَعَى بعدَه، لم يُجْزِئْه عنِ السَّعْى الواجبِ. قوله: مِن مَكَّةَ، ومِن حيث أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ، جازَ. المُسْتَحَبُّ، أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُحْرِمَ مِن مكَّةَ، بلا نزاعٍ. والظَّاهِرُ، أنَّه لا تَرْجِيحَ لمَكانٍ على غيرِه. ونقَل حَرْبٌ، يُحْرِمُ مِنَ المَسْجِدِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ عنه خِلافَه، ولم يذْكُرْه الأصحابُ إلَّا فى «الإِيضَاحِ»، فإنَّه قال: يُحْرِمُ به مِنَ المِيزَابِ. قلتُ: وكذا قال فى «المُبْهِجِ». وتقدَّم ذلك فى المَواقيتِ. وقوله: ومِن حيثُ أحْرَمَ مِنَ الحَرَم، جازَ. يجوزُ الإِحْرامُ مِن جميع بِقَاعِ الحَرمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَهَ الأَثْرَمُ، وابنُ مَنْصُورٍ، وعليه الجُمْهورُ. ونصَرَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، مِيقَاتُ حَجِّه، مِن مكَّةَ فقط. فيَلْزَمُه الإِحْرامُ منها. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ»، فى بابِ المَواقيتِ: ومَن بمَكةَ، فمِيقاتُه لحَجِّه منها. نصَّ عليه. وقيل: مِنَ الحرَمِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه لو أحْرَمَ به مِن الحِلِّ، لا يجوزُ، فيكونُ الإِحْرامُ مِن

ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى مِنًى فَيُصَلِّى بِهَا الظُّهْرَ، وَيَبِيتُ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحرَمِ واجِبًا، فلو أحَلَّ به، كان عليه دَمٌ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به المُصَنِّفُ، وقال: إنْ مَرَّ مِنَ الحَرَمِ قبلَ مُضِيه إلى عرفَةَ , [فلا دَمَ عليه. و] (¬1) الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ ويصِحُّ، ولا دَمَ عليه. نقَله الأَثْرَمُ، وابنُ مَنْصورٍ. ونَصَره القاضى وأصحابُه. وقدمه فى «الفُروعِ»، كما تقدم فى مَن أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، فى وُجوبِ الدَّمِ. وتقدَّم ذلك بأتَم مِن هذا فى بابِ المَواقيتِ، بعدَ قولِه: وأهْلُ مكَّةَ، إذا أرادُوا الحَجَّ، فمِن مَكَّةَ. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: ثم يَخْرُجُ إلى مِنًى. يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ خُروجُه قبلَ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّوالِ، وأنْ يصَلِّىَ بها خَمْسَ صَلواتٍ. نصَّ عليه. الثَّانى، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنه لا يخْطُبُ يومَ السَّابعِ بعدَ صلاةِ الظُّهْرِ بمكةَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المَذْهَبِ. واخْتارَ الآجُرىُّ، أنَّه يخْطُبُ، ويُعَلِّمُهم ما يفْعَلون يومَ التَّرْوِيَةِ.

فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، سَارَ إِلَى عَرَفَةَ، فَأَقَامَ بِنَمِرَةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، سارَ إلى عَرَفَةَ، فَأقامَ بنَمِرَةَ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ الأُوْلَى أنه يقيمُ بنَمِرَةَ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال مَن ذكَر الخِلافَ، غيرُ صاحِبِ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وقيلَ: يقيم بعَرَفَةَ. وقال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وقيلَ: يُقيمُ بعُرَنَةَ، بالنُّون، قبلَ أنْ يأْتِىَ عرَفَةَ. قلتُ: وقد يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ عرَفَةُ تصْحِيفًا مِن عُرَنَةَ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: نَمِرَةُ موْضِعٌ بعَرَفَةَ. وهو الجبَلُ الذى عليه أنْصابُ الحَرَمِ، على يَمينِك إذا خرَجْتَ مِن مَأْزِمَىْ عرَفَةَ تُريدُ المَوْقِفَ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ، قال: وبهذا يتَبَيَّنُ أنَّ قوْلَ صاحبِ «التَّلْخيصِ»: أقامَ بنَمِرَةَ. وقيل: بعَرَفَةَ. ليس بجَيِّدٍ؛ إذْ نَمِرَةُ مِن عرَفَةَ. انتهى. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على كلامِ مَن قبلَه. وقال فى «الخُلاصَةِ»: وأقامَ بنَمِرَةَ أو بعَرَفَةَ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، بعدَ أنْ ذكَرا أنَّه يُقِيمُ بنَمِرَةَ: وإنْ شاءَ أقامَ بعُرَنَةَ. وقال فى «الرِّعَايَةِ الكُبرى»، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ: وقيلَ: يُقِيمُ ببَطنِ نَمِرَةَ. وقيل: بعُرَنَةَ. وقيل: بوَادِيها. انتهى.

ثُمَّ يَخْطُبُ الإمَامُ خُطْبَةً يعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ وَوَقْتَهُ، وَالدَّفْعَ مِنْهُ، وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإقَامَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قوله: ثم يَخْطُبُ الإِمامُ خُطبة يُعَلِّمُهم فيها الوُقُوفَ ووَقْتَه، والدَّفْعَ منه، والمَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يُقَصِّرُها (¬1)، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «يقصر هنا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَفْتَتِحُها بالتَّكْبير. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرَغيبِ»، و «التَّلْخيص»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، قولُه: ثم يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بهم الظُّهْرَ والعَصْرَ، يَجْمَعُ بينَهما بأذَانٍ وإقامَتَيْن. وكذا يُسْتَحَبُّ لغيرِه ولو مُنْفَرِدًا. نصَّ عليه. ويأْتِى هذا فى كلامِ المُصَنِّفِ فى الجَمْع بمُزْدَلِفَةَ. وقد تقدَّم، هل

ثُمَّ يَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطنَ عُرَنَةَ -وَهِىَ مِنَ الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى عَرَفَةَ إِلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْرَعُ الأذانُ فى الجَمْع؟ فى بابِ الأذانِ، وتقدَّم فى الجَمْعِ، هل يَجْمَعُ أهْلُ مَكَّةَ ويَقْصُرون أمْ لا؟

مَا يلى حَوَائِطَ بنى عَامِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ عَنْدَ الصَّخَرَاتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ رَاكِبًا. وَقِيلَ: الرَّاجِلُ أَفْضَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقِفَ عندَ الصَّخَراتِ وجَبَلِ الرَّحْمَةِ راكِبًا. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المَنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقيل: الرَّاجِلُ أفْضَلُ. اخْتاره ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفائقِ»، وقال: نصَّ عليه فى رِوايةِ الحارِثِ. انتهى. وقيلَ: الكُلُّ سواءٌ. وهو احْتِمالٌ لأبى الخَطَّابِ. وعنه، التَوقُّفُ عنِ الجوابِ. وعنه، لا يُجْزِئُه راكِبًا. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ». فائدة: قال فى «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر الأقْوالَ الثَّلَاثةَ الأُوَلَ: فيتَوجَّهُ تخْريجُ الحَجِّ عليها. يعْنِى، هل الحَج ماشِيًا أفْضلُ أو راكِبًا، أو هما سواءٌ؟ وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ فى «مُفْرَداتِه»: المَشْىُ أفْضَلُ. وهو ظاهِرُ كلام ابنِ الجَوْزِىِّ، فإنَّه ذكَر الأخْبارَ فى ذلك. وعن جماعَةٍ بِنَ العُبَّادِ، وعندَ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ ذلك يخْتلِفُ باخْتِلافِ النَّاسِ. ونصُّه فى مُوصٍ بحَجةٍ، يُحَجَّ عنه راجِلًا أو راكبًا. تنبيه: قولُه: عندَ الصَّخَراتِ، وجَبَلِ الرَّحْمَةِ. هكذا قال الأصحابُ. وقال

وَيُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَمِنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْده لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَه الْحَمْدُ، يُحْيِى وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَىٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَده الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفائقِ»: قلتُ: المَسنُونُ تحَرِّى مَوْقِفِ النّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم (¬1) يثْبُتْ فى جبَلِ الرَّحْمَةِ دليلٌ. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ طُلُوع الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، فمَنْ حَصَلَ بِعَرَفةَ فِى شَىْءٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَهُوَ عَاقِلٌ، تَمَّ حَجُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ووقْتُ الوقُوفِ مِن طُلوعِ الفَجْرِ يومَ عَرَفَةَ إلى طُلوعِ الفَجْرِ يومَ النَّحْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْصٍ: وَقْتُ الوُقوفِ، مِنَ الزَّوالَ يومَ عرَفةَ. وحُكِىَ رِوايَةً. قال فى «الفائقِ»: واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيْخُنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ، وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. تنبيه: مفهومُ قولِه: فمَن حصَل بعَرَفَةَ فى شئٍ مِن هذا الوقْتِ وهو عاقِل، تَمَّ حَجُّه، ومَن فاتَه ذلك، فاتَه الحَجُّ. أنَّه لا يصِحُّ الوُقوفُ مِنَ المَجْنونِ. وهو صحيح، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. وكذا لا يصِحُّ وُقوفُ السَّكْرانِ، والمُغْمَى عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما، كإِحْرامٍ وطَوافٍ، بلا نِزاعٍ فيهما. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». ويدْخُلُ فى كلامِ المُصَنِّفِ -أعْنِى فى قولِه: وهو عاقِلٌ- النَّائمُ والجاهِلُ بها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ مع نوْم وجَهْل بها، فى الأصحِّ. قال فى «الفائقِ»: يصِحُّ مِنَ النَّائمِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى الجاهل بها. وصحَّحه فى «التَّلْخيص»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، فى النَّائمِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»،

وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ، فَاتَهُ الْحَجُّ. وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا، وَدَفَعَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ» فيهما. وقيلَ: لا يصِحُّ فيهما. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقال فى «الرِّعايَة الكُبْرى»: والأظْهَرُ صِحَّتُه مع النَّوْمِ، دونَ الإِغْماءِ والجَهْلِ. وقال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: لا يصِحُّ مع الجَهْلِ بها. وتَبِعَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، واقْتَصَرَ عليه. قوله: ومَن فاتَه ذلك، فاتَه الحَجُّ. بلا نِزاعٍ. قوله: ومَن وقَف بها نهارًا، ودفَع قبلَ غُرُوبِ الشمس، فعليه دَمٌ. هذا المذهبُ،

غُرُوبِ الشَّمْسِ، فعَليْهِ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا دَمَ عليه، كواقِفٍ ليْلًا. ونقَل أبو طالِبٍ، فى مَن نَسِىَ نفَقَتَه بمِنًى، وهو بعَرَفَةَ، يُخْبِرُ (¬1) الإِمامَ، فإذا أذِنَ له، ذهَب، ولا يَرْجِعُ. قال القاضى: فرَخَّصَ له للعُذْرِ. وعنه، يلْزَمُ مَن دفَع قبلَ الإِمامِ دَمٌ، ولو كان بعدَ الغُروبِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «يخيير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ وُجوبِ الدَّمِ، إذا لم يَعُدْ إلى المَوْقِفِ قبلَ الغُروبِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الإِيضاحِ»: ولم يَعُدْ إلى الموْقِفِ قبلَ الفَجْرِ. وقالَه ابنُ عَقِيل فى «مُفْرَداتِه». فإنْ عادَ إلى المَوْقِفِ قبلَ الغُروبِ أو قبلَ الفَجْرِ، عندَ مَن يقولُ به، فلا دَمَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: عليه دَمٌ، ولو عادَ مُطْلَقًا. وفى «الواضِحِ»، ولا عُذْرَ.

وَإنْ وَافَاهَا لَيْلًا فَوَقَفَ بِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ الدفْعُ مع الإِمامِ، فلو دفَع قبلَه، ترَك السُّنَّةَ، ولا شئَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، واجِبٌ، وعليه بتَرْكِه دَمٌ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. ويأْتى ذلك فى الوَاجِباتِ. الثَّانيةُ، لو خافَ فَوْتَ الوُقوفِ إنْ صلَّى صلاةَ آمِن، فقِيلَ: يُصَلِّى صلاةَ خائفٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: تُقَدَّمُ الصَّلاةُ ولو فاتَ الوُقوفُ. قلتُ: وفيه بُعْدٌ، وإنْ كان ظاهِرَ كلامِ الأكْثَرِ. وقيل: يُؤخِّرُ الصَّلاةَ إلى أمْنِه. وهو احْتِمالٌ فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ»، والأوَّلان احْتِمالَان فى «الرِّعايَةِ». وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الرِّعَايَةِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وتقدَّم ذلك فى آخِرِ بابِ صلاةِ أهْلِ الأَعْذارِ. قوله: وإنْ وافاها ليلًا فوقَف بها، فلا دمَ عليه. بلا نِزاعٍ.

ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً أَسْرَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَدْفَعُ بعدَ غُرُوبِ الشَّمْس إلى مُزْدَلِفَةَ، وعليه السَّكِينَةُ. وهذا بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. لكنْ قال أبو حَكِيمٍ: ويكونُ مُسْتَغْفِرًا.

فَإِذَا وَصَلَ مُزْدَلِفةَ، صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ حَطِّ الرِّحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِى الطرَّيقِ، تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ أوْ بِعَرَفَةَ، جَمَعَ وَحْدَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَعَلَيْهِ دَم، وَإنْ دَفَعَ بَعْدَهُ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَا بَينَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِى مُحَسِّرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَبِيتُ بها، فإنْ دفَع قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ -يعْنى مِن مُزْدَلِفَةَ- فعليه دَمٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَجِبُ، كرُعَاةٍ وسُقاةٍ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَخرَّجُ، لا دَمَ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن ليالِى مِنًى. قالَه القاضى وغيرُه. تنبيه: وُجوبُ الدَّمِ هنا مُقَيَّدٌ بما إذا لم يَعُدْ إليها ليْلًا، فإنْ عادَ إليها ليْلًا، فلا دَمَ عليه. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ دفَع بعدَه فلا شئَ عليه، وإنْ وافاها بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فلا شَئَ عليه، وإنْ جاءَ بعدَ الفجْرِ، فعليه دَمٌ. بلا نِزاعٍ فى ذلك.

فَإِذَا أصْبَحَ بِهَا، صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ يَأتِى الْمَشْعَرَ الْحَامَ فَيَرْقَى عَلَيْهِ، أَوْ يَقِفُ عِنْدَه، وَيَحمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَبِّرُهُ وَيَدْعُو، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا وَقَّفْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ، فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بقَوْلِكَ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ}، إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} إِلَى أَنْ يُسْفِرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِذَا بَلَغ مُحَسِّرًا، أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ. وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أوْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَأْخُذُ حَصَى الجِمارِ مِن طَرِيقه، أو مِن مُزْدَلِفَةَ، ومِن حيث أخَذَه،

مُزْدَلِفَةَ, وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ، جَازَ. وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، لكنِ اسْتَحَبَّ بعضُ الأصحابِ أخْذَه قبلَ وُصولِ مِنًى. ويُكْرَهُ مِنَ الحَرَمِ، وتكْسِيرُه أيضًا. قال فى «الفُصُولِ»: ومِنَ الحُشِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويكونُ أكبَرَ مِنَ الحِمَّصِ ودونَ البُنْدُقِ. فيكونُ قَدْرَ حَصَى الخَذْفِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: يُجْزِئُ حجَرٌ صغيرٌ وكبيرٌ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى»، وغيرِهم: قال بعضُ أصحابِنا: يُجْزِئُه الرَّمْىُ بالكبيرِ، مع تَرْكِ السُّنَّةِ. قال فى «الفائقِ»: وعنه، لا يُجْزِئُه. نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: فإنْ

وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً. فَإِذَا وَصَلَ مِنًى، وَحَدُّهَا مِنْ وَادِى مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ، بَدَأ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، وَلَا يَقِف عِنْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ خالَفَ ورَمَى بحجَرٍ كبيير، أجْزأَه، على المَشْهورِ؛ لوُجودِ الحَجَرِيَّةِ. وعنه، لا يُجْزِئُه. وكذا القوْلان فى الصَّغيرِ. قوله: وعَدَدُه سَبْعُون حَصاةً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، فيَرْمِى كلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَمْرَةٍ بسَبْع حَصَياتٍ. على ما يأْتى بَيانُه. وعنه، عدَدُه سِتُّون حَصاةً، فيَرْمِى كلَّ جَمْرَةٍ بسِتَّةٍ. وعنه، عدَدُه خَمْسون حَصاةً، فيَرْمِى كلَّ جَمْرَةٍ بخَمْسَةٍ. ويأْتِى ذلك أيضًا فى أثْناءِ البابِ، عندَ قولِه: وفى عدَدِ الحَصَى رِوايَتان. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: بدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ، فرَماها بسَبْع حَصَياتٍ، واحِدَةً بعدَ واحِدَةٍ. أنَّه لو رَماها دَفْعَةً واحِدَةً، لم يصِحَّ. وهو صحيحٌ، وتكونُ بمَنْزِلَةِ حَصاةٍ واحِدةٍ. ولا أعلمُ (¬1) فيه خِلافًا، وَيُؤَدَّبُ على هذه الفِعْلَةِ. نقَلَه الأَثْرَمُ، عنِ الإِمامِ أحمدَ. فوائد؛ منها، يُشْترَطُ أنْ يعْلَمَ حُصولَ الحَصَى فى المَرْمَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يكْفِى ظَنُّه. جزَم به جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَر ابنُ البَنَّا رِوايَةً فى «الخِصالِ»، أنَّه يُجْزِئُ مع الشَّكِّ أيضًا. وهو وَجْهٌ فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. ومنها، لو وضَعَها بيَدِه فى المَرْمَى، لم يُجْزِئْه، قوْلًا واحِدًا. ومنها، لو طرَحَها فى المَرْمَى طرْحًا، أَجْزَأَه. على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وظاهِرُ «الفُصُولِ»، أنه لا ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «يشترط».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه؛ لأنَّه لم يَرْمِ بها. ومنها، لو رَمَى حَصاةً، فالْتَقَطها طائرٌ قبلَ وُصولِها، لم تُجْزِئْه. قلتُ: وعلى قِياسِه، لو رَماها فذَهَب بها رِيحٌ عنِ المَرْمَى قبلَ وُصولِها إليه. ومنها، لو رَماها، فوَقعَتْ على موْضِع صُلْبٍ فى غيرِ المَرْمَى، ثم تدَحْرجَتْ إلى المَرْمَى، أو وقعَتْ على ثَوْبِ إنْسانٍ، ثم طارَتْ، فوقَعَتْ فى المَرْمَى، أجْزأَتْه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لو نفَضَها مَن وقعَتْ على ثَوْبِه، فوَقعَتْ فى المَرْمَى، أجْزأتْه. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُذْهَبِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تُجْزِئُه؛ لأن حُصولَها فى المَرْمَى بفِعْلِ الثَّانى. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. وظاهِرُ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، إطْلاقُ الخِلافِ. قوله: ويُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: يُكَبِّرُ بدَلًا عنِ التَلْبِيَةِ. ونقَل حَرْبٌ، يَرْمِى، ثم يُكَبِّرُ، ويقولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وذَنبًا مغْفُورًا، وسَعْيًا مشْكُورًا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الإِفادَاتِ»، و «الحاوِيَيْن»: يُكبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ويقولُ: أُرْضِى الرَّحْمَنَ، وأُسْخِطُ الشَّيْطانَ. قوله: ويَرْفَعُ يَدَه -يَعْنِى الرَّامِىَ بها، وهى اليُمْنَى- حتى يُرَى بَياضُ إبْطِه. ذكَر ذلك أكثرُ الأصحابِ. ولم يَذْكُرْه آخَرون.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَبْطِنَ الوادِىَ، فيَسْتَقْبِلَ، القِبْلَةَ، كما ذكَرَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، ويَرْمِىَ على حاجِبِه الأيمَنِ، وله رَمْيُها مِن فوْقِها. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يَرْمِيَها وهو ماشٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: يرْمِيها ماشِيًا. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: يَرْمِيها راجِلًا وراكِبًا وكيْفما شاءَ؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رمَاها وهو على راحِلَتِه، وكذلك

وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ ابْتِدَاءِ الرَّمْىِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عُمَرَ، [وكذا ابنُ عَمْرٍو] (¬1)، رَمَيا سائِرَها ماشِيَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وفى هذا بَيانٌ للتَّفْريقِ بينَ هذه الجَمْرَةِ وغيرِها. ومالَا إلى أنَّه يَرْمِيها راكِبًا. قال فى «الفُروعِ»: يَرْمِيها راكِبًا، إنْ كان، والأكثرُ ماشِيًا. نصَّ عليه. قوله: ويَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مع ابْتِداءِ الرَّمْى. هكذا قال الإِمامُ أحمدُ: يُلَبِّى حتى يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، يقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عندَ أوَّلِ حَصاةٍ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. [وقال ابنُ نَصْرِ اللَّه فى «حَواشِى الفُروعِ»: ونقَلَه النَّوَوِى فى «شَرْحِ مُسْلِمٍ»، عن أحمدَ، أنَّه لا يقْطَعُ التَّلْبِيَةَ، حتى يَفْرَغَ مِن جَمْرَةِ العَقَبَةِ] (¬1). وتقدَّم آخِرَ البابِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَإِنْ رَمَى بِذَهَبٍ، أو فِضَّةٍ، أو غَيْرِ الْحَصَى، أو حَجَرٍ قَدْ رُمِىَ بِهِ مَرَّةً، لَمْ يُجْزِئْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذى قبلَه، وَقتُ قطْعِ التَّلْبِيَةِ إذا كان مُتَمَتِّعًا. قوله: فإنْ رمَى بذَهَبٍ، أو فِضةٍ، أو غَيْرِ الحَصَى، أو بحَجَرٍ رُمِىَ به، لم يُجْزِئْه. إذا رمَى بذَهَبٍ أو فِضةٍ، لم يُجْزِئْه، قوْلًا واحدًا. وإذا رمَى بغيرِ الحَصَى، لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. فلا يُجْزِئُ بالكُحْلِ، والجواهرِ المُنْطَبِعَةِ، والفَيْروزَجِ، والياقُوتِ، ونحوِه. وعنه، يُجْزِئُه بغيرِه مع الكراهَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، إنْ كان بغيرِ قَصْدٍ، أجْزأَه. تنبيه: شمِلَ قولُه: الحَصَى. الحَصَى الأَبْيَضَ والأسْوَدَ، والكَذَّانَ، والأَحْمَرَ؛ مِنَ المَرْمَرِ، والبَرامِ، والمَرْوِ، وهو الصَّوَّانُ، والرُّخامِ، وحَجرِ المِسَنِّ، وغيرِها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه»، وهو الصَّوابُ. وعنه، لا يُجْزِئُ غيرُ الحجَرِ المَعْهودِ، فلا يُجْزِئُ الرَّمْىُ بحَجَرِ الكُحْلِ والبَرامِ والرُّخامِ والمِسَنِّ ونحوِها. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقال فى «الفُصُولِ»: إنْ رمَى بحَصَى المَسْجِدِ، كُرِهَ وأجْزأَ، إلَّا أنَّ الشَّرْعَ نهَى عن إخْراجِ تُرابِه. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو تَيَمَّمَ، أجْزَأَ، وأنَّه يَلْزَمُ مِن مَنْعِه المَنْعُ هنا. وأمَّا إذا رمَى بما رُمِىَ به، فإنَّه لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يُجْزِئُ. واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «النَّصِيحَةِ»: يُكْرَهُ الرَّمْىُ مِنَ الجِمارِ، أو مِنَ المَسْجِدِ، أو من مَكانٍ نَجِسٍ. فوائد؛ الأُولَى، لا يُجْزِئُ؛ الرَّمْىُ بحَصًى نَجِسٍ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يُجْزِئُ بنَجِسٍ فى الأصحِّ. قال فى «الفائقِ»: وفى الإِجْزاءِ بنَجِسٍ وَجْهٌ. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ، عدَمُ الإِجْزاءِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وهو احْتِمال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانِى، يُجْزِئُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وهو المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه. وهذَان الوَجْهان ذكَرَهما القاضى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الحاوِيَيْن». الثَّانيةُ، لو رَمَى بخاتَمِ فِضَّةٍ فيه حَجَرٌ، ففى الإِجْزاءِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يُجْزِئُ؛ لأنَّ الحَجَر تَبَعٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّانى، يُجْزِئُ. صحَّحه فى «الفُصُولِ». الثَّالثةُ، لا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الحصَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإحْدَى الرِّوايتَيْن. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ. صحَّحه فى «الفُصُولِ»، و «الخُلاصَةِ». وقطَع

وَيَرْمِى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَجْزَأَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به الخِرَقِىُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: ويَرْمِى بعدَ طُلوعِ الشَّمْسِ -بلا نِزاعٍ. وهو الوَقْتُ المُسْتَحَبُّ للرَّمى- فإنْ رمَى بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أجْزَأه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُجْزِئُ إلَّا بعدَ الفَجْرِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: نصُّه، للرُّعاةِ خاصَّةً الرَّمْىُ ليْلًا. نقَلَه ابنُ مَنْصُور. وذكَر جماعة مِنَ الأصحابِ، أنَّه يُسَنُّ رَمْيُها بعدَ الزَّوالِ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ مُخالِفٌ لفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. فائدة: إذا لم يَرْمِ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، لم يَرْمِ إلَّا مِنَ الغَدِ بعدَ الزَّوالِ، ولا يقِفُ.

ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا، إِنْ كَانَ مَعَهُ، وَيَحْلِقُ أوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعَرِهِ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ بَعْضُهُ، كَالْمَسْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَحْلِقُ، أو يُقَصِّرُ من جَميعِ شَعَرِه. إنْ حلَق رأْسَه، [اسْتُحِبَّ له] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يبْدَأَ بشِقِّ رأسِه الأَيْمَنِ، ثم بالأَيْسَرِ؛ اقْتِداءً بالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ. وذكَر جماعةٌ، ويدْعُو وَقْتَ الحَلْقِ. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه: يُكَبِّرُ وقْتَ الحَلْقِ؛ لأنَّهُ نُسُكٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الأَوْلَى أنْ لا يُشارِطَ الحلَّاقَ على أجْرَتِه؛ لأنَّه نُسُكٌ. قالَه أبو حَكيمٍ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». قال أبو حَكِيمٍ: ثم يُصَلِّى رَكْعَتَيْن. وأمَّا إنْ قَصَّرَ، فيكونُ مِن جميعِ رَأْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا مِن كُلِّ شَعَرَةٍ. قلتُ: هذا لا يُعْدَلُ عنه، ولا يَسَعُ النَّاسَ غيرُه. وتقْصيرُ كلِّ الشَّعَرِ، بحيثُ لا يَبْقَى ولا شَعَرَةٌ، مُشِقٌّ جِدًّا. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يجِبُ التَّقْصيرُ مِن كلِّ شَعَرَةٍ؛ لأنَّ ذلك لا يُعْلَمُ إلَّا بحَلْقِه. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُ حَلْقُ بعضِه. وكذا تقْصِيرُه. وظاهِرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، أنَّ محَلَّ الخِلافِ فى التَّقْصيرِ فقط. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُجْزِئُ تَقْصيرُ ما نزَل عن رَأْسِه؛ لأنَّه مِن شَعَرِه، بخِلافِ المَسْحِ؛ لأنَّه ليس رأْسًا. ذكَرَه فى «الخِلافِ»، و «الفُصُولِ». تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ الشَّعَرَ المَضْفُورَ والمَعْقُوصَ والمُلَبَّدَ وغيرَها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ فى المُلَبَّدِ والمَضْفُورِ والمَعْقُوصِ، ليُحْلَقْ. قال القاضى فى «الخِلافِ» وغيرِه: لأنَّه لا يُمْكِنُه التَّقْصِيرُ منه كلِّه. قلتُ: حيثُ امْتنَعَ التَّقْصيرُ منه كلِّه، على القوْلِ به، تعَيَّنَ الحَلْقُ. ولهذا قال فى «الفائقِ»: ولو كان مُلَبَّدًا، تعَيَّنَ الحَلْقُ، فى المَنْصُوصِ،

وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شَعَرِهَا قَدْرَ الأُنْمُلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ: لا يتَعَيَّنُ. واخْتارَه الشَّارِحُ. وقال الخِرَقِىُّ فى العَبْدِ: يُقَصِّرُ. قال جماعَةٌ مِن شُرَّاحِه: يُريدُ أنَّه لا يحْلِقُ إلَّا بإذْنِه؛ لأنَّه يزيدُ فى قِيمَتِه، منهم الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الوَجيزِ»: ويُقَصِّرُ العَبْدُ قدْرَ أُنْمُلَةٍ، ولا يحْلِقُ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. قوله: والمرأةُ تُقَصِّرُ مِن شَعَرِها قَدْرَ الأُنْمُلَةِ. يعْنِى، فأقَلَّ. وهذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه»: يَجبُ تقْصِيرُ قَدْرِ الأُنْمُلَةِ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: المُسِنَّةُ لها أُنْمُلَةٌ، ويجوزُ أقَلُّ منها. فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ له أيضًا أخْذُ أظْفارِه وشارِبِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ إلَّا النِّسَاءَ. وَعَنْهُ، إلَّا الْوَطْءَ فِى الْفَرْجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه: ولِحْيَتِه. الثَّانيةُ، لو عَدِمَ الشَّعَرَ، اسْتُحِبَّ له إمْرارُ المُوسَى. قالَه الأصحابُ. وقالَه أبو حَكِيمٍ فى خِتانِه. قلتُ: وفى النَّفْسِ مِن ذلك شئٌ، وهو قرِيبٌ مِنَ العَبَثِ. وقال القاضى: يأْخُذُ مِن شارِبِه عن حَلْقِ رأْسِه. ذكَرَه فى «الفائقِ». قوله: ثم قد حَلَّ له كُلُّ شئٍ إلَّا النِّساءَ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضى، وابنُه، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وجماعَةٌ: إلَّا النِّساءَ،

وَالْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ، إِنْ أخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعَقْدَ النِّكاحِ. [قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه»: وهو الصَّحيحُ] (¬1). وظاهِرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ، وابنِ شِهَابٍ، وابنِ الجَوْزِىِّ، حِلُّ العَقْدِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وذكَرَه عن أحمدَ. وعنه، إلَّا الوَطْءَ فى الفَرْجِ. قوله: والحِلاقُ والتَّقْصِيرُ نُسُكٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فيَلْزَمُه فى تَرْكِه دَمٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هما نُسُكٌ فى الحَجِّ والعُمْرَةِ، فى ظاهرِ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ إِطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ، لَا شَىْءَ فِى تَرْكِهِ. وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْى وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الكافِى»: هذا أصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ مِنَ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّه إطْلاقٌ مِن مَحْظورٍ، لا شئَ فى تَرْكِه، ويَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه. [قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬1). وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الحاوِيَيْن». ونقَل مُهَنَّا فى مُعْتَمِرٍ ترَك الحِلاقَ أو التَّقْصيرَ، ثم أحْرَمَ بعُمْرَةٍ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّمُ كثيرٌ، عليه أقَلُّ مِن دَمٍ. فعلى المذهبِ، فِعْلُ أحَدِهما واجِبٌ، وعليه، الثَّانِيَةُ غيرُ واجِبٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إنْ أخَّرَه عن أيامِ مِنًى، فهلْ يَلْزَمُه دَمٌ؟ على رِوايتَيْن. يعْنِى إذا قُلْنا: إنَّهما نُسُكٌ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»؛ إحداهما، لا دَمَ عليه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُحَرَّر»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو أولَى] (¬1). والوجه الثَّانى، عليه دَمٌ بالتَّأْخيرِ. تنبيه: قولُه: وإنْ أخَّرَه عن أيَّامِ مِنًى. الصَّحيحُ، أنَّ محَلَّ الرِّوايتَيْن إذا أخَّرَه عن أيَّام مِنًى، كا قال المُصَنِّفُ هنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الهِدايَةَ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أخَّرَه عن أيَّامِ النَّحْرِ. فمَحَلُّ الرِّوايتَيْن عندَهما، إنْ أخَّرَه عنِ اليومِ الثَّانى مِن أيَّامِ مِنًى. وجزَم به فى «الكافِى». تنبيه: قولُه بعدَ الرِّوايَةِ: ويَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مِن تَتِمَّةِ الرِّوايَةِ، فيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه، على قوْلِنا: الحِلاقُ إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ. لا على قوْلِنا: هو نُسُكٌ. ويُؤَيِّدُه قوْلُه قبلُ: ثم قد حَلَّ له كلُّ شئٍ إلَّا النِّساءَ. لأنَّ ظاهِرَه، أنَّ التَّحَلُّلَ إنَّما يحْصُلُ بالرَّمْى والحَلْقِ معًا؛ لأنَّه ذكَر التَّحَلُّلَ بلَفْظِ «ثُمَّ» بعدَ ذِكْرِ الرَّمْى والحَلْقِ ويَحْتَمِلُ أنَّه كلامٌ مُسْتقِلٌّ بنَفْسِه، وأنَّ التَّحَلُّلَ يحْصُلُ بالرَّمْى وحدَه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. واعلمْ أنَّ التَّحَلُّلَ الأوَّلَ يحْصُلُ بالرَّمْى وحدَه، أو يَحْصُلُ باثْنَيْن مِن ثلَاثةٍ؛ وهى الرَّمْىُ، والحَلْقُ، والطَّوافُ.

فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْى أَوِ النَّحْرِ، جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، فَلَا شَىْءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه رِوايَتان عن أحمدَ؛ إحداهما، لا يحْصُلُ إلَّا بفِعْلِ اثْنَيْن مِنَ الثَّلَاثَةِ المذْكُورَةِ، ويحْصُلُ التَّحَلُّلُ الثَّانى بالثَّالثِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «الكافِى»: قاله أصحابُنا. وهو مُوافِقٌ للاحْتِمالِ الأوَّلِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يحْصُلُ التَّحلُّلُ بواحدٍ مِن رَمْى وطَوافٍ، ويحْصُلُ التحَلُّلُ الثَّانى بالباقِى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، الحَلْقُ إطْلاقٌ من مَحْظُورٍ. على الصَّحيحِ. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: بل نُسُكٌ، كالمَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ، والرَّمْى فى اليَوْمِ الثَّانى والثَّالثِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّ الِحَلْقَ نُسُكٌ، ويَحِلُّ قبلَه. قال ابنُ مُنَجَّى: وفيه نظَرٌ. وذكَر جماعَةٌ على القوْلِ بأنَّه نُسُكٌ، فى جَوازِ حِلِّه قبلَه رِوايَتان. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِىِّ»، إنْ كان ساقَ هَدْيًا واجِبًا، لم يحِلَّ هذا التَّحَلُّلَ إلَّا بعدَ الرَّمْى والحَلْقِ والنَّحْرِ والطَّوافِ، فيَحِلُّ الكُلُّ. وهو التَّحَلُّلُ الثَّانى. قوله: وإنْ قَدَّمَ الحَلْقَ على الرَّمْى أو النَّحْرِ، جَاهِلًا أو ناسِيًا، فلا شئَ عليه.

عَلَيْهِ. وَإنْ كَانَ عَالِمًا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو طافَ للزِّيارَةِ أو نحرَ قبلَ رَمْيِه. وإنْ كان عالِمًا، فهل عليه دمٌ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ إحداهما، لا دَمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، ولكن يُكْرَه فِعْلُ ذلك. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، [عليه دَمٌ. نقَلَها أبو طالِبٍ وغيرُه. وأطْلقَ ابنُ عَقِيلٍ هذه الرِّوايَةَ] (¬1). وظاهِرُها، يَلْزَمُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجاهِلَ والنَّاسِىَ دَمٌ أيضًا، وظاهِرُ نقْلِ المَرُّوذِىِّ، يَلْزَمُه صَدَقَةٌ.

ثُمَّ يَخْطُبُ الإِمَامُ خُطْبَةً، يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا النَّحْرَ وَالإفَاضَةَ وَالرَّمْىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يخْطُبُ الإِمامُ خُطْبةً. يعْنِى، يخْطُبُ يومَ النَّحْرِ بمِنًى خُطْبةً؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعلمُهم فيها النَّحْرَ والإِفاضةَ والرَّمْى. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهما. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: تكونُ بعدَ صَلاةِ الظُّهْرِ. قلتُ: الأَوْلَى أنْ تكونَ بُكْرَةَ النَّهارِ؛ حتى يُعلمَهم الرَّمْىَ والنَّحْرَ والإِفاضَةَ. وعنه، لا يخْطُبُ. نصَرَه القاضى. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: وذكَر بعضُ أصحابِنا، أنَّه لا يخْطُبُ يَوْمَئذٍ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجِيزِ». وجزَم به فى «التَّلْخيصِ». فائدة: قال فى «الرِّعايَةِ»: يفْتَتِحُها بالتَّكْبيرِ. فائدة أخرى: إذا أتَى المُتَمَتِّعُ مكَّةَ، طافَ للقُدومِ. نصَّ عليه، كعُمْرَتِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وكذا المُفْرِدُ والقارِنُ. نصَّ عليه، ما لم يكُونَا دخَلَا مكَّةَ قبلَ يومِ النَّحْرِ، ولا طافَا طَوافَ القُدومِ. وعليه الأصحابُ وقيلَ: لا يطوفُ للقُدومِ

ثُمَّ يفيضُ إلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ، وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ؛ وَهُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ الَّذِى بِهِ تَمَامُ الْحَجِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحَدٌ منهم. اخْتارَه المُصَنِّفُ، ورَدَّ الأوَّلَ. وقال: لا نعلمُ أحدًا وافقَ أبا عَبْدِ اللَّهِ على ذلك. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنةَ عَشَرَةَ»: وهو الأصَحُّ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ولا يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّعِ أنْ يطُوفَ طَوافَ القُدومِ بعدَ رُجوعِه مِن عَرَفَةَ، قبلَ الإفاضَةِ. وقال: وهذا هو الصَّوابُ.

وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَعَنْ أَيَّامِ مِنًى، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ووَقْتُه، بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِن ليلَةِ النَّحْرِ. يعْنِى، وقْتَ طَوافِ الزِّيارَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، وَقْتُه مِن فَجْرِ يومِ النَّحْرِ.

ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أوْ لَمْ يَكُنْ سَعَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أخَّرَه عنه وعن أيامِ مِنًى، جازَ. وهذا بلا نِزاعٍ، ولا يَلْزَمُه دَمٌ إذا أخَّرَه عن يومِ النَّحْرِ وأيَّامِ مِنًى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الواضحِ»: عليه دَمٌ إذا أخَّرَه عن يَوْمِ النَّحْرِ لغيرِ عُذْرٍ. وخرَّجَ القاضى وغيرُه رِوايَةً بوُجوبِ الدَّمِ إذا أخَّرَه عن أيَّامِ مِنًى. فائدة: لو أخَّرَ السَّعْىَ عن أيَّام مِنًى، جازَ، ولا شئَ عليه. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» ممَّا خرَّجه فى الطَّوافِ، مِثْلَه فى السَّعْى. قوله: ثم يَسْعَى بينَ الصَّفا والمرْوَةِ، إنْ كان مُتَمَتِّعًا. هذا المذهبُ، وعليه

مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَإنْ كَانَ قَدْ سَعَى، لَمْ يَسْعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، يكْتَفِى بسَعْى عُمْرَتِه. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وأطْلقَهما فى «الفائقِ». قوله: أو لم يَكُنْ سَعَى مع طوافِ القُدومِ، فإنْ كان قد سَعَى، لم يَسْعَ. هذا المذهبُ. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه رِوايَةً، بأنَّ القارِنَ يَلْزَمُه سعْيان؛ سَعْىٌ عندَ طَوافِ القُدومِ، وسَعْىٌ عندَ طَوافِ الزِّيارَةِ. فائدتان؛ إحداهما، إذا قُلْنا: السَّعْىُ فى الحَجِّ رُكْنٌ. وجَب عليه فِعْلُه بعدَ طوَافِ الزِّيارَةِ، إنْ كان مُتَمَتِّعًا، أو مُفْرِدًا، أو قارِنًا، ولم يكُنْ سعَى مع طَوافِ القُدومِ، فإنْ فعَلَه قبلَه عالِمًا، لم يعْتَدَّ به، وأعادَه، رِوايَةً واحدةً. وإنْ كان ناسِيًا، فهل يُجْزِئُه؟ فيه رِوايَتان منْصُوصَتان، ذكَرَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وصحَّح فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه عدَمَ الإِجْزاءِ. وإنْ قُلْنا: السَّعْىُ واجِبٌ، أو سُنَّةٌ. فقال فى «الفُروعِ»: وإنْ قيلَ: السَّعْىُ ليس رُكْنًا. قيل:

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سُنَّةٌ. وقيل: واجِبٌ. ففى حِلِّه قبلَه وَجْهان. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، أنَّه يحِلُّ قبلَ السَّعْى؛ لإطْلاقِهم الإحْلالَ بعدَ الطَّوافِ. الثَّانيةُ، قولُه: ثم قد حَلَّ له كلُّ شئٍ. لا يَحِلُّ إلَّا بعدَ طَوافِ الزِّيارَةِ. بلا نِزاعٍ. فلو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خرَج مِن مكَّةَ قبلَ فِعْلِه، رجَع حَرامًا حتى يطُوفَ، ولو اسْتمَرَّ، بَقِىَ مُحْرِمًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَرْجِعُ متى أمْكَنَه، لا يُجْزِئُه غيرُه. قالَه الأصحابُ.

ثُمَّ يَأْتِى زَمْزَمَ، فَيَشْرَبُ مِنْهَا لِمَا أَحَبَّ، وَيَتَضَلَّعُ مِنْهُ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَرِيًّا وَشِبَعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِى، وَامْلأهُ مِنْ خَشْيَتِكَ وَحِكْمَتِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يأْتِى زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ منها لِمَا أحَبَّ، ويتَضَلَّعُ منه. بلا نِزاعٍ. وزادَ فى

فصل

فَصْلٌ: ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنًى، وَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى، ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ»، ويَرُشُّ على بدَنِه وثَوْبِه. قوله: ثم يَرْجِعُ إلى مِنًى، ولا يَبِيتُ بمكَّةَ ليالِىَ مِنًى. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ.

ويَرْمِى الْجَمَرَاتِ بِهَا فِى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بعْدَ الزَّوَالِ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَهِىَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ، وَتَلِى مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِى فى الواجِبَاتِ، هل هو واجِبٌ، أم مُسْتَحَبٌّ؟ قوله: ويَرْمِى الجَمَراتِ بها فى أيَّامِ التَّشْرِيقِ بعدَ الزَّوالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. قال ابنُ

يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا، فَيَقِفُ يَدْعُو اللَّه وَيُطيلُ، ثُمَّ يَأْتِى الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ، وَيَقِفُ عِنْدَهَا فَيَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعٍ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِىَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِى الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: إذا رَمَى فى اليَوْمَيْن الأوَّلَيْن مِن أيَّامِ مِنًى قبلَ الزَّوالِ، لم يُجْزِئْه، رِوايةً واحدةً. فأمَّا فى اليَوْمِ الأخيرِ، فيجُوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: وجوَّزَ ابنُ الجَوْزِىِّ الرَّمْى قبلَ الزَّوالِ. وقال فى «الواضِحِ»: يجوزُ الرَّمْىُ بطُلوعِ الشَّمْسِ، إلَّا ثالِثَ يَوْمٍ. وأطْلقَ فى «مَنْسَكِه» أيضًا، أنَّ له الرَّمْىَ مِن أوَّلِ يوْمٍ، وأنَّه يَرْمِى فى الثَّالثِ كاليوْمَيْن قبلَه، ثم يَنْفِرُ. وعنه، يجوزُ رَمْىُ مُتَعَجِّلٍ قبلَ الزَّوالِ، وَينْفِرُ بعدَه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ رَمَى عندَ طُلوعِها مُتَعَجِّلٌ، ثم نفر. كأنَّه لم يَرَ عليه دمًا. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: آخِرُ وَقْتِ رَمْى كلِّ يومٍ، المَغْرِبُ. ويُسْتَحَبُّ الرَّمْىُ قبلَ صلاةِ الظُّهْرِ بعدَ الزَّوالِ. قوله فى الجَمْرَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ: يَقِفُ ويَدْعُو. هذا بلا نِزاعٍ. لكنْ قال بعضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ: رافِعًا يدَيْه. ونقَل حَنْبَلٌ، يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يدَيْه عندَ الجِمَارِ. قوله: ثم يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ بسَبْعٍ، ويجْعَلُها عَن يَمينِه، ويَسْتَبْطِنُ الوَادِىَ، ولا يَقِفُ عندَها، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى الجَمَراتِ كُلِّها. قالَه الأصحابُ قاطِبَةً. وقال الزَّرْكَشِىُّ: فيما قالَه الأصحابُ -فى أنَّه يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى جَمْرَةِ العَقَبَةِ- نظَرٌ؛

وَالتَّرتِيبُ شَرْطٌ فِى الرَّمْى. وَفِى عَدَدِ الْحَصَى رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، سَبْعٌ. وَالْأُخْرَى، يُجْزِئُهُ خَمْسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْ ليس فى الحديثِ ذلك. قوله: والتَّرتيبُ شَرْطٌ فى الرَّمْى. يعْنِى، أنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يَرْمِىَ أوَّلًا الجَمْرَةَ التى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِى مَسْجِدَ الخَيْفِ، ثم بعْدَها الوُسْطَى، ثم العَقَبَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فلو نَكَّسَ، لم يُجْزِئْه. وعنه، يُجْزِئُه مُطْلَقًا. وعنه، يُجْزِئُه مع الجَهْلِ. قوله: وفى عَدَدِ الحَصَى رِوايَتان؛ إحداهُما، سَبْعٌ. وهى المذهبُ،

فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْىُ الثَّانِيَةِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَىِّ الْجِمَارِ تَرَكَهَا، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليها الأصحابُ. والأخْرَى يُجْزِئُه خَمْسٌ. قال فى «المُغْنِى» (¬1): والأَوْلَى أنْ لا ينْقُصَ عن سَبْعٍ، فإنْ نقَص حَصاةً أو حَصاتَيْن، فلا بَأْسَ، ولا ينْقُصُ أكثرَ مِن ذلك. نصَّ عليه. وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، يُجْزِئُه سِتٍّ. وتقدَّم ذلك فى أوَّلِ البابِ، عندَ قوْلِه: وعَدَدُه سَبْعُون حَصاةً. قوله: فإنْ أخَلَّ بحصاةٍ واجبةٍ مِنَ الأُولَى، لم يَصِحَّ رَمْىُ الثَّانيةِ. وهو ¬

(¬1) انظر المغنى 5/ 330.

وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْىَ كُلَّهُ، فَرَمَاهُ فِى آخِرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنِيَّتِهِ. وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ تَرَكَ الْمَبِيت بِمِنًى فِى لَيَالِيهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَفِى حَصَاةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِى حَلْقِ شَعَرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَصِحُّ. وعنه، يصِحُّ مع الجَهْلِ دُونَ غيرِه. فائدة: قوله: وإنْ أَخَّرَ الرَّمْىَ كلَّه -أى مع رَمْى يومِ النَّحْرِ- فرماه فى آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ، أجْزَأَ. بلا نِزاعٍ، ويكونُ أداءً. على الصَّحَيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَه القاضى. واقْتَصَر عليه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يكونُ قَضاءً. وكذا الحُكْمُ لو أخَّرَ رَمْىَ يومٍ الى الغدِ، رَمَى رَمْيَيْن. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وقالَه الأصحابُ. قوله: وإنْ أَخَّرَه عن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، أو ترَك المبِيتَ بمنًى فى لَيالِيها، فعليه دَمٌ. إذا أخَّرَ الرَّمْىَ عن أيَّامِ التَّشْريقِ، فعليه دَمٌ، ولا يَأْتِى به، كالبَيْتُوتَةِ بمِنًى إذا ترَكَها. وإذا ترَك المبيتَ بمِنًى فى لَيالِيها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عليه دَمًا. نقَلَه حَنْبَلٌ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وعنه، يتَصَدَّقُ بشئٍ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. قالَه القاضى. وعنه، لا شئَ عليه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهى مَبْنِيَّةٌ على أنَّ المَبِيتَ ليس بواجِبٍ. على ما يأْتِى فى الوَاجباتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى حَصَاةٍ أو لَيْلَةٍ واحِدَةٍ ما فى حَلْقِ شَعَرَهِ. إذا ترَك حَصاةً، وجَب عليه ما يَجِبُ فى حَلْقِ شَعَرَهِ. على ما مضَى فى أوَّلِ بابِ مَحْظوراتِ الإِحْرامِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال القاضى: وظاهِرُ نقْلِ الأَثْرَمِ، يتَصَدَّقُ بشئٍ. وعنه، ذلك فى العَمْدِ. وعنه، عليه دَمٌ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وهو خِلافُ نقْلِ الجماعَةِ والأصحابِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: ضَعَّفَه شيْخُنا؛ لعدَمِ الدَّليلِ. وعنه، لا شئَ فيها. فائدة: لو ترَك حَصاتَيْن، فإنْ قُلْنا: فى الحَصاةِ ما فى حَلْقِ شَعَرَةٍ. ففى

وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالرِّعَاءِ مَبِيتٌ بِمِنًى. فَإِنْ غَرَبَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَصاتَيْن ما فى حَلْقِ شَعَرَتَيْن، وفى ثَلاثٍ أو أرْبَعٍ أو خَمْسٍ دَمٌ. على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. وإنْ قُلْنا: فى الحَصاةِ دَمٌ. ففى الحَصاتَيْن والثَّلاثِ دَمٌ، بطَريقٍ أوْلَى. وعنه، فى الحَصاتَيْن ما فى الثَّلاثِ، كجَمْرةٍ وجِمارٍ. وعنه، لا شئَ فى ترْكِ حَصاتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الظَّاهرُ عن أحمدَ، لا شئَ فى حَصاةٍ ولا حَصاتَيْن. فأمَّا إذا ترَك المَبِيتَ بمِنًى ليْلَةً واحِدَةً، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّ فيها ما فى حَلْقِ شَعَرَةٍ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ؛ لأنَّها ليستْ نُسُكًا بمُفْرَدِها، بخِلافِ المَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ. قالَه القاضى وغيرُه. وقال: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ أنَّه لا يجِبُ دَمٌ. وجزَم بما قالَه المُصَنِّفُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». واخْتارَ المُصَنِّفُ وُجوبَ الدَّمِ. وعنه، تَرْكُ لَيْلَةٍ كتَرْكِ لَيالى مِنًى كلِّها. ذكَرَه جماعَةٌ. وعنه، عليه دَمٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وعنه، لا شَىْءَ فيها. فائدة: قوله: وليس على أهْلِ سِقَايةِ الحاجِّ والرِّعاءِ مَبِيتٌ بمِنًى. وهذا بِلا

الشَّمْسُ، وَهُمْ بِمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءَ الْمَبِيتُ، دَونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. ويَجُوزُ لهم الرَّمْىُ لَيْلًا ونَهارًا. تنبيه: مَفْهُومُ قولِ المُصَنِّفِ: وليس على أهْلِ سِقايةِ الحاجِّ والرِّعاءِ مَبِيتٌ بمِنًى. أنَّ غيرَهم يَلْزَمُه المَبِيتُ بها مُطْلَقًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: أهْلُ الأعْذارِ مِن غيرِ الرِّعاءِ؛ كالمَرْضَى، ومَن له مالٌ يخافُ ضَياعَه، ونحوِهم، حُكْمُهم حكمُ الرِّعاءِ فى ترْكِ البَيْتُوتَةِ. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ. قال فى «الفُصُولِ»: وكذا خوْفُ فَواتِ مالِه، ومَوْتُ مَريضٍ. قلتُ: هذا والذى قبلَه هو الصَّوابُ. قال القاضى وغيرُه: يُسْتَحَبُّ أنْ يضَعَ الحصَى فى يَدِ النَّائبِ؛ ليكونَ له عمَلٌ فى الرَّمْى.

وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِى مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَتَوْدِيعِهِمْ. فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يَتَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ، خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. ولو أُغْمِىَ على المُسْتَنيبِ، لم تنْقَطِعِ النِّيابَةُ. فائدة: قوله: فمَن أحَبَّ أن يتَعَجَّلَ فى يَوْمَيْن، خرَج قبلَ غُروبِ الشَّمْسِ. هذا بلا نِزاعٍ. وهو النَّفْرُ الأوَّلُ، ولا يضُرُّ رُجوعُه بعدَ خُروجِه؛ لحُصولِ

لَزِمَهُ المَبِيتُ وَالرَّمْىُ مِنَ الْغَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّخْصَةِ، وليس عليه فى اليَوْمِ الثَّالثِ رَمْىٌ. قالَه الإِمامُ أحمدُ. ويَدْفِنُ بقِيَّةَ الحصَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا. قال فى «الفائقِ»، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ. قلتُ: لا يتَعَيَّنُ، بل له طَرْحُه ودَفْعُه إلى غيرِه. انتهى. فعلى الأوَّلِ، قال بعضُ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: يدْفِنُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المَرْمَى. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِىِّ»، أو يَرْمِى بهِنَّ، كفِعْلِه فى اللَّواتِى قبلَها. تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مُرِيدَ الإِقامَةِ بمَكَّةَ. وهو كذلك، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُعْجِبُنِى لمَن نفَر النَّفْرَ الأوَّلَ أنْ يُقيمَ بمَكَّةَ. وحمَلَه المُصَنِّفُ على الاسْتِحْبابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ غَرَبَتْ وهو بها، لَزِمَه المبيتُ والرَّمْىُ مِنَ الغدِ. هذا بلا نِزاعٍ، ويكونُ الرَّمْىُ بعدَ الزَّوالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما تقدَّم. وعنه، أو قبلَه أيضًا. وتقدَّمتْ هذه الرِّوايَةُ أيضًا قرِيبًا. وهذا النَّفْرُ الثَّانى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ليس للإمامِ المُقيمِ للمَناسِكِ التَّعْجِيلُ؛ لأجْلِ مَن يَتأخَّرُ. قالَه

فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافَ، إِذَا فَرَغَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: فيُعايَى بها. تنبيه: قولُ المُصَنِّفِ: فإذا أتَى مَكَّةَ، لم يَخْرُجْ حتى يُوَدِّعَ البيْتَ بالطَّوَافِ،

مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا فرَغ مِن جَميعِ أمُورِه. يقْتَضِى أنَّه لو أرادَ المُقامَ بمَكَّةَ، لا وَداعَ عليه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كذلك، سواءٌ نوَى الإِقامةَ قبلَ النَّفْرِ أو بعدَه.

فَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ اشْتَغَلَ فِى تِجَارَةٍ، أَوْ أَقَامَ، أعَادَ الْوَداعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ وَدَّع ثم اشْتَغَل فى تِجارَةٍ، أو أقامَ، أعَادَ الوَداعَ. إذا وَدَّعَ ثم اشْتغَلَ فى تِجارةٍ، أعادَ الوَداعَ. قوْلًا واحدًا. وإنْ اشْتغَلَ بغيرِ شَدِّ رَحْلٍ ونحوِه، أعادَ الودَاعَ أيضًا. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ: إنْ تَشاغَلَ فى طَريقِه بشِراءِ الزَّادِ ونحوِه، لم يُعِدْ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ قضَى حاجةً فى طَريقِه، أو اشْترَى زادًا أو شيئًا لنفْسِه فى طَريقِه، لم يُعِدْه. لا نعلَمُ فيه خلافًا. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ اشْتَرَى حاجةً فى طَريقِه، لم يُعِدْ. زادَ فى الكُبْرَى، أو صَلَّى. فوائد؛ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يصَلِّىَ بعدَ طوافِ الوَداعِ رَكعتَيْن، ويُقَبِّلَ

وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَجَرَ. ومنها، يُسْتَحَبُّ دُخولُ البَيْتِ -والحِجْرُ منه- ويكونُ حافِيًا، بلا خُفٍّ ولا نَعْلٍ ولا سِلاحٍ. نصَّ على ذلك. ومنها، ما قالَه فى «الفُنونِ»: تعْظِيمُ دُخولِ البَيْتِ فوقَ الطَّوافِ، يدُلُّ على قِلَّةِ العِلْمِ. انتهى. ومنها، النَّظَرُ إلى البَّيْتِ عِبادَةٌ. قالَه الإِمامُ أحمدُ. وقال فى «الفُصولِ»: وكذا رؤْيَتُه لمَقامِ الأنْبِياءِ، ومَواضِعِ الأنْساكِ. قوله: ومَن أخَّرَ طوافَ الزِّيارةِ، فَطافَه عندَ الخُرُوجِ، أجْزَأ عن طوافِ الوَداعِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقالَه الخِرَقِىُّ فى «شَرْحِ المُخْتَصَرِ»، وصاحِبُ «المُغْنِى»، فى كتابِ الصَّلاةِ. قالَه فى «القَواعدِ». وعنه، لا يُجْزئُ عنه، فيَطوفُ له. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى».

فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعِ، رَجَعَ إِلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ، لَا وَدَاعَ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أخَّرَ طَوافَ القُدومِ، فطافَه عندَ الخُروجِ، لم يُجْزِئْه عن طَوافِ الوَداعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». [وهو ظاهِرُ كلامِ كثير؛ حيثُ اقْتَصرُوا على المَسْألةِ الأُولَى] (¬1). وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الهادِى»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: يُجْزِئُه، كطَوافِ الزِّيارَةِ. وقطَعُوا به. وقالوا: نصَّ عليه. زادَ فى «الهِدايَةِ»، فى رِوايَةِ ابنِ القاسِم، قلتُ: هذا المذهبُ. ولم أرَ لِمَّا قدَّمه فى «الفُروعِ» مُوافِقًا. قوله: فإنْ خرَج قبلَ الوَداعِ، رجَع إليه، فإنْ لم يُمْكِنْه، فعليه دَمٌ. إذا خرَج ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الوَداعِ، وكان قرِيبًا، فعليه الرُّجوعُ، إنْ لم يخَفْ على نَفْسٍ أو مالٍ أو فَواتِ رُفْقَةٍ، أو غيرِ ذلك، فإنْ رجَع، فلا دَمَ عليه. وإنْ كان بعِيدًا، وهو مَسافَةُ القَصْرِ، لَزِمَه الدَّمُ، سواءٌ رجَع أوْ لا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَه دَمٌ فى المنْصُوصِ. قالَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: ويَحْتَمِلُ سُقوطُ الدَّمِ عنِ البعيدِ برُجُوعِه، كالقَريبِ. ومَسافَةُ القَصْرِ مِن مِثْلِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد يُقالُ: مِنَ الحَرَمِ. وأمَّا إذا لم يُمْكنِ الرُّجُوعُ للقَريبِ، فإنَّ عليه دَمًا. وكذا لو أمْكَنَه ولم يَرْجِعْ، بطَريقٍ أوْلَى. فمتَى رجَع القَرِيبُ، لم يَلْزَمْه إحْرامٌ، بلا نِزاعٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: كرُجُوعِه لطَوافِ الزِّيارَةِ. وإنْ رجَع البَعِيدُ أحْرَمَ بعُمْرَةٍ لُزومًا، ويأْتِى بها وبطَوافِ الوَداعَ. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: لو وَدَّع ثم أقامَ بمِنًى، ولم يدْخُلْ مَكَّةَ، يتوَجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازُه، وإنْ خرَج غيرَ حاجٍّ، فظاهِرُ كَلام شَيْخِنا، لا يُوَدِّعُ. انتهى. تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، وهو قوْلُه: فإنْ خرَج قبلَ الوَداعِ. كلَّ حاجٍّ، سِوى الحائضِ والنُّفَساءِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أهْلُ الحَرَمِ لا وَداعَ عليهم أيضًا. قوله: إلَّا الحائضَ والنُّفَساءَ، لا وَداعَ عليهما. بلا نِزاع. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم تَطْهُرْ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، فإنْ طَهُرَتْ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، لَزِمَها العَوْدُ للوَداعِ، وإنْ طَهُرَتْ بعدَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، لم يَلْزَمْها العَوْدُ، ولو كان قبلَ مَسافَةِ

وَإذَا فَرَغَ مِنَ الْوَدَاعِ، وَقَفَ فِى الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القَصْرِ، بخِلافِ المُقَصِّرِ بالتَّرْكِ. قوله: وإذا فرَغ مِنَ الوَداعِ، وقَف فى المُلْتَزَمِ بينَ الرُّكْنِ والبابِ. وهذا بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، وذكَر أحمدُ، أنَّه يأْتِى الحَطِيمَ، وهو تحتَ المِيزابِ، فيَدْعُو. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ثمَّ يَشْرَبُ مِن ماءِ زَمْزَمَ، ويَسْتَلِمُ الحَجَرَ الأسْوَدَ. ونقَل حَرْبٌ، إذا قَدِمَ مُعْتَمِرًا، فيُسْتَحَبُّ أنْ يُقِيمَ بمَكَّةَ بعدَ عُمْرَتِه ثَلَاثَةَ أيَّامٍ ثم يَخْرُجَ، فإنِ الْتَفَتَ ودَّع. نصَّ عليه. وذكَرَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «التَّعْليقِ» وغيرِه. وحمَلَه جماعَةٌ على النَّدْبِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، لا يُوَلِّى ظَهْرَه حتى يَغِيبَ. قال فى «الفائقِ»: لا يُسَنُّ له المَشْىُ

فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ، وَأنَا عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِى عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِى مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِى فِى بِلَادِكَ، حَتَّى بَلَّغْتَنِى بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَأعَنْتَنِى عَلَى أدَاءِ نُسُكِى، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى، فَازْدَدْ عَنِّى رِضًا، وَإلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قَهْقَرَى بعدَ وَدَاعِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا بِدْعَةٌ. مَكْروهَةٌ. وذكَر جماعَةٌ مِنَ الأصحاب؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

عَنْ بَيْتِكَ دَارِى، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِى إِنْ أَذنْتَ لِى، غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصحِبْنِى الْعَافِيَةَ فِى بَدَنِى، وَالصِّحَّةَ فِى جسْمِى، وَالْعِصْمَةَ فِى دِينِى، وَأَحسِنْ مُنْقَلَبِى، وَارْزُقْنِى طَاعَتَكَ مَا أَبقَيْتَنِى، وَاجمَعْ لِى بَيْنَ خَيْرَىِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهم، ثم يأْتِى المُحَصَّبَ، فيُصَلِّى فيه الظُّهْرَ والعَصْرَ والمغْرِبَ والعِشاءَ، ثم يهْجَعُ. واقْتَصرَ عليه فى «المُغْنِى».

وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، وَيُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إِلَّا أنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، لَمْ تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ، بَلْ وَقَفَتْ عَلَى بَابِهِ فَدَعَتْ بِذَلِك. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ، اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا فرَغ مِنَ الحَجِّ، اسْتُحِبَّ له زِيارَةُ قبْرِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَبْرِ صَاحِبَيْه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً؛ مُتَقَدِّمُهم ومُتأخِّرُهم. وقال فى «الفُصُولِ»: نقَل صالِحٌ، وأبو طالِبٍ، إذا حَجَّ للفَرْضِ، لم يَمُرَّ بالمدِينَةِ؛ لأنَّه إنْ حدَث به حدَثُ الموْتِ كان فى سَبيلِ الحَجِّ، وإنْ كان تطَوُّعًا، بدَأ بالمدِينَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبالُ الحُجْرَةِ النَّبوِيَّةِ، على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، حالَ زِيارَتِه، ثم بعدَ فَراغِه يسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويجْعَلُ الحُجْرَةَ عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسارِه، ويدْعُو. ذكَرَه الإِمامُ أحمدُ. قال. فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، قَرُبَ مِن الحُجْرَةِ أو بَعُدَ. انتهى. قلتُ: الأُوْلَى القُرْبُ قَطْعًا. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: إنَّه يسْتَقْبلُ ويدْعُو. قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ: يُكْرَهُ قصْدُ القُبورِ للدُّعاءِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ووُقوفُه أيضًا عندَها للدُّعاءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ تَمَسُّحُه بقَبْرِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: بل يُكْرَهُ. قال الإِمامُ أحمدُ: أهْلُ العِلْمِ كانوا

فصل فى صفة العمرة

فَصْلٌ فِى صِفَةِ الْعُمْرَةِ: مَنْ كَانَ فِى الْحَرَمِ، خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ، فأَحْرَمَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَمَسُّونه. نقَل أبو الحارِثِ، يدْنُو منه ولا يتَمسَّحُ به، بل يقُومُ حِذاءَه فيسَلِّمُ. وعنه، يتَمسَّح به. ورخَّص فى المِنْبَرِ. قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ وغيرُه: وَلْيَأْتِ المِنْبَرَ، فَيتَبرَّكُ به، تَبَركًا بمَن كان يَرْتَقِى عليه. قوله فى صِفَةِ العُمْرَةِ: من كان فى الحَرَمِ، خرَج إلى الحِلِّ، فأحْرَمَ منه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إحْرامَ أهْلِ مَكَّةَ، ومَن كان بها مِن غيرِهم، وأهْلِ الحَرَمِ، يصِحُّ بالعُمْرَةِ مِن أدْنَى الحِلِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ أبى مُوسى: إنْ كان مَن بمَكَّةَ مِن أهْلِها، وأرادَ عُمْرَةً واجِبَةً، فمِنَ المِيقَاتِ، فلو أحْرَمَ مِن دُونِه، لَزِمَه دَمٌ. وإنْ أرادَ نَفْلًا، فمِن أدْنَى الحِلِّ. انتهى. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى بابِ المَواقيتِ، فى قوْلِه: وأهْلُ مَكَّةَ إذا أرادُوا العُمْرَةَ، فمِنَ الحِلِّ.

وَالأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والأفْضَلُ أنْ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمِ. هذا أحَدُ الوَجْهَيْن. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجِّى». والوجْهُ الثَّانى، أنَّ الأفْضَلَ أنْ يُحْرِمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». ذكَرُوه فى بابِ المَواقيتِ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». وقال: ظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، الكُلُّ سواءٌ، وما أسْتَحْضِرُ كلامَ المُصَنِّفِ هنا، ولعَلَّه أرادَ فى «المُغْنِى»، أو لم يكُنْ فى النُّسْخَةِ التى عندَه. والأفضَلُ بعدَهما، الحُدَيْبِيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، التَّسْوِيَةُ. ونقَل صالِحٌ وغيرُه فى المَكِّىِّ، أفْضَلُه البُعْدُ، هى على قَدْرِ تَعَبِها. قال القاضى فى «الخِلافِ»: مُرادُه مِنَ

فَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْحَرَمِ، لَمْ يَجُزْ، وَيَنْعَقِدُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المِيقاتِ. بَيَّنَه فى رِوايَةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: الأفْضَلُ بعدَ الحُدَيْبِيَةِ، ما بَعُدَ. نصَّ عليه. تنبيه: قوله: والأفْضَلُ أنُ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمِ. هو فى نُسْخَةٍ مَقْروءَةٍ على المُصَنِّفِ، وعليها شرَح الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. وفى بعضِ النُّسَخِ هذا كلُّه ساقِطٌ. قوله: فإنْ أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ، لم يَجُزْ -بلا نِزاعٍ- ويَنْعَقِدُ، وعليه دَمٌ. ينْعَقِدُ إحْرامُه مِنَ الحَرَمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وعليه دَمٌ. وقيلَ: لا يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ أحْرَمَ بالعُمْرَةِ مِن مَكَّةَ أو الحَرَمِ، لَزِمَه دَم، ويُجْزِئُه إنْ خرَج إلى الحِلِّ قبلَ طَوافِها، وكذا بعدَه، كإحْرامِه دُونَ مِيقَاتِ الحَجِّ به، ولَنا قوْلٌ؛ لا. انتهى. وتَابَعَ على ذلك المُصَنِّفَ فى «المُغْنِى». وقال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ أحْرَمَ بها مِنَ الحَرَمِ أو مَكَّةَ، مُعْتَمِرًا،

ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى، ثُمَّ يَحْلِقُ أوْ يُقَصِّرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَّ. وَهَلْ يَحِلُّ قَبْلَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّ فى الأصحِّ، ولَزِمَه دَمٌ. وقيل: إنْ أحْرَمَ بها مَكِّىِّ مِن مَكَّةَ أو بَقِيَّةِ الحَرَمِ، خرَج إلى الحِلِّ قبلَ طَوافِها، وقيل: قبلَ إتْمامِها. وعادَ فأَتَمَّها، كَفَتْه، وعليه دَمٌ لإِحْرَامِه دُونَ مِيقَاتِها. وإنْ أتَمَّها قبلَ أنْ يَخْرُجَ إليه، ففى إجْزائِها وَجْهان. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: فإنْ لم يَخْرُجْ حتى أتَمَّ أفْعالَها، فوَجْهان، المَشْهورُ الإِجْزاءُ. فعلى القَوْلِ بعَدَمِ الصِّحَّةِ، وُجودُ هذا الطَّوافِ كعَدَمِه، وهو باقٍ على إحْرامِه حتى يَخْرُجَ إلى الحِلِّ، ثم يطُوفُ بعدَ ذلك ويَسْعَى، وإنْ حلَق قبلَ ذلك؛ فعليه دَمٌ. وكذلك كل ما فعَلَه مِن مَحْظُوراتِ إحْرامِه، عليه فِدْيَتُه. وإنْ وَطِئَ أفْسَدَ عُمْرَتَه، ويَمْضِى فى فاسِدِها، وعليه دَمٌ، ويَقْضِيها بعُمْرَةٍ مِنَ الحِلِّ، وتُجْزِئُه عنها، وإنْ كانت عُمْرَةَ الإِسْلامِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَ بدَمٍ. قوله: ثم يَطُوفُ ويَسْعَى، ثم يَحْلِقُ أو يُقَصِّرُ، ثم قد حَلَّ. وهل يَحِلُّ قبلَ

وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ، وَالْعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ، عَنْ عُمْرَةِ الإِسْلَامِ فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ؟ على رِوَايتَيْن. أصْلُ هاتَيْن الرِّوايتَيْن، الرِّوايَتان اللَّتان فى الحَجِّ، هلِ الحَلْقُ والتَّقْصِيرُ نُسُكٌ أو إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ؟ على ما تقدَّم. ذكَرَه الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. وتقدَّم أن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه نُسُكٌ. فالصَّحيحُ هنا، أنَّه نُسُكٌ، فلا يَحِلُّ منها [إلَّا بفِعْلِ] (¬1) أحَدِهما. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، أنه إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ، فيَحِلُّ قبلَ فِعْلِه. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ». ويأْتِى فى وَاجِبَاتِ العُمْرَةِ أن الحِلَاقَ أو التَّقْصِيرَ واجِبٌ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. قوله: وتُجْزِئُ عُمْرَةُ القَارِنِ، والعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعيم، عَن عُمْرَةِ الإسلامِ، فى، أصحِّ الرِّوايتَيْن. تُجْزِئُ عُمْرَةُ القارِنِ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «بقول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا تُجْزِئُ عُمْرَةُ القارِنِ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ، وأبو بَكْرٍ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وتقدَّم ذلك فى الإِحْرامِ فى صِفَةِ القِرانِ. وأمَّا العُمْرَةُ مِنَ التَّنْعَيمِ، فتُجْزِئُ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا تجْزِئُ عن العُمْرَةِ الواجِبَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لا بأْسَ أنْ يَعْتَمِرَ فى السَّنَةِ مِرارًا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كراهَةُ الإِكْثارِ منها، والمُوالاةِ بينَها. قال المُصَنِّفُ: باتفاقِ السَّلَفِ. واخْتارَه هو وغيرُه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الإِمامُ أحمدُ: إنْ شاءَ كلَّ شَهْرٍ. وقال أيضًا: لابدَّ أنْ يَحْلِقَ أو يُقَصِّر، وفى عشَرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ الحَلْقُ. وقيلَ: يُسْتَحَبُّ الإكْثارُ منها. اخْتارَه جماعَةٌ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». ومَن كَرِهَ أطْلَقَ الكَراهةَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ مُرادَه، إذا عوَّض بالطَّوافِ، وإلَّا لم يُكْرَهْ، خِلافًا لشَيْخِنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ. وقال فى «الفُصُولِ»: له أنْ يَعْتَمِرَ فى السَّنَةِ ما شاءَ، ويُسْتَحَبُّ تَكْرارُها فى رَمَضانَ؛ لأنها تعْدِلُ حَجَّةً. وكَرِهَ الشيْخُ تَقِىُّ الدَّينِ الخُروجَ مِن مَكةَ للعُمْرَةِ إذا كانتْ تطَوُّعًا. وقال: هو بِدْعَةٌ؛ لأنَّه لم يَفْعَلْه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ولا صَحابىٌّ على عَهْدِه إلَّا عائِشَةَ، لا فِى رَمَضانَ ولا غيرِه اتِّفاقًا. الثَّانيةُ، العُمْرَةُ فى رَمَضانَ أفْضَلُ مُطْلَقًا. قال الإِمامُ أحمدُ: هى فيه تَعْدِلُ حَجَّةً. قال: وهى حَجٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْغَرُ. الثَّالثةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ العُمْرَةَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ مِن فِعْلِها فيها. ذكَرَه القاضى فى «الخِلافِ». ونقَلَه الأَثْرَمُ، وابنُ إبْراهِيمَ، عن أحمدَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ التَّسْوِيَةُ. قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَ فى «الهَدْى»، أنَّ العُمْرَةَ فى أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ، ومالَ إلى أنَّ فِعْلَها فى أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ مِن فِعْلِها فى رَمَضانَ. الرَّابعةُ، لا يُكْرَهُ الإِحْرامُ بها يومَ عَرَفَةَ والنَّحْرِ وأيَّامَ التَّشْريقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَل أبو الحارِثِ، يَعْتَمِرُ متى شاءَ. وذكَر بعضُ الأصحابِ رِوايَةً، يُكْرَهُ. قال فى «الفائقِ»: زادَ أبو الحُسَيْنِ، يَوْمَ عَرَفَةَ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وذكَر فى «الرِّعايَةِ»، يُكْرَهُ فى أيَّامِ التَّشْريقِ. وقال: ومَن أحْرَمَ بها قبلَ مِيقاتِها، لم تصِحَّ فى وَجْهٍ.

فصل

فَصْلٌ: أرْكَانُ الْحَجِّ؛ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا أَرْبَعَة؛ الْوُقُوفُ، وَالإِحْرَامُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْىُ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَأنَّ السَّعْىَ سُنَّةٌ. وَاخْتَارَ الْقَاضِى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أرْكانُ الحَجِّ؛ الوُقُوفُ بعَرَفَةَ، وطَوافُ الزِّيارَةِ. بلا نِزاعٍ فيهما. فلو ترَك طَوافَ الزِّيارَةِ، رجَع مُعْتَمِرًا. نقَلَه الجماعَةُ. ونقَل يعْقُوبُ، فى مَن طافَ فى الحِجْرِ ورجَع بغدادَ، يرْجِعُ؛ لأنَّه على بَقِيَّةِ إحْرامِه، فإن وَطِئ، أحْرَمَ مِنَ التَّنْعيمِ، على حَديثِ ابنِ عَبَّاس، وعليه دَمٌ. ونقَل غيرُه مَعْناه. فالمُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّه، قدَّم أن أرْكانَ الحَجِّ، الوُقوفُ بعَرَفَةَ، وطَواف الزِّيارَةِ فقط. فليس السَّعْىُ والإِحْرامُ رُكْنَيْن، على المُقَامِ عنه. أما السَّعْىُ، ففيه ثَلاثُ رِوايَاتٍ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهُنَّ، هو رُكْنٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وصحَّحه فى «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هو سُنَّةٌ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، هو واجِبٌ. اخْتارَه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، والقاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». وأطْلقَهُنَّ فى «المُذْهَبِ». وأمَّا الإِحْرامُ، وهو النِّيَّةُ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّه غيرُ رُكْنٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه واجِبٌ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها القاضى فى «المُجَرَّدِ». نقَلَه عنه فى «التَّلْخيصِ». وحكَاها فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». وقال: اخْتارَه الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، وأخْتارَها التَّمِيمِىُّ أيضًا. ولم يذْكُرْها فى «الفُروعِ». وعنه، أنَّه رُكْنٌ. وهى المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه أصحُّ، فى ظاهِرِ قوْلِ الأصحابِ. وأطْلقهما فى «الفائقِ». وعنه، أنَّه شَرْطٌ. حَكَاها فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ عنه: أَنْ الإِحْرامَ شَرْطٌ. قال ابنُ مُنَجِّى فى «شَرْحِه»: ولم أجدْ أحَدًا ذكَر أنَّ الإِحْرامَ شَرْطٌ، والأَشْبَهُ أنَّه كذلك. وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وذلكَ أنَّ مَن قال بالرِّوايَةِ الأُولَى، قاسَ الإِحْرامَ على نِيَّةِ الصَّلاةِ،

وَوَاجِبَاتُهُ سَبْعَةٌ، الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إلَى اللَّيْلِ، وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَالْمَبِيتُ بِمِنًى، وَالرَّمْىُ، وَالْحِلَاقُ، وَطَوَافُ الْوَدَاعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونِيَّةُ الصَّلاةِ شَرْطٌ، فكذا يجِبُ أنْ يكونَ الإِحْرامُ. ولأنَّ الإِحْرامَ يجوزُ فِعْلُه قبلَ دُخولِ وَقْتِ الحَجِّ، فوجَب أنْ يكونَ شَرْطًا، كالطَّهارَةِ مع الصَّلاةِ. انتهى. وقال أيضًا فى بابِ الإِحْرامِ: والأَشْبَهُ أنَّه شَرْطٌ، ذهَب إليه بعضُ أصحابِنا، كنِيَّةِ الوُضوءِ. فلعَلَّ قوْلَه هنا: لم أجِدْ أحَدًا ذكَر أنَّه شَرْطٌ. يعْنِى عن أحمدَ، وإلَّا كان كلامُه مُتَناقِضًا. وأطْلَقَ رِوايَةَ الشَّرْطِيَّةِ والرُّكْنِيَّةِ فى «الفُروعِ». وقال: فى كلامِ جماعَةٍ ما ظاهِرُه رِوايَةٌ بجَوازِ تَرْكِه. وقال فى «الإِرْشادِ»: وهو سُنَّةٌ. وقال: الإِهْلالُ فَريضَةٌ. وعنه، سُنَّةٌ. قوله: وواجِبَاتُه سَبْعَةٌ؛ الإِحْرَامُ مِنَ المِيقاتِ. بلا نِزاع، إنْشاءً ودَوامًا. قال فى «التَّلْخيص»: والإِنْشاءُ أَوْلَى. قوله: والوُقُوفُ بعَرَفَةَ إلى اللَّيْلِ. مُرادُه، إذا وقَف نَهارًا، فيَجِبُ الجَمْعُ بينَ اللَّيْلِ والنَّهارِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، الجَمْعُ بينَهما سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. قوله: والمَبِيتُ بمُزْدلِفَةَ إلى بعدِ نِصْفِ اللَّيْلِ. مُرادُه، إذا وافاها قبلَ نِصْفِ

وَمَا عَدَا هَذَا سُنَنٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّيْلِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ إذا جاءَها قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ واجِبٌ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بَواجِبٍ. واسْتَثْنَى الخِرَقِىُّ مِن ذلك الرُّعاةَ، وأهْلَ السِّقايَةِ، فلم يَجْعَلْ عليهم مَبِيتًا بمُزْدَلِفَةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم أرَ مَن صرَّح باسْتِثْنائِهما إلَّا أبا محمدٍ؛ حيثُ شرَح الخِرَقِىَّ. قوله: والمَبِيتُ بمِنًى. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَبِيتَ بمِنًى فى لَيالِيها واجِبٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، سُنَّةٌ. وتقدَّم قرِيبًا ما يجِبُ فى تَرْكِ المَبِيتِ بها فى لَيالِيها، أو فى لَيْلَهٍ. قوله: والرَّمْىُ. بلا نِزاعٍ، ويجِبُ تَرْتِيبُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا. وتقدَّم أنَّه هل هو شَرْطٌ أم لا، أو لا مع الجَهْلِ؟ قوله: الحِلَاقُ. مُرادُه، أو التَّقْصِيرُ، على ما تقدَّم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه واجِبٌ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بوَاجِبٍ. وتقدَّم، هل هو نُسُكٌ، أو إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ؟ قوله: وطَوَافُ الوَداعِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه وصحَّحَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليس بوَاجِبٍ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ طَوافَ الوَدَاعِ يجِبُ، ولو لم يكُنْ بمَكَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: هو ظاهِرُ كلامِهم. قال الآجُرِّىُّ: ويطُوفُه متى أرادَ الخُروجَ مِن مَكَّةَ أو مِنًى، أو مِن نَفْرٍ آخَرَ. قال فى «التَّرْغيبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»: لا يجِبُ على غيرِ الحَاجِّ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ومتى أرادَ الحَاجُّ الخُروجَ مِن مَكَّةً، لم يَخْرُجْ حتى يُوَدِّع. فائدة: طَوافُ الوَدَاعِ، هو طَوافُ الصَّدَرِ. على الصَّحيحِ. وقيل: الصَّدَرُ، طَوافُ الزِّيارَةِ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: وما عَدا هَذا سُنَنٌ. مَسائِلَ فيها خِلافٌ فى المذهبِ؛ منها، المَبِيتُ بمِنًى ليْلَةَ عَرَفَةَ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، انَّه سُنَّةٌ. قطَع به ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ»، والقاضى فى «الخِلافِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وابنُ الجَوْزِىَّ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، والسَّامَرِّىُّ فى «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى»، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْح»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ. جزَم به فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ومنها، الرَّمَلُ والاضْطِباعُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما سُنَّتان، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقالَ فى «عُيُونِ المَسائلِ»: يَجِبان. ونقَل حَنْبَلٌ، إِذا نَسِىَ الرَّمَلَ، فلا شئَ عليه. وقالَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. ومنها، طَوافُ القُدُومِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه سُنَّةٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَل محمدُ بنُ أبى حَرْبٍ (¬1)، هو واجِبٌ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». ومنها، الدَّفْعُ مِن عَرَفَةَ مع الإِمامِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ¬

(¬1) محمد بن النقيب بن أبى حرب الجرجرائى. قال الخلال: كان أحمد يكاتبه ويعرف قدره، عنده عن أبى عبد اللَّه مسائل مشبعة كنت سمعتها منه. طبقات الحنابلة 1/ 331.

وَأرْكَانُ الْعُمْرَةِ؛ الطَّوَافُ. وَفِى الْإِحْرَامِ وَالسَّعْى رِوَايَتَانِ. وَوَاجِبَاتُهَا، الْحِلَاقُ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. فمَنْ تَرَكَ رُكْنًا، لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إِلَّا بِهِ، وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سُنَّةٌ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو اخْتِيارُ جُمْهورِ الأصحابِ. وعنه، واجِبٌ. وقطَع الخِرَقِىُّ، أنَّ عليه دَمًا بتَرْكِه. أطْلقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». قوله: أرْكانُ العُمْرَةِ؛ الطَّوافُ -بلا نِزاعٍ- وفى الإِحْرَام والسَّعْى رِوايَتان. اعلمْ أنَّ الخِلافَ، هنا، فى السَّعْى والإِحْرامِ، وفى الإِحْرامِ أيضًا مِنَ المِيقَاتِ، كالخِلافِ فى ذلك فى الحَجِّ، على ما تقدَّم، نقْلًا ومَذهَبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: أرْكانُها الإِحْرامُ والطَّوافُ فقط. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». وقال فى «الفُصُولِ»: السَّعْىُ فى العُمْرَةِ رُكْنٌ، بخِلافِ الحَجِّ؛ لأنَّها أحَدُ النُّسُكَيْن، فلا يَتِمُّ إلَّا برُكْنَيْن كالحَجِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وواجِبَاتُها، الحِلاقُ، فى إحْدَى الرِّوَايتَيْن. وهو مَبْنِىٌّ أيضًا على وُجوبِه فى الحَجِّ (¬1). على ما تقدَّم، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه. قوله: فمَن ترَك رُكْنًا، لم يتِمَّ نُسُكُه إلَّا به. وكذا لو ترَك النِّيَّةَ له، لم يصِحَّ ذلك الرُّكْنُ إلَّا بها. قوله: ومَن ترَك واجِبًا، فعليه دَمٌ. ولو كان سَهْوًا أو جَهْلًا. وتقدَّم فى بعضِ المَسائلِ خِلافٌ بعَدَمِ وُجوبِ الدَّمِ كامِلًا، كَتَرْكِه المَبِيتَ بمِنًى فى لَيالِيها ونحوِه، وكذا تَقدَّم الخِلافُ فيما إذا ترَكَه جَهْلًا. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الجمع».

باب الفوات والإحصار

بَابُ الْفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ وَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَيَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْىٍ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهُ لِعُمْرَةٍ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا. وَعَنْهُ، عَلَيْهِ القَضَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الفَواتِ والإِحْصارِ قوله: ومَن طلَع عليه الفَجْرُ يومَ النَّحْرِ ولم يَقِفْ بعَرَفَةَ، فقد فاتَه الحَجُّ. بلا نِزاعٍ، وسواءٌ فاتَه الوُقُوفُ لعُذْرِ حَصْرٍ أو غيرِه، أو لغيرِ عُذرٍ. قوله: ويَتحَلَّلُ بطَوَافٍ وَسَعْىٍ. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه، أنه يتَحَلَّلُ بطوافٍ وسَعْىٍ فقط، ولم يَكُنْ عُمْرَه. وهو الظَّاهِرُ. وهو قوْلُ ابنِ حامِدٍ، ذكَرَه عنه جماعةٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه، يتَحَلَّلُ بعُمْرَةٍ، مِن طَوافٍ وسَعْىٍ وغيرِه، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْقَلِبُ إحْرامُه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ أيضًا. ذكَرَه عنه القاضى. وهو رِوايَةٌ عن احمدَ. واختارَه فى «الفُائقِ». وعنه، أنَّه يَنْقلِبُ إحْرامُه بعُمْرَةٍ. وهذه الرِّوايَةُ هى المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «التَّلْخيصِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وقالَا: اخْتارَه الأكْثَرُ، قارِنًا وغيرَه، منهم أبو بَكْرٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: فالمذهبُ المنْصُوصُ، أنَّه يتَحَلَّلُ بعُمْرَةٍ. اختارَه الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، وأصحابُه، والشَّيْخان، قال: فعلى هذا صرَّح أبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهما، أنَّ إحْرامَه ينْقَلِبُ بمُجَرَّدِ الفَواتِ إلى عُمْرَةٍ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنَّ مَن قال: يجْعَلُ إحْرامَه عُمْرَةً. أرادَ أنَّه يفْعَلُ فِعْلَ المُعْتَمِرِ؛ مِنَ الطَّوافِ والسَّعْى. فلا يكونُ بينَ القَوْلَيْن خِلافٌ. انتهى. ونقَل ابنُ أبى مُوسى، أنَّه يمْضِى فى حَجٍّ فاسِدٍ، ويَلْزَمُه تَوابعُ الوُقوفِ، مِن مَبِيتٍ، ورَمْىٍ وغيرِهما، ويَقْضِيه. انتهى. فعلى المذهبِ، يُدْخِلُ إحْرامَ الحَجِّ فقط. وقال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ: فائدَةُ الخِلافِ، أنَّه إذا صارَتْ عُمْرَةً، جازَ إدْخالُ الحَجِّ عليها، فيصِيرُ قارِنًا، وإذا لم تَصِرْ عُمْرَةً، لم يَجزْ له ذلك. واحْتَجَّ القاضى بعَدَمِ الصِّحَّةِ، على أنَّه لم يَبْقَ إحْرامُ الحَجِّ، وإلَّا يصِحُّ (¬1)، وصارَ قارِنًا. واحْتَج به ابنُ عَقِيلٍ، وبأنَّه لو جازَ بَقاؤُه، لجَازَ أداءُ أفْعالِ الحَجِّ به فى السَّنَةِ المُسْتَقْبِلَةِ، وبأَنَّ الإِحْرامَ إمَّا أنْ يُؤدِّىَ به حَجَّةً أو عُمْرَةً، فأمَّا عمَلُ عُمْرَةٍ، فلا. فائدة: هذه العُمْرَةُ التى انْقَلَبَت، لا تُجْزِئُ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه؛ لوُجوبِها كمَنْذُورَةٍ. وقيل: تُجْزِئُ. قال فى «الشَّرْحِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ إحْرامُ الحَجِّ إحْرامًا بعُمْرَةٍ، بحيثُ يُجْزِئُه عن ¬

(¬1) فى أ: «لم يصح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُمْرَةِ الإِسْلامِ، ولو أدْخَلَ الحَجَّ عليها، لَصارَ قارِنًا، إلَّا أنَّه لا يُمْكِنُه الحَجُّ بذلك الإِحْرامِ، إلَّا أَنْ يصِيرَ مُحْرِمًا به فى غيرِ أشْهُرِه، فيَكُونَ كمَن قلَب الحَجَّ فى غيرِ أشْهُرِه، ولأنَّ قَلْبَ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ يجُوزُ مِن غيرِ سَبَبٍ، فمَع الحاجَةِ أوْلَى. قوله: ولا قَضاءَ عليه، إلَّا أن يكُونَ فَرْضًا. إنْ كانَ فَرْضًا، وجَب عليه القَضاءُ، بلا نِزاعٍ. فإنْ كان نَفْلًا، فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه لا قَضاءَ عليه. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغيبِ»،

وَهَلْ يَلْزَمُهُ هَدْىٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ». وصحَّحه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، فيما إذا أُحْصِرَ بعَدُوٍّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، عليه القَضاءُ كالفَرْضِ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ لُزومُ قَضاءِ النَّفْلِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه الرِّوايَةُ أصَحُّها عندَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» فى مَن فاَته الوُقوفُ بعَرَفَةَ، وغيرِهم. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». قوله: وهل يَلْزَمُه هَدْىٌ؟ على رِوَايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»،

إحْدَاهُمَا، عَلَيْهِ هَدْىٌ يَذْبَحُهُ فِى حَجَّةِ الْقَضَاءِ، إِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ قَضَاءٌ. وَإلَّا ذَبَحَهُ فِى عَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»؛ إحداهما، يَلزَمُه هَدْىٌ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن». قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أصَحُّهما عندَ الأصحابِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا هَدْىَ عليه. فعلى المذهبِ، لا فَرْقَ يينَ أنْ يكونَ ساقَ هَدْيًا، أم لا. نصَّ عليه. ويذْبَحُ الهَدْى فى حجَّةِ القَضاءِ، إنْ قُلْنا: عليه قَضاءٌ. وإلَّا ذَبَجَه فى عامِه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ كان قد ساقَ هَدْيًا، نَحَرَه، ولم يُجْزِئْه عن دَمِ الفَواتِ. وقالَه. ابنُ أبى مُوسى، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهما. وقال المُصَنِّفُ: لا يُجْزِئُه، إنْ قُلْنا بوُجوبِ القَضاءِ. انتهى. فعلَى الأوَّلِ، متى يكونُ قد وجَب عليه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، وجَب فى سَنَتِه، ولكنْ يُؤخرُ إخْراجَه إلى قابِل. والثَّانى، لم يجِبْ إلَّا فى سَنَةِ القَضاءِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: ويَلْزَمُه هَدْىٌ على الأصحِّ. قيلَ: مع القَضاءِ. وقيلَ: يَلْزَمُه فى عامِه دَمٌ، ولا يَلْزَمُ ذبْحُه إلَّا مع القَضاءِ، إنْ وجَب بعدَ تحَلُّلِه منه، كدَمِ التَّمَتُّعِ، وإلَّا فى عامِه. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُخْرِجُه عن سَنَةِ الفَواتِ فقط، إنْ سقَط القَضاءُ، وإنْ وجَب، فمعَه لا قبلَه، سواءٌ وجَب سَنَةَ الفَواتِ فى وَجْهٍ، أو سَنَةَ القَضاءِ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ، وُجوبُه مع القَضاءِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن». فائدة: الهَدْىُ هنا، دَمٌ. وأقَلُّه شاةٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعُوا به. وقال فى «المُوجَزِ»: يَلْزَمُه بدَنَةٌ. فعلَى المذهبِ، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَدِمَ الهَدْى زَمَنَ الوُجوبِ، صامَ عشَرَةَ أيَّامٍ؛ ثَلَاثةً فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رجَع. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال الخِرَقِىُّ: يصُومُ عن كلِّ مُدٍّ مِن قِيمَتِه يَوْمًا. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى الفِدْيَةِ، فى الضَّرْبِ الثَّالثِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى وُجوبِ الهَدْى، إذا لم يَشْتَرِطْ أنَّ مَحِلِّى حيثُ حَبَسْتَنِى. على ما يأْتِى آخِرَ البابِ. فائدتان؛ إحداهما، لو اخْتارَ مَن فاتَه الحَجُّ البَقاءَ على إحْرامِه؛ ليَحُجَّ مِن قابِلٍ، فله ذلك على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيره، ويَحْتَمِلُ أنَّه ليس له ذلك. الثَّانيةُ، لو كان الذى فاتَه الحَجُّ

وَإِنْ أَخْطَأَ النَّاسُ، فَوَقَفُوا فِى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَجْزَأَهُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قارِنًا، حَلَّ، وعليه مِثْلُ ما أهَلَّ به مِن قابِلٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ أنْ تُجْزِئَه عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. وتقدَّم ذلك قرِيبًا. وتقدَّم فى بابِ الإِحْرامِ، عندَ ذِكْرِ وُجوبِ الدَّمِ على القارِنِ والمُتَمَتِّعِ، أن دَمَهُما لا يَسْقُطُ بالفَواتِ، على الصَّحيحِ، وما يَلْزَمُ القارِنَ إذا قضَى قارِنًا، وإذا قَضَى مُفْرِدًا أو مُتَمَتِّعًا، فَلْيُعاوَدْ. قوله: وإنْ أخْطأ النَّاسُ؛ فَوَقَفُوا فى غيرِ يومِ عَرَفَةَ، أجْزَأْهم. سواءٌ كان وُقوفُهم يومَ الثَّامِنِ أو العاشرِ. نصَّ عليهما. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهل هو يومُ عَرَفَةَ باطِنًا؟ فيه خِلافٌ فى مَذْهَبِ أحمدَ، بِناءٌ على أنَّ الهِلالَ اسْمٌ لِمَا يطْلُعُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّماءِ، أو لِمَا يَراه النَّاسُ ويعْلَمُونَه؟ وفيه خِلافٌ مَشْهُورٌ فى مَذهبِ أحمدَ وغيرِه. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى مَوْضِعٍ آخَرَ، أنَّ عن أحمدَ فيه رِوايتَيْن. قال: والثَّانى الصَّوابُ. ويدُلُّ عليه لو أخْطَأوا، لغَلَطٍ فى العَدَدِ أو فى الطَّريقِ ونحوِه، فوَقَفُوا العاشِرَ، لم يُجْزِئْهم إجْماعًا. فلو اغْتُفِرَ الخَطَأُ للجَميعِ، لاغْتُفِرَ لهم فى غيرِ هذه الصُّورَةِ بتَقْديرِ وُقُوعِها. فَعُلِمَ أنَّه يومُ عَرَفَةَ باطِنًا وظاهِرًا. يُوَضِّحُه، أنَّه لو كان هنا خَطَأٌ وصَوابٌ، لا يُسْتَحَبُّ الوُقوفُ مرَّتَيْن، وهو بِدْعَةٌ لم يفْعَلْه السَّلَفُ، فَعُلِمَ أنَّه لا خَطأَ. ومَنِ اعْتَبرَ كوْنَ الرَّأئِى مِن مَكَّةَ دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ، أو بمَكانٍ لا تَخْتَلِفُ فيه المَطالِعُ، فقَوْلٌ لم يقُلْه أحَدٌ مِنَ السَّلَفِ فى الحَجِّ، فلو رآه طائِفَةٌ قليلَةٌ، لم يَنْفَرِدُوا بالوُقوفِ، بل الوُقوفُ مع الجُمْهورِ. قال فى «الفُروعِ»: ويَتوجَّهُ وُقوفٌ مَرَّتَيْن إنْ وقَف بَعضُهم، لا سِيَّما مَن رآه. قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصرَّح جماعةٌ، إنْ أخْطَأوا لِغَلَطٍ فى العدَدِ أو فى الرُّؤْيَةِ والاجْتِهادِ مع الإِغْمامِ، أجْزَأَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ وغيرِه. قوله: وإنْ أخْطأَ بعضُهم، فقد فاتَه الحَجُّ. هذا المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ، وجُمْهورُهم قطَع به. وقيل: هو كحَصْرِ العَدُوِّ. تنبيه: قوْلُه: وإنْ أخْطَأَ بَعضُهم. هكذا عِبارَةُ الأصحابِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: إنْ أخْطَأَ عدَدٌ يَسِيرٌ. وفى «التَّعْليقِ»، فيما إذا أخْطَأوا القِبْلَةَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: العدَدُ الواحِدُ والاثْنَان. وقال فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»: إنْ أخْطَأَ نفَرٌ منهم. قال ابنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: إنَّ النَّفَرَ، ما بينَ الثَّلاثةِ إلى العشَرَةِ. وقيل: النَّفَرُ فى قوْله تَعالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} (¬1) سبْعَةٌ. وقيل: تِسْعَةٌ. وقيل: اثْنا عشَرَ ألْفًا. قال ابنُ الجَوْزِىِّ: لا يصِحُّ؛ لأنَّ النَّفَرَ لا يُطْلَقُ على الكَثيرِ. ¬

(¬1) سورة الأحقاف 29.

وَمَنْ أَحْرَمَ فَحَصَرَهُ عَدُوٌّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْحَجِّ، ذَبَحَ هَدْيًا فِى مَوْضِعِهِ، وَحَلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أحْرَمَ فحَصَره عَدُوٌّ -ومَنَعه مِنَ الوُصُولِ إلى البَيْتِ- ولم يَكُنْ له طَرِيقٌ إلى الحَجِّ -ولو بَعُدَتْ، وفاتَ الحَجُّ- ذبَح هَدْيًا فى مَوْضِعِه، وحَلَّ. يعْنِى، يتَحَلَّلُ بنَحْرِ هَدْيِه بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ به وُجوبًا، فتُعْتَبرُ النِّيَّةُ هنا للتَّحَلُّلِ، ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُعْتَبرْ فى غيرِ المُحْصَرِ؛ لأنَّ غيرَه قد أتَى بأفْعالِ النُّسُكِ، فقد أتَى بما عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُحْصَرُ يُريدُ الخُروجَ مِنَ العِبادَةِ قبلَ إكْمالِها، والذَّبْحُ قد يكونُ لغيرِ الحِلِّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سَواءٌ أحْصَرَه العَدُوُّ قبلَ الوُقوفِ بعَرَفَةَ أو بعدَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنَّما ذلك إذا كان قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ. فأمَّا الحَصْرُ عن طَوافِ الإِفاضَةِ، بعدَ رَمْى الجَمْرَةِ، فليس له أنْ يتَحَلَّلَ، ومتى زالَ الحَصْرُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أتَى بالطَّوافِ، وتَمَّ حَجُّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ذبَح هَدْيًا فى مَوْضِعِه. يعْنِى، فى مَوْضِعِ حَصْرِه. وهذا المذهبُ، وسواءٌ كان مَوْضِعُه فى الحِلٌ أو فى الحَرَمِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَنْحَرُه إلَّا فى الحَرَمِ، ويُواطِئُ رَجُلًا على نَحْرِه فى وَقْتٍ يَتَحَلَّلُ فيه. قال المُصَنِّفُ: هذا، واللَّه أَعلمُ، فى مَن كان حَصْرُه خاصًّا. فأمَّا الحَصْرُ العامُّ، فلا يَنْبَغِى أنْ يقُولَه أحَدٌ. وعنه، لا يَنْحَرُه إلَّا فى الحَرَمِ، إذا كان مُفْرِدًا، أو قارِنًا، ويكونُ يومَ النَّحْرِ. قال فى «الكافِى»: وكذلك مَن ساقَ هَدْيًا، لا يتَحَلَّلُ إلَّا يومَ النَّحْرِ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا ينْحَرُ الهَدْى إلَّا يومَ النَّحْرِ. قال الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه: ويجِبُ أنْ يَنْوِىَ بذَبْحِه التَّحَلُّلَ؛ لأنَّ الهَدْى يكونُ لغيرِه، فلَزِمَه النِّيَّةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلبًا للتَّمْيِيزِ. تنبيه: قولُه: ذبَح هَدْيًا. يعْنِى، أنَّ الهَدْى يلْزَمُه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ فى الهَدْى، أنه لا يَلْزَمُ المُحْصَرَ هَدْىٌ. فائدة: لا يَلْزَمُ المُحْصَرَ إلَّا دَمٌ واحدٌ، سواءٌ تحَلَّلَ بعدَ فَواتِه أو لا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى وغيرُه: إنْ تحَلَّلَ بعدَ فَواتِه، فعليه هَدْيان؛ هَدْىٌ لتَحَلُّلِه، وهَدْىٌ لفَواتِه. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قولِه: ذبَح هَدْيًا وحَلَّ. أنَّ الحِلَّ مُرتَّبٌ على الذَّبحِ.

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، صَامَ عَشَرَةَ أيَّامٍ، ثُمَّ حَلَّ. وَلَوْ نَوَى التَّحَلُّلَ قَبْلَ ذلِكَ، لَمْ يَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعنه فى المُحْرِمِ بالحَجِّ، لا يَحِلُّ إلَّا يومَ النَّحْرِ؛ ليتَحقَّقَ الفَواتُ. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: فإنْ لم يَجِدْ هَدْيًا، صَامَ عَشَرَةَ أيَّام، ثُمَّ حَلَّ. أنَّه لا إطْعامَ فيه. وهو صحيحٌ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، فيه إطْعامٌ. وقال الآجُرِّىُّ: إنْ عَدِمَ الهَدْى مَكانَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوَّمَه طَعامًا، وصامَ عن كلِّ مُدٍّ يَوْمًا وحَلَّ. وأْحِبُّ أن لا يَحِلَّ حتى يصُومَ إنْ قدَر، فإنْ صَعُبَ عليه، حَل ثمَّ صَامَ. وتقدَّم ذلك فى الفِدْيَةِ. فائدتان؛ إحداهما، لو حُصِرَ عن فِعْلِ واجبٍ، لم يتَحَلَّلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وعليه دَمٌ له. وقال القاضى: يتَوجَّهُ فى مَن حُصِرَ بعدَ تحَلُّلِه الثَّانى، يتَحَلَّلُ. وأوْمَأَ إليه. قال فى «الفائقِ»: وقال شيْخُنا: له التَّحَلُّلُ. الثَّانيةُ، يُباحُ التَّحَلُّلُ لحاجَتِه فى الدَّفْعِ إلى قِتالٍ، أو بذْلِ مالٍ كثيرٍ، فإنْ كان يسيرًا والعَدُوُّ مُسْلِمٌ، فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قِياسُ المذهبِ وُجوبُ بذْلِه، كالزِّيادةِ فى ثَمَنِ الماءِ للوُضُوءِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: لا يجِبُ بذْلُه. ونقَلَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ عن بعضِ الأصحابِ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». ومع كُفْرِ العَدُوِّ يُسْتَحَبُّ قِتالُه إنْ قَوِىَ المُسْلِمون، وإلَّا فَترْكُه أوْلَى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ الحِلاقَ أو التَّقْصِيرَ لا يجِبُ هنا،

وَفِى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُحْصَرِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحْصُلُ التَّحَلُّلُ بدُونِه. وهو أحَدُ القَوْلَيْن؛ لعدَمِ ذكْرِه فى الآيَةِ، ولأنَّه مُباحٌ ليس بنُسُكٍ خارِجَ الحَرَمِ؛ لأنَّه مِن تَوابعِ الإِحرامِ، كالرَّمْى والطَّوافِ. وقدَّم فى «المُحَرَّرِ» عدَمَ الوُجوبِ. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ. وقدَّمه ابنُ رَزينٍ فى «شَرْحِه». وقيلَ: فيه رِوايَتان مَبْنِيَّتان على أنَّهَ هل هو نُسُكٌ، أو إطْلَاقٌ مِن مَحْظُورٍ؟ وجزَم بهذه الطَّريقَةِ فى «الكافِى». وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، بعدَ أنْ أطْلَقا الرِّوايتَيْن: ولعَلَّ الخِلافَ مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى الحَلْقِ، هل هو نُسُكٌ، أو إطْلاقٌ من مَحْظُورٍ؟ وقدَّم الوُجوبَ فى «الرِّعايَةِ». واخْتارَه القاضى، فى «التَّعْلِيقِ» وغيرِه. وأطْلَقَ الطَّرِيقتَيْن فى «الفُروعِ». قوله: وإنْ نَوَى التَّحَلُّلَ قبلَ ذلِك، لم يَحِلَّ. ولَزِمَه دَمٌ لتَحَلُّلِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيلَ: لا يَلْزَمُه دَمٌ لذلك. جزَم به فى «المُغنى»، و «الشَّرْحِ». قوله: وفى وُجُوبِ القَضاءِ على المُحْصَرِ رِوايَتان. إذا زالَ الحَصْرُ بعَدَمِ تحَلُّلِه، وأمْكنَه الحَجُّ، لَزِمَه فِعْلُه فى ذلك العامِ، وإنْ لم يُمْكِنْه، فأَطْلقَ المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى وُجوبِ القَضاءِ عليه رِوايتَيْن، يعْنِى إذا كان نَفْلًا، بقَرِينَةِ قوْلِه: وفى وُجوبِ القَضاءِ؛ إحداهما، لا قَضاءَ عليه. وهو المذهبُ. نقلَها الجماعةُ عن أحمدَ. قال الشَّارِحُ وغيرُه: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه القاضى، وابنُه أبو الحُسَيْن، وغيرُهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجِبُ عليه القَضاءُ. نقَلَها أبو الحارِثِ، وأبو طالِبٍ. وخرَّج منها فى «الواضِحِ» مثْلَه فى مَنْذُورَةٍ. فائدة: مثلُ المُحْصَرِ فى هذه الأحْكامِ، مَن جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه. قالَه فى

فَإِنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ دُونَ الْبَيْتِ، تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصَارِ». قوله: فإنْ صُدَّ عَن عَرَفَةَ دونَ البَيْتِ، تحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، ولا شئَ عليه. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو كمَن مُنِعَ مِنَ البَيْتِ. وعنه، هو كحَصْرِ مرَضٍ.

وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحَلُّلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أو ذَهابِ نفَقَةٍ، لم يَكُنْ له التَّحَلُّلُ حتى يَقْدِرَ على البَيْتِ، فإنْ فَاتَه الحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ. وهذا المذهبُ. نقَله الجماعةُ، وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يجوزَ له التَّحَلُّلُ، كمَن حصَرَه عَدُوٌّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّها أظْهَرُ. انتهى. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مثْلُه [حائضٌ تعَذَّرَ مُقامُها، وحَرُمَ طَوافُها، أو رَجَعَتْ ولم تَطُفْ لجَهْلِها بوُجوبِ] (¬1) طَوافِ الزِّيارةِ، أو لعَجْزِها عنه، ولو لذَهابِ الرُّفْقَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وكذا مَن ضَلَّ الطَّريقَ. ذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: لا يتَحَلَّلُ. فوائد؛ منها، لا ينْحَرُ المُحْصَرُ بمرَضٍ ونحوِه، إنْ كان معه هَدْىٌ، إلَّا بالحَرَمِ. نصَّ أحمدُ على التَّفْرِقَةِ. وفى لُزُومِ القَضاءِ والهَدْىِ الخِلافُ المُتقَدِّمُ. هذا هو الصَّحيحُ. وأوْجَبَ الآجُرِّىُّ القَضاءَ هنا. ومنها، يقْضِى العَبْدُ كالحُرِّ. وهذا المذهبُ. وقيل: لا يَلزَمُه قَضاءٌ. فعلى المذهبِ، يَصِحُّ قَضاؤُه فى رِقِّه، على الصَّحيح مِنَ المذهب. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يَصِحُّ. وتقدَّم ذلك فى أحْكامِ العَبْدِ، فى أوَّلِ كتابِ الحَجِّ. ومنها، يَلْزَمُ الصِّبِىَّ القَضاءُ كالبالِغِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا يَلْزَمُه قَضاءٌ. فعلى المذهبِ، لا يَصِحُّ القَضاءُ إِلَّا بعدَ البُلوغِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وقيل: يَصِحُّ قبلَ بُلُوغِه. وتقدَّم ذلك فى أحْكامِ الصَّبِىِّ، فى أوَّلِ كتابِ الحَجِّ أيضًا، فَلْيُعاوَدْ. ومنها، لو أُحْصِرَ فى حَجِّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. وانظر: الفروع 3/ 539.

وَإنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ؛ كَمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فاسِدٍ، فلَه التَّحَلُّلُ، فإنْ حَلَّ ثم زالَ الحَصْرُ، وفى الوَقْتِ سَعَةٌ، فله أنْ يقْضِىَ فى ذلك العامِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ: وليس يُتَصَوَّرُ القَضاءُ فى العامِ الذى أفْسَدَ الحَجَّ فيه فى غيرِ هذه المسْألَةِ. وقيلَ للقاضى: لو جازَ طَوافُه فى النِّصْفِ الأَخيرِ، لَصَحَّ أداءُ حَجَّتَيْنِ فى عامٍ واحدٍ، ولا يجُوزُ إجْماعًا؛ لأنَّه يَرْمِى ويطُوفُ ويَسْعَى فيه، ثم يُحْرِمُ بحَجَّةٍ أُخْرَى، ويَقِفُ بعَرَفَةَ قبلَ الفَجْرِ ويمْضِى فيها، ويَلْزَمُكم أنْ تقُولوا به؛ لأنَّه إذا تحَلَّلَ مِن إحْرامِه، فلا مَعْنَى لمَنْعِه منه. فقال القاضى: لا يجُوزُ. وقد نقَل أبو طالِبٍ، فى مَن لَبَّى بحَجَّتَيْن، لا يكونُ إهْلالًا بشَيْئَيْن؛ لأنَّ الرَّمْىَ عمَلٌ واجِبٌ بالإِحْرامِ السَّابِقِ، فلا يُجوزُ مع بَقائِه أنْ يُحْرِمَ بغيرِه. انتهى. وقيل: يُجوزُ فى مسْألَةِ المُحْصَرِ هذه. واللَّهُ أعلمُ.

وَمَنْ شَرَطَ فِى ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ؛ أنَّ مَحِلِّى حَيْثُ حَبَسْتَنِى، فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن شرَط فى ابْتِداءِ إحْرَامِه؛ أنَّ مَحِلِّى حيثُ حَبَسْتَنِى، فله التَّحَلُّلُ بجميعِ ذلك، ولا شئَ عليه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به الأكْثرُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: إلَّا أنْ يكونَ معه هَدْىٌ، فيَلْزَمُه نحْرُه. وقال الزّرْكَشِىُّ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ»، وأبى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَرَكاتِ، أنَّه يَحِلُّ بمُجَرَّدِ ذلك. وتقَدَّم فى بابِ الإِحْرامِ.

باب الهدى والأضاحى

بَابُ الْهَدْى وَالْأَضَاحِى ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الهَدْى والأضَاحِى

وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا الْإِبِلُ، ثُمَّ الْبَقَرُ، ثُمَّ الْغَنَمُ. وَالذَّكَرُ وَالأنْثَى سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: والأفْضَلُ فيهما الإِبِلُ، ثم البَقَرُ، ثم الغَنَمُ. يعنى، إذا خرَج كامِلًا. وهذا بلا نِزاعٍ. والأفْضَلُ فها الأَسْمَنُ، بلا نِزاعٍ. ثم الأَغْلَى ثَمنًا، ثم الأَشْهَبُ، ثم الأَصْفَرُ، ثم الأَسْوَدُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، واخْتارَ فيها البِيضَ، ثم الشُّهْبَ، ثم الصُّفْرَ، ثم العُفْرَ، ثم البُلْقَ، ثم السُّودَ. وقيل: عَفْراءُ خيرٌ مِن سَوْداءَ، وبَيْضاءُ خَيْر مِن شَهْباءَ. قال أحمدُ: يُعْجِبُنِى البَياضُ. ونقَل حَنْبَلٌ، أكْرَهُ السَّوادَ. وقال فى «الكافِى»: أفْضَلُها البَياضُ، ثم ما كان أحْسَنَ لوْنًا. فائدة: الأَشْهَبُ؛ هو الأمْلَحُ. قال فى «الحاوِيَيْن»: الأَشْهَبُ؛ هو الأبْيَضُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الأمْلَحُ؛ ما بَياضُه أكْثَرُ مِن سَوادِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، جَذَعُ الضَّأْنِ أفْضَلُ مِن ثَنِىِّ المَعْزِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكثرُ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى الأُضْحِيَةُ إلَّا بالضَّأْنِ. وقيلَ: الثَّنِىُّ أفْضَلُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، وأطْلَقَ وَجْهَيْن فى «الفائقِ». ومنها، كلٌّ مِنَ الجَذَعِ والثَّنِىِّ أفْضَلُ مِن سُبْعِ بَعيرٍ وسُبْعِ بقَرَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، الأَجْرُ على قَدْرِ القِيمَةِ مُطْلَقًا. ومنها، سَبْعُ شِيَاهٍ أفْضَلُ مِن كلِّ واحدٍ مِنَ البَعيرِ والبَقرَةِ. وهل الأفْضَلُ زِيادَةُ العدَدِ، كالعِتْقِ، أو المُغالَاةُ فى الثَّمَنِ، أو الكُلُّ سواءٌ؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ ثَلَاثةُ أوْجُهٍ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: وتَعَدُّدٌ أفْضَلُ نَصًّا. وسألَه ابنُ مَنْصُورٍ، بدَنَتان سَمِينَتان بتِسْعَةٍ، وبدَنَةٌ بعشَرَةٍ؟ قال: ثِنْتَان أعْجَبُ إلَىَّ. ورجَّح الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ تَفْضِيلَ البَدَنَةِ السَّمِينَةِ. قال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةَ عَشْرَةَ»: وفى سُنَنِ أبى داودَ حدِيثٌ يدُلُّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والذَّكَرُ والأُنْثَى سَوَاءٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الخُلاصةِ» وغيرِها. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: الذَّكَرُ أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». وقيل: الأُنْثَى أفْضَلُ. قدَّمه فى «الفُصُولِ». قلتُ: الأَسْمَنُ والأَنْفَعُ مِن ذلك كلِّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفْضَلُ، ذكَرًا كان أو أُنْثَى، فإنِ اسْتَوَيا، فقدِ اسْتَوَيا فى الفَضْلِ. قال فى «الفائقِ»: والخَصىُّ راجِحٌ على النَّعْجَةِ. نصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: الخَصِىُّ

وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ وَهُوَ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالثَّنِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ أحَبُّ إليْنا مِنَ النَّعْجَةِ. قال المُصَنِّفُ: والكَبْشُ فى الأُضْحِيَةِ أفْضَلُ الغَنَمِ (¬1)؛ لأنَّها أُضْحِيَةُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وذكَرَه ابنُ أبِى مُوسى. قوله: ولا يُجْزِئُ إلَّا الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ التَّضْحِيَةُ بما كان أصْغَرَ مِنَ الجَذَعِ ¬

(¬1) فى النسخ: «من الغنم» والتصويب من المغنى 13/ 366.

مِمَّا سِوَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الضَّأْنِ، لمَن ذبَح قبلَ صلاةِ العيدِ جاهِلًا بالحُكْمِ، إذا لم يكُنْ عندَه ما يُعْتَدُّ به فى الأُضْحِيَةِ وغيرِها؛ لقِصَّةِ أبِى بُرْدَةَ. ويُحْمَلُ قوْلُه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «وَلَنْ تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أىْ بعدَ حالِكَ. قوله: وهو ماله سِتَّةُ أشْهُرٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَعُوا

وَثَنِىُّ الإِبِلِ مَا كَمَلَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا لَهُ سَنَتَانِ، وَمِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ به. وقال فى «الإِرْشادِ»: وللجَذَعِ ثَمانِ شُهورٍ. قوله: وثَنِىُّ الإِبِلِ ما كَمَلَ له خَمْسُ سِنِين، ومِنَ البَقَرِ ما له سَنَتان. هذا

الْمَعْزِ مَا لَهُ سَنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الإِرْشادِ»: لِثَنِىِّ الإِبلِ سِتُّ سِنِين كامِلَةً، ولثَنِىِّ البَقَرِ ثَلاثُ سِنِين كامِلَةً. وجزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ». فائدتان؛ إحْداهما، يُجْزِئُ أعْلَى سِنًّا ممَّا تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ويُجْزِئُ أعْلَى سِنًّا. وفى «التَّنْبِيهِ»، وبِنْتُ المَخاضِ عن واحدٍ. وحُكِىَ رِوايةً. ونَقَل أبو طالِبٍ، جَذَعُ إبِلٍ أو بَقَرٍ عن واحدٍ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وسأَلَه حَرْبٌ، أتُجْزِئُ عن ثَلاثٍ؟ قال: يُرْوَى عنِ الحسَنِ. وكأنَّه سهَّل فيه. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: تُجْزِئُ بِنْتُ مَخاضٍ عن واحدٍ. قال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: تُجْزِئُ بِنْتُ المَخاضِ عن واحدٍ. الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُ بقَرُ الوَحْشِ فى الأُضْحِيَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: لا يُجْزِئُ فى هَدْىٍ ولا أُضْحِيَةٍ فى أشْهَرِ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقيل: يُجْزِئُ.

وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، سَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمُ الْقُرْبَةَ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ اللَّحْمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُجْزِئُ الشَّاةُ عن واحِدٍ. بلا نِزاعٍ، وتُجْزِئُ عن أهْلِ بَيْتِه وعِيالِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تُجْزِئُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال: وقيل: فى الثَّوابِ لا فى الإِجْزاءِ. قوله: والبَدَنَةُ والبَقَرَةُ عن سَبْعَةٍ، سَوَاءٌ أرادَ جَمِيعُهم القُرْبَةَ، أو بعضُهم والباقُون اللَّحْمَ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازٌ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ولو كان بَعضُهم ذِمِّيًّا فى قِياسِ قوْله. قالَه القاضى. وقيل للقاضى: الشَّرِكَةُ فى الثَّمَنِ توجِبُ لكُلِّ واحدٍ قِسْطًا مِنَ اللَّحْمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقِسْمَةُ بَيْعٌ؟ فأجابَ بأنَّها إفْرازٌ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على المَنْعِ، إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. انتهى. قال فى «الرِّعايَةِ»: ولهم قِسْمَتُها إنْ جازَ إبْدالُها. وقيل: أو حَرُمَ. وقُلْنا: هى إفْرازُ حَقٍّ. وإلَّا مَلَّكَه رَبُّه للفُقَراءِ المُسْتَحِقِّين، فبَاعُوه (¬1) إنْ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فأباعوه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاءُوا. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، نقَل أحمدُ، فى ثَلَاثةٍ اشْتَركُوا فى بدَنَةٍ أُضْحِيَةً، وقالوا: مَن جاءَنا يريدُ أُضْحِيَةً شارَكْنَاه. فجاءَ قَوْمٌ فشارَكوهم، قال: لا تُجْزِئُ إلَّا عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّلاثَةِ؛ لأنَّهم أوْجَبُوها عن أنْفُسِهم. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: مِنَ الأصحابِ مَن جعَل المسْألَةَ على رِوايتَيْن، ومنهم مَن جعَلَها على اخْتِلافِ حالَيْن، فجوَّز الشَّرِكَةَ قبلَ الإِيجابِ، ومنَع منها بعد الإِيجابِ. قلتُ: وهذا اخْتِيارُ الشيرَازِىِّ. واقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ؛ فقال: الاعْتِبارُ أنْ يَشْترِكَ الجميعُ دَفْعَةً واحدةً، فلو اشْتركَ ثلَاثةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى بقَرَةٍ، وذكَر معْنَى النَّصِّ، لم يَجُزْ إلَّا عنِ الثَّلَاثَةِ. قالَه الشِّيرَازِىُّ. انتهى. الثَّانيةُ، لو اشْترَكَ جماعةٌ فى بدَنَةٍ أو بقَرَةٍ للتَّضْحِيَةِ، فذَبَحُوها على أنَّهم سَبْعَةٌ، فَبانُوا ثمانِيَةً، ذَبَحُوا شاةً وأجْزَأَتْهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»، فى مَوْضِعٍ: قالَه أصحابُنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. ونقَل مُهَنَّا، تُجْزِئُ عن سَبْعَةٍ، ويُرْضُون الثَّامِنَ ويُضَحِّى. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قال الشِّيرَازِىُّ: وقال بعضُ أصحابِنا: لا تُجْزِئُ عنِ الثَّامِنِ، ويُعِيدُ عنِ الأُضْحِيَةِ. الثَّالثةُ، لو اشْتَركَ. اثْنان فى شاتَيْن على الشُّيوعِ، أجْزَأَ على الصَّحيحِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: أشْبَهُ الوَجْهَيْن الإِجْزاءُ. فَقاسَه على

وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا؛ وَهِىَ الَّتِى انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا، وَلَا الْعَجْفَاءُ الَّتِى لَا تُنْقِى، وَهِىَ الْهَزِيلَةُ الَّتِى لَا مُخَّ فِيهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْىِ مَعَ الْغَنَمِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَضْبَاءُ؛ وَهِىَ الَّتِى ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أوْ قَرْنِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلِ الأصحابِ فى التى قبلَها. وقيل: لا يُجْزِئُ. الرَّابعةُ، لو اشْتَرَى رَجُلٌ سُبْعَ بقَرَةٍ ذُبِحَتْ للَّحْمِ، على أنْ يُضَحِّىَ به، لم يُجْزِئْه. قال الإِمامُ أحمدُ: هو لَحْمٌ اشْتَراه، وليس بأُضْحِيَةٍ. ذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. قوله: ولا يُجْزِئُ فيهما العَوْراءُ البَيِّنُ عَوَرُها. بلا نِزاعٍ. قال الأصحابُ: هى التى انْخَسفَتْ عيْنُها وذَهبَتْ، فإنْ كان بها بَياضٌ لا يَمْنَعُ النَّظَرَ، أجْزَأَتْ، وإنْ أذْهَبَ الضَّوْءَ، كالعَيْنِ القائمةِ، ففى الإِجْزاءِ بها رِوايتَان فى الخِلافِ. وقيل: وجْهَان. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، لا تُجْزِئُ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: أصَحُّهما لا تُجْزِئُ عندى. [وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»] (¬1). والثَّانى، تُجْزِئُ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: أشْهَرُ الوَجْهَيْن الإجْزاءُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ونصُّ أحمدَ، تُجْزِئُ. قلتُ: وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كان على عَيْنِها بيَاضٌ ولم يُذْهِبِ الضَّوْءَ، جازَتِ التَّضْحِيَةُ بها؛ لأنَّ عوَرَها ليس ببَيِّنٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه مِن طَريقٍ أوْلَى، أنَّ العَمْياءَ لا تُجْزِئُ. وهو صحيحٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قلتُ: لو نُقِلَ الخِلافُ الذى فى العَوْراءِ، التى عليها بَياضٌ أذْهَبَ الضَّوْءَ فقط، إلى العَمْياءِ، لَكانُ مُتَّجَهًا. قوله: ولا تُجْزِئُ العَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُها، فلا تَقْدِرُ على المشْى مع الغَنَمِ. لا تُجْزِئُ العَرْجاءُ، قوْلًا واحدًا فى الجُمْلَةِ. ثم اخْتلَفوا فى مِقْدارِ ما يَمْنَعُ مِنَ الإِجْزاءِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ما قالَه المُصَنِّفُ، وهى التى لا تَقْدِرُ على المَشْى مع الغَنَمِ، ومُشارَكَتِهم فى العَلَفِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هى التى لا تَقْدِرُ أنْ تتْبَعَ الغَنَمَ إلى المَنْحَرِ. قال أبو بَكْرٍ، والقاضى: هى التى لا تُطِيقُ أنْ تبْلُغ المَنْسَكَ، فإنْ كانت تقْدِرُ على المَشْى إلى مَوْضِعِ الذَّبْحِ، أجْزأَتْ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخِيصِ»، و «التَّرْغيبِ»: هى التى لا تقْدِرُ على المَشْى مع جِنْسِها. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّ الكبِيرَةَ لا تُجْزِئُ. وذكَرَه فى «الرَّوْضَةِ». قوله: والمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها. سواءٌ كانت بجَرَبٍ أو غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال فى «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ» و «الفُروعِ»: وما به مَرَضٌ مُفْسِدٌ للَّحْمِ كجَرْباءَ. وقال الخِرَقِىُّ، والشِّيرَازِىُّ فى «الإِيضَاحِ»: هى التى لا يُرْجَى بُرْؤُها. وقال القاضى، وأبو الخَطَّاب، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم: المرِيضَةُ هى الجَرْباءُ. ولعَلَّهم أرادُوا مَثَلًا مِنَ الأمثِلَةِ، لا أنَّ المرَضَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مخْصُوصٌ بالجَرَبِ. وهو أوْلَى، فيَكونُ مُوافِقًا للأوَّلِ. قوله: والعَضْباءُ؛ وهى التى ذهب أكثرُ أُذُنِها أو قَرْنِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وأشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»،

وَتُكْرَهُ الْمَعِيبَةُ الأُذُنِ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعٍ لِأَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، هى التى ذهَب ثُلُثُ قَرْنِها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ». ونقَل أبو طالِبٍ، النِّصْفُ فأكْثرُ. وذكَر الخَلَّالُ، أنَّهم اتَّفَقُوا أنَّ نِصْفَه أو أكثرَ لا يُجْزِئُ. وقيل: فوقَ الثُّلُثِ لا يُجْزِئُ. قاله القاضى فى «الجامِعِ». وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً. وكَوْنُ العَضْباءِ لا تُجْزِئُ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالُ؛ يجُوزُ أعْضَبُ الأُذُنِ والقَرْنِ مُطْلَقًا؛ لأنَّ فى صِحَّةِ الخبَرِ نظَرًا، والمَعْنَى يَقْتَضِى ذلك؛ لأنَّ القَرْنَ لا يُؤْكَلُ، والأُذُنَ لا يُقْصَدُ أكْلُها غالِبًا، ثم هى كقَطْعِ الذَّنَبِ، وأوْلَى بالإِجْزاءِ. قلتُ: هذا الاحْتِمالُ هو الصَّوابُ. قوله: وتُكْرَهُ المَعِيبَةُ الأُذُنِ بخَرْقٍ أو شَقٍّ أو قَطْعٍ لأقَلَّ مِنَ النِّصْفِ. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ فى أقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ، وفى الخَرْقُ والشَّقِّ. وتقدَّم رِوايَةٌ بعدَمِ إجْزاءِ ما ذهَب ثُلُثُ أُذُنِها أو قَرْنِها. وقَوْلٌ: لا يُجْزِئُ ما ذهَب منه أكثرُ مِنَ الثُّلُثِ. واخْتارَ صاحِبُ «الإِرْشادِ»، أنَّه لا يُجْزِئُ ما ذهَب منه أقَلُّ مِن ثُلُثِ أُذُنِها أو قَرْنِها، ولا المَعِيبَةُ بخَرْقٍ أو شَقٍّ؛ لقَوْلِ علىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا يُضَحَّى بمُقابلَةٍ؛ وهى ما قُطِعَ شئٌ من مُقَدَّمِ أُذُنِها، ولا بمُدابرَةٍ؛ وهى ما كان ذلك مِن خَلْفِ أُذُنِها، ولا شَرْفاءَ؛ وهى ما شَقَّ الكَىُّ أُذُنَها، ولا خرْقاءَ؛ وهى ما ثقَب الكَىُّ أُذُنَها. وحمَلَه الأصحابُ على نَهْىَ التَّنْزيهِ. فوائد؛ الأُولَى، ذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّ الهَتْماءَ لا تُجْزِئُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: لم أعْثُرْ لأصحابِنَا فيها بشئٍ، وقِياسُ المذهبِ أنَّها لا تُجْزِئُ. وجزَم بعَدَمٍ الإِجزاءِ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تُجْزِئُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالهَتْماءُ؛ هى

وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ وَالْبَتْرَاءُ وَالْخَصِىُّ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا تُجْزِئُ الْجَمَّاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التى ذَهبَتْ ثَنايَاها مِن أصْلِها. قالَه فى «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هى التى سقَط بعضُ أسْنانِها. الثَّانيةُ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»: لا تُجْزِئُ القَصْماءُ (¬1)؛ وهى التى انْكَسرَ عِلافُ قَرْنِها. الثَّالثةُ، لو قُطِعَ مِنَ الأَلْيَةِ دُونَ الثُّلُثِ، فنقَل جَعْفَرٌ فيها، لا بَأْسَ به. ونقَل هارُونُ، كلُّ ما فى الأُذُنِ وغيرِه مِنَ الشَّاةِ دُونَ النِّصْفِ لا بَأْسَ به. قال الخَلَّالُ: روَى هارَونُ وحَنْبَلٌ فى الأَلْيَةِ، ما كان دُونَ النِّصْفِ أيضًا. قال: فهذه رُخْصَةٌ فى العَيْنِ وغيرِها، واخْتِيارُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، لا بأْسَ بكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ، وعليه أَعْتَمِدُ. قال: ورَوَى الجماعةُ التَّشْديدَ فى العَيْنِ، وأنْ تكونَ سَلِيمَةً. الرَّابعةُ، الجَدَّاءُ، والجَدْباءُ؛ وهى التى شابَ ونَشِفَ ضَرْعُها وجَفَّ، لا تُجْزِئُ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ» , و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. قوله: وتُجْزِئُ الجَمَّاءُ والبَتْرَاءُ والخَصِىُّ. أمَّا الجَمَّاءُ؛ وهى التى لا قَرْنَ لها، على الصَّحيحِ. وقيل: هى التى انْكَسَرَ كلُّ قَرْنِها. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال ¬

(¬1) فى النسخ: «العصماء». وللصواب ما أثبتناه، لأن «العصماء» بالعين هى بيضاء اليدين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ البَنَّا: هى التى لم يُخْلَقْ لها قَرْنٌ ولا أُذُنٌ، فتُجْزِئُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وصحَّحَه ابنُ البَنَّا فى «خِصالِه». وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ حامدٍ: لا تُجْزِئُ الجَمَّاءُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وأطْلَقهما فى «المُذْهَب»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فائدة: لو خُلِقَتْ بلا أُذُنٍ، فهى كالجَمَّاءِ. قالَه فى «الرَّوْضَةِ». وقطَع فى «الرِّعايَةِ» بالإِجْزاءِ. وأمَّا البَتْراءُ، وهى التى لا ذَنَبَ لها، فتُجْزِئُ، على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا تُجْزِئُ. نقَل حَنْبَلٌ، لا يُضَحَّى بأَبْتَرَ، ولا بنَاقِصَةِ الخَلْقِ. وقطَع به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وألْحَقَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ بالبَتْراءِ، ما قُطِعَ ذَنَبُها. ويَحْتَمِلُه كلامُه فى «التَّلْخيصِ»؛ فإنَّه قال: هى المَبْتُورَةُ الذَّنَبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: والبَتْراءُ، المَقْطوعَةُ الذَّنَبِ. وقيل: هى التى لا ذَنَبَ لها خِلْقَةٌ. وأمَّا الخَصِىُّ؛ وهو الذى قُطِعَتْ خُصْيَتاه، أو سُلَّتا فقط، فجزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يُجْزِئُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «العُمْدَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وكذلك الحُكْمُ لو رُضَّتْ خُصْيَتاه أيضًا. ولو كان خَصِيًّا مَجْبُوبًا،

وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى، فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فى الْوَهْدَةِ الَّتِى بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ، وَيَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُجْزِئُ، نصَّ عليه. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم: ويُجْزِئُ الخَصِىُّ غيرُ المَجْبوبِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. جزَم به ابنُ البَنَّا فى «الخِصَالِ»، وفسَّرَ الخَصِىَّ بمَقْطوعِ الذَّكَرِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ، أنَّ الحَمْلَ لا يَمْنَعُ الإِجْزاءَ. وقيل للقاضى فى «الخِلافِ»: الحامِلُ لا تُجْزِئُ فى الأُضْحِيَةِ، فكذلك فى الزَّكاةِ؟ فقال: القَصْدُ مِنَ الأُضْحِيَةِ اللَّحْمُ، والحمْلُ ينْقُصُ اللَّحْمَ، والقَصْدُ مِنَ الزَّكاةِ الدَّرُّ والنَّسْلُ، والحامِلُ أقْربُ إلى ذلك مِنَ الحائلِ، فأَجْزأَتْ. قوله: والسُّنَّةُ نَحْرُ الإِبِلِ قائمةً مَعْقُولَةً يَدُها اليُسْرَى. هذا المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. ونقل حَنْبَلٌ، يفْعَلُ كيفَ شاءَ، بارِكَةً وقائمةً.

وَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذا مِنْكَ وَلَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: ويقولُ عندَ ذلك: بِسْمِ اللَّه واللَّهُ أكبرُ، اللَّهُمَّ هذا منك ولك. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ ذلك، ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ يُوَجِّهَها إلى القِبْلَةِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»: على جَنْبِها الأيْسَرِ. قال الإِمامُ أحمدُ: يُسَمِّى، ويُكَبِّرُ حينَ يُحَرِّكُ يدَه بالقَطْعِ. ونصَّ أحمدُ، أنَّه لا بأْسَ أنْ يقُولَ: اللَّهُمَّ تقَبَّلْ مِن فُلانٍ. وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّه يقولُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُمَّ تقَبَّلْ مِنِّى كما تقَبَّلْتَ مِن إبْراهِيمَ خَلِيلك. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويقولُ إذا ذَبَحَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِىَ» إلى قوله: «وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ».

وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْبَحَهَا إِلَّا مُسْلِمٌ، فَإِنْ ذَبَحَهَا بِيَدِهِ كَانَ أَفْضَلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَشْهَدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصنِّفُ، رَحَمِه اللَّهُ، بقولِه: ويُسْتَحَبُّ أنْ لا يذْبَحَها إلّا مُسْلِمٌ. جَوازَ ذَبْحِ الكِتابِىِّ لها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وعامَّةُ الأصحابِ. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». وصحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». و «التَّلْخيصِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، فى غيرِ الإِبِلِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وعنه، لا يُجْزِئُ ذَبْحُه. وعنه، لا يُجْزِئُ ذَبْحُه للإِبِلِ خاصَّةً. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الإِرْشادِ». واخْتارَه الشَّيرَازِىُّ، وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما»: جَوازُ ذَبْحِ الكِتابِىِّ على الرِّوايَةِ التى تقولُ: الشُّحُومُ المُحَرَّمَةُ على اليَهودِ لا تُحَرَّمُ علينا. زادَ الشَّرِيفُ، أو على كِتابىٍّ نَصْرانِىٍّ. قال الزَّرْكَشىُّ: ومُقْتَضَى هذا أنَّ محَلَّ الرِّوايتَيْن على القَوْلِ بحِلِّ الشُّحومِ، وأمَّا إنْ قُلْنا بتَحْريمِ الشُّحوم، فلا يَلِى اليَهودُ. بلا نزاع. قولهَ: وإنْ ذبَحَها بيَدِه، كان أفْضَلَ. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه. فإنْ لم يفْعَلْ، اسْتُحِبَّ أنْ يُوَكِّلَ فى الذَّبْحِ، ويَشْهَدَه. نصَّ عليه. وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ

وَوَقْتُ الذَّبْحِ يَوْمُ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أوْ قَدْرِهَا، إِلَى آخِرِ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عجَز عنِ الذَّبْحِ، أمْسَك بيَدِه السِّكِّينَ حالَ الإِمْرارِ، فإنْ عجَز، فَلْيَشْهَدْها. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. وإذا وَكَّلَ فى الذَّبْحِ، اعْتُبِرَتِ النِّيَّةُ مِنَ المُوَكَّلِ إذَنْ، إلَّا أنْ تكونَ مُعَينَّةً، لا تَسْمِيَةُ المُضَحَّى عنه. وقال فى «المُفْرَداتِ»: تُعْتَبرُ فيها النِّيَّةُ. قالَه فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ وَكَّلَ فى الذَّكاةِ مَن يصِحُّ منه، نوَى عندَها أو عندَ الدَّفْعِ إليه، وإنْ فَوَّضَ إليه، احْتَمَلَ وَجْهَيْن، وتكْفِى نِيَّةُ الوَكيلِ وحدَه، فمَن أرادَ الزَّكاةَ، نوَى إذَنْ. انتهى. قوله: ووَقْتُ الذَّبْحِ يومُ العيدِ بعدَ الصَّلاةِ أو قَدْرِها. طاهِرُ هذا أنَّه إذا دخَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقْتُ صلاةِ العيدِ، ومضَى قَدْرُ الصَّلاةِ، فقد دخَل وَقْتُ الذَّبْحِ، ولا يُعْتَبرُ فِعْلُ ذلك، ولا فَرْقَ فى هذا بينَ أهْلِ الأمْصارِ والقُرَى ممَّن يُصَلِّى العيدَ وغيرِهم. قالَه الشَّارِحُ. وقال ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه»: أمَّا وَقْتُ الذَّبْحِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، إذا مضَى أحَدُ أمْرَيْن؛ مِن صَلاةِ العيدِ، أو قَدْرِها؛ لأنَّه ذكَر ذلك بلَفْظِ «أو» وهى للتَّخْيِيرِ، ولم يُفَرِّقْ بينَ مَن تُقامُ صلاةُ العيدِ فى مَوْضِعِ ذَبْحِه، أو لم تُقَمْ. انتهى. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، أنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ بعدَ صلاةِ العيدِ فقط، فى حَقِّ أهْلِ الأمْصارِ والقُرَى ممَّن يُصَلِّى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وعامَّةُ أصحابِه، كالشَّريفِ أبى جَعْفَرٍ، وأبى الخَطَّاب فى «خِلافَيْهما»، وابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ البَنَّا فى «الخِصَالِ»، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذكِرَتِه»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ» وغيرِهم. فلو سبَقَتْ صَلاةُ إمامٍ فى البَلَدِ، جازَ الذَّبْحُ. وعنه، وَقْتُه بعدَ صلاةِ العيدِ والخُطةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «الكافِى». وقال الخِرَقِىُّ وغيرُه: وَقْتُه قَدْرُ صلاةِ العيدِ والخُطةِ. فلم يَشْتَرِطِ الفِعْلَ. وجزَم به فى «الإِيضَاحِ». وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، ذكَرَها فى «الرَّوْضَةِ». وقيل: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُ الذَّبْحُ قبلَ الإِمامِ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. وقيل: ذلك مَخْصُوصٌ ببَلَدِ الإِمامِ. وجزَم به فى «عُيُونِ المَسائلِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ»؛ فقال: وعنه، إذا ضَحَّى الإِمامُ فى بَلَدِه ضَحَّوْا. انتهى. قلتُ: وهذا مُتَعَيِّنٌ. تنبيه: تابَعَ المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى عِبارَتِه هنا أبا الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وعِبارَتُه فى «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم، كذلك. فالذى يظْهَرُ أنَّ كلامَ المُصَنِّفِ هنا ومَن تابَعَه المُصَنِّفُ وتابعَ المُصَنِّفَ مُوافِقٌ للمذهبِ، وأنَّ قوْلَه: بعدَ الصَّلاةِ. يعْنِى فى حَقِّ مَن يُصَلِّيها. وقوْلَه: أو قَدْرِها. فى حَقِّ مَن لم يُصَلِّ. وتكونُ «أو» فى كلامِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للتَّقْسيمِ، لا للتَّخْيِيرِ، ولهذا، واللَّهُ أعلمُ، لم يحْكِ صاحِبُ «الفُروعِ» هذا القَوْلَ، ولم يُعَرِّجْ عليه. وقد قال فى النَّظْمِ: وبعدَ صلاةِ العيدِ، أو بعدَ قَدْرِها لمَن لم يُصَلْ. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوِى» وغيرِهما. فغايَةُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنْ يكونَ فيه إضْمارٌ معْلومٌ، وهو كثيرٌ مُسْتَعْمَلٌ؛ إذْ يبْعُدُ جِدًّا أنْ يَأْتِى المُصَنِّفُ ومَن وافَقَه بما يُخالِفُ كلامَ الأصحابِ. لكِنَّ صاحِبَ «الرِّعايَةِ» حَكاه قوْلًا، والظَّاهِرُ أنَّه توَهَّمَ ذلك، فحَكاه قَوْلًا. فائدة: حُكْمُ أهْلِ القُرَى، الذين لا صَلاةَ عليهم، ومَن فى حُكْمِهم، كأصحابِ الطُّنُبِ والخَرْكاوَاتِ ونحوِهم، فى وَقْتِ الذَّبْحِ، حُكْمُ أهْلِ القُرَى والأمْصارِ الذين يُصَلُّونَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. فإنْ قُلْنا: وَقْتُه بعدَ صلاةِ العيدِ فى حَقِّهم. فقَدْرُها فى حَقِّ مَن لا تَجِبُ عليه كذلك. وإنْ قُلْنا: بعدَ الصَّلاةِ والخُطْبَةِ. فقَدْرُها كذلك فى حَقِّهم. وإنْ قُلْنا مع ذلك: ذَبْحُ الإِمامِ. اعْتُبِرَ قَدْرُ ذلك أيضًا، وقد عَلِمْتَ المذهبَ فى ذلك، فكذا المذهبُ هنا. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: عامَّةُ أصحابِ القاضى على ذلك. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هو كغيرِه فى الأصحِّ. وقال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: فأمَّا أهْلُ القُرَى، الَّذين لا صَلاةَ عليهم لقِلَّتِهم، ومَن فى حُكْمِهم، فأَوَّلُ وَقْتِهم ذلك الوَقْتُ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وفى الآخَرِ، أنْ يَمْضِىَ مِن يومِ العيدِ مِقْدارُ ذلك. وقال فى «الفائقِ»، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ فى أهْلِ الأمْصارِ ومَن فى حُكْمِهم مِن أهْلِ القُرَى: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْتٌ لأهْلِ البَرِّ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. والثَّانى، مِقدارُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وَقْتُ الذَّبْحِ بعدَ صلاةِ العيدِ. وقيل: أو قَدْرِها لأهْلِ البَرِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وَقْتُه بعدَ الصَّلاةِ، أو قَدْرِها لأهْلِ البَرِّ. وقيلَ: وغيرِهم. وقال فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»: لا يجوزُ إلَّا بعدَ صَلاةِ الإِمامِ وخُطْبَتِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ أبى محمدٍ. يعْنِى به المُصَنِّفَ فى «المُغْنِى». قلتُ: قطَع به فى «الكافِى». تنبيه: أطْلَقَ المُصَنِّفُ، وأكثرُ الأصحابِ، قَدْرَ الصَّلاةِ والخُطبَةِ. فقالَ الزَّرْكَشِىُّ: يَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبرَ ذلك بمُتَوَسِّط النَّاسِ. وأبو محمدٍ اعْتبرَ قَدْرَ صَلاةٍ وخُطْبَةٍ تامَّتَيْن فى أخَفِّ ما يكونُ. فوائد؛ منها، إذا لم يُصَلِّ الإِمامُ فى المِصْرِ، لم يَجُزِ الذَّبْحُ حتى تزُولَ الشَّمْسُ، عندَ مَنِ اعْتَبرَ نفْسَ الصَّلاةِ، فإذا زالَتْ جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الذَّبْحُ يتْبَعُ الصَّلاةَ قَضاءً, كما يتْبَعُها أداءً، ما لم يُؤَخَّرْ عن أيَّامِ الذَّبْحِ، فيَتْبَعُ الوَقْتَ ضَرُورَةً. ومنها، حُكْمُ الهَدْى المَنْذورِ فى وَقْتِ الذَّبْحِ، حُكْمُ الأُضْحِيَةِ فيما تقدَّم. وتقدَّم وَقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الأَذَى واللُّبْسِ ونحوِها، فى أوَاخرِ بابِ الفِدْيَةِ، وتقدَّم وَقْتُ ذَبْحِ دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرانِ، فى بابِ الإِحْرامِ، بعدَ قوْلِه: ويجِبُ على المُتَمَتِّعِ والقارِنِ دَمُ نُسُكٍ. ومنها، لو ذبَح قبلَ وَقْتِ الذَّبْحِ، لم يُجْزِئْه، وله أنْ يفْعَلَ به ما شاءَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كالأُضْحِيَةِ، وعليه بدَلُ الواجِبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلى آخِرِ يومَيْن مِن أَيَّام التَّشْرِيقِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «الإِيضَاحِ»: آخِرُه آخِرُ يوْمٍ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ. واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، أنَّ آخِرَه آخِرُ اليَوْمِ الثَّالثِ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الاخْتِياراتِ»، وجزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه». والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ صاحِبِ «الإِيضاحِ»، فإنَّ كلامَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحْتَمِلٌ. فائدة: أفْضَلُ وَقْتِ الذَّبْحِ، أوَّلُ يَوْم مِن وَقْتِه، ثم ما يَلِيه. قلتُ: وأُفَضِّلُ

وَلَا تُجْزِئُ فى لَيْلَتِهِمَا، فى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُجْزِئُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَوْمَ الأوَّلَ، عَقِيبَ الصَّلاةِ والخُطبَةِ وذَبْحِ الإِمامِ، إنْ كان. قوله: ولا يُجْزِئُ فى ليلَتِهما، فى قول الخِرَقِىِّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. واخْتارَها جماعَةٌ، منهمُ الخَلَّالُ. قال: وهى رِوايَةُ الجماعَةِ. وجزَم به فى «الإيضاحِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى». وقال غيرُه: يُجْزِئُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم القاضى وأصحابُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه أصحابُنا

فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً، وَسَقَط التَّطَوُّعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتَأخِّرون. وصحَّحه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». فائدة: قال ابنُ البَنَّا فى «خِصَالِه»: يُكْرَهُ ذَبْحُ الهَدايا والضَّحايَا لَيْلًا فى أوَّلِ يَوْمٍ، ولا يُكْرَهُ ذلك فى اليَوْمَيْن الأخِيرَيْن. قلتُ: الأَوْلَى الكراهةُ ليْلًا مُطْلَقًا. قوله: فإنْ فاتَ الوَقْتُ، ذبَح الواجِبَ قَضاءً، وسقَط التَّطَوُّعُ. فإذا ذبَح الواجِبَ، كان حُكْمُهْ حُكْمَ أصْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يكونُ لَحْمًا يتَصَدَّقُ به، لا أُضْحِيَةً فى الأصحِّ.

وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْىُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْىٌ. أوْ تَقْلِيدِهِ وَإشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ. وَالأُضْحِيَةُ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَةٌ. وَلَوْ نَوَى حَالَ الشِّرَاءِ، لَمْ تَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويتَعَيَّنُ الهَدْىُ بقولِه: هذا هَدْىٌ. أو بتَقْلِيدِه وإشْعارِه مع النِّيَّةِ. والأُضْحِيَةُ بقولِه: هذه أُضْحِيَةٌ. وكذلك قولُه: هذا للَّهِ. ونحوُه مِن ألْفاظِ النَّذْرِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «الكافِى»: إنْ قلَّدَه أو أشْعَرَه، وجَب, كما لو بنَى مَسْجِدًا وأَذَّنَ للصَّلاةِ فيه. ولم يذْكُرِ النِّيَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قال الزّرْكَشِىُّ: خالَفَ أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محمدٍ الأصحابَ؛ فقال بوُجُوبِه جازِمًا به. [وقال: لا يُتابَعُ المُصَنِّفُ على كوْنِ ذلك المذهبَ] (¬1). وقطَع فى «المُحَرَّرِ»، أنَّه لا يتَعَيَّنُ ذلك إلَّا بالقَوْلِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ المَعْروفُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيلَ: أو بالنِّيَّةِ فقط. وقيلَ: مع تَقْلِيدٍ وإشْعارٍ. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. يعْنِى قوْلَه: وقيلَ: أو بالنِّيَّةِ فقط. إذْ ظاهِرُ ذلك أنَّه لا يتَعيَّنُ إلَّا بالنِّيَّةِ، فلا يتَعَيَّنُ بالتَّقْلِيدِ والإِشْعارِ مع النِّيَّةِ، على هذا القَوْلِ، ولا بقَوْلهِ: هذا هَدْىٌ وأُضْحِيَةٌ. وهو كما قال فى «الفُروعِ»؛ فإنَّ هذا القَوْلَ هو احْتِمالٌ لأبى الخَطَّابِ، ويأْتِى قريبًا، ولم يذْكُرْ ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَإِذَا تَعَيَّنَتْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا، إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لفْظَةَ «فقط» فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، ولا فى غيرِها. وقال فى «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: إذا أوْجَبَها بلَفْظِ الذَّبْحِ، نحو: للَّهِ علىَّ ذَبْحُها. لَزِمَه ذَبْحُها وتَفْرِيقُها على الفُقراءِ. وهو مَعْنَى قوْلِه فى «عُيُونِ المَسائلِ»: لو قال: للَّهِ عَلىَّ ذَبْحُ هذه الشَّاةِ، ثم أتْلَفَها، ضَمِنَها؛ لبَقاءِ المُسْتَحِقِّ لها. قوله: ولو نَوَى حالَ الشِّراءِ، لم يتَعَيَّنْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يتَعَيَّنُ بالشِّراءِ مع النِّيَّةِ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الفائِق». وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يتَعيَّنَ الهَدْىُ والأُضْحِيَةُ بالنِّيَّةِ. كما تقدَّم. قوله: وإذا تعَيَّنَتْ، لم يَجُزْ بَيْعُها ولا هِبَتُها، إلَّا أنْ يُبْدِلَها بخَيْرٍ مِنها. قدَّم

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ الهَدْى والأُضْحِيَةَ إذا تَعَيَّنا، لم يَجُزْ بَيْعُهما ولا هِبَتُهما، ولا إبْدالُهما إلَّا بخَيْرٍ منهما. وهو أحَدُ الأقْوالِ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُنْتَخَبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: فإنْ نذَرَها ابْتِداءً بعَيْنِها، لِم يَجُزْ إبْدالُها إلَّا بخَيْرٍ منها. انتهى. وقطع فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» بجَوازِ إبْدالِها بخيْرٍ منها. وقال: نصَّ عليه. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يجوزُ له نَقْلُ المِلْكِ فيه وشِراءُ خَيْرٍ منه. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»: اخْتارَه عامَّةُ أصحابِنا. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يجوزُ ذلك لمَن يُضَحِّى دُونَ غيرِه. قال ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ»: إنْ باعَها بشَرْطِ أن يُضَحِّىَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها، صحَّ بَيْعُه، قوْلًا واحدًا، وإلَّا فرِوايَتان. انتهى. وعنه، أنَّ مِلْكَه يزُولُ بالتَّعْيِينِ مُطْلَقًا، فلا يجوزُ إبْدالُها ولا غيرُه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، و «خِلافِه الصَّغِيرِ». واسْتَشْهَدَ فى «الهِدايَةِ» بمَسائِلَ كثيرةٍ تَشْهَدُ لذلك. فعلى هذا، لو عَيَّنَه ثم عَلِمَ عَيْبَه، لم يَمْلِكِ الرَّدَّ، ويَمْلِكُه على الأَوَّلِ. وعليهما، إنْ أخَذَ أرْشَه، فهل هو له، أو هو كزائدٍ عنِ القِيمَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أنَّ حُكْمَه حُكمُ الزَّائدِ عن قِيمَةِ الأُضْحِيَةِ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه له. وقيلَ: بل للفُقَراءِ. وقيل: بل يَشْتَرِى لهم به شاةً، فإن عجَز، فسَهْمًا مِن بدَنَةٍ، فإنْ عجَزَ، فلَحْمًا. قال فى «الفُروعِ»: وذكَر فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» وَجْهًا، أنَّ التَّصَرُّفَ فى أُضْحِيَةٍ مُعَيَّنةٍ كهَدْىٍ. قال: وهو سَهْوٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو بانَ مُسْتَحَقًّا بعدَ تعَيُّنِه، لَزِمَه بدَلُه. نقَلَه علىُّ بنُ سعيدٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه كأَرْشٍ. الثَّانيةُ، قال فى «الفائقِ»: يجوزُ إبْدالُ اللَّحْمِ بخَيْرٍ منه. نصَّ عليه، وذكَرَه القاضى. الثَّالثةُ، لو أتْلَفَ الأُضْحِيَةَ مُتْلِفٌ، وأُخِذَتْ منه القِيمَةُ، أو باعَها مَن أوْجَبَها، ثُمَّ اشْترَى بالقِيمَةِ أو الثَّمَنِ مِثْلَها، فهل تَصِيرُ مُتَعَيِّنَةً بمُجَرَّدِ الشِّراءِ؟ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْن. قالَه فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والأرْبَعِين». ويأْتِى نظيرُ ذلك فى آخِرِ الرَّهْنِ والوَقفِ.

وَلَهُ رُكُوبُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: إلَّا بخَيْر منه. أنَّه لا يجوزُ بمِثْلِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سواءٌ كان فى الهَدْى أو الأُضْحِيَةِ، وسَواءٌ كان فى الإِبدالِ أو الشِّراءِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يَجُوزُ بمِثْلِه. نصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: ما لم يَكُنْ أهْزَلَ. وهما احْتِمالَان للقاضى. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ». الثَّانى، مفْهومُ قولِه: ولهْ رُكوبُها عندَ الحاجَةِ. أنَّه لا يجوزُ عندَ عَدَمِها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يجُوزُ مِن غيرِ ضَرَرٍ بها. جزَم به فى «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّرْغيبِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ الأحاديثِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فوائد؛ إحْداها، يضْمَنُ نَقْصَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهِرُ

وَإِنْ وَلَدَتْ، ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا. وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ» وغيرِه، يَضْمَنُ إنْ رَكِبَها بعدَ الضَّرُورَةِ ونقَص. الثَّانيةُ، قوْلُه: وإنْ ولَدَتْ ذَبَح ولَدَها معها. بلا نِزاعٍ. وسواءٌ عَيَّنَها حامِلًا، أو حدَث الحَمْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَه، فلو تعَذَّرَ حَمْلُ وَلَدِها وسَوْقُه، فهو كالهَدْىِ إذا عطِب، على ما يأْتِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، قولُه: ولا يشْرَبُ مِن لَبَنِها إلَّا ما فضَل عن وَلَدِها. بلا نِزاعٍ. فلو خالَف

ويَجُزُّ صُوفَهَا وَوَبَرَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، إِنْ كَانَ أَنْفَعَ لَهَا. وَلا يُعْطِى الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفعَل، حَرُمَ وضَمِنَه. الرَّابعةُ، قولُه: ويَجُزُّ صُوفَها ووَبَرَها، ويتَصَدَّقُ به، إنْ كان أَنْفَعَ لها. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. زادَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، يتَصَدَّقُ به نَدْبًا. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يتَصَدَّقُ به إن كانتْ نَذْرًا. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: يُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ بالشَّعَرِ، وله الانْتِفاعُ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِىِّ، أنَّ اللَّبَنَ والصُّوفَ لا يدْخُلان فى الإِيجابِ، وله الانْتِفاعُ بهما إذا لم يَضُرَّ بالهَدْىِ. وكذلك قال صاحِبُ «التَّلْخيصِ» فى اللَّبَنِ. قوله: ولا يُعْطِى الجَازِرَ بأُجْرَتِه شَيْئًا منها. بلا نِزاعٍ. لكِنْ أَنْ دفَع إليه على سَبيلِ الصَّدَقَةِ أو الهَدِيَّةِ، فلا بَأْسَ؛ لأنَّه مُسْتَحِقٌّ للأَخْذِ، فهو كغَيْرِه، بل أوْلَى؛

وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا. وَلَا يَبِيعُهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه باشَرَها، وتاقَتْ نفْسُه إليها. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: وله أَنْ ينْتَفِعَ بجِلْدِها وجُلِّها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا خِلافَ فى الانْتِفاعِ بجُلُودِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجِلَالِها. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل جماعَةٌ، لا يَنْتَفِعُ بما كان واجبًا. قالَ فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه المذهبُ، فيَتَصدَّقٌ به. ونقَل الأَثْرَمُ، وحَنْبَلٌ، وغيرُهما، ويتَصَدَّقُ بثَمَنِه. وجزَم فى «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما، يتَصَدَّقُ بجميعِ الهَدايَا الواجِبَةِ، ولا يُبْقِى منها لَحْمًا ولا جِلْدًا ولا غيرَه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بجُلَالِها. قوله: ولا يَبيعُه ولا شَيْئًا منها. يَحْرُمُ بَيْعُ الجِلْدِ والجُلِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا المَشْهورُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا ريْبٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وعنه،

وَإِنْ ذَبَحَهَا فَسُرِقَتْ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجُوزُ، ويَشْتَرِى به آلةَ البَيْتِ، لا مأْكولًا. قال فى «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: وعنه، يجوزُ بَيْعُهما بمَتاعِ البَيْتِ، كالغِرْبالِ، والمُنْخُلِ، ونحوِهما، فيكونُ إبْدالًا بما يحْصُلُ منه مقْصُودُها, كما أجَزْنا إبْدالَ الأُضْحِيَةِ. انتهى. وقطَع به فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال: نصَّ عليه. وعنه، يجُوزُ بَيْعُها، ويتَصَدَّقُ بثَمَنِه. وعنه، يجُوزُ، ويَشْتَرِى بثَمَنِه أُضْحِيَةً. وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يجوزُ بَيْعُهما مِنَ البَدَنَةِ والبَقَرَةِ، ويتَصدَّقُ بثَمَنِه دُونَ الشَّاةِ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: لَه بَيْعُ سَواقِطِ الأُضْحِيَةِ، والصَّدَقَةُ بالثَّمَنِ. قال: قلتُ: وكذا الهَدْىُ. انتهى. قوله: وإنْ ذبَحَها فسُرِقَتْ، فلا شَئَ عليه فيها. ولو كانتْ واجِبَةً. هذا المذهبُ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»،

وَإنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ فى وَقْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَجْزَأَتْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَابِحِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». [وقبلَ ذَبْحِه لم يَتَعَيَّنْ] (¬1)؛ بدَليلِ أنَّ له بَيْعَه عندَنا. وتقدَّم قوْلُ أبى الخَطَّابِ، أنَّه يزُولُ مِلْكُه عنه, كما لو نَحَرَه وقبَضَه. قوله: وإن ذبَحَها ذابِحٌ فى وَقْتِها بغيرِ إِذْنٍ، أجْزأَتْ، ولا ضمانَ على ذابِحِها. [وإذا ذبَحَها غيرُ رَبِّها، فَتارَةً ينْوِيها عن صاحِبِها، وتارةً يُطْلِقُ، وتارةً ينْويها عن نَفْسِه؛ فإنْ نوَى ذَبْحَها عن صاحِبِها، أجْزأَتْ عنه، ولا ضَمانَ على ذابِحِها] (¬2). وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى ¬

(¬1) فى أ: «وقبل: ذبحه لم يعينه». وانظر: الفروع 3/ 552. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: والمُخْتارُ، لُزُومُه أرْشُ ما بينَ قِيمَتِها صَحِيحةً ومَذْبُوحَةً. وإنْ ذَبَحها وأطْلَقَ النِّيَّةَ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا الإِجزاءُ وعدَمُ الضَّمانِ، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّر»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُغْنِى»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم. وقالَه فى «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى «عُيونِ المسَائلِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والصَّحيحُ مِن المذهبِ، عدَمُ الإِجْزاءِ ووُجوبُ الضَّمانِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وإنْ ذَبَحَها ونوَى عن نَفْسِه، ففى الإِجْزاءِ عن صاحِبِها والضَّمانِ رِوايَتان. ذكَرَهما القاضى. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»؛ إحْداهما، لا تُجْزِئُ ويَضْمَنُها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُجْزِئُ مُطلَقًا، ولا ضَمانَ عليه. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: لا أثَرَ لِنيَّةِ فَضُولِىٍّ. قال فى «القاعِدَةِ السَّادسَةِ والتِّسْعِين»: حكَى القاضى فى الأُضْحِيَةِ رِوايتَيْن. والصَّوابُ، أنَّ الرِّوايتَيْن تَنْزِلان على اخْتلافِ حالَيْن، لا على اخْتِلافِ قوْلَيْن؛ فإنْ نوَى الذابِحُ بالذَّبْحِ عن نَفْسِه، مع عِلْمِه بأنَّها أُضْحِيَة الغيرِ، لم يُجْزِئه؛ لغَصْبِه واسْتِيلاِئه على مالِ الغيرِ، وإِتلافِة له عُدْوانًا، وإنْ كان الذَّابِحُ يظُن أنها أضْحِيَتُه، لاشْتِباهِها عليه، أجْزَأَتْ عنِ المالكِ. وقد نصَّ أحمدُ على الصُّورَتيْن فى رِوايَةِ ابن القاسِمِ، وسِنْدِىٍّ، مُفَرِّقًا بينَهما، مُصَرِّحًا بالتَّعْليلِ المذْكُورِ. وكذلك الخَلَّالُ فرَّقَ بينَهما، وعقَد لهما بابَيْن مُفْردَيْن. فلا تصِحُّ التَّسْوِيَةُ بينَهما. انتهى. وقيلَ: يُعْتَبَرُ على هذه الرِّوايَةِ أنْ يَلِىَ رَبُّها تَفْرِقَتَها. وقال فى القاعِدَةِ المذْكُوَرةِ: وأمَّا إذَا فرَّقَ الأَجْنَبِىُّ اللَّحْمَ، فقال الأصحابُ: لا يُجْزِئُ. وأبْدَى ابنُ عَقِيلٍ فى «فُنونِه» احْتِمالًا بالإِجْزاءِ، ومالَ إليه ابنُ رَجَبٍ وقَوَّاه، وإنْ لم يُفَرِّقْها، ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ اللَّحْمِ. وإِنْ كان على رِوايَةِ عدَم الإِجزاءِ، يعُودُ مِلْكًا. قال فى «الفُروعِ»: وقد ذكَر الأصحابُ فى

وَإنْ أتلَفَهَا أجنَبِىٌّ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإنْ أتلَفَهَا صَاحِبُهَا، ضَمِنَهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مِثْلِهَا أوْ قِيمَتِهَا. فَإِنْ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا وَأَخْرَجَ فَضْلَ الْقِيمَةِ، جَازَ، وَيَشْتَرِى بِهِ شَاةً أوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ، اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا فَتَصَدَّقَ بِهِ، أو يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّ تَصَرُّفِ غاصِبٍ حُكْمِىٍّ؛ عِبادَةٍ وعقْدٍ، الرِّوايَاتِ. انتهى. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والتِّسْعِين»: إذا عيَّنَ أُضْحِيَةً، وذبَحَها غيرُه بغيرِ إِذْنِه، أَجْزَأَتْ عن صاحِبِها، ولم يَضْمَنِ الذَّابِحُ شيئًا. نصَّ عليه. ولا فَرْقَ عندَ الأَكْثرِين بينَ أنْ تكونَ مُعَينةً ابتداءً، أو عن وْاجِب فى الذِّمَّةِ. وفرَّقَ صاحِبُ «التَّلْخيصِ» بينَ ما وجَب فى الذِّمَّةِ وغيرِه. وقال: المُعَيَّنَةُ عمَّا فى الذِّمَّةِ يُشْترَطُ لها نِيَّةُ المالِكِ عندَ الذَّبْحِ، فلا يُجْزِئُ ذَبْحُ غيره بغيرِ إذْنِه، فيَضْمَنُ. انتهى. فعلى القَوْلِ بالضَّمانِ، يضْمَنُ ما بينَ كوْنها حَيَّةً إلى مذْبُوحَةٍ. ذكَرَه فى «عُيُونِ المَسائلِ». واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». قوله: وإنْ أتْلفَها أَجْنَبىٌّ، فعليه قيمَتُها. بلا نِزاعٍ. ويكونُ ضَمانُ قِيمَتِها يومَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلَفِها. قال الشَّارِحُ: وَجْهًا واحدًا. فإنْ زادَتْ قِيمَتُها على ثَمَنِ مِثْلِها، فحُكْمُها حُكمُ ما لو أتْلَفَها صاحِبُها، على ما يأْتِى. فإنْ لم تبْلُغِ القِيمَةُ ثَمَنَ الأُضْحِيَةِ، فالحُكْمُ فيه على ما يأْتِى فيما إذا أتْلَفَها رَبُّها. وقال فى «الفُروعِ»: ضَمِنَ ما بينَ كوْنِها حَيَّةً إلى مذْبُوحَةٍ. ذكَرَه فى «عُيونِ المسائلِ» كما تقدَّم. قوله: وإنْ أتْلَفَها صاحِبُها، ضَمِنَها بأكْثَرِ الأَمْرَيْن مِن مثلِها أو قِيمَتِها. ولا خِلافَ فى ضَمانِ صاحبِها إذا أتْلَفَها مُفَرِّطًا. ثم اخْتَلَفُوا فى مِقْدارِ الضَّمانِ؛ فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يضْمَنُها بأَكْثَرِ الأَمْرَيْن مِن مِثْلِها أو قِيمَتِها. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه يضْمَنُها بالقِيمَةِ يومَ التَّلَفِ، فيصْرِفُ فى مِثْلِها، كالأجْنَبِىِّ. اخْتارَه القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفَائقِ». وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». فعلى الأوَّلِ. يكونُ أكثرَ القِيمَتَيْن، مِنَ الإيجابِ إلى التَّلَفِ. وهو الصَّحيحُ على هذا القَوْلِ. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: مِنَ الإيجابِ إلى النَّحْرِ. وقيل: مِنَ التَّلَفِ إلى وُجوبِ النَّحْرِ. وجزَم به الحَلْوَانِىُّ. قال فى «القَواعِدِ»: فعليه ضَمانُه بأكثرِ القِيمَتَيْن، مِن يومِ الإِتْلافِ إلى (¬1) يوْمِ النَّحْرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: أو مِن حينِ التَّلَفِ إلى جَوازِ الذَّبْحِ، عندَ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، والشِّيرَازِىِّ، والشَّيْخَيْن، وغيرِهم. انتهى. ولم أرَ ذلك عن مَن ذكر. قوله: فإنْ ضَمِنَها بمثلِها وأَخْرَجَ فَضْلَ القِيمَةِ، جازَ، ويشْتَرِى به شاةً أو سُبْعَ بَدَنَةِ. بلا نِزاعٍ. لكنْ قال فى «المُسْتَوعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أو».

فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، لَمْ يَضْمَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: يَشْتَرِى به شاةً، فإنْ عجَز، فسَهْمًا مِن بَدَنَةٍ. انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ»، كالمُصَنِّفِ: فإنْ لم يَبْلُغْ ثَمَنَ شاةٍ، ولا سُبْعَ بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ، اشْترَى به لَحْمًا فتَصَدَّقَ به، أو تصَدَّقَ بالفَضْلِ. فخيَّرَه المُصَنِّفُ، إذا لم يَبْلُغِ الفاضِلُ ما يُشْتَرَى به دَمٌ، بينَ أنْ يَشْتَرِىَ به لَحْمًا يتَصدَّقُ به، وبينَ أنْ يتَصدَّقَ بالفَضْلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والوَجْهَيْن. جزَم به فى «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُه شِراءُ لَحْم يتَصَدَّقُ به. وقدَّمه «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وما زادَ منهما اشْتَرى بالفَضْلَةِ شاةً، فإنْ عجَز، فسَهْمًا مِن بَدَنَةٍ، فإنْ عجَز، فلَحْمًا يتَصَدَّقُ به. وقيل: بل يتَصَدَّقُ بالفَضْلَةِ. فوائد؛ منها، قوْلُه: وإنْ تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطِه، لم يَضْمَنْها. بلا نِزاعٍ. وعندَ

وَإنْ عَطِبَ الْهَدْىُ فِى الطَّرِيقِ، نَحَرَهُ مَوْضِعَهُ، وَصَبَغَ نَعْلَهُ الَّتِى فِى عُنُقِهِ فِى دَمِهِ، وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ؛ لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ. وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكثرِ، سواءٌ تَلِفَتْ قبلَ ذَبْحِه أو بعدَه. نصَّ عليه. ونقَلَه القاضى فى «خِلافِه»، وأبو الخَطَّابِ، فى «انْتِصارِه»، وُجوبَ الضَّمانِ كالزَّكاةِ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ»: وهو بعيدٌ. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّة»: إذا نذَر أُضْحِيَةً، أو الصَّدقَةَ بدَراهِمَ مُعَينَّةَ، فتَلِفَتْ، فهل يَضْمَنُها؟ على رِوايتَيْن. وقال جماعةٌ، منهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ: ولو تمَكَّنَ مِنَ الفِعْلِ، نظرًا إلى عدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحِقٍّ، كالزَّكاةِ، وإلى تعَلُّقِ الحَقِّ بعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، كالعَبْدِ الجانِى. وقال أبو المعالِى: إنْ تَلِفَتْ قبلَ التَّمَكُّنِ، فلا ضَمانَ، وإلَّا فوَجْهان؛ إنْ قُلْنا: يَسْلُكُ بالنَّذْرِ مَسْلَكَ الواجِبِ شَرْعًا. ضَمِنَ، وإنْ قُلْنا: مَسْلَكَ التَّبَرُّعِ. لم يَضْمَنْ. انتهى. ومنها، لو فَقَأَ عيْنَها، تَصدَّقَ بالأَرْشِ. ومنها، لو مَرِضَت، فخافَ عليها، فذَبَحَهَا، لَزِمَه بدَلُها، ولو ترَكَها فماتَتْ، فلا شئَ عليه. قالَه الإِمامُ أحمدُ. ومنها، لو ضحَّى كلُّ واحدٍ منهما عن نَفْسِه بأُضْحِيَةِ الآخَر غلَطًا، كفَتْهُما ولا ضَمانَ؛ اسْتِحْسانًا. قالَه فى «الفُروعِ». وقال القاضى وغيرُه: القِياسُ ضِدُّهما. ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه، فى اثْنَيْن ضَحى هذا بأُضْحِيَةِ هذا، يَتَرادَّان اللَّحْمَ ويُجْزِئُ. قوله: وإنْ عَطِبَ الهَدْىُ فى الطَّرِيقِ نحَرَه فى مَوْضِعِه. وهذا بلا نِزاعٍ. ولكنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لو خافَ أنْ يَعْطَبَ، ذَبَحَه، وفعَل به كذلك. قوله: ولا يأْكُلُ منه هو ولا أحَدٌ مِن رُفْقَتِه. يعنى، يحْرُمُ عليه الأَكْلُ هو ورُفْقَتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الهَدْى إذا عَطِبَ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وأباحَ الأَكْلَ منه القاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، مع فقرِه. واخْتارَ فى «التَّبْصِرَةِ» إباحَتَه لرفيقِه الفَقيرِ. وقوْلُه: ولا أحدٌ مِن رُفْقَتِه. قال فى «الوَجيزِ»: ولا يأْكُلُ هو ولا خاصَّتُه منه. قلتُ: وهو مُرادُ غيرِه. وقد صرَّح الأصحابُ بأنَّ الرُّفْقَةَ الَّذِين معه، ممَّن تَلْزَمُه مُؤْنَتُه فى السَّفَرِ.

وإنْ تَعَيَّبَتْ، ذَبَحَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ، إِلَّا أَنْ تَكُوِنَ وَاجِبَةً فِى ذِمَّتِهِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، كَالْفِدْدة وَالْمَنْذُورِ فِى الذِّمَّةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإِنْ تَعَيَّبَتْ، ذَبَحَها وأَجْزَأتْه، إلَّا أنْ تكونَ واجبةً قبلَ التَّعْيينِ، كالفِدْيةِ والمنْذُورَةِ فى الذِّمَّةِ، فإن عليه بَدَلَها (¬1). اعلمْ أنَّه إذا تعَيَّبَ ما عَيَّنَه، فَتارةً يكونُ قد عيَّنَه عن واجِبٍ فى ذِمَّتِه، كهَدْى التَّمَتُّعِ والقِرانِ، والدِّماءِ الواجِبَةِ فى النُّسُكِ بتَرْكِ واجبٍ أو بفعلِ مَحْظُورٍ، أو وجَب بالنَّذْرِ، وتارةً يكونُ واجِبًا بنَفْسِ التَّعْيِينِ؛ فإنْ كان واجِبًا بنَفْسِ التَّعْيِينِ، مثْلَ ما لو وجَّب أُضْحِيَة سَليمَةً، ثم حدَث بها عَيْبٌ يَمْنَعُ الإِجْزاءَ مِن غيرِ فِعْلِه، فهنا عليه ذَبْحُه، وقد أجْزَأ عنه، كما جزَم ¬

(¬1) فى ط: «بذلها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ، ونصَّ عليه فى مَن جرَّها بقَرْنِها إلى المَنْحَرِ فانْقَلَعَ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِىِّ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى: القِياسُ لا يُجْزِئُه. فعلى المذهبِ، تخْرُجُ بالعَيْبِ عن كْونِها أضْحِيَةً. قالَه فى «القاعِدَةِ الأَرْبَعِين»، فإذا زالَ العَيْبُ عادَتْ أُضْحِيَةً كما كانت. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، فى «عُمْدَةِ الأدِلَّة». فلو تَعَيَّبَتْ هذه بفِعْلِه، فله بدَلُها. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الفُروعِ». وإنْ كان مُعَيَّنًا عن واجِبٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الذِّمَّةِ وتعَيَّبَ، أو تَلِفَ أو ضَلَّ أو عَطِبَ أو سُرِقَ أو نحو ذلك، لم يُجْزِئْه، ولَزِمَه بدَلُه، ويَلزَمُ أفْضَلُ. ممَّا فى الذِّمَّةِ إنْ كان تَلَفُه بتَفْريطِه. قال الإِمامُ أحمدُ: مَن ساقَ هَدْيًا واجِبًا فعَطِب أو ماتَ، فعليه بدَلُه، وإِنْ شاءَ باعَه، وإنْ نحَرَه جازَ أكْلُه منه ويُطْعِمُ؛ لأنَّ عليه البَدَلَ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال: وكذا أَطْلَقَه فى «الرَّوْضَةِ»، أنَّ الواجِبَ يفْعَلُ به ما شاءَ، وعليه بدَلُه. انتهى. وفى بُطْلانِ تَعْيِينِ الوَلَدِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ»: فى تَعْيِينِه هنا احْتِمالان. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: إذا قُلْنا: يَبْطُلُ تَعْيِينُها، وتعودُ إلى مالِكِها. احْتَمَلَ أنْ يَبْطُلَ التَّعْيِينُ فى وَلَدِها تَبَعًا، كما ثبَت تَبَعًا، قِياسًا على نَمائِها المُتَّصِلِ بها، واحْتَمَل أنْ لا يَبْطُلَ، ويكونَ للفُقَراءِ؛ لأنَّه تَبِعَها (¬1) فى الوُجوبِ حالَ اتِّصالِه بها، ولم يتْبَعْها فى زَوالِه؛ لأنَّه صارَ مُنْفَصِلًا عنها، فهو كوَلَدِ المَبِيعِ المَعِيبِ إذا وَلَدَ عندَ المُشْتَرِى ثم رَدَّه، لا يَبْطُلُ البَيْعُ فى وَلَدِها، والمُدَبَّرَةُ إذا قتَلَتْ سيِّدَها، فبَطَلَ تَدْبِيرُها، لا يبْطُلُ فى وَلَدِها (¬2). ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «تبعا». (¬2) انظر: المغنى 5/ 442.

وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا الْعَاطِبِ وَالْمَعِيبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، أنَّه يَتْبَعُها. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه لا يَبْطُلُ تَعْيِينُه؛ لأنَّه بوُجُودِه قد صارَ حُكْمُه حكمَ أُمِّه. لكنْ تعَذَّرَ فى الأُمِّ، فبَقِى حُكْمُ الوَلَدِ باقِيًا (¬1). قوله: وهل له اسْتِرْجاعُ هذا العاطِبِ والمَعِيبِ -أى إلى مِلْكِه- على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، ليس له اسْتِرجاعُه إلى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «باق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِلْكِه إذا كان مُعَيَّنًا؛ لأنَّه قد تعَلَّقَ به حقُّ الفُقَراءِ. وهذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: ليس له اسْتِرْجاعُه على الأصحِّ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له اسْتِرْجاعُه إلى مِلْكِه، فيَصْنَعُ به ما شاءَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «الفائِق». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ أبى مُوسى. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنْتَخَبِ». قوله: وكَذلك إنْ ضَلَّتْ فذَبَحَ بَدَلَها ثم وجَدَها. يَعنِى، أنَّ فى اسْتِرْجاعِ الضَّالِ إلى مِلْكِه، إذا وَجدَه بعدَ ذَبْحِ بدَلِه، الرِّوَايتَيْن المُتقَدِّمتَيْن. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فالحُكْمان واحِدٌ، والمذهبُ هنا كالمَذهب هناك. وجزَم به فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وَأمَّا المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، فإنَّهما قطَعا بأنَّه يذْبَحُ البَدَلَ والمُبْدَلَ، ولم يحْكِيَا خِلافًا، ولكنْ خرَّجا تخْرِيجًا، أنه كالمَسْألةِ التى قبلَها. وقال ابنُ مُنَجَّى: ويُقَوِّى لزُومَ ذَبْحِه مع ذَبْحِ الواجبِ حديثٌ. ذكَرَه. ففيه إيماءٌ إلى التَّفْرِقةِ؛ إمَّا لأَجْلِ الحديثِ، أو لأنَّ

فصل

فَصْلٌ: سَوْقُ الْهَدْى مَسْنونٌ، لَا يَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ. وَيُسْتحَبُّ أنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَيَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العاطِبَ والمَعِيبَ قد تعَذَّرَ إجْزاؤُه عنِ الواجِبِ، فخرَجَ حقُّ الفُقَراءِ من ذلك إلى بدَلِه. وأمَّا الضَّالُّ، فحَقُّ الفُقَراء فيه باقٍ، وإنَّما امْتنَعَ حقُّهم لتعَذُّرِه، وهو فَقْدُه. وجزَم فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم، بأنَّه يذْبَحُ البَدَلَ والمُبْدَلَ، كما قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: فَصْلٌ: سَوْقُ الهَدْى مَسْنُونٌ، ولا يجِبُ إلا بالنَّذْرِ، ويُسْتَحَبُّ أَنْ يقِفَه بعَرَفَةَ، ويَجْمعَ فيه بينَ الحِلِّ والحرَمِ. بلا نِزاعٍ، فلو اشْترَاه فى الحَرَمِ، ولم

وَيسَنُّ إِشْعَارُ الْبَدَنَةِ، وَهُوَ أنْ يَشُقَّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا حَتَّى يَسِيل الدَّمُ، وَيُقَلِّدُهَا، وَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ النَّعْلَ وَآذَانَ الْقِرَبِ والْعُرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخْرِجْه إلى عرَفَةَ وذَبَحَه، كفَاه. نصَّ عليه. قوله: ويُسَنُّ إشْعارُ البَدَنَةِ، فيَشُقُّ صَفْحَةَ سَنامِها حتى يسِيلَ الدَّمُ. وكذا مالا سَنَامَ له مِنَ الإِبلِ. وهذا بلا نِزاعٍ، والأَوْلَى أنْ يَكونَ الشَّقُّ فى صَفْحَةِ سَنامِها اليُمْنَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وعنه، الشَّقُّ مِنَ الجانبِ الأَيْسَرِ أوْلَى. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِيَرَةُ. وأطْلقَهُنَّ فى «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُشْعِرُ غيرَ (¬1) السَّنامِ، وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. وقال فى «الكافِى»: يجُوزُ إشْعارُ غيرِ السَّنامِ. وذكَرَه فى «الفُصولِ» ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «عن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أحمدَ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لا يُشْعِرُ غيرَ الإِبِلِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم: ويُسَنُّ إشْعارُ مَكانِ ذلك مِنَ البَقَرِ. قوله: ويُقَلِّدُها ويُقَلِّدُ الغَنَمَ النَّعْلَ وآذانَ القِرَبِ والعُرَى. هذا المذهبُ. يعنى، أنَّه يُسْتَحَبُّ تقْلِيدُ الهَدْى كلِّه، مِنَ الإِبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ. نصَّ عليه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُنْتَخَبِ»: يُقَلِّدُ الغنَمَ فقط. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغِيبِ»،

وَإذَا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا، فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ، أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»: تقْلِيدُ البُدْنِ جائِزٌ. وقال الإِمامُ أحمدُ: البُدْنُ تُشْعَرُ، والغنَمُ تُقَلَّدُ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يَنْبَغِى أنْ يسُوقَه حتى يُشْعِرَه. ويُجَلِّلَه بثَوْبٍ أبيَضَ، ويُقلِّدَه نعْلًا أو عِلاقَةَ قِرْبَةٍ. قوله: وإِذا نذَر هَدْيًا مُطْلَقًا، فأقَلُّ ما يجْزِئُهْ شاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وكذا سُبْعُ بقَرَةٍ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ لو ذبَح بَدَنَةً، فالصَّحيحُ وُجوبُها كلِّها. قدَّمه فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقيل: الواجِبُ سُبْعُها فقط، والباقِى له أكْلُه والتَّصَرُّفُ فيه. وهما احْتِمالان مُطْلقان فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وهما وَجْهان مُطْلَقان فى «المُذْهَبِ»، و «الفائقِ». وتقدَّم نظِيرُها فى آخِرِ بابِ الفِدْيَةِ، عندَ قوْلِه: وكلُّ هَدْىٍ ذكَرْناه يُجْزِئُ فيه شاةٌ، أو سُبْعُ بدَنَةٍ. وذكَرْنا فائِدَةَ الخِلاف هناك.

وإنْ نَذَرَ بَدَنَةً، أَجْزَأَتْهُ بَقَرَة. فَإن عَيَّنَ بِنَذْرِهِ، أَجْزأَهُ مَا عَيَّنَهُ، صَغِيرًا كَانَ أو كبِيرًا، مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِه، وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ، إِلَّا أنْ يُعَينهُ بِمَوْضِعٍ سِوَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا نذَر بدَنَةً، أَجْزَأَتْه بقَرَةٌ. إذا نذَرَ بدَنَةً، فتارَةً يَنْوِى، وتارةً يُطْلِقُ، فإنْ نوَى، فقال القاضى وأصحابُه: يَلْزَمُه ما نوَاه. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وإنْ أطْلَقَ، ففى إجْزاءِ البقَرَةِ رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، تُجْزِئُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ. ونصَرَه القاضى وأصحابُه. وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُجْزِئُ البقَرَةُ إلَّا عندَ تعَذُّرِ الإبلِ؛ لأنَّها بَدَلٌ عنه. وتقدَّم نِظيرُ ذلك، عندَ قوْلِه: ومَن وَجَبَتْ عليه بَدَنَة، أجْزَأتْهُ بقَرَةٌ. فى آخِرِ بابِ الفِدْيَةِ. قوله: فإنْ عَيَّن بنَذْرِه، أجْزأَه ما عيَّنَه، صَغيرًا كان أو كَبِيرًا، مِنَ الحيوانِ وغيرِه، وعليه إيصالُه إلى فُقَراءِ الحَرَمِ، إلا أنْ يُعَيِّنَه بموضِعٍ سِواه. اعلمْ أنَّه إذا عَيَّنَ بنَذْرِه شيئًا إلى مَكَّةَ، أو جعَل دَراهِمَ هَدْيًا، فْهو لأهْلِ الحَرَمِ. نقَلَه المَرُّوْذِىُّ، وابنُ هانِئ. ويَبْعَثُ ثَمَنَ غيرِ المَنْقُولِ. قال الإِمامُ أحمدُ، فى مَن نذَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يُلْقِىَ فِضَّةً فى مَقامِ إبْراهِيمَ: يُلْقِيه بمَكانِ نَذْرِه. واسْتَحَبَّه ابنُ عَقِيلٍ، فيُكَفِّرُ إنْ لم يُلْقِه، وهو لفُقَراءِ الحَرَمِ. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ»، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ»: له أنْ يَبْعَثَ ثَمَنَ المَنْقُولِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: أو يُقَومَه، ويَبْعَثَ القِيمَةَ. وقال القاضى وأصحابُه: إنْ نذَر بَدَنَةً، فللحَرَمِ، لا جَزُورًا، وإنْ نذَر جَذَعَةً، كفَتْ ثَنِيَّةٌ، وأحْسَن (¬1). ونقَل ¬

(¬1) فى أ: «واحدة».

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِهِ، وَلَا يَأْكُلَ مِنْ وَاجِبٍ، إِلَّا مِنْ دَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْقوبُ، فى مَن جعَل على نَفْسِه أنْ يُضَحِّىَ كلَّ عام بشاتَيْن، فأرادَ عامًا أنْ يُضَحِّىَ بواحدَةٍ، إنْ كان نَذْر فيُوفِى به، وإلا فكفَّارَةُ يَمِين. وإنْ قال: إنْ لَبِسْتُ ثَوْبًا مِن غَزْلِك، فهو هَدْىٌ. فلَبِسَه، أهْدَاه أو ثَمَنَه. على الخِلافِ المُتقَدِّمِ. قوله: ويُسْتَحبُّ أنْ يأكلَ مِن هَدْيِه. شَمِلَ مسْأَلَتَيْن؛ إحْداهما، أنْ يكونَ

الْمُتْعَةِ وَالْقِرَان. ـــــــــــــــــــــــــــــ تطَوُّعًا، فيُسْتَحبَّ الأَكْلُ منه، بلا نِزاعٍ. وحُكْمُ الأكْلِ هنا والتَّفْرِقَةِ، كالأُضْحِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يأْكُلُ هنا إلَّا اليَسِيرَ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْح»، ونَصَراه. وأطْلقَهما فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». والثَّانيةُ، أنْ يكونَ واجِبًا بالتَّعْيِين، مِن غيرِ أنْ يكونَ واجِبًا فى ذِمَّتِه، فيُسْتَحَبَّ الأَكْلُ منه أيضًا. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يُسْتَحَب الأكْلُ منه. قدَّمه فى «الفُروعِ». قوله: ولا يأكُلُ مِن وَاجبٍ، إلَّا مِن دَمِ المُتْعَةِ والقِرَانِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال الزَّرْكَشىُّ: وهو الأشْهَرُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِى، أنه لا يأكلُ إلَّا مِن دَمِ المُتْعَةِ فقط. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. لكنْ قال الزَّرْكَشِىُّ: كأنَّ الخِرَقِى اسْتَغْنَى بذِكْرِ التَّمَتُّعِ عنِ القِرَانِ؛ لأنَّه نَوْعُ تَمَتُّعٍ؛ لتَرَفُّهِه بأحَدِ السَّفَرَيْن. انتهى. وقال الآجُرِّى: لا يأْكُلُ مِن هَدْى (¬1) المُتْعَةِ والقِرَانِ أيضًا. وقدَّمه فى «الرَّوْضَةِ». وعنه، يأْكُلُ مِنَ الكُلِّ، إلَّا مِنَ النَّذْرِ وجَزاءِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّيْدِ. وألْحَقَ ابن أبى مُوسى بهما الكفَّارَةَ، وجوزَ الأَكْلَ ممَّا عدَا ذلك. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، والقاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، جَوازَ الأكْلِ مِنَ الأُضْحِيَةِ المَنْذُورَةِ، كالأُضْحِيَةِ، على رِوايَةِ وُجوبِها، فى أصحِّ الوَجْهَيْن، لكِنَّ جُمْهورَ الأصحابِ على خِلافِ ذلك. فوائد؛ إحْداها، اسْتَحَبَّ القاضى الأَكْلَ مِن دَمِ المُتْعَةِ. الثَّانيةُ، ما جازَ له أكْلُه، جازَ له هَدِيَّتُه، ومالا، فلا، فإنْ فعَل، ضَمِنَه بمثلِه لَحْمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به، كبَيْعِه وإتْلافِه. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّصِيحَةِ»: يضْمَنُه بقِيمَتِه، كالأجْنَبِىِّ، بلا نِزاع فيه. الثَّالثةُ، لو منَعَه الفُقَراءَ حتى أَنْتَنَ، فقال فى «الفُصولِ»: عليه قيمَتُه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ،

فصل

فَصْلٌ: وَالأُضْحِيَة سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ. وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يضْمَنُ نَقْصَه فقط. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يَضْمَنَه بمثلِه حيًّا، أشْبَه المَعِيبَ الحَىَّ. قوله: والأُضْحيةُ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُكْرَهُ تَرْكُها مع القُدْرَةِ. نصَّ عليه. وعنه، أنَّها واجِبَة مع الغِنَى. ذكَرَه جماعةٌ، وذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَلْوَانِىُّ عن أبى بَكْرٍ. وخرَّجها أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ مِنَ التَّضْحِيَةِ عنِ اليَتِيمِ. وعنه، أنَّها واجِبَةٌ على الحاضِرِ الغَنِىِّ. فائدة: يُشْترَطُ أنْ يكونَ المُضَحِّى مُسْلِمًا، تامَّ المِلْكِ، فلا يُضَحِّى المُكاتَبُ مُطْلَقًا. فى أحَدِ الوَجْهَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الفائقِ». والوَجْهُ

وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، يُضَحِّى بإذْنِ سَيِّدِه كالرَّقيقِ. وهو المذهبُ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». زادَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، ولا يتَبَرَّعُ منها بشئٍ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». قوله: وذَبْحُها أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بثَمَنِها. وكذا العَقِيقَةُ. وهذا المذهبُ، نصَّ

وَالسُّنَّةُ أنْ يَأْكُلَ ثُلُثَهَا، وَيُهْدِىَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا، فَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهما، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: يتَوَجهُ تَعْيِينُ ما تقدَّم فى صدَقَةٍ مع غَزْوٍ وحَجٍّ. قوله: والسُّنَّةُ أنْ يأكُلَ ثُلُثَها، ويُهْدِىَ ثُلُثَها، ويتَصَدقَ بثُلُثِها، وإن أكَل أكثرَ، جَازَ. هذا المذهبُ، نص عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو بَكْرٍ: يجِبُ إخْراج الثُّلُثِ هَدِيةً، والثُّلُثِ الآخَر صدَقَة. نقَلَه عنه ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الواضِحِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فيه. قال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يدْفَعُ إلى المَساكِينِ ما يَسْتَحْيى من تَوْجيهِه به إلى خَلِيطِه. قال فى «المُسْتَوْعِب»: فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، لا يتَصَدَّق بما دُونَها؛ لأنَّه يَسْتَحْيى مِن هَدِيَّةِ ذلك، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، أنْ لا يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ إلَّا ما جرَتِ العادَةُ أنْ يُتَهادَى بمِثْلِه. انتهى. قلتُ: حكَى هذا الأخِيرَ قوْلًا فى «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وأنه لو تصَدَّقَ منها بأُوقِيَّةٍ، كَفَى. وهو ظاهِرُ كلامِ الزَّرْكَشِىِّ. فالمذهبُ، أنَّ الواجِبَ أقَلُّ ما يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ، على ما يأْتِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، هذا الحُكْمُ إذا قُلْنا: هى سُنَّةٌ. وكذا الحُكْمُ إذا قُلْنا: إنَّها واجِبَةٌ. فيَجُوزُ له الأكْلُ منها على القوْلِ بوُجُوبِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: لا يجوزُ الأكْلُ منها. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وأطلْقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. فعلى المذهبِ، له أكْلُ الثُّلُثِ. صرَّح به فى «الرِّعايَةِ». وهو ظاهِرُ كلام جماعَةٍ. وقطَع فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم، أنَّه يأْكُلُ كما يأْكُلُ مِن دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ. ويأْتِى هذا أيضًا قرِيبًا. الثَّانى، يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطْلَقَ الصَّدَقَة والهَدِيَّةَ، أُضْحِيَةُ اليَتيمِ، إذا قُلْنا: يُضَحَّى عنه. على ما يأْتِى فى بابِ الحَجْرِ. فإنَّ الوَلِىَّ لا يتَصدَّقُ منها بشئٍ، ويُوَفِّرُها له؛ لأنَّ الصَّدَقَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تحِلُّ بشئٍ من مالِه تطَوُّعًا. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قلتُ: لو قيلَ بجَوازِ الصَّدَقَةِ والهَدِيَّةِ منها باليَسيرِ عُرْفًا، لَكانَ مُتَّجَهًا. ويُسْتَثْنَى أيضًا مِن ذلك، المُكاتَبُ إذا ضحَّى، على ما قطَع به فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا يتَبَرَّع منها بشئٍ. فوائد؛ إحْداها، يُسْتَحَبُّ أنْ يتَصَدَّقَ بأَفْضَلِها، ويُهْدِى الوَسَطَ، ويأْكُلَ الأَدْوَنَ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهما. وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، الإِطْلاقُ. وكان مِن شِعَارِ السَّلَفِ تَناوُلُ لُقْمَةٍ مِنَ الأُضْحِيَةِ، من كَبِدِها أو غيرِها تبَرُّكًا. قالَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يُطْعِمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكافِرَ منها، إذا كانتْ تطَوُّعًا. قالَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا فى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. أمّا الصَّدقَةُ الواجِبَةُ، فلا يدْفَعُ إليه منها، كالزَّكاةِ، ولهذا قيلَ: لابُدَّ مِن دَفْعِ الواجِبِ إلى فَقيرٍ وتَمْليكِه. وهذا بخِلافِ الإِهْداءِ، فإنَّه يجوزُ إلى غَنِىٍّ وإطْعامُه. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وتجوزُ الهَدِيَّةُ مِن نَفْلِها إلى غَنِىٍّ. وقيلَ: مِن واجِبِها إنْ جازَ الأَكْلُ منها، وإلَّا، فلا. الثَّالثةُ، يُعْتَبرُ تَمْلِيكُ الفَقيرِ، فلا يَكْفِى إطْعامُه. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويُسَنُّ أنْ يُفَرِّقَ اللَّحْمَ رَبُّه بنَفْسِه، وإنْ خَلَّى بينَه وبينَ الفُقَراءِ، جازَ. الرابعةُ، نَسْخُ تَحْريم الادِّخارِ مِنَ الأضاحِى مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، لا فى مَجاعَةٍ؛ لأنَّه سبَبُ تَحْريمِ الادِّخارِ. قلتُ: اخْتارَ هذا الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وهو ظاهِرٌ فى القُوَّةِ. الخامسةُ، لو ماتَ

وَإنْ أَكلَهَا كُلَّهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِى الصَّدَقَةِ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ ذَبْحِها أو تَعْيينِها، قامَ وارِثُه مَقامَه، ولم تُبَعْ فى دَيْنِه. قالَه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقلتُ: إنْ وجَب بنَذْرٍ أو غيرِه. ولهم أكْلُ ما كان له أكْلُه مِنها، ويَلْزَمُهم ذَكاتُها إنْ ماتَ قبلَها. ثم قال: قلتُ: إنْ كان دَيْنُه مُسْتَغْرِقًا، فإنْ كان قد ذكَّاها، أو أوْجَبَها فى مرَضِ مَوْتِه، فهل تُباعُ كلُّها أو ثُلُثَاها؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. وتقدَّم قريبًا، هل يجوزُ الأكْلُ مِنَ الأُضْحِيَةِ المَنْذُورَةِ أم لا؟ قوله: وإن أكَلَها كُلَّها، ضَمِنَ أَقَلَّ ما يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ منها. وهذا مُفَرَّعٌ على المذهبِ مِن أنَّها مُسْتَحَبةٌ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «المنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفائقِ»، وغيرِه. وقيل: يَضْمَنُ الثُّلُثَ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: يضْمَنُ ما جرَتِ العادَةُ بصَدقَتِه. وأما على القَوْلِ بوُجوبِها، فقال أكثرُ الأصحابِ: يأْكُلُ كما يأْكُلُ مِن دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ.

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ، فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرَتِهِ شَيْئًا. وَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرِّعايَةِ»: يأْكُلُ الثُّلُثَ. وتقدَّم قرِيبًا، أنَّ حُكْمَ الهَدْى المُتَطَوَّعِ به حُكْمُ الأُضْحِيَةِ فى هذه الأَحْكامِ، على الصَّحيحِ. قوله: ومَن أرَادَ أنْ يُضَحِّىَ، فدَخَل العَشْرُ، فلا يَأْخُذْ مِن شَعَرِه ولا بَشَرَتِه شيئًا. اخْتلفَتْ عِبارَةُ الأصحابِ فى ذلك، فقال فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، كما قال المُصَنِّفُ، فظاهِرُه إدْخالُ الظفرِ وغيرِه مِنَ البَشَرَةِ. وصرَّح فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، بذِكْرِ الشَّعَرِ، والظُّفْرِ، والبَشَرَةِ. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «ابنِ رَجَبٍ»، وغيرِهم: لا يأْخُذُ شَعَرًا ولا ظُفْرًا. فظاهِرُه الاقْتصِارُ على الشَّعَرِ والظُّفْرِ، ولم أرَ فى ذلك خِلافًا. فلعَل مَن خَص الشعَرَ والظفْرَ، أرادَ ما فى مَعْناهُما، أو أن الغالِبَ أنَّه لا يُؤخَذُ غيرُهما، واقْتَصرُوا على الغالِبِ. قوله: وهل ذلك حَرَامٌ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، هو حَرام. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ رِوايَةِ الأَثْرَمِ وغيرِه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «مُصَنَّفِ ابنِ أبى المَجْدِ»: ويَحْرُمُ فى الأظْهَرِ. قال فى «الفائقِ»: والمَنْصُوصُ تحْرِيمُه. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، ونَسبَه إلى الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، وابنِ أبى مُوسى، والشِّيرَازِىِّ، وغيرِهم. وإليه مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ. وقدَّمَه فى «الفُروعِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والوجه الثَّانى، يُكْرَه. اخْتارَه القاضى وجماعَةٌ. وجزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «تَبْصِرَةِ الوَعْظِ» لابنِ الجَوْزِىِّ، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّر»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وقال: إنَّه أظْهَرُ.

فصل

فَصْلٌ: وَالْعَقِيقَةُ سنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو أوْلَى. وأطْلَقَ أحمدُ الكَراهَةَ. فعلى المذهبِ، لو خالَفَ وفعَل، فليس عليه إلَّا التَّوْبَةُ، ولا فِدْيَةَ عليه إجْماعًا، ويَنْتَهِى المَنْعُ بذَبْحِ الأُضْحِيَةِ. صرَّح به ابنُ أبى مُوسى، والشِّيرَازِىُّ. فائدة: يُسْتَحَبُّ الحَلْقُ بعدَ الذَّبْحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال أحمدُ: هو، على ما فعَلَ ابنُ عمرَ، تعْظِيمٌ لذلك اليومِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يُسْتَحَبُّ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قوله: والعَقِيقَةُ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ. يعنِى، على الأبِ، وسواءٌ كان الوَلَدُ غَنِيًّا أو فَقِيرًا. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، إنَّها واجِبَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو إسْحاقَ البَرْمَكِىُّ، وأبو الوَفاءِ.

وَالْمَشْرُوعُ ان يَذْبَحَ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، قوله: والمَشْرُوعُ أنْ يَذْبَحَ عنِ الغُلامِ شاتَيْن، وعنِ الجاريَةِ شاةً. وهذا بلا نِزاعٍ، مع الوِجْدانِ، ويُسْتَحَبُّ أنْ تكونَ الشَّاتَان مُتَقارِبتَيْن فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّنِّ والشَّبَهِ. نصَّ عليه. فإنْ عُدِمَ الشَّاتان، فواحِدَة، فإنْ لم يكُنْ عندَه ما يَعُقُّ، فقال الإِمامُ أحمدُ: يقْتَرِضُ، وأرْجُو أنْ يُخْلِفَ اللَّه عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقْتَرِضُ مع وَفاء، ويَنْويها عَقِيقَةً. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ خالَفَ وعَقَّ عنِ الذَّكَرِ بكَبْشٍ، أجْزَأ. الثَّانيةُ، قوْلُه: يَوْمَ سابِعِه. قال فى «الرَّوْضَةِ»: مِن مِيلادِ الوَلَدِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «عُيُونِ المسَائلِ»: يُسْتَحَبُّ ذَبْحُ العَقِيقَةِ ضَحْوَةَ النَّهارِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وذكَرَ ابنُ البَنَّا، أنَّه يذْبَحُ إحْدَى الشَّاتَيْن يَوْمَ الوِلادَةِ، والأُخْرَى يومَ سابِعِه. الثَّالثةُ، ذَبْحُها يَوْمَ السَّابعِ أفْضَلُ، ويجوزُ ذَبْحُها قبلَ ذلك، ولا يجوزُ قبلَ الوِلادَةِ. الرَّابعةُ، لو عَقَّ ببَدَنةٍ أو بَقَرَةٍ، لم تُجْزِئْه إلَّا كامِلَةً. نصَّ عليه. قال فى «النِّهَايَةِ»: وأفْضلُه شَاةٌ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه فى أُضْحِيَةٍ. الخامسةُ، يُسْتَحبُّ تَسْمِيَةُ المَوْلودِ يَوْمَ السَّابعِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم. وقيل: أو قبلَه. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم فى «آدَابِها»، أنَّه يُسَنُّ يومَ الوِلادَة، وهى حَقٌّ للأبِ لا للأُمِّ. السَّادِسةُ، لو اجْتمَعَ عَقِيقَة وأُضْحِيَةٌ، فهل يُجْزِئُ عنَ العَقِيقَةِ إنْ لم يَعُقَّ؟ رِوايَتان مَنْصُوصَتان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ». وظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، الإِجْزاءُ. قال فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ: أرْجُو أنْ تُجْزِئُ الأُضْحِيَةُ عن العَقِيقَةِ. قال فى «القَواعِدِ»: وفى مَعْناه لو اجْتمَعَ هَدْىٌ وأُضْحِيَةٌ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه لا تَضْحِيَةَ بمَكَّةَ، وإنَّما هو

تُذْبَح يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ وَرِقًا. فَإِنْ فَاتَ، فَفِى أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِنْ فَاتَ، فَفِى إِحْدَى وَعِشْرِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الهَدْىُ. قوله: ويَحْلِقَ رَأْسَه، ويتَصَدَّقَ بوَزْنِه وَرِقًا. يَعْنِى، يَوْمَ السَّابعِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: ليس فى حَلْقِ رأْسِه ووَزْنِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَعَرِه سُنَّةٌ وَكيدَةٌ، وإنْ فعَلَه فحَسَنٌ، والعَقِيقَةُ هى السُّنَّةُ. تنبيه: الظَّاهِرُ أنَّ مُرادَه بالحَلْقِ الذَّكَرُ. وهو الصَّحيحُ، وعليه الأكثرُ. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». وقال الأزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: لا فَرْقَ فى اسْتِحْباب الحَلْقِ بينَ الذُّكورِ والإناثِ. قال: ولعَلَّه يخْتَصُّ بالذُّكورِ؛ إذِ الإناثُ يُكْرَهُ فى حَقِّهِنَّ الحَلْقُ. قال ابنُ حَجَرٍ فى «شَرْحِه»: وعن بعضِ الحَنابِلَةِ، يَحْلِقُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ (¬1) الموْلُودِ بدَمِ العَقِيقَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «الخِصَالِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ونقَل حَنْبَلٌ، هو سُنَّةٌ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيلَ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. وانظر: المغنى 13/ 398.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلْ يلَطَّخُ بخَلوقٍ (¬1). قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أوْلَى. قال ابنُ البَنَّا، وأبو حَكيمٍ: هو أفْضَل مِنَ الدمِ. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإنْ فاتَ، ففى أرْبَعَ عشْرَةَ، فإنْ فَات ففى إحْدَى وعِشْرِين. أنَّه لا يعْتَبر الأسابِيعُ بعدَ ذلك، فيَعُقُّ بعدَ ذلك فى أىِّ يَوْمٍ أرادَ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وصحَّحه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قلت: وهو الصَّواب. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإنْ فاتَ، ففى إحْدَى وعِشْرِين أو ما بعدَه. قال فى «الكافِى»: فإنْ أخَّرَها عن إحْدَى وعِشْرِين، ذَبحَها بعدَه؛ لأنَّه قد تحَقّقَ سبَبُها. والوَجْهُ الثَّانى، يُسْتَحَبُّ اعْتِبارُها، فيُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ فى الثَّامِنِ والعِشْرِين، فإنْ فاتَ، ففى الخامِسِ والثَّلاِثين. ¬

(¬1) الخلوق والخِلاق: ضرب من الطيب، أعظم أجزائه الزعفران.

وَيَنْزِعُهَا أَعْضَاءً، وَلَا يَكْسِرُ عَظْمَهَا، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الأُضْحِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى هذا فَقِسْ. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وعنه، تَخْتَصُّ العَقِيقَةُ بالصَّغِيرِ. فائدة: لا يَعُقُّ غيرُ الأبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرَّوْضَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيَرِهم: إذا بلَغَ، عَقَّ عن نَفْسِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: تأسيًا بالنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأطْلقَهما فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال الحافِظُ ابنُ حَجَر فى «شَرْحِه»: وعنِ الحَنابِلَةِ، يتَعَين الأبُ، إلَّا إنْ تَعذَّرَ بمَوْتٍ أو امْتِناعٍ. قوله: وحُكْمُها حُكْمُ الأُضْحِيَةِ. هكذا قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ذكَرَه جماعَة. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُجْزِئُ فيها شِرْكٌ فى بَدَنَةٍ ولا بقَرَةٍ، كما تقدَّم، وأنه ينْزِعُها أعْضاءً، ولا يَكْسِرُ لها عَظْمًا، على القَوْلَيْن. والمنْصُوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه يُباعُ الجِلْدُ والرَّأْسُ والسَّواقِطُ، ويُتَصَدَّقُ بثَمَنهِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وصحَّحه الناظِمُ. وحمَلَ ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ على ذلك. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويُشارِكُها فى أكثرِ أَحْكامِها؛ كالأَكْلِ، والهَديةِ، والصَّدَقَةِ، والضَّمانِ، والوَلَدِ، واللَّبَنِ، والصُّوفِ، والزَّكاةِ، والرُّكوبِ، وغيرِ ذلك، ويجوزُ بَيْعُ جِلْدِها وسَواقِطِها ورَأْسِها، والصَّدَقَةُ بثَمَنهِ. نصَّ عليه. انتهى. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أنْ يُنْقَلَ حُكْمُ إحْداهما إلى الأُخْرَى، فيُخَرجَ فى المسْأَلَةِ رِوايَتان. انتهى. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وحُكْمُها، فيما يُجْزِئُ مِنَ الحَيوانِ، وما يُجْتَنَبُ فيها مِنَ العُيوبِ وغيره، حكمُ الأُضْحِيَةِ. قال الشَّارِح: ويَحْتَمِلُ أنْ يُفَرقَ بينَهما، مِن حيثُ إنَّ الأُضْحِيَةَ ذَبِيحَة شُرِعَتْ يوَم النَّحْرِ، فأَشْبَهَتِ الهَدْى، والعَقِيقَةَ شُرِعَت عندَ سُرورٍ حادِثٍ وتَجَدُّدِ نِعْمَة، أشْبَهَتِ الذَّبْحَ فى الوَلِيمَةِ، ولأنَّ الذَّبِيحَةَ لم تخْرُجْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن مِلْكِه هنا، فكانَ له أنْ يفْعَلَ فيها ما شاءَ مِن بَيْعٍ وغيرِه. انتهى. قال فى «الرِّعايَة الكُبْرى»: والتَّفْرِقَةُ أشْهَرُ وأظْهَرُ. ولم يَعْتَبِرِ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ التَّمْلِيكَ. وقال المُصَنِّفُ ومَن تَبِعَه: وإنْ طبَخَها وَدعا إخْوانَه، فحَسَن. فوائد؛ إحْداها، طَبْخُها أفْضَلُ. نصَّ عليه. وقيلَ لأحمدَ: يشُقُّ عليهم. قال: يتَحَمَّلُون ذلك. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يُستَحَبُّ أنْ يُطبخَ مها طَبِيخٌ حُلْوٌ، تَفاؤُلًا بحَلاوَةِ أخْلاقِه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: يُسْتَحَبُّ أنْ يُعْطِىَ القابِلَةَ مها فَخِدًا. الثَّانيةُ، يُؤذَّنُ فى أُذُنِ المَوْلُودِ حينَ يُولَدُ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُؤذَّنُ فى اليُمْنَى، ويُقامُ فى اليُسْرَى. الثَّالثةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يُحَنَّكَ

وَلَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ؛ وَهِىَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ، وَلَا الْعَتِيرَةُ؛ وَهِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَمْرَةٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: بتَمْرٍ أو حُلْوٍ وغيرِه. وتقدَّم متى يُخْتَنُ؟ فى بابِ السِّواكِ. قوله: ولا تُسَنُّ الفَرَعَةُ؛ وهى ذَبْحُ أوَّلِ ولَدِ النَّاقَةِ، ولا العَتِيرَةُ؛ وهى ذَبِيحَةُ

ذَبِيحَةُ رَجَبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَجَبٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم: يُكْرَهُ ذلك. ولا يُنافِيه ما تقدَّم.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الجهاد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الجِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ الجِهَادِ

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتَطِيعٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجِبُ إلَّا على ذَكَرٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتَطِيعٍ؛ وهو الصَّحِيحُ الواجِدُ

الْوَاجِدُ لِزَادِهِ وَمَا يَحْمِلُهُ إِذَا كَانَ بَعِيدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لزَادِه وما يَحْمِلُه إذا كان بَعِيدًا. فلا يَجِبُ على أُنْثَى، بلا نِزاعٍ، ولا خُنْثَى -صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرُهم- ولا عَبْدٍ، ولو أذِنَ له سَيِّدُه، ولا صَبِىٍّ، ولا مجْنُونٍ، ولا يجِبُ على كافرٍ. صرَّح به الأصحابُ، وصرَّح به المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ، فى أوَاخِرِ قِسْمَةِ الغَنائمِ. قوله: مُسْتَطيعٍ؛ وهو الصَّحِيحُ. هذا شَرْطٌ فى الوُجوبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يَلْزَمُ العاجِزَ ببَدَنِه فى مالِه. اخْتارَه الآجُرِّىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وجزَم به القاضى فى «أحْكامِ القُرآنِ»، فى سُورَةِ بَراءَةٍ. فعلى المذهب، لا يَلْزَمُ ضَعِيفًا، ولا مرِيضًا مرَضًا شديدًا. أمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المرَضُ اليَسِيرُ الذى لا يَمْنَعُ الجِهَادَ، كوَجَعِ الضِّرْسِ، والصُّداعِ الخَفيفِ، فلا يَمْنَعُ الوُجُوبَ. ولا يَلْزَمُ الأعْمَى، ويَلْزَمُ الأعْوَرَ، بلا نِزاعٍ. وكذا الأعْشَى؛ وهو الذى يُبْصِرُ بالنَّهارِ. ولا يَلْزَمُ أشَلَّ، ولا أقْطَعَ اليَدِ أو الرِّجْلِ، ولا مَن أكثرُ أصابِعِه ذاهِبَةٌ، أو إبْهامُه، أو ما يَذْهَبُ بذَهابِه نَفْعُ اليَدِ أو الرِّجْلِ. ولا يَلْزَمُ الأعْرَجَ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: العرَجُ اليَسِيرُ الذى يتَمَكَّنُ معه مِنَ الرُّكوبِ والمَشْى، وإنَّما يتَعذَّرُ عليه شِدَّةُ العَدْو، فلا يَمْنَعُ. قال فى «البُلْغَةِ»: يَلْزَمُ أعْرَجَ يَسِيرًا. وقال فى «المُذْهَبِ»، بعدَ تَقْديمِه عدَمَ اللُّزوم: وقد قيلَ فى الأَعْرَجِ: إنْ كان يقْدِرُ على المَشْى، وجَب عليه. قوله: وهو الواجِدُ لزَادِه. كذا قال الجُمهورُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُحَرَّرِ»، ومَن تابَعَه: وهو الصَّحيحُ الواجِدُ بمِلْكٍ أو بَذْلٍ مِنَ الإِمامِ. منهم صاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: بَعِيدًا. مَسافَةُ القَصْرِ. فائدة: فَرْضُ الكِفايَةِ واجِبٌ على الجميعِ. نصَّ عليه فى الجهَادِ. وإذا قامَ به مَن يكْفِى، سقَط الوُجوبُ عن البَاقِى، لكنْ يكونُ سُنَّةً فى حَقِّهم. صرّح به فى «الرَّوْضَةِ». وهو مَعْنَى كلامِ غيرِه، وأنّ ماعدَا القِسْمَيْن هنا سُنَّة. قاله فى «الفُروعِ». قلتُ: إذا فُعِلَ فرْضُ الكِفايَةِ مرتَيْن، ففى كوْنِ الثَّانِى فَرْضًا وَجْهان. وأطْلقَهما فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال: وكلامُ

وَأقَلُّ مَا يُفْعَلُ مَرَّةً فِى كُلِّ عَامٍ، إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ حَاجَةٌ إِلَى تَأْخِيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِى أنَّ فَرْضِيَّته محَلُّ وِفاقٍ، وكلامُ أحمدَ مُحْتَمِلٌ. انتهى. وقدَّم ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصُولِه»، أنَّه ليس بفرْضٍ. ويَنْبَنِى على الخِلافِ جَوازُ فِعْلِ الجِنازَةِ ثانيًا بعدَ الفَجْرِ والعَصْرِ. وإنْ فعَلَه الجميعُ، كان كلُّه فرْضًا. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ محَلَّ وِفاقٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لعَلَّه إذا فعَلُوه جميعًا، فإنه لا خِلافَ فيه. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ؛ يجِبُ الجِهادُ باللِّسانِ، فيَهْجُوهم الشَّاعِرُ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الأمْرَ بالجِهادِ؛ منه ما يكونُ بالقَلْبِ، والدَّعْوَةِ، والحُجَّةِ، والبَيانِ، والرَّأْى، والتَّدْبيرِ، والبَدَنِ. فيَجِبُ بغايَةِ ما يُمْكِنُه. قوله: وأقَلُّ ما يُفْعَلُ مَرَّةً فى كُلِّ عَامٍ. مُرادُه، مع القُدْرَةِ على فِعْلِه. قوله: إلَّا أنْ تَدْعُوَ حاجَةٌ إلى تَأخِيرِه. وكذا قال فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: فى كلِّ عامٍ مرَّة مع القُدْرَةِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: للإِمامِ تأْخِيرُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لضَعْفِ المُسْلمِينَ. زادَ فى «الرِّعايَةِ»، أو قِلَّةِ عَلَفٍ فى الطَّريقِ، أو انْتِظارِ مَدَدٍ (¬1)، أو غيرِ ذلك. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: فإنْ دَعَتْ حاجَةٌ إلى تأخيرِه، مِثْلَ أنْ يكونَ بالمُسْلمِين ضَعْفٌ فى عدَدٍ أو عُدَّةٍ، أو يكونَ مُنْتَظِرًا لمَدَدٍ يَسْتَعِينُ به، أو يكونَ فى الطَّريقِ إليهم مانِعٌ، أو ليس فيها عَلَفٌ أو ماءٌ، أو يعلَمَ مِن عَدُوِّه حُسْنَ الرَّأْى فى الإِسْلامِ، ويَطْمَعَ فى إسْلامِهم إنْ أخَّرَ قِتالَهم، ونحوِ ذلك، جازَ تَرْكُه. وقال فى «الفُروعِ»: ويُفْعَلُ كلَّ عام مَرَّةً، إلَّا لمانِعٍ بطَريقٍ، ولا يُعْتبَرُ أمْنُها؛ فإنَّ وَضْعَه على الخَوْفِ. وعنه، يجوزُ تأْخيرُه لحاجَةٍ. وعنه، ومصْلَحَةٍ، كرَجاءِ إسْلامٍ. وهذا الذى قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، خِلافُ ما قطَعا به. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «مراد».

وَمَنْ حَضَرَ الصَّفَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ، أَوْ حَصَرَ الْعَدُوُّ بَلَدَهُ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قوله: ومَن حضَر الصَّفَّ مِن أهْلِ فَرْضِ الجِهَادِ، أو حضَر العَدُوُّ بَلَدَه، تَعَيَّنَ عليه. بلا نِزاعٍ. وكذا لو اسْتَنْفَرَه مَن له اسْتِنْفارُه، بلا نِزاعٍ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: مِن أهْلِ فَرْضِ الجِهَادِ، تعَيَّنَ عليه. أنَّه لا يتَعَيَّنُ على العَبْدِ إذا حضَر الصَّفّ، أو حضَر العَدُوُّ بلَدَه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ ما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وصححه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، فى بابِ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ عندَ اسْتِئْجارِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يتَعَيَّنُ عليه والحالَةُ هذه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّ قِياسَ المذْهبِ (¬1) إِيجابُهُ على النِّـ … ـسا فى حُضورِ الصَّفِّ دَفْعًا وأعْبُدِ وقال فى «البُلْغَةِ» هنا: ويجِبُ على العَبْدِ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقال أيضًا: هو فَرْضُ عَيْنٍ فى مَوْضِعَيْن؛ أحَدُهما، إذا الْتَقَى الزَّحْفان وهو حاضِرٌ. والثَّانى، إذا نَزَل (¬2) الكُفَّارُ بَلَدَ المُسْلِمِين، تعَيَّنَ على أهْلِه النَّفِيرُ إليهم، إلَّا لأحَدِ رَجُلَيْن؛ مَن تَدْعُو الحاجَةُ إلى تَخَلُّفِه؛ لحِفْظِ الأهْلِ أو المَكانِ أو المالِ، والآخَرُ، مَن يَمْنَعُه الأميرُ مِنَ الخُروجِ هذا فى أهْلِ النَّاحِيَةِ ومَن بقُرْبِهم. أمَّا البَعِيدُ على مَسافَةِ القَصْرِ، فلا يجِبُ عليه، إلَّا إذا لم يكُنْ دُونَهم كِفايَة مِنَ المُسْلِمِين. انتهى. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ»، وقال: أو كان بعيدًا، وعجَز عن قَصْدِ العَدُوِّ. قلتُ: أو قَرُبَ منه وقدَر على قَصْدِه، لكِنَّه معْذُورٌ بمَرَضٍ أو نحوِه. أو بمَنْعِ أمِيرٍ أو غيرِه بحَقٍّ، كحَبْسِه بدَيْنٍ. انتهى. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أو حضَر العَدُوُّ بلَدَه. أنَّه لا يَلْزَمُ البَعِيدَ. وهو صحيحٌ، إلَّا أنْ تَدْعُوَ حاجَة لحُضُورِه. كعدَمِ كِفايَةِ الحاضِرين للعَدُوِّ، فيَتَعَيَّنُ أيضًا على البعِيدِ. وتقدَّم كلامُه فى «البُلْغَةِ». تنبيه آخَرُ: قوله: أو حضَر العَدُوُّ بلَدَه. هو بالضَّادِ المُعْجَمَةِ. وظاهِرُ بَحْثِ ابنِ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، أنَّه بالمُهْمَلَةِ، وكلامُه مُحتَمِلٌ، لكِنَّ كلامَ الأصحابِ صَرِيحٌ فى ذلك، ويَلْزَمُ مِنَ الحَصْرِ الحُضُورُ، ولا عكس. فوائد؛ لو نُودِىَ بالصَّلاةِ والنَّفِيرِ معًا، صلَّى ونفَر بعدَها، إنْ كان العَدُوُّ بعيدًا، وإنْ كان قرِيبًا نفَر وصلَّى راكِبًا، وذلك أفْضَلُ. ولا يَنْفِرُ فى خُطبةِ الجُمُعَةِ، ولا ¬

(¬1) فى ط، وعقد الفرائد: «الحكم». (¬2) فى الأصل، ط: «ترك».

وَأفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ الإِقامَةِ لها. نصَّ على الثَّلاثِ. ونقَل أبو داودَ فى المَسْأَلَةِ الأخيرةِ، يَنْفِرُ إنْ كان عليه وَقْتٌ. قلتُ: لا يَدْرِى نَفِيرُ حَقٍّ، أمْ لا؟ قال: إذا نادَوْا بالنَّفِيرِ، فهو حَقٌ. قلتُ: إنَّ أكثرَ النَفِيرِ لا يكونُ حقًّا. قال: يَنْفِرُ بكَوْنِه يعْرِفُ مَجِئَ عَدُوِّهم كيفَ هو؟ قوله: وأفْضَلُ ما يُتَطَوَّعُ به الجِهَادُ. هذا المذهبُ. أطْلَقَه الإِمامُ أحمدُ والأصحابُ. وقيل: الصَّلاةُ أفْضَلُ مِنَ الجِهادِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ صلاةِ التطوُّعِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» هناك، و «الحَواشِى». وقال الشّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اسْتِيعابُ عَشْرِ ذِى الحِجَّةِ بالعِبادَةِ لَيْلًا ونَهارًا، أفْضَلُ مِنَ الجِهادِ الذى لم تَذْهَبْ فيه نَفْسُه ومالُه، وهى فى غيرِه بعَدْلِه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ غيرِه. وعنه، العِلْمُ تعَلُّمُه وتَعْليمُه أفْضَلُ مِنَ الجِهادِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وتقدَّم ذلك فى أوَّلِ صلاةِ التَّطَوُّعِ بأتَمَّ مِن هذا. فوائد؛ إحْداها، الجِهادُ أفْضَلُ مِنَ الرِّباطِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقالَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو المَنْصُوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ ابنِه عَبْدِ اللَّهِ، وابنِ الحَكَمِ، فى تَفْضِيل تَجْهِيزِ الغازِى على المُرابطِ مِن غيرِ غَزْوٍ. وقال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: الرِّباطُ أفْضَلُ مِنَ الجِهادِ؛ ولأنَّ الرِّباطَ أصْلُ [الجِهَادِ وفَرْعُه] (¬1)؛ لأنَّه مَعْقِلٌ للعَدُوِّ، ورَدٌّ لهم عنِ المُسْلِمِين. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: العمَلُ بالقَوْسِ والرُّمْحِ أفْضَلُ مِنَ النَّفْرِ، وفى غيرِها نظيرُها. وتقدّم ذلك أيضًا هناك فى أوَّلِ صلاةِ التَّطَوُّعِ. الثَّانيةُ، الرِّباطُ أفْضَلُ مِنَ المُجاوَرَةِ بمَكَّةَ. وذكَرَه الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ إجْماعًا. والصَّلاةُ بمَكَّةَ أفْضَلُ مِنَ الصَّلاةِ بالثَّغْرِ. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، قِتَالُ أهْلِ الكِتابِ أفْضَلُ مِن غيرِهم. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ¬

(¬1) فى أ: «والجهاد فرعه».

وَغَزْوُ الْبَحْرِ أفضلُ مِنْ غَزْوِ الْبَرِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهما. تنبيه: قوْلُه: وغَزْوُ البَحْرِ أفْضَلُ مِن غَزْوِ البَرِّ، ويَغْزُو مع كُلِّ بَرٍّ وفاجرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. وذلك بشَرْطِ أنْ يَحْفَظَا المُسْلِمِين، ولا يكونَ أحَدٌ فهم مُخَذِّلًا، ولا

وَيُغْزَى مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرْجِفًا، ونحوُهما، ويُقدِّمُ القَوِىَّ منهما. نصَّ على ذلك.

وَيُقَاتِلُ كُلُّ قَوْمٍ مَنْ يَليهِمْ مِنَ الْعَدُوِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَهُوَ لُزُومُ الثَّغْرِ لِلْجِهَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَمامُ الرِّباطِ أرْبَعُون لَيْلَةً، وهو لُزُومُ الثَّغْرِ للجِهَادِ. هكذا قالَه الإِمامُ أحمدُ فيهما. ويُسْتَحَبُّ ولو ساعَةً. نصَّ عليه. وقال الآجُرِّىُّ، وأبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ الجَوْزِىِّ، وغيرُهم: وأقَلُّه ساعةٌ. انتهى. وأفْضَلُ الرِّباطِ، أشَدُّه خَوْفًا. قالَه الأصحابُ.

وَلَا يُسْتَحَبُّ نَقْلُ أَهْلِهِ إِلَيْهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خيْرٌ مِنْ أَلفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَحَبُّ نَقْلُ أهْلِه إليه. يعْنِى، يُكْرَهُ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل حَنْبَلٌ، يَنْتَقِلُ بأهْلِه إلى مَدِينَةٍ تكونُ مَعْقِلًا للمُسْلِمِين، كأنطاكِيَةَ، والرَّمْلَةِ، ودِمَشقَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ هذا، إذا كان الثَّغْرُ مَخُوفًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فإنْ كان الثَّغْرُ آمِنًا، لم يُكْرَهْ نقْلُ أهْلِه إليه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيلَ: لا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف هنا، وظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. فأمَّا أهْلُ الثُّغورِ، فلابُدَّ لهم مِنَ السُّكْنَى بأهْلِيهم، لولا ذلك لخَرِبَتِ الثغُورُ وتعَطلَتْ. فائدة: يُسْتَحَبُّ تَشْيِيعُ الغازِى لا تَلَقِّيه. نصَّ عليه، وقالَه الأصحابُ؛ لأنَّه، تَهْنِئَةٌ بالسَّلامَةِ مِنَ الشَّهادَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه حَجٌ، وأنَّه يقْصِدُه للسَّلامِ. ونُقِلَ عنه فى حَجٍّ، لا، إلَّا إنْ كان قَصَدَه، أو كان ذا عِلْمٍ، أو هاشِمِيًا، أو يخافُ شَرَّه. وشيَّعَ أحمدُ أُمَّه للحَجِّ. وقال فى «الفُنونِ» (¬1): وتَحْسُنُ التهْنِئَةُ بالقُدومِ للمُسافِرِ. وفى «نِهايَةِ أبى المَعالِى»، تُسْتَحَبُّ زِيارَةُ القادِمِ. وقال ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الفتوى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعَايَةِ»: يُوَدِّعُ القاضى الغازِىَ والحَاجَّ، ما لم يَشْغَلْه عنِ الحُكْمِ. وذكَر الآجُرِّىُّ اسْتِحْبابَ تَشْيِيعِ الحَاجِّ ووَدَاعِه، ومَسْأَلتِه أنْ يَدْعُوَ له.

وَتَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى مَنْ يَعْجِزُ عَنْ إِظْهَارِ دِينِهِ فِى دَارِ الْحَرْبِ، وَتُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجِبُ الهِجْرةُ على مَن يَعْجِزُ عن إظْهارِ دِينِه فى دَارِ الحَرْبِ. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. فدارُ الحَربِ؛ ما يغْلِبُ فيها حُكْمُ الكُفْرِ. زادَ بعضُ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوِيَيْن»، أو بَلَدُ (¬1) بُغاةٍ، أو بدْعَةٍ، كرَفْضٍ واعْتِزَالٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وذلك مُقَيَّدٌ بما إذا أطاقَه، فإذا أَطاقَه، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «بلده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجبَتِ الهِجْرَةُ، ولو كانتِ امْرَأةً فى العِدَّةِ، ولو بلا راحِلَةٍ ولا مَحْرَم. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ، فى قوْلِه: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (¬1) عنِ القاضى، أنَّ الهِجْرَةَ كانتْ فَرْضًا إلى أنْ فُتِحَتْ مَكةُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال فى «عُيونِ المسَائلِ»، فى الحَجِّ بمَحْرَمٍ: إنْ أمِنَتْ على نَفْسِها مِنَ الفِتْنَةِ فى دِينِها، ¬

(¬1) سورة النساء 88.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تُهاجِرْ إلَّا بمَحْرَمٍ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: إنْ أمْكَنَها إظْهارُ دِينِها، وأَمِنَتْهُم على نَفْسِها، لم تُبَحْ إلَّا بمحْرَمٍ كالحَجِّ، وإنْ لم تَأمَنْهم , جاز الخُروجُ حتى وحدَها، بخِلافِ الحَجِّ. قوله: وتُسْتَحَبُّ لمَن قدَر عليه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» , و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: يجِبُ عليه. وأطْلَقَ. قاله فى «الفُروعِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لا يُسَنُّ لامْرأةٍ بلا رُفْقةٍ. فائدة: لا تجِبُ الهِجْرَةُ مِن بين أهْلِ المَعاصِى.

وَلَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ، وَمَن أحَدُ أبَوَيْهِ مُسْلِمٌ، إِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُجاهِدُ مَن عليه دَيْنٌ لا وَفاءَ له، إلا بإذْنِ غَرِيمِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقيلَ: يَسْتَأذِنُه فى دَيْنٍ حالٍّ فقط. وقيلَ: إنْ كان المَدْيُونُ جُنْدِيًّا موْثُوقًا، لم يَلْزَمْه اسْتِئْذانُه، وغيرُه يَلْزَمُه. قلتُ: يأتِى حُكْمُ هذه المسْأَلَةِ فى أوَّلِ كتابِ الحَجْرِ بأتمِّ مِن هذا مُحَرَّرًا. فعلى المذهبِ، لو

بِإِذْنِ غَرِيمِهِ، وَأَبِيهِ، إِلَّا أنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِى تَرْكِ فَرِيضَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أقامَ له ضامِنًا، أو رَهْنًا مُحْرَزًا , أو وَكِيلًا يقْضِيه، جازَ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قوْلِه: لا وَفاءَ له. أنَّه إنْ كان له وَفاءٌ، يُجاهِدُ بغيرِ إذْنِه. وهو صحيحٌ. وصرَّح به الشَّارِحُ وغيرُه. وكلامُه فى «الفُروعِ» كلَفْظِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ. وقيل: لا يُجاهِدُ إلَّا بإذْنِه أيضًا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم؛ لإطلاقِهم عدَمَ المُجاهدَةِ بغيرِ إذْنِه. قلتُ: لعَلَّ مُرادَ مَن أطْلَقَ، ما قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه، وتَكونُ المَسْألةُ قوْلًا واحدًا، ولكِن صاحِبَ «الرِّعايَةِ»، ومَن تابَعه، حكَى وَجْهَيْن، فقالوا: ويَسْتَأْذِنُ المَدْيُونُ. وقيلَ: المُعْسِرُ. الثَّانى، عُمومُ قوْلِه: ومَن أحَدُ أبوَيْه مُسْلِمٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا بإذْنِ أبيه. يَقْتَضِى وُجوبَ استِئْذانِ الأبوَيْن الرَّقِيقَين المُسْلِمَين، أو أحَدِهما كالحُرَّين. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وصاحبِ «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجِبُ استِئْذانُه. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وهو المذهبُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «اْلمُنَوِّرِ»، و «النَّظْمِ»، وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن أحَدُ أبوَيْه مُسْلِمٌ -وقيلَ: أو رَقِيقٌ- لم يتَطَوَّعْ بلا إذْنِه، ومع رِقِّهما فيه وَجْهان. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا إذْنَ لجَدٍّ ولا لجَدَّةٍ. ذكَرَه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يحْضُرُنى الآنَ (¬1) عن أحمدَ فيه شئٌ. ويتَوَجَّهُ تخْرِيجٌ واحْتِمالٌ فى الجَدِّ أبى الأبِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «إلا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، أنَّه كالأَبِ فى الاسْتِئْذانِ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قوْلِه: إلَّا أنْ يَتَعَيَّنَ عليه الجِهَادُ، فإنَّه لا طَاعَةَ لهما فى تَرْكِ فَرِيضَةٍ. أنَّه إذا لم يتَعَيَّنْ، أنَّه لا يُجاهِدُ إلَّا بإذْنٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: حُكْمُ فَرْضِ الكِفايَةِ فى عدَمِ الاسْتِئْذانِ حُكمُ المُتَعيِّنِ عليه. الثَّانى، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّه، بقَوْلِه: فإنَّه لا طاعةَ لهما فى تَرْكِ فرِيضَةٍ. أنَّه يتَعَلَّمُ مِنَ العِلْمِ ما يقومُ به دِينُه مِن غيرِ إذْنٍ؛ لأنَّه فَرِيضَةٌ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: يجِبُ عليه فى نَفْسِه صَلاتُه وصِيامُه ونحوُ ذلك. وهذا خاصَّةً يَطْلُبُه بلا إذْنٍ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، فى مَن لا يَأْذَنُ له أبواه، يطْلُبُ منه بقَدْرِ ما يحْتاجُ إليه، العِلمُ لا يَعْدِلُه شئٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: مَن لَزِمَه التعَلُّمُ -وقيلَ: أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان فَرْضَ كِفايَةٍ. وقيل: أو نفْلًا- ولا يحْصُلُ ذلك ببَلَدِه، فله السَّفَرُ لطَلَبِه، بلا إذْنِ أبوَيْه. انتهى. وتقدَّم فى أوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلاةِ، هل يُجِيبُ أبوَيْه وهو فى الصَّلاةِ؟ وكذلك لو دَعاه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ مِنْ ضِعْفِهِمْ، إِلَّا مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ، أوْ مْتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ، وَإنْ زَادَ الكُفَّارُ، فَلَهُمُ الْفِرَارُ، إِلَّا أنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمُ الظَّفَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوله: ولا يَحِلُّ للمُسْلِمِين الفِرارُ مِن ضِعْفِهم، إلَّا مُتَحَرِّفِين لقِتَالٍ، أو مُتَحَيِّزِين إلى فِئةٍ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا (¬1)، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقال فى «المُنْتَخَبِ»: لا يَلْزَمُ ثبَاتُ واحدٍ لاثْنَيْن على الانْفِرادِ. وقال ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «عُيُونِ المسَائلِ»، و «النَّصِيحَةِ»، و «النِّهايَةِ»، و «الطَرِّيقِ الأقْرَبِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: يَلْزَمُه الثَّباتُ. وهو ظاهِرُ كلامِ مَن أطْلَقَ. ونقَلَه الأَثْرَمُ، وأبو طالِب. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قِتالَ دَفْعٍ أو طَلَبٍ، فالأَوَّلُ، بأنْ يكونَ العَدُوُّ كثيرًا لا يُطِيقُهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْلِمون، ويَخافُون أنَّهم إنِ انْصَرفُوا عنهم عَطَفُوا على مَن تَخَلَّفَ مِنَ المُسْلِمِين، فهُنا صرَّح الأصحابُ بوُجُوبِ بَذْلِ مُهَجِهم فى الدَّفْعِ حتى يَسْلَمُوا. ومِثْلُه، لو هجَم عَدُوٌّ على بِلادِ المُسْلِمِين، والمُقاتِلَةُ أقَلُّ مِنَ النِّصْفِ، لكنْ إنِ انْصَرفُوا اسْتَوْلَوْا على الحَرِيمِ. والثَّانى، لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بعدَ المُصَافَّةِ أو قبلَها، فقَبْلَها وبعدَها حينَ الشُّروعِ فى القِتالِ، لا يجوزُ الإِدْبارُ مُطلقًا، إلا لتَحَرُّفٍ أو تحَيُّزٍ. انتهى. يعْنى، ولو ظَنُّوا التَّلَفَ. [إذا عَلِمْتَ ذلك] (¬1)، فقال الأصحابُ: مَعْنَى التَّحَرُّفِ، أنْ يَنْحازَ إلى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعٍ يكونُ القِتالُ فيه أمْكَنَ، مثْلَ أنْ ينْحازَ مِن مُقابلَةِ الشَّمْسِ أو الرِّيحِ، ومِن نُزولٍ إلى عُلُوٍّ، ومِن مَعْطَشَةٍ إلى ماء، أو يَفِرَّ بينَ أَيْدِيهم ليَنْقُضَ صُفُوفَهم، أو تَنْفَرِدَ خَيْلُهم مِن رجَّالَتِهِم (¬1)، أو ليَجِدَ فيهم فُرْصَة، أو يَسْتَنِدَ إلى جبَلٍ، ونحوُ ذلكْ مما جرَت به عادَةَ أهْلِ الحَرْبِ. وقالُوا فى التَّحَيُّزِ إلى فِئَةٍ: سواءٌ كانتْ قرِيبَةً أو بعِيدَةً. قوله: فإنْ زَادَ الكُفارُ، فلَهمُ الفِرارُ. قال الجُمْهورُ: والفِرارُ أوْلَى والحالَةُ هذه، مع ظَنِّ التلَفِ بتَرْكِه. وأطْلَقَ ابنُ عَقِيلٍ فى «النُّسَخِ» استِحْبابَ الثَّباتِ للزَّائدِ على الضِّعْفِ. فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لو خَشِىَ الأَسْرَ، فالأوْلَى أنْ يُقاتِلَ حتى يُقْتَلَ، ولا يسْتَأْسِرُ، وإنِ اسْتَأْسَرَ جازَ؛ لقِصةِ خُبَيْبٍ وأصحابِه. ويأتِى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «رجالهم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامُ الآجُرِّىُّ قريبًا. قوله: إلَّا أنْ يَغلِبَ على ظَنهِم الظَّفَرُ. فليس لهم الفِرَارُ، ولو زَادُوا على أضْعَافِهم. وظاهِرُه وُجوبُ الثَّباتِ عليهم والحالَةُ هذه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ»، وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشِّيرَازِىِّ؛ فإنَّه قال: إذا كان العدُوُّ أكثرَ (¬1) مِن مِثْلَى المُسْلِمِين، ولم يُطِيقُوا قِتَالَهم، لم يَعصِ مَنِ انْهَزَمَ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجِبُ الثَّباتُ، بل يُسْتَحَبُّ. وهوِ المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقال الزَّرْكَشِىُّ: وهو المَعْروفُ عنِ الأصحابِ. [قال ابنُ مُنَجَّى] (¬1): وهو قوْلُ مَن عَلِمْنا مِنَ الأصحابِ. فائدة: لو ظَنُّوا الهَلاكَ فى الفِرارِ، وفى الثَّباتِ، فالأوْلَى لهم القِتالُ مِن غيرِ ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط.

وإنْ أُلقِىَ فِى مَرْكَبِهِمْ نَارٌ، فَعَلُوا مَا يَرَوْنَ السَّلَامَةَ فِيهِ، فَإنْ شَكُّوا، فَعَلُوا مَا شَاءُوا مِنَ الْمُقَامِ أوْ إلْقَاءِ نُفُوسِهِمْ فِى المَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إيجابٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ المُخْتارُ مِنَ الرِّوايتَيْن. وعنه، يَلْزَمُ القِتالُ والحالَةُ هذه. وهو ظاهِرُ الخِرَقِىِّ. قالَه فى «الهِدايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. قلتُ: وهو أوْلَى. قال الإِمامُ أحمدُ: ما يُعْجِبنِى أنْ يَسْتَأسِرَ، يُقاتِلُ أحَبُّ إلَىَّ، الأَسْرُ شدِيدٌ، ولابدَّ مِنَ المَوْتِ. وقد قال عمَّارٌ: مَنِ اسْتَأْسَرَ، بَرِئَتْ منه الذِّمةُ. فلهذا قال الآجُرِّىُّ: يأْثَمُ بذلك. فإنه قوْلُ أحمدَ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّه يُسَنُّ انْغِماسُه فى العَدُوِّ لمَنْفَعَةِ المُسْلِمِين، وإلَّا نُهِىَ عنه، وهو مِنَ التَّهْلُكَةِ. قوله: وإنْ أُلقِىَ فى مَرْكَبهم نَارٌ، فَعَلُوا ما يَرَوْنَ السَّلامَةَ فيه -بلا نِزاعٍ-

فصل

وَعَنْهُ، يَلْزَمُهُمُ الْمُقَامُ. فَصْلٌ: وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ شكُّوا، فَعلُوا ما شاءوا مِنَ المُقامِ أو إلْقاءِ نُفوسِهم فى الماءِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وعنه، يَلْزَمُهم المُقامُ. نَصَرَه القاضى وأصحابُه. قلتُ: وهو الصوابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْرُمُ ذلك. وحكَاه رِوايَةً عن أحمدَ، وصحَّحَها. قوله: ويَجوزُ تَبْيِيتُ الكُفَّارِ. بلا نِزاعٍ. ولو قُتِلَ فيه صَبِىٌّ أو امْرأةٌ أو غيرُهما ممَّن يَحْرُمُ قَتْلُهم إذا لم يَقْصِدْهم.

وَلَا يَجُوزُ إِحْرَاقُ نَحْلٍ، وَلَا تَغْرِيقُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ إحْرَاقُ نَحْلٍ، ولا تَغْرِيقُه. بلا نِزاعٍ. وهل يجوزُ أخْذُ شَهْدِه كلِّه بحيثُ لا يترَكُ للنَّحْلِ شئٌ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغةِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يجوزُ. قدَّمه فى

وَلَا عَقْرُ دَابَّةٍ وَلَا شَاةٍ، إِلَّا لِأَكْلٍ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والثَّانيةُ، لا يجوزُ. قوله: ولا عَقْرُ دَابَّةٍ ولا شَاةٍ، إلَّا لأَكْلٍ يُحْتَاجُ إليه. يعْنِى، لا يجوزُ فِعْلُه إلَّا لذلك. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الخرَقِىِّ. وعنه، يجوزُ الأكْلُ مع الحاجَةِ وعدَمِها فى غيرِ دَوابِّ قِتالِهم، كالبَقَرِ والغنَمِ. وجزَم به بعضُهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وذكَرَا ذلك إجْماعًا فى دَجاجٍ وَطيْرٍ. واخْتارا أيضًا جَوازَ قَتْلِ دَوابِّ قِتالِهم إنْ عجَز المُسْلِمون عن سَوْقِها، ولا يَدَعُها لهم. وذكرَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الوَجيزِ». قال فى «الفُروعِ»: وعكْسُه أشْهَرُ. قلت: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقال فى «البُلْغةِ»: يجوزُ قتْلُ ما قاتَلُوا عليه فى تلك الحالِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِح، وقالا: لأنَّه يُتَوَصَّلُ به إلى قَتْلِهم وهَزِيمَتِهم. وقالا: ليس فى هذا خِلافٌ. وهو كما قالا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو حُزْنا دَوابَّهم إلينا، لم يَجُزْ قَتْلُها إلَّا للأَكْلِ. ولو تَعذَّرَ حَمْلُ مَتاعٍ، فتُرِكَ ولم يُشْتَرَ، فلِلْأَميرِ أخْذُه لنَفْسِه وإحْراقُه. نصَّ عليهما، وإلَّا حَرُمَ؛ إذْ (¬1) ما جازَ اغْتِنامُه، حَرُمَ إتْلافُه، وإلَّا جازَ إتْلافُ غيرِ الحَيوانِ. قال فى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «إذا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البُلْغَةِ»: ولو غَنِمْناه، ثم عجَزْنا عن نَقْلِه إلى دارِنا، فقال الأمِيرُ: مَن أخَذ شيئًا، فهو له. فمَن أخَذ منه شيئًا، فهو له، وكذا إنْ لم يقُلْ ذلك فى أكثرِ الرِّواياتِ. وعنه، غَنِيمَة. الثَّانيةُ، يجوزُ إتْلافُ كُتُبِهم المُبْدَلَةِ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «البُلْغةِ»: يجِبُ إتْلافُها. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: يجِبُ إتْلافُ كُفْر أو تَبْديلٍ.

وَفِى حَرْقِ شَجَرِهِمْ وَزَرْعِهِمْ وَقَطْعِهِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، يَجُوزُ، إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ. وَالأُخْرَى، لَا يَجُوزُ، إِلَّا أنْ لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ، أوْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَه بِنَا، وَكَذَلِكَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ، وَفَتْحُ الْمَاءِ لِيُغْرِقَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى جَوَاز حَرْقِ شَجَرِهم وزَرْعِهم وقَطْعِه روايَتان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». اعْلمْ أنَّ الزَّرْعَ والشَّجَرَ ينْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، ما تدْعُو الحاجَةُ إلى إتْلافِه لغرَضٍ ما، فهذا يجوزُ قَطْعُه وحَرْقُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: بغيرِ خِلافٍ نعْلَمُه. الثَّانى، ما يتَضَرَّرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْلِمون بقَطْعِه، فهذا يَحْرُمُ قَطْعُه وحَرْقُه. الثَّالثُ، ما عدَاهُما، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِىِّ». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. والأُخْرى، لا يجوزُ، إلَّا أنْ لا يُقْدَرَ عليهم إلَّا به، أو يكونُوا يفْعَلُونه بنا. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقلَه واخْتارَه الأَكْثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه ناظمُ «المُفْرَداتِ»، وقال: هذا هو المُفْتَى به فى الأشْهَرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: لا يحْرِقُ شيئًا ولا بهِيمَةً، إلَّا أنْ يفْعَلُوه بنا. قال الإِمامُ أحمدُ: لأَنَّهم يُكافَئُون على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فِعْلِهم. قوله.: وكذلك رَمْيُهم بالنَّارِ، وفَتْحُ المَاءِ ليُغْرِقَهم. وكذا هَدْمُ عامِرِهم. يعْنِى، أنَّ رَمْيَهم بالنَّارِ، وفَتْحَ الماءِ ليُغْرِقَهم، كحَرْقِ شَجَرِهم وزَرْعِهم وقَطْعِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافًا ومذهَبًا. وهو إحْدَى الطريقَتَيْن. جزَم به الخِرَقِىُّ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و [«الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُقْنِعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم] (¬1). والطَّريقَةُ الثَّانيةُ، الجوازُ مُطْلَقًا. وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» بالجوازِ إذا عجَزُوا عن أخْذِه بغيرِ ذلك، وإِلَّا لم يَجُزْ. وأطْلَقهما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإذَا ظُفِرَ بِهِمْ، لَمْ يُقْتَل صَبِىٌّ، وَلَا امْرَأةٌ، وَلَا رَاهِبٌ، وَلَا شَيْخٌ فَانٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى، لَا رَأْىَ لَهُمْ، إِلَّا أنْ يُقَاتِلُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». قوله: وإذا ظُفِرَ بهم، لم يُقْتَلْ صَبِىٌّ، ولا امْرَأَةٌ، ولا رَاهِبٌ، ولا شَيْخٌ فَانٍ، ولا زَمِنٌ، ولا أعْمَى، لا رَأْىَ لهم، إلَّا أنْ يُقَاتِلُوا. قال الأصحابُ: أو يُحَرِّضُوا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيَّدَ بعضُ الأصحابِ عدَمَ قَتْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّاهِبِ بشَرْطِ عدَمِ مُخالَطَةِ النَّاسِ، فإنْ خالَطَ، قُتِلَ، وإلَّا فلا. والمذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُقْتَلُ مُطْلَقًا. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، فى المَرْأةِ، إذا تكَشَّفَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وشَتَمَتِ المُسْلِمِين: رُمِيَتْ. وظاهِرُ نُصوصِه وكلامِ الأصحابِ، لا تُرْمَى. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على قوْلِ المُصَنِّفِ، غيرُ المَرْأَةِ مِثْلُها إذا فعَلَتْ ذلك. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُقْتَلُ غيرُ مَن سَمَّاهم. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: لا يُقْتَلُ العَبْدُ، ولا الفَلَّاحُ. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الإرْشادِ»: لا يُقْتَلُ الحُرُّ إلَّا بالشُّروطِ المُتَقَدِّمَةِ. ونقَل المرُّوذِىُّ، لا يُقْتَلُ مَعْتُوهٌ، مِثْلُه لا يُقاتِلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الخُنْثَى كالمرْأَةِ. صرَّح به المُصَنِّفُ فى «الكافِى». ويُقْتَلُ المرِيضُ إذا كان ممَّن لو كان صَحِيحًا قاتَلَ؛ لأنَّه بمَنزِلَةِ الإجْهازِ (¬1) على الجريحِ، إلَّا أنْ يكونَ مأْيُوسًا مِن بُرْئِه، فيكُونَ بمَنْزِلَةِ الزَّمِنِ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الاجتهاد».

فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِهِمْ، جَازَ رَمْيُهُمْ، وَيَقْصِدُ الْمُقَاتِلَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِن تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ، إِلَّا أَنْ يخافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَرْمِيَهُمْ، وَيَقْصِدُ الْكُفَّارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَتَرَّسُوا بمُسْلِمِين، لم يَجُزْ رَمْيُهم، إلَّا أنْ يخَافَ على المُسْلِمِين، فيَرْمِيَهم، ويَقْصِدُ الكُفَّارَ. هذا بلا نِزاعٍ. ومفْهُومُ كلامِه، أنَّه إذا لم يخَفْ على المُسْلِمِين، ولكِنْ لا يقْدِرُ عليهم إلَّا بالرَّمْى، عدَمُ الجَوازِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال القاضى: يجوزُ رَمْيُهم حالَ قِيامِ الحَرْبِ؛ لأنَّ تَرْكَه يُفْضِى إلى تَعْطيلِ الجِهَادِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال فى «الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»: فإنْ خِيفَ على الجيْشِ، أو فَوْتُ الفَتْحِ، رَمَيْنا بقَصْدِ الكُفَّارِ. فائدة: حيثُ قُلْنا: لا يَحْرُمُ الرَّمْىُ فإنَّه يجوزُ، لكنْ لو قتَل مُسْلِمًا، لَزِمَتْه الكفَّارَةُ، على ما يأْتِى فى بَابِه، ولا دِيَةَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ

وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا، لَمْ يَجُزْ لَهُ قَتْلُهُ حَتَّى يَأْتِىَ بِهِ الإمَامَ، إِلَّا أنْ يَمْتَنِعَ مِنَ السَّيْرِ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنَهُ إكْرَاهُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وعنه، عليه الدِّيَّةُ. ويأتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى كتابِ الجِنايَاتَ فى: فصْلٌ: والخَطَأ على ضَرْبَيْن. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: يجِبُ الرَّمْىُ، ويُكَفرُ، ولا دِيَةَ. قال الإِمامُ أحمدُ: لو قالُوا: ارْحَلُوا عنَّا، وإلَّا قَتَلْنا أسْراكُم. فَلْيَرْحَلُوا عنهم. قوله: ومَن أسَر أسِيرًا، لم يَجُزْ قَتْلُه حتَّى يَأْتِىَ به الإمامَ، إلَّا أنْ يَمْتَنِعَ مِنَ السَّيْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معه ولا يُمْكِنَه إكْرَاهُه. بضَرْبٍ أو غيرِه. هذا المذهبُ بهذَيْن الشَّرْطَيْن. قال فى «الفُروعِ»: جزَم به على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يجوزُ قَتْلُه مُطْلَقًا. وتوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ فى قَتْلِ المَريضِ. وفيه وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ قَتْلِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: لا يجوزُ قَتْلُه. ونقَل أبو طالِبٍ، لا يُخَلِّيه ولا يَقْتُلُه. فائدة: يحْرُمُ قَتْلُ أسيرٍ غيرِ ما تقدَّم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ الآجُرِّىُّ جوازَ قَتْلِه للمَصْلَحَةِ، كقَتْلِ بِلالٍ رَضِىَ اللَّهُ عنه أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، لعَنَه

وَيُخَيَّرُ الْأَميرُ فى الْأَسْرَى؛ بَيْنَ الْقَتْلِ، وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَالْمَنِّ، وَالْفِدَاءِ بِمُسْلِمٍ، أو بِمَالٍ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ بِمَالٍ، إلَّا غيْرَ الْكِتَابِىِّ، فَفِى اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا الأصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ، أسِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ رَضِىَ اللَّهُ عنه، وقد أعانَه عليه الأنْصارُ. فعلى المذهبِ، لو خالَفَ وفعَل، فإنْ كان المَقْتولُ رَجُلًا، فلا شئَ عليه، وإنْ كان صَبِيًّا أو امْرأةً، عاقَبَه الأميرُ، وغَرَّمَه ثَمَنَه غَنِيمَةً. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ومَن قتَل أسِيرًا قبلَ تخْيِيرِ الإِمامِ فيه، لم يَضْمَنْه، إلَّا أنْ يكونَ مَمْلُوكًا. قوله: ويُخَيِّرُ الأمِيرُ فى الأسْرَى بينَ القَتْلِ، والاسْتِرْقَاقِ، والمَنِّ، والفِدَاءِ بمُسْلِمٍ، أو مَالٍ. يجوزُ الفِداءُ بمالٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخِرَقِىُّ»، و «المُغْنِى»، فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، والقاضى فى «كُتُبِه»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وعنه، لا يجوزُ بمالٍ. ذَكَرَها المُصَنِّف. [ولم أرَها لغيرِه] (¬1). وهو وَجْهٌ فى «الهِدايَةِ» وغيرِها. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ». وأطْلَقَ الوَجْهَيْن فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ». وقال الخِرَقِىُّ، فى مَن لا يُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ: لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإسْلامُ، أو السَّيْفُ، أو الفِداءُ. وكذا قال فى «الإِيضَاحِ»، وابنُ عَقِيل فى «تَذْكِرَتِه»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر. فظاهِرُ كلامِ هؤلاءِ، أنَّه لا يجوزُ المَنُّ. وقال فى «الفُروعِ»، عن «الخِرَقِىِّ»: إنَّه قال: لا يُقْبَلُ فى غيرِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن لا يُقْبَلُ منه الجِزْيةُ إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيْفُ. والظَّاهِرُ، أنَّه ما راجعَ «الخِرَقِىَّ»، أو حصَل سقْطٌ؛ فإنَّ الفِدَاءَ مذْكُورٌ فى «الخِرَقِىِّ». وذكَر فى «الانْتِصارِ» رِوايَةً، يُجْبَرُ المَجُوسِىُّ على الإِسْلامِ. قوله: إلَّا غيرَ الكِتابِىِّ، ففى اسْتِرْقاتِه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، إحْداهما، يجوزُ اسْتِرْقاقُهم. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ اسْتِرْقاقُهم. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرَازِىُّ فى «الإيضاحِ». قال فى «البُلْغَةِ»: هذا أصحُّ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ جَوازُ اسْتِرْقاقِهم مَبْنِيًّا على أخْذِ الجِزْيَةِ منهم، فإنْ قُلْنا بجَوازِ أخْذِها، جازَ اسْتِرْقاقُهم، وإلَّا فلا. تنبيه: مُرادُه بأهْلِ الكتابِ، مَن تُقْبَلُ مِنه الجِزْيَةُ، فيَدْخُلُ فيهم المَجُوسُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه الأصحابُ. ومُرادُه بغيرِ أهْلِ الكتابِ، مَن لا تُقْبَلُ. منه الجِزْيَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: أبو الخَطَّابِ، وأبو محمدٍ، ومَن تَبِعَهما، يَحْكُون الخِلافَ فى غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أهْلِ الكِتابِ والمَجُوسِ، وأبو البَرَكاتِ جعَل مَناطَ الخِلافِ فى مَن لا يُقَرُّ بالجِزْيَةِ؛ فعلى قوْلِه: نَصارَى بَنِى تَغْلِبَ. يَجْرِى فيهم الخِلافُ؛ لعَدَم أخْذِ الجِزْيَةِ منهم. قال: ويَقْرُبُ مِن نحوِ هذا قوْلُ القاضِى فى «الرِّوايتَيْن»، فإنَّه حَكَى الخِلافَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُشْرِكِى العَرَبِ مِن أهْلِ الكِتابِ. تنبيه: مَحَلُّ الخِيَرَةِ للأَمِيرِ إذا كان الأسِيرُ حُرًّا مُقاتِلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنَّه لا يُسْتَرَقُّ مَن عليه وَلاءٌ لمُسْلِم. بخِلافِ وَلَدِه الحَرْبِىِّ؛ لبقَاءِ نسَبِه. قال الشَّارِحُ؛ وعلى قَوْلِ أبِى بَكْرٍ، لا يُسْتَرقُّ وَلَدُه أيضًا، إذا كان عليه وَلاءٌ كذلك. وأطْلَقهما فى «المُحَرّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يُسْتَرقُّ مَن عليه وَلاءٌ لذِمِّىٍّ (¬1) أيضًا. وجزَم به وبالذى قبلَه فى «البُلْغَةِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وفى رِقِّ مَن عليه وَلاءُ مُسْلِمٍ ¬

(¬1) فى ط: «كذمى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ذِمِّىٍّ، وَجْهان. فَائدة: لا يُبْطِلُ الاسْتِرْقَاقُ حَقَّ مُسْلِمٍ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الانْتِصارِ»: لا عمَلَ لسَبْى إلَّا فى مالٍ، فلا يسْقُطُ حَقُّ قَوَدٍ له أو عليه. وفى سُقُوطِ الدَّيْنِ مِن ذِمَّتِه، لضَعْفِها برِقِّه، كذِمَّةِ مَريضٍ، احْتِمالان. وقال فى «البُلْغَةِ»: يتْبَعُ به بعدَ عِتْقِه، إلَّا أنْ يغْنَمَ بعدَ إرْقاقِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَقْضِىَ منه دَيْنَه، فيَكونَ رِقُّه كمَوْتِه، وعليه يخْرُجُ حلُولُه برِقِّه. وإنْ أُسِرَ وأُخِذَ مالُه معًا، فالكُل للغانِمين، والدَّينُ باقٍ فى ذِمَّتِه. انتهى. وقيلَ: إنْ زَنَى مُسْلِمٌ بحَرْبِيَّةٍ وأحْبَلَها، ثم سُبِيَتْ، لم تُسْتَرَقَّ؛ لحَمْلِها (¬1) منه. قوله: ولا يَجُوزُ أنْ يخْتارَ إلَّا الأصْلَحَ للمُسْلِمِين. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يُسْتَحَبُّ أنْ يخْتارَ الأصْلَحَ. قلتُ: إنْ أرادَ أنَّه يُثابُ عليه، فَمُسَلِّمٌ، وإنْ أرادَ أنَّه يجوزُ له أنْ يَخْتارَ غيرَ الأصْلَحِ، ولو كان فيه ضَرَرٌ، فهذا لا يقُولُه أحَدٌ (¬2). فائدة: لو ترَدَّدَ رَأْىُ الإِمامِ ونظرُه فى ذلك، فالقَتْلُ أوْلَى. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. تنبيه: هذه الخِيَرَةُ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه، فى الأحْرارِ المُقاتِلَةِ، أمَّا العَبِيدُ والإماءُ؛ فالإِمامُ يُخَيَّرُ بينَ قَتْلِهم إنْ رَأَى، أو تَرْكِهم غَنِيمَةً كالبَهائِمِ. وأمَّا ¬

(¬1) فى ط: «كحملها». (¬2) فى حاشية ط: «حيث وجد ضرر فى شئ لم يجز اختياره حتى لو فرض وجود أصلح من جهة وفيه ضرر من جهة أخرى لم يجز اختياره والحالة إن أصلح وليس الكلام فى مثل هذا وإنما الكلام فيما إذا وجد أمر آخر أصلحه منه فهل يتعين على الإمام فعله الأصلح أو لا يتعين بل يستحب فعله حتى أنه لو اختار ما فيه صلاحية دون ما هو أصلح منه جاز له ذلك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّساءُ والصِّبْيانُ، فيَصِيرُون أرِقَّاءَ بنَفْسِ السَّبْى. وأمَّا مَن يَحْرُمُ قتْلُه غيرَ (¬1) النِّساءِ والصِّبْيان، كالشَّيْخِ الفانِى، والرَّاهِبِ، والزَّمِنِ، والأعْمَى، قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، والشَّارِحُ: لا يجوزُ سَبْيُهم. وحكَى ابنُ مُنَجَّى، عن المُصَنِّفِ أنَّه قال فى «المُغْنِى»: يجوزُ اسْتِرْقاقُ الشَّيْخِ، والزَّمِنِ. ولعَلَّه فى «المُغْنِى القَديمِ». وحكَى أيضًا عنِ الأصحابِ أنَّهم قالُوا: كلُّ مَن لا يُقْتَلُ، كالأعْمَى ونحوِه، يرِقُّ بنَفْسِ السَّبْى. وأمَّا المَجْدُ، فجَعل مَن فيه نَفعٌ مِن هؤلاءِ، حُكْمُه حُكْمُ النِّساءِ والصِّبْيان. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أعْدَلُ الأقْوْالِ. قلتُ: وهو المذهبُ. قطَعِ به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: والأسِيرُ القِنُّ غنِيمَةٌ، وله قَتْلُه، ومَن فيه نَفْعٌ لا يُقْتَلُ (¬2)، كامْرَأَةٍ وصَبِىٍّ ومَجْنُونٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «من»، وفى ط: «عن». وانظر: المغنى 13/ 49. (¬2) فى النسخ: «ولا يقتل» بزيادة الواو، ولا يستقيم بها المعنى.

فَإنْ أسْلَمُوا رَقُّوا فى الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأعْمَى، رَقِيقٌ بالسَّبْى. وفى «الوَاضحِ»: مَن لا يُقْتَلُ، غيرَ (¬1) المرْأَةِ والصَّبِىِّ، يُخَيَّرُ فيه بغيرِ قَتْلٍ. وقال فى «البُلْغَةِ»: المَرْأَةُ والصَّبِىُّ رَقِيقٌ بالسَّبْى، وغيرُهما يَحْرُمُ قَتْلُه ورِقُّه. قال: وله فى المَعْرَكَةِ قَتْلُ أبِيه وابنِه. قوله: وإنْ أسْلَمُوا رَقُّوا فى الحالِ. يعْنِى، إذا أسْلَمَ الأسِيرُ، صارَ رَقِيقًا فى الحالِ، وزالَ التَّخْيِيرُ فيه، وصارَ حُكْمُه حُكْمَ النِّساءِ. وهذا إحْدَى الرِّوايتَيْن، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِى». وقال: عليه الأصحابُ. وعنه، يَحْرُمُ قَتْلُه، ويُخَيَّرُ الإِمامُ فيه بينَ الخِصَالِ الثَّلاثِ الباقيَةِ. ¬

(¬1) فى ط: «عن».

وَمَنْ سُبِىَ مِنْ أَطْفَالِهِمْ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أَحدِ أَبوَيْهِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ». وقالَه فى «الكافِى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلحْناه فى الخُطْبَةِ. فعلى هذا، يجوزُ الفِداءُ ليتَخلَّصَ مِنَ الرِّقِّ، ولا يجوزُ رَدُّه إلى الكُفارِ. أطْلَقه بعضُهم. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يجوزُ رَدُّه إلى الكُفَّارِ، إلَّا أنْ يكونَ له مَن يَمْنَعُه، مِن عَشِيرَةٍ ونحوِها. فائدة: لو أسْلَمَ قبلَ أسْرِه، لم يُسْتَرَقَّ، وحُكْمُه حُكْمُ المُسْلِمِين، لكنْ لو ادَّعَى الأسِيرُ إسْلامًا سابِقًا يمْنَعُ رِقَّه، وأقامَ بذلك شاهِدًا وحلَف، لم يَجُزِ اسْتِرْقَاقُه. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وعنه، لا يُقْبَلُ إلَّا بشاهِدَيْن. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. وذكَرُوه فى بابِ أقْسامِ المَشْهُودِ به، ويأْتِى ذلك أيضًا هناك. قوله: ومَن سُبِىَ مِن أطْفالِهم مُنْفَرِدًا أو مع أحَدِ أُبوَيْه، فهو مُسْلِمٌ. إذا سُبِىَ

وَإنْ سُبِىَ مَعَ أَبَوَيْهِ، فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا، فهو مُسْلِمٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: بالإِجْماعِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه كافِرٌ. فائدة: المُمَيِّزُ المَسْبِىُّ كالطِّفْلِ فى كوْنِه مُسْلِمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذِهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ: يكونُ مُسْلِمًا ما لم يَبْلُغْ عشْرًا. وقيل: لا يُحْكَمُ بإسْلامِه حتَّى يُسْلِمَ بنَفْسِه، كالبالِغِ. وإنْ سُبِىَ مع أَحَدِ أبوَيْه، فهو مُسْلِمٌ؛ قالَه المُصَنِّفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أَكْثَرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم. قال القاضى: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يتْبَعُ أَبَاه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتَارَه أبو الخَطَّابِ. وعنه، يتْبَعُ المَسْبِىَّ معه منهما. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الآجُرِّىُّ. انتهى. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ». وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ». وقال فى «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»: وإنْ سُبِىَ مع أحَدِ أبَويْه، ففى إسْلامِه رِوايَتان. قال فى «الرِّعايتَيْن» وغيرِه: وعنه، أنَّه كافِرٌ. قوله: وإنْ سُبِىَ مع أَبَوَيْه، فهو على دِينِهما. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه مُسْلِمٌ. وهى مِنَ المُفْرَداتِ. فائدة: لو سَبَى ذِمِّىٍّ حَرْبِيًّا، تَبعَ سَابِيَه حيثُ يتْبَعُ المُسْلِمَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الحاوِى

وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِاسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْنِ، وَإنْ سُبِيَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَحَلَّتْ لِسَابِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَبِيرِ». وقيل: إنْ سبَاه مُنْفَرِدًا، فهو مُسْلِمٌ. قلتُ: يَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، بل هو ظاهِرُه. ونقَل عبدُ اللَّهِ، والفَضْلُ، يتْبَعُ مالِكًا مُسْلِمًا، كسَبْىٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويأْتِى فى آخِرِ بابِ المُرْتَدِّ، إذا ماتَ أَبُو الطِّفْلِ الكافِرُ أو أُمُّه الكافِرَةُ، أو أسْلَما أو أحَدُهما. قوله: ولا يَنْفَسِخُ النِّكاحُ باسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْن. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ ينْفَسِخَ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ الانْفِساخَ إنْ تعَدَّدَ السَّابِى؛ مثْلَ أنْ يَسْبِىَ المرْأةَ واحِدٌ، والزَّوْجَ آخَرُ، وقالا: لم يُفَرِّقْ أصحابُنا. قوله: وإنْ سُبِيَتِ المَرْأةُ وحْدَها، انْفَسَخَ نِكاحُها، وحَلَّتْ لسَابِيها. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: اخْتارَه الأكْثَرُ. وعنه، لا ينْفَسِخُ. نَصَرَه أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه فى «التَّبْصِرَةِ»، كزَوْجَةِ ذِمِّىٍّ. وقال فى «البُلْغَةِ»: ولو سُبِيَتْ دُونَه، فهل تُنَجَّزُ الفُرْقَةُ، أو تَقِف على فَواتِ إسْلامِهما فى العِدَّةِ؟ على وَجْهَيْن. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الرجُلَ لو سُبِىَ وحدَه لا ينْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجَتِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَنْفَسِخُ. قالَه الشَّارِحُ، واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى. قالَه أبو الخَطَّابِ. ولعَل أبا الخَطَّابِ اخْتارَه فى غيرِ «الهِدايَةِ»، فأمَّا فى «الهِدايَةِ»، فإنَّه قال: فإنْ سُبِىَ أحدُهما أو اسْتُرِقَّ، فقال شيْخُنا: يَنْفَسِخُ النَّكاحُ. وعندى، أنَّه لا يَنْفَسِخُ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ».

وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَن اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَن اسْتُرِقَّ مِنهم للمُشْرِكين؟ على رِوَايتَيْن. إحداهما، لا يجوزُ بَيْعُهم لمُشْرِكٍ مُطْلَقًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «المُذْهَبِ». وجزَم به الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ فى «رُءُوسِ المسَائلِ»، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: لا يجوزُ فى الأظْهَرِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» -وقال: هو أوْلَى- و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوز مُطْلَقًا إذا كان كافِرًا. وعنه، يجوزُ بَيْعُ البالِغِ دُونَ غيرِه. وعنه، يجوزُ بَيْعُ البالِغ مِنَ الذُّكُورِ دُونَ الإِناثِ. ويأْتِى فى بابِ الهَدَيَّةِ جَوازُ بَيْعَ أوْلادِ المُحارِبِين مِن آبائهم. فائدة: حُكْمُ المُفادَاةِ بمالٍ حُكْمُ بَيْعِه، خِلافًا ومَذْهَبًا. وأمَّا مُفادَاتُه بمُسْلِمٍ،

وَلَا يُفَرَّقُ فى الْبَيْعِ بَيْنَ ذَوِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ، إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ جَوازُها. وعليه الأصحابُ. وعنه، المَنْعُ بصَغِيرٍ. ونقَل الأثْرَمُ، ويَعْقُوبُ: لا يُرَدُّ صَغِيرٌ ولا نِساءٌ إلى الكُفَّارِ. وقال فى «البُلْغَةِ»: فى مُفادَاتِهما بمُسْلِمٍ رِوايَتان. قوله: ولا يُفَرَّقُ فى البَيْعِ بينَ ذَوِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ، إلَّا بعدَ البُلُوغِ، على إحْدَى الرِّوَايَتَيْن. إنْ كان قبلَ البُلُوغِ، لم يَجُزْ. قوْلًا واحدًا. وإنْ كان بعدَ البُلُوغِ، ففيه رِوايتَان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، فى كتابِ البَيْعِ، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى» (¬1)، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحداهما، لا يجوز، ولا يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، فى مَوْضِعٍ: ولا يُفَرق بينَ كلِّ ذِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ. وأطْلَقَ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ» وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منها. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، [وغيرِهم. قال فى «الفُضولِ»: هو المَشْهورُ عنه] (¬1). وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ، ويصِحُّ البَيْعُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». قال الأزَجِىُّ فى «المُنْتَخَبِ»: ويحْرُمُ تَفْريقُ ذِى الرَّحِمِ قبلَ البُلُوغِ. قال النَّاظِمُ: ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أوْلَى. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». تنبيه: قوله: بينَ ذَوِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه فى «الشَّرْحِ»: قالَه أصحايُنا غيرَ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْنِ» وغيرِهم. فيَدْخُلُ فى ذلك العَمَّةُ مع ابنِ أخِيها، والخالَةُ مع ابنِ اخْتِها. فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، اخْتِصَاصُ الأبَوَيْن والجَدَّيْن والأخَوَيْن بذلك. ونَصَرَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: يجوزُ ذلك فى غيرِ الأبَوَيْن. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، تَحْريمُ التَّفْريقِ ولو رَضُوا به. وهو صَحيحٌ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، حُكْمُ التَّفْريقِ فى الغَنِيمَةِ (¬1) وغيرِها، كأخْذِه بجِنايَةٍ والهِبَةِ والصَّدقَةِ ونحوِها، حُكْمُ البَيْعِ على ما تقدَّم. الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ التَّفْريقُ بالعِتْقِ ولا بافْتداءِ الأَسْرَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الخَطَّابِىُّ: لا أعْلَمُهم يخْتَلِفُون فى العِتْقِ، لأنَّه لا يمْنَعُ مِنَ ¬

(¬1) فى ط: «القسمة».

وَإذَا حَصَرَ الإِمَامُ حِصْنًا، لَزِمَهُ مُصَابَرَتُهُ، إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحضَانَةِ. وقيلَ: يَحْرُمُ فى افْتِداءِ الأسْرَى، ويجوزُ فى العِتْقِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعنه، حُكْمُهما حُكْمُ البَيْعِ ونحوِه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ الجَوْزِىِّ وغيرِه. [الثَّالثةُ: لو باعَهم على أنَّ بينَهم نَسَبًا يَمْنَعُ التَّفْريقَ، ثم بانَ أنْ لا نَسَبَ بينَهم، كان للبائعِ الفَسْخُ] (¬1). فائدة: قوله: وإذا حصَر الإِمامُ حِصْنًا، لَزِمَ مُصابَرتُه، إذا رأَى المَصْلَحةَ فيها، فَإنْ أسْلَمُوا، أو مَن أسْلَمَ منهم، أحْرَزَ دَمَه ومَالَه وأوْلادَه الصِّغارَ. يُحْرِزُ بذلك أوْلادَه الصِّغارَ، سواءٌ كانُوا فى السَّبْى أو فى دارِ الحَرْبِ. وكذا مالُه أينَ كان، ويُحْرِزُ أيضًا المَنْفَعَةَ، كالإِجارَةِ. ويُحْرِزُ أيضًا الحَمْلَ الذى (¬2) فى بَطْنِ امْرأتِه، ولا يُحْرِزُ امْرأتَه، ولا ينْفَسِخُ نِكاحُه برِقِّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى النسخ «لا الذى». والمثبت كما فى الكافى والفروع والمبدع.

فَإِنْ أَسْلَمُوا، أَوْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، أَحْرَزَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وقال فى «البُلْغَةِ»: ولو سُبِيَتِ الحَرْبِيَّةُ وزَوْجُها مُسْلِمٌ، لم يَمْنَعْ رِقَّها، فَيَنْقَطِعُ نِكاحُ المُسْلِمِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا ينْقَطِعَ فى الدَّوامِ، بخِلافِ الابْتِداءِ، ويتَوَقَّفُ على إسْلامِها فى العِدَّةِ. انتهى.

وَإنْ سَأَلُوا الْمُوَادَعَةَ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، جَازَ، إِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ. وَإنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، جَازَ، إِذَا كَانَ مُسْلِمًا، حُرًّا، بَالِغًا، عَاقِلًا، مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سَأَلُوا المُوَادَعةَ بمالٍ أو غيرِه، جازَ، إنْ كانتِ المَصْلَحَةُ فيه. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيز»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قلتُ: بل يَلْزَمُه ذلك. ونقلَهَ المَرُّوذِىُّ. وجزَم به فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. تنبيه: قوْلُه: بمالٍ أو غيرِه. أمَّا المالُ، فلا نِزاعَ فيه. وأمَّا إذا سأَلُوا المُوادَعَةَ بغيرِ مالٍ، فجزَمَ المُصَنِّفُ بالجَوازِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: لا يجوزُ إلَّا أنْ يعْجِزَ عنهم، ويَسْتَضِرَّ بالمُقامِ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». قوله: وإنْ نَزَلُوا على حُكْمِ حَاكِمٍ، جازَ، إذا كان مُسْلِمًا، حُرًّا، بالغًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عاقِلًا، مِن أهْلِ الاجْتِهادِ. يعْنِى، فى الجِهَادِ، ولو كان أعْمَى. وجزَم به فى

وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ؛ مِنَ الْقَتْلِ، وَالسَّبْىِ، وَالْفِدَاءِ، فَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ، لَزِمَ قَبُولُهُ، فى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. ومِن شَرْطِه، أنْ يكونَ عَدْلًا. ولم يذْكُرْه المُصَنِّفُ هنا، ولا فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهم. وقال فى «البُلْغَةِ»: يُعْتَبرُ فيه شُروطُ القاضى إلَّا البَصَرَ. قوله: ولا يَحْكُمُ إلا بما فيه الأحَظُّ للمُسْلِمين؛ مِنَ القَتْلِ، والسَّبْىِ، والفِدَاءِ. وهذا بلا نِزاعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ حكَم بالمَنِّ، لَزِمَ قَبُولُه، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». واخْتارَه القاضى. والوَجْهُ الثَّانى، لا يَلْزَمُ قَبُولُه. وقوَّاه النَّاظِمُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقيل: يَلْزَمُ فى المُقاتِلَةِ، ولا يَلْزَمُ فى النِّساءِ والذُّرِّيَّةِ. فائدة: يجوزُ للإِمامِ أخْذُ الفِداءِ ممَّن حكَم برِقِّه أو قَتْلِه، ويجوزُ له المَنُّ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقال فى «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»: يجوزُ المَنُّ على مَحْكُومٍ برِقِّه برِضَا الغانِمِين.

وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ، أَوْ سَبْىٍ،، فَأَسْلَمُوا، عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ، وَفِى اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حكَم بقتْلٍ، أو سَبْىٍ، فأسْلَمُوا، عَصَمُوا دِمَاءَهم -بلا نِزاعٍ- وفى اسْتِرْقاقِهم وَجْهان. عندَ الأكثرِ. وفى «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يَسْتَرِقُّون. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِى، يَسْتَرِقُّون. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ»، ومالَ إليه. فوائد؛ الأُولَى، لو سأَلُوه أنْ يُنْزِلَهم على حُكْمِ اللَّهِ، لَزِمَه أنْ يُنْزِلَهم، ويُخَيَّرُ فيهم، كالأَسْرَى، فَيُخَيَّرُ بينَ القَتْلِ والرِّقِّ والمَنِّ والفِداءِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الواضِحِ»: يُكْرَهُ. ولحال فى «المُبْهِجِ»: لا يُنْزِلُهم؛ لأنَّه كإنْزَالِهم بحُكْمِنا ولم يرْضَوْا به. الثَّانيةُ، لو كان فى الحِصْنِ مَن لا جِزْيَةَ عليه، فبَذَلَها لعَقْدِ الذِّمَّةِ، عُقِدَتْ مجَّانًا، وحَرُمَ (¬1) رِقُّه. الثَّالثةُ، لو جاءَنا عَبْدٌ مُسْلِمًا، وأسَرَ سيِّدَه أو غيرَه، فهو حُرٌّ، ولهذا لا نَرُدُّه فى هُدْنَةٍ. قالَه فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه. والكُلُّ له. وإنْ أقامَ بدارِ حَرْبٍ، فرَقِيقٌ، ولو جاءَ مَوْلاه مُسْلِمًا بعدَه، لم يُرَدَّ إليه، ولو جاءَ قبلَه مُسْلِمًا، ثم جاءَ العَبْدُ مُسْلِمًا، فهو لسَيِّدِه. وإنْ خرَج عَبْدٌ إلينا بأمانٍ، أو نزَل مِن حِصْنٍ، فهر حُرٌّ. نصَّ على ذلك. قال: وليس للعَبْدِ [حقٌّ فى غَنِيمةٍ] (¬2)؛ فلو هرَب إلى العَدُوِّ، ثم جاءَ بأَمانٍ، فهو لسَيِّدِه، والمالُ لنا. ¬

(¬1) فى ط: «وجزم». (¬2) فى النسح: «فى حق غنيمة».

باب ما يلزم الإمام والجيش

بَابُ مَا يَلْزَمُ الإِمَامَ وَالْجَيْشَ يَلْزَمُ الإِمَامَ عِنْدَ مَسِيرِ الْجَيْشِ تَعَاهُدُ الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ، فَمَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ، يَمْنَعُهُ مِنَ الدُّخُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يَلْزَمُ الإِمَامَ والجَيْشَ قوله: يَلْزَمُ الإِمَامَ فِعْلُ كذا. إلى آخِرِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يُسْتَحَبُّ. فائدة: قوله: فَمَا لا يَصْلُحُ للحَرْبِ، يَمْنَعُه مِنَ الدُّخُولِ، ويَمْنَعُ المُخَذِّلَ، والمُرْجِفَ. فالمُخَذِّلُ؛ هو الَّذى يُقْعِدُ غيرَه عنِ الغَزْوِ. والمُرْجِف؛ هو الذى يُحَدِّثُ بقُوَّةِ الكُفَّارِ وكَثْرَتِهم، وضَعْفِ غيرِهم. ويَمْنَعُ أيضًا مَن يُكاتِبُ بأخْبَارِ المُسْلِمِين، ومَن يَرْمِى بينَهم بالفِتَنِ، ومَن هو مَعْروفٌ لنفاقٍ وزَنْدَقَةٍ. ويَمْنَعُ أيْضًا الصَّبِىَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه جماعَةٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ

وَيَمْنَعُ الْمُخَذِّلَ، وَالْمُرْجِف، ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»، وغيرِهم: يَمْنَعُ الطِّفْلَ. زادَ المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: ويجوزُ أنْ يأْذَنَ لمَنِ اشْتَدَّ مِنَ الصِّبْيَانِ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قولِه: ويَمْنَعُ المُخَذِّلَ. أنَّه لا يصْحَبُهم ولو لضَرُورَةٍ. وهو صحيحٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقيل: يصْحَبُهم

وَالنِّسَاءَ، إِلَّا طَاعِنَةً فى السِّنِّ، لِسَقْى الْمَاءِ، وَمُعَالَجَةِ الْجَرْحَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ لضَرورَةٍ. الثَّانى، ظاهِرُ قوْلِه: ويَمْنَعُ النِّساءَ، إلّا طاعِنَةً فى السِّنِّ، لسَقْىِ الماءِ، ومُعالَجَةِ الجَرْحَى. منْعُ غيرِ ذلك مِنَ النِّساءِ. وهو صحيحٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقال بعضُ الأصحابِ: لا تُمْنَعُ امْرأةُ الأميرِ لحاجَتِه، كفِعْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، المَنْعُ مِن ذلك على سَبِيلِ التَّحْريمِ. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، أنَّه يُكْرَهُ دُخولُ الشَّابَّةِ مِنَ النِّساءِ أرْضَ العَدُوِّ. وجَوَّزُوا للأميرِ

وَلا يَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ، إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خاصَّةً أنْ يدْخُلَ بالمَرْأةِ الواحِدَةِ إذا احْتاجَ إليها. قوله: ولا يَسْتَعِينُ بمُشْرِكٍ، إلَّا عندَ الحَاجَةِ. هذا قوْلُ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ، أعْنِى قوْلَه: إلَّا عندَ الحاجَةِ. منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه فى «البُلْغَةِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحْرُمُ الاسْتِعانَةُ بهم إلَّا عندَ الضَّرُورَةِ. جزَم به فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يجوزُ مع حُسْنِ رَأْىٍ فينا. وجزَم به فى «البُلْغَةِ». زادَ جماعةٌ، وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، إنْ قَوِىَ جَيْشُه عليهم وعلى العَدُوِّ، لو كانُوا معه. وفى «الوَاضِحِ» رِوايتَان، الجَوازُ وعدَمُه بلا ضَرُورَةٍ. وبَنَاهُما على الإِسْهَامِ له. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وقال فى «البُلْغَةِ»: يَحْرُمُ إلَّا لحاجَةٍ بحُسْنِ الظَّنِّ. قال: وقيلَ: إلَّا لضَرُورَةٍ. وأطْلَقَ أبو الحُسَيْنِ وغيرُه، أنَّ الروايَةَ لا تخْتَلِفُ أنَّه لا يُسْتَعانُ بهم ولا يُعاوِنُون. وأخَذ القاضى مِن تحْريمِ الاسْتِعانَةِ تحْريمَها فى العَمالَةِ والكَتَبَةِ. وسألَه أبو طالِبٍ عن مِثْلِ الخَرَاجِ؟ فقال: لا يُسْتَعانُ بهم فى شئٍ. وأخَذ القاضى منه، أنَّه لا يجوزُ كوْنُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عامِلًا فى الزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّ المَسْألةَ على رِوايتَيْن. قال: والأَوْلَى، المَنْعُ. واخْتارَه شيْخُنا، يعْنِى الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ، وغيرُه أيضًا؛ لأنَّه يَلْزَمُ منه مَفاسِدُ أو يُفْضِى إليها، فهو أوْلَى مِن مَسْألةِ الجِهَادِ. وقال الشَّيْخ تَقِىُّ الدِّينِ: مَن توَلَّى منهم دِيوانًا للمُسْلِمِين، انْتقَضَ عَهْدُه؛ لأنَّه مِن الصَّغارِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ إلَّا ضرورةً. ويَحْرُمُ الاسْتِعانَةُ بأهْلِ الأهْواءِ فى شئٍ مِن أمورِ المُسْلِمِين؛ لأن فيه أعْظَمَ الضَّرَرِ، ولأنَّهم دُعاةٌ، بخِلافِ اليَهودِ والنَّصارَى. نصَّ على ذلك. تنبيه: قوْلُه: ولا يَسْتَعِينُ بمُشْرِكٍ. يعْنِى، يَحْرُمُ إلَّا بشَرطِه. وهذا المذهبُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، يُكْرَه.

وَيَرْفُقُ بِهِمْ فِى السَّيْرِ، وَيُعِدُّ لَهُمُ الزَّادَ، وَيُقَوِّى نُفُوسَهُمْ بِمَا يُخَيِّلُ إِلَيْهِمْ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ، وَيُعَرفُ عَلَيْهِمُ الْعُرَفَاءَ، وَيَعْقِدُ لَهُمُ الْأَلْويَةَ وَالرَّايَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ويَعْقِدُ لهم الألْوِيَةَ والرَّاياتِ. المُسْتَحَبُّ فى الألْوِيَةِ

وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعَوْنَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ، وَيَتَخَيَّرُ لَهُمُ الْمَنَازِلَ، وَيَتَتَبَّعُ مَكَامِنَهَا فَيَحْفَظُهَا، وَيَبْعَثُ الْعُيُونَ عَلَى الْعَدُوِّ؛ حَتَّى لَا يَخْفى علَيْهِ أَمْرُهُمْ، وَيَمْنَعُ جَيْشَهُ مِنَ الْفَسَادِ وَالْمَعَاِصِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ تكونَ بَيْضاءَ؛ لأنَّ المَلائكَةَ إذا نزَلَتْ بالنَّصْرِ نزَلَتْ مُسَوَّمَةً بها. نقَلَهَ حَنْبَلٌ، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» وغَيْرِهم: يَعْقِدُ لهم الأَلْوِيَةَ والرَّاياتِ بأىِّ لَوْنٍ شاءَ. قوله: ويَجْعَلُ لكُلِّ طائِفَةٍ شِعارًا يَتدَاعَوْن به عندَ الحَرْبِ، ويتَخَيَّر لهم المَنازِلَ،

وَيَعِدُ ذَا الصَّبْرِ بالأَجْرِ وَالنَّفَلِ، وَيُشَاوِرُ ذَا الرَّأْى، وَيَصُفُّ جَيْشَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَتَبَّعُ مَكامِنَها فيَحْفَظُها، ويَبْعَثُ العُيُونَ على العَدُوِّ، حتى لا يَخْفَى عليه أمْرُهم، ويَمْنعُ جَيْشَه مِنَ المعَاصِى والفَسادِ، ويَعِدُ ذا الصَّبْرِ بالأَجْرِ والنَّفَلِ، ويُشاوِرُ ذا الرَّأْى، ويَصُفُّ جَيْشَه، ويَجْعَلُ فى كلِّ جَنْبَةٍ كُفُؤًا، ولا يَمِيلُ مع قَريبِه وذِى مَذْهَبِه

وَيَجْعَلُ فِى كُلِّ جَنْبَةٍ كُفُؤًا، وَلَا يَمِيلُ مَعَ قَرِيبِهِ وَذِى مَذْهَبِهِ على غَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على غيرِه. بلا نزاعٍ.

وَيَجُوزُ أنْ يَبْذُلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقٍ، أوْ قَلْعَةٍ، أَوْ مَاءٍ. وَيَجِبُ أنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، إِلَّا أنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ، فَيَجُوزُ مَجْهُولًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَجُوزُ أنْ يَبْذُلَ جُعْلًا لِمَن يَدُلُّه على طَرِيقٍ، أو قَلْعَةٍ، أو مَاءٍ. ويَجِبُ أنْ يكُونَ مَعْلُومًا، إلَّا أنْ يكُونَ مِن مَالِ الكُفَّارِ، فَيجُوزُ مَجْهولًا، فإنْ جعَل له جَاِرِيةً

فَإِنْ جَعَلَ لَهُ جَارِيَةً مِنْهُمْ، فَمَاتَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ، فَلَا شَىْءَ لَهُ، وَإِنْ أسْلَمَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ، فَلَهُ قِيمَتُهَا، وَإنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ، سُلِّمَتْ إِلَيْهِ، إِلَّا أنْ يَكُون كَافِرًا، فَلَهُ قِيمَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم، فَماتَتْ قبلَ الفَتْحِ، فلا شَىْءَ له. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ أسْلَمَتْ قبلَ الفَتْحِ، فله قِيمَتُها، وإنْ أسْلَمَتْ بعدَه، سُلِّمَتْ إليه. وكذا إنْ أسْلَمتْ قبلَه وهى أَمَةٌ، إلَّا أنْ يكُونَ كافِرًا، فله قِيمَتُها. بلا نِزاعٍ. لكنْ لو أسْلَم بعدَ ذلك، ففى جَوازِ رَدِّها إليه احْتِمالان. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ

وَإنْ فُتِحَتْ صُلْحًا، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الْجَارِيَةَ، فَلَهُ قِيمَتُهَا، فَإنْ أَبَى إِلَّا الْجَارِيَةَ، وَامْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِهَا، فُسِخَ الصُّلْحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، أنَّها لا تُرَدُّ إليه؛ لاقْتِصارِهم على إعْطاءِ قِيمَتِها. قوله: وإنْ فُتِحَتْ صُلْحًا، ولم يشْتَرِطُوا الجَارِيَةَ، فله قِيمَتُها -بلا نِزاعٍ- فإن أبَى إلَّا الجارِيةَ، وامْتَنَعُوا مِن بذْلِها، فُسِخَ الصُّلْحُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إِلَّا قِيمَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: فُسِخَ الصُّلْحُ فى الأشْهَرِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يكونَ له إلَّا قِيمَتُها. وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ. وصحَّحه فى «المُحَرَّرِ». وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ، وقوَّاه. قلتُ: هو الصَّوابُ. وظاهِرُ نَقْلِ ابنِ هانِئٍ، أنَّها [له، لسَبْقِ] (¬1) حقِّه، ولرَبِّ الحِصْنِ القِيمَةُ. فائدة: لو بُذِلَتْ له الجارِيَةُ مجَّانًا أو بالقِيمَةِ، لَزِمَ أخْذُها وإعْطاؤُها له. ¬

(¬1) فى ط: «لو سبق»، أ: «لمن سبق».

وَلَهُ أَنْ يُنَفِّلَ فِى الْبَدْأَةِ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمْسٍ، وَفِى الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ الْجَيْشُ بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ، وَإذَا رَجَعَ بَعَثَ أُخْرَى، فَمَا أتَتْ بِهِ أَخْرَجَ خُمْسَهُ، وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا جَعَلَ لهَا، وَقَسَمَ الْبَاقِىَ فِى السَّرِيَّةِ وَالْجَيْشِ مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُرادُ، إذا كانتْ غيرَ حُرَّةِ الأصْلِ، وإلَّا فقِيمَتُها. قوله: وله أنْ يُنَفِّلَ فى البَدْأةِ الرُّبْعَ بعدَ الخُمْسِ، وفى الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بعدَه، وذلك إذا دخَل الجَيْشُ بعَث سَرِيَّةً تُغِيرُ، وإذا رجَع بعَث أُخْرَى، فما أتَتْ به، أخْرَجَ خُمْسَه، وأعْطَى السَّرِيَّةَ ما جعَل لها، وقسَم الباقِىَ فى الجيْشِ والسَّرِيَّةِ معًا. الصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، أنَّ السَّرِيَّةَ لا تَسْتَحِقُّ النَّفَلَ المذْكُورَ إلَّا بشَرْطٍ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، تَسْتَحِقُّه مِن غيرِ شرْطٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وجَوازُ إعْطاءِ النَّفَلِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ أنْ يجْعلَ لمَن عَمِلَ ما فيه عَناءٌ جُعْلًا، كمَن نقَب أو صعَد هذا المكانَ، أو جاءَ بكذا، فله مِنَ الغنِيمَةِ، أو مِنَ الذى جاءَ به كذا، ما لم يُجاوِزْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثُلُثَ الغَنِيمَةِ بعدَ الخُمْسِ. نصَّ عليه. ويجوزُ أنْ يُعْطِيَه ذلك مِن غيرِ شرْطٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُعْطِى إلَّا بشَرْطٍ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». ويحْرُمُ تَجاوُزُه الثُّلُثَ فى هذا، وفى النَّفَلِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما، ونَصَراه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يحْرُمُ بلا شَرْطٍ فقط. صحَّحه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ.

فصل

فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ الْجَيْشَ طَاعَةُ الْأَمِيرِ، وَالنُّصْحُ لَهُ، وَالصَّبْرُ مَعَهُ. وَلَا يَجُوزُ لأَحَدٍ أنْ يَتَعَلَّفَ، وَلَا يَحْتَطِبَ، وَلَا يُبَارِزَ، وَلَا يَخْرُجَ مِنَ الْمُعَسْكَرِ، وَلَا يُحْدِثَ حَدَثًا، إِلَّا بِإِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ إِلَى الْبِرَازِ، اسْتُحِبَّ، لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ اْلأَمِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ دَعا كافِرٌ إلى البِرَازِ، اسْتُحِبَّ لمَن يَعْلَمُ مِن نَفْسِه القُوَّةَ والشَّجاعَةَ مُبارَزَتُه بإذْنِ الأمِيرِ. هذا المذهبُ. أعْنِى تحْريمَ المبارَزَةِ بغيرِ إذْنِه. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، بل هو كالصَّريحِ، ونصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: بغيرِ إذْنٍ تَحْرُمُ المُبارَزَهْ … فالسَّلَبُ المَشْهورُ ليْسَتْ جائِزَهْ وعنه، يُكْرَهُ بغيرِ إذْنِه. حكَاها الخَطَّابىُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى» (¬1)؛ فإنَّه قال: يَنْبَغِى أنْ يسْتَأْذِنَ الأمِيرَ فى المُبارزَةِ إذا أمْكَنَ. وقال فى «الفُصُولِ»، فى اللِّباسِ: هل تُسْتَحَبُّ المُبارزَةُ لشُجاعٍ ابتِداءً، لمَا فيها مِن كَسْرِ قُلُوبِ المُشْرِكِين، أمْ تُكْرَهُ لئَلَّا ينْكَسرَ فيُضْعِفَ قُلوبَ المُسْلِمِين؟ فيه احْتِمالان. وقال الشَّارِحُ: المُبارزةُ تنْقَسِمُ ثَلَاثةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، مُسْتَحَبَّةٌ. وهى مسْألَةُ المُصَنِّفِ. والثَّانيةُ، مُباحَةٌ. وهى أنْ يَبْتَدِئَ الشُّجاعُ فيَطْلُبَها، فتُباحُ ولا تُسْتَحَبُّ. قلتُ: فى «البُلْغَةِ»، أنَّها تُسْتَحَبُّ أيضًا. الثَّالثةُ، مَكْرُوهَةٌ. وهى أنْ يَبْرُزَ الضَّعِيفُ الذى لا يَثِقُ مِن نفْسِه، فتُكْرَهُ له. ¬

(¬1) انظر: المغنى 13/ 39.

فَإنْ شَرَطَ الْكَافِرُ أَنْ لا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إِلَيْهِ، فَلَهُ شَرْطُهُ، فَإنِ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ، أوْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ، جَازَ الدَّفْعُ عَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شرَط الكافِرُ أنْ لا يُقاتِلَه غيرُ الخارِجِ إليه، فله شَرْطُه. وكذا لو كانتِ العادَةُ كذَلك، فإنِ انْهزَمَ المُسْلِمُ، أو أُثْخِنَ بالجِراحِ، جازَ الدَّفْعُ عنه. قال فى «الفُروعِ»: فإنِ انْهَزَمَ المُسْلِمُ أو الكافِرُ -وفى «البُلْغَةِ»، أو أُثخِنَ-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلكُلِّ مُسْلِم الدَّفْعُ عنه والرَّمْىُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنِ انْهَزَمَ المُسْلِمُ، أو أُثْخِنَ

وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ، فَلَهُ سَلَبُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالجِراحِ، أو عجَز -وقيل: أو ظهَر الكافِرُ عليه- فلكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عنه والرَّمْىُ والقِتالُ. وقيل: إنْ عادَ أحدُهما مُثْخَنًا، أو مُخْتارًا، جازَ رَمْىُ الكافِرِ. انتهى. قوله: وإنْ قَتَلَه المُسْلِمُ، فلَه سَلَبُه، وكُلُّ مَن قتَل قَتِيلًا، فله سَلبُه غيرَ مَخْمُوسٍ. هذا المذهبُ بشَرْطِه، وسواءٌ شرَطَه له الإِمامُ أم لا. نصَّ عليه، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، وسواءٌ كان القاتِلُ مِن أهْلِ الإِسْهامِ أو الإِرْضَاخِ، حتى الكافِرُ. صرَّح به فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقطع به المُصَنِّفُ وغيرُه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يَسْتَحِقُّه، سواءٌ شَرَطَه له الإِمامُ أوْ لا، على المنْصُوصِ المشْهُورِ، والمذهبِ عندَ عامَّةِ الأصحابِ. وعنه، لا يَسْتَحِقه إلَّا أنْ يشْرُطَه. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه»، وناظِمُها. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، وصاحِبُ «الطَّريقِ الأَقْرَبِ». وعنه، يُعْتَبَرُ أيضًا إذْنُ الإِمامِ. وهو ظاهِرُ كلامِ ناظِمِ «المُفْرَداتِ»،؛ تقدَّم لفْظُه. قال ابنُ أبِى مُوسى: أظْهَرُهما أنَّه لا يَسْتَحِقُّ. وقيل: لا يَسْتَحِقُّه مَن كان مِن أهْلِ الرَّضْخِ. فائدة: لو بارزَ العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فقتَل قَتِيلًا، لم يَسْتَحِق سَلَبَه؛ لأنَّه عاصٍ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قال: وكذلك كلُّ عاصٍ كمن دخَل بغيرِ إذْنٍ. وعنه فيه، يُؤخَذُ منه الخُمْسُ، وباقِيه له. قال: ويُخَرَّجُ فى العَبْدِ مِثْلُه.

وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ غَيْرَ مَخْمُوسٍ، إِذَا قَتَلَهُ حَالَ الْحَرْبِ مُنْهَمِكًا عَلَى الْقِتَالِ، غَيْرَ مُثْخَنٍ، وغَرَّرَ بِنَفْسِهِ فِى قَتْلِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا مِنْ شُرِط لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا قَتَله حالَ الحَرْبِ مُنْهَمِكًا على القِتالِ، غيرَ مُثْخَنٍ، وغرَّر بنَفْسِه فى قَتْلِه. وكذا لو أُثخِنَ الكافِرُ بالجِراحِ، بلا نِزاعٍ. ومِن شَرْطِه، أنْ يقْتُلَه أو يُثْخِنَه فى حالِ امْتِناعِه، وهو مُقْبِلٌ، فإنْ قتَله وهو مُشْتَغِلٌ بأكْلٍ ونحوِه، أو وهو مُنْهَزِمٌ، لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. نصَّ عليه. وقال فى «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ»: فإنْ كان مُنْهَزِمًا، إلَّا للانْحِرافِ أو التَّحَيُّزِ، لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. وقال المُصَنِّفُ: إذا انْهَزَمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحَرْبُ قائمةٌ، فأدْرَكَه وقتَلَه، فسَلَبُه له؛ لقِصَّةِ سَلَمةَ. وقولُه: حالَ الحَرْب. هكذا قال الأصحابُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: فى هذا نَظرٌ؛ فإن حديثَ ابنِ الأَكْوَعِ، كان المقْتولُ مُنْفَرِدًا ولا قِتالَ هناك، بل كان المقْتولُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قد هرَب منهم. تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، لو قتَل صَبِيًّا أو امْرأةً إذا قاتَلا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقيل: لا يَستحِقُّ سَلَبَهما. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الرِّعايَةِ». فائدة: يُشْتَرطُ فى مُستحِقِّ السَّلَبِ أنْ يكونَ مِن أهْلِ المَغْنَمِ، حُرًّا كان أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدًا، رجُلًا كان أو صَبِيًّا أو امْرأةً. فلو كان ليس له حقٌّ، كالمُخَذِّلِ والمُرْجِفِ -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الكافِى»: والكافِرُ إذا حضَر بغيرِ إذْنٍ -لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. وتقدَّم كلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمَ فى الكافِرِ.

وَإنْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ، وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ لِلْقَاطِعِ، وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ، فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِى: هُوَ لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قطَع أرْبَعتَه، وقَتَله آخَرُ، فسَلَبُه للقاطِعِ. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ قَتَله اثْنان، فسَلَبُه غَنِيمَةٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ حَرْبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ، وغيرُه: هذا المنْصوصُ. وقال الآجُرِّىُّ، والقاضى: سَلَبُه لهما. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: إنْ كانتْ ضَرْبَةُ أحَدِهما أبْلَغَ، كان السَّلَبُ له، وإلَّا كان غَنِيمَةً. فائدة: لو قتلَه أكثرُ مِنِ اثْنَيْن، فسَلَبُه غَنِيمَةٌ بطَرِيقٍ أوْلَى. وقيلَ: سَلَبُه لقاتِلِه.

وَإنْ أَسَرَهُ، فَقَتَلَهُ الإِمَامُ، فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِى: هُوَ لِمَنْ أَسَرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسَرَه، فقَتَله الإِمامُ، فسَلَبُه غَنِيمَةٌ. وكذا إنْ رَقَّه الإِمامُ أو فدَى. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقال القاضى: هو لمَن أسَرَه.

وَإنْ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ لِلْقَاتِل. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قطَع يَدَه ورِجْلَه، وقَتَله آخَرُ، فسَلَبُه غَنِيمَةٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: المَنْصوصُ أنَّه غَنِيمَةٌ. وقيل: هو للقاتِلِ. وقيل: هو للقاطِعِ. وأطْلَقهُنَّ الزَّرْكَشِىُّ. فائدة: حُكْمُ مَن قطَع يدَيْه أو رِجْلَيْه، حُكْمُ مَن قطَع يدَه ورِجْلَه. خِلافًا ومذهَبًا. قالَه الأصحابُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو قطع يدَه ورِجْلَه (¬1)، وقتَله آخَرُ، أنَّ سَلَبَه للقاتِلِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ «الوَجيزِ» وغيرِه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هو غَنِيمَةٌ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، وحكَى الأوَّلَ احْتِمالًا. وجزَم بأنَّه غَنِيمَةٌ فى «الكافِى». ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أو رجله».

وَالسَّلَبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ؛ مِنْ ثِيَابٍ، وَحَلْىٍ، وَسِلَاحٍ، وَالدَّابَّةُ بِآلتِهَا. وَعَنْهُ، أنَّ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ مِنَ السَّلَبِ. وَنفَقَتُهُ، وَخَيْمَتُهُ، وَرَحْلُهُ غَنِيمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. قوله: والسَّلَبُ ما كان عليه؛ مِن ثِيابٍ، وحَلْىٍ، وسِلاحٍ، والدَّابَّةُ بآلتِها. يعْنِى، التى قاتَلَ عليها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ هذا أعْدَلُ الأقْوالِ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، والخَلَّالُ. وعنه، أنّ الدَّابَّةَ وآلتَها ليست مِنَ السَّلَبِ. وقيل: هى غَنِيمَةٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال فى «الكافِى»: واخْتارَه الخَلَّالُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يَغُرنَّك قوْلُ أبى محمدٍ فى «الكافِى»، أنَّه اخْتِيارُ الخَلَّالِ، فإنَّه وَهْمٌ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: حِلْيَةُ الدَّابَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليست مِنَ السَّلَبِ، بل هى غَنِيمَةٌ. وعنه، أنَّه قال فى السَّيْفِ: لا أدْرِى. تنبيه: مُرادُه بدابَّتِه، الدَّابَّةُ التى قاتلَ عليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، أو كان آخِذًا بعِنَانِها. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ونَفَقَتُه، [وخَيْمَتُه، ورَحْلُه] (¬1)، غَنِيمَةٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن. قالَه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، أنَّه مِنَ السَّلَبِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: وكذا حَقِيبَتُه

وَلَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، إِلَّا أنْ يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ يَخَافوُنَ كَلَبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المشْدودَةُ على فرَسِه. وقيل: فيما معه مِن دَراهِمَ ودَنانِيرَ رِوايَتان. قوله: ولا يَجُوزُ الغَزْوُ إلَّا بإذْنِ الأمِيرِ، إلَّا أنْ يَفْجَأَهم عَدُوٌّ يَخَافُون كَلَبَه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»: يَجُوزُ إذا حصَل للمُسْلِمِين فُرْصَةٌ يُخافُ فوْتُها. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وقال فى «الرَّوْضَةِ»: اخْتلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ؛ فعنه، لا يجوزُ. وعنه، يجوزُ بكُلِّ حالٍ، ظاهِرًا وخُفْيَةً، جماعةً وآحادًا، جيْشًا وسَرِيةً. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «الخِلافِ»: الغَزْوُ لا يجوزُ أنْ يُقِيمَه كلُّ أحَدٍ على الانْفِرادِ، ولا دُخولُ دارِ الحَرْبِ بلا إذْنِ الإِمامِ، ولهم فِعْلُ ذلك إذا كانُوا عُصْبَةً لهم مَنَعَةٌ.

فَإِنْ دَخَلَ قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَغَنِمُوا، فَغَنِيمَتُهُمْ فَىْءٌ. وَعَنْهُ، هِىَ لَهُمْ بَعْدَ الْخُمْسِ. وَعَنْهُ، هِىَ لَهُمْ لَا خُمْسَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ دخَل قَوْمٌ لا مَنَعَةَ لهم دَارَ الحَرْبِ بغيرِ إذْنِه، فغَنِمُوا، فغنِيمَتُهم فَىْءٌ. هذا المذهبُ. وسواءٌ كانُوا قَليلِين أو كَثِيرِين، حتى ولو كان واحِدًا أو عَبْدًا. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ». وعنه، هى لهم [بعدَ الخُمْسِ. اخْتارَها القاضى وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. وعنه، هى لهم] (¬1) مِن غيرِ تَخْمِيسٍ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». فعلى الثَّانيةِ، فيما، أخَذُوه بسَرِقَةٍ مَنْعٌ وتَسْلِيمٌ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «البُلْغَةِ»: فيما أخَذُوه بسَرِقَةٍ واخْتِلاسٍ، الرِّواياتُ الثَّلاثُ المُتقَدِّمَةُ. ومَعْناه فى «الرَّوْضَةِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ القَوْمَ الَّذين دخَلُوا لو كان لهم مَنَعَةٌ، لم يَكُنْ ما غَنِمُوا فَيْئًا. وهو رِوايَة عن أحمدَ. يعْنِى، أنَّه غَنِيمَةٌ فيُخَمَّسُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهى أصحُّ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، أنَّه فَىْءٌ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال الشَّارِحُ: ويُخَرجُ فيه وَجْهٌ كالرِّوايَةِ الثَّالثةِ. وقال فى «الفُروعِ»: وقيل: الرِّوايَةُ الثَّالثةُ هنا أيضًا. واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» هذا الوَجْهَ. يعْنِى، أنَّه لهم مِن غيرِ تَخْمِيسٍ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن».

وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ طَعَامًا، أَوْ عَلَفًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أخَذ مِن دَارِ الحَرْبِ طَعَامًا، أو عَلَفًا، فله أكْلُه وعَلْفُ دابَّتِه بغيرِ

فَلَهُ أَكْلُهُ، وَعَلْفُ دَابَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ، فَإِنْ بَاعَهُ، رَدَّ ثَمَنَهُ فى الْمَغْنَمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْنٍ. ولو كانتْ للتِّجارَةِ. وعنه، لا يعْلِفُ مِنَ الدَّوابِّ إلَّا المُعَدَّ للرُّكُوب. ذكَرَه فى «القَواعِدِ»، وأطْلَقهما. ولو كانَ غيرَ مُحْتاجٍ إليه على أشْهَرِ الطَّرِيقَتَيْن، والصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. والطَّريقَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ إلا عندَ الضَّرُورَةِ. وهى طَرِيقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ أبى مُوسى. وكذا له أنْ يُطْعِمَ سَبْيًا اشْترَاه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، لكنْ بشَرْطِ أنْ لا يُحْرِزَ، فإنْ أحْرَزَ بدارِ حَرْبٍ، فليس له ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إلَّا عندَ الضرورَةِ. وقيل: له ذلك. واخْتارَه القاضى فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُجَرَّدِ». وعنه، يَرُدُّ قِيمَتَه كلِّه. ذكَرَه ابنُ أبى مُوسى. فائدة: لا يجوزُ أنْ يُطْعِمَ الفَهْدَ وكلْبَ الصَّيْدِ والجارِحَ مِن ذلك. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يجوزُ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسَّبْعِين»، وأطْلَقهما. قوله: وليس له بَيْعُه، فإنْ باعَه، رَدَّ ثَمَنَه فى المَغْنَمِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال القاضى، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى»: لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يَبِيعَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن غازٍ أو غيرِه، فإنْ باعَه لغيرِه، فالبَيْعُ باطِلٌ، فإنْ تعَذرَ رَدُّه، رَدَّ قِيمَتَه أو ثَمنَه، إنْ كان أكْثَرَ مِن قِيمَتِه. وإنْ باعَه لغازٍ لم يَخْلُ؛ إمَّا أنْ يَبْذُلَه بطَعام، أو علَفٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ممَّا له الانتِفاعُ به أو بغيرِه، فإنْ باعَه بمِثْلِه، فليس هذا بَيْعًا فى الحَقِيقَةِ، إنَّما سلَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه مُباحًا، وأخَذ مُباحًا مِثْلَه. فعلى هذا، لو باعَ صَاعًا بصَاعَيْن، أو افْترَقا قبلَ القَبْضِ، جازَ، وإنْ باعَه نَسِيئَةً، أو أقْرَضَه (¬1) إيَّاه فأَخذَه، فهو أحَقُّ به، ولا يَلْزَمُه إيَفاؤُه. وإنْ باعَه يغيرِ الطَّعامِ والعَلَفِ، فالبَيْعُ غيرُ صَحيحٍ، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «اقترضه».

وَإنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنْهُ شَىْءٌ فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ، رَدَّهُ فى الْغَنِيمَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، فَلَهُ أَكْلُهُ، فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَصِيرُ المُشْتَرِى أحَقَّ به، ولا ثَمَنَ عليه، وإنْ أخَذَه منه وجَبَ رَدُّه إليه. انتهى. قوله: وإنْ فضَل معه شَئٌ فأدْخَلَه البلَدَ، رَدَّه فى الغَنِيمَةِ، إلَّا أنْ يكونَ يَسِيرًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فله أكلُه، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ إبْراهِيمَ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، و «العُمْدَةِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه رَدُّه فى المَغْنَمِ. نصَّ عليها فى رِوايَةِ أبى طالِبٍ. وهى المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ، والقاضى. وأطْلَقهما الخِرَقِىُّ، والشَّارِحُ، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الإِرْشادِ»، والزَّرْكَشِىُّ، وأبو الخطابِ فى «خِلافَيْهما». وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». فائدة: لو باعَه، رَدَّ ثَمنَه، وإنْ أكلَه، لم يَرُدَّ قِيمَةَ أكْلِه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يَرُدُّها. تنبيهات، الأَوَّلُ، الذى يظْفَرُ أنَّ اليَسِيرَ هنا يرْجِعُ قدْرُه إلى العُرْفِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «المُوجَزِ»: هو كطَعامِ أو عَلَفِ يَوْمَيْن. ونقلَه أبو طالِبٍ. قال فى «الرِّعايَةِ»: اليَسِيرُ كعَلْفَةٍ وعَلْفَتَيْن، وطَبْخَةٍ وطبْخَتَيْن. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يأْخُذُ غيرَ الطَّعام والعَلَفِ. وهو صحيحٌ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يغْسِلُ ثَوْبَه بالصَّابونِ، فإنْ غسَل، رَدَّ قِيمَتَه فى المَغْنَمِ. نقلَه أبو طالِبٍ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». الثَّالثُ، السُّكَّرُ والمَعاجِينُ ونحوُهما كالطعامِ، وفى إلْحاقِ العَقاقيرِ بالطَّعامِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». قلتُ: الأُوْلَى إلْحاقُه بالطَّعامِ إنِ احْتاجَ إليه، وإلَّا فلا. وقيل فى مَوْضِعٍ مِنَ «الرِّعايَةِ»: وله شُرْبُ الدَّواءِ مِنَ المَغْنَمِ وأَكْلُه. الرَّابعُ، محَلُّ جَوازِ الأخْذِ والأكْلِ، إذا لم يَحُزْها الإِمامُ، أما إذا حازَها الإِمامُ ووَكَّل مَنْ يحْفَظها، فإنَّه لا يجوزُ لأحَدٍ أخْذُ شئٍ منه إلَّا لضَرُورَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والمنْصوصِ عنه. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. وجوَّز القاضى فى «المُجَرَّدِ» الأَكْلَ منه فى دارِ الحَرْبِ مُطْلَقًا. فائدتان؛ إحْداهما، يدْخُلُ فى الغَنِيمَةِ جَوارِحُ الصَّيْدِ، كالفُهودِ والبُزاةِ. نقَل صَالِحٌ، لا بأْسَ بثَمَنِ البَازِى. انتهى. ولا يدْخُلُ ثَمَنُ كَلْبٍ وخِنْزِيرٍ، ويَخُصُّ

وَمَنْ أَخَذَ سِلَاحًا، فَلَهُ أنْ يُقَاتِلَ بِهِ حَتَّى تَنْقَضِىَ الْحَرْبُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ. وَلَيْسَ لَهُ رُكُوبُ الْفَرَسِ، فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ بالكَلْبِ مَن شاءَ، فلو رَغِبَ فيها بعضُ الغانِمِين دُونَ بعضٍ، دُفِعَتْ إليه، وإنْ رَغِبَ فيها الكُلُّ، أو ناسٌ كثيرٌ، قُسِمَتْ عدَدًا مِن غيرِ تَقْويمٍ إنْ أمْكَنَ قِسْمَتُها، وإنْ تعَذَّرَ، أو تَنازَعُوا فى الجَيِّدِ منها، أُقْرِعَ بينَهم. ويُكْسَر الصَّلِيبُ، ويُقْتَلُ الخِنْزيرُ. قالَه الإِمامُ أحمدُ. ونقلَ أبو داودَ، يُصَبُّ الخَمْرُ، ولا يُكْسَرُ الإناءُ. الثَّانيةُ، يَجُوزُ له إذا كان مُحْتاجًا، دَهْنُ بدَنِه ودابَّتِه بدُهْن، ويجوزُ شُرْبُ شَرابٍ. ونقَل أبو داودَ، دَهْنُه بدُهْن للتَّزَيُّنِ لا يُعْجِبُنِى. قوله: ومَن أخَذ سِلاحًا -يعنِى، مِنَ الغَنِيمَةِ- فله أَنْ يُقاتِلَ به حتى تَنْقَضِىَ الحَرْبُ، ثم يرُدُّه. يَجُوزُ له أخْذُ السِّلاحِ الذى أخَذ مِنَ الكُفَّارِ للقِتالِ، وسواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان مُحْتاجًا إليه أَوْ لا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: له ذلك مع الحاجَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: وليس له رُكُوبُ الفَرَسِ -يعْنِى، ليُقاتِلَ عليها- فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الزَّركَشِىِّ»؛ إحدَاهما، يجوزُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، [و «المُغْنِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1). وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». ونقَل ابنُ إبراهيم (¬2)، لا يرْكَبُه إلَّا لضَرورَةٍ، أو خَوْفٍ على نَفْسِه. ونقَل المَرُّوذِىُّ، لا بأْسَ أنْ يرْكَب الدَّابَّةَ مِنَ الفَىْءِ، ولا يَعْجُفُها. فائدة: حُكْمُ لُبْسِ الثَّوْبِ حُكْمُ رُكوبِ الفَرَسِ، خِلافًا ومذهبًا عندَ الأصحابِ. وعنه، يرْكَبُ ولا يَلْبَسُ. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى أ: «إبراهيم بن الحارث».

باب قسمة الغنائم

بَابُ قِسْمَةِ الْغنَائِمِ الْغَنِيمَةُ كُلُّ مَالٍ أُخِذَ مِنَ الْمُشْركِينَ قَهْرًا بِالْقِتَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ

وَإنْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالُ مُسْلِمٍ؛ فَأدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ، وَإنْ أدْرَكَهُ مَقْسُومًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ. وَعَنْهُ، لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. وَإنْ أخَذَهُ مِنْهُمْ أحَدُ الرَّعِيَّةِ بِثَمَنٍ، فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ، وَإنْ أخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَىْءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أُخِذَ مِنهم مالُ مُسْلِمٍ، فأدْرَكَه صَاحِبُه قبلَ قَسْمِه، فهو أحقُّ به، وإنْ أَدْرَكَه مَقسُومًا، فهو أحَقُّ به بثَمَنِه. اعْلمْ أنَّه إذا أُخِذَ مالُ مُسْلِمٍ مِنَ الكُفَّارِ، بعدَ أخْذِهم له، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ نقُولَ: هم يَمْلِكُون أمْوالَ المُسْلِمِين، أوْ لا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو حازُوها إلى دارِهم. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُونَها. وأخَذْناها فهم، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ صاحِبُه أوْ لا. فإنْ لم يُعْرَفْ صاحبُه، قُسِمَ وجازَ التَّصَرُّفُ فيه. وإنْ عُرِفَ صاحِبُه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُدْرِكَه بعدَ قَسْمِه، أو قبلَ قَسْمِه، فإنْ أدْرَكَه قبلَ قَسْمِه، فهو أحقُّ به، ويُرَدُّ أبيه إنْ شاءَ، وإلَّا فهو غَنِيمَةٌ. وهو قوْلُ المُصَنِّفِ، فهو أحقُّ به. وإنْ أدْرَكَه مقْسُومًا، فهو أحقُّ به بثَمَنِه، كما قال المُصَنِّفُ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو المشْهورُ عنه. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الإِرْشادِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وعنه، لا حَقَّ له فيه، كما لو وجَدَه بيَدِ المُسْتَوْلى عليه وقد أسْلَم، أو أتانَا بأَمانٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فعلى المذهبِ، لو باعَه المُغْتَنِمُ قبلَ أخْذِ سيِّدِه، صحَّ، ويَمْلِكُ السَّيِّدُ انْتِزاعَه مِنَ الثَّانى. وكذلك لو رَهَنَه، صحَّ، ويَمْلِكُ انْتِزاعَه مِنَ المُرْتَهِنِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، ولم يُفَرِّقْ بينَ أنْ يُطالِبَ بأَخْذِه أوْ لا. قال فى «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين»: والأظْهَرُ أنَّ المُطالَبةَ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كالشُّفْعَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أخَذَه أحَدُ الرَّعِيَّةِ بثَمَنٍ، فهو أحَقُّ به بثَمُنِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال فى «المُحَرَّرِ»: هذا المشْهورُ عن أحمدَ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الإِرْشادِ». وقال القاضى: حُكْمُه حُكْمُ ما لو وجَدَه صاحِبُه بعدَ القِسْمَةِ، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ أخَذَه بغيرِ عِوَضٍ، فهو أحَقُّ به بغيرِ شئٍ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: أخَذَه منه بغيرِ قِيمَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصرَاه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وعنه، ليس له أخْذُه إلَّا بقِيمَتِه. وعنه، لا حَقَّ له فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو باعَه مُشْتَرِيه أو مُتَّهِبُه، أو وَهَباه، أو كان عَبْدًا فأَعْتقَاه، لَزِمَ تصَرُّفُهما، وهل له أخْذه مِن آخِرِ مُشْتَرٍ أو مُتَّهِبٍ؟ مَبْنِىٌّ على ما سبَق مِنَ الخِلافِ فى الأصْلِ. الثَّانيةُ، إذا قُلْنا: يَمْلِكُون أُمَّ الوَلَدِ. على ما يأْتِى قريبًا، لَزِمَ السَّيِّدَ قبلَ القِسْمَةِ أخْذُها، ويتَمَكَّنُ منه بعدَ القِسْمَةِ بالعِوَضِ. رِوايَةً واحدةً. قالَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ». ونصَّ عليه، وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّالثةُ، حُكْمُ أمْوالِ أهْل الذِّمَّةِ -قال فى «الرِّعايَةِ»: [وأمْوالِ المُسْتَأْمَنِ] (¬1) - إذا اسْتَوْلَى عليها الكُفَّارُ، ثم قدَر عليها، حُكْمُ أمْوالِ المُسلِمين فيما تقدَّم. الرَّابعةُ، لو بَقِىَ مالُ المُسْلِمِ معهم حَوْلًا أو أحْوالًا، فلا زَكاةَ فيه. ولو كان عبْدًا، وأعْتَقَه سيِّدُه، لم يَعْتِقْ. ولو كانتْ أمَةً مُزَوَّجَةً، فقِياسُ المذهبِ، انْفِساخُ نِكاحِها. وقيلَ: لا ينْفسِخُ، كالحُرَّةِ. وروَى ابنُ هانئُ عن أحمدَ، تعُودُ إلى زَوْجِها إنْ شاءَت. وهذا يدُلُّ على انْفِساخِ النِّكاحِ بالسَّبْى. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «والمتأمن».

وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بالْقَهْرِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِى. وَقَالَ أبُو الْخَطَّاب: ظَاهِرُ كَلَامِ أحْمَدَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هذه الأحْكامُ كلُّها على القَوْلِ بأنَّ الكُفَّارَ يَمْلِكُون أمْوالَنا بالقَهْرِ. وأمَّا على القَوْلِ بأنَّهم لا يَمْلِكُونَها، فلا تُقْسَمُ بحالٍ، وتُوقَفُ إذا جُهِلَ رَبُّها، ولرَبِّه أخْذُه بغيرِ شئٍ حيثُ وجَده، ولو بعدَ القِسْمَةِ. أو الشِّراء منهم. أو إسْلامِ آخِذِه وهو معه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه حماهيرُ الأَصحابِ. وقطَع به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: هو أحقُّ بما لم يَمْلِكُوه بعد القِسْمَةِ بثَمَنِه؛ لئَلَّا ينْتَقِضَ حُكْمُ القَاسِمِين. وعلى هذه الرِّوايَةِ فى وُجُوبِ الزَّكاةِ، رِوايَتا المالِ المَغْصُوبِ، ويصِحُّ عِتْقُه، ولم يَنْفسِخْ نِكاحُ المُزَوَّجَةِ. قوله: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمِين بالقَهْرِ. ذكَرَه القاضى. وهو المذهبُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: المذهبُ عندَ القاضى، يَمْلِكُونَها مِن غيرِ خِلافٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». فعليها، يَمْلِكُون العَبْدَ المُسْلِمَ. صرَّح به فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ (¬1)». ويأْتِى ذلك فى أوَاخِرِ كتابِ البَيْعِ. وقال أبو الخَطَّاِب: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّهم لا يَمْلِكُونَها. يعْنِى، ولو حازُوها إلى دَارِهم. وهى رِوايَةٌ عن أحمدَ. اخْتارَها الآجُرِّىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «تَعْلِيقِه»، وابنُ شِهَابٍ، وأبو محمدٍ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِىُّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «النَّظْمِ»: لا يمْلِكُونَه فى الأظْهَرِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «فُنونِه»، و «مُفْرَداتِه»، رِوايتَيْن، وصحَّح فيها عدَمَ المِلْكِ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وصحَّحه فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ» و «نَظْمِها». قال فى «المُحَرَّرِ»: ونصَّ (¬1) أبو الخَطَّابِ فى «تَعْلِيقِه»، أنَّ الكُفَّارَ لا يَمْلِكُون مالَ مُسْلِم بالقَهْرِ، وأنَّه يأْخُذُه بغيرِ شئٍ، حتى لو كان مقْسُومًا، ومِنَ العَدُوِّ إذا أسْلَم، وذلك مُخالِف لنُصوصِ أحمدَ. انتهى. وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أن أحمدَ لم يَنُصَّ على المِلْكِ، ولا على عدَمِه، وإنَّما نصَّ على أحْكام أُخِذَ منها ذلك. قال: والصَّوابُ أنَّهم يَمْلِكُونها مِلْكًا مُقَيَّدًا، لا يُساوِى أمْلاكَ المُسْلِمين مِن كلِّ وَجْهٍ. انتهى. وعنه، لا يَمْلِكُونها حتى يحُوزُوها إلى دَارِهم. اخْتارَه القاضى فى كِتابِ «الرِّوايتَيْن». وأطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ. قال فى «القَواعِدِ ¬

(¬1) فى ط: «ونصر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُولِيَّةِ»: وإذا قُلْنا: يَمْلِكُون. فهل يُشْتَرطُ أنْ يحُوزُوه بدَارِهم؟ فيه رِوايَتان، والتَّرْجِيح مُخْتَلِفٌ. وقال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةَ عشَرَةَ»: والمَنْصُوصُ أنّهم لا يَمْلِكون بمُجَردِ اسْتِيلاِئهم، بل بالحِيازَةِ إلى دَارِهم. وفيه رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ بأنَّهم يَمْلِكُون بمُجَردِ الاسْتِيلاءِ. وبنَى ابنُ الصَّيْرَفِىِّ مِلْكَهم أمْوالَ المُسْلِمِين على أنَّهم، هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ أم لا؟ فإن قُلْنا: هم مُخاطبُون. لم يمْلِكُوها، وإلَّا ملَكُوها. ورَدَّ بأنَّ المذهبَ عندَ القاضى، أنَّهم يَمْلِكُون مِن غير خِلافٍ، والمذهبُ، أنَّهم مُخاطَبُون. وأيضًا، إنَّما مَحَلُّ الخِلافِ فى مِلْكِ الكُفَّارِ وعدَمِه أمْوالَنا، فى أهْلِ الحَرْبِ، أمَّا أهْلُ الذِّمَّةِ، فلا يمْلِكُونها بلا خِلافٍ، والخِلافُ فى تَكْلِيفِ الكُفَّارِ عامٌّ فى أهْلِ الذِّمَّةِ وَأهْلِ الحَرْبِ. تنبيهات؛ أحدُها، حيثُ قُلْنا: يمْلِكُونها. فلا يمْلِكُون الحَبِيسَ ولا الوَقْفَ، ويمْلِكُون أُمَّ الوَلَدِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هى كالوَقْفِ، فلا يمْلِكُونَها. صحَّحها ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «القَواعِدِ». الثَّانى، مفْهومُ قوْلِه: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمِين بالقَهْرِ. أنَّهم لا يمْلِكُونها بغيرِ ذلك، فلا يمْلِكُون ما شرَدَ إليهم مِنَ الدَّوابِّ، أو أبَقَ مِنَ العَبِيدِ، أو ألْقَتْه الرِّيحُ إليهم مِنَ السُّفُنِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. صحَّحه فى «النَّظْمِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: المذهبُ، لا يمْلِكُون. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، حُكمُه حُكْمُ ما أخَذُوه بالقَهْرِ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الثَّالثُ، مفْهومُ قوْله: ويَمْلِكُ الكُفَّارُ أمْوالَ المُسْلِمين. أنَّهم لا يمْلِكُون الأحْرارَ. وهو صحيحٌ، فلا يمْلِكُون حُرًّا مُسْلِمًا ولا ذِمِّيًّا بالاسْتِيلاءِ عليه، ويَلْزَمُ فِداؤُه لحِفْظِهم مِنَ الأذَى. ونَصُّه فى الذِّمِّىِّ، إذا اسْتُعِين به. ومَنِ اشْترَاه منهم بنِيَّةِ الرُّجُوعِ، فله ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا يرْجِعُ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: فله عليه ثَمَنُه دَيْنًا، ما لم يَنْوِ به التَّبرُّعَ، فإنِ اخْتلَفا فى قَدْرِ ثَمَنِه، فوَجْهان. أطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ:

وَمَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ رِكَازٍ، أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الظَّاهِرُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المُشْترِى. [والصَّحيحُ مِنَ المذهْبِ، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ الأسيرِ؛ لأنَّه غارِمٌ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه] (¬1). واخْتارَ الآجُرِّىُّ لا يرْجعُ إلَّا أنْ يكونَ عادَةُ الأسْرى وأهْلِ الثَّغْرِ ذلك، فيَشْتَرِيَهم ليُخَلِّصَهم ويأْخُذَ ما وزَن لا زِيادةً، فإنَّه يرْجِعُ. قوله: وما أُخِذَ مِن دارِ الحرْبِ مِن رِكازٍ (¬2)، أو مُبَاحٍ له قِيمَةٌ، فهو غَنِيمَةٌ. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، ط: «زكاة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان مع الجَيْشِ، وأخَذ مِن دارِ الحَرْبِ رِكازًا، وحدَه أو بجَماعَةٍ منهم، لا يقْدِرُ عليه إلَّا بهم، فهو غَنِيمَةٌ. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا إذا قدَر عليه بنَفْسِه، كالمُتَلَصِّصِ ونحوِه، فإنَّه يكونُ له، فهو كما لو وجَدَه فى دارِ الإِسْلامِ، فيه الخُمْسُ. وهذا المذهبُ. وخُرِّجَ أنَّه غَنِيمَةٌ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوفًى فى آخِرِ بابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زكاةِ الخارِجِ مِنَ الأَرْضِ. وأمَّا ما أخَذَه فى دارِ الحَرْبِ مِنَ المُباحِ وله قِيمَةٌ؛ كالصُّيودِ، والصَّمْغ، والدَّارصِينِىِّ، والحِجارَةِ، والخَشَبِ، ونحوِها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه غَنِيمَةٌ مُطْلَقًا، كما قال المُصَنِّفُ. ونقَل عَبْدُ اللَّهِ، إنْ صادَ سمَكًا وكان يَسِيرًا، فلا بَأْسَ به ممَّا يَبِيعُه بدَانِقٍ أو قِيراطٍ، وما زادَ على ذلك يرُدُّه فى المَغْنَمِ. وقال ابنُ رَزِين فى «مُخْتَصَرِه»: وهَدِيَّةٌ ومُباحٌ وكسْبُ طائِفَةٍ

وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فى دَارِ الْحَرْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غَنِيمَةٌ فى الثَّلَاثَةِ، وأنَّ المأْخُوذَ لا قِيمَةَ له كالأقْلامِ، فهو لآخِذِه، وإنْ صارَ له قِيمَةٌ يُقَدَّرُ ذلك بنَقْلِه ومُعالَجتِه. نصَّ عليه. وقالَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهما. ويأْتِى فى آخِرِ البابِ حُكْمُ مَن أخَذ مِنَ الفِدْيَةِ، أو أُهدِىَ لأميرِ الجَيْشِ، أو لبَعْضِ الغانِمِين. قوله: وتُمْلَكُ الغنِيمَةُ بالاسْتِيلاءِ عليها فى دارِ الحَرْبِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّة»: هذا المنْصُوصُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

وَيَجُوزُ قَسْمُهَا فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّر»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال فى «الانْتِصارِ»، و «عُيُونِ المَسائلِ»، وغيرِهما: لا تُمْلَكُ إلَّا باسْتِيلاءٍ تامٌّ، لا فى فَوْرِ الهَزيمَةِ؛ لالْتِباسِ الأمْرِ، هل هو حِيَلةٌ أو ضَعْفٌ؟ وقالَه فى «البُلْغَةِ»، وأنَّه ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقال القاضى: لا تُمْلَكُ إلَّا بقَصْدِ التَّمَلُّك لا بمِلْكِ الأرْضِ. وترَدَّدَ فى المِلْكِ قبلَ القِسْمَةِ، هل هو باقٍ للكُفَّارِ، أو أنَّ مِلْكَهم انْقطَعَ عنها (¬1)؟ وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِه، تُمْلَكُ، كشِراءٍ وغيرِه. واخْتارَه فى «الانْتِصارِ» ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَصْدِ. وقيل: لا يَسْتَقِرُّ مِلْكُه قبلَ الحِيازَةِ بدَارِنا. قوله: ويجُوزُ قَسْمُها فيها. وكذا تَبايُعُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطعَ به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يجوزُ ذلك فيهما. وفى «البُلْغَةِ» رِوايَةٌ، لا يصِحُّ قِسْمَتُها فيها. فائدة: لو أرادَ الأمِيرُ أنْ يشْتَرِىَ لنَفْسِه منها، فوَكَّلَ مَن لا يُعْلَمُ أنَّه وَكِيلُه، صحَّ البَيْعُ، وإلَّا حَرُمَ. نصَّ عليه. ويأْتى فى آخِرِ البابِ إذا تَبايعُوا بعدَ قَسْمِها،

وَهِىَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مِنْ أهْلِ الْقِتَالِ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، مِنْ تُجَّارِ الْعَسْكَرِ وَأُجَرَائِهِمُ، الَّذِينَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم غلَب عليها العَدُوُّ، هل تكونُ مِن مالِ المُشْتَرِى أو البائعِ؟ قوله: وهى لمَن شَهِدَ الوَقْعَةَ مِن أهْلِ القِتالِ، قاتَلَ أو لم يُقاتِلْ. وهذا بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه متى شَهِدَ الوَقْعَةَ، اسْتَحَقَّ سَهْمَه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وقال الآجُرِّىُّ: لو حازُوها ولم تُقْسَمْ، ثم انْهزَمَ قوْمٌ، فلا شئَ لهم؛ لأنَّها لم تَصِرْ إليهم حتى صارُوا عُصاةً. فائدة: يَسْتَحِقُّ أيضًا مِنَ الغنِيمَةِ مَن بعَثَه الأمِيرُ لمَصْلَحَةِ الجَيْشِ، مثْل الرَّسُولِ، والدَّليلِ، والجاسُوسِ، وأشْباهِهم، فيُسْهَمُ لهم، وإنْ لم يحْضُروا. ويُسْهَمُ أيضًا لمن خَلَّفَهم الأمِيرُ فى بِلادِ العَدُوِّ، وغَزَا ولم يَمُرَّ بهم فرَجَعُوا. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. قوله: مِن تُجَّارِ العَسْكَرِ وأُجَرائهم. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الإِمامُ أحمدُ: يُسْهَمُ للمُكارِى، والبَيْطارِ، والحدَّادِ، والخيَّاطِ، والإسْكافِ، والصَّنَّاعِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وذكَر ابنُ عَقِيل فى أسيرٍ وتاجرٍ رِوايتَيْن. والإسْهامُ للتَّاجِرِ مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يُسْهَمُ لأجيرِ الخِدْمَةِ. وقال القاضى وغيرُه: يُسْهَمُ له إذا قصَد الجِهادَ. وكذا قال فى التَّاجِرِ. وقال فى «المُوجَزِ»: هل يُسْهَمُ لتاجِرِ العَسْكَرِ وسُوقِه، ومُسْتَأْجَرٍ مع جُنْدٍ، كرِكابِىٍّ وسائسٍ، أمْ يُرْضَخُ لهم؟ فيه رِوايَتان. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: ظاهِرُ كلامِه، لا تصِحُّ النِّيابَةُ، تبَرُّعًا أو بأُجْرَةٍ. وقطَع به ابنُ الجَوْزِىِّ.

فَأمَّا الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنِ الْقِتَالِ، وَالْمُخَذِّلُ، وَالْمُرْجِفُ، وَالْفَرَسُ الضَّعِيف العَجِيفُ، فَلَا حَقَّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا المرِيضُ العاجِزُ عنِ القِتالِ، فلا حقَّ له. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال الآجُرِّىُّ: مَن شَهِدَ الوَقْعَةَ، ثم مرِض أسْهَمَ له، وإنْ لم يُقاتِلْ. وإنَّه قوْلُ أحمدَ. تنبيه: قوْلُه: والمُخَذِّلُ، والمُرْجِفُ. يعْنِى، لا حَقَّ لهما ولا لفَرَسِهما فيها. قال الأصحابُ: ولو ترَكا ذلك وقاتَلا. ولا يُرضَخُ لهم؛ لأنَّهم عُصاةٌ، ولا يُرْضَخُ للعَبْدِ إذا غزَا بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لأنّه عاصٍ. ولا شئَ لمَن يُعِينُ علينا عدُوَّنا، ولا لمَن نَهاه الإِمامُ عنِ الحُضُورِ، ولا لطِفْلٍ ولا مَجْنُونٍ. وكذا حُكْمُ مَن هرَب مِن

وَإذَا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هَرَبَ أَسِيرٌ، فَأَدْرَكُوا الْحَرْبَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا، أُسْهِمَ لَهُمْ، وَإنْ جَاءُوا بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، فَلَا شَىْءَ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كافِرَيْن. ذكَرَه فى «الرَّوْضَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ويُسْهَمُ لمَن مُنِعَ مِنَ الجِهادِ لدَيْنِه فخالَفَ، أو منَعَه الأبُ مِن جهادِ التَّطَوُّعِ فخالَفَ. صرَّح به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما؛ لأنَّ الجِهادَ تعَيَّنَ عليه بحُضُورِ الصَّفِّ، بخِلافِ العَبْدِ. قوله: والفَرَسُ الضَّعِيفُ العَجِيفُ، فلا حَقَّ له. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُسْهَمُ له. وهو رِوايَةٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال: قلتُ: ومِثْلُه الهَرِمُ، والضَّعيفُ، والعاجِزُ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يُسْهَمُ لفَرَسٍ عَجِيفٍ، ويَحْتَمِلُ لا، ولو شَهِدَها عليه. قوله: وإذا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هرَب أسِيرٌ، فأَدْرَكُوا الحَرْبَ قبلَ تَقَضِّيها، أُسْهِمَ لهم. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به الأكثرُ. وقيل: لا شئَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لهما. ذكَره فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». تنبيه: مفْهومُ قوْله: وإنْ جاءُوا بعدَ إحْرَازِ الغَنِيمَةِ، فلا شئَ لهم. أنَّهم لو جاءُوا قبلَ إحْرازِ الغنِيمَةِ، وبعدَ تَقَضِّى الحرْبِ، أنَّه يُسْهَمُ لهم. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لا يُسْهَمُ لهم والحالَةُ هذه. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، فى مَوْضِعٍ. وصحَّحه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ». قال فى «الوَجيزِ»: يُسْهَمُ للأَسيرِ والمَدَدِ إنْ أدْرَكَاها. واخْتارَه القاضى. وقال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»: إذا قُلْنا: تُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بمُجَرَّدِ الاسْتِيلاءِ عليها. فهل يُشْتَرطُ الإحْرازُ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُشْترَطُ، وتُمْلَكُ بمُجَرَّدِ تقَضِّى الحرْبِ. وهو قوْلُ القاضى فى «المُجَرَّدِ» ومَنْ تابَعَه. والثَّانى، يُشْتَرطُ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ، وابنِ أبِى مُوسى، كسائرِ المُباحاتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ورَجَّحه صاحِبُ «المُغْنِى». فعلى هذا، لا يَسْتَحِقُّ منها إلَّا مَن شَهِدَ الإِحْرازَ. وعلى الأوَّلِ، اعْتَبرَ القاضى والأكْثَرُون شُهُودَ إحْرازِ الوَقْعَةِ، وقالُوا: لا يَسْتحِقُّ مَن لم يَشْهَدْه. وفصَل القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» بينَ الجَيْشِ وأهْلِ المدَدِ، فيَسْتَحِقُّ الجَيْشُ بحُضورِ جُزْءٍ مِنَ الوَقْعَةِ، إذا كان تخَلُّفُهم لعُذْرٍ، ويُعْتَبَرُ فى اسْتِحْقاقِ المدَدِ انْجِلاءُ الحرْبِ. انتهى. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو لَحِقَهم مدَدٌ بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، لم يَسْتَحِقُّوا منها شيئًا، فلو لَحِقَهم عدُوٌّ، فقاتَلَ المدَدُ مع الجَيْشِ حتى سَلِمُوا بالغَنِيمَةِ، لم يَسْتَحِقُّوا أيضًا منها شيئًا؛ لأَنَّهم إنما قاتَلُوا عن أصحابِها؛ لأنَّ الغَنِيمَةَ فى أيْدِيهم وحَوَوْها. نقَلَه المَيْمُونِىُّ.

وَإذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ، بَدَأ بِالْأَسْلَابِ فَدَفَعَهَا إِلَى أَهلِهَا، ثُمَّ أَخْرَجَ أُجْرَةَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنِيمَةَ، وَحَمَلُوهَا، وَحَفِظُوهَا. ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِىَ، فَيَقْسِمُ خُمْسَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ؛ سَهْمٌ لِلَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يُخَمِّسُ الباقِىَ، فيَقْسِمُ خُمْسَه على خَمْسَةِ أسْهُمٍ؛ سَهْمٌ للَّهِ تعالَى

تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَىْءِ، وَسَهْمٌ لِذَوِى الْقُرْبَى؛ وَهُمْ بَنُو هَاشمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ حَيْث كَانُوا، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، غَنِيُّهُمْ وَفقِيرُهُمْ فِيهِ سَواءٌ، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى الْفُقَرَاءِ، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولرَسُولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذا السَّهْمَ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشْهُورُ. وعنه، يُصْرَفُ فى المُقاتِلَةِ. وعنه، يُصْرَفُ فى الكُراعِ، والسِّلاحِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: وهو لمَن يَلِى الخِلافَةَ بعدَه. ولم يذْكُرْ سَهْمَ اللَّهِ. وذكَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلَه فى «عُيونِ المسَائلِ». وقال أبو بَكْرٍ: إن أَجْرَى ذلك على مَن قامَ مَقامَ أبِى بَكْرٍ وعمرَ مِنَ الأئِمَّةِ، جازَ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى الرَّدِّ على الرَّافِضِىِّ عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضِ أصحابِنا، أنَّ اللَّهَ أضافَ هذه الأمْوالَ إضافَةَ مِلْكٍ، كسائرِ أمْوالِ النَّاسِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم اخْتارَ قوْلَ بعضِ العُلَماءِ: إنَّها ليستْ مِلْكًا لأحَدٍ، بل أمْرُها إلى اللَّهِ والرَّسُولِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُنْفِقُها (¬1) فيما أمرَه اللَّهُ به. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «ينقلها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وسَهْمٌ لذَوِى القُرْبى؛ وهم بَنُو هاشِمٍ وبَنُو المُطُّلِبِ حيثُ كانُوا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، سواءٌ كانُوا مُجاهِدِين أوْ لا، وعليه الأصحابُ، وجزَمُوا به. وقيل: لا يُعْطى إلَّا مِن جِهَةِ الجِهادِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثيَيْن. هذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». [وعنه، الذَّكَرُ والأُنْثَى فيه سواءٌ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»] (¬1). قوله: غَنِيُّهم وفَقِيرُهم فيه سَواءٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المشْهورُ المعْروفُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقيل: يَخْتَصُّ به فُقَراؤُهم. اخْتارَه أبو إسْحاقَ ابنُ شَاقْلَا. فوائد؛ إحْداها، يجبُ تَعْمِيمُهم وتفْرِقَتُه بينَهم حيْثُما كانُوا حسَبَ الإِمْكانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. فعَلى هذا، يَبْعَثُ الإِمامُ إلى عُمَّالِه فى الأقاليمِ، وينْظُرُ ما حصَل مِن ذلك، فإنِ اسْتَوَتِ الأخْماسُ، فرَّق كلَّ خُمْسٍ فى مَن قارَبَه، وإنِ اخْتَلفَتْ، أمَر بحَمْلِ الفاضِلِ ليُدْفَعَ إلى مُسْتَحِقِّه. وقال المُصَنِّفُ: الصَّحيحُ، إنْ شاءَ اللَّهُ، أنَّه لا يجِبُ التَّعْميمُ؛ لأنَّه يتَعذَّرُ أو يَشُقُّ، فلم يجِبْ كالمَساكِينِ، والإِمامُ ليس له حُكْمٌ، إلَّا فى قليلٍ مِن بلادِ الإِسْلامِ. فعلى هذا يُفَرِّقُه كلُّ سُلْطانٍ فيما أمْكَنَ مِن بلادِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: ولا أظُنُّ الأصحابَ يُخالِفُونه فى هذا. انتهى. وقال فى «الانْتِصارِ»: يكْفِى واحِدٌ إنْ لم يُمْكِنْه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: بل سَهْمُ ذَوِى القُرْبَى مِنَ الغَنِيمَةِ والفَىْءِ فى كلِّ إقْليمٍ. وقيل: ما حصَل مِن مَغْزَاه. وقيل: يجوزُ تَفْريقُ الخُمْسِ فى جِهَةِ مَغْزاه وغيرِها، وإنْ كان بينَهما مَسافَةُ القَصْرِ. ويأْتِى قريبًا بأَعَمَّ مِن هذا. الثَّانيةُ، لا شئَ لمَواليهم، ولا لأَوْلادِ بَناتِهم، ولا لغيرِهم مِن قُرَيْشٍ. وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: حِرْمانُ المَوالِى هنا فيه نظَرٌ؛ لأنَّ مَوْلَى القَوْمِ منهم، ولكَوْنِهم مُنِعُوا الزَّكاةَ؛ لكَوْنِهم منهم، فوجَب أنْ يُعْطَوْا مِنَ الخُمْسِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، إذا لم يأْخُذُوا سَهْمَهم صُرِفَ فى الكُراعِ والسِّلاحِ. قوله: وسَهْمٌ لليَتامَى الفُقَراءِ. هذا المشْهورُ فى المذهبِ. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قَوْلُ جُمْهورِ الأصحابِ. وقيل: يَسْتَحِقُّ منهم اليَتِيمُ الغَنِىُّ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمُ: وما هو ببَعِيدٍ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ. فوائد؛ إحداها، اليَتِيمُ؛ مَن لا أبَ له، إذا لم يبْلُغِ الحُلُمَ. قوله: وسَهْمٌ للمَساكِينِ. يدْخُلُ معهم الفُقَراءُ، بلا نِزاع. الثَّانيةُ، يُشْترَطُ فى المُسْتَحِقِّين مِن ذَوِى القُرْبَى، واليَتامَى، والمَساكِينِ، وابنِ السَّبِيلِ، أنْ يكونُوا مُسْلِمِين، وأنْ يُعْطَوْا كالزَّكاةِ، بلا نِزاع، وَيعُمُّ بسِهامِهم جميعَ البِلادِ حسَبَ الإمْكانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ فى بَنِى هاشِم وبَنِى المُطَّلِبِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: يكْفِى واحِدٌ مِنَ الأصْنافِ الثَّلاثَةِ، ومِن ذَوِى القُرْبَى إنْ لم يُمْكِنْه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ إعْطاءَ الإِمامِ

ثُمَّ يُعْطِى النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن شاءَ منهم للمَصْلَحَةِ، كالزَّكاةِ. واخْتارَ أيضًا أنَّ الخُمْسَ والفَىْءَ واحدٌ، يُصْرَفُ فى المَصالِحِ. وذكَر فى رَدِّه على الرَّافِضِىِّ، أنَّه قَوْل فى مذهبِ أحمدَ، وأنَّ عن أحمدَ ما يُوافِقُ ذلك؛ فإنَّه جعَلٍ مَصْرِفَ خُمْسِ الرِّكازِ مَصْرِفَ الفَىْءِ، وهو تبَعٌ لخُمْسِ الغَنائمِ. وذكَرَه أيضًا رِوايَةً. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ فى «الهَدْى» القَوْلَ الأولَ؛ وهو أنَّ الإِمامَ مُخَيَّرٌ فيهم، ولا يتَعَدَّاهم كالزَّكاةِ. الثَّالثةُ، لو اجْتمَعَ فى واحدٍ أسْبابٌ، كالمِسْكِينِ اليَتِيمِ، اسْتَحَقَّ بكُلِّ واحدٍ منهما؛ لأنَّها أسْباب لأَحْكامٍ، فإنْ أعْطاه ليُتْمِه فزَالَ فَقْرُه، لم يُعْطَ لفَقْرِه شيئًا. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عشَرَةَ بعدَ المِائَةِ»: هذا المشْهُورُ فى المذهبِ. ولها نَظائِرُ تأْتِى فى الوَقْفِ والمَوارِيثِ، وغيرِهما. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: ثم يُعْطِى النَّفَلَ. وهو الزِّيادَةُ على السَّهْمِ لمَصْلَحَةٍ، مِثْلَ بَعْثِه سَرِيَّةً تُغِيرُ فى البَدْأَةِ والرَّجْعَةِ، على ما تقدَّم. وكذا مَن جعَل له الإِمامُ

وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ؛ وَهُمُ الْعَبِيدُ، وَالنِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جُعْلًا. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: ثم يُعْطِى النَّفَلَ، ويَرْضَخُ لمَن لا سَهْمَ له. أنَّ النَّفَلَ والرَّضْخَ يكونُ إخْراجُهما بعدَ إخْراجِ خُمْسِ الغَنِيمَةِ، فيَكُونان مِن أرْبعَةِ أخْماسِها. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: الرَّضْخُ مِن أصْلِ الغَنِيمَةِ. وحكَاه النَّوَوِىُّ فى «شَرْحِ مُسْلِمٍ»، عن أحمدَ. ولم نَرَه فى كُتُبِ الأصحابِ كذلك. وقيل: مِن سَهْمِ المَصالِحِ. وقيل: النَّفَلُ والرَّضْخُ مِن أصْلِ الغَنِيمَةِ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قوله: ويَرْضَخُ لمَن لا سَهْمَ له؛ وهم العَبِيدُ، والنِّساءُ، والصِّبْيانُ. يَرْضَخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للعَبيدِ والنِّساءِ، بلا نِزاعٍ. والمُدَبَّرُ والمُكاتَبُ، كالقِنِّ، بلا نِزاعٍ. والخُنْثَى كالمَرْأَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعْطَى نِصْفَ سَهْمِ رَجُلٍ، ونِصْفَ الرَّضْخِ، فإنِ انْكشَفَ حالُه فَبانَ رَجُلًا، تُمِّمَ له. وهو احْتِمالٌ للمُصنِّفِ. وأطْلَقهما فى «النَّظْمِ». ويَرْضَخُ للصَّبِىِّ إذا كان مُمَيِّزًا إلى البُلوُغِ. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَرْضَخُ له إلَّا إذا كانَ مُراهِقًا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «البُلْغَةِ». وقيل: يَرْضَخُ أيضًا لمَن دُونَ التَّمْيِيزِ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». فائدتان: إحْداهما، يَرْضَخُ للمُعْتَقِ بعضُه، ويُسْهِمُ له بحِسَابِه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقيل: يَرْضَخُ له فقط. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». قال المُصَنِّفُ: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وأطْلَقَهما فى «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قال الأصحابُ: يجوزُ التَّفْضِيلُ بينَ مَن يُرْضَحُ لهم، على ما يرَاه الإِمامُ، على قَدْرِ غَنائهم ونَفْعِهم.

وَفِى الْكَافِرِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا يَرْضَخُ لَهُ، وَالأُخْرَى، يُسْهِمُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفِى الكافِرِ رِوايَتان. يعْنِى، هل يَرْضِخُ له، أو يُسْهِمُ؟ وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى»، و «الإِرْشادِ»؛ إحْداهما، يَرْضَخُ له. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». والأُخْرَى، يُسْهِمُ له. وهى المذهبُ، وعليها أكثرُ الأصحابِ. قال

وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ لِلرَّاجِلِ سَهْمَ رَاجِلٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. واخْتارَها الخَلَّالُ، والخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. ونصَرَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه أصحُّ الرِّواياتِ. وجزَم بها ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهى منها. وقدَّمها فى «الفُروعِ». قال فى «البُلْغَةِ»: يُسْهِمُ له فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. تنبيهات؛ أحدُها، قال الزَّرْكَشِىُّ: وقوْلُ الخِرَقِىِّ: غزَا معنا. لم يَشْتَرِطْ أنْ يكونَ بإذْنِ الإِمامِ، وشرَط ذلك الشَّيْخانِ، وأبو الخَطَّابِ. انتهى. واخْتارَه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، كالخِرَقِىِّ. الثَّانى، يُسْتَثْنَى مِن قولِه: ولا يَبْلُغُ بالرَّضْخِ للرَّاجِلِ سَهْمَ راجِلٍ، ولا للفارِسِ سَهْمَ فارِسٍ. العَبْدُ إذا غزَا

وَلَا لِلْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ. فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمْ قَبْلَ تَقَضِّى الْحَرْبِ، أُسْهِمَ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على فرَسِ سيِّدِه، فإنَّه يُؤْخَذُ للفَرَسِ (¬1) سَهْمان، كما قالَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك. وقالَه الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. لكنْ يُشْتَرطُ أنْ لا يكونَ مع سيِّدِه فرَسان. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يَلْحَقَ به الكافِرُ إذا غزَا على فرَسٍ. ولم أَرَه. الثَّالثُ، مفْهومُ قوْلِه: فإنْ تَغَيَّر حالُهم قبلَ تَقَضِّى الحَرْبِ، أُسْهِم لهم. أنَّه إذا تغَيَّرَ حالُهم بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ، لا يُسْهِمُ لهم. فَيَشْمَلُ صُورَتَيْن؛ إحْداهما، أنْ تتَغَيَّرَ أحْوالُهم بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ، وقبلَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ. فهذه الصُّورَةُ فيها ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «للفارس».

وَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ، قُسِمَ لِلْفَرَسِ، وَرُضِخَ لِلْعَبْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان؛ أحدُهما، وهو مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لا يُسْهِمُ لهم. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ». واخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ» فى مَوْضِعٍ. والثَّانى، يُسْهِمُ لهم. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، فى قوْلِه: وإنْ جاءُوا بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فلا شئَ لهم. كما تقدَّم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقهما فى «الشَّرْحِ». وتقدَّم نظيرُ هذا قرِيبًا، عندَ قوْلِه: وإذا لَحِقَ مَدَدٌ، أو هرَبَ أسِيرٌ. لكنَّ كَلامَه هنا فى تغَيُّرِ حالِ مَن يُرْضَخُ له، بخِلافِ الأوَّلِ. الصُّورَةُ الثَّانيةُ، أنْ تتَغَيَّرَ أحْوالُهم بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فلا يُسْهِمَ لهم. قوْلًا واحدًا. تنبيه: قوْلُ المُصَنِّفِ: ولو غَزَا العبدُ على فَرَسٍ لسيِّدِه، قُسِمَ للفَرَسِ. مُقَيَّدٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنْ لا يكونَ مع سيِّدِه فرَسان، فإنْ كان معه فرسَان غيرُ فرَسِ العَبْدِ، لم يُسْهِمْ لفرَسِ العَبْدِ، كما تقدَّم. والإسْهامُ لفَرَسِ العَبْدِ مِنَ المُفْرَداتِ.

ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِىَ الْغَنِيمَةِ؛ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ؛ سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم يَقْسِمُ باقِىَ الغَنِيمَةِ؛ للرَّاجِلِ سَهْمٌ، وللفارِسِ ثَلَاثَةُ أسْهُمٍ؛ سَهْمٌ له، وسَهْمان لفَرَسِه. وهذا بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. وتقدَّم أنَّه يُسْهَمُ لمَن بعَثَه الإِمامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَصْلحَةِ الجَيْشِ أو خَلَّفَه فى أرْضِ العَدُوِّ، وإنْ لم يَشْهَدِ القِتالَ.

إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ هَجِينًا أَوْ بِرْذَوْنًا؛ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ. وَعَنْهُ، لَهُ سَهْمَانِ، كَالْعَرَبِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يكُونَ فَرَسُه هَجِينًا أو بِرْذَوْنًا؛ فيكُونُ له سَهْمٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قلتُ: منهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». قال فى «الإِرْشادِ»: هذا أظْهَرُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الإِيضَاحِ». قال الخَلَّالُ: تَواتَرَتِ الرِّواياتُ عن أحمدَ فى سِهامِ البِرْذَوْنِ، أنَّه سَهْمٌ واحدٌ. وعنه، له سَهْمان كالعَرَبِىِّ. اخْتارَها الخَلَّالُ. وقال: روَى عنه ثَلاثَةٌ مُتَيقِّظُون، أنَّه يُسْهَمُ للبِرْذَوْنِ سَهْمُ العَرَبِىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ»، فإنَّه أطْلَقَ أنَّ للفارِسِ ثَلاثَةَ أسْهُمٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وعنه، له سَهْمان إنْ عمِلَ كالعَرَبِىِّ. ذكَرَها أبو بَكْرٍ. واخْتارَه الآجُرِّىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعنه، لا يُسْهِمُ له أصْلًا. ذكَرَها القاضى. وأطْلقَهُنَّ فى «البُلْغَةِ»، و «الزَّركَشِىِّ». فائدة: الهَجِينُ؛ مَن أُمُّه غيرُ عَرَبِيَّةٍ وأبُوه عرَبِىٍّ، وعكْسُه المُقْرِفُ.

وَلَا يُسْهَمُ لأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والبِرْذَوْنُ، مَن أبَواه غيرُ عرَبِيَّيْن. والعرَبِىُّ؛ مَن أبوَاه عرَبِيَّان، ويُسَمَّى العَتِيقُ. قوله: ولا يُسْهَمُ لأكثرَ مِن فَرَسَيْن. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ،

وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْخَيْلِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: مَنْ غَزَا عَلَى بَعِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ، قُسِمَ لَهُ وَلِبَعِيرِهِ سَهْمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به الأكثرُ. وقيل: يُسْهَمُ لثَلاثَةٍ. جزَم به فى «التَّبْصِرَةِ». والإِسْهامُ لفرَسَيْن أو ثَلاثَةٍ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قوله: ولا يُسْهَمُ لغيرِ الخَيْلِ. هذا المذهبُ، وجزَم به فى «العُمْدَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «المُنوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزجِىِّ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا يُسْهَمُ لبَعِيرٍ على الأظْهَرِ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وقال الخِرَقِىُّ: ومَن غزَا على بَعِيرٍ لا يقْدِرُ على غيرِه، قسِمَ له ولبَعِيرِه سَهْمان. وهو رِوايَة عن أحمدَ. نقَلَها المَيْمُونِىُّ. واخْتارَه ابنُ البَنَّا فى «خِصَالِه». وقدَّمه ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. وعنه، يُسْهَمُ له مُطْلَقًا. نصَّ عليه فى رِوايَةِ مُهَنَّا. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما». وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، وابنُ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: فإنْ كان على بَعِيرٍ، فقال أصحابُنا: له سَهْمان؛ سَهْمٌ له، وسَهْمٌ لبَعِيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وهُنَّ أوْجُهٌ مُطْلقَاتٌ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». فعلى القَوْلِ بأنَّه يُسْهَمُ له، فيكونُ له سَهْمٌ، بلا نِزاعٍ، ولبَعِيرِه سَهْمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قَوْلُ العامَّةِ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ بعضِهم، أنَّه كفَرَسٍ. وقال القاضى فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: إنَّ حُكْمَ البعِيرِ فى الإِسْهامِ حُكْمُ الهَجِينِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى». فائدة: مِن شَرْطِ الإِسهامِ للبَعِيرِ، أنْ يشْهَدَ عليه الوَقْعَةَ، وأنْ يكونَ ممَّا يُمْكِنُ القِتالُ عليه، فلو كان ثَقِيلًا لا يصْلُحُ إلَّا للحَمْلِ، لم يَسْتَحِقَّ شيئًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. تنبيه.: شمِلَ قوْلُه: ولا يُسْهَمُ لغيرِ الخَيْلِ. الفِيلَ. وهو صحيحٌ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: حُكْمُ الفِيلِ حُكْمُ البَعِيرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: وهو حسَنٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهَبِ. قال فى «الخُلاصَةِ»: وفى البَعِيرِ والفِيلِ رِوايتَان. وقال فى «الفُروعِ»: وقيل: لبَعِير، وفِيل، سَهْمُ هَجِينٍ. انتهى. قلتُ: لو قِيل: يُسْهَمُ للفِيلِ كالعَرَبِىِّ. لَكانَ مُتَّجَهًا. فائدة: لا يُسْهَمُ للبِغالِ، ولا للحَمِيرِ، بلا نِزاعٍ. وذكَر القاضى فى ضِمْنِ مَسْألةِ البَعِيرِ، أنَّ أحمدَ قال فى رِوايَةِ المَيْمُونِىِّ: ليس للبَغْلِ إلَّا النَّفَلُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا صَرِيحٌ بأَنَّ البَغْلَ يجوزُ الرَّضْخُ له. وهو قِياسُ الأُصُولِ والمذهبِ؛ فإنَّ الذى يُنْتَفَعُ به ولا يُسْهَمُ له، كالمرْأةِ والصَّبِىِّ والعَبْدِ، يُرْضَخُ لهم، كذلك الحَيوانُ الذى ينتَفَعُ به ولا يُسْهَمُ له، كالبِغالِ والحَمِيرِ، يُرْضَخُ له. قال العَلَّامَةُ

وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ مَلَكَ فرَسًا، أَوِ اسْتَعَارَهُ، أَوِ اسْتَأْجَرَهُ، وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، فَلَهُ يسهْمُ فَارِسٍ. وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا، فَنَفَقَ فَرَسُهُ، أَوْ شَرَدَ حَتَّى تَقَضِّى الْحَرْبِ، فَلَهُ يسهْمُ رَاجِلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَجَبٍ: إنَّما قال أحمدُ: البَغْلُ للثَّقَلِ. يعْنِى، أنَّه لا يُعَدُّ للرُّكُوبِ والقِتالِ، بل لحَمْلِ الأثْقالِ. فتَصَحَّفَ الثَّقَلُ بالنَّفَلِ. ثم زِيدَ فيه لفْظَةُ «ليس»، و «إلَّا». قوله: ومَن دخَل دارَ الحَرْبِ راجِلًا، ثم ملَك فَرَسًا، أوِ اسْتَعارَه، أوِ اسْتَأْجَرَه، وشَهِدَ به الوَقْعَةَ، فله سَهْمُ فارِسٍ. يُسْهَمُ للفَرَسِ المُسْتَعارَةِ والمُسْتَأْجَرَةِ، بلا نِزاعٍ، فسَهْمُ الفَرَسِ المُسْتَأْجَرَةِ للمُسْتَأجِرِ، بلا نِزاعٍ، وسَهْمُ الفرَسِ المُسْتعارَةِ للمُسْتَعِيرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. ذكَرَه فى «الفُروعِ»، فى بابِ العارِيَّةِ. وعنه، سَهْمُه للمُعِيرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو غزَا على فرَسٍ حَبِيسٍ، اسْتَحَقَّ سَهْمَه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ». وذكَرَه فى بابِ العارِيَّةِ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ دخَل فَارِسًا، فنَفَق فَرَسُه -أى ماتَ- أو شرَد، حَتى تَقَضِّى الحَرْب، فله سَهْمُ رَاجِلٍ. أنَّه لو صارَ فارِسًا بعدَ تقَضِّى الحَرْبِ وقبلَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، أنَّ له سَهْمُ راجِلٍ. وهو صحيحٌ؛ لأنَّه أناطَ الحُكْمَ بتقَضِّى الحَرْبِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى، ونَصرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: له سَهْمُ فارِسٍ والحالَةُ هذه. قال الخِرَقِىُّ: الاعْتِبارُ بحالِ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، فإنْ أُحْرِزَتِ الغَنِيمَةُ وهو راجِلٌ، فله سَهْمُ راجلٍ، وإنْ أُحْرِزَت وهو فارِسٌ، فله سَهْمُ فارِسٍ. قال الشَّارِحُ: فيَحْتَمِلُ أنَّه أَرادَ بحِيازَةِ الغَنِيمَةِ الاسْتِيلاءَ عليها، فيكونُ كالأوَّلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ أرادَ جَمْعَ الغَنِيمَةِ وضَمَّها وإحْرازَها. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا (¬1) المُعْتَمَدُ أصْلًا. وهو أنَّ الغَنِيمَةَ تُمْلَكُ ¬

(¬1) فى ط: «هل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإِحْرازِ، على ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ به يحْصُلُ تَمامُ الاسْتِيلاءِ. فعلى هذا، إذا جاءَ مدَدٌ بعدَ ذلك، أو انْفَلَتَ أسِيرٌ، فلا شئَ له، وإنْ وُجِدَ قبلَ ذلك شارَكَهم. وعنِ القاضى، أنَّ الغَنِيمَةَ. تُمْلَكُ بانْقِضاءِ الحَرْبِ، وإنْ لم تُحْرَزْ. [فعلى هذا، إذا جَاءَ مَدَدٌ أو أسِيرٌ بعدَ الانْقِضاءِ، فلا شئَ له، وإنْ لم تُحْرَزِ] (¬1) الغَنِيمَةُ. انتهى. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك فيما إذا لَحِقَ مدَدٌ، وفيما إذا تغَيَّر حالُهم قبلَ تَقضِّى الحَرْبِ. ومفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ مُخْتَلِفٌ، وظاهِرُ كلامِ الشَّارِحِ، الفَرْقُ (¬2) بينَ ذَيْنَك ¬

(¬1) سقط من: «لأصل، أ. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

وَمَنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الموْضِعَيْن، وبينَ هذا الموْضِعِ. قوله: وإنْ غصَب فَرَسًا فقاتَلَ عليه، فسَهْمُ الفَرَسِ لمالِكِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: ويَحْتَمِلُ أنَّ سَهْمَه لغاصِبِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أُجْرَتُه لرَّبه. ويأْتِى، إذا غصَب فرَسًا وكسَب عليه، فى الشَّرِكَةِ الفاسِدَةِ وفى الغَصْبِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ. وتأْتِى هذه المسْأَلَةُ أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الغَصْبِ. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه يُسْهَمُ للفَرَسِ المغْصُوبَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا رَضْخَ لها ولا سَهْمَ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو بعيدٌ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُسْهَمُ لها، ولو كان غاصِبُها مِن أصحابِ الرَّضْخِ. وهو صحيحٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: بل يُرْضَخُ لها، وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يُسْهَمُ لها، ولا يُرْضَخُ، كما تقدَّم. وقال فى «الفُروعِ»، فى بابِ العارِيَّةِ: وسَهْمُ فَرَسٍ مَغْصُوبٍ كصَيْدِ جارِحٍ مَغْصُوبٍ. وقال فى بابِ الغصْبِ: إذا صادَ بالجارِحِ، هل يَرُدُّ صيْدَه، أو أُجْرَتَه، أو هما؟ ثلاثَةُ أوْجُهٍ، وأطْلقَهُنَّ. فائدة: ليس للأجيرِ لحِفْظِ الغَنِيمَةِ رُكوبُ دابَّةٍ مِنَ الغَنِيمَةِ إلَّا بشَرْطٍ.

وَإذَا قَالَ الإِمَامُ: مَنْ أخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. أوْ فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، لَمْ يَجُزْ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن، وَيَجُوزُ فِى الْأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال الإِمامُ: مَن أخَذ شيئًا فهو له. أو فضَّل بعضَ الغانِمِين على بعْضٍ، لم يَجُزْ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. إذا قال الإِمامُ: مَن أخذَ شيئًا فهو له. ففى جَوازِه رِوايَتان. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، لا يجوزُ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، وابنُ مُنَجَّى فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والثَّانيةُ، يجوزُ مُطْلَقًا. وقيل: يجوزُ لمَصْلَحَةٍ، وإلَّا فلا. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وحَكَياه رِوايَةً. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ونقَل أبو طالِبٍ وغيرُه، إنْ بَقِىَ ما لا يُباعُ ولا يُشْتَرَى، فهو لمَن أخَذَه. فائدة: لو ترَك صاحِبُ المَقْسَمِ شيئًا مِنَ الغَنِيمَةِ عجْزًا عن حَمْلِه، فقال الإِمامُ: مَن أخَذ شيئًا فهو له. فهو لمَن أخَذَه. نصَّ عليه أحمدُ. وسُئِلَ عن قَوْمٍ غَنِمُوا غَنائمَ كثيرةً، فيَبْقَى جُزْءٌ مِنَ المَتاعِ ممَّا لا يُباعُ ولا يُشْتَرَى، فيدَعُه الوَالِى -بمَنْزِلَةِ الفَخَّارِ وما أشْبَهَه- أيَأْخُذُه الإِنْسانُ لنَفْسِه؟ قال: نعم، إذا تُرِكَ ولم يُشْتَر. ونقَل أبو طالِبٍ فى المَتاعِ لا يقْدِرُون على حَمْلِه، إذا حمَلَه يُقْسَمُ. قال الخَلَّالُ: لا شَكَّ أنَّ أحمدَ قال هذا أولًا، ثم تبَيَّنَ له بعدَ ذلك أنَّ للإمامِ أنْ يُبِيحَه. الثَّانيةُ، لو أخَذ ما لا قِيمَةَ له فى أرْضِهم، كالمِسَنِّ، والأقْلامِ، والأدْوِيَةِ، كان له، وهو أحَقُّ به، وإنْ صارَتْ له قِيمَة بمُعَالجَتِه أو نقْلِه. نصَّ أحمدُ على نحوِه. وقالَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وتقدَّم بعضُ ذلك فى آخِرِ البابِ الذى

وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَه، فى جَوازِ الأكْلِ. وأمَّا إذا فضَّل بعضَ الغانِمِين على بعضٍ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فى جَوازِه رِوايتَيْن. وأطْلقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه». ومحَلُّهما إذا كان لمَعْنًى (¬1) فى المُعْطى، كالشَّجاعَةِ ونحوِها، فإنْ كان لا لمَعْنًى فيه، لم يَجُزْ، قوْلًا واحدًا، وإنْ كانَ لمَعْنًى فيه ولم يشْرُطْه -وهى مسْألَةُ المُصَنِّفِ- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ ذلك. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى البابِ الذى قبلَه، عندَ ذِكْرِ النَّفَلِ. قوله: ومَنِ اسْتُؤجِرَ للجِهَادِ مِمَّن لا يَلْزَمُه مِنَ العَبِيدِ والكُفَّارِ، فليس له إلَّا الأُجْرَةُ. اعْلمْ أنَّه إذا اسْتَأْجَرَ مَن لا يَلْزَمُه الجِهادُ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، صِحَّةُ الإِجارَةِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». قال فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الأُجْرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وإنِ اسْتُؤْجِرَ مَن لا يَلْزَمُه بحُضُورِه، كعَبْدٍ وامْرأَةٍ، صحَّ فى الأظْهَرِ. وإنِ اسْتَأْجَرَ الإِمامُ كافِرًا، صحَّ. على الأصحِّ. وجزَم فى «القوَاعِدِ الأصُولِيَّةِ»، بصِحّةِ إجارَةِ الكافِرِ للجِهَادِ. وقال: وبَناه بعضُهم على أنَّهم هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ أم لا؟ وقال فى «التَّرْغِيب»: يصِحُّ اسْتِئْجارُ الإِمامِ لأهْلِ الذِّمَّةِ عندَ الحاجَةِ. وقال فى «البُلْغَةِ»: ولا يصِحُّ غيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِئْجارِ الإِمامِ لهم. انتهى. وعنه، لا تصِحُّ الإِجارَةُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وحمَل القاضى كلامَ الإِمامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ على الاسْتِئْجارِ لخِدْمَةِ الجَيْشِ. فعلى الأُولَى، ليس لهم إلَّا الأُجْرَةُ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «البُلْغَةِ»، وغيرُهم. قال فى «الفُروعِ»: فلا يُسْهَمُ لهم، على الأصَحِّ. قال الشَّارِحُ: نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وعنه، يُسْهَمُ لهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ، وأطْلقَهما. وعنه، يُسْهَمُ للكافِرِ. وقيل: يُرْضَخُ لهم. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ مَن يَلْزَمُه الجِهادُ مِنَ الرِّجالِ الأحْرارِ، لا تصِحُّ إجارَتُهم. وهو صحيح، وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى فى «التَّعْلِيقِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وعنه، تصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه الخِرَقِىُّ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى». وحمَلَه

وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى على ما تقدَّم. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى ذلك، إذا لم يتَعَيَّنْ عليه، فإنْ تعَيَّنَ عليه، ثم اسْتُؤْجِرَ، لم يصِحَّ، قوْلًا واحدًا. صرَّح به فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِىِّ عليه. فعلى المذهبِ، يَرُدُّ الأُجْرَةَ، ويُسْهَمُ لهم. وعلى الثَّانيةِ، لا يُسْهَمُ لهم على الصَّحيحِ. وعنه، يُسْهَمُ لهم. اخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يُسْهَمُ له إذا حضر القِتالَ مع الأُجْرَةِ. قوله: ومَن مَاتَ بعدَ انْقِضاءِ الحَرْبِ، فسَهْمُه لوارِثِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عشَرَةَ»: لو ماتَ أحدُهم قبلَ القِسْمَةِ والاحْتِيازِ، فالمنْصُوصُ، أنَّ حقَّه يَنْتَقِلُ إلى ورَثَتِه. وظاهِرُ كلامِ القاضى، أنَّه وافَقَ على ذلك. وقال فى «البُلْغَةِ»: ولم أجِدْ لأصحابِنا فى هذا الفَرْعِ خِلافًا، والذى يقْوَى عندِى، أنَّا متى قُلْنا: لم يَمْلِكُوها، وإنما لهم حَقُّ التمَلُّكِ. أنْ لا يُورَثَ، فإنَّ التَّوْرِيثَ يُذْكَرُ على الوَجْهِ الثَّانِى وفُروعِه بالإِبطالِ، فإنَّ مَنِ اخْتارَه جعَلَهم كالشَّفيعِ. وقال فى «التَرْغِيبِ»: إنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ بدُونِ الاحْتِيازِ. فمَنْ ماتَ قبلَه، فلا شئَ له، ولا يُورَثُ عنه، كحَقِّ الشُّفْعَةِ. ويَحْتَمِلُ على هذا أنْ يُقالَ: يكْتَفِى بالمُطالَبَةِ فى مِيراثِ الحَقِّ، كالشُّفْعَةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ المَيِّتَ يُسْتحَقُّ سَهْمُه بمُجَرَّدِ انْقِضاءِ

وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَرْبِ، سواءٌ أُحْرِزَتِ الغَنِيمَةُ أو لا. ويَقْتَضِيه كلامُ القاضى، قالَه فى «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال بعدَ ذلك: ووَارِثٌ كمَوْرُوثِه. نصَّ عليه. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنه لا يُسْتَحَقُّ قبلَ حِيازَةِ الغَنِيمَةِ؛ لأنَّه ماتَ قبلَ ثُبوتِ مِلْكِ المُسلِمِين عليها. واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، ونصَرَه.

وَإِذَا قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ فِى أَرْضِ الْحَرْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قُسِمَتِ الغَنِيمَةُ فى أرْضِ الحَرْبِ فتَبايَعُوها، ثم غلَب عليها العَدُوُّ،

فَتَبَايَعُوهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَهِىَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِى، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ. وَالْأُخْرَى، مِنْ مَالِ الْبَائِعَ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ فهى مِن مالِ المُشْتَرِى، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتَارَها الخَلَّالُ وصاحِبُه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». قال فى «الخُلاصَةِ»: فهى مِن مالِ المُشْتَرِى على الأصحِّ. واخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». [قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهُورُ عنَ الإِمامَ أحمدَ] (¬1). والأُخْرَى: مِن مالِ البائعِ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «القَواعِدِ». تنبيه: قيَّد المُصَنِّفُ [فى «المُغْنِى»] (¬1) الخِلافَ بما إذا لم يحْصُلْ تفْرِيطٌ مِنَ المُشْتَرِى، أمَّا إذا حصَل منه تَفْرِيطٌ، مثلَ ما إذا خرَج بما اشْتَراه مِنَ العَسْكَرِ ونحوِه، فإنَّه مِن ضَمانِه، وتَبِعَه فى «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لو تَبايَعُوا شيئًا مِن غيرِ الغَنِيمَةِ، أنَّه مِن ضَمانِ المُشْتَرِى، قوْلًا واحدًا. وهو صحيحٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ، والشَّيْخان، وأبو الخَطَّابِ، ونُصوصُ أحمدَ إنَّما ورَدَتْ فى ذلك. قال: وظاهِرُ كلامِ القاضى فى كتابِه «الرِّوايتَيْن»، أن المَسْألتَيْن حُكْمُهما واحِدٌ، وإنَّما الخِلافُ جارٍ فيهما، فإنَّه تَرْجَمَ المسْألَةَ فيما إذا تَبايعَ نَفْسان فى دارِ الحَرْبِ وتَقابَضَا. وعلَّل رِوايَةَ الضَّمانِ على البائعِ بأنَّه إذا كانتْ حالَ خَوْفٍ، فالقَبْضُ غيرُ حاصِلٍ؛

وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ، أُدِّبَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بدَليلِ ما لو ابْتاعَ شيئًا فى دارِ الإِسْلامِ، وسلَّمه فى مَوْضِعٍ فيه قُطَّاعُ طَرِيقٍ، لم يَكُنْ ذلك قَبْضًا صَحِيحًا، ويتْلَفُ مِنَ البائعِ، فكذلك هنا. وهذه التَّرْجَمةُ والتَّعْلِيلُ يشْمَلُ الغَنِيمَةَ وغيرَها. انتهى. قال فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والخَمْسِين»: خَصَّ أكثرُ الأصحابِ الخِلافَ بمالِ الغَنِيمَةِ. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ، فى تَبايُعِ المُسْلِمِين أمْوالَهم بينَهم بدارِ الحَرْبِ، إذا غلَب عليها العدُوُّ قبلَ قَبْضِه، وَجْهَيْن، كمالِ الغَنِيمَةِ. وأمَّا ما بِيعَ فى دارِ الإِسْلامِ فى زَمَنِ نَهْبٍ (¬1) ونحوِه، فمَضْمُونٌ على المُشْتَرِى، قوْلًا واحدًا. ذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، كشِراءِ ما يغْلِبُ على الظّنِّ هَلاكُه. قوله: ومَن وَطِئَ جارِيةً مِنَ المَغْنَمِ ممَّن له فيها حَقٌّ أو لوَلَدِه، أُدِّب، ولم ¬

(¬1) بياض فى: الأصل، ط.

وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا، إِلَّا أَنْ تَلِدَ مِنْهُ، فَيَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَبْلُغْ به الحَدَّ، وعليه مَهْرُها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقال القاضى: يَسْقُطُ عنه مِنَ المَهْرِ قَدْرُ حِصَّتِه، كالجارِيَةِ المُشْتَركَةِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: إلَّا أنْ تَلِدَ مِنه، فيكونَ عليه قِيمَتُها، وتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ له. إذا أوْلَدَ جارِيَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المَغْنَمِ له فيها حَقٌّ أو لوَلَدِه، لم يَلْزَمْه إلَّا قِيمَتُها فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، والمُصَنِّفِ هنا. وعنه، يَضْمَنُ قِيمَتَها ومَهْرَها أيضًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّ مَبْناهُما على أنَّ المَهْرَ هل يجِبُ بمُجَرَّدِ الإِيلاجِ؟ فيَجِبُ المَهْرُ، أو لا يجِبُ إلَّا بتَمامِ الوَطْءِ، وهو النَّزْعُ؟ فلا يجِبُ؛ لأنَّه إنَّما تَمَّ وهى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِلْكٌ له. انتهى. وعنه، يَضْمَنُ قِيمَتَها ومَهْرَها ووَلَدَها. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: ولَزِمَه منه ما زادَ على حقِّه منها، وإنْ رَجَعَت له، لم يُرَدَّ إليه مَهْرُها. انتهى. قال القاضى: إذا صارَ نِصْفُها أُمَّ وَلَدٍ، يكونُ الوَلَدُ كلُّه حُرًّا، وعليه قِيمَةُ نِصْفِه. وحكَى أبو بَكْرٍ رِوايَةً، أنَّه لا يَلْزَمُه قِيمَةُ الوَلَدِ. ذكَرَه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. قوله: وتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ. هذا المذهبُ المنْصُوصُ عن أحمَدَ، وعليه أكثرُ أصحابِه. وقال القاضى فى «خِلافِه»: لا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً له، وإنَّما يتَعَيَّنُ حقُّه فيها؛ لأنَّ حَمْلَها بحُرٍّ يَمْنَعُ بَيْعَها، وفى تأْخِيرِ قَسْمِها حتى تضَعَ ضرَرٌ على أهْلِ الغَنِيمَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوجَب تسْلِيمُها إليه مِن حقِّه. قال فى «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهو بعيدٌ جِدًّا. وقال القاضى أيضًا: إنْ كان مُعْسِرًا، حُسِبَ (¬1) قَدْرُ حِصَّتِه مِنَ الغَنِيمَةِ، فصارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وباقِيها رَقِيقٌ للغانِمِين. نقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. ولأبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» طرِيقَةٌ أُخْرَى، وهى [إنَّما نَفَذ اسْتِيلادُها] (¬2)؛ لشُبْهَةِ المِلْكِ فيها، وأنْ يَنْفُذَ إعْتاقُها؛ يَنْفُذُ اسْتِيلادُ (¬3) الابنِ فى أمَةِ أبِيه دُونَ إعْتاقِها. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «حسبت». انظر: المغنى 13/ 198. (¬2) فى أ: «أن لا ينفذ استيلاؤها». (¬3) فى أ: «استيلاء».

وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ عَبْدًا، عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَان مُوسِرًا. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «المُحَرَّرِ». وحكَى فى «تَعْلِيقِه» على «الهِدايَةِ» احْتِمالًا آخَرَ بالفَرْقِ بينِ أنْ تكونَ الغَنِيمَةُ جِنْسًا واحِدًا أو أجْناسًا، كما ذكَرَه فى العِتْقِ. انتهى. قوله: ومَن أعْتَقَ منهم عَبْدًا، عَتَق عليه قَدْرُ حَقِّه، وقُوِّمَ عليه باقِيه إنْ كان موسِرًا، وكذلك إن كان فيهم مَن يَعْتِقُ عليه. وهذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وقال القاضى فى «خِلافِه»: لا يَعْتِقُ حتى يَسْبِقَ تَمَلكُه لَفْظًا. ووَافقَ أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه» القاضىَ، لكِنه أثْبَت المِلْكَ بمُجَرَّدِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ. وقال فى «الإِرْشادِ»: لو أعْتَقَ جارِيَةً قبلَ القِسْمَةِ، لم تَعْتِقْ، فإنْ حصَلَتْ له بعدَ ذلك بالقِسْمَةِ، عتَقَتْ إنْ كانتْ قَدْرَ حقِّه، وإلَّا قُوِّمَ عليه الباقِى، إنْ كان مُوسِرًا، وإلَّا عتَق قَدْرُ حقِّه. انتهى. وقال المَجْدُ فى «المُحَرَّرِ»: وعندِى إنْ كانتِ الغَنِيمَةُ جِنْسًا واحِدًا، فكالمنْصُوصِ، وإنْ كانتْ أجْناسًا، فكقَوْلِ القاضى. وقال فى «البُلْغَةِ»: إذا وقَع فى الغَنِيمَةِ مَن يَعْتِقُ على بعضِ الغانِمِين،

وَالْغَالُّ مِنَ الْغَنِيمَةِ يُحَرَّقُ رَحْلُهُ كُلُّهُ، إِلَّا السِّلَاحَ وَالْمُصْحَفَ وَالْحَيَوَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل يَعْتِقُ عليه؟ فيه ثَلاثُ رِواياتٍ، الثَّالثةُ، يكونُ مَوْقُوفًا، إنْ تعَيَّنَ سَهْمُه فى الرَّقيقِ، عتَق عليه، وإلَّا فلا. قوله: والغَالُّ مِنَ الغَنِيمَةِ يُحَرَّقُ رَحْلُه كلُّه -سواءٌ كان ذكَرًا أو أُنْثَى مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا- إلَّا السِّلاحَ والمُصْحَفَ والحيوانَ وكذا نفَقَتُه. يعْنِى، يجِبُ حَرْقُ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ولم يَسْتَثْنِ الخِرَقِىُّ، والآجُرِّىُّ مِنَ التَّحْرِيقِ إلَّا المُصْحَفَ والدَّابَّةَ. وقال: هو قوْلُ أحمدَ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وبعضُ الأصحابِ المُتَأَخِّرِين، أن تَحْرِيقَ رَحْلِ الغالِّ مِن بابِ التَّعْزيرِ لا الحَدِّ، فيَجْتَهِدُ الإِمامُ بحسَبِ المَصْلَحَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مُرادُه بالحَيوانِ؛ أنَّ الحَيوانَ بآلَتِه؛ مِن سَرْجٍ ولِجامٍ وحَبْلٍ ورَحْلٍ وغيرِ ذلك. نصَّ عليه، وقالَه الأصحابُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعَلَفِها. الثَّانِى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُحَرِّقُ كُتُبَ العِلْمِ وثِيابَه التى عليه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما لا يُحَرَّقان. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ لا تُحَرَّقُّ كُتُبُ عِلْمٍ وثِيابُه التى عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أنَّ ثِيابَه التى عليه لا تُحَرَّقُ. وقالا فى كُتُبِ العِلْمِ والحديثِ: يَنْبَغِى أنْ لا تُحَرَّقَ (¬1). ¬

(¬1) انظر: المغنى 13/ 170.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهيا. وقيل: تُحَرَّقُ ثِيابُه إلَّا ما يسْتُرُ عوْرَتَه فقط. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». قال فى «البُلْغَةِ»: إلَّا المُصْحَفَ والحَيوانَ وثِيابَ سُتْرَتِه. فوائد؛ الأُولَى، ما لم تأْكُلْه النَّارُ يكونُ لرَبِّه، وكذا ما اسْتُثْنِى مِنَ التَّحْرِيقِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُباعُ المُصْحَفُ ويُتَصدَّقُ به. وهما احْتِمالان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يَسْتَحِقُّ سَهْمَه مِنَ الغَنِيمَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصرَاه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وعنه، يُحْرَمُ سَهْمَه. اخْتارَه الآجُرِّىُّ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». الثَّالثةُ، يؤخَذُ ما غَلَّه [مِنَ المَغْنَمِ] (¬1)؛ فإنْ تابَ قبلَ القِسْمَةِ، رَدَّه للمَغْنَمِ، وإنْ تابَ بعدَ القِسْمَةِ، رَدَّ خُمْسَه للإِمامِ، وتصَدَّقَ بالباقى. نصَّ عليه. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «للمغنم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الآجُرِّىُّ: يأْتِى به الإمامَ، فيَصْرِفُه فى مَصالِحِ المُسْلِمِين. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الرَّابعةُ، يُشْترَطُ لإحْراقِ رُحْلِه، أنْ يكونَ الغالُّ حَيًّا، نصَّ عليه، حُرًّا مُكَلَّفًا، ولو كان ذِمِّيًّا أو امْرأَةٌ. صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو ظاهِرُ «الفُروعِ». قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مُلْزَمًا (¬1). ذكَرَه الآدَمِىُّ (¬2) البَغْدادِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: مُسْلِمًا. ويُشْتَرطُ أيضًا، أنْ لا يكونَ باعَه ولا وَهَبَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُحَرقُ بعدَ البَيعِ والهِبَةِ أيضًا. وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وفى الفروع: «ملتزمًا». الفروع 6/ 237. (¬2) فى الأصل: «الآمدى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وبنَياهُما على صِحَّةِ البَيْعِ وعدَمِه؛ فإنْ صحَّ البَيْعُ، لم يُحَرَّقْ، وإلَّا حُرِّقَ. وأطْلَقهما فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». الخامسةُ: يُعَزَّرُ الغالُّ أيضًا، مع إحْراقِ رَحْلِه، بالضَّرْبِ ونحوِه، لكنْ لا يُنْفَى. نصَّ عليه. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ السَّارِقَ مِنَ الغنِيمَةِ لا يُحَرَّقُ رَحْلُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الغَالِّ. جزَم به فى «التَّبْصِرَةِ»، وأنَّه سواءٌ كان له سَهْمٌ أوْ لا. الثانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ مَنْ ستَر على الغَالِّ، أو أخَذ منه ما أَهْدَى له منها، أو باعَه أمامَه، أو حابَاه، لا يكونُ غالًّا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الآجُرِّىَّ؛ فإنَّه قال: هو غالٍّ أيضًا. الثَّالِثُ، لو غَلَّ عَبْدٌ أو صَبِىٌّ، لم يُحَرَّقْ رَحْلُهما، بلا نِزاعٍ.

وَمَا أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ، أَوْ أهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ، أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما أُخِذَ مِنَ الْفِدْيَةِ، أَوْ أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأمِيرِ الْجَيْشِ، أَوْ بَعْضِ قُوَّادِهِ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ. ما أُخِذَ مِنَ الفِدْيَةِ، فهو غَنِيمَةٌ، بلا خِلافٍ نعْلَمُه. وأمَّا ما أهْدَاه الكُفَّارُ لأميرِ الجَيْشِ، أو بعضِ قُوَّادِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُهْدَى فى أرْضِ الحَرْبِ، أوْ لا. فإنْ أُهْدِىَ فى دارِ الحَرْبِ، فهو غَنِيمَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما جزَم به المُصَنِّفُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وعنه، هو لمَن أُهْدِىَ له. وعنه، هو [فَىْءٌ اخْتارَه القاضى] (¬1) فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه». وإنْ أُهْدِىَ مِن دارِ الحَرْبِ إلى دارِ الإِسْلامِ، فقيلَ: هو لمَن أُهْدِىَ له. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه. وقيل: هو فَىْءٌ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا أُهْدِىَ لبعضِ الغانِمِين فى دارِ الحَرْبِ، فقيلَ: هو غَنِيمَةٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وقَدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يكونُ لمَن أُهْدِىَ له. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: إنْ كان بينَهما مُهاداةٌ، فله، وإلَّا فغَنِيمَةٌ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وإنْ أُهْدِىَ إليه ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فى اختياره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى دارِ الإِسْلامِ، فهو له. الثَّانيةُ، لو أسْقَطَ بعضُ الغانِمِين حقَّه، ولو كان مُفْلِسًا، فهو للباقِين. وفى الشُّفْعَةِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأَوْلَى أنَّه يسْقُطُ مِلْكُ التَّمَلُّكِ، وفى مِلْكِه بتَمَلُّكِه قبلَ القِسْمَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قال القاضى: لا يمْلِكُون قبلَ القِسمَةِ، وإنَّما ملَكُوا أنْ يَتَملَّكُوا. وقال أيضًا: لأنَّ الغَنِيمَةَ إذا قُسِمَتْ بينَهم، لم يَمْلِكْ حَقَّه منها إلَّا بالاخْتِيارِ؛ وهو أنْ يقولَ: اخْتَرْتُ تَمَلُّكَها. فإذا اخْتارَه، ملَك حقَّه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهذا ليس بصَحيحٍ. قلت: وهو الصَّوابُ. وإنْ أسْقَطَ كُلُّ الغانِمِين حَقَّهم، فهو فَىْءٌ.

باب حكم الأرضين المغنومة

بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ وَهِىَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَا فُتِحَ عَنْوَةً؛ وَهِىَ مَا أُجْلِىَ عَنْهَا أَهْلُهَا بِالسَّيْفِ، فَيُخَيَّرُ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا وَوَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا، يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِىَ فى يَدِهِ، يَكُونُ أُجْرَةً لَهَا. وَعَنْهُ، تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ. وَعَنْهُ، تُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكمِ الأرَضِينَ المَغْنُومةِ قوله: أحَدُها، ما فُتِحَ عَنْوَةً؛ وهى ما أُجْلِىَ عنها أهْلُها بالسَّيْفِ، فيُخَيَّرُ الإِمامُ بينَ قَسْمِها -كمَنْقُولٍ، ولا خَراجَ عليها، بل هى أرْضُ عُشْرٍ- ووَقْفِها للمُسْلِمِين. بلَفْظٍ يحْصُلُ به الوَقْفُ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قالَه فى «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وعليه أَكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. زادَ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أو يتْرُكُها للمُسْلِمِين بخرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ، يُؤخَذُ ممَّن تُقَرُّ بيَدِه، مِن مُسْلِمٍ أو ذِمِّىٍّ، بلا اُجْرَةٍ. وتخْيِيرُ الإِمامِ فى الأرْضِ التى فُتِحَتْ عَنْوَةً بين قَسْمِها وبينَ وَقْفِها، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، تُقْسَمُ بينَ الغانِمِين، كالمَنْقُولِ. وعنه، أنَّها تصِيرُ وَقْفًا بنَفْسِ الاسْتِيلاءِ عليها، ولا يُعْتَبرُ لها التَّلَفُّظُ بالوَقْفِ، بل ترْكُه لها مِن غيرِ قِسْمَةٍ وَقْفٌ كما لو قَسَمَها بينَ الغانِمِين، لا يَحْتاجُ معه إلى لَفْظٍ، وتَصِيرُ أرْضَ عُشْرٍ. وأطْلَقهُنَّ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلِى فى الرِّوايَةِ الأُولَى والثَّانيةِ: كالمَنْقُولِ. قالَه المَجْدُ فى «المُحَرَّرِ»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وجماعة. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إذا قسَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ الأرْضَ بينَ الغانِمِين، فمُقْتَضَى كلامِ المَجْدِ وغيرِه، أنَّه يُخَمِّسُها؛ حيثُ قالُوا: كالمَنْقُولِ. قال: وعُمومُ كلامِ أحمدَ والقاضى، وقِصَّةِ خَيْبَرَ، تَدُلُّ على أنَّها لا تُخَمَّسُ؛ لأنَّها فَىْءٌ وليستْ بغَنِيفةٍ؛ لأنَّ الغَنِيمَةَ لا تُوقَفُ، والأرْضُ إنْ شاءَ الإِمامُ وَقَفَها، وإنْ شاءَ قَسَمَها، كما يَقْسِمُ الفَىْءَ، وليس فى الفَىْءِ خُمْسٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ورجَّح ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لو جعَلَها الإِمامُ فَيْئًا، صارَ ذلك حُكْمًا باقِيًا فيها دائمًا، وأنَّها لا تعُودُ إلى الغانِمِين. ويأْتِى ذلك فى كتابِ البَيْعِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا: للإمامِ الخِيَرَةُ. فإنَّه يَلْزَمُه فِعْلُ الأصْلَحِ، كالتَّخْيِيرِ فى الأُسارَى. قالَه الأصحابُ. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: أو يُمَلِّكُها لأهْلِها أو غيرِهم بخَراجٍ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ كلامُهم أنَّه لو مَلَّكَها بغيرِ خَراجٍ، لم يَجُزْ. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، ومَن تَبِعَه: ما فعَلَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ مِن وَقْفٍ وقِسْمَةٍ، ليس لأحَدٍ نَقْضُه. وقال أيضًا فى «المُغْنِى» فى البَيْعِ: إنْ حكَم بصِحَّتِه حاكِمٌ، صحَّ بحُكْمِه، كالمُخْتلِفاتِ، وكذا بَيْعُ الإِمامِ

الثَّانِى، مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا، فَتَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا. وَعَنْهُ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَنْوَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للمَصْلَحَةِ؛ لأنَّ فِعْلَه كالحُكْمِ. قوله: الثَّانِى، ماجَلَا عنها أهْلُها خَوْفًا. فتَصيرُ وَقْفًا بنَفْسِ الظُّهُورِ عليها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، حُكْمُها حُكْمُ العَنْوَةِ قِياسًا عليها، فلا تَصِيرُ وَقْفًا حتَّى يَقِفَها الإِمامُ. وقبلَ وقْفِها، حُكْمُها حُكْمُ الفَىْءِ المَنْقُول.

الثَّالِثُ، مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأرْضَ لَنَا، وَنُقِرَّهَا مَعَهُمْ بالْخَرَاج من، فَهَذِهِ تَصِيرُ وَقْفًا أيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالثُ، ما صُولِحُوا عليه، وهو ضَرْبان؛ أحدُهما، أنْ يُصالِحَهم على أَنَّ الأرْضَ لنا، ونُقِرَّها معهم بالخَرَاجِ، فهذه تَصِيرُ وَقْفًا أيْضًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَصِيرُ وَقْفًا بوَقْفِ الإِمامِ، كالتى قبلَها، وتكونُ قبلَ وَقْفِها كفَىْءٍ مَنْقُولٍ. فائدة: هذه الدَّارُ والتى قبلَها دارُ إسْلامٍ، فيَجِبُ على ساكِنِها مِن أهْلِ الذِّمَّةِ الجِزْيَةُ

الثَّانِى، أنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا، فَهَذِهِ مِلْكٌ لَهُمْ، خَرَاجُهَا كَالْجِزْيَةِ، إِنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوُها، ولا يجوزُ إقْرارُ أهْلِها على وَجْهِ المِلْكِ لهم. ذَكَرَه القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وذكَر القاضى فى «المُجَرَّدِ»، للإِمامِ أنْ يُقِرَّ الأرْضَ مِلْكًا لأهْلِها، وعليهم الجِزْيَةُ، وعليها الخَراجُ، لا يسْقُطُ بإسْلامِهم. قال فى «الحاوِى الكَبِيرِ»: وهذا أَصحُّ عندِى. قوله: الثَّانى، أنْ يُصالِحَهم على أنَّها لهم، ولنا الخَراجُ عنها، فهذه مِلْكٌ لهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه أَكْثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُمْنَعُون مِن إحْداثِ كَنيسَةٍ وبَيْعَةٍ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: إنْ أسْلَم بعضُهم، أو باعُوا المُنْكَرَ مِن مُسْلِم، مُنِعُوا إظْهارَه. قوله: خَراجُها كالجِزْيَةِ، إنْ أسْلَمُوا سقَط عنهم. هذا المذهبُ، وعليه جمهورُ

وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى مُسْلِم، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ، وَيُقَرُّونَ فِيهَا بِغَيْرِ جِزْيَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ فى غَيْرِ دَارِ الإسْلَامِ، بِخِلَافِ الَّتِى قَبْلَهَا. وَالْمَرْجِعُ فى الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ إِلَى اجْتِهَادِ الإِمَامِ فى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ عَلَى قَدْر الطَّاقَةِ. وَعَنْهُ، يُرْجَعُ إِلَى مَا ضَرَبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرِّرِ»، وغيرِهما. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهما. وعنه، لا يسْقُطُ بإسْلام ولا غيرِه. نَقَلَها حَنْبَلٌ؛ لتَعَلُّقِها بالأرْضِ، كالخَراجِ الَّذى ضرَبَه عمرُ. وجزَم به فى «التَّرْغِيبِ». تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وإنِ انْتَقَلَتْ إلى مُسْلِمٍ، فلا خَرَاجَ عليه. أنَّها لو انْتقَلَتْ إلى ذِمِّىٍّ مِن غيرِ أهْلِ الصُّلْحِ، أنَّ عليه الخَراجَ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا خَراجَ عليها. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قوله: والمَرْجِعُ فى الجزْيَةِ والخَراجِ إلى اجْتِهادِ الإمام مِنَ الزِّيادَة والنُّقْصانِ. هذا المذهبُ، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. قال الخَلَّالُ: نقَلَهَ الجماعَةُ عن أحمدَ. قال

عُمَرُ، رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ. وَعَنْهُ، تَجُوزُ الزِّيادَةُ دُونَ النَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ، واخْتِيارُ الخَلَّالِ، وعامَّةِ شُيوخِنا. قال فى «الهِدايَةِ»: اخْتارَه الخَلَّالُ، وعامَّةُ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وعنه، تَجُوزُ الزِّيادَةُ دونَ النَّقْصِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعنه، تجوزُ الزِّيادَةُ دونَ النَّقْصِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال ابنُ أبِى مُوسى: لا يجوزُ النَّقْصُ عنِ الدِّينارِ بحالٍ. وتجوزُ الزِّيادَةُ. قال: وهذا قوْلٌ غيرُ الرِّوايَةِ. انتهى. وعنه، تجوزُ الزِّيادَةُ والنَّقْصُ فى الخَراجِ خاصَّةً، ولا تجوزُ فى الجِزْيَةِ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، والقاضى فى «رِوايِتِه». وقال: نقَلَه الجماعَةُ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»: وهو أصحُّ. وذكَر فى «الواضِحِ» رِوايَةً، يجوزُ النَّقْصُ فى الجِزْيَةِ فقط. وعنه، يُرْجَعُ إلى اجْتِهادِ الإِمامِ فى الجِزْيَةِ والخَراجِ، إلَّا أنَّ جِزْيَةَ أهْلِ اليَمَنِ دِينارٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه: يُرْجَعُ إلى ما ضرَبَه عمرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لا يُزادُ عَليه ولا يُنْقَصُ منه. وأطْلَقَ الرِّوايتَيْن، الأُولَى وهذه،

قَالَ أحْمَدُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى: أَعْلَى وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِي أَرْضِ السَّوَادِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. يَعْنِى، أَنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا. وَقَدْرُ الْقَفِيزِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. يَعْنِى بِالْمَكِّىِّ، فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «البُلْغَةِ». ويأْتِى حَدُّ الغَنِىِّ والمُتَوسِّطِ والفَقِيرِ، فى بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: وقَدْرُ القَفِيزِ ثمَانِيَةُ أرْطَالٍ. يَعْنِى بالمَكِّى، فيكونُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بالعِراقِىِّ. هذا الصَّحيحُ. قدَّمه فى «الشَّرْحِ»، وقال: نصَّ عليه. واخْتارَه القاضى. وقال أبو بَكْرٍ: قيلَ: إنَّ قَدْرَه ثَلاثُون رَطْلًا. وقدَّم فى «المُحَرَّرِ»، أنَّ قدْرَه ثَمانِيَةُ أرْطالٍ بالعِراقِىِّ، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

بِالْعِرَاقِىِّ، وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ فى عَشْرِ قَصَبَاتٍ، وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أذْرُعٍ، وَهُوَ ذِرَاعٌ وَسَطٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقالُوا: نصَّ عليه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: المَنْقُولُ عن أحمدَ، أنَّه ثَمانِيَةُ أرْطالٍ. ففَسَّرَه القاضى بالمَكِّىِّ. فائدتان؛ الأُولَى، هذا القَفِيزُ قَفِيزُ الحَجَّاجِ. وهو صَاعُ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. نصَّ عليه. والقَفِيزُ الهاشِمِىُّ، مَكُّوكَان (¬1)؛ وهو ثَلاثُون رَطْلًا عِراقِيَّةً. الثَّانيةُ، ممَّا قدَّرَه عمرُ على جَرِيبِ الزَّرْعِ دِرْهَم وقَفِيزٌ مِن طَعامِه، وعلى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمانِيَةُ دَراهِمَ، وعلى جَرِيبِ الكَرْمِ عشَرَةُ دَراهِمَ، وعلى جَرِيبِ الرَّطْبَةِ سِتَّةُ دَراهِمَ. قالَه جماعةٌ، منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، وقال: هو الأشْهَرُ عن عمرَ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وخَراجُ عمرَ على جَرِيبِ الشَّعيرِ دِرْهَمان، والحِنْطَةِ أَرْبعَةٌ، والرَّطْبَةِ سِتَّةٌ، والنَّخْلِ ثمَانِيَةٌ، والكُرومِ عشَرَةٌ، والزَّيْتُونِ اثْنا عشَرَ. وعن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه وضَع على كلِّ جَرِيب عامِرٍ أو غامِرٍ دِرْهمًا وقَفِيزًا. وقيل: مِن نَبْتِه. فمِنَ البُرِّ والشَّعِيرِ مِثْلُهما، وعلى جَرِيبِ الرَّطْبَةِ خَمْسَةُ دَراهِمَ. وقيل: على جَرِيبِ شجَرِ الخلْطِ سِتَّةُ دَراهِمَ. انتهى. قوله: والقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وهو ذِراعٌ وسَطٌ، وقَبْضَةٌ، وإبْهامٌ قَائِمةٌ. هكذا ¬

(¬1) المكوك: مكيال يسع صاعًا ونصفًا.

وَقَبْضَةٌ وَإِبْهَامٌ قَائِمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الأصحابُ. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم: وقيل: بل ذِراعٌ هاشِمِيَّةٌ، وهى أطْوَلُ مِن ذِراعِ البُرِّ بإصْبَعَيْن وثُلُثَىْ إصْبَعٍ. وقال الأصحابُ، منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، عنِ الأُوَّلِ: هى الذِّراعُ العُمَرِيَّةُ. قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: وهى الذِّراعُ الهاشِمِىُّ. فظاهِرُه، أنَّ الذِّراعَ الأُولَى هى الثَّانِيَةُ، فلا تَنافِىَ بينَهما. وظاهِرُ مَن حكَى الخِلافَ، التَّنَافِى، وهو الصَّوابُ، ولعَلَّ فى النُّسْخَةِ غَلَطًا، أو يكونُ لبَنِى هاشِمٍ ذِراعَان؛ ذِراعُ عمرَ، وذِراعٌ زَادُوها.

وَمَا لَا يَنَالُهُ الْمَاءُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ، وَجَبَ نِصْفُ خَرَاجِهِ فى كُلِّ عَامٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما لا يَنالُه الماءُ ممَّا لا يُمْكِنُ زَرْعُه، فلا خَراجَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحَابُ. وقال فى «الواضِحِ»: فيما لا يُنْتَفَعُ به مُطْلَقًا رِوايَتان. فائدتان؛ إحْداهما، الخَراجُ على الأرْضِ التى لها ماءٌ تُسْقَى به فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، وعلى الأرْضِ التى يُمْكِنُ زَرْعُها بماءِ السَّماءِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: أو الدَّوالِيبِ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن». الثَّانيةُ، لو أمْكَنَ إحْياؤُه فلم يفْعَلْ -وقيلَ: أو زرَع ما لا ماءَ له- فرِوايتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا خَراجَ على ما يُمْكِنُ إحْياؤُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى». وقوْلُه: وقيلَ: أو زرَع ما لا ماءَ له. ذكَر هذا القَوْلَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ حَنْبَلِيًّا قالَه، وأنَّ حَنْبَلِيًّا اعْتَرضَ عليه بأنَّ هذا غلَط، لأنَّ الرِّوايتَيْن فى أرْض لا ماءَ لها، ولا زُرِعَتْ، فإذا زُرِعَتْ بعدُ، وُجِدَ حَقِيقَةُ التَّصَرُّفِ، كالأرْضِ المُسْتَأْجَرَةِ. ذكَرَه ابنُ الصَّيْرَفِىِّ فى الإجارَةِ. قوله: فإنْ أمْكَنَ زَرْعُه عامًا بعدَ عامٍ، وجَب نِصْفُ خَراجِه فى كُلِّ عامٍ.

وَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هكذا قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم: وما يُراحُ عامًا ويُزْرَعُ عامًا عادَةً. وقال فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم: فإنْ كان ما يَنالُه الماءُ لا يُمْكِنُ زَرْعُها حتَّى تُراحَ عامًا وتُزْرَعَ عامًا. وقال فى «التَّرْغِيبِ» أيضًا: يُؤْخَذُ خَراجُ ما لم يُزْرَعْ عن أَقَل ما يُزْرَعُ، وقالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال أيضًا: البَياضُ الَّذى بينَ النَّخْلِ ليس فيه إلَّا خَراجُ الأَرضِ. وكذا قال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «الرِّعايَةِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ولو يَبِسَتِ الكُرومُ بجَرادٍ أو غيرِه، سقَط مِنَ الخَراجِ حَسْبَما تعَطَّلَ مِنَ النَّفْعِ. قال: وإذا لم يُمْكِنِ النَّفْعُ ببَيْعٍ أو إجارَةٍ أو عِمَارَةٍ أو غيرِه، لم تَجُزِ المُطالبَةُ بالخَراجِ. انتهى. فائدة: لو كانَ بأرْضِ الخَراجِ شجَرٌ وَقْتَ الوَقْفِ، فثَمَرةُ المُسْتَقْبَلِ لمَن تُقَرُّ بيَدِه، وفيه عُشْرُ الزَّكاةِ، كالمُجَدِّدِ فيها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: هو للمُسْلِمِين بلا عُشْر. جزَم به فى «التَّرْغِيبِ». قولى: والخراجُ على المالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

وَهُوَ كَالدَّيْنِ، يُحْبَسُ بِهِ الْمُوسِرُ، وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أرْضِهِ، أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا، أوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، على المُسْتَأْجِرِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وتقدَّم ذلك فى أوَاخرِ بابِ زَكاةَ الخارِجِ مِنَ الأرْضَ.

وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ وَيُهْدِىَ لَهُ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فى خَرَاجِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِيَدَعَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا. وَإنْ رَأْى الإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فى إِسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إِنْسَانٍ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجُوزُ له أنْ يَرْشُوَ العامِلَ ويُهْدِىَ له، ليَدْفَعَ عنه الظُّلْمَ فى خَراجِه. نصَّ عليه. فالرِّشْوَةُ؛ ما يُعْطى بعدَ طَلَبِه. والهَدِيَّةُ؛ الدَّفْعُ إليه ابْتِداءً. قالَه فى «التَّرْغِيبِ». وأمَّا الآخِذُ، فإنَّه حَرامٌ عليه، بلا نِزاعٍ. لكنْ هل يَنْتَقِلُ المِلْكُ؟ قال بعضُ الأصحابِ: يتَوَجَّهُ وَجْهان. قلتُ: الَّذى يَظْهَرُ أنَّه لا ينْتَقِلُ. ويأْتِى فى بابِ أدَبِ القاضى بأَتَمَّ مِن هذا. فائدتان، إحْداهما، لا يُحْتَسَبُ بما ظُلِمَ فى خَراجِه مِنَ العُشْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الإِمامُ أحمدُ: لأنَّه غَصْبٌ. وعنه، بلَى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. الثَّانيةُ، لا خَراجَ على المَساكِنِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحَابُ. وإنَّما كان أحمدُ يُخْرِجُ عن دارِه؛ لأنَّ بغْدادَ كانتْ مَزارِعَ وَقْتَ فَتْحِها. ويأْتِى فى كتابِ البَيْعِ، هل على مَزارِعِ مَكَّةَ خَراجٌ؟ وهل فُتِحَتْ عَنْوَةً أو صُلْحًا؟. قوله: وإنْ رأَى الإِمامُ المصْلَحَةَ فى إسْقاطِ الخَراجِ عَن إنْسانٍ، جازَ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقال الإِمامُ أحمدُ: لا يدَعُ خَراجًا، ولو ترَكَه أمِيرُ المُؤْمِنِين، كان له هذا، فأمَّا مَن دُونَه، فلا.

باب الفئ

بَابُ الْفَىْءِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ؛ كَالْجِزْيَةِ، وَالْخَرَاجِ، وَالْعُشْرِ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعًا، وَخُمْسِ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالِ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيُصْرَفُ فى الْمَصَالِحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الفَىْءِ قوله: وهو ما أُخِذَ مِن مالِ مُشْرِكٍ بغيرِ قِتالٍ؛ كالجزْيَةِ والخَراجِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَصْرِفَ الخَراجِ كالفَىْءِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وجزَم ابنُ شِهَابٍ وغيرُه بالمَنْعِ؛ لافْتِقارِه إلى اجْتِهادٍ، لعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِه. تنبيه: والعُشْرُ، وما ترَكُوه فَزَعًا، وخُمسُ خُمْسِ الغَنِيمَةِ، ومَالُ مَن ماتَ لا وارِثَ له. قد تقدَّم حُكْمُ قَسْمِ خُمْسِ الغَنِيمَةِ، وأنَّه يُقْسَمُ خَمْسَةَ أقْسامٍ، وذكَرْنا الخِلافَ فى خُمْسِه الَّذى للَّهِ ولرَسُولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هل يُصْرَفُ مَصْرِفَ الفَىْءِ أم لا؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى البابِ الَّذى قبلَه. قوله: فيُصْرَفُ فى المصالِحِ. يُصْرَفُ الفَىْءُ فى مَصالِحِ المُسْلِمِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقيل: يُخْتَصُّ به المُقاتِلَةُ. اخْتارَه القاضى. واخْتارَ أبو حَكِيم، والشَّيْخُ تَقِىُّ

وَيَبْدَأُ بِالأَهَمِّ فَالأهَمِّ؛ مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ، وَكِفَايَةِ أَهْلِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، أنَّه لا حِصَّةَ (¬1) للرَّافِضَةِ فيه. وذكَرَه ابنُ القَيِّمِ فى «الهَدْى»، عن مالكٍ وأحمدَ، وذهَب بعضُ الأصحابِ أنَّه لجَماعَةِ المُسْلِمِين. فائدة: لا يُفْرَدُ عَبْدٌ بالإِعْطاءِ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، بل يُزادُ سيِّدُه. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «حصن».

وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ يَدْفَعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ الأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ؛ مِنْ سَدِّ الْبُثُوقِ، وَكَرْىِ الأَنْهَارِ، وَعَمَلِ الْقَنَاطِرِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُفْرَدُ بالإِعْطاءِ.

وَلَا يُخَمَّسُ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: يُخَمَّسُ؛ فَيُصْرَفُ خُمسُهُ إِلَى أَهلِ الْخُمْسِ، وَبَاقِيَهُ لِلْمَصَالِحِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُخَمَّسُ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه فى رِوايَةِ أبى طالِبٍ، وعليه أكثرُ الأصحَابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وهى المَشْهُورَةُ. وقال الخِرَقِىُّ: يُخَمَّسُ. واخْتارَه أبو محمدٍ يُوسفُ الجَوْزِىُّ. قال القاضى: ولم أجِدْ عن أحمدَ بما قال الخِرَقِىُّ نصًّا. قلتُ: وأثْبَتَه رِوايَةً فى «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فعلى هذا، يُصْرَفُ مَصْرف خَمْسِ الغَنِيمَةِ، على ما تقدَّم. واخْتارَ الآجُرِّىُّ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قسَمَه خَمْسَة وعِشْرين سَهْمًا، فلَه أرْبعَةُ أخْماس، ثم خُمْسُ الخُمْسِ؛ أحَدٌ وعِشْرُون سَهْمًا فى المَصالِحِ، وبَقِيَّةُ خُمْسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخُمْسِ لأهْلِ الخُمْسِ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «كَشْفِ المُشْكِلِ»: كان ما لم يُوجَفْ عليه مِلْكًا لرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصَّةً، هذا اخْتِيارُ أبِى بَكْرٍ مِن أصحابِنا.

وَإنْ فَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ، قُسِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَيَبْدَأُ بِالْمُهَاجِرِينَ، وَيُقَدِّمُ الْأقْرَبَ فَالأَقْرَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، -صلى اللَّه عليه وسلم-، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فضَل منه فَضْلٌ، قُسِمَ بينَ المُسْلِمِين. غَنِيِّهم وفَقِيرِهم. مُرادُه، إلَّا العَبِيدَ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، واخْتارَه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُقدَّمُ المُحْتاجُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهى أصحُّ عَنِ الإِمامِ أحمدَ. وتقدَّم اخْتِيارُ القاضى، وأبى حَكِيم، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ قرِيبًا. وقيل: يُدَّخَرُ ما بَقِىَ بعدَ الكِفايَةِ. قوله: ويَبْدَأُ بالمُهاجِرِين، ويُقَدِّمُ الأقْرَبَ فالأَقْرَبَ مِن رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال

ثُمَّ الْأَنْصَارَ، ثُمَّ سَائِرَ المُسْلِمِين. وَهَلْ يُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: يُقَدِّمُ بَنِى هاشِمٍ على بَنِى المُطَّلِبِ، ثم بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ، ثم بَنِى نَوْفَلٍ، ثم بَنِى عَبْدِ العُزَّى، ثم بَنِى عَبْدِ الدَّارِ. قوله: وهل يُفاضِلُ بينَهم؟ على رِوايَتَيْن. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: وفى جَوازِ التَّفْضِيلِ بينَهم بالسَّابِقَةِ رِوايَتان. فحصَلَ (¬1) الخِلافُ. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «فخلصا». وفى ط: «فخصا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، لا يجوزُ التَّفاضُلُ بينَهم، بل تجِبُ التَّسْوِيَةُ بينَهم. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ التَّفاضُلُ بينَهم لمَعْنًى فيهم. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِهِ». وصحَّحهُ فى «النَّظْمِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «نَظْمِ نِهايَةِ اينِ رَزِينٍ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال أبو بَكْرٍ: اخْتارَ أبو عبدِ اللَّهِ أنْ لا يُفاضِلَ، مع جَوازِه. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِه؛ لفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. وعنه، له التَّفْضِيلُ بالسَّابِقَةِ؛ إسْلامًا أو هِجْرَةً. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ». وقال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ، إنْ شاءَ اللَّه، أن ذلك مُفَوَّضٌ إلى اجْتِهادِ الإِمامِ، فيَفْعَلُ ما يرَاه. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ فقد فضل عمرُ وعُثْمانُ، ولم يُفَضِّلْ أبو بَكْرٍ وعلىٍّ، رِضْوانُ اللَّهِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهم أجْمَعِين. فائدتان؛ إحْداهما، إذا اسْتَوَى اثْنان مِن أهْلِ الفَىْءِ فى دَرَجَةٍ، فقال فى «المُجَرَّدِ»: يُقَدَّمُ أسَنُّهما، ثم أقْدَمُهما هِجْرَةً. وقال فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُقدَّمُ بالسَّابِقَةِ فى الإِسْلامِ، ثم بالدِّينِ، ثم بالسَّبْقِ، ثم بالشَّجاعَةِ، ثم وَلِىُّ الأمْرِ مُخَيَّرٌ؛ إنْ شاءَ أقْرَعَ بينَهما، وإنْ شاءَ رتَّبَهما على رأْيِه واجْتِهادِه.

وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، دُفِعَ إِلَى وَرَثَتِهِ حَقُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نقَلَه فى «القاعِدَةِ الأخِيرَةِ». الثَّانيةُ، العَطاءُ الواجِبُ لا يكونُ إلَّا لبالغٍ يُطِيقُ مِثْلُه القِتالَ. ويكونُ عاقِلًا حُرًّا بصِيرًا صَحِيحًا، ليس به مرَضٌ يَمْنَعُه القِتالَ، فإنْ مرِضَ مرَضًا غيرَ مَرْجُوِّ الزَّوالِ، كالزَّمانَةِ ونحوِها، خرَج مِنَ المُقاتِلَةِ، وسقَط سَهْمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: له فيه حقٌّ. قوله: ومَن ماتَ بعدَ حُلُولِ وَقْتِ العَطاءِ، دُفِعَ إلى وَرَثَتهِ حَقُّه. ومَن ماتَ

وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ، دُفِعَ إِلَى امْرأَتهِ وَأوْلَادِه الصِّغَارِ كِفَايَتُهُمْ، فَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ، فَاخْتَارُوا أنْ يَكُونُوا فى المُقَاتِلَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن أجْنادِ المُسْلِمِين، دُفِعَ إلى امْرَأتِه وأوْلادِه الضغارِ كِفايَتُهم. بلا نِزاعٍ. قوله: فإذا بلَغ ذُكُورُهم، واخْتارُوا أنْ يَكونُوا فى المُقاتِلَةِ، فُرِضَ لَهم، وإنْ لم يَخْتارُوا، تُرِكُوا. هذا الصَّحيحُ صِتَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال

فُرِضَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا، تُرِكُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُفْرَضُ لهم إذا اخْتارُوا أنْ يكونُوا فى المُقاتِلَةِ، إذا كان بالنَّاسَ حاجَةٌ إليهم، وإلَّا فلا. فائدة: بَيْتُ المالِ مِلْكٌ للمُسْلِمِين، يَضْمَنُه مُتْلِفُه، ويَحْرُمُ الأخْذُ منه إلَّا بإذْنِ الإِمامِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَرَه فى «عُيونِ المسَائلِ»، وذكَرَه فى «الانْتِصارِ»، فى بابِ اللُّقَطَةِ، وذكَرَه غيرُه أيضًا. وذكَر فى «الانْتِصارِ» أيضًا، فى إحْياءِ المَواتِ، لا يجوزُ له الصَّدَقَةُ، ويُسَلِّمُه للإمامِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِهم فى السَّرِقَةِ منه. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال أيضًا: لو أتلَفَه، ضَمِنَه. وقال أيضًا: لا يُتَصَوَّرُ فى المُشْتَركِ بين عَدَدٍ (¬1) موْصُوفٍ غيرِ مُعَيَّنٍ، أنْ يكونَ مَمْلوكًا، نحوَ بَيْتِ المالِ، والمُباحَاتِ، والوَقْفِ على مُطْلَقٍ، سواءٌ تعَيَّنَ المُسْتَحِقُّ بالإِعْطاءِ، أو بالاسْتِعْمَالِ، أو بالفَرْضِ والتَّنْزيلِ، أو غيرِه. وذكَر القاضى وابنُه، فى بَيْتِ المالِ، أنَّ المالِكَ غيرُ مُعَيَّنٍ. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ، فى إحْياءِ المَواتِ بلا إذْنٍ: مالُ بَيْتِ المالِ مَمْلُوك للمُسْلِمِين، وللإِمامِ تَعْيِينُ مَصارِفِه وتَرْتيبُها، فافْتقَرَ إلى إذْنِه. ويأْتِى فى بابِ أُصُولِ المَسائلِ، هل بَيْتُ المالِ وارِثٌ أم لا؟ وفائدَةُ الخِلافِ. ¬

(¬1) بالنسخ: «عدم». وانظر: الفروع 6/ 292.

باب الأمان

بَابُ الْأَمَانِ يَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أو أَسِيرًا. وَفِى أَمَانِ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ الْأَمَانِ قوله: ويَصِحُّ أمَانُ المُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أو أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أَوْ أَسِيرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكْثَرُهم. وقال فى «عُيونِ المَسائِل» وغيرِها: يصِحُّ منهم، بشَرْطِ أن يَعْرِفَ المَصْلَحَةَ فيه. قال فى «الفُروعِ»: وذكَر غيرُ واحدٍ الإجْماعَ فى المَرْأةِ بدُونِ هذا الشَّرْطِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يصِحُّ أمانُ المرْأةِ عن القَتْلِ دُونَ الرِّقِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: ويُشْتَرَطُ [فى أمانِ الإِمامِ] (¬1) عدَمُ الضَّرَرِ علينا، وأنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. وقوْلُه: وأنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «للإمام».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّه لا يصِحُّ أمانُ الكافِرِ، ولو كان ذِمِّيًّا. وهو كذلك. ولا أمَانُ المَجْنونِ، والطِّفْلِ، والمُغْمَى عليه. وهو كذلك. ولا يصِحُّ أمانُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّكْرانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخرَّجَ الصِّحَّةَ. ولا يصِحُّ أمانُ المُكْرَهِ، بلا نِزاعٍ. قوله: وفى أمانِ الصَّبِى المُمَيِّزِ رِوايَتان. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»،

وَيَصِحُّ أمَانُ الإِمَامِ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَانُ الْأمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهادِى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، والقاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشِّيرازىُّ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما»، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال أبو بَكْرٍ: يصِحُّ أمانُه، رِوايَةً واحدةً. وحمَل رِوايَةَ المَنْعِ على غيرِ المُمَيِّزِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ شَيْخِه، والزَّرْكَشِىِّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ أمانُه. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. فائدة: يصِحُّ أمانُ الإِمامِ للأسِيرِ الكافِرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»،

وَأَمَانُ أحَدِ الرَّعِيَّةِ لِلْوَاحِدِ، وَالْعَشَرَةِ، وَالْقَافِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، وهو ظاهِر ما جزَم به فى «الرِّعايتَيْن». وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، أنَّه لا يصِحُّ؛ فإنه قال، بعدَ أنْ ذكَر صِحَّةَ الأمانِ: وقيلَ: يصِحُّ للأسِيرِ مِنَ الإِمامِ. وقيل: والأمِيرِ. انتهى. وهو مُشْكِلٌ. ويصِحُّ أمانُ غيرِ الإِمامِ للأسِيرِ الكافِرِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ أبى طالِبٍ، وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ» و «الحاوِيَيْن». واخْتارَ القاضى عدَمَ الصِّحَّةِ مِن غيرِ الإِمامِ، كما لو كان فيه ضرَرٌ. وقال فى «المُغْنِى» (¬1)، و «الشَّرْحِ»: فأمَّا آحَادُ الرَّعِيَّةِ، فليسَ له أمانُه، وذكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّه يصِحُّ. انتهيا. قوله: وأمانُ أحَدِ الرَّعِيَّةِ للواحِدِ، والعَشَرَةِ -بلا نِزاعٍ- وللقافِلَةِ. وكذا ¬

(¬1) انظر: المغنى 13/ 78.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للحِصْنِ. مُرادُه بالقافِيَةِ، إذا كانتْ صغِيرةً، وكذا إذا كان الحِصْنُ صغِيرًا. يعْنِى، عُرْفًا. وهذا أحَدُ الوجْهَين. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم القافِلَةَ.

وَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَنْتَ آمِنٌ. أوْ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ. أوْ: أَجَرْتُكَ. أَوْ: قِفْ. أوْ: أَلْقِ سِلَاحَكَ. أوْ: مَتَرْس. فَقَدْ أَمَّنَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يُشْتَرطُ فى القافِلَةِ والحِصْنِ، أنْ يكونَ مِائَةً فأقَلَّ (¬1). اخْتارَه ابنُ البَنَّا. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». وأطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» الحِصْنَ، وقال: يُسْتَحَبُّ اسْتِحْسانًا أنْ لا يُجارَ على الأميرِ إلَّا بإذْنِه. قوله: ومَن قال لكافِرٍ: قِفْ. أو: ألْقِ سِلاحَك. فقد أمنَّهَ. وكذا قوْلُه: قُمْ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ أنْ لا يكونَ أمانًا، إلَّا أنْ يُرِيدَ به ذلك، فهو على هذا كِنايَةٌ، لكِنْ إنِ اعْتقَدَه الكافِرُ أمانًا، رُدَّ إلى مَأْمَنِه وُجوبًا، ولم يَجُزْ قَتْلُه. وكذا حُكْمُ نَظائرِه. قال الإِمامُ أحمدُ: إذا أُشِيرَ إليه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشئٍ غيرِ الأَمَانِ، فظَنَّه أمانًا، فهو أمانٌ، وكلُّ شئٍ يرَى العِلْجُ أنَّه أمانٌ، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمانٌ. وقال: إذا اشْتَراه ليَقْتُلَه، فلا يَقْتُلْه؛ لأنَّه إذا اشْتَراه فقد أمنَّهَ. قال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ: فهذا يَقْتَضِى انْعِقادُه بما يَعْتَقِدُه العِلْجُ، وإنْ لم يَقْصِدْه المُسْلِمُ، ولا

وَمَنْ جَاءَ بِمُشْرِكٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ أَمَّنَهُ، فَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَعَنْهُ، قَوْلُ الأَسِيرِ. وَعَنْهُ، قَوْلُ مَنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدَر منه ما يدُلُّ عليه. قوله: ومَن جاء بمُشْرِكٍ، فادَّعَى -أى المُشْرِكُ- أنَّه أمَّنَه، فأنْكَرَه -يعْنِى المُسْلِمَ- فالقوْلُ قوْلُه. يعنى المُسْلِمَ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحَابِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»: قُدِّمَ قوْلُ المُسْلِمِ فى الأظْهَرِ. وعنه، قوْلُ الأسيرِ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، قوْلُ مَن يدُلُّ الحالُ على صِدْقَهِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فائدة: يُقْبَلُ قوْلُ عَدْلٍ إنِّى أمَّنْتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: يُقْبَلُ فى الأصحِّ، كإخْبَارِهما أنَّهما أمَّناه، كالمُرْضِعَةِ على فِعْلِها. قال القاضى: هو قِياسُ قَوْلِ أَحمدَ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقيل: لا يُقْبَلُ.

وَمَنْ أُعْطِىَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا، فَفَتَحَهُ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ، حَرُمَ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أُعْطَى أمانًا ليَفْتَحَ حِصْنًا، ففَتَحَه، واشْتَبَه علينا فيهم، حَرُمَ قَتْلُهم. بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه فى رِوايَةِ أبى داودَ، وأبى طالِبٍ، وإسْحاقَ بنِ إبْرَاهِيمَ. وحَرُمَ اسْتِرْقاقُهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ ابنِ هانِئٍ، وعليه أكثرُ الأصحَاب. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا الصَّحيحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»،

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ: يُخْرَجُ واحِدٌ بالقُرْعَةِ، ويُسْتَرَقُّ الباقُون. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسعَةِ بعدَ المِائَةِ»: هذا قوْلُ أبى بَكْرٍ، والخِرَقِىِّ، وابنِ عَقِيلٍ فى «رِوايَتَيْه». انتهى. واخْتارَه فى «التَّبْصِرَةِ». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ، لو أسْلَم واحِدٌ مِن أهْلِ حِصْنٍ، واشْتَبَه علينا، خِلافًا ومَذْهبًا.

وَيَجُوزُ عَقْدُ الأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمِنِ، وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ. وَقَالَ أبو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً وَاحِدَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجُوزُ عَقْدُ الأمانِ للرَّسُولِ والمُسْتَأْمِنِ، ويُقِيمُون مُدَّةَ الهُدْنَةِ بغيرِ جِزْيَةٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»: قالَه أصحابُنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. [وقال فى «التَّرْغِيبِ»: بشَرْطِ أنْ لا تَزِيدَ مُدَّتُه على عَشْرِ سِنِين. وفى جَوازِ إقامَتِهم فى دارِنا هذه المُدَّةَ بلا جِزْيَةٍ، وَجْهانِ. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الإِسْلَام بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإنْ كَانَ جَاسُوسًا، خُيِّرَ الإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: وعندِى لا يَجوزُ سنَةً فصاعِدًا إِلَّا بجِزْيَةٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ». وقيل: يجوزُ عقْدُه للمُسْتَأْمِنِ مُطْلَقًا. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». قوله: ومَن دخَل دارَ الإِسْلامِ بغيرِ أمانٍ، وادَّعَى أنَّه رَسُولٌ، أو تاجِرٌ ومعه مَتاعٌ يَبِيعُه، قُبِلَ منه. وهذا مُقَيَّد بأنْ تُصَدِّقَه عادَةٌ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه.

وَإنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، أَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فى مَرْكَبٍ إِلَيْنَا، فَهُوَ لِمَنْ أَخذَهُ. وَعَنْهُ، يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل أبو طالِبٍ، إنْ لم يُعْرَفُ بتِجارَةٍ ولم يُشْبِهْهم، أو كان معه آلةُ حَرْبٍ، لم يُقْبَلْ منه، ويُحْبَسُ حتَّى يُتَبَيّنَ أمْرُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ، ويُعْمَل فى ذلك بالقَرائنِ. وعلى المذهبِ، إنْ لم تُصَدِّقْه عادَة، أو لم يَكُنْ معه تِجارَة، وادَّعَى أنَّه جاءَ مُسْتَامِنًا، فهو كالأسِيرِ، يُخَيَّرُ الإِمامُ فيه، على ما تقدَّم. فائدة: لو دخَل أحَدٌ مِنَ المُسْلِمِين دارَ الحَرْبِ بأمانٍ، بتِجارَةٍ أو رِسالَةٍ، لم يَخُنْهم (¬1) فى شئٍ، ويَحْرُمُ عليه ذلك. قوله: وإنْ كان مِمَّن ضَلَّ الطَّريقَ، أو حمَلَتْه الرِّيحُ فى مَرْكَبٍ إلينا، فهو لمَن أخَذَه. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وفى «الخُلاصَةِ». ¬

(¬1) فى ط: «يخفهم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يكونُ فَيْئًا للمُسْلِمِين. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ دخَل قَرْيَةً، وأخَذُوه، فهو لأهْلِها. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو شرَد إلينا دابَّةٌ منهم أو فَرَسٌ، أو نَدَّ بَعِيرٌ، أو أَبَقَ رَقِيقٌ ونحوُه. فائدة: لا يَدْخُلُ أحَدٌ منهم إلينا بلا إذْنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يجوزُ للرَّسُولِ وللتَّاجِرِ خاصَّةً. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: دُخُولُه

وَإِذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمَنُ مَالَهُ مُسْلِمًا، أَوْ أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ، ثَمَّ عَادَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، بَقِىَ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ إِنْ طَلَبَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لسِفَارَةٍ، أو لسَماعِ قُرْآنٍ، أمانٌ بلا عَقْدٍ، لا لتِجارَةٍ. على الأصحِّ فيهما (¬1) بلا عادَةٍ. نقَل حَرْبٌ، فى غُزاةٍ فى البَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا تَقْصِدُ بعضَ البِلادِ، لم يتعَرَّضْ لهم. قوله: وإذا أَوْدَعَ المُسْتَأْمَنُ مالَه مُسْلِمًا، أو أقْرَضَه إيَّاه، ثُمَّ عادَ إلى دارِ الحَرْبِ، بَقِىَ الأمانُ فى مالِه، ويُبْعَثُ به إليه إنْ طلَبَه. وكذا لو أوْدَعَه لذِمِّىٍّ، أو أقْرَضَه إيَّاه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى ¬

(¬1) فى ط: «فيها».

وَإِنْ مَاتَ، فَهُوَ لِوَارِثِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقيل: ينْتَقِضُ فى مالِه، ويَصِيرُ فَيْئًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وقوْلُ الزَّرْكَشِىِّ: إنَّ هذا اخْتِيارُ صاحِبِ «المُحَرَّرِ». غيرُ مُسَلَّمٍ. فعلى المذهبِ، يُعْطاه إنْ طلَبَه، وإنْ ماتَ بُعِثَ به إلى وَرَثَتِه، فإنْ لم يَكُنْ

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَهُوَ فَىْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له وَارِثٌ، فهو فَىْءٌ. ويأْتِى حُكْمُ مالِ مَن نقَض العَهْدَ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ، فى بابِ أحْكامِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اسْتُرِقَّ مَن كان مُسْتَأْمَنًا أو ذِمِّيًّا، وأُلْحِقَ بدارِ الحَرْبِ، ومالُه عنَد مُسْلِمٍ، وُقِفَ مالُه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا أشْهَرُ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وحكَاه فى «الشَّرْحِ»، عن القاضى، واقْتَصرَ عليه. وقيل: يَصِيرُ مالُه فَيْئًا بمُجَرَّدِ اسْتِرْقَاقِه. اخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ.

وَإِنْ أَسَرَ الْكُفَّارُ مُسْلِمًا، فَأَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى المذهبِ، إنْ عتَق، رُدَّ إليه، وإنْ ماتَ رَقِيقًا، فهو فَىْءٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بل هو لوَارِثِه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وإذا أسَر الكُفَّارُ مُسْلِمًا، فأطْلَقُوه بشَرْطِ أنْ يُقِيمَ عندَهم مُدَّةً -وكذا لو شرَطُوا أنْ يُقِيمَ عندَهم مُطْلَقًا- لَزِمَه الوَفاءُ لهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه الوَفاءُ به، وله أنْ يَهْرُبَ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنِ الْتزَمَ الشَّرْطَ، لَزِمَه، وإلَّا فلا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ما يَنْبَغِى أنْ يدْخُلَ معهم فى الْتِزامِ الإِقامَةِ أبدًا؛ لأنَّ الهِجْرَةَ

وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا شَيْئًا، أَوْ شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا، فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ، وَيَسْرِقَ، وَيَهْرُبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واجِبَةٌ عليه، ففيه الْتِزامٌ بتَرْكِ الواجِبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ لا يمْنَعُوه مِن دِينِه، ففيه الْتِزامُ تَرْكِ المُسْتَحَبِّ، وفيه نظَرٌ. قوله: وإنْ لم يَشْتَرِطُوا شَيْئًا، أو شَرَطُوا كَوْنَه رَقِيقًا، فله أنْ يَقْتُلَ، ويَسْرِقَ، ويَهْرُبَ. إذا أطْلَقُوا ولم يشْرُطُوا عليه شيئًا، فتارَةً يُؤَمِّنُونه، وتارةً لا يُؤَمِّنُونَه، فإنْ لم يُؤَمِّنُوه -وهو مُرادُ المُصَنِّفِ- فله أنْ يقْتُلَ، ويَسْرِقَ، ويَهْرُبَ. نصَّ عليه. وإنْ أمَّنُوه، فله الهرَبُ لا غيرُ، فليس له القَتْلُ ولا السَّرِقَةُ، فلو سرَق رَدَّ ما أخَذ نهم. نصَّ على ذلك كلِّه. وإنْ شرَطُوا كوْنَه رَقِيقًا، فكذلك. قالَه الشَّارِحُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»،

وَإِنْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ مَالًا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إِلَيْهِمْ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً، فَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا يَرْجِعُ الرَّجُلُ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ تَلْزَمَه الإِقامَةُ، إذا قُلْنا: يَلْزَمُه الرُّجُوعُ إليهم. على ما نذْكُرُه فى المسْألَةِ التى بعدَها، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. قوله: وإنْ أطْلَقُوا بشَرْطِ أنْ يَبْعَثَ إليهم مالًا، وإنْ عجَز عنه عادَ إليهم، لَزِمَه الوَفاءُ لهم، إلَّا أنْ تكونَ امْرَأَةً، فلا تَرْجِعُ إليهم. إذا كانتِ امْرأَةً (¬1)، لم ترْجِعْ إليهم، بلا نِزاعٍ؛ الخَوْفِ فِتْنَتِها. وألْحَقَ فى «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، الصَّبِىَّ بالمرْأَةِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ منه أنْ يَبْدَأَ بفِداءِ جاهلٍ؛ للخَوْفِ عليه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَوجَّهُ أنْ يَبْدَأَ بفِداءِ العالِمِ؛ لشَرَفِه، وحاجَتِنا إليه، وكثْرَةِ الضَّرَرِ بفِتْنَتِه. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان رَجُلًا، وشرَطُوا عليه مالًا، ورَضِىَ بذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَلْزَمُه الوَفاءُ لهم. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِىُّ: لا يرْجِعُ الرَّجُلُ أيضًا. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وأطْلَقهما فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ».

باب الهدنة

بَابُ الْهُدْنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ الْهُدْنَةِ فائدة: معْنَى الهُدْنَةِ، أنْ يعْقِدَ الإِمامُ أو نائبُه عقْدًا على تَرْكِ القِتالِ مُدَّةً. ويُسَمَّى مُهادَنَةً، ومُوادَعَةً، ومُعاهَدَةً.

وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ عَقْدُ الهُدْنَةِ والذِّمَّةِ إلَّا مِنَ الإِمامِ أو نائبِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّه قال فى «التَّرْغِيبِ»: لآحَادِ الوُلاةِ عَقْدُ الهُدْنَةِ مع أهْلِ قَرْيَةٍ. وقيل: يجوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِن كلِّ مُسْلِمٍ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ عَقْدُ الهُدْنَةِ إلَّا حيثُ جازَ تأْخِيرُ الجِهادِ، على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الجِهادِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى: يجوزُ عَقْدُ ذلك ونحوِه مع القُوَّةِ أيضًا، والاسْتِظْهارِ. انتهى. وقال فى «الإِرْشادِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُحَرَّرِ»: يجوزُ عَقْدُ الهُدْنَةِ مع قُوَّةِ المُسْلِمِين واسْتِظْهارِهم مُدَّةَ أرْبعَةِ أشْهُرٍ، ولا يجوزُ فوْقَها. وقيل: يجوزُ والحالَةُ هذه دُونَ عامٍ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». الثَّانيةُ، يجوزُ بمالٍ مِنَّا للضَّرُورَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقال فى «الفُنُونِ»: يجوزُ لضَعْفِنا مع

فَمَتَى رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ، جَازَ لَهُ عَقْدُهَا مَدَّةً مَعْلُومَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ المَصْلَحَةِ. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لحاجَةٍ. وقالَه أبو يَعْلَى الكَبِيرُ فى «الخِلافِ»، فى المُؤَلَّفَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يجوزُ بمالٍ مِنَّا. وقيل: بلا ضَرُورَةٍ، أو لتَرْكِ تَعْذيبِ أسِيرٍ مُسْلِمٍ، أو قَتْلِه، أو أسِيرٍ غيرِه، أو خوْفًا على مَن عندَهم مِن ذلك. قلتُ: هذا القَوْلُ مُتَعَيِّنٌ، والذي قدَّمه ضَعيفٌ أو ساقِطٌ. قوله: فمتَى رأَى المَصْلَحَةَ فى عَقْدِ الهُدْنَةِ، جازَ له عَقْدُها مُدَّةً مَعْلُومَةً، وإنْ طالَتْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال

وَإِنْ طَالَتْ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى عَشْرٍ، بَطَلَ فِي الزِّيَادَةِ، وَفِي الْعَشْرِ وَجْهَانِ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُنْتَخَبِ»: يجوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وقدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ» وغيرِها. وعنه، لا يجوزُ أكْثَرَ مِن عَشْرِ سِنِين. قال القاضى: هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «الفُصُولِ». وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». فائدة: يكونُ العَقْدُ لازِمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويكونُ أيضًا جائزًا. قوله: فإن زادَ على عَشْرٍ، بطَل فى الزِّيادَةِ -يعْنِى على الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ- وفى العَشْرِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) فى متن المبدع: «روايتان».

وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، وغيرِهم: وإنْ زادَ فكتَفْريقِ الصَّفْقَةِ. ويأْتِى فى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الصِّحَّةُ. والثَّانى، لا يصِحُّ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو هادَنَهم أكثرَ مِن قَدْرِ الحاجَةِ. قوله: وإنْ هادَنَهم مُطْلَقًا، لَمْ يَصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تصِحُّ، وتكونُ جائزَةً، ويُعْمَلُ بالمَصْلَحَةِ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالَى أمَر بنَبْذِ العُهودِ المُطْلقَةِ، وإتْمامِ المُؤقَّتَةِ. فائدة: لو قال: هادَنْتُكم ما شِئْنا أو شاءَ فُلانٌ. فلا يصِحُّ. على الصَّحيحِ

وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا؛ كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ رَدِّ النِّسَاءِ إِلَيْهِمْ، أَوْ صَدَاقِهِنَّ، أَوْ سِلَاحِهِمْ، أَوْ إدْخَالِهِمُ الْحَرَمَ، بَطَلَ الشَّرْطُ. وَفِي الْعَقْدِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. اخْتارَه القاضى. ولو قال: نُقِرُّكم ما أقَرَّكم اللَّهُ. لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يصِحُّ أيضًا، وإنْ مَنَعْناه فى قوْلِه: ما شِئْنا. قوله: وإنْ شرَط شَرْطًا فاسِدًا؛ كنَقْضِها متى شاءَ، أو رَدِّ النِّساءِ إليهم، أو صَداقِهِنَّ، أو سِلاحِهم، أو إدْخالِهمُ الحَرَمَ، بطَل الشَّرْطُ. إذا شرَط فى المُهادَنَةِ نقْضَها متى شاءَ، أو رَدَّ النِّساءِ إليهم، أو سِلاحِهم، أو إدْخالَهم الحَرَمَ، بطَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرْطُ، قوْلًا واحدًا. وكذا لو شرَط رَدَّ صَبِىٍّ إليهم. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: مُمَيِّزٍ. وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه يجوزُ رَدُّ الطِّفْلِ دُونَ المُمَيِّزِ. وقيل: وجزَم غيرُهم بذلك. وأمَّا إذا شرَط رَدَّ مُهُورِهِنَّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بُطْلانُ الشَّرْطِ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. قال فى «الفُروعِ»: فشَرْطٌ فاسِدٌ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: فى الأظْهَرِ. وعنه، لا يَبْطُلُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وإنْ شرَط نقْضَها متى شاءَ، أو كذا أو كذا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو رَدَّ مَهْرِها فى رِوايَةٍ، بطَل الشَّرْطُ. وذكَر فى «المُبْهِجِ» رِوايَةً برَدِّ مَهْرِ مَن شرَط رَدَّها مُسْلِمَةً، ونصَر أنَّه لا يَلْزَمُ ذلك، كما لو لم يَشْرُطْ. ذكَرَه فى آخِرِ (¬1) الجِهادِ، فى فَصْلِ أرْضِ العَنْوَةِ والصُّلْحِ. وأمَّا العَقْدُ -حيثُ قُلْنا: يَبْطُلُ الشَّرْطُ- ففى بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ»، و «الحاوِى»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم: بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ فى البَيْعِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إلَّا فيما إذا شرَط نقْضَها متى شاءَ، فيَنْبَغِى أنْ لا يصِحَّ العَقْدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلًا واحدًا. وظاهِرُ «الوَجيزِ» صِحَّةُ العَقْدِ. فائدة: لو دخَل ناسٌ مِنَ الكُفَّارِ فى عَقْدٍ باطِلٍ دارَ الإِسْلامِ مُعْتَقِدين الأمانَ،

وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنَ الرِّجَالِ مُسْلِمًا، جَازَ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ أَخْذَهُ، وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقِتَالِهِمْ وَالْفِرَارِ مِنْهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كانُوا آمِنِين، ويُرَدُّون إلى دارِ الحَرْبِ، ولا يُقَرُّون فى دارِ الإِسْلامِ. قالَه الأصحابُ. قوله: وإنْ شرَط رَدَّ مَن جاءَ مِنَ الرِّجالِ مُسْلِمًا، جازَ. قال الأصحابُ: جازَ ذلك لحاجَةٍ. ولا يَمْنَعُهم أخْذَه ولا يُجْبِرُه (¬1)، وله أنْ يَأْمُرَه سِرًّا بقِتالِهم والفِرَارِ منهم. وقال فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه: يُعرَّضُ له أنْ لا يرْجِعَ إليهم. ¬

(¬1) فى ط: «يجيزه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو هرَب منهم عَبْدٌ ليُسْلِمَ، فأَسْلَم، لم يُرَدَّ إليهم، وهو حُرٌّ. جزَم به فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكُبْرَى»، وقال: وقيل: إنْ عَلِمَ أنَّه يُسْتَذَلُّ، وجاءَ سيِّدُه فى طَلَبِه، فله قِيمَتُه مِنَ الفَىْءِ. قال: قلتُ: وكذلك الأمَةُ. وتقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك فى آخِرِ كتابِ الجِهادِ. الثَّانيةُ، يَضْمَنُون ما أتْلَفُوه لمُسْلِمٍ، ولا يُحَدُّون لحَقِّ اللَّهِ تعالَى، وإنْ قتَل مُسْلِمًا، لَزِمَه القَوَدُ، وإنْ قذَفَه حُدَّ، وإنْ سرَق مالَه، قُطِعَ، على الصَّحيحِ.

وَعَلَى الْإِمَامِ حِمَايَةُ مَنْ هَادَنَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قُطِعَ فى الأقْيَسِ. [وقيلَ: لا يُقْطَعُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ»] (¬1). وأطْلقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». الثَّالثةُ، قوله: وعلى الإِمامِ حِمايَةُ مَن هادَنَه مِنَ المُسْلِمِين. وهو بلا نِزاعٍ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ، لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَلْزَمُه أيضًا حِمايَتُهم مِن أهْلِ الذِّمَّةِ. قوله: وإنْ سَباهم كُفَّارٌ آخَرُون، لم يَجُزْ لنا شِرَاؤُهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفُروعِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقيل: يجوزُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ رِوايَةً منْصُوصَةً بجَوازِ شِرائهم مِن سَابِيهم. فائدتان؛ إحْداهما، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ شِراءِ أوْلادِ الكُفَّارِ المُهادَنِين

وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ، نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم وأهْلِيهم، كحَرْبِىٍّ باعَ أهْلَه وأوْلادَه. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وعنه، يَحْرُمُ شِراؤُهم، كذِمِّىٍّ باعَهم. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، فى الأهْلِ والأوْلادِ. وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، إن قهَر حَرْبِىٌّ وَلَدَه ورَحِمَه على نَفْسِه، وباعَه مِن مُسْلِمٍ وكافِرٍ، فقيل: يصِحُّ البَيْعُ. نقَل الشَّالَنْجِىُّ، لا بأْسَ، فإنْ دخَل بأَمانٍ، لم يُشْتَرَ. وقيل: لا يصِحُّ. وإنَّما يَمْلِكُه بتَوَصُّلِه بعِوَضٍ، وإنْ لم يكُنْ صحِيحًا، كدُخُولِه بغيرِ أَمانٍ فَيُرابِيهِم. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: والمَسْألَةُ مَبْنِيَّةٌ على العِتْقِ على الحَرْبِىِّ بالرَّحِمِ، هل يحْصُلُ أم لا؟ لأنَّه من حُكْمِ الإِسْلامِ. انتهى. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يصِحُّ شِراءُ وَلَدِ الحَرْبِىِّ منه. قلتُ: إنْ عتَق عليه بالمِلْكِ، فلا. وكذا إنْ قَهَر أبَاه وأُمَّه وملَكَهما وباعَهما. وإنْ قهَرَ زَوْجَتَه وملَكَها وباعَها، صحَّ لبَقاءِ مِلْكِه عليها. انتهى. ومنَع ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» فى الزَّوْجَةِ. الثَّانيةُ، لو سَبَى بعضُهم أوْلادَ بعضٍ، وبَاعُوهم، صحَّ البَيْعُ. قالَه فى «الفُروعِ». قوله: وإنْ خافَ نَقْضَ العَهْدِ منهم، نبَذ إليهم عَهْدَهم. بلا نِزاعٍ. ويجِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إعْلامُهم قبلَ الإِغارَةِ عليهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم، بخِلافِ الذِّمِّىِّ، إذا خِيفَ منه الخِيانَةُ، لم يُنْقَضْ عَهْدُه. وقال فى «التَّرْغِيب»: إنْ صدَر مِنَ المهادَنةِ خِيانَةٌ، فإنْ عَلِمُوا أنَّها خِيانَةٌ، اغْتالَهم، وإلَّا فوَجْهان. وقال الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ ابنُ القَيِّمِ فى «الهَدْى»، فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَزْوَةِ الفَتْحِ: إنَّ أهْلَ العَهْدِ إذا حارَبُوا فى ذِمَّةِ الإِمامِ وعَهْدِه، صارُوا بذلك أهْلَ حَرْبٍ نابِذِين لعَهْدِه، فله أنْ يُبَيِّتَهم، وإنِّما يُعْلِمُهم إذا خافَ منهم الخِيانَةَ، وأنَّه يَنْتَقِضُ عَهْدُ الجميعِ إذا لم يُنْكِرُوا عليهم. فوائد؛ إحْداها، ينْتَقِضُ عَهْدُ النِّساءِ والذُّرِّيَّةِ بنَقْضِ عَهْدِ رِجالِهم، تبَعًا لهم. الثَّانيةُ، لو نقَض الهُدْنَةَ بعضُ أهْلِها، فأنْكَرَ عليهم الباقُون، بقَوْلٍ أو فِعْلٍ ظاهِرٍ، أو أعْلَمُوا الإِمامَ بذلك، كان النَّاقِضُ مَن خالَفَ منهم دُونَ غيرِهم، وإنْ سَكتُوا عمَّا فعَلَه النَّاقِضُ، ولم يُنْكِرُوه، ولم يُكاتِبُوا الإِمامَ، انْتقَضَ عَهْدُ الكُلِّ. ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى نقْضِ العَهْدِ. الثَّالثةُ، يجوزُ قَتْلُ رَهائِنِهم إذا قتَلُوا رَهائنَنا. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، لا يجوزُ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». الرَّابعةُ، متى ماتَ الإِمامُ أو عُزِلَ، لَزِمَ مَن بعدَه الوَفاءُ بعَقْدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه عقَدَه باجْتِهادِه، فلا يَنْتَقِضُ باجْتِهادِ غيرِه. وجوَّز ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه نَقْضَ ما عقَدَه الخُلَفاءُ الأربعَةُ، نحْوَ صُلْحِ بَنِى تَغْلِبَ؛ لاخْتِلافِ المَصالحِ باخْتِلافِ الأزْمِنَةِ.

باب عقد الذمة

بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ عقْدِ الذِّمَّةِ تنبيه: تقدَّم أوَّلَ بابِ الهُدْنَةِ، أنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لا يصِحُّ إلَّا مِنَ الإِمامِ أو نائبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وتقدَّم هناك قوْلان آخَران. [فائدة: يجِبُ عَقْدُها إذا اجْتَمعَتِ الشُّروطُ، ما لم يخَفْ غائِلَةً منهم] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إِلَّا لِأَهْلِ الْكِتَابِ؛ وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ فِي التَّدَيُّنِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ؛ كَالسَّامِرَةِ وَالْفِرِنْجِ، وَمَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ؛ وَهُمُ الْمَجُوسُ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ عَقْدُهَا لجَمِيِع ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: لا يَجُوزُ عَقْدُها إلَّا لأهْلِ الكِتابِ؛ وهم اليَهودُ، والنَّصارَى، ومَن

الْكُفَّارِ، إِلَّا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُوافِقُهم فى التَّدَيُّنِ بالتَّوْراةِ والإِنْجيلِ؛ كالسَّامِرَةِ، والفِرِنْجِ، ومَن له شُبْهَةُ كِتابٍ؛ وهم المجوسُ. لا يجوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا لهؤلاءِ الَّذين ذكَرَهم المُصَنِّفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ عقْدُها لجميعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُفَّارِ، إلَّا عَبَدَةَ الأوْثانِ مِنَ العرَبِ. نقَلَها الحَسَنُ بنُ ثَوابٍ. وذكَر القاضى وَجْهًا؛ أنَّ مَن دانَ بصُحُفِ شِيثَ وإبْرَاهِيمَ، والزَّبُورِ، تحِلُّ نِساؤُهم، ويُقَرُّون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بجِزْيَةٍ. قال فى «الفُروعِ»، فى بابِ المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ: ويتَوجَّهُ أخْذُ الجِزْيَةِ منهم، ولو لم تحِلَّ نِساؤُهم. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى الرَّدِّ على الرَّافِضِىِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْذَ الجِزْيَةِ مِنَ الكُلِّ، وأنَّه لم يَبْقَ أحَدٌ مِن مُشْرِكِى العرَبِ بعدَ نُزولِ الجِزْيَةِ، بل كانُوا قد أسْلَمُوا. وقال فى «الاعْتِصامِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ»: مَن أخَذَها مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجميعِ، أو سَوَّى بينَ المَجُوسِ وأهْلِ الكِتابِ، فقد خالَفَ ظاهِرَ الكتابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسُّنَّةِ.

فَأَمَّا الصَّابِئُ، فَيُنْظَرُ فِيهِ؛ فَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا الصَّابِئُ، فَيُنْظَرُ فيه؛ فإنِ انْتَسَبَ إلى أحَدِ الكِتابَين، فهو مِن أهْلِه، وإلَّا فلا. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وجماعَةٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به ابنُ البَنَّا فى «عُقودِه»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»:

فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّابِئُ إنْ وَافقَ اليَهُودَ والنَّصارَى فى دِينِهم وكِتابِهم، فهو منهم، وإلَّا فهو كعابِدِ وَثَنٍ. وقيل: بل يُقْتَلُ مُطْلَقًا إنْ قال: الفَلَكُ حَىٌّ (¬1) ناطِقٌ، والكَواكِبُ السَبْعَةُ آلهَةٌ (¬2). انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَهم حُكْمُ مَن تدَيَّنَ بالتَّوْراةِ والإِنْجيلِ، مثل السَّامِرَةِ والفِرِنْجِ. قال الإِمامُ أحمدُ: هم جِنْسٌ مِنَ النَّصارَى. وجزَم فى «الهِدَايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم، أنَّهم يُوافِقُون النَّصارَى، فحُكْمُهم حُكْمُهم، لكِنْ يُخالِفُونهم فى الفُروعِ. قال فى «الحاوِى» وغيرِه، وجزَم به فى «الخُلاصَةِ» وغيرها: يأخُذُ الجِزْيَةَ منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال الإِمامُ أحمدُ أيضًا، فى مَوْضِعٍ آخَرَ: بَلَغَنِى أنَّهم ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) زيادة من: أ.

وَمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَوْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْبِتُون، فإذا أسْبَتُوا، فَهُم مِنَ اليَهودِ. ونقَل حَنْبَلٌ، مَنْ ذهَب مذْهَبَ عمرَ -فإنَّه قال: هم يَسْبِتُون- جعَلَهم بمَنْزِلَةِ اليَهُودِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: فى ذَبِيحَةِ الصَّابِئَةِ رِوايَتان؛ مأْخَذُهما، هل هم فِرْقَةٌ مِنَ النَّصارَى أم لا؟ فائدة: صِيغَةُ عَقْدِ الذِّمَّةِ، أنْ يقولَ: أقْرَرْتُكم بالجِزْيَةِ والاسْتِسْلامِ. أو يقولوا ذلك؛ فيقولُ: أقْرَرْتُكم على ذلك. أو نحوَهما. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعْتَبرُ فيه ذِكْرُ قَدْرِ الجِزْيَةِ، وفى الاسْتِسْلامِ وَجْهان. ذكَرَهما فى «التَّرْغِيبِ». قوله: ومَن تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ بعدَ بَعْثِ نَبِيِّنا -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو وُلِدَ بينَ أبَوَيْن لا تُقْبَلُ الجِزْيَةُ مِن أَحَدِهما، فعلى وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. إذا تَهوَّدَ أو تنَصَّرَ بعدَ بَعْثِ نَبِيِّنا محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجِزْيَةَ تُقْبَلُ منه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه القاضى. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحِيحِ». قال فى «الوَجيزِ»: وإنِ انْتقَلَ إلى دِينِ أهْلِ الكِتابِ غيرُ مُسْلِمٍ، أُقِرَّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يُقْبَلُ [منه الجِزْيَةُ، ولا يُقْبَلُ] (¬1) منه إلَّا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِسْلامُ أو السَّيْفُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: مَن صارَ كِتابِيًّا بعدَ عَهْدِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، [أو جُهِلَ وَقْتُه] (¬1)، لا تُقْبَلُ جِزْيَتُه. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو تهَوَّدَ أو تَنصَّرَ قبلَ بَعْثِ نَبِيِّنا -صلى اللَّه عليه وسلم-، تُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وغيرِه. واخْتارَه القاضى (¬2) وغيرُه. وقدَّم فى «التَّبْصِرَةِ»، أنَّ الجِزْيَةَ لا تُقْبَلُ منه مُطْلَقًا. وذكَر فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّرْغِيبِ»، أنَّه لو تَنصَّرَ أو تهَوَّدَ قبلَ البَعْثَةِ، وبعدَ التَّبْديلِ، لا تُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ، وإلَّا قُبِلَتْ. وأطْلقَه هو والأوَّلَ فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: حُكْمُ مَن تمَجَّسَ بعدَ البَعْثَةِ أو قبلَها، بعدَ التَّبْديلِ أو قبلَه، حُكْمُ مَن تنَصَّرَ أو تهَوَّدَ، على ما تقدَّم. ويأْتِى الكلامُ على ذلك بأَتَمَّ مِن هذا فى آخرِ ¬

(¬1) بياض بالأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِى تَغْلِبَ، وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، مِثْلَىْ مَا تُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِ أحْكامِ الذِّمَّةِ، بعدَ قوْلِه: وإنْ تهَوَّدَ نَصْرانِىٌّ، أو تنَصَّرَ يهُودِىٌّ، لم يُقَرَّ. وأمَّا إذا وُلِدَ بينَ أبَويْن لا تُقْبَلُ الجِزْيَةُ مِن أحَدِهما، يعْنِى، واخْتارَ دِينَ مَن تُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فى قَبُولِ الجِزْيَةِ منه وجْهَين. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الخُلاصَةِ»؛ أحدُهما، تُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ، وتُعْقَدُ له الذِّمَّةُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «المُغْنِى»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا تُقْبَلُ منه الجِزْيَةُ، ولا يُقْبَلُ منه غيرُ الإِسْلامِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فمَن بعدَه. قوله: ولا تؤْخَذُ الجِزْيَةُ مِن نَصارَى بَنِى تَغْلِبَ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تُقْبَلُ منهم الجِزْيَةُ؛ للآيَةِ، وحَرْبِىٍّ منهم لم يدْخُلْ فى الصُّلْحِ إذا بذَلَها. على الصَّحِيحِ. وظاهِرُ المذهبِ خِلافُه. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لا تُؤْخَذُ منهم ولو بذَلُوها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وفى «المُغْنِى» ومَن تابعَه احْتِمالٌ، تُقْبَلُ إذا بذَلُوها. فائدة: ليسَ للإِمامِ نقْضُ عَهْدِهم وتجْديدُ الجِزْيَةِ عليهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ، وقد عقَدَه عمرُ معهم هكذا، وعليه أكثرُ

وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهمْ وَمَجَانِينِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ جَوازَ ذلك؛ لاخْتِلافِ المَصْلحَةِ باخْتِلافِ الأزْمِنَةِ، وقد فعَلَه عمرُ بنُ عَبْدِ العزِيزِ، وجعلَ ذلك جماعةٌ كالخَراجِ والجِزْيَةِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وجزَم القاضى فى «الخِلافِ» بالفَرْقِ. وكلامُ المُصَنِّفِ فى غيرِ هذا الكِتابِ وغيرِه، يقْتَضِيه. قوله: ويُؤخَذُ ذلك مِن نِسائِهِم وصِبْيانِهم ومَجانِينِهم. وكذا زَمْنَاهم ومَكافِيفُهم. وشُيوخُهم، ونحوُهم. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، واخْتارَه جَماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وهو منَ المُفْرَداتِ. وفيه وَجْهٌ، لا يُؤْخَذُ مِن هؤلاءِ. قال المُصَنِّفُ: هذا أقْيَسُ. فالمَأْخُوذُ منه جِزْيَةٌ باسْمِ الصَّدقَةِ، فمَصْرِفُه مَصْرِفُ الجِزْيَةِ. وقال فى «الفُروعِ»: الأظهَرُ، إنْ قيلَ: إنَّها كالزَّكاةِ فى المَصْرِفِ، أُخِذتْ ممَّن لا جِزْيةَ عليهم، كالنِّساءِ ونحوِهم، وإلَّا فلا. انتهى. فعلى المذهبِ، لا تُؤْخَذُ مِن

وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: مَصْرِفُ الزَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَقيرٍ، ولا ممَّن له مالٌ غيرُ زَكَوِىٍّ. قوله: ومَصْرِفُه مَصْرِفُ الجِزْيَةِ. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال الخِرَقِىُّ: مَصْرِفُ الزَّكاةِ. وهو رِوايَةٌ ثانيةٌ عن أحمدَ. جزَم

وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِىٍّ غَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِى: تُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الفُصُولِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: ولا تُؤْخَذُ مِن كِتابِىٍّ غيرِهم. كمَن تنَصَّرَ مِنَ العرَبِ مِن تَنُوخَ وبَهْراءَ، أو تهَوَّدَ مِن كِنانَةَ وحِمْيَرَ، أو تمَجَّسَ مِن تَمِيمٍ ونحوِهم. وهذا أحَدُ الوجْهَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وذكَرا أنَّ أحمدَ نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقال القاضى: تُؤْخَذُ مِن نَصارَى العَرَبِ ويَهُودِهم، كبَنِي تَغْلِبَ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إدْراكِ الغَايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: والمَنْصُوصُ أنَّ مَن كان مِنَ العرَبِ مِن أهْلِ الجِزْيَةِ، وأبَاها إلَّا باسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً، وله شَوْكَةٌ يُخْشَى الضَّرَرُ منها، تَجُوزُ مُصالحَتُهم على ما صُولِحَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه بنُو تَغْلِبَ. وهو الصَّوابُ، وعليه يُحْمَلُ إطْلاقُ أحمدَ أوَّلًا، وإطْلاقُ القاضى ومَنْ تَبِعَه، ولهذا قطَع به أبو البَرَكاتِ، وعليه اسْتَقرَّ قَوْلُ أبِى محمدٍ فى «المُغْنِى» (¬1)، إلَّا أنَّه شرَط مع ذلك، أنْ يكونَ المأْخُوذُ بقَدْرِ ما يجِبُ عليهم مِنَ ¬

(¬1) 13/ 226، 227.

وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِىٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا فَقِيرٍ يَعْجِزُ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِزْيَةِ، أو أزْيَدَ، وليسَ هذا فى كلامِ أحمدَ، ولا مُشْتَرَطٌ فى بنِي تَغْلِبَ. انتهى. فائدة: يجوزُ للإِمامِ مُصالحَةُ مثْلِهم ممَّن يُخْشَى ضرَرُه بشَوْكَتِه مِن العرَبِ، إذا أبَي دَفْعَها إلَّا باسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: ولا جِزْيَةَ على صَبِىٍّ، ولا امْرَأةٍ، ولا مَجْنُونٍ، ولا زَمِنٍ، ولا أعْمَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لا جِزْيَةَ على شَيْخٍ فانٍ، بلا نِزاعٍ فيهم. ويأْتِى كلامُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. وكذا لا جِزْيَةَ على راهِبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: عليه الجِزْيَةُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، ولا يبْقَى بيَدِه مالٌ إلَّا بُلْغَتُه فقط، ويُؤْخَذُ ما بيَدِه. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قال: ويُؤْخَذُ منهم ما لنا، كالرِّزْقِ الذى للدُّيُورَةِ (¬1) والمَزَارِعِ إجْمالًا. قال: ويجِبُ ذلك. وقال أيضًا: ومَن له تِجارَةٌ ¬

(¬1) جمع دير بيت عباد النصارى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو زِراعَةٌ، وهو مُخالِطٌ لهم أو مُعاوِنُهم على دِينِهم، كمَن يدْعُو إليه مِن راهِبٍ وغيرِه، فإنَّها تَلْزَمُه إجْماعًا، وحُكْمُه حُكْمُهم، بلا نِزاعٍ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الجِزْيَةُ؛ الوَظِيفَةُ المأْخُوذَةُ مِنَ الكافِرِ لإِقامَتِه بدارِ الإِسْلامِ فى كلِّ عامٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وظاهِرُ هذا التَّعْريفِ، أنَّ الجِزْيَةَ أُجْرَةُ الدَّارِ، مُشْتَقَّةٌ مِن جَزاه بمَعْنَى قَضاه. وقال فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: مُشْتَقٌّ مِنَ الجَزاءِ؛ إمَّا جَزاءً على كُفْرِهم لأخْذِها منهم صَغارًا، أو جَزاءً على أمَانِنا (¬1) لهم لأخْذِها منهم رِفْقًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وهذا أصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو يرْجِعُ إلى أنَّها عُقُوبَةٌ أو أُجْرَةٌ. قوله: ولا عَبْدٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أمانتها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وعنه، عليه الجِزْيَةُ إذا كان لكافِرٍ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ». فائدة: لا تجِبُ على عَبْدِ المُسْلِمِ الذِّمِّىِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. وقطَع به غيرُهما. قال فى «الفُروعِ»: ولا تَلْزَمُ عبْدًا. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمُسْلِمٍ. جزَم به فى «الرَّوْضَةِ»، وأنَّها تسْقُطُ بإسْلامِ أحَدِهما. وفى «التَّبْصِرَةِ»، عنِ الخِرَقِىِّ، تَلْزَمُ عبْدًا مُسْلِمًا عن عَبْدِه. فعلى المذهبِ، تَلْزَمُ المُعْتَقَ بعضُه بقَدْرِ ما فيه مِنَ الحُرِّيَّةِ. قالَه الأصحابُ. فائدتان؛ إحْداهما، فى وُجوبِ الجِزْيَةِ على عَبْدٍ ذِمِّىٍّ أعْتقَه مُسْلِمٌ أو كافِرٌ رِوايَتان مَنْصُوصَتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» [فيما إذا كان المُعْتِقُ مُسْلِمًا] (¬1)؛ إحْداهما، تجِبُ عليه الجِزْيَةُ. وهى الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الصَّحيحُ المشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإذا عتَق، لَزِمَتْه الجِزْيَةُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، سواءٌ كان مُعْتِقُه مُسْلِمًا أو كافِرًا، هذا الصَّحيحُ عن أحمدَ. انتهيا. وقال فى «الوَجيزِ» وغيرِه: ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتُؤْخَذُ ممَّن صارَ أهْلًا لها فى آخِرِ الحَوْلِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وجزَم به الخِرَقِىُّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا جِزْيَةَ عليه. قال الخَلَّالُ: هذا قوْلٌ قديمٌ رجَع عنه. ووَهَّنَها. وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، لا جِزْيَةَ عليه إذا كان المُعْتِقُ له مُسْلِمًا. الثَّانيةُ، قال الإِمامُ أحمدُ: المُكاتَبُ عَبْدٌ، فيُعْطَى حُكْمَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا فَقِيرٍ يَعْجِزُ عنها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. نصَّ عليه. وفيه احْتِمالٌ، تجِبُ عليه، ويُطالَبُ بها إذا أيْسَرَ؛ لأنَّه مِن أهْلِ القِتالِ. فعلى المذهبِ، لو كان مُعْتَمِلًا، وجَبَتْ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: تجِبُ على الأصحِّ. قال فى «القَواعِدِ»: أشْهَرُ الرِّوايتَيْن، الوُجوبُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أسْعَدُ دَلِيلًا. وهو ظاهِرُ ما قطَع به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، لا تجِبُ. وهى ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا تجِبُ على فَقِيرٍ عاجزٍ لا حِرْفَةَ له، أو له حِرْفَةٌ لا تكْفِيه. نصَّ عليه. وقال فى مَكانٍ آخَرَ: وتَلْزَمُ الفَقِيرَ المُحْتَرِفَ الحِرْفةَ التى تقومُ

وَمَنْ بَلَغَ، أَوْ أَفَاقَ، أَوِ اسْتَغْنَى، فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ فِى آخِرِ الْحَوْلِ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بكِفايَتِه كُلَّ سَنةٍ. فائدة: تجِبُ الجِزْيَةُ على الخُنْثَى المُشْكِلِ. جزَم به فى «الحاوى الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا تجِبُ عليه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أظْهَرُ. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الكافِى». وهذا المذهبُ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فعلى القَوْلِ الثَّانى، لو بانَ رَجُلًا، أُخِذَتْ منه للمُسْتَقْبَلِ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به مَن ذَكَرَه، منهم القاضى (¬1). وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، وللماضِى. قوله: ومَن بلَغ، أو أفاقَ، أو اسْتَغْنَى -وكذا لو عتَق، وقلنا: عليه الجِزْيَةُ- ¬

(¬1) بياض فى: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مِن أهْلِها بالعَقْدِ الأوَّلِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ. هذا المَشْهُورُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «الفُروعِ». وجزَم به فى «الحاوِى» وغيرِه. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه: هو مُخَيَّرٌ بينَ العَقْدِ وبينَ أنْ يُرَدَّ إلى مَأْمَنِه، فيُجابُ إلى ما يَخْتارُ. قوله: ويُؤْخَذُ منه فى آخِرِ الحَوْلِ بقَدْرِ ما أدْرَك. يعْنِى، إذا بلَغ أو أفاقَ، أو اسْتَغْنَى فى أثْناءِ الحَوْلِ، وكذا لو عتَق فى أثْنائه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وعنه، لا جِزْيَةَ على عَتِيقِ مُسْلِمٍ. وعنه، وعَتِيقِ ذِمِّىٍّ. جزَم به فى «الرَّوْضَةِ».

وَمَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ، لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَتْ حَوْلًا، أُخِذَتْ مِنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فِى آخِرِ كُلِّ حَولٍ بِقَدْرِ إِفَاقَتِهِ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن كان يُجَنُّ ويُفِيقُ، لُفِّقَتْ إفاقَتُه، فإذا بلَغتْ حَوْلًا، أُخِذَتْ منه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقدَّمه فى «النَّظْمِ» إذا لم يتَعَسَّرْ ضَبْطُه. وقيل: يُعْتَبرُ الغالِبُ فيما لا ينْضَبطُ أمْرُه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا كان يُجَنُّ ويُفِيقُ، لا يخْلُو مِن ثَلَاثَةِ أَحْوالٍ؛ أحدُها، أنْ يكونَ غيرَ مَضْبُوطٍ، مثْلَ مَن يُفِيقُ ساعةً مِن أيَّامٍ، أو مِن يومٍ، فيُعْتَبرُ حالُه بالأغْلَبِ. الثَّانى، أنْ يكونَ مَضْبُوطًا، مثْلَ مَن يُجَنُّ يَوْمًا ويُفِيقُ يوْمَيْن، أو أقَلَّ أو أكثرَ، إلَّا أنَّه مَضْبُوطٌ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يُعْتَبرُ الأغْلَبُ مِن حالِه. والوَجْهُ الثَّانى، تُلَفَّقُ إفاقَتُه. فعلى هذا الوَجْهِ، فى أخْذِ الجِزْيَةِ وَجْهان؛ أحدُهما، تُلَفَّقُ أيَّامُه؛ فإذا بلَغتْ حَوْلًا،

وَتُقْسَمُ الْجِزْيَةُ بَيْنَهُمْ؛ فَيُجْعَلُ عَلَى الْغَنِىِّ ثَمَانِيَةٌ وَأرْبَعُونَ دِرْهَمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أُخِذَتْ منه. والثَّانى، يُؤْخَذُ منه فى آخرِ كلِّ حَوْلٍ بقَدْرِ ما أفاقَ منه. وإنْ كان يُجَنُّ ثُلُثَ الحَوْلِ ويُفِيقُ ثُلُثَيه، أو بالعَكْسِ، ففيه الوَجْهان. فإنِ اسْتَوتْ إفاقَتُه وجُنونُه، مثلَ مَن يُجَنُّ يَوْمًا ويُفِيقُ يوْمًا، أو يُجَنُّ نِصْفَ الحَوْلِ ويُفِيقُ نِصْفَه عادةً، لُفِّقَتْ إفاقَتُه؛ لأنَّه تعَذَّرَ الأغْلَبُ. الحالُ الثَّالِثُ، أنْ يُجَنَّ نِصْفَ حَوْلٍ، ثم يُفِيقُ إفاقَةً مُسْتَمِرةً، أو يُفِيقُ نِصْفَه، ثم يُجَنُّ جُنونًا مُسْتَمِرًّا، فلا جِزْيَةَ عليه فى الثَّانى، وعليه فى الأوّلِ مِنَ الجِزْيَةِ بقَدْرِ ما أفاقَ، كما تقدَّم. انتهيا. قوله: وتُقْسَمُ الجِزْيَةُ بينَهم؛ فَيُجْعَلُ على الغَنِىِّ ثمانِيَةٌ وأرْبَعون دِرْهَمًا، وعلى

وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَا عَشَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المتَوسِّطِ أرْبَعةٌ وعِشْرون دِرْهمًا، وعلى الفَقِيرِ اثنا عَشَرَ دِرْهَمًا. قد تقدَّم أنَّ مرْجِعَ الجِزْيَةِ والخَراجِ إلى اجْتِهادِ الإِمامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فله أنْ يَزِيدَ ويَنْقُصَ على قَدْرِ ما يَراه. فلا تَفْريعَ عليه. وتَفْريعُ المُصَنِّفِ هنا على القَوْلِ بأنَّ الجزْيَةَ مُقدَّرَةٌ بمِقْدارٍ، لا يُزادُ عليه ولا يُنْقَصُ منه، وهذا التَّقْديرُ، على هذه الرِّوَايَةِ، لا نِزاعَ فيه، وهو تَقْدِيرُ عمرَ رَضِىَ اللَّهُ عنه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. فائدة: يجوزُ أنْ يأْخُذَ عن كلِّ اثْنَىْ عَشَرَ دِرْهَمًا دِينارًا، أو قِيمَتَها. نصَّ عليه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لتَعَلُّقِ حَقِّ الآدَمِىِّ فيها.

وَالْغَنِيُّ مِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ النَّاسُ غَنِيًّا، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَمَتَى بَذَلُوا الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ، لَزِمَ قَبُولُهُ، وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والغَنِىُّ منهم مَن عَدَّه النَّاسُ غَنِيًّا، فى ظاهِرِ المَذْهَبِ. هو المذهبُ كما قال، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ» وغيرِها. وقيل: الغَنِىُّ مَن ملَك نِصابًا. وحُكِىَ رِوايَةً. وقيل: مَن ملَك عشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. وقيلَ: الغَنِىُّ مَن ملَك عشَرَةَ آلافِ دَينارٍ. وهى مِائَةُ ألْفِ دِرْهَمٍ، ومَنْ ملَك دُونَها إلى عشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَمُتَوَسِّطٌ، ومَنْ ملَك عشَرَةَ آلافٍ فما دُونَها، ففَقِيرٌ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وأمَّا المُتَوسِّطُ؛ فهو المتَوسِّطُ عُرْفًا. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وتقدَّم القَوْلُ الذى قدَّمه فى «الخُلاصَةِ». قوله: ومتى بَذَلُوا الواجِبَ عليهم، لَزِمَ قَبُولُه، وحَرُمَ قِتالُهم. ويَلْزَمُ الإِمامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا دَفْعُ مَن قصدَهم بأذًى، ولا مَطْمَعَ فى الذَّبِّ عمَّن بدارِ الحَرْبِ. قال فى «التَّرْغِيبِ»: والمُنْفَرِدُون ببَلَدٍ غيرِ مُتَّصِل ببَلَدِنا، يجِبُ ذَبُّ أهْلِ الحَرْبِ عنهم، على الأشْبَهِ. انتهى. ولو شرَطْنا أنْ لا نَذُبَّ عنهم، لم يصِحَّ الشَّرْطُ.

وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ، سَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةُ، وَإِنْ مَاتَ، أُخِذَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِي ذلك فى أثْناءِ البابِ الآتِي بعدَه، عندَ قوْلِه: وعلى الإِمامِ حِفْظُهم، والمَنْعُ مِن أذَاهم. قوله: ومَن أسْلَمَ بعدَ الحَوْلِ، سقَطتْ عنه الجِزْيَةُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

مِنْ تَرِكَتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: تَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم، بل أكثرُهم قطَع به. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الإيضَاحِ»: لا تسْقُطُ بالإِسْلامِ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ. ومنَع فى «الانْتِصارِ» وجوبَها أصْلًا، وأنَّها مُراعاةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ بعدَ الحَوْلِ، أُخِذَتْ مِن تَرِكَتِه. هذا المذهبُ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى فى «المُجَرَّدِ»، و «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»: يسْقُطُ. ونصَرَه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو ماتَ فى أثناءِ الحَوْلِ، أنَّها تسْقُطُ. وهو

وَإِنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِينَ، اسْتُوفِيَتْ كُلُّهَا. وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ فِى آخِرِ الْحَوْلِ، وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا، وَيُطَالُ قِيامُهُمْ، وَتُجَرُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: تجِبُ بقِسْطِه. فوائد؛ الأُولَى، وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، إذا طرَأ مانِعٌ بعدَ الحَوْلِ، كالجُنُونِ وغيرِه. الثَّانيةُ، قوْلُه: وتُؤْخَذُ الجِزْيَةُ فى آخِرِ الحَوْلِ، ويُمْتَهَنُون عندَ

أَيْدِيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْذِها، ويُطالُ قِيامُهم، وتُجَرُّ أيدِيهم. قال أبو الخَطَّابِ: ويُصْفَعُون عندَ أخْذِها. نقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. ولا يُقْبَلُ منهم إرْسالُها مع غيرِهم؛ لزَوالِ الصَّغارِ عنهم، كما لا يجوزُ تفْرِيقُها بنَفْسِه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، على قوْلِ المُصَنِّفِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُمْتَهَنُون عندَ أخْذِها: فإنْ قيلَ: الامْتِهانُ المذْكُورُ مُسْتَحَقٌّ، أو مُسْتَحَبٌّ؟ قيل: فيه خِلافٌ، ويتفَرَّعُ عليه عدَمُ جَوازِ التَّوْكيلِ، إنْ قيلَ. هو مُسْتَحَقٌّ. لأنَّ العُقوبَةَ لا تدْخُلُها النِّيابَةُ. وكذا عدَمُ صِحَّةِ ضَمانِ الجِزْيَةِ؛ لأنَّ البَراءةَ تحْصُلُ بأداءِ الضَّامِنِ، فتَفُوتُ الإِهانَةُ. وإنْ قيلَ: هو مُسْتَحَبٌّ. انْعَكَسَتْ هذه الأحْكامُ. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهل للمُسْلِمِ أنْ يتَوَكَّلَ لذِمِّىٍّ فى أداءِ جِزْيَتِه، أو أنْ يضْمَنَها، أو أنْ يُحِيلَ الذى عليه بها؟ يَحْتَمِلُ وجْهَين؛ أظْهَرُهما المَنْعُ، كما سبَق. انتهى. قلتُ: فعلى المَنْعِ، يُعايَى بها فى الضَّمانِ، والحَوالَةِ، والوَكالَةِ. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُه، فأطْلَقُوا الامْتِهانَ. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ شرْطُ تَعْجيلِه، ولا يَقْتَضِيه الإِطْلاقُ. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قال الأصحابُ: لا

وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ، وَقَدْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْعَلَفِ، وَعَدَدَ مَنْ يُضَافُ. وَلَا تَجِبُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَقِيلَ: تَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نأْمَنُ نَقْضَ الأمانِ (¬1)، فيَسْقُطُ حقُّه مِنَ العِوَضِ، وقدُّمه فى «الفُروعِ». وعندَ أبِى الخَطُّابِ، يصِحُّ، ويَقْتَضِيه الإِطْلاقُ. قوله: ويَجُوزُ أنْ يَشْتَرِطَ عليهم ضِيافَةَ مَن يَمُرُّ بهم مِنَ المُسْلِمِين. بلا نِزاعٍ. قوله: ويُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيافَةِ، وقَدْرَ الطَّعامِ والإِدامِ والعَلَفِ، وعَدَدَ مَن يُضافُ. إذا شرَط عليهم الضِّيافَةَ، فيُشْترَطُ تَبْيِينُ ذلك لهم. كما ذكَرَه المُصَنِّفُ، ويُبَيِّنُ لهم ¬

(¬1) فى ط: «الأمانة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْزِلَ، وما على الغَنِىِّ والفَقِيرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فى ذلك كلِّه. اخْتارَه القاضى. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحاب. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يجوزُ إطْلاقُ ذلك كلِّه. وقدَّمه فى «الكافِى»، واخْتارَه. وقيل: تُقْسَمُ الضِّيافَة على قَدْرِ جِزْيَتِهم. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، وعِبارَتُهم كعِبارَةِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يجوزُ إطْلاقُ ذلك كلِّه. وقدَّمه فى «الكافِى»، واخْتارَه. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ شرَط الضِّيافَةَ مُطْلَقًا، صحَّ فى الظَّاهِرِ. قال أبو بَكْرٍ: إنْ أطْلَقَ قَدْرَ الضِّيافَةِ، فالواجِبُ يَوْمٌ وليْلَةٌ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقيل: يقْسِمُ الضِّيافَةَ على قَدْرِ جِزْيَتِهم. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»] (1). قوله: ولا يَجِبُ ذلك مِن غيرِ شَرْطٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، [و «المُسْتَوْعِبِ»] (1)، و «الخُلاصَة»، [و «الكافِى»]، (¬1)، و «المُحَرَّرِ»، [و «النَّظْمِ»] (1)، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقال القاضى: يجِبُ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ويَلْزَمُ يَوْمٌ وليْلَةٌ بلا شَرْطٍ. وقيل: لا (¬2). وأطْلَقهما فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: ولا يَزِيدُ على ثَلاثَةِ أيَّامٍ. فائدة: لو جعَل الضِّيافَةَ مَكانَ الجِزْيَةِ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) سقط من: الأصل، أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه القاضى، واقْتَصرَ عليه فى «المُغْنِى». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، ونصَرَه، لكنْ يُشْتَرطُ أنْ يكونَ قَدْرُها أقَلَّ الجِزْيَةِ، إذا قُلْنا: الجِزْيَةُ مُقَدَّرَةُ الأقَلِّ. وقيل: لا يصِحُّ العَقْدُ على ذلك. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُصُولِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِذَا تَوَلَّى إِمَامٌ، فَعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهِمْ، وَمَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ، أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ، رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمْ، فَإِنْ بَانَ لَهُ كَذِبُهُمْ، رَجَعَ عَلَيْهِمْ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ مَعَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا تَوَلَّى إمامٌ، فَعرَف قَدْرَ جِزْيَتِهم، وما شُرِطَ عليهم، أقَرَّهم عليه. وكذا لو قامَتْ بَيِّنَةٌ بذلك، وكذلك لو كان ذلك ظاهِرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واعْتَبرَ فى «المُسْتَوْعِبِ» ثُبوتَه. قوله: وإنْ لم يَعْرِفْ، رجَع إلى قَوْلِهم. يعْنِى، وله تحْلِيفُهم. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. وعندَ أبى الخَطَّاب، أنَّه يَسْتَأْنِفُ العَقْدَ معهم. قال فى «الهِدَايَةِ»: وعندِى أنَّه يَسْتَأْنِفُ عَقْدَ الذِّمَّةِ معهم، على ما يُؤَدِّى إليه اجْتِهادُه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، إنْ تبَيَّنَ

وَإذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ، كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَحُلَاهُمْ، وَدِينَهُمْ، وَجَعَلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا يَكْشِفُ حَالَ مَنْ بَلَغَ، وَاسْتَغْنَى، وَأَسْلَمَ، وَسَافَرَ، وَنَقَضَ الْعَهْدَ، وَخَرَقَ شَيْئًا مِنْ أحْكَامِ الذِّمَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَذِبَهم، رجَع عليهم.

باب أحكام الذمة

بَابُ أَحْكَامَ الذِّمَّةِ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ، فِى ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ دُونَ مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أحْكامِ أهْلِ الذِّمَّةِ فائدة: لا يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا بشَرْطَيْن؛ بَذْلِ الجزْيَةِ، والْتِزام أحْكامِ المِلَّةِ مِن جَرَيانِ أحْكامِ المُسْلِمِين عليهم. فلذلك قال المُصَنِّفُ: يَلْزَمُ الإِمامَ أنْ يَأْخُذَهم بأحْكامِ المُسْلِمِين فى ضَمانِ النَّفْسِ، والمالِ، والعِرْضِ، وإقامَةِ الحُدودِ عليهم، فيما يعتَقِدُون تَحْرِيمَه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، إنْ شاءَ لم يُقِمْ عليهم حَدَّ زِنَى بعضِهم على بعضٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، ومثْلُه القَطْعُ بسَرِقَةِ بعضِهم مِن بعضٍ.

وَيُلْزِمُهُمُ التَّمَيُّزَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِى شُعُورِهِمْ؛ بحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهِمْ وَتَرْكِ الْفَرْقِ، وَكُنَاهُمْ فَلَا يَكْتَنُوا بِكُنَى الْمُسْلِمينَ، كَأَبِى الْقَاسِمِ، وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ، وَرُكُوبِهِمْ بِتَرْكِ الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ، وَرُكُوبِهِمْ عَرْضًا عَلَى الْأُكُفِ، وَلِبَاسِهِمْ فَيَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُخَالِفُ ثِيَابَهُمْ؛ كَالْعَسَلىِّ وَالْأَدْكَنِ، وَشَدِّ الْخِرَقِ فِى قَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ، وَتُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوقَ ثِيَابِهِمْ، وَيُجْعَلُ فِى رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ، وَجُلْجُلٌ يُدْخَلُ مَعَهُمُ الْحَمَّامَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُلْزِمُهم التَّمَيُّزَ عَنِ المُسْلِمِين فى شُعُورِهم؛ بحَذْفِ مَقَادِمِ رُءُوسِهم. قال فى «الفُروعِ»: لا كعادَةِ الأشْرافِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: هو حَلْقُ شَعَر التَّحْذِيفِ بينَ العِذَارِ والنَّزَعَتَيْن. فائدة: قوله: وكُناهم، فلا يَكْتَنُوا بِكُنَى المُسْلِمِين، كأبي القاسِمِ، وأبِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدِ اللَّهِ. وكذا أبو الحَسَنِ، وأبو بَكْرٍ، وأبو محمدٍ، ونحوُها. وكذا الألْقابُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كعِزِّ الدِّينِ ونحوِه، يُمْنَعُون مِن ذلك كلِّه. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقد كَنَّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ أحمدُ طَبِيبًا نَصْرانِيًّا، فقال: يا أبا إسْحَاقَ. ونقَل أبو طالِبٍ، لا بأْسَ به؛

وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيرُهُمْ فِى الْمَجَالِسِ، وَلَا بَدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمْ، قِيلَ لَهُ: وَعَلَيْكُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأسْقُفِ نَجْرَانَ: «يا أبا الحَارِثِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ». وعمرُ قال: يا أبا حسَّانَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ وتَخْريجٌ بالجَوازِ للمَصلَحَةِ، ويُحْمَلُ ما رُوِى عليه. قوله: ولا يَجُوزُ بَداءَتُهم بالسَّلامِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ، يجوزُ للحاجَةِ. قال فى «الآدابِ»: رأيْتُه بخَطِّ الزَّرِيرَانِىِّ، وقد قال الإِمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى. فعلى المذهبِ، لو سلَّم عليه، ثم علِمَ أنَّه ذِمِّىٌّ، اسْتُحِبَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُه له: رُدَّ علَىَّ سَلامِى. فائدتان؛ إحداهما، مثلُ بَداءَتِهم بالسَّلامِ قوْلُه لهم: كيفَ أصْبَحْتَ؟ وكيفَ أمْسَيْتَ؟ وكيفَ أنتَ؟ وكيفَ حالُك؟ نصَّ عليه. وجوَّزَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، يجوزُ بالنِّيَّةِ، [كما قَاله الخِرَقىُّ] (¬1). يقولُ: أكْرمَكَ اللَّهُ؟ قال: نعم، يعْنِى بالإِسْلامِ. الثَّانيةُ، يجوزُ قوْلُه: هَداك اللَّهُ. زادَ ¬

(¬1) فى ط: «كما قاله الحربي». وانظر: الفروع 6/ 271.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو المعالِى، وأطالَ بَقاءَك. ونحوُه. قوله: وإنْ سلَّم (¬1) أحَدُهم، قِيلَ له: وعليكم. يعْنِى، أنَّ بالواوِ، فى «وعَلَيْكم»، أوْلَى. وهو المذهبُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الآدَابِ الكُبْرَى»: واخْتارَ أصحابُنا بالواوِ. قلتُ: جزَم به فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «مُنْتَخِبِ الآدَمِىِّ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. قال فى «بَدائعِ الفَوائدِ»، و «أحْكامِ الذِّمَّةِ» له: والصَّوابُ، إثْباتُ الواوِ، وبه جاءَتْ أكثرُ الرِّواياتِ، وذكَرَها الثِّقاتُ الأثباتُ. انتهى. وقيل: الأُوْلَى أنْ يقولَ: عليْكم. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أسلم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا واوٍ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فائدتان؛ إحداهما، إذا سلَّمُوا على مُسْلِمٍ، لَزِمَ الرَّدُّ عليهم. قالَه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يَرُدُّ تَحِيَّتَه. وقال: يَجُوزُ أنْ يقولَ له: أهْلًا وسَهْلًا. وجزَم فى موْضِعٍ آخَرَ بمِثْلِ ما قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ مُصافَحتَهم. قيلَ له: فإنْ عطَس أحدُهم (2)، يقولُ له (¬1): يَهْدِيكُم اللَّهُ؟ قال: أَىُّ شئٍ يُقالُ له؟! كأنَّه لم يرَه. وقال القاضى: ظاهِرُه أنَّه لم يَسْتَحِبَّه، كما لا يَسْتَحِبُّ بَداءَتَه بالسَّلامِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: فيه الرِّوايَتان. قال: والذى ذكَرَه القاضى، يُكْرَهُ، وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وابنُ عَقِيلٍ إنَّما نَفَى الاسْتِحْبابَ. وإنْ شَمَّتَه كافِرٌ، أجابَه. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَفِى تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتهِمْ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى تَهْنِئَتِهم وتَعْزِيَتِهم وعِيادَتِهم رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، يَحْرُمُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ، فيُكْرَهُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، فى بابِ الجَنائزِ، ولم يذْكُرْ رِوايةَ التَّحْريمِ. وذكرَ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن» رِوايَةً بعدَمِ الكَراهَةِ، فيُباحُ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وعنه، يجوزُ لمَصْلَحةٍ راجِحَةٍ، كرَجاءِ إسْلامٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ومَعْناه اخْتِيارُ الآجُرِّىِّ، وأنَّه قَوْلُ العُلماء: يُعادُ، ويُعْرَضُ عليه الإِسْلامُ. قلتُ: هذا هو الصَّوابُ، وقد عادَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَبِيًّا يهُودِيًّا كان يخْدِمُه، وعرَض عليه الإِسْلامَ، فأسْلَم. نقَل أبو داودَ، إنْ كان يُرِيدُ أنْ يَدْعُوَه

وَيُمْنَعُونَ تَعْلِيَةَ البُنْيَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِى مُسَاوَاتِهِمْ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الإِسْلامِ، فنَعم. فحيثُ قُلْنا: يُعَزِّيه. فقد تقدَّم ما يقولُ فى تَعْزِيَتِهم، فى آخِرِ كتابِ الجَنائزِ، ويَدْعُو بالبَقاءِ، وكَثْرَةِ المالِ والوَلَدِ. زادَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم، قاصِدًا كثْرَةَ الجِزْيَةِ. وقد كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ الدُّعاءَ بالبَقاءِ ونحوِه لكُلِّ أحَدٍ؛ لأنَّه شئٌ فُرِغَ منه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويَسْتَعْمِلُه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وذكَرَه الأصحابُ هنا. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويُمْنَعُون مِن تَعْلِيَةِ البُنْيَانِ على الْمُسْلِمِين. أنَّه سواءٌ كان المُسْلِمُ مُلاصِقًا أو لا، وسواءٌ رَضِىَ الجارُ بذلك أو لا. وهو صحيحٌ. قال أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ: لأنَّهَ حَقٌّ للَّهِ. زادَ ابنُ الزَّاغُونِىِّ: يدُومُ بدَوامِ الأوْقاتِ، ولو اعْتُبِرَ رِضاه، سقَط حَقُّ مَن يُحْدِثُ بعدَه. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ قِسْمَةَ الوَقْفِ قِسْمَةُ مَنافِعَ لا تَلْزَمُ؛ لسُقوطِ حَقِّ مَن يُحْدِثُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو كان البِنَاءُ لمُسْلمٍ وذِمِّىٍّ؛ لأنَّ ما لا يَتِمُّ اجْتِنابُ المُحَرَّمِ إلَّا باجْتِنابِه، فمُحَرَّمٌ. فائدة: لو خالَفُوا وفعَلوا وجَب هَدْمُه. قوله: وفى مُساواتِهم وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»،

وَإِنْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ، لَمْ يَجِبْ نَقْضُهَا. وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَلَا يُمْنَعُونَ رَمَّ شَعَثِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المَذهَبِ الأحْمَدِ»؛ أحدُهما، لا يُمْنَعُون. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولا يَعْلُون على جارٍ مُسْلِمٍ (¬1). وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُمْنَعُون. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها». قوله: وإنْ مَلَكُوا دارًا عالِيَةً مِن مُسْلِمٍ، لم يَجِبْ نَقْضُها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يجِبُ نَقْضُها. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» وغيرِه. ولو انْهدَمَتْ هذه الدَّارُ، أو هُدِمَتْ، لم تُعَدْ عالِيَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. فائدة: وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، لو بنَى مُسْلِمٌ دارًا عندَ دُورِهم دُونَ بُنْيانِهم. قوله: ويُمْنَعُون مِن إحْداثِ الكَنائسِ والبِيَعِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إجْماعًا. واسْتَثْنَى الأصحابُ ما شَرَطُوه فيما فُتِحَ صُلْحًا على أنَّها لنا. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَفِي بِنَاءِ مَا اسْتَهْدَمَ مِنْهَا رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: فى لُزومِ هَدْمِ المَوْجُودِ منها فى العَنْوَةِ وَقْتَ فَتْحِها وَجْهان، وهما فى «التَّرْغيبِ»، إنْ لم يُقِرَّ به، أحدٌ بجِزْيَةٍ، وإلَّا لم يَلْزَمْ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وبَقاؤُه ليس تَمْلِيكًا، فيأْخُذُه لمَصْلحَةٍ. وأطْلقَ الخِلافَ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الكافِى». وإليه مالَ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ جَوازَ هَدْمِها مع عدَمِ الضَّرَرِ علينا. وقيل: يُمْنَعُ هَدْمُها. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أشْهَرُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ولا يُمْنَعُون مِن رَمِّ شَعَثِها. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «الكافِى». وقال: رِوايَةً واحدةً. قال فى «الرِّعايتَيْن»: هذا أصَحُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، المَنْعُ مِن ذلك. اخْتارَه الأكْثَرُ. قالَه ابنُ هُبَيْرَةَ، كمَنْعِ الزِّيادَةِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: ونصَرَها القاضى فى «خِلافِه». وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الحاوِيَيْن». قوله: وفى بِناءِ ما اسْتَهْدَمَ منها -ولو كُلِّها- رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ إحْداهما، المَنْعُ مِن ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الكافِى»، و «النَّظْمِ». وإليه مَيْلُه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ونصَرَه القاضى فى «خِلافِه». قال ابنُ هُبَيْرَةَ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه الأكثرُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: يُمْنَعُ مِن بِنائها إذا انْهدَمَتْ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ ذلك. قال فى «الخُلاصَةِ»: ويَبْنُون ما اسْتَهْدَمَ، على الأصحِّ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» عنِ الخِلافِ: بِناءً على أنَّ الإِعادةَ، هل هى اسْتِدامَةٌ أو إنْشاءٌ؟ وقيل: إنْ جازَ بِناؤُها، جازَ بِناءُ بِيعَةٍ مُسْتَهْدَمَةٍ ببَلَدٍ فَتَحْناه. قال فى «القواعِدِ»: ولو فُتِحَ بلَدٌ عَنْوَةً، وفيه كنِيسَةٌ مُنْهَدِمَةٌ، فهل يجوزُ بِناؤُها؟ فيه طَرِيقانِ؛ أحدُهما، المَنْعُ منه مُطْلَقًا. والثَّانى، بِناؤُه على الخِلافِ. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ المَهْدوم ظُلْمًا حُكْمُ المَهْدومِ بنَفْسِه. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: يُعادُ المَهْدومُ ظُلْمًا. قال فى

وَيُمْنَعُونَ إِظْهَارَ الْمُنْكَرِ، وَضَرْبَ النَّاقُوسِ، وَالْجَهْرَ بِكِتَابِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وهو أوْلَى. الثَّانيةُ، قولُه: ويُمْنَعُون مِن إظهارِ المُنْكَرِ، وضَرْبِ النَّاقُوسِ، والجَهْرِ بكِتابِهم. يعْنِى، يجِبُ المَنْعُ. ويُمْنَعون أيضًا مِن إظْهارِ عِيدٍ وصَلِيبٍ، ورَفْعِ صَوْتٍ على مَيِّتٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ويُمْنَعُون مِن إظْهارِ الأكْلِ والشُّرْب فى رَمضانَ. واخْتارَه ابنُ الصَّيْرَفِىِّ، ونقَلَه عنِ القاضى. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وقد يكونُ هذا مَبْنِيًّا على تَكْليفِهم. قال: والأظْهَرُ يُمْنَعُون مُطْلَقًا، وإنْ قُلْنا بعدَمِ تَكْليفِهم. انتهى. قلتُ: هذا ممَّا يُقْطَعُ به؛ لأنَّ المَنْعَ مِن إظْهارِ ذلك فقط. وتقدم نظِيرُ ذلك فى مَن أُبِيحَ له الفِطْرُ مِنَ المُسْلِمِين، فى أوَّلِ كتابِ الصِّيامِ، بعدَ قوْلِه: وإنْ رأى هِلَالَ شَوَّالٍ وحدَه، لم يُفْطِرْ. ويُمنَعُون

وَإِنْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، مِن إظْهارِ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ، فإنْ أظْهَرُوهما، أتْلَفْناهما، وإلَّا فلا. نصَّ عليه. ويُمْنَعُون أيضًا مِن شِراءِ المُصْحَفِ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم: وكِتَابِ حديثٍ وفِقْهٍ -زادَ فى «الرِّعايَةِ»، وامْتِهانِ ذلك- ولا يصِحَّان. أَوْمَأَ إليهما أحمدُ. وقيل: فى الفِقْهِ والحَديثِ وَجْهان. واقْتَصرَ فى «عُيونِ المَسائلِ» على المُصْحَفِ وسُنَنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ويُكْرَهُ أنْ يشْتَرُوا ثَوْبًا مُطَرَّزًا بذِكْرِ اللَّهِ أو كلامِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ التَّحْريمُ والبُطْلانُ. ويُكْرَهُ تعْليمُهم القُرْآنَ لا الصَّلاةَ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال فى «الرِّعايَةِ»: وتعْلِيمُهم بعضَ العُلومِ الشَّرْعِيَّةِ يَحْتَمِلُ وجْهَين، والكَراهةُ أظْهَرُ. انتهى.

وَيُمْنَعُونَ دُخُولَ الْحَرَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُمْنَعُون مِن دخُولِ الحَرَمِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، ولو غيرَ مُكَلَّفٍ. وقيل: لهم دُخولُه. وأوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» احْتِمالًا بالمَنْعِ مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ لا الحَرَمِ؛ لظاهِرِ الآيَةِ. وقيل: يُمْنَعُون مِن دُخُولِ الحَرَمِ إلَّا لضَرُورَةٍ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: يُمْنَعُون مِن دُخولِه إلَّا لحاجَةٍ. قال ابنُ تَميمٍ، فى أوَاخِرِ اجْتِنابِ النَّجاسَةِ: ليس للكافِرِ دُخولُ الحَرَمَيْن لغيرِ ضَرُورَةٍ. قطَع به ابنُ حامِدٍ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم لا يُمْنَعُون مِن دُخولِ حَرَمِ المَدِينَةِ. وهو

فَإِنْ قَدِمَ رَسُولٌ لَابُدَّ لَهُ مِنْ لِقَاءِ الْإِمَامِ، خَرَجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَإِنْ دَخَلَ، عُزِّرَ وَهُدِّدَ، فَإِنْ مَرِضَ فِى الْحَرَمِ، أَوْ مَاتَ، أُخْرِجَ، وَإِنْ دُفِنَ، نُبِشَ، إِلَّا أنْ يَكُونَ قَدْ بَلِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، فيَجوزُ، وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: بإذْنِ مُسْلِمٍ. وقيل: يُمْنَعُون أيضًا. اخْتارَ القاضى فى بعْضِ كُتُبِه، وحُكِىَ عن ابنِ حامِدٍ، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالحِجَازِ؛ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ويُمْنَعُون مِنَ الإِقامَةِ بالحِجَازِ؛ كالمَدِينَةِ واليَمامَةِ وخَيْبَرَ. اعْلمْ أنَّ الحِجَازَ، هو الحاجِزُ بينَ تِهامَةَ ونَجْدٍ؛ كمَكَّةَ، والمَدينَةِ، واليَمامَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخَيْبَرَ، واليَنْبُعِ، وفَدَكَ، وما وَالَاها مِن قُرَاها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ومنه،

فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ، لَمْ يُقِيمُوا فِى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَبُوكُ ونحوُها، وما دُونَ المُنْحَنَى، وهو عَقَبَةُ الصَّوانِ مِنَ الشَّامِ، كمَعانٍ. قوله: فإنْ دَخَلُوا لتِجارَةٍ، لم يُقِيمُوا فى مَوْضِعٍ واحِدٍ أكْثَرَ مِن أرْبَعَةِ أيَّامٍ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه القاضى. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقِيمُون أكثرَ مِن ثَلاثَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيَّامٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. فعليهما، إنْ كان له دَيْنٌ حالٌّ أُجْبِرَ (¬1) غَرِيمُه على وَفائه، فإنْ تعَذَّرَ وَفاؤُه؛ لمَطْلٍ أو تَغَيُّبٍ، فيَنْبَغِى أنْ تجوزَ له الإِقامَةُ؛ ليَسْتَوْفِىَ حقَّه. قلتُ: لو أمْكَنَ الاسْتِيفاءُ بوَكيلٍ، مُنِعَ مِن الإِقامَةِ. وإنْ كان مُؤَجَّلًا، لم يُمَكَّنْ مِنَ الإِقامَةِ، ويُوَكِّلُ مَن يَسْتَوْفِيه. قلتُ: فَينْبَغِى أنْ يُمكَّنَ مِنَ الإِقامَةِ إذا تعَذَّرَ الوَكيلُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ مَرِضَ، لَمْ يُخْرَجْ حَتَّى يَبْرأَ، وَإِنْ مَاتَ، دُفِنَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنْ مَرِضَ، لم يُخْرَجْ حتى يَبْرَأَ. يعْنِى، يجوزُ إقامَتُه حتى يَبْرَأَ. وهذا بلا نِزاعٍ. ويأْتِى كلامُه فى «الرِّعايَةِ»، وتجوزُ الإِقامَةُ أيضًا لمَن يُمَرِّضُه. قوله: وإنْ ماتَ، دُفِنَ به. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ؛ لا يُدْفَنُ به. وقال فى

وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدَ وَنَحْوِهِمَا. وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ شَقَّ نَقْلُ المَريضِ والمَيِّتِ، جازَ إبْقاءُ المَريضِ، ودَفْنُ المَيِّتِ، وإلَّا فلا. قوله: وهل لهم دُخولُ المساجِدِ -يعْنِى، مَساجِدَ الحِلِّ- بإذْنِ مُسْلِمٍ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»؛ إحْداهما، ليس لهم دُخولُها مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: المَنْعُ مُطْلَقًا أظْهَرُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ بإذْنِ مُسْلِمٍ، كاسْتِئْجارِه لبِنَائه. ذَكرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «المُذْهَبِ». قال فى «الشَّرْحِ»: جازَ فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الكافِى»، وتَبِعَه ابنُ مُنَجَّى: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وعنه، يجوزُ بإذْنِ مُسْلِمٍ إذا كان لمَصْلَحَةٍ. وقدَّم فى «الحاوِى الكَبِيرِ» الجَوازَ لحاجَةٍ بإذْنِ مُسْلِمٍ. تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ لهم دُخُولُها بلا إذْنِ مُسْلِمٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصَحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: هذا أظْهَرُ. وحكَى المُصَنِّفُ وغيرُه رِوايَةً بالجَوازِ. وعنه، يجوزُ بلا إذْنِه إذا كان لمَصْلحَةٍ. ذكَرَها بعضُهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هل يجوزُ لأهْلِ الذِّمَّةِ دُخولُ مَساجِدِ الحِلِّ؟ على رِوايتَيْن. فظاهِرُه الإِطْلاقُ، وكلامُ القاضى يَقْتَضى جَوازَه مُطْلَقًا؛ لسَماعِ القُرْآنِ والذِّكْرِ؛ ليَرِقَّ قلْبُه، ويُرْجَى إسْلامُه. وقال أبو المَعالِى: إنْ شرَط المَنْعَ فى عَقْدِ ذِمَّتِهم، مُنِعُوا، وإِلَّا فلا. وروَى أحمدُ عنه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لَا يَدْخُلْ مَسَاجِدَنَا، بَعْدَ عَامِنِا هَذَا، غَيْرُ أَهْلِ الكِتَابِ وخَدَمِهِمْ» (¬1). قال فى «الفُروعِ»: فيَكونُ لنا رِوايَةٌ بالتَّفْرِقَةِ بينَ الكِتابِىِّ وغيرِه. تنبيه: قال فى «الآدَابِ الكُبْرَى»، بعدَ ذِكْرِه الخِلافَ: ظهَر مِن هذا، أنَّه هل يجوزُ لكافِرٍ دُخولُ مَساجِدِ الحِلِّ؟ فيه رِوايَتان، ثم هل الخِلافُ فى كلِّ كافِرٍ، أم فى أهْلِ الذِّمَّةِ فقط؟ فيه طَريقَتان. وهذا محَلُّ الخِلافِ، مع إذْنِ مُسْلِمٍ لمَصْلَحَةٍ، أو لا يُعْتَبرُ، أو يُعْتَبرُ إذْنُ المُسْلِمِ فقط؟ فيه ثَلاثُ طُرُقٍ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»، بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَيْن: ثُمَّ منهم مَن أطْلَقها، يعْنِى الرِّوايةَ الثَّانيةَ، ومنهم مَن قيَّدَها بالمَصْلَحَةِ، ومنهم مَن جوَّز ذلك بإذْنِ مُسْلِمٍ، ومنهم مَنِ اعْتَبَرهما معًا. الهى. فعلى القَوْلِ بالجَوازِ، هل يجوزُ دُخولُها وهو جُنُبٌ؟ ¬

(¬1) أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند 3/ 339.

فصل

فصلٌ: وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الآدَابِ الكُبْرَى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى باب الغُسْلِ، و «القواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، فى مَواضِعِ الصَّلاةِ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وتقدَّم هذا هناك. تنبيه: حيثُ قُلْنا بالجَوازِ، فإنَّه مقَيَّدٌ بأنْ لا يقْصِدَ [ابْتِذالَها بأَكْلٍ] (¬1) ونَوْمٍ. ذكَرَه فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ اسْتِئْجارُ الذِّمِّىِّ لعِمارَةِ المَساجِدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وكلامُ القاضى فى «أحْكامِ القُرْآنِ» يدُلُّ على أنَّه لا يجوزُ. الثَّانيةُ، يُمْنَعُون مِن قِراءَةِ القُرْآنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقال القاضى فى «التَّخْرِيجِ»: لا يُمْنَعُون. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: هذا يحْسُنُ أنْ يكونَ مَبْنِيًّا على أنَّهم هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ؟ ويأْتى، هل يصِحُّ إصْداقُ الذِّمِّيَّةِ إقْراءَ القُرْآنِ فى الصَّداقِ؟ قوله: وإنِ اتَّجَرَ ذِمِّىٌّ إلى غيرِ بَلَدِه، ثم عادَ، فعليه نِصْفُ العُشْرِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «استبدالها بالكل».

الْعُشْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إِلَيْنَا، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إلينا، أُخِذَ منه العُشْرُ. هذا المذهبُ فيهما مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وذكَرَ فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه رِواية؛ يَلْزَمُ الذِّمِّىَّ العُشْرُ. وجزَم به فى

دَنَانِيرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الواضِحِ». وذكَر ابنُ هُبَيْرَةَ عنه، يجِبُ العُشْرُ على الحَرْبِىِّ، ما لم يُشْتَرَطْ أكثرُ. وفى «الواضِحِ»، يُؤْخَذُ مِنَ الحَرْبِىِّ الخُمْسُ. وقيل: لا يُؤْخَذُ مِن تاجِرِ المِيرَةِ المُحْتاجِ إليها شئٌ إذا كان حَرْبِيًّا. اخْتارَه القاضى. وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّ للإمام ترْكَ العُشْرِ عنِ الحَرْبِى إذا رَآه مصْلَحَةً. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الصَّحيحُ أنَّه لا يجوزُ أَخْذُ شئٍ مِن ذلك إلا بشَرْطٍ أو تَراض بينَهم وبينَ الإِمامِ. وقال القاضى فى «شَرْحِه الصَّغِيرِ»: الذِّمِّىُّ، غيرُ التَّغْلِبِىِّ، يُؤْخَذُ منه الجزْيَةُ، وفى غيرِها رِوايَتان؛ إحْداهما، لا شئَ عليهم غيرَها. اخْتارَه شيْخُنا. والثَّانيةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهم نِصْفُ العُشْرِ فى أمْوالِهم. وعلى ذلك، هل يخْتَصُّ ذلك بالأمْوالِ التى يَتَّجِرُون بها إلى غيرِ بلَدِنا؟ على رِوايتَيْن؛ إحْداهما، يخْتَصُّ بها. والثَّانية، يجِبُ فى ذلك، وفيما لم يتَّجِرُوا به مِن أمْوالِهم وثِمارِهم ومَواشِيهم. قال: وأهْلُ الحَربِ إذا دخَلُوا إلينا تُجَّارًا بأمانٍ، أُخِذَ منهم العُشْرُ دَفْعَةً واحدةً، سواءٌ عشَرُوا أمْوالَ المُسْلِمِين، إذا دَخلَت إليهم أم لا. وعنه، إنْ فعَلُوا ذلك بالمُسْلِمِين، فُعِلَ بهم، وإلَّا فلا. انتهى. وأخْذُ العُشْرِ فهم مِنَ المُفْرَداتِ. قال ناظِمُها: والكافِرُ التَّاجِرُ إنْ مَرَّ على … عاشِرِنا يأخُذُ عُشْرًا انجَلَى حتى ولو لم ذا عليهم شرْطًا … أو لم يَبِيعُوا عندَنا ما سقَطَا أو لم يكُونُوا يَفْعَلُوا ذاكَ بنا … هذا هو الصَّحيحُ مِن مَذْهَبِنا انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، الذِّمِّىَّ التَّغْلِبِىَّ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وهو أقْيَسُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الكافِى». وذلك ضِعْفُ ما على المُسْلِمِين. وعنه، يلْزَمُ التَّغْلبِىَّ العُشْرُ. نَصَّ عليه. وجزَم به فى «التَّرْغِيبِ»، بخِلافِ ذِمِّىٍّ غيرِه. وقيل: لا شئَ عليه. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال النَّاظِمُ: وهو بعيدٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فوائد؛ إحداها] (¬1)، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المرْأَةَ التَّاجِرةَ كالرَّجُلِ فى جميعِ ما تقدَّم. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وقال القاضى: ليس على المرْأةِ عُشْرٌ ولا نِصْفُ عُشْرٍ، إلَّا إذا دَخَلتِ الحِجازَ تاجِرةً، فيَجِبُ عليها ذلك؛ لمَنْعِها منه. قال المُصَنِّفُ: لا نعْرِفُ هذا التَّفْصيلَ عن أحمدَ، ولا يقْتَضِيه مذهَبُه. الثَّانيةُ، الصَّغِيرُ كالكَبيرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَلْزَمُه شئٌ. الثَّالثةُ، يمْنَعُ دَيْنُ الذِّمِّىِّ نِصْفَ العُشْرِ، كما يمْنَعُ الزَّكاةَ، إنْ ثبَت ذلك ببَيِّنةٍ. الرَّابعةُ، لو كان معه جارِيَة، فادَّعَى أنَّها زَوْجتُه أو ابنَتُه، فهل يُصَدَّقُ أم لا؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فائدتان؛ إحداهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، يُصَدَّقُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1). قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ ذلك [لا يُعْرَفُ] (¬2) إلَّا مِن جِهَتِه. والثَّانيةُ، لا يُصَدَّقُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لا عُشْرَ فى زَوْجَتِه وسُرِّيَّتِه. قوله: ولا يُؤْخَذُ مِن أقَل مِن عَشَرَةِ دَنانِيرَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سواءٌ ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، ط: «يعرف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان التَّاجِرُ ذِمِّيًّا أو حَرْبِيًّا. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وصححَه فى «النَّظْمِ». واخْتارَه القاضى وغيرُه. وقيل: لا. يُؤْخَذُ مِن أقَلَّ مِن عِشْرين دِينارًا. وهو رِوايَة عن أحمدَ. وأطْلَقهما فى «الكافِى». وقيل: تجِبُ فى تِجارَتَيْهما. قلتُ: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَ الأوَّلَ والثَّالِثَ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وذكَر فى «التَّبصِرَةِ»، عن القاضى أنَّه قال: إنْ بَلَغَتْ تِجارَتُه دِينارًا فأكثَرَ، وجَب فيه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالحَرْبِىُّ مُساوٍ للذِّمِّىِّ فى هذه الأقْوالِ.

وَيؤْخَذُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِىِّ كُلَّمَا دَخَلَ إلَيْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر هذه الأقْوالَ فى الذِّمِّىِّ: وإنِ اتَّجَرَ حَرْبِىٌّ إلينا، وبَلَغَتْ تِجارَتُه كذِمِّىٍّ. انتهى. ونقَل صالِحٌ اعْتِبارَ العِشْرِين للذِّمِّىِّ، والعشَرَةِ للحَرْبِىِّ. وقال القاضى أبو الحُسَيْنِ: يُعْشَرُ للذِّمِّىِّ عشَرَة، وللحَرْبِىِّ خَمْسَةٌ. انتهى. وقيل: يجِبُ فى نِصْفِ ما يجِبُ فى مِقْدارِه مِنَ الذِّمِّىِّ. قوله: ويُؤْخَذُ فى كُلِّ عَامٍ مَرَّةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مسَبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. قال فى «الكافِى»: هذا الصَّحيحُ. وصحَّحه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ» أيضًا. وقال ابنُ حامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الحَرْبِىِّ كلَّما دخَل إلينا. واخْتارَه الآمِدِىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» (¬1)، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها». وظاهِرُ «الحاوِى الكَبِيرِ» الإطْلاقُ. فائدة: لا يُعْشَرُ ثَمَنُ الخَمْرِ والخِنْزيرِ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ¬

(¬1) فى ط: «الحاويين».

وَعَلَى الإِمَامِ حِفْظُهُمْ، وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ، واسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وعنه، يُعْشَران. جزَم به فى «الرَّوْضَةِ»، و «الغُنْيَةِ»، وزادُوا، أنَّه يُؤْخَذُ عُشْرُ ثَمَنِه. وأطْلَقهما فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وخرَّجَ المَجْدُ تَعْشِيرَ ثَمَنِ الخَمْرِ دُونَ الخِنْزيرِ. قوله: وعلَى الإِمامِ حِفْظُهم، والمنْعُ مِن أذَاهم، واسْتِنقاذُ مَن أُسِرَ منهم. يَلْزَمُ الإِمامَ حِمايَتُهم مِن مُسْلِمٍ وذِمِّىٍّ وحَرْبِىٍّ. جزَم به المُصَنِّف، والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. وأمَّا اسْتِنْقاذُ مَن أُسِرَ منهم، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بلُزومِه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ

وَإِذَا تَحَاكَمُوا إِلَى الْحَاكِمِ جمَعَ مُسْلِمٍ، لَزِمَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، أَوِ اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، خُيِّرَ بَيْنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ، وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ الإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وقال القاضى: إنَّما يجِبُ فِداؤُهم إذا اسْتَعانَ بهم الإِمامُ فى القِتالِ، فسُبُوا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ: وهو المنْصوصُ عن أحمدَ. قوله: وإنْ تَحاكَمَ بَعضُهم مع بعض، أو اسْتَعْدَى بعضُهم على بعضٍ، خُيِّرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَ الحُكْمِ بينَهم وبينَ ترْكِهم. هذا إحْدَى الرواياتِ، أعْنِى الخِيَرَةَ فى الحُكْمِ وعدَمِه، وبينَ الإعْداءِ وعدَمِه. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ عنه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو المشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يَلْزَمُه الإعْداءُ والحُكْمُ بينَهم. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلَقهما فى «الكافِى». وعنه، يَلْزَمُه إنِ اخْتلَفتِ المِلَّةُ، وإلّا خُيِّرَ. وأطْلَقهُنِّ فى «الفُروعِ». وعنه، إنْ تَظالَمُوا فى حَقِّ آدَمِىٍّ، لَزِمَه الحُكْمُ، وإلَّا فهو مُخيَّرٌ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِى. وقال فى «الرَّوْضَةِ»، فى إرْثِ المَجُوسِ: يُخَيَّرُ إذا تَحاكَمُوا إلينا. واحْتَجَّ بأنَّه التَّخْيِيرُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما تقدَّم، أنَّهم على الخِلافِ؛ لأنَّهم أهْلُ (¬1) ذِمَّةٍ، ويَلْزَمُهم حُكْمُنا لا شَرِيعَتُنا. تنبيه: متى قُلْنا: له الخِيَرَةُ. جازَ له أنْ يُعْدِىَ ويحْكُمَ بطَلَبِ أحَدِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ الَّا باتِّفاقِهما، لو كانا مُسْتَأْمَنَين اتِّفاقًا. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يومَ السَّبْتِ، ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، أىْ لبَقاءِ تَحْريمِه. وفيه وَجْهان. أو لا يُحْضِرُه مُطْلَقًا؛ لضَرَرِه (¬2) بإفْسادِ سَبْتِه. قال ابنُ ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط. (¬2) فى ط: «الضرورة».

وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا فَاسِدَةً، وَتَقَابَضُوا، لَمْ يَنْقُضْ فِعْلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا، فَسَخَهُ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَوْ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أنَّ السَبْتَ مُسْتَثْنًى مِن عمَلٍ فى إجارَةٍ. ذكَر ذلك فى «الفُروعِ»، واقْتَصرَ عليه. [قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»] (¬1). قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»: وفى بَقاءِ تحْريمِ يومِ السَّبْتِ عليهم وَجْهان. ويأتِى هذا أيضًا فى بابِ الوَكالَةِ (¬2). الثَّانية، لو تَحاكَمَ إلينا مُسْتَأْمَنان، خُيِّر فى الحُكْمِ وعدَمِه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قوله: وإنْ تبَايَعُوا بُيُوعًا فاسِدَةً، وتقَابَضُوا، لم يَنْقُضْ فِعْلَهم، وإنْ لم يتَقابَضُوا، فسَخَه، سَواءٌ كان قد حكَم بينَهم حَاكِمُهم أوْ لَا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) سقط من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم يتَقابضُوا بُيُوعَهم، وكانت فاسِدَةً، يَفْسَخُها ولو كان قد ألزَمَهم حاكِمٌ بذلك. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إذا تَرافَعُوا إلينا، بعدَ أنْ ألْزَمَهم حاكِمُهم بالقَبْضِ، نفَذ حُكْمُه، وهذا لالْتِزامِهم بحُكْمِه، لا للُزُومِه لهم. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ هنا، أنَّه لا يَلْزَمُهم حُكْمُه؛ لأنَّه لَغْوٌ، لعدَمِ وُجودِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرْطِ، وهو الإِسْلامُ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن». وقال فى «الكُبْرَى»: وقيل: هما رِوايَتان. وقال فى «الحاوِيَيْن»: وإنْ ألْزَمَهم حاكِمُهم القَبْضَ، احْتَمَلَ نقْضُه وإمْضاؤُه. انتهى. وعنه، فى الخَمْرِ المَقْبُوضَةِ دُونَ ثَمَنِها، يدْفَعُه المُشْتَرِى إلى البائعِ أو وَارِثِه، بخِلافِ خِنْزِيرٍ، لحُرْمَةِ عَيْنه، فلو أسْلَمَ الوارِثُ فله الثَّمَنُ.

وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِىٌّ، أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِىٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ، أوِ الدِّينُ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبى، هُدِّدَ، وَحُبِس، وَيَحْتَمِلُ أنْ يُقْتَلَ. وَعَنْهُ، يُقَرُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه فى «المُبْهِجِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ لثُبُوتِه قبلَ إسْلامِه. ونقَلَه أبو داودَ. قوله: وإنْ تَهَوَّدَ نَصْرانِىٌّ، أو تَنَصّرَ يهودِىٌّ، لم يُقَرَّ، ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى كان عليه. هذا إحْدَى الرواياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا (¬1) الإِسْلامُ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، فلا يُقَرُّ على غيرِ الإِسْلامِ. وعنه، يُقَرُّ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقهُنَّ فى «الشَّرْحِ». وعنه، يُقَرُّ على أفْضَلِ ممَّا كان عليه، كيَهُودِىٍّ تنَصَّرَ فى وَجْهٍ. ذكَرَه فى «الوَسِيلَةِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اتَّفَقُوا على التَّسْوِيَةِ بينَ اليَهودِ والنَّصارَى؛ لتقَابُلِهما وتَعارُضِهما. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». تنبيهان؛ أحدُهما، حيثُ قُلْنا: لا يُقَرُّ فيما تقدَّم. وأَبَى، هُدِّد وضُرِبَ وحُبِسَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. واخْتارَه.

وَإِنِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أوِ انْتَقَلَ الْمَجُوسِىُّ إِلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَمْ يُقَرَّ، وَأُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ أبَى، قُتِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ويَحْتَمِلُ أنْ يُقْتَلَ. وهو رِوايَةٌ فى «الشَّرْحِ»، وأطْلَقهما. الثَّانى، حيثُ قُلْنا: يُقْتَلُ. فهل يُسْتَتابُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ». قلتُ: الأُوْلَى الاسْتِتابَةُ لاسِيَّما إذا قُلْنا: لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ. قوله: وإنِ انْتَقلَ إلى غيرِ دِينِ أهْلِ الكِتابِ -يَعْنِى اليَهودَ والنَّصارَى- أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْتَقلَ المجُوسِىُّ إلى غيرِ دينِ أهْلِ الكِتابِ، لم يُقَرَّ. إذا انْتقَلَ الكِتابِىُّ إلى غيرِ دِين أهْلِ الكتابِ، لم يُقَرَّ عليه. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قلتُ: ونصَّ عليه. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، يُقَرُّ على دِينٍ يُقَرُّ أهْلُه عليه، كما إذا تمَجَّسَ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. فعلى المذهبِ، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيْفُ. نصَّ عليه أحمدُ. واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. وجزَم به (¬1) ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، والمُصَنِّفُ هنا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وعنه، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنِ انْتَقَل غَيْرُ الْكِتَابِىِّ إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أُقِرَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عليه. وعنه، يُقْبَلُ منه أحدُ ثَلَاثَةِ أشْياءَ؛ الإِسْلامُ، أو الدِّينُ الذى كان عليه، أو دِينُ أهْلِ الكِتابِ. وأطْلقَهُنَّ فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا إذا انْتقَلَ المَجُوسِىُّ إلى غيرِ دِينِ أهْلِ الكِتابِ، لم يُقَرَّ ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الإِسْلامُ، فإنْ اُبى قُتِلَ. وهو المذهبُ وإحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. وعنه، يُقْبَلُ منه الإِسْلامُ، أو دِينُ أهْلِ الكتابِ. وعنه، أو دِينُه الأوَّلُ. وأطْلقَهُن فى «الفُروعِ». قوله: وإنِ انْتَقَلَ غيرُ الكِتابِىِّ إلى دِينِ أهْلِ الكِتابِ، أُقِرَّ. إذا انْتقَلَ غيرُ الكِتابِىِّ إلى دِينِ أهْلِ الكتابِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مجُوسِيًّا، أو غيرَه، فإنْ كان

وَإِنْ تَمَجَّسَ الْوَثَنِىُّ، فَهَلْ يُقَرُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ مجُوسِىٍّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقَرُّ. قال ابنُ مُنَجَّى [فى «شَرْحِه»] (¬1): هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وإنِ انْتقَلَ غيرُ كِتابِىٍّ ومَجُوسِىٍّ إلى دِينِهما قبلَ البَعْثةِ، فله حُكْمُهما، وكذا بعدَها. وعنه، إنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ. وعنه، إنْ تمَجَّسَ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا الإِسْلامُ. فإن لم يُسْلِمْ، قُتِلَ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها الأصحابُ. وإنْ كان مَجُوسِيًّا فانْتقَلَ إلى دِينِ أهْلِ الكتابِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقَرُّ. نصَّ عليه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ منه إلَّا الإِسْلامُ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وعنه رِواية ثالثةٌ، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ، أو دِينُه الذى كان عليه. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ تَمَجَّسَ الوَثنِىُّ، فهل يُقَرُّ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، إحْداهما، يُقَرُّ عليه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحِيحِ». قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فصل فى نقض العهد

فَصْلٌ فى نَقْضِ الْعَهْدِ: وَإذَا امْتَنَعَ الذِّمِّىُّ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ، انْتَقَضَ عَهْدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، وتقدَّم لفْظُه. والثَّانيةُ، لا يُقَرُّ، ولا يُقْبَلُ منه إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيْفُ. تنبيه: ذكَر الأصحابُ، أنَّه لو تهَوَّدَ، أو تنَصَّرَ، أو تمَجَّسَ كافِرٌ قبلَ البَعْثَةِ وقبلَ التَّبْديلِ، أُقِرَّ، بلا نِزاعٍ، وأُخِذَتْ منه الجِزْيَةُ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان قبلَ البَعْثَةِ وبعدَ التَّبْديلِ، فهل هو كما قبلَ التَّبْديلِ، أو كما بعدَ البَعْثَةِ؟ فيه خِلافٌ سِبَق فى بابِ الجِزْيَةِ. وإنْ كان بعدَ البَعْثَةِ أو قبلَها، وبعدَ التَّبْديلِ، على القَوْلِ بأنَّه كما بعدَ البَعْثَةِ، فهذا محَلُّ هذه الأحْكامِ المذْكورَةِ هنا، والخِلافُ فى هذا الأخيرِ. فَلْيعْلَمْ ذلك. صرَّح به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرُهم. وقد تقدَّم فى أوَّلِ بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ التَّنْبِيهُ على بعضِ ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. فائدة: قوله: وإذا امْتَنَعَ الذِّمِّىُّ مِن بَذْلِ الجِزْيَةِ، أو الْتِزامِ أحْكامِ المِلَّةِ، انْتَقَضَ عَهْدُه. بلا نِزاعٍ. لكنْ قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: يَنتقِضُ عَهْدُه بشَرْطِ أنْ يحْكمٌ بها حاكِمٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم أرَ هذا الشَّرْطَ لغيرِه. انتهى.

وَإِنْ تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ؛ بِقَتْلٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ زِنًى، أَوْ قَطْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو أبى مِنَ الصَّغارِ، انْتقَضَ عهْدُه. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وكذا لو لَحِقَ بدارِ الحرْبِ مُقِيمًا بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: لا ينْتَقِضُ عهْدُه بذلك. وكذا لو قاتلَ المُسْلِمِين، انْتقَضَ عهْدُه، بلا خِلافٍ. قوله: وإنْ تَعَدّى على مُسْلِمٍ؛ بقَتْلٍ، أو قَذْفٍ، أو زِنًى، أو قَطْعِ طَرِيقٍ، أو تَجَسُّسٍ، أو إيواءِ جاسُوسٍ، أو ذكَر اللَّه تعالَى، أو كتابَه، أو رَسولَه بسُوءٍ،

طَرِيقٍ، أَوْ تَجَسُّسٍ، أَوْ إِيوَاءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ كِتَابَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى رِوَايتَيْن. وكذلك لو فتَن مُسْلِمًا عن دِينه، أو أصابَ مُسْلِمةً باسْمِ نِكاحٍ، ونحوُهما. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. ولم يُذْكَرِ القَذْف فى «الكافِى»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، بل عَدَّا ذلك ثمانِيَةً، ولم يذْكُرَاه؛ إحداهُما، ينْتَقِضُ عَهْدُه بذلك فى غيرِ القَذْفِ. وهو المذهبُ، سواءٌ شرَط عليهم أولا. اخْتارَه القاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ينْتَقِضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المنْصوصِ والمُخْتَارِ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقيَّد أبو الخَطَّابِ القَتْلَ بالعَمْدِ. وهو حسَنٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، الإطْلاقُ. والصَّوابُ الأوَّلُ، والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا ينْتَقِضُ عَهدُه بذلك، ما لم يُشْتَرَطْ عليهم، لكنْ يُقامُ عليه الحَدُّ فيما يُوجِبُه، ويُقْتَصُّ منه فيما يُوجِبُ القِصاصَ، ويُعَزَّرُ فيما سِوَى ذلك بما ينْكَفُّ به أمْثالُه عن فِعْلِه. وذكَر فى «الوَسِيلَةِ»، إنْ لم نَنْقُضْه فى غيرِ ذِكْرِ اللَّهِ، أو كتابِه، أو رَسُولِه بسُوءٍ، وشرِطَ عليه، فوَجْهان. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ النَّقْضُ بمُخاْلفَةِ الشَّرْطِ. وأمَّا القَذْفُ، فالمذهبُ أنَّه لا ينْتَقِضُ عَهْدُه به. نصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعةٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وعنه ينْتَقِضُ. ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ: وهو أوْلَى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وذكَر هذه الرِّوايةَ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»،

وَإِنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا، أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وحكَى أبو محمدٍ رِوايةً فى «المُقْنِعِ» (¬1) بالنَّقْضِ. ولعَلَّه أرادَ، مُخَرَّجَةً. تنبيه: حكَى الرِّوايتَيْن فى القَذْفِ وغيرِه، المُصَنِّفُ، وجماعةٌ كثيرةٌ مِنَ الأصحابِ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وإنْ قذَف مُسْلِمًا، لم ينْتَقِضْ. نصَّ عليه. وقيل: بلى. وإنْ فتَنَه عن دِينه -وعَدَّد ما تقدَّم- انْتقَضَ. نصَّ عليه. وقيل: فيه رِوايَتان؛ بِناءً على نصِّه فى القَذْفِ، والأصحُّ، التَّفْرِقةُ. انتهى. وقال فى «تَجْريدِ العِنايةَ»: إذا زنَى بمُسْلِمَةٍ -وعدَّد ما تقدَّم- انتْقَضَ عَهْدُه نصًّا. وخرَّج، لا مِن قَذْفِ مُسْلِم نصًّا. وقدَّم هذه الطَّريقَةَ فى «الفُروعِ». فائدة: حُكْمُ ما إذا سحَرَه فآذَاه فى تَصَرُّفِه، حُكْمُ القَذْفِ. نصَّ عليهما. قوله: وإنْ أظْهَرَ مُنْكَرًا، أو رفَع صَوْتَه بكِتابِه ونحوِه، لم يَنْتَقِضْ عهْدُه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: قال غيرُ الخِرَقِىِّ مِن أصحابِنا: لا ينْتَقِضُ عَهْدُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا اخْتِيارُ الأكثرِ. وصحَّحه ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «المنع».

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ عَهْدُهِ، إنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى وغيرُه. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه ينْتَقِضُ إن مَشْرُوطًا عليهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ». فائدة: وكذا حُكْمُ كل ما شُرِطَ عليهم فخالَفُوه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ بينَ الخِرَقِى والجماعَةِ، إذا شُرِطَ عليهم. قال الزَّرْكَشىُّ: لا خِلافَ، فيما أعْلمُ، أنه إذا لم يُشْرَط عليهم، لا ينْتَقِضُ به عَهْدُهم، وإنِ اشتُرِطَ عليهم فقَوْلان؛ اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ، واخْتِيارُ الأكثرِ. وقال فى

وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ بِنَقْضِ عَهْدِه، وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وإنْ أتَى ما مُنِعَ منه فى الفَصْلِ الأوَّلِ، فهل يَلْزَمُ ترْكُه بعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ وفيه وَجْهان، وإنْ لَزِمَ، أو شُرِطَ ترْكُه، ففى نقْضِه وَجْهان، وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايتَيْن، وذكَر فى مُناظَراتِه فى رَجْمِ يَهُودِيَّين زَنَيا، يَحْتَمِلُ لنَقْضِ العَهْدِ، وينْتَقِضُ بإظْهارِ ما أُخِذَ عليهم سِتْرُه ممَّا هو دِينٌ لهم، فكيف بإظْهارِ ما ليس بدِينٍ؟ انتهى. وذكَر جماعةٌ الخِلافَ مع الشَّرْطِ فقط. قال ابنُ شِهَابٍ وغيرُه: يَلْزَمُ أهْلَ الذِّمَّةِ ما ذُكِرَ فى شُروطِ عمرَ. وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ. لكنْ قال ابنُ شِهَابٍ: مَن أقامَ مِنَ الرُّومِ فى مَدائِنِ الشَّامِ، لَزِمَتْهم هذه الشروطُ، شُرِطَتْ عليهم أو لا. قال: وما عدَا الشَّامَ، فقال الخِرَقِىُّ: إنْ شُرِطَ عليهم فى عَقْدِ الذِّمَّةِ، انْتقَضَ العَهْدُ بمُخالفتِه، وإلَّا فلا؛ لأنَّه قال: ومَن نقض العَهْدَ بمُخالفةِ شئٍ ممَّا صُولِحُوا عليه، حلَّ مالُه ودَمُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى نَصْرانِىٍّ لعَن مُسْلِمًا: تجِبُ عُقوبَتُه بما يَرْدَعُه وأمْثالَه عن ذلك. وفى مذهبِ أحمدَ وغيرِه قوْلٌ (¬1)؛ يُقْتَلُ. لكِنَّ المَعْروفَ فى المذَاهبِ الأرْبَعةِ، القَوْلُ الأوَّلُ. انْتَهَى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ». قوله: ولا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسائه وأوْلادِه بنَقْضِ عَهْدِه. هذا المذهبُ، وسواءٌ لَحِقُوا بدارِ الحَرْبِ أو لا. نقَلَه عَبْدُ اللَّهِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

خُيِّرَ الإِمَامُ فِيهِ، كَالأَسِيرِ الْحَرْبِىِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: جزَم به جماعَةٌ. وقال فى «العُمْدَةِ»: ولا ينْتَقِضُ عَهْدُ نِسائه وأوْلادِه، إلَّا أنْ يذْهَبَ بهم إلى دارِ الحَرْبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وذكَر القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، أنَّه ينْتَقِضُ فى أوْلادٍ كحادِثٍ بعدَ نقْضِه بدارِ الحَرْبِ. نقَلَه عبدُ اللَّهِ. ولم يُقيِّدْ فى «الفُصُولِ»، و «المُحَرَّرِ»، الوَلَدَ الحادِثَ بدارِ الحَرْبِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا ينْتَقِضُ عهْدُهمْ، ولو عَلِمُوا بنَقْضِ عَهْدِ أبِيهم أو زَوْجِهِنَّ ولم يُنْكِرُوه. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وقيل: ينْتَقِضُ إذا عَلِمُوا ولم يُنْكِرُوا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وجزَم به فى «الصُّغْرى»، كالهُدْنَةِ (¬1). قلتُ: والظَّاهِرُ أنَّ مَحَلَّهما فى المُمَيِّزِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فائدة: لو جاءَنا بأَمانٍ، فحصَل له ذُرِّيَّة عندَنا، ثم نقَض العَهْدَ، فهو كذِمِّىٍّ. ذكَرَه فى «المُنْتَخَبِ»، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». وتقدَّم نَقْضُ عَهْدِه فى ذُرِّيَّتِه فى المُهادَنَةِ. وكذا مَن لم يُنْكِرْه عليهم، أو لم يَعْتَزِلْهم، أو لم يُخْبِرْ به الإِمامَ، ونحوُه، فى بابِ الهُدْنَةِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «كالهدية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا انْتَقَضَ عَهْدُه، خُيِّرَ الإِمامُ فيه، كالأسِيرِ الحَرْبِىِّ. فيُخَيَّرُ فيه، كما تقدَّم فى أثْناءِ كتابِ الجِهادِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأشْهَرُ. واخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقيل: يتَعيَّنُ قَتْلُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»: هذا المَنْصوصُ قلتُ: هو المذهب. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وقيل: مَن نقَض العَهْدَ بغيرِ القِتالِ، أُلحِقَ بمَأمَنِه. وقيل: يتَعيَّنُ قتْلُ مَن سَبَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، وابنُ البَنَّا فى «الخِصَالِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرُهم. واخْتارَه القاضى فى «الخِلافِ». وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يتَعيَّنُ قَتْلُه على المذهبِ، وإنْ أسْلَم. قال الشَّارِحُ: وقال بعضُ أصحابِنا، فى مَن سَبَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: يُقْتَلُ بكُلِّ حالٍ. وذكَر أنَّ أحمدَ نصَّ عليه. فائدتان؛ إحْداهما، محَلُّ هذا الخِلافِ فى مَنِ انْتقَضَ عَهْدُه، ولم يَلْحَقْ بدارِ الحَرْبِ، فأمَّا إنْ لَحِقَ بدارِ الحَرْبِ، فإنَّه يكونُ كالأسيرِ الحَرْبِىِّ، قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، وغيرِهم. وفى مالِه الخِلافُ الآتِى. قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه.

وَمَالُهُ فَىْءٌ عِنْدَ الْخِرَقِىِّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم إذا رقَّ بعدَ لُحُوقِه بدارِ الحَرْبِ، وله مالٌ فى بَلَدِ الإِسْلامِ، ما حُكْمُه؟ فى بابِ الأَمانِ. الثَّانيةُ، لو أسْلَمَ مَنِ انْتقَضَ عَهْدُه، حَرُمَ قَتْلُه. ذكَرَه جماعةٌ، منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: والمُرادُ غيرُ السَّابِّ [لرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-] (¬1)، فإنَّه يُقْتَلُ ولو أسْلَمَ. على ما تقدَّم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، عن مَن حَرُمَ قَتْلُه: وكذا يَحْرُمُ رِقُّه. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ رَقَّ ثم أسْلَمَ، بَقِىَ رِقُّه. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ أحمدَ قال، فى مَن زَنَى بمُسْلِمَةٍ: يُقْتَلُ. قيلَ له: فإنْ أسْلَمَ؟ قال: يُقْتَلُ وإنْ أسْلَمَ، هذا قد وجَب عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين أيضًا، فى مَن قهَر قَوْمًا مِنَ المُسْلِمِين ونقَلَهم إلى دارِ الحَرْبِ: ظاهِرُ المذهبِ، أنَّه يُقْتَلُ، ولو (¬2) بعدَ إسْلامِه، وأنَّه أشْبَهُ بالكتابِ والسُّنَّةِ، كالمُحارِبِ. قوله: ومَالُه فَىْءٌ عندَ الخِرَقِىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فيَنْتَقِضُ عَهْدُه فى مالِه، يَنْتقِضُ عَهْدُه فى نَفْسِه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «المُحَرَّرِ». وقدَّمه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) فى الأصل، ط: «وهو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». ذكَرَاه فى أثْناءِ بابِ الأمَانِ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، فى بابِ نَقْضِ العَهْدِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الخُلاصةِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها». وقال أبو بَكْرٍ: يكونُ لوَرَثَتِه، فلا ينْتَقِضُ عَهْدُه فى مالِه، فإنْ لم يكُنْ له وَرَثَة، فهو فَىْءٌ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، إرْث. فإذَنْ؛ إنْ تابَ قبلَ قَتْلِه، دُفِعَ إليه، وإنْ ماتَ، فلوَارِثِه. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُذْهَبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وقال: وقيل: الخِلافُ المذْكورُ مَبْنِىٌّ على انْتِقاضِ العَهْدِ فى المالِ بنَقْضِه فى صاحِبِه. فإنْ قِيلَ: ينْتَقِضُ. كان فَيْئًا، وإنْ قِيلَ: لا ينْتَقِضُ. انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. انتهى. قلتُ: هذه طَرِيقَةُ صاحِبِ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وجماعةٍ. آخِرُ كِتَابِ الْجِهَادِ وَالْحَمْدُ للَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب البيع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ البَيْعِ قوله: وهو مُبادَلَةُ المالِ بالمالِ لغَرَضِ التَّمَلُّكِ. اعلمْ أنَّ للبَيْعِ معْنَيَيْن؛ مَعْنًى فى اللُّغَةِ، ومَعْنًى فى الاصْطِلاحِ؛ فمَعْناه فى اللُّغَةِ، دَفْعُ عِوَض وأخْذُ مُعَوَّضٍ عنه. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: أرادَ المُصَنِّفُ هنا بحَدِّه، بيَانَ مَعْنَى البَيْعِ فى اللُّغَةِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: البَيْعُ فى اللُّغَةِ عِبارَة عنِ الإِيجابِ والقَبُولِ، إذا تَناوَلَ عَيْنَيْن، أو عَيْنًا بثَمَنٍ. وأمَّا مَعْناه فى الاصْطِلاحِ، فقال القاضى، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، وغيرُهما: هو عِبارَة عنِ الإيجابِ والقَبُولِ، إذا تضَمَّنَ عَيْنَيْن للتَّمْليكِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هو عِبارَة عنِ الإِيجابِ والقَبُولِ، إذا تضَمَّنَ مالَيْن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للتَّمْليكِ. فأبْدَلَ العَيْنَيْن بمَالَيْن؛ ليَحْتَرِزَ عمَّا ليس بمالٍ. ولا يَطَّرِدُ الحَدَّان، أىْ كلُّ واحدٍ منهما غيرُ مانعٍ؛ لدُخولِ الرِّبا، ويدْخُلُ القَرْضُ على الثَّانِى، ولا ينْعَكِسان، أىْ كلُّ واحدٍ منهما غيرُ جامعٍ؛ لخُروجِ المُعاطاةِ، وخُروجِ المَنافعِ، ومَمرِّ الدَّارِ، ونحو ذلك. قال المُصَنِّفُ: ويدْخُلُ فيه عُقُودٌ سِوَى البَيْعِ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هو بَيْعُ عَيْن ومَنْفَعَةٍ، وما يتَعلَّقُ بذلك. وقال الزَّرْكَشِىُّ: حَدُّ المُصَنِّفِ هنا حدُّ شَرْعِىٌّ لا لُغَوِىٌ. انتهى. قلتُ: وهو مُرادُه؛ لأنَّه بصَدَدِ ذلك، لا بصدَدِ حَدِّه فى اللغةِ، فدخَل فى حَدِّه بَيْعُ المُعاطاةِ، لكِنْ يَردُ عليه القَرْضُ والرِّبا، فليس بمانعٍ. وتابعَه على هذا الحَدِّ صاحِبُ «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفائقِ». وقال فى «النَّظْمِ»: هو مُبادَلَةُ المالِ بالمالِ، بقَصْدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّمَلُّكِ بغيرِ رِبًا. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو مُبادَلَةُ المالِ بالمالِ، تَمْلِيكًا وتمَلُّكًا. وقال فى «الوَجيزِ»: هو عِبارة عن تَمْليك عين مالِيَّةٍ، أو مَنْفعَةٍ مُباحَةٍ، على التَّأبِيدِ، بعِوَض مالِىٍّ. ويَرِدُ عليه أيضًا الرِّبا والقَرْضُ. وبالجُمْلَةِ، قَلَّ أنْ

وَلَهُ صُورَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ؛ فَيَقُولُ الْبَائِعُ: بعْتُكَ. أَوْ: مَلَّكْتُكَ. وَنَحْوَهُمَا، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِى: ابْتَعْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْلَمَ حَدٌّ قلتُ: لو قيل: هو مُبادَلةُ عَيْنٍ أو مَنْفَعةٍ مُباحَةٍ مُطْلَقًا بأحَدِهما كذلك على التَّأبِيدِ فيهما، بغيرِ رِبًا ولا قَرْضٍ. لَسَلِمَ. فائدة: اشْتِقاقُه عندَ الأكثرِ مِنَ البَاعِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَمُدُّ باعَه للأَخْذِ منه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ورُدَّ مِن جِهَةِ الصِّناعَةِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: ويحْتَمِلُ أن كل واحدٍ منهما كان يُبايعُ صاحِبَه، أىْ يُصافِحُه عندَ البَيْعِ، ولذلك يُسَمَّى البَيْعُ صَفْقَةً. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: البَيْعُ مُشْتَقٌّ مِنَ الباعِ، وكان أحدُهم يمُدُّ يدَه إلى صاحِبه، ويَضْرِبُ عليها. ومنه قوْلُ عمرَ: البَيْعُ صَفْقَةٌ أو خِيَارٌ. انتهى. وقيل: هو مُشْتَقٌ مِنَ البَيْعَةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه نَظَرٌ؛ إذِ المَصْدَرُ لا يُشْتَقُّ مِنَ المَصْدَرِ، ثم مَعْنى البَيْعِ غيرُ مَعْنَى المُبايَعةِ. وقال فى «الفائقِ»: هو مُشْتَقُّ مِنَ المُبايَعةِ، بمَعْنَى المُطاوَعَةِ، لا مِنَ الباعِ. انتهى. قوله: وله صُورَتان؛ إحْداهما، الإِيجابُ والقَبولُ؛ فيقولُ البائِعُ: بِعْتُكَ. أو: مَلكْتُكَ. ونحوَهما -مثلَ، وَلَّيْتُكَ، أو شَركْتُكَ فيه- ويقولُ المُشْتَرِى: ابْتَعْتُ،

أَوْ: قَبِلْتُ. وَمَا فى مَعْنَاهُمَا، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الإِيجَابَ، جَازَ فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو: قَبِلْتُ. وما فى مَعْناهما. مثلَ، تَملَّكْتُ، وما يأْتِى مِنَ الألفاظِ التى يصِحُّ بها البَيْعُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا ينْعَقِدُ بدُونِ بِعْتُ واشْتَرَيْتُ، لا غيرَهما. ذكَرَها فى «التَّلْخيصِ»، وغيرِه. فوائد؛ إحْداها، لو قال: بِعْتُكه بكذا. فقال: أنا آخُذُه بكذا. لم يصِحَّ. وإنْ قال: أخَذْتُه منك، أو بذلك، صحَّ. نقَلَه مُهَنَّا. الثَّانيةُ، لا ينْعَقِدُ البَيْعُ بلَفْظِ السَّلَفِ والسَّلَمِ. قالَه فى «التَّلْخيصِ» فى بابِ السَّلَمِ. وظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ فى رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، لا يصِحُّ البَيْعُ بلَفْظِ السَّلَمِ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاِثين». وقيل: يصِحُّ بلَفْظِ السَّلَمِ. قالَه القاضى. الثَّالثةُ، قال فى «التَّلْخيصِ» فى بابِ الصُّلْحِ: فى انْعِقادِ البَيْعِ بلَفْظِ الصُّلْحِ ترَدُّد. فيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وعدَمَها. وقال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ بلَفْظِ الصُّلْحِ، على ظاهرِ كلامِه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُصُولِ». وقالَه فى «التَّرْغيبِ». قوله: فإنْ تقَدَّمَ القَبولُ الإِيجابَ، جازَ، فى إحْدى الرِّوايَتَيْن. وأطْلَقهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغة»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، يجوزُ، أى يصِحُّ. وهو المذهبُ، سواءٌ تقدَّمَ بلَفْظِ الماضِى أو بلَفْظِ الطَّلَبِ، كقَوْلِه: بِعْنِى ثَوْبَك. أو مَلِّكْنِيه. فيقولُ: بِعْتُكَ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ، أى لا يصِحُّ. اخْتارَها أكثرُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ»، كالنِّكاحِ. قال فى «النُّكتِ»: نصَرَه القاضى وأصحابُه. قال القاضى: هذه الرِّوايَةُ هى المَشْهورَةُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هذه أشْهَرُهما عن أحمدَ. انتهى. وجزَم به فى «المُبْهِجِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الخُلاصَةِ» وغيرِها. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، إنْ تقدَّم القَبولُ على الإِيجابِ بلَفْظِ الماضِى، صحَّ، وإنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الطلَبِ، لم يصِحَّ. قال فى «المُغْنِى»، و «الحاوِيَيْن»: فإنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الماضِى، صحَّ، وإنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الطلَبِ، فرِوايَتان. وقال فى «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»: إنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الماضِى،

وَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنِ الإِيجَابِ، صَحَّ مَا دَامَا فى الْمَجلِسِ وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن، وإنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الطَّلَبِ، فرِوايَتان. وقطَع فى «الكافِى» بالصِّحَّةِ إنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الماضِى، وعدَمِ الصِّحَّةِ إنْ تقدَّمَ بلَفْظِ الطَّلَبِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، إن كان بلَفْظِ الماضِى المُجَرَّدِ عن الاسْتِفْهامِ، أو بلَفْظِ الطَّلَبِ لا غيرُ، كما تقدَّم. أمَّا لو كان بلَفْظِ المُضارِعِ، أو كان بلَفْظِ الماضِى المُسْتَفْهَمِ به، مثْلَ قوْلِه: أبِعْتَنِى هذا بكذا؟ أو أتَبِيعُنِى هذا بكذا؟ فيقولُ: بِعْتُكَ. لم يصِحَّ. نصَّ عليه. حتى يقولَ بعدَ ذلك: ابْتَعْتُ، أو قَبِلْتُ، أو اشْتَريْتُ، أو تَملكْتُ، ونحوَها. فوائد؛ الأُولَى، لو قال البائِعُ للمُشْتَرِى: اشْتَرِه بكذا، أو ابْتَعْه بكذا. فقال: اشْتَريْتُه، أو ابْتَعْتُه. لم يصِح، حتى يقولَ البائِعُ بعدَه: بِعْتُكَ، أو مَلَّكْتُكَ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قال فى «النُّكَتِ»: وفيه نظَرٌ ظاهِرٌ، والأَوْلَى، أنْ يكونَ كتَقَدُّمِ الطَّلَبِ مِنَ المُشْتَرِى، وأنَّه دالٌّ على الإيجابِ والبَذْلِ. انتهى. الثَّانيةُ، لو قال: بِعْتُكَ. أو قَبِلْتُ، إنْ شاءَ اللَّه. صح، بلا نزِاعٍ أعْلَمُه. وجزَم به فى «المُغْنِى» وغيرِه، فى آخِرِ الإِقْرارِ. ويأْتِى نظِيرُه فى النِّكاحِ، ويأتِى ذلك فى بابِ ما يحْصُلُ به الإِقْرارُ. الثَّالثةُ، قوله: وإنْ تراخَى القَبولُ عنِ الإيجابِ، صَحَّ ما داما فى المجْلِسِ ولم يتَشاغَلا بما يقْطَعُه. قيَّد الأصحابُ قوْلَهم: ولم يتَشاغَلا بما يقْطَعُه، بالعُرْفِ.

يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَالثّانِيَةُ، الْمُعَاطَاةُ، مِثْلَ أن يَقُولَ: أعْطِنِى بِهَذَا الدِّينَارِ خُبْزًا. فَيُعْطِيَهُ مَا يُرْضِيهِ. أو يَقُولَ الْبَائِعُ: خُذْ هَذَا بِدِرْهَم. فَيَأْخُذَهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يَصِحُّ هَذَا إِلَّا فى الشَّئِ الْيَسِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والثَّانيةُ، المُعاطاةُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ بَيْعِ المُعاطاةِ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وهو المَعْمُولُ به فى المذهبِ. وقال القاضى: لا يصِحُّ إلَّا فى الشئِ اليَسِيرِ. وعنه، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وقدَّمَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهُنَّ فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلغَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، بَيْعُ المُعاطَاةِ كما مثَّلَ المُصَنِّفُ، ومثْلُ ما لو ساوَمَه سِلْعَةً بثَمَنٍ، فيقولُ: خُذْها، أو هى لك، أو قد أعْطَبْتُكَها. أو يقولُ: كيفَ تَبِيعُ الخُبْزَ؟ فيقولُ: كذا بدِرْهَم. فيقولُ: خُذْ دِرْهَمًا، أو زِنْه. ونحوَ ذلك ممَّا يدُلُّ على البَيْعِ والشراءِ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال أيضًا: ويصِحُّ بشَرْطِ خيارٍ مَجْهُولٍ، كما فى المَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ والخِيَارِ مع قَطْعِ ثَمَنِه عُرْفًا وعادةً. قال فى «الفُروعِ»: مثْلُ المُعاطَاةِ، وَضْعُ ثَمَنِه عادةً وأخْذُه. الثَّانِى، كلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ كالصَّريحِ فى أنَّ بَيْعَ المُعاطَاةِ لا يُسَمَّى إيجابًا وقَبُولًا. وصرَّح به القاضى وغيرُه، فقال: الإِيجابُ والقَبولُ للصِّيغَةِ المُتَّفَقِ عليها. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: عِبارَةُ أصحابِنا وغيرِهم تَقْتَضِى أنَّ المُعاطَاةَ ونحوَها ليستْ مِنَ الإِيجابِ والقَبُولِ، وهو تَخْصِيصٌ عُرْفِىٌّ. قال: والصَّوابُ أنَّ الإِيجابَ والقَبُولَ اسْمٌ لكُل تَعاقُدٍ؛ فكُلُّ ما انْعقَدَ به البَيْعُ مِنَ الطَّرفَيْن، سُمِّىَ إثباتُه إيجابًا، والْتِزامُه قَبولًا. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يصِحُّ البَيْعُ بغيرِ الإِيجابِ والقَبولِ بالألفاظِ المُتقَدِّمَةِ بشَرْطِها، والمُعاطَاةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه القاضى، والأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ صِحَّةَ البَيْعِ بكُلِّ ما عدَّه النَّاسُ بَيْعًا؛ مِن مُتَعاقِب ومُتَراخٍ مِن قوْلٍ أو فِعْلٍ. فائدتان؛ إحداهما، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الهِبَةَ كبَيْعِ المُعَاطاةِ، على ما يأتِى فى بابِه. قال فى «الفُروعِ»: ومِثْلُه الهِبَةُ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرِهم: وكذا الهِبَةُ، والهَديَّةُ، والصَّدَقَةُ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه صِحَّةَ الهِبَةِ، سواءٌ صحَّحْنا بَيْعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُعاطَاةِ أَوْ لا. انتهى. فمتى قُلْنا بالصِّحَّةِ، يكونُ تَجْهِيزُ ابْنَتِه بجَهاز إلى زَوْجِها تمْلِيكًا، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تَجْهِيزُ المرْأةِ بجَهازٍ إلى بَيْتِ زَوْجِها تَمْليكٌ. قال القاضى: قِياسُ قوْلِنا فى بَيْعِ المُعاطَاةِ، أنَّها تَمْلِكُه بذلك. وأفتَى به بعضُ أصحابِنا. الثَّانيةُ، لا بَأْسَ بذَوْقِ المَبِيعِ عندَ

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ؛ أَحَدُهَا، التَّرَاضِى بِهِ؛ وَهُوَ أنْ يَأْتِيَا بِهِ اخْتِيَارًا، فَإنْ كَانَ أحَدُهُمَا مُكْرَهًا، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشِّراءِ. نصَّ عليه؛ لقَوْلِ ابنِ عَبَّاسٍ. وقال الإِمامُ أحمدُ مرَّة: لا أدْرِى، إلَّا أنْ يَسْتَأْذِنَ. قوله: فإنْ كان أحدُهما مُكْرَهًا، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ بشَرْطِه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفائقِ»: قلتُ: ويحْتَمِلُ الصِّحَّةَ، وثُبوتَ الخِيَارِ عندَ زَوالِ إِكْراهِه. فوائد؛ إحْداها، قوله: أحدُها، التَّرَاضِى به، وهو أنْ يأْتِيا به اخْتيارًا. لو أُكْرِهَ على وَزْنِ مالٍ، فَباعَ مِلْكَه لذلك، كُرِهَ الشِّراءُ، وصحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، والرِّوايَتَيْن، وهو بَيْعُ المُضْطَرِّ. ونقَل حَنْبَل تحْرِيمَه وكَراهَتَه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ مِن غيرِ كَراهَةٍ. ذكَرَه عنه فى «الفائقِ». الثَّانيةُ، بَيْعُ التَّلْجِئةِ، والأمانَةِ، وهو أنْ يُظْهِرَا بَيْعًا لم يُريدَاه باطِنًا، بل خَوْفًا مِن ظالمٍ دَفْعًا له، باطِلٌ. ذكَرَه القاضى، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

إلَّا أَنْ يُكْرَهَ بِحَقٍّ؛ كَالَّذِى يُكْرِهُهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرِّعَايَةِ»: ومَن خافَ ضَيْعَةَ مالِه، أَوْ نَهْبَه، أو سَرِقَتَه، أو غَصْبَه، أو أخْذَه منه ظُلْمًا، صحَّ بَيْعُه. قال فى «الفُروعِ» عن كلامِه: وظاهِرُه، أنَّه لو أَوْدَعَ شَهادةً، فقال: اشْهَدوا على أنِّى أبِيعُه، أو أتَبرَّعُ له به، خوْفًا أو تُقْيَةً. أنَّه يصِحُّ ذلك، خِلافًا لمالِكٍ فى التَّبَرُّعِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: مَنِ اسْتَوْلَى على مالِ غيرِه ظُلْمًا بغيرِ حقٍّ، فطَلَبَه صاحِبُه، فجَحَدَه أو منَعَه إيَّاه حتى يبِيعَه، فباعَه على هذا الوَجْهِ، فهذا مُكْرَهٌ بغيرِ حقٍّ. الثَّالثةُ، لو أسَرَّا الثَّمَنَ ألْفًا بلا عَقْدٍ، ثم عقَداه بألفَيْن، ففى أيِّهما الثَّمَنُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» فى بابِ الصَّداقِ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قطَع ناظِمُ المُفْرَداتِ، أن الثَّمَنَ الذى أسَرَّاه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وحكَاه أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَيْنِ، عنِ القاضى. والذي قطَع به القاضىٍ فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، أنَّ الثَّمنَ ما أظْهَرَاه، ولو عقَداه سِرًّا بثَمَنٍ، وعَلانِيَةً بأكْثَرَ، فقال الحَلْوانِىُّ: هو كالنِّكاحِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». ذكَرَه فى كتابِ الصَّداقِ. الرَّابعةُ، فى صِحةِ بَيْعِ الهازِلِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وصحَّح فى «الفائقِ» البُطْلانَ. واخْتارَه القاضى. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، و «الفِقْهِيَّةِ»: والمَشْهُورُ البُطْلانُ. وقيل: لا يبطُلُ اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قالَه فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»، و «الفِقْهِيَّةِ».

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ العَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الانْتِصارِ»: يُقْبَلُ منه بقَرِينَةٍ. الخامسةُ، مَن قال لآخَرَ: اشْتَرِنِى مِن زَيْدٍ، فإنِّى عبْدُه. فاشْتَراه، فبانَ حُرًّا، لم يَلْزَمْه العُهْدَةُ، حضَر البائِعُ أو غابَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعةُ. كقَوْلِه: اشْتَرِ منه عَبْدَه هذا. ويُؤَدَّبُ هو وبائعُه، لكنْ ما أخَذ المُقِرُّ غَرِمَه. نصَّ عليهما. وسألَه ابنُ الحَكَمِ عن رَجُلٍ يُفِرُّ بالعُبودِيَّةِ حتىِ يُباعَ؟ قال: يُؤْخَذُ البائِعُ والمُقِرُّ بالثَّمَنِ، فإنْ ماتَ أحدُهما أو غابَ، أُخِذَ الآخَرُ بالثَّمَنِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ هذا فى كلِّ غارٍّ. وما هو ببَعِيدٍ. ولو كان الغارُّ أُنْثَى، حُدَّتْ ولا مَهْرَ، نصَّ عليه، ويَلْحَقُه الوَلَدُ. السَّادسةُ، لو أقرَّ أنَّه عبْدُه، فرَهَنَه، قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ كبَيْعٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولم يُنْقَلْ عن أحمدَ فيه إلَّا رِوايَةُ ابنِ الحَكَمِ المُتقَدِّمةُ، وقال بها أبو بَكْرٍ. قوله: الثَّانِى، أنْ يكونَ العاقِدُ جائِزَ التَّصَرُّفِ؛ وهو المُكَلَّفُ الرَّشِيدُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحاب، اشْتِراطُ التَّكْليفِ والرُّشْدِ فى صحَّةِ البَيْعِ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وعنه، يصِحُّ تصَرُّفُ المُمَيِّز، ويقِفُ على إجازَةِ وَلِيِّه. وعنه، يصِحُّ مُطْلقًا. ذكَرَها الفَخْرُ إسْماعِيلُ البَغْدَادِىُّ (¬1). وقال فى «الانْتِصارِ»، ¬

(¬1) إسماعيل بن على بن حسين البغدادى، الأزجى، فخر الدين، أبو عمد. اشتهر بغلام ابن المنى. فقيه، أصولى، متكلم، له تصانيف مثلًا «المفردات»، «التعليقة المشهورة». توفى سنة عشر وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 66 - 68.

إِلَّا الصَّبِىَّ الْمُميِّزَ، وَالسَّفِيهَ؛ فَإنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمَا بِإذْنِ وَلِيِّهِمَا، فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِلَّا فى الشَّىْءِ الْيَسِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «عُيونِ المَسائلِ»: ذكَر أبو بَكْرٍ صحَّةَ بَيْعِه ونِكاحِه. قوله: إِلَّا الصَّبِىَّ المُمَيِّزَ والسَّفِيهَ، فإنَّه يصِحُّ تَصَرُّفُهما بإذْنِ وَلِيِّهما فى إحْدَى الرِّوايَتين. وهى المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصَرُّفُهما إلَّا فى الشَّئِ اليَسِيرِ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقَ وَجْهَيْن فى «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ». وأطْلَقَهما فى السَّفِيهِ، فى بابِ الحَجْرِ، فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى». تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن محَلِّ الخِلافِ، عَدمُ وَقْفِ تصَرُّفِ السَّفِيهِ. قال فى «الفُروعِ»: والسَّفِيهُ مثْلُ المُمَيِّزِ إلَّا فى عدَمِ وَقْفِه. يعْنِى، أنَّ لنا رِوايَةً فى المُمَيَّزِ بصِحَّةِ تَصَرُّفِه، ووُقوفِه على إجازَةِ الوَلىِّ، بخِلافِ السَّفِيهِ. ويُسْتَثْنَى أيضًا مِنَ الخِلافِ فى المُمَيَّزِ والمُراهِقِ، تصَرُّفُه للاخْتِبارِ، فإنَّه يصِحُّ، قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، إجْراءُ الخِلافِ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، عدَمُ صحَّةِ تصَرُّفِ غيرِ المُمَيِّزِ مُطْلَقًا: أمَّا فى الكَثِيرِ، فلا يصِحُّ، قوْلًا واحدًا، ولو أَذِنَ فيه الوَلِىُّ. وأمَّا اليَسيرُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ تصَرُّفِه. وهو الصَّوابُ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: لا يصِحُّ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». فائدة: يصِحُّ تصَرُّفُ العَبْدِ والأمَةِ بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، فيما يصِحُّ فيه تصَرُّفُ الصَّغيرِ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّه. قالَه الأصحابُ. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّه، أن تصَرُّفَ الصَّبِىِّ والسَّفيهِ، لا يصِحُّ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّهما، إلَّا فى الشَّئِ اليَسِيرِ، كما قال المُصَنِّفُ. وهو صحيحٌ فى الجُمْلَةِ، وهو المذهبُ، وعليه الأكثرُ. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ تزَوَّجَ الصَّغِيرُ، فبلَغ أبَاه، فأجازَه، جازَ. قال جماعةٌ: ولو أجازَه هو بعدَ رُشْدِه، لم يَجُزْ. ونقَل أبو طالِبٍ، وأبو الحارِثِ، وابنُ مُشَيْشٍ، صحَّةَ عِتْقِه إذا عقَلَه. وكذا قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يصِحُّ عِتْقُه، وأنَّ أحمدَ قالَه. [وقدَّم فى «التَّبْصِرَةِ» صحَّةَ عِتْقِ المُمَيِّزِ] (¬1). وذكَر فى «المُبْهِجِ»، و «التَّرْغِيبِ»، فى صحَّةِ عِتْقِ المَحْجُورِ عليه، وابنِ عَشرٍ، وابنَةِ تِسْعٍ، رِوايتَيْن. وقال فى «المُوجَزِ»: فى صحَّةِ عِتْقِ المُمَيِّزِ رِوايَتان. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الانْتِصارِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى بابِ الحَجْرِ، وغيرُهم: فى صحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ روِايَتان. ويأتِى بعضُ ذلك فى أوَّلِ كتابِ العِتْقِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الصَّحيحُ عن أحمدَ، عدَمُ صحَّةِ عقُودِه، وأنَّ شيْخَه القاضى قال: الصَّحيحُ عندِى، فى عقودِه كلِّها رِوايَتان. وقدَّم فى «التَّبْصِرَةِ» صِحَّةَ عِتْقِ مُمَيِّزٍ وسَفِيهٍ ومُفْلِسٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا بلَغ عشْرًا، تزَوَّج، وَزوَّج، وطَلَّق. وفى طريقَةِ بعضِ أصحابِنا، فى صحَّةِ تصَرُّفِ مُمَيِّز ونُفوذِه، بلا إذْنِ وَلِىٍّ، وإبْرائِه وإعْتاقِه وطَلاقِه، رِوايَتان. انتهى. وشِراءُ السَّفِيهِ فى ذِمَّتِه واقْتِراضُه، لا يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. ويأْتِى أحْكامُ السَّفِيهِ فى بابِ الحَجْرِ. وأمَّا الصَّبِىُّ، فله أحْكامٌ كثِيرَةٌ مُتفَرِّقَةٌ فى الفِقْهِ، ذُكِرَ أكثرُها فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، ويأْتِى بعضُها فى كلامِ المُصَنِّفِ فى وَصِيَّتِه، وتَزْوِيجِه، وطَلاقِه، وظِهارِه، وإيلائِه، وإسْلامِه، ورِدَّتِه، وشَهادَتِه، وإقْرارِه، وغيرِ ذلك. وفى قَبُولِ المُمَيِّزِ والسَّفِيهِ، وكذا العَبْدُ، هِبَةً ووَصِيَّةً بدُونِ إذْنٍ، ثَلَاثةُ أوْجُهٍ؛ ثالِثُها، يصِحُّ مِنَ العَبْدِ دُونَ غيرِه. نصَّ عليه. قالَه فى «الفُروعِ». وذكَر فى «المُغْنِى»، أنَّه يصِحُّ قَبُولُ المُمَيِّزِ، وكذا قبْضُه، واخْتارَه أيضًا الشَّارِحُ، والحَارِثِىُّ. وفيه احْتِمالٌ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، فى السَّفِيهِ والمُمَيِّزِ. وأطْلقَهما فى «الفائقِ»، فى المُمَيِّزِ (¬1). قلتُ: الصَّوابُ الصِّحَّةُ فى الجميعِ، ويُقْبَلُ مِن مُمَيَّزٍ. قال أبو الفَرَجِ: ودُونَه هَدِيَّةٌ أرْسَلَ بها، وإذْنهُ فى دُخولِ الدَّارِ ونحوِها. وفى «جامِعِ القاضى»، ومِن فاسِقٍ وكافِرٍ. وذكَرَه القُرْطُبِىُّ إجْماعًا. وقال القاضى فى مَوْضِعٍ: يَقْبَلُه منه إنْ ظَنَّ صِدْقَه بقرِينَةٍ، وإلَّا فلا. قال فى «الفُروعِ»: وهذا مُتَّجَهٌ. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «الصغير».

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا؛ وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَدُودِ الْقَزِّ وَبَزْرِهِ، وَالنَّحْلِ مُنْفرِدًا، وَفِى كُوَارَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: الثَّالِثُ، أنْ يكونَ المَبِيعُ مالًا، وهو ما فيه مَنْفَعَةٌ مُباحَةٌ لغَيرِ ضَرُورَةٍ. فتَقْيِيدُه بما فيه مَنْفَعةٌ، احْتِرازٌ عن ما لا مَنْفَعَةَ فيه؛ كالحَشَراتِ ونحوِها. وتَقْيِيدُه المَنْفَعَةَ بالإباحَةِ، احْتِرازٌ عن ما فيه مَنْفَعَةٌ غيرُ مُباحَةٍ، كالخَمْرِ والخِنْزِيرِ ونحوِهما. وتَقْيِيدُه بالإِباحَةِ لغيرِ ضَرُورَةٍ، احْتِرازٌ عن ما فيه منْفَعَةٌ مُباحَةٌ للضَّرُورَةِ، كالكَلْبِ ونحوِه. قالَه ابنُ مُنَجَّى، وقال: فلو قال المُصَنِّفُ: لغيرِ حاجَةٍ. لَكانَ أوْلَى؛ لأَنَّ اقْتِناءَ الكَلْبِ يُحْتاجُ إليه ولا يُضْطَرُّ إليه، فمرادُه بالضَّرُورَةِ، الحاجَةُ. وقال الشَّارِحُ: وقوْلُه: لغيرِ ضَرُورَةٍ. احْتِرازٌ مِنَ المَيْتَةِ والمُحَرَّماتِ التى تُباحُ فى حالِ المَخْمَصَةِ، والخَمْرِ التى تُبَاحُ لدَفْعِ اللُّقْمَةِ بها (¬1). انتهى. قلتُ: وهو ¬

(¬1) فى حاشية ط: «هذا الذى نقل عن الشارح حسن، لكن يفوت المصنف ما إذا كان مباح النفع لحاجة وليست إباحته لضرورة، فإن أريد بالضرورة الحاجة، كما قال ابن منجى، فهو أحسن؛ لشموله المباح للحاجة وللضرورة بطريق الأولى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أقْعَدُ مِن كَلامَ ابنَ مُنَجَّى، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ. تنبيه: دخل فى كلامِ المُصَنِّف صحَّةُ بَيعٍ مُجازِ فى مِلْكِ غيرِه، ومُعَيَّنٍ مِن حائطٍ يَجْعَلُه بابًا، ومِن أرْضِه يَصْنَعُه بِئْرًا، أو بالُوعَةً، وعَلْوِ بَيْتٍ مُعَيَّن ليَبْنِىَ عليه بِناءً مَوْصُوفًا، ولو لم يكُنِ البَيتُ مَبْنِيًّا، على أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقيل: لا يصِحُّ إذا لم يكُنْ مَبْنِيًّا. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ فى بابِ الصُّلْحِ. قوله: فيَجوزُ بَيْعُ البَغْلِ والحِمارِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ. وحكَاه فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» إجْماعًا. وقال الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِياسُ أنَّه لا يجوزُ بَيْعُهما، إنْ قُلْنا بنَجاسَتِهما. وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ قوْلًا. قوله: ودُودِ القَزِّ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ بَيْعِ دُودِ القَزِّ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»: لا يجوزُ بَيْعُه. قوله: وبَزْرِه. يعْنِى، أذا لم يَدِبَّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ، لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيْعُه ما لم يَدِبَّ. وجزَم به فى «عُيونِ المَسائِلِ». واخْتارَه القاضى. وأطْلقَهما فى «المُحَرَّرَ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». فائدة: إذا دَبَّ بَزْرُ القَزِّ، فهو مِن دُودِ القَزِّ، حُكْمُه حُكْمُه، كما تقدَّم. قوله: والنَّحْلِ مُنْفَرِدًا، وفى كُوَّاراتِه. يجوزُ بَيْعُ النَّحْلِ مُنْفَرِدًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفُروعِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يصِحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى كُوَاراتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ بَيْعُ النَّحْلِ مع كُوَاراتِه. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يصِحُّ. قال القاضى: لا يصِحُّ بَيْعُها فى كُوَاراتِها. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». فعلى المذهبِ فيها، يُشْتَرَطُ أنْ يُشاهَدَ داخِلًا إليها، عندَ الأكْثَرِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُشْتَرَطُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قال فى «الكُبْرى»، بعدَ أنْ قدَّم هذا فى بَيْعِه مُنْفَرِدًا: وقيل: إذا رأَياه فيها، وعَلِما قدْرَه، وأمْكَنَ أخْذُه. وقيل: إنْ رأَياه يدْخُلُها، وإلَّا فلا. فائدة: قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وجماعةٌ: لا يصِحُّ بَيْعُ الكُوَارَةِ بما فيها مِن عسَلٍ ونَحْلٍ. واقْتَصرَ عليه فى «الفائقِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ بعضِهم صِحَّةُ ذلك. انتهى. قلتُ: اخْتارَه فى «الرِّعايتَيْن». وأمَّا إذا كان مَسْتُورًا بأقْراصِه، فإنَّه لا يجوزُ بَيْعُه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، وغيرِهم. فائدتان؛ إحداهما، ذكَر الخِرَقِىُّ، أنَّ التِّرْياقَ لا يُؤكَلُ؛ لأنَّ فيه لحُومَ الحَيَّاتِ. فعلى هذا، لا يجوزُ بَيْعُه؛ لأنَّ نفْعَه إنَّما يحْصُلُ بالأَكْلِ، وهو مُحَرَّمٌ، فخَلا مِن نَفْعٍ مُباحٍ: ولا يجوزُ التَّداوِى به، ولا بِسُمِّ الأفاعِى. فأمَّا السُّمُّ مِنَ الحشَائشِ والنَّباتِ، فإنْ كان لا يُنْتَفَعُ به، أو كان يقْتُلُ قَلِيلُه، لم يَجُزْ بَيْعُه؛ لعدَمِ

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ، وَالْفِيل، ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفْعِه، وإنِ انتُفِعَ به، وأمْكَنَ التَّداوِى بيَسِيرِه، كالسَّقَمُونْيَا (¬1) ونحوِها، جازَ بَيْعُه. الثَّانيةُ، يصِح بَيْعُ عَلَقٍ لمَصِّ دَمٍ، ودِيدَانٍ تُتْرَكُ فى الشَّصِّ لصَيْدِ السَّمَكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قوله: ويجوزُ بَيْعُ الهِرِّ، والفِيلِ، وسِباعِ البهَائِمِ التى تصْلُحُ للصَّيْدِ -وكذا سِباعُ الطَّيْرِ- فى إحْدَى الرِّوايَتَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الكافِى»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال الحَارِثِىُّ فى «شَرْحِه»: الأصحُّ جَوازُ بَيْعِ ما يصْلُحُ ¬

(¬1) نبات يستخرج من جذوره صمغ مسهل. جامع مفردات الأدوية 3/ 17، 18.

وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِى تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إِلَّا الْكَلْبَ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ. وَالأُخْرَى، لَا يَجُوزُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للصَّيْدِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «الحاوِى الكبِيرِ». وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، وغيرُهم. والأُخْرَى، لا يجوزُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى، واختارَه صاحبُ «الهَدْى»، و «الفائقِ» فى الهِرِّ. قال فى «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ»: لا يجوزُ بَيْعُ الهِرِّ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وكذا «الفائقِ» فى غيرِ الهرِّ. وقيل: يجوزُ فيما قيلَ بطَهارَتِه منها. وقيل: يجوزُ بَيْعُ المُعَلَّمِ منها دُونَ غيرِه. ويَحْتَمِلُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامُ المُصَنِّفِ هنا. لكِنَّ الأَوْلَى أنَّه أرادَ ما يصْلُحُ أن يَقْبَلَ التَّعْليمَ، وهو محَلُّ الخِلافِ. فعلى المذهبِ، فى جَوازِ بَيْعِ فِراخِه وبَيْضِه وَجْهان. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ» فى البَيْضِ؛ أحدُهما، يجوزُ فيهما إذا كان البَيْضُ يُنْتَفعُ به، بأنْ يصِيرَ فَرْخًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «ابنِ رَزِينٍ». قال الزَّرْكَشِىُّ: إنْ قَبِلَ التَّعْليمَ، جازَ على الأَشْهَرِ، كالجَحْشِ الصَّغِيرِ. وقيل: لا يجوزُ بَيْعُهما. وقال القاضى: لا يجوزُ بَيْعُ البَيْضِ؛ لنَجاسَتِه. وردَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: التى تصْلُحُ للصَّيْدِ. عائدٌ إلى سِباعِ البَهائمِ فقط. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وتَعْليلُهم يدُلُّ عليه، لا إلى الهِرِّ والفِيلِ. وقال فى «الفُروعِ»: وفى بَيْعِ هِرٍّ وما يُعلَّمُ الصَّيْدَ، أو يَقْبَلُ التعْليمَ، كفِيلٍ، وفَهْدٍ، وبازٍ، إلى آخرِه رِوايَتان (¬1). وقال بعدَ ذلك: فإنْ لم يقْبَلِ الفِيلُ والفَهْدُ التَّعْليمَ، لم يَجُزْ بَيْعُه، كأَسَدٍ، وذِئْبٍ، ودُبٍّ، وغُرابٍ. فلَعَلَّه أرادَ أنَّ تعْليمَ كلِّ شئٍ بحَسَبِه، فتَعْلِيمُ الفِيلِ للرُّكُوبِ، والحَمْلِ عليه، ونحوِهما، وتَعْليمُ غيرِه للصَّيْدِ، لا أنَّه أرادَ تَعْلِيمَ الفيلِ للصَّيْدِ، فإنَّ هذا لم يُعْهَدْ، ولم يذْكُرْه الأصحابُ فيما يُصادُ به، على ما يأْتِى، ولِشَيْخِنا عليه كلامٌ فى «حَواشِى الفُروعِ». فوائد؛ الأُولَى، فى جَوازِ بَيْعِ ما يُصادُ عنيه، كالبُومَةِ التى يجْعَلُها شباشًا لِتَجْتَمِعَ الطَّيْرُ إليها فيَصيدَه الصَّيَّادُ، وَجْهان. وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلقَهما فى ¬

(¬1) سقط من النسخ. وانظر: الفروع 4/ 10.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وكذا حُكْمُ اللَّقْلَقِ؛ أحدُهما، يجوزُ مع الكراهَةِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وكذا قدَّم الجَوازَ فى اللَّقْلَقِ. والثَّانى، لا يجوزُ. صَحَّحه النَّاظِمُ، وصحَّحَه أيضًا فى اللَّقْلَقِ. الثَّانيةُ، بَيْعُ القِرْدِ، إنْ كان لأجْلِ اللَّعِبِ به، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يصِحُّ معَ الكراهَةِ. قدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ». وقد أطْلقَ الإِمامُ أحمدُ رَحِمَه اللَّهُ كراهَةَ بَيْعِ القِرْدِ. وإنْ كان لأجْلِ حِفْظِ المَتاعِ ونحوِه، فقيل: يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِير». وتقدَّم نصُّ أحمدَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعُموماتُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ تَقْتَضِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وقيل: لا يصِحُّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو قِياسُ قوْلِ أبى بَكْرٍ، وابنِ أبى مُوسى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفائقِ». وظاهرُ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، الإطْلاقُ. وقال فى «آدَابِ الرِّعايتَيْن»: يُكْرَهُ اقْتِناءُ قِرْدٍ لأجْلِ اللَّهْوِ واللَّعِبِ. وقيلَ: مُطْلَقًا. قلتُ: الصَّوابُ التَّحْريمُ باللَّعِب. الثَّالثةُ، يصِحُّ بَيْعُ طَيْرٍ لأجْلِ صَوْتِه، كالهَزَارِ، والبُلْبُلِ، والبَبْغاءِ. ذكَرَه جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ بَيْعُه إنْ جازَ حَبْسُه. وفى جَوازِ حَبْسِه احْتِمالان. ذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ. وقال فى «المُوجَزِ»: لا يصِحُّ إجارَةُ

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ وَالْمَرِيضِ. وَفِى بَيْع الجَانِى والْقَاتلِ فى الْمُحَارَبَةِ، وَلَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قُصِدَ صوْتُه، كدِيكٍ، وقُمْرِىٍّ. قال فى «التَّبصِرَةِ»: لا يصِحُّ إجارَةُ ما لا يُنْتفَعُ به، كغَنَمٍ، ودَجاج، وقُمْرِىٍّ، وبُلْبُل. وقال فى «الفُنونِ»: يُكْرَهُ. قوله: ويجوزُ بَيْعُ العَبْدِ المُرْتَدِّ والمَرِيضِ. أمَّا المُرْتَدُّ، فيَجُوزُ بَيْعُه، بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه، إِلَّا أنَّ صاحِبَ «الرِّعايَةِ» قال: يجوزُ بَيْعُه مع جَوازِ اسْتِتابَتِه، وإلَّا فلا. فائدة: لو جَهِلَ المُشْتَرِى أنَّهُ مُرْتَدٌّ، فله الأَرْشُ، سواءٌ قُتِلَ أَوْ لا. وفيه احْتِمالٌ أنَّ له الثَّمَنَ كلَّه. وأما المرِيضُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ بَيْعِه مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وقيلَ: إنْ كان مأْيُوسًا، لم يَجُزْ بَيْعُه، وإلَّا جازَ. قوله: وفى بَيْعِ الجَانِى، والقاتِلِ فى المُحَارَبَةِ، ولَبَنِ الآدَمِيَّاتِ، وَجْهَان. أما بَيْعُ الجانِى، فأَطْلقَ فى صحَّةِ بَيْعِه وَجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأَصحابِ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والخَمْسِين»: هو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. وقيل: لا يصِحُّ بَيْعُه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ». قالَه فى أوَّلِ «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين». فعلى المذهبِ، سواءٌ كانتِ الجِنايَة عَمْدًا أو خَطَأً، على النَّفْسِ وما دُونَها، ثم يُنْظَرُ، فإنْ كان البائعُ مُعْسِرًا بأَرْشِ الجِنايَةِ، فُسِخَ البَيْعُ، وقُدِّمَ حَقُّ المَجْنِىِّ عليه؛ لتعَلُّقِه به، وإنْ كان مُوسِرًا بالأَرْشِ، لَزِمَه، وكان البَيْعُ بحالِه؛ لأنَّه بالخِيارِ بينَ أنْ يفْدِيَه أو يُسَلِّمَه، فإذا باعَه فقدِ اخْتارَ فِداءَه. وأمَّا المُشْتَرِى، إذا لم يعْلَمْ، فله الخِيَارُ بينَ أخْذِ الأَرْشِ أو الرَّدِّ، فإنْ عفَا عنِ الجِنايَةِ قبلَ طَلبِها، سَقط الرَّدُّ والأَرْشُ، وإذا قُتِلَ ولم يَعْلَمِ المُشتَرِى بأنَّ دَمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَحَقٌّ، تعَيَّنَ الأَرْشُ لا غيرُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويأْتِى هذا بعَيْنِه فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخرِ خِيارِ العَيْبِ. فائدة: السَّرِقَةُ جِنايَةٌ. ويأْتِى، هل يجوزُ بَيْعُ المُدَبَّرِ، والمُكاتَبِ، وأُمِّ الوَلَدِ؟ فى أبْوابِها. وأما بَيْعُ القاتِلِ فى المُحارَبَةِ، يعْنِى إذا تحَتَّمَ قتْلُه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَه فى «المُغْنِى». و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. قال القاضى: إذا قدَر عليه قبلَ التَّوْبَةِ، لم يصِحَّ بَيْعُه؛ لأنَّه لا قِيمَةَ له. انتهى. ومحَلُّ الخِلافِ، إذا تحَتَّمَ قتْلُه، فأمَّا إذا تابَ قبلَ القُدْرَةِ عليه، فحُكْمُه حُكْمُ الجانِى على ما مَرَّ. تنبيه: ألْحَقَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» مَن تَحتَّمَ قتْلُه فى كُفْر بمَن تحَتَّمَ قتْلُه فى المُحارَبَةِ. وأمَّا بَيْعُ لَبَنِ الآدَمِيَّاتِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكرَتِه». والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: ذهَب جماعةٌ مِن أصحابِنا إلى تحْريمِ بَيْعِه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». فعليه، لو أتْلفَه مُتْلِفٌ، ضَمِنَه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَضْمنَه، كالدَّمْعِ والعَرَقِ. قالَه القاضى. نقَلَه فى «شَرْحِ المُحَرَّرِ» للشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. وقيلَ: يصِحُّ مِنَ الأمَةِ دُونَ الحُرَّةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفائقِ»، وأطْلقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الكَراهةَ. فائدة: لا يجوزُ بَيْعُ لَبَنِ الرَّجُلِ. ذكَرَه القاضى محَلَّ وِفاقٍ، وتابَعه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ على ذلك. قلتُ: وفى تقْيِيدِ بعضِ (¬1) الأصحابِ ذلك بالآدَمِيَّاتِ إيماءٌ إلى ذلك. فائدة: لا يصِحُّ بَيْعُ مَن نُذِرَ عِتْقُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذَهبِ. قال فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَفِى جَوَازِ بَيْعَ الْمُصْحَفِ وَكَرَاهَةِ شِرَائِهِ وَإِبْدَالِهِ، رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: الأشْهَرُ مَنْعُه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ». وقال القاضى، وصاحِبُ «المُنْتَخَبِ»: فى بيْعِه نظَرٌ. وقال فى «الرِّعايتَيْن» مِن عندِه، بعدَ أنْ قدَّم عدَمَ الصِّحةِ: قلتُ: إنْ علّقَه بشَرْطٍ، صحَّ بَيْعُه قبلَه. زادَ فى «الكُبْرى» ويَحْتَمِلُ وُجوبُ الكَفَّارَةِ وجهَيْن. وجزَم بما اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ» صاحِبُ «الحاوِى الصَّغيرِ». وقال النَّاظِمُ: وقيلَ: قُبَيلَ الشَّرْطِ بِعْه. قوله: وفى جَوازِ بَيْعِ المُصْحَفِ رِوايتان. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»؛ إحداهما، لا يجوزُ، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصحُّ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلحْناه. قال الإِمامُ أحمدُ: لا أعْلَمُ فى بَيْعِه رُخْصَةً. وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «الكافِى»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، ونصَرَه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ بَيْعُه، ويُكْرَهُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، يجوزُ مِن غيرِ كَراهَةٍ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ». فائدة: حُكْمُ إجارَتِه حُكْمُ بَيْعِه، خِلافًا ومذهبًا، وكذا رَهْنُه. قالَه ناظِمُ «المُفْرَداتِ» وغيرُه. ويأْتِى فى آخرِ كتابِ الوَقْفِ، جَوازُ بَيْعِه إذا تعَطَّلتْ مَنافِعُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى كَراهَةِ شِرائِه. وإبْدالِه رِوَايتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن»؛ إحداهما، لا يُكْرَهُ. وهو المذهبُ؛ فقد رَخَّص الإِمامُ أحمدُ فى شِرائِها. وجزَم به فى «الوِجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «الفُروعِ»: الأصح أنَّهما لا يحْرُمان. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَ ابنُ عَبْدوسٍ كراهةَ الشِّراءِ، وعَدَمَ كراهَةِ الإبْدالِ. والرِّوايةُ الثّانية، يُكْرَهُ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وعنه، يحْرُمُ. ولم يذْكُرْها بعضهم. وذكَر أبو بَكْرٍ فى المُبادَلَةِ، هل هى بَيْعٌ أم لا؟ على رِوايتَيْن. وأنْكَرَ القاضى ذلك، وقال: هى بَيْعٌ بلا خِلافٍ، وإنَّما أجازَ (¬1) أحمدُ إبْدالَ المُصْحَفِ بمِثْلِه؛ لأنَّه لا يدُلُّ على الرَّغْبَةِ عنه، ولا على ¬

(¬1) فى الأصل: «اختار».

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ، وَالْمَيْتَةِ، وَلَا شَىْءٍ مِنْهُمَا، وَلَا سِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِى لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الاسْتِبْدالِ به بعِوَضٍ دُنْيَوِىٍّ، بخِلافِ أخْذِ ثَمَنِه. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ». وتقدَّم نظيرُ ذلك فى أوَاخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، بعدَ قوْلِه: وإنْ باعَه بنِصابٍ مِن جِنْسهِ، بنَى على حَوْلَه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى ذلك، إذا كان مُسْلِمًا، فأمَّا إنْ كان كافِرًا، فلا يجوزُ بَيْعُه له، قوْلًا واحِدًا، وإنْ ملَكَه بإرْثٍ أو غيرِه الزِمَ بإزالَةِ مِلْكِه عنه. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى أوَاخِرِ نَواقِضِ الوُضُوءِ. ويأْتِى فى أثْناءِ الرَّهْنِ، هل تجوزُ القِراءَةُ فيه مِن غيرِ إذْنِ رَبِّه؟ وهل يَلْزَمُه بَذْلُه للقِراءَةِ فيه؟

وَلَا الْكَلْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ بَيْعُ الكَلْبِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به. وقال الحَارِثىُّ فى «شَرْحِه» فى كتابِ الوَقْفِ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ولا يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْفُ الكَلْبِ: والصَّحيحُ، اخْتِصاصُ النَّهْى عنِ البَيْعِ فيما عدَا كَلْبِ الصَّيْدِ؛ بدَليلِ رِوايَةِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عن أبى الزُّبَيْرِ، عن جابِر، قال: نهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ثَمَنِ الكَلْب، والسِّنَّوْرِ، إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ. والإسْنادُ جَيِّدٌ. قال: فيَصِحُّ وَقْفُ المُعَلَّمِ؛ لأن بَيْعَه جائزٌ. انتهى. ويأْتِى ذلك فى كتابِ الوَقْفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشىُّ: ومالَ بعضُ أصحابِنا المُتأخِّرين إلى جَوازِ بَيْعِه. وتأْتِى أحْكامُ الكَلْبِ المُباحِ واقْتناؤُه، فى بابِ المُوصَى به.

وَلَا السِّرْجِينِ النَّجِسِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ بَيْعُ السِّرْجِينِ النَّجِسِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وخُرِّج قولٌ بصحَّةِ بَيْعِه مِنَ الدُّهْنِ النَّجِسِ. قال مُهَنَّا: سأَلْتُ أبا عبدِ اللَّهِ عن السَّلَمِ فى البَعْر والسِّرْجِينِ، فقال: لا بَأْسَ. وأطْلقَ ابنُ رَزِينٍ فى بَيْعِ النَّجاسَةِ وَجْهَيْن. وأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ جَوازَ بَيْعِ جِلْدِ المَيْتَةِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ منه بَيْعُ نَجاسَةٍ يجوزُ الانْتِفاعُ بها، ولا فَرْقَ ولا إجْماعَ كما قيل. ذكَرَه فى بابِ الآنِيَةِ، وتقدَّم ذلك، وتقدَّم أيضًا، على المَنْعِ،

وَلَا الأَدْهَانِ النَّجِسَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هل يجوزُ إيقادُ النَّجاسَةِ؟ فى أوَائِل كتابِ الطَّهارَةِ. وتقدَّم فى بابِ الآنِيَةِ، هل يجوزُ بَيْعُ جِلْدِ المَيْتَةِ قبلَ الدَّبْغِ أو بعدَه؟ قوله: ولا الأدْهَانِ النِّجِسَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المشهورُ المجزومُ به عندَ عامَّة الأصحابِ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، وغيرِهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْنِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يجوزُ بَيْعُها لكافرٍ يعْلَمُ نَجاسَتَها. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ فى بابِ الأطْعِمَةِ، ومَن بعدَه.

وَعَنْهُ، يَجُوزُ بَيْعُهَا لِكَافِرٍ يَعْلَمُ نَجَاسَتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وخرَّج أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم، جَوازَ بَيْعِها حتى لمُسْلمٍ، مِن رِوايَةِ جَوازِ الاسْتِصْباحِ بها، على ما يأْتِى مِن تخْريج المُصَنِّفِ فى كلامِه. وقيلَ: يجوزُ بَيْعُها إنْ قُلْنا: تَطْهُرُ بغَسْلِها. وإلَّا فلا. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قلتُ: هذا المذهبُ، ولا حاجَةَ إلى حِكايَتِه قوْلًا. ولهذا قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، على القَوْلِ بأَنَّها تَطْهُرُ: يجوزُ بَيْعُها. ولم يحْكُوا خِلافًا. وقيل: يجوزُ بَيْعُها إنْ جازَ الاسْتِصْباحُ بها. ولعَلَّه القوْلُ المُخَرَّجُ المُتَقدِّمُ، لكنْ حكَاهُما فى «الرِّعايَةِ». تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: مُرادُ المُصَنِّفِ بقوْلِه فى الرِّوايةِ الثَّانيةِ: يَعْلَمُ نَجاسَتَها. اعْتِقادْه الطَّهارَةَ. قال: لأنَّ نفْسَ العِلْمِ بالنَّجاسَةِ ليس شَرْطًا فى بَيْعِ الثَّوْبِ النَّجِسِ، فكذا هُنا. قال فى «المُطْلِعِ»: وقوْلُه: يعْلَمُ نَجاسَتَها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَعْنَى، أنَّه يجوزُ له فى شَرِيعَتِه الانْتِفاعُ بها. قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، اشْتِرَاطُ إعْلامِه بنَجاسَتِه لا غيرَ، سواءٌ اعْتقَدَ طَهارتَه أَوْ لا. وهو كالصَّريحِ فى كلامِ صاحِبِ «التَّلْخيصِ» فيه، فإنَّه قال: وعنه، يُباعُ لكافِرٍ بشَرْطِ أنْ يعْلَمَ بالحالِ. وقال فى «الهِدايَةِ» وغيرِه: بشَرْطِ أنْ يُعْلِمَه أنَّها نجِسَةٌ. وقدِ اسْتُدِلَّ لهذه الرِّوايَةِ بما يُوافِقُ ما نقولُ؛ فإنَّهم اسْتدَلُّوا بقَوْلِ أبى مُوسى: لُتُّوا به السَّوِيقَ، وبِيعُوه، ولا تَبِيعُوه مِن مُسْلِمٍ، وبَيِّنوه. وقال فى «الكافِى»: ويعْلَمُ بحالِه لأنَّه يعْتَقِدُ حِلَّه.

وَفِى جَوَازِ الاسْتِصْبَاحِ بِهَا رِوَايَتَانِ. وَيُخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ جَوازُ بَيْعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى جوازِ الاسْتِصْباحِ بها رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «ابنِ تَميمٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ»، و «الفُروعِ»؛ إحداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. ونَصَرَها فى «المُغْنِى». واخْتارَه الخِرَقِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وغيرُهما. وجزَم به فى «الإِفادَاتِ»، فى بابِ النَّجاسَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ الاسْتِصْباحُ بها. جزَم به فى «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، حيثُ جوَّزْنا الاسْتِصْباحَ بها، فيكونُ فى وَجْهٍ لا تتَعدَّى نَجاسَتُه؛ إمَّا أنْ يُجْعَلَ فى إبْرِيقٍ، ويُصَبَّ منه فى المِصْباحِ ولا يُمَسَّ، وإمَّا أنْ يدَع على رأْسِ الجَرَّةِ التى فيها الدُّهْنُ سِراجًا مَثْقُوبًا، ويُطَيِّنه على رأْسِ إناءِ الدُّهْنِ، وكلَّما نقَص دُهْنُ السِّراجِ صَبَّ فيه ماءً، بحيثُ يرْفَعُ الدُّهْنَ، فيَمْلأُ السِّراجَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وما أشْبَهَه. قالَه جماعةٌ. ونقَلَه طائِفَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ. قلتُ: الذى يَظْهَرُ أنَّ هذا ليس شَرْطًا فى صِحَّةِ البَيْعِ. وظاهِرُ كلامِ «الفُروعِ»، أنَّه جعَلَه شَرْطًا عندَ القائِلين به. الثَّانيةُ، لا يجوزُ الاسْتِصْباحُ بشُحومِ المَيْتَةِ، ولا بشَحْمِ الكَلْبِ، والخِنْزِيرِ، ولا الانْتِفاعُ بشئٍ مِن ذلك، قوْلًا واحدًا عندَ الأصحابِ، ونصَّ عليه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ جَوازَ الانْتِفاعِ بالنَّجاسَاتِ. وقال: سواءٌ فى ذلك شَحْمُ المَيْتَةِ وغيرُه. وهو قوْلٌ للشافِعِىِّ. وأوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. تنبيه: قوله: ويُخَرَّجُ على ذلك جَوازُ بَيْعِها. تقدَّم أنَّ المُصَنِّفَ وغيرَه، خرَّجُوا

فصل

فَصْلٌ: الرَّابعٌ، أنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ، أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فَى بَيْعِهِ، فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أوِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ، وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازَ البَيْعِ مِن رِوايَةِ جَوازِ الاسْتِصْباحِ بها. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: الرَّابعُ، أنْ يكونَ ممْلُوكًا له. الأسيرَ لو باعَ مِلْكَه. وهو صحيحٌ. صرَّح به فى «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: فإنْ باعَ مِلْكَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، أو اشْتَرَى بعَيْنِ مَالِه شيئًا بغَيْرِ إذْنِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يصحَّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، يصِحُّ، ويَقِفُ على إجازَةِ المالِكِ. اخْتارَه فى «الفائقِ»، وقال: ولا قَبْضَ ولا إقْباضَ قبلَ الإجازَةِ. قال بعضُ الأصحابِ فى

وَإِنِ اشْتَرَى لَهُ فى ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، صَحَّ. فَإِنْ أَجَازَهُ مَنِ اشْتَرَى لَهُ، مَلَكَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ مَنِ اشْتَرَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَريقَتِه: يصِحُّ، ويَقِفُ على إجازَةِ المالِكِ، ولو لم يَكُنْ له مُجِيزٌ فى الحالِ. وعنه، صِحَّةُ تَصَرُّفِ الغاصِبِ، ويأْتِى حُكْمُ تصَرُّفاتِ الغاصِبِ الحُكْمِيَّةِ فى بابِه فى أوَّلِ الفَصْلَ الثَّامِنَ. قوله: وإنِ اشْتَرَى له فى ذِمَّتِه بغَيْرِ إذْنِه، صَحَّ. إذا اشْتَرى له فى ذِمَّتِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُسَمِّيَه فى العَقْدِ، أَوْ لا، فإنْ لم يُسَمِّه فى العَقْدِ، صحَّ العَقدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذ المذهبُ المَعْروفُ المَشْهُورُ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ على الأَصَحِّ. وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يصِحُّ. وإنْ سمَّاه فى العَقْدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى وغيرُه. وقيلَ: حُكْمُه حُكْمُ ما إذا لم يُسَمِّه. وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ؛ فإنَّ قوْلَه: وإنِ اشْتَرَى له فى ذمَّتِه بغيرِ إذْنِه. يشْمَلُ ذلك. وهو ظاهِرُ كَلام الخِرَقِىِّ، واخْتارَه المُصَنِّفُ. قال فىَ الفائِدَةِ العِشْرين: إذا تَصَرَّفَ له فى الذِّمَّةِ دُونَ المالِ، فطَرِيقان؛ أحدُهما، فيه الخِلافُ الذى فى تَصرُّفِ الفُضُولِىِّ. قالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِعٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتصارِ». والثَّانِى، الجَزْمُ بالصِّحَّةِ هنا. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ والأكْثَرِين. وقالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِعٍ آخَرَ. واخْتلَفَ الأصحابُ، هل يَفْتَقِرُ إلى تَسْمِيَتهِ فى العَقْدِ أم لا؟ فمنهم مَن قال: لا فَرْقَ. منهم ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُغْنِى». ومنهم مَن قال: إنْ سمَّاه فى العَقْدِ، فهو كما لو اشْتَرى له بعَيْنِ مالِه. ذكَرَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»، فى غالِب ظَنِّى، وابنُ المَنِّىِّ، وهو مَفْهومُ كلامِ صاحِبِ «المُحَرَّرِ». انتهى. فائدة: لو اشْترَى بمالِ نَفْسِه سِلْعَةً لغيرِه، ففيه طَرِيقان؛ عدَمُ الصِّحَّةِ، قوْلًا واحدًا. وهى طَرِيقَةُ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وأَجْرَى الخِلافَ فيه كتَصَرُّفِ الفُضُولِىِّ، وهو الأصحُّ. قاله فى الفائِدَةِ العِشْرِين. قوله: فإنْ أجازَه مَنِ اشْتَرَى له، ملَكَه، وإلَّا لَزِمَ مَنِ اشْتَراه. يعْنِى، حيثُ قُلْنا بالصِّحَّةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهم. وعنه، لا يَمْلِكُ مَنِ اشْتَرَى له، ولو أَجازَه. ذكَرَها فى «الرِّعايتَيْن». وقال فى «الكُبْرَى» بعدَ ذلك: إنْ قال: بِعْتُكَ هذا. فقال: اشْتَرَيْتُه لزَيْدٍ. فأَجازَه، لَزِمَه، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَ المُشْتَرِى، انتهى. وقدَّم هذا فى «التَّلْخيصِ»؛ إلْغاءً للإِضافَةِ. تنبيه: حيثُ قُلْنا: يَمْلِكُه بالإجازَةِ. فإنَّه يدْخُلُ فى مِلْكِه مِن حينِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به القاضى فى «الجامِعِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، فى مَسْأَلةِ نِكاحِ الفُضُولِىِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: مِن حينِ الإِجازَةِ. جزَم به صاحِبُ «النِّهايَةِ». قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ويَشْهَدُ لهذا الوَجْهِ، أنّ القاضِىَ صرَّح بأن حُكْمَ الحاكمِ المُخْتَلَفِ فيه، إنما يُفيدُ صِحَّةَ المَحْكومِ به، وانْعِقادَه مِن حينِ العَقْدِ، وقبلَ الحُكْمِ كان باطِلًا. انتهى. فائدة: لو قال: بِعْتُه لزَيْدٍ. فقال: اشْتَرَيْتُه له. بطَل، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه إن أَجازَه. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ حكَم بصِحَّتِه، بعدَ إجازَتِه، صحَّ مِنَ الحُكْمِ. ذكَرَه القاضى، وهو الذى ذكَرَه فى «القَواعِدِ» قبلَ ذلك، مُسْتَشهِدًا به. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّه كالإِجازَةِ. يعْنِى، أنَّ فيه الوَجْهَيْن المُتَقدِّمَيْن؛ هل يَدْخُلُ مِن حينِ العَقْدِ، أو الإِجازَةِ؟ وقال فى «الفُصُولِ»، فى الطَّلاقِ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَمْضِىَ وَيشْتَرِيَهُ وَيُسَلِّمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى نِكاحٍ فاسِدٍ: إنَّه يَقْبَلُ الانْبرامَ والإِلْزامَ بالحُكْمِ، والحُكْمُ لا يُنْشِئُ المِلْكَ، بل يُحَقِّقُه. فائدة: لو باعَ ما يظُنُّه لغيرِه، فظهَر أنَّه وَرِثَه، أو وكَّلَ فى بَيْعِه، صح البَيْعُ. على الصَّحيحِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: صحَّ على الأظْهَرِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» فى باب الرَّهْنِ. وقيل: لا يصِحُّ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وأطْلَقهما فى «المحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الأُصُولِيَّةِ»، و «المُغْنِى» فى آخِرِ الوَقْفِ. وقيل: الخِلافُ رِوايَتان. ذكَرَهما أبو المَعالِى وغيرُه. قال القاضى: أصْلُ الوَجْهَيْن، مَن باشَرَ امْرأَةً بالطَّلاقِ يعْتَقِدُها أجْنَبِيَّةً، فبانَتِ امْرأَتَه، أو واجَه

وَلَا يصِحُّ بَيْعُ مَا فُتِحَ عَنْوةً، وَلَمْ يُقْسَمْ؛ كَأَرْضِ الشَّامِ، وَالْعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَنحْوِهَا، إِلَّا الْمَسَاكِنَ، وَأَرْضًا مِنَ الْعِرَاق فُتِحَتْ صُلْحًا؛ وَهِيَ الْحِيرَةُ، وَأُلَّيْسٌ، وَبَانِقْيَا، وَأَرْضُ بَنِى صَلُوبَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَقرَّهَا فى أَيْدِى أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِى ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فى كُلِّ عَامٍ. وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا؛ لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالعِتْقِ مَن يَعْتَقِدُها حُرَّةً، فبانَتْ أمَتَه، فى وُقوعِ الطَّلاقِ والحُرِّيَّةِ رِوايَتان. ولابنِ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه» قاعِدَةٌ فى ذلك، وهى القاعِدَةُ الخامِسَةُ والسِّتُّون، فى مَن تصَرَّفَ فى شئٍ يظُنُّ أنَّه لا يمْلِكُه، فتَبَيَّنَ أنَّه كان يَمْلِكُه. قوله: ولا يصحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقْسَمْ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يصِحُّ. ذكَرَها الحَلْوَانِىُّ، واخْتارَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وذكَرَه قوْلًا عندَنا. قلتُ: والعَمَلُ عليه فى زَمَنِنا. وقد جوَّزَ الإِمامُ أحمدُ إصْداقَها. وقالَه المَجْدُ. وتأوَّلَه القاضى على نَفْعِها فقط. وعنه، يصِحُّ الشِّراءُ دُونَ البَيْعِ. وعنه، يصِحُّ لحاجَتِه. قوله: كأرْضِ الشَّامِ، والعِراقِ، ومِصْرَ، ونحوِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مِصْرَ ممَّا فُتِحَ عَنْوَةً، ولم يُقسَمْ. جزَم به فى «الفُروعِ»، وغيرُه مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وكمِصْرَ فى الأَشْهَرِ فيها. فائدة؟ لو حكَم بصِحَّةِ البَيْعِ حاكِمٌ، [أو رأَى الإِمامُ المَصْلَحَةَ فيه فَباعَه] (¬1)، صحَّ؛ لأنَّه مُخْتَلَفٌ فيه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وإنْ أقْطَع الإِمامُ هذه الأرْضَ، أو وقَفَها، فقيل: يصِحُّ. وقال فى «النَّوادِرِ»: لا يصِحُّ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ حُكْمَ الوَقْفِ حُكْمُ البيْعِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال الشَّيْخُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ: لو جعَلَها الإِمامُ فَيْئًا، صار ذلك حُكْمًا باقِيًا فيها دائمًا، وأنَّها لا تعُودُ إلى الغانِمين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدهما، يَحْتَمِلُ قوْلُه: إلَّا المسَاكِنَ. أنَّها سواءٌ كانت مُحْدَثَةً بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَتْحِ، أو مِن جُمْلَةِ الفَتْحِ. وهو اخْتِيارُ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ. قاله فى «الفُروعِ»، ويَحْتَمِلُه كلامُه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. نقَل ابنُ الحَكَمِ، فى مَن أوْصَى بثُلُثِ مِلْكِه، وله عَقارٌ فى أرْضِ السَّوادِ، قال: لا تُباعُ أرْضُ السَّوادِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أنْ تُباعَ آلَتُها. ونقَل المَرُّوذِىُّ المَنْعَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهما، التَّسْوِيَةُ. وجزَم به صاحِبُ «المُحَرَّرِ». انتهى. والذى قدَّمه فى «الفُروعِ» التَّفْرِقَةُ، فقال: وبَيْعُ بِناءٍ ليس منها، وغَرْسٍ مُحْدَثٍ، يجُوزُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامَ المُصَنِّفِ هنا، وكلامَ أكثرِ الأصحابِ؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ إخْراجُ ما لوْلاه لدَخَلَ، والمُصَنِّفُ لم يذْكُرْ إلَّا ما فُتِحَ عَنْوةً، فأمَّا المُحْدَثُ فما دخَل ليُسْتَثْنَى. ونقَل المَرُّوذِىُّ ويَعْقُوبُ المَنْعَ؛ لأنَّه تَبَعٌ، وهو ذَرِيعَةٌ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ الرِّوايتَيْن فى البِناءِ. وجوَّزَه فى غَرْسٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وما قدَّمه فى «الفُروعِ» هو ظاهِرُ كلامِه فى «الكافِى»، فإنَّه قال: فأمَّا المَساكِنُ فى المَدائنِ، فيَجُوزُ بَيْعُها؛ لأنَّ الصَّحابَةَ اقْتَطَعُوا الخُطَطَ فى الكُوفَةِ والبَصْرَةِ فى زَمَنِ عمرَ، وبَنَوْها مَساكِنَ وتَبايَعُوها مِن غيرِ نَكيرٍ، فكانتْ إجْماعًا. انتهى. واقْتَصرَ على هذا الدَّليلِ. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. الثانى، قولُه: وأَرْضًا مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِرَاقِ فُتِحَتْ صُلْحًا. يعْنِى، أنَّه يجُوزُ بَيْعُ هذه الأرْضِ، لكنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ لأهْلِها، كما مثَّل به المُصَنِّفُ. ولا يصِحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوَةً ونحوِه، وكذلك كلُّ أرْضٍ أسْلَمَ أهْلُها عليها، كالمَدينَةِ وشِبْهِها؛ لأنَّها مِلْكٌ لهم. وقوْلُ المصَنِّفِ:

وَيَجُوزُ إِجَارَتُهَا. وَعَنْ أَحْمَدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تعَالى، أَنَّهُ كرِه بَيْعَهَا، وَأَجَازَ شِرَاءَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يصِحُّ بَيْعُ ما فُتِحَ عَنْوةً. لكَوْنِ عمرَ وقَفَها. وكذا حُكْمُ كلِّ مَكانٍ وُقِفَ، كما تقدَّم فى باب حُكْمِ الأَرَضِين المَغْنُومَةِ. قوله: وتَجُوزُ إجارَتُها. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يجوزُ. ذكَرَها القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المنْتَخَبِ»،

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ، وَلَا إِجَارَتُهَا. وَعَنْهُ، يَجُوزُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ» إجارَتَها مُؤقَّتَةً. قوله: ولا يجوزُ بَيْعُ رِباعِ مَكَّةَ، ولا إجارَتُها. هذا المذهبُ المنْصُوصُ، وهو مَبْنِىٌّ على أن مَكةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً. على الصَّحيحِ مِنَ الطَّريقَتَيْن. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها فُتِحَتْ عَنْوة، وعليه الأصحابُ. وعنه، فُتِحَتْ صُلْحًا. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِهِ»: وأكثرُ مَكَّةَ فُتِحَ عَنْوَةً. فعلى المذهبِ، لا يجوزُ بَيْعُ رِباعِها -وهى المَنْزِلُ، ودارُ الإِقامَةِ- ولا إِجارَتُها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يجُوزَان. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ جَوازَ بَيْعِها فقط، واخْتارَه فى «الهَدْى». وعنه، يجوزُ الشِّراءُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لحاجَةٍ. وعلى المذهبِ أَيضًا، لو سكَن بأُجْرَةٍ، لم يَأْثَمْ بدَفْعِها. على الصَّحيحِ مِنَ الرِّوايتَيْن. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، إنْكارُ عدَمِ الدَّفعِ. جزَم به القاضى؛ لالْتِزامِه. وقال أحمدُ: لا يَنْبَغِى لهم أخْذُه. قلتُ: يُعايَى بهذه المَسْأَلَةِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقال: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه فى مَن عامَلَ بعِينَةٍ ونحوِها فى الزِّيادَةِ عن رأْس مالِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هى ساقِطَةٌ يَحْرُمُ بذْلُها، ومَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَه فَضْلٌ، نُزِلَ فيه؛ لوُجوبِ بَذْلِه، وإلَّا حَرُمَ. نصَّ عليه. نقَل حَنْبَلٌ وغيرُه، سواءٌ العاكِفُ فيه والبَادِ، وأنَّ مِثْلَه السَّوادُ وكلُّ عَنْوَةٍ. وعلى الرِّوايةِ الثَّانِيَةِ فى أصْلِ المَسْأَلَةِ، يجُوزُ البَيْعُ والإِجارَةُ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ يُسْتَثْنَى مِن ذلك بِقاعُ المَناسِكِ، كالمَسْعَى، والمَرْمَى، ونحوِهما. بلا نِزاعٍ. والطَّريقَةُ الثَّانيةُ، إنّما يَحْرُمُ بَيْعُ رِباعِها وإجارَتُها؛ لأنَّ الحَرَمَ حرِيمُ البَيْتِ والمَسْجِدِ الحَرامِ. وقد جعَلَه اللَّه للنَّاسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سواءً العاكِفُ فيه والبَادِ، فلا يجوزُ لأحَدٍ التَّخَصُّصُ بمِلْكِه وتَحْجِيرُه، لكنْ إنِ احْتاجَ إلى ما فى يَدِه منه، سكَنَه، وإنِ اسْتَغْنَى عنه، وجَب بَذْلُ فاضِلِه للمُحْتاجِ إليه. وهو مَسْلَكُ ابنِ عَقِيلٍ فى «نظَرِيّاتِه»، وسلَكَه القاضى فى «خِلافِه». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وترَدَّدَ كلامُه فى جَوازِ البَيْعِ، فأجازَه مرَّةً، ومنَعَه أُخْرَى. فائدة: الحَرَمُ كمَكَّةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، له البِنَاءُ والانْفِرادُ به. فائدةٌ أخرى: لاخَراجَ على مَزارِعَ مَكَّةَ؛ لأنَّه جِريَةُ الأَرْضَ. وقال فى «الانْتِصارِ» على الأُولَى: بل كسائرِ أرْضِ العَنْوَةِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ مَاءٍ عِدٍّ؛ كَمِيَاهِ الْعُيُونِ، وَنَقْعِ الْبِئْرِ، وَلَا مَا فى الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ؛ كَالْقَارِ، وَالْمِلْحِ، وَالنِّفْطِ، وَلَا مَا يَنْبُتُ فى أَرْضِهِ مِنَ الْكَلَأِ وَالشَّوْكِ، وَمَنْ أخذ مِنْهُ شَيْئًا، مَلَكَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ: لا أعْلَمُ مَن أجازَ ضَرْبَ الخَراجِ عليها سِوَاه. قوله: ولا يجوزُ بَيْعُ كُلِّ ماءٍ عِدٍّ؛ كمياهِ العُيونِ، ونَقْعِ البِئْرِ، ولا ما فى المعادِنِ الجارِيَة، كالقارِ، والمِلْحِ، والنِّفْطِ، ولا ما يَنْبُتُ فى أرْضِه مِنَ الكَلَأ والشَّوْكِ. هذا مَبْنِىٌّ على أصْلٍ؛ وهو أنَّ الماءَ العِدَّ، والمَعادِنَ الجارِيَةَ، والكَلأَ النَّابِتَ فى أرْضِه، هل يُمْلَكُ بمِلْكِ الأرْضِ قبلَ حِيَازَتها أم لا يُمْلَكُ؟ وفيهِ رِوايَتان؛ إحْداهما، لا يُمْلَكُ قبلَ حِيازَتها بما تُرادُ له. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاويَيْن»، و «الفائِق»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُمْلَكُ ذلك بمُجَرَّدِ مِلْكِ الأَرْضِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»: وأكثرُ النُّصُوصِ عن أحمدَ تدُلُّ على المِلْكِ. وأطْلَقَهما فى «المُذهَبِ». وتأْتِى هاتَان الرِّوايَتان فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ إحْياءِ المَواتِ، وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ ذكَرُوهما هناك. فعلى المذهبِ، لا يُجوزُ لمالِكِ الأرْضِ بَيْعُ ذلك، ولا يُمْلَكُ بعَقْدِ البَيعِ، لكِنْ يكونُ مُشْتَرِيه أحَقَّ به مِن غيرِه. وعلى المذهبِ أَيضًا، مَن أخَذ منه شيئًا، ملَكَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لكِنْ لا يجُوزُ له دُخولُ مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِ رَبِّه، ولو اسْتَأْذَنَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَرُمَ مَنْعُه إنْ لم يحْصُلْ ضرَرٌ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّه لا يَمْلِكُه بأَخْذِه، وخرَّجه رِوَايَةً مِن أنَّ النَّهْىَ يَمْنَعُ التَّمْلِيكَ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يجُوزُ لمالِكِ الأرْضِ التَّصَرُّفُ فيه بسائرِ ما ينْقُلُ المِلْكَ؛ لأنَّه مُتَولِّدٌ مِن أرْضِه، وهى مَمْلُوكَةٌ له. وجوَّز

إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك الشّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى مُقْطَعٍ محْسُوبٍ عليه، يريدُ تعْطِلَ ما يَسْتَحِقُّه مِن زَرْعٍ وبَيْعِ الماءِ. قال فى «الاخْتِيَاراتِ»: ويجُوزُ بَيْعُ الكَلَأ ونحوِه، المَوْجُودِ فى أرْضِه، إذا قصَد اسْتِنْباتَه. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ أيضًا، لا يدْخُلُ الظَّاهِرُ منه فى بَيْعِ الأَرْضِ إلَّا بشَرْطٍ، سواءٌ قال: بحُقوقِها. أَوْ لا. صرّح به الأصحابُ. وذكَر المَجْدُ احْتِمالًا، يدْخُلُ فيه، جَعْلًا للقَرِينَةِ العُرْفِيَّةِ كاللَّفْظِ. وله الدُّخُولُ لرَعْىِ كَلَأ وأخْذِه ونحوِه، إذا لم يُحَطْ عليها بلا ضَرَرٍ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، قال: لأنَّه ليس لأحَدٍ أنْ يمْنَعَه. وعنه، مُطْلَقًا. نَقَلَه المَرُّوذِىُّ وغيرُه. وعنه، عَكْسُه، وهو قولُه: إلَّا أنَّه لا يجُوزُ له دُخُولُ مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه. قال الحارِثىُّ فى إحْياءِ المَواتِ، وكذا قال غيرُه مِنَ الأصحابِ: ولا شَكَّ فى تَناوُلِها ما هو مَحُوطٌ وما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس بمَحُوطٍ. ونصَّ على الإِطْلاقِ مِن رِوايَةِ مُهَنَّا. وقيَّده فى «المُغْنِى»، فى إحْياءِ المَواتِ، بالمَحُوطِ. وهو المنْصُوصُ مِن رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهذا لا يخْتَلِفُ المذهبُ فيه. قال: فيُفِيدُ كَوْنَ التقْيِيدِ أشْبَهَ بالمذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: والصَّحيحُ أنَّ الإِذْنَ فيما عدَا المَحُوطِ لا يُعْتَبرُ بحالٍ. انتهى. وقال فى «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والعِشْرِين»: هل يجُوزُ ذلك بغيرِ إذْنِه؟ على وَجْهَيْن. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: الخِلافُ فى غيرِ المَحُوطِ، فأمَّا المَحُوطُ، فلا يجُوزُ بغيرِ خِلافٍ. انتهى. وعنه، عَكْسُه. يعْنِى، لا يفْعَلُ ذلك مُطْلَقًا. وكَرِهَه فى «التَّعْلِيقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَسيلَةِ»، و «التَّبْصِرَةِ». تنبيهات؛ أحدُها، ذكَر المُصَنِّفُ هنا، والمَجْدُ، وغيرُهما، رِوايَةً بجوَازِ بَيْعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، مع عدَمِ المِلْكِ فى ذلك كلِّه. قال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثَّمانِين»: ولعَلَّه مِن بابِ المُعاوَضَةِ عن ما يُسْتَحَقُّ تَمَلُّكُه. انتهى. قلتُ: صرَّح الشَّارِحُ أنَّ الخِلافَ الذى ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا مَبْنِىٌّ على المِلْكِ وعدَمِه. الثَّانى، يَأْتِى فى آخِرِ كتابِ الصَّيْدِ، لو حصَل فى أرْضِه سَمَكٌ، أو عشَّشَ فيه طائرٌ، أنَّه لا يُمْلَكُ بذلك،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يجوزُ بَيْعُه، على الصَّحيحِ. وقيل: يَمْلِكُه. الثَّالثُ، محَلُّ الخِلافِ المُتَقدِّمِ إذا لم يَحُزْه، فأمَّا إذا حازَه فإنَّه يَمْلِكُه، بلا نِزاعٍ. الرَّابعُ، ظاهِرُ قوْلِه: لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيْعُ ما فى المَعادِنِ الجارِيَةِ. أنَّ المَعادِنَ الباطِنَةَ؛ كمعَادِنِ الذَّهبِ والفِضَّةِ، والنُّحاسِ، والرَّصاصِ، والكُحْلِ، والفَيْرُوزَجِ، والزَّبَرْجَدِ، والياقُوتِ، وما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْبَهَها، تُمْلَكُ بمِلْكِ الأرْضِ التى هو فيها، ويجوزُ بَيْعُها، وسواءٌ كان مَوْجُودًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَفِيًّا (¬1)، أم حدَث بعدَ أنْ ملَكَها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: سواءٌ كان ذلك فيها، وقيل: خَفِيًّا. أو حدَث [ذلك فيها] (¬2) بعدَ أنْ مَلَكَها. ¬

(¬1) فى ط: «خفيفًا». (¬2) زيادة من: ش.

فصل

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَا يَجْوزُ بَيْعُ الْآبِقِ، وَلَا الشَّارِدِ، وَلَا الطَّيْرِ فى الْهَوَاءِ، وَلَا السَّمَكِ فى الْمَاءِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ، أَوْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فلا يجوزُ بَيْعُ الآبِقِ. أنَّه سواءٌ كان المُشْتَرِى قادِرًا عليه أَوْ لا. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِ. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ المَنْعُ. وقيل: يصِحُّ بَيْعُه لقادِرٍ على تَحْصيلِه، كالمَغْصُوبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم، وجزَمُوا به، وذكَرَه القاضى فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعٍ مِن كلامِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. فعلى هذا القَوْلِ، إنْ عجَز عن تَحْصيلِه، كان له الفَسْخُ كالمَغْصُوبِ. وظاهِرُ كلامِه أَيضًا، وكلامِ غيرِه، أنَّه لو اشْتَراه يظُنُّ أنَّه لا يقْدِرُ على تَحْصيلِه، فبانَ بخِلافِ ذلك، وحَصَّلَه، أنَّه لا يصِحُّ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقهما فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الأُصُولِيَّةِ». وفى «المُغْنِى» احْتِمالٌ بالفَرْقِ بينَ مَن يعْلَمُ أنَّ المَبِيعَ يفْسُدُ بالعَجْزِ عنِ التَّسْليمِ، فيَفْسُدُ، وبينَ مَن لا يعْلَمُ ذلك، فيَصِحُّ. قوله: ولا الطَّيْرِ فى الهَواءِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يجوزُ بَيْعُه والحالَةُ هذه، إذا كان يَأْلَفُ المَكانَ والرُّجُوعَ إليه. واخْتارَه فى «الفُنُونِ»، وقال: هو قوْلُ الجَماعَةِ. وأَنْكَرَه مَن لم يُحَقِّقْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان البُرْجُ مُغْلَقًا، ويُمْكِنُ أخْذُ الطِّيْرِ منه، أو كان السَّمَكُ فى مَكانٍ له يُمْكِنُ أخْذُه، فلا يَخْلُو؛ إما أنْ تَطُولَ المُدَّةُ فى تَحْصلِه، بحيثُ لا يُمْكِنُ أخْذُه إلَّا بتَعَبٍ ومَشَقَّةٍ، أو لا تَطُولَ المُدَّةُ، فإنْ لم تَطُلِ المُدَّةُ فى تَحْصِيلِه، جازَ بَيْعُه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقالَه القاضى وغيرُه. وظاهِرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، أن فيه وَجْهَيْن. وإنْ طالَتِ المُدَّةُ، ويُمكِنُ تَسْلِيمُه، لكِنْ لا يحْصُلُ إلَّا بتَعَبٍ ومَشَقَّةٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ بَيْعِه. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقال القاضى: لا يجوزُ بَيْعُه والحالَةُ هذه. وأطْلَقهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». وأمَّا إذا طالَتِ المُدَّةُ، ولم يَسْهُلْ أخْذُه، بحيثُ يعْجِزُ عن تَسْليمِه، لم يصِحَّ البَيْعُ؛ لعَجْزِه عن تَسْليمِه فى الحالِ، وللجَهْلِ بوَقْتِ تَسْليمِه. وهذا المذهبُ وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: وظاهِرُ «الواضِحِ» وغيرِه، يصِحُّ. وهو ظاهِرُ تَعْليلِ أحمدَ بجَهالَتِه. قوله: ولا المَغْصُوبِ إلَّا مِن غاصِبِه، أو مَن يَقدِرُ على أخْذِه. بَيْعُ المَغْصُوبِ

فصل

فَصْلٌ: السَّادِسُ، أنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ صِفَةٍ تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن غاصِبِه صحيحٌ، بلا نِزاعٍ. وبَيْعُه ممَّن يقْدِرُ على أخْذِه مِنَ الغاصِبِ صَحيحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وكذا القادِرُ عليه، على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه فى «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». فعلى المذهبِ، لو عجَز عن تَحْصيلِه، فله الفَسْخُ. قوله: السَّادسُ، أنْ يكونَ مَعْلومًا برُؤْيَةٍ. يعْنِى، مِنَ المُتَعاقِدَيْن. يصِحُّ البَيْعُ بالرُّؤْيَةِ؛ وهى تارةً تكونُ مُقارِنَةً للبَيْعِ، وتارةً تكونُ غيرَ مُقارِنَةٍ، فإنْ كانتْ مُقارِنَةً لجَميعِه، صحَّ البَيْعُ بلا نِزاعٍ. وإنْ كانتْ مُقارِنَةً لبَعضِه، فإنْ دلَّتْ على بَقِيَّتِه، صحَّ البَيْع. نصَّ عليه. فرُؤْيَةُ أحَدِ وَجْهَى ثَوْبٍ تَكْفِى فيه، إذا كان غيرَ مَنْقوشٍ. وكذا رُؤْيَةُ وَجْهِ الرَّقيقِ، وظاهِرِ الصُّبْرَةِ المُتَساوِيَةِ الأجْزاءِ؛ مِن حَبٍّ وتَمْرٍ ونحوِهما، وما فى الظرُّوفِ مِن مائعٍ مُتسَاوِى الأجْزاءِ، وما فى الأعْدالِ مِن جِنسٍ

فَإِنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ، أَوْ رَآهُ وَلَم يَعْلَمْ مَا هُوَ، أَوْ ذُكِرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا لَا يَكْفِى فى السَّلَمِ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ، وَلِلْمُشْتَرِى خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٍ، ونحوِ ذلك. ولا يصِحُّ بَيْعُ الأُنْمُوذَجِ؛ بأنْ يرِيَه صاعًا ويَبِيعَه الصُّبْرَةَ على أنَّها مِن جِنْسِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ضَبْطُ الأُنْمُوذَجِ كذِكْرِ الصِّفاتِ. نقَل جَعْفَرٌ -فى مَن يفْتَحُ جِرًابًا ويقولُ: الباقِى بصِفَتِه- إذا جاءَ على صِفَتِه ليس له رَدُّه. قلت: وهو الصَّوابُ. قال فى «الفُروعِ»: قال القاضى وغيرُه: وما عرَفَه بلَمْسِه أو شَمِّه أو ذَوْقِه، فكَرُؤْيتِه. وعنه، ويُشْترَطُ أنْ يَعْرِفَ المَبِيعَ تقْريبًا، فلا يصِحُّ شِراءُ غيرِ جَوْهَرِىٍّ جَوْهَرَةً. وقيل: ويُشْتَرطُ شَمُّه وذَوْقُه. قوله: فإنِ اشْتَرَى ما لم يَرَه ولم يُوصَفْ له، أو رَآه ولم يعْلَمْ ما هو، أو ذُكِرَ له مِن صِفَتِه ما لا يكْفِى فى السَّلَمِ، لم يَصِحَّ البَيْعُ. إذا لم يَرَ المَبِيعَ، فتارَةً يُوصَف له، وتارةً لا يُوصَفُ؛ فإنْ لم يُوصَفْ له، لم يصِحَّ البَيعُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصحُّ. نقَلَها حَنْبَلٌ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه، واخْتارَه فى «الفائقِ»، وضعَّفَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى مَوْضِعٍ آخَرَ. تنبيه: محَلُّ هذا، إذا ذُكِرَ جِنْسُه، فأمَّا إذا لم يُذْكَرْ جِنْسُه، فلا يصِحُّ، رِوايةً واحدةً. قالَه القاضى وغيرُه. وإنْ وُصِفَ له؛ فَتارَةً يُذْكَرُ له مِن صِفَتِه ما يكْفِى فى السَّلَمِ، وتارةً يُذْكَرُ ما لَا يكْفِى فى السَّلَمِ. فإنْ ذُكِرَ له مِن صِفَتِه ما لا يكْفِى فى السَّلَمِ، لم يصِحَّ البَيْعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. فعلى هذه الرِّوايَةِ، والرِّوايَةِ التى اخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فى عدَمِ اشْتِراطِ الرُّؤْيَةِ، له خِيارُ الرُّؤْيَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على أصحِّ الرِّوايتَيْن، وله أَيضًا فَسْخُ العَقْدِ قبلَ الرُّؤْيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: لا فَسْخَ له كإمْضائِه. وليس له الإِجازَةُ قبلَ الرُّؤْيَةِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. وللبائِع أَيضًا الخِيارُ إذا باعَ ما لم يَرَه، وقُلْنا بصِحَّتِه، على تلك الرِّوايَةِ، عندَ الرُّؤْيَةِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: بِعْتُكَ هذا البَغْلَ بكذا. فقال: اشْتَرَيْتُه. فبانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرَسًا أو حِمارًا، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ ينَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ، وله الخِيارُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، قال فى «الرِّعايتَيْن»: وعنه، يصِحُّ البَيْعُ بلا رُؤْيَةٍ ولا صِفَةٍ، وللمُشْتَرِى خِيارُ الرُّؤْيَةِ، وخِيارُه فى مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ. وقيل: بل على الفَوْرِ. وأطْلَقهما فى «الفائقِ». وعنه، لا خِيارَ له إلَّا بعَيْبٍ. قال فى «الفائقِ»: وهو بعيدٌ. وذكَر فى «الرِّعايتَيْن»، فيما إذا رأى عَيْنًا وجَهِلَها، أو ذُكِرَ له مِنَ الصِّفَةِ ما لَا يكْفِى فى السَّلَمِ، رِوايَةَ الصِّحَّةِ، وقال: وله خِيارُ الرُّؤْيَةِ على الفَوْرِ. وقيل: فى مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ. انتهى. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ رَزِينٍ: إذا قُلْنا بصِحَّةِ بَيْعِ الغائبِ، يثْبُتُ الخِيارُ عندَ رُؤْيَةِ المَبِيعِ، ويكون على الفَوْرِ. وقيل: يتَقَيَّدُ بالمَجْلِسِ الذى وُجِدَتْ فيه الرُّؤْيَةُ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: وللمُشْتَرِى الفَسْخُ، إذا ظهَر بخِلافِ رُؤْيَةٍ سابِقَةٍ، أو صِفَةٍ على التَّراخِى، إلَّا بما يدُلُّ على الرِّضا مِن سَوْمٍ ونحوِهِ، لا برُكُوبِه الدَّابَّةَ فى طَريقِ الرَّدِّ. وعنه، على

وَإِنْ ذَكَرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا يَكْفِى فِى السَّلَمِ، أَوْ رَآهُ، ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ظَاهِرًا، صَحَّ، فى أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ثُمَّ إِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَوْرِ. وعليهما، متى أَبْطَلَ حقَّه مِن رَدِّه، فلا أرْشَ فى الأصحِّ. انتهى. قوله: وإنْ ذكَر له مِن صِفَتِه ما يكْفِى فى السَّلَم، أو رآه، ثم عقَدا

وَجَدَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، فَلَهُ الْفَسْخُ، وَالْقَوْلُ فى ذَلِكَ قَولُ الْمُشْتَرِى مَعَ يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد ذلك بزَمَنٍ لا يتَغَيَّرُ فيه ظاهِرًا، صَحَّ فى أصَحِّ الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّوايةُ الأُخْرَى، لا يصِحُّ حتَّى يرَاه. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: أو رآه، ثم عقَدا بعدَ ذلك بزَمَنٍ لا يتَغَيَّرُ فيه ظاهِرًا. أنَّه لو عقَدا عليه بعدَ ذلك بزَمَنٍ يُحْتَمَلُ التَّغَيُّرُ فيه وعدَمُه على السَّواء، أنَّه لا يصِحُّ العَقْدُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأَصحابِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمَه فى «الفُروعِ»، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يصِحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأمَّا إذا عقَداه بعدَ الرُّؤْيَةِ بزَمَنٍ يتَغَيَّرُ ظاهِرًا، لم يصِحَّ البَيْعُ. فائدة: متى قُلْنا: يصِحُّ البَيْعُ بالصِّفَةِ. صحَّ بَيْعُ الأعْمَى وشِراؤُه. نصَّ عليه، كتَوْكيلِه. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ أمْكَنَ معْرِفَةُ المَبِيعِ بالذَّوْقِ. أو بالشَّمِّ، صحَّ بَيْعُ الأعْمَى وشِراؤُه، وإنْ لم يُمْكِنْ، جازَ بَيْعُه بالصِّفَةِ كالبَصِيرِ، وله خِيارُ الخُلْفِ فى الصِّفَةِ. انتهيا. وقال فى «الكافِى»: فإنْ عُدِمَتِ الصِّفَةُ وأمْكَنَ مَعْرِفَةُ المَبِيعِ بذَوْقٍ أو شَمٍّ، صحَّ، وإلَّا فلا. قوله: ثم إنْ وجَدَه لم يتَغَيَّرْ، فلا خِيارَ له، وإنْ وجَدَه مُتَغَيِّرًا، فله الفَسْخُ. يُسَمَّى هذا خِيارَ الخُلْفِ فى الصِّفَةِ؛ لأنَّه وجَد المَوْصُوفَ بخِلافِ الصِّفَةِ. واعلمْ أنَّ للمُشْتَرِى الفَسْخَ إنْ وجَدَه مُتَغيِّرًا، أو وجَدَه على خِلافِ ما وصَفَه له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وقيل: له الفَسْخُ معَ القَبْضِ، ويكونُ على التَّراخِى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أنْ يُوجَدَ منه ما يدُلُّ على الرِّضا، مِن سَوْمٍ ونحوِه، لا برُكوبِه الدَّابَّةَ فى طَريقِ الرَّدِّ. وعنه، على الفَوْرِ. وعليهما، متى أُبْطِلَ حقُّه مِنَ الرَّدِّ، فلا أرْشَ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». وتقدَّم كلامُه فى «الرِّعايَةِ»، و «الشَّرْحِ». قوله: والقَوْلُ فى ذلك قَوْلُ المشْتَرِى مع يَمينِه. يعْنِى، إذا وجَدَه مُتَغيِّرًا، أو على خِلافِ ما وصَفَه له. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. قال فى «الرِّعايَةِ»: وفيه نظَرٌ. وقال المَجْدُ: ذكَر القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ بعُمُومِ كلامِه، إذا اخْتَلَفا فى صِفَةِ المَبِيعِ، هل يتَحالفَان، أو القَوْلُ قوْلُ البائعِ؟ فيه رِوايَتان، وسيَأْتِى. قال فى «النُّكَتِ»، بعدَ أنْ قدَّم أنَّ القوْلَ قوْلُ المُشْتَرِى: ويتَوجَّهُ فيه قوْلان؛ أحدُهما، يُقدَّمُ قوْلُ البائعِ. والثَّانِى، يتَحالفَان. قال: وجعَل الأصحابُ المذهبَ هنا قوْلَ المُشْتَرِى، مع أن المذهبَ عندَهم -فيما إذا قال: بعْتَنِى هذَيْن بمِائَةٍ. قال: بل أحَدُهما بخَمْسِين أو بمِائَةٍ-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ القوْلَ قوْلُ البائعِ؛ لأَنَّ الأصْلَ عدَمُ بَيْعِ الآخَرِ، مع أنَّ الأصْلَ السَّابِقَ مَوْجودٌ هنا. وهو مُشْكِلٌ. انتهى. فائدة: البَيْعُ بالصِّفَةِ نَوْعان؛ أحدُهما، بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَنّةَ، مثْلَ أنْ يقولَ: بِعْتُك عَبْدِىَ التُّرْكِىَّ. ويذْكُرُ صِفاتِه، فهذا ينْفَسِخُ العَقْدُ عليه برَدِّه على البائعِ، وتَلَفِه قبلَ قَبْضِه، ويجُوزُ التَّفَرُّقُ قبلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وقبلَ قَبْضِ المَبيعِ، كبَيْعِ الحاضِرِ. الثَّانى، بَيْعٌ مَوْصوفٌ غيرُ مُعَيَّنٍ، مثلَ أنْ يقولَ: بِعْتُكَ عَبْدًا تُرْكِيًّا. ثم يَسْتَقصِىَ صِفاتِ السَّلَمِ، فيَصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به فى «الجامِعِ الكَبيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةٌ. قال فى «الرِّعايَةِ»: صحَّ البَيْعُ فى الأقْيَسِ؛ وذلك لأنَّه فى مَعْنَى السَّلَمِ، فمتى سلَّم إليه عَبْدًا على غيرِ ما وصَفَه له، فرَدَّه، أو على ما وصَفَه له، فأبْدَلَه، لم يفْسُدِ العَقْدُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّ العَقْدَ لم يَقَعْ على عَيْنِ هذا. وقيلَ: لا يصِحُّ البَيْعُ. وحكَاه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ رِوايَةً. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه فى «التَّلْخِيصِ»؛ لأنَّه اقْتَصَرَ عليه. وقيل: يصِحُّ إنْ كان فى مِلْكِه، وإلَّا فلا. واخْتاره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقد يُؤْخَذُ هذا مِن كلامِ المُصَنِّفِ، فى قوْلِه: ولا يصِحُّ بَيْعُ ما لَا يَمْلِكُه؛ ليَمْضِىَ، ويشْتَرِيَه، ويُسَلِّمَه. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، لا يجُوزُ التَّفَرُّقُ عن مَجْلِسِ العَقْدِ قبلَ قَبْضِ المَبِيعِ، أو قَبْضِ ثَمَنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال القاضى: يجوزُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، فى أوَّلِ بابِ السَّلَمِ. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه، لا يُعْتَبرُ تَعْيِينُ ثَمَنِه، وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، يُعْتَبَرُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أوْلَى؛ ليَخْرُجَ عن بَيْعِ دَيْنٍ بدَيْنٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلقَ الوَجْهَيْن فى «الفُروعِ». فائدة: ذكَر القاضى وأصحابُه، أنَّه لا يصِحُّ اسْتِصْناعُ سِلْعَةٍ؛ لأنَّه باعَ ما ليس عندَه على غيرِ وَجْهِ السَّلَمِ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». وقالوا أَيضًا: لا يصِحُّ بَيْعُ ثَوْبٍ نُسِجَ بعضُه، على أنْ يُنْسَيجَ بقِيَّتُه. وعلَّلُوا، تبَعًا للقاضى، بأنَّ بَيْعَ المَنْسُوجِ بَيْعُ عَيْنٍ، والباقِىَ مَوْصُوفٌ فى الذِّمَّةِ، ولا يصِحُّ أنْ يكونَ الثَّوْبُ الواحِدُ بعضُه بَيْعُ عَيْنٍ وبعضُه مُسْلَمٌ فيه؛ لأنَّ الباقىَ سَلَمٌ فى أعْيانٍ، وذلك لا يجُوزُ، ولأنَّه بَيْعٌ وسَلَمٌ واسْتِئْجارٌ، فاللُّحْمَةُ غائِبَةٌ، فهى مُسْلَمٌ فيه، والنَّسْجُ اسْتِئْجارٌ. واقْتَصرَ على ذلك فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال: وقيل: يصِحُّ بَيْعُه إلى المُشْتَرِى، إنْ صحَّ جَمْعُ بَيْعٍ وإجارَةٍ منه بعَقْدٍ واحدٍ؛ لأنَّه بَيْعٌ وسَلَمٌ، أو شُرِطَ فيه نفْعُ البائعِ. انتهى. فإنْ أحْضَرَ اللُّحْمَةَ وباعَها مع الثَّوْبِ، وشرَط على البائعِ نَسْجَها، فعلى الرِّوايتَيْن فى اشْتِراطِ مَنْفعَةِ البائعِ، على ما يَأْتِى. ذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ فى الْبَطنِ، وَاللَّبَنِ فى الضَّرْعِ، وَالْمِسْكِ فى الْفَأْرِ, وَالنَّوَى فى التَّمْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ بَيْعُ الحَمْلِ فى البَطْنِ، ولا اللَّبَنِ فى الضَّرْعِ. بَيْعُ الحَمْلِ فى البَطْنِ نهَى الشَّارِعُ عنه، فلا يصِحُّ بَيْعُه إجْماعًا. وهو بَيْعُ المَجْرِ، ونهَى الشّارِعُ أَيضًا عنه. قال أبو عُبَيْدٍ: هو بسُكُونِ الجِيمِ. وقال أبو عُبَيْدَةَ والقُتَيْبِىُّ: هو بفَتْحِها. والمَعْنَى واحِدٌ. ونهَى أَيضًا عن بَيْعِ المَضامِينِ والمَلاقِيحِ. قال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُبَيْدٍ: المَلاقِيحُ، الأجِنَّةُ. والمَضامِينُ، ما فى أصْلابِ الفُحُولِ. وقال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأعْرابِىِّ: المَجْرُ، ما فى بَطْنِ النَّاقَةِ. والمَجْرُ، الرِّبا. والمَجْرُ، القِمارُ. والمَجْرُ، المُحاقَلَةُ، والمُزابَنَةُ. انتهى. وقيلَ: المَضامِينُ، ما فى بُطُونِها. والمَلاقِيحُ، ما فى ظُهُورِها. وعلى التَّفْسِيرَيْن، هو غيرُ عَسْبِ الفَحْلِ عندَ الأكْثَرِ؛ لأنَّ عَسْبَ الفَحْلِ، هو أنْ يُؤجِرَ الفَحْلَ ليَنْزُوَ على إناثِ غيرِه. وظاهِرُ ما فى «التَّلْخيصِ»، أنَّ الذى فى الظُّهورِ عَسْبُ الفَحْلِ. وقال فى «الفُروعِ»: بَيْعُ الحَمْلِ فى البَطْنِ هو بَيْعُ المَضامِينِ، وهو المَجْرُ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى كلِّ حالٍ، لا يجوزُ بَيْع عَسْبِ الفَحْلِ، وهو ضِرابُه، بلا نِزاعٍ. ويأْتِى فى الإِجارَةِ حُكْمُ إجارَته. وأمَّا بَيْعُ اللُّبَنِ فى الضَّرْعِ، فلا يصِحُّ. قطَع به الأصحابُ، إلُّا أنّ الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ قال: إنْ باعَه لَبَنًا مَوْصُوفًا فى الذِّمَّةِ، واشْتَرطَ كوْنَه مِن شاةٍ أو بَقَرةٍ مُعَيَّنةٍ، جازَ. وحكَى ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه»، فى جَوازِ بَيْعهِ، خِلافًا، وأطْلَقَه. قوله: ولا المِسْكِ فى الفَأْرِ. يعْنِى، لا يصِحُّ بَيْعُه. وهو المذهبُ، وقطَع

وَلَا الصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ بِشَرْطِ جَزِّهِ فِى الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به الأصحابُ، إلَّا أنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» وَجَّهَ تخْريجًا واحْتِمالًا بالجَوازِ، قال: لأنَّها وِعاءٌ له تَصُونُه وتَحْفَظُه، فيُشْبِهُ ما مأْكُولُه فى جَوْفِه، وتُجَّارُ ذلك يعْرِفُونَه فيها، فلا غَرَرَ. واخْتارَه صاحِبُ «الهَدْى». قلتُ: وهو قَوِىٌّ فى النَّظَرِ. قوله: والصُّوفِ على الظَّهْرِ. يعْنِى، لا يصِحُّ بَيْعُه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ بشَرْطِ جَزِّه فى الحالِ. قلتُ: وفيه قُوَّةٌ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». وقيَّدَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بأنْ يكونَ مُتَّصِلًا بحَىٍّ. قلتُ: حيثُ قُلْنا بطَهارَته والانْتِفاعِ به، لا يُشْترَطُ ذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ الأكثرِ.

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ ثَوْبِى هَذَا، عَلَى أَنَّكَ مَتَى لَمَسْتَهُ، فَهُوَ عَلَيْكَ بِكَذَا. أَوْ يَقُولَ: أَىُّ ثَوْبِ لَمَسْتَهُ، فَهُوَ لَكَ بِكَذَا. وَلَا بَيْعُ الْمُنَابَذَةِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَىُّ ثَوْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اشْترَاه بشَرْطِ القَطْعِ، وترَكَه حتَّى طالَ، فحُكْمُه حُكْمُ الرَّطْبَةِ إذا طالَتْ، على ما نذْكُرُه فى بابِ بَيْعِ الأُصولِ والثِّمارِ. وذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

نَبَذْتَهُ إِلَىَّ، فَهُوَ عَلَىَّ بِكَذَا. وَلَا بَيْعُ الْحَصَاةِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: ارْمِ هَذِهِ الْحَصَاةَ، فَعَلَى أىِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ، فَهُوَ لَكَ بِكَذَا. أَوْ يَقُولَ: بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ قَدْرَ مَا تَبْلُغُ هَذِه الْحَصَاةُ إِذَا رَمَيْتَهَا بِكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدٍ، وَلَا شَاةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ أن يَبِيعَ عَبْدًا غيرَ مُعَيَّنٍ. بلا نِزاعٍ.

مِنْ قَطِيعٍ، وَلَا شَجَرَةً مِنْ بُسْتَانٍ، وَلَا هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إِلَّا وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَلَا هَذَا الْقَطِيعَ إِلَّا شَاةً. وَإِنِ اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا مِنْ ذَلِكَ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا عَبْدًا مِن عبيدٍ، ولا شاةً مِن قَطِيعٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وصرَّحوا به. وظاهِرُ كلامِ الشَّرِيفِ أبى جَعْفَرٍ، وأبى الخَطَّابِ، أنَّه يصِحُّ إنْ تَساوَتْ قِيمَتُهم. قلتُ: هذا كالمُتعَذَّرِ وُجودُه. وقال فى «الانْتِصارِ»، فى مسْألةِ تَعْيِينِ النُّقودِ: إنْ ثبَت للثِّيابِ عُرْفٌ وصِفَة، صحَّ إطْلاقُ العَقْدِ عليها، كالنُّقودِ. أَوْمَأَ إليه أحمدُ. وفى «المُفْرَداتِ»، يصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ مِن ثلاثَةِ أعْبُدٍ، بشَرْطِ الخِيَارِ. فائدة: لا يصِحُّ بَيْعُ المَغْرُوسِ فى الأرْضِ الذى يظْهَرُ ورَقُه فقط، كاللِّفْتِ، والفُجْلِ، والجَزَرِ، والقُلْقاسِ، والبَصَلِ، والثُّومِ، ونحوِ ذلك. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. ذكَرَاه فى باب (¬1) بَيْعِ الأصُولِ والثِّمارِ. وقيل: يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: اخْتارَه بعضُ أصحابِنا. واخْتارَه فى «الفائقِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ، وله الخِيَارُ بعدَ قَلْعِه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ بَاعَةُ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفائقِ»: وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ على رِوايَتَىِ الغائبِ. قال الطُوفِىُّ فى «شَرْحِ الخِرَقِىِّ»: والاسْتِحْسانُ جَوازُه؛ لأنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليه، والغرَرُ ينْدَفِعُ باجْتِهادِ أَهْلِ الخِبْرَةِ والدُّرْبَةِ به، وهو مذهَبُ مالِكٍ. انتهى. قوله: ولا شَجَرةً من بُسْتانٍ، ولا هؤلاءِ العَبيدَ إلَّا واحِدًا غيرَ مُعَيَّنٍ، ولا هذا القَطِعَ إلَّا شاةً. بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه. فائدة: لا يجوزُ بَيْعُ العَطاءِ قبلَ قَبْضِه؛ لأنَّه غَرَرٌ ومَجْهُولٌ، ولا رُقْعَةَ به. وعنه، يَبِيعُها بعَرْضٍ (¬1) مَقبُوضٍ. تنبيه: قوله: وإنْ باعَه قَفِيزًا مِن هذه الصُّبْرَةِ، صَحَّ. مُقَيَّدٌ بأنْ تكونَ الصُّبْرَةُ ¬

(¬1) فى أ: «بعوض».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرَ مِن قَفِيزٍ. وهو الظَّاهِرُ مِن كلامِهم. ومُقَيَّدٌ أَيضًا بأنْ تكونَ أجْزاؤُها مُتَساوِيَةً، فلوِ اخْتلَفَتْ أجْزاؤُها, لم يصِحَّ البَيْعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كصُبْرَةِ بَقَّالِ القَرْيَةِ، والمُحَدِّرِ مِن قَرْيَةٍ إلى قَرْيَةٍ بجمِيعِ (¬1) ما يَبيعُ به مِنَ البُرِّ مثَلًا، أو الشَّعِيرِ المُخْتَلِفِ الأوْصافِ. وقيل: يصِحُّ ذلك مِن صُبْرَةِ بقَّالِ القَرْيَةِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المْصَنِّفِ. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: وإنْ باعَ نِصْفَها، أو ثُلُثَها، أو جُزْءًا منها، صحَّ مُطْلَقًا؛ لظاهِرِ النُّصُوصِ. وقيل: إنِ اخْتلفَتْ أجْزاؤُها، كصُبْرَةِ بقَّالِ القَرْيَةِ، لم يصِحّ. انتهى. وهذه المَسْأَلَةُ غيرُ مَسْألَةِ المُصَنِّفِ فيما يظْهَرُ. فائدتان؛ إحداهما، لو تَلِفَتِ الصُّبْرَةُ كلُّها إلَّا قَفِيزًا، كان هو المَبِيعَ. قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، لو فَرَّقَ قُفْزَانَ الصُّبْرَةِ المُتَساوِيَةِ الأجْزاءِ، وباعَ أحدَها مُبْهَمًا، صحَّ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». قال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: ظاهِرُ كلامِ القاضى الصِّحَّةُ؛ لأنَّه ذكَر فى «الخِلافِ» صِحَّةَ إجارَةِ عَيْنٍ مِن أعْيانٍ مُتَقارِبَةِ النَّفْعِ؛ لأنَّ المَنافِعَ لا تَتفاوَتُ كالأعْيانِ. انتهى. قُلتُ (¬2): وهو ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «يجمع». (¬2) سقط من الأصل، ط.

وَإِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ إِلَّا قَفِيزًا، أَوْ ثَمَرَةَ الشَّجَرَةِ إِلَّا صَاعًا، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يصِحَّ. صحَّحَه فى «التَّلْخيصِ». وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ». قوله: وإن باعَه الضُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: لم يصِحَّ فى ظاهرِ المذهبِ. وعنه، يصِحُّ. قلت: وهو قَوِىٌّ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يعْلَما قُفْزانَها، فأمَّا إنْ عَلِمَا قُفْزانَها، فيَصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وهو واضِحٌ. فائدة: لا يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ باطِنِ الصُّبْرَةِ، وكذا لا يُشْتَرطُ تَساوِى مَوْضِعِها (¬1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجُمْهُورُ. وشرَطَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، إلَّا أَنْ يكونَ يَسِيرًا. فعلى المذهبِ، إنْ ظهَر تحتَها رَبْوَةٌ ونحوُها، خُيِّرَ المُشْتَرِى بينَ الرَّدِّ والإِمْساكِ، كما لو وجَد باطِنَها رَدِيئًا. نصَّ عليه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يرْجِعَ بمثْلِ ما فاتَ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ. وإنْ ظَهر تحتَها حُفْرَةٌ، أو باطِنُها خَيْرٌ مِن ¬

(¬1) فى أ: «موضوعها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرِها، فلا خِيارَ للمُشْتَرِى، وللبائعِ الخِيارُ إنْ لم يَعْلَمْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه لا خِيارَ له. قالَه المُصَنِّفُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ منها ما حصَل فى الانْخِفاضِ. قالَه ابنُ عَقِيلٍ. واخْتارَ صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، أنَّ حُكْمَ المسْألَةِ الأُولَى حُكْمُ ما لوا باعَه أرْضًا على أنَّها عشَرَةُ أذْرُعٍ، فَبانَتْ تِسْعَةً. وحُكْمُ الثَّانِيَةِ، حُكْمُ ما لو باعَه على أنَّها عشَرَة، فبانتْ أحَدَ عشَرَ. فائدة: اسْتِثْناءُ صاعٍ مِن ثَمَرَةِ بُسْتانٍ، كاسْتِثْناءِ قَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ. قالَه الأصحابُ. وأطْلقَ الخِلافَ فى هذه المَسْألَةِ فى «المُسْتَوْعِبِ» ,

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ بالصِّحَّةِ فيها. ويأْتِى قريبًا، إذا اسْتَثْنَى مُشاعًا مِن صُبْرَةٍ أو بُسْتانٍ ونحوِه، كثُلُثٍ ورُبْعٍ. قوله: أو ثَمَرَةَ الشَّجَرَةِ إلَّا صاعًا، لم يصِحَّ. فى هذه المسْأَلَةِ طَريقان؛ أحدُهما، أنَّ حُكْمَ اسْتِثْناءِ صاعٍ مِن شجَرَةٍ، كاسْتِثْناءِ قَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ. وهى طرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وأطْلقَ الرِّوايتَيْن فيها فى «المُسْتَوْعِبِ». والطَّريقُ الثَّانِى، صِحَّةُ اسْتِثْناءِ صاعٍ مِن شجَرَةٍ، ولو منَعْنا مِن صِحَّتِه فى الصُّبْرَةِ. وهى طَريقَةُ القاضى فى «شَرْحِه»، أو «جامِعِه الصَّغِيرِ»، وقاسَها على سَواقِطِ الشّاةِ، وقدَّمها فى

وَإِنْ بَاعَهُ أَرْضًا إِلَّا جَرِيبًا، أَوْ جَرِيبًا مِنْ أَرْضٍ يَعْلَمَانِ جُرْبَانَهَا، صَحَّ، وَكَانَ مُشَاعًا فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». فهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. ورَدَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ ذلك. قوله: وإنْ باعَه أرْضًا إلَّا جَرِيبًا، أو جَرِيبًا مِن أرْضٍ يَعْلمان جُرْبانَها، صَحَّ، وكان مُشاعًا فيها، وإلَّا لم يصِحَّ. يعْنِى، وإنْ لم يعْلَما جُرْبانَها, لم يصِحَّ، وكذا الحُكْمُ لو باعَه ذِراعًا مِن ثَوْبٍ. واعلمْ أنَّه إذا عَلِما الجُرْبانَ، والأذْرُعَ فى الثَّوْبِ، صحَّ البَيْعُ، وكان مُشاعًا، وإنْ لم يَعْلَما ذلك، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ» فيهما: لم يصِحَّ فى الأصحِّ. ذكَرَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»؛ لأنَّه لا مُعَيَّنًا ولا مُشاعًا. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ولو قال: بعْتُك مِن هذا الثَّوْبِ؛ مِن هذا المَوْضِع إلى هذا. صحَّ، فإنْ كان القَطْعُ لا يُنْقِصُه، قطَعاه، وإنْ كان يُنْقِصُه وتَشاحَّا، صحَّ، وكانا شَرِيكَيْن فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضى: لا يصِحُّ. وعلَّلَه بأنَّه لا يُمْكِنُه تَسْلِيمُ المَبِيعِ إلَّا بضَرَرٍ يدْخُلُ عليهما.

وَإِنْ بَاعَهُ حَيَوَانًا مَأْكُولًا إِلَّا رَأْسَهُ، وَجِلْدَهُ، وَأَطْرَافَهُ، صَحَّ. وَإِنِ اسْتَثْنَى حَمْلَهُ، أَوْ شَحْمَهُ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واقْتَصرَ على قوْلِ القاضى فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِى الكَبيرِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهو بعيدٌ. فائدة: لو باعَه عشَرَةَ أذْرُعٍ، وعيَّن الابتدِاءَ دُونَ الانْتِهاءِ، لم يصِحَّ البَيْعُ. نصَّ عليه. ومثْلُه لو قال: بِعْتُك نِصْفَ هذه الدَّارِ التى تَلِينى. ذكَرَه المَجْدُ وغيرُه. قوله: وإنْ باعَه حَيَوانًا مَأْكُولًا إلَّا رَأْسَه وجِلْدَه وأطرافَه، صَحَّ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. فوائد؛ الأُولَى، لو أبَى المُشْتَرِى ذَبْحَه، لم يُجْبَرْ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ويَلْزَمُه قِيمَةُ ذلك على التَّقْريبِ. نصَّ عليه. وقيل: يُجْبَرُ. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه متى لم يذْبَحْه يكونُ له الفَسْخُ، وإلَّا فقِيمَتُه. ولعَلَّه مُرادُهم. انتهى. الثَّانيةُ، للمُشْتَرِى الفَسْخُ بعَيْبٍ يخْتَصُّ هذا المَسْتَثْنَى. ذكَرَه فى «الفُنونِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: وِيتَوَجَّهُ، لا فَسْخَ له. الثَّالثةُ، لو باعَه الجِلْدَ، والرَّأْسَ، والأَطْرافَ مُنْفرِدَةً، لم يصِحَّ، وإنْ صحَّ اسْتِثْناؤُه. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ لعدَمِ اعْتِيادِه عُرْفًا, ولأنَّ الاسْتِثْناءَ اسْتِبْقاءٌ، وهو يُخالِفُ العَقْدَ المُبْتدَأَ؛ لجَوازِ اسْتِبْقاءِ المَتاعِ فى الدَّارِ المَبِيعَةِ إلى رَفْعِه المُعْتادِ، وبَقاءِ مِلْكِ النِّكاحِ على المُعْتَدَّةِ مِن غيرِه، والمُرْتَدَّةِ، ولصِحَّةِ بَيْعِ الورَثَةِ أمَةً مُوصًى بحَمْلِها دُونَ حَمْلِها. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّ مُرادَهم بعدَمِ الصِّحَّةِ، إذا لم تَكُنِ الشَّاةُ للمُشْتَرِى، فإنْ كانت للمُشْتَرِى، فيتَخَرَّجُ على الوَجْهَيْن فيما إذا باعَ الثَّمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها لمَنِ الأصْلُ له، إلَّا أَنْ يعْثُرَ على فرْقٍ بينَهما. الرَّابعةُ، لوِ اسْتَثْنَى جُزْءًا مُشاعًا معْلُومًا مِن شَاةٍ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ على الأصحِّ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وهو الصَّحيحُ عندِى. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضى، وقاسَه على اسْتِثْناءِ الشَّحْمِ. أطْلَقَ وَجْهَيْن فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه، ورَدَّ قِياسَ القاضى بأنَّ الشَّحْمَ مَجْهولٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا جَهالَةَ هُنا. وحمَل ابنُ عَقِيلٍ كلامَ القاضى على أنَّه اسْتَثْنَى رُبْعَ لَحْمِ الشَّاةِ، لا رُبْعَها مُشاعًا، ثم اخْتارَ الصِّحَّةَ فى ذلك أَيضًا. الخامسةُ، لو اسْتَثْنَى مُشاعًا مِن صُبْرَةٍ أو حائطٍ، كثُلُثٍ أو رُبْعٍ، أو أجْزاءٍ كثَلَاثَةِ أثْمانِه، صحَّ البَيْعُ والاسْتِثْناءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ذكَرَه أصحابُنا. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ على الأصحِّ. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: لا يصِحُّ. قوله: وإنِ اسْتَثْنَى حَمْلَه، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: لم يصِحَّ فى ظاهرِ المذهبِ. وعنه، يصِحُّ. نقَلَها ابنُ القاسِمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسِنْدِىٌّ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: حَمْلُ المَبِيعِ كالإما يَسْتَثْنِى … أطْرافَ شَاةٍ هكذا فى «المُغْنِى» فائدة: لو اسْتَثْنَى الحَمْلَ فى العِتْقِ، صَحَّ، قوْلًا واحدًا، على ما يَأْتِى فى بابه. قالَه غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: صحَّ على الأصحِّ. فوائد؛ إحْداها، اسْتِثْناءُ رَطْلِ لَحْمٍ أو شَحْمٍ، كاسْتِثْناءِ الحَمْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو الوَفاءِ: المذهبُ صِحَّةُ اسْتِثْناءِ رَطْلٍ مِن لَحْمٍ. الثَّانيةُ، يصِحُّ بَيْعُ حيَوانٍ مذْبُوحٍ، ويصِحُّ بَيْعُ لَحْمِه فيه، ويصِحُّ بَيْعُ جِلْدِه وحدَه. وهو المذهبُ فى ذلك كلِّه. قدَّمه فى «الفُروعِ»، واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وغيرُه. وقال فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه: لا يصِحُّ بَيْعُ اللَّحْمِ فى الجِلْدِ، ولا بَيْعُ الجِلْدِ معَ اللَّحْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ السَّلْخِ، اكْتِفاءً برُؤْيَةِ الجِلْدِ، ويصِحُّ بَيْعُ الرُّءوسِ، والأَكارِعِ والسُّموطِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ بَيْعُه مع جِلْدِه جميعًا، كما قبلَ الذَّبْحِ. ومنَعَه بعضُ مُتَأخِّرِى الفُقَهاءِ، ظانًّا أنَّه بيعُ غائبٍ بدونِ رُؤْيَةٍ ولا صِفَةٍ. قال: كذلك يجوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ وحدَه والجِلْدِ وحدَه. الثَّالثةُ، لو باعَ جارِيَةً حامِلًا بحُرٍّ، صحَّ البَيْعُ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفائقِ»: صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقال القاضى: لا يصِحُّ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، أنَّ فيه رِوايتَيْن، وأطْلقَهما، وأطْلَقَ وَجْهَيْن فى «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والثَّلاِثين». الرَّابعةُ، قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم: لو عَدَّ ألْفَ جَوْزَةٍ ووضَعَها فى كَيْلٍ، ثم فعَل مِثْلَ ذلك بلا عَدٍّ، لم يصِحَّ. ونصَّ عليه.

وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا مَأْكُولُهُ فى جَوْفِهِ، وَبَيْعُ الْبَاقِلَّاءِ، وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فى قِشرتِهِ، وَالْحَبِّ المُشْتَدِّ فى سُنْبُلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويصِحُّ بَيْعُ البَاقِلَّا، والجَوْزِ، واللَّوْزِ فى قِشْرتِه، والحَبِّ المُشْتَدِّ فى

فصل

فَصْلٌ: السَّابعُ، أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا. فَإِنْ بَاعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ سُنْبُلِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، وقطَعُوا به، إلَّا أنّه قال فى «التَّلْخيصِ»: يصِحُّ على المَشْهُورِ عنه، وسواءٌ كان فى إبْقائِه صَلاحٌ ظاهِرٌ، أو لم يَكُنْ. قوله: السابعُ، أَنْ يكونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا. يُشْتَرطُ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ حالَ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ صحَّةَ

السِّلْعَةَ بِرَقْمِهَا، أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً، أَوْ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ، أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ، أَوْ بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ، وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْدٌ واحِدٌ، انْصَرَفَ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ البَيْعِ، وإنْ لم يُسَمَّ الثَّمَنُ، وله ثَمَنُ المِثْلِ كالنِّكاحِ. فائدتان؛ إحْداهما، يصِحُّ البَيْعُ بوَزْنِ صِنْجَةٍ لا يعْلَمان وَزْنَها، وبصُبْرَةٍ ثَمَنًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ فى الأصحِّ. وصحَّحَه فى «التَّرْغيبِ» فى الثَّانيةِ. وقيل: لا يصِحُّ فيهما. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وأطْلقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، فى الأُولَى. ومِثْلُ ذلك، ما يسَعُ هذا الكَيْلُ، لكِنَّ المَنْصُوصَ هنا الصِّحَّةُ. الثَّانيةُ، لو باعَه سِلْعَةً معْلُومَةً بنَفَقَةِ عَبْدِه شَهْرًا، صحَّ. ذكَرَه القاضى فى «خِلافِه». واقْتَصَر عليه فى «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والسَّبْعِين». قولهْ: فإنْ باعَه السِّلْعَةَ برَقْمِها. لم يصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. واخْتارَه الشّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: برَقْمِها. إذا كان مَجْهولًا عندَهما، أو عندَ أحَدِهما؛ بدَليلِ قوْلِه: أَنْ يكونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا. وهو واضِحٌ. أمَّا إذا كان الرَّقْمُ مَعْلومًا، فإنَّ البَيْعَ صَحِيحٌ، ويدْخُلُ فى قوْلِه: مَعْلُومًا. وقد نصَّ عليه المُصَنِّفُ فى الفَصْلِ السَّادِسِ، فى بابِ الخِيَارِ فى البَيْعِ. قوله: أو بأَلْفٍ ذَهَبًا وفِضَّةً. لم يصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ فهم، وبَناه القاضى وغيرُه على إسْلامِ ثَمَن واحدٍ فى جِنْسَيْن. ويأْتِى الخِلافُ فى ذلك فى بابِ السَّلَمِ. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» الصِّحَّةَ. ويَلْزَمُه النِّصْفُ ذَهَبًا، والنِّصْفُ فِضَّةً، بِناءً على اخْتِيارِ ابنِ عَقِيلٍ، فيما إذا أقَرَّ بمِائَةٍ ذهَبًا وفِضَّةً، فإنّه صحَّحَ إقْرارَه بذلك مُناصَفَةً. قوله: أو بما يَنْقَطِعُ به السِّعْرُ. أىْ لا يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قوله: أو بما باعَ به فُلانٌ. لم يصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وقالَ: هو أحَدُ القَوْلَيْن فى مذهبِ أحمدَ. قوله: أو بدِينارٍ مُطْلَقٍ، وفى البَلَدِ نُقُودٌ, لم يصِحَّ. إذا باعَه بدِينارٍ مُطْلَقٍ،

وَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ صِحَاحًا، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ مُكَسَّرَةً. أَوْ: ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى البَلَدِ نُقُودٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ فيها نَقْدٌ غالِبٌ، أَوْ لا؛ فإنْ كان فيها نَقْدٌ غالِبٌ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن البَيْعَ لا يصِحُّ به إذا أُطلِقَ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، وهو ظاهِرُ ما جزَم به الشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ وينصَرِفُ إليه. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وإنْ لم يَكُنْ فى البلَدِ نقْدٌ غالِبٌ، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشِّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنِّورِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يصِحُّ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يكونُ له الوَسَطُ. على الصَّحيحِ. وعنه، الأدْنَى. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: إذا اخْتَلفَتِ النُّقُودُ، فله أقَلُّها قِيمَةً. قوله: وإنْ قالَ: بعْتُكَ بعَشَرَةٍ صحاحًا، أوِ أحدَ عشَرَ مُكَسَّرَةً، أو بعَشَرَةٍ نَقْدًا، أو عِشْرِين نسِيئَةً، لم يَصِحَّ. يعْنى، ما لم يتَفرَّقا على أحَدِهما. وهذا المذهبُ.

بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، أَوْ عِشْرِينَ نَسِيئَةً. لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يصِحَّ، وهو لأبِى الخَطَّابِ، واخْتارَه فى «الفائقِ». قال أبو الخَطَّابِ، قِياسًا على قوْلِه فى الإِجارَةِ: إنْ خِطْتَه اليَوْمَ، فلك دِرْهَمٌ، وإنْ خِطْتَه غدًا، ذلك نِصْفُ دِرْهَمٍ. وفرَّقَ بعضُ الأصحابِ بينَهما، بأن ذلك جَعالَةٌ، وهذا بَيْعُ، ويُغْتفَرُ فى الجَعالَةِ ما لا يُغْتَفَرُ فى البَيْعِ، ولأنَّ العَمَلَ الذى يسْتَحِقُّ به الأُجْرَةَ لا يمْلِكُ وُقوعَه إلَّا على إحْدَى الصِّفتَيْن، فتَتعَيَّنُ الأُجْرَةُ المُسَمَّاةُ عِوَضًا، فلا يُفْضِى إلى التَّنازُعِ، والبَيْعُ

وَإِنْ بَاعَهُ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَالْقَطِيعَ كُلَّ شَاةٍ بدِرْهَمٍ, وَالثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بخِلافِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفى كليهما، أى التَّعْليلَيْن، نظَرٌ؛ لأنَّ العِلْمَ بالعِوَضِ فى الجَعالَةِ شَرْطٌ، كما هو فى الإِجارَةِ والبَيْعِ، والقَبُولُ أَيضًا فى البَيْعِ لا يقَعُ إلَّا على إحْدَى الصِّفتَيْن، فيتَعَيَّنُ ما يُسَمَّى لها. انتهى. ويأْتِى، هل هذا بَيْعَتَيْن فى بَيْعةٍ أم لا؟ فى أوَّلِ بابِ الشُّرُوطِ فى البَيْعِ. قوله: وإنْ باعَه الصُّبْرَةَ كُلَّ قفيزٍ بدِرْهَمٍ, والقَطِيعَ كُلَّ شاةٍ بدِرْهَمٍ، والثَّوْبَ كُلَّ ذِراعٍ بدِرْهَمٍ، صحَّ. وهو المَذهبُ، وعليه الجمهورُ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويصِحُّ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ. وفى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» هنا سَهْوٌ؛ لكَوْنِهما قالَا: وإنْ باعَه صُبْرَةً كلَّ قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ، صحَّ، إنْ جَهِلا ذلك عندَ العَقْدِ، وإنْ عَلِمَا فوَجْهان، وإنْ جَهِلَه المُشْتَرِى، وجَهِلَ عِلْمَ بائعِه به، صحَّ وخُيِّرَ، وقيل: يبْطُلُ. انتهيا. وهذا الحُكْمُ، إنَّما هو فى بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزافًا. على ما يَأْتِى، فلعَلَّ فى النُّسَخِ غَلَطًا. فوائد؛ إحْداها، يصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزافًا إذا جَهِلَها البائعُ والمُشْتَرِى. نصَّ عليه. ولو عَلِمَ قدْرَها البائعُ وحدَه، حَرُمَ بَيْعُها. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، وابنُ أبى مُوسى، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا منْصُوصُ أحمدَ، وعليه الأصحابُ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وعنه، مَكْرُوهٌ. اخْتَارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وصاحِبُ «الفائقِ» فيه. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فعلى القَوْلِ بالكَراهَةِ، يقَعُ العَقْدُ لازِمًا. نصَّ عليه. وعلى القَوْلِ بالتَّحْريمِ، لا يَبْطُلُ العَقْدُ، وله الرَّدُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وهو ظاهِرُ كلامِه فى رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ. وقال القاضى وأصحابُه: هذا بمَنْزِلَةِ التَّدْلِيسِ والغِشِّ، له الرَّدُّ ما لم يعْلَمْ أن البائعَ يعْلَمُ قدْرَه. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «ابنِ رَزينٍ»، وغيرِهم. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: إنْ جَهِلَه المُشْتَرِى وحدَه، وجَهِلَ عِلْمَ بائعِه به، صحَّ، وخُيِّرَ فيه. وقيلَ: لا يصِحُّ، وإنْ عَلِمَ عِلْمَ البائعِ به، صحَّ ولَزِمَ. انتهى. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: يَبْطُلُ البَيْعُ. وقدَّمه فى «التَّرْغيبِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، وغيرِهم. قال الزركَشِىُّ: قطَع به طائفةٌ مِنَ الأصحابِ. الفائدةُ الثَّانيةُ، عِلمُ المُشْتَرِى وحدَه مِثْلُ عِلْمِ البائعِ وحدَه. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: كما لم يُفرِّقُوا فى الغَبْنِ بينَ البائعِ والمُشْتَرِى. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقدَّم ابنُ عَقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه»، لا لأنَّ المُغَلَّبَ فى العِلْمِ البائعُ؛ بدَليلِ العَيْبِ لو عَلِمَه المُشْتَرِى وحدَه جازَ، ومع عِلْمِهما يصِحُّ. وفى «الرِّعايَةِ» وَجْهَان. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وذكَرَهما جماعةٌ فى المَكِيلِ. الفائدةُ الثَّالثةُ، لو عَلِمَ قَدْرَ الصُّبْرَةِ البائعُ والمُشْتَرِى، فقيلَ: حُكْمُهما حُكْمُ عِلْمِ البائعِ وحدَه. على ما تقدَّم. وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: فعُمومُ كلامِ الخِرَقِىِّ يقْتَضِى المَنْعَ مِن ذلك. وجزَم أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ» بالبُطْلانِ. وقال القاضى: البَيْعُ صَحيحٌ لازِمٌ. [وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قطَع به «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه] (¬1). وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ عَلِمَاه إذَنْ فوَجْهان. فائدة: يصِحُّ بَيْعُ دُهْنٍ فى ظَرْفٍ معه، مُوازَنَةً؛ كلِّ رَطْلٍ بكذا، إذا عَلِمَا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَدْرَ كلِّ واحدٍ منهما، وإنْ جَهِلا زِنَةَ كلِّ واحدٍ منهما أو أحَدِهما، فوَجْهان. وأطلَقهما فى «الفُروعِ». وصحَّح المَجْدُ الصِّحَّةَ إنْ عَلِمَا زِنَةَ الظَّرْفِ فقط. وجزَم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» بعَدَمِ الصِّحَّةِ فيهما. واخْتارَه القاضى فى «المجَرَّدِ»، واقتصَرَ عليه فى «الحَاوِى الكَبيرِ». وصحَّح المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وإنِ احْتُسِبَ بزِنَةِ الظَّرْفِ على المُشْتَرِى. وليس مَبِيعًا، وعَلِما مبْلَغَ كلٍّ منهما، صحَّ، وإلَّا فلا؛ لجَهالَةِ الثَّمَنِ، وإنْ باعَه جُزافًا بظَرْفِه أو دُونَه، صحَّ، وإنْ باعَه إياه فى ظَرْفِه، كلَّ رَطْلٍ بكذا، على أن يَطْرَحَ منه وَزْنَ الظَّرْفِ، صحَّ. قال المَجْدُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وذكَر قوْلَ حَرْبٍ لأحمدَ: الرَّجُلُ يَبيعُ الشئَ فى ظَرْفِه، مِثْلَ قُطْنٍ فى جَوالِيقَ، فيَزِنُه ويُلْقِى للظَّرْفِ كذا وكذا؟ قال: أرْجُو أَنْ لا بأْسَ، ولا بُدَّ للنَّاسِ مِن ذلك. ثم قال المَجْدُ: وحكَيْنا عنِ القاضى خِلافَ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْه

وَإِنْ بَاعَهُ مِنَ الصُّبْرَةِ، كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَر إلَّا قَوْلَ القاضى الذى ذكَرَه الشَّيْخُ، إذا باعَه معه. انتهى. وإنِ اشْتَرَى سَمْنًا أو زَيْتًا فى ظَرْفٍ، فوَجَد فيه رُبًّا، صحَّ فى الباقِى بقِسْطِه، وله الخِيارُ، ولم يَلْزَمْه بدَلُ الرُّبِّ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قوله: وإنْ باعَه مِنَ الصُّبْرَةِ، كُلَّ قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ -وكذا مِنَ الثَّوْبِ، كلَّ ذَراعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدِرْهَمٍ- لم يصِحَّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصِحُّ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهو الأشْبَهُ، كبَيْعِ الصُّبْرَةِ كلِّ قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّ «مِن» وإنْ أعْطَتِ البَعْضَ، فما هو بعضٌ مَجْهولٌ، بل قد جعلَ لكُلِّ جُزْءٍ مَعْلومٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منها ثَمَنًا مَعْلُومًا، فهو كما لو قال: قَفِيزًا منها. انتهى. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، وقالَا، بِناءً على قوْلِه فى الإِجارَةِ: إذا أجَرَه كلَّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه فى «الفائقِ». قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: إذا باعَه مِنَ الصُّبْرَةِ كلَّ قَفِيزٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدِرْهَمٍ، صحَّ؛ لتَساوِى أجْزائِها، بخِلافِ بَيْعِه مِنَ الدَّارِ كلَّ ذِراعٍ بدِرْهَمٍ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاخْتِلافِ أجْزائِها. ثم قال بعدَ ذلك: إذا باعَه مِن هذه الصُّبْرَةِ كلَّ قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ، لم يصِحَّ؛ لأنَّه لم يَبِعْه كلها ولا قَدْرًا مَعْلُومًا منها، بخِلافِ قوْلِه: أَجَرْتُك هذه الدَّارَ، كلَّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ. فإنَّه يصِحُّ هُنا فى الشَّهْرِ الأوَّلِ فقط؛ للعِلْمِ به وبقِسْطِه مِنَ الأُجْرَةِ.

وَإِنْ بَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَم إِلَّا دِينَارًا، لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِى. وَيَجِئُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ أَنَّهُ يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَه بمائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا دِينارًا، لم يصحَّ. ذكَرَه القاضى. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُجَرَّدِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَجِئُ على قَوْلِ الخِرَقِىِّ، إنَّه يصِحُّ. يعْنِى، إذا أقَرَّ واسْتَثْنَى عَيْنًا مِن وَرِقٍ، أو وَرِقًا مِن عَيْنٍ، على ما ذكَرَه المُصَنِّفُ عنه فى كتابِ الإِقْرارِ، أنَّه يصِحُّ. فيَجِئُ هنا كذلك. قال ابنُ مُنَجَّى: ولقائِلٍ أَنْ يقُولَ: الصِّحَّةُ فى الإقْرارِ اخْتلَفَ الأصحابُ فى تَعْليلِها، فعَلَّلَها بعضُهم باتِّحادِ النَّقْدَيْن، وكوْنِهما قِيَمَ الأشْياءِ وأُرُوشَ الجِنايَاتِ، وعلَّلَها بعضُهم بأنَّ قِيمَةَ الذَّهَبِ يعْلَمُها كثير مِنَ النَّاسِ، فإذا اسْتَثْنَى أحَدُهما مِنَ الآخَرِ، لم يُؤدِّ إلى الجَهالَةِ غالِبًا. قال: وعلى كِلا التَّعْلِيلَيْن لا يَجِئُ صحَّةُ البَيْعِ، على قَوْلِ الخِرَقِىِّ فى الإِقْرارِ؛ لأنَّ المُفْسِدَ للبَيْعِ الجَهْلُ فى حالِ العَقْدِ، ألَا تَرَى أنَّه

فصل فى تفريق الصفقة

فَصْلٌ فِى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ: وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَلَهُ ثَلاثُ صُوَرٍ؛ أَحَدُهَا، بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا، فَلَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا باعَه برَقْمِه لم يصِحَّ؛ للجَهْلِ به حالَ العَقْدِ، وإنْ عُلِمَ بعدَه. وعلى كِلا التَّعْلِيلَيْن لا يخْرُجُ الثَّمَنُ عن كَوْنِه مَجْهُولًا حالَةَ العَقْدِ، وفارَقَ هذا الإِقْرارَ؛ لأن الإِقْرارَ بالمَجْهُولِ يصِحُّ. قال: وهذا قَوْلٌ مُتَّجِهٌ، لا دَافِعَ له. انتهى. قلتُ: فيما قالَه نَظَرٌ، فإنَّ قَوْلَه: على كلا التَّعْلِيلَيْن لا يخْرُجُ الثَّمَنُ عن كَوْنِه مَجْهُولًا حالَةَ العَقْدِ. غيرُ مُسَلَّمٍ؛ فإن كثيرًا مِن النَّاسِ، بل كلَّهم إلَّا القَليلَ، يعْلَمُ قِيمَةَ الدِّينارِ مِنَ الدَّراهِمِ، فلا تحْصُلُ الجَهالَةُ حالَةَ العَقْدِ لغالِبِ النَّاسِ على التَّعْليلِ الثَّانى. قوله فى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ: أحَدُها (¬1)، باعَ مَجْهُولًا ومعْلُومًا، فلا يصحُّ. بلا نزاعٍ، وقد أطْلَقَ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ الجَهْلَ. قال فى «الفُروعِ»: يجهَل قِيمَتَه مُطْلَقًا. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: مَجْهولًا لا مَطْمَعَ فى مَعْرِفَةِ قِيمَتِه. ¬

(¬1) فى أ: «أحدهما».

الثَّانِيَةُ، بَاعَ مُشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ ما يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ، كَقَفِيزَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لَهُمَا، فَيَصِحُّ فِى نصِيبِهِ بقِسْطِهِ. فِى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَلِلْمُشْتَرِى الْخِيَارُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وإنْ جمَع بينَ مَعْلُومٍ ومَجْهُولٍ، وقيل: يتَعذَّرُ عِلْمُ قِيمَتِه. انتهى. فأمَّا إنْ قال: كُلُّ واحدٍ بكذا. ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيين»، و «الفائِق». قال فى «التَّلْخيصِ»: أصْلُ الوَجْهَيْن إنْ قُلْنا: العِلَّةُ اتِّحادُ الصَّفْقَةِ. لم يصِحَّ البَيْعُ، وإنْ قُلْنا: العِلَّةُ جهَالَةُ الثَّمَنِ فى الحالِ. صحَّ البَيْعُ. وعلى التَّعليلِ الأوَّلِ، يدْخُلُ الرَّهْنُ، والهِبَةُ، والنِّكاحُ، ونظائِرُها. وذكَر التَّعْلِيلَيْن فى «الفُروعِ». وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بالصِّحَّةِ فى المَعْلُومِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدة: لو باعَه بمِائَةٍ ورَطْلِ خَمْرٍ، فسَد البَيْعُ. وخرَّج فى «الانْتِصارِ»، صِحَّتَه على رِوايَةٍ. قوله: الثَّانيةُ، باعَ مُشاعًا بينَه وبينَ غيرِه، كعَبْدٍ مُشْتَركٍ بينَهما، أو ما ينْقَسِمُ عليه الثَّمَنُ بالأجْزَاءِ، كقَفِيزَيْن مُتساويَيْن لهما، فيصِحُّ فى نَصيبِه بقِسْطِه. فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وللمُشْتَرى الخِيارُ إذا لم يكن عالِمًا. هو المذهبُ كما قال، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وصحَّحَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِهْ. وقدَّمه فى «المَحرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى ظاهرِ المذهب. اخْتارَه الأكْثَرُ. وعنه، لا يصِحُّ. وهما وَجْهان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ

الثَّالِثَةُ، بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا، أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ أُولَاهُمَا، لَا يَصِحُّ. وَالأُخْرَى، يَصِحُّ فِى عَبْدِه وَفِى الْخَلِّ بِقِسْطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى»، وغيرِهم. فعلى المذهبِ، له الأَرْشُ إذا لم يَكُنْ عالِمًا، وأمْسَكَ بالقِسْطِ فيما ينْقُصُ بالتَّفْريقِ. ذكَرَه فى «المُغْنِى» فى الضَّمانِ. قوله: الثَّالثةُ، باعَ عَبْدَه وعَبْدَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، أو عَبْدًا وحُرًّا، أو خَلًّا وخَمْرًا، ففيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» وغيرِهم؛ أُولاهما، لا يصِحُّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». والأُخْرى، يصِحُّ فى عَبْدِه، وفى الخَلِّ بقِسْطِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه الأكْثَرُ. واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهما، أنَّه إنْ عَلِمَ بالخَمْرِ ونحوِه، لم يصِحَّ. قال فى «التَّلْخيصِ»: لم يصِحَّ رِوايَةً واحدَةً. وقال الأَزَجِىُّ: إنْ كان ما لا يجوزُ العَقْدُ عليه غيرَ قابلٍ للمُعاوضَةِ بالكُلِّيَّةِ كالطَّريقِ، بطَل البَيْعُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى قِياسِه (¬1) الخَمْرُ، وإنْ كان قابِلًا للصِّحَّةِ، ففيه الخِلافُ. قال فى أوَاخِرِ «القَواعِدِ» (¬2): ولا يَثْبُتُ ذلك فى المذهبِ. فعلى المذهبِ يأْخُذُ العَبْدَ والخَلَّ بقِسْطِه. على الصَّحيحِ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيلَ: يأْخُذُه بالثَّمَنِ كلِّه. قال القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»، فى بابِ الضَّمانِ: يصِحُّ العَقْدُ بكُلِّ الثمَنِ، أو يُردُّ. قال فى آخرِ «القَواعِدِ» (5): وهذا فى غايَةِ الفَسادِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يخُصَّ هذا بمَن كان عالِمًا بالحالِ، وأنَّ بعضَ المَعْقُودِ عليه لا يصِحُّ العَقْدُ عليه، فيكونَ قد دخَل على بدَلِ الثَّمَنِ فى مُقابلَةِ ما يصِحُّ العَقْدُ عليه خاصَّةً، كما نقولُ فى مَن أوْصَى لحَىٍّ ومَيِّتٍ يعْلَمُ مَوْتَه: إنَّ الوَصِيَّةَ كلَّها للحَىِّ. فعلى الأوَّلِ، يأْخُذُ عَبْدَ البائعِ بقِسْطِه على قَدْرِ قِيمَةِ العَبْدَيْن. وذكَر القاضى، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «قياس». (¬2) فى أ، ط: «الفوائد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا فى بابِ الشَّرِكَةِ والكِتابَةِ مِنَ «المُجَرَّدِ»، و «الفُصُولِ»، أنَّ الثَّمَنِ يُقَسَّطُ على عدَدِ المَبِيعِ، لا القِيَمِ. ذكَرَاه فيما إذا باعَ عَبْدَيْن؛ أحدَهما له والآخرَ لغيرِه، كما لو تزَوَّجَ امْرأَتَيْن. قال فى آخِرِ «القَواعِدِ» (¬1): وهو بعيدٌ جِدًّا، ولا أظُنه يطَّرِدُ إلَّا فيما إذا كان جِنْسًا واحِدًا، ويأْخُذُ الخَلَّ؛ بأنْ يُقَدِّرَ الخَمْرَ خَلًّا على قوْلٍ، كالحُرِّ يُقَدَّرُ عَبْدًا. جزَم به فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: بل يَعْتَبِرُ قِيمَةَ الخَمْرِ عندَ أهْلِها. قال ابنُ حَمْدانَ: قلتُ: إنْ قُلْنا: نَضْمَنُ لهم. انتهى. قلتُ: وهذا ضَعِيفٌ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، متى صحَّ البَيْعُ، كان للمُشْتَرِى الخِيارُ، ولا خِيارَ للبائعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يثْبُتُ له الخِيَارُ أيضًا. ذكَرَه ¬

(¬1) فى أ، ط: «الفوائد».

وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ بِثَمَن وَاحِدٍ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه فى «الفائقِ». الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والحُكْمُ فى الرَّهْنِ والهِبَةِ وسائرِ العُقودِ، إذا جَمَعَتْ ما يجوزُ وما لا يجوزُ، كالحُكْمِ فى البَيْعِ، إلَّا أنَّ الظَّاهِرَ فيها الصِّحَّةُ؛ لأنَّها ليستْ عقُودَ مُعاوَضَةٍ، فلا تُوجَدُ جَهالةُ العِوَضِ فيها. وقد تقدَّم كلامُه فى «التَّلْخيصِ». قوله: وإن باعَ عَبْدَه وعَبْدَ غيرِه بإذْنِه بثَمَن واحدٍ، فهل يصِحُّ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيره. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». والثَّانى، لا يصِحُّ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، وهو عجِيبٌ منه؛ إذِ المَنْصُوصُ الأوَّلُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هذا أقْيَسُ. فوائد؛ منها، مثْلُ هذه المَسْأَلَةِ، خِلافًا ومذهَبًا، لو باعَ عَبْدَيْه لاثْنَيْن بثَمَنٍ واحدٍ، لكُلِّ واحدٍ منهما عَبْدٌ. وكذا لو اشْتَراهُما منهما. لكِنْ قدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى المَسْأَلَةِ الأخِيرَةِ عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ لتعدُّدِ العَقْدِ حُكْمًا. ثم قال: وقيل: يصِحُّ إنْ صحَّ تَفْريقُ الصَّفْقَةِ. وهو قِياسُ نصِّ أحمدَ. انتهى. فعلى المذهبِ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسائلِ الثَّلاثِ، يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ القِيمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «المُنْتَخَبِ» وَجْهًا فى المَسْأَلةِ الأخيرَةِ؛ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قَدْرِ القِيمَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «المُنْتَخَبِ» وَجْهًا فى المسْأَلةِ الأخيرَةِ، يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على عدَدِهما. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ مِثْلُه فى غيرِها. ومنها، لو كان لاثْنَيْن عَبْدان مُفْرَدان؛ لكُلِّ واحدٍ منهما عَبْدٌ، فباعَاهما لرَجُلَيْن صَفْقَة واحدةً؛ لكُلِّ واحدٍ عَبْدًا مُعَيَّنًا بثَمَنٍ واحدٍ، ففى صحَّةِ البَيْعِ وَجْهان؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، يُقَسِّمان الثَّمَنَ على قَدْرِ قِيمَتَىِ العَبْدَيْن، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر القاضى، وابنُ عَقِيل وَجْهًا، يقْتَسِمانِه على عدَدِ رُءوسِ المَبِيعِ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عشَرَ بعدَ المِائةِ». ومنها، الإِجارةُ مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهَبًا. ومنها، لوِ اشْتَبَه عَبْدُه بعَبْدِ غيرِه، أقْرَعَ بينَهما، ولم يصِحَّ بَيْعُ أحَدِهما قبلَ القُرْعَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وهو احْتِمالٌ للقاضى فى «خِلافِه». وقيل: يصِحُّ إنْ أَذِنَ شَرِيكُه. وقيلَ: بل يبِيعُه وَكِيلُهما أو أَحَدُهما بإذْنِ الآخَرِ، أَوْ له، ويُقْسَمُ الثَّمَنُ بينَهما بقِيمَةِ العَبْدَيْن. قال القاضى فى «خِلافِه»: هذا أجْوَدُ ما يُقالُ فيه، كما قُلْنا فى زيْتٍ اخْتلَطَ

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، أَو بَيْعٍ وَصَرْفٍ، صَحَّ فِيهمَا، وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بزَيْتٍ لآخَرَ، وأحدُهما أجْوَدُ مِنَ الآخَرِ. قوله: وإنْ جمَع بينَ بَيْعٍ وإجارَةٍ، أو بَيْعٍ وصَرْفٍ -يعْنِى، بثَمَنٍ واحدٍ- صحَّ فيهما، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ الجَمْعُ بينَ البَيْعِ والإِجارَةِ فى عَقْدٍ واحدٍ، فى أظْهَرِ قوْلِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والثَّانى، لا يصِحُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الخُلاصَةِ»: لوِ اشْتَرَى ثوْبًا ودَراهِمَ بدِينارٍ، أوِ اشْترَى دارًا وسُكْنَى دارٍ بمِائَةٍ، لم يصحَّ فى الأصَحِّ. وهما رِوايَتان فى «الفُروعِ» وغيرِه. فعلى المذهبِ، يُقَسَّطُ العِوَضُ عليهما، قوْلًا واحدًا، كما قال المُصَنِّف هنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتا إحْداهما، لو جمَع بينَ بَيْعٍ وخُلْعٍ بعِوَضٍ واحدٍ، فالحُكْمُ كما تقدَّم فى الجَمْعِ بينَ البَيْعِ والإِجارَةِ، أو البَيْعِ والصرْفِ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، لو جَمَعَ بينَ بَيْعٍ ونِكاحٍ بعِوَضٍ واحدٍ، فقال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِى، وبِعْتُك دارِى بِمائَةٍ. صحَّ فى النِّكاحِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، وفى «الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى الأصحِّ. وقيل: لا يصِحُّ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ: وإنْ جمع بينَ بَيْعٍ ونِكاحٍ بطَلا. وقيلَ: يصِحَّان. انتهى. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم: إذا جمَع بينَ مُخْتَلِفى الحُكْمِ، كالإِجارَةِ والبَيْعِ، والنِّكاحِ والبَيْعِ، فالعَقْدُ صَحيحٌ، على أحَدِ الوَجْهَيْنِ. فجَعَلُوا الجَمْعَ بينَ النِّكاحِ والبَيْعِ، كالجَمْعِ بينَ الإِجارَةِ والبَيْعِ. فعلى المذهبِ،

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ، فَكَاتَبَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ شَيْئًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، بَطَلَ الْبَيْعُ، وَفِى الْكِتَابَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ البَيْعُ أيضًا، على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» فى مَوْضِعٍ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ. قوله: وإنْ جمَع بينَ كتابَةٍ وبَيْعٍ، فكاتَبَ عَبْدَه وباعَه شَيْئًا صَفْقَةً واحِدَةً، بطَل البَيْعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى البُيوعِ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يصِحُّ. وقيل: الصِّحَّةُ مَنْصُوصُ أحمدَ. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ فى النِّكاحِ، وأبو الخَطَّابِ. والأَكْثَرون اكْتَفَوْا باقْتِرانِ البَيْعِ وبشَرْطِه، وهو كوْنُ المُشْتَرِى مُكاتَبًا يصِحُّ مُعاملَتُه للسَّيِّدِ. قالَه فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين». وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الكِتابَةِ وَجْهَان. وأطْلَقَهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِع. قال الشَّارِحُ: وهل تَبْطُلُ الكِتابَةُ؟ ينْبَنِى على الرِّوايتَيْن فى تَفْريقِ الصَّفْقَةِ؛ إحداهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «المُغْنِى»، و «الحاوِيَيْن». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، وفى «الكُبْرى» فى مَوْضِعٍ. فائدة: تتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بتَعدُّدِ البائعِ، أوِ المُشْتَرِى، أو المَبِيعِ، أو بتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «المَبْسُوطِ»: نصَّ أحمدُ أنَّ شِراءَ الاثْنَيْن مِنَ الواحدِ عَقْدان وصَفْقَتان. وقال الحَارِثِىُّ: لو باعَ اثْنان نَصِيبَهما مِنِ اثْنَيْن صَفْقَةً واحدةً، فقال أصحابُنا: هى بمَثابَةِ أرْبَعِ عُقُودٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقالا: هى أرْبَعَةُ عُقُودٍ؛ إذْ عَقْدُ الواحدِ مع الاثْنَيْن عَقْدان. انتهيا. وقيل: لا يتَعدَّدُ بحالٍ. وأطْلَقَهما فى «الحَاوِيَيْن». وقيل: يتَعَدَّدُ بتَعدُّدِ البائعِ فقط. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنِ اتَّحَدَ الوَكِيلُ دُونَ المُوَكِّلِ، أو بالعَكْسِ، فاحْتِمالان، والأظْهَرُ الاعْتِبارُ بالمُوَكِّلِ؛ فإنْ قال لاثْنَيْن: بِعْتُكما هذا. فقَبِلَ أحَدُهما، وقُلْنا: تتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بتَعدُّدِ المُشْتَرِى. ففى الصِّحَّةِ وَجْهان. ويأْتِى ذلك فى بابِ الشُّفْعَةِ مُحَرَّرًا.

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يصِحُّ البَيْعُ مِمَّن تَلْزَمُه الجُمُعَةُ بعدَ نِدائِها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ بشَرْطِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يصِحُّ معَ التَّحْريمِ. وهو رِوايَةٌ فى «الفائقِ»، وأطْلَقَهما. والتَّفْرِيعُ على الأوَّلِ. تنبيهات؛ الأوَّلُ، محَلُّ الخِلافِ إذا لم تَكُنْ حاجَةٌ، فإنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ، صحَّ البَيْعُ. جزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. والحاجَةُ هنا، كالمُضْطَرِّ إلى الطَّعامِ والشَّرابِ، إذا وجَدَه يُباعُ، والعُرْيانُ إذا وجَد السُّتْرَةَ تُباعُ، وكذا كفَنُ المَيِّتِ ومُؤْنَةُ تَجْهيزِه إذا خِيفَ عليه الفَسادُ بالتَّأَخُّرِ، وكذا لو وجَد أُبَاه يُباعُ، وهو معَ مَن لو ترَكَه معه رحَل وفاتَه الشِّراءُ. وكذا، على الصَّحيحِ، لو لم يَجِدْ مَرْكُوبًا، وكان عاجزًا، أو لم يَجِدِ الضَّريرُ قائِدًا، ووجَد ذلك يُباعُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يصِحَّ. وقال فى «الفائقِ»: ولو كان الشِّراءُ لآلةِ الصَّلاةِ، أوِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرَى أَباه، جازَ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. قال ابنُ تَميمٍ: لا بَأْسَ بشِراءِ ماءٍ للطَّهارَةِ بعدَ أذانِ الجُمُعَةِ. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ»، وزادَ، وله شِراءُ السُّتْرَةِ، كما تقدَّم. الثَّانى، مُرادُه بقَوْلِه: بعدَ نِدائِها. النِّداءُ الثَّانِى الذى عندَ أوَّلِ الخُطبَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ابْتِداءُ المَنْعِ مِنَ النِّداءِ الأوَّلِ، وهو الذى يُقالُ على (¬1) المَنارَةِ. وعنه، المَنْعُ مِن دُخُولِ الوَقْتِ. قدَّمه فى «المُنْتَخَبِ». وهذه الرِّوايَةُ فى «عُيونِ المَسائلِ». والرِّوايَتان للقاضى، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، بالزَّوالِ. وأطْلَقَ هذه الرِّوايَةَ، والرِّوايَةَ الأُولَى، فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». الثَّالثُ، مفْهومُ قوْلِه: مِمَّن تَلْزَمُه الجُمُعَةُ. أنَّها إذا لم تَلْزَمْه، يصِحُّ بَيْعُه. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ. وعنه، لا يصِحُّ مِن مَريضٍ ونحوِه دُونَ غيرِه. فعلى المذهبِ، يُباحُ على الصَّحِيحِ. وقيل: يُكْرَهُ. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ، وغيرُه، فى الأَسْواقِ. الرَّابعُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو كان أحَدُ المُتَعاقِدَيْن تَلزَمُه الجُمُعَةُ، أنَّ البَيْعَ لا يصِحُّ. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «عند».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صَحيحٌ. وهو المذهبُ، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهما. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيلِ: يصِحُّ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كان أحَدُهما مُخاطَبًا بها دُونَ الآخَرِ، حَرُمَ على المُخاطَبِ، وكُرِهَ للآخَرِ، ويَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ. وهذا هو الذى قدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الفُصُولِ»: يَحْرُمُ على مَن تجِبُ عليه، ويأْثَمُ فقط، كالمُحْرِمِ يَشْتَرِى صَيْدًا مِن مُحِلٍّ، ثَمَنُه حَلالٌ للمُحِلِّ، والصَّيْدُ حَرامٌ على المُحْرِم. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. الخامسُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أَنَّه لو وُجِدَ الإِيجابُ قبلَ النِّداءِ والقَبُولُ بعدَه، أنَّه يصِحُّ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ صُدورِ البَيْعِ بعدَ النِّداءِ. جزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وأحَدُ شِقَّيْه كهُوَ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ». السَّادسُ، ظاهِرُ تَقْيِيدِه بالجُمُعَةِ، صِحَّةُ البَيْعِ بعدَ نِداءِ غيرِها مِنَ الصَّلَواتِ، مِن غيرِ تَحْريمٍ، فشَمِلَ صُورَتَيْن، إحْداهما، إذا لم يتَضَيَّقِ الوَقْتُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَحْرُمُ. وعليه الأصحابُ. وقيل: يَحْرُمُ. وهو احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ. قلتُ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يَحْرُمَ إذا فاتَتْه الجماعَةُ بذلك، وتَعذَّرَ عليه جماعَةٌ أُخْرَى، حيثُ قُلْنا بوُجُوبِها. والثَّانيةُ، إذا تَضَيَّقَ، حَرُمَ البَيْعُ، وفى صِحَّتِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»،

وَيصِحُّ النِّكَاحُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ، فِى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: البُطْلانُ أقْيَسُ. قال فى «الفائقِ»، بعدَ ذِكْرِ حُكْمِ الجُمُعَةِ: ولو ضاقَ وَقْتُ صَلاةٍ، فكذا حُكْمُه فى التَّحْريمِ والانْعِقادِ. وجزَم به النَّاظِمُ، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قلتُ: وهو الصَّوابُ، وقَواعِدُ المذهبِ تقتَضِى ذلك، وهى شَبِيهَةٌ بانْعِقادِ النَّافِلَةِ مع ضِيقِ الوَقْتِ عنِ الفَريضَةِ، كما تقدَّم. والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ معَ التَّحْريمِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أشْهَرُ. فوائد؛ إحْداها، لو اخْتارَ إمْضاءَ عَقْدِ بَيْعِ الخِيَارِ بعدَ النِّداءِ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ فى الأصَحِّ. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقيل: لا يصِحُّ. الثَّانيةُ، تَحْرُمُ المُناداةُ والمُساومَةُ، ونحوُهما ممَّا يَشْغَلُ، حيثُ قُلنا: يَحْرُمُ البَيْعُ. الثَّالثةُ، يَسْتَوِى فى ذلك بَيْعُ الكثيرِ والقَليلِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، وصرَّح به كثير مِنَ الأصحابِ. قوله: ويصِحُّ النِّكَاحُ وسائِرُ العُقُودِ، فى أصَحِّ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَلَا بَيْعُ السِّلَاحِ فِى الْفِتْنَةِ، وَلَا لِأَهْلِ الْحَرْبِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصحَّ مَعَ التَّحْرِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قوله: ولا يصِحُّ بَيْعُ العَصِيرِ لمَن يَتَّخِذُه خَمْرًا، ولا بَيْعُ السِّلاحِ فى الفِتْنَةِ، ولا لأهْلِ الحَرْبِ. وهذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ، وعليه الأصحابُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يصِحَّ مع التَّحْريمِ. وعَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ العَصِيرِ لمَن يتَّخِذُه خَمْرًا مِنَ المُفْرَداتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ هذا، إذا عَلِمَ أنَّهُ يُفْعَلُ به ذلك. على الصَّحيحِ. وقيل: أو ظَنَّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وهو ظاهِرُ نَقْلِ ابنِ الحَكَمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، بَيْعُ المَأْكُولِ، والمَشْروبِ، والمَشْمُومِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَن يشْرَبُ عليه المُسْكِرَ، وكذا الأقْداحُ، لمَن يشْرَبُ بها، وكذا الجَوْزُ، والبَيْضُ، ونحوُهما للقِمارِ، وكذا بَيْعُ الأمَةِ والغُلامِ لمَن عُرِفَ بوَطْءِ الدُّبُرِ، أو للغِناءِ، أمَّا بَيْعُ السِّلاحِ لأهْلِ العَدْلِ، كقِتالِ البُغاةِ، وقُطَّاعِ الطَّريقِ، فجائزٌ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فيَصِحُّ فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لكَافِرٍ. هذا المذهبُ فى الجُمْلَةِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وذكَر بعضُ الأصحابِ فى طَرِيقَتِه رِوايَةً بصِحَّةِ بَيْعِه لكافِرٍ، كمذهبِ أبِى حَنِيفَةَ، ويُؤْمَرُ ببَيْعِه أو كِتابَتِه. قوله: إلَّا أن يكونَ ممَّن يَعْتِقُ عليه، فيصِحُّ فى إحْدَى الرِّوَايتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى أوَاخِرِ العِتْقِ: وإنِ اشْتَرَى الكافِرُ أبَاه المُسْلِمَ، صحَّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصَحِّ وعتَق. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال: نصَّ عليه. وقدَّمه النَّاظِمُ. [وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»] (¬1). ويأْتِى فى بابِ الوَلاءِ، إذا قال الكافِرُ لرَجُلٍ: أَعْتِقْ عَبْدَك المُسْلِمَ عَنِّى، وعلىَّ ثَمَنُه. هل يصِحُّ أم لا؟ ويأْتِى فى كتابِ العِتْقِ، إذا أعْتَقَ الكافِرُ نَصِيبَه مِن مُسْلِمٍ وهو مُوسِرٌ، هل يسْرِى إلى باقِيه، أم لا؟ فائدة: لو وكَّل مُسْلِمٌ كافِرًا فى شِراءِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «تذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الفائقِ». وقيل: يصِحُّ مُطْلَقًا وأطْلَقهما النَّاظِمُ. وقيل: يصِحُّ إنْ سَمَّى المُوَكِّلَ فى العَقْدِ، وإلَّا فلا. واخْتَارَه الأَزَجِىُّ فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّىِّ، أُجْبِرَ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ كِتَابَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «النِّهايَةِ». وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». وقال فى «الواضِحِ»: إنْ كفَّر بالعِتْقِ، وكَّل مَن يَشْتَرِ يه له وَيعْتِقُه. وقال فى «الانْتِصارِ»: لا يَبِيعُ الكافِرُ آبِقًا، ويُوَكِّلُ فيه لمَن هو فى يَدِه. وتقدَّم فى أوَاخِرِ كتابِ الجِهادِ، هل يَبِيعُ (¬1) مَنِ اسْتُرِقَّ مِنَ الكُفَّارِ للكُفَّارِ؟ فى كلامِ المُصَنِّفِ، وتقدَّم المذهبُ فى ذلك. قوله: وإنْ أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّىِّ، أُجْبِرَ على إِزَالَةِ مِلْكِه عنه -بلا نِزاعٍ- وليس له كِتابَتُه. هذا أحَدُ الوَجْهَيْن، والمذهبُ منهما. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، وقال: هو أوْلَى. وصحَّحَه فى «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «بيع».

وَقَالَ الْقَاضِى: لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى أوَاخِرِ بابِ الكِتابَةِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» فى بابِ التَّدْبيرِ، وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»؛ و «الخُلاصَةِ» فى بابِ الكِتابَةِ. وقال القاضى: له ذلك. جزَم به فى «الوَجيزِ». وحكاه فى «الفُروعِ»، عن أبِى بَكْرٍ، وأنَّها تَكْفِى. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»: صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن، ويَكْفِى فى الأصحِّ. وأطْلَقهما فى «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الكَبيرِ»، و «الفائقِ»، وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، فى بابِ الكِتابَةِ. ويأْتِى إذا أسْلَمَ عَبْدُه أو أُمُّ وَلَدِه فى بابِ التَّدْبيرِ. وفى الاكْتِفاءِ بالكِتابَةِ إذا وَرِثَه الوَجْهان، خِلافًا ومذهَبًا. فائدة: قيلَ: يَدْخلُ العَبْدُ المُسْلِمُ فى مِلْكِ الكافِرِ ابْتِداءً فى سَبْعِ مَسائلَ؛ إحْداها، الإِرْثُ. الثَّانيةُ، اسْتِرْجاعُه بإفْلاسِ المُشْتَرِى. يعْنِى، لو اشْتَرَى عَبْدًا كافِرًا مِن كافِرٍ، ثم أسْلَم العَبْدُ، وأفْلَس المُشْتَرِى، وحجَر عليه. الثَّالثةُ، إذا رجَع فى هِبَتِه لوَلَدِه. يعْنِى، لو وهَب الكافِرُ عَبْدَه الكافرَ لوَلَدِه المُسْلِمِ، ثم أسْلَم العَبْدُ، ورجَع فى هِبَتِه. الرَّابعةُ، إذا رُدَّ عليه بعَيْبٍ. يعْنِى، إذا باعَه ثم أسْلَم، وظهَر به عَيْبٌ فرَدَّه. وحكَى فى «القَواعِدِ» فيه وفى ما يُشابِهُه وَجْهَيْن. الخامسةُ، إذا قالَ الكافِرُ لمُسْلِمٍ: أعْتِقْ عَبْدَكَ المُسْلِمَ عَنِّى. وصحَّحْناه. على ما يأْتِى فى بابِ الوَلاءِ. السَّادسةُ، إذا كاَتَبَ عَبْدَه، ثم أسْلَم، ثم عجَز عن نَفْسِه. على قَوْلٍ. السَّابعةُ، إذا اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ عليه. على ما تقدَّم. قلتُ: وتأْتِى ثامنةٌ؛ وهى جَوازُ شِرائِه، ويُؤْمَرُ ببَيْعِه وكِتابَتِه. على رِوايَةٍ ذكَرَها بعضُ الأصحابِ فى طَريقَتِه. وتاسِعَةٌ؛

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ: أَنَا أُعْطِيكَ مِثْلَهَا بِتِسْعَةٍ. وَلَا شِرَاؤُهُ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِتِسْعَةٍ: عِنْدِى فِيهَا عَشَرةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهى ما إذا ملَكَه الحَرْبِىُّ، وقُلْنا: إنَّه يَمْلِكُ مالَنا بالاسْتِيلاءِ. على ما تقدَّم فى قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ. وعاشِرَةٌ؛ وهى إذا اسْتَوْلَدَ المُسْلِمُ أمَةَ الكافِرِ. قالَه ابنُ رَجَبٍ فى «القاعِدَةِ الخَمْسِين». وقال: يَمْلِكُ الكافِرُ المَصاحِفَ بالإِرْثِ، ويَرُدُّه عليه بعَيْبٍ ونحوِه، وبالقَهْرِ. وحادِيَةَ عشْرَةَ؛ وهى ما إذا باعَ الكافِرُ عَبْدًا كافِرًا بشَرْطِ الخِيارِ مُدَّةً، وأسْلَم العَبْدُ فيها. قلتُ: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: هل يمْلِكُ الكافِرُ فَسْخَ العَقْدِ بإفْلاسِ المُشْتَرِى، أو عَيْبِ الثَّمَنِ، أو بخِيارٍ، أو إذا وهَبَه لابنِه المُسْلِمِ، أم لا؟ قِياسُ المذهبِ، يَمْلِكُه ولا يُقَرُّ فى مِلْكِه، لأنَّ فى مَنْعِه مِن ذلك إبْطالُ حَقِّ العَقْدِ. قال: وفيه نظَرٌ. انتهى. ويُؤْخَذُ مِن كلامِه صُورَةٌ أُخْرَى؛ وهو، ما إذا وجَد ثَمَنَه مَعِيبًا. وقُلْنا: الدَّراهِمُ والدَّنانِيرُ تَتَعيَّنُ بالتَّعْيينِ. وكانتْ مُعَيَّنَةً ورَدَّها، وكان قد أسْلَم قبلَ ذلك. فتكونُ اثْنَى عَشْرَةَ مسْأَلةً. فائدة: قوله: ولا يجوزُ بَيْعُ الرَّجُلِ على بَيْعِ أخِيه؛ وهو أَنْ يقولَ لمَن اشْتَرَى سِلْعَةً بعَشَرَةٍ: أنا أُعْطِك مِثْلَها بتِسْعَةٍ. ولا شِراؤُه على شِراءِ أَخِيه؛ وهو أَنْ يقولَ لمَن باعَ سِلْعَةً بتِسْعَةٍ: عندِى فيها عَشَرَةٌ؛ ليَفْسَخَ البَيْعَ، ويَعقِدَ معه. وهذا بلا نِزاعٍ فيهما. ويُتَصَوَّرُ ذلك فى مَسْألَتَيْن؛ الأُولَى، فى خِيارِ المَجْلِسِ، والثَّانيةُ،

لِيَفْسَخَ البَيْعَ وَيَعْقِدَ مَعَهُ. فَإِنْ فَعَلَ، فَهَل يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى خِيارِ الشَّرْطِ. وجزَم به فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. قال ابنُ رَجَبٍ فى «شَرْحِ الأَرْبَعِين النَّوَوِيَّةِ»، فى شَرْحِ الحديثِ الخامسِ والثَّلاثِين: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ فى رِوايَةِ ابنِ مُشَيْشٍ، قال: ومالَ إلى القَوْلِ بأنَّه عامٌّ فى الحالَيْن. انتهى. يعْنِى، فى مُدَّةِ الخِيارِ وبعدَها. قال: وهو قوْلُ طائِفَةٍ مِن أصحابِنا، وهو أظْهَرُ. انتهى. وعلَّلَه بتعاليلَ جَيِّدَةٍ. وأمَّا قبلَ العَقدِ؛ فهو سَوْمُه على سَوْمِ أخِيه، على ما يأْتِى. قوله: فإنْ فعَل فهل يصِحُّ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان فى «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ، أعْنِى البَيْعَ الثَّانِىَ، وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: البَيْعُ باطِلٌ فى ظاهِرِ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أشْهَرُها البُطْلانُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشَّرْحِ»، و «الكافِى». والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ. اخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يحْرُمُ الشِّراءُ على شِراءِ أخِيه، فإنْ فعَل، كان للمُشْتَرِى الأوَّلِ مُطالَبَةُ البائعِ بالسِّلْعَةِ، وأخْذُ الزِّيادَةِ، أو عِوَضِها. فائدتان، إحْداهما، سَوْمُه على سَوْمِ أخِيه مُحَرَّمٌ مع الرِّضَى صَرِيحًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فعلى المذهبِ، يصِحُّ البَيْعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وظاهِرُ «الرِّعايَةِ الصُّغرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، أنَّ فى صِحَّةِ البَيْعِ رِوايتَين، وإنْ حصَل الرِّضَى ظاهِرًا، لم يَحْرُمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّوْمُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْرُمُ كرضَاه صَرِيحًا. قال المُصَنِّفُ: لو قيل بالتَّحْريمِ هنا، لكان وَجْهًا حسَنًا. وصحَّحه النَّاظِمُ. فعلَيه، لو تَساوَى الأمْران، لم يَحْرُمْ. على الصَّحيحِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: يَحْرُمُ أيضًا. وأمَّا إذا ظهَر منه ما يَدُلُّ على عدَمِ

وَفِى بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِى رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، يَصِحُّ. وَالأُخْرَى، لَا يَصِحُّ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ؛ أَنْ يَحْضُرَ الْبَادِى لِبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّضَى، فإنَّه لا يَحْرُمُ، قوْلًا واحِدًا. وقسَّمَ فى «عُيونِ المَسائلِ» السَّوْمَ على سَوْمِ أخِيه، كالخِطْبَةِ على خِطْبَةِ أخِيه، على ما يأْتِى، إنْ شاءَ اللَّهُ. الثَّانيةُ، سَوْمُ الإِجارَةِ كالبَيْعِ. ذكَرَه فى «الانْتِصارِ». ذكَرَه عنه فى «الفُروعِ»، فى آخِرِ التَصَرُّفِ فى المَبِيعِ. قلتُ: وكذا اسْتِئْجارُه على إجارَةِ أخِيه، حيثُ قُلْنا بخِيارِ المَجْلِسِ فيها. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: قلتُ: واسْتِئْجارُه على اسْتِئْجارِ أخِيه، واقْتِراضُه على اقْتِراضِ أخِيه، واتِّهابُه على اتِّهابِ أخِيه، مِثْلُ شِرائِه على شِراءِ أخِيه، أو شِراؤُه على اتِّهابِه، أو شِراؤُه على إصْداقِه، ونحوِ ذلك، بحيثُ تخْتَلِفُ جِهَةُ المِلْكِ. قوله: وفى بَيْعِ الحاضِرِ للبادِى رِوايتَان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»،

سِلْعَتِهِ، بسِعْرِ يَوْمِهَا، جَاهِلًا بِسِعْرِهَا، وَيَقْصِدَهُ الْحَاضِرُ، وَيَكُونَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَيْهَا. فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا، صَحَّ الْبَيْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، يَحْرُمُ، ولا يصِحُّ بشُروطِه. وهو المذهبُ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»: حَرُمَ، وفسَد العَقْدُ، رَضُوا بذلك أم لا، فى ظاهِرِ المذهبِ. قال النَّاظِمُ: وهو الأظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، و «الخِرَقِىِّ»، وهو منها. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، و «الكافِى». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُكْرَهُ، ويصِحُّ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن». وعنه، يَحْرُمُ، ويصِحُّ. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وجعَل ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» الصِّحَّةَ على القَوْلِ بزَوالِ النَّهْى، والبُطْلانَ على القَوْلِ ببَقائِه. قال: وليس بشئٍ، وإنَّما الرِّوايَتان على القَوْلِ ببَقاءِ النَّهْى. انتهى. قلتُ: ما قالَه ابنُ مُنَجَّى قالَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ. والرِّوايَةُ الوارِدَةُ عن أحمدَ تدُلُّ على ذلك، وبها اسْتَدَلَّا. قال الشَّارِحُ، بعدَ أَنْ قدَّم المذهبَ والنُّهْىَ عنه: ونقَل ابنُ شَاقْلَا، أنَّ الحَسَنَ بنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ علىٍّ المِصْرِىَّ سأل أحمدَ، عن بَيْعِ حاضِرٍ لبادٍ؟ فقال: لا بَأْسَ به. فقال له: الخَبَرُ الذى جاءَ بالنَّهْىِ؟ قال: كان ذلك مَرَّةً. قال: فظاهِرُ هذا أنَّ النَّهْىَ اخْتَصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأَوَّلِ الإِسْلامِ، لما كان عليهم مِنَ الضِّيقِ فى ذلك. انتهى. فعلى المذهب، يُشْتَرَطُ لعدَمِ الصِّحَّةِ خَمْسُ شُروطٍ، كما ذكَرَه المُصَنِّفُ، وهى أَنْ يَحْضُرَ البادِى لبَيْعِ سِلْعَتِه بسِعْرِ يَوْمِها، جاهِلًا بسِعْرِها، ويَقْصِدَه الحاضِرُ، ويكونَ بالمُسْلِمِين حاجَة إليها. فاجْتِماعُ هذه الشُّروطِ يُحَرمُ البَيعَ ويُبْطِلُه، على المَذهبِ كما تقدَّم، فإنِ اخْتَلَّ منها شَرْطٌ، صحَّ البَيعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَذْكُرِ الإِمامُ أحمدُ فى الشُّروطِ، أَنْ يكونَ بالمُسْلِمِين حاجَةٌ إليها. وقوله: ويقْصِدَه الحاضِرُ. هذا شَرْطٌ، لكِنْ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يكونَ عارِفًا بالسِّعْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، أَوْ لا يعْرِفه. وقوله: جاهِلًا بسِعْرِها. يعْنِى البادِى. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُشْتَرطُ جَهْلُه بالسِّعْرِ. وقوله: أَنْ يَحْضُرَ البادِى لبَيعِ سِلْعَتِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، حُكْمُ ما إذا وُجِّه بها البادِى إلى الحاضِرِ ليَبِيعَها له، حُكْمُ حُضُورِ البادِى لبَيعِها. نقَلَه ابنُ هانِئٍ. ونقَل المَرُّوذِىُّ، أخافُ أَنْ يكونَ منه. جزَم بهما الخَلَّالُ. وهو ظاهِرُ كلامَ الخِرَقِىِّ لعدَمَ ذكْرِه له. وقوله: بسِعْرِ يَوْمِها. زادَ بعضُهم فى هذاَ الشَّرْطِ، أَنْ يقْصِدَ البَيْعَ بسِعْرِ يَوْمِها حَالًّا لا نَسِيئةً. نقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. ولم يذْكُرِ الخِرَقِىُّ بسِعْرِ يَوْمِها.

وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَهُ، فَيَصِحُّ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأمَّا شِراؤُه له، فيَصِحُّ، رِوايَةً واحِدَةً. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونقَل ابنُ هانِئٍ، لا يشْتَرِى له. وتقدَّم أوَّلَ البابِ بَيعُ التَّلْجِئَةِ، والهازِلِ، ونحوُهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فليُعاوَدْ. فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، أنَّ النَّهْىَ فى

وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا نَقْدًا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا. وَإِنِ اشْتَرَاهَا أَبُوهُ أَو ابْنُهُ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه المَسْأَلةِ باقٍ. وعنه، زَوالُه. وقال: كان ذلك مَرَّةً، والتَّفْريعُ على الأوَّلِ. قوله: ومَن باعَ سِلْعَةً بنَسِيئَةٍ، لم يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَها بأقَلَّ ممَّا باعَها نَقْدًا، إلَّا أَنْ تكونَ قد تغَيَّرَتْ صِفَتُها. هذه مَسْأَلةُ العِينَةِ، وفِعْلُها مُحَرَّمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعندَ أبِى الخَطَّابِ، يَحْرُمُ اسْتِحْسانًا، ويجوزُ قِياسًا. وكذا قال فى «التَّرْغيبِ»: لم يَجُزِ اسْتِحْسانًا. وفى كلامِ القاضى وأصحابِه، القِياسُ صِحَّةُ البَيعِ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ (¬1) القِياسَ خُولِفَ لدَليلٍ راجِحٍ، فلا خِلافَ إذن فى المَسْأَلةِ. وحكَى الزَّرْكَشِىُّ بالصِّحَّةِ قَوْلًا. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا، أنَّه يصِحُّ البَيعُ الأوَّلُ، إذا كان [بَيانًا، فلا مُواطأَةَ] (¬2)، وإلَّا بَطَلا، وأنَّه قَوْلُ أحمدَ. قال فى «الفُروعِ». ويتَوجَّهُ أنَّ مُرادَ مَن أطْلَقَ، هذا، إلَّا أنَّه قال فى «الانْتِصارِ»: إذا قصَد بالأوَّلِ الثَّانِىَ، يَحْرُمُ، ورُبَّما قُلْنا ببُطْلانِه. وقال أيضًا: يَحْتَمِلُ إذا قصَد، أَنْ لا يَصِحَّا، وإنْ سَلِمَ، فالبَيْعُ الأوَّلُ خَلا عن ذَرِيعَةِ الرِّبا. تنبيه: قوْلُه: لم يَجُزْ أنَ يشتَرِيَها بأقَلَّ ممَّا باعَها نَقْدًا. قالَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا يُشْتَرطُ فى التَّحْريمِ أَنْ يشْتَرِيَها بنَقْدٍ، بل يَحْرُمُ شِراؤُها، سَواء كان بنَقْدٍ أو نَسِيئَةً. قال فى «الفُروعِ»: ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أنه». وانظر الفروع 4/ 169 (¬2) فى الفروع 4/ 170: «بتاتا بلا مواطأة». ولعله أولى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْ لم يَقُلْه أحمدُ، والأكثرُ، بل ولو كان بعدَ حِلِّ أجَلِه. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وسِنْدِىٌّ. فوائد؛ إحْداها، لو اشْتَراها بعَرْضٍ، أو كان بَيْعُها الأوَّلُ بعَرْضٍ، فاشْتَراها بنَقْدٍ، جازَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ كان بغيرِ جِنْسِه، جازَ. انتهى. وإنْ باعَها بنَقْدٍ، واشْتَراها بنَقْدٍ آخَرَ، فقال الأصحابُ: يجوزُ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وفى «الانْتِصارِ» وجْهٌ، لا يجوزُ إلَّا إذا كان بعَرْضٍ، فلا يجوزُ إذا كانا بنَقْدَين مُخْتَلِفَين. واخْتارَه المُصَنِّفُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، مِن مَسائلِ العِينَةِ، لو باعَه شيئًا بثَمَنٍ لم يقْبِضْ، ذكَرَه القاضى وأصحابُه، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، ثم اشْتراه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأقَلَّ ممَّا باعَه نقْدًا، أو غيرَ نَقْدٍ، على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ، لم يصِحَّ. الثَّالثةُ، عَكْسُ العِينَةِ مِثْلُها فى الحُكْمِ؛ وهى أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بثَمَن حالٍّ، ثم يشْتَرِيَها بأكْثَرَ منه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَسِيئَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ونقَل أبو داودَ، يجوزُ بلا حِيلَةٍ. ونقَلَه المَرُّوذِىُّ، فى مَن باعَ شيئًا، ثم وجَدَه يُباعُ، أيَشْتَرِيه بأقلَّ ممَّا باعَه؟ قال: لا، ولكِنْ بأكْثرَ لا بَأْسَ. قال المُصَنِّفُ: ويحْتَمِلُ أَنْ يجوزَ له شِراؤُها بجِنْسِ الثَّمَنِ بأكْثَرَ منه، إذا لم يَكُنْ مُواطَأةٌ ولا حِيلَةٌ، بل وقَع اتِّفاتًا مِن غيرِ قَصْدٍ. قوله: فإنِ اشْتَراها أبُوه أو ابنُه، جازَ. مُرادُه، إذا لم يَكُنْ حِيَلةٌ، فإنْ كان حِيلَةٌ، لم يَجُزْ. وكذا يجوزُ له الشِّراءُ مِن غيرِ مُشْتَرِيه، لا مِن وَكِيلِه. قال فى «الفائقِ»: قلتُ: بشَرْطِ عدَمِ المُواطَأَةِ. انتهى. قلتُ: وهو مُرادُ الأصحابِ. فائدة: لو احْتاجَ إلى نَقْدٍ، فاشْتَرى ما يُساوِى مِائَةً بمِائةٍ وخَمْسين، فلا بأْسَ.

وَإِنْ بَاعَ مَا يَجْرِى فِيهِ الرِّبَا نَسِيئَةً، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِثَمَنِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ نسِيئَةً، لَمْ يَجُزْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وهى مَسْأَلةُ التَّوَرُّقِ. وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. فإنْ باعَه لمَنِ اشْتَرى منه، لم يجُزْ، وهى العِينَةُ. نصَّ عليه. قوله: وإنْ باعَ ما يجْرِى فيه الرِّبا نَسِيئَةً، ثم اشْتَرَى منه بثَمَنِه قبلَ قَبْضِه مِن جِنْسِه، أو ما لا يجوزُ بَيْعُه به نَسِيئَةً، لم يجُزْ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ المُصَنِّفُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا، إذا لم يَكُنْ حِيلَةٌ. وقال: قِياسُ مَسْأَلةِ العِينَةِ أخْذُ غَيْرِ جِنْسِه. واخْتارَه فى «الفائقِ». واخْتارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ، إذا كان ثَمَّ حاجَةٌ، وإلَّا فلا. تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مَسْألتَيْن؛ إحْداهما، أَنْ يبِيعَه كَيْلَ بُرٍّ إلى شَهْرٍ بمِائَةٍ، ثم يَشْتَرِىَ بثَمَنِه بعدَ اسْتِحْقاقِه منه بُرًّا، فلا يجوزُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: قالَه أصحابُنا. ونصَّ عليه. الثَّانيةُ، أَنْ يأْخُذَ بالثَّمَنِ منه شَعِيرًا أو غيرَه ممَّا يجْرِى فيه الرِّبا نَسِيئَةً، فلا يجوزُ. فوائد؛ يحْرُمُ التَّسْعِيرُ، ويُكْرَهُ الشِّراءُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإنْ هُدِّدَ مَن خالَفَه، حَرُمَ، وبطَل العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَبْطُلُ العَقْدُ. مَأْخَذُهما، هل الوَعِيدُ إكْراهٌ أم لا؟ ويَحْرُمُ قوْلُه: بعْ كالنَّاسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ، لا يَحْرُمُ. وأوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ إلْزامَهم المُعاوَضَةَ بمِثْلِ الثَّمَنِ. وقال: لا نِزاعَ فيه، لأنَّها مَصْلَحَةٌ عامَّةٌ لحَقِّ اللَّهِ تعالَى. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ البَيْعَ والشِّراءَ مِن مَكانٍ أُلْزِمَ النَّاسُ بهما فيه، لا الشِّراءَ مِمَّن اشْتَرَى منه، وكَرِه أيضًا الشِّراءَ بلا حاجةٍ مِن جالِسٍ على الطَّريقِ، ومِن بائع مُضْطَرٍّ ونحوِه. قال فى «المُنْتَخَبِ»: لبَيْعِه بدُونِ ثَمَنِه. ويَحْرُمُ الاحْتِكارُ فى قُوتِ الآدَمِىِّ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يَحْرُمُ. وعنه، يَحْرُمُ أيضًا فيما يأْكُلُه النَّاسُ. وعنه، أو يضُرُّهم ادِّخارُه بشِرائِه فى ضِيقٍ. وقال المُصَنِّفُ: مِن بَلَدِه لا جالِبًا. والأوَّلُ قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقالَه القاضى وغيرُه. ويصِحُّ شِراءُ مُحْتَكِرٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفى «التَّرْغيبِ» احْتِمالٌ بعدَمِ الصِّحَّةِ. وفى كَراهَةِ التِّجارَةِ فى الطَّعامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم يُردِ الحُكْرَةَ، رِوايتَان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن جلَب شيئًا، أو اسْتغَلَّه مِن مِلْكِه، أو ممَّا اسْتَأْجَرَه، أو اشْتَراه زمَن الرُّخْصِ، ولم يُضَيِّقْ على النَّاسِ إذَنْ، أو اشْتَراه مِن بَلَدٍ كبِيرٍ، كبَغْدادَ والبَصْرَةِ ومِصْرَ ونحوِها، فله حَبْسُه حتى يغْلُوَ، وليس مُحْتَكِرًا، نصَّ عليه، وتَرْكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ادِّخارِه لذلك أوْلَى. انتهى. وقال القاضى: يُكْرَهُ إنْ ترَبَّصَ به السِّعْرَ، لا جالِبًا بسِعْرِ يَوْمِه. نقَل عبدُ اللَّهِ وحَنْبَلٌ، الجالِبُ أحْسَنُ حالًا، وأرْجُو أَنْ لا بَأْسَ، ما لم يَحْتكِرْ. وقال: لا يَنْبَغِى أَنْ يتَمَنَّى الغَلاءَ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يُكْرَهُ. واخْتارَهِ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويُجْبَرُ المُحْتَكِرُ على بَيْعِه كما يَبِيعُ النَّاسُ، فإنْ أبَى، وخِيفَ التَّلَفُ، فرَّقَه الإِمامُ، ويَرُدُّون مِثْلَه. قال فى «الفُروعِ»: ويتوجَّهُ، قِيمَتُه. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. وكذا سِلاحٌ لحاجَةٍ. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وأوْلَى. ولا يُكْرَهُ ادِّخارُ قُوتٍ لأهْلِه ودَوابِّه. نصَّ عليه. ونقَل جَعْفَرٌ، سَنَةً وسَنتَيْن، ولا يَنْوِى التِّجارَةَ، فأَرْجُو أَنْ لا يُضَيِّقَ. ومَن ضَمِنَ مَكانًا ليَبيعَ فيه ويشْتَرِىَ وحدَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُرِهَ الشِّراءُ منه بلا حاجَةٍ، ويَحْرُمُ عليه أخْذُ زِيَادةٍ بلا حَقٍّ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىٌّ الدِّينِ.

باب الشروط فى البيع

بَابُ الشُّرُوطِ فِى الْبَيْعِ وَهِىَ ضَرْبَانِ؛ صَحِيحٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، شَرْطُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ؛ كَالتَّقَابُضِ، وَحُلُولِ الثَّمَنِ، وَنَحْوِهِ، فَلَا يُؤثِّرُ فِيهِ. الثَّانِى، شَرْطٌ مِنْ مَصْلَحَةِ العَقْدِ، كَاشْتِرَاطِ صِفةٍ فِى الثَّمَنِ، كَتَأْجِيلِهِ، أَوِ الرَّهْنِ، أوِ الضَّمِينِ بِهِ، أَوْ صِفَةٍ فِى ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشُّرُوطِ فى البيْعِ تنبيه: قوْلُه: وهى ضَرْبان؛ صَحِيحٌ، وهو ثَلاثةُ أنْوَاعٍ؛ أحَدُها، شرْطُ مُقْتَضَى البَيْعِ، كالتَّقابُضِ وحُلُولِ الثَّمَنِ، ونَحْوِه. بلا نِزاعٍ. ويأْتِى، لو جمَع بينَ شَرْطَيْن مِن هذا. قوله: الثَّانى، شرْطٌ مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ، كاشْتِرَاطِ صِفَةٍ فى الثَّمَنِ، كتَأْجيلِه، أو الرَّهْنِ، أو الضَّمِينِ به، أو صِفَةٍ فى المَبِيعِ؛ نحوَ كونِ العَبْدِ كاتِبًا، أو خَصِيًّا،

الْمَبِيعِ؛ نَحْوَ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا، أَوْ خَصِيًّا، أَوْ صَانِعًا، أَوْ مُسْلِمًا، وَالأَمَةِ بِكْرًا، وَالدَّابَّةِ هِمْلَاجَةً، وَالْفَهْدِ صَيُودًا، فَيَصِحُّ. فَإِنْ وَفَّى بِهِ، وَإِلَّا فَلِصَاحِبِهِ الْفَسْخُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو صانِعًا، أو مُسْلِمًا، والأمَةِ بِكْرًا، والدَّابَّةِ هِمْلاجَةً، والفَهْدِ صَيُودًا، فيَصِحُّ -الشَّرْطُ بلا نِزاعٍ- فإنْ وفى به -يَعْنِى، فى جميعِ ما تقدَّم- وإلَّا فلصاحبِه الفَسْخُ. يعْنِى، إذا لم يتَعَذَّرِ الرَّدُّ، فأمَّا إنْ تعَذَّرَ الرَّدُّ، تعَيَّنَ له الأرْشُ، وإنْ لم يتعَذَّرِ الرَّدُّ، فظاهِرُ كلامِه، أنَّه ليس له إلا الفَسْخُ لا غيرُ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». قال الزَّرْكَشِىُّ فى الرَّهْنِ: وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، والقاضى، وأبى الخَطَّابِ، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ» فيه، والسَّامَرِّىِّ، وأبى محمدٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له الفَسْخَ، أو أرْشَ فَقْدِ الصِّفَةِ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ويُحْكَى عنِ ابنِ عَقِيلٍ فى «العُمْدَةِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً، فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فَلَا فَسْخَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. وكذا حُكْمُ سائرِ هذا النَّوْعِ فى هذه المَسائلِ الآتيَةِ، حيث صَحَّحْنا الشَّرْطَ، وفُقِدَ. تنبيه: قوْلُه: أو الرَّهْنُ أو الضَّمِينُ به. مِن شَرْطِ صِحَّتِه، أَنْ يكُونا مُعَيَّنَيْن، فإنْ لم يُعَيِّنْهما، لم يصِحَّ، وليسَ له طَلِبُهما بعدَ العَقْدِ لمَصْلَحَةٍ، ويُلْزَمُ بتَسْليمِ رَهْنِ المُعَيَّنِ، إنْ قيلَ: يُلْزَمُ بالعَقْدِ. وفى «المُنْتَخَبِ»: هل يَبْطُلُ بَيْعٌ ببُطْلانِ رَهْنٍ فيه كجَهالَةِ الثَّمَنِ، أم لا، كمَهْرٍ فى نِكاحٍ؟ فيه احْتِمالان. فائدة: ومِنَ الشُّروطِ الصَّحيحَةِ أيضًا، لو شرَطَها تَحِيضُ، أو شرَط الدَّابَّةَ لَبُونًا، أو الأرْضَ خَراجَها كذا. ذكَرَه القاضى، واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ» فيهما. وجزَم به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، فى كونِها لَبُونًا. وقال ابنُ شِهابٍ: إنْ لم تَحِضْ طَبْعًا، ففَقْدُه يَمْنَعُ النَّسْلَ، وإنْ كان لكِبَرٍ، فعَيْبٌ؛ لأنَّه يُنْقِصُ الثَّمَنَ. وجزَم فى «التَّلْخيصِ»، أنَّه لا يصِحُّ شَرْطُ كَوْنِها لَبُونًا. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أشْهَرُ. قوله: وإنْ شرَطَها ثَيِّبًا كافِرَةً، فبانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فلا فَسْخَ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به فى «الوَجيزِ»، و «النَّظمِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويحْتَمِلُ أنَّ له الفَسْخَ؛ لأنَّ له فيه قَصْدًا. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ لأَنَّ لَهُ فِيهِ قَصْدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه»، ونصَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ». وأطْلَقهما فى «الكافِى»، فيما إذا شرَطَها كافِرَةً، فبانَتْ مُسْلِمَة. تنبيه: ممَّا يحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ، لو شرَطَها ثَّيِّبًا، فبانَتْ بِكْرًا، أو شرَطَها كافِرَةً. فبانَتْ مُسْلِمَة. وأكثرُ الأصحابِ إنَّما مثَّلُوا بذلك، فلذلك حمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ عليه. قلتُ: يُمْكِنُ حَمْلُه على ظاهِرِه، ويكونُ ذلك مِن بابِ التَّنْبِيهِ على ما مثَّلَه الأصحابُ، ولذلك أجْراه الشَّارِحُ على ظاهِرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو شرَطَه كافِرًا، فَبانَ مُسْلِمًا، فظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، أنَّ له الفَسْخَ. قال شيْخُنا فى «حَواشِيه»: وهو مُشْكِلٌ مِن جِهَةِ المُعْنَى؛ لأنَّ الغِلَّةَ المذكُورةَ فى الكافِرَةِ مَوْجودَةٌ فى الكافرِ. وقال أبو بَكْرٍ: حُكْمُه حُكْمُ ما إذا شرَطَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كافِرَةً، فبانَتْ مُسْلِمَةً. قال فى «الرِّعايَةِ»: هذا أقْيَسُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: هذا أظْهَرُ الوَجْهَيْن. قلتُ: وهو الصَّحيحُ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فيما إذا شرَطَه

وَإِنْ شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا، أَوْ أَنَّهُ يَجِئُ مِنْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ، صَحَّ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كافِرًا، فبانَ مُسْلِمًا، رِوايتَيْن. قوله: وإنْ شرَط الطَّائرَ مُصَوِّتًا، أو أنَّه يجِئُ مِن مَسافَةٍ مَعْلُومَةٍ، صَحَّ. إنْ شرَط الطَّائرَ مُصَوِّتًا، فقدَّم المُصَنِّفُ الصِّحَّةَ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه: جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِى». واخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الشَّارِحُ: الأوْلَى جَوازُه. قال فى «الفائقِ»: صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «العُمْدَةِ». وقدَّمه فى «الكافِى». وقال القاضى: لا يصِحُّ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو الأشْهَرُ. قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ». وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن». قلتُ: وهذا المذهبُ. وقد وافَقَ على ذلك فى «الهادِى». وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وإنْ شرَط أنَّه يجِئُ مِن مَسافَةٍ مَعْلُومَةٍ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا الصِّحَّةَ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ». قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. قال فى «الفائقِ»: صحَّ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الكافِى». وقال القاضى: لا يصِحُّ. وصحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أشْهَرُهما بُطْلانُه. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحالِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فتَلَخَّصَ فى المَسْألتَيْن طُرُق؛ يصِحُّ الشَّرْطُ فيهما، لا يصِح فيهما، لا يصِحُّ فى الأُولَى، وفى الثَّانيةِ الخِلافُ، لا يصِح فى الأُولَى، ويصِحُّ فى الثَّانيةِ. وهو المذهبُ، والصَّحيحُ. فائدتان؛ إحداهما، لو شرَط الطَّائرَ يبِيضُ، أو يُوقِظُه للصَّلاةِ، أو الأمَةَ حامِلًا، فحُكْمُهُنَّ كالمَسْألتَيْنِ المُتقَدِّمتَيْن عندَ صاحب «الفُروعِ». أمَّا إذا شرَط الطَّائرَ يَبِيْضُ، فقال المُصَنِّف فى «المُغْنِى» (¬1): الأَوْلَى الصِّحَّةُ. قلتُ: وهو الأُوْلَى. وقيل: لا يصِحُّ. وإنْ شرَط أنَّه يُوقِظُه للصَّلاةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. قال فى «الفائقِ»: بطَل فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الأشْهَرُ البُطْلانُ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) انظر: المغنى 6/ 241.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. ونسَبَه فى «الحاوِيَيْن» إلى اخْتِيارِ المُصَنِّفِ. وقدْ قدَّم فى «الكافِى»، أنَّه إذا شرَط أنَّه يصِيحُ فى وَقْتٍ مِنَ اللَّيْلِ، أنَّه يصِحُّ، وأمَّا إذا شرَط أنَّه يصِيحُ فى أوْقاتٍ مَعْلُومَةٍ، فإنَّه يَجْرِى مَجْرَى التَّصْويتِ فى القُمْرِىِّ ونحوِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وإنْ شرَط الأمَةَ حامِلًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الصِّحَّةُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو أوْلَى. وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ، لا يصِحُّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ» فيه. وصحَّحَه الأَزْجِىُّ فِي «نِهايَتِه». وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، كما تَقَدَّمَ. وأمَّا إذا شرَط الدَّابَّةَ حامِلًا، فقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أشْهَرُ الوَجْهَيْن البُطْلانُ. وقيل: يصِحُّ الشَّرْطُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو شرَط أنَّها لا تحْمِلُ، ففَاسِدٌ، وإنْ شرَطَها حائلًا فبانَتْ حامِلًا، فله الفَسْخُ فى الأمَةِ، بلا نِزاعٍ، ولا

الثَّالِثُ، أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فى الْمَبِيعِ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، وحُمْلَانِ الْبَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، أَوْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِى نَفْعَ الْبَائِعِ فى الْمَبِيعِ؛ كَحَمْلِ الْحَطَبِ، وَتَكْسِيرِهِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَتَفْصِيلهِ، فَيَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَسْخَ له فى غيرِها مِنَ البَهائمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى، كالأمَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى»: ليس بعَيْبٍ فى البَهائمِ، إنْ لم يضُرَّ اللَّحْمَ. ويأْتِى ذلك فى العُيوبِ، فى البابِ الَّذى بعدَ هذا. قوله: الثَّالثُ، أَنْ يشْتَرِطَ البائعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فى المَبِيعِ، كسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، وحُمْلانِ البَعِيرِ إلى مَوْضِع مَعْلُوم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وهو المَعْمولُ به فى المذهبِ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وكَحَبْسِه على ثَمَنِه، والانْتِفاعِ به، والأشْهَرُ، لا يَنْتَفِعُ. وقيل: يَلْزَمُ تَسلِيمُه، ثم يَرُدُّه لبائعِه؛ ليَسْتَوْفِىَ المنْفَعةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وعنه، لا يصِحُّ. قال فى «القَواعِدِ»: وحُكِىَ عنه رِوايَةٌ، لا يصِحُّ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، مِمَّن أطلَقَ، اشْتِراطُ وَطْءِ الأمَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ودَواعِيه، فإنَّه لا يصِحُّ، قَوْلًا واحِدًا. صرَّح به الأصحابُ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه. فائدة: يجوزُ للبائِعِ إجارَةُ ما اسْتَثْنَاه وإعارَتُه مُدَّةَ اسْتِثْنائِه، كالعَيْنِ المُؤْجَرَةَ إذا بِيعَتْ، وإن تَلِفَتِ العَيْنُ، فإنْ كان بفِعْلِ المُشْتَرِى، فعليه أُجْرَةُ مثْلِه، وإنْ كان بتَفْريطِه، فهو كتَلَفِها بفِعْلِه. نصَّ عليه. وقال: يرْجِعُ على المُبْتاعِ بأُجْرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ. قال القاضى: مَعْناه عندِى، يضْمَنُه بالقَدْرِ الَّذى نقَصَه البائعُ لأجْلِ الشَّرْطِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وإنْ كان التَّلَفُ بغيرِ فِعْلِه وتَفْرِيطِه، لم يَضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقوَّاه النَّاظِمُ. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال القاضى: يضْمَنُ. وجزَم به فى «الفائِق»، و «الحاوِيَيْن»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقالوا: نصَّ عليه. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فعلى قوْلِ القاضى، يضْمَنُه بما نقَص. جزَم به فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ تَلِفَ بلا تَفْريطِه ولا فِعْلِه، ضَمِنَ نَفْعَه المذْكُورَ بأُجْرَةِ مِثْلِه. نصَّ عليه، فَيُقَوَّمُ المَبِيعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بنَفْعِه وبدُونِه، فما نقَص مِن قِيمَتِه، أُخِذ مِن ثَمَنِه بنِسْبَتِه. وقيل: بل ما نقَصَه البائعُ بالشَّرْطِ. انتهى. فائدة: لو أرادَ المُشْتَرِى أَنْ يُعْطِىَ البائعَ ما يقُومُ مَقامَ المَبِيعِ فى المَنْفعَةِ، أو يُعَوِّضُه عنها، لم يَلزَمْه قَبُولُه، فإنْ تَراضَيا على ذلك، جازَ. قوله: أو يشْتَرِطَ المُشْتَرِى نَفْعَ البائعِ فى المَبيعِ، كحَمْلِ الحَطَبِ وتَكْسِيرِه، وخِياطَةِ الثَّوْبِ وتَفْصِييه. الواوُ هنا بمَعْنَى «أو» تقْديرُه، كحَمْلِ الحطَبِ أو تكْسِيرِه، وخِياطَةِ الثَّوْبِ أو تَفْصِيلِه، بدَليلِ قَوْلِه: وإنْ جمَع بينَ شَرْطَيْن، لم يصِحَّ. فلو جعَلْنا الواوَ على بابِها كان جَمْعًا بينَ شَرْطَيْن، ولا يصِحُّ ذلك. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ اشْتِراطِ المُشْتَرِى نَفْعَ البائعِ فى المَبِيعِ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: المذهبُ جَوازُه. وسَواءٌ كان حَصادًا، أو جَزَّ رَطْبَةٍ أو غيرَهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المُخْتارُ للأكْثَرِين. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وكذا قال فى «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، فى غيرِ شَرْطِ الحَصادِ. قال القاضى: لم أجِدْ بما قال الخِرَقِىُّ رِوايةً فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وصحَّحَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ. صَحَّحَها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما فى التَّلخيصِ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حكَى كثيرٌ مِنَ الأصحابِ فيما إذا اشْتَرطَ المُشْتَرِى نَفعَ البائعِ فى المَبِيعِ الرِّوايتَيْن، وقطَعوا بصِحَّة شَرْطِ البائعِ نفْعًا معْلُومًا فى المَبِيع، وفرَّقُوا بينَهما بأنَّ فى اشْتِراطِ نَفْعِ البائعِ جَمْعًا بينَ بَيْعٍ وإجارَةٍ، فقد جَمَع بينَ بَيْعَتَيْن فى بَيْعَةٍ، وهو مَنْهِىٌّ عنه. وأمَّا اشْتِراطُ مَنْفَعَةِ المَبِيعِ، فهو اسْتِثْناءُ بعض أعْيانِ المَبِيعِ، وكما لو باعَ أمَةً مُزَوَّجَةً؛ أو شجَرَةً عليها ثَمَرَةٌ قد بدَا صَلاحُها.

وَذَكَرَ الْخِرَقِىُّ فى جَزِّ الرَّطْبَةِ، إِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ. فيُخَرَّجُ ههنَا مِثْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: فعلَى الصِّحَّةِ، لابُدَّ مِن مَعْرفَةِ النَّفْعِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ الإِجارَةِ، فلو شرَط الحَمْلَ إلى مَنْزِلِه، وهو لا يعْرِفُه، لم يصِحَّ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قوله: وذكَر الخِرَقِىُّ فى جَزِّ الرَّطْبَةِ، إنْ شرَطَه على البائِعِ، لم يصِحَّ. وجعَلَه ابنُ أبى مُوسى المذهبَ، وقدَّمه فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». قال المُصَنِّفُ: فيُخَرَّجُ ههنا مِثلُه. وخرَّجه قبلَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِىُّ، وجماعةٌ. واعلمْ أنَّه اختُلِفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى كلامِ الخِرَقِىِّ؛ فقيلَ: يُقاسُ عليه ما أشبَهَه مِن اشْتِراطِ مَنْفَعَةِ البائعِ. وهو الَّذى ذكَرَه المُصَنِّفُ، وهؤلاءِ الجماعَةُ، وهو الصَّوابُ؛ فإنَّه نُقِلَ عنَ الإِمامَ أحمدَ رِوايَةٌ تُوافِقُ مَن خرَّج. ذكَرَها صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. واخْتارَها فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، كما تقدَّم، وإليه مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ وغيرِه. وقيل: تخْتَصُّ مسْأَلةُ الخِرَقِىُّ بما يُفْضِى الشَّرْطُ فيه إلى التَّنازُعِ لا غيرُ. قال المُصَنِّفُ، والشُّارِحُ: وهو أوْلَى لوَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّه قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعٍ آخَرَ: ولا يَبْطِلُ البَيْعَ شَرْطٌ واحدٌ. والثَّانِى، أنَّ المذهبَ صِحَّةُ اشْتِراطِ مَنْفعَةِ البائعِ فى المَبِيعِ. وأطْلَقَ هذَيْن القَوْلَيْن عن كلامِ الخِرَقِىِّ فى «الكافِى». قال فى «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»: وقيلَ: لا يصحُّ شَرْطُ جَزِّ الرَّطْبَةِ عليه. فَيُخَرَّجُ هنا مِثْلُه، وليس بشئٍ. وتَبِعَه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وناظِمِ «النِّهايَةِ». قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: هذا التَّخْريجُ ضَعِيفٌ بعيدٌ، يُخالِفُ القَواعِدَ والأُصُولَ. وخرَّج ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»، صِحَّةَ الشَّرْطِ فى النِّكاحِ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ المُتَأَخِّرِين، ولذلك اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الخِرَقِىِّ فى حَصادِ الزَّرْعِ. انتهى. فعلى المذهبِ فى أصْلِ المَسْأْلَةُ، يَلْزَمُ البائِعَ فِعْلُ ما وقَع عليه الشَّرْطُ، وله

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ يُقِيمَ غيرَه بعَمَلِه، فهو كالأَجِيرِ، فإنْ ماتَ أو تَلِفَ، أو اسْتُحِقَّ، فللمُشْتَرِى عِوَضُ ذلك. نص عليه، ولو أرادَ البائعُ بَذْلَ العِوَضِ عنه، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِى قَبُولُه، وإنْ أرادَ المُشْتَرِى أخْذَ العِوَضِ عنه، لم يلْزَمِ البَائِعَ شرِاءٌ، فلو رَضِيا بعِوَضِ النَّفْعِ، ففى جَوازِه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يجوزُ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قلت: وهو الصَّوابُ. والثَّانى: لا يجوزُ. قوله: وإنْ جمَع بينَ شَرْطَيْن، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الفَائقِ». تنبيه: محلُّ الخِلافِ إذا لم يَكُونا مِن مَصْلحَةِ العَقْدِ؛ فأمَّا إنْ كانَا مِن مَصْلحَتِه، فإنه يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «شَرْحِه»، و «المُصَنِّفُ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «المَجْدُ»، و «الشَّارِحُ»، وغيرُهم، ورَدُّوا غيرَه. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّذْكِرَةِ» قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن»: لا يجوزُ شَرْطان فى بَيْعٍ، فإن فعَل بطَل العَقْدُ، سَواءٌ كانا مِنَ الشُّروطِ الفاسِدَةِ أوِ الصَّحِيحَةِ. وقدَّماه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: لو شرَطا شَرْطَيْن فاسِدَيْن، أو صَحِيحَيْن، لوِ انْفرَدا، بطَل العَقْدُ، ويحْتَمِلُ صِحَّتُه دونَ شُروطِه المذْكُورَةِ. وقال فى «الصُّغْرى»: وإنْ جمَع فى عَقْدٍ شَرطَيْن يُنافِيانه، بطَل. فظاهِرُه، أنَّهما إذا كانا مِن مَصْلَحَتهِ لا يبْطُلُ كالأوَّلِ، وأمَّا إذا كان الشَّرْطان فأكْثرُ مِن مُقْتَضاه، فإنَّه يصِحُّ، قوْلًا واحدًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: يصِحُّ بلا خِلافٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، رُوِى عن أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، أنَّه فسَّر الشَّرْطَيْن المَنْهِىَّ عنهما بشَرْطَيْن فاسِدَيْن، وكذا فسَّره به بعضُ الأصحابِ. ورَدَّه فى «التَّلْخيصِ» بأنَّ الواحِدَ يُؤَثِّرُ (¬1) فى العَقْدِ، فلا حاجَةَ إلى التَّعدُّدِ. ويُجابُ بأنَّ الواحِدَ فى تأْثيرِه خِلافٌ، والاثْنان لا خِلافَ فى تَأْثيرِهما. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه فسَّرَهماِ بشَرْطَيْن صَحِيحَيْن ليْسا مِن مَصْلَحةِ العَقْدِ ولا مُقْتَضاه. وهذا المذهبُ، ¬

(¬1) فى الأصل: لا يؤثر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما تقدَّم. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: هما شَرْطان مُطْلَقًا. يعْنِى، سَواءً كانا صَحِيحَيْن أو فاسِدَيْن، أو مِن غيرِ مَصْلَحةٍ. وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. وكذا قال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، على ما تقدَّم قرِيبًا. الثَّانيةُ، يصِحُّ تَعْليقُ الفَسْخِ بشَرْطٍ. على المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ»، وصاحِبُ «المُبْهِجِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ: لا يصِحُّ. وذكَر فى «الرِّعايَةِ»، إذا أجَر هذه الدَّارَ كلَّ شَهرٍ بدِرْهَمٍ، فإذا مضَى شَهْرٌ، فقد فسَخْتُها، أنَّه يصِحُّ، كتَعْليقِ الخُلْعِ، وهو فسْخٌ على الأصحِّ. قال فى «الفُصولِ»، و «المُغْنِى» فى الإِقْرارِ: لو قالَ: بِعْتُكَ إنْ شِئتَ. فشاءَ وقَبِلَ، صحَّ. ويأْتِى فى الخُلْعِ تَعْليقُه على شئٍ.

فصل

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِى فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ؛ كَسَلَفٍ، أَوْ قَرْض، أو بَيْعٍ، أَوْ إِجَارَةٍ، أَوْ صَرْفٍ لِلثَّمَنِ، أَوْ غَيْرِهِ. فَهَذَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ الشَّرْطُ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله، فى الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ: أحَدُها، أَنْ يشْتَرِطَ أحَدُهما على صاحِبهِ عَقْدًا آخَرَ، كسَلَفٍ، أو قَرْضٍ، أو بَيْعٍ، أو إجارَةٍ. أو صَرْفٍ للثَّمَنِ، أو غيرِه. فهذا يَبْطِلُ البَيْعَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الكافِى»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». ويحْتَمِلُ أَنْ يبْطُلَ الشرْطُ وحدَه. وهو رِوايَة عن أحمدَ، وهو ظاهِرُ كلَامِ ابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما، فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الفائقِ». فائدة: هذه المَسْأَلَةُ هى، مَسْألةُ بَيْعتَيْن فى بَيْعَةٍ، المَنْهِىُّ عنها. قالَه الإِمامُ أحمدُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمَه فى «الفُروعِ». وعنه، البَيْعَتانِ فى بَيْعَةٍ؛ إذا باعَه بعَشَرَةٍ نَقْدًا، أو بعِشْرِين (¬1) نَسِيئَةً. جزَم به فى «الإِرْشادِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهم. وعنه، بل هذا ¬

(¬1) فى أ: «وبعشرين».

الثَّانِى، شَرْطُ مَا يُنَافِى مُقْتَضَى الْبَيْعِ، نَحْوَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أَوْ مَتَى نَفَقَ الْمَبِيعُ، وَإِلَّا رَدَّهُ، أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ، وَلَا يَهَبَ، وَلَا يَعْتِقَ، أَوْ إِنْ أَعْتَقَ، فَالْوَلَاءُ لَهُ، أَوْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَهَذَا بَاطِلٌ فى نَفْسِهِ. وَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَرْطان فى بَيْعٍ. وقال فى «العُمْدَةِ»: البَيْعتان فى البَيْعَةِ؛ أَنْ يقولَ: بِعْتُك هذا بعَشَرَةٍ صِحاحٍ، أو عِشْرِين مُكَسَّرَةٍ. أو يقولَ: بِعْتُك هذا على أَنْ تبِيعَنِى هذا أو تشْتَرِىَ مِنِّى هذا. النهى. فجَمَع فيها بين الرِّوايتَيْن. ونقَل أبو داودَ، إنِ اشْتَراه بكذا إلى شَهْرٍ، كلَّ جُمُعَةٍ دِرْهَمان. قال: هذا بَيْعان فى بَيْعٍ. ورُبَّما قال: بَيْعَتان فى بَيْعَةٍ. قوله: الثَّانى، شَرْطُ. ما يُنافِى مُقْتَضَى البَيْعِ؛ نحوَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لا خَسارَةَ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو متى نفَق المَبيعُ وإلَّا رَدَّه، أو أَنْ لا يَبيعَ، ولا يهَبَ، ولا يعْتِقَ، أو إنْ أعْتَقَ فالوَلاءُ له، أو يَشْتَرِطَ أَنْ يفْعَلَ ذلك، فهذا باطِلٌ فى نَفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، وعليه الأصحابُ. وتأْتِى الرِّوايَةُ فى ذلك، والكلامُ عليها. وهل يبْطُلُ البَيْعُ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الإِيضَاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرِّر»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يبْطُلُ البَيْعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال القاضى: المَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّ البَيْعَ صَحيحٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثِين»: لو شرَط أَنْ لا يَبيعَ ولا يَهَبَ، وَإِنْ باعَها فالمُشْتَرِى أحَقُّ بها، فنَصَّ أحمدُ على الصِّحَّةِ، وقال: ونُصوصُه صَرِيحَة بصِحَّةِ هذا البَيْعِ والشَّرْطِ، ومَنْعِ الوَطْءِ. وذكَر نُصُوصًا محميرة. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يبْطُلُ البَيْعُ. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه القاضى، وأصحابُه، وصحَّحَه فى «الخُلاصَةِ». فعلى المذهبِ، للَّذى فاتَ غرَضُه الفَسْخُ، أو أَرْشُ ما نقَص مِنَ الثَّمَنِ بإِلْغائِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» (¬1)، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يخْتَصُّ ذلك بالجاهِلِ بفَسادِ الشَّرْطِ دونَ العالِمِ. جزَم به فى «الفائقِ». وقيل: ¬

(¬1) فى حاشية ط: «الذى جزم به فى «المحرر» هو القول الثانى لا الأول، فنسبة الأول إليه سهو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أرْشَ له، بل يثْبُتُ له الخِيارُ بينَ الفَسْخِ والإِمْضاءِ لا غيرُ. وهو احْتِمالٌ فى

إِلَّا إِذَا شَرَطَ الْعِتْقَ، فَفِى صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، يَصِحُّ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قوله: إلَّا إذا شرَط العِتْقَ، ففى صِحَّتِه رِوايَتان. وأطْلَقَهمَا فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الزَّرْكَشِىّ»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَها فى «التَّصْحيحِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ». قال فى «النَّظْمِ»: وهو الأقْوَى. قال الزَّرْكَشِىُّ فى الكفَّاراتِ: المذهب مِنَ الرِّوايتَين عندَ الأصحابِ، جَوازُ ذلك وصِحَّتُه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. قدَّمه فى «إدْراكِ الغايَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ فى الكفَّاراتِ: وهو ظاهِرُ كلامِ صاحبِ «الوَجيزِ». فعلى هذه الرِّوايَةِ، لا يبْطُلُ البَيْعُ عندَ المُصَنِّفِ وغيرِه، ويبْطُلُ عندَ أبى الخَطَّابِ فى «خِلافِه» وغيرِه. فعلى المذهبِ، يُجْبَرُ عليه إنْ أَبَاه، كما قال المُصَنِّفُ؛ لأنَّه حَقٌّ للَّهِ كالنَّذْرِ. وهو الصَّحيحُ. قال النَّاظِمُ: هو الأقْوَى. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ. وقيل: هو حَقٌّ للبائِع. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وحكَى بعضُهُم الخِلافَ رِوايتَيْن؛ فيثْبُتُ له خِيارُ الفَسْخِ، وله إسْقاطُه مَجَّانًا، وله الأرْشُ إنْ ماتَ العَبْدُ ولم يَعْتِقه. نقَلَ الأَثْرَمُ، إنْ أَبَى عِتْقَه، فله أَنْ يَسْتَرِدَّه، وإنْ أمْضَى، فلا أرْشَ فى الأصحِّ. قالَ فى «الفُروعِ». وأطْلقَ الخِلافَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فعلى المذهبِ، لوِ امْتَنعَ مِنَ العِتْقِ، وأصَرَّ، فقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: توجَّه أَنْ يَعْتِقَه الحاكِمُ عليه، فلو بادَرَ

وَعَنْهُ، فى مَنْ بَاعَ جَارِيَةً، وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرى، إِنْ بَاعَهَا، فهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثّمَنِ، أنَّ البَيْعَ جَائِزٌ. وَمَعْنَاهُ -وَاللَّهُ أَعْلمُ- أنَّهُ جَائِزٌ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِى وباعَه بشَرْطِ العِتْقِ أيضًا، لم يصِحَّ. قدَّمه فى «نِهايَةِ أبِى المَعالِى» للتَّسَلْسُلِ. وصحَّحَه الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتهِ». وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقَهما فى «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والعِشْرِين». وقال: وعندِى أنَّ هذا الخِلافَ مُرَتب على أنَّ الحَقَّ هل هو للَّه، ويُجْبَرُ عليه إنْ أبَى، أو للبائعِ؟ فعلى الأوَّلِ، هو كالمَنْذُورِ عِتْقُه. وعلى الثَّانِى، يسْقُطُ الفَسْخُ لزَوالِ المِلْكِ، وللبائعِ الرُّجوعُ بالأَرْشِ، فإنَّ هذا الشَّرْطَ ينقُصُ به الثَّمَنُ عادة. ويحْتَمِلُ أَنْ يثْبُتَ له الفَسْخ؛ لسَبْقِ حَقِّه. انتهى. تنبيه: قوْلُ المُصَنِّفِ: وعنه، فى مَن باعَ جارِيَةً، وشرَط على المشْتَرِى إنْ باعَها فهو أحَقُّ، بها بالثَّمَنِ، أنَّ البَيْعَ جائِزٌ. ومعْناه، واللَّهُ أعْلَمُ، أنَّه جائِزٌ مع فَسادِ الشَّرْطِ. يعْنِى، أنَّ ظاهِرَ هذه الرِّوايَةِ، صحَّةُ الشَّرْطِ؛ لسُكوتِه عن فَسادِه، فبَيَّنَ المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، معْناه. روَى المَرُّوذِىُّ عنه، أنَّه قال: هو فى مَعْنَى حديثِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لَا شَرْطَان فى بَيْعٍ» يعْنِى، أنَّه فاسِدٌ. وروَى عنه إسْماعِيلُ أنَّه قال: البَيْعُ صَحيحٌ. واتَّفقَ عمرُ وابنُ مَسْعُودٍ على صِحَّتِهْ. قال المُصَنِّفُ: يحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ، فى رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ، على فَسادِ الشَّرْطِ، وفى رِوايَةِ إسْماعِيلَ، على جَوازِ البَيْعِ؛ فيكونُ البَيْعُ صَحِيحًا، والشرْطُ فاسِدًا، وهو مُوافِقٌ لأَكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: نقَل على بنُ سَعِيدٍ -فى مَن باعَ شيئًا، وشرَط عليه إنْ باعَه، فهو أحَقُّ به بالثَّمَنِ- جَوازَ البَيْعِ والشَّرْطِ. وسألَه أبو طالِبٍ عن مَن اشْتَرى أمَةً بشَرْطِ أَنْ يتسَرَّى بها لا للخِدْمَةِ؟ قال: لا بأْسَ به. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: رُوِى عنه نحوُ عِشرِين نصًّا على صِحَّةِ هذا الشَّرْطِ. قال: وهذا، مِن أحمدَ، يقْتَضِى أنَّه إذا شرَط على البائعِ فِعْلًا، أو تَرْكًا فى البَيْعِ، ممَّا هو مَقْصودُ البائع أو للمَبِيعِ نفْسِه، صحَّ البَيْعُ والشَّرْطُ كاشْتِراطِ العِتْقِ. فاخْتار الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، صِحَّةَ هذا الشَّرْطِ، بل اخْتارَ صِحَّةَ العَقْدِ والشَّرْطِ فى كلِّ عَقْدٍ، وكلِّ شَرْطٍ لم يُخالِفِ الشَّرْعَ؛ لأنَّ إطْلاقَ الاسْمِ يتَناوَلُ المُنْجَزَ والمُعَلَّقَ، والصَّرِيحَ والكِنايَةَ، كالنَّذْر، وكما يتَناوَلُه بالعَرَبِيَّةِ والعَجَميَّةِ. انتهى. وأطْلقَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه فى صحةِ هذا الشَّرْطِ ولُزومِه رِوايتَيْن. ونقَل حَرْبٌ ما نقَلَه الجماعَةُ، لا بَأْسَ بشَرْطٍ واحدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو شرَط على المُشْتَرِى وَقْفَ المَبِيعِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُلْحَقٌ بالشُّروطِ المُنافِيَةِ لمُقْتَضَى البَيْعِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحاب. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ العِتْقِ إذا شرَطَه على المُشْتَرِى، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، محَلُّ هذه الشُّروطِ، أَنْ تقَعَ مُقارِنَةً للعَقْدِ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ شرَط ما يُنافِى مُقْتَضاه، قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: فى العَقْدِ. وقال بعدَ ذلك بأَسْطُرٍ: ويُعْتَبرُ مُقارَنَةُ الشَّرْطِ. ذكَره فى «الانْتِصارِ»، ويتَوجَّهُ أنَّه كالنِّكاحِ. ويأْتِى كلامُ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ وغيرِه، فيما إذا شرَط عندَ عَقْدِ النِّكاحِ شَرْطًا، فى أوَّلِ بابِ الشُّروطِ فى النِّكاحِ.

وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا وَنَحْوَهُ، فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وِإنْ شرَط رَهْنًا فاسِدًا ونحوَه. مِثْلَ أَنْ يشْتَرِطَ خِيارًا أو أجَلًا مَجْهُولَيْن، أو نَفْعَ بائعٍ ومَبِيعٍ إنْ لم يصِحَّا، أو تأْخِيرَ تَسْلِيمِه بلا انْتفِاع. وكذا فِناءُ الدَّارِ لا بحَقِّ طرِيقِها، فهل يبْطُلُ البَيْعُ؟ على وَجْهَيْن. بناءً على الرِّوايتَيْن فى شَرْطِ ما يُنافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، خِلافًا ومذهبًا، وقد عَلِمْتَ أَنَّ المذهبَ عدَمُ (¬1) البُطْلانِ. فائدة: لو علَّق عِتْقَ عَبْدِه على بَيْعِه فباعَه، عتَق وانْفَسخَ البَيْعُ. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ الجماعةِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ولم يُنْقَلْ عنه فى ذلك خِلافٌ. انتهى. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. قال فى «المُذْهَبِ» ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: عتَق العَبْدُ على قَوْلِ أصحابِنا. وترَدَّدَ فيه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ فى مَوْضِعٍ، وله فيه طَرِيقَة أُخْرَى تأْتِى. قال العَلَّامَةُ ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»: اخْتلَفَ الأصحابُ فى تَخْريجِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ على طُرُقٍ؛ أحدُها، أنَّه مَبْنِىٌّ على القَوْلِ بأنَّ المِلْكَ لم يُنْقَلْ عن البائعِ فى مُدَّةِ الخِيارِ، فأمَّا على القَوْلِ بالانْتِقالِ، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ، فلا يَعْتِقُ. وهى طَرِيقَةُ أبى الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه». واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وهو احْتِمالٌ فى «الحاوِى» وغيرِه. قال ابنُ رَجَبٍ: وفى هذه الطَّريقَةِ ضَعْفٌ. وبيَّنَهَ. الثانى، أنَّ عِتْقَه على البائعِ، لثُبوتِ الخِيارِ له، فلم تنْقَطِعْ عُلْقَتُه عن المَبِيعِ بعدُ. وهى طَرِيقَةُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وأبى الخَطَّابِ. الثَّالثُ، أنَّه يَعْتِقُ على البائعِ عَقِبَ إيجابِه، وقبلَ قَبُولِ المُشْتَرِى. وهى طرِيقَةُ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبى مُوسى، وصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، والشَّارحِ. وصاحِبِ «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم؛ لأنَّه علَّقَه على بَيْعِه، وبَيْعُه الصَّادِرُ منه هو الإِيجابُ فقط، ولهذا سُمِّىَ بائعًا. قال ابنُ رَجَبٍ: وفيه نظَرٌ. وهو كما قال. الرَّابعُ، أنه يعْتِقُ على البائِعِ فى حالَةِ انْتِقالِ المِلْكِ إلى المُشْتَرِى، حيثُ يتَرتَّبُ على الإِيجابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقَبُولِ انْتِقالُ المِلْكِ، وثُبوتُ العِتْقِ، فيتدَافَعان، وينْفُذُ العِتْقُ لقُوَّتِه وسِرايَتِه، دُونَ انْتِقالِ المِلْكِ. وهى طَريقَةُ أبى الخَطَّابِ فى «رُءوسِ المَسائلِ». قال ابنُ رَجَبٍ: ويَشْهَدُ لها تَشْبِيهُ أحمدَ بالمُدَبَّرِ والوَصِيَّةِ. الخامسُ، أنَّه يعتِقُ بعدَ انْعِقادِ البَيْعِ وصِحَّتِه، وانْتِقالِ المَبِيعِ إلى المُشْتَرِى، ثم يَنْفَسِخُ البَيْعُ بالعِتْقِ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البائِعِ. وصرَّح بذلك القاضى فى «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، والمَجْدُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، وتَشْبِيهِه بالوَصِيَّةِ. وسلَك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ طريقًا سادِسًا، فقال: إنْ كان المُعَلِّقُ للعِتْقِ قصْدُه اليَمِينُ دُونَ التَّبرُّرِ بعِتْقِه، أجْزأه كفَّارَةُ يَمِينٍ؛ لأنَّه إذا باعَه خرَج عن مِلْكِه، فَبَقِىَ كنَذْرِه أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ غيرِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتُجْزِئُه الكَفَّارَةُ، وإنْ قصَد به التَّقَرُّبَ، صارَ عِتْقُه مُسْتَحَقًّا كالنَّذْرِ، فلا يصِحُّ بَيْعُه، ويكونُ العِتْقُ مُعَلَّقا على صُورَةِ البَيْعِ كما لو قال، لِمَا لا يحِلُّ بَيْعُه: إذا بِعْتُه فعلىَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ. أو قال لأُمِّ وَلَدِه: إنْ بِعْتُكِ فأنتِ حُرَّةٌ. انتهى كلامُ ابنِ رَجَبٍ. فلَقد أجادَ، وله على هذه الطُّرُقِ اعْتِراضاتٌ ومُؤَاخَذاتٌ، لا يَلِيقُ ذِكْرُها هنا، وذلك فى «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين». ويأْتِى فى أوَاخِرِ بابِ الإِقْرارِ بالمُجْمَلِ لو قال لعَبْدِه: إنْ أقْرَرْتُ بك لزَيْدٍ، فأنتَ حُرٌّ. أو: فأنتَ حُرٌّ ساعَةَ إقْرارِى.

الثَّالِثُ، أن يَشْتَرِطَ شَرْطًا يُعَلِّقُ الْبَيْعَ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ إِنْ جِئْتَنِى بِكَذَا. أو: إِنْ رَضِىَ فُلَانٌ. أو يَقُولَ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ فى مَحِلِّهِ، وَإلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ. فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ، إِلَّا بَيْعَ الْعُرْبُونِ؛ وَهُوَ أن يَشْتَرِىَ شَيْئًا، وَيُعْطِىَ الْبَائِعَ دِرْهَمًا، وَيَقُولَ: إِن أَخَذْتُهُ، وَإلَّا فَالدِّرْهَمُ لَكَ. فَقَالَ أحْمَدُ، رَضِىَ اللَّه عَنْهُ: يَصِحُّ؛ لأَنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَلَهُ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، أَنْ يشْتَرِطَ شَرْطًا يُعَلِّقُ البَيْعَ، كَقَوْلِه: بِعْتُك إنْ جِئْتَنِى بكذا. أو: إنْ رَضِىَ فُلان. فلا يَصِحُّ البَيْعُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفائقِ»: ففاسِدٌ، قالَه أصحابُنا؛ لكَوْنِه عَقْدَ مُعاوَضَةٍ. ثم قال: ونُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ تَعْليقُه فِعْلًا منه. قال شيْخُنا: هو صحيحٌ، وهو المُخْتارُ. انتهى. قوله: أو يقُولَ للْمُرْتَهِنِ: إنْ جِئْتُك بحقِّك، وإلَّا فالرَّهْنُ لك -يعْنِى، مَبِيعًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمالك عندِى مِنَ الحَقِّ- فلا يصِحُّ البَيْعُ. ولا الشَّرْطُ فى الرَّهْنِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم، وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم، ونصَّ عليه ببُطْلانِ الشَّرْطِ. وهذا مَعْنَى قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» (1). وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا يبْطُلُ الثَّانى، وإنْ لم يَأْتِه صارَ له، وفعَلَه الإِمامُ. قالَه فى «الفائقِ». وقال: قلتُ: فعليه، غَلْقُ الرَّهْنِ، اسْتِحْقاقُ المُرْتَهِنِ له بوَضْعِ العَقْدِ، لا بالشَّرْطِ، كما لو باعَه منه. ذكَرَه فى بابِ الرَّهْنِ. وأمَّا صِحَّةُ الرَّهْنِ، ففيه رِوايَتان، يأْتِيان مع الشَّرْطِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الرَّهْنِ فى آخِرِ الفَصْلَ الأوَّلِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قَبِلَ المُرْتَهِنُ ذلك، فهو أمانَةٌ عندَه إلى ذلك الوَقْتِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم يصِيرُ مَضْمُونًا، لأَنَّ قبْضَه صارَ بعَقْدٍ فاسِدٍ. ذكَرَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: والمَنْصُوصُ عن أحمدَ فى رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَسَنِ ابنِ هَارُونَ (¬1)، أنَّه لا يضْمَنُه بحالٍ. ذكَرَه القاضى فى «الخِلافِ»، لأَنَّ الشَّرْطَ يفْسُدُ، فيَصِيرُ وُجودُه كعَدَمِه. الثَّانيةُ، يصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ المَبِيعِ على ثَمَنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، فيقولُ: بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَه بثَمَنِه. وقيل: لا يصِحُّ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى. ولو قال: إنْ، أو إذا رَهَنْتَنِيه، فقد بِعْتُك. فبيْعٌ مُعَلَّقٌ بشَرْطٍ. وأجابَ أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، إن قال: بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَنِى. لم يصِحَّ وإنْ قال: إذا رَهَنْتَنِيه على ثَمَنِه وهو كذا، فقد بِعْتُك، فقال: اشْتَريْتُ ورَهَنْتُها عندَك على الثَّمَنِ. صحُّ الشِّراءُ والرَّهْنُ. قوله: إلَّا بَيْعَ العُرْبُونِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ بَيْعَ العُرْبُونِ صَحيحٌ، وعليه ¬

(¬1) محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا الموصلى، أبو جعفر، سكن بغداد، وحدث بها عن الإمام أحمد. توفى سنة ثلاث وثلاثمائة. طبقات الحنابلة 1/ 288 - 290.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعندَ أبى الخَطَّابِ، لا يصِحُّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال المُصَنِّفُ: وهو القِياسُ. وأطْلَقَهما فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». لكِنْ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: المَنْصُوصُ، الصِّحَّةُ فى العَقْدِ والشَّرْطِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو أَنْ يشْتَرِىَ شَيْئًا، ويُعْطِىَ البائِعَ دِرْهمًا، ويقُولَ: إنْ أخَذْتُه وإلَّا فالدِّرْهَمُ لك. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه صِفَةُ بَيعِ العُرْبُونِ. ذكَرَه الأصحابُ، وسواءٌ وقَّت أو لم يُوَقِّتْ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: العُرْبُونُ أَنْ يقولَ: إنْ أخَذْتُ المَبِيعَ، وجِئْتُ بالباقِى وَقْتَ كذا، وإلَّا فهو لك. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». فائدة: إِجارَةُ العُرْبُونِ كبَيْعِ العُرْبُونِ. قالَه الأصحابُ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أن الدِّرْهَمَ للبائعِ أو للمُؤْجِرِ إنْ لم يأْخُذِ السِّلْعَةَ أو يسْتَأْجِرْها. وصرَّح بذلك. النَّاظِمُ، وناظِمُ «المُفْرَدات»، وهو ظاهِرُ

وَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِى الثَّمَنَ إِلَى ثَلَاثٍ، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا. فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الشَّارِحِ، وقالَه شيْخُنا فى «حَواشِى الفُروعِ». وقال فى «المُطْلِعِ»: يكونُ للمُشْتَرِى مَرْدُودًا إليه إنْ لم يَتِمَّ البَيْعُ، وللبائِع مَحْسُوبًا مِنَ الثَّمَنِ إنْ تَمَّ البَيْعُ. ولم أرَ مَن وافَقَه. قوله: وإنْ قال: بِعْتُك على أَنْ تَنْقُدَنِى الثَّمَنَ إلى ثَلاثٍ، وإِلَّا فلا بيْعَ بينَنا. فالبَيْعُ صَحِيحٌ. نصَّ عليه. وهو المذهب، وعليه الأصحابُ. يعْنِى، أنَّ البَيْعَ والشَّرْطَ صَحِيحان. فإنْ مضَى الزَّمَنُ الذى وَقَّتَه له، ولم يَنْقُدْه الثَّمَنَ، انْفَسَخَ العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يبْطُلُ البَيْعُ بفَواتِه.

وَإِنْ بَاعَهَ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، لَمْ يَبْرَأْ. وَعَنْهُ، يَبْرَأُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ، فَكَتَمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَه وشرَط البَراءَةَ مِن كُلِّ عَيْبٍ، لم يبْرَأْ. وكذا لو باعَه، وشرَط البَراءةَ مِن عَيْبِ كذا إنْ كان. وهذا المذهبُ فى ذلك بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال أبو الخَطَّابِ وجماعَةٌ: لأنَّه خِيارٌ يثْبُتُ بعدَ البَيْعِ فلا يَسْقُطُ، كالشُّفْعَةِ. واعْتَمدَ عليه فى «عُيونِ المَسائلِ». وعنه، يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يكونَ البائعُ عَلِمَ العَيْبَ فكتَمَه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ونَقل ابنُ هانِئٍ، إنْ عينَّهَ صحَّ. ومَعْناه، نَقْلُ ابنِ القاسِمِ وغيرِه، لا يبْرَأُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَه بالعُيوبِ كلِّها؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه مُرْفَقٌ فى البَيْعِ، كالأَجَلِ والخِيارِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: الأَشْبَهُ بأُصولِنا نَصْرُ الصِّحَّةِ، كالبَراءَةِ مِنَ المَجْهول. وذكَرَه هو وغيرُه رِوايَةً، وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» قوْلًا. وهو تخْريجٌ فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: خرَّج أصحابُنا الصِّحَّةَ مِنَ البَراءَةِ مِنَ المَجْهولِ واخْتارَه فى «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِ المُصَنِّفِ: لم يَبْرَأْ. أنَّ هذا الشَّرْطَ لا تأْثِيرَ له فى البَيْعِ، وأنَّه صَحيحٌ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقيل: يفْسُدُ البَيْعُ به. وهو تخْرِيجٌ لأبى الخَطَّابِ، وصاحِبِ «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ». قال الشَّارِحُ وغيرُه: وعن الإِمامِ أحمدَ فى الشُّروطِ الفاسِدَةِ رِوايَتان؛ إحْداهما، يفْسُدُ بها العَقْدُ. فيدْخُلُ فيها هذا البَيْعُ. النهى. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَعَنْهُ، أنَّهُ صَحِيحٌ، وَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه، أنَّ العَيْبَ الظَّاهِرَ والباطِنَ سَواءٌ. وهو صحيحٌ. صرَّح به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال فى «الفُروعِ»: وفيه -فى عَيْبٍ باطِنٍ، وجُرْحٍ لا يُعْرَفُ غَوْرُه- احْتِمالان. وقال أيضًا: وإنْ باعَه على أنَّه به، وأنَّه بَرِئَ منه، صحَّ. قوله: وإنْ باعَه دارًا على أنَّها عَشْرَةُ أَذْرُعٍ، فبانَتْ أحَدَ عَشَرَ، فالبَيْعُ باطِلٌ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعنه، أنّه صَحيحٌ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». فعلى الرِّوايَةِ الأُولَى، لا تَفْريعَ، وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، إلْزامُه للبائعِ، كما قال المُصنِّفُ.

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِمْضَائِهِ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ولكُلِّ واحِدٍ مِنْهما الفَسْخُ. أنَّه سَواءٌ سلَّمه البائِعُ الزَّائدَ مَجَّانًا أَوْ لا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّانى، أنَّ محَل الفَسْخِ، إذا لم يُعْطِه الزَّائدَ مجَّانًا، فإن أعْطاه إيَّاه مجَّانًا، فليس له الفَسْخُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِيق». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قوله: فإنِ اتَّفَقا على إمْضَائِه جازَ. يعْنِى، على إمْضاءِ البَيْعِ؛ فللمُشْتَرِى أخْذُه بثَمَنِه، وقسَّط الزَّائدَ، فإنْ رَضِىَ المُشْتَرِى بالأَخْذِ، أخَذ العشَرَةَ، والبائعُ شَرِيكٌ له بالذِّراعِ، وهل للبائعِ خِيارُ الفَسْخِ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»،

وَإِنْ بَانَتْ تِسْعَةً، فَهُوَ بَاطِلُ. وَعَنْهُ، أنَّهُ صَحِيحٌ، وَالنَّقْصُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلِلْمُشْتَرِى الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدهما، له الفَسْخُ. قال الشَّارِحُ: أولَاهما له الفَسْخُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّانى، لا خِيارَ. وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، فإنَه رَدَّ تَعْليلَ الوَجْهِ الأوَّلِ. قوله: وإنْ بانَتْ تِسْعَةً، فهو باطِلٌ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. قدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفائقِ»، وقوّاه النَّاظِمُ. وعنه، أنَّه صَحيحٌ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما فى

فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى تَعْوِيضِهِ عَنْهُ، جِازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». فعلى الرِّوايَةِ الأُوَلى، لا تَفْرِيعَ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ، النَّقْصُ على البائعِ، وللمُشْتَرِى الخِيارُ بينَ الفَسْخِ، وأخْذِ المَبِيعِ بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ. وإنِ اتَّفَقا على تَعْويضِه عنه، جازَ. فإنْ أخَذَه المُشْتَرِى بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ، فللبائعِ الخِيارُ بينَ الرِّضَى بذلك وبينَ الفَسْخِ، فإنْ بذَل له المُشْتَرى جميعَ الثَّمَنِ، لم يمْلِكِ الفَسْخَ. فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ الثَّوْبِ إذا باعَه على أنَّه عشَرَة، فبانَ أحَدَ عَشَرَ، أو تِسْعَةً، حُكْمُ الدَّار والأرْضِ، على ما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، لو باعَه صُبْرَةً على أنَّها عشَرَةُ أقْفِزَةٍ، فَبانَتْ أحَدَ عَشَرَ، فالبَيْعُ صَحيحٌ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والزائدُ للبائعِ مُشاعًا، ولا خِيارَ للمُشْتَرِى. وإنْ بانتْ تِسْعَة، فالبَيْعُ صَحيحٌ، وينْقُصُ مِنَ الثَّمَنِ بقَدْرِه، ولا خِيارَ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: له الخِيارُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». الثَّالثةُ، المَقْبوضُ بعَقْدٍ فاسِدٍ لا يمْلِكُ به، ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُه فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وخرَّج أبو الخَطَّابِ نَفُوذَ تصَرُّفِه فيه مِنَ الطَّلاقِ فى نِكاحٍ فاسِدٍ. فعلى المذهبِ، يضْمَنُه كالغَصْبِ، وَيْلزَمُه ردُّ النَّماءِ المُنْفَصِلِ والمُتَّصِلِ، وأُجْرَةُ مِثْلِه مُدَّةَ بَقاِئه فى يَدِه، وإنْ نقَص، ضَمِنَ نقْصَه، وإنْ تَلِفَ، فعليه ضمَانُه بقِيمَتِه. وإنْ كانت أمَةً فوَطِئَها، فلا حَدَّ عليه، وعليه مَهْرُ مِثْلِها، وأرْشُ بَكارَتها، والوَلَدُ حُرٌّ، وعليه قِيمَتُه يومَ وَضْعِه، وإنْ سقَط مَيِّتًا لم يَضْمَنْ، وعليه ضَمانُ نَقْصِ الوِلادَةِ. وإنْ مَلكَها الواطِئُ، لم تَصِرْ أمَّ وَلَدٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. قال ذلك كلَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. ويأْتِى هذا يأَتَمَّ منه فى أوَاخِرِ الخِيارِ فى البَيْعِ فيما يحْصُلُ به القَبْضُ، وذِكْرُ الخِلافِ فيه. واللَّهُ أعلمُ.

باب الخيار فى البيع

بَابُ الْخِيَارِ فى الْبَيْعِ وَهُوَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَيَثْبُت فى الْبَيْعِ. وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ، وَالإِجَارَةُ. وَيَثْبُت فى الصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ. وَعَنْهُ، لَا يَثبُتُ فِيهِمَا. وَلَا يَثْبُتُ فى سَائِرِ الْعُقُودِ، إِلَّا فى الْمُسَاقَاةِ وَالْحَوَالَةِ وَالسَّبْقِ، فى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الخِيارِ فى البَيْعِ تنبيهات، الأَوَّلُ، يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ قولِه: أحدُها، خِيارُ المَجْلِسِ، ويثْبُتُ فى البَيْعِ. الكِتابةُ فإنَّها بَيْعٌ، ولا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وِقطَع به الأكثرُ، وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ فى بابِ الكِتابَةِ، وفيه خِلافٌ يأْتِى فى ذلك البابِ. فالأوْلَى أَنْ يُقالَ: عُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا مَخْصوصٌ بكلامِه فى الكِتابَةِ. الثَّانى، يُسْتَثْنَى أيضًا، لو توَلَّى طَرَفَىِ العَقْدِ، فإنَّه لا يَثْبُتُ فيه خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وغيرِهم. وصحَّحَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقيل: يَثْبُتُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال الأَزَجِىُّ فى «النِّهايَةِ»: وهو الصَّحيحُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. فعلى هذا الوَجْهِ، يَلْزَمُ العَقْدُ بمُفارَقَةِ المَوْضِعِ الذى وقَع العَقْدُ فيه. على الصَّحيحِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَحْصُلُ اللُّزومُ إلَّا بقولِه: اخْتَرْتُ لُزومَ العَقْدِ. ونحوِه. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. الثَّالثُ، وكذلك حُكْمُ الهِبَةِ إذا توَلَّى طَرَفَيْها واحِدٌ. قالَه فى «الفائقِ» وغيرِه. الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لوِ اشْتَرى مَن يَعْتِقُ عليه، ثُبوتُ خِيارِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْلِسِ له. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. والوَجْهُ الثَّانى، لا خِيارَ له. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: الظَّاهِرُ فى المذهبِ عدَمُ ثُبوتِ الخِيارِ فى شِراءِ مَن يَعْتِقُ عليه. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، والزَّرْكَشِىُّ. وأطْلَقَهما فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». الخامِسُ، وكذا الخِلافُ فى حَقِّ البائعِ فى هذه المَسْأَلةِ. وقيل: يثْبُتُ له الخِيارُ، وإنْ منَعْناه مِنَ المُشتَرِى. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال الزَّرْكَشِىُّ: وفى سُقوطِ حَقِّ صاحبِه وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويثْبُتُ فى البَيْعِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وقطَع به أكثرُهم. وفى طَريقَةِ بعضِ الأصحابِ رِوايَةٌ، لا يثْبُتُ خِيارُ المَجْلِسِ فى بَيْعٍ وعَقْدِ مُعاوَضَةٍ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ويثْبُتُ فى البَيْعِ. أنَّه سواءٌ كان فيه خِيارُ شَرْطٍ أَوْ لا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقيل: لا يثْبُتُ فيه خِيارُ المَجْلِسِ. ويأْتِى فى خِيارِ الشَرْطِ إنِ ابْتدَأَه مِن حينِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ». وفائدَةُ الوَجْهَيْن، هلِ ابْتِداءُ مُدَّةِ خِيارِ الشَّرْطِ مِن حينِ العَقْدِ، أو التَّفَرُّقِ؟ فعلى الأوَّلِ، يكونُ مِن حين، التَّفَرُّقِ. وعلى الثَّانى، مِن حينِ العَقْدِ. قالَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. قوله: والإِجارَةِ. يثْبُتُ خِيارُ المَجْلِسِ فى الإِجارَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: لا يثْبُتُ فى إجارَةٍ تَلِى العَقْدَ. وهو وَجْهٌ فى «الكافِى». وأطْلَقَهما فى «الحاوِى الكَبِيرِ». وأطْلقَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» الوَجْهَيْن فى الإِجارَةِ فى الذِّمَّةِ. وجزَم فى «الحاوِى الكَبِيرِ» بثُبوتِ الخِيارِ فيها. قوله: ويثْبُتُ فى الصَّرْفِ والسَّلَمِ. وهو المَذْهبُ. قال فى «الفُروعِ»: يثْبُتُ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا الأُوْلَى. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهما. وعنه، لا يثْبُتُ فيهما. وجزَم به ناظِمُ «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». وأطلْقَهُما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصُولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وخصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى الخِلافَ فى كتابِ «الرِّوايتَيْن» بالصَّرْفِ، وترَدَّدَ فى السَّلَمِ، هل يلْحَقُ بالصَّرْفِ، أو ببَقِيَّةِ البِياعاتِ؟ على احْتِمالَيْن. فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: ويثْبُتُ فى الصَّرْفِ والسَّلَمِ، وما يُشْتَرطُ فيه القَبْضُ فى المَجْلِسِ، كبَيْعِ مالِ الرِّبا بجِنْسِه. على الصَّحيحِ. وقال فى «الفُروعِ»: وعلى الأصحِّ، وما يُشْتَرَطُ فيه قَبْضٌ، كصَرْفٍ وسَلَمٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفى الصَّرْفِ، والسَّلَمِ. وقيل: وبقِيَّةِ الرِّبَوِىِّ بجِنْسِه، رِوايَتان. قوله: ولا يثْبُتُ فى سائرِ العُقُودِ إِلَّا فى المُساقاةِ. وكذا المُزارَعَةُ، والحَوالَةُ، والسَّبْقُ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وأطْلَقَهما فى الحَوالَةِ فى «الحاوِى الكَبِيرِ»، أحدُهما، لا يثْبُتُ فيهنَّ، وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ فى غيرِ الحَوالَةِ، وقدَّمه فى «الحاوِى الكَبِيرِ» فى المُساقَاةِ والمُزارَعَةِ. والوَجْهُ الثَّانى، يثْبُتُ فيهنَّ الخِيارُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يثْبُتُ فى الحَوالَةِ، إنْ قيلَ: هى بَيْعٌ. لا إنْ قيلَ: هى إسْقاطٌ أو عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ. انتهى. وعلى هذا الوَجْهِ، لا يَثْبُتُ الخِيارُ إلّا للمُحيلِ لا غيرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأَوَّلُ، الخِلافُ هنا فى المُساقَاةِ والمُزارَعَةِ مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى كوْنِهما لازِمَيْن، أو جائزَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ حَمْدَانَ، وغيرُهم. فإنْ قُلْنا: هما جائِزان، وهو المذهبُ على ما يأْتِى، فلا خِيارَ فيهما، وإنْ قُلْنا: هما لازِمان، دخَلَهما الخِيارُ. وقيلَ: الخِلافُ هنا على القَوْلِ بلُزومِهما. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ». وكذا حُكْمُ السَّبْقِ والرَّمْى. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ». فعلى القوْلِ بأنَّهما جَعالةٌ، وهو المذهبُ، فلا خِيارَ فيهما، وعلى القَوْلِ بلُزومِهما يدْخُلُهما الخِيارُ. وقيل: الخِلافُ على القَوْلِ بلُزومِهما. وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ». الثَّانى، شَمِلَ قولُه: ولا يثْبُتُ فى سائرِ العُقُودِ. غيرُ ما اسْتَثْناه، مَسائِلَ؛ منها، الهِبَةُ؛ وهى تارةً تكونُ بعِوَضٍ، وتارَةً تكونُ بغيرِ عِوَضٍ، فإنْ كانتْ بعِوَضٍ، ففى ثُبُوتِ الخِيارِ فيهما رِوايَتان مَبْنِيَّتان على أنَّها، هل تصِيرُ بَيْعًا، أو يغْلِبُ فيها حُكْمُ الهِبَةِ؟ على ما يأْتِى فى أوَّلِ بابِ الهِبَةِ، قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم فى «التَّلْخيصِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، بأنَّ الخِيارَ يثْبُت فيهما. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم: فإنْ شرَط فيها عِوَضًا، فهى كالبَيْعِ. فقد يُقالُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ الخِيارَ لا يثْبُت فيها. ويحْتَمِلُ أن يُقالَ: لم تدْخُلْ هذه المَسْأَلةُ فى كلامِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّها نَوْعٌ مِنَ البَيْعِ. على الصَّحيحِ، وهو أوْلَى. وقال القاضى: المَوْهُوبُ له، يثْبُت له الخِيارُ على التَّأْبِيدِ، بخِلافِ الواهِبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: وفيه نظَرٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الواهِبُ بالخِيارِ؛ إنْ شاءَ أقْبَضَ، وإنْ شاءَ منَع، فإذا أقْبَضَ، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِيارَ له. وكذا قال غيرُه. وإنْ كانتْ بغيرِ عِوَضٍ، فهى كالوَصِيَّةِ، لا يثْبُتُ فيها خِيارٌ، اسْتِغْناءً بجَوازِها. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدَانَ، وصاحبُ «الحاوِى»، وغيرُهم. ومنها، القِسْمَةُ. وظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّه لا يثْبُتُ فيها. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: القِسْمَةُ إفْرازُ حَقٍّ. على الصَّحيحِ، فلا يَدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ، وإنْ كان فيها رَدٌّ، احْتَملَ أَنْ يدْخُلَها خِيارُ المَجْلِسِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّانى، يدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وفى الأصحِّ، وفى قِسْمَةٍ. وقطَع القاضى فى «التَّعْليقِ»، وابنُ الزَّاغُونِىِّ بثُبوتِ الخِيارِ فيها مُطْلَقًا، وقطَع به فى «الرِّعايَةِ» إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. وكذا الزَّرْكَشِىُّ. قال القاضى فى «المُجَرَّدِ». ولا يَدْخُلُها خِيارٌ، حيثُ قُلْنا: هى إفْرازٌ. قال فى «الحاوِى الكَبِيرِ»: إنْ كان فيها رَدٌّ، فهى كالبَيْعِ؛ يدْخُلُها الخِياران معًا، وإنْ لم يَكُنْ فيها رَدٌّ، وعُدِّلتِ السِّهَامُ، ووَقَعَتِ القُرْعَةُ، نظَرْتَ؛ فإنْ. كان القاسِمُ الحاكِمَ، فلا خِيارَ؛ لأنَّه حُكْمٌ، وإنْ كان أحَدَ الشَّريكَيْن؛ لم يدْخُلْها خِيارٌ؛ لأنَّها إفْرازُ حَقٍّ، وليستْ ببَيْعٍ. انتهى. وقالَه ابنُ عَقيلٍ أيضًا. ومنها، الإِقالَةُ؛ فلا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّها فَسْخٌ، وإنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. ثبَت. وقال فى «التَّلْخيصِ»: ويحْتَمِلُ عندى أَنْ لا يثْبُتَ، ويأْتِى ذلك فى الإِقالَةِ. ومنها، الأخْذُ بالشُّفْعَةِ، فلا خِيارَ فيها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما هو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والقاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. ذكَرَه الحَارِثِىُّ فى الشُّفْعَةِ. وقيل: فيها الخِيارُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «القَواعِدِ». ومنها، سائِرُ العُقُودِ اللَّازِمَةِ، غيرُ ما تقدَّم؛ كالنِّكاحِ، والوَقْفِ، والخُلْعِ، والإبْراءِ، والعِتْقِ على مالٍ، والرَّهْنِ، والضَّمانِ، والإِقالَةِ لراهِنٍ وضامِنٍ وكَفيلٍ. قالَه فى «الرِّعايَةِ»، فلا يثْبُتُ فى شئٍ مِن ذلك خِيارُ المَجْلِسِ. وذكَر فى «الحاوِى الكَبِيرِ»، فيما إذا قالتْ: طَلقْنِى بأَلْفٍ. فقال: طَلَّقْتُكِ بها طَلْقَةً. احْتِمالَيْن؛ أحدُهما: عدَمُ الخِيارِ مُطْلَقًا. والثَّانِى: يثْبُتُ له الخِيارُ فى الامْتِناعِ مِن قَبْضِ الأَلْفِ ليكونَ الطلاقُ رَجْعِيًّا. ومنها، جميعُ العُقُودِ الجائزَةِ؛ كالجَعالَةِ، والشَّرِكَةِ، والوَكالَةِ، والمُضارَبَةِ، والعارِيَّةِ، والوَدِيعَةِ، والوَصِيَّةِ قبلَ المَوْتِ، ونحوِ ذلك، فلا يثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ. التَّنْبِيهُ الثَّالثُ، مُرادُه بقوْلِه: ما لم يتفرَّقا بأبْدَانِهما. التَّفَرُّقُ العُرْفِىُّ. قالَه الأصحابُ. وقد ضبَط ذلك بعُرْفِ كلِّ مَكانٍ بحَسَبه؛ فلو كان فى فَضاءٍ واسِعٍ، أو مَسْجِدٍ كبيرٍ، أو سُوقٍ، فقيلَ: يحْصُلُ التَّفَرُّقُ بأنْ يمْشِىَ أحدُهما مُسْتَدْبِرًا صاحِبَه خُطُواتٍ. جزَم به ابنُ عقِيلٍ. وقدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحٍ ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: بل يبْعُدُ عنه بحيثُ لا يسْمَعُ كلامَه عادةً. جزَم به فى «الكافِى»، و «النَّظْمِ». وإنْ كانَا فى سَفِينَةٍ كبيرةٍ، صعَد أحدُهما على أعْلاها، ونَزل الآخَرُ إلى أسْفَلِها، وإنْ كانت صَغِيرةً، خرَج أحدُهما منها ومشَى. وإنْ كانَا فى دارٍ كبيرةٍ، فتَحْصُلُ المُفارَقَةُ بخُروجِه مِن بَيْتٍ إلى بَيْتٍ، أو إلى مَجْلِسٍ، أو صُفَّةٍ، ونحوِ ذلك، بحيث يُعَدُّ مُفارِقًا، وإنْ كانتَ صَغِيرةً، فإنْ صعدَ أحدُهما السَّطْحَ، أو خرَج منها، فقد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فارَقَه. ولو أقامَا فى مَجْلِسٍ، وبُنِىَ بيْنَهما حاجِزٌ مِن حائطٍ أو غيرِه، لم يُعَدَّ تَفرُّقًا. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وصاحِبُ «الحاوِى»، وغيرِهم. التَّنْبِيهُ الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الفُرْقَةَ تحْصُلُ بالإِكْراهِ، وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، طَرِيقَةُ الأكثرِ، منهم المُصَنِّفُ فى «الكافِى»، قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أجْوَدُ. وهى أنَّ الخِلافَ جارٍ فى جميعِ مَسائِلِ الإِكْراهِ؛ فقيلَ: يَحْصُلُ بالعُرْفِ (¬1) مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وجماعَةٍ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيلَ: لا يحْصُلُ به مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «الفُصُولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَيْن». وصحَّحَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه فى «التَّلْخيصِ». فعليه، يبْقَى الخِيارُ فى مَجْلِس زَالَ عنهما الإِكْراهُ فيه حتى يُفارِقاه. وأطْلَقَهما فى «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّالِثُ، إنْ أمْكَنه ولم يتَكَلمْ، بطَل خِيارُه، وإلَّا فلا. وهو احْتِمالٌ فى «التَّلْخيصِ». الطرَّيقُ الثَّانى، إنْ حصَل الإِكْراهُ لهما جميعًا، انْقَطَع خِيارُهما، قوْلًا واحِدًا، وإنْ حصَل لأحَدِهما، فالخِلافُ فيه. وهى طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وذكَر فى الأُولَى احْتِمالًا. وقال فى «الفُروعِ»: ولكُلٍّ مِنَ البَيِّعَيْن الخِيارُ ما لم يتَفَرَّقا بأبْدانِهما عُرْفًا، ولو كَرِها، وفى بَقاءِ خِيارِ المُكْرَهِ وَجْهان. انتهى. فائدة: ذكَر ابنُ عَقِيلٍ مِن صُوَرِ الإِكْراهِ، لو رأَيا سَبُعًا أو ظالِمًا خافَاه، فهَرَبا منه، أو حمَلَهما سَيْلٌ أو رِيحٌ وفرَّقَتْ بينَهما. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، أنَّ ¬

(¬1) فى ط: «تحصل الفرقة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِيارَ لا يَبْطُلُ فى هذه الصُّوَرِ، وجزَم بما قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، ونصَّ عليه. فوائد؛ الأُولَى، لو ماتَ أحدُهما فى خِيارِ المَجْلِسِ، انْقطَعَ الخِيارُ. نصَّ عليه. جزَم به فى «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيلَ: لا يبْطُلُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: بطَل الخِيارُ، إنْ قُلْنا: لا يُورَثُ. وإنْ قُلْنا: يُورَثُ. لم يَبْطُلْ. انتهى. ويأْتِى، هل يُورَثُ خِيارُ المَجْلِسِ أم لا؟ عندَ إرْثِ خِيارِ الشَّرْطِ. وأمَّا خِيارُ صاحِبهِ، ففى بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، فى مَوْضع؛ أحدُهما، لا يَبْطُلُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: لا يَبْطُلُ إنْ قُلْنا: يُورَثُ. وإلَّا بطَل. والوَجْهُ الثَّانى، يبْطُلُ. الثَّانيةُ، لو جُنَّ قبلَ المُفارَقَةِ والاخْتِيارِ، فهو على خِيارِه إذا أفاقَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوِيَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: ووَلِيُّه أيضًا يَلِيه فى حالِ جُنونِه. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقال الشَارِحُ: إنْ جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه، قامَ أَبُّوه أو وَصِيُّه أوِ الحاكِمُ

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَقامَه. وقيلَ: مَن أُغْمِىَ عليه، قامَ الحاكِمُ مَقامَه. الثَّالثةُ، لو خَرِسَ أحدُهما قامَتْ إشارَتُه مَقامَ نُطْقِه، فإنْ لم تُفْهَمْ إشارَتُه، قامَ وَلِيُّه مَقامَه. الرَّابعةُ، خِيارُ الشَّرْطِ كخِيارِ المَجْلسِ، فيما إذا جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه أو خَرِسَ. الخامسةُ، لو ألْحَقا بالعَقْدِ خِيارًا، بعدَ لزُومِه، لم يلْحَقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفائقِ»: ويتَخَرَّجُ لَحاقُه، مِنَ الزِّيادَةِ قبلَه (¬1)، وهو المُخْتارُ. انتهى. وهو رِوايَةٌ فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ بعدَ المُواضَعَةِ، ويأْتِى نظِيرُها فى الرَّهْنِ والصَّداقِ. السَّادِسةُ، تَحْرُمُ الفُرْقَةُ خَشْيَةَ الاسْتِقالَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وتَحْرُمُ على الأصحِّ. قال فى «الفائقِ»: لا يحِلُّ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ مشَى أحدُهما. أو فَرَّ ليَلْزَمَ العَقْدُ قبلَ اسْتِقالَةِ الآخَرِ وفَسْخِه ورِضَاه، حَرُمَ وبطَل خِيارُ الآخَرِ، فى الأشْهَرِ فيهما. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وعنه، لا يحْرُمُ. قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِيَيْن». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «القواعِدِ». تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: ولكل واحِدٍ مِنَ المُتَبايِعَيْن الخِيارُ ما لم يتَفَرَّقا بأبْدانِهما. ¬

(¬1) فى الأصل: «وبعده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّهما إذا تفَرَّقا بأبْدانِهما لَزِمَ البَيْعُ، وبطَل خِيارُهما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ القاضِىَ قال فى مَوْضِعٍ: ما يَفْتَقِرُ إلى القَبْضِ، لا يَلْزَمُ إلَّا بقَبضِه. ويأْتِى ذلك فى آخِرِ البابِ.

إِلَّا أَنْ يَتَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُسْقِطَا الْخِيَارَ بَعْدَهُ، فَيَسْقُطُ فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَإِنْ أَسْقَطَهُ أحَدُهُمَا، بَقِىَ خِيَارُ صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أَنْ يتَبايَعا على أَنْ لا خِيارَ بينهما، أو يُسْقِطَا الخِيَارَ بعدَه، فيَسْقُطَ فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاوِيَيْن»، إحْداهما، يسْقُطُ الخِيارُ فيهما. وهو المذهبُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يسْقُطُ على الأقْيَسِ. قال فى «الفائقِ»: يسْقُطُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، والقاضى فى كتابِه «الرِّوايَتَيْن»، والشِّيرازِىُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يسْقُطُ فيهما. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ. ونصَرَه القاضى، وأصحابُه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، لا يسْقُطُ فى الأُولَى، ويسْقُطُ فى الثَّانيةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «تَجْريدِ

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، خِيَارُ الشَّرْطِ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَا فى الْعَقْدِ خِيَارَ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فيَثْبُتُ فِيهَا وَإِنْ طَالَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ». فعلى القَوْلِ بالسُّقُوطِ، لو أسْقَطَ أحدُهما الخِيارَ، أو قال: لا خِيارَ بينَنا، سقَط خِيارُه وحْدَه وبَقِىَ خِيارُ صاحِبهِ. وعلى المذهبِ، لا يبْطُلُ العَقْدُ إذا شَرَطا فيه أَنْ لا خِيارَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الأظْهَرُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقيل: يبْطُلُ العَقْدُ. فائدة: لو قال لصاحِبهِ: اخْتَرْ. سقَط خِيارُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يسْقُطُ. وهو احْتِمال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وأمَّا السَّاكِتُ، فلا يسْقُطُ خِيارُه، قوْلًا واحِدًا. فائدة: قوْلُه فى خِيارِ الشَّرْطِ: فيثْبُتَ فيها وإنْ طالَتْ. هذا بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، فلو باعَه ما لا يبْقَى إلى ثَلاثَةِ أيَّامٍ، كطَعام رَطْبٍ بشَرْطِ الخِيارِ ثَلاثًا، فقال القاضى: يصِحُّ الخِيارُ، ويُباعُ ويُحْفَظُ ثَمَنُه إلى المُدَّةِ. قلتُ: لو قيلَ بعدَمِ الصِّحَّةِ لَكانَ مُتَّجَهًا، وهو أوْلَى. ثم رأَيْتُ الزَّرْكَشِىَّ نقَل عن الشَّيْخِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىِّ الدِّينِ، أنَّه قال: يتَوَجهُ عدَمُ الصِّحَّةِ مِن وَجْهٍ فى الإِجارَةِ؛ أى مِن وَجْهِ عدَمِ صِحِّةِ اشْتِراطِ الخِيارِ فى إجارَةٍ تَلِى العَقْدَ. قال: ومِن أنَّ تَلَفَ المَبِيعِ يُبْطِلُ الخِيارَ. انتهى.

وَلَا يَجُوزُ مَجْهُولًا، فى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ، وَهُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا، إِلَى أن يَقْطَعَاهُ أَوْ تَنْتَهِىَ مُدَّتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ مَجْهُولًا فى ظاهرِ المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجُوزُ، وهما على خِيارِهما إلَّا أَنْ يقْطَعاه، أو تَنْتَهِىَ مُدَّتُه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لو شرَطَه إلى الحَصادِ أوِ الجَدادِ، أنَّه لا يجُوزُ؛ لأنَّه مَجْهولٌ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، والمذهبُ منهما، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ»، وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ هنا وإنْ منَعْنا فى المَجْهولِ؛ لأنَّه مَعْروفٌ فى العادَةِ، ولا يتفاوَتُ كثيرًا. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى بابِ السَّلَمِ، و «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، إذا شرَط الخِيارَ مُدَّةً، على أَنْ يثْبُتَ يَوْمًا ولا يثْبُتَ يوْمًا،

وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا فى الْبَيْعِ، وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ، وَالإِجَارَةُ فى الذِّمَّةِ، أَوْ عَلَى مُدَّةٍ لَا تَلِى الْعَقْدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقيلَ: يصِحُّ مُطْلَقًا. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى». وقيل: يصِحُّ فى اليَوْمِ الأَوَّلِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ». وقدَّمه فى «الفائقِ». وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو شرَط خِيارَ الشَّرْطِ حِيلَةً؛ ليَرْبَحَ فيما أقْرَضَه، لم يَجُزْ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قلتُ: وأكثرُ النَّاسِ يسْتَعْمِلُونه فى هذه الأزْمِنَةِ، ويَتَداوَلُونَه فيما بينَهم، فلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ. قوله: ولا يثْبُتُ إلَّا فى البَيْعِ، والصُّلْحُ بمَعْناه. بلا نِزاعٍ. تنبيهات؛ الأَوَّلُ، مفْهومُ قولِه: ويثْبُتُ فى الإِجارَةِ فى الذِّمَّةِ، أو على مُدَّةٍ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِى العَقْدَ. أنَّها لو وَلِيَتِ العَقْدَ، لا يثْبُتُ فيها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: وهو أقْيَسُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يثْبُت. قالَه القاضى فى كتابِ الإِجارَةِ مِنَ «الجامعِ الصَّغِيرِ». قال فى «الفائقِ»: اخْتارَه شيْخُنا، وهو المُخْتارُ. انتهى. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن». الثَّانى، قوْلُه: ويثْبُتُ فى الإِجارَةِ فى الذِّمَّةِ. هكذا قال الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ لم يجِبِ الشُّروعُ فيه عَقِيبَ العَقْدِ. الثَّالثُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ خِيارَ الشَّرْطِ لا يثْبُتُ إلَّا فيما ذكَرَه؛ وهو البَيْعُ، والصُّلْحُ بمَعْناه، والإِجارَةُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وهو المذهبُ إلَّا فى القِسْمَةِ؛ فإنَّه يثْبُتُ فيها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ».

وَإِنْ شَرَطَاهُ إِلَى الْغَدِ، لَمْ يَدْخُلْ فى الْمُدَّةِ. وَعَنْهُ، يَدْخُلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به القاضى فى «التَّعْلِيقِ». وقدَّمه المجدُ فى «شَرْحِه». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يثْبُتُ إن كان فيها رَدُّ عِوَضٍ، وإلَّا فلا. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: ولا يدْخُلُ القِسْمَةَ خِيارٌ إن قُلْنا: هى إفْرازٌ. كما قال فى خِيارِ المَجْلِس. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، أنَّه يثْبُتُ فى الحَوالَةِ. انتهى. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يثْبُتُ فى الضَّمانِ والكَفالَةِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ. وفى طَريقَةِ بعضِ الأصحابِ، يُثْبِتُ خِيارَ الشَّرْطِ كلُّ ما يَثْبُتُ به خِيارُ المَجْلسِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، فقال: خِيارُ الشَّرْط يثْبُتُ فيما يثْبُتُ فيه خِيارُ المَجْلسِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ خِيارُ الشَّرْطِ فى كلِّ العُقودِ. قوله: وإن شَرَطاه إلى الغَدِ، لم يدْخُلْ فى المُدَّةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يدْخُلُ. قال فى «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وإنْ قال: بِعْتُكَ وَلِىَ

وَإِنْ شَرَطَاهُ مُدَّةً، فَابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِيارُ إلى الغَدِ. فله أَنْ يفْسَخَ إلى أن يبْقَى مِنَ الغَدِ أدْنَى جُزْءٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قوله: وإنْ شَرَطاهُ مُدَّةً، فابْتِداوها مِن حينِ العَقْدِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ

وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنْ حِينِ التَّفَرُّقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. ويحْتَمِلُ أن يكونَ مِن حينِ التَّفَرُّقِ. وهو وَجْهٌ. وجزَم به في «نِهايَةِ ابنَ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها»، وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاويَين». فائدة: فلو قُلْنا: مِن حينِ العَقْدِ. فصَرَّحا باشْتِراطِه مِن حينِ التَّفَرُّقِ، أو بالعَكْسِ، ففي صِحَّةِ ذلك وَجْهانِ؛ أظْهَرُهما، بُطْلانُه في القِسْمِ الأوَّلِ، وصِحَّتُه

وَإنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيرِهِ، جَازَ، وَكَانَ تَوْكِيلًا لَهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الثَّانِي. قاله في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. وقال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ عُلِمَ وَقْتُ التَّفَرُّقِ، فهو أوَّلُ خِيارِ الشَّرْطِ، وإنْ جُهِلَ، فمِنَ العَقْدِ، ولا يصِحُّ شَرْطُ عكْسِها إلَّا أنْ يصِحَّ. قوله: وإنْ شرَط الخِيارَ لغيرِه، جازَ، وكان تَوْكِيلًا له فيه، وإنْ شرَطا الخِيارَ لأحَدِهما دونَ صاحِبِه، جازَ. يجوزُ أن يشْرُطا الخِيارَ لهما ولأحَدِهما ولغيرِهما، لكِنْ إذا شرَطَه لغيرِه، فتارَةً يقولُ: له الخِيارُ دُونِي. وتارةً يقولُ: الخِيارُ لي وله. وتارةً يَجْعَلُ الخِيارَ له، ويُطْلِقُ؛ فإنْ قال: له الخِيارُ دُونِي. فالصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنه لا يصِحُّ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ صِحَّتُه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فعلى هذا، هل يخْتَصُّ الحُكْمُ بالوَكيلِ، أو يكون له وللمُوَكِّلِ، ويُلْغَى قوْلُه: دُونِي؟ ترَدَّدَ شيخُنا في «حَواشِيه». قال في «الفُروعِ»: قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، أنَّه يكونُ للوَكيلِ وللمُوَكِّلِ، فإنَّهما قالا، بعدَ ذِكْرِ المسائلِ كلِّها: فعلى هذا، يكونُ الفَسْخُ لكُلِّ واحدٍ مِنَ المُشْتَرِطِ ووَكيلِه الذي شرَط له الخِيارَ. وإنْ قال: الخِيارُ لِي ولَه. صحَّ قوْلًا واحدًا. وإنْ جعَل الخِيارَ له وأطْلَقَ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الحاوي الكَبيرِ». قال في «الفائقِ»: وقال الشَّيخُ وغيرُه: صَحيحٌ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحَه في «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وجزَم به في «الكافِي». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعَ»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكان تَوْكِيلًا له فيه. حيثُ صحَّحْناه يكونُ خِيارُ الفَسْخِ له ولمُوَكِّلِه، فلا يَنْفَرِدُ به الوَكيلُ. وقطَع به الأكثرُ. قال في «الفُروعِ»: ويكونُ تَوْكِيلًا لأحَدِهما في الفَسْخِ. وقيل: للمُوَكِّلِ إنْ شرَطَه لنَفْسِه، وجعَلَه وَكِيلًا. انتهى. وهي عِبارَةٌ مُشْكِلَةٌ، والخِلافُ هنا لا يأْتِي فيما يظْهَرُ؛ فإنَّا حيثُ جعَلْناه وَكيلًا، لا بُدَّ أنْ يكونَ في شيءٍ يسُوغُ له فِعْلُه، وقولُه: ويكونُ تَوْكِيلًا لأحَدِهما في الفَسْخِ. لعَلَّه أرادَ لكلٍّ منهما، يعْنِي، في المَسْألتَين الأخِيرتَين، وهو مُشْكِل أيضًا. ولشَيخِنا على هذا كلامٌ كثيرٌ في «حَواشِيه»، لم يثْبُتْ فيه على شيءٍ. فائدة: أمّا خِيارُ المَجْلِسِ، فيَخْتَصُّ الوَكِيلَ؛ لأنّه الحاضِرُ، فإنْ حضَر المُوَكِّلُ في المَجْلِسِ، وحجَر على الوَكيلِ في الخِيارِ، رَجعَتْ حَقِيقَةُ الخِيارِ إلى المُوَكِّلِ، في أظْهَرِ الاحْتِمالين. قاله في «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «الفُروعِ»

وَإنْ شَرَطَا الْخِيَارَ لِأحَدِهِمَا دونَ صَاحِبِهِ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ الوَكَالةِ. ويأْتِي هناك شيءٌ يتَعلَّقُ بهذا.

وَلِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْفَسْخُ مِنْ غَيرِ حُضُورِ صَاحِبِهِ، وَلَا رِضَاهُ. وَإنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَفْسَخَا، بَطَلَ خِيَارُهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولمَن له الخِيارُ الفَسْخُ مِن غيرِ حُضُورِ صاحِبِه ولا رِضاه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وأطْلَقُوا. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: هو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. ونقَل أبو طالِبٍ، له الفَسْخُ برَدِّ الثَّمَنِ. وجزَم به الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، كالشَّفِيعِ. قلتُ: وهذا الصَّوابُ الذي لا يُعْدَلُ عنه، خُصوصًا في زَمَنِنا هذا، وقد كَثُرَتِ الحِيَلُ. ويحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ كلامُ مَن أطْلَقَ على ذلك. وخرَّج أبو الخَطَّابِ، ومَن تَبِعَه مِن عَزْلِ الوَكيلِ، أنَّه لا يُفْسَخُ في غَيبَتِه حتى يبْلُغَه في المُدَّةِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والسِّتين»: وفيه نظَرٌ، فإنَّ من له الخِيارُ يتَصَرَّفُ بالفَسْخِ. قوله: وإنْ مَضَتِ المُدَّةُ ولم يفْسَخَاه، بطَل خِيارُهما. يعْنِي، ولَزِمَ البَيعُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يَلْزَمُ بمُضِيِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَّةِ. اخْتارَه القاضي؛ لأنّ مُدَّةَ الخِيارِ ضُرِبَتْ لحَقٍّ له، لا لحَقٍّ عليه، فلم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمِ الحُكْمُ بمُضِي المُدَّةِ، كمُضِيِّ الأجَلِ في حَقِّ المُولِي. فعلى هذا، ينْبَغِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يُقال: إذا مضَتِ المُدَّةُ يُؤْمَرُ بالفَسْخِ، فإِنْ لم يَفْعَلْ، فسَخ عليه الحاكِمُ. كما قُلْنا في المُولِي على ما يأْتِي.

وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إِلَى الْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ، في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وينْتَقِلُ المِلْكُ إلى المُشْتَرِي بنَفْسِ العَقْدِ في أَظْهَرِ الرِّوايتَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهي المذهبُ الذي عليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. قال في «الفائقِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإذا ثبَت المِلْكُ في المَبِيعِ للمُشْتَرِي، ثبَت في الثَّمَنِ للبائِعِ. انتهى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا ينْتَقِلُ المِلْكُ عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البائِعِ حتى ينْقَضِيَ الخِيارُ. فعليها، يكونُ المِلْكُ للبائِع. وفي «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، ومِنَ الأصحابِ مَن حكَى أنَّ المِلْكَ يخْرُجُ عنِ البائِعِ، ولا يدْخُلُ إلى المُشْتَرِي. قال: وهو ضعيفٌ. فائدة: حُكْمُ انْتِقالِ المِلْكِ في خِيارِ المَجْلِسِ حُكْمُ انْتِقالِه في خِيارِ الشَّرْطِ، خِلافًا ومَذهَبًا. تنبيه: لهذا الخِلافِ فَوائِدُ كثيرةٌ، ذكَرَها العَلَّامَةُ ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه» وغيرُه. منها، لو اشْتَرَى مَن يعْتِقُ عليه، أو زَوْجَتَه، فعلى المذهبِ، يعْتِقُ وينْفَسِخُ نِكاحُها، وعلى الثَّانِيَةِ، لا يثْبُتُ ذلك. ومنها، لو حلَف لا يبِيعُ، فَباعَ بشَرْطِ الخِيارِ، خُرِّجَ على الخِلافِ. قدَّمه في «القَواعِدِ». وقال: ذكَرَه القاضي. وأنْكَرَ المَجْدُ ذلك، وقال: يحْنَثُ على الرِّوايتَين. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأمَّا الأخْذُ بالشُّفْعَةِ، فلا يثْبُتُ في مُدَّةِ الخِيارِ، على كِلا الرِّوايتَين، عندَ أكثرِ الأصحابِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ؛ فمنهم مَن علَّلَ بأنَّ المِلْكَ لم يسْتَقِرَّ بعدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنهم مَن علَّلَ بأنَّ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ يُسْقِطُ حَقَّ البائِعِ مِنَ الخِيارِ، فلذلك لم تجُزِ المُطالبَةُ به في مُدَّتِه. وهو تَعْلِيلُ القاضي في «خِلافِه». فعلى هذا، لو كان الخِيارُ للمُشْتَرِي وحدَه ثبَتَتِ الشُّفْعَةُ. وذكَر أبو الخَطَّابِ احْتِمالًا بثُبوتِ الشُّفْعَةِ مُطْلَقًا، إذا قُلْنا بانْتِقالِ المِلْكِ إلى المُشْتَرِي. قال في «الفُروعِ»: تفْرِيعًا على المذهبِ. قال أبو الخَطَّابِ وغيرُه: ويأْخُذُ بالشُّفْعَةِ. ويأْتِي ذلك في آخِرِ الشُّفْعَةِ، في أوَّلِ الفَصْلِ الأخيرِ مِن كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، لو باعَ أحَدُ الشَّريكَين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شِقْصًا بشَرْطِ الخِيارِ، فباعَ الشَّفيعُ حِصَّتَه في مُدَّةِ الخِيارِ، فعلى المذهب، يسْتَحِقُّ المُشْتَرِي الأوَّلُ انْتِزاعَ شِقْصِ الشَّفِيعِ مِن يَدِ مُشْتَرِيه؛ لأَنَّه شَرِيكُ الشَّفيعِ حالةَ بَيعِه. وعلى الثَّانيةِ، يَسْتَحِقُّ البائعُ الأوَّلُ؛ لأنَّ المِلْكَ باقٍ له. ومنها، لو باعَ عَبْدًا بشَرْطِ الخِيارِ، وأهَلَّ هِلالُ الفِطْرِ وهو في مُدَّةِ الخِيارِ، فعلى المذهبِ، الفِطْرَةُ على المُشْترِي. وعلى الثَّانيةِ، على البائِعِ. ومنها، لو باعَ نِصابًا مِنَ الماشِيَةِ بشَرْطِ الخِيارِ حَوْلًا، فعلى المذهبِ، زَكاتُه على المُشْتَرِي. وعلى الثَّانيةِ، على البائِعِ. ومنها، الكَسْبُ والنَّماءُ المُنْفَصِلُ في مُدَّتِه، فعلى المذهبِ، هو للمُشْتَرِي، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. أمْضَيا العَقْدَ أو فَسَخاه. وعنه، إنْ فسَخ أحَدُهما، فالنَّماءُ المُنْفَصِلُ للبائِعِ. وعنه، وكَسْبُه. وعلى الثَّانيَةِ للبائِعِ. وقيل: هما للمُشْتَرِي إنْ ضَمِنَه. وستَأْتِي هذه المَسْأَلةُ في كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، مُؤْنَةُ المَبِيعِ مِنَ الحَيوانِ والعَبِيدِ، فعلى المذهبِ، على المُشْتَرِي. وعلى الثَّانيةِ، على البائِعِ. على ما يَأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، لو تَلِفَ المَبِيعُ في مُدَّةِ الخِيارِ، فإنْ كان بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَبْضِ أو لم يَكُنْ منهما، فمِن مالِ المُشْتَرِي على المذهبِ، ومِن مالِ البائِعِ على الثَّانيةِ. ومنها، لو تعَيَّبَ في مُدَّةِ الخيارِ، فعلى المذهبِ، لا يُرَدُّ بذلك إلَّا أنْ يكونَ غيرَ مَضْمُونٍ على المشْتَرِى؛ لانْتِفاءِ القَبْضِ. وعلى الثَّانيةِ، له الرَّدُّ بكُلِّ حالٍ. ومنها، لو باعَ المُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ بعدَ الحَوْلِ، بشَرْطِ الخِيارِ، ثم جاءَ رَبُّها في مُدَّةِ الخِيارِ، فإن قُلْنا: لم ينْتَقِلِ المِلْكُ. فالرَّدُّ واجِبٌ، وإنْ قُلْنا بانْتِقالِه، فوَجْهان. جزَم في «الكافِي» بالوُجُوبِ. قلتُ: ويتَوَجَّهُ عدَمُ الوُجُوبِ، وتكونُ له القِيمَةُ أو المِثْلُ. ومنها، لو باعَ مُحِلٌّ صَيدًا بشَرْطِ الخِيارِ، ثم أحْرَمَ في مُدَّتِه؛ فإنْ قُلْنا بانْتِقالِ المِلْكِ عنه، فليس له الفَسْخُ؛ لأنَّه ابْتِداءُ مِلْكٍ على الصَّيدِ، وهو مَمْنوعٌ منه، وإنْ قُلْنا: لم ينتَقِلِ المِلْكُ عنه. فله ذلك، ثم إنْ كان في يَدِه المُشاهَدَةِ أرْسَلَه، وإلَّا فلا. ومنها، لو باعَتِ الزَّوْجَةُ الصَّداقَ قبلَ الدُّخُولِ، بشَرْطِ الخِيارِ، ثم طَلّقَها الزَّوْجُ؛ فإنْ قُلْنا: انْتَقَلَ المِلْكُ عنها، ففي لُزومِ اسْتِرْدادِها وَجْهان. قلتُ: الأَوْلَى عدَمُ لزُومِ اسْتِرْدادِها. وإنْ قُلْنا: لم يَزَلْ فيها. اسْتَردَّه، وَجْهًا واحدًا. ومنها، لو باعَ أمَةً بشَرْطِ الخِيارِ، ثم فُسِخَ البَيعُ، وجَب على البائِعِ الاسْتِبْراءُ، على المذهبِ. وعلى الثّانيةِ، لا يَلْزَمُه؛ لبَقاءِ المِلْك. ومنها، لو اشْتَرى أمَةً بشَرْطِ الخِيارِ، واسْتَبْرَأها في مُدَّتِه؛ فإنْ قُلْنا: المِلْكُ لم يَنْتَقِلْ إليه. لم يَكْفِه ذلك الاسْتِبْراءُ، وإنْ قُلْنا بانْتِقالِه، فقال في «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِي»، وغيرِهما: يَكْفِي. وذكَر في «التَّرْغيبِ»، و «المُحَرَّرِ» وَجْهَين لعدَمِ اسْتِقْرارِ المِلْكِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، التَّصَرُّفُ في مُدَّةِ الخِيارِ والوَطْءُ. ويأْتِيان في كلامِ المُصَنِّفِ قرِيبًا. فائدة: الحَمْلُ وَقْتَ العَقْدِ مَبِيعٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: إنْ قُلْنا: للحَمْلِ حُكْمٌ، فهو داخِلٌ في العَقدِ، ويأْخُذُ قِسْطًا مِنَ العِوَضِ، وإنْ قُلْنا: لا حُكْمَ له. لم يأْخُذْ قِسْطًا، وكان، بعدَ وَضْعِه، حُكْمُه حُكْمَ النَّماءِ المُنْفَصِلِ. فلو رُدَّتِ العَينُ بعَيبٍ، فإنْ قُلْنا: له حُكْمٌ. رُدَّ مع الأصْلِ، وإلَّا (¬1) كان حُكْمُه حُكْمَ النَّماءِ. قال: وقياسُ المذهبِ، يَقْتَضِي أنَّ حُكْمَه حُكْمُ الأجْزاء، لا حُكْمُ الوَلَدِ المُنْفَصِلِ، فيَجِبُ رَدُّه معَ العَينِ، وإنْ قُلْنا: لا حُكْمَ له. وهو أصحُّ. انتهى. وذكَر في أوَّلِ «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِين»، أنَّ القاضِيَ، وابنَ عَقِيل، وغيرَهما، قالوا: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له حُكْمًا. انتهى. وعنه، الحَمْلُ نَماءٌ، فتُرَدُّ الأُمُّ بعَيبٍ بالثَّمَنِ كلِّه. قطَع به في «الوَسِيلَةِ»، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، هل هو كأحَدِ عَينَين، أو تَبَعٌ للأُمِّ لا حُكْمَ له؟ فيه رِوايَتان. ذكرَهما في «المُنْتخَبِ» في الصَّداقِ. وقد تقدَّم كلامُ ابنِ رَجَبٍ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»، في أثْناءِ الفَلَسِ: وإنْ كانتْ حِينَ البَيعِ حامِلًا، ثم أفْلَسَ المُشْتَرِي، فله الرُّجُوعُ فيها وفي ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وإن»، وانظر القواعد الفقهية 199.

فَمَا حَصَلَ مِنْ كَسْبٍ، أوْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ، فَهُوَ لَهُ، أَمْضَيَا الْعَقْدَ، أوْ فَسَخَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَلَدِها؛ لأنَّها إذا كانتْ حامِلًا حينَ البَيعِ، فقد باعَ عَينَين، وقد رجَع فيهما. قوله: فما حصَل مِن كَسْبٍ، أو نَماءٍ مُنْفَصِلٍ، فهو له، أمْضَيا العَقْدَ أو فَسَخاه. هذا مَبْنِيٌّ على المذهبِ؛ وهو أنَّه يَنْتَقِلُ المِلْكُ إلى المُشْتَرِي. وهذا المذهبُ، وعليه الأصْحابُ. وجزَم به في «القَواعِدِ» وغيرِها وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، إنْ فسَخ أحدُهما، فالنَّماءُ المُنْفَصِلُ للبائِعِ. وعنه، والكَسْبُ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّنيةِ، يكونُ للبائعِ. وقيل: هما للمُشْتَرِي إنْ ضَمِنَه. وتقدَّم ذلك في «الفَوائدِ». وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيَةِ والثَّمانِين»: لو فُسِخَ البَيعُ في مُدَّةِ الخِيارِ، وكان له نَماءٌ مُنْفَصِلٌ، فخرَّج في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ» وَجْهَين، كالفَسْخِ بالعَيبِ. وذكَر القاضي في «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِه»، أنَّ الفَسْخَ بالخِيارِ فَسْخ للعَقْدِ مِن أصْلِه؛ لأنَّه لم يَرْضَ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلُزومِ البَيعِ، بخِلافِ الفَسْخِ بالعَيبِ ونحوه. فعلى هذا، يرْجِعُ بالنَّماءِ المُنْفَصِلِ في الخِيارِ، بخِلافِ العَيبِ. انتهى. ويأْتِي في خِيارِ العَيبِ، هلِ الحَمْلُ والطَّلْعُ، والحَبُّ يَصِيرُ زَرْعًا، زِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، أو مُنْفَصِلَةٌ؟

وَلَيسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ في الْمَبِيعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ، إلا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ. وَإنْ تَصَرَّفَا بِبَيعٍ، أَوْ هِبَةٍ، وَنحْوهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس لواحِدٍ منهما التَّصَرُّفُ في المَبيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ إلَّا بما يَحْصُلُ به تَجْرِبَةُ المَبِيعِ، وإنْ تصَرَّفا ببَيعٍ أو هِبَةٍ ونحوهما، لم ينْفُذْ تصَرُّفُهما. اعلمْ أنَّ

لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تصَرُّفَ المُشْتَرِي والبائِعِ في مُدَّةِ الخِيارِ مُحَرَّمٌ عليهما، سواءٌ كان الخِيارُ لهما، أو لأحَدِهما، أو لغيرِهما. قاله كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، وقطَع به جماعةٌ. قال في «الفُروعِ»: وفي طَريقَةِ بعضِ الأصحاب، للمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ، ويكونُ رِضًى منه بلُزومِه. وقال في «القَواعِدِ»: والمَنْصُوصُ عن أحمدَ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ، أنَّ للمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ فيه بالاسْتِقْلالِ، على القَوْلِ بأنَّ المِلْكَ ينْتَقِلُ إليه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يجُوزُ التَّصَرُّفُ للبائِعِ وحدَه؛ لأنَّه مالِكٌ، ويملِكُ الفَسْخَ. انتهى. فعلى الأوَّلِ، إنْ تصَرَّفَ المُشْتَرِي؛ فتارَةً يكونُ الخِيارُ له وحدَه، وتارَةً يكونُ غيرَ ذلك؛ فإنْ كان الخيارُ له وحدَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نُفوذُ تَصَرُّفِه. قال في «الفُروعِ»: نفَذ على الأصحِّ. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال: ذكَره أبو بَكْرٍ، والقاضي، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقا لَه أبو الخَطَّاب في «الانْتِصارِ». وعنه، لا ينْفُذُ تصَرُّفُه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبي مُوسى، واحْتِمالٌ في «التَّلْخيصِ». وإنْ لم يَكُنِ الخِيارُ له وحدَه وتصَرَّفَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَنْفُذُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وعنه، يَنْفُذُ تصَرُّفُه. وعنه، تصرُّفُه مَوْقُوفٌ. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى فمَن بعدَه. وجزَم به في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والخَمْسِين»، فقال: تَصَرُّفُ المُشْتَرِي في مُدَّةِ الخِيارِ له وللبائِعِ، المَنْصُوصُ عن أحمدَ، أنَّه مَوْقُوفٌ على إمْضاءِ البَيعِ. وكذلك ذكَرَه أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «خِلافِه». انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ في طَريقَتِه: وإذا قُلْنا بالمِلْكِ، قُلْنا بانْتِقالِ الثَّمَنِ إلى البائِعِ. قال في «الفُروعِ»: وقاله غيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ هذا الخِلافِ، إذا كان تصَرُّفُه مع غيرِ البائِعِ، فأمَّا إنْ تَصَرَّفَ مع البائِعِ، فالصَّحيحُ أنَّه يَنْفُذُ. جزَم به في «المحَرَّرِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَنْفُذُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، وقال: بِناءً على دَلالةِ التَّصَرُّفِ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّضَى. وللقاضي في «المُجَرَّدِ» احْتِمالان. وإنْ تصَرَّفَ البائعُ لم يَنْفُذْ تصَرُّفُه، سواءٌ كان الخِيارُ له وحدَه أوْ لا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وقال: أطْلَقَه جماعةٌ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين»: وأما نفُوذُ التَّصرُّف، فهو مَمْنوعٌ على الأقْوالِ كلِّها. صرَّح به الأكْثَرُون مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّه لم يتَقَدَّمْه مِلْكٌ. انتهى. وقيل: يَنْفُذُ، إنْ قيلَ: المِلْكُ له والخِيارُ له. قال النَّاظِمُ: ومَن أفْرَدُوه بالخِيارِ يَكُنْ له … التَّصَرُّفُ يمْضِي منه دُونَ تصَدُّدِ وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يَنْفُذُ تصَرُّفُ البائِعِ، إنْ قُلْنا: إنَّ البَيعَ لا يَنْقُلُ المِلْكَ، وكان الخِيارُ لهما أو للبائِعِ. وقطَع به في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وذكَر الحَلْوانِيُّ في «التَّبْصِرَةِ»، أنَّ تصَرُّفَه يَنْفُذُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ومحَلُّ الخِلافِ في تصَرُّفِهما، إذا لم يَحْصُلْ لأحَدِهما إذنٌ مِنَ الآخَرِ، فلو تصَرَّف المالِكُ فهما بإذْنِ الآخَرِ، أو تصَرَّفَ وَكِيلُهما، صحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: نفَذ في الأصحِّ فيهما. وجزَم به في «الحاويَيْن». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ». وقيل: لا يَنْفُذ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فائدة: لو أذِنَ البائعُ للمُشْتَرِي في التَّصَرُّفِ، فتَصرَّفَ بعدَ الإذْنِ، وقبلَ العِلْمِ، فهل يَنْفُذُ تصَرُّفُه؟ يُخَرَّجُ على الوُجوهِ (¬1) التي في الوَكيلِ، على ما يأْتِي، وأوْلَى. وجزَم القاضي في «خِلافِه» بعدَمِ النُّفُوذِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الوجهين».

وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فَسْخًا لِلْبَيع، وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِى إِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ، في أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: ظاهرُ قولِه: ولَيس لواحِدٍ منهما التَّصَرُّفُ في المَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ. أنَّ للبائعِ التَّصَرُّفَ في الثَّمَنِ المُعَيَّنِ، أو غيرِه إذا قبَضه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، «والفُروعِ» وغيرِه؛ لعدَمِ ذِكْرِهم للمَسْأَلةِ. والذي قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «العِنايَةِ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وجَمْعٌ كَثيرٌ، أنَّه يَحْرُمُ التَّصَرُّفُ في الثَّمَنِ كالمُثَمَّنِ، سواءٌ قُلْنا في المَبِيعِ ما قُلْنا في الثَّمَنِ أوْ لا، ولم يحْكُوا في ذلك خِلافًا، لكِنْ ذكَر في «الفُروعِ»، في بابِ التَّصَرُّفِ في المَبيعِ، بعدَ أنْ ذكَر ما يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فيه، وما لا يَمْنَعُ، فقال: والثَّمَنُ الذي ليس في الذِّمَّةِ كالمُثَمَّنِ، وإلا فله أخْذُ بدَلِه؛ لاسْتِقْرارِه. انتهى. فقد تُؤخَذُ هذه المسْأَلةُ مِن عُمومِ كلامِه هناك. ويأْتِي أيضًا فيما إذا قال: لا أُسَلِّمُ المَبِيعَ حتى أقْبِضَ ثَمَنَه. في فائدة: هل له المُطالبَةُ بالنَّقْدِ إذا كان الخِيارُ لهما، أو لأحَدِهما. فهي غيرُ هذه المَسْأَلةِ التي هنا. واللهُ أعلمُ] (¬1). قوله: ويكونُ تصَرُّفُ البائعِ فَسْخًا للبَيعِ، وتَصَرُّفُ المُشْتَرِي إسْقَاطًا لخِيارِه، في أحَدِ الوَجْهَين. وهما رِوايَتان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَفِي الْآخَرِ، الْبَيعُ وَالْخِيَارُ بِحَالِهِمَا. وَإنِ اسْتَخْدَمَ الْمَبِيعَ، لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، في أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. وَكَذَلِكَ إِنْ قَبَّلَتْهُ الْجَارِيَة. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَبْطُلَ إِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم، ووَجْهان عندَ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، في غيرِ الوَطْءِ، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، وغيرِهم. واعْلَمْ أنَّه إذا تصَرَّفَ البائعُ فيه، لم يَكُنْ فَسْخًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: ليس تصَرفُ البائِعِ فَسْخًا، على الأصحِّ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهي أصح. وجزَم به أبو بَكْرٍ، والقاضي في «خِلافِه»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» فيه. وصححَه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يكونُ فَسْخًا. جزَم به القاضي في «المُجَرَّدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحَلْوَانِيُّ في «الكِفايَةِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. ورَجَّحَه ابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: تصَرُّفُه بالوطْءِ فَسْخ. جزَم به في «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي». قال في «القَواعِدِ»: وممَّن صرَّح بأَنَّ الوَطْءَ اخْتِيارٌ، القاضي في «المُجَرَّدِ». وحكاه في «الخِلافِ» عن أبي بَكْرٍ. قال: ولم أجِدْه فيه. وأمَّا تصَرُّفُ المُشْتَرِي، ووَطْؤُه، وتَقْبِيلُه، ولَمْسُه بشَهْوَةٍ، وسَوْمُه، ونحوُ ذلك،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو إمْضاءٌ وإبْطالٌ لخِيارِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا يكونُ إمْضاءً، ولا يبْطُلُ خِيارُه بشيء من ذلك. وهو وَجْهٌ في «الشَّرْحِ» وغيرِه. قال في «التَّلخيصِ»: وعلى كِلا الوَجْهَين، في تَصَرُّفِ البائعِ والمُشْتَرِي، لا يصِحُّ تصَرُّفُهما؛ لأنَّ في طَرَفِ الفَسْخِ، لا بُدَّ مِن تَقدُّمِه على العَقْدِ، وفي طَرَفِ الرِّضَى يَمْتَنِعُ؛ لتعَلُّقِ حَقِّ الآخَرِ. قوله: وإنِ اسْتَخْدَمَ المبيعَ، لم يبْطُلْ خيارُه، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وفي نُسْخَةٍ: الوَجْهَين. وعليها «شرْحُ ابنِ مُنَجَّى». وهو المذهبُ. صحَّحَه في «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الحاوي الكَبِيرِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يَبْطُلُ خِيارُه. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»: بطَل خِيارُه على الأصحِّ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال في «الوَجيزِ»: وإنِ اسْتَخْدَمَ المَبِيعَ للاسْتِعْلامِ، لم يبْطُلْ خِيارُه. فدَلَّ كلامُه أنَّه لو اسْتَخْدمَه لغيرِ الاسْتِعْلامِ، يَبْطُلُ، وعِبارَةُ جماعةٍ مِنَ الأصحاب كذلك. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّر»، و «الشّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». ذكَر جماعةٌ قوْلًا، إنِ اسْتَخْدمَه للتَّجْرِبَةِ، بطَل، وإلَّا فلا؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. وذكَرُوه قوْلًا ثالِثًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فظاهرُ كلامِهم، أنَّ الخِلافَ يشْمَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاسْتِخْدامَ للتَّجْرِبَةِ. وهو بعيدٌ. قال في «الحاويَين»: وما كان على وَجْهِ التَّجْرِبَةِ للمَبِيعِ، كرُكُوبِ الدَّابَّةِ؛ ليَنْظُرَ سيرَها، أَوْ الطَّحْنِ عليها؛ ليَعْلَمَ قَدْرَ طَحْنِها، أو اسْتِخْدامِ الجارِيَةِ في الغَسْلِ، والطَّبْخِ، والخَبْزِ، لا يُبْطِلُ الخِيارَ، رِوايَةً واحدةً. وقال في «الرِّعايَةِ»: وله تجْرِبَتُه واخْتِبارُه برُكوبٍ، وطَحْنٍ، وحَلْبٍ، وغيرها. وتقدَّم كلامُه في «الوَجيزِ». قال في «المُنَوِّرِ» و «مُنْتَخَبِ الأَزجِيِّ»: وتصَرُّفُه بكلِّ حالٍ رِضًى إلَّا لتَجْرِبَةٍ. قال الشَّارِحُ: فأمَّا ما يُسْتَعْلَمُ به المَبِيعُ، كرُكُوبِ الدَّابَّةِ؛ ليَخْتَبِرَ فَراهَتَها، والطَّحْنِ على الرِّحَى؛ ليعْلَمَ قدْرَه، ونحو ذلك، فلا يدُلُّ على الرِّضَى، ولا يبْطُلُ به الخِيارُ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أن الاسْتِخْدامَ للاخْتِبارِ يسْتَوي فيه الآدَمِيُّ وغيرُه، ولا تَشْمَلُه الرِّوايَةُ المُطْلقَةُ. وقطَع بما قُلْنا في «الكافِي» وغيرِه. ومَنْشَأُ هذا القَوْلِ، أنَّ حَرْبًا نقَل عن أحمدَ، أنَّ الجارِيَةَ إذا غسَلَتْ رأْسَه، أو غَمَزَت رِجْلَه، أو طَبَخَتْ له، أو خَبَزَتْ، يَبْطُلُ خِيارُه. فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يُمْكِنُ أنْ يُقال: ما قُصِدَ به مِنَ الاسْتِخْدامِ، أن تَجْرِبَةَ المَبِيعِ لا تُبْطِلُ الخِيارَ، كرُكُوبِ الدَّابَّةِ، ليَعْلَمَ سيرَها، وما لا يُقْصَدُ به ذلك، يُبْطِلُ الخِيارَ، كرُكُوبِ الدَّابَّةِ لحاجَتِه. انتهى. قوله: وكذلك إنْ قَبَّلَتْه الجَارِيَةُ ولم يَمْنَعْها، لم يبْطُلْ خِيارُه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وسواء كان لشَهْوَةٍ أو لغيرِها. وقال أبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه: ويحْتَمِلُ أنْ يبْطُلَ إنْ لم يمْنَعْها. وقدَّم هذه الطرِيقَةَ في «الفُروعِ».

وَإنْ أعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، نَفَذَ عِتْقُهُ، وَبَطَلَ خِيَارُهُمَا. وَكَذَلِكَ إِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ. وَعَنْهُ، لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ، وَلَهُ الْفَسْخُ وَالرّجُوعُ بِالْقِيمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم بها في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: محَلُّ الخِلافِ فيما إذا كان لشَهْوَةٍ، أمَّا إذا كان لغيرِ شَهْوَةٍ، لم يبْطُلْ، قوْلًا واحدًا. وجزَم به في «الحاويَين»، وغيرِهما. وقال: نصَّ عليه. وحمَل ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». قوله: وإنْ أعْتَقَه المُشْتَرِي، نفَذ عِتْقُه، وبطَل خِيارُهما، وكذلك إذا تَلِفَ المَبِيعُ. إذا أعْتَقَ المُشتَرِى، نفَذ عِتْقُه، وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّ المَبِيعَ ينْتَقِلُ إلى المُشْتَرِي في مُدَّةِ الخِيارِ. وهو المذهبُ كما تقدَّم، فيَصِحُّ عِتْقُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويَبْطُلُ خِيارُهما، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ». وعنه، لا يبْطُلُ خِيارُ البائِعِ، وله الفَسْخ والرُّجُوع بالقِيمَةِ يومَ العِتقِ. وقدَّمه في «الكافِي». وأطْلَقَهما في «الهادِي»، و «التَّلخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: على القَوْلِ بأنَّ المِلْكَ لا ينْتَقِلُ عنِ البائعِ، لو أعْتَقه، نفَذ عِتْقُه كالمُشْتَرِي، وأمَّا إذا تَلِفَ المَبِيعُ في مُدَّةِ الخِيارِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قبلَ قَبْضِه أو بعدَه، فإنْ كان قبلَ قَبْضِه، وكان مَكِيلًا، أو مَوْزُونًا، أو مَعْدُودًا، أو مَذْرُوعًا، انْفسَخَ البَيعُ، على ما يأْتِي آخِرَ البابِ، وكان مِن ضَمانِ البائِع، إلَّا أنْ يُتْلِفَه المُشْتَرِي، فيكونَ مِن ضَمانِه، ويبْطُلَ خِيارُه، وفي خِيارِ البائِعِ الرِّوايَتان. وإنْ كان المَبِيعُ غيرَ ذلك، ولم يمْنَعِ البائعُ المُشْتَرِيَ مِن قَبْضِه، فالصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّه مِن ضَمانِ المُشْتَرِي، على ما يأْتِي. وإنْ كان تلَفُه بعدَ قَبْضِه في مُدَّةِ الخِيارِ، فهو مِن ضَمانِ المُشْتَرِي. وهي مَسْألَةُ المُصَنِّفِ، ويبْطُلُ خِيارُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: يبْطُلُ خِيارُ المُشْتَرِي في الأشْهَرِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقيل: لا يبْطُلُ خِيارُه. وهذه طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأمَّا خِيارُ البائِعِ، فيَبْطُلُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، وغيرُهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وعنه، لا يبْطُلُ خِيارُ البائِعِ، وله الفَسْخُ والرُّجُوعُ بالقِيمَةِ، أو مِثْلُه إنْ كان مِثْلِيًّا. اخْتارَها القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وحكَاه في مَوْضِعٍ مِنَ «الفُصُولِ» عنِ الأصحابِ. وقدَّمها في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الخُلاصَةِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: والرُّجُوعُ بالقِيمَةِ. تكونُ القِيمَةُ وَقْتَ التَّلَفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: وَقْتَ القَبْضِ. وأصْلُ الوَجْهَين، انْتِقالُ المِلْكِ. قاله في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». فائدةٌ جلِيلَةٌ: لو انْفسَخَ البَيعُ بعدَ قبْضِه بعَيبٍ، أو خِيارٍ، أو انْتهَت مُدَّةُ العَينِ المُسْتَأْجرَةِ، أو أقْبَضَها الصَّداقَ فطَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، ففي ضَمانِه على مَن هو في يَدِه أوْجُهٌ؛ أحدُها، حُكْمُ ضمَانِه بعدَ زَوالِ العَقْدِ حُكْمُ ضَمانِ المالِكِ الأوَّلِ قبلَ التَّسْليمِ؛ إنْ كان مَضْمُونًا عليه، كان مَضْمُونًا له، وإلَّا فلا. وهي طَرِيقَةُ أبي الخَطَّابِ، والمُصَنِّفِ في «الكافِي» في آخَرِين. فعلى هذا، إنْ كان عِوَضًا في بَيعٍ، أو نِكاحٍ، وكان مُتَمَيِّزًا، لم يَضْمَنْ. على الصّحيحِ. وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، ضَمِنَ، وإنْ كان في إجارَةٍ، ضَمِنَ بكُلِّ حالٍ. الثَّاني، إنْ كان انْتِهاءُ العَقْدِ بسَبَبٍ يسْتَقِلُّ به مَن هو في يَدِه، كفَسْخِ المُشْتَرِي، أو يُشارِكُ فيه الآخَرُ، كالفَسْخِ منهما، فهو ضامِنٌ له. وإنِ اسْتَقَلّ به الآخَرُ، كفَسْخِ البائِعِ، وطَلاقِ الزَّوْجِ، فلا ضَمانَ؛ لأنَّه حصَل في يَدِ هذا بغيرِ سبَب ولا عُدْوانٍ. وهذا ظاهِرُ ما ذكَرَه في «المُغْنِي» في مَسْألَةِ الصَّداقِ، وعلى هذا يتَوَجَّهُ ضَمانُ العَينِ

وَحُكْمُ الْوَقْفِ حُكْمُ الْبَيعِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينَ. وَفِي الْآخَرِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِتْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَأجَرَةِ بعدَ انْتِهاءِ المُدَّةِ. الثَّالِثُ، حُكْمُ الضَّمانِ بعدَ الفَسْخِ حُكْمُ ما قبلَه؛ فإنْ كان مَضمُونًا، فهو مَضْمُونٌ، وإلَّا فلا، فيَكونُ البَيعُ بعدَ فسْخِه مَضْمُونًا، لأنَّه كان مَضْمُونًا على المُشْتَرِي بحُكْمِ العَقْدِ، ولا يزُولُ الضَّمانُ بالفَسْخِ. صرَّح بذلك القاضي في «خِلافِه». ومُقْتَضَى هذا ضَمانُ الصَّداقِ [على المَرْأَةِ] (¬1) وهو ظاهِرُ كلامِ المَجْدِ، وأنَّه لا ضَمَانَ في الإجارَةِ، على المُرَادِ. وصرَّح به القاضي وغيرُه، حتى قال القاضي، وأبو الخَطَّاب: لو عجَّل أُجْرَتَها، ثم انْفَسخَتْ قبلَ انتِهاءِ المُدَّةِ، فله حَبْسُها حتى يسْتَوْفِيَ الأجْرَة، ولا يكونُ ضامِنًا. الرَّابعُ، لا ضَمانَ في الجَميعِ، ويكونُ المَبِيعُ بعدَ فَسْخِه أمانَةً مَحْضَةً. صرَّح به أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في الصَّداقِ بعدَ الطَّلاقِ. الخامِسُ، الفَرْقُ بينَ أنْ ينْتَهِي العَقدُ، أو يُطَلِّقَ الزَّوْجُ، وبينَ أنْ يَنْفَسِخَ العَقْدُ؛ ففي الأوَّلِ يكونُ أمانَةً مَحضَةً؛ لأن حُكْمَ المِلْكِ ارْتفَعَ وعادَ مِلْكًا للأَوَّلِ، وفي الفَسْخِ يكونُ مَضْمُونًا. وممَّن صرَّح بذلك، الأزَجِيُّ في «نِهايَتهِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيل في مَسائِل الرَّدِّ بالعَيبِ، وصرَّح بأنَّه يضْمَنُ نَقْصَه فيما قبلَ الفَسْخِ وبعدَه بالقِيمَةِ لارْتفاعِ العَقْدِ. ذكَرَ ذلك في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والأرْبَعِين». قوله: وحُكْمُ الوَقْفِ حُكْمُ البَيعِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحَه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَاريَةَ فَأحبَلَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّصْحيحِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي الآخَرِ، حُكْمُ العِتْقِ. صحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». قوله: وإنْ وَطِئَ المُشْتَرِي الجارِيَةَ فأحْبَلَها، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، ووَلَدُه حُرٌّ ثابِتُ النَّسَبِ. هذا مَبْنِيٌّ على أن المِلْكَ ينْتَقِلُ إليه في مُدَّةِ الخِيارِ. وهو المذهبُ. وأمَّا إذا قُلْنا: لا ينْتَقِلُ إليه. ففيه الخِلافُ الآتِي في البائِعِ. قاله في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ».

وَإنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ، فَكَذَلِكَ، إنْ قُلْنَا: الْبَيعُ يَنْفَسِخُ بِوَطْئِهِ. وَإنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ. فَعَلَيهِ الْمَهْرُ، وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، إلا إِذَا قُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ. وَلَا حَدَّ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَقَال أصْحَابُنَا: عَلَيهِ الْحَدُّ إِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ قُلْنا: إنَّ المِلْكَ لا ينْتَقِلُ إليه. لا حَدَّ عليه أيضًا، وعليه المَهْرُ، وقِيمَةُ الوَلَدِ، وإنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وأنَّ مِلْكَه غيرُ ثابِتٍ، فوَلَدُه رَقِيقٌ. قوله: وإنْ وَطِئَها البائِعُ، فكذلك، إنْ قُلْنَا: البَيعُ ينْفَسِخُ بوَطْئِه. وتقدَّم،

عَلِمَ زَوَال مِلْكِهِ، وَأنَّ الْبَيعَ لا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ. وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هل يكونُ تصَرُّفُ البائِعِ فَسْخًا للبَيعِ؟ وأنَّ الصَّحيحَ يكون فسْخًا (¬1). وقوله: وإنْ قُلْنا: لا ينْفَسِخُ. فعليه المَهْرُ، ووَلَدُه رَقِيقٌ. قد تقدَّم أنَّ المذهبَ، لا ينْفَسِخُ العَقْدُ بتَصَرُّفِهِ. وقوله: إلَّا إذا قُلْنا: المِلْكُ له. وتقدم أن المذهبَ، لا يكونُ المِلْكُ له في مُدَّةِ الخِيارِ. قوله: ولا حَدَّ فيه على كلِّ حالٍ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، والمَجْدِ ¬

(¬1) في حاشية ط: «الذي تقدم في كلام هذا المؤلف، أن الصحيح، أن تصرف البائع لا يكون فسخًا، وقال: نص عليه. واستشهد بعبارة الفروع والقواعد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «مُحَرَّرِه»، والنَّاظِمِ، وصاحبِ «الحاوي»، وصحَّحُوه في كتابِ الحُدودِ، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ» هناك، وإليه مَيلُ ابنِ عَقِيلٍ، وحكَاه بعضُ الأصحابِ رِوايَةً عن الإمامِ أحمدَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فعلى هذا، يكونُ وَلَدُه حُرًّا ثابِتَ النَّسَبِ، ولا يَلْزَمُه قِيمَةٌ، ولا مَهْرَ عليه، وتَصيرُ أُمَّ وَلَدٍ له. وقال أصحابُنا: عليه الحَدُّ إذا عَلِمَ زَوال مِلْكِه، وأنَّ البَيعَ لا ينْفَسِخُ بالوَطْءِ. وهو المَنْصُوصُ، وهو المذهبُ، وهو مِن مُفْرَداتِه. [ويأْتِي ذلك في حَدِّ الزِّنا أيضًا] (¬1). فقوله: إذا عَلِمَ أَنَّ البَيعَ لا ينْفَسِخُ. هكذا قيَّدَه بعضُ الأصحابِ. قال: إنِ اعْتقَدَ أنَّه ينْفَسِخُ بوَطْئِه، فلا حدَّ عليه؛ لأنَّ تَمامَ الوَطْءِ وَقعَ في مِلْكٍ، فتَمكَّنَتِ الشُّبْهَةُ. وقال أكثرُ الأصحابِ: عليه الحَدُّ إذا كان عالِمًا بالتَّحْرِيمِ. وهو المَنْصوصُ عن أحمدَ في رِوايَةِ مُهَنَّا. وهو اخْتِيارُ أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، ¬

(¬1) سقط من الأصل.

وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا، بَطَلَ خِيَارُهُ، وَلَمْ يُورَثْ. وَيَتَخَرَّجُ أنْ يُورَثَ كَالْأجَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأكْثَرِين. قاله في «القَواعِد الفِقْهِيَّةِ». ومحَلُّ وُجوبِ الحدِّ أيضًا عندَ الأصحابِ، إذا كان عالِمًا بتَحْريمِ الوَطْءِ، أمَّا إذا كان جاهِلًا بتَحْرِيمِه، فلا حدَّ عليه، كما سيَأْتِي في شُروطِ الزِّنا. فعلى قوْلِ الأصحابِ، إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، فوَلَدُه رَقيق لا يلْحَقُه نسَبُه، وإنْ لم يعْلَمْ، لَحِقَه النَّسَبُ، ووَلَدُه حُرٌّ، وعليه قِيمَتُه يومَ ولادَتِه، وعليه المَهْرُ، ولا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له. قوله: ومَن ماتَ مِنهما، بطَل خِيارُه، ولم يُورَثْ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. ويتَخَرَّجُ، أنْ يُورَثَ كالأجَلِ وخِيارِ الرَّدِّ بالعَيبِ. وهو لأبي الخَطَّابِ. وذكَرَه في «عُيُونِ المسَائلِ» في مَسْألَةِ حِلِّ الدَّينِ بالمَوْتِ رِوايةً. قوله (¬1): ولم يُورَثْ. مُرادُه، إذا لم يطالبِ المَيِّتُ، فأمَّا إنْ طالبَ في حَياتِه، فإنّه يُورَثُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. فائدة: خِيارُ المَجْلِسِ لا يُورَثُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: كالشَّرْطِ. وفي خِيارِ صاحبِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»، وخِيارُ المَجْلِسِ يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، يَبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ. قَدَّمه في «المُغْنِي»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يَبْطُلُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». فائدة: حَدُّ القَذْفِ لا يُورَثُ إلَّا بمُطالبَةِ المَيِّتِ في حَياتِه، كخِيارِ الشَّرْطِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وفي «الانِتْصارِ» رِوايَةٌ، لا يُورَثُ حدُّ قَذْفٍ ولو طَلَبَه مَقْذُوفٌ، كَحدِّ زِنًى. ويأتِي كلامُ المُصَنِّفِ ¬

(¬1) قبلها في الأصل: «تنبيه مراده».

فَصْلٌ: الثَّالِثُ خِيَارُ الْغَبْنِ. وَيَثْبُتُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ؛ أحَدُهَا، إِذَا تَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ وَبَاعَ لَهُمْ، فَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا هَبَطُوا السُّوق وَعَلِمُوا أنهُمْ قَدْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنِ العَادَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ القَذْفِ، ويأْتِي، هل تُورَثُ المُطالبَةُ بالشُّفْعَةِ؟ في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ الفَصْلِ الخامسِ مِن بابِ الشُّفْعَةِ. وتقدَّم، إذا علَّق عِتْقَ عَبْدِه على بَيعِه، في البابِ قبلَه في الشُّروطِ الفاسِدَةِ. قوله: الثَّالِثُ، خِيارُ الغَبْنِ، ويثْبُتُ في ثَلاثِ صُوَرٍ؛ أحدُها، إذا تلَقَّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّكْبانَ، فاشْتَرَى مِنهم، وباعَ لهم، فلهم الخِيارُ إذَا هَبَطُوا (¬1) السُّوقَ، وعَلِمُوا أنَّهم قد غُبِنُوا. أعْلَمَنا المُصَنِّف، رَحِمَهُ اللهُ، هنا أنَّه إذا تلَقّى الرُّكْبانَ، واشْتَرى منهم، وباعَ لهم، أنَّ البَيعَ صَحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، أنَّه باطِلٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. فعلى المذهبِ، يثْبُتُ لهمُ الخِيارُ بشَرْطِه، سواءٌ قصَد تَلقِّيهم أو لم يقْصِدْه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أهبطوا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا خِيارَ لهم إلَّا إذا قصَد تلَقِّيهم. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعَلِمُوا أنَّهُم قد غُبِنُوا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لهمُ الخِيارُ، وإنْ لم يُغْبَنُوا. قوله: غَبْنًا يخْرُجُ عنِ العادَةِ. مَرْجِعُ الغَبْنِ إلى العُرْفِ والعادَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يُقَدَّرُ الغَبْنُ بالثُّلُثِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الإِرْشادِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: والمَنْصُوصُ أنَّ الغَبْنَ المُثْبِتَ للفَسْخِ ما لا يتَغابَنُ النَّاسُ بمِثْلِه، وحَدَّه أصحابُنا بقَدْرِ ثُلُثِ قِيمَةِ المَبِيعِ. انتهى. وقيل: يُقَدَّرُ بالسُّدْسِ. وقيل: يُقَدَّرُ بالرُّبْعِ. ذكَرَه ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه». وظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الخِيارَ يثْبُتُ بمُجَرَّدِ الغَبْنِ وإنْ قَلَّ. قاله الشَّارِحُ وغيرُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وقد قال أبو يَعْلَى

وَالثَّانِيَةُ، النَّجْشُ؛ وَهُوَ أنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا؛ لِيَغُرَّ الْمُشْتَرِيَ. فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا مَا غبِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرُ في مَوْضِع مِن كلامِه: له الفَسْخُ بغَبْنٍ يَسِيرٍ، كدِرْهَم في عشَرَةٍ بالشَّرْطِ. ويأْتِي ذلك بعدَ تعَدُّدِ العُيُوبِ. قوله: الثَّانِيَةُ في النَّجْشِ؛ وهو أنْ يزِيدَ في السِّلْعَةِ مَن لا يُرِيدُ شِراءَها لِيَغُرَّ المُشْتَرِيَ. أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّ بَيعَ النَّجْشِ صَحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يبطُلُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله المُصَنِّفُ. وقال في «التَّنْبِيهِ»: لا يجُوزُ النَّجْشُ. وعنه، يقَعُ لازِمًا، فلا فَسْخَ مِن غيرِ رِضًى. ذكَرَ في «الانْتِصارِ» في البَيعِ الفاسِدِ؛ هل يَنْقُلُ المِلْكَ؟ فعلى المذهبِ، يثْبُت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُشْتَرِي الخِيارُ بشَرْطِه، وسواء كان ذلك بمُواطأَةٍ مِن البائعِ أَوْ لا. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا خِيارَ له إلَّا إذا كان بمُواطأةٍ مِنَ البائِعَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو نجَش البائِعُ، فزادَ أو وَاطَأ، فهل يبْطُلُ البَيعُ، وإنْ لم يُبْطِلْه في الأُولَى؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يبْطُلُ البَيعُ، وهو الصَّحيحُ، وهو ظاهرُ كلام أكثرِ الأصحابِ، وهو كالصَّريحِ في كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقال: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشْهُورُ. والوَجْهُ الثَّاني، يبْطُلُ البَيعُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وعنه، لا يصِحُّ بَيعُ النَّجْشِ، كما لو زادَ فيها البائعُ أو وَاطَأَ عليه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: أو زادَ زَيدٌ بإذْنِه، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». الثَّانيةُ، لو أخْبَرَ أنَّه اشْتَراها بكذا، وكان زائِدًا عمَّا اشْتَراها به، لم يبْطُلِ البَيعُ، وكان له الخِيارُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «الإيضاحِ»: يبْطُلُ مع عِلْمِه. تنبيه: قال في «الفُروعِ»: قوْلُهم في النَّجْشِ: ليَغُر المُشْتَرِيَ. لم يحْتَجُّوا لتوَقُّفِ الخِيارِ عليه. قال: وفيه نَظَر. وأطْلَقُوا الخِيارَ فيما إذا أخْبَرَ بأكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ، لكِنْ قال بعضُهم: لأنَّه في مَعْنَى النَّجْشِ، فيكونُ القَيدُ مُرادًا، ويُشْبِهُ ما إذا خرَج ولم يقْصِدِ التَّلَقِّيَ. وسَبَق أنَّ المنْصُوصَ الخِيارُ. انتهى. قلتُ: قال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْرُمُ أنْ يَزِيدَ في سِلْعَةٍ مَن لا يُريدُ شِراءَها. وقيل: بل ليَغُرَّ مُشْتَرِيَها الغِرَّ بها. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وزادَ غيرُ المُصَنِّفِ، أنْ يكونَ الذي زادَ مَعْروفًا بالحِذْقِ ولا بُدَّ منه. انتهى. ولم نرَه في غيرِه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وزادَ بعضُ أصحابِنا في تَفْسيرِه، فقال: ليَغُرَّ المُشْتَرِيَ. وهو حسَنٌ. انتهى. فائدة: قال الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه: حُكْمُ زِيادَةِ المالِكِ في الثَّمَنِ، كأنْ يقولَ:

وَالثَّالِثَةُ، الْمُسْتَرْسِلُ، إِذَا غُبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ. وَعَنْهُ، أَنَّ النَّجْشَ وَتَلَقِّيَ الرُّكْبَانِ بَاطِلَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أُعْطِيتُ في هذه السِّلْعَةِ كذا. وهو كاذِبٌ، حُكْمُ نجْشِه. انتهى. قوله: الثَّالِثَةُ، المُسْتَرْسِلُ. يثْبُتُ للمُسْتَرْسِلِ الخِيارُ إذا غُبِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يثْبُت. فوائد؛ الأُولَى، المُسْتَرْسِلُ هو الذي لا يُحْسِنُ يُماكِسُ. قاله الإمامُ أحمدُ. وفي لفْظٍ عنه: هو الذي لا يُماكِسُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو الجاهِلُ بقِيمَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّلْعَةِ، ولا يُحْسِنُ المُبايَعةَ. قال في «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما: هو الذي لا يعْرِفُ سِعْرَ ما باعَه أو اشْتَراه. فصَرَّحا أنَّ المُسَترْسِلَ يتَناوَلُ البائِعَ والمُشْتَرِى، وأنَّه الجاهِلُ بالبَيعِ. كما قاله الامامُ أحمدُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هو الجاهلُ بقِيمَةِ المَبِيعِ، بائعًا كان أو مُشْتَرِيًا. وقال في «الفُروعِ» في بابِ خِيارِ التَّدْليسِ، في حُكْمِ مَسْألَةٍ: كما لم يُفَرِّقُوا في الغَبْنِ بينَ البائِع والمُشْتَرِي. فتَلَخَّصَ أنَّ المُسْتَرْسِلَ هو الجاهِلُ بالقِيمَةِ، سواءٌ كان بائعًا أو مُشتَرِيًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «المُذْهَبِ»: لو جَهِلَ الغبْنَ فيما اشْترَاه لعَجَلَتِه، وهو لا يجْهَلُ القِيمَةَ، ثبَت له الخِيارُ أيضًا. وجزَم به في «النَّظْمِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: لو عَجِلَ في العَقْدِ فَغُبِنَ، فلا خِيارَ له. انتهى. وعنه، يثْبُتُ أيضًا لمُسْتَرْسِل إلى البائِع لم يُماكِسْه. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وذكَرَه المذهبَ. وقال في «الانْتِصارِ»: له الفَسْخُ ما لم يُعْلِمْه أنَّه غالٍ، وأنَّه مَغْبُونٌ فيه. انتهى. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: يثْبُتُ خِيارُ الغَينِ للمُسْتَرْسِلِ في الإجارَةِ، كما في البَيعِ، إلَّا أنَّه إذا فسَخ وقد مضَى بعضُ المُدَّةِ، يرْجِعُ عليه بأُجْرَةِ المِثْلِ للمُدَّةِ، لا بقِسْطِه مِنَ المُسَمَّى؛ لأنَّه لو رجَع بذلك، لم يسْتَدْرِكْ ظُلامَةَ الغَبْنِ، وفارَقَ مالو ظهَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على عَيبٍ في الإجارَةٍ ففَسَخَ، فإنَّه يَرْجِعُ عليه بقِسْطِه مِنَ المُسَمَّى؛ لأنَّه يسْتَدْرِكُ ظُلامتَه بذلك؛ لأنَّه يرْجِعُ بقِسْطِه منها مَعِيبًا، فيَرْتَفِعُ عنه الضَّرَرُ بذلك. قال المَجْدُ: نَقْلتُه مِن خَطِّ القاضي على ظَهْرِ الجُزءِ الثَّلاثين مِن «تعْلِيقِه». الثَّالثةُ، الغَبْنُ مُحَرَّمٌ. نصَّ عليه. ذكَرَه أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الفُنونِ». وقال: إنَّ أحمدَ قال: أكْرَهُه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: يُكْرَهُ تلَقِّي الرُّكْبانِ. وقيل: يحْرُمُ. وهو أوْلَى. انتهى. الرَّابعةُ، هل غَبْنُ أحَدِهما في مَهْرِ مِثْلِه كبَيعٍ، أوْ لا فَسْخَ؟ فيه احْتِمالان في «التَّعْليقِ» للقاضي، و «الانْتِصارِ» لأبي الخَطَّابِ. وفي «عُيُونِ المسَائلِ» مَنْعٌ وتَسْليمٌ. ثم فرق، وقال: ولهذا لا يُردُّ الصَّداقُ عندَهم. وفي وَجْهٍ لنا، بعَيبٍ يَسِيرٍ، ويُرَدُّ المَبِيعُ بذلك. قلتُ: الصوابُ أنَّه لا يُفْسَخُ، بل يقَعُ العَقْدُ لازِمًا. ويأْتِي قرِيبٌ مِن ذلك في أوَاخِرِ بابِ الشُّروطِ في النِّكاحِ، وبابِ العُيُوبِ في النِّكاحِ. الخامسةُ، يحْرُمُ تَغْريرُ مُشْتَرٍ؛ بأنْ يسُومَه كثيرًا ليَبْذُلَ قرِ يبًا منه. ذكَرَه الشيخُ تَقِي الدِّينِ، واقْتَصَر عليه في «الفُروعِ». وهو الصَّوابُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وإنْ دَلَّسَ مُسْتَأْجِرٌ على مُؤْجِرٍ وغيرِه حتى اسْتَأْجَرَه بدُونِ القِيمَةِ، فله

فَصْلٌ: الرَّابعُ، خِيَارُ التَّدْلِيسِ بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ، كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَتَحْمِيرِ وَجْهِ الْجَارِيَةِ، وَتَسْويدِ شَعَرِهَا وَتَجْعِيدِهِ، وَجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى وَإرْسَالِهِ عِنْدَ عَرْضِهَا. فَهَذَا يُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارَ الرَّدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أُجْرَةُ المِثْلِ. وفي مُفرَداتِ ابنِ عَقِيل في المَسْأَلةِ الأولَى كقَوْلِه، وأنَّه كالغِشِّ والتَّدْليس سواءً، ثم سلَّم أنه لا يحْرُمُ. السَّادسةُ، لو قال عندَ البَيعِ: لا خِلابةَ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن له الخِيارَ إذا خَلَبَه. قدَّمه في «الفُروع». وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: لا خِيارَ له. قوله: الرابعُ، خِيَارُ التّدْلِيسِ، بما يزِيدُ به الثَّمَنُ، كتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَحْميرِ وَجْهِ الجَارِيَةِ، وتسْويدِ شعَرِها وتَجْعيدِه، وجَمْعِ ماءِ الرَّحَى وإرْسالِه عندَ عَرْضِها. قال في «الرِّعايَةِ»: وكذا تَحْسِينُ وَجْهِ الصُّبْرَةِ ونحوها، وتَصْنِيعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسَّاجِ وَجْهَ الثَّوْبِ، وصِقالُ الإسْكافِ وَجْهَ المَتاعِ ونحوُه، فهذا يُثْبِتُ للمُشْتَرِي خِيارَ الرَّدِّ بلا نِزاعٍ. وظاهِرُه، أنَّه لو حصَل ذلك مِن غيرِ قَصْدِ التَّدْليسِ، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِيارَ له. وهو أحَدُ الوَجْهَين. [وهو ظَاهِرُ كلامِ جَماعةٍ] (¬1). والوَجْهُ الثَّاني، يثْبُتُ بذلك أيضًا. اخْتارَه القاضي، واقْتَصَر عليه في «الفائقِ». وجزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وذكَر مِن صُوَرِ المَسْأَلَةِ، تَحْمِيرَ الوَجْهِ مِنَ الخَجَلِ أو التَّعَبِ. وأطلَقَهما في ¬

(¬1) في الأصل: «وهو احتمال في المغني والشرح ومالا إليه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقيلَ: لا يثْبُتُ بحُمْرَةِ الخَجَلِ والتّعَبِ ونحوهما. وهو أقْوَى مِنَ الأوّلِ، ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فائدة: لو سوَّدَ كَفَّ العَبْدِ، أو ثَوْبَه؛ ليُظَنَّ أنَّه كاتِبٌ، أو حَدَّادٌ، أو علَفَ الشَّاةَ، أو غيرَها؛ ليُظَنَّ أنَّها حامِلٌ، لم يثْبُتْ للمُشْتَرِي بذلك خِيارٌ. على الصَّحيحِ

وَيَرُدُّ مَعَ الْمُصَرَّاةِ عِوَضَ اللَّبَنِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. فَإِنْ لَمْ يَجِدِ التَّمْرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: يثْبُتُ. قوله: ويَرُدُّ مع المُصَرَّاةِ عِوَضَ اللَّبَنِ صَاعًا مِن تَمْرٍ. يتعَيَّنُ التَّمْرُ في الرَّدِّ بشَرْطِه، ولو زادَتْ قِيمَتُه على المُصَرَّاةِ، أو نقَصَتْ عن قِيمَةِ اللَّبَنِ. على الصَّحيحِ

فَقِيمَتُهُ فِي مَوْضِعِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ نَاقَةً، أوْ بَقَرَةً، أوْ شَاةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْزِئُ القَمْحُ أيضًا. اخْتارَه الشِّيرَازِيُّ؛ لحَديثٍ روَاه البَيهَقِيُّ (¬1). وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُعْتَبرُ في كل بَلَدٍ ¬

(¬1) في: باب الحكم فيمن اشترى مصراة، من كتاب البيوع. السنن الكبرى 5/ 319.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاعٌ مِن غالبِ قُوتِه. فائدتان؛ إحْداهما، علَّل أبو بَكْرٍ وُجوبَ الصَّاعِ بأنَّ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ اخْتَلطَ بلَبَنٍ حدَث في مِلْكِ المُشْتَرِي، فلمَّا لم يتَمَيَّزْ، قطَع عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، المُشاجَرَةَ بينَهما بإيجابِ صاعٍ. الثَّانيةُ، لو اشْترَى أكثرَ مِن مُصَرَّاةٍ، رَد مع كلِّ واحدٍ صاعًا. صرَّح به في «الفائقِ» وغيرِه. قلتُ: وهو داخِلٌ في عُمومِ كلامِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: فإنْ لم يجِدِ التَّمْرَ، فقِيمَتُه في مَوْضِعِه. أي في مَوْضِعِ العَقْدِ.

فَإنْ كَانَ اللَّبَنُ بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ، رَدَّهُ، وَأَجْزَأهُ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُجْزِئَهُ إِلَّا التَّمْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صرَّح به الأصحابُ، ولو زادَت على قِيمَةِ المُصَراةِ. نصَّ عليه أحمدُ. قوله: فإنْ كان اللَّبَنُ بحالِه لم يتَغَيَّرْ، رَدَّه وأجْزَأه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَرَه الشَّارِحُ وغيرُه. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قال القاضي: الأَشْبَهُ أنَّه يَلْزَمُ البائِعَ قَبُولُه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: لَزِمَ البائِعَ قَبُولُه في الأقْيَسِ. واقْتَصرَ عليه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْزِئَه إلَّا التَّمْرُ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وصحَّحَه في «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ويشْمَلُه كلامُ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قولِه: لم يتَغَيَّرْ، رَدَّه. أنَّه إذا تَغيَّرَ لا يلْزَمُ البائِعَ قَبُولُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم. وقيل: يُجْزِئُه رَدُّه. ويَلْزَمُ البائِعَ قَبُولُه. اخْتارَه القاضي. الثَّاني، لوْ عَلِمَ التَّصْرِيَةَ قبلَ الحَلْبِ، فرَدَّها قبلَ حَلْبِها، لم يَلْزَمْه شيءٌ.

وَمَتَى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، فَلَهُ الرَّدُّ. وَقَال الْقَاضِي: لَيسَ لَهُ رَدُّهَا إلا بَعْدَ ثَلَاثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، فله الرَّدُّ. فظاهِرُه، أنَّه سواءٌ كان قبلَ مُضِيِّ ثَلاثةِ أَيَّامٍ، أو بعدَها ما لم يَرْضَ، كَسائرِ التَّدْليسِ. وهذا قوْلُ أبي الخَطَّابِ. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا القِياسُ. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: ويتَخرَّجُ مِن قَوْلِ أبي الخَطَّابِ قَوْل آخَرُ، أنَّ الخِيارَ على الفَوْرِ، كالعُيوبِ؛ لأنَّ فيها قوْلًا كذلك. انتهى. وقال القاضي: ليس له رَدُّها إلَّا بعدَ ثَلاثٍ منْذُ عَلِمَ، ويكونُ على الفَوْرِ بعدَها. وهذا ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاوي الكَبيرِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، وقال فيهما: إذا لم يتَبَيَّنِ التَّصْرِيَةَ إلَّا بعدَ ثَلاثٍ، فوَجْهان؛ أحدُهما، يَثْبُتُ الرَّدُّ عندَ تَبَيُّنِ التَّصْرِيَةِ. والآخَرُ، تكونُ مُدَّةُ الخِيارِ ثلاثًا. انتهى. قلتُ: الذي يَظْهَرُ مِن تَعْلِيلِهم لكلامِ القاضي، أنَّه إذا لم يَعْلَمْ إلَّا بعدَ ثَلاثٍ، أنَّ خِيارَه يكونُ على الفَوْرِ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ أبي مُوسى، أنَّه متى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، ثَبَتَ له الخِيارُ في الأيَّامِ الثَّلاثَةِ إلى تَمَامِها. قاله المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ عنه. وقال في «الكافِي»: وقال ابنُ أبي مُوسى: إذا عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، فله الخِيارُ إلى تَمامِ ثَلاثَةِ أيَّام مِن حينِ البَيعِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». لكِنْ قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرَةَ بما أوْهَمَه كلامُ أبي محمدٍ في «الكافِي»، أنَّ ابْتِداءَ الثَّلاثَةِ، على، قَوْلِ ابنِ أبي مُوسى، مِن حينِ البَيعِ. وأطْلَقهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه متى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، يُخَيَّرُ ثَلاثَةَ أيَّام منْذُ عَلِمَ. جزَم به في «المُجَرَّدِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والعَمَلُ بالخَبَرِ أوْلَى. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظاهِرُ الحديثِ، وعليه المُعْتَمَدُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ ابنِ أبي مُوسى، والفَرْقُ بينَ هذا وبينَ قَوْلِ القاضي، أنَّ الخِيَرَةَ، على قوْلِ القاضي، تكونُ بعدَ الأيَّامِ الثلاثَةِ، ويكونُ هذا على الفَوْرِ. وعلى المذهبِ، تكونُ الخِيَرَةُ في الأيَّامِ الثَّلاثَةِ. تنبيه: ظاهرُ قوله: فله الرَّدُّ. أنَّه ليس له سِوَاه، أو الإمْساكُ مجَّانًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهُورُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يُخَيَّرُ بينَ الإمْساكِ مع الأرْشِ وبينَ

وَإِنْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ: وَإِذَا اشْتَرَى أمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ، لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّدِّ. وجزَم به أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، و «المُبْهِجِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». ومال إليه صاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، ونقَلَه ابنُ هانِئٍ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، في التَّصْرِيَةِ؛ لأنَّهما حكَيَاه عن أبي بَكْر، واقْتَصَرا عليه، وقدَّماه في غيرِ التَّصْرِيَةِ، لكنْ قالا: ظاهرُ كلامِ غيرِ أبي بَكْرٍ مِن أصحابِنا، أنَّه ليس له إلَّا الرَّدُّ أو الإِمْساكُ لا غيرُ. قوله: وإنْ صار لَبَنُها عادَةً، لم يكنْ له الرَّدُّ في قياسِ قولِه: إذا اشْتَرَى أمَةً مُزَوَّجَةً فطَلَّقَها الزَّوْجُ، لم يَمْلِكِ الرَّدَّ. اعلمْ أنَّه إذا صارَ لَبَنُها عادَةً، لم يَكُنْ له الرَّدُّ. جزَم به كلُّ مَن ذكَرَها. وأمَّا إذا اشْتَرى أمَةً مُزَوَّجَةً، فطَلَّقَها الزَّوْجُ، وهو الأصْلُ المَقِيسُ عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا خِيارَ للمُشْتَرِي. نصَّ عليه. قال ابنُ عَقِيل في «الفُصُولِ»: بشَرْطِ أنْ لا يكونَ طَلاقُها رَجْعِيًّا. قلتُ: لعَلَّه مُرادُ النَّصِّ، والمذهبُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا: في طَلاقٍ بائنٍ فيه عِدَّةٌ،

وَإنْ كَانَتِ التَّصْرِيَةُ فِي غَيرِ بَهِيمَةِ الْأنْعَامِ، فَلَا رَدَّ لَهُ فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، لَهُ الرَّدُّ وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ اللَّبَنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمالان. قلتُ: الذي يَظْهَرُ، إنْ كانتِ العِدَّةُ بقَدْرِ الاسْتِبْراءِ، أنَّه لا خِيارَ له. وقال في «الرِّعايَةِ» مِن عندِه: إنِ اشْترَى مُعْتَدَّةً مِن طَلاقٍ أو مَوْتٍ جاهِلًا ذلك، فله رَدُّها أو الأرْشُ. تنبيه: قوْلُه: فطَلَّقَها الزَّوْجُ. هكذا أطْلَقَ أكثرُ الأصحابِ. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: فلو طُلِّقَتْ قبلَ عِلْمِه، زال. نصَّ عليه. فقَيَّد الطَّلاقَ بعَدَمِ العِلْمِ. قال شيخُنا: والأوَّلُ أظْهَرُ. فائدة: لو اشْتَراها ولم يعْلَمْ بكَوْنِها مُزَوَّجَةً، خُيِّرَ بينَ الرَّدِّ أو الإِمْساكِ مع الأرْشِ، وإنْ كان عالِمًا، فلا خِيارَ له، وليس له مَنْعُ زَوْجِها مِن وَطْئِها بحالٍ. قوله: وإنْ كانَتِ التَّصْرِيَةُ في غيرِ بهَيمَةِ الأنْعامِ، فلا رَدَّ له في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»؛ أحدُهما، لا رَدَّ له، وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ». قال ابنُ البَنَّا، تبَعًا لشَيخِه القاضي: هذا قياسُ المذهبِ. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. والوَجْهُ الثَّاني: له الرَّدُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَقيل، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعَ»، و «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ». قوله: ولا يَلْزَمُه بَدَلُ اللَّبَنِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم، وقالُوا في تَعْلِيلِه: لأنَّه لا يُعْتاضُ عنه في العادَةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قالُوا: وليس بمَانِعٍ. انتهى. وقيل: إنْ جازَ بَيعُ لَبَنِ الأمَةِ، غَرِمَه. ذكَرَه

المقنع وَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ تَدْلِيسُ سِلْعَتِهِ، وَلَا كِتْمَانُ عَيبِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ». قلتُ: ويُخَرَّجُ عليه غيرُه، بل أوْلَى. قوله: ولا يحِلُّ للبائعِ تَدْلِيسُ سِلْعَتِه، ولا كِتْمانُ عَيبِها. أمَّا التَّدْليسُ، فحَرامٌ بلا نِزاعٍ. وأمَّا كِتْمانُ العَيبِ، فالصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّه حرامٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو الصَّوابُ، وذكَرَه التِّرْمِذِيُّ عنِ العُلمَاءِ، وذكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّه يُكْرَهُ. قال في «التَّبْصِرَةِ»: الكَراهَةُ نَصَّ عليها أحمدُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الفائقِ»، لكِنِ اخْتارَ الأوَّلَ. قال في «التَّلْخيصِ»: والمَشْهُورُ صِحَّةُ البَيعِ مع الكَراهَةِ. انتهى. قلتُ: الذي يظْهَرُ أنَّ مُرادَ الإِمامَ أحمدَ بالكَراهَةِ، التَّحْريمُ.

فَإِنْ فَعَلَ، فَالْبَيعُ صَحِيحٌ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنْ دَلَّسَ الْعَيبَ، فَالْبَيعُ بَاطِلٌ. قِيلَ لَهُ: فَمَا تَقُولُ فِي التَّصْرِيَةِ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ جَوَابًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فعَل، فالبَيعُ صَحيحٌ. يعْنِي إذا كتَم العَيبَ أو دَلَّسَه وباعَه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يصِحُّ. نقَل حَنْبَلٌ، بَيعُه مَرْدُودٌ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «الحاوي الكَبِيرِ»: وهو ظاهِرُ مَنْصُوصِ أحمدَ. ورِوايَةُ حَنْبَل، إذا دلَّسَ البائِعُ العَيبَ وباعَ، فتَلِفَ المَبِيعُ في يَدِ المُشْتَرِي بغيرِ فِعْلِه، فإنَّه يَرْجِعُ على البائِعِ بجَميعِ الثَّمَنِ. وقولُه: وقال أبو بَكْرٍ: إنْ دلَّسَ العَيبَ، فالبَيعُ باطِلٌ. قيل له: فما تقولُ في المُصَرَّاةِ؟ فلم يذْكُرْ جَوابًا. قال الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: فدَلَّ على رُجُوعِه. قلتُ: أكثرُ الأصحابِ يحْكِي أنَّ هذا اخْتِيارُ أبي بَكْرٍ، ولم يذْكُروا أنَّه رجَع. فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وكذا لو أعْلَمَه بالعَيبِ، ولم يعْلَما قَدْرَه، فإنَّه يجُوزُ عِقابُه بإتْلافِه، والتَّصَدُّقُ به إذا دَلَّسَه. وقال: أفْتَى به طائفة مِن أصحابِنا.

فَصلٌ: الْخَامِسُ، خِيَارُ الْعَيبِ؛ وَهُوَ النَّقْصُ؛ كَالْمَرَضِ، وَذَهَابِ جَارِحَةٍ أَوْ سِنٍّ، أَوْ زِيَادَتِهَا، وَنَحْو ذَلِكَ. وَعُيُوبُ الرَّقِيقِ مِنْ فِعْلِهِ؛ كَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَالإبَاقِ، وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ إِذَا كَانَ مِن مُمَيِّزٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسُ، خِيارُ العَيبِ؛ وهو النَّقْصُ. العَيبُ؛ هو ما يُنْقِصُ قِيمَةَ المَبِيعِ عادةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: هو ما يُنْقِصُ قِيمَةَ المَبِيعِ نَقِيصَة يقْتَضِي العُرْفُ سلامَةَ المَبِيعِ عنها غالبًا. قوله: وعُيُوبُ الرَّقِيقِ مِن فِعْلِه؛ كالزِّنا، والسَّرِقَةِ، والإِباقِ، والبَوْلِ في الفِراشِ. وكذا شُرْبُه الخَمْرَ والنَّبِيذَ إذا كان مِن مُمَيِّزٍ. نصَّ عليه. أناطَ المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، الحُكْمَ في ذلك بالتَّمْييزِ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْريد العِنايَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وزادَ بعضُهم، فقال: إذا تكَرَّرَ. قال في «الرِّعايَةِ»: وبوْلُه في فِراشِه مِرارًا. والوَجْهُ الثَّاني، يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ ذلك مِن ابنِ عشْرٍ فصاعِدًا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وحمَل ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه، مع أنَّ كلامَ مَن تقدَّم ذِكْرُه لا يَأْبَاه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الكافِي»: فأمَّا العُيوبُ المَنْسُوبَةُ إلى فِعْلِه، ككذا وكذا، فإنْ كانتْ مِن مُمَيِّزٍ جاوزَ العَشْرَ، فهي عَيبٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وزِنا مَن له عَشْرُ سِنِين، أو أكثرُ. وقيل: إنْ دامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زِنا مُمَيِّزٍ، أو سَرِقَتُه، أو إباقُه، أو شُرْبُه الخَمْرَ، أو بَوْلُه في فِراشِه. انتهى. وقال في «الواضِحِ»: يُشْتَرطُ أنْ يكون بالِغًا. وقيل: يُشْتَرَطُ في البَوْلِ أنْ يكونَ مِن كبيرٍ، ويَتَكَرَّرُ. وشرَط النَّاظِمُ أنْ يكونَ مِن كبيرٍ، ولم يذْكُرِ التَّكْرارَ. قوله: كالمرَضَ، وذَهَابِ جارِحَةٍ، أو سِنٍّ، أو زِيادَتِها، ونحو ذلك. كالخَصِيِّ، ولو زادَتْ قِيمَتُه، ولكِنْ يَفُوتُ به غرَضٌ صحيحٌ مُباحٌ، والإصْبَعِ الزَّائِدَةِ، والعَمَى، والعَوَرِ، والحَوَلِ، والخَوَصِ، والسَّبَلِ؛ وهو زِيادَة في الأجْفانِ، والطّرَشِ، والخَرَسِ، والصَّممِ، والقَرَعِ (¬1)، والبُهاقِ (¬2)، والبَرَصِ، والجُذامِ، والفالِجِ (¬3)، والكَلَفِ (¬4)، والبَخَرِ، والعَفَلِ، والقَرَنِ، والفَتْقِ، والرَّتْقِ، والاسْتِحاضَةِ، والجُنُونِ، والسُّعالِ، والبَحَّةِ، وكثْرةِ الكَذِبِ، والتَخْنِيثِ، وكوْنِه خُنْثَى، والثآلِيلِ (¬5)، والبُثُورِ، وآثارِ القُروحِ، والجُروحِ، والشِّجاجِ، والجُدَرِيِّ (¬6)، والحَفَرِ؛ وهو وَسَخٌ يرْكَبُ أصُولَ ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) البهاق: داء يذهب بلون الجلد فتظهر فيه بقع بيض. (¬3) الفالج: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا. (¬4) الكلف: نمش يعلو الوجه كالسمسم. (¬5) الثؤلول: بثر صغير صلب مستدير، يظهر على الجلد كالحمصة أو دونها. (¬6) الجُدَري: ورم يأخذ في الحلق. وخراج يكون في البدن خلقة أو من الضرب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأسْنانِ، والثُّلُومِ فيها، وذَهابِ بعضِ أسْنانِ الكبيرِ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، والوَشْمِ، وتَحْريمٍ عامٍّ، كأمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ، بخلافِ أُخْتِه مِنَ الرَّضاعِ وحَماتِه ونحوهما. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، وقَرَعٍ (¬1) شديدٍ مِن كبيرٍ. وهو مُتَّجِهٌ. انتهى. وكوْنِ الثَّوْبِ غيرَ جديدٍ ما لم يَظْهَرْ عليه أثَرُ الاسْتِعْمالِ. ذكَرَه في «الواضِحِ»، واقْتَصَر عليه في «الفُروعِ». والزَّرْعِ، والغَرْسِ، ¬

(¬1) في ط: «وقزع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإجارَةِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وشامَاتٌ، ومَحاجِمُ (¬1) في غيرِ مَوْضِعِها، وشَرْطٌ يُشِينُ. ومنها، إهْمالُ الأدَبِ والوَقارِ في أماكنِهما. نصَّ عليه. ذكَرَه الخَلَّالُ. قلتُ: لعَلَّ المُرادَ في غيرِ الجَلَبِ، والصَّغِيرِ. ومنها، الاسْتِطالةُ على النَّاسِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «عُيُونِ المَسائلِ»، وغيرُهم. ومنها، الحُمْقُ مِن كبيرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ وهو ارْتكابُ الخَطأ على بَصِيرَةٍ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وحُمْقٌ شديدٌ. واعْتَبرَ القاضي وغيرُه العادَةَ. ومنها، حَمْلُ الأمَةِ، دُونَ الدُّابَّةِ. قال في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»: إنْ لم يَضُرَّ اللَّحْمَ. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ الشُّروطِ في البَيعِ. ومنها، عدَمُ خِتانِ عَبْدٍ كبيرٍ مُطْلَقا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»: إنْ كان العَبْدُ الكبيرُ مَجْلُوبًا، فليس بعَيبٍ، وإلَّا فعَيبٌ. ومنها، عَثْرَةُ المرْكوبِ، وكَدْمُه، ورَفْسُه، وقُوَّةُ رأْسِه، ¬

(¬1) المحاجم: جمع محجم، وهو موضع الحجامة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحَرَنُه، وشُموصُه (¬1)، وكَيُّه، أو بعَينه ظَفَرَةٌ (¬2)، أو بأُذُنِه شَقٌّ قدْ خِيطَ، أو بحَلْقِه نَغانِغُ (¬3)، أو غُدَّةٌ، أو عُقْدَةٌ، أو به زَوَرٌ؛ وهو نُتوءُ الصَّدْرِ عنِ البَطْنِ، أو بيَدِه أو رِجْلِه شِقاقٌ، أو بقَدَمِه فَدَعٌ، وهو نُتوءُ وَسَطِ القَدَمِ، أو به دَخَسٌ؛ وهو وَرَمٌ حولَ الحافرِ، أو كَوَعٌ (¬4)، أو خُروجُ العُروقِ في الرِّجْلَين عن قدَمَيهما، أو كَوَعٌ؛ وهو انْقِلابُ أصابعِ القَدَمين عليهما، أو بَعقِبِهما صَكَكٌ؛ وهو تَقارُبُهما، وقيل: اصْطِكاكُهما أو انْتِفاخُهما، أو بالفَرَسِ خَسَفٌ؛ وهو كوْن إحْدَى عَينَيه زَرْقاءَ والأُخْرَى كَحْلاءَ، وفها، كوْنُه أعْسَرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، ولا يعْمَلُ باليَمَينِ عمَلَها المُعْتادَ، وإلَّا فزِيادَةُ خَير. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬5): كوْنُه أعْسَرَ ليس بعَيب؛ لعمَلِه بإحْدَى يدَيه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والجارُ السُّوءُ عَيب. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم: وبَقٌّ ونحوُه غيرُ مُعْتادٍ بالدَّارِ. قال: وقاله جماعة في زَمَنِنا. قال في «الرِّعايَةِ»: واخْتِلافُ الأضْلاعَ والأسْنانِ، وطُولُ إحْدَى يدَي الأُنْثَى، ¬

(¬1) دابة شموص: أي نفور كشموس. (¬2) الظفرة: جليدة تغشى العين من الجانب الذي في الأنف. (¬3) النُّغْنغ: اللحمة في الحلق عند اللهازم. (¬4) كذا بالنسخ، ولعلها «كرع»، وهو دقة مقدم ساقي الدابة. (¬5) انظر: المغني 6/ 238.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخَرْمُ شُنُوفِها. ومنها، أكْلُ الطِّينِ. ذكَرَه جماعةٌ؛ لأنَّه لا يَطْلُبُه إلَّا مَن به مرَضٌ. نَقَله عنهم ابنُ عَقِيلٍ، ذكَرَه في «الفُروعِ»، في بابِ الأطْعِمَةِ. قلت: وهو الصَّوابُ. وقطع به في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقاله في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرِهما. وكوْنُ الدَّارِ ينْزِلُها الجُنْدُ عَيبٌ. وعِبارَةُ القاضي، وجَدَها مُنْزَلَةً؛ قد نزَلَها الجُنْدُ. قال القاضي، وصاحِبُ «التَّرْغيبِ»، و «الحاوي»، ومَن تابعَهم: لو اشْتَرى قَرْيَةً، فوَجَد فيها سَبُعًا أو حَيَّةً عطمَةً، فهو عَيبٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ، ومَن تَبِعَه: وجَدَها كان السُّلْطَانُ ينْزِلُها ليس عَيبًا، ونَقْصُ القِيمَةِ به عادةً، إنْ غُبِنَ لذلك، الثُّلُثَ وكان مُسْتَسْلِمًا، فله الفَسْخُ للغَبْنِ لا للعَيبِ. وأجاب أبو الخَطَّابِ: لا يجوزُ الفَسْخُ لهذا الأمْرِ المُتَردِّدِ. انتهى. وليس الفِسْقُ مِن جِهَةِ الاعْتِقادِ، أو الفِعْلِ، أو التَّغْفِيلِ، بعَيبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي قوله: أو الفِعْلِ. نظرٌ؛ لأنّه قد تقدَّم أنَّ شُرْبَ الخَمْرِ مِنَ المُمَيِّزِ عَيبٌ. وقيل: هو عَيبٌ في الثَّلاثةِ. قال في «الفائقِ»: ولو ظهَر العَبْدُ فاسِقًا مع إسْلامِه، فله الرَّدُّ، سواءٌ كان فِسْقُه لبِدْعَةٍ أو غيرِها. ذكَرَه في «الفُصُولِ». قال: وكذا لو ظهَر مُتَوانِيًا في الصَّلاةِ. والمُخْتارُ ما ذكَرَه ابنُ عَقيل. انتهى. والثُّيُوبَةُ ليستْ بعَيبٍ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي». وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيل: إن ظهَرَتْ ثَيِّبًا مع إطْلاقِ العَقْدِ، فهو عَيبٌ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس مَعْرفَةُ الغِناءِ والكُفْرُ بعَيب. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ». وقال ابنُ عَقِيل: الغِناءُ في الأمَةِ عَيبٌ، وكذا الكُفْرُ. وأطْلَقهما في «الفروعِ». وقال في «الفائقِ»: وعدَمُ نَباتِ عانَةِ الأمَةِ ليس عَيبًا في قِياسِ الحَيضِ. وقال على قولِ ابنِ عَقيل: هو عَيبٌ. وعَدَمُ الحَيضِ في الكَبِيرَةِ ليس بعَيبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: هو عَيبٌ. قال ابنُ عَقِيلٍ: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَيبٌ لمُخالفَةِ الجِبِلَّةِ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وفي «الانْتِصار»: ليس عَيبًا مع بقاءِ القِيمَةِ، وليس عُجْمَةُ اللِّسانِ، والفَأْفاءُ، والتَّمْتَامُ، والأَرَتُّ (¬1)، والقَرابَةُ بعَيبٍ، وكذلك الأَلْثَغُ. جزَم به في «الفُروعَ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» في مَوْضِعٍ. وقال في مَوْضِعٍ: اللَّثَغُ وغُنَّةُ الصَّوْتِ عَيبٌ. فائدة: قال في «الانْتِصارِ»، و «مُفْرَداتِ أبي يَعْلَى الصَّغِيرِ»: لا فَسْخَ بعَيبٍ يَسِير، كصُداعٍ، وحُمَّى يَسِيرَةٍ، وسقُوطِ آياتٍ يَسِيرَةٍ في المُصْحَفِ للعادَةِ، كغَبْنٍ يَسِيرٍ، ولو مِن وَلِيٍّ. قال أبو يَعْلَى: ووَكِيل. وقال في وَليٍّ ¬

(¬1) الأرت: الذي في لسانه عقدة، ويعجل في كلامه فلا يطاوعه لسانه.

فَمَنِ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ عَيبَهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالإمْسَاكِ مَعَ الْأرْشِ، وَهَوُ قِسْطُ مَا بَينَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ مِنَ الثَّمَنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَكيل: لو كَثُرَ الغَبْنُ، بطَل. وقال أيضًا: يُوجبُ الرُّجوعَ عليهما. وذكَر أيضًا الفَسْخَ بعَيبٍ يَسيرٍ، وأنَّ المَهْرَ مِثْلُه في وَجْهٍ، وأنَّ له الفَسْخَ بغَبْنٍ يَسيرٍ، كدِرْهَمٍ في عَشَرَةٍ بالشَّرْطِ. وتقدّمَ ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ في الغَبْنِ. وفي «مُفْرَداتِ أبي الوَفاءِ»، وغيرِه أيضًا، لا فَسْخَ بعَيبٍ، أو غَبْنٍ يَسيرٍ، وأنَّ الكَثِيرَ يَمْنَعُ الرُّشْدَ، ويُوجِبُ السَّفَهَ، والرُّجُوعَ على وَلِيٍّ ووَكيل. قال أحمدُ: مَنِ اشْتَرَى مُصْحَفًا، فوَجَدَه ينْقُصُ الآيَةَ والآيتَين، ليس هذا عَيبًا؛ لا يَخْلُو المُصْحَفُ مِن هذا. وفي «جامِعِ القاضي»، بعدَ هذا النَّصِّ، قال: لأنَّه كغَبْنٍ يَسيرٍ. قال: وأجْوَدُ مِن هذا، أنَّه لا يَسْلَمُ عادةً مِن ذلك، كيَسِيرِ التُّرابِ والعُقَدِ في البُرِّ. قوله: فمَنِ اشْتَرَى مَعِيبًا لم يَعْلَمْ عَيبَه. هكذا عِبارَةُ غالبِ الأصحابِ. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: فمَنِ اشْتَرى مَعِيبًا لم يعْلَمْ عَيبَه، أو كان عالِمًا به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يَرْضَ به. قوله: فله الخِيارُ بينَ الرَّدِّ والإمْساكِ مع الأرْشِ. هذا المذهبٌ مطْلَقًا. أعْنِي سواءً تعَذَّرَ رَدُّه أوْ لا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، ليس له الأرْشُ إلَّا إذا تعَذَّرَ رَدُّه. اخْتارَه صاحِبُ «الفائقِ»، والشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. قال: وكذلك يُقالُ في نَظائِرِه، كالصَّفْقَةِ إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تفَرَّقَتْ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الأصحُّ. واخْتارَ شيخُنا في «حَواشِي الفُروعِ»، أنَّه إنْ دَلَّسَ العَيبَ، خُيِّرِ بينَ الرَّدِّ والإمْساكِ مع الأرْشِ، وإنْ لم يُدَلسِ العَيبَ، خُيِّرَ بينَ الرَّدِّ والإمْساكِ بلا أَرْشٍ. وعنه، لا رَدَّ ولا أَرشَ لمُشْتَرٍ وهَبَه بائعٌ ثَمَنًا، أو أْبرَأَه منه، كمَهْرٍ في رِوايَةٍ. وأطْلَقَهما في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسِّتِّين». قال: واخْتارَ القاضي في «خِلافِه»، أنَّه إذا رَدَّه، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ ممَّا أبْرَأه منه. ويتَخَرَّجُ التَّفْريقُ بينَ الهِبَةِ والإبراءِ، فيَرْجِعُ في الهِبَةِ دُونَ الإبراءِ. ولو ظهَر هذا المَبِيعُ مَعِيبًا بعدَ أنْ تعَيَّبَ عندَه، فهل له المُطالبَةُ بأرْيقِ العَيبِ؟ فيه طَريقان؛ أحدُهما، تخْريجُه على الخِلافِ في رَدِّه. والطَّريقُ الآخَرُ، تَمْتَنِعُ المُطالبةُ وَجْهًا واحدًا. وهو اخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ ويأْتِي في كتابِ الصَّداقِ ما يُشابِهُ هذا. فائدتان؛ إحْداهما، لو ظهَر بالمَأجُورِ عَيبٌ، فقال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم: قِياسُ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَبِيعِ. جزَم به ناظِمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه لا أرْشَ له. ويأْتِي ذلك في الإِجارَةِ، عندَ قولِه: وإنْ وجَد العَينَ مَعِيبَةً. بأَتَمَّ مِن هذا. الثَّانيةُ، إذا اخْتارَ الإمْساكَ مع الأرْشِ، فيَحْتَمِلُ أنْ يأْخُذَه مِن غيرِ الثَّمَنِ مع بَقائِه؛ لأنَّه فَسْخٌ أو إسْقاطٌ. وقاله القاضي في مَوْضِعٍ مِن «خِلافِه». ويَحْتَمِلُ أنْ يأْخُذَ مِن حيث شاءَ البائعُ؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ. وقاله القاضي أيضًا في مَوْضِعٍ مِن «خِلافِه». قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِي». قال ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالخَمْسِين»: واخْتلَفَ الأصحابُ، يعْنِي في أخْذِ أرْشِ العَيبِ، فمنهم مَن يقولُ: هو فَسْخُ العَقْدِ في مِقْدارِ العَيبِ، ورُجوعٌ بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ. ومنهم مَن يقولُ: هو عِوَضٌ عنِ الجُزْءِ الفائتِ. ومنهم مَن قال: هو إسْقاطُ الجُزْءِ مِنَ الثَّمَنِ في مُقابَلةِ الجُزْءِ الفائتِ الذي تعَذَّرَ تَسْلِيمُه. وكل مِن هذه الأقْوالِ الثَّلاثةِ، قاله القاضي في مَوْضِعٍ مِن «خِلافهِ». ويَنْبَنِي على الخِلافِ، في أنَّ الأَرْشَ فَسْخٌ. أو إسْقاطُ الجُزْءِ مِنَ الثَّمَنِ، أو مُعاوضَةٌ، أنَّه إنْ كان فَسْخًا، أو إسْقاطًا، لم يَرْجِعْ إلَّا بقَدْرِه مِنَ الثَّمَنِ، ويَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِن غيرِ الثَّمَنِ مع بَقائِه، بخِلافِ ما إذا قُلْنا: إنَّه مُعاوَضَةٌ. انتهى. وقد صرَّح المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، أنَّ الأرْشَ عِوَضٌ عنِ الجُزْءِ الفائتِ في المَبِيعِ. وقال في القاعِدَةِ المذْكُورَةِ أعْلاه: إذا قُلْنا: هو.

وَمَا كَسَبَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ. وَعَنْهُ، لَا ـــــــــــــــــــــــــــــ عِوَضٌ عنِ الفائتِ. فهل هو عِوَضٌ عنِ الجُزْءِ نَفْسِه، أو عن قِيمَتِه؟ ذهَب القاضي في «خِلافِه»، إلى أنَّه عِوَضٌ عنِ القِيمَةِ، وذهَب ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»، وابنُ المَنِّيِّ، إلى أنَّه عِوَضٌ عنِ العَينِ الفائتَةِ. ويَنْبَنِي على ذلك، جَوازُ المُصالحَةِ عنه بأكْثَرَ مِن قِيمَتِه. فإنْ قُلْنا: المَضْمُونُ العَينُ. فله المُصالحةُ عنها بما شاءَ، وإنْ قُلْنا: القِيمَةُ. لم يَجُزْ أنْ يُصالِحَ عنها بأكْثَرَ منها مِن جِنْسِها. انتهى. فائدة: لو أسْقَطَ المُشْتَرِي خِيارَ الرَّدِّ بعِوَضٍ بذَلَه له البائعُ وقَبِلَه، جازَ على حسَبِ ما يتَّفِقان عليه، وليس مِنَ الأرْشِ في شيءٍ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في الشُّفْعَةِ، ونصَّ أحمدُ على مِثْلِه في خِيارِ المُعْتَقَةِ تحتَ عَبْدٍ. قاله في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين». قوله: وهو قِسْطُ ما بينَ قِيمَةِ الصَّحيحِ والمَعِيبِ مِنَ الثَّمَنِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقَطعُوا به. وقال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ أنْ ذكَر الأوَّلَ: وقيلَ: قَدْرُه مِنَ الثَّمَنِ كنِسْبَةِ ما يُنْقِصُ العَيبُ مِنَ القِيمَةِ إلى تَمامِها لو كان سَلِيمًا يومَ العَقْدِ. قوله: وما كسَب، فهو للمُشْتَرِي. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع

يَرُدُّهُ إلا مَعَ نَمَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به كثيرٌ منهم؛ منهم المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» و «الشَّرْحِ»، وقال: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وعنه، للبائِعِ. ونَفاها الزَّرْكَشِي. ولا يُلْتفَتُ إلي ما قال عن صاحِبِ «الكافِي» في حِكايةِ الخِلافِ فيه، فقد ذكَر الرِّوايَةَ جماعةٌ. قوله: وكذلك نَماؤه المُنْفَصِلُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَرُدُّه إلَّا مع نَمائِه، وإنْ قُلْنا: لا يَرُدُّ كَسْبَه. وقال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ كلامًا يدُلُّ على أن اللَّبَنَ وحدَه يُرَدُّ عِوَضُه؛ لحديثِ المُصَرَّاةِ. فائدة: لو حدَث حَمْلٌ بعدَ الشِّراءِ، فهل هو نَماءٌ مُنْفَصِلٌ أو مُتَّصِلٌ؟ جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ هنا، أنَّه زِيادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في الصَّداقِ: هو زِيادَة مُتَّصِلَة. ثم اخْتلَفا، فقال القاضي: يُجْبَرُ الزَّوْجُ على قَبُولِها إذا بذَلَتْها المرْأَةُ. وخالفَه ابنُ عَقِيل في الآدَمِيَّاتِ. وقال القاضي في التَّفْلِيسِ: يَنْبَنِي على أنَّ الحَمْلَ، هل له حُكْمٌ أم لا؟ فإنْ قُلْنا: له حُكْمٌ. فهو زِيادَة مُنْفَصِلَةٌ، وإلَّا فهو زِيادَةٌ مُتصِلَةٌ كالسِّمَنِ. وقال في «التَّلْخيصِ»: الأظْهَرُ أنَّه يُتْبَعُ في الرُّجوعِ كما يُتْبَعُ في المَبِيعِ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين». وأمَّا إذا حمَلَتْ ووَلَدَتْ بعدَ الشِّراءِ، فهو نَماءٌ مُنْفَصِلٌ، بلا نِزاعٍ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه تُرَدُّ أُمُّه دُونَه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. اخْتارَها الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «رءُوسِ مَسائِلِهما». قال الزَّرْكَشِيُّ: قاله القاضي في «تَعْلِيقِه» فيما أظُنُّ. وهي قولٌ في «الفُروع»،؛ لو كان حُرًّا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه. والصَّحيحُ منَ المذهبِ، أنَّه إذا رَدَّها لا يرُدُّها إلَّا بوَلَدِها، فيتَعَيَّنُ له الأرشُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. فائدة: للأصحابِ في الطَّلْعِ، هل هو نَماءٌ مُنْفَصِلٌ أو مُتَّصِلٌ؟ طُرُقٌ؛ أحدُها، هو زِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ مُطْلَقًا. جزَم به القاضي، وابنُ عَقِيل في الصَّداقِ، وكذا في «الكافِي»، وجعَل كلَّ ثَمَرةٍ على شَجَرَةٍ زِيادَةً مُتَّصِلَةً. الثَّاني، زِيادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُطْلَقًا. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ مِنَ التَّفْلِيسِ، والرَّدِّ بالعَيبِ، وذكَرَه في «المُغْنِي» احْتِمالًا، وحكَاه في «الكافِي» عنِ ابنِ حامِدٍ. الثَّالِثُ، المُؤبَّرُ زِيادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، وغيرُه زِيادَةٌ مُتَّصلَةٌ. صرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ أيضًا في التَّفْليسِ، والرَّدِّ بالعَيب. وذكَرَه مَنْصُوصَ أحمدَ. الرَّابعُ، غيرُ المُؤَبَّرِ زِيادَةٌ مُتصِلَةٌ بلا خِلافٍ، وفي المَؤبَّرِ وَجْهان. وهي طريقَتُه في «التَّرغِيبِ»، في الصَّداقِ. الخامِسُ، المُؤبَّرَةُ زِيادَة مُنْفَصِلَةٌ (¬1)، وَجْهًا واحدًا، وفي غيرِ المُؤبَّرَةِ وَجْهان. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ، أنَّها مُنْفَصِلَةٌ. وهي طَرِيقَةٌ في «الكافِي»، في التَّفْليسِ. وأمَّا ¬

(¬1) في الأصل: «متصلة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَبُّ إذا صارَ زَرْعًا، والبَيضَةُ إذا صارَتْ فَرْخًا، فأكثرُ الأصحابِ على أنَّها داخِلَةٌ في النَّماءِ المُنْفَصِلِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيل. وذكَر المُصَنِّفُ وَجْهًا، وصحَّحَه، أنَّه مِن بابِ تَغيُّرِ ما يُزِيلُ الاسْمَ؛ لأنَّ الأوَّلَ اسْتَحال. وكذا قال ابنُ عَقِيلٍ في مَوْضِع آخَرَ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ أنَّ النَّماءَ المُتَّصِلَ (1) للبائِعِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا قَوْلُ عامَّةِ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: النَّماءُ المُتَّصِلُ كالمُنْفَصِلِ، فيكونُ للمُشْتَرِي قِيمَتُهما. وقال الشِّيرَازِيُّ: النَّماءُ المُتَّصِلُ (¬1) للمُشْتَرِي. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّمانِين»: ونصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، واخْتارَه ابنُ عَقِيل أيضًا. فعلى هذا يُقَوَّمُ على البائِعِ. وقال في «الفُروعِ»، وفي ¬

(¬1) في الأصل: «المنفصل».

وَوَطْءُ الثَّيِّبِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ. وَعَنْهُ، يَمْنَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، في النَّماءِ المُتَّصِلِ، في مَسْألةِ صَبْغِه ونَسْجِه: له أرْشُه إنْ رَدَّه. انتهى. والذي في «المُغْنِي»: فله أرْشُه لا غيرُ. قوله: ووَطْءُ الثَّيِّبِ لا يَمْنَعُ الرَّدَّ. فله رَدُّها، ولا يُحْسَبُ عليه وطْؤُها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ويجوزُ له بَيعُها مُرابحَةً بلا إخْبارٍ (¬1). قاله في «الانْتِصارِ» وغيرِه. وعنه، وَطْؤُها يَمْنَعُ رَدَّها. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ذكَرَه عنه في «الفائقِ». قال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: لا تُرَدُّ الأمَةُ بعدَ وَطْئِها، ويأْخُذُ أرْشَ العَيبِ مُطْلَقًا. وعنه، له رَدُّها بمَهْرِ مِثْلِها. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «خيار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». فائدتان؛ إحْداهما، حدُوثُ العَيبِ بعدَ العَقْدِ وقبلَ القَبْضِ، كالعَيبِ قبلَ العَقْدِ فيما ضَمانُه على البائِعِ، كالمَكِيلِ، والمَوْزُونِ، والمَعْدودِ، والمَذْروعِ، والثَّمَرةِ على رءُوسِ النَّخْلِ، ونحوه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال جماعةٌ: لا أرْشَ إلَّا أنْ يُتْلِفَه آدَمِيٌّ فيَأْخُذَه منه. وحدُوث العَيبِ بعدَ القَبْضِ مِن ضَمانِ المُشْتَرِي مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، عُهْدَةُ الحَيَوانِ ثَلإثَةُ أيَّامٍ. وعنه، سِتَّةٌ. وقال في «المُبْهِجِ»: وبعدَ السِّتَّةِ. والمذهبُ، لا عُهْدَةَ. قال الإمامُ أحمدُ: لا يصِحُّ فيه حَدِيثٌ. الثَّانيةُ، لو اشْترَى مَتاعًا، فوَجَدَه خَيرًا ممَّا اشْترَى، فعليه رَدُّه إلى بائِعِه، كما لو وجَدَه أرْدَأ، كان له رَدُّه. نصَّ عليه. قاله في «الرعايَةِ»، و «الحاوي»،

وَإنْ وَطِئَ الْبِكْرَ، أوْ تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ، فَلَهُ الْأرْشُ. وَعَنْهُ، أنَّهُ مُخَيَّرٌ بَينَ الْأرْشِ وَبَينَ رَدِّهِ وَأرْشِ الْعَيبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، وَيَأْخُذ الثَّمَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. قلتُ: لعَلَّ محَلَّ ذلك إذا كان البائعُ جاهِلًا به. قوله: وإنْ وَطِئَ البِكْرَ، أو تَعَيَّبَتْ عندَه، فله الأرْشُ. يَعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. قال ابنُ أبي مُوسى: هي الصَّحِيحَةُ عن أحمدَ. [وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ] (¬1). وجزَم به في «الوَجيزِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمَه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه». وعنه، أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ الأرْشِ وبينَ رَدِّه، وأرْشِ العَيبِ الحادِثِ عندَه، ويأْخُذُ الثَّمَنَ. نقَلَها الجماعةُ عن أحمدَ. قال في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: عليها الأصحابُ. زادَ في «التَّلْخيصِ»، وهي المشْهورَةُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أشْهَرُهما. واخْتارَها أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، والقاضي أبو الحُسَينِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، وإليها مَيلُ الشَّارِحِ. وصحَّحَها القاضي في «الرِّوايتَين». واخْتارَها الخِرَقِيُّ فيما إذا لم يُدَلِّسِ العَيبَ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وقال: هو المذهبُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَلْزَمُه أيضًا مَهْرُ البِكْرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، أرْشُ العَيبِ الحادِثِ عندَه، هو ما نقَصَه مُطْلَقًا. الثَّانِي، على رِوايَةِ التَّخْييرِ، يَلْزَمُ المُشْتَرِيَ، إذا رَدَّه، أرْشُ العَيبِ الحادِثِ عندَه، ولو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمْكَنَ زَوالُ العَيبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يَلْزَمُه أرْشُه إذا أمْكَنَ زَوالُه، كزَوَالِه قبلَ رَدِّه، وإنْ زال بعدَ الردِّ، ففي رُجوعِ مُشْتَرٍ على بائعٍ بما دفَعَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه احْتِمالان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يَظْهَرُ، عدَمُ الرُّجُوعِ.

قَال الْخِرَقِيُّ: إلا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ دَلَّسَ الْعَيبَ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ كَامِلًا. قَال الْقَاضِي: وَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ الْعَيبَ، رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ. نَصَّ عَلَيهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: قال الخِرَقِيُّ: إلَّا أَنْ يَكونَ البائعُ دلَّسَ العَيبَ، فيَلزَمُه رَدُّ الثَّمَنِ كامِلًا. وهو المذهبُ. أعْنِي فيما إذا دلَّسَ البائعُ العَيبَ (¬1). قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ المنْصُوصُ المَعْروفُ. قال في «الفُروعِ»: ونَصُّه، له رَدُّه بلا أرْشٍ إذا دلَّس البائِعُ العَيبَ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَنْصُوصُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يرْجِعُ المُشْتَرِي بالثَّمَنِ على الأصحِّ. قال في «الكافِي»: والمَنْصُوصُ أنَّه يرْجِعُ بالثَّمَنِ، ولا شيءَ عليه. قلتُ: نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبلٍ، وابنِ القاسِمِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاوي». قال القاضي: ولو تَلِفَ المَبِيعُ عندَه، ثم عَلِمَ أنَّ البائِعَ دلَّسَ العَيبَ، رجَع بالثَّمَنِ كلِّه. نصَّ عليه في روايَةِ حَنْبَلٍ. قال الإمامُ أحمدُ، في رَجُلٍ اشْتَرى عَبْدًا فأبقَ، وأقامَ البَيِّنَةَ؛ أنَّ إباقَه كان مَوْجُودًا في يَدِ البائِعِ. يَرْجِعُ على البائِعِ بجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لأنَّه غَرَّ المُشْتَرِي، ويَتْبَعُ البائِعُ عَبْدَه حيثُ كان. انتهى. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ الذي لا يعْدَلُ عنه. فعلى هذا، قال المُصَنِّفُ، والشّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»: سواءٌ كان التَّلَفُ مِن فِعْلِ اللهِ، أو مِن

وَيَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَهُ عِوَضُ الْعَينِ إِذَا تَلِفَتْ، وَأرْشُ الْبِكْرِ إِذَا وَطِئَهَا؛ لِقَوْلِهِ عَلَيهِ السَّلَامُ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ». وَكَمَا يَجِبُ عِوَضُ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي، أو مِن فِعْلِ أجْنَبِيٍّ، أو مِن فِعْلِ (¬1) العَبْدِ، وسواءٌ كان مُذْهِبًا للجُمْلَةِ أو بعضِها. قال في «الفائقِ»: قلتُ: لم يَنُصَّ أحمدُ على جِهَاتِ الإتْلافِ، والمَنْقُولِ في الإِباقِ. انتهى. وقال في «القَواعِدِ»: وهذا التَّفْصِيلُ، بينَ أنْ يكونَ التَّلَفُ بانْتِفاعِه، أو بفِعْلِ اللهِ،؛ حمَل القاضي عليه رِوايَةَ ابنِ مَنْصُور، أصَحُّ. وهذا ظاهِرُ كلامِ أبي بَكرٍ. قال المُصَنِّفُ هنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه عِوَضُ العَينِ إذا تَلِفَتْ، وأرْشُ البِكْرِ إذا وَطِئَها؛ لقَوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «الخَرَاجُ بِالضمانِ». وكما يجِبُ عِوَضُ لَبَنِ المُصَرَّاةِ. يعْنِي بهذا الاحْتِمالِ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ أَعتَقَ الْعَبْدَ، أَوْ تَلِفَ الْمِبيعُ، رَجَعَ بِأَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ بَاعَهُ غَيرَ عَالِم بِعَيبِهِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ وَهَبَهُ. وَإنْ فَعَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا دَلَّسَ البائعُ العَيبَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا هو الصَّوابُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، وحَكاه رِوايَةً، وكذلك صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، لكِنَّه إنَّما حَكاها في التَّلَفِ في أنَّ المُشْتَرِيَ لا يرْجِعُ إلَّا بالأرْشِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين»: وحكَى طائفَةٌ مِنَ المُتَأخِّرين رِوايَةً بذلك. فائدة: لو كانَ كاتِبًا أو صائغًا، فنَسِيَ ذلك عندَ المُشْتَرِي، فهو عَيبٌ حدَث. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وعنه، يَرُدُّه مجَّانًا. ونصَّ عليه في الكِتابَةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال: نصَّ عليه. قوله: وإنْ أَعْتَقَ العَبْدَ -أي غيرَ عالمٍ بعَيبِه- رجَع بأرْشِه. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ، ويكونُ مِلْكًا له. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ.

عَالِمًا بِعَيبهِ، فَلَا شَيءَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال جماعة مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهما. وإنْ أعْتَقَه عن واجِب، وعَيبُه لا يَمْنَعُ الإجْزاءَ، فله أَرْشُه. وعنه، إنْ أعْتَقَه عن واجِبٍ، جعَل الأرْشَ في الرقابِ، وإنْ كان عن غيرِ واجِبٍ، كان له. وحكَى جماعةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، هذه الرِّوايَةَ مُطْلَقًا. يعْنِي، سواءٌ كان العِتْقُ عن واجِبٍ أو غيرِه، فإنَّ الأرْشَ يكونُ في الرِّقابِ. ورَدَّه القاضي وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ لا أرْشَ. ويتَخرَّجُ مِن خِيارِ الشَّرْطِ، أنْ يفْسَخَ، ويَغْرَمَ القِيمَةَ. ذكَرَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. تنبيه: في قولِه: وإنْ أعْتَقَ العَبْدَ. إشارَةٌ إلى أنَّه لو عتَق عليه للقَرابَةِ، لا أرْشَ له. وهو صحيحٌ. وجزَم به في «الفُروعِ». قلتُ: لو قيلَ بوُجوبِ الأرْشِ لَكانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَّجِهًا، بل فيه قُوَّةٌ. قوله: وتَلِفَ المَبيعُ، رجَعِ بأَرْشِه. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويتَخَرَّجُ أنْ يفْسَخَ ويغْرَمَ القِيمَةَ. وخرَّج القاضي في «خِلافِه»، أنَّه يَمْلِكُ الفَسْخَ، ويَرُدُّ بدَلَها مِن رَدِّ المُشْتَرِي أرْشَ العَيبِ الحادِثِ عندَه، وذكَر أنَّه قِياسُ المذهبِ. وتابَعَه عليه أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه». وجزَم به ابنُ عَقِيل في «فُصُولِه» مِن غيرِ خِلافٍ. وقال ابنُ رَجَبٍ، عن المذهبِ: هو ضعيفٌ. ذكَره في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين». قوله: وكذلك إِنْ باعَه غيرَ عالِم بعَيبِه. يعْنِي له الأرْشُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. ويتَخرَّجُ مِن خِيارِ الشَّرْطِ، أنْ يفْسَخَ ويغْرَمَ القِيمَةَ. وذكَر أبو الخَطَّاب رِوايَةً أُخْرَى، في مَن باعَه؛ ليس له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيءٌ إلَّا أنْ يُرَدَّ إليه المَبِيعُ، فيكونَ له حِينَئذٍ الرَّدُّ أو الأرْشُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّركَشِيُّ، وغيرُهم. وكذلك إنْ أخَذ المُشْتَرِي الثَّاني مِنَ المُشْتَرِي الأوَّلِ الأرْشَ، فله الأرْشَ مِنَ البائعِ الأوَّلِ. فائدة: لو باعَه المُشْتَرِي لبائعِه، كان له رَدُّه على البائعِ الثَّانِي، ثم للثَّانِي رَدُّه عليه. وفائِدَتُه، اخْتِلافُ الثَّمَنَين. وهذا المذهبُ. وفيه [احْتِمالٌ، أنْ] (¬1) لا رَدَّ هنا. قوله: وَكذلِكَ إنْ وهَبَه. أي غيرَ عالمٍ بالعَيبِ. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. وهو المذهبُ. جزَم به القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، الهِبَةُ كالبَيعِ، فيها الرِّوايتَان. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». ويتَخرَّجُ مِن خِيارِ الشَّرْطِ، أنْ يفْسَخَ، ويَغْرَمَ القِيمَةَ. فائدة: حيثُ زال مِلْكُه عنه، وأخَذ الأرْشَ، فإنَّه يُقْبَل قوْلُه في قِيمَتِه. ذكَرَه في «المُنْتَخَبِ»، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قوله: وإنْ فعَله عالِمًا بعَيبِه، فلا شيءَ له. وكذا لو تصَرَّفَ فيه بما يدُلُّ على الرِّضَى، أو عرَضَه للبَيعِ، أو اسْتغَلَّه. وهو المذهبُ في ذلك كلِّه، وعليه جماهيرُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «احتمالان».

وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى فِي مَنْ بَاعَهُ، لَيسَ لَهُ شَيْءٌ إلا أنْ يَرُدَّ عَلَيهِ الْمَبِيعَ، فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ الرَّدُّ أو الْأرْشُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وذكَرَه ابنُ أبي مُوسى، والقاضي، وغيرُهما، واخْتَلَفَ كلامُ ابنِ عَقِيل فيه. وعنه، له الأرْشُ في ذلك كلِّه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ، لأنَّه، وإنْ دلَّ على الرِّضَى، فمَع الأرْشِ كإمْساكِه. قال في «القاعِدَةِ العاشِرَةِ بعدَ المِائَةِ»: هذا قَوْلُ ابنِ عَقِيلٍ. وقال عنَ القَوْلِ الأوَّلِ: فيه بُعْدٌ. قال المُصَنِّفُ: وقِياسُ المذهبِ، أنَّ له الأرْشَ بكلِّ حالٍ. قال في «التَّلْخِيصِ»: وذهَب إليه بعضُ أصحابِنا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»: ونصَّ عليه في الهِبَةِ والبَيعِ.

وَإنْ بَاعَ بَعْضَهُ، فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي. وَفِي أَرْشِ الْمَبِيعِ الرِّوَايَتَانِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَهُ رَدُّ مِلْكِهِ مِنْهُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، أَوْ أرْشُ الْعَيبِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَ بعضَه، فله أَرْشُ الباقِي. يعْنِي، يتَعيَّن له الأرْشُ في الباقِي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: وذلك إذا كان المَبِيعُ عَينًا واحدَةً أو عَينَين يُنْقِصُهما التَّفْرِيقُ. [ثم قالا: وقد ذكَر أصحابُنا في غيرِ هذا المَوْضِعِ، فيما إذا كان المَبِيعُ عَينَين يَنْقُصُهما التَّفْريقُ] (¬1)، لا يجوزُ رَدُّ أحَدِهما وحدَه. وإنْ كان المَبِيعُ عَينَين لا يَنْقُصُهما التَّفْريقُ، فهل له رَدُّ العَينِ الباقِيَةِ في مِلْكِه؟ يُخرَّجُ على الرِّوايتَين في تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. وحمَلَا كلامَ الخِرَقِيِّ على ما إذا دلَّس البائعُ العَيبَ، كما تقدَّم. انتهيا. وعنه، رَدُّه بقِسْطِه. اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وهو قوْلُ المُصَنفِ. وقال الخِرَقِيُّ: له رَدُّ مِلْكِه منه بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ، أو أرْشِ العَيبِ بقَدْرِ مِلْكِه منه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: والمَنْصُوصُ جَوازُ الرَّدِّ، كما قال الخِرَقِيُّ. وبنَى القاضي، وابنُ الزاغُونِيِّ، وغيرُهما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. قال القاضي: وسَواءٌ كان المَبِيعُ عَينًا واحدةً أو عَيْنَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والتَّفْصِيلُ الذي ذكَرْنا أوْلَى. ومثَّلَ ابنُ الزَّاغُونِيِّ بالعَينَين. فائدة: قولُ الخِرَقِيِّ: ولو باعَ المُشْتَرِي بعضَها. قال الزَّرْكَشِيُّ: يَحْتَمِلُ أنْ يعُودَ الضَّمِيرُ إلى بعضِ السِّلْعَةِ المَبِيعَةِ. وعلى هذا شرَح ابنُ الزَّاغُونِيِّ، فإذَن يكونُ اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ جَوازَ ردِّ الباقِي. وكذا حكَى أبو محمدٍ عنه. وعلى هذا، إنْ حصَل بالتَّشْقيصِ، رَدَّ أَرْشَه، مِن كلامِه السَّابقِ، إلَّا مع التَّدْليسِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَرْجِعَ إلى بعضِ السِّلْعَةِ المُدَلَّسَةِ. وعلى هذا، لا يكونُ في كلامِه تعَرُّضٌ لرَدِّ الباقِي فيما إذا كان المَبِيعُ غير مُدَلَّسٍ. انتهى. قوله: وفي أرْشِ المبِيعِ الرِّوَايَتان. يعْنِي، الرِّوايتَين المُتقَدِّمَتَين فيما إذا باعَ الجميعَ غيرَ عالِمٍ بعَيبِه. وتقدَّم أنّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. ونصَّ الإمامُ أحمدُ هنا، لا شَيءَ له مع تَدْلِيسِه.

وَإنْ صَبَغَهُ، أوْ نَسَجَهُ، فَلَهُ الْأرْشُ. وَعَنْهُ، لَهُ الرَّدُّ، وَيَكُونُ شَرِيكًا بِصَبْغِهِ وَنَسْجهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ صبَغَه أو نسَجَه، فله الأرْشُ. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. وهذا المذهبُ. قال في «الكافِي»: هذا المذهبُ. قال في «الفائقِ»: تَعَيَّنَ الأرْشُ في أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «إدْراكِ الغَايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، له الردُّ، ويكونُ شَرِيكًا بصَبْغِه ونَسْجِه. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يُجْبَرُ البائعُ على بَذْلِ عِوَضِ الزِّيادَةِ، ولا يُجْبَرُ المُشْتَرِي على قَبُولِه لو بذَلَه البائعُ. على الصَّحيحِ فيهما. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، في الأولَى. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، في الثَّانيةِ، وفي الأُولَى رِوايَةٌ، يُجْبَرُ. قال الشَّارِحُ: وهو بعيدٌ. وفي الثَّانيةِ وَجْهٌ، يُجْبَرُ أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو أنْعَلَ الدَّابَّةَ، وأرادَ رَدَّها بالعَيبِ، نزَع النَّعْلَ، فإنْ كان النَّزْعُ يَعِيبُها، لم يَنْزِعْ، ولم يَكُنْ له قِيمَةُ النَّعْلِ على البائِعِ، على أظْهَرِ الاحْتِمالين. قاله في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وهل يكونُ إهْمالًا للنَّعْلِ أو تَمْلِيكًا، حتى لو سقَط كان للبائِعِ أو المُشْتَرِي؟ فيه احْتِمالان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قلتُ: الأوْلَى، أنْ يكونَ ترْكُه إهْمالًا، حتى لو سقَط كان للمُشْتَرِي. الثَّانيةُ، لو اشْتَرَى حَلْىَ فِضَّةٍ بوَزْنه دراهِمَ، فوَجَدَه مَعِيبًا، جازَ له رَدُّه، وليس له أخْذُ. الأرْشِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين»: وهو الصَّحيحُ. قلتُ: فيُعايَى بها. فإنْ

وَإنِ اشْتَرَى مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوفِهِ، فَكَسَرَهُ، فَوَجَدَهُ فَاسِدًا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ حدَث به عَيبٌ عندَ المُشْتَرِي، فعَنْه، يَرُدُّه، ويَرُدُّ أرْشَ العَيبِ الحادِثِ عندَه، ويأْخُذُ ثَمَنَه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال القاضي: ليسَ له رَدُّه؛ لإفْضائِه إلى التَّفاضُلِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الفائقِ»: وقوْلُ القاضي ضعيفٌ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ: يفْسَخُ الحاكِمُ البَيع، ويَرُدُّ البائِعُ الثَّمَنَ، ويُطالِبُ بقِيمَةِ الحَلْي؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ إهْمالُ العَيبِ، ولا أَخْذُ الأرْشِ. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّ الحاكِمَ إذا فسَخ، وجَب رَدُّ الحَلْي، وأرْشُ نَقْصِه. واختْارَه في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». الثَّالثةُ، لو باعَ قَفِيزًا ممَّا يَجْرِى فيه الرِّبا بمِثْلِه، فوَجَدَ أحدُهما بما أخذَه عَيبًا يُنْقِصُ قِيمَتَه دُونَ كَيلِه، لم يَمْلِكْ أخْذَ أرْشِه؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلى التَّفاضُلِ. والحُكْمُ فيه كما ذكَرْنا في الحَلْي بالدَّراهمِ. قال في «الفُروعِ»: وله الفَسْخُ في رِبَويٍّ بِجنْسِه مُطْلَقًا؛ للضَّرُورَةِ. وعنه، له الأرْشُ. وقيل: مِن غيرِ جِنْسِه، على مُدِّ عَجْوَةٍ. وفي «المُنْتَخَب»، يُفْسَخُ العَقْدُ بينَهما، ويأْخُذُ الجَيِّدَ رَبُّه، ويَدْفَعُ الرَّدِئَ. انتهى. وقال في «القواعِدِ»: لو اشْتَرى رِبَويًّا بِجنْسِه، فَبانَ مَعِيبًا، ثم تَلِفَ قبلَ رَدِّه، ملَك الفَسْخَ، ويَرُدُّ بدَلَه، ويأْخُذُ الثَّمَنَ. انتهى. الرَّابعةُ، لو باعَ شيئًا بذَهَبٍ، ثم أخَذَ عنه دَراهِمَ، ثم رَدَّه المُشْتَرِي بعَيبٍ قَديم، رجَع المُشْتَرِي بالذَّهَبِ لا بالدَّراهمِ. نصَّ عليه. ويأْتِي نظيرُها في آخرِ بابِ الإجارةِ. قوله: وإنِ اشْتَرى ما مأْكُولُه في جَوْفِه، فكَسَرَه، فوجَدَه فاسِدًا، فإنْ لم يَكُنْ له مَكْسُورًا قِيمَةٌ؛ كبَيضِ الدَّجَاجِ، رجَع بالثَّمَنِ كُلِّه. هذا المذهبُ، وعليه

لَمْ يَكُنْ لَهُ مَكْسُورًا قِيمَةٌ، كَبَيضِ الدَّجَاجِ، رَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ. وَإنْ كَانَ لَهُ مَكْسُورًا قِيمَةٌ، كَبَيضِ النَّعَامِ، وَجَوْزِ الْهِنْدِ، فَلَهُ أَرْشُهُ. وَعَنْهُ، يَتَخيَّرُ بَينَ أَرْشِهِ، وَبَينَ رَدِّهِ وَرَدِّ مَا نَقَصَهُ، وَأَخَذِ الثَّمَنِ. وَعَنْهُ، لَيسَ لَهُ رَدٌّ. وَلَا أَرْشَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا شيءَ للمُشْتَرِي، إلَّا مع شَرْطِ البائِعِ سَلامَتَه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قوله: وإنْ كان له مَكْسُورًا قِيمَةٌ، كبَيضِ النَّعامِ، وجَوْزِ الهِنْدِ -وكذا البِطِّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي فيه نَفْعٌ ونحوُه - فله أرْشُه. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وعنه، يُخيَّرُ بينَ أرْشِه وبينَ رَدِّه ورَدِّ ما نقَص، وأخْذِ الثَّمَنِ. وهذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أعْدَلُ الأقْوالِ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «إدْرَاكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: يتَعَيَّنُ له الأرْشُ، إذا زادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الكَسْرِ على قَدْرِ الاسْتِعْلامِ، وإنْ لم يَزِدْ خُيِّرَ. وهو رِوايَةٌ في «الشرْحِ». وعنه، ليسَ له رَدُّه، ولا أرْشَ في ذلك كلِّه. يعْنِي، إلَّا أنْ يشْتَرِطَ البائعُ سَلامتَه. وأطْلَقَهُنَّ في «المُذْهَبِ». والأُولَى، وَجْهٌ فيه، وتخْرِيجٌ في «الهِدايَةِ». وقال في «الفُروعِ»، في الذي لمَكْسُورِه قِيمَةٌ: فعنه، له الأرْشُ. وعنه، له رَدُّه. وخيَّرَه الخِرَقِيُّ بينَهما. انتهى. فالرِّوايةُ الثَّانيةُ التي ذكَرَها، لم أرَها لغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: فكَسَرَه، فوَجَدَه فاسِدًا. اعلمْ أنَّه إذا كسَر الذي لمَكْسُورِه قِيمَةٌ؛ فتارَةً يكْسِرُه كسْرًا لا يَبْقَى له معه قِيمَةٌ، وتارَةً يكْسِرُه كسْرًا لا يُمْكِنُ اسْتِعْلامُ المَبِيعِ بدُونِه، وتارَةً يكْسِرُه كَسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلامُه بدونِه؛ فإنْ كسَرَه كسْرًا لا يبْقَى له قِيمَةٌ، فهُنا يتَعَيَّنُ له الأرْشُ. قوْلًا واحدًا، وإنْ كسَرَه كسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلامُه بدُونِه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، في قوْلِه: ورَدَّ ما نقَصَه. أنَّه يرُدُّ أرْشَ الكَسْرِ. وهو الصَّحيحُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به الخِرَقِيُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، [و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، وغيرِهم] (2). وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، [و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»] (¬1)، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه. وقال القاضي: عندِي، له الرَّدُّ بلا أرْشٍ عليه لكَسْرِه؛ لأنَّه حصَل بطَريقِ اسْتِعْلامِ العَيبِ، والبائعُ سلَّطَه عليه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقيل: يُخَرَّجُ على الرِّوايتَين، فيما إذا عابَ عندَ المُشْتَرِي، على ما تقدَّم ذِكْرُه في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وإنْ كسَرَه كسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلامُه بدُونِه، فهو على الرِّوايتَين، فيما إذا عابَ عندَ المُشْتَرِي، على ما تقدَّم. قال الزَّرْكَشِيُّ: نعم، على قوْلِ القاضِي في الذي قبلَه، إذا رَدَّ، هل يَلْزَمُه أرْشُ الكَسْرِ، أم لا يَلْزَمُه إلَّا الزَّائدُ على اسْتِعْلامِ المَبِيعِ؟ محَلُّ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ عَلِمَ الْعَيبَ، وَأَخَّرَ الرَّدَّ، لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، إلا أن يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ مِنَ التَّصَرُّفِ وَنَحْوهِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ترَدُّدٍ. انتهى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ: حُكْمُه حُكْمُ الذي قبلَه عندَ الخِرَقِيِّ، والقاضِي. انتهَوْا. قلتُ: يُشْبِهُ ما قال الزَّرْكَشِيُّ، ما قالُوا فيما إذا وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، فباعَه بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، أو بأَنْقَصَ مما قدَّره، وقُلْنا: يصِحُّ، ويَضْمَنُ النَّقْصَ. فإنَّ في قَدْرِه وَجْهان؛ أحدُهما، هو ما بينَ ما باعَ به وثَمَنِ المِثْلِ. والثَّاني، هو ما بينَ ما يتَغابَنُ به النَّاسُ وما لا يتَغابَنُون، على ما يأْتِي في الوَكالةِ. قوله: ومن عَلِمَ العَيبَ، ثم أخَّر الرَّدَّ، لم يَبْطُلْ خِيارُه، إلَّا أن يُوجَدَ منه ما يدُلُّ على الرِّضَا؛ مِنَ التَّصَرُّفِ ونحوه. اعلمْ أنَّ خِيارَ العَيبِ على التَّراخِي، ما لم يُوجَدْ منه ما يدُلُّ على الرِّضَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُجْبَرُ المُشْتَرِي على رَدِّه أو أرْشِه؛ لتَضَرُّرِ البائِعِ بالتَّأْخيرِ. وعنه، أنَّه على الفَوْرِ. قطَع به القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ» في مَوْضِع منه. قال في «التَّلْخيصِ»: وقيلَ: عنه رِوايَةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه على الفَوْرِ. انتهى. وقيل: السُّكوتُ بعدَ مَعْرِفَةِ العَيبِ رِضًى. تنبيه: قوْلُه: إلَّا أنْ يُوجَدَ منه ما يدُلُّ على الرِّضَى، مِنَ التَّصَرُّفِ ونحوه. مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد تقدَّم رِوايةٌ، اخْتارَها جماعةٌ، أنَّه لو تَصَرَّفَ فيه بما يدُلُّ على الرِّضَى، أنَّ له الأرْشَ، عندَ قوْلِه: وإنْ فَعَله عالِمًا بعَيبِه، فلا شيءَ له. وقوْلُه: مِنَ التَّصَرُّفِ ونحوه. كاحْتِلابِ المَبِيعِ، ونحو ذلك، لم يَمْنَعِ الرَّدَّ؛ لأنَّه مِلْكُه، فله أخْذُه. قال في «عُيُونِ المَسائلِ»: أو رَكِبَها لسَقْيِها أو عَلْفِها. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: إنِ اسْتَخْدَمَ، لا للاخْتِبارِ. بَطَلَ ردُّه بالكَثِيرِ، وإلَّا فلا. قال المُصَنِّفُ: وقد نُقِلَ عن أحمدَ، في بُطْلانِ خِيارِ الشَّرْطِ بالاسْتِخْدامِ رِوايَتان، فكذا يُخَرَّجُ هنا. واخْتارَه. وقال: هو قِياسُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وذكَر في «التَّنْبِيهِ» ما يدُل عليه، فقال: والاسْتِخْدامُ والرُّكُوبُ لا يَمْنَعُ أرْشَ العَيبِ، إذا ظهَر قبلَ ذلك أو بعدَه، وأحمدُ، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، إنَّما نصَّ أنَّه يَمْنَعُ الرَّدَّ، فدَلَّ أنَّه لا يمْنَعُ الأرْشَ. وقيل: رُكُوبُ الدَّابَّةِ لرَدِّها رِضىً. ذكَرَه في «الفائقِ» وغيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: لو اشْتَرى رَجُلٌ سِلْعَةً، فأصابَ بها عَيبًا، ولم يَخْتَرِ الفَسْخَ، ثم قال: إنَّما أبْقَيتُه، لأَنَّنِي لم

وَلَا يَفْتَقِرُ الرَّدُّ إِلَى رِضَاءٍ، وَلَا قَضَاءٍ، وَلَا حُضُورِ صَاحِبِهِ. وَإنِ اشْتَرَى اثْنَانِ شَيئًا، وَشَرَطَا الْخِيَارَ، أوْ وَجَدَاهُ مَعِيبًا، فَرَضِىَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أعلَمْ أنَّ لي الخِيارَ. لم يُقْبَلْ منه. ذكَرَه القاضي أصْلًا في المُعْتَقَةِ تحتَ عَبْدٍ، إذا قالتْ: لم أعْلَمْ أنَّ لي الخِيارَ. وخالفَه ابنُ عَقِيلٍ في مَسْألةِ المُعْتَقَةِ، ووَافقَه في مَسْألَةِ الردِّ بالعَيبِ. انتهى. الثَّانيةُ، خِيارُ الخُلْفِ في الصِّفَةِ، على التَّراخِي. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى عندَ بَيعِ المَوْصُوفِ، في كتابِ البَيعِ. وكذا الخِيارُ لإفْلاسِ المُشْتَرِي. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وتقدَّم أنَّ الشيخَ تَقِيَّ الدَّينِ قال: يُجْبَرُ في خِيارِ العَيبِ على الردِّ أو الأرْشِ، إنْ تضَرَّرَ البائِعُ. فكذا هُنا. قوله: وإنِ اشْتَرَى اثْنان شَيئًا، وشَرَطا الخِيارَ، أو وجَداه مَعِيبًا، فرَضِيَ أحَدُهما، فَلِلْآخَرِ الفسْخُ. هذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به

أحَدُهُمَا، فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ. وَعَنْهُ، لَيسَ لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما،؛ لو وَرِثَا خِيارَ عَيبٍ. وعنه، ليسَ لهما ذلك فيهما. قال في «الرِّعايَةِ»؛ مِن عندِه في مِسْألَةِ الشِّراءِ: إنْ قُلْنا: هو كعَقْدَين. فله الرَّدُّ، وإلَّا فلا. وتقدَّم في أوَاخِرِ كتابِ البَيعِ أنَّه كعَقْدَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويأْتِي في الشُّفْعَةِ. تنبيه: قال في «الفُروعِ»: وقِياسُ الأوَّلِ، للحاضِرِ منهما نقْدُ نِصْفِ ثَمَنِه، وقَبْضُ نِصْفِه، وإنْ نقَدَه كلَّه، قبَض نِصْفَه، وفي رُجُوعِه الرِّوايَتان. ذكَرَه في «الوَسِيلَةِ» وغيرِها. وعلى الأوَّلِ، لو قال: بِعْتُكُما. فقال أحدُهما: قَبِلْتُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ. وإنْ سلَّمْنا، فلِمُلاقَاةِ فِعْلِه مِلْكَ غيرِه، وهنا لَاقَى فِعْلُه مِلْكَ نَفْسِه. ذكَرَه بعضُهم في طَرِيقَتِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو اشْتَرَى واحِدٌ مِن اثْنَينِ شيئًا، وظهَر به عَيبٌ، فله رَدُّه عليهما، ورَدُّ نَصِيبِ أحَدِهما، وإمْساكُ نَصِيبِ الآخَرِ؛ لأنَّه يرُدُّ على البائعِ جميعَ ما باعَه، ولم يحْصُلْ برَدِّه تَشْقِيصٌ؛ لأنَّه كان مُشَقَّصًا قبلَ البَيعِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ المَنْعُ. ثم قال مِن عندِه: وإنْ قُلْنا: هو كعَقْدَين، جازِ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لو وَرِثَ اثْنانِ خِيارَ عَيبٍ، فرَضِيَ أحدُهما، سقَط حَقُّ الآخرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الرَّدِّ.

وَإِنِ اشْتَرَى وَاحِدٌ مَعِيبَينِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَلَيسَ لَهُ إلا رَدُّهُمَا أوْ إِمْسَاكُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن اشْتَرَى واحِدٌ مَعِيبَين صَفْقَةً واحِدَةً، فليس له إلَّا رَدُّهما أو إمْساكُهما والمُطالبةُ بالأَرْشِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ». واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وعنه، له رَدُّ أحَدِهما بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ. وأطْلَقَهما في

فَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ. وَالْقَوْلُ في قِيمَةِ التَّالِفِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». قوله: وإنْ تَلِفَ أحَدُهما، فله رَدُّ الباقِي بقِسْطِه. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنتَخبِ الأَزَجِيِّ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وصحَّحَه النَّاظِمُ. وعنه، يتَعَيَّنُ له الأَرْشُ. وأطْلَقهما في «الشَّرْح». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وحكَى المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، أنَّ الرَّدَّ هنا مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين في أحَدِهما. فعلى هذا، إنْ قُلْنا: ليسَ له رَدُّ أحَدِهما، فليس له رَدُّ الباقِي إذا تَلِفَ أحَدُهما. انتهى. قوله: والقَوْلُ في قِيمَةِ التَّالِفِ قَوْلُه مع يَمِينِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ بِقِسْطِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ لَهُ إلا رَدُّهُمَا أَوْ إِمْسَاكُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ قَوْلُ المُشْتَرِي في قِيمَتِه، في الأصحِّ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقيل: القَوْلُ قولُ البائعِ في قِيمَتِه. فائدة: الصَّحيحُ، أن حُكْمَ هذه المَسْأَلَةِ كالمَسْأَلَةِ الآتِيَةِ بعدَ ذلك، وعليه الأكثرُ. وقال القاضي: ليسَ له في هذه المَسْأَلَةِ رَدُّ أحَدِهما، وله الرَّدُّ في المَسْأَلَةِ الآتِيَةِ. قال في «الحاوي الكَبِيرِ»: وإنْ بانَا مَعِيبَين، رَدَّهُما أو أمْسَكَهُما. وقيل: هي كالمَسْأَلَةِ الأولَى -وهي ما إذا كان أحدُهما مَعِيبًا- الآتِيَةِ. قوله: وإن كان أحَدُهما مَعِيبًا، فله رَدُّه بقِسْطِه. يعْنِي، إذا أبَى أنْ يأْخُذَ الأَرْشَ. وقوْلُه: فله رَدُّه. يعْنِي، لا يَمْلِكُ إلَّا رَدَّه وحدَه؛ بدَليلِ الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ الآتِيَةِ. وهذا إحْدَى الرِّوايتَين. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وعنه، لا يَجُوزُ إلَّا رَدُّهما أو إمْساكُهما. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الفُروقِ الزَّرِيرَانِيَّةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ». وعنه، له رَدُّ المَعِيبِ وحدَه،

وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَنْقُصُهُ التَّفْرِيقُ، كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، وَزَوْجَيْ خُفٍّ، أَوْ مِمَّنْ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَينَهُمَا؛ كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا، فَلَيسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ورَدُّهما معًا. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفائقِ»: وهو الأصَحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». فائدة: مِثْلُ ذلك لو اشْتَرَى طَعامًا في وعاءَين. ذكَرَه في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في ذلك، إذا كان المَبِيعُ ممَّا لا يُنْقِصُه التّفْرِيقُ أو ممَّا لا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بينَهما, كما صرَّح به المُصَنِّفُ بعدَ ذلك. قوله: وإن كان المَبِيعُ ممَّا يُنْقِصُه التَّفْريقُ؛ كمِصْراعَيْ بابٍ، وزَوْجَيْ خُفٍّ، وجارِيَةٍ ووَلَدِها، فليس له رَدُّ أحَدِهما. [وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: له رَدُّ أحَدِهما] (¬1). وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم، سواءٌ كانَا مَعِيبَين، أو أحَدُهما. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: له ردُّ أحَدِهما مع أَرْشِ نَقْصِ القِيمَةِ بالتَّفْرِيقِ المُباحِ. وقيل: إنْ تَلِفَ أحدُهما، فله ردُّ المَعِيبِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنِ اخْتَلَفَا في الْعَيبِ: هَلْ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَو حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَل قَوْلُهُ؟ رِوَايَتَانِ، إلا أَنْ لَا يَحْتَمِلَ إلا قَوْلُ أَحَدِهِمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيرِ يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الباقِي مع أَرْشِ نقْصِ قِيمَتِه بالتَّفْريقِ. انتهى. تنبيه: قولُ المُصَنِّفِ: وجارِيَةٍ ووَلَدِها. كذا وُجِدَ في نُسَخٍ مَقْرُوءَةٍ على المُصَنِّفِ، وزادَ مَن أُذِنَ له في الإِصْلاحِ: أو ممَّن يَحْرُمُ التَّفْريقُ بينَهما. قاله ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قلتُ: وفي تَمْثيلِ المُصَنِّفِ كِفايَةٌ، ويُقاسُ عليه ما ذُكِرَ. وقد نَبَّه المُصَنِّفُ على ذلك في كتابِ الجِهادِ. قوله: وإنِ اخْتَلفا في العَيبِ؛ هل كان عندَ البائِعِ، أو حدَث عند المُشْتَرِي، ففِي أَيِّهما يُقْبَلُ قوْلُه؟ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يُقَبلُ قوْلُ المُشْتَرِي. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «إدْراكِ الغايَةِ»: يُقْبَلُ قوْلُ المُشْتَرِي في الأظْهَرِ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُقْبَلُ قوْلُ البائِعِ. وهي أنَصُّهما. واخْتارَها القاضي في «الرِّوايتَين»، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمها في «المُحَرَّرِ». وقال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وفرق بعضُهم بينَ أنْ يكونَ المَبِيعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَينًا مُعَيَّنَةً، أو في الذِّمَّةِ؛ فإنْ كان في الذِّمَّةِ، فالقَوْلُ قولُ القابِض، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّ الأصْلَ اشْتِغالُ ذِمَّةِ البائعِ، فلم يَثبُتْ بَراءَتُها. وقال في «الإِيضَاحِ»: يتَحالفَان، كالحَلِفِ في قَدْرِ الثَّمَنِ. على ما يأْتِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى. فائدة: إذا قُلْنا: القَوْلُ قوْلُ المُشتَرِي. فمع يَمِينِه، ويكونُ على البَتِّ. قاله الأصحابُ. وإنْ قُلْنا: القَوْلُ قوْلُ البائعِ. فمع يَمِينه، وهي على حسَبِ جَوابِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتكونُ على البَتِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، على نَفْي العِلْمِ. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى. قوله: إلَّا أن لا يَحْتَمِلَ إلَّا قَوْلُ أحَدِهما، فالقَوْلُ قَوْلُه بغَيرِ يَمِينٍ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وأكثرُهم قطَع به. وقيل: القَوْلُ قوْلُه مع يَمِينِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في أصْلِ المَسْأَلَةِ، إذا لم تَخْرُجْ عن يَدِه، فإنْ خَرَجَتْ عن يَدِه إلى غيرِه، لم يَجُزْ له رَدُّه. نقَلَه مُهَنَّا، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو ردَّ المُشْتَري السِّلْعَةَ بعَيبٍ، فأنْكَر البائعُ أنَّها سِلْعَتُه، فالقَوْلُ قوْلُه مع يَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ كوْنَ هذه سِلْعَتَه، ومُنْكرٌ اسْتِحْقاقَ الفَسْخِ، والقَوْلُ قوْلُ المُنْكِرِ. الثَّانيةُ، لو ردَّ المُشْتَرِي السِّلْعَةَ بخِيارِ الشَّرْطِ، فأنْكَر البائعُ أنَّها سِلْعَتُه، فالقَوْلُ قوْلُ المُشْتَرِي؛ لأنَّهما اتَّفَقا على اسْتِحقاقِ فَسْخِ العَقْدِ، والرَّدُ بالعَيبِ بخِلافِه. وهذان الفَرْعان نصَّ عليهما الإِمامُ أحمدُ. وجزَم بهما المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، قُبَيلَ بابِ السَّلَمِ: وإنْ ردَّه بعَيبٍ، فقال: ليسَ هذا المَبِيعُ الذي قبَضْتَه مِنِّي. صُدِّقَ إن حلَف. واخْتارَ فيها هذا، إنْ كان عيَّنَه في العَقْدِ، وإنْ عيَّنَه بعدَه عمَّا وجَب في ذِمَّتِه بالعَقْدِ، صُدِّقَ المُشْتَرِي إنْ حلَف. انتهى. الثَّالثةُ، لو باعَ سِلْعَةً بنَقْدٍ أو غيرِه، مُعَيَّنٍ حال العَقْدِ، وقبَضَه البائعُ، ثم أحْضَرَه وبه عَيبٌ، وادَّعَى أنَّه الذي دَفَعَه إليه المُشْتَرِي، وأنْكَرَ المُشْتَرِي كوْنَه الذي اشْتَرَى به، ولا بَيِّنَةَ لواحدٍ منهما، فالقَوْلُ قوْلُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأصْلَ بَراءَةُ ذِمَّتِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعدَمُ وُقوعِ العَقْدِ على هذا المَعِيبِ. ولو كان الثَّمَنُ في الذِّمَّةِ، ثم نَقَدَه المُشْتَرِي الثَّمَنَ، أو قبَضه مِن قَرْضٍ، أو سلَمٍ، أو غيرِ ذلك ممَّا هو في ذِمَّتِه، ثم اخْتلَفا كذلك، ولا بَيِّنَةَ، فالقَوْلُ قوْلُ البائعِ، وهو القابِضُ مع يَمينِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّ القَوْلَ في الدَّعاوَى قوْلُ مَنِ الظاهِرِ معه، والظَّاهِرِ مع البائعِ؛ لأنَّه ثبَت له في ذِمَّةِ المُشْتَرِي ما انْعَقَدَ عليه العَقْدُ غيرَ مَعِيبٍ، فلم يُغْفَلْ. قوله: في بَراءَة ذِمَّتِه. جزمَ به في «الفُروقِ الزَّرِيرَانِيَّةِ». وصحَّحَه في «الحاوي الكَبيرِ» في بابِ أحكَامِ القَبْضِ، في أثْناءِ الفَصْلِ الرَّابعِ، وصحَّحَه في «الحاوي الصَّغِيرِ»، في بابِ السَّلَمِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، قبلَ القَرْضِ بفَصْلٍ: ولو قال المُسْلِمُ: هذا الذي أقْبَضْتَنِي وهو مَعِيبٌ. فأنْكَرَ أنَّه هذا، قُدِّمَ قَوْلُ القابضِ. انتهى. وقيل: القَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي، وهو المَقْبُوضُ منه؛ لأنَّه قد أقْبَضَ في الظَّاهِرِ ما عليه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، في آخِرِ بابِ القَبْضِ. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم يُخْرِجْه عن يَدِه, كما تقدَّم في التي قبلَها. تنبيه: هذه طَرِيقَةُ صاحبِ «الفُروقِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، في هذه المَسْأَلَةِ. وقال في «القَواعِدِ»، في الفائِدَةِ السَّادِسَةِ: لو باعَه سِلْعَةً بنَقْدٍ مُعَيَّنٍ، ثم أتَاه به، فقال: هذا الثَّمَنُ وقد خرَج مَعِيبًا. وأنْكَرَ المُشْتَرِي، ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، إنْ قُلْنا: النُّقودُ تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ. فالقَوْلُ قوْلُ المُشْتَرِي؛ لأنَّه يَدَّعِي عليه اسْتِحْقاقَ الرَّدِّ، والأصْلُ عدَمُه، وإنْ قُلْنا: لا يتَعَيَّنُ. فوَجْهان؛ أحدُهما، القوْل قوْل المُشتَرِي أيضًا؛ لأنَّه أقبَضَ في الظَّاهرِ ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. والثَّانِي، قَوْلُ القابِضِ؛ لأنَّ الثَّمَنَ في ذِمَّتِه، والأصْلُ اشْتِغالها به، إلَّا أنْ يَثْبُتَ بَراءَتُها منه. وهي طَريقَتُه في «المُسْتَوْعِبِ». الطَّرِيقَةُ الثَّانيةُ، إنْ قُلْنا: النُّقودُ لا تتَعَيَّنُ. فالقَوْلُ قوْلُ البائعِ، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّه قد ثبَت اشْتِغالُ ذِمَّةِ المُشْتَرِي بالثَّمَنِ، ولم يَثْبُتْ بَراءَتُها منه، وإنْ قُلْنا: تتَعَيَّنُ. فوَجْهان مُخَرجان مِنَ الرِّوايتَين، فيما إذا ادَّعَى كلُّ واحدٍ (¬1) مِنَ المُتَبايِعَين أنَّ العَيبَ حدَث عندَه في السِّلْعَةِ؛ أحدُهما، القَوْلُ قوْلُ البائعِ؛ لأنَّه يدَّعِي سلامَةَ العَقْدِ، والأصْلُ عدَمُه، ويدَّعِي عليه ثُبُوتَ الفَسْخِ، والأصْلُ عدَمُه. والثَّانِي، قَوْلُ القابِضِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ التَّسْليمَ، والأصْلُ عدَمُه. وهي طَرِيقَةُ القاضي في بعضِ تَعالِيقِه. وجزَم صاحِبُ «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، بأنَّ القَوْلَ قوْلُ البائعِ، إذا أنْكَرَ أنْ يكونَ المَرْدودُ بالعَيب هو المَبِيعَ، ولم يحْكِيا خِلافًا، ولا فَصْلًا بينَ أنْ يكونَ المَبِيعُ في الذِّمَّةِ أو مُعينًا؛ نَظرًا إلى أنَّه يدَّعِي عليه اسْتِحْقاقَ الرَّدِّ، والأصْلُ عدَمُه. وذكَر الأصحابُ مِثْلَ ذلك في مَسائلِ الصَّرْفِ. وفرَّق السَّامَرِّيُّ في «فُروقِه» بينَ أنْ يكونَ المَرْدودُ بعَيب وَقعَ عليه مُعَيَّنًا، فيكونَ القَوْلُ قوْلَ البائعِ، وبين أنْ يكونَ في الذِّمَّةِ، فيكونَ القَوْلُ قوْلَ المُشْتَرِي، لِمَا تقدَّم. وهذا فيما إذا أنْكَرَ المُدَّعَى عليه العَيبَ، أنَّ ماله كان مَعِيبًا. أمَّا إنِ اعْترَفَ بالعَيبِ، فقد فسَخ صاحِبُه، وأنْكَرَ أنْ يكونَ هو هذا المُعَيَّنَ، فالقَوْلُ قوْلُ مَن هو في يَدِه. صرَّح به في التَّفْليسِ في «المُغْني»، مُعَلِّلًا بأنَّه قَبِلَ اسْتِحْقاقَ ما ادَّعَى عليه الآخَرُ، والأصْلُ معه، ويَشْهَدُ له أنَّ المَبِيعَ في مُدَّةِ الخِيارِ، إذا ردَّه المُشْتَرِي بالخِيارِ، فأنْكَر البائعُ أنْ يكونَ هو المَبِيعَ، فالقوْلُ قوْلُ المُشْتَرِي. حكَاه ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ؛ لاتِّفاقِهما على اسْتِحْقاقِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا تَلْزَمُهُ عُقُوَبَةٌ مِنْ قِصَاصٍ أوْ غَيرِه، يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَسْخٍ بالخِيارِ. وقد يَنْبَنِي على ذلك، أنَّ المَبِيعَ بعدَ الفَسْخِ بعَيبٍ ونحوه، هل هو أمَانةٌ في يَدِ المُشْتَرِي، أو مَضْمونٌ عليه؟ فيه خِلافٌ. وقد يكونُ مَأْخَذُه أنَّه أمانَةٌ عندَه. ومِنَ الأصحابِ مَن علَّلَ بأنَّ الأصْلَ برَاءَةُ ذِمَّةِ البائعِ ممَّا يُدَّعَى عليه، فهو كما لو أقرَّ بعَينٍ، ثم أحْضَرَها، فأنْكَرَ المُقَرُّ له أنْ تكونَ هي المُقَرَّ بها، فإنَّ القَوْلَ قوْلُ المُقِرِّ مع يَمِينِه. انتهى كلامُه في «القَواعِدِ». الرَّابعةُ, لو باعَ الوَكيلُ شيئًا، ثم ظهَر المُشْتَرِي على عَيبٍ، فله ردُّه على المُوَكِّلِ، فإنْ كان ممَّا يُمْكِنُ حدُوثُه، فَأقَرَّ الوَكيلُ أنَّه كان مَوْجُودًا حالةَ العَقْدِ، وأنْكَرَ المُوَكِّلُ، فقال أبو الخَطَّابِ: يُقْبَلُ إقْرارُه على مُوَكِّلِه بالعَيبِ. قال المُصَنِّفُ: والأصحُّ أنَّه لا يُقْبَلُ. وصحَّحَه في «الفائقِ». وظاهِرُ «الشَّرْحِ» الإِطْلاقُ. الخامسةُ، لو اشْتَرَى جارِيَةً على أنَّها بِكْرٌ، فقال المُشْتَرِي: هي ثَيِّبٌ. أُرِيَتِ النِّساءَ الثِّقاتِ، ويُقْبَلُ قَوْلُ واحِدَةٍ، فإنْ وَطِئَها المُشْتَرِي، وقال: ما وَجَدْتُها بِكْرًا. خُرِّجَ فيها وَجْهان، بِنَاءً على العَيبِ الحادِثِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. السَّادِسَةُ، لو باعَ أمَةً بعَبْدٍ، ثم ظهَر بالعَبْدِ عَيبٌ، فله الفَسْخُ، وأخْذُ الأمَةِ أو قِيمَتِها لعِتْقِ مُشتَرٍ، وليس لبائعِ الأمَةِ التَّصَرُّفُ فيها قبلَ الاسْتِرْجاعِ بالقَوْلِ؛ لأنَّ مِلْكَ المُشْتَرِي عليها تامُّ مُسْتَقِرٌّ، فلو أقْدَم البائعُ وأعْتَقَ الأمَةَ أو وَطِئَها، لم يَكُنْ ذلك فَسْخًا، ولم يَنْفُذْ عِتْقُه. قاله القاضي. وذكَر في «المُحَرَّرِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصُولِ»، احْتِمالًا أنَّ وَطْئَه اسْتِرجْاعٌ. ورَدَّه في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين». قوله: ومَن باعَ عَبْدًا تَلْزَمُه عُقُوبَةٌ مِن قِصَاصٍ أو غَيرِه، يَعْلَمُ المُشْتَرِي ذلك، فلا شَيْءَ له -بلا نِزاعٍ- وإن عَلِمَ بعد البَيعِ، فله الرَّدُّ أو الأَرْشُ.

ذَلِكَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإنْ عَلِمَ بَعْدَ الْبَيعِ، فَلَهُ الرَّدُّ، أَو الْأَرْشُ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى قُتِلَ، فَلَهُ الْأَرْشُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَعْلَمْ حتى قُتِلَ، فله الأَرْشُ. يعْنِي، يتَعَيَّنُ له الأَرْشُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وخرَّج مالِكٌ الفَسْخَ، وغَرِمَ قِيمَتَه، وأخَذ ثَمنَه الذي وزَنَه. وذكَرَه في «الرِّعايَةِ». فائدة: لو كانتِ الجِنايَةُ مِنَ العَبْدِ مُوجِبَة للقَطْعِ، فقُطِعَتْ يَدُه عندَ المُشْتَرِي، فقد تعَيَّبَ عندَه؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَ القَطْعِ دُونَ حَقِيقَتِه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهل يَمْنَع ذلك ردَّه بعَيبِه؟ على رِوايتَين. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: الذي يَظْهَرُ، أنَّ ذلك ليس بحُدوثِ عَيبٍ عندَ المُشْتَرِي؛ لأنَّه مُسْتَحَقٌّ قبلَ البَيعِ، غايَتُه

وَإنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ، وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ، قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيهِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا، تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِذِمَّتِهِ، وَالْبَيعُ لَازِمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه اسْتُوفِيَ ما كان مُسْتَحَقًّا، فلا يُسْقِطُ ذلك حَقَّ المُشْتَرِي مِنَ الرَّدِّ.

فَصْلٌ: السَّادِسُ، خِيَارٌ يَثْبُتُ في التَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُرَابَحَةِ، وَالْمُوَاضَعَةِ. وَلَابدَّ في جَمِيعِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَعْنَى التَّوْلِيَةِ؛ الْبَيعُ بِرَأْسِ الْمَالِ، فَيَقُولُ: وَلَّيتُكَهُ. أوْ: بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ. أَوْ: بمَا اشْتَرَيتُهُ. أَوْ: بِرَقْمِهِ. وَالشَّرِكَةُ؛ بَيعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَيَصِحُّ بِقَوْلِهِ: أَشْرَكْتُكَ في نِصْفِهِ. أَوْ: ثُلُثِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والشَّرِكَةُ؛ بَيعُ بعضِه بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ. ويصِحُّ بقَوْلِه: أشْرَكْتُك في نِصْفِه، أو ثُلُثِه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه، لكِنْ لو قال: أشْرَكْتُك. وسكَت، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويَنْصَرِفُ إلى النِّصفِ. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، إنْ لَقِيَه آخَرُ، فقال: أشْرِكْنِي. عالِمًا بشَركَةِ الأوَّلِ، فله نِصْفُ نَصِيبِه؛ وهو الرُّبْعُ، وإنْ لم يكُنْ عالِمًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ البَيعِ. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، يأْخُذُ نَصِيبَه كلَّه؛ وهو النِّصْفُ، وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه القاضي، وقدَّمه في «الفُروع.». قال في «القاعِدَةِ السَّابعةِ والخَمْسِين»: لو باعَ أحدُ الشَّرِيكَين نِصْفَ السِّلْعَةِ المُشْتَرَكَةِ، هل يتَنَزَّلُ البيعُ علي نِصْفٍ مُشاعٍ -وإنَّما له نِصْفُه وهو الرُّبْعُ- أو على النِّصْفِ الذي يَخُصُّه بمِلْكِه، وكذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الوَصِيَّةِ؟ فيه وَجْهان. واخْتارَ القاضي، أنَّه يتَنَزَّلُ على النِّصْفِ الذي يَخُصُّه كلِّه، بخِلافِ ما إذا قال له: أَشْرَكْتُك في نِصْفِه. وهو لا يَمْلِكُ سِوَى النِّصْفِ، فإنَّه يَسْتَحِقُّ منه الرُّبْعَ؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ تقْتَضِي التَّساويَ في المِلْكَين، بخِلافِ البَيعِ. والمَنْصُوصُ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، أنَّه لا يصِحُّ بَيعُ النِّصْفِ حتى يقولَ: نَصِيبِي. فإنْ أطْلقَ، تَنزَّلَ على الرُّبْعِ. انتهى. وقيل: يأْخُذُ نِصْفَ ما في يَدِهِ؛ وهو الرُّبْعُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: له نِصْفُ ما في يَدِه، ونِصْفُ ما في يَدِ شَرِيكِه إنْ أجازَ. وأطْلَقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». وعلى الوَجْهَين الأخِيرَين، لطالِبِ الشَّرِكَةِ -وهو الأخِيرُ منهما- الخِيارُ، إلَّا أنْ نَقُولَ بوُقوفِه على الإِجازَةِ، في الوَجْهِ الثَّانِي، ويُجِيزَه الآخَرُ. وإنْ كانتِ السِّلْعَةُ لاثْنَين، فقال لهما آخَرُ: أَشْرِكانِي. فأَشْرَكاه معًا، فله الثُّلُثُ. على الصَّحيحِ. صحَّحه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». وقيل: له النِّصْفُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وإنْ أشْرَكَه كلُّ واحدٍ نهما مُنْفَرِدًا، كان له النِّصْفُ، ولكُلِّ واحدٍ منهما الرُّبْعُ. وإنْ قال: أَشْرِكَانِي فيه. فشَرَكَه أحدُهما -فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، وهو الصَّحيحُ- له السُّدْسُ، وعلى الثَّانِي له الرُّبْعُ. وإنْ قال أحدُهما: أشْرَكْناك. انْبَنَى على تصَرُّفِ الفُضُولِيِّ. فإنْ قُلْنا به، وأجازَه، فهل يَثْبُتُ له المِلْكُ في ثُلُثِه أو نِصْفِه؟ على الوَجْهَين. فائدة: لو اشْتَرَى قَفِيزًا، وقبَض نِصْفَه، فقال له شَخْصٌ: بِعْنِي نِصْفَ هذا

وَالْمُرَابَحَةُ؛ أنْ يَبِيعَهُ بِرِبْحٍ، فَيَقُولَ: رَأْسُ مَالِي فِيهِ مِائَةٌ بِعْتُكَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ القَفِيزِ، فباعَه، انْصرَفَ إلى نِصْفِ المَقْبُوضِ. وإنْ قال: أَشْرِكْنِي في هذا القَفِيزِ بنِصْفِ الثَّمَنِ. ففَعَل، لم تصِحَّ الشَّرِكَةُ إلَّا فيما قبَض منه، فيكونُ النِّصْفُ المَقْبُوضُ بينَهما. ذكَرَه القاضي. وقال المُصَنفُ: والصَّحيحُ أن الشَّرِكَةَ تنْصَرِفُ إلى النِّصْفِ كلِّه، فيكونُ بائعًا لِما يصِحُّ بَيعُه وما لا يصِحُّ؛ فيَصِحُّ في نِصْفِ المَقْبُوضِ، في أصحِّ الوَجْهَين، ولا يصِحُّ فيما لم يُقْبَضْ, كما قُلْنا في تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وظاهِرُ «الشَّرْحِ» الإِطْلاقُ. قوله: والمُرابَحَةُ؛ أن يبيعَه برِبْحٍ، فيقُولَ: رَأْسُ مَالِي فيه مِائَةٌ، بعْتُكه بها، ورِبْح عِشَرَةٍ، أو على أن أرْبَحَ في كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. المَسْأَلةُ الأُولَى، وهي قوْلُه:

بِهَا وَرِبْحِ عَشَرَةٍ. أَو: عَلَى أَنْ أَرْبَحَ في كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بِعْتُكه بها، ورِبْحِ عَشَرَةٍ. لا تُكْرَهُ، قوْلًا واحدًا. والمَسْأَلَةُ الثَّانيةُ، وهي قوْلُه: على أنْ أرْبَحَ في كلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. مَكْرُوهَةٌ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. نقَل الأَثْرَمُ، أنَّه كَرِه بَيعَ ده يازده. وهو هذا. ونَقَل أبو الصَّقرِ، هو الرِّبا. واقْتَصَر عليه أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ». ونقَل أحمدُ بنُ هاشِمٍ، كأنَّه

وَالْمُوَاضَعَةُ؛ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِهَا، وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ. فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تِسْعُونَ دِرْهَمًا. وَإِنْ قَال: وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ. لَزِمَهُ تِسْعُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دَراهِمُ بدَراهِمَ لا يصِحُّ. وقيل: لا يُكْرَهُ. وذكَرَه رِوايَةً في «الحاوي»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وحيثُ قُلْنا: إنَّه ليس برِبًا. فالبَيعُ صَحيحٌ، بلا نِزاعٍ. قوله: والمُواضَعَةُ؛ أن يقُولَ: بِعْتُك هو بها، ووَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ. فيَلْزَمُ المُشْتَرِي تِسْعون دِرْهَمًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ اهلذهبِ، وعليه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه تِسْعون دِرْهَمًا، وعشَرَةُ أجْزاءٍ مِن أحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِن دِرْهَم (¬1)، كما لو قال: ووَضِيعَة دِرْهَم لكُلِّ عشَرَةٍ، أو عن كلِّ عشَرَةٍ. اخْتارَه القاضي. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ». وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قال الشَّارِحُ: وهذا ¬

(¬1) في الأصل، ط: «دراهم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَلَطٌ. وقيل: يَلْزَمُه تِسْعون دِرْهَمًا، وتِسْعَةُ أعْشارِ دِرْهَم. وحَكاه الأَزَجِيُّ رِوايَةً. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو سَهْوٌ. وهو كما قال. فائدتان؛ إحْداهما، متى بانَ الثَّمَنُ أقَلَّ، حَطَّ الزِّيادَةَ، ويحُطُّ في المُرابَحَةِ قِسْطَها، ويَنْقُصُه في المُواضَعَةِ، ولا خِيارَ له فيها. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثر. وعنه، بلَى. الثَّانيةُ، حُكْمُ بَيعِ المُواضَعَةِ -في الكَراهَةِ وعدَمِها، والصِّحّةِ وعدَمِها- حُكْمُ بَيعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُرابَحَةِ، على ما تقدَّم.

وَمَتَى اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤجَّلٍ، أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، أوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً، أَوْ بَاعَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي في تَخْبِيرِهِ بِالثَّمَنِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَينَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى اشْتَراه بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ولم يُبَيِّنْ ذلك للمُشْتَرِي في تَخْبِيرِه بالثَّمَنِ، فللمُشْتَرِي الخِيارُ بينَ الإِمْساكِ والرَّدِّ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وصحَّحَه في «الفائقِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وعنه، يأْخُذُه مُؤجَّلًا، ولا خِيارَ له. نصَّ عليه، وهذا المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». فعلى الأوَّلِ، إذا اخْتارَ الإِمْساكَ، فإنَّه يأْخُذُه مُؤَجَّلًا. على الصَّحيحِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، يأْخُذُه حالًّا، أو يفْسَخُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا. فوائد؛ الأُولَى، لو عَلِمَ تأْجِيلَ الثَّمَنِ بعدَ تَلَفِ المَبِيعِ، حبَسَ الثَّمَنَ بقَدْرِ الأجَلِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَبْطُلَ البَيعُ. قاله في «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لو ادَّعَى البائعُ غلَطًا (¬1)، وأنَّ الثَّمَنَ أكثرُ ممَّا أخْبَره به، لم يُقْبَلْ قوْلُه إلَّا ببَيِّنَةٍ مُطلقًا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِيِّ عليه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. وعنه، يُقْبَلُ قَوْلُه مُطْلقًا مع يَمِينِه. اخْتارَه القاضي وأصحابُه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ». و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». ¬

(¬1) في الأصل: «خلطا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وهو القِياسُ، وللمُشْتَرِي الخِيارُ. وعنه، يُقْبَلُ قَوْلُه، إنْ كان مَعْروفًا بالصِّدْقِ، وإلَّا فلا. وعنه، لا يُقْبَلُ قَوْلُه، وإنْ أقامَ بَيِّنَةً حتى يُصدِّقَه المُشْتَرِي. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وأطْلَقَ الأُولَى والأَخِيرتَين في «الكافِي». فإنْ لم يَكُنْ للبائعِ بَيِّنَةٌ، أو كانتْ له، وقُلْنا: لا تُقْبَلُ، فادَّعَى أنَّ المُشْتَرِيَ يعْلَمُ أنَّه غلَطٌ، وأنْكَرَ المُشْتَرِي ذلك، فالقَوْلُ قوْلُه بلا يَمِينٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. اخْتارَه القاضي، وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الصَّحيحُ، أن عليه اليمِينَ أنَّه (¬1) لا يعْلَمُ ذلك. وجزَم به في «الكافِي». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. الثَّالثةُ، لو باعَها بدُونِ ثَمَنِها عالِمًا، لَزِمَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخرَّجَها الأزَجِيُّ على التي قبلَها. قوله: أو بأكْثَرَ مِن ثَمَنِه حِيلَةً. مِثْلَ أنْ يَشْتَرِيَ مِن غُلامِ دُكَّانِه الحُرِّ، أو غيره، ¬

(¬1) في الأصل، 1: «لأنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهِ الحِيلَةِ، لم يَجُزْ بَيعُه مُرابَحةً حتى يتَبَيَّنَ. وإنْ لم يَكُنْ حِيلَةٌ، فقال القاضي: إذا باعَ غُلامَ دكَّانَه سِلْعَةً، ثم اشْتَرَى منه بأكْثَرَ مِن ذلك، لم يَجُزْ بَيعُه مُرابَحةً، حتى يُبَيِّنَ أمْرَه؛ لأنَّه يُتَّهَمُ في حقَّه. وقال المُصَنِّف، والشَّارِحُ: والصَّحيحُ جَوازُ ذلك. وجزَم به في «الكافِي». وظاهِرُ «الفائقِ»، إطْلاقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ. قوله: أو باعَ بعضَ الصَّفْقَةِ بقِسْطِها مِنَ الثَّمَنِ، ولم يُبَيِّنْ ذلك للمُشْتَرِي في تَخْبيرِه بالثَّمَنِ، فللمُشْتَرِى الخِيارُ. هذا المذهبُ -وسواءٌ كانتِ السِّلْعَةُ كَلُّها له أَو البعضُ المَبْيُوعُ، إذا كان الجميعُ صَفْقَةً واحدةً- وعليه الأصحابُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يجوزُ بيع نَصِيبِه مُرابَحةً مُطْلَقًا مِنَ الذي اشْتَرياه واقْتَسماه. ذكَرها ابنُ أبِي مُوسى. وعنه، عَكْسُه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كان المَبِيعُ مِنَ المُتَقَوَّماتِ التي لا ينْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ

وَمَا يُزَادُ في الثَّمَنِ أوْ يُحَطُّ مِنْهُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ، أَوْ يُؤْخَذُ أَرْشًا لِعَيبٍ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَيهِ، يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَيُخبَرُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأجْزاءِ، كالثِّيابِ ونحوها. فأمَّا إنْ كانتْ مِنَ المُتَماثِلاتِ التي يَنْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ بالأجْزاءِ؛ كالبُرِّ والشَّعِيرِ ونحوهما المُتَساوي، فإنَّه يجوزُ بَيعُ بعضِه مُرابَحةً، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قوله: وما يُزَادُ في الثَّمَنِ أو يُحَطُّ منه في مُدَّةِ الخِيارِ. يُلْحَقُ برَأْسِ المالِ، ويُخْبَرُ به. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: إنْ قُلْنا: المِلْكُ في زَمَنِ الخِيارِ (¬1) ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الخيارين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْتَقِلُ إلى المُشْتَرِي. فلا يُلْحَقُ برَأْسِ المالِ, كما بعدَ اللُّزومِ، على ما يأْتِي. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ»، ولم يُقَيِّدْه في «الفُروعِ» بانْتِقالٍ ولا بعَدَمِه. [وكذا الحُكْمُ لو زادَ في الثَّمَنِ في مُدَّةِ الخِيارِ] (¬1). فائدتان؛ إحْداهما، قال بعضُ الأصحابِ في طَرِيقَتِه: مِثْلُ ذلك لو زادَ أجَلًا أو خِيارًا في مُدَّةِ الخِيارِ. [وقطَع به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه] (1). الثَّانيةُ، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فلو حَطَّ كُلَّ الثَّمَنِ، فهل يَبْطُلُ البَيعُ، أو يصِحُّ، أو يكونُ هِبَةً؟ يَحْتَمِلُ أوْجُهًا. قلتُ: الأَوْلَى أنْ يكونَ ذلك هِبَةً. قوله: أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لعَيبٍ، يُلْحَقُ برَأْسِ المالِ. أي يُحَطُّ منهْ، ويُخْبَرُ بالباقِي. هذا أحَدُ الوَجْهَين. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهادِي»، والمُصَنِّفُ هنا. وقال القاضي: يُخْبِرُ بذلك على وَجْهِه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي». وقال: هو أوْلَى. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه؛ لاتِّفاقِ الشَّيخَين. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قوله: أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لجِنايَةٍ عليه، يُلْحَقُ برَأْسِ المالِ. يعْنِي، يُحَطُّ مِن رَأْسِ المالِ، ويُخْبَرُ بالباقِي. وهذا أحَدُ الوَجْهَين. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قاله في «الشَّرْحِ». وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهادِي». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجِبُ عليه أنْ يُخْبِرَ به على وَجْهِه. اخْتارَه القاضي. قاله الشَّارِحُ. وقدَّمه في «الكافِي»، وقال: هو أوْلَى. وقدَّمه في «المُغنِي»، وانْتَصَرَ له. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «المُنَوِّرِ». قلتُ: وهذا المذهبُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يَحُطُّها هنا مِنَ الثَّمَنِ، قوْلًا واحدًا. فوائد؛ الأُولَى، لو أخَذ نَماءً مما اشْتَرَى، أو اسْتَخْدَمَه، أو وَطِئَه, لم يجِبْ

وَإِنْ جَنَى، فَفَدَاهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ زِيدَ في الثَّمَنِ، أَوْ حُطَّ مِنْهُ بَعْدَ لُزُومِهِ، لَمْ يُلْحَقْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيانُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه رِوايَةٌ كنَقْصِه. الثَّانيةُ، لو رَخُصَتِ السِّلْعَةُ عن قَدْرِ ما اشْتَراها به، لم يَلْزَمْه الإِخْبارُ بذلك. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفروعِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. قال في «الكافِي»: وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه الإِخْبارُ بالحالِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قلتُ: وهو قَويٌّ؛ فإنَّ المُشْتَرِيَ لو عَلِمَ بذلك، لم يَرْضَها بذلك الثَّمَنِ ففيه نَوْعُ تَغْرِيرٍ. ثم وَجَدْتُ في «الكافِي» قال: والأَوْلَى، أنَّه يَلْزَمُه. الثَّالثةُ، لو اشْترَاها بثَمَنٍ لرَغْبَةٍ تخُصُّه، كحاجَتِه إلى إرْضاعٍ، لَزِمَه أنْ يُخْبِرَ بالحالِ، ويَصِيرُ كالشِّراءِ بثَمَنٍ غالٍ لأجْلِ المَوْسِمِ الذي كان حال الشِّراءِ. ذكَرَه في «الفُنُونِ»، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ فيهما. قوله: أو زِيدَ في الثَّمَنِ، أو حُطَّ منه بعدَ لُزُومِه، لم يُلْحَقْ به. وهو المذهبُ،

وَإنِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ، وَقَصَرَهُ بِعَشَرَةٍ، أَخْبَرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِنْ قَال: تَحَصَّلَ عَلَيَّ بِعِشْرِينَ،. فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وعنه، يُلْحَقُ به. واختْارَه في «الفائقِ». وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في آخِرِ خِيارِ المَجْلِسِ. فائدة: هِبَةُ مُشْتَرٍ لوَكيلٍ باعَه، كزِيادَةٍ، ومِثْلُه عَكْسُه. قوله: وإنِ اشْتَرَى ثَوْبًا بعَشَرَةٍ، وقَصَرَه بعَشَرَةٍ، أَخْبَرَ به على وَجْهِه. فإنْ قال: تَحصَّلَ عليَّ بعِشْرين. فهل يجوزُ ذلك؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الحاويَين»؛

وَجْهَينِ. وَإِن عَمِلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ عَمَلًا يُسَاوي عَشَرَةً، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، لا يجوزُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ. واخْتارَه القاضي. ونَصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرعايتَين»، وَ «الفُروعِ»: لا يجوزُ في الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». فائدة: مِثْلُ ذلك -حُكْمًا وخِلافًا ومذهبًا- أُجْرَةُ كَيلِه، ووَزْنه، ومَتاعِه،

وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وحَمْلِه، وخِياطَتِه. قال الأَزَجِيُّ: وعلَفُ الدَّابَّةِ. وذكَر المُصَنِّفُ: لا. قال أحمدُ: إذا بيَّن، فلا بأْسَ. قوله: وإنِ اشْتَراه بعَشَرَةٍ، ثم باعَه بخَمْسَةَ عَشَرَ، ثم اشْتَراه بعَشَرَةٍ، أَخْبَر بذلك

أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ. وَإِنْ قَال: اشْتَرَيتُهُ بِعَشَرَةٍ. جَازَ. وَقَال أَصْحَابُنَا: يَحُطُّ الرِّبْحَ مِنَ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَيُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهِه، فإنْ قال: اشْتَرَيتُه بعَشَرَةٍ، جازَ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال أصحابُنا: يَحُطُّ الرِّبْحَ مِنَ الثَّمَنِ الثَّانِي، ويُخْبِرُ أنَّه اشْتَراه بخَمْسَةٍ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ, كما قال المُصَنِّفُ. قلتُ: وهو ضعيفٌ. ولعَلَّ مُرادَ الإِمامِ أحمدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِحْبابُ ذلك، لا أنَّه على سَبِيلِ اللُّزومِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا بَقِيَ شيءٌ بعدَ حَطِّ الرِّبْحِ، أمَّا إذا لم يَبْقَ شيءٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّه يُخْبِرُ بالحالِ، قوْلًا واحدًا عندَهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو اشْتَرَى شَخْصٌ نِصْفَ سِلْعَةٍ بعَشَرَةٍ، واشْتَرَى آخَرُ نِصْفَها بعِشْرِين، ثم بَاعَاها مُساوَمةً بَثَمنٍ واحدٍ، فهو بينَهما نِصْفان. وهذا المذهبُ، وقطَع به الأكثرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قال في «الحاوي»: رِوايَةً واحدةً. قال ابنُ رَزِين: إجْماعًا. وخرَّج أبو بَكْرٍ، أنَّ الثَّمَنَ يكونُ على قَدْرِ رءُوسِ أمْوالِهما، كشَرِكَةِ الاخْتِلاطِ. وإنْ بَاعَاها مُرابحَةً، أو مُواضَعَةً، أو تَوْلِيَةً، فالحُكْمُ كذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وعنه، الثَّمَنُ بينَهما على قَدْرِ رءُوسِ أمْوالِهما. نَقَلَها أبو بَكْرٍ، وأنْكَرَها المُصَنِّفُ، لكِنْ قال في «الفُروعِ»: نقَل ابنُ هانِئٍ، وحَنْبَلٌ، على رَأْسِ مَالِهما. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاويَين». وأطْلَقهما في «الكافِي». وقال: وقيل: المذهبُ، رِوايَةً واحدةً، أنَّه بينَهما نِصْفان. والقَوْلُ الآخَرُ، وَجْهٌ خرَّجَه أبو بَكْرٍ. انتهى. عنه، لكُلِّ واحدٍ رَأْسُ مالِه، والرِّبْحُ نِصْفان. الثَّانيةُ، قال الإِمامُ أحمدُ: المُساوَمَةُ عندِي أسْهَلُ مِن بَيعِ المُرابَحةِ. قال في «الحاوي الكَبِيرِ»: وذلك لضِيقِ المُرابَحةِ على البائِعِ؛

فَصْلٌ: السَّابعُ، خِيَارٌ يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَينِ. فَمَتَى ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يحْتاجُ أنْ يُعْلِمَ المُشْتَرِيَ بكُلِّ شيءٍ مِنَ النَّقْدِ والوَزْنِ وتأْخيرِ الثَّمَنِ، وممَّن اشْتَراه، ويَلْزَمُه المُؤْنَةُ والرَّقْمُ، والقِصارَةُ، والسَّمْسَرةُ، والحمْلُ، ولا يَغُرُّ فيه، ولا يحِلُّ له أنْ يزِيدَ على ذلك شيئًا إلَّا يُبَيِّنُه له؛ ليَعْلَمَ المُشْتَرِي بكُلِّ ما يعْلَمُه البائعُ، وليس كذلك المُساوَمَةُ. انتهى. قلتُ: أمَّا بَيعُ المُرابحَةِ في هذه الأزْمانِ، فهو أوْلَى للمُشْتَرِي وأسْهَلُ. قوله: ومتى اخْتَلَفا في قَدْرِ الثَّمَنِ، تَحالفا. هذا المذهبُ، ونَقَله الجَماعَةُ عن

اخْتَلَفَا في قَدْرِ الثَّمَنِ، تَحَالفَا؛ فَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ، فَيَحْلِفُ: مَا بِعْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا. ثُمَّ يَحْلِفُ المُشْتَرِي: مَا اشْتَرَيتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا اشْتَرَيتُهُ بِكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، وعليه الأصحابُ؛ لأنَّ كُلًّا منهما مُدَّعٍ ومُنْكِرٌ صُورَةً، وكذا حُكْمُ [السَّماعِ لبَيِّنَةِ] (¬1) كلِّ واحدٍ منهما. قال في «عُيُونِ المسَائِل»: ولا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ المُدَّعِي باتِّفاقِنا. انتهى. وعنه، القَوْلُ قَوْلُ البائعِ مع يَمِينِه. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى، وابنُ المُنْذِرِ. وذكَرَه في «التَّرْغِيب» المَنْصُوصَ، كاخْتِلافِهما بعدَ قَبْضِه، وفَسْخِ العَقْدِ، في المَنْصُوصِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الرِّوايَةُ، وإنْ كانتْ خَفِيَّةً مذهبًا، فهي ظاهِرَةٌ دَلِيلًا. وذكَر دَلِيلَها، ومال إليها. وعنه، القَوْلُ قولُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لسماع بينة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي. ونقَل أبو داودَ، قوْلُ البائعِ، أو يتَرادَّان. قيل: فإنْ أقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيِّنَةً؟ قال: كذلك. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعنه، إنْ كان قبلَ القَبْضِ، تَحالفا، وإنْ كان بعدَه، فالقَوْلُ قولُ المُشْتَرِي. حكَاها أبو الخَطَّاب في «انْتِصارِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فيُبْبدَأْ بيَمِينِ البائعِ، فيَحْلِفُ؛ ما بِعْتُه بكذا، وإنَّما بِعْتُه بكذا، ثم يَحْلِفُ المُشْتَرِي؛ ما اشْتَرَيتُه بكذا، وإنَّما اشْتَرَيتُه بكذا. اعْلمْ أنَّ كلًّا مِنَ المُتَبايِعَين يذكُرُ في يَمِينِه إثْباتًا ونَفْيًا، ويبْدَأُ بالنَّفْي. على الصَّحيح. مِنَ المذهبِ, كما قال المُصَنِّفُ. وعنه، يبْدَأْ بالإِثْباتِ. وذكَرَها الزَّرْكشِيُّ، وصاحِبُ «الحاوي»، وغيرُهما، وَجْهًا. وذكَرَها في «الرِّعايَةِ» قوْلًا، في قولُ البائعُ: بِعْتُه بكذا لا بكذا. ويقولُ

فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا، لَزِمَهٌ مَا قَال صَاحِبُهُ. وَإِنْ تَحَالفَا، فَرَضِيَ أحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ، أُقِرَّ الْعَقْدُ، وَإلَّا فَلِكُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي: اشْتَرَيتُه بكذا لا بكذا. وأطْلَقهما في «الحاوي الكَبِيرِ». قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ يذْكُرُ كلُّ واحدٍ منهما إثْباتًا ونَفْيًا. فظاهِرُه، أنَّ خِلافَ الأشْهَرِ الاكتِفاءُ بأحَدِهما؛ أعْنِي الإِثْباتَ أو النَّفْيَ. وقد قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: حلَف البائعُ؛ ما باعَه إلَّا بكذا، ثم المُشْتَرِي؛ أنَّه ما اشْتَراه إلَّا بكذا. قوله: فإنْ نكَل أحَدُهما، لَزِمَه ما قال صاحِبُه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال بعضُ الأصحابِ: أو نكَل مُشْتَرٍ عن إثْباتٍ، قُضِيَ عليه. [قال في «التَّلْخيصِ»: فإنْ نكَل المُشْتَرِي عن الإِثْباتِ، قُضِيَ عليه بتَخْيِيرِ البائعِ] (¬1). قوله: وإنْ تَحالفَا، فَرَضِيَ أحَدُهما بقَوْلِ صاحِبِه، أقَرَّ العَقْدَ، وإلَّا فلكُلِّ واحِدٍ منهما الفَسْخُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وقيل: يَقِفُ الفَسْخُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الحاكِمِ. وهو احْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ. وقطَع به ابنُ الزَّاغُونِيِّ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: وإلَّا فلكُلِّ واحدٍ منهما الفَسْخُ. أنَّ البَيعَ لا يَنْفَسِخُ بنَفْسِ التَّحالُفِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: ينْفَسِخُ. قال

وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً، رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا. فَإِنِ اخْتَلَفَا في صِفَتِها، فَالْقَولُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَتَحَالفَانِ إِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ الزَّاغُونِيِّ: وهو المَنْصُوصُ. وكذا لا ينْفَسِخُ المَبِيعُ لو امْتَنعَ البائعُ مِن إعْطائِه بما قاله المُشْتَرِي، وامْتَنعَ المُشْتَرِي مِنَ الأخْذِ بما قاله البائعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَعْروفُ عندَ الشَّيخَين وغيرِهما. وعنه، ينْفسِخُ بمُجَرَّدِ إبائِهما. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قوله: وإنْ كانتِ السِّلْعَةُ تالِفَةً، رَجَعا إلى قِيمَةِ مِثْلِها. وهو كالصَّريحِ أنَّهما

كَانَتْ تَالِفَةً، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَحالفان مع تَلَفِ السِّلْعَةِ، وقد دخَل ذلك في عُمومِ قوْلِه: ومتى اخْتلَفا في قَدْرِ الثَّمَنِ، تَحالفا. وهذا المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»: أصحُّ الرِّوايتَين التَّحالُفُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الأكْثَرَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ». ونَصَرَه في «المُغْنِي». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ». وعنه، لا يتَحالفَان إنْ كانتْ تالِفَةً، والقَوْلُ قولُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَنْبَغِي أنْ لا يُشْرَعَ التَّحالُفُ ولا الفَسْخُ، فيما إذا كانتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُساويَةً للثَّمَنِ الذي ادَّعاه المُشْتَرِي، ويكونُ القَوْلُ قولَ المُشْتَرِي مع يَمِينِه؛ لأنَّه لا فائدَةَ في ذلك؛ لأنَّ الحاصِلَ به الرُّجُوعُ إلى ما ادَّعاه المُشْتَرِي، وإنْ كانتِ القِيمَةُ أقَلَّ، فلا فائدَةَ للبائعِ في الفَسْخِ، فيَحْتَمِلُ أنْ لا يُشْرَعَ اليَمِينُ ولا الفَسْخُ؛ لأنَّ ذلك ضرَرٌ عليه مِن غيرِ فائدَةٍ، وَيحْتَمِلُ أنْ يُشْرَعَ؛ لتَحْصِيلِ الفائدَةِ للمُشْتَرِي. انتهيا. تنبيهان؛ أحدُهما، قوْلُه: رَجَعا إلى قِيمَةِ مِثْلِها. هكذا قال الخِرَقِيُّ وشُرَّاحُه، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحاب. وقال في «التَّلْخيصِ»: ثم يرُدُّ عينَ المَبِيعِ عندَ التَّفاسُخِ، إنْ كانتْ باقِيةً، وإلَّا فمِثْلَها، فإنْ لم تكُنْ مِثْلِيَّةً وإلَّا فقِيمَتُها. فاعْتَبرَ المِثْلِيَّةَ، فإنْ لم تكُنْ مِثْلِيَّةً، فالقِيمَةُ، والجماعةُ أوْجَبُوا القِيمَةَ وأطْلَقُوا. الثَّاني، قوْلُه في الرِّوايةِ الأُولَى: رَجَعا إلى قِيمَةِ مِثْلِها، ويكونُ القَوْلُ قواقَ المُشْتَرِي في قِيمَةِ التَّالِفِ. نَقلَه محمدُ ابنُ العَبَّاس -وفي قَدْرِه وصِفَتِه- وعليه الأصحابُ, كما صرَّح به المُصَنِّفُ بقَوْلِه: فإنِ اخْتلَفا في صِفَتِها، فالقَوْلُ قولُ المُشْتَرِي. فظاهِرُ كلامِه، أنَّه سواءٌ كان الاخْتِلافُ في صِفَةِ العَينِ أو العَيبِ. أمَّا صِفَةُ العَينِ، فلا خِلافَ فيها، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ المُشْتَرِي، وإنْ كانتِ الصِّفَةُ عَيبًا -كالبَرَصِ، والخَرْقِ في الثَّوْبِ- فالقَوْلُ قولُ المُشْتَرِي أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ. وقيل: القَوْلُ قولُ البائعِ في نَفْي ذلك. انعلى المذهبِ في أصْلِ المَسْأَلَةِ، إنْ رَضِيَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي بما قال البائعُ، وإلَّا رجَع كلٌّ منهما إلى ما يَخْرُجُ منه؛ فَيأْخُذُ المُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ كان قد قُبِضَ، ويأْخُذُ البائعُ القِيمَةَ، فإنْ تَساوَيا، وكانَا مِن جِنْسٍ، تقَاصَّا وتَساقَطا - على ما يأْتِي، وإلَّا سقَط الأقَلُّ ومِثْلُه مِنَ الأكْثَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ المَعْروفُ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ظاهرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ، أنَّ القِيمَةَ إذا زادَتْ على الثَّمَنِ، لا يَلْزَمُ المُشْتَرِي الزِّيادَةُ؛ لأنَّه قال: المُشْتَرِي بالخِيارِ بينَ دَفْعِ الثَّمَنِ الذي ادَّعاه البائعُ، وبينَ دَفْعِ القِيمَةِ؛ لأنَّ البائعَ لا يدَّعِي الزِّيادَةَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وكلامُ أبِي الخَطَّابِ ككَلامِ الِخِرَقِيِّ، وليس فيه أنَّ ذلك بعدَ الفَسْخِ، بل هذا التَّخْيِيرُ مُصَرَّحٌ به بأنَّه بعدَ التَّحالُفِ، وليسَ إذْ ذاك فَسْخٌ، ولا شَكَّ أنَّ المُشْتَرِيَ، والحالُ هذه، يُخَيَّرُ على المَشْهُورِ. والذي قاله ابنُ مُنَجَّى بَحْثٌ لصاحِبِ «الهِدايَةِ» -يعْنِي جَدَّه أبا المَعالِي، صاحِبَ «الخُلاصَةِ» - فإنَّه حكَى عنه بعدَ ذلك أنَّه قال: وُجوبُ الزِّيادَةِ أظْهَرُ؛ لأنَّ

وَإِنْ مَاتَا، فَوَرَثتهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا. وَمَتَى فَسَخَ الْمَظْلُومِ مِنْهُمَا، انْفَسَخَ الْعَقْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَإِنْ فَسَخَ الظَّالِمُ، لَمْ يَنْفَسِخْ في حَقِّهِ بَاطِنًا، وَعَلَيهِ إِثْمُ الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالفَسْخِ سقَط اعْتِبارُ الثَّمَنِ. وبحَث ذلك الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا؛ فقال: يتَوجَّهُ أنْ لا تَجِبَ قِيمَتُه، إلَّا إذا كانتْ أقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ، أمَّا إنْ كانتْ أكثرَ، فهو قد رَضِيَ بالثَّمَنِ، فلا يُعْطَى زِيادَةً؛ لاتِّفاقِهما على عدَمِ اسْتِحْقاقِها. ومِثْلُ هذا في الصِّداقِ -ولا فَرْقَ- إلَّا أنَّ هنا انْفسَخَ العَقْدُ الذي هو سبَبُ اسْتِحْقاقِ المُسَمَّى، بخِلافِ الصَّداقِ؛ فإنَّ المُقْتَضِيَ لاسْتِحْقاقِه قائمٌ. انتهى. قوله: ومتى فسَخ المَظْلومُ منهما، انْفَسَخَ العَقْدُ، ظاهِرًا وباطِنًا، وإنْ فسَخ الظَّالِمُ، لم ينْفسِخْ في حَقِّه باطِنًا، وعليه إثمُ الغاصِبِ. قال المُصَنِّفُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي» (¬1): ويقْوَى عندِي أنَّه إنْ فسَخ المَظْلومُ منهما، انْفَسخَ ظاهِرًا وباطِنًا، وإنْ فسَخَه الكاذِبُ عالِمًا بكَذِبِه، لم يُنْفَسِخْ بالنِّسْبَةِ إليه. فَوافقَ اخْتِيارُه في «المُغْنِي» ما جزَم به هنا. ووَافقَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»؛ فقال: ويَنْفَسِخُ ظاهِرًا فقط؛ لفَسْخِ أحَدِهما ظُلْمًا، ومُطْلَقًا لفَسْخِ المَظْلومِ. وقدَّمه النَّاظِمُ؛ فقال: وإنْ فسَخ المَظْلومُ يَفْسَخُ مُطْلَقًا … ويَنْفُذُ فَسْخُ المُعْتَدِي ظاهِرًا قدِ ¬

(¬1) انظر: المغني 6/ 282.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم ذكَر الخِلافَ. وقال في «الوَجيزِ»: وإذا فُسِخَ العَقْدُ، انْفسَخَ ظاهِرًا وباطنًا مُطْلَقًا. فأَدْخَلَ الظَّالِمَ والمَظْلومَ. وقدَّمه في «الفُرِوعِ». واخْتارَه القاضي. ثم قال في «الفُروعِ»: وقيل: مع ظُلْمِ البائعِ ينْفسِخُ ظاهِرًا. وقيل: وباطِنًا في حَقِّ المَظْلومِ. وقال في «الرِّعايتَين»: ومع ظُلْمِ البائعِ وفَسْخِه يَنْفَسِخُ ظاهِرًا. وقيل: وباطِنًا. ومع ظُلْمِ المُشْتَرِي وفَسْخِه ينْفَسِخُ ظاهِرًا وباطِنًا، فيُباحُ للبائعِ جميعُ التَّصَرُّفاتِ في المَبِيعِ. وقيل: لا ينْفَسِخُ باطِنًا. ومع فَسْخِ المَظْلومِ منهما، ينفَسِخُ ظاهِرًا وباطِنًا. انتهى. وقال في «الهِدايَةِ»: فإنِ انْفسَخَ العَقْدُ، فقال شيخُنا: ينْفَسِخُ ظاهِرًا وباطِنًا، فيُباحُ للبائعِ جميعُ التَّصَرُّفِ في المَبِيعِ. وعندي، إنْ كان البائعُ ظالِمًا، انْفَسَخَ في الظَّاهرِ دُونَ الباطِنِ؛ لأنَّه كان يُمْكِنُه إمْضاءُ العَقْدِ، واسْتِيفاءُ حَقِّه، فإذا فسَخ، فقد تعَدَّى، فلا ينْفَسِخُ العَقْدُ، ولا يُباحُ له التَّصَرفُ؛ لأنَّه غاصِبٌ. وإنْ كان المُشْتَرِي هو الظَّالِمَ، انْفَسَخَ العَقْدُ ظاهِرًا وباطِنًا؛ لأنَّ البائعَ ما يُمْكِنُه اسْتِيفاءُ حقِّه بإمْضاءِ العَقْدِ، فكانَ له الفَسْخُ, كما لو أفْلَس المُشْتَرِي. انتهى. وتابعَه في «المُسْتَوْعِب»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الشَّرْحِ». وقال في «الخُلاصَةِ»: وينْفَسِخُ في الباطِنِ. وقيل: إنْ كان البائعُ ظالِمًا، لم ينْفَسِخْ في الباطِنِ. وقال في «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ»: ومتى وقَع الفَسْخُ، انْفَسَخَ ظاهِرًا وباطِنًا في حقِّهما، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، إنْ كان البائعُ ظالِمًا انْفَسَخَ في الظَّاهِرِ دُونَ الباطِنِ. وهو كما في «الخُلاصَةِ»، إلَّا أنَّهما أطْلَقا، وقيَّد (¬1) هو. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قدم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، عن كلامَ المُصَنِّفِ: وظاهِرُ كلامِه، الفَرْقُ بينَ الظَّالِمِ والمَظْلومِ، سواءٌ كان الظَّالِمُ البائعَ أو المُشْتَرِيَ. ولم أجِدْ نقْلًا صَريحًا يُوافِقُ ذلك ولا دَليلًا يقْتَضِيه، بلِ المَنْقولُ في مِثْلِ ذلك، وذكَر كلامَ القاضي، وأبي الخَطَّابِ. انتهى. وهو عَجِيبٌ منه؛ فإنَّ المَسْأَلَة ليس فيها مَنْقولٌ صَرِيحٌ عن الإِمامِ أحمدَ حتى يُخالِفَه، بلِ المَنْقولُ فيها عنِ الأصحابِ، وهو مِن أعْظَمِهم. وقد اخْتارَ ما قطَع به هنا في «المُغْنِي»، فقال: ويقْوَى عندِي. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «النَّظْمِ». وذكَرَه قوْلًا في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقوْلُه: ولا وَجدْتُ دَليلًا يَقْتَضِيه. غيرُ مُسَلَّمٍ؛ فإنَّ فَسْخَ المَظْلومِ ظاهِرًا وباطِنًا، ظاهِرُ الدَّليلِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وأمَّا فَسْخُ الظَّالِمِ للعَقْدِ، فإنَّه لا يصِحُّ بالنِّسْبَةِ إليه؛ لأنَّه لا يحِلُّ له الفَسْخُ، فلم يثْبُتْ حُكْمُه بالنِّسْبَةِ إليه. وهذه عادةُ ابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه» مع المُصَنِّفِ، إذا لم يطَّلِعْ على مَنْقولٍ بما قاله المُصَنِّفُ، اعْتَرضَ عليه، وهذا ليس بجَيِّدٍ، فإنَّ الاعْتِذارَ عنه أوْلَى مِن ذلك، والمُصَنِّفُ إمامٌ جَليلٌ، له اخْتِيارٌ واطِّلاعٌ على ما لم يُطَّلَعْ عليه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ في حُكْمِ المَسْأَلةِ، أن العَقْدَ يَنْفَسِخُ ظاهِرًا وباطِنًا مُطْلَقًا. كما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ». واخْتارَه القاضي، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ؛ إنْ كان البائعُ ظالِمًا، انْفَسخَ في حقِّه ظاهِرًا لا باطِنًا، وإنْ كان المُشْتَرِي ظَالِمًا، انْفسَخَ ظاهِرًا وباطِنًا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «البُلْغةِ». واخْتِيارُ المُصَنِّفِ قَوْلٌ ثالِثٌ. واللهُ أعلمُ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ، تَحَالفَا، إلا أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ، فَيُرْجَعَ إِلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا في صِفَةِ الثَّمَنِ، تَحالفا إلَّا أنْ يكونَ للبلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ، فيُرْجَعَ إليه. إذا كان للبَلَدِ نَقْدٌ واحِدٌ، واخْتَلفا في صِفَةِ الثَّمَنِ، أُخِذَ به. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأَثْرَمِ. وإنْ كان في البَلَدِ نقُودٌ، فقال في «الفُروعِ»: أُخِذَ الغَالِبُ. وعنه، الوَسَطُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وعنه، الأقَلُّ. قال القاضي وغيرُه: ويتَحالفان. وقال في «المُحَرَّرِ»: إنِ اخْتلَفا في صِفَةِ الثَّمَنِ، فظاهِرُ كلامِه، أنَّه يُرْجَعُ إلى أغْلَبِ نُقُودِ البَلَدِ، فإنْ تساوَتْ فأَوْسَطُها. وقال القاضي: يتَحالفان. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»: أُخِذَ نَقْدُ البَلَدِ أو غالِبُه، إنْ تعَدَّدَتْ نُقُودُه. نصَّ عليه. فإنِ اسْتَوتْ، فالوَسَطُ. ومَنْ قُبِلَ قَوْلُه، حلَف. وقيل: يتَحالفان. زادَ في «الكُبرَى»، وقيل: إنْ قال: بِعْتُك هذا الثَّوْبَ بدِرْهَمٍ. وأطْلَقَ -وهناك نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ- فله أقَلُّ ذلك. فظاهِرُه، جَوازُ البَيعِ بثَمَنٍ مُطْلَقٍ، وللبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، وله أدْناها؛ لأنَّه اليَقِينُ. وقال في «الهِدايَةِ»: فإنِ اخْتَلَفا في صِفَةِ الثَّمَنِ؛ فإنْ كان فيه نُقُودٌ رُجِعَ إلى أوْسَطِها. وقال شيخُنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَحالفان. وكذا قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكبِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: إنْ كان في البَلَدِ نُقُودٌ، رُجِعَ إلى أوْسَطِها. نصَّ عليه في رِوايَةِ جَماعَةٍ. قالا: فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ إذا كان هو الأغَلبَ، والمُعامَلَةُ به أكثرَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ وُقوعُ المُعامَلَةِ به، أشْبَهَ ما إذا كان في البَلَدِ نَقْدٌ واحدٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّه ردَّهما إليه مع التَّساوي؛ لأنَّ فيه تَسْويَةً بينَهما في الحَقِّ، وتَوَسُّطًا بينَهما، وفي العُدولِ إلى غيرِه مَيلٌ على أحَدِهما، فكان التَّوَسُّطُ أوْلَى، وعلى مُدَّعِي ذلك اليَمِينُ. انتهى. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وإنْ كان للبَلَدِ نُقُودٌ، رُجِعَ إلى أوْسَطِها تَسْويَةً بينَهما، ويَحْلِفُ مُدَّعِيه، فإنْ كانتْ مُتَساويَةً، تَحالفا. انتهى. وقال في «الخُلاصَةِ»: أُخِذَ بنَقْدِ البَلَدِ. وقيل: يتَحالفان. وقال في «التَّلْخيصِ»: فإنْ كان فيه نُقودٌ، فهل يُرْجَعُ إلى الوَسَطِ، أو يتَحالفان؟ على وَجْهَين. وقال في «الفائقِ»: إذا اخْتلَفا في صِفَةِ الثَّمَنِ، رُجِعَ إلى نَقْدِ البَلَدِ وغالِبِه. نصَّ عليه، ولو تَساوَتْ نُقُودُه، فهل يُرْجَعُ إلى الوَسَطِ، أو يتَحالفان؟ على وَجْهَين. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: ويَلْزَمُ نَقْدُ البَلَدِ، أو غالِبُه، أو أَخْذُ المُتَساويَةِ، أو وَسَطُ المُتَقارِبَةِ، بخُلْفِهما في صِفَةِ الثَّمَنِ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالمُصَنِّفُ - رَحِمَه الله - هنا قطَع بالتَّحالُفِ إذا كان في البَلَدِ نُقُودٌ. وهو قَوْلُ القاضي وغيرِه. وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». والصَّحيحُ

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَو شَرْطٍ، فَالْقَولُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ. وَعَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، أنَّهما لا يتَحالفان، لكِنْ هل يُؤْخَذُ الغالِبُ؟ وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «البُلْغَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «المُحَرَّرِ»: وهو ظاهِرُ كلامِه. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: نصَّ عليه. أو يُؤْخَذُ الوَسَطُ؟ اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وجزَم به في «التلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. أو يُؤْخَذُ الأقَلُّ؟ فيه ثلاثُ رِواياتٍ. والثَّالثةُ، قَوْلٌ في «الرِّعايَةِ»، كما تقدَّم. وتقدَّم كلامُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، في الكلامِ على رِوايَةِ الوَسَطِ. ولنا قَوْلٌ رابعٌ بالتَّحالُفِ، وهو قَوْلُ القاضي وغيرِه. فعلى المذْهبِ؛ إنْ تَساوَتِ النُّقُودُ، ولم يَكُنْ فيها غالِبٌ، فقال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»: أُخِذَ الوَسَطُ. لكنْ قال في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»: هل يُؤْخَذُ الوَسَطُ، أو يتَحالفان؟ على وَجْهَين. كما تقدَّم. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَبْدُوسٍ. والوَسَطُ الذي في «الفُروعِ» غيرُ الوَسَطِ الذي في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، فليُعْلَمْ ذلك. قوله: وإنِ اخْتَلَفا في أجَلٍ، أو شَرْطٍ، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يَنفِيه. هذا إحْدَى

يَتَحَالفَانِ، إلا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَاسِدًا، فَالْقَولُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِي أجَلًا أو شَرْطًا، على الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأَحمدِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، و «المُنَوِّرِ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهادي». وعنه، يتَحالفان. جزَم به في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نِهايَتهِ»، و «نَظْمِها»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وهو المذهبُ على ما اصْطلَحْناه. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». تنبيه: مِثْلُ ذلك -خِلافًا ومذهبًا- إذا اخْتَلَفا في رَهْنٍ، أو في ضَمِينٍ، أو في قَدْرِ الأجَلِ أو الرَّهْنِ أو المَبِيعِ. قوله: إلَّا أنْ يكُونَ شَرْطًا فاسِدًا، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يَنْفِيه. فظاهِرُه، أنَّه سَواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الشَّرْطُ الفاسِدُ يُبْطِلُ العَقْدَ أَو لا. واعْلمْ أنَّه إذا كان لا يُبْطِلُ العَقْدَ، فالقَوْلُ قولُ مَن يَنْفِيه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [وقدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به] (¬1). وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ وغيرُه. وعنه، يتَحالفان. ويأْتِي كلامُ ابنِ عَبْدُوسٍ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وإنْ كان يُبْطِلُ العَقْدَ، فالقَوْلُ قوْلُ مَن يَنْفِيه. وهذا المذهبُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ قَال: بِعْتَنِي هَذَين. قَال: بَلْ أَحَدَهُمَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونصَّ عليه في دَعْوَى عَبْدٍ عَدَمَ الإِذْنِ، ودَعْوَى أنَّه كان صَغِيرًا حالةَ العَقْدِ. وفي مَن يدَّعِي الصِّغَرَ وَجْهٌ؛ يُقْبَلُ قَوْلُه؛ لأنَّه الأَصْلُ. [وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، في كتابِ الإِقْرارِ، فيما إذا أقَرَّ وقال: لم أكُنْ بالِغًا] (¬1). وقطَع ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، أنَّه لو ادَّعَى الصِّغَرَ، أو السَّفَهَ حالةَ البَيعِ، أنَّهما يتَحالفان. وقال في «الانْتِصارِ»، في مُدِّ عَجْوَةٍ: لو اخْتَلَفا في صِحَّتِه وفَسادِه، قُبِلَ قوْلُ البائعِ مُدَّعِي فسادِه. ويأْتِي نظِيرُ ذلك في الضَّمانِ، وكتابِ الإِقْرارِ -فيما إذا ضَمِنَ أو أقَرَّ، وادَّعَى أنَّه كان صَغِيرًا حالةَ الضَّمانِ والإِقْرارِ- بأَتَمَّ مِن هذا. قوله: وإنْ قال: بِعْتَنِي هذَين؟ قال: بل أحَدَهما -يعْنِي، بثَمَنٍ واحدٍ- ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنْ قَال: بِعْتَنِي هَذَا. قَال: بَلْ هَذا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فالقَوْلُ قَوْلُ البائعِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وقيل: يتَحالفان. اخْتارَه القاضي. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً، وصحَّحها. وقدَّمه في «التَّبْصِرَةِ» وغيرِها. قال الشَّارِحُ: هذا أقْيَسُ وأوْلَى -إنْ شاءَ اللهُ تعالى. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا أقْيَسُ. قال القاضي في «المُجَردِ» - في بابِ المُزارَعَةِ، وبابِ الدَّعاوَى والبَيِّناتِ: إذا اخْتلَفَ المُتَبايِعان في قَدْرِ المَبِيعِ، تَحالفا. ذكَرَه عنه في «التَّلْخيصِ». قوله: وإنْ قال: بِعْتَنِي هذا؟ قال: بل هذا. حلَف كُلُّ واحِدٍ منهما على ما أنْكَرَه، ولم يَثبُتْ بَيعُ واحِدٍ منهما. هذا إحْدَى الطَّرِيقتَين، وهي طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ

مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ بَيعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا، وفي «الهادِي»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ». والطَّرِيقةُ الثَّانيةُ، أنَّ حُكْمَ هذه المَسْأَلةِ، حُكْمُ المَسْأَلةِ التي قبلَها. وهي المَنْصُوصَةُ عن أحمدَ، وهي طرِيقَةُ صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وقدَّمَها في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَ الطرَّيقَتين في «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، إذا قُلْنا: يتَحالفان. وتَحالفا؛ فإنْ كان ما ادَّعاه البائعُ مَبِيعًا بيَدِ المُشْتَرِي، فعليه رَدُّه إلى البائعِ، وليس للبائعِ طَلَبُه إذا بذَل له ثَمَنَه؛ لاعْتِرافِه ببَيعِه، وإنْ لم يُعْطِه ثَمنَه، فله فَسْخُ البَيعِ، واسْتِرْجاعُه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال في «المُنْتَخَبِ»: لا يَرُدُّه المُشْتَرِي إلى البائعِ. وأمَّا إذا كان بَيدِ البائعِ؛ فإنَّه يُقَرُّ في يَدِه، ولم يَكُنْ للمُشْتَرِي طَلَبُه، وعلى البائعِ رَدُّ

وَإنْ قَال الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَه. وَقَال الْمُشْتَرِي: لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ. وَالثَّمَنُ عَينٌ، جُعِلَ بَينَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَمَنِ، قوْلًا واحدًا. وإنْ أنْكَرَ المُشْتَرِي بَيعَ الأمَةِ، لم يَطَأْها البائعُ؛ لأنَّه مُعْتَرِفٌ ببَيعِها. نقَل جَعْفَرٌ، هي مِلْكٌ لذاك؛ أي المُشْتَرِي. قال أبو بَكْرٍ: لا يَبْطُلُ البَيعُ بجُحُودِه. ويأْتِي في الوَكالةِ خِلافٌ خرَّجَه في النِّهايَةِ مِنَ الطَّلاقِ. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى البَيعَ وَدفْعَ الثَّمَنِ، فقال: بل زَوَّجْتُك وقبَضْتُ المَهْرَ. فقدِ اتَّفَقا على إباحَةِ الفَرْجِ له، وتُقْبَلُ دَعْوَى النِّكاحِ بيَمِينِه. وذكَر أبو بَكْرٍ قَوْلًا؛ تُقْبَلُ دَعْواه البَيعَ بيَمِينِه. ويأْتِي عكْسُها في أوَائلِ عِشْرَةِ النِّساءِ. ذكَر هذه المَسْأَلةَ المُصَنِّفُ أوَاخِرَ بابِ ما إذا وصَل بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه. وتقدَّم في كتابِ البَيعِ، في، فَصْلٌ: السَّابعُ، إذا اخْتلَفا في صِفَةِ المَبِيعِ. قوله: وإنْ قال البائعُ: لا أُسَلِّمُ المَبيعَ حتى أَقْبِضَ ثَمَنَه. وقال المُشْتَرِي: لا

مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ إِلَيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أُسَلِّمُه حتى أقْبِضَ المَبِيعَ. والثَّمَنُ عَينٌ، جُعِلَ بينَهما عَدْلٌ، يَقْبِضُ منهما، ويُسَلِّمُ إليهما. وهذا المذهبُ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «القواعِدِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، ما يدُلُّ على أنَّ البائعَ يُجْبَرُ على تَسْليمِ المَبِيعِ على الإِطْلاقِ. فعلى المذهبِ؛ يُسَلَّمُ المَبِيعُ أولًا، ثم الثَّمَنُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: بل يُسَلَّمُ إليهما معًا. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ عن أحمدَ. وقيل: أيُّهما يَلْزَمُه البَداءَةُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

وَإنْ كَانَ دَينًا، أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيم الثَّمَنِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مَن قدَر منهما على التَّسْليمِ، وامْتَنعَ منه، ضَمِنَه كغاصِبٍ. قوله: وإنْ كان دَينًا -يعْنِي، في الذِّمَّةِ حالًّا- أُجْبِرَ البائعُ على التَّسْلِيمِ، ثم يُجْبَرُ المُشْتَرِي على تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إنْ كان حاضِرًا. يعْنِي، في المَجْلِسِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: له حَبْسُه حتى يَقبِضَ ثَمَنَه الحالَّ، كما لو خافَ فَواتَه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، واخْتارَه في «الانْتِصارِ». قاله في «الفُروعِ»، و «القواعِدِ». فعلى ما اخْتارَه المُصَنِّفُ، لو سلَّمَه البائعُ إلى المُشْتَرِي، لم يَمْلِكْ بعدَ ذلك اسْتِرْجاعَه، ولا مَنْعَ المُشْتَرِي مِنَ التَّصَرُّفِ فيه. قال في «القواعِدِ»: وهو خِلافُ ما قاله القاضي وأصحابُه، في مَسْألَةِ الحَجْرِ القريبِ.

وَإنْ كَانَ غَائِبًا بَعِيدًا، أَو الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا، فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ. وَإِنْ كَانَ في الْبَلَدِ، حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي في مَالِه كُلِّه حَتَّى يُسَلِّمَهُ. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ قَرِيبًا، احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، واحْتَمَلَ أَنْ يُحْجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ الخِيارُ لهما، أو لأحَدِهما، لم يَمْلِكِ البائعُ المُطالبَةَ بالنَّقْدِ. ذَكَرَه القاضي في الإِجاراتِ مِن «خِلافِه». وصرَّح به الأَزَجِيُّ في «نِهايَتِه». ولا يَمْلِكُ المُشْتَرِي قَبْضَ المَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ، بدُونِ إذْنٍ صَريحٍ مِنَ البائعِ. نصَّ على (¬1) ما قاله في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والأرْبَعِين». قوله: وإنْ كان غائبًا بَعِيدًا، أو المشْتَرِى مُعْسِرًا، فللبائعِ الفَسْخُ. هذا المذهبُ. قطَع به الجُمْهورُ، منهم صاحِبُ «الفُروعِ». وقيل: له الفَسْخُ مع إعْسارِه فقط، أو يَصْبِرُ مع الحَجْرِ عليه. قاله في «الرِّعايَةِ». وقال: ويَحْتَمِل أنْ يُباعَ المَبِيعُ. وقيل: وغيرُه مِن مالِه، في وَفاءِ ثَمَنِه إذا تَعَذَّرَ لإِعْسارٍ أو بُعْدٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عليه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قد يُقالُ: ظاهِرُ قوْلِه: والمُشْتَرِي مُعْسِرًا. أنَّه سواءٌ كان مُعْسِرًا به كلِّه، أو ببَعضِه. وهو أحَدُ الوَجْهَين. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: لابُدَّ أنْ يكونَ مُعْسِرًا به كلِّه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». فائدة: لو أحْضَرَ نِصْفَ الثَّمَنِ، فهل يأْخُذُ المَبِيعَ كلَّه أو نِصْفَه؟ أَوْ لا يأْخُذُ شيئًا حتى يَزِنَ الباقِيَ؟ أو يفْسَخُ البَيعَ ويَرُدُّ ما أخَذَه؟ قال في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا. وقيل: نَقْدُ بعضِ الثَّمَنِ لا يَمْنَعُ الفَسْخَ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ أحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِه، فقيل: يأْخُذُ المَبِيعَ. وقيل: نِصْفَه. وقيل: لا يَسْتَحِقُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطَالبَةً بثَمَنٍ ومُثَمَّنٍ مع خِيارِ شَرْطٍ. انتهى. قلتُ: أمَّا أخْذُ المَبِيعِ كلِّه، ففيه ضَرَرٌ على البائعِ، وكذا أخْذُ نِصْفِه؛ للتَّشْقِيصِ، فالأَظْهَرُ، أنَّه لا يأْخُذُ شيئًا مِنَ المَبِيعِ حتى يأْتِىَ بجميعِ الثَّمَنِ. قال في «الفُروعِ»: ومِثْلُه. المُؤْجِرُ بالنَّقْدِ في الحالِّ. تنبيه: مفْهومُ قَوْلِه: والمُشْتَرِى مُعْسِرًا. أنَّه لو كان مُوسِرًا مُماطِلًا، ليسَ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَسْخُ. [وهو الصَّحيحُ في الحالٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ؛ فإنَّه قال: له الفَسْخُ] (¬1). قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ كان في البَلَدِ، حُجِرَ على المُشْتَرِي في مالِه كُلِّه، حتى يُسَلِّمَه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: له الفَسْخُ. قوله: وإنْ كان غائبًا عنِ البَلَدِ قَرِيبًا، احْتَمَل أنْ يَثْبُتَ للبائعِ الفَسْخُ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتهِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهادِي». واحْتَمَلَ أنْ يُحْجَرَ على المُشْتَرِي مِن غيرِ فَسْخٍ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو كان الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَبِيعَ لا يُحْبَسُ عنِ المُشْتَرِي. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَحْبِسُه إلى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْخُلْفِ في الصِّفَةِ، وَتَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ. وَقَدْ ذَكَرنَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أجَلِه. جزَم به في «الرِّعايَةِ»، و «الوَجيزِ». قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الشَّيخُ. يعَنِي به المُصَنِّفَ. الثَّانيةُ، مِثْلُ البائعِ -في هذه الأحْكامِ- المؤْجِرُ بالنَّقْدِ في الحالِّ. قاله في «الوَجيزِ»، و «الفُروعَ»، وغيرِهما.

فصْلٌ: وَمَنِ اشْتَرَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، لَمْ يَجُزْ بَيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَه. وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ، إلا أنْ يُتْلِفَهُ آدَمِيٌّ، فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَينَ فَسْخِ الْعَقْدِ، وَبَينَ إِمْضَائِهِ وَمُطَالبَةِ مُتْلِفِهِ ببَدَلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، ظاهِرُ قوْلِه: ومَنِ اشْتَرَى مَكِيلًا أو مَوْزُونًا. أنَّه سواءٌ كان مَطْعومًا أو غيرَ مَطْعومٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، مَحَلُّ ذلك، إذا كان مَطْعومًا، مَكِيلًا أو مَوْزُونًا. وعنه، مَحَلُّ ذلك في المَطْعومِ، سواءٌ كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، أَوْ لا. الثَّاني، أَناطَ المُصَنِّفُ - رَحِمَهُ الله - الأحْكَامَ بما يُكالُ ويُوزَنُ، لا بما بِيعَ بكَيلٍ أو وَزْنٍ، فدخَل -في قوْلِه: ومَنِ اشْتَرَى مَكِيلًا أو مَوْزُونًا- الصُّبْرَةُ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. وهي طرِيقَةُ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحِ. ونَصرَه القاضي، وأصحابُه. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظاهِرَ المذهبِ. [وصححَه في «النّظْمِ»] (¬1). والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الحُكْمَ مَنُوطٌ بذلك، إذا بِيعَ بالكَيلِ أو الوَزْنِ، لا بما بِيعَ مِن ذلك جُزافًا، كالصُّبْرَةِ المُتَعَيِّنَةِ. وهي طَرِيقَةُ صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، وصاحِبِ «الفُروعِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: هذا المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»: هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُ. وهي اخْتيارُ أكثرِ الأصحابِ، وهي الرِّوايَةُ التي ذكَرَها المُصَنِّفُ بقَوْلِه: وعنه في الصُّبْرَةِ المُتَعَيِّنَةِ، أنَّه يجوزُ بَيعُها قبلَ قَبْضها، وإنْ تَلِفَتْ، فهي مِن ضَمانِ المُشْتَرِي. وأطْلَقهما في «الحاوي الكَبِيرِ». الثَّالثُ، في اقْتِصارِ المُصَنِّفِ على المَكِيلِ والمَوْزُونِ، إشْعارٌ بأنَّ غيرَهما ليس مِثْلَهما في الحُكْمِ، ولو كان مَعْدُودًا، أو مَذْرُوعًا. وقد صرَّح به في قوْلِه: وما عدا المَكِيلَ والمَوْزُونَ، يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه. وهو وَجْهٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وظاهِرُ المذهبِ، أنَّ المَعْدُودَ كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ. قاله في «الفُروعِ». وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وقال: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه. والمَشْهُورُ في المذهبِ، أنَّ المَذْرُوعَ كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ. قاله في «الفُروعِ». وقطَع به في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، وغيرِهم. قوله: لم يَجُزْ بَيعُه حتى يَقْبِضَه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ بَيعُه لبائعِه. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وجوَّز التَّوْلِيَةَ فيه والشَّرِكَةَ، وخرَّجه مِن بَيعِ دَينٍ. والمذهبُ خِلافُ ذلك، وعليه الأصحابُ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: لم يَجُزْ بَيعُه. أنَّه ملَكَه بالعَقْدِ، ولكِنْ هو مَمنُوعٌ مِن بَيعِه قبلَ قَبْضِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نقَلَه ابنُ مُشَيشٍ وغيرُه، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، وحكَاه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْماعًا. وذكَر في «الانْتِصارِ» رِوايةً؛ أنَّه لا يَمْلِكُه بالعَقْدِ. ذكَرَها في مَسْأَلَةِ نَقْلِ المِلْكِ زمَنَ الخِيارِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، مِلْكُ البائعِ فيه قائمٌ حتى يُوَفِّيَه المُشْتَرِي. فائدتان؛ إحْدأهما، يَلْزَمُ البَيعُ بالعَقْدِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ في قَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْلٍ مِن زُبْرَةٍ: لا يَلْزَمُ إلَّا بقَبْضِه. وقال القاضي في مَوْضِعٍ مِن كلامِه: ما يَفْتَقِرُ إلى القَبْضِ، لا يَلْزَمُ إلَّا بقَبْضِه. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يَلْزَمُ البَيعُ بكَيلِه ووَزْنِه. ولهذا نقولُ: لكُلِّ واحدٍ منهما الفَسْخُ بغيرِ اخْتِيارِ الآخَرِ، ما لم يَكِيلا أو يَزِنا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: فيَتَّجِهُ إذَنْ في نَقْلِ المِلْكِ رِوايَتا الخِيارِ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: ولا يُحِيلُ به قبلَه. وقال: غيرُ المَكيلِ والمَوْزُونِ كهُما، في رِوايَةٍ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك أوَّلَ البابِ، عندَ قولِه: ولكُلِّ واحدٍ مِنَ المُتَبايِعَين الخِيارُ ما لم يتَفَرَّقا بأبْدانِهما. الثَّانيةُ، المَبِيعُ برُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ مُتقَدِّمَةٍ, مِن ضَمانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البائعِ، حتى يَقْبِضَه المُشْتَرِي، ولا يجوزُ للمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه، مَكِيلًا، أو مَوْزُونًا، أو غيرَهما. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: لم يَجُزْ بَيعُه حتى يَقْبِضَه. جَوازُ التَّصَرُّفِ فيه بغيرِ البَيعِ. وهو اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وتقدَّم أنَّه اخْتارَ جَوازَ بَيعِه لبائعِه، وجَوازَ التَّوْلِيَةِ فيه، والشَّرِكَةِ، وهنا مسَائِلُ؛ منها، العِتْقُ. ويصِحُّ، رِوايَةً واحدَةً. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إجْماعًا. ومنها، رَهْنُه وهِبَتُه بلا عِوَضٍ، بعدَ قَبْضِ ثَمَنِه. وفي جَوازِها وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ظاهِرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ في بابِ الرَّهْنِ، عدَمُ جَوازِ رَهْنِه؛ حيثُ قال: ويجوزُ رَهْنُ المَبِيعِ غيرِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ، قبلَ قَبْضِه. قال في «التَّلْخِيصِ»: ذكَر القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا يصِحُّ رَهْنُه. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين»: قال القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ: لا يجوزُ رَهْنُه، ولا هِبَتُه، ولا إجارَتُه قبلَ القَبْضِ، كالبَيعِ. ثم ذكَر في الرَّهْنِ -[وهو ظاهِرُ كلامِه في المُرْتَهَنِ] (¬1) - عن ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، أنَّه يصِحُّ رَهْنُه قبلَ قَبْضِه. انتهى. وقطَع في «الحاوي الكَبِيرِ»، أنَّه لا يصِحُّ رَهْنُه ولا هِبَتُه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، في هذا البابِ. واخْتارَ القاضي الجَوازَ فيهما. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «التَّلْخيصِ» أيضًا: وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيلٍ, في مَوْضِعٍ آخَرَ، إنْ كان الثَّمَنُ قد قُبِضَ، صحَّ رَهْنُه وتقدَّم كلامُهما فيما نقَلاه عنِ الأصحابِ. وللأصحابِ وَجْه آخَرُ، بجَوازِ رَهْنِه على غيرِ ثَمَنِه. قاله في «القَواعِدِ» وغيرِه. وقدَّم في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، صِحَّةَ رَهْنِه. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». ذكَرُوا ذلك في بابِ الرَّهْنَ. ويأْتِي هناك بأَتَمَّ مِن هذا. ومنها، الإِجارَةُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَصِحُّ مِن بائعِه. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ومنها، الوَصِيَّةُ به، والخُلْعُ عليه. فجَوَّزه أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وفي طَريقةِ بعضِ أصحابِنا، يصِحُّ تَزْويجُه به. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين»: ومِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ مَن قطَع بجَوازِ جَعْلِه مَهْرًا؛ مُعَلِّلًا بأنَّ ذلك غَرَرٌ يَسِيرٌ، فيُغْتَفَرُ في الصَّداقِ. ومنهم المَجْدُ. انتهى. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يصِحُّ جَعْلُه مَهْرًا. واخْتارَ أيضًا جَوازَ التَّصَرُّفِ فيه بغيرِ بَيعٍ. وظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِ - وصرَّح به كثيرٌ منهم - عدَمُ الجَوازِ. قوله: وإنْ تَلِفَ قبلَ قَبْضِه فهو من مالِ البائعِ. اعلمْ أنَّه إذا تَلِفَ كلُّه، وكان بآفَةٍ سَماويَّةٍ، انْفَسخَ العَقْدُ، وكان مِن ضَمانِ بائعِه. وكذا إنْ تَلِفَ بعضُه، لكِنْ هل يُخَيَّرُ المُشْتَرِي في باقِيه، أو يَفْسَخُ؟ فيه رِوايَتا تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. وقد تقدَّم المذهبُ منهما. قال الزَّرْكَشِي. ظاهِرُ كلامِ أبي محمدٍ، أنَّه يُخَيَّرُ بينَ قَبُولِ المَبِيعِ (¬1) ناقِصًا ولا شيءَ له، وبينَ الفَسْخِ والرُّجُوعِ بالثَّمَنِ. فظاهِرُ كلامِ غيرِه، أنَّ التَّخْيِيرَ في الباقِي، وأنَّ التَّالِفَ يُسْقِطُ ما قابلَه مِنَ الثَّمَنِ. انتهى. وفي العَيبِ بآفَةٍ سَماويَّةٍ، فيَتَعَيَّنُ ما قاله المُصَنِّفُ في تَلَفِ البعضِ بآفَةٍ سَمَاويَّةٍ. قوله: إلَّا أنْ يتلِفَه آدَمِيٌّ، فيُخَيَّرَ المشْتَرِى بينَ فَسْخِ العَقْدِ، وبينَ إمْضائِه، ومُطالبَةِ مُتْلِفِة بالقِيمَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: قاله أصحابُنا. وقيل: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «البيع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ أتْلَفه بائعُه، انْفَسخَ العَقْدُ. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». قال الزَّرْكَشِيُّ: قد يُقالُ: إنَّ إطْلاقَ الخِرَقِيِّ بُطْلانُ العَقْدِ مُطْلَقًا. وظِاهِرُ ما روَى إسماعِيلُ بنُ سَعِيدٍ: إذا كان التَّلَفُ مِن جِهَةِ البائعِ، لا يَبْطُلُ العَقْدُ، ولا يُخَيَّرُ المُشْتَرِي. انتهى. تنبيه: قوْلُه: ومُطَالبَةِ مُتْلِفِه بالقِيمَةِ. وكذا قال كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُهم -إلَّا «المُحَرَّرِ» - بقوْلِهم: بقِيمَتِه. ببَدَلِه. وقد نقَل الشَّالنْجِيُّ، يُطالبُ مُتْلِفُه في المَكِيلِ والمَوْزُونِ بمِثْلِه. فوائد؛ منها، لو خلَطَه بما لم يتَمَيَّزْ، فهل يَنْفَسِخُ العَقْدُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، ينْفَسِخُ العَقْدُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وصحَّحه في «النَّظْمِ». والثَّاني، لا ينْفَسِخُ. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ ثُبوتُ الخِيَرَةِ في فَسْخِه. ولعَلَّ الخِلافَ مَبْنِيٌّ على أنَّ الخَلْطَ؛ هل هو اشْتِراكٌ أو إهْلاكٌ؟ على ما يأْتِي في كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ في الغَصْبِ. ومنها، لو اشْتَرَى شاةً بشعِيرٍ، فأكَلَتْه قبلَ القَبْضِ؛ فإنْ لم تكُنْ بيَدِ أحَدٍ، انْفَسَخَ العَقْدُ، كالسَّماويِّ، وإنْ كانتْ بيَدِ المُشْتَرِي، أو البائعِ، أو أجْنَبِيٍّ، فمِن ضَمانِ مَن هي بيَدِه. ومنها، لو كان المَبِيعُ قَفِيزًا مِن صُبْرَةٍ، أو رَطْلًا مِن زُبْرَةٍ، فتَلِفَتْ إلَّا قَفِيزًا أو رَطْلًا، فهو المَبِيعُ. ومنها، لو اشْتَرَى عَبْدًا أو شِقْصًا بمَكِيلٍ، أو مَوْزُونٍ، أو مَعْدُودٍ، أو مَذْرُوعٍ، فقَبَضَ العَبْدَ وباعَه، أو أخَذَ الشِّقْصَ بالشُّفْعَةِ، ثم تَلِفَ الطَّعامُ قبلَ قَبْضِه، انْفَسَخَ العَقْدُ الأوَّلُ دُونَ الثَّاني، ولا يَبْطُلُ الأخْذُ بالشُّفْعَةِ، ويَرْجِعُ مُشْتَرِى الطَّعامِ على مُشْتَرِى العَبْدِ أو الشِّقْصِ بقِيمَةِ ذلك؛ لتعَذُّرِ رَدِّه، وعلى الشَّفيعِ مِثْلُ الطَّعامِ، لأنَّه عِوَضُ الشِّقْصَ. تنبيه: يأْتِي حُكْمُ الصَّرْفِ والسَّلَمِ قبلَ قَبْضِهما في بابَيهما، ويأْتِي حُكْمُ الثَّمَرَةِ

وَعَنْهُ، في الصُّبْرَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ، أَنَّهُ يَجُوزُ بَيعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ، فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي. وَمَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِنْ تَلِفَ، فَهُوَ مِنْ مَاكِ الْمُشْتَرِي. وذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّهُ كَالْمَكِيلِ والْمَوزُونِ في ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا باعَها على الشَّجَرِ، هل يجوزُ بَيعُها قبلَ جَدِّها؟ ونحوُه. قوله: وما عَدا المَكِيلَ والمَوْزُونَ، يَجُوزُ التّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ تَلِفَ، فهو مِن ضَمانِ المُشْتَرِي. وهذا بِناءً منه على ما ذكَرَه في المَكِيلِ والمَوْزُونِ. وقد تقدّم أنَّ المَعْدُودَ والمَذْرُوعَ كهُما، فما عَدا هذه الأرْبعَةَ، يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه، وإنْ تَلِفَ، فهو مِن ضَمانِ المُشْتَرِي, كما قال المُصَنِّفُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ، كأَخْذِه بشُفْعَةٍ. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ، واخْتِيارُ أكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال في «المُحَرَّرِ»: هذا المَشْهُورُ. قال في «الشَّرْحِ»: هذا الأظهَرُ. قال في «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»: هذا الأشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الأشْهَرُ عن الإِمامِ، والمُخْتارُ لجُمْهورِ الأصحابِ. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصُولِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه، إنْ لم يَكُنْ مَطعُومًا. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ رِوايَةٌ؛ يجوزُ في العَقارِ فقط. وذكَر أبو الخَطَّابِ رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ في ذلك، فلا يجوزُ التَّصَرفُ فيه مُطْلَقًا، ولو ضَمِنَه. اخْتارَه ابنُ عَقِيل في غيرِ «الفُصُولِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجعَلَها طَرِيقَةَ الخِرَقِيِّ وغيرِه، وقال: عليه تدُلُّ أُصُولُ أحمدَ، كتَصَرُّفِ المُشْتَرِي في الثَّمَرَةِ، والمُسْتَأْجِرِ في العَينِ، مع أنَّه لا يَضْمَنُها، وعكْسُه كالصُّبْرَةِ المُعَينَّةَ. كما شرَط قَبْضَه لصِحَّتِه، كسَلَمٍ وصَرْفٍ. وقال في «الانْتِصارِ»، في الصَّرْفِ: إنْ تَمَيَّز له، الشِّراءُ بعَينِه، ويأْمُرُ البائعُ بقَبْضِه في المَجْلِسِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: المُتَعَيِّنان في الصَّرْفِ، قيل: مِن صُوَرِ المَسْأَلةِ. وقيل: لا؛ لقوْلِه: إلَّا هؤلاءِ. فوائد؛ الأُولَى، ضابِطُه، المَبِيعُ مُتَمَيِّزْ وغيرُه؛ فغَيرُ المُتَمَيِّزِ مُبْهَمٌ تعَلَّقَ به حقُّ تَوْفِيَةٍ، كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ ونحوه، فيَفْتَقِرُ إلى القَبْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وفي كلامِ المُصَنِّفِ ما يقْتَضِى رِوايَةً بعدَمِ الافْتِقارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا يُتابَعُ عليها. ومُبْهَم لم يتَعَلَّقْ به حَقُّ تَوْفِيَةٍ، كنِصْفِ عَبْدٍ، ونحوه، ففي «البُلْغَةِ»، هو كالذي قبلَه. وفي «التَّلْخيصِ»، هو مِنَ المُتَمَيِّزاتِ، فيه الخِلافُ الآتِي. والمُتَمَيِّزُ قِسْمان؛ ما يتَعَلَّقُ به حقُّ تَوْفِيَةٍ، كبِعْتُك هذا القَطِيعَ، كل شاةٍ بدِرْهَم، ونحوه. فهو كالمُبْهَمِ الذي تعَلَّقَ به حَقُّ تَوْفِيَةٍ عندَ الأصحابِ. وخرج أنَّه كالعَبْدِ. وهو ظاهِرُ رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وما لا يتَعلّقُ به حَقُّ تَوْفِيَةٍ -كالعَبْدِ، والدَّارِ، والصُّبْرَةِ، ونحوها، مِنَ الذِّمِّيَّاتِ- ففيه الرِّواياتُ المذْكُورَةُ بعدَ كلامِ المُصَنِّفِ. الثَّانيةُ، ما جازَ له التَّصَرُّفُ فيه، فهو مِن ضَمانِه، إذا لمَ يَمْنَعْه البائعُ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه، تمَكَّنَ مِن قَبْضِه أوْلا. وجزم به في «المُستَوْعِبِ» وغيرِه. وقال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يكونُ مِن ضَمانِه، إلَّا إذا تمَكَّنَ مِن قَبْضِه. وقال: ظاهِرُ المذهبِ، الفَرْق بينَ ما تمَكَّنَ مِن قَبْضِه وغيرِه، ليس هو الفَرْقَ بينَ المَقْبوضِ وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ولم أجِدِ الأصحابَ ذكَرُوه. ورَدَّ ما قاله الشَّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ، واسْتَشْهَدَ للردِّ بكلامِ بعضِ الأصحابِ. الثَّالثةُ، الثَّمَنُ الذي ليس في الذِّمَّةِ، حُكْمُه حُكْمُ المُثَمَّنِ، فأمَّا إنْ كان في الذِّمَّةِ، فله أخْذُ بدَلِه؛ لاسْتِقْرارِه. قال المُصَنِّفُ في «فتَاويه»، في مَنِ اشْتَرَى شاةً بدِينارٍ، فبَلَعَتْه، إنْ قُلْنا: يتَعَيَّنُ الدِّينارُ بالتَّعْيِينِ، ويَنْفَسِخُ العَقْدُ بتَلَفِه قبلَ قَبْضِه، انْفَسَخَ هنا. وإنْ لمِ نَقُلْ بأحَدِهما، لم يَنْفَسِخْ. الرَّابعة، حُكْمُ كلِّ مُعَيَّنٍ مُلِكَ بعَقْدِ مُعاوَضَةٍ، يَنْفسِخُ بهَلاكِه قبلَ قَبْضِه -كالأجْرَةِ المُعَينَّةَ، والعِوَضِ في الصلْحِ، بمَعْنَى البَيعِ، ونحوهما- حُكْمُ العِوَضِ في البَيعِ، في جَوازِ التَّصَرُّفِ ومَنْعِه، كما سبَق. قطعَ به الأصحابُ. وجوَّز الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ البَيعَ فيه، وغيرَه؛ لعدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ. انتهى. وحُكْمُ ما لا يَنْفَسِخُ العَقْدُ بتَلَفِه قبلَ قَبْضِه -كالعِوَضِ في الخُلْعِ، والعِوَضِ في العِتْقِ، والمُصالحِ به عن دَمِ العَمْدِ- قيل: حُكْمُ البَيعِ. كما تقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الذي قبلَه. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، لكنْ يجِبُ بتَلَفِه مِثْلُه أو قِيمَتُه. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي [الصَّغِيرِ] (¬1)»، ولا فَسْخَ على الصَّحيحِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لهما فَسخُ نِكاحٍ، لفَوْتِ بعضِ المَقْصُودِ، كعَيبِ مَبِيعٍ. انتهى. وقيل: له التَّصَرُّف قبلَ قَبْضِه فيما لا ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْفَسِخُ، فيَضْمَنُه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وفي «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، بل ضَمانُه كبَيع. وحُكْمُ المَهْرِ كذلك عندَ القاضي. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. وجزَم به في «الحاوي الكَبِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ لم يَكُنْ مُتَعَيَّنًا. ذكَرَه المُصَنِّفُ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». الخامسةُ، لو تعَيَّنَ مِلْكُه في مَوْرُوثٍ، أو وَصِيَّةٍ، أو غَنِيمَةٍ، لم يُعْتَبرْ قَبْضُه في صِحَّةِ تصَرُّفِه فيه. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، بلا

وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيمَا بِيعَ بِالْكَيلِ وَالْوَزْنِ، بِكَيلهِ وَوَزْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٍ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»؛ و «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهما؛ لعدَمِ ضَمانِه بعَقْدِ مُعاوَضَةٍ؛ كمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ، وكوَدِيعَةٍ، وكمالِه في يَدِ وَكيله، ويجوزُ ذلك. وقيل: وَصِيَّةٌ كبَيعٍ. وقيل: وإرْثٌ أيضًا كبَيع. وفي «الإفْصاحِ» عن أحمدَ، مَنْعُ بَيعِ الطعامِ قبلَ قَبْضِه في إرْثٍ وغيرِه. وفي «الانْتِصارِ»، مَنْعُ تَصَرُّفِه في غَنِيمَةٍ قبلَ قَبْضِها إجْماعًا، وعارِيَّةٍ كوَدِيعَةٍ في جَوازِ التَّصَرُّفِ، ويَضْمَنُها مُسْتَعِيرٌ. ويأتِي حُكْمُ القَرْضِ في أوَلِ بابِه. قوله: ويَحْصُلُ القَبْضُ فيما بِيعَ بالكَيلِ والوَزْنِ بكَيله ووَزْنه. وكذا المَعْدُودُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَذْرُوعُ، بعَدِّه، وذَرْعِهِ، على ما تقدَّم نصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، لكِنْ يُشْتَرطُ في ذلك كلِّه، حُضورُ المُسْتَحِقِّ أو نائبِه. وعنه، أنَّ قَبْضَ جميعِ الأشْياءِ بالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ. نصَرَه القاضي وغيرُه. وقال في «المُحَررِ»، ومَن تابَعه: وإنْ تقَابَضاه جُزافًا، لعِلْمِهما بقَدْرِه، جازَ، إلَّا في المَكِيلِ، فإنَّه على رِوايتَين. ويأتِي في أوَاخِرِ السَّلَمِ، هل يُكْتَفَى بعِلْمِ كَيلِه أو وَزْنه ونحو ذلك عن المَكِيلِ والمَوْزُونِ ونحوهما، أم لا؟ فوائد؛ إحْداها، نصَّ الإمامُ أحمدُ على كَراهَةِ زَلْزَلَةِ الكَيلِ. الثّانيةُ، الصَّحيحُ

وَفِي الصُّبْرةِ وَفِيمَا يُنْقَلُ، بِالنَّقْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ صِحَّةُ اسْتِنابَةِ مَن عليه الحَقُّ للمُسْتَحِق في القَبْضِ. قال في «التَّلْخيصِ»: صحَّ في أظْهَرِ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يصحُّ. الثَّالثةُ، نصَّ أحمدُ، وقاله القاضي وأصحابُه، ظَرْفُه كيَدِه؛ بدَليلِ تَنازُعِهما ما فيه. وقيل: لا. الرَّابعةُ، نصَّ أحمدُ أيضًا على صِحَّةِ قَبْضِ وَكيل مِن نَفْسِه لنَفْسِه. وهو المذهبُ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. قاله في «الفُروعِ». قال في «التَّلْخيصِ»: هذا المَشْهورُ في المذهبِ، وعليه جُمْهورُ الأصحاب. وقاله في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. ولو قال له: اكْتَلْ مِن هذه الصُّبْرَةِ قَدْرَ حَقِّك، ففَعَل، صحَّ. وقيل: لا. ويأتِي ذلك في آخِرِ السَّلَمِ. قوله: وفي الصُّبْرَةِ، وما يُنْقَلُ بالنَّقْلِ، وفيما يُتَناوَلُ بالتنَّاوُلِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، أنَّ قَبْضَ جميعِ الأشْياءِ بالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ. ونصَرَه القاضي وغيرُه، كما تقدَّم.

وَفِيمَا يُتَنَاوَلُ، بِالتَّنَاوُلِ، وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ، بِالتَّخْلِيَةِ. وَعَنْهُ، أنَّ قَبْضَ جَمِيعِ الْأشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ التَّمْيِيزِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1)، في كتابِ الهِبَةِ: والقَبْضُ في المُشاعِ بتَسْليمِ الكُلِّ إليه، فإنْ أبي الشَّرِيكُ أنْ يُسَلِّمَ نَصِيبَه، قيل للمُتَّهِبِ: وكِّلِ الشَّرِيكَ في قَبْضِه ونَقْلِه. فإنْ أبي، نصبَ الحاكِمُ مَن يكونُ في يَدِه لهما، فيَنْقُلُه، ليَحْصُلَ القَبْضُ؛ لأنه لا ضرَرَ على الشَّرِيكِ في ذلك، ويَتِمُّ به عَقْدُ شَرِيكِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: ومَنِ اتَّهَبَ مُبْهَمًا أو مُشاعًا؛ مِن مَنْقُولٍ وغيرِه مما يَنْقَسِمُ أو غيرِه، فأذِنَ له شَرِيكُه في القَبْضِ، كان سَهْمُه أمانَةً مع المُتَّهِبِ، أو يُوَكِّلُ المُتهِبُ شَرِيكَه في قَبْضِ سَهْمِه منه، ويكونُ أمانَةً. وإن تَنازَعا، قبَض لهما وَكِيلُهما، أو أمِينُ الحاكِمِ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ الهِبَةِ: قال في «المُجَرَّدِ»: يُعْتَبرُ لقَبْضِ المُشاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ، فيكونُ نِصْفُه مَقْبُوضا تَملُّكًا، ونِصْفُ الشَّرِيكِ أمانةً. وقال في «الفُنُونِ»: بل عارِيَّة. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ» أيضًا، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ: ومَن باعَ حقَّه المُشاعَ مِن عَينٍ، وسلَّم الكُلَّ إلى المُشْتَرِي بلا إذْنِ شَرِيكِه، فهو غاصِبٌ حَقَّ شَرِيكِه، فإنْ عَلِمَ المُشْتَرِي عدَمَ إذْنِه في قَبْضِ حَقِّه -فتَلِفَ- ضَمَّنَ أيَّهما شاءَ، والقَرارُ على ¬

(¬1) انظر: المغني 8/ 247.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي. وكذا إنْ جَهِلَ الشَّرِكَةَ أو وُجوبَ الإذْنِ -ومِثْلُه يَجْهَلُه- لكِنِ القرارُ على البائعِ؛ لأنَّه غَرَّه، ويَحْتَمِلُ أنْ يخْتَصَّ بالمُشْتَرِى. قوله: وفيما عَدا ذلك بالتَّخْلِيَةِ. كالذي لا يُنْقَلُ، ولا يحَوَّلُ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي» وغيرُهم: مع عدَمِ المانِعِ. قلتُ: ولعَلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. فائدتان؛ إحْداهما، أُجْرَةُ تَوْفِيَةِ الثمَنِ والمُثَمِّنِ على باذِلِه منهما. قاله الأصحابُ. وقال في «النِّهايَةِ»: أُجْرَةُ نقْلِه -بعدَ قَبْضِ البائعِ له- عليه. انتهى. وأُجْرَةُ المَنْقُولاتِ على المُشْتَرِي، إن قُلْنا: كمَقْبُوضٍ. جزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: أُجْرَةُ المَنْقُولاتِ على المُشْتَرِي، سواءٌ قُلْنا: كمَقْبُوضٍ. أوْ لا. قال المُصَنِّفُ: لأنه لم يتَعلَّقْ به حق تَوْفِيَةٍ. نصَّ عليه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومُؤنَةُ تَوْفِيَةِ كلِّ واحدٍ مِنَ العِوَضَين مِن أُجْرَةِ وَزْنِه، وكَيلِه، وذَرْعِه، وعَدِّه، وغيرِ ذلك، على باذِلِه، ومُؤْنَةُ قَبْضِ ما بيعَ جُزافًا، وهو مُتَمَيِّزٌ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن صارَ له، إنْ قُلْنا: هو في حُكْمِ المَقْبُوضِ. وإلَّا فلا. وما بِيعَ بصِفَةٍ أو رُؤيَةٍ مُتقَدِّمَةٍ، فهو كالمَكيلِ والمَوْزونِ ونحوهما، في حقِّ التَّوْفِيَةِ وغيرِها. وقيل: أُجْرَةُ الكيَّالِ على البائعِ. وكذا أُجْرَةُ الوَزَّانِ، والنَّقْلِ. وقيل: بل على المُشْتَرِي. ثم قال مِن عندِه: ويَحْتَمِلُ أنّ عليه أُجْرَةَ النَّقَّادِ، وزِنَةِ الوَزَّانِ. انتهى. [وقال القاضي في «التَّعْلِيقِ»: وأُجْرَةُ النَّقَّادِ، فإنْ كان قبلَ أنْ يقْبِضَ البائعُ الثَّمَنَ، فهي على المُشْتَرِي؛ لأنَّ عليه تَسْلِيمَ الثمَنِ إليه صَحِيحًا، وإنْ كان قد قبَض، فهي على البائعِ؛ لأنَّه قد قبَضَه منه ومَلَكَه، فعليه أنْ يتبينَ أنَّ شيئًا منه مَعِيبًا يَجِبُ ردُّه] (¬1). الثَّانيةُ، يتَمَيَّزُ الثَّمَنُ عن المُثَمِّنِ بدُخولِ باءِ البَدَلِيَّةِ مُطْلَقًا. على الصحيحِ. قدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». وقال: وهو أوْلَى. قال الأزَجِيُّ في «نِهايتِه»: وهو أظْهَرُ. وقيل: إنِ اشْتمَلَتِ الصَّفْقَةُ على أحَدِ النَّقْدَين، فهو الثَّمَنُ، وإلا فهو ما دَخلَتْه باءُ البَدَلِيَّةِ، نحو، بِعْتُك هذا بهذا: فقال المُشْتَرِي: اشْتَرَيتُ. أو قال: اشْتَرَيتُ هذا بهذا. فقال البائعُ: بِعْتُك. وذكَر الأزَجِي في «نِهايتِه» وَجْهًا ثالِثًا، وهو أن الثَّمَنَ الدراهِمُ والدَّنانِيرُ المَوْصوفَةُ للثَّمَنِيَّةِ اصْطِلاحًا. فيخْتَصُّ بها فقط. قلتُ: هو قَريبٌ مِنَ الذي قبلَه. فوائد؛ منها، لا يضمَنُ النُّقادُ ما أخطَأوا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. زادَ في «الرِّعايَةِ»، إذا عُرفَ حَذْقُه وأمانَتُه. والظَّاهِرُ، أنه مُرادُ مَن أطْلَقَ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَضمَنُون. ومنها، إتْلافُ المُشْتَرِي للمَبِيعِ قَبْضٌ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: إنْ كان عَمْدًا، فقَبْضٌ، وإلَّا فلا. وغَصْبُه ليس بقَبْضٍ. وفي «الانْتِصارِ»، خِلافٌ؛ إنْ قَبلَه، هل يَصِيرُ قابِضًا أم يَنْفَسِخُ، ويَغْرَمُ قِيمَتَه؟ وكذا مُتَّهِبٌ بإذْنِه، هل يَصِيرُ قابِضًا؟ فيه، وفي غَصْبِ عَقارٍ، لو اسْتَوْلَى عليه (¬1) وحال بينَه وبينَ بائعِه، صارَ قابِضًا. ومنها، يصِحُّ قَبْضُه مِن غيرِ رِضَا البائعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «الانْتِصارِ»: يَحْرُمُ في غيرِ مُتَعَيِّن. ومنها، لو غصَب. البائعُ الثَّمَنَ، أو أخَذَه بلا إذْنِه، لم يَكُنْ قَبْضًا، إلَّا مع المُقاصَّةِ. فائدة: يَحْرُمُ تَعاطِيهما عَقْدًا فاسِدًا، فلو فعَلا، لم يَمْلِكْ به، ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فيه مِنَ الطلاقِ في النِّكاحِ الفاسِدِ. واعْتَرضَه أحمدُ الحرْبِيُّ (¬2) في «تَعْلِيقِه»، وفرَّق بينَهما. وأبْدَى ابنُ عَقِيل في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» احْتِمالًا بنُفُوذِ الإقَالةِ في البيعِ الفاسِدِ، كالطَّلاقِ في النِّكاحِ الفاسِدِ. قال: ويُقَيِّدُ ذلك، أن حُكْمَ الحاكِمِ بعدَ الإقالةِ بصِحَّةِ العَقْدِ، لا يُؤثِّرُ. انتهى. قال في «الفائقِ»: قال شيخُنا، يعْنِي به الشيخَ تَقِيُّ الدِّينِ: يتَرجَّحُ أنَّه يَمْلِكُه بعَقْدٍ فاسِدٍ. فعلى المذهبِ، حُكْمُه حُكْمُ المَغْصُوبِ في الضَّمانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والأرْبَعِين»: هذا المَعْروفُ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) أحمد بن معالي (عبد الله) بن بركة الحربي، شيخ فقيه، مناظر، له مخالطة مع الفقهاء، ومعاشرة مع الصوفية، له «تعليقة» في الفقه. توفي سنة أربع وخمسين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 232، 233.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُه حُكْمُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ. ومنه خرَّج ابنُ الزَّاغُونِيِّ، لا يَضْمَنُه. ويأتِي حُكْمُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في بابِ الضَّمانِ، وإنْ كان هذا محَله، لمَعْنًى ما. وعلى المذهبِ أيضًا، يَضْمَنُه بقِيمَتِه على الصَّحيحِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وأبِي طالِبٍ. وذكَر أبو بَكْرٍ، يَضْمَنُه بالمُسَمَّى لا القِيمَةِ، كنِكاحٍ وخُلْع. وحكاه القاضي في الكِتابَةِ. واخْتارَه الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال في «الفُصُولِ»: يَضْمَنُه بالثّمَنِ. والأصحُّ، بقِيمَتِه كمَغْصُوبٍ. وفي «الفُصُولِ» أيضًا -في أُجْرَةِ المِثْلِ في مُضارَبَةٍ فاسِدَةٍ- أنَّه كبَيع فاسِدٍ، إذا لم يَسْتَحِقَّ فيه المُسَمَّى، اسْتَحَق ثَمَنَ المِثْلِ؛ وهو القِيمَةُ. كذا تَجِبُ قِيمَةُ المِثْلِ لهذه المَنْفَعَةِ. انتهى. وقال في «المُغْنِي» -في تصَرُّفِ العَبْدِ- وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»: أو يضْمَنُ مِثْلَه يومَ تَلَفِه. وخرج القاضي وغيرُه، فيه وفي عارِيَّةٍ، كمَغْصُوبٍ. وقاله في «الوَسِيلَةِ». وقيل: له حَبْسُ المَقْبوضِ بعَقْدٍ فاسِدٍ على قَبْضِ ثَمَنِه. وعلى المذهبِ، يَضْمَنُ زِيادَتَه على الصَّحيحِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وله مُطْلَقًا، نَماؤه المُتَّصِلُ والمُنْفَصِلُ، وأُجْرَته مُدَّةَ قَبْضِه بيَدِ المُشْتَرِي، وأرْشُ نَقْصِه. وقيل: هل أُجْرَتُه وزِيادَتُه مَضْمونَة أو أمانَة؟ على وَجْهَين. انتهى. وقال في «الصغْرَى»: ونَماؤه وأُجْرَتُه وأرْشُ نَقْصِه لمالِكِه. وقيل: عليه أُجْرَةُ المِثْلِ لمَنْفَعَةٍ، وضَمانُه إنْ تَلِفَ بقِيمَتِه، وزِيادَتُه أمانَة. انتهى. وقام الضَّمانَ أيضًا في الزِّيادَةِ (¬1). وصححَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النّظْمِ»: وفي ضَمانِ زِيادَتِه وَجْهان. وقال في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الزبدة».

وَالإقَالةُ فَسْخٌ، تَجُوزُ في الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يُسْتَحَقُّ بِهَا شُفْعَة، وَلَا تجُوزُ إلا بِمِثْلِ الثَّمَن. وَعَنْهُ، أنَّهَا بَيعٌ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ذَلِكَ إلا بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فِي أحدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغنِي»، و «الترْغيبِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين» وغيرِهما: إنْ سقَط الجَنِينُ مَيِّتا، فهَدَرٌ. وقاله القاضي. وعندَ أبِي الوَفَاءِ يَضْمَنُه. انتهى. ويَضْمَنُه ضارِبُه بلا نِزاع، وحُكْمُه في الوَطْءِ حُكْمُ الغاصِبِ، إلا أنَّه لا حَدَّ عليه، ووَلَدُه حُر. قوله: والإقالةُ فَسْخٌ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: اخْتارَها الخِرَقِيُّ، والقاضي، والأكْثَرُون. قال الزرْكَشِيُّ: هي اخْتِيارُ جُمْهورِ الأصحابِ؛ القاضي وأكثرِ أصحابِه. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: ويُشْرَعُ إقالةُ النادِمِ، وهي فَسْخٌ في أصحِّ الروايتَين. وقدَّمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وحكَاه القاضي، في المُصَنِّفُ، وغيرُهما عن أبي بَكْر. وعنه، أنها بَيعٌ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». تنبيه: يَنْبَنِي على هذا الخِلافِ فَوائِدُ كثيرة، ذكَرَها ابنُ رَجَب في «فوائدِه» وغيرُه. منها، إذا تَقايَلا قبلَ القَبْضِ، فيما لا يجوزُ بَيعُه قبلَ قَبْضِه، فيَصِحُّ على المذهبِ، ولا يصِحُّ على الثانيةِ، إلَّا على رِوايَةٍ حكَاها القاضي في «المُجَرَّدِ»، في الإجارَاتِ؛ أنَّه يصِحُّ بَيعُه مِن بائعه خاصة قبلَ القَبْضِ. وقد تقدَّمَتْ. واخْتارَها الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقاله أبو الخَطابِ في «الانْتصارِ». ومنها، جَوازُها، في المَكِيلِ والمَوْزونِ بغيرِ كَيلٍ ووَزْنٍ، على المذهبِ، ولا يصِح على الثانيةِ. وهذه طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ في «التنبِيهِ»، والقاضي، والأكْثَرِين. وجزَم بها في «الفُروعِ» وغيرِه. وحُكِيَ عن أبي بَكْرٍ، أنه لا بدَّ فيها مِن كَيلٍ أو وَزْنٍ ثانٍ، على الرِّوايتَين جميعًا. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشارِحُ، عن أبي بَكرٍ. ومنها، إذا تقَايَلا بزِيادَةٍ على الثمَنِ، أو نقْصٍ منه، أو بغيرِ جِنْسِ الثمَنِ، لم تصِح الإقالةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمِلْكُ للمُشْتَرِب. على المذهبِ. وعلى الثانيةِ، فيه وَجْهان. وأطْلَقهما المُصَنِّفُ هنا. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ» وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يصِحُّ إلَّا بمِثْلِ الثَّمَنِ أيضًا. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الكَبِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ». وهو المَذهبُ عندَ القاضي في «خِلافِه». قال في «القواعِدِ»: وهو ظاهِرُ ما نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. والوَجْهُ الثاني، يصِحُّ بزِيادَةٍ على الثَّمَنِ ونَقْصٍ. صحَّحَه القاضي في «الرِّوايتَين». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، فإنَّه قال: وعنه، بَيعٌ. فيَنْعَكِسُ ذلك إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ في وَجْهٍ، ويكونُ هذا المذهبَ على ما اصطَلَحْناه. ومنها، تصِحُّ الإقالةُ بلَفْظِ الإقالةِ والمُصَالحةِ. على المذهبِ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وعلى الثانيةِ لا يَنْعَقِدُ. صرَّح به القاضي في «خِلافِه»، فقال: ما يَصْلُحُ للحَلِّ لا يصْلُحُ للعَقْدِ، وما يصْلُحُ للعَقْدِ لا يصْلُحُ للحَلِّ؛ فلا تَنْعَقِدُ الإقالةُ بلَفْظِ البَيعِ، ولا البَيعُ بلَفْظِ الإقالةِ. قاله في «القواعِدِ». وظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، انْعِقادُها بذلك، وتكونُ مُعاطاةً. قاله في «الفَوائدِ». ومنها، عدَمُ اشْتِراطِ شُروطِ البَيعِ؛ مِن مَعْرِفَةِ المُقَالِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، والقُدْرَةِ على تَسْليمِه، وتَمَيُّزِه عن غيرِه، على المذهبِ. وعلى الثانيةِ، يُشْتَرطُ مَعْرِفَةُ ذلك. ذكَرَه في «المُغْنِي»، في التَّفْليسِ. قال في «القواعِدِ»: وفي كلامِ القاضي ما يقتَضِي أن الإقالةَ لا تصِحُّ مع غَيبَةِ الآخَرِ، على الرِّوايتَين، ولو قال: أقِلْنِي. ثم غابَ، فأقاله، لم يصِحَّ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقدَّم في «الانْتِصارِ»، يصِحُّ على الفَوْرِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: الإقالةُ لمَّا افْتقَرَتْ إلى الرِّضا، وَقفَتْ على العِلْمِ. ومنها، لو تَلِفَتِ السِّلْعَةُ، فقيل: لا تصِحُّ الإقالةُ، على الروايتَين. وهي طَرِيقَةُ القاضي في مَوْضِع مِن «خِلافِه»، والمُصَنِّفِ في «المُغْنِي». وقيل: إنْ قيلَ: هي فَسْخٌ. صَحَّتْ، وإلَّا. لم تصِحَّ. قال القاضي في مَوْضِعٍ مِن «خِلافِه»: هو قِياسُ المذهبِ. وفي «التلْخيصِ»، وَجْهان. وقال: أصلُهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايَتان إذا تَلِفَ المَبِيعُ في مُدّةِ الخِيارِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقالا: وفارَق الرَّدَّ بالعَيبِ؛ لأنَّه يُعْتمَدُ مَرْدُودًا. ومنها، صِحَّتُها بعدَ نِداءِ الجُمُعَةِ. على المذهبِ. وعلى الثّانيةِ، لا تصِحُّ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، ومَن تابعَهما. ومنها، نَماؤه المُنْفَصِلُ، فعلى الثانيةِ، لا يُتْبَعُ. وعلى المذهبِ، قال القاضي: هو للمُشْتَرِي. قال ابنُ رَجَب: ويَنْبَغِي تَخْرِيجُه على الوَجْهَين؛ كالردِّ بالعَيبِ، والرُّجوعِ للمُفْلِسِ. وخرج القاضي وَجْهًا؛ يَرُدُّه مع أصْلِه. حكَاه المَجْدُ عنه في «شَرْحِه». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»: النَّماءُ للبائعِ. على المذهبِ. مع ذِكْرِهما أن نَماءَ المَعِيبِ للمُشتَرِي. ومنها، لو باعَه نَخْلًا حامِلًا، ثم تَقايَلا وقد أطْلَعَ، فعلى المذهبِ، يَتْبَعُ الأصْلَ، سواءٌ كانتْ مُؤبَّرَةً أوْلا. وعلى الثانيةِ، إنْ كانت مُؤبرَةً، فهي للمُشْتَرِي الأوَّلِ، وإنْ لم تَكُنْ، فهي للبائعِ الأوَّلِ. ومنها، خِيارُ المَجْلِسِ، لا يَثْبُتُ فيها على المذهبِ. وعلى الثانِيَةِ، قال في «التَّلْخيصِ»: يَثْبُتُ فيها، كسائِر العُقودِ. قال: ويَحْتَمِلُ عندِي، لا يَثْبُتُ. ومنها، هل يرُدُّ بالعَيبِ؟ فعلى الثانيةِ، له الرَّدُّ. وعلى المذهبِ، يَحْتَمِلُ أنْ لا يرُدَّ به، ويَحْتَمِلُ أنْ يرُدَّ به. قاله في «القواعِدِ». ومنها، الإقالةُ في المُسْلَمِ فيه قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَبْضِه، فقيل: يجوزُ الإقالةُ فيه على الرِّوايتَين. وهي طَرِيقَةُ الأكْثَرِين. ونقَل ابنُ المُنْذِرِ، الإجْماعَ على ذلك. وقيل: يجوزُ على المذهبِ، لا الثانيةِ. وهي طَرِيقَة القاضي، وابنِ عَقِيلٍ في رِوَايَتيهما، وصاحِبِ «الرَّوْضَةِ»، وابنِ الزاغُونِيِّ. ويأتِي أيضًا في بابِ السَّلَمِ. ومنها، لو باعَه جُزْءًا مُشاعًا مِن أرْضِه، فعلى المذهبِ، لا يَسْتَحِقُّ المُشْتَرِي، ولا مَن حدَث له شَرِكَةٌ في الأرْضِ قبلَ المُقايَلَةِ شيئًا مِنَ الشِّقْصِ بالشُّفْعَةِ. وعلى الثانيةِ، يَثْبُتُ لهم. وكذا لو باعَ أحدُ الشرِيكَين حِصَّتَه , ثم عفَا الآخَرُ عن شُفْعَتِه، ثم تَقايَلا، وأرادَ العافِي أنْ يَعُودَ إلى الطلَبِ، فليس له ذلك، على المذهبِ. وعلى الثانيةِ، له ذلك. ومنها، لو اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا، ثم تَقَايَلاه قبلَ الطلَبِ، فعلى الثانيةِ، لا يَسْقُطُ. وعلى المذهبِ، لا يسْقُطُ أيضًا. وهو قوْلُ القاضي وأصحابِه. وقيل: يسْقُطُ. وهو المَنْصُوصُ، وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي حَفْص، والقاضي في «خِلافِه». ومنها، هل يَمْلِكُ المُضارِبُ أو الشرِيكُ الإقالةَ فيما اشْتَرَياه؟ فالأَكثرُون على أنَّهما يَمْلِكانِها عليهما مِن المَصْلَحَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من «فُصُولِه»: على المذهب، لا يَمْلِكُه، وعلى الثَّانيةِ، يَمْلِكُه. ويأتي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَّلِ الشَّرِكَةِ. ومنها، هل يَمْلِكُ المُفْلِسُ بعدَ الحَجْرِ المُقايَلَةَ لظُهورِ المَصْلَحَةِ؟ فعلى الثَّانيةِ، لا يَمْلِكُ. وعلى المذهبِ، الأظْهَرُ، يَمْلِكُه. قاله ابنُ رَجَبٍ. ومنها، لو وهَب الوالِدُ شيئًا، فَباعَه، ثم رجَع إليه بإقالةٍ، فعلى الثَّانِيَةِ، يَمْتَنِعُ رُجوعُ الأبِ. وعلى المذهبِ، فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفوائدِ». ويأتِي هذا هُناك. وكذا حُكْمُ المُفْلِسِ إذا باعَ السِّلْعَةَ، ثم عادَتْ إليه بإقالةٍ، ووجَدَها بائعُها عندَه. ويأتِي هذا في الحَجْرِ. ومنها، لو باعَ أمَةً، ثم أقال فيها قبلَ القَبْضِ، فقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرَازِيُّ: يجِبُ اسْتِبْراؤها على الثَّانيةِ، ولا يجِبُ على المذهبِ. وقيل: فيها رِوايتان مِن غيرِ بِناءٍ. قال الزرْكَشِيُّ: والمَنْصُوصُ، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ، وابنِ بَخْتَانَ، وُجوبُ الاسْتِبْراءِ مُطْلَقًا، ولو قبلَ القَبْض. وهو مُخْتارُ القاضي، وجماعةٍ مِنَ الأصحابِ، إناطَةً بالمِلْكِ، واحْتِياطًا للأبضاعِ. ونصَّ في رِوايَةٍ أُخْرَى، أنَّ الإقَالةَ إنْ كانتْ بعدَ القَبْض والتَّصَرُّفِ، وجَب الاسْتِبْراءُ، وإلَّا لم يجِبْ. وكذلك حكَى الرِّوايَةَ القاضي، وأبو محمدٍ في «الكافِي»، و «المُغْنِي». وكأنَّ أحمدَ لم يَنْظُر إلى انْتِقال المِلْكِ، إنَّما نظرَ للاحْتِياطِ. قال: والعَجَبُ مِنَ المَجْدِ؛ حيثُ لم يذْكُرْ قيدَ التَّفَرُّقِ مع وُجودِه، وتَصْريحِ الإمامِ به، لكِنَّه قيَّدَ المَسْألةَ بقَيدٍ لا بأسَ به؛ وهو بِناؤها على القَوْلِ بانْتِقالِ المِلْكِ، أمَّا لو كانتِ الإقالةُ في بَيعِ خِيارٍ، وقُلْنا: لم يَنتقِلْ. فظاهِرُ كلامِه، أنَّ الاسْتِبْراءَ لا يجِبُ، وإنْ وُجِدَ القَبْضُ. ولم يَعْتَبِرِ المَجْدُ أيضًا القَبْضَ، فيما إذا كان المُشْتَرِي لها امْرأةً، بل حكَى فيه الرِّوايتَين، وأطْلَقَ، وخالفَ أبا محمدٍ في تَصْريحِه بأنَّ المَرْأةَ بعدَ التفَرُّقِ كالرَّجُلِ. ونصُّ أحمدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي فرَّق فيه بينَ التَّفَرُّقِ وعدَمِه، وقَع في الرَّجُلِ. انتهى كلامُ الزَّرْكَشِيِّ. وقال في «القواعِدِ»، بعدَ أنْ حكَى الطريقتَين الأولَيَين: ثم قيلَ: إنَّه مَبْنِيٌّ على انْتِقالِ الضمانِ عنِ البائعِ وعدَمِه، وإليه أشارَ ابنُ عَقِيلٍ. وقيل: بل يرْجِعُ إلى أنّ تجَدُّدَ المِلْكِ مع تحَقُّقِ البَراءَةِ مِن الحَمْلِ، هل يُوجِبُ الاسْتِبْراءَ أم لا؟ قال: وهذا أظْهَرُ. انتهى. ومنها، لو حلَف لا يبيعُ، أو لَيَبِيعَنّ، أو علَّق في البَيعِ طَلاقًا أو عِتْقًا، ثم أقال، فإنْ قُلْنا: هي بَيعٌ. ترَتَّبَ عليها أحْكامُه مِنَ البِرِّ والحِنْثِ، وإلّا فلا. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد يُقالُ: الإيمَانُ تَنْبَنِي على العُرْفِ، وليس في العُرْفِ، أنَّ الإقالةَ بَيعٌ. ومنها، لو باعَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا خَمْرًا، وقُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِها، ثم أسْلَمَ البائعُ، وقُلْنا: يجِبُ له الثَّمَنُ. فأقال المُشْتَرِي فيها، فعلى الثَّانيةِ، لا يصِحُّ. وعلى المذهبِ، قيلَ: لا يصِحُّ أيضًا. وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقهما في «الفوائدِ». ومنها، هل تصِحُّ الإقالةُ بعدَ مَوْتِ المُتعاقِدَين؟ ذكَر القاضي في مَوْضِعٍ مِن «خِلافِه»، أنَّ خِيارَ الإقالةِ يَبطُلُ بالمَوْتِ، ولا تصِحُّ بعدَه. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ قُلْنا: هي بَيعٌ. صحَّتْ مِنَ الوَرَثَةِ. وإنْ قُلْنا: فَسْخٌ. فوَجْهان. وبنَى في «الفُروع» صِحَّةَ الإقالةِ مِنَ الوَرَثَةِ على الخِلافِ؛ إنْ قُلْنا: فَسْخٌ. لم تصِحَّ منهم، وإلَّا صَحَّتْ. ومنها، لو تَقايَلا في بَيعٍ فاسِدٍ، ثم حكَم حاكِمٌ بصِحَّةِ العَقْدِ ونُفوذِه، فهل يُؤثِّرُ حُكْمُه؟ إنْ قُلْنا: الإقالةُ بَيعٌ. فحُكْمُه بصِحةِ البَيعِ صَحِيحٌ. وإنْ قُلْنا: فَسْخٌ. لم يَنفُذْ، لأن العَقْدَ ارْتفَعَ بالإقالةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَنْفُذَ، وتُلْغَى الإقالةُ. وهو ظاهِرُ ما ذكَره ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ». ومنها، مُؤنَةُ الردِّ، فقال في «الانْتِصارِ»: لا تَلْزَمُ مُشْتَرِيًا، وتَبْقَى بيَدِه أمَانَةً، كوَدِيعَةٍ. وفي «التعْليقِ» للقاضي، يَضْمَنُه. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجهُ، تَلْزَمُه المُؤنَة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به في «الرِّعايَةِ» في مَعِيبٍ. وفي ضَمانِه النَّقْصَ خِلافٌ في «المُغْنِي». قال في «الفُروعِ» وإنْ قيلَ: الإقالةُ بَيعٌ توَجَّهَ على مُشْتَرٍ. فائدة: إذا وقَع الفَسْخُ بإقالةٍ، أو خِيارِ شَرْطٍ، أو عَيب، أو غيرِ ذلك، فهل يَرْتَفِعُ العَقْدُ مِن حِينه، أو مِن أصْلِه؟ قال القاضي في الإقالةِ في النَّماءِ المُنْفَصِلِ: إذا قِيلَ: إنَّها فَسْخٌ. يكونُ للمُشْتَرِي، فَحُكِمَ بأنها فَسْخٌ مِن حِينه. وهذا المذهبُ. قال في آخِرِ «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثلاثين»: وخامِسُها، أنْ يَنْفَسِخَ مِلْكُ المُؤجِرِ، ويعودَ إلى مَن انْتقَلَ المِلْكُ إليه منه. فالمَعْروفُ في المذهبِ، أنَّ الإجارَةَ لا تَنْفَسِخُ بذلك؛ لأن فَسْخَ العَقْدِ رَفْعٌ له مِن حِينهِ، لا من أصْلِه. انتهى. وقال أبو الحُسَينِ في «تَعْليقِه»: والفَسْخُ عندَنا، رَفْعٌ للعَقْدِ مِن حِينه. وقال أبو حَنِيفَةَ: مِن أصْلِه. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: القِياسُ أن الفَسْخَ رَفْعٌ للعَقْدِ مِن حِينه، كالردِّ بالعَيبِ، وسائرِ الفُسوخِ. وقال في «الفُروعِ»، وفي «تَعْليقِ القاضي»، و «المُغْنِي»، وغيرِهما: الإقالةُ فَسْخٌ للعَقْدِ مِن حِينه. وهذا أظْهَرُ. انتهى. والذي رأينا في «المُغْنِي»، الإقالةُ فَسْخٌ للعَقْدِ، ورَفْعٌ له مِن أصْلِه. ذكَرَه في الإقالةِ في السَّلَمِ. فلعَلَّ صاحِبَ «الفُروعِ» اطَّلعَ على مَكانٍ غيرِ هذا، أو هو كما قال شيخُنا في «حوَاشِيه»: إنَّ الضمِيرَ في قَوْلِه: مِن حِينه. يرْجِعُ إلى العَقْدِ، لا إلى الفَسْخِ. قلتُ: وهو بعيدٌ. وصرَّح أبو بَكْر في «التنبِيهِ»، بانْفِساخِ النِّكاحِ لو نكَحَها المُشْتَرِي، ثم ردَّها بعَيبٍ، بِناءً على أن الفَسْخَ رَفْعٌ للعَقْدِ مِن أصْلِه. انتهى. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «خِلَافَيهما»: الفَسْخُ بالعَيبِ، رَفْعٌ للعَقْدِ مِن حِينه، والفَسْخُ بالخِيارِ، رَفْعٌ للعَقْدِ مِن أصْلِه؛ لأنَّ الخِيارَ يَمْنَعُ اللزومَ بالكُلِّيَّةِ، ولهذا يُمْنَعُ معه مِنَ التَّصَرفِ في المَبِيعِ وثَمَنِه، بخِلافِ المَعِيبِ. انتهيا. وتلَخَّصَ لنا في المَسْألةِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ؛ ثالِثُها، فَرْقٌ بينَ الفَسْخِ بالخِيارِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبينَ الفَسْخِ بالعَيبِ، وأنَّ المذهبَ، أنَّه فَسْخٌ للعَقْدِ مِن حِينه.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب الربا والصرف

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ الرِّبَا والصَّرْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الرِّبا والصرْفِ

وَهُوَ نَوْعَانِ؛ رِبَا الْفَضْلِ، وَرِبَا النَّسِيئَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَأَمَّا رِبَا الْفَضْلِ، فَيَحْرُمُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِن كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَإنْ كَان يَسِيرًا كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَتَينِ وَحَبَّةٍ بِحَبتين. وَعَنْهُ، لَا يَحْرُمُ إلا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكُلِّ مَطْعُومٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا رِبا الفَضْلِ، فيَحْرُمُ في الجِنْسِ الواحدِ مِن كلِّ مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ.

وَعَنْهُ، لَا يَحْرُمُ إلا فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هذا المذهبُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ. وذكَرَه الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي مُوسى، وأكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: اخْتارَها الخِرَقِيُّ، وشيوخُ أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي الأشْهَرُ عنه، ومُخْتارُ عامَّةِ أصحابِه. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه الأكْثَرون.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعليها، عِلَّةُ الرِّبا في الذهَبِ والفِضَّةِ، كوْنُهما مَوْزُونَيْ جِنْسٍ، وعِلَّةُ الأرْبَعَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الباقيةِ -المنْصُوصِ عليها في الحَديثِ- كوْنُهُنَّ مَكِيلاتِ جِنْسٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال بعضُ الأصحابِ: الكَيلُ بمُجَرَّدِه عِلَّةٌ، والجِنْسُ شرْطٌ. وقال: أو اتَّصافُه بكَوْنِه مَكِيلَ جِنْسٍ هو العِلَّةُ، وفِعْلُ الكيَّالِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرْطٌ، أو نقولُ: الكَيلُ أمارَةٌ. فالحُكْمُ على المذهبِ، إيجَابُ المُماثَلَةِ، مع أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْلَ إباحَةُ بَيعِ الأمْوالِ الرِّبَويَّةِ بعضِها ببعضٍ مُطْلَقًا، والتَّحْريمُ لعارِضٍ. وعلى المذهبِ، يجوزُ إسْلامُ النَّقْدَين في المَوْزُونِ، وبه أُبْطِلَتِ العِلَّةُ، لأنَّ كلَّ شَيئَين شَمِلَهما (¬1) إحْدَى عِلَّتَي ربا الفَضْلِ، يحْرُمُ النَّساءُ فيهما. وفي طَريقةِ بعضِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «شملها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، يحْرُمُ اسمُهما فيه، ولا يصِحُّ، وإنْ صحَّ فللحاجةِ. تنبيه: فعلى هذه الرِّوايَةِ، يَجْرِى الرِّبا في كلِّ مَكِيلٍ أو مَوْزونٍ بجِنْسِه، مطْعومًا كان أو غيرَ مطْعومٍ؛ كالحُبُوبِ، والأُشْنانِ، والنُّورَةِ، والقُطْنِ، والصُّوفِ، والحِنَّاءِ، والكَتَّانِ، والحَديدِ، والنُّحاسِ، والرَّصاصِ، ونحو ذلك، ولا يَجْرِي في مَطْعومٍ لا يُكالُ ولا يُوزنُ، كالمَعْدوداتِ ونحوها. وعنه، لا يحْرُمُ إلَّا في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِنْسِ الواحدِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وكُلِّ مَطْعومٍ. مُرادُه، مَطْعومٌ للآدَمِيِّ. وهو واضحٌ. قال أبو بَكْرٍ: روَى ذلك عن أحمدَ جماعةٌ. فتكونُ العِلَّةُ في الأثْمانِ الثَّمَنِيَّةَ، وفيما عَداها، كوْنَه مَطْعومَ جِنْسٍ،، فيخْتَصُّ بالمَطْعُوماتِ، ويَخرُجُ ما عدَاها. وعنه، لا يحْرُمُ إلَّا في ذلك إذا كان مَكِيلًا أو مَوْزونًا. اختارَها المُصَنِّفُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقوَّاها الشَّارِحُ، وجزَم به في «العُمْدَةِ». فتَكونُ العِلَّةُ في الأثْمانِ الثَّمَنِيَّةَ، وفي الأربعةِ الباقِيَةِ، كوْنَهُنَّ مَطْعومَ جِنْسٍ، إذا كان مَكِيلًا أو مَوْزونًا، فلا يَجْرِي الرِّبا في مَطْعومٍ لا يُكالُ ولا يُوزَنُ؛ كالتُّفَّاحِ، والرُّمَّانِ، والبِطِّيخِ، والجَوْزِ، والبَيضِ، ونحوه، ولا فيما ليس بمَطْعومٍ؛ كالزَّعْفَرانِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأُشْنانِ، والحديدِ، ونحوه. وأطْلَقَهُنَّ في «المُذْهَبِ». فوائد؛ الأولَى، قوْلُنا في الرِّوايتَين الأخِيرتَين: العِلَّةُ في الأثْمانِ الثَّمَنِيَّةُ هي عِلَّةٌ قاصِرَةٌ. قال في «الفُروعِ»: لا يصِحُّ التَّعْليلُ بها (¬1) في اخْتِيارِ أكثرِ، ونُقِضَتْ طَرْدًا بالفُلوسِ؛ لأنَّها أثْمانٌ، وعَكْسًا بالحَلْي. وأُجيبُ؛ لعدَمِ النَّقْدِيَّةِ الغالِبَةِ. قال في «الانْتِصارِ»: ثم يِجبُ أنْ يقولُوا -إذا نفَقَتْ حتى لا يُتعامَلَ إلَّا بها: إنَّ فيها الرِّبا؛ لكَوْنِها ثمَنًا غالِبًا. قال في «التَّمْهيدِ»: مِن فوائدِها؛ رُبَّما حدَث جِنْسٌ آخَرُ يُجْعَلُ ثمَنًا، فتكونُ تلك عِلَّةً. الثَّانيةُ، رجَّح ابنُ عَقِيلٍ -أخِيرًا في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» - أنَّ الأعْيانَ السِّتَّةَ المنْصوصَ عليها لا تُعْرَفُ عِلَّتُها؛ لخَفائِها. فاقْتصرَ عليها ولم يَتَعَدَّها؛ لتَعارُضِ الأدِلَّةِ عندَه في «المُغْنِي». وهو ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مذهبُ طاوُسٍ، وقَتادَةَ، وداودَ، وجماعةٍ. الثَّالثةُ، القاعِدَةُ -على غيرِ قوْلِ ابنِ عَقِيلٍ- أنَّ كلَّ شيءٍ اجْتمَعَ فيه الكَيلُ والوَزْنُ والطَّعْمُ مِن جِنْسٍ واحدٍ، فيه الرِّبا رِوايَةً واحدةً، كالأُرْزِ، والدُّخْنِ، والذرةِ، والقُطْنِيَّاتِ، والدُّهْنِ واللَّبَنِ، ونحو ذلك. وما عُدِمَ فيه الكَيلُ، والوَزْنُ، والطَّعْمُ، أو اخْتلَفَ جِنْسُه، فلا رِبًا فيه، رِوايَةً واحدةً، كالتِّينِ، والنَّوَى، والقَتِّ، والطِّينِ، إلَّا الأرْمَنِيَّ؛ فإنَّه يُؤكَلُ دَواءً، فيكونُ مَوْزونًا مأكُولًا، فهو مِنَ القِسْمِ الأوَّلِ. وما وُجِدَ فيه الطَّعْمُ وحدَه، أو الكَيلُ والوَزْنُ مِن جِنْسٍ واحدٍ، ففيه الخِلافُ. قال الشَّارِحُ: والأوْلَى -إنْ شاءَ الله- حِلُّه. الرَّابعةُ، لا رِبًا في الماءِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لإِباحَتِه أصْلًا، وعَدَمِ تموُّلِه عادةً، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به، منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، وابنُ الجَوْزِيِّ، والسَّامَرِّيُّ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه في «الفُروعِ». فعليها، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ: لأنَّه ليس بمَكِيلٍ، فلا يجْرِي فيه الرِّبا. وظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ» وغيرِه، أنَّه مَكِيلٌ، فيكونُ مُسْتَثْنًى مِن عُمومِ كلامِهم، ويُعايَى بها. وقيل: يَجْرِي فيه الرِّبا، إنْ قيلَ: إنَّه مَكِيلٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: والقِياسُ، جَرَيانُ الرِّبا فيه، على رِوايَةِ أنَّ عِلَّةَ الرِّبا الطَّعْمُ. قال: وهو ظاهِرُ ما في «خِلافِ أبي الخطَّابِ الصَّغِيرِ». وتعْليلُهم بأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، ينْتَقِضُ بلَحْمِ الطَّيرِ، وبالطِّينِ الأرْمَنِيِّ، ونحوهما، وبأنَّه ممَّا لا يُتمَوَّلُ، مَرْدودٌ بأنَّ العِلَّةَ عندَنا ليستِ المالِيَّةَ. الخامسةُ، الذَّهَبُ والفِضَّةُ داخِلان، على الرِّواياتِ كلِّها، فيَحْرُمُ التَّفاضُلُ فيهما مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ جوَّز بَيعَ المَصُوغِ المُباحِ بقِيمَتِه حالًا. قلتُ: وعمَلُ النَّاسِ عليه. وكذا جوَّزَه نَساءً، ما لم يقْصِدْ كوْنَها ثمنًا. قال: وإنَّما خرَج عنِ القُوتِ بالصَّنْعَةِ، كنِشًا، فليس برِبَويٍّ، وإلَّا فجِنْسٌ بنَفْسِه، فيُباحُ خُبْزٌ بهَرِيسَةٍ. وجوَّز الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، بَيعَ مَوْزونٍ رِبَويِّ بالتَّحَرِّي للحاجَةِ. السَّادسةُ، فعلى المذهبِ في أصْلِ المسْألةِ، هل يجوزُ التَّفاضُلُ فيما لا يُوزَنُ لصِناعَتِه أم لا؟ فيه رِوايَتان، وذلك كالمَعْمُولِ مِنَ الذَّهَبِ، والفِضَّةِ، والصُّفْرِ، والحديدِ، والرَّصاصِ، ونحوه، وكالمَعْمُولِ مِنَ المَوْزُوناتِ، كالخَواتمِ والأسْطالِ، والإِبرِ، والسَّكاكِينِ، والثِّيابِ، والأكْسِيَةِ، ونحو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، فيما لا يُقْصَدُ وَزْنُه؛ إحْداهما، يجوزُ التَّفاضُلُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وهو الصَّوابُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّانيةُ، لا يجوزُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصُولِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». قال الزَّرْكَشِيُّ: المَنْعُ اخْتِيارُ جماعةٍ، مِنهم ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وعنه، يجوزُ بَيعُ ثَوْبٍ بثَوْبَين، وكِساءٍ بكِساءَين يدًا بيَدٍ. وأصْلُ ذلَك الوَزْنُ، ولم يُراعَ أصْلُه. وقال القاضي في «الجامِعِ الصغِيرِ»، و «التَّعْليقِ»: إنْ قُصِدَ وَزْنُه، كالأسْطالِ، والإِبرَيسَمِ، ونحوهما، لم يَجُزِ التَّفاضُلُ، وإنْ لم يُقْصَدْ وَزْنُه، كالصُّوفِ، والقُطْنِ، ونحوهما، جازَ التَّفاضُلُ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ جماعةٍ، وهو أوْجَهُ. وقاله في «الكافِي»، في المَوْزونِ، وقطَع به في المَنْسوجِ مِنَ القُطْنِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكَتَّانِ، أنَّه لا رِبًا فيه. قال في «الفُروعِ»: وعلى هذه المَسْألةِ يُخرَّجُ بَيعُ فَلْسٍ بفَلْسَين. وفيه رِوايَتان مَنْصُوصَتان. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، لا يجوزُ التَّفاضُلُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جماعةٍ. قدَّمه في «الحاوي الكَبِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يجوزُ التَّفاضُلُ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، لو كانتْ نافِقَةً، هل يجوزُ التَّفاضُلُ فيها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. جزَم به أبو الخَطَّابِ في

وَلَا يُبَاعُ مَا أصْلُهُ الكَيلُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ وَزْنًا، وَلَا مَا أَصْلُهُ الْوَزْنُ كَيلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «خِلافِه الصغِيرِ»، وقدَّمه في «الحاوي الكَبِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قال القاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وابنُ عَقِيل، والشيرازِيُّ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم: سواء كانت نافِقَةً أو كاسِدَةً، بِيعَتْ بأعْيانِها، أو بغيرِ أعْيانِها. وجزَم أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ» بأنَّها -مع نَفاقِها- لا تُباعُ بمِثْلِها إلَّا مُتَماثِلَةً، مُعَلّلًا بأنَّها أثْمانٌ. ثم حكَى الخِلافَ في مَعْمولِ الحديدِ، قال: وتلَخَّصَ من ذلك في الفُلُوسِ النَّافِقَةِ، هل تَجْرِى مجْرَى الأثْمانِ؟ فيَجْرِى الرِّبا فيها -إنْ قُلْنا: العِلَّةُ في النَّقْدَين الثَّمَنِيَّةُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ ما حكَاه أبو الخَطَّابِ في «جامِعِه الصَّغِيرِ» - أو لا يجري مجْراها، نظرًا إلى أنَّ العِلَّةَ ما هو ثمَنٌ غالِبًا، وذلك يخْتَصُّ الذَّهَبَ والفِضَّةَ، وهو قوْلُ أبي الخَطَّابِ في «خِلافِه الكَبِيرِ»؟ على قَوْلِين. وعلى الثَّاني، لا يَجْرِي الرِّبا فيها، إلَّا إذا اعْتبَرْنا أصْلَها، وقُلْنا: العِلَّةُ في النَّقْدَين الوَزْنُ، كالكاسِدَةِ. انتهى كلامُ الزَّرْكَشِيِّ. قوله: ولا يُباعُ ما أصْلُه الكَيلُ بشيءٍ مِن جِنْسِه وَزْنًا، ولا ما أصْلُه الوَزْنُ -أي بشيءٍ مِن جِنْسِه- كَيلًا. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفائقِ»: وقال شيخُنا -يعْنِي به الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ: إنَّ بَيعَ المَكِيلِ بجِنْسِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَزْنًا، شاعَ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِن جَوازِ بَيعِ حبٍّ بدَقيقِه وسَويقِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازُ بَيعِ مَكيلٍ وَزْنًا، ومَوُزونٍ كَيلًا. اخْتارَه شيخُنا.

فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، جَازَ بَيعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَيلًا، وَوَزْنًا، وَجُزَافًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ اخْتَلَفَ الجِنْسُ، جازَ بَيعُ بعضِه ببعض كَيلًا، ووَزْنًا، وجُزافًا. شَمِلَ مَسْألتَين؛ إحْداهما، باعَ مَكِيلًا بمَوْزونٍ، أو مَوْزونًا بمَكيلٍ. فهذا يجوزُ بَيعُ بعْضِه ببَعْض كيلًا، ووَزْنًا، وجُزافًا، إذا اخْتلَفَ الجنْسُ، قوْلًا واحِدًا، ونصَّ عليه. لكِنَّ أحمدَ كَرِهَ المُجازَفَةَ في رِوايَةِ ابنِ الحَكَم. الثَّانيةُ، باعَ مَكِيلًا بمَكيلٍ، أو مَوْزونًا بموزونٍ، واخْتَلَفَ الجِنْسُ. فعُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه يجوزُ. وهو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «المُنَورِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْدُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرعايةِ الكُبْرى»، وغيرِهم. وعنه، لا يجوزُ ذلك جُزافًا. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ، وابنُ أبي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الخِلافِ»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: يَحْرُمُ. وهو أظهَرُ، وأوْمَأ إليه أحمدُ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. قال ابنُ أبي مُوسى: لا خَيرَ فيما يُكالُ بما يُكالُ جُزافًا، ولا فيما يُوزَنُ بما يُوزَنُ جُزافًا، اتَّفَقَتِ الأجْناسُ أو اخْتلَفَتْ. وقاله القاضي، وهو المَنْصُوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ في رِوايَةِ الحسَنِ بنِ ثوابٍ وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه، لا يجوزُ. قلتُ: هذا المذهبُ؛ لأنَّه المنْصُوصُ عن أحمدَ. والأوَّلُ اخْتارَه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، لكِنْ لم يُنْقَلْ عن صاحبِ المذهبِ. وأطلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَين».

وَالْجنْسُ: مَا لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا؛ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، والْمِلْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والجِنْسُ، ما له اسْم خاصّ يَشْمَلُ أنْواعًا، كالذَّهَبِ، والفِضَةِ، والبُرِّ، والشَّعِيرِ، والتَّمْرِ، والمِلْحِ. نصَّ عليه. قال في «الطَّرِيقِ الأقْرَبِ»: والأبازِيرُ جِنْسٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ أن البُرَّ والشعِيرَ جِنْسان. وهو المذهبُ، وعليه

وَفُرُوعُ الْأَجْنَاسِ أَجنَاسٌ، كَالْأَدِقَّةِ، وَالْأَخْبَازِ، وَالْأَدْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه، هما جِنْسٌ واحدٌ. قوله: وفُرُوعُ الأجناسِ أجناسٌ؛ كالأدِقَّةِ، والأخْبازِ، والأدْهانِ. وكذا الخُلُولُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّ خَلَّ التَّمْرِ والعِنَبِ جِنْسٌ واحدٌ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقال في «التَّلْخيصِ»: وفي الخُلُولِ وَجْهان. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفي «التَّلْخيصِ»، الخُلُولُ كلُّها جِنْسٌ، ولا مُعَوَّلَ عليه. انتهى. قلتُ: يحْتَمِلُ أنْ يكونَ الوَجْهُ الثَّاني، الذي في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»، مُوافِقًا للرِّوايَةِ. وخرَّج في «النِّهايَةِ» مِن هذه الرِّوايَةِ، أنَّ الأدْهانَ المائعَةَ جِنْسٌ واحدٌ، وأنَّ الفاكِهَةَ؛ كتُفَّاحٍ وسَفَرْجَلٍ، جِنْسٌ. فائدة: لا يصِحُّ بَيعُ خَلِّ العِنَبِ بخَلِّ الزَّبِيبِ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وقال القاضي وغيرُه: لانْفِرادِ أحَدِهما بالماءِ. قلتُ: فيُعايَى بها. واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشيُّ.

وَاللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ. وَعَنْهُ، جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ. وَعَنْهُ، فِي اللَّحْمِ، أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ؛ لَحْمُ الْأَنْعَامِ، وَلَحْمُ الْوَحْشِ، وَلَحْمُ الطَّيرِ، وَلَحْمُ دَوَابِّ الْمَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واللَّحْمُ أجْناسٌ باخْتِلافِ أصُولِه. وهو المذهبُ، وعليه الأكْثرُ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي في «تَعْليقِه»، وأبو الحُسَينِ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: اللَّحْمُ أجْناسٌ باعْتِبارِ أُصولِه، على الأظْهَرِ. وعنه، جنْسٌ واحِدٌ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وأنْكَر القاضي كوْنَ هذه الرِّوايَةِ عن أَحمدَ. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلك اللَّبَنُ. يعْنِي، أنَّ فيه رِوايتَين، هل هو أجْناسٌ باخْتِلافِ أُصولِه -وهو المذهبُ، كاللَّحْمِ -أو جِنْسٌ واحدٌ كاللَّحْمِ؟ سواءٌ، خِلافًا ومذهبًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لَبَنُ البَقَرِ الأهْلِيَّةِ، والوَحْشِيَّةِ، جنْسٌ واحدٌ، على الرواياتِ كلِّها؛ لأنَّ اسْمَ البَقَرِ يشْمَلُها. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، في اللَّبَنِ، أنَّه أربَعةُ أجْناسٍ أيضًا، كاللَّحْمِ. ذكَرَها في «المُذْهَبِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، في اللَّحْمِ، أنَّه أربعةُ أجْناسٍ، لَحْمُ الأنْعامِ، ولَحْمُ الوَحْشِ، ولَحْمُ الطَّيرِ، ولَحْمُ دَوابِّ الماءِ. اخْتارَها القاضي في «رِوايتَيه»، وحمَل كلامَ الخِرَقِيِّ عليه. وضعَّف المُصَنِّفُ اخْتِيارَ القاضي. وأطْلَقهُنَّ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: لا خِلافَ عن أحمدَ، أنَّ لَحْمَ الطيرِ والسَّمَكِ جِنْسان. انتهى. وعنه، في اللَّحْمِ، أنَّه ثلاثةُ أجْناس، لَحْمُ الأنْعامِ، ولَحْمُ الطَّيرِ، ولَحْمُ دَواب الماءِ. قلتُ: وهو ضعِيفٌ، فإنَّ لَحْمَ

وَاللَّحْمُ والشَّحْمُ وَالْكَبِدُ أَجْنَاسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَحْشِ على هذه الرِّوايَةِ لم يُذْكَرْ له حُكْمٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لَحْمُ الغَنَمِ جِنْسٌ واحدٌ. على الصَّحيِحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: جِنْسان؛ ضَأن ومَعْزٌ؛ لتَفْريقِه سُبْحانه وتعالى بينَهما. وهو احْتِمالٌ ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. الثانيةُ، الشُّحومُ، والأكبِدَةُ، والأطْحِلَةُ، والرِّئاتُ، والجُلودُ، والأصْوافُ، والعِظامُ، والرُّءوسُ، والأكارِعُ، ونحوُ ذلك ممَّا اشْتمَلَ عليه اللَّحْمُ، يَجْرِي فيهنَّ منَ الخِلافِ ما يجْرِي في اللَّحْمِ؛ هل ذلك جِنْسٌ أو أجْناسٌ، أو أرْبعَةٌ أو ثلاثةٌ؟ قاله الزَّرْكَشِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهما. قوله: واللَّحْمُ، والشَّحْمُ، والكَبِدُ أجْنَاسٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقال القاضي، وصاحِبُ «عُيُونِ المَسائلِ»: لا يجوزُ بَيعُ اللَّحْمِ بالشَّحْمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا أعلَمُ له وَجْهًا. قال في «عُيُونِ المَسائلِ»: لا يَنْفَكُّ عنه؛ ولهذا لو حلَف لا يأكلُ لَحْمًا، فأكلَ شَحْمًا، حَنِثَ. قال في «الفروعِ»: كذا قال. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ منَع القاضي منه -لكَوْنِ اللحْمِ لا يخْلُو عن شَحْم- لم يصِحَّ؛ لأنَّ الشَّحْمَ لا يظْهَرُ، وإنْ كان فيه شيءٌ، فهو غيرُ مَقْصودٍ، فلا يمنَعُ البَيعَ، ولو منَع لذلك، لم يَجُزْ بَيعُ لَحْمٍ بلَحْمٍ؛ لاشْتِمالِ كلِّ واحدٍ منهما على ما ليس مِن جِنْسِه، ثم لا يصِحُّ هذا عندَ القاضي؛ لأنَّ السَّمِينَ الذي يكونُ مع اللَّحْمِ عندَه لَحْم، فلا يَتصَوَّرُون اشْتِمال اللَّحْمِ على الشَّحْمِ. انتهيا. فوائد؛ منها، القُلوبُ، والرُّءوسُ، والأطْحِلَةُ، والرئاتُ، والجُلودُ، والأصْوافُ، والعِظامُ، والأكارِعُ، كاللّحْمِ، والشَّحْمِ، والكَبِدِ. يعْنِي، كلُّ واحدٍ مِن ذلكِ جِنْسٌ غيرُ اللَّحْمِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: الرُّءوسُ مِن جِنْسِ اللَّحْمِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا. ومنها، الأليَةُ، والشَّحْمُ جِنْسان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. قال الزرْكَشيُّ: هو المَشْهورُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: هما جِنْسٌ واحدٌ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». واخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ كلَّ ما هو أبْيَضُ في الحَيوانِ يذُوبُ بالإِذابَةِ ويَصِيرُ دُهْنًا، فهو جِنْسٌ واحدٌ. قال: وهو الصَّحيحُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ومنها، اللَّحْمُ الأبيَضُ؛ كسَمِينِ الظَّهْرِ والجَنْبَين، ونحوه، هو واللَّحْمُ الأحْمَرُ الخالِص، جِنْسٌ واحدٌ. قاله القاضي، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: جِنْسٌ واحدٌ على الأشهَرِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال المُصَنِّفُ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي، أنَّهما جِنْسان. ومنها، حكَى ابنُ البَنَّا، وابنُ الجَوْزِي، في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، في جَوازِ بَيعِ اللَّبَأَ باللَّبَنِ وَجْهَين. وخصَّهما القاضي بما إذا مَسَّتِ النَّارُ أحدَهما، ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعندَهما، مع صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّهما جِنْسٌ واحدٌ، يجوزُ بَيعُ أحَدِهما بالآخَرِ مُماثِلًا، ولا يجوزُ مُتَفاضِلًا، ولا يجوزُ إنْ مسَّتِ النَّارُ أحدَهما. وجزَم به في «النَّظْمِ». وحمَل صاحِبُ «المُسْتُوْعِبِ» وَجْهَ مَنْعِ ابنِ البَنَّا على ما إذا مسَّتِ النَّارُ أحدَهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» بعدَمِ الجَوازِ. ومنها، لا يجوزُ بَيعُ الزّبْدِ بالسَّمْنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وجزَم به في «الكافِي». وقيل: يجوزُ. اخْتارَه القاضي، ورَدَّه المُصَنِّفُ. قال في «المُحَرَّرِ»: وعندِي، أنَّه جائز. واقْتَصَرَ عليه، وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال: ذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ. وذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ رِوايتَين. قاله في «الفُروعِ». ومنها، يجوزُ بَيعُ الزُّبْدِ، أو السَّمْنِ بالمَخِيضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: يجُوزان به في ظاهِرِ المذهبِ، مُتَماثِلًا ومُتَفاضِلًا (¬1). وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال: نصَّ عليه في الزُّبْدِ. وجزَم به في «النَّظْمِ»، في بَيعِ السَّمْنِ بالمَخِيضِ. وقيل: لا يجوزُ. ومنها، لا يجوزُ بَيعُ اللَّبَنِ بالزُّبْدِ، ولا بالسَّمْنِ، ولا بشيءٍ مِن فُروعِ اللَّبَنِ، كاللِّبَأ ونحوه، وسواءٌ كان فيه شيءٌ مِن غيرِه أوْ لا. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ». وعنه، يجوزُ بَيعُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، وفي ط بياض بمقدارها.

وَلَا يَجوزُ بَيعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ. وَفِي بَيعِهِ بِغَيرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّبَنِ بالزُّبْدِ، إذا كان الزُّبْدُ المُنْفَرِدُ أكْثَرَ مِنَ الزُّبْدِ الذي في اللَّبَنِ. وهذا يقْتَضِي جوازَ بيعِه مُتَفاضِلًا، ومَنْعَ جَوازِه مُتَماثِلًا. قال القاضي: وهذه الرِّوايَةُ لا تَخْرُجُ عنِ المذهبِ. قلتُ: هذه الرِّوايةُ شَبِيهَةٌ بالرِّوايَةِ الثَّانيةِ التي (¬1) في مُدِّ عَجْوَةٍ، على ما يأْتِي قرِيبًا. وقد صرَّح بذلك في «المُذْهَبِ». والحُكْمُ في السَّمْنِ كالحُكْمِ في الزُّبْدِ. وقدَّم في «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا يجوزُ بَيعُه بسَمْن، وإنْ جوَّزْناه بزُبْدٍ. ومنها، لا يجوزُ بَيعُ اللَّبَنِ بالمَخِيضِ. نصَّ عليه، ويتَخَرَّجُ الجَوازُ مِنَ التي قبلَها. قلتُ: صرَّح في «المُذْهَبِ» بها مثْلَها، وحكَى الخِلاف في الكُلِّ. ومنها، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: لا يجوزُ بَيعُ اللَّبَنِ، سواءٌ كان رائبًا أو حَلِيبًا، بلبَن جامِدٍ، أو مَصْلٍ، أو جُبْنٍ، أو أَقِطٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، وجزَم به في «النَّظْمِ»، في غيرِ المَصْلِ. قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ لَحْم بحَيَوانٍ مِن جِنْسِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يخْتَلِفُ المذهبُ في ذلك. وقال الشَّيخُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الذي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ: يَحْرُمُ إذا كان الحَيوانُ لمَقْصُودِ اللَّحْمِ، وإلَّا فلا. قوله: وفي بَيعِه بغيرِ جِنْسِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، أحدُهما، لا يجوزُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِيِّ، وأبي بَكْرٍ، وابنِ أبي مُوسى، والقاضي في «تَعْليقِه»، و «جامِعِه الصَّغِيرِ»، وأبي الخطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. انتهى. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاويَين». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تذكِرَتِه». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وصحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وشيخُنا في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وهو المذهبُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وبعضُ الأصحابِ (¬1) المُتَأخِّرِين بنَى القَوْلَين على الخِلافِ في اللَّحْمِ، هل هو جِنْسٌ وأجْناسٌ؛ وصرَّح أبو الخَطَّابِ أنَّهما على القَوْلِ بأنَّه أجْناسٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. انتهى. قلتُ: قال في «الكافِي»: وإنْ باعَ اللَّحْمَ بحَيوانٍ مأْكُولٍ غيرِ أصْلِه -وقُلْنا: هما أصْلٌ واحدٌ- لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ. وقال في «المُغْنِي» (¬2): احْتَجَّ مَن منَعَه، بعُموم الأخْبارِ، وبأنَّ اللَّحْمَ كلَّه جِنْس واحدٌ. ومَن أجازَه قال: مَالُ الرِّبا بِيعَ بغيرِ أَصْلِه ولا جنْسِه، فجازَ،؛ لو باعَه بالأثْمانِ. وقال في «إدْراكِ الغايَةِ»: وعنه، اللَّحْمُ أَجْناسٌ باخْتِلافِ أُصولِه، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) انظر: المغني 6/ 91.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يصِحُّ بَيعُه بحَيوانٍ مِن جِنْسِه، وفي غيرِه وَجْه. فبَنَى الخِلافَ على القَوْلِ بأنَّ اللَّحْمَ أجْناسٌ. وقال الشَّارِحُ: والظَّاهِرُ أنَّ الاخْتِلافَ مَبْنِيٌّ على الاخْتِلافِ في اللَّحْمِ، فإنْ قُلْنا: إنَّه جِنْسٌ واحدٌ، لم يَجُزْ. وإنْ قُلْنا: أجْناسٌ، جازَ بَيعُه بغيرِ جِنْسِه. فوائد؛ الأولَى، يجوزُ بَيعُ اللَّحْمِ بحَيوانٍ غيرِ مأُكُولٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفائقِ»: جازَ في أصحِّ الوَجْهَين. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: جازَ في ظاهِرِ قوْلِ أصحابِنا. وكأَنَّهما لم يطَّلِعَا على نَقْل فيه خاصٍّ. قال أبو الخَطَّابِ: ولا رِوايَةَ فيه، فيَحْتَمِلُ وَجْهَين. وصرَّح بالجَوازِ، القاضي في «التَّعْليقِ»، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. وصحَّحه ابنُ عَقِيل في «الفُصُولِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ الشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ، والقاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ». وقيل: هو كالمأْكُولِ. جزَم به ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ». وأطْلَقَ وَجْهَين في «المُسْتَوْعِبِ». الثَّانيةُ، يجوزُ بَيعُ اللَّحْمِ بمِثْلِه بشَرْطِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ذهَب جُمْهورُ الأصحابِ إلى الجَوازِ. واخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يجوزُ إذا كان رَطْبًا. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو حَفْص العُكْبَرِيُّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين». ويأتِي قريبًا بَيعُ رَطْبَةٍ برطْبَةٍ، وهو شامِلٌ لهذه المَسْأَلةِ. فعلى المذهبِ، يُشْتَرَطُ نَزْعُ عَظْمِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ حَبٍّ بِدَقِيقِهِ وَلَا سَويقِهِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: اشْترَطَ القاضي والأكْثَرُون في بَيعِ اللَّحْمِ بمِثْلِه نَزْعَ العَظْمِ. قال في «الفُروعِ»: ويُعْتَبرُ نَزْعُ عَظْمِه في الأصحِّ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الإِيضاحِ». وقيل: لا يُشْترَطُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الكَبِيرِ»، وغيرُهم: وكلامُ أحمدَ يَقْتَضِي الإِباحَةَ مِن غيرِ نزْعِ عِظامِه. ومالُوا إلى ذلك. وقدَّمه في «النَّظْمِ». الثَّالثةُ، يُشْترَطُ لصِحَّةِ بَيعِ العَسَلِ بالعَسَلِ (¬1)، تَصْفِيَتُه مِنَ الشَّمْعِ، فإنْ لم يُصَفَّ، فحُكْمُه حُكْمُ مُدِّ عَجْوَةٍ، على ما يأْتِي في كلامَ المُصَنِّفِ. قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ حَبٍّ بدَقِيقِه، ولا سَويقِه، في أصَحِّ الرِّوايَتَين. وهي ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ، فيُبَاحُ وَزْنًا. اخْتارَها في «الفائقِ». وعلَّل الإِمامُ أحمدُ المَنْعَ، بأنَّ الأصْلَ الكَيلُ. فوائد؛ إحْداها، يحْرُمُ بَيعُ دَقِيقِه بسَويقِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفروعِ»، وغيرِهم. قال في «الرعايتَين»: يجوزُ، على الأضْعَفِ. وعنه، لا يَحْرُمُ وَزْنًا. قال في «الحاويَين»: يجوزُ بَيعُ دَقِيقِه بسَويقِه، في أصحِّ الوَجْهَين. الثَّانيةُ، لا يجوزُ بَيعُ خُبْزٍ بحَمه، ولا بدَقِيقِه. نصَّ عليه مِرارًا. وجزَم به في «الرِّعايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما. نقَل ابنُ القاسِمِ وغيرُه المَنْعَ؛ لأن فيه ماءً. وعلَّلَه

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ نِيئِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَلَا: أَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ، وَلا خَالِصِهِ بِمَشُوبِهِ، وَلَا رَطْبِهِ بِيَابِسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ شِهُابٍ، بأنَّهما إذا صارا خُبْزًا، كان أكثرَ مِن هذا. وفي «الفُروعِ» هنا كلامٌ مُحْتَملٌ، فلم نذْكُرْه. الثَّالثةُ، لا يجوزُ بَيعُ حب جيِّدٍ بمُسَوِّسٍ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». ويصِحُّ بَيعُ حَبٍّ جَيِّدٍ بحَبٍّ خَفيفٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وبَيعُ عَفِنِه بسَليمِه، يُحْتَمَلُ كذلك. قوله: ولا أصْلِه بعَصِيرِه. يعْنِي، لا يجوزُ، كزَيتُونٍ بزَيتٍ، ونحوه. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَل مُهَنَّا، في الزَّيتونِ، يُكْرَهُ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا خالِصِه بمَشُوبِه. وكذا لا يجوزُ مَشُوبُه بمَشُوبِه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ويجوزُ بَيعُ ذلك، والذي قبلَه، على الروايَةِ التي في مُدِّ عَجْوَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فظاهِرُ ما قطَع به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، جَوازُ بَيع خالِصِه بمَشُوبِه. وفيه نظَرٌ ظاهِرٌ، ورُبَّما كان سَهْوًا.

وَيَجُوزُ بَيعُ دَقِيقِهِ بِدَقِيقِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ، وَمَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النَّشَافِ، وَعَصِيرِهِ بِعَصِيرِهِ، وَرَطْبِهِ بِرَطْبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجُوز بَيعُ دَقِيقِه بدَقِيقِه، إذا اسْتَوَيا في النُّعُومَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّم في «التبصِرَةِ» عدَمَ الجَوازِ. فعلى المذهب، يُباعُ بالكَيلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: بالوَزْنِ. اخْتارَه القاضي، ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»: وقيل: أو وَزْنًا. قوله: ومَطْبُوخِه بمَطْبُوخِه. يعني، يجوزُ؛ كاللِّبَأَ بمِثْلِه، والأقِطِ بمِثْلِه، والسَّمْنِ بمِثْلِه، وما أشْبَهَه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يصِحُّ. وقيل: إنِ اسْتَوَيا في عمَلِ النَّارِ، صحَّ، وإلَّا فمُدُّ عَجْوَةٍ. قوله: وخُبْزِه بخُبْزِه. هذا المذهبُ في الجُمْلةِ، وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم قطَع به. وقال في «المُبْهِجِ»: لا يجوزُ فَطِيرٌ بخَمِيرٍ. قوله: إذا اسْتَوَيا في النَّشافِ. أو الرُّطُوبَةِ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،، «الحاويَين»، و «التَّلْخيصِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»: وخُبْزُه بخُبْزِه. وقيل: إنِ اسْتَوَيا جَفافًا. وقال في «الفُروعِ»: وخُبْزُه بخُبْزِه. وأطْلَقَ، ولم يحْكِ خِلافًا. وكذا قال في «الهِدايَةِ». قال في «المُذْهبِ»: يجوزُ بَيعُ الخُبْزِ بالخُبْزِ، وإنْ تَفاوَتا في الرُّطُوبَةِ واليُبُوسَةِ. ولعَلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. قوله: وعَصِيرِه بعَصِيرِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه في «الفُروعِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: نصَّ عليه. وقيل: لا يجوزُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ورَطْبِه برَطْبِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: نصَّ عليه. وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قوْلُ جُمْهورِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ القاضي، وأبي الخَطَّابِ، والشَّيخَين، وغيرِهم. ومنَع منه ابنُ شِهابٍ، وأبو حَفْص العُكْبَرِيُّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وقالا: يَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ في اللَّحْمِ بمِثْلِه. قال في «المُحَرَّرِ»: ولم يُجِزْه الخِرَقِيُّ في اللَّحْمِ رَطْبًا. وقال المُصَنِّفُ: ومَفْهومُ كلامَ الخِرَقِيِّ إباحَتُه هنا؛ لقَوْلِه: ولا يُباعُ شيء مِنَ

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ الْمُحَاقَلَةِ؛ وَهُوَ بَيعُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ. وَفِي بَيعِهِ بِغَيرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّطْبِ بيابِس مِن جِنْسِه. فإنَّ مفْهومَه، جَوازُ بَيع (¬1) الرَّطْبِ بالرَّطْبِ. وتقدَّم بَيعُ اللَّحْمِ باللَّحْمِ، عندَ بَيعِ اللَّحْمِ بالحَيوانِ. قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ المُحاقَلَةِ؛ وهو بَيعُ الحَبِّ في سُنْبُلِه بجِنْسِه. فأَطْلَقَ المُصنِّفُ قوْلَه: الحَبُّ في سُنْبُلِه. وأطْلَقَه أيضًا جماعَةٌ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «الشَّرْحِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ بَيعَ المُحاقَلَةِ، بَيعُ الحَحب المُشْتَدِّ في سُنْبُلِه. فلابُدَّ أنْ يكون مُشْتَدًّا. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ولم يُقَيِّدْه جماعَةٌ. قوله: وفي بَيعِه بغيرِ جنْسِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ ما صحَّحه في «البُلْغَةِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وجزَم به (¬1) في «المُغْنِي»، في بابِ الربا، عندَ مسْأَلةِ، والبُرُّ والشَّعِيرُ جِنْسان. الوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: وفي بَيعِه بغيرِ جِنْسِه. قال في «الفُروعِ»: وفي بَيعِه بمَكِيل غيرِ جِنْسِه. ثم قال: ويصِح بغيرِ مَكِيل. فخَصَّ الخِلافَ بالمَكيلِ. وهو الصَّحيحُ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين». وقدَّمه في «الفُروعِ». ومثَّلَ في «الحاوي الصَّغِيرِ» بالشَّعِيرِ ونحوه، ومثَّلَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، وغيرِها بالشَّعيرِ. وخصَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم الخِلافَ بالحَبِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. فالأوَّلُ أعَم مِنَ الثَّانِي؛ لأنَّ كلَّ حَب مَكِيل، وليس كلُّ مَكِيل بحَب. وتظْهَرُ فائدةُ الخِلافِ في الأُشْنانِ ونحوه، فإنَّه داخِلٌ في القَوْلِ الأوَّلِ، لا الثَّانِي؛ لأنَّه ليس بحَبٍّ.

وَلَا الْمُزَابَنَة؛ وَهِيَ بَيعُ الرُّطَبِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، إلا فِي الْعَرَايَا؛ وَهِي بَيعُ الرُّطَب فِي رُءُوسِ النَّخْلِ خَرْصًا بِمِثْلِهِ مِنَ التَّمْرِ كَيلًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ لِمَنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى أَكْلِ الرُّطَبِ، وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا بَيعُ المُزَابَنَةِ؛ وهي بَيعُ الرُّطَبِ في رُءوسِ النَّخْل بالتَّمْرِ، إلَّا في العَرايا؛ وهو بَيعُ الرُّطَبِ في رُءوسِ النَّخْلِ خَرْصًا بمثْلِه مِنَ التَّمْرِ كيلًا فيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ لمَن به حاجَةٌ إلى أَكْلِ الرُّطَبِ، ولا ثَمَنَ معه. العَرايا التي يجوزُ بَيعُها، هي بَيعُ الرُّطَبِ في رُءوسِ النَّخْلِ، سواء كان مَوْهوبًا، أو غيرَ مَوْهوبٍ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. واخْتارَه القاضي، وجُمْهورُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وصاحِبِ «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ». وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ -وتبِعَه جماعة مِنَ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «التَّلْخيصِ» - تَخْصِيصُ العَرايا بالهِبَةِ. وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قال في رِوايَةِ سِنْدِيِّ، وابنِ القاسِمِ: العَرِيَّةُ؛ أنْ يهَبَ الرَّجُلُ للجارِ، أو ابنِ العَمِّ، النَّخْلةَ والنَّخْلتَين، ما لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ، فلِلمَوْهُوبِ له أنْ يَبِيعَها بخَرْصِها تَمْرًا للرِّفْقِ. قوله: فيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ. يُشْترَطُ في صِحَّةِ ذلك، أنْ يكونَ فيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْسَةِ أوْسُقٍ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الوَجيزِ»، أنَّه لا تُشْترَطُ الأوْسُقُ أصْلًا فيما إذا كان المُشْتَرِي هو الواهِبَ، إذا كان يشُقُّ عليه دُخولُ المَوْهوبِ له وخُروجُه في بُسْتانِه، أو يَكْرَهُ المَوْهوبُ له دُخولَ بُسْتانِ غيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأغْرَبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ الزَّاغُونِيِّ في ذلك، ولا نَظيرَ له. قوله: لمَن به حاجَةٌ إلى أَكْلِ الرُّطَبِ. ولا نِزاعَ في ذلك. ومَفْهومُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصنِّفِ، أنَّ البائعَ لو احْتاجَ إلى أكْلِ التَّمْرِ، ولا ثَمَنَ معه إلَّا الرطَبَ، أنَّه لا يجوزُ له ذلك. وهو صَحِيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يجوزُ ذلك. وعلَّلُوه؛ فقالوا: جَوازُ ذلك بطَرِيقِ التنبِيهِ؛ لأنَّه إذا جازَ مُخالفَةُ الأصْلِ لحاجَةِ التَّفَكُّهِ، فلِحاجَةِ الاقْتِياتِ أوْلَى. اخْتارَه أبو بَكْر في «التنْبِيهِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الفائقِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنتَخَبِ الأزجِي». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وجعَل ابنُ عَقِيلٍ مِن صُوَرِ الحاجَةِ، إذا كانتْ مَوْهُوبَةً، ويشُقُّ على الواهِبِ دُخولُ الموْهوبِ له وخُروجُه، أو يَكْرَهُ الواهِبُ دُخولَ غيرِه، فيَجوزُ البَيعُ إذنْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُكْتَفَى بالحاجَةِ المُتقَدِّمَةِ مِن جِهَةِ البائعِ أو المُشْتَرِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهُورُ المُخْتارُ لأبي محمدٍ وغيرِه. وجزَم به أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ». وحكَى المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، عن أبي بَكْرٍ، والقاضي، اشْتِراطَ الحاجَةِ مِن جانبيِ البائعِ والمُشْتَرِي. وهو المُقَدَّمُ عندَ ابنِ عَقِيلٍ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ ما في «التَّلْخيصِ»، أنَّه يُشْتَرَطُ، مع حاجَةِ المُشْتَرِي المُتقَدِّمَةِ، أنْ يَشُق على المَوْهوبِ له القِيامُ عليها. فعلى المذهبِ -وهو اشْتِراطُ

وَيُعْطِيهِ مِنَ التَّمْرِ مِثْلَ مَا يَؤُولُ إِلَيهِ مَا فِي النَّخْلِ عِنْدَ الْجَفَافِ. وَعَنْهُ، يُعْطِيهِ مِثْلَ رُطَبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حاجَةِ المُشْتَرِي، وعَدمُ اشْتِراطِ حاجَةِ البائعِ -يجوزُ للبائعِ أنْ يَبِيعَ أكثرَ مِن مِائَةِ وَسَقٍ في عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ، بالشُّروطِ الآتِيَةِ. وعلى القوْلِ باشْتِراطِ الحاجَةِ مِنَ البائعِ أو المُشْتَرِي، لا يجوزُ أنْ يَبِيعَ عَرِيتين مِن رَجُلَين خَمْسةَ أوْسُقٍ فأكثرَ. وهو قوْلُ أبي بَكْر، والقاضي، وابنِ عَقِيلٍ. قوله: ويُعْطِيه مِنَ التمْرِ مثلَ ما يَؤُولُ إليه ما في النَّخْلِ عندَ الجَفَافِ -وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ- وعنه، يُعْطِيه مِثْلَ رُطَبِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّه ظاهِرُ الأحاديثِ. وقيل: إنَّه المَنْصُوصُ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يتَلَخَّصُ ممَّا تقدَّم، أنَّه يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ بَيعِ العَرايا شُروط، بعضها مُتَّفقٌ عليه، وبعضُها مُخْتلَص فيه، فمنها، كوْنُها رُطَبًا على رُءوسِ النَّخْلِ، فلا يجوزُ بَيعُ الرُّطَبِ الذي على الأرْضِ بتَمْرٍ. ومنها، كوْنُها دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ، على

وَلَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. ومنها، كوْنُها خَرْصًا لا جُزافًا. ومنها، كوْنُ البَيعِ بتَمْرٍ، فلا يجوزُ بَيعُها بخَرْصِها رُطَبًا. ومنها، كوْنُ التَّمْرِ المُشْتَرَى به، كَيلًا لا جُزافًا. ومنها، كوْنُ التَّمْرِ مِثْلَ ما حصَل به الخَرْصُ، لا أزْيدَ ولا أنْقَصَ. ومنها، الحُلولُ والقَبْضُ مِنَ الطرفَين في مَجْلِسِ العَقْدِ. نصَّ عليه، وقَبْضُ كلِّ واحدٍ منهما بحَسَبِه، ففي النَّخْلَةِ بالتَّخْلِيَةِ، وفي التَّمْرِ بكَيلِه، فإنْ سلَّم أحدُهما، ثم مَشَيَا إلى الآخَرِ فسَلَّمَه، جازَ التَّبايُعُ. ويأْتِي إذا ترَك الرُّطَبَ حتى أتْمَرَ، في البابِ الذي يَلِيه. ومنها، الحاجَةُ إلى أكْلِ الرُّطَبِ أو التَّمْرِ، على ما تقدَّم. ومنها، أنْ لا يكونَ مع المُشْتَرِي نَقْدٌ يَشْتَرِي به. فهذه تِسْعَةُ شروطٍ. قوله: ولا يَجُوزُ في سائرِ الثمارِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. قاله القاضي. وهو مُقْتَضَى اخْتِيارِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ عندَ مَن يعْتَادُه. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يجوزُ في العِنَبِ وحدَه. وهو احْتِمالٌ للمُصَنفِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به الطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه»، في الأصُولِ في القِيَاسِ. تنبيه: مفْهومُ كلام المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا يجوزُ في غيرِ التَّمْرِ. قولًا واحدًا. وهو كذلك، إلَّا أنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَّزَ ذلك في الزَّرْعِ (¬1). وخرَّجَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوازَ بَيعِ الخُبْزِ الطَّرِيِّ باليابِسِ في برِّيَّةِ الحِجازِ، ونحوها. ذكَرَه عنه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الفروع».

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ جِنْس فِيهِ الرِّبَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَمَعَ أحَدِهِمَا أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِمَا، كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَم بمُدَّينِ، أو بِدِرْهَمَينِ، أوْ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي مَعَهُ غيرُهُ، أوْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وزادَ بَيعَ الفِضَّةِ الخالِصَةِ بالمَغْشُوشَةِ، نظَرًا للحاجَةِ. قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ جنْس فيه الرِّبا بعضِه ببعض، ومع أحَدِهما، أو معهما مِن غيرِ جِنْسِهما، كمُدِّ عَجْوَةٍ، ودِرْهَم بمُدَّين، أو بدِرْهَمَين، أو بمُدٍّ ودِرْهَم. وهو المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقدَّمُوه ونَصَرُوه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِي، إذا ظهَر أنَّ المُدَّين مِن شجَرَةٍ، أو زَرْع واحدٍ، أو الدِّرْهَمَين مِن نَقْدٍ واحدٍ. وعنه، يجوزُ، بشَرْطِ أنْ يكونَ المُفْرَدُ أكثرَ مِنَ الذي معه غيرُه، أو يكونَ مع كلِّ واحدٍ منهما مِن غيرِ جِنْسِه. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في مَوْضِعٍ مِن كلامِه. فعليها، يجوزُ بَيعُ دِرْهَمَين بمُدٍّ ودِرْهَمَين، ومُدَّين بدِرْهَم ومُدٍّ، ودِرْهَمٍ ومُدٍّ بدِرْهَمٍ ومُا، ومُدَّين ودِرْهَمٍ بمُدٍّ ودِرْهَمٍ، وعَكْسُه. ولا يجوزُ دِرْهَمٌ بمُدٍّ ودِرْهَمِ، ولا مُدٌّ بِدِرْهَم ومُدِّ، ونحوُ ذلك. ومِنَ المُتَأخرِين،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كصاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، مَن يَشْتَرِطُ -فيما إذا كان مع كلِّ واحدٍ مِن غيرِ جِنْسِه مِنَ الجانِبَين- التَّساويَ؛ جَعْلًا لكلِّ جِنْسٍ في مُقابلَةِ جِنْسِه. وهو أوْلَى مِن جَعْلِ الجِنْسِ في مُقابلَةِ غيرِه، لا سِيَّما مع اخْتِلافِهما في القِيمَةِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُشْتَرَطُ أنْ لا يكونَ حِيلَةً على الرِّبا. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ على هذا الشَّرْطِ في رِوايَةِ حَرْبٍ، ولابُدَّ منه. وعنه، رِوايَةٌ ثالثةٌ، يجوزُ، إنْ لم يَكُنِ الذي معه مَقْصودًا، كالسَّيفِ المُحَلَّى. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وذكَرَه ظاهِرَ المذهبِ. ونصرَه صاحِبُ «الفائقِ» في فَوائدِه. فأمَّا إنْ كانتِ الحِيلَةُ مِن غيرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فإنَّه يجوزُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يجوزُ. قال في «الإِرْشادِ»: وهي أظْهَرُهما، لأنَّه لو اسْتُحِقَّ وتَلِفَ، لم يَدْرِ بما يرْجِعُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»: وللأصحابِ في المَسْأَلةِ طَرِيقَةٌ ثانيةٌ، وهي (¬1) أنَّه لا يجوزُ بَيعُ المُحَلَّى بجِنْسِ حِلْيَيه. قوْلًا واحدًا. وفي بَيعِه بنَقْدٍ آخَرَ رِوايَتان. ويجوزُ بَيعُه بعَرْض، رِوايَةً وا حدةً. وهي طَرِ يقَةُ أبي بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، وابنِ أبي مُوسى، والشيرَازِيِّ، وأبي محمدٍ التَّمِيمي، وأبي عَبْدِ اللهِ الحُسَينِ الهَمَذانِيِّ (¬2)، في كِتابِه «المُقْتَدَى». ومِن هؤلاءِ مَن جزَم بالمَنْعِ مِن بَيعِه بنَقْدٍ مِن جِنْسِه وغيرِ جِنْسِه، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وهو». (¬2) هو الحسين بن الهمذاني، أبو عبد الله، شمس الحفاظ، له كتاب «المقتدى» في الفقه، في المذهب، توفي في المائة السادسة. ذيل الطبقات 1/ 208، المنهج الأحمد 2/ 254.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كأبي بَكْرٍ. وقال الشِّيرَازِي: الأظْهَرُ المَنْعُ. ومنهم مَن جزَم بالجَوازِ في بَيعِه بغيرِ جِنْسِه، كالتَّمِيمِيِّ. ومنهم مَن حكَى الخِلافَ، كابنِ أبي مُوسى. ونقَل البُرْزَاطِيُّ عن أحمدَ، ما يشْهَدُ لهذه الطَّرِيقَةِ، في حَلْي صُنِعَ مِن مِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ومِائَةٍ نُحاسٍ، أنَّه لا يجوزُ بَيعُه كلِّه بالفِضَّةِ ولا بالذَّهَبِ، ولا بوَزْنِه مِنَ الفِضَّةِ والنُّحاسِ، ولا يجوزُ بَيعُه، حتى يُخَلِّصَ الفِضَّةَ مِنَ النُّحاسِ، ويَبِيعَ كلَّ واحدٍ منهما وحدَه. تنبيه: فعلى المذهبِ، في أصْلِ المَسْألةِ يكونُ مِن بابِ تَوْزيعِ الأفْرادِ على الجُمَلِ، وتَوْزيعِ الجُمَلِ على الجُمَلِ. وعلى الرِّوايَةِ الثانيةِ، يكونُ مِن بابِ تَوْزيعَ الأفْرادِ على الأفْرادِ. فائدتان؛ إحْداهما، للأصحابِ في توْجِيهِ المذهبِ مَأخَذان؛ أحدُهما، وهو مَأْخَذُ القاضي وأصحابِه، أنَّ الصَّفْقَةَ إذا اشْتمَلَتْ على شَيئَين مُخْتَلِفَي القيمَةِ، يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قِيمَتِهما. وهذا يُؤدِّي هنا؛ إمَّا إلى يَقِينِ التَّفاضُلِ، وإمَّا إلى الجَهْلِ بالتَّساوي. وكِلاهُما مُبْطِلٌ للعَقْدِ، في بابِ الرِّبا. والمأْخَذُ الثَّاني، أنَّ ذلك مَمْنوعٌ؛ سدًّا لذَرِيعَةِ الرِّبا؛ فإنَّ اتِّخاذَ ذلك حِيلَةً على الرِّبا الصَّريحِ واقِعٌ، كبَيعِ

وَإنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهُ؛ كَدِينَارٍ قُرَاضَةً وَصَحِيحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ مِائَةِ دِرْهَم في كِيسٍ بمِائتَين، جعْلًا للمِائَةِ في مُقابلَةِ الكِيسِ، وقد لا يُساوي دِرْهَمًا، فمُنِعَ مِن ذلك وإنْ كانَا مَقْصُودَين، حَسْمًا لهذه المادَّةِ. وفي كلامِ أحمدَ، إيماءٌ إلى هذا المأخَذِ. فلو فُرِضَ أنَّ المُدَّين مِن شجَرَةٍ واحدَةٍ، أو مِن زَرْع واحدٍ، وأنَّ الدِّرْهَمَين مِن نَقْدٍ واحدٍ، ففيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضي في «خِلافِه» احْتِمالين؛ أحدُهما، الجوازُ؛ لتَحَقُّقِ التَّساوي. والثَّاني، المَنْعُ؛ لجَوازِ أنْ يَعِيبَ أحدُهما قبلَ العَقْدِ، فتَنْقُصَ قيمَتُه وحدَه وصحَّحه أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه». قلتُ: وهو المذهبُ، وداخِل في كلامِ الأصحابِ، لكِنَّ القِياسَ الأوَّلُ. وأطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «قَواعِدِ ابنِ رَجَبٍ». الثَّانيةُ، لو دفَع إليه دِرْهَمًا، وقال: أعْطِني بنِصْفِ هذا الدِّرْهَمِ نِصْفَ دِرْهَم، وبنِصْفِه فُلُوسًا. أو: حاجَةً أُخْرَى. جازَ، كما لو دفَع إليه دِرْهَمَين، وقال: أعْطِني بهذا الدِّرْهَمِ فُلُوسًا، وبالآخَرِ نِصْفَين. وكذا لو قال: أعْطِني بهذا الدرهَمِ نِصْفًا وفُلُوسًا. جازَ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قوله: وإنْ باعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ بنَوْعٍ واحِدٍ منه؛ كدِينارٍ قُراضةً -وهو قِطَعُ الذَّهَبِ- وصَحِيح بصَحِيحَين -وكذا عكْسُه- جازَ. وكذا لو باعَ حِنْطَةً حَمْراءَ وسَمْراءَ ببَيضاءَ، أو تَمْرًا بَرْنِيًّا ومَعْقِليًّا بإبْرَاهِيمِيٍّ ونحوه. وهذا المذهبُ

بِصَحِيحَينِ، جَازَ. أَومَأَ إِلَيهِ أَحْمَدُ، وَذَكَرَهُ أبُو بَكْرٍ. وَعِنْدَ الْقَاضِي، هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في ذلك كلِّه. أوْمَأَ إليه أحمدُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ». قال في «التَّلْخيصِ»: وهو الأقْوَى عندِي. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وعندَ القاضي، هي كالتي قبلَها. قال في «القَواعِدِ»: وهي طَرِيقَةُ القاضي وأصحابِه. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكَافِي»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَين». قال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»: وَجْهان. وقيلَ: رِوايَتان. انتهى. ونقَل ابنُ القاسِمِ، إنْ كان نَقْدًا، فكمُدِّ عَجْوَةٍ. وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعِ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فائدة: هذه المَسْأَلةُ، ومَسْأَلةُ مُدِّ عَجْوَةٍ وفُروعِها، الرِّبا فيه مَقْصُودٌ؛ فلذلك وقَع الخِلافُ فيهما أمَّا إذا كان الرِّبا غيرَ مَقْصُودٍ بالأصالةِ، وإنَّما هو تابعٌ لغيرِه، فهو على ثَلاثَةِ أنْواعٍ؛ أحدُها، ما لا يُقْصَدُ عادةً، ولا يُباعُ مُفْرَدًا، كتَزْويقِ الدَّارِ، ونحوه. قال في «الرِّعايَة»: وكذا ثَوْبٌ طِرازُه ذَهَبٌ، فلا يُمْنَعُ مِنَ البَيعِ بجِنْسِه بالاتِّفاقِ. الثَّاني، ما يُقْصَدُ تبَعًا لغيرِه، وليس أصْلًا لمالِ الرِّبا؛ كبَيعِ العَبْدِ ذِي المالِ بمالٍ مِن جِنْسه. فهذا له حُكْمٌ يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ. الثَّالثُ، ما لا يُقْصَدُ، وهو تاجٌ لغيرِه، وهو أصْلٌ لمالِ الرِّبا إذا بِيعَ بما فيه منه. وهو ضَرْبان؛ أحدُهما، أنْ يُمْكِنَ إفْرادُ التَّابعِ بالبَيعِ؛ كبَيعِ نَخْلَةٍ عليها رُطَبٌ برُطَبٍ. ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، المَنْعُ. وهي طَرِيقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ». والثَّاني، الجَوازُ. وهي طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ، والخِرَقِيِّ، وابنِ بَطَّةَ، والقاضي في «الخِلافِ». والضَّرْبُ الثَّاني، أنْ يكونَ التَّابعُ ممَّا لا يجوزُ إفْرادُه بالبَيعِ؛

وَفِي بَيعِ النَّوَى بِتَمْرٍ فِيهِ النَّوَى، وَاللَّبَنِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ، وَالصُّوفِ بِنَعْجَةٍ عَلَيهَا صُوفٌ، رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كبَيعِ شَاةٍ لَبُونٍ بلَبَنٍ، أو ذاتِ صُوفٍ بصُوفٍ، وبَيعِ التَّمْرِ بالنَّوَى. وهو قوْلُ المُصَنِّفِ: وفي بَيعِ النَّوَى بتَمْرٍ فيه النَّوَى، واللَبَنِ بشَاةٍ ذاتِ لَبَنٍ، والصُّوفِ بنَعْجَةٍ عليها صُوفٌ، رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكَافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَين»، و «النَّظْم»؛ إحْدَاهما -وهو المذهبُ- يجوزُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «التَّصحيحِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». والثَّانيةُ، لا يجوزُ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، والقاضي في «خِلافِه». وقدَّمه في «الهادِي». وقال ابنُ عَبْدوس في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه»: يجوزُ بَيعُ اللَّبَنِ والصُّوفِ، بشَاةٍ ذاتِ لَبَنٍ أو صُوفٍ، ولا يجوزُ بَيعُ نَوًى بتَمْرٍ بنَواه. قال الشَّارِحُ [على القَوْلِ بالجَوازِ] (¬1): يجوزُ بَيعُه مُتَفاضِلًا، ومُتساويًا، على المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: ولعَلَّ المَنْعَ يَتَنزَّلُ على ما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان الرِّبَويُّ مَقْصُودًا، والجَوازَ على عدَمِ القَصْدِ. وقد صرَّحَ باعْتِبارِ عدَمِ القَصْدِ، ابن عَقِيلٍ وغيره، ويَشْهَدُ له تعْليلُ الأصحابِ كلِّهم الجَوازَ بأنَّه تابعٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُ مقْصُودٍ.

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ تَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى بِمَا نَوَاهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، الصَّحيحُ مِن المذهبِ، تَحْريمُ بَيعِ تَمْرٍ بلا نَوًى، بتَمْرٍ فيه النَّوَى، وإنْ أبَحْناه في عكْسِها. وقيل: يُباحُ كالعَكْسِ. الثَّانيةُ، قال ابنُ رَجَبٍ: واعْلمْ، أنَّ هذه المَسائِلَ مُنْقَطِعَةٌ عن مُدِّ عَجْوَةٍ؛ فإنَّ القَوْلَ بالجَوازِ فيها لا يتَقَيَّدُ بزِيادَةِ المُفْرَدِ على ما معَه. وقد نصَّ أحمدُ في بَيعِ العَبْدِ الذي له مالٌ، بمالٍ دُونَ الذي معه، وقال القاضي في «خِلافِه»، في مَسْأَلَةِ العَبْدِ والنَّوَى بالتَّمْرِ: وكذلك المَنْعُ فيها عندَ الأكْثَرِين. ومِنَ الأصحاب مَن خرَّجَها -أو بعضَها- على مَسائِل مُدِّ عَجْوَةٍ؛ ففَرَّق بينَ أنْ يكونَ المُفْرَدُ أكْثَرَ مِنَ الذي معه غيرُه، أوْ لا. وقد صرَّح

وَالْمَرْجِعُ فِي الْكَيلِ وَالْوَزْنِ إِلَى عُرْفِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَمَا لا عُرْفَ لَهُ بهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُعْتَبَرُ عُرْفة فِي مَوْضِعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ به طائِفَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ كأبي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، في مَسْأَلَةِ العَبْدِ ذِي المالِ. وكذلك حكَى أبو الفَتْحِ الحَلْوانِيُّ رِوايةً، في بَيعِ الشَّاةِ ذاتِ الصُّوفِ واللَّبَنِ، بالصَّوفِ واللَّبَنِ، أنَّه يجوزُ، بشَرْطِ أنْ يكونَ المُفْرَدُ أكثرَ ممَّا في الشَّاةِ مِن جِنْسِه. قال ابنُ رَجَبٍ: ولعَلَّ هذا مع (¬1) قَصدِ اللَّبَنِ والصُّوفِ بالأصالةِ، والجوازَ مع عدَمِ القَصْدِ. فيرْتَفِعُ الخِلافُ. وإنْ حُمِلَ على إطْلاقِه، فهو مُنَزَّل على أنَّ التَّبَعَيَّةَ هنا لا عِبْرَةَ بها، وأنَّ الرِّبَويَّ التَّابعَ كغيرِه، فهو مُسْتَقِلٌّ بنَفْسِه. قوله: والمَرْجِعُ في الكَيلِ والوزْنِ إلى عُرْفِ أَهْلِ الحِجازِ في زَمَنِ النَّبِيِّ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «من».

وَالْآخَرُ يُرَدُّ إِلَى أقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ بِالحِجَازِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ - صلى الله عليه وسلم -. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقال في «المُجَردِ»: ومَرَدُّ الكَيلِ عُرْفُ المَدِينَةِ، والوَزْنِ عُرْفُ مَكَّةَ، على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، و «الفروعِ»، و «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: لو قيل: إنَّ عِباراتِ الأوَّلِين مطلَقَةٌ وهذه مُبَيِّنَةٌ، وإنَّ المَسْأَلَةَ قَوْلًا واحدًا. لكانَ مُتَّجَهًا. ويُقَوى ذلك، أنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك مع كَثْرَةِ اطِّلاعِه. وقد اسْتدَلَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما للأوَّلِ بقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «المِكْيالُ مِكْيالُ أَهْلِ المَدِينَةِ، والمِيزانُ مِيزانُ أهْلِ مَكَّةَ». فدَلَّ أنَّ مُرادَهم ما قُلْناه. وهو واضِحٌ. لكِنْ قال في «الفائقِ»: ومَرْجِعُ الكَيلِ والوَزْنِ، إلى عُرْفِ أهْلِ الحِجازِ. ورَدَّ في «المُجَرَّدِ» (¬1) الكَيلَ إلى المدِينَةِ، والوَزْنَ إلى مَكَّةَ، زمَنَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -. وحكَى في «الرعايَةِ الكُبْرَى» الخِلافَ. فظَاهِرُهما التَّغايُرُ. ويُمْكِنُ الجَوابُ بأنَّهما حكَيا عِباراتِ الأصحابِ. قوله: وما لا عُرْفَ له به، فَفِيه وَجْهان. أصْلُهما احْتِمالان للقاضي في «التَّعْليقِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، 1: «المحرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، أحدُهما، يُعْتَبرُ عُرْفُه في مَوْضِعِه. وهذا المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والوَجْهُ الآخَرُ، يُرَدُّ إلى أقْرَبِ الأشْياءِ شَبَهًا به بالحِجَازِ. قدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: يُرَدُّ إلى أقْرَبِ الأشْياءِ شَبَهًا به بالحِجازِ، في الوَزْنِ لا غيرُ. فعلى المذهبِ، لو اخْتلَفَ عُرْفُ البِلادِ، فالاعْتِبارُ بالغالِبِ، فإنْ لم يكُنْ غالِب، تَعيَّنَ الوَجْهُ الثَّانِي. وعلى الوَجْهِ الثَّانِي، إنْ تعَذَّرَ، رجَع إلى عُرْفِ بلَدِه. قاله في «الحاوي» وغيرِه. فوائد؛ إحْداها، المائِعُ كلُّه مَكِيلٌ. على الصَّحيحِ مِنَ الذهبِ. كالأدْهانِ، والزَّيتِ، والشَّيرَجِ، والعَسَلِ، والدِّبْسِ، والخَلِّ، واللَّبَنِ، ونحوه. قدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الظَّاهِرُ أنَّها مَكِيلَةٌ. قال القاضي: الأدْهانُ مَكِيلَةٌ. وفي اللَّبَنِ، يصِحُّ السَّلَمُ فيه كَيلًا. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، إلَّا في اللَّبَنِ والسَّمْنِ؛ فإنَّه أطْلَقَ الخِلافَ فيهما، وقدَّم في مَوْضع، أنَّ اللَّبَنَ مَكِيلٌ، وقال: الزُّبْدُ مَكِيلٌ. وسُئِلَ أحمدُ، عنِ السَّلَفِ في اللَّبَنِ؛ فقال: نعم، كَيلًا أو وَزْنًا. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، أنَّ الدُّهْنَ واللَّبَنَ مَكِيلٌ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يُباعُ السَّمْنُ بالوَزْنِ، ويتَخَرَّجُ، أنْ يُباعَ بالكَيلِ. وجزَ ما بأنَّ الزُّبْدَ مَوْزُونٌ. وجعَل في «الرَّوْضَةِ» العسَلَ مَوْزُونًا. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والخُبْزُ إذا يَبِسَ ودُقَّ وصارَ فَتِيتًا، بِيعَ كَيلًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: فيه وَجْهٌ، يُباعُ بالوَزْنِ. انتهى. والدَّقيقُ مَكِيلٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي: يجوزُ بَيعُ بعضِه ببَعضٍ وَزْنًا، ولا يَمْتنِعُ أنْ يكونَ مَوْزُونًا، وأصْلُه مَكِيل كالخُبْزِ. وتقدَّم ذلك عندَ جَوازِ بَيعِ بعضِه ببَعض. الثَّانيةُ، مِن جُمْلَةِ المَوْزُونِ؛ الذَّهَبُ، والفِضَّةُ، [والنُّحاسُ الأصْفَرُ] (¬1)، والحَدِيدُ، والرَّصاصُ، والزِّئْبَقُ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «والنحاس والصفر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكَتَّانُ، والقُطْنُ، والحَريرُ، والقَزُّ، والصُّوفُ، والشَّعَرُ، والوَبَرُ، والغَزْلُ، واللُّؤْلُؤُ، والزُّجاجُ، واللَّحْمُ، والشَّحْمُ، والشَّمْعُ، والزَّعْفرانُ، والعُصْفُرُ، والوَرْسُ، والخُبْزُ، والجُبْنُ، وما أشْبَهه. ومِن ذلك؛ البُقولُ، والسَّفَرْجَلُ، والتُّفَّاحُ، والكُمَّثْرَى، والخَوْخُ، والإجَّاصُ، وكل فاكِهَةٍ رَطْبَةٍ. ذكَرَه القاضي. ومِن جُمْلَةِ المَكِيلِ؛ كُلُّ حَبٍّ، وبَزْرٍ، وأبازِيرَ، وجَصٍّ، ونُورَةٍ، وأُشْنانٍ، وما أشْبهَه، وكذلك سائِرُ ثَمَرِ النَّخْلِ، مِنَ الرُّطَبِ، والبُسْرِ، وغيرِهما، وسائِرُ ما فيه الزَّكاةُ مِنَ الثِّمارِ؛ كالزَّبِيبِ، والفُسْتُقِ، والبُنْدُقِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واللَّوْز، والعُنَّابِ، والمِشْمِشِ، والزَّيتُونِ، والبُطْمِ، والمِلْحِ، وما أشْبَهَه. الثَّالثةُ، قال في «النِّهايَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم: يجوزُ التَّعامُلُ بكَيل لم يُعْهَدْ.

فَصْلٌ: وَأمَّا رِبَا النَّسِيئَةِ، فَكُلُّ شَيئَينِ لَيسَ أحَدُهُمَا ثَمَنًا، عِلَّةُ رِبَا الْفَضْلِ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ، كَالْمَكِيلِ الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ، لَا يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا، وَإنْ تَفرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ، بَطَلَ الْعَقْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأمَّا رِبا النَّسِيئَةِ؛ فكُلُّ شَيئَين ليس أحَدُهما ثَمَنًا، عِلَّةُ رِبا الفَضْلِ فيهما واحِدَة، كالمَكِيلِ بالمَكِيلِ، والمَوْزُونِ بالمَوْزُونِ، لا يجوزُ النَّساءُ فيهما، وإنْ تَفَرَّقا قبلَ القَبْضِ، بطَل العَقْدُ. فيُشْتَرطُ الحُلولُ والقَبْضُ في المَجْلِسِ في ذلك. نصَّ عليه، فيَحْرُمُ مُدُّ بُرٍّ بجِنْسِه، أو بشَعِيرٍ، ونحوُهما نَسِيئَةً. بلا خِلافٍ أعْلَمُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أصْرفَ الفُلوسَ النَّافِقَةَ بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، لم يَجُزِ النَّساءُ فيهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ الجَوازَ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنف هنا. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وذكَرَه رِوايَةً. قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ قُلْنا: هي عَرْض. جازَ، وإلَّا فلا. قال في «المُذْهَبِ»: يجوزُ إسْلامُ الدَّراهِمِ في الفُلُوسِ، إذا لم تَكُنْ ثَمَنًا، ولا يجوزُ إذا كانت ثَمَنًا.

وَإنْ بَاعَ مَكِيلًا بِمَوْزُونٍ، جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْض. وَفِي النَّسَاءِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَ مَكِيلًا بمَوْزُونٍ، جازَ التَّفَرُقُ قبلَ القَبْضِ. هذا المذهب، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنفُ، وغيرُهما: جازَ. رِوايَةً واحدةً. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَعْرُوفُ عندَ كثيرٍ مِنَ المُتَأخرِين. وقال في «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ»: جازَ على الأصحِّ. وعنه، لا يجوزُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، فإنَّه قال: وما كانَ مِن جِنْسَين، فجائزٌ التَّفاضُلُ فيه يَدًا بيَدٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو ظاهِرُ كلامَ الخِرَقِيِّ. قوله: وفي النَّساءِ رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابِنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعَ»، و «شَرْحَ ابنَ رَزِينٍ»؛ إحْداهما، يجوز. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»،

وَمَا لا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ؛ كالثيابِ، وَالْحَيَوَانِ، يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ فِي الْجنْسِ الْوَاحِدِ، كَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ، وَيَجُوزُ فِي الْجِنْسَينِ، كَالثِّيَابِ بِالْحَيَوانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. قطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وذكَر جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ هاتَين الرِّوايتَين فيما إذا اخْتلَفا في العِلَّةِ، أو كان أحدُهما غيرَ رِبَويٍّ. وأطْلَقَ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، فيما إذا كان أحَدُ المَبِيعَين غيرَ رِبَويٍّ؛ كالمَكِيلِ أو المَوْزونِ بالمَعْدُودِ، رِوايتَين. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ هنا، الصِّحَّةُ. قوله: وما لا يَدْخُلُه رِبا الفَضْلِ؛ كالثِّيابِ، والحَيوَانِ، يَجُوزُ النَّسَاءُ فيهما. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سواءٌ بِيعَ بجِنْسِه، أو بغيرِ جِنْسِه، مُتَساويًا، أو مُتَفاضِلًا. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ المُتقَدِّمُ، والمُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «نَظْمِها»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهمِ. وقال القاضي: إنْ كانَ مَطْعومًا، حَرُمَ النَّساءُ، وإنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا ولا مَوْزُونَا. وهو مَبْنِيٌّ على، أنَّ العِلَّةَ الطَّعْمُ. وعنه، رِوايَةٌ ثانيةٌ، لا يجوزُ النَّساءُ في كلِّ مالٍ بِيعَ بآخَرَ، سواءٌ كان مِن جِنْسِه، أَوْ لا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي مُوسى. قال القاضي، وأبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهما: واخْتارَه الخِرَقِيُّ. فعليها، عِلَّةُ النَّساءِ المَالِيَّةُ. وضعَّف المُصَنِّفُ هذه الروايَةَ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، لو باعَ عَرْضًا بعَرْض، ومع أحَدِهما دَراهِمُ؛ العُروضُ نقدًا، والدَّراهِمُ نَسِيئَة، جازَ. وإنْ كان بالعَكْسِ، لم يَجُزْ؛ لأنه يُفْضِي إلى النَّسِيئَةِ في العُروضِ. وعنه، رِوايَةٌ ثالثةٌ، لا يجوزُ في الجِنْسِ الواحدِ؛ كالحَيوانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحَيوانِ، ويجوزُ في الجِنْسَين، كالثِّياب بالحَيوانِ. فالجِنْسُ أحَدُ صِفَتَي العِلَّةِ، فأثَّرَ. وعنه، رِوايَةٌ رابعةٌ، يجوزُ النَّساء الَّا فيما بِيعَ بجِنْسِه مُتَفاضِلًا. اخْتارَه الشَّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ. وأطْلَقهُنَّ في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى المذهبِ، قال بعضُ الأصحابِ: الجِنْسُ شَرْطٌ مَحْضٌ، فلم يُؤثِّرْ، قياسًا على كلِّ شَرْط، كالإِحْصانِ مع الزِّنَا. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا: يَحْرُمُ. فإنْ كانَ مع أحَدِهما نَقْدٌ؛ فإنْ

وَلَا يَجُوزُ بَيعُ الكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَهُوَ بَيعُ الدَّينِ بِالدَّينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان (¬1) وحدَه نَسِيئَةً، جازَ، وإنْ كان نقْدًا، والعِوَضان أو أحدُهما نَسِيئةً، لم يَجُزْ. نصَّ عليه. وقاله القاضي وغيرُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ». واقْتَصرَ عليه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي «الواضِحِ» رِوايَةٌ، يَحْرُمُ بأفَضْلٍ جِنْسِه، لأنه ذَرِيعَةٌ إلى قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا. الثَّانيةُ، قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ الكالئِ بالكالئِ، وهو بَيعُ الدَّينِ بالدَّينِ. قال في «التَّلْخيصِ»: له صُوَرٌ، منها، بَيعُ ما في الذِّمَّةِ حالًّا، مِن عُروض أو أثمانٍ، بثَمَنٍ إلى أجَلٍ ممَّن هو عليه. ومنها، جَعْلُ رأْسِ مالِ السَّلَمِ دَينًا. ومنها، لو كانَ لكُلِّ واحدٍ مِنِ اثْنَين دَينٌ على صاحِبِه مِن غيرِ جِنْسِه، كالذَّهَبِ والفِضَّةِ، وتَصارَفا، ولم يُحْضرا شيئًا، فإنَّه لا يجوزُ، سواءٌ كانَا حالَّين أو مُؤَجَّلَين. نصَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَصْلٌ: وَمَتَى افْتَرَقَ الْمُتَصَارِفَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، أَو افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ رَأْس مَالِهِ، بَطَلَ الْعَقْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه فيما إذا كانَا نَقْدَين. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ الجَوازَ. فإنْ أحضَر أحدُهما، جازَ بسِعْرِ يَوْمِه، وكان العَينُ بالدَّينِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجوزُ. فعلى المذهبِ، لو كان مُوجَّلًا، فقد توَقَّفَ أحمدُ عن ذلك. وذكَر القاضي فيه وَجْهَين؛ أحدُهما، يجوزُ أيضًا. اخْتارَه المُصَنِّف، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايَةِ»: الأظْهَرُ، لا يُشْتَرطُ حُلولُه. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وهي مِن مَسائلِ المُقاصَّةِ، والمُصَنِّف، رَحِمَه اللهُ، لمِ يَذكرْ ما هنا، وقد ذكَر في كتابِ الصَّداقِ ما يدُلُّ عليها في قوْلِه: وإنْ زوَّج عبْدَه حُرةَ، ثم باعَها العَبْدُ بثَمَن في الذمةِ، تحوَّلَ صَداقُها أو نِصْفُه -إنْ كان قبلَ الدُّخول- إلى ثَمَنِه. فنَذْكُرُها في أوَاخِرِ السَّلَمِ، والخِلافَ فيها؛ ذكَرَها كثير مِنَ الأَصحابِ هناك.

وَإنْ قَبَضَ الْبَعْضَ، ثُمَّ افْتَرَقَا، بَطَل فِي الْجَمِيعِ، فِي أحدِ الْوَجْهَينِ. وفِي الآخرِ، يَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في الصَّرْفِ والسَّلَمِ: وإنْ قبَض البَعضَ، ثم افْتَرَقَا، بطَل في الجَمِيعِ، في أحَدِ الوَجْهَين. جزَم به في «الوَجيزِ» في الصَّرْفِ، وصحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ». وفي الآخَرِ، يَبْطُلُ فما لم يقْبِضْ. وهو المذهبُ؛ لأنَّهما مَبْنِيَّان عندَ الأصحابِ على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. وقد علِمْتَ فيما مضَى المذهبَ في ذلك.

وَإنْ تَقَابَضَا، ثُمَّ افْتَرَقَا، فَوَجَدَ أحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ رَدِيئًا، فَرَدَّهُ، بَطَلَ الْعَقْدُ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالأخْرَى، إِنْ قَبَضَ عِوَضَهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، لَمْ يَبْطُل، وَإنْ رَدَّ بَعْضَهُ، وَقُلْنَا: يَبْطُلُ فِي الْمَرْدُودِ. فَهَلْ يَبْطُلُ فِي غيرِه؟ عَلَى وَجهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَصارَفا، ثم افْتَرَقا، فوجَد أحَدُهما ما قبَضَه رَديئًا، فرَدَّه، بطَل العَقْدُ، في إحْدَى الرِّوايتَين. والأخْرَى، إنْ قبَض عِوَضَه في مَجْلِسِ الرَّدِّ، لم يَبْطُلْ. اعلمْ أنَّه إذا تَصارَفا ووجَدا، أو أحَدُهما، بما قبَضَه عَيبًا، أو غَصبًا، فتارَةً يكونُ العَقْدُ قد وقَع على عَينَين، وتارَةً يكونُ في الذِّمَّةِ. فإنْ كان قد وقَع على عَينَين؛ فتارَةً يكونُ العَيبُ مِن جِنْسِه، وتارَةً يكونُ مِن غيرِ جِنْسِه. فإنْ كان مِن غيرِ جنْسِه، فتارَةً يكونُ قبلَ التَّفَرُّقِ، وتارَةً يكونُ بعدَه، وإنْ كان مِن جِنْسِه، فتارَةً أيَضًا يكونُ قبلَ التَّفَرُّقِ، وتارَةً يكونُ بعدَه. وإنْ كان العَقْدُ وقَع في الذمةِ؛ فتارَةً يكونُ العَيبُ مِن غيرِ جِنْسِه، وتارَةً يكونُ مِن جِنْسِه. فإنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن غيرِ جِنْسِه؛ فتارَةً يكونُ قبلَ التَّفَرُّقِ، وتارَةً يكونُ بعدَه، وإنْ كان مِن جِنْسِه، فتارَةً أيضًا يكونُ قبلَ التَّفَرُّقِ، وتارَةً يكونُ بعدَه، كما قُلْنا فيما إذا وقَع العَقْدُ على عَينَين. فهذه ثَمانِ مسَائِلَ، أرْبعَةٌ فيما إذا وقعَ العَقْدُ على عَينَين، وأرْبعَةٌ فيما إذا كان في الذِّمَّةِ. وهذه الثَّمانِيَةُ تارَةً تكونُ المُصارَفَةُ فيها مِن جِنْسٍ واحدٍ، وتارَةً تكونُ مِن جِنْسَين. فهذه سِتَّةَ عشَرَ مَسْألَةً. فإنْ وقَع العَقْدُ على عَينَين مِن جِنْسَين -ولو بوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ يعْلَمانِه، أو إخْبارِ صاحبِه، وكان العَيبُ مِن غيرِ جِنْسِه- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بُطْلانُ العَقْدِ، سواء كان قبلَ التَّفَرُّقِ أو بعدَه. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ: كقَوْلِه: بِعْتُك هذا البَغْلَ. فإذا هو حِمارٌ. وعنه، يصِحُّ ويقَعُ لازِمًا. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا مُعَوَّلَ عليها. وعنه، له رَدُّه وأخْذُ البَدَلِ. وقال في «القَواعِدِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ بما في الدِّينارِ مِنَ الذَّهَبِ بقِسْطِه مِن البَيعِ، ويَبْطُل في الباقِي، وللمُشْتَرِي الخِيارُ لتَبْعيضِ المَبيعِ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلت: وهو قَويٌّ في النَّظَرِ. فعلى المذهبِ، ظاهِرُه سَواءٌ كان العَيبُ كثِيرًا أو يسِيرًا. وهو كذلك. وظاهرُ كلامِ أبي الحَسَنِ التَّمِيميِّ في «خِصالِه»، إنْ كان العَيبُ يَسِيرًا مِن غيرِ جِنْسِه، لا يَبْطُلُ العَقْدُ، وإليه مَيلُ ابنِ رَجَب. وما هو ببَعِيدٍ. وإنْ وقَع على عَينَين مِن جنْسَين، والعَيبُ مِن جِنْسِه، وقُلْنا: النُّقودُ تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ، فَتارَةً يكونُ قبلَ التَّفَرقِ، وتارةً يكونُ بعدَه. فإنْ كان قبلَ التَّفَرُّقِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ العَقْدِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهما. قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقال في «الواضِحِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: يَبْطُلُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٍ، وابنِ الحَكَمِ. فعلى المذهبِ، له قَبُولُه، وأخْذُ أرْشِ العَيب مِن غيرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، ولا يَأخُذُ مِن جِنْسِ الثَّمَنِ. وهذا الصَّحيحُ، وعليه أَيضًا أكثرُ الأصحابِ. وهو في بعضِ نُسَخِ الخِرَقِيِّ. وقال في «القَواعِدِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وظاهِرُ ما أوْرَدَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» مذهبًا، وإحْدَى نُسَخِ الخِرَقِيِّ، لا يجوزُ أخْذُ الأَرْشِ مُطْلَقًا. وإنْ كان بعدَ التَّفَرُقِ عن مَجْلِسِ العَقْدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ ما لو كان قبلَ التَّفَرُّقِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما تقدَّم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: والصَّوابُ، لا فَرْق بينَ المَجْلِسِ وبعدَه. وقيَّدَه في «الوَجيزِ» بالمَجْلِسِ. وهو اختِيارُ المُصَنِّفِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأظُنُّه أنَّه اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وفي «الواضِحِ» وغيرِه، يَبْطُلُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ جَعْفَر، وابنِ الحَكَمِ، كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، له قَبُولُه، وأخْذُ أرْشِ العَيبِ، ويكونُ مِن غيرِ جِنْسِ الثَّمَنِ؛ لأنَّه لا يُعْتَبرُ قَبْضه، كبَيعِ بُرٍّ بشَعِير، فيَجِدُ أحَدُهما عَيبًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيأخُذُ أرْشَه دِرْهَمًا بعدَ التَّفَرُّقِ، ولا يجوزُ أخْذُه مِن جِنْسِ الثَّمَنِ، كما تقدَّم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، له ردُّه سواءٌ ظهَر على العَيبِ في المَجْلِسِ أو بعدَه، ولا بدَلَ؛ لأنَّه يأْخُذُه ما لم يَشْتَرِه، إلَّا على رِوايَةِ أنَّ النُّقودَ لا تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ». ونقَل أكثرُ عن أحمدَ، أنَّ له ردَّه وبدَلَه. ولم يُفَرِّقْ في العَيبِ. وأمَّا إذا وقَع العَقْدُ في الذمةِ على جِنْسَين، وكان العَيبُ مِن جِنْسِه، فَتارَةً يجِدُه قبلَ التَّفَرُّقِ، وتارةً بعدَه. فإن وجَدَه قبلَ التَّفَرُّقِ، فالصَّرْفُ صَحِيحٌ، وله المُطالبَةُ بالبَدَلِ، وله الإِمْساكُ وأخْذُ الأرْشِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِنْسَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم في «الوَجيزِ» بأنَّ له المُطالبَةَ بالبَدَلِ. وجزَم به في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وإنْ وجَدَه بعدَ التَّفَرُّقِ، فالصَّرْفُ أيضًا صَحِيح، ثم هو مُخَيَّرٌ بينَ الرَّدِّ والإِمْساكِ، فإنِ اخْتارَ الرَّدَّ، فعَنه، يَبْطُلُ العَقْدُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، لا يَبْطُلُ، وله البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، فإنْ تفَرَّقا قبلَه، بطَل العَقْدُ. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والخَلَّالِ، والقاضي وأصحابِه، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَررِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما المُصَنِّفُ هنا، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وحُكِيَ رِوايَةٌ ثالثةٌ، أنَّ البَيعَ قد لَزِمَ. قال: وهي بعيدَةٌ. فعلى الأولَى، إنْ وجَد البَعضَ رَدِيئًا فرَدَّه، بطَل فيه، وفي البَقِيَّةِ، رِوايَتا تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. والمُصَنِّفُ أطْلَقَ هنا الوَجْهَين. وعلى الثَّانيةِ، له بدَلُ المَرْدُودِ في مَجْلِسِ الرَّدِّ. وإنِ اخْتارَ الإِمْساكَ، فله ذلك بلا رَيبٍ، لكِنْ إنْ طلَبَ معه الأرْشَ، فله ذلك في الجِنْسَين على الرِّوايتَين. قال الزَّرْكُشِيُّ: هذا هو المُحَقَّقُ. وقال أيضًا: وقال أبو محمدٍ، يَعْنِي به المُصَنِّفَ: له الأرْشُ على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا الأُولَى. انتهى. وإنْ كان العَيبُ مِن غيرِ الجِنْسِ -فيما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانا جِنْسَين -فإنْ كان قبلَ التَّفَرُّقِ ردَّه، وأخَذ بدَلَه، والصَّرْفُ صَحَيحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِيُّ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التُّلْخيصِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ كلام أبِي الخَطَّابِ. وقال صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الصَّرْفُ فاسِدٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي. فعلى المذهبِ، لو وجَد العَيبَ في البَعضِ، فبعدَ التَّفَرُّقِ يَبْطُلُ فيه، وفي غيرِ المَعِيبِ رِوايَتا تَفْريقِ الضَفْقَةِ، وقبلَ التَّفَرُّقِ ببَدَلِه، وإنْ وجَدَه بعدَ التَّفَرُّقِ، فسَد العَقْدُ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا هو المذهبُ المُحَقَّقُ، وعليه يُحْمَلُ كلامُ الخِرَقِيِّ عندِي. انتهى. وجزَم به في «الفائقِ»، و «الوَجيزِ». وأجْرَى المُصَنِّفُ في «الكافِي»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» فيه، قال في «الفُروعِ»: وجماعَةٌ، الرِّوايتَين اللَّتَين فيما إذا كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَيبُ مِنَ الجِنْسِ؛ إحْداهما، بُطْلانُ العَقْدِ برَدِّه. والثَّانيةُ، لا يَبْطُلُ، وبدَلُه في مَجْلِسِ الرَّدِّ يقُومُ مَقامَه. فمُجَرَّدُ وُجودِ العَيبِ مِن غيرِ الجِنْسِ عندَهما بعدَ التَّفَرُّقِ لا يُبْطِلُ، قَولًا واحدًا، عكْسَ «المُذهَبِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وليس بشيءٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هذه الأحْكامُ التي ذُكِرَتْ، فيما إذا كانتِ المُصارَفَةُ في جِنْسَين، وحُكْمُ ما إذا كانتْ مِن جِنْس وأحدٍ حُكْمُ ما إذا كانتْ مِن جِنْسَين، إلَّا في أخْذِ الأرْشِ، فإنَّه لا يجوزُ أخْذُه مِن جِنْسِه، قوْلًا واحدًا،؛ تقدَّم. وقيل: يجوزُ. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ولا وَجْهَ له. ويأْتِي ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِريبًا. وأمَّا مَسْألَةُ السَّلَمِ التي ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا، فَيأْتِى حُكْمُها في بابِ السَّلَمِ، في أوَّلِ الفَصلِ السَّادِسِ. فوائد؛ إحْداها، يجوزُ اقْتِضاءُ نَقْدٍ مِن آخَرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثْرَمِ، وابنِ مَنْصُورٍ، وحَنْبَلٍ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ويُؤخَذُ ذلك مِن كلامِ المُصَنِّفِ، في قوْلِه في آخِرِ الإِجارَةَ: وإذا اكْتَرَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدَراهِمَ وأعْطاه عنها دَنانِيرَ. وعنه، لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، يُشْتَرَطُ أنْ يُحْضِرَ أحدَهما، والآخَرُ في الذِّمَّةِ مُسْتَقِر بسِعْرِ يَوْمِه. نصَّ عليه، ويكونُ صَرْفًا بعَينٍ وذِمَّةٍ. وهل يُشْتَرَطُ حلُولُه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقال: توَقَّفَ أحمدُ، أحدُهما، لا يُشْتَرطُ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهم. والثَّاني، يُشْتَرطُ. قال في «الوَجيزِ»: حالًّا. الثَّانيةُ، لو كانَ له عندَ رَجُلٍ ذَهَبٌ، فقَبَضَ منه دَراهِمَ مِرارًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ كان يُعْطِيه كل دِرْهَمٍ بحِسابِه مِنَ الدِّينارِ، صحَّ. نصَّ عليه. وإنْ لم يَفْعَلْ ذلك، ثم تَحاسَبا بعدُ، فصارَفَه بها وَقْتَ المُحاسَبَةِ، لم يَجُزْ. نصَّ عليه؛ لأنَّه بَيعُ دَينٍ بدَينٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ كانا في ذِمَّتَيهما فاصْطَرَفا، فنَصُّه، لا يصِحُّ. وخالفَ شيخُنا. انتهى. الثَّالثةُ، متى صارَفَه وتَقابَضا، جازَ له الشِّراءُ منه مِن جِنْسِ ما أخَذ منه بلا مُواطَأةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُكْرَه في المَجْلِسِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ومنَعَه ابنُ أبي مُوسى، إلَّا أنْ يَمْضيَ ليُصارِفَ غيرَه، فلم يَسْتَقِمْ. ونقَل الأثْرَمُ وغيرُه، ما يُعْجِبُني، إلَّا أنْ يَمْضِيَ فلم يَجِدْ. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، مِن غيرِه أعْجَبُ إليَّ.

وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ، فِي اظْهَرِ الرِّوَايَتَينِ، فَلَا يَجُوزُ إِبْدَالُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: والدَّراهِمُ والدَّنانيرُ تَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ في العَقْدِ، في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، حتى أنَّ القاضِيَ في «تَعْليقِه» أنْكَرَ ثبوتَ الخِلافِ في ذلك في المذهبِ، والأكْثَرُون أثْبَتُوه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَنْصوصُ عن أحمدَ في رِوايَةِ الجَماعَةِ، والمَعْمُولُ عليه عندَ الأصحابِ كافَّةً. انتهى. وعنه، لا تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينَ.

وَإنْ وَجَدَهَا مَعِيبَةً، خُيِّر بَينَ الإمْسَاكِ وَالْفَسْخِ، وَيَتَخَرَّجُ أنْ يُمْسِكَ وَيُطَالِبَ بِالأرْشِ، وإنْ خَرَجَتْ مَغْصُوبَة، بَطَلَ الْعَقْدُ. وَالأخْرَى، لَا تَتَعَيَّنُ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، قوْلُه: تَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ في العَقْدِ. يعْنِي، في جَميعِ عُقُودِ المُعاوَضاتِ. صرَّح به صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «القَواعِدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، وغيرُهم. وهو واضِحٌ. الثَّاني، لهذا الخِلافِ فَوائدُ كثيرةٌ، ذكَر المُصَنِّف هنا بعضَها؛ منها -على المذهبِ، لا يجوزُ إبْدالُها، وإنْ خرَجَتْ مَغْصُوبَةً، بطَل العَقْدُ، ويُحْكَمُ بمِلْكِها للمُشْتَرِي بمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ، فيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيها، وإنْ تَلِفَتْ، فمِن ضَمانِه، وإنْ وجَدَها مَعِيبَةً مِن غيرِ جنْسِها، بطَل العَقْدُ. وإنْ كان العَيبُ مِن جِنْسِها -وهو مُرادُ المُصَنِّف هنا- خُيِّرَ بينَ الفَسْخِ والإِمْسَاكِ بلا أَرشٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وإذا وقَع العَقْدُ على مِثْلَين؛ كالذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والفِضَّةِ بالفِضَّةِ. وخرَّج القاضِي وَجْهًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بجَوازِ أخْذِ الأَرْشِ في المَجْلِس. قال المُصنِّفُ: ولا وَجْهَ له. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. وإنْ كانَ العَقْدُ وقَع على غيرِ مِثْلِه، كالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، فله أخْذُ الأَرْش في المَجلِسِ، وإلَّا فلا. وجزَم به في «المُغْنِي» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى: فيَجِبُ حَمْلُ كلامِ المُصَنِّف هنا على ما إذا كان العَقْدُ مُشْتَمِلًا على الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ مِنَ الطَرِّفَين. انتهى. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، في هذا التَّفْريعِ: فإنْ أمْسَكَ، فله الأرْشُ، إلَّا في صَرْفِها بجِنْسِها. [وظاهِرُ كلامِ الشَّارحِ، أنَّه أجْرَى كلامَ المُصَنِّفِ في الصَّرْفِ وغيرِه] (¬1). وقال المُصَنِّفُ هنا: ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَخَرَّجُ أنْ يُمْسِك ويُطالِبَ بالأَرْشِ. وهو لأبي الخَطَّابِ. قال الزَّرْكَشي: أطْلَقَ التَّخْريج، فدَخلَ في كلامِه الجِنْسُ والجِنْسان، وفي المَجْلِسِ وبعدَه. انتهى. وعلى الروايةِ الثَّانيةِ، له إبْدالُها مع عَيبٍ وغَصْبٍ، ولا يَمْلِكُها المُشتَرِي إلَّا بقَبْضِها، وهي قبلَه مِلكُ البائعِ، وإنْ تَلِفَتْ، فمِن ضمانِه. ومنها، لو باعَه سِلْعَةً بنَقْدٍ مُعَيَّنٍ، وتَشاحَّا في التَّسْليمِ، فعلى المذهبِ، يُجْعَلُ بينَهما عَدْلٌ، يقبِضُ منهما ويُسَلمُ إليهما. وعلى الثَّانيةِ، هو كما لو باعَه بنَقْدٍ في الذِّمَّةِ. يَعْنِي، أنَّه يُجْبَرُ البائِعُ على التَّسْليمِ أوَّلًا، ثم يُجْبَرُ المُشْتَرِي على تَسْليمِ الثَّمَنِ، على ما تقدَّم في كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ، في البابِ قبلَه، في آخِرِ فَصْلِ اخْتِلافِ المُتَبايِعَين مُحَرَّرًا. ومنها، لو باعَه سِلْعَةً بنَقْدٍ مُعَيَّنٍ حالةَ العَقْدِ، وقبَضَه البائِعُ، ثم أحْضَره وبه عَيبٌ، وادَّعَى أنَّه الذي دفَعَه إليه المُشْتَرِي، وأنْكَرَ المُشْتَرِي، وفيه طَرِيقان. وتقدَّم ذلك مُسْتَوفَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في البابِ الذي قبلَه، بعدَ قوْلِه: وإنِ اخْتَلَفا في العَيبِ، هل كان عندَ البائعِ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حدَث عندَ المُشْتَرِي؟ فليُعاوَدْ.

وَيَحْرُمُ الرِّبَا بَينَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ، وَبَينَ الْمُسْلِمينَ فِي دَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَحْرُمُ الرِّبا بينَ المُسْلِمِ والحَرْبِيِّ، وبينَ المُسْلِمِين في دارِ الحَرْبِ، كما يَحْرُمُ بينَ المُسْلِمِين في دارِ الإِسْلامِ. يَحْرُمُ الرِّبا بينَ المُسْلِمِين في دارِ الحَرْبِ،

الْحَرْبِ، كَمَا يَحْرُمُ بَينَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الإسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ودارِ الإِسْلام، بلا نِزاعٍ. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الربا مُحَرَّم بينَ الحَرْبِي والمُسلم مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهما، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ. وقال في «المستوعِبِ» في بابِ الجِهادِ، و «المُحَررِ»، و «المُنَور»، و «تَجريدِ العنايَةِ»، و «إدراكِ الغايَةِ»: يجوزُ الربا بينَ المسْلِمِ والحَرْبِيِّ الذي لا أمانَ بينَهما. ونقَلَه المَيمُونِيّ. وقدَّمه ابن عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِي في دارِ الحَربِ؛ حيثُ قال: ومَن دخَل إلى أرْضِ العَدُوَ بأَمانٍ، لم يَخنهم في مالهم، ولا يُعامِلهم بالربا. وأطلَقهما الزرْكَشِيُّ، ولمُ يَقيِّدْ هذه الرِّوايةَ في «التبصِرَةِ» وغيرِها بعَدَمِ الأَمان. وفي «المُوجَزِ» رِوايَة، لا يَحْرُمُ الرِّبا في دارِ الحَربِ. وأقرَّها الشَيخ تَقِيّ الدِّينِ على ظاهِرِها. قلتُ: يُمْكِنُ أنْ يُفرقَ بينَ الروايَةِ في «التبصِرَةِ» وغيرِها، وبينَ الروايَةِ في «المُوجَزِ»، وحَمْلِها على ظاهِرِها؛ بأنَّ الروايةَ التي في «التبصرَةِ» وغيرَها لم يُقَيِّدْها بعَدَمِ الأمانِ، فيَدْخُلُ فيها لو كانُوا بدارِنا أو دارِهم، بأَمانٍ أو غيرِه. والروايَةُ التي في «المُوجَزِ»، وحَمْلُها على ظاهِرِها، أنَّه لا يَحْرم الربا في دارِ الحَرْبِ سواءٌ كان بأمانٍ أو غيرِه. فرِوايَةُ «التبصرَةِ» أعَم؛ لشُمُولِها دارَ الحَرْبِ ودارَ الإِسْلامِ، بأمانٍ أو غيرِه. ورِوايَةُ «المُوجَزِ» أخَصُّ؛ لقُصُورِها على دارِ الحَرْبِ، وحَمْلِها على ظاهِرِها، سواءٌ كان بينَهم أمانٌ أوْ لا، ولا يتَوهَّمُ مُتَوَهِّم أنَّ ظاهِرَها يشْمَلُ المُسْلِمَ، فإنَّ هذا لا نِزاعَ فيه، ومعاذَ اللهِ أنْ يُرِيدَ ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ أحمدُ. وقال في «الانْتِصارِ»: مالُ كافِرٍ مُصالحٍ مُباحٌ بطِيبِ نَفْسِه، والحَربِي مُباحٌ أخْذُه على أي وَجْهٍ كان. فائدة: لا رِبا بينَ عَبْدٍ أو مُدَبرِ أو أمِّ وَلَدٍ ونحوهم، وبينَ سيِّدِهم. هذا المذهبُ، وقطَع به الأصحابُ، ونصَّ عليه. والْتزَمَ المَجْدُ -في مَوْضِعٍ- جَرَيانَ الرِّبا بينَه وبينَ سيِّدهِ، إذا قُلْنا: يَمْلِكُ. قاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، تَحْريمُ الرِّبا بينَ السَّيِّدِ ومُكاتَبِه، كالأجْنَبِي. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا رِبا بينَه وبينَ مُكاتَبِه، كعَبْدِه. اخْتارَه أبو بَكْرِ، وابنُ أبي مُوسى. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك مَالُ الكِتابَةِ؛ فإنَّه لا يَجْرِى الرِّبا فيه. قاله في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم هناك. فعلى المذهبِ، لو زادَ الأجَلُ والدَّينُ، جازَ في احْتِمالٍ. ويأتي ذلك في أولِ الكِتابَةِ، في أوَّلِ الفَصْلِ الثَّاني.

باب بيع الأصول والثمار

بَابُ بَيعِ الْأصُولِ وَالثمَار وَمَنْ بَاعَ دَارًا، تَنَاوَلَ الْبيعُ أَرْضَهَا، وَبِنَاءَهَا، وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا، كَالسَّلَالِمِ، وَالرُّفُوفِ الْمُسَمَّرةِ، وَالأبْوَابِ المنْصُوبَةِ وَالْخَوَابِي الْمَدْفونَةِ، وَالرَّحَى الْمَنْصوبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ بَيعَ الأصُولِ والثمارِ قوله: ومَن باعَ دارًا، تناوَلَ البَيعُ أرْضَها، وبِناءَها. بلا نِزاع. وشَمِلَ قوْلُه: أرْضَها، المَعْدِنَ الجامِدَ. وهو صحيح. ولا يشْمَلُ المَعادِنَ الجارِيَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يدْخُلُ في المَبِيعِ، فيَمْلِكُه المُشْتَرِي. ويأتِي في إحْياءِ المَواتِ: إذا ظهَر فيما أحْياه مَعْدِن جار، هل يَمْلِكُه أو لا؟ ويدْخُلُ أيضًا، الشَّجَرُ والنَّخْلُ المَغْروسُ في الدَّارِ، قوْلًا واحدًا، عندَ أكثرِ الأصحابِ. وقيل: فيه احْتِمالان.

وَلَا يَدْخُلُ مَا هُوَ مودَعٌ فِيهَا، مِنَ الْكَنْزِ، وَالْأَحْجَارِ المدفُونَةِ. وَلَا الْمُنْفَصِلُ مِنْهَا، كَالْحَبْلِ، وَالدَّلْو، وَالْبَكَرَةِ، وَالْقُفْلِ، وَالْفُرُش. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مَرافِقُ الأمْلاكِ؛ كالطُّرُقِ، والأفْنِيَةِ، ومَسِيلِ المِياهِ، ونحوها، هل هي مَمْلُوكَة، أو يثْبُتُ فيها حَقُّ الاخْتِصاصِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، ثُبُوتُ حَق الاخْتِصاصِ فيها مِن غيرِ مِلْكٍ. جزَم به القاضي، وابنُ عَقِيل، في إحْياءِ المَواتِ، والغَصْبِ. ودَلَّ عليه نُصوصُ أحمدَ. وطرَد القاضي ذلك حتى في حَريمِ البِئْرِ، ورَتَّبَ عليه، أنَّه لو باعَه أرْضًا بفِنائِها، لم يصِحَّ البَيعُ؛ لأنَّ الفِناءَ لا يخْتَصُّ به، إذِ اسْتِطْراقُه عام، بخِلافِ ما لو باعَها بطَرِيقِها. وذكَر ابنُ عَقِيل احْتِمالًا، يصِحُّ البَيعُ بالفِناءِ؛ لأنَّه مِنَ الحُقوقِ، كمَسِيلِ المِياهِ. والوَجْهُ الثَّاني، المِلْكُ. صرَّح به الأصحابُ في الطُّرُقِ. وجزَم به في الكُلِّ صاحِبُ «المُغْنِي»، وأخَذَه مِن نَص أحمدَ، والخِرَقِيِّ على مِلْكِ حَريمِ البِئْرِ. ذكَر ذلك في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثّمانِين».

إلَّا مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهَا، كَالْمِفْتَاحِ، وَحَجَرِ الرَّحَى الْفَوْقَانِيِّ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلا ما كان مِن مَصالِحِها؛ كالمِفْتاحِ، وحَجَرِ الرَّحَى الفَوْقانِيِّ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يدْخُلُ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يدْخُلُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيلَ: يدْخُلُ في المَبِيعِ المِفْتاحُ، ولا يدْخُلُ الحَجَرُ الفَوْقانِيُّ. جزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». فائدتان؛ إحْداهما، لو باعَ الدَّارَ وأطْلَقَ، ولم يَقُلْ: بحُقُوقِها. فهل يدْخُلُ فيه ماءُ البِئْرِ التي في الدَّارِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وأصْلُهما، هل يَمْلِكُ الماءَ أوْ لا؟ قاله في «التَّلْخيصِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يدْخُلُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِح. الثَّانيةُ، لو كانَ في الدَّارِ مَتاع، وطالتْ مُدَّةُ نَقْلِه -وقيَّدَه جماعَةٌ بفَوْقِ ثَلاثةِ أيام، منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» - فهو عَيبٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، تَثْبُتُ اليَدُ عليها. وقيل: لا. وكذا الحُكْمُ في أرْض بها زَرْعٌ للبائعِ، فلو ترَكه له ولا ضَرَرَ، فلا خِيارَ له. وفي «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لو قال: ترَكْتُه لك. ففي كَوْنِه تَمْلِيكًا وَجْهان، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُجْرَةَ لمُدَّةِ نقْلِه. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: مع العِلْمِ. وقيلَ: له الأجْرَةُ مُطْلَقًا. وأطْلَقهُنَّ في «الرعايَةِ الكُبْرَى». ويَنْقُلُه بحَسَبِ العادَةِ، فلا يَلْزَمُ ليلًا،

وَإنْ بَاعَ أرْضًا بِحُقُوقِهَا، دَخَلَ غرَاسُهَا وَبِنَاؤهَا فِي الْبَيع، وإنْ لَمْ. يَقُلْ: بِحُقُوقِهَا. فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا جَمْعُ الحَمَّالِين. ويَلْزَمُه تَسْويَةُ الحَفْرِ. وإنْ لم يَنْضَرَّ مُشْتَرٍ ببَقائِه، ففي إجْبارِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: الأوْلَى أنَّ له إخبارَه. قوله: وإنْ باعَ أرضًا بحُقُوقِها، دخَل غِراسُها وبِناؤها في البَيعِ -بلا نِزاعٍ- وإنْ لم يَقُلْ بحُقُوقِها. فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الفَائقِ»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»؛ أحدُهما، يدْخُلُ. وهو المذهب. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «المُحَرَّر»، و «الهادِي»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين». والوَجْهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، لا يدْخُلُ، وللبائعِ تَبْقِيَتُه. فوائد؛ الأولَى، حُكْمُ الأرْضِ إذا رهَنَها حُكْمُها إذا باعَها، خِلافًا ومذهبًا وتَفْصِيلًا على ما تقدَّم. وصرَّح به في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقال في «التَّرْغِيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: هل يَتْبَعُها في الرَّهْنِ كالبَيعِ إذا قُلْنا: يدْخُلُ. أو لا؟ فيه وَجْهان، لضَعْفِ الرَّهْنِ عنِ البَيعِ، وكذا الوَصِيَّةُ. الثانيةُ، لو باعَه بُسْتانًا بحُقُوتِه، دخَل البِناءُ، والأرضُ، والشَّجَرُ، والنَّخْلُ، والكَرْمُ، وعَرِيشُه الذي يَحْمِلُه. وإنْ لم يَقُلْ: بحُقُوقه. ففي دخُولِ البِناءِ، غيرَ الحائطِ، الوَجْهان المُتقَدِّمان، حُكْمًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ». وقال في «الرعايَةِ»: وفيما فيه مِن بِناءٍ غيرَ الحِيطانِ وَجْهان. وظاهِرُه، أنَّه سَواءٌ قال: بحُقُوقه. أو لا. وهي طَرِيقَةٌ في المذهبِ. الثَّالثةُ، لو باعَه شجَرَةً، فله تَبْقِيَتُها في أرْضِ البائعِ،

وَإنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أخْرَى، كالرَّطْبَةِ، وَالْبُقُولِ، أَوْ تَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ؛ كَالْقِثَّاءِ وَالبَاذِنْجَانِ، فَالأصُولُ لِلْمُشْترِي، وَالْجَزَّةُ الظَّاهِرَةُ وَاللَّقَطَةُ الظَّاهِرَةُ مِنَ الْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ لِلْبَائِعِ، إلا أن يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالثَّمَرِ على الشَّجَرِ. قال أبو الخَطَّابِ وغيرُه: ويَثْبُتُ له حَقُّ الاخْتِيارِ، وله الدُّخُولُ لمَصالحِها. الرَّابعَةُ، لو باعَ قَرْيَةً، لم تَدْخُلْ مَزارِعُها إلَّا بذِكْرِها. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: أو قَرِينَةٍ. قال في «الفُروعِ»: وهو أوْلَى. قلتُ: وهو الصوابُ. الخامسةُ، لو كان في القَرْيَةِ شَجَر بينَ بُنْيانِها، ولم يَقُلْ: بحُقُوقِها. ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ، نَقْلًا ومذهبًا. وجزَم في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» هنا بدُخُولِه. السَّادسةُ، لو باعَ شَجَرَةً، فهل يدْخُلُ مَنْبِتُها في البِيعِ؟ على وَجْهَين. ذكَرَهما القاضي. وحُكِيَ عن ابنِ شَاقْلَا، أنَّه لا يدْخُلُ، وأنّ ظاهِرَ كلامِ أحمدَ الدُّخُولُ، حيثُ قال -في مَن أقرَّ بشَجَرَةٍ لرَجُل: هي له بأصْلِها. وعلى هذا، لو انْقَلَعَتْ، فله إعادَةُ غيرِها مَكانَها. ولا يجوزُ ذلك على قَوْلِ ابن شَاقْلَا، كالزَّرْعِ إذا حُصِدَ، فلا يكونُ له في الأرْضِ سِوَى حَقِّ الانْتِفاعِ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين». قوله: وإنْ كان فيها زَرْع يُجَزُّ مَرَّةً بعدَ أخْرَى؛ كالرَّطْبَةِ والبُقُولِ، أو تَتكَرَّرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمَرَتُه؛ كالقِثَّاءِ والباذِنْجانِ، فالأصولُ للمُشْتَرِي، والجَزَّةُ الظَّاهِرَةُ واللَّقَطَةُ الظَّاهِرَةُ مِنَ القِثَّاءِ والباذِنْجانِ للبائعِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الحاويَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الفائقِ»، في غيرِ الرَّطْبَةِ، ونحوها. وقدَّمه في «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: فأصْلُه للمُشْتَرِي في الأصحِّ. واخْتارَ ابنُ عَقِيل، إنْ كان البائعُ قال: بِعْتُك هذه الأرضَ بحُقُوقِها. دخَل فيها ذلك، وإلّا فوَجْهان. وهو ظاهِرُ كلامِهِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ الثَّمانِينَ»: هل هذه الأشْياءُ كالشَّجَرِ، أو كالزَّرْعِ؟ فيه وَجْهان؛ إنْ قُلْنا: كالشَّجَرِ. انْبَنَى على أنَّ الشَّجَرَ، هل يدْخُلُ في بَيعِ الأرْضِ مع الإِطْلاقِ أم لا؟ وفيه وَجْهان. وإنْ قُلْنا: هي كالزَّرْعِ. لم يدْخُلْ في البَيعِ، وَجْهًا واحِدًا. وقيل: حُكْمُها حُكْمُ الشَّجَرِ في تَبَعِيَّةِ الأرْضِ. وهي طَرِيقَةُ ابنِ عَقِيل، والمَجْدِ. وقيل: يَتْبَعُ، وَجْهًا واحِدًا، بخِلافِ الشَّجَرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي طَرِيقَةُ أبي الخَطَّابِ، وصاحِبِ «المُغْنِي». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو كان ممَّا يُؤخَذُ زَهْرُه ويَبْقَى في الأرْضِ، كالبَنَفْسَجِ، والنَّرْجِسِ، والوَرْدِ، والياسَمِينِ، والمَنْثُورِ، ونحوه، فإنْ تفَتَّحَ زَهْرُه، فهو للبائعِ، وما لم يتَفَتَّحْ، فهو للمُشْتَرِي. على الصَّحيحِ. ويأتِي على قَوْلِ ابنِ عَقِيل التَّفْصِيلُ.

وَإنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَا يُحْصَدُ إلا مَرَّةً، كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ مُبَقَّى إِلَى الْحَصَادِ، إلا أنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان فيها زَرْعٌ لا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً، كالبُرِّ والشَّعِيرِ، فهو للبائعِ مُبَقَّى إلى الحَصادِ. وكذلك القُطنيَّاتُ، ونحوُها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «المُغْنِي» (¬1): لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. وقال في «المُبْهِجِ»: إنْ كانَ الزَّرْعُ بَدا صَلاحُه، لم يَتْبَعِ الأرْضَ، وإنْ لم يَبْدُ صَلاحُه، فعلى وَجْهَين. فإنْ قُلْنا: لا يَتْبَعُ. أخَذ البائعُ بقَطْعِه، إلَّا أنْ يَسْتأجِرَ الأرْضَ. قال في «القواعِدِ»: وهو غرِيب جِدًّا، مُخالِفٌ لما عليه الأصحابُ. انتهى. وكذا ما المَقْصُودُ منه مُسْتَتِر؛ كالجَزَرِ والفُجْلِ واللِّفْتِ والثُّومِ والبَصَلِ، وأشْباهِ ذلك، وكذا القَصَبُ ¬

(¬1) انظر المغني 6/ 139.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفارِسِيُّ، إلا أنَّ العُروقَ للمُشْتَرِي. فأمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه كالزرْعِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: هو كالقَصبِ الفارِسِي. وهو احْتِمال في «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروع»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه الجَوْزُ. تنبيه: قوْلُه: مُبَقُّى إلى الحَصادِ. يعْنِي، بلا أجْرَةٍ، ويأخُذُه أوَّلَ وَقْتِ أخْذِه. زادَ المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، ولو كان بَقاؤه خَيرًا له. وقيل: يأخُذُه في عادَةِ أخْذِه إنْ لم يَشْتَرِطْه المُشْتَرِي. فوائد؛ الأولَى، لو اشْتَرَى أرْضًا فيها زَرْعٌ للبائع، أو شَجَرًا فيه ثَمَر للبائعِ، وظَنَّ دُخُولَه في البَيعِ، أو ادَّعَى الجَهْلَ به، ومِثْلُه يَجْهَلُه، فله الفَسْخُ. الثانيةُ، لو كان في الأرْضِ بَذْرٌ؛ فإنْ كان أصْلُه يَبْقَى في الأرْضِ، كالنَّوَى وبَذْرِ الرطْبَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوهما، فحُكْمُه حُكْمُ الشَّجَرِ، على ما تقدَّم. وإنْ كان لا يَبْقَى أصْلُه، كالزرْعِ ونحوه، فحُكْمُه حُكْمُ الزَّرْعِ البادِي. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعندَ ابنِ عَقِيل، لا يدْخُلُ فيهما جميعًا؛ لأنه عَينٌ مُودَعَة في الأرْضِ، فكانَتْ في حُكْمِ الحَجَرِ والخَشَبِ المَدْفُونَين، وأطْلَقهما في «التلْخيصِ». قال في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»: والبَذْرُ إنْ بَقِيَ أصْلُه فكشَجَرٍ، وإلَّا كزَرْع عندَ القاضي، وعندَ ابنِ عَقِيل، لا يدْخُلُ. وأطْلَقَ في «عُيُونِ المَسائلِ»، أنَّ البَذْرَ لا يدْخُلُ؛ لأنَّه مُودَع. وقال في «المُبْهِجِ»، في بَذْرٍ وزَرْع لم يَبْدُ صَلاحُه: قيل: يَتْبَعُ الأرْضَ. وقيل: لا، ويُؤخَذُ البائعُ بأخْذِه

فَصْل: وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤبَّرًا؛ وَهُوَ مَا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ، فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكًا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ إِلَى الجِذاذِ، إلا أنْ يَشتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ لم يَسْتَأجِرِ الأرْضَ. الثالثةُ، لو باعَ الأرْضَ بما فيها مِنَ البَذْرِ، ففيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يصِحُّ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه في خَل تبَعًا. والثَّاني، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. والثَّالِثُ، إنْ ذكَر قَدْرَه ووَصْفَه، صحَّ، وإلَّا فلا. وهو احْتِمال لابنِ عَقِيل. وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعِ». قوله: ومَن باع نَخْلًا مُؤبَّرًا، وهو ما تَشَقَّقَ طَلْعُه. التَّأبِيرُ؛ هو التَّلْقِيحُ، وهو وَضْعُ الذَّكَرِ في الأنثى. والمُصَنِّفُ -رِحِمَه الله- فسَّره بالتَّشَقُّقِ؛ لأنَّ الحُكْمَ عندَه مَنُوط به وإنْ لم يُلَقَّحْ؛ لصَيرُورَته في حُكْمِ عَين أخْرَى. وعلى هذا إنَّما نِيطَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمُ بالتَّأبِيرِ في الحَديثِ لملازَمَتِه للتَّشَقُّقِ غالِبًا. إذا عَلِمْتَ هذا، فالذي قاله المُصَنِّفُ هو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّر»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وبالغَ المُصَنِّفُ، فقال: لا خِلافَ فيه بينَ العُلَماءِ. وعنه رِوايَة ثانية، الحُكْمُ مَنُوطٌ بالتَّأبِيرِ -وهو التَّلْقِيحُ- لا بالتَّشَقُّقِ. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى وغيرُه. فعليها، لو تشَقَّقَ ولم يُؤبَّرْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ للمُشْتَرِي. ونصَر هذه الرِّوايَةَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واخْتارَها في «الفائقِ»، وقال: قلتُ: وعلى قِياسِه كلُّ مُفْتَقِر إلى صُنْع كثير، لا يكونُ ظُهُورُه الفَصْلَ، بل إيقاعُ الفِعْلِ فيه. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فتلَخَّصَ أنّ ما لم يَكُنْ تشَقَّقَ طَلْعُه، فغَيرُ مُؤبّر، وما تشَقَّقَ ولُقِّحَ، فمُؤبَّر، وما تشَقّقَ ولم يُلَقَّحْ، فمَحَل الرِّوايتَين. فائدة: طَلْعُ الفُحَّالِ، يُرادُ للتَّلْقِيحِ، كطَلْعِ الإِناثِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر ابنُ عَقِيل، وأبو الخَطَّابِ احْتِمالًا، أنَّه للبائِع بكُلِّ حالٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فالثَّمَرُ للبائعِ مَتْرُوكًا في رُءوسِ النَّخْلِ إلى الجِدادِ. وهذا إذا لم يَشْتَرِطْ عليه قَطْعَه. فائدة: حُكْمُ سائرِ العُقودِ في ذلك، كالبَيعِ في أنَّ ما لم يُؤبَّرْ، يُلْحَقُ بأصْلِه، وما أُبِّرَ، لا يُلْحَقُ. وذلك مِثْلُ الصُّلْحِ، والصَّداقِ، وعِوَضِ الخُلْعِ، والأجْرَةِ، والهِبَةِ، والرَّهْنِ، والشُّفْعَةِ، إلا أنَّ في الأخْذِ بالشفْعَةِ وَجْهًا آخَرَ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه يتْبَعُ فيه المُؤبَّرَ، إذا كان في حالةِ البَيعِ غيرَ مُؤبَّر. وأمَّا الفُسوخُ، ففيها ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يَتْبَعُ الطَّلْعَ مُطْلَقًا، بِناءً على أنَّه زِيادَة مُتَّصِلَة، أو على أنَّ الفَسْخَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رفَع العَقْدَ مِن أصْلِه. والثَّاني، لا يَتْبَعُ بحالٍ، بِناءً على أنَّه زِيادَة مُنْفَصِلَةٌ، وإنْ لم يُؤبَّرْ. والثَّالثُ، أنَّه كالعُقودِ المُتقَدِّمَةِ. هذا كله على القَوْلِ بأنَّ النَّماءَ المُنْفَصِلَ لا يَتْبَعُ في الفُسوخِ. أمَّا على القَوْلِ بأنَّه يَتْبَعُ، فيَتْبَعُ الطَّلْعَ مُطْلَقًا. وأطْلَقهُنَّ في «القواعِدِ». وصرَّح في «الكافِي» بالثَّالثِ، وصرَّح في «المُغْني» بالثَّانِي، وقاله ابنُ عَقِيل في الإِفْلاسِ، والرُّجوعِ في الهِبَةِ. وأمَّا الوَصِيَّةُ، والوَقْفُ، فالمَنْصُوصُ أنَّه تَدْخُلُ فيهما الثَّمَرَةُ المَوْجُودَةُ يَوْمَ الوَصِيَّةِ، إذا بَقِيَتْ إلى يَوْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْتِ، سَواء أبِّرَتْ، أو لم تُؤبَّرْ. تنبيه: محَلُّ قولِه: مَتْروكًا في رُءوسِ النَّخْلِ إلى الجِدادِ. إذا لم تَجْرِ العادَةُ بأخْذِه بُسْرًا، أو يكونُ بُسْرُه خَيرًا مِن رُطَبِه، فإنْ كان كذلك، فإنَّه يَجُدُّه حينَ اسْتِحْكامِ حَلاوَةِ بُسْرِه. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ وغيرِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها تُبَقى إلى وَقْتِ الجِدادِ، ولو أصابَتْها آفَة، بحيثُ إنه لا يبقَى في بَقائِها فائدَةٌ ولا زِيادَة. وهذا أحَدُ الاحْتِمالين. والآخَرُ، يُقْطَعُ في الحالِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وظاهِرُ كلامِه وكلامِ غيرِه، أنَّها لا تُقْطَعُ قبلَ الجِدادِ، ولو تضَررَ

وَكَذَلِكَ الشجَرُ إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ؛ كَالْعِنَبِ، وَالتِّينِ، وَالتُّوتِ، والرُّمَّانِ، وَالْجَوْزِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ؛ كَالمِشْمِش، وَالتُّفَّاحِ، وَالسَّفَرْجَلِ، واللَّوْزِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ أكْمَامِهِ؛ كَالْوَرْدِ، وَالْقُطْن. وَمَا قبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُشْترِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْلُ بذلك ضرَرًا كبيرًا. وهو أحَدُ الوَجْهَين. والوَجْهُ الثاني، يُجْبَرُ على قَطْعِها والحالةُ هذه. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. قوله: وكذلك الشجَرُ إذا كان فيه ثَمَر بادٍ؛ كالعِنبِ، والتِّينِ، والرمَّانِ، والجَوْزِ. يعْنِي، يكونُ للبائعِ مَتْرُوكًا في شَجَرِه إلى اسْتِوائِه، ما لم يظْهَرْ للمُشْتَرِي. واعلمْ أنه إذا كان ما يَحْمِلُ الشَّجَرُ يظْهَرُ بارِزًا لا قِشْرَ عليه؛ كالعِنَبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والتِّينِ، والتُّوتِ، والجُمَّيزِ، واللَّيمونِ (¬1)، والأترنجِ، ونحوه، أو كان عليه قِشْرٌ يَبْقَى فيه إلى أكْلِه؛ كالرُّمَّانِ، والمَوْزِ، ونحوهما. أو له قِشْران؛ كالجَوْزِ، واللَّوْزِ، ونحوهما. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ في ذلك كلِّه، أنَّه يكونُ للبائعِ بمُجَرَّدِ ظُهورِه، وعليه جَماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال القاضي: ما لَه قِشْران لا يكونُ للبائعِ، إلا بتَشَقُّقِ قِشْرِه الأعْلَى. وصحَّحَه في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وجزَم به في «عُيُونِ المَسائلِ»، في الجَوْزِ، واللوْزِ، وقال: لا يَلْزَمُ المَوْزُ، والرُّمَّانُ، والحِنْطَةُ في سُنْبُلِها، والباقِلَّاءُ ¬

(¬1) في الأصل: «اللميوا»: وفي ط «الليموا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في قِشرِه لا يَتْبَعُ الأصْلَ؛ لأنّه لا غايَةَ لظُهورِه. ورَدَّ ما قاله القاضي ومَن تابَعَه، المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقهما في «الفائق». وقال في «المُبْهِجِ»: الاعْتِبارُ بانْعِقادِ لُبِّهِ، فإنْ لم يَنْعَقِدْ، تَبعَ أصْلَه، وإلَّا فلا. قوله: وما ظهَر مِن نَوْرِه؛ كالمِشْمِشِ، والتُّفَّاحِ، والسَّفَرْجَلِ، للبائعِ، وما لم يَظْهَرْ، للمُشْتَرِي. أناطَ المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ الله، الحُكْمَ بالظهورِ مِنَ النَّوْرِ. فظاهِرُه، سَواءٌ تَناثَرَ أوْ لا. وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، واخْتاراه. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيّةِ»: وهو أصحُّ. وقيل: إنْ تَناثَرَ نَوْرُه، فهو للبائعِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا. وجزَم به القاضي في «خِلافِه»؛ لأنَّ ظُهورَ ثَمَرِه يَتوَقفُ على تَناثُرِ نَوْرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: يكونُ للبائعِ بمُجَرَّدِ ظُهورِ النَّوْرِ. ذكَرَه القاضي احْتِمالًا؛ جَعْلًا للنَّوْرِ كما في الطَّلْعِ. فائدة: قوْلُه: وما خرَج مِن أكْمامِه؛ كالورْدِ، والقُطْنِ. للبائعِ. بلا

وَالْوَرَقُ لِلْمُشْتَرِي بِكُلِّ حَالٍ. وَيَحْتَمِلُ فِي وَرَقِ التّوتِ الْمَقْصُودِ أخذُهُ، أنَّهُ إِنْ تَفَتَّحَ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإنْ كَانَ حَبًّا، فَهُوَ لِلْمُشْترِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وكذا الياسَمِينُ، والبَنَفْسَجُ، والنَّرْجِسُ، ونحوُه. وقال الأصحابُ: القُطْنُ كالطَّلْعِ. وألْحَقُوا به هذه الزُّهورَ. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وفيه نَظَر؛ فإن هذا المنْظمَ هو نفْسُ الثمَرَةِ أو قِشْوُها المُلازِمُ لها، كقِشْرِ الرُّمَّانِ، فظُهورُه ظُهورُ الثَّمَرةِ، بخِلافِ الطَّلْعِ؛ فإنَّه وعاء للثَّمَرَةِ. وكلامُ الخِرَقِيِّ يدُل عليه؛ حيث قال: وكذلك بَيعُ الشجَرِ إذا كان فيه ثَمَر بادٍ، وبُدُوُّ الوَرْدِ ونحْوه، ظُهورُه مِن شَجَرِه، وإنما كان منظمًا. انتهى. قوله: والوَرَقُ للمُشْتَرِي بِكُلِّ حالٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. ويحْتَمِلُ في وَرَقِ التُّوتِ المَقْصودِ أخْذُه؛ إنْ تفَتَّحَ، فهو للبائعِ. وإنْ كان حَبًّا، فهو للمُشْتَرِي. وهو وَجْهٌ. وأطْلَقهما في «التلْخيصِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ».

وَإنْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. وَقَال ابنُ حَامِدٍ: الْكُلُّ لِلْبَائِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ظهَر بعضُ الثَّمَرَةِ، فهو للبائعِ، وما لم يَظْهَرْ، فهو للمُشْتَرِي. وكذلك ما أُبِّرَ بعضُه. هذا المذهبُ، وإنْ كان نَوْعًا واحِدًا. نص عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ابنِ مُنَجَّى» -وقال: هذا المذهبُ- وغيرِهم. قال في «الحاوي الكَبِيرِ» وغيرِه: المَنْقُولُ عن أحمدَ في النَّخْلِ، أن ما أُبِّرَ، للبائعِ، وما لم يُؤبَّرْ، للمُشْتَرِي. وكذلك يُخَرجُ في الوَرْدِ ونحوه. وكذا قال في «الحاوي الضغِيرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الوَجيزِ»، و «الهادِي»، وغيرِهم. وقال ابنُ حامِدٍ: الكُلُّ للبائعِ. وهو رِوايَة في «الانْتِصارِ». واخْتارَه غيرُ ابنِ حامِدٍ، كشَجَرَةٍ. وقال في «الواضِحِ»، فيما لم يَبْدُ مِن شَجَرِه: للمُشْتَرِي. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ ظاهِرَ كلامِ أبِي بَكْر. ولو أبِّرَ بعضُه، فباعَ ما لم يُؤبَّرْ وحدَه، فهو للمُشْتَرِي. وقدّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، [و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»] (¬1). وقيل: للبائعِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإنِ احْتَاجَ الزَّرْعُ أو الثَّمَرَةُ إِلَى سَقْيٍ، لَمْ يَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ، وَلَمْ يَمْلِكْ مَنْعَ الْبَائِعِ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُقْبَلُ قولُ البائعِ في بُدُوِّ الثَّمَرةِ. بلا نِزاعٍ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ مِن واهِب ادعى شَرْطَ ثَوابٍ. وأمَّا إنْ كان جِنْسًا؛ فلم يُفرِّقْ أبو الخَطابِ بينَه وبينَ النوْعِ. وهو وَجْهٌ. وقدَّمه في «التبصِرَةِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الفَرْقُ بينَ الجِنْسِ والنَّوْعِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وردَّ المُصَنِّفُ، والشارِحُ، الأوَّلَ، وقالا: الأشْبَهُ الفَرْقُ بينَ النَّوْعِ والنَّوْعَين؛ فما أبِّرَ مِن نَوْعٍ، أو ظهَر بعضُ ثَمَرِه، لا يَتْبَعُه النوْعُ الآخَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ القَولَين. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ في قوْلِه: وإنِ احْتاجَ الزَّرْعُ أو الثمَرَةُ إلى سَقْي، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِيَ، ولم يَمْلِكْ مَنْعَ البائعِ منه. أنه لا يَسْقِيه إلَّا عندَ الحاجَةِ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِ الشارِحِ، والزَّرْكَشِيِّ، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّاني، له سَقْيُه للمَصْلَحَةِ، سَواء كان ثَم حاجَة أوْ لا، ولو تضَرَّرَ الأصْلُ. وهو المذهبُ. قامه في «الفُروعِ». وكذا الحُكْمُ لو احْتاجَتِ الأرْضُ إلى سَقْي. فائدة: حيثُ حَكَمْنا أن الثَّمَرَ للبائعِ، فإنه يأخُذُه أولَ وَقْتِ أخْذِه، بحسَبِ العادَةِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. زادَ المُصَنِّفُ، ولو كان بَقاؤه خَيرًا له. وقيل: يُؤخِّرُه إلى وَقْتِ أخْذِه في العادَةِ إنْ لم يَشْتَرِطْه المُشْتَرِي. وقيل: يَلْزَمُه قَطْعُ الثمَرَةِ؛ لتَضَرُّرِ الأصْلِ. زادَ المُصَنِّفُ والشارِحُ، تَضَررًا كثيرًا. وأطْلَقاهُما. وتقدَّم مَعْناه عندَ قوْله: يَبقَى إلى الحَصادِ.

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَلَا الزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ، إلا بِشرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُو صَلاحِها، ولا الزَّرْعِ قبلَ اشْتِدادِ حَبِّه -بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ- إلّا بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ. نصّ عليه. لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَ مُنْتَفِعًا به في الحالِ. قاله في «الرِّعايَةِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «تَعْلِيقهِ» على «المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو مُرادُ غيرِهما. وقد دخَل في كلامِ الأصحابِ في شُروطِ البَيعِ، حيثُ اشْتَرطُوا أنْ يكونَ فيه مَنْفَعَة مُباحَة. فوائد؛ الأولَى، يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ مِن عدَمِ الجَوازِ، لو باعَ الثَّمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بأصْلِها، فإنه يصِحُّ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وحكَاه المُصَنِّفُ، والشّارِحُ، والزرْكَشِيُّ إجْماعًا؛ لأنَّه دخَل تَبَعًا. وقيل: لا يجوزُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وجماعَةٍ. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ». ويُسْتَثْنَى أيضًا، لو باعَ الأرْضَ بما فيها مِن زَرْع قبلَ اشْتِدادِ حَبِّه، فإنَّه يصِحُّ. جزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحأوى الصّغِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يصِحُّ. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. الثَّانية، يجوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها لمالِكِ الشَّجَرِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». واخْتارَه في «الحاوي الكَبِيرِ». وصحَّحه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يصِحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، والخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرّر»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى الوَجْهِ الثّاني، لو شرَط القَطْعَ، صحَّ. قال المُصَنِّفُ: ولا يَلْزَمُ الوَفاءُ بالشَّرْطِ؛ لأن الأصْلَ له. قال الزَّرْكَشِيُّ: ومُقْتَضَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا، أنَّ اشْتِراطَ القَطْعِ حَقٌّ للآدَمِيِّ. وفيه نظَر، بل هو حق لله تَعالى. ويجوزُ بَيعُ الزَّرْعِ قبلَ اشْتِدادِه لمالِكِ الأرْضِ. جزَم به في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «الحاوي الكَبِيرِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يصِحُّ. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ» و «الزَّرْكَشِيِّ». الثالثةُ، لو باعَ بعضَ ما لم يَبْدُ صَلاحُه مُشاعًا، لم يصِحَّ، ولو شرَط القَطْعَ. قاله الأصحابُ. قلتُ: فيُعايىَ بها.

وَلَا بَيعِ الرَّطْبَةِ، وَالْبُقُولِ، إلا بِشَرْطِ جَزِّهِ، وَلَا الْقِثَّاءِ وَنَحْوهِ، إلا لَقَطَةً لَقَطَةً، إلا أن يَبِيعَ أصلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ بَيعُ الرطْبَةِ والبُقُولِ، إلا بشَرطِ جَزِّه. حُكْمُ بَيعِ الرطْبَةِ والبُقولِ حُكْمُ الثَّمَرِ والزَّرْعِ، فلا يُباعُ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه، إلّا مع أصْلِه أو لرَبِّه، أو مع أرْضِه أو لرَبِّها، كما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا، ولا يُباعُ مُفْرَدًا بعدَ بُدُوِّ صَلاحِه، إلا جَزَّةً جَزَّةً بشَرْطِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا القِثَّاءِ ونَحْوه، إلَّا لقَطَةً لقَطَةً، إلّا أنْ يَبِيعَ أصْلَه. إنْ باعَه بأصْلِه، صحَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال في «التَّلْخيصِ»: ويَحْتَمِلُ عندِي عدَمُ جَوازِ بَيعِ البِطيخِ ونحوه مع أصْلِه، إلَّا أنْ يَبِيعَه مع أرْضِه. قال في «القاعِدَةِ الثَّمانِين»: ورجَّح صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، أنَّ المَقاثِيَ، ونحوَها لا يجوزُ بَيعُها إلَّا بشَرْطِ القَطْعِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِي، وابنِ أبي مُوسى. انتهى. وإنْ باعَه مِن غيرِ أصْلِه؛ فإنْ لم يَبْدُ صَلاحُه لم يصِحَّ إلَّا بشَرْطِ قَطْعِه في الحالِ، إنْ كان يَنْتَفِعُ به، وإنْ بَدا صَلاحُه، لم يَجُزْ بَيعُه إلَّا لَقَطَةً لَقَطَةً. قال في «الفُروعِ»: ولا يُباعُ قِثَّاء ونحوُه إلَّا لَقَطَةً لَقَطَةً. نصَّ عليه، إلَّا مع أصْلِه. ذكَرَه في كتابِ البَيعِ، في الشَّرْطِ الخامسِ. وقال هنا: وما لَه أصْل يتَكَرَّرُ حَمْلُه، كقِثَّاءٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكالشَّجَرِ، وثَمَرُه كثَمَرِه فيما تقدَّم. ذكَرَه جماعَةٌ، لكِنْ لا يُؤخِّرُ (¬1) البائعُ اللَّقَطَةَ الظَّاهِرَةَ. ذكَرَه في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه، وإنْ تعَيَّبَ، فالفَسْخُ أو الأرْشُ. وقيل: لا يُباعُ إلَّا لَقَطَةً لَقَطَةً، كثمرٍ لم يَبْدُ صَلاحُه. ذكَرَه شيخُنا. انتهى. وقيل: لا يُباعُ بِطِّيخ قبلَ نُضْجِه، ولا قِثَّاء وخِيارٌ قبلَ أوانِ أخْذِه عُرْفًا، إلَّا بشَرْطِ قَطْعِه في الحالِ. قال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ بَيعُ اللّقَطَةِ المَوْجُودَةِ والمَعْدُومَةِ إلى أنْ تيبَسَ المَقْثأةُ. وقال أيضًا: يجوزُ بَيعُ المَقاثِي دُونَ أصُولِها. وقال: قاله كثير مِنَ الأصحابِ، لقَصْدِ الظَّاهِرِ غالِبًا. فائدة: القُطْنُ إنْ كان له أصْل. يَبْقَى في الأرْضِ أعْوامًا، كقُطْنِ الحِجازِ، فحُكْمُه حُكْمُ الشَّجَرِ في جَوازِ إفْرادِه بالبَيعِ. وإذا بِيعَتِ الأرْضُ بحُقوقِها، دخَل ¬

(¬1) في ا: «لا يأخذ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في البَيعِ، وثَمَرُه كالطلْعِ؛ إنْ تفَتَّحَ فهو للبائعِ، وإلَّا فهو للمُشْتَرِي. وإنْ كان يتَكَرَّرُ زَرْعُه كلَّ عام، فَحُكْمُه حُكْمُ الزرْعِ. ومتى كان جَوْزُه ضَعِيفًا رَطْبًا لم يَقْوَ ما فيه، لم يصِحَّ بَيعُه إلا بشَرْطِ القَطْعِ، كالزَّرْعِ الأخْضَرِ، وإنْ قَوِيَ حَبُّه

وَالْحَصَادُ وَاللقَاطُ عَلَى الْمُشْتَرِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ واشْتَدَّ، جازَ بَيعُه بشَرْطِ التبقِيَةِ، كالزَّرْعِ إذا اشتَدَّ حَبُّه. وإذا بِيعَتِ الأرْضُ، لم يَدْخُلْ في البَيعِ إلا بشَرْطِه. والباذِنْجانُ الذي تَبْقَى أصُولُه وتتَكَرَّرُ ثَمرَتُه، كالشّجَرِ، وما يتَكَرَّرُ زَرْعُه كلَّ عام، كالزَّرْعِ. قوله: والحَصادُ واللِّقاطُ على المُشْتَرِي. بلا نِزاعٍ. وكذا الجِدادُ، لكِنْ لو شرَطَه على البائعِ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحاب؛ منهم أبو بَكْر، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وأصحابُه، وغيرُهم. وجزَم به في «الشّرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الخِرَقِيُّ: لا

فَإِنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا، أو بِشَرْطِ التبقِيَةِ، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ. وجزَم به في «الحاوي الكَبِيرِ» في هذا البابِ، وهو الذي أوْردَه ابنُ أبي مُوسى مذهبًا، وقدَّمه في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والسَّبْعِين». قال القاضي: لم أجِدْ بقَوْلِ الخِرَقِيِّ رِوايةً. قال في «الروْضَةِ»: ليس له وَجْهٌ. قال في القاعِدَةِ المُتقَدِّمَةِ: وقد اسْتَشْكَلَ مسْألةَ الخِرَقِيِّ أكثرُ المُتأخِّرِين. وتقام ذلك مُسْتَوْفى في بابِ الشروطِ في البَيعَ، فليُراجَعْ. قوله: فإنْ باعَه مُطْلقًا، لم يصِح. يَعْنِي، إذا باعَه ولم يَشْتَرِطِ القَطْعَ ولا التبقِيَةَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّما أطْلَقَ، لم يصِح. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرّر»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وأكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال الزرْكَشِي: جزَم به الشَّيخان، والأكْثَرون. وعنه، يصِحُّ إنْ قصَد القَطْعَ، ويُلْزَمُ به في الحالِ. نصَّ عليه في روايَةِ عَبْدِ اللهِ. وقدَّم في «الرَّوْضَةِ»، أن إطْلاقَه كشَرْطِ القَطْعِ. وحكَى الشَيرازِيُّ رِوايَةً بالصِّحَّةِ مِن غيرِ قَصْدِ القَطْعِ، وما حكاه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، عن

وَإنِ اشْتَرَطَ الْقَطْعَ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ، أو طَالتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، أنَّه ذكَر في هذه المَسْألةِ أرْبَعَ رِواياتٍ، ليس بسَدِيدٍ، إنَّما حكَى ذلك على ما اقْتَضاهُ لَفْظُه فيما إذا شرَط القَطعَ ثم ترَكَه. قوله: وإنْ شرَط القَطْعَ، ثم ترَكَه حتى بَدا صَلاحُ الثَّمَرَةِ، وطالتِ الجَزَّةُ، وحدَثَتْ ثَمرةٌ أخْرَى، فلم تَتَمَيَّزا، أو اشْترَى عَرِيَّة ليَأكُلَها رُطَبًا، فأثْمَرَت،

الْجَزَّة، أوْ حَدَثَتْ ثَمَرَة أخْرَى فَلَمْ تَتَمَيَّزْ، أو اشْتَرَى عَرِيَّةً لِيَأكلَهَا رطَبًا، فَأتْمَرَتْ، بَطَلَ الْبَيعُ. وَعَنْهُ، لَا يَبْطل، وَيَشتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ. وَعَنْهُ، يَتَصَدَّقَانِ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بطَل البَيعُ. شَمِلَ كلامُه قِسْمَين؛ أحدُهما، إذا حدَثَتْ ثَمَرَة أخْرَى قبلَ القَطْعِ، ولم تتَمَيَّزْ مِنَ المَبِيعِ. الثَّاني، ما عدَا ذلك. فإنْ كان ما عدَا حُدُوثَ ثَمَرَةٍ أخْرَى، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، بُطْلانُ البَيعِ، كما قال [المُصَنِّفُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: فسَد العَقْدُ في ظاهِرِ المذهبِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «القواعِدِ الفِقْهِيةِ»: هذه أشْهَرُ الرِّواياتِ. قال القاضي: هذه أصح. قال الزرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصُوص، والمُخْتارُ للأصحابِ. وصححه في «التصْحيح»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْر، وابنُ أبي مُوسى، والقاضي وأصحابُه، وغيرُهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّر»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وقال: اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فعليها، الأصْلُ والزِّيادَةُ للبائعِ. قطَع به أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى، والقاضي، وغيرُهما. ونقَلَها أبو طالِبٍ وغيرُه، عن الإمامِ أحمدَ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وغيرِه. وعنه، الزِّيادَةُ للبائعِ والمُشْتَرِي؛ فتُقَومُ الثَّمرَةُ وَقْتَ العَقْدِ وبعدَ الزِّيادَةِ. وهذه الروايةُ ذكَرَها في «الكافِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وحكَى ابنُ الزَّاغُونِي، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما رِوايَةً؛ أنَّ البائعَ يتَصَدَّقُ بالزِّيادَةِ، على القَوْلِ بالبُطْلانِ. قال في «التَّلْخيصِ»: وعنه، يَبْطُلُ البَيعُ، ويتَصَدَّقُ بالزِّيادَةِ اسْتِحْبابًا؛ لاخْتِلافِ الفُقَهاءِ. انتهى. وحكَى القاضي رِوايةً، يتَصَدَّقان بها. قال المَجْدُ: وهو سَهْو مِنَ القاضي، وإنَّما ذلك على الصِّحَّةِ، فأمَّا مع الفَسادِ، فلا وَجْهَ لهذا القَوْلِ. انتهى. وعنه رِوايَة ثانيَة في أصْلِ المَسْألةِ، لا يَبْطُلُ البَيعُ، ويَشْتَرِكان في الزيادَةِ. قال في «الحاويَيْن»: وهو الأقوَى عندِي. واخْتارَه أبو حَفْص (¬1) البَرْمَكِيُّ. وقال القاضي: الزِّيادَةُ ¬

(¬1) في ا: «أبو جعفر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُشْتَرِي. وجزَم به في كتابِه «الرِّوايتَين». قال في «الحاوي»: كما لو أخَّرَه لمَرَض. ورَدَّه في «القواعِدِ»، وقال: هو مُخالِف نُصوصَ أحمدَ. ثم قال: لو قال مع ذلك بوُجوبِ الأجْرَةِ للبائعِ إلى حينِ القطْعِ، لكان أقْرَبَ. قال المَجْدُ: يحْتَمِلُ عندِي أنْ يُقال: إنَّ زيادَةَ الثَّمَرَةِ في صِفَتِها للمُشْتَرِي، وما طال مِنَ الجَزَّةِ للبائعِ. انتهى. وعنه، يتَصَدَّقان بها. قال في «الفُروعِ»: وعنه، يتَصَدَّقان بها على الروايتَين وُجُوبًا. وقيل: نَدْبًا. وكذلك قال في «الرِّعايَةِ». فاخْتارَ القاضي، أنَّه على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وتقدَّم كلامُه في «التَّلْخيصِ». وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: على القَوْلِ بالصِّحَّةِ، لا تدْخُلُ الزِّيادَةُ في مِلْكِ واحدٍ منهما، ويتَصَدَّقُ بها المُشْتَرِي. وعنه، الزِّيادَةُ كلُّها للبائعِ. نقَلَها القاضي في «خِلافِه»، في مَسْألةِ زَرْعِ الغاصِبِ. ونصَّ أحمدُ في رِوايَةِ ابن مَنْصُور، في مَنِ اشْتَرَى قَصِيلًا (¬1) وترَكَه حتى سَنْبَلَ، يكُونُ للمُشْتَرِي منه بقَدْرِ ما اشْتَرَى يَوْمَ اشْتَرَى، فإنْ كان فيه فَضْل، كان للبائعِ صاحِبِ الأرْضِ. وعنه، يَبْطُلُ البَيعُ إنْ أخَّرَه بلا عُذْرٍ. وعنه، يَبْطُلُ لقَصْدِ حِيلَةٍ. ذكَرَها جماعَة؛ منهم ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، والفَخْرُ في «التَّلْخيصِ». قال بعضُ الأصحابِ: متى تعَمَّدَ الحِيلَةَ، فسَد البَيعُ مِن أصْلِه ولم يَنْعَقِدْ، بغيرِ خِلافٍ. ووَجَّهَ في «الفُروعِ»، فيما إذا باعَه عَرِيَّةً فأتْمرتْ، إنْ ساوَى التَّمْرُ المُشْتَرَى به، صحّ. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ ثُبوتُ الخِيارِ للبائعِ ليَفْسَخَ. وعنه، إذا ترَك الرَّطْبَةَ حتى طالتْ، لم يَبْطُلِ البَيعُ. ذكَرَه الزَّرْكَشِي. ¬

(¬1) القصيل: ما اقتطع من الزرع أخضر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ، أنَّ حُكْمَ العَرِيَّةِ إذا ترَكَها حتى أتْمَرتْ، حُكْمُ الثَّمَرَةِ إذا ترَكَها حتى بدَا صَلاحُها. وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضي. وقطَع بعضُ الأصحابِ بالبُطْلانِ في العَرايا، وحكى الخِلافَ في غيرِها، منهم الحَلْوانِيُّ وابنُه، وفرَّقُوا بينَهما. فائدتان؛ الأولَى، للقَوْلِ بالبُطْلانِ مأخَذان؛ أحدُهما، أنَّ تأخِيرَه مُحَرَّم؛ لحَق اللهِ، فالبَيعُ باطِل؛ كتَأخِيرِ القَبْضِ في الرِّبَويَّاتِ، ولأنَّه وَسِيلَة إلى شِراءِ الثَّمرَةِ وبَيعِها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، وهو مُحَرَّم، ووَسائلُ المُحَرَّمِ مَمْنُوعَة. المأخَذُ الثَّاني، أنَّ مال المُشْتَرِي اخْتَلطَ بمالِ البائعِ قبلَ التسْليمِ، على وَجْهٍ لا يتَمَيَّزُ منه، فبطَل به البَيعُ، كما لو تَلِفَ. فعلى الأولِ، لا يبطُلُ البَيعُ إلَّا بالتَّأخِيرِ إلى بُدُوِّ الصَّلاحِ، واشْتِدادِ الحَبِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، والخِرَقِي، ويكونُ تأخِيرُه إلى ما قبلَ ذلك جائزًا. ولو كان المُشْتَرَى رَطْبَةً أو ما أشْبَهَها مِنَ النعْناعِ والهِنْدِباءِ، أو صُوفًا على ظَهْر، فتَركَها حتى طالتْ، لم يَنْفَسِخِ البَيعُ؛ لأنه لا نهْيَ في بَيعِ هذه الأشْياءِ. وهذه هي طَرِيقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ». وعلى الثانِي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَبْطُلُ البَيعُ بمُجَرَّدِ الزِّيادَةِ واخْتِلاطِ المالين، إلَّا أنَّه يُعْفَى عنِ الزِّيادَةِ اليَسِيرَةِ، كاليَوْمِ واليَوْمَين، ولا فَرْقَ بينَ الثَّمَرِ والزَّرْعِ، وغيرِهما مِنَ الرَّطْبَةِ والبُقولِ والصُّوفِ. وهي طَرِيقَةُ أبي بَكْر، والقاضي في «خِلافِه»، والمُصَنِّفِ، وغيرِهم. ومتى تَلِفَ بجائحَةٍ بعدَ التَّمَكنِ مِن قَطْعِه، فهو مِن ضَمانِ المُشْتَرِي. وهو مُصَرَّح به في «المُجَرَّدِ»، و «المُغْنِي»، وغيرِهما. وتكونُ الزَّكاةُ. على البائعِ على هذا المَأخَذِ بغيرِ إشْكالٍ. وأمَّا على الأوَّلِ، فيَحْتَمِلُ أنْ تكونَ على المُشْتَرِي؛ لأنَّ مِلْكَه إنَّما يَنْفَسِخُ بعدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ على البائعِ. ولم يذكُرِ الأصحابُ خِلافَه؛ لأن الفَسْخَ ببُدُوِّ الصَّلاحِ اسْتَنَدَ إلى سَبَب سابِقٍ عليه، وهو تأخِيرُ القَطْعِ. قال ذلك في «القواعِدِ»، وقال: وقد يُقالُ ببُدُوِّ الصَّلاحِ يتَبَيَّنُ انْفِسَاخُ العَقْدِ مِن حينِ التَّأخِيرِ. انتهى. الثانيةُ، تقدَّم، هل تكونُ الزَّكاةُ على البائعِ أو على المُشْتَرِي؛ إذا قُلْنا بالبُطْلانِ، وحيثُ قُلْنا بالصِّحَّةِ، فإنِ اتَّفَقا على التبقِيَةِ جازَ، وزَكَّاه المُشْتَرِي، وإنْ قُلْنا: الزِّيادَةُ لهما. فعلَيهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزكاةُ إنْ بلَغ نَصِيبُ كلِّ واحدٍ منهما نِصابًا، وإلَّا انْبَنَى على الخُلْطَةِ في غيرِ الماشِيَةِ، على ما تقدم. تنبيه: وأمّا إذا حدَثَتْ ثَمَرَة ولم تتَمَيَّزْ، فقَطَع المُصَنفُ هنا، أنَّ حُكْمَها حُكْمُ المَسائلِ الأولَى، وهو رِوايَة عن أحمدَ. ذكَرَها أبو الخَطّابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، وغيرِهم. وهو احْتِمال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَبِيعِ الذي اخْتلَطَ بغيرِه، فهُما شَرِيكان فيهما، كلُّ واحدٍ بقَدْرِ ثَمَرَتِه، فإنْ لم يَعْلَما قدْرَها اصْطَلَحا، ولا يَبْطُلُ العَقْدُ في ظاهِرِ المذهبِ. قاله المُصَنفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. قال القاضي: إنْ كانتِ الثَّمَرَةُ للبائِعِ، فحدَثَتْ أخْرَى، قيل لكُلّ فهما: اسْمَحْ بنَصِيبِك. فإنْ فعَل، أجبرَ الآخرُ على القَبُولِ، وإلَّا فُسِخَ العَقْدُ. وإنِ اشْترَى ثَمَرَةً، فحدَثَتْ أخْرَى، قيل: للبائعِ ذلك لا غيرُ. انتهى. فائدة: لو اشْتَرَى خَشَبًا بشَرْطِ القَطْعِ، فأخَّر قَطْعَه، فزادَ، فالبَيعُ لازِم، والزِّيادَةُ للبائعِ. قدَّمه في «الفائقِ»، فقال: لو اشْترَى خَشَبًا ليَقْطَعَه، فتَرَكَه، فنَما وغَلُظَ، فالزِّيادَةُ لصاحِبِ الأرْضِ. نصَّ عليه. واخْتارَه البَرْمَكِيُّ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: ونقَل ابنُ مَنْصُور، الزِّيادَةُ لهما، واخْتارَه البَرْمَكِي. وقاله

وَإذَا اشْتَدَّ الحَبُّ وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي الثَّمَرَةِ، جَازَ بَيعُهُ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ التبقِيَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي تَبْقِيَتُهُ إِلَى الْحَصَادِ والْجِدَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «القواعِدِ» أيضًا. فاخْتلَفَ النَّقْلُ عن البَرْمَكِيِّ في الزِّيادَةِ. وقيل: البَيعُ لازِم، والكُلُّ للمُشْتَرِي، وعليه الأجْرَةُ. اخْتارَه ابنُ بَطةَ. وقيل: يَنْفَسِخُ العَقْدُ، والكُل للبائعِ. قال الجَوْزِيُّ (¬1): يَنْفَسِخُ العَقْدُ. قال في «الفائقِ»، بعدَ قَوْلِ الجَوْزِيِّ (1): قلتُ: ويتَخَرَّجُ الاشْتِراكُ. فوافَقَ المَنْصُوصَ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ أخر قَطْعَ خشَب مع شَرْطِه فزادَ، فقيل: الزِّيادَةُ للبائعِ. وقيل: الكُل. وقيل: للمُشْتَري، وعليه الأجْرَةُ. ونقَل ابنُ مَنْصُور، الزِّيادَةُ لهما. اخْتارَه البَرْمَكِي. انتهى. قوله: وإذا بَدا الصَّلاحُ في الثَّمَرَةِ، واشْتَدَّ الحَبُّ، جازَ بَيعُه مُطْلَقًا، وبشَرْطِ التبقِيَةِ. وكذا قال كثير مِنَ الأصحاب. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: وإذا طابَ أكْلُ الثَّمَرِ، وظهَر نُضْجُه، جازَ بَيعُه. وفي «التَّرْغِيبِ»، بظُهورِ مَبادِيء الحَلاوَةِ. فائدة: يجوزُ لمُشْتَرِيه أنْ يَبِيعَه قبلَ جَدِّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لأنه وُجِدَ مِنَ القَبْضِ ما يُمكِنُ، فكفَى؛ للحاجَةِ المُبِيحَةِ لبَيع ¬

(¬1) في ط: «الجزري».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثمَرِ قبلَ بُدُو صَلاحِه. وعنه، لا يجوزُ بَيعُه حتى يَجِدَّه، اخْتارَه أبو بَكْر. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ».

وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ، وَإنْ تَضَرَّرَ الأصْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ. وَعَنْهُ، إِنْ أتْلَفَتِ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا، ضَمِنَهُ الْبَائِعُ، وَإلَّا فَلَا، وَإنْ أتلَفَهُ آدَمِيٌّ، خُيِّرَ الْمُشتَرِي بَينَ الْفَسْخِ وَالإمْضَاءِ وَمُطَالبَةِ الْمُتْلِفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلِفَتْ بجائحَةٍ مِنَ السماءِ، رجَع على البائعِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وسواء أتْلَفَتْ قَدْرَ الثُّلُثِ أو أكثرَ أو أقلَّ، إلَّا أنَّه يتَسامَحُ في الشَّيءِ اليَسِيرِ الذي لا ينْضَبِطُ. نص عليه. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ جُمْهورِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ، وعنه، إنْ أتْلَفَتِ الثُّلُثَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصاعِدًا، ضَمنه البائعُ، وإلَّا فلا. اخْتارَه الخَلَّالُ، وجزَم به في «الرَّوْضَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ» وغيرِهم. وعنه، لا جائحَةَ في غيرِ النخْلِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَل. ذكَرَه في «الفائقِ». واخْتارَ الزَّرْكَشِيُّ في «شَرْحِه» إسْقاطَ الجَوائِحِ مجانًا، وحمَل أحادِيثَها على أنهم كانُوا يَبيعُونها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها. تنبيهات؛ أحدُها، قيد ابنُ عَقِيل، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وجماعة، الرِّوايتَين بما بعدَ التخْلِيَةِ. وظاهِرُه، أن قبلَ التخْلِيَةِ يكونُ مِن ضَمانِ البائعِ، قوْلًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحِدًا. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم في «الفُروعِ»، أنَّ مَحِلَّ الجائحَةِ بعدَ قَبْضِ المُشْتَرِي وتَسْليمِه. وهو مُوافِق للأوَّلِ. وقطَع به في «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن». والظَّاهِرُ، أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ؛ لأنه قبلَ التخْلِيَةِ ما حصَل قَبْض. الثَّاني، أفادَنا المُصَنِّفُ بقَوْلِه: رجَع على البائع. صِحَّةَ البَيعِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلى صاحِبَ «النِّهايَةِ»؛ فإنه أبطَلَ العَقْدَ، كما لو تَلِفَ الكُلُّ. الثالثُ، على الرِّوايَةِ الثانيةِ، وهي التي قُلْنا فيها: لا يَضْمَنُ إلَّا إذا أتْلَفَتِ الثُّلُثَ فصاعِدًا، قيل: يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الثمَرَةِ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وقيل: يُعْتَبرُ الثُّلُثُ بالقِيمَةِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ»، وأطْلَقهما الزرْكَشِيُّ، و «الفائقِ». وقيل: يُعْتَبرُ قَدْرُ ثُلُثِ الثمَنِ. وأطْلَقهُن في «الفُروعِ». الرَّابعُ، على المذهبِ، يُوضَعُ مِنَ الثَّمَنِ بقَدْرِ التالف. نقَلَه أبو الخَطابِ، وجزَم به في «الفروعِ». الخامسُ: لو تعَيَّبَتْ (¬1) بذلك، ولم تَتْلَفْ، خُيِّرَ المُشْتَرِي بينَ الإمْضاءِ والأرْشِ، وبينَ الردِّ وأخْذِ الثمَنِ كامِلًا. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. فائدة: تَخْتَصُّ الجائحَةُ بالثَّمَرِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وكذا ما له أصْل يتَكَرَّرُ حَمْلُه؛ كقِثاءٍ، وخِيارٍ، وبَاذِنْجانَ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تعينت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوها. قاله جماعَة. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وتقدَّم لفْظُه. وقال في «القاعِدَةِ الثَّمانِين»: لو اشْتَرَى لَقَطَةً ظاهِرَةً مِن هذه الأصولِ، فتَلِفَتْ بجائحَةٍ قبلَ القَطْعِ؛ فإنْ قُلْنا: حُكْمُها حُكْمُ ثَمَرِ الشَّجَرِ. فمِن مالِ البائعِ. وإنْ قيلَ: هي كالزَّرْعِ. خُرجَتْ على الوَجْهَين في جائحَةِ الزَّرْعِ. وقال القاضي: مِن شَرْطِ الثَّمَرِ الذي تَثْبُتُ فيه الجائحَةُ، أنْ يكونَ ممَّا يُسْتَبْقَى بعدَ بُدُوِّ صَلاحِه إلى وَقْتٍ؛ كالنخْلِ، والكَرْمِ، وما أشْبَهَهما، وإنْ كان ممَّا لا تُسْتَبْقَى ثَمَرَتُه بعدَ بُدُوِّ صَلاحِه؛ كالتينِ، والخَوْخِ، ونحوهما، فلا جائحَةَ فيه. قال بعضُ الأصحابِ: وهذا ألْيَقُ بالمذهبِ. وعنه، لا جائحَةَ في غيرِ النَّخْلِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَل، كما تقدَّم، وتقدَّم اخْتِيارُ الزرْكَشِيِّ. وقال في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»: وتَثْبتُ أيضًا في الزَّرْعِ. وذكَر القاضي فيه احْتِمالين. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ. وقال في «عُيُونِ المَسائلِ»: إذا تَلِفَتِ الباقِلَّا، أو الحِنْطَةُ في سنْبُلِها، فلنا وَجْهان؛ الأقْوَى، يَرْجِعُ بذلك على البائعِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ثُبوتَ الجائحَةِ في زَرْع مُسْتَأجَر، وحانُوتٍ نقَص نَفْعُه عن العادَةِ، وحكَم به أبو الفَضْلِ ابنُ حَمْزَهَّ (¬1) في حَمَّام. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: قِياسُ نُصوصِه وأصُولِه، إذا عُطِّلَ نَفْعُ الأرْضِ بآفةٍ، انْفسَخَتِ ¬

(¬1) سليمان بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي، تقي الدين، أبو الفضل. أخذ الفقه والفرائض عن الشيخ ابن أبي عمر، وكان شيخا جليلا، فقيها كبيرا، إماما محدثا، تولى القضاء سنة خمس وتسعين وستمائة. توفي سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 364 - 366.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجارةُ (¬1) فيما بَقِيَ، كانْهِدامِ الدارِ، وأنَّه لا جائحَةَ فيما تَلِفَ مِن زَرْعِه؛ لأنَّ المُؤجِرَ لم يبعْه إيَّاه، ولا يُنازِعُ في هذا مَن فَهِمَه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قوْلُه: بجائِحَةٍ مِنَ السَّماءِ. ضابِطُها، أنْ لا يكونَ فيها صُنْع لآدمِي؛ كالرِّيحِ، والمَطَرِ، والثلْجِ، والبَرَدِ، والبَرْدِ، والجَلِيدِ، والصَّاعِقَةِ، والحَرِّ، والعَطَشِ، ونحوها، وكذا الجَرادُ. جزَم به الأصحابُ. الثَّاني، يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، لو اشْتَرَى الثمَرَةَ مع أصْلِها؛ فإنه لا جائِحَةَ فيها إذا تَلِفَتْ. قاله الأصحابُ. ويُسْتَثْنَى أيضًا، ما إذا أخَّرَ أخْذَها عن وَقْتِه المُعْتادِ، فإنه لا يَضْمَنُها البائعُ والحالةُ هذه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، وَضْعُها عن مَن أخَّرَ الأخْذَ عن وَقْتِه، واخْتارَه. وفيه وَجْهٌ ثالث، يُفَرَّقُ بينَ حالةِ العُذْرِ وغيرِه. فائدة: لو باعَ الثمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بشَرْطِ القَطْعِ، ثم تَلِفَتْ بجائحَةٍ؛ فتارَةً يتَمَكنُ مِن قَطْعِها قبلَ تَلَفِها، وتارَةً لا يتَمَكَّنُ، فإنْ تمَكَّنَ مِن قَطْعِها، ولم يقْطَعْها حتى تَلِفَتْ، فلا ضَمانَ على البائعِ. قاله القاضي في «المُجَردِ»، والمَجْدُ، وهو احْتِمالٌ في «التعليقِ». وقدَّمه الزرْكَشِيُّ. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهو مُصَرَّح به في «المُغْنِي». وذكَرَه الشارِحُ عنِ القاضي، واقْتَصرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وقال القاضي في «التَّعْليقْ»: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه مِن ضَمانِ البائعِ، اعْتِمادًا على إطْلاقِه، ونَظرًا إلى أنَّ القَبْضَ لم يَحْصُلْ. قال في «الحاوي»: يقوَى عندِي وُجوبُ الضَّمانِ على البائعِ هنا، قوْلًا واحِدًا؛ لأن ما شُرِطَ فيه القَطْعُ، فقَبْضُه يكونُ بالقَطْعِ والنّقْلِ، فإذا تَلِفَ قبلَه، يكونُ كتَلَفِ المَبِيعِ قبلَ القَبْضِ. انتهى. وأمَّا إذا لم يتَمَكَّنْ مِن قَطْعِها حتى تَلِفَتْ، فإنها مِن ضَمانِ البائعَ، قوْلًا واحِدًا. قوله: وإنْ أتْلَفَه آدَمِيٌّ، خُيِّرَ المُشْتَرِي بينَ الفَسْخِ والإمْضَاءِ ومُطالبَةِ المُتْلِفِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي وغيرُه؛ فهو كإتْلافِ المَبِيعِ المَكِيلِ أو المَوْزُونِ قبلَ قَبْضِه، على ما تقدّم. لكِنْ جزَم في «الرّوْضَة» هنا، أنَّه مِن مالِ المُشْتَرِي. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». قاله الزرْكَشِي. قال ناظِمُ «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»: وهو القِياسُ. وقيل: إنْ كان تلَفُه بعَسْكر أو لُصوص، فحُكْمُه حُكْمُ الجائِحَةِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ».

وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ صَلَاحٌ لِجَمِيعِهَا. وَهَلْ يَكُونُ صَلَاحًا لِسَائِرِ النَّوْعِ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وصَلاحُ بعضِ ثَمَرَةِ الشجَرَةِ صَلاح لجَميعِها. بلا نِزاع أعْلَمُه. وهو أنْ يَبْدُوَ الصلاحُ في بعضِه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى، وأبو الخَطّابِ، وغيرُهما. وقدمه في «الفُروعِ». ونقَل حَنْبَل، إذا غلَب الصّلاحُ. وجزَم به في «المُحَررِ»، في النوْعِ. وقاله القاضي، وأبو حَكِيم النهْرَوانِي، وغيرُهم، فيما إذا غلَب الصلاحُ في شَجَرَةٍ. قال في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»: إذا بَدا الصلاح في بعض النوْعٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ بَيعُ بعضَ (¬1) ذلك النوْعَ، في إحْدَى الرِّوايتَين، وإنْ غلَب، جازَ بَيعُ الكُلِّ. نصَّ عليه. قوله: وهل يكونُ صَلاحًا لسائرِ النوْعِ الذي في البُسْتانِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الزرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يكونُ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَلاحًا لسائرِ النَّوْعِ الذي في البُسْتانِ. وهو المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصححَه في «التصْحيحِ»، و «النظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزرْكَشِي: هذا اخْتِيارُ الأكْثَرِين. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: أظْهَرُهما، يكونُ صَلاحًا. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبي مُوسى، والقاضي وأصحابُه، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يكونُ صَلاحًا له، فلا يُباعُ إلَّا ما بَدا صَلاحُه. قال الزَّرْكَشِي: هي (¬1) أشْهَرُهما. واخْتارَه أبو بَكْر في «الشافِي»، وابنُ شَاقْلَا في «تَعْليقِه». تنبيهات؛ أحدُها، مَفْهومُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه لا يكونُ صَلاحًا للجِنْسِ مِن ذلك البُسْتانِ. وهو صَحِيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ فهم القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه الأكْثرُون. وقال أبو الخَطابِ: يكونُ صَلاحًا لما في البُسْتانِ مِن ذلك الجِنْسِ، فيَصِحُّ بَيعُه. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وقال: هذا ظاهِرُ النصِّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدوس في «تَذْكِرَتِه»، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». الثَّاني، مَفْهومُ كلامِه أيضًا، أنَّ صَلاحَ بعضِ نَوْع مِن بُستانٍ لا يكونُ حاصِلًا لذلك النوْعِ مِن بُسْتانٍ آخَرَ. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ.

وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ أنْ يَحْمَرَّ أوْ يَصْفَرَّ، وَفِي الْعِنَبِ أنْ يَتَمَوَّهَ، وَفِي سَائِرِ الثَّمَرِ أن يَبْدُوَ فِيهِ النُّضْجُ، وَيَطِيبَ أكْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. قال في «الفائقِ»: هذا أصح الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وعنه، أنَّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في شَجَرَةٍ مِنَ القَراحِ يكونُ صَلاحًا له ولما قارَبَه. وأطْلَقَ في «الرَّوْضَةِ»، في البُسْتانَين رِوايتَين. الثالثُ، ليس صَلاحُ بعضِ الجِنْسِ صَلاحًا لجِنْس آخَرَ بطَريقٍ أوْلَى. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: صَلاحُ جِنْس في الحائطِ صَلاح لسائرِ أجْناسِه، فيَتْبَعُ الجَوْزُ التوتَ، والعِلةُ عدَمُ اخْتِلافِ الأيدِي على الثمَرِ. قاله في «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: واخْتارَ شيخُنا، بَقِيَّةُ الأجْناسَ التي تُباعُ عادَةً، كالنّوْعِ. فائدة: لو أفْرَدَ مما لم يبدُ صَلاحُه مما بَدا صَلاحُه، وباعَه، لم يصِح. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. وهو احْتِمال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وهما وَجْهان في «المُجَرَّدِ». قوله: وبُدُوُّ الصلاحِ في ثَمَرَةِ النَّخْلِ، أنْ يَحْمَرَّ أوْ يَصفَرّ، وفي العِنَبِ، أنْ يَتَمَوَّه. وكذا قال كثير مِنَ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما: حُكْمُ ما يتَغَيَّرُ لَوْنه عندَ صَلاحِه؛ كالإجَّاصِ، والعِنَبِ الأسْوَدِ، حُكْمُ ثَمَرةِ النَّخْلِ؛ بأنْ يتَغيَّرَ لَوْنُه، وفي سائرِ الثَّمَرِ، أنْ يَبْدُوَ فيه النُّضْج، ويَطِيبَ أكْلُه. وقال صاحِبُ «المُحَرَّرِ» وتَبِعَه في «الفُروعِ» -وجماعة: بُدُوُّ صلاحِ الثمَرِ، أنْ يَطِيبَ أكْلُه، ويَظْهَرَ نُضْجه. وهذا الضَّابِطُ أوْلَى، والظَّاهِرُ، أن مُرادَ غيرِهم وما ذكَرُوه عَلامَة على هذا. هذا حُكْمُ ما يَظهَرُ مِنَ الثِّمارِ فَمًا (¬1) واحِدًا. وهذا بلا نِزاعٍ. فأمَّا ما يَظْهَرُ فَما بعدَ فَم؛ ¬

(¬1) فَما: أي مَرة، ومنه قولهم: فَما بعد فَم: أي مَرةً بعد مَرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقِثَّاءِ والخِيارِ، والبِطِّيخِ، واليَقْطِينِ، ونحوها، فبُدُوُّ الصلاحِ فيه، أنْ يُؤكَلَ عادةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضي، وابنُ عَقِيل: صَلاحُه تَناهِي عِظَمِه. وقال في «التلْخيصِ»: صَلاحُه الْتِقاطُه عُرْفًا، وإنْ طابَ أكْلُه قبلَ ذلك. فائدة: صَلاحُ الحَبِّ، أنْ يشْتَدَّ أو يبْيَضَّ.

فَصْلٌ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِع، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن باعَ عَبْدًا له مال، فمالُه للبائعِ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتاعُ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وقِياسُ قوْلِ المُصَنِّفِ -في مَزارِعِ القَرْيَةِ: أو بقَرِينَةٍ. يكونُ للمُبْتاعِ بتلك القَرِينَةِ. قلتُ: وهو الصوابُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في شِراءِ الأمَةِ مِنَ الغَنِيمَةِ، يَتْبَعُها ما عليها مع عِلْمِها به. ونقَل الجَماعَةُ عن أحمدَ، لا يَتْبَعُها. وهو المذهبُ.

فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْمَال، اشْتُرِطَ عِلْمُهُ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيع وَإنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الْمَال، لَمْ يُشْتَرَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كان قَصْدُه المال، اشْتُرِطَ عِلْمُه وسائرُ شُرُوطِ البَيعِ. وإنْ لم يَكُنْ قَصْدُه المال، لم يُشْتَرَطْ. فظاهِرُ ذلك، أنّه سواء قُلْنا: العَبْدُ يَمْلِكُ بالتمْليك، أو لا. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ. وذكَرَه نص الإمامِ أحمدَ، واخْتِيارَ الخِرَقِيِّ. وذكَرَه في «المُنْتَخَبِ»، و «التلْخيص»، عن أصحابنا. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «الشرْحِ»، وقدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». نقَل صالِح، وأبو الحارِثِ، إذا كان إنّما قصَد العَبْدَ، كان المالُ تَبَعًا له، قل أو كَثُرَ. واقْتَصَرَ عليه أبو بَكْر في «زادِ المُسافِرِ». وقال القاضي: إنْ قيلَ: العَبْدُ يَمْلِكُ بالتمْليكِ. لم تُشْتَرطْ شُروطُ البَيعِ، وإلا اعْتُبرَتْ. وقطَع به في «المُجَرَّدِ». وزادَ، إلا إذا كان قَصْدُه العَبْدَ. قال الزرْكَشِي: واعلمْ أن مذهبَ الخِرَقِيِّ، أن العَبْدَ لا يَمْلِكُ، فكَلامُه خرَج على ذلك، وهو ظاهِرُ كلامه في «التعْليقِ»، وتَبِعَهما أبو البَرَكاتِ. أما إذا قُلْنا: يَمْلِكُ. فصرح أبو البَرَكاتِ، بأنه يصِحُّ شَرْطُه، وإنْ كان مَجْهولًا. ولم يَعْتَبِرْ أبو محمدٍ المِلْكَ، بل أناطَ الحُكْمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَصْدِ وعدَمِه، وزعَم أنَّ هذا مَنْصُوصُ أحمدَ، والخِرَقِيِّ. وفي نِسْبَةِ هذا إليهما نظر؛ لاحْتِمالِ بِنائِهما على المِلْكِ، كما تقدم، وهو أوْفَقُ لكلام الخِرَقِيِّ، ولمَشْهُورِ كلامِ الإمامِ أحمدَ. وحكَى أبو محمدٍ عن القاضي، أنَّه رَتَّب الحُكْمَ على المِلْك وعدَمِه، فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. لم يُشْترَطْ. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. اشْتُرِطَ. وحكَى صاحِبُ «التلْخيصِ» عن الأصحابِ، أنَّهم رتَّبوا الحُكْمَ على القَصْدِ وعدَمِه، كما يقولُه أبو محمدٍ. ثم قال: وهذا على القَوْل بأن العَبْدَ يَمْلِكُ، أما على القوْلِ بأنه لا يَمْلِكُ، فيَسْقط حُكْمُ التبعِيَّةِ، ويَصِيرُ كمَن باعَ عَبْدًا ومالا. وهذا عكْسُ طَرِيقَةِ أبِي البَرَكاتِ. ثم يَلْزَمُه التَّفْريعُ على الرِّوايَةِ الضَّعِيفَةِ. ويتَلَخَّصُ في المَسْألَةِ أرْبَعَةُ طُرْقٍ. انتهى كَلامُ الزَّرْكَشِيِّ. وقال ابنُ رَجَبٍ في «فَوائدِه»: إذا باعَ عَبْدًا وله مال، ففيه للأصحابِ طُرُقٌ؛ أحدُها، البِناءُ على المِلْك وعدَمِه. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. لم يُشْترَطْ مَعْرِفَةُ المالِ ولا سائرُ شَرائطِ البَيعِ؛ لأنه غيرٌ داخِلٍ في العَقْدِ، وإنَّما اشْتُرِطَ على مِلْك العَبْدِ ليكونَ عَبْدًا ذا مالٍ، وذلك صِفَة في العَبْدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تُفْرَدُ بالمُعاوَضَةِ، فهو كبَيعِ المُكاتَبِ الذي له مال. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. اشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ المالِ، وأنَّ بَيعَه بغيرِ جِنْسِ المالِ، أو بجِنْسِه بشَرْطِ أنْ يكونَ الثَّمَنُ أكثرَ، على رِوايَةٍ، ويُشْترَطُ التَّقابُضُ؛ لأنَّ المال داخِل في عَقْدِ البَيعِ. وهذه طَرِيقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ، وأبي الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، وغيرِهم. والطَّريقةُ الثَّانيةُ، اعْتِبارُ قَصْدِ المالِ أو عدَمِه لا غيرُ. فإنْ كان المالُ مَقْصُودًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُشْتَرِي، اشْتُرِطَ عِلْمُه، وسائرُ شُروطِ البَيعِ. وإنْ كان غيرَ مَقْصودٍ، بل قصد المُشْتَرِي ترْكَه للعَبْدِ؛ ليَنْتَفِعَ به وحدَه، لم يشْترَطْ ذلك؛ لأنَّه تابع غيرُ مَقْصودٍ. وهذه الطَّرِيقَةُ هي المَنْصُوصَةُ عن أحمدَ، وأكثرِ أصحابِه؛ كالخِرَقِيِّ، وأبي بَكْر، والقاضي في «خِلافِه». وكلامُه ظاهِر في الصِّحةِ، وإنْ قُلْنا: العَبْدُ لا يمْلِكُ. وترْجِعُ المَسْألةُ على هذه الطَّرِيقَةِ إلى بَيعِ رِبَويٍّ بغيرِ جِنْسِه، ومعه مِن جِنْسِه ما هو غيرُ مَقْصودٍ. ورجَّح صاحِبُ «المُغْنِي» هذه الطَّرِيقَةَ. وقال في «القَواعِدِ»: وأنْكَرَ القاضي في «المُجَرَّدِ» أنْ يكونَ القَصْدُ وعدَمُه مُعْتَبَرًا في صِحةِ العَقْدِ في الظَّاهِرِ، وهو عُدولْ عن قَواعِدِ المذهبِ وأصُولِه. والطريقَةُ الثالثةُ، الجَمْعُ بينَ الطرِيقَتين، وهي طَرِيقَةُ القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، ومَضْمُونُها أنَّا إنْ قُلْنا: العَبْدُ يَمْلِكُ. لم يُشْترَطْ لمالِه شُروطُ البَيعِ بحالٍ، وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. فإنْ كان المال مَقْصُودًا للمُشْتَرِي، اشْتُرِطَ له شَرائطُ البَيعِ، وإنْ كان غيرَ مَقْصودٍ له، لم يُشْترَطْ له ذلك. انتهى. وذكَرَها أيضًا في «القَواعِدِ»، [وذكَر الزرْكَشِي أرْبَعَ طُرُقٍ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَإِنْ كَانَ عَلَيهِ ثِيَابٌ، فَقَال أحْمَدُ: مَا كَانَ للْجَمَالِ، فَهُوَ لِلْبَائِع وَمَا كَانَ لِلُّبْسِ الْمُعْتَادِ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان عليه ثِياب، فقال أحمدُ: ما كان للجَمالِ، فهو للبائعِ، وما كان للُّبْسِ المُعْتادِ، فهو للمُشْتَري. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم اخْتِيارُ المُصَنِّفِ فيما إذا اشْتَرَى أمَةً مِنَ الغنَمِ، وإذا كان هناك ثَمَّ قَرِينَةً تدل على أنَّ مُرادَه جميعُ الثِّيابِ. فائدتان؛ إحْداهما، عِذارُ الفَرَسِ، ومِقْوَدُ الدَّابَّةِ، كثيابِ العَبْدِ، ويدْخُلُ نَعْلُها في بَيعِها، كلُبْسِ العَبْدِ. قال في «الترْغِيبِ»: وأوْلَى. الثَّانيةُ، لو باعَ العَبْدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وله سُرِّيَّةٌ، لم يُفَرِّقْ بينَهما، كامْرأتِه، وهي مِلْكٌ للسَّيد. نقَلَه حَرْبٌ. ذكَرَه في «الفُروعِ»، في أحْكامِ العَبْدِ. والله أعلمُ.

باب السلم

بَابُ السَّلَمِ وَهوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَيعِ، يَصِحُّ بِأَلْفَاظِهِ وبِلَفْظِ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب السَّلَمِ فائدة: قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هو أنْ يُسْلِمَ إليه مالًا في عَين مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشارِحِ»: هو أنْ يُسْلِمَ عَينًا حاضِرَةً في عِوَض مَوْصُوفٍ في الذِّمةِ إلى أجَل. وقال في «المُطْلِعِ»: هو عَقْدٌ على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ مُؤجَّل بثَمَن مَقْبُوض في مَجْلِسِ العَقْدِ. وهو مَعْنَى الأوَّلِ، وهو حسَن. وقال في «الوَجيزِ»: هو بَيعُ مَعْدُوم خاص ليس نَفْعًا إلى أجَل بثَمَنٍ مَقْبُوضٍ في مَجْلِسِ العَقْدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِها: هو بَيعُ عَين مَوْصُوفَةٍ مَعْدُومَةٍ في الذِّمَّةِ إلى أجَل مَعْلُوم مَقْدور عليه عندَ الأجَلِ

وَلَا يَصِحُّ إلا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ؛ أحَدُهَا، أن يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بثَمَنٍ مَقْبُوضٍ عندَ العَقْدِ. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: هو بَيعُ مَعْدُوم خاصٍّ بثَمَن مَقْبُوض، بشُروطٍ تُذْكَرُ. تنبيه: قوْلُه: ولا يَصِحُّ إلّا بشُرُوطٍ سَبْعَةٍ. وكذا ذكَرَه جَماعَةٌ. وذكَر في

صِفَاتِهِ، كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْمَذْرُوعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه سِتَّةً. وذكَر في «الهِدايَةِ» وغيرِها خَمسَةً. وذكَر في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما أربعَةً. مع ذِكْرِ هم كُلِّهم جميعَ الشُّرُوطِ. والظَّاهِرُ، أنَّ الذي لم يُكْمِلْ عدَدَ ذلك، جعَل الباقِيَ مِن تَتِمَّةِ الشُّرُوطِ، لا شُرُوطًا لنَفْسِ السَّلَمِ. قوله: أحَدُها، أنْ يكونَ فيما يُمكِنُ ضَبْطُ صِفاتِه؛ كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ والمَذْرُوعِ. أمَّا المَكِيلُ والمَوْزُونُ، فيَصِحُّ السَّلَمُ فيهما، قوْلًا واحِدًا. وأمَّا المَذْرُوعُ، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ السَّلَمِ فيه،؛ قال المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ السَّلَمُ فيه. ذكَرَها إسْماعِيلُ في الطَّرِيقَةِ.

فأمَّا الْمَعْدُودُ الْمُخْتَلِفُ؛ كَالْحَيَوَانِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ، وَالْجُلُودِ، وَالرُّءُوسِ، وَنَحوها، فَفِيه رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا المَعدُودُ المُخْتَلِفُ؛ كالحَيَوانِ، والفَواكِهِ، والبُقولِ، والرءوسِ، والجُلودِ، ونَحوها، ففيه رِوايَتان. أمَّا الحَيَوانُ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الرِّوايتَين، سَواء كان آدَمِيًّا أو غيرَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَة»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم؛ إحداهما، يصِحُّ السَّلَمُ فيه. وهو الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: المَشْهُورُ صِحَّةُ السَّلَمِ في الحَيَوانِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثرَم. قال في «الكافِي»: هذا الأظْهرُ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: صحّ على الأَظهرِ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال في ¬

(¬1) انظر: المغني 6/ 388.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: يصِحُّ على الأصحِّ. قال في «الفائقِ»: يصِحُّ في أصحِّ الرِّوايتَين. واخْتاره ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الإرشادِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ». وصحَّحَه في «التصحيحِ»، و «نَظْمِ نِهايَةِ ابنِ رَزِين». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ فيه، وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِين»، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِير». وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، يصِحُّ السلَمُ في اللَّحمِ النِّئِ -بلا نِزاعٍ- ولا يُعتبَرُ نَزْعُ عَظْمِه؛ لأنّه كالنوَى في التمرِ، لكِنْ يُعتبَرُ قوْلُه: بقَر أو غَنَمٌ، ضَأن أو مَعز، جَذَعٌ أو ثَنِيٌّ، ذكَر أو أنثَى، خَصِيٌّ أو غيرُه، رَضِيع أو فَطِيم، مَعلُوفَة أو راعِيَةٌ، مِنَ الفَخِذِ أو الجَنْبِ -نقَلَها الجماعَةُ- سَمِين أو هزِيل. ومنها، لا يصِحُّ السلَمُ في اللحمِ المَطبوخِ والمَشْويِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهما. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: يصِحُّ. قدَّمه ابنُ رَزِين. وهما احتِمالان مُطْلَقان في «التلْخيصِ». وأطْلَقَ وَجْهين في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». ومنها، يصِحُّ السَّلَمُ في الشَّحمِ. جزَم به في «الفُروعِ». قيل لأحمدَ: إنَّه يخْتَلِفُ. قال: كل سَلَفٍ يخْتَلِفُ. وأمَّا الفَواكِهُ والبُقولُ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها رِوايَتَين، وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الحاوي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشّرحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ إحداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التصحيحِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يصِحُّ في معدُودٍ مُخْتَلِفٍ، على الأصحِّ. قال أبو الخَطَّابِ: لا أرَى السَّلَمَ في الرُّمَّانِ والبَيضِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «شَرحٍ ابنِ رَزِين»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والرِّوايَةُ الثَّانية، يصِحُّ. جزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وأمَّا الجُلُودُ والرُّءوسُ ونحوُها، كالأكارِعِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها رِوايتَين، وأطْلَقَهما في «الكافِي»،

وَفِي الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ وَالأوْسَاطِ؛ كَالْقَمَاقِمِ، وَالأسْطَالِ الضَّيِّقَةِ الرُّءُوسِ، وَمَا يَجْمَعُ أخْلاطًا مُتَمَيِّزَةً؛ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَينِ، وَجْهانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّارِحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّركَشِيِّ»، إحداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحَه في «التصحيحِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرحِه»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ السَّلَمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، في مَكانٍ آخَرَ. جزَم به القاضي يَعْقُوبُ في «التبصِرَةِ». وصحَّحَه في «تصحيحِ المُحَرَّرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ فيما قاله المُصَنِّفُ كلَّه، حيثُ أمكَنَ ضَبْطُه (¬1). قوله: وفي الأوانِي المُخْتَلِفَةِ الرُّءوسِ، والأوْساطِ، كالقَماقِمِ، والأسْطالِ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّيِّقَةِ الرُّءوسِ، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الهادِي»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزركَشِيِّ»، و «الشَّرحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «مَسْبُوكِ الذهبِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «إدراكِ الغايَةِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «شَرحِ ابنِ رَزِين». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. صححَه في «التصحيحِ»، فيُضْبَطُ بارتفاعِ حائطِه، ودَوْرِ أسْفَلِه أو أعلاه. قوله: وفي ما يَجْمَعُ أخْلاطًا مُتَمَيِّزَةً، كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الهادِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّركَشِيِّ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ». وصحَّحَه في «الكافِي»، و «الشرحِ»، و «التصحيحِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «شرح ابنِ رَزِين». والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». فائدة: حُكْمُ النُّشَّابِ المَرِيشِ، والنبلِ المَرِيشِ، والخِفافِ، والرِّماحِ، حُكْمُ الثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وقام في «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِين»، وغيرِهم، الصِّحَّةَ هنا أيضًا. وأمَّا القِسِيُّ، فجعَلَها صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحرَّزِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وَغيرِهم، كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ من نوْعَين. [والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها ليستْ كالثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعَين] (¬1)، ولا يَصِحُّ السَّلَمُ فيها؛ لأنَّها مُشْتَمِلَة على خَشَب وقرنٍ وعَقَب (¬2) وتُوزٍ (¬3)، إذْ لا يمكِنُ ضَبْطُ مَقادِيرِ ذلك وتَميِيزُ ما فيها، بخِلافِ الثِّيابِ وما أشْبَهها. قدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الهادِي». تنبيه: مَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ السَّلَمِ في الثِّيابِ المَنْسُوجَةِ مِن نَوْعٍ واحدٍ. وهو صَحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقد دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ السابقِ، في قوْلِه: والمَذْرُوعِ. وتقدَّم هناك رِوايَة، أنه لا يصِحُ السَّلَمُ في المَذْرُوعَ. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) في ا: «وعصب». (¬3) في الأصل، ا «ووتر». والتوز: شجر وخشبة يستخدمها الصبيان في لعبهم.

وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ، كَالْجَوَاهِرِ كُلِّها، وَالْحَوَامِلِ مِنَ الْحَيَوانِ، وَالْمَغْشُوشِ مِنَ الأَثْمَانِ وَغَيرِها، وَمَا يَجْمَعُ أخْلَاطًا غَيرَ مُتَمَيِّزَةٍ، كَالْغَالِيَةِ، وَالنَّدِّ، وَالْمَعَاجِينِ. وَيَصِحُّ فِيمَا يُتْرَكُ فِيهِ شَيْءٌ غيرُ مَقْصُودٍ لِمَصلَحَتِهِ، كَالْجُبْنِ، وَالْعَجِينِ، وَخَلِّ التَّمرِ، والسّكَنْجَبِينِ، وَنَحوها. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يصِح فيما لا ينْضَبِطُ، كالجَواهِرِ كُلها. هذا المذهبُ في الجَواهِرِ كُلِّها. وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. ونقَل أبو داودَ، السَّلَمُ فيها لا بأسَ به. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في اللُّولُؤِ مَنعٌ وتَسْلِيم. وأطْلَقَ في «الفُروعِ»، في العَقِيقِ، وَجْهين. وجزَم في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشّرحِ»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهم، بعَدَمِ الصِّحَّةِ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والحَوامِلِ مِنَ الحَيَوانِ. لا يصِحُّ السَّلَمُ في الحَوامِلِ مِنَ الحَيَوانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، [و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الشّرحِ»] (¬1). وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يصِحُّ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في الخَلِفاتِ (¬2) مَنْعٌ وتَسْليمٌ. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) الخَلِفَات: جمع خَلِفَة، من قولهم: خَلِفَت الناقة أي حمَلت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحداها، لا يصِحُّ السَّلَمُ في شاةٍ لبونٍ (¬1). على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ». الثَّانيةُ، لا يصِحُّ السلَمُ في أمَةٍ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أيوب».

فصل: الشَّرطُ الثَّانِي، أنْ يَصِفَهُ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ ظَاهِرًا، فَيَذْكُرَ جِنْسَهُ، وَنَوْعَهُ، وَقَدْرَهُ، وَبَلَدَهُ، وَحَدَاثَتَهُ، وَقِدَمَهُ، وَجَوْدَتَهُ، وَرَدَاءَتَهُ. وَمَا لا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ لَا يَحتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَلَدِ بها، أو وأخِيها، أو عَمَّتِها، أو خالتِها؛ لندرَةِ جَمعِهما الصِّفَةَ. الثَّالثةُ، يصِحُّ السَّلَمُ في الشُّهْدِ (¬1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وصحّحَه في «التلْخيصِ». وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: ولا يصِحُّ فيما لا ينْضَبطُ. ومثَّلَ مِن جُملَةِ ذلك، المَغْشُوشَ مِنَ الأثْمانِ، أنَّ السَّلَمَ يصِحُّ في الأَثْمانِ نَفْسِها، إذا كانتْ غيرَ مَغْشُوشَةٍ. وهو صحيح، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فيصِحُّ أنْ يُسْلِمَ عرضًا في ذَهبٍ أو فِضةٍ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ إسْلامُ عَرْض في عَرض، أو في ثَمَنٍ (¬2)، على الأصحِّ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: وإنْ أسْلَمَ في نَقْدٍ أو عَرضٍ ¬

(¬1) الشُّهْد: عسل النحل ما دام لم يعصر من شمعه. (¬2) في الأصل، ط: بياض بمقدارها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَرضًا، مَقْبُوضًا جازَ في الأصحِّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». ونصَرَه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ». وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». فعلى المذهبِ، يُشْترَطُ كَوْنُ رَأسِ المالِ غيرَهما؛ فيُجْعَلُ عرضًا (¬1). وهذا الصّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الجُمهورُ. وصحَّحَه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ». وقال أبو الخَطّابِ: والمَنافِعُ أيضًا كمَسْألتِنا (¬2). ¬

(¬1) في الأصل: «عوضًا». (¬2) في الأصل، ط: بياض بمقدارها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، يجوزُ إسْلامُ عَرض في عَرض. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أنْ أكثرُ الأصحابِ. وصحُّحَه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الكافِي»، و «ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وعنه، لا يجوزُ السَّلَمُ إلَّا بعَين أو وَرِقٍ (¬1) خاصَّةً. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى. قال ابنُ عَقِيل. لا يجوزُ جَعلُ رَأسِ المالِ غيرَ الذَّهبِ والفِضَّةِ. وعليها، لا تُسَلَّمُ العُروضُ بعضُها في بعض، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعلى المذهبِ، يصِحُّ. فعلى المذهبِ، لو جاءَه بعَينه عندَ مَحِلِّه، لَزِمَه قَبُولُه. صحَّحَه في «الفائقِ». وقدَّمه في «شَرحِ ابنِ رَزِين»، و «الرِّعايتَين». وقال: فإنِ اتَّخَذا صِفَةً، فجاءَه عندَ الأجَلِ بما أخَذَه منه، لَزِمَه أخْذُه. وقيل: ¬

(¬1) في الأصل: «وزن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا. وإنْ أسْلَمَ جارِيَةً صغِيرَةً في كَبِيرَةٍ (¬1)، فصارَتْ عندَ المَحِلِّ؛ كما شرَط، ففي جَوازِ أخْذِها وَجْهان، وإنْ كان حِيلَةً حَرُمَ. انتهى. وقيل: لا يلْزَمُه أخْذُ عَينه إذا جاءَه به عندَ مَحِلِّه. ورَدَّه ابنُ رَزِين وغيرُه. وأطْلَقَهما في «الكافِي». الثَّانية، في جَوازِ السَّلَمِ في الفُلوسِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». نقَل أبو طالِبٍ، وابنُ مَنْصُورٍ في «مَسائلِه»، عنِ الثَّوْرِيِّ، وأحمدَ، وإسْحاقَ، الجَوازَ، ونقَل عنِ ابنِ سعِيدٍ (¬2) المَنْعَ. ونقَل حَنْبَل الكراهةَ. ونقَل يَعقُوبُ، وابنُ أبِي حَربٍ، الفُلوسُ بالدَّراهِمِ يَدًا بيَدٍ ونَسِيئَةً، وإنْ أرادَ فَضْلًا لايجوزُ. فهذه نُصُوصُه في ذلك. قال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ أنْ أطْلَقَ الرِّوايتَين: قلتُ: هذا إنْ قُلْنا: هي سِلْعَة. انتهى. اخْتارَ ابنُ عَقِيل، في بابِ الشّرِكَةِ مِنَ «الفُصولِ»، أنَّ الفُلوسَ عُروضن بكلِّ حال. واخْتارَه عَلِيُّ بنُ نابِتٍ الطَّالِبانِيُّ (¬3) مِنَ الأصحابِ. ذكَرَه عنه ابنُ رَجَب في «الطبقاتِ»، في تَرجَمَتِه، ¬

(¬1) في ط: «كبره». (¬2) في الأصل: «أبي سعيد». (¬3) هو علي بن نابت -أوله نون- بن طالب الطالباني، البغدادي، الأزجي، الفقيه الواعظ، أبو الحسن، ويلقب موفق الدين، توفي في شعبان سنة ثمان عشرة وستمائة من الهجرة. ذيل الطبقات 2/ 125، شذرات الذهب 5/ 81.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي قبلَ تَرجَمَةِ المُصَنِّفِ بيَسِير. فعليه، يجوزُ السَّلَمُ فيها. وصرح به ابنُ الطَّالِبانِيِّ، واخْتارَه، وتأوَّلَ رِوايَةَ المَنْعِ. وقال أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ» وغيرِه: الفُلوسُ النَّافِقَةُ أثْمانٌ. وهو قوْلُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قاله ابنُ رَجَبٍ. واخْتارَ الشّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، أنَّها أثْمان بكُلِّ حالٍ. فعليها، حُكْمُها حُكْمُ الأثْمانِ في جَوازِ السَّلَمِ فيها وعدَمِه، في ما تقدَّم. وتوَقَّفَ المُصَنِّفُ في جَوازِ السَّلَمِ فيها، فقال: أنا مُتَوَقِّفٌ عنِ الفُتْيا في هذه المَسْألَةِ. ذكَرَه عنه ابنُ رَجَب في تَرجَمَةِ ابنِ الطَّالِبانِيِّ. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ، السَّلَمُ فيها؛ لأنها إمَّا عَرض أو ثَمَن، لا يخْرُجُ عن ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ السَّلَمِ في ذلك، على ما تقدَّم. وأمَّا، أنَّا نقُولُ بصِحَّةِ السَّلَمِ في الأثْمانِ والعُروضِ، ولا نُصَحِّحُ السَّلَمَ فيها، فهذا لا يقُولُه أحَد، فالظَّاهِرُ أنَّ محَلَّ الخِلافِ المَذْكُورِ إذا قُلْنا (¬1) بعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ، في الأثْمانِ. قوله: ولا يصِحُّ فيما يجْمَعُ أخْلاطًا غيرَ مُتَمَيِّزَةٍ؛ كالغالِيَةِ والنَّدِّ والمَعاجِينِ ونحوها -بلا نِزاعٍ أعلَمُه- ويَصِحُّ فيما يُتْرَكُ فيه شيء غيرُ مَقْصُودٍ لمَصلَحَتِه؛ كالجُبْنِ تُوْضَعُ فيه الإنْفَحَّةُ، والعَجِينِ يُوضَعُ فيه المِلْحُ، وكذا الخُبْزُ وخَلُّ التَّمرِ يُوضَعُ فيه الماءُ، والسَّكَنْجَبِينِ يوضَعُ فيه الخل، ونحوها. بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) سقط: من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّاني، أنْ يصِفَه بما يخْتَلِفُ به الثمَنُ ظاهِرًا، فيَذْكُرَ جِنْسَه، ونَوْعَه، وقَدرَه، وبَلَدَه، وحَداثَتَه، وقِدَمَه، وجَوْدَتَه، ورَداءَتَه. قال في «التلْخيصِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأصحابُنا يعتَبِرُون ذِكْرَ الجَوْدَةِ والرَّداءَةِ، مع بقِيَّةِ الصِّفاتِ. قال: وعندِي، أنَّه لا حاجَةَ إلى ذلك، لأنَّه إذا أتَى بجَمِيعِ الصِّفات التي يَزِيدُ الثَّمَنُ لأجْلِها، فلا يكونُ إلَّا جَيِّدًا، وبالعَكْسِ. انتهى. ويذْكُرُ -على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ- ما يُمَيِّزُ مُخْتلِفَ النَّوْعِ، وسِنَّ الحَيَوانِ، وذُكُورَتَه وأنُوثَتَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسِمَنَه وهُزاله. وراعِيًا أو مَعلُوفًا. على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ، ويذْكُرُ آلةَ الصَّيدِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحبُولَةً، أو صَيدَ كَلْبٍ أو فَهْدٍ أو صَقْر. وعندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، لا يُشْترَطُ ذلك، لأنَّ التَّفاوُتَ فيه يَسير، قال: وإذا يُعتَبر في الرَّقيقِ ذِكْرُ الله مَنِ والهُزالِ، ونحوهما، ممَّا يتَبايَنُ به الثَّمَنُ، فهذا أوْلَى. انتهيا. ويُعتَبرُ ذِكْرُ الطُّولِ بالشِّبْرِ في الرَّقيقِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «التَّرغِيبِ»: إلَّا أنْ يكونَ رَجُلًا، فلا يحتاجُ (¬1) إلى ذِكْرِه، لكِنْ يَذْكُرُ طَويلًا أو قَصِيرًا أو رَبْعًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فيحتاج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويعتَبرُ في الرَّقيقِ ذِكْرُ الكَحَلِ، والدَّعَجِ، وتكَلثُمِ الوَجْهِ (¬1)، وكَوْنُ الجاريَةِ خَمِيصةً (¬2)، ثَقِيلَةَ الأردافِ، سَمِينَةً، بكْرًا، أو ثيِّبًا، ونحوُ ذلك ممَّا يقْصدُ ولا يطولُ، ولا يَنْتَهِي إلى عِزَّةِ الوُجودِ عندَ أكثرِ الأصحابِ. قال في «التَّلْخيصِ»: قاله غيرُ القاضي. وقيل: لا يُعتَبر ذلك. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الخِصالِ». وأطْلَقَهما في «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وفي اشْتِراطِ ذِكْرِ الكَحَلِ، والدَّعَجِ، وثِقَلِ الأردافِ، ¬

(¬1) تكلثم الوجه: اجتماع لحمه بلا جُهومة. (¬2) خميصة: ضعيفة ضامرة البطن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَضاءَةِ الوَجْهِ، وكَوْنِ الحاجِبَين مَقْرُونَين، والشَّعَرِ (¬1) سَبْطًا، أو جَعدًا، أشْقَرَ، أو أسْودَ، والعَينِ زَرقاءَ، والأنْفِ أقْنَى -في صِحَّةِ السَّلَمِ- وَجْهان. انتهى. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويذكُرُ الثُّيوبَةَ والبَكارَةَ، ولا يحتاجُ إلى ذِكْرِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُعودَةِ (¬1) والسبوطَةِ. انتهى. وإنْ أسْلَمَ في الطَّيرِ، ذكَر النوْعَ واللوْنَ، والكِبَرَ والصِّغَرَ، والجَوْدَةَ والرداءَةَ، ولا يعرَفُ سِنُّها أصلًا. وقال في «عُيُونِ المَسائلِ»: يُعتبَرُ ذِكْرُ الوَزْنِ في الطَّيرِ، كالكُركِيِّ والبَطِّ؛ لأنّ القَصدَ لحمُه، ويُنَزلُ الوَصفُ على أقلِّ دَرَجَةٍ. وقال في «التلْخيصِ»، و «عُيُونِ المَسائل»: ويذْكُرُ في العَسلِ المَكانَ؛ بَلَدِيٌّ أو جَبَلِيٌّ، رَبِيعِيٌّ أو خَرِيفِيٌّ، واللَّوْنَ: (¬2)، ولا ¬

(¬1) في الأصل، ط. «الحقودة». (¬2) في الأصل، ط: «الوزن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاجَةَ إلى عَتِيقٍ أو جَدِيدٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: في المُسْلَمِ فيه، خَمسَةُ أضْرُبٍ، الأولُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بثَلاثةِ أوْصافٍ إنْ حَفِظَ أوْصافَه -كاللبِنِ وحِجارَة الباءِ. الثَّاني، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بأربَعةِ أوْصافٍ، وإنِ اخْتلَفَتْ، وهو أربعَةَ عشَرَ شيئًا؛ الرّصاصُ، والصُّفْرُ، والنُّحاسُ، وحِجارَةُ الآنِيَةِ؛ كالبِرامِ، والرَّجسُ الطَّاهِرُ، والشَّوْكُ، ولَحمُ الطَّيرِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّمَكُ، والإبريسَمُ، والآجُرُّ، والرُّءوسُ، والسَّمْنُ، والجُبْنُ، والعسَلُ. الثَّالثُ، ما يُضْبَطُ كل واحدٍ منه بخَمسَةِ أوْصافٍ، وهو ثَلاثَةَ عشَرَ شيئًا؛ الجُلودُ، وحِجارَةُ الأرحاءِ، والصُّوفُ (¬1)، والقُطْنُ، والغَزْلُ، وخَشَبُ الوَقُودِ والبِناءِ، والخُبْزُ، ولزُّبْدُ، واللِّبأ، والرُّطَبُ، والطَّعامُ، والنَّعَمُ، والخَيلُ. الرّابعُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بسِتَّةِ أوْصافٍ، وهو ثَلاثةُ أشْياءَ؛ السَّمَرُ في العَبِيدِ، وخشَبُ ¬

(¬1) في ط: «والصرف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِسِيِّ. الخامسُ، ما يُضْبَطُ كلُّ واحدٍ منه بسَبْعَةِ (¬1) أوْصافٍ، وهو شَيئان؛ الثِّيابُ، ولَحمُ الصَّيدِ وغيرُه. انتهى. قلتُ: جزَم بهذا في «المُسْتَوْعِبِ». ومِنَ الأوْصافِ المَضْبُوطَةِ بذلك كلِّه. وقال في «الرِّعايَةِ» أيضًا، وغيرِه، غيرَ ما تقدّم: ويذْكُرُ أيضًا ما يخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأجْلِه غالِبًا، كالعرضِ، والسُّمكِ، والتّدويرِ، والسِّن، واللَّوْنِ، واللِّينِ، والنعُومَةِ، والخُشُونَةِ، والدقَّةِ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تسعة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والغِلَظِ، والرّقةِ، والصفاقَةِ، وحَلَبِ يَوْمِه، وزُبْدِ يَوْمِه، والحَلاوَةِ، والحُمُوضَةِ، والمَرعَى، والعَلَفِ، وكوْنِ المَبِيعِ حَدِيثا أو عَتِيقا، رَطْبا أو يابِسًا،

فَإِنْ شَرَطَ الْأَجْوَدَ، لَمْ يَصِحَّ، وَإنْ شَرَطَ الأَرْدَأَ، فَعَلَى وَجْهَينِ. وَإذَا جَاءَهُ بِدُونِ مَا وَصَفَ، أَوْ نَوْعٍ آخَرَ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَبِيِعيًّا أو خَرِيفِيًّا، وغيرِ ذلك. كلُّ شيءٍ بحسَبِه مِن ذلك وغيرِه. انتهى. وتقدَّم بعضُ ذلك. وذِكْرُ أوْصافِ كلِّ واحد ممَّا يجوزُ السَّلَمُ فيه يَطُولُ. وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم، فليُراجَعُوا. قوله: وإنْ شرَط الأَرْدأَ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الحاوي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَّجِيِّ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال في «التَّلْخيصِ»: لأنَّ طلَبَ الأرْدَأَ مِنَ الأَرْدَأَ عِنادٌ، فلا يُؤَثِّرُ فيه نِزاعٌ. فائدة: لو شرَطَه جيِّدًا أو رَدِيئًا، صحَّ، بلا نِزاعٍ. قوله: وإذا جاءَه بدونِ ما وصَفَه له، أو بنَوْعٍ آخَرَ، فله أَخْذُه. إذا جاءَه بدُونِ ما وصَف مِن نَوْعِه، فلا خِلافَ أنَّه مُخَيَّرٌ في أخْذِه. وإنْ جاءَه بنَوْعٍ آخَرَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُخَيَّرٌ أيضًا في أخْذِه وعدَمِه. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الكافِي» -وقال: هو أصحُّ- وغيرِهم. وعندَ القاضي وغيرِه، يَلْزَمُ أخْذُه إذا لم يَكُنْ أدْنَى مِنَ النَّوْعِ المُشْتَرَطِ. واخْتارَه المَجْدُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ». وعنه، يَحْرُمُ أخْذُه، كأخْذِ غيرِ جِنْسِه. نقَلَه جماعَةٌ عن أحمدَ. وأطْلَقهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ، وأطْلَقَ في «التَّلْخيصِ»، في الأَخْذِ وعدَمِه، رِوايتَين. وقال: بِناءً على كوْنِ النَّوْعِيَّةِ تَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ أو الجِنْسِ.

وَإِنْ جَاءَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ. وَإنْ جَاءَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جاءَه بجنْسٍ آخَرَ، لم يَجُزْ له أخْذُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل جماعَةٌ عن أحمدَ جَوازَ الأخْذِ للأرْدَأَ عنِ الأَعْلَى، كشَعِيرٍ عن بُرٍّ بقَدْرِ كَيلِه. نقَلَه أبو طالِبٍ، والمَرُّوذِيُّ. وحمَلَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ على رِوايَةِ أنَّهما جِنْسٌ واحدٌ. قال في «التَّلْخيصِ»: جعَل بعضُ أصحابِنا هذا رِوايَة في جَوازِ الأخْذِ مِن غيرِ الجِنْسِ بقَدْرِه، إذا كان دُونَ المُسْلَمِ فيه. قال: وليس الأمرُ عندِي كذلك، وإنَّما هذا يخْتَصُّ الحِنْطَةَ والشَّعِيرَ، مُطابِقًا لنَصِّه في إحْدَى الرِّوايتَين عنه، أنَّ الضَّمَّ في الزَّكاةِ يَخُصُّهما، دُونَ القُطْنِيَّاتِ وغيرِها، بِناءً على كْونِهما جِنْسًا واحِدًا في إحْدَى الرِّوايتَين عنه، وإن تنَوَّعَ. نقَلَه حَنْبَلٌ. ولا يجوزُ التَّفاضُلُ بينَهما. ذكَرَه القاضي في أبو يَعْلَى وغيرُه. انتهى.

فَإِنْ قَال: خُذْهُ وَزدْنِي دِرْهَمًا. لَمْ يَجُزْ. وَإنْ جَاءَهُ بِزِيَادَةٍ فِي الْقَدْرِ، فَقَال ذَلِكَ، صَحَّ. فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَن يَذْكُرَ قَدْرَهُ بِالْكَيلِ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ. فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا، وَفِي الْمَوْزُونِ كَيلًا، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جاءَه بأجْوَدَ منه مِن نَوْعِه، لَزِمَه قَبُولُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يَلْزَمُه قَبُولُه. وقيل: يَحْرُمُ أخْذُه، وحُكِيَ رِوايَةً. نقَل صالِحٌ وعبدُ اللهِ، لا يأْخُذُ فوقَ صِفَتِه، بل دُونَها. فائدة: لو وجَدَه مَعِيبًا، كان له ردُّه أو أرْشُه. قوله: فإنْ أسْلَمَ في المَكِيلِ وَزْنًا، وفي المَوْزُونِ كَيلًا، لم يَصِحَّ. وهو إحْدَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. نصَّ عليه، واخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ والمُخْتارُ للعامَّةِ. قلتُ: منهم القاضي، وابنُ أبِي مُوسى. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ». وهذا المذهبُ. وعنه، يصِحُّ. وهي مِن زَوائدِ الشَّارِحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وهما رِوايَتان مَنْصُوصَتان، وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ

وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مَعْلُومًا، فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالًا بعَينهِ، أَوْ صَنْجَةً بِعَينِهَا غَيرَ مَعْلُومَةٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». فائدة: لا يصِحُّ السَّلَمُ في المَذْرُوعِ إلَّا بالذَّرْعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخُرِّجَ الجَوازُ وَزْنًا. قوله: ولا بُدَّ أنْ يكُونَ المِكيالُ مَعْلُومًا، فإنْ شرَط مِكيالًا بعَينِه، أو صَنْجَةً بعَينِها غيرَ مَعْلُومَةٍ، لم يَصِحَّ. وكذا المِيزانُ والذِّراعُ. وهذا بلا نِزاعٍ فيه، ولكِنْ

وَفِي الْمَعْدُودِ الْمُخْتَلِفِ غَيرِ الْحَيَوانِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يُسْلِمُ فِيهِ عَدَدًا. وَالْأُخْرَى، وَزْنًا. وَقِيلَ: يُسْلِمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيضِ عَدَدًا، وَفِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ وَزْنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لو عيَّن مِكْيال رَجُلٍ واحدٍ أو مِيزانَه، صحَّ، ولم يتَعَيَّنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لم يتَعَيَّنْ في الأصحِّ. قال في «الرِّعايَةِ»: صحَّ العَقْدُ، [ولم يتَعَيَّنا] (¬1) في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. قال الزَّركَشِي: هذا المذهبُ. وقيل: يتَعَيَّنُ. فعلى المذهبِ، في فَسادِ العَقْدِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الزّرْكَشِيِّ» -وأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ رِوايتَين في صِحَّةِ العَقْدِ؛ يتَعَيَّنُ مِكْيالٌ. انتهى- أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهما. والثَّاني، لا يصِحُّ. قوله: وفي المَعْدُودِ المُخْتَلِفِ غَيرِ الحَيَوانِ رِوايَتان -يعْنِي، على القَوْلِ بصِحَّةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «يتعينا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّلَمِ فيه، كما تقدَّم. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «الزّرْكَشِي» -إحْداهما، يُسْلِمُ فيه عدَدًا. صحَّحَه في التَّصْحيحِ. وهو مُقْتَضَى كَلامِ الخِرَقِيِّ. والأُخْرَى، يُسْلِمُ فيه وَزْنًا. قدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: يُسْلِمُ في الجَوْزِ، والبَيضِ عدَدًا، في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وأطْلَقَ في الفَواكِهِ وَجْهَين. وقدَّم في «الفُروعِ» صِحَّةَ السَّلَمِ في مَعْدودٍ غيرِ حَيوانٍ يتَقارَبُ عدَدًا. وهذا المذهبُ.

فَصْلٌ: الرَّابعُ، أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا، لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ، كَالشَّهْرِ وَنَحْوهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ حَالًّا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ، كَالْيَوْمِ وَنَحْوهِ، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الكافِي». فأمَّا المَعْدودُ، فيُقدَّرُ بالعَدَدِ. وقيل: بالوَزْنِ. والأوَّلُ أوْلَى. فإنْ كان يتَفاوَتُ كثيرًا؛ كالرُّمَّانِ والبِطِّيخِ والسَّفَرْجَلِ والبُقولِ، قدَّرَه بالوَزْنِ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): يُسْلِمُ في الجَوْزِ والبَيضِ ونحوهما عدَدًا، وفيما يتَفاوَت؛ كالرُّمَانِ، والسَّفَرْجَلِ والقِثَّاءِ، وَجْهان. وتقدَّم كلامُ الشَّارِحِ. والصَّحِيحُ إذَنْ مِنَ المذهبِ، أنَّ ما يتَقارَبُ، السَّلَمُ فيه عدَدًا، وما يتَفاوَتُ تفَاوُتًا كثيرًا، السَّلَمُ فيه وَزْنًا. قوله: الرَّابعُ، أنْ يَشْتَرِطَ أجَلًا مَعْلُومًا له وَقْعٌ في الثَّمَنِ -يعْنِي، في العادَةِ- ¬

(¬1) انظر: المغني 6/ 401.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالشَّهْرِ ونحوه. قاله الأصحابُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويتَغَيَّرُ فيه الثَّمَنُ غالِبًا بحسَبِ البُلْدانِ، والأزْمانِ، والسِّلَعِ. قال في «الكافِي»: كالشَّهْرِ ونِصْفِه، ونحوه. قال الزَّرْكَشِيُّ، وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ: يُمَثَّلُ بالشَّهْرَين؛ فمِن ثَمَّ قال بعضُهم: أقلُّه شَهْرٌ. انتهى. قلتُ: قال في «الخُلاصَةِ»: ويَفْتَقِرُ إلى ذِكْرِ الأجَلِ، فيَكونُ شَهْرًا. فصاعِدًا. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: أقلُّه شَهْرٌ. قال في «الفُروعِ»: وليس هذا في كلامِ أحمدَ، وظاهِرُ كلامِه، اشْتِراطُ الأجَلِ، ولو كان أجَلًا قَرِيبًا. ومال إليه، وقال: هو أظْهرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أسْلَمَ حالًا أو إلى أجَلٍ قَرِيبٍ؛ كاليَومِ ونحوه، لم يصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الانْتِصارِ» رِوايَةً؛ يصِحُّ حالًّا. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كان في مِلْكِه. قال: وهو المُرادُ بقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ لحَكِيمِ بنِ حِزامٍ: «لا تَبْع ما ليس عِندَك». أي ما ليس في مِلْكِك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو لم يُجِزِ السَّلَمَ حالًّا، لقال: لا تَبعْ هذا سواءٌ كان عِندَك أوْ لا. وتكَلَّم على ما ليس عندَه. ذكَرَه عنه صاحِبُ «الفُروعِ»، في كتابِ البَيعِ، في الشَّرْطِ الخامسِ، واخْتاوَه في «الفائقِ». قال في «النَّظْمِ»: وما هو ببَعيدٍ. وحمَل القاضي وغيرُه هذه الرِّوايَةَ على المذهبِ، ولم يَرْتَضِه في «الفُروعِ»، واخْتارَ الصِّحَّةَ إذا أسْلَمَه إلى أجَلٍ قَرِيبٍ، كما تقدَّم، ورَدَّ ما احْتَجَّ به الأصحابُ. قال في «القاعِدَةِ الثَّامنَةِ والثَّلا ثين»: لها (¬1) وَجْهٌ. قاله القاضي في مَوْضِعٍ مِنَ «الخِلافِ» بصِحَّةِ السَّلَمِ حالًّا، ويكونُ بَيعًا. انتهى. ¬

(¬1) في ا: «لنا».

إلا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأُخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يُسْلِمَ في شيءٍ يأْخُذُ منه كُلَّ يَوْمٍ أجْزاءً مَعْلُومَةً -كاللَّحْمِ والخُبْزِ، ونحوهما- فيَصِحُّ هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: إنْ بيَّن قِسْطَ كُلِّ أجَلٍ وثَمَنَه (¬1)، صحَّ، وإلَّا فلا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وعنه».

وَإنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَينِ، أَوْ فِي جِنْسَينِ إِلَى أَجلٍ صَحَّ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسْلَمَ في جِنْس إلى أجَلَين، أو في جِنْسَين إلى أجَلٍ، صَحَّ. إذا أسْلَمَ في جِنْس واحدٍ إلى أجَلَين، صحَّ، بشَرْطِ أنْ يُبَيِّنَ قِسْطَ كُلِّ أجَلٍ وثَمَنَه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وإنْ أسْلَمَ في جِنْسَين إلى أجَلٍ، صحَّ أيضًا، بشَرْطِ أنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ وإنْ لم يُبَيِّنْ. ويأَتِي هذا قَرِيبًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ الفَصْلِ السَّادسِ، حيثُ قال: وإنْ أسْلَمَ ثمَنًا واحدًا في جِنْسَين، لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وقال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ ذِكْرِ هاتَين المَسْأَلتَين وغيرِهما: وعنه، يصِحُّ في الكُلِّ قبلَ البَيانِ. فائدة: مِثْلُ المَسْألةِ الثَّانيةِ، لو أسْلَمَ ثَمَنَين في جِنْس واحدٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه أبو داودَ، واخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصِحُّ هنا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. قوله: ولا بُدَّ أنْ يكونَ الأجَلُ مُقَدَّرًا بزَمَنٍ مَعْلُومٍ. فإنْ أسْلَمَ إلى الحَصادِ والجَدادِ، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «المُحَرَّرِ»؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. وصحَّحَه في «المُذْهبِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهما. وجزَم به في «الوَجيز» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه هما، وغيرُهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: محَلُّ الخِلافِ في الحَصادِ إذا جعَلَه إلى زَمَنِه، أمَّا إلى فِعْلِه، فلا يصِحُّ. قلتُ: جزَم بهذه الطرِيقَةِ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وهو ظاهِرُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وتقدَّم نَظِيرُها في مَسْأَلةِ خِيارِ الشَّرْطِ. فائدة: لو اخْتلَفا في قَدْرِ الأجَلِ، أو مُضِيِّه، ولا بَيِّنةَ، فالقَوْلُ قوْلُ المَدِينِ

فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَو الْجِذَاذِ، أَو شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيهِ، فَعَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع يَمِيِنه في قَدْرِ الأجَلِ، على المذهبِ، ونقَلَه حَرْبٌ. وكذا في مُضِيِّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُه، ويُقْبَلُ قَوْلُ المُسْلَمِ إليه، وهو المَدِينُ، في مَكانِ سَلَمِه. نقَلَه حَرْبٌ. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: أو شرَط الخِيارَ إليه، فعلى رِوايتَين. قد تقدَّم ذِكْرُ الرِّوايتَين في خِيارِ الشَّرْطِ، وذكَرْنا الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ هناك، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو جعَل الأجَلَ مُقَدَّرًا بأشْهُرِ الرُّومِ، كشُباطٍ ونحوه، وعِيدًا لهم لا يَخْتَلِفُ، كالنَّيرُوزِ والمِهْرَجانِ، ونحوهما ممَّا يَعْرِفُه المُسْلِمون، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ. كالشَّعانِينِ، وعِيدِ الفَطِيرِ، ونحوهما ممَّا يَجْهَلُه المُسْلِمون غالِبًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، [وابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»] (¬1)؛ حيثُ قالُوا بالأهِلَّةِ (¬2). ومنها، لو قال: مَحِلُّه شَهْرُ كذا. صحَّ، وتعَلَّقَ بأوَّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهِبِ. وصحَّحَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. ومنها، لو قال: مَحِلُّه أوَّلُ شَهْرِ كذا، أو آخِرُه. صحَّ، وتعَلَّقَ بأَوَّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ، لأنَّ أوَّلَ الشَّهْرِ يُعَبَّرُ به عن النِّصْفِ الأوَّلِ، وكذا الآخِرُ. وهو احْتِمالٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «بأهلته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّلْخيصِ». ومنها، لو قال. إلى شَهْرِ رَمَضانَ. حَلَّ (¬1) بأوَّلِه. هذا المذهبُ. جزَم به الأصحابُ. قال في «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: ويتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ، أنَّه لا يحِلُّ إلَّا بانْقِضائِه. ومنها، لو جعَل الأجَلَ -مَثَلًا- إلى جُمادَى، أو رَبِيعٍ، أو يَوْمِ النَّفْرِ ونحوه -ممَّا يشْتَرِكُ فيه شَيئان- لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ، ويتَعَلَّقُ بأوَّلِهما. جزَم به في «المُعْنِى»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وأمَّا إذا جعَلَه إلى الشَّهْرِ، وكان في أثْناءِ شَهْرٍ، فيَأْتِي حُكْمُه في أثْناءِ بابِ الإجارَةِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لأجل».

وَإذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ، لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا جاءَه بالسَّلَمِ قبلَ مَحِلِّه، ولا ضرَرَ في قَبْضِه، لَزِمَه قَبْضُه، وإلَّا فلا. هذا المذهبُ. نقلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ كان ممَّا يَتْلَفُ، أو يتَغَيَّرُ قَدِيمُه أو حَدِيثُه، لَزِمَه قَبْضُه، وإلَّا فلا. وقطَع القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم، أنَّه إذا كان ممَّا يَتْلَفُ، أو يتَغَيَّرُ قَدِيمُه أو حَدِيثُه، لا يَلْزَمُ قَبْضُه، للضَّرَرِ (¬1). وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «للضرورة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: عبَّر المُصَنِّفُ -رَحِمَه اللهُ- بالسَّلَمِ عنِ المُسْلَمِ فيه، كما يُعَبَّرُ بالسَّرِقَةِ عنِ المَسْرُوقِ، وبالرَّهْنِ عنِ المَرْهُونِ. فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قلْنا: يَلْزَمُه قَبْضُه. وامْتنَعَ منه، قيل له: إمَّا أنْ تَقْبِضَ حقَّك، أو تُبْرِئ منه. فإنْ أبَى رُفِعَ الأمْرُ إلى الحاكِمِ، فيَقْبِضُه له. قال في «الفُروعِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الشَّرْحِ» هنا، وكذلك في

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحِلِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا: إنْ أبَى قَبْضَه، بَرِئَ. ذكَراه في المَكْفُولِ به. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والعِشْرِين»: لو أتاه الغَرِيمُ بدَينِه الذي يجبُ عليه قَبْضُه، فأبَى أنْ يَقْبِضَه، قال في «المُغْنِي»: يَقْبِضُه الحاكمُ، وتَبْرأُ ذِمَّةُ الغَريم؛ لِقيامِ الحاكمِ مَقامَ المُمْتَنِعِ بولايَتِه. الثَّانيةُ، وكذا الحُكْمُ في كُلِّ دَينٍ لم يحِلَّ، إذا أتَى به قبلَ مَحِلِّه. ذكَرَه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الكِتابةِ (¬1): إذا عَجَّلَها قبلَ مَحِلِّها. قوله: الخامِسُ، أنْ يكونَ المُسْلَمُ فيه عامَّ الوُجُودِ في مَحِلِّه، فإنْ كان لا يُوجَدُ ¬

(¬1) في ط: «الأمانة».

فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِيهِ، أَوْ لَا يُوجَدُ إلا نَادِرًا، كَالسَّلَمِ فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ إِلَى غَيرِ وقْتِهِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإنْ أَسْلَمَ فِي ثمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَينِهِ، أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، أو لا يُوجَدُ فيه إلَّا نادِرًا؛ كالسَّلَمِ في العِنَبِ والرُّطَبِ إلى غيرِ وَقْتِه، لم يَصِحَّ بلا نِزاعٍ. قوله: فإنْ أسْلَمَ في ثَمَرَةِ بُسْتانٍ بعينِه، أو قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، لم يصِحَّ. وكذا لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْلَمَ في مِثْلِ هذا الثَّوْبِ. وهذا المذهبُ في ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. ونقَل أبو طالِبٍ، وحَنْبَلٌ: يصِحُّ إنْ بَدَا صَلاحُه، أو اسْتَحْصَدَ. وقاله أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، إنْ أمِنَ عليها الجائحَةَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: وهو قَوْل حسَنٌ، إنْ لم يحْصُلْ إجْماعٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ كانتِ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً، [فعنه، يصِحُّ السَّلَمُ فيها. وعنه، لا. وعليها، يُشْتَرَطُ عدَمُه عندَ العَقْدِ. تنبيه: مُقْتَضَى قوْلِ المُصَنِّفِ: الخامِسُ، أنْ يكونَ المُسْلَمُ فيه عامَّ الوُجودِ] (¬1) في مَحِلِّه. أنَّه لا يُشْتَرَطُ وُجودُه حالةَ العَقْدِ، وهو كذلك، وكذلك لا يُشْتَرَطُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ أَسْلَمَ إِلَى مَحِلِّ يُوجَدُ فِيهِ عَامًّا، فَانْقَطَعَ، خُيِّرَ بَينَ الصَّبْرِ وَبَينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ عدَمُه. على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. قاله ابنُ عَبْدُوسٍ المُتَقَدِّمُ وغيرُه. قوله: وإنْ أسْلَمَ إلى مَحِلٍّ يُوجَدُ فيه عامًّا، فانْقَطَعَ، خُيِّرَ بينَ الصَّبْرِ، والفَسْخِ

الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِرأَسِ مَالِهِ، أَو عِوَضِهِ إِنْ كَانَ مَعْدُومًا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَنْفسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرُّجُوعِ برَأْسِ مالِه، أو عِوَضِه إنْ كان مَعْدُومًا، في أَحَدِ الوَجْهَينِ، وفي الآخَرِ، ينْفَسِخُ بنَفْسِ التَّعَذُّرِ. اعلمْ أنَّه إذا تعَذَّرَ كلُّ المُسْلَمِ فيه عندَ محِلِّه أو بعضُه؛ إمَّا لغَيبَةِ المُسْلَمِ فيه، أو لعَجْزٍ عنِ التَّسْليمٍ، أو لعدَم حَمْلِ الثِّمارِ تلك السَّنَةَ، وما أشْبَهَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ الصَّبْرِ، والفَسْخِ في الكُلِّ أو البعضِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: ينْفَسِخُ بنَفْسِ التَّعَذُّرِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهُ الثَّانِي. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وقيل: ينْفَسِخُ في البعض للتَّعَذُّرِ، وله الخِيارُ في الباقِي. قاله في «المُحَرَّرِ». وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، فيما إذا تعَذَّرَ البعضُ: وقيل: ليس له الفَسْخُ إلَّا في الكُلِّ، أو يصْبِرُ.

فَصْلٌ: السَّادِسُ، أَنْ يَقْبِضَ رأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال في «الفُروعِ»، في نَقْلِ المَسْأَلَةِ: وإنْ تعَذَّرَ أو بعضُه. وقيل: أو انْقطَعَ وتحَقَّقَ بَقاؤُه. فذَكَر أنَّه إذا انْقطَعَ وتحَقَّقَ بَقاؤُه، يَلْزَمُ تَحْصِيلُه، على المُقَدَّمِ. وذكَر المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا يُلْزَمُ بتَحْصِيِله إذا انْقطَعَ، بلا خِلافٍ. فيَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على ظاهِرِه، فيكونَ مُوافِقًا للقَوْلِ الضَّعيفِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ الانْقِطاعَ في كلامِ المُصَنِّفِ على التَّعَذُّرِ، فيكونَ مُوافِقًا للصَّحيحِ. وهو أوْلَى. قوله: السَّادسُ، أنْ يَقْبِضَ رَأَسَ مالِ السَّلَمِ في مَجْلِسِ العَقْدِ. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ وقَع في كلامِ القاضي، في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، إنْ تأَخَّرَ القَبْضُ اليَوْمَين أو الثَّلاثَةَ، لم يصِحُّ. فوائد؛ الأُولَى، لو قبَض البعضَ، ثم افْتَرقا، بطَل فيما لم يقْبِضْ، ولا يَبْطُلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما قبَض. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، بِناءً على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. قاله أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، في «الكافِي»، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. قال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، يَبْطُلُ في الجميعِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، في بابِ الصَّرْفِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ وَجْهَين، في بابِ الصَّرْفِ، وكذلك صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وأطْلَقهما هنا في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». الثَّانيةُ، لو قبَض رأْسَ مالِ السَّلَمِ، ثم افْتَرَقا، فوجَدَه مَعِيبًا، فتارَةً يكونُ العَقْدُ قد وقَع على عَينٍ، وتارَةً يكونُ قد وقَع على مالٍ في الذِّمَّةِ، ثم قبَضَه؛ فإنْ كان وقَع على عَينٍ، وقُلْنا: النُّقُودُ تتَعَيَّنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّعْيِينِ. وكان العَيبُ مِن غيرِ جِنْسِه، بطَل العَقْدُ، وإنْ قُلْنا: لا تتَعَيَّنُ. فله (¬1) البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ. وإنْ كان العَيبُ مِن جِنْسِه، فله إمْساكُه وأخْذُ أرْشِ عَيبِه، أو ردُّه وأخْذُ بدَلِه في مَجْلِسِ الرَّدِّ. وإنْ كان العَقْدُ وقَع على مالٍ في الذِّمَّةِ، ثم قبَضَه، فتارَةً يكونُ العَيبُ مِن جِنْسِه، وتارةً يكونُ مِن غيرِ جِنْسِه؛ فإنْ كان مِن جِنْسِه، لم يَبْطُلِ السَّلَمُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وله البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، وإنْ تَفرَّقا قبلَه، بطلَ العَقْدُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يبْطُلُ إنِ اخْتارَ الرَّدَّ. وإنْ كان العَيبُ مِن غيرِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فكذا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جِنْسِه، فسَد العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وأجْرَى المُصَنِّفُ وغيرُه فيه رِوايةً بعَدَمِ البُطْلانِ، وله البَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ، على ما تقدَّم في الصَّرْفِ، فليُعاوَدْ. الثَّالثةُ، لو ظهَر رَأْسُ المالِ مُسْتَحَقًّا بغَصْبٍ أو غيرِه، وهو معَيَّنٌ، وقُلْنا: تتَعَيَّنُ النُّقُودُ بالتَّعْيِينِ. لم يَصِحَّ العَقْدُ. وإنْ قُلْنا: لا تتَعَيَّنُ. كان له البَدَلُ في مَجْلِسِ

وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّدِّ. وإنْ كان العَقْدُ وقَع في الذِّمَّةِ، فله المُطالبَةُ ببَدَلِه في المَجْلِسِ، وإنْ تفَرَّقا بطَل العَقْدُ، إلَّا على روايَةِ صِحَّةِ تصَرُّفِ الفُضُولِيِّ، أو أنَّ النُّقُودَ لا تتَعَيَّن. وتقدَّم في الصَّرْفِ أحْكامٌ كهذه الأحْكامِ، واسْتَوْفَينا الكَلامَ هناك بأتَمَّ مِن هذا، فَلْيُعاوَدْ، فإنَّ أكثرَ أحْكامِ المَوْضِعَين على حَدٍّ سَواءٍ. قوله: وهل يُشْتَرَطُ كَوْنُه مَعْلُومَ الصِّفَةِ والقَدْرِ كالمُسْلَمِ فيه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». واخْتارَه القاضي وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّاني، لا يُشْتَرَطُ، وتَكْفِي مُشاهَدَتُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه لم يَذْكُرْه في شُروطِ السَّلَمِ، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». فعلى المذهبِ، لا يجوزُ أنْ يجْعَلَ رَأْسَ مالِ السَّلَمِ ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُمْكِنُ ضَبْطُه بالصِّفَةِ؛ كالجَواهِرِ، وسائرِ ما لا يجوزُ السَّلَمُ فيه، فإنْ فعَل بطَل العَقْدُ. وتقدَّم، هل يصِحُّ السَّلَمُ في أحَدِ النَّقْدَين والعُروضِ؟ عندَ ذِكْرِ المَغْشوشِ

وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا فِي جِنْسَينِ، لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الأثْمانِ. قوله: وإنْ أسْلَمَ ثَمَنًا واحِدًا في جِنْسَين، لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ قبلَ البَيانِ. وهي تَخْرِيجُ وَجْهٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُصَنِّفِ والشَّارِحِ مِنَ المَسْأَلَةِ التي قبلَها، وقالا: الجَوازُ هنا أوْلَى .. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذه المَسْألَةُ الْتِفاتٌ إلى مَعْرِفَةِ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ وصِفَتِه، ولعَلَّ الوَجْهَين ثَمّ مِنَ الرِّوايتَين هنا. وقد شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ هذه المَسْألَةَ، حيثُ

فَصْلٌ: السَّابعُ، أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ أَسْلَمَ فِي عَينٍ لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وإنْ أسْلَمَ في جِنْسَين إلى أجَلٍ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». قوله: السَّابعُ، أنْ يُسْلِمَ في الذِّمَّةِ، فإنْ أسْلَمَ في عَينٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال في «الواضِحِ»: إنْ كانتِ العَينُ حاضِرَةً، صحَّ، ويكونُ بَيعًا بلَفْظِ السَّلَمِ، فيَقْبِضُ ثَمَنَه فيه. فائدة: هذه الشُّروطُ السَّبْعَةُ هي المُشْتَرَطَةُ في صِحَّةِ السَّلَمِ لا غيرُ، لكِنْ هذه زائدَةٌ على شُروطِ البَيعِ المُتقَدِّمَةِ في كتابِ البَيْعِ. وذكَر في «التَّبْصِرَةِ» أنَّ الإِيجابَ والقَبُولَ مِن شُروطِ السَّلَمِ أيضًا. قلتُ: هما مِن أرْكانِ السَّلَمِ، كما هما مِن أرْكانِ البَيعِ، وليس هما مِن شروطِه.

وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكَانِ الإِيفَاءِ، إلا أنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فِيهِ، كَالْبَرِّيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكانِ الإِيفاءِ، إلَّا أنْ يكونَ مَوْضِعُ العَقْدِ لا يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه، كالبَرِّيَّةِ، فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُه. إذا كان مَوْضِعُ العَقْدِ يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه، لم يُشْتَرَطْ

وَيَكُونَ الْوَفَاءُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذِكْرُ مَكانِ الإِيفاءِ، ويكونُ الوَفاءُ في مَوْضِعِ العَقْدِ، على ما يأْتِي. وإنْ كان لا يُمْكِنُ الوَفاءُ فيه؛ كالبَرِّيَّةِ، والبَحْرِ، ودارِ الحَرْبِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكانِ الوَفاءِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الإِرْشادِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقال القاضي: لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُه، ويُوَفِّي بأقْرَبِ الأماكِنِ إلى مَكانِ العَقْدِ. قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: ولم أجِدْه في كُتُبِ القاضي. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: قلتُ: إن كان مَكانُ (¬1) العَقْدِ لا يصْلُحُ للتَّسْليمِ، أو يصْلُحُ لكِنْ لنَقْلِه مُؤْنَةٌ، وجَب ذِكْرُ مَوْضِعِ الوَفاءِ، وإلَّا فلا. انتهى. ولم يذْكُرِ المُقَدَّمَ في المذهبِ. قوله: ويكونُ الوَفاءُ في مَكانِ العَقْدِ -يعْنِي، إذا عقَداه في مَوْضِع يُمْكِنُ الوَفاءُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ شَرَطَ الْوَفَاءَ فِيهِ، كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ شَرَطَهُ فِي غَيرِهِ، صَحَّ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه- فإنْ شرَط الوَفاءَ فيه، كان تأْكيدًا. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يصِحُّ هذا الشَّرْطُ. ذكَرَها القاضي، وأبو الخَطَّابِ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قوله: وإنْ شَرَطَه في غَيرِه، صَحَّ -وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم- وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ أيضًا في «التَّنْبِيهِ». قال في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والسَّبْعِين»: والمَنْصُوصُ فَسادُه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «القواعِدِ». فائدة: يجوزُ له أخْذُه في غيرِ مَوْضِعِ العَقْدِ مِن غيرِ شَرْطٍ، إنْ رَضِيا به، لا

وَلَا يَصِحُّ بَيعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا أَخْذُ غَيرِهِ مَكَانَهُ، وَلَا الْحَوَالةُ بِهِ (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ مع أُجْرَةِ حَمْلِه إليه. قال القاضي: كأخْذِ بدَلِ السَّلَمِ. قوله: ولا يجوزُ بَيعُ المُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وفي «المُبْهِجِ» وغيرِه رِوايَةٌ؛ بأنَّ بَيعَه يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: هو قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ، لكِنْ يكونُ بقَدْرِ القِيمَةِ فقط؛ لئَلَّا يَرْبَحَ فيما لم يَضْمَنْ. قال: وكذا ذكَرَه أحمدُ في بَدَلِ القَرْضِ وغيرِه. فعلى المذهبِ، ¬

(¬1) بعده في النسخة الخطية: «ولَا يَجُوزُ بَيعُ كُلِّ دَينٍ غَيرِ مُسْتَقِرٍّ لِمَنْ هْوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلِغَيرِهِ». ولم نجده في غيرها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في جَوازِ بَيعِ دَينِ الكِتابَةِ، ورَأْسِ مالِ السَّلَمِ بعدَ الفَسْخِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فيهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما في دَينِ الكِتابَةِ، في «الفُروعِ». أمَّا رَأْسُ مالِ السَّلَمِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ بَيعُه بعدَ الفَسْخِ. نصَّ عليه، وعليه أكثر الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، الجَوازَ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ». وأمَّا بَيعُ مالِ الكِتابَة، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ مِنَ البُيوعِ. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ». قوله: ولا هِبَتُه. ظاهِرُه، أنَّه سواءٌ كان لمَن هو في ذِمَّتِه أو لغيرِه. فإنْ كان لغيرِ منَ هو في ذِمَّتِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ، وعليه الأصحابُ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وعنه، يَصِحُّ (¬1). نقَلَها حَرْبٌ، واخْتارَها في «الفائقِ». وهو مُقْتَضَى اخْتِيارِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وإنْ كان لمَن هو في ذِمَّتِه، فظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه، أنَّه لا يصِحُّ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في مَكانٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقد نَبَّه عليه ¬

(¬1) في الأصول: «لا يصح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ في كلامِه في هذا الكِتابِ في بابِ الهِبَةِ، حيثُ قال: وإنْ أبْرَأَ الغَرِيمُ غَرِيمَه مِن دَينِه، أو وهَبَه له، أو أحَلَّه منه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه. فظاهِرُه، إدْخالُ دَينِ السَّلَمِ وغيرِه. وهو كذلك. قال في «الفُروعِ»: ولا يصِحُّ هِبَةُ دَينٍ لغيرِ غَريمٍ. ويأْتِي الكَلامُ هناك بأتَمَّ مِن هذا وأعَمَّ. قوله: ولا أخْذُ غَيرِه مَكانَه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وعنه، يجوزُ أخْذُ الشَّعِيرِ عنِ البُرِّ. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى، وجماعةٌ. وحُمِلَ على أنَّهما جِنْسٌ واحدٌ. وتقدَّم ذلك عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ جاءَه بجِنْسٍ آخَرَ لم يَجُزْ له أخْذُه. قوله: ولا الحَوالةُ به. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يصِحُّ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ؛ تصِحُّ الحَوالةُ على دَينِ السَّلَمِ، وبدَين السَّلَمِ. ويأْتِي ذلك في بابِ الحَوالةِ. فعلى المذهبِ، في صِحَّةِ الحَوالةِ على رَأْسِ مالِ السَّلَمِ وبه بعدَ الفَسْخِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في

وَيَجُوزُ بَيعُ الدَّينِ الْمُسْتَقِرِّ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ في البَيعِ: ولا يصِحُّ التَّصَرُّفُ مِع المَدْيُونِ وغيرِه بحالٍ، في دَينٍ غيرِ مُسْتَقِرٍّ قبلَ قَبْضِه، وكذا رَأْسُ مالِ السَّلَمِ بعدَ فسْخِه مع اسْتِقْرارِه إذَنْ. وقيل: يصِحُّ تصَرُّفُه. انتهى. [والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. قال في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ، على ما يظْهَرُ لي، ومُسْتَنَدُ عُمومِ عِباراتِ الأصحابِ، أو جُمْهورِهم؛ لأنَّ بعضَهم اشْتَرَطَ في الدَّينِ أنْ يكونَ مُسْتَقِرًّا، وبعضَهم يقولُ: يصِحُّ في كلِّ دَينٍ عَدا كذا. ولم يَذْكُرْ هذا في المُسْتَثْنَى، وهذا دَينٌ، فصَحَّتِ الحَوالةُ عليه على العِبارَتَين. انتهى] (¬1). قوله: ويجوزُ بَيعُ الدَّينِ المُسْتَقِرِّ -من عَينٍ وقَرْضٍ ومَهْرٍ بعدَ الدُّخولِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَها وفرَغَتْ مُدَّتُها، وأرْشِ جنايَةٍ، وقِيمَةِ مُتْلَفٍ، ونحو ذلك -لمَن هو في ذِمَّتِه. وهو المذهبُ، وعليه أكثَرُ الأصحابِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وصحَّحَه في «النَّظْمِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، وغيرِهما. وقدّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وقطَع به ابنُ مُنَجَّى، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهما. وعنه، لا يجوزُ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وذكَرَها في «عُيُونِ المَسائلِ» عن صاحبِه أبِي بَكْرٍ، كدَينِ السَّلَمِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ». وتقدَّم الخِلافُ في جَوازِ بَيعِ دَينِ الكِتابَةِ قَرِيبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى، على المذهبِ، إذا كان عليه دَراهِمُ مِن ثَمَنِ مَكيلٍ أو مَوْزُونٍ باعَه منه بالنَّسِيئَةِ، فإنَّه لا يجوزُ أنْ يسْتَبْدِلَ عمَّا في الذِّمَّةِ بما يُشارِكُه المَبِيعُ في عِلَّةِ رِبا الفَضْلِ. نصَّ عليه؛ حَسْمًا لمادَّةِ رِبا النَّسِيئَةِ، كما تقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في آخِرِ كتابِ البَيعِ. ويُسْتَثْنَى أيضًا ما في الذِّمَّةِ مِن رَأْسِ مالِ السَّلَمِ إذا فُسِخَ العَقْدُ، فإنَّه لا يجوزُ الاعْتِياضُ عنه، وإنْ كان مُسْتَقِرًّا، على الصَّحيحِ، كما تقدَّم قَرِيبًا. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ كَلامِ المُصَنِّفِ هنا. فعلى المذهبِ، في أصْلِ المَسْأَلَةِ في جَوازِ رَهْنِه عندَ مَن عليه الحَقُّ له رِوايَتان. ذكَرَهما في «الانْتِصارِ» في المُشاعِ. قلتُ: الأوْلَى الجَوازُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، حيثُ قالُوا: يجوزُ رَهْنُ ما يصِحُّ بَيعُه. قوله: بشَرْطِ أنْ يَقْبِضَ عِوَضَه في المَجْلِسِ. إذا باعَ دَينًا في الذِّمَّةِ مُسْتَقِرًّا لمَن هو في ذِمَّتِه، وقُلْنا بصِحَّتِه، فإنْ كان ممَّا لا يُباعُ به نَسِيئَةً، أو بمَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ، اشْتُرِطَ قَبْضُ عِوَضِه في المَجْلِسِ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان [بغيرِهما ممَّا] (¬1) لا يُشْتَرَطُ فيه التَّقابُضُ، مثْلَ ما لو قال: بِعْتُك الشَّعِيرَ الذي في ذِمَّتِك بمِائَةِ دِرْهَمٍ. أو بهذا العَبْدِ. أو الثَّوْبِ. ونحوه، فجزَم المُصَنِّفُ باشْتِراطِ قَبْضِ العِوَضِ في المَجْلِسِ أيضًا. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ في البُيوعِ. قال في «التَّلْخيصِ»: وليس بشيءٍ. انتهى. والضحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ للصِّحَّةِ قَبْضُ العِوَضِ في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بعدهما فيما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْلِسِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». قوله: ولا يجوزُ لغيرِه. يعْنِي، لا يجوزُ بَيعُ الدَّينِ المُسْتَقِرِّ لغيرِ مَن هو في ذِمَّتِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين»: نصَّ عليه. وقد شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مَسْأَلَةَ بَيعِ الصِّكَاكِ؛ وهي الدُّيونُ الثَّابِتَةُ على النَّاسِ تُكْتَبُ في صِكاكٍ؛ وهو الوَرَقُ ونحوُه. قال في القاعِدَةِ المَذْكُورَةِ: فإنْ كان الدَّينُ نَقْدًا وبِيعَ بنَقْدٍ، لم يَجُزْ، بلا خِلافٍ؛ لأنَّه صَرْفٌ بنَسِيئَةٍ. وإنْ بِيعَ بعَرْضٍ، وقبَضَه في المَجْلِسِ، ففيه رِوايَتان؛ عدَمُ الجَوازِ، قال الإِمامُ أحمدُ: هو غَرَرٌ. والجَوازُ، نصَّ عليها في رِوايَةِ حَرْبٍ، وحَنْبَلٍ، ومحمدِ بنِ الحَكَمِ. انتهى.

وَتَجُوزُ الْإِقَالةُ فِي السَّلَمِ، وَتَجُوزُ فِي بَعْضِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، إِذَا قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَوْ عِوَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتجوزُ الإِقالةُ في السَّلَمِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تجوزُ. ذكَرَها ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الإِقالةِ في المُسْلَمِ فيه، سواءٌ قُلْنا: الإِقالةُ فَسْخٌ أو بَيعٌ. وهو صَحِيحٌ. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: قيلَ: تجوزُ الإِقالةُ فيه على الطَّرِيقَتين، وهي طَرِيقَةُ الأكْثَرِين، ونقَل ابنُ المُنْذِرِ الإِجْماعَ على ذلك. وقيل: إنْ قيلَ: هي فَسْخٌ. صحَّتِ الإِقالةُ فيه. وإنْ قيلَ: هي بَيعٌ. لم يصِحَّ. وهي طَرِيقَةُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، وصاحِبِ «الرَّوْضَةِ»، وابنِ الزَّاغُونِيِّ. انتهى. قلتُ: جزَم بهذه الطَّرِيقَةِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وقدَّمها في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وتقدَّم ذلك في فَوائدِ الإِقالةِ. فائدة: لو قال في دَينِ السَّلَمِ: صالِحْنِي منه على مِثْلِ الثَّمَنِ. فقال القاضي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ، ويكونُ إِقالةً. وقال هو وابنُ عَقِيلٍ: [لا يجوزُ بَيعُ] (¬1) الدَّينِ مِنَ الغَرِيمِ بمِثْلِه؛ لأنَّه نَفْسُ حقِّه. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ (¬2) والثَّلاثين»: فيُخَرَّجُ في المَسْألةِ وَجْهان؟ الْتِفاتًا إلى اللَّفْظِ والمَعْنَى. قوله: وتجوزُ في بعضِه في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، تجوزُ وتصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «العُمْدَةِ». وصحَّحَه في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصول: «التاسعة» خطأ. انظر القواعد 50.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه»، وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تجوزُ ولا تصِحُّ. وصحَّحَه في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قوله: إذا قبَض رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أو عِوَضَه، يعْنِي، إنْ تعَذَّرَ ذلك، في مَجْلِسِ الإِقالةِ. يعْنِي، يُشْترَطُ ذلك في الصِّحَّةِ. وهذا اخْتِيارُ أبِي الخَطّابِ وغيرِه. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقال: صرَّح به أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُسْتوعِبِ». وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ ولا عِوَضِه، إنْ تعَذَّرَ في مَجْلسِ الإِقالةِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: وفي «المُغْنِي»، لا يُشْتَرَطُ في ثَمَنٍ؛ لأنَّه ليس بعِوَضٍ، ويَلْزَمُ ردُّ الثَّمَنِ المَوْجُودِ، فإنْ أخَذ بدَلَه

وَإِنِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِإِقَالةٍ أَوْ غَيرِهَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِنْ غَيرِ جِنْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمَنًا وهو ثَمَنٌ، فصَرْفٌ، وإلَّا فبَيعٌ يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبلَ القَبْضِ. قوله: وإذا انْفَسَخَ العَقْدُ بإقالةٍ أو غيرِها، لم يَجُزْ أنْ يأْخُذَ عنِ الثَّمَنِ عِوَضًا مِن غيرِ جِنْسِه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقيل: يجوزُ مِن غيرِ جِنْسِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: إذا أقاله، رَدَّ الثَّمَنَ إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان باقِيًا، أو مِثْلَه إنْ كان مِثْلِيًّا، أو قِيمَتَه إنْ لم يكُنْ مِثْلِيًّا. فإنْ أرادَ أنْ يُعْطِه عِوَضًا عنه، فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: ليس له صَرْفُ ذلك الثَّمَنِ في عَقْدٍ آخَرَ حتى يَقْبِضَه وقال القاضي أبو يَعْلَى: يجوزُ له أخْذُ العِوَضِ عنه. انتهيا. وقال في «الفائقِ»: يرْجِعُ برَأْسِ المالِ أو عِوَضِه عندَ الفَسْخِ، فإنْ كان مِن غيرِ جِنْسِه، ففي جَوازِه وَجْهان. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إذا تَقايَلا السَّلَمَ، لم يَجُزْ أنْ يَشْتَرِيَ برَأْسِ المالِ شيئًا قبلَ قبْضِه. نصَّ عليه، ولا جَعْلُه في سَلَمٍ آخَرَ. وقال في «المُجَرَّدِ»: فيجوزُ الاعْتِياضُ، حالًّا عنه قبلَ قَبْضِه. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في الإِقالةِ: ويَقْبِضُ الثَّمَنَ أو عِوَضَه مِن غيرِ جِنْسِه في مَجْلِسِ الإِقالةِ. وقيل: متى شاءَ. وقيل: متى انْفَسَخَ بإِقالةٍ أو غيرِها، أخَذ ثَمَنَه (¬1) المَوْجودَ. وقيل: أو بدَلَه مِن جنْسِه. وقيل: أو غيرَه قبلَ التّفَرُّقِ، إنْ كانا رِبَويَّيْن (¬2). وإنْ كان الثَّمَنُ مَعْدُومًا أخَذ قبلَ التَّفَرُّقِ مِثْلَ المِثْلِيِّ. وقيل: أو بدَلَه كغيرِه. وقيل: لا يشْتَرِي بثَمَنِه غيرَه قبلَ قَبْضِه. نصَّ عليه. وقيل: يجوزُ أخْذُ عِوَضِه، ولم يَجُزْ قبلَه، سَلَمًا في شيءٍ آخَرَ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عنه». (¬2) في الأصل، ط: «يومين».

وَإنْ كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ، وَعَلَيهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ، فَقَال لِغَرِيِمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِكَ. فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، وَهَلْ يَقَعُ قَبْضُه لِلْآمِرِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان لرَجُلٍ سَلَمٌ، وعليه سَلَمٌ مِن جِنْسِه، فقال لغَرِيمِه: اقْبِضْ سَلَمِي لنَفْسِك. ففعَلَه، لم يصِحَّ قَبْضُه لنَفْسِه. لأنَّ قَبْضَه لنَفْسِه حَوالةٌ به، والحَوالةُ بالسَّلَمَ لا تجوزُ. قوله: وهل يَقَعُ قَبْضُه للآمِرِ؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يقَعُ قبْضُه للآمِرِ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في

وَإِنْ قَال: اقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ. صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التصْحيحِ»، وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، يقَعُ قَبْضُه للآمِرِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». فعلى المذهبِ، يبْقَى المَقْبوضُ على مِلْكِ المُسْلَمِ إليه. فائدة: لو قال الأوَّلُ للثَّانِي: احْضُرِ اكْتِيالِي منه؛ لأُقَبِّضَه (¬1) لك. ففَعَل، لم يصِحَّ قَبْضُه للثَّانِي، ويكونُ قابِضًا لنَفْسِه، على أوْلَى الوَجْهَين. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: لا يصِحُّ قَبْضُه لنَفْسِه أيضًا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قوله: وإنْ قال: اقْبِضْه لي، ثم اقْبِضْه لنَفْسِك، صَحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لا أقبضه».

وَإِنْ قَال: أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي، وَخُذْهُ بِالْكَيلِ الَّذِى تُشَاهِدُهُ. فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وعنه، لا يصِحُّ. قال في «التَّلْخيصِ»: صارَ مَقْبُوضًا للآمِرِ. وهل يَصِيرُ مَقْبُوضًا له مِن نَفْسِه؟ على وَجهَين. قوله: وإنْ قال: أنا أقْبِضُه لنَفْسِي، وخُذْه بالكَيلِ الذي تُشاهِدُه. فهل يجوزُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، في الرَّهْنِ؛ إحْداهما، يجوزُ ويَصِحُّ، ويكونُ قَبْضًا لنَفْسِه. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ

وَإِنِ اكْتَالهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمِكْيَالِ، وَسَلَّمَهُ إِلَى غَرِيمِهِ، فَقَبَضَهُ، صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوسٍ». والثَّانيةُ، لا يجوزُ ولا يَصِحُّ، ولا يكونُ قَبْضًا لنَفْسِه. صحَّحَه في «النَّظْمِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي. قال في «الفُروعِ»، في بابِ التَّصَرُّفِ في المَبِيعِ: وإنْ قبَضَه جُزافًا لعِلْمِهما قَدْرَه، جازَ، وفي المَكِيلِ رِوايَتان. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ». وذكَر جماعَةٌ في مَن شاهَدَ كَيلَه قبلَ شِرائِه [رِوايتَين في شِرائِه] (¬1) بلا كَيلٍ ثانٍ. وخصَّهما في «التَّلْخيصِ» بالمَجْلِسِ، وإلَّا لم يَجُزْ، وأنَّ المَوْزُونَ مِثْلُه. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، إنْ لم يَحْضُرْ هذا المُشْتَرِي المَكِيلَ، فلا، إلَّا بكَيلٍ. وقال في «الانْتِصارِ»: ويُفْرِغُه في المِكْيالِ، ثم يَكِيلُه. انْتَهى كلامُه في «الفُروعِ». قوله: وإنِ اكْتاله، وترَكَه في المِكْيالِ، وسَلَّمَه إلى غَرِيمِه، فقَبَضَه، صَحَّ القَبْضُ لهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. وانظر الفروع وتصحيحه 4/ 135، 136.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. فوائد؛ منها، لو دفَع إليه كِيسًا، وقال له: اسْتَوْفِ منه قَدْرَ حَقِّك. ففعَل، فهل يصِحُّ؟ على وجْهَين، بِناءً على قَبْضِ المُوَكَّلِ مِن نَفْسِه لنَفْسِه. والمَنْصُوصُ، الصِّحَّةُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ. وهو المذهبُ، ويكونُ الباقِي (¬1) في يَدِه وَدِيعَةً. وعلى عدَمِ الصِّحَّةِ، قَدْرُ حقِّه كالمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْم، والباقِي (2) أمانَةٌ. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ». وتقدَّم ذلك في أحْكامِ القَبْضِ، في آخِرِ بابِ الخِيارِ في البَيعِ. ومنها، لو أَذِنَ لغَرِيمِه في الصَّدَقَةِ، بدَينِه الذي عليه، عنه، أو في صَرْفِه، أو المُضارَبَةِ به (¬2)، لم يصِحَّ، ولم يَبْرَأْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يصِحُّ. بَناه القاضي على شِرائِه مِن نَفْسِه، وبَناه في «النِّهايَةِ» على قَبْضِه مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه. ¬

(¬1) في ط: «الثاني». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيهما رِوايَتان تقَدَّمَتا في أحْكامِ القَبْضِ مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه، وتأْتِي المُضارَبَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ في الشَّرِكَةِ. وكذا الحُكْمُ لو قال: اعْزِلْه وضارِبْ به. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يجْعَلُه مُضارَبَةً إلَّا أنْ يقولَ: ادْفَعْه إلى زَيدٍ، ثُمَّ يدْفَعُه إليك. ومنها، لو قال: تصَدَّقْ عنِّي بكذا. ولم يَقُلْ: مِن دَينِي. صحَّ، وكان إقْراضًا، كما لو قال ذلك لغيرِ غَرِيمِه، ويسْقُطُ مِنَ الدَّينِ بمِقْدارِه للمُقَاصَّةِ (¬1). قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهما. ومنها، مسْألَةُ المُقاصَّةِ، وعادَةُ المُصَنِّفِين؛ بعضُهم يذْكُرُها هنا، وبعضُهم يذكُرُها في أواخِرِ بابِ الحَوالةِ. والمُصَنِّفُ، رَحِمَهُ الله، لم يذْكُرْها رَأسًا، ولكِنْ ذكَر ما يدُلُّ عليها في كِتابِ الصَّداقِ، وهو قوْلُه: وإذا زوَّجَ عبْدَه حُرَّةً، ثم باعَها العَبْدَ بثَمَنٍ في الذِّمَّةِ، تحَوَّلَ صَداقُها أو نِصْفُه، إنْ كان قبلَ الدُّخولِ، إلى ثَمَنِه. فنَقُولُ: مَن ثبَت له على غَرِيمِه مِثْلُ ما له عليه -قَدْرًا وصِفةً، حالًا ومُؤَجَّلًا- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما يتَساقَطان، أو يَسْقُطُ مِنَ الأكْثَرِ قَدْرُ الأقَلِّ مُطْلَقًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» في هذه المَسْأَلَةِ، وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهمِ، بل عليه الأصحابُ. وعنه.، لا يتَساقَطان إلَّا برِضَاهُما. قال في «الفائقِ»: وتتَخرَّجُ الصِّحَّةُ بتراضِيهما، وهو المُخْتارُ. وعنه، يتَساقَطان برِضَى أحَدِهما. وعنه، لا يتَساقَطان مُطْلَقًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «للمفاوضة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في غيرِ دَينِ السَّلَمِ، أمَّا (¬1) إنْ كان الدَّينان أو أحَدُهما دَينَ سَلَمٍ، امْتَنَعَتِ المُقاصَّةُ، قَوْلًا واحدًا. قطَع به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائِق»، وغيرُهم. وقال القاضي أبو الحُسَينِ في «فُروعِه»: وكذلك لو كان الدَّيْنان مِن غيرِ الأثْمانِ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: مَن عليها دَينٌ مِن جِنْسِ واجبِ نفَقَتِها، لم يُحْتَسَبْ به مِع عُسْرَتِها؛ لأنَّ قَضاءَ الدَّينِ فيما فضَل. ومنها، لو كان أحَدُ الدَّينَين حالًّا، والآخرُ مُؤَجَّلًا، لم يَتَساقَطا. ذكَرَه الشِّيرازِيُّ في «المُنْتَخَبِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ في وَطْءِ المُكاتَبَةِ، وذكَرَه المُصَنِّفُ أيضًا، والشَّارِحُ في مَسْألَةِ الظَّفرِ. وفها، لو قال لغَرِيمِه: اسْتَلِفْ (¬2) ألْفًا في ذِمَّتِك في طَعامٍ، ففعَل، ثم أَذنَ له [في قَضائِه بالثَّمَنِ الذي له عليه، فقدِ اشْتَرَى لغيره بمالِ ذلك الغَيرِ، ووَكَّلَه] (¬3) في قَضاءِ دَينِه بما لَه عليه مِنَ الدَّينِ. ومنها، لو قال: أعْطِ فُلانًا كذا. صحَّ، وكان قَرْضًا. وذكَر -في «المَجْموعِ»، و «الوَسِيلَةِ» فيه- رِوايَتَيْ قَضاءِ دَينِ غيرِه بغيرِ إذْنِه. وظاهِرُ «التَّبْصِرَةِ»، يَلْزَمُه إنْ قال: عنِّي. فقط، وإنْ قاله لغيرِ غَرِيمِه، صحَّ إنْ قال: عنِّي. وإلَّا فلا. ونصَر الشَّرِيفُ الصِّحَّةَ، وجزَم به الحَلْوانِيُّ. وفها، لو دفَع لغَرِيمِه نَقْدًا، ثم قال: اشْتَرِ به مالك (¬4) علَيَّ، ثم اقْبِضْه لك. صحَّا. نصَّ عليه. قاله في «الرِّعايَةِ». وإنْ قال: اشْتَرِه لي، ثم اقْبِضْه لنَفْسِكَ. صحَّ الشِّراءُ، ثم إنْ قال: اقْبِضْه لنَفْسِك. لم يصِحَّ قَبْضُه لنَفْسِه. وفي صِحَّةِ قَبْضِه للمُوَكَّلِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لها». (¬2) في الأصل، ط: «أسلف». (¬3) سقط من: الأصل، ط. (¬4) في الأصل، ط: «بمالك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»: صحَّ الشِّراءُ دُونَ القَبْضِ لنَفْسِه. وإنْ قال: اقْبِضْه لي، ثم اقْبِضْه لك. صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ. وإنْ قال: اشْتَرِ به مِثْلَ ما لكَ علَيَّ. لم يصِحَّ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: لم يصِحَّ؛ لأنَّه فُضُولِيٌّ. قال: ويتَوَجَّهُ في صِحَّتِه الرِّوايَتان في التي قبلَها. ومنها، لو أرادَ قَضاءَ دَينٍ عن غيرِه، فلم يَقْبَلْه ربُّه، أو أعْسَرَ بنَفَقَةِ زَوْجَتِه، فبذَلَها أجْنَبِيٌّ، لم يُجْبَرا. وفيه احْتِمالٌ كتَوْكِيلِه، وكتَمْلِيكِه للزَّوْجِ والمَدْيُونِ. ومتى نوَى مَدْيُونٌ وَفاءَ دَينٍ بَرِئَ، وإلَّا فمُتَبَرِّعٌ، وإنْ وَفَّاه حاكِمٌ قَهْرًا، كفَتْ نِيَّتُه إنْ قَضاه مِن مَدْيُونٍ. وفي لُزومِ رَبِّ دَينٍ بنِيَّةِ قَبْضٍ مِنه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ اللُّزومِ. وإنْ ردَّ بدَلَ عَينٍ، فلا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ. ذكَرَه في «الفُنونِ»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ» (¬1). تنبيه: عادَةُ بعضِ المُصَنِّفِين ذِكْرُ مَسْأَلَةِ قَبْضِ أحَدِ الشَّرِيكَين مِنَ الدَّينِ المُشْتَرَكِ، في التَّصَرُّفِ في الدَّينِ؛ منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهما. وذكَرَها في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم، في آخِرِ بابِ الحَوالةِ. وذكَرَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في بابِ الشَّرِكَةِ، فنَذْكُرُها هناك، ونذْكُرُ ما يتَعلَّقُ بها مِنَ الفُروعِ، إنْ شاءَ اللهُ تَعالى. وعادَةُ المُصَنِّفِينَ، أيضًا، ذِكْرُ مَسْأَلَةِ البَراءَةِ مِنَ الدَّينِ، والبَراءَةِ مِنَ المَجْهُولِ هنا، ولم يذكُرْهما المُصَنِّفُ هنا، وذكَر البَراءَةَ مِنَ الدَّينِ في بابِ الهِبَةِ؛ فنَذْكُرُهما، وما يتَعلَّقُ بهما مِنَ الفُروعِ هناك، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. ¬

(¬1) بعدها في الأصل، ط: «التي قبلها».

وَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ جُزَافًا، فَالْقَولُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قبَض المُسْلَمَ فيه جُزافًا، فالقَوْلُ قَوْلُه في قَدْرِه. متى قبَضَه جُزافًا، أو ما هو في حُكْمِ المَقْبُوضِ جُزافًا، أخَذ منه قَدْرَ حقِّه، ويَرُدُّ الباقِيَ، إنْ كان، ويُطالِبُ بالنَّقْصِ، إنْ كان. وهل له أنْ يتَصَرَّفَ في قَدْرِ حقِّه بالكَيلِ قبلَ أنْ يَعْتَبِرَه كلَّه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ التَّصَرُّفُ في قَدْرِ حقِّه منه. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» عندَ كلامِ الخِرَقِيِّ في الصُّبْرَةِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ ولا يصِحُّ. ولو اخْتلَفا في قَدْرِ ما قبَضَه جُزافًا، فالقَوْلُ قوْلُ القابِضِ، بلا نِزاعٍ. لكنْ هل يَدُه يَدُ أمانَةٍ، أو يَضْمَنُه لمالِكِه، لأنَّه قبَضَه على أنَّه عِوَضٌ عمَّا لَه؟ فيه قَوْلان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يَضْمَنُه. ثم إنَّه في «الكافِي» علَّلَ القَوْلَ بجَوازِ التَّصَرُّفِ في قَدْرِ حقِّه، بأنَّه قَدْرُ حقِّه، وقد أخَذَه ودخَل في ضَمانِه. وقال في «التَّلْخيصِ»: لو دفَع إليه كِيسًا، وقال: اتَّزِنْ منه قَدْرَ حَقِّك. لم يكُنْ قابِضًا قَدْرَ حقِّه قبلَ الوَزْنِ، وبعدَه فيه الوَجْهان. وعلى انْتِفاءِ

وَإِنْ قَبَضَهُ كَيلًا، أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّحَّةِ، يكونُ في حُكْمِ المَقْبوضِ للسَّوْمِ، والكِيسُ وبَقِيَّةُ ما فيه، في يَدِه أمانَةٌ، كالوَكيلِ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في ضَمانِ الرَّهْنِ، لو دفَع إليه عَينًا، وقال: خُذْ حقَّك منها. تعَلَّقَ حقُّه بها، ولا يضْمَنُها إذا تَلِفَتْ. قال: ومَن قبَض دَينَه، ثم (¬1) بانَ لا دَينَ له، ضَمِنَه. قال: ولو اشْتَرَى به عَينًا، ثم بانَ لا دَينَ له، بطَل البَيعُ. قوله: وإنْ قبَضَه كَيلًا، أو وَزْنًا، ثم ادَّعَى غَلَطًا، لم يُقْبَلْ قَوْلُه، في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «التّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «الخُلاصَةِ»: لم يُقْبَلْ في الأصحِّ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: لا يُقْبَلُ قَوْلُه في الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والوَجْهُ الثَّاني، يُقْبَلُ قَوْلُه إذا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا. صحَّحَه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «إدْراكِ الغايَةِ». قلتُ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك، مع صِدْقِه وأمانَتِه. فائدة: وكذا حُكْمُ ما قبَضَه مِن مَبِيعٍ غيرِه، أو دَينٍ آخَرَ، كقَرْضٍ وثَمَنِ مَبِيعٍ وغيرِهما، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. قوله: وهل يجوزُ الرَّهْنُ والكَفِيلُ بالمُسْلَمِ فيه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهادِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» في الرَّهْنِ وفي الكَفِيلِ، في بابِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوي الكَبِيرِ» في الكَفيلِ (¬1) في بابِه؛ إحْداهما، لا يجوزُ. وهو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الأصل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وابنُ البَنَّا في «خِصَالِه»، وناظمُ «المُفْرَداتِ». قال في «الخُلاصَةِ»: لا يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ، [وإلَّا كُفِلَ] (¬1) به على الأصحِّ. واخْتارَه أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ، تلْمِيذُ القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وقدَّمه في «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، في هذا البابِ، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «والأصل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ رَزِينٍ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يجوزُ ويصِحُّ. نقَلَها حَنْبَلٌ. وصححَه في «التَّصْحِيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ. وحكَاه القاضي في «رِوايَتَيه» عن أبِي بَكْرٍ. قال الزَرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. قال: وفي تَعْليِله على المذهبِ نظَرٌ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال الآدَمِيُّ (¬1) في «مُنْتَخَبِه»: ويصِحُّ الرَّهْنُ في السَّلَمِ. فعلى المذهبِ، لا يجوزُ الرَّهْنُ برَأْسِ مالِ السَّلَمِ. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) في ط: «الأزجي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وعنه، يجوزُ ويصِحُّ. صححَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في آخِرِ بابِ السَّلَمِ. وقال في بابِ الرَّهْنِ: ويصِحُّ الرَّهْنُ برَأْسِ مالِ السَّلَمِ على الأصَحِّ. قال في «الوَجِيزِ»: ويجوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ والضَّمِينِ في السَّلَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقَرْضِ. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغِيبِ». وحكَى في «الفُروعِ» كلامَ صاحِبِ «التَّرْغِيبِ»، واقْتَصَرَ عليه.

باب القرض

بَابُ القَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَرْضِ فائدتان؛ إحْداهما، يُشْترَطُ في صِحَّةِ القَرْضِ، مَعْرِفَةُ قَدْرِه بمُقَدَّرٍ معْروفٍ، ووَصْفُه. ويأْتِي قَرْضُ الماءِ، وأنْ يكونَ المُقْرِضُ ممَّن يصِحُّ تَبرُّعُه. ويأْتِي، هل للوَلِيِّ أنْ يُقْرِضَ مِن مالِ المُوَلَّى عليه؟ الثَّانيةُ، القَرْضُ عِبارَةٌ عن دَفْعِ مالٍ إلى الغيرِ؛ ليَنْتَفِعَ به ويَرُدَّ بدَلَه. قاله شارِحُ «المُحَرَّرِ».

وَهُوَ مِنَ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إِلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَينٍ يَجُوزُ بَيعُهَا، إلا بَنِي آدَمَ، وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوَهَا، مِمَّا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويصِحُّ في كلِّ عَينٍ يجوزُ بَيعُها، إلا بَنِي آدَمَ، والجَواهِرَ، ونحوَهما، ممَّا لا يصِحُّ السَّلَمُ فيه، في أحَدِ الوَجْهَين فيهما. أمَّا قَرْضُ بَنِي آدَمَ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في صِحَّةِ قَرْضِه وَجْهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا يصِحُّ قَرْضُ آدَمِيٍّ في الأظْهَرِ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ مُطْلَقًا. وقيل: يصِحُّ في العَبْدِ دُونَ الأمَةِ. وهو ضَعِيفٌ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وأطْلَقَهُنَّ في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقيل: يصِحُّ قَرْضُ الأمَةِ [إذا كانتْ غيرَ مُباحَةٍ للمُقْتَرِضِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: يصِحُّ قَرْضُ الأمَةِ] (¬1) لمَحْرَمِها. وجزَم أنَّه لا يصِحُّ لغيرِ مَحْرَمِها. وأمَّا قَرْضُ الجَواهِرِ وغيرِها ممَّا يصِحُّ بَيعُه، ولا يصِحُّ السَّلَمُ فيه؛ فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في صِحَّتِه وَجْهَين، وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَحيزِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». فعليه، يرُدُّ المُقْتَرِضُ القِيمَةَ، على ما يأْتِي. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يصِحُّ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآدَمِيِّ»، و «المَذْهَبِ الأَحْمَدِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايتَين». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». قال في «التَّلْخيصِ»: أصْلُ الوَجْهَين، هل يَرُدُّ في المُتَقَوِّماتِ القِيمَةَ أو المِثْلَ؟ على رِوايتَين تأْتِيان. فائدة: قال في «الفُروعِ»: ومِن شأْنِ القَرْضِ، أنْ يُصادِفَ ذِمَّةً، لا على ما يحْدُثُ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». وفي «المُوجَزِ»، يصِحُّ قَرْضُ حَيوانٍ، وَثْوبٍ لبَيتِ المالِ، ولآحَادِ المُسْلِمِين. [فعلى الأولِ، لا يصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ، كالمَسْجِدِ والقنْطَرَةِ ونحوه، ممَّا لا ذِمَّةَ له] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: ويصِحُّ في كلِّ عَينٍ يجوزُ بَيعُها. أنَّه لا يصِحُّ قَرْضُ المَنافِعِ؛ لأنَّها ليستْ بأعْيانٍ. قال في «الانْتِصارِ»: لا يجوزُ قَرْضُ المَنافِعِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ؛ حيثُ قالُوا: ما صحَّ السَّلَمُ (¬1) ¬

(¬1) في الأصل، ط: «السلف».

وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ بَالْقَبْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، صحّ قَرْضُه، إلَّا ما اسْتَثْنَى. وقال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ قَرْضُ المَنافِعِ، مثْلَ أنْ يحْصُدَ معه يوْمًا، ويحْصُدَ معه الآخرُ يَوْمًا، أو يُسْكِنَه الآخَرُ دارًا ليُسْكِنَه الآخرُ بدَلَها. الثَّانِي، ظاهرُ قوْلِه: ويثْبُتُ المِلْكُ فيه بالقَبْضِ. أنَّه لا يثْبُتُ المِلْكُ فيه قبلَ قَبْضِه. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ المُنَجَّى». قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم: ويملِكُه المُقْتَرِضُ بقَبْضِه. انتهوا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَتِمُّ بقَبُولِه، ويمْلِكُ بقَبْضِه. قال في «الفُروعِ»: ويَتِمُّ بقَبُولِه. قال جماعةٌ: ويُمْلَكُ. وقيل: يثْبُتُ مِلْكُه بقَبْضِه كهِبَةٍ، وله الشِّراءُ مِن مُقْرِضِه. نقَلَه مُهَنَّا. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكرِةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم: ويتِمُّ بالقَبُولِ، ويَمْلِكُ بقَبْضِه. وقال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين»: القَرْضُ (¬1)، والصَّدَقَةُ، والزَّكاةُ، وغيرُها، فيه طَرِيقان؛ إحْداهما، لا يُمْلَكُ إلَّا بالقَبْضِ، رِوايَةً واحدَةً. وهي طَرِيقَةُ «المُجَرَّدِ»، و «المُبْهِجِ». ونصَّ عليه في مَواضِعَ. والثَّانيةُ، لا يُمْلَكُ المُبْهَمُ بدُونِ القَبْضِ. ويُمْلَكُ المُعَيَّنُ (¬2) بالعَقْدِ (¬3). وهي طَرِيقَةُ القاضي في «خِلافِه»، وابنِ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه»، والحَلْوانِيِّ، وابنِه، إلَّا أنَّهما حكَيا في المُعَيَّنِ رِوايتَين. وأمَّا اللُّزومُ (¬4)، فإنْ كانَ مَكِيلًا أو مَوْزونًا، فبكَيلِه أو وَزْنِه، وإنْ كانْ غيرَ ذلك، ففيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: حُكْمُ المَعْدُودِ والمَذْرُوعِ، حُكْمُ المَكِيلِ والمَوْزُونِ. [والصَّحيحُ، أنَّه لا يلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ] (¬5). وجزَم في «التَّلْخيصِ»، أنَّه يجوزُ التَّصَرُّفُ فيه إذا كان مُعَيَّنًا. وكذا جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «المقرض». انظر: القواعد الفقهية 71. (¬2) في الأصل، ط: «العين». انظر: القواعد الفقهية 71. (¬3) في النسخ: «بالقبص». والمثبت كما في القواعد الفقهية، وتصحيح الفروع. (¬4) بياض في: الأصل، ط. (¬5) سقط من: الأصل، ط.

فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ اسْتِرْجَاعَهُ، وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فلا يَمْلِكُ المُقْرِضُ اسْتِرْجاعَه، وله طَلَبُ بَدَلِه. بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ عَلَيهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ، أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ رَدَّه المُقْتَرِضُ عليه، لَزِمَه قَبُولُه. إنْ كان مِثْلِيًّا، لَزِمَه قَبُولُه. بلا نِزاعٍ. وإنْ كان غيرَ مِثْلِيٍّ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنه يلْزَمُه قَبُولُه أيضًا. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»،

أَوْ مُكَسَّرَةً، فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ، فَتَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النظْمِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم الرَّدَّ. وقال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: وأصحابُنا لم يُفَرِّقُوا بينَهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: لا يلْزَمُه قَبُولُه؛ لأنَّ القَرْضَ فيه يُوجِبُ رَدَّ القِيمَةِ، على أحَدِ الوَجْهَين، فإذا ردَّه [بعَينِه، لم] (¬1)، يرُدَّ الواجِبَ عليه. وهذا الوَجْهُ هو الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به ابنُ رَزِينٍ و «الحَاويَين». وقدَّمَه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال شارِحُ «المُحَرَّر»: ولم أجِدْ ما قال في كتابٍ آخَرَ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ له ردَّه، سواءٌ رَخُصَ السِّعْرُ أو غَلا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يلْزَمُه القِيمَةُ إذا رَخُصَ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بعيب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّعْرُ. قوله: ما لم يتَعَيَّبْ، أو يَكُنْ فُلُوسًا، أو مُكَسَّرَةً، فيُحَرِّمَها السُّلْطانُ، فتكونُ له القِيمَةُ. [إذا تَعَيَّبَتْ أو تَغَيَّرَتْ فله القِيمَةُ، وإنْ كانَتْ فُلُوسًا أو مُكَسَّرَةً، فيُحَرِّمَها السُّلْطَانُ] (¬1)، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له القِيمَةَ أيضًا، سواءٌ اتَّفَقَ النَّاسُ على تَرْكِها أو لا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقال القاضي: إنِ اتَّفَقَ النَّاسُ على تركِها، فله القِيمَةُ، وإنْ تَعامَلُوا بها مع تَحْريمَ السُّلْطانِ لها، لَزِمَه أخْذُها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فتَكونُ له القِيمَةُ وَقْتَ القَرْضِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الإِرْشادِ»، و «الهِدايَةِ»، و «والمُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: له القِيمَةُ وَقْت تَحْرِيمِها. قاله أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهو الصَّحيحُ عندِي. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: والخِلافُ فيما إذا كانت ثَمَنًا. وقيل: له القِيمَةُ وَقْتَ الخُصُومَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، قوْلُه: فتَكونُ له القِيمَةُ. اعلمْ أنَّه إذا كان ممَّا يجْرِي فيه الرِّبا، [فإنَّه يُعْطى ممَّا لا يجْرِي فيه الرِّبا] (¬1)؛ فلو أقْرَضَه دَراهِمَ مُكَسَّرَةً، فحَرَّمَها السُّلْطانُ، أُعْطِيَ قِيمَتَها ذهبًا، وعكْسُه بعَكْسِه. صرَّح به في «الإِرْشادِ»، و «المُبْهِجِ». وهو واضِحٌ. قال في «الفُروعِ»: فله القِيمَةُ مِن غيرِ جِنْسِه. الثَّانيةُ، ذكَر ناظِمُ «المُفْرَداتِ» هنا مَسائِلَ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ القَرْضِ، فأحْبَبْتُ أنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أذْكُرَها هنا؛ لعِظَمِ نَفْعِها، وحاجَةِ النَّاسِ إليها، فقال: والنَّقْدُ في المَبِيعِ حيثُ عُيِّنا … وبعدَ ذا كسادُهُ تَبَيَّنا نحوَ الفُلوسِ، ثم لا يُعاملُ … بها، فمنه عندَنا لا يُقْبَلُ بل قِيمةُ الفُلوسِ يومَ العَقْدِ … والقَرْضِ أيضًا، هكذا في الرَّدِّ ومثْلُه مَن رامَ عَوْدَ الثَّمَنِ … برَدِّه المَبِيعَ، خُذْ بالأَحْسَنِ قد ذكَر الأصحابُ ذا في ذِي الصُّوَرْ … والنَّصُّ في القَرْضِ عِيانًا (¬1) قد ظهَرْ والنَّصُّ بالقِيمَةِ في بُطْلانِها … لا في ازْدِيادِ القَدْرِ أو نُقْصانِها بل إنْ غلَتْ فالمِثْلُ فيها أحْرَى … كدانِقٍ عِشْرِين صارَ عشْرًا والشَّيخُ في زِيادَةٍ أو نَقْصِ … مِثْلًا كقَرْضٍ في الغَلا والرُّخْصِ وشَيخُ الاسْلامِ فتَى تَيمِيَّهْ … قال: قِياسُ القَرْضِ عن جَلِيَّهْ الطَّرْدُ في الدُّيونِ كالصَّداقِ … وعِوَضْ في الخُلْعِ والإِعْتاقِ والغَصْبُ والصُّلْحُ عنِ القِصاصِ … ونحوُ ذا طُرًّا بلا اخْتِصاصِ قال: وجا في الدَّينِ نصٌّ مُطْلَقٌ … حرَّرَه الأثْرَمُ؛ إذْ يُحقِّقُ وقوْلُهم: إن الكَسادَ نقْصًا … فذاك نَقْصُ النَّوْعِ عابَتْ رُخْصًا قال: ونقْصُ النَّوْعِ ليس يُعْقَلُ … فيما سِوَى القِيمَةِ، ذا لا يُجْهَلُ وخرَّج القِيمَةَ في المِثْلِيِّ … بنَقْصِ نَوْعٍ ليس بالخَفِيِّ واخْتارَه وقال: عدلَ ماضي … خَوْفَ انتِظارِ السِّعْرِ (¬2) بالتَّقاضِي لحاجَةِ النَّاسِ إلى ذِي المَسْألَهْ … نَظَمْتُها مَبْسُوطَةً مُطَوَّلَهْ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عينًا»، ولا ينتظم بها الوزن. (¬2) في الأصل، ا: «العسر».

وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَحْوهَا، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ رَدُّ المِثْلِ في المَكِيلِ والمَوْزُونِ، والقِيمَةِ في الجَواهِرِ ونحوها. يجِبُ رَدُّ المِثْلِ في المَكيلِ والمَوْزونِ، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو أعْوَزَ المِثْلُ فيهما، لَزِمَه قِيمَتُه يومَ إعْوازِه. ذكَره الأصحابُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولو اقْترَضَ حِنْطَةً، فلم تَكُنْ عندَه وَقْتَ الطَّلَبِ، فرَضِيَ بمِثْلِ كيلِها شَعِيرًا، جازَ، ولا يجوزُ أخْذُ أكثرَ. وأمَّا الجَواهِرُ ونحوُها، فيَجِبُ رَدُّ القِيمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم يَوْمَ قَبْضِه. وقيل: يجِبُ رَدُّ مِثْلِه جِنْسًا وصِفَةً وقِيمَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفيما سِوَى ذلك -يعْنِي في المَذْروعِ والمَعْدودِ، والحَيوانِ ونحوه- وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»؛ أحدُهما، يرُدُّ القِيمَةَ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، و «التَّسْهيلِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ»، و «الرِّعايتَين». والوَجْهُ الثَّانِي، يجِبُ رَدُّ مِثْلِه مِن جِنْسِه بصِفاتِه. وإليه مَيلُه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ كلامِه في «العُمْدَةِ». فعلى الأوَّلِ، يرُدُّ القِيمَةَ يَوْمَ القَرْضِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعلى الثَّانِي، يُعْتَبرُ مِثْلُه في الصِّفاتِ تَقْرِيبًا، فإنْ تعَذَّرَ المِثْلُ، فعليه قِيمَتُه يومَ التَّعَذُّرِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو اقْتَرضَ خُبْزًا أو خَمِيرًا عدَدًا، ورَدَّ عدَدًا بلا قَصْدِ

وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا، وَإِنْ أَجَّلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زِيادَةٍ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وعنه، بل مِثْلُه وَزْنًا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يرُدُّ مِثْلَه عدَدًا -مع تحَرِّي التَّساوى والتَّماثُلِ- بلا وَزْنٍ ولا مُواطَأَةٍ. الثَّانيةُ، يصِحُّ قَرْضُ الماءِ كَيلًا، ويصِحُّ قَرْضُه للسَّقْيِ، إذا قُدِّرَ بأُنُبُوبَةٍ ونحوها. قاله في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وسألَه أبو الصَّقرِ، عن عَينٍ بينَ أقوْامٍ لهم نَوَائِبٌ في أيَّامٍ؛ يقْتَرِضُ الماءَ مِن صاحبِ نَوْبَةِ الخَمِيسِ ليَسْقِيَ به، ويَرُدُّ عليه يومَ السَّبْتِ؟ قال: إذا كان مَحْدُودًا، يُعْرَفُ كم يَخْرُجُ منه، فلا بَأْسَ، وإلَّا أكْرَهُه. قوله: ويَثْبُتُ العِوَضُ (¬1) في الذِّمَّةِ حَالًّا، وإنْ أَجَّلَه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ يُوسُفَ بنِ مُوسى، وأخِيه الحُسَينِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، صِحَّةَ تأْجِيلِه، ولزُومَه إلى أجَلِه، سواءٌ كان قَرْضًا أو غيرَه، وذكَرَه وَجْهًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو مذهبُ مالِكٍ. واللَّيثِ. وذكَرَه البُخارِيُّ في «صَحِيحِه» (¬2) عن بعضِ السَّلَفِ. وقال في ¬

(¬1) في الأصول: «القرض». (¬2) في: باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى أو أجله في البيع، من كتاب الاستقراض. صحيح البخاري 3/ 156.

وَيَجُوزُ شَرطُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ»: وقيل: إنْ كان دَينُه مِن قَرْضٍ أو غَصْبٍ، جازَ تأْجِيلُه، إنْ رَضِيَ. وخرَّج رِوايَةً مِن تأْجِيلِ العارِيَّةِ، ومِن إحْدَى الرِّوايتَين في صِحَّةِ إلْحاقِ الأجَلِ والخِيارِ بعدَ لُزومِ العَقْدِ. فائدة: وكذا الحُكْمُ في كلِّ دَينٍ حَلَّ أجَلُه، لم يَصِرْ مُؤَجَّلًا بتَأْجِيلِه. فعلى المذهبِ، في أصْلِ المَسْألَةِ، يَحْرُمُ التَّأْجِيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وصحَّحه في «الفُروعِ». قال الإِمامُ أحمدُ: القَرْضُ حالٌّ، وَيَنْبَغِي أنْ يَفِيَ بوَعْدِه. وقيل: لا يَحْرُمُ تأْجِيلُه. وهو الصَّوابُ. ويأْتِي آخِرَ البابِ وُجوبُ أداءِ دُيونِ الآدَمِيِّين على الفَوْرِ في الجُمْلَةِ.

وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا؛ نَحْوَ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيرًا مِنْهُ، أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ. وَيَحْتَمِلُ جَوَازُ هَذَا الشَّرْطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ شَرْطُ ما يَجُرُّ نفْعًا، نحوَ أنْ يُسْكِنَه دارَه، أو يقْضِيَه خَيرًا مِنه، أو في بَلَدٍ آخَرَ. أمّا شَرْطُ ما يَجُرُّ نفْعًا، أو أنْ يَقضِيَه خَيرًا منه، فلا خِلافَ في أنَّه لا يجوزُ. وأمَّا إذا شرَط أنْ يَقْضِيَه ببَلَدٍ آخَرَ؛ فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه لا يجوزُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ». قال المُصَنِّفُ هنا: ويحْتَمِلُ جَوازُ هذا الشَّرْطِ. وهو عائدٌ إلى هذه المَسْألَةِ فقط. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. وقطع المُصَنِّفُ والشَّارِحُ -فيما إذا لم يكُنْ لحَمْلِه مُؤْنَةٌ- بالجَوازِ، [وعدَمِه فيما لحَمْلِه مُؤَنَةٌ] (¬1). وأطْلَقهما في [«المُغْنِي»، و «الكافِي»، و] (3) «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ». وعنه، الكراهَةُ إنْ كان لبَيعٍ. وعنه، لا بَأْسَ به على وَجْهِ المَعْرُوفِ. فعلى الأوَّلِ، في فَسادِ العَقْدِ رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيرِ شَرْطٍ، أَوْ قَضَى خَيرًا مِنْهُ، أَوْ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وجزَم ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» بالفَسادِ. قلتُ: الأَوْلَى عدَمُ الفَسادِ. فائدة: لو أرادَ إرْسال نفَقَةٍ إلى أهْلِه، فأَقْرَضَها رَجُلًا ليُوَفِّيَها لهم، جازَ. وقيل: لا يجوزُ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» وغيرِه. قوله: وإِنْ فعَلَه بغيرِ شَرْطٍ، أو (¬1) قضَى خَيرًا منْه -يعْنِي بغيرِ مُواطَأَةٍ، نصَّ ¬

(¬1) بعده في الأصل، ط: «ذكر».

الْوَفَاءِ، جَازَ؛ لأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَرَدَّ خَيرًا مِنْهُ، وَقَال: «خَيرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه -أو أَهْدَى له هَدِيَّةً بعدَ الوَفَاءِ، جازَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: صحَّ على الأصحِّ. وكذا قال في «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». وصحَّحه في الثَّانيَةِ والثَّالِثَةِ في «الفائقِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، فيما إذا فعَلَه بغيرِ شَرْطٍ. وقدَّمه في الجَميعِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن». وعنه، لا يجوزُ. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، فيما إذا أهْدَى له هَدِيَّةً بعدَ الوَفاءِ، أو زادَه. وجزَم الحَلْوَانِيُّ أنْ يأْخُذَ أجْوَدَ مع العادَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو عَلِمَ أنَّ المُقْتَرِضَ يزِيدُه شيئًا على قَرْضِه، فهو كشَرْطِه. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: يجوزُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وفي «الحاوي الكَبِيرِ»، وقالُوا: لأنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ كان مَعْرُوفًا بحُسْنِ الوَفاءِ، فهل يَسُوغُ لأحَدٍ أنْ يقولَ: يُكْرَهُ القَرْضُ له؟ وعلَّلُوه بتَعْليلٍ جيِّدٍ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: إنْ زادَ مَرَّةً في الوَفاءِ، فزِيادَةُ مَرَّةٍ ثانيةٍ مُحَرَّمَةٌ. ذكَرَه في «النَّظْمِ». الثانيةُ، شَرْطُ النَّقْصِ كشَرْطِ الزِّيادَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: يجوزُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجّهُ أنَّه فيما لا رِبًا فيه. قلتُ: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ شرَط في القَرْضِ أنْ يُوَفِّيَه أنْقَصَ، وكان ممَّا يَجْرِي فيه الرِّبا،

وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ، لَمْ يَجُزْ، إلا أنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَينَهُمَا بِهِ قَبْلَ الْقَرْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَجُزْ، وإنْ كان في غيرِه، لم يَجُزْ أيضًا. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وإنْ شرَط التَّوْفِيَةَ أنْقَصَ، وهو ممَّا يَجْرِي فيه الرِّبا، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ. وقيل: لا يجوزُ. فائدة: لو أَقْرَضَ غَرِيمَه ليَرْهَنَه على مالِه، عليه وعلى المُقْرَضِ، ففي صِحَّتِه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال في «الحاوي الكَبِيرِ»: لو قال صاحِبُ الحقِّ: أَعْطِنِي رَهْنا، وأُعْطِيك مالًا تَعْمَلُ فيه وتَقْضِينِي. جازَ. وكذا قال أيضًا في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وجزَم به في مَوْضِعٍ. قوله: وإنْ فعَلَه قبلَ الوَفاءِ، لَمْ يَجُزْ، إلَّا أنْ تَكُونَ العادَةُ جارِيَةً بينَهما قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَرْضِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ. تنبيه: قوْلُه: لم يَجُزْ. يعْنِي، لم يَجُزْ أخْذُه مَجَّانًا. فأمَّا إذا نوَى احْتِسابَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن دَينِه، أو مُكافَأَتَه، جاز. نصَّ عليه. وكذلك الغَرِيمُ؛ فلو اسْتَضافَه، حسَب له ما أكَلَه. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ لا يَحْسُبُ له. [قلتُ: يَنْبَغِي أنْ يُنْظَرَ؛ فإنْ كان له عادَةٌ بإطْعامِ مَن أضافَه، لم يحْسُبْ له] (¬1)، وإلا حسَب. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِه، أنَّه في الدَّعَواتِ كغيرِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو أقْرَضَ لمَن له عليه دَينٌ ليُوَفِّيَه كلَّ وَقْتٍ شيئًا، جازَ. نقلَه مُهَنَّا، وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. ونقَل حَنْبَلٌ، يُكْرَهُ. واخْتارَه في «التَّرْغِيبِ». ومنها، لو أقْرَضَ فَلَّاحَه في شِراءِ بقَرٍ أو بَذْرٍ، بلا شَرْطٍ، حَرُمَ عندَ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. وجوَّزَه المُصَنِّفُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وإنْ أمَرَه ببَذْرِه، وأنَّه في ذِمَّتِه -كالمُعْتادِ في فِعْلِ النَّاسِ- ففاسِدٌ، له تَسْمِيَةُ المِثْلِ، ولو تَلِفَ لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه أمانَةٌ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ومنها، لو أقْرَضَ مَن عليه بُرٌّ؛ يَشْتَرِيه به، ويُوَفِّيه إيَاه، فقال سُفيانُ: مَكْرُوهٌ، أَمْرٌ بَيِّنٌ. قال الإمامُ أحمدُ: حَرُمَ (¬1). وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُكْرَهُ. وقال: وقال في «المُغْنِي»، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «جود».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»: يجوزُ. ومنها، لو جعَل له جُعْلًا على اقْتِراضِه له بجاهِه، صحَّ؛ لأنَّه في مُقابَلةِ ما بذَلَه مِن جَاهِه فقط، ولو جعَل له جُعْلًا على ضَمانِه له، لم يَجُزْ. نصَّ عليهما؛ لأنَّه ضامِنٌ، فيَكونُ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً. ومنَع الأَزَجِيُّ في الأُولَى أيضًا.

وَإِذَا أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا، فَطَالبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ، لَزمَتْهُ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيرَهَا، لَمْ تَلْزَمْهُ. فَإِنْ طَالبَهُ بِالْقِيمَةِ، لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أَقْرَضَه أثْمانًا -وكذا لو غصَبَه أثْمانًا- فطالبَه بها ببَلَدٍ آخَرَ، لَزِمَتْه. مُرادُه، إذا لم يَكُنْ لحَمْلِها على المُقْتَرِضِ مُؤْنَةٌ. فلو أقْرَضَه أثْمانًا كثِيرةً، ولحَمْلِها مُؤْنَةٌ على المُقْتَرِضِ، وقِيمَتُها في بلَدِ القَرْضِ أنْقَصُ، لم يَلْزَمْه، بل يلْزَمُ إذَنْ قِيمَتُه فيه فقط. وقوْلِي: ولحَمْلِها مُؤْنَةٌ. قدَّمه في «الفُروعِ». وأطْلَق أكثرُ الأصحابِ لُزومَ الرَّدِّ في الأثْمانِ، كالمُصَنِّفِ هنا. وصرَّح في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ الأثْمانَ لا مُؤْنَةَ لحَمْلِها. والظَّاهِرُ، أنَّهم أرادُوا في الغالِبِ، والتَّحْقيقُ ما قاله في «الفُروعِ». قوله: وإنْ أَقْرَضَه غيرَها، لم تَلْزَمْه، فإنْ طالبَه بالقِيمَةِ، لَزِمَه أدَاؤُها. ظاهِرُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه سواءٌ كان لحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أو لا؛ أمَّا إنْ كان لحَمْلِه مُؤْنَةٌ، فلا يَلْزَمُه، وإنْ كان ليس لحَمْلِه مُؤْنَةٌ، فظاهِرُ كلامِه، أنَّه لا يَلْزَمُه أيضًا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ الأثْمانِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا، وكلامُه جارٍ على الغالِبِ. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، وجماعةٌ، ما لحَمْلِه مُؤْنَةٌ لا يلْزَمُ المُقْتَرِضَ [بَذْلُه، بل قِيمَتُه] (¬1)، وما ليس له مُؤَنَةٌ يَلْزَمُه. وذكَر صاحِبُ «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم، وقدَّمه في «الفُروعِ»، [لو طلَب المُقْرِضُ مِنَ المُقْتَرِضِ بدَلَه في بَلَدٍ آخَرَ، لَزِمَه، إلا إذا كان لحَمْلِه مُؤْنَةٌ -إذا كان ببَلَدِ القَرْضِ أنْقَصَ قِيمَةً- فلا يلْزَمُه سِوَى قِيمَتِه فيه] (¬2). قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: إنْ لم يكُنْ لحَمْلِه مُؤْنَةٌ، وهو في بَلَدِ القَرْضِ بمِثْلِ ثَمَنِه، أو أعلَى منه في ذلك البَلَدِ، لَزِمَه رَدُّ بدَلِه. وإنْ كان لحَمْلِه مُؤْنَةٌ؛ فإنْ كان في بَلَدِ القَرْضِ أقَلَّ قِيمَةً، لم يجبْ رَدُّ البَدَلِ، ووجَبَتِ القِيمَةُ، وإنْ كان في بَلَدِ القَرْضِ بمِثْلِ قِيمَتِه، أو أكثرَ، أمْكنَه أنْ يَشْتَرِيَ في بَلَدِ المُطالبَةِ مِثْلَها ويَرُدَّها عليه. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بذلها». (¬2) في الأصل، ط: «لو طلب المقرض من المقترض بدله في بلد آخر، أو مما لا لحمله مؤنة إذا كان ببلد القرض أنقص قيمة، فلا يلزمه سوى قيمته فيه». وانظر: الفروع 4/ 207.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، أداءُ دُيونِ الآدَمِيِّين واجِبٌ على الفَوْرِ عندَ المُطالبَةِ. قطَع به الأصحابُ، وبدُونِ المُطالبَةِ لا يجِبُ على الفَوْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: هذا المذهبُ. وقاله أبو المَعالِي، والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، في أوَّلِ الفَلَسِ. قال الشَّيخُ زَينُ الدِّينِ بنِ رَجَبٍ: محَلُّ هذا، إذا لم يَكُنْ عيَّن له وَقْتًا للوَفاءِ، فأمَّا إنْ عيَّن له وقْتًا للوَفاءِ، كيَوْمِ كذا، فلا يَنْبَغِي أنْ يجوزَ تأْخِيرُه؛ لأنَّ تَعْيِينَ الوَفاءِ فيه كالمُطالبَةِ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قلتُ: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ محَلَّ جَوازِ التَّأْخيرِ، إذا كان صاحِبُ المالِ عالِمًا بأنَّه مُسْتَحِقٌّ في ذِمُّتِه الدَّينَ، وأمَّا إذا لم يَكُنْ يعْلَمُ، فيَجِبُ إعْلامُه. انتهى. والوجهُ الثَّانِي، يجِبُ على الفَوْرِ مِن غيرِ مُطالبَةٍ. قاله القاضي في «الجامِعِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، في قَسْمِ الزَّوْجاتِ؛ أنَّه يجِبُ على الفَوْرِ. ذكَرَه محَلَّ وفاقٍ. الثَّانيةُ، لو بذَل المُقْترِضُ للمُقْرِض (¬1) ما عليه مِنَ الدَّينِ في بَلَدٍ آخَرَ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ لحَمْلِه على المُقْرِضِ مُؤْنَةٌ، أو لا، فإنْ كان لحَمْلِه مُؤْنَةٌ، لم يَلْزَمِ المُقْرِضَ أخْذُها، وإنْ لم يكُنْ لحَمْلِه مُؤْنَةٌ، فلا يَخْلُو؛ إما أنْ يكونَ البَلَدُ والطَّرِيقُ آمِنَين أولًا، فإنْ كانا آمِنَين، لَزِمَه أخْذُه. بلا نِزاعٍ. قلتُ: لو قيلَ بعَدَمِ اللُّزومِ لم يكُنْ بعيدًا؛ لأنَّه قد يتَجَدَّدُ (¬2) عدَمُ الأمْنِ، وإنْ كانا غيرَ آمِنَين، لم يَلْزَمْه أخْذُه. الثَّالثةُ، لو بذَل الغاصِبُ بدَلَ المُغْصَوبِ التَّالِفِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «من المقرض». (¬2) في الأصل، ط: «يتخذ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في غيرِ بَلَدِ المَغْصُوبِ منه، فحُكْمُه حكمُ بَذْلِ المُقْتَرِضِ للمُقْرِضِ في بَلَدِه، على ما تقدَّم. وإنْ كان غيرَ تالِفٍ، لم يُجْبَرْ على قَبْضِه مُطْلَقًا، واللهُ أعْلَمُ.

باب الرهن

بَابُ الرَّهْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الرَّهْنِ فوائد؛ إحْداها، الرَّهْنُ عِبارَةٌ عن تَوْثِقَةِ دَينٍ بعَينٍ يُمْكِنُ أخْذُه مِن ثَمَنِها إنْ تعَذَّرَ الوَفاءُ مِن غيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: تَوْثِقَةُ دَينٍ بعَينٍ، أو بدَينٍ، على قَوْلٍ. الثَّانيةُ، المَرْهونُ عِبارَةٌ عن كلُّ عَينٍ جُعِلَتْ وَثِيقَةً بحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفاؤُه منها. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ الرَّهْنُ بدُونِ إيجابٍ وقَبُولٍ، أو ما يَدُلُّ عليهما. قال في «الرِّعايَةِ»، مِن عندِه، وتصِحُّ المُعاطاةُ. الرَّابعةُ، لا بدَّ مِن مَعْرِفَةِ الرَّهْنِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقَدْرِه، وصِفَتِه، وجِنْسِه. قاله في «الرِّعايَةِ». الخامِسَةُ، يصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ على كلِّ دَينٍ واجِبٍ في الجُمْلَةِ، وهنا مَسائلُ فيها خِلافٌ؛ منها، دَينُ السَّلَمِ. وقد تقدَّم الخِلافُ فيه، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ومنها، الأعْيانُ المَضْمونةُ، كالغُصُوبِ، والعَوارِي، والمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، أو في بَيعٍ فاسِدٍ، وفي صِحَّةِ أخْذِ الرَّهْنِ عليها وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال في «الكافِي»: هذا قِياسُ المذهبِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «الفائقِ»: قلتُ: وعليه يُخَرَّجُ الرَّهْنُ على عَوارِي الكُتُبِ للوَقْفِ ونحوها. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ بذلك. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. قلتُ: وهو أَوْلَى. وأمَّا رَهْنُ هذه الأشياءِ، فيَصِحُّ بلا نِزاعٍ. ومنها، الدِّيَةُ التي على العاقِلَةِ قبلَ الحَوْلِ، ففي صِحَّةِ أخْذِ الرَّهْنِ عنها وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يصحُّ. قال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يصحُّ إنْ صحَّ الرَّهْنُ بدَينٍ قبلَ وُجوبِه. وأمَّا بعدَ الحَوْلِ، فيَصِحُّ، قوْلًا واحدًا. ومنها، دَينُ الكِتابَةِ، وفيه وَجْهان، وفي «المُوجَزِ»، رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ» و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ»؛ أحدُهما، لا يصحُّ أخْذُ الرَّهْنِ به. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يصحُّ. وقيل: إنْ جاز أنْ يعْجِزَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُكاتِبُ نفْسُه، لم يصِح، وإلَّا صحُّ. ومنها، هل يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ على الجُعْلِ في الجَعالةِ قبَل العَملِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هذا أوْلَى. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي. وأمَّا بعدَ العَمَلِ، فيَصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ، قوْلًا واحدًا. ومنها، هل يصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ على عِوَضِ المُسابقَةِ؟ فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّها جَعالةٌ، ولم يُعْلَمْ إفْضاؤُها إلى الوُجوبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: فيها وَجْهان؛ هل هي إجارَةٌ، أو جَعالةٌ؟. فإنْ قُلْنا: هي إجارَةٌ. صحَّ أخْذُ الرَّهْنِ بعِوَضِها. وقال القاضي: إنْ لم يكُنْ فيها مُحَلِّلٌ، فهي جَعالةٌ، وإنْ كان فيها مُحَلِّلٌ، فعلى وَجْهَين. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا كلُّه بعيدٌ. ذكَروه في آخِرِ السَّلَمِ. السَّادسةُ، لا يصِحُّ الرَّهْنُ بعُهْدَةِ المَبِيعِ، ولا بعِوَضٍ غيرِ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ، كالثَّمَنِ المُعَيَّنِ، والأُجْرَةِ المُعَيَّنَةَ في الإِجارَةِ، والمَعْقُودِ عليه في الإِجارَةِ، إذا كان مَنافِعَ مُعَيَنَّةَ، مثْلَ إجارَةِ الدَّارِ، والعَبْدِ المُعَيَّنِ، والجَمَلِ المُعَيَّنِ مُدَّةً معْلُومَةً، أو لحَمْلِ شيءٍ مُعَيَّنٍ إلى مَكانٍ مَعْلُومٍ. فأمَّا إنْ وَقعَتِ الإِجارَةُ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ، كخِياطَةِ ثَوْبٍ، وبِنَاءِ دارٍ، ونحو ذلك، صحَّ أخْذُ الرَّهْنِ عليه. السَّابعةُ، يصِحُّ عَقْدُ الرَّهْنِ مِن كلِّ مَن يصِحُّ بَيعُه. قال في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه: وصحَّ تَبَرُّعُه. وفي «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، لوَلِيٍّ رَهْنُه عندَ أمِينٍ لمَصْلَحَةٍ، كحِلِّ دَينٍ عليه. قال في «الرِّعايَةِ»: يصِحُّ ممَّن له بَيعُ مالِه، والتَّبَرُّعُ به، فلا يصِحُّ مِن سَفِيهٍ، ومُفْلِسٍ، ومُكاتَبٍ، وعَبْدٍ -ولو كان مأْذُونًا

وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لهم في تِجارَةٍ- ونحوهم.

لَازِمٌ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، يَجُوزُ عَقْدُهُ مَعَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ، إلا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يجوزُ عَقْدُه مع الحَقِّ وبعدَه - بلا نِزاعٍ - ولا يجوزُ قبلَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يجوزُ قبلَه. وقال: يحْتَمِلُه كلامُ أحمدَ. وأطْلَقَهما في «الحاويَيْن». فائدة: تجوزُ الزِّيادَةُ في الرَّهْنِ، ويَكُونُ حُكْمُها حُكْمَ الأصْلِ، ولا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زِيادَةُ دَينِ الرَّهْنِ؛ لأنَّه رَهْنُ مَرْهُونٍ. قال القاضي وغيرُه: كالزِّيادَةِ في الثَّمَنِ. وهذا المذهبُ فيهما، وقطَع به الأصحابُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: لا يجوزُ تَقْويَةُ (¬1) الرهْنِ بشيءٍ آخَرَ بعدَ عَقْدِ الرَّهْنِ، ولا بَأْسَ بالزِّيادَةِ في الدَّينِ على ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تقومة».

وَيَصِحُّ رَهْنُ كُلِّ عَينٍ يَجُوزُ بَيعُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّهْنِ الأوَّلِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ويأْتِي آخِرَ البابِ، أنَّ المُرْتَهِنَ لو فَدا (¬1) الرَّهْنَ الجانِيَ، وشرَط جَعْلَه رَهْنًا بالفِداءِ مع الدَّينِ الأوَّلِ، هل يصِحُّ أم لا؟ فعلى الصِّحَّةِ، يكونُ كالمُسْتَثْنَى مِن هذه المَسْألَةِ. قوله: ويجوزُ رَهْنُ كُلِّ عَينٍ يجوزُ بَيعُها، إلَّا المُكاتَبَ، إذا قُلْنا: اسْتِدامَةُ القَبْضِ شَرْطٌ. لم يَجُزْ رَهْنُه. يصِحُّ رَهْنُ كلِّ عَينٍ يجوزُ بَيعُها. وهنا مَسائلُ فيها ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قدر»، وبعدها بياض بقدر كلمة.

إلا الْمُكَاتَبَ، إِذَا قُلْنَا: اسْتِدَامَةُ الْقَبْضِ شَرْطٌ. لَمْ يَجُزْ رَهْنُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٌ؛ منها، المُكاتَبُ، ويصِحُّ رَهْنُه إذا قُلْنا: يصِحُّ بَيعُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ صِحَّةُ رَهْنِه. قال في «الرِّعايَةِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يصِحُّ رهْنُه، وإنْ قُلْنا بصِحَّةِ بَيعِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا اشْتَرطْنا اسْتدامَةَ القَبْضِ في الرَّهْنِ. وهو الذي جزَم به المُصَنِّفُ هنا، [وصحَّحه في «المُغْنِي»] (¬1). وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»: ويصِحُّ رَهْنُ المُكاتَب إنْ جازَ بَيعُه، ولم يَلْزَمْ بَقاءُ القَبْضِ. فعلى المذهبِ، يُمَكَّنُ مِنَ الكَسْبِ كما قبلَ الرَّهْنِ، وما أدَّاه، فهو رَهْنٌ معه؛ فإنْ عجَز، ثبَت الرَّهْنُ فيه وفي أكْسَابِه، وإنْ عتَق، كان ما أدَّاه مِن نُجومِه بعدَ عَقْدِ الرَّهْنِ رَهْنًا. ومنها، العَينُ المُؤْجَرَةُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَيَجُوزُ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ إِلَيهِ الْفَسَادُ بِدَينٍ مُؤَجَّلٍ، وَيُبَاعُ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويصِحُّ رَهْنُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يصِحُّ. ومنها، ما قاله المُصَنِّفُ، وهو قوْلُه: ويجوزُ رَهْنُ ما يُسْرِعُ إليه الفَسادُ بدَينٍ مُؤجَّلٍ، ويُباعُ ويُجْعَلُ ثَمَنُه رَهْنًا. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَةِ»،

وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وفيه وَجْهٌ، أنَّه لا يصِحُّ. ذكَرَه القاضي. قوله: ويجوزُ رَهْنُ المُشاعِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وخرَّج عدَمَ الصِّحَّةِ.

ثُمَّ إِنْ رَضِيَ الشَّرِيكُ وَالْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ أحَدِهِمَا أوْ غَيرِهِمَا، جَازَ، وَإنِ اخْتَلَفَا، جَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ أمِين، أمانَةً، أوْ بِأُجْرَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ رَهْنُ حِصَّتِه مِن مُعَيَّن، مثْلَ أن يكونَ له نِصْفُ دار، فيرْهَنَ نصِيبَه مِن بَيتٍ منها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه. وصحَّحه في «الفائقِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يصِحُّ رَهْنُ حِصَّتِه مِن مُعَيَّن مِن شيءٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُه. وهو احْتِمالٌ للقاضي. وجزَم في «التَّلْخِيصِ» لغيرِ الشَّرِيكِ. وأطْلقَهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يصِحُّ رَهْنُ حقِّه مِن بَيتٍ مُعَيَّن مِن داود مُشْتَرَكَةٍ تنْقَسِمُ. وفيه احْتِمالٌ. وإنْ رهَنَه عندَ شَرِيكِه فاحْتِمالان، وإنْ لم تَنْقَسِمْ صحَّ. وقيل: إنْ لَزِمَ الرَّهْنُ بالعَقْدِ صحَّ، وإلَّا فلا. انتهى. والوَجْهان الأوَّلان في بَيعِه أيضًا. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال في «الانْتِصارِ»: لا يصِحُّ بَيعُه. نصَّ عليه. وقطَع في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» بصِحَّةِ بَيعِه. وهو المذهبُ. فعلى المذهبِ، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اقْتَسَما، فوقَع المَرْهُونُ لغيرِ الرَّاهِنِ، فهل يلْزَمُ الرَّاهنَ بدَلهُ، أو رَهْنُه لشَرِيكِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ إلْزامُه ببَدَلِه، أو رَهْنُه لشَرِيكِه. فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما. وقطَع المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، بأن الرَّاهِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَمْنوعٌ مِنَ القِسْمةِ في هذه الصُّورَةِ. قلتُ: فيُعايىَ بها. فائدة: قوْلُه: فإنِ اخْتَلَفا -أي الشَّرِيكُ والمُرْتَهِنُ في كوْنِه في يَدِ أحَدِهما أو غيرِهما- جعَلَه الحَاكِمُ في يَدِ أمين أمانَةً، أو بأُجْرَةٍ. بلا نِزاع. لكِنْ هل للحاكِمِ

وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِه، إلا عَلَى ثَمَنِهِ، فِي أَحَدِ الوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يُؤجِرَه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له إجارَتُه. جزَم به في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. والثاني، لا يجوزُ له. [وهو الصَّوابُ] (¬1). قوله: ويجوزُ رَهْنُ المَبِيعِ غيرِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ قبلَ قبْضِه إلَّا على ثَمَنِه في أحَدِ الوَجْهَين. إذا أرادَ رَهْنَ المَبِيعِ للغيرِ، فلا يخْلُو، إمَّا أن يكونَ قبلَ قَبْضِه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعدَه؛ فإن كان بعدَ قَبْضِه، جازَ، بلا نِزاع. وإنْ كان قبَل قَبْضِه، فلا يخْلُو، إمَّا أن يكونَ مَكِيلًا أو مَوْزنًا، وما يلْحَقُ بهما، مِنَ المَعْدُودِ والمَذْرُوعِ، أو غيرِ ذلك. فإن كان غيرَ هذه الأرْبَعَةِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يرْهَنَه على ثَمَنِه، أو على غيرِ ثَمَنِه، فإن رهَنَه على غيرِ ثَمَنِه، صحَّ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، والمُصَنِّفُ هنا، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، سواءٌ قبَض ثَمَنَه، أو لا. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يصِحُّ قبلَ نَقْدِ ثَمَنِه. [وإنْ رهَنَه على ثَمَنِه] (¬1)، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ كما في صِحَّتِه وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»؛ أحدُهما، يصِحُّ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأمَّا المَكِيلُ والمَوْزونُ، وما يلْحَقُ بهما مِنَ المَعْدودِ والمَذْروعِ قبلَ قَبْضِه؛ فذكَر القاضي (¬1) جَوازَ رَهْنِه. وحكَاه هو، وابنُ عَقِيلٍ عنِ الأصحابِ. قاله في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»: يصِحُّ في أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وجَعَلُوهما كغيرِ المَكِيلِ والمَوْزونِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم؛ لأنَّهم أطْلَقُوا. وقال في «الشَّرْحِ»: ويحْتَمِلُ أن لا يصِحَّ رَهْنُه. قلتُ (¬2): وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل. وجزَم به في «الحاوي الكَبِيرِ»، في أحْكامِ القَبْضِ. وقال في «التَّلْخيصِ»: ذَكر القاضي، وابنُ عَقِيل، في مَوْضِعٍ آخَرَ، إنْ كان الثّمَنُ قد قُبِضَ، صحَّ رَهْنُه، وإلَّا فلا. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، في بابِ التَّصَرُّفِ في المَبِيعِ وتلَفِه، لكِنَّ مَحِلَّهما عندَه، بعدَ قَبْضِ ثَمَنِه. تنبيه: اقْتِصارُ المُصَنِّفِ على المَكِيلِ والمَوْزونِ بِناءً منه على أنَّ غيرَهما ليس مِثْلَهما في الحُكْمِ. وهو رِوايَة. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ، والمُصَنِّفُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «قال».

وَمَا لَا يَجُوزُ بَيعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، إلا الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَ المَعْدودِ والمَذْروعِ، حُكْمُ المَكِيلِ والمَوْزونِ، على ما تقدَّم في آخِرِ الخِيارِ في البَيعِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وأمَّا كَوْنُ رَهْنِ المَكِيلِ والمَوْزونِ قبلَ قَبْضه لا يجوزُ، فمَبْنِيٌّ على الروايَةِ التي اخْتارَها المُصَنِّفُ؛ وهي أنَّ المَنْع مِن بَيعِ المَبِيعِ قبلَ قَبْضه، مُخْتَصٌّ بالمَكِيلِ والمَوْزونِ. وتقدَّم في ذلك أرْبَعُ رِواياتٍ؛ هذه. والثَّانيةُ، مُخْتَصٌّ بالمَبِيعِ غيرِ المُعَيَّنِ، كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ. فعليها، لا يجوزُ رَهْنُ غيرِ المُعَيَّنِ قبل قَبْضه، ويجوزُ رَهْنُ ما عَداه على غيرِ ثَمَنِه، وفي رَهْنِه على ثَمَنِه الخِلافُ. والثَّالثَةُ، المَنْعُ مُخْتَصٌّ بالمَطْعومِ. فعليها، لا يجوزُ رَهْنُه قبلَ قَبْضِه، ويجوزُ رَهْنُ ما عَداه على غيرِ ثَمَنِه، وفي رَهْنِه على ثَمَنِه الخِلافُ. والرَّابعَةُ، المَنْعُ يعُمُّ كلَّ مَبِيع. فعليها، لا يجوزُ رَهْنُ كل مَبِيع قبلَ قَبْضِه على غيرِ ثَمَنِه، وفي رَهْنِه على ثَمَنِه الخِلافُ. فعلى الأوَّلِ، يزولُ الضَّمانُ بالرَّهْنِ على قِياسِ ما إذا رهَن المَغْصُوبَ عندَ غاصِبِه. قاله في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والثَّلاثين». وقد تقدَّم ما يحْصُلُ به القَبْضُ، في آخِرِ بابِ الخِيارِ في البَيعِ، في أوَّل الفَصْلِ الأخيرِ. وتقدّم في أواخِرِ شُروطِ البَيعِ لو باعَه بشَرْطِ رَهْنِه على ثَمَنِه. قوله: وما لا يجوزُ بَيعُه لا يجوزُ رَهْنُه، إلَّا الثَّمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها مِن غيرِ شَرْطِ القَطْعِ -وكذا الزَّرْعُ الأخْضَرُ- في أحَدِ الوَجْهَين فيهما. وأطْلَقَهما في

غَيرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، أحدُهما، يجوزُ. يعْنِي، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وصحّحه في «التَّصحيحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهما. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ. يعْنِي، لا يصِحُّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ رهَنَها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بدَين مُؤجَّل، صحَّ في الأصحِّ، إنْ شرَط القَطْعَ، لا التَّرْكَ. وكذا الخِلافُ إنْ أطْلَقا، فتُباعُ إذَنْ على القَطْعِ -ويكونُ (¬1) الثَّمَنُ رَهْنًا بدَين حال، بشَرْطِ القَطْعِ- صحَّ. وتُباعُ كذلك. انتهى. فائدة: لو رهَنَه الثَّمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بشَرْطِ القَطْعِ، صحَّ. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الحاوي». وتقدَّم كلامُه في «الرِّعايَةِ». ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أو يكون».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن عُمومِ كلامِ المصَنِّفِ، رَهْنُ الأمَةِ دُونَ وَلَدِها، وعكْسُه؛ فإَّنه يصِحُّ ويُباعان؛ حيثُ حَرُمَ التَّفْرِيقُ. جزَم به الأصحابُ. فائدة: متى بِيعا كان مُتَعَلَّقُ المُرْتَّهِنِ ما يخْتَّص المَرْهُونَ منهما مِنَ الثَّمَنِ. وفي قَدْرِه ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أن يُقال: إذا كانتِ الأمُّ المَرْهُونَةَ، كم قِيمَتُها مُفْرَدَة؟ فيُقالُ: مِائَة، ومع الوَلَدِ مِائَة وخمسون. فله ثُلُثا الثَّمَنِ. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». الوَجْهُ الثَّانِي، أن يُقَومَ الوَلَدُ أيضًا مُفْرَدًا، فيُقالُ: كم قِيمَتُه بدُونِ أُمِّه؟ فيُقالُ: عِشْرون. فيكونُ للمُرتَهِنِ خَمْسَةُ أسْداس. الوَجْهُ الثَّالثُ، أن تُقُومَ الأمُّ ولها وَلَدٌ، ويُقَومَ الولَدُ وهو مع أُمِّه، فأنَّ التَّفْريقَ مُمْتَنِعٌ. قال في «التَّلْخيصِ»: وهذا الصحيحُ عندِي، إذا كان المُرْتَهِنُ يعْلَمُ أن لها وَلَدًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ جَوازُ رَهْنِ المُصْحَفِ، إذا قُلْنا: يجوزُ بَيعُه لمُسْلِم. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. نصَّ عليه. صحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «الفُروعَ»: ويصِحُّ في عَينٍ يجوز بَيعُها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والخِلافُ هنا مَبْنِيٌّ على جَوازِ بَيعِه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، لا يصِحُّ. نقَلَه الجماعَة عن أحمدَ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وهو ظاهِرُ ماقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، فإنَّهما ذكَرا حُكْمَ رَهْنِ العَبْدِ المُسْلِمِ لكافِر، [وقدَّما عدَمَ الصِّحَّةِ، وقالا: وكذا المُصْحَفُ إنْ جازَ بَيعُه. وأطلَقَهما في «الفائقِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ صحَّحْنا بَيعَ مُصْحَفٍ مِن مُسْلِمٍ، صحَّ رَهْنُه منه على الأصحِّ. فظاهِرُهم أنَّ لنا رِوايَةً بعدَمِ صِحَّةِ رَهْنِه وإن صحَّحْنا بَيعَه. وأمَّا رَهْنُه على دَين كافِرًا] (¬1) إذا كان بيَدِ مُسْلِم، ففيه وَجْهان، أحدُهما، يصِحُّ. صحّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّاني، لا يصِحُّ، وإنْ صحَّحْنا رَهْنَه عندَ مُسْلِم. وجزَم به في «الفائقِ»، و «الكافي»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فوائد؛ الأولَى، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وأُلحِقَتْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ المُسْلِمِ لِكَافِر، إلا عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ، إِذَا شَرَطَا كَوْنَهُ فِي يَدِ مُسْلِم. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمُصْحَفِ كتُبُ الحَديثِ. يعْنِي، في جَوازِ رَهْنِها بدَينِ كافِر. قال في «الكافي»: وإنْ رُهِنَ المُصْحَفُ، أو كتُبُ الحَديثِ لكافِر، لم يصِحَّ. انتهى. الثَّانيةُ، في جَوازِ القِراءَةِ في المُصْحَفِ لغيرِ رَبِّه بلا إذْنٍ ولا ضَرَرٍ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في هذا البابِ. والثَّاني، يجوزُ. اخْتارَه في «الرِّعايَةِ». وجوَّز الإمامُ أحمدُ القِراءَةَ للمُرْتَهِنِ. وعنه، يُكْرَهُ. ونقَل عبدُ الله، لا يُعْجِبُنِي بلا إذْنِه. الثَّالثةُ، يلْزَمُ رَبِّه بَذْلُه لحاجَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يلْزَمُ مُطْلَقًا. وقيل: لا يلْزَمُ مُطْلَقًا، كغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ذكَر ذلك في «الفُروعِ»، في أوَّلِ كتابِ البَيعِ. وتقدَّم بعْضُ أحْكامِ المُصْحَفِ هناك، وأكثرُها في آخرِ نَواقِضَ الوُضوءِ. قوله: ولا يجوزُ رَهْنُ العَبْدِ المُسْلِمِ لكافِر. هذا أحَدُ الوَجْهَين. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهادِي». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه القاضي. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ إذا شرَطَه في يَدِ عَدْلٍ مُسْلِم. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: اخْتارَه طائِفَةٌ مِن أصحابِنا. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس عن «تَذْكِرَتِه». قال في «المُحَررِ»: ويصِحُّ في كلِّ عَين يجوزُ بَيعُها. وكذا في «التَّلْخيص»، و «الوَجيزِ» (1). قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو المذهبُ، وإنْ كان مُخالِفًا لما أطْلَقْناه. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». فوائد؛ إحْداها، يجوزُ أن يسْتَأجِرَ شيئًا ليَرْهَنَه، وأنْ يَسْتَعِيرَه ليَرْهَنَه بإذْنِ رَبِّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيهما، سواءٌ بيَّن قَدْرَ الدَّينِ لهما أو لا. قاله القاضي. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّم في «الرِّعايَةِ»، لا بدَّ أن يُعَيِّنَ الدَّينَ. ويجوزُ لهما الرُّجوعُ قبلَ إقْباضِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قبلَ العَقْدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: ليس لهما الرُّجوعُ. قدَّمه في «التَّلْخيصِ». قال في «القواعِدِ»، في العارِيَّةِ: قال الأصحابُ: هو لازِمٌ بالنِّسْبَةِ إلى الرَّاهِنِ، والمالِكِ. وأمَّا بعدَ إقْباضِه، فلا يجوزُ لهما الرُّجوعُ، وإنْ جوَّزْناه فيما قبلَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقال في «الانْتِصارِ»: يجوزُ لهما الرُّجوعُ أيضًا. فإن حَلَّ الدَّينُ وبِيعَ، رجَع المُعِيرُ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُؤجِرُ بقِيمَتِه، أو بمِثْلِه إنْ كان مِثْلِيًّا، ولا يرجِعُ [بما باعَه به] (¬1)، سواءٌ زادَ على القِيمَةِ أو نقَص. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائق»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وقيل: يرْجِعُ بأكثْرِهما. اخْتارَه في «التَّرْغِيبِ»، و «التَّلْخيصِ» (¬2). وجزَم به في ¬

(¬1) في الأصل، ا: «ماباعه». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، في بابِ العارِيَّةِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ بِيعَ بأكثرَ منها، رجَع بالزِّيادَةِ في الأصحِّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ. [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: وهو الصَّوابُ قَطعًا. انتهى] (¬1). وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو تَلِفَ المَرْهُونُ، ضَمِنَ المُستَعِيرُ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ في مُسْتَأجِر مِن مُسْتَعِير. الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ أن يرْهَنَ الإنسانُ مال نَفْسِه على دَينِ غيرِه، كما يجوزُ أن يضْمَنَه، وأوْلَى، وهو (¬1) نَظِيرُ إعارَته الرَّهْنَ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قطع».

وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلا بِالْقَبْضِ، وَاستِدَامَتُهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بالقَبْضِ. يعْنِي للمُرْتَهِنِ أو لمَنِ اتَّفَق عليه، فلو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَنابَ المُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ (¬1) في القَبْضِ، لم يصِحَّ. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. فشَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مَسْألتَين؛ إحْداهما، أن يكونَ الرَّهْنُ مَوْصُوفًا غيرَ مُعَيَّن، فلا يلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فعلى. هذا، يكون قبلَ القَبْض جائزًا، ويصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، والقاضي، في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وابنِ عَقِيل، في «التّذْكِرَةِ»، وابنِ عَبْدُوس، أنَّ القَبْضَ شَرْطٌ في صِحَّةِ الرَّهْنِ، وأنَّه قبلَ القَبْضِ غيرُ صَحيح. ويأتِي ذلك. وحمَل المُصَنِّفُ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، والقاضي كلامَ الخِرَقِيِّ على الأوَّلِ. الثَّانيةُ، أن يكونَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا، كالعَبْدِ، والدَّارِ، ونحوهما، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ، كغيرِ المُتَعَيِّنِ. قال في «الكافِي»، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهما: هذا المذهبُ. وجزَم جده في «الوَجيزِ» ¬

(¬1) في الأصل، ط: «والراهن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ، وأبي بَكْر في «التَنْبِيهِ»، وابنِ أبِي مُوسى. ونَصَره أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: ذكَرَه الشَّيخُ وغيرُه المذهبَ. وعنه، أنَّ القَبْضَ ليس بشَرْطٍ في المُتَعَيِّنِ، فيلْزَمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ. نصَّ عليه. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: هذا قَوْلُ أصحابِنا. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. وهو المذهبُ عندَ ابنِ عَقِيل وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». فعليهما، متى امْتنَعَ الرَّاهِنُ مِن تَقْبِيضِه، أُجْبِرَ عليه، كالبَيعِ. وإنْ ردَّه المُرْتَهِنُ على الرَّاهِنِ بعارِيَّةٍ أو غيرِها، ثم طلَبَه، أُجْبِرَ الرَّاهِنُ على ردِّه. وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبوضًا، سواءٌ كان مُعَيَّنًا أو لا. ذكَرَه في «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين»: وصرَّح أبو بَكْرٍ بأنَّ القَبْضَ شَرْطٌ لصِحَّةِ الرَّهْنِ، وأنَّه يبْطُلُ بزَوالِه. وكذلك المَجْدُ في «شَرْحِه»، والشِّيرازِي، وغيرُهما. انتهى. وقد تقدَّم أنَّه ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وغيرِه. فائدة: صِفَةُ قَبْضِ الرَّهْنِ، كقَبْضِ المَبِيعِ، على ما تقدَّم.

فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ إِلَى الرَّاهِن، زَال لُزُومُه، فَإِنْ رَدَّهُ إِلَيهِ، عَادَ اللُّزُومُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن أخْرَجَه المُرْتَهِنُ باخْتِيارِه إلى الرَّاهِنِ، زَال لُزُومُه. ظاهِرُه، سواءٌ أخَذَه الرَّاهِنُ بإذْنِه نِيابَةً أو لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وظاهرُ كلامِ الأصحابِ. وذكَر في «الانْتِصارِ» احْتِمالًا، أنَّه لا يزُولُ لُزومُه إذا أخَذَه الرَّاهِنُ بإذْنِه نِيابَةً. فائدة: لو أجَرَه أو أعارَة للمُرْتَهِنِ أو غيرِه بإذْنِه، فلُزومُه باقٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، اخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهما. قال في «الانْتِصارِ»: هو المذهبُ، كالمُرْتَهِنِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّر». وصحَّحه النَّاظِمُ. وعنه، يزُولُ لُزومُه. نصَرَه القاضي، وقطَع به جماعَة، واخْتارَه أبو بَكْر في «الخِلافِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ أَنَّه لا يصِيرُ مَضْمُونًا مجالٍ. فلو اسْتَأجرَه المُرْتَهِنُ، عادَ اللُّزومُ بمُضِيِّ المُدَّةِ، ولو سكَّنَه بأجْرَتِه بلا إذْنِه، فلا رَهْنَ. نصَّ عليهما. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ أكْراه بإذْنِ الرّاهِنِ، أو له، فإذا رجَع صار رَهْنًا، والكِراءُ للرَّاهِنِ. وقيل: إنْ أعارَه للمُرْتَهِنِ، لم يزُلِ اللُّزومُ، وإلّا زال. وهي طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي». وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وفي المذهبِ قَوْلٌ: إنْ أجَر المُرْتَهِنُ بإذْنِ الرَّاهِنِ، لم يزُلِ اللُّزومُ. وإنْ أجَر الرَّاهِنُ بإذْنِ المُرْتَّهِنِ، زال اللُّزومُ. انتهى. وقال في «الرِّعايَة»: وقيل: إنْ زادَتْ مُدَّةُ الإِجارَةِ على أجَلِ الدينِ، لم يصِحَّ بحالٍ. فائدة: لو رهَنَه شيئًا، ثم أذنَ له في الانْتِفاعِ به، فهل يصِيرُ عارِيَّةً حال الانْتِفاعِ به؟ قال القاضي في «خِلافِه»، وابنُ عَقِيل في «نظرِيَّاتِه» (¬1)، [والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم: يصِيرُ مَضْمُونًا بالانْتِفاعِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ] (¬2) احْتِمالًا، أنَّه يَصِيرُ مَضْمُونًا بمُجَرَّدِ القَبْضِ إذا قبَضَه على هذا الشَّرْطِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا اتَّفَقا على ذلك، فإنِ اخْتلَفا، تعَطَّلَ الرَّهْنُ. على المذهبِ. واخْتارَ في «الرِّعايَةِ»، لا يتَعَطلُ، ويُجْبَرُ مَن أبَى منهما الإِيجارَ. انتهى. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّه إنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ يتَعَطَّلُ الإِيجارُ، وإنِ امْتنَعَ المُرْتَهِنُ لم يتَعَطَّلْ. ¬

(¬1) في ط: «تصرفاته». (¬2) سقط من: الأصل.

وَلَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا، فَتَخَمَّرَ، زَال لُزُومُه، فَإِنْ تَخَلَّلَ، عَادَ لُزُومُهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَعَنْهُ، أنَّ الْقَبْض وَاسْتِدَامَتَهُ فِي الْمُتَعَيِّنِ لَيسَا بِشَرْطٍ، فَمَتَى امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ تَقْبِيضِهِ، أُجْبِرَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واسْتِدامَتُه شَرْطٌ في اللُّزُومِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي، حيثُ قُلْنا: لا يلْزَمُ إلَّا بالقَبْض. وعنه، أنَّ اسْتِدامَتَه في المُتَعَيِّنِ ليسَتْ بشَرْطٍ. واخْتارَه في «الفائقِ». فائدة: لو رهَنَه ما هو في يَدِ المُرْتَهِنِ، ومَضمون عليه؛ كالغُصوبِ، والعَوارِي، والمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ -حيثُ قُلْنا: يُضْمَنُ- والمَقْبوضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعَقْدٍ فاسدٍ، صحَّ الرَّهْنُ، وزال الضَّمانُ، كما لو كان غيرَ مَضْمُونٍ عليه، كالوَديعَةِ (¬1) ونحوها. وظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ لُزومُ الرَّهْنِ بمُجَرَّدِ العَقْدِ، ولا يحْتاجُ إلى أمْر زائدٍ على ذلك. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «كالوثيقة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وهي شَبِيهَةٌ بالهِبَةِ. قال في «الفُروعِ»: فإن رهَنَه ما في يَدِه، ولو غَصْبًا، فكهِبَتِه إيَّاه. وقال القاضي وأصحابُه: لا يصيرُ رَهْنًا حتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَأتَّى قَبْضه فيها. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». فعلى الثَّاني، إنْ كان مَنْقُولًا (¬1)، فبمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ اكْتِيالُه واتِّزانُه فيها. وإنْ كان غيرَ مَنْقُولٍ، فبمُضِيِّ مُدَّةِ التَّخْلِيَةِ. ¬

(¬1) في الأصل: «مقبوضًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان غائبًا، ثم يصِرْ مَقْبُوضًا حتَّى يُوافِيَه هو أو وَكِيلُه، ثم تمْضِيَ مُدَّةٌ يُمْكِنُ قَبْضُه فيها، فلو تَلِفَ قبلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يتَأتَّى قبْضُه فيها، فهو (¬1) كتَلَفِ الرَّهْنِ قبلَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَبْضِه. ثم هل يفْتَقِرُ إلى إذْنِ الرَّاهِنِ في قَبْضِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ». قال في «الفُروعِ»: فإن رهَنَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما في يَدِه، [ولو غَصْبًا] (¬1)، فكهِبَتِه إيَّاه، ويزولُ ضَمانُه. وظاهِرُه أنَّه يلْزَمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ، على المذهبِ، ولا يصِحُّ القَبْضُ إلَّا بإذْنِه، على المذهبِ، كما في الهِبَةِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما يأتي في بابِ الهِبَةَ.

وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ، إلا الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَتُؤخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانهُ. وَعَنْهُ، لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُعْسِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتصَرُّفُ الرَّاهِنِ في الرَّهْنِ لا يصِحُّ، إلَّا بالعِتْق، فإنَّه ينْفُذُ وتُؤخَذُ منه قِيمَتُه رَهْنًا مَكانَه. إذا تصَرَّفَ الرَّاهِنُ في الرَّهْنِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ بالعِتْقِ أو بغيرِه، فإن كان بالعِتْقِ، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أَنَّه ينْفُذُ، وسَواءٌ كان مُوسِرًا أو مُعْسِرًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه في المُعْسِرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المَشْهورُ، والمُخْتارُ مِنَ الرِّواياتِ للأكثرِين. ويحْتَمِلُ أن لا يَنْفُذَ عِتْقُ المُعْسِرِ. وذكَرَه في «المُحَرَّرِ» تخْرِيجًا. وهو رِوايَةٌ من أحمدَ، [وقدَّمه في بعضِ نُسَخِ «المُقْنِعِ» كذلك] (¬1)، اخْتارَها أبو محمدٍ الجَوْزِيِّ. قلتُ: وهو قَويٌّ في النَّظرَ. وطَرِيقَةُ بعضِ الأصحابِ، إنْ كان المُعْتِقُ مُعْسِرًا، اسْتَسْعَى العَبْدَ بقَدْرِ قِيمَتِه تُجْعَلُ رَهْنًا. وقيل: لا يصِحُّ عِتْقُ المُوسِرِ أيضًا. وذكَرَه في «المُبْهِجِ» وغيرِه رِوايةً. واخْتارَه صاحِبُ «المُبْهِجِ». وقال في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: وعنه، لا ينْفُذُ عِتْقُ المُوسِرِ بغيرِه. اخْتارَه شيخُنا. يعْنِي به الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ. فعلى المذهبِ في المُوسِرِ، يُؤخَذُ منه قِيمَتُه رَهْنًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخيَّره أبو بَكْرٍ في «التَّنبِيهِ» بينَ الرُّجوعِ بقِيمَتِه وبينَ أخْذِ عَبْدٍ مِثْلِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى المذهبِ في المُعْسِرِ، متى أيسَرَ بقِيمَتِه قبلَ حُلولِ الدَّينِ، أُخِذَتْ، وجُعِلَتْ رَهْنًا. وأمَّا بعدَ الحُلولِ، فلا فائدَةَ في أخْذِها رَهْنًا، بل يُؤمَرُ بالوَفاءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حيث قُلْنا: يأخُذُ القِيمَةَ. فإنَّها تكونُ وَقتَ العِتْقِ. وحيث قُلْنا: لا ينْفُذُ عِتْقُه. فقال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّه لا ينْفُذُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ (¬1) زَوال الرهْنِ. وفي «الرِّعايَةِ»، احْتِمالٌ بالنُّفوذِ. الثَّانيةُ، يحْرُمُ على الرَّاهِنِ عِتْقُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه لا يحْرُمُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَقَال الْقَاضِي: لَهُ تَزْويجُ الأمَةِ، وَيَمْنَعَ الزَّوْجَ وَطْأها، وَمَهْرُهَا رَهْنٌ مَعَهَا. وَالْأوَّلُ أصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأتِي إذا أقَرَّ بعِتْقِه، أو بَيعِه، أو غيرِهما، في كلامِ المُصَنِّفِ قَرِيبًا. وإنْ كان تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ بغيرِ العِتْقِ، لم يصِحَّ تَصَرُّفُه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهو أصحُّ. وجزم به كثير منهم. وقيل: يصِحُّ وَقْفُه. وقال القاضي، وجماعةٌ: يصِحُّ تَزْويجُ الأمَةِ، ويُمْنَعُ الزَّوْجُ مِن وَطْئِها، ومَهْرُها رَهْنٌ معَها. وقاله أبو بَكْر، وذكَرَه عن أحمدَ. واخْتارَه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوس كما في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما في «التَّلْخِيصِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، يصِحُّ بَيعُ الرَّاهِنِ، ويلْزَمُه، ويقِفُ لُزومُه في حقِّ المُرْتَّهِنِ، كبَيعِ الخِيارِ. وتقدَّم في كتابِ الزَّكاةِ حُكْمُ إخْراجِها مِنَ المَرْهُونِ.

وَإنْ وَطِئ الْجَارِيَةَ، فَأولَدَهَا، خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ، وَأخِذَتْ مِنْهُ قِيمَتُهَا، فَجُعِلَتْ رَهْنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئ الجارِيَةَ فأوْلَدَها، خرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزرْكَشِيُّ: وعامَّةُ الأصحابِ يجْزِمُون بذلك، بخِلافِ العِتْقِ؛ لأنَّ الفِعْلَ أوْلَى مِنَ القَوْلِ، بدَليلِ نفُوذِ إيلادِ المَجْنُونِ دُونَ عِتْقِه. وظاهِرُ كلامِه في «التلْخيصِ»، إجْراءُ الخِلافِ فيه، فإنَّه قال: والاسْتِيلادُ مُرَتَّب على العِتْقِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأوْلَى بالنُّفوذِ؛ لأنَّه فِعْل. انتهى. فائدة: للراهِنِ الوَطْءُ بشَرْطٍ. ذكَرَه في «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُنْتَخَبِ». نقَلَه في «الفُروعِ»، في الكِتابَةِ. قوله: وأخِذَتْ منه قِيمَتُها، فجُعِلَتْ رَهْنًا. وهذا بلا نِزاع. وأكثرُ الأصحابِ قالُوا كما قال المُصَنِّفُ. وقال بعضُهم: يتَأخَّرُ الضَمانُ حتَّى تضَعَ، فتلْزَمَه قِيمَتُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يومَ أحْبَلَها. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والثَّمانِين». فائدة: له غَرْسُ الأرْضِ إذا كان الدَّينُ مُؤجَّلًا، في أصحِّ الاحْتِمالين. وأطْلَقَهما في «الفُروع». ولا يُمْنَعُ مِن سَقْي شَجَرٍ وتَلْقِيحٍ، وإنْزاءِ فَحل على إناثٍ مَرْهُونَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُذْهَبِ». وقدَّمه في «التبصِرَةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُمْنَعُ. ولا يُمْنَعُ مِن مُداواةٍ وفَصْدٍ ونحوه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بل مِن قَطْعِ سِلْعَةٍ فيها خطَر. ويُمْنَعُ مِن خِتانِه إلَّا مع دَيْنٍ مُؤجَّل يبْرأ قبلَ أجَلِه.

وَإنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لَهُ فِي بَيعِ الرَّهْنِ، أوْ هِبَتِهِ، وَنَحْو ذَلِكَ، فَفَعَلَ، صَحَّ، وَبَطَلَ الرَّهْنُ، إلا أن يَأذَنَ لَهُ فِي بَيعِهِ بِشَرْطِ أن ـــــــــــــــــــــــــــــ وللمُرْتَهِنِ مداواةُ ما فيه للمَصْلَحَةِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. قوله: وإنْ أذِنَ المُرْتَهِنُ له في بَيعِ الرَّهْنِ، أو هِبَتِه، ونحو ذلك، ففَعَل،

يَجْعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا، أَوْ يُعَجِّلَ دَينَهُ كانْ ثَمَنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صَحَّ وبطَل الرَّهْنُ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ، إلَّا أن يأذَنَ له في بَيعِه، بشَرْطِ أن يجْعَلَ ثَمَنَه رَهْنًا، فهذا الشرْطُ صحيحٌ، ويصِيرُ رَهْنًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: صحَّ وصارَ ثَمَنُه رَهْنًا في الأصحِّ. وذكَر الشَّيخُ صِحَّةَ الشرْطِ، وذكَرَه في «التَّرْغِيبِ»، وأنَّ الثَّوابَ في الهِبَةِ كذلك. انتهى. وقيل: يبْطُلُ الرَّهْنُ. فوائد؛ الأولَى، يجوزُ للمُرْتَهِنِ الرُّجوعُ في كلِّ تَصَرُّفٍ أذِنَ فيه، بلا نِزاع؛ فلو ادَّعَى أنَّه رجَع قبلَ البَيعِ، فهل يُقبَلُ قوْلُه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قوْلُه. اخْتارَه القاضي، واقْتَصرَ عليه في «المُغْنِي». والثانِي، لا يُقْبَلُ قوْلُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، لو ثبَت رُجوعُه، وتصَرَّفَ الرَّاهِنُ جاهِلًا رُجوعَه، فهل يصِحُّ تصَرُّفُه؟ على وَجْهَينِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي». وقالا: بِناءً على تصرُّفِ الوَكِيلِ بعدَ عَزْلِه قبلَ عِلْمِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ هناك، أنَّه ينْعَزِلُ، كما يأتي، فكذا هُنا. فلا يصِحُّ تَصرُّفُه هنا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ أيضًا. الثَّالثةُ، لو باعَه الرَّاهِنُ بإذْنِ المُرْتَّهِنِ، بعدَ أن حلَّ الدَّينُ، صحَّ البَيعُ، وصارَ ثَمَنُه رَهْنًا، بمَعْنَى أنَّه يأخُذ الدَّينَ منه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: صحَّ، وصارَ رَهْنًا في الأصحِّ. وقيل: لا يبْقَى ثَمَنُه رَهْنًا لو كان الدَّينُ غيرَ حال. ولم يُشْترَطْ جَعْلُ ثَمَنِه رَهْنًا مَكانَه، بل فيه الأمْران، فهل يبْقَى ثَمَنُه رَهْنًا، أو يبْطُلُ الرَّهْنُ؟ فيه وَجْهان. أطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، يبْقَى ثَمَنُه رَهْنًا. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى». والثّاني، يبْطُلُ الرَّهْنُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وهو ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به الشَّارِحُ. قلتُ: وهو المذهبُ. قوله: أو بشَرْطِ أن يجْعَلَ دَينَه مِن ثَمَنِه. إذا باعَه بإذْنِه بشَرْطِ أن يُعَجِّلَ له دَينَه المُؤجَّلَ مِن ثَمَنِه، صحَّ البَيعُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: لا يصِحُّ البَيعُ، والرَّهْنُ بحالِه. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفَائقِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، [وعَزاه المَجْدُ في «شَرْحِه» إلى القاضي في «رُءوس المَسائلِ». قال: ونصَرَه. قال: وهو أصحُّ عندِي] (¬1). قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: ولم أجِدْ أحدًا مِنَ الأصحابِ وافَقَ المُصَنِّفَ على ما حكاه هنا. قال في «الفُروعِ»: وكلُّ شَرْطٍ لم يقْتَضِه العَقْدُ أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَنَمَاءُ الرَّهنِ، وَكَسْبُهُ، وَأرْش الْجِنَايَةِ عَلَيهِ، مِنَ الرَّهْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نافاه، فهو فاسِدٌ، وفي العَقْدِ رِوايَتا البَيعِ. وأمَّا شَرْطُ التَّعْجيلِ؛ فيَلْغُو، قوْلًا واحدًا. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم: يصِح الشَّرْطُ. وجزَم به الشَّارِحُ. فعلى المذهبِ، هل يكونُ الثَّمَنُ رَهْنًا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائق»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يكونُ رَهْنًا. قلتُ: وهو أوْلَى. [ثم وجَدْتُه صحَّحه في «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»، وقال: قال المُصَنفُ في «شَرْحِه»، يعْنِي به المَجْدَ: يصِح البَيعُ، ويَلْغُو شَرْطُ التَّعْجِيلِ، لكِنَّه يُفِيدُ بَقاءَ كَوْنِه رَهْنًا. وعلى هذا يُحْمَلُ كلامُ أبِي الخَطَّابِ. انتهى] (1). والثَّاني، لا يكونُ رَهْنًا. [قال شارِحُ «المُحَررِ»: الوَجْهان هنا كالوَجْهَين في المَسْألةِ السَّابِقَةِ. انتهى. فيكون الصَّحيحُ لا يكونُ رَهْنًا] (¬1). قوله: ونَماءُ الرَّهْنِ، وكَسْبُه، مِنَ الرَّهْنِ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثر الأصحابِ. وجزَم به كثير منهم. وفي الصُّوفِ واللَّبَنِ ووَرَقِ الشَّجَرِ المَقْصودِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهٌ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُصولِ»، أنَّه ليس مِنَ الرَّهْنِ. قال في «القَواعِدِ»: وهو جَيِّدٌ. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ عدَمُ تَبَعِيَّةِ كَسْبِ الرَّهْنِ ونَمائِه، وأرْشُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِنايَةِ عليه. انتهى. وكوْنُ الكَسْبِ مِنَ الرَّهْنِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قوله: وأرْشُ الجِنايَةِ عليه، مِنَ الرَّهْنِ. سواء كانتِ الجِنايَةُ عليه عَمْدًا أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَطَأً، لكِنْ إنْ كانتْ عَمدًا، فهل لسَيِّدِه القِصاصُ أم لا؟ وإذا قبَض، فهل عليه القِيمَةُ أم لا يَلْزَمُه شيءٌ؟ يأتِي ذلك كله في كلامَ المُصَنفِ، في آخِرِ البابِ.

وَمُؤنَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وكَفَنُهُ إِنْ مَاتَ، وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ إِنْ كَانَ مَخزُونًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قوْلُه: ومُؤنته على الرَّاهِنِ، وكَفَنُه إنْ ماتَ، وأجرَةُ مَخْزَنِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كان مَخْزُونًا. بلا نِزاع. لكِنْ إنْ تَعذَّرَ الأخْذُ مِنَ الرَّاهِنِ، بِيعَ بقَدْرِ الحاجَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن خِيفَ اسْتِغْراقُه، بيعَ كله.

وَهُوَ أمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، إِنْ تَلِفَ بِغَيرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ مِنْ دَينهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قوْلُه: وهو أمَانَة في يَدِ المُرْتَّهِنِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولو قبلَ العَقْدِ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ كبَعْدِ الوَفاءِ، ونقَل أبو طالب،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا ضاعَ الرَّهْنُ عندَ المُرْتَّهِنِ، لَزِمَه. وظاهِرُه، لُزومُ الضَّمانِ مُطْلَقًا. وتأوَّلَه القاضي على التَّعَدِّي، وهو الصَّوابُ. وأبَى ذلك ابنُ عَقِيل، جَرْيًا على الظَّاهِرِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وإنْ تعَدَّى فيه، فحُكْمُه حكمُ الوَدِيعَةِ، على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يأتِي. لكِنْ في بَقاءِ الرَّهْنِيَّةِ وَجْهان؛ لأنَّها تجْمَعُ أمانَةً واسْتِيثاقًا. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وكثيرِ مِنَ الأصحابِ، بَقاءُ الرَّهْنِيَّةِ، وهو الصَّوابُ. ثم وجَدْتُه قال في «القَواعِدِ». لو تعدَّى المُرْتَهِنُ فيه، زال ائتمانُه، وبَقِيَ مَضْمونًا عليه، ولم تَبْطُلْ تَوْثِقَتُه. وحكَى ابنُ عَقِيل في «نظرَيَّاتِه» احْتِمالًا ببُطْلانِ الرّهْنِ. وفيه بُعْدٌ؛ لأنَّه عَقْدٌ لازِمٌ، وحقُّ

وَإن تَلِفَ بَعْضُهُ، فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيع الدَّين. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُرْتَّهِنِ على الرَّاهِنِ. الثَّالثةُ، قوْلُه: وإنْ تَلِفَ بغَيرِ تَعَدٍّ منه، فلا شَيءَ عليه. بلا نِزاعٍ. وكذا لو تَلِفَ عندَ العَدْلِ، ويُقْبَلُ قَوْلُه. وإنِ ادَّعَى تلَفَه بحادِثٍ ظاهِر، وشَهِدَتْ بَيِّنةٌ بالحادِثِ، قُبِلَ قوْلُه فيه أيضًا. الرَّابعةُ، قوْلُه: ولا يسْقُطُ بهلَاكِه شَيءٌ مِنَ الدَّين. بلا نِزاع. نصَّ عليه، كدَفْعِ عَبْدٍ يبيعُه، ويأخُذُ حقَّه مِن ثَمَنِه، فيتْلَفُ، وكحبسِ عَينٍ مَوْجودَةٍ بعدَ الفَسْخِ على الأُجْرَةِ فتتْلَفُ، فلا يسْقُطُ ما عليه بسَبَبِ ذلك، بخِلافِ حَبْسِ البائعِ المَبِيعَ المُتَمَيِّزَ على ثَمَنهِ، فإنَّه يسْقُطُ بتَلَفِه. على إحْدَى الرِّوايتَين؛ لأنَّه عِوَض، والرَّهْنُ ليس بعِوَض للدَّينِ. قوله: وإنْ تَلِفَ بعضُه، فبَاقِيه رَهْنٌ بجَمِيعِ الدَّينِ. بلا نِزاع في الجُمْلَةِ. لكِنْ لو رهَن شَيئَين بحَقٍّ، فتَلِفَ أحدُهما، فالآخَرُ رَهْنٌ بجَميعِ الحَقِّ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الحاويَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: بل يُقَسِّطُه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: سواءٌ اتَّحَدَ (¬1) الرَّاهِنُ والمُرْتَهِنُ، أو تعَدَّدَ أحدُهما. ¬

(¬1) في ط: «اتخذ».

وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا ينْفَكُّ شَيءٌ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّينِ. بلا نِزاعٍ. حتَّى لو قضَى أحدُ الوَارِثِين ما يخُصُّه مِنَ دَين برَهْن.

وَإنْ رَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلَينِ، فَوَفَّى أحدَهُمَا، انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رهَنَه عندَ رَجُلَين، فوَفَّى أحَدَهما، انْفكَّ في نَصِيبِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: لا ينْفَكُّ. قال أبو الخَطَّابِ، في مَن رهَن عَبْدَه عندَ رَجُلَين، فوَفَّى أحدَهما: يبْقَى جَمِيعُه رَهْنًا عندَ الآخَرِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وكلامُه مَحْمُولٌ على أنَّه ليس للرَّاهِنِ مُقاسَمَةُ المُرْتَهِن

وَإنْ رَهَنَهُ رَجُلَانِ شَيئًا، فَوَفَّاهُ أحَدُهُمَا، انْفَكَّ في نَصِيبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لما عليه مِنَ الضَّرَرِ، لا بمَعْنَى أنَّ العَينَ كلَّها تكونُ رَهْنًا؛ إذْ لا يجوزُ أن يُقال: إنَّه رهَن نِصْفَ العَبْدِ عندَ رَجُل، فصارَ جَمِيعُه رَهْنًا. انتهى. والمَسْألةُ التي ذكَرَها، وهي ما إذا رهَن جُزْءًا مُشاعًا، وكان في المُقاسَمَةِ ضَرَرٌ على المُرْتَّهِنِ، بمَعْنَى أنَّه ينْقُصُ قِيمَةَ الثَّانِي، فإنَّه يَمْنَعُ الرَّاهِنَ قِسْمَتَه، ويُقَرُّ جَميعُه بيَدِ المُرْتَّهِنِ؛ البعضُ رَهْنٌ، والبعضُ أمانَةٌ. قوله: وإنْ رهَنَه رَجُلَان شَيئًا، فوَفَّاه أحَدُهما، انْفَكَّ في نَصِيبِه. وهذا المذهبُ أيضًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يَنْفَكُّ. ونقَلَه مُهَنَّا. قال في «القاعِدَةِ الثالِثَةَ عَشَرَ (¬1) بعدَ المائَةِ»: إذا رهَنَ اثْنان عَينَين، أو عَينًا لهما صَفْقَةً واحدَة على دَينٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له عليهما، مثلَ أن يَرْهَناه دارًا لهما على ألْفِ دِرْهَم له عليهما، نصَّ أحمدُ، في رِوايَةِ مُهَنَّا، على أنَّ أحدَهما إذا قضَى ما عليه، ولم يَقْضِ الآخَرُ، أنَّ الدَّارَ رَهْنٌ على ما بَقِيَ. فظاهِرُ هذا، أنَّه جعَل نصِيبَ كلِّ واحدٍ رَهْنًا بجَمِيعِ الحَقِّ، تَوْزِيعًا للمُفْرَدِ على الْجُملَةِ، لا على المُفْرَدِ. وبذلك جزَم أبو بَكْر في «التَّنبِيهِ»، وابنُ أبِي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ، وهو المذهبُ عندَ صاحبِ «التَّلْخيصِ». قال القاضي: هذا بِناءً على الرَّوايَةِ التي تقولُ: إنَّ عَقْدَ الاثنَين مع الواحِدِ في حُكْمِ الصَّفْقَةِ الواحِدَةِ. أمَّا إذا قُلْنا بالمذهبِ الصَّحيحِ: إنَّهما في حُكْمِ عَقْدَين. كان نَصِيبُ كل واحدٍ مَرْهُونًا بنِصْفِ الدَّينِ. انتهى. فائدة: لو قضَى بعضَ دَينه، أو أبرِئ منه، وببعضِه رَهْنٌ أو كَفِيلٌ، كان (¬1) عن ما نواه الدَّافِعُ أو المُشْتَرِي مِنَ القِسمَين، والقَوْلُ قوْلُه في النِّيَّةِ، بلا نِزاع، فإن أطْلَقَ، ولم يَنْو شيئًا، صرَفَه إلى أيُّهما شاءَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يُوَزَّعُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإذَا حَلَّ الدَّينُ، وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ أذِنَ لِلْمُرْتَهِن أوْ لِلْعَدْلِ فِىِ بَيعِهِ، بَاعَه، وَوَفَّى الدَّينَ، وَإلَّا رَفَعَ الْأمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، فيُجْبِرُهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّينِ أَوْ بَيعِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بَاعَهُ الحَاكِمُ، وَقَضَى دَينَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَهما بالحِصَصِ. وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ». قوله: وإذا حَلَّ الدَّينُ، وامتَنَعَ مِن وَفائِه، فإنْ كانَ الرَّاهِنُ أذنَ للمُرْتَهِنِ أو للعَدْلِ في بَيعِه، باعه ووَفَّى الدَّينَ. بلا نِزاع. لكنْ لو باعَه العَدْلُ: اشْتُرِطَ إذْنُ المُرْتَّهِنِ، ولا يَحْتاجُ إلى تَجْديدِ إذْنِ الرَّاهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: يجوزُ إذْنُ العَدْلِ، أو المُرْتَّهِنِ ببَيعِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، كأصْلِه بالإِذْنِ الأوَّلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، واقْتَصرَ عليه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وقيل: لا يصِحُّ إلَّا بإِذْنٍ مُتَجَدِّدٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»] (¬1). قوله: وإلَّا رفَع الأمْرَ إلى الحَاكِمِ. يعْنِي، إذا امْتَنعَ الرَّاهنُ مِن وَفاءِ الدَّينِ، ولم يكُنْ أذِنَ في بَيعِه، أو كانَ أذِنَ فيه، ثم عزَلَه، وقُلْنا: يصِحُّ عزْلُه. وهو الصحيحُ، على ما يأتي قرِيبًا في كلام المُصَنِّفِ. فإن الأمْرَ يُرْفعُ إلى الحاكمِ، فيُجْبِرُه على وَفاءِ دَينه، أو بَيعِ الرَّهْنِ. وهو الصَّحيحُ، مِنَ المذهبِ (¬2)، وعليه. أكثرُ الأصحابِ. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: الحاكِمُ مُخَيَّرٌ؛ إنْ شاءَ أجْبَرَه على البَيعِ، وإنْ شاءَ باعَه عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: فإن لم يَفْعَلْ، بَاعَه الحَاكِمُ عليه، وقضَى دَينَه. قال الأصحابُ: فإنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «الأصحاب».

فَصْلٌ: وَإذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ جَعْلَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، صَحَّ، وَقَامَ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ امْتنَعَ مِنَ الوَفاءِ، أو مِنَ الإذْنِ في البَيعِ، حبَسَه الحاكِمُ أو عزَّرَه، فإن أصَرَّ، باعَه. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ. قوله: وإنْ شرَط في الرَّهْنِ جعْلَه على يَد عَدْلٍ، صَحَّ، وقامَ قَبْضُه مَقامَ قَبْضِ المُرْتَّهِنِ. بلا نِزاعٍ. فظاهِرُ كلامِه. أنَّه لا يصِحُّ اسْتِنابَةُ المُرْتَّهِنِ للرَّاهِنِ في القَبْضِ. وهو كذلك، صرَّح به في «التَّلْخيصِ». وعَبْدُه وأُمُّ وَلَدِه كهو، لكِن

وَإنْ شَرَطَ جَعْلَهُ فِي يَدِ اثْنَينِ، لَمْ يَكُنْ لِأحَدِهِمَا الانْفِرَادُ بِحِفْظِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ اسْتِنابَةُ مُكاتَبِه وعَبْدِه المَأذُونِ له، في أصحِّ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، لا يصِحُّ، إلَّا أن يكونَ عليه دَيْنٌ.

وَلَيسَ لِلرَّاهِن وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ إِذَا لَمْ يتَّفِقَا، وَلَا لِلْحَاكِمِ نَقْلُهُ عَنْ يَدِ الْعَدْلِ، إلَّا أن يَتَغَيَّرَ حَالُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَهُ رَدُّهُ إِلَيهِمَا، وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ إلَى أحَدِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ، فَعَلَيهِ رَدُّهُ إِلَى يَدِهِ، فَإن لَمْ يَفْعَلْ، ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإذا أذِنَا لَهُ فِي الْبَيعِ، لَمْ يَبعْ إلَّا بنَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ، بَاعَ بجِنْسِ الدَّينِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جنْسُ الدَّينِ، بَاعَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَصْلحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أذِنا له في البَيعِ، لم يبعْ إلَّا بنَقْدِ البَلَدِ، فإن كان فيه نُقُود باعَ بجِنْسِ الدَّينِ، فإن لم يَكُنْ فيها جِنْسُ الدَّينِ، باعَ بما يَرَى أنَّه أصْلَحُ. إذا أذِنا للعَدْلِ، أو أذِنَ الراهِنُ للمُرْتَهِنِ في البَيعِ، فلا يَخْلُو، إمَّا أن يُعَيِّنَ نَقْدًا، أو يُطْلِقَ، فإن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عيَّن نَقْدًا، لم يجُزْ بَيعُه بما يُخالِفُه. وإنْ أطْلَقَ، فلا يخْلُو؛ [إمَّا أن يكون في البَلَدِ نَقْدٌ واحدٌ، أو أكثرُ، فإن كان في البَلَدِ نَقْدٌ واحدٌ باعَ به، وإنْ كان فيه أكثرُ، فلا يخلُو] (¬1)؛ إمَّا أن تتَساوَى أوْ لا، فإن لم تتَساوَ، باعَ بأغَلَبِ نُقودِ البَلَدِ. بلا نِزاعٍ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ ها هنا، أَنَّه يبِيعُ بجِنْسِ الدَّينِ مع عدَمِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّساوي. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: فيَجِبُ حَمْلُ كلامِه على ما إذا كانتِ النُّقودُ مُتَساويَةً. وإنْ تَساوَتِ النُّقودُ، باعَ بجِنْسِ الدَّينِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو الذي قطَع به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدوس»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرَى»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يبيعُ بما يرَى أنَّه أحَظُّ، اخْتارَه القاضي، واقْتَصرَ عليه في «المغْنِي». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الشَّرْح»، و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، إنْ لم يكُنْ فيها جِنْسُ الدَّينِ، باعَ بما يرَى أنَّه أصْلَحُ. بلا نِزاعٍ، فإن تَساوَتْ عندَه في ذلك، عيَّن الحاكِمُ له ما يَبِيعُه به. فوائد؛ إحْداها، لو اخْتلَفَ الرَّاهِنُ والمُرْتَهِنُ على العَدْلِ [في تَعْيِينِ] (¬1) النَّقْدِ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وتعيين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يُسمَعْ قَوْلُ واحدٍ منهما، ويُرْفَعُ الأمْرُ إلى الحاكِمِ، فيأمُرُه ببَيعِه بنَقْدِ البَلَدِ، سواءٌ كان مِن جِنْسِ الحَقِّ أو لم يكُنْ، وافَقَ قوْلَ أحدهما أو لا. قال المُصَنِّفُ: والأوْلَى أن يبِيعَه بما يرَى الحَظَّ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، لا يبِيعُ الوَكيلُ هنا نَساءً، قوْلًا واحدًا عندَ الجُمْهورِ. وذكَر القاضي رِوايَةً يجوزُ؛ بِناءً على المُوَكِّل. ورَدَّ. الثَّالثةُ، إذا باعَ العَدْلُ بدُونِ المِثْلِ، عالِمًا بذلك، فقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): لا يصِحُّ بَيعُه. لكِنَّه علَّلَه بمُخالفَتِه، وهو مُنْتَقِضٌ بالوَكيلِ، ولهذا ألْحَقَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، ببَيعِ الوَكيلِ. فصَحَّحاه وضَمَّنَّاه النَّقْصَ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الخامسَةِ والأرْبَعِين». قال الشَّارِحُ: قال شيخُنا: لم يصِحَّ. وقال أصحابُنا: يصِحُّ، ويضْمَنُ النَّقصَ كلَّه. وهو المذهبُ، على ما يأتي في الوَكالةِ. ¬

(¬1) في: المغني 6/ 476.

وَإنْ قَبَضَ الثَّمَنَ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَإنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَأنْكَرَ، وَلَمْ يَكُنْ قَضَاهُ بِبَيِّنةٍ، ضَمِنَ. وَعَنْهُ، لَا يَضْمَنُ، إلا أن يَكُونَ أُمِرَ بِالإشْهَادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلى المُرْتَّهِنِ، فأنْكَرَ، ولم يَكُنْ قَضَاه ببيِّنةٍ، ضَمِنَ. إذا ادَّعَى العَدْلُ دَفْعَ الثَّمَنِ إلى المُرْتَّهِنِ، وأنْكَرَ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يدْفَعَه ببَيِّنةٍ أو بحَضْرَةِ الرَّاهنِ، أوْ لا؛ فإن دفَعَه ببَيِّنةٍ، وسواءٌ كانتْ حاضِرَةً أو غائِبَة، حيَّةً أو مَيِّتةً، قُبِلَ قوْلُه عليهما. وكذا بحَضْرَةِ الرَّاهِنِ، يُقْبَلُ قوْلُه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْبَغِي الضَّمانُ إذا دفَعَه إليه بحَضْرَةِ الرَّاهِنِ، اعْتِمادًا على أنَّ السَّاكِتَ لا يُنْسَبُ إليه قوْله (¬1)، وإنْ كان بغيرِ بَيِّنةٍ ولا حُضورِ الرَّاهِن، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُقْبَلُ قوْلُه (¬2) عليهما في تَسْليمِه. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: يُصَدَّقُ العَدْلُ مع يَميِنِه على راهِنِه، ولا يُصَدَّقُ على المُرْتَهِنِ. اخْتارَه القاضي. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُصَدَّقُ عليهما في حقِّ نفْسِه. اخْتارَه القاضي. قاله في «الهِدايَةِ» وغيرِه، واختاره الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطَّابِ، في «رُءوسِ مَسائلِهما». قاله في «المُغْنِي». قال في الشَّرْحِ: ذكَرَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر. وأطْلَقَهُنَّ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وأطْلَقَ الآخَرَ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». فعلى المذهبِ، يحْلِفُ المُرْتَهِنُ، ويرْجِعُ على أيِّهما شاءَ، فإنْ رجَع على العَدْلِ، لم يرْجِعِ العَدْلُ على الرَّاهِنِ، وإنْ رجَع على الرَّاهِنِ، رجَع على العَدْلِ. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «الفُروعِ»: فيَرْجِعُ على راهِنِه وعلى العَدْلِ. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلخيصِ»، وغيرِهم: يَرْجِعُ على الرَّاهِنِ، والرَّاهِنُ يَرْجِعُ على العَدْلِ. انتهَوْا. وعلى الوَجْهِ الثَّاني، إذا حلَف المُرْتَهِنُ رجَع على مَن شاءَ منهما؛ فإنْ رجَع على العَدْلِ، لم يَرْجِعْ على الرَّاهِنِ؛ لأنَّه يقولُ: ظَلَمَنِي، وأخَذ مِنِّي بغيرِ حق. قاله المُصنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ. وإنْ رجَع على الرَّاهِنِ، فعَنْه، يرْجِعُ على العَدْلِ أيضًا؛ لأنَّه مُفَرِّط على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الكافِي». وعنه لا يَرْجِعُ عليه؛ لأنَّه أمِينٌ في حقِّه، سواءٌ صدَّقَه أو كذَّبَه، إلَّا أنْ يكُونَ أمَرَه بالإشْهادِ فلم يشْهَدْ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وعلى الثَّالثِ، يُقْبَلُ قوْلُه مع يَمِينه على المُرْتَهِن في إسْقاطِ الضَّمانِ عن نَفْسِه، ولا يُقْبَلُ في نَفْي الضَّمانِ عن غيرِه، فيرْجِعُ على الرَّاهِنَ وحدَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: وكذلك الوَكِيلُ. يأْتِي حُكْمُ الوَكيلِ في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الوَكالةِ، فيما إذا وكَّلَه في قَضاءِ دَين، فقَضاه ولم يُشْهِدْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: فإنْ عزَلَهما، صَحَّ عَزْلُه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: لا يصِحُّ. وهو توْجِيهٌ لصاحِبِ «الإرْشاد»؛ سدًّا لذَرِيعَةِ الحِيلَةِ؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا بالمُرْتَهِنِ. فيُعايَى بها على هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلِ. قال في «القاعِدَةِ السِّتين»: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثالثٌ بالفَرْقِ بينَ أنْ يُوجَدَ حاكِم يأمُرُ بالبَيعِ أوْ لا، مِن مَسْألةِ الوَصِيَّةِ.

وإنْ شَرَطَ ألا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ، أوْ إِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ، وَإلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ. وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شرَط أنْ لا يَبيعَه عندَ الحُلولِ، أو إنْ جَاءَه بحَقِّه، في مَحِلِّه، وإلَّا فالرَّهْنُ له، لم يَصِحَّ الشرْطُ، بلا نِزاع، وفي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوايَتان. اعلمْ أنَّ كلَّ شَرْطٍ وافَقَ مُقْتَضَى العَقْدِ، إذا وُجِدَ لم يُؤثِّرْ في العَقْدِ، وإنْ لم يَقْتَضِه العَقْدُ؛ كالمُحَرمِ، والمَجْهولِ، والمَعْدوم، وما لا يُقْدَرُ على تَسْليمِه، ونحوه، أو نافَى العَقْدَ؛ كعدَمِ بَيعِه عندَ الحُلولِ، أوَ إنْ جاءَه بحَقِّه في مَحِلِّه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فالرَّهْنُ له، فالشَّرْطُ فاسِدٌ. [وفي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوايَتان، كالبَيعِ إذا اقْتَرَنَ بشَرْطٍ فاسِدٍ] (¬1). وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، فيما إذا شرَط ما يُنافِيه، ونصَراه. والثّانيَةُ، يصحُّ. وهو المذهبُ. نصَرَه أبو الخَطّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، فيما إذا شرَط ما يُنافِيه. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». قال في «الفُروعِ»: وكُلُّ شَرْطٍ وافقَ مُقْتَضَاه، لم يُؤثِّرْ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَقْتَضِه، أو نافَاه؛ نحوَ كوْنِ مَنافِعُه له، وإنْ جاءَه بحَقِّه في مَحِلِّه، وإلَّا فهو له، أو لا يقْتَضِيه، فهو فاسِدٌ، وفي العَقْدِ رِوايَةُ البَيعِ. وقد تقدَّم في شروطِ البَيعِ أنَّه، لو شرَط ما يُنافِي مُقْتَضَاه، أنَّه يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» فيكونُ هذا كلُّه كذلك. وقيل: ما ينْقُصُ بفَسادِه حَقُّ المُرتَهِنِ، يُبْطِلُه، وَجْهًا واحِدًا، وما لا ينْقُصُ به، فيه الرِّوايَتان. وتجيل: إنْ سقَط دَينُ الرَّهْنِ، فسَد، وإلَّا فالرِّوايَتان، إلَّا جَعْلَ الأمَةِ في يَدِ أجْنَبِي عَزَب؛ لأنَّه لا ضرَرَ. وفي «الفُصولِ» احْتِمالٌ، يَبْطُلُ فيه أيضًا، بخِلافِ البَيعِ؛ لأنَّه القِياسُ. وقال في «الفائقِ»: وقال شيخُنا: لا يفْسُدُ الثَّاني، وإنْ لم يَأْتِه، صارَ له، وفعَلَه الإِمامُ. قلتُ: فعلَيه علْقُ الرَّهْنِ؛ اسْتِحْقاقُ المُرْتَهِنِ له بوَضْعِ العَقْدِ، لا بالشَّرْطِ، كما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو باعَه منه. انتهى. قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ نقَل كلامَه في «الفُصولِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم إذا بطَل، وكان في بَيْعٍ، ففي بُطْلانِه لأخْذِه حَظًّا مِنَ الثَّمَنِ أم لا؟ لانْفِرادِه عنه كمَهْرٍ في نِكاحٍ، احْتِمالان. انتهى.

فَصْلٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّينِ، أو الرَّهْنِ، أوْ رَدِّهِ، أوْ قَال: أَقْبَضْتُكَ عَصِيرًا. قَال: بَلْ خَمْرًا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا اخْتَلَفا في قَدْرِ الدَّينِ، أو الرَّهْنِ، أو رَدِّه، أو قال: أقْبَضْتُك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَصِيرًا. قال: بل خَمْرًا. فالقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. أمَّا إذا اخْتَلفَا في قَدْرِ الدينِ الذي وقَع الرَّهْنُ به، نحوَ أنْ يقولَ: رَهَنْتُك عَبْدِي بألفٍ. فيَقولُ. المُرْتَهِنُ: بل بألفَين. فالقَوْلُ قولُ الرَّاهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: القَولُ قولُ المُرْتَهِنِ، ما لم يَدَّعِ أكثرَ مِن قِيمَةِ الرَّهْنِ. وهو قَوْلُ مالِكٍ، والحَسَنِ، وقَتادَةَ. فعلى المذهبِ، يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ في قَدْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما رهَنَه، سواءٌ اتفَقا على أنَّه رَهْن بجَميعِ الدينِ أو اخْتلَفا. فلو اتّفَقا على قَدْرِ الدَّينِ، فقال الراهِنُ: رَهَنْتُك ببعضِه. فقال المُرْتَهِنُ: بل بكُلِّه. فالقَوْلُ قولُ الراهِنِ. ولو اتفَقا على أنَّه رهَنَه بأحَدِ الألفَين، فقال الراهِنُ: بالمُؤجَّلِ منهما. وقال المُرْتَهِنُ: بل بالحالِّ. فالقَوْلُ قوْلُ الرَّاهِنِ أيضًا. وأما إذا اخْتَلَفا في قَدْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّهْنِ، نحوَ قوْلِه: رهَنْتُك هذا. [فقال المُرْتَهِنُ] (¬1): وهذا أيضًا. فالقَوْلُ قوْلُ الرَّاهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه يتَحالفَان في المَشْروطِ. وذكَر أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، يُقْبَلُ قَوْلُ المُدَّعَى عليه (¬2) منهما. فائدة: لو قال: رهَنْتُك على هذا. قال: بل هذا. قُبِلَ قوْلُ الرَّاهِنِ. وأمَّا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا اخْتَلَفا في رَدِّ الرَّهْنِ (¬1)، فالقَوْلُ قولُ الرَّاهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَينِ (¬2): يُخرَّجُ فيه وَجْه بقَبُولِ قَوْلِ المُرْتَهِنِ، بِناءً على المُضارِبِ والوَكيلِ بجُعْل؛ فإنَّ فيهما وَجْهَين. وخرَّج هذا الوَجْهَ المُصَنِّفُ أيضًا في هذا الكتابِ، في بابِ الوَكالةِ، بعدَ قوْلِه: وإنِ اخْتلَفا في ردِّه إلى المُوَكِّلِ، حيثُ قال: وكذلك يُخَرَّجُ في الأجيرِ والمُرْتَهِنِ. وأطْلَقَهما في أصْلِ المَسْألةِ في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الراهن». (¬2) في الأصل، ط: «أبو الحسن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، لو ادَّعَى المُرْتَهِنُ أنَّه قبَضَه منه، قُبِلَ قوْلُه إنْ كان بيَدِه؛ فلو قال: رهَنْتُه. فقال الرَّاهِنُ: بل غَصَبْتَه. أو هو وَدِيعَة عندَك أو عارِيَّة. فهلِ القَوْلُ قَوْلُ المُرْتَهِنِ، أو الراهِنِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، وأطْلَقَهما في «الفائقِ»، في الغصْبِ؛ أحدُهما، القَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. جزَم به في «الحاويَيْن». وجزَم به في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرَى»، في الوَدِيعَةِ والعارِيَّةِ. وقدَّمه في الغَصْبِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، في الوَدِيعَةِ، والعارِيةِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في العارِيَّةِ والغَصْبِ. وقيل: القَوْلُ قولُ المُرْتَهِنِ. قال في «التَّلْخيصِ»: الأقْوَى قَوْلُ المُرْتَهِنِ في أنَّه رَهْن وليس بودِيعَةٍ ولا عارِيَّةٍ. الثانيةُ، لو قال: أرْسَلْتَ وَكِيلَك، فرَهَن عندِي هذا على ألْفَين قبَضَهما مِنِّي. فقال: ما أذِنْتُ له إلَّا في رَهْنِه بألفٍ. فإنْ صدَّقَ الرسُولُ الراهِنَ، حلَف ما رهَنَه إلا بألْفٍ، ولا قبَض غيرَه، ولا يَمِينَ على الراهِنِ، وإنْ صدَّقَ المُرْتَهِنَ، حلَف الرَّاهِنُ، وعلى الرَّسُولِ ألْفٌ، ويَبْقَى الرهْنُ بألف. الثَّالثةُ، لو قال: رهَنْتُك عَبْدِي الذي بيَدِي بألفٍ. فقال: بل بِعْتَنِي هو بها. أو قال: بِعْتُك هو بها. فقال: بل رَهَنْتَنِي هو بها. حلَف كل منهما على نَفْي ما ادُّعِيَ عليه، وسقَط، ويأخُذُ الراهِنُ رَهْنَه، وتَبْقَى الألْفُ بلا رهن. الرَّابعَةُ، لو قال: رهَنْتُه عندَك بألفٍ، قَبَضْتُها منك. وقال مَن هو بيَدِه: بل بِعْتَنِي هو بها. صُدِّقَ ربُّه، مع عدَمِ بَيِّنةٍ، يقولُ خَصْمُه فلا رَهْنَ، وتَبْقَى الألْفُ بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَهْن. الخامسَةُ، مَن طُلِبَ منه الرَّدُّ، وقُبِلَ قوْلُه، [فهل له تأخِيرُه ليُشْهِدَ؟ فيه وَجْهان إنْ حلَف، وإلَّا فلا. وفي الحَلِفِ احْتِمال. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في الوَكالةِ: وكلُّ أمِين يُقْبَلُ قوْلُه في الرَّدِّ، وطُلِبَ منه] (¬1)، فهل له تأخِيرُه حتى يُشْهِدَ عليه؟ فيه وَجْهان؛ إنْ (¬2) قُلْنا: يحْلِفُ، وإلَّا لم يُؤخِّرْه لذلك. وفيه احْتِمال. انتهى. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وقطَع المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ليس له التَّأخيرُ. ذكَراه في آخِرِ الوَكالةِ. وكذا مُسْتَعِيرٌ ونحوُه لا حُجَّةَ عليه. وقدَّم في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يُؤخِّرُه، ثم قال: قلتُ: بلَى. وقطَع بالأوّلِ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ. وإنْ كان عليه حُجَّة أُخْرَى، كدَين بحُجَّةٍ. ذكَرَه الأصحابُ، ولا يلْزَمُ دَفْعُ الوَثِيقَةِ، بل الإشْهادُ بأخْذِه. قال في «الترْغِيبِ»: ولا يجوزُ للحاكِمِ إلْزامُه؛ لأنه رُبما خرَج ما قبَضَه مُسْتَحَقًّا، فيحْتاجُ إلى حُجَّةٍ بحقِّه. وكذا الحُكْمُ في تسْلِيمِ بائعِ كتابٍ ابْتياعُه إلى مُشْتَرٍ.

وإنْ أقَرَّ الرَّاهِنُ أنَّهُ أعْتَقَ الْعَبْدَ قَبْلَ رَهْنِهِ، عَتَقَ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ قِيمَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر الأزَجِيُّ، لا يلْزَمُه دَفْعُه حتى يُزيلَ الوَثِيقَةَ، ولا يلْزَمُ رَبَّ الحقِّ الاحْتِياطُ بالإشْهادِ. وعنه في الوَدِيعَةِ، يدْفَعُها ببَينةٍ إذا قبَضَها ببَينةٍ. قال القاضي: ليس هذا للوُجوبِ، كالرَّهْنِ والضَّمِينِ والإشْهادِ في البَيعِ. قال ابنُ عَقِيل: حَمْلُه على ظاهِرِه للوُجوبِ أشْبَهُ. وأكثرُ الأصحابِ ذكَرُوا هذه المَسْألةَ في أواخِرِ الوَكالةِ. وأمَّا إذا قال الرَّاهِنُ: أقْبَضْتُك عَصِيرًا. قال المُرْتَهِنُ: بل خَمْرًا. ومُرادُه، إذا شرَط الرَّهْنَ في البَيع. صرَّح به الأصحابُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ القَوْلَ قولُ الرَّاهِنِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، القَوْلُ قوْلُ المُرْتَهِنِ. وجعَلَها القاضي كالحَلِفِ في حُدوثِ العَيبِ (¬1). قوله: وإنْ أقَرَّ الراهِنُ أنَّه أعْتَقَ العبْدَ قبلَ رَهْنِه، عتَق وأُخِذَتْ منه قِيمَتُه رَهْنًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «البيع».

رَهنًا، وَإنْ أَقَرَّ أنَّه كان جَنَى، أَو أنَّهُ بَاعَهُ، أَوْ غَصَبَهُ، قُبِلَ عَلَى نَفسِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، إلا أَنْ يُصَدِّقَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [اعلمّ أنَّ حُكْمَ إقْرارِ الرَّاهِنِ بعِتْقِ العَبْدِ] (¬1) المرْهُونِ، إذا كذَّبَه المُرْتَهِنُ، حُكْمُ مُباشَرَتِه لعِتْقِه حالةَ الرَّهْنِ، خِلافًا ومذهبًا، كما تقدَّم. فليُراجَعْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: إنْ أقَرَّ بالعِتْقِ، بطَل الرَّهْنُ مَجَّانًا، [ويحْلِفُ على البَتِّ] (2). وقال ابنُ رَزِين في «نِهايته»، وتَبِعَه ناظِمُها: وإنْ أقَرَّ الرَّاهِنُ بعِتْقِه قبلَ رَهْنِه، قُبِلَ على نَفْسِه لا المُرْتَهِنِ. وقيل: يُقْبَلُ مِنَ المُوسِرِ عليه. قوله: وإنْ أقَرَّ أنَّه كان جَنَى، قُبِلَ على نَفْسِه، ولم يُقْبَلْ على المُرْتَهِنِ، إلَّا أنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُصَدِّقَه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يقْبَلُ إقْرارُ الرَّاهِنِ على المُرْتَهِنِ أيضًا؛ لأَنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ، ويحْلِفُ له. فعلى المذهبِ، يلْزَمُ المُرْتَهِنَ اليَمِينُ؛ أنَّه ما يعْلَمُ ذلك، فإنْ نكَل، قُضِيَ عليه. قوله: أو أقَر أنَّه باعَه، أو غصَبَه، قُبِلَ على نَفْسِه، ولم يُقْبَلْ على المُرْتَهِنِ، إلَّا أنْ يُصَدِّقَه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الإقْرارِ بالعِتْقِ، على ما تقدَّم. فيَأَتِي هنا وَجْه؛ أنَّ الرهْنَ يبْطُلُ مجَّانًا. وقال ابنُ رَزِينٍ في «نِهايِتَه»، وناظِمُها هنا كما قال في الإِقْرارِ بالعِتْقِ، وجعَلا الحُكْمَ واحِدًا. فائدة: لو أقَرَّ الرَّاهِنُ بالوَطْءِ بعدَ لُزومِ الرَّهْنِ، قُبِلَ في حقِّه، ولم يُقْبَلْ في

فَصْلٌ: وَإذَا كَانَ الرَّهْنُ مَرْكُوبًا أوْ مَحْلُوبًا، فَلِلْمُرْتَهِنِ أنْ يَرْكَبَ وَيَحْلُبَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ، مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ فِي ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حقِّ المُرْتَهِنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويحْتَمِلُ أنْ يُقْبَلَ في حقِّ المُرْتَهِن أيضًا. قوله: وإذا كان الرَّهْنُ مَرْكُوبًا أو مَحْلُوبًا، فللمُرْتَهِنِ أنْ يرْكَبَ ويحْلُبَ بقَدْرِ نفَقَتِه، مُتَحَرِّيًا للعَدْلِ في ذلك. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ، وأحمدَ بنِ القاسِمِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الخِرَقِيِّ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أوْلَى. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه المَشْهورَةُ، والمَعْمولُ بها [في المذهبِ] (4). وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في مَنِ ارْتَهَنَ دابَّةً، فعَلَفها بغيرِ إذْنِ صاحبِها، فالعَلَفُ على المُرْتَهِنِ، مَن أمَرَه أنْ يعْلِفَ؟ وهذه الرِّوايَةُ ظاهِرُ ما أوْرَدَه ابنُ أبِي مُوسى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا فرْقَ بينَ حُضورِ الرَّاهِنِ وغَيبَتِه، وامْتِناعِه وعدَمِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبِي الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْدِ، وغيرِهم. وذكَر جماعةٌ، يجوزُ ذلك مع غَيبَةِ الرَّهْنِ فقط؛ منهم القاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الحاويَيْن». زادَ في «الرعايتَين»، أو مَنْعِها. وشرَط أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، امْتِناعَ الرَّاهِنِ مِنَ النَّفَقَةِ. وحمَل ابنُ هُبَيرَةَ في «الإفْصاحِ» كلامَ الخِرَقِيِّ على ذلك. وقال ابنُ عَقِيل، في «التَّذْكِرَةِ»: إذالم يتْرُكْ راهِنُه نفَقَتَه، فعَل ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قد يُقالُ: دخَل في قوْلِه: أو مَحْلوبًا. الأمَةُ المُرْضِعَةُ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به الزَّرْكَشِيُّ. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأشارَ إليه أبو بَكْر في «التنبِيهِ». وقيل: لا يدْخُلُ. وهما رِوايَتان مُطْلَقَتان في «الرعايَةِ الصُّغْرَى». الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ وغيرِه، أنَّه لا يجوزُ للمُرْتَهِنِ أنْ يتَصَرَّفَ في غيرِ المَرْكوبِ والمَحْلُوبِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: ليس للمُرْتَهِنِ أنْ يُنْفِقَ على العَبْدِ والأمَةِ، ويسْتَخْدِمَهما بقَدْرِ النَّفَقةِ، على ظاهِرِ المذهبِ. ذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ الأثْرَمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. ونقَل حَنْبَل، له أنْ يَسْتَخْدِمَ العَبْدَ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفائقِ». وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». لكِنْ قال أبو بَكْر: خالفَ حَنْبَل الجماعَةَ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» و «شَرْحِه»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن». فائدتان؛ إحْداهما، إنْ فضَل مِنَ اللَّبَنِ فضْلَةٌ، باعَه، إنْ كان مَأْذُونًا له فيه، وإلَّا باعَه الحاكِمُ. وإنْ فضَل مِنَ النَّفَقَةِ شيءٌ، رجَع به على الرَّاهِنِ. قاله أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى، وغيرُهما. وظاهِرُ كلامِهم الرُّجوعُ هنا، وإنَّما لم يرْجِعْ إذا [أنْفَق على الرَّهْنِ] (¬1) في غيرِ هذه الصُّورَةِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وقال: لكِنْ ينْبَغِي أنَّه إذا أنْفَقَ تطَوُّعًا، لا يرْجِعُ، بلا رَيبٍ. وهو كما قال. الثَّانيَةُ، يجوزُ له فِعْلُ ذلك كله بإذْنِ المالِكِ، إنْ كان عندَه بغيرِ رَهْن. نصَّ عليهما. وقال في «المُنْتَخَبِ»: أو جُهِلَتِ المَنْفَعَةُ. وكَرِه الإمامُ أحمدُ أكْلَ الثَّمَرَةِ بإذْنِه. ونقَل حَنْبَل، لا يسْكُنُه إلَّا بإذْنِه، وله أُجْرَةُ مِثْلِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ أنْفَقَ عَلَى الرَّهْنِ بِغَيرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ إِمْكَانِهِ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أنْفَقَ على الرَّهْنِ بغيرِ إذْنِ الرَّاهِنِ مع إمْكانهِ، فهو مُتَبَرِّعٌ. إذا أنْفَقَ المُرْتَهِنُ على الرَّهنِ بغيرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، مع إمْكانِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يَنْويَ الرُّجوعَ، أو لا؛ فإنْ لم يَنْو الرُّجوعَ، فهو مُتَبَرِّعٌ، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وإنْ نَوى الرُّجوعَ، فهو مُتَبَرِّعٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وحكَى جماعةٌ رِوايَةً، أنَّه كإذْنِه، أو إذْنِ حاكِم. قال المُصَنِّفُ: يُخَرَّجُ على رِوايتَين؛ بِناءً على ما إذا قضَى

وَإنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِئْذَانِهِ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنِ الْحَاكِمَ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دَينَه بغيرِ إذْنِه. قال الشَّارحُ: وهذا أقْيَسُ؛ إذْ لا يُعْتبَرُ في قَضاءِ الدَّينِ العَجْزُ عنِ اسْتِئْذانِ الغَرِيمِ. ويأْتِي كلامُه في «القَواعِدِ» بعدَ هذا. قوله: وإنْ عجَز عنِ اسْتِئْذانِه، ولم يسْتَأَذنِ الحَاكِمَ، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»؛ إحْداهما، يُشْتَرطُ إذْنُه، فإنْ لم يسْتَأْذِنْه، فهو مُتَبرِّعٌ. قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: إذْنُ الحاكِمِ كإذْنِ الرَّاهِنِ عندَ تعَذُّرِه. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ»، أنَّه يُشْترَطُ إذْنُ الحاكِمِ مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُدْرَةِ عليه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، لا يُشْترَطُ إذْنُه، ويرْجِعُ على الرَّاهِنِ بما [أنْفَقَ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَررِ»، وجزَم به [في] «الوَجيز». قال في «القَواعِدِ»: إذا] (¬1) أنْفَقَ على عَبْدٍ أو حَيوانٍ مَرْهُونٍ، ففيه طريقان؛ أشْهَرُهما، أنَّ فيه الروايتَين اللَّتَيْن في مَن أدَّى حقًّا واجِبًا عن غيرِه. كذلك قال القاضي، في «المُجَرَّدِ»، و «الرِّوايتَيَنْ»، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل، والأكْثَرون. والمذهبُ عندَ الأصحابِ الرُّجوعُ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ. والطَّريقُ الثَّاني، أنَّه يرْجِعُ، رِوايَةً واحدة. انتهى. وكَلامُه عامٌّ. فائدة: لو تعَذَّرَ اسْتِئْذانُ الحاكِمِ، رجَع بالأقَل ممَّا أنْفَقَ أو بنَفَقَةِ مِثْلِه إنْ أشْهَدَ، وإنْ لم يُشْهِدْ، فهل له الرُّجوعُ إذا نَواه؟ على رِوايَتْين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: المذهبُ أنَّه متى نوَى الرُّجوعَ مع التَّعَذر، فله ذلك، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ورَجَّحه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» وغيرِه. وفي «القَواعِدِ» هنا كَلامٌ حسَن. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «إذا اتفق على الراهن».

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ، وَفِي نَفَقَةِ الْجِمَالِ إِذَا هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدِ الْمُكْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلك الحُكْمُ في الوَدِيعَةِ، وفي نَفَقةِ الجِمَالِ، إذا هَرَّبَ الجَمَّالُ وترَكَها في يَدِ المُكْتَرِي. قال في «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: وكذا حُكْمُ حَيوانٍ [مُؤجَر أو مُودَعٍ] (¬1). وكذا قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». وزادَ، وإذا أنْفَقَ على الآبِقِ حالةَ ردِّه. ويأْتِي ذلك في الجَعالةِ. وقال في «الهِدايَةِ» وغيرِها: وكذلك الحُكْمُ إذا ماتَ العَبْدُ المَرْهونُ فكَفَّنَه. أمَّا [إذا أنفْقَ على الحَيوانِ المُودَعِ، فقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعِين»] (¬2): إذا أنفْقَ عليه ناويًا للرُّجوعِ؛ فإنْ تعَذَّرَ اسْتِئْذانُ مالِكِه، رجَع. وإنْ لم يتَعذَّرْ، فطَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّه على الرِّوايتَين في قَضاءِ الدَّينِ وأوْلَى. والمذهبُ في قَضاءِ الدَّينِ، الرُّجوعُ، كما يأْتِي في بابِ الضَّمانِ. قال: وهذا طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي». والطَّريقُ الثَّاني، لا يرْجِعُ، قولًا واحدًا. وهي طَرِيقَةُ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، مُتابِعًا لأبِي الخَطابِ. انتهى. قلتُ: وهذه الطَّرِيقَةُ هي المذهبُ. وهي طَرِيقَةُ صاحبِ «التلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. ويأْتِي الكلامُ في هذا، في الوَدِيعَةِ بأتَمَّ مِن هذا. وأمَّا إذا أنْفقَ على الجِمالِ إذا هرَب الجَمَّالُ، فقال في القاعِدَةِ المُتَقَدِّمَةِ: إذا أنْفَقَ على الجِمالِ بغيرِ إذْنِ حاكِمٍ، ففي الرُّجوعِ رِوايَتان. قال: ومُقْتَضَى طَرِيقَةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ومودع». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، فَعَمَرَهَا الْمُرْتَهِنُ بِغَيرِ إِذْنِ الرَّاهِن، لَمْ يَرْجِعْ بِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، أنَّه يرْجِعُ، روايَةً واحدَةً. ثم إنَّ الأكْثَرِين اعْتَبُروا هنا اسْتِئْذانَ الحاكِمِ، بخِلافِ ما ذكَرُوه في الرَّهْنِ، واعْتَبَرُوه أيضًا (¬1) في المُودَعِ واللقطَةِ. وفي «المُغْنِي» إشارَةٌ إلى التَّسْويَةِ بينَ الكلِّ في عدَمِ الاعْتِبارِ، وأنَّ الإِنْفاقَ بدُونِ إذْنِه، يُخَرجُ على الخِلافِ في قَضاء الدَّينِ. وكذلك اعْتَبَروا الإشْهادَ على نِيَّةِ الرُّجوعِ. وفي «المُغْنِي» وغيرِه، وَجْهٌ آخَرُ أنَّه لا يُعْتَبرُ. وهو الصَّحيحُ. انتهى. قوله: وإنِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، فعمَرَها المُرْتَهِنُ بغيرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، لم يَرْجِعْ به، رِوايَةً واحدَةً. وكذلك قال القاضي في «المُجَرَّدِ»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. وهذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ». فعلى هذا، لا يَرْجِعُ إلَّا بأعْيانِ آلتِه. وجزَم القاضي في «الخِلافِ الكَبِيرِ»، أنَّه يرْجِعُ بجَميعِ ما عمَر في الدَّارِ؛ لأنَّه مِن مَصْلَحَةِ الرَّهْنِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَصْلٌ: وَإذَا جَنَى الرَّهْنُ جِنَايَةً مُوجبَةً لِلْمَالِ، تَعَلَّقَ أرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ، وَلِسَيِّدِهِ فِدَاؤُهُ بِالأقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَو أَرْشِ جِنَايَتِهِ، أَوْ يَبِيعُهُ فِي الْجِنَايَةِ، أوْ يُسَلِّمُهُ إِلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَيَمْلِكُهُ. وَعَنْهُ، إِنِ اخْتَارَ فِدَاءَهُ، لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأرْشِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «النَّوادِرِ». وقاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَن عمَر وَقْفًا بالمَعْروفِ: ليَأْخُذْ عِوَضَه. فيَأْخُذُه مِن مُغِلِّه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويحْتَمِلُ عندِي أنَّه يَرْجِعُ بما يحْفَظُ أصْلَ مالِيَّةِ الدَّارِ؛ لحِفْظِ وَثِيقَتِه. وقال ابنُ رَجَبٍ، في القاعِدَةِ المذْكُورَةِ أعْلاه: ولو قيلَ: إنْ كانتِ الدَّارُ بعدَ [ما خَرِبَ منها تُحْرزُ] (¬1) قِيمَةَ الدَّينِ المَرْهُونِ به، لم يَرْجِعْ. وإنْ كانتْ دُونَ حقِّه، أو وَفْقَ (¬2) حقِّه، ويُخْشَى مِن تَداعِيها للخَرابِ شيئًا فشيئًا، حتى تنْقُصَ عن مِقْدارِ الحقِّ، فله أنْ يَعْمُرَ ويَرْجِعَ، لكانَ مُتَّجِهًا. انتهى. قلتُ: وهو قَويٌّ. قوله: وإذا جنَى الرَّهْنُ جِنَايَةً مُوجِبَةً للمالِ، تَغَلَّقَ أرْشُه برَقَبَتِه، ولسَيِّدِه فِداؤُه بالأقَلِّ مِن قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنَايَتِه، أو بَيعُه في الجِنايَةِ، أو يُسَلِّمُه إلى وَليِّ الجِنايَةِ فيَمْلِكُه. يعْنِي، إذا كانتِ الجِنايَةُ تسْتَغْرِقُه، إذا اخْتارَ السَّيِّدُ فِداءَه، فله أنْ يفْدِيَه ¬

(¬1) في ط: «ما جرت منها يجوز». (¬2) في ا: «فوق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأقَلِّ الأمْرَين؛ مِن قِيمَتِه، أو أرْشِ جِنايَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين. [قال الشّارِحُ: هذا أصحُّ الرِّوايتَين] (¬1). وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: هذا المذهبُ. وعنه، إنِ اخْتارَ فِداءَه، لَزِمَه جميعُ الأرْشِ. وهما وَجْهان مُطْلقان في «الكافِي». تنبيه: خيَّر المُصَنِّفُ السَّيِّدَ بينَ الفِداءِ والبَيعِ والتَّسْليمِ. وهو المذهبُ هنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُغْنِي»، و «تجريدِ العِنايَةِ» و «إدراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بينَ فِدائِه وبينَ تَسْليمِه للبَيعِ. فاقْتَصرَ عليهما. وهذه الرِّواياتِ ذَكَرَهُنَّ في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، في مَقاديرِ الدِّياتِ. ولم نَرَ مَن ذكَرَهُنَّ إلَّا الزَّرْكَشِيَّ، وهو قِياسُ ما في مَقادِيرِ الدِّياتِ، بل هذه المَسْأَلةُ هنا فَرْدٌ مِن أفْرادِه هناك، لكِنَّ اقْتِصارَهم هنا على الخِيَرَةِ بينَ الثَّلاثةِ وهناك بينَ شَيئَين على الصَّحيحِ، على ما يأْتِي، يدُلُّ على الفَرْقِ، ولا نَعْلَمُه. لكِنْ ذكَر في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، بعدَ أنْ قطَعُوا بما تقدَّم، أنَّ غيرَ المَرْهونِ كالمَرْهونِ. وهو أظْهَرُ؛ إذْ لا فَرْقَ بينَهما. واللهُ أعلمُ. قال الزَّرْكَشِي: هذا إحْدَى الرِّواياتِ [في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»] (¬1). وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ ما جزَم به ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ فَدَاهُ، فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَإنْ سَلَّمَهُ، بَطَلَ الرَّهْنُ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقِ الْأَرْشُ قِيمَتَهُ، بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ، وَبَاقِيهِ رَهْنٌ. وَقِيلَ: يُبَاعُ جَمِيعُهُ، ويَكُونُ بَاقِي ثَمَنِهِ رَهْنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشارِحُ. والثَّانيةُ، يُخَيَّرُ بينَ البَيعِ والفِداءِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والثَّالثةُ، يُخَيَّرُ بينَ التسْليمِ والفِداءِ. وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِي. ويأْتِي ذلك في بابِ مَقادِيرِ دِياتِ النَّفْسَ، في كلامَ المُصَنِّفِ، ويأْتِي هناك، إذا جنَى العَبْدُ عَمْدًا، وأحْكامُه. قوله: فإنْ لم يسْتَغْرِقِ الأرْشُ قِيمَتَه، بِيعَ منه بقَدْرِه، وباقِيه رَهْنٌ. هذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الكافِي». وقامه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: يُباعُ جَمِيعُه، ويكونُ باقِي ثَمَنِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَهْنًا. وهو احْتِمالٌ في «الحاويَيْن». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ويُباعُ بقَدْرِ الجِنايَةِ. فإنْ نقَصتْ قِيمَتُه بالتَّشْقيصِ، بِيعَ كلُّه. قلتُ (¬1): وهو الصَّوابُ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ عندَ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ، والشَّارِحِ، وغيرِهم، إذا لم يتَعَذَّرْ بَيعُ بعْضِه. أمَّا إنْ تعَذَّرَ بَيعُ بعْضِه، فإنه يُباعُ جميعُه، قوْلًا واحدًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنِ اخْتَارَ الْمُرْتَهِنُ فِدَاءَهُ، فَفَدَاهُ بإِذْنِ الرَّاهِنِ، رَجَعَ بِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِغَير إِذْنِهِ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة (¬1): قوْلُه: وإنِ اخْتارَ المُرْتَهِنُ فِداءَه، ففَداه بإذْنِ الرَّاهِنِ، رجَع به. بلا نِزاع. ويأْتِي قرِيبًا، لو شرَط المُرْتَهِنُ جعْلَه رَهْنًا بالفِداءِ مع الدَّينِ الأوَّلِ، هل يصِحُّ أم لا؟ وقوله: وإنْ فَداه بغَيرِ إذْنِه، فهل يَرْجِعُ به؟ على رِوايتَين. وتحْرِيرُ ذلك؛ أنَّ المُرْتَهِنَ إذا اخْتارَ فِداءَه ففَداه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بإذْنِ الرَّاهِنِ أو لا، فإنْ فَداه بإذْنِ الرَّاهِنِ، رجَع، بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل يَفْدِيه بالأقَلِّ مِن قِيمَتِه، أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْشِ جِنايَتِه؟ أو يَفْدِيه بجَمِيعِ الأرْشِ؟ فيه الرِّوايَتان المُتَقَدِّمَتان. وإنْ فَداه بغيرِ إذْنِه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يَنْوِيَ الرُّجوعَ أوْ لا؛ فإنْ لم يَنْو الرُّجوعَ، لم يَرْجِعْ. وإنْ نوَى الرُّجوعَ، فهل يرْجِعُ به؟ على رِوايَتين. ويُحْمَلُ كلامُ المُصَنِّفِ على ذلك. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَتين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الزرْكَشِيِّ». قال أبو الخَطَّاب، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التلْخيصِ»، و «الحاويَيْن»، والزَّرْكَشِي، وغيرُهم: بِناءً على مَن (¬1) قضَى دَينَ غيرِه بغيرِ إذْنِه. ويأْتِي في بابِ الضَّمانِ، أنَّه يَرْجِعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فكذا هنا عندَ هؤلاءِ؛ إحْداهما، لا يَرْجِعُ. جزَم به في «المُحَررِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الوَجيز». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أنَّ مَن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». [قلتُ: وهو أصحُّ؛ لأنَّ الفِداءَ ليس بواجِبٍ على الرَّاهِنِ] (¬1). قال في «القَواعِدِ»: قال أكثرُ الأصحابِ؛ كالقاضي، وابنِ عَقِيل، وأبي الخَطَّابِ، وغيرِهم: إنْ لم يَتَعذَّرِ اسْتِئْذانُه، فلا رُجوعَ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: لا يَرْجِعُ هنا، وإنْ رجَع مَن أدَّى حقًّا واجِبًا (¬2) عن غيرِه. اخْتارَه أبو البَرَكاتِ. والرِّوايَة الثَّانيَةُ، يَرْجِعُ. قال الزَّرْكَشِي: وبه قطَع القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». وهذا المذهبُ عندَ مَن بَناه على قَضاءِ دَينِ غيرِه بغيرِ إذْنِه. فوائد؛ إحْداها، لو تعَذَّرَ اسْتِئْذانُه، فقال ابنُ رَجَبٍ: خُرِّجَ على الخِلافِ في نَفَقَةِ الحَيوانِ المَرْهونِ، على ما تقدَّم. وقال صاحِبُ «المُحَرَّرِ»: لا يَرْجِعُ بشيءٍ. وأطْلَقَ؛ لأنَّ المالِكَ لم يجِبْ عليه الافْتِداءُ هنا، وكذلك لو سلَّمَه، [لم يَلْزَمْه] (¬3) قِيمَتُه ليكونَ رَهْنًا. وقد وافَقَ الأصحابُ على ذلك، وإنَّما خالفَ فيه ابنُ أبِي مُوسى. الثَّانيةُ، لو شرَط المُرْتَهِنُ كوْنَه رَهْنًا، بفِدائِه، مع دَينِه الأوَّلِ، لم يصِحَّ. قدَّمه في «الكافِي»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يصِحُّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «واحدًا». (¬3) في الأصل، ط: «يلزمه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه القاضي. وقدمه الزرْكَشِيُّ. قال في «الفائقِ»: جازَ في أصحِّ الوَجْهَين. قلتُ: فيُعايَى بها. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، [والمُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في مَقادِيرِ الدِّيَاتِ] (¬1). الثَّالثةُ، لو سلمَه لوَلِيِّ الجِنايَةِ فرَدَّه، وقال: بِعْه وأحْضِرِ الثمَنَ. لَزِمَ السَّيِّدَ ذلك. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الرِّعايَتين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وعنه، لا يَلْزَمُ. وقيل: يَبِيعُ الحاكِمُ. [قلتُ: وهو الصَّوابُ. صحَّحه في «الخُلاصَةِ»، و «التَّصْحيحِ»] (¬1). قال في «الرِّعايَةِ»، مِن عندِه: هذا إذا لم يَفْدِه المُرْتَهِنُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتأْتِي هذه المَسْأْلَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ بابِ مَقادِيرِ دِياتِ النَّفْسِ، مُحَرِّرَةً مُسْتَوْفاةً.

وَإنْ جُنِيَ عَلَيهِ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاص، فَلِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ، فَإِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جُنِيَ عليه جِنايَة مُوجِبَةٌ للقِصاصِ، فلسَيِّدِه القِصاصُ. هذا المذهبُ

اقْتَصَّ، فَعَلَيهِ قِيمَةُ أَقلِّهِمَا قِيمَةً، تُجْعَلُ مَكَانَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا. جزَم به في «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَررِ»، و «الكافِي»، و «الفُروعِ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «نَظْمِهما». قال في «القاعِدَةِ الرَّابعةِ والخَمْسِين»: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، جَوازُ القِصاصِ. وقيل: ليس له القِصاصُ بغيرِ رِضَى المُرْتَهِنِ. وحكاه ابنُ رَزِين رِوايَةً. وجزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. قاله في «القَواعِدِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرعايتَين». وقال في «الحاويَيْن»: ولسَيِّدِه القَوَدُ في العَمْدِ برِضَى المُرْتَهِنِ، وإلَّا جعَل قِيمَةَ أقَلِّهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَةً رَهْنًا. نصَّ عليه. قال في «التَّلْخيصِ»: ولا يقْتَصُّ إلَّا بإذْنِ المُرْتَهِنِ، أو إعطائِه قِيمَتَه رَهْنًا مَكانَه. قوله: فإنِ اقْتَصَّ، فعليه قِيمَةُ أقَلِّهما قِيمَةً تُجْعَلُ مَكانَه. [يعْنِي، يلْزَمُ الضَّمانُ] (¬1). وهذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ عندَ الأصحابِ، والمَنْصوصُ عن أحمدَ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: اخْتارَه القاضي، والأكْثَرون. وقيل: لا يلْزَمُه شيءٌ. وهو تَخْريجٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِي. وقطَع به ابنُ الزَّاغونِيِّ في «الوَجيزِ». وحُكِيَ عنِ القاضي. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وحكاهما في «الكافِي» ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين، وأطْلَقَهما. تنبيه: قوْلُه: فعليه قِيمَةُ أقَلِّهما قِيمَةً. هكذا قال المُصَنِّفُ هنا، والشَّارِحُ، وصاحِبا «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». قال في «القواعِدِ»: قاله القاضي، والأكْثَرون. وقيل: يلْزَمُه أرْشُ الجِنايَةِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «القَواعِدِ»: وهو المَنْصوصُ. قال ابنُ مُنَجَّى: قال في «المُغْنِي»: إنِ اقْتَصَّ أُخِذَتْ منه قِيمَتُه فجُعِلَتْ مَكانَه رَهْنًا. قال: وظاهِرُه، أنَّه يجِبُ على الرَّاهِنِ جميعُ قِيمَةِ الجانِي. قال: وهو مُتَّجِهٌ. قلتُ: الذي وجَدْناه في «المُغْنِي»، في الرَّهْنِ، عندَ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: وإذا جرَح العَبْدُ المَرْهونُ أو قتَل، فالخَصْمُ في ذلك السَّيِّدُ. أنَّه قال: فإذا اقْتَصَّ، أُخِذَتْ منه قِيمَةُ أقَلِّهما، فجُعِلَتْ مَكانَه رَهْنًا. نصَّ عليه. هذا لَفْظُه. فلعَلَّ ابنَ مُنَجَّى رأى ما قال في غيرِ هذا المَكانِ. تنبيهات؛ الأوَّلُ، مَعْنَى قوْلِه: قِيمَةُ أقَلِّهما قِيمَةً. لو كان العَبْدُ المَرْهونُ يُساوي عَشَرَةً، وقاتِلُه يُساوي خَمْسَةً، أو عكْسَه، لم يلْزَمِ الرَّاهِنَ إلَّا خَمْسَة؛ لأنَّه في

وَكذَلِكَ إِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، فَاقْتَصَّ مِنْهُ هُوَ أَوْ ورَثتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُولَى، لم يُفَوِّتْ على المُرْتَهِنِ إلَّا ذلك القَدْرَ، وفي الثَّانيةِ، لم يَكُنْ حقُّ المُرْتَهِن مُتَعَلِّقًا إلَّا بذلك القَدْرِ. الثَّاني، محَلُّ الوُجوبِ، إذا قُلْنا: الواجِبُ في القِصاصِ أحَدُ شَيئَين. فإذا عَيَّنَه بالقِصاصِ، فقد فوَّتَ المال الواجِبَ على المُرْتَهِنِ. وظاهِرُ كلامِه في «الكافِي»، أنَّ الخِلافَ على قَوْلِنا: مُوجِبُ العَمْدِ القَوَدُ عَينًا. فأمَّا إنْ قُلْنا: مُوجِبُه أحدُ شَيئَين. وجَب الضَّمانُ. قال في «القَواعِدِ»: وهو بعيدٌ. وأمَّا إذا قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَينًا. فإنَّه لا يضْمَنُ قَطْعًا. وأطْلَقَ القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنفُ هنا الخِلافَ مِن غيرِ بِناءٍ. قال في «القَواعِدِ»: ويتَعَيَّنُ بِناؤُه على القَوْلِ بأنَّ [الواجبَ أحدُ شَيئَين. قال في «التَّلْخيصِ»: وإنْ عَفا، وقُلْنا] (¬1): الواجِبُ أحدُ أَمْرَين، أُخِذَتْ منه القِيمَةُ. وإنْ قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ. فلا قِيمَةَ، على أصحِّ الوَجْهَين. قوله: وكذلك إنْ جنَى على سَيِّدِه، فاقْتَصَّ منه هو أو ورثَتُه. وكذا قال الأصحابُ. يعْنِي، حُكْمُه حُكْمُ ما إذا كانتِ الجِنايَةُ على العَبْدِ المَرْهونِ مِن أجْنَبِيٍّ، واقْتَصَّ السَّيِّدُ؛ مِنَ الخِلافِ والتَّفْصِيلِ، على ما مَرَّ. قال المُصَنِّفُ، وابنُ ¬

(¬1) بياض في: الأصل، ط.

وَإنْ عَفَا السَّيِّدُ عَلَى مَالٍ، أوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فما قُبِضَ مِنْهُ، جُعِلَ مَكَانَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِين، والشَّارِحُ: فإنْ كانتِ الجِنايَةُ على سيِّدِ العَبْدِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ مُوجبَة للقَوَدِ، أو غيرَ مُوجِبَةٍ له، كجِنايَةِ الخَطَأ، أو إتْلافِ المالِ؛ فإنْ كانتْ خَطَأً، أو مُوجِبَةً للمالِ، فهَدَرٌ. وإنْ كانتْ مُوجِبَةً للقَوَدِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ على النفْسِ، أو على ما دُونَها؛ فإنْ كانتْ على ما دُونَها؛ بأنْ عفَا على مالٍ، سقَط القِصاصُ، ولم يجِبِ المالُ. وكذلك إنْ عفَا على غيرِ مالٍ. وإنْ أرادَ أنْ يقْتَصَّ، فله ذلك، فإنِ اقْتَصَّ، فعليه قِيمَتُه تكونُ رَهْنًا مَكانَه، أو قَضاءً عنِ الدَّينِ قال الشَّارِحُ: ويحْتَمِلُ أنْ لا يجِبَ عليه شيءٌ. وكذلك إنْ كانتِ الجِنايَةُ على النَّفْسِ، فاقْتَصَّ الوَرَثَةُ، فهل تجِبُ عليهم القِيمَةُ؟ يُخرجُ على ما ذكَرْنا، وليس للوَرَثَةِ العَفْوُ على مالٍ. وذكَر القاضي وَجْهًا؛ لهم ذلك، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فإنْ عفَا بعْضُ الوَرَثَةِ، سقَط القِصاصُ، وهل يثْبُتُ لغيرِ العافِي نَصِيبُه مِنَ الدِّيةِ؟ على الوَجْهَين. انتَهى كلامُهما. قوله: وإنْ عفَا السَّيِّدُ على مَالٍ، أو كانتْ مُوجِبَةً للمالِ، فما قُبِضَ منه جُعِلَ مَكانَه. لا أعلَمُ فيه خِلافًا. فائدة: لو عفَا السَّيِّدُ على غيرِ مالٍ أو مُطْلَقًا، وقُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَينًا،

وَإنْ عَفَا السَّيِّدُ عَنِ الْمَالِ، صَحَّ فِي حَقِّهِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِذا انْفَكَّ الرَّهْنُ، رُدَّ إِلَى الْجَانِي. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [كان كما لو اقْتَصَّ] (¬1). فيه القَوْلان السَّابِقان (¬2). قاله المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وصحَّح صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، أنَّه لا شيءَ على السَّيِّدِ هنا، مع أنَّه قطَع هناك بالوُجوبِ، كما هو المَنْصوصُ. قوله: فإنْ عفَا السَّيِّدُ عَنِ المالِ، صَحَّ في حَقِّه، ولم يصِحَّ في حَق المُرْتَهِنِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «يجعل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا انْفكَّ الرَّهْنُ، رُدَّ إلى الجانِي. يعْنِي، إذا عفَا السَّيِّدُ عنِ المالِ الذي وجَب على الجانِي بسَبَبِ الجِنايَةِ، صحَّ في حقِّ الرَّاهِنِ، ولم يصِحَّ في حقِّ المُرْتَهِنِ، بمَعْنَى، أنَّه يُؤْخذُ مِنَ الجانِي الأرْشُ، فيُدْفَعُ إلى المُرْتَهِنِ، فإذا انْفَكَّ الرَّهْنُ، رُدَّ ما أُخِذَ مِنَ الجانِي إليه. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. واخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «ابنِ رَزِين»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن». وقال أبو الخَطَّابِ: يصِحُّ، وعليه قِيمَتُه. يعْنِي، على الرَّاهِنِ قِيمَتُه، تُجْعَلُ رَهْنًا مَكانَه. جزَم به في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قَوْلُ صاحِبِ «التَّلْخيصِ». انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ: لا يصِح مُطْلَقًا. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وقال: هو أصحُّ في النَّظَرِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». واخْتارَه في «الفائقِ». وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شَيئَين. فأمَّا إنْ قُلْنا: الواجِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِصاصُ عَينًا. فلا شيءَ على المُرْتَهِنِ، كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، إنِ اسْتَوْفَى المُرْتَهِنُ حَقَّه مِنَ الرَّاهِنِ، رَدَّ ما أخَذ مِنَ الجانِي، كما قال المُصَنِّفُ. وإنِ اسْتَوْفاه مِنَ الأرْشِ، فقِيلَ: يرْجِعُ الجانِي على العافِي، وهو الرَّاهِنُ؛ لأنَّ ماله ذهَب في قَضاءِ دَينِ العافِي. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ثم رأَيتُ ابنَ رَزِين قدَّمه في «شَرْحِه». وقيل: لا يرْجِعُ عليه؛ لأنَّه لم يُوجَدْ منه في حقِّ الجانِي ما يَقْتَضِي وُجوبَ الضَّمانِ، وإنَّما اسْتَوْفى بسَبَبٍ كان منه حال مِلْكِه له، فأشْبَهَ ما لو جنَى إنْسانٌ على عَبْدِه، ثم رهَنَه لغيرِه، فتَلِفَ بالجِنايَةِ السَّابِقَةِ. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فائدة: لو أتْلَفَ الرَّهْنَ مُتْلِفٌ، وأُخِذَتْ قِيمَتُه، قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والأرْبَعِين»: ظاهِرُ كَلامِهم، أنَّها تكونُ رَهْنًا بمُجَرَّدِ الأخْذِ. وفرَّع القاضي على

وَإنْ وَطِئَ المُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ مِنْ غَيرِ شُبْهَةٍ، فَعَلَيهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، أنَّ الوَكِيلَ في بَيعِ المُتْلَفِ يَمْلِكُ بَيعَ البدَلِ المأُخُوذِ بغيرِ إذْنٍ جديدٍ، وخالفَه صاحِبُ «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ». وظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ، في «الانتِصارِ»، في مَسْأَلةِ إبْدالِ الأضْحِيَةِ، أنَّه لا يَصِيرُ رَهْنًا إلَّا بجَعْلِ الرَّاهِنِ. قوله: وإنْ وَطِيء المُرْتَهِنُ الجارِيَةَ مِن غيرِ شُبْهةٍ، فعَليه الحَدُّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا حَدَّ.

وَإنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وادَّعَى الْجَهَالةَ، وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَلَا حَدَّ عَلَيهِ، وَلَا مَهْرَ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئَها بإذْنِ الرَّاهِنِ، وادَّعَى الجَهالةَ، وكانَ مِثْلُه يجْهَلُ ذلك، فلا حَدَّ عليه، بلا نِزاع، ولا مَهْرَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأكثرُ. وقيل: يجِبُ المَهْرُ للمُكْرَهةِ. قوله (¬1): ووَلَدُه حُرٌّ لا تلْزَمُه قِيمَتُه. يعْنِي، إذا وَطِئَها بإذْنِ الرَّاهِنِ، وهو يجْهَلُ (¬2). وهذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قال أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ»: هذا الصَّحيحُ. واخْتارَه القاضي في «الخِلافِ»، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الكافِي». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «يجعل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزم به في «الوجيز». وقدَّمه في «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقال ابنُ عَقِيل: لا تسْقُطُ قِيمَةُ الوَلَدِ؛ لأنَّة حال بينَ الوَلَدِ ومالِكِه باعْتِقادِه، فلَزِمَتْه قِيمَتُه، كالمَغْرورِ. وقدَّمه في «المُغْنِي». وصحَّحه في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَينِ»، و «الفائقِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو وَطِئَها مِن غيرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وهو يجْهَلُ التَّحْرِيمَ، فلا حدَّ، ووَلَدُه حُرٌّ، وعليه الفِداءُ والمَهْرُ. الثَّانيةُ، لو كان عندَه رُهون لا يعْلَمُ أرْبابَها، جازَ له بَيعُها، إنْ أيِسَ مِن مَعْرِفَتِهم، ويجوزُ له الصَّدَقَة بها، بشَرْطِ ضَمانِها. نصَّ عليه. وفي إذْنِ الحاكِمِ في بَيعِه مع القُدْرَةِ عليه، وأخْذِ حقِّه مِن ثَمَنِه مع عدَمِه، رِوايتان، كشِراءِ وَكِيل. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ «الشَّرْحِ»، و «المُغْنِي». قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والتسْعين»: نصَّ أحمدُ على جَوازِ الصَّدَقَةِ بها، في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ، وأبِى الحارِثِ. وتأوَّلَه القاضي، في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل، على أنَّه تعَذَّرَ إذْنُ الحاكِمِ. وأنْكَرَ ذلك المَجْدُ وغيرُه، وأقَرُّوا النُّصوصَ على ظاهِرِها. وقال في «الفائقِ»: ولا يَسْتَوْفِي حقه مِنَ الثَّمَنِ. نصَّ عليه. وعنه، بلَى، ولو باعَها الحاكِمُ ووَفَّاه، جازَ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّم في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، ليس له بَيعُه بغيرِ إذْنِ الحاكِمِ. ويأْتِي في آخِرِ الغَصْبِ، إذا بَقِيَتْ في يَدِه غُصُوب لا يَعْرِفُ أرْبابَها، في كلامِ المُصَنِّفِ. ويأتي في بابِ الحَجْرِ، أنَّ المُرْتَهِنَ أحقُّ بثَمَنِ الرَّهْنِ في حَياةِ الرَّاهِنِ ومَوْتِه مع الإِفْلاسِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب الضمان

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ الضَّمَانِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الْتِزَام الْحَقِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الضَّمانِ فائدة: اخْتَلفُوا في اشْتِقاقِه؛ فقيلَ: هو مُشْتَقٌّ مِنَ الانْضِمامِ؛ لأنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَنْضَمُّ إلى ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، والمُصَنِّفُ هنا، و «الرِّعايتَين». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قاله بعضُ أصحابِنا. قال ابنُ عَقِيلٍ: وليس هذا بالجَيِّدِ. قال الزَّرْكَشِي: ورُدَّ بأنَّ «لامَ الكَلِمَةِ» في «الضَّم» مِيمٌ، وفي «الضَّمانِ» نُونٌ، وشَرْطُ صِحَّةِ الاشْتِقاقِ، وُجودُ حُروفِ (¬1) الأصْلِ في الفَرْعِ. ويُجابُ بأنَّه مِنَ الاشْتِقاقِ الأكبَرِ؛ وهو المُشارَكَةُ في أكثرِ الأُصُولِ مع مُلاحظَةِ المَعْنَى. انتهى. وقيل: مِنَ التَّضَمُّنِ. قاله القاضي، وصوَّبَه في «المُطْلِعِ»؛ لأنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تتَضَمَّنُ الحَقَّ. قال في «التَّلْخيصِ»: ومَعْناه تضْمِينُ الدَّينِ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ. وقيل: هو مُشْتَقٌّ مِنَ الضِّمْنِ. قال في «الفائقِ»: وهو أرْجَحُ. قال ابنُ عَقِيل: والذي يتَلوَّحُ لي، أنَّه مأْخوذٌ مِنَ الضِّمْنِ، فتَصِيرُ ذِمَّةُ الضَّامِنِ في ضِمْنِ ذِمَّةِ المَضْمونِ عنه. فهو زِيادَةُ وَثِيقَةٍ. انتهى. هذا الخِلافُ في الاشْتِقاقِ، وأمَّا المَعْنَى، فواحِدٌ. قوله: وهو ضَمُّ ذِمَّةِ الضامِنِ إلى ذِمَّةِ المَضْمُونِ عنه في الْتِزامِ الحَقِّ. وكذا ¬

(¬1) في الأصل، ط: «جزء من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الهِدايَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقال في «الوَجيزِ»: [هو الْتِزامُ] (1) الرَّشِيدِ مَضْمُونًا في يَدِ غيرِه، أو ذِمَّتِه، حالًّا أو مَآلا. وقال في «الفُروعِ»: [هو الْتِزامُ] (¬1) مَن يصِحُّ تَبَرُّعُه، أو مُفْلِس، ما وجَب على غيرِه، ¬

(¬1) في ط: «والتزام».

وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع بَقائِه، وقد لا يبْقَى. وقال في «المُحَررِ»: هو الْتِزامُ الإنْسانِ في ذِمَّتِه دَينَ المَدْيونِ مع بَقائِه عليه. وليس بمانِعٍ، لدُخولِ مَن لا يصِحُّ تبُّرعُه، ولا جامِعٍ؛ لخُروجِ ما قد يجِبُ والأعْيانِ المَضْمونَةِ، ودَينِ المَيِّتِ إنْ بَرِئ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ، على رِوايَةٍ تأتِي. قال في «الفائقِ»: وليس شامِلًا ما قد يجِبُ. وقال في «التَّلْخيصِ»: مَعْناه تَضْمِينُ الدَّينِ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ، حتى يصِيرَ مُطالبًا به، مع بَقائِه في ذِمَّةِ الأَصِيلِ. فائدة: يصِحُّ الضَّمانُ بلَفْظِ ضَمِين، وكَفِيل، وقَبِيل، وحَمِيل، وصَبِيرٍ، وزَعيم. أو يقولُ: ضَمِنْتُ دَينَك أو تحَمَّلْتُه، ونحوَ ذلك. فإنْ قال: أنا أُؤدِّي. أو: أُحْضِرُ. لم يَكُنْ مِن ألْفاظِ الضَّمانِ، ولم يصِرْ ضامِنًا به. ووَجَّه في «الفُروعِ» الصِّحَّةَ بالْتِزامِه. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ في مَسائلَ. وقال الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ: قِياسُ المذهبِ، يصِحُّ بكُل لَفْظٍ فُهِمَ منه الضَّمانُ عُرْفًا، مثْلَ قَوْلِه: زَوِّجْه، وأنا أُؤَدِّي الصَّداقَ. أو: بِعْه، وأنا أُعْطِيك الثَّمَنَ. أو: اتْرُكْه، ولا تُطالِبْه، وأنا أُعْطِيك. ونحو ذلك. قوله: ولصاحِبِ الحَقِّ مُطالبَةُ مَن شاءَ منهما. بلا نِزاعٍ، وله مُطالبَتُهما معًا أيضًا. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه. قوله: في الحياةِ والمَوْتِ. هذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ، فإنْ ماتَ أحدُهما، فمِنَ التَّرِكَةِ. قال في «الفُروعِ»: والمذهبُ حَياةً ومَوْتًا. وعنه، يبَرأُ المَدْيونُ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ، إنْ كان مَيِّتًا مُفْلِسًا. نصَّ عليه، على ما يأْتِي.

فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، بَرِئ الضَّامِنُ، وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أوْ أُقِرَّ بِبَرَاءَتِهِ، لَمْ يَبْرَأَ المَضْمُونُ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ المَضْمُونِ عنه، بَرِئَ الضَّامِنُ، وإنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أو أُقِرَّ ببَراءَتِه، لم يبْرَأ المَضْمُونُ عنه. بلا نِزاعٍ. ويأْتِي بعدَ قوْلِه: وإنِ اعْترَفَ المَضْمونُ له بالقَضاءِ، أو قال: بَرِئْتَ إليَّ، أو أبْرَأْتُك.

ولو ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَو الْمَضْمُونُ عَنْهُ، بَرِئَ هُوَ وَالضَّامِنُ مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لذِمِّيٍّ عن ذِمِّيٍّ خَمْرًا، فأسْلَمَ المَضْمُونُ له أو المَضْمُونُ

وَلَا يَصِحُّ إلا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه، بَرِئ هو والضَّامِنُ معًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، نصَّ عليه. وعنه، إنْ لم يُسْلِمِ المَضْمُونُ له، فله قِيمَتُها. وقيل: يُوَكِّلا ذِمِّيًّا يشْتَرِيها. ولو أسْلَمَ ضامِنُها، بَرِئ وحْدَه. قوله: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ. يُسْتَثْنَى مِن ذلك، المُفْلِسُ المَحْجُورُ عليه؛ فإنَّه يصِحُّ ضَمانُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. [وجزم به] (¬1) في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في بابِ الحَجْرِ؛ حيثُ قال: وإنْ تصَرَّفَ في ذِمَّتِه بشِراءٍ، أو ضَمانٍ، أو إقْرارٍ، صحَّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ» رِوايَةٌ، لا يصِحُّ ضَمانُ المُفْلِسِ المَحْجُورِ عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. أو يكونُ مَفْهومُ كلامِه هنا مَخْصُوصًا [بما صرَّح به هناك] (¬1)، وهو أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ على هذه الرِّوايَةِ عدَمُ صِحَّةِ تصَرُّفِه في ذِمَّتِه. تنبيه: قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: ومَن صحَّ تصَرُّفُه بنَفْسِه، صحَّ ضَمانُه، ومَن لا، فلا. وقيل: يصِحُّ ضَمانُ مَن حُجِرَ عليه لسَفَهٍ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ، كالمُفْلِسِ. وصرَّحُوا بصِحَّةِ ضَمانِ المُفْلِسِ، ويُتْبَعُ به بعدَ فكِّ الحَجْرِ، فيكونُ (¬2) عُمومُ كلامِهم أوَّلًا مخْصوصًا بغيرِ المَحْجُورِ عليه للمُفْلِسَ. تنبيه: دخَل في عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ ضَمانِ المَريضِ. وهو صحيحٌ، فيصِحُّ ضَمانُه، بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ ماتَ في مَرضِه، حُسِبَ ما ضَمِنَه مِن ثُلُثِه. فائدة: في صِحَّةِ ضَمانِ المُكاتَبِ لغيرِه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائز تَبَرُّعُه سِوَى المُفْلِسِ المَحْجُورِ عليه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم: ومَن صحَّ تصَرُّفُه بنَفْسِه، زادَ في «الرِّعايَةِ»: وتبَرُّعُه بمالِه، صحَّ ضَمانُه. والوَجْهُ الثَّانِي: يصِحُّ (¬3). قال ابنُ رَزِينٍ: ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «صرح به هنا». (¬2) سقط من الأصل، ط. (¬3) في الأصل: «لا يصح».

وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا سَفِيهٍ، وَلَا مِنْ عَبْدٍ بِغَيرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَإنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، صَحَّ، وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقِنِّ. وقيل: يصِحُّ بإذْنِ سيِّدِه، ولا يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. ولعَلَّه المذهبُ. وجزَم به في «الكافِي». وقدَّم في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، عَدمَ الصِّحَّةِ، إذا كان بغيرِ إذْنِ سيِّدِه. وأطْلَقُوا الوَجْهَين، إذا كان بإذْنِه. قوله: ولا يصِحُّ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ، ولا يصِحُّ مِن مَجْنُونٍ، ولا صَبِيٍّ، ولا سَفِيهٍ. أمَّا المَجْنونُ، فلا يصِحُّ ضَمانُه، قوْلًا واحِدًا. وكذا الصَّبِيُّ غيرُ المُمَيِّزِ، وكذا المُمَيِّزُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وصحَّحه في «الفائقِ» وغيرِه. [وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه] (¬1). وعنه، يصِحُّ ضَمانُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: خرَّج أصحابُنا صِحَّةَ ضَمانِه على الرِّوايتَين في صِحّةِ إقْرارِه. ويأْتِي حُكْمُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إقْرارِه في بابِه. وقال ابنُ رَزِين: وقيل: يصِحُّ، بِناءً على تصَرُّفاتِه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقال في «الكافِي»: وخرَّج بعضُ أصحابِنا صِحَّةَ ضَمانِ الصَّبِيِّ بإذْنِ وَلِيِّه، [على الروايتَين في صِحَّةِ بَيعِه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: يصح بإذْنِ وَلِيِّه] (¬1). فعلى المذهبِ، لو ضَمِنَ، وقال: كان قبلَ بُلُوغِي. وقال خَصْمُه: بل بعدَه. فقال القاضي: قِياسُ قَوْلِ أحمدَ أنَّ القَوْلَ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُ المَضْمُونِ له. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقيل: القَوْلُ قوْلُ الضَّامِنِ. وهي شَبِيهَةٌ بما إذا باعَ، ثم ادَّعَى الصِّغَرَ بعدَ بُلُوغِه، على ما تقدَّم في الخِيارِ، عندَ قوْلِه: وإنِ اخْتلَفا في أجَل أو شَرْطٍ، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يَنْفِيه. والمذهبُ هناك، لا يُقْبَلُ قَوْلُه، فكذا هنا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَتين»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن». وأمَّا السَّفِيهُ المَحْجورُ عليه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ ضَمانُه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وقيل: يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي، وأبي الخَطَّابِ، قاله (¬1) في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، وهو وَجْهٌ في «المُذْهَبِ». قال في «الكافِي»: وقال القاضي: يصِحُّ ضَمانُ السَّفِيهِ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه. قال: وهو بعيدٌ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». قوله: ولا مِن عَبْدٍ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه -هذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ- ويحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ ويُتْبَعَ به بعدَ العِتْقِ. وهو لأبي الخَطَّابِ، وهو رِوايَة عن أحمدَ، فيُطالِبُه به بعدَ عِتْقِه. قال في «التّلْخيصِ»: والمَنْصوصُ، يصِحُّ. بعدَ أنْ أطْلَقَ وَجْهَين. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: الصِّحَّةُ أظْهَرُ. قوله: وإنْ ضَمِنَ بإذْنِ سَيِّدِه، صَحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وحكَى ابنُ رَزين في «نِهايَتِه» وَجْهًا بعدَمِ الصحَّةِ. قوله: وهل يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّةِ سيِّدِه؟ على رِوايتَين. وقيل: وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»؛ إحْداهما، يتَعلَّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «التَّصْحيح». وقدَّمه في «الفُروعِ»، ذكَرَه في آخِرِ الحَجْرِ. قال ابنُ عَقِيل: ظاهِرُ المذهبِ وقِياسُه، أنْ يتَعلَّقَ بذِمَّةِ سيِّدِه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: قِياسُ المذهبِ، أنَّ المال يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: مَنْشَؤُهما أنَّ دُيونَ المَأْذُونِ له في التِّجارَة؛ هل تتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، أو بذِمَّةِ سيِّدِه؟. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والصَّحيحُ هناك التَّعَلُّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: ويتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. وقيل: بذِمَّةِ سيِّدِه. وقيل: فيه رِوايَتان، كاسْتِدانَتِه. ويأْتِي ذلك في آخِرِ الحَجْرِ. واخْتِيرَ في «الرِّعايَةِ»، أنْ يكونَ في كَسْبِه، فإنْ عَدِمَ، ففي رَقَبَتِه. فائدة: يصِحُّ ضَمانُ الأخْرَسِ، إذا فُهِمَتْ إشارَتُه، وإلَّا فلا.

وَلَا يَصِحُّ إلا بِرِضَا الضَّامِنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ، وَلَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُعتَبَرُ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لهما. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»،

وَلَا كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا وَلَا وَاجِبًا إذَا كَانَ مَآلُهُ إلَى الْوُجُوبِ، فَلَوْ قَال: ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَى فُلَانٍ. أَوْ: مَا تُدَايِنُهُ بِهِ. صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وقال القاضي: يُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهما. واخْتارَه ابنُ البَنَّا. وذكَر القاضي وَجْهًا آخَرَ؛ يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ المَضْمُونِ له، دُونَ مَعْرِفَةِ المَضْمُونِ عنه. قوله: ولا كَوْنُ الحَق معْلومًا -يعْنِي، إذا كان مآله إلى العِلْمِ- ولا واجِبًا إذا كان مآله إلى الوُجوبِ، فلو قال: ضَمِنْتُ لك ما على فُلانٍ. أو ما تُدايِنُه به، صحَّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «المُغْنِي»، احْتِمالٌ أنَّه لا يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ضَمِانُ ما سيجِبُ. فعلى المذهبِ، يجوزُ له إبطْالُ الضَّمانِ قبلَ وُجوبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»: له إبْطالُه قبلَ وجُوبِه في الأصحِّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: ليس له إبْطالُه. فائدتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ ضَمانُ بعضِ الدَّينِ مُبْهَمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»؛ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يصِحُّ، ويُفَسِّرُه. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا تُعْرَفُ الرِّوايَةُ عن إمامِنا، فيُمْنَعُ. وقد سلَّمَه بعضُ الأصحابِ؛ لجَهالتِه حالًا ومآلًا. ولو ضَمِنَ أحدَ هذَين الدَّينَين، لم يصِحَّ، قوْلًا واحدًا. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ ضَمانِ الحارِسِ ونحوه، وتُجَّارِ الحَرْبِ ما يذْهَبُ مِنَ البَلَدِ أو مِنَ البَحْرِ، وأنَّ غايتَه ضَمانُ ما لم يجِبْ. وضَمانُ المَجْهُولِ كضَمانِ السُّوقِ، وهو أنْ يضْمَنَ ما يجِبُ على التُّجَّارِ للنَّاسِ مِنَ الدُّيونِ، وهو جائزٌ عندَ أكثرِ العُلَماءِ، كمالِكٍ، وأبِي حَنِيفَةَ، وأحمدَ. الثَّانيةُ، لو قال: ما أعْطَيتَ فُلانًا، فهو علَيَّ. فهل يكونُ ضامنًا لما يُعْطِيه في المُسْتَقْبَلِ، أو لما أعْطاه في الماضِي، ما لم تَصْرِفْه قَرِينَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أحَدِهما؟ فيه وَجْهان، ذكَرَهُما في «الإرْشادِ». وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، يكونُ للماضِي. قال الزَّرْكَشِيُّ: يحْتَمِلُ أنْ يكونَ ذلك مُرادَ الخِرَقِيِّ، ويُرَجِّحُه إعْمالُ الحَقيقَةِ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَينِ الضَّامِنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّانِي، يكونُ للمُسْتَقْبَلِ. [وصحّحه شارحُ «المُحَرَّرِ»] (¬1). وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِيِّ عليه، فيكونُ اخْتِيارَ الْخِرَقِيِّ. قال في «الفُروعِ»: وما أعْطَيتَ فُلانًا، علَيَّ، ونحوُه، ولا قَرِينَةَ، قُبِلَ منه. وقيل: للواجبِ. انتهى. وقد ذكَر النُّحاةُ الوَجْهَين. وقد ورَد للماضِي، في قوْلِه تعالى: {الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ} (¬2). وورَد للمُسْتقْبَلِ في قوْلِه تعالى: {إلا الَّذِينَ تَابُوا} (¬3). قاله الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: قد يتَوَجَّهُ أنَّه للماضِي والمُسْتَقْبَلِ، [فيُقْبَلُ تفْسِيرُه بأحَدِهما. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»] (1). تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ الضَّامِنِ. أي الدَّينُ الذي ضَمِنَه الضَّامِنُ، فيَثْبُتُ الحَقُّ في ذِمَمِ الثَّلاثَةِ. وكذا يصِحُّ ضَمانُ الدَّينِ الذي (¬4) كفَلَه الكَفِيلُ، فيبْرَأُ الثَّانِي بإبْراءِ الأوَّلِ، ولا عَكْسَ. وإنْ قضَى الدَّينَ الضَّامِنُ الأوَّلُ، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) سورة: آل عمران 173. (¬3) سورة: البقرة 160. (¬4) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رجَع على المَضْمُونِ عنه. وإنْ قَضاه الثَّانِي، رجَع على الضَّامِنِ الأوَّلِ، ثُم يَرْجِعُ الأوَّلُ على المَضْمُونِ عنه، إذا كان كلٌّ منهما أَذِنَ لصاحبِه، وإنْ لم يَكُنْ أَذِنَ، ففي الرُّجوعِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: المذهبُ الرُّجوعُ. على ما يأْتِي فيما إذا قضَى الضَّامِنُ

وَدَينِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَغَيرِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّينَ. وقال في «الرِّعايَةِ»، في هذه المَسْأَلةِ: ولم يَرْجِعِ الأوَّلُ على أحَدٍ، على الأظْهَرِ. ويأْتِي بعضُ مَسائلَ تتَعَلَّقُ بالضَّامِنِ، إذا تعَدَّدَ، وغيرِه في الكَفالةِ، فليُعْلَمْ. قوله: ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ المُفْلِسِ وغيرِه. أي وغيرِ المُفْلِسِ. يصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ المُفْلِسِ، بلا نِزاعٍ. ويصِحُّ ضَمانُ دَينِ المَيِّتِ غيرِ المُفْلِسِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ. قوله: ولا تبْرَأُ ذِمَّتُه قبلَ القَضاءِ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يبْرَأُ بمُجَرَّدِ الضَّمانِ. نصَّ عليها، وتقَدَّمَتْ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْبَائِعَ لِلْمُشْتَرِي، وَعَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويصِحُّ ضَمانُ عُهْدَةِ المَبِيعِ عنِ البائعِ للمُشْتَرِي، وعنِ المُشْتَرِي للبائعِ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وحكَى النَّاظِمُ وغيرُه، فيه خِلافًا. فضَمانُه عنِ المُشْتَرِي للبائعِ؛ أنْ يضْمَنَ الثَّمَنَ الواجِبَ قبلَ تَسْلِيمِه، أو إنْ ظهَر به عَيبٌ، أو اسْتُحِقَّ. وضَمانُه عن البائعِ للمُشْتَرِي؛ أنْ يَضْمَنَ عن البائعِ الثَّمَنَ متى خرَج المَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، أو رُدَّ بعَيبٍ أو أرْشِ العَيبِ. وضَمانُ العُهْدةِ في المَوْضِعَين، هو ضَمانُ الثَّمَنِ أو بعضِه عن أحَدِهما للآخَرِ. وأصْلُ العُهْدَةِ؛ هو الكِتابُ الذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُكْتَبُ فيه الوَثِيقَةُ للبَيعِ، ويُذْكَرُ فيه الثَّمَنُ. ثم عبَّر به عنِ الثَّمَنِ الذي يضْمَنُه. وألْفاظُ ضَمانِ العُهْدَةِ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَه، أو ثَمَنَه، أو دَرَكَه. أو يقولُ للمُشْتَرِي: ضَمِنْتُ خَلاصَك منه. أو متى خرَج المَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، فقد ضَمِنْتُ لك الثَّمَنَ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. وقال أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، و «الشَّافِي»: لا يصِحُّ ضَمانُ الدَّرَكِ. قال بعضُ الأصحابِ: أرادَ أبو بَكْر ضَمانَ العُهْدَةِ. ورُدَّ. فقال القاضي: لا يخْتَلِفُ المذهبُ أنَّ ضَمانَ الدَّرَكِ لثَمَنِ المَبِيعِ يصِحُّ، وإنَّما الذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يصِحُّ، ضَمانُ الدَّرَكِ لعَينِ المَبِيعِ. وقد بيَّنَة أبو بَكْرٍ، فقال: إنَّما ضمِنَه يُريدُ الثَّمَنَ، لا الخَلاصَ، لأنَّه إذا باعَ ما لا يمْلِكُ، فهو باطِلٌ، أوْمأ إلى هذا أحمدُ. فوائد؛ الأُولَى، لو بنَى المُشْتَرِي، ونقَضَه المُسْتَحِقُّ، فالأنْقاضُ للمُشْتري، ويرْجِعُ بقِيمَةِ التَّالِفِ على البائِع، وهل (¬1) يدْخُلُ في ضَمانِ العُهْدةِ [في حقِّ ضامِنِها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يدْخُلُ في ضَمانِ العُهْدَةِ] (¬2). قدَّمه في «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وهذا». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن». والثَّانِي، لا يدْخُلُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»؛ فإنَّهما ما ضَمَّناه، إلَّا إذا ضَمِنَ ما يحْدُثُ في المَبِيعِ مِن بِناءٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو غِراسٍ. الثَّانيَةُ، لو خافَ المُشْتَرِي فَسادَ البَيعِ بغيرِ اسْتِحْقاقِ المَبيعِ، أو كَوْنَ العِوَضِ مَعِيبًا، أو شَكَّ في كَمالِ الصَّنْجَةِ، أو جَوْدَةِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فضَمِنَ ذلك صرِيحًا، صحَّ كضَمانِ العُهْدَةِ. وإنْ لم يُصَرِّحْ، فهل يدْخُلُ في مُطْلَقِ ضَمانِ العُهْدَةِ؟ على وَجْهين. وأطْلَقَهما في «التلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». الثَّالثَةُ، يصِحُّ ضَمانُ نَقْصِ الصَّنْجَةِ، ونحوها، ويرْجِعُ بقَوْلِه، مع يَمِيِنه، على الصّحيحِ

وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَينِ الْكِتَابَةِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يرْجِعُ ببَيِّنَةٍ في حقِّ الضَّامِنِ. قوله: ولا يصِحُّ ضَمانُ دَينِ الكِتابَةِ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الكافِي»، وقال: هذا المذهبُ. [قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و] (¬1) الشَّارِحُ: هذا أصحُّ. وصحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يصِحُّ ضَمانُه، سواءٌ كان الضَّامِنُ حُرًّا أو غيرَه. وحكَاها في «الخُلاصَةِ» وَجْهًا. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الأَمَانَاتِ؛ كَالْوَدِيعَةِ وَنَحْوهَا، إلا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وقال القاضي: يصِحُّ ضَمانُه إذا كان حُرًّا؛ لسَعَةِ تصَرُّفِه. [قدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»] (¬1). واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وتقدَّم، هل يصِحُّ أنْ يكونَ المُكاتَبُ ضامِنًا، أوْ لا؟ ويأْتِي في بابِ الكِتابَةِ، إذا ضمِنَ أحدُ المُكاتَبَين الآخرَ، هل يصِحُّ، أم لا؟ قوله: ولا يصِحُّ ضَمانُ الأماناتِ، كالوَدِيعَةِ ونحوها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِح. وحمَل على التَّعَدِّي، كتَصْريحِه به؛ فإنَّه يصِحُّ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَأَمَّا الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، كَالْغُصُوبِ، وَالعَوَارِي، وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ، فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ هنا، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. قوله: فأَمَّا الأَعْيانُ المَضْمُونَةُ؛ كالغُصُوبِ، والعَوارِي، والمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، فيصِحُّ ضَمانُها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ ضَمانُها. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله، أنَّ المَقْبوضَ على وَجْهِ السَّوْمِ مِن ضَمانِ القابِض، وأنَّ ضَمانَه يصِحُّ. والأصحابُ، رَحِمَهم اللهُ، يذْكُرُون مَسأَلةَ ضَمانِ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، في فَصْل، مَن باعَ مَكِيلًا أوْ مَوْزُونًا. ويذْكُرُونها أيضًا في أحْكامِ القَبْضِ، ويذْكُرُون مَسأَلةَ الضَّامِنِ هنا، ومَسْأَلةُ صِحَّةِ ضَمانِ الضَّامِنِ للمَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ مُتَرتِّبَةٌ على ضَمانِه بقَبْضِه. واعْلمْ أنَّه قد ورَد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الإمامِ أحمدَ في (¬1) ضَمانِ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ نُصوصٌ؛ فنقَل حَرْبٌ، وأبو طالِبٍ، وغيرُهما، ضَمانَ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه، أنَّه مِن ضمانِ المالِكِ؛ كالرَّهْنِ، وما يقْبِضُه الأجِيرُ. ونقَل حَنْبَل، إذا ضاعَ مِنَ المُشْتَرِي، ولم يقْطَعْ ثَمَنَه، أو قطَع ثَمَنَه، لَزِمَه. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، في مَن قال: بِعْنِي هذا. فقال: خُذْه بما شِئْتَ. فأخَذَه، فماتَ بيَدِه، [قال: هو مِن مالِ بائعِه؛ لأنَّه مِلْكُه حتى يقْطَعَ ثَمَنَه. ونقَل ابنُ مُشَيش، في مَن قال: بعِنْيِه. فقال: خُذْه بما شِئْتَ. فأخَذَه، فماتَ بيَدِه] (¬2)، يضْمَنُه ربُّه، هذا بَعدُ (¬3) لم يمْلِكْه. قال المَجْدُ: هذا يدُلُّ على أنَّه أمانَةٌ، وأنَّه يُخَرَّجُ مِثْلُه في بَيعِ خِيارٍ، على قَوْلِنا: لا يمْلِكُه. وقال: تضْمِينُه مَنافِعَه، كزِيادَةٍ، وأوْلَى. انتهى. فهذه نُصوصُه في هذه المَسْأَلةِ. قال في «الفُروعِ»: ذكَر الأصحابُ في ضَمانِه رِوايتَين. قال ابنُ رَجَب في «قَواعِدِه»: فمِنَ الأصحابِ مَن حكَى في ضَمانِه رِوايتَين، سواءٌ أخَذ بتَقْديرِ الثَّمَنِ، أو بدُونِه. وهي طَرِيقَةُ القاضي، وابنِ عَقِيل. وصحَّح الضَّمانَ؛ لأنَّه مَقْبوضٌ على وَجْهِ البَدَلِ والعِوَضِ، فهو كمَقْبوض بعَقْدِ فاسِدٍ. انتهى. قلتُ: ذكَر الأصحابُ في المَقْبوضِ على وَجْهِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) في الأصل، ط: «العبد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّوْمِ ثَلاثَ صُورٍ؛ الأُولَى، أنْ يُساومَ إنْسانًا في ثَوْبٍ أو نحوه، ويقْطَعَ ثَمَنَه، ثم يقْبِضَه ليُرِيَه أهْلَه، فإنْ رَضُوه، وإلَّا ردَّه، فيتْلَفُ. ففي هذه الصُّورَةِ، يضْمَنُ إنْ صحَّ بَيعُ المُعاطاةِ. والمذهبُ صِحَّةُ بَيعِ المُعاطاةِ. وجزَم بذلك في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال ابنُ أبي مُوسنى: يضْمَنُه بغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه»: وهذا يدُلُّ على أنَّه يَجْرِي فيه الخِلافُ إذا قُلْنا: إنَّه لم ينْعَقِدِ البَيعُ بذلك. وفي كلامِ أحمدَ إيماءٌ إلى ذلك. انتهى. الثَّانيَةُ، لو ساوَمَه، وأخَذَه ليُرِيَه أهْلَه، إنْ رَضُوه، وإلَّا ردَّه مِن غيرِ قَطْعِ ثَمَنِه، فيتْلَفُ، ففي ضَمانِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». إحْداهما، يضْمَنُه القابِضُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «الوَجيزِ»، في هذا البابِ. قال ابنُ أبي مُوسى: فهو مَضْمونٌ بغيرِ خِلافٍ. نُقِلَ عن أحمدَ، هو مِن ضَمانِ قابِضِه، كالعارِيَّةِ. والرَّوايَةُ الثَّانيَةُ، لا يضْمنُه. قال في «الحاويَيْن»: نقَل ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه، هو مِن ضَمانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِكِ، كالرَّهْنِ، وما يقْبِضُه الأجِيرُ. الثَّالثَةُ، لو أخَذَه بإذْنِ رَبِّه ليُرِيَه أهْلَه، إنْ رَضُوه اشْتَراه، وإلَّا ردَّه، فتَلِفَ بلا تَفْريطٍ، [يضْمَنْ] (¬1). قال ابنُ أبي مُوسى: هذا أظْهرُ عنه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَيْن». قال في «الفائقِ»: فلا ضَمانَ في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وعنه، يضْمَنُه بقِيمَتِه. فائدة: المَقْبوضُ في الإجارَةِ على وَجْهِ السَّوْمِ، حُكْمُه حُكْمُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في البَيعِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»، وقال: ووَلَدُ المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، كهُوَ، لا وَلَدَ جانِيَةٍ، وضامِنَةٍ، وشاهِدَةٍ، ومُوصًى بها، وحقٍّ جائزٍ، وضَمانِه. وفيه في «الانْتِصارِ»، إنْ أذِنَ لأمَتِه فيه، سرَى (¬2). وفي طْرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، ووَلَدُ مُوصًى ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل، ط: «سوى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعِتْقِها؛ لعدَمِ تعَلُّقِ الحُكْمِ بها، وإنَّما المُخاطَبُ المُوصَى إليه. انتهى. وفي ذلك بعضُ مَسائلَ، ما أعْلَمُ صُورَتَها؛ منها، قوْلُه: وحقٌّ جائزٌ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيَةِ والثَّمانِين»: منها، الشَّاهِدَةُ، والضَّامِنَةُ، والكَفِيلَةُ، لا يتَعَلَّقُ بأوْلادِ هِنَّ شيءٌ. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. واخْتارَ القاضي في «خِلافِه»، أنَّ وَلَدَ الضَّامِنَةِ يتْبَعُها، ويُباعُ معها، كوَلَدِ المَرْهُونَةِ. وضعَّفَه ابنُ عَقِيل في «نظَرِيَّاتِه». وقال في «القاعِدَةِ» المذْكُورَةِ (¬1): الأمَةُ الجانِيَةُ لا يتَعلَّقُ بأَوْلادِها وأكْسابِها شيءٌ. [وقال في «القاعِدَةِ» المَذْكُورَةِ: إذا وَلَدَتِ المَقْبوضَةُ على وَجْهِ السَّوْمِ في يَدِ القابِضِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: حُكْمُه حُكْمُ أصْلِه. قال ابنُ رَجَبٍ: ويُمْكِنُ أنْ يُخَرَّجَ فيه وَجْهٌ آخَرُ؛ أنَّه ليس بمَضْمونٍ، كوَلَدِ العاريَّةِ] (¬2). ويأْتِي في آخِرِ بابِ العاريَّةِ، حُكْمُ وَلَدِ المُعارَةِ، والمُؤْجَرَةِ، ووَلَدِ الوَدِيعَةِ، ويأْتِي حُكْمُ وَلَدِ المُدَبَّرَةِ والمُكاتَبَةِ في بابَيهما. فائدتان؛ إحْداهما، إذا طُولِبَ الضَّامِنُ بالدَّيْنِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ضَمِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإذْنِ المَضْمونِ عنه، أوْ لا، فإنْ كان ضَمِنَه بإذْنِه، فله مُطالبَتُه بتَخْليصِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: له ذلك في الأصحِّ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». [وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»] (¬1). وقيل: ليس للضَّامِنِ مُطالبَتُه بتَخْليصِه (¬2) حتى يُؤَدِّيَ. وإنْ لم يُطالبِ الضَّامِنُ، لم يكُنْ له مُطالبَتُه بتَخْليصِه مِنَ المَضْمونِ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ». وقيل: له ذلك. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «التَّلْخيصِ». وإنْ كان ضَمِنَه بغيرِ إذْنِه، لم يكُنْ له مُطالبَتُه بتَخْليصِه قبلَ الأداءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، [و «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم] (3). وقيل: له ذلك إذا طالبَه. الثَّانيةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو تَغيَّبَ مَضْمونٌ عنه -أطْلَقَه في مَوْضِعٍ، وقيَّدَه في آخَرَ بقادرٍ على الوَفاءِ -فأُمْسِكَ الضَّامِنُ، وغَرِمَ شيئًا بسَبَبِ ذلك، وأنْفَقَه ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في الأصل، ط: «بتحليفه».

وَإنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّينَ مُتَبَرِّعًا، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْء. وَإنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَكَانَ الضَّمَانُ وَالْقَضَاءُ بِغَيرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَهَلْ يَرْجِعُ؟ عَلَى روَايَتَينِ. وَإنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ بأَقَلِّ الأَمْرَينِ مِمَّا قَضَى، أَوْ قَدْرِ الدَّينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في حَبْسٍ، رجَع به على المَضْمونِ عنه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا يُعْدَلُ عنه. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في أوائلِ بابِ الحَجْرِ أيضًا. قوله: وإنْ قضَى الضَّامِنُ الدَّينَ مُتَبَرِّعًا، لم يرْجِعْ بشَيءٍ. وإنْ نوَى الرُّجوعَ، وكان الضَّمانُ والقَضاءُ بغيرِ إذْنِ المَضْمونِ عنه، فهل يرْجِعُ؟ على رِوايتَين. وإنْ أذِنَ في أحَدِهما، فله الرُّجوعُ بأقَلِّ الأمْرَين ممَّا قضَى، أو قَدْرِ الدَّينِ. إذا قضَى الضَّامِنُ الدَّينَ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يقْضِيَه مُتَبَرِّعًا، أوْ لا؛ فإنْ قَضاه مُتَبَرّعًا، لم ويرْجعْ، بلا نِزاعٍ. قال في «الرِّعايَةِ»: هذه هِبَةً تحْتاجُ قَبُولًا وقَبْضًا ورِضًى. والحَوالةُ بما وجَب قَضاءُ. وإنْ قَضاه غيرَ مُتَبَرِّعٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن ينْوىَ الرُّجوعَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يذْهَلَ عن ذلك؛ فإنْ نوَى الرُّجوعَ، ففيه أرْبَعُ مسَائلَ، شَمِلَها كلامُ المُصَنِّفِ؛ إحْداها، أنْ يضْمَنَ بإذْنِه، ويقْضِيَ بإذْنِه، فيرْجِعَ، بلا نِزاعٍ (¬1). الثَّانيةُ، أنْ يضْمَنَ بإذْنِه، ويقْضِيَ بغيرِ إذْنِه، [فيرْجِعَ أيضًا، بلا نِزاعٍ. الثَّالثةُ، أنْ] (¬2) [يضْمَنَ بغيرِ إذْنِه، ويقْضِيَ بإذْنِه] (¬3)، فيرْجِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أنَّه لا يرْجِعُ. الرَّابعةُ، أنْ يضْمَنَ بغيرِ إذْنِه، ويقْضِيَ بغيرِ إذْنِه. فهذه فيها الرِّوايَتان. وأطْلَقَهما في ¬

(¬1) في الأصل: «بلا إذنه». (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»؛ إحْداهما، يرْجِعُ. وهو المذهبُ، بلا رَيبٍ، ونصَّ عليه. قال ابنُ رَجَبٍ، في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعِين (¬1)»: يرْجِعُ على أصحِّ الرِّوايتَين. وهي المذهبُ عندَ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، والقاضي، والأكْثَرِين. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وأبِي الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ، وابنِ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، وغيرِهم. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. وجزَم به في «الوَجيز» وغيرِه. وصحَّحه ¬

(¬1) في الأصول: «والتسعين». وانظر القواعد 143.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّصحيحِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وقال: نصَّ عليه، واخْتارَه الأصحابُ. انتهى. قال في «القَواعِدِ»: واشْترَطَ القاضي أن ينْويَ الرُّجوعَ، ويُشْهِدَ على نِيتَّهِ عندَ الأداءِ، فلو نوَى التَّبرُّعَ، أو أطْلَقَ النِّيَّةَ، فلا رُجوعَ له. واشْترَطَ أيضًا أنْ يكونَ المَدْيونُ مُمْتَنِعًا مِنَ الأداءِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يرْجِعُ إلى أنْ لا رُجوعَ إلَّا عندَ تعَذُّرِ إذْنِه. وخالفَ في ذلك صاحِبُ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ». وهو ظاهِرُ إطْلاقٍ القاضي في «المُجَرَّدِ»، والأكْثرَين. انتهى. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يرْجِعُ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيل: يظْهرُ فيها، كذَبْحِ أُضْحِيَةِ غيرِه بلا إذْنِه، في مَنْعِ الضَّمانِ والرُّجوعِ؛ لأنَّ القَضاءَ هنا إبْراءٌ، كتَحْصِيلِ الإجْزاءِ بالذَّبْحِ. انتهى. وإنْ قَضاه، ولم ينْو الرُّجوعَ ولا التَّبرُّعَ، بل ذهَل عن قَصْدِ الرُّجوعِ وعَدَمِه، فالمذهبُ، أنَّه لا يرْجِعُ. اختارَه القاضي، كما تقدَّم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «القَواعِد»؛ فإنَّه جعَل النِّيَّةَ في قَضاءِ الدَّينِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْلًا لأحَدِ الوَجْهَين، فيما إذا اشْتَرَى أسِيرًا حُرًّا مُسْلِمًا. وقيل: يرْجِعُ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ ابنِ مَنْصُورٍ، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ في كلِّ مَن أدَّى عن غيرِه دَينًا واجِبًا بإذْنِه، وبغيرِ إذْنِه، على ما تقدَّم مِنَ التَّفْصيلِ في ذلك والخِلافِ.

وَإنْ أنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ، وَحَلَف، لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، سَوَاء صَدَّقَهُ، أوْ كَذَّبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن أنْكرَ المضْمونُ له القَضاءَ، وحلَف، لم يرْجِعِ الضامِنُ على المَضمونِ عنه، سَواء صَدقَه، أو كَذبَه. إذا ادعَى الضامِنُ القَضْاءَ، وأنْكَرَ المَضمونُ له، فلا يخْلُو؛ إما (¬1) أنْ يُصَدِّقَه المَضْمونُ عنه، أو يُكَذِّبَه، فإنْ كذَّبَه، لم يرْجِعْ عليه إلَّا ببَينة تشْهَدُ له بالقَضاءِ، فإنْ لم يَكُنْ له بَينة، فللمَضْمونِ له (¬2) الرُّجوعُ على الأصِيلِ والضامِنِ، فإنْ أخَذ مِنَ الضامِنِ ثانيا، فهل يرْجِعُ الضامن بالأوَّلِ للبَراءَةِ به باطِنًا، أو بالثانِي؟ فيه احْتِمالان مُطْلَقان في «الفُروعِ» (¬3)؛ أحدُهما، يرْجِعُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصول، وانظر: المغني 7/ 94. (¬3) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما قَضاه ثانِيًا. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرح»، وقالا: هو أرجَح. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرحِه». والثَّانِي، يرجِعُ بما قَضاه أوَّلًا. وهما طَرِيقَة مُوجَزَة في «الرعايَةِ». والثَّانِي، قدَّمه فيها، أنَّه يرجِعُ عليه مَرَّةً واحدَةً بقدرِ الدينِ. ولا مُنافاةَ بينَ الطَّرِيقَتَين. وإنْ صدقَه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قَضاه بإشْهادٍ أو غيرِه؛ فإنْ قَضاه بإشْهادٍ صحيحٍ، رجَع عليه، ولو كانتِ البينةُ غائبَةً أو ميتةً. وتقدم نَظيرُه في الرَّهْنِ، ويأتِي في الوَكالةِ. لكِنْ لو رُدت الشَّهادَةُ بأمر خَفِيّ، كالفِسْقِ باطِنًا، أو كانتِ الشَّهادَةُ مُخْتَلَفًا فيها؛ كشَهادَةِ العَبِيدِ، أو شاهدٍ واحدٍ، أو كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَيِّتًا أو غالبًا، فهل يرجِعُ؟ فيه احتِمالان مُطْلَقان في «المُغْني»، و «الشرحِ»، و «الفُروع». قطَع في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، إنّه لا يكْفِي شاهِدٌ واحِد. وقال في «الكُبْرَى»: قلتُ: بلَى، ويحلِفُ معه. فلو ادَّعَى الإشْهادَ، وأنْكَرَه المَضْمونُ عنه، فهل يُقْبَلُ قولُه؟ فيه وَجْهان، أطْلَقهما في «الفُروع»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وإنْ قَضاه بغيرِ إشْهاد، فلا يخْلُو؛ إما أنْ يكونَ القَضاءُ

وإنِ اعتَرَفَ بِالْقَضَاءِ، وَأنكَرَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، لَمْ يُسْمَع إِنْكَارُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بحَضْرَةِ المَضْمونِ عنه، أو في غَيبَتِه، فإنْ كان بحَضْرَتِه، رجَع. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. صححه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين». وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدمه في «المُحَرَّر»، و «شَرح ابنِ رَزِين»، وغيرِهما. وقيل: ليس له الرُّجوعُ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الحاويَيْن». وإنْ كان القَضاءُ في غَيبَةِ المَضْمونِ عنه (¬1)، لم يرجِع عليه، قوْلًا واحِدًا. قوله: وإنِ اعتَرَفَ بالقَضاءِ -أي المَضْمونُ له- وأنْكَرَ المَضْمونُ عنه، لم يُسْمَع إنْكارُه. ويرجِعُ عليه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المذهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «التلْخيص»: رجَع، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال الشَّارِحُ: هذا أصح. قال في «الفُروع»: رجَع في الأصحِّ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يرجِعُ. وهو ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احتِمال لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». فائدتان؛ الأُولَى، لو قال المَضْمونُ له: بَرِئْتَ إليَّ مِنَ الدَّيْنِ. فهو مُقِرٌّ بقَبْضِه. ولو قال: بَرِئْتَ. ولم يقُلْ: إليَّ. لم يكُنْ مُقِرًّا بالقَبْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ». وصحَّحه. وقيل: يكونُ مُقِرًّا به. واخْتارَه القاضي، قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، قال في «المُنَوِّرِ»: وإنْ قال رَبُّ الحقِّ للضَّامِنِ (¬1): بَرِئْتَ إليَّ مِنَ الدَّينِ. فهو مُقِرٌّ بقَبْضِه. وأطْلَقَهما في «التلْخيضِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». ولو قال: أبرَأتك. لم يكُنْ مُقِرًّا بالقَبْضِ، قوْلًا واحدًا. الثانيةُ، لو قال: وهبْتُك الحقَّ. فهو تَملِيك، فيرجِعُ على المَضْمونِ عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو إبْراء، فلا رُجوعَ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الضامن».

وإنْ قَضَى الْمُؤجَّلَ قَبْلَ أجَلِهِ، لَمْ يرجِع حَتَّى يَحِلَّ. وَإنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ أو الضّامِنُ، فَهلْ يَحِل الدَّينُ عَلَيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ، وَأيُّهُمَا حَلَّ عَلَيهِ، لم يَحِلَّ عَلَى الآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ المَضْمونُ عنه، أو الضامِنُ، فهل يحِلُّ الدينُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الشرح»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحداهما، لا يحِل. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَة»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاويَيْن». وقدمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايتَين». والثانيةُ، يحِلُّ. وقال ابنُ أبي مُوسى: إذا ماتَ المَضْمونُ عنه قبلَ مَحِل الدين مُفْلسًا به، لم يكُنْ للمَضْمونِ له مُطالبَةُ الضامِنِ قبلَ مَحِله. وإنْ خلف وَفاء بالحَقِّ، فهل يحِلُّ بمَوْتِه؟ على رِوايتَين؛ إحداهما، يحِلُّ. والأخْرَى، لا يحِل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا وَثُقَ الوَرَثَةُ. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ هنا الرِّوايتَين [فيما إذا ماتَ أحدُهما، وهي طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشارِح، وابنِ مُنَجَّى. وقيل: محَل الرِّوايتَين] (¬1) فيما إذا ماتا معًا. وهي طَرِيقَةُ صاحِبِ «الهِدايَة»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى» وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». فجزَمُوا بعَدَمِ الحُلولِ إذا ماتَ أحدُهما، وأطْلَقُوا الرِّوايتَين فيما إذا ماتا معًا. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ ماتا معًا، وقيل: أو المَديونُ وحدَه، حَل. فجزَم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤجلًا. وَإنْ ضَمِنَ الْمُؤجَّلَ حَالًّا، لَمْ يَلْزمهُ قَبْلَ أجَلِهِ، فِي أصح الْوَجْهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحُلولِ إذا ماتا معًا. قوله: ويصِحُّ ضَمانُ الحَال مُؤجَّلًا. بلا نِزاع. نصّ عليه؛ فلصاحِبِ الحق مُطالبَةُ المَضمونِ عنه في الحال، دُونَ الضامِنِ. قوله: وإنْ ضَمِنَ المُؤجلَ حالًا، لم يلْزَمه قبلَ أجَلِه، في أصَح الوَجْهين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّر»، و «الشرح»، و «الفُروع»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائق»، وغيرِهم. والوَجْهُ الآخَرُ، يلْزَمُه قبلَ أجَلِه] (¬1). تنبيه: أفادَنا المُصنِّفُ، رَحِمَه الله، صِحَّةَ ضَمانِ المُؤجَّلِ حالًا. [وهو صحيح] (4)، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّلخيصَ».

فصلٌ فِي الْكَفَالة: وَهِيَ الْتِزَامُ إِحضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَتَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيهِ دَينٌ، وَبِالأعيَانِ الْمَضْمُونَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه في الكفَالةِ: وهي التِزامُ إخضارِ المَكْفُولِ به. أنه سواءٌ كان المَكْفُولُ به حاضِرًا أو غائنًا، بإذْنِه، بلا نِزاعٍ (¬1)، وبغيرِ إذْنِه، على خِلاف يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قَرِيبا. وقيل: لا تصِحُّ كَفالةُ المديُونِ إلا بإذْنِه. الثانِي، قوْلُه: وتصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه دَينٌ. يعني، ببَدَنِ كلِّ مَن يلْزَمُه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُضُورُ إلى مَجْلِسِ الحُكْمِ بدَين لازِم مُطْلَقًا، يصِحُّ ضَمانُه. قوْلُه: وبالأعيانِ المَضْمونَةِ. يعنِي، يصِحُّ أنْ يكْفُلَها، بحيثُ إنَّه إذا تَعذَّرَ إحضارُها، يضْمَنُها، إلَّا أنْ تتْلَفَ بفِعلِ الله تِعالى، على ما يأتِي. قال الزّركَشِي: في صِحَّةِ كَفالةِ العَين المَضْمونَةِ وَجْهان. ولم أرَ الخِلافَ لغيرِه. فائدة: تنْعَقِدُ الكَفالةُ بألفاظِ الضَّمانِ المُتَقَدِّمَةِ كلِّها. على الصَّحيحِ مِنَ

وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيهِ حَدٌّ أوْ قِصَاصٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقيل: لا تنْعَقِدُ بلَفْظِ: حَمِيل، وقَبِيلٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قوله: ولا تصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه حَدٌّ أو قِصاصٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدينِ: تصِحُّ. واخْتارَه في «الفائقِ». تنبيه: قوْلُه: ولا تصِحُّ ببَدَنِ مَن عليه حدٌّ أو قِصاص. شَمِلَ سواءً كان حقًّا لله (¬1)؛ كحَد الزِّنَى، والسرِقَةِ، ونحوهما، أو لآدَمِيٍّ، كحَد القَذْفِ، والقِصاصِ. وكوْنُ مَن عليه حَدٌّ أو قِصاصٌ لا تصِحُّ كَفالته، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فيه».

وَلَا بِغَيرِ مُعَيَّن، كَأحدِ هذَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، تصِحُّ الكَفالة لأخْذِ مالٍ، كالدِّيَةِ، وغُرمِ السَّرقَةِ. الثانيةُ، لا تصِحُّ الكَفالةُ بزَوْجِه، أو شاهِدٍ. قوله: ولا بغيرِ مُعَيَّنٍ، كأحَدِ هذَين. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يصِحُّ؛ لأنّه تَبَرُّع، فهو كالإعارَةِ والإباحَةِ. ذكَره

وإنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إنْسَانٍ أوْ عُضْو، أوْ كَفَلَ بِإِنْسَانٍ عَلَى أنهُ إنْ جَاءَ بِهِ، وَإلَّا فهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ، أوْ ضَامِن مَا عَلَيهِ، صَحَّ، فِي أحَدِ الْوَجْهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَة». قوله: وإنْ كفَل بجُزْءٍ شائعٍ مِن إنْسانٍ -كثُلُثِه أو رُبْعِه- صَح في أحَدِ الوَجهين. وأطْلَقهما في «المُحَرر»، و «الفُروع»، و «الفائق»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «إدراكِ الغايَةِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشرحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: هذا الأظْهرُ. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». والوَجْهُ الثانِي، لا يصِحُّ. قال القاضي، في «المُجَرَّدِ»: لا تصِح الكَفالةُ ببعضِ البَدَنِ. قوله: أو عُضْوٍ، صحَّ في أحَدِ الوَجْهين. إذا تكَفَّلَ بعُضْوٍ مِن إنْسانٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بوَجْهِه أو بغيرِه؛ فإنْ كان بوَجْهِه، صحَّ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدراكِ الغايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»: وهو الظاهِرُ. وينْبَغِي حمل كلام. المُصَنِّفِ عليه. وقيل: لا يصِح. قال القاضي: لا يصِح ببَعضِ البَدَنِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: لم أرَ مَن صرَّح بهذا القَوْلِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، إجْراءُ (¬1) الخِلافِ فيه. وإنْ كانتِ الكَفالةُ بعُضْو، غيرَ وَجْهِه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهين، وأطْلَقهما في «المُحَرر»، و «الفائق»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما: تصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به ابنُ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «استحبوا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهرُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «التَّلْخيص»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وصحَّحه في «التّصحيحِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تصِحُّ. اخْتارَه القاضي، كما تقدَّم عنه. وقيل: إنْ كانتِ الحَياةُ تَبْقَى معه؛ كاليَدِ والرجْلِ، ونحوهما، لم يصِحَّ، وانْ كانتْ لا تَبْقَى معه؛ كرَاسِه وكَبِدِه، ونحوهما، صحَّ. جزَم به في «الوَجيزِ» وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وهو الصوابُ. قال في «الكافِي»: قال غيرُ القاضي: إن كفَل بعُضْو لا تبْقَى الحَياةُ بدُونِه؛ كالرأسِ، والقَلْبِ، والظهْرِ، صحَّ، وإنْ كان بغيرِ بها؛ كاليَدِ والرجلِ، فوجْهان. قوله: وإنْ كفَل بإنْسانٍ على أنّه إنْ جاءَ به، وإلَّا فهو كَفِيل بآخَرَ، أو ضامِن ما عليه، صَح في أحَدِ الوَجْهين. وأطْلَقَهما في «المُذْهبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وظاهِرُ «المُغْني»، و «الشرح»، الإطْلاقُ؛ أحدُهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعفَر. وصححه في «التصحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن». ونقَل مُهنَّا الصحَّةَ في كَفِيل به. والوجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي في «الجامِعَ». فوائد؛ منها، لو قال: كفَلْت ببَدَنِ فُلانٍ على أنْ تُبْرِئ فُلانًا الكَفِيلَ. فسَد الشّرطُ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يفْسُدُ. فعلى المذهبِ، يفْسُدُ العَقْدُ أيضًا. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجهُ وَجْه، لا يفْسُدُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا الحُكْمُ لو قال: ضَمِنْتُ لك هذا الدينَ على أنْ تُبرِئَنِي مِنَ الدينِ الآخَرِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ومنها، لو قال: إنْ جِئْتَ به في وَقتِ كذا، وإلَّا فأنا كَفِيلٌ ببَدَنِ فُلانٍ. أو: وإلَّا فأنا ضامِن ما لك على فُلانٍ. أو قال: إنْ جاءَ زَيدٌ فأنا ضامِنٌ لك ما عليه. أو: إذا قَدِمَ الحَاجُّ فأنا كَفِيل بفُلانٍ شَهْرًا. فقال القاضي: لا تصِحُّ الكَفالةُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أقْيَسُ. وقال الشَرِيفُ أبو جَعفَر، وأبو الخَطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: تصِحُّ. واعلم أنَّ أكْثرَ هذه المَسائلِ، وما ذكَرَه المُصَنِّفُ ينْزِعُ إلى تعليقِ الضَّمانِ والكَفالةِ بشَرطٍ، وتَوْقِيتهما، بل هي مِن جملَتِها. قال في «الفُروعِ»: وفي صِحُّةِ تعليقِ ضَمانٍ وكَفالةٍ بغيرِ سبَبِ الحَقِّ، وتَوْقِيتهما، وَجْهان؛ فلو تكَفَّلَ به على أنَّه إنْ لم يأتِ به، فهو ضامِن لغيرِه، أو كَفِيل به، أو كفَلَه شَهْرًا، فوَجْهان. انتهى. وقدَّم في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، صِحةَ تَعليقِ الضمانِ والكَفالةِ بالشَّرطِ المُسْتَقْبَلِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ»، وأبو الخَطابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعفر، وغيرُهم. وتقدم ذلك في مَسْألةِ المُصَنِّفِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ علق الضمانَ على شَرط مُسْتَقْبَل، صحَّ. وقيل: لا يصِحُّ إلَّا بسَبَبِ الحق؛ كالعُهْدَةِ، والدرَكِ، وما لم يجِبْ ولم يُوجد بسَبَبِه، ويصِحُّ تَوْقِيتُه بمُدةٍ معلومَةٍ. قال: ويحتَمِلُ عدَمُه. وهو أقْيَسُ؛ لأنه وَعد. انتهى. فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: إنْ كفَل إلى أجَلٍ مَجْهولٍ، لم تصِح

وَلَا يَصِحُّ إلا بِرِضَا الْكَفِيلِ، وَفِي رِضَا الْمكْفُولِ بِهِ وَجْهانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَفالةُ؛ لأنَّه ليس له وَقْت تُسْتَحَقُّ مُطالبَتُه فيه. وهكذا الضَّمانُ، وإنْ جعَلَه إلى الحَصادِ والجِدادِ والعَطاءِ. وخُرِّجَ على الوَجْهين في الأجَلِ في البَيعِ. والأوْلَى صِحَّتُه هنا. انتهيا. قوله: ولا يصِحُّ إلَّا برِضَا الكَفِيلِ -بلا نِزاع- وفي رِضَا المَكْفُولِ به -وهو المَكْفُولُ عنه- وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»،

وَمَتَّى أحضَرَ الْمَكْفُولَ بِهِ، وَسَلَّمَهُ، بَرئ، إلَّا أنْ يُحضِرَهُ قَبْلَ الأجَلِ وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «الفائقِ»، و «الزركَشِي»؛ أحدُهما، يُعْتَبَرُ رِضاه. جزَم به في «الوَجيزِ». قال في «الخُلاصةِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»: يُعتَبَرُ رِضاه في أصح الوَجْهين. وصحَّحه في «التّصحيحِ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا أوْلَى. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يعتَبَرُ رِضاه. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو المذهبُ على ما اصطَلَحناه. قوله: ومتى أحضَرَ المَكْفُولَ به، وسَلَّمَه، بَرِئ، إلَّا أنْ يُحضِرَه قبلَ الأجَلِ، وفي قَبْضِه ضَرَرٌ. إذا أحضَرَ المَكْفُولَ به، وسلَّمَه بعدَ حُلولِ الأجَلِ، بَرِئ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيح مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، نصّ (¬1) عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، بشَرطِ أنْ يكونَ هناك يَد حائلَة ظالِمَة. قلتُ: الظَّاهِرُ أنّه مُرادُ غيرِهم. وعنه، لا يبرأ حتى يتَبَرَّأ منه. قال ابنُ أبِي مُوسى: لا يبْرأ حتى يقولَ: قد بَرِئْتُ إليك منه. أو: قد سلَّمتُه إليك. أو: قد أخْرَجْتُ نَفْسِي مِن كَفالتِه. انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ؛ [منهم المُصَنِّفُ والشَّارِحُ] (¬2): إذا امتَنَعَ مِن تسَلمِه، أشْهدَ على ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ امتِناعِه رَجُلَين، وبَرِئ. وقال القاضي: يرفَعُه إلى الحاكِمِ، فيُسَلمُه إليه، فإنْ لم يجِدْ حاكِمًا، أشْهدَ شاهِدَين على إحضارِه وامتِناعِ المَكْفُولِ له مِنْ قَبُولِه. تنبيه: حُكْمُ ما إذا أحضَرَه قبلَ حُلولِ الأجَلِ، ولا ضَرَرَ في قَبْضِه، حُكمُ ما إذا أحضَرَه بعدَ حُلولِ الأجَلِ، خِلافًا ومذهبا، على ما تقدَّم. فائدة: يتَعَيَّنُ إحضارُه مَكانَ العَقْدِ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يتَعَيَّنُ فيه إنْ حصَل ضرَرٌ في غيرِه، وإلَّا فلا. وقيل: يبْرأ ببَقِيَّةِ البَلَدِ (¬1). اخْتارَه القاضي، وأصحابُه. وقدمه في «التلْخيصِ». قال ¬

(¬1) بعده في ا: «اختاره القاضي، قاله في «المغني»، و «الشرح». وعند غيره، إذا كان فيه سلطان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ كان المَكْفُولُ في حَبْسِ الشّرعِ، فسَلَّمَه إليه فيه، بَرِئ، ولا يلْزَمُه إحضارُه منه إليه عندَ أحَدٍ مِنَ الأئمَّةِ، [ويُمَكِّنُه الحاكِمُ مِنَ الإخْراجِ ليُحاكِمَ غَرِيمَه، ثم يَرُدُّه. هذا مذهبُ الأئمَّةِ] (¬1)، كمالِكٍ، وأحمدَ، وغيرِهما. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، وإنْ قِيلَ: دَلالته عليه، وإعلامُه بمَكانِه لا يعَدُّ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ، أو تَلِفَتِ الْعَينُ بِفعلِ اللهِ تَعَالى، أو سَلَّمَ نفْسَهُ، بَرئ الْكَفِيلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَسْلِيمًا. قُلْنا: بل يُعَدُّ. ولهذا إذا دَلَّ على الصَّيدِ مُحرِمًا، كَفَّر. قوله: وإنْ ماتَ المَكْفُولُ به، أو تَلِفَتِ العَينُ بفِعلِ الله تِعالى، أو سلَّمَ نَفْسَه، بَرِئ الكَفِيلُ. إذا ماتَ المَكْفُولُ به، بَرِئ الكَفِيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. سواءٌ تَوانَى الكَفِيلُ في تَسْلِيمِه حتى ماتَ، أوْ لا. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يبْرأ مُطلقًا، فيلْزَمُه الدينُ. وهو احتِمال في «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ذكَرَه عنه في «الفائقِ». وقيل: إنْ تَوانَى في تسلِيمِه حتى ماتَ، لم يبْرَأ، وإلا بَرِئ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يشْتَرِطْ، فإنِ اشْتَرَطَ الكَفِيلُ أنَّه لا شيءَ عليه إنْ ماتَ، بَرِئ بمَوْته، قوْلًا واحدًا. قاله في «التلْخيصِ»، و «المُحَررِ»، وغيرِهما. وأمَّا إذا تَلِفَتِ العَينُ بفعلِ الله تِعالى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الكَفِيلَ يبْرأ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقيل: لا يبْرأ. وأطْلَقَهما في «الفُروعَ». تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يشْتَرِطْ أنْ لا مال عليه بتَلَفِ العَينِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَكْفُولِ بها، فإنِ اشْتَرَطَ، بَرِئ، قوْلًا واحدًا، كما تقدَّم في المَوْتِ. الثاني، مُرادُه بقَوْلِه: أو تَلِفَتِ العَينُ بفعل، اللهِ تعالى. قبلَ المُطالبَةِ. صرَّح به في

وَإنْ تَعَذَّرَ إِحضَارهُ مَعَ بَقَائِهِ، لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّينُ، أوْ عِوَضُ الْعَين وَإنْ غَابَ، أمهِلَ الْكَفِيلُ بِقَدرِ مَا يَمضِي فيُحضِرُهُ، فَإِنْ تَعَذَّر ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وأمَّا إذا أسْلَمَ المَكْفُولُ به نفْسَه في مَحِله، فإن الكَفِيلَ يبرأ، قولًا واحدًا. قوله: وإنْ تَعَذَّرَ إحضارُه، مع بَقائِه، لَزِمَ الكَفِيلَ الدينُ، أو عِوَضُ العَينِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وفي «المُبْهِج» وَجْه؛ أنه يُشترَطُ البَراءَةُ منه. وقال ابنُ عَقِيل: قِياسُ المذهبِ لا يلْزَمُه، إنِ امتنَعَ بسُلْطانٍ، وألْحَقَ به معسِرًا أو مَحبُوسًا ونحوَهما؛ لاسْتِواءِ المَعنَى. وكوْنُ الكَفِيلِ يضْمَنُ ما على المَكْفُولِ به إذا لم يُسَلّمه، مِنَ المُفْرَداتِ. فائدة: قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: السَّجَّانُ كالكَفِيلِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعَ». قوله: وإنْ غابَ، أُمْهِلَ الكَفِيلُ بقدرِ ما يمضِي، فيُحضرُه، وإنْ تعَذرَ إحضَارُه، ضَمِنَ. إذا مضَى الكَفِيلُ ليُحضِرَ المَكْفُولَ به، وتعَذَّرَ إحضارُه،

إِحضَارُهُ، ضَمِنَ مَا عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فحُكْمُه حُكْمُ ما إذا تعَذَّرَ إحضارُه مع بَقائِه، على ما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا.

وَإِذَا طَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ أَوْ طَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا طالَبَ الكَفِيلُ المَكْفُولَ به بالحُضورِ مَعَه (¬1) لَزِمَه ذلك، إنْ كانتِ الكَفالَةُ بإذْنِه، أو طالَبَه صاحِبُ الحَقِّ بإحْضارِه، وإلَّا فلا. وهذا المذهبُ فيهما، ¬

(¬1) في النسخ: «مدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يلْزَمُه الحُضُورُ إلَّا إذا كانتِ الكَفالةُ بإذْنِه، فطالبَه المَكْفُولُ له بحُضُورِه. فائدة: حيثُ أدَّى الكَفِيلُ ما لزِمَه، ثم قدَر على المَكْفُولِ به، فقال في «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِهم، أنَّه في رُجوعِه عليه كالضَّامِنِ، وأنَّه لا يُسَلِّمُه إلى المَكْفُولِ له، ثم يسْتَرِدُّ ما أدَّاه، بخِلافِ مَغْصُوبٍ تعَذَّرَ إحْضارُه مع بَقائه؛ لامْتِناعِ

وَإِذَا كَفَلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ، فَسَلَّمَهُ أحَدُهُمَا، لَمْ يَبْرَأَ الْآخَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيعِه (¬1). قوله: وإذا كفَل اثْنان برَجُلٍ، فسَلَّمَه أحَدُهما، لم يبْرَأ الآخَرُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي وأصحابُه، ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» ¬

(¬1) بياض في: الأصل، ط.

وَإنْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَينِ، فَأَبْرَأَةُ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَبْرأ مِنَ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: أشْهَرُ الوَجْهَين، لا يبْرَأ. وقيل: يبْرَأ الآخَرُ. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». ونصَرَه الأزَجِيٌّ في «نِهايتِه». وهو ظاهِرُ كلامِ السَّامَرِّيِّ في «فُروقِه». قاله ابنُ رَجَبٍ في «قوَاعِدِه»، وقال: والأظْهَرُ أنَّهما إنْ كفَلا كَفالةَ اشْتِراكٍ؛ مثلَ أنْ يقولا: كفَلْنا لك زَيدًا، نُسَلِّمُه إليك. فإذا سلَّمَه أحدُهما، بَرِئ الآخَرُ؛ لأنَّ التَّسْلِيمَ المُلْتَزَمَ واحِدٌ، فهو كأداءِ أحَدِ الضَّامِنَين للمال. وإنْ كفَلا كَفالةَ انْفِرادٍ واشْتِراكٍ؛ بأنْ قالا: كُلُّ واحدٍ منَّا كَفِيلٌ لك بزَيدٍ. وكُلُّ واحدٍ مُلْتَزِمٌ له إحْضارَه، فلا يبْرَأُ بدُونِه، مادامَ الحَقُّ باقِيًا على المَكْفُولِ به، فهو كما لو كفَلا في عَقْدَين مُتَفَرِّقَين. وهذا قِياسُ قَوْلِ القاضي، في ضَمانِ الرَّجُلَين الدَّينَ. فائدة: لو سلَّم المَكْفُولُ به نَفْسَه، بَرِئَ الاثْنان، وفَرْقٌ بينَه وبينَ ما إذا سلَّمَه أحدُهما. قوله: وإن كفَل واحدٌ لاثْنَين، فأبْرَأَه أحَدُهما، لم يَبْرأْ مِنَ الآخَرِ. بلا نِزاعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، يصِحُّ (¬1) أنْ يكْفُلَ الكَفِيلُ كَفِيلًا آخَرَ، فإنْ بَرِئَ الأوَّلُ، بَرِئَ الآخَرُ، ولا عَكْسَ. وإنْ كفَل الثَّانِيَ ثالِثٌ، بَرِئ ببَراءَةِ الثَّانِي والأوَّلِ، ولا عكْسَ. فلو كفَل اثْنان واحِدًا، وكفَل كلَّ واحدٍ منهما كَفِيلٌ آخَرُ، فأحْضَرَه أحدُهما، بَرِئَ هو ومَن تَكَفَّلَ به، وبَقِيَ الآخَرُ ومَن كفَل به. الثَّانيةُ، لو ضَمِنَ اثْنان دَينَ رَجُلٍ لغَريمِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يقولَ كلُّ واحدٍ منهما: أنا ضامِنٌ لك ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَلْفَ. أو يُطْلِقَ؛ فإنْ قالا: كلُّ واحدٍ منَّا ضامِنٌ لك الأَلْفَ. فهو ضَمانُ اشْتِراكٍ في انْفِرادٍ، فله مُطالبَةُ كلِّ واحدٍ منهما بالألْفِ إنْ شاءَ، وله مُطالبَتُهما، وإنْ قَضاه أحدُهما، لم يرْجِعْ [إلَّا على] (¬1) المَضمُونِ عنه. وإنْ أطْلَقا الضَّمانَ؛ بأنْ قالا: ضَمِنَّا لك. فهو بينَهما بالحِصَصِ، وكلُّ واحدٍ منهما ضامِنٌ لحِصَّتِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الخِلافِ»، والمُصَنِّفِ، وقطَع به الشَّارِحُ. وقيل: كلُّ واحدٍ ضامِنٌ للجَميعِ، كالأوَّلِ. نصَّ عليه أحمدُ (3) في رِوايَةِ مُهَنَّا. وكذا قال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فيها احْتِمالين. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «القَواعِدِ». وبَناه القاضي على أنَّ الصَّفْقَةَ تتَعَدَّدُ بتَعَدُّدِ الضَّامِنَين، فيصِيرُ الضَّمانُ مُوَزَّعًا عليهما. وعلى هذا، لو كان المَضْمونُ دَينًا مُتَساويًا على رَجُلَين، فهل يُقالُ: كلُّ (¬2) واحدٍ منهما ضامِنٌ لنِصْفِ الدَّينَين. أو كلُّ واحدٍ منهما ضامِنٌ لأحَدِهما بانْفِرادِه؟ إذا قُلْنا: يصِحُّ ضَمانُ المُبْهَمِ. يحْتَمِلُ وَجْهَين. قاله ابنُ رَجَبٍ، في «قَواعِدِه». الثَّالثةُ، لو كان على اثْنَين مِائَةٌ لآخَرَ، فضَمِنَ كلُّ واحدٍ منهما الآخَرَ، فقَضاه أحدُهما نِصْفَ المِائَةِ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «إلى أعلى». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أبْرَأَه منه، ولا نِيَّةَ، فقيلَ: [إنْ شاءَ صرَفَه إلى الذي عليه بالأصالةِ، و] (¬1) إنْ شاءَ صرَفَه إلى الذي عليه بطرِيقِ الضَّمانِ. قلتُ: وهو أوْلَى. وقد تقدَّم ما يُشْبِهُ ذلك في الرَّهنِ، بعدَ قوْلِه: وإن رهَنَه رَجُلان شيئًا، فوَقَّاه أحدُهما. وقيل: يكونُ بينَهما نِصْفين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». الرَّابعةُ، لو أحال عليهما ليقْبِضَ مِن أيِّهما شاءَ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِيِّ وَجْهًا، لا يصِحُّ، كحَوالتِه على اثْنَين له، على كلِّ (¬2) واحدٍ منهما مِائَةٌ. الخامسةُ، لو أبْرَأَ أحدَهما مِنَ المِائَةِ، بَقِيَ على الآخَرِ خَمْسُون أَصالةً. السَّادِسةُ، لو ضَمِنَ ثالِثٌ عن أحَدِهما المِائَةَ بأَمْرِه. وقَضاها، رجَع على المَضْمونِ عنه بها. وهل له أنْ يرْجِعَ بها على الآخَرِ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّ له الرُّجوعَ عليه؛ لأنَّه كضامِنِ الضَّامِنِ. السَّابعةُ، لو ضَمِنَ مَعْرِفَتَه، أُخِذَ به. نقَلَه أبو طالِبٍ. الثَّامنةُ، لو أَحال رَبذُ الحقِّ، أو أُحِيلَ (¬3)، أو زال العَقْدُ، بَرِئَ الكَفِيلُ، وبطَل الرَّهْنُ.، ويثْبُتُ لوارِثِه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، وذكَر في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في الصُّورَةِ الأْوَلَى، احْتِمال وَجْهَين في بَقاءِ الضَّمانِ. ونقَل مُهَنَّا فيها، يبْرَأْ، وأنَّه إنْ عجَز مُكاتَبٌ، رَقَّ، وسقَط الضَّمانُ. وذكَر القاضي، أنَّه لو أَقاله في سَلَمٍ به رَهْنٌ، حبَسَه برَأْسِ مالِه، جعَلَه أصْلًا، لحَبْسِ رَهْنٍ بمَهْرِ المِثْلِ بالمُتْعَةِ. التَّاسعةُ، لو خِيفَ مِن غَرَقِ السَّفِينَةِ، فأَلْقَى بعضُ مَن فيها مَتاعَه في البَحْرِ لتَخِفَّ، لم يرْجِعْ به على أحدٍ، سواءٌ نوَى الرُّجوعَ، أوْ لا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، مِن عندِه: ويحْتَمِلُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل: ط. (¬2) زيادة من: ا. (¬3) في الأصل، «أجل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يرْجِعَ إذا نوَى الرُّجوعَ. وما هو ببَعِيدٍ. انتهى. ويجِبُ الإِلْقاءُ إنْ خِيفَ تَلَفُ الرُّكَّابِ بالغرَقِ، [ولو قال] (¬1) بعضُ أهْلِ السَّفِينَةِ: ألْقِ مَتاعَك. فأَلْقاه، فلا ضَمانَ على الآمِرِ. وإنْ قال: أَلْقِه، وأنا ضامِنُه. ضَمِنَ الجميعَ. قاله أبو بَكْرٍ، والقاضي، ومَن بعدَهما. وإنْ قال: وأنا ورُكْبانُ السَّفِينَةِ ضامِنُون. وأطْلَقَ، ضَمِنَ وحدَه بالحِصَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، ولم يذْكُرْه المُصَنِّفُ، ولا الشَّارِحُ، ولا الحارِثِيُّ. وقال أبو بَكْرٍ: يضْمَنُه القائلُ وحدَه، إلَّا أنْ يتَطَوَّعَ بَقِيَّتُهم (¬2). واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال القاضي: إنْ كان ضَمانَ اشْتِراكٍ، فليس عليه إلَّا ضَمانُ حِصَّتِه، وإنْ كان ضَمانَ اشْتِراكٍ وانْفِرادٍ، بأنْ يقولَ: كلُّ واحدٍ منَّا ضامِنٌ لك مَتاعَك، أو قِيمَتَه. ضَمِنَ القائلُ ضَمانَ الجميعِ، سواءٌ كانُوا يسْمَعُون قوْلَه، فسَكَتُوا، أو لم يسْمَعُوا. انتهى. قال الحارِثِيُّ، في آخِرِ الغَصْبِ: وهو الحقُّ، وإنْ رَضُوا [بما قال] (¬3)، لَزِمَهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الوَجْهان. وإنْ قالُوا: ضَمِنَّا لك. ضَمِنُوا بالحِصَّةِ. وإنْ قالوا (¬4): كُلُّ واحدٍ منَّا ضامِنُه. ضَمِنَ الجميعُ. ذكَرَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، ومَن بعدَهما. وكذا الحُكْمُ في ضَمانِهم ما عليه مِنَ الدَّينِ. ويأْتِي في آخِر الغَصْبِ بعضُ هذا، ومَسائلُ تتعَلَّقُ بهذا، فليُراجَعْ. العاشِرَةُ، لو قال لزَيدٍ: طَلِّقْ زَوْجَتَك، وعليَّ ألْفٌ، أو مَهْرُها. لَزِمَه ذلك بالطَّلاقِ. قاله في «الرِّعايَةِ». وقال أيضًا: لو قال: بعْ عَبْدَك مِن زَيدٍ بمِائَةٍ، وعليَّ مِائَةٌ أُخْرَى. لم يلْزَمْه شيءٌ. وفيه احْتِمالٌ. والله أعلمُ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وقال». (¬2) في الأصل، ط: «بقيمتهم». (¬3) في الأصل، ط: «بمال». (¬4) في الأصل، ط: «قال».

باب الحوالة

بَابُ الْحَوَالةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الحَوالةِ

وَالْحَوَالةُ تَنْقُلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيهِ، فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَيهِ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: [هي مُشْتَقَّةٌ مِن تَحْويلِ الحَقِّ مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»] (¬1): هي مُشْتَقَّةٌ مِن التَّحَوُّلِ؛ لأنَّها تُحَوِّلُ الحَقَّ وتنْقُلُه مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ. والظَّاهِرُ، أنَّ المَعْنَى واحِدٌ؛ فإنَّ التَّحَوُّلَ مُطاوعٌ للتَّحْويلِ، يُقالُ: حَوَّلْتُه فتَحَوَّلَ. الثَّانيةُ (¬2)، الحَوالةُ عَقْدُ إرْفاقٍ؛ تَنقُلُ الحَقَّ مِن ذِمَّةِ المُحِيلِ إلى ذِمَّةِ المُحالِ (¬3) عليه، وليستْ بَيعًا. على ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في ط: «المحيل». (¬3) في ط: «المال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لجَوازِها بينَ الدَّينَين المُتَساويَين جِنْسًا وصِفَةً، والتَّفَرُّقِ قبلَ القَبْضِ، واخْتِصاصِها بجِنْسٍ واحدٍ، واسْمٍ خاصٍّ، ولزُومِها. ولا هي في مَعْنَى البَيعِ؛ لعدَمِ العَينِ فيها. وهذا الصَّوابُ. قال المُصَنِّفُ: وهو أشْبَهُ بكَلام أحمدَ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والعِشْرين»: الحَوالةُ، هل هي نقْلٌ للحَقِّ، أَو تَقْبِيضٌ؟ فيه خِلافٌ. وقد قيل: إنَّها بَيعٌ؛ فإنَّ المُحِيلَ (¬1) يَشْتَرِي ما في ذِمَّتِه بما في ذِمَّةِ المُحالِ عليه، وجازَ تأْخِيرُ القَبْضِ رُخْصَةً؛ لأنَّه مَوْضُوعٌ على الرِّفْقِ. فيَدْخُلُها خِيارُ المَجْلِسِ. واعْلَمْ أنَّ الحَوالةَ ¬

(¬1) في ط: «المبيع»، وفي الأصل: «المستبيع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُّشْبِهُ المُعاوَضَةَ مِن حيثُ إنَّها دَينٌ بدَينٍ. وتُشْبِهُ الاسْتِيفاءَ مِن حيثُ إَّنه يُبْرِئُ

وَلَا تَصِحُّ إلا بِثَلَاثةِ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَينٍ مُسْتَقِرٍّ، فَإن أَحَال عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ، أَو السَّلَمِ، أَو الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ أَحَال الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ، أَو الزَّوْجُ أمْرَأَتَهُ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحِيلَ، ويَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَ المَبِيعِ إذا أحال بالثَّمَنِ، ولتَرَدُّدِها بينَ ذلك، ألحَقَها بعضُ الأصحابِ بالمُعاوَضَةِ، كما تقدَّم، وألحَقَها بعضُهم بالاسْتِيفاءِ. الثَّالثةُ، نقَل مُهَنَّا، في مَن بعَث رَجُلًا إلى رَجُلٍ له عندَه مالٌ، فقال: خُذْ منه دِينارًا. [فأخَذ منه] (¬1) أكْثَر، فالضَّمانُ على المُرْسِلِ؛ لتَغْرِيرِه، ويَرْجِعُ هو على الرَّسُولِ. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه». قوله: ولا تَصِحُّ إلَّا بثَلاثَةِ شُرُوطٍ؛ أحدُها، أَنْ يُحِيلَ على دَينٍ مُسْتقِرٍّ، فإنْ أحال على مالِ الكِتابَةِ، أو السَّلَمِ، أو الصَّداقِ قبلَ الدُّخُولِ -وكذا لو أحال على الأجْرَةِ عندَ العَقْدِ- لم يصِحَّ، وإنْ أحال المُكاتَبُ سَيِّدَه، أو الزَّوْجُ امْرَأَتَه، صَحَّ. ¬

(¬1) في ط: «فالتزم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو أحال بالأُجْرَةِ. اعْلَمْ أنَّ الحَوالةَ تارَةً تكونُ على مالٍ، وتارَةً تكونُ بمالٍ؛ فإنْ كانتِ الحَوالةُ على مالٍ، فيُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المالُ المُحالُ عليه مُسْتَقِرًّا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تصِحُّ الحَوالةُ على مالِ الكِتابَةِ بعدَ حُلولِه. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، أنَّ المُسْلَمَ فيه مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ المَوْجُودِ (¬1)؛ لصِحَّةِ الإِبْراءِ منه، والحَوالةِ عليه وبه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: لا يَظهَرُ لي مَنْعُ الحَوالةِ بالمُسْلَمِ فيه. وظاهِرُ ما قدَّمه في ¬

(¬1) في ط: «الوجود».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، صِحَّةُ الحَوالةِ على المَهْرِ قبلَ الدُّخُولِ، وعلى الأُجْرَةِ بالعَقْدِ. وإنْ كانتِ الحَوالةُ بمالٍ، لم يُشْتَرَطِ اسْتِقْرارُه، وتصِحُّ الحَوالةُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماعَة مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الكافِي»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، في مالِ الكِتابَةِ. وقدَّمه في غيرِه. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في مالِ الكِتابَةِ، ذكَرَه في «التَّلْخيصِ»، على ما يأْتِي. وقيل: يُشْتَرَطُ كَوْنُ المُحالِ به مُسْتَقِرًّا، كالمُحالِ عليه. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وجزَم به الحَلْوانِيُّ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»: يُشْتَرَطُ لصِحَّتِها أنْ تكونَ بدَين مُسْتَقِرٍّ، وعلى دَينٍ مُسْتَقِرٍّ. قال في «الحاويَيْن»: لا تصِحُّ إلَّا بدَينٍ مَعْلومٍ، يصِحُّ السَّلَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه، مُسْتَقِرٍّ على مُسْتَقِرٍّ. قال في «الرِّعايتَين»: إنَّما تصِحُّ بدَينٍ مَعْلوم يصِحُّ السَّلَمُ فيه، مُسْتَقِرٍّ في الأَشْهَرِ، على دَينٍ مُسْتَقِرٍّ. قال في «الفائقِ»: وتَخْتَصُّ صِحَّتُها بدَينٍ يصِحُّ فيه السَّلَمُ، ويُشْتَرَطُ اسْتِقْرارُه، في أصحِّ الوَجْهَين، على مُسْتَقِرٍّ. قال في «التَّلْخيصِ»: فلا تصِحُّ الحَوالةُ بغيرِ مُسْتَقِرٍّ، ولا على (¬1) غيرِ مُسْتَقِرٍّ. فلا تصِحُّ في مُدَّةِ الخِيارِ، ولا في الأُجْرَةِ قبلَ اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، ولا في الصَّداقِ قبلَ الدُّخولِ. وكذلك دَينُ الكِتابَةِ، على ظاهِرِ كلامِ أبِي الخَطَّابِ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: تصِحُّ حَوالةُ المُكاتَبِ لسَيِّدِه بدَينِ الكِتابَةِ على مَن له عليه دَينٌ، ويَبْرَأُ العَبْدُ ويَعْتِقُ، ويَبْقَى الدَّينُ في ذِمَّةِ المُحالِ عليه للسَّيِّدِ. انتهى. وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، الوَجْهَين في الحَوالةِ بمالِ الكِتابَةِ، والمَهْرِ، والأُجْرَةِ. وأطْلَقَهما في «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، في الحَوالةِ بدَينِ الكِتابَةِ، والمَهْرِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ، تبَعًا لصاحِبِ «المُحَرَّرِ»: الدُّيونُ أرْبَعَةُ أقْسامٍ؛ دَينُ سَلَمٍ، ودَينُ كِتابَةٍ، وما عَداهما وهو قِسْمان؛ مُسْتَقِرٌّ، وغيرُ مُسْتَقِرٍّ، كثَمَنِ المَبِيعِ في مُدَّةِ الخِيارِ ونحوه. فلا تصِحُّ الحَوالةُ بدَينِ السَّلَمِ، ولا عليه، وتصِحُّ بدَينِ الكِتابَةِ. على الصَّحيحِ، دُونَ الحَوالةِ عليه، ويَصِحَّان في سائرِ الدُّيونِ، مُسْتَقِرِّها وغيرِ مُسْتَقِرِّها. وقيل: لا تصِحُّ على غيرِ مُسْتَقِرٍّ بحالٍ. وإليه ذهَب أبو محمدٍ، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. وقيل: ولا بما ليس بمُسْتَقِرٍّ. وهذا اخْتِيارُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وتَبِعَه أبو الخَطَّابِ، والسَّامَرِّيُّ. انتهى. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن محَلِّ الخِلافِ مِنَ المالِ المُحالِ عليه، والمُحالِ به، دَينُ السَّلَمِ؛ فإنَّه لا تصِحُّ الحَوالةُ عليه، ولا به، عندَ الإِمامِ أحمدَ وأصْحابِه، إلَّا ما تقدَّم عن بعضِ الأصحابِ في طَرِيقَتِه، وكلامَ الزَّرْكَشِيِّ. فائدة: في صِحَّةِ الحَوالةِ، برَأْسِ مالِ السَّلَمِ وعليه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، لا تصِحُّ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابِ القَبْضِ والضَّمانِ مِنَ البُيوعِ؛ فقال: لا يصِحُّ التَّصَرُّفُ في رَأْسِ مالِ السَّلَمِ بعدَ فَسْخِه واسْتِقْرارِه، بحَوالةٍ ولا بغيرِها. وقيل: يصِحُّ. انتهى. وتقدَّم ذلك في بابِ السَّلَمِ، في كلامِ المُصَنِّفِ. تنبيه: خرَج مِن كلامِ المُصَنِّفِ، لو أحال مَن لا دَينَ عليه على مَن عليه دَينٌ، فإنَّه لا يُسَمَّى حَوالةً، بل وَكالةٌ في القَبْضِ. ولو أحال مَن [لا دَينَ عليه] (¬1)، على ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عليه دين» وانظر: المغني 7/ 59.

وَالثَّانِي، اتِّفَاقُ الدَّينَينِ فِي الْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ، وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن لا دَيْنَ عليه، فهو وَكالةٌ في اقْتِراضٍ، لا حَوالةٌ. ولو أحال مَن عليه دَينٌ، على مَن لا دَينَ عليه، فهو وَكالةٌ في اقْتِراضٍ أيضًا، فلا يُصادِفُه. نصَّ عليه. وقال في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: إنْ رَضِيَ المُحالُ عليه بالحَوالةِ، صارَ ضامِنًا، يَلْزَمُه الأداءُ. فائدة: قوْلُه: الثَّانِي، اتِّفاقُ الدَّيْنَيْن في الجِنْسِ والصِّفَةِ والحُلُولِ والتَّأجِيلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ [في الجُمْلَةِ] (¬1). ويُشْتَرَطُ أيضًا عِلْمُ المالِ، وأنْ يكونَ فيما يصِحُّ فيه السَّلَمُ مِنَ المِثْلِيَّاتِ، وفي غيرِ المِثْلِيِّ، كمَعْدُودٍ ومَذْروعٍ، وجَهْان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: إنَّما تصِحُّ بدَينٍ مَعْلومٍ، يصِحُّ السَّلَمُ فيه. وأطْلَقا، في إبِلِ الدِّيَةِ، الوَجْهِين؛ أحدُهما، تصِحُّ في المَعْدودِ، والمَذْروعِ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: تجوزُ الحَوالةُ بكُلِّ ماصحَّ السَّلَمُ فيه، وهو ما يُضْبَطُ بالصِّفاتِ، سواءٌ كان له مِثْلٌ؛ كالأدْهانِ، والحُبُوبِ، والثِّمارِ، أو لا مِثْلَ له؛ كالحَيَوانِ (¬2)، والثِّيابِ. وقد أوْمَأَ إليه أحمدُ في رِوايَةِ الأَثْرَمِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال النَّاظِمُ: تصِحُّ فيما يصِحُّ السَّلَمُ فيه. والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُخرَّجَ هذان الوَجْهان على الخِلافِ فيما يقْضِي (¬3) به قَرْضُ هذه الأمْوالِ. انتهى. وأمَّا الإِبلِ، فقال ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في الأصل، ط: «كالحبوب». (¬3) في الأصل، ط: «يقتضي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: لو كان عليه إبِلٌ مِنَ الدِّيَةِ، وله على آخَرَ مِثْلُها في السِّنِّ، فقال القاضي: تصِحُّ؛ لأنَّها تَخْتصُّ بأقَلِّ ما يقَعُ عليه الاسمُ في السِّنِّ والقِيمَةِ، وسائرِ الصِّفاتِ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا تصِحُّ في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّها مَجْهولَةٌ. وإنْ كان عليه إبِلٌ مِن دِيَةٍ، وله على آخَرَ مِثْلُها قَرْضًا، فأَحاله؛ فإنْ قُلْنا: يرُدُّ في القَرْضِ قِيمَتَها. لم تصِحَّ الحَوالةُ؛ لاخْتِلافِ الجنْسِ. وإنْ قُلْنا: يرُدُّ مِثْلَها. اقْتَضَى قوْلُ القاضي صِحَّةَ الحَوالةِ. وإنْ كانتْ بالعَكسِ، فأَحال المُقْرِضَ بإِبلٍ، لم يصِحَّ. انتهى. تنبيه: قوْلُه: اتِّفاقُ الدَّينَين في الجِنْسِ. كالذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والفِضَّةِ بالفِضَّةِ، ونحوهما. والصِّفَةُ، كالصِّحاحِ بالصِّحاحِ، وعكْسِه. فلو أحال من عليه دَراهِمُ دِمَشْقِيَّةٌ بدَراهِمَ عُثْمانِيَّةٍ، لم تصِحَّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وكذلك لا تصِحُّ عندَ (¬1) مَن ألحَقَها بالمُعاوَضَةِ؛ [إذِ اشْتِراطُ] (¬2) التَّفاوتِ فيهما مُمْتَنِعٌ، كالقَرْضِ. وأمَّا مَن ألحَقَها بالاسْتِيفاءِ، فقال (¬3): إنْ كان تَفاوُتًا يُجْبَرُ على أخْذِه عندَ بَذْلِه، كالجَيِّدِ عنِ الرَّدِئِ، صحَّتْ، وإلَّا فلا. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عنه». (¬2) في الأصل، ط: «إذا اشترط». (¬3) في الأصل، ط: «وقال».

وَالثَّالِثُ، أنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والثَّالثُ، أنْ يُحِيلَ برِضاه، ولا يُعْتَبَرُ رِضَا المُحالِ عليه، ولا رِضَا

المقنع وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيهِ، وَلَا رِضَا الْمُحْتَالِ إِنْ كَانَ الْمُحَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحتالِ، إنْ كان المُحالُ عليه مَلِيئًا. لا يُعْتَبَرُ رِضَا المُحتْالِ إذا كان المُحالُ عليه مَلِيئًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فيُجْبَرُ على قَبُولِها. وهو

عَلَيهِ مَلِيئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُعْتَبَرُ رِضاه. ذكَرَها ابنُ هُبَيرَةَ، ومَن بعدَه. فائدتان؛ إحْداهما، فسَّر الإِمامُ أحمدُ رَضِيَ اللهُ عنه المَلِئَ، فقال: هو أنْ يكونَ مَلِيئًا بمالِه (¬1) وقوْلِه وبدَنِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. زادَ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، أو فِعْلِه. وزادَ في «الكُبْرَى» عليهما وتَمَكُّنِه (¬2) مِنَ الأداءِ. ¬

(¬1) في الأصل: «حاله». (¬2) في الأصل، ط: «وعليه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: هو المَلِئُ بالقَوْلِ والأمانَةِ، وإمْكانِ (¬1) الأَداءِ. قال الزَّرْكَشِيُّ عن تفْسيرِ الإمامِ أحمدَ: الذي يَظْهَرُ أنَّ المَلِيَّ بالمالِ، أنْ يَقْدِرَ على الوَفاءِ، والقَوْلِ، أنْ لا يكُونَ مُماطِلًا، والبَدَنِ أنْ يُمْكِنَ حُضُوُره إلى مَجْلِسِ الحُكْمِ الثَّانيةُ، يَبْرَأُ المُحِيلُ بمُجَرَّدِ الحَوالةِ، ولو أفْلَسَ المُحالُ عليه، أو جحَد، أو ماتَ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «المكان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الجماعَةُ عن الإِمام أحمدَ. وصحَّحَه القاضي يَعْقُوبُ. قال النَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ»: هذا المَشْهورُ عن أحمدَ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه لا يَبْرَأُ إلَّا برِضَا المُحْتالِ؛ فإنْ أبى، أجْبَرَه الحاكِمُ، لكِنْ تَنْقَطِعُ المُطالبَةُ بمُجَرَّدِ الحَوالةِ. وقال في «الفائقِ»: وعنه، لا يَبْرَأُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِي، وتُفِيدُ الإِلْزامَ فقط. ذكَرَها في «النُّكَتِ». وهو المُخْتارُ. انتهى. فهذه رِوايَة ثالِثَةٌ، قلَّ مَن ذكرَها. وأطْلَقَ الرِّوايتَين الأُولَتَين في «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِي». قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرِين»: وَمبْنَى الرِّوايتَين، أنَّ

وَإِنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا، فَبَانَ مُفْلِسًا، وَلَمْ يَكُنْ رَضِيَ بِالْحَوَالةِ، رَجَعَ عَلَيهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَوالةَ، هل هي نَقْلٌ للحَقِّ أو تَقْبِيضٌ؟ فإنْ قُلْنا: هي نَقْلٌ للحَقِّ. لم يُعْتَبَرْ لها قَبُولٌ. وإنْ قُلْنا: هي تَقْبِيضٌ. فلا بُدَّ مِنَ القَبْضِ بالقَوْلِ، وهو قَبُولُها، فيُجْبَرُ المُحْتالُ عليه. انتهى. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ، قال في «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ أنَّ للمُحْتالِ مُطَالبَةَ المُحِيلِ قبلَ إجْبارِ الحاكِمِ. وذكَر أبو حازِم، وابْنُه أبو يَعْلَى، ليس له المُطالبَةُ، كتَعْييِنه كِيسًا فيُرِيدُ غيرَه. قوله: وإنْ ظَنَّه مَلِيئًا، فبانَ مُفْلِسًا، ولم يَكُنْ رَضِيَ بالحَوالةِ، رجَع عليه، وإلا فلا. هنا مَسائلُ؛ الأُولَى، لو رَضِيَ المُحْتالُ بالحَوالةِ مُطْلَقًا، بَرِئَ المُحِيلُ. الثَّانيةُ، لو ظهَر أنَّه مُفْلِسٌ، مِن غيرِ شَرْطٍ ولا رِضًا مِنَ المُحْتالِ، وهي إحْدَى مَسْأَلتَي المُصَنِّفِ، رجَع، بلا نِزاعٍ. الثَّالثةُ، لو رَضِيَ بالحَوالةِ، ولم يَشْتَرِطِ اليَسارَ وَجهِلَه، أو ظَنَّه مَلِيئًا، فبانَ مُفْلِسًا، وهي مَسْأَلَةُ المُصَنِّفِ الثَّانيةِ، بَرِئ

وَإذَا أَحال الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ،، أَو أَحال الْبَائِعُ عَلَيهِ بِهِ، فَبَانَ الْبَيعُ بَاطِلًا، فَالْحَوَالةُ بَاطِلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحِيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ (¬1) عليه، وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يَرْجِعَ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وقال: وبه قال بعضُ أصحابِنا. وذكَرَه بعضُهم وَجْهًا، وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايتِه»، و «نَظْمِها». وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: الخِلافُ وَجْهان. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهي طَرِيقَةُ ابنِ البَنَّا. الرَّابعةُ، لو شرَط المُحِيلُ أنَّ المُحال عليه مَلِئُ، ثم تبَيَّنَ عُسْرَتَه، رجَع المُحْتالُ على المُحِيلِ، بلا نِزاعٍ. وتقدَّم إذا أحاله على مَلِئٍ. قوله: وإذا أحال المُشْتَرِي البائعَ بالثَّمَنِ، أو أحال البائعُ عليه به، فبانَ البَيعُ باطِلًا، فالحَوالةُ باطِلَةٌ. بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ فُسِخَ الْبَيعُ بِعَيبٍ أَوْ إِقَالةٍ، لَمْ تَبْطُلِ الْحَوَالةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ أو إقالةٍ، لم تَبْطُلِ الحَوالةُ. [إذا فُسِخَ البَيعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعَيبٍ، أو إقالةٍ، أو خِيارٍ، أو انْفسَخَ النِّكاحُ بعدَ الحَوالةِ بينَ الزَّوجَين ونحوها، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بعدَ قَبْضِ المُحْتالِ مال الحَوالةِ، أو قبلَه، فإنْ كان بعدَ القَبْضِ، لم تبْطُلِ الحَوالةُ] (¬1)، قوْلًا واحدًا. قاله ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، والمُصَنِّفُ هنا، وغيرُهم. فعلى هذا، للمُشْتَرِي الرُّجوعُ على البائعِ، في مَسْأَلَتَي حوَالتِه والحَوالةِ عليه، لا على مَن كان عليه الدَّينُ في المَسْالةِ الأُولَى، ولا على مَن أُحِيلَ عليه في الثَّانِيَةِ. وإنْ كان قبَل القَبْضِ، لم تَبْطُلِ الحَوالةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، سواءٌ أُحِيلَ على المُشْتَرِي بثَمَنِ المَبِيعِ، أو أحال به، كما لو أعْطَى البائعَ بالثَّمَنِ عَرْضًا. جزَم ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالهُ الْمُشْتَرِي عَلَيهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحِيلَ المُحْتَال عَلَيهِ عَلَى الْبَائِع ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ»، «والمُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. والحُكْمُ على هذا كالحُكْمِ فيما إذا كان بعدَ القَبْضِ، على ما تقدَّم. وللبائعِ أنْ يُحِيلَ المُشْتَرِيَ على مَن أحاله المُشْتَرِي عليه، في الصُّورَةِ الأُولَى،

فِي الثَّانِيَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَبْطُلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وللمُشْتَرِي أنْ يُحِيلَ المُحْتال عليه على البائعِ في الصُّورَةِ الثَّانيةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تَبْطُلَ. وهو وَجْهٌ، كما لو [بانَ البَيعُ] (¬1) باطِلًا ببَيِّنَةٍ، أو اتِّفاقِهما، ولا تَفرِيعَ عليه. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ». وقال القاضي: تَبْطُلُ الحَوالةُ به، لا عليه؛ لتَعَلُّقِ الحقِّ بثَالثٍ. وجزَم في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم، بصِحَّةِ الحَوالةِ على المُشْتَرِي، وهي الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ. وأطْلَقُوا الوَجْهَين في بُطْلانِ الحَوالةِ به، وهي الصُّورَةُ الأُولَى في كلامِ المُصَنِّفِ، إلَّا صاحِبَ «الكافِي»، فإنَّه قدَّم بُطْلانَ الحَوالةِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». فعلى الوَجْهِ الثَّاني، هل يَبْطُلُ إذْنُ المُشْتَرِي للبائعِ أم لا؟ فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يَبْطُلُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والثَّانِي، لا يَبْطُلُ. قال في «التَّلْخيصِ»: فعلى وَجْهِ بُطْلانِ الحَوالةِ، لا يجوزُ له القَبْضُ، فإنْ فعَل، احْتَمَلَ أنْ لا يقَع عنِ المُشْتَرِي؛ لأنَّ الحَوالةَ انْفسَخَتْ، فبطَل الإِذنُ (¬2) الذي كان ضِمْنَها. واحْتَمَلَ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «كان المبيع». (¬2) في الأصل: «الأول». وفي ط: «الأول».

وَإِذَا قَال: أَحَلْتُكَ. قَال: بَلْ وَكَّلْتَنِي. أَوْ قَال: وَكَّلْتُكَ. قَال: بَلْ أَحَلْتَنِي. فَالْقَولُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يقَع عنه؛ لأنَّ الفَسْخَ ورَد على خُصوصِ جِهَةِ الحَوالةِ، دُونَ ما تَضَمَّنَه الإِذْنُ، فيُضاهِي ترَدُّدَ الفُقَهاءِ في الأمْرِ (¬1) إذا نُسِخَ الرُجوبُ، هل يَبْقَى الجَوازُ؟ والأصحُّ عندَ أصحابِنا بَقاؤُه، وإذا صلَّى الفَرْضَ قبلَ وَقْتِها انْعقَدَ نَفْلًا. انتهى. قال شَيخُنا في «حَواشِي الفروعِ»: وهذا يرْجِعُ إلى قاعِدَةٍ، وهي ما إذا بطَل الوَصْفُ، هل يَبْطُلُ الأصْلُ، أو يَبْطُلُ الوَصْفُ فقط؟ ويَرْجِعُ إلى قاعِدَةٍ، وهي إذا بطَل الخُصُوصُ، هل يَبْطُلُ العُمومُ؟ وهي مَسْأَلةُ خِلافٍ بينَ العُلَماءِ. ذكَرَها في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قوله: وإنْ قال: أحَلْتُك. قال: بل وَكَّلْتَنِي. أو قال: وَكَّلْتُك. قال: بل ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَال: أَحَلْتُكَ. وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحَلْتَنِي. فالقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. هذا المذهبُ فيهما، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: القَوْلُ قوْلُ (¬1) مُدَّعِي الحَوالةِ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنِ اتَّفَقا على أنَّه قال: أحَلْتُك. وادَّعَى أحدُهما أنه أُرِيدَ بها الوَكالةُ، وأنْكَرَ الآخَرُ، ففي أيِّهما يُقْبَلُ قوْلُه؟ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الكافِي»، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، القَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». والوَجْهُ الثَّانِي، القَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. وصحَّحه في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو قال: أحَلْتُك بدَينِي. وادَّعَى أحدُهما أنه أُرِيدَ بها الوَكالةُ. قاله في «الفُروعِ». وقدَّم في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في هذه، أنَّ القَوْلَ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. الثَّانيةُ، لو اتَّفَقا على أنَّه قال: أحَلْتُك بالمالِ الذي قِبَلَ فُلانٍ. ثم اخْتَلَفا؛ فقال المُحِيلُ: إنَّما وَكَّلْتُك في القَبْضِ لي. وقال الآخَرُ: بل أحَلْتَنِي بدَينِي. فقيلَ (¬1): القَوْلُ قوْلُ المُحِيلِ. قدَّمه في ¬

(¬1) في ط: «وقيل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: جزَم به جماعَةٌ. وقيل: القَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معه (¬1). وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، ويأْتِي عكْسُها (¬2). فعلى الأوَّلِ، يحْلِفُ المُحِيلُ، وَيبْقَى حقُّه في ذِمَّةِ المُحالِ عليه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»: لا يَقْبِضُ المُحْتالُ مِنَ المُحالِ عليه؛ لعَزْلِه بالإِنْكارِ. وفي طَلَبِه مِنَ المُحِيلِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفرُوعِ»، وقال: لأنَّ دَعْواه الحَوالةَ بَرَاءَةٌ. [أحدُهما له طَلَبُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ] (¬3). وعلى الثَّانِي، يَحْلِفُ المُحْتالُ، ويَثْبُتُ حَقُّه في ذِمَّةِ المُحالِ عليه (¬4)، ويَسْتَحِقُّ مُطالبَتَه، ويسقُطُ عنِ المُحِيلِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وعلى كِلا الوَجْهَين، إنْ كان المُحْتالُ قد قبَض الحقَّ مِن المُحالِ عليه، وتَلِفَ في يَدِه، فقد بَرِئَ كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحِبِه، ولا ضَمانَ عليه سواءٌ، تَلِفَ بتَفْرِيطٍ أو غيرِه. وإنْ لم يتْلَفْ، احْتَمَل أنْ لا يَمْلِكَ المُحِيلُ طَلَبَه، ويَحْتَمِلُ أنْ يَمْلِكَ أخْذَه منه، ويَمْلِكَ مُطالبَتَه بدَينِه. وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»، تفْرِيعًا على القَوْلِ الأوَّلِ: وما قبَضَه المُحْتالُ، ولم يَتْلَفْ، فللمُحيلِ أخْذُه في الأصحِّ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَمْلِكُ المُحِيلُ (¬5) أخْذَه منه، ولا يَمْلِكُ ¬

(¬1) في ط: «بيعه». (¬2) في الأصل، ط: «عليها». (¬3) سقط من: الأصل، ط. (¬4) سقط من: الأصل، ط. (¬5) في الأصل، ط: «المحتال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحْتالُ المُطالبَةَ بدَينِه؛ لاعْتِرافِه ببَراءَةِ المُحِيلِ منه بالحَوالةِ. وقد تقدَّم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وليس بصَحيحٍ. انتهيا. وإنْ كانتِ المَسْأَلَةُ بالعَكْسِ؛ بأنْ قال المُحِيلُ: أحَلْتُك (¬1) بدَينِك. فقال: بل وَكَّلْتَنِي. ففيها الوَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الوَكالةِ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّانِي، القَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ؛ فإنْ قُلْنا: القَوْلُ قوْلُ المُحِيلِ. فحلَف، بَرِئَ مِن حقِّ المُحْتالِ، وللمُحْتالِ قَبْضُ المالِ مِنَ المُحالِ عليه لنَفْسِه. وإنْ قُلْنا: القَوْلُ قَوْلُ المُحتْالِ. فحلَف، كان له مُطالبَةُ المُحِيلِ بحَقِّه، ومُطالبَةُ المُحالِ عليه، فإنْ قبَض منه قبلَ أخْذِه مِنَ المُحِيلِ، فله أخْذُ ما قبَض لنَفْسِه (¬2). وإنِ اسْتَوْفَى مِنَ المُحِيلِ دُونَ المُحالِ عليه، رجَع المُحِيلُ على المُحالِ عليه، في أحَدِ الوَجْهَين. قال القاضي: وهذا أصحُّ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يرْجِعُ عليه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وإنْ كان قبَض الحَوالةَ، فتَلِفَتْ في يَدِه بتَفْرِيطٍ، أو أتْلَفَها، سقَط حقُّه، على كلا (¬3) الوَجْهَين. وإنْ تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطٍ، فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، يَسْقُطُ حقُّه أيضًا. وعلى الوَجْهِ الثَّانِي، له أنْ يَرْجِعَ على المُحِيلِ بحقِّه، وليس للمُحِيلِ الرُّجوعُ على المُحالِ عليه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ¬

(¬1) في ط: «أجلتك». (¬2) بياض في: ط، وفي الأصل: «منه». (¬3) سقط من: الأصل، وفي ط: «لي».

وَإِنْ قَال: أَحَلْتُكَ بِدَينِكَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالةِ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أَحَلْتُك بدَينِك. فالقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ، وَجْهًا واحدًا. يعْنِي، إذا اتَّفَقا على ذلك، وادَّعَى أحدُهما أنَّه أُرِيدَ به الوَكالةُ، وأنْكَرَ الآخَرُ، فالقَوْلُ قوْلُ مُدَّعِي الحَوالةِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا، وقطَع به الأصحابُ. فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الحَوالةُ على ما له في الدِّيوانِ إذْنٌ في الاسْتِيفاءِ فقط (¬1)، ¬

(¬1) زيادة من: الفروع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وللمُحْتالِ الرُّجوعُ ومُطالبَةُ مُحِيلهِ. تنبيه: ذكَر بعضُ (¬1) المُصَنِّفِين مسأَلَةَ المُقاصَّةِ (¬2) هنا، وذكَرَها بعضُهم في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في الأصل: «المفاوضة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ آخِرِ السَّلَمِ، ولم يذْكُرْها المُصَنِّفُ، وذكَر ما يدُلُّ عليها في كتابِ الصَّداقِ. وقد ذكَرْناها في آخِرِ بابِ السَّلَمِ، فليُعاوَدْ (¬1). ¬

(¬1) بعدها في الأصل، ط: «بها إلى إصلاح».

باب الصلح

بَابُ الصُّلْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الصُّلْحِ فائدة: الصُّلْحُ عِبارَةٌ عن مُعاقَدَةٍ يُتَوَصَّلُ بها إلى إصْلاحٍ بينَ مُخْتَلِفَين (¬1). قاله ¬

(¬1) في الأصل، ط: «محيلين».

الصُّلْحُ فِي الْأَمْوَالِ قِسْمَانِ؛ أَحَدُهُمَا، صُلْحٌ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ، مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِدَينٍ، فَيَضَعَ عَنْهُ بَعْضَهُ، أَوْ بِعَينٍ، فَيَهَبَ لَهُ بَعْضَهَا، وَيَأْخُذَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ وغيرُه. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: هو المُوافَقَةُ بعدَ المُنازَعَةِ. انتهى. والصُّلْحُ أنْواعٌ؛ صُلْحٌ بينَ المُسْلِمِين وأهْلِ الحَرْبِ. وتقدَّم في الجِهادِ. وصُلْحٌ (¬1) بينَ أهْلِ البَغْي والعَدْلِ. ويأْتِي. وبينَ الزَّوْجَين إذا خِيفَ الشِّقاقُ بينَهما، أو خافَتِ الزَّوْجَةُ إعْراضَ الزَّوجِ عنها. ويأْتِي أيضًا. وبينَ المُتَخاصِمَين في غيرِ المالِ، أو في المالِ. وهو المُرادُ هنا، وهو قِسْمان؛ صُلْحٌ على الإِقْرارِ، وصُلْحٌ على الإنْكارِ. وقِسْمٌ بالمالِ؛ وهو الصُّلْحُ مع السُّكُوتِ عنه. قوله: وصُلْحُ الإِقْرارِ نَوْعان (¬2)؛ أحَدُهما، الصُّلْحُ على جِنْسِ الحَقِّ، مِثْلَ أنْ ¬

(¬1) في ط: «ويأتي». (¬2) زيادة يقتضيها السياق.

الْبَاقِي، فَيَصِحَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْبَاقِي. أَو يَمْنَعَهُ حَقَّهُ بِدُونِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقِرَّ له بدَينٍ، فيَضَعَ عنه بعضَه، أو بعَينٍ، فيَهَبَ له بعضَها، ويَأخُذَ الباقِيَ، فيَصِحَّ إنْ لم يَكُنْ بشَرْطٍ، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: على أنْ تُعْطيَنِي الباقِيَ، أو يَمْنَعَه حَقَّه بدُونِه. إذا أقَرَّ له بدَينٍ أو بعَينٍ، فوضَع عنه بعضَه، أو وهَب له بعضَها، مِن غيرِ شَرْطٍ، فهو صَحيحٌ؛ لأنَّ الأوَّلَ إبْراءٌ، والثَّاني هِبَةٌ بلا نِزاعٍ، لكِنْ لا يصِحُّ بلَفْظِ: الصُّلْحِ. [على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه هَضْمٌ للحَقِّ. قال في «الفُروعِ»: لا بلَفْظِ: الصُّلْحِ] (¬1). على الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وهو مُخْتارُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهما. قال القاضي: وهو مُقْتَضَى قَوْلِ أحمدَ: ومَنِ اعْتَرفَ بحَقٍّ فصالحَ على بعضِه، لم يكُنْ صُلْحًا؛ لأنَّه هَضْمٌ للحَقِّ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى. انتهى. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يصِحُّ بلَفْظِ: الصُّلْحِ. وهو ظاهِرُ ما في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ». واخْتارَه ابنُ البَنَّا في «خِصالِه». ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ظاهِرُ. كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الصُّلْحَ على الإِقْرارِ لا يُسَمَّى صُلْحًا. وقاله ابنُ أبِي مُوسى. وسَمَّاه القاضي وأصحابُه صُلْحًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والخِلافُ في التَّسْمِيَةِ، وأمَّا المَعْنَى؛ فمُتَّفَقٌ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وصُورَتُه الصَّحِيحَةُ عندَهم؛ أنْ يَعْتَرِفَ له بعَينٍ، فيُعاوضَه عنها، أو يَهَبَه بعضَها، أو بدَينٍ، فيُبْرِئَه مِن بعضِه، ونحو ذلك، فيَصِحَّ إنْ لم يَكُنْ بشَرْطٍ، ولا امْتِناعٍ مِن أداءِ الحقِّ بدُونِه. انتهى. وقَوْلُ المُصَنِّفِ: إنْ لم يَكُنْ بشَرْطٍ. له صُورَتان؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، أنْ يمْنَعَه حقَّه بدُونِه. فالصُّلْحُ في هذه الصُّورَةِ باطِلٌ، قوْلًا واحدًا. والثَّانيةُ، أنْ يقولَ: على أنْ تُعْطِيَنِي الباقِيَ أو كذا. وما أشْبَهَه. فالصُّلْحُ أيضًا في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الصُّورَةِ باطِلٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع

وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ ممَّنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ؛ كَالْمُكَاتَب، وَالْمَأْذُونِ لَهُ، وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، إلا فِي حَالِ الْإِنْكَارِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به الأكثرُ. وقيل: يصِحُّ الصُّلْحُ والحالةُ هذه. قوله: ولا يَصِحُّ ذلك ممَّن لا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ؛ كالمُكاتَبِ والمَأْذُونِ له -

وَلَوْ صَالحَ عَنِ الْمُؤجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ونَحوهما- إلَّا في حالِ الإِنكارِ وعَدَمِ البَيِّنَةِ هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ (¬1)، بلا نِزاعٍ فيهما. وقوله: ووَلِيِّ اليَتِيمِ، إلَّا في حالِ الإِنْكارِ وعَدَمِ البَيِّنَةِ. هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ الصُّلْحُ أيضًا. قطَع به في «التَّرْغِيبِ». فائدة: يصِحُّ الصُّلْحُ عمَّا ادَّعَى على (¬2) مُوَلِّيه، وبه بَيِّنَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. قوله: ولو صالحَ عنِ المُؤَجَّلِ ببعضه حَالًّا، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ. نقَلَه ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في الأصل، ط: «عليه».

وَإنْ وَضَعَ بَعْضَ الْحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ، صَحَّ الإِسْقَاطُ دُونَ التَّأْجِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعَةُ عن أحمدَ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، رِوايَةٌ، يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لبَراءَةِ الذِّمةِ هنا، وكدَينِ الكِتابَةِ. جزَم به الأصحابُ في دَينِ الكِتابَةِ. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. وهي مُسْتَثْناةٌ مِن عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: وإنْ وضَع بعضَ الحالِّ، وأجَّل باقِيَه، صَحَّ الإسقاطُ دُونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّأْجيلِ. أمَّا الإِسْقاطُ؛ فيَصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يصِحُّ الإِسْقاطُ. وأمَّا التَّأْجِيلُ؛ فلا يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ؛ لأنَّه وَعْدٌ. وعنه، يصِحُّ. ذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوايَةً بتَأْجِيلِ الحالِّ في المُعاوَضَةِ، لا التَّبَرُّعِ. قال في «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ أنَّها هذه الرِّوايَةُ. وأطْلَقَ في «التَّلْخيصِ» الرِّوايتَين في صِحَّةِ الصُّلْحِ. ثم قال: والذي أراه أنَّ الرِّوايتَين في البَراءَةِ؛ وهو الإِسْقاطُ. فأمَّا الأجَلُ في الباقِي، فلا يصِحُّ بحالٍ؛ لأنَّه وَعْدٌ. انتهى. واعْلَمْ أنَّ أكثرَ الأصحابِ قالُوا: لا يصِحُّ الصُّلْحُ في هذه المَسْأَلَةِ. وصحَّحه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، فقال: والدَّيْنُ إنْ يُوصَفُ بالحُلولِ … فالصُّلْحُ لا يصِحُّ في المَنْقُولِ عليه بالبَعْضِ مع التَّأْجيلِ … رجَّحَه الجُمْهورُ بالدَّليلِ وقال بالجَزْمِ به في «الكافِي» … وفصَّل المُقْنِعَ للخِلافِ فصَحَّحَ الإِسْقاطَ دُونَ الآجِلِ … وذاك نصُّ الشَّافِعِيِّ يَنْجَلِي فائدة: مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو صالحَه عن مِائَةٍ صِحاحٍ بخَمْسِين

وَإِنْ صَالحَ عَنِ الْحَقِّ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأ، أَوْ عَنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَالحَهُ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْهَا، صَحَّ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُكَسَّرَةٍ، هل هو إبْراءٌ مِنَ الخَمْسِين أو وَعْدٌ في الأُخْرَى؟ قوله: وإنْ صالحَ عنِ الحَقِّ بأكثرَ منه مِن جِنْسِه، مثلَ أنْ يُصالِحَ عن دِيَةِ الخَطَأ، أو عن قِيمَةِ مُتْلَفٍ بأكثرَ منها مِن جِنْسِها، لم يَصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ في ذلك، وأنَّه قِياسُ قَوْلِ أحمدَ كعِوَضٍ، وكالمِثْلِيِّ. قال في «الفُروعِ»: ويُخَرَّجُ على ذلك تأْجِيلُ القِيمَةِ. قاله القاضي وغيرُه. وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ومَن تَبِعَهما، رِوايَةً بالصِّحَّةِ فيما إذا صالحَ عن المِائَةِ الثَّابِتَةِ بالإِتْلافِ بمِائَةٍ مُؤَجلَةٍ. قوله: وإنْ صالحَه بعَرْضٍ قِيمَتُه أكثرُ منها، صَحَّ فيهما. بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ صَالحَةُ عَنْ بَيتٍ عَلَى أَن يَسْكنَة سَنَةً، أَوْ يَبْنِيَ لَة فَوْقَهُ غرْفَةً، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ في ذِمَّتِه مِثْلِيًّا، مِن قَرْضٍ أو غيرِه، لم يَجُزْ أنْ يُصالِحَ عنه بأكثرَ منه مِن جِنْسِه. وإنْ صالحَ عن قِيمَةِ ذلك بأكثرَ منها، جازَ. قطَع به في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَة». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، ككَلامَ المُصَنِّفِ.

وَإِنْ قَال: أَقِرَّ لِي بِدَينِي، وَأُعْطِيكَ مِنْهُ مِائَةً. فَفَعَلَ، صَحَّ الإِقْرَارُ، وَلَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ صَالحَ إِنْسَانًا لِيُقِرَّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، أَو امْرأَةً لِتُقِرَّ لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ صالحَ إنْسانًا ليُقِرَّ له بالعُبُودِيَّةِ، أو امْرَأَةً لتُقِرَّ له بالزَّوْجِيَّةِ، لم يَصِحَّ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

وَإِنْ دَفَعَ المُدَّعَى عَلَيهِ الْعُبُودِيَّةُ إِلَى الْمُدَّعِي مَالًا صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومفْهومُ قوْلِه: وإنْ دفَع المُدَّعَى عليه العُبُودِيَّةُ إلى المُدَّعِي مالًا صُلْحًا عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دَعْواه، صَحَّ. أنَّ المرْأَةَ لو دَفَعَتْ مالًا صُلْحًا عن دَعْواه عليها الزَّوْجِيَّةَ، لم يصِحَّ. وهو أحَدُ الوَجْهَين، وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُذْهَبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وكلامُهم ككَلامِ المُصَنِّفِ. والوَجْهُ الثَّانِي، يصِحُّ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ومتى صالحَتْه على ذلك، [ثم ثَبَتَتِ الزَّوْجِيَّةُ] (¬1) بإقْرَارِها، أو ببَيِّنَةٍ؛ فإنْ قُلْنا: الصُّلْحُ باطِلٌ. فالنِّكاحُ باقٍ بحالِه. وإنْ قُلْنا: هو صَحيحٌ. احْتَمَلَ ذلك أيضًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. واحْتَمَلَ أنْ تَبِينَ منه بأَخْذِ العِوَضِ عمَّا يَسْتَحِقُّه مِن نِكاحِها، فكانَ خُلْعًا. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». فائدة: لو طَلَّقَها ثلاثًا، أو أقلَّ، فصَالحَها على مالٍ، لتَتْرُكَ (¬2) دَعْواها، لم يَجُزْ. وإنْ دَفَعَتْ إليه مالًا ليُقِرَّ بطَلاقِها، لم يَجُزْ، في أحَدِ الوَجْهَين. قلتُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وفي الآخَرِ، يجوزُ، كما لو بذَلَتْه ليُطَلِّقَها ثلاثًا. قلتُ: يجوزُ لها أنْ تدْفَعَ إليه، ويَحْرُمُ عليه أنْ يأْخُذَ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) في ط: «تثبتت الزوجة». (¬2) في ط: «ليترك».

النَّوْعُ الثَّانِي، أَنْ يُصَالِحَ عَنِ الْحَقِّ بِغَيرِ جِنْسِهِ، فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ، فَإِنْ كَانَ بأَثْمَانٍ عَنْ أَثْمَانٍ، فهُوَ صَرْفٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيرِ الْأَثْمَانِ، فَهُوَ بَيعٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَنْفَعَةٍ، كَسُكْنَى دَارٍ، فَهُوَ إِجَارَةٌ تَبْطُلُ بِتَلَفِ الدَّارِ، كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: النَّوعُ الثَّاني، أنْ يُصالِح عنِ الحَقِّ بغيرِ جِنْسِه، فهو مُعاوَضَةٌ، فإنْ كانَ بأثْمانٍ عن أثْمانٍ، فهو صَرْفٌ. يُشْترَطُ فيه ما يُشْتَرطُ في الصَّرْفِ. ومفْهومُ قوْلِه: وإنْ كانَ بغيرِ الأثْمانِ، فهو بَيعٌ. أنَّ البَيعَ يصِحُّ بلَفْظِ: الصُّلْحِ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضِي في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». وقاله في «التَّرْغيبِ». وقال في «التَّلْخيصِ»: وفي انْعِقادِ البَيعِ بلَفْظِ الصُّلْحِ تَرَدُّدٌ؛ يَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ. وعلَّلَهما. وتقدَّم ذلك في كتابِ البَيع.

وَإنْ صَالحَتِ الْمَرْأةُ بِتَزويجِ نَفْسِهَا، صَحَّ. فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ عَيبٍ في مَبِيعِهَا، فَبَانَ أنهُ لَيسَ بِعَيبٍ، رَجَعَتْ بِأرْشِهِ لَا بِمَهْرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ الصُّلْحُ عن دَينٍ بغيرِ جِنْسِه مُطْلَقًا، ويَحْرُمُ بجِنْسِه بأكثرَ أو أقل، على سَبِيلِ المُعاوَضَةِ. وتقدَّم قَرِيبٌ مِن ذلك. الثانيةُ، لو صالحَ بشيءٍ في الذِّمةِ، حَرُمَ التّفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ. قوله: وإن صالحَه بمنْفَعةٍ، كسُكْنَى دارٍ، فهو إجارَة، تَبْطُلُ بتَلَفِ الدارِ، كسائِرِ الإجاراتِ. قاله الأصحابُ. وذكَر صاحِبُ «التعْلِيقِ»، و «المُحَرَّرِ»، لو صالحَ الورَثَةُ مَن وَصّى (¬1) له بخِدْمَة أو سُكْنَى، أو حَمْلِ أمَةٍ، بدَراهِمَ مُسَماةٍ، جازَ، لا بَيعًا. قوله (¬2): وإنْ صالحَتِ المَرْأةُ بتَزْويجِ نَفْسِها، صَحَّ، فإنْ كانَ الصُّلْحُ عن ¬

(¬1) في الأصل، ط: «رضي». (¬2) من هنا إلى قوله: فحمدت الله على موافقة ذلك. في آخر الصفحة بعد التالية ليس في الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَيبٍ في مَبِيعِها، فبانَ أنَّه ليس بعَيبٍ، رَجَعَتْ بأرْشِه لا بمَهْرِها. وهكذا رأيتُ في نُسْخَةٍ قُرِئَتْ على المُصَنِّفِ، والمُصَنِّفُ مُمْسِكٌ للأصْلِ، وعليها خَطُّه. وكذا قال في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»: فبانَ صَحِيحًا. وفي «مُنَوِّرِ الآدَمِيِّ»، و «مُنْتخَبِه»: فبانَ أنْ لا عَيبَ. وفي «تَجْريدِ العِنايَةِ»: فبانَ بخِلافِه. وعليها شرَح الشارِحُ. فمَفْهومُ كلامِ هؤلاءِ، أنَّه لو كانَ به عَيبٌ حَقِيقَة، ثم زال عندَ المُشْتَرِي، أنَّه لا يرْجِعُ بالأرْشِ. قال ابنُ نَصْرِ الله، في «حَواشِي الوَجيزِ»: بلا خِلافٍ. ووُجِدَ في نُسَخ: فزال، أي العَيبُ. وكذا في «الكافِي»، و «الوَجيزٍ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فظاهِرُ كلام هؤلاء، أنَّه إنْ كان به عَيبٌ حَقِيقَة، ثم زال، كالحُمى مثَلًا، والمرَضِ، ونحوهما. لكِنْ أَوَّلَه ابنُ مُنَجَّى، في «شَرْحِه»، وقال: معْنَى زال، تبَين. وذكَر أنه لمَصْلَحَةِ مَن أذِنَ له في إصْلاحه، كالنسْخَةِ الأولى. ومَثَّله بما إذا كان المَبِيعُ أمَةً ظنها حامِلا لانْتِفاخِ بَطنها، ثم زال. وقال: صرح به أبو الخَطابِ في «الهِدايَةِ». ثم قال: فعلى هذا، إنْ كان مَوْجودًا، أي العَيبُ، عندَ العَقْدِ، ثم زال، كمَبِيعِ طير مَرِيضًا، فتَعافَى، لا شيءَ لها. وزَوالُ العَيب بعدَ ثُبوتِه حال العَقْدِ، لا يُوجبُ بُطْلانَ الأرْشِ. لكِن تأويلَه مُخالِفٌ لظاهِرِ اللَّفْظِ. وهو مُخالِفٌ لما صرّح به في «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «المُذْهَبِ»، و «النظْمِ»، فإنهم ذكَرُوا الصورَتَين،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجعَلُوا حُكْمَهما واحِدًا. إذا تحَقَّقَ ذلك، فهنا صُورَتان؛ إحْداهما، إذا تَبَينَ أنه ليس بعَيب؛ فهذه لا نِزاعَ فيها في ردِّ الأرْشِ. الثَّانيةُ، إذا كان العَيبُ مَوجودًا، ثم زال، فهذه محَل الكَلامِ والخِلافِ. فحكَى في «الرِّعايتَين» فيها وَجْهَين، وزادَ في «الكُبْرَى» قولًا ثالِثًا؛ أحدُها، أنَّه حيثُ زال، يرُدُّ الأرْشَ. وهو الذي قطَع به في «المُذْهَبِ»، و «الحاويَيْن». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وهو ظاهِرُ قوْلِه في «الوَجيزِ»، و «الكافِي»، و «الفُروعِ»؛ لاقْتِصارِهم على قوْلِهم: فزال. والقَوْلُ الثَّاني، أنَّ الأرْشَ قدِ اسْتقَرَّ لمَن أخَذَه، ولو زال العَيبُ، ولا يَلْزَمُه ردُّه. وهذا ظاهِرُ ما في «الخُلاصَةِ»، و «المُقْنِعِ»، في نسْخَةٍ، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»؛ لاقْتِصارِهم على قوْلِهم: فتَبَين أنَّه ليس بعَيبٍ. اخْتارَه ابنُ مُنَجّى. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ: لا خِلافَ فيه. وكأنه ما اطَّلَعَ على كلامِه في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». ولنا قَوْل ثالث في المَسْألةِ، اخْتارَه ابنُ حَمْدانَ في «الكُبْرَى»، فقال: قلتُ: إنْ زال العَيبُ، والعَقْدُ جائر، أخَذَه، وإلا فلا. انتهى. قلتُ: وهو أقْرَبُ مِنَ القَوْلَين؛ ويُزادُ: إذا زال سَرِيعًا عُرْفًا. والله أعلمُ. وبعدَه القَوْلُ بعَدَمِ الرَّدِّ. والقَوْلُ بالرَّدِّ مُطْلَقًا، إذا زال العَيبُ، بعيدٌ؛ إذْ لا بدَّ مِن حَدٍّ يُرَدُّ فيه، ثم وَجَدْتُه في «النَّظْمِ» قال: إذا زال سَرِيعًا. فحَمِدْتُ الله على مُوافَقَةِ ذلك (¬1). ¬

(¬1) نهاية السقط.

وإنْ صَالحَ عَمَّا في الذِّمَّةِ بِشيْءٍ في الذِّمَّةِ، لَمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لأنَّهُ بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهولِ بِمَعْلومٍ، إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يمْكِن مَعْرِفته لِلْحَاجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ الصُّلْحُ عنِ المَجْهُولِ بمَعْلُوم، إذا كانَ مما لا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُه للحاجَةِ. وسواء كان عَينًا أو دَينًا، أو كان الجَهْلُ مِنَ الجانِبَين، أو ممَّن عليه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي. وابنُ عَقِيل،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم. وخرَّج (¬1) القاضي، في «التَّعْلِيقِ»، وأبو الخَطابِ، في «الانْتِصارِ»، وغيرُهما، عدَمَ الصِّحَّةِ في صُلْحِ المَجْهولِ، والإنْكارِ مِنَ البَراءَةِ مِنَ المَجْهولِ. وخرجه في «التبصِرَةِ» مِنَ الإبراءِ مِن عَيبٍ لم يَعْلَما به. وقيل: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فأخرج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يصِحُّ عن أعْيانٍ مَجْهولَةٍ؛ لكَوْنِه إبْراءً، وهي لا تَقْبَلُه. وقال (¬1) في «التّرْغِيبِ»: وهو ظاهِرُ كلامِه. واخْتارَه في «التَّلْخيصِ»، وقال: قالَه القاضي في «التّعْلِيقِ الكَبِيرِ». ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قاله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَفْهومُ كلامِه، أنَّه إذا أمْكَنَ مَعْرِفَةُ المَجْهولِ، لا يصِحُّ الصُّلْحُ عنه. وهو صحيحٌ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ لعدَمِ الحاجَةِ، كالبَيعِ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ نُصوصِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الإرْشادِ» وغيرِه.

فَصْل: الْقِسْمُ الثَّانِي، أن يَدَّعِيَ عَلَيهِ عَينًا أو دَينًا، فَيُنْكِرَهُ ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ والذي قدَّمه في «الفُروعِ»، أنَّه كبَراءَةٍ مِن مَجْهولٍ. قال في «التَّلْخيصِ»: وقد نزَّلَ أصحابُنا الصُّلْحَ عنِ المَجْهولِ المُقَرِّ به بمَعْلُوم مَنْزِلَةَ الإبراءِ مِنَ المَجْهولِ، فيَصِحُّ على المَشْهورِ؛ لقَطْعِ النِّزاعِ. وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ الإبراءُ مِنَ المَجْهولِ. فلا يصِحُّ الصُّلْحُ عنه. فائدة: حيثُ قُلْنا: يصحُّ الصلْحُ عنِ المَجْهولِ. فإنَه يصِحُّ بنَقْدٍ ونَسِيئَةٍ. جزَم به في «الفُروعِ»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. قوله: القِسْمُ الثَّانِي، أنْ يَدَّعِيَ عليه عَينًا، أو دَينًا، فيُنْكِرَه -أو يسْكُتَ- ثم

يُصَالِحَهُ عَلَى مَالٍ، فَيَصِحَّ، وَيَكُونَ بَيعًا في حَقِّ الْمُدَّعِي، حَتَّى إِنْ وَجَدَ بِمَا أخَذَهُ عَيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَفَسْخُ الصُّلْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُصالِحَه على مَالٍ، فيَصحَّ، ويَكُونَ بيعًا في حَقِّ المُدَّعِي، حتى إنْ وجَد بما أخَذَه عَيبًا، فله رَدُّه وفَسْخُ الصُّلْحِ، وإنْ كانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا، ثَبَتَتْ فيه الشفْعَةُ -وإنْ صالحَ ببعضِ العَينِ المُدَّعَى بها، فهو كالمُنْكِرِ. قاله الأصحابُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وفيه خِلافٌ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى (¬1)»: فهو كالمُنْكِرِ. وفي صِحَّتِه احْتِمالان -ويَكُونُ إبْراء في حَقِّ الآخَرِ، فلا يُرَدُّ ما صالحَ عنه بعَيبٍ، ولا ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُؤْخَذُ بشُفْعَةٍ. اعْلَمْ أنَّ الصحيحَ مِنَ المذهبِ، صِحّةُ الصُّلْحِ على الإنْكارِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا يصِحُّ الصُّلْحُ عنِ الانْكارِ. فعلى المذهبِ، يَثْبُتُ فيه ما قال المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ قال في «الإرْشادِ»: يصِحُّ هذا الصُّلْحُ بنَقْدٍ ونَسِيئَةٍ. لأنَّ المُدَّعِيَ مُلْجَأ إلى التأخيرِ بتَأخيرِ خَصْمِه. قال في «التّلْخِيصِ»، و «الترْغِيبِ»: وظاهِرُ ما ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى, أن أحْكامَ البَيعِ والصَّرْفِ لا تَثْبُتُ في هذا الصُّلْحِ، إلَّا فيما يَخْتَصُّ بالبَيعِ؛ من شفْعَةٍ عليه، وأخْذِ زِيادَةٍ، مع اتِّحادِ جِنْس المُصالحِ عنه والمُصالحِ به؛ لأنّه قد أمْكَنَه أخْذُ حقِّه بدُونِها، وإنْ تأخَّرَ. واقْتَصرَ صاحِبُ «المُحَررِ» على قوْلِ أحمدَ: إذا صالحَه على بعضِ حقِّه بتَأخير، جازَ. وعلى قولِ ابنِ أبِي مُوسى: الصُّلْحُ جائزٌ بالنَّقْدِ والنَّسيئَةِ. ومَعْناه ذكَرَه أبو بَكْر؛ فإنَّه قال: الصُّلْحُ بالنسِيئَةِ. ثم ذكَر رِوايَةَ مُهَنا، يَسْتَقيمُ أنْ يكونَ صُلْحًا بتَأخير، فإذا أخَذَه منه، لم يُطالِبْة بالبَقِيةِ. انتهى. قلتُ: ممَّن قطَع بصِحَّةِ صُلْحِ الإنْكارِ بنَقْدٍ ونَسِيئَةٍ؛ ابنُ حَمْدانَ، في «الرِّعايَةِ»،

وَإنْ كَانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا، ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَيَكُونُ إبْرَاءً في حَقِّ الْآخَرِ، فَلَا يَرُدُّ مَا صَالحَ عَنْهُ بِعَيب، وَلَا يُؤْخَذُ بِشُفْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَرَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم، عن ابنِ أبِي مُوسى، واقْتَصرُوا عليه.

وَمَتَي كَانَ أحدُهُمَا عَالِمًا بِكَذِبِ نَفْسِهِ، فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ في حَقِّهِ، وَمَا أَخَذَهُ حَرَام عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ صَالحَ عَنِ الْمُنْكِرِ أجْنَبِيٌّ بِغَيرِ إِذْنِهِ، صَحَّ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيهِ في أصَحِّ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ صالحَ عنِ المُنْكِرِ أجْنَبِي بغيرِ إذْنِه، صَحَّ. إذا صالحَ عنِ المُنْكِرِ أجْنَبِيٍّ، فتارَة يكونُ المُدَّعَى به دَينًا، وتارَةً يكونُ عَينًا، فإنْ كان المُدعى به دَينًا، صحَّ الصلْحُ عندَ الأصحابِ، وجزَم [به الأكثرُ، منهم صاحِبُ «الفُروعِ». وقيل: لا يصِح؛ لأنه بَيعُ دَين لغيرِ المَدْيونِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وإنْ كان عَينًا] (¬1)، ولم يَذْكُرْ أن المُنْكِرَ وَكَّلَه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، صِحَّةُ الصلْحِ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». وقيل: لا يصِح إنْ لم يدعِ أنَّه وَكَّلَه. جزَم به ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ رَزِين في «نِهايته». وأطْلَقَهما في «الفُروعَ». قوله: ولم يَرْجِعْ عليه، في أصَحِّ الوَجْهَين. قال في «الخُلاصَةِ»: لا يصِح في الأصَحِّ. وصحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»:

وَإنْ صَالحَ الْأجْنَبِيُّ لِنَفْسِهِ؛ لِتَكُونَ الْمطَالبَة لَه، غَيرَ مُعْتَرِفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أظْهَرُهما، لا يرْجِعُ. واخْتارَه في «الحاوي الكَبِيرِ». وهو ظاهرُ ماجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ فإنَّه قال: ورجَع إنْ كان أذِنَ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانِي، يرْجِعُ إنْ نوَى الرُّجوعَ، وإلَّا فلا. قال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: وخرجه القاضي (2)، وأبو الخَطَّابِ على الروايتَين، فيما (¬1) إذا قضَى دينَه الثَّابتَ بغيرِ إذْنِه. قال المُصَنِّفُ: وهذا التَّخْرِيجُ لا يصِحُّ. وفرَّقه بينَهما. قال في «الفائقِ»: والتَّخْرِيجُ باطِل. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ صالحَ الأجْنَبِي لنَفْسِه؛ لتَكُونَ المطالبَةُ له، غيرَ مُعْتَرِفٍ بصِحَّةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

بِصِحَّةِ الدَّعْوَى، أَوْ مُعْتَرِفًا بِهَا عَالِمًا بِعَجْزِهِ عَنِ اسْتِنْقَاذِهَا، لَمْ يَصِحَّ. وإنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيهِ، صَحَّ. ثُمَّ إِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مُخيَّرٌ بَينَ فَسْخِ الصُّلْحِ وإمْضَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّعْوَى، أو مُعْتَرِفًا بها، عالِمًا بعَجْزِه عنِ اسْتِنْقاذِها, لم يَصِحَّ. إذا لم يَعْتَرِفِ الأجْنَبِيُّ للمُدَّعِي بصِحةِ دَعْواه، فالصُّلْحُ باطِل، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وإنِ اعْتَرَفَ له بصِحةِ الدعْوَى، وكان المُدَّعَى به دَيْنًا، لم يصِح أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، ومِنَ الأصحابِ مَن قال: يصِحُّ. قال في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»: وليس بجَيِّدٍ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وليس بشيءٍ. وإنْ كان المُدَّعَى به عَينًا، فقال الأجْنَبِي للمُدَّعِي: أنا أعْلَمُ أنَّك صادِقٌ، فصالِحْنِي عنها، فإنِّي قادِرٌ على اسْتِنْقاذِها مِنَ المُنْكِرِ. صحَّ الصُّلحُ. قاله الأصحابُ. فإنْ عجَز عنِ انْتِزاعِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فله الفَسْخُ، كما قال المُصَنِّفُ هنا. قال في «المُغْنِي»: ويُحْكَى أنَّه إنْ تبَيَّنَ أنه لا يقْدِرُ على تَسْليمِه، تبَيَّنَ أنَّ الصُّلْحَ كان فاسِدًا. وهذه طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشارِحِ، وغيرِهما، في هذه المَسْألةِ. وقال في «الفُروعِ»: ولو صالحَ

فَصْلٌ: يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ وَبِكُلِّ مَا يَثْبُتُ مَهْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجْنَبِيُّ؛ ليَكُونَ الحقُّ له، مع تَصْديقِه المُدَّعِيَ، فهو شِراءُ دَين أو مَغْصُوبٍ. تقدَّم بَيانُه. وكذا قال في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو الصَّوابُ، والذي تقدّم في آخِرِ بابِ السَّلَمِ، عندَ قوْلِه: ويجوزُ بَيعُ الدين المُسْتَقِر لمَن هو في ذِمتِه. قوله: ويَصِحُّ الصُّلْحُ عنِ القِصاصِ بدِياتٍ، وبكُل ما يُثْبِتُ مَهْرًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ بمُبْهَم مِن أعْيانٍ مُخْتَلِفَةٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَحْتَمِلُ مَنْعُ صِحَّةِ الصُّلْحِ بأكثرَ منها. قال أبو الخَطَّابِ، في «الانْتِصارِ»: لا يصِحُّ الصُّلْحُ؛ لأن الدِّيةَ تجِبُ بالعَفْو والمُصالحَةِ، فلا يجوزُ أخْذُ أكثرَ مِنَ الواجِبِ مِنَ الجِنْسِ. وقال في «الترْغِيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: يصِحُّ بما يَزِيدُ على قَدرِ الدِّيَةِ، إذا قُلْنا: يجِبُ القَوَدُ عَينًا. أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختارَه الوَليُّ، على القولِ بوُجوبِ أحَدِ (¬1) شَيئَين. وقيل: الاخْتِيارُ يصِحُّ على غيرِ جِنْسِ الدوريةِ، ولا يصِحُّ على جِنْسِها إلَّا بعدَ تَعْيِينِ الجِنْسِ؛ مِن إبِل أو غَنَم؛ حذَرًا مِن رِبا النَّسِيئَةِ، ورِبا الفَضْلِ. انتهى. وتابَعَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، وجماعَةٌ. ويأتِي التنبِيهُ على ذلك في أوائلِ بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ، وتقدّم الصُّلْحُ عن دِيَةِ الخَطَأ، أنّه لا يصِحُّ بأكثرَ منها مِن جِنْسِها. فوائد؛ الأولَى، قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، يصِحُّ حالًّا ومُؤجَّلًا. وذكره صاحِبُ «المُحَررِ». قلتُ: قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويصِحُّ الصُّلْحُ عنِ القَوَدِ بما يُثْبتُ مَهْرًا، ويكونُ حالًا في مالِ القاتِلِ. الثَّانيةُ، لو صالحَ عنِ القِصاصِ بعَبْدٍ أَو غيرِه، فخرَج مُسْتَحَقا أو حُرًّا، رجَع بقِيمَتِه، ¬

(¬1) في ط: «أخذ».

وَلَوْ صَالح سَارِقًا لِيُطْلِقَهُ، أوْ شَاهِدًا لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ، أوْ شَفِيعًا عَنْ شُفْعَتِهِ، أَوْ مَقْذُوفًا عَنْ حَدِّهِ، لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ، وَتَسْقُطُ الشّفْعَةُ. وَفِي الْحَدِّ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو عَلِما كوْنَه مُسْتَحَقًّا أو حُرًّا، أو كان مَجْهولًا، كدارٍ وشَجَرَةٍ، بطَلَتِ التَّسْمِيَةُ، ووَجَبَتِ الدِّيَةُ، أو أرْشُ الجَرْحِ. وإنْ صالحَ على حَيوانٍ مُطْلَقٍ، مِن آدَمِي وغيرِه، صحَّ ووجَب الوَسَطُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخُرِّجَ بُطْلانُه. الثَّالثةُ، لو صالحَ عن دارٍ ونحوها بعِوَض، فبانَ العِوَضُ مُسْتَحَقًّا، رجَع بالدَّارِ ونحوها، أو بقِيمَتِه إنْ كان تالِفًا؛ لأنَّ الصُّلْحَ هنا بَيعٌ حَقِيقَةً، [إذا كان الصلْحُ عن إقْرارٍ. وإنْ كان عن إنْكارٍ، رجَع بالدَّعْوَى] (¬1). قال في «الرعايَةِ»: قلتُ: أو قِيمَتِه مع الإنْكارِ. وحَكاه في «الفُروعِ» قوْلًا؛ لأنَّه فيه بَيعٌ. قوله: وإنْ صالحَ سارِقًا -وكذا شارِبًا- ليُطْلِقَه، أو شاهِدًا ليَكْتُمَ. شَهادَتَه -أو لئلَّا يَشْهَدَ عليه، أو ليَشْهَدَ بالزُّورِ- أو شَفِيعًا عن شُفْعَتِه، أو مَقْذُوفًا عن حدِّه، لم يصِحَّ الصلْحُ. بلا نِزاعٍ. وكذا لو صالحَه بعِوَض عن خِيارٍ. ¬

(¬1) زيادة من: 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الرِّعايتَين»: وتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ في الأصحِّ. قال في «الحاويَيْن»: وتَسْقُطُ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا تَسْقُطُ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: وتَسْقُطُ في وَجْهٍ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ» , و «الفائقِ». ويأتِي ذلك أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الشُّفْعَةِ، في الشَّرْطِ الثَّالثِ. وأمَّا سقُوطُ حدِّ القَذْفِ؛ فأطلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهما مَبْنِيَّان عندَ أكثرِ الأصحابِ على أن حدَّ القَذْفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل هو حق للهِ أو للآدَمِيِّ؟ وفيه رِوايَتان، يأتِيان، إنْ شاءَ اللهُ، في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوائلِ باب القَذْفِ. فإنْ قُلْنا: هو حق للهِ. لم يسْقُطْ، وإلَّا سقَط. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه حق للآدَمِيِّ، فيَسْقُطُ الحَدُّ هنا. على الصحيحِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ في الأصحِّ. وكذا الخِلافُ في سقوطِ

وَإنْ صَالحَهُ عَلَى أن يُجْرِيَ عَلَى أرْضِهِ. أَوْ سَطْحِهِ مَاءً مَعْلُومًا، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَدِّ القَذْفِ. وقيل: إنْ جُعِلَ حَقَّ آدَمِي، سقَط، وإلَّا وجَب. قوله: وإنْ صالحَه على أنْ يُجْرِيَ على أرْضِه أو سَطْحِه ماءً مَعْلُومًا، صَحَّ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه، لكِنْ إذا صالحَه بعِوَض؛ فإنْ كان مع بَقاءِ مِلْكِه، فهي إجارَةٌ، وإلَّا بَيعٌ. وإنْ صالحَه على مَوْضِعِ قَناةٍ مِن أرْضِه يُجْرِي فيها ماءً، وبيَّنا مَوْضِعَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعَرْضَها وطُولَها، جازَ، ولا حاجَةَ إلى بَيانِ عُمْقِه (¬1)، ويُعْلَمُ قَدْرُ الماءِ بتَقْدِيرِ السَّاقِيَةِ، وماءِ مطَرٍ، برُؤيَةِ ما يزُولُ عنه الماءُ ومِساحَتِه، ويُعْتَبرُ فيه تقْدِيرُ ما يَجْرِي فيه الماءُ، لا قَدْرُ المُدَّةِ للحاجَةِ كالنِّكاحِ. ¬

(¬1) بياض في: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، إذا أرادَ أنْ يُجْرِيَ ماءً في أرْضِ غيرِه مِن غيرِ ضَرَرٍ عليه، ولا على أرْضِه، لم يَجُزْ له ذلك إلا بإذْنِ رَبِّها، إنْ لم تكُنْ حاجَة ولا ضَرُورَة، بلا نِزاعٍ، وإنْ كان مَضْرُورًا إلى ذلك، لم يَجُزْ أيضًا إلَّا بإذْنِه. على الصحيح مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الحاوي الكَبِيرِ»، والشَّارِحُ: هذا أقْيَسُ وأوْلَى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ، ولو مع حَفْر. اخْتارَه الشَيخُ تَقِي الدينِ وصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». فعلى الروايَةِ الثَّانيةِ، لا يجوزُ فِعْلُ ذلك إلَّا للضَّرُورَةِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ». وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». وقيل: يجوزُ للحاجَةِ. وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ (¬1)»، إنَّما حَكَوا الرِّوايتَين في الحاجَةِ. وأطْلَقَ القَوْلَين في «الفُروعِ»، وأطْلَقَهما ابنُ عَقِيل في حَفْرِ بِئْرٍ، أو إجْراءِ نَهْر أو قَناةٍ. نقَل أبو الصَّقْرِ، إذا أساحَ عَينًا تحتَ أرْض، فانْتَهَى حَفْرُه إلى أرْض لرَجُل أو دارٍ، فليس له مَنْعُه مِن ظَهْرِ الأرْضِ ولا بَطها، إذا لم يَكُنْ عليه مَضَرَّة. الثَّانيةُ، لو كانتِ الأرْضُ في يَدِه بإجارَةٍ، جازَ للمُسْتَأجِرِ أنْ يُصالِحَ على إجْراءِ الماءِ فيها في ساقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ، مُدَّةً (3) ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تُجاوزُ مُدَّةَ الإجارَةِ. وإنْ لم تَكُنِ السَّاقِيَةُ مَحْفُورَةً، لم تَجُزِ المُصالحَةُ على ذلك. وكذا (¬1) حُكْمُ المُسْتَعِيرِ. ولا يصِح منهما (¬2) الصلْحُ على إجْراءِ ماءِ المَطَرِ على سَطْح. وفيه على أرْض، بلا ضَرَرٍ، احْتِمالان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» و «الحاوي الكَبِيرِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وأما». (¬2) في الأصل، ط: «فيها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوازِ. ثم رأيتُ ابنَ رَزِين في «شَرْحِه» قدَّمه. وإنْ كانتِ الأرْضُ التي في يَدِه وَقْفًا، فقال القاضي، وابنُ عَقِيل: هو كالمُسْتَأجِرِ (¬1). وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ ما قدمه في «الفُروعِ»، وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقال المُصَنفُ: يجوزُ له حَفْرُ السَّاقِيَةِ (¬2)؛ لأنَّ الأرْضَ له، وله التصَرُّفُ فيها كيف شاءَ، ما لم ينْقُلِ المِلْكَ فيها إلى غيرِه، بخِلافِ المُسْتَأجِرِ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ البابَ، والخَوْخةَ، والكُوةَ، ونحوَ ذلك، لا يجوزُ فِعْلُه (¬3) في دارٍ مُؤجَرَةٍ، وفي مَوْقُوفَةٍ الخِلافُ، [أو يجوزُ] (¬4) قوْلًا واحدًا. وهو أوْلَى؛ لأن تَعْلِيلَ الشَّيخِ -يعْنِي به المُصَنفَ- لو لم يَكُنْ مُسلَّمًا (¬5) لم يُفِدْ، وظاهِرُه لا تُعْتَبرُ المَصْلَحَةُ وإذْنُ الحاكِمِ، بل عدَمُ الضرَرِ، وأنَّ إذنه يُعْتَبرُ لدفْعِ الخِلافِ. ويأتِي كلامُ ابنِ عَقِيل في الوَقْفِ، وفيه أذنه فيه لمَصْلَحَةِ المأذُونِ المُمْتازِ (¬6) بأمْرٍ شَرْعِيٍّ، فلمَصْلَحةِ المَوْقوفِ أو المَوْقوفِ عليه أوْلَى. وهو مَعْنَى نَصِّه في تجْدِيدِه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «كالمستأجرة». (¬2) في الأصل، ط: «الساحة». (¬3) في الأصل، ط: «فعليه». (¬4) في الأصل، ط: «ويجوز». (¬5) في الأصل، ط: «سلما». (¬6) في الأصل: «المهار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَصْلَحَةٍ (¬1). وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ عن أكثرِ الفُقَهاءِ في تَغْيِيرِ صِفَاتِ الوَقْفِ لمَصْلَحَةٍ كالحاكُورةِ، وعَمِلَه حُكامُ الشَّامِ، حتى صاحِبُ «الشرْحِ»، في الجامِعِ المُظَفرِيِّ. وقد زادَ عمرُ وعثمانُ، رَضِيَ الله عنهما، في مَسْجِدِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، وغيَّرا بِناءَه، ثم عمرُ بنُ عَبْدِ العِزيزِ وزادَ فيه أبْوابًا، ثم المَهْدِيُّ، ثم المَأمُونُ. الثالثةُ، لو صالحَ رَجُلًا على أنْ يَسْقِيَ أرْضَه مِن نَهْرِ الرجُلِ يَوْمًا أو يَوْمَين، أو مِن عَينه، وقدَّرَه بشيء يُعْلَمُ به، لم يَجُزْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأن الماءَ ليس بمَمْلُوكٍ، ولا يجوزُ بَيعُه، فلا يجوزُ الصُّلْحُ عليه. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يجوزُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، ومالا إليه. قلتُ: وهو الصوابُ، وعَمَلُ النَّاسِ عليه قدِيمًا ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ما صلحه».

وَيَجُوزُ أنْ يَشتَرِيَ مَمَرًّا في دَارٍ، وَمَوْضِعًا في حَائِطِهِ يَفْتَحُهُ بَابًا، وَبُقْعَةً يَحْفِرُهَا بِئْرًا، وَعُلْوَ بَيتٍ يَبْنِي عَلَيهِ بُنْيَانًا مَوْصُوفًا. فَإِنْ كَانَ الْبَيتُ غَيرَ مَبْنِيٍّ، لَمْ يَجُزْ في أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَجُوزُ إِذَا وُصِفَ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحَدِيثًا. الرابعةُ، إذا صالحَه على سَهْم مِنَ العَينِ، أو النَّهْرِ؛ كالثُّلُثِ، والرُّبْعِ، ونحوهما، جازَ، وكان بَيعًا (¬1) للقَرارِ، والماءُ تابعٌ له. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: ويجوزُ أنْ يَشْتَرِيَ مَمَرًّا في دارٍ، ومَوْضِعًا في حائِطِه يَفْتَحُه بابًا، وبُقْعَةً ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تبعًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْفِرُها بئْرًا، وعُلْوَ بَيتٍ يَبْنِي عليه بُنْيانًا مَوْصُوفًا. بلا نِزاع. وقال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه، في وَضْعِ خَشَبٍ أو بِناءٍ: يجوزُ إجارَةً، مُدَّةً معْلُومَةً، ويجوزُ صُلْحًا أبدًا. قوله: فإنْ كانَ البَيتُ غيرَ مَبْنِي، لم يَجُزْ في أحدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يجوزُ، أي يصِح، إذا وصَف العُلْوَ والسفْلَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، يصِحُّ إذا كان مَعْلُومًا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ، أي لا يصِحُّ. قاله القاضي. وتقدَّم التنبِيهُ على ذلك كلِّه في كتابِ البَيعِ، في الشَّرْطِ الثَّالثِ، فإنّه داخِل في كلامِه هناك على وَجْهِ العُمومِ، وهنا مُصَرَّحٌ به. وبعضُ الأصحابِ ذكَر المَسْألةَ هناك، وبعضُهم ذكَرَها هنا، وبعضُهم عبَّر بالصُّلْحِ عن ذلك، وهو كالبَيعِ هنا. فالنَّقْلُ فيها مِنَ المَكانَين. تنبيه: حيثُ صحَّحْنا ذلك، فمتى زال، فله إعادَتُه مُطْلَقًا، ويَرْجِعُ بأجْرَةِ مُدَّةِ زَوالِه عنه. وفي الصُّلْح، على زَوالِهْ، وعدَمِ عَوْدِه. فائدة: حُكْمُ المُصالحَةِ في ذلك كله، حُكْمُ البَيعِ. لكِنْ قال في «الفُنُونِ»: فإذا فرَغَتِ المُدَّةُ يَحْتَمِلُ أنَّه ليس لرَبِّ الجِدارِ مُطالبَته بقَلْعِ خَشَبه. قال: وهو الأشْبَهُ كإعارَتِه لذلك؛ لما فيه مِنَ الخُروجِ عن حُكْمِ العُرْفِ؛ لأنَّ العُرْفَ وضَعَها

وَإنْ حَصَلَ في هَوَائِهِ أغْصَانُ شَجَرَةِ غَيرِهِ، فَطَالبَهُ بِإِزَالتِهَا، لَزِمَهُ. فَإنْ أبَى، فَلَهُ قَطْعُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ للأبَدِ، فهو كإعارَةِ الأرْضِ للدفْنِ. ثم إمَّا أنْ يَتْرُكَه بعدَ المُدَّةِ بحُكْمِ العُرْفِ بأجْرَةِ مِثْلِه إلى حينِ نَفادِ الخَشَبِ؛ لأنَّه العُرْفُ فيه، كالزَّرْعِ إلى حَصادِه؛ للعُرْفِ فيه، أو يُجَدِّدَ إجارةً بأجْرَةِ المِثْلِ؛ وهي المُسْتَحَقةُ بالدوامِ بلا عَقْدٍ. قوله: وإنْ حصَل في هوائِه أغْصَانُ شَجَرَةِ غيرِه، فطالبَه بإزالتِها, لَزِمَه. فإنْ أبى، فله قَطْعُها. قال الأصحاب: له إزالتها بلا حُكْم حاكِم. قال في «الوَجيزِ»: فإنْ أبى، لَواه، إنْ أمْكَنَ، وإلَّا فله قَطْعُه. وكذا قال غيرُه. وقيلَ لأحمدَ: يَقْطعه هو؟ قال: لا، يقُولُ لصاحِبِه حتى يقْطَعَ. فائدة: إذا حصَل في مِلْكِه أو هَوائِه أغْصانُ شَجَرَةٍ، لَزِمَ المَالِكَ إزالته إذا طالبَه بذلك. بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو امْتَنعَ مِن إزالتِه، فهل يُجْبَرُ عليه، ويضْمَنُ ما تَلِفَ به؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يُجْبَرُ، ولا يَضْمَنُ ما تَلِفَ به. وهو الصحيحُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، في عدَمِ الإجْبارِ. والثاني، يُجْبَرُ على

فَإِنْ صَالحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَض، لَمْ يَجُزْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إزالتِه، ويَضْمَنُ ما تَلِفَ به. [وهو احْتِمال] (¬1) في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ رَزِين: ويَضْمَنُ ما تَلِفَ به، إنْ أُمِرَ بإزالتِه فلم يَفْعَلْ. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: وإنْ صالحَه عن ذلك بعِوَضٍ، لم يَجُزْ. وهو أحَدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «نهايَةِ ابنِ رَزِين». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يجوزُ. قال المُصَنفُ في «المُغْنِي»: اللائقُ بمذهبِنا صِحَّتُه. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَقِيلٍ. ¬

(¬1) في الأصل: «وهو الصحيح قدمه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: إنْ صالحَه عن رُطَبِه، لم يَجُزْ، وإنْ كان يابِسًا، جازَ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّم في «التَّلْخيصِ»، عدَمَ الجَوازِ في الرَّطْبَةِ؛ لأنها تَتَغيَّر. وأطْلَقَ الوَجْهَين في اليابِسَةِ. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»: وإنْ صالحَه عن رَطْبَةٍ، لم يَجُزْ. وقيل: في الصُّلْحِ عن غُصْنِ الشجَرَةِ وَجْهان. انتهيا. وأطْلَقَ الأوْجُهَ الثلاثةَ في «النَّظْمِ»، و «الفائقِ».

وَإنِ اتَّفَقَا عَلَى أنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ أوْ بَينَهُمَا، جَازَ، وَلَمْ يَلْزَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واشْتَرطَ القاضي للصِّحةِ، أنْ يكونَ الغُصْنُ مُعْتَمِدًا على نَفْسِ الحائطِ، ومنَع إذا كان في نَفْسِ الهَواءِ؛ لأنه تابعٌ للهَواءِ المُجَرَّدِ. وقال في «التبصِرَةِ»: يجوزُ مع مَعْرِفَةِ قَدْرِ الزِّيادَة بالأذْرُعِ. قوله: وإنِ اتفَقَا على أن الثَّمَرَةَ له، أو بينَهما، جازَ، ولم يَلْزَمْ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفائقِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: جازَ في الأصَحِّ. وقيل: لا يجوزُ. قال الإمامُ أحمدُ، في جَعْلِ الثمَرَةِ بينَهما: لا أدْرِي. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «المُغْني»، و «الشرْحِ»، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ: والذي يَقْوَى عندِي، أن ذلك إباحَة، لا صُلْحٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ عُروقِ الشَّجَرَةِ في غيرِ أرْضِ مالِكِها، حُكْمُ الأغْصانِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «النظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل عنه: حُكْمُها حُكْمُ الأغْصانِ إذا حصَل ضَرَرٌ (¬1)، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، صُلْحُ مَن مال ¬

(¬1) في الأصل، ط: «من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حائطُه، أو زلَق مِن خَشَبِه إلى مِلْكِ غيرِه، كالأغْصانِ. قاله في «الفُروعِ». وقال: وهو ظاهِرُ رِوايَةِ يَعْقُوبَ. وفي «المُبهِجِ» في بابِ الأطْعِمَةِ، ثَمَرَةُ غُصْن في هَواءِ طَرِيقٍ عام، للمُسْلِمِين.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا، وَلَا سَابَاطًا، وَلَا دكَانًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ أنْ يَشْرَعَ إلى طَرِيقٍ نافِذٍ جَناحًا ولا ساباطًا. وكذا لا يجوزُ. أنْ يُخْرِجَ دَكَّةً. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ، وابنِ مَنْصُورٍ، ومُهَنَّا، وغيرِهم. انتهى. وعينه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وحُكِيَ عن أحمدَ جَوازُه بلا ضَرَرٍ. ذكَرَه الشَيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ»، واخْتارَه هو، وصاحِبُ «الفائق». فعلى المذهبِ فيهما وفي المِيزابِ -الآتِي حُكْمُه- يَضْمَنُ ما تَلِفَ بهم. ويأتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخرِ بابِ الغصْبِ. وفي سُقُوطِ نِصْفِ الضمانِ، بِناءً على أصْلِه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، في بابِ الغَصْبِ. قلتُ: الصَّوابُ ضَمانُ الجميعِ. ثم وَجَدْتُ المُصَنِّفَ، والشارحَ، في كتابِ الغَصْبِ، قالا لمَن قال مِن أصحاب الشَّافِعِي: يَضْمَنُ النِّصْفَ. لأنّه إخْراجٌ في يضْمَنُ به البَعْضَ، فضَمِنَ به الكُل؛ لأنه المَعْهودُ في الضمانِ. وقال الحارِثِيُّ: وقال الأصحابُ: وبأنَّ النِّصْفَ (¬1) عُدْوانٌ. فأوْجَبَ كلَّ الضَّمانِ. وظاهِرُ ما قالُوا: إنّه يَضْمَنُ الجميعَ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «النصب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا يجوزُ إخْراجُ المَيازِيبِ إلى الطريقِ النَّافِذِ، ولا إلى دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ إلَّا بإذْنِ أهْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هو كإشْراعِ الأجْنِحَةِ عندَ الأصحابِ. وهو كما قال. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وفي «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» احْتِمالْ بالجَوازِ، مع انْتِفاءِ الضَّرَرِ. وحُكِيَ رِوايَةً عن أحمدَ، ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» , كما تقدَّم. قلتُ: وعليه العَمَلُ في كلِّ عَصْر ومِصْر. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيةِ»: واخْتارَه طائِفَة مِنَ المُتَأخرِين. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: إخْراجُ المَيازِيبِ إلى الدَّرْبِ، هو السُّنَّةُ. واخْتارَه، وقدَّمه في «النَّظْمِ». فعلى هذا، لا ضَمانَ. تنبيه: محَلُّ عدَمِ الجَوازِ والضَّمانِ في الجَناحِ والسَّاباطِ والمَيازِيبِ، إذا لم يَأذَنْ فيه الإمامُ أو نائِبُه. فأما إنْ أذِنَ أحدُهما فيه، جازَ ذلك إنْ لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ، عندَ جماهيرِ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: وجوَّزَ ذلك الأكثرُ بإذْنِ الإمامِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاله في «القَواعِدِ»، عنِ القاضي، والأكثرِ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: جزَم به القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْلِيقِ الكَبيرِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ». وقيل: لا يجوزُ، ولو أذِنَ فيه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن». وقال الحارِثِيُّ، في بابِ الغَصْبِ: والمذهبُ المَنْصُوصُ، عدَمُ الإباحَةِ مُطْلَقًا، كما تقدَّم في بابِ الصُّلْحِ. انتهى. وقدَّمه في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثمانِين»، وقال: نصَّ عليه في رِوايَةِ أبِي طالب، وابنِ مَنْصُورٍ، ومُهَنَّا، وغيرِهم. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ». قلتُ: بل هو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»، في كتابِ الصَّلاةِ: إنْ كان لا يضُرُّ بالمارَّةِ، جازَ. وهل يَفْتَقِرُ إلى إذْنِ الإِمام؟ على رِوايَتْين. الثَّانيةُ، لم يذْكُرِ الأصحابُ مِقْدارَ طُولِ الجِدارِ الذي يُشْرَعُ عَليه الجَناحُ والمِيزابُ والسَّاباطُ، إذا قُلْنا بالجَوازِ، لكِنْ حيثُ انْتَفَى الضَّرَرُ، جازَ. وقال في «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الترْغِيبِ»: يكونُ بحيثُ يُمْكِنُ عُبورُ مَحْمِل. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يكونُ بحيثُ يُمْكِنُ مُرورُ رُمْحٍ قائِمًا بيَدِ فارِسٍ. قوله: ولا دُكَّانًا. لا يجوزُ أنْ يشْرَعَ دُكَّانًا في طَرِيقٍ نافِذٍ، سواء أذِنَ فيه الإمامُ، أو لا. على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الحاوي الكَبِيرِ»: لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: حُكْمُه حكمُ الجَناحِ ونحوه. قال في «الفُروعِ»: مع أن الأصحابَ لم يُجَوِّزُوا حَفرَ البِئرِ والبِناءَ في ذلك لنَفسِه، وكأنه لما فيه مِنَ الدَّوامِ. قال: ويتَوَجَّهُ مِن هذا الوَجْهِ، تخْرِيجٌ. يعْنِي، في جَوازِ حَفْرِ البِئْرِ والبِناءِ. وظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، جَوازُ إخْراجِ الدُّكَّانِ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنعْناه مِن غيرِه، على المُقدَّمِ؛ فإنَّه قال: وليس لأحَدٍ أنْ يُخْرِجَ إلى دَرْبٍ نافِذٍ مِن مِلْكِه رَوْشَنًا, ولا كذا, ولا كذا. وقيل: ولا دُكَّانًا. ولعَلَّه سَهْوٌ، إنْ لم يَكُنْ في النُّسْخَةِ غلَطٌ. [تنبيه: ممَّن ذكَر الدُّكَّانَ كالمُصَنِّفِ، واقْتَصرَ عليه، أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وجَمْعٌ كثير. وممَّنْ ذكَر الدَّكَّةَ، واقْتَصرَ عليها، ولم يذْكُرِ الدكانَ، جماعَةٌ؛ منهم ابنُ حَمْدانَ، في «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، وصاحِبُ «الحاوي الصَّغِيرِ». وقد فسَّر ابنُ مُنَجَّى الدُّكَّانَ في كلامِ المُصَنِّفِ بالدكةِ. قال في «المُطْلِعِ»: قال أبو السَّعاداتِ (¬1): الدكانُ، الدكةُ المَبْنِيةُ للجُلُوسِ عليها. وقال في «البَدْرِ المُنِيرِ»: الدّكَّةُ، المَكانُ المُرْتَفِعُ يُجْلَسُ عليه، وهو المَصْطَبَةُ. وجمَع ابنُ حَمْدانَ، في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» بينَهما، فقال: وليس لأحَدٍ أنْ يُخْرِجَ إلى طَرِيقٍ نافِذ دَكَّةً. وقيل: ولا دُكَّانًا. انتهى. فغايرَ بينَهما. وقد قال الجَوْهَرِيُّ: الدكانُ؛ الحانُوتُ. انتهى. فهو غِيرُ الدكةِ عندَه. وقال في «البَدْرِ المنيرِ»: والدكانُ يُطْلَقُ على الحانُوتِ، وعلى الدكةِ التي يُقْعَدُ عليها. انتهى. وقال في «القامُوسِ» (¬2): الدكةُ بالفَتْحِ، والدكانُ بالضَّمِّ، بِناءٌ يُسْطَحُ أعْلاه للمَقْعَدِ. انتهى] (¬3). ¬

(¬1) هو هبة الله بن علي بن محمَّد، أبو السعادات، المعروف بابن الشجري. كان أوحد زمانه في علم العربية ومعرفة اللغة، صنف كتاب «الأمالي»، وله في النحو عدة تصانيف. توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. بغية الوعاة، للسيوطي 2/ 324. (¬2) القاموس المحيط 3/ 312. (¬3) في هامش ا: «زيادة من هامش نسخة المصنف».

وَلَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ في مِلْكِ إِنْسَانٍ، وَلَا دَرْبٍ غَيرِ نَافِذٍ إلا بِاذْنِ أهْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا أنْ يَفْعَلَ ذلك في دَرْبٍ غيرِ نَافِذٍ، إلَّا بإذْنِ أهْلِه. بلا نِزاع. وكذا

فَإِنْ صَالحَ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، جَازَ في أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجوزُ أنْ يَفْعَلَ ذلك هَواءِ جارِه إلَّا بإذْنِه. قوله: فإنْ صالحَ عن ذلك بعِوَض، جازَ، في أحدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ صُلْحُه عن مَعْلُومِه بعِوَض في الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّاني،

وَإذَا كَانَ ظَهْرُ دَارِهِ في دَرْب غَيرِ نَافِذٍ، فَفَتَحَ فِيهِ بَابًا لِغَيرِ الاسْتِطْرَاقِ، جَازَ. وَيَحْتَمِلُ ألا يَجُوزَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجوزُ. اخْتارَه القاضي، وجزَم به في «نِهايَةِ ابنِ رَزِنٍ»، ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قوله: وإنْ كانَ ظَهْرُ دارِه في دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ، ففتَح فيه بابًا لغيرِ الاسْتِطْراقِ،

وَإنْ فَتَحَهُ للِاسْتِطْرَاقِ، لَمْ يَجُزْ، إلا بِإِذْنِهِمْ في أحَدِ الْوَجْهَين وإنْ صَالحَهُمْ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ. وهو المذهبُ، نصّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ إلَّا بإذْنِهم، وهو لابنِ عَقِيل، واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. قوله: وإنْ فتَحَه للاسْتِطْراقِ، لم يَجُزْ، إلَّا بإذْنِهم، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، نصّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصححه في «التصْحيحِ» وغيرِه.

وَلَوْ أنَّ بَابَهُ في آخِرِ الدَّرْبِ، مَلَكَ نَقْلَهُ إِلَى أوَّلِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْ نَقْلَهُ إِلَى دَاخِل مِنْهُ في أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الفائقِ»: لم يَجُزْ في أصحِّ الوَجْهَين. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ بغيرِ إذْنِهم. قوله: ولو أنَّ بابَه في آخِرِ الدَّرْبِ، ملَك نَقْلَه إلى أوَّلِه. يعْنِي، إذا لم يَحْصُلْ ضَرَر [مِن فَتْحِه مُحاذِيًا لبابِ غيرِه ونحوه] (¬1). وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال في «التَّرْغِيبِ»: وقيل: لا يجوزُ مُحاذِيا لبابِ غيرِه. [فظاهِرُه أنَّه قدم الجَوازَ مُطْلَقًا. وهو ضَعِيف] (1). ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولم يَمْلِكْ نَقْلَه إلى داخِل منه، في أحدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثاني، يجوزُ. قال في «الحاوي الكَبِيرِ»: اخْتارَه صاحِبُ «المُغْنِي»، لكِنْ لا يفْتَحُه قُبالةَ بابِ غيرِه. نصَّ عليه. وقال ابنُ أبي مُوسى: يجوزُ، إنْ سَدَّ البابَ الأولَ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ يَعْقوبَ. تنبيه: محَل الخِلافِ، إذا لم يأذَنْ له مَن فوقَه. فأمَّا إنْ أذِنُوا، ارْتفَعَ الخِلافُ. على الصَّحيحِ. وقيل: لا بدَّ أيضًا مِن إذنِ مَن هو أسْفَلُ منه. وهو بعيد. وحيثُ قُلْنا بالإذْنِ، وأذِنُوا، فيكُونُ إعارَةً. قال في «الفُروعِ»: ويكونُ إعارَةً في الأشْبَهِ. وكذا قال قبلَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها, لو كان لرَجُلٍ داران؛ ظَهْرُ كلِّ واحِدَةٍ منهما إلى ظَهْرِ الأُخْرَى، وبابُ كلِّ واحِدَةٍ منهما إلى دَرْبٍ غيرِ نافِذٍ، فرفَع الحاجِزَ بينَهما، وجعَلَهما دارًا واحدَةً، جازَ. وإنْ فتَح مِن كلِّ واحِدَةٍ منهما بابًا إلى الأُخْرَى؛ ليَتمَكَّنَ مِنَ التَّطَرُّق مِن كلِّ واحِدَةٍ منهما إلى كلا الدَّارَين، فقال القاضي: لا يجوزُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»: لم يَجُزْ في الأصحِّ. قال في «الصُّغْرَى»: جازَ في وَجْهٍ. وقيل: يجوزُ. قال المُصَنِّفُ: والأشْبَهُ الجَوازُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «النَّظْمِ»: وهو الأقْوَى. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن». الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجارَ يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ في مِلْكِه بما يَضُرُّ بجارِه؛ كحَفْرٍ كَنِيفٍ إلى جَنْبِ حائطِ جارِه، وبِناءِ حَمَّام إلى جَنْبِ دارِه، يتَأذَّى بذلك، ونصْبِ تنورٍ يتَأذَّى باسْتِدامَةِ دُخانِه، وعمَلِ دُكَّانِ قِصارَةٍ وحِدادَةٍ، يتَأذَّى بكَثْرَةِ دَقِّه، أو رَحًى، أو حَفْرِ بِئْر ينْقَطِعُ به ماءُ بِئْرِ جارِه، [ونحو ذلك. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [«المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فإنْ حفَر بِئْرًا في مِلْكِه، فانْقَطَعَ ماءُ بِئرِ جارِه] (¬1)، أمِرَ بسَدِّها؛ ليَعُودَ ماءُ البِئْرِ الأولَةِ. على الصَّحيحِ. فإنْ لم يَعُدْ، كُلِّفَ صاحِبُ البِئْرِ الأوَّلَةِ حَفْرَ البِئْرِ التي سُدَّتْ لأجْلِه مِن مالِه. وعنه، لا يُكَلَّفُ سدَّ بِئْرِه، ولو انْقَطَعَ ماءُ بِئْرِ جارِه. قال القاضي: فيُخَرَّجُ في المَسائلِ التي قبلَها؛ مِنَ الحَمَّامِ، والتَّنُّورِ، ودُكَّانِ القِصارَةِ، والحِدادَةِ، ونحوها، رِوايَتان. قال ابنُ رَزِين: عدَمُ المَنْعِ في الجَميعِ أقْيَسُ. وقال في «التَّلْخيصِ»، في بابِ إحْياءِ المَواتِ: يُمْنَعُ مِن ذلك. ثم قال: وفيه رِوايَةٌ أخْرَى، لا يُمْنَعُ مِن ذلك. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، ذكَرَه أبو إسْحاقَ في «تَعاليقِه» عنه. وأطْلَقَ الروايتَين في الجَميعِ في «الفائقِ». الثَّالثَةُ، لو ادَّعَى أنَّ بِئْرَه فسَدَتْ مِن خَلاءِ جارِه، أو بالُوعَتِه، طُرِحَ في الخَلاءِ أو البالُوعَةِ نِفْطٌ؛ فإنْ لم يَظْهَرْ طَعْمُ النفْطِ ولا رائِحَتُه في البِئْرِ، عُلِمَ أن فَسادَها بغيرِ ذلك. وإنْ ظهَر طَعْمُه أو رائِحَتُه فيها، كُلِّفَ صاحِبُ الخَلاءِ والبالُوعَةِ نقْلَ ذلك، إنْ لم يُمْكِنْ إصْلاحُها. هذا إذا كانتِ البِئْرُ أقْدَمَ منهما. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ في حَائِطِ جَارِهِ، وَلَا في الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ رَوْزَنَةً وَلَا طَاقًا، إلَّا بإِذْنِ صَاحِبِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الرِّوايَةِ الأخْرَى، لا تلْزَمُ مالِكَ الخَلاءِ والبالوعَةِ تَغْيِيرُ ما عَمِلَه في مِلْكِه بحالٍ. قاله في «الحاويَيْن» وغيرِه. الرَّابعةُ، ليس له مَنْعُه مِن تَعْلِيَة دارِه، في ظاهِرِ ما ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، ولو أفْضَى إلى سَدِّ الفَضاءِ عن جارِه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِن قَوْلِ أحمدَ: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ. مَنْعُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس له مَنْعُه؛ خوْفًا مِن نَقص أجْرَةِ مِلْكِه، بلا نِزاع. وقد قال في «الفُنُونِ»: من أحْدَثَ في دره دِباغَ الجُلودِ، أو عمَلَ الصَّحْناةِ (¬1)، يحْتَمِلُ المَنْعَ. وقال ابنُ عَقِيل أيضًا: لا يجوزُ أنْ يُحْدِثَ في مِلْكِه قَناةً تَنِزُّ إلى حِيطانِ النَّاسِ. قوله: وليس له أنْ يَفْتَحَ في حائطِ جارِه، ولا الحائطِ المُشْتَرَكِ روْزَنَةً، ولا طاقًا، إلَّا بإذْنِ صاحِبِه. يَحْرُمُ عليه التَّصَرُّفُ في ذلك حتى بضَرْبِ وَتَدٍ، ولا يُحْدِثُ سُتْرَةً. قال في «الفُروعِ»: ذكَرَه جماعَةٌ. وحمَل القاضي قَوْلَ أحمدَ: يَلْزَمُ الشَّرِيكَ النَّفَقَةُ مع شَرِيكِه على السُّتْرَةِ. على سُتْرَةٍ قَديمةٍ انْهدَمَتْ. واخْتارَ في «المُستَوْعِبِ» وُجوبَها مُطْلَقًا على نصِّه، فقال: وعندِي، أن السُّتْرَةَ واجِبَة على كلِّ حالٍ، على ما نصَّ عليه مِن وُجوبِها. ¬

(¬1) إدام يتخذ من السمك الصغار.

وَلَيسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبِهِ عَلَيهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورةِ، بِأنْ لَا يُمْكِنَهُ التَّسْقِيفُ إلا بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يَلْزَمُ الأعْلَى بِناءُ سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشارَفَةَ الأسْفَلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «الحاويَيْن»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يُشارِكُه الأسْفَلُ. وأما إذا تَساوَيا، فإن المُمْتَنِعَ يُلْزَمُ بالمُشارَكَةِ. قوله: وليس له وَضْعُ خَشَبِه عليه -يعْنِي، على حائطِ جارِه، أو الحائطِ المُشْتَرَكِ- إلَّا عندَ الضرُورَةِ، بأنْ لا يُمْكِنَه التسْقِيفُ إلَّا به. إذا أرادَ أنْ يضَعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خشَبَه على جِدارِ جارِه، أو الجِدارِ المُشْتَرَكِ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يتَضَرَّرَ الحائطُ بذلك، أو لا؛ فإنْ تَضَرَّرَ بذلك، مُنِعَ. بلا نِزاعٍ. وإنْ لم يتَضَرَّرْ، فلا يَخْلُو؛ إما أنْ يكونَ صاحِبُ الخَشَبِ مُسْتَغْنِيًا عن ذلك؛ لإمْكانِه وَضْعُه على غيرِه، أو لا؛ فإنْ كان مُسْتَغْنِيًا عن وَضْعِه، وأرادَ وَضْعَه عليه، مُنِعَ منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: عليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». وصحَّحه في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيل: يجوزُ. وأطْلَقَ أحمدُ الجَوازَ، وكذا صاحِبُ «المُحَرَّرِ» وغيرُه. وإنْ لم يكُنْ مُسْتَغْنِيًا، ودَعَتِ الضَّرُورَةُ إلى ذلك عندَ الأكثرِ -وفي «المُغْني»، و «الشرْحِ»، ودَعَتِ الحاجَةُ إلى ذلك- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، له وَضْعُه عليه. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فعلى هذا، لا يجوزُ لرَبِّ الجِدارِ مَنْعُه، وإنْ منَعَه، أجْبَرَه الحاكِمُ. وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ على عدَمِ اعْتِبارِ إذْنِه في الوَضْعِ، ولو صالحَه عنه بشيءٍ، جازَ. قال في «الرِّعايَةِ»: جازَ في الأصحِّ. انتهى. وقيل: لا يجوزُ له وَضْعُه بغيرِ إذْنِه. وخرَّجَه أبو الخَطابِ مِن رِوايَةِ المَنْعِ مِن وَضْعِه على جِدارِ المَسْجِدِ. وهو قَوْلُ المُصَنِّفِ. وهذا تَنْبِيهٌ على أنَّه لا يَضَعُه على جِدارِ جارِه؛ لأنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له في المَسْجِدِ حقًّا، وحقُّ اللهِ مَبْنِيٌّ على المُساهَلَةِ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاويَيْن». فائدة: ذكَر أكثرُ الأصحابِ الضَّرُورَةَ، مِثْلَ أنْ يكونَ للجارِ ثَلاثَةُ جُدُرٍ، وله جِدارٌ واحدٌ (¬1)؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وليس هذا في كلامِ أحمدَ، إنَّما قال في رِوايَةِ أبِي داودَ: لا يَمْنَعُه إذا لم يَكُنْ ضَرَرٌ، وكان الحائطُ يَبْقَى. ولأنَّه قد يَمْتَنِعُ التَّسْقِيفُ على حائطَين، إذا كانا غيرَ مُتَقابِلَين، أو كان البَيتُ واسِعًا يَحْتاجُ أنْ يجعلَ فيه جِسْرًا، ثم يضَعَ الخَشَبَ على ذلك الجِسْرِ. قال المُصَنِّفُ: والأوْلَى اعْتِبارُه بما ذكَرْنا، مِنِ امْتِناعِ التَّسْقيفِ بدُونِه. ولا فَرْقَ فيما ذكَرْنا بينَ البالِغِ واليَتِيمِ والعاقلِ والمَجْنُونِ. ¬

(¬1) في ط: «أوجد».

وعَنْهُ، لَيسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبِهِ عَلَى جِدَارِ الْمَسجِدِ. وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وعنه، ليس له وَضْعُ خَشَبِه على جِدارِ المَسْجِدِ. [أنَّ المُقَدَّمَ جَوازُ] (¬1) وَضْعِه عليه، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الحاويَيْن»، وهو إحْدَى الرِّوايتَين أو الوَجْهَين. وهو المذهبُ عندَ ابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وهو احْتِمالٌ في «المُذْهَبِ». والرِّوايَةُ الأُخْرَى، ليس له وَضْعُه على جِدارِ المَسْجِدِ، وإنْ جازَ وَضْعُه على جِدارِ غيرِه. وهي التي ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا. واخْتارَها أبو بَكْرٍ، وأبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وصحَّحه في «الرِّعايتَين». وجزَم ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُذْهَبِ». وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الكافِي». فوائد؛ إحْداها، لو كان له حقُّ ماءٍ يَجْرِي على سَطْحِ جارِه، لم يَجُزْ له تَعْلِيَةُ سَطْحِه ليَمْنَعَ الماءَ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وليس له تَعْلِيَتُه لكَثْرَةِ ضَرَرِه. الثَّانيةُ، يجوزُ له الاسْتِنادُ إلى حائطِ جارِه وإسْنادُ قُماشِه إليه. وذكَر في «النِّهايَةِ» في مَنْعِه احْتِمالين. وله الجُلُوسُ (¬1) في ظِلِّه، ونظَرُه في ضَوْءِ سِراجِه. ونقَل المَرُّوذِيُّ، يَسْتَأْذِنُه، أعْجَبُ إليَّ، فإنْ منَعَه، حاكَمَه. ونقَل جَعْفَرٌ، قيلَ له: أيَضَعُه، ولا يَسْتَأْذِنُه؟ قال: نعم، أيشِ يَسْتَأْذِنُه؟ قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: العَينُ والمَنْفَعَةُ التي لا قِيمَةَ لها عادةً، لا يصِحُّ أنْ يرِدَ عليها عقَدُ بَيعٍ وإجارَةٍ اتِّفاقًا، كمَسْأَلتِنا. الثَّالثةُ، لو ملَك وَضْعَ خَشَبِه على حائطٍ، فزال بسُقوطِه، أو قَلْعِه، أو سُقوطِ ¬

(¬1) في ط: «الحلول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحائطِ، ثم أُعِيدَ، فله إعادَةُ خَشَبِه، إنْ حصَل له ضَرَرٌ بتَرْكِه، ولم يُخْشَ على الحائطِ مِن وَضْعِه عليه، وإنْ خِيفَ سُقوطُ الحائطِ بعدَ وَضْعِه عليه، لَزِمَ إزالتُه. الرَّابعةُ، لو كانَ له وَضْعُ خَشَبِه على جِدارِ غيرِه، لم يَمْلِكْ إجارَتَه، ولا إعارَتَه، ولا يَمْلِكُ أيضًا بَيعَه، ولا المُصالحَةَ عنه للمالِكِ ولا لغيرِه. ولو أرادَ صاحِبُ الحائطِ إعارَتَه أو إجارَتَه، على وَجْهٍ يَمْنَعُ هذا المُسْتَحِقَّ مِن وَضْعِ خَشَبِه، لم يَمْلِكْ ذلك. فيُعايَىَ بها. ولو أرادَ هَدْمَ الحائطِ مِن غيرِ حاجَةٍ، لم يَمْلِكْ ذلك. الخامسةُ، لو أذِنَ صاحِبُ الحائطِ لجارِه في البِناءِ على حائطِه، أو وَضْعِ سُتْرَةٍ عليه، أو وَضعِ خَشَبِه عليه في المَوْضِعِ الذي يَسْتَحِقُّ وَضْعُه، جازَ، وصارَتْ عارِيَّةً لازِمَةً، يأْتِي حُكْمُها في بابِ العارِيَّةِ. وإنْ أذِنَ في ذلك بأُجْرَةٍ، جازَ. سواءٌ كانتْ إجارَةً أو صُلْحًا، على وَضْعِه على التَّأْبِيدِ، ومتى زال فله إعادَتُه (¬1). ويُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ البِناءِ ¬

(¬1) في ط: «إعارته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعَرْضِ والطُّولِ، والسُّمْكِ والآلاتِ. السَّادسةُ، لو وجَد بِناءَه أو خَشَبَه على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حائطٍ مُشْتَرَكٍ، أو حائطِ جارِه، ولم يَعْلَمْ سبَبَه، فمتى زال، فله إعادَتُه. وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو وجَد مَسِيلَ ماءٍ يَجْرِي في أرْضِ غيرِه، أو مَجْرَى ماءِ سَطْحِه على سَطْحِ غيرِه، وما أشْبَهَه. فإنِ اخْتَلَفا، فالقَوْلُ قوْلُ صاحِبِ الخَشَبِ، ونحوه.

وَإِنْ كَانَ بَينَهُمَا حَائِطٌ فَانْهَدَمَ، فَطَالبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبِنَائِهِ مَعَهُ، أُجْبِرَ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، لَا يُجْبَرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان بينَهما حائطٌ، فانْهدَمَ، فطالبَ أحَدُهما صاحِبَه ببِنائِه معه، أُجْبِرَ عليه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. ونصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ، وحَرْبٍ، وسِنْدِيٍّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أصحابُنا. قال ابنُ عَقِيلٍ: عليه أصحابُنا. قال القاضي: هذا أصحُّ. قال (¬1) في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: لَزِمَ الآخَرَ على الأصحِّ. قال في «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم: أُجْبِرَ، في أصحِّ الرِّوايتَين. قال ابنُ رَزِينٍ: اخْتارَه أكثرُ الأشْياخِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ جَماعَةٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في، «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يُجْبَرُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هو أقْوَى في النَّظرَ. واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ أيضًا. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وهو أظْهَرُ، كبِناءِ حائطٍ بينَ مِلْكَيهما (¬1). فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لو بَناه، ثم أرادَ نَقْضَه؛ فإنْ كان ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ملكهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَناه بآلَتِه، لم يَكُنْ له ذلك. وإنْ كان بَناه مِن عندِه، فله نَقْضُه، فإنْ قال الشَّرِيكُ: أنا أدْفَعُ إليك نِصْفَ قِيمَةِ البِناءِ ولا تَنْقُضْه. لم يُجْبَرْ على ذلك. وإنْ أرادَ غيرُ البانِي نَقْضه، أو إجْبارَ بانِيه على نَقْضه، لم يَكُنْ له ذلك، على كلا الرِّوايتَين. انتهيا. ويأَتِي الحُكْمُ، إذا قُلْنا: يُجْبَرُ. في آخِرِ المَسْأَلةِ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ أيضًا، ليس له مَنْعُه مِن بِنائِه، لكِنْ إنْ بَناه بآلَتِه، فهو بينَهما، وليس له مَنْعُه مِنَ الانْتِفاعِ به قبلَ أنْ يُعْطِيه نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِه. على الصَّحيحِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ليس له مَنْعُه مِنَ الانْتِفاعِ، في الأشْهَرِ، كما ليس له نَقْضُه. قال في «الكافِي»: عادَ بينَهما، كما كان برُسومِه وحُقوقِه؛ لأنَّه عادَ بعَينِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِين»: هو قَوْلُ القاضي في «المُجَردِ»، وابنِ عَقِيل، والأكْثرَين. وقدَّمه في «النِّهايَةِ»، و «التّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: له مَنْعُه مِنَ الانْتِفاعِ به حتى يُعْطِيَه

لَكِنْ لَيسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ بِنَائِهِ. فَإِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ، فَهُوَ بَينَهُمَا، وَإنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَهُوَ لَهُ، وَلَيسَ لِلْآخَرِ الانْتِفَاع بِهِ. فَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ، خُيِّرَ الْبَانِي بَينَ أَخذِ نِضفِ قِيمَتِهِ مِنْهُ وَبَينَ أَخْذِ آلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصفَ قِيمَةِ العمَلِ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُجَرَّدِ»، و «الحاويَيْن». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفائقِ». وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى، والقاضي في «خِلافِه». وحَكاه في «التَّلْخيصِ»، عن بعضِ مُتَأَخِّرِي الأصحابِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وفيما ذكَرَه الأصحابُ -مِن عدَمِ مَنْعِه مِنَ الانْتِفاعِ به قبلَ أنْ يُعْطِيَه نِصفَ قِيمَةِ عمَلِه- نَظَرٌ، بل يَنْبَغِي أنَّ الثَّانِيَ يَمْلِكُ مَنْعَ شَرِيكِه مِنَ التَّصَرُّفِ فيه، حتى يُؤدِّيَ ما يخُصُّه مِنَ الغَرامَةِ الواقِعَةِ بأُجْرَةِ المِثْلِ؛ لأنَّه لو لم يكُنْ كذلك، لأدَّى إلى ضَياعِ حقِّ الشرِيكِ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الوَجيزِ»: وإذا بنَى أحدُهما الحائطَ بأنْقاضِه، فهو بينَهما، إنْ أدَّى الآخَرُ نِصفَ قِيمَةِ التَّالِفِ. قوْلُه على الروايَةِ الثَّانيةِ: وإنْ بَناه بآلَةٍ مِن عندِه فهو له -ولا يَحْتاجُ إلى إذْنِ حاكِمٍ في بِنائِه. صرَّح به القاضي في «خِلافِه». وقدَّمه في «القَواعِدِ». واعْتَبرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُجَرَّدِ» إذْنَ الحاكمِ. ونصَّ أحمدُ على أنَّه يُشْهِدُ على ذلك -وليس للآخَرِ الانْتِفاعُ به. فله مَنْعُ شَرِيكِه مِنَ الانْتِفاعِ به، ومِن وَضْعِ خَشَبِه ورُسومِه حتى يَدْفَعَ ما يجِبُ عليه. صرَّح بذلك في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ». قال في «الفائقِ»: اخْتَصَّ به وبنَفْعِه دُونَ أرْضِه. قال في «الحاويَيْن»: ملَكَه البانِي خاصَّةً، وليس لشَرِيكِه الانْتِفاعُ به. فإنْ كان لغيرِ البانِي رَسْمُ طَرْحٍ (¬1) أخْشابٍ، فالبانِي مُخَيَّرٌ [بينَ أنْ يُمَكِّنَهْ] (¬2) مِن وَضْعِ أخْشابِه - ¬

(¬1) في ط: «صرح». (¬2) في الأصل، ط: «إما يملكه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْخُذَ منه نِصْفَ قِيمَةِ الحائطِ- وبينَ أنْ يأْخُذَ بِناءَه ليُعِيدَ البِناءَ بينَهما، أو يَشتَرِكان في الطَّرْحِ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ بَناه بغيرِها، فله مَنْعُه مِن غيرِ رَسْمِ طَرْحِ خَشَبٍ. فظاهِرُ كلامِه، عدَمُ المَنْعِ مِنَ الرُّسُومِ. وقد صرَّح المُصَنِّفُ وغيرُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَنْعِ. والظَّاهِرُ أنَّ مُرادَ صاحِبِ «الفُروعِ» بالجَوازِ، إذا كان له حَقٌّ في ذلك، وأرادَ الانْتِفاعَ بعدَ بِنائِه. وقد صرَّح المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، بعد كلامِهما الأوَّلِ، بقَرِيبٍ مِن ذلك؛ فقالا: فإنْ كان على الحائطِ رَسْمُ انْتِفاعٍ، أو وَضْع خَشَب، قال له: إمَّا أنْ تأْخُذَ مِنِّي نِصْفَ قِيمَتِه، أو تُمَكِّنَنِي مِن انْتِفاعِي، وإمَّا أنْ تقلَعَ حائِطَك لنُعِيدَ البِناءَ بينَنا. فيَلْزَمُ الآخَرَ إجابَتُه؛ لأنَّه لا يمْلِكُ إبْطال رُسومِه وانْتِفاعِه ببِنائِه. انتهيا. وكذا قال غيرُهما. فائدة: قال في «القاعِدَةِ السَّادسةِ والسَّبْعِين»: فإنْ قيلَ: فعندَكم لا يجوزُ للجارِ مَنْعُ جارِه مِنَ الانْتِفاعِ بوَضْعِ خَشَبِه على جِدارِه، فكيف مَنَعْتُمْ هنا؟ قُلْنا: إنَّما مَنَعْنا هنا مِن عَوْدِ الحق القَديمِ المُتَضَمِّنِ لمِلْكِ الانْتِفاعِ قَهْرًا، سواء كان مُحْتاجًا إليه أو لم يَكُنْ. وأمَّا التَّمْكِينُ مِنَ الوَضْعِ للارْتِفاقِ، فتلك مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، وأكثرُ الأصحابِ يَشْتَرِطُون فيها الحاجَةَ أو الضَّرُورَةَ، على ما تقدَّم. قوله: فإنْ طلَب ذلك -يعْنِي، الشَّرِيكُ الذي لم يَبْنِ، الانْتفِاعَ- خُيِّرَ البانِي بينَ أخْذِ نِصْفِ قِيمَتِه منه، وبينَ أخْذِ آلَتِه. وهذا بلا نِزاع. لكِنْ لو اخْتارَ الأخْذَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يأْخُذُ نِصْفَ قِيمَةِ بِنائِه. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الحاويَيْن»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه يَدْفَعُ ما يخُصُّه كغَرامَةٍ؛ لأنَّه نائبُه مَعْنًى. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، إذا قُلْنا: يُجْبَرُ على بِنائِه معه. وهو المذهبُ، وامْتَنَع، أجْبَرَه الحاكِمُ على ذلك، فإنْ لم يَفْعَلْ، أخَذ الحاكِمُ مِن مالِه وأنْفَقَ عليه، فإنْ لم يَكُنْ له عيَنُ (¬1) مالٍ، باعَ مِن عُروضِه، فإنْ تعَذَّرَ، اقْتَرضَ عليه. وإنْ عمَرَه شَرِيكُه بإذْنِه أو إذْنِ حاكِمٍ، رجَع عليه، وإنْ أرادَ بِناءَه، لم يَمْلِكِ الشَّرِيكُ مَنْعَه. وما أنْفَقَ، إنْ تبَرَّعَ به، لم يَكُنْ له الرُّجوعُ، وإنْ نوَى الرُّجوعَ به، فهل له الرُّجوعُ؟. قال في «الشرْحِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ بِناءً على ما إذا قضَى دَينَه بغيرِ إذْنِه. انتهى. [قال في «الفُروعِ»: وفيه -بنِيَّةِ رُجوعِه على الأوَّلِ- الخِلافُ] (¬2). وإنْ بَناه ¬

(¬1) في ط: «غير». (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لنَفْسِه بآلَتِه، فهو بينَهما، وإنْ بَناه بآلَةٍ مِن عندِه، فهو له خاصَّةً، فإنْ أرادَ نَقْضَه، فله ذلك، إلَّا أنْ يَدْفَعَ إليه شَرِيكُه نِصْفَ قِيمَتِه، فلا يكونُ له نَقْضُه (¬1). الثَّانيةُ، يُجْبَرُ الشَّرِيكُ على العِمارَةِ مع شَرِيكِه في الأمْلاكِ المُشْتَرَكَةِ. على الصَّحِيحَ مِنَ المذهبِ، والرِّوايتَين. قاله في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وعنه، لا يُجْبَرُ. الثَّالثةُ، لو اسْتُهْدِمَ جِدارُهما، أو خِيفَ ضرَرُه، نقَضاه؛ وإنْ أبَى أحدُهما، أجْبَرَه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بعضه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاكِمُ، وإنْ تعَذَّرَ (¬1)، ضَمِنَ ما تَلِفَ به إذا أشْهَدَ على شَرِيكِه، وإلَّا فلا. وقيل: بلَى، إنْ تقدَّم إليه بنَقْضِه، وأيُّهما هدَمَه (¬2) إذَنْ بغيرِ إذْنِ صاحِبِه، فهَدَرٌ. وقيل: يَلْزَمُه إعادَتُه على صِفَتِه، كما لو هدَمَه مِن غيرِ حاجَةٍ إلى هَدْمِه. واخْتارَه ابنُ البَنَّا. ويأْتِي ذلك في أواخِرِ الغَصْبِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، ونُبَيِّنُ الرَّاجِحَ في المذهبِ هناك. الرَّابعةُ، لو أرادَ بِناءَ حائطٍ بينَ مِلْكَيهما، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ منهما، ويَبْنِي الطالِبُ في مِلْكِه إنْ شاءَ. رِوايَةً واحِدَةً. قاله المُصَنِّفُ ومَنْ تابَعَه. وقال في «الفائقِ»: ولم يُفَرِّقْ بعضُ الأصحابِ، [اخْتارَه شيخُنا] (¬3). يعْنِي به الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ. الخامِسَةُ، لو اتَّفَقا على بِناءِ حائطٍ مُشْتَرَكٍ بينَهما نِصْفَين، على أنَّ ثُلُثَه لواحِدٍ، وثُلُثَيه لآخَرَ، لم يصِحَّ. وإنِ اتَّفَقا على أنْ يُحَمِّلَه كل واحِدٍ منهما ما شاءَ، لم يصِحَّ لجَهالتِه، وإنْ وصَفا الحِمْلَ، ففي الصِّحةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وإنِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تعدد». (¬2) في ط: «هذه» وفي الأصل: «اختاره». (¬3) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ كَانَ بَينَهُمَا نَهْرٌ، أوْ بِئْرٌ، أوْ دُولَابٌ، أو نَاعُورَةٌ، أَوْ قَنَاةٌ، وَاحْتَاجَ إلَى عِمَارَةٍ، فَفِي إِجْبَارِ الْمُمْتَنِعِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اتَّفَقا على أنْ يكونَ بينَهما نِصْفَين، صحَّ (¬1). قوله: وإنْ كان بينَهما نَهْرٌ، أو بِئْرٌ، أو دُولابٌ، أو ناعُورَةٌ، أو قَناةٌ، واحْتاجَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَلَيسَ لأحَدِهِمَا مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ عِمَارَتِهِ، فَإِذَا عَمَرَهُ، فَالْمَاءُ بَينَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى عِمارَةٍ، ففي إجْبارِ المُمْتَنِعِ رِوايَتان. إحْداهما، يُجْبَرُ. وهو المَذْهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والثَّانيةُ، لا يُجْبَرُ. واعْلَمْ أنَّ الحُكْمَ هنا والخِلافَ، كالخِلافِ في الحائطِ المُشْتَرَكِ إِذا انْهَدَمَ، على ما تقدَّم، نَقْلًا ومذهبًا وتَفْصِيلًا. قاله أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الْمُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ أبِي مُوسى: يُجْبَرُ هنا، قوْلًا واحدًا. وحكَى الرِّوايتَين في الحائطِ. قال في «القَواعِدِ»: والفَرْقُ أنَّ الحائطَ يُمْكِنُ قِسْمَتُه، بخِلافِ القَناةِ والبِئْرِ. قوله: وليس لأحَدِهما مَنْعُ صاحِبِه مِن عِمارَتِه. بلا نِزاع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإذا عمَرَه، فالماءُ بينَهما على الشَّرِكَةِ. هذا المذهبُ؛ لأنَّ الماءَ باقٍ على ما كان عليه مِنَ المِلْكِ والإِباحَةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، في «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وفي «الخِلافِ الكَبِيرِ» للقاضي، و «التَّمامِ» لأبِي الحُسْيَنِ، له المَنْعُ مِنَ الانْتِفاعِ بالقَناةِ. قال في «القَواعِدِ»: ويَشْهَدُ له نصُّ أحمدَ بالمَنْعِ مِن سُكْنَى السُّفْلِ إذا بَناه صاحِبُ العُلْو، ومَنْعُ الشَّرِيكِ مِنَ الانْتِفاعِ بالحائطِ إذا أُعِيدَ بآلَتِه العَتِيقَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فوائد؛ الأولَى، لو اتَّفَقا على بِناءِ حائطِ بُسْتانٍ، فبنَى أحدُهما، فما تَلِفَ مِنَ الثَّمَرَةِ بسَبَبِ إهْمالِ الآخرِ، يَضْمَنُه الذي أهْمَلَ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. الثَّانيةُ، لو كان السُّفْلُ لواحِدٍ، والعُلْوُ لآخَرَ، فالسَّقْفُ بينَهما، لا لصاحِبِ العُلْو. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. والإِجْبارُ، إذا انْهَدَمَ السَّقْفُ، كما تقدَّم في الحائطِ الذي بينَهما إذا انْهَدَمَ. ولو انْهَدَمَ الجَميعُ، فلرَبِّ العُلْو إجْبارُ صاحِبِ السُّفْلِ على بِنائِه. على الصَّجيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «البُلْغَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: أُجْبِرَ في أصحِّ الرِّوايتَين. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الحاويَيْن». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، و «القَواعِدِ». وعنه، لا يُجْبَرُ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، هل يَنْفَرِدُ صاحِبُ السُّفْلِ ببِناءِ السُّفْلِ، أو يَشْرَكُه فيه صاحِبُ العُلْو، ويُجْبَرُ عليه إذا طلَبَه صاحِبُ السُّفْلِ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ»؛ إحْداهما، يَنْفَرِدُ صاحِبُ السُّفْلِ بالبِناءِ إلى حدِّه، ويَنْفَرِدُ صاحِبُ العُلْو ببِنائِه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايَتَين»، و «الحاويَيْن». [وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»] (¬1). والثَّانيةُ، يَشْرَكُه صاحِبُ العُلْو فيما يُحَمِّلُه منه، ويُجْبَرُ عليه إذا امْتَنَع. وعلى الثَّانيةِ، في أصْلِ المَسْأْلَةِ -وهو أنَّه لا يُجْبَرُ- لصاحِبِ العُلْو بِناءُ السُّفْلِ، وفي مَنْعِه السُّكْنَى ما سلَف مِنَ الخِلافِ فيما إذا كان بينَهما حائطٌ. الثَّالثةُ، لو كان بينَهما طبَقَةٌ ثالِثَةٌ، فهل يَشْتَرِكُ الثَّلاثةُ في بِناءِ السُّفْلِ، والاثْنان في بِناءِ الوَسَطِ؟ فيه الروايَتان المُتَقَدِّمَتان، حُكْمًا ومذهبًا. وكذا الطَّبقَةُ الرَّابِعَةُ فأكْثرُ. وصاحِبُ الوَسَطِ، مَن فوْقَه كمَن تحتَه معه. قال فىَ «الفُروعِ»: إذا كانُوا ثلاثَ طِباقٍ، فإنْ بنَى رَبُّ العُلْو، ففي مَنْعِ ربِّ السُّفْلِ الانْتِفاعَ بالعَرَصَةِ قبلَ أخْذِ القِيمَةِ احْتِمالان. قلتُ: الأوْلَى المَنْعُ. واللهُ أعلمُ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

كتاب الحجر

كِتَابُ الْحَجْر وَهُوَ عَلَى ضَرْبَينِ؛ حَجْرٌ لِحَقِّ الْغَيرِ، نَذْكُرُ. مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الحَجْرِ فائدتان؛ إحْداهما، الحَجْرُ عِبارَة عن مَنْعِ الحاكِمِ مَن عليه دَينٌ حالٌّ يعْجِزُ عنه مالُه المَوْجودُ مُدَّةَ الحَجْرِ مِنَ التَّصَرُّفِ فيه. الثَّانيةُ، قوْلُه: وهو على ضَربَين، حَجْرٌ لحَقِّ الغيرِ. وحَجْرٌ لحَقِّ نَفْسِه.

هَهُنَا الْحَجْرَ عَلَى الْمُفْلِسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالحَجْرُ لحَقِّ الغَيرِ؛ كالحَجْرِ على المُفْلِسِ، والمَريضِ بما زادَ على الثُّلُثِ، والعَبْدِ، والمُكاتَبِ، والمُشْتَرِي إذا كانَ الثَّمَنُ في البَلَدِ، على ما تقدَّم في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخرِ فَصْلِ خِيارِ التَّوْلِيَةِ والرهْنِ (¬1)، والزَّوْجَةِ بما زادَ على الثُّلُثِ في التَّبَرُّعِ، على ما يأْتِي في البابِ. والحَجْرُ لحَظِّ نَفْسِه؛ كالحَجْرِ على الصَّغِيرِ والمَجْنُونِ، والسَّفِيهِ. فهذه عَشَرَةُ أسْبابٍ للحَجْرِ. وقال في «الفُروعِ»: ولا يَحْجُرُ الحاكِمُ على مُقَتِّرٍ على نَفْسِه وعِيالِه. واخْتارَ الأزَجِيُّ، بلَى. فيكونُ هذا سَبَبًا آخَرَ، على قوْلِه. ¬

(¬1) في ا: «الراهن».

وَمَنْ لَزِمَهُ دَينٌ مُؤجَّلٌ، لَمْ يُطَالبْ بِهِ قَبْلَ أجَلِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيهِ مِنْ أجْلِهِ. فَإِنْ أرَادَ سَفَرًا يَحِلُّ الدَّينُ قَبْلَ مُدَّتِهِ، فَلِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ، إلا أَنْ يُوَثِّقَهُ بِرَهْنٍ أوْ كَفِيلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: فإنْ أرادَ سَفَرًا يَحِلُّ الدَّينُ قبلَ مُدَّتِه، فلغَريمِه مَنْعُهْ، إلا أنْ يُوَثِّقَه برَهْنٍ، أو كَفِيلٍ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ مِن شَرْطِ الكَفِيلِ، أنْ يكونَ مَلِيئًا. ذكَرَه الأصحابُ. وهو واضحٌ.

وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ قَبْلَهُ، فَفِي مَنْعِهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان لا يَحِلُّ قبلَه، ففي مَنْعِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «خِصالِ ابنِ البَنَّا»، و «الشرْحِ»، و «الفاسِّ»، و «الحاوي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، له مَنْعُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: فله مَنْعُه على الأصَحِّ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». قال في «المُذْهَبِ»: مُنِعَ في ظاهرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. والثَّانيةُ، ليس له مَنْعُه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، و «العُدَّةِ». واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الرِّوايَتَين في السَّفَرِ، سواءٌ كان مَخُوفًا أو غيرَ مَخُوفٍ. وهو ظاهرُ كلامِه في «لهِدايَةِ»، و «الكافِي»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. ولعَلَّه الصَّوابُ. ومحَلُّهما عندَ صاحِبِ «الفُروعِ»، إذا كان السَّفَرُ مَخُوفًا، كالجِهادِ ونحوه. وحكَى في السَّفَرِ غيرِ المَخُوفِ وَجْهَين. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فإنْ أرادَ سفَرًا مُدَّةً قبلَ أجَلِ الدَّينِ، جازَ كالجِهادِ. وأدْخَلَ صاحِبُ «الواضِحِ» في السَّفَرِ المَخُوفِ، الحَجَّ. ومحَلُّهما عندَ المُصَنِّفِ و «المُغْنِي»، وابنِ البَنَّا، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، في غيرِ الجِهادِ، [فأمَّا في الجِهادِ] (¬1)، فيُمْنَعُ، حتى يُوَثِّقَه برَهْنٍ أو ضَمِينٍ، على رِوايَةٍ واحِدَةٍ. وظاهرُ كلامِه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أنَّ محَلَّ الخِلافِ في غيرِ الجِهَادِ، وأنَّ الجِهادَ لا يُمْنَعُ منه، قوْلًا واحِدًا؛ لأنَّه قال: ومَن عليه دَينٌ مُوجَّلٌ، فله السَّفَرُ دُونَ أجَلِه. وعنه، لا يُسافِرُ غيرُ مُجاهِدٍ، حتى يأْتِيَ برَهْنٍ أو ضَمِينٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وأما الجهاد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم كلامُه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، فإنَّ ظاهِرَه كذلك. فلَعلَّهما أرادا إذا تعَيَّنَ عليه، وإلَّا فبَعِيدٌ. وقد تقدَّم في أوَّلِ كتابِ الجِهادِ، أنَّه لا يُجاهِدُ مَن عليه دَينٌ لا وَفاءَ له، إلَّا بإذْنِ غَرِيمِه. على الصَّحيحِ. وذكَرْنا هناك الخِلافَ، وأنَّ لنا قوْلًا: لا يَسْتَأْذِنُه في الجِهادِ إذا كان الدَّينُ مُؤجَّلًا. وقَوْلًا: إذا كان المَدْيُونُ جُنْدِيًّا مَوْثُوقًا به، لا يَسْتَأذِنُه، ويَسْتَأذِنُه غيرُه. ومَحَلُّهما عندَ المُصَنِّفِ أيضًا، والشَّارِحِ، وجماعَةٍ، إذا كانَ السَّفَرُ طَويلًا؛ لأنَّهم علَّلُوا رِوايَةَ عدَمِ المَنْعِ، فقالُوا: لأنَّ هذا السَّفَرَ ليس بأمارَةٍ على مَنْعِ الحَقِّ في محِلِّه، فلم يَمْلِكْ مَنْعَه منه، كالسَّفَرِ القَصِيرِ. ولعَلَّه أوْلَى. فهذه سِتُّ طُرُقٍ في محَلِّ الخِلافِ. فائدتان؛ إحْداهما، اخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنَّ مَن أرادَ سفَرًا، وهو عاجِزٌ عن وَفاءِ دَينِه، أنَّ لغَرِيمِه مَنْعَه حتى يُقِيمَ كَفِيلًا ببَدَنِه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ. قلتُ: مِن قَواعِدِ المذهبِ، أنَّ العاجِزَ عن وَفاءِ دَينِه، إذا كان له حِرْفةٌ، يُلْزَمُ بإيجارِ نَفْسِه لقَضاءِ الدَّيْنِ. فلا يبْعُدُ أنْ يُمْنَعَ، ليَعْمَلَ. الثَّانيةُ، لو طُلِبَ منه دَينٌ حالٌّ يقْدِرُ على وَفائِه، فسافَرَ قبلَ وَفائِه، لم يَجُزْ له أنْ يَترَخَّصَ. على الصَّحيحِ

وَإنْ كَانَ حَالًّا، وَلَهُ مَالٌ يَفِي بِهِ، لَمْ يُحْجَرْ عَلَيهِ، وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِوَفَائِهِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: يجوزُ. وإنْ لم يُطْلَبْ منه الدَّينُ الحالُّ، أو يحِلَّ في سفَرِه. فقيلَ: له القَصْرُ والتَّرَخُّصُ، لِئَلَّا يُحْبَسَ قبلَ ظُلْمِه، كحَبْسِ الحاكمِ. وقيل: لا يجوزُ له ذلك إلَّا أنْ يُوَكِّلَ في قَضائِه، لِئَلَّا يَمْنَعَ به واجِبًا. ذكَر هذَين الوَجْهَين ابنُ عَقِيل. وأطْلَقَهما في «القاعِدَةِ الثالِثَةِ والخَمْسِين»، وأطْلَقَهما ابنُ تَمِيمٍ في بابِ قَصْرِ الصَّلاةِ، وكذا ابنُ حَمْدانَ. وقيل: إنْ سافَرَ وَكِيلٌ في القَضاءِ، لم يتَرَخَّصْ. قلتُ: يحْتَمِلُ أنْ يُبْنَى الخِلافُ هنا على الخِلافِ في وُجوبِ الدَّفْعِ قبلَ الطَّلَبِ وعدَمِه، على ما تقدَّم في آخِرِ باب القَرْضِ. والمذهبُ، لا يجِبُ قبلَ الطلَبِ، فله القَصْرُ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». قوله: وإنْ كان حَالًّا، وله مَالٌ يَفِي به، لم يُحْجَرْ عليه، ويَأْمُرُه الحاكِمُ بوَفائِه،

فَإِنْ أَصَرَّ، بَاعَ مَالهُ، وَقَضَى دَينَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ أبى، حبَسَه. القَوْلُ بالحَبْسِ، اخْتارَه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، وعليه العَمَلُ. وهو الصَّوابُ. ولا تخْلُصُ الحُقوقُ في هذه الأزْمِنَةِ غالِبًا إلَّا به، وبما هو أشَدُّ منه. وقال ابنُ هُبَيرَةَ في «الإفْصاحِ»: أوَّلُ مَن حبَس على الدَّينِ، شُرَيحٌ القاضي، ومضَتِ السُّنَّةُ في عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبِى بَكْرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، أنَّه لا يُحْبَسُ على الدُّيونِ، لكِنْ يتَلازَمُ (¬1) الخَصْمان. وأمَّا الحَبْسُ الآنَ كل الدَّينِ، فلا أعْلَمُ أنَّه يجوزُ عندَ أحَدٍ مِنَ المُسْلِمِين. وتكَلَّمَ على ذلك وأطال. ذكَرَه في «الفُروعَ»، و «الطَّبَقَاتِ». فائدة: إذا حُبِسَ، فليس للحاكِمِ إخْراجُه حتى يَتَبَيَّنَ له أمْرُه، أو يُبَرِّئَه غَرِيمُه، أو يَرْضَى بإخْراجِه. فإذا تبَيَّنَ أمْرُه، لم يسَعِ الحاكِمَ حَبْسُه، ولو لم يَرْضَ غَرِيمُه؛ لأنَّه ظُلْمٌ محْضٌ. قوله: فإنْ أصَرَّ، باعَ ما لَه، وقضَى دَينَه. إذا أصَرَّ على الحَبْسِ، فقال المُصَنِّفُ هنا: يَبِيعُ الحاكِمُ ماله، ويقْضِي دَينَه، مِن غيرِ ضَرْبٍ (¬2). قال في «الفائقِ»: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لا يتلازم». (¬2) في الأصل، ط: «ضرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبَى الضَّرْبَ الأكْثَرُون. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: إذا أصَرّ على الحَبْسِ، وصبَر عليه، ضرَبَه الحاكِمُ. نقَلَه حَنْبَلٌ. ذكَرَه عنه في «المُنْتَخَبِ» وغيرِه. قال في «الفُصولِ» وغيرِه: يَحْبِسُه، فإنْ أبَى، عزَّرَه. قال: ويُكَرِّرُ حَبْسَه وتَعْزِيرَه حتى يَقْضِيَه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: نصَّ عليه الأئمَّةُ مِن أصحابِ أحمدَ وغيرِهم، ولا أعْلَمُ فيه نِزاعًا، لكِنْ لا يُزادُ في كل يَوْم على أكثرِ التَّعْزيرِ، إنْ قِيلَ بتَقْديرِه. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، متى باعَ الحاكِمُ عليه، فقال في «الفُروعِ»: ذكَر جماعَةٌ أنَّه يُحْبَسُ، فإنْ لم يَقْضِه، باعَ الحاكِمُ وقَضاه. فظاهِرُه، يجِبُ على الحاكِمِ بَيعُه. نقَل حَنْبَلٌ، إذا تَقاعَدَ بحُقوقِ النَّاسِ، يُباعُ عليه، ويُقْضَى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يَلزَمُه أنْ يَبِيعَ عليه. وقال أيضًا: مَن طُولِبَ بأداءِ حقٍّ عليه، فطَلَب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إمْهالًا، أُمْهِلَ بقَدْرِ ذلك اتِّفاقًا، لكِنْ إذا خافَ غَرِيمُه منه، احْتاطَ عليه بمُلازَمَةٍ، أو كَفِيلٍ، أو تَرْسيمٍ عليه. الثَّانيةُ، لو مطَل غَرِيمَه حتى أحْوَجَه إلى الشِّكايَةِ، فما غَرِمَه بسَبَبِ ذلك يَلزَمُ (¬1) المُماطِلَ. جزَم به في «الفُروعِ». قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا. قلتُ: ونَظِيرُ ذلك ما ذكَرَه المُصَنِّفُ، والأصحابُ، في بابِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ، في أثْناءِ فَصْلِ، ولا يُسْتَوْفَى القِصاصُ إلَّا بحَضْرَةِ السُّلْطانِ. ثم قال: [وإلَّا أمَرَه] (¬2) بالتَّوْكِيلِ، وإنِ احْتاجَ إلى أُجْرَةٍ، فمِن مالِ الجانِي. وكذا أُجْرَةُ القَطْعِ في السَّرِقَةِ على السَّارِقِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في بابٍ مِنَ الدَّعاوَى: وإنْ أحْضَرَ المُدَّعَى به، ولم يَثْبُتْ للمُدَّعِي، لَزِمَه مُؤْنَةُ إحْضارِه ورَدِّه، وإلَّا لَزِما المُنْكِرَ. وتقدَّم كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ في الضَّمانِ، إذا تَغَيَّبَ المَضْمونُ عنه حتى غَرِمَ الضَّامِنُ شيئًا بسَبَبِه، أو أنْفَقَه في الحَبْسِ، أنَّه يَرْجِعُ به على المَضْمونِ عنه. وقال أيضًا: لو غَرِمَ بسَبَبِ كَذِبٍ عليه عندَ وَلِيِّ الأمْرِ، رجَع به على الكاذِبِ. ذكَرَه عنه في «الفُروعِ»، في أوائلِ الفَصْلِ الأوَّلِ، مِن كتابِ الغَصْبِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فلا يلزم». انظر: الفروع 4/ 292. ومجموع فتاوى ابن تيمية 30/ 25. (¬2) في الأصل، ط: «والأمر».

وَإنِ ادَّعَى الإِعْسَارَ، وَكَانَ دَينهُ عَنْ عِوَضٍ، كَالْبَيعِ وَالْقَرْضِ، أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ، حُبِسَ، إلا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَفَادِ مَالِهِ وَإِعْسارِهِ. وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَإنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، حَلَفَ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى الإِعْسارَ، وكان دَينُه عن عِوَضٍ، كالبَيعِ والقَرْضِ، أو عُرِفَ له مَالٌ سابِقٌ، حُبِسَ، إلَّا أنْ يُقِيمَ البَيَّنَةَ على نَفادِ مَالِه، أو إعْسَارِه، وهل يَحْلِفُ معها؟ على وَجْهَين. إذا ادَّعَى الإعْسارَ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ دَينُه عن عِوَضٍ، أو يُعْرَفَ له مالٌ سابِقٌ، أو غيرَ ذلك. فإنْ كان دَينُه عن عِوَضٍ؛ كالبَيعِ، والقَرْضِ، ونحوهما، والغالِبُ بَقاؤُه، أو عن غيرِ مالٍ، كالضَّمانِ، ونحوه، وأقَرَّ أنَّه مَلِئٌ، أو عُرِفَ له مالٌ سابِقٌ، لم يُقْبَلْ قوْلُه إلا ببَيِّنَةٍ. ثم إن البَيِّنَةَ. لا تَخْلُو؛ إمَّا أنْ تَشْهَدَ بنَفادِ مالِه، أو إعْسارِه. فإنْ شَهِدَتْ بنَفادِ مالِه أو تنفِه، حلف معها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، أنْ لا مال له في الباطِنِ. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَحْلِفُ معها على الأصحِّ. قال في «الفائقِ»: حلَف معها في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، و «الحاويَيْن». والوَجْهُ الثَّانِي، لا يَحْلِفُ مع بَيِّنَةٍ هنا. وإنْ شَهِدَتْ بإعْسارِه، فلا بُدَّ أنْ تكونَ البَيِّنَةُ ممَّن يُخْبِرُ باطِنَ حالِه؛ لأنَّها شَهادَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على نَفْي، قُبِلَتْ للحاجَةِ، ولا حَلِفَ معها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»: ولم يَحْلِفْ معها، على الأصحِّ؛ لئَلَّا يكونَ مُكَذِّبًا لبَيِّنَتِه. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانِي، يحَلِفُ معها. وذكَر ابنُ أبِي مُوسى، عن بعضِ الأصحاب، أنَّه يَحْلِفُ مع بَيِّنَتِه أنَّه مُعْسِرٌ؛ لأنَّها تَشْهَدُ بالظَّاهرِ. فوائد؛ إحْداها، يُكْتَفَى في البَيِّنةِ أنْ تَشْهَدَ بالتَّلَفِ، أو بالإِعْسارِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المُحَقَّقُ؛ وفاقًا للمَجْدِ وغيرِه. قلتُ: وجزَم به المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، أنه لا يُكْتَفَى في الشَّهادَةِ بالإِعْسارِ، بل لا بدَّ مِنَ الشهادَةِ بالتَّلَفِ والإِعْسارِ معًا. وكذا قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، فإنَّهم قالُوا: تَشْهَدُ بذَهابِه وإعْسارِه، لا أنَّه لا يَمْلِكُ شيئًا. الثَّانيةُ، تُسْمَعُ بَينةُ إعْسارِه ونحوُها قبلَ حَبْسِه وبعدَه، ولو بيَوْمٍ. قاله الأصحابُ. الثَّالِثَةُ، إذا لم يَكُنْ لمُدَّعِي الإِعْسارِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيِّنَةٌ، والحالةُ ما تقدَّم، كان القَوْلُ قَوْلَ غَرِيمِه مع يَمِينِه؛ أنَّه لا يَعْلَمُ عُسْرَتَه بدَينِه، وكان له حَبْسُه، ومُلازَمتُه. قاله في «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقال في «التَّرْغِيبِ»: إنْ حلَف أنه قادِرٌ، حبَسَه، وإلَّا حلَف المُنْكِرُ عليهما، وخُلِّيَ. ونقَل حَنْبَلٌ، يُحْبَسُ إنْ عُلِمَ له ما يَقْضِي. وفي «المُسْتَوْعِبِ»، إنْ عُرِفَ بمالٍ، أو أقَرَّ أنَّه (¬1) مَلِئٌ به، وحلَف غَرِيمُه أنَّه لا يعْلَمُ عُسْرَتَه، حُبِسَ. وفي «الرِّعايَةِ»: يَحْلِفُ أنَّه مُوسِرٌ بدَينِه، ولا يعْلَمُ إعْسارَه به. وفي «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، إذا حلَف أنه ذو مالٍ، حُبِسَ. وقال في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، أنَّه لا يَحْلِفُ إلَّا أنْ يَدَّعِيَ المَدْيونُ تَلَفًا أو إعْسارًا، أو يَسْأَلَ سُؤاله، فتَكُونُ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةً. فإنْ كان له ببَقاءِ مالِه أو قُدْرَتِه بَيِّنَةٌ (¬1)، فلا كَلامَ، وإلَّا فيَمِينُ صاحِبِ الحقِّ بحَسَبِ جَواب المَدْيونِ كسائرِ الدَّعاوَى. قال في «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ، وهو مُرادُهم، لأنَّه ادَّعَى الإعْسارَ، وأنَّه يعْلَمُ ذِلك، وأنْكَرَه. انتهى. وحيثُ قُلْنا: يَحْلِفُ صاحِبُ الحقِّ. وأبَى، حلَف الآخرُ، وخُلِّيَ سَبِيلُه. الرَّابعَةُ، يُكْتَفَى في البَيِّنَةِ هنا باثْنَين. على الصَّحيحِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عليه». وانظر الفروع 4/ 293.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَكْفِي أقَلُّ مِن ثَلاثةٍ، كمَن يُرِيدُ أخْذَ الزَّكاةِ، وكان مَعْروفًا بغِنًى، وادَّعَى الفَقْرَ. على ما تقدَّم في أواخِرِ باب ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ. قوله: وإنْ لم يَكُنْ كذلك، حلَف وخُلِّيَ سَبِيلُه. أي، وإنِ ادَّعَى الإعْسارَ، ولم يُعْرَفْ له مالٌ سابِقٌ، ودَينُه عن غيرِ عِوَضٍ، ولم يُقَرَّ بالمَلاءَةِ به، أو عُرِفَ له مالٌ سابِقٌ والغالِبُ ذَهابُه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه حماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَعْروفُ في المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «التَّرْغِيبِ»: يُحْبَسُ إلى ظُهورِ إعْسارِه. وقال في «البُلْغَةِ»: إلى أنْ يَثْبُتَ إعْسارُه. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ مَن عُرِفَ بمالٍ، أو كان دَينُه عن عِوَض. على ما تقدَّم. فائدتان؛ إحْداهما، لو قامَتْ بَيِّنَةٌ للمُفْلِسِ بمالٍ مُعَيَّنٍ، فأنْكَرَ، ولم يُقِرَّ به لأحَدٍ، وقال: هو لزَيدٍ فكَذَّبَه زَيدٍ، قُضِيَ دَينُ المُفْلِسِ منه. وإنْ صدَّقَه زَيدٌ، فهل يُقْضَى دَينُ المُفْلِسِ منه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُقْضَى منه، ويكونُ لزَيدٍ مع يَمِينِه؛ لاحْتِمالِ التَّواطُؤ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ أقَرَّ أنَّه لزَيدٍ مُضارَبَةً، قُبِلَ قوْلُه مع يَمِينِه، إنْ صدَّقَه زَيدٌ، أو كان غائبًا. والثَّاني، يُقْضَى منه دَينُه. وعلى الوَجْهَين، لا يَثْبُتُ المِلْكُ للمَدِينِ؛ لأنَّه لا يدَّعِيه. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُ هذا، أن البَيِّنَةَ هنا لا يُعْتَبرُ لها تقدُّمُ دَعْوَى، وإنْ كانَ للمُقَر له المُصَدِّقِ بَيِّنَة، قُدِّمَتْ؛ لإقْرارِ رَبِّ اليَدِ. وفي «المُنْتَخَبِ»، بَيِّنَةُ المُدَّعِي؛ لأنَّها خارِجَةٌ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ على المُفْلِسِ أنْ يَحْلِفَ أنَّه لا حَقَّ عليه، ويَتأوَّلَ. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قلتُ: لو قِيلَ بجَوازِه -إذا تحَقَّقَ ظُلْمُ رَبِّ الحقِّ له، وحَبْسُه، ومَنْعُه مِنَ القِيامِ على عِيالِه- لكان له وَجْهٌ.

وَإنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِدَينِهِ، فَسَألَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيهِ، لَزِمَتْهُ إِجَابَتُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان له مالٌ لا يَفِي بدَينِه، وسأَل غُرَماؤُه الحَاكِمَ الحَجْرَ عليه، لَزِمَه إجابَتُهم. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ ضاقَ مالُه عن دُيونِه، صارَ مَحْجُورًا عليه بغيرِ حُكْمِ حاكِمٍ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ويأْتِي مَعْنَى ذلك قَرِيبًا. تنبيهات؛ أحدُها، قوْلُه: وإنْ كان له مالٌ لا يَفِي بدَينِه. هكذا عِبارَةُ أكثرِ الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن له دُونَ ما عليه مِن دَينٍ حالٍّ، أو قَدْرُه، ولا كَسْبَ له، ولا ما يُنْفِقُ منه غيرَه، أو خِيفَ تَصَرُّفُه فيه. الثَّاني، ظاهرُ قوْلِه: فسألَ غُرَماؤُه الحَجْرَ. أنَّه لو سَألَه البعضُ الحَجْرَ عليه، لم يَلْزَمْه

وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ وَالإِشْهَادُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إجابَتُهم. وهو ظاهِرُ «المُغْنِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي»، وجماعَةٍ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». والوَجْهُ الثَّانِي، يَلْزَمُه إجابَتُهم أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لَزِمَ الحَجْرُ عليه بطَلَبِ غُرَمائِه. والأصحُّ، أو بعضِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ». وهو الصَّوابُ. الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِه أيضًا، أنَّ المُعْسِرَ لو طلَب الحَجْرَ على نَفْسِه مِنَ الحاكِمِ، لا يَلْزَمُه إجابَتُه إلى ذلك. وهو

فَصْل: وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عَلَيهِ أرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، أَحَدُهَا، تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيهِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، إلا الْعِتْقَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ زادَ دَينُه على المالِ، وقيل: أو طلَب المُفْلِسُ الحَجْرَ مِنَ الحاكِمِ. لَزِمَه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ طلَبَه المُفْلِسُ وحْدَه، احْتَمَلَ وَجْهَين. قال في «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: وبسُؤالِه في وَجْهٍ. قوله: ويَتَعَلَّقُ بالحَجْرِ عليه أرْبَعَةُ أحْكامٍ؛ أحَدُها، تَعَلُّقُ حَقِّ الغُرَماءِ بمالِه، فلا يُقْبَلُ إقْرَارُه عليه، ولا يَصِح تَصَرُّفُه فيه، إلَّا بالعِتْقِ على إحْدَى الرِّوايتَين. اعْلمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه إذا كان عليه دَينٌ أكثرُ مِن مالِه، وتَصَرَّفَ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ تصَرُّفُه قبلَ الحَجْرِ عليه، أو بعدَه؛ فإنْ كان قبلَ الحَجْرِ عليه، صحَّ تصَرُّفُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ولو اسْتَغْرَقَ جميعَ مالِه، حتى قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: لا يَخْتَلِفُ المذهبُ في ذلك. وقيل: لا يَنْفُذُ تصَرُّفُه. ذكَرَه الشيخُ تَقِي الدِّينِ، وحَكاه رِوايةً، واخْتارَه. وسألَه جَعْفَر: مَن عليه دَين، يتَصَدَّقُ بشيءٍ؛ قال: الشَّيء اليَسِيرُ، وقَضاءُ دَينهِ أوْجَبُ عليه. قلتُ: وهذا القَوْلُ هو الصَّوابُ، خُصوصًا وقد كَثُرَتْ حِيَلُ النَّاسِ. وجزَم به في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والخَمْسِين»، وقال: المُفْلِسُ إذا طلَب البائعُ منه سِلْعَتَه التي يَرْجِعُ بها قبلَ الحَجْرِ، لم يَنْفُذْ تَصرُّفُه. نصَّ عليه. وذكَر في ذلك ثَلاثَةَ نُصُوصٍ، لكِنَّ ذلك مَخْصوصٌ بمُطالبَةِ البائعِ. وعنه، له مَنْعُ ابنِه مِن التَّصَرُّفِ في مالِه بما يَضُرُّه. ونقَل حَنْبَلٌ في مَن تصَدَّقَ وأبَواه فَقِيران، رُدَّ عليهما، لا لمَن دُونَهما. ونصَّ في رِوايَةٍ، على أن مَن أوْصَى لأجانِبَ، وله أقارِبٌ مُحْتاجُونَ، أنَّ الوَصِيَّةَ تُرَدُّ عليهم. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةَ عَشَرَ»: فيُخَرَّجُ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، أن مَن تبَرَّعَ وعليه نفَقَةٌ واجِبَةٌ لوارِثٍ، أو دَينٌ، وليس له وَفاءٌ، أنَّه يُرَدُّ. ولهذا يُباعُ المُدَبَّرُ في الدَّينِ خاصَّةً، على رِوايَةٍ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في مَن تصَدَّقَ عندَ مَوْتِه بمالِه كلِّه، قال: هذا مَرْدُودٌ، ولو كان في حَياتِه، لم أُجَوِّزْ إذا كان له وَلَدٌ. فعلى المذهبِ، يَحْرُمُ عليه التَّصَرُّف إنْ أضَرَّ بغَرِيمِه. ذكَرَه الآدَمِيُّ البَغْدادِيُّ، واقْتصَرَ عليه في «الفُروعِ»، وهو حَسَنٌ. وإنْ تصَرَّفَ بعدَ الحَجْرِ عليه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يتَصَرَّفَ بالعِتْقِ أو بغيرِه، فإنْ تصَرَّفَ بالعِتْقِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ في صِحَّةِ عِتْقِه رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ، في كتابِ العِتْقِ: هذا أصحُّ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «والمُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، والشَّرِيفُ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يصِحُّ عِتْقُه على الأقْيَسِ. وإنْ تصرَّفَ بغيرِ العِتْقِ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بتَدْبِيرِ رَقيقِه أو غيرِه؛ فإنْ كان بالتَّدْبيرِ، صحَّ، بلا نِزاع أعْلَمُه. وإنْ كان بغيرِه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ بالشَّيءِ اليَسِيرِ، أو غيرِه؛ فإنْ كان بالشَّيءِ اليَسِيرِ، لم يَنْفُذْ تصرُّفُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وفي «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، يصِحُّ تصرُّفُه بالصَّدقَةِ في الشَّيءِ اليَسِيرِ. زادَ في «الرِّعايَةِ»، بشَرْطِ أنْ لا يَضُرَّ. قلتُ: إذا كانتِ العادَةُ ممَّا جرَتْ به، وسامَحَ بمِثْلِه، فيَنْبَغِي أنْ يصِحَّ تصرُّفُه بلا خِلافٍ. وفي «الرِّعايَةِ» وغيرِها: تصِحُّ وَصِيَّتُه، بشَرْطِ أنْ لا يَضرَّ بمالِه. انتهى. وإنْ كان تصرُّفُه بغيرِ اليَسِيرِ، لم يصِحَّ تصَرفُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ

وَإنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ، أَوْ ضَمَانٍ، أو إِقْرَارٍ، صَحَّ. وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. ونقَل مُوسى بنُ سَعِيدٍ، إنْ تصَرَّفَ قبلَ طَلَبِ رَبِّ العَينِ لها، جازَ، لا بعدَه. فائدتان؛ إحْداهما، لو باعَ ماله لغَرِيمٍ بكُلِّ الدَّينِ الذي عليه، ففي صِحَّتِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، يصِحُّ لرِضاهما به. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يصِحُّ؛ لاحْتِمالِ ظُهورِ غَرِيمٍ آخَرَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، يَمْلِكُ رَدَّ مَعِيبٍ اشْتَراه قبلَ الحَجْم، ويَمْلِكُ الرَّدَّ بخِيارٍ، غيرَ مُتَقَيِّدٍ بالأحَظِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «التَّلْخيصِ»: ولا يتَقَيَّدُ بالأحَظِّ على الأظْهَرِ. قال في «الفائقِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَين وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الحاويَيْن»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»؛ فإنَّهما قالا: وله رَدُّ ما اشْتَراه قبلَ الحَجْرِ بعَيبٍ أو خِيارٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المَشْهورُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، في الثَّانيةِ. وقيل: إنْ كان فيه حَظٌّ نفَذ تصَرُّفُه، وإلَّا فلا. قال في «التَّلْخيصِ»: وهو قِياسُ المذهبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِه بشِراء أو ضَمانٍ، أو إقْرَارٍ، صَحَّ، ويُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ الحَجْرِ عنه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فلا يُشارِكُون مَن كان دَينُه

وَإنْ جَنَى، شَارَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيهِ الْغُرَمَاءَ، وَإنْ جَنَى عَبْدُهُ، قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيهِ بِثَمَنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الحَجْرِ. وفي «المُبْهِجِ»، في جاهِلٍ به وَجْهان. وعنه، يصِحُّ إقْرارُه إنْ أضافَه إلى ما قبلَ الحَجْرِ، أو ادَّانَه عامِلٌ قبلَ قِراضِه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يُشارِكَهم مَن أقرَّ له بدَينٍ لَزِمَه قبلَ الحَجْرِ. وقال أيضًا: وإنْ أقَرَّ بمالٍ مُعَيَّن، أو عَين، احْتَمَلَ وَجْهَين. وتقدَّم نَقْلُ مُوسى بن سَعِيدٍ. وتقدَّم في بابِ الضَّمانِ، أنَّ صاحِبَ «التَّبْصِرَةِ» حكَى رِوايَةً بعَدَمِ صِحَّةِ ضَمانِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عليها عدَمُ صِحَّةِ تصَرُّفِه في ذِمَّتِه. انتهى. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّ مَن عامَلَه بعدَ الحَجْرِ، لا يَرْجِعُ بعَينِ مالِه. وهو أحَدُ الوُجوهِ، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يَرْجِعُ أيضًا. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». وقيل: يَرْجِعُ مع جَهْلِه الحَجْرَ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وهو حَسَنٌ. وهذا الأخِيرُ المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ عَينًا بَاعَهَا إِيَّاهُ، فَهُوَ أحَقُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّاني، أن مَن وجَد عندَه عَينًا باعَها إيَّاه، فهو أحَقُّ بها، بشَرْطِ أنْ يكونَ المُفْلِسُ حَيًّا، ولم يَنْقُدْ مِن ثمَنِها شَيئًا، والسِّلْعَةُ بحالِها، لم يَتْلَفْ بعضُها، ولم تَتَغَيَّرْ صِفَتُها بما يُزِيلُ اسْمَها، كنَسْجِ الغَزْلِ، وخَبْزِ الدَّقِيقِ، ولم يَتَعَلَّقْ بها حَقٌّ، مِن شُفْعَةٍ، أو جِنايَةٍ، أو رَهْنٍ، ونحوه، ولم تَزِدْ زِيادَةً مُتَّصِلَةً، كالسِّمَنِ، وتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ. ذكَر المُصَنِّفُ، لاخْتِصاصِ رَبِّ العَينِ المُباعَةِ المَوْجودَةِ بعدَ الحَجْرِ في المَحْجُورِ عليه شُروطًا؛ منها، أنْ يكونَ المُفْلِسُ حيًّا. فلو ماتَ كان صاحِبُها أُسْوَةَ الغُرَماءِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ذلك إذا مات قبلَ الحَجْرِ.

بِهَا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ حَيًّا، وَلَمْ يَنْقُدْ مِنْ ثَمَنِهَا شَيئًا، وَالسِّلْعَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَتْلَفْ بَعْضُهَا، وَلَمْ تتَغَيَّرْ صِفَتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا، كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ رَبَّ العَينِ لو ماتَ، كان لوَرَثَتِه أخْذُ السِّلْعَةِ، كما لو كان صاحِبُها حيًّا. وهو صحيح، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفروعِ»، وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الحاويَيْن». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الشَّيخَين؛ المُصَنِّفِ والمَجْدِ؛ لعَدَمِ اشْتِراطِهم ذلك. وقال في «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فلرَبِّه دُونَ ورَثَتِه، على الأصحِّ، أخْذُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال في «التَّلْخيصِ»: مِنَ الشُّروطِ، أنْ يكونَ البائعُ حيًّا؛ إذْ لا رُجوعَ للوَرَثَةِ؛ للحَدِيثِ. وحكَى أبو الحَسَنِ الآمِدِيُّ رِوايَةً أُخْرَى، أنَّهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَرْجِعُون. انتهى. ومنها، أنْ لا يكونَ نقَد مِن ثَمَنِها شيئًا، فإنْ كان نقَد منه شيئًا، كان أُسْوَةَ الغُرَماءِ، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. ومنها، أنْ تكونَ السِّلْعَةُ بحالِها، لم يَتْلَفْ بعضُها، وكذا لم يزُلْ مِلْكُه عن بعضِها ببَيعٍ أو هِبَةٍ أو وَقْفٍ، أو غيرِ ذلك، إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عَيْنًا واحِدَةً. وإنْ كان المَبِيعُ عَينَين؛ كعَبْدَين، أو ثَوْبَين ونحوهما، فتَلِفَ أحدُهما، أو نقَص ونحوُه، رجَع في العَينِ الأُخْرَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ». و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وعنه، له أُسْوَةُ الغُرَماءِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ هنا، وجماعَةٍ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال: ولعلَّ مَبْناهما أنَّ العَقْدَ، هل يَتَعَدَّدُ بتَعَدُّدِ المَبِيعِ أم لا؟ وحُكْمُ انْتِقالِ البعضِ ببَيع ونحوه، حُكْمُ التَّلَفِ. انتهى. قلتُ: تقدَّم في كتابِ البَيعِ، بعدَ قوْلِه: إذا جمَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَ كِتابَةٍ وبَيعٍ. أن الصَّفْقَةَ تتَعدَّدُ بتَعَدُّدِ المَبِيعِ. على الصحيحِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مِن صُورِ تَلَفِ البَعْضِ، إذا اسْتَأْجَرَ أرْضًا للزَّرْعِ، فأفْلَسَ بعدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لمِثْلِها (¬1) أُجْرَةٌ، تَنْزِيلًا للمُدَّةِ مَنْزِلَةَ المَبِيعِ، ومُضِيِّ بعضِها بمَنْزِلَةِ تَلَفِ بعضِها. وهذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينِ، وغيرُهم. وقال القاضي، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»: له الرُّجوعُ. [وهل يَلْزَمُه تَبْقِيَةُ] (¬2) زَرْعِ المُفْلِسِ؟ فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ بأُجْرَةِ المِثْلِ. ثم هل يُضْرَبُ (¬3) له مع الغُرَماءِ، اخْتارَه القاضي، أو يُقَدَّمُ بها عليهم؟ قاله في «التَّلْخيص». فوائد؛ إحْداها، لو وَطِئَ البِكْرَ، امْتَنَعَ الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وغيرُه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: ¬

(¬1) بياض في: الأصل، ط. (¬2) في الأصل، ط: «ويلزمه ببقية». (¬3) في الأصل: «يصرف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يمْتَنِعُ. اخْتارَه القاضي، وأطْلَقَهما في «الفائقِ». وكذا الحُكْمُ إذا جُرِحَ العَبْدُ. فعلى المذهبِ، لا يَرْجِعُ. وعلى قَوْلِ القاضي، يَرْجِعُ. فإنْ كان ممَّا لا أرْشَ له؛ كالحاصِلِ بفِعْلِ اللهِ تعالى، أو فِعْلِ بَهِيمَةٍ، أو جِنايَةِ المُفْلِسِ، أو عَبْدِه، أو جِنايَةِ العَبْدِ على نَفْسِه، فلا أرْشَ له مع الرُّجوعِ. وإنْ كان الجِراحُ مُوجِبًا للأرْشِ، كجِنايَةِ الأجْنَبِيِّ، فللبائعِ إذا رجَع أنْ يَضْرِبَ مع الغُرَماءِ بحِصَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما نقَص مِنَ الثَّمَنِ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو وَطِئ الثَّيِّبَ، كان له الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحّابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فله الرُّجوعُ في الأصحِّ، إذا لم تَحْمِلْ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يَمْتَنِعُ الرُّجوعُ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن». الثَّانيةُ، لا يَمْنَعُ الأخْذُ تَزْويجَ الأمَةِ، فإذا أخَذَها البائعُ، بطَل النِّكَاحُ في الأقْيَسِ. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ البُطْلانِ. الثَّالثةُ، لو خرَجَتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّلْعَةُ عن مِلْكِه قبلَ الحَجْرِ، ورجَعَتْ بعدَ الحَجْرِ، فقيلَ: له الرُّجوعُ. قال النَّاظِمُ: عادَ الرُّجوعُ على القَويِّ. قال في «التَّلْخيصِ»: هو كعَوْدِ المَوْهُوبِ إلى الابنِ بعدَ زَوالِه؛ هل للأبِ الرُّجوعُ، أم لا؟ قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له الرُّجوعَ. على ما يَأْتِي. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: ليس له الرُّجوعُ مُطْلَقًا. وقيل: إنْ عادَتْ إليه بسَبَبٍ جديدٍ؛ كبَيع، وهِبَةٍ، وإرْثٍ، ووَصِيَّةٍ، لم يَرْجِعْ. وإنْ عادَتْ إليه بفَسْخ؛ كالإِقالةِ، والرَّدِّ بالعَيبِ، والخِيارِ، ونحوه، فله الرُّجوعُ. ويأْتِي في الهِبَةِ نَطرُ ذلك في رُجوعِ الأبِ إذا رجَع إلى الابنِ بعدَ وَفاتِه، والصَّحيحُ مِن ذلك. وأطْلَقهُنَّ في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وأطْلَقَ الوَجْهَين الأوَّلَين في «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وحيثُ قُلْنا: له الرُّجوعُ. لو اشْتَراها، ثم باعَها، ثم اشْتَراها، فقيلَ: يخْتَصُّ بها البائعُ الأوَّلُ؛ لسَبْقِه. وقيل: يُقْرَعُ بينَه وبينَ البائعِ الثَّانِي. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ومنها، بَقاءُ صِفَةِ السِّلْعَةِ. فلو تغَيَّرَتْ بما يُزِيلُ اسْمَها؛ كنَسْجِ الغَزْلِ، وخَبْزِ الدَّقيقِ، وطَحْنِ الحِنْطَةِ، وعمَلِ الزَّيتِ صابُونًا، أو قَطْعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّوْبِ قَميصًا، أو نَجْرِ الخَشَبِ أَبْوابًا، أو عَمَلِ الشَّريطِ إبَرًا، أو نحو ذلك، امْتَنَع الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحّابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال في «المُوجَزِ»: إنْ أحْدَثَ صَنْعَةً؛ كنَسْجِ غَزْلٍ، وعَمَلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدُّهْنِ صابُونًا، فرِوايَتان. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: لا يأْخُذُه. وعنه، بلَى، ويُشارِكُه المُفْلِسُ في الزِّيادَةِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، مِن عندِه: إنْ لم تَزِدْ قِيمَةُ الحَبِّ بطَحْنِه، والدَّقيقِ بخَبْزِه، والغَزْلِ بنَسْجِه، رجَع، وإلَّا فلا. فائدتان؛ إحْداهما، لو كان حبًّا، فصارَ زَرْعًا، أو بالعَكْسِ، أو نَوًى، فنبَت شَجَرًا، أو بَيضًا، فصارَ فَرْخًا، سقَط الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي: لا يَمْنَعُ ذلك الرُّجوعَ. واخْتارَه في «التَّلْخيصِ»، ورَدَّه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو خلَط المَبِيعَ أو بعضَه بما لا يتَمَيَّزُ منه، فقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهما: سقَط حقُّه مِنَ الرُّجوعِ؛ لأَنَّه لم يَجِدْ عَينَ (¬1) مالِه. وقال الزَّرْكَشِي: وقد يُقالُ: يَنْبَنِي على الوَجْهَين في أنَّ الخَلْطَ، هل ¬

(¬1) في ط: «غير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو بمَنْزِلَةِ الإِتْلافِ أم لا؟ ولا نُسَلِّمُ أنَّه لم يَجِدْ عَينَ مالِه، بل وجَدَه حُكْمًا. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الخَلْطَ ليس بإتْلافٍ، وإنَّما هو اشْتِراكٌ، على ما يَأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الغَصْبِ، في قوْلِه: وإنْ خلَط المَغْصُوبَ بمالِه على وَجْهٍ لا يتَمَيَّزُ. ومنها، أنْ لا يتَعلَّقَ بها حقُّ شُفْعَةٍ. فإنْ تعَلَّقَ بها حقُّ شُفْعَةٍ، امْتَنَع الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، في مَوْضِعٍ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: فله أُسْوَةُ الغُرَماءِ في الأصحِّ. وقيل: لا يَمْتَنِعُ الرُّجوعُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال في «الكُبْرَى»، في مَوْضِع آخَرَ: وإنِ اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا، فلبائعِه الرُّجوعُ. وقيل: الشَّفِيعُ أحقُّ به. وقيل: إنْ طلَب الشَّفِيعُ، امتْنَعَ، وإلَّا فلا. وأطْلَقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». ومنها، أنْ لا يتَعَلَّقَ بها حقُّ رَهْنٍ. فإنْ تعَلَّقَ بها حقُّ رَهْنٍ، امْتَنَعَ الرُّجوعُ. لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. لكِنْ إذا كان الرَّهْنُ أكثرَ مِنَ الدَّينِ، فما فضَل منه، رُدَّ على المالِ، وليس لبائعِه الرُّجوعُ في الفاضِلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. ويأْتِي قَرِيبًا في كلام المُصَنِّفِ مَجْزُومًا به. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: له الرُّجوعُ؛ لأنَّه عَينٌ له. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: وما ذكَرَه القاضي لا يُخَرَّجُ على المذهبِ؛ لأنَّ تلَف بعضِ المَبِيعِ يَمْنَعُ الرُّجوعَ، فكذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذَهابُ بعضِه بالبَيعِ. فلو كان المَبِيعُ عَينَين؛ فرهَن أحدَهما، فهل يَمْلِكُ البائعُ الرُّجوعَ في الأخْرَى؟ على وَجْهَين؛ بِناءً على الرِّوايتَين فيما إذا تَلِفَ أحدُ العَينَين، على ما تقدَّم. وقد عَلِمْتَ أنَّ المذهبَ، له الرُّجوعُ هناك. فكذا هنا. فائدة: لو ماتَ الرَّاهِنُ، وضاقَتِ التَّرِكَةُ عنِ الدُّيونِ، قُدِّمَ المُرْتَهِنُ برَهْنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو أُسْوَةُ الغُرَماء. نصَّ عليه أيضًا. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيِّ، آخِرَ الرَّهْنِ. ومنها، أنْ لا يتَعَلَّقَ بها حقُّ جِنايَةٍ؛ بأنْ يَشْتَرِي عَبْدًا، ثم يُفْلِسَ بعدَ تعَلقِ أرْشِ الجِنايَةِ برَقَبَتِه، فيمْتَنِعُ الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الكافِي». وقيل: له الرُّجوعُ؛ لأَنَّه حقٌّ لا يَمْنَعُ تصَرُّفَ المُشْتَرِي فيه، بخِلافِ الرَّهْنِ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى المذهبِ، حُكْمُه حُكْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّهْنِ. وعلى الثَّانِي، هو مُخَيَّرٌ؛ إنْ شاءَ رجَع فيه ناقِصًا بأرْشِ الجِنايَةِ، وإنْ شاءَ ضرَب بثَمَنِه مع الغُرَماءِ، فإنْ أَبرَأ الغَرِيمَ مِنَ الجِنايَةِ، فللبائعِ الرُّجوعُ. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ»: لو تعَلَّقَ بالعَينِ المَبِيعَةِ حقُّ شُفْعَةٍ، أو جِنايَةٍ، أو رَهْن، ثم أفْلَسَ، ثم أسْقَطَ المُرْتَهِنُ، أو الشَّفِيعُ، أو المَجْنِيُّ عليه حقَّه، فالبائعُ أحقُّ بها مِنَ الغُرَماءِ؛ لزَوالِ المُزاحَمَةِ، على ظاهِرِ كلام القاضي، وابنِ عَقِيل. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه». ويتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّه أُسْوَةُ الغُرَماء. انتهى. ومنها، أنْ لا يَزِيدَ زِيادَةً مُتَّصِلَةً. فإنْ زادَ زِيادَةً مُتَّصِلَةً، كالسِّمَنِ، وتعَلُّمِ صَنْعَةٍ؛ كالكِتابَةِ، والقُرْآنِ، ونحوهما، امْتنَعَ الرُّجوعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والشِّيرَازِيُّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الكافِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ». ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ورَدَّا غيرَه. قال القاضي، في كتابِ الهِبَةِ مِن «خِلافِهِ»: وهو مَنْصُوصُ أحمدَ. وعنه، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزِّيادَةَ لا تَمْنَعُ الرُّجوعَ. نصَّ عليه في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ. وقاله القاضي وأصحابُه، وابنُ أبِي مُوسى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وقال: وهو القِياسُ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهب، ولعَله المذهبُ؛ لأنَّه المَنْصُوصُ، وعليه الأكثُر. فعليها، يَأْخُذُها بزِيادَتِها. وَأطْلَقهما ابنُ البَنَّا في «الخِصالِ»، وصاحِبُ «الحاويَيْن».

وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ مِنْ شُفْعَةٍ، أوْ جِنَايَةٍ، أوْ رَهْنٍ، وَنَحْوهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، كَالسِّمَنِ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ. وَعَنْهُ، أنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَأمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ، وَالنَّقْصُ بِهُزَالٍ، أوْ نِسْيَانِ صَنْعَةٍ، فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ. وَعَنْهُ، لِلْبَائِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ، فلا تَمْنَعُ الرجُوع. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا تَمْنَعُ الرُّجوعَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيرِ خِلافٍ بينَ أصحابِنا. وذكَر في «الإرْشادِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «المُوجَزِ»، في مَنْعِ المُنْفَصِلَةِ مِنَ الرُّجوعِ، رِوايتَين. وعندَ ابنِ أبِي مُوسى، يَمْنَعُ الوَلَدُ الرُّجوعَ في أُمِّه. فائدة: لو كان حَمْلًا عندَ البَيعِ، أو عندَ الرُّجوعِ، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ كان حَمْلًا عندَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَيْعِ والرُّجوعِ، لم يَمْنَعِ الرُّجوعَ، كالسِّمَنِ. وإنْ كان حَمْلًا عندَ البَيعِ، مُنْفَصِلًا عندَ الرُّجوعِ، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَينِ»، و «الفائقِ». ومع الرُّجوعِ لا أرْشَ، على الأظْهَرِ. وإنْ كانتْ حائلًا عندَ البَيعِ، حامِلًا عندَ الرُّجوع، فقال في «الكُبْرَى»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوَجْهان. وقال في «التَّلْخيصِ»: هو كالسِّمَنِ، والأظْهَرُ، يَتْبَعُ في الرُّجوعِ كالبَيعِ. انتهى. وقال المُصَنِّفُ: قال القاضي: إنِ اشْتَراها حامِلًا، وأفْلَسَ بعدَ وَضْعِها، فله الرُّجوعُ فيهما مُطْلَقًا. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّا إذا قُلْنا: لا حُكْمَ للحَمْلِ. فهو زِيادَة مُنْفَصِلَةٌ. وإنْ قُلْنا: له حُكْمٌ. وهو الصَّحيحُ، فإنْ كان هو والأُمُّ قد زادا بالوَضْعِ، فزِيادَةٌ مُتَّصِلَة، وإنْ لم يَزِيدا، جازَ الرُّجوعُ فيهما. وإنْ زادَ أحدُهما دُونَ الآخرِ، خُرِّجَ على الروايتَين فيما إذا كان المَبِيعٍ عَينَين تَلِفَ بعضُ أحدِهما، على ما تقدَّمَ. وإنْ كانتْ عندَ البَيعِ حائلًا، وحامِلا عندَ الرُّجوعِ، وزادَتْ قِيمَتُها، فزِيادَة مُتَّصِلَةٌ، وإنْ أفْلَسَ بعدَ الوَضْعِ، فزِيادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: إنْ وجَدَها حامِلًا، انْبَنَى على أنَّ الحَمْلَ، هل له حُكْمٌ، فيكونُ زِيادَةً مُنْفَصِلَةً، يَتَرَبَّصُ به حتَّى تضَعَ، أوْ لا حُكْمَ له، كزِيادَةٍ مُتَّصِلَةٍ؟ انتهى كلامُ المُصَنِّفِ مُلْخَّصًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والزِّيادَةُ للمُفْلِسِ. هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ ابنِ حامِدٍ، والقاضي، في «رِوايَتَيه»، و «المُجَرَّدِ»، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلَافَيهِما»، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفِ. وقال: لا يَنْبَغِي أنْ يكونَ فيه خِلافٌ. قال في «الكافِي»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا أصحُّ، إنْ شاءَ الله. وجزَم به في «الوَجيزِ». وعنه، أنَّها للبائعِ. وهي المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وابنُ عَقِيل. وجزَم

وَإنْ صَبَغَ الثَّوْبَ أو قَصَرَهُ، لَمْ يُمْنَعِ الرُّجُوعَ، والزِّيَادَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. ويأْتِي نَظِيرُ ذلك في الهِبَةِ واللُّقَطَةِ. فعلى الأولِ، إذا كانتِ الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ وَلَدًا صَغِيرًا، أُجْبِرَ البائعُ على بَذْلِ قِيمَتِه. وكذا إنْ كان كَبيرًا، وقُلْنا: يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ. فإنْ أبَى، بطَل الرُّجوعُ، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، يُباعَان، ويُصْرَفُ إليه ما خَصَّ الأُمَّ. قاله في «التَّلْخيصِ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَينِ»، و «الفائقِ»: فلو كانتِ الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ وَلَدَ أمَةٍ، فله أخْذُه بقِيمَتِه، أو بَيعُ الأمِّ معه، وله قِيمَتُها ذاتُ وَلَدٍ بغيرِ وَلَدٍ. زادَ في «الفائقِ»، ويَحْتَمِلُ مَنْعُ الرُّجوعِ في الأمِّ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: إنْ لم يَدْفَعْ قِيمَتَه، فلا رُجوعَ. قوله: وإنْ صبَغ الثَّوْبَ أو قصَرَه، لم يُمْنَعِ الرُّجُوعَ، والزِّيادَةُ للمُفْلِسِ. هذا

لِلْمُفْلِسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْء ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهُم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. قال صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه: هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا صبَغ الثَّوْبَ، أو لَتَّ السَّويقَ بزَيتٍ، فقال أصحابُنا: لبائعِ الثَّوْبِ والسَّويقِ الرُّجوعُ في أعْيانِ أمْوالِهما. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يكونَ لهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّجوعُ إذا زادَتِ القِيمَةُ، كسِمَنِ العَبْدِ. وقالا: وإنْ قَصَرَ الثَّوْبَ، فإْنْ لم تَزِدْ قِيمَتُه، فللبائعِ الرُّجوعُ فيه، وإنْ زادَتْ، فليس له الرُّجوعُ، في قِياسِ قَوْلِ الخِرَقِيِّ. وقال القاضي، وأصحابُه: له الرُّجوعُ. انتهيا. وقال ابنُ أبِي مُوسى: إذا زادَتِ العَينُ بقَصارَةٍ، أو صِناعَةٍ، ونحوهما، امْتنَعَ الرُّجوع. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ صبَغَه أو قصَرَه، فله أُسْوَةُ الغُرَماءِ في وَجْهٍ فيهما، كنَقْصِه بهما في الأصحِّ. وقال في «الفائقِ»: وإنْ صبَغ الثَّوْب، أو قصَرَه، لم يَمْنَعْ، ويُشارِكه المُفْلِسُ في الزِّيادَةِ. وقيل: لا رُجوعَ إنْ زادَتِ القِيمَةُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وإنْ كانتْ ثِيابًا، فصبَغَها أو قَصَرَها، فذكَر ابنُ أبِي مُوسى، أنَّه يكونُ أُسْوَةَ الغُرَماءِ. وقال القاضي: لا يَمْنَعُ الرُّجوعَ. وقال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»: إنْ قصَر الثَّوْبَ، وقُلْنا: يرْجِعُ في الأقْيَسِ. فزادَتْ قِيمَتُه، رجَع فيه ربُّه في الأصحِّ، والزِّيادَةُ للمُفْلِسِ في الأقْيَسِ، فله مِنَ الثَّوْبِ بِنِسْبَةِ ما زادَ مِن قِيمَتِه. وقيل: بل أُجْرَةُ القِصارَةِ، إلَّا أنْ يَتْلَفَ بيَدِه، فيَسْقُطَ. وقيل: القِصارَةُ كالسِّمَنِ، وفي أُجْرَتِها وَجْهان. وإنْ لم تَزِدْ ولم تَنْقُصْ، فله الرُّجوعُ، أو يُشارِكُه الغُرَماءُ. وقال في صَبْغِ الثَّوْبِ: وإنْ صبَغَه، فزادَتْ قِيمَتُه بقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ، رجَع البائعُ في الأصحِّ، وشارَكَ المُفلِسَ فيه بقِيمَةِ صَبْغِه، إلَّا أنْ يَدْفَعَها البائعُ، فإنْ أَبَى دَفْعَها، أُجْبِرَ على بَيعِ حقِّه. وإنْ نقَصَتْ عن قِيمَةِ الصِّبْغِ؛ فالنَّقْصُ مِنَ المُفْلِسِ، وإنْ زادَتْ قِيمَتُها، فالزِّيادَةُ، مع قِيمَةِ الصِّبْغِ، له. وقيل: يَشْتَرِكان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منه بالنِّسْبَةِ. وإنْ لم تَزِدْ قِيمَتُه، فلرَبِّه أخْذُه مجانًا، أو يكونُ كالغُرَماءِ. وإنْ نقَصَتْ قِيمَتُه، لم يَرْجِعْ في الأقْيَسِ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتِ السِّلْعَةُ صِبْغًا، فصبَغ به، أو زَيتًا فلَتَّ به، فلا رُجوعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفائقِ» فلا رُجوعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأصحِّ. وقَدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. قال القاضي: له الرُّجوعُ. وجزَم في «المُغْني»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم، بأنه إذا خلَطَه بمِثْلِه على وَجْهٍ لا يتَمَيَّزُ، يَمْتَنِعُ الرُّجوعُ، كخَلْطِ الزَّيتِ والقَمْحِ ونحوهما بمِثْلِه. الثَّانيةُ، لو كان الثَّوْبُ والصبْغُ مِن واحدٍ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: هو كما لو كان الصِّبْغُ مِن غيرِ بائِعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّوْبِ. فعلى قوْلهم، يَرْجِعُ في الثَّوْبِ وحدَه، ويكونُ المُفْلِسُ شَرِيكًا بزِيادَةِ الصبْغِ، ويَضْرِبُ مع الغُرَماءِ بثَمَنِ الصبْغِ. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يَرْجِعَ فيهما ها هنا، كما لو اشْتَرَى دُفوفًا (¬1) ومَسامِيرَ مِن واحدٍ، فسَمَرَها بها، فإنَّه يَرْجِعُ فيهما. ¬

(¬1) كذا كالنسخ.

وَإِنْ غَرَسَ الْأرْضَ، أوْ بَنَى فِيهَا، فَلَهُ الرُّجُوعُ وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، فَيَمْلِكُهُ، إلا أَنْ يَخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ غرَسَ الأرْضَ، أو بنَى فيها، فله الرُّجوعُ ودَفْعُ قِيمَةِ الغِراسِ والبِناءِ، فيَمْلِكُه، إلا أنْ يَخْتارَ المُفْلِسُ والغُرَماءُ القَلْعَ ومُشارَكَتَه بالنَّقْصِ. إذا اتَّفَقا على قَلْعِ الغرْسِ والبِناءِ، فلهم ذلك، فإذا فعَلُوه، فللبائعِ الرُّجوعُ في أرْضِه، فإن أرادَ الرُّجوعَ قبلَ القَلْعِ، فله ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ له الرُّجوعَ قبلَ قَلْعِ غرْسٍ وبِناءٍ. وقدَّمه في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَسْتَحِقَّه إلَّا بعدَ القَلْعِ. فعلى المذهبِ، يَلْزَمُهم تَسْويَةُ الأرْضِ، وأَرْشُ نَقْصِها الحاصِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به، ويَضْرِبُ بالنَّقْصِ مع الغُرَماءِ. وعلى الثَّانِي، لا يَلْزَمُهم ذلك. فلو امْتَنَعَ المُفْلِسُ والغُرَماءُ مِنَ القَلْعِ، لم يُجْبَرُوا عليه. وإنْ أبَى المُفْلِسُ القَلْعَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ للبائعِ أخْذَه وقَلْعَه وضَمانَ نَقْصِه. وقيل: ليس له ذلك. وعلى المذهبِ، لو بذَل البائعُ قِيمَةَ الغِراسِ والبِناءِ ليَمْلِكَه، أو قال: أنا أقْلَعُ، وأضْمَنُ النَّقْصَ. فله ذلك. وعلى الثَّاني، ليس له ذلك.

وَإنْ أَبَوُا الْقَلْعَ، وَأَبَى دَفْع الْقِيمَةِ، سَقَطَ الرُّجُوعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَبَوُا القَلْعَ، وأبَى دَفْعَ القِيمَةِ، سقَط الرُّجوعُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقال القاضي: له الرُّجوعُ في الأرْضِ، ويكونُ ما فيها للمُفْلِسِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». فعلى المذهبِ، لا تَفْرِيعَ. وعلى الثَّانِي، إنِ اتَّفَقا على البَيعِ بِيعا لهما، وإنْ أبَى أحدُهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أنْ يُجْبَرَ، فيُباعَ الجميعُ. واحْتَمَلَ لا، فيَبِيعُ المُفْلِسُ غِراسَه وبِناءَه مُفْرَدًا. قال في «الفُروعِ»: وهل يُباعُ الغرْسُ مُفْرَدًا، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَميعُ، ويُقْسَمُ الثَّمَنُ على القِيمَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، و «الحاويَينِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يُباعُ الجَميعُ. قدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». والوَجْهُ الثَّانِي، يُباعُ الغَرْسُ والبِناءُ مُفْرَدًا. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». فوائد؛ إحْداها، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو كان المَبِيعُ شَجَرًا أو نَخْلًا، فله أرْبَعَةُ أحْوالٍ؛ أحدُها، أفْلَسَ وهي بحالِها، فله الرُّجوعُ. الثَّانِي، كان فيها وَقْتَ البَيعِ ثَمَرٌ ظاهِرٌ، أو طَلْعٌ مُؤَبَّرٌ، واشْتَرَطَه المُشْتَرِي فأَكَلَه، أو تَصَرَّفَ فيه، أو تَلِفَ بجائحَةٍ، ثم أفْلَسَ، فهذا في حُكْمِ ما لو اشْتَرَى عَينَين، وتَلِفَ أحدُهما، على ما تقدَّمَ. الثَّالِثُ، أطْلَعَ ولم يُؤبَّرْ، أو كان فيه ثَمَرٌ لم يظْهَرْ وَقْتَ البَيعِ، فَيدْخُلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في البَيعِ؛ فلو أفْلَسَ بعدَ تَلَفِه أو بعضِه، أو زادَ، أو بَدا صَلاحُه، فحُكْمُه حُكمُ تَلَفِ بعضِ المَبِيعِ وزِيادَتِه المُتَّصِلَةٌ، على ما تقدَّم. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فهو زِيادَة مُتَّصِلَةٌ في الأصحِّ. الرَّابعُ، باعَه نَخْلًا حائلا، فأطْلَعَتْ، أو شَجَرًا، فأثْمَرتْ، فهو على أرْبَعَةِ أقْسامٍ؛ الأوَّلُ، أفْلَسَ قبلَ تَأْثِيرِها، فالطَّلْعُ زِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ. الثَّانِي، أفْلَسَ بعدَ التَّأْبِيرِ وظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فلا يَمْنَعُ الرُّجوعَ، والطَّلْعُ للمُشْتَرِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا لأبِي بَكْر. ولو باعَه أرْضًا فارِغَة، فزرَعَها المُشْتَرِي، ثم أفْلَسَ، رجَع في الأرْضِ دُونَ الزَّرْعِ، وَجْهًا واحِدًا. الثَّالثُ، أفْلَسَ، والطَّلْعُ غيرُ مُؤبَّرٍ، فلم يَرْجِعْ حتَّى أُبِّرَ، فليس الرُّجوعُ فيه، كما لو أفْلَسَ بعدَ التَّأْبِيرِ. فلو ادَّعَى الرُّجوعَ قبلَ التَّأْبِيرِ، وأنْكَرَ المُفْلِسُ، فالقَوْلُ قَوْلُه. وإنْ قال البائعُ: بِعْتُ بعدَ التَّأْبِيرِ. وقال المُفْلِسُ: بل قبلَه. فالقَوْلُ قوْلُ البائعِ. الرَّابِعُ، أفْلَسَ بعدَ أخْذِ الثَّمَرَةِ، أو ذَهابِها بجائحَةٍ أو غيرِها، فله الرُّجوعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأصْلِ، والثَّمَرَةُ للمُشْتَرِي، إلا على قَوْلِ أبِي بَكْرٍ. الثَّانيةُ، كلُّ مَوْضِعٍ لا يَتْبَعُ الثَّمَرُ الشَّجَرَ إذا رجَع البائعُ، فليس له مُطالبَةُ المُفْلِسِ بقَطعِ الثَّمَرَةِ قبلَ أوانِ الجَدادِ. وكذا إذا رجَع في الأرْضِ وفيها رَزْعٌ للمُفْلِسِ، وليس على صاحِبِ الزَّرْعِ أُجْرَةٌ. فإذا ثبَت هذا، فإنِ اتَّفَقَ المُفْلِسُ والغُرَماءُ على التَّبْقِيةِ أو القَطْعِ، فلهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وإنِ اخْتَلَفُوا، وكان مِمَّا لا قيمَةَ له، أو قيِمَتُه يَسيرَةً، لم يُقْطَعْ. وإنْ كانتْ قِيمَتُه كثِيرَةً، قُدِّمَ قَوْلُ مَن طلَب القَطْعَ، في أحَدِ الوُجوهِ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والثَّانِي، يُنْظَرُ ما فيه الأَحَظُّ، فيُعْمَلُ به. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّالثُ، إنْ طلَب الغُرَماءُ القَطْعَ، وجَب، وإنْ كان المُفْلِسُ -فكان التَّأْخِيرُ أحَظَّ له- لم يَقْطَعْ. الثَّالثةُ، إذا كمَلَتِ الشُّروطُ: فله أخْذُه مِن غيرِ حُكْمِ حاكِمٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ؛ لتَعَيُّنِها كوَدِيعَةٍ، وسواءٌ زادَتْ قِيمَتُها أو نقَصَتْ، ولو بذَل الغُرَماءُ ثَمَنَها كلَّه، وهو يُساوي المَبِيعَ أو دُونَه أو فوْقَه. وقيل: لا يأْخُذُها إلَّا بحُكْمِ حاكِمٍ؛ بِناءً على تَسْويغِ (¬1) الاجْتِهادِ. الرَّابعةُ، لو حكَمَ حاكِمٌ بكَوْنِه أُسْوَةَ الغُرَماءِ، نُقِضَ حُكْمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ: لا يُنْقَضُ. الخامسةُ، يكونُ الاسْتِرْجاعُ في السِّلْعَةِ بالقَوْلِ (¬2)، فلو أقْدَم على ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تسوية». (¬2) في الأصل، ط: «كالقول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّصَرُّفِ فيها ابْتِداءً لم ينْعَقِدْ، ولم يَكُنِ اسْتِرْجاعًا. وكذا الوَطءُ. ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ»؛ لتَمامِ مِلْكِ المُفْلِسِ. وفي «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»: يكونُ الوَطْءُ اسْتِرْجاعًا، وأنَّ فيه احْتِمالًا آخَرَ بعَدَمِه. قاله في «القاعِدَةِ الخامسَةِ والخَمْسِين». السَّادسةُ، يُسْتَثْنَى مِن جَوازِ الأخْذِ، بعدَ كَمالِ الشُّروطِ، مَسْأَلَةٌ، وهي ما إذا كان المَبِيعُ صَيدًا، والبائعُ مُحْرِمًا، فإنَّه ليس له الرُّجوعُ فيه؛ لأنَّه تَمَلَكَ الصَّيدَ، فلم يَجُزْ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الرِّعايَةِ»، وقطَعُوا به. قلتُ: فيُعايَى بها. ولعَلَّهم أرادُوا على القَوْلِ بأنَّ الفَسْخَ [على الفَوْرِ في تلك الحالِة] (¬1). وهو الظَّاهِرُ، وإلَّا فلا وَجْهَ له. السَّابِعةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ أخْذَ السِّلْعَةِ على التَّراخِي، كخِيارِ العَيبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: على الفَوْرِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: أخْذُه على الفَوْرِ في الأَقيَسِ. وصحَّحَه الناظِمُ. ونصَرَه القاضي وغيرُه. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «في ملك الخيار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفائِقِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الوَجْهان هنا مَبْنِيَّان على الرِّوايتَين في خِيارِ الرَّدِّ بالعَيبِ. الثَّامِنةُ، حيثُ أخَذ البائعُ سِلْعَتَه، فرُجوعُه فَسْخٌ للعَيبِ، فلا يَحْتاجُ إلى مَعْرِفَةِ المَبِيعِ، ولا إلى القُدْرَةِ على تَسْليمِه. فلو رجَع في مَن أَبق، صحَّ، وصارَ له، فإنْ قدَر عليه، أخَذَه، وإن تَلِفَ، فمِن مالِه، وإنْ تبَيَّنَ أنَّه كان تالِفًا حينَ اسْتِرْجاعِه، بطَل رُجوعُه. وإنْ رجَع في مَبِيعٍ اشْتَبَهَ بغيرِه، قُدِّمَ تَعْيِينُ المُفْلِسِ؛ لإِنْكارِه دَعْوَى اسْتِحْقاقِ البائعِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. التَّاسعةُ، متى قُلْنا: له الرُّجوعُ. فلو كان ثَمَنُ المَبِيعِ المَوْجودِ مُؤْجَّلًا على المُفْلِسِ، وقُلْنا: لا يحِلُّ بالفَلَسِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يأْخُذُ المَبِيعَ عندَ الأَجَلِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، وقالا: هو أوْلَى. قال الزَّرْكَشِي: عليه الجُمْهُورُ. وقيل: يأخُذُه في الحالِ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. وقيل: يُباعُ. اخْتارَه أبو بَكْر في «التَّنْبَيهِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وهو تَخْريجٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: إنْ لم تَزِدْ قِيمَتُه، رجَع فيه مجانًا. ذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». العاشرةُ، ذكَر المُصَنِّفُ هنا حُكْمَ السِّلْعَةِ المَبِيعَةِ إذا وجَدَها. وبهذا حُكْمُ القَرْضِ وغيرِه إذا وجَد عَينَه. قال في «الرِّعَايَةِ»: لو كان دَينُه سَلَمًا، فأدْرَك الثَّمَن بعَينِه، أخَذَه. قال في «التَّلْخيصِ»: الرُّجوعُ ثابِتٌ في كلِّ ما هو في مَعْنَى البَيعِ مِن عُقودِ المُعاوَضاتِ المَحْضَةِ؛ كالإجارَةِ والسَّلَمِ والصُّلْحِ بمَعْنَى البَيعِ. وكذلك الصَّداقُ، كأن يصْدُقَ امْرأةً عَينًا، وتحْصُلُ الفُرْقَةُ مِن جِهَتِها، وقد أفْلَسَتْ. وكذا لو وجَد عَينًا مُؤجَرَةً لم يَمْض مِنَ المُدَّةِ شيءٌ، فلو مضَى بعضُ المُدَّةِ، فله أُسْوَةُ الغُرَماءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَخْتَصُّ بها. الحادَيةَ عشَرَ، لو كان للمُفْلِسِ عَينٌ مُؤْجَرَةٌ، كان المُسْتَأْجِرُ أحقَّ بالمَنافِعِ مُدَّةَ الإجارَةِ، فإنْ تعَطَّلَتْ في أثْناءِ المُدَّةِ، ضُرِبَ له بما بَقِيَ مع الغُرَماءِ. قاله الأصحابُ.

فَصْلٌ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ، بَيْعُ الْحَاكِمِ مَالهُ وَقَسْمُ ثَمَنِهِ، وَيَنْبَغِي أنْ يُحْضِرَهُ وَيُحْضِرَ الْغُرَمَاءَ، وَيَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ في سُوقِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الحُكْمُ الثَّالِثُ، بَيعُ الحاكِمِ ماله -بمَعْنى، إنْ كان مِن غيرِ جِنْسِ الدَّينِ- وقَسْمُ ثَمَنِه. يعْنِي، يجِبُ ذلك على الحاكِمِ، ويكونُ على الفَوْرِ. قوله: ويَنْبَغِي أنْ يُحْضِرَه ويُحْضِرَ الغُرَماءَ. بمَعْنَى يُسْتَحَبُّ. ذكَرَه الأصحَابُ. قوله: ويَبِيعَ كلَّ شَيءٍ في سُوقِه. بشَرْطِ أنْ يَبِيعَه بثَمَنِ مِثْلِه المُسْتَقِرِّ في وَقْتِه أو أَكْثرَ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه، واقْتَصَر عليه في «الفُروعِ».

وَيَتْرُكَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا تَدْعُو إِلَيهِ حَاجَتُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَتْرُكَ له مِن مالِه ما تَدْعُو إليه حاجَتُه مِن مَسْكَنٍ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ كان واسِعًا يفْضُلُ عن سُكْنَى مِثْلِه، بِيعَ، واشْتُرِيَ له مَسْكَنُ مِثْلِه. ولابنِ حَمْدانَ احْتِمالٌ، أنَّ مَنِ ادَّانَ ما اشْتَرَى به مَسْكَنًا، أنَّه يُباعُ، ولا يُتْرَكُ. ولو كانَ المَسْكَنُ عَينَ (¬1) مالِ بعضِ الغُرَماءِ، أخَذَه بالشُّروطِ المُتَقَدِّمَةِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «غير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله (¬1): وخادِمٍ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ نَفِيسًا، وكذا المَسْكَنُ. نصَّ عليهما. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فائدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة (¬1): يُتْرَكُ له أيضًا آلةُ حِرْفَةٍ، فإنْ لم يَكُنْ صاحِبَ حِرْفَةٍ، تُرِكَ له ما يَتْجُرُ به. نصَّ عليه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» وغيرُه، وهو منها. وقال في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: ويترَكُ له أيضًا فَرسٌ يَحْتاجُ إلى رُكُوبِها. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُتْرَكُ له دَابَّةٌ يحْتاجُها. ونقَل عَبْدُ اللهِ، يُبَاعُ الكُلُّ إلَّا المَسْكَنَ، وما يُوازيه مِن ثِيابٍ، وخادِمٍ يحْتاجُه. ¬

(¬1) في الأصل، ط «تنبيه».

وَيُنْفِقَ عَلَيهِ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى أَنْ يَفْرَغَ مِنْ قَسْمِهِ بَينَ غُرَمَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه (¬1): مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه بتَرْكِ المَسْكَنِ والخادِمِ وغيرِهما، إذا لم يَكُنْ عَينَ (3) مالِ الغُرَماءِ. وأمَّا إنْ كان عَينَ (¬2) مالِهم، فإنَّه لا يُتْرَكُ له منه شيءٌ، ولو كان مُحْتاجًا إليه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وهو واضِحٌ. فكَلامُهم هنا مَخْصُوصٌ بما تقدَّم. قوله: ويُنفِقَ عليه بالمَعُروف إلى أنْ يَفْرَغَ مِن قَسْمِه بينَ غُرَمائِه. يعْنِي، عليه وعلى عِيالِه. ومِنَ النَّفَقَةِ كُسْوَتُه وكُسْوَةُ عِيالِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في ¬

(¬1) في الأصل، ط «قوله». (¬2) في الأصل، ط: «غير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: محَلُّ هذا إذا لم يَكُنْ له كَسْبٌ، وأما إنْ كان يقْدِرُ على التَّكَسُّبِ، لم يُتْرَكْ له شيءٌ مِنَ النَّفَقَةِ. وقطَعا به. وهو قَويٌّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ماتَ، جُهِّزَ مِن مالِه، كنَفَقَةٍ. قاله في «الفائقِ» وغيرِه.

وَيَبْدَأُ بِبَيعِ مَا يُسْرِعُ إِلَيهِ الْفَسَادُ، ثُمَّ بِالحَيَوانِ، ثُمَّ بِالْأَثَاثِ، ثُمَّ بِالْعَقَارِ. وَيُعْطِي الْمُنَادِيَ أُجْرَتَهُ مِنَ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُعْطِي المُنادِي -يعْنِي ونحوَه- أجْرتَه مِنَ المالِ. والمُرادُ، إذا لم يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثَرُ الأصحابِ، منهم ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: إنَّما يُعْطى مِن بَيتِ المالِ إنْ أمْكَنَ؛ لأنَّه مِنَ المَصالِحِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وقَدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «الفائقِ»: وأُجْرَةُ المُنادِي مِنَ الثَّمَنِ، إنْ فُقِدَ مُتَطَوِّعٌ. وقيل: مِن بَيتِ المالِ إنْ تعَذَّرَ. قال في «الحاويَيْن»: وحقُّ المُنادِي مِنَ الثَّمَنِ، إنْ فُقِدَ مَن يتَطَوَّعُ بالنِّداءِ، وتعَذَّرَ مِن بَيتِ المالِ. وقدَّمه

وَيَبْدأُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيهِ، فَيَدْفَعُ إِلَيهِ الْأَقَلَّ مِنَ الْأرْشِ أَوْ ثَمَنِ الْجَانِي، ثُمَّ بِمَنْ لَهُ رَهْنٌ، فَيُخَصُّ بِثَمَنِهِ، فَإنْ فَضَلَ لَهُ فَضْلٌ، ضَرَبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ، رُدَّ عَلَى الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال ابنُ عَقِيل: هي مِن مالِ المُفْلِسِ ابْتِداءً. انتهى. وفي القَوْلِ الثَّانِي، نَظَرٌ. ولعَلَّ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ. تنبيه: مُرادُه بقَوْله: ويَبْدَأُ بالمَجْنِيِّ عليه. إذا كان الجانِي عَبْدَ المُفْلِسِ، بدَليلِ قوْلِه: فيَدْفَعُ إليه الأقَلَّ مِنَ الأرْشِ أو ثَمَنِ الجانِي. وسواءٌ كانتِ الجِنايَةُ عليه قبلَ الحَجْرِ أو بعدَه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وأمَّا إنْ كان المُفْلِسُ هو الجانِي، فالمَجْنِيُّ عليه أُسْوَةُ الغُرَماءِ؛ لأنَّ حقَّه مُتَعَلِّقٌ بالذِّمَّةِ. قوله: ثم بمَن له رَهْنٌ، فيَخْتَصُّ بثَمَنِه. ظاهِرُه، أنَّه سواءٌ كان الرَّهْنُ لازِمًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْ لا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ولم يُقَيِّدْه جماعَةٌ باللُّزومِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يَخْتَصُّ بثَمَنِه إلَّا إذا كان لازِمًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، إذا ماتَ الرَّاهِنُ أو أفْلَسَ، فالمُرْتَهِنُ أحَقُّ به. ولم يَعْتَبِرْ وُجودَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَبْضِه بعدَ مَوْتِه أو قبلَه. وقال في «الفائقِ»: ثم يخْتَصُّ مَن له رَهْنٌ بثَمَنِه، في أصحِّ الوَجْهَين. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: يَخْتَصُّ بثَمَنِ الرَّهْنِ، على الأصحِّ. فحكَى الخِلافَ رِوايتَين. وذكَرَهما ابنُ عَقيل وغيرُه في صُورَةِ المَوْتِ؛ لعَدَمِ رِضاه بذِمَّتِه، بخِلافِ مَوْتِ بائعٍ وجَد مَتاعَه: وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، بعدَ أنْ قدَّم المذهبَ: وعنه، أنَّه بعدَ المَوْتِ أُسْوَةُ الغُرَماءِ مُطْلَقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فضَل له فَضْلٌ، ضرَب به مع الغُرَماءِ، وإنْ فضَل منه فَضْلٌ، رُدَّ على المالِ. وتقدَّم أن الفاضِلَ يُرَدُّ على المالِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، كما جزَم به هنا، وأنَّ القاضِيَ اخْتارَ أنَّ بائعَه أحقُّ بالفاضِلِ، وله الرُّجوعُ فيه.

ثُمَّ بِمَنْ لَهُ عَينُ مَالٍ يَأْخُذُهَا، ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِي بَينَ بَاقِي الْغُرَمَاءِ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم بمَن له عَينُ مالٍ يأْخُذُها. يعْنِي، بالشُّروطِ المُتقَدِّمَةِ. وكلامُه هنا أعَمُّ؛ فيَدْخُلُ عَينُ القَرْضِ، ورَأْسُ مالِ السَّلَمِ، وغيرُهما، كما تقدّم. وكذا

فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، لَمْ يَحِلَّ. وَعَنْهُ، أنَّهُ يَحِلُّ، فَيُشَارِكُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَأْجِرُ مِنَ المُفْلِسِ أحقُّ بالمَنافِعِ مُدَّةَ الإجارَةِ مِن بَقِيَّةِ الغُرَماءِ، على ما تقدَّم قَرِيبًا. قوله: ثم يَقْسِمُ الباقِيَ بينَ باقِي الغُرَماءِ على قَدْرِ دُيُونِهم؛ فإنْ كان فيهم مَن له دَيْنٌ مُؤجَّلٌ، لم يَحِلَّ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ المَشْهورُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وهو أصحُّ. قال القاضي: لا يحِلُّ الدَّينُ بالفَلَسِ، رِوايَةً واحِدةً. قال في «التَّلْخِيصِ»: لا يحِلُّ الثَّمَنُ المُؤجَّلُ بالفَلَسِ، على الأصحِّ. قال في «الخُلاصَةِ»: وإنْ كان له دَينٌ مُؤجَّلٌ، لم يُشارِكْ، على الأصحِّ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «العُمْدَةِ» وغيرِه. وعنه، يَحِلُّ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. قال ابنُ رَزِينٍ: وليس بشيءٍ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وعنه، لا يَحِلُّ إذا وُثِّقَ برَهْنٍ، أو كَفِيلٍ مَلِئٍ، وإلَّا حَلَّ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ. فمتى قُلْنا: يَحِلُّ. فهو كبَقِيَّةِ الدُّيونِ الحالَّةِ. ومتى قُلْنا: لا يَحِلُّ. لم يُوقَفْ لرَبِّه شيءٌ، ولا يَرْجِعُ على الغُرَماءِ به إذا حَلَّ. لكِنْ إنْ حَلَّ قبلَ القِسْمَةِ، شارَكَ الغُرَماءَ، وإنْ حَلَّ بعدَ قِسْمَةِ البعضِ، شارَكَهم أيضًا، وضرَب بجَمِيعِ دَينِه، وباقِى الغُرَماءِ ببَقِيَّةِ دُيُونِهم. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه مِنَ الأصحابِ.

وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيهِ دَيْنٌ مُؤجَّلٌ، لَمْ يَحِلَّ إِذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ. وَعَنْهُ، يَحِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن ماتَ وعليه دَين مُؤَجَّلٌ، لم يَحِل إذا وَثَّقَ الوَرَثَةُ. يعْنِي، بأقَلِّ الأمْرَين مِن قِيمَةِ التَّرِكَةِ أو الدَّينِ. هذا المذهبُ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا أشْهَرُ الروايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ مِنَ الرِّوايتَين. ونصَرَه المُصنِّفُ، والشَّارِحُ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يَحِلُّ هنا مُطْلَقًا، ولو قتَلَه رَبُّه، ولو قُلْنا: لا يَحِلُّ بالفَلَسِ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، ومال إليه. فعلى المذهبِ، إنْ تعَذَّرَ التَّوَثُّقُ، حَلَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يَحِلُّ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: ولا يحِلُّ ما على المَدْيونِ بمَوْتِه مِن آجِلِ الدُّيونِ. وقال في «الانْتِصارِ»: يتَعلَّقُ الحَقُّ بذِمَّتِهم -وذكَره عن أصحابِنا في الحَوالةِ- فإنْ كانتْ مَلِيئَةً، وإلَّا وَثَّقُوا. وقال أيضًا: الصَّحيحُ أنَّ الدَّينَ في ذِمَّةِ المَيِّتِ والتَّرِكَةِ. فعلى المذهبِ، يَخْتَصُّ أرْبابُ الدُّيونِ الحالَّةِ بالمالِ. وعلى الثَّانيةِ، يُشارِكُون به. وقال في «الرِّعايَةِ»: ومَن ماتَ، وعليه دَينٌ حالٌّ، ودَين مُؤجَّلٌ، وقُلْنا: لا تحلُّ بمَوْتِه. ومالُه بقَدْرِ الحالِّ، فهل يترَكُ له ما يخُصُّه؛ ليَأْخُذَه إذا حل دَينُه، أو يُوَفِّي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحالُّ، ويَرْجِعُ على رَبِّه صاحِبُ المُؤجَّلِ إذا حَلَّ بحِصَّتِه، أو لا يَرْجِعُ؟ يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ. فوائد؛ الأولَى، إذا لم يَكُنْ له وارِثٌ، فقال القاضي في «المُجَرد»، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: يحِلُّ الدَّينُ؛ لأنَّ الأصْلَ يَسْتَحِقُّه الوارِثُ، وقد عُدِمَ هنا. وقدَّمه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وذكَر القاضي في «خِلافِه» احْتِمالين. قال في «الفُروعِ»: ولو وَرِثَه بَيتُ المالِ، احْتَمَلَ انْتِقالُه، ويَضْمَنُ الإمامُ للغُرَماءِ، واحْتَمَلَ حِلُّه. وذكَرَهما في «عُيونِ المَسائلِ». وذكَرَهما القاضي في «التَّعْليقِ»؛ لعدَمِ وارِثٍ مُعَيَّنٍ. وأطْلَقَ في «الفائقِ» وَجْهَين، فيما إذا لم يَكُنْ له وارِثٌ. الثَّانيَةُ، قال في «التَّلْخيصِ»: حُكْمُ مَن طرَأ عليه جُنونٌ حُكْمُ المُفْلِسِ والمَيِّتِ، في حُلولِ الدَّينِ وعدَمِه. الثَّالثةُ، متى قُلْنا بحُلولِ الدَّينِ المُؤجَّلِ، فإنَّه يأْخُذُه كلَّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، وقال: والمُخْتارُ سُقوطُ جُزْء مِن رِبْحِه مُقابِلَ الأجَلِ بقِسْطِه، وهو مأْخُوذ مِنَ الوَضْعِ والتَّأْجِيلِ. انتهى. وهو حَسَنٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، هل يَمْنَعُ الدّينُ انْتِقال التَّرِكَةِ إلى الوَرَثَةِ، أم لا يَمْنَعُ؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا يَمْنَعُ، بل تَنْتَقِلُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابُه. قال ابنُ عَقِيلٍ: هي المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَنْصوصُ المَشْهورُ المُخْتارُ للأصحاب. وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، أنَّ المُفْلِسَ إذا ماتَ، سقَط حقُّ البائعِ مِن غيرِ مالِه؛ لأنَّ المال انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الرِّوايتَين الانْتِقالُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تَنْتَقِلُ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ. وصحَّحه النَّاظِمُ. ونصَرَه في «الانْتِصارِ». ويأتي ذلك في آخِرِ القِسْمَةِ بأتَمَّ مِن هذا. ولهذا الخِلافِ فَوائدُ، يأْتِي بَيانُها قَرِيبًا. ولا فَرْقَ في ذلك بينَ دُيونِ اللهِ تَعالى، ودُيونِ الآدَمِيِّين، ولا بينَ الدُّيونِ الثَّابِتَةِ في الحَياةِ، والمُتَجَدِّدَةِ بعدَ المَوْتِ بسَبَب يَقْتَضِي الضَّمانَ؛ كحَفْرِ (¬1) بِئْرٍ ونحوهِ. صرَّح به القاضي. وهل يُعْتَبرُ كَوْنُ الدَّينِ مُحِيطًا بالتَّرِكَةِ، أمْ لا؟ قال في «القَواعِدِ»: صرَّح به جماعَةٌ؛ منهم صاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، في التَّفْليسِ. وقال في «الفَوائدِ»: ظاهِرُ كلامِ طائفَةٍ، اعْتِبارُه؛ حيثُ فرَضُوا المَسْأْلةَ في الدَّينِ المُسْتَغْرِقِ. ومنهم مَن صرَّح بالمَنْعِ مِنَ الانْتِقالِ، وإنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا. ذكَرَه في مَسائلِ الشُّفْعَةِ. وعلى القَوْلِ ¬

(¬1) من هنا وحتى قوله: «ذكره في الانتصار» في صفحة 331 سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالانْتِقالِ، يتَعَلّقُ حقُّ الغُرَماء بها جَمِيعِها، وإنْ لم يَسْتَغْرِقْها الدَّينِ. صرَّح به في «التَّرْغِيبِ». وهل تعَلَّقُ حَقِّهم بها تعَلُّقُ رَهْنٍ، أو جِنايَةٍ؟ فيه خِلافٌ. قال في «القَواعِدِ»: صرَّح الأكثَرون، أنَّه كتَعَلُّقِ الرَّهْنِ، ويُفَسَّرُ بثَلاثَةِ أشْياءَ. وقال في «الفَوائدِ»: يتَحَرَّرُ الخِلافُ بتَحْريرِ مَسائلَ؛ إحْداها، هل يتَعَلَّقُ جميعُ الدَّينِ بالتَّرِكَةِ، وبكُلِّ جُزْءٍ مِن أجْزائها، أم يَتقَسَّطُ؟ صرَّح القاضي في «خِلافهِ» بالأوَّلِ، إنْ كان الوارِثُ واحِدًا، وإنْ كان مُتَعدِّدًا، انْقَسَمَ على قَدْرِ حُقوقِهم، وتعَلَّقَ بحِصَّةِ كلِّ وارِثٍ منهم قِسْطُها مِنَ الدَّينِ، وبكُلِّ جُزْءٍ منها، كالعَبْدِ المُشْتَركِ إذا رهَنَه الشَّرِيكان بدَينٍ عليهما. والثَّانيةُ، هل يَمْنَعُ هذا التَّعَلُّقُ مِن نُفُوذِ التَّصَرُّفِ؟ سيَأْتِي ذلك في فَوائدِ الرِّوايتَين. والثَّالِثَةُ، هل يتعَلَّقُ الدَّينُ بعَينِ التَّرِكَةِ مع الذِّمَّةِ؟ فيه ثَلاثَةُ أوْجْهٍ. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: هل الدَّينُ باقٍ في ذِمَّةِ المَيِّتِ، أو انْتَقَلَ إلى ذِمَمِ الوَرَثَةِ، أو هو مُتَعلِّقٌ بأعْيانِ التَّرِكَةِ، لا غيرُ؟ فيه ثَلاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يَنْتَقِلُ إلى ذِمَمِ الوَرَثَةِ. قاله القاضي في «خِلافِه»، وأبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، وابنُ عَقِيل. وقيّده القاضي في «المُجَرَّدِ» بالمُؤَجَّلِ. قال في «الفُروعِ»: وفي «الانْتِصارِ»، الصَّحيحُ، أنَّه في ذمَّةِ المَيِّتِ في الترِكَةِ. انتهى. ومنهم مَن خصَّه بالقَوْلِ بانْتِقالِ التَّرِكَةِ إليهم. والوَجهُ الثَّانِي، هو باقٍ في ذِمةِ المَيِّتِ. ذكَرَه القاضي أيضًا، والآمِدِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ في ضَمانِ دَينِ المَيِّتِ. والوَجْهُ الثَّالثُ، يتَعَلَّقُ بأعْيانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرِكَةِ فقط. قاله ابنُ أبِي مُوسى. ورُدَّ بلُزومِ بَراءَةِ ذِمَّةِ المَيِّتِ فيها بالتَّلَفِ. ويأْتي هذا أيضًا في بابِ القِسْمَةِ. إذا عُرِفَ هذا، فللخِلافِ في أصْلِ المَسْأَلةِ -وهو كَوْنُ الدَّينِ يَمْنَعُ الانْتِقال أم لا؟ فَوائِدُ كثيرةٌ. ذكَرَها ابنُ رَجَبٍ في «الفَوائدِ» مِن «قَواعِدِه»؛ منها، نُفُوذُ تصَرُّفِ الوَرَثَةِ فيها ببَيعٍ أو غيرِه مِنَ العُقودِ. فعلى الثَّانيةِ، لا إشْكال في عدَمِ النُّفوذِ. وعلى المذهبِ، قيلَ: لا يَنْفُذُ. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، في بابِ الشَّرِكَةِ مِن «كِتابَيهما». وحمَل القاضي في «المُجَرَّدِ» رِوايَةَ ابنِ مَنْصُورٍ على هذا. وقيلَ: يَنْفُذُ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، في الرَّهْنِ والقِسْمَةِ، وجعَلاه المذهبَ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والخَمْسِين»: أصحُّ الوَجْهَين، صِحَّةُ تصَرُّفِهم. انتهى. وإنَّما يجوزُ لهم التَّصَرُّفُ بشَرْطِ الضَّمانِ. قاله القاضي. قال: ومتى خَلَّى الوَرَثَةُ بينَ التَّرِكَةِ وبينَ الغُرَماءِ، سَقَطَتْ مُطالبَتُهم بالدُّيونِ، ونصَّبَ الحاكِمُ مَن يُوَفِّيهم منها، ولم يَمْلِكْها الغُرَماءُ بذلك. وهذا يدُلُّ على أنَّهم إذا تصَرفُوا فيها، طُولِبوا بالدُّيونِ كلِّها. وفي «الكافِي»، إنَّما يَضْمَنُون الأقَلَّ مِن قِيمَةِ التَّرِكَةِ أو الدَّينِ. وعلى الأوَّلِ، يَنْفُذُ العِتْقُ خاصَّةً، كعِتْقِ الرَّاهِنِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ» (¬1). وحكَى القاضي في «المُجَرَّدِ»، في بابِ العِتْقِ، في نُفوذِ العِتْقِ مع عدَمِ العِلْمِ، وَجْهَين، وأنَّه (¬2) ¬

(¬1) آخر السقط. (¬2) في الأصل، ط: «لأنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَنْفُذُ مع العِلْمِ. وجعَل المُصَنِّفُ في «الكافِي» مأْخَذَهما، أن حُقوقَ الغُرَماءِ المُتعَلِّقَةَ بالترِكَةِ، هل يَمْلِكُ الْورَثَةُ إسْقاطَها بالْتِزامِهم الأداءَ مِن عندِهم، أم لا؟ وفي «النَّظَريَّاتِ» لابنِ عَقِيلٍ: عِتْقُ الوَرَثَةِ يَنْفُذُ مع يَسارِهم، دُونَ إعْسارِهم؛ اعْتِبارًا بعِتْقِ مَوْرُوثِهم في مَرَضِه وهل يصِحُّ رَهْنُ التَّرِكَةِ عندَ الغُرَماءِ؟ قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لا يصِحُّ. ومنها، نَماءُ التَّرِكَةِ. فعلى الثَّانيةِ، يتَعَلَّقُ حقُّ الغُرَماءِ به أيضًا. وعلى المذهبِ، فيه وَجْهان؛ هل يتَعَلَّق حقُّ الغُرَماءِ بالنَّماءِ، أم لا؟ وأطْلَقَهما في «القَواعِدِ». وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّمانِين»: إنْ قيلَ: إنَّ التَّرِكَةَ باقِيَةً على حُكْمِ مِلْكِ المَيِّتِ. تعَلَّقَ حقُّ الغُرَماءِ بالنَّماءِ، كالمَرْهُونِ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. ويَنْبَغِي أنْ يُقال: إنْ قُلْنا: تعَلُّقُ الدَّينِ بالتَّرِكَةِ تعَلُّقُ رَهْنٍ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فيه. فالأمْرُ كذلك. وإنْ قُلْنا: تعَلُّقُ جِنايَةٍ لا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ. فلا يتَعَلَّقُ بالنَّماءِ. وأمَّا إنْ قُلْنا: لا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلى الوَرَثَةِ بمُجَرَّدِ المَوْتِ. لم تتَعَلَّقْ حُقوقُ الغُرَماءِ بالنَّماءِ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيل. وخرَّج الآمِدِيُّ، وصاحِبُ «المُغْنِي»، تعَلُّقَ الحَقِّ بالنَّماءِ مع الانْتِقالِ أيضًا، كتَعَلُّقِ الرَّهْنِ. وقد يَنْبَنِي ذلك مِن أصْل آخَرَ، وهو أنَّ الدَّينَ هل هو باقٍ في ذِمَّةِ المَيِّتِ، أو انْتَقَلَ إلى ذِمَّةِ الوَرَثَةِ، أو هو مُتَعَلِّقٌ بأعْيانِ التَّرِكَةِ لا غيرُ؟ وفيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ. وقد تقَدَّمَتْ قبلَ الفَوائدِ. قال: فعلى القَوْلِ الثَّالِثِ، يتَوَجَّهُ أنْ لا تتَعَلَّقَ الحُقوقُ بالنَّماءِ؛ إذ هو كتَعَلُّقِ الجِنايَةِ. وعلى الأوَّلَين، يتَوَجَّهُ تعَلُّقُها بالنَّماءِ، كالرَّهْنِ. ومنها، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ماتَ وعليه دَيْنٌ، وله مالٌ زَكَويٌّ، فهل تَبْتَدِئُ الوَرَثَةُ حوْلَ الزَّكاةِ مِن حينِ المَوْتِ، أم لا؟ فعلى الثَّانيةِ، لا إشْكال في أنَّه لا تَجْرِي في حَوْلِه حتى تَنْتَقِلَ إليه. وعلى المذهبِ، يُبْنَى على أنَّ الدَّينِ؛ هل هو مَضْمُونٌ في ذِمَّةِ الوارِثِ، أم هو في ذِمَّةِ المَيِّتِ خاصَّةً؟ فإن قُلْنا: هو في ذِمَّةِ الوارِثِ. وكان ممَّا يَمْنَعُ الزَّكاةَ، انْبَنَى على الدَّينِ المانِعِ؛ هل يَمْنَعُ انْعِقادَ الحَوْلِ في ابتدائِه، أو يَمْنَعُ الوُجوبَ في انْتِهائِه خاصَّةً؟ فيه رِوايَتان. ذكَرَهما المَجْدُ في «شَرْحِه». والمذهبُ أنَّه يَمْنَعُ الانْعِقادَ، فيَمْتَنِعُ انْعِقادُ الحَوْلِ على مِقْدارِ الدَّينِ مِنَ المالِ. وإنْ قُلْنا: إنما يَمْنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ في آخِرِ الحَوْلِ. منَع الوُجوبَ هنا آخِرَ الحَوْلِ، في قَدْرِه أيضًا. وإنْ قُلْنا: ليس في ذِمَّةِ الوارِثِ شيءٌ. فظاهِرُ كلامِ أصحابِنا، أنَّ تعَلُّقَ الدَّينِ بالمالِ مانِعٌ. ومنها، لو كان له شَجَرٌ، وعليه دَينٌ، فماتَ، فهنا صُورَتان؛ إحْداهما، أنْ يمُوتَ قبلَ أنْ يُثْمِرَ، ثم يُثْمِرَ قبلَ الوَفاءِ؛ فيَنْبَنِي على أنَّ الدَّينَ، هل يتَعَلَّقُ بالنماءِ؟ فإنْ قُلْنا: يَتَعَلَّقُ به. خُرِّجَ على الخِلافِ في مَنْعِ الدَّينِ الزَّكاةَ في الأموالِ الظَّاهِرَةِ، على ما تقدَّمَ. وإنْ قُلْنا: لا يتَعَلَّقُ به. فالزَّكاةُ على الوارِثِ. وهذا كلُّه بِناءً على القَوْلِ بانْتِقالِ المِلْكِ إليه. أمَّا إنْ قُلْنا: لا يَنْتَقِلُ المِلْكُ. فلا زَكاةَ عليه، إلَّا أنْ يَنْفَكَّ التَّعَلُّقُ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ. الصُّورَةُ الثَّانيةُ، أنْ يموتَ بعدَ ما أثْمَرَتْ، فيتَعَلَّقَ الدَّينُ بالثَّمَرَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم إنْ كانَ موْتُه بعدَ وَقْتِ الوُجوبِ، فقد وجَبَتْ عليه الزَّكاةُ، إلَّا أنْ نقولَ: إنَّ الدَّينَ يَمْنَعُ الزَّكاةَ في المالِ الظَّاهِرِ. وإنْ كان قبلَ الوُجوبِ، فإنْ قُلْنا: تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلى الوَرَثَةِ مع الدَّينِ. فالحُكْمُ كذلك. وإنْ قُلْنا: لا تَنْتَقِلُ. فلا زَكاةَ عليهم. وهذه المَسْأَلةُ تدُلُّ على أنَّ النَّماءَ المُنْفَصِلَ يتَعَلَّقُ به حقُّ الغُرَماءِ، بلا خِلافٍ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ ماتَ بعدَ أنْ أثْمَرَتْ، تعَلَّقَ بها الدَّينُ، ثم إنْ كان بعدَ وَقْتِ الوُجوبِ، ففي الزَّكاةِ رِوايَتان. وكذا إنْ كان قبلَه، وقُلْنا: تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مع الدَّينَ. وإلَّا فلا زَكاةَ. انتهى. وكذا قال ابنُ تَمِيمٍ، وابنُ حَمْدانَ، في بابِ زَكاةِ الزُّروعِ والثِّمارِ. ومنها، لو ماتَ، وله عَبيدٌ، وله دَينٌ، وأهَلَّ هِلالُ الفِطْرِ. فعلى المذهبِ، فِطْرَتُهم على الوَرَثَةِ. وعلى الثَّانيةِ، لا قِطْرَةَ لهم على أحَدٍ ومنها، لو كانتِ التَّرِكَةُ حَيوانًا. فعلى المذهبِ، النَّفَقَةُ عليهم. وعلى الثَّانيَةِ، مِنَ التَّرِكَةِ كمُؤْنَةٍ. وكذلك مُؤْنَةُ المالِ؛ كأُجْرَةِ المَخْزَنِ ونحوهِ. ومنها، لو ماتَ المَدِينُ وله شِقْصٌ، فباعَ شَرِيكُه نَصِيبَه (¬1) قبلَ الوَفاءِ، فعلى المذهبِ، لهم الأخْذُ. بالشُّفْعَةِ. وعلى الثَّانيَةِ، لا. ولو كان الوارِثُ شَرِيكَ المَوْرُوثِ، وبِيعَ نَصِيبُ المَوْرُوثِ في دَينِه، فعلى المذهبِ، لا شُفْعَةَ للوارِثِ. وعلى الثَّانيةِ، له الشُّفْعَةُ. ومنها، لو وَطِئَ الوارِثُ الجارِيَةَ المَوْرُوثَةَ -والدَّينُ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ- فأوْلَدَها، فعلى المذهبِ، لا حَدَّ، ويَلْزَمُه قِيمَتُها. وعلى الثَّانيةِ، لا حَدَّ أيضًا؛ لشُبْهَةِ المِلْك، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «نصفه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه قِيمَتُها ومَهْرُها. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». ففائدَةُ الخِلافِ حِينَئذٍ في المَهْرِ. ومنها، لو تَزوَّجَ الابنُ أمَةَ أبِيه (¬1)، ثم قال: إنْ ماتَ أبِي، فأنْتِ طالِقٌ. وقال أبُوه: إنْ مِتُّ، فأنْتِ حُرَّةٌ. ثم ماتَ وعليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُ التَرِكَةَ، لم تَعْتِقْ. وهل يقَعُ الطَّلاقُ؟ قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: يقَعُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يقَعُ. فقَوْلُ ابنِ عَقِيل مَبْنِيٌّ على المذهبِ، وقَوْلُ القاضي مَبْنِيٌّ على الثَّانيَةِ. وكذلك إذا لم يُدَبِّرْها الأبُ سَواءً. وقيل: يقَعُ الطَّلاقُ على المذهبِ أيضًا. ومنها، لو أقَرَّ لشَخْصٍ، فقال: له في مِيراثِه ألَفٌ. فالمَشْهورُ، أنَّه مُتَناقِضٌ في إقْرارِه. وقال في «التَّلْخيصِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه؛ إذِ المَشْهورُ عندَنا، أنَّ الدَّينَ لا يَمْنَعُ المِيراثَ، فهو كما لو قال: له في التَّرِكَةِ ألْفٌ. فإَّنة إقْرارٌ صحيحٌ. وعلى هذا، إذا قُلْنا: يَمْنَعُ الدَّينُ المِيراثَ. كان مُناقِضًا، بغيرِ خِلافٍ. ومنها، لو ماتَ وترَك ابْنَين وألْفَ دِرْهَمٍ، وعليه ألْفُ دِرْهَمٍ دَينًا، ثم ماتَ أحدُ الابنَين، وترَك ابنًا، ثم أبْرَأ الغَرِيمُ الوَرَثَةَ، فذَكَر القاضي، أنَّ [ابنَ الابنِ] (¬2) يَسْتَحِقُّ نِصْفَ التَّرِكَةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ابنه». (¬2) في الأصل، ط: «الابن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِيراثِه عن أبِيه (¬1)، وذكَرَه في مَوْضِع إجْماعًا، وعلَّلَه في مَوْضِعٍ بأنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ مع الدَّينِ، فانْتقَلَ مِيراثُ الابنِ إلى ابنِه. ويُفْهَمُ مِن هذا، أنَّه على الثَّانيةِ، يَخْتَصُّ به وَلَدُ الصُّلْبِ؛ لأنَّه هو الباقِي (¬2) مِنَ الوَرَثَةِ. ومنها، رُجوعُ بائع المُفْلِسِ في عَينِ مالِه بعدَ مَوْتِ المُفْلِسِ. ويَحْتَمِلُ بِناؤُه على هذا الخِلافِ؛ فإنْ قُلْنا: يَنْتَقِلُ. امْتنَعَ رُجوعُه. وإنْ قُلْنا: لا يَنْتَقِلُ. رجَع، ولا سِيَّما والحَقُّ هنا مُتَعَلِّقٌ في الحَياةِ تعَلُّقًا مُتَأَكَّدًا. ومنها، ما نُقِلَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن رَجُلٍ ماتَ، وخلَّفَ ألْفَ دِرْهَمٍ، وعليه ألْفَا دِرْهمٍ، وليس له وارِثٌ غيرُ ابنِه، فقال ابنُه لغُرَمائِه: اتْرُكُوا هذه الأَلْفَ بيَدِي، وأخِّرُونِي في حقوقكِم ثَلاثَ سِنِين، حتى أُوَفِّيَكم جميعَ حُقُوقِكم. قال: إذا كانُوا اسْتَحَقُّوا قَبْضَ هذه الألْفِ، وإنَّما يُؤخِّرُونه ليُوَفِّيَهم لأجَلٍ، فترَكُوها في يدَيه، فهذا لا خَيرَ له فيه، إلَّا أنْ يَقْبِضُوا الألْفَ منه، ويُؤخِّرُونه في الباقِي ما شاءُوا. قال في «القَواعِدِ»: قال بعضُ شُيوخِنا: تُخَرَّجُ هذه الرِّوايَةُ على القَوْلِ بأنَّ التَّرِكَةَ لا تَنْتَقِلُ. قال: وإنْ قُلْنا: تَنْتَقِلُ. جازَ. وهو أقْيَسُ بالمذهبِ، وعلَّلَه في «القَواعِدِ». ومنها، ولايةُ المُطالبَةِ بالتَّرِكَةِ إذا كانتْ دَينًا ونحوَه. فنَصَّ أحمدُ في وَدِيعَةٍ، لا يَدْفَعُها إلَّا إلى الغُرَماءِ والوَرَثَةِ جميعًا. وهو يدُلُّ على أنَّ للغُرَماءِ ولايةَ المُطالبَةِ والرُّجوعِ على المُودَعِ إذا سلَّم الوَدِيعَةَ إلى الوَرَثَةِ. وحمَلَه القاضي على الاحْتِياطِ. قال في «القَواعِدِ»: وظاهِرُ كلامِه، ¬

(¬1) في الأصل: «ابنه»، وط: «ابنيه». (¬2) في الأصل، ط: «الثاني».

وَإنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِقِسْطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ قُلْنا: التَّرِكَةُ مِلْكٌ لهم. فلهم ولايةُ الطَّلَبِ والقَبْضِ. وإنْ قُلْنا: ليستْ مِلْكًا لهم. فليس لهم الاسْتِقْلالُ بذلك. وقال المَجْدُ: عندِي أنَّ النَّصَّ على ظاهِرِه؛ لأنَّ الوَرَثَةَ والغُرَماءَ تتَعَلَّقُ حُقوتُهم بالتَّرِكَةِ؛ كالرَّهْنِ والجانِي، فلا يجوزُ الدَّفْعُ إلى بعضِهم. انْتَهى الكلامُ على الفَوائدِ مُلَخَّصًا. قوله: وإنْ ظهَر غَرِيمٌ بعدَ قَسْمِ مالِه، رجَع على الغُرَماءِ بقِسْطِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: هذه قِسْمَة بانَ الخَطَأُ (¬1) فيها، فأشْبَهَ ما لو قسَم أرْضًا أو ميِراثًا بينَ شُرَكاءَ، ثم ظهَر شَرِيكٌ آخَرُ، أو (¬2) ¬

(¬1) في الأصل: «الخلط»، وفي ط: «الخلطاء». (¬2) في الأصل، ط: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وارِثٌ آخَرُ. قال الأزَجِيُّ: فلو كان له ألْفٌ، اقْتَسمَها غرِيماه نِصْفينِ، ثم ظهَر ثالِثٌ دَينُه كدَينِ أحدِهما، رجَع على كلِّ واحدٍ بثُلُثِ ما قبَضَه مِن غيرِ زِيادَةٍ. وأصْلُ هذا، ما لو أقَرَّ أحدُ الوارِثَين بوارِثٍ؛ فإنَّه يأْخُذُ ما في يَدِه إذا كان ابنًا، وهما ابنان. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وهو كما قال في الثَّانيَةِ، بل هو خَطَأٌ فيها. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُ كلامِهم، يَرْجِعُ على مَن أتْلَفَ ما قبَضَه بحِصَّتِه. ثم قال: ويتَوَجَّهُ كمَفْقُودٍ رجَع بعدَ قِسْمَةٍ وتَلَفٍ. وفي فَتاوَى المُصَنِّفِ، لو وصَل مالُ الغائبِ، فأقامَ رجُلٌ بَينةً أنَّ له عليه دَينًا، وأقامَ آخَرُ بَينةً أنَّ له عليه دَينًا أيضًا، فقال: إنْ طالبا جميعًا، اشْتَرَكا، وإنْ طالبَ أحدُهما، اخْتَصّ به لاخْتِصاصِه بما يُوجِبُ التَّسْلِيمَ، وعدَمِ تعَلَّقِ الدَّينِ بمالِه. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه، ولم يُطالِبْ أصْلًا، وإلَّا شارَكَه ما لم يَقبِضْه.

وَإنْ بَقِيَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بَقِيَّةٌ، وَلَهُ صَنْعَةٌ، فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ لِقَضَائِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ بَقِيَ على المُفْلِسِ بَقِيَّةٌ وله صَنْعَةٌ، فهل يُجبَرُ على إيجارِ نَفْسِه لقَضائِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يُجْبَرُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «نَظْم المُفْرَداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوبَين». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ». ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، لا يُجْبَرُ. قدَّمه في «إدْراكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». كما لا يُجْبَرُ على قَبُولِ الهَدِيَّةِ والصَّدَقَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقَرْضِ والهِبَةِ والوَصِيَّةِ والخُلْعِ والتَّزْويجِ، حتى أُمِّ وَلَدِه، وأخْذِ الدَّيَةِ على قَوَدٍ. وقيل: لا تَسْقُطُ دِيَتُه بعَفْوه على غيرِ مالٍ أو مُطْلَقًا، إنْ قُلْنا: يجبُ بالعَمْدِ أحدُ شَيئَين. وتقدَّم أنَّه لا يُجْبَرُ على رَدِّ مَبِيعٍ، إذا كان فيه الأحَظُّ. قال في «التَّلْخيصِ»: هو قِياسُ المذهبِ. فعلى المذهبِ، يَبْقَى الحَجْرُ عليه ببَقاءِ دَينِه إلى الوَفاءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُجْبَرُ على إيجارِ مَوْقُوفٍ عليه، وإيجارِ أُمِّ وَلَدِه، إذا اسْتَغْنَى عنها. قال في «الفُروعِ»: ويُجْبَرُ على إيجارِ ذلك في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ»، في أُمِّ الوَلَدِ. وقيل: لا يُجْبَرُ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْحَجْرُ إلا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَنْفَكُّ عنه الحَجرُ إلا بحُكْمِ حاكِم. هذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ويَفْتَقِرُ زَوالُه إلى حُكْمٍ في الأصحِّ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، يزُولُ الحَجْرُ بقَسْمِ مالِه.

فَإِذَا فَكَّ عَنْهُ الْحَجْرَ، فَلَزِمَتْهُ دُيُونٌ، وَحَجَرَ عَلَيهِ، شَارَكَ غُرَمَاءُ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ غُرَمَاءَ الْحَجْرِ الثَّانِي. وَإنْ كَانَ لِلْمُفْلِسِ حَقٌّ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ، فَأَبَى أن يَحْلِفَ مَعَهُ، لَمْ يَكُنْ لِغُرَمَائِهِ أنْ يَحْلِفُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُؤخَذُ مِن قوْله: وإنْ كان للمُفْلِسِ حَقٌّ له به شاهِدٌ، فأبَى أنْ يَحْلِفَ معه، لم يكنْ لغُرَمَائِه أنْ يَحْلِفُوا. عدَمُ وُجوبِ اليَمِينِ عليه، وهو كذلك؛ لاحْتِمالِ شُبْهَةٍ.

فَصْلٌ: الْحُكْمُ الرَّابعُ، انْقِطَاعُ الْمُطَالبَةِ عَنْهُ، فَمَنْ أقْرَضَهُ شَيئًا، أوْ بَاعَهُ، لَمْ يَمْلِكْ مُطَالبَتَهُ حَتَّى يُفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الحُكْمُ الرَّابعُ، انْقِطاعُ المُطَالبَةِ عنِ المُفْلِسِ، فمَن أقْرَضَه شيئًا، أو باعَهَ، لم يَمْلِكْ مُطالبَتَه حتى يُفَكَّ الحَجْرُ عنه. هذا المذهبُ. وتقدَّم كلامُه في «المُبْهِجِ»، في الجاهِلِ. وتقدَّم رِوايَةٌ بصِحَّةِ إقْرارِه إذا أضافَه إلى ما قبلَ الحَجْرِ، عندَ قوْلِه: وإنْ تصَرَّفَ في ذِمَّتِه بشِراءٍ أو ضَمانٍ أو إقْرارٍ، صحَّ، ويُتْبَعُ به بعدَ

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِي، الْمَحْجُورُ عَلَيهِ لحَظِّهِ؛ وَهُوَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فَكّ الحَجْرِ عنه. قوله: الضَّرْبُ الثَّانِي، المَحْجُورُ عليه لحَظِّه؛ وهو الصَّبِيُّ، والمَجْنونُ، والسَّفِيهُ، فلا يَصِحُّ تَصَرُّفُهم قبلَ الإذْنِ. وهذا المذهبُ في الجُمْلَةِ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُه أنَّ هِبَةَ الصَّبِيِّ لا تصِحُّ، ولو كان مُمَيِّزًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وسُئِلَ أحمدُ: متى تصِحُّ هِبَةُ الغُلامِ؟

فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ قَبْلَ الإذْنِ. وَمَنْ دَفَعَ إِلَيهِمْ مَالهُ بِبَيعٍ أو قَرْضٍ، رَجَعَ فِيهِ مَا كَانَ بَاقِيًا، وَإنْ تَلِفَ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ مَالِكِهِ، عَلِمَ بِالْحَجْرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: ليس فيه اختِلافْ إذا احْتَلَمَ، أو يَصِيرُ ابنَ خَمْسَ عشْرَةَ سنَةً. وذكَر بعضُ الأصحابِ رِوايَةً في صِحَّةِ إبْرائِه. فالهِبَةُ مِثْلُه. ويأْتِي، هل تصِحُّ وَصِيَّتُه وغيرُها، أمْ لا؟. قوله: ومَن دفع إليهم -يَعْنِي، إلى الصَّبِيِّ، والمَجْنونِ، والسَّفِيهِ- ماله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ببَيعٍ، أو قَرْض، رجَع فيه ما كان باقِيًا، وإنْ تَلِفَ، فهو مِن ضَمانِ مالِكِه، عَلِمَ بالحَجْرِ أو لم يَعْلَمْ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقيل: يَضْمَنُ المَجْنونُ. وقيل: يَضْمَنُ السَّفِيهُ إذا جَهِلَ أنَّه مَحْجُورٌ عليه. واخْتارَ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» الضَّمانَ مُطْلَقًا، واخْتارَه ابنُ عَقِيل. ذكَره الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، كتَصَرفِ العَبْدِ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، والفَرْقُ على المذهبِ عُسْرٌ. تنبيه: محَلُّ هذا، إذا كان صاحِبُ المالِ قدْ سلَّطَه عليه، كالبَيعِ والقَرْضِ، ونحوهما. قال المُصَنِّفُ: فأمَّا إنْ حصَل في أيدِيهم باخْتِيارِ صاحبِه مِن غيرِ تَسْليطٍ، كالوَدِيعَةِ، والعارِيَّةِ، ونحوهما، أو أعارَ عَبِيدًا مالًا فأتْلَفُوه، فقيلَ: لا يَضْمَنُون

وَإنْ جَنَوْا، فَعَلَيهِمْ أرْشُ الْجِنَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، في باب الوَدِيعَةِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَضْمَنُون. اخْتارَه القاضي. وقيل: يَضْمَنُ العَبْدُ وحدَه. وقد قطَع في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُقْنِعِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم، بضَمانِ العَبْدِ إذا أتْلَفَ الوَدِيعَةَ. وأطْلَقَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، الخِلافَ في ضَمانِ الصَّبِيِّ الوَدِيعَةَ إذا أتْلَفَها، وكذلك أطْلَقَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يَضْمَنُ العَبْدُ، والسَّفِيهُ. وأطْلَقَهُنُّ في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، في بابِ الوَديعَةِ. ويأْتِي ذلك في كلامِ المُصَنفِ هناك بأَتَمَّ مِن هذا مُحَرَّرًا. قوله: فإنْ جَنَوْا، فعليهم أرْشُ الجِنايَةِ. بلا نِزاع. ويَضْمَنُون أيضًا، إذا أتْلَفُوا شيئًا، لم يُدْفَعْ إليهم.

وَمَتَى عَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَرَشَدَا، انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُمَا بِغَيرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، وَدُفِعَ إِلَيهِمَا مَالُهُمَا، وَلَا يَنْفَكُّ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى عقَل المَجْنونُ، وبلَغ الصَّبِيُّ، ورشَدا، انْفَكَّ الحَجْرُ عنهما بغيرِ حُكْمِ حاكِمٍ. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقيل: لا يَنْفَكُّ إلَّا بحُكْمِ حاكِمٍ. اخْتارَه القاضي. وقيل: لا يَنْفَكُّ في الصَّبِيِّ إلَّا بحُكْمِ حاكِم، ويَنْفَكُّ في غيرِه بمُجَرَّدِ رُشْدِه.

وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِالاحْتِلَامِ، أوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ نَبَاتِ الشَّعَرِ الْخَشِنِ حَوْلَ الْقُبُلِ، وَتَزِيدُ الْجَارِيَةُ بِالْحَيضِ وَالْحَمْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والبُلُوغُ يَحْصُلُ بالاحْتِلامِ -بلا نِزاعٍ- أو بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، أو نَباتِ الشَّعَرِ الخَشِنِ حولَ القُبُلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وحُكِيَ عنه رِوايَةٌ، لا يَحْصُلُ البُلوغُ بالإنْباتِ. وقال في «الفائقِ»: ويَحْصُلُ البُلُوغُ بإكْمالِ خَمْسَ عشْرَةَ سَنَةً. وعنه، الذَّكَرُ وحدَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَزِيدُ الجارِيَةُ بالحَيضِ والحَمْلِ. بلا نِزاعٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: وحَمْلُها دَلِيلُ إنْزالِها، وقَدْرُه، أقَلُّ مُدَّةِ الحَمْلِ. وكذا قال الزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. وعنه، لا يَحْصُلُ بُلُوغُها بغيرِ الحَيضِ. نقَلَها جماعَةٌ. قال أبو بَكْر: هذا قَوْلٌ أوَّلُ. فائدة: لو وُجِدَ مَنِيٌّ مِن ذَكَرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ، فهو عَلَمٌ على بُلوغِه، وكَوْنِه رَجُلًا وإنْ خرَج مِن فَرْجِه، أو حاضَ، كان عَلَمًا على بُلوغِه، وكونِه امْرأَةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحه في «التَّلْخيصِ». قال في «الرِّعايةِ»: والصَّحيحُ، أنَّ الإِنْزال علامَةُ البُلوغِ مُطْلَقًا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقال القاضي: ليس واحِدٌ منهما عَلَمًا على البُلوغِ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ حاضَ مِن فَرْجِ المرْأَةِ، أو احْتَلَمَ منه، أو أَنْزَلَ مِن ذَكَرِ الرَّجُلِ، لم يُحْكَمْ ببُلوغِه؛ لجَوازِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كَوْنِه خِلْقَةً زائِدَةً، وإنْ حاضَ مِن فَرْجِ النِّساءِ، وأنْزَلَ مِن ذَكَرِ الرَّجُلِ، فبالِغٌ، بلا إشْكالٍ. انتهى. وإنْ خرَج المَنِيُّ مِن ذَكَرِه، والحَيضُ مِن فَرْجِه، فمُشْكِلٌ، ويَثْبُتُ البُلوغُ بذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال القاضي: يَثْبُتُ البُلوغُ به. جزَم به في «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الفُروعِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، ذكَرَه في بابِ مِيراثِ الخُنْثَى. وتقدَّم كلامُه في «عُيونِ المَسائلِ». وقيل: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يثْبُتُ بذلك البُلوغُ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وإنْ خرَج المَنِيُّ والحَيضُ مِن مَخْرَج واحدٍ، فمُشْكِلٌ، بلا نِزاعٍ. وهل يَثْبُتُ البُلوغُ بذلك؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يَحْصُلُ البُلوغُ بذلك. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». والثاني، يَحْصُلُ به. قلتُ: وهو أوْلَى، لأنَّه، إنْ كان ذَكَرًا، فقد أمْنَى، وإنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُنْثَى، فقد أمْنَتْ وحاضَتْ، وكِلاهما يحْصُلُ به البُلوغُ. ثم وَجَدْتُ صاحِبَ «الحاوي الكَبِيرِ» قطعَ بذلك، وعلَّلَه بما قُلْنا.

وَالرُّشْدُ الصَّلَاحُ في الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والرُّشْدُ؛ الصَّلاحُ في المالِ. يعْنِي، لا غيرُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ عَقِيل: الرُّشْدُ؛ الصَّلاحُ في المالِ والدَّينِ. قال: وهو الألْيَقُ بمذهبِنا. قال في «التَّلْخيصِ»: ونصَّ عليه.

وَلَا يَدْفَعُ إِلَيهِ مَالهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أوْلَادِ التُّجَّارِ، فَبِأَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْهُ الْبَيع وَالشِّرَاءُ، فَلَا يُغْبَنَ، وَإنْ كَانَ مِنْ أُوْلَادِ الرُّؤَسَاءِ. وَالْكُتَّابِ، فَبِأَنْ يَسْتَوْفِيَ عَلَى وَكِيلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ. والْجَارِيَةُ بِشِرَائِهَا الْقُطْنَ، وَاسْتِجَادَتِهِ، وَادَفْعِهَا الأُجْرَةَ إِلَى الْغَزَّالاتِ، وَالاستِيفَاءِ عَلَيهِنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ولا يَدْفَعُ إليه ماله حتى يُخْتَبرَ -يعْنِي، بما يَلِيقُ به، ويُؤنَسُ

وَأنْ يَحْفَظَ مَا في يَدِهِ عَنْ صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ كَالْغِنَاءِ، وَالْقِمَارِ، وَشِرَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَنَحْوهِ. وَعَنْهُ، لَا يُدْفَعُ إِلَى الْجَارِيَةِ مَالُها بَعْدَ رُشْدِهَا، حَتَّى تَتَزَوَّجَ وتَلِدَ، أوْ تقِيمَ في بَيتِ الزَّوْجِ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ رُشْدُه- فإنْ كان مِن أوْلادِ التُّجَّارِ، فبأنْ يَتَكَرَّرَ منه البَيعُ والشِّراءُ، فلا يُغْبَنَ. يعْنِي، لا يُغبَنُ في الغالِبِ، ولا يَفْحُشُ. قوله: وأنْ يَحْفَظَ ما في يدَيه عن صَرْفِه فيما لا فائِدَةَ فيه؛ كالقِمارِ، والغِناءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وشِراءِ المُحرَّماتِ، ونحوه. قال ابنُ عَقِيلٍ وجَماعَةٌ: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ التَّبْذِيرَ والإسْرافَ، ما أخْرَجَه في الحَرامِ. قال في «النِّهايَةِ»: أو يَصْرِفُه في صدَقَةٍ

وَوَقْتُ الاخْتِبَارِ قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَعَنْهُ، بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَضُرُّ بعِيالِه، أو كانَ وحدَه ولم يَثِقْ بإيمانِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين: أو أخْرَجَه في مُباحٍ قَدْرًا زائِدًا على المَصْلَحَةِ. انتهى. وهو الصَّوابُ. تنبيه: دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا بلَغَتِ الجارِيَةُ ورشَدَتْ، دفَع إليها مالها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كالغُلامِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يَدْفَعُ إلى الجارِيَةِ مالها، ولو (¬1) بعدَ رُشْدِها، حتى تتَزَوَّجَ وتَلِدَ، أو (¬2) تُقِيمَ في بَيتِ الزَّوْجِ سنَةً. اخْتارَه جماعة مِنَ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، والشيرازِيُّ في «الإيضاحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المَنْصوصُ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». فعلى هذه الرِّوايَةِ، إذا لم تتَزَوَّجْ، فقيلَ: يَبْقَى الحَجْرُ عليها. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ وغيرِه. وقيل: تَبْقَى ما لم تَعْنُسْ. قال القاضي: عندِي، إذا لم تتَزَوَّجْ، يُدْفَعْ إليها مالُها، إذا عنَسَتْ وبرَزَتْ للرِّجالِ. وهو الصَّوابُ. واقْتَصرَ عليه في «الكافِي». وأطْلَقهما في «الفُروعَ». قوله: ووَقْتُ الاخْتِبارِ، قبلَ البُلوغِ -هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم- وعنه، بعدَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وهو». (¬2) في الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ». وقيل: بعدَه للجارِيَةِ، لنَقْصِ خِبْرَتِها، وقبلَه للغُلامِ. فائدة: لا يُخْتَبرُ إلَّا المُمَيِّزُ والمُراهِقُ الذي يعْرِفُ البَيعَ والشِّراءَ، والمَصْلَحَةَ والمَفْسَدَةَ. وبَيعُ الاخْتِبارِ (¬1)، وشِراؤُه، صحيحٌ، بلا نِزاعٍ. وتقدَّم في أوَّلِ كتابِ البَيعِ، التَّنْبِيهُ على ذلك، وحُكْمُ تَصَرُّفِه بإذْنِ وَلِيِّه. ¬

(¬1) في ط: «الاختيار».

فَصْلٌ: وَلَا تَثْبُتُ الْولَايةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إلا لِلْأبِ، ثُمَّ لِوَصِيِّهِ، ثُمَّ لِلْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَثْبُتُ الولايَةُ على الصَّبِيِّ والمجْنُونِ إلَّا للأَبِ. يَسْتَحِقُّ الأبُ الولايَةَ على الصَّغيرِ والمجْنونِ، بلا نِزاعٍ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ رَشِيدًا، ويَكْفِي كوْنُه مَسْتُورَ الحالِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم: وَلِيُّهما الأبُ ما لم يُعْلَمْ فِسْقُه. قلت: وهو الصَّوابُ. وقيل: يُشْتَرطُ عدالتُه ظاهِرًا وباطنًا. قال في «المُنَوِّرِ»: ووَلِيُّ الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ الأبُ، ثم الوَصِيُّ العَدْلان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ثم لوَصِيِّه، ثم للحاكِم. أنَّ الجَدَّ والأُمَّ وسائرَ العَصَباتِ ليس لهم ولايةٌ. وهو المذهبُ الذي عليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّر» و «النَّظْمِ». وعنه، للجَدِّ ولايةٌ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. فعليها، يُقَدَّمُ على الحاكمِ، بلا نِزاعٍ، ويُقَدَّمُ على الوَصِيِّ، على الصَّحيحِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قلتُ: وهو الصوابُ. وجزَم به في «الزُّبْدَةِ». وقيل: يُقَدَّمُ الوَصِيُّ عليه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وذكَر القاضي، أنَّ للأُمِّ ولايَةً. وقيل: لسائرِ العَصَبةِ ولايَةٌ أيضًا بشَرْطِ العَدالةِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ذكَرَه عنه في «الفائقِ»، ثم قال: قلتُ: ويَشْهَدُ له حَجْرُ الابنِ على أبِيه عندَ خَرَفِه. انتهى. قلتُ: الذي يَظْهَرُ أنَّه حيثُ قُلْنا: للأُمِّ والعَصَبةِ ولايةٌ. أنَّهم كالجَدِّ في التَّقْديمِ على الحاكمِ وعلى الوَصِيِّ. على الصحيحِ. فائدتان؛ إحْداهما، يُشْتَرطُ في الحاكمِ ما يُشْتَرطُ في الأبِ، فإنْ لم يَكُنْ كذلك، أو لم يُوجَدْ حاكِمٌ، فأمِينٌ يقُومُ به. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: الحاكِمُ العاجِزُ كالعَدَمِ. الثَّانيةُ، يَلِي كافِرٌ عَدْلٌ مال وَلَدِه الكافِرِ. على الصَّحيحِ

وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِمَا أنْ يَتَصَرَّفَ في مَالِهِمَا، إلا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ لَهُمَا، فَإِنْ تَبَرَّعَ، أوْ حَابَى، أوْ زَادَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيهِمَا، أوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، واخْتارَه الأصحابُ. قال في «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»: ويَلِي الكافِرُ العَدْلُ في دِينهِ مال وَلَدِه. على أصحِّ الوَجْهَين. وصحَّحه شيخُنا في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لا يَلِيه، وإنَّما يَلِيه الحاكِمُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». ويأْتِي: هل يَلِي مال الذِّمِّيَّةِ التي يَلِي نِكاحَها مِن مُسْلِمٍ؟ في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ، عندَ قَوْلِه: ويَلِي الذِّمِّيُّ نِكاحَ مُوَلِّيَتِه. مع أنَّ الحُكْمَ هنا يشْمَلُه. قوله: ولا يجوزُ لوَلِيِّهما أنْ يتَصَرَّفَ في مالِهما، إلَّا على وَجْهِ الحَظِّ لهما -بلا نِزاعٍ- فإن تبَرَّعَ، أو حابَى، أو زادَ على النَّفَقَةِ عليهما، أو على مَن يَلْزَمُهما مُؤْنَتُه

وَلَا يَجُوزُ أن يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِهِمَا شَيئًا لِنَفْسِهِ، ولا يَبِيعَهُمَا، إلا الْأَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَعْرُوفِ، ضَمِنَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به الأكْثَرُ. وقال في «الرِّعايتَين»: ضَمِنَ في الأصحِّ. وقيل: لا يَضْمَنُ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ جِدًّا. قوله: ولا يجوزُ أنْ يَشْتَرِيَ مِن مالِهما شيئًا لنَفْسِهِ، ولا يَبِيعَهما إلَّا الأبُ. هذا

وَلِوَلِيِّهِمَا مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِمَا، وَعِتْقُهُ عَلَى مَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ للوَصِيِّ الشِّراءُ مِن مالِهما إنْ وَكَّلَ مَن يَبِيعُه هو، ويَسْتَقْصِي في الثَّمَنِ بالنِّداءِ في الأسْواقِ. قاله في «الرِّعايَةِ». قوله: ولوَلِيِّهما مُكاتَبَةُ رَقيقِهما. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. إلَّا أنَّه قال في «الترْغِيبِ»: يجوزُ ذلك لغيرِ الحاكِمِ.

وَتَزْويجُ إِمَائِهِمَا، وَالسَّفَرُ بِمَالِهِمَا، وَالْمَضَارَبَةُ بِهِ. وَلَهُ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: وعِتْقُه على مَالٍ. أنَّه لا يجوزُ عِتْقُه مجَّانًا مُطْلَقًا. وهو الصَّحيحُ، وهو المذهبُ، وعليه جَماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ مجَّانًا لمَصْلَحَةٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ؛ بأنْ تُساويَ أمَةٌ، وَلَدُها مِائَةً، ويُساويَ أحدُهما مِائَةً. قلتُ: ولعَلَّ هذا كالمُتَّفَقِ عليه. فائدة: مِن شَرْطِ صِحَّةِ مُكاتَبَةِ رَقيقِهما وعِتْقِه على مالٍ، أنْ يكونَ فيه حَظٍّ لهما؛ مثلَ أنْ يُساوي ألْفًا، فيُكاتِبَه على ألْفَين، أو يُعْتِقَه عليهما، ونحو ذلك، فإنْ لم يكُنْ فيه حَظٌّ لهما، لم يصِحَّ. قوله: وتَزْويجُ إمائِهما. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرْح»: وله تَزْويجُ إمائِهما إذا وجَب تَزْويجُهُنَّ؛ بأنْ يطْلُبْنَ ذلك، أو يرَى المَصْلَحَةَ فيه. وقطَعا به. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: له ذلك على الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يجوزُ ذلك. وعنه، يجوزُ لخَوْفِ فَسادِه، وإلَّا لم يَجُزْ. فائدة: العَبِيدُ في ذلك كالإماءِ، خِلافًا ومذهبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يُزَوِّجُ الأمَةَ وإنْ جازَ تَزْويجُ العَبْدِ؛ لتَأَكُّدِ حاجَتِه إليها. قلتُ: يَحْتَمِلُ العَكْسَ؛ لرَفْعِ مُؤْنَتِها، وحُصُولِ صَداقِها، بخِلافِ العَبْدِ. قوله: والسَّفَرُ بمالِهما. إذا أرادَ الوَلِيُّ السَّفَرَ بمالِهما، فلا يَخْلُوا؛ إمَّا أنْ يُسافِرَ به لتِجارَةٍ، أو غيرِها، فإنْ سافَرَ به لتِجارَةٍ، جازَ. لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم، لكِنْ لا يَتْجُرُ إلَّا في المَواضِعِ الآمِنَةِ. وحمَل الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه. وإنْ سافَرَ به لغيرِ التِّجارَةِ، مِثْلَ أنْ يَعْرِضَ له سَفَرٌ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: ولا يُسافِرُ به. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ»، إجْراءُ الخِلافِ في ذلك، فإنَه قال: وله السَّفَرُ بمالِه، خِلافًا «للمُجَردِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي». وليس بمُرادٍ؛ لأنَّه قطَع في «الكافِي»، و «المُغْنِي» بجَوازِ السَّفَرِ به للتِّجارَةِ، ومنَع مِنَ السَّفَرِ به لغيرِها. قوله: والمُضارَبَةُ به. يعْنِي، أنَّ للوَلِيِّ أنْ يَبيعَ ويَشتَرِىَ في مالِ المُوَلَّى عليه، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، بل جميعُ الرِّبْحِ للمُوَلَّى عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وإنِ اتَّجَرَ بنَفْسِه، فلا أُجْرَةَ له في الأصحِّ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ».

وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْيَتِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُغْنِي». وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: يَسْتَحِقُّ الأجْرَةَ. وهو تَخْرِيجٌ في «المُغْنِي» وغيرِه مِنَ الأجْنَبِيِّ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ذكَرَه عنه في «الفائقِ». قلتُ: وهو قَويٌّ. قوله: وله دَفْعُه مُضَارَبَةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يجوزُ. قوله: بجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ. هو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: بأُجْرَةِ مثلِه. وقيل: بأقلِّهما. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

وَبَيعُهُ نَسَاءً، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وبَيعُه نَسَاءً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، بشَرطِ أنْ يكونَ فيه مَصْلَحَةٌ. قال في «الفُروعِ»: وله بَيعُه نَساءً على الأصحِّ. قال في «الوَجيزِ»: وبَيعُه نَساءً مَلِيئًا برَهْن يَحْفَظُه. وجزَم به في «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وعنه، ليس له ذلك.

وَقرْضُهُ بِرَهْنٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقَرْضه. يجوزُ قَرْضُه لمَصْلَحَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال في «الوَجيزِ»: ولمَصْلَحَةٍ يُقْرِضُه. قال في «الفُروعِ»: وله قَرْضُه، على الأصحِّ، لمَصْلَحَةٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وله قَرْضُه على الأصحِّ مَلِيئًا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يُقْرِضُه لحاجَةِ سفَرٍ، أو خَوْفٍ عليه، أو غيرِهما، وعنه، لا يُقْرِضُه مُطْلَقًا. قوله: برَهْنٍ. هذا أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، فقال: يُقْرِضُه برَهْنٍ. قال ناظِمُ «المُفْرَدَاتِ»: قطَع به في «المُغْنِي». قال في «الفُروع.»: وسِياقُ كلامِهم، لحَظِّه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»؛ وفي قَرْضِه برَهْنٍ وإشْهادٍ رِوايَتان. وقال في «التَّرْغِيبِ»: وفي قَرْضِه برَهْنٍ رِوايَتان. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ قَرْضِه للمَصْلَحَةِ، سواءٌ كان برَهْنٍ، أوْ لا، وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال في «المُحَرَّرِ»: ويَمْلِكُ قَرْضَه. قال في «الكافِي»: فإنْ لم يأْخُذْ رَهْنًا، جازَ في ظاهرِ كلامِه. واقْتَصرَ عليه. وأطْلَقهما في «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ أمْكَنَ أخْذُ الرَّهْنِ، فالأوْلَى له أخْذُه احْتِياطًا، فإنْ ترَكَه، احْتَمَلَ أنْ يَضْمَنَ إنْ ضاعَ المالُ؛ لتَفْرِيطِه. واحْتَمَلَ أنْ لا يَضْمَنَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ سَلامَتُه. وهذا ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، لكَوْنِه لم يَذْكُرِ الرَّهْنَ. قلتُ: إنْ رأى المَصْلَحَةَ وأقْرَضَه، ثم تَلِفَ، لم يَضْمَنْ. وأطْلَقهما في «الفائقِ». الثَّانيةُ، يجوزُ إيداعُه مع إمْكانِ قَرْضِه. ذكَرَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه، متى جازَ قَرْضُه، جازَ إيداعُه. وظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِ، يجوزُ إيداعُه؛ لقَوْلِهم: يتَصَرَّفُ بالمَصْلَحَةِ. وقد يَراه مَصْلَحَةً، ولهذا جازَ -مع إمْكانِ قَرْضِه- أنْ يَمْلِكَه الشَّرِيكُ، في إحْدَى الرِّوايتَين، دُونَ القَرْضِ، لأنَّه تَبرُّعٌ، والوَدِيعَةُ اسْتِنابَةٌ في حِفْظٍ. لا سِيَّما إنْ جازَ للوَكِيلِ التَّوْكِيلُ. ولهذا يتَوَجَّهُ في المُودِعِ رِوايَةٌ، ويتَوَجَّهُ أيضًا في قَرْض الشَّرِيكِ رِوايَةٌ. قال: وقال في «الكافِي»: لا يُودِعُه إلَّا لحاجَةٍ، ويُقْرِضُه لحَظِّه بلا رَهْنٍ، وأنَّه لو سافَرَ أوْدَعَه، وقَرْضُه أوْلَى. انتهى. الثالثةُ،

وَشِرَاءُ الْعَقَارِ لَهُمَا، وَبنَاؤُهُ بِمَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ بِهِ، إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ في ذَلِكَ كُلِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حيثُ قُلْنا: يُقْرِضُه. فلا يُقْرِضُه لمَوَدَّةٍ ومُكافَأةٍ. نصَّ عليه. الرَّابعَةُ، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه: ولا يقْتَرِضُ وصِيٌّ ولا حاكِمٌ منه شيئًا. ويأْتِي [في بابِ الشُّفْعَةِ، أنَّه] (¬1) يَلْزَمُه أنْ يَأْخُذَ بالشُّفْعَةِ إذا كان ذلك أحَظَّ. الخامسةُ، يجوزُ رَهْنُ مالِهما للحاجَةِ عندَ ثِقَةٍ، وللأَب أنْ يَرْتَهِنَ مالهما مِن نَفْسِه، ولا يجوزُ لغيرِه، على المذهبِ. وفي «المُغْنِي» رِوايَةٌ، بالجَوازِ لغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفيها نَظَرٌ. قوله: وشِراءُ العَقارِ لهما، وله بِناؤُه بما جَرَتْ عادَةُ أهْلَ بَلَدِه به. هكذا قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيز»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال أصحابُنا: يَبْنِيه بالآجُرِّ والطِّينِ، ولا ¬

(¬1) في الأصل، ط: «في الشفيع أن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَبْنِيه باللَّبِنِ. وحمَلا كلامَهم على مَن عادَتُهم ذلك، وهو أوْلَى. وأجْراه في «الفائقِ» على ظاهرِه، وجعَل الأوَّلَ اخْتِيارَ المُصَنِّفِ.

وَلَهُ شِرَاءُ الأضْحِيَةِ لِلْيَتيمِ الْمُوسِرِ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله شِراءُ الأضْحِيَةِ لليَتِيمِ المُوسِرِ. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. يعْنِي، يُسْتَحَبُّ له شِراؤُها. قال في «الفُروعِ»: والتَّضْحِيَةُ له على الأصَحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن» هنا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يجوزُ له ذلك. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: يَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ في الرِّوايتَين على حالين، فالمَوْضِعُ الذي منَع منه، إذا كان الطِّفْلُ لا يَعْقِلُ التَّضْحِيَةَ، ولا يَفْرَحُ بها، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْكَسِرُ قَلْبُه بتَرْكِها. والمَوْضِعُ الذي أجازَها، عَكْسُ ذلك. انتهى. وذكَرَه في «النَّظْمِ» قَوْلًا. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ»، في بابِ الأُضْحِيَةِ. وذكَر في «الانْتِصارِ»، عن أحمدَ، تجِبُ الأُضْحِيَةُ عنِ اليَتيمِ المُوسِرِ. فعلى المذهبِ، يَحْرُمُ عليه الصَّدَقَةُ منها بشيءٍ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. فيُعايَى بها. قلتُ: ولو قيلَ بجَوازِ التَّصَدُّقِ منها بما جَرَتِ العادَةُ به، لكان مُتَّجِهًا، على ما تقدَّم التنبِيهُ عليه في بابِه.

وَتَرْكُهُ في الْمَكْتَبِ، وَأدَاءُ الأُجْرَةِ عَنْهُ، وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُمَا إلا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، وَهُوَ أنْ يُزَادَ في ثَمَنِهِ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، له تَعْلِيمُه ما ينْفَعُه، ومُداواتُه بأُجْرَةٍ؛ لمَصْلَحَةٍ في ذلك، وحْملُه بأُجْرَةٍ ليَشْهَدَ الجماعَةَ. قاله في «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ». واقْتَصَرَ عليه أيضًا في «الفُروعِ». قال في «المُذهَبِ»: له أنْ يأْذَنَ له بالصَّدَقَةِ بالشَّيءِ اليَسِيرِ. واقْتَصرَ عليه أيضًا في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، للوَلِيِّ أنْ يأْذَنَ للصَّغِيِرَةِ أن تَلْعَبَ باللُّعَبِ -إذا كانتْ غيرَ مُصَوَّرَةٍ- وشِراؤُها لها بمالِها. نصَّ عليهما، وهذا المذهبُ. وقيل: مِن مالِه. وصحَّحه النَّاظِمُ في «آدابِه». وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «التَّلْخيصِ»، في بابِ اللِّباسِ. قوله: ولا يبِيعُ عَقارَهم إلَّا لضَرُورَةٍ، أو غِبْطَةٍ، وهو أنْ يُزادَ في ثَمَنِه الثُّلُثُ فصَاعِدًا. اشْترَطَ المُصَنِّفُ لجَوازِ بَيعِ عَقارِهم وُجودَ أحَدِ شَيئَين؛ إمَّا الضَّرُورَةُ، وإمَّا الغِبْطَةُ. فأمَّا الضَّرُورَةُ، فيجوزُ بَيعُه لها، بلا نِزاعٍ. ولكِنْ خصَّ القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّرُورَةَ باحْتِياجِهم إلى كُسْوَةٍ أو نَفَقَةٍ، أو قَضاءِ دَينٍ، أو ما لا بُدَّ منه. وقال غيرُه: أو يَخافُ عليه الهَلاكَ بغَرَقٍ أو خَرابٍ أو نحوه. ومَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يجوزُ، إذا لم تَكُنْ ضَرورَةٌ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضي. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَيْن»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم، وكلامُهم ككَلامِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ بَيعِه إذا كان فيه مَصْلَحَةٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. واختارَه المُصَنِّفُ في غيرِ هذا الكِتابِ، واخْتارَه الشَّارِحُ، ومال إليه في «الرِّعايةِ

وَإنْ وَصَّى لأحَدِهِمَا بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيهِ وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لإِعْسَارِ الْمُوصَى لَهُ أوْ غَيرِ ذَلِكَ، وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ، وَإلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهَا. فَصلٌ: وَمَنْ فُكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ، فَعَاوَدَ السَّفَهَ، أُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى». قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وأمَّا الغِبْطَةُ، فيَجوزُ بَيعُه لها، بلا نِزاعٍ. لكِنِ اشْتَرطَ المُصَنِّفُ: أنْ يُزَادَ في ثمَنِه الثُّلُثُ فصَاعِدًا. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الحاويَيْن». وقال القاضي: بزِيادَةٍ كثيرةٍ ظاهِرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه. ولم يُقَيِّدْه بالثُّلُثِ ولا غيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». والصَّحيحُ مِنَ المذهب، جَوازُ بَيعِه، إذا كان فيه مَصْلَحَةٌ. نصَّ عليه، كما تقدَّم، سواء حصَل زِيادَةٌ أوْ لا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، والنَّاظِمُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: هذا نصُّه. ومال إليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قوله: ومَن فُكَّ عنه الحَجْرُ فعاوَدَ السَّفَهَ، أُعِيدَ عليه الحَجْرُ. بلا نِزاعٍ. ونقَلَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعَةُ عن أحمدَ.

وَلَا يَنْظُرُ في مَالِهِ إلا الْحَاكِمُ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الْحَجْرُ إلا بِحُكْمِهِ. وَقِيلَ: يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَنْظُرُ في مالِه إلَّا الحاكِمُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَنْظُرُ فيه الحاكِمُ، أو أبُوه. قال ابنُ أبِي مُوسى: حَجْرُ الأبِ على ابنِه البالغِ السَّفِيهِ واجِبٌ على أُصُولِه، حاكِمًا كان أو غيرَ حاكِمٍ. وقيلَ: يَنْظُرُ فيه وَلِيُّه الأوَّلُ، كما لو بلَغ سَفِيهًا. وقيل: إنْ زال الحَجْرُ بمُجَرَّدِ رُشْدِه بلا حُكْمٍ، عادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالسَّفَهِ. فائدة: لو جُنَّ بعدَ رُشْدِه، فوَلِيُّه الحاكِمُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بل يَليه الأبُ. ذكَرَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقال في «الانْتِصارِ»: يَلِي على أبويه المَجْنُونين. ونقل المَرُّوذِيُّ، أَرَى أن يَحْجُرَ الابنُ على الأَبِ إذا أسْرَف، أو كان يضَعُ ماله في الفَسادِ، أو شِراءِ المُغَنِّياتِ. قوله: ولا يَنْفَكُّ الحَجْرُ إلَّا بحُكْمِه -هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: يَفْتَقِرُ إلى حُكْم في الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الصَّحيحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» وغيرِه- وقيل: يَنْفَكُّ عنه الحَجْرُ بمُجَرَّدِ رُشْدِه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقيل: يَنْفَكُّ عنه بمُجَرَّدِ رُشْدِه في غيرِ السَّفِيهِ. فأمَّا في السَّفِيهِ، فلا بُدَّ مِنَ الحُكْمِ بفَكِّه.

وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُ الْحَجْرِ عَلَيهِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيهِ؛ لِتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ. وَيَصِحُّ تَزْويجُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ. وَقَال الْقَاضِي: يَصِحُّ مِنْ غَيرِ إِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: ويَصِحُّ تَزَوُّجُه بإذْنِ وَلِيِّه. أنَّه لا يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. وله حالتان، إحْداهما، أنْ يكونَ مُحْتاجًا إلى الزَّواجِ، فيَصِحَّ تَزَوُّجُه بغيرِ إذْنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: يصِحُّ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشًّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: لا يصِحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم، لأنهم قالوا: يصِحُّ بإذْنِه. وقال القاضي: يصِحُّ بغيرِ إذْنِه. وأطْلَقهما في «البُلْغةِ». والحالةُ الثَّانيةُ، أنْ لا يكونَ مُحْتاجًا إليه، فلا يصِحَّ تَزَوُّجُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يصِحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قال في «الوَجيزِ»: ويصِحُّ تَزَوُّجُه. وأطْلَقَ. وأطْلَقهما في «البُلْغَةِ». فوائد؛ الأُولَى، للوَلِيِّ تَزْويجُ السَّفِيهِ بغيرِ إذْنِه، إذا كانَ مُحْتاجًا إليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وله تَزْويجُ سَفِيهٍ بلا إذْنِه، في الأصحِّ. قال الشَّارِحُ، في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ: قال أصحابُنا: يصِحُّ تَزْويجُه مِن غيرِ إذْنِه؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، فملَكَه الوَليُّ، كالبَيعِ. وكذا قال المُصَنِّف. وقيل: ليس له ذلك. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: والمَنْعُ أقْيَسُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، في بابِ النِّكاحِ. فعلى المذهبِ، في إجْبارِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، في النِّكاحِ. قلتُ: الأوْلَى الإجْبارُ إذا كان أصلَحَ له. وقال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، في النِّكاحِ: والأظْهَرُ أنَّه لا يُجْبِرُه؛ لأنَّه لا مَصْلَحَةَ فيه. وظاهِرُ نَقلِ المُصَنِّفِ، في «المُغْنِي»، والشَّارِحِ، أنَّ الأصحابَ قالُوا: له إجْبارُه. الثَّانيةَ، لو أذِنَ له، ففي لُزومِ تَعْيِين المرْأَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُلْزِمُهْ بتَعْيِينِه، بل هو مُخيَّرٌ. وهو الصَّحيحُ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: الوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يُعَيِّنَ له المرْأةَ، أو يأْذَنَ له مُطْلَقًا. ونصَراه. وهو الصَّوابُ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّانِي، يَلْزَمُه تَعْيِينُ المرْأَةِ له، ويتَقَيَّدُ بمَهْرِ المِثْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ لُزومُه زِيادَةَ إذنٍ فيها، كتَزْويجِه بها، في أحَدِ الوَجْهَين. والثَّاني، تَبْطُلُ هي للنَّهْي عنها، ولا تَلزَمُ أحدًا. قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنْ تَلْزَمَ الوَلِيَّ. وإنْ عضَلَه الوَلِيُّ، اسْتَقلَّ بالزَّواجِ، كما تقدَّم قريبًا. ويأْتِي بعضُ ذلك في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ. الثَّالثةُ، لو عَلِمَ مِنَ السَّفِيهِ أنَّهُ يُطَلِّقُ إذا زُوِّجَ، اشْتَرَى له أمَةً. الرَّابعةُ، يصِحُّ خُلْعُه، كطَلاقِه وظِهارِه ولِعانِه وإيلائِه، لكِنْ لا يَقْبِضُ العِوَضَ، فإنْ قبَضَه، لم يصِحَّ قَبْضُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال القاضي: يصِحُّ. فعلى المذهبِ، لو أتْلَفَه، لم يَضْمَنْ، ولا تَبْرأُ المرْأةُ بدَفْعِها إليه. الخامسةُ، لو وجَب على السَّفِيهِ كفارَةٌ، كفَّر بالصَّوْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، كالمُفْلِسِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: يُكفِّرُ به، إنْ لم يصِحَّ عِتْقُه. على ما يأْتِي قرِيبُا. فعلى المذهبِ، لو فُكَّ عنه الحَجْرُ قبلَ التَّكْفيرِ، وقدَر على العِتْقِ، أعْتَقَ. السَّادِسَةُ، ينفِقُ عليه بالمَعْروفِ، فإنْ أفْسَدَها، دفَع إليه يَوْمًا بيَوْم، فلو أفْسَدَها، أطْعَمَه بحُضُورِه. وإنْ أفْسَدَ كُسْوَتَه، ستَر عَوْرَتَه فقط في البَيتِ إنْ لم يُمْكِنِ التَّحَيُّلُ ولو بتَهْديدٍ، وإِذا رَآه النَّاسُ، ألْبَسَه، فإذا عادَ، نزَع عنه. السَّابعةُ، يصِحُّ تَدْبِيرُه ووَصِيَّتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. وتأْتِي وصِيَّتُه في كتاب الوَصايا، في كلامَ المُصَنِّفِ.

وَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَصِحُّ عِتْقُه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ، في كتاب العِتْقِ: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايةِ»: يصِحُّ عِتقه على الأضْعَفِ. قال في «الفائقِ»: ولا ينْفُذُ عِتْقُه في أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الكافِي» وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ»، على ما تقدَّم في كتابِ البَيعِ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الكَبِيرِ»: يصِحُّ عِتْقُه المُنْجَزُ، في أصحِّ الرِّوايتَين. وتقدَّم، هل يصِحُّ بَيعُه إذا أذِنَ له الوَلِيُّ؟ في كتابِ البَيعِ.

وَإنْ أقَرَّ بِحَدٍّ، أوْ قِصَاصٍ، أوْ نَسَبٍ، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أُخِذَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ أْقَرَّ بحَدٍّ أو قِصاص، صَحَّ، وأُخِذَ به. إذا أقَرَّ بحَدٍّ، اسْتُوْفِيَ منه، بلا نِزاعٍ. وإذْ أقَرَّ بقِصاصٍ، وطلَب إقامَتَه، كان لرَبِّه اسْتِيفاءُ ذلك، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو عفَا على مالٍ، احْتَمَلَ أنْ يجِبَ، واحْتَمَلَ أنْ لا يَجِبَ، لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذلك وَسِيلَةً إلى الإقْرارِ بالمالِ، وقاعِدَةُ المذهبِ، سَدُّ الذَّرائِعِ. وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعَ». فائدة: لا يُفَرِّقُ السَّفِيهُ زَكاةَ مالِه بنَفْسِه، ولا تصِحُّ شَرِكَتُه، ولا حَوالتُه، ولا الحَوالةُ عليه، ولا ضَمانُه، ولا كَفالتُه. ويصِحُّ منه نَذْرُ كلِّ عِبادَةٍ بدَنِيَّةٍ؛ مِن حَجٍّ وغيرِه، ولا يصِحُّ منه نَذْرُ عِبادَةٍ مالِيَّةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل:

وَإنْ أقَرَّ بِمَالٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ في حَالِ حَجْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَلْزَمَهُ مُطْلَقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ نَذْرُها، وتُفْعَلُ بعدَ فَكِّ حَجْرِه. قال في «الكافِي»: قِياسُ قَوْلِ أصحابنا، يَلْزَمُه الوَفاءُ به عندَ فَكِّ حَجْرِه، كالإقْرارِ. وتقدَّم في أوَائلِ كتابِ الحَجِّ، إذا أحرَمَ السَّفِيهُ نَفْلًا. قوله: وإنْ أقَر بمالٍ، لم يَلْزَمْه في حالِ حَجْرِه. يعْنِي، يصِحُّ إقْرارُه، ولا يَلْزَمُه في حالِ حَجْرِه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ صِحَّةُ إقْرارِه بمالٍ، لَزِمَه باخْتِيارِه، أوْ لا. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ أقَرَّ بدَينٍ، أو بما يُوجِبُ مالًا، لَزِمَه بعدَ حَجْرِه، إنْ عُلِمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِحْقاقُه في ذِمَّتِه حال حَجْرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ»، وغيرِهم. قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه مُطْلَقًا. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. فعلى هذا، لا يصِحُّ إقْرارُه بمالٍ. وتقدَّم بعضُ أحْكام السَّفِيهِ، في أوَائِلِ كتاب البَيعَ.

وَحُكْمُ تَصَرُّفِ وَلِيِّهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَلِلْوَلِيِّ أنْ يَأْكلَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيهِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: وللوَلِيِّ أنْ يَأْكلَ مِن مالِ المُوَلَّى عليه. ولو لم يُقَدِّرْه الحاكِمُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ بشَرْطِه الآتِي. وقال في «الإيضاحِ»: يأْكُلُ إذا قَدَّرَه الحاكِمُ، وإلَّا فلا. تنبيه آخرُ: فظاهِرُ قوْلِه: يَأْكُلُ بقَدْرِ عَمَلِه. جوَازُ أكْلِه بقَدْرِ عمَلِه، ولو كان فوق كِفايَتِه. وعلى ذلك شرَح ابنُ مُنَجَّى. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، أنَّه لا يَأْكلُ إلَّا الأقَلَّ مِن أُجْرَةِ مِثْلِه، أو قَدْرِ كِفايَتِه. جزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قلتُ: ويُمْكِنُ أنْ يُقال: هذا الظَّاهِرُ مَرْدودٌ بقَوْلِه: إذا احْتاجَ إليه.

وَهَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُ ذَلِكَ إِذَا أَيسَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه إذا أخَذ قَدْرَ عَمَلِه، وكان أكْثرَ مِن كِفايَتهِ، لم يَكُنْ مُحْتاجًا إلى الفاضِلِ عن كِفايَتهِ، فلم يَجُزْ له أخْذُه. وهو واضِحٌ. أو يُقال: هل الاعْتِبارُ بحالةِ الأخْذِ؟ ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ، أو حيث اسْتَغْنَى، امْتَنَعَ الأخْذُ؟ قوله: إذا احْتاجَ إليه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يأْكُلُ مِن مالِ المُوَلَّى عليه إلَّا مع فَقْرِه وحاجَتِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال في «الوَجيزِ»: ويأْكُلُ الفَقِيرُ مِن مالِ مُوَلِّيه، الأقَلَّ مِن كِفايَتِه أو أُجْرَتِه مجَّانًا، إنْ شغَلَه عن كَسْبِ ما يقُومُ بكِفايَتِه. وكذا قال غيرُه مِنَ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يأْكُلُ وإنْ كانْ غَنِيًّا، قِياسًا على العامِلِ في الزَّكاةِ. وقال: الآيَةُ مَحْمولَةٌ على الاسْتِحْبابِ. وحكَاه رِوايَةً عن أحمدَ. قال ابنُ رَزِينٍ: يأْكُلُ فَقِيرٌ، ومَن يَمنَعُه مِن مَعاشِه، بالمَعْروفِ. تنبيه: محَلُّ ذلك في غيرِ الأبِ، فأمَّا الأبُ، فيجوزُ له الأكْلُ مع الحاجَةِ وعدَمِها في الحُكْمِ، ولا يَلْزَمُه عِوَضُه، على ما يأْتِي في بابِ الهِبَةِ. قال القاضِي: ليس له الأكْلُ لأجْلِ عَمَلِه، لغِناه عنه بالنَّفَقَةِ الواجبَةِ في مالِه، ولكِنْ له الأكْلُ بجِهَةِ التَّمَلُّكِ عندَنا. وضعَّفَ ذلك الشَّيخُ تَقِيُّ الديَنِ. ومحَلُّ الخِلافِ أيضًا، إذا لم يَفْرِضْ له الحاكِمُ، فإنْ فرَض له الحاكِمُ شيئًا، جازَ له أخْذُه مجَّانًا مع غِناه، بغيرِ خِلافٍ. قاله في «القاعِدَةِ الحاديةِ والسَّبْعِين»، وقال: هذا ظاهِرُ كلامِ القاضي. ونصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ البُرْزَاطِيِّ في الأُمِّ الحاضِنَةِ. قوله: وهل يَلْزَمُه عِوَضُ ذلك إذا أيسَرَ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقهما في

وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ في النَّاظِرِ في الْوَقْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ إحْداهما، لا يلْزَمُه عِوَضُه إذا أيسَرَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَلْزَمُه عِوَضُه بيَسارِه، على الأصحِّ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه عِوَضُه إذا أيسَرَ. قال في «الخُلاصَةِ»: ويَلْزَمُه عِوَضُه إذا أيسَرَ، على الأصحِّ. قوله: وكذلك يُخرَّجُ في النَّاظِرِ في الوَقْفِ. خرَّجه أبو الخَطَّابِ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَنْصوصُ عنِ الإمام أحمدَ، في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، وحَرْبٍ، جَوازُ الأَكْل مِنه بالمَعْروفِ. قاله في «الفُروعِ»، وغيرِه. قال في «الفائقِ»، بعدَ ذِكْرِ التَّخْرِيجِ: قلتُ: وإلْحاقُه بعامِلِ الزَّكاةِ في الأكْلِ مع الغِنَى، أوْلَى. كيف وقد نصَّ أحمدُ على أكْلِه منه بالمَعْروفِ، ولم يَشْتَرِطْ فَقْرًا؛ ذكَرَه الخَلَّالُ في الوَقْفِ. قال في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ: وإنْ أكَل منه بالمَعْروفِ، فلا بَأْسَ. قلتُ: فيَقْضِي دَينَه؟ قال: ما سَمِعْتُ فيه شيئًا. انتهى. وعنه، يأْكُلُ إذا اشْتَرَطَ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين: لا يُقَدَّمُ بمَعْلُومِه بلا شَرْطٍ، إلَّا أنْ يأْخُذَ أُجْرَةَ عَمَلِه مع فَقْرِه، كوَصِيِّ اليَتيمِ. وفرَّق القاضي بينَ الوَصِيِّ والوَكِيلِ؛ [بأنَّه لا يُمْكِنُه] (¬1) مُوافقتُه على الأُجْرَةِ، والوَكِيلُ يُمْكِنُه. ونقَل حَنْبَلٌ، في الوَلِيِّ والوَصِي يقُومان بأمْرِه، يأْكلان بالمَعْروفِ؛ لأنَّهما كالأَجيرِ والوَكيلِ. قال: وظاهرُ هذا، النَّفَقَة للوَكِيلَ. فوائد؛ إحْداها، الحاكِمُ أو أمِينُه إذا نظَر في مالِ اليَتيمِ، فقال القاضي مَرَّةً: لا يأْكُلُ، وإنْ أكَل الوَصِيُّ. وفرَّقَ بينَهما وبينَ الوَصِيِّ. وقال مَرَّةً: له الأكْلُ، كوَصِيِّ الأبِ. قلتُ: وهو الصوابُ. وهو داخِل في عُمومِ كلامِ المُصنِّفِ وغيرِه. الثَّانيةُ، الوَكِيلُ في الصَّدقَةِ لا يأْكُلُ منها شيئًا لأجْلِ العَمَلِ. نصَّ عليه. وقد صرَّح القاضي في «المُجَرَّدِ» بأنَّ مَن أُوصِيَ إليه بتَفْرِقَةِ مالٍ على المَساكِينِ، أو دفَع إليه رَجُلٌ في حَياتِه مالًا؛ ليُفَرِّقَه صدَقَةً، لم يَجُزْ أنْ يأْكُلَ منه شيئًا بحَقِّ قِيامِه؛ لأنَّه مَنْفَعَةٌ، وليس بعاملٍ مُنَمٌّ مُنْجِزٍ. ¬

(¬1) في النسخ: «لأنه يمكنه». انظر الفروع 4/ 325.

وَمَتَى زَال الْحَجْرُ، فَادَّعَى عَلَى الْوَلِيِّ تَعَدِّيًا، أو مَا يُوجبُ ضَمَانًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى زال الحَجْرُ، فادَّعَى على الوَلِيِّ تَعَدِّيًا، أو ما يُوجِبُ ضَمانًا، فالقَوْلُ قَوْلُ الوَلِيِّ. بلا نِزاعٍ. جزَم به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الفُروعِ»، وقال: ما لم تُخالِفْه عادةٌ وعُرْفٌ، ويَحْلِفُ غيرُ الحاكمِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويَحْلِفُ غيرُ الحاكمِ، على الأصح. قال في «الرِّعايةِ»:

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ في دَفْعِ الْمَالِ إِلَيهِ بَعْدَ رُشْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُ الحاكمِ يَحْلِفُ، على المذهبِ إنِ اتُّهِمَ. وعنه، يُقْبَلُ قوْلُه مِن غيرِ يَمِينٍ. قوله: وكذلك القَوْلُ قَوْلُه في دَفْعِ المالِ إليه بعدَ رُشْدِه. وهو المذهبُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «القَواعِدِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ قوْلُه إلَّا ببَيِّنةٍ. قلتُ: وهو قَويٌّ. قال في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والأرْبَعِين»: وخرَّج طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ، في وَصِيِّ اليَتيمِ، أنَّه لا يُقْبَلُ قَوْلُه في الرَّدِّ بدُونِ بَيِّنةٍ. وعَزاه القاضي في «خِلافِهِ» إلى قَوْلِ الخِرَقِيِّ. وهو مُتَوَجَّهٌ على هذا المَأْخَذِ؛ لأنَّ الإشْهادَ بالدَّفْعِ مأْمُورٌ به بنَصِّ القُرْآنِ. وقد صرَّح أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه» باشْتِراطِ الشهادَةِ عليه، كالنِّكاحِ. انتهى. تنبيه: محَلُّ هذا، إنْ كان مُتَبَرِّعًا. فأمَّا إنْ كان بجُعْلٍ، فلا يُقْبَلُ قَوْلُه إلَّا ببَيِّنةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، في الرَّهْنِ. وقيل: يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ

وَهَلْ لِلزَّوْجِ أنْ يَحْجُرَ عَلَى امْرَأتِهِ في التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ مَالِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ وجماعَةٍ. فائدة: يُقْبَلُ قَوْلُ الأبِ، والوَصِيِّ، والحاكمِ، وأمِينهِ، وحاضِنِ الطِّفْلِ، وقَيِّمِه، حال الحَجْرِ وبعدَه، في النَّفَقَةِ وقَدْرِها وجَوازِها، ووُجودِ الضَّرُورَةِ والغِبْطَةِ، والمَصْلَحَةِ في البَيعِ، والتَّلَفِ. ويَحْتَمِلُ أنْ [لا يُقْبَلَ قوْلُه إلَّا في الأحْظِيَةِ] (¬1) في البَيعِ، إلَّا ببَيِّنةٍ، فلو قال: ماتَ أبِي مِن سنَةٍ. أو قال: أنْفَقْتَ عليَّ مِن سنَةٍ. فقال الوَصِيُّ: بل مِن سنَتَين. قُدِّمَ قَوْلُ الصَّبِيِّ: قوله: وهل للزَّوْجِ أنْ يَحْجُرَ على امْرَأتِه في التَّبَرُّعِ بما زادَ على الثُّلُثِ مِن مالِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»؛ إحدْاهما، ليس له مَنْعُها مِن ذلك. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، ذكَرَه في آخِرِ بابِ الهِبَةِ. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: وتتصَدَّقُ مِن مالِها بما شاءَتْ، على الأظْهَرِ. والرِّوايةُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لا يقبل قوله في الأحظية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، له مَنْعُها مِنَ الزِّيادَةِ على الثُّلُثِ، فلا يجوزُ لها ذلك إلَّا بإذْنِه. نصَرَه القاضي وأصحابُه. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا كانتْ رَشِيدَةً، فأمَّا غيرُ الرَّشِيدَةِ، فهي مَمْنُوعَةٌ مُطْلَقًا. الثَّاني، مَفْهومُ قوْلِه: بما زادَ على الثُّلُثِ. أنَّه لا يَحْجُرُ عليها في التبرعِ بالثُّلُثِ فأقل. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال في «الكافِي»: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُ أصحابِنا. وصحَّحه في «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وعنه، له ذلك. صحَّحها في «عُيونِ المَسائلِ»، فلا يَنْفُذُ عِتْقُها. وأطْلَقهما في «الكافِي».

فصْلٌ فِي الإذْنِ: يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِي في آخِرِ البابِ، إذا تبَرَّعَتْ مِن مالِ زَوْجِها. قوله: يجوزُ لوَليِّ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ أن يأذنَ له في التجارَةِ، في إِحْدَى الرِّوايَتَين. وهي المذهبُ، وعليه الأصحابُ. والروايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ.

وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ. وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا الْحَجْرُ، إلا فِيمَا أُذِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجوزُ ذلك لسَيِّدِ العَبْدِ. بلا نِزاعٍ. قوله: ولا يَنْفَكُّ عهما الحَجْرُ إلَّا فيما أُذِنَ لهما فيه. يَنْفَكُّ عنهما الحَجْرُ فيما أُذِنَ لهما فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أمصرُهم، نصَّ عليه. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، لا يَنْفَكُّ الحَجْرُ عنهما؛ لأنَّه لو انْفَكَّ

لَهُمَا فِيهِ، وَفِي النَّوْعِ الَّذِي أُمِرَا بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لما تُصُوِّرَ عَوْدُه، ولما اعْتُبِرَ عِلْمُ العَبْدِ بإذْنِه. قوله: وفي النوْعِ الذي أُمِرا به. يعْنِي، ينْفَكُّ عنهما الحَجرُ في النَّوْعِ الذي أُمِرا به فقط. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الانْتِصارِ» رِوايَةً، أنَّه إنْ أذِنَ لعَبْدِه في نَوْعٍ، ولم يَنْهَ عن غيرِه، ملَكَه.

وَإنْ أُذِنَ لَهُ فِي جَمِيعِ أنْوَاع التِّجَارَةِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أنْ يُؤجِرَ نَفْسَهُ، وَلَا يَتَوَكَّلَ لِغَيرِهِ. وَهَلْ لَهُ أنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفُروعِ» لا: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّه كمُضارِبٍ في البَيعِ نَسِيئَةً وغيرِه. قوله: وإنْ أَذِنَ له في جَميعِ أنْواعِ التجَارَةِ، لم يَجُزْ له أنْ يُؤجِرَ نَفْسَه، ولا أنْ يَتَوَكَّلَ لغيرِه. بلا نِزاع. لكِنْ في جَوازِ إجارَةِ عَبِيدِه وبَهائِمِه خِلافٌ في «الانْتِصارِ». قوله: وهل له أنْ يُوَكِّلَ فيما يتَوَلَّى مثلَه بنَفْسِه؟ على وَجْهَين. وهما مَبْنِيَّان على الخِلافِ في جَوازِ تَوْكِيلِ الوَكيلِ، على ما يأْتِي في بابِه. وهذه طَرِيقَةُ الجُمْهورِ؛

وَإنْ رَآهُ سَيِّدُهُ أوْ وَلِيُّهُ يَتَّجِرُ فَلَمْ يَنْهَهُ، لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» أيضًا، في هذا البابِ. وقال في «التَّلْخيصِ»، في بابِ الوَكالةِ: ليس له أنْ يُوَكِّلَ بدُونِ إذْنٍ أو عُرْفٍ. جعَلَه أصْلًا في عدَمِ تَوْكيلِ الوَكِيلِ. فائدة: هل للصَّبِيِّ المأْذُونِ له أنْ يُوَكِّلَ؟ قال في «الكافِي»: هو كالوَكِيلِ. قلتُ: لو قيلَ بعَدَمِ جَوازِه مُطْلَفًا، لكان مُتَّجِهًا. قوله: وإنْ رَآه سَيِّدُه أو وَلِيُّه يَتَّجِرُ، فلم يَنْهَه، لم يَصِرْ مَأُذُونًا له. بلا نِزاعٍ. لكِنْ قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الذي يَنْبَغِي أنْ يُقال، فيما إذا رأَى عَبْدَه يَبِيعُ، فلم يَنْهَه، وفي جميعِ المَواضِعِ: إنَّه لا يكونُ إذنًا، ولا يصِحُّ التصَرُّفُ، ولكِنْ يكونُ تَغْرِيرًا، فيكونُ ضامِنًا، بحيثُ إنه ليس له أنْ يُطالِبَ المُشْتَرِي بالضمانِ، وإنَّ تَرْكَ

وَمَا اسْتَدَانَ الْعَبْدُ، فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ، يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أو يُسَلِّمُهُ. وَعَنْهُ، يَتَعَلَّقُ بذِمَّتِهِ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، إلا الْمَأْذُونَ لَهُ، هَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الواجِبِ عندَنا كفِعْلِ المُحَرَّمِ، كما نقولُ في مَن قدَر على إنْجاءِ إنْسانٍ مِن هَلَكَةٍ، بلَ الضَّمانُ هنا أقْوَى. قوله: وما اسْتَدانَ العَبْدُ فهو في رَقَبَتِه يَفْدِيه سَيِّدُه، أو يُسَلِّمُه. وعنه، يَتَعَلَّقُ بذِمَّتِه، يتبَعُ به بعدَ العِتْقِ، إلَّا المأْذُونَ له، هل يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه أو ذِمَّةِ سَيِّدِه؟ على رِوايتَين. وذكَر المُصَنِّفُ للعَبْدِ إذا اسْتَدانَ حالتين؛ إحْداهما، أنْ يكونَ غيرَ مَأْذُونٍ له، فلا يصِحُّ تصَرُّفُه، لكِنْ إنْ تصَرَّفَ في عَينِ المالِ؛ إمَّا لنَفْسِه أو للغيرِ، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالغاصِبِ، أو الفُضُولِيِّ، على ما هو مُقَرَّرٌ في مَواضِعِه. وإنْ تصَرَّفَ في ذِمَّتِه بشِراءٍ أو قَرْضٍ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يضِح، ويُتْبَعُ به بعدَ عِتْقِه. ذكَرَه في «الفُروعِ»، في كتابِ البَيعِ. وذكَر المُصَنِّفُ الخِلافَ، وصاحِبُ «الشّرْحِ»، وغيرُهما، احْتِمالين، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» وَجْهَين. فعلى المذهبِ، إنْ وجَد ما أخَذَه، فله أخْذُه منه ومِنَ السَّيِّدِ إنْ كان بيَدِه. فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِفَ مِنَ العَبْدِ في يَدِ السَّيِّدِ، رجَع عليه بذلك، وإنْ شاءَ كان مُتَعَلِّقًا برَقَبَةِ العَبْدِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وإنْ أهْلَكَه العَبْدُ، فقام المُصَنِّفُ، أنَّه يتَعَلقُ برَقَبَتِه؛ يفْدِيه سيِّدُه أو يُسَلِّمُه. وهو المذهبُ، ونقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والرِّوايةُ الثانيةُ، يتَعَلَّقُ بذِمَّتِه، ويتبَعُ به بعدَ العِتْقِ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُغْني»، و «الشرْحِ»، و «التلْخيصِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وتقدَّم رِوايَةُ حَنْبَلٍ. وعنه، إنْ فدَاه، فَداه بكُلِّ الحقِّ، بالِغًا ما لَغ. ذكَرَها في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وعنه، إنْ عَلِمَ ربُّ العَينِ أنَّه عَبْدٌ، فلا شيءَ له. نصَّ عليه، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، كما تقدَّم. فعلى المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو أعْتَقَه سيِّدُه، فعلى السَّيِّدِ الذي عليه. نقَلَه أبو طالِبٍ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وعلى الروايةِ الثَّانيةِ، في أصْلِ المَسْأَلَةِ، وهو صِحَّةُ تصَرُّفِه إذا تَلِفَ، ضَمِنَه بالمُسَمَّى. وعلى المذهبِ، يَضْمَنُه بمِثْلِه إنْ كان مِثْلِيًّا، وإلَّا بقِيمَتِه. وعلى الرَّوايةِ الثَّالثةِ أيضًا، إنْ وَجدَه في يَدِ العَبْدِ، انْتَزَعَه صاحِبُه منه؛ لتَحَقُّقِ إعْسارِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وإنْ كان في يَدِ السَّيِّدِ، لم يُنْتَزَعْ منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. واخْتارَ صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، جَوازَ الانْتِزاعِ منه. انتهى. وإنْ تَلِفَ في يَدِ السيِّدِ، لم يَضْمَنْه. وهل يتَعَلَّقُ ثَمَنُه برَقَبَةِ العَبْدِ أو بذِمَّتِه؟ على الخِلافِ المُتقَدِّمِ. وكذا إنْ تَلِفَ في يَدِ العَبْدِ، فمُقْتَضَى كلام المَجْدِ، أَنه لا يُنتزَعُ (¬1)، وإن كان بيَدِ العَبْدِ، وأنَّ الثمَنَ يتَعَلَّقُ بذِمتِه. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قال: ويَظْهَرُ قوْلُ المَجْدِ، إنْ عَلِمَ البائعُ أو المُقْرِضُ بالحالِ، وإنْ لم يَعْلَمْ، فيتَوَجَّهُ قَوْلُ الأكْثَرِين. الحالةُ الثَّانية، أنْ يكون مَأْذُونًا له، ويَسْتَدِينَ، فيَتعَلَّقَ بذِمةِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه تصَرَّفَ لغيرِه، ولهذا له الحَجْرُ عليه، وتَصَرَّفَ في بَيعِ خِيارٍ بفَسْخٍ أو إمْضاءٍ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «يتبرع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وثُبوتِ المِلْكِ. ويَنْعَزِلُ وَكِيلُه بعَزْلِ سيِّدِه للمُوَكَّلِ، ولذلك تعَلَّقَ بذِمَّةِ سيِّدِه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّواياتِ، واخْتِيارُ القاضي، والخِرَقِيِّ، وأبِي الخَطَّابِ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وصححه في «التَّصْحيحَ»، و «النظْمَ»، وغيرِهما. وهو مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. وأطْلَقهما المُصَنفُ هنا، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَرْحِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وبنَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين الروايتَين على أنَّ تصرُّفَه مع الإذْنِ، هل هو لسَمدِه، فيَتَعَلَّقَ بذِمَّتِه كوَكِيِله، أو لنَفْسِه، فيتَعَلقَ برَقَبَتِه؟ على رِوايتَين. انتهى. وعنه، يتَعَلقُ بذِمةِ سَحدِه وبرَقَبَتِه. وذكَر في «الوَسِيلَةِ»، رِوايةً، يتَعَلقُ بذِمَّةِ العَبْدِ. ونقَل صالِحٌ، وعَبْدُ اللهِ، يُؤْخَذُ السَّيِّدُ بما اسْتَدانَ لِمَا أَذِنَ له فيه فقط. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا ادَّانَ، فعلى سَيِّدِه، وإنْ جنَى، فعلى سيَّدِه. وقال في «الروْضَةِ»: إنْ أذِنَ له مُطْلَقًا، لَزِمَه كلُّ ما ادانَ، وإنْ قيَّدَه بنَوْعٍ لم يَذْكُرْ فيه اسْتِدانَةً، فبرَقَبَتِه، كغيرِ المَأْذُونِ. تنبيهات؛ الأولُ، يكونُ التَّعَلُّقُ بالدَّينِ كلِّه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، واخْتارَه جماعَة مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلام الأصحابِ. وفي «الوَسِيلَةِ»: يتَعَلقُ بقَدْرِ قِيمَتِه. ونقَلَه مُهَنَّا. الثَّاني، محَلُّ الخِلافِ المُتقَدِّمِ في الحالتَين، إنَّما هو، في الدُّيونِ. أمَّا أُرُوشُ جِناياتِه،

وَإذَا بَاعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ شَيئًا، لَمْ يَصِحّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقِيَمُ مُتْلَفاتِه، فتَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، رِوايةً واحدَةً. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وتقدَّم قريبًا رِوايَةُ ابنِ مَنْصُورٍ، إنْ جنَى، فعلى سَيِّدِه. الثَّالِثُ، عُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثير مِنَ الأصحاب، يَقْتَضِي جَرَيانَ الخِلافِ، وإنْ كان في يَدِه مالٌ. وهو صحيحٌ، وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجعَل ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه» محَلَّ الخِلافِ، فيما إذا عجَز ما في يَدِه عنِ الدَّينَ. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ ما اسْتَدانَه أو اقْتَرضَه بإذْنِ السَّيِّدِ، حُكْمُ ما اسْتَدانَه للتِّجارَةِ بإذْنِه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «الرِّعايةِ»، وغيرُهم. وقطَع في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ» بلُزِومِه للسَّيِّدِ، وكذا قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المَجْدِ. الثَّانيةُ، لا فرْقَ فيما اسْتَدانَه بينَ أنْ يكون فيما أُذِنَ له فيه، أو في الذي لم يُؤْذَنْ له فيه، كما لو أُذِنَ له في التِّجارَةِ في البُرِّ فيَتَّجِرُ في غيرِه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. ونقَلَه. أبو طالِبٍ. قال الزَّرْكّشِيُّ: وفيه نَظرٌ. وهو كما قال. قوله: وإنْ باعَ السَّيِّدُ عَبْدَه المأْذُونَ شيئًا، لم يَصِحَّ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو

وَيَصِحُّ فِي الْآخَرِ إِذَا كَانَ عَلَيهِ دَينٌ بِقَدرِ قِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قوله: ويَصِح في الآخَرِ إذا كان عليه دَين بقَدْرِ قِيمَتِه. وهو رِوايَة في «الرعايَةِ»، و «الحاوي»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ مُطْلَقًا. ذكَرَه في «الفُروعِ». وأمَّا شِراءُ السَّيِّدِ مِن عَبْدِه، فيأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في المُضارَبَةِ، في قوْله: وكذلك شراءُ السَّيِّدِ مِن عَبْدِه. فائدة: لو ثبَت على عَبْدٍ دَينٌ، زادَ في «الرعايةِ»، أو أرْشُ جِنايةِ، ثم ملَكَه مَن له الدَّينُ أو الأرْشُ، سقَط عنه ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرعايتَين»، وغيرِهما. وقيل: لا يَسْقُطُ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروع»، ذكَرُوه في كتابِ الصَّداقِ.

وَيَصِحُّ إِقْرَارُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي قَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ. وَإنْ حُجِرَ عَلَيهِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُ، فَأقَرَّ بِهِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويصِحُّ إقْرارُ المأْذُونِ في قَدْرِ ما أُذِنَ له فيه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْء»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى: إنَّما يصِحُّ إقْرارُ الصَّبِيِّ فيما أُذِنَ له فيه مِنَ التِّجارَةِ إذا كان يَسِيرًا. وأطَلَقَ في «الرَّوْضَةِ» صِحَّةَ إقْرارِ المُمَيِّزِ. وذكَر الآدَمِي البغْدادِيُّ، أن السَّفِيهَ والمُمَيِّزَ إذا أقَرَّا بحَدٍّ أو قَوَدٍ، أو نَسَبٍ أو طَلاقٍ، لَزِمَ، وإنْ أقَرَّا بمالٍ، أُخِذَ بعدَ الحَجْرِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وإنَّما ذلك في السَّفِيةِ. وهو كما قال. ويأْتِي ذلك في كتابِ الإقْرارِ بأَتَمَّ مِن هذا، ويأْتِي هناك إقْرارُ العَبْدِ غيرِ المَأْذُونِ له، في كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: وإنْ حُجِرَ عليه وفي يَدِه مالٌ، ثم أُذِنَ له، فأقَرَّ به، صَحَّ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال: ذكَرَه الأزَجِيُّ، وصاحِبُ «التَّرْغيبِ»، وغيرُهما. وقيل: إنَّما ذلك في الصَّبِي، في الشيءِ اليَسِيرِ. ومنَع في «الانْتِصارِ» عدَمَ الصِّحَّةِ، ثم سلَّم ذلك. فائدة: لو اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ على سَيِّدِه بلا إذْنِه (¬1)، صحَّ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: صح في الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «رُءُوسِ المَسائلِ» له. وأقَرَّه في «شَرْحِ الهِدايةِ». وقيل: لا يصِحُّ. صحَّحه في «النَّظْمِ»، وشيخُنا في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه القاضي، قاله المَجْدُ في «شَرْحِه»، وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في بابِ المُضارَبَةِ، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وزادَ، لو اشْتَرى مَن يَعْتِقُ على امْرأتِه، وزَوْجَ صاحِبَةِ المالِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في بابِ الكِتابةِ: وإنِ اشْتَرى زَوْجتَه، انْفَسَخَ نِكاحُها، وإنِ اشْترَى زَوْجَةَ سيدِه، احْتَمَلَ وَجْهَين. انتهى. وكذا الحُكْمُ لو اشْترَى امْرأةَ سيِّدِه، أو صاحِبَةَ المالِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرِحْ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم، في بابِ المُضارَبَةِ. فعلى الأوَّلِ، لو كان عليه دَين، فقِيل: يُباعُ فيه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يَعْتِقُ. وهو احْتِمال في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ويأْتِي نَظيرُها، لو اشْتَرَى المُضارِبُ مَن يَعْتِقُ على رَبِّ المالِ في المُضارَبَةِ. وقد تقدَّم في أولِ كتاب الركاةِ، هل يَمْلِكُ العَبْدُ بالتَّمْلِيكِ، أم لا؟ وذكَرْنا هناك فَوائِدَ جَمَّة، ذكَرَها أكثَرُ الأصحابِ هنا، فلتُراجَعْ هناك. ¬

(¬1) بياض في الأصل، ط.

وَلَا يَبْطُلُ الإذْنُ بِالْإِباقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَبْطُلُ الإذْنُ بالإباقِ. هذا الصُّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَبطُلُ إذنه بإباقِه في الأصح. واخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشُّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقيل: يَبطُلُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدمه في «المُسْتَوْعِبِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «التلْخيصِ». فائدة: لو دَبَّرَه، أو اسْتَوْلَدَها، لم يَبطُلْ إذنه. جزَم به في «الفُروعِ». وفي بُطْلانِ إذْنِه بكِتابَةٍ وحُرِّيَّةٍ وأَسْرٍ، خِلافْ في «الانْتِصارِ». وفي «المُوجَزِ»، و «التبصِرَةِ»، يَزُولُ مِلْكُه بحُرِّيَّةٍ وغيرِها؛ كحَجْرٍ على سيِّدِه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «المُسْتَوْعِبِ»: يَبْطُلُ إذنه بخُروجِه عن مِلْكِه ببَيعٍ أو هِبَةٍ أو صَدَقةٍ أو سَبْيٍ. وجزَما بأنَّه يَبطل إذْنُه بإيلادِها، وهو بعيدٌ.

وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُ الْمَأْذُونِ لَهُ بِهِبَةِ الدَّرَاهِمِ وَكُسْوَةِ الثِّيَابِ. وَيَجُوزُ هَدِيَّتُهُ لِلْمَأْكُولِ، وَإعَارَةُ دَابَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ تَبَرُّعُ المأْذُونِ له بهِبَةِ الدَّرَاهِمِ وكُسْوَةِ الثيابِ. بلا نِزاعٍ. قوله: ويجوزُ -يعْنِي للعَبْدِ- هَدِيَّتُه للمأْكُولِ وإعَارَةُ دَابَّتِه. وكذا عمَلُ دَعْوَةٍ ونحوُه، مِن غيرِ إسْرافٍ في الكُلِّ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشرْحِ»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»،

وَهَلْ لِغَيرِ الْمَأْذُونِ الصدَقَةُ مِنْ قُوتِهِ بِالرَّغِيفِ إِذَا لم يَضُرَّ بِهِ وَنَحْوهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يجوزُ. اخْتارَه الأزَجِيُّ. قوله: وهل لغيرِ المَأْذُونِ له الصَّدَقَةُ مِن قُوتِه بالرَّغيفِ إذا لم يَضُرَّ به؟ على رِوايتَين. يعْنِي للعَبْدِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْني»، و «الشرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، يجوز له ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»،

وَهَلْ لِلْمَرأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ بَيتِ زَوْجِهَا بِغَيرِ إِذْنِهِ بِنَحْو ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. والرَّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. فائدة: لا تصِحُّ هِبَةُ العَبْدِ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. قال الحارِثِيُّ: وهذا على كِلا الرِّوايتَين؛ المِلْك، وعدَمِه. قوله: وهل للمَرْأةِ الصَّدَقَةُ مِن بَيتِ زَوْجِها بغيرِ إذْنِه بنَحْو ذلك؟ على رِوايَتَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. وصحَّحه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْم.». قال النَّاظِمُ وغيرُه: لها ذلك ما لم يَمْنَعْها. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزجِيِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وقال: والمُرادُ، إلَّا أنْ يضْطَرِبَ العُرْفُ، ويُشَكَّ في رِضاه، أو يكون بخِيلًا، وتَشُكَّ في رِضَاه، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحَّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. نقَلَها أبو طالِبٍ، كصَدقَةِ الرَّجُلِ مِن طَعام المرْأةِ، وكمَن يُطْعِمُها بفَرْضٍ ولم يعْلَمْ رِضاه قال في «الفُروعِ»: ولم يُفَرِّق أحمدُ.

باب الوكالة

بَابُ الْوَكَالةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الوكالةِ فائدة: الوَكالةُ عِبارَة عن إذْنٍ في تَصَرُّفٍ يَمْلِكُه الإذِنُ فيما تَدْخُلُه النِّيابَةُ. قاله في «الرعايةِ الكُبْرى». وقال في «الوَجيزِ»: هي عِبارَة عنِ اسْتِنابَةِ الجائزِ التَّصَرُّفَ مِثْلَه، فيما له فِعْلُه حال الحَياةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي في الاصْطِلاحِ، التَّفْويضُ في شيء خاصٍّ في الحَياةِ. وليس بجامِع. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: هي عِبارَةٌ عنِ اسْتِنابَةِ الغَيرِ فيما تَدْخُلُه النِّيابَةُ.

تَصِحُّ الْوَكَالةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى الإذْنِ، وَكُلِّ قَوْلٍ أو فِعْل يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: تَصِحُّ الوَكالةُ بكُل قَوْلٍ يَدُلُّ على الإذْنِ. كقَوْلِه: وَكَّلْتُك في كذا. أو: فَوَّضْتُه إليك. أو: أذِنْتُ لك فيه. أو: بِعْه. أو: أعْتِقْه. أو: كاتِبْه. ونحو ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. ونقَل جَعْفَرٌ، إذا قال: بعْ هذا. ليس بشيءٍ، حتى يقولَ: وَكَّلْتُك. وتأوَّلَه القاضي على التَّأكيدِ؛ لنَصِّه على انْعِقادِ البَيعِ باللَّفْظِ والمُعاطاةِ، وكذا الوَكالةُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: هذا دَأْبُ شيخِنا، أنْ يَحْمِلَ كلامَ أحمدَ على أظْهَرِه، ويصْرِفَه عن ظاهِرِه، والواجِبُ أنْ يُقال: كلُّ لَفْظٍ رِوايَةٌ. ويُصَحِّحَ الصَّحيحَ (¬1). قال الأزَجِي: يَنْبَغِي أنْ يُعَوَّلَ في المذهبِ على هذا؛ حتى لا يَصِيرَ المذهبُ رِوايَةً واحدَةً. وقال الناظِمُ: وكلُّ مَقالٍ يُفْهِمُ (¬2) الإذْنَ صَحِّحَنْ … به عقْدَها مِن مُطْلَق ومُقَيَّدِ وعنه: سِوى فوَّضْتُ أمْرَ كذا له … [ووكَّلْتُ فيهِ فاردُدَنْهُ وبَعِّدِ] (¬3) تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، عدَمُ صِحَّةِ الوَكالةِ بالفِعْلِ الدَّالِّ عليها مِنَ المُوَكِّلِ. وهو صحيحٌ. وقال في «الفروعِ»: دلَّ كلامُ القاضي المُتقَدِّمُ على انْعِقادِ الوَكالةِ بالفِعْلِ، مِنَ المُوَكلِ، الدَّالِّ عليها، كالبَيعِ. قال: وهو ظاهرُ كلامِ الشيخِ، يعْنِي به المُصَنفَ، في مَن دفَع ثَوْبَه إلى قَصَّارٍ، أو خَيَّاطٍ. وهو أظْهَرُ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «التصحيح». (¬2) في النسخ: «يفهم منه»، وهي زيادة على الوزن. (¬3) كذا في النظم. وفي النسخ: «ووكلته فيه ارددنه فبعد».

وَيَصِحُّ الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخي، بِأنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيعِ شَيْءٍ، فَيَبِيعَهُ بَعْدَ سَنَةٍ، أو يُبَلِّغَهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ مُنْذُ شَهْر، فَيَقُولَ: قَبِلْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكُل قَوْلٍ أو فِعْل يَدُلُّ على القَبُولِ. يصِحُّ القَبُولُ بكُلِّ قوْلٍ مِنَ الوَكِيلِ يدُلُّ عليه، بلا نِزاعٍ. وكذا كل فِعْل يدُلُّ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وصحَّحه وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: صرح به الأصحابُ. وقيل: لا ينْعَقِدُ القَبُولُ بالفِعْلِ. فوائد؛ الأُولَى، مِثْلُ ذلك سائرُ العُقودِ الجائزَةِ؛ كالشرِكَةِ، والمُضارَبَةِ، والمُساقاةِ، في أن القَبُولَ يصِحُّ بالفِعْلِ. قال في «القواعِدِ»: ظاهِرُ كلامِ صاحبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»، أو صَرِيحُه، أنَّ هذه العُقُودَ مِثْلُ الوَكالةِ. الثَّانيةُ، يُشْترَطُ لصِحَّةِ الوَكالةِ تَعْيِينُ الوَكيلِ. قاله القاضي، وأصحابُه، وغيرُهم، في مَسْأَلَةِ: تصَدَّقْ

وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِي شَيْءٍ، إلا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالدَّيْنِ الذي عليك. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»: لو وَكَّلَ زيدًا، وهو لا يعْرِفُه، أو لم يعْرِفِ الوَكِيلُ مُوَكِّلَه، لم تصِحَّ. الثَّالثةُ، تصِحُّ الوَكالةُ مُؤَقَّتَةً، بلا نِزاعٍ، ومُعَلَّقَةً بشَرْطٍ -على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وقطَع به أكثرُهم؛ كوَصِيَّةٍ، وإباحَةِ أكْل، وقَضاءٍ، وإمارَةٍ، وكتَعْليقِ تصَرُّفٍ- كقَوْلِه: وَكلْتُك الآنَ أنْ تَبِيعَ بعدَ شَهْر. أو: تَعْتِقَه إذا جاءَ المَطَرُ. أو: تُطَلِّقَ هذه إذا جاءَ زَيدٌ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»، في تَعْلِيقِ وَقْفٍ بشَرْطٍ: لا يصِحُّ تَعْلِيقُ تَوْكيل؛ لأنَّه علَّقه بصفَةٍ، وأنه يصِحُّ تَعْلِيقُ تصَرُّفٍ. وقيل: لا يصِحُّ تَعْليقُ فَسْخٍ. الرابعةُ، لو أبَى أنْ يقْبَلَ الوَكالةَ؛ قوْلًا أو فِعْلًا، فهو كعَزْلِه نفْسَه. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: ويَحتَمِلُ لا. قوله: ولا يجوزُ التَّوْكِيلُ والتَّوَكلُ في شيءٍ، إلَّا مِمَّن يَصِحُّ تَصَرُّفُه فيه. وهذا المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. فعلى هذا، لو وَكَّلَه في بَيعِ ما سيَمْلِكُه، أو في طَلاقٍ ممن يَتزَوَّجُها، لم يصِحَّ؛ إذِ البَيعُ والطَّلاقُ لم يَمْلِكْه في الحالِ. ذكَرَه الأزَجِيُّ. وذكَر غيرُه؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايةِ الكُبْرى»، لو قال: إنْ تزَوَّجْتُ هذه، فقد وَكَّلْتُك في طَلاقِها، وإنِ اشْتَرَيتُ هذا العَبْدَ، فقد وَكَّلْتُك في عِتْقِه. صح إنْ قُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ تعْلِيقُهما على مِلْكِهما. وإلَّا فلا. وقال في «التَّلْخيصِ»: قِياسُ المذهبِ، صِحةُ ما إذا قال: إنْ تَزَوجْتُ فُلانَةَ، فقد وَكَّلْتُك في طَلاقِها. قال في «القَواعِدِ»: ويتخَرجُ وَجْه، لا يصِحُّ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن هذه القاعِدَةِ صِحَّةُ تَوْكيلِ الحُر الواجِدِ الطَّوْلَ في قَبُولِ نِكاحِ الأمَةِ لمَن تُباحُ له، وصِحَّةُ تَوْكيلِ الغَنِيِّ في قبْضِ الزكاةِ لفَقِيرٍ؛ لأنَّ سَلْبَهما القُدْرَةَ تَنْزِيهُ، لمَعْنًى يقْتَضِي مَنْعَ الوَكالةِ. قاله الأصحابُ. وليس للمَرأةِ أنْ تُطَلِّقَ نفْسَها،

وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِي مِنَ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالْعِتْقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويجوزُ أنْ تُطَلِّقَ نفْسَها بالوَكالةِ، وامْرأةً غيرَها. ويجوزُ للرَّجُلِ أنْ يقْبَلَ نِكاحَ أُخْتِه مِن أبِيه لأَجْنَبِيٍّ، ونحو ذلك. قاله في «الوَجيزِ» وغيرِه. فائدة: صِحَّةُ وَكالةِ المُمَيِّزِ في الطَّلاقِ وغيرِه، مَبْنيٌّ على صِحَّتِه منه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وفي «الرِّعايةِ»، فيه لنَفْسِه، أو غيرِه رِوايَتان بلا إذْنٍ، وفيه في المذهبِ لنَفْسِه رِوايَتان. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، لو وَكَّلَ العَبْدُ في شِراءِ نفْسِه مِن سيِّدِه. وأحْكامٌ أُخرُ. قوله: ويجوزُ التَّوْكِيلُ في حَق كُل آدَمِيٍّ؛ مِنَ العُقُودِ، والفُسُوخِ، والعِتْقِ، والطلاقِ، والرجْعَةِ. يشْمَلُ كلامُه؛ الحَوالةَ، والرهْنَ، والضمان، والكَفالةَ،

وَالطَّلاقِ، وَالرَّجْعَةِ، وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِن الصَّيدِ وَالْحَشِيشِ، وَنَحْوهِ، إلا الظِّهَارَ، وَاللِّعَانَ، وَالْأَيمَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّرِكَةَ، والوَدِيعَةَ، والمُضارَبةَ، والجَعالةَ، والمُساقاةَ، والإجارَةَ، والقَرْضَ، والصُّلْحَ، والهِبَةَ (¬1)، والصَّدقَةَ، والوَصِيَّةَ، والإبراءَ، ونحوَ ذلك. لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وكذا المُكاتَبَةُ، والتَّدْبِيرُ، والإنْفاقُ، والقِسْمَةُ، والحُكومَةُ. وكذا الوَكالةُ في الوَقْفِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ رَزِينٍ. وحَكاه في الجميعِ إجْماعًا. تنبيه: قولُه: والعِتْقِ، والطلاقِ. يجوزُ التَّوْكيلُ في العِتْقِ، والطَّلاقِ، بلا نِزاعٍ. لكنْ لو وَكَّلَ عبْدَه أو غَرِيمَه أو امْرأْته في إعْتاقِ عَبِيدِه، وإبْراءِ غُرَمائِه، وطَلاقِ ¬

(¬1) في الأصل: «الهدنة»، في ط: «الهدية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِسائِه، لم يَمْلِكْ عِتْقَ نَفْسِه، ولا طَلاقَها، ولا إبْراءَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَمْلِكُ ذلك. وجزَم به الأَزَجِيُّ في العِتْقِ والإبْراءِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أذِنَ له أنْ يتَصَدَّقَ بمالٍ، لم يَجُزْ له أنْ يأْخُذَ منه لنَفْسِه، إذا كان مِن أهْلِ الصَّدقَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ بَخْتانَ. ويَحْتَمِلُ الجوازَ. ويَحْتَمِلُ الجَوازَ إنْ دلَّتْ قَرِينَة على إرادَةِ أخْذِه منه، ويَحْتَمِلُ الجوازَ مُطْلَقًا. ذكَرَهما في «المُغْنِي». ويأْتِي في أرْكانِ النِّكاحِ، هل للوَكِيلِ في النِّكاحِ أنْ يُزَوِّجَ نفْسَه، أم لا؟ الثَّانيةُ، يجوزُ التَّوْكِيلُ في الإقْرارِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الوَكالةَ فيه إقْرارٌ به. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، والفَخْرُ في «طَرِيقَتِه». قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: والتَّوْكيلُ في الإقْرارِ إقْرارٌ، في الأصحِّ. وقال في «الكُبْرَى»: وفي صِحَّةِ التَّوْكيلِ في الإقْرارِ والصُّلْحِ وَجْهان. وقيل: التَّوْكيلُ في الإقْرارِ إقْرارٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: بقَوْلِ: جعَلْتُه مُقِرًّا. انتهى. وظاهرُ كلامِ الأكْثَرِين، أنَّه ليس بإقْرارٍ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الأزجِيُّ: لا بُدَّ مِن تَعْيِينِ ما يُقِرُّ به، وإلَّا رجَع في تفْسِيرِه إلى المُوَكِّلِ. قوله: وتَمَلُّكِ المُبَاحاتِ؛ مِنَ الصَّيدِ والحَشِيشِ، ونحوه. كإحْياءِ المَواتِ، واسْتِقاءِ الماءِ. يعْنِي، أنَّه يجوزُ التَّوْكِيلُ في تَمَلُّكِ المُباحاتِ؛ لأنَّه يَمْلِكُ بسَبَبٍ لا يتَعَيَّنُ عليه، فجازَ، كالابتِياعِ، والاتِّهابِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وتصِحُّ الشَّرِكَةُ والوَكالةُ في تَمَلُّكِ مُباحٍ في الأصحِّ، كالاسْتِئْجارِ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِح. قلتُ: والنَّفْسُ تَمِيلُ إلى ذلك؛ لأنَّ المُوَكِّلَ لا يَمْلِكُه عندَ الوَكالةِ، وهو مِنَ المُباحاتِ، فمَنِ

وَيَجُوزُ أنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النِّكَاحَ، وَمَنْ يُزَوِّجُ وَلِيَّتَهُ إِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَمُوَلِّيَتهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَوْلَى عليه ملَكَه. قال. في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: مَن وَكَلَ في احْتِشاشٍ واحْتِطابٍ، فهل يَمْلِكُ الوَكِيلُ ما أخَذَه أو مُوَكِّلُه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. قوله: إلَّا الظِّهارَ واللِّعانَ والأَيمانَ. وكذا الإيلاءُ، والقَسامَةُ، والشَّهادَةُ، والمَعْصِيَةُ. ويأْتِي حُكْمُ الوَكالةِ في العِباداتِ. قوله: ويجوزُ ان يُوَكِّلَ مَن يَقْبَلُ له النِّكاحَ، ومَن يُزَوِّجُ وَلِيَّتَه. هذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطِه، فيُشْترَطُ لصِحَّةِ عَقْدِ النِّكاحِ تَسْمِيَةُ المُوَكِّلِ في صُلْبِ العَقْدِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: وإنْ قال: قَبِلْتُ هذا النِّكاحَ. ونوَى أنَّه قَبِلَه لمُوَكِّلِه، ولم يَذْكُرْه، صحَّ. قلت: ويَحْتَمِلُ ضِدَّه، بخِلافِ البَيعِ. انتهى. وفال في «التَّرْغيبِ»: لو قال الوَكِيلُ: قَبِلْتُ نِكاحَها. ولم يقُلْ: لفُلانٍ. فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ويأْتِي ذلك أيضًا في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ، عندَ قوْلِه: ووَكِيلُ كلِّ واحدٍ مِن هؤلاءِ يقُومُ مَقامَه، وإنْ كان حاضِرًا. بأَتَمَّ مِن هذا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا كان مِمَّن يَصحُّ منه ذلك لنَفْسِه ومُوَلِّيَتِه. فعلى هذا، لا يصحُّ توْكِيلُ فاسِقٍ في إيجابِ النكاحِ، إلا على رِوايَةِ عدَمِ اشْتِراطِ عَدالةِ الوَلِيِّ. على ما يأْتِي في بابِ أرْكانِ النكاحِ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. وأمَّا قَبُولُ النِّكاحِ منه، فيَصِحُّ لنَفْسِه، فكذا يصحُّ لغيرِه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ هنا. وفي قوْلِه: ولا يَصحُّ التَّوْكِيلُ ولا التَّوَكلُ في شيءٍ إلَّا ممَّن يَصحُّ تَصَرُّفُه فيه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو القِياسُ. وقدَّمه في «الكافِي». وقال القاضي: لا يصحُّ قَبُولُه لغيرِه. قال في «التَّلْخيصِ»: اخْتارَه أصحابُنا إلا ابنَ عَقِيلٍ. وقدمه في «الرِّعايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وصحَّحه النَّاظِمُ. قال في «الوَجيزِ»: ولا يُوَكِّلُ فاسِقٌ في نِكاحٍ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». ويأْتِي ذلك أيضًا في أرْكانِ النِّكاحِ. وأما السَّفِيهُ، فقِيل: يصِحُّ أنْ يكونَ وَكِيلا في الإيجابِ والقَبُولِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: لا يصِحُّ فيهما. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وصحَّحه الناظِمُ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن». وقيل: يصِحُّ في قَبُولِ النِّكاحِ دُونَ إيجابه. قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ قُلْنا: يتَزَوَّجُ السَّفِينهُ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّه. فله أَنْ يُوَكِّلَ ويَتَوكَّلَ في إيجابِه وقَبُولِه، وإلَّا فلا. انتهى. وهو الصَّوابُ، وظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ هنا. وقد تقدَّم في البابِ الذي قبلَه، هل للوَلِيِّ أنْ يُزَوِّجَه بغيرِ إذْنِه، أَم لا؟ وهل يُباشِرُ العَقْدَ، أم لا؟. ويأْتِي في أرْكانِ النِّكاحِ، هل للوَكِيلِ المُطْلَقِ في النكاحِ أنْ يتَزَوجَها لنَفْسِه، أم لا؟

وَيَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلّهِ تَعَالى تَدْخُلُهُ النِّيابَةُ، مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْحُدُودِ، فِي إِثبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ في كلِّ حَقٍّ للهِ تَعالى، تَدْخُلُه النِّيابَةُ مِنَ العِباداتِ. كالصَّدَقاتِ والزَّكَوَاتِ والمَنْذُورَاتِ والكفَّاراتِ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وأمَّا العِباداتُ البدَنِيَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَحْضَةُ؛ كالصّلاةِ، والصَّوْمِ، والطهارَةِ مِنَ الحدَثِ، فلا يجوزُ التَّوْكِيلُ فيها، إلَّا الصَّوْمَ المَنْذُورَ، يُفْعَلُ عنِ المَيِّتِ، على ما تقدَّم في بابِه، وليس ذلك بوَكالةٍ. ويصِحُّ التَّوْكِيلُ في الحَجِّ، ورَكْعَتَي (¬1) الطَّوافِ فيه تدْخُلُ تَبَعًا له. قوله: والحُدودِ في إثْباتِها واسْتِيفائِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، ونَصَرُوه. وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقال أبو الخَطَّابِ: لا تصِحُّ الوَكالةُ في إثْباتِه، وتصِحُّ في اسْتِيفائِه. جزَم به في «الهِدايةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وركنى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وليس بشيءٍ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ».

وَيَجُوزُ الاسْتِيفَاءُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيبَتِهِ، إلا الْقِصَاصَ وَحَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ بَعْضِ أصْحَابِنَا، لَا يَجُوزُ فِي غَيبَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجوزُ الاسْتِيفاءُ في حَضْرَةِ المُوَكلِ وغَيبَتِه، إلَّا القِصَاصَ، وحَدَّ القَذْفِ، عندَ بعضِ أصحابنا، لا يَجُوزُ في غَيبَتِه. منهم ابنُ بَطَّةَ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرَ ما ابنُ أبِي مُوسى، ومَن بعدَه. قال ابنُ رَزِين، عن هذا القَوْلِ: وليس بشيءٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِيفائِهما في غَيبَةِ المُوَكِّلِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفائقِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. فعلى المذهبِ، لو اسْتُوفِيَ القِصاصُ بعدَ عَزْلِه، ولم يَعْلَمْ، ففي ضَمانِ المُوكِّلِ وَجْهان. قال أبو بَكْرٍ: لا ضَمانَ على الوَكِيلِ. فمِنَ الأصحابِ مَن قال: لعَدَم تَفْريطِه. ومنهم مَن قال: لأن عَفْوَ مُوَكِّلِه لم يصِحَّ؛ حيثُ حصَل على وَجْهٍ أيُمْكِنُ اسْتِدْراكُه، فهو كما لو عَفا بعدَ الرَّمْي. قال أبو بَكْرٍ: وهل يَلْزَمُ المُوَكِّلَ؟ على قَوْلَين. وللأصحابِ طريقَةٌ ثانيةٌ، وهي البِناءُ على انْعِزالِه قبلَ العِلْمِ؛ فإنْ قُلْنا: لا يَنْعَزِلُ. لم يصِحَّ العَفْوُ. وإنْ قُلْنا: يَنْعَزِلُ. صحَّ العَفْوُ، وضَمِنَ الوَكِيلُ، وهل يَرْجِعُ على المُوَكِّلِ؟ على وَجْهَين، أحدُهما، يرْجِعُ؛ لتَغْرِيرِه (¬1). والثَّاني، لا. فعلى هذا، فالديةُ على عاقِلَةِ الوَكِيلِ، عندَ أبِي الخَطَّابِ؛ لأنَّه خَطَأُ. وعندَ القاضي، في مالِه، وهو بعيدٌ. وقد يقالُ: هو شِبْهُ عَمْدٍ. قاله المُصَنِّفُ. وللأصحابِ طريقَةٌ ثالثةٌ، وهي؛ إنْ قُلْنا: لا يَنْعَزِلُ. لم يَضْمَنِ الوَكِيلُ. وهل يضْمَنُ العامِّيُّ؟ على وَجْهَين، بِناءً على صِحَّةِ عَفْوه، وترَدُّدًا بينَ تَغْريرِه وإحْسانِه. وإنْ قُلْنا: يَنْعَزِلُ. لَزِمَتْه الديةُ. وهل تكونُ في مالِه، أو على عاقِلَتِه؟ فيه وَجْهان. وهي طريقَةُ أبِي الخَطَّابِ، وصاحِبِ «التَّرْغيبِ»، وزادَ، وإذا قُلْنا: في مالِه. فهل يرْجِعُ بها على المُوَكِّلِ؟ على وَجْهَين. ¬

(¬1) في ط: «لتعزيره».

وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ، إلَّا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ. وَكَذَلِكَ الْوَصِي وَالْحَاكِمُ. وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ، أوْ يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ للوَكيلِ التوْكِيلُ فيما يَتَوَلَّى مِثلُه بنَفْسِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشرْحِ»، و «قَواعِدِ ابنِ رَجَبٍ»، وغيرِهم. قوله: وكذلك الوَصِيُّ والحاكِمُ. يَعْنِي، أنَّه إذا أوْصَى إليهم في شيءٍ، هل له أنْ يُوَكِّلَ مَن يَعْلَمُه؟ وهل للحاكِمِ أنْ يَسْتَنِيبَ غيرَه فيما يتَوَلَّى مِثْلُه؟ فقطَع المُصَنِّفُ، أنَّ الوَصِي في جوَازِ التَّوْكِيلِ وعدَمِه كالوَكِيلِ، خِلافًا ومذهبًا. وهو إحْدَى الطَّرِيقَتين. وهو المذهبُ. وهي طَريقَةُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِينٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمها في «الفُروع»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. والطَّرِيقَةُ الثانيةُ، يجوزُ للوَصِي التَّوْكِيلُ، وإنْ منَعْناه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الوَكِيلِ. ورَجَّحه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ أيضًا. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه مُتَصَرِّفٌ بالولايةِ، وليس وَكِيلًا مَحْضًا، فإنَّه مُتَصَرِّفٌ بعدَ المَوْتِ، بخِلافِ الوَكِيلِ؛ ولأنَّه تُعْتَبَرُ عَدالته وأمانته. وأمَّا إسْنادُ الوَصِيَّةِ مِنَ الوَصِي إلى غيرِه، فيَأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ المُوصَى إليه. وأما الحاكِمُ، فقطَع المُصَنِّفُ أيضًا؛ أنَّه كالوَكيلِ في جَوازِ اسْتِنابَةِ غيرِه. وهو المذهبُ. وهو إحْدَى الطرِيقَتين أيضًا. وهي طَريقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الخِلافِ»، وصاحبِ «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. والطَّريقَةُ الثَّانيةُ، يجوزُ له الاسْتِنابَةُ والاسْتِخْلافُ، وإنْ منَعْنا الوَكِيلَ فها. وهي طَرِيقَةُ القاضي في «الأحكام السُّلْطانِيَّةِ»، وابنِ عَقِيلٍ. واخْتارَه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «لمُحَرَّرِ». ونصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. قال ابنُ رَجَب في «قَواعِدِه»: بناءً على أنَّ القاضيَ ليس بنائبِ الإِمامِ، بل هو ناظِر للمُسْلِمينَ لا عن ولايةٍ؛ ولهذا لا يَنْعَزِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَوْتِه ولا بعَزْلِه، فيَكونُ حُكْمُه في ولايته حُكْمَ الإمامِ، بخِلافِ الوَكِيلِ؛ ولأنَّ الحاكِمَ يَضِيقُ عليه تَوَلِّي جميعِ الأحْكام بنَفْسِه، ويُؤدِّي ذلك إلى تَعْطيلِ مَصالحِ النَّاسِ العامَّةِ، فأشْبَهَ مَن وَكَّلَ فيما لا يُمكِنُه مُباشَرَتُه عادة لكَثْرَتِه. انتهى. وألْحَقَ بالحاكمِ أمينَه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». فوائد تُشْبِهُ ما تقدَّم؛ منها، الشَّرِيكُ، والمُضارِبُ، هل لهما أنْ يُوَكِّلا، أم لا؟ ويأْتِي ذلك في كَلامِ المُصَنِّفِ في شَرِكَةِ العِنانِ، ونتَكَلَّمُ عليها هناك. ومنها، الوَلِيُّ في النِّكاحِ، هل له أنْ يُوَكِّلَ، أو لا؟ فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُجْبَرًا، أو لا؛ فإنْ كان مُجْبَرًا، فلا إشْكال في جَوازِ تَوْكِيلِه؛ لأنَّ ولايتَه ثابِتَة شَرْعًا مِن غيرِ جِهَةِ المَرْأةِ، وكذلك لا يُعْتَبَرُ معه إذْنُها. وقطَع بهذا الجُمْهورُ. وقيل: لا يجوزُ. حكَاه في «الرعايةِ الكُبْرى». وإنْ كان غيرَ مُجبرٍ، ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، يجوزُ له التَّوْكِيلُ، وإنْ منَعْنا الوَكِيلَ مِنَ التَّوْكِيلِ؛ لأنَّ ولايتَه ثابِتَة بالشَّرْعِ مِن غيرِ جِهَةِ المرْأةِ، فلا تتَوَقفُ اسْتِنابَتُه على إذْنِها كالمُجْبَرِ، وإنَّما افْتَرَقا على اعْتِبارِ إذْنِها في صِحَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّكاحِ، ولا أثَرَ لها هنا. وهذه طَريقَةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. قلتُ: وهو أقْوَى دَليلًا. وهو المذهبُ. والطَّريقُ الثَّاني، أنَّ حُكْمَه حكمُ الوَكِيلِ، خِلافًا ومَذْهَبًا. قدَّمه في «الفُروعِ»، وقدَّم في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ الأوَّلَ، فناقَضَ. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»، عن هذه الطريقَةِ: فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ضَعْفٌ. وأطْلَقَ في «التَّلْخيصِ» في إذْنِها وعدَمِه رِوايتَين. ويأْتِي ذلك في أرْكانِ النِّكاحِ، عندَ قوْلِه: ووَكِيلُ كلِّ واحدٍ مِن هؤلاءِ يقُومُ مَقامَه، وإنْ كانَ حاضِرًا. بأَتَمَّ مِن هذا. ومنها، العَبْدُ والصَّبِيُّ المَأْذُونُ لهما، هل لهما أنْ يُوَكِّلا؟ وتقَدَّم الكَلامُ عليهما في آخِرِ بابِ الحَجْرِ. قوله: ويجوزُ تَوكِيلُه فيما لا يَتَوَلَّى مثلَه بنَفْسِه، أو يَعْجِزُ عنه لكَثْرَتِه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل يَسوغُ له التَّوْكِيلُ في الجميعِ؟ وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «الفُروعِ». وفي القَدْرِ المَعْجُوزِ عنه خاصةً؟ اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فوائد؛ الأُولَى، حيثُ جوَّزْنا له التَّوْكِيلَ، فمِن شَرْطَ الوَكيل الثَّاني، أنْ يكونَ أمِينًا، إلَّا أنْ يُعَينه المُوَكِّلُ الأولُ. الثَّانيةُ، لو قال المُوَكِّلُ للوَكِيلِ: وَكِّلْ عنك. صحَّ، وكان وَكِيلَ وَكِيلهِ. جزَم به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعَ»، و «الرِّعايةِ»، و «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وإنْ قال: وَكِّلْ عنِّي. صحَّ أيضًا، وكان وَكِيلَ مُوَكلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يكونُ وَكِيلَ وَكِيلِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، كالأولَى. هذا، نقَلَه في «الفُروعِ». وقال في «التَّلْخيصِ»، فيما إذا قال: وَكِّلْ عَنِّي: أنَّه وَكِيلُ المُوَكِّلِ. وقطَع به. وقال، فيما إذا قال: وَكِّلْ عنك. هل يكون وَكِيلَ المُوَكِّلِ، أو وَكِيلَ الوَكِيلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. فتَعاكَسا في محَلِّ الخِلافِ. فلعَلَّ ما في «التَّلْخيصِ» غلَطٌ مِنَ النَّاسِخِ، فإنَّ الطَّرِيقَةَ الأُولَى أصْوَبُ، وأوْفَقُ للأُصولِ، أو يكونُ طرِيقَةً، وهو بعيدٌ. وإنْ قال: وَكِّلْ. ولم

وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ عَبْدِ غَيرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِغَيرِ إِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقُلْ: عَنِّي. ولا: عنك. فهل يكونُ وَكِيلَ الوَكِيلِ كالأُولَى، أو وَكِيلَ المُوَكِّلِ كالثَّانِيَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «التَّلْخيص»، و «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يكونُ وَكِيلًا للمُوَكِّلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وابنُ رَجَبٍ، في آخرِ «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسِّتِّين». والثَّاني، يكونُ وَكِيلَ الوَكيلِ. وأمَّا إذا وَكَّلَ فيما يتَوَلَّى مِثْلُه بنَفْسِه، أو يَعْجِزُ عنه لكَثْرَتِه، أو قُلْنا: يجوزُ له التَّوْكيلُ مِن غيرِ إذْنٍ. ووَكَّلَ، فإنَّ الوَكِيلَ الثَّانِيَ وَكِيلُ الوَكِيلَ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. الثَّالثةُ، حيثُ حكَمْنا بأنَّ الوَكيِلَ الثَّانِيَ وَكِيل للمُوَكِّلِ، فإنَّه يَنْعَزِلُ بعَزْلِه، وبمَوْتِه ونحوه، ولا يَمْلِكُ الوَكِيلُ الأوَّلُ عَزْلَه، ولا ينْعَزِلُ بمَوْتِه. وحيثُ قُلْنا: هو وَكِيلُ الوَكِيلِ. فإنَّه يَنْعَزِلُ بعَزْلِه وبمَوْتِه، ويَنْعَزِلُ بعَزْلِ المُوَكِّلِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «التَّلْخيصِ». وغيرِه. قال في «الفُروعَ»: والأصحُّ له عَزْلُ وَكِيلَ وَكِيلِه. وقال في «الرِّعايَةِ»: له عزْلُه في أصحِّ الوَجْهَين. وقيل: ليس له عَزْلُه. قوله: ويجوزُ تَوْكِيلُ عَبْدِ غيرِه بإذْنِ سَيِّدِه، ولا يجوزُ بغيرِ إذْنِه. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وفي صِحَّةِ تَوْكِيلِه في نِكاحٍ بلا إذْنِ سيِّدِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»،

وَإنْ وَكَّلَهُ بِإِذْنِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، في صِحَّةِ قَبُولِه، أحدُهما، لا يصِحُّ التوْكيلُ في الإيجابِ ولا القَبُولِ. جزَم به في «التَّلْخيصِ». قال في «الشَّرْحِ»: ولا يجوزُ تَوْكيلُ العَبْدِ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. وهو ظاهرُ كلامِه في «الكافِي»، و «الوَجيزِ». وقدمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحَّان منه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: يصِحُّ في القَبُولِ دُونَ الإيجابِ. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُغْني». فائدة: لا يُشْترَطُ إذْنُ سيِّدِه فيما يَمْلِكُه وحدَه، فيجوزُ تَوْكِيلُه في الطلاقِ مِن غيرِ إذْنِ سيِّده، كما يجوزُ له الطلاقُ مِن غيرِ إذنِه. وكذلك السَّفِيهُ. قوله: وإنْ وَكَّلَه بإذْنِه في شِراءِ نَفْسِه مِن سَيِّدِه، فعلى وَجْهَين. وكذا حَكاهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وحَكاهما رِوايتَين في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الكافِي». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: صحَّ في الأصحِّ. قال في «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: الصَّحيحُ الصِّحَّةُ. وقدَّمه في «الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثاني، لا يصِحُّ. فعلى المذهبِ، لو قال: اشْتَرَيتُ نَفْسِي لزَيدٍ». وصدَّقاه، صحَّ. ولو قال السَّيِّدُ: ما اشْتَرَيتَ نَفْسَك إلَّا لنَفْسِك. عتَق، ولَزِمَه الثَّمَنُ. وإنْ صدَّقَه السَّيِّدُ في الأولَى، و (¬1) كذَّبَه زَيدٌ، نظَرْتَ في تَكْذِيبِه؛ فإنْ كذبه في الوَكالةِ، حلَف وبَرِئَ، وللسَّيِّدِ فَسْخُ البَيعِ. وإنْ صدَّقه في الوَكالةِ، وقال: ما اشْتَرَيتَ نَفْسَك لي. فالقَوْلُ قوْلُ العَبْدِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: لو قال: ما اشْتَرَيتَ نَفْسَك مِنِّي إلَّا لك. فقال: بلْ لزَيدٍ. فكَذَّبه زيدٌ، عتَق، ولَزِمَه الثَّمَنُ. وإنْ صدَّقَه، لم يَعْتِقْ. قلتُ: بلَى. انتهى. تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: وإنْ وَكلَه بإذْنِه في شِراءِ نَفْسِه. أنَّه لا يصِحُّ تَوْكِيلُه بغيرِ إذْنِ سيِّدِه في شِراءِ نَفْسِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقيل: يصِحُّ. وأطْلَقهما في «القواعِدِ الأُصولِيَّةِ». ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أو».

وَالْوَكَالةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَينِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو وَكّلَ عَبْدَ غيرِه بإذْنِ سيِّدِه في شِراءِ عبْدِ غيرِه مِن سيِّدِه، فهل يصِحُّ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي». قال في «الوَجيزِ»: ومَن وكلَ عَبْدَ غيرِه بإذْنِ سيِّدِه، صحَّ وقدَّمه في «المُغْنِي». والروايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قوله: والوَكالةُ عَقْدٌ جائِزٌ مِنَ الطرَفَين لكل واحدٍ منهما فَسْخُها. بلا نِزاع. فلو قال: وَكَّلْتُك، وكُلَّما عزَلْتُك فقد وَكَّلْتُك. انْعَزَلَ بقَوْلِه: عزَلْتُك وكُلَّما

وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَالْجُنُونِ، وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ، كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَلَا تَبْطُلُ بِالسُّكْرِ، وَالإغْمَاءِ، وَالتَّعَدِّي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَكَّلْتُك فقد عزَلْتُك. وتُسَمَّى الوَكالةُ الدَّوْرِيَّةُ؛ وهو فَسْخ مُعَلَّقٌ بشَرْطٍ. قاله في «الفُروعِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّتُها. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». قال في «التَّلْخيصِ»: قِياسُ المذهبِ، صِحَّةُ الوَكالةِ الدَّوْرِيَّةِ، بِناءً على أن الوَكالةَ قابِلَةٌ للتَّعْليقِ عندَنا، وكذلك فَسْخُها. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا تصِحُّ؛ لأنه يُؤَدِّي إلى أنْ تَصِيرَ العُقودُ الجائِزَةُ لازِمَةً، وذلك تَغْيِيرٌ لقاعِدَةِ الشَّرْعِ، وليس مَقْصودُ المُعَلِّقِ إيقاعَ الفَسْخِ، وإنَّما قَصْدُه الامْتِناعُ مِنَ التوْكيلِ، وحَلُّه قبلَ وُقوعِه، والعُقودُ لا تُفْسَخُ قبلَ انْعِقادِ ما. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ الثامِنَةَ عشَرَة بعدَ المِائَةِ». قوله: وتَبْطُلُ بالمَوْتِ والجُنُونِ. تَبْطُلُ الوَكالةُ بمَوْتِ الوَكيلِ أو المُوَكِّلِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيرِ خِلافٍ نعْلَمُه. لكِنْ لو وَكَّلَ وَلِيُّ اليَتيمِ وناظِرُ الوَقْفِ، أو عقَد عقْدًا جائِزًا غيرَها؛ كالشرِكَةِ، والمُضارَبَةِ، فإنها لا تَنْفَسِخُ بمَوْتِه؛ لأنَّه مُتَصَرِّفٌ على غيرِه. قطَع به في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسِّتِّين». وتَبْطُلُ بالجُنونِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: تَبْطُلُ بالجُنونِ المُطْبِقِ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا تَبْطُلُ به. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَررِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: وفي جُنونِه، وقيل: المُطبِقِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وقال النَّاظمُ: وفِسْقٍ مُنافٍ للْوَكالةِ مُبْطِلٌ … كذا بجُنونٍ مُطبقٍ مُتَأَطِّدِ قوله: وكذلك كل عَقْدٍ جائِز -يعنِي، مِنَ الطَّرَفَين- كالشَّرِكَةِ والمضارَبَةِ. وكذا الجَعالةُ، والسَّبْقُ، والرَّمْيُ، ونحوُهما. قوله: ولا تَبْطُلُ بالسُّكْرِ والإغْماءِ. أمَّا السُّكْرُ، فحيثُ قُلْنا: يَفْسُقُ به. فإن الوَكالةَ تَبْطُلُ فيما يُنافِي الفِسْقَ، كالإيجابِ في عَقْدِ النِّكاحِ ونحوه، وإلَّا فلا. وأما الإغْماءُ، فلا تَبْطُلُ به، قوْلًا واحدًا. قال في «الفُصولِ»: لا تَبْطُلُ في قِياسِ المذهبِ. واقْتَصرَ عليه. قوله: والتَّعَدِّي. يعْنِي، لا تَبْطُلُ الوَكالةُ بالتَّعدِّي؛ كلُبْسِ الثوْبِ، ورُكُوبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّابَّةِ، ونحوهما. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال. في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين»: والمَشْهورُ، أنَّها لا تَنْفَسِخُ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: تَفْسُدُ في الأصح. انتهى. وذلك لأن الوَكالةَ إذْنٌ في التصَرُّفِ مع اسْتِئْمانٍ، فإنْ زال أحدُهما، لم يَزُلِ الآخَرُ. وقيل: تَبْطُلُ الوَكالةُ به. حَكاه ابنُ عَقِيلٍ في «نظرِيَّاتِه» وغيرُه. وجزَم به القاضي في «خِلافِه». وأطْلَقهما في «المُحَررِ»، و «الرَّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، ومَن تابعَه: أطْلَقَ أبو الخَطَّابِ القَوْل أنَّهَا لا تَبْطُلُ بتَعَدِّي الوَكيلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما وكِّلَ فيه. وهذا فيه تَفْصِيل. ومُلَخَّصُه، أنَّه إنْ أتْلَفَ بتَعَدِّيه عَينَ (¬1) ما وُكِّلَ فيه، بطَلتِ الوَكالةُ، وإنْ كانتْ عَينُ (2) ما تعَدَّى فيه باقِيَةً، لم تَبْطُلْ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما، وهو مُرادُ أبِي الخَطَّابِ وغيرِه. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين»: وظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أن المُخالفَةَ مِنَ الوَكِيلِ تَقْتَضِي فَسادَ الوَكالةِ، لا بُطْلانَها، فيَفْسُدُ العَقْدُ، ويَصيِرُ مُتَصَرفًا بمُجَردِ الإذْنِ. فعلى المذهبِ، لو تعَدَّى زالتِ الوَكالةُ، وصارَ ضامِنًا، فإذا تصَرَّفَ كما قال مُوَكِّلُه، بَرِئَ بقَبْضِه العِوَضَ، فإنْ رُدَّ عليه بعَيب، عادَ الضمانُ. قال في «القواعِدِ»: وعلى المَشْهورِ؛ إنَّما يَضْمَنُ ما فيه التعَدِّي خاصةً، حتى لو باعَه وقبَض ثَمَنَه، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه لم يَتَعدَّ في عَينه. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ولا يزُولُ الضَّمانُ عن عَينِ (2) ما وقَع فيه التَّعَدِّي بحالٍ، إلَّا على طَرِيقَةِ ابنَ الزَّاغُونِيِّ في الوَدِيعَةِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «غير».

وَهَلْ تَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ، وَحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تَبْطُلُ بالرِّدَّةِ، وحُرِّيَةِ عَبْدِه؟ على وَجْهَين. أطْلَقَ المُصَنِّفُ في بُطْلانِ الوَكالةِ بالرِّدَّةِ وَجْهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا تَبْطُلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، تَبْطُلُ. وقيل: تَبْطُلُ برِدَّةِ المُوَكِّلِ دُونَ الوَكِيلِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا تَبْطُلُ برِدَّةِ الوَكِيلِ، وإنْ لَحِقَ بدارِ الحَرْبِ. وهل تَبْطُلُ برِدَّة المُوَكِّلِ؟ على وَجْهَين؛ أصْلُهما، هل يزُولُ مِلْكُه، ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُه، أو يكونُ مَوْقُوفًا؟ على ما يأْتِي في الرِّدَّةِ. قال في «الفائِدَةِ السَّادِسَةَ عشَرَةَ»: إنْ قُلْنا: يزُولُ مِلْكُه. بطَلَتْ وَكالته. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ أيضًا في بُطْلانِ الوَكالةِ بحُرِّيةِ عَبْدِه وَجْهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايةِ الصغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا تَبْطُلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: تَبْطُلُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو باعَ عَبْدَه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلت: أو وهَبَه، أو كاتَبَه. انتهى. وكذا لو وَكَّلَ عَبْدَ غيرِه، فباعَه الغَيرُ. وأمَّا إذا وَكَّلَ عَبْدَ غيرِه، فأعْتَقَه ذلك الغيرُ، لم تَبْطُلِ الوَكالةُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فوائد؛ منها، لو وَكَّلَ امْرأتَه، ثم طَلَّقَها، لم تَبْطُلِ الوَكالةُ. ومنها، لو جحَد أحدُهما الوَكالةَ، فهل تَبْطُلُ؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، تَبْطُلُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، فيما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جُحِدَ التَّوْكِيلُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا تَبْطُلُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: تَبْطُلُ إنْ تعَمَّدَ، وإلَّا فلا. ومنها، لا تَبْطُلُ الوَكالةُ بالإباقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، وقل: تَبْطُلُ (¬1). وتقدَّم نَظِيرُها في أحْكامِ العَبْدِ، في البابِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لا تبطل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي قبلَه. ومنها، لو وَكَّلَه في طَلاقِ زَوْجَتِه، فوَطِئَها، بطَلَتِ الوَكالةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والروايتَين. وعنه، لا تَبْطُلُ. فعلى المذهبِ، في بُطْلانِها بقُبْلَةٍ، ونحوها خِلافٌ، بِناءً على الخِلافِ في حُصُولِ الرَّجْعَةِ به، على ما يأْتِي في بابِه، إنْ شاءَ الله تعالى. ومنها، لو وَكَّلَه في عِتْقِ عَبْدٍ، فكاتَبَه أو دَبَّرَه، بطَلَتِ الوَكالةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ صِحَّةُ عِتْقِه.

وَهَلْ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ وَالْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَنْعَزِلُ الوَكِيلُ بالمَوْتِ والعَزْلِ قبلَ عِلْمِه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعاية الكُبْرى»، و «الفُروع»، و «الفائقِ»، و «شَرْح المَجْدِ»، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ»؛ إحْداهما، يَنْعَزِلُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهب»: انْعَزَلَ في أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هذا أشْهَرُ. قال القاضي: هذا أشْبَهُ بأُصولِ المذهبِ، وقِياسٌ لقَوْلِنا: إذا كان الخِيارُ لهما، كان لأحَدِهما الفَسْخُ مِن غيرِ حُضُورِ الآخَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَنْعَزِلُ. نصَّ عليها، في رِوايَةِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُورٍ، وجَعْفَرِ بنِ محمدٍ، وأبِي الحارِثِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرَّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: يَنْعَزِلُ بالمَوْتِ لا بالعَزْلِ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال القاضي: محَلُّ الرِّوايتَين فيما إذا كان المُوَكَّلُ فيهْ باقِيًا في مِلْكِ المُوَكِّلِ، أمَّا إنْ أخْرَجَه مِن مِلْكِه بعِتْقٍ أو بَيعٍ، انْفَسَخَتِ الوَكالةُ بذلك. وجزَم به. وفرَّقَ القاضي بينَ مَوْتِ المُوَكلِ، بأنَّ الوَكيلَ لا يَنْعَزِلُ على رِوايَةٍ، وبينَ (¬1) إخْراجِ المُوَكَّلِ فيه مِنَ المُوَكلِ بعِتْقٍ أو بَيعٍ، بأنَّه يَنْعَزِلُ جَزْمًا، بأنَّ المِلْكَ في العِتْقِ والبَيعِ قد زال، وفي مَوْتِ المُوَكِّلِ، السِّلْعَةُ باقِيَةٌ على حُكْمِ مِلْكِه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وفيه نَظَر، فإنَّ الانْتِقال بالمَوْتِ أقْوَى منه بالبَيعِ والعِتْقِ، فإنَّ هذا يُمْكِنُ المُوَكلَ الاحْتِرازُ منه، فيَكُونُ بمَنْزِلَةِ عَزْلِه بالقَوْلِ، وذاك زال بفِعْلِ اللهِ فيه. فوائد؛ منها، يَنْبَنِي على الخِلافِ، تَضْمِينُه وعدَمُه؛ فإنْ قُلْنا: يَنْعَزِلُ. ضَمِنَ، وإلَّا فلا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الذينِ: لا يَضْمَنُ مُطْلَقًا. قلتُ: وهو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وهي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ؛ لأنَّه لم يُفَرِّطْ. ومنها، جعَل القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وجماعةٌ، محَلَّ الخِلافِ في نَفْسِ انْفِساخِ عَقْدِ الوَكالةِ قبلَ العِلْمِ. وجعَل المَجْدُ، والنَّاظِمُ، وجماعةٌ، محَلَّ الخِلافِ في نُفوذِ التَّصَرُّفِ، لا في نَفْسِ الانْفِساخِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا أوْفَقُ للنصوصِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والخِلافُ لَفْظِيٌّ ومنها، لا يَنْعَزِلُ مُودَعٌ قبلَ عِلْمِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا لأبي الخَطَّابِ، فما بيَدِه أمانَةٌ. وقال: مِثْلُه المُضارِبُ. ومنها، لو قال شَخْصٌ لآخَرَ: اشْتَرِ كذا بينَنا. فقال: نعَمْ. ثم قال لآخَرَ: نعم. فقد عزَل نَفْسَه مِن وَكالةِ الأوَّلِ، ويكونُ ذلك له وللثَّانِي. ومنها، عُقودُ المُشارَكاتِ؛ كالشَّرِكَةِ والمُضارَبَةِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تَنْفَسِخُ

وَإذَا وَكَّلَ اثْنَينِ، لَمْ يَجُزْ لأحَدِهِمَا الانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ، إلَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ العِلْمِ، كالوَكالةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الأَلْيَقُ بمَذْهَبِنا في المُضارَبَةِ، والشَّرِكَةِ، لا تَنْفَسِخُ بفَسْخِ المُضَارِبِ، حتى يعْلَمَ رَبُّ المالِ والشرِيكُ؛ لأنَّه ذَرِيعَةٌ إلى عامَّةِ الأضْرارِ، وهو تَعْطِيلُ المالِ عنِ الفَوائدِ والأرْباحِ. فائدة: لو عُزِلَ الوَكِيلُ، كان ما في يَدِه أمانَةً. وكذلك عُقُودُ الأماناتِ كلُّها؛ كالوَدِيعَةِ، والشَّرِكَةِ، والمُضارَبَةِ، والرهْنِ، إذا انْتَهَتْ أو انْفَسَخَتْ، والهِبَةِ إذا رجَع فيها الأبُ. وهو المذهبُ. صرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في الرَّهْنِ. وصرَّح به القاضي، وأبو الخَطابِ، في «خِلافَيهما» (¬1)، في بَقِيَّةِ العُقودِ، وأنَّها تَبْقَى أمانَةً. وقيل: تَبْقَى مَضْمُونَةً إنْ لم يُبادِرْ بالدَّفْعِ إلى المالِكِ، كمَن أطارَتِ الرِّيحُ إلى دارِه ثَوْبًا. وصرَّح به القاضي في مَوضِع مِن «خِلافِه»، في الوَدِيعَةِ والوَكالةِ. وكلامُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ يُشْعِرُ بالفَرْق بينَ الوَدِيعَةِ والرَّهْنِ، فلا يَضْمَنُ في الرَّهْنِ، ويَضْمَنُ في الوَدِيعَةِ. قوله: وإنْ وكَّل اثنَين، لم يَجُزْ لأحَدِهما أنْ ينَفْرَدَ بالتصَرُّفِ، إلَّا أنْ يَجْعَلَ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «خلافهما».

يَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك إليه. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يجوزُ لأحَدِهما الانْفِرادُ بالتَّصَرُّفِ إلَّا في الخُصُومَةِ. قال في «الفُروعِ»: وقيل: إنْ وَكَّلَهما في خُصُومَةٍ، انْفَرَدَ أحدُهما؛ للعُرْفِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُقوقُ العَقْدِ متَعَلِّقَة بالمُوَكلِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم؛ لأنَّه لا يَعْتِقُ قَرِيبُ وَكيل عليه، ويَنْتَقِلُ المِلْكُ إلى المُوَكِّلِ، ويُطالبُ بالثمَنِ، ويُرَدُّ بالعَيبِ، ويَضْمَنُ العُهْدَةَ، وغير ذلك. قال المُصَنفُ: وإنِ اشْتَرى وَكِيلٌ (¬1) في شِراءٍ في الذِّمَّةِ، فكضامِنٍ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في مَن وُكِّلَ في بَيع، أو اسْتئجارٍ: فإنْ لم يُسَمِّ مُوَكلَه في العَقْدِ، فَضامِنٌ، وإلا فرِوايَتان. وقال: ظاهِرُ المذهبِ يَضْمَنُه. قال: ومِثْله الوَكِيلُ في الاقْتِراضِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وكل».

وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيعِ أن يَبِيعَ لِنَفْسِهِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ إِذَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي الندَاءِ، أوْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ وَكَانَ هُوَ أَحَدَ الْمُشْتَرِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ للوَكيلِ في البَيعِ أنْ يَبِيعَ لنَفْسِه. هذا المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصححه في «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروع»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ، وابنُ عَقِيلٍ، والخِرَقِي، وغيرُهم. وعنه، يجوزُ، كما لو أَذِنَ له. على الصَّحيحِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا زادَ على مَبْلَغِ ثَمَنِه في النِّداءِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، أو وَكَّلَ مَن يَبِيعُ، حيثُ جازَ التَّوْكِيلُ، وكان هو أحَدَ المُشْتَرِيَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال في «المُحَررِ»: وعنه، له البَيعُ مِن نَفْسِه إذا زادَ على ثَمَنِه في النِّداءِ. وقال في «الفُروعِ»: وعنه، يصِحُّ أنْ مِن نَفْسِه إذا زادَ على ثَمَنِه في النِّداءِ. وقيل: أو وَكَّلَ بائِعًا. وهو ظاهِرُ ما نقَلَه حَنْبَلٌ. وقيل: لهما. انتهى. وحكَى الزَّرْكَشِيُّ، إذا زادَ على مَبْلَغِ ثَمَنِه في النِّداءِ رِوايَة، وإذا وَكلَ في البَيعِ، وكان هو أحدَ المُشْتَرِيَين رِوايَةً أُخْرَى. وقال في «القاعِدَةِ السَّبْعِين»: وأمَّا رِوايَةُ الجَوازِ، فاخْتُلِفَ في حِكايَةِ شُرُوطِها على طُرُقٍ؛ أحدُها، اشتِراطُ الزِّيادَةِ على الثمَنِ الذي تَنتهِي إليه الرَّغَباتُ في النِّداءِ، وفي اشْتِراطِ أنْ يتَوَلَّى النِّداءَ غيرُه وَجهْان. وهي طَرِيقَةُ القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ. والثَّاني، أنَّ المُشْتَرَطَ التَّوْكِيلُ المُجَرَّدُ، كما هي طَرِيقَةُ ابنِ أبي مُوسى، والشيرَازِيِّ. والثَّالثُ، أنَّ المُشْتَرَطَ أحَدُ أمْرَين؛ إمَّا أنْ يُوَكِّلَ مَن يبَيِعُه، على قَوْلِنا: يجوزُ ذلك. وإمَّا الزيادَةُ على ثَمَنِه في النِّداءِ. وهي طَرِيقَةُ القاضي في «خِلافِه»، وأبِي الخَطَّابِ. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ». وذكَر الأزَجِيُّ احْتِمالًا، أنهما لا يُعْتَبران؛ لأنَّ دِينَه وأمانَتَه تَحْمِلُه على الحَق، ورُبَّما زادَ خَيرًا. وعنه رِوايَةٌ رابعَةٌ، يجوزُ أنْ يُشارِكَه فيه، لا أنْ يَشْتَرِيَه كلَّه. ذكَرَها الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. ونقَلَها أبو الحارِثِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَأْذَنْ له، فإنْ أذِنَ له في الشِّراءِ مِن نَفْسِه، جازَ. ومُقْتَضَى تَعْليلِ الإمامِ أحمدَ في الرِّوايةِ التي تقولُ بالجَوازِ فيها ويُوَكِّلُ، لا يجوزُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يأْخُذُ بإحْدَى يدَيه مِنَ الأُخْرَى. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ في شِراءِ الوَكِيلِ مِن نَفْسِه للمُوَكِّلِ. وكذا الحاكِمُ وأمِينُه، والوَصِيُّ، وناظِرُ الوَقْفِ، والمُضارِبُ، كالوَكِيلِ. ولم يذْكُرِ ابنُ أبِي مُوسى في الوَصِيِّ سِوَى المَنْعِ. وقال في «القاعِدَةِ السَّبْعِين»: يتَوَجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّفْرِيقُ بينَ الحاكمِ وغيرِه؛ فإنَّ الحاكِمَ ولايتُه غيرُ مُسْتَنِدَةٍ إلى إذْنٍ، فتَكونُ عامَّةً، بخِلافِ غيرِه. الثَّانيةُ، حيثُ صحَّحْنا ذلك، صحَّ أنْ يتَوَلَّى طَرَفَي العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه المُصَنفُ، والشارِحُ. وقيل: لا يصِحُّ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو وُكِّلَ في بَيعِ عَبْدٍ أو غيرِه، ووَكلَه آخَرُ في شِرائِه مِن نَفْسِه، في قِياسِ المذهبِ. قاله المُصَنفُ، والشارِحُ، وقالا: ومِثْلُه لو وَكَّلَه

وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَبِيعَهُ لِوَلَدِهِ، أو وَالِدِهِ، أو مُكَاتَبِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتدَاعِيان في الدَّعْوَى عنهما؛ لأنَّه يُمْكِنُه الدَّعْوَى عن أحَدِهما، والجَوابُ عن الآخَرِ، وإقامَةُ حجَّةٍ لكُلِّ واحدٍ منهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال الأزَجِيُّ: لا يصِح في الدَّعْوَى مِن واحدٍ التَّضادِّ. قوله: وهل يَجُوزُ أنْ يَبِيعَه لوَلَدِه، أو والِدِه، أو مُكاتَبِه؟ على وَجْهَين. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «الهِدايةِ». وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايةِ الصغْرى»، و «المُحَررِ» و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. أي لا يصِحُّ، كنَفْسِه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التصْحيح». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وغيرِهم. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قال المُصَنّف في «المُغْنِم»، و «الكافِي»، والشارِحُ: الوَجْهان هنا مَبْنِيَّان على الرِّوايتَين في أصْلِ المَسْأَلَةِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الخِلاف هنا مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بعَدَمِ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ نَسَاءً، وَلَا بِغَيرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَيَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ، كَالْمُضَارِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّحَّةِ هناك. وهو ظاهِرُ كلام أكثرِ الأصحابِ. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. أي يصِحُّ، وإنْ منَعْنا الصِّحَّةَ في شِراءِ الوَكِيلِ مِن نَفْسِه لنَفْسِه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في هذه المَسْأَلَةِ، وفي التي قبلَها، إذا لم يَأْذَنْ له المُوَكِّلُ في ذلك، فأمَّا إنْ أذِنَ له، فإنَّه يجوزُ، ويصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ أيضًا. حَكاه المَجْدُ. قلتُ: وهو بعيدٌ في غيرِ الوَكِيلِ. تنبيه: مَفْهومُ كلامِه جَوازُ بَيعِه لإخْوَتِه وسائرِ أقارِبِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ كلامِ الأصحاب، وصرَّح به جماعَة. وذكَر الأزَجِيُّ فيهم وَجْهَين. قلتُ: حيثُ حصَلَتْ تُهْمَةٌ في ذلك، لا يصِحُّ. قوله: ولا يجوزُ -أي لا يصِحُّ- أنْ يَبِيعَ نَساءً، ولا بغيرِ نَقْدِ البَلدِ. وكذا لا يجوزُ أنْ يَبِيعَ بغيرِ غالِبِ نَقْدِ البَلَدِ إنْ كان فيه نُقودٌ. ومُرادُه، إذا أطْلَقَ الوَكالةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ في ذلك، نصَّ عليه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، وقال: هو أوْلَى. ويَحْتَمِلُ أنْ يجوزَ، كالمُضارِبِ. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وهو تخرِيجٌ في «الفائقِ»، وهو رِوايَة في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ في «النِّهايةِ»، أن الوَكِيلَ يَبِيعُ حالًّا بنَقْدِ بَلَدِه، وبغيرِه، لا نَساءً. وذكَر في «الانْتِصارِ»، أنَّه يَلْزَمُه النَّقْدُ أو ما نقَص. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، جَوازَ بَيعِ المُضارِبِ نَساءً؛ لكَوْنِه جعَلَه هنا أصْلًا للجوازِ. وهو صحيحٌ، وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ، على ما يَأْتِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى في بابِ الشركَةِ. لكِنْ أطْلَقَ هناك الخِلافَ في شَرِكَةِ العِنانِ، والمُضارَبَةُ مِثْلُها. فالحاصِلُ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ في الوَكالةِ، عدَمُ الجَوازِ، وفي المُضارَبَةِ، الجَوازُ. وفرقَ المُصَنِّفُ، والشارِحُ بينَهما بأنَّ المَقْصودَ مِنَ المُضارَبَةِ الرِّبْحُ، وهو في النساءِ أكثرُ، ولا يتَعَيَّنُ في الوَكالةِ ذلك، بل رُبَّما كان

وَإنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ، صَحَّ، وَضَمِنَ النَّقْصَ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَقْصودُ تَحْصيلَ الثَّمَنِ لدَفْعِ حاجَتِه، ولأن اسْتِيفاءَ الثَّمَنِ في المُضارَبَةِ على المُضارِبِ، فيَعُودُ ضَرَرُ التَّأْخيرِ في التَّقاضِي عليه، بخِلافِ الوَكالةِ، فيَعودُ ضَرَرُ الطلَبِ على المُوَكِّلِ. فائدة: إذا أطْلَقَ الوَكالةَ، لم يصِحَّ أنْ يَبيعَ بمَنْفَعَةٍ، ولا بعَرْضٍ (¬1) أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وفي العَرْضِ احْتِمالٌ بالصِّحَّةِ. وهو رِوايَةٌ في «المُوجَزِ». ويأْتِي في كلام المُصَنِّفِ: إذا قال للوَكِيل: أَذِنْتَ لِي في البَيعِ نَساءً، وفي الشِّراءِ بخَمْسَةٍ. وأنْكَرَ المُوَكِّلُ. قوله: وإنْ باعَ بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، أو بأَنْقَصَ مِما قدَّرَه، صَحَّ، وضَمِنَ النَّقْصَ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بقرض».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضي في «الخِلافِ» وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»؛ و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وقال: قاله الأكْثَرُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ. وهو رِوايَةٌ مَنْصوصَةٌ عن أحمدَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وصحَّحه القاضي في «المُجَردِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، وقال: إنه الذي تَقْتَضِيه أُصولُ المذهبِ. وقدَّمه الشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهِما في «الكافِي». وقال في «المُحَررِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما: ويتَخرَّجُ أنَّه كتَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ. قال في «الفُروعِ»: قيلَ: إنه كفُضُولِيٍّ. نصَّ عليه، فإنْ تَلِفَ وضَمِنَ الوَكِيلُ، رجَع على مُشْتَر لتَلَفِه عندَه. وقيل: يصِحُّ. نصَّ عليه. انتهى. ويأْتِي قرِيبًا في كلامِ المُصَنِّفِ: لو وَكلَه في الشِّراءِ، فاشْترَى بأكْثَرَ مِن ثَمَن المِثْلَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: جمَع المُصَنِّفُ بينَ ما إذا وَكَّلَه في البَيعِ وأطْلَقَ، وبينَ ما إذا قدَّرَه له، فجعَل الحُكْمَ واحِدًا. وهو أصحُّ الطَّرِيقتَين. وصرَّح به القاضي، وغيرُه. ونصَّ عليه، في رِوايَةِ الأَثْرَمِ، وأبي داودَ، وابنِ مَنْصُورٍ. وقيل: يَبْطُلُ العَقْدُ مع مُخالفَةِ التَّسْمِيَةِ، ولا يَبْطُلُ مع الإطْلاقِ. وممَّن قال ذلك؛ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «فُصولِه». قاله في «الفائِدَةِ (¬1) العِشْرِين». تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: وإنْ باعَ بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ. ممَّا يتَغابَنُ النَّاسُ بمِثْلِه، فأمَّا ما لا يتَغابَنُ النَّاسُ بمِثْلِه؛ كالدِّرْهَمِ في العَشَرَةِ، فإنَّ ذلك مَعْفُوٌّ عنه إذا لم يَكُنِ المُوَكِّلُ قد قدَّرَ الثمَنَ. قوله: وضَمِنَ النَّقْصَ. في قَدْرِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الكافِي»؛ أحدُهما، هو ما بينَ ما باعَ به وثَمَنِ المِثْلِ. قال الشارِحُ: وهذا أقْيَسُ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. ذكَرَه عنه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، هو ما بينَ ما يتَغابَنُ به النَّاسُ وما لا يتَغابَنُون. فعلى المذهبِ، في أصْلِ ¬

(¬1) في النسخ: «القاعدة»، وانظر: القواعد 456.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْأَلَةِ، لا يَضْمَنُ عَبْدٌ لسَيِّدِه، ولا صَبِيٌّ لنَفْسِه، ويصِحُّ البَيعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وفيه احْتِمالٌ، أنَّه يَبْطُلُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: فعلى الأولِ، يُعايىَ بها في الصَّبِيِّ. فائدتان؛ إحْداهما، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: لو وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ إلى أجَلٍ، فزادَه أو نقَصَه، ولا حَظَّ فيه، لم يصِحَّ. قال في «الفُروعِ»: وإنْ أمَر بشِراءِ كذا حالًّا، أو يَبيعُ بكذا نَساءً، فخالفَ في حُلُولٍ وتأْجِيلٍ، صحَّ في الأصحِّ.

وَإنْ بَاع بِأَكْثَرَ مِنْهُ، صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ جنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ، أوْ لَمْ تَكُنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إنْ لم يتَضَرَّرْ. انتهى. الثَّانيةُ، لو حضَر مَن يَزِيدُ على ثَمَنِ المِثْلِ، لم يَجُزْ أنْ يَبِيعَ بثَمَنِ المِثْلِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْء»، و «الرِّعايةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قلتُ: فيُعايىَ بها. وهي مَخْصوصَة مِن مَفْهومِ كلامِ المُصَنِّفِ وكلامِ غيرِه، مِمَّن أطْلَقَ. ولو باعَه بثَمَنِ مِثْلِه، فزادَ عليه آخَرُ في مُدةِ الخِيارِ، لم يَلْزَمْه الفَسْخ. قال في «الرعايةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ لُزُومُه إنْ صحَّ بَيعُه على بَيعِ أخِيه. انتهى. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه ذلك. وقال في «الفُروعِ»: وفيه وَجْه، يَلْزَمُه. قوله: وإنْ باعَ بأكْثَرَ منه، صَحَّ، سَواءٌ كانَتِ الزِّيادَةُ مِن جِنْسِ الثمَنِ الذي أمَرَه به أولم تَكُنْ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. قال في «التَّلْخيصِ»: فأَظْهَرُ الاحْتِمالين الصِّحَّةُ. قال القاضي: وهو المذهبُ. وقيل: إنْ كانتِ الزيادَةُ مِن جِنْسِ الثمَنِ، صح، وإلَّا فلا. قال في

وَإنْ قَال: بِعْهُ بِدِرْهَمٍ. فَبَاعَهُ بِدِينَارٍ، صَحَّ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»: قال القاضي: ويَحْتَمِلُ أنْ يَبْطُلَ في الزيادَةِ مِن غيرِ الجِنْسِ بحِصَّتِه مِنَ الثَّمَنَ. قوله: وإنْ قال: بعْه بدِرْهَمٍ. فباعَه بدِينارٍ، صَحَّ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «المُغْنِي»، وظاهِرُ ما قطَع به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الكافِي».

وَإِنْ قَال: بِعْهُ بِأَلْفٍ نَسَاءً. فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ حَالَّةً، صَحَّ، إِنْ كَانَ لَا يَسْتَضِرُّ بِحِفْظِ الثَّمَنِ في الْحَالِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: اشْتَرِه بمِائَةٍ، ولا تَشْتَرِه بخَمْسِين. صحَّ شِراؤُه بما بينَهما. وكذا بدُونِ الخَمْسِين. على الصَّحيحِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وهو الصَّوابُ. وقيل: لا يصِحُّ بدُونِ الخَمْسِين. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ قال: بِعْه بأَلْفٍ نَساءً، فباعَه بأَلْفٍ حَالةً، صَحَّ إنْ كان لا يَسْتَضِرُّ بحِفْظِ الثَّمَنِ في الحالٌ. وهو أَحَدُ الوَجْهَين. صحَّحه في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ مُطْلَقًا ما لم يَنْهَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي. قال في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: صحَّ في أصحِّ الوَجْهَين. قال ابنُ رَزِين في «نِهايَتِه»: صحَّ في الأظْهَرِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وقيل: لا يصِحُّ مُطقًا. وأطْلَقهُنَّ في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، ويأْتِي عَكْسُ هذه المَسْأَلَةِ في كلامِ المُصَنِّفِ قرِيبًا.

وَإِنْ وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ، فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ، أَوْ وَكَّلَهُ في بَيعِ شَيْءٍ، فَبَاعَ نِصْفَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْكُلِّ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَكَّلَه في الشِّراءِ، فاشْتَرَى بأكْثَرَ مِن ثَمَنِ المِثْلِ، أو بأَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَه له، لم يَصِحَّ. وهو أَحَدُ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضي في «الجامِعِ»، وجزَم به في «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، والشَّارِحُ، وقال: هو كتَصَرُّفِ الأجْنَبِيِّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. قاله ناظِمُ «المُفْرَداتِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانِي، يصِحُّ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وصحَّحه النَّاظِمُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هو المَنْصوصُ، وعليه الأكثرُ. انتهى. وذلك؛ لأنَّ حُكْمَه حكْمُ ما لو باعَ بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، أو بأَنْقَصَ ممَّا قدَّرَه له. ذكَرَه الأصحابُ. وتقدَّم هناك، أنَّ المذهبَ صِحَّةُ البَيعِ، فكذا هنا؛ لأنَّ المَنْصوصَ في المَوْضِعَين الصِّحَّةُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. لكِنَّ المُصَنِّفَ قدَّم هناك الصِّحَّةَ، وقدَّم هنا عدَمَها؛ فلذلك قال ابنُ مُنَجَّى: الفَرْقُ بينَ المَسْأَلتَين على ما ذكَرَه المُصَنِّفُ عَسِرٌ. انتهى. والذي يَظْهَرُ، أنَّ المُصَنِّفَ هناك إنَّما قدَّم تَبَعًا للأصحابِ، وإنْ كان اخْتِيارُه مُخالِفًا له، وهذا يقَعُ له كثيرًا. وقدَّم هنا نَظرًا إلى ما اخْتارَه، لا إلى الفَرْقِ بينَ المَسْألتَين، فإنَّ اخْتِيارَه في المَسْألتَين واحِدٌ، والحُكْمُ عندَه فيهما واحِدٌ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في المَسْأَلتَين في «الفُروعِ». وظهَر ممَّا تقدَّم، أنَّ للأصحابِ في المَسْألتَين طَرِيقَتَين؛ التَّساوي، وهو الصَّحيحُ. والصِّحَّةُ هناك، وعدَمُها هنا. وهي طَرِيقَتُه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وذكَر الزَّرْكَشِيُّ فيهما ثَلاثَةَ أقْوالٍ؛ ثالِثُها الفَرْقُ، وهو ما قاله المُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، فباعَ نِصْفَه بدُونِ ثَمَن الكُلِّ، لم يَصِحَّ. إذا وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، فباعَ بعضَه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يَبيعَ البعضَ بثَمَنِ الكُلِّ، أوْ لا، فإنْ باعَه بثَمَنهِ كلِّه، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. قدَّمه في «الفائقِ». وهو ظاهرُ ما قطَع به في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وظاهِرُ ما قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قلتُ: وهذا القَوْلُ ضَعيفٌ. فعلى المذهب، يجوزُ له بَيعُ الباقِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ. وإنْ باعَ البعضَ بدُونِ ثَمَن الكُلِّ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يَبِيعَ الباقِيَ، أوْ لا؛ فإنْ باعَ الباقِيَ، صحَّ البَيعُ، وإلَّا لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: نصَّ عليه. قال في «التَّلْخيصِ»: والذي نقَلَه الأصحابُ في ذلك، أنَّه لا يصِحُّ إذا لم يَبعِ الباقِيَ؛ دَفْعًا لضَرَرِ المُشارَكَةِ بما بَقِيَ. وقوْلُهم: إذا لم يَبعِ الباقِيَ. يدُلُّ على أنَّه إذا باعَه ينْقَلِبُ صَحيحًا. وفيه عندِي نَظَرٌ. انتهى. وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى».

وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِمَا قَدَّرَهُ لَهُ مُؤَجَّلًا، أَوْ قَال: اشْتَرِ لِي شَاةً بدِينَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن محَلِّ الخِلافِ فيما تقدَّم، ومِن عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، لو وَكَّلَه في بَيعِ عَبِيدٍ، أو صُبْرَةٍ، ونحوهما، فإنَّه يجوزُ له بَيعُ كلِّ عَبْدٍ مُنْفَرِدًا، وبَيعُ الجميعِ صَفْقَةً واحِدَةً، وبَيعُ بعضِ الصُّبْرَةٍ مُنْفرِدَةً، وبَيعُها كلِّها جُمْلَةً واحدةً. قاله الأصحابُ، إنْ لم يَأْمُرْه ببَيعِها صَفْقَةً واحدةً. تنبيه: قوْلِي عن كلامِ المُصَنِّفِ: بدُونِ ثَمَنِ الكُلِّ. هو في بعضِ النُّسَخِ، وعليها شرَح الشَّارِحُ. وفي بعضِها، بإسْقاطِها، تَبَعًا لأبِي الخَطَّابِ، وعليها شرَح ابنُ مُنَجَّى، لكِنْ قيَّدها بذلك مِن كلامِه في «المُغْنِي». قوله: وإنِ اشْتَراه بما قَدَّرَه له مُؤجَّلا، صحَّ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. قال في «الفُروعِ»: صحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه. في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقيل: لا يصِحُّ إنْ حصَل ضَرَرٌ، وإلَّا صحَّ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ».

فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ تُسَاوي إِحْدَاهُمَا دِينَارًا، أَو اشْتَرَى شَاةً تُسَاوي دِينَارًا بِأَقلَّ مِنْهُ، صَحَّ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. فالأوَّلُ ضَعيفٌ. وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قوله: وإنْ قال: اشْتَرِ لي شاةً بدِينارٍ، فاشْتَرَى له شاتَين تُساوي إِحْداهما دِينارًا، أو اشْتَرَى شاةً تُسَاوي دِينارًا بأَقَلَّ منه، صَحَّ -وكان للمُوَكِّلِ- وإلَّا لم يَصِحَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي، وإنْ لم تُساو إحْداهما دِينارًا، لم يصِحَّ. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وفي «المُبْهِجِ» رِوايَةٌ في المَسْأَلَةِ الأُولَى، أنَّه كفُضُولِيٍّ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ ساوَتْ كلُّ واحِدَةٍ منهما نِصْفَ دِينارٍ، صحَّ للمُوَكِّلِ لا للوَكِيلِ، وإنْ كانَتْ كلُّ واحِدَةٍ منهما لا تُساوي نِصْفَ دِينارٍ، فرِوايَتان؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، يَقِفُ على إجازَةِ المُوَكِّلِ. وقال في «الرعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن»: وقيل: الزَّائِدُ على الثَّمَنِ والمُثَمَّنِ المُقَدَّرَين للوَكِيلِ. فعلى المذهبِ، لو باعَ إحْدَى الشَّاتَين بغيرِ إذْنِ المُوَكِّلِ، فقِيلَ: يصِحُّ إنْ كانتِ الباقِيَةُ تُساوي دِينارًا؛ لحَدِيثِ عُرْوَةَ (¬1). قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، لأنَّه أخَذ بحَديثِ عُرْوَةَ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يصِحُّ مُطْلَقًا. ذكَرَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» وقدَّمه. وقال ¬

(¬1) تقدم تخريجه في: 11/ 56.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفائِدَةِ العِشْرين»: لو باعَ إحْداهما بدُونِ إذْنِه، ففيه طَرِيَقان؛ أحدُهما، يُخرَّجُ على تَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ. والثَّاني، أنَّه صحيحٌ، وَجْهًا واحِدًا. وهو المَنْصوصُ.

وَلَيسَ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ، فَإِنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَى عَيبًا، فَلَهُ الرَّدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس له شِراءُ مَعِيبٍ. بلا نِزاعٍ. فإنْ فعَل، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ جاهِلًا أو عالِمًا، فإنْ كان جاهِلًا به فيَأْتِي. وإنْ كان عالِمًا، لَزِمَ الوَكِيلَ ما لم يَرْضَ المُوَكِّلُ، وليس له ولا لمُوَكِّلِه رَدُّه. وإنِ اشْتَرَى بعَينِ المالِ، فكشِراءِ فُضُولِيٍّ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ. وقال الأَزَجِيُّ: إنِ اشْتَراه مع عِلْمِه بالعَيبِ، فهل يقَعُ عنِ المُوَكِّلِ؛ لأنَّ العَيبَ إنَّما يُخافُ منه نَقْصُ المالِيَّةِ -فإذا كان مُساويًا للثَّمَنِ، فالظَّاهِرُ، أنَّه يَرْضَى به- أم لا يقَعُ عنِ المُوَكِّلِ؟ فيه وَجْهان. قوله: وإنْ وجَد بما اشْتَرَى عَيبًا، فله الرَّدُّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولم يَضْمَنْه. وقال الأَزَجِيُّ: إنْ جَهِلَ عَيبَه، وقدِ اشْتَرَى بعَينِ المالِ، فهل يقَعُ عنِ المُوَكِّلِ؟ فيه خِلافٌ. انتهى. وله رَدُّه وأخْذُ سَليمٍ بدَلَه، إذا لم يُعَيِّنْه المُوَكِّلُ، على ما يأْتِي قرِيبًا.

فَإِنْ قَال الْبَائِعُ: مُوَكِّلُكَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيبِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو أسْقَطَ الوَكِيلُ خِيارَه، فحضَر مُوَكِّلُه، فرَضِيَ به، لَزِمَه، وإلَّا فله رَدُّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُغْنِي» (¬1): وله رَدُّه على وَجْهٍ. الثَّانيةُ، لو ظهَر به عَيبٌ، وأنْكَرَ البائعُ أنَّ الشِّراءَ وقَع للمُوَكِّلِ، لَزِمَ الوَكِيلَ، وليس له رَدُّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُ المُوَكِّلَ، وله أَرْشُه، فإنْ تَعَذَّرَ مِنَ البائعِ، لَزِمَ الوَكِيلَ. قوله: فإنْ قال البائعُ: مُوَكِّلُك قد رَضِيَ بالعَيبِ. فالقَوْلُ قَوْلُ الوَكِيلِ مع يَمِينِه أَنَّه لا يَعْلَمُ ذلك. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 253, 254.

مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ. فَإِنْ رَدَّهُ، فَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ الْبَائِعَ في الرِّضَا بِالْعَيبِ، فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَقِفُ الأمْرُ على حَلِف مُوَكِّلِه، وللحاكِمِ إلْزامُه حتى يَحْضُرَ مُوَكِّلُه. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْل ذلك خِلافًا ومذهبًا، قَوْلُ غَرِيمٍ لوَكِيلٍ غائبٍ، في قَبْضِ حقِّه: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك. أو قبَضَه. ويُحْكَمُ عليه ببَيِّنةٍ إنْ حُكِمَ على غائبٍ. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى الغرِيمُ أنَّ المُوَكِّلَ عزَل الوَكِيلَ في قَضاءِ الدَّينِ، أو ادَّعَى مَوْتَ المُوَكِّلِ، حلَف الوَكِيلُ على نَفْي العِلْمِ، في أصَحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: يُقْبَلُ قوْلُه مِنْ غيرِ يَمِينٍ. قوله: فإنْ رَدَّه، فصَدَّقَ المُوَكِّلُ البائِعَ في الرِّضَا بالعَيب، فهل يَصِحُّ الرَّدُّ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ الرَّدُّ، وهو باقٍ للمُوَكِّلِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «المُغْنِي». والثَّاني، يصِحُّ، فيُجَدِّدُ المُوَكِّلُ العَقْدَ. صحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ:

وَإِنْ وَكَّلَهُ في شِرَاءِ مُعَيَّنٍ، فَاشْتَرَاهُ وَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إِعْلَامِ الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ الرَّدُّ، بِناءً (¬1) على أنَّ الوَكِيلَ لا يَنْعَزِلُ قبلَ عِلْمِه. وقال أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ»: يَطَّرِدُ رِوايَتان مَنْصوصَتان في اسْتِيفاءِ حَدٍّ وقَوَدٍ وغيرِهما مِنَ الحُقوقِ، [مع غَيبَةِ المُوَكِّلِ، وحُضورِ وَكِيلِه] (¬2). وحَكاهما غيرُه في حَدٍّ وقَوَدٍ على ما تقدَّم. فائدة: رِضَى المُوَكِّلِ الغائبِ بالمَعِيبِ عَزْلٌ لوَكِيلِه عن رَدِّه. قوله: وإنْ وَكَّلَه في شِراءِ مُعَيَّنٍ، فاشْتَراه، ووجَدَه مَعِيبًا، فهل له الرَّدُّ قبلَ إعْلامِ المُوَكِّلِ؟ على وجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) زيادة من: 1. (¬2) في الأصل، ط: «ومع غيبة الموكل وحضور».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّر»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»؛ أحدُهما، له الرَّدُّ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، ليس له الرَّدُّ. قال في «الرِّعايتَين»: هذا أَوْلَى. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. فلو عَلِمَ عَيبَه قبلَ شِرائِه، فهل له شِراؤُه؟ فيه وَجْهان مَبْنيَّان على الوَجْهَين اللَّذين قبلَهما؛ فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ الرَّدَّ في الأُولَى. فليس له شِراؤُه. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ هناك. فله الشِّراءُ هنا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: فإنْ ملَكَه، فله شِراؤُه إنْ عَلِمَ عَيبَه قبلَه. وهو مُخالِفٌ لما قالاه. وقد تقدَّم أنَّه إذا لم

وَإنْ قَال: اشْتَرِ لِي بِعَينِ هَذَا الثَّمَنِ. فَاشْتَرَى لَهُ في ذِمَّتِهِ، لَمْ يَلْزَمَ الْمُوَكِّلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكُنْ مُعَيَّنًا، أنَّ له الرَّدَّ وأخْذَ بدَلِه مِن غيرِ إعْلامِ المُوَكِّلِ. قوله: وإِنْ قال له: اشْتَرِ لي بعَينِ هذا الثَّمَنِ. فاشْتَرَى له في ذِمَّتِه، لم يَلْزَمِ المُوَكِّلَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ أجازَه المُوَكِّلُ، لَزِمَه، وإلَّا فلا. وعلى كلِّ قَوْلٍ، البَيعُ صحيحٌ، وحيثُ لم يَلْزَمِ المُوَكِّلَ، لَزِمَ الوَكِيلَ. فائدة: لو قال: اشْتَرِ لي بهذِه الدَّراهِمِ كذا. ولم يَقُلْ: بعَينِها. جازَ له أنْ يَشْتَرِيَ له في ذِمَّتِه، وبعَينِها. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فليس له العَقْدُ مع فَقِيرٍ، وقاطِعِ طَريقٍ، إلَّا بأَمْرِه. نقَلَه الأَثرَمُ.

وإنْ قَال: اشْتَرِ لِي في ذِمَّتِكَ، وَانْقُدِ الثَّمَنَ. فَاشْتَرَى بِعَينِهِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قال: اشْتَرِ لي في ذِمَّتِك وانْقُدِ الثَّمَنَ. فاشْتَرَى بعَينِه، صَحَّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: ذكَرَه أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وقال: إنْ لم يَكُنْ للمُوَكِّلِ غَرَضٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»،

وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيعِهِ في سُوقٍ بِثَمَنٍ، فَبَاعَهُ بِهِ في آخَرَ، صَحَّ. وَإِنْ قَال: بِعْهُ لِزَيدٍ. فَبَاعَهُ مِنْ غيرِهِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، ومالا إليه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: إنْ رَضِيَ به، وإلَّا بطَل. وهو أوْلَى. فائدة: يُقْبَلُ إقْرارُ الوَكِيلِ بعَيب فيما باعَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. [وجزَم به في] (¬1) «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم، ذكَرُوه في الشَّرِكَةِ. [وقال في «المُنْتَخَبِ»] (¬2): لا يُقْبَلُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. فلا يُرَدُّ على مُوَكِّلِه. [وإنْ رُدَّ بنُكُولِه] (¬3)، [ففي رَدِّه على مُوَكِّلِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ ردُّه على المُوَكِّلِ] (¬4). قوله: وإنْ أمَرَه ببَيعِه في سُوقٍ بثَمَنٍ، فباعَه به في آخَرَ، صَحَّ. إنْ لم يَنْهَه عنه، ولم يَكُنْ له فيه غَرَضٌ. بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «وقال في المنتخب و». (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) سقط من: الأصل، وفي ط: «قوله». (¬4) سقط من: الأصل.

وَإِنْ وَكَّلَهُ في بَيعِ شَيْءٍ مَلَكَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمْ يَمْلِكْ قَبْضَ ثَمَنِهِ إلا بِقَرِينَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قَبْضُهُ، لَمْ يَلْزَمِ الْوَكِيلَ شَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، ملَك تَسْلِيمَه. بلا نِزاعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ولم يَمْلِكْ قَبْضَ ثَمَنِه إلَّا بقَرِينَةٍ. هذا أحَدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الوَجيزٍ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»، على ما يأْتِي. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَمْلِكُ قَبْضَ ثَمَنِه مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، كالحاكِمِ وأَمِينِه. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّالِثُ، يَمْلِكُه مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ»: وفي قَبْضِه ثَمَنَه بلا قَرِينَةٍ وَجْهان. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: له قَبْضُ الثَّمَنِ، إنْ فُقِدَتْ قَرِينَةُ المَنْعِ. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، إنْ تعَذَّرَ قَبْضُ الثَّمَنِ مِنَ المُشْتَرِي، لم يَلْزَمِ الوَكِيلَ شيءٌ, كما لو ظهَر المَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أو مَعِيبًا. وعلى الثَّالثِ، ليس له تَسْليمُ المَبِيعِ إلَّا بقَبْض الثَّمَنِ، أو حُضورِه، وإنْ سلَّمَه قبلَ قَبْضِ ثَمَنِه، ضَمِنَه. وعلى الأوَّلِ، إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على قَبْضِه ولم يَقْبِضْه، ضَمنَه، وإلَّا فلا. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو وَكَّلَه في شِراءِ سِلْعَةٍ، هل يقْبِضُها أم لا؟ أم يقْبِضُها إنْ دلَّتْ قَرِينَةٌ عليه؟ وإنْ أخَّرَ تَسْلِيمَ ثَمَنِه بلا عُذْرٍ، ضَمِنَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: لا يَضْمَنُ. الثَّانيةُ، هل للوَكِيلِ في البَيعِ أو الشِّراءِ فِعْلُ ذلك بشَرْطِ الخِيارِ له، وقيل: مُطْلَقًا. أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: وإنْ وُكِّلَ في شِراءٍ، لم يَشْرُطِ الخِيارَ للبائعِ. وهل له شَرْطُه لنَفْسِه، أو لمُوَكِّلِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. وظاهرُ كلامِه في «المُجَرَّدِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في البَيعِ، صِحَّةُ ذلك، ويكونُ للمُوَكِّلِ. فإذا شرَط الخِيارَ، فهو لمُوَكِّلِه، وإنْ شرَطَه لنَفْسِه، فهو لهما،

وَإنْ وَكَّلَهُ في بَيعٍ فَاسِدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يصِحُّ شَرْطُه له وحدَه. ويَخْتَصُّ الوَكِيلُ بخِيارِ المَجْلِسِ، ويَخْتَصُّ به المُوَكِّلُ، إنْ حضَرَه وحجَر عليه. جزَم به في «الفُروعِ». وقال في «التَّلْخيصِ»: وإنْ حضَر المُوَكِّلُ في المَجْلِسِ، وحجَر على الوَكِيلِ في الخِيارِ، رجَعَتْ حَقِيقَةُ الخِيارِ إلى المُوَكِّلِ، في أظْهَرِ الاحْتِمالين. وتقدَّم ذلك في خِيارِ الشَّرْطِ، ومَسائِلَ أُخَرَ، عندَ قَوْلِه: وإنْ شرَط الخِيارَ لغيرِه، جازَ. قوله: وإنْ وَكَّلَه في بَيعٍ فاسِدٍ، أو في كلِّ قَلِيلٍ وكَثيرٍ، لم يَصِحَّ. إذا وَكَّلَه

أَوْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بَيعٍ فاسِدٍ، فباعَ بَيعًا صحيحًا، لم يصِحَّ، قطَع به الأصحابُ. وإنْ وَكَّلَه فيه كلِّ قَليلٍ وكثيرٍ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ, كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال في «النِّهايةِ»: لم يصِحَّ باتِّفاقِ الأصحابِ. وقيل: يصِحُّ, كما لو وَكَّلَه في بَيعِ مالِه كلِّه، أو المُطالبَةِ بحُقوتِه كلِّها، أو الإِبْراءِ منها، أو بما شاءَ منها.

وَإِنْ وَكَّلَهُ في بَيعِ مَالِهِ كُلِّهِ، صَحَّ. وَإنْ قَال: اشْتَرِ لِي مَا شِئْتَ. أَوْ: عَبْدًا بمَا شِئْتَ. لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَذْكُرَ النَّوْعَ وَقَدْرَ الثَّمَنِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: اشْتَرِ لي ما شِئْتَ، أو عَبْدًا بما شِئْتَ. لم يَصِحَّ حتى يَذْكُرَ النَّوْعَ وقَدْرَ الثَّمَنِ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. قاله في «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفائقِ». وعنه، ما يدُلُّ على أنَّه الأصَحُّ. قال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أنْ يجوزَ، على ما قاله أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رَجُلَين، قال كلُّ واحدٍ منهما لصاحبِه: ما اشْتَرَيتَ مِن شيءٍ، فهو بَينِي وبينَك. إنَّه جائزٌ، وأعْجَبَه، وقال: هذا توْكِيلٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في كلِّ شيءٍ. وكذا قال ابنُ أبِي مُوسى: إذا أطْلَقَ وَكالتَه، جازَ تَصَرُّفُه في سائرِ حُقوقِه، وجازَ بَيعُه عليه، وابْتِياعُه له، وكانَ خَصْمًا فيما يَدَّعِيه لمُوَكِّلِه، ويُدَّعَىَ

وَإِنْ وَكَّلَهُ في الْخُصُومَةِ، لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا في الْقَبْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، بعدَ ثُبوتِ وَكالتِه منه. انتهى. وقيل: يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ فقِط. اخْتارَه القاضي. نقَلَه عنه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعَ». وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ، أو قَدْرُ الثَّمَنِ. قوله: وإنْ وَكَّلَه في الخُصُومَةِ، لم يَكُنْ وَكِيلًا في القَبْضِ. ولا الإِقْرارِ عليه مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقَعُوا به. وقطَع به ابنُ البَنَّا في «تَعْليقِه»، أنَّه يكونُ وَكِيلًا في القَبْضِ؛ لأنَّه مَأْمورٌ بقَطْعِ الخُصومَةِ، ولا تَنْقَطِعُ إلَّا به. انتهى. قلتُ: الذي يَنْبَغِي، أنْ يكونَ وَكِيلًا في القَبْضِ، إنْ دَلَّتْ عليه قَرِينَةٌ. كما اخْتارَه المُصَنِّفُ، وجماعَةٌ، فيما إذا وَكَّلَه في بَيعِ شيءٍ، أنَّه لا يَمْلِكُ قَبْضَ ثَمَنِه إلَّا بقَرِينَةٍ.

وَإِنْ وَكَّلَهُ في الْقَبْضِ، كَانَ وَكِيلًا في الْخُصُومَةِ، في أَحَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ وَكَّلَه في القَبْضِ، كانَ وَكيِلًا في الخُصُومَةِ، في أَحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في

الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ». وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يكونُ وَكِيلًا في الخُصومَةِ. وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يَحْتَمِلُ، إنْ كان المُوَكِّلُ عالِمًا بجَحْدِ (¬1) مَن عليه الحَقُّ، أو مَطْلِه، كان تَوْكِيلًا (¬2) في تَثْبِيتِه والخُصومَةِ فيه؛ لعِلْمِه بتَوَقُّفِ القَبْضِ عليه، وإلَّا فلا. فائدتان؛ إحْداهما، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، صِحَّةَ الوَكالةِ في الخُصومَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. لكِنْ قال في «الفُنونِ»: لا يصِحُّ ممَّن عَلِمَ ظُلْمَ مُوَكِّلِه في الخُصومَةِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وهذا ممَّا لا شَكَّ فيه. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُه يصِحُّ إذا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بحجر». انظر: المغني 7/ 211. (¬2) في الأصل، ط: «وكيلا». انظر: المغني 7/ 211.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَعْلَمْ ظُلْمَه، فلو ظَنَّ ظُلْمَه، جازَ. ويتَوَجَّهُ المَنْعُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال: ومع الشَّكِّ يتَوَجَّهُ احْتِمالان، ولعَلَّ الجَوازَ أوْلَى، كالظَّنِّ في عدَمِ ظُلْمِه؛ فإنَّ الجَوازَ فيه ظاهِرٌ، وإنْ لم يَجُزِ الحُكْمُ مع الرِّيبَةِ في البَيِّنَةِ. وقال القاضي، في قَوْلِه تَعالى: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (¬1): يدُلُّ على أنَّه لا يجوزُ لأحَدٍ أنْ يُخاصِمَ عن غيرِه في إثبْاتِ حقٍّ أو نَفْيِه، وهو غيرُ عالِمٍ بحَقِيقَةِ أمْرِه. وكذا قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، في الصُّلْحِ عنِ المُنْكِرِ: يُشْتَرَطُ أنْ يَعْلَمَ صِدْقَ المُدَّعِي، فلا تَحِلُّ دَعْوَى ما لا يَعْلَمُ ثُبوتَه. الثَّانيةُ له إثْبات وَكالتِه مع غَيبَةِ مُوَكِّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: ليس له ذلك. ويأْتِي، في باب أقْسامِ المَشْهودِ به، ما تَثْبُتُ به الوَكالةُ، والخِلافُ فيه. وإنْ قال له: أَجِبْ عَنِّي خَصْمِي. احْتَمَلَ أنَّها كالخُصومَةِ، واحْتَمَلَ بُطْلانُها. وأطْلَقهما في «الفُروعَ». قلتُ: الصَّوابُ الرُّجوعُ في ذلك إلى القَرائنِ، فإنْ لم تدُلَّ قَرِينَةٌ، فهو إلى الخُصومَةِ أَقْرَبُ. ¬

(¬1) سورة النساء 105.

وَإِنْ وَكَّلَهُ في قَبْضِ الْحَقِّ مِنْ إِنْسَانٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ وَارِثِهِ وَإِنْ قَال: اقْبِضْ حَقِّيَ الَّذِي قِبَلَهُ. فَلَهُ الْقَبْضُ مِنْ وَارِثِهِ. وَإِنْ قَال: اقْبِضْهُ الْيَوْمَ. لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ غَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ وَكَّلَهُ في الإِيدَاعِ، فَأَوْدَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، لَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَينٍ، فَقَضَاهُ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَأَنْكَرَهُ الْغَرِيمُ، ضَمِنَ، إلا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَكَّلَه في الإِيداعِ، فأوْدَعَ، ولم يُشْهِدْ، لم يَضْمَنْ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ذكَرَه أصحابُنا. قال في «الفُروعِ»: لم يصِحَّ في الأصحِّ. وقيل: يَضْمَنُ. وذكَرَه القاضي رِوايَةً. قوله: وإنْ وَكَّلَه في قَضاءِ دَيَنٍ، فقَضاه ولم يُشْهِدْ، وأنْكَرَ الغَرِيمُ، ضَمِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ بشَرْطِه, وعليه أكثرُ الأصحابِ, كما لو أمَرَه بالإِشْهادِ فلم يَفْعَلْ. قال في «التَّلْخيصِ»: ضَمِنَ، في أصحِّ الرِّوايتَين. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِيِّ»، وجزَم به في «العُمْدَةِ» وغيرِها. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وقال: هذا المذهبُ. وقال القاضي وغيرُه مِنَ الأصحابِ: وسواءٌ صدَّقَه المُوَكِّلُ أو كذَّبَه. وعنه، لا يَضْمَنُ، سواءٌ أمْكَنَه الإِشْهادُ، [أوْ لا. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. وقيل: يَضْمَنُ إنْ أمْكَنَه الإشْهادُ] (¬1) ولم يُشْهِدْ، وإلَّا فلا. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، يَضْمَنُه إنْ كذَّبَه المُوَكِّلُ، وإلَّا فلا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ. قوله: إلَّا أَنْ يَقْضِيَه بحَضْرَةِ الموَكِّلِ. يعْني، أنَّه إذا قَضاه بحَضْرَةِ المُوَكِّلِ، مِن غيرِ إشْهادٍ، لا يَضْمَنُ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. قال في «الرعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»: لم يَضْمَنْ في الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الصَّحيحُ. وقيل: يَضْمَنُ؛ اعْتِمادًا على أنَّ السَّاكِتَ لا يُنْسَبُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَصْلٌ: وَالْوَكِيل أَمِينٌ، لَا ضَمَانَ عَلَيهِ فِيمَا تَلِفَ في يَدِهِ بِغَيرِ تَفْرِيطٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ في الْهَلَاكِ وَنَفْي التَّفْرِيطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه قَوْلٌ. وتقدَّم نَظِيرُ هذه المَسْأَلَةِ فيما إذا قضَى الضَّامِنُ الدَّينَ، وتقدَّم هناك، إذا أشْهَدا، وماتَ الشُّهودُ، ونحوُ ذلك. والحُكْمُ هنا كذلك. وتقدَّم أيضًا في الرَّهْنِ، فيما إذا قَضَى العَدْلُ المُرْتَهِنَ. وتقدَّم أيضًا في الرَّهْنِ، مَن طُلِبَ منه الرَّدُّ، وقُبِلَ قوْلُه، هل له التَّأْخيرُ ليُشْهِدَ، أم لا؟ وما يتَعَلَّقُ بذلك، عندَ قوْلِه: إذا اخْتَلَفا في رَدِّ الرَّهْنِ. والأصحابُ يذْكُرون المَسْألَةَ هنا. قوله: والوَكِيلُ أمِينٌ، لا ضَمانَ عليه فيما يَتْلَفُ في يَدِه بغيرِ تَفْريطٍ، والقَوْلُ قَوْلُه مع يَمينه في الهَلاكِ ونَفْي التَّفْرِيطِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الجُمْلَةِ. قال القاضي: إلَّا أنْ يَدَّعِيَ تلَفًا بأَمْرٍ ظاهرٍ؛ كالحَرِيقِ والنَّهْبِ، ونحوهما، فعليه إقامَةُ البَيِّنَةِ على وُجودِ ذلك في تلك النَّاحِيَةِ، ثم يكونُ القَوْلُ قَوْلَه في تَلَفِها به. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ويُقْبَلُ قَوْلُه في

وَلَوْ قَال: بِعْتُ الثَّوْبَ، وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ، فَتَلِفَ. فَالْقَوْلُ قَولهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّلَفِ، وكذا إنِ ادَّعاه بحادِثٍ ظاهرٍ، وشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بالحادِثِ، قُبِلَ قوْلُه مع يَمِينِه. وفي اليَمِينِ رِوايَةٌ، إذا أثْبَتَ الحادِثَ الظَّاهِرَ، ولو باسْتِفاضَةٍ، أنَّه لا يَحْلِفُ. ويأْتِي نَظيرُ ذلك في الوَديعَةِ (¬1). قوله: ولو قال: بِعْتُ الثَّوْبَ، وقَبَضْتُ الثَّمَنَ، فتَلِفَ. فالقَوْلُ قَوْلُه. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قال في «الفائقِ»: قُبِلَ قَوْلُه في أصح الوَجْهَين. ¬

(¬1) في الأصل: «الرد بعينه»، وفي 1: «الرد بعيبه». وسيأتي ذلك في، كتاب الوديعة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايتَين»: قُبِلَ قَوْلُ الوَكِيلِ، في الأشْهَرِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يُقْبَلُ قَوْلُه. وهو احْتِمال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقهما في «الكافِي». فائدة: لو وَكَّلَه في شِراءِ عَبْدٍ، فاشْتَراه، واخْتَلَفا في قَدْرِ الثَّمَنِ؛ فقال: اشْتَرَيتُه بأَلْفٍ. فقال المُوَكِّلُ: بل بخَمْسِمِائَةٍ. فالقَوْلُ قَوْلُ الوَكِيلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقال القاضي: القَوْلُ قَوْلُ المُوَكِّلِ، إلَّا أنْ يكونَ عَيَّنَ له الشِّراءَ بما ادَّعاه الوَكِيلُ، فيكونَ القَوْلُ قوْلَه.

وَإِنِ اخْتَلَفَا في رَدِّهِ إِلَى الْمُوَكِّلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا. وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا في رَدِّه إلى المُوَكِّلِ، فالقَوْلُ قَوْلُه، إِنْ كانَ مُتَطَوِّعًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به الأكثرُ. وقيل: لا يُقْبَلُ قَوْلُه إلّا ببَيِّنَةٍ. ذكَرَه في «الرِّعايةِ». وإنْ كانَ بجُعْلٍ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ في الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاويَيْن»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قَوْلُه مع يَمِينِه، كالوَصِيِّ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». واخْتارَه القاضي في «خِلافِه»، وابنُه أبو الحُسَينِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»، وغيرُهم، وسواءٌ اخْتَلَفا في رَدِّ العَينِ أو ردِّ ثَمَنِها. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُقْبَلُ قَوْلُه إلَّا ببَيِّنَةٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهم. قوله: وكذلك يُخَرَّجُ في الأجِيرِ والمُرْتَهِنِ. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قال في «الفائقِ»: والوَجْهان في الأجيرِ والمُرْتَهِنِ. انتهى. وكذا. المُسْتَأْجِرُ، والشَّرِيكُ، والمُضارِبُ، والمُودِعُ، ونحوُهم. قاله في «الرِّعايةِ» وغيرِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم في كلام المُصَنِّفِ، أنَّ القَوْلَ قوْلُ الرَّاهِنِ إذا ادَّعَى المُرْتَهِنُ ردَّه، وأنَّه المذهبُ. وتقدَّمَ في البابِ الذي قبلَه، أنَّ القَوْلَ قوْلُ الوَلِيِّ في دَفْعِ المالِ إلى المُوَلَّى عليه، على الصَّحيحِ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في المُضارَبَةِ، أنَّ القَوْلَ قولُ رَبِّ المالِ في رَدِّ المالِ إليه، ويأْتِي الخِلافُ فيه. ويأْتِي في كلام المُصَنِّفِ، في بابِ الوَدِيعَةِ، أنَّ القَوْلَ قولُ المُودِعِ في الرَّدِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فائدة: لو ادَّعَى الرَّدَّ إلى غيرِ مَنِ ائْتَمَنَه بإذْنِ المُوَكِّلِ، قُبِلَ قَوْلُ الوَكِيلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. واخْتارَه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، قاله في

وَإِنْ قَال: أَذِنْتَ لِي في الْبَيعِ نَسَاءً، وَفِي الشِّرَاءِ بِخَمْسَةٍ. فَأَنْكَرَهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأَرْبَعِين». وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُه. فقِيلَ: لتَفْريطِه بتَرْكِ الإِشْهادِ على المَدْفُوعِ إليه، فلو صدَّقَه الآمِرُ على الدَّفْعِ، لم يَسْقُطِ الضَّمانُ. وقيل: بل لأنَّه ليس أمِينًا للمَأْمورِ بالدَّفْعِ إليه، فلا يُقْبَلُ قوْلُه في الرَّدِّ إليه، كالأَجْنَبِيِّ. وكلٌّ مِنَ الأقوْالِ الثَّلاثةِ قد نُسِبَ إلى الخِرَقِيِّ. هذا كلامُه في «القواعِدِ». وقال في «الفُروعِ»: فلا يُقْبَلُ قَوْلُه في دَفْعِ المالِ إلى غيرِ رَبِّه، وإطْلاقهم، ولا في صَرْفِه في وُجوهٍ عُيِّنَتْ له مِن أُجْرَةٍ لَزِمَتْه. وذكَرَه الآدَمِيُّ البَغْدادِيُّ. انتهى. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، أنَّه لا يُقْبَلُ قَوْلُ كلِّ مَنِ ادَّعَى الرَّدَّ إلى غيرِ مَنِ ائْتمَنَه. قوله: وإنْ قال: أَذِنْتَ لي في البَيعِ نَساءً، وفي الشِّراءِ بخَمْسَةٍ. فأنْكَرَه، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، القَوْلُ قَوْلُ الوَكِيلِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، نصَّ عليه في المُضارِبِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: صِدْقُ الوَكِيلِ في الإِشْهَادِ حَلِفٌ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، القَوْلُ قَوْلُ المالِكِ. اخْتارَه القاضي. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: أَذِنْتَ لي في البَيعِ بغيرِ نَقْدِ البَلَدِ. أو اخْتَلَفا في صِفَةِ الإِذْنِ. وكذا حُكْمُ المُضارِبِ في ذلك كلِّه. نصَّ عليه، واخْتارَه المُصَنِّفُ. فعلى الوَجْهِ الثَّانِي، إذا حلَف المالِكُ، بَرِئَ مِنَ الشِّراءِ. فلو كان المُشْتَرَى جارِيَةً، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ الشِّراءُ بعَينِ المالِ، أو في الذِّمَّةِ؛ فإنْ كان بعَيْنِ المالِ، فالبَيعُ باطِلٌ، وتُرَدُّ الجارِيَةُ على البائعِ، إنِ اعْتَرفَ بذلك. وإنْ كذَّبه في الشِّراءِ لغيرِه، أو بمالِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فالقَوْلُ قولُ البائعِ. فلو ادَّعَى الوَكيلُ عِلْمَه بذلك، حلَف أنَّه لا يَعْلَمُ أنَّه اشْتَراه بمالِ مُوَكِّلِه، فإذا حلَف مضَى البَيعُ، وعلى الوَكِيلِ غَرامَةُ الثَّمَنِ لمُوَكِّلِه، ودَفْعُ الثَّمَنِ إلى البائعِ، وَتبْقَى الجارِيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في يَدِه، لا تحِلُّ له، فإنْ أرادَ اسْتِحْلالها، اشْتَراها ممَّن هي له في الباطِنِ؛ لتَحِلَّ له ظاهِرًا وباطِنًا. فلو قال: بِعْتُكها، إنْ كانَتْ لي. أو: إنْ كُنْتُ أَذِنْتُ لك في شِرائِها بكذا، فقد بِعْتُكها. ففي صِحَّتِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ؛ لأنَّه بَيعٌ مُعَلَّق على شرْطٍ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ؛ لأنَّ هذا واقِعٌ يعْلَمان وُجودَه، فلا يَضُرُّ جَعْلُه شَرْطًا, كما لو قال: بِعْتُك هذه الأَمَةَ. إنْ كانتْ أمَةً. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو احْتِمال في «الكافِي»، ومال إليه هو، وصاحِبُ «القَواعِدِ». وكذا كل شَرْطٍ عَلِما وُجودَه، فإنَّه لا يُوجِبُ وُقوفَ البَيعَ، ولا يُؤَثِّرُ فيه شَكًّا أصلًا. وقد ذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، أنَّ أصْلَ هذا قوْلُهم في الصَّوْم: إنْ كان غدًا مِن رَمَضانَ، فهو فرْضِي، وإلَّا فنَفْلٌ. وذكَر في «التَّبْصِرَةِ»، أنَّ التَّصَرفاتِ كالبَيعِ نَساءً. انتهى. تنبيه: لو امْتَنَعَ مِن بَيعِها مَن هي له في الباطِنِ، رفَع الأمْرَ إلى الحاكمِ؛ ليَرْفُقَ به ليَبِيعَه إياها، ليثْبُتَ له المِلْكُ ظاهِرًا وباطِنًا، فإنِ امْتَنَعَ، لم يُجْبَرْ عليه، وله بَيعُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له ولغيرِه. قال في «المُجَرَّدِ» , و «الفُصولِ»: ولا يَسْتَوْفِيه مَن تحتَ يدِه، كسائرِ الحُقوقِ. قال الأَزَجيُّ: وقيل: يَبِيعُه، ويأْخُذُ ما غَرِمَه مِن ثَمَنِه. وقال في «التَّرْغيبِ»: الصَّحيحُ، أنَّه لا يحِلُّ. وهل تُقَرُّ بيَدِه، أو يأْخُذُها الحاكِمُ كمالٍ ضائعٍ؟ على وَجْهَين. انتهى. وإنِ اشْتَراها في الذِّمَّةِ، ثم نقَد الثَّمَنَ، فالبَيعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، ويَلْزَمُ الوَكِيلَ في الظَّاهِرِ. فأمَّا في الباطِنِ؛ فإنْ كان كاذِبًا في دَعْواه، فالجارِيَةُ له، وإنْ كان صادِقًا، فالجارِيَةُ لمُوَكِّلِه، فإنْ أرادَ إحْلالها، توَصَّلَ إلى شِرائِها منه كما ذكَرْنا أوَّلًا. وكلُّ مَوْضِعٍ كانتْ للمُوَكِّلِ في الباطِنِ، وامْتَنَعَ مِن بَيعِها للوَكِيلِ، فقد حصَلَتْ في يَدِ الوَكِيلِ وهي للمُوَكِّلٍ، وفي ذمَّتِه ثَمَنُها للوَكِيلِ. فأَقْرَبُ الوُجوهِ، أنْ يأْذَنَ الحاكِمُ في بَيعِها، ويُوَفِّيَه حقَّه مِن ثَمَنِها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ كانتْ للوَكِيلِ، فقد بِيعَتْ بإذْنِه، وإنْ كانتْ للمُوَكِّلِ، فقد باعَها الحاكِمُ في إيفاءِ دَينٍ امْتنَعَ المَدِينُ مِن وَفائِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقد قيلَ غيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وهذا أقْرَبُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. وإنِ اشْتَراها الوَكِيلُ مِنَ الحاكمِ بما له على المُوَكِّلِ، جازَ. وقال الأَزَجِيُّ: إنْ كان الشِّراءُ في الذِّمَّةِ، وادَّعَى أنَّه يَبْتاعُ بمالِ الوَكالةِ، فصَدَّقَه البائعُ أو كذَّبهَ، فقِيلَ: يَبْطُلُ، كما لو كان الثَّمَنُ مُعَينًا، وكقَوْلِه: قُبِلَ النِّكاحُ لفُلانٍ الغائبِ. فيُنْكِرُ الوَكالةَ. وقيل: يصِحُّ، فإذا حلَف المُوَكِّلُ ما أَذِنَ له، لَزِمَ الوَكِيلَ.

وَإِنْ قَال: وَكَّلْتَنِي أَنْ أتَزَوَّجَ لَكَ فُلَانَةً، فَفَعَلْتُ. وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِغَيرِ يَمِينٍ. وَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قال: وَكَّلْتَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ لك فُلانَةً، ففَعَلْتُ. وصَدَّقَتْه المَرْأةُ، فأنْكَرَه، فالقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ -نصَّ عليه- بغيرِ يَمِينٍ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يُسْتَحْلَفُ. قال القاضي: لأنَّ الوَكِيلَ يدَّعِي حقًّا لغيرِه. فأمَّا إنِ ادَّعَتْه المَرْأَةُ، فيَنْبَغِي أنْ تُسْتَحْلَفَ؛ لأنَّها تدَّعِي الصَّداقَ في ذِمَّتِه. وقاله الأصحابُ بعدَه. وهو صحيحٌ. قوله: وهل يَلْزَمُ الوَكِيلَ نِصفُ الصَّداقِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ» , و «المُسْتَوْعِبِ» ,

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها». وصحَّحه في «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، يَلْزَمُ الوَكِيلَ تَطْلِيقُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: لا يَلْزَمُه. وهما احْتِمالان مُطْلَقان (¬1) في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو اتَّفَقَ على أنَّه وَكَّلَه في النِّكاحِ، فقال الوَكِيلُ: تَزَوَّجْتُ لك. وأنْكَرَه المُوَكِّلُ، فالقَوْلُ قَوْلُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «مطلقًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَكِيلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»، و «الفائقِ». وعنه، القَوْلُ قَوْلُ المُوَكِّلِ؛ لاشْتِراطِ البَيِّنَةَ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الرِّعايتَين»: قُبِلَ قَوْلُ المُوَكِّلِ في الأقْيَسِ. وذكَرَه في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرغيِب»، عن أصحابِنا، كأصْلِ الوَكالةِ. فعلى هذه الرِّوايةِ، يَلْزَمُ المُوَكِّلَ طَلاتُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، كالأُولَى. وقيل: لا يَلْزَمُه. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، لا يَلْزَمُ الوَكِيلَ نِصْفُ المَهْرِ إلَّا بشَرْطٍ. الثَّالثةُ، لو قال: وَكَّلْتَني في بَيعِ كذا. فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، وصدَّقَ البائعُ، لَزِمَ وَكِيلَه، في ظاهرِ كلامِ المُصَنِّفِ. قاله في «الفُروعِ»، وقال: وظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه، أنَّه كمَهْرٍ، أو لا يَلْزَمُه شيءٌ؛ لعَدَمِ تَفْريطِه بتَرْكِ البَيِّنَةِ. قال: وهو أظْهَرُ. الرَّابعةُ، قوْلُه: فلو قال: بعْ ثَوْبِي بعَشَرَةٍ، فما زادَ، فلكَ. صَحَّ. نَصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: هل هذا إلَّا كالمُضارَبَةِ؟ واحْتَجَّ له بقَولِ ابنِ عَبَّاسٍ، يعْنِي، أنَّه أجازَ ذلك، وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. لكِنْ لو باعَه نسِيئَةً بزِيادَةٍ؛ فإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ البَيعُ. فلا كلامَ. وإنْ قُلْنا: يصِحُّ. اسْتَحَقَّ الزِّيادَةَ. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. الخامِسةُ، يَسْتَحِقُّ الجُعْلَ قبلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، ما لم يَشْتَرِطْ

وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ وَبِغَيرِهِ، فَلَوْ قَال: بِعْ ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَمَا زَادَ فَلَكَ. صَحَّ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه المُوَكِّلُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» وقال في «الفُروعِ»: وهل يَسْتَحِقُّ الجُعْلَ قبلَ تَسْليمِ ثَمَنِه؟ يتَوَجَّهُ فيه خِلافٌ. السَّادسةُ، يجوزُ تَوْكِيلُه بجُعْلٍ مَعْلوم أيَّامًا معْلُومَةً، أو يُعْطِيه (¬1) مِنَ الألْفِ شيئًا مَعْلومًا، لا مِنْ كلِّ ثَوْبٍ كذا، لم يصِفْه، ولم يُقَدِّرْ ثَمَنَه في ظاهرِ كلامِه، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ»، وله أَجْرُ مِثْلِه، وإنْ عيَّن الثِّيابَ المُعَيَّنَةً في بَيعٍ، أو شِراءٍ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بعضه». انظر الفروع 4/ 372.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مُعَيَّنٍ، ففي الصِّحَّةِ خِلافٌ. قاله في «الفُروعِ». السَّابعةُ، لا يصِحُّ التَّوْكِيلُ بجُعْلٍ مَجْهولٍ، ولكِنْ يصِحُّ تَصَرُّفُه بالإِذْنِ، ويَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ المِثْلِ.

فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ عَلَيهِ حَقٌّ لإِنْسَانٍ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّه وَكِيلُ صَاحِبِهِ في قَبْضِهِ، فَصَدَّقَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ إِلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ عليه حَقٌّ لإنْسانٍ، فادَّعَى رَجُلٌ أنَّه وَكِيلُ صاحِبِه في قَبْضِهِ، فصَدَّقَه، لم يَلْزَمْه الدَّفْعُ إليه، وإنْ كذَّبَه، لم يُسْتَحْلَفْ -بلا نِزاعٍ، كدَعْوَى وَصِيَّةٍ- فإنْ دفَعَه إليه، فأنْكَرَ صاحِبُ الحَقِّ الوَكالةَ، حلَف، ورجَع على الدَّافِعِ

وَإِنْ كَذَّبَهُ، لَمْ يُسْتَحْلَفْ. فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَيهِ، فَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْوَكَالةَ، حَلَفَ، وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعَ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحدَه. فإن كان المَدْفوعُ وَدِيعَةً، فوجَدَها، أخَذَها، وإنْ تَلِفَتْ، فله تَضْمِينُ مَن شاءَ منهما، ولا يَرْجِعُ مَن ضَمِنَه على الآخَرِ. وقال في «الفُروعِ»: ومتى أنْكَرَ رَبُّ الحقِّ الوَكالةَ، حلَف، ورجَع على الدَّافِعَ، وإنْ كان دَينًا، وهو على الوَكِيلِ، مع بَقائِه أو (¬1) تَعَدِّيه، وإنْ لم يتَعَدَّ فيه، مع تَلَفِه، لم يَرْجِعْ على الدَّافِعِ. وإنْ كان عَينًا، أخَذَها، ولا يَرْجِعُ مَن ضَمِنَه على الآخَرِ. انتهى. فائدة: متى لم يُصَدِّقِ الدَّافِعُ الوَكِيلَ، رجَع عليه. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وفاقًا، وقال: مُجَرَّدُ التَّسْليمِ ليس تَصْدِيقًا. وقال: وإنْ صدَّقَه، ضَمِنَ أيضًا، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «و». انظر الفروع 4/ 374.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في أحَدِ القَوْلَين، في مذهبِ أحمدَ، بل نَصَّه؛ لأنَّه إنْ لم يتَبَيَّنْ صِدْقُه، فقد غرَّه. ولو أخْبَرَ بتَوْكِيلٍ، فظَنَّ صِدْقَه، تصَرَّفَ وضَمِنَ، في ظاهرِ قوْلِه. ذكَرَه في «الفُروعِ». وقال الأَزَجِيُّ: إذا تصَرَّفَ بِناءً على هذا الخَبَرِ، فهل يَضْمَنُ؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضي في «الخِلافِ»؛ بِناءً على صِحَّةِ الوَكالةِ وعدَمِها، وإسْقاطِ التُّهْمَةِ في شَهادَتِه لنَفْسِه. والأصْلُ في هذا، قَبُولُ الهَدِيةِ إذا ظَنَّ صِدْقَه، وإذْنُ الغُلام في دُخولِه بِناءً على ظَنِّه. ولو شَهِدَ بالوَكالةِ اثْنان، ثم قال أحدُهما: قد عزَلَه. لَم تَثْبُتِ الوَكالةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، بلَى، كقَوْلِه بعدَ حُكْمِ الحاكمِ بصِحَّتِها، وكقَوْلِ واحدٍ غيرِهما. ولو أقاما الشَّهادَةَ حَسْبُ بلا دَعْوَى الوَكيلِ، فشَهِدا عندَ الحاكمِ، أنَّ فُلانًا الغائِبَ وَكَّلَ هذا الرَّجُلَ في كذا؛ فإنِ اعْتَرفَ، أو قال: ما عَلِمْتُ هذا، وأَنا أتَصَرَّفُ عنه، ثبَتَتْ وَكالتُه. وعَكْسُه: ما أعْلَمُ صِدْقَهما. فإنْ أطْلَقَ، قِيلَ: فَسِّرْ.

وَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ وَدِيعَةً، فَوَجَدَهَا، أَخَذَهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ، فَلَهُ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَا يَرْجِعُ مَنْ ضَمِنَهُ عَلَى الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ كَانَ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ أَحالهُ بِهِ، فَفِي وُجُوبِ الدَّفْعِ إِلَيهِ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَالْيَمِينِ مَعَ الإِنْكَارِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ ادَّعَى أنَّ صاحِبَ الحَقِّ أحاله به، ففي وُجُوبِ الدَّفْعِ إليه مع التَّصْدِيقِ، واليَمينِ مع الإِنْكارِ، وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»،

وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، لَزِمَهُ الدَّفْعُ إِلَيهِ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَالْيَمِينُ مَعَ الإِنْكَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها»، و «إدْراكِ الغايةِ»؛ أحدُهما، لا يجِبُ الدَّفْعُ إليه مع التَّصديقِ، ولا اليَمِينُ مع الإِنْكارِ، كالوَكالةِ. قال في «الفُروعَ»: هذا أوْلَى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أشْبَهُ وأوْلَى؛ لأنَّ العِلَّةَ في وُجُودِ الدَّفْعِ إلى الوارِثِ، كوْنُه مُسْتَحِقًّا، والدَّفْعُ إليه مُبْرِئٌ، وهو مُتَخَلِّفٌ هنا، وإلحَاقُه بالوَكِيلِ أوْلَى. انتهيا. وجزَم به الآدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. قال في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: وذكَر ابنُ مُصَنِّفِ «المُحَرَّرِ» في «شَرْحِ الهِدايةِ» لوالدِه، أنَّ عدَمَ لُزومِ الدَّفْعِ اخْتِيارُ القاضي. والوَجْهُ الثَّاني، يجِبُ الدَّفْعُ إليه مع التَّصْديقِ، واليَمِينُ مع الإِنْكارِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايتَين»: لَزِمَه ذلك في الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه شيخُنا في «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «تَجْرِيدِ العِنايةِ». فائدة: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ المُحالِ عليه على المُحِيلِ، فلا يُطالِبُه، وتُعادُ لغائبٍ مُحْتالٍ بعدَ دعْواه. فيَقْضِي بها له إذَنْ. قوله: وإنِ ادَّعَى أَنَّه ماتَ، وأنا وارِثُه، لَزِمَه الدَّفْعُ إليه، مع التَّصدِيقِ، واليَمِينُ مع الإِنْكارِ. وهذا بلا نِزاعٍ، وسَواءٌ كان دَينًا أو عَينًا، وَدِيعَةً أو غيرَها. وقد تقدَّم الفَرْقُ بينَ هذه المَسْأَلَةِ وبينَ مسْأَلَةِ الحَوالةِ. واللهُ أعلمُ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الشركة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الشَّركَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الشَّركَةِ فوائد؛ الأُولَى، الشَّرِكَةُ عِبارَةٌ عنِ اجْتِماعٍ في اسْتِحْقاقٍ، أو تصَرُّفٍ. فالأوَّلُ، شَرِكَةُ مِلْكٍ واسْتِحْقاقٍ. والثَّاني، شَرِكَةُ عُقودٍ. وهي المُرادُ هنا. الثَّانيةُ، لا تُكْرَهُ مُشارَكَةُ الكِتابِيِّ إذا وَلِيَ المُسْلِمُ التَّصَرُّفَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وقطَع به الأكثرُ. وكَرِهَها الأَزَجِيُّ. وقيل: تُكْرَهُ مُشارَكَتُه إذا كانَ غيرَ ذِمِّيٍّ. الثَّالِثةُ، تُكْرَهُ. مُشارَكَةُ المَجُوسِيِّ. نصَّ عليه.

وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، شَرِكَةُ الْعِنَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: ويُلْحَقُ به الوَثَنِيُّ، ومَن في مَعْناه. الرَّابِعَةُ، تُكْرَهُ مُشارَكَةُ مَن في مالِه حَلالٌ وحَرامٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه جماعَةٌ، وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، تَحْرُمُ. جزَم به في «المُنْتَخَبِ». وجعَلَه الأَزَجِيُّ قِياسَ المذهبِ. ونقَل جماعَةٌ، إنْ غلَب الحَرامُ، حَرُمَتْ مُعامَلَتُه، وإلَّا كُرِهَتْ. وقيل: إنْ جاوَزَ الحَرامُ الثُّلُثَ، حَرُمَتْ مُعامَلَتُه، وإلَّا كُرِهَتْ. الخامسةُ، قيلَ: العِنانُ مُشْتَقٌّ مِن عَنَّ، إذا عرَض. فكُلُّ واحدٍ مِنَ الشَّرِيكَين عَنَّ له أنْ يُشارِكَ صاحِبَه. قاله الفَرَّاءُ، وابنُ قُتَيبَةَ، وغيرُهما. وقيل: هو مَصْدَرٌ مِنَ المُعارَضَةِ، وكُلُّ واحدٍ مِنَ الشَّرِيكَين مُعارِضٌ لصاحبِه بمالِه وفِعالِه. وقيل: سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّهما يتَساوَيان في المالِ والتَّصَرُّفِ، كالفارِسَين إذا سَوَّيا بينَ فرَسَيهما، وتَساوَيا في السَّيرِ، فإنَّ عِنانَيهما يكُونان سواءً. قوله، في شَرِكَةِ العِنانِ: وهي؛ أنْ يَشْتَرِكَ اثنْان بماليهما. يعْنِي، سواءٌ كانا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن جِنْسَين أو جِنْسٍ. مِن شَرْطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ؛ أنْ يكونَ المالان مَعْلومَين، وإنِ اشْتَركا في مُخْتَلَطٍ (¬1) بينَهما شائِعًا، صحَّ، إنْ عَلِما قَدْرَ ما لكُلِّ واحدٍ منهما. ومِن شَرْطِ صِحَّتِها أيضًا، حُضورُ المالين، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لتَقْديرِ العَمَلِ، وتَحْقيقِ الشَّرِكَةِ إذَنْ، كالمُضارَبَةِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: أو حُضورُ مالِ أحَدِهما. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وحمَلَه في «التَّلْخيصِ»، على شَرْطِ إحْضارِه. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «مخيط».

وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَاليهِمَا لِيَعْمَلَا فِيهِ ببَدَنَيهِمَا، وَرِبْحُهُ لَهُمَا، فَيَنْفُذَ تَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ في نَصِيبهِ، وَالْوَكَالةِ في نَصِيبِ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ليَعْمَلا فيه ببَدَنَيهما. بلا نِزاعٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أو يعْمَلَ فيه أحدُهما، لكِنْ بشَرْطِ أنْ يكونَ له أكثرُ مِن رِبْحِ مالِه. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصحُّ، أو أحَدُهما، بهذا الشَّرْطِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: أو يعْمَلَ فيه أحدُهما في الأصحِّ فيه. الهى. وقال في «التَّلْخيصِ»: فإنِ اشْتَرَكا، على أنَّ العَمَلَ مِن أحَدِهما في المالين، صحَّ، ويكونُ عِنانًا ومُضارَبَةً. وقال في «المُغْنِي»: هذا شَرِكَةٌ ومُضارَبَةٌ. وقاله في «الكافِي»، والشَّارِحُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الشَّرِكَةُ تَجْمَعُ شَرِكَةً ومُضارَبَةً؛ فمِن حيثُ إنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَجْمَعُ المال، تُشْبِهُ شَرِكَةَ العِنانِ، ومِن حيثُ إنَّ أحدَهما يعْمَلُ في مالِ صاحبِه، في جُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ، هي مُضارَبَةٌ. انتهى. وهي شَرِكَةُ عِنانٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: مُضارَبَةٌ. فإنْ شرَط له رِبْحًا قَدْرَ مالِه، فهو إبْضاعٌ. وإنْ شرَط له رِبْحًا أقلَّ مِن مالِه، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرى». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي في «المُجَردِ». وفيه وَجْه آخَرُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وذكَرَه القاضي في العارِيَّةِ، في

وَلَا تَصِحُّ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُجَردِ». وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ». قوله: فينفُذَ تَصَرُّفُ كلِّ واحِدٍ منهما فيهما، بحُكْمِ المِلْكِ في نَصِيبِه، والوَكالةِ في نَصيبِ شَرِيكِه. بلا نِزاعٍ. وقال في «الفُروعِ»: وهل كلٌّ منهما أَجِيرٌ مع صاحبِه؟ فيه خِلافٌ. فإنْ كان أجِيرًا مع صاحبِه، فما ادُّعِيَ تَلَفُه بسَبَبٍ خَفِيٍّ، خُرِّجَ على رِوايتَين. قاله في «التَّرْغيبِ». وإنْ كانَ بسَبَبٍ ظاهرٍ، قُبِلَ قَوْلُه. ويُقْبَلُ قَوْلُ ربِّ اليَدِ؛ أنَّ ما بيَدِه له. ولو ادَّعَى أحدُهما القِسْمَةَ، قُبِلَ قَوْلُ مُنْكِرِها. قوله: ولا تَصِحُّ إلَّا بشَرْطَين؛ أحَدُهما، أنْ يكونَ رَأسُ المالِ دَراهِمَ أو دَنانيرَ. هذا المذهبُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزينٍ، وصاحِبُ «الفُروعِ»،

أوْ دَنَانِيرَ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ بِالْعُرُوض، وَيُجْعَلُ رَأسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «خِصالِ ابنِ البَنَّا»، و «الجامِعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُبْهِجِ»، و «الوَجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «شَرْحِ ابنِ

وَهَلْ تَصِحُّ بِالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وعنه، تصِحُّ بالعُروضِ. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: وعنه، تصِحُّ بالعُروضِ، وهي أظْهَرُ. واخْتارَه أبو بَكْر، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «الهِدَايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافي»، و «التَّلْخيصِ». فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، يُجْعَلُ رأسُ المالِ قِيمَتَها وَقْتَ العَقْدِ، كما قال المُصَنِّفُ، ويَرْجِعُ كلُّ واحدٍ منهما عندَ المُفارَقَةِ بقِيمَةِ مالهِ عندَ العَقْدِ، جَعَلْنا نِصابَها قِيمَتَها، وسواءٌ كانتْ مِثْلِيَّةً أو غيرَ مِثْلِيَّةٍ. وقال في «الفُروعِ»: عندَ العَقْدِ، جَعَلْنا نِصابَها قِيمَتَها، وسواءٌ كانتْ مِثْلِيَّةً أو غيرَ مِثْلِيَّةٍ (¬1). وقال في «الفُروعِ»: وقيل: في الأظْهَرِ يَصِحُّ بمثْلِه. وقال في «الرِّعايةِ»: وعنه، تصِحُّ بكُلِّ عَرْض مُتَقَوِّمٍ. وقيل: مِثْلِيٍّ، ويكونُ رأسُ المالِ مِثْلَه وقِيمَةَ غيرِه. انتهى. قوله: وهل تَصِحُّ بالمَغْشُوشِ والفُلوسِ؟ على وجْهَين. يعْنِي، إذا لم تصِحَّ بالعُروضِ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». ذكَرُوه في المُضارَبَةِ، و «الهادِي»، و «التلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ» في المَغْشُوش؛ أحدُهما، لا تصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «شَرْحِ المَجْدِ»، و «الشَّرْحِ»، في الفُلوسِ، وقالا: حُكْمُ المَغْشوشِ حُكْمُ العُروضِ. وكذا قال في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، إذا كانتْ نافِقَةً. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ عُلِمَ قَدْر الغِشِّ وجازَتِ المُعامَلَةُ، صَحَّتِ الشَّرِكَةُ، وإلَّا فلا. وإنْ قُلْنا: الفُلوسُ مَوْزُونَةٌ كأصْلِها، أو أثْمانٌ. صحَّتْ، وإلَّا فلا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ في الفُلوسِ، أنَّها سواءٌ كانتْ نافِقَةً أوْ لا. وهو أحدُ الوَجْهَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَحَلَّ الخِلافِ، إذا كانتْ نافِقَةً، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي «التَّرْغيبِ» في الفُلوسِ النَّافقَةِ رِوايَتان. فائدة: إذا كانتِ الفُلوسُ كاسِدَةً، فرَأسُ المالِ قِيمَتُها، كالعُروضِ. وإنْ كانتْ نافِقَةً، كانَ رأسُ المالِ مِثْلَها. وكذلك الأثْمانُ المَغْشُوشَةُ إذا كانتْ نافِقَةً. وقيل: رَأسُ المالِ قِيمَتُها، وإنْ قُلْنا: الفُلوسُ النَّافِقَةُ كنَقْدٍ. فمِثْلُها. وإنْ قُلْنا: كعَرْضٍ.

وَالثَّانِي، أنْ يَشْترِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنَ الربحِ مُشَاعًا مَعْلُومًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقِيمَتُها. وكذا النَّقْدُ المَغْشُوشُ. قاله في «الرعايةِ». فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ النُّقْرَةِ؛ وهي التي لم تُضْرَبْ، حُكْمُ الفُلوسِ. قاله الأصحابُ. الثَّانيةُ، حُكْمُ المُضارَبَةِ، في اخْتِصاصِ النَقْدَين بها، والعُروضِ، والمَغْشُوشِ، والفُلوسِ، حُكْمُ شَرِكَةِ العِنانِ، خِلافًا ومذهبًا. قاله الأصحابُ. الثَّالثةُ، لا أَثَرَ لغِشٍّ يَسِير في ذَهَبٍ وفِضَّةٍ إذا كان للمَصْلَحَةِ، كحَبَّةِ فِضَّةٍ ونحوها في دِينارٍ، في شَرِكَةِ العِنانِ، والمُضارَبَةِ، والرِّبا، وغيرِ ذلك. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، واقْتَصَر عليه في «الفُروعِ». قوله: الثَّاني، أنْ يَشْتَرِطا لكلِّ واحِدٍ جُزْءًا مِنَ الربْحِ مُشاعًا مَعْلومًا، فإنْ قالا: الرِّبْحُ بينَنا. فهو بينَهما نِصْفان. فإنْ لم يَذْكُرا الرِّبْحَ، أو شرَطا لأحَدِهما جُزْءًا مَجْهولًا، أو دَراهِمَ معْلومَةً، أو رِبْحَ أحَدِ الثَّوْبَين، لم يصِحَّ. بلا نِزاعٍ في ذلك.

فَإِنْ قَالا: الرِّبْحُ بَينَنَا. فَهُوَ بَينَهُمَا نِصْفَينِ. فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أوْ شَرَطَا لِأحَدِهِمِا جُزْءًا مَجْهُولًا، أوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أوْ رِبْحَ أحَدِ الثَّوْبَينِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ أنْ يَخْلِطَا الْمَالينِ، وَلَا أن يَكُونَا مِنْ جِنْس وَاحِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُشْتَرَطُ أنْ يَخْلِطا المالين. بل تكْفِي النيةُ إذا عَيَّناهما. وقطَع به الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، وجزَم به ناظِمُها؛ لأنَّ مَوْرِدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، ومَحَلَّه العَمَلُ، والمالُ تابعٌ، لا العكْسُ، والرِّبْحُ نَتِيجَةُ مَوْرِدِ العَقْدِ. فائدة: لفْظُ: الشَّرِكَةِ. يُغْنِي عن إذْنٍ صَرِيح بالتَّصَرُّفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو المَعْمُولُ به عندَ الأصحاب. قاله في «الفُصولِ». قال في «الفُروعِ»: ويُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ، على الأصحِّ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». وعنه، لابُدَّ مِن لَفْظٍ يدُلُّ على الإذْنِ. نصّ عليه، وهو قَوْلٌ في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى».

وَمَا يَشتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، فَهُوَ بَينَهُمَا. وَإنْ تَلِفَ أحَدُ الْمَالينِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلِفَ أحَدُ المالين، فهو مِن ضَمانِهما. يَعْنِي، إذا تَلِفَ بعدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ. وشَمِلَ مَسْألتَين؛ إحْداهما، إذا كانا مُخْتَلِطَين، فلا نِزاعَ أنَّه مِن ضَمانِهما. والثَّانيةُ، إذا تَلِفَ قبلَ الاخْتِلاطِ، فهو مِن ضَمانِهما أيضًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»،

وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، مِن ضَمانِ صاحبِه فقط. ذكَرَه في «التَّمامِ».

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنْ يَبِيعَ وَيَشتَرِي، وَيَقْبِضَ وَيُقْبضَ، وَيُطَالِبَ بِالدَّينِ، وَيُخَاصِمَ فِيهِ، وَيُحِيلَ وَيَحْتَال، وَيَرُدَّ بِالْعَيبِ، وَيُقِرَّ بِهِ، وَيُقَايِلَ، وَيَفْعَلَ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ تِجَارَتِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجوزُ لكلِّ واحِدٍ منْهما أنْ يَرُد بالعَيبِ -يعْنِي، ولو رَضِيَ شَرِيكُه- وله أنْ يُقِرِّ به. بلا نِزاع. قال في «التَّبصِرَةِ»: ولو بعدَ فَسْخِها. قوله: وأنْ يُقايِلَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الكافِي»، و «الشَرْحِ»، و «الفُروعِ»: ويُقايِلُ في الأصحِّ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): الأوْلَى أنَّه يَمْلِكُ الإقالةَ؛ لأنها إذا كانتْ بَيعًا، فهو يَمْلِكُ البَيعَ، وإنْ كانتْ فَسْخًا، ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 130، 131.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو يَمْلِكُ الفَسْخَ بالرَّد بالعَيبِ إذا رأى المَصْلَحَةَ فيه، فكذلك يَمْلِكُ الفَسْخَ بالإقَالةِ إذا كان فيه حَظٌّ، فإنَّه يَشْتَرِي ما يَرَى أنَّه قد غُبِنَ فيه. انتهى. قال في «القَواعِدِ»: الأكْثَرَون على أنَّ المُضارِبَ، والشَّرِيكَ، يَمْلِكُ الإقالةَ للمَصْلَحَةِ، سواءٌ قُلْنا: هي بَيعٌ، أو فَسْخٌ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: ليس له ذلك.

وَلَيسَ لَهُ أنْ يُكَاتِبَ الرَّقِيقَ، وَلَا يُزَوِّجَهُ، وَلَا يَعْتِقَهُ بِمَالٍ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الهادِي»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، يجوزُ مع الإذْنِ، وإلَّا فلا. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): ويَحْتَمِلُ أنْ لا يمْلِكَها، إذا قُلْنا: هي فَسْخٌ. وقال في «الفُصولِ»: على المذهبِ، لا يَمْلِكُ الإقالة، وعلى القوْلِ بأنَّها بَيعٌ، يَمْلِكُها. وتقدَّم ذلك في فوائدِ الإقالةِ. قوله: وليس له أنْ يُكاتِبَ الرَّقِيقَ، ولا يَعْتِقَه بمالٍ، ولا يُزَوِّجَه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 131.

يَهَبَ، وَلا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يُضَارِبَ بالْمَالِ، وَلَا يَأخُذَ بِهِ سُفْتَجَة، وَلَا يُعْطِيَهَا، إلا بِإِذنِ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: له ذلك. قلتُ: حيثُ كان في عِتْقِه بمالٍ مَصْلَحَةٌ، جازَ. قوله: ولا يُقْرِضَ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، ونحوهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيل: يجوزُ للمَصْلَحَةِ. [يعْنِي، على سَبِيلِ القَرْضِ. صرَّح به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه] (¬1). قوله: ولا يُضارِبَ بالمالِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وفيه تخْرِيجٌ مِن جَوازِ تَوْكِيلِه. ويأتِي ذلك في المُضارَبَةِ، عندَ قَوْلِه: وليس للمُضارِبِ أنْ يُضارِبَ لآخَرَ. لأنَّ حُكْمَهما واحِدٌ. فائدة: حُكْمُ المُشارَكَةِ في المالِ حُكْمُ المُضَارَبَةِ. قوله: ولا يَأخُذَ به سُفْتَجَةً. يعني، على سبِيلِ القَرْضِ، صرَّح به في «التَّلْخِيص» وغيرِه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يجوزُ أخْذُها. قال في «الفُروعِ»: وهذا أصحُّ، لأنَّه لا ضَرَرَ فيها. قلتُ: وهو الصَّوابُ إذا كان فيه مَصْلَحَةٌ. وأمَّا إعْطاءُ (¬1) السُّفْتَجَةِ، فلا يجوزُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. فائدتان؛ إحْداهما، مَعْنَى قوْلِه: يأخُذَ به سُفْتَجَةً. أنْ يَدْفَعَ إلى إنْسانٍ شيئًا مِن مالِ الشَّرِكَةِ، ويأخُذَ منه كِتابًا إلى مُوَكِّلِه ببَلَدٍ آخَرَ؛ ليَسْتَوْفِىَ منه ذلك المال. ومعْنَى قوْلِه: يُعْطِيَها. أنْ يأخُذَ مِن إنْسانٍ بِضاعَةً، ويُعْطِيَه بثَمَنِ ذلك كِتابًا إلى ¬

(¬1) في الأصل، ط: «إعطاءها».

وَهَلْ لَهُ أنْ يُودِعَ، أوْ يَبِيعَ نَسَاءً، أوْ يُبْضِعَ، أوْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ، أوْ يَرْهَنَ، أوْ يَرْتَهِنَ؟ عَلى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَكِيِله ببَلَدٍ آخَرَ؛ ليَسْتَوْفِىَ منه ذلك. قاله المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما؛ لأنَّ فيه خَطَرًا. الثَّانيةُ، يجوز لكُلِّ واحدٍ منهما أنْ يُؤجِرَ ويَسْتَأجِرَ. قوله: وهل له أنْ يُودِعَ، أو يَبِيعَ نَساءً، أو يُبْضِعَ، أو يُوَكِّلَ فيما يَتَوَلَّى، مثلَه، أو يَرْهَنَ، أو يَرْتَهِنَ؟ على وجْهَين. أمَّا جوازُ الإيداعِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَين، وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يجوزُ عندَ الحاجَةِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: والصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الإيداعَ يجوزُ عندَ الحاجَةِ. قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ». والثَّاني، لا يجوزُ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»: لا يَمْلِكُ الإيداعَ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وأمَّا جوازُ البَيعِ نَساءً، فأطْلَقَ المُصَنِّف فيه وجْهَين، وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مسبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وأطْلَقهما الخِرَقيُّ في ضَمانِ مالِ المُضارَبَةِ؛ أحدُهما، له ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. قال في «الفَائقِ»: ويَملِكُ البَيعَ نَساءً، في أَصحِّ الرِّوايتَين. قال الزركَشيِّ: وهو مُقْتَضَى كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقيُّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال النَّاظِمُ: هذا أقْوَى. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ في الأصحِّ. ذكَرَه في بابِ الوَكالةِ، عندَ الكلامِ على جَوازِ بَيعِ الوَكِيلِ نَساءً، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» هناك. واخْتارَه ابنُ عَقِيل. وجزَم المُصَنِّفُ، في بابِ الوَكالةِ، بجَوازِ البَيعِ نَساءً للمُضارِبِ. وحُكْمُ المُضارَبَةِ حُكْمُ شَرِكَةِ العِنانِ. والثَّانِي، ليس له ذلك. وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، و «العُمْدَةِ». فعلى هذا الوَجْهِ، قال المُصَنِّفُ: هو مِن تَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: يَلْزَمُه ضَمانُ الثَّمَنِ. قلتُ: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ البَيعُ حالًا، والبَيعُ صحيحٌ. انتهى. وأمَّا جَوازُ الإبضاعِ، ومَعْناه؛ أنْ يُعْطِيَ مِن مالِ الشَّرِكَةِ لمَن يتَّجِرُ فيه، والرِّبْحُ كلُّه للدَّافِعِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»؛ إحْداهما، لا يجوزُ له ذلك. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُبضِعُ في الأصحِّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائق». والوَجْهُ الثَّانِي، يجوزُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. وأمَّا جَوازُ التَّوْكِيلِ فيما يتَوَلَّى مِثْلَه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الوَجْهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واعْلَمْ أنَّ في جَوازِ التَّوْكِيلِ في شَرِكَةِ العِنانِ والمُضارَبَةِ طَريقَين؛ أحدُهما، أنَّ حُكْمَهما حُكمُ التَّوْكِيلِ فيما يتَوَلَّى مِثْلَه. وهي طرِيقَةُ جُمْهورِ الأصحابِ قال في «القواعِدِ»: هي طَرِيقَةُ القاضي، والأكْثَرِين. وهو كما قال. وقد عَلِمْتَ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ؛ أنَّه لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ للوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فيما يتَوَلَّى مِثْلَه، إذا لم يَعْجِزْ عنه، فكذلك هنا. الطَّريقُ الثَّاني، يجوزُ لهما التَّوْكِيلُ هنا، وإنْ منَعْنا في الوَكِيلِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». ورجَّحه أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»؛ وذلك لعُمومِ تَصَرُّفِهما وكَثْرَتِه، وطُولِ مُدَّتِه غالِبًا. وهذه قَرائِنُ تدُلُّ على الإذْنِ في التَّوْكيلِ في البَيعِ والشِّراءِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وكلامُ ابنِ عَقِيلٍ يُشعِرُ بالفَرْقِ بينَ المُضارِبِ والشَّرِيكِ؛ فيَجوزُ للشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ؛ لأنَّه علَّلَ بأن الشَّرِيكَ اسْتَفادَ بعَقْدِ الشَّرِكَةِ ما هو دُونَه، وهو الوَكالةُ؛ لأنها أخَصُّ، والشَّرِكَةُ أعَمُّ، وكان له الاسْتِنابَةُ في الأخَصِّ، بخِلافِ الوَكِيلِ، فإنَّه اسْتفَادَ بحُكْم العَقْدِ مثلَ العَقْدِ. وهذا يدُلُّ على إلْحاقِه المُضَارِبَ بالوَكِيل. انتهى. ويأتِي في المُضارَبَةِ، هل للمُضارِبِ أنْ يدْفَعَ مال المُضارَبَةِ لآخَرَ ليُضارِبَ به، أم لا؟ وأمَّا جوازُ رَهْنِه وارْتِهانِه؛ فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يجوزُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذْهبِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: أصحُّ الوَجْهَين، له ذلك عندَ الحاجَةِ. قال في «الفُروعِ»: له أنْ يَرْهَنَ ويَرْتَهِنَ في الأصحِّ. قال في «النَّظْمِ»: هذا الأقوَى. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». قال في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»: ويَفْعَلُ المَصْلَحَةَ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، المَنْعُ مِن ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ له السَّفَرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، مع الإطْلاقِ. جزَم به في «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ». قال القاضي: قِياسُ المذهبِ جَوازُه. وعنه، لا يَسُوغُ له السَّفَرُ بلا إذْنٍ. نصَرَها (¬1) الأزَجِيُّ. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». الثَّانيةُ، لو سافرَ، والغالِبُ العَطَبُ، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه أبو الفَرَجِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: وظاهِرُ كلامِ غيرِه، وفيما ليس الغالِبُ السَّلامَةَ، يَضْمَنُ أيضًا. انتهى. قال في «الرعايةِ»: وإنْ سافَرَ سَفرًا ظَنَّه آمِنًا، لم يَضْمَنْ. انتهى. وكذا حُكْمُ المُضارَبَةِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تصرف».

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الشَّرِكَةِ، فَان فَعَلَ، فَهُوَ عَلَيهِ، وَرِبْحُهُ لَهُ، إلَّا أن يَأْذَنَ شَرِيكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس له أنْ يَسْتَدِينَ. بأَنْ يَشْتَرِيَ بأكثرَ مِن رأسِ المالِ. هذا المذهبُ المَنْصوصُ عن أحمدَ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَمْلِكُ الاسْتِدانَةَ في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يجوز له ذلك. قال القاضي: إذا اسْتَقْرَضَ شيئًا لَزِمَهما، ورِبْحُه لهما.

وإنْ أخَّرَ حَقَّهُ مِنَ الدَّين، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا يجوزُ له (¬1) الشِّراءُ بثَمَن ليس معه مِن جِنْسِه، غيرُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجُمهورُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ: يجوزُ، كما يجوزُ بفِضَّةٍ ومعه ذَهَبٌ، وعكْسُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «النَّظْمِ». الثَّانيةُ، لو قال له: اعْمَلْ برَأيك. جازَ له فِعْلُ كلِّ ما هو مَمْنوعٌ منه ممَّا تقدَّم، إذا رَآه مَصْلَحَةً. قاله أكَثرُ الأصحابِ. وقال القاضي في «الخِصالِ»: ليس له أنْ يُقْرِضَ، ولا يأْخُذَ سُفْتَجَةً على سَبِيلِ القَرْضِ، ولا يَسْتَدِينَ عليه. وخالفَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. ذكَرَه في «المُسْتَوْعِبِ»، في المُضارَبَةِ. [وقدَّم ما] (¬2) قاله القاضي في «التَّلْخيصِ». تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: وإنْ أخَّرَ حَقَّه مِنَ الدَّينِ، جازَ. أنَّه لا يجوزُ تأْخِيرُ حقِّ شَرِيكِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يجوزُ تأخِيرُه أيضًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لهما». (¬2) في الأصل، ط: «وقدمها».

وَإنْ تَقَاسَمَا الدَّينَ في الذِّمَّةِ، لَمْ يَصِحَّ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَقاسَما الدَّينَ في الذِّمَّةِ، لم يصِحَّ في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. قال في «المُغْنِي» (¬1): هذا الصَّحيحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو بَكْر. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. قال في «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: لا يُقْسَمُ على الأشْهَرِ. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: لا يجوزُ في الأظْهَرِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ. صحَّحه ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 192.

وَإنْ أبْرأ مِنَ الدَّينِ، لَزِمَ في حَقِّهِ دُونَ صَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ أقَر بِمَالٍ. وَقَال الْقَاضِي: يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «النَّظْمِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: في الذِّمَّةِ. الجِنسُ. مَحَلُّ الخِلافِ، إذا كانَ في ذِمَّتين فأكْثَرَ. قاله الأصحابُ. أمَّا إذا كانَ في ذِمَّةٍ واحِدَةٍ، فلا تصِحُّ المُقاسَمَةُ فيها، قوْلًا واحِدًا. قاله في «المُغْني»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ أيضًا. ذكَرَه عنه في «الاخْتِياراتِ». فائدة: لو تَكافَأتِ الذِّمَمُ، فقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قِياسُ المذهبِ مِنَ الحَوالةِ على مَلَئٍ، وُجوبُه. قوله: وإنْ أبْرَأ مِنَ الدَّينَ، لَزِمَ في حَقِّه، دُونَ حَقِّ صاحِبِه. بلا نِزاعٍ. وقوله: وكذلك أنْ أقَر بمالٍ. يَعْنِي، لا يُقْبَلُ في حقٍّ شَرِيكِه، ويَلْزَمُ في حقِّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، سواءٌ كان بعَينٍ، أو دَينٍ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الكافِي». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «المُغْنِي». وقال: إنْ أقَر ببَقِيَّةِ ثَمَنِ المَبِيعِ، أو بجَمِيعِه، أو بأجْرِ المُنادِي، أو الحَمَّالِ، ونحوه، وأشْباهِ هذا، يَنْبغي أنْ يُقْبَلَ؛ لأنه مِن تَوابعِ التِّجارَةِ. وقال القاضي في «الخِصالِ»: يُقْبَلُ إقْرارُه على مالِ الشَّرِكَةِ. وصححه في «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصوابُ. وأطْلَقهما في «الفُروعَ». فائدةٌ حسَنَةٌ: إذا قبَض أحدُ الشَّرِيكَين مِن مالٍ مُشْتَرَكٍ بينَهما بسَبَبٍ واحدٍ؛ كإرْثٍ، أو إتلافٍ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أو ضَرِيبةٍ، سبَبُ اسْتِحْقاقِها واحِدٌ، فلشَرِيكِه الأخْذُ مِنَ الغرِيمِ، وله الأخْذُ مِنَ الآخِذِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: له ذلك، على الأصحِّ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: جزَم به الأكثرُ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، وحَرْبٍ. قال أبو بَكْر: العِمَلُ عليه. وعنه، لا يُشارِكُه فيما أخَذ، كما لو تَلِفَ المَقْبوض في يَدِ قابِضِه، فإنَّه يتَعَيَّنُ حقُّه فيه، ولا يَرْجِعُ على الغَرِيمِ؛ لعَدَمِ تعَدِّيه؛ لأنَّه قَدْرُ حقِّه، وإنَّما شارَكَه لثُبوتِه مُشْتَرَكًا. مع أنَّ الأصحابَ ذكَرُوا، لو أخْرَجَه القابِضُ برَهْنٍ، أو قَضاءِ دَينٍ، فله أخْذُه مِن يَدِه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كمَقْبُوضٍ بعَقْدٍ فاسِدٍ. فقال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ منه، تعَدِّيه في التي قبلَها، ويضمَنُها. وهو وَجْهٌ في «النَّظْمِ». واختارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين. ويتَوَجَّهُ مِن عدَمِ تَعَدِّيه، صِحَّةُ لْصَرُّفِه. وفي التَّفْرِقَةِ نظَرٌ ظاهِرٌ. انتهى. فإن كان القَبْضُ بإذنِ شَرِيكِه، أو بعدَ تأجيلِ شَرِيكِه حقَّه، أو كان الدَّينُ بعَقدٍ، فوَجهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، فيما إذا كان الدَّينُ بعَقْدٍ. والصَّحيحُ فيهما، أنَّه كالمِيراثِ وغيرِه، كما تقدَّم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ، فيما إذا كان بعَقْدٍ. وقالا، فيما إذا أجَّلَ حقَّه: ما قبَضَه الآخَرُ لم يَكُنْ لشَرِيكِه الرُّجوعُ عليه. ذكَرَه القاضي. قالا: والأوْلَى أنَّ له الرُّجوعَ. وقالا في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفَائقِ»: وإنْ قبَضَه بإذْنِه، فلا مُخاصَمَةَ في الأصحِّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». واخْتارَه النَّاظِمُ. وقال في «الفائقِ»: فإنْ كان بعَقدٍ، فلشَرِيكِه حِصَّتُه، على أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «الفُروعِ»: ونَصُّه، في شَرِيكَين وَلِيا عَقْدَ مُدايَنَةٍ، لأحَدِهما أخْذُ نَصِيبِه. وفي دَين مِن ثَمَن مَبِيعٍ، أو قَرْضٍ، أو غيرِه، وَجْهان. وأطلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يَظْهَرُ، أَنَّه كالدَّينِ الذي بعَقْدٍ، بل هو مِن جُمْلَتِه. فأمَّا في المِيراثِ، فيُشارِكُه؛ لأنَّه لا يتَجَزَّأُ أصْلُه، ولو أبرَأ منه، صحَّ في نصِيبِه، ولو صالحَ بعِوَضٍ، أخَذ نَصِيبَه مِن دَينِه فقط. ذكَرَه القاضي، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وللغرِيم التَّخْصِيصُ، مع تعَدُّدِ سبَبِ الاسْتِحْقاقِ، لكِنْ ليس لأحَدِهما الكَراهَةُ على تقْدِيمِه.

وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَولَّاهُ؛ مِنْ نَشْرِ الثَّوْبِ وَطَيِّهِ، وَخَتْمِ الْكِيسِ وَإحْرَازِهِ. فَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَالأجْرَةُ عَلَيهِ. وَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأجِرَ مَنْ يَفْعَلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ذكَر هذه المَسْأَلةَ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، في التَّصَرُّفِ في الدَّينِ، وذكَرَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما في هذا البابِ. وذكَرَها في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، في آخِرِ بابِ الحَوالةِ. ولكلٍّ منها وَجْهٌ. قوله: وما جَرَتِ العادَةُ أنْ يَسْتَنِيبَ فيه، فله أنْ يَسْتَأْجِرَ مَن يفْعَلُه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو اسْتَأْجَرَ أحَدُهما الآخَرَ فيما لا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَه إلَّا بعَمَلٍ فيه؛ كنَقْلِ طَعامٍ بنَفْسِه، أو غُلامِه، أو دابَّتِه، جازَ كدارِه. قدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: نقَلَه الأكثرُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشًّرْحِ». ذكَراه في المُضارَبَةِ. وعنه، لا يجوزُ؛ لعَدَمِ إيقاعِ العَمَلِ فيه، لعدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهما. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

فَإنْ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ، فَهَلْ لَهُ ذَلكَ؟ عَلَى وَجْهَينِ. فَصْلٌ: وَالشُّرُوطُ في الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ؛ صَحِيحٌ، مِثْلَ أَنْ يَشْترِطَ أَلَّا يَتَّجِرَ إلَّا في نَوْعٍ مِنَ الْمَتَاعِ، أوْ بَلَدٍ بِعَينِهِ، أوْ لَا يَبِيعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فعَلَه ليَأخُذَ أُجْرَتَه، فهل له ذلك؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، ليس له أخْذُ أجْرَةٍ. وهو مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال في «الفُروعِ»: ليس له فِعْلُه بنَفْسِه؛ ليَأخُذَ الأُجْرَةَ بلا شَرْطٍ، على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ له الأخْذُ. قوله: والشروطُ في الشرِكَةِ ضَرْبان؛ صَحِيحٌ، وَفاسِدٌ، فالفَاسِدُ، مثلَ أنْ

إلَّا بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ، أوْ لَا يُسَافِرَ بِالْمَالِ، وَلَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَشْتَرِطَ ما يَعودُ بجَهالةِ الرِّبْحِ، أو ضَمانِ المالِ، أو أن عليه مِن الوَضِيعَةِ أكْثَرَ مِن قَدْرِ مَالِه، أو أنْ يُولِّيَه ما يَخْتارُ مِنَ السِّلَعِ، أو يَرْتَفِقَ بها، أو لا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بعَينها -ونحوَ ذلك- فما يعُودُ بجَهالةِ الرِّبحِ، يَفْسُدُ به العَقْدُ، مثْلَ أنْ يَشتَرِطَ المُضارِبُ جُزْءًا مِنَ الربْحِ مَجْهولًا، أو رِبْحَ أحَدِ الكِيسَين، أو أحَدِ الأَلفَين، أو أحَدِ العَبْدَين، أو إحْدَى السُّفْرَتَين، أو ما يرْبَحُ في هذا الشَّهْرِ، ونحوَ ذلك، فهذا يُفْسِدُ العَقْدَ، بلا نِزاع. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ شرَط ما فيها، أو ما يعُودُ بجَهالةِ الرِّبْحِ، فسَد العَقْدُ، وللعامِلِ أُجْرَةُ مثلِه. ويُخَرَّجُ في سائرِها رِوايَتان، وشَمِلَ قِسْمَين؛ أحدُهما، ما يُنافِي مُقْتَضَى العقدِ؛ نحوَ أنْ يَشتَرِطَ لزُومَ المُضارَبَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لا يَعْزِلَه مُدَّةً بعَينِها، أو لا يَبِيعَ إلَّا برَأسِ المالِ أو أقَلَّ، أو أنْ لا يَبِيعَ إلَّا ممَّن اشْتَرى منه، أو شرَط أنْ لا يَبِيعَ أو لا يَشْتَرِيَ، أو أنْ يُوَلِّيَه ما يَخْتارُه مِنَ السِّلَعِ، ونحوَ ذلك. والثَّانِي، كاشْتِراطِ ما ليس مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ ولا مُقْتَضاه، نحوَ أنْ يَشْتَرِطَ على المُضارِبِ المُضارَبَةَ له في مالٍ آخَرَ، أو يأخُذَه بِضاعَةً، أو قَرْضًا، أو أنْ يَخْدِمَه في شيءٍ بعَينه، أو يَرْتَفِقَ ببَعضِ السِّلَعِ؟ كلُبْسِ الثوْبِ، واسْتِخْدامِ العَبْدِ، والشَّرْطِ على المُضارِبِ ضَمانَ المالِ، أو سَهْمًا مِنَ الوَضِيعَةِ، أو أنَّه متى باعَ السِّلْعَةَ فهو أحَقُّ بها بالثَّمَنِ ونحوَ ذلك؛ إحْداهما، لا يَفْسُدُ العَقْدُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ المَنْصوصِ عن أحمدَ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: المَنْصوصُ عن أحمدَ في أظهَرِ الرِّوايتَين، أنَّ العَقْدَ صحيحٌ. قال في «الفُروعِ»: فالمذهبُ صِحةُ العَقْدِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

وَفَاسِدٌ، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَعُودُ بِجَهَالةِ الرِّبْحِ، أوْ ضَمَانِ الْمَالِ، أوْ أنَّ عَلَيهِ بِنَ الْوَضِيعَةِ أكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ، أوْ أنْ يُوَلِّيَهُ مَا يَخْتَارُ مِنَ السِّلَعِ أوْ يَرْتَفِقَ بِهَا، أو لَا يَفْسَخَ الشَّركَةَ مُدَّةً بِعَينهَا. فَمَا يَعُودُ بجَهَالةِ الرِّبْحِ، يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، وَيُخرَّجُ في سَائِرِهَا رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَفْسُدُ العَقدُ. ذكَرَها القاضي، وأبو الخَطَّابِ. وذكَرَها أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم، تَخريجًا مِنَ البَيعِ والمُزارَعَةِ.

وإذَا فَسَدَ الْعَقْدُ، قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالينِ. وَهَلْ يَرْجِعُ أَحدُهُمَا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا فسَد العَقْدُ، قُسِمَ الرِّبْحُ على قَدْرِ المالين. هذا المذهبُ. قدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي». وقال: هذا المذهبُ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وعنه، إنْ فسَد بغيرِ جَهالةِ الرِّبْحِ، وجَب المُسَمَّى. وذكَرَه الشَّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ ظاهِرَ المذهبِ. قال في «المُغْنِي» (¬1): واخْتارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، أنَّهما يَقْتَسِمان الرِّبْحَ على ما شرَطاه. وأجْراها مَجْرَى الصَّحيحِ. انتهى. وأطْلَقَ في «التَّرْغيبِ» رِوايتَين. وأوْجَبَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ في الفاسِدِ نَصِيبَ المِثْلِ، فيَجِبُ مِنَ الرِّبْحِ جُزْءٌ جرَتِ العادَةُ في مِثْلِه، وأنَّه قِياسُ مذهبِ أحمدَ؛ لأنَّها عندَه مُشارَكَةٌ، لا مِن بابِ الإجارَةِ. قوله: وهل يَرْجِعُ أحَدُهما بأُجْرَةِ عَمَلِه؟ على وَجْهَين. هما رِوايَتان في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»؛ أحَدُهما، له الرُّجوعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: يَرْجِعُ بها على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَه القاضي، ذكَرَه في «التَّصحْيح الكَبِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يرْجِعُ. اخْتارَه الشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ، وأجْراها كالصَّحِيحَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو تعَدَّى الشَّرِيكُ مُطْلَقًا، ضَمِنَ، والرِّبْحُ لرَبِّ المالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَه الجماعَةُ. وهو المذهبُ عندَ أبِي بَكْرٍ، ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 180.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر جماعَة، إنِ اشْتَرَى بعَينِ (¬1) المالِ، فهو كفُضُولِيٍّ. ونقَلَه أبو داودَ قال في «الفُروعِ»: وهر أظْهَرُ. وذكَر بعضُهم، إنِ اشْتَرَى في ذِمَّتِه لرَبِّ المالِ، ثم نقَدَه ورَبِحَ، ثم أجازَه، فله الأجْرَةُ في رِوايَةٍ، وإنْ كان الشِّراءُ بعَينِه، فلا. وعنه، له أُجْرَةُ مِثْلِه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. ذكَرُوه في تعَدِّي المُضارِبِ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»: له أُجْرَةُ مِثْلِه ما لم يَحُطَّ بالرِّبْحِ. ونقَلَه صالِحٌ، وأنَّ أحمدَ كان يَذْهَبُ إلى أن الرِّبْحَ لرَبِّ المالِ، ثم اسْتَحْسَنَ هذا بعدُ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايةِ». وعنه، له الأقَلُّ منها، أو ما شرَط مِنَ الرِّبْحِ. وعنه، يتَصَدَّقان به. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّه بينَهما على ظاهرِ المذهبِ. وفي بعضِ كلامِه، إنْ أجازَه بقَدْرِ المالِ والعَمَلِ. انتهى. قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: وإنْ تعَدَّى عامِلٌ ما أمَرا … به الشَّرِيكُ ثم ربْحٌ ظَهَرا وأُجْرَةُ المِثْلِ له، وعنه، لا … والرِّبْحُ للمالِكِ نصَّ نَقْلا وعنه، بل صدَقَةٌ ذا يَحْسُنُ … لأنَّ ذاك رِبْحُ ما لا يضْمَنُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بغير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَها في المُضارَبَةِ. الثَّانيةُ، قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: الرِّبْحُ الحاصِلُ مِن مالٍ لم يَأذَنْ مالِكُه في التِّجارَةِ به، قيل: للمالِكِ. وقيل: للعامِلِ. وقيل: يتَصَدَّقان به. وقيل: بينَهما على قَدْرِ النَّفْعَين، بحَسَبِ معْرِفَةِ أهْلِ الخِبْرَةِ. قال: وهو أصَحُّهما، إلَّا أنْ يتَّجِرَ به على غيرِ وَجْهِ العُدْوانِ، مثْلَ أنْ يعْتَقِدَ أنَّه مالُ نَفْسِه، فتَبَيَّنَ أنَّه مالُ غيرِه، فهنا يَقْتَسِمان الرِّبْحَ، بلا رَيبٍ. وقال في «المُوجَزِ»، في مَنِ اتَّجَرَ بمالِ غيرِه مع الرِّبْحِ فيه: له أُجْرَةُ مِثْلِه. وعنه، يتَصَدَّقُ به. وذكَر الشيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، في مَوْضِعٍ آخَرَ، أنَّه إنْ كان عالِمًا بأنَّه مالُ الغيرِ، فهنا يتَوَجَّهُ قَوْلُ مَن لا يعْطِيه شيئًا، فإذا تابَ، أُبِيحَ له بالقِسْمَةِ، فإذا لم يَتُبْ، ففي حِلِّه نَظَرٌ. قال: وكذلك يتَوَجَّهُ فيما إذا غصَب شيئًا؛ كفَرَسٍ، وكسَب به مالًا، يُجْعَلُ الكَسْبُ بينَ الغاصِبِ ومالِكِ الدَّابَّةِ، على قَدْرِ نَفْعِهما، بأنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الرَّاكِبِ ومَنْفَعَةُ الفَرَسِ، ثم يُقْسَمَ الصَّيدُ بينَهما. وأمَّا إذا كسَب، فالواجِبُ أنْ يُعْطِيَ المالِكَ أكْثرَ الأمْرَين؛ مِن كَسْبِه، أو قِيمَةِ نَفْعِه.

فَصْلٌ: الثَّانِي، الْمُضَارَبَةُ؛ وَهِيَ أنْ يَدْفَعَ مَالهُ إِلَى آخَرَ يَتَّجِرُ فِيهِ وَالرِّبْحُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُضارَبَةُ؛ هي دَفْعُ مالِه إلى آخَرَ، يَتَّجِرُ به،. والرِّبْحُ بينَهما. كما قال المُصَنِّفُ. وتُسَمَّى قِراضًا أيضًا. واخْتُلِفَ في اشْتِقاقِها، والصَّحيحُ، أنَّها مُشْتَقَّةٌ مِنَ الضَّرْبِ في الأرْضِ؛ وهو السَّفَرُ فيها بالتِّجارَةِ غالِبًا. وقيل: مِن ضَرْبِ كلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٍ منهما بسَهْمٍ في الرِّبْحِ. والقِراضُ مُشْتَقٌّ مِنَ القَطْعِ، على الصَّحيحِ. فكأنَّ ربَّ المالِ اقْتطَعَ مِن مالِه قِطْعَةً، وسلَّمَها إلى العامِلِ، واقْتطَعَ له قِطْعَةً مِنَ الرِّبْحِ. وقيل: مُشْتَقُّ مِنَ المُساواةِ والمُوازَنَةِ؛ فمِنَ العامِلِ العَمَلُ، ومِنَ الآخَرِ المال، فتَوازَنا. ومَبْنَى المُضارَبَةِ، على الأمانَةِ والوَكالةِ، فإذا ظهَر رْبْحٌ، صارَ شَرِيكًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ فسَدَتْ، صارَتْ إجارَةً، ويَسْتَحِقُّ العامِلُ أْجْرَةَ المِثْلِ. فإنْ خالفَ العامِلُ صارَ غاصِبًا.

فَإنْ قَال: خُذْهُ، فَاتَّجِرْ بِهِ، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي. فَهُوَ إبْضَاعٌ. وَإنْ قَال: وَالرِّبحُ كُلُّهُ لَكَ. فَهُوَ قَرْضٌ. وَإنْ قَال: وَالرِّبْحُ بَيننَا. فَهُوَ بَينَهُمَا نِصْفينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ قَال: خُذْهُ مُضَارَبَةً، وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ أوْ لِيَ. لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: خُذْه مُضارَبَةً، والرِّبْحُ كلُّه لك، أو لِيَ. لم يَصِحَّ. يعْنِي، إذا قال إحْداهما، مع قوْلِه: مُضارَبَةً. لم يصِحَّ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» وغيرِهم. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم: هي مُضارَبَةٌ فاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فيها أُجْرَةَ المِثْلِ. وكذا قال في «المُغْنِي»، لكِنَّه قال (¬1): لا يَسْتَحِقُّ شيئًا في الصُّورَةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّه دخَل على أنْ لا شيءَ له، ورَضِيَ به. وقاله ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 141.

وَإنْ قَال: لَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ. صَحَّ، وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ. وَإنْ قَال: وَلِي ثُلُثُ الرِّبْحِ. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ المُساقَاةِ. وقال في «المُغْنِي» (¬1)، في مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّه إبْضاعٌ صحيحٌ. فَراعَى الحُكْمَ دُونَ اللَّفْظِ. وعلى هذا، يكونُ في الصُّورَةِ الأولَى قَرْضًا. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثين». قوله: وإنْ قال: ولِي ثُلُثُ الرِّبْحِ -يعْنِي، ولم يذْكُرْ نَصِيبَ العامِلِ- فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَينِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ، والباقِي بعدَ الثُّلُثِ للعامِلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 142.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وقالا: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. ذكَرَه في «التَّصْحيحِ الكَبِيرِ». والثَّاني، لا يصِحُّ؛ فتَكونُ المُضارَبَةُ فاسِدَةً. فعلى المذهبِ، لو أتَى معه برُبْعِ عُشْرِ الباقِي، ونحوه، صحَّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: في الأصحِّ. وقيل: لا يصِحُّ، ويكونُ الرِّبْحُ لرَبِّ المالِ، وللعامِلِ أُجرَة مِثْلِه. نصَّ عليه.

وَإنِ اخْتَلَفَا، لِمَنِ الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ؟ فَهُوَ لِلْعَامِلِ. وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: لك الثُّلُثُ، ولي النِّصْفُ. صحَّ، وكان السُّدْسُ الباقِي لرَبِّ المالِ. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وغيرِها. الثَّانية، حُكْمُ المُساقاةِ والمُزارَعَةِ، حُكْمُ المُضارَبَةِ فيما تقدَّم.

وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ حُكْمُ الشَّرِكَةِ فِيمَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ أوْ لَا يَفْعَلَهُ، وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ، وَفِي الشُّرُوطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحُكْمُ المُضارَبةِ، حُكْمُ الشَّرِكَةِ فيما للعَامِلِ أنْ يَفْعَلَه أو لا يَفْعَلَه، وما يَلْزَمُه فِعْلُه. وفيما تصِحُّ به الشَّرِكَةُ؛ مِنَ العُروضِ والمَغْشُوشِ والفُلوسِ والنَّقْرَةِ، خِلافًا ومَذْهَبًا. وهكذا قال جماعَةٌ. أعْنِي، أنَّهم جعَلُوا شَرِكَةَ العِنانِ أصْلًا، وألْحَقُوا بها المُضارَبَةَ. وأكثرُ الأصحابِ قالُوا: حُكْمُ شَرِكَةِ العِنانِ حُكْمُ المُضارَبَةِ، فيما له وعليه، وما يُمْنَعُ منه. فجعَلُوا المُضارَبَةَ أصْلًا. واعلمْ أنَّه لا خِلافَ في أنَّ حُكْمَهما واحِدٌ فيما ذكَرُوا. قوله: وفي الشُّروطِ، وإنْ فسَدَتْ، فالرِّبْحُ لرَبِّ المالِ، وللعامِلِ الأُجْرَةُ. خَسِرَ أو كسَب. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ».

وَإنْ فَسَدَتْ، فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلِلْعَامِلِ الأُجْرَةُ: وَعَنْهُ، لَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الأُجْرَةِ أوْ مَا شُرِطَ لَهُ مِنَ الرِّبْحَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: وعنه، يتَصَدَّقان بالرِّبْحِ. انتهى. وعنه، له الأقَلُّ مِن أُجْرَةِ المِثْلِ، أو ما شرَطَه له مِن الرِّبْحِ. واخْتارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، أنَّ الرِّبْحَ بينَهما على ما شرَطاه، كما قال في شَرِكَةِ العِنانِ، على ما تقدَّم. فائدة: لو لم يَعْمَلِ المُضارِبُ شيئًا، إلَّا أنَّه صرَف الذَّهبَ بالوَرِقِ، فارْتَفعَ الصَّرْفُ، اسْتَحَقَّ لَمَّا صرَفَها (¬1). نقَلَه حَنْبَلٌ. وجزَم به في «الفُروعِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «صرف فيها».

وَإنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ، فَهَلْ تَفْسُدُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شرَطا تَأْقِيتَ المُضَارَبَةِ، فهل تَفْسُدُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَررِ»؛ إحْداهما، لا تفْسُدُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحّحه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينِ». وقدَّمه في «الكافِي». وقال: نصَّ عليه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تفْسُدُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». واخْتارَه أبو حَفصٍ العُكْبَرِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ». قاله في «التَّلْخِيصِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال في

وَإن قَال: بعْ هَذَا الْعَرْضَ وَضارِبْ بِثَمَنِهِ. أو: اقْبِضْ وَدِيعَتِي وَضَارِبْ بها. أو: إِذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَضَارِبْ بِهَذَا. صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ قال: ضارَبْتُك سَنَةً، أو شَهْرًا. بطَل الشَّرْطُ. وعنه، والعَقْدُ. قلتُ: وإنْ قال: لا تَبعْ بعدَ سَنَةٍ. بطَل العَقْدُ. وإنْ قال: لا تَبْتَعْ بعدَها. صحَّ، كما لو قال: لا تَتَصَرَّفْ بعدَها. ويَحْتَمِلُ بُطْلانُه. فعلى المذهبِ، لو قال: متى مضَى الأجَلُ، فهو قَرْضٌ. فمضَى وهو مَتاعٌ، فلا بأْسَ إذا باعَه أنْ يكونَ قَرْضًا. نقَلَه مُهَنَّا. وقاله أبو بَكْرٍ، ومَن بعدَه. ويَصِحُّ قوْلُه: إذا انْقَضَى الأجَلُ، فلا تَشْتَرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه احْتِمالٌ، لا يصِحُّ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم كلامُه في «الرِّعايةِ». قوله: وإنْ قال: بعْ هذا العَرْضَ، وضارِبْ بثَمَنِه. صحَّ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ. وهو تخريجٌ.

وَإنْ قَال: ضَارِبْ بِالدَّينِ الَّذِي عَلَيكَ. لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: ضارِبْ بالدَّينَ الذي عليك. لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، ذكَرَه في آخِرِ بابِ السَّلَمِ. وعنه، يصِحُّ. وهو تَخْريِجٌ في «المُحَرَّرِ»، واحْتِمالٌ لبَعضِ الأصحاب. وبَناه القاضي على شِرائِه مِن نفْسِه، وبَناه في «النِّهايةِ» على قَبْضِه مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه. وفيهما رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو قال: إذا قبَضْتَ الدينَ الذي لي على زَيدٍ، فقد ضاربتك به. لم يصِح، وله أُجْرَةُ تصَرُّفِه. قال في «الرعايةِ»: قلتُ: يَحْتَمِلُ صِحَّةُ المُضارَبَةِ؛ إذْ يصِحُّ عندَنا صِحَّةُ تعْليقِها على شَرْط. ومنها، لو كان في يَدِه عَينْ مغْصُوبَة، وقال المالِكُ: ضارِبْ بها. صح، ويزُولُ ضَمانُ الغصْبِ. جزَم به في «التَّلْخيصِ». وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشرح». وقال القاضي: لا يزُولُ ضَمانُ الغَصْبِ بعَقْدِ المُضارَبَةِ. ومنها، لو قال: هو قَرْضٌ عليك شَهْرا، ثم هو مُضارَبَة. لم يصِحَّ. جزَم به في «الفائقِ». وقدَّمه في «الرعايةِ الكبْري». وقيل: يصِح.

وَإنْ أخرَجَ مَالًا لِيَعْمَلَ هُوَ فِيهِ وَآخَرُ، وَالرِّبْحُ بَينَهُمَا، صَحَّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أخْرَجَ مالًا؛ ليَعْمَلَ فيه هو وآخَرُ، والرِّبْحُ بينَهما، صَحَّ، ذكَرَه الخِرَقِيُّ. ويكون مُضَارَبَةً. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. قال في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»: هذا أظْهَرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمَه

وَقَال الْقَاضِي: إذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ أنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْمَالِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإنْ شَرَطَ عَمَلَ غُلَامِهِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِي، وقال: هو مَنْصوصُ أحمدَ في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، وقدَّمَه في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحَه النَّاظِمُ. وقال القاضي: إذا شرَط المُضارِبُ أنْ يعْمَلَ معه رَبُّ المالِ، لم يصِحَّ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وأطْلَقهما في «الرعايةِ الكُبْرى»، و «الهادِي». وحُمِلَ كلامُ القاضي، والخِرَقيِّ، على أنَّ رَبَّ المالِ عَمِلَ (¬1) فيه مِن غيرِ شَرْطٍ. ورَدة المُصَنفُ، والشارِحُ، وغيرُهما. قوله: وإنْ شرَط عَمَلَ غُلامِه، فعلى وجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «يحمل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ» أحدُهما، يصِحُّ، كما يصِحُّ أنْ يَضُمَّ إليه بَهِيمَةً، يَحْمِلُ عليها. وهو المذهبُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: يصِحُّ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصححَه في «التصْحيح» وغيرِه. وقدّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الكافِي»، وقال: هو أوْلَى بالجَوازِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. اختاره القاضي. قال في «التَّلْخيصِ»: الأظْهَرُ المَنْعُ. وظاهِرُ كلامِ الزَّرْكَشِيِّ، أنَّ الخِلافَ في الغُلامِ (¬1) على القَوْلِ بعَدَمِ الصِّحَّةِ مِن رَبِّ المالِ. فعلى المذهبِ، في المَسْألتَين، قال المُصَنِّفُ: يُشْتَرَطُ عِلْمُ عَمَلِه، وأنْ يكونَ دُونَ النصْفِ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الكلام».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لا يَضُرُّ عَمَلُ المالِكِ بلا شَرْطٍ. نصَّ عليه. ومنها، لو قال رَبُّ المالِ: اعْمَلْ في المالِ، فما كانَ مِن رِبْحٍ فبَينَنا. يَصِحُّ. نقَلَه أبو داودَ. ومنها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما نقَل أبو طالِبٍ -في مَن أعْطَى رَجُلًا مُضارَبَةً على أنْ يَخْرُجَ إلى المُوصِلِ فيُوَجِّهَ إليه بطَعامٍ فيبِيعَه، ثم يَشْتَرِي به، ويُوَجهَ إليه إلى المُوصِلِ- قال: لا بأسَ، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانُوا تَراضَوا على الرِّبح. وتقدم في أولِ البابِ، في شَرِكَةِ العِنانِ، عندَ قوْلِه: ليَعْمَلا فيه لو اشْتَرَكا في مالين وبَدَنِ أحَدِهما.

فصلٌ: وَلَيسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. فَإِنْ فَعَلَ، صَحَّ، وَعَتَقَ، وَضَمِنَ ثَمَنَهُ. وَعَنْهُ، يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس للعامِلِ شِراءُ مَن يَعْتِقُ على رَب المالِ، فإنْ فعَل، صَحَّ، وعتَق، وضَمِنَ ثَمَنَه. لا يجوزُ للعامِلِ أنْ يَشْترِي مَن يَعْتِقُ على رَبِّ المالِ، فإنْ فعَل، فقدم المُصَنفُ هنا صِحةَ الشِّراءِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، وغيرُهما. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم.

أوْ لَمْ يَعْلَمْ. وَقَال أبو بَكْر: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ، لَمْ يَضْمَنْ. وَيَحْتَمِل ألا يَصِحَّ البَيع. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ». قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، صِحَّةُ الشِّراءِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِح الشِّراءُ. وهو تَخرِيج في «الكافِي»، ووَجْهٌ في «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، وقال: والأشْهَرُ أنه كمَن (¬1) نذَر عِتْقَه وشِراءَه، مَن حلَف لا يَمْلِكُه. يعْنِي، كما لو اشْتَرَى المُضارِبُ مَن [نذرَ رَبُّ] (¬2) المالِ عِتْقَه (¬3)، أو حلَف لا يَمْلِكُه. ذكَرَه في أواخِرِ الحَجْرِ، في أحْكامِ العَبْدِ، وقاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه هُنا. قال ¬

(¬1) في الأصل، ط: «عمن». (¬2) في الأصل، ط: «نذرت». (¬3) في الأصل، ط: «عنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ البَيعُ، إذا كان الثمَنُ عَينًا، وإنْ كان اشْتَراه في الذمَّةِ، وقَع الشِّراءُ للعاقِدِ. وظاهِرُه كلامِ أحمدَ صِحَّةُ الشِّراءِ. قاله القاضي. انْتَهيا. وقال في «الفائقِ»: ولو اشْتَرَى في الذمَّةِ، فللعاقِدِ، وإنْ كان بالعَينِ، فَباطِلٌ في أحَدِ الوجْهَين. فعلى المذهبِ، يَضْمَنُه العامِلُ مُطْلَقًا. أعْني، سواءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ. وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويَضْمَنُ في الأصحِّ. قال القاضي وغيرُه: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور، أنَّه يَضْمَنُ، سَواءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ. وقدَّمه المُصَنفُ هنا، وفي «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي». وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه القاضي في «المُجَردِ». قاله في «التَّلْخيصِ». وقال أبو بَكْر في «التَّنْبيهِ»: إنْ لم يَعْلَمْ، لم يَضْمَنْ. وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ». وقال: لأنَّ الأصُولَ فرَّقَتْ بينَ العِلْمِ وعدَمِه في بابِ الضَّمانِ؛ كالمَعْذُورِ، وكمَن رمَى إلى صَفِّ المُشْرِكِين. انتهى. واخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ». قاله في «التَّلْخيصِ»، وقال: هذا الصَّحيحُ عندِي. انتهى. وقيل: لا يَضْمَنُ، ولو كان عالِمًا أيضًا. وهو تَوْجِية لأبِي بَكْر في «التنبيهِ». وأطْلقَهُنَّ في «القواعِدِ». فعلى القَولِ بأنه يَضْمَنُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَين، أنَّه يَضْمَنُ الثَّمَنَ، كما

وإنِ اشْتَرَى امْرَأتهُ، صَحَّ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّم المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعَ»، ذكَرَه في الحَجْرِ. وقدّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، يَضْمَنُ قِيمَتَه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ». وهما وَجْهان مُطْلَقان في «القواعِدِ». فعلى الرِّوايَةِ الثّانيةِ، يَسْقُطُ عنِ العامِلِ قِسْطُه منها. على الصَّحيحِ. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا أصح. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ». وفيه وَجْه آخَرُ، لا يَسْقُطُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرعايةِ»، والوَجْهان ذكَرَهما أبو بَكْر. وتقدم نَظيرُ ذلك، فيما إذا اشْتَرَى عَبْدُه المَأذُونُ له مَن يَعْتِقُ على سيِّدِه، في أحْكامِ العَبْدِ، في أواخِرِ بابِ الحَجْرِ. قوله: وإنِ اشْتَرَى امْرَأتَه -يعْنِي، امْرَأةَ رب المالِ- صَح، وانْفَسَخَ نِكاحُه. وكذا لو كانَ ربُّ المالِ امْرأةً، واشْتَرَى العامِلُ زَوْجَها. وهذا المذهبُ، سواء كانَ الشراءُ في الذِّمّةِ، أو بالعَينِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وذكَر في «الوَسِيلَةِ»، أنَّ الخِلافَ المُتَقَدِّمَ فيه أيضًا. قلتُ: وما هو ببعيدٍ.

وَإنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ رِبْح، لَمْ يَعْتِقْ، وَإنْ ظَهَرَ رِبْحٌ، فَهَلْ يَعْتِقُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ على نَفْسِه، ولم يَظْهَرْ رِبْح، لم يعْتِقْ. هذا المذْهبُ، بلا رَيبٍ، وعليه جماهير الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يَعْتِقُ. قوله: وإنْ ظهَر رِبْحٌ، فهل يَعْتِقُ؟ على وَجْهَين. وهما مَبْنِيَّان على مِلْك المُضارِبِ للرِّبْحِ بعدَ الظهورِ وعدَمِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم، القاضي في «خِلافِه»، وابنُه أبو الحُسَينِ. وأبو الفَتْحِ الحَلْوَانِي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّف، والشارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم، وقدَّمها كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ بالظُّهورِ. عتَق عليه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» وغيرِها. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو أصحُّ. وإنْ قلْنا: لا يَمْلِكُ. لم يَعْتِقْ عليه. قال في «الكافِي»: وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ إلا بالقِسْمَةِ. لم يَعْتِقْ. وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه بالظُّهورِ. عتَق عليه قَدْرُ حِصتِه، وسرَى إلى باقِيه إنْ كان مُوسِرًا، وغَرِمَ قِيمَتَه، وإنْ كان مُعْسِرًا، لم يَعْتِقْ عليه إلا ما ملَك. انتهى. وقال أبو بَكْر في «التنبِيهِ»: لا يَعْتِقُ عليه، وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ؛ لعَدَمِ اسْتِقْرارِه. وصححه ابنُ رَزِين في «نِهايته». وأطْلَقَ العِتْقَ وعدَمَه، إذا قُلْنا: يَمْلِكُ بالظُّهورِ. في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «التلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال في «التلْخيصِ»: ولو ظهَر رِبْحٌ بعدَ الشراءِ بارتفاعِ الأسْواق،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقُلْنا: يَمْلِكُ بالطُّهورِ، عتَق نَصِيبُه، ولم يَسْرِ؛ إذْ لا اخْتِيارَ له في ارْتِفاعِ الأسْواقِ. فائدة: ليس للمُضارِبِ أنْ يَشْتَرِيَ بأكْثرَ مِن رأسِ المالِ، فلو كان رأسُ المالِ ألْفًا، فأشْتَرَى عَبْدًا بالفٍ، ثم اشْتَرَى عَبْدًا آخَرَ بعَينِ الألفِ، فالشِّراءُ فاسِد. نص عليه، وتقدَّم نَظِيرُه في شَرِكَةِ العِنانِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، حيثُ قال: وليس له أنْ يَسْتَدِينَ.

وَلَيسَ لِلْمُضَارِبِ أنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ، إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَر عَلَى الأوَّلِ. فَإن فَعَلَ، رَدَّ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الأوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وليس للمُضارِبِ أنْ يُضارِبَ لآخَرَ، إذا كان فيه ضَرَر على الأوَّلِ. أنَّه إذا لم يَكُنْ فيه ضَرَر على الأولِ، يجوزُ أنْ يُضارِبَ لآخَرَ. وهو صحيح، وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وهو ظاهِرُ كلامِ جماهيرِ الأصحابِ؛ لتَقْييدهِم المَنْعَ بالضَّرَرِ. وقدَّمَه في «الفُروعِ». وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. ونقَل الأثْرَمُ، متى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ على رَبِّ المالِ، فقد صارَ أجيرًا له، فلا يُضارِبُ لغيرِه. قيلَ: فإنْ كانتْ لا تَشْغَلُه؟ قال: لا يُعْجِبُنِي، لا بَدَّ مِن شَغْلٍ. قال في «الفائقِ»: ولو شرَط النَّفَقَةَ، لم يأخُذْ لغيرِه مُضارَبَة، وإنْ لم يتَضَرَّرْ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الشرْح». وحملَه المُصَنِّفُ على الاسْتِحْبابِ. قوله: فإنْ فعَل، رَدَّ نَصِيبَه مِنَ الرِّبْحِ في شَرِكَةِ الأولِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به أكثرُهم؛ منهم الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، والزرْكَشِي، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال المُصَنِّفُ: النَّظَرُ يَقْتَضِي أنْ لا يَسْتَحِقَّ رَبُّ المُضارَبَةِ الأولَى مِن رِبْحِ المُضارَبَةِ الثانيةِ شيئًا. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: والقِياسُ أن رَبَّ الأولَى ليس له شيءٌ مِن رِبْحِ الثانيةِ؛ لأنه لا عمَلَ له فيها، ولا مال. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. واخْتارَه في «الحاوي (¬1) الصَّغِيرِ». فائدتان؛ إحْداهما، ليس للمُضارِبِ دَفْعُ مالِ المُضارَبَةِ لآخَرَ مُضارَبَةً مِن غيرِ إذْنِ رَبِّ المالِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج القاضي وَجْهًا بجَوازِه؛ بِناءً على تَوْكِيلِ الوَكِيلِ. قال في «القواعِدِ»: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الخلاف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحُكِيَ رِوايَة بالجَوازِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهما: ولا يصِح هذا التخْرِيجُ. انتهى. ولا أجْرَةَ للثاني على رَبِّه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بلَى. وقيل: على الأولِ مع جَهْلِه، كدَفْعِ الغاصِبِ مال الغصْب مُضارَبَةً، وأنَّ مع العِلْمِ لا شيءَ له، ورِبْحُه لرَبِّه. وذكَر جماعَةْ، إنْ تعَذرَ رَدُّهَ، إنْ كان شِراؤه بعَينِ المالِ. وذكَروا وَجْهًا، أنْ كان في ذمَّتِه، كان الرِّبْحُ للمُضارِبِ. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». وقال في «التلْخيصِ»: إنِ اشْتَرَى في ذِمتِه، فعندِي، أن نِصْفَ الرِّبْحِ لرَبِّ المالِ، والنِّصْفَ الآخَرَ بينَ العامِلَين نِصْفَين. الثانيةُ، ليس له أنْ يَخْلِطَ مال المُضارَبَةِ بغيرِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ» وقدمه في «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ بمالِ نَفْسِه. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، ومُهَنا؛ لأنه مَأمُورٌ، فيَدْخُلُ فيما أذِنَ فيه. ذكَرَه القاضي.

وَلَيسَ لِرَبِّ الْمَالِ أن يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيئًا لِنَفْسِهِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ. وَكَذَلِكَ شِرَاءُ السَّيِّدِ مِن عَبْدِهِ الْمَأذُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس لرَبِّ المالِ أنْ يَشْتَرِي مِن مالِ المُضارَبَةِ شَيئًا لنَفْسه. هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ولا يَشْتَرِي المالِكُ مِن مالِ المُضارَبَةِ شيئًا على الأصحِّ. قال في «الفائقِ»: ليس له ذلك، على أصحِّ الرِّوايتَين. وصححه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ. صحَّحها الأزَجِي. فعليها، يأخُذُ بشُفْعَةٍ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْري»: قلتُ: إنْ ظهَر فيه رِبْح، صحَّ، وإلَّا فلا. قوله: وكذلك شِراءُ السَّيِّدِ مِن عَبْدِه المَأذونِ له. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، يصِحُّ. صحَّحَها الأزَجِيُّ، كمُكاتَبِه. فعليها، يأخُذُ بشُفْعَةٍ أيضًا. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ الشِّراءُ مِن عَبْدِه المَأذُونِ إذا اسْتَغْرَقَتْه الدُّيونُ. وأمَّا شِراءُ العَبْدِ مِن سيدهِ، فتقَدَّمَ في آخِرِ الحَجْرِ، في أحْكامِ العَبْدِ. فائدة: ليس للمُضارِبِ أنْ يَشْتَرِيَ مِن مالِ المُضارَبَةِ، إذا ظهَر رِبْح. علي الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الكافِي»،

وإنِ اشْترَى أحَدُ الشَّرِيكَينِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، صَح. وإنِ اشْتَرَى الْجَمِيعَ، بَطَلَ فِي نَصِيبِهِ، وَفِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَجْهَانِ. وَيَتَخَرجُ أنْ يَصِحَّ فِي الْجَمِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، ونقَلَه عن القاضي. وإنْ لم يَظْهَرْ رِبْح، صحَّ الشراءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ. قوله: وإنِ اشْتَرَى أحَدُ الشَّريكَين نَصِيبَ شَريكِه، صَحَّ، وإنِ اشْتَرَى الجَميعَ، بطَل في نصِيبِه، وفي نَصيبِ شَرِيكِه وجْهان. قال الأصحابُ؟ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «الشَّرْح»، و «القواعِدِ»، وغيرِهم: بِناءً على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. وقد عَلِمْتَ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الصحَّةُ هناك، فكذا هنا. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ».

وَلَيسَ لِلْمُضَارِبِ نَفَقَةٌ إلا بِشَرْطٍ، فَإِنْ شَرَطَهَا لَهُ، وَأطلَقَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَتَخَرَّجُ أنْ يَصِحَّ في الجَمِيعِ؛ بِناءً على شِراءِ ربِّ المالِ مِن مالِ المُضارَبَةِ. وهذا التخْرِيجُ لأبِي الخَطَّابِ. قوله: وليس للمُضارِبِ نَفَقَةٌ إلَّا بشَرْطٍ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، إلَّا أن الشيخَ تَقِي الدِّين قال: ليس له نَفَقَة، إلَّا بشَرْطٍ أو عادَةٍ (¬1) فيَعملُ بها. وكأنه أقامَ العادَةَ مَقامَ الشَرْطِ. وهو قَويٌّ في النظَرِ. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «إعادة».

فَلَهُ جَمِيعُ نَفَقَتِهِ؛ مِنْ مَأكُول وَمَلْبُوس بِالْمَعْرُوفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شرَطَها له، وأطْلَقَ، فله جَمِيعُ نَفَقتِه مِنَ المَأكولِ والمَلْبوسِ بالمَعْروفِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضي. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». والمَنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّه ليس له نفَقَة إلَّا مِنَ المأكُولِ (¬1) خاصةً. قدمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفائقِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، إذا كان سَفَرُه طَويلًا، يَحْتاجُ إلى تَجْديدِ كُسْوَةٍ، جَوازُها. وجزَم به في «الكافِي». ونقَل حَنْبَلٌ، يُنْفِقُ على مَعْنَى ما كان يُنْفِقُ لنَفْسِه، غيرَ مُتَعَدٍّ ولا مُضِرٍّ بالمالِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: كطَعامِ الكفَّارَةِ، وأقلِّ مَلْبُوس مِثْلِه. وقيل: هذا التقْدِيرُ مع التنازُعِ. فائدة: لو لَقِيَه في بَلَدٍ أذِنَ في سَفَرِه إليه، وقد نَضَّ المالُ، فأخَذَه ربُّه، فللعامِلِ نَفَقَةُ رُجُوعِه، في وَجْه. وفي وَجْهٍ آخَرَ، لا نفَقَةَ له. قدَّمه في «المغْنِي»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «المال».

فَإن اخْتَلَفَا، رُجِعَ فِي الْقُوتِ إلى الإطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَفِي الْمَلْبُوسِ إلَى أقَلِّ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرْحِ». وجزَم به في «الرعايةِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، فإنه قال: فله نفَقَةُ رُجوعِه في وَجْهٍ. واقْتَصرَ عليه. قوله: فإنِ اخْتَلَفا، رُجِعَ في القُوتِ إلى الإطْعامِ في الكَفَّارَةِ، وفي المَلْبوسِ إلى أقَل مَلْبوسِ مثلِه. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي». واقْتَصرَ عليه في

وإنْ أذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي، فَاشْتَرَى جَارِيَةً، مَلَكَهَا، وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وفيه نَظَر. قال الزَّرْكَشِي: هذا تحَكُّمٌ (¬1). وقيل: له نفَقَةُ مِثْلِه عُرْفًا مِنَ الطَّعامِ والكُسْوَةِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. فائدة: لو كانَ معه مالٌ لنَفْسِه يَبِيعُ فيه ويَشْتَرِي، أو مُضارَبَة أخْرَى، أو بِضاعَة لآخَرَ، فالنَّفَقَةُ على قَدْرِ المالين، إلَّا أنْ يكونَ رب المالِ قد شرَط له النَّفَقَةَ مِن مالِه، مع عِلْمِه بذلك. قوله: وإنْ أذِنَ له في التَّسَرِّي، فاشْتَرَى جارِيَةً، ملَكَها، وصارَ ثمَنُها قَرْضًا. نصَّ عليه. في رِوايَةِ يَعْقُوبَ بنِ بَخْتانَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الحكم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَعُوا به. وقال في «الفُصولِ»: فإنْ شرَط المُضارِبُ أنْ يتَسَرَّى مِن مالِ المُضارَبَةِ، فقال في رِوايَةِ الأثْرَم، وإبْراهيمَ بنِ الحارِثِ: يجوزُ أنْ يَشتَرِيَ المُضارِبُ جارِيَةً مِنَ المالِ إذا أذِنَ لَه. وقال في رِوايَةِ يَعْقوبَ بنِ بَخْتانَ: يجوزُ ذلك، ويكون دَينًا عليه. فأجازَ له ذلك، بشَرْطِ أنْ يكونَ المالُ في ذِمتِه. قال أبو بَكْر: اخْتِيارِي، ما نقَلَه يَعْقُوبُ. فكأنه جعَل المسْألةَ على رِوايتَين، واخْتارَ هذه. قال شيخُنا: وعنْدِي، أنَّ المَسْألةَ رِوايَة واحدة، وأنَّه لا يجوزُ الشِّراءُ مِن مالِ المُضارَبَةِ، إلَّا أنْ يجْعَلَ المال في ذِمَّتِه. وعلى هذا يُحْمَلُ قوْلُه في رِوايَةِ الأثرَمِ؛ لأنه لو كانَ له ذلك، لاسْتَباحَ البُضْعَ بغيرِ مِلْكِ يَمِينٍ ولا عَقْدِ نِكاح. انْتَهى كلامُه في «الفُصولِ». قال في «الفُروعِ»: وله التَّسَرِّيَ بإذْنِه، في رِوايَةٍ في «الفُصولِ»، والمذهبُ أنَّه يَمْلِكُها ويَصِيرُ ثَمَنُها قَرْضًا. ونقَل يَعْقُوبُ، اعْتِبارَ تَسْميَةِ ثَمَنِها. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والسَّبْعِين»: قال الأصحابُ: إذا اشْترَطَ المُضارِبُ التَّسَرِّيَ مِن مالِ المُضارَبَةِ، فاشْتَرَى أمَةً منه، ملَكَها، ويكونُ ثَمَنُها قَرْضًا عليه؛ لأنَّ الوَطْءَ لا يُباحُ بدُونِ المِلْكِ. وأشارَ أبو بَكْر إلى رِوايَةٍ أخْرَى، يَمْلِكَ المُضارِبُ الأمَةَ بغيرِ عِوَض. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، ليس له أنْ يتَسَرَّى بغيرِ إذْنِ ربِّ المالِ، فلو خالفَ ووَطِئَ، عُزِّرَ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَة ابنِ مَنْصُورٍ. وقدَّمه في

وَلَيسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأسَ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ». وقيل: يُحَدُّ إنْ كان قبلَ ظُهورِ رِبْح. ذكره ابنُ رَزِين، واخْتارَه القاضي. قلتُ: وهو الصَّوابُ بشَرْطِه. وأطْلَقهما في «القواعِدِ». وذكَر ابنُ رَزِين، إنْ ظهَر رِبْحٌ عُزِّرَ، وَيلزَمُه المَهْرُ وقِيمَتُها إنْ أوْلدَها، وإلا حُد عالِم. ونصُّه، يُعَزَّرُ. كما تقام. وقال في «الرِّعايةِ»، بعدَ أنْ قدم الأولَ: وقيل: إنْ لم يَظْهَرْ رِبْح، حُدَّ، وملَك ربُّ المالِ وَلَدَه، ولم تَصِرْ أم وَلَدٍ له، وإنْ ظهَر رِبْح، فَوَلدُه حُر، وهي أمُّ وَلَدِه، وعليه قِيمَتُها، وسقَط مِنَ المَهْرِ والقِيمَةِ قَدْرُ حَقِّ العامِلِ، ولم يُحَدَّ. نصَّ عليه. الثانيةُ، لا يَطَأ رَبُّ المالِ، ولو عُدِمَ الرِّبْحُ رأسًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ولو فعَل، فلا حَدَّ عليه، لكِنْ إنْ كان فيه رِبْح، فللعامِلِ حِصَّتُه منه. قوله: وليس للْمُضارِبِ رِبْحٌ حتى يَسْتَوْفِيَ رَأسَ المالِ. بلا نِزاع.

وَإنِ اشتَرَى سِلْعَتَينِ، فَرَبِح فِي إحْدَاهُمَا، وَخَسِرَ فِي الأخْرَى، أوْ تَلِفَتْ، جُبِرَتِ الْوَضِيعَة مِنَ الرِّبْحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنِ اشْتَرَى سِلْعَتَين، فرَبِحَ في إحْداهما، وخَسِرَ في الأخْرى -بسَبَبِ مَرَضٍ، أو عَيبٍ حادِثٍ، أو نُزولِ سِعْرٍ، أو فَقْدِ صِفَةٍ ونحوه -أو تَلِفَتْ -أو بعضُها- جُبِرَتْ الوَضيعَةُ مِنَ الربْحِ. وكذا قال كثير مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: إذا حصَل ذلك بعدَ التَصَرُّفِ، ونقَل حَنْبَل،: قبلَه، جُبِرَتِ الوَضِيعَةُ

وَإنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأسِ الْمَالِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، انْفَسَخَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن رِبْحِ باقِيه (¬1)، قبلَ قِسْمَتِها ناضًّا، أو تَنْضِيضُه مع مُحاسَبَتِه. نص عليهما. وقال في «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: جُبِرَ مِنَ الربْحِ قبلَ قِسْمَتِه. وقيل: وبعدَها، مع بَقاءِ عَقْدِ المُضارَبَةِ. قوله: وإنْ تَلِفَ بعضُ رأسِ المالِ قبلَ التَّصَرُّفِ فيه، انْفَسَخَتْ فيه المضارَبَةُ. بلا نِزاع أعْلَمُه، وكان رأسُ المالِ الباقِي خاصَّة. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قوله» انظر: الفروع 4/ 387.

وَإنْ تَلفَ الْمَالُ، ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ، فَهِيَ لَهُ، وَثَمَنُهَا عَلَيهِ، إلا أنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلِفَ المالُ، ثم اشْتَرَى سِلْعَةً للمُضارَبَةِ، فهي له، وثَمَنُها عليه، إلا أنْ يُجيزَه رَبُّ المالِ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين، والصَّحيحُ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم: هو كفُضُولي. وتقدَّم، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، فيما إذا اشْتَرَى في ذِمَّةٍ للآخَرِ،

وَإنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا، وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحةُ العَقْدِ، وأنَّه إنْ أجازَه، مَلَكَه، في كِتابِ البَيعِ، فكذا هنا. وعنه، يكونُ للعامِلِ لُزومًا. صحَّحه في «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْري»: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ». فعلى الأوَّلِ، يكونُ ذلك مُضارَبَةً. علىٍ الصَّحيحِ. صحَّحه النَّاظِمُ، فقال: وعنه، إنْ يُجِزْه مالِكٌ، صارَ مِلْكُه مُضارَبَة لا غيرَها في «المُجَردِ». قوله: وإنْ تَلِفَ بعدَ الشِّراءِ، فالمُضَارَبَةُ بحالِها، والثَّمَنُ على رَب المالِ. إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِفَ بعدَ التَّصَرفِ، ويَصِيرُ رأسُ المالِ الثمَنَ دونَ التَّالِفِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّم في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، أنَّ رأسَ المالِ هذا الثَّمَنُ والتَّالِفُ أيضًا، وكذا إنْ كان التلَفُ في هذه المَسْالةِ قبلَ التَصَرُّفِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وحَكاه في «الكُبْرى» قَوْلًا. فعليه، تَبْقَى المُضارَبَةُ في قَدْرِ الثمَنِ، بلا نِزاع. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ولو اشْتَرَى سِلْعَةً في الذِّمةِ، ثم تَلِفَ المالُ قبلَ نَقْدِ ثَمَنِها، أو تَلِفَ هو والسلْعَةُ، فالثمَنُ على رب المالِ، ولرَبِّ السلْعَةِ مُطالبَةُ كل منهما بالثَّمَنِ، ويَرْجِعُ به على العامِلِ. وإنْ أتْلَفَه، ثم نقَد الثمَنَ مِن مالِ نَفْسِه بلا إذْنٍ، لم يَرْجِعْ رَبُّ المالِ عليه بشيءٍ، وهو على المُضارَبَةِ؟ لأنَّه لم يتَعَد فيه. ذكَرَه الأزَجِي، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ».

وَإذَا ظَهَرَ الرِّبْح، لَمْ يَكنْ لِلْعَامِلِ أخْذ شَيْءٍ مِنْه، إلا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ. وَهَلْ يَمْلِكة الْعَامِل بِالظُّهورِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا ظهَر رِبْحٌ، لم يكُنْ له أخْذُ شيءٍ منه، إلَّا بإذْنِ رَبِّ المالِ. بلا نِزاعٍ. قوله: وهل يَمْلِكُ العامِلُ حِصَّتَه مِنَ الرِّبْحِ قبلَ القِسْمَةِ؟ على رِوايتَين. وفي بعضِ النُّسَخِ مَكانَ «قبلَ القِسْمَةِ»: بالظُّهورِ؛ إحْداهما، يَمْلِكُه بالظهورِ. وهو المذهبُ. قال أبو الخَطّابِ: يَمْلِكُه بالظهورِ، رِوايَةً واحدَةً. قال في:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»: يَمْلِكُ حِصَّتَه منه بظُهورِه؛ كالمِلْكِ، وكمُساقاةٍ، في الأصح. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهذا المذهبُ المَشْهورُ. قال في «المُغْنِي» (¬1): هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الكافِي»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. والروايةُ الثَّانيةُ، لا يَمْلِكُه إلا بالقِسْمَةِ. اختارَه القاضي في «خِلافِه»، وغيرُه؛ لأنه لو اشتَرَى بالمالِ عَبْدَين؛ كلُّ واحدٍ يُساويه، فأعْتَقهما رَبُّ المالِ، عَتقَا، ولم يَضْمَنْ للعامِلِ شيئًا. ذكَرَه الأزَجِي. وعنه رِوايَة ثالثة، يَمْلِكُها بالمُحاسَبَةِ والتنضِيضِ والفَسْخِ قبلَ القِسْمَةِ، والقَبْضِ. ونصَّ عليها. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». فائدتان؛ إحْداهما، يَسْتَقِرُّ المِلْكُ فيها بالمُقاسَمَةِ عندَ القاضي وأصحابِه، ولا يَسْتَقِرُّ بدُونِها. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: يَسْتَقِرُّ بالمُحاسَبَةِ التَّامَّةِ؛ كابنِ أبِي مُوسى وغيرِه. وبذلك جزَم أبو بَكْر. قال في «القواعِدِ»: وهو المَنْصوصُ صَرِيحًا عن أحمدَ. الثَّانيةُ، إتْلافُ المالكِ قبلَ القِسْمَةِ، فيَغْرَمُ نَصِيبَه، وكذلك الأجْنَبِي. تنبيه: لهذا الخِلافِ فَوائدُ كثيرة، ذكَرَها الشَّيخُ زَينُ الدين في فوائدِ «قواعِدِه» (¬2) وغيرِها، نذْكُرُها هنا مُلَخصَةً؛ منها، انْعِقادُ الحَوْلِ على حِصَّةِ المُضارِبِ بالظهورِ قبلَ القِسْمَةِ. وتقدم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في أولِ كِتابِ الزَّكاةِ. ومنها، لو اشْتَرَى المُضارِبُ مَن يَعْتِقُ عليه بالمِلْكِ بعدَ ظُهورِ الربْحِ. ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 171. (¬2) انظر: القواعد 424، 425.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم ذلك قرِيبًا. ومنها، لو وَطِئ المُضارِبُ أمَةً مِن مالِ المُضارَبَةِ بعدَ ظُهورِ الرِّبْحِ. وتقدَّم ذلك قرِيبًا. ومنها، لو اشْتَرَى المُضارِبُ لنَفْسِه مِن مالِ المُضارَبَةِ. وتقدَّم كلُّ ذلك في هذا البابِ. ومنها، لو اشْتَرَى المُضارِبُ شِقْصًا للمُضارَبَةِ، وله فيه شَرِكَة، فهل له الأخْذُ بالشفْعَةِ؟ فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، ما قاله المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشارِحُ: إنْ لم يَكُنْ في المالِ رِبْح، أو كانَ، وقُلْنا: لا يَمْلِكُه بالظهورِ، فله الأخْذُ؛ لأنَّ المِلْكَ لغيرِه، فكذا الأخْذُ منه. وإن كان فيه رِبْح، وقُلْنا: يَمْلِكُه بالظهورِ، ففيه وَجْهان؛ بِناءً على شِراءِ المُضارِبِ مِن مالِ المُضارَبَةِ بعدَ مِلْكِه مِنَ الرِّبْحِ. والطريقُ الثَّاني، ما قاله أبو الخَطَّابِ، ومَن تابعَه. فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يَمْلِكُ الأخْذَ. واخْتارَه في «رُءوسِ المَسائلِ». والثَّاني، له الأخْذُ. وخرَّجه مِن وُجوبِ الزَّكاةِ عليه في حِصَّتِه، فإنَّه يَصِيرُ حِينَئذٍ شَرِيكًا يتَصَرَّفُ لنَفْسِه وشَرِيكِه، ومع تصرُّفِه لنَفْسِه تَزُولُ التُّهْمَةُ. وعلى هذا، فالمَسْألةُ مُقَيَّدَة بحالةِ ظُهورِ الرِّبْحِ، ولا بدَّ. ومنها، لو أسْقَطَ المُضارِبُ حقَّه مِنَ الرِّبْح بعدَ ظُهورِه؛ فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه بالظُّهورِ. لم يَسْقُطْ. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُه بدُونِ القِسْمَةِ. فوَجْهان. ومنها، لو قارَضَ المَرِيضُ، وسَمَّى للعامِل فوقَ تَسْمِيَةِ المِثْلِ، فقال القاضي والأصحابُ: يجوزُ، ولا يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأن ذلك لا يُؤخَذُ مِن مالِه، وإنَّما يَسْتَحِقُّه بعَمَلِه مِنَ الرِّبْحِ الحادِثِ، ويَحْدُثُ على مِلْكِ المُضارِبِ، دون المالك. قال في «القواعِدِ»: وهذا إنما يتَوَجّهُ على القوْلِ بأنه يَمْلِكه بالظُّهورِ. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُه بدُونِ القِسْمَةِ. احْتَمَلَ أنْ يُحْتَسَبَ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأنه خارِج حِينَئذٍ عن مِلْكِه، واحْتَمَلَ أنْ لا يُحْتَسَبَ منه. وهو ظاهِرُ كلامِهم. فائدة: مِن جُمْلَةِ الرِّبْحِ؛ المَهْرُ، والثَّمَرَةُ، والأجْرَةُ، والأرْشُ، وكذا النِّتاجُ. على الصَّحيحِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ.

وإنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيعَ، فَأبَى رَب الْمَالِ، أجْبِرَ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْح، وإلا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طلَب العامِلُ البَيعَ، فأبَى رَبُّ المالِ، أجْبِرَ، إنْ كان فيه رِبْحٌ -بلا خِلافٍ أعَلمُه- وإلَّا فلا. يعْنِي، وإنْ لم يَكُنْ فيه رِبْح، لم يُجْبَرْ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُجْبَرُ. قال في «الفُروعِ»: فعلى تقْديرِ الخَسارَةِ يتَّجِهُ منْعُه مِن ذلك. ذكَرَه الأزَجِي. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وإنِ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ، وَالْمالُ عَرْض، فَرَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أنْ يَأخُذَ بِمَالِهِ عَرْضًا، أوْ طَلَبَ الْبَيعَ، فَلَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا انْفسَخَ القِراضُ، والمالُ عَرْض، فرَضِيَ رَبُّ المالِ أنْ يَأخُذَ بمالِه عَرْضًا، أو طلَب البَيعَ، فله ذلك. إذا انْفَسَخَ القِراضُ مُطْلَقًا، والمالُ عَرْض، فللْمالكِ أنْ يأخُذَ بمالِه عَرْضًا؛ بأنْ يُقَوَّمَ عليه. نصَّ عليه. وإذا ارْتفَعَ السِّعْرُ بعدَ ذلك، لم يَكُنْ للمُضارِبِ أنْ يُطالِبَ بقِسْطِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: له ذلك. قال ابنُ عَقِيل: وإنْ قصَد رَبُّ المالِ الحِيلَةَ ليَخْتَصَّ بالرِّبْحِ؛ بأنْ كان العامِلُ اشْتَرَى خَزًّا في الصَّيفِ ليَرْبَحَ في الشِّتاءِ، أو يرجوَ دخولَ مَوْسِم أو قفلٍ، فإنَّ حقَّه يبقَى مِنَ الرِّبْحِ. قلتُ: هذا هو الصَّوابُ، ولا أظُنُّ الأصحابَ يُخالِفون ذلك. قال الأزَجِي: أصلُ المذهبِ، أنَّ الحِيَلَ لا أثَرَ لها. انتهى. وإذا لم يَرْضَ رَبُّ المالِ أنْ يأخذ عَرْضًا، وطلَب البَيعَ، أو طلَبَه ابْتِداءً، فله ذلك، ويَلْزَمُ المُضارِبَ بَيعُه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «التلْخيصِ». وجزَم به في «النَّظْمِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: لا يُجْبَرُ إذا لم يَكُنْ في المالِ رِبْح، أو كان فيه رِبْح، وأسْقَطَ العامِلُ حقَّه منه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فعلى المذهبِ، قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: إنما يَلْزَمُه البَيعُ في مِقْدارِ رأسِ المالِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، يَلْزَمُه في الجميعِ. قلتُ: وهو الصوابُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وأكثرِ الأصحابِ. وقدمه في «الفُروعِ»، وكما تقدم. وعلى الوَجْهِ الثَّاني، في اسْتِقْرارِه بالفَسْخِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قلتُ: الأوْلَى الاسْتِقْرارُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو فسَخ المالِكُ المُضارَبَةَ، والمالُ عَرْض، انْفَسَخَتْ، وللمُضارِبِ بَيعُه بعدَ الفَسْخِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لتَعَلقِ حقه برِبْحِه. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه». وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدمَه في «القاعِدَةِ السِّتِّين». وذكَر القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل، في بابِ الشرِكَةِ، أنَّ المُضارِبَ لا يَنْعَزِلُ ما دامَ عَرْضا، بل يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ حتى ينضَّ رأسُ المالِ، وليس للمالِكِ عَزْلُه، وأن هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ في رِوايَةِ حَنْبَل. وذكَر في المُضارَبَةِ، أن المُضارِبَ يَنْعَزِلُ بالنِّسْبَةِ إلى الشِّراءِ، دُونَ البَيعِ. وحمَل صاحِبُ «المُغْنِي» مُطْلَقَ كلامِهما في الشرِكَةِ على هذا التَّقْيِيدِ. ولكِنْ صرَّحَ ابنُ عَقِيل، في مَوْضِع آخَرَ، أن العامِلَ لا يَمْلِكُ الفَسْخَ حتى ينضَّ رأسُ المالِ، مُراعاة لحَقِّ مالِكِه. وقال في بابِ الجَعالةِ: المُضارَبَةُ كالجَعالةِ، لا يَمْلِكُ ربُّ المَالِ فَسْخَها بعدَ تَلبسِ العامِلِ بالعَمَلِ. وأطْلَقَ ذلك. وقال في «مُفْرَداتِه»: إنَّما يَمْلِكُ المُضاربُ الفَسْخَ بعدَ أنْ ينض رأسُ المالِ، ويَعْلَمَ ربُّ المالِ أنه أرادَ الفَسْخَ. قال: وهو الأليَقُ بمَذْهَبِنا، وأنه لا يحِل لأحَدِ المُتَعاقِدَين في الشَّرِكَةِ والمُضارَباتِ الفَسْخُ مع كتمِ شَرِيكِه. قال في «القَواعِدِ»: وهو حسَن، جارٍ على قواعِدِ المذهبِ في اعْتِبارِ المَقاصِدِ، وسَد الذَّرائعِ. الثانية، لو كان رأسُ المالِ دَراهِمَ، فصارَ دَنانِيرَ، أو عكْسَه، فهو كالعَرْضِ. قاله الأصحابُ. وقال الأزَجِي: أنْ قُلْنا: هما شيء واحِد، وهو قِيمَةُ الأشْياءِ، لم يَلْزَمْ، ولا فَرْقَ؛ لِقيامِ كلِّ واحد منهما مَقامَ الآخَرِ. قال: فعلى هذا يَدُورُ الكَلامُ. وقال أيضًا: ولو كان صِحاحًا

وَإنْ كَانَ دَينًا، لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فنَضَّ قُراضَةً، أو مُكَسَّرَةً، لَزِمَ العامِلَ رَدُّه إلى الصِّحاحِ، فيَبيعُها بصِحاح، أو بعَرْض، ثم يَشْتَرِيها (¬1). قوله: وإنْ كان دَينًا، لَزِمَ العامِل تَقاضِيه. يعْنِي، كلَّه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه تَقاضِيه في قَدْرِ رأسِ المالِ، لا غيرُ. ¬

(¬1) في م: «يشتر بها» وفي الفروع 4/ 392: «يشتريها به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يَلْزَمُ الوَكِيلَ تَقاضِي الدَّينِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وذكَر أبو الفَرَجِ، يَلْزَمُه ردُّه على حالِه، إنْ فسَخ الوَكالةَ بلا إذْنِه، وكذا حُكْمُ الشَّرِيكِ.

وَإنْ قَارَضَ فِي الْمَرَضِ، فَالرِّبْحُ مِنْ رَأسَ الْمَالِ وإنْ زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْل. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قارَضَ في المَرَضِ، فالرِّبْحُ مِن رَأسَ المالِ، وإنْ زادَ على أُجْرَةِ المِثْلِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفَى في الفوائدِ قرِيبًا، فليُعاوَد. ويُقَدَّمُ به على سائرِ الغُرَماءِ. فائدة: لو ساقَى، أو زارَعَ في مَرضِ مَوْتِه، يُحْتَسَبُ مِنَ الثُّلُثِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «البُلْغَةِ». قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الوَجْهَين، أنَّه يُعْتَبرُ مِنَ الثُّلُثِ. وقيل: هو كالمُضارَبَةِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ».

وَيُقدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. وَإنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ، فَهُوَ دَينٌ فِي تَرِكَتِهِ. وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ المُضارِبُ، ولم يُعْرَفْ مالُ المُضارَبَةِ -يعْنِي، لكَوْنِه لم يُعَيِّنه المُضارِبُ- فهو دَينٌ في تَرِكَتِه. لصاحِبِها أُسْوَةُ الغُرَماءِ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وسواءٌ ماتَ فَجْأةً أوْ لا. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه؛ عَمَلًا بالأصْلِ، ولأئه لمَّا أخْفاه ولم يُعَيِّنه، فَكَأنَّه غاصِبٌ، فيتَعَلَّقَ بذِمَّتِه. وعنه، لا يكونُ دَينًا في تَرِكَتِه، إلَّا إذا ماتَ غيرَ فَجأةٍ. وقيل: يكونُ كالوَديعَةِ على ما يأتِي في المَسْألةِ التي بعدَها. فائدتان؛ إحْداهما، لو أرادَ رَبُّ المال تَقْرِيرَ وارِثِ المُضارِبِ، جازَ، ويكونُ مُضارَبَةً مُبْتَدَأةً؛ يُشْتَرَطُ لها ما يُشْترَطُ للمُضارَبَةِ. الثَّانيةُ، لو ماتَ أحدُ المُتقارِضَين، أو جُنَّ، أو وَسْوَسَ، أو حُجِرَ عليه لسَفَهٍ، انْفَسَخَ القِراضُ، ويَقُومُ وارِثُ رَبِّ المالِ مَقامَه؛ فيُقَرِّرُ ما للمُضارِبِ، ويُقَدَّمُ على غَرِيمٍ، ولا يشتَري مِن مالِ المُضارَبَةِ، وهو في بَيعٍ واقْتِضاءِ دَينٍ كفَسْخِها، والمالِكُ حَيٌّ. على ما تقدَّم. قال في «التَّلْخيصِ»: إذا أرادَ الوارِثُ تَقْريرَه، فهي مُضارَبَةٌ مُبْتَدَأةٌ، على الأصحِّ. وقيل: هي اسْتِدامَةٌ. انتهى. فإنْ كان المالُ عَرْضًا، وأرادَ إتْمامَه، فهي مُضارَبَةٌ مُبْتدَأةٌ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضي. قال المُصَنِّفُ: وهذا الوَجْهُ أقْيَسُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ أحمدَ جَوازُه. قال المُصَنِّفُ: كلامُ أحمدَ مَحْمُولٌ على أنَّه يَبِيعُ ويَشْتَرِي بإذْنِ الوَرَثَةِ؛ كبَيعِه وشِرائِه بعدَ انْفِساخِ القِراضِ. قوله: وكذلك الوَدِيعَةُ. يعْنِي، أنَّها تكونُ دَينًا في تَرِكَتِه إذا ماتَ ولم يُعَيِّنها. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: وهي في تَرِكَتِه في الأصَحِّ. وقيل: لا تكونُ دَينًا في تَرِكَتِه، ولا يَلْزَمُه شيءٌ. وقال في «التَّرْغيبِ»: هي في تَرِكَتِه، إلَّا أنْ يموتَ فَجْأةً. زادَ في «التَّلْخيصِ»، أو يُوصِيَ إلى عَدْلٍ، ويذْكُرَ جِنْسَها، كقَوْلِه: قَمِيصٌ. فلم يُوجَدْ. فوائد؛ إحْداها، لو ماتَ وَصِيٌّ، وجُهِلَ بَقاءُ مالِ مُوَلِّيه، قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ أنَّه كمالِ المُضارَبَةِ والوَدِيعَةِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هو في تَرِكَتِه. الثَّانيةُ، لو دفَع عبْدَه أو دابَّته إلى مَن يعْمَلُ بهما بجُزْءٍ مِنَ الأُجْرَةِ، أو ثَوْبًا يَخِيطُه، أو غَزْلًا ينْسِجُه بجُزْءٍ مِن رِبْحَه، أو بجُزْءٍ منه، جازَ. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وجزَم به في الأولَيَين في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «القاعِدَةِ العِشْرِين»: يجوزُ فيهما على الأصحِّ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ» فيهما. قال في «الفائقِ»: خرَّج القاضي بُطْلانَه. وصحَّحَه الصحَّةَ في «تَصْحيح المُحَرَّرِ»، فيما أطْلقَ الخِلافَ فيه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، في الجميعِ، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يجوزُ. وهو قَوْلٌ في «الرِّعايةِ». اخْتارَه ابنُ عَقِيل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فله أُجْرَةُ مِثْلِه. قال في «الفُروعِ» وغيره: ومِثْلُه حَصادُ زَرْعِه، وطَحْنُ قَمْحِه، ورَضاعُ رَقيقِه. قال في «الرعايةِ»: صحَّ في الأصحِّ. وصحَّحَه في «النظْمِ»، في الإجارَةِ. قال في «الصُّغْرى»: وفي اسْتِئْجارِه لنَسْجِ غَزْلِه ثَوْبًا، أو حَصادِ زَرْعِه، أو طحْنِ قَفِيزِه بالثُّلثِ ونحوه، رِوايَتان. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنِ استَأجَرَ مَن يَجُدُّ نَخْلَه، أو يَحْصُدُ زَرْعَه بجُزْءٍ مُشاعٍ منه، جازَ. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وعنه، لا يجوزُ، وللعامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِه. وأطْلَقَ في نَسْجِ الغَزْلِ، وطَحْنِ القَفِيزِ بالثُّلثِ، ونحوه الرِّوايتَين. وأطْلَقَ في «الفائقِ»، في نَسْجِ الغَزْلِ، وحَصادِ الزَّرْعِ، وإرْضاعِ الرَّقيقِ بجُزْءٍ، الرِّوايتَين. وأطْلَقَ الرِّوايتَين، في غيرِ الأولَيَين، في «المُحَرَّرِ»، ذكَرَه في الإجارَةِ. وكذا غَزْوُه بدَابَّةٍ بجُزْءٍ مِنَ السَّهْمِ، ونحوه. ونقَل ابنُ هانِئ، وأبو داودَ، يجوزُ. وحمَلَه القاضي على مُدَّةٍ معْلومَةٍ، كأرضٍ ببَعْضِ الخَراجِ. وهي مَسْألَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ. وبعضُهم يذكُرُها في الإجارَةِ. وقال في «الرعايةِ»: وإنْ دفَع إليه غَزْلًا ليَنْسِجَه، أو خَشَبًا ليَنْجُرَه، صحَّ، إنْ صَحَّتِ المُضارَبَةُ بالعُروضِ. وفي «عُيونِ المَسائلِ»، مسْألةُ الدَّابَّةِ، وأنَّه يَصِحُّ على رِوايَةِ المُضارَبَةِ بالعُروضِ، وأنَّه ليس شَرِكَةً. نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ أبِي الحارِثِ، وأنَّ مِثْلَه الفَرَسُ، بجُزْءٍ مِنَ الغَنِيمَةِ. ونقَل مُهَنَّا في الحَصادِ، هو أحَبُّ إليَّ مِنَ المُقاطَعَةِ. قال المُصَنِّفُ: وعلى قِياسِ المذهبِ، دَفْعُ الشَّبَكَةِ للصَّيَّادِ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: والنَّحْلُ، والدَّجاجُ، والحَمامُ، ونحوُ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: الكُلُّ للصَّيَّادِ، وعليه أُجْرَةُ المِثْلِ للشَّبَكَةِ. وعنه، وله معه جُعْلٌ؛ نَقْدٌ مَعْلُومٌ كعامِلٍ. وعنه، له دَفْعُ دابَّتِه أو نَحْلِه لمَن يقُومُ به بجُزْءٍ مِن نَمائِه. اخْتارَه الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. والمذهبُ، لا؛ لحُصولِ نَمائِه بغيرِ عَمَلِه، ويجوزُ بجُزْءٍ منها مُدَّة مَعْلومَةً، ونَماؤه مِلْكٌ لهما. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في الإجارَةِ: وفي الطَّحْنِ بالنُّخالةِ، وَعَمَلِ السِّمْسِمِ شَيرَجًا بالكُسْبِ، والسَّلْخِ بالجِلْدِ، والحَلْجِ بالحَبِّ، وَجْهان. وكذا قال في «الصُّغْرى» في الطَّحْنِ، وعملِ السِّمْسِمِ، والحَلْجِ. وحكَى في الطَّحْنِ بالنُّخالةِ رِوايتَين. الثالثةُ، لو أخَذ ماشِيَةً ليَقُومَ عليها، برَعْيٍ، وعَلْفٍ، وسَقْيٍ، وحَلْبٍ، وغيرِ ذلك، بجُزْءٍ مِن دَرِّها، ونَسْلِها، وصُوفِها، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهم، ذكَرُوه في بابِ الإجارَةِ، وله أُجْرَتُه. وعنه، يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: نصَّ عليه. ذكَرَه في آخِرِ المُضارَبَةِ. وقال في بابِ الإجارَةِ: لا يصِحُّ اسْتِئْجارُ راعِي غَنَمٍ مَعْلومَةٍ، يَرْعاها بثُلُثِ دَرِّها، ونَسْلِها، وصُوفِها، وشَعَرِها. نصَّ عليه. وله أُجْرَةُ مِثْلِه. وقيل: في صِحَّةِ اسْتِئْجارِ راعِي الغَنَمِ ببَعضِ نَمائِها رِوايَتان. انتهى. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال الناظِمُ: [والأوْكَدُ منْعُ (¬1) إعْطاءِ ماشِيَةٍ لمَن] (¬2) … يعودُ بثُلْثِ الدَّرِّ والنَّسْلِ أسْندَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) غير موزون.

فصْلٌ: وَالْعَامِلُ أمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ رَأسِ الْمَالِ، وَفِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلَاكٍ وَخُسْرَانٍ، وَمَا يَذْكُرُ أنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أوْ لِلْقِرَاضِ، وَمَا يُدَّعَى عَلَيهِ مِنْ خِيَانةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ يَرْعَها حَوْلًا كَمِيلًا بثُلْثِها … له الثُّلْثُ بالنَّامِي يصِحُّ بأوْطَدَ وكذا قال في «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: والعامِلُ أمِينٌ، والقَوْلُ قَوْلُه فيما يَدَّعِيه مِن هَلاك. حُكْمُ العامِلِ في دَعْوَى التَّلَفِ، حُكْمُ الوَكيلِ، على ما تقدَّم في بابِ الوَكالةِ.

وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِي رَدِّهِ إِلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ المالِ في رَدِّه إليه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: القَوْلُ قَوْلُ العامِلِ. وهو تخرِيجٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «القَاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين»: وَجَدْتُ

وَفِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك مَنْصُوصًا عن أحمدَ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ أيضًا، في رَجُلٍ دفَع إلى آخَرَ مُضارَبَةً، فجاءَ بألفٍ، فقال: هذا رِبْحٌ، وقد دَفعْتُ إليك ألْفًا رأسَ مالِك، فقال: هو مُصَدَّقٌ فيما قال. ووَجَدْتُ في «مَسائِلِ أبِي داودَ»، عن أحمدَ نحوَ هذا أيضًا. وكذلك نقَل عنه مُهَنَّا، في مُضارِبٍ دفَع إلى رَبِّ المالِ كلّ يَوْم شيئًا، ثم قال: مِن رأسَ المالِ، أنَّ القَوْلَ قوْلُه مع يَمِينه. قوله: والجُزْءِ المَشْروطِ للعامِلِ. يعْنِي، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ رَبِّ المالِ فيما شرَط للعامِلِ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وسِنْدِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخِيصِ». وعنه، القَوْلُ قوْلُ العامِلِ، إذا ادَّعَى أُجْرَةَ المِثْلِ، وإنْ جاوَزَ أُجْرَةَ المِثْلِ، رجَع إليها. نقَلَها حَنْبَلٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إلا فيما لا يتَغابَنُ النَّاسُ بها عُرْفًا. وجزَم بهذه الزِّيادَةِ في الرِّوايَةِ

وَفِي الإذْنِ فِي الْبَيعِ نَسَاءً، وفِي الشِّرَاءِ بِكَذَا. وَحُكِيَ عَنْهُ أنَّ الْقَوْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرعايةِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، وأطْلَقهما في «الكافِي». فائدة: لو أقامَ كل واحدٍ منهما بَيِّنةً بما قاله، قدِّمَتْ بَيِّنةُ العامِلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه خارِجٌ. وقطَع به كثير مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تُقَدَّمُ بَينةُ رَبِّ المالِ. ونقَل مُهَنَّا، في مَن قال: دَفَعْتُه مُضارَبَةً. قال: بل قَرْضًا. ولهما بَيِّنتان، قال: الرِّبْحُ بينَهما نِصْفان. وهو مَعْنَى كلامِ الأزجِيُّ، قال الأزَجِيُّ: وعن أحمدَ في مِثْلِ هذا، في مَن ادَّعَى ما في كِيسٍ، وادَّعَى آخَرُ نِصْفَه، رِوايتَان؛ إحْداهما، أنَّه بينَهما نِصْفان. والثَّانيةُ، لأحَدِهما رُبْعُه، وللآخَرِ ثَلاثةُ أرْباعِه. قوله: وفي الإذْنِ في البَيعِ نَساءً، أو الشراءِ بكذا. يعْنِي، أنَّ القَوْلَ قوْلُ المالِكِ في عدَمِ الإذْنِ في البَيعِ نَساءً، أو الشراءِ بكذا. وهو وَجْهٌ ذكَرَه بعضُهم. قال ابنُ أبِي مُوسى: يتَوَجَّهُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المالِكِ. وحَكاه في «الشَّرْحِ» وغيرِه قَوْلًا.

قَوْلُ الْعامِلِ إِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ العامِلِ في ذلك. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي». وصحَّحَه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ولم أجِدْ بما قاله المُصَنِّفُ هنا رِوايَةً، ولا وَجْهًا عن أحَدٍ مِنَ المُتقَدِّمِين، غيرَ أنَّ صاحِبَ «المُسْتَوْعِبِ» حكَى بعدَ قوْلِه: القَوْلُ قَوْلُ العامِلِ. أن ابنَ أبِي مُوسى قال: ويتَوَجَّهُ أن القَوْلَ قوْلُ رَبِّ المالِ. ورُبَّما حكَى بعضُ المُتَأخِّرِين في ذلك وَجْهًا، وأظُنُّه أخَذَه مِن كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أو ظَن قَوْلَ ابنِ أبِي مُوسى يَقْتَضِي ذلك. وفي الجُمْلَةِ، لقَوْلِ رَبِّ المالِ وَجْهٌ مِنَ الدَّليلِ لو وافَقَ رِوايَةً أو وَجْهًا، وذكَرَه. انتهى.

وَإنْ قَال الْعَامِلُ: رَبِحْتُ ألْفًا، ثُمَّ خَسِرْتُهَا. أوْ هَلَكَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ. وَإنْ قَال: غَلِطْتُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال العامِلُ: رَبِحْتُ ألْفًا، ثم خَسِرْتُها. أو: هَلَكَتْ. قُبِلَ قَوْلُه -بلا نِزاعٍ- وإنْ قال: غَلِطْتُ. لم يُقْبَلْ قَوْلُه. وكذا لو قال: نسِيتُ. أو: كذَبْتُ. وهو المذهبُ. جزَم به أكثرُ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايتَين»: لم يُقْبَلْ على الأصحِّ. وعنه، يُقْبَلُ قوْلُه. نقَل أبو داودَ، ومُهَنَّا، إذا أقَرَّ برِبْحٍ، ثم قال: إنَّما كنْتُ أعْطيتُك مِن رأسِ مالِك. يُصَدَّقُ. قال أبو بَكْر: وعليه العَمَلُ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وخُرِّجَ، يُقْبَلُ قوْلُه ببَيِّنةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُقْبَلُ قَوْلُ العامِلِ في أنَّه رَبِحَ أمْ لا، وكذا يُقْبَلُ قوْلُه في قَدْرِ الرِّبْحِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. ونقَل الحَلْوانِيُّ فيه رِواياتٍ -كعِوَضِ كِتابةٍ- القَبُولَ، وعدَمَه، والثالِثَةُ، يتَحالفَان. وجزَم أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ المالِ. قلتُ: وهو بعيدٌ.

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، شَرِكَةُ الْوُجُوهِ؛ وَهِيَ أنْ يَشتَرِكَا، عَلَى أن يَشْتَرِيَا بِجَاهِهِمَا دَينًا فَمَا رَبِحَا فَهُوَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثالِثُ، شَرِكَةُ الوُجُوهِ -أي، الشرِكَةُ بالوُجوهِ- وهو أنْ يَشتَرِكا، على أنْ يَشتَرِيا بجاهِهما دَينًا. أي، شيئًا إلى أجَلٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وسواءٌ عَيَّنا جِنْسَ الذي يَشْتَرونَه أو قَدْرَه أو وَقْتَه، أو لا. فلو قال كل واحدٍ منهما للآخَرِ: ما اشْتَرَيتَ مِن شيءٍ، فهو بينَنا. صحَّ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ: هي أنْ يَشْتَرِكَ اثْنان بمالِ غيرِهما. فقال القاضي: مُرادُ الخِرَقِي، أنْ يَدْفَعَ واحِدٌ ماله إلى اثْنَين مُضارَبةً، فيكونَ المُضارِبان شَرِيكَين في الربْحِ بمالِ غيرِهما؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنهما إذا أخَذا المال بجاهِهما، لم يكُونا مُشْتَرِكَين بمالِ غيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا مُحْتَمِل. وحمَل غيرُ القاضي كلامَ الخِرَقِيِّ على الأولِ؛ منهم

فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ كَفِيلٌ عَنْهُ بِالثَّمَنِ. وَالْمِلْكُ بَينَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيهِمَا فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وقالا: واخْتَرْنا هذا التَّفْسِيرَ؛ لأن كلامَ الخِرَقِي بهذا التفْسيرِ يكونُ جامِعًا لأنْواعِ الشَّرِكَةِ الصَّحيحَةِ، وعلى تَفْسِيرِ القاضي يكونُ مُخِلًّا بنَوْعٍ منها؛ وهي شَرِكَةُ الوُجوهِ. قال الزرْكَشِيُّ: والذي قاله القاضي هو ظاهِرُ اللَّفْظِ. وهو كما قال. وعلى هذا يكونُ هذا نَوْعًا مِن أنْواعِ المُضارَبَةِ، ويكونُ قد ذكَر للمُضارَبَةِ ثَلاثَ صُوَرٍ. قوله: والمِلْكُ بينَهما على ما شَرَطاه. فهما كشَرِيكَي العِنانِ، لكِنْ هل ما يَشْتَرِيه أحدُهما يكونُ بينَهما، أو لا يكونُ بينَهما إلَّا بالنيةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، وقال: ويتَوَجهُ في شَرِكَةِ عِنانٍ مِثْلُه. وجزَم حماعَةٌ بالنيةِ. انتهى.

وَالرِّبْحُ بَينَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وهما في كُلِّ التَّصَرُّفِ، وما لهما وما عليهما، كشَرِيكَي العِنانِ. وقال في شَرِيكَي العِنَانِ: وكلُّ واحدٍ منهما أمِينُ الآخَرِ ووَكِيلُه. وإنْ قال لِمَا بيَدِه: هذا لي. أو: لنا. أو: اشْتَرَيتُه منها لي. أو: لنا. صُدِّقَ مع يَمِينه، سواءٌ رَبِحَ أو خَسِرَ. انتهى. فدَلَّ كلامُه على أنَّه لابدّ مِنَ النيةِ. وقال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: وهما في كُل التَّصَرُّفِ كشَرِيكَيْ عِنانٍ. وكذا قال المُصنفُ هنا، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. قوله: والربْحُ على ما شَرَطاه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ على قَدْرِ مِلْكَيهما. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ؛ لِئَلَّا يأخُذَ رِبْحَ ما لم يضْمَنْ.

وَهُمَا فِي التَّصَرّفَاتِ كَشَرِيكَي الْعِنَانِ. فَصْل: الرَّابع، شَرِكَة الْأبْدَانِ؛ وهِيَ أنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأبْدَانِهِمَا، فَهِيَ شَرِكَةٌ صَحِيحَة، وَمَا يَتَقَبَّله أحَدهمَا مِنَ الْعَمَلِ، يَصِير فِي ضَمَانِهِمَا يُطَالبَانِ بِهِ وَيَلْزَمهمَا عَمَلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: الرَّابعُ، شَرِكَةُ الأبدانِ؛ وهي أنْ يَشْتَرِكا فيما يَكْتَسِبان بأبدانِهما. قال في «الفُروعِ»: وهي أنْ يَشْتَرِكا فيما يتَقَبَّلان في ذِمتِهما مِن عَمَلٍ. وكذا قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قوله: وما يَتَقَبَّلُه أحدُهما مِنَ العَمَلِ، يَصِيرُ في ضَمانِهما، يُطالبان به، ويَلْزَمُهما عَمَلُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، عنِ القاضي احْتِمالًا، لا يَلْزَمُ أحدَهما ما يَلْزَمُ صاحِبَه.

وَهَلْ تَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَتَصِحُّ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تصِحُّ مع اخْتلافِ الصَّنائعِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزرْكَشِيُّ»، و «المَذهَبِ الأحْمَدِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ مع اخْتِلافِ الصِّناعَةِ، في الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا أجْوَدُ. وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «النِّهايةِ»، و «الإيضاحِ». وقدَّمه في «الكافِي». وهو ظاهِرُ كلامِ

الاحتِشَاشِ، وَالاصْطِيَادِ، وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيِّ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. قال في «الهِدايَةِ»: وهو الأقْوَى عندِي. قوله: ويَصِحُّ في الاحْتِشاش والاصْطِيادِ، والتَّلَصُّصِ على دارِ الحرْبِ، وسائر المُباحاتِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ في تَمَلُّكِ المُباحاتِ، في الأصحِّ، كالاسْتِئْجارِ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: لا يصِحُّ.

وَإنْ مَرِضَ أحدُهُمَا، فَالْكَسْبُ بَينَهُمَا. فَإِنْ طَالبَهُ الصَّحِيحُ أنْ يُقِيمَ مُقَامَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: وإنْ مَرِضَ أحدُهما، فالكَسْبُ بينَهما. أنَّه لو ترَك العَمَلَ لغيرِ عُذْرٍ، لا يكونُ الكَسْبُ بينَهما. وهو أحدُ الوَجْهَين. وهو احْتِمالٌ

فَإِنِ اشْتَرَكَا لِيَحْمِلَا عَلَى دَابَّتَيْهمَا وَالأُجْرَةُ بَينَهُمَا، صَحَّ. فَإن تَقَبَّلَا حَمْلَ شَيْءٍ، فَحَمَلَاهُ عَلَيهِمَا، صَحَّتِ الشَّرِكَةُ، وَالأجْرَةُ عَلَى مَا شَرَطَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُصَنِّفِ. والوَجْهُ الثاني، يكونُ الكَسْبُ بينَهما أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، ولو ترَكَه بلا عُذْرٍ، فالكَسْبُ بينَهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ». قوله: وإنِ اشْتَركا ليَحْمِلا على دابَّتَيْهما، والأجْرَةُ بينَهما، صَحَّ، فإنْ تَقَبَّلا حَمْلَ شَيءٍ، فحَمَلاه عليهما، صَحَّتِ الشَّرِكَةُ، والأجْرَةُ على ما شَرَطاه. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقيل: بلِ الأُجْرَةُ بينَهما نِصْفان، كما لو أطْلَقا. ذكَرَه في «الرعايةِ الكُبْرى». فوائد؛ الأولَى، تصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهودِ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وللشاهِدِ أنْ يُقِيمَ مَقامَه، إنْ كانَ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ، وإنْ كان الجُعْلُ على شَهادَتِه بعَينه، ففيه وَجْهان. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: والأصحُّ جَوازُه. قال: وللحاكمِ إكْراهُهم؛ لأنَّ للحاكمِ نَظرًا في العَدالةِ وغيرِها. وقال أيضًا: إنِ اشْتَرَكوا على أنَّ كلَّ ما حَصَّلَه كلُّ واحدٍ منهم بينَهم، بحيثُ إذا كتَب أحَدُهم، وشَهِدَ، شارَكَه الآخَرُ وإنْ لم يَعْمَلْ، فهي شَرِكَةُ الأبدانِ، تجوزُ حيثُ تجوزُ الوَكالةُ. وأمَّا حيثُ لا تجوزُ، ففيها وَجْهان، كشَرِكَةِ الدَّلالِين. الثَّانيةُ، لا تصِحُ شَرِكَةُ الدَّلالِين. قاله في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. قال في «التَّلْخيصِ»: لا تصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِين فيما يحْصُلُ له. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، واقْتَصَرَ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفَائقِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»؛ لأنه لا بدَّ فيها مِن وَكالةٍ، وهي على هذا الوَجْهِ لا تصِحُّ، كآجِرْ (¬1) دابَّتكَ، والأجْرَةُ بينَهما؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ الشرْعِيَّةَ لا تخْرُجُ عنِ الوَكالةِ والضَّمانِ، ولا وَكالةَ هنا، فإنَه لا يُمْكِنُ تَوْكِيلُ أحَدِهما على ¬

(¬1) في الأصل، ط: «كأجرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيعِ مالِ الغيرِ، ولا ضَمانَ، فإنَّه لا دَينَ يَصِيرُ بذلك في ذِمةِ واحدٍ منهما، ولا تَقَبُّلَ عَمَل. وقال في «المُوجَزِ»: تصِحُّ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وقد نصَّ أحمدُ على جَوازِها، فقال في رِوايَةِ أبِي داودَ، وقد سُئِلَ عنِ الرَّجُلِ يأخذُ الثوْبَ ليَبِيعَه، فيَدْفعه إلى آخَرَ ليَبِيعَه ويُناصِفَه، ما يأخُذُ مِنَ الكِراءِ؟ قال: الكِراءُ للَّذي باعَه، إلَّا أنْ يكُونا يَشْتَرِكان فيما أصابا. انتهى. وذكَر المُصَنِّفُ، أنَّ قِياسَ المذهبِ جَوازُه. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»: يجوزُ إنْ قيل: للوَكيلِ التوْكِيلُ. وهو مُقْتَضَى كلامِه في «المُجَرَّدِ». قاله في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، بعدَ أنْ حكَى القَوْلَ الثَّاني: قلتُ: هذا إذا أذِنَ زَيدٌ لعَمْرٍو في النِّداءِ على شيءٍ، أو وَكَّلَه في بَيعِه، ولم يَقُلْ: ولا يَفْعَلْه إلَّا أنتَ. ففعَلَه بَكْرٌ بإذنِ عَمْرو، فإنْ صحَّ، فالأجْرَةُ لهما على ما شَرَطاه، وإنْ لم يَصِحَّ، فلِبَكْرٍ أُجْرَةُ مِثْلِه على عَمْرٍو. وإنِ اشْتَرَكا ابْتِداءً في النِّداءِ على شيء مُعَيَّنٍ، أو على ما يأخُذَانِه، أو على ما يأخذه أحدُهما مِن مَتاعِ الناسِ، أو في بَيعِه، صحَّ، والأجْرَةُ لهما على ما شَرَطاه، وإلا اسْتَوَيا فيهما، وبالجُعْلِ جَعالةً. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَسْليمُ الأمْوالِ إليهم، مع العِلْمِ بالشَّرِكَةِ، إذْنٌ لهم. قال: وإنْ باعَ كلُّ واحدٍ ما أخَذ، ولم يُعْطِ غيرَه، واشْتَرَكا في الكَسْبِ، جازَ في أظْهَرِ الوَجْهَين كالمُباحِ، ولئَلَّا تقَعَ مُنازَعَةٌ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: نُقِلَ مِن خَطِّ ابنِ الصَّيرَفِي، ممَّا علَّقَه على «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، قال: ذَهب القاضي إلى أنَّ شَرِكَةَ الدَّلَّالِين لا تصِحُّ؛ لأنه تَوْكِيل في مالِ الغَيرِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وابنُ عَقِيل: تصِحُّ الشَّرِكَةُ، على ما قاله في مَنافِعِ البَهائمِ. انتهى. وقال القاضي وأصحابُه: إذا قال: أنا أتقَبَّلُ العَمَلَ، وتَعْمَلُ أنت، والأجْرَةُ بينَنا. جازَ؛ جَعْلًا لضَمانِ المُتَقبِّلِ كالمالِ. الثَّالثةُ، لو اشْتَرَكَ ثَلاثة؛ لواحِدٍ دابَّة، ولآخَرَ راويَة، والثَّالِثُ يعْمَلُ، صحَّ في قِياسِ قوْلِ

وَإنْ أجَرَاهُمَا بِأعْيَانِهِمَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُجْرَةُ دَابَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ؛ فإنه نصَّ في الدَّابَّةِ، يدْفَعُها إلى آخَرَ يعْمَلُ عليها، على أنَّ لهما الأجْرَةَ، على صِحةِ ذلك. وهذا مِثْلُه. فعلى هذا، يكونُ ما رزَق الله بينَهم، على ما اتَّفَقُوا عليه. وكذا لو اشْتَركَ أرْبَعَةٌ؛ لواحِدٍ دابَّة، ولآخرَ رَحًا، ولثالِثٍ دُكَّان، والرابعُ يَعْمَلُ. وهذا الصحيحُ فيهما. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ». وقيل: العَقْدُ فاسِدٌ في المَسْألتَين (¬1). قال المُصَنِّفُ: اخْتارَه القاضي. قال في «الفُروعِ»: وعندَ الأكْثَرِ فاسِدَتان. وجزَم به في «التلْخيصِ». فعلى الثالثِ، للعامِلِ الأجْرَةُ، وعليه لرُفْقَتِه أُجْرَةُ آلتِهم. وقيل: إنْ قصَد السَّقَّاءُ أخْذَ الماءِ، فلهم. ذكَرَه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: وقيل: الماءُ للعامِلِ بغَرْفِه مِن مَوْضِعٍ مُباحٍ للنَّاسِ. وقيل: الماءُ لهم على قَدْرِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الروايتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُجْرَتِهم. وقيل: بل أثْلاثًا. انتهى. الرَّابعَةُ، لو اسْتَأجَرَ شَخْصٌ مِنَ الأرْبَعَةِ ما ذكَر، صحَّ. وهل الأجْرَةُ بقَدْرِ القِيمَةِ، أو أرْباعًا؟ على وَجْهَين؛ بِناءً على ما إذا تزَوجَ أرْبَعًا بمَهْرٍ واحدٍ، أو كاتَبَ أرْبعَةَ أعْبُدٍ بعِوَضٍ واحِدٍ، على ما يأتِي في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعِه. وإنْ تقَبَّلَ الأرْبَعَةُ الطَّحْنَ في ذِمَمِهم، صحَّ، والأجْرَةُ أرْباعًا، ويَرْجِعُ كلُّ واحِدٍ على رُفْقَتِه؛ لتَفاوُتِ قَدْرِ العَمَلِ بثَلاثةِ أرْباعِ أجْرِ المِثْلِ. الخامسة، لو قال: آجِرْ عَبْدِي، وأُجْرَتُه بينَنا. فالأجْرَةُ كلها للسَّيِّدِ، وللآخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِه.

وَإنْ جَمَعَا بَينَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالأبْدَانِ وَالْوُجُوهِ وَالْمُضَارَبَةِ، صَحَّ. فَصْلٌ: الْخَامِسُ، شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ؛ وَهِيَ أنْ يُدْخِلَا فِي الشَّرِكَةِ الْأكْسَابَ النَّادِرَةَ، كَوجْدَانِ لُقَطَةٍ أوْ رِكَازٍ، أوْ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامِسُ، شَرِكَةُ المُفاوَضَةِ؛ وهي أنْ يُدْخِلا في الشَّرِكَةِ الأكْسابَ النَّادِرَةَ؛ كَوجْدانِ لُقَطَةٍ، أو رِكازٍ، أو ما يَحْصُلُ لهما مِن مِيراثٍ، وما يَلْزَمُ أحدَهما مِن ضمانِ غَصْبٍ، أو أرْشِ جِنايَةٍ، ونحو ذلك -كما يحْصُلُ لهما؛ من هِبَةٍ أو

يَحْصُلُ لَهُمَا مِنْ مِيرَاثٍ، وَمَا يَلْزَمُ أحَدَهُمَا مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ، أوْ أرشِ جِنَايَةٍ، وَنحْو ذَلِكَ، فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَصِيَّةٍ، وتَفْريطٍ، وتَعَدٍّ، وبَيعٍ فاسِدٍ- فهذه شَرِكَة فاسِدَةٌ. اعْلَمْ أن شَرِكَةَ المُفاوَضَةِ على ضَرْبَين؛ أحدُهما، أنْ يُفَوِّضَ كل واحدٍ منهما إلى صاحِبِه الشراءَ، والبَيعَ، والمُضارَبَةَ، والتَّوْكِيلَ، والابتِياعَ في الذِّمَّةِ، والمُسافَرَةَ بالمالِ، والارْتِهانَ، وضَمانَ ما يرَى مِنَ الأعْمالِ. فهذه شَرِكَة صَحيحَةٌ؛ لأنها لا تخْرُجُ عن شَرِكَةِ العِنانِ، والوُجوهِ، والأبْدانِ، وجَمِيعُها مَنْصوصٌ على صِحَّتِها، والرِّبْحُ على ما شرَطاه، والوَضِيعَةُ على قَدْرِ المالِ. قاله الأصحابُ. وقطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: وإنِ اشْتَرَكا في كل ما يَثْبُتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لهما أو عليهما، ولم يُدْخِلا فيها كَسْبًا نادِرًا، أو غَرامَةً؛ كلُقَطَةٍ وضَمانِ مالٍ، صحَّ. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الفَائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم: والمُفاوَضةُ؛ أنْ يُفَوِّضَ كلُّ واحِدٍ منهما إلى الآخَرِ كلَّ تصَرُّفٍ مالِي أو بَدَنِي مِن أنْواعِ الشرِكَةِ في كلِّ وَقْتٍ ومَكانٍ على ما يرَى، والرِّبْحُ على ما شرَطا، والوَضِيعَةُ بقَدْرِ المالِ، فتَكونُ شَرِكَةَ عِنانٍ، أو وُجوهٍ، أو أبدانٍ، أو مُضارَبَةٍ. انتهوا. الضرْبُ الثَّاني، ما ذكَره المُصَنِّفُ؛ وهي أنْ يُدْخِلا فيها الأكْسَابَ النَّادِرَةَ ونحوَها، فهذه شَرِكَة فاسِدة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ، ونصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْني»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الشرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقال في «المُحَرَّرِ»: إنِ اشْتَرَكا في كلِّ ما يَثْبُت لهما أو عليهما، صحَّ العَقْدُ، دُونَ الشرْطِ. نصَّ عليه، وأطْلَقَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَرَه في «الرِّعايةِ» قوْلًا. وفي طَرِيقَةِ بعض الأصحابِ، شَرِكَةُ المُفاوَضَةِ؛ أنْ يقولَ: أنْتَ شَرِيكٌ لي في كلِّ ما يحْصُلُ لي بأَيِّ جِهَةٍ كانَتْ؛ مِن إرْثٍ وغيرِه. لنا فيه رِوايَتان؛ المَنْصُورُ، لا يَصِحُّ. انتهى. فعلى المذهبِ، لكُلّ منهما رِبْحُ مِثْلِه وأُجْرَةُ عَمَلِه، وما يَسْتَفِيدُه له. ويَخْتَصُّ بضَمانِ ما غصَبَه، أو جَناه، أو ضَمِنَه عنَ الغيرِ.

باب المساقاة

بَابُ المُسَاقَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُساقاةِ فائدة: المُساقاةُ، مُفاعَلَةٌ مِنَ السَّقْي؛ وهي دَفْعُ شَجَرٍ إلى مَن يقومُ بمَصْلَحَتِه بجُزْءٍ مَعْلومٍ مِن ثَمَرَتِه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والسَّامَريُّ في «مُسْتَوْعِبِه»، وزاد، أنْ يُسَلِّمَ نخْلَه أو كَرْمَه، أو شَجَرًا له ثَمَرٌ مأكُولٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وليس بجامِعٍ؛ لخُروجِ ما يدْفَعُ إليه ليَغْرِسَه ويَعْمَلَ عليه، ولا بمانِعٍ؛ لدُخولِ ما لَه ثَمَرٌ غيرُ مَقْصُودٍ، كالصَّنَوْبَرِ.

تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ، وَفِي كُلِّ شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأكُولٌ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: تَجُوزُ المُساقاةُ في النَّخْلِ، وكلِّ شَجَرٍ له ثَمَرٌ مَأكُولٌ ببعضِ ثَمَرَتِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشّارِحُ: تصِحُّ على كلِّ ثَمَرٍ مَقْصودٍ. فلا تصِحُّ في الصَّنَوْبَرِ. وقالا: تصِحُّ على ما يُقْصَدُ وَرَقُه أو زَهْرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ونحوُه؛ كوَرْدٍ، وياسَمِينَ ونحْوهما. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، لا تصِحُّ إلا في النَّخْلِ والكَرْمِ، لا غيرُ. وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»، بعدَ ذِكْرِ ما تقدَّم: ولا تصِحُّ على شَجَرٍ بثَمَرٍ بعدَ عِدَّةِ سِنِين. وقيل: تصِحُّ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو مُشْكِلٌ؛ فإنَّ النخْلَ وبعضَ الأشْجارِ لا تُثْمِرُ إلَّا بعدَ مُدَّةٍ طويلَةٍ، وتصِحُّ المُساقاةُ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ساقاه على ما يتَكَررُ حَمْلُه؛ مِن أُصُولِ البُقولِ، والخَضْراواتِ؛ كالقُطْنِ والمَقاثِي، والباذِنْجانِ، ونحوه، لم تصِحَّ. قال في «الرِّعايةِ» وغيرِه: ولا تصِحُّ المُساقاةُ على ما لا ساقَ له. وقال في «القاعِدَةِ الثّمانِين»: إنْ قيلَ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هي كالشَّجَرِ. صحَّتِ المُسَاقاةُ. وإنْ قيلَ: هي كالزرْعِ. فهي مُزارَعَةٌ. وفيه وَجْهان.

وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُعَامَلَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَصِحُّ بلَفْظِ المُساقاةِ، والمُعامَلَةِ، وما في مَعْناهما. نحوَ: فالحْتُك. أو: اعْمَل بُسْتانِي هذا. قال في «الرعايةِ»: قلتُ: وبقَوْلِه: تعَهَّدْ نَخْلِي. أو:

وَتَصِحُّ بِلفْظِ الْإجَارَةِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَقَدْ نَصَّ أحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، فِي مَنْ قَال: أجَرْتُكَ هَذِهِ الْأرْضَ بثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. أنَّهُ يَصحُّ. وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الإجَارَةِ. ذَكَرَهُ أَبو الْخَطابِ. وَقَال أكْثَرُ أصْحَابِنَا: هِيَ إِجَارَة. وَالْأوَّلُ أقْيَسُ وَأصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبِّرْه. أو: اسْقِه، ولك كذا. أو: أسْلمْتُه إليكَ لتَتَعَهَّدَه بكذا مِن ثمَرِه. انتهى. قوله: وتَصِحُّ بلَفْظِ الإجارَةِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهما في المُزارَعَةِ أيضًا. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «النظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»؛ أحدُهما، تصِحُّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ هنا، والشارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وقالوا: هو أقْيَسُ. وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التصْحيحِ». وجزَم به في [«الوَجيزِ». وهو المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه. والثَّاني، لا تصِحُّ. قدَّمه] (¬1) في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقيل: إنْ صَحَّتْ بلَفْظِها، كانتْ إجارَةً. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». قوله: وقد نصَّ أحْمَدُ في رِوايَةِ جَماعَةٍ، في مَن قال: أجَرْتُك هذه الأرضَ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بثُلُثِ ما يَخْرُجُ منها. أَنه يَصِحُّ، وهذه مُزارَعَة بلَفْظِ الإجارَةِ، ذكَرَه أبو الخَطابِ. رشَّحَ المُصَنِّفُ هنا ما اخْتارَه في المُساقاةِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، وأبو الخَطّابِ، وابنُ عَقِيل، أنَّ هذه مُزارَعَة بلَفْظِ الإجارَةِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهذا أقْيَسُ، وأصحُّ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فعلى هذا، يكونُ ذلك على قوْلِنا: لا يُشْتَرطُ كَوْنُ البَذْرِ مِن رَبِّ الأرْض. كما هو مُخْتارُ المُصَنِّفِ، وجماعَةٍ، بل يجوزُ أنْ يكونَ مِنَ العامِلِ، على ما يأتِي في المُزارَعَةِ. والصّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه إجارَةٌ، وأنَّ الإجارَةَ تجوزُ بجُزْءٍ مُشاعٍ مَعْلوم ممّا يخْرُجُ مِنَ الأرْضِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المأجُورَةِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: اخْتارَه الأكثرُ. قال القاضي: هذا المذهبُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تصِحُّ إجارَةُ الأرْضِ للزَّرْعِ ببَعْضِ الخارِجِ منها. وهذا ظاهِرُ المذهبِ، وقوْلُ الجُمْهورِ. انتهى. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا تصِحُّ الإجارَةُ بجُزْءٍ ممَّا يخْرُج مِنَ الأرْضَ (¬1). واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ. قال الشارِحُ: وهو الصحيحُ. ذكَرَه آخِرَ البابِ، وقال: هي مُزارَعَة بلَفْظِ الإجارَةِ. وعنه، تُكْرَهُ، وتصِحُّ. وأطْلَقَ الأولَى والآخِرَةَ في «المُسْتَوْعِبِ». فعلى المذهبِ، يُشْترَطُ لها شُروط الإجارَةِ؛ مِن تَعْيِينِ المُدَّةِ وغيرِه. فوائد؛ الأولَى، لو صحَّ، فيما تقدَّم، إجارَةٌ أو مُزارَعَة، فلم يَزْرَعْ، نُظِرَ إلى مُعَدَّلِ المُغَلِّ، فيَجِبُ القِسْطُ المُسَمَّى فيه، فإنْ فسَدَتْ، وسُمِّيَتْ إجارَةً، فأجْرَةُ المِثْلِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الفائقِ»: جعَل، مَن صحَّحَها إجارَةً، العِوَضَ غيرَ مَضْمُونٍ. وقيل: قِسْطُ المِثْلِ. اخْتاره الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. الثانيةُ، تجوزُ وتصِحُّ إجارَةُ الأرْضِ بطَعام مَعْلوم مِن جِنْسِ الخارِجِ. على الصَّحيحِ. نصَرَها أبو الخَطابِ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وعنه، لا تجوزُ، ولا تصِحُّ. اخْتارَه القاضي. وصحَّحَه الناظِمُ. قال ابنُ رَزِينٍ: لا تصِحُّ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الأجر».

وَهَلْ تَصِحُّ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأظْهَرِ. وجزَم به في «نِهايَتِه». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وعنه رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، تُكْرَهُ؛ وتصِحُّ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وحمَل القاضي الجَوازَ على الذِّمَّةِ، والمَنْعَ على أنه منه. الثَّالثةُ، إجارَتُها بطَعام مِن غيرِ جِنْسِ الخارِجِ تصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ الحَسَنِ بنِ ثَوابٍ. وجزَم به في «المُسْتَوعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، رُبَّما قال: نَهَيتُه. قال القاضي: هذا مِن أحمدَ على سَبِيلِ الوَرَعِ. قوله: وهل تَصِحُّ على ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ -يعْنِي، إذا لم تَكْمُلْ؟ - على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشّرْحِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، تصِحُّ. وهي المذهبُ، وعليها أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ. قال في «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»: تصِحُّ على أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال في «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: تصِحُّ على الأَظْهَرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثّانيةُ، لا تصِحُّ. صحَّحه في «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو زارَعَه على زَرْعٍ نابتٍ ينْمُو بالعَمَلِ. قاله الأصحابُ. وأمَّا إنْ زارَعَه على الأرْضِ، وساقاه على الشَّجَرِ، فيَأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، وما يتَعَلَّقُ به، في أوَّلِ فَصْلِ المُزارَعَةِ.

وَإنْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَرَةِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ساقاه على شَجَرٍ يَغْرِسُه ويَعْمَلُ عليه حتَّى يُثْمِرَ بجُزء مِنَ الثَّمَرَةِ، صَحَّ. هذا المذهبُ المَشْهورُ المَنْصُوصُ عن أحمدَ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: لا تصِحُّ. قال القاضي: المُعامَلَةُ باطِلَةٌ. فعلى المذهبِ، يكونُ الغَرْسُ مِن رَبِّ الأرْضِ، فإنْ شرَطَه على العامِلِ، فحُكْمُه حكمُ المُزارَعَةِ إذا شرَط البَذْرَ مِنَ العامِلِ، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، قال في «الفُروعِ»: ظاهرُ نَصِّ الإمامِ أحمدَ جَوازُ المُساقاةِ على شَجَرٍ يَغْرِسُه ويعْمَلُ عليه بجُزْءٍ مَعْلومٍ مِنَ الشَّجَرِ، أو بجُزْءٍ مِنَ الشَّجَرِ والثَّمَرِ، كالمُزارَعَةِ؛ وهي المُغارَسَةُ، والمُناصَبَةُ. واخْتارَه أبو حَفصٍ العُكْبَرِيُّ في «كِتابِه». وصحَّحَه القاضي في «التَّعْليقِ» أخِيرًا. واخْتارَه في «الفائقِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وذكَرَه ظاهِرَ المذهبِ، وقال: ولو كان مَغْرُوسًا، ولو كان نَاظِرَ وَقْفٍ، وأنَّه لا يجوزُ للنَّاظِرِ بعدَه بَيعُ نَصِيبِ الوَقْفِ مِنَ الشَّجَرِ بلا حاجَةٍ، وأنَّ للحاكمِ الحُكْمَ بلُزُومِها في مَحَلِّ النِّزاعِ فقط. انتهى. وهذا احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». الثَّانيةُ، لو كان الاشْتِراكُ في الغِراسِ والأرْضِ، فسَد، وَجْهًا واحِدًا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قِياسُ المذهبِ صِحَّتُه. قال في «الفائقِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وصحَّحَ المالِكِيُّون المغارَسَةَ في الأرْضِ المِلْكِ، لا الوَقْفِ؛ بشَرْطِ اسْتِحْقاقِ العامِلِ جُزْءًا مِنَ الأرْضِ مع القِسْطِ مِنَ الشَّجَرِ. انتهى. الثَّالثةُ، لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَمِلا في شَجَرٍ لهما، وهو بينَهما نِصْفان، وشرَطا التَّفاضُلَ في ثَمَرِه، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وصحَّحه

وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقيل: لا يصِحُّ، كمُساقاةِ أحَدِهما للآخَرِ بنِصْفِه. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». فعلى هذا الوَجْهِ، في أُجْرَتِه احْتِمالان في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى، أنْ تكونَ له الأجْرَةُ على الآخَرِ، قِياسًا على نَظائرِها. قوله: والمُساقاةُ عَقْدٌ جائزٌ في ظاهِرِ كَلامِه. في رِوايَةِ الأَثْرَمِ، وقد سُئِلَ عنِ الأكَّارِ يخْرُجُ مِن غيرِ أنْ يُخْرِجَه صَاحِبُ الضَّيعَةِ؟ فلم يَمْنَعْه مِن ذلك. وكذا حُكْمُ المُزارَعَةِ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدِ وغيرُه. قال في «تَجْريدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايةِ»: وهي عَقْدٌ جائزٌ في الأظْهَرِ. وصحَّحه ناظِمُ «المُفْرَداتِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوُجيزِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»،

لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: هي عَقْدٌ لازِمٌ. قاله القاضي، واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». واخْتارَ في «التَّبْصِرَةِ»، أنَّها جائزة مِن جِهَةِ العامِلِ، لازِمَةٌ مِن جِهَةِ المالِكِ، مأخُوذٌ مِنَ الإجارَةِ. فعلى المذهبِ، يُبْطِلُها ما يُبْطِلُ الوَكالةَ، ولا تَفْتَقِرُ إلى ذِكرِ (¬1) مُدَّةٍ، ويصِحُّ تَوْقِيتُها، ولكُلِّ واحدٍ منهما فَسْخُها؛ فمتى ¬

(¬1) في الأصل: «ذلك».

وَإنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ ظُهُورِهَا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ، فَعَلَيهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انْفَسَخَتْ بعدَ ظُهورِ الثَّمَرَةِ، فهي بينَهما، وعليه تَمامُ العَمَلِ. وإن فسَخ العامِلُ قبلَ ظُهورِها، فلا شيءَ له، وإنْ فسَخ رَبُّ المالِ، قال في «الرِّعايةِ»: أو أجْنَبِيٌّ. فعليه للعامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِه. وعلى الوَجْهِ الثَّاني، لا تَبْطُلُ بما يُبطِلُ الوَكالةَ. وتَفْتَقِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى القَبُولِ لَفْظًا، ويُشْتَرَطُ ضَرْبُ (¬1) مُدَّةٍ مَعْلومَةٍ تَكْمُلُ في مِثْلِها الثَّمَرَةُ، فإنْ جعَلا مُدَّةً لا تَكْمُلُ فيها، لم تصِحَّ. وهل للعامِلِ أُجْرَةٌ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له أُجْرَةُ مِثْلِه. وهو الصَّحيحُ. قال في «التَّصْحيحِ»: أحدُهما، إنْ عَمِلَ فيها، وظهَرَتِ الثَّمَرَةُ، فله أُجْرَةُ مِثْلِه. وهو الصَّحيحُ، وإنْ لم تَظْهَرْ، فلا شيء له. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما، وصحَّحاه، وصحَّحه في «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا أُجْرَةُ له. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وقال في «الرِّعايةِ»: قلتُ: إنْ جَهِلَ ذلك فله أُجْرَةٌ، وإلَّا فلا. تنبيه: عكَس صاحِبُ «الفُروعِ» بِناءً على الوَجْهَينِ، والظَّاهِرُ أنَّه مِنَ الكاتِبِ حينَ التَّبْيِيضِ، أو سَبْقَةُ قَلَمٍ. فائدة: لو كانَ البَذْرُ مِن رَبِّ الأرْضِ، وفسَخ قبلَ ظُهورِ الزَّرعِ، أو قبلَ البَذْرِ وبعدَ الحَرْثِ، فقال القاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: قِياسُ المذهبِ، جَوازُ بَيعِ العِمارَةِ التي هي الآبارُ، ويكونُ شَرِيكًا في الأرْضِ بعِمارَتِه. واخْتارَ ابنُ مَنْصُورٍ أنَّه تجِبُ له أُجْرَةُ عَمَلِه ببَدَنِه، وما أَنْفَقَ على الأرْضِ مِن مالِه. وحَمل كلامَ أحمدَ عليه. وأفْتَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَن زارَعَ رَجُلًا على مَزْرَعَةٍ لبُسْتانِه، ثم أَجَرَها، هل تَبْطُلُ المُزارَعَةُ؟ فقال: إنْ زارَعَه مُزارَعَةً لازِمَةً، لم تَبْطُلْ بالإجارَةِ، وإنْ لم تَكُنْ لازِمَةً، أعطَى الفَلَّاحَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ. وأفْتَى أيضًا في رَجُلٍ زرَع أرْضًا، وكانتْ بُورًا، وحرَثَها، فهل له إذا خرَج منها فِلاحَةٌ؟ إنْ كانَ له ¬

(¬1) في الأصل، ط: «صرف».

وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ تَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ تَكْمُلُ الثَّمَرَةُ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأرْضِ فِلاحَةٌ لم يَنْتَفِعْ بها، فله قِيمَتُها على مَنِ انْتَفَعَ بها، وإنْ كان المالِكُ انْتَفَعَ بها، أو أَخَذ عِوَضًا عنها مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، فضَمانُها عليه، وإنْ أخَذ الأجْرَةَ عنِ الأرْضِ وحدَها، فضَمانُ الفِلاحَةِ على الْمُسْتَأْجِرِ المُنْتَفِعِ بها. قال في «القواعِدِ»: ونصَّ أحمدُ، في رِوايةِ صالحٍ، في مَنِ اسْتَأْجَرَ أرْضًا مَفْلُوحَةً، وشرَط عليه أنْ يَرُدها مَفْلُوحَةً، فما أخَذَها، أنَّ له أنْ يَرُدَّها عليه كما شرَط. قال: ويتَخرَّجُ مِثْلُ ذلك في المُزارَعَةِ.

فَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا تَكْمُلُ فِيهَا، لَمْ تَصِحَّ. وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَينِ. وإنْ جَعَلَا مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ فِيهَا، وَقَدْ لَا تَكْمُلُ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَينِ. فَإن قُلْنَا: لَا تَصِحُّ. فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جعَلا مُدَّةً قد تَكْمُلُ وقد لا تَكْمُلُ، فهل تَصِحُّ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، تصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِحُّ. قال النَّاظِمُ: هذا أقْوَى. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو جعَلاها إلى الجَدادِ، أو إلى إدْراكِها. قاله في «الفُروعِ» وأطْلَقَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى» الوَجْهَين هنا. قلتُ: الصَّوابُ الصِّحَّةُ، وإنْ منَعْنا التي قبلَها.

وَإنْ مَاتَ الْعَامِلُ، تَمَّمَ الْوَارِثُ، فَإنْ أَبَى، اسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعَمَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قُلْنا: لا تَصِحُّ. فهل للعامِلِ أُجْرَةٌ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، له الأُجْرَةُ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ رَزِينٍ، ومال إليه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، ليس له أُجْرَةٌ. قوله: وإنْ ماتَ العامِلُ، تَمَّمَ الوارِثُ، فإنْ أَبَى، اسْتُؤْجِرَ على العَمَلِ -يَعْنِي، اسْتَأْجَرَ الحاكِمُ- مِن تَرِكَتِه، فإنْ تَعَذّرَ فلرَبِّ المالِ الفَسْخ. بلا نِزاعٍ.

مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ، فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ. فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَينَهُمَا. وَإنْ فَسَخَ قَبْلَهُ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فسَخ بعدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فهي بينَهما. يعْنِي، إذا ماتَ العامِلُ، وأبَى الوَرَثَةُ العَمَلَ، وتعَذَّرَ الاسْتِئْجارُ عليه، وفسَخ ربُّ المالِ، فإنْ كان بعدَ ظُهورِ الثَّمَرَةِ، هي بينَهما. قاله الأصحابُ. وظاهرُ كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» هنا، أنَّ في اسْتِحْقاقِ العامِلِ هنا خِلافًا مُطْلَقًا، فإنَّه قال: فإنْ لم يصْلُحْ، ففي أُجْرَتِه لمَيِّتٍ وَجْهان. والعُرْفُ بينَ الأصحابِ؛ أنَّ محَلَّ الخِلافِ إذا لم يَظْهَرْ، لا إذا لم يصْلُحْ. فلْيُعْلَمْ ذلك. قوله: وإنْ فسَخ قبلَه -يعْنِي، قبلَ الظهورِ- فهل للعامِلِ أُجْرَةٌ؟ على وجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْء»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، له الأُجْرَةُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». والوَجْهُ الثَّاني، ليس له أُجْرَةٌ. قدَّمه في «الرِّعايتَين».

وَكَذَلِكَ إِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا فسَخ بعدَ ظُهورِ الثَّمَرَةِ، وبعدَ مَوْتِ العامِلِ، فهي بينَهما، فإنْ كان قد بَدا صَلاحُه، خُيِّر المالِكُ بينَ البَيعِ والشِّراءِ، فإنِ اشْترَى نَصِيبَ العامِلِ، جازَ، وإنِ اخْتارَ بَيعَ نَصِيبِه، باعَ الحاكِمُ نَصِيبَ العامِلِ. وأمَّا إذا لم يَبْدُ صَلاحُه، فلا يصِحُّ بَيعُه إلَّا بشرْطِ القَطْعِ، ولا يُبَاعُ نَصِيبُ العامِلِ وحدَه لأجْنَبِيٍّ. وهل يجوزُ للمالِكِ شِراؤه؛ على وَجْهَين. وكذا الحُكْمُ في بَيعِ الزَّرْعِ، فإنَّه إنْ باعَه قبلَ ظُهورِه، لا يصِحُّ، وإنْ باعَه بعدَ اشْتِدادِ حَبِّه، صحَّ. وفيما بينَهما لغيرِ رَبِّ الأرْضِ باطِلٌ. وفيه له وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الفُصولِ». وقدَّم في «الرِّعايةِ الكُبْرى» عدَمَ (¬1) الصحَّةِ. قلتُ: قد تقدَّم في بابِ بَيعِ الأصُولِ والثَّمارِ الخِلافُ هناك، وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، الجَوازُ. فَلْيُراجَعْ. قوله: وكذلك إنْ هرَب العامِلُ فلم يُوجَدْ له ما يُنْفِقُ عليها. يعْنِي، حُكْمُه حكمُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «قدم».

فَإِنْ عَمِلَ فِيهَا رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِم أوْ إِشْهَادٍ رَجَعَ بِهِ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لو ماتَ كما تقدَّم مِنَ التَّفْصِيلِ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الهارِبَ ليس له أُجْرَةٌ قبلَ الظهورِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح: والأَولَى في هذه الصُّورَةِ، أنْ لا يكونَ للعامِلِ أُجْرَةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فائدة: لو ظهَر الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا، فللعامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِه على غاصِبِه، ولا شيءَ على ربِّه. قوله: وإنْ عَمِلَ فيها رَبُّ المَالِ بإذْنِ حاكِمٍ، أو إشْهادٍ، رجَع به، وإلَّا فلا.

فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ مَا فِيهِ صَلَاح الثَّمَرَةِ وَزِيَادَتُهَا؛ مِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا عَمِلَ فيها ربُّ المالِ بإذْنِ حاكم، رجَع به. قَوْلًا واحدًا. وقطَع المُصَنِّفُ هنا أنَّه يَرْجِعُ إذا أشْهَدَ. وذكَر الأصحابُ في الرُّجوعِ إذا نَواه، ولم يَسْتَأْذِنِ الحاكِمَ، الرِّوايتَين اللَّتَين في مَن قضَى دَيْنًا عَن غيرِه بنِيَّةِ الرُّجوعِ، على ما تقدَّم في بابِ الضَّمانِ. والصَّحيحُ الرُّجوعُ، على ما تقدَّم. ثم إنَّ الأكْثَرِين اعْتَبرُوا هنا اسْتِئْذانَ الحاكِمِ. وكذلك اعْتَبرَ الأكْثَرُ الإشْهادَ على نِيَّةِ الرُّجوعِ. وفي «المُغْنِي» وغيرِه وَجْهٌ لا يُعْتَبرُ، قال في «القواعِدِ»: وهو الصحيحُ. وقوْلُه: وإلَّا فلا. يعْنِي، أنَّه إذا لم يَسْتَأْذِنِ الحاكِمَ، ولم يُشْهِدْ، لا يَرْجِعُ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «النَّظْمِ». أمَّا إذا لم يَسْتَأذِنِ الحاكِمَ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يَتْرُكَه عَجْزًا عنه، أوْ لا، فإنْ ترَك اسْتِئْذانَ الحاكمِ عَجْزًا؛ فإنْ نوَى الرُّجوعَ، رجَع. جزَم به في «الفُروعِ». وإنْ لم يَنْو الرُّجوعَ، لم يَرْجِعْ. وإِنْ قدَر على الاسْتِئْذانِ، ولم يَسْتَأْذِنْهُ، ونوَى الرُّجوعَ، ففي رُجوعِه الرِّوايَتان اللَّتان في مَن قضَى دَينًا عَن غيرِه. والصَّحيحُ الرُّجوعُ، على ما تقدَّم. قاله في «القواعدِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ أمْكَنَ إذْنُ العامِلِ، أو الحاكِمِ، ولم يَسْتَأْذِنْه، بل نوَى الرُّجوعَ، أو أشْهَدَ مع النِّيَّةِ، فوَجْهان. قوله: ويَلْزَمُ العامِلَ ما فيه صَلاحُ الثَّمَرَةِ وزِيادَتُها؛ مِنَ السَّقْي، والحَرْثِ، والزِّبارِ، والتَّلْقِيحِ، والتَّشْمِيسِ، وإصْلاحِ طُرُقِ الماءِ، ومَوْضِعِ التَّشْمِيسِ، ونحوه. ويَلْزَمُ أيضًا قَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ، وآلةُ الحِراثَةِ، وبَقَرُ الحَرْثِ. وهذا

السَّقْي، وَالْحَرْثِ، وَالزِّبَارِ، وَالتَّلْقِيحِ، وَالتَّشْمِيسِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَمَوْضِعِ التَّشمِيسِ، وَنَحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ رَزِينٍ: في بَقَرِ الحَرْثِ رِوايَتان. وقال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»: يَلْزَمُ العامِلَ الفَأْسُ النُّحاسُ التي تَقْطَعُ الدَّغَلَ (¬1) فلا يَنْبُتُ. وهو مَعْنَى ما في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قاله في «الفُروعِ». قلتُ: قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ويَلْزَمُ العامِلَ قَطْعُ الحَشِيشِ المُضِرِّ. ¬

(¬1) الدغل: ما ينبت في الزرع مما ليس منه فيضره.

وَعَلى رَبِّ الْمَالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الأَصْلِ مِنْ سَدِّ الْحِيطَانِ، وَإجْرَاءِ الْأنْهَارِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَالدُّولَابِ وَمَا يُدِيرُهُ. وَقِيلَ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ، وَمَا لَا، فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعلى رَبِّ المالِ ما فيه حِفْظُ الأصْلِ؛ مِن سَدِّ الحِيطانِ، وإجْراءِ الأنْهَارِ، وحَفْرِ البِئْرِ، والدُّولابِ وما يُدِيرُه. ويَلْزَمُه أيضًا؛ شِراءُ الماء، وما يُلَقِّحُ به. وهذا المذهبُ، وعليه أَكْثَرُ الأصْحَابِ. قال الأصحابُ: بَقَرُ الدُّولابِ على ربِّ المالِ. نقَلَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ». وقال ابنُ أبِي مُوسى، والمُصَنِّفُ: يَلْزَمُ العامِلَ بَقَرُ الدُّولابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كبَقَرِ الحَرْثِ. وقيل: ما يتَكَرَّرُ كلَّ عام، فهو على العامِلِ، وما لا، فلا. قال المُصَنِّفُ: وهذا أصحُّ، إلَّا ما يُلَقِّحُ به، فإنَّه على رَبِّ المالِ، وإنْ تكَرَّرَ كلَّ سَنَةٍ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ، في بَقَرِ الحَرْثِ والسَّانِيَةِ؛ وهي البَكَرَةُ، وما يُلَقِّحُ به، رِوايتَين. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ: السِّباخُ على المالِكِ، ولكِنْ تَفْرِيقُه في الأرْضِ على العامِلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو شُرِطَ على أحَدِهما ما يَلْزَمُ الآخَرَ، لم يَجُزْ، وفسَد الشَّرْطُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إلَّا في الجَدادِ، على ما يَأْتِي. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: فسَد الشَّرْطُ في الأَقْيَسِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وذكَر أبو الفَرَجِ: يَفْسُدُ شَرْطُ خَراجٍ أو بعضِه على عامِل. وأخَذ المُصَنِّفُ مِنَ الروايةِ التي في الجَدادِ، إذا شرَطَه على العامِلِ. وصحَّحَ الصِّحَّةَ هنا، لكِنْ قال: بشَرْطِ أنْ يَعْمَلَ العامِلُ أكثرَ العَمَلِ. فعلى الأوَّلِ، في بُطْلانِ العَقْدِ رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، يَفْسُدُ العَقْدُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِهِ».

وَحُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَمَا يُرَدُّ، وَإنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ، ضُمَّ إِلَيهِ مَنْ يُشَارِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ اسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والثانيةُ، لا يَفْسُدُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قوله: وحُكْمُ العَامِلِ حُكْمُ المُضارِبِ فيما يُقبَلُ قولُه فيه وما يُرَدُّ. وما يُبْطِلُ العَقدَ، وفي الجُزْءِ المَقْسُومِ. كما تقدَّم في المُضارِبِ. وهذا المذهبُ، وعليه جمَاهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُوجَزِ»: إنِ اخْتَلَفا فيما شُرِطَ له، صُدِّقَ، في أصحِّ الرِّوايتَين. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ويُصَدَّقُ ربُّ الأرْضِ في قَدْرِ ما شرَطَه، وتُقَدَّمُ بَيِّنَتُه. وقيل: بل بَيَّنَةُ العامِلِ. وهو أصحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ليس للمُساقِي أنْ يُساقِيَ على الشَّجَرِ الَّذي ساقَى عليه. وكذا المُزارِعُ، كالمُضارِبِ. قاله في «المُغْنِي» وغيرِه. قوله: وإِنْ ثبَتَتْ خِيانَتُه، ضُمَّ إليه مَن يُشَارِفُه، فإنْ لم يُمْكِنْ حِفْظُه، اسْتُؤْجِرَ مِن مالِه مَن يعَمْلُ العَمَلَ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ إنِ اتُّهِمَ بالخِيانَةِ ولم تَثْبُتْ، فقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: يَحْلِفُ كالمُضارِبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال غيرُهم: للمالِكِ ضَمُّ أمِينٍ بأُجْرَةٍ مِن نَفْسِه. قاله في «الفُروعِ». والظَّاهِرُ، أنَّ مُرادَ المُصَنِّفِ، ومَن تابعَه، بعدَ فَراغِ العَمَلِ، ومُرادَ غيرِه، في أثْناءِ العَمَلِ، فلا تنافِيَ بينَهما. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ لم تَثْبُتْ خِيانته بذلك، فمِنَ المالِكِ. وقال في «المُنْتَخَبِ»: تُسْمَعُ دَعْواه المُجَرَّدَةُ. قال في «الفُروعِ»: وإنْ لم يقَعِ النَّفْعُ به، لعَدَمِ بَطْشِه، أُقِيمَ مَقامَه، أو ضُمَّ إليه.

وَإذَا شَرَطَ إِنْ سَقَى سَيْحًا فَلَهُ الرُّبْعُ، وَإنْ سَقَى بِكُلْفَةٍ فَلَهُ النِّصْفُ، أَو إنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَلَهُ الرُّبْعُ، وَإنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَلَهُ النِّصْفُ، لَمْ يَصِحَّ، في أَحدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شرَط إنْ سقَى سَيْحًا، فله الرُّبْعُ، وإنْ سَقَى بكُلْفَةٍ، فله النِّصْفُ، أو إنْ زرَعَها شَعِيرًا، فله الرُّبْعُ، وإنْ زرَعَها حِنْطَةً، فله النِّصْفُ، لم يَصِحَّ في أَحَدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير» -وقدَّمه في الأُولَى- وفي «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: نصَّ عليه. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ، وغيرُهما؛ بِناءً على قَوْلِه في الإِجارَةِ: إنْ خِطْتَه رُومِيًّا، فلكَ دِرْهَمٌ، وإنْ خِطْتَه فارِسِيًّا، فلك نِصْفُ دِرْهَمٍ. فإنَّه يَصحُّ على المَنْصوصِ، على ما يأْتِي، وهذا مِثْلُه، وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وأطْلَقهما في الأولَى في «الفائقِ». وأطْلَقهما في الثّانيةِ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ».

وَإنْ قَال: مَا زَرَعْتَ مِنْ شَعِيرٍ فَلِيَ رُبْعُهُ، وَمَا زَرَعْتَ مِنْ حِنْطَةٍ فَلِيَ نِصْفُهُ. أَوْ: سَاقَيتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ بِالنِّصْفِ، عَلَى أَنْ أُسَاقِيَكَ الْآخَرَ بِالرُّبْعِ. لَمْ يَصِحَّ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: لك الخُمْسانِ إنْ لَزِمَتْك خَسارَةٌ، ولك الرُّبْعُ إنْ لم تَلْزَمْكَ خَسارَةٌ. لم تصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وقال: هذا شَرْطان في شَرْطٍ. وعليه أَكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ: يُخَرَّجُ فيها مِثْلُ ما إذا قال: إنْ سقَى سَيْحًا، فله كذا، وإنْ سقَى بكُلْفَةٍ، فله كذا. الثانيةُ، لو قال: ما زَرَعْتَ مِن شيءٍ، فلي نِصْفُه. صحَّ، قوْلًا واحدًا.

فصل في المزارعة

فَصْلٌ في الْمُزَارَعَةِ: وَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُوم يُجْعَلُ لِلْعَامِلَ مِنَ الزَّرْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجُوزُ المُزارَعَةُ. هذا المذهبُ، بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هي أحَلُّ مِنَ الإِجارَةِ؛ لاشْتِراكِهما في المَغْنَمِ والمَغْرَمِ. وحكَى أبو الخَطَّابِ رِوايَةً، بأَنَّها لا تصِحُّ. ذكَرَها في مَسْأْلَةِ المُساقاةِ.

فَإِنْ كَانَ في الْأَرْضِ شَجَرٌ، فَزَارَعَهُ الأَرْضَ، وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإِنْ كان في الأرْضِ شَجَرٌ، فزارَعَه الأرْضَ، وساقاهُ على الشَّجَرِ، صَحَّ. بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا أجَرَه الأرْضَ، وساقاه على الشَّجَر فلا يَخْلُو: إمَّا أنْ يكونَ ذلك حِيلَةً، أوْ لا، فإنْ كان غيرَ حِيلَةٍ، فقال في «الفُروعِ»: فكجَمْعٍ بينَ بَيعٍ وإجارَةٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّتُه! هناك، وكذا هنا. وهو المذهبُ. قال في «الفائقِ»: صحَّ في أصح الوَجْهَين. وجزَم به في «الفائقِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، في أواخِرِ بَيعِ الأُصُولِ والثِّمارِ. وقَدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الشَّارِحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. وإنْ كان حِيلَةً، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، في هذا البابِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، في بابِ بَيعِ الأصُولِ والثِّمارِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: لم تصِحَّ المُساقاةُ، وللمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِجارَةِ إنْ جمَعَهما في عَقْدٍ واحِدٍ. وذكَر القاضي في إبْطالِ الحِيَلِ جَوازَه. قلتُ: وعليه العَمَلُ في بِلادِ الشَّامِ. قال في «الفائقِ»: وصحَّحه القاضي. فعلى المذهبِ، إنْ كانتِ المُساقاةُ في عَقْدٍ ثانٍ (¬1)، فهل تَفْسُدُ المُساقاةُ فقط، أو تَفْسُدُ هي والإِجارَةُ؛؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، أحدُهما، ¬

(¬1) في الأصل: «الإجارة»، وبياض في: ط. انظر الفروع 4/ 416.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَفْسُدُ المُساقَاةُ فقط. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». والوَجْهُ الثَّاني، يَفْسُدان. وإنْ جمَع بينَهما في عَقْدٍ واحِدٍ، فكتَفْريقِ الصَّفْقَةِ، وللمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِجارَةِ. وقال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: سواءٌ صَحَّتْ، أوْ لا؛ فما ذهَب مِنَ الشَّجَرِ ذهَب ما يُقابِلُه (¬1) مِنَ العِوَضِ. فائدة: لا تجوزُ إجارَةُ أرْض وشَجَرٍ لحَمْلِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وحَكاه أبو عُبَيدٍ إجْماعًا. قال الإمامُ أحمدُ: أخافُ أنْ يكونَ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لم يُثْمِرْ. وجَوَّزَه ابنُ عَقِيل، تَبَعًا للأرْضِ، ولو كان الشَّجَرُ أكْثَرَ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقال في «الفُروعِ»: وجوَّزَ شيخُنا إجارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا، ويقُومُ عليها المُسْتَأْجِرُ، كإجارَةِ أرْض للزَّرْعِ، بخِلافِ بَيعِ السِّنِين، فإنْ تَلِفَتِ الثَّمَرَةُ، فلا أُجْرَةَ، وإنْ نقَصَتْ عنِ العادَةِ، فالفَسْخُ أو الأرْشُ؛ لعَدَمِ المَنْفَعَةِ المَقْصُودَةِ بالعَقْدِ، وهي كجائِحَةٍ. انتهى. وأمَّا إجارَتُها لنَشْرِ الثِّيابِ عليها ونحوه، فتَصِحُّ. ¬

(¬1) في النسخ: «يقابل». وانظر: الفروع 4/ 416.

وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأرْض. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُشْتَرَطُ كَوْنُ البَذْرِ مِن رَبِّ الأَرْضِ. هذا إحْدَى الرِّوايَتَين. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وأبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائِق»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «نِهايَتِه»، و «نَظْمِها». قلتُ: وهو أقْوَى دَلِيلًا. وظاهِرُ المذهبِ اشْتِراطُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، والمَشْهورُ عن أحمدَ، وعليه جَماهِيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال الشَّارِحُ: اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وعامَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به القاضي، وكثيرٌ مِن أصحابِه. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». فعلى المذهب، لو كان البَذْرُ كلُّه مِنَ العامِلِ، فالزَّرْعُ له، وعليه أُجْرَةُ الأرْضِ لرَبِّها؛ وهي المُخابَرَةُ. وقيل: المُخابَرَةُ؛ أنْ يَخْتَصَّ أحدُهما بما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على جَدْوَلٍ أو ساقِيَةٍ، أو غيرِهما. قاله في «الرِّعايةِ». وخرَّج الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا في المُزارَعَةِ الفاسِدَةِ، أنها تُتَمَلَّكُ بالنَّفَقَةِ مِن زَرْعِ الغاصِب. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والسَّبْعِين»: وقد رأيتُ كلامَ أحمدَ يدُلُّ عليه، لا علَى خِلافِه. فائدة: مِثْلُ ذلك، الإِجارَةُ الفاسِدَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ، ما لو كان البَذْرُ مِنَ العامِلِ أو غيرِه، والأرْضُ لهما، أو بينَهما. وهو صحيحٌ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفائقِ»: ولو كانَ مِن العامِلِ، أو منهما، أو مِن العامِلِ، والأرْضُ بينَهما. ثم حكَى الخِلافَ. وقال الأصحابُ: لو كان البَذْرُ منهما، فحُكْمُه حُكْمُ شَرِكَةِ العِنانِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو رَدَّ على عامِل كبَذْرِه، فرِوايَتان في «الواضحِ». نَقَله في «الفُروعِ». قلتُ: أَكْثَرُ الأصحابِ قطَعُوا بفسَادِها حيثُ شرط ذلك. الثَّانيةُ، لو كان البَذْرُ مِن ثالِثٍ، أو مِن أحَدِهما، والأرْضُ والعَمَلُ (¬1) مِن آخَرَ، ¬

(¬1) في الأصل: «العامل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو البَقَرُ مِن رابعٍ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر في «المُحَرَّرِ»، ومَن تابَعَه، تخْرِيجًا بالصِّحَّةِ. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوايَةً، واخْتارَه. وذكَر ابنُ رَزِينٍ. في «مُخْتَصَرِه»، أنَّه الأظْهَرُ. ولو كانتِ البَقَرُ من واحدٍ، والأرْضُ، والبَذْرُ، وسائرُ العَمَلِ مِن آخَرَ، جازَ. قاله في «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وإنْ كان مِن أحَدِهما الماءُ (¬1)، ففي الصِّحَّةِ رِوايتَان، تأْتِيان من كلام المُصَنِّفِ قريبًا، وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: ظاهرُ كلامِ أحمدَ وأكثرِ الأَصحابِ، عدَمُ الصِّحَّةِ. ثم وَجَدْتُ الشَّارِحَ صحَّحه. وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي». واخْتارَه القاضي. قاله شارِحُ «المُحَرَّرِ». ¬

(¬1) في الأصل: «المال».

وَإنْ شُرِطَ أنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِي، أوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، أوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أوْ زَرْعَ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةَ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شرَط أنْ يأْخُذَ رَبُّ الأرْضِ مثلَ بَذْرِه، ويقْتَسِما الباقيَ، فسَدَتِ المُزارَعَةُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحّابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تخْرِيجٌ مِنَ المُضارَبَةِ. وجوَّزَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أخْد البَذْرِ أو بعْضِه بطَرِيقِ القَرْضِ. وقال: يَلْزَمُ مَنِ اعْتَبرَ البَذْرَ مِن رَبِّ الأرْضِ، وإلَّا فقَوْلُه فاسِدٌ. وقال أيضًا: تجوزُ كالمُضارَبَةِ، وكاقْتِسامِهما ما يَبْقَى بعدَ الكُلَفِ. وقال أيضًا: ويُتبَّعَ في الكُلَفِ السُّلْطانِيَّةِ العُرْفُ، ما لم يكنْ شَرْطٌ، واشْتِراطُ عَمَلِ الآخَرِ حتَّى يُثْمِرَ ببَعْضِه. قال: وما طلَبَ مِن قَرْيَةٍ مِن وَظائِفَ سُلْطانِيَّةٍ ونحوها،

ومَتَى فَسَدَتْ، فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيهِ أُجْرَةُ صَاحِبِهِ. وَحُكْمُ الْمُزَارَعَةِ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ فِيمَا ذَكَرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى قَدْرِ الأمْوالِ، وإنْ وضِعَتْ على الزَّرْعِ، فعلى رَبَّه، [أو على العَقارِ، فعلى رَبِّه] (¬1)، ما لم يَشْتَرِطْه على مُسْتَأْجِر، وإنْ وُضِعَ مُطلَقًا، رجَع إلى العادَةِ. فائدة: لو شرَط أحدُهما اخْتِصاصًا بقَدْرٍ مَعْلوم مِن غَلةٍ، أو دَراهِمَ، أو زَرْعِ جانبٍ مِنَ الأرْضِ، أو زِيادَةِ أرْطالٍ مَعْلومَةٍ، فسَدَتْ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَالْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَكَذَلِكَ الجَدَادُ. وَعَنْهُ، أَنَّ الْجَدَادَ عَلَيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والحَصَادُ على العامِلِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «المُوجَزِ»، وغيرِهما. وقيل: عليهما. وهو رِوايَةْ عندَ ابنِ رَزِينٍ، واحْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ، وتَخْرِيجٌ لجماعَةٍ. وقال في «المُوجَزِ»، في الحَصادِ، والدِّياسِ، والتَّذْرِيَةِ، وحِفْظِه ببَذْرِه، الرِّوايَتانِ اللَّتان في الجَدادِ. فائدة: اللِّقاطُ كالحَصادِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطع به الجُمْهورُ. وقال في «المُوجَزِ»: هل هو كحَصادٍ؟ فيه رِوايَتانِ. قال في «الرِّعايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»: قلتُ: واللِّقاطُ يَحْتَمِل وَجْهَين. قوله: وكذلك الجَدادُ. يعْنِي، أنَّه على العامِلِ كالحَصادِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، وتَخْرِيجٌ في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، وقِياسٌ في «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراهَ. وعنه، أنَّ الجَدادَ عليهما بقَدْرِ حِصَّتِهما، إلَّا أنْ يَشْرُطَه على العامِلِ. نصَّ عليه، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: يُكْرَهُ الحَصادُ والجَدادُ ليلًا. قاله الأصحابُ.

وَإِذَا قَال الْمُزَارِعُ: أَنَا أزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي، وَتَسْقِيهَا بِمَائِكَ، وَالزَّرْعُ بَينَنَا. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنا أزْرَعُ الأرْضَ ببَذْرِي وعَوامِلِي، وتَسْقِيها بمائِك، والزَّرْعُ بينَنا. فهل يَصِحُّ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نَظْمِها»؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُجَرَّدِ»، والمُصَنِّفُ، والشَارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثانيةُ، يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه».

وَإنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زارَعَ شَرِيكَه في نَصِيبِه، صَحَّ. هذا المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي. قاله في «التَّلْخيصِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «التلْخيصِ». فعلى المذهبِ، يُشْتَرطُ أنْ يكونَ للعامِلِ أكثرُ مِن نَصِيبِه. والواقِعُ كذلك. فائدتان؛ إحْداهما، ما سقَط مِنَ الحَبِّ وَقْتَ (¬1) الحَصادِ، إذا نبَت في العامِ القابِلِ، فهو لرَبِّ الأرْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وذكَرَ في «المُبْهِجِ» وَجْهًا، أنَّه لهما. وقال في «الرعايةِ»: هو لرَبِّ الأرْضِ؛ مالِكًا، أو مُسْتَأجِرًا، أو مُسْتَعِيرًا. وقيل: له حُكْمُ العارِيةِ. وقيل: حُكْمُ الغَصْبِ. قال في «الرعايةِ»: وفيه بُعْدٌ. ويأتِي في العارِيةِ، إذا حمَل السيلُ بَذْرَ إنْسانٍ إلى أرْضِ غيرِه ونبَت. وكذا نصَّ أحمدُ في مَن باعَ قَصِيلًا فحُصِدَ، وبَقِيَ يَسِيرًا، فصارَ سُنْبُلًا، فهو لرَبِّ الأرْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ¬

(¬1) في الأصل: «قبل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو أعارَه أرْضًا بَيضاءَ؛ ليَجْعَلَ فيها شَوْكًا أو دَوابًّا، فتَناثَرَ فيها حبٌّ، أو نَوى، فهو للمُسْتَعِيرِ، وللْمُعِيرِ إجْبارُه على قَلْعِه بدَفْعِ القِيمَةِ؛ لنَصِّ أحمدَ على ذلك في الغاصِبِ. الثانيةُ، لو أجَرَ أرْضَه سنَةً لمَن يزْرَعُها، فزرَعَها، فلم يَنْبُتِ الزرْعُ في تلك السَّنَةِ، ثم نبَت في السَّنَةِ الأخْرَى، فهو للمُسْتَأجِرِ، وعليه الأجْرَةُ لرَبِّ الأرْضِ مُدَّةَ احْتِباسِها, وليس لرَبِّ الأرْضِ مُطالبَتُه بقَلْعِه قبلَ إدْراكِه. والله أعلمُ.

باب الإجارة

بَابُ الإجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الإِجارَةِ فائدتان؛ إحْداهما، في حدِّها. قال في «الرعايَةِ»: قلتُ: وتَحْرِيرُه بذْلُ عِوَضٍ مَعْلومٍ في مَنْفَعَةٍ مَعْلومَةٍ مِن عَينٍ مُعَيَّنةٍ، أو مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ، أو في عَمَلٍ مَعْلومٍ. وتَبِعه في «الوَجيزِ». قال الزرْكَشِيُّ: وليس بمانِعٍ؛ لدُخولِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَمَرِّ، وعُلْوِ بَيتٍ، والمَنافِعِ المُحَرَّمَةِ. انتهى. قلتُ: لو زِيدَ فيه: مُباحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً. لسَلِمَ. الثَّانيةُ، قيل: الإجارَةُ [وارِدةٌ على] (¬1) خِلافِ القِياسِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، لا؛ لأنَّ مَن لم يُخَصِّصِ العِلَّةَ، لا يُتَصَوَّرُ عندَه مُخالفَةُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِياسٍ صحيحٍ، ومَن خصَّصَها؛ فإنما يكونُ الشيءُ خِلافَ القِياسِ عندَه (¬1)، إذا كان المَعْنَى المُقْتَضِي للحُكْمِ مَوْجودًا فيه، وتَخَلَّف الحُكْمُ عنه. انتهى. قال في «القواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، في آخِرِ «القاعِدَةِ الثانِيَةِ والعِشْرِين»: مِنَ الرُّخَصِ ما هو مُباحٌ كالعَرايا، والمُساقاةِ، والمُزارَعَةِ، والإجارَةِ، والكِتابَةِ، والشُّفْعَةِ، وغيرِ ذلك مِنَ العُقودِ الثابِتَةِ المُسْتَقِرِّ حُكْمُها على خِلافِ القِياسِ، هكذا يذْكُرُ أصحابُنا وغيرُهم. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس شيءٌ مِنَ العُقودِ وغيرِها الثابِتَةِ المُسْتَقِرِّ حُكْمُها على خِلافِ القِياسِ. وقرَّرَ ذلك بأحْسَنِ تَقْريرٍ، وبَيَّنه بأحسَنِ بَيانٍ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ، تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الإجارَةِ، وَالْكِرَاءِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَفِي لَفْظِ الْبَيعِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: تَنْعَقِدُ بلَفْظِ الإجارَةِ والكِراءِ، وما في مَعْناهما. كالتَّمْليكِ ونحوه. يعْنِي بقَوْلِه: وما في مَعْناهما. إذا أضافَه إلى العَينِ. وكذا إذا أضافَه إلى النَّفْعِ، في أصحِّ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وتَنْعَقِدُ بلَفْظِ الإجارَةِ، والكِراءِ، وما في مَعْناهما، على الصَّحيحِ. انتهى. وقيلَ: لا تَنْعَقِدُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإنْ أجَر عَينًا مَرْئِيَّةً أو مَوصُوفَةً [في الذمةِ] (¬1)، قال: أجَرْتُكَها. أو: أكْرَيتُكَها. أو: مَلَّكْتُكَ نَفْعَها سنَةٌ بكذا. وإنْ قال: أجَرْتُكَ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو: أكْرَيتُك نَفْعَها. فاحْتِمالان. انتهى. قوله: وفي لَفْظِ البَيعِ وَجْهان. بأنْ يقولَ: بِعْتُك نَفْعَها. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «المَذْهَبِ

وَلَا تَصِحُّ إلا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ، أحَدُهَا، مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ، إمَّا بِالْعُرْفِ، كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، وخِدْمَةِ الْعَبْدِ سَنَةً، وَإمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحْمَدِ»، و «التلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، و «الرِّعايَتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائِقِ»، و «الزرْكَشِيِّ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيِّةِ»، والطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقِي». قال في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»: وأمَّا لَفْظُ البَيعِ، فإنْ أضافَه إلى الدَّارِ، لم يصِحَّ، وإنْ أضافَه إلى المَنْفَعَةِ، فوَجْهان. انْتَهيا. أحدُهما، يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فقال في قاعِدَةٍ له، في تَقْريرِ القِياسِ، بعدَ إطْلاقِ الوَجْهَين: والتحْقيقُ أن المُتعاقِدَين إنْ عرَفا المَقْصُودَ، انْعقَدَتْ بأي لَفْظٍ كان مِنَ الألفاظِ التي عرَف به المُتَعاقِدان مَقْصُودَهما. وهذا عامٌّ في جَميعِ العُقودِ، فإنَّ الشَّارِعَ لم يحِدَّ حدًّا لألفاظِ العُقودِ، بل ذكَرَها مُطْلَقَةً. انتهى. وكذا قال ابنُ القَيِّمِ في «أعْلامِ المُوَقِّعِين». قال في «إدْراكِ الغايةِ»: لا تصِحُّ بلَفْظِ البَيعِ في وَجْهٍ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثاني، لا يصِحُّ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ بعدَ ذِكْرِ الوَجْهَين: بِناءً على أنَّ هذه المُعاوَضَةَ نَوْعٌ مِنَ البَيعِ، أو شَبِيهَةٌ به. فوائد؛ إحْداها، قولُه: أحَدُها، مَعْرِفَةُ المَنْفَعَةِ؛ إما بالعُرْفِ، كسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو اسْتَأجَرَها للسُكْنَى، لم يعْمَلْ فيها حِدادَةً، ولا قِصارَةً، ولا يُسْكِنُها دابَّةً. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَجْعَلُها مَخْزَنًا للطَّعامِ. قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقيل: له ذلك. وقيل للإمامِ أحمدَ: يَجِيئُه

بِالْوَصْفِ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَبِنَاءِ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ وَآلتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ زُوَّارٌ، عليه أنْ يُخْبِرَ صاحِبَ البَيتِ؟ قال: رُبَّما كَثُروا، وأرَى أنْ يُخْبِرَه. وقال أيضًا: إذا كان يَجِيئُه الفَرْدُ، ليس عليه أنْ يُخْبِرَه. وقال الأصحابُ: له إسْكانُ ضَيفٍ وزائر. واخْتارَ في «الرِّعايةِ»، يجِبُ ذِكْرُ السُّكْنَى، وصِفَتِها، وعدَدِ مَن يَسْكُنُها، وصِفَتِهم، إنِ اخْتَلَفَتِ الأجْرَةُ. الثَّانيةُ، قولُه: وخِدْمَةِ العَبْدِ سَنَةً. فتَصِحُّ بلا نِزاعٍ، لكِنْ تكونُ الخِدْمَةُ عُرْفًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال في «النوادِرِ»، و «الرِّعايَةِ»: يَخْدِمُ ليلًا ونَهارًا. انتهيا. وأمَّا إنِ اسْتَأجَرَه للعَمَلِ، فإنه يَسْتَحِقُّه ليلًا. الثَّالثةُ، قولُه: وإمَّا بالوَصْفِ، كحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُها كذا إلى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو اسْتَأجَرَه لحَمْلِ كتابٍ، فحمَلَه، فوَجَد المَحْمُولَ إليه غائِبًا، فله الأجْرَةُ لذَهابِه ورَدِّه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقال في «الرعايةِ»، وهو ظاهِرُ «التَّرْغيبِ»: إنْ وجَدَه مَيِّتًا، فله المُسَمَّى فقط، ويَرُدُّه. وقال في «التَّلْخيصِ»: وإنْ وجَدَه مَيِّتًا، اسْتَحَقَّ الأُجْرَةَ، وما يصْنَعُ بالكتابِ؟ قال الشَّيخُ أبو حَكِيمٍ، شَيخُ السَّامَريِّ: الصَّحيحُ، أنَّه يَلْزَمُه (¬1) رَدُّ الكِتابِ إلى المُسْتَأجِرِ؛ لأنه أمانَة، فوَجَب رَدُّه. انتهى. نقَل حَرْبٌ، إنِ اسْتَأجَرَ دابَّةً، أو ¬

(¬1) في النسخ: «لا يلزمه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَكِيلًا؛ ليَحْمِلَ له شيئًا مِنَ الكُوفَةِ، فلمَّا وصَلَها، لم يَبْعَثْ وَكِيلَه بما أرادَ، فله الأُجْرَةُ مِن هنا إلى ثَمَّ. قال أبو بَكْرٍ: هذا جَوابٌ على أحَدِ القَوْلَين. والقَوْلُ الآخَرُ، له الأجْرَةُ في ذَهابِه ومَجِيئه، فإنْ جاءَ، والوَقْتُ لم يَبْلُغْه، فالأُجْرَةُ له، ويَسْتَخْدِمُه بَقِيَّةَ المُدَّةِ. الرَّابِعَةُ، قولُه: وبِناء حائطٍ، يَذكُرُ طُولَه، وعَرْضَه، وسُمْكَه، وآلتَه. فيَصِحُّ بلا نِزاع. لكِنْ لو اسْتَأجَرَه لحَفْرِ بِئْرٍ، طُولُه عَشَرَة، وعَرْضُه عَشَرَة، وعُمْقُه عشَرَةٌ، فحفَر طُولَ خَمْسَةٍ، في عَرْضِ خَمْسَةٍ، في عُمْقِ خَمْسَةٍ؛ فاضْرِبْ عَشَرَةً في عَشَرَةٍ، فما بلَغ فاضْرِبْه في عَشَرَةٍ، تَبْلُغُ ألْفًا، واضْرِبْ خَمْسَةً في خَمْسَةٍ، فما بلَغ فاضْرِبْه في خَمْسَةٍ، تَبْلُغُ مِائَةً وخَمْسًا وعِشْرِين , وذلك ثُمْنُ الألفِ، فله ثُمْنُ الأجْرَةِ، إنْ وجَب له شيءٌ. قاله في «الرعايةِ». وهو واضِحٌ، وهو مِنَ التمْرِينِ.

وَإجَارَةِ أرْضٍ مُعَينَّةٍ لِزَرْعِ كَذَا، أوْ غَرْسٍ، أوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإجارَةِ أرْضٍ مُعَينةٍ لزَرْعِ كذا، أو غَرْسٍ، أو بِناءٍ مَعْلُوم. اشترَطَ المُصَنِّفُ هنا لصِحَّةِ إجارَةِ الأرْضِ للزَّرْعِ أو الغرْسِ أو البِناءِ، مَعْرِفَةَ ما يزْرَعُه، أو يَغْرِسُه، أو يبنِيه. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. فمَفْهومُ كلامِهم، أنَّه لو اسْتَأجَرَ؛ لزَرْعِ ما شاءَ، أو غَرسِ ما شاءَ، أو لزَرْعِ وغَرْسِ ما شاءَ، أنَّه لا يصِحُّ. وهو أحَدُ الوَجْهَين، وظاهِرُ ما جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفائقِ»، وجزَم به في «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثاني، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «التلْخيصِ». قال في «الفُروعِ» عن ذلك: صحَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأصَحِّ، كزَرْعِ ما شِئْتَ، أي كقَوْلِه: أجَرْتُك لتَزْرَعَ ما شِئت. بلا نِزاعٍ. ومَفْهومُ كلامِهم أيضًا، أنه لو قال: للزرْعِ أو للغَرْسِ. وسكَت، أنه لا يصِحُّ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. والوَجْهُ الآخرُ، يصِحُّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنِ اكْترَى لزَرْعٍ، وأطْلَقَ، زرَع ما شاءَ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». ومَفْهومُ كلامِهم، أنَّه لو أجَرَه الأرْضَ، وأطْلَقَ، وهي تصْلُحُ للزرْعِ وغيرِه، أنَّه لا يصِحُّ. وهو أحدُ الوَجْهَين أيضًا. قال في «التَّلْخيصِ»: ولو أجَرَه الأرضَ سَنَةً، ولم يذْكُر المَنْفَعَةَ مِن زَرْعٍ أو غيرِه، مع تَهَيُّئها للجَميع، لم يصِحَّ؛ للجَهالةِ. والوَجْهُ الآخَرُ، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ» عن ذلك: صحَّ في الأصحِّ. قال في «الرِّعايةِ»: صحَّ في الأقْيَسِ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَعُمُّ إنْ أطْلَقَ، أو إنْ قال: انْتَفِعْ بها بما شِئت. فله زَرْعٌ، وغَرْسٌ، وبِناءٌ. ويأتِي بعضُ ذلك وغيرُه، عندَ قوْلِه: وله أنْ يَسْتَوْفِيَ المَنْفَعَةَ وما دُونَها.

وَإذَا اسْتَأجَرَ لِلرُّكُوبِ، ذَكَرَ الْمَرْكُوبَ، فَرَسًا أوْ بَعِيرًا أوْ نَحْوَه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنِ اسْتَأجَرَ للرُّكُوبِ، ذكَر المَرْكُوبَ؛ فَرَسًا، أو بَعِيرًا، أو نحوَه. بلا نِزاعٍ. ويذْكُرُ أيضًا ما يُرْكَبُ به؛ مِن سَرْجٍ وغيرِه. ويَذْكُرُ أيضًا كَيفِيَّةَ سَيرِه؛ مِن هِمْلاجٍ وغيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: ويجِبُ ذِكْرُ سَيرِها في الأصحِّ. وقام في «التَّرْغيبِ»، أنَّه لا يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ كَيفِيَّةِ سَيرِه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُشْترَطُ ذِكْرُ أُنوثِيَّةِ الدَّابَّةِ، ولا ذُكُورَتها. وهو أحَدُ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُشْترَطُ. اخْتارَه القاضي في «الخِصالِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، واقْتَصرَ عليه في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُشْترَطُ ذِكْرُ نَوعِه. وهو الصَّحيحُ، قدَّمه في «الفُروعِ». وفي «المُوجَزِ»، يُشْترَطُ ذِكْرُ ذلك. وقدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: قلتُ: بل يجِبُ ذِكْرُ جِنْسِه، ونَوْعِه في المَرْكُوبِ، والحَمْلِ. وجزَم به القاضي في «الخِصالِ»، وتَبِعَه في «المُسْتَوْعِبِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». وقال المُصَنِّفُ: متى كانَ الكِراءُ إلى مَكةَ، فالصحيحُ، أنه لا يحْتاجُ إلى ذِكْرِ الجِنْسِ ولا النَّوْعِ؛ لأنَّ العادَةَ أنَّ الذي يُحْمَلُ عليه في طَريقِ مَكَّةَ الجِمالُ العِرابُ دُونَ البَخاتِيِّ. فائدة: لا بدَّ مِن مَعْرِفَةِ الرَّاكِبِ؛ إمَّا برُؤيَةٍ أو صِفَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالمَبِيعِ. ذكَرَه الخِرَقِي وغيرُه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ: لا يُجْزِيء فيه إلَّا الرؤيَةُ، فلا تَكْفِي الصِّفَةُ مِن غيرِ رُؤيَةٍ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى».

فَإنْ كَانَ لِلْحَمْلِ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُشْترَطُ مَعْرِفَةُ تَوابعِ الرَّاكِبِ العُرْفِيَّةِ؛ كالزَّادِ، والأَثاثِ، مِنَ الأغْطَيَةِ، والأوْطِئَةِ؛ إمَّا برُؤيَةٍ، أو صِفَةٍ، أو وَزْنٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: لا بُدَّ مِنَ الرُّؤيَةِ، فلا تَكْفِي الصفَةُ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». وقيل: لا يُشْترَطُ ذِكْرُ ذلك مُطْلَقًا. ذكَره في «الرِّعايةِ» وغيرِها. وقال القاضي: لا يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ غِطاءِ المَحْمِلِ، بل يجوزُ إطْلاقُه؛ لأنَّه لا يخْتَلِفُ اخْتِلافًا كثيرا مُتَبايِنًا. وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: ويُشْترَطُ مَعْرِفَةُ المَحْمِلِ برُؤيَةٍ، أو وَصْفٍ. وقيل: أو بوَزْنِه. قوله: وإنْ كانَ للحَمْلِ، لم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِه. اعلمْ أنَّه إذا اسْتَأجَرَ للحَمْلِ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ المَحْمولُ تضُرُّه كَثْرَةُ الحرَكَةِ، أوْ لا؛ فإنْ كان لا تضُرُّه كَثْرَةُ الحرَكَةِ، لم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِ ما تقدَّم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «التلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يحْتاجُ إلى ذِكْرِه. وإنْ كان يضُرُّه كَثْرَةُ الحَرَكَةِ؛ كالزُّجاجِ، والخَزَفِ، والتُّفَّاحِ، ونحوه، اشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ حامِلِه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. قطَع به ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يحْتاجُ إلى ذِكْرِه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ هنا. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه ما يُدِيرُ دُولابًا ورَحًى. واعْتَبرَه في «التَّبصِرَةِ».

فَصْلٌ: وَالثَّانِي، مَعْرِفَةُ الأجْرَةِ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ المَتاعِ المَحْمولِ برُؤيَةٍ أو صِفَةٍ، وذِكْرُ جِنْسِه وقَدْرِه بالكَيلِ، أو بالوَزْنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». واكْتَفَى ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّرغيبِ»، وغيرُهما بذِكْرِ وَزْنِ المَحْمولِ، وإنْ لم يُعْرَفْ عَينُه. وتقدَّم كلامُه في «الرعايةِ»، في المَحْمِلَ. فائدة: يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ أرْضِ الحَرْثِ. جزَم به في «الفُروعِ»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. قوله: الثَّانِي، مَعْرِفَةُ الأجْرَةِ بما تَحْصُلُ به مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ. هذا المذهبُ في الجُمْلَةِ، إلَّا ما اسْتَثْنَى مِنَ الأجِيرِ، والظِّئْرِ، ونحوهما، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم: يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ الأُجْرَةِ، فإنْ كانتْ في الذِّمَّةِ، فكثَمَنٍ، والمُعَيَّنَةُ، كمَبِيعٍ. وعنه، تصِحُّ إجارَةُ الدَّابةِ بعَلَفِها. وتأتِي هذه الرِّوايَةُ، ومَنِ اخْتارَها، بعدَ أحْكامِ الظِّئرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو جعَل الأُجْرَةَ صُبْرَةَ دَراهِمَ أو غيرَها، صَحتِ الإجارَةُ. على الصحيحِ. صحَّحه في «النّظْمِ» وغيرِه، كما يصِحُّ البَيعُ بها، على الصّحيحِ، كما تقدّم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا تصِحُّ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». الفائدةُ الثَّانيةُ، قال في [«التَّلْخيصِ»] (¬1) «الرِّعايةِ»: وإنِ اسْتَأجَرَ في الذمةِ ظَهْرًا يَرْكَبُه، أو يَحْمِلُ عليه إلى مَكَّةَ بلَفْظِ السَّلَمِ، اشْتُرِطَ قَبْضُ الأجْرَةِ في المَجْلِسِ، وتأجِيلُ السّفَرِ مُدَّةً مُعَينَّةَ. [زادَ في «الرِّعايَةِ»] (2)، وإنْ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

إلا أنَّهُ يَصِحُّ أن يَسْتَأجِرَ الأجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ. وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بلَفْظِ الإجارَةِ، جازَ التَّفَرُّقُ قبلَ القَبْضِ. وهل يجوزُ تأخِيرُه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. تنبيه: تقدَّم في أوَّلِ بابِ المُساقاةِ، هل تجوزُ إجارَةُ الأرْضِ بجِنْسِ ما يَخْرُجُ منها، أو بغيرِه؛ فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم أيضًا، في أثْناءِ المُضارَبَةِ، لو أخَذ ماشِيَةً ليَقُومَ عليها بجُزْءٍ مِن دَرِّها، ونَسْلِها، وصُوفِها، وبعضُ مَسائِلَ تتَعَلَّقُ بذلك. قوله: إلَّا أنَّه يَصِحُّ أنْ يَسْتَأجِرَ الأجِيرَ بطَعامِه وكُسْوَتِه، وكذلك الظِئرُ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القواعِدِ»: مِنَ الأصحابِ مَن لم يَحْكِ فيه خِلافًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، واخْتِيارُ القاضي في «التَّعْليقِ»، وجماعَةٍ. قال الطوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقِيِّ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «القواعِدِ»: هذا أصحُّ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «النظْمِ»، و «الفائقِ». وعنه، لا يصح فيهما حتى يَصِفَ الطعامَ والكُسْوَةَ. وعنه، لا يصح في الأجِيرِ، ويصح في الظِّئرِ. اخْتارَه القاضي في بعضِ كُتُبِه. قال الزرْكَشِيُّ: أظُنُّه في «المُجَرَّد». وقدَّم في «التَّلْخيصِ»، الصِّحةَ في الظِّئرِ، وأطْلَقَ في الأجِيرِ الرِّوايتَين. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: فإنْ قَدَّرَ للظِّئرِ حالةَ الإجارَةِ، وإلَّا فلها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَسَطُ. فعلى المذهبِ، لو تَنازَعا في قَدْرِ الطَّعامِ والكُسْوَةِ، رجَع فيهما إلى العُرْفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فيَكونُ لها طَعامُ مِثْلِها أو مِثْلِه، وكُسْوَةُ مِثْلِها أو مِثْلِه، كالزَّوْجَةِ مع زَوْجِها. نصَّ عليه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ». وجزَم بمِثْلِه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّر»، في المُضارِبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، كالمِسْكينِ في الكفَّارَةِ في الطَّعامِ والكُسْوَةِ. وقدَّمه الطوفِيُّ في «شَرْحِه»، وزادَ، أو يرجِعُ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُسْوَةِ الزوْجاتِ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يرْجِعُ في الإطْعامِ إلى إطْعامِ المِسْكَينِ في الكفَّارَةِ، وفي المَلْبُوسِ إلى أقل مَلْبُوسِ مِثْلِها. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو تَحَكُّمٌ. قال في «الرعايةِ الصُّغْرى»: وله الوَسَطُ مع النِّزاعِ، كإطْعامِ الكفَّارَةِ. وهذا القَوْلُ نَظِيرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ وغيرُه، في نفَقَةِ المُضارِبِ مع التَّنازُعِ.

وَيُسْتَحَبُّ أن تُعْطىَ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أوْ وَلِيدَةً، إِذَا كَانَ الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ تُعْطَى عندَ الفِطامِ عَبْدًا أو وَلِيدَةً، إذا كانَ المُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولعَلَّ هذا في المُتَبَرِّعَةِ بالرَّضاعِ. انتهى. وقال أبو بَكْر: يجِبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قال في «الرِّعايةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما: لو كانتِ المُرْضِعَةُ أمَة، اسْتُحِبَّ إعْتاقُها. ومنها، لو اسْتُؤجِرَتْ للرضاعِ والحَضانَةِ معًا، فلا إشْكال في ذلك، وإنِ اسْتُؤجِرتْ للرضاعِ، وأطْلَقَ، فهل تَلْزَمُها الحَضانَةُ؛ فيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضي ومَن بعدَه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يَلْزَمُها الحَضانَةُ أيضًا. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» أيضًا، في الفَصْلِ الأرْبَعِين مِن هذا البابِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَلْزَمُها سِوَى الرضَاعِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِه». وقيل: الحَضانَةُ تَتْبَعُ الرَّضاعَ؛ للعُرْفِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل عَكْسُه. ذكَرَه في «الفُروعِ». يعْنِي، أن الرَّضاعَ يَتْبَعُ الحَضانَةَ؛ للعُرْفِ في ذلك. ولم أفْهَمْ مَعْناه على الحَقيقَةِ. فعلى الوَجْهِ الثاني، ليس على المُرْضِعَةِ إلا وَضْعُ حَلَمَةِ الثدْيِ في فَمِ الطِّفْلِ وحَمْلُه، ووَضْعُه في حِجْرِها، وباقِي الأعْمالِ في تَعَهُّدِه على الحاضِنَةِ، ودُخولُ اللَّبَنِ تَبَعًا، كنَقْعِ البِئْرِ، على ما يأتِي. قال ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي»، عن هذا القَوْلِ: الله يعْلَمُ، والعُقَلاءُ قاطِبَةً، أنَّ الأمْرَ ليس كذلك، وأنَّ وَضْعَ الطِّفلِ في حِجْرِها ليس مَقْصُودًا أصْلًا، ولا ورَد عليه عَقْدُ الإجارَةِ، لا عُرْفًا، ولا حَقِيقَةً، ولا شَرْعًا، ولو أرْضَعَتِ الطِّفْلَ وهو في حِجْرِ غيرِها، أو في مَهْدِه، لاسْتَحَقَّتِ الأُجْرَةَ، ولو كان المَقْصودُ إلْقامَ الثَّدْي المُجَرَّدِ، لاسْتُؤجِرَ له كلُّ امْرأةٍ لها ثَدْيٌّ، ولو لم يَكُنْ لها لَبَنٌ، فهذا هو القِياسُ الفاسِدُ حقًّا، والفِقْهُ البارِدُ. انتهى. وإنِ اسْتُؤجِرَتْ للحَضانَةِ، وأطْلَقَ، لم يَلْزَمْها الرَّضاعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «التَّلْخيصِ»: لم يَلْزَمْها، وَجْهًا واحدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَلْزَمُها. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في الفَصْلِ الأرْبَعِين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في مَوْضِعٍ. ومنها، المَعْقُودُ عليه في الرَّضاعِ، خِدْمَةُ الصبِي، وحَمْلُه، ووَضْعُ الثدْيِ في فمِه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وأمَّا اللبَنُ، فَيدْخُلُ تبَعًا. قال في «الرِّعايةِ»: العَقْدُ وقَع على المُرْضِعَةِ، واللَّبَنُ تَبَعٌ، يُسْتَحَقُّ إبْلاغُه (¬1) بالرَّضاعِ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». قال في «الفُصولِ»: الصَّحيحُ، أنَّ العَقْدَ وقَع على المَنْفَعَةِ، ويكونُ اللَّبَنُ تَبَعًا. قال القاضي في «الخِصالِ»: لَبَنُ المُرْضِعَةِ يَدْخُلُ في عَقْدِ الإجارَةِ، وإنْ كان يَهْلِكُ بالانْتِفاعِ؛ لأنه يدْخُلُ على طَريقِ التبَّعَ. قلتُ: وكذا قال المُصَنِّفُ وغيرُه في هذا الباب، حيثُ قالُوا: يُشْترَطُ أنْ تكونَ الإجارَةُ على نَفْع، فلا تصِح إجارَةُ حَيوانٍ ليَأخُذَ لَبَنَه إلا في الظِّئْرِ، ونَقْعُ البِئْرِ يدْخُلُ تَبعًا. وقاله في «الفُروعِ» وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وقيل: العَقْدُ وقَع على اللبَنِ. قال القاضي: وهو الأشْبَهُ. قال ابنُ رَزِين، في «شَرْحِه»: وهو الأصحُّ؛ لقَوْلِه تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (¬2). انتهى. قال في «الهَدْي»: والمَقْصودُ إنَّما هو اللَّبَنُ. وتقدَّم كلامُه لمَن قال: العَقْدُ وقَع على وَضْعِها الطِّفْلَ في حِجْرِها، وإلْقامِه ثَدْيَها، واللَّبَنُ يدْخُلُ تَبَعًا. قال الناظِمُ: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «إتلافه». (¬2) سورة الطلاق 6.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الأجْوَدِ المَقْصودُ بالعَقْدِ دَرُّها … والإرْضاعُ، لا حَضْنٌ ومَبْدأُ مَقْصِدِ وأطْلَقَ الوَجْهَين في «المُغْنِي»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ومنها، لو وقَعَتِ الإجارَةُ على الحَضانَةِ والرَّضاعِ، وانْقَطَعَ اللَّبَنُ، بطَل العَقْدُ في الرضاعِ، وفي بُطْلانِ الحَضانةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قلتُ: الأوْلَى البُطْلانُ؛ لأنَّها في الغالِبِ تَبَعٌ. وإذا لم تَلْزَمْها الحَضانَةُ، وانْقطَعَ لَبَنُها، ثبَت الفَسْخُ. وإنْ قُلْنا: تَلْزَمُها الحَضانَةُ. لم يَثْبُتِ الفَسْخُ. على الصَّحيحِ. قال في «الرِّعايةِ»: لم يَثْبُتِ الفَسْخُ في الأصَحِّ؛ فيَسْقُطُ مِنَ الأجْرَةِ بقِسْطِه. وقيل: يَثْبُتُ الفَسْخُ. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». ومنها، يجِبُ على المُرْضِعَةِ أنْ تأكلَ وتَشْرَبَ ما يُدَرُّ به لَبَنُها، ويَصْلُحُ به، وللمُكْتَرِي مُطالبَتُها بذلك. ولو سَقَتْه لبَنًا، أو أطْعَمَتْه، فلا أجْرَةَ لها، وإنْ أرْضَعَتْه خادِمَتُها، فكذلك. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ومنها، لا تُشْترَطُ رُؤيَةُ المُرْتَضِعِ، بل تَكْفِي صِفَتُه. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: تُشْترَطُ رُؤيَتُه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ». وجزَم به في «المُذْهَبِ». وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ومنها، يُشْترَطُ مَعْرِفَةُ مُدَّةِ الرَّضاعِ، ومَكانِه؛ هل هو عندَ المُرْضِعَةِ، أو عندَ أبَوَيه؟ قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرُهم. ويأتِي، هل تَبْطُلُ الإجارَةُ بمَوْتِ المُرْضِعَةِ؟ عندَ قوْلِه:

وإنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إِلَى قَصَّارٍ أوْ خَيَّاطٍ لِيَعْمَلَاهُ، وَلَهُمَا عَادَةٌ بِأُجْرَةٍ، صَحَّ، وَلَهُمَا ذَلِكَ، وَإنْ لَمْ يَعْقِدَا عَقْدَ إِجَارَةٍ. وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْحَمَّامِ، والرُّكُوبُ فِي سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَنْفَسِخُ الإجارَةُ بتَلَفِ العَينِ المَعْقُودِ عليها. ومنها، رخَّصَ الإمامُ أحمدُ، رَضِيَ الله عنه، في مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لنَصارَى بأُجْرَةٍ، لا لمَجُوسِيّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وسَوَّى أبو بَكْر وغيرُه بينَهما؛ لاسْتِواءِ البَيعِ والإجارَةِ. فائدة: لا يصِحُّ أنْ تُسْتَأجَرَ الدَّابَّةُ بعَلَفِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وجزَم به القاضي في «التَّعْليقِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، وقال: نصَّ عليه، في رِوايَةِ الكَحَّال. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والسَّبْعِين»: في اسْتِئْجارِ غيرِ الظِّئْرِ مِنَ الأُجَراءِ بالطعامِ والكُسْوَةِ رِوايَتان؛ أصَحُّهما الجَوازُ، كالظِّئْرِ. انتهى. قوله: وإنْ دفَع ثوْبَه إلى قَصَّارٍ أو خَيَّاطٍ ليَعْمَلاه، ولهما عَادَةٌ بأُجْرَةٍ، صَحَّ، ولهما ذلك، وإنْ لم يَعْقِدا عَقْدَ إجارَةٍ، وكذلك دُخُولُ الحَمَّامِ، والرُّكُوبُ في سَفِينَةِ المَلَّاحِ. قال في «الفُروعِ»: وكذا لو استَعْمَلَ حَمَّالًا، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاهِدًا ونحوَه. قال في «القواعِدِ»: وكالمُكارِي، والحَجَّامِ، والدَّلَّالِ، ونحوهم. اشْترَطَ المُصَنِّفُ لذلك أنْ يكونَ له عادَةٌ بأخْذِ الأُجْرَةِ. وهو أحدُ الأقْوالِ، كتعْريضِه بها. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقطَع به في «المُحَرَّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الوَجيزِ»: وإنْ دخَل حمامًا، أو سَفِينَة، أو أعْطَى ثَوْبَه قَصَّارًا أو خَيَّاطا بلا عَقْدٍ، صحَّ بأُجْرَةِ العادَةِ. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له الأجْرَةَ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وصرَّح به النَّاظِمُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: لا أجْرَةَ له مُطْلَقًا. وحيثُ قُلْنا: له الأجْرَةُ. فتَكُونُ أُجْرَةَ المِثْلِ؛ لأنه لم يَعْقِدْ معه عَقْدَ إجارَةٍ. فائدة: قال في «التلْخيصِ»: ليس على الحَمَّامِيِّ ضَمانُ الثيابِ، إلَّا أنْ يَسْتَحْفِظَه إياها صَرِيحًا بالقَوْلِ. وقال أيضًا: وما يُعْطاه الحَمَّامِي، فهو أُجْرَةُ المَكانِ، والسَّطْلِ، والمِئْزَرِ، لا ثَمَنُ الماءِ، فإنَّه يَدْخُلُ تَبَعًا. انتهى. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ القَطْعِ في السَّرِقَةِ: وإنْ فَرَّطَ في حِفْظِ ثِيابٍ في حمَّام، وأعْدالٍ (¬1)، وغَزْلٍ في سُوقٍ أو خانٍ، وما كان مُشْتَرَكًا في الدُّخُولِ إليه بحافِظٍ، فنامَ أو اشْتَغلَ، ضَمِن. وقال في «التَّرْغيبِ»: يَضْمَنُ إنِ استَحْفَظَه ربُّه صَرِيحًا. كما قال في «التَّلْخيص». ¬

(¬1) العِدْلُ: وعاء من الخيش ونحوه، يوضع فيه القمح ونحوه.

وَتَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ، وَخِدْمَةِ عَبْدٍ، وَتَزْويجِ امْرَأةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتَجُوزُ إِجَارَةُ الْحَلْي بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجُوزُ إجارَةُ الحَلْي بأُجْرَةٍ مِن جِنْسِه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ عَبْدِ الله. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْح»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقال جماعَة مِنَ الأصحابِ: تجوزُ، وتُكْرَهُ. منهم القاضي. وقيل: لا تصِح. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأما إذا كانتِ الأُجْرَةُ مِن غيرِ جِنْسِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَتصِحُّ، قوْلًا واحدًا.

وَإنْ قَال: إنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ خِطْتَ هذا الثَّوْبَ اليَوْمَ، فلك دِرْهَم، وإنْ خِطته غَدًا، فلك نِصْفُ دِرْهَم. فهل يَصِح؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»،

وَإنْ قَال: إنْ خِطتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَم، وَإنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَم. فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»: والصَّحيحُ المَنْعُ. قال في «النَّظْمِ»: والأوْلَى، أنه لا يصِحُّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والرِّوايَةُ الثَّانية: يصِحُّ. وقدَّمه في «الرعايتَين». تنبيه: قدَّم في «الرعايةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، أنَّ الخِلافَ وَجْهان. قوله: وإنْ قال: إنْ خِطته رُومِيًّا، فلك دِرْهَم، وإنْ خِطتَه فارِسِيًّا، فلك نِصْفُ دِرْهَم. فعلى وَجهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الهِدايةِ» و «المُذْهَبِ»: فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان؛ بِناءً على المَسْألةِ التي قبلَها؛ وهي: إنْ خِطتَه اليَومَ فبكذا، وإنْ خِطتَه غدًا فبكذا؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»: والصَّحيحُ المَنْعُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». فائدة: قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: والوَجْهان في

وَإنْ أكْرَاهُ دَابَّةً، وَقَال: إنْ رَدَدْتَهَا الْيَوْمَ فَكِرَاؤهَا خَمْسَةٌ، وَإنْ رَدَدْتَهَا غَدًا فَكِرَاؤهَا عَشَرَةٌ. فَقَال أحْمَدُ: لَا بَأسَ بِهِ. وَقَال الْقَاضِي: تَصِحُّ فِي الْيَوْمِ الأوَّلِ دُونَ الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلِه: إنْ فتَحْتَ خيَّاطًا، فبكذا، وإنْ فتَحْتَ حدَّادًا، فبكذا. قال في «الفائقِ»: ولو قال: ما حمَلْتَ مِن هذه الصُّبْرَةِ، فكُل قَفِيزٍ بدِرْهَمٍ. لم يصِحَّ. قاله القاضي. ويَحْتَمِلُ عَكْسُه. ذكَرَه الشَّيخُ، يعَنْي به المُصَنفَ، ثم قال: قلتُ: وتُخَرَّجُ الصِّحَّةُ مِن بَيعِه منها. وفيه وَجْهان، ويَشْهَدُ له ما سبَق مِنَ النَّصِّ. انتهى. وإنْ قال: إنْ زرَعْتَها قَمْحًا، فبخَمْسَةٍ، وإنْ زرَعْتَها ذُرَةً فبعَشَرَةٍ. لم يصِحَّ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وصحَّحه في «الصغْرى»، و «النظْمِ». وعنه، يصِحُّ. وأطْلَقهما في «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ أكْراه دَابَّةً، وقال: إنْ ردَدْتَها اليَوْمَ، فكِراؤها خَمْسَة، وإنْ ردَدْتَها غَدًا، فكِراؤها عَشَرَة. فقال أحْمدُ -في رِوايَةِ عَبْدِ الله: لا بأسَ به. قال في

وإنْ أكْرَاهُ دَابةً عَشَرَةَ أيام بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْم دِرْهَم، فَقَال أحْمَدُ: هُوَ جَائِزٌ. وَقَال الْقَاضِي: تَصِحُّ فِي الْعَشَرَة وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: صحَّ في أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وقال القاضي: يصِحُّ في اليَومِ الأوَّلِ. وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: والظِّاهِرُ عن أحمدَ، فيما ذكَرْنا، فَسادُ العَقْدِ، على بَيعتَين في بَيعَةٍ، وقِياسُ حَديثِ علي والأنْصارِيِّ صِحتُه. انتَهَيا. وصحح الناظِمُ فَسادَ العَقدِ. قوله: وإنْ أكراه دابَّةً عَشَرَةَ أيامٍ بعَشَرَةِ درَاهِمَ، وما زادَ، فله بكل يَوم دِرْهَم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال أحمدُ- في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ: هو جائِزٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَرَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»،

وَنَصَّ أحْمَدُ عَلَى أنَّهُ لَا يَجُوزُ أن يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقال القاضي: يَصِحُّ في العَشَرَةِ وَحْدَها. وتأولَ نُصوصَ أحمدَ على أنَّ قوْلَه: لا بَأسَ. جائزٌ في الأوَّلِ، ويبطُلُ في الثَّاني. قال المُصَنِّفُ: والظَّاهِرُ عن أحمدَ خِلافُ ذلك. قال في «الهِدايَةِ»: الظَّاهِرُ أنَّ قَوْلَ القاضي رجَع إلى ما فيه الإشْكالُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وعندِي أنَّ حُكْمَ هذه المَسْألةِ حُكْمُ ما إذا أجَرَه عَينًا، كُلُّ شَهْرٍ بكذا. انتهى. وهي الآتية قريبًا. قوله: ونَصَّ أحمدُ على أنه لا يجوزُ أنْ يَكْتَرِيَ لمُدَّةِ غَزاتِه، وإنْ سَمَّى لكلِّ يَوْم شيئًا مَعْلُومًا، فجائِزٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم، منهم صاحِبُ «الفُروعِ». وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما: ويتَخَرَّجُ المَنْعُ.

وَإنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْم شَيئًا مَعْلُومًا، فَجَائِزٌ. وَإنْ أكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بدرْهَم، أوْ كُلَّ دَلْو بتَمْرَةٍ، فَالْمَنْصُوصُ أنهُ يَصِحُّ، وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإجَارَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أكْراه كل شَهْرٍ بدِرْهَم، أو كل دَلْوٍ بتَمْرَةٍ، فالمَنْصُوصُ -في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ- أنه يَصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّركَشِيُّ: هو المَنْصوصُ، واخْتِيارُ القاضي، وعامَّةِ أصحابِه، والشيخَين.

مِنْهُمَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْر. وَقَال أبو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال النَّاظِمُ: يجوزُ في الأولَى. وجزَم به الخِرَقِي، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفائقِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ». وقال أبو بَكْر، وابن حامِدٍ: لا يصِحُّ. واخْتارَه ابنُ عَقِيل. قال في «الكافِي»: وقال أبو بَكْر، وجماعَة مِن أصحابِنا بالبُطْلانِ، وهو رِوايَة عن أحمدَ. قال الشَّارِحُ: والقِياسُ يَقْتَضِي عدمَ الصِّحةِ؛ لأنَّ العَقْدَ تَناوَلَ جميعَ الأشْهُرِ، وذلك مَجْهُول. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ في العَقْدِ الأولِ، لا غيرُ. قوله: وكلَّما دخَل شَهْر، لَزِمَهما حُكْمُ الإجارَةِ. هذا تَفْرِيعٌ على الذي قدَّمه. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم: يَلْزَمُ الأولُ بالعَقْدِ، وسائِرُها بالتَّلبُّسِ به. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ولكل واحِدٍ منهما الفَسْخُ عندَ تَقَضِّي كلِّ شَهْر. أنَّ الفَسْخَ يكونُ قبلَ دُخولِ الشهْرِ الثَّاني. وهو اخْتِيارُ أبِي الخَطَّابِ، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، والشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِي، وابنِ عَقِيلٍ في «التذْكِرَةِ»، وصاحبِ «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وصرح به ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّاغُونِيِّ، فقال: يَلْزَمُ بَقِيَّةَ الشُّهورِ إذا شرَع في أوَّلِ الجُزْءِ مِن ذلك الشَّهْرِ. انتهى. فعلى هذا، لو أرادَ الفَسْخَ، يقولُ: فسَخْتُ الإجارَةَ في الشَّهْرِ المُسْتَقْبَلِ. ونحوَ ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الفَسْخَ لا يكونُ إلَّا بعدَ فَراغِ الشَّهْرِ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ أيضًا: له الفَسْخُ بعدَ دُخولِ الشَّهْرِ الثانِي، وقبلَه أيضًا. وقال أيضًا: تَرْكُ التلبّس به فَسْخٌ. وجزَم به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ لم يفْسَخْ حتى دخَل الثَّانِي، فهل له الفَسْخُ؛ فيه رِوايَتان. انتهى. فعلى المذهبِ، يكونُ الفَسْخُ في أوَّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّ شَهْرٍ في الحالِ، على الصَّحيحِ. قال في «الفُروعِ»: يفْسَخُ بعدَ دُخولِ الثَّاني. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقال القاضي، والمَجْدُ في «مُحَرَّرِه»: له الفَسْخُ إلى تَمامِ يَوْمٍ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: إلَّا أنْ يفْسَخَها أحدُهما في أولِ يَوْم منه. وقيل: أو يَوْمَين. وقيل: أولِ ليلَةٍ منه. وقيل: عندَ فَراغِ ما قبلَه. وقلتُ: أو يقولُ: إذا مَضَى هذا الشّهْرُ، فقد فَسَخْتُها. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو أجَرَه شَهْرًا، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: قطَع به القاضي، وكَثِيرُون. وعنه، يصِحُّ. اخْتارَه المُصَنفُ. وابْتِداؤه مِن حينِ العَقْدِ. وخرَّجه في «المُسْتَوْعِبِ» مِن كل شَهْر بكذا. وفرَّق القاضي وأصحابُه بينَهما. الثَّانيةُ، لو قال: أجَرْتُكها هذا الشَّهْرَ بكذا، وما زادَ فبحِسَابِه. صحَّ في الشَّهْرِ الأوَّلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ في كل شَهْر تَلَبَّسَ به. قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»: وإنِ اكْتَراها شَهْرًا مُعَيَّنًا بدِرْهَم، وكُلُّ شَهْر بعدَه بدِرْهَم أو بدِرْهَمَين، صحَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأوَّلِ، وفيما بعدَه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِين». قلتُ: الأوْلَى الصِّحَّةُ. وهي شَبِيهَة بمَسْألةِ المُصَنِّفِ، والخِرَقِيِّ المُتقَدمَةِ، ثم وَجَدْته قدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصُّغِيرِ»، وقالا: نصَّ عليه. وقال في «الحاوي» عنِ القَوْلِ بعدَمِ الصِّحَّةِ: اخْتارَه القاضي.

فَصْلٌ: الثالِثُ، أنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً مَقْصُودَةً، فَلَا تَجُوزُ الإجَارَةُ عَلَى الزِّنَى، وَالزَّمْرِ، وَالْغِنَاءِ، وَلَا إجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أوْ بَيتَ نَار، أو لبَيعِ الْخَمْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَصِحُّ الاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْمَيتَةِ وَالْخَمْرِ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ، وَيُكْرَهُ أكْلُ أجْرَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ الاسْتِئْجارُ على حَمْلِ المَيتَةِ والخَمْرِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَحْرُمُ على الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، وقال: هذا المذهبُ. وعنه، يَصِحُّ، لكِنْ يُكْرَهُ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَلْخيصِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الضغِيرِ»، وغيرِهم. فعلى المذهب، لا أجْرَةَ له. قال في «التَّلْخيصَ». قوله: ويُكْرَهُ أكْلُ أجْرَتِه. يعْنِي، على الروايةِ الثَّانيَةِ التي تقولُ: تصِحُّ الإجارَةُ على ذلك. وهذا الصحيحُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الفائقِ» وغيرِه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: فيه رِوايَتان. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهل يَطِبُ له أكْلُ أجْرَتِه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يَطِيبُ، ويتَصَدُّقُ به. وقال في «التَّلْخيصِ»: وهل يأكلُ الأجْرَةَ، أو يتَصَدَّقُ بها؟ فيه وَجْهان. تنبيه: مُرادُه بحَمْلِ المَيتَةِ والخَمْرِ هنا، الحَمْلُ لأجْلِ أكْلِها لغيرِ مُضْطَر، أو شُرْبِها. فأمَّا الاسْتِئْجارُ لأجْلِ إلْقائِها، أو إراقَتِها، فيجوزُ. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم؛ منهم المُصَنِّفُ، والشّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. وإنْ كان كلامُه في «الفُروعِ» مُوهِمًا. وقال الناظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَوِّزْ على المَشْهورِ حَمْلَ إراقَةٍ … ونَبْذ لمَيتاتٍ، وكَسْحَ الأذَى الرَّدى وعنه، يُكْرَهُ. وهي مُرادُ غيرِ المَشْهورِ في «النظْمِ». فوائد؛ إحْداها، لا يُكْرَهُ أكْلُ أجْرَتِه. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُكْرَهُ. الثَّانيةُ، لو اسْتَأجَرَه على سَلْخِ البَهِيمَةِ بجِلْدِها، لم يصِحَّ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». وقدَّمه في «النظْمِ». وقيل: يصِحُّ. وصحَّحه في «التَّلْخيصِ»، وهو الصوابُ. قال النَّاظِمُ: ولو جَوَّزُوه مِثْلَ تَجْويزِ بَيعِه … بعيرًا وثُنْيا جِلْدَه لم أبَعِّدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ». وتقدَّم التنبِيهُ على ذلك، وعلى نَظائرِه في أواخِرِ المُضارَبَةِ. فعلى الأول، له أُجْرَةُ المِثْلِ. الثَّالثةُ، تجوزُ إجارَةُ المُسْلِم للذمِّيِّ، إذا كانتِ الإجارَةُ في الذِّمَّةِ، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه في رِوايَةِ الأثرمِ. قال ابنُ الجَوْزِي في «المُذْهَبِ»: يجوزُ على المَنْصوصِ. وحزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي جَوازِ إجارَته له لعَمَل غيرِ الخِدْمَةِ مُدَّة مَعْلومَة، رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ هنا. قال في «المُغْنِي» (¬1)، في المُصَرَّاةِ: هذا أوْلَى. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعَ». وقدَّمه في «الشَّرْحَ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والثانيةُ، لا يجوزُ، ولا يصِحُّ. وأمَّا إجارَتُه لخِدْمَتِه، فلا تصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ الأثرَمِ. قال في ¬

(¬1) انظر: المغني 8/ 89.

فَصْلٌ: وَالْإجَارَةُ عَلَى ضَرْبَينِ؛ أحَدُهُمَا، إجَارَةُ عَين، فَتَجُوزُ إجَارَةُ كُلِّ عَين يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ مِنْهَا مَعَ بَقَائِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ولا تجوزُ إجارَتُه لخِدْمَتِه، على الأصحِّ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وعنه، يجوزُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». فائدة؛ حُكْمُ إعارَتِه حُكْمُ إجارَيه للخِدْمَةِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه، ويأتِي ذلك في العارِيَّةِ. قوله: والإجارَةُ على ضَرْبَين؛ أحَدُهما، إجارَةُ عَينٍ، فتجوزُ إجارَةُ كل عَينٍ

فَيَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ حَائِطٍ لِيَضَعَ عَلَيهِ أطْرَافَ خَشَبِهِ، وَحَيَوَانٍ لِيَصِيدَ بِهِ، إلَّا الكَلْبَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُمْكِنُ اسْتِيفاءُ المنْفَعَةِ المُباحَةِ منها مع بَقائِها، وحَيَوانٍ ليَصِيدَ به، إلَّا الكَلْبَ. لا يجوزُ إجارَةُ الكَلْبِ مُطْلَقًا. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يجوزُ إجارَةُ كَلْبٍ يجوزُ اقْتِناؤه. ويَجِيء، على ما اخْتارَه الحارِثِي في جَوازِ بَيعِه، صِحَّةُ إجارَته أيضًا. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والثَّمانِين»: حكَى الحَلْوانِي فيه وَجْهَين، وخرَّج أبو الخَطَّابِ وَجْهًا بالجَوازِ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ قوْلِه: وحَيوانٍ ليَصِيدَ. أنَّه إذا لم يَصْلُحْ للصيدِ، لا تجوزُ إجارَتُه. وهو صحيح. قاله المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. الثاني، صِحَّةُ إجارَةِ حَيوانٍ، يَصِيدُ به، مَبْنِيَّة على صِحَّةِ بَيعِه، على ما تقدَّم في كتابِ البَيعِ. لكِنْ جزَم في «التبصِرَةِ»، يَصِحُّ إجارَةُ هِرٍّ، وفَهْدٍ، وصَقْر مُعَلَّم للصَّيدِ، وحكَى في بَيعِها الخِلافَ. قاله في «الفُروعِ». قلتُ: وكذا فعَل المُصَنفُ في هذا الكِتابِ، وكثير مِنَ الأصحابِ، فما في اخْتِصاصِ صاحِبِ «التبصِرَةِ» بهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمِ مَزِيَّةٌ، وإنَّما ذكَر الأصحابُ ذلك؛ بِناءً على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فائدة: تَحْرُمُ إجارَةُ فَحْلٍ للنزْو. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تصِحُّ. وقيل: تصِحُّ. وهو تَخْرِيج لأبِي الخَطابِ؛ بِناءً على إجارَةِ الظِّئْرِ للرضاعِ، واحْتِمال لابنِ عَقِيل، ذكَرَه الزرْكَشِي. وكَرِهَه أحمدُ. زادَ حَرْبْ، جِدًّا. قيل: فالذي يُعْطِي ولا يَجِدُ منه بُدًّا؟ فكَرِهَه. ونقَل ابنُ القاسِمِ، قيلَ له: يكونُ مِثْلَ الحَجَّامِ، يُعْطَى، وإنْ كان مَنْهِيًّا عنه؛ فقال: لم يَبْلُغْنا أنه عليه الصَّلاةُ والسلامُ أعْطَى في مِثْلِ هذا كما بلَغَنا في الحَجَّامِ. وحمَلَه القاضي على ظاهرِه، وقال: هذا مُقْتَضَى النَّظَرِ، تُرِكَ في الحَجامِ. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ أحمدَ على الوَرَعَ، لا التَّحْريمَ. وقال: إنِ احْتاج ولم يَجِدْ مَن يُطْرِقُ له، جاز أنْ يَبْذلَ الكراءَ، وليس للمُطرِقِ أخْذُه. قال الزَّرْكَشِي: وفيه نَظَرٌ. قال المُصَنِّفُ: فإنْ أطْرَقَ بغيرِ إجارَةٍ ولا شَرْطٍ، فأُهْدِيَتْ له هَدِيةٌ، أو

وَاسْتِئْجَارُ كِتَابٍ يَقْرأ فِيهِ، إلا الْمُصْحَفَ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أُكْرِمَ بكَرامَةٍ، فلا بَأسَ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدين: ولو أنْزاه على فَرَسهِ، فنقَص، ضَمِنَ نَقْصَه. قوله: ويَجُوزُ اسْتِئْجارُ كِتابٍ ليَقْرَأ فيه، إلَّا المُصْحَفَ في أحَدِ الوَجْهَين. في جَوازِ إجارَةِ المُصْحَفِ ليَقْرَأ فيه ثَلاثُ رِواياتٍ؛ التَّحْريمُ، والكَراهَةُ، والإباحَةُ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». والخِلافُ هنا مَبْنِي على الخِلافِ في بَيعهِ؛ أحدُهما (¬1)، لا يجوزُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيح»، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «أحدها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النظْمِ»، و «المُذْهَبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. والثاني، يجوزُ. قدَّمه في «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقيل: يباحُ. فائدة: يصِحُّ نَسْخُه بأجْرَةٍ. نصَّ عليه. وتقدم في نَواقِضِ الطهارَةِ، هل يجوزُ للذمي نَسْخُه؟ فائدة: ما حَرُمَ بَيعُه، حَرُمَ إجارَتُه، إلَّا الحُرَّ والحُرَّةَ، ويَصْرِفُ بصَرَه عنِ النظَرِ. نص عليه، والوَقْف، وأم الوَلَدِ. قاله الأصحابُ.

وَاسْتِئْجَارُ النقْدِ لِلتحَلِّي وَالْوَزْنِ لَا غَيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واسِتئجارُ النقْدِ للتَّحَلِّي والوَزْنِ لا غيرُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «المُحَرَّرِ»: ويجوزُ إجارَةُ النقْدِ للوَزْنِ ونحوه. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم: وتجوزُ إجارَةُ نَقْد للوَزْنِ. واقْتَصرُوا عليه. قال في «الفُروعِ»: ومنَع في «المُغْنِي» إجارَةَ نَقْدٍ، أو شَمْعٍ للتجَمُّلِ، وثَوْبٍ لتَغْطيةِ نَعْش، وما يُسْرِعُ فَسادُه كرَياحِينَ. قال في «الترْغيبِ» وغيرِه: وتُفاحَة للشمِّ، بل عَنْبَر وشِبْهِه. وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، جَوازُ ذلك. انتهى. فظاهرُ كلامِه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجزِ»، أنَّه لا يجوزُ للتحَلِّي؛ لاقْتِصارِهم على الوَزْنِ، اللهُم إلا أنْ يُقال: خُرِّجَ كلامُهم على الغالِبِ؛ لأنَّ الغالِبَ في الدراهِمِ والدَّنانيرِ أنْ لا يُتَحَلَّى بها. وقَوْل صاحِبِ «الفُروعِ»: للتَّجَمُّلِ. ليس المُرادُ التحَلِّيَ به؛ لأن التَّجَمُّلَ غيرُ التَّحَلِّي. وأطْلَقَ في «الفُروعِ» في إجارَةِ النقْدِ للتَّحَلِّي، والوَزْنِ، الوَجْهَين، في كتاب الوَقفِ.

فَإن أطْلَقَ الإجَارَةَ، لَمْ تَصِح فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَصِحُّ فِي الآخَرِ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أطْلَقَ -يعْنِي الإجارَةَ في النَّقْدِ- لم يَصِحَّ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، ذكَرَه في كتابِ الوَقفِ. والوَجْهُ الثاني، يصِحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَنْتَفِعُ بها في ذلك. يعْنِي، في التَّحَلِّي، والوَزْنِ. اخْتارَه أبو الخَطابِ، والمُصَنِّفُ. وهو الصوابُ. وقدمه في «الشرْح». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «التلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجى»، و «القواعِدِ». فعلى المذهبِ، يكونُ قَرْضًا. قاله الأصحابُ.

وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ، وَامْرَأتِهِ لِرَضَاعَ وَلَدِهِ، وَحَضَانَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا حُكْمُ المَكِيلِ، والمَوْزُونِ، والفُلوسِ. فعلى الصِّحةِ، يكونُ قرْضًا. قاله القاضي. قاله في «القاعِدَةِ الثامِنَةِ والثلاثين». قوله: ويَجُوزُ اسْتِئْجارُ وَلَدِه لخِدْمَتِه، وامْرَأتِه لرَضاعِ وَلَدِه وحَضانَتِه. يجوزُ استئْجارُ وَلَدِه لخِدْمَتِه. قاله الأصحابُ، وقطعوا به. قلتُ: وفي النفْسِ منه شيء، بل الذي يَنْبَغِي، أنها لا تصِحُّ، ويجِبُ عليه خِدْمَتُه بالمَعْروفِ. وأما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسِتئجارُ امْرأته لرَضاعِ وَلَدِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ جَوازُه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به الخِرَقِيُّ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال القاضي: لا يجوزُ. وتأوَّلَ كلامَ الخِرَقِيِّ على أنها في حِبالِ زَوْجٍ آخَرَ. قال الشِّيرازِي، في «المُنْتَخَبِ»: إنِ

وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ أحَدُهَا، أنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْعِ الْعَين دُونَ أجْزَائِهَا، فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الطَّعَامِ لِلأكْلِ، وَلَا الشمْعِ لِيُشْعِلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَأجَرَها مَن هي تحتَه لرَضاعِ وَلَدِه، لم يَجُزْ؛ لأنه اسْتَحَقَّ نَفْعَها. وعند الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، لا أجْرَةَ لها مُطْلَقًا. ويأتِي في بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ بأتم مِن هذا، عندَ قوْلِه: وإنْ طلَبَتْ أجْرَةَ مِثْلِها، ووجَد مَن يتَبَرعُ برَضاعِه، فهي أحقُّ. فعلى المذهبِ، لا فَرْقَ بينَ أنْ يكونَ الوَلَدُ منها أو مِن غيرِها، ولا أنْ تكونَ في حِبالِه، أوْ لا. ويأتِي قريب مِن ذلك، في آخِرِ بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليك. فائدة: يجوزُ أنْ يَسْتاجِرَ أحدَ والِدَيه للخِدْمَةِ، لكِنْ يُكْرَهُ ذلك. قوله: ولا تَصِحُّ إلا بشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ أحَدُها، أنْ يَعْقِدَ على نَفْعِ العَينِ دُونَ

وَلا حَيَوَانٍ لِيَأخذ لبَنَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أجْزائِها، فلا تَصِحُّ إجارَةُ الطعامِ للأكْلِ، ولا الشمع ليُشْعِلَه. لا يجوزُ إجارَةُ الشمْعِ ليُشْعِلَه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال الشيخُ تَقِي الذينِ: ليس هذا بإجارَةٍ، بل هو إذْن في الإتْلافِ، وهو سائِغ، كقَوْلِه: مَن ألْقَى مَتاعَه. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. ثم قال: قلتُ: وهو مُشابِهٌ لبَيعِه مِنَ الصُّبْرَةِ، كل قَفِيز بكذا، ولو أذِنَ في الطعامِ بعِوَض كالشمْعِ، فمِثْلُه. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وجعَلَه شَيخُنا، يعْنِي إجارَةَ الشمْعِ ليُشْعِلَه، مثْلَ كلِّ شهْر بدِرْهَم. فمِثْلُه في الأعْيانِ نَظيرُ هذه المسْألةِ في المنافِعِ، ومِثْلُه: كلما أعْتَقْتَ عَبْدًا مِن عَبِيدِك، فعلَى ثَمَنُه. فإنه يصِحُّ. وإنْ لم يبيِّنِ العدَدَ والثمَنَ، وهو إذْن في الانْتِفاعِ بعِوَض، واخْتارَ جَوازَه، وأنه ليس بلازِمٍ، بل جائِر، كجَعالةٍ، وكقَوْله: ألْقِ مَتاعَك في البَحْرِ، وعلَيَّ ضَمانُه. فإنه جائزٌ. ومَن ألْقَى كذا، فله كذا. انتهى. وتقدم في أولِ فَصْلِ المُزارَعَةِ، هل يجوزُ إجارَةُ الشجَرَةِ بثَمَرِها؟ قوله: ولا حيَوَانٍ ليَأخُذَ لَبَنَه، إلا في الظِّئْرِ ونَقْعِ البِئْرِ، يَدْخُلُ تَبَعًا. هذا

إلا فِي الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ، يَدْخُلُ تَبَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وأما قوْلُه: إلّا في الظئرِ ونقْعٍ البِئْرِ يدْخُلُ تبَعًا. فتقدَّم في الظئرِ، هل وقَع العَقْدُ على اللَّبَنِ، ودخَلَتِ الحَضانة تَبَعًا، أو عكْسُه؛ في أوَّلِ البابِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ جَوازَ إجارَةِ قَناةِ ماءٍ مُدّةً، وماءِ فائضِ بِرْكَةٍ رأياه، وإجارَةِ حَيوانٍ لأجْلِ لَبَنِه، قام به هو أو رَبه؛ فإنْ قامَ عليها المُسْتَأجِرُ وعلَفَها، فكَاستِئْجارِ الشَّجَرِ، وإنْ علَفَها ربُّها، ويأخُذُ المُشْتَرِي لبَنًا مُقَدَّرًا، فبَيعٌ مَحْضٌ، وإنْ كان يأخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا، فبَيع أيضًا، وليس هذا بغَرَر، ولأنَّ هذا يحْدُثُ شيئًا فشيئا، فهو بالمَنافِعِ أشْبَهُ، فإلْحاقُه بها أوْلَى، ولأن المُسْتَوْفَى بعَقْدِ الإجارَةِ على زَرْعِ الأرْضِ هو عَين مِن أعْيان، وهو ما يُحْدِثُه الله مِنَ الحَبِّ بسَقْيِه وعَمَلِه، وكذا مُسْتَأجِرُ الشاةِ للَبَنِها مَقْصودُه ما يُحْدِثُه الله تَعالى مِن لَبَنِها بعَلْفِها والقيامِ علهِا، فلا فَرْقَ بينَهما، والآفاتُ والمَوانِعُ التي تَعْرِضُ للزرْعِ أكثرُ مِن آفاتِ اللبَنِ، ولأنَّ الأصْلَ في العُقودِ الجَوازُ والصحَّةُ. قال: وكظِئر. انتهى. قوله: ونَقْعُ البِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وقال في «المُبْهِجِ» وغيرِه: ماءُ بِئْر. وقال في «الفصولِ»: لا يُسْتَحَقُّ بالإجارَةِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه إنَّما يَمْلِكُه بحِيازَته. وذكَر صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُه، إنْ قُلْنا: يُمْلَكُ الماءُ. لم يَجُزْ مَجْهُولًا، وإلَّا جازَ، ويكونُ على أصْلِ الإباحَةِ. وقال في «الانْتِصارِ»: قال أصحابُنا: ولو غارَ ماءُ دار مُؤجَرَةٍ، فلا فَسْخَ؛ لعدَمِ دُخولِه في الإجارَةِ. وقال في «التبصِرَةِ»: لا يَمْلِكُ عَينًا، ولا يسْتَحِقُّها بإجارَةٍ إلا نقْعَ البِئْرِ في مَوْضِعٍ مُسْتَأجَرٍ، ولبَنَ ظِئْرٍ يدْخُلان تَبَعًا. [تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: قولُ المُصَنِّفِ: يدْخُلُ تَبَعًا. يَحْتَمِلُ أنَّه عائدٌ إلى نَقْعِ البِئْرِ؛ لأنه أفْرَدَ الضَّمِيرَ، ويَحْتَمِلُ أنه عائد إلى الظئرِ ونَقْعِ البِئْرِ. وبه صرَّح غيرُه، قال: إلا في الظئرِ ونَقْعِ البِئرِ؛ فإنَّهما يدْخُلان تَبَعًا. انتهى. قلتُ: ممَّن صرَّح بذلك، صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»؛ فإنَّه قال: ولا يُسْتَحَقُّ بعَقدِ الإجارَةِ عَين إلَّا في مَوْضِعَين؛ لَبَنِ الظئرِ، ونَقْعِ البِئْرِ، فإنهما يدْخُلان تَبعًا. انتهى. وكذا صاحِبُ «التبصِرَةِ»؛ لعدَمِ ضَبْطِه. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقَع العَقْدُ على المُرْضِعَةِ، واللبَنُ تَبَع، يُسْتَحَقُّ إبْلاغُه (¬1) بالرضاعِ. وقاله القاضي في «الخِصالِ». وصحَّحه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، كما تقادم في الظئرِ. فعلى الاحْتِمالِ، تكونُ الإجارَةُ وقَعَتْ على اللَّبَنِ. وعلى الثَّاني، يدْخُلُ اللَّبَنُ تَبَعا. وهما قولان تقَدَّما] (¬2). ¬

(¬1) في ا: «إتلافه». وانظر صفحة 288. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ومما يدْخُلُ تَبعًا؛ حِبْرُ النَّاسِخ، وخُيوطُ الخَيَّاطِ، وكُحْلُ الكَحَّالِ، ومَرْهَمُ الطيبِ، وصِبْغُ الصبَّاغِ، ونحوُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في

الثَّانِي، مَعْرِفَةُ الْعَينِ بِرُؤيَةٍ أوْ صِفَةٍ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَصِحُّ فِي الآخَرِ بِدُونِهِ، وَلِلْمُستَأجِرِ خِيَارُ الرؤيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعايتَين». وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ»، في الحِبْرِ، والخُيوطِ، وأطْلَقَ وَجْهَين في الصبْغِ. قال في «الفُروعِ»: ومَنِ أكْترِىَ لنَسْخ أو خِياطَةٍ أو كَحْل ونحوه، لَزِمَه حِبْر، وخُيوط، وكُحْل. وقيل: يَلْزَمُ ذلك المُسْتَاجِرَ. وقيل: يُتْبَعُ في ذلك العُرْفُ. قال الزرْكَشِيُّ: ويجوزُ اشْتِراطُ الكُحْلِ مِنَ الطيبِ، على الأصحِّ، لا الدَّواءِ اعْتِمادًا على العُرْفِ. وقطَع بهذا في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: الثَّانِي، مَعْرِفَةُ العَينِ برُؤيَةٍ أو صِفَةٍ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ والمَشْهورُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغيرِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الآخَرِ، يَجُوزُ بدُونِه، وللمُسْتَأجِرِ خِيارُ الرُّويَةِ. واعلمْ أنَّ الخِلافَ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في البَيعِ، على ما تقدَّم.

الثَّالث، الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلا تَصحُّ إِجَارَةُ الآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أخْذِهِ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مُفْرَدًا لِغَيرِ شَرِيكِهِ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجُوزُ إجارَةُ المُشاعِ مُفْرَدًا لغيرِ شَرِيكِه. هذا المذهبُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): قال أصحابُنا: ولا تَجُوزُ إجارَةُ المُشاعِ لغيرِ الشّرِيك، إلا أنْ يُؤجِرَ الشرِيكان معًا. وجزَم به في ¬

(¬1) انظر: المغني 8/ 134.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفائقِ»: ولا تصِح إجارَةُ مُشاعٍ مُفْرَدا لغيرِ شَرِيك أو معه، إلا بإذْن. قال في «الرِّعايةِ»: لا تصِح إلَّا لشَريكِه بالباقي، أو معه لثالثٍ. انتهى. وعنه، ما يَدُلُّ على جَوازِه. اخْتارَه أبو حَفْص العُكْبَرِي، وأبو الخَطَّاب، وصاحِبُ «الفائقِ»، والحافِظُ ابنُ عَبْدِ الهادِي في «حَواشِيه». وقدامه في «التبصِرَةِ». وهو الصوابُ. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، ويتَخَرَّجُ لنا مِن عدَمِ إجارَةِ المُشاع، أنْ لا يصِحَّ رَهْنُه، وكذا هِبَتُه، ويتَوَجَّهُ، ووَقْفُه. قال: والصحيحُ هنا صِحَّة رَهْنِه وإجارَته وهِبَتِه. قال في «الفُروعِ»: وهذا التَّخْريجُ خِلافُ نصِّ أحمدَ، في رِوايَةِ سِنْدِي؛ يجوزُ بَيعُ المُشاعِ ورَهْنُه، ولا يجوزُ أنْ يُؤجَرَ؛ لأن الإجارَةَ للمَنافِعِ، ولا يَقْدِرُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الانْتِفاعَ. فائدتان؛ إحْداهما، هل إجارَةُ حَيوانٍ ودارٍ لاثْنَين وهما لواحِدٍ، أمِثْلُ إجارَةِ المُشاعِ، أو يصِحُّ هنا، وإنْ مَنعْنا في المُشاعِ؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وجعَلَهما في «المُغْنِي»، و «الشرْح»، وغيرِهما مِثْلَه. وجزم

الرَّابعُ، اشْتِمَالُ الْعَينِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، فَلَا تَجُوزُ إِجَارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ لِلْحَمْلِ، وَلَا أرْض لَا تُنْبِتُ لِلزَّرْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ». وقيل: يصِحُّ هنا، وإنْ مَنعْنا الصِّحّةَ في المُشاعِ. الثَّانيةُ، قولُه: فلا تَجُوزُ إجارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ للحَمْلِ، ولا أرْض لا تُنْبِتُ للزّرْعِ. قال في «الموجَزِ»: ولا حَمامٍ لحَمْلِ الكُتُبِ، لتَعْذيبِه. وفيه احْتِمالٌ، يصِحُّ. ذكَرَه في «التبصِرَةِ». قال في «الفُروعِ»: وهو أوْلَى.

الْخَامِسُ، كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤجِرِ، أو مَأذُونًا لَهُ فِيهَا، فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأجرِ إجَارَةُ الْعَينِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسِ، كَوْنُ المنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً للمُؤجِرِ، أو مَأذُونا له فيها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ الجَوازُ، وَيقِفُ على إجازَةِ المالِكِ؛ بِناءً على جَوازِ بَيعِ مالِ الغيرِ بغيرِ إذْنِه، على ما تقدَّم في تَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ، في كتابِ البَيع. قوله: فتَجُوزُ للمُسْتَأجِرِ إجارَةُ العَينِ لمَن يَقُومُ مَقامَه، وتَجُوزُ للمُؤجِرِ وغيرِه بمثلِ الأجْرَةِ وزِيادَةٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزرْكَشِي: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا تجوزُ إجارَتُها. ذكَرَها القاضي. وعنه، لا تجوزُ إلَّا بإذنِه. وعنه، لا تجوزُ بزِيادَةٍ إلَّا بإذْنِه. وعنه، إنْ جدَّدَ فيها عِمارَةً، جازَتِ الزّيادَةُ، وإلَّا فلا، فإنْ فعَل، تصَدَّقَ بها. قاله في «الرِّعايةِ» وغيرِه. فائدة: قال في «التَّلْخيصِ»، في أوَّلِ الغَصْبِ: ليس لمُسْتَأجِرِ الحُرِّ أنْ يُؤجِرَه مِن آخَرَ، إذا قُلْنا: لا تَثْبُتُ يدُ غيرِه عليه. وإنَّما هو يُسَلمُ نفْسَه. وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: تَثْبُتُ. صح. انتهى. قلتُ: فعلى الأوَّلِ، يُعايىَ بها، ويُسْتَثْنَى مِن كلامِ مَن أطْلَقَ. تنبيهان؛ أحدُهما، الذي يَنْبَغِي، أنْ تُقَيدَ هذه المَسألةُ، فيما إذا أجَرَها لمُؤجِرِها، بما إذا لم يكُنْ حِيلَة، لم يَجُزْ، قوْلا واحدًا. ولعَله مُرادُ الأصحابِ، وهي شَبِيهَة بمَسْألةِ العِينَةِ وعكْسِها. الثاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، جَوازُ إجارَتها، سواء كان قبَضَها، أو لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. وقدمه في «الفُروعِ». وقيل: ليس له ذلك قبلَ قَبْضِها. جزَم به

وَتَجُوزُ لِلْمُؤجِرِ وَغَيرِهِ بِمِثْلِ الأجْرَةِ وَزِيَادَةٍ. وَعَنْهُ، لَا تَجُوزُ بِزِيَادَةٍ. وَعَنْهُ، إِنْ جَدَّدَ فِيهَا عِمَارَةً، جَازَتِ الزِّيَادةُ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الوَجيز». وقيل: تجوزُ إجارَتُها للمُؤجِرِ دُونَ غيرِه. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وصححُوا في غيرِ المُؤجِرِ، أنه لا يصِح. وأطلقهُن في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: أصْلُ الوَجهَين، بَيعُ الطعام قبلَ قَبْضِه، هل يصِحُّ مِن بائعِه، أم لا؟ على ما تقدَّم. والمذهبُ عدَمُ الجَوازِ هناكَ، فكذا هُنا، فيكونُ ما قاله في «الوَجيزِ» المذهبَ. وظاهرُ كلامِه في «الفُروعِ»، عدَمُ البِناءِ، والصَّوابُ البِناءُ.

وَلِلْمُسْتَعِيرِ إجَارَتُهَا إِذَا أذِنَ لَهُ الْمُعِيرُ مُدَّةً بِعَينهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللمُسْتَعِيرِ إجارَتُها إذا أذِنَ له المُعِيرُ مُدةً بعَينها. يعْنِي، أذِنَ له في إجارَتها. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «التلْخيص»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: ولا يصِحُّ إيجارُ مُعارٍ. وقيل: إلَّا أنْ يأذَنَ ربُّه في مُدَّةٍ مَعْلومَةٍ.

وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجُوزُ إجارَةُ الوَقْفِ، فإن ماتَ المُؤجِرُ فانْتَقَلَ إلى من بعدَه، لم تَنْفَسِخ الإجارَةُ في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛ أحدُهما، لا تَنْفَسِخُ بمَوْتِ المُؤجِرِ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطبةِ، كما لو عُزِلَ الوَلِيُّ، وناظِرُ الوَقْفِ، وكمِلْكِه المُطْلَقِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». قال القاضي في «المُجَرَّد»: هذا قِياسُ المذهبِ. والوَجْهُ الثَّاني، تَنْفَسِخ. جزَم به القاضي في «خِلافِه»، وأبو الحُسَينِ أيضًا، وحكَياه عن أبِي إسْحاقَ ابنِ شَاقْلَا. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وغيرُهم. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: هذا أصحُّ الوَجْهَين. قال القاضي: هذا ظاهرُ كلام أحمدَ في رِوايَةِ صالح. قال ابنُ رَجَبٍ في «قواعِدِه»: وهو المذهبُ الصَّحيحُ؛ لأَن الطبقَةَ الثَّانِيَةَ تَسْتَحِقُّ العَينَ بمَنافِعِها تلَقِّيًا عنِ الواقِفِ بانْقِراضِ الطبقَةِ الأولَى. وقامه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ». قلتُ: وهو الصوابُ. وهو المذهبُ. وقال النَّاظِمُ: ولو قيلَ إنْ يُؤجِرْه ذُو نَظرٍ مِن الـ … ـمُحَبِّسِ لم يَفْسَخْ فقط لم أُبَعِّدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: تَبْطُل الإجارَةُ. وهو تخْرِيجٌ للمُصَنِّفِ في «المُغْنِي» مِن تَفْريقِ الصفْقَةِ. قال في «القاعِدَةِ السادِسَةِ والثلاثين»: لكنَّ الأجْرَةَ إنْ كانتْ مُقَسَّطَةً على أشْهُر مُدةَ الإجارَةِ أو أعْوامَها، فهي صَفَقات مُتَعَدِّدَة على أصحِّ الوَجْهَين، فلا تَبْطُلُ جَمِيعُها ببُطْلانِ بعضِها، وإنْ لم تكُن مُقَسَّطَةً، فهي صَفْقَة واحِدَة، فيَطرِدُ فيها الخِلافُ المذْكورُ. انتهى. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: وتُخَرجُ الصِّحَّةُ بعدَ المَوْتِ مَوْقوفَةً، لا لازِمَةً، وهو المُخْتارُ. انتهى. تنبيهات؛ أحدُها، قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه فيما إذا أجَرَه، ثم وَقَفَه. الثاني، قال العَلامَةُ ابنُ رَجَبٍ في «قواعِدِه»: اعلمْ أن في ثُبوتِ الوجْهِ الأوَّلِ نَظرًا؛ لأن القاضيَ إنما فرَضَه فيما إذا أجَر المَوْقُوفُ عليه؛ لكَوْنِ النظَرِ له مَشْروطًا، وهذا محَلُّ ترَدُّدٍ؛ أعْنِي، إذا أجَر بمُقْتَضَى النَّظَرِ المَشْروطِ له، هل يَلْحَقُ بالنَّاظِرِ العام، فلا تَنْفَسِخُ بمَوْتِه، أم لا؟ فإن مِن أصحابنا المُتَأخرين مَن ألْحَقَه بالناظِرِ العام. انتهى. الثالثُ، محَلُّ الخِلافِ المُتقَدمَ، إذا كان المؤجِرُ هو المَوْقوفَ عليه بأصْلِ الاسْتِحْقاق. فأما إنْ كان المُؤجِرُ هو النَّاظِرَ العَامَّ، أو مَن شَرَطَه له، وكانَ أجْنَبِيًّا، لم تَنْفَسِخِ الإجارَةُ بمَوْتِه، قوْلًا واحِدًا. قاله المُصَنفُ، والشارِحُ، والشيخُ تَقِيُّ الدينِ، والشيخُ زَينُ الدينِ بنُ رَجَبٍ، وغيرُهم. وقال ابنُ رَجَب: أمَّا إذا شَرَطَه للمَوْقُوفِ عليه، أو أتَى بلَفْط يدُل على ذلك، فأفْتَى بعضُ المُتَأخرِين بإلْحاقِه بالحاكم ونحوه، وأنه لا يَنْفَسِخُ، قوْلا واحِدًا. وأدْخَلَه ابنُ حَمْدانَ في الخِلافِ. قال الشيخُ تَقِي الدينِ: وهو الأشْبَهُ. الرابعُ، محَل الخِلافِ أيضًا عندَ ابنِ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه»، وغيرِه، إذا أجَرَه مُدَّة يعيشُ فيها غالِبًا. فأما إنْ أجَرَه مُدَّةً لا يعيشُ فيها غالِبًا، فإنَّها تَنْفَسِخُ، قوْلًا واحِدا، وما هو ببَعيدٍ. فعلى الوَجهِ الأولِ، مِن أصْلِ المَسْألَةِ، يَسْتَحِقُّ البَطْنُ الثَّاني حِصتَه مِنَ

فَإنْ مَاتَ الْمُؤجِرُ، فَانْتَقَلَ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، لَمْ تَنْفَسِخِ الإجَارَةُ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَلِلثَّانِي حِصَّتُهُ مِنَ الأجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجْرَةِ مِن تَرِكَةِ المُؤجِرِ إنْ كان قبَضَها، وإنْ لم يَكُنْ قَبَضَها، فعلى المُسْتَأجِرِ. وعلى الوَجْهِ الثَّاني، يَرْجِعُ المُسْتَأجِرُ على ورَثَةِ المُؤجِرِ القابِضِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ: إنْ كان قبَضَها المُؤجِرُ، رجَع بذلك في تَرِكَتِه، فإنْ لم تَكُنْ تَرِكَة، فأفْتَى بعضُ أصحابِنا بأنه إذا كان المَوْقُوفُ عليه هو النَّاظِرَ فَماتَ، فللبَطْنِ الثَّاني فَسْخُ الإجارَةِ، والرُّجوعُ بالأجْرَةِ على مَن هو في يَدِه. انتهى. وقال أيضًا: والذي يتَوَجَّهُ أوَّلًا أنَّه لا يجوزُ سلف الأجْرَةِ للمَوْقُوفِ عليه؛ لأنه لا يَسْتَحِقُّ المَنْفَعَةَ المُسْتَقْبِلَةَ، ولا الأُجْرَةَ عليها، فالتَّسْلِيف لهم قَبْض ما لا يَسْتَحِقونه، بخِلافِ المالِكِ، وعلى هذا، فللبَطْن الثَّاني أنْ يُطالِبُوا بالأجْرَةِ المُسْتَأجرَ؛ لأنه لم يَكنْ له التَّسْلِيفُ، ولهم أنْ يُطالِبُوا النَّاظِرَ. انتهى. فائدة: قال ابنُ رَجَبٍ، بعدَ ذِكْرِ هذه المَسْألةِ: وهكذا حُكْمُ المُقْطِعِ إذا أجَر إقْطاعَه، ثم انْتقَلَتْ عنه إلى غيرِه بإقْطاع آخَرَ.

وإنْ أجَرَ الْوَلِيُّ الْيَتيمَ أو السَّيِّدُ الْعَبْدَ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِي، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، لَمْ تَنْفَسِخِ الإجَارَةُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَنْفسِخَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أجَر الوَلِيُّ اليَتيمَ -أو أجَر ماله- أو السَّيِّدُ العَبْدَ، ثم بلَغ الصَّبِيُّ وعتَق العَبْدُ، لم تَنْفَسِخِ الإجَارَةُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم، وذكَرُوه في بابِ الحَجْرِ -ويَحْتَمِلُ أنْ تنْفَسِخَ. وهو وَجْه في الصَّبِيِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَخْرِيجٌ في العَبْدِ مِنَ الصَّبِيِّ. قال في «القاعِدَةِ الرابعَةِ والثلاثين»: وعندَ الشَّيخ، تنْفَسِخُ، إلَّا أنْ يَسْتَثْنِيَها في العِتْقِ؛ فإن له اسْتِثْناءَ مَنافِعِه بالشروطِ، والاسْتِثْناءُ الحُكْمِي أقْوَى، بخِلافِ الصَّبِيِّ إذا بلَغ ورَشَد، فإنَّ الوَلِيَّ تنْقَطِعُ ولايتُه عنه بالكُلِّيَّةِ. فعلى المذهبِ، لا يَرْجِعُ العَتِيقُ على سيدِه بشيءٍ مِن الأجْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَرْجِعُ بحَقِّ ما بَقِيَ، كما يَلْزَمُه نفَقَتُه إنْ لم يَشْتَرِطْها على مُسْتَأجِرٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه فيما إذا أجَرَه ثم وقَفَه. تنبيه: محَل الخِلافِ فيما إذا لم يَعْلَمْ بُلُوغَه عندَ فَراغِها، فأما إنْ أجَرَه مُدَّةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْلَمُ بُلُوغَه فيها، فإنها تَنْفَسِخُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو احْتِمال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا تَنْفَسِخُ أيضًا. وقدَّمه في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثَّلاثين»، وقال: هذا الأشْهَرُ، واخْتارَه القاضي وأصحابُه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وظاهِرُ ما قدَّمه الشَّارِحُ. قلتُ: ويَلْحَقُ به العَبْدُ إذا عَلِمَ عِتْقَه في المُدَّةِ التي وَقعَتْ عليها الإجارَةُ، ويُتَصَوَّرُ ذلك بأنْ يُعَلِّقَ عِتْقَه على صِفَة تُوجَدُ في مُدَّةِ الإجارَةِ، ولم أرَه للأصحابِ، وهو واضِحٌ، ثم رأيتُه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» صرَّح بذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو وُرِثَ المَأجُورُ، أو اشْتُرِيَ، أو اتهِبَ، أو وُصِّيَ له بالعَينِ، أو أُخِذَ صداقًا، أو أخذَه الزَّوْجُ عِوَضًا عَنْ خُلْع، أو صُلْحًا، أو غيرَ

فصْلٌ: وَإجَارَةُ الْعَينِ تَنْقَسِمُ قِسْمَينِ أحَدُهُمَا، أنْ تَكُونَ عَلَى مُدَّةٍ، كَإجَارَةِ الدَّارٍ شَهْرًا، والْأرْضِ عَامًا، وَالْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ أوْ لِلرَّعْي مُدَّةً مَعْلُومَة، يُسَمَّى الْأجِيرُ فِيهَا الْأجِيرَ الْخَاصَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، فالإجارَةُ بحالِها. قطَع به في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثَّلاثين». قلتُ: وقد صرَّح به المُصَنفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ، حيثُ قالوا: ويجوزُ بَيعُ العَينِ المُسْتَأجَرَةِ، ولا تَنْفَسِخُ الإجارَةُ إلا أنْ يَشْتَرِيَها المُسْتَأجِرُ. الثَّانيةُ، يجوزُ إجارَةُ الإقْطاعِ، كالوَقْفِ. قاله الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، قال: ولم يزَلْ يُؤجَرُ مِن زَمَنِ الصحابَةِ إلى الآنَ. قال: وما عَلِمْتُ أحدًا مِن عُلَماءِ الإسْلامِ، الأئِمَّةِ الأرْبَعةِ، ولا غيرِهم، قال: إجارَةُ الإقْطاعِ لا تجوزُ. حتى حدَث في زَمانِنا، فابْتُدِعَ القَوْل بعدَمِ الجَوازِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وقال ابنُ رَجَب، في «القواعِدِ»: وأما إجارَةُ إقْطاعِ الاسْتِغْلالِ، التي مَوْرِدُها مَنْفَعَةُ الأرْضِ دُونَ رَقَبَتِها، فلا نَقْلَ فيما نَعْلَمُه، وكلامُ القاضي يُشْعِرُ بالمَنْعِ؛ لأنه جعَل مَناطَ صِحةِ الإجازةِ للمَنافِع لُزومَ العَقْدِ، وهذا مُنْتَفٍ في الاقْطاع. انتهى. فعلى ما قاله الشَّيخُ تَقِي الدينِ: لو أجَرَه، ثم اسْتُحِقَّتِ الإقْطاعُ لآخرَ، فذَكَرَ في «القواعِدِ»، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ

وَيُشْتَرَطُ أنْ تَكُونَ المُدَّةُ مَعْلُومَةً، يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَين فِيهَا، وَإنْ طَالتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَقفِ إذا انْتقَلَ إلى بَطْن ثانٍ، وأن الصحيحَ يَنْفَسِخُ. قوله: ويُشْتَرَطُ كَوْنُ المُدَّةِ مَعْلومَةً. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. لكِنْ لو علَّقَها على ما يقَعُ اسْمُه على شَيئَين؛ كالعِيدِ، وجُمادَى، ورَبِيع، فهل يصِحُّ، ويُصْرَف إلى الأوَّلِ، أو لا يصِحُّ حتى يُعَيِّنَ؟ فيه وَجْهان؛ الأوَّلُ، اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وجماعَةٍ مِنَ الأصحابِ. والثَّاني، اخْتِيارُ القاضي. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِي. وتد تقدَّم نَظيرُ ذلك في السَّلَمِ، وأن الصَّحيحَ عدَمُ الصِّحَّةِ. قوله: يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقاءُ العَينِ فيها، وإنْ طالتْ. هذا المذهبُ المَشْهورُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ إجارَتُها أكثرَ مِن سنَةٍ. قاله ابنُ حامِدٍ، واخْتارَه. وقيل: تصحُّ ثلاثَ سِنِين لا غيرُ. وقيل: ثَلاثين سنَةً. ذكَرَه القاضي. قال في «الرعايةِ»: نصَّ عليه. وقيل: لا تَبْلُغُ ثَلاثين سنَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ليس لوَكِيلٍ مُطْلقٍ إيجارُ مُدة طويلَة، بل العُرْفُ، كسَنتَين ونحوهما. قاله الشَّيخُ تَقِي الدِّين. قلتُ: الصَّوابُ الجَوازُ إنْ رأَى في ذلك مَصْلَحَة، وتُعْرفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَرائنِ، والذي يَظْهَرُ، أن الشيخَ تَقِيَّ الدينِ لا يَمْنَعُ ذلك. والله أعْلَمُ. تنبيهات؛ الأوَّلُ، قال في «الفُروعِ»، بعدَ حِكايةِ هذه الأقوالِ: وظاهِرُه،

وَلَا يُشْتَرَطُ أنْ تَلِيَ الْعَقْدَ، فَلَوْ أجَرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أرْبَعٍ، صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْعَينُ مَشْغُولَةً وَقْتَ الْعَقْدِ أوْ لَمْ تَكُنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو ظَنَّ عُدْمَ العاقدِ ولو مُدَّةً لا يظُنُّ فناءَ الدُّنْيا فيها. وفي طَرِيقَةِ بعضِ الأصحابِ، في السَّلَمِ، الشرْعُ يُراعِي الظاهِرَ، ألا ترَى أنَّه لو اشْترَطَ أجَلًا تَفِي به مُدَّتُه، صح، ولو اشْترَطَ مِائَتَين، أو أكثر، لم يصِح؛ الثَّاني، قولُه: ولا يُشْتَرَطُ أنْ تَلِيَ العَقْدَ، فلو أجرَه سَنَةَ خَمْس في سَنَةِ أرْبَع، صَحَّ، سَوَاء كانَتِ العَينُ مَشْغُولَة وَقْتَ العَقْدِ أو لم تَكُنْ. وسواء كانتْ مَشْغوَلةً بإجارَةٍ أو غيرِها. ويأتي كلامُ ابنِ عَقِيل وغيرِه قَرِيبًا. وهو صحيح، لكِنْ لو كانتْ مَرْهُونَة، ففيه خِلاف، يأتِي بَيانُه وتَصْحِيحُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ ذلك. إذا عَلِمْتَ ذلك، فقال بعضُ الأصحابِ: إذا أجَرَه وكانتِ العَينُ مَشْغُولَةً، صح إنْ ظَن التَّسْلِيمَ عندَ وُجوبِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: صحَّ، إنْ أمْكَنَ تَسْلِيمُه في أوَّلِها. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه، في أثْناءِ بَحْثٍ لهم: تُشْترَطُ القُدْرَةُ على التّسْليمِ عندَ وُجوبِه، ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِها مَشْغُولَةً أوْ لا، كالسَّلَمِ، فإنه لا يُشْترَطُ وُجودُ القُدْرَةِ عليه حال العَقْدِ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلَ في «الفُصولِ»، أو (¬1) «الفُنونِ»: لا يتَصَرفُ مالِكُ العَقارِ في المَنافِعِ بإجارَةٍ ولا إعارَةٍ، إلَّا بعدَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، واستِيفاءِ المَنافِعِ المُسْتَحَقةِ عليه بعَقْدِ الإجارَةِ؛ لأنَّه ما لم تَنْقَضِ المُدةُ، له حقُّ الاستيفاءِ، فلا تصِح تصَرفاتُ المالِكِ (¬2) في مَحْبُوس بحَقٍّ؛ لأنه يتَعَذرُ التسْلِيمُ المُسْتَحَق بالعَقْدِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: فمُرادُ الأصحابِ مُتفِق؛ وهو أنه يجوزُ إجارَةُ ¬

(¬1) في ط: «و». (¬2) في الأصل: «المملوك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُؤجَرِ، ويُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجوبِه. انتهى. الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيل السَّابقِ، أنَّه لا يجوزُ إجارَةُ العَينِ إذا كانتْ مَشْغولَةً. وقد قال في «الفائقِ»: ظاهرُ كلامِ أصحابِنا، عدَمُ صِحَّةِ إجارَةِ المَشْغُول بمِلْكِ غيرِ المُسْتَأجِرِ. وقال شيخُنا: يجوزُ في أحَدِ القَوْلَين، وهو المُخْتارُ. انتهى. وقد قال الشيخُ تَقي الدِّينِ، في مَن اسْتَاجَرَ أرْضًا مِن جُنْدِي وغرَسَها قَصَبًا، ثم الإقْطاعُ عَنِ الجُنْدِيِّ: إنّ الجُنْدِيَّ الثَّاني لا يَلْزَمُه حُكْمُ الإجارَةِ الأولَى، وأنَّه إنْ شاءَ أنْ يُؤجِرَها لمَن له فيها القَصَبُ أو لغيرِه. انتهى. قلتُ: قال شيخُنا؛ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ البَعْلِي: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ صِحةُ إجارَةِ المَشْغُولِ بمِلْكٍ لغيرِ المُسْتَأجِرِ، مِن إطْلاقِهم جَوازَ الإجارَةِ المُضافَةِ، فإن عُمومَ كلامِهم يَشْمَلُ المشغُوَلةَ وقْتَ الفَراغِ بغِراس، أو بِناءٍ، أو غيرِهما. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: [لا يجوزُ للمُؤجِرِ إجارَةُ العَينِ المَشْغُولَةِ بغِراسِ الغيرِ أو بنائِه إلا (¬1) بعدَ فَراغِ مُدَّةِ صاحِبِ الغِراسِ والبِناءِ. و] (¬2) قال أيضًا: لا يجوز إيجارُه لمَن يقوم مَقامَ المُؤجِرِ كما يفْعَلُه بعضُ النّاسِ. قال: وأفْتَى حماعَة مِن أصحابِنا، وغيرُهم في، هذا الزَّمانِ، أن هذا لا يصِحُّ. وهو واضِح. ولم أجِدْ في كلامِهم ما يُخالِفُ هذا. قال: ومِنَ العَجَبِ قوْلُ بعضِهم في هذا الزمانِ الذي يخْطُرُ ببالِه، مِن كلامِ أصحابِنا؛ أنّ هذه الإجارَةَ تصِحُّ. كذا قال. انتهى. وقد قال الشَّيخُ تَقِي الدِّين، [فيما حُكِىَ عنه] (¬3) في «الاخْتِياراتِ»: ويجوزُ للمُؤجرِ إجارَةُ العَينِ المُؤجَرَةِ مِن غيرِ المُسْتَأجِرِ في مُدةِ الإجارَةِ، ويقُومُ المُسْتَأجِرُ الثاني مَقامَ المالِك في اسْتِيفاءِ الأجْرَةِ مِنَ المُسْتَأجِرِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: ط. (¬3) زيادة من: ا.

وَإذَا أجرَهُ فِي أثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً، اسْتَوْفَى شَهْرًا بِالعَددِ، وَسَائِرَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوَّلِ، وغَلِطَ بعْضُ الفُقَهاءِ، فأفْتَى في نحو ذلك بفَسادِ الإجارَةِ الثّانيةِ، ظَنًّا منه أنَّ هذا كبَيعِ المَبِيعِ، وأنه تصَرُّفْ فيما لا يَمْلِكُ. وليس كذلك، بل هو تَصَرُّفْ فيما اسْتَحَقه على المُسْتَأجرِ. انتهى. وأمَّا إنْ كانتْ مَرْهُونَةً وَقْتَ عقْدِ الإجارَةِ، ففي صِحتِها وَجْهان. وَأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ أجَرَه مُدَّةً لا تَلِي العَقْدَ، صحَّ إنْ أمْكَنَ التَّسْلِيمُ في أولِها. ثم قال: قلتُ: فإنْ كان ما أجَرَه مَرْهُونًا وَقْتَ العَقْدِ لا وَقْتَ التَّسْليمِ المُسْتَحَقِّ بالأُجْرَةِ، احْتَمَلَ وَجْهَين. انتهى. قلتُ: إنْ غلَبَ على الظَّنِّ القُدْرَةُ على التَّسْليمِ وَقْتَ وُجوبِه، صَحَّتْ، وإلا فلا. وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وداخِلٌ في عُمومِ كلامِهم. وتقدم في الرَّهْنِ أن الراهِنَ والمُرْتَهِنَ إذا اتفَقا على إيجارِ المَرْهُونِ، جازَ، وإنِ اخْتَلَفا، تعَطَّلَ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. [وقال في «الكافِي»: وإذا اتَّفَقا على إجارَته أو إعارَته، جازَ في قَوْلِ الخِرَقِيِّ، وأبِي الخَطابِ. وقال أبو بَكْر: يجوزُ إجارَتُه. وقال ابنُ أبِي مُوسى: إذا أذِنَ الرَّاهِنُ للمُرْتَهِنِ في إعارَته أو إجارَته، جازَ، والأجْرَةُ رَهْنٌ، وإِنْ أجَرَه الرَّاهِنُ بإذْنِ المُرْتَهِنِ، خرَج مِنَ الرَّهْنِ، في أحَدِ الوَجْهَين، وفي الآخرِ، لا يَخْرُجُ. تنبيه: محَلُّ هذا الخِلافِ إذا كان الرَّهْنُ لازِمًا، أمَّا إنْ كان غيرَ لازِم، فتَصِح إجارَتُه، قوْلًا واحِدًا. وتقدَّم في الرهْنِ؛ هل يَدُومُ لُزومُه بإجارَته، أم لا؟] (¬1) قوله: وإنْ أجَرَه في أثْنَاءِ شَهْر سَنَةً اسْتَوْفَى شَهْرًا بالعَدَدِ وسائرَها بالأهِلَّةِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

بِالْأهِلَّةِ. وَعَنْهُ، يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ بِالْعَدَدِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْأشْهُرُ؛ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَشَهْرَي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك الحُكْمُ في كلِّ ما يُعْتَبرُ فيه الأشْهُرُ؛ كعِاةِ الوَفاةِ، وشَهْرَيْ صِيَامِ الكَفَارَةِ. وكذا النَّذْرُ. وكذا مُدَّةُ الخيارِ، وغيرُ ذلك. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونص عليه في النَّذْر. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقامه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، يَستوْفِي الجَمِيعَ بالعَدَدِ. وعندَ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينَ إلى تلك السَّاعَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: اسْتَوْفَى شَهْرًا بالعَدَدِ. يَعْنِي، ثَلاثينَ يَوْمًا. جزَم به في «الفُروعِ»، وقال: نصَّ عليه في نَذْر، وصَوْم، وجزَم به في «الرعايَةِ» أيضًا، وغيرِهما. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ: إنَّما يُعْتَبرُ الشَّهْرُ الأوَّلُ بحسَب تَمامِه ونُقْصَانِه؛ فإنْ كان تامًّا، كَمَلَ تامًّا، وإنْ كان ناقِصًا، كَمَلَ ناقِصًا. ويَأتِي نَظيرُ ذلك في

الْقِسْمُ الثَّانِي، إجَارَتُهَا لِعَمَل مَعْلُوم؛ كإجَارَةِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ إِلَى مَوْضِع مُعَيَّن، أوْ بَقَرة حَرْثِ مكَانٍ أوْ دِيَاسِ زَرْع، أو ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِ الطَّلاقِ، في الماضِي والمُسْتَقْبَلِ، عندَ قوْلِه: وإنْ قال: إذا مَضَتْ سنَة، فأنْتِ طالِق. طَلَقَتْ إذا مضَى اثْنا عشَرَ شَهْرًا بالأهِلةِ، ويُكْمِلُ الشَهْرَ الذي حَلَفَ في أثْنائِه بالعدَدِ.

اسْتِئْجَار عَبْدٍ لِيَدُلَّه عَلَى طَرِيقٍ، أوْ رَحًى لِطَحْنِ قفْزَانٍ مَعْلومَةٍ، فَيُشْتَرَط مَعْرِفَة الْعَمَلِ، وَضَبْطهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِي، عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ، مَضْبُوطَةٍ بِصِفَاتٍ، كَالسَّلَمِ؛ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَبِنَاءِ دَارٍ، وَحَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ. وَلَا يَكُونُ الْأَجِيرُ فِيهَا إِلَّا آدَمِيًّا جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَيُسَمَّى الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: الضَّرْبُ الثَّانِي، عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ، مَضْبُوطَةٍ بصِفاتٍ كالسَّلَمِ؛ كخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وبِناءِ دَارٍ، وحَمْلٍ إلى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ. هذا صحيحٌ بلا نِزاعٍ، ويَلْزَمُه الشُّروعُ فيه عَقِبَ العَقْدِ، فلو تَرَكَ ما يَلْزَمُه، قال الشَّيخُ تَقِيُّ

وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَينَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِيَ هَذَا الثَّوْبَ فِي يَوْمٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: بلا عُذْرٍ فتَلِفَ، ضَمِنَ بسَبَبِه، وله الاسْتِنابَةُ، فإنْ مَرِضَ أو هرَبَ، اكْتَرَى مَنْ يعْمَلُ عليه، فإنْ شرَطَ مُباشَرَتَه له بنَفْسِه، فلا، ولا اسْتِنابَةَ إذَنْ. نقَلَ حَرْبٌ، في مَن دفَع إلى خَيَّاطٍ ثَوْبًا ليَخِيطَه، فقطَعَه، ودفَعَه إلى خَيَّاطٍ آخَرَ، قال: لا، إنْ فعَل ضَمِنَ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: فإنِ اخْتَلَفَ القَصْدُ، كنَسخِ كِتابٍ، لم يَلْزَمِ الأجِيرَ أنْ يُقِيمَ مُقامَه، ولو أقامَ مُقامَه، لم يَلْزَمِ المُكْتَرِيَ قَبُولُه، فلو تعَذَّرَ فِعْلُ الأجيرِ بمَرَضٍ أو غيرِه، فله الفَسْخُ. ويأْتِي ذلك في قوْلِه: ومَنِ اسْتُؤْجِرَ لعَمَلِ شيءٍ، فمَرِضَ. قوله: ولا يَجُوزُ الجَمْعُ بينَ تَقْدِيرِ المُدَّةِ والعَمَلِ، كقَوْلِه: اسْتَأْجَرْتُك لتَخِيطَ ليَ هذا الثَّوْبَ في هذا اليَوْمِ -هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقدَّموه- ويَحْتَمِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يصِحَّ. وهو رِوايَةٌ كالجَعالةِ، على أصحِّ الوَجْهَين فيها. قال في «التَّبْصِرَةِ»: وإنِ اشْترَطَ تَعْجِيلَ العَمَلِ في أقْصَى مُمْكِنٍ، فله شَرْطُه وأطْلَقَ الرِّوايَتَين في «المُحَرَّرِ». فعلى الصِّحَّةِ، لو أتَمَّه قبلَ فَراغِ المُدَّةِ، فلا شيءَ عليه، ولو مَضَتِ المُدَّةُ قبلَه، فله الفَسْخُ. قاله في «الفائقِ» وغيرِه.

وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ؛ كَالْحَجِّ، وَالْأَذَانِ، وَنَحْوهِمَا. وَعَنْهُ؛ تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَصِحُّ الإِجَارَةُ على عَمَلٍ يَخْتَصُّ فاعِلُه أَنْ يكونَ مِن أَهْلِ القُربَةِ -يعْنِي، بكَوْنِه مُسْلِمًا، ولا يقَعُ إلَّا قُرْبَةً لفاعِلِه- كالحَجِّ -أي النِّيابَةِ فيه- والأَذانِ ونحوهما. كالإِقامَةِ، وإمامَةِ صَلاةٍ، وتَعْليمِ القُرْآنِ. قال في «الرِّعايةِ»: والقَضاءِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: هذا أصحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ كأَخْذِه بلا شَرْطٍ. نصَّ عليه. وقال في «الرِّعايةِ»، قُبَيلَ صلاةِ المَريضِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُكْرَهُ أخْذُ الأُجْرَةِ على الإِمامَةِ بالنَّاسِ. وعنه، يَحْرُمُ. انتهى. واخْتارَ ابنُ شَاقْلَا الصِّحَّةَ في الحَجِّ؛ لأنَّه لا يجِبُ على أجِيرٍ، بخِلافِ أذانٍ ونحوه. وذكَر في «الوَسِيلَةِ» الصِّحَّةَ عنه، وعن الخِرَقِيِّ، لكِنَّ أحمدَ منَع في الإِمامَةِ بلا شَرْطٍ أيضًا. وقيل: يصِحُّ للحاجَةِ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واخْتارَه. وقال: لا يصِحُّ الاسْتِئْجارُ على القِراءَةِ، وإهْداؤُها إلى المَيِّتِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ عن أحدٍ مِن الأئمَّةِ الإِذْنُ في ذلك. وقد قال العُلَماءُ: إنَّ القارِئَ إذا قرَأَ لأَجْلِ المالِ، فلا ثَوابَ له. فأيُّ شيءٍ يُهْدَى إلى المَيِّتِ؟ وإنَّما يصِلُ إلى المَيِّتِ العَمَلُ الصَّالِحُ، والاسْتِئْجارُ على مُجَرَّدِ التِّلاوَةِ لم يَقُلْ به أحدٌ مِنَ الأئمَّةِ، وإنَّما تَنازَعُوا في الاسْتِئْجارِ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّعْليمِ. والمُسْتَحَبُّ أنْ يأْخُذَ الحاجُّ عن غيرِه ليَحُجَّ، لا أنْ يَحُجَّ ليَأْخُذَ، فمَن أحبَّ إبْراءَ ذِمَّةِ المَيِّتِ أو رُؤْيَةَ المَشاعِرِ، يأْخُذُ ليَحُجَّ. ومِثْلُه كلُّ رِزْقٍ أُخِذَ على عَمَلٍ صالحٍ، يُفَرَّقُ بينَ مَن يقْصِدُ الدِّينَ فقط، والدُّنْيا وَسِيلَةٌ، وعَكْسِه، فالأَشْبَهُ أنَّ عَكْسَه ليس له في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ. قال: وحَجُّه عن غيرِه ليَسْتَفْضِلَ ما يُوَفِّي دَينَه، الأَفْضَلُ ترْكُه، لم يَفْعَلْه السَّلَفُ، ويتَوجَّهُ فِعْلُه لحاجَةٍ. قاله صاحِبُ «الفُروعِ»، ونصَرَه المُصَنِّفُ بأدِلَّةٍ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، في مَن عليه دَينٌ، وليس له ما يحُجُّ، أَيَحُجُّ عن غيرِه ليَقْضِيَ دَينَه؟ قال: نعم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، تَعْلِيمُ الفِقْهِ والحديثِ مُلْحَقٌ بما تقدَّم. على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضي، في «الخِلافِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يصِحُّ هنا، وإنْ منَعْنا فيما تقدَّم. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو المذهبُ علي المُصْطَلَحِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لا بأْسَ بأَخْذِ الأُجْرَةِ على الرُّقْيَةِ. نصَّ عليه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه. الثَّالثةُ، يجوزُ أخْذُ الجَعالةِ على ذلك كلِّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به جماعَةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ: فيه وَجْهان. وهو ظاهِرُ «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقال في «المُنْتَخَبِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُعْلُ في الحَجِّ كالأُجْرَةِ. الرَّابعةُ، يَحْرُمُ أخْذُ أُجْرَةٍ وجَعالةٍ على ما لا يتَعَدَّى نَفْعُه؛ كصَوْمٍ، وصَلاةٍ خلْفَه، ونحوهما. الخامسةُ، يجوزُ أخْذُ الرِّزْقِ على ما يتَعَدَّى نَفْعُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في «التَّذْكِرَةِ»: لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْذُ الرِّزْقِ على الحَجِّ، والغَزْو، والصَّلاةِ، والصِّيامِ. وذكَر نحوَه القاضي في «الخِصالِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وذكَرَه في «التَّعْليقِ». ونقَل صالِحٌ، وحَنْبَلٌ، لا يُعْجِبُني أنْ يأْخُذَ ما يَحُجُّ به، إلَّا أنْ يَتَبَرَّعَ. وتقدَّم كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ في مَن أخَذ ليَحُجَّ، قَرِيبًا.

فَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجُمَهُ، صَحَّ، وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ، وَيُطْعِمُهُ الرَّقِيقَ وَالْبَهَائِمَ. وَقَال الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اسْتَأْجَرَه ليَحْجُمَه، صَحَّ. هذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه القاضي، والحَلْوَانِيُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قَوْلُ القاضي، وجُمْهورِ أصحابِه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»: وهو المَنْصوصُ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُكْرَهُ للحُرِّ أكْلُ أُجْرَتِه. يعْنِي، على القَوْلِ بصِحَّةِ الاسْتِئْجارِ عليه، [إلَّا إذا أُعْطِيَ مِن غيرِ شَرْطٍ ولا إجارَةٍ] (¬1). وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَحْرُمُ مُطْلَقًا. واخْتارَ القاضي في «التَّعْليقِ»، أنَّه يَحْرُمُ أكْلُه على سيِّدِه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يُكْرَهُ أخْذُ ما أعْطاه بلا شَرْطٍ. عل الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ القاضي وغيرُه، يُطْعِمُه رَقِيقَه وناضِحَه. وعنه، يَحْرُمُ. وجوَّزَه الحَلْوانِيُّ وغيرُه لغيرِ حُرٍّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فعلى المذهبِ، يَحْرُمُ أكْلُه، على إحْدَى الرِّوايَتَين. قال القاضي: لو أُعْطِيَ شيئًا مِن غيرِ عَقْدٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا شَرْطٍ، كان له أخْذُه، ويَصْرِفُه في عَلَفِ دَوابِّه، ومُؤْنَةِ صِناعَتِه، ولا يحِلُّ أكْلُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَ تَحْرِيمَ أكْلِه القاضي، وطائفَةٌ مِن أصحابِه. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وعنه، يُكْرَهُ أكْلُه. فعلى رِوايَةِ تحرْيمِ أكْلِه، ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في «التَّعْليقِ»، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ»، تحْرِيمُه على كلِّ الأحْرارِ. وصرَّح القاضي في «الرِّوايتَين»، أنَّه لا يَحْرُمُ على غيرِ الحاجِمِ. الثَّانيةُ،

فَصْلٌ: وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ، وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ اسْتِئْجارُه لغيرِ الحِجامَةِ؛ كالفَصْدِ، وحَلْقِ الشَّعَرِ، وتَقْصِيرِه، والخِتانِ، وقطْعِ شيءٍ مِن جسَدِه للحاجَةِ إليه. قاله الأصحابُ. قلتُ: لو خُرِّجَ في الفَصْدِ مِنَ الحِجامَةِ لما كان بعيدًا، وكذلك التَّشْرِيطُ، كالصَّوْمِ. قوله: وللمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ المنْفَعَةِ بنَفْسِه وبمثْلِه. يجوزُ للمُسْتَأْجِرِ إعارَةُ المَأْجُورِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَن يقُومُ مَقامَه؛ مِن دارٍ، وحانُوتٍ، ومَرْكُوبٍ، وغيرِ ذلك، بشَرْطِ أنْ يكونَ الرَّاكِبُ الثَّانِي مِثْلَ الأوَّلِ في الطُّولِ والقِصَرِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُشْترَطُ ذلك. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا تُشْتَرَطُ المَعْرِفَةُ بالمرْكُوبِ. قال في «الفُروعِ»: لا تُعْتَبرُ المَعْرِفَةُ بالمَرْكوبِ في الأصحِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه. وقيل: تُشْترَطُ. اخْتارَه القاضي. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِ المُصَنِّفِ: وبمِثْلِهِ. جَوازُ إعارَةِ المأْجُورِ لمَن يقُومُ مَقامَه، ولو شرَط المُؤْجِرُ عليه اسْتِيفاءَ المَنْفَعَةِ بنَفْسِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قِياسُ قَوْلِ أصحابِنا صحَّةُ العَقْدِ، وبُطْلانُ الشَّرْطِ. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايةِ». وقيل: يصِحُّ الشَّرْطُ أيضًا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: لا يصِحُّ العَقْدُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أعارَ المُسْتَأْجِرُ العَينَ المَأْجُورَةَ، فتلِفَتْ عند المُسْتَعيرِ مِن غيرِ تَفْريطٍ، لم يَضْمَنْها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «التَّلْخيصِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا ضَمانَ على المُسْتَعيرِ مِن المُسْتَأْجِرِ في الأصحِّ. واقْتصرَ عليه في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في بابِ العارِيَّةِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: يضْمَنُها. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو اكْتَراها ليَرْكَبَها إلى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، أو يَحْمِلَ عليها إليه، فأَرادَ العُدولَ إلى مِثْلِها في المَسافَةِ والحُزُونَةِ (¬1) والأمْنِ، أو التي يعْدِلُ إليها أقَلُّ ضَررًا، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: جازَ في الأشْهَرِ. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال المُصَنِّفُ: لا يجوزُ. وإنْ سلَك أبْعَدَ منه أو أشَقَّ، فأُجْرَةُ المِثْلِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: المُسَمَّى وأُجْرَةُ الزَّائدِ والمَشَقَّةِ. قال الشَّارِحُ: هو قِياسُ المَنْصوصِ. ¬

(¬1) الحَزْنُ، من الأرض: ما غلظ. ومن الدواب: ما صعبت رياضته.

وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ وَمَا دُونَهَا فِي الضَّرَرِ مِنْ جِنْسِهَا، فَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ، فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوهِ، وَلَيسَ لَهُ زَرْعُ الدُّخْنِ وَنَحْوهِ. وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ. وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يَمْلِكِ الْآخَرَ. فَإِنِ اكْتَرَاهَا لِلْغَرْسِ، مَلَكَ الزَّرْعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ بمَن هو أكْثَرُ ضَرَرًا منه، ولا بمَن يُخَالِفُ ضَرَرُه ضَرَرَه. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. تنبيه: قولُه: وله أَنْ يَسْتوْفِيَ المنْفَعَةَ وما دونَها في الضَّرَرِ مِن جِنْسِها، فإذا اكْتَرَى لِزَرْعِ حِنْطَةٍ، فله زَرْعُ الشَّعِيرِ ونحوه، وليس له زَرْعُ الدُّخْنِ ونحوه. ولا يَمْلِكُ الغَرْسَ ولا البِناءَ -فإنْ فعَل، لَزِمَه أُجْرَةُ المِثْلِ- وإنِ اكْتَراها لأحَدِهما، لم يَمْلِكِ الآخَرَ، وإنِ اكْتَراها للغَرْسِ، مَلَكَ الزَّرْعَ. وهذا المذهبُ. وقال في «الرِّعايةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنِ اكْتَراها لغَرْسٍ أو بِناءٍ، لم يَمْلِكِ الآخَرَ، فإنْ فعَل فأُجْرَةُ المِثْلِ، وله الزَّرْعُ بالمُسَمَّى. وقيل: لا زَرْعَ له مع البِناءِ. فائدة: لو قال له: أجَرْتُكها لتَزْرَعَها أو تَغْرِسَها. لم يصِحَّ. قطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ؛ لأنَّه لم يُعَيِّنْ أحدَهما. وقال في «الرِّعايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»: وإنْ قال: لتَزْرَعَ أو لتَغْرِسَ ما شِئْتَ. زرَع أو غرَس ما شاءَ. وقيل: لا يصِحُّ للتَّرَدُّدِ. انتهى. وإنْ قال: لتَزْرَعَها ما شِئْتَ، وتَغْرِسَها ما شِثْتَ. صحَّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونَصَراه، وقالا: له أنْ يَزْرَعَها كلَّها، وأنْ يغْرِسَها كلَّها. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ قال: لتَزْرَعَ، وتَغْرِسَ ما شِئْتَ. ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُبَيِّنْ قَدْرَ كلٍّ منهما، لم يصِحَّ. وقيل: يصِحُّ، وله ما شاءَ منهما. انتهى. وإنْ قال: لتَنْتَفِعَ بها ما شِئْتَ. فله الزَّرْعُ والغَرْسُ والبِناءُ، كيفَ شاءَ. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، كما تقدَّم. وتقدَّم، إذا قال: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَرَعْتَها كذا، فبكَذا، وإنْ زَرَعْتَها كذا، فبكَذا. عندَ قوْلِه: إنْ خِطْتَه رُومِيًّا، فبكَذا، وإنْ خِطْتَه فارِسِيًّا، فبكَذا. وتقدَّم بعضُ أحْكامِ الزَّرْعِ، والغَرْسِ، والبِناءِ، في البابِ، عندَ قوْلِه: وإجارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لزَرْعِ كذا، أو غَرْسٍ، أو بِناءٍ مَعْلومٍ. فَلْيُعاوَدْ، فإنَّ عادَةَ المُصَنِّفِين ذِكْرُه هنا.

وَإِنِ اكْتَرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ، أَو الْحَمْلِ، لَمْ يَمْلِكِ الْآخَرَ. وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِحَمْلِ الْحَدِيدِ، أَو الْقُطْنِ، لَمْ يَمْلِكْ حَمْلَ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ فَعَلَ، فَعَلَيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فعَل فعليه أُجْرَةُ المِثْلِ. يعْنِي: إذا فعَل ما لا يجوزُ فِعْلُه؛ مِن زَرْعٍ، وبِناءٍ، وغَرْسٍ، ورُكُوبٍ، وحَمْلٍ، ونحوه، فقَطَع المُصَنِّفُ أنَّ عليه أُجْرَةَ

وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِحُمُولَةِ شَيءٍ، فَزَادَ عَلَيهِ، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ، يعْنِي للجَميعِ، وهو اخْتِيارُ أبِي بَكْرٍ. قاله القاضي. واخْتارَه أيضًا ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الفائقِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَلْزَمُه المُسَمَّى، مع تَفاوُتِهما في أُجْرَةِ المِثْلِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وهو قَوْلُ الخِرَقِيِّ، والقاضِي، وغيرِهما. وكلامُ أبِي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» مُوافِقٌ لهذا. قاله في «القواعِدِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ أجَرَها للزَّرْعِ، فغَرَس أو بنَى، لَزِمَه أُجْرَةُ المِثْلِ، وإنْ أجَرَها لغَرْسٍ أو بِناءٍ، لم يَمْلِكِ الآخَرَ، فإنْ فعَل، فأُجْرَةُ المِثْلِ. وإنْ أجَرَها لزَرْعِ شَعِيرٍ، لم يَزْرَعْ دُخْنًا، فإنْ فعَل، غَرِمَ أُجْرَةَ المِثْلِ للكُلِّ. وقيل: بلِ المُسَمَّى، وأُجْرَةُ المِثْلِ؛ لزِيادَةِ ضَرَرِ الأرْضِ. وقيل: هو كغَاصِبٍ. وكذا لو أجَرَه لزَرْعِ قَمْحٍ، فَزَرَع ذُرَةً ودُخْنًا. انتهى. ذكَرَه مُتَفَرِّقًا. واسْتَثْنَى المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ، مِن مَحَلِّ الخِلافِ، لو اكْتَرَى لحَمْلِ حَديدٍ، فحمَلَ قُطْنًا، أو عَكْسَه، أنَّه يَلْزَمُه أُجْرَةُ المِثْلِ، بلا نِزاعٍ. قوله: وإِنِ اكْتَراها لحُمُولَةِ شيءٍ فزادَ عليه، أو إلى مَوْضِعٍ، فجاوَزَه، فعليه الأُجْرَةُ المذْكُورَةُ، وأُجْرَةُ المِثْلِ للزَّائِدِ. ذكَرَه الخِرَقِيُّ. وهو المذهبُ. جزَم به

فَجَاوَزَهُ، فَعَلَيهِ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: عَلَيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُحَرَّرِ»، و «العُمْدَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وقطَع به الأصحابُ في الثَّانيةِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أبو بَكْرٍ: عليه أُجْرَةُ المِثْلِ للجَميعِ. جزَم به في «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ أبا بَكْرٍ قاله في المَسألتَين، أعْنِي، إذا اكْتَراها لحُمُوَلةِ شيءٍ، فزادَ عليه، أو إلى مَوْضِعٍ، فجاوَزَه. والذي نقَلَه القاضي، عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبِي بَكْرٍ، ونقَلَه الأصحابُ؛ منهم، المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم، إنَّما هو في مَسْأَلَةِ مَنِ اكْتَرَى لحُمُولَةِ شيءٍ، فزادَ عليه فقط. فلذلك قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرَةَ بما أوْهَمَه كلامُ أبِي محمدٍ في «المُقْنِعِ»، مِن وُجوبِ أُجْرَةِ المِثْلِ على قوْلِ أبي بَكْرٍ فيما إذا اكْتَرَى إلى مَوْضِعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فجاوَزَه، ولا ما اقْتَضاه كلامُ ابنِ حَمْدانَ؛ مِن وُجوبِ ما بينَ القِيمتَين على قَوْلٍ، وأُجْرةِ المِثْلِ على قَوْلٍ آخَرَ، فإنَّ القاضيَ قال: لا يَخْتَلِفُ أصحابُنا في ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد نصَّ عليه أحمدُ. انتهى. والذي يَظْهَرُ، أنَّ المُصَنِّفَ تابعَ أبا الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»؛ فإنَّه ذكَرَ كلامَ أبِي بَكْرٍ بعدَ المَسْألتَين، إلَّا أنَّ كلامَه في «الهِدايَةِ» أوْضَحُ؛ فإنَّه ذكَر مَسْأَلَةَ أبِي بَكْرٍ أخِيرًا، والمُصَنِّفُ ذكَرَها أوَّلًا، فحصَل الإِيهامُ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: وحكَى القاضي أنَّ قَوْلَ أبِي بَكْرٍ، في مَسْألَةِ مَنِ اكْتَرَى لحُمُولَةِ شيءٍ، فزادَ عليه، وُجوبُ أجْرِ المِثْلِ في الجميعِ، وأخَذَه مِن قوْلِه، في مَنِ اسْتَأْجَرَ أرْضًا ليَزْرَعَها شَعِيرًا فزرَعَها حِنْطَةً، فقال: عليه أُجْرَةُ المِثْلِ للجميعِ؛ لأنَّه عدَلَ عنِ المَعْقُودِ عليه إلى غيرِه، فأَشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا فزَرَع أُخْرَى. قالا: فجمَع القاضي بينَ مَسْأَلَةِ الخِرَقِيِّ ومَسْأَلَةِ أبِي بَكْرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: يُنْقَلُ قوْلُ كلِّ واحدٍ مِن إحْدَى المَسْألتَين إلى الأُخْرَى؛ لتَساويهما في أنَّ الزِّيادَةَ لا تتَمَيَّزُ، فيَكونُ في المَسْأَلةِ وَجْهان. قالا: وليس الأمْرُ كذلك، فإنَّ بينَ المَسْأَلتَين فَرْقًا ظاهِرًا. وذَكَراه. انتهيا.

وَإِنْ تَلِفَتْ، ضَمِنَ قِيمَتَهَا، إلا أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ صَاحِبِهَا، فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَها. قال المُصَنِّفُ: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وُجوبُ قِيمَتِها إذا تَلِفَتْ به، سواءٌ تَلِفَتْ في الزِّيادَةِ أو بعدَ ردِّها إلى المَسافَةِ، وسَواءٌ كان صاحِبُها مع المُكْتَرِي أو لم يَكُنْ. وقطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ويَلْزَمُه قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ. قال الزَّرْكَشِيُّ -لمَّا قال الخِرَقِيُّ: وإنْ تَلِفَتْ، فعليه أيضًا ضَمانُها- يعْنِي، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِفَتْ في مُدَّةِ المُجاوَزَةِ. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ تَلِفَتْ، ضَمِنَ قِيمَتَها بعدَ تَجاوُزِ المَسافَةِ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ تَلِفَتْ في حالِ زِيادَةِ الطَّريقِ، فعليه كَمالُ قِيمَتِها. وقال القاضي: إنْ كان المُكْتَرِي نزَل عنها، وسلَّمَها إلى صاحبِها ليَمْسِكَها أو يسْقِيَها، فتَلِفَتْ، فلا ضَمانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المُكْتَرِي. وقال المُصَنِّفُ أيضًا: إذا تَلِفَتْ حال التَّعَدِّي، ولم يَكُنْ صاحِبُها مع راكِبِها، فلا خِلافَ في ضَمانِها بكَمالِ قِيمَتِها، وكذا إذا تَلِفَتْ تحتَ الرَّاكِبِ، أو تحتَ حِمْلِه وصاحِبُها معها. فأمَّا إنْ تَلِفَتْ في يَدِ صاحبِها، بعدَ نُزولِ الرَّاكِبِ عنها، فإنْ كان بسَبَبِ تعَبِها بالحَمْلِ والسَّيرِ، فهو كما لو تَلِفَتْ تحتَ الحِمْلِ والرَّاكبِ، وإنْ تَلِفَتْ بسَبَبٍ آخَرَ، فلا ضَمانَ فيها. وقطَع به في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والعِشْرين»: ضَمِنَها بكَمالِ القِيمَةِ. ونصَّ عليه في الزِّيادَةِ على المُدَّةِ. وخرَّج الأصحابُ وَجْهًا بضَمانِ النِّصْفِ مِن مَسْأَلَةِ الحَدِّ. قوله: إلا أَنْ تكونَ في يَدِ صاحِبِها، فيَضْمَنَ نِصْفَ قِيمَتِها في أَحَدِ الوَجْهَين. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «الهِدايَةِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ أحدُهما، يَضْمَنُ قِيمَتَها كلَّها. وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والقاضِي في «التَّعْليقِ»، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلَافَيهما»، والشِّيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، والمَجْدِ. قال أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُجَرَّدِ» للقاضي. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

فَصْلٌ: وَيَلْزَمُ الْمُؤْجِرَ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ، كَزِمَامِ الْجَمَلِ، وَرَحْلِهِ، وَحِزَامِهِ، والشَّدِّ عَلَيهِ، وَشَدِّ الْأَحْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانِي، يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِها فقط. وقال في «التَّلْخيصِ»: إنْ تَلِفَتْ بفِعْلِ اللهِ تَعالى، لم تُضْمَنْ، وإنْ تَلِفَتْ بالحَمْلِ، ففي تَكْميلِ الضَّمانِ وتَنْصِيفِه وَجْهان. واخْتار في «الرِّعايةِ»، أنَّه إنْ زادَ في الحِملِ، ضَمِنَ نِصْفَها مُطْلَقًا، وإنْ زادَ في المَسافَةِ، ضَمِنَ الكُلَّ إنْ تَلِفَتْ حال الزِّيادَةِ، وإلَّا هَدَرٌ. وعنِ القاضي في «الشَّرْحِ الصَّغِيرِ»، لا ضَمانَ عليه ألْبَتَّةَ. وقال القاضي أيضًا: إنْ كان المُكْتَرِي نزَل عنها، وسلَّمها لصاحبِها ليمْسِكَها أو يسْقِيَها، فتَلِفَتْ، لم يَضْمَنْ، وإنْ هلَكَتْ، والمُكْتَرِي راكِبُها، أو حِمْلُه عليها، ضَمِنَها. ووَافقَه في «المُغْنِي»، و «الفُروعِ» على ذلك، إلَّا أنَّهما اسْتَثْنَيا ما إذا تَلِفَتْ في يَدِ مالِكِها بسَبَبِ تَعَبِها مِنَ الحَمْلِ والسَّيرِ. قال في «التَّصْحيحِ»: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِها في أحَدِ الوَجْهَين، وفي الآخَرِ، يضْمَنُ جميعَ قِيمَتِها. وهو الصَّحيحُ إذا تَلِفَتْ بسَبَبِ تَعَبِها بالحَمْلِ والسَّيرِ. ويأْتِي نَظِيرُ ذلك إذا زادَ سَوْطًا على الحدِّ، ومسائِلُ أُخْرَى هناك، فَلْيُراجَعْ في أوَائلِ كتابِ الحُدودِ. تنبيه: دخَل في قوْلِه: إذا اكْتَراها لحُمُولَةِ شيءٍ، فزادَ عليه. لو اكْتَراها ليَرْكَبَها وحدَه، فرَكِبَها معه آخَرُ، فتَلِفَتْ. وصرَّح به في «القواعِدِ». قوله: ويَلْزَمُ المُؤْجِرَ -كُلُّ- ما يَتَمَكَّنُ به مِنَ النَّفْعِ؛ كزِمامِ الجَمَلِ، ورَحْلِه، وحِزامِه، والشَّدِّ عليه، وشَدِّ الأَحْمالِ والمحامِلِ، والرَّفْعِ، والحَطِّ. وكذلك كلُّ ما يتَوَقَّفُ النَّفْعُ عليه؛ كتَوْطِئَةِ مَرْكوبٍ عادةً، والقائدِ والسَّائقِ،

وَالْمَحَامِلِ، وَالرَّفْعِ، وَالْحَطِّ، وَلُزُومِ الْبَعِيرِ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَمَفَاتِيحِ الدَّارِ، وَعِمَارَتِهَا، وَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا كلُّه بلا نِزاعٍ في الجُمْلةِ. ولا يَلْزَمُ المُؤْجِرَ المَحْمِلُ والمِظَلَّةُ والوطاءُ فوقَ الرَّحْلِ، وحَبْلُ قِرانٍ بينَ المَحْمِلَين. قال في «التَّرْغيبِ»: وعِدْلٌ لقُماشٍ على مُكرٍ، إنْ كانتْ في الذِّمَّةِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنَّما يَلْزَمُ المُكْرِيَ ما تقدَّم ذِكْرُه، إذا كان الكِراءُ على أنْ يذْهبَ معه المُكْتَرِي، فأمَّا إنْ كان على أنْ يتَسلَّمَ الرَّاكِبُ البَهِيمَةَ ليَرْكَبَها بنَفْسِه، فكُلُّ ذلك عليه. انتهيا. قلتُ: الأَوْلَى أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى العُرْفِ والعادَةِ. ولعَلَّه مُرادُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: أُجْرَةُ الدَّليلِ على المُكْتَرِي. على الصَّحيحِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: إنْ كان اكْتَرَى منه بَهِيمَةً بعَينِها، فأُجْرَةُ الدَّليلِ على المُكْتَرِي، وإنْ كانتِ الإِجارَةُ على حَمْلِه إلى مَكانٍ مُعَيَّنٍ في الذِّمَّةِ، فهي على المُكْرِي. وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ»؛ لأنَّه الْتَزَمَ أنْ يُوَصِّلَه، وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» أيضًا. قلتُ: يَنْبَغِي أيضًا أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى العُرْفِ والعادَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: ولُزُومِ البَعِيرِ ليَنْزِلَ لصَلاةِ الفَرْضِ. أنَّه لا يَلْزَمُه ذلك ليَنْزِلَ لسُنَّةٍ راتِبَةٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ» وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: يَلْزَمُه أيضًا. فوائد؛ الأُولَى، يَلْزَمُ المُؤْجِرَ أيضًا، لُزومُ البَعيرِ إذا عرَضَتْ للمُسْتَأْجِرِ حاجَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لنُزولِه، وتَبْرِيكُ البَعيرِ للشَّيخِ الضَّعيفِ، والمَرْأةِ، والسَّمِينِ، وشِبْهِهم، لرُكُوبِهم ونُزولِهم، وَيلْزَمُه ذلك أيضًا لمرَضٍ طال. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: لا يَلْزَمُه. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُ الرَّاكِبَ الضَّعِيفَ والمَرْأةَ المَشْيُ المُعْتادُ عندَ قُرْبِ المَنْزِلِ، وهل يَلْزَمُ غيرَهما؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو الصَّوابُ، لِكنَّ المُروءَةَ تَقْتَضِي فِعْلَ ذلك. والثَّاني، يَلْزَمُه. قال في «الرِّعايةِ

فَأَمَّا تَفْرِيغُ البَالُوعَةِ وَالْكَنِيفِ، فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إِذَا تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»: وإنْ جَرَتِ العادَةُ بالنُّزولِ فيه، والمَشْي، لَزِمَ الرَّاكِبَ القَويَّ، في الأقْيَسِ. قلتُ: ويَتَوجَّهُ أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى العُرْفِ. الثَّالثةُ، لو اكْتَرَى جَمَلًا ليَحُجَّ عليه، فله الرُّكوبُ إلى مَكَّةَ، ومِن مَكَّةَ إلى عرَفَةَ، والخُروجُ عليه إلى مِنًى ليالِيَ مِنًى لرَمْي الجِمارِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقدَّماه، وقالا: الأَوْلَى أنَّ له ذلك. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل: ليس له الرُّكوبُ إلى مِنًى؛ لأنَّه بعدَ التَّحَلُّلِ مِنَ الحَجِّ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ». وأمَّا إنِ اكْتَرَى إلى مَكَّةَ فقط، فليس له الرُّكوبُ إلى الحَجِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّها زِيادَةٌ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وتقدَّم في أوَّلِ البابِ اشْتِراطُ ذِكْرِ المَرْكُوبِ، والرَّاكبِ، والمَحْمُولِ، وأحْكامُ ذلك، فَلْيُراجَعْ. الرَّابعةُ، قوْلُه: فأمَّا تَفْرِيغُ البالُوعَةِ والكَنِيفِ، فيَلْزَمُ المُسْتَأْجِرَ إذا تَسَلَّمها فَارِغَةً. بلا نِزاعٍ. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى العُرْفِ. وكذا تَفْرِيغُ الدَّارِ مِنَ القُمامَةِ والزِّبْلِ، ونحوهما، ويَلْزَمُ المُكْرِيَ تَسْلِيمُها مُنَظَّفةً، وتَسْلِيمُ المِفْتاحِ، وهو أمانَةٌ مع المُسْتَأْجِرِ. وعلى المُسْتَأْجِرِ البَكَرَة، والحَبْلُ، والدَّلْوُ.

فَصلٌ: وَالإجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطرَّفَينِ، لَيسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والإِجَارَةُ عَقْدٌ لازِم مِنَ الطَّرِفَين، ليس لأحَدِهما فَسْخُها، وإنْ بَدا له قبلَ تَقَضِّي المُدَّةِ، فعليه الأجْرَةُ. الإجارَةُ عَقْدٌ لازِمٌ يقْتَضِي تَمْلِيكَ المُؤْجِرِ الأُجْرَةَ، والمُسْتَأْجِرِ المَنافِعَ، فإذا فسَخَها المُسْتَأْجِرُ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَنْفَسِخْ، ولا يجوزُ للمُؤْجِرِ التَّصَرُّفُ فيها، فإنْ تَصَرَّفَ فيها في حالِ كَوْنِ يَدِ المُسْتَأْجِرِ عليها، قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ؛ مِثْلَ أنْ يَسْكُنَ المالِكُ الدَّارَ، أو يُؤجِرَها لغيرِه، لم تَنْفَسِخِ الإجارَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعلى المُسْتَأْجِرِ جميعُ الأُجْرَةِ، وله على المالِكِ أُجْرَةُ المِثْلِ لِما سكَن أو تصَرَّفَ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. فعلى هذا، إنْ كانتْ أُجْرَةُ المِثْلِ الواجِبَةُ على المالِكِ بقَدْرِ الأُجْرَةِ المُسَمَّاةِ في العَقْدِ، لم يجِبْ على المُسْتَأْجِرِ شيءٌ، وإنْ فضَلَتْ منه فَضْلَةٌ، لَزِمَتِ المالِكَ للمُسْتَأْجِرِ. وَيحْتَمِلُ أنْ يَنْفَسِخَ العَقْدُ فيما اسْتَوْفاه المالِكُ، وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «المُغْنِي»،

وَإنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ، فَعَلَيهِ الأُجْرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وأمَّا إذا تصَرَّفَ المالِكُ قبلَ تَسْلِيمِها، أو امْتنعَ منه حتى انْقَضَتِ المُدَّةُ، فإنَّ الإِجارَةَ تنْفَسِخُ، وَجْهًا واحِدًا. قاله المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وإنْ سلَّمَها إليه في أثْناءِ المُدَّةِ، انْفَسَخَتْ فيما مضَى، وتجِبُ أُجْرَةُ الباقِي بالحِصَّةِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ أبَى المُؤْجِرُ تسْلِيمَ ما أجَرَه، أو منَع مُسْتأْجِرَه الانْتِفاعَ به كلَّ المُدِّةِ، فله الفَسْخُ مجِّانًا. وقيل: بل يَبْطُلُ العَقْدُ مجَّانًا. وقيل: إنْ كانتِ المُدة مُعَينَّةً، بَطَلَ، وإلَّا فله الفَسْخُ مجَّانًا.

وَإنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ تَقَضِّيهَا، لَمْ تَكُنْ لَهُ أجْرَةٌ لِمَا سَكَنَ. نَصَّ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مِنَ الأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَوَّلَه المالِكُ قبلَ تَقَضِّيها لم يَكُنْ له أُجْرَةٌ لما سَكَن. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ المَنْصوصُ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ له مِنَ الأُجْرَةِ بقِسْطِه. واخْتارَه في «الفائقِ». ويأْتِي إذا غصَبَها مالِكُها، عندَ قوْلِه: إذا غُصِبَتِ العَينُ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو امْتنَعَ الأجِيرُ مِن تَكْميلِ العَمَلِ. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: والحُكْمُ في مَنِ اكْتَرَى دابَّةً، فامْتَنَعَ المُكْرِي مِن تَسْليمِها في بعضِ المُدَّةِ، أو أجَرَ نفْسَه أو عَبْدَه للخِدْمَةِ مُدَّةً، وامْتَنَعَ مِن إتْمامِها، أو أجَرَه نفْسَه لبِناءِ حائطٍ، أو خِياطَةِ ثَوْبٍ، أو حَفْرِ بِئْرٍ، أو حَمْلِ شيءٍ إلى مَكانٍ، وامْتَنَعَ مِن إتْمامِ العَمَلِ مع القُدْرَةِ عليه، كالحُكْمِ في العَقارِ يَمْتَنِعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن تَسْليمِه. انتهيا. قال في «الرِّعايةِ»: وكذا الخِلافُ والتَّفْصِيلُ إنْ أبَى الأجِيرُ الخاصُّ العَمَلَ أو بعضَه، كلَّ المُدَّةِ أو بعضَها، أو أَبَى مُسْتَأْجِرُ العَبْدِ، والبَهِيمَةِ، والجِمالِ (¬1)، الانْتِفاعَ بهم كذلك، ولا مانِعَ مِنَ الأجيرِ والمُؤْجِرِ. انتهى. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين»: إذا اسْتَأْجَرَه لحِفْظِ شيءٍ مُدَّةً، فحَفِظَه في بعضِها، ثم ترَك فهل تَبْطُلُ الإجارَةُ؟ فيه وَجْهان؛ قال ابنُ المَنِّيِّ: أصَحُّهما لا تَبْطُلُ، بل يزولُ الاسْتِئْمان، ويَصِيرُ ضامِنًا. وفي مَسائلِ ابنِ مَنْصُورٍ، عن أحمدَ، إذا اسْتَأْجَرَ أجِيرًا شَهْرًا مَعْلومًا، فجاءَ إليه في نِصْفِ ذلك الشَّهْرِ، أن للمُسْتَأْجِرِ الخِيارَ. والوجْهُ الثَّاني، يَبْطُلُ العَقْدُ، فلا يَسْتَحِقُّ شيئًا مِنَ الأُجْرَةِ، بِناءً على أصْلِنا في مَنِ امْتَنَعَ مِن تَسْليمِ بعضِ المَنافِعِ المُسْتَأْجَرَةِ، أنَّه لا يَسْتَحِقُّ أُجْرَة. وبذلك أفْتَى ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه». انتهى. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الجماد».

وَإنْ هَرَبَ الْأَجيرُ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ، انْفَسَخَتِ الإجَارَة، وَإنْ كَانتْ عَلَى عَمَلٍ، خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَينَ الْفَسْخ وَالصَّبْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ هرَب الأجيرُ حتى انْقَضَتِ المُدَّةُ، انفَسَخَتِ الإِجَارَةُ، وإنْ كانتْ على عمَل، خُيِّرَ المسُتَأْجِرُ بينَ الفَسْخِ والصَّبْرِ. إذا هرَب الأجِيرُ، أو شرَدَتِ الدَّابَّةُ، أو أخَذَ المُؤْجِرُ العَينَ وهرَب بها، أو منَعَه اسْتِيفاءَ المَنْفَعَةِ منها مِن غيرِ هَرَبٍ، لم تَنْفَسِخِ الإجارَةُ، ويَثْبُتُ له خِيارُ الفَسخِ، فإنْ فسَخَ، فلا كلامَ، وإنْ لم يفْسَخْ، وكانتِ الإِجارَةُ على مُدَّةٍ، انْفَسَخَتْ بمُضيِّها يَوْمًا فيَوْمًا، فإنْ عادَتِ العَينُ

وَإنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ، أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَال، أنْفَقَ عَلَيهَا الْحَاكِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ في أثْنائِها، اسْتَوْفَى ما بَقِيَ، وإنِ انْقَضَتِ، انْفَسَخَتْ. وإنْ كانتْ على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ؛ كخِياطَةِ ثَوْبٍ ونحوه، أو حمْلٍ إلى مَوْضِع مُعَيَّنٍ، اسْتُؤْجِرَ مِن مالِه مَن يَعْمَلُه، فإنْ تعَذَّرَ، فله الفَسْخُ، فإنْ لم يفْسَخْ، فله مُطالبَتُه بالعَمَلِ. وإنْ هرَب قبلَ إكْمالِ عَملِه، ملَك المُسْتَأْجِرُ الفَسْخَ والصَّبْرَ، كمَرَضِه. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يَكْتَرِي عليه مَن يقومُ به، فإنْ تعَذَّرَ، فله فَسْخُها. وإنْ فرَغَتْ مُدَّتُه في هَرَبِه، فله الفَسْخُ. قدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: تَنْفَسِخُ هي. وهو الذي قطَع به المُصَنِّفُ هنا. قوله: وإنْ هرَب الجَمَّالُ أو ماتَ وترَك الجِمال، أنْفَقَ عليها الحاكِمُ مِن مالِ

مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ، أوْ أذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الإجَارَةُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّى الْمُنْفِقَ، وَحَفِظَ بَاقِيَ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَمَّالِ، أو أذِنَ للمُسْتَأْجرِ في النَفَقَةِ، فإذا انْقَضَتِ الإجَارَةُ، باعَها الحاكِمُ ووَفَّى المُنْفِقَ، وحَفِظَ باقيَ ثَمَنِهَا لصاحِبِه. إذا أنْفَق المُسْتَأْجِرُ على الجِمالِ، والحالةُ ما تقدَّم، بإذْنِ حاكم، رجَعَ بما أنْفَقَه، بلا نِزاعٍ، وإنْ لم يَسْتَأْذِنْه ونَوَى الرُّجوعَ، ففيه الرِّوايَتان اللَّتان في مَن قضَى دَينًا عن غيرِه بغيرِ إذْنِه، على ما تقدَّم في بابِ الضمانِ، والصَّحيحُ منهما، أنَّه يَرْجِعُ. قال في «القواعِدِ»: ومُقْتَضَى طَرِيقَةِ القاضي، أنَّه يَرْجِعُ، رِوايَةً واحِدَةً. ثم إنَّ الأكْثَرِين اعْتَبرُوا الإِشهادَ على نِيَّةِ الرُّجوعِ. وفي «المُغْنِي» وغيرِه وَجْه أنَّه لا يُعْتَبَرُ. قال في «القواعِدِ»: وهو الصحيحُ. انتهى. وحُكْمُ مَوْتِ الجَمَّالِ حُكْمُ هَرَبِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما قال المُصَنِّفُ. وقال أبو بَكْرٍ: مَذْهبُ أحمدَ، أنَّ المَوْتَ لا يفْسَخُ الإجارَةَ، وله أنْ يَرْكَبَها، ولا يُسْرِفَ في عَلْفِها ولا يُقَصِّرَ، ويَرْجِعَ بذلك.

وَتَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْعَينِ الْمَعْقُودِ عَلَيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَنْفَسِخُ الإِجارَةُ، بتَلَفِ العَينِ المعْقُودِ عليها. سواءٌ تَلِفَتِ ابتداءً أو في أثْناءِ المُدَّةِ؛ فإذا تَلِفَتْ في ابْتِداءِ المُدَّةِ، انْفَسَخَتْ، وإنْ تَلِفَتْ في أثْنائِها انْفسَخَتْ أيضًا فيما بَقِيَ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: وتنْفَسِخُ أيضًا فيما مَضَى، ويُقَسَّطُ المُسَمَّى على قِيمَةِ المَنْفَعَةِ، فيَلْزَمُه بحِصَّتِه. نقَل الأَثْرَمُ في مَنِ اكْتَرَى بعِيرًا بعَينه فماتَ، أو انْهَدَمَتِ الدَّارُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو عُذْرٌ، يُعْطِيه بحِسابِ ما رَكِبَ. وقيل: يَلْزَمُه بحِصَّتِه مِنَ المُسَمَّى. وقيل: لا فَسْخَ بهَدْمِ دارٍ، فيُخَيَّرُ. ويأتِي حُكْمُ الدَّارِ إذا انْهَدَمَتْ، في كلامِ المُصَنِّفِ

وَمَوْتِ الصَّبِيِّ المُرْتَضِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ هذا، وكلامُه هنا أعَمُّ. وعنه، لا تنْفَسِخُ بمَوْتِ المُرْضِعَةِ، ويجِبُ في مالِها أُجْرَةُ مَن يُرْضِعُه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأمَّا مَوْتُ المُرْتَضِعِ فتَنْفَسِخ به الإِجارَةُ، قوْلًا واحِدًا، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا.

وَمَوْتِ الرَّاكِبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ بمَوْتِ الرَّاكِبِ، إذا لم يَكُنْ له مَن يَقُومُ مَقامَه في اسْتِيفَاءِ المنْفَعَةِ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَارِحُ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الإجارَةَ لا تنْفَسِخُ بمَوْتِ الرَّاكِبِ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: لا تنْفَسِخُ بالمَوْتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَنْصوصُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أبا محمدٍ.

وَانْقِلَاعِ الضِّرْسِ الَّذِي اكْتَرَى لِقَلْعِهِ، أو بُرْئِهِ، وَنَحْو هَذَا وَإنِ اكْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ، أوْ أَرضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا، انْفَسَخَتِ الْإجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أكْرَى دارًا فانْهَدَمَتْ، انْفَسَخَتِ الإِجارَةُ فيما بَقِيَ مِنَ المُدَّةِ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «التصْحيحِ». وجزَم به ابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي. وقدَّمه في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا تنْفَسِخُ، ويثْبُتُ للمُسْتَأْجِرِ خِيارُ الفَسْخِ. وهو رِوايَة عن أحمدَ. اخْتارَه القاضِي. قال في «التَّلْخيصِ»: لم تنْفَسِخْ، على أصَحِّ الوَجْهَين. وقيل: تنْفَسِخُ فيما بَقِيَ وفيما مَضَى. ذكَرَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو أرْضًا للزَّرْعِ، فانْقَطَعَ ماؤُها، انْفَسَخَتِ الإجارةُ فيما بَقِيَ مِنَ المُدَّةِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْني»، و «الشَّارحِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تنْفَسِخُ، وللمُسْتأْجِرِ خِيارُ الفَسْخِ. اخْتارَه القاضِي. وجزَم به في «التَّلْخيصِ» في مَوْضِعٍ، وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: لم تنْفَسِخْ على أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». فائدة: لو أجَرَ أرْضًا بلا ماءٍ، صحَّ؛ فإنْ أجَرَها وأطْلَقَ، فاخْتارَ المُصَنِّفُ الصِّحَّةَ، إذا كان المُسْتَأْجِرُ عالِمًا بحالِها وعدَمِ مائِها. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يصِحُّ. وجزَم به ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وإنْ ظنَّ المُسْتَأْجِرُ إمْكانَ تَحْصيلِ الماءِ، وأطْلَقَ الإجارَةَ، لم تصِحَّ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وإن ظنَّ وُجودَه بالأمْطارِ، أو زِيادَةِ الأنْهارِ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالعِلْمِ. جزم به في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايةِ» وَجْهان. ومتى زرَع، فغَرِقَ، أو تَلِفَ، أو لم يَنْبُتْ، فلا خِيارَ له، وتَلْزَمُه الأجْرَةُ. نصَّ عليه. وإنْ تَعذر زَرْعُها

وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ المُكْرِي وَالْمُكْتَرِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ لغَرَقِها، فله الخِيارُ. وكذا له الخِيارُ لقِلَّةِ ماءٍ، قبلَ زَرْعِها أو بعدَه، أو عابَتْ بغَرَقٍ يَعِيبُ به بعضُ الزَّرْعِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أو بَرْدٍ، أو فَأْرٍ، أو عُذْرٍ، قال: فإنْ أمْضَى العَقْدَ، فله الأرْشُ، كعَيبِ الأعْيانِ، وإنْ فسَخَ، فعليه القِسْطُ قبلَ القَبْضِ، ثم أُجْرَةُ المِثْلِ إلى كَمالِه. قال: وما لم يُرْوَ مِنَ الأرْضِ، فلا أُجْرَةَ له اتّفاقًا، وإنْ قال في الإجارَةِ: مَقِيلًا ومُراعًى. أو أطْلَقَ؛ لأنَّه لا يَرِدُ على عَقْدٍ، كأرْضَ البَرِّيَّةِ. قوله: ولا تَنْفَسِخُ -أَي الإِجارَةُ- بمَوْتِ المُكْرِي، ولا المُكْتَري. هذا المذهبُ مُطْلقًا في الجُمْلةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم؛ منهم صاحِبُ «الوَجيز». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم رواية، اختارَها جماعَة، أنَّها تنْفسِخُ بمَوْتِ الراكِبِ. وتقدَّم رِوايةٌ، لا تَنْفَسِخُ الإِجارَةُ بمَوْتِ المُرْضِعَةِ.

ولَا بِعُذْرٍ لأحَدِهمَا؛ مِثْلَ أَنْ يَكْتَرِيَ لِلحَجِّ فَتَضِيعَ نَفَقَتُهُ، أَوْ دُكَّانًا فيَحْتَرِقَ مَتَاعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: فإنْ قيلَ: كيفَ الجَمْعُ بينَ قَوْلِ المُصَنِّفِ: تَنْفَسِخُ بمَوْتِ الرَّاكِبِ. وبينَ قوْلِه بَعْدُ: لا تنْفَسِخُ بمَوْتِ المُكْرِي ولا المُكتَرِي؟ قيلَ: يجِبُ حَمْلُ قوْلِه: لا تنْفَسِخُ بمَوْتِ المُكْتَرِي (¬1) على أنَّه ماتَ وله وارثٌ، وهناك صرَّح بأنَّها تنْفَسِخُ إذا لم يَكُنْ له مَن يقُومُ مَقامَه. قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنَّه قال هذا مُتابعَة للأصحابِ، وقال ذلك لأجْلِ اخْتِيارِه. ¬

(¬1) في ط: «المكرى».

وَإنْ غُصِبَتِ الْعَينُ، خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَينَ الفَسْخِ وَمُطَالبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ فَسَخَ، فَعَلَيهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غُصِبَتِ العَينُ، خُيِّرَ المسُتَأْجِرُ بينَ الفَسْخِ ومُطالبَةِ الغاصِبِ بأُجْرَةِ المِثْلِ، فإنْ فسَخ، فعليه أُجْرَةُ ما مَضَى. إذا غُصِبَتِ العَينُ فلا تَخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ إِجارَتُها لعَمَلٍ أو لمُدَّةٍ؛ فإنْ كانتْ لعَمَلٍ، فلا تخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ الإجارَةُ على عَينٍ مَوْصُوفةٍ في الذِّمَّةِ، أو تكونَ على عَين مُعَيَّنَةٍ. فإنْ كانتْ على عَينٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ وغُصِبَتْ، لَزِمَه بدَلُها، فإنْ تعَذَّرَ، كان له الفَسْخُ. وإنْ كانتْ على عَينٍ مُعَيَّنَةٍ، خُيِّرَ بينَ الفَسْخِ والصَّبْرِ إلى أنْ يَقْدِرَ على العَينِ المَغْصوبَةِ، فيَسْتَوْفِيَ منها. وإنْ كانتْ إلى مُدَّةٍ، فهو مُخَيَّرٌ بينَ الفَسْخِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإمْضاءِ وأخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِها مِن غاصبِها، إنْ ضُمِنَتْ مَنافِعُ الغَصْبِ، وإنْ لم تُضْمَنْ، انْفَسَخَ العَقْدُ. وقال في «الانْتِصارِ»: تنْفَسِخُ تلك المُدَّةَ، والأُجْرَة للمُؤْجِرِ لاسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ على مِلْكِه، وأنَّ مِثْلَه وَطْءُ مُزَوَّجَةٍ، [ويكونُ الفَسْخُ مُتَراخِيًا. فإذا لم يفْسَخْ حتى انْقَضَتْ مُدَّةُ الإجارَةِ، كان له الخِيارُ بينَ الفَسْخِ والرُّجوعِ بالمُسَمَّى، وبينَ البَقاءِ على العَقْدِ، ومُطالبَةِ الغاصِبِ بأُجْرَةِ المِثْلِ. فإنْ رُدَّتِ العَينُ في أثْناءِ المُدَّةِ ولم يكُنْ فسَخ، اسْتَوْفَى ما بَقِيَ منها، ويكونُ فيما مضَى من المُدَّةِ مُخَيَّرًا، كما ذكَرْنا. قاله في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو كان الغاصِبُ هو المُؤْجِرَ، لم يَكُنْ له أُجْرَة مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الغاصِبِ الأجْنَبِيِّ. وهو تخْرِيجٌ في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: لو أتْلَف المُسْتَأجِرُ العَينَ، ثبَت ما تقدَّم مِنَ الفَسْخِ، أو الانْفِساخِ، مع تَضْمِينِ المُسْتَأْجِرِ

قَال الْخِرَقِيُّ: فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجُزُ الْمُسْتَأْجِرَ فَي مَنْفَعَةِ مَا وَقَعَ عَلَيهِ الْعَقْدُ، فَعَلَيهِ مِنَ الأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ. وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ، أُقِيمَ مُقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُهُ، وَالأُجْرَةُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أتْلَفَ. ومِثْلُه، جَبُّ المرأَةِ زَوْجَها، تضْمَنُ، ولها الفَسْخُ. انتهى. قلت: يَحْتَمِلُ أنْ لا فَسْخَ لها. وتقام قَرِيبًا إذا حوَّلَه المالِكُ قبلَ تقَضي المُدَّةِ. وهذه المَسْأَلةُ مِن بعْضِ صُور تلك. الثَّانيةُ، لو حدَثَ خَوْفٌ عام يمْنَعُ مِن سُكْنَى المَكانِ الذي فيه العَينُ المُسْتَأْجَرَةُ، أو حُصِرَ البَلَدُ، فامْتنَعَ خُروجُ المُسْتَأْجِرِ إلى الأرْضِ، ثبَت له خِيارُ الفَسْخِ. قال الخِرَقِي: وإذا جاءَ أمْرٌ غالِبٌ يَحْجِزُ المُسْتَأجِرَ عن مَنْفعَةِ ما وقَع عليه العَقْدُ، فعليه مِنَ الأُجْرَةِ بقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفاعِه. فكلامُه أعَمُّ مِن كلامِ المُصَنِّفِ هنا؛ لأنَّه شَمِلَ الغصْبَ وغيرَه، فلذلك اسْتَشْهَدَ به المُصَنِّفُ. فإنْ كان الخَوْفُ خاصًّا بالمُسْتَأْجِرِ، كمَن خافَ وحدَه لقُرْبِ أعْدائِه مِن المَرْضِعِ المأْجُورِ، أو حُلولِهم في طَرِيقِه، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ. وكذا الحُكْمُ لو حُبِسَ أو مَرِضَ. قوله: ومَنِ اسْتُؤْجِرَ لعَمَلِ شيءٍ، فمَرِضَ، أُقِيمَ مُقامَه مَن يَعْمَلُه، والأُجْرَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المَرِيضِ. مُرادُه، إذا اسْتَأْجَرَه لعَمَلٍ في الذِّمَّةِ؛ كخِياطَةٍ، وبِناء، ونحوهما. ومُرادُه: إذا لم يَشْتَرِطْ عليه مُباشَرَتَه، فإنْ شرَطَ عليه مُباشَرَتَه، لم يَقُمْ غيرُه مَقامَه. وكذا لو كانتِ الإِجارَةُ على عَينِة في مُدَّةٍ أو غيرِها، فمَرِضَ، لم يَقُمْ غيرُه مَقامَه؛ لأنَّ الإجارَةَ وقَعَتْ على عَمَلِه بعَينِه، لا على شيءٍ في ذِمَّتِه. وقال المُصَنِّفُ،

وَإنْ وَجَدَ الْعَيْنَ مَعِيبَةً، أوْ حَدَثَ بِهَا عَيبٌ، فَلَهُ الْفَسْخُ، وَعَليهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: لو كان العَمَلُ في الذمَّةِ، واخْتلَفَ القَصْدُ، كاسْتِئْجارِه لنَسْخِ كِتابٍ، لم يُكَلَّفِ الأجِيرُ إقامَةَ غيرِه مُقامَه، ولا يَلْزَمُ المُسْتَأْجِرَ قَبُولُ ذلك، إنْ بذلَه الأجِيرُ؛ لأنَّ الغرَضَ يَخْتَلِفُ. فإنْ تعَذَّرَ عمَلُ الأجِيرِ، فللْمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك أيضًا، عندَ قوْلِه: الضَّرْبُ الثَّانِي، عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ. قوله: وإنْ وجَد العَينَ مَعِيبَةً، أو حدَث بها عَيبٌ، فله الفَسْخُ. مُرادُه ومُرادُ

أُجْرَةُ مَا مَضَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه، إنْ لم يَزُلِ العَيبُ بلا ضَرَرٍ يَلْحَقُه، فإنْ زال سَرِيعًا بلا ضَرَرٍ، فلا فَسْخَ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه ليس له إلَّا الفَسْخُ أو الإمْضاءُ مجَّانًا. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، أطْلَقَه الأصحابُ. وصرَّح به ابنُ عَقِيل، والمُصَنفُ، وغيرُهما. وقيل: يَمْلِكُ الإمْساكَ مع الأرْشِ. وهو تخْرِيجٌ للمُصَنفِ. وقال في «المُحَرَّرِ»، وتَبِعَه في «الفُروعِ» وغيرِه: وقياسُ المذهبِ، له الفَسْخُ أو الإِمْساكُ مع الأرْشِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، بعدَ ذِكْرِ مَسْأَلةِ عَيبِ المَبِيعِ، وأنَّه بالخِيَرَةِ: كذاكَ مأْجُورٌ، قِياسُ المذهبِ … قد قاله الشَّيخان، فافْهَمْ مَطْلَبِي فهذا مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ لم نَقُلْ بالأرْشِ، فوُرُودُ ضَعْفِه على أصْلِ أحمدَ بَيِّنٌ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على هذا في الخِيارِ في العَيبِ، بعد قوْلِه: ومَنِ اشْتَرى مَعِيبًا لم يعْلَمْ عَيبَه.

وَيَجُوزُ بَيعُ الْعَينِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الإجَارَةُ، إلَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، العَيبُ هنا ما يظْهَرُ به تَفاوُتُ الأجْرَةِ. الثِّانيةُ، لو لم يَعْلَمْ بالعَيبِ حتى فرَغَتِ المُدَّةُ، لَزِمَه الأُجْرَةُ كامِلَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج المُصَنِّفُ لُزومَ الأرْشِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، لا سِيَّما إذا كانَ دَلَّسَه. الثَّالثةُ، قال في «التَّرْغِيبِ»: لو احْتاجَتِ الدَّارُ تجْدِيدًا؛ فإنْ جدَّدَ المُؤجِرُ، وإلَّا كان للمُسْتَأْجِرِ (¬1) الفَسْخُ، ولو عمَرَ فيها المُسْتَأْجِرُ بدُونِ إذْنِه، لم يَرْجِعْ به. نصَّ عليه في غَلْقِ الدَّارِ إذا عَمِلَه السَّاكِنُ. ويَحْتَمِلُ الرُّجوعُ، بِناءً على مِثْلِه في الرَّهْنِ. قلتُ: بل أوْلَى. وحكَى في «التَّلْخيصِ»، أنَّ المُؤجِرَ يُجْبَرُ على التَّرْميمِ بإصْلاحِ مُكَسَّر، وإقامَةِ مائلٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ: للمُسْتَأْجِرِ مُطالبَةُ المُؤْجِرِ بالعِمارةِ التي يحْتاجُ إليها المَكانُ المأْجُورُ، فإنْ كان وَقْفًا، فالعِمارَةُ واجِبَة مِن وَجْهَين؛ مِن جِهَةِ أهْلِ الوَقْفِ، ومِن جِهَةِ حقِّ المُسْتَأْجِرِ. انتهى. وليس له إجْبارُه على التَّجْديدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. الرَّابعَةُ، لو شرَط عليه مُدَّةَ تَعْطيلِها، أو أنْ يأْخُذَ بقَدْرِ مُدَّةِ التَّعْطيلِ بعدَ المُدَّةِ، أو شرَط عليه العِمارَةَ، أو جعْلَها أُجْرَةً، لم يصِحَّ، ومتى أنْفَقَ بإذْنٍ على الشَّرْطِ، أو بِناءٍ، رجَع بما قال المُؤْجِرُ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه، في الإذْنِ، يرْجِعُ بما قال المُسْتَأْجِرُ، كما لو أَذِنَ له حاكِمٌ في نفَقَتِه على جِمالٍ هرَب مُؤْجِرُها. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه كالوَكِيلَ. قوله: ويَجُوزُ بَيعُ العَينِ المُسْتَأْجَرَةِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ جَعْفَرِ ¬

(¬1) في ط: «المؤجر».

يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَتُفْسَخُ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ محمدٍ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يصِحُّ بَيعُها. قال في «الرِّعايَةِ»: وخُرِّجَ منْعُ البَيعِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وظاهِرُ كلامِه في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ، أنَّه إذا باعَ العَينَ المُؤْجَرَةَ، ولم يُبَيِّنْ أنَّها مُسْتَأْجَرَة، أنَّ البَيعَ لا يصِحُّ. ووَجْهُه أنَّه باعَ مِلْكَه ومِلْكَ غيرِه، فهي مَسْألَةُ تفْريقِ الصَّفْقَةِ. فعلى المذهب، إذا لم يعْلَمِ المُشْتَرِي بذلك، ثم عَلِمَ، فله الفَسْخُ أو الإمْضاءُ مجَّانًا. على الصَّحيحِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: له الفَسْخُ أو الإمْضاءُ مع الأرْشِ. قال أحمدُ: هو عَيبٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «الفائقِ»، وقال: قلتُ: فلو كانتِ الأرْضُ مَشْغُولَةً ببِناءِ غيرِه، أو زَرْعِه وغِراسِه، فقال شيخُنا: يصِحُّ العَقْدُ حالًّا، وهو المُخْتارُ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ لو كانتْ مَرْهُونَة. وتقدَّم ذلك في بابِه. الثَّانيةُ، لو باعَ الدارَ التي تَسْتَحِق المُعْتَدَّةُ للوَفاةِ سُكْناها، وهي حامِل، فقال المُصَنفُ: لا يصِحُّ بَيعُها، لأنَّ المُدَّةَ الباقِيَةَ إلى حينِ وَضْعِ الحَمْلِ مجْهولَةٌ. قلتُ: فيُعايىَ بها. وقال المَجْدُ: قِياسُ المذهبِ الصِّحَّةُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ويأْتِي ذلك أيضًا في عِدَّةِ الوَفاةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يَشْتَريَها الْمُسْتَأْجِرُ، فتَنْفَسِخُ، على إحْدَى الروايَتَين. وهما وَجْهان عندَ أكثرِ الأصحابِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، لا تنْفَسِخُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثِين»: وهو الصَّحيحُ، اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والأكْثَرون. وجزَم به في «الوَجِيزِ». وقدَّمَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ، تَنْفَسِخُ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: انفْسَخَتِ الإجارَةُ على الأصحِّ. قال في «الخُلاصَةِ»: انفْسخَتْ في الأصحِّ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وعنه، تَبْطُلُ الإِجارَةُ بالشِّراءِ، ويرْجِعُ المُشْتَرِي بأُجْرَةِ ما بَقِيَ مِنَ المُدَّةِ إنْ كان الآجِرُ أخَذَه، وإلَّا سقَط مِنَ الثَّمَنِ بقَدْرِه، بشَرْطِه. انتهى. فعلى المذهبِ، لو أجَرَها لمُؤْجِرِها، صحَّ. وعلى الثَّانيةِ، لا يصِحُّ. فعلى الأُولَى، تكونُ الأُجْرَةُ باقِيَةً على المُشْتَرِي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الثَّمَنُ، ويَجْتَمِعان للبائعِ، كما لو كان المُشْتَرِي غيرَه. فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ ما وَرِثَه المُسْتَأْجِرُ، حُكْمُ ما اشْتَراه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقَطعُوا به. قال القاضي في «الخِلافِ»: هذا المذهبُ. وقال في «المُجَرد»: تنْفسِخُ؛ لأنَّ المِلْكَ بالإرْثِ قَهْرِيٌّ. وأيضًا فقد يَنْبَنِي على أنَّ المَنافِعَ المُسْتَأْجَرَةَ، هل تَحْدُثُ على مِلْكِ المُؤْجِرِ، ثم تنْتَقِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى مِلْكِ المُسْتَأْجِرِ؟ فإن قُلْنا بذلك، فلا مَعْنًى لحُدوثِها على مِلْكِه وانْتِقالِها إليه. هذا إذا كان ثَمَّ وارِثٌ سِواه، فأمَّا إنْ لم يَكُنْ له وارِثٌ سِواه، فلا مَعْنَى لاسْتِحْقاقِ العِوَضِ على نفْسِه، إلَّا أنْ يكونَ على أبِيه دَينٌ لغيرِه، وقد ماتَ مُفْلِسًا بعدَ أنْ أسْلَفَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُجْرَةَ. الثَّانيةُ، لو ملَك المُسْتَأْجِرُ العَينَ بهِبَةٍ، فهو كما لو ملَكَها بالشِّراءِ. صرَّح به المجْدُ في مُسَوَّدَتِه على «الهِدايَةِ». ذكَرَه في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثين». الثَّالثةُ، لو وُهِبَتِ العَينُ المُسْتَعارَةُ للمُسْتَعيرِ، بطَلَتِ العارِيَّةُ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. واقْتصرَ عليه في «القواعِدِ»؛ لأنَّه عَقْدٌ غيرُ لازِمٍ.

فَصْلٌ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأجِيرِ الْخَاصِّ، وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا ضَمانَ على الأجيرِ الخَاصِّ؛ وهو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَه إلى المُسْتَأجِرِ -يعْنِي، لعَمَل مَعْلومٍ مُباحٍ- فيما يتْلَفُ بيَدِه. فقَوْلُ المُصَنفِ في حدِّه: هو الذي

نَفْسَهُ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا يَتْلَفُ فِي يَدِهِ، إلَّا أنْ يَتَعَدَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسَلِّمُ نَفْسَه إلى المُسْتَأْجِرِ. هو أحدُ الوَجْهَين. ذكَرَهما في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». وقطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأَجيرَ الخاصَّ؛ هو الذي يُؤْجِرُ نَفْسَه مُدَّةً مَعْلومَةً، يَسْتَحِقُّ المُسْتَأْجِرُ نفْعَها في جَميعِها، سواء سلَّم نَفْسَه إلى المُسْتَأْجِرِ أوْ لا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». والذي يَظْهَرُ لي، أنَّ المَسْأْلةَ قَوْلٌ واحِدٌ، وأنَّ صاحِبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» رأَى بعضَهم ذكَر العِبارَةَ الأُولَى، وذكَر بعضُهم العِبارَةَ الثَّانيةَ، فظَن أنَّهما قَوْلان. والعُذْرُ لمَن قال: هو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَه إلى المُسْتأْجِرِ. أنَّه الواقِعُ في الغالِبِ، فأناطَ الحُكْمَ للغالِبِ، لا أنَّ الذي يُؤجِرُ نَفْسَه مُدَّةً ولم يُسَلِّمْها إلى المُسْتَأْجِرِ لا يُسَمَّى أجِيرًا خاصًّا، فإنَّ المَعنَى الذي سُمِّيَ به يشْمَلُه. إلَّا أنْ يُعْثَرَ على أحدٍ مِنَ الأصحابِ بيَّن ذلك، وذكَر عِلَّةَ كل قَوْلٍ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يضْمَنُ ما تَلِفَ بيَدِه بشَرْطِه. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: لا يضْمَنُ جِنايَتَه في المَنْصوصِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال الزَّرْكَشِيُّ: وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يضْمَنُ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى في «الإرْشادِ»، وحكَى فيه عن أحمدَ رِوايَةً بتَضْمِينِه ما تَلِفَ بأمْر خَفِيٍّ لا يُعْلَمُ إلَّا مِن جِهَتِه، كما يأْتِي في الأجيرِ المُشْتَرَكِ، وقال فيه: لا يضْمَنُ ما هلَك بغيرِ فِعْلِه، قوْلًا واحدًا، إذا كانتْ في بَيتِ المُسْتَأْجِرِ. وقال: لا فَرْقَ بينَ الأجيرِ الخاصِّ والمُشْتَركِ. تنبيه: قولُه: إلَّا أنْ يتَعَدَّى. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: إلَّا أنْ يَتَعَمَّدَ. وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه»: إلَّا أنْ يَتَعمَّدَ أو يُفرِّطَ. فائدتان؛ إحْداهما، ليس له أنْ يَسْتَنِيبَ فيما يعْمَلُه، وله فِعْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ في أوْقاتِها بسُنَنِها، وصلاةُ الجُمُعَةِ، والعيدِ. الثَانيةُ، ليس له أنْ يعْمَلَ لغيرِه في مُدَّةِ المُسْتَأْجِرِ، فإنْ عَمِلَ وأضَرَّ بالمُسْتَأْجِرِ، فله قِيمَةُ ما فوَّتَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وقيل: يرْجِعُ بقِيمَةِ

وَيَضْمَنُ الأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مَا جَنَتْ يَدُهُ؛ مِنْ تَخْرِيقِ الثَّوْبِ، وَغَلَطِهِ فِي تَفْصِيلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما عَمِلَه لغيرِه. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايةِ». وقال القاضي: يرْجِعُ بالأُجْرَةِ التي أخَدها مِن غيرِ مُسْتَأْجرِه. قوله: ويَضْمَنُ الأَجيرُ المُشْتَرَكُ ما جَنَتْ يَدُه؛ مِن تَخْرِيقِ الثَّوْبِ، وغَلَطِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في تَفْصِيلِه. الأجِيرُ المُشْتَرَكُ؛ هو الذي يقَعُ العَقْدُ معه على عَملٍ مُعَيَّنٍ، فيَضْمَنُ ما جنَتْ يَدُه؛ مِن تخْريقِ الثَّوْبِ، وغلَطِه في تَفْصِيلِه، وزَلْقِ الحِمالِ، والسُّقوطِ عن دابَّتِه. وكذا الطَّبَّاخُ، والخَبَّازُ، والحائِكُ، وملَّاحُ السَّفِينَةِ، ونحوُهم. ويَضْمَنُ أيضًا ما تَلِفَ بفِعْلِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه في رِوايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ مَنْصُورٍ. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وصرح به القاضي في «التَّعْليقِ»، في أثْناءِ المَسْأَلةِ، وابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيل: لا يضْمَنُ ما لم يَتَعَدَّ. وهو تَخْرِيجٌ لأبِي الخَطَّابِ. قلتُ: والنَّفْسُ تَمِيلُ إليه. وقيل: إنْ كان عمَلُه في بَيتِ المُسْتَأْجِرِ، أو يَدُه عليه، لم يَضْمَنْ، وإلا ضَمِنَ. اخْتارَه القاضي، وأصحابُه. قاله في

وَلَا ضَمَانَ عَلَيهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ، أوْ بِغَيرِ فِعْلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا عَمِلَ فِيهِ. وَعَنْهُ، يَضْمَنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». ونَقلَه في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والتِّسْعِين» عنِ القاضِي، واقْتصَرَ عليه، وذكَر القاضي أيضًا في تَضْمينِه ثَلاثَ رِواياتٍ؛ الضَّمانُ، وعدَمُه، والثَّالِثَةُ، لا يضْمَنُ، إذا كان غيرَ مُسْتَطاعٍ، كزَلْقٍ ونحوه. قلتُ: وهذا قَويٌّ. قوله: ولا ضَمانَ عليه فيما تَلِفَ مِن حِرْزِه أو بغَيرِ فِعْلِه. مُرادُه، إذا لم يَتَعدَّ. وما قاله هو المذهبُ. قال في «الفائقِ»: ولا يضْمَنُ ما تَلِفَ بغيرِ فِعْلٍ، ولو عُدِمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن حِرْزِه، فلا ضَمانَ في أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «الفُروعِ»: وما تَلِفَ بغيرِ فِعْلِه ولا تعَدِّيه، لا يضْمَنُه في ظاهرِ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ، والمَنْصوصُ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابِه، والشَّيخَين. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وعنه، يضْمَنُ. وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، إنْ كان التَّلَفُ بأمْرٍ ظاهرٍ؛ كالحَريقِ، واللُّصوصِ، ونحوهما، فلا ضَمانَ، وإنْ كان بأَمْر خَفِيٍّ، كالضَّياعِ، فعليه الضَّمانُ. وأطْلقَهُنَّ في «المُسْتَوْعِبِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: محَلُّ الرِّواياتِ، إذا لم تَكُنْ يَدُ المالِكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المالِ، أمَّا إنْ كانتْ يدُه على المالِ، فلا ضَمانَ بحالٍ. قوله: ولا أُجْرَةَ له فيما عَمِلَ فيه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما قطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وقال في «المُحَررِ»: ولا أُجْرَةَ له فيما عَمِلَ فيه إلَّا ما عَمِلَه في بَيتِ رَبِّه. وقدَّمه في «الحاوي الصَّغِيرِ»،

وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّام، وَلَا خَتَّانٍ، وَلَا بَزَّاغٍ، وَلَا طَبِيبٍ، إِذَا عُرِفَ مِنْهُمْ حِذْقُ الصَّنْعَةِ وَلَمْ تَجْنِ أيدِيِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». وعنه، له أُجْرَةُ البِناءِ لا غيرُ. نصَّ عليه، في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقطَع به القاضي في «التَّعْليقِ». قاله الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، له أُجْرَةُ البِناءِ والمَنْقُولِ، إذا عَمِلَه في بَيتِ رَبِّه. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: له الأجْرَةُ مُطْلَقًا. قلتُ: وهو قَويٌّ. فائدة: لو اسْتَأْجَرَ أجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أجِيرًا خاصًّا؛ كالخَيَّاطِ في دُكَّانٍ يَسْتَأجِرُ أجِيرًا خاصًّا، فيَسْتَقْبِلُ المُشْتَرَكُ خِياطَةَ ثوْبٍ، ثم يدْفَعُه إلى الأجيرِ الخاصِّ، فخرَقَه أو أفْسَدَه، لم يَضْمَنْه الخاصُّ، ويضْمَنُه الأجيرُ المُشْتَرَكُ لرَبِّه. قاله الأصحابُ. وإنِ اسْتَعانَ به ولم يعْمَلْ، فله الأجْرَةُ، لأجلِ ضَمانِه، لا لتَسْليمِ العَمَلِ. قاله في «الانْتِصارِ»، في شَرِكَةِ الأبدانِ. قوله: ولا ضَمانَ على حَجَّام، ولا خَتَّانٍ، ولا بَزَّاغٍ -وهو البَيطارُ- ولا طَبيبٍ، إذا عُرِفَ فهم حِذْقُ الصَّنْعَةِ، ولم تَجْنِ أَيدِيهم. هذا المذهبُ، وعليه الأَصحابُ، وقطَع به كثيرٌ فهم. [وقال في «الرِّعايةِ»: وقلتُ: إنْ كان أحدُهم أجِيرًا خاصًّا أو مُشْتَرَكًا، فله حُكْمُه. وكذا قال في الرَّاعِي] (¬1). وقال ابنُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبِي مُوسى: إنْ ماتَتْ طِفْلَةٌ مِنَ الخِتانِ، فدِيَتُها على عاقِلَةِ خاتِنِها. قضَى بذلك عمرُ رَضِيَ اللهُ عنه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا ضَمانَ عليه، سواءٌ كان أجِيرًا خاصًّا أو مُشْتَرَكًا. وهو صحيحٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، عدَمَ الضَّمانِ في الأجيرِ المُشْتَرَكِ لا غيرُ، وقال: لأنَّه الغالِبُ مِن هؤلاءِ، وأنَه لو اسْتُؤْجِرَ لحَلْقِ رُءوسٍ يَوْمًا، فَجنَى عليها بجِراحَةٍ، لا يضْمَنُ، كجِنايَتِه في قِصارَةٍ وخِياطَةٍ ونِجارَةٍ. واخْتارَ في «الرِّعايةِ»، أنَّ كُلًّا مِن هؤلاءِ له حُكْمُه، إنْ كان خاصًّا، فله حُكْمُه، وإنْ كان مُشْتَرَكًا، فله حُكْمُه. وكذا قال في الرَّاعِي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يُشْترَطُ لعدَمِ الضَّمانِ في ذلك أيضًا، وفي قَطْعِ سَلْعَةٍ ونحوه، إذنُ المُكَلِّفِ أو الوَلِيِّ، فإنْ لم يأْذَنا، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ في «الهَدْي» (¬1) عَدَمَ الضَّمانِ. قال: لأنَّه مُحْسِنٌ. وقال: هذا مَوْضِعُ نظَرٍ. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا، ويُقَدِّرَ ذلك بالمُدَّةِ؛ لأنَّ العَمَلَ غيرُ مَضْبُوطٍ، ويُبَيِّنُ قَدْرَ ما يأْتِي له؛ هل هو مَرَّة أو أكثرُ؟ ولا يجوزُ التَّقْديرُ بالبُرْءِ عندَ القاضي، وجوَّزَه ابنُ أبِي مُوسى. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: لكِنْ يكونُ جَعالةً لا إجارَةً. انتهى. فإنِ اسْتَأْجَرَه مُدَّةً يكْحَلُه أو يُعالِجُه فيها، فلم يَبْرَأْ، اسْتَحَقَّ الأَجْرَ، وإنْ برَأَ في أثْناءِ المُدَّةِ، انْفَسَخَتِ الإجارَةُ فيما بَقِيَ، وكذا لو ماتَ. فإنِ امْتَنَعَ المَرِيضُ مِن ذلك، مع بَقاءِ المرَضِ، اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الأجْرَ بمُضِيِّ المُدَّةِ. فأمَّا إنْ شارَطَه على البُرْءِ، فهي جَعالةٌ، لا يسْتَحِقُّ شيئًا حتى يُوجَدَ البُرْءُ، وله أحْكامُ الجَعالةِ. وتقدَّم أنَّ الصَّحيحَ مِنَ ¬

(¬1) في ط: «الهداية». انظر: الفروع 4/ 452.

وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، جَوازُ اشْتِراطِ الكُحْلِ على الطَّبِيبِ، ويدْخُلُ في الإِجارَةِ تبَعًا، كنَقْعِ البِئْرِ. قوله: ولا ضَمانَ على الرَّاعِي، إذا لم يَتَعَدَّ. بلا نِزاعٍ. فإنْ تعَدَّى، ضَمِنَ، مثْلَ أنْ ينامَ، أو يَغْفَلَ عنها، أو يَتْرُكَها تتَباعَدُ عنه، أو تَغِيبُ عن نظَرِه وحِفْظِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يُسْرِفَ في ضَرْبِها، أو يَضْرِبَها في غيرِ مَوْضِعِ، الضَّرْبِ، أو مِن غيرِ حاجَةٍ إليه، أو يَسْلُكَ بها مَوْضِعًا تتَعرَّضُ فيه للتلَفِ، وما أشْبَهَ ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، لو أحْضَرَ الجِلْدَ ونحوَه، مُدَّعِيًا للمَوْتِ، قُبِلَ قوْلُه في أصحِّ الرِّوايتَين. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وعنه، لا يُقْبَلُ قولُه إلَّا ببَيِّنةٍ تَشْهَدُ بمَوتِها. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويأْتِي قريبًا إذا ادَّعَى مَوْتَ العَبْدِ المأْجورِ، أو غيرِه، أو مرَضَه. الثَّانيةُ، يجوزُ عَقْدُ الإِجارَةِ على ماشِيَةٍ مُعَيَّنَةَ، وعلى جِنْسٍ في الذِّمَّةِ؛ فإنْ كانتِ الإِجارَةُ على مُعَيَّنَةٍ، تعَلَّقَتِ الإجارَةُ بأعْيانِها، فلا يجوزُ إبْدالُها، ويَبْطُلُ العَقْدُ فيما تَلِفَ منها، والنَّماءُ في يَدِه أمانَةٌ كأصْلِه، ولا يَلْزَمُه رَعْيُ سِخالِها. قاله الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تتَعَلَّقَ الإِجارَةُ بأعْيانِها. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وإنْ عُقِدَ على مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ، فلا بُدَّ مِن ذِكْرِ جِنْسِه، ونَوْعِه، وكِبَرِه، وصِغَرِه، وعدَدِه. وهذا المذهبُ مُطلقًا. وقال القاضي: إنْ أطْلَقَ، ولم يذْكُرْ عدَدًا، صحَّ، ويُحْمَلُ على ما جرَتْ به العادَةُ، كالمِائَةِ مِنَ الغَنمِ ونحوها. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّمانِين»: لو وقَع الاسْتِئْجارُ على رَعْي غَنَمٍ غيرِ مُعَيَّنَةٍ، كان عليه رَعْيُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سِخالِها، لأنَّ عليه أنْ يَرْعَى ما يجْرِي العُرْفُ به مع الإطْلاقِ. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، واقْتَصرَ عليه. وتقدَّم في أواخِرِ المُضارَبَةِ، هل يجوزُ رَعْيُها بجُزْءٍ مِن صُوفِها وغيرِه؟

وَإذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَتِهِ، فَتَلِفَ، ضمِنَهُ. وَإنْ أَتْلَفَ الثَّوْبَ بَعْدَ عَمَلِهِ، خُيِّرَ مَالِكُهُ، بَينَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ غَيرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَبَينَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إِلَيهِ أُجْرَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ على أُجْرَتِه، فتَلِفَ، ضَمِنَه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إنْ كان صَبْغُه منه، فله حَبْسُه، وإنْ كان مِن رَبِّه، أو قَصَرَه، فوَجْهان. وقال في «المَنْثُورِ»: إنْ خاطَه، أو قَصَرَه وغزَلَه، فتَلِفَ بسَرِقَةٍ أو نارٍ، فمِن مالِكِه، ولا أُجْرَةَ له؛ لأنَّ الصَّنْعَةَ غيرُ مُتَمَيِّزَةٍ، كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ. وإنْ أفْلَسَ مُسْتَأجِرُه، ثم جاءَ بائِعُه يطْلُبُه، فللصَّانِعِ حَبْسُه. قوله: وإنْ أتْلَفَ الثَّوْبَ بعدَ عَمَلِه، خُيِّرَ مالِكُه بينَ تضْمِينِه إيَّاه غيرَ مَعْمولٍ، ولا أُجْرَةَ له، وبينَ تَضْمِينِه إيَّاه مَعْمُولًا، ويَدْفَعُ إليه أُجْرَتَه. وهذا بلا خِلافٍ. ويُقَدَّمُ قوْلُ ربِّه في صِفَتِه مَعْمُولًا. ذكَرَه ابنُ رَزِينٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، مثْلُ هذه المَسْألةِ، لو وجَب عليه ضَمانُ المَتاعِ المَحْمُولِ، فصاحِبُه مُخَيَّر بينَ تَضْمِينِه قِيمَتَه في المَوْضِعِ الذي سلَّمَه إليه، ولا أُجْرَةَ له، وبينَ تَضْمِينِه إيَّاه في المَوْضِعِ الذي أفْسَدَه، ويُعْطِيه الأَجْرَ إلى ذلك المَكانِ. قاله القاضي وغيرُه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يَلْزَمُه قِيمَتُه مَوْضِعَ تَلَفِه، وله أُجْرَتُه إليه. الثَّانيةُ، مثْلُ المَسْألةِ في الحُكْمِ أيضًا، لو عَمِلَه على غيرِ صِفةِ ما شرَطَه عليه، مثْلَ أنْ يدْفَعَ إليه غَزْلًا ليَنْسِجَ له عَشَرَةَ أذْرُعٍ في عَرْضِ ذِراعٍ، فيَنْسِجَه زائدًا في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطُّولِ والعَرْضِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: له المُسَمَّى إنْ زادَ الطُّولُ وحدَه، ولم يضُرَّ الأصْلَ، وإنْ جاءَ به زائدًا في العَرْضِ وحدَه، أو فيهما، ففيه وَجْهان. وأمَّا إذا جاءَ به ناقِصًا في الطُّولِ والعَرْضِ، أو في أحَدِهما، فقيل: لا أُجْرَةَ له، وعليه ضَمانُ نقْصِ الغَزْلِ. وقيل: له حِصَّتُه مِنَ المُسَمَّى. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحتَمِلُ إنْ جاءَ به ناقِصًا في العَرضِ، فلا شيءَ له، وإنْ جاءَ به ناقِصًا في الطول، فله بحِصَّتِه مِنَ المُسَمَّى. الثَّالثةُ، لو دفَع القَصَّارُ الثَّوْبَ إلى غيرِ مالِكِه خَطَأ، ضَمِنَه. قال أحمدُ: يَضْمَنُ القَصَّارُ، ولا يسَعُ المَدْفوعَ إليه لُبْسُه، إذا عَلِمَ أنه ليس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له، ويرُدُّه إلى القَصَّارِ، ويُطالِبُه بثَوْبِه، فإنْ لم يغلَمِ المدفوعُ إليه حتى قطَعَه، غَرِمَ أرشَ القَطْعِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمدانَ، والسامَريُّ، وغيرُهم. وقدمه في «الفُروعِ». وعنه، لا يضْمَنُ. وقدَّمه في «القاعِدَةِ الخامسةِ والتسْعِين (¬1)»، ومال إليه. قال: وبعضُ الأصحابِ حمَل رِوايةَ ضَمانِ القَصَّارِ على أنَّه كان أجِيرًا مُشْتَرَكًا، ورِوايَةَ عدَمِ ضَمانِه على أنَّه أجير خاص. وأشارَ إلى ذلك القاضي في «المُجَرَّدِ». انتهى. وإنْ تَلِفَ عند المَدفوعِ إليه، ضَمِنَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، ¬

(¬1) في النسخ: «السبعين».

وَإذَا ضَرَبَ الْمُسْتأجِرُ الدَّابَّةَ بِقدرِ الْعَادَةِ، أو كَبَحَها، أَو الرَّائِضُ الدَّابَّةَ، لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِف بِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُعَلِّمُ إِذَا ضَرَبَ الصَّبِيَّ، أَو الزَّوج امرَأَتَهُ فِي النشُوزِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يضْمَنُه، كعَجْزِه عن دَفْعِه لمَرَض ونحوه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشّرح». قوله: وإذا ضرَب المُسْتَأجِرُ الدَّابَّةَ بقَدْرِ العادَةِ أو كبَحَها -أي، جذَبَها- لتَقِفَ -أو الرَّائِضُ الدَّابَّةَ- وهو الذي يُعَلمُها السَّيرَ -لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ به. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، نص عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشّرح»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَضْمَنُ. ويأتِي في كلامَ المُصَنفِ، في آخِرِ كتابِ الدِّياتِ: لو أدَّبَ وَلَدَه،

وَإنْ قَال: أذِنْتَ لِي فِي تَفْصِيلهِ قَبَاءً. قَال: بَلْ قَمِيصًا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو امرأتَه في النُّشوزِ، أو المُعَلِّمُ صَبِيَّه، أو السُّلْطانُ رَعِيته، ولم يُسْرِفْ، فأفْضَى إلى تَلَفِه. قوله: وإنْ قال: أذِنْتَ ليَ في تَفْصِيله قَباءً. قال: بل قَميصًا. فالقَوْلُ قَوْلُ الخَيَّاطِ، نَصَّ عليه. لِئَلَّا يَغْرَمَ نقْصَه مجَّانًا بمُجَرَّدِ قَوْلِ رِّبه، بخِلافِ الوَكِيلِ. وهذا المذهبُ. قال في «التَّلْخيصِ»: القَوْلُ قولُ الأجيرِ، في أصحِّ الروايتَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشّرحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِين»، وغيرهم. وعنه، القَوْلُ قَوْلُ المالِكِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. قاله في «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم أرَه، وظاهِرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ. وعنه، القَوْلُ قولُ مَن يَشْهدُ له الحالُ؛ مثْلَ أن يكونَ التَّفْصِيلُ لا يَلْبَسُه المالِكُ، أو يَلْبَسُه. قلتُ: وهو قَويٌّ. وقيل: بالتحالُفِ. فعلى المذهبِ، له أجْرَةُ مثْلِه. وعلى الثانيةِ، لا أجْرَةَ له. فوائد؛ الأولَى، لو قال: إنْ كان الثوْبُ يَكْفِيني، فاقْطَعه وفَصلْه. فقال: يَكْفِيك. ففَصَّلَه، فلم يَكْفِه، ضَمِنَه. ولو قال: انْظُر، هل يَكْفِيني قَمِيصًا؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: نعم. فقال: اقْطَعه. فقطَعَه، فلم يَكْفِه، لم يَضْمَنْه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الحاوي». الثَّانيةُ، لو ادَّعَى مرَضَ العَبْدِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو إباقَه، أو شُرودَ الدَّابَّةِ، أو مَوْتَها، بعدَ فَراغِ المُدَّةِ أو فيها، أو تلفَ المحمُولِ، قُبِلَ قوْلُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، في إباقِ العَبْدِ. وعنه، القَوْلُ قَوْلُ رَبِّه. وقطَع به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما إذا ادَّعَى مرَضَ العَبْدِ وجاءَ به صَحِيحًا، وقطَع به في «الرِّعايَةِ»، وفي «التَّزغيبِ»، في دَعْواه التَّلَفَ في المُدَّةِ، رِوايَتان، مِن دَعوَى راعٍ تَلَفَ الشَّاةِ. واخْتارَ في «المُبْهِجِ»، لا تُقْبَلُ دعوَى هرَبِ العَبْدِ أوَّلَ المُدَّةِ. وفي «التّرغيبِ»، تُقْبَلُ، وأنَّ فيه بعدَها رِوايتَين. وتقدَّم قرِيبًا لو أخضَرَ الجِلْدَ مُدَّعِيًا المَوْتَ. الثَّالثةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْتَحِقُّ في المَحمولِ أجْرَةُ حَملِه. ذكَرَه في «التبصِرَةِ». الرَّابعةُ، لو اخْتَلَفا في قَدرِ الأجْرَةِ، فحُكْمُه حُكْمُ اخْتِلافِهم في قَدرِ الثَّمَنِ في البَيعِ. نصَّ عليه. وكذا لو اخْتَلَفا في قَدرِ مُدَّةِ الإجارَةِ -كالبَيعِ- كقَوْلِه: أجَزتُك سنَةً بدِينارٍ. قال: بل سَنَتَين بدِينارَين. وعلى القَوْلِ بالتَّحالُفِ، إنْ كان بعدَ فَراغِ المُدَّةِ، فعليه أجْرَةُ المِثْلِ، لتَعذر رَدِّه المَنْفَعَةَ، وفي أثْنائِها بالقِسْطِ.

فصلٌ: وَتَجِبُ الأجْرَةُ بِنَفْس الْعَقْدِ، إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تأخِيرِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجِبُ الأجْرَةُ بنَفْسِ العَقْدِ. هذا المذهبُ، سواء كانتْ إجارَةَ عَين، أو في الذِّمةِ، فيَجُوزُ له الوَطْءُ، إذا كانتِ الأجْرَةُ أمَة. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه قبلَ القَبْضِ رِوايَة. يعني، بعدَمِ الجَوازِ. فائدة: تُسْتَحَقُّ الأجْرَةُ كامِلَة بتَسْليمِ العَينِ، أو بفَراغِ العَمَلِ الذي بيَدِ المُسْتأجِرِ، أو بَذْلِها. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قرِيبا. وعنه، تُسْتَحَقُّ الأجْرَةُ بقَدرِ ما سَكَنَ. وحمَلَه القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على تركِها لعُذْرٍ، ومِثْلُه تَركُه تَتِمَّةَ عَمَلِه. وفيه في «الانْتِصارِ»، كقَوْلِ القاضي. انتهى. وله الطَّلَبُ بالتَّسْليمِ، ولا تَسْتَقِرُّ الأجْرَةُ إلَّا بمُضِيِّ المدَّةِ، بلا نِزاع. ولو بذَلَ تَسْلِيمَ العَينِ، وكانتِ الإِجارَةُ على عَمَل في الذِّمَّةِ، فقال الأصحابُ: إذا مضَتْ مُدَّة يُمكِنُ الاسْتيفاءُ فيها، اسْتَقَرَّتْ عليه الأجْرَةُ. نقَلَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. واخْتارَ المُصَنِّفُ، لا أجْرَةَ عليه، فقال في «المُغْنِي» (¬1): هذا أصحُّ عندِي. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قوله: إلَّا أنْ يَتَّفِقا على تأخيرِ بها. يجوزُ تأجيلُ الأجْرَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشّرح»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقيل: يجوزُ تأجِيلُها إذا لم تَكُنْ نَفْعًا في الذِّمَّةِ. وقيل: يجوزُ قَبْضُها في المَجْلِسِ أيضًا. فعلى المذْهبِ، تكونُ الأجْرَةُ في الذِّمَّةِ غيرَ مُؤجَّلَةٍ، بل ثابِتَةً في الحالِ، وإنْ تَأخرَتِ المُطالبَةُ بها. صرَّح به القاضي في «تَعلِيقِه»، في الجِناياتِ، فقال: الدينُ في الذِّمَّةِ غيرُ مُؤجَّل، بل ثابِتٌ في الحالِ، وإنْ تأخَّرَتِ المُطالبَةُ به. وحمَل الزَّركَشِيُّ كلامَ الخِرَقِيِّ في الإجارَةِ عليه، وقدَّرَ له تقْدِيرًا. قلتُ: ظاهرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، خِلافُ ذلك، كالمُصَنِّفِ هنا، والخِرَقِيِّ، وغيرِهم. [ولا يَلْزَمُ مِن كَوْنِ القاضي ذكَر ذلك، أنْ يكونَ مُتَّفَقًا عليه بينَ الأصحابِ، فإنَّ المَسْألَةَ مُحتَمِلةٌ لِما قاله القاضي، ولِما هو ظاهرُ كلامِ غيرِه، فنَقولُ: السَّبَبُ وُجِدَ، والوُجوبُ مَحَلُّه انْتِهاءُ الأجَلِ. والله أعلمُ] (¬2). ¬

(¬1) انظر: المغني 8/ 20. (¬2) زيادة من: ا.

وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أجْرَةِ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أجَّلَها فَماتَ المُسْتأجِرُ، لم تحِل الأجْرَةُ، وإنْ قُلْنا بحُلُولِ الدين بالمَوْتِ؛ لأنَّ حِلَّها مع تأخيرِ اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ ظُلْم. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال أيضًا: ليس لناظِرِ الوَقْفِ ونحوه تَعجِيلُها كلِّها إلَّا لحاجَةٍ، ولو شرَطَه، لم يَجُزْ؛ لأنَّ المَوْقُوفَ عليه يأخُذُ ما لا يَسْتَحِقُّه الآنَ، كما يُفَرِّقُون في الأرضِ المحتَكَرَةِ إذا بِيعَتْ ووُرِثَتْ، فإنَّ الحِكْرَ مِنَ الانْتِقالِ، يَلْزَمُ المُشْتَرِيَ والوارِثَ، وليس لهم أخْذُه مِنَ البائعِ، وتركُه في أصحِّ قَوْلِهم. قوله: ولا يجِبُ تَسْلِيمُ أجْرَةِ العَمَلِ في الذِّمَّةِ حتى يتَسَلَّمَه. إذا اسْتُؤجِرَ على عَمَل، مُلِكَتِ الأجْرَةُ بالعَقْدِ أيضًا، لكِنْ لا يَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَها إلَّا بفَراغِ العَمَلِ وتَسْلِيمِه لمالِكِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، على ما تقدَّم قرِيبًا. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي في «تَعلِيقِه»: يجِبُ دَفْعُ الأجْرَةِ إلى الأجيرِ، إذا شرَع في العَمَلِ؛ لأَنه قد سلَّم نفْسَه لاسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ، فهو كتسْليمِ الدَّارِ المُؤجَرَةِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والأربَعِين»: ولعَلَّه يخُصُّ ذلك بالأجيرِ الخاصِّ؛ لأنَّ مَنافِعَه تَتْلَفُ تحتَ يَدِ المُسْتأجِرِ، فهو شَبِيهٌ بتَسْليمِ العَقارِ. وقال ابنُ أبي مُوسى: مَنِ اسْتُؤجِرَ لعَمَل، استَحَقَّ الأجْرَ عندَ إيفاءِ العَمَلِ، فإنِ اسْتُؤجِرَ في كلِّ يَوْم بأجْر مَعلُوم، فله أجْرُ كل يَوْم عندَ تَمامِه. وحمَلَه الزَّركَشِيُّ على العُرفِ، وكذا قال في «القواعِدِ». وقال: وقد يُحمَلُ على ما إذا كانتِ المُدّةُ مُطْلَقةً غيرَ مُعَيَنةٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كاسْتِئْجارِه كل يَومٍ بكذا، فإنه يصِحُّ، ويَثْبُتُ له الخِيارُ في أجْرِ كلِّ يَوْمٍ، فتَجِبُ له الأجْرَةُ فيه؛ لأنه غيرُ مُلْتَزِم بالعَمَلِ فيما بعدَه، ولأنَّ مُدَّتَه لا تَنْتَهِي، فلا يُمكِنُ تأخِيرُ إعطائِه إلى تَمامِها، أو على أن المُدَّةَ المُعَينَّةً إذا عيَّن لكُلِّ يَوْم فيها قِسْطًا مِنَ الأجْرَةِ، فهي إجاراتٌ مُتَعَددَة. انتهى. وقال الزَّركشِيُّ، بعدَ حَملِ كلامِه على العرفِ: أصلُ المَسْألَةِ ما فيه خِلاف بينَ الأصحابِ. انتهى. وقال أبو الخَطابِ: تُملَكُ بالعَقْدِ، وتَسْتَحِقُّ التَّسْلِيمَ، وتَسْتَقِر بمُضِيِّ المُدَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا انْقَضَتِ المُدَّةُ، رفَع المُسْتأجرُ يدَه عنِ المَأجُورِ، ولم يَلْزَمه الرَّدُّ. على المذهبِ، مُطْلَقًا. ولو تَلِفَ بعدَ تَمَكُّنِه مِن رَدهِ، لم يَضْمَنْه. جزَم به في «التَّلْخيصِ»، في بابِ الوَدِيعَةِ، وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في

وَإذَا انْقَضَتِ الإجَارَةُ وَفِي الْأرضِ غِرَاسٌ أوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِها، خُيِّرَ الْمَالِكُ بَينَ أخذِهِ بِالْقِيمَةِ، أو تَركِهِ بِالأجْرَةِ، أو قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ. وإنْ شُرِطَ قَلْعُهُ لَزِمَ ذَلِكَ، وَلَم تَجِبْ تَسْويَةُ الْأرضِ إلا بِشَرطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»؛ لأنَّ الإِذْنَ في الانْتِفاعِ انْتَهى دُونَ الإِذْنِ في الحِفْظِ، ومُؤنته كمُودَعٍ. وقال القاضي في «التّعليقِ»: يَلْزَمُه رَدُّه بالطَّلَب، كعارِيَّةٍ، لا مُؤنَةُ العَينِ، وقال: أوْمَأ إليه. وقال في «الرعايةِ»: يَلْزَمُه ردُّه مع القُدرَةِ بطَلَبِه. وقيل: مُطْلَقًا، ويَضْمَنُه مع إمكانِه. قال: ومُؤنته على ربِّه. وقيل: عليه. قال في «التبصِرَةِ»: يَلْزَمُه ردُّه بالشّرطِ، ويَلْزَمُ المُسْتَعِيرَ مُؤنَةُ البَهيمَةِ عادَةً مُدَّةَ كوْنِها في يَدِه. ويأتِي حُكْمُ مُؤنَةِ ردها، في كلامِ المُصَنفِ في العارِيةِ. قوله: وإذا انْقَضَتِ الإِجارَةُ، وفي الأرضِ غِراس أو بِناء لم يُشْتَرَطْ قَلْعُه عندَ انقِضائِها، خُيِّرَ المالِكُ بينَ أخْذِه بالقِيمَةِ، أو تركِه بالأجْرَةِ، أو قَلْعِه وضَمانِ نَقْصه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ مِن حيثُ الجُملَةُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «التَّلْخيصِ»: إذا اخْتارَ المالِكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَلْعَ وضَمانَ النَقْصِ، فالقَلْعُ على المُسْتأجرِ، وليس عليه تَسْويَةُ الأرضِ؛ لأنَ المُؤجِرَ دخَل على ذلك. ولم يذْكر جماعَةَ مِنَ الأصحابِ أخْذَه بالقِيمَةِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، وزاد، كما في عارِيَّةٍ مُؤقَتَةٍ. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: فلو كانتِ الأرضُ وَقْفًا، لم يَجُزِ التَّمَلكُ إلا بشَرطِ واقِفٍ، أو رِضا مُسْتَحِقِّ الرَّيْعِ. وقال في «الفُروع»: ولم يُفَرِّقِ الأصحابُ بينَ كَوْنِ المُسْتَأجِرِ وقَف ما بَناه أوْ لا، مع أنهم ذكَرُوا اسْتِئْجارَ دار يجْعَلُها مَسْجِدًا؛ فإنْ لم تُتْرَكْ بالأجْرَةِ، فيَتَوجهُ أنْ لا يبطُلَ الوَقْفُ مُطْلَقا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَنِ احتَكَرَ أرضًا بنَى فيها مَسْجِدًا، أو بِناءً وقَفَه عليه: متى فرَغَتِ المُدَّةُ وانْهدَمَ البِناءُ، زال حُكْمُ الوَقْفِ، وأخَذُوا أرضَهم فانْتفَعُوا بها، وما دامَ البِناءُ قائمًا فيها، فعليه أجْرَةُ المِثْلِ، كوَقْفِ عُلْو رَبْعٍ أو دارٍ مَسْجِدًا، فإنَّ وَقْفَ عُلْو ذلك لا يُسْقِطُ حقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ، كذا وَقْف البِناءِ لا يُسقِطُ حقَّ مُلَّاكِ الأرضِ. وذكَر في «الفُنونِ» مَعناه. قلتُ: وهو الصَّوابُ، ولا يسَعُ النَّاسَ إلا ذلك. تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ في هذه المَسْألَةِ، إذا لم يَقْلَعه المالِكُ. على الصَّحيحِ، ولم يَشْتَرِطْ أبو الخَطَّابِ ذلك. قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والسَّبْعِين»: فلعَلَّه جعَل الخِيَرَةَ لمالِكِ الأرضِ دُونَ مالِكِ الغِراسِ والبِناءِ، فإذا اخْتارَ المُسْتأجِرُ القَلْعَ، كان له ذلك، وَيلزَمُه تَسْويَةُ الحَفْرِ. صرَّح به المُصَنِّفُ في «الكافِي»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه، والشَّارِحُ، وغيرُهما. الثَّاني، يأتِي في بابِ الشُّفْعَةِ، كيفَ يُقَوَّمُ الغِراسُ والبِنَاءُ، إذا أُخِذَ مِن رَبِّه، بعدَ قَوْلِه: وإنْ قاسَم المُشْتَرِي وَكِيلَ الشَّفيعِ. فوائد؛ إحداها، لو شرَطَ في الإجارَةِ بَقاءَ الغِراسِ، فهو كإطْلاقِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرح»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يَبْطُلُ. وهو احتِمال للمُصَنِّفِ. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: فلو حُكِمَ ببَقائِه بعدَ المُدَّةِ قَسْرًا بأُجْرةِ مِثْلِه، لم يُصادِفْ مَحَلًّا. الثانيةُ، لو غرَسَ، أو بَنَى مُشْتَرٍ، ثم فُسِخَ البَيعُ بعَيب، كان لرَبِّ الأرضِ الأخْذُ بالقِيمَةِ، والقَلْعُ وضَمانُ النَّقْصِ، وتَركُه بالأجْرَةِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم: له أخْذُه بقِيمَتِه، أو قَلْعُه وضمانُ نَقْصِه. وقال الحَلْوانِيُّ: ليس له قَلْعُه. وقيل: ليس له قَلْعُه، ولا أخْذُه بقِيمَتِه. وتقدَّم إذا غرَس المَحجُورُ عليه، أو بنَى، ثم أخِذَتِ الأرضُ، وحُكْمُه، في بابه في كلامِ المُصَنِّفِ. وأمَّا البَيعُ بعَقْدٍ فاسِدٍ، إذا غرَس فيه المُشْتَرِي، أو

وَإنْ كَانَ فِيها زَرعٌ بَقَاؤهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأجِرِ، فَلِلْمَالِكِ أخْذُهُ بِالْقِيمَةِ، وَتَركُهُ بِالأجْرَةِ. وَإنْ كَانَ بِغَيرِ تَفْرِيطٍ، لَزِمَ تركُهُ بِالأجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَنَى، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ المُسْتَعِيرِ إذا غرَس أو بَنَى، على ما يأتِي في بابِه. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، في الشُّروطِ في الرَّهْنِ، لتَضَمُّنِه إذنا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال صاحِبُ «المُحَرَّرِ»: لا أجْرَةَ. ويأتِي في بابِ الغَصبِ، إذا غرَس المُشْتَرِي مِنَ الغاصِبِ، وهو لا يعلمَ بعدُ، أحكامَ غرسِ الغاصبِ. ويأتي أيضًا بعدَ ذلك، في كلام المُصَنِّفِ: إذا اشْتَرَى أرضًا فغَرَسَ فيها، ثم خرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً. مُسْتَوْفًى في المَكانين. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لو غارَسَه على أنَّ الأرضَ والغِراسَ بينَهما، فله أيضًا تَبْقِيَتُه بالأجْرَةِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ في الفاسِدِ وَجْه، كغَضبٍ؛ لأنَّهم ألْحَقُوه به في الضَّمانِ. الثَّالثةُ، قوْلُه: وإنْ شرَط قَلْعَه، لَزِمَه ذلك. بلا نِزاع. لكِنْ لا يجِبُ على صاحِبِ الأرضِ غَرامَةُ نَقْصِ الغِراسِ والبِناءِ، ولا على المُسْتأجِرِ تَسْويَةُ الحَفْرِ، ولا إصلاحُ الأرضِ إلَّا بشَرطٍ. قوله: وإنْ كانَ فيها زَرعٌ، بقَاؤه بتَفْرِيطِ المُسْتَأجِرِ، فللمالِكِ أخْذُه بالقِيمَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الرِّعايةِ»: وقيل: بنَفَقَتِه (¬1). أو تركِه بالأجْرَةِ. وهذا بلا نِزاع. وقال في «الرعايةِ»: قلتُ: وقَلْعُه مجَّانًا. انتهى. فهو كزَرعِ الغاصِبِ. قاله الأصحابُ. نقَلَه في «القواعِد». لكِنْ لو أرادَ المُسْتَأجرُ قَطْعَ زَرعِه في الحالِ، وتَفْرِيغَ الأرضِ، فله ذلك مِن غيرِ إلْزام له به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «القواعِدِ». وهو المذهبُ بلا رَيبٍ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيل: يَلزَمُه ذلك. قال في «القواعِدِ»: وليس بجارٍ على قَواعِدِ المذهبِ. قوله: وإنْ كانَ بغيرِ تَفْرِيط، لَزِمَه تَركُه بالأجْرَةِ. يعنِي، له أجْرَةُ مِثْلِه لِما زادَ، بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) بهامش ط: «وجزم به في الكافي، وهو قياس زرع الغاصب، من هو المذهب فيه، كما يأتي في الغصب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اكْتَرَى أرضًا لَزْرعِ مُدَّةً لا يَكْمُلُ فيها، وشرَطَ قَلْعَه بعدَها، صح، وإنْ شرَطَ بَقاءَه ليدرَكَ، فسدَتْ، بلا نِزاع فيهما. وإنْ سَكَتَ فسَدَتْ أيضًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وقيل: يصِح. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: يَحتَمِلُ أنَّه إنْ أمكَنَ أنْ يَنْتَفِعَ بها في زَرع، ضرَرُه كضَرَرِ الزرعِ المَشْروطِ أو دُونَه، صحَّ العَقْدُ، وإلَّا فلا. انتهى. وهو في «المُغْنِي»، و «الشّرحِ». فعلى المذهبِ، لو زرَعَ فيما شُرِطَ بَقاؤه ليدرَكَ، لَزِمَه أجْرَةُ

وَإذَا تَسَلَّمَ الْعَينَ فِي الإجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ، فَعَلَيهِ أجْرَةُ الْمِثْلِ، سَكَنَ أوْ لَمْ يَسْكُنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ. وعلى القَوْلِ بالصِّحَّةِ فيما إذا سَكَتَ، لو انْقَضَتِ المُدةُ والزرعُ باقٍ، فقيل: حُكْمُه حُكمُ زَرعٍ، بَقاؤه بتَفْريطِ المُسْتأجَرِ، على ما تقدم. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فقال: وقيلَ: إنْ سَكَتَ، صحَّ العَقْدُ، فإذا فرَضَتِ المُدةُ والزرعُ باقٍ، فهو كمُفَرِّطٍ. وقيل: لا. انتهى. وقيل: حُكْمُه حُكمُ زَرعٍ، بَقاؤه بعدَ فَراغِ المُدةِ مِن غيرِ تَفْريطٍ. على ما تقدم. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «الفُروع». قوله: وإذا تَسَلَّمَ العَينَ في الإجارَةِ الفَاسِدَةِ، حتى انْقَضَتِ المُدَّةُ، فعليه أجْرَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ، سَكَنَ أو لم يَسْكُنْ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: لا أُجْرَةَ عليه، إنْ لم يَنْتَفِعْ. وهو رِوايَة عن أحمدَ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضي في «التَّعْليقِ»: يجبُ المُسَمَّى في نِكاحٍ فاسِدٍ، فيَجِبُ أنْ نقولَ مِثْلَه في الإجارَةِ، وعلى أنَّ القَصْدَ فيها العِوَضُ، فاعتِبارُها في الأَعْيانِ أوْلَى. وقال في «الرَّوْضَةِ»: هل يجِبُ المُسَمَّى في الإِجارَةِ الفاسِدَةِ، أمْ أُجْرَةُ المِثْلِ، وهي الصَّحِيحَةُ؟ فيه رِوايَتان.

وَإذَا اكْتَرَى بِدَرَاهِمَ، وَأَعْطَاهُ عَنْها دَنَانِيرَ، ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالدَّرَاهِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يَلْزَمُه أُجْرَةٌ، إذا لم يتَسَلَّمْها، ولو بذَلَها له المالِكُ. وهو صحيحٌ، ولا خِلافَ فيه. قوله: وإنِ اكْتَرَى بدَراهِمَ، وأَعْطَاه عنها دَنانِيرَ، ثم انْفَسَخَ العَقْدُ، رجَع المُسْتأْجرُ بالدَّرَاهِمِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وتقَدَّم نَظِيرُ ذلك.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب السبق

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ السَّبْقِ تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الدَّوَابِّ، وَالأَقْدَامِ، وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَالسُّفُنِ، وَالْمَزَارِيقِ، وَغَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ السَّبْق قوله: تَجُوزُ المُسابَقَةُ على الدَّوابِّ، والأقْدامِ، وسائِرِ الحَيَواناتِ، والسُّفُنِ، والمَزاريقِ، وغيرِها. يعْنِي، يجوزُ ذلك بلا عِوَض. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال الآمِدِيُّ: يجوزُ في ذلك كلِّه إلَّا بالحَمامِ. وقيلَ: إلَّا بالحَمامِ والطَّيرِ. وقال في «الرعايةِ الكُبْرَى»: ويصِحُّ السَّبْقُ بلا عِوَضٍ على أقْدام، وبِغَالٍ، وجَمِير. وقيل: وبَقَرٍ، وغَنَمٍ، وطُيورٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ورِماحٍ، وحِرابٍ، ومَزارِيقَ، وشُخُوتٍ، ومَجانيقَ، ورَمي أحجارٍ، وسُفُنٍ، وَمقالِيعَ. وقال في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وفي الطُّيورِ وَجْهان. ويأْتِي كلامُه في «الرَّوْضَةِ». وقال في «الفُروعِ»: وكَرِهَ أبو بَكْر الرَّمْيَ عن قَوْسٍ فارِسِيَّةٍ. وقال في «الفائقِ»: ومنَع منه أبو بَكْرٍ. فائدتان؛ إحْداهما، في كَراهَةِ لَعِبٍ غيرِ مُعِين على عَدُوٍّ، وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الأَوْلَى الكَراهَةُ، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يكونَ له في ذلك قَصْدٌ حسَنٌ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وكلُّ ما يُسَمَّى لَعِبًا مَكْرُوهٌ، إلَّا ما كان مُعِينًا على قِتالِ العَدُوِّ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، واقْتَصرَ عليه. وذكَر في «الوَسِيلَةِ»، يُكْرَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّقْصُ واللَّعِبُ كلُّه، ومَجالِسُ الشِّعْرِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، يُكْرَهُ لَعِبُه بأُرْجُوحَةٍ، ونحوها. وقال أيضًا: لا يُمْكِنُ القَوْلُ بكَراهَةِ اللَّعِبِ مُطْلَقًا. وقال الآجُرِّيُّ في «النَّصِيحَةِ»: مَن وَثَبَ وَثْبَةً مَرَحًا ولَعِبًا بلا نَفْعٍ، فانْقَلَبَ، فذَهَبَ عقْلُه، عَصَى، وقَضَى الصَّلاةَ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدَّينِ: يجوزُ ما قد يكونُ فيه مَنْفَعَةٌ بلا مَضَرَّةٍ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِه، لا يجوزُ اللَّعِبُ المَعْروفُ بالطَّابِ والنَّقيلَةِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين أيضًا: كلُّ فِعْلٍ أفْضَى إلى مُحَرَّمٍ كثيرًا، حرَّمه الشَّارِعُ، إذا لم يكُنْ فيه مَصْلَحَةٌ؛ لأنَّه يكُونُ سَببًا للشَّرِّ والفَسادِ. وقال أيضًا: ما أَلْهَى وشغَلَ عمَّا أمَرَ اللهُ به، فهو مَنْهِيٌّ عنه، وإنْ لم يَحْرُمْ جنْسُه؛ كبَيعٍ وتِجارَةٍ ونحوها. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ اللَّعِبُ بآلةِ الحَرْبِ. قال جماعةٌ: والثِّقافِ. نقَل أبو داودَ، لا يُعْجِبُنِي أنْ يتَعَلَّمَ بسَيفٍ حديدٍ، بل بسَيفٍ خَشَبٍ. وليس مِنَ اللَّهْو المُحَرَّمِ تأدِيبُ فرَسِه، ومُلاعَبَةُ أهْلِه، ورَمْيُه عن قَوْسِه؛ للحديثِ

وَلَا تَجُوزُ بِعِوَضٍ، إلَّا فِي الْخَيلِ، وَالْإبِلِ، وَالسِّهَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوارِدِ في ذلك (¬1). وقال الزَّرْكَشِيُّ: ويجوزُ الصِّراعُ، ورَفْعُ الحِجارَةِ؛ ليُعْرَفَ الأَشَدُّ. قوله: ولا تَجُوزُ بعِوَضٍ، إلَّا في الخَيلِ، والإبِلِ، والسِّهامِ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وذكَر ابنُ البَنَّا وَجْهًا، يجوزُ بعِوَضٍ في الطَّيرِ المُعَدَّةِ لأخْبارِ الأعْداءِ. انتهى. وذكَر في «النَّظْمِ» وَجْهًا بعيدًا، يجوزُ بعِوَضٍ في الفِيَلَةِ. وقد صارَع النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكانَةَ على شاةٍ، فصَرَعَه، ثم عادَ مِرارًا فصَرَعَه، فأَسْلَمَ، فرَدَّ عليه غنَمَه. رواه أبو داودَ في «مَراسِيِله» (¬2). قال في «الفُروعِ»: وهذا وغيرُه مع الكُفَّارِ، مِن جِنْسِ جِهادِهم، فهو في مَعْنَى ¬

(¬1) يأتي في صفحة 10. (¬2) في: باب في فضل الجهاد، من كتاب الجهاد. المراسيل 175.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّلاثةِ المذْكُورَةِ، فإنَّ جِنْسَها جِهادٌ، وهي مَذْمومَةٌ، إذا أُرِيدَ بها الفَخْرُ والخُيَلاءُ والظُّلْمُ. والصِّراعُ، والسَّبْقُ بالأقْدامِ، ونحوُهما، طاعَةٌ، إذا قُصِدَ بها نَصْرُ الإسْلامِ، وأخْذُ العِوَضِ عليه أخْذٌ بالحَقِّ، فالمُغالبَةُ الجائِزَةُ تحِلُّ بالعِوَضِ، إذا كانتْ ممَّا يُعِينُ على الدِّينِ، كما في مُراهَنَةِ أبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ هذا كلَّه الشيخُ تَقِي الدِّينِ، وذكَر أنَّه أحدُ الوَجْهين عندَنا، مُعْتَمِدًا على ما ذكَرَه ابنُ البَنَّا. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه جَوازُ المُراهَنَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعِوَضٍ، في بابِ العِلْمِ، لقِيامِ الدِّينِ بالجِهادِ والعِلْمِ. وهذا ظاهرُ اخْتِيارِ صاحبِ «الفُروعِ». وهو حسَنٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: السَّبْقُ يخْتَصُّ بثَلاثةِ أنواعٍ؛ الحافِرُ، فيَعُمُّ كلَّ ذِي حافِرٍ، والخُفُّ، فيَعُمُّ كلَّ ذِي خُفٍّ، والنَّصْلُ، فيَخْتَصُّ النُّشَّابَ والنَّبْلَ، ولا يصِحُّ السَّبْقُ والرَّمْيُ في غيرِها، مع الجُعْلِ وعدَمِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، ولتَعْمِيمِه وَجْهٌ، ويتَوَجَّهُ عليه تَعْمِيمُ النَّصْلِ. انتهى.

بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ أَحَدُهَا، تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ وَالرُّمَاةِ، سَوَاءٌ كَانَا اثْنَينِ أوْ جَمَاعَتَينِ. وَلَا يُشْترطُ تَعْيِينُ الرَّاكِبَينِ، وَلَا الْقَوْسَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه في الشُّرُوطِ: أَحَدُها، تَعْيِينُ المَرْكُوبِ -يعْنِي، بالرُّؤْيَةِ-

الثَّانِي، أَن يَكُونَ الْمَركُوبَانِ وَالْقَوْسَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَجُوزُ بَينَ عَرَبِيٍّ وَهَجِينٍ، وَلَا بَينَ قَوْس عَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ. وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرُّماةِ، سَواءٌ كانا اثْنَين أو جَماعَتَين. بلا نِزاعٍ. لكِنْ قال في «التَّرْغِيبِ»: في عدَدِ الرُّماةِ وَجْهان. قوله: الثَّاني، أَنْ يَكُونَ المرْكُوبان مِن نَوْعٍ واحِدٍ، فلا يَجُوزُ بينَ عَرَبِيٍّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهَجِينٍ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيز»، و «المُنَوَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروع»، و «النَّظْمِ»، و «الزركَشِيِّ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ الجَوازُ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه القاضي. ذكَرَه في «الفائقِ». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «الفائقِ». قال في «الهِدايَةِ»، ومن تابعَه: ويتَخرَّجُ الجوازُ؛ بِناءً على تَساويهما في السَّهْمِ. وقال في «التَّرغيبِ»: وتسَاويهما في النَّجابَةِ، والبَطالةِ، وتَكافُئِهما. قوله: ولا بينَ قَوْسٍ عَرَبِيٍّ وفارِسِيٍّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ الجَوازُ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه القاضي. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ».

الثَّالِثُ، تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ، وَالْغَايَةِ، وَمَدَى الرَّمْي، بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ الرَّمْيُ بالقَوْسِ الفارِسِيَّةِ مِن غيرِ كَراهَةٍ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبو بَكْر: لا يجوزُ. قاله في «الفائقِ». وقال في «الفُروعِ»: وكَرِهَه أبو بَكْرٍ، كما تقدَّم أوَّلَ البابِ. الثَّانيةُ، إذا عقَدا النِّضال، ولم يذكرا قَوْسًا، صحَّ في ظاهرِ كلامِ القاضي، ويَسْتَويان في العَربيَّةِ أو غيرِها. وقال غيرُه: لا يصِحُّ حتى يذْكُرا نَوْعَ القَوْسِ الذي يَرْميِان عنه في الابتِداءِ. قوله: ومَدَى الرَّمْي بما جَرَتْ به العَادَةُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: ويُعْرَفُ ذلك إمَّا بالمُشاهدَةِ، أو بالذِّراعِ؛ نحوَ مِائَةِ ذِراعٍ، أو مِائَتَيْ ذِراعٍ. وما لم تَجْرِ به العادَةُ، وهو ما زادَ على ثَلاثمِائَةِ ذِراعٍ، فلا يصحُّ. وقد قيلَ: إنَّه ما رَمَى في أرْبَعِمِائَةِ ذِراعٍ، إلَّا عُقْبَةُ بنُ عامِرٍ الجُهَنِيُّ. فائدة: لا يصِحُّ تَناضُلُهما على أنَّ السَّبْقَ لأبعدِهما رَمْيًا. على الصَّحيحِ مِنَ

الرَّابعُ، كَوْنُ الْعِوَضَ مَعْلُومًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. زادَ في «التَّرْغِيب»، مِن غيرِ تَقْديرٍ. وقيل: يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قاله في «الفائقِ»، وهو المَعْمولُ به عندَ الرُّماةِ الآنَ في أماكِنَ كثيرةٍ. قوله: الثَّاني، أَنْ يَكُونَ العِوَضُ مَعْلُومًا مُبَاحًا. بلا نِزاعٍ. لكِنَّه تَمْلِيكٌ بشَرْطٍ سَبَقَه؛ فلهذا قال في «الانْتِصارِ»، في شَرِكَةِ العِنانِ: القِياسُ لا يصِحُّ.

الْخَامِسُ، الْخُرُوجُ عَنْ شِبْهِ الْقِمَارِ، بِأَنْ لَا يُخْرِجَ جَمِيعُهُمْ، فَإنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْإِمَامِ، أَوْ أحَدٍ غَيرِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخَذَهُ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإنْ جَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، فَإن سَبَقَ الْمُخْرجُ، أَحْرَزَ سَبَقَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْآخَرِ شَيئًا، وَإِنْ سَبَقَ الآخَرُ، أَحْرَزَ سَبَقَ صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإنْ أَخْرَجَا مَعًا، لَمْ يَجُزْ، إلا أَنْ يُدْخِلَا بَينَهُمَا مُحَلِّلًا يُكَافِئُ فَرَسُهُ فَرَسَيهِمَا، أَوْ بَعِيرُهُ بَعِيرَيهِمَا، أَوْ رَمْيُهُ رَمْيَيْهِمَا، فَإنْ سَبَقَهُمَا أَحْرَزَ سَبَقَيهِمَا، وَإنْ سَبَقَاهُ أَحَرَزَا سَبَقَيهِمَا، وَلَم يَأْخُذَا مِنْهُ شَيئًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَحْرَزَ السَّبَقَينِ، وَإنْ سَبَقَ مَعَهُ الْمُحَلِّلُ، فَسَبَقُ الآخرِ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَخْرَجا مَعًا، لم يَجُزْ، إلَّا أَنْ يُدْخِلا بينَهما مُحَلِّلًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ مِن غيرِ مُحَلِّلٍ. قال: وعدَمُ المُحَلِّلِ أوْلَى وأقْرَبُ إلى العَدْلِ مِن كَوْنِ السَّبَقِ مِن أحَدِهما، وأبْلَغُ في تَحْصِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَقْصُودِ كلٍّ منهما، وهو بَيانُ عَجْزِ الآخَرِ، وأنَّ المَيسِرَ والقِمارَ منه لم يَحْرُمْ لمُجَرَّدِ المُخاطَرةِ؛ بل لأنَّه أكْلٌ للْمالِ بالباطِلِ، أو للمُخاطَرَةِ المُتَضَمِّنَةِ له. انتهى. واخْتارَه صاحِبُ «الفائقِ». قوله: يُكَافِئُ فَرَسُه فَرَسَيهما، أو بَعِيرُه بَعِيرَيهما، أو رَمْيُه رَمْيَيهما، فإنْ سَبَقَهما أَحْرَزَ سَبَقَيهما، وإنْ سَبَقاه أَحْرَزا سَبَقَيهما، ولم يَأْخُذا مِنه شيئًا، وإن سبَق أَحَدُهما، أَحْرَزَ السَّبَقَين، وإنْ سبَق مَعَه المُحَلِّلُ، فسَبَقُ الآخَرِ بينَهما. بلا نِزاعٍ في ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّه. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: إلَّا أنْ يُدْخِلا بينَهما مُحَلِّلًا. الاكْتِفاءُ بالمُحَلِّلِ الواحِدِ، ولا يكونُ أكْثَرَ مِن واحِدٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الآمِديُّ: لا يَجُوزُ أكْثَرُ مِن واحِدٍ؛ لدَفْعِ الحاجَةِ به. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: يجوزُ أكثرُ مِن واحدٍ. وجزَم به في «الكافِي».

وَإنْ قَال الْمُخْرِجُ: مَنْ سَبَقَ، فَلَهُ عَشَرَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ كَذَلِكَ. لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَا اثْنَينِ. وَإِنْ قَال: وَمَن صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ. صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ شَرَطَا أنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصْحَابَهُ أَوْ غَيرَهُمْ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَرَطا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصحَابَه، أو غيرَهم، لم يَصِحَّ الشَّرْطُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ: يصِحُّ شَرْطُ السَّبَقِ للأستاذِ، ولشِراءِ قَوْس (¬1)، وكِراءِ الحانُوتِ، وإطْعامِه للجماعَةِ؛ لأنَّه ممَّا يُعِينُ على الرَّمْي. ¬

(¬1) في ط: «فرس».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي صِحَّةِ المُسابَقَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروع»، و «الفائق»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ

فَصْلٌ: وَالْمُسَابَقَةُ جَعَالةٌ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، إلا أنْ يَظْهَرَ الْفَضْلُ لأحَدِهِمَا، فَيَكُونَ لَهُ الْفَسْخُ دُونَ صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرَي». قوله: والمُسابَقَةُ جَعالةٌ. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وقيل: هي عَقْدٌ لازِمٌ، ليس لأحَدِهما فَسْخُها. ذكَرَه القاضي. فهي كالإِجارَةِ،

_ (¬1) في تش، ر 1، م: «معلوما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكِنَّها تنْفَسِخُ بمَوْتِ أحَدِ المَرْكُوبَين، وأحدِ الرَّامِيَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وفي «التَّرْغيبِ» احْتِمالٌ بعَدَمِ اللُّزومِ في حقِّ المُحَلِّلِ وحدَه؛ لأنَّه مَغْبوطٌ، كمُرْتَهِنٍ. فعلى المذهبِ، لكُلِّ واحدٍ منهما فَسْخُها، إلَّا أنْ يظْهَرَ الفَضْلُ لأحَدِهما، فيكونَ له الفَسْخُ دُونَ صاحبِه. وتَنْفَسِخُ بمَوْتِ أحَدِ المُتَعاقِدَين، ولا يُؤْخَذُ رَهْنٌ، ولا كَفِيلٌ بعِوَضِهما. وقال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، وغيرِهما، على هذا الوَجْهِ: يجوزُ فَسْخُه، والامْتِناعُ منه والزِّيادَةُ في العِوَضِ. زادَ غيرُهم، وأخْذُه به رَهْنًا أو كَفِيلًا.

وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ المُتَعَاقِدَينِ. وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَيسَ لأحَدِهِمَا فَسْخُهَا، لَكِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَينِ، وَاحدِ الرَّامِيَينِ، وَلَا تَبْطُلُ بمَوْتِ أَحَدِ الرَّاكِبَينِ، وَلَا تَلَفِ أَحَدِ الْقَوْسَينِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، أَقَامَ الْحَاكِمُ مُقَامَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله، على القَوْلِ بلُزُومِها: ليس لأحدِهما فَسْخُها، لكِنَّها تَنْفَسِخُ بمَوْتِ أَحَدِ المَرْكُوبَين وأحَدِ الرَّامِيَين، ولا تَبْطُلُ بمَوتِ الرَّاكِبَين، ولا تَلَفِ أحَدِ القَوْسَين. وهذا بلا خِلافٍ على هذا القَوْلِ. وقوله: ويَقُومُ وارِثُ المَيِّتِ مَقامَه، وإِنْ لم يَكُنْ له وارِثٌ أقامَ الحاكِمُ مُقامَه مِن تَرِكَتِه. هذا إذا قُلْنا: إنَّها لازِمَةٌ. فأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّها جائزةٌ. فظاهِرُ كلامِ

وَالسَّبْقُ فِي الْخَيلِ بالرَّأْسِ، إذَا تَمَاثَلَتِ الْأَعْنَاقُ، وَفِي مُخْتَلِفِي الْعُنُقِ وَالْإِبِلَ بِالْكَتِفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ، أن وارِثَه لا يقُومُ مَقامَه، ولا يُقِيمُ الحاكمُ مَن يقومُ مَقامَه وهو أحدُ الوَجْهَين. قلتُ: هذا المذهبُ. وهو كالصَّريحِ المَقْطوعِ به في كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ؛ لقَطْعِهم بفَسْخِها بمَوْتِ أحَدِ المُتَعاقِدَين، على القَوْلِ بأنَّها عقْدٌ جائزٌ، كما قطَع به المُصَنِّفُ فيما تقدَّم، وغيرُه مِنَ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الحاوي». والوَجْهُ الآخَرُ، وارِثُه كهُو في ذلك، ثم الحاكِمُ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه». وهو ظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ». وهو كالصريح في «البُلْغةِ»، وصرح به في «الكافِي»، وجزَم به فيه. لكِن جعَل الوارِثَ بالخِيَرَةِ في ذلك، وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «الترْغِيبِ»، و «البُلْغةِ»: ولا يجِبُ تَسْليمُ العِوَضِ فيه قبلَ العَمَلِ، ولو قُلْنا بلُزومِه، على الأصح، بخِلافِ الأُجْرَةِ، بل يبْدأُ بتَسْليمِ العَمَلِ قبلَ العِوَضِ. قوله: والسَّبْقُ في الخَيلِ بالرَّأْسِ، إذا تماثَلَتِ الأَعْناقُ، وفي مُخْتَلِفِي العُنُقِ والإِبِلِ بالكَتِفِ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقال في «الفُروعِ»: والسَّبْقُ بالرَّأْسِ في مُتَماثِلٍ عُنُقُه، وفي مُخْتَلِفِه وإِبِل بكَتِفِه. وكذا قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقال في «المُحَرَّرِ»: والسَّبْقُ في الإِبِلِ والخَيلِ بسَبْقِ الكَتِفِ. وتَبعَه في «المُنَوِّرِ». وقال في «الرّعايتَين»: والسَّبْقُ في الخَيلِ بالعُنُقِ. وقيل: بالرَّأْسِ. زادَ في «الكُبْرى»، مع تَساوي الأعْنَاقِ. ثم قال فيهما: وفي مُخْتَلِفِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العُنُقِ والإِبِل، بالكَتِفِ. زادَ في «الكُبْرى»، أو ببعضِه. ثم قال فيهما: وقلتُ: في الكُلِّ بالأَقْدامِ. انتهى. وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: وإنْ شُرِطَ السَّبْقُ بأقْدامٍ مَعْلومَةٍ، كثَلاثَةٍ أو أكْثرَ أو أقَلَّ، لم يصِحَّ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْنُبَ أَحَدُهُمَا مَعَ فَرَسِهِ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْو، وَلَا يَصِيحَ بِهِ وَقْتَ سِبَاقِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ أَنْ يَجْنُبَ أحَدُهما مع فَرَسِه فَرَسًا يُحَرِّضُه على العَدْو، ولا يَصِيحَ به في وَقْتِ سِباقِه. هذا المذهبُ. أعْنِي، فِعْلُ ذلك مُحَرَّمٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال ابنُ رَزينٍ في «مُخْتَصَرِه»: يُكْرَهان. وفسَّر القاضي الجَنَبَ؛ بأنْ يَجْنُبَ فرَسًا آخَرَ مَعه، فإذا قصَّر المَرْكُوبُ، ركَب المَجْنُوبَ.

فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ: وَتُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطٌ أرْبَعَةٌ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ، فَإنْ كَانَ فِي أَحدِ الْحِزْبَينِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَأُخْرِجَ مِنَ الْحِزْبِ الْآخَرِ مِثْلُهُ، وَلَهُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في المُناضَلَةِ: ويُشْتَرَطُ لها شُرُوطٌ أرْبَعَةٌ؛ أَحَدُها، أَنْ تَكُونَ على مَن يُحْسِنُ الرَّمْيَ، فإنْ كانَ في أَحَدِ الحِزْبَين مَن لا يُحْسِنُه، بَطَلَ العَقْدُ فيه، وأُخْرِجَ مِنَ الحِزْبِ الآخَرِ مثلُه، ولهم الفَسْخُ إنْ أَحَبُّوا. فظاهِرُه، عدَمُ بُطْلانِ العَقْدِ، لقَوْلِه: ولهم الفَسْخُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وصحَّحه في

الْفَسْخُ إِنْ أحَبُّوا. الثَّانِي مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرِّشْقِ، وَعَدَدِ الْإِصَابَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: وفي بُطْلانِ العَقْدِ وَجْهان؛ بِناءً على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ. وقد عَلِمْتَ قبلُ أنَّه لا يبْطُلُ العَقْدُ في الباقِي. على الصَّحيحِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكذا هنا. فوائد؛ الأُولَى، لو عقَدَ النِّضال جماعَةٌ ليَقْتَسِمُوا بعدَ العَقْدِ حِزْبَين برِضاهم لا بقُرْعَةٍ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وصحَّحه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ. وما لا إليه. فعلى هذا: إذا تَفاصَلُوا عقَدُوا النِّضال بعدَه. وعلى المذهبِ، يُجْعَلُ لكُلِّ حِزْبٍ رَئيسٌ، فيَخْتارُ أحدُهما واحِدًا، ثم يخْتارُ الآخَرُ آخَرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يَفرَغا، وإنِ اخْتلَفا في مَن يَبْدَأُ بالخِيَرَةِ اقْتَرَعا، ولا يَقْتَسِمان بقُرْعَةٍ، ولا يجوزُ جَعْلُ رَئيسِ الحِزْبَين. واحِدًا، ولا الخِيَرَةُ في تَمَيُّزِهما إليه، ولا السَّبْقُ عليه. الثَّانيةُ، لا يُشْترَطُ اسْتِواءُ عدَدِ الرُّماةِ، على الصَّحيحِ صحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: يُشْترَطُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهما وَجْهان في «التَّرْغيبِ»، واحْتِمالان في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، واحْتِمالُ وَجْهَين في «الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصغِيرِ». الثالثةُ، لا يصِح شَرْطُ إصابَةٍ نادِرَةٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَرَ في

الثَّالِثُ، مَعْرِفَةُ الرَّمْي، هَلْ هُوَ مُفَاضَلَةٌ أَوْ مُبَادَرَةٌ؟ فَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَقُولَا: مَنْ سَبَقَ إلَى خَمْسِ إِصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً، فَقَدْ سَبَقَ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إِلَيهَا مَعَ تَسَاويهِمَا فِي الرَّمْي فَهُوَ السَّابِقُ، وَلَا يَلْزَمُ إتْمَامُ الرَّمْيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ» وغيرِه، أنَّه يُعْتبَرُ فيه إصابَةٌ مُمْكِنَةٌ في العادَةِ. قوله: الثَّالِثُ، مَعْرِفَةُ الرَّمْي، هل هو مُفاضَلَة، أو مُبادَرَةٌ؟ وكذا هل هو محاطَّةٌ؟ وهو حَطُّ ما تَساوَيا فيه بإصابَةٍ مِن رِشْقٍ مَعْلومٍ مع تَساويهما في الرَّمْياتِ. فيُشْتَرطُ مَعْرِفَةُ ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ

وَالْمُفَاضَلَةُ أَنْ يَقُولَا: أَيُّنَا فَضَلَ صَاحِبَهُ بِخَمْسِ إِصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً، سَبَقَ، فَأَيُّهُمَا فَضَلَ بِذَلِكَ، فَهُوَ السَّابِقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ويجِبُ بَيانُ حُكْمِ الإِصابَةِ، هل هي مُناضَلَةٌ، أو غيرُها. وقيل: يُسْتَحَبُّ. انتهى. وظاهِرُ كلامِ القاضي، لا يحْتاجُ إلى اشْتِراطِ ذلك، لأنَّ مُقْتَضَى النِّضالِ المُبادَرَةُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى» أيضًا: ويُسَنُّ أنْ يصِفا الإِصابَةَ؛ فيَقُولان: خَواصِلُ، ونحوُه. وقيل: يجِب.

وَإذَا أَطْلَقَا الإِصَابَةَ، تَنَاوَلَهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ. فَإِنْ قَالا: خَوَاصِلَ. كَانَ تَأْكِيدًا، لأَنَهُ اسْمٌ لَهَا كَيفَمَا كَانَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ قَالا: خَوَاسِق. وَهُوَ مَا خَرَقَ الْغَرَضَ وَثَبَتَ فِيهِ. أَوْ: خَوَازِقَ. وَهُوَ مَا خزَقَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ. أَوْ: خَوَاصِرَ. وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي أَحَدِ جَانِبَي الْغَرَضِ، تَقَيَّدَتْ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالا: خَوَاسِقَ. وهو ما خرَق الغَرَضَ وثبَت فيه. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ثم قال: وقيل: أو مرَقَ، وإنْ سقَطَ بعدَ ثَقْبِه، أو خدْشِه، أو نقْبِه، ولم يَثْبُتْ فيه، فوَجْهان. انتهى.

وَإِنْ شَرَطَا إِصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنَ الْغَرَضِ، كَالدَّائِرَةِ فِيهِ، تَقَيَّدَ بهِ. الرَّابِعُ، مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْغَرَضِ؛ طُولِهِ، وَعَرْضِهِ، وَسُمْكِهِ، وَارْتِفَاعِهِ مِنَ الْأَرْضِ. وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ بِالرَّمْي، أُقْرِعَ بَينَهُمَا. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِإِخْراجِ السَّبَقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَشاحَّا في المُبْتَدِئِ بالرَّمْي، أُقْرِعَ بينَهما -هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه- وقيل: يُقَدَّمُ مَن له مَزِيَّةٌ بإخْراجِ السَّبَقِ، اخْتارَه القاضي. واخْتارَ في

وَإذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا فِي وَجْهٍ، بَدَأَ الْآخَرُ فِي الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغِيبِ»، أنَّه يُعْتَبرُ ذِكْرُ المُبْتَدِئِ منهما.

وَالسُّنَّةُ أنْ يَكُونَ لَهُمَا غَرَضَانِ، إذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِغرَضٍ، بَدَأَ الْآخَرُ بِالثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِذَا أَطَارَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ، فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ، فَإِنْ كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ، احْتُسِبَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَوَاسِقَ، لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَطَارَتِ الرِّيحُ الغَرَضِ، فوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَه؛ فإنْ كان شَرْطُهم خَواصِلَ، احْتُسِبَ به -بلا نِزاعٍ- وإنْ كان خواسِقَ، لم يُحْتَسَبْ له به ولا عليه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال القاضي: نَنْظُرُ؛ فإنْ كانتْ صلابَةُ الهدَفِ كصَلابَةِ الغَرَضِ، فثَبَتَ في الهَدَفِ، احْتُسِبَ له به، وإلَّا فلا يُحْتَسَبُ له به ولا عليه.

وَإنْ عَرَضَ عَارِضٌ؛ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ، أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ، أَوْ رِيحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَرَضَ عَارِضٌ؛ مِن كَسْرِ قَوْسٍ، أو قَطْعِ وَتَرٍ، أو رِيحٍ شَدِيدَةٍ، لم يُحْتَسَبْ عليه بالسَّهْمِ. ظاهِرُه، أنَّه يُحْتَسَبُ له به إنْ أصابَ. وهو أحدُ

شَدِيدَةٍ، لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيهِ بِالسَّهْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوْجُهِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُحْتَسَبُ عليه بالسَّهْمِ، إنْ أخْطأَ. وقيل: لا يُحْتَسَبُ عليه، ولا له. هو المذهبُ، اخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: وهذا أشْهَرُ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وإنْ عرَضَ لأحدِهما كَسْرُ قَوْسٍ، أو قَطْعُ وَتَرٍ، أو رِيحٌ في يَدِه. أو ردَّتْ سَهْمَه عرْضًا، فأصابَ، حُسِبَ له، وإلَّا فلا. وقيل: بلَى.

وَإنْ عَرَضَ مَطَرٌ أوْ ظُلْمَةٌ، جَازَ تَأْخِيرُ الرَّمْي. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيُكْرَهُ لِلْأَمِينِ وَالشُّهُودِ مَدْحُ أَحَدِهِمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُكْرَهُ للأَمِينِ والشهُودِ مَدْحُ أحَدِهما، لما فيه مِن كَسْرِ قَلْبِ صاحِبِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. قلتُ: وهو قَويٌّ في النَّظَرِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الجَوازُ في مَدْحِ المُصِيبِ، والكَراهَةُ في عَيبِ غيرِه. قال: ويتَوَجَّهُ في شَيخِ العِلْمِ وغيرِه، مَدحُ المُصِيبِ مِنَ الطَّلَبةِ، وعَيبُ غيرِه كذلك. انتهى. قلتُ: إنْ كان مَدْحُه يُفْضِي إلى تَعاظُمِ المَمْدُوحِ، أو كَسْرِ قَلْبِ غيرِه، قَويَ التَّحْرِيمُ، وإنْ كان فيه تَحْريضٌ على الاشْتِغالِ، ونحوه، قَويَ الاسْتِحْبابُ. واللهُ أعلمُ.

كتاب العارية

كِتَابُ العَارِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ العارِيَّةِ

وَهِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، تَجُوزُ فِي كُلِّ الْمَنَافِعِ إلا مَنَافِعَ الْبُضْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهي هِبَةُ مَنْفَعَةٍ. هذا أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانِي، أنَّها إباحَةُ مَنْفَعَةٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو أمَسُّ بالمذهبِ. وقال: اخْتارَه غيرُ واحِدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقهما في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». قال الحارِثِي: ويدْخُلُ على الأوَّلِ الوَصِيَّةُ بالمَنْفَعَةِ، وليس بإعارَةٍ. وقال: الفَرْقُ بينَ القَوْلَين، أنَّ الهِبَةَ تَمْلِيكٌ يَسْتَفِيدُ به التَّصَرُّفَ في الشَّيءِ، كما يسْتَفِيدُ فيه بعَقْدِ المُعاوَضَةِ. والإِباحَةُ؛ رَفْعُ الحَرَجِ عن تَناوُلِ ما ليس مَمْلُوكًا له. فالتَّناوُلُ مُسْتَنِدٌ إلى الإِباحَةِ، وفي الأوَّلِ مُسْتَنِدٌ إلى المِلْكِ. وقال في تَعْليلِ الوَجْهِ الثاني: فإنَّ المَنْفَعَةَ لو مُلِكَتْ بمُجَرَّدِ الإعارَةِ، لاسْتَقَلَّ المُسْتَعِيرُ بالإجارَةِ والإعارَةِ، كما في المَنْفَعَةِ المَمْلوكَةِ بعَقْدِ الإِجارَةِ. تنبيه: قال الحارِثِيُّ: تعْريفُ المُصَنِّفِ للعارِيَّةِ بما قال، توَسُّعٌ لا يَحْسُنُ اسْتِعْمالُه في هذا المَقامِ؛ إذِ «الهِبَةُ»، مَصْدَرٌ، والمَصادِرُ ليستْ أعْيانًا. والعارِيَّة نفْسُ العَينِ، وليستْ بمَعْنَى الفِعْلِ. قال: والأوْلَى إيرادُ التَّعْريفِ على لَفْظِ «الإِعارَةِ»، فيُقالُ: الإِعارَةُ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ. قوله: تَجُوزُ في كل المنَافِعِ إلا مَنافِعَ البُضْعِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ في الجُمْلَةِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ إعارَةُ كَلْبِ الصَّيدِ، وفَحْلِ الضِّرابِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل. ونسَبَه الحارِثِي إلى «التَّذْكِرَةِ»، ولم أَرَه، فيها، في هذا البابِ. وقيل: لا يجوزُ إعارَةُ أمَةٍ شابَّةٍ لغيرِ مَحْرَمٍ، وامْرَأةٍ. جزَم به في «التَّبْصِرَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: تِجبُ العارِيَّةُ مع غِنَى المالِكِ. واخْتارَه الشَيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فوائد؛ الأولَى، تجِبُ إعارَةُ المُصْحَفِ لمَنِ احْتاجَ إلى القِراءَةَ فيه، ولم يَجِدْ غيرَه. نقَلَه القاضِي في «الجامِعِ الكَبِيرِ». وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ في كُتُبٍ للمُحْتاجِ إليها؛ مِنَ القُضاةِ والحُكَّامِ، وأهْلِ الفَتاوَى، وأنَّ ذلك واجِبٌ. نقَلَه في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والتِّسْعِين». الثانيةُ، يَحْرُمُ إعارَةُ ما يَحْرُمُ اسْتِعْمالُه لمُحْرِمٍ. فهذا التَّحْرِيمُ لعارِضٍ. الثالثةُ، يُشْترَطُ فيها كَوْنُ العَينِ مُنْتَفَعًا بها، مع بَقاءِ عَينْها. واسْتَثْنَى الحارِثِي جَوازَ إعارَةِ العَنْزِ وشِبْهِها لأخْذِ لَبَنِها، للنَّصِّ الوارِدِ في ذلك، وعلَّلَه.

وَلَا تَجُوزُ إِعَارَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ. وَتُكْرَهُ إِعَارَةُ الْأَمَةِ الشَّابَّةِ لِرَجُلٍ غَيرِ مَحْرَمِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجُوزُ إعَارَةُ العَبْدِ المُسْلِمِ لكافِر. يعْنِي، للخِدْمَةِ. قاله الحارِثِيُّ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ الإِجارَةِ: لا يجوز إجارَةُ مُسْلِمٍ لخِدْمَةِ ذِمِّيٍّ، على الأصحِّ، وكذا إعارَتُه. وعنه، يجوزُ. وقال في بابِ العارِيَّةِ: ويجوزُ إعَارَةُ ذِي نفْعٍ جائزٍ مُنْتَفَعٍ به مع بَقاءِ عَينِه، إلا البُضْعَ، وما حَرُمَ اسْتِعْمالُه لمُحْرِمٍ. وفي «التَّبْصِرَةِ»، وعَبْدًا مُسْلِمًا لكافِرٍ. ويتَوَجَّهُ، كإجارَةٍ. وقيل فيه بالكَراهَةِ: وعدَمِها. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ»: ولا يُعارُ كافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا. وقلتُ: إنْ جازَ أنْ يَسْتَأْجِرَه، جازَ إعارَتُه، وإلَّا فلا. وقال الحارِثِيُّ: لا يتَخَرَّجُ هنا مِنَ الخِلافِ مِثْلُ الإجارَةِ؛ لأنَّ الإِجارَةَ مُعاوَضَةٌ، فتَدْخُلُ في جِنْسِ البِياعاتِ، وهنا بخِلافِه. قوله: وتُكْرَهُ إعارَةُ الأَمَةِ الشَّابَّةِ لرَجُلٍ غيرِ مَحْرَمِها. هذا المذهبُ. جزَم به

وَاسْتِعَارَةُ وَالِدَيهِ لِلْخِدْمَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال الحارِثِيُّ: قال أصحابُنا: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا. وتقدَّم قوْلٌ -جزَم به في «التبصِرَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ» - بتَحْرِيمِه. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا تجوزُ إعارَتُها مِنَ العُزَّابِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال النَّاظِمُ: وأنْ يَسْتَعِيرَ المُشْتهاةَ أجْنَبِيٌّ أنْ تُخفْ خَلْوَةٌ، والحَظْرُ لمَّا أُبَعِّدِ وقال في «المُغْنِي» (¬1): لا تجوزُ إعارَتُها إنْ كانتْ جميلَةً، إنْ كان يَخْلُو بها أو ينْظُرُ إليها. وقال في «التَّلْخيص»: إنْ كانتْ بَرْزَةً، جازَ إعارَتُها مُطْلَقًا. قال في «البُلْغَةِ»: تُكْرَهُ إعارَةُ الجارِيَةِ مِن غيرِ مَحْرَمٍ أو امْرأةٍ، إلَّا أنْ تكونَ بَرْزَةً. ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 346.

وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ، مَا لَمْ يَأْذَنْ فِي شَغْلِهِ بِشَيْءٍ يَسْتَضِرُّ الْمُسْتَعِيرُ بِرُجُوعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللمُعِيرِ الرُّجُوعُ متى شاءَ، ما لم يَأْذَنْ -أي المُعِيرُ- في شَغْلِه- بشيءٍ يَسْتَضِرُّ المُسْتَعِيرُ برُجُوعِه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ في الجُمْلَةِ. قال الحارِثِيُّ: عليه أكْثَرُ الأصحابِ. وعنه، إنْ عيَّن مُدَّةً، تعَيَّنتْ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأقْوَى. وعنه، لا يَمْلِكُ الرُّجوعَ قبلَ انْتِفاعِه بها، مع الإِطْلاقِ. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ يَقْتَضِيه. ذكَرَه في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ». قال القاضي: القَبْضُ شَرْط في لُزُومِها. وقال أيضًا: يحْصُلُ بها المِلْكُ مع عدَمِ قَبْضِها. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه»، في ضَمانِ المَبِيعِ المُتَعَيِّنِ بالعَقْدِ: المِلْكُ أبْطَأُ حُصُولًا وأكثرُ شُروطًا مِنَ الضمانِ، بإباحَةِ الطعامِ بتَقْديمِه إلى مالِكِه، وضَمانِ المَنْفَعَةِ بعارِيَّةِ العَينِ، ولا مِلْكَ، فإذا حصَلَ بالتعْيِينِ هذا الإِبطاءُ، فأوْلَى حُصُولُ الإسْراعِ، وهو الضمانُ. قال الحارِثِيُّ: وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ: له الرجوعُ قبلَ الانْتِفاعِ، حتى بعدَ وَضْعِ الخَشَبِ، وقبلَ البِناءِ عليه. قال: وهو مُشْكِلٌ على المذهب جِدًّا؛ فإنَّ المالِكَ لا يَمْلِكُ الامْتِناعَ مِنَ الإِعارَةِ ابْتِداءً، فكيفَ يَمْلِكُه بعدُ؟ اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يُحْمَلَ على حالةِ ضَرَرِ المالكِ أو حاجَتِه إليه. انتهَى. قلتُ: يُتَصَوَّرُ ذلك في غيرِ ما قال، وهو حيثُ لم تَلْزَمِ الإعِارَةُ لتخَلُّفِ شَرْطٍ أو وُجودِ مانِعٍ، على ما تقدَّم. فائدة: قال أبو الخَطَّابِ: لا يُمْلَكُ مَكِيلٌ ومَوْزُونٌ بلَفْظِ العارِيَّةِ، وإنْ سُلِّم، ويكونُ قَرْضًا، فإنه يُمْلَكُ به وبالقَبْضِ. وقال في «الانْتِصارِ»: لَفْظُ «العارِيَّةِ» في الأثْمانِ قَرْضٌ. وقال في «المُغنِي» (¬1): وإنِ إسْتَعارَها للنَّفَقَةِ، فَقرْضٌ. وقيل: لا يَجوزُ. ونقَل صالِحٌ: مِنْحَةُ لَبَنٍ هو العارِيَّةُ. ومِنْحَهُ وَرِقٍ، هو القَرْضُ. وذكَر الأزَجِيُّ خِلافًا في صِحَّةِ إعارَةِ دَراهِمَ ودَنانِيرَ للتَّجَمُّلِ والزِّينَةِ. وقال في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما: وتصِح إعارَةُ النقْدَين للوَزْنِ ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 346.

مِثْلَ أَنْ يُعيِرَهُ سَفِينَةً لِحَمْلِ مَتَاعِهِ، فَلَيسَ لَهُ الرُّجُوعُ مَا دَامَتْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. وَإنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلدَّفْنِ، لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَبْلَى الْمَيتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والتزْيِينِ. زادَ في «الرِّعايةِ»، لتَزَيُّنِ امْرأَةٍ، أو مَكانٍ. وقال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثِين»: لو أعارَه شيئًا وشَرَطَ عليه العِوَضَ، فهل يصِحُّ، أمْ لا؟ على وَجْهَين؛ أحدُهما، يصِحُّ، ويكونُ كِنايَةً عنِ القَرْضِ، فيُمْلَكُ بالقَبْضِ إذا كانَ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا، ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، والقاضي في «خِلافِه»، وقال أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، في مَوْضِع: يصِحُّ عندَنا شَرْطُ العِوَضِ في العارِيَّةِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، تَفْسُدُ بذلك. وجعَلَه أبو الخَطَّابِ، في مَوْضِعٍ آخَرَ، المذهبَ؛ لأنَّ العِوَضَ يُخْرِجُها عن مَوْضُوعِها. قوله: وإنْ أعارَهُ أَرضًا للدَّفْنِ، لم يَرْجِعْ حتى يَبْلَى المَيتُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَإنْ أعَارَهُ حَائِطًا لِيَضَع عَلَيهِ أطْرَافَ خَشَبِهِ، لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ عَلَيهِ، فَإنْ سَقَطَ عَنْهُ لِهَدْمٍ أَوْ غَيرِهِ، لَمْ يَمْلِكْ رَدَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: حتى يَبْلَى ويَصِيرَ رَمِيمًا. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ: يُخْرِجُ عِظامَه، ويأْخُذُ أَرْضَه. قوله: وإنْ أَعارَهُ حائِطًا ليَضَعَ عليه أَطْرَافَ خَشَبِه، لم يَرجِعْ ما دامَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ بالرُّجوعِ ويضْمَنُ نَقْصَه. قوله: فإِنْ سقَط عنه لهَدْمٍ أو غيرِه، لم يَمْلِكْ رَدَّه. هذا المذهبُ، سواءٌ أُعِيدَ الحائِطُ بآلَتِه الأولَى، أو بغيرِها. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ

وَإنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلزَّرْعِ، لَمْ يَرْجِع إلَى الْحَصَادِ، إلا أنْ يَكُونَ مِمَّا يُحْصَدُ قَصِيلًا فَيَحْصُدَهُ. وَإنْ أَعَارَهَا لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ، وَشَرَطَ ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: قاله المُصَنِّفُ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ في آخَرِين مِنَ الأصحابِ. قال: وقال القاضي، والمُصَنِّفُ، في بابِ الصُّلْحَ: له إعادَتُه إلى الحائطِ. قال: وهو الصَّحيحُ اللائِقُ بالمذهبِ؛ لأن البَيتَ مُسْتَمِرٌّ، فكانَ الاسْتِحْقاقُ مُسْتَمِرًّا. قوله: وإنْ أَعَارَه أرْضًا للزرْعِ، لم يرْجِعْ إلى الحَصادِ، إلا أنْ يكونَ مِمَّا يُحْصَدُ قَصِيلًا، فيَحْصُدَه. وقْتَ أخْذِه عُرْفًا. بلا نِزاع، ويأْتِي حُكْمُ الأُجْرَةِ مِن حينِ رُجوعِه. قوله: وإنْ أَعارَها للغرْسِ والبِناءِ، وشَرَطَ عليه القَلْعَ في وَقْتٍ، أو عندَ رُجُوعِه، ثم رَجَعَ، لَزِمَه القَلْعُ. بلا نِزاع، مجَّانًا.

عَلَيهِ الْقَلْعَ فِي وَقْتٍ أوْ عِنْدَ رُجُوعِهِ، ثُمَّ رَجَعَ، لَزِمَهُ الْقَلْعُ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْويَةُ الْأرْضِ إلا بِشَرْطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ولا يَلْزَمُه تَسْويَةُ الأرْضِ إلَّا بشَرْطٍ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، والحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ». وإنْ شرَطَ على المُسْتَعيرِ القَلْعَ، وشرَطَ عليه تَسْويَةَ الأرْضِ، لَزِمَه مع القَلْعِ تَسْويَتُها. قطَع به الأصحابُ. وإنْ شرَطَ عليه القَلْعَ، ولم يشْرُطْ عليه تَسْويَةَ الأرْضِ، لم يَلْزَمْه تَسْويَتُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «الرعايةِ الصغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قَال في

وإنْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَيهِ الْقَلْعَ، لَمْ يَلْزَمْهُ، إلَّا أنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُعِيرُ النَّقْصَ. فَإِنْ قَلَعَ، فَعَلَيهِ تَسْويَةُ الْأَرْضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ولا يلْزَمُ المُسْتَعِيرَ تَسْويَةُ الحَفْرِ. قال جماعةٌ: وقيل: يَلْزَمُه والحالةُ هذه. قال في «القواعِدِ»: إنْ شرَطَ المُعِيرُ عليه قَلْعَه، لَزِمَه ذلك، وتَسْويَةُ الأرْضِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». قوله: وإنْ لم يَشْرُطْ عليه القَلْعَ، لم يَلْزَمْه، إلَّا أنْ يَضْمَنَ المُعِيرُ النَّقْصَ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ الحَلْوانِي، لا يضْمَنُ النَّقْضَ. قوله: فإنْ فعَل فعليه تَسْويَةُ الأرْضِ. يعْنِي، إذا قلَعَه المُسْتَعِيرُ، والحالةُ ما

وَإنْ أَبَى الْقَلْعَ، فَلِلْمُعِيرِ أَخْذُهُ بقِيمتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تقَدَّم، فعليه تسويَةُ الأرْضِ. وهذا أحدُ الوُجُوهِ، واخْتارَه جماعَةٌ؛ منهم المُصَنِّفُ في «الكافِي»، وجزَم به فيه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يَلْزَمُه تَسْويَةُ الأرْضِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وقطَع به في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقهما في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسَّبْعِين». وعندَ المُصَنِّفِ، لا يَلْزَمُه تَسْويَةُ الأرْضَ إلَّا مع الإِطْلاقِ. قوله: فإن أَبَى القَلْعَ، فللمُعِيرِ أخْذُه بقِيمَتِه. يعْنِي، إذا أبَى المُسْتَعِيرُ القَلْعَ

فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ بِيعَا لَهُمَا، فَإِنْ أَبَيَا الْبَيعَ تُرِكَ بِحَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحالِ التي لا يُجْبَرُ فيها، فللمُعِيرِ أخْذُه بقِيمَتِه. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا، وابنِ مَنْصُورٍ. وكذا نقَل عنه جَعْفَرُ بنُ محمدٍ، لكِنْ قال في رِوايَتِه: يتَمَلَّكُه بالنَّفَقَةِ. قال الحارِثِيُّ: ولا بدَّ مِن رِضَا المُسْتَعِيرِ؛ لأنَّه بَيعٌ. وهو الصَّحيحُ. فإنْ أبَى ذلك،

وَلِلْمُعِيرِ التَّصَرُّفُ فِي أرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالشَّجَرِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ الدُّخُولُ لِلسَّقْيَ وَالإِصْلَاحِ وَأخْذِ الثَّمَرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي المُعِيرَ؛ مِن دَفْعِ القِيمَةِ، وأرْشِ النَّقْصِ، وامْتنَعَ المُسْتَعِيرُ مِنَ القَلْعِ، ودَفْعِ الأجْرِ، بِيعًا لهما، فإنْ أبَيَا البَيْعَ، تُرِكَ بحالِه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: فإنْ أبَيَاه، بَقِيَ فيها مجَّانًا في الأصحِّ، حتى يتَّفِقا. وقلتُ: بل يَبِيعُهما الحاكِمُ. انتهى. فلو أَبَى أحدُهما، فهل يُجْبَرُ على البَيعِ مع صاحبِه؛ فيه وَجْهانِ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يُجْبَرُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: أُجْبِرَ في أصح الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُجْبَرُ. صحَّحه النَّاظِمُ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ».

وَلَمْ يَذْكُرْ أصْحَابُنَا عَلَيهِ أُجْرَةً مِن حِينِ الرُّجُوعِ، وَذَكَرُوا عَلَيهِ أُجْرَةً فِي الزَّرْعِ، وَهَذَا مِثْلُهُ، فيُخَرَّجُ فِيهِمَا وَفِي سَائِرِ الْمَسَائِل وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ لكُلِّ واحدٍ منهما بَيعُ مالِه مُنْفَرِدًا لمَن شاءَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقيل: لا يَبِيعُ المُعِيرُ لغيرِ المُسْتَعِيرِ. قوله: ولم يَذْكُرْ أصحابُنا عليه أُجْرَةً مِن حينِ الرُّجُوعِ -يعْنِي، فيما تقدَّم مِنَ الغَرْسِ والبِناءِ- وذكَرُوا عليه أُجْرَةً في الزَّرْعِ، وهذا مثلُه؛ فيُخَرَّجُ فيهما،

وَإنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى بَعْدَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ، فَهُوَ غَاصِبٌ، يَأْتِي حُكْمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي سائرِ المَسائلِ وَجْهان. ذكَر الأصحابُ أنَّ عليه الأُجْرَةَ في الزَّرْعِ مِن حينِ الرُّجوعِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأصحابُه. واخْتارَ المَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، أنَّه لا أُجْرَةَ له، وخرَّجَه المُصَنِّفُ هُنا وَجْهًا. قال في «القواعِدِ»: ويَشْهَدُ له ظاهِرُ كلامِ أحمدَ في رِوايَةِ صالحٍ. وصحَّحه النَّاظِمُ، والحارِثِيُّ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وأمَّا الغِراسُ، والبِناءُ، والسَّفِينَةُ إذا رجَع وهي في لُجَّةِ البَحْرِ، والأرْضُ إذأ أعارَها للدَّفْنِ، ورَجَع قبلَ أنْ يَبْلَى المَيِّتُ، والحائِطُ إذا أعارَه لوَضْعِ أطْرافِ الخَشَبِ عليه، ورَجَع، ونحوُ ذلك؛ فلم يذْكُرِ الأصحابُ أنَّ عليه أُجْرَةً مِن حينِ الرُّجوعِ. وخرَّج المُصَنِّفُ في ذلك كلِّه مِنَ الأُجْرَةِ في الزَّرْعِ وَجْهَين؛ وَجْهٌ بعدَمِ الأُجْرَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، ومال الحَارِثِيُّ إلى عدَمِ التخْرِيجِ، وأبْدَى فرْقًا. ووَجْهٌ بوُجُوبِها؛ قِياسًا على ما ذكَرَه في «الفُروعِ». وأطْلَقَ هذَين الوَجْهَين في «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وخرَّجه بعضُهم في الغِراسِ والبِناءِ، لا غيرُ. وخرَّجه بعضُهم في الجميعِ. أعْنِي وُجوبَ الأُجْرَةِ في الجميعِ. وجزَم في «المُحَرَّرِ»، أنَّه لا أُجْرَةَ بعدَ رُجوعِه، في مسْأَلةِ إعارَةِ. الأرْضِ للدَّفْنِ، والحائطِ لوَضْعِ الخَشَبِ، والسَّفِينَةِ. وجزَم في «التَّبْصِرَةِ» بوُجوبِ الأُجْرَةِ في مَسْألَةِ السَّفِينَةِ. واختاره أبو محمدٍ يُوسُفُ الجَوْزِيُّ، فيما سِوَى الأرضَ للدَّفْنَ.

وَإِنْ حَمَلَ السَّيلُ بَذْرًا إلَى أرْضٍ فَنَبَتَ فِيهَا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ، مُبَقّى إِلَى الْحَصَادِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ. وَقَال الْقَاضِي: لَا أُجْرَةَ لَهُ. وَيَحْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حمَل السَّيْلُ بَذْرًا إلى أرْضٍ، فنَبَت فيها، فهو لصاحِبِه مُبَقًّى إلى الحَصَادِ بأُجْرَةِ مِثْلِه. وهو المذهبُ. قال في «الرِّعايَتين»، و «الفُروعِ»: فلصاحِبِ الأرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِه، في الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، والحارِثِيُّ. وجزم به في «الوَجيزِ». ونصَّ عليه. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والسَّبْعِين»: لو

أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أخْذَهُ بِقِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حمَل السَّيلُ بَذْرَ إنْسانٍ إلى أرْضِ غيرِه، فنَبَتَ فيها، فهل يَلْحَقُ بزَرْعِ الغاصِبِ، أو بزَرْعِ المُسْتَعِيرِ، أو المُسْتَأْجِرِ مِن بعدِ انْقِضاءِ المُدَّةِ؛ على وَجْهَين؛ أشْهَرُهما، أنَّه كزَرْعِ المُسْتَعِيرِ. وهو اخْتيارُ القاضي، وابنِه أبِي الحُسَينِ، وابنِ عَقِيل. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ، عن أحمدَ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «التَّلْخيصِ». فعلى هذا، قال القاضي: لا أُجْرَةَ له. واخْتارَه ابنُ عَقِيل أيضًا. ذكَرَه في «القواعِدِ». وقيل: له الأُجْرَةُ. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ أيضًا، عن أحمدَ، وأطْلَقهما في «القواعِدِ». قوله: ويَحْتَمِلُ أنَّ لصاحِبِ الأرْضِ أخْذَه بقِيمَتِه. قال في «الهِدايَةِ»، ومَن

وَإنْ حَمَلَ غَرْسَ رَجُلٍ، فَنَبَتَ فِي أَرْضِ غَيرِهِ، فَهَلْ يَكُونُ كَغَرْسِ الشَّفِيعِ، أوْ كَغَرْسِ الْغَاصِبِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تابعَه: وقيل: هو لصاحبِ الأرْضِ، وعليه قِيمَةُ البَذْرِ. وزادَ في «الرِّعايتَين»، وقيل: بل بقِيمَتِه إذَنْ. زادَ في «الكُبْرَى»، ويَحْتَمِلُ أنَّه كزَرْعِ غاصِبٍ. وتقدَّم كلامُ صاحبِ «القواعِدِ». وتقدَّم في آخِرِ المُساقاةِ: إذا نبَتَ السَّاقِطُ مِنَ الحَصادِ في عامٍ قابِلٍ، أنَّه يكونُ لرَبِّ الأرْضِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قوله: وإنْ حمَل غَرْسَ رَجُلٍ، فنَبَت في أرْضِ غيرِه، فهل يكونُ كغَرْسِ الشَّفِيعِ، أو كغَرْسِ الغَاصِبِ؛ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يكونُ كغَرْسِ الشَّفيعِ، على ما يأْتِي في بابِه. وهو المذهبُ. قال الناظِمُ: هذا الأَقْوَى. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصغِيرِ». والوَجْهُ الثانِي، هو كغرْسِ الغاصِبِ، على ما يأْتِي في بابِه. جزَم به في «الوَجبزِ». وقال في «الرعايةِ الكُبْرَى»: قلتُ: بل كغَرْسِ مُشْتَرِي شِقْصٍ له شُفْعَة، وعلى كل حالٍ يَلْزَمُ صاحِبَ الغرْسِ تَسْويَةُ الحَفْرِ. تنبيه: قوْلُه: فهل يكونُ كغَرْسِ الشَّفيعِ؟ فيه تَساهُل، وإنَّما يُقالُ: فهل هو كغرْسِ المُشْتَرِي الشَّقْصَ الذي يأْخُذُه الشَّفيعُ؟ ولهذا قال الحارِثِيُّ: وهو سَهْوٌ وقَع في الكِتابِ. انتهى. مع أن المُصَنِّفَ تابَعَه جماعَةٌ؛ فهم صاحِبُ «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فوائد؛ الأُولَى، وكذا حُكْمُ النَّوَى، والجَوْزِ واللَّوْزِ، إذا حمَلَه السَّيلُ فنبَتَ. الثَّانيةُ، لو ترَكَ صاحِبُ الزَّرْعِ أو الشَّجَرِ لصاحِبِ الأرْضِ الذي انْتقَلَ إليه مِن ذلك، لم يَلْزَمْه نقْلُه ولا أُجْرَةٌ، ولا غيرُ ذلك. الثالثةُ، لو حمَلَ السَّيلُ أرْضًا بشَجَرِها، فنَبَتَتْ في أرْضٍ أُخْرَى كما كانتْ، فهي لمالِكِها، يُجْبَرُ على إزالتِها. ذكَرَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ».

فَصْلٌ: وَحُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: وحُكْمُ المُسْتَعِيرِ في اسْتِيفاءِ المَنْفَعَةِ حُكْمُ المُسْتَأْجِرِ. يعْنِي،

وَالْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ، وَإنْ شُرِطَ نَفْيُ ضَمَانِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه كالمُسْتَأْجِرِ في اسْتِيفاءِ المَنْفعَةِ بنَفْسِه، وبمَن قامَ مَقامَه، وفي اسْتِيفائِها بعَينِها، وما دُونَها في الضَّرَرِ مِن نَوْعِها، إلا أنَّهما يخْتَلِفان في شَيئَين؛ أحدُهما، لا يَمْلِكُ الإِعارَةَ ولا الإِجارَةَ، على ما يأْتِي. الثاني، الإِعارَةُ لا يُشْترَطُ لها تَعْيِينُ نَوْعِ الانْتِفاعِ، فلو أعارَه مُطْلَقًا، مَلَكَ الانْتِفاعَ بالمَعْرُوفِ في كل ما هو مُهَيَّأٌ له، كالأرْضِ مَثَلًا. هذا الصَّحيحُ، وفيه وَجْهٌ، أنَّها كالإِجارَةِ في هذا. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. ذكَر ذلك الحارِثِيُّ وغيرُه. قوله: والعارِيَّةُ مَضمُونَةٌ بقيِمَتِها يَوْمَ التَّلَفِ، وإنْ شُرِطَ نَفْيُ ضَمانِها. هذا المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نص عليه بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: نَصُّ أحمدَ على ضَمانِ العارِيَّةِ، وإنْ لم يَتَعَدَّ فيها، كثيرٌ مُتَكَرِّرٌ جِدًّا مِن جَماعاتٍ. وقَفَ على رِوايَةِ اثْنَين وعِشْرِين رَجُلًا،. وذكَرَها. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وقاسَ جماعَةٌ هذه المَسْأَلَةَ على المَقْبوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ، فدَلَّ على رِوايَةٍ مُخَرَّجَةٍ، وهو مُتَّجِهٌ. انتهى. وذكَر الحارِثِيُّ خِلافًا، لا يضْمَنُ، وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ عن بعضِ الأصحابِ، واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي».

وَكُلُّ مَا كَانَ أمَانَةً لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ، وَمَا كَانَ مَضْمُونًا ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَا يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَال: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ. فَيَدُلُّ عَلَى نَفْي الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ. وَإنْ تَلِفَتْ أَجْزَاؤهَا بِالاسْتِعْمَالِ؛ كخَمْلِ الْمِنْشَفَةِ، فَعَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعن أحمدَ، أنَّه ذُكِرَ له ذلك، فقال: المُسْلِمُون على شُرُوطِهم. فيَدُلُّ على نَفْي الضمانِ بشرْطِه. فهذه رِوايَةٌ بالضَّمانِ، إنْ لم يُشْرَطْ نَفيُه. وجزَم بها في «التبصِرَةِ». وعنه، يضْمَنُ إنْ شرَطَه، وإلَّا فلا. اخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقوله: وكلُّ ما كانَ أَمانَةً لا يَصِيرُ مَضْمُونًا بشَرْطِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه: المُسْلِمُونَ علَى شُرُوطِهِم. كما تقدَّم. فائدة: لا يضْمَنُ الوَقْفَ إذا اسْتَعارَه وتَلِفَ بغيرِ تَفْريطٍ، ككُتُبِ العلْمِ وغيرِها، في ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ. قاله في «الفُروعِ». وعلى هذا لو اسْتَعارَه برَهْنٍ، ثم تَلِفَ، أنَّ الرَّهْنَ يرْجِعُ إلى رَبِّه. قلتُ: فيُعايىَ بها فيهما. قوله: وإنْ تَلِفَتْ أَجْزاؤها بالاسْتِعْمَالِ، كخَمْلِ المِنْشَفَةِ، فعلى وَجْهَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْلُهما احتِمالان للقاضي في «المُجَرَّدِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايةِ الكُبْرى»؛ أحدُهما، لا يضْمَنُ، إذا كان اسْتِعْمالُها بالمَعْروفِ. وهو الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لم يضْمَنْ في الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحارِثِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقطَع به في «التَّعْليقِ»، و «المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّاني، يضْمَنُ. وكلامُه في «الوَجيزِ» مُحْتَمِلْ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فائدتان؛ إحْداهما، لو تَلِفَتْ كلُّها بالاسْتِعْمالِ بالمَعْروفِ، فحُكْمُها كذلك، وكذا الحُكْمُ والمذهبُ لو تَلِفَ وَلَدُ العارِيَّةِ، أو الزِّيادَةُ. وفي ضَمانِ وَلَدِ المُؤجَرَةِ والوَدِيَعةِ، الوَجْهان. وتقدَّم في أثْناءِ بابِ الضَّمانِ، في أواخِرِ المَقْبوضِ على وَجْهِ السِّوْمِ، حُكْمُ وَلَدِ الجَانِيَةِ، والضَّامِنَةِ، والشَّاهِدَةِ، والمُوصَى بها. ويأْتِي حُكْمُ

وَلَيسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أنْ يُعِيرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وَلَدِ المُكاتَبَةِ، والمُدَبرَةِ في بابَيهما. الثَّانيةُ، يُقْبَلُ قَوْلُ المُسْتَعِيرِ أنَّه ما تعَدَّى، بلا نِزاع. ولا يَضْمَنُ رائِضٌ ووَكِيلٌ؛ لأنَّه غيرُ مُسْتَعِير. قوله: وليس للمُسْتَعِيرِ أنْ يُعِيرَ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، ونَصَرَه. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. وحكاه جمهورُ الأصحابِ. انتهى. وقيل: له ذلك. قال الشَّارِحُ: وحكَاه صاحِبُ «المُحَرَّرِ» قَوْلًا لأحمدَ. وأطْلقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، وقال: أصْلُهما، هل هي هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، أم إباحَةُ مَنْفَعَةٍ؟ فيه وَجْهان. وكذا هو ظاهِرُ بَحْثِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الحارثِيُّ: أصْلُ هذا ما قدَّمْنا مِن أنَّ الإِعارَةَ إباحَةُ مَنْفَعَةٍ. وقال عنِ الوَجْهِ الثَّانِي: يتَفَرَّعُ على رِوايَةِ اللُّزومِ في العارِيَّةِ المُؤقتَةِ. انتهى. قلتُ: قطَع في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والثمانِين» بجَوازِ إعارَةِ العَينِ المُعارَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُؤقتَةِ إذا قيلَ بلُزُومِها، ومِلْكِ المَنْفَعةِ فيها. انتهى. قلتُ: وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، أنَّ الخِلافَ هنا ليس مَبْنِيًّا، فإنَّهم قالوا: هي هِبَةُ مَنْفَعَةٍ. وقالوا: ليس للمُسْتَعِيرِ أنْ يُعِيرَ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عليهما تَعْلِيقُها بشَرْطٍ. وذكَر في «المُنْتَخَبِ»، أنَّه يصِحُّ. قال في «التَّرْغِيبِ»: يكْفِي ما دَلَّ على الرِّضَا مِن قَوْلٍ أو فِعْلٍ، فلو سَمِعَ مَن يقولُ: أرَدْتُ مَن يُعِيرُنِي كذا. فأعْطاه، كَفَى، لأنَّه إباحَةُ عَقْدٍ. انتهى. وقيل: له أنْ يُعِيرَها، إذا وَقَّتَ له المُعِيرُ وَقْتًا، وإلَّا فلا. فائدتان، إحْداهما، محَلُّ الخِلافِ إذا لم يَأْذَنِ المُعِيرُ له، فأمَّا إنْ أذِنَ له، فإنَّه يجوزُ، قوْلًا واحِدًا. وهو واضِحٌ. الثَّانيةُ، ليس للمُسْتَعِيرِ أنْ يُؤْجِرَ ما اسْتَعارَه بغيرِ إذْنِ المُعِيرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: له ذلك في الإِعارَةِ المُؤقَتَةِ. ومتى قُلْنا بصِحَّتِها، فإنَّ المُسْتَأْجِرَ لا يَضْمَنُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَضْمَنُ. قلتُ: فيُعايَى بها. وتقدَّم عكْسُها في الإِجارَةِ، عندَ قوْلِه: وللمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفاءُ المَنْفَعةِ بنَفْسِه وبمِثْلِه. وهو لو أعارَ المُسْتَأجِرُ العَينَ المأْجُورَةَ، فَتلِفَتْ عندَ المُسْتَعِيرِ مِن غيرِ تَعَدٍّ، هل يضْمَنُها؟ وتقدَّم في بابِ الرَّهْنِ جَوازُ رَهْنِ المُعارِ، وأحْكامُه، فليُعاوَدْ. وتقدَّم حُكْمُ سَهْمِ الفَرَسِ المُسْتَعارِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ قِسْمَةِ الغَنائمِ.

فَإِنْ فَعَلَ فَتَلِفَ عِنْدَ الثَّانِي، فَلَهُ تَضْمِينُ أيِّهِمَا شَاءَ، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو قال إنْسانٌ: لا أرْكَبُ الدَابَّةَ إلا بأجْرَةً. فقال رَبُّها: ألا آخُذُ لها أُجْرَةً. ولا عَقْدَ بينَهما، فرَكِبَها وتَلِفَتْ، فحُكْمُها حُكم العارِيَّةِ. جزَم به في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: قلتُ: إن قَدَّرَ إجارَتَها، فهي إجارَةٌ مُهْدَرَةٌ، وإلَّا فلا. ومنها، لو أرْكَبَ دابَّته مُنْقَطِعًا للهِ تعالى، فتَلِفَت تحتَه، لم يضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «التَّلْخيص»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يضمَنُ. ومنها، لو أرْدَفَ المالِكُ شَخْصًا، فتَلِفَتْ، لم يضْمَنْ شيئًا. على الصَّحيحِ مِنَ الذهبِ. وقيل: يضمَنُ نصْفَ القِيمَةِ. ومال إليه الحارِثِيُّ.

وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ، لَا مُؤْنَةُ عَينِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعلى المُسْتَعِيرِ مُؤْنَةُ رَدِّ العارِيَّةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحَلْوانِيُّ في «التبصِرَةِ»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وقيل: مُؤْنَةُ ردِّها على المالِكِ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثين».

فَإنْ رَدَّ الدَّابَّةَ إِلَى إِصْطَبْلِ الْمَالِكِ أَوْ غُلَامِهِ، لَمْ يَبْرأْ مِنَ الضَّمَانِ، إِلَّا أنْ يَرُدَّهَا إِلَى مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ، كالسَّائِس وَنَحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ رَدَّ الدَّابَّةَ إلى إصْطَبْلِ المالِكِ أو غُلامِه، لم يَبْرَأْ مِنَ الضَّمانِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ صاحِبَ «الرِّعايتَين» اخْتارَ عدَمَ الضَّمانِ برَدِّها إلى غُلامِه. قوله: إلَّا أنْ يَرُدَّها إلى مَن جَرَتْ عادَتُه بجَرَيانِ ذلك على يَدِه، كالسَّائسِ، ونحْوه. كزَوْجَتِه، والخازِنِ، والوَكِيلِ العامِّ في قَبْضِ حُقوتِه. قاله في «المُجَرَّدِ». وهذا المذهبُ. أعْنِي، أنَّه لا يضْمَنُ، إذا ردَّها إلى مَن جرَتْ عادَتُه بجَرَيانِ ذلك على يَدِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعندَ الحَلْوانِي، لا يَبْرأ بدَفْعِها إلى السَّائسِ. فظاهِرُ ما قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّه لا يَبْرأُ إلَّا بدَفْعِها إلى رَبِّها، أو وَكِيله فقط، ويأْتِي نَظيرُ ذلك في الوَدِيعَةِ.

فَصْلٌ: وَإذَا اخْتَلَفَا، فَقَال: أَجَرْتُكَ. قَال: بَلْ أعَرْتَنِي عَقِيبَ الْعَقْدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو سلَّم شَرِيكٌ لشَرِيكِه الدَّابةَ، فتَلِفَتْ بلا تَفْريطٍ ولا تَعَدٍّ، بأنْ ساقَها فرقَ العادَةِ، ونحوه، لم يضْمَنْ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، كعارِيَّةٍ، إنْ كان عارِيَّةً، وإلَّا لم يَضْمَنْ. قلتُ؛ قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: يُعْتَبرُ لقَبْضٍ المُشاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فيه، فيكونُ نِصْفُه مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا، ونِصْفُ الشَّرِيكِ أمانَة. وقال في «الفُنونِ»: بل عارِيَّةً مَضْمُونَةً. ويأْتِي ذلك في قَبْضِ الهِبَةِ. قوله: وإذا اخْتَلَفا، فقال: أجَرْتُك. قال: بل أعَرْتَنِي -أي، إذا كانَ

وَإنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِيمَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَقِيَ مِنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الاخْتِلافُ- عَقِيبَ العَقْدِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ. بلا نِزاعٍ، والحالةُ هذه، فلا يَغْرَمُ القِيمَةَ. وإن كانَ بعدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لها أُجْرَةٌ، فالقَوْلُ قَوْلُ المالِكِ فيما مَضَى مِنَ المُدَّةِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وبعدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لها أُجْرَةٌ، يُقْبَلُ قَوْلُ المالِكِ في الأصحِّ، في ماضِيها. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: القَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهو مَحْمولٌ على ما إذا اخْتلَفا عَقِبَ قَبْضِ العَينِ، وقبلَ انْتِفاعِ القابِضِ. يعْنِي المَسْألةَ الأُولَى. قال في «التَّلْخيصِ»: وعنْدِي أنَّ كلامَه على ظاهِرِه. وعلَّلَه. فعلى المذهبِ، يَحْلِفُ علي نَفْي الإعارَةِ. وهل يتَعرضُ لإِثْباتِ الإجارَةِ؟ قال الحارِثِيُّ: ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ والأكْثَرِين، التَّعَرضُ. وقال في «التَلْخيصِ»: لا يتَعرَّضُ لإِثْباتِ الإِجارَةِ، ولا للأُجْرَةِ المُسَمَّاةِ. وقطَع به. قال الحارِثِيُّ: وهو الحَقُّ. فعلى هذا الوَجْهِ، يجِبُ أقَلُّ الأجْرَين مِنَ المُسَمَى، أو أُجْرَةِ المثْلِ. جزَم به في «التَّلْخيصَ».

وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، أو الْمُدَّعَى إِنْ زَادَ عَلَيهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ المِثْلِ أو المُدَّعَى إنْ زادَ عليها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَررِ»؛ أحدُهما، له أجْرَةُ المِثْلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

وَإنْ قَال: أَعَرْتُكَ، قَال: بَلْ أجَرْتَنِي، وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِي، يَسْتَحِقُّ المُدَّعَى، إنْ زادَ على أُجْرَةِ المِثْلِ. وقيل: له الأقَلَّ مِنَ المُسَمَّى، أو أُجْرَةِ المِثْلِ. اخْتارَه في «المُحَررِ»، وأطْلَقهُنَّ الحارِثِيُّ. وقيل: يَسْتَحِقُّ المُسَمَّى مُطلَقًا. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو ادَّعَى بعدَ زَرْعِ الأرْضِ أنَّها عارِيَّة، وقال رَبُّ الأرْضِ: بل إجارَةٌ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. قلتُ: وكذا جميعُ ما يصْلُحُ للإجارَةِ والإعارَةِ، إذا اخْتلَفا بعدَ مُضِي مُدَّةٍ لها أُجْرَةٌ. الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ قال: أعرْتُك. قال: بل أجرْتَنِي. والبَهِيمَةُ تالِفَةٌ، فالقَوْلُ قَوْلُ المَالِكِ. بلا نِزاع. وكذا مثلُها في الحُكْمِ لو قال: أعَرْتَنِي. قال: بل أوْدَعْتُك. فالقَوْلُ قَولُ المالِكِ، ويَضمَنُ ما انْتفَعَ منها، وكذا لو اخْتلَفا في رَدِّها، فالقَوْلُ قولُ المالِكِ.

وَإِنْ قَال: أَعَرْتَنِي. أوْ: أَجَرْتَنِي. قَال: بَلْ غَصَبْتَنِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. وَقِيلَ: قَوْلُ الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أعَرْتَنِي. أو: أجَرْتَنِي. قال: بل غَصَبْتَنِي. فالقَوْلُ قَوْلُ المالِكِ. القَوْلُ قَوْلُ المالِكِ، في أنَّه ما أجَرَه ولا أعارَه، بلا نِزاع، ثم هُنا صُورَتان؛ إحْداهما، أنْ يقولَ: أعرْتَنِي. فيَقولَ المالِكُ: بل غَصَبْتَنِي. فإنْ وقَع الاخْتِلافُ عَقِيبَ العَقْدِ، والدَّابَّةُ باقِيَةٌ، أخَذَها المالِكُ، ولا معْنَى للاخْتِلافِ، وكذا إنْ كانتْ تالِفَةً. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. قَال الحارِثِيُّ: ويَحْلِفُ، على أصحِّ الوَجْهَين. وإنْ وقَع بعدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لها أُجْرَةٌ، فيَجِبُ عليه أُجْرَةُ المِثْلِ؛ لأنَّ القَوْلَ قَوْلُ المالِكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وصحَّحُوه. وقيل: القَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ. وأطْلَقهما في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، قال: أجَرْتَنِي. قال: بل غَصَبْتَنِي. فالقَوْلُ قولُ المالِكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وصحَّحُوه. وقيل: القَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ثَمرَةُ الخِلافِ تَظْهَرُ في هذه الصُّورَةِ مع التَّلَفِ، فتَجِبُ القِيمَةُ، على المذهبِ. وعلى الثَّاني، لا شيءَ على الرَّاكِبِ، ويَحْلِفُ ويَبْرأُ. ومِع عدَمِ التَّلَفِ يرْجِعُ بالعَينِ في الحالِ مع اليَمِينِ، بلا نِزاعِ، ولا يَأْتِي الوَجْهُ الآخرُ هنا. قاله الحارِثِيُّ. وأمَّا الأُجْرَةُ، فمُتَّفِقان عليها، اللَّهُم إلَّا أنْ يتَفاوَتَ المُسَمَّى وأُجْرَةُ المِثْلِ، فإنْ كانَ أجْرُ المِثْلِ أقَل، أخَذَه المالِكُ، وكذلك لو اسْتَويَا، ويَحْلِفُ. على الصَّحيحِ، وإنْ كانَ الأَجرُ أكْثرَ، حَلَفَ ولابُدَّ، وَجْهًا واحِدًا. قاله الحارِثِيُّ. الثَّاني، قولُه: وقيلَ: القَوْلُ قَوْلُ الغاصِبِ. فيه تَجوُّزٌ. قال الحارِثِيُّ: وليس بالحَسَنِ، وكان الأَجْوَدُ أنْ يقولَ: القابِضِ أو الرَّاكِبِ، ونحوه؛ إذْ قَبُولُ القَوْلِ يُنافِي كوْنَه غاصِبًا. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال المالِكُ: أَعرْتُك. قال: بل أوْدَعْتَنِي. فالقَوْلُ قَوْلُ المالِكِ، ويَسْتَحِقُّ قِيمَةَ العَينِ، إنْ كانت تالِفَةً. ولو قال المالِكُ: أوْدَعْتُك. قال: بل أَعرْتَنِي. فالقَوْلُ قَوْلُ المالِكِ أيضًا، ويَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ ما انْتفَعَ بها، فهو كما لو قال: غَصَبْتَنِي. ذكَرَهما في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه.

كتاب الغصب

كتَابُ الْغَصْبِ وَهُوَ الاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيرِ قَهْرًا بِغَيرِ حَقٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الغصْبِ قوله: وهو الاسْتِيلاءُ على مالِ الغَيرِ قَهْرًا بغَيرِ حَقٍّ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وليس بجامِع؛ لعدَمِ دُخُولِ غَصْبِ الكَلْبِ، وخَمْرِ الذِّمِّيِّ، والمَنافِعِ، والحُقوقِ، والاخْتِصاصِ. قال الحارِثِيُّ: وحُقوقِ الولاياتِ؛ كمَنْصِبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمارَةِ، والقَضاءِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: الاسْتِيلاءُ يَسْتَدْعِي القَهْرَ والغَلَبَةَ، فإذَنْ قَوْلُه: قَهْرًا. زِيادَةٌ في الحَدِّ، ولهذا أسْقَطَه في «المُغْنِي». انتهى. قلتُ: الذي يَظْهَرُ، أنَّ الاسْتِيلاءَ يشْمَلُ القَهْرَ والغَلَبَةَ وغيرَهما، فلو اقْتَصَر على الاسْتِيلاءِ، لوَرَدَ عليه المَسْروقُ، والمُنْتَهَبُ، والمُخْتَلَسُ؛ فإنَّ ذلك لا يُسَمَّى غَصْبًا، ويقالُ: اسْتُوْلِيَ عليه. وقال في «المُطْلِعِ»: فلو قال: الاسْتِيلاءُ على حقِّ غيرِه. لصَحَّ لفْظًا، وعمَّ مَعْنًى. انتهى. وقوْلُه: لصَحَّ لَفْظًا. لكَوْنِ المُصَنِّفِ أدْخَلَ «الألِفَ واللَّامَ» على «غيرِ». قال: والمَعْروفُ، عندَ أهْل اللُّغَةِ، عدَمُ دُخُولِهما عليها. قلتُ: قد حكَى النَّوَوي رَحِمَهُ الله، في «تَهْذيبِ الأسْماءِ واللغَاتِ» (¬1)، عن غيرِ واحدٍ مِن أهْلِ العَرَبِيَّةِ، أنَّهم جوَّزُوا دُخُولَهما على «غيرِ». وممَّن أدْخَلَ الألِفَ واللَّامَ على «غيرِ» مِنَ الأصحابِ؛ مَن تقدَّم ذِكْرُه، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، والحارِثِيُّ. وقال في «الرِّعايتين»: هو الاسْتِيلاءُ على مالِ الغَيرِ قَهْرًا ظُلْمًا. ويَرِدُ عليه ما تقدَّم. وقال في «الفُروعِ»، ¬

(¬1) 2/ 65، 66.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَبَعًا للحارِثِيِّ: هو الاسْتِيلاءُ على حقِّ غيرِه قَهْرًا ظُلْمًا. قال الحارِثِيُّ: هذا أسَدُّ الحُدودِ. قلتُ: فهو أوْلَى مِن حدِّ صاحِبِ «المُطْلِعِ» وأمْنَعُ؛ فإنه يَرِدُ على حَدِّ صاحبِ «المطْلِعِ»، لو اسْتَوْلَى على حقِّ غيرِه، مِن غيرِ ظُلْمٍ ولا قَهْرٍ، أنَّه يُسَمَّى غَصْبًا. وليس كذلك، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يكونَ مُرادُه ذلك مع بَقِيَّةِ حدِّ المُصَنِّفِ. وهو الظَّاهِرُ. وقال في «الوَجيزِ»: هو الاسْتِيلاءُ على حقِّ غيرِه ظُلْمًا. ويَرِدُ عليه ما أُخِذَ مِن غيرِ قَهْرٍ. وقال في «تجْريدِ العِنايةِ»: هو اسْتِيلاءُ غيرِ حَرْبِيٍّ على حقِّ غيرِه قَهْرًا بغيرِ حقٍّ. قلتُ: هو أصحُّ الحُدودِ وأسْلَمُها. ويَرِدُ على حَدِّ غيرِه، اسْتِيلاءُ الحَرْبِيِّ، فإنَّه اسْتِيلاءٌ على حقِّ غيرِه قَهْرًا بغيرِ حَقٍّ، وليس بغَصْبٍ. على ما يأْتِي قرِيبًا في كلامِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وقال في «المُحَرَّرِ»: هو الاسْتِيلاءُ على مالِ الغيرِ ظُلْمًا. وتابعَه في «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، ومَعْناه في «الكافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «المُغْنِي». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وقوْلُه: على مالِ الغَيرِ ظُلْمًا. يدْخُلُ فيه مالُ المُسْلِمِ، والمُعاهَدِ، وهو المالُ المَعْصومُ، ويَخْرُجُ منه اسْتِيلاءُ المُسْلمِين على أمْوالِ أهْلِ الحَرْبِ، فإنَّه ليس بظُلْمٍ. ويدْخُلُ فيه اسْتِيلاءُ أهْلِ الحَرْبِ على مالِ المُسْلِمِين، وليس بجَيِّدٍ؛ فإنَّه ليس مِنَ الغَصْبِ المَذْكورِ حُكْمُه. هذا بإِجْماعِ المُسْلِمِين؛ إذْ لا خِلافَ أنَّه لا يُضْمَنُ بالإِتْلافِ، ولا بالتَّلَفِ، وإنَّما الخِلافُ في وُجوبِ رَدِّ عَينِه، إذا قَدَرْنا على أخْذِه. وأمَّا أمْوالُ أهْلِ البَغْي، وأهْلِ العَدْلِ، فقد لا تَرِدُ؛ لأنَّه هناك لا يجوزُ

وَتُضْمَنُ أمُّ الْوَلَدِ وَالْعَقَارُ بِالْغَصْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الاسْتِيلاءُ على عَينِها، ومتى أُتلِفَتْ بعدَ الاسْتِيلاءِ على عَينِها، ضُمِنَتْ، وإنَّما الخِلافُ في ضَمانِها بالإِتْلافِ وَقْتَ الحَرْبِ. ويدْخُلُ فيه ما أخَذَه المُلوكُ والقُطَّاعُ مِن أمْوالِ النَّاسِ بغيرِ حقٍّ؛ مِنَ المُكُوسِ (¬1) وغيرِها. فأمَّا اسْتِيلاءُ أهْلِ الحَرْبِ بعضِهم على بعض، فيَدْخُلُ فيه، وليس بجَيِّدٍ؛ لأنَّه ظُلْمٌ، فيَحْرُمُ عليهم قَتْلُ النُّفوسِ، وأخْذُ الأمْوالِ إلَّا بأمْرِ اللهِ، لكِنْ يُقالُ: لمَّا كان المَأْخُوذُ مُباحًا بالنِّسْبَةِ إلينا، لم يَصِرْ ظُلْمًا في حقِّنا، ولا في حقِّ مَن أسْلَمَ منهم. فأمَّا ما أُخِذَ مِنَ الأمْوالِ والنُّفوسِ، أَوْ أُتلِف منهما في حالِ الجاهِلِيَّةِ، فقد أُقِرَّ قرارُه؛ لأنَّه كان مُباحًا؛ لأنَّ الإِسْلامَ عَفا عنه، فهو عَفْوٌ بشَرْطِ الإسْلامِ، وكذلك بشَرْطِ الأمانِ، فلو تَحاكَمَ إلينا مُسْتَأْمَنان، حكَمْنا بالاسْتِقْرارِ. انتهى. قلتُ: ويَرِدُ عليه ما ورَدَ على المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّا تقدَّم ذِكْرُه. ويَرِدُ عليه أيضًا المَسْروقُ، والمُخْتَلَسُ، ونحوُهما. قوله: ويُضْمَنُ العَقارُ بالغَصْبِ -هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، حتى أنَّ ¬

(¬1) المفرد «مكس»: الضريبة يأخذها المكَّاس ممن يدخل البلد من التجار.

وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضِيَ وأكثرَ أصحابِه لم يذْكُروا فيه خِلافًا- وعنه، ما يدُلُّ على أنَّ العَقارَ لا يُضْمَنُ بالغَصْبِ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. فائدتان؛ إحْداهما، يحْصُلُ الغَصْبُ بمُجَرَّدِ الاسْتِيلاءِ قَهْرًا ظُلْمًا، كما تقدَّم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُعْتَبرُ في غَصْبِ ما يُنْقَلُ نَقْلُه. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، إلَّا ما اسْتَثْناه فيه، وفي «التَّرغِيبِ»، فقال: إلَّا في رُكُوبِه دابَّةً، وجُلُوسِه على فِراش، فإنه غاصِبٌ. وأطْلَق الوَجْهَين في «الرعايَةِ»، وقال: ومَن رَكِبَ دابَّتَه، أو جلَس على فِراشِه، أو سَرِيرِه قَهْرًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو غاصِبٌ. الثَّانيةُ، قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والتِّسْعِين»: مِنَ الأصحابِ مَن قال: مَنْفَعَةُ البُضْعِ لا تدْخُلُ تحتَ اليَدِ. وبه جزَم القاضي في «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهما، وفرَّعُوا عليه صِحَّةَ تَزْويجِ الأمَةِ المَغْصُوبَةِ، وأنَّ الغاصِبَ لا يضْمَنُ مَهْرَها، ولو حبَسَها عنِ النِّكاحِ حتى فاتَ بالكِبَرِ، وخالفَ ابنُ المَنِّيِّ، وجزَم في «تَعْليقِه» بضَمانِ مَهْرِ الأمَةِ بتَفْويتِ النِّكاحِ، وذكَر في الحُرَّةِ ترَددًا؛ لامْتِناعِ ثُبوتِ اليَدِ عليها.

وَإنْ غَصَبَ كَلْبًا فِيهِ نَفْعٌ، أوْ خَمْرَ ذِمِّيٍّ، لَزِمَهُ رَدُّهُ. وَإنْ أَتْلَفَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غَصَبَ كَلْبًا فيه نَفْعٌ، أو خَمْرَ ذِمِّيٍّ، لَزِمَه رَدُّه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر في «الانْتِصارِ»: لا يُرَدُّ الخَمْرُ، وتَلْزَمُ إراقَتُها إنْ حُدَّ، وإلَّا لَزِمَه تَرْكُه، وعليهما يُخَرَّجُ تَعْذِيرُ مُرِيقِه. وقال في «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: لو غصَبَ مُسْلِمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْرَةَ ذِمِّيٍّ، انْبَنَى وُجوبُ رَدِّها على مِلْكِها لهم، وفيه رِوايَتان. حَكاهما القاضي يَعْقُوبُ وغيرُه؛ إحْداهما، يَمْلِكُونها، فَيجِبُ الرَّدُّ. هذا قَوْلُ جُمْهورِ أصحابِنا. والثَّانيةُ، لا يَمْلِكُونها، فَينْبَغِي وُجوبُ الرَّدِّ، وقد يُقالُ: لا يجِبُ. واتَّفَقَ الأصحابُ على إراقَتِها، إذا أَظهَرَها، ولو أتْلفَها، لم يَضمَنْها، عندَ الجُمْهورِ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ وَجْهًا بضَمانِ قِيمَتِها، إذا قلْنا: إنَّها مالٌ لهم. وأبَاه الأكْثَرون. وحُكِيَ لنا قَوْلٌ: يَضمَنُها الذِّمِّي للذِّمِّيِّ. وقال في «التَّرْغيبِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهما: يَرُدُّ الخَمْرَ المُحْترَمَةَ، ويَرُد ما تَخلَّلَ بيَدِه، إلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أُرِيقَ، فجمَعَه آخَرُ فتَخَلَّلَ؛ لزَوالِ يَدِه هنا. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ إزالةِ النَّجاسَةِ أنَّ الصَّحيحَ أنَّ لنا خَمْرًا مُحْترَمَةً؛ وهي خَمْرَةُ الخُلالِ. ويأْتِي في حدِّ المُسْكِرِ، هل يُحَدُّ الذِّمِّيُّ بشُرْبِها؟ في كلامِ المُصَنِّفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ إذا كانتْ مَسْتُورَةً، فأمَّا إذا لم تكُنْ مَسْتُورَةً، فلا يَلْزَمُه رَدُّها، قوْلًا واحدًا. الثَّاني، ظاهرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّه لو غصب خَمْرَ مُسْلِمٍ، لا يَلْزَمُه رَدُّه. وهو صحيح، لكِنْ لو تخَلَلَتْ في يَدِ الغاصِبِ، وجَب ردُّها. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والأصحابُ؛ لأنَّ يَدَ الأوَّلِ لم تَزُلْ عنها بالغصْبِ، فكأَنَّما تخَللَتْ في يَدِه. قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»، وقال: واخْتَلَفَتْ عِباراتُ الأصحابِ في زَوالِ المِلْكِ بمُجَرَّدِ التَّخْمِيرِ، فأَطْلَقَ الأكْثَرون، الزَّوال؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وظاهرُ كلامِ بعضِهم، أنَّ المِلْكَ لم يَزُلْ؛ منهم صاحِبُ «المُغْنِي»، في كتابِ الحَجِّ، وفي كلامِ القاضي ما يدُلُّ عليه. وبكُلِّ حالٍ لو عادَ خَلًّا، عادَ المِلْكُ الأوَّلُ بحُقوقِه، مِن ثُبوتِ الرَّهْنِيَّةِ وغيرِها، حتى لو خلَّفَ خَمْرًا ودَينًا، فتخَلَّلَتْ، قُضِيَ منه دَينُه. ذكَرَه القاضي في «المُجَردِ»، في الرَّهْنِ. انتهى. قوله: وإنْ أتْلَفَه، لم يَلْزَمْه قِيمَتُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَلْزَمُه قِيمَةُ الخَمْرِ. وخُرِّجَ، يضْمَنُها الذِّمِّيُّ يمِثْلِها. قال في «الفُروعِ»: وعنه، يَرُدُّ

وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيتَةٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَتَها. وقيل: ذِمِّيٌّ. وقال في «الإِيضاحِ»: يَضْمَنُ الكَلْبَ. ويأْتِي قرِيبًا إذا صادَ بالكَلْبِ، وغيرِه مِنَ الجَوارِحِ، هل يَرُدُّ الصَّيدَ، وتَلْزَمُه الأجْرَةُ أيضًا، أم لا؟ في كلامِ المُصَنِّفِ. وتقدَّم أوَّلَ الضَّمانِ، إذا أسْلَمَ المَضْمُونُ له، أو المَضْمُونُ عنه، هل يسْقُطُ الدَّينُ إذا كان خَمْرًا؟ قوله: وإنْ غصَب جِلْدَ مَيتَةٍ، فهل يَلْزَمُه رَدُّه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

فَإِنْ دَبَغَهُ، وَقُلْنَا بِطَهَارَتِهِ، لَزِمَهُ رَدُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهادِي»، و «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، وهما مَبْنِيَّان على طَهارَته بالدَّبْغِ وعَدَمِها؛ فإنْ قُلْنا: يَطْهُرُ بالدَّبْغِ. وجَب رَدُّه. وإنْ قُلْنا: لا يَطْهُرُ بالدَّبْغِ. لم يجِبْ رَدُّه. وقد عَلِمْتَ أنَّ المذهبَ، لا يَطْهُرُ بدَبْغِه، فلا يجبُ رَدُّه هنا. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحَارِثِيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقدَّم هذه الطَّريقةَ في «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهما. وقيل: لا يجِبُ ردُّه (¬1)، ولو قُلْنا: يَطْهُرُ بالدَّبْغِ. وقال في «الفُروعِ»: وفي رَدِّ جِلْدِ مَيتَةٍ وَجْهانِ، وقيل: ولو طَهُرَ. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ عندَه، أنَّ الخِلافَ على القَوْلِ بعدَمِ الطهارَةِ. قوله: فإنْ دبَغَه، وقُلْنا بطَهارَتِه، لَزِمَه رَدُّه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ردها».

وَإِنِ اسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ، لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. وقيل: لا يَلْزَمُه رَدُّه؛ لصَيرُورَتِه مالًا بفِعْلِه، بخِلافِ الخَمْرَةِ المُتَخَلِّلَةِ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. قال الحارِثِيُّ: وفي هذا الفَرْق بَحْثٌ. وأطْلَقَ في «الفُروعِ»، في لُزومِ ردِّه، إذا دبَغَه الغاصِبُ وَجْهَين. قال الحارِثِيُّ: وإنْ كان الغاصِبُ دبَغَه، ففي رَدِّة الوَجْهان المَبْنِيَّان. وإنْ قُلْنا: لا يَطْهُرُ. لم يجِبْ ردُّه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يجِبُ ردُّه، إذا قُلْنا: يُباحُ الانْتِفاعُ به في اليابِساتِ. وكذلك قبلَ الدَّبْغِ. وجزَم به الحارِثِيُّ في «شَرْحِه». وظاهرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ، كما تقدَّم. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ غصَب جِلْدَ مَيتَةٍ، فأَوْجُهْ؛ الرَّدُّ، وعدَمُه، والثَّالثُ، إنْ قلْنا: يَطْهُرُ بدَبْغِه، أو يُنْتفَعُ به في يابِسٍ. ردَّة، وإلَّا فلا، وإنْ أتْلَفَه، فهَدَرٌ، وإنْ دَبَغَه، وقُلْنا: يَطْهُرُ. ردَّه. انتهى. قوله: وإنِ اسْتَوْلَى على حُرٍّ، لم يَضْمَنْه بذلك. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ولا يُضْمَنُ حُرٌّ بغَصْبِه في الأصحِّ. قال الحارِثِيُّ: هذا

إلا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَضْمَنُهُ. فَهَلْ يَضْمَنُ ثِيَابَهُ وَحَلْيَهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جمهورُ الأصحابِ؛ لأنَّ اليَدَ لا يَثْبُتُ حُكْمُها على الحُرِّ. وفي «التَّلْخيصِ» وَجْهٌ بثُبوتِ اليَدِ عليه. وبنى على هذا، هل لمُسْتَأْجِرِ الحُرِّ إيجارُه مِن آخَرَ؟ إنْ قيلَ بعَدَمِ الثُّبوتِ، امْتنَعَ الإِيجارُ، وإنَما هو يُسْلِمُ نفْسَه، وإلَّا فلا يَمْتَنِعُ. فعلى المذهبِ، لو غصَبَ دابَّةً عليها مالِكُها ومَتاعُه، لم يَضمَنْ ذلك الغاصِبُ. قاله القاضي في «الخِلافِ الكَبيرِ». واقْتَصرَ عليه في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والتسْعِين». قوله: إلا أنْ يَكونَ صَغِيرًا، ففيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»،

وَإِنِ اسْتَعْمَلَ الْحُرَّ كَرْهًا، فَعَلَيهِ أُجْرَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»؛ أحدُهما، لا يَضْمَنُه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التصْحِيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ ما قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يَضْمَنُه. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وقدَّم في «النَّظْمِ»، أنَّ الصَّغِيرَ لو لُدِغَ أو صُعِقَ، وُجوبَ الدِّيَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تجِبُ، كما لو مَرِضَ، على الصَّحيحِ. ويأْتِي هذا في أوائلِ كِتابِ الدِّياتِ، في كلامِ المُصَنِّفِ. فعلى المذهبِ، هل يَضْمَنُ ثِيابَه وحِلْيَتَه؟ على الوَجْهَين. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين»؛ أحدُهما، يَضْمَنُها. صحَّحه في «التَّصحيحِ»، و «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو أصحُّ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يضْمَنُها. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ في أُجْرَتِه مُدَّةَ حَبْسِه، على ما يأْتِي، وإيجارِ المُسْتَأْجِرِ له. قاله في «الفُروعَ». [وجزَم في «الوَجيزِ» هنا بوُجُوبِ الأُجْرَةِ] (¬1). قوله: وإنِ اسْتَعْمَلَ الحُرَّ كَرْهًا، فعليه أُجرَتُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. ولو منَعَه العمَلَ مِن غيرِ حَبْسٍ، ولو عَبْدًا، لم يَلْزَمْه أُجْرَتُه. جزَم به ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإِنْ حَبَسَهُ مُدَّةً، فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، بلَى فيهما. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو في العَبْدِ آكَدُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: في مَنْفَعَةِ حُرٍّ وَجْهان. وقال في «الانْتِصارِ»: لا يَلْزَمُه بإمْساكِه، لأنَّ الحُرَّ في يَدِ نَفْسِه، ومَنافِعُه تَلِفَتْ معه، كما لا يضْمَنُ نفسَه وثَوْبَه الذي عليه، بخِلافِ العَبْدِ. وكذا قال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا يَضْمَنُه إذا أمْسَكَه، لأنَّ الحُرَّ في يَدِ نَفْسِه، ومَنافِعُه تَلِفَتْ معه، كما لا يَضْمَنُ نفْسَه وثَوْبَه الذي عليه، بخِلافِ العَبْدِ؛ فإنَّ يَدَ الغاصِبِ ثابِتَةٌ عليه، ومَنْفَعَتُه بمَنْزِلَتِه. قوله: وإنْ حبَسَه مُدَّةً، فهل تَلْزَمُه أُجْرَتُه؟ على وَجْهَين. وهما احْتِمالان في «الهِدايةِ»، وأطْلَقهما فيها، وفي «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تَلْزَمُه. وهو الصَّحيحُ، صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، لا تَلْزَمُه. صحَّحه النَّاظِمُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ، وعليه دَلَّ نصُّه. وتقدَّم في التي قبلَها ما يسْتَأْنَسُ به في هذه المَسْألةِ.

فَصْلٌ: وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ، وَإنْ غَرِمَ عَلَيهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ، لَزِمَهُ تَخْلِيصُهُ وَرَدُّهُ. وَإِنْ بَنَى عَلَيهِ، لَزِمَهُ رَدُّهُ، إلا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ خلَطَه بما يتَمَيَّزُ مِنه، لَزِمَه تَخْليصُه. إنْ أمْكَنَ. وكذا إنْ أمْكَنَ تَخْليصُ بعضِه، وإنْ لم يُمْكِنْ تَخْلِيصُه منه، فسَيَأتِي في أوَّلِ الفَصْلِ الرَّابعِ مِنَ البابِ.

وَإنْ سَمَّرَ بِالْمَسَامِيرِ بَابًا، لَزِمَهُ قَلْعُهَا وَرَدُّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ زَرَعَ الْأَرْضَ وَرَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِ الزَّرْعِ، فَعَلَيهِ أَجْرَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زرَع الأَرْضَ، وَرَدَّها بعدَ أَخْذِ الزَّرْعِ، فعليه أُجْرَتُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَرْبٌ، حُكْمُها حُكْمُ الزَّرْعِ الذي لم يُحْصَدْ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: وجنَح ابنُ عَقِيلٍ إلى مُساواةِ الحُكْمَين. واخْتارَه صاحِبُ «الفائقِ»، في غيرِ «الفائقِ»، ورَدَّ كلامَ الأصحابِ. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والسَّبْعِين»: ووَهَّمَ أبو حَفْص ناقِلَها، على أنَّ مِنَ الأصحابِ مَن رجَّحَها؛ بِناءً على أنَّ الزَّرْعَ نبَت على مِلْكَ مالِكِ الأرْضِ ابْتِداءً، والمَعْروفُ في المذهبِ خِلافُه. انتهى. قال الحارِثِيُّ: هذا المَعْروفُ عندَ الأصحابِ. قال: وعنه، يحْدُثُ على مِلْكِ ربِّ الأرْضِ. ذكَرَه القاضي يَعْقُوبُ، ومنَع في «تَعْليقِه» مِن كَوْنِه مِلْكًا للغاصِبِ، وقال: لا فَرْقَ بينَ ما قبلَ الحَصادِ وبعدَه؛ على ما نقَلَه حَرْبٌ. قال الحارِثِيُّ: وكذا أوْرَدَه القاضي في «تَعْليقِه الكَبِيرِ»، فيما أظُنُّ، أو أجْزِمُ، وأوْرَدَه شيخُنا أبو بَكْرِ (¬1) ابنُ الصَّيرَفِي في كتابِ «نَوادِرِ المذْهبِ». انتهى. قال في «الفائقِ»: وقال القاضي يَعْقُوبُ: لا فَرْقَ بينَ ما قبلَ الحَصادِ وبعدَه، في إحْدَى الرِّوايتَين. وبَناه على أنَّ زَرْعَ الغاصِبِ، هل يَحْدُث ¬

(¬1) في حاشية ط: «صوابها أبو زكريا، رأيته على النسخ، ذكر فيها أنَّه رآها في نسخة صحيحة عليها».

وَإنْ أَدْرَكَهَا رَبُّهَا والزَّرْعُ قَائِمٌ، خُيِّرَ بَينَ تَرْكِهِ إِلَي الْحَصَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــ على مِلْكِ صاحِب البَذْرِ، أو صاحِبِ الأرْضِ؟ على رِوايتَين، والحُدوثُ على مِلكِ صاحبِ الأرضِ هو المُخْتارُ. انتهى. وقال أيضًا: وهلِ القِياسُ كَوْن الزَّرْعِ لرَبِّ البَذْرِ، أو الأرْضِ؟ المَنْصُوصُ، الأوَّلُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، والشيخُ تقِيُّ الدِّينِ: الثَّاني. وقال الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ أيضًا: يَنْبَنِي هذا على المَدْفُوعِ، إن كان النَّفَقَةَ، فلِرَبِّ الأرْضِ مُطْلَقًا، والمَنْصُوصُ، التَّفْرِقَةُ. فعلى المذهبِ، على الغاصِبِ أُجْرَةُ المِثْلِ. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، للغاصِبِ نَفَقَةُ الزَّرْعِ، وأمَّا مُؤْنَة الحَصادِ، فَيَحْتَمِلُ أنْ تكونَ كذلك، وَيحْتَمِلُ أنْ لا تجِبَ. قال الحارِثيُّ: وهو الأَقْوَى. تنبيه: قولُه: ورَدَّها بعدَ أَخْذِ الزَّرْعِ. هذا المذهبُ. أعْنِي، أنَّه يُشْتَرطُ أنْ يكونَ قد حصَدَه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: أو استَحْصَدَ قبلَه ولم يحْصُدْ. قوله: وإنْ أَدْرَكهَا رَبُّها، والزَّرْعُ قائِمٌ، خُيِّرَ بينَ تَرْكِه إلى الحَصادِ بأْجْرَتِه، وبينَ أَخْذِه بعِوَضِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال الحارِثِيُّ: تَواتَرَ النَّصُّ عن أحمدَ، أنَّ الزَّرْعَ للمالِكِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في

بِأُجْرَتِهِ، وَبَينَ أخْذِهِ بِعِوَضِهِ. وَهَلْ ذَلِكَ قيمَتُهُ أوْ نَفَقَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قَوْلُ القاضي، وعامَّةِ أصحابهِ، والشَّيخَين. انتهى. قال الحارِثيُّ: وهو قَوْلُ القاضي، وجُمْهورِ أصحابهِ، ومَن تَلاهم، والمُصَنِّفِ، في سائرِ كُتُبِه. وهو مِنْ مُفْرَداتِ المذهبِ، قال ناظِمُها: بالاحْتِرامِ احْكُمْ لزَرْعِ الغاصِبِ … وليس كالبانِي أو كالنَّاصِبِ إنْ شاءَ ربُّ الأرْضِ ترْكَ الزَّرْعِ … بأْجْرَةِ المِثْلِ فَوَجْهٌ مرْعِى أو مِلْكَه إنْ شاءَ بالإنْفاقِ … أو قِيمَةً للزَّرْعِ بالوفاقِ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيهِ الأجْرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ الزَّرْعُ للغاصِبِ، وعليه الأُجْرَةُ. وهذا الاحْتِمالُ لأبِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ. وقيل: له قَلْعُه، إنْ ضَمِنَه. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، أنَّ الزَّرْعَ لرَبِّ الأَرْضِ، كالوَلَدِ، فإنَّه لسَيِّدِ الأُمِّ، لَكِنِ المَنِيُّ لا قِيمَةَ له، بخِلافِ البَذْرِ. ذكَرَه الشَّيخُ تقِي الدِّينِ. قال الزَّرْكَشِي: وهذا القَوْلُ ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ في عامَّةِ نُصُوصِه، والخِرَقِيِّ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، فيما أظُنُّ، وعليه اعْتَمَدَ الإِمامُ أحمدُ. وكذا قال الحارِثِيُّ: ظاهرُ كلامِ مَن تقدَّم مِنَ الأصحابِ؛ كالخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، عدَمُ التَّخْيِيرِ، فإنَّ كُلًّا منهم قال: الزَّرْعُ لمالِكِ الأرْضِ، وعليه النَّفَقَةُ. وهذا بعَينِه هو المُتَواتِرُ عن أحمدَ، ولم يذْكُرْ أحدٌ عنه تَخْيِيرًا، وهو الصَّوابُ، وعلَّلَه. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في مَن زرَعَ بلا إذْنِ شَرِيكهِ، والعادَةُ بأنَّ مَن زرَعَ فيها له نَصِيبٌ مَعْلومٌ، ولرَبِّها نَصِيبٌ: قسِمَ ما زَرَعَه في نَصِيبِ شَرِيكهِ كذلك. قال: ولو طَلَبَ أحدُهما مِنَ الآخَرِ أنْ يزْرَعَ معه أو يُهايِئَه فيها، فأبَى، فللأوَّلِ الزَّرْعُ في قَدْرِ حَقِّه بلا أُجْرَةٍ، كدارٍ بينَهما فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيْتان، سكَنَ أحدَهما عندَ امْتِناعِه مما يَلْزَمُه. انتهى. قلتُ: وهذا الصَّوابُ، ولا يسَعُ النَّاسَ غيرُه. قوله: وهل ذلك قِيمَتُه، أو نَفَقَتُه؟ على وَجْهَين. وهما وَجْهان في نُسْخَةٍ مَقْروءَةٍ على المُصَنِّفِ، وفي نُسْخَةٍ رِوايَتان، وعليها شرَح الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. قال الحارِثيُّ: حَكاهُما مُتَأخِّرُو الأصحابِ، والمُصَنِّف في «كتابهِ الكَبِيرِ» رِوايَتين، وأوْرَدَهما هنا وَجْهَين. قال: والصَّوابُ أنَّهما رِوايَتان. قال هو، والشَّارِحُ: والمَنْقُولُ عن أحمدَ في ذلك رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الزّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يأْخُذُه بنَفَقَتِه؛ وهي ما أنْفَقَ مِنَ البَذْرِ ومُؤْنَةِ الزَّرْعِ؛ مِنَ الحَرْثِ والسَّقْي، وغيرِهما. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والشِّيرازِيِّ. واخْتارَه القاضي في «رُءوسِ المَسائلِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ. قال الحارِثِيُّ: وهو المذهبُ، وعليه مُتَقَدِّمُو الأصحابِ؛ كالخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، ثم ابنِ أبِي مُوسى، والقاضي في كِتابَيْ «المُجَرَّدِ»، و «رءُوسِ المَسائلِ»، وابنِ عَقِيلٍ؛ لصَرِيحِ الأخْبارِ المُتقَدِّمَةِ فيه. انتهى. وصحَّحه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الطَّرِيقِ الأقرَبِ»، و «الوَجيزِ»، وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يأْخُذُه بقِيمَتِه زَرْعًا الآنَ. صحَّحه القاضي في «التَّعْليقِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تجريدِ العِنَايةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قلتُ: والنَّفْسُ تَمِيلُ إليه. قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: أصْلُهما، هل يُضْمَنُ وَلَدُ المَغْرُورِ بمِثْلهِ، أو قِيمَتِه؟ وعنه رِوايَةٌ ثالثَةٌ، يأْخُذُه بأيِّهما شاءَ، نقَلَها مُهَنَّا. قاله في «الفُروعِ». قال الحارِثيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وحكَى القاضي [أبو حُسَينٍ] (¬1) في كتابِ «التَّمامِ»، عن أخِيه أبِي القاسِمِ (¬2)، رِوايَةً بالتَّخْيِيرِ، وهو الظَّاهِرُ مِن إيرادِ القاضي يَعْقُوبَ في «التَّعْليقِ». وذكَر نصَّ مُهَنَّا. وقال في «الفائقِ»: وخرَّج أبو القاسِمِ ابنُ القاضي رِوايَةً بالخِيَرَةِ، فكأَنَّه ما اطَّلَعَ على كلامِ الحارِثِيِّ، أو لأبِي القاسِمِ تَخْرِيجُ رِوايَةٍ، ثم اطَّلَعَ، فوافَقَ التَّخْرِيجَ لها. فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، واحْتِمالِ أبي الخَطَّابِ، لرَبِّ الأرْضِ أُجْرَتُها إلى حينِ تَسْلِيمِ الزَّرْعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ. جزَم به في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وذكَر ¬

(¬1) في النسخ: «حسين». (¬2) عبيد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الفراء، ابن القاضي أبي يعلى، أبو القاسم. سمع الحديث من والده، ورحل في طلب الحديث والعلم، وكان أكبر ولد القاضي أبي يعلى، وكان ذا عفة وديانة. توفي سنة تسع وستين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 12، 13.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو يَعْلَى الصغِيرُ، أنَّه لا أُجْرَةَ له. ونقَلَه إبْراهِيمُ بنُ الحارِثِ. وعلى المذهبِ، أعْنِي إذا أوْجَبْنا ردَّ النفَقَةِ، فقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يَرُدُّ مِثْلَ البَذْرِ. وبه قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ؛ لأن البَذْرَ مِثْليٌّ. ونصَرَه الحارِثِيُّ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: يجِبُ ثَمَنُ البَذْرِ. تنبيه: قال الحارِثِيُّ: عَمر المُصَنِّفُ بالنَّفَقَةِ عن عِوَضِ الزَّرْعِ، وكذلك عبَّر أبو الخَطَّاب، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التلخيصِ»، وغيرُهم، وليس بالجَيِّدِ؛ لوَجْهَين؛ أَحدُهما، أنَّ المُعاوَضَةَ تَسْتَلْزِمُ مِلْكَ المُعَوِّضِ، ودُخُولُ الزَّرْعِ في مِلْكِ الغاصِبِ باطِلٌ بالنَّصِّ. كما تقدَّم، فبَطَلَ كوْنُها عِوَضًا عنه. الثَّاني، الأصْلُ في المُعاوَضَةِ تَفاوُتُهما وتَباعُدُهما، فدلَّ على انْتِفاءِ المُعاوَضَةِ، والصَّوابُ، أنَّها عِوَضُ البَذْرِ ولوَاحِقِه. انتهى. فائدة: يُزَكِّيه ربُّ الأرْضِ، إنْ أخَذَه قبلَ وُجوبِ الزَّكاةِ، وإنْ أخَذَه بعدَ الوُجوبِ، ففي وُجوبِ الزَّكاةِ عليه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ». قلتُ: الصَّحيحُ أنَّه لا يُزَكِّيه، بل تَجِبُ الزَّكاة على الغاصِبِ، لأنَّه ملَكَه إلى حينِ أَخْذِه، على الصَّحيحِ، كما تقدَّم. وعلى مُقْتَضَى النُّصوصِ، واخْتِيارِ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْر، وابنِ أبِي مُوسى، والحارِثِيِّ، وغيرِهم، يُزَكِّيه ربُّ الأرْضِ؛ لأنَّهم حكَمُوا أنَّ الزَّرْعَ مِن أصْلِه لرَبِّ الأرْضِ [وعلى هذا يكونُ هذا المذهبَ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإِنْ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا، أُخِذَ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ، وَتَسْويَةِ الأرْضَ وَأَرْشَ نَقْصِهَا وَأُجْرَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غَرَسَها، أو بَنَى فيها، أُخِذَ بقَلْعِ غَرْسِه وبِنائِه وتَسْويَةِ الأرْضِ، وأرْشِ نَقْصِها وأُجْرَتِها. وهذا مَقْطوعٌ به عندَ جُمْهورِ الأصحابِ، إلَّا أنَّ صاحِبَ «الرِّعايةِ» قال: لَزِمَه القَلْعُ في الأصحِّ. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسَّبْعِين»: والمَشْهورُ عن أحمدَ، للمالِكِ قَلْعُه مجَّانًا، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَقْلَعُ، بل يَتَملَّكُه بالقِيمَةِ. وعليها، لا يَقْلَعُ إلَّا مَضْمُونًا، كغَرْسِ المُسْتَعِيرِ. كذلك حَكاهما القاضي، وابنُ عَقِيلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، ما لو كانَ الغارِسُ أو البانِي أحَدَ الشرِيكَين. وهو كذلك، حتى ولو لم يَغْصِبْه، لكِنْ غرَسَ أو بنَى مِن غيرِ إذْنٍ. وهو صحيحٌ. نصَّ عليه في رِوَايةِ جَعْفَرِ بنِ محمدٍ، أنَّه سُئِلَ عن رَجُل غرَسَ نَخْلًا، في أرْضٍ بينَه وبينَ قَوْم، مُشاعًا؟ قال: إنْ كان بغيرِ إذْنِهم، قلَع نَخْلَه. ويأْتِي هذا أيضًا في الشُّفْعَةِ] (¬1). فوائد؛ منها، لو زرَع فيها شَجَرًا بنَواه، فالمَنْصوصُ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ، أنَّه له، كما في الغِراسِ. ويَحْتَمِلُ كوْنُه لرَبِّ الأرْضِ؛ لدُخُولِه في عُمومِ أخْبَارِ الزَّرْعِ. قاله الحارِثِيُّ. ومنها، لو أثْمَرَ ما غَرَسَ الغاصِبُ، فقال في «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «نَوادِرِ المذْهبِ»: الثَّمَرُ لمالِكِ الأرْضِ، كالزَّرْعِ؛ إنْ أدْرَكَه أخَذَه، ورَد النَّفَقَةَ، والَّا فهو للغاصِبِ. واخْتارَه القاضي. ونصَّ عليه، في رِوايَةِ عليِّ بنِ سَعِيدٍ. قال في «الفُروعِ»: ونَصُّه في مَن غَرَسَ أرْضًا، الثمرَةُ لرَبِّ الأرْضِ، وعليه النفَقَةُ. وقال المُصَنِّفُ في «المغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وابنُ رَزِين: لو أثْمَرَ ما غرَسَه الغاصِبُ؛ فإنْ أدْرَكَه صاحِبُ الأرْضِ بعدَ الجَذاذِ، فَللغاصِبِ، وكذلك قبلَه. وعنه، لمالِك الأَرْضِ، وعليه النَّفَقَةُ. انتهوا. قال ابن رَزينٍ، عن القَوْلِ بأنَّه لصاحِبِ الأرْضِ: ليس بشيءٍ. قال الحَارِثيُّ: وفيه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهٌ، أنَّه للغاصِبِ بكُلِّ حالٍ. وحَكاه ابنُ الزَّاغُونِيِّ في كتابِ الشُّروطِ، رِوايَةً عن أحمدَ، قال: وهذا أصحُّ؛ اعتِبارًا بأصْلِه. قال: والقِياسُ على الزَّرْعِ ضعيفٌ. واخْتارَ الحَارِثِيُّ ما قدَّمه المُصَنِّفُ. وقدَّمه في «الرِّعايَتين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». ومنها، لو جَصَّصَ الدَّارَ وزَوَّقَها، فحُكْمُها كالبِناءِ. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي». ولو وهَبَ ذلك لمالِكِها، ففي إجْبارِه على قَبُولِه وَجْهان، كالصَّبْغِ في الثوْبِ، على ما يأتِي. ومنها، لو غصَبَ أرْضًا، فبَناها دارًا بتُرابٍ منها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وآلاتٍ مِنَ المَغْصُوبِ منه، فعليه أُجْرَتُها مَبْنِيَّة، وإنْ كانتْ آلاتُها مِن مالِ الغاصِبِ، فعليه أُجْرَةُ الأرْضِ دُونَ بِنائِها؛ لأنَّه إنَّما غصَب الأَرْضَ، والبِناءُ له، فلم يَلْزَمْه أُجْرَةُ مالِه، فلو أجَرَهَا، فالأجْرَةُ لهما بقَدْرِ قِيمَتِهما. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في مَن بَنَى فيها ويُؤْجِرُها، الغَلَّةُ على النَّصيبِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ أيضًا، ويكونُ شَرِيكًا بزِيادَةِ بِناءٍ. ومنها، لو طَلَبَ أخْذَ البِناءِ أو الغِراسِ بقِيمَتِه، وأبَى مالِكُه إلَّا القَلْعَ، فله ذلك، ولا يُجْبَرُ على أخْذِ القِيمَةِ. وفي البِناءِ تخْريجٌ، إذا بَذَلَ صاحِبُ الأرْضِ لصاحِبِ القِيمَةِ، أنَّه يُجْبَرُ على قَبُولِها، إذا لم يَكُنْ في النَّقْضِ غرَضٌ صحيحٌ. وهو للمُصَنِّفِ. والمذهبُ، الأوَّلُ. وذكَرَ ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً فيه، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُه، ويُعْطِيه قِيمَتَه. ونقلَه ابنُ الحَكَمِ. وَرَوَى الخَلَّالُ فيه، عن عائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عنها، مَرْفُوعًا: «له ما نقَصَ». قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: هذا مَنَعنا مِنَ القِياسِ. ونقَل جَعْفَرٌ فيها، لرَبِّ الأرْضِ أخْذُه. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ، وزادَ، وترْكُه بأُجْرَةٍ. انتهى. ومنها، إنِ اتَّفَقا على القِيمَةِ، فالواجبُ قِيمَةُ الغِراسِ مَقْلُوعًا. حَكاه ابنُ أبِي مُوسى وغيرُه. وإنْ وَهَبَهما الغاصِبُ لرَبِّ الأرْضِ؛ ليَدْفعَ عن نَفْسِه كُلْفَةَ القَلْعِ، فقَبِلَه، جازَ. وإنْ أبَى إلَّا القَلْعَ، وكان في قَلْعِه غرَضٌ صحيحٌ، لم يُجْبَرْ على القَبُولِ. وإنْ لم يكُنْ له في القَلْعِ غرَضٌ صحيحٌ، ففي إجْبارِه على القَبُولِ احْتِمالان. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ». قال في «الرّعايةِ»: وإنْ وهَبَها لرَبِّ الأَرْضِ، لم يَلْزَمْه القَبُولُ، إنْ أرادَ القَلْعَ، وإلَّا احْتَمَلَ وَجْهَينِ. انتهى. قلتُ: الأَوْلَى أنَّه لا يُجْبَرُ. ومنها، لو غَصَبَ أرْضًا و (¬1) غِراسًا مِن شَخْصٍ واحدٍ، ¬

(¬1) في الأصل: «أو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فغَرَسَه فيها، فالكُلُّ لمالِك الأرْضِ، فإنْ طالبَه رَبُّ الأرْضِ بقَلْعِه، وله في قَلْعِه غَرَضٌ صحيحٌ، أُجْبِرَ عليه، وعليه تَسْويَةُ الأرْضِ ونَقْصُها ونَقْصُ الغِراسِ. وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يكُنْ في قَلْعِه غرَضٌ صحيحٌ، لم يُجْبَرْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحَارِثِيِّ»، و «الفرُوعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُجْبَرُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. وإنْ أرادَ الغاصِبُ قَلْعَه ابْتدِاءً، فله مَنْعُه. قاله الحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الرِّعايةِ»، وغيرُهما، ويَلْزَمُه أُجْرَتُه مَبْنِيًّا، كما تقدَّم. فائدتان؛ إحْداهما، لو غرَسَ المُشْتَرِي مِنَ الغاصِبِ، ولم يَعْلَمْ بالحالِ، فقال ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، وتَبِعَه عليه المُتَأَخِّرون: للمالِكِ قَلْعُه مجَّانًا، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي بالنَّقْصِ على مَن غَرَّه. قال الحَارِثِيُّ: الحُكْمُ كما تقدَّم. قاله أصحابُنا. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسَّبْعِين»: المَنْصُوصُ أنَّه يَتمَلَّكُه بالقِيمَةِ، ولا يقْلَعُ مجَّانًا، نقَلَه حَرْبٌ، ويَعْقُوبُ بنُ بَخْتانَ. قال: ولا يَثْبُتُ عن أحمدَ سِوَاه، وهو الصَّحيحُ. انتهى. ويأْتِي في كلامِ المُصنِّفِ ما هو أعَمُّ مِن ذلك، في البابِ في قوْلِه: وإنِ اشْتَرى أرْضًا فَغَرَسَها، أو بَنَى فيها، فخَرجَتْ مُسْتَحَقَّةً. الثَّانيةُ، الرَّطْبَةُ ونحوُها، هل هي كالزَّرْعِ في الأحْكامِ المُتَقَدِّمةِ، أو كالغِراسِ؟ فيه احْتِمالان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «قواعدِ ابنِ رَجَبٍ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، أنَّه كالزَّرْعِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال: لأنَّه زَرْعٌ ليس له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرْعٌ قَويٌّ، فأَشْبَهَ الحِنْطَةَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ويدْخُلُ في عُمومِ كلامِ الخِرَقِيِّ. قلتُ: وكذا غيرُه. والوَجْهُ الثَّاني، هو كالغِراسِ قال النَّاظِمُ: وكالغَرْسِ في الأَقْوَى، المُكَرَّرُ جَذُّه.

وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا، فَرَقَّعَ بِهِ سَفِينَةً، لَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تَرْسُوَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِي قرِيبًا: لو حفَرَ في الأرْضَ بِئْرًا. قوله: وإنْ غصَب لَوْحًا فرَقَعَ به سَفينَةً، لم يُقْلَعْ حتى تَرْسَى. يعنِي، إذا كان يُخافُ مِن قَلْعهِ. وهذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هو المذهبُ عندَ الأصحابِ. وقيل: يُقْلَعُ، إلَّا أنْ يكونَ فيه حَيوانٌ مُحْتَرمٌ، أو مالٌ للغَيرِ. جزَم به في «عُيونِ المَسائلِ»، وهو احْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». قال الحارِثِيُّ: ومُطْلَقُ كلام ابنِ أبِي مُوسى يَقْتَضِيه؛ فإنَّه قال: مَنِ اغْتَصَبَ ساجَةً، فَبَنَى عليها حائِطًا، أوَ جعَلها في سَفِينَةٍ، قُلِعَتْ مِنَ الحائطِ أو السَّفِينَةِ، وإنِ اسْتُهْدِما بالقَلْعِ. انتهى.

وَإِنْ غَصَبَ خَيطًا، فَخَاطَ بهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ، وَخِيفَ عَلَيهِ مِنْ قَلْعِهِ، فَعَلَيهِ قِيمَتُهُ، إلا أنْ يَكُونَ الحَيَوَانُ مَأْكُولًا لِلْغَاصِبِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيُذْبَحُ الْحَيَوَانُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حيث يَتَأَخَّرُ القَلْعُ، فلِلمالِكِ القِيمَةُ، ثم إذا أمْكَنَ الرَّدُّ، أخَذَه مع الأَرْشِ، إنْ نقَصَ، واسْتَرَدَّ الغاصِبُ القِيمَةَ كما لو أبَقَ المَغْصُوبُ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: وقد شَمِلَه كلامُ المُصَنِّفِ الآتِي؛ حيثُ قال: وإنْ غَصَبَ عَبْدًا، فأَبَقَ، أو فَرَسًا، فشَرَدَ، أو شَيئًا تعَذَّرَ ردُّه مع بَقائِه، ضَمِنَ قِيمَتَه. ولو قيلَ بأنَّه تَتعَيَّنُ له الأُجْرَةُ إلى أنْ يَقْلَعَ، لكانَ مُتَّجِهًا. قوله: وإنْ غصَب خَيْطًا، فخاطَ به جُرْحَ حَيَوانٍ، وخِيفَ عليه مِن قَلْعِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعليه قِيمَتُه، إلَّا أنْ يَكونَ الحَيَوانُ مَأْكَولًا للغاصِبِ، فهل يَلْزَمُه رَدُّه، ويُذْبَحُ الحَيَوانُ؟ على وجهَين. إذا غَصَبَ خَيطًا وخاطَ به جُرْحَ حَيوانٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُخافَ على الْحَيوانِ بقَلْعِه، أوْ لا، فإنْ لم يُخَفْ عليه بقَلْعِه، قُلِعَ. وإنْ خِيفَ عليه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مأْكُولًا أوْ لا، فإنْ لم يكُنْ مأْكولًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُحْتَرمًا، أوْ لا، فإنْ كان غيرَ مُحْتَرَمٍ؛ كالمُرْتَدِّ، والكَلْبِ العَقُورِ، والخِنْزِيرِ، ونحوها، فله قَلْعُه منه، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان مُحْتَرَمًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يكونَ آدَمِيًّا، أو غيرَه، فإنْ كان آدَمِيًّا، لم يُقْلَعْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إذا خِيفَ عليه الضَّرَرُ، وتُؤْخَذُ قِيمَتُه. قدَّمه في «الفُروعِ»، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهم. وقيل: لا تُؤْخَذُ قِيمَتُه إلَّا إذا خِيفَ تَلَفُه، ويُقْلَعُ كغيرِه مِنَ الحَيواناتِ المُحْتَرَمَةِ؛ فإنَّه لا بُدَّ فيها مِن خَوْفِ التَّلَفِ على الصحيحِ. وفيه احْتِمالٌ. وهذا القَوْلُ ظاهِرُ ما قطَع به في «الفائقِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ لأنَّهم قيَّدُوه بالتَّلَفِ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وهو احْتِمالٌ للقاضي، وابنِ عَقِيلٍ. وإنْ كان مأْكُولًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ للغاصبِ، أوْ لا، فإن لم يكُنْ للغاصِبِ،

وَإِنْ مَاتَ الْحَيَوَانُ، لِزَمَهُ رَدُّهُ، إلا أَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يُقْلَعْ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» وغيرِهم. وإنْ كان للغاصِبِ، وهي مسْأَلةُ المُصَنِّفِ، فأَطْلَقَ الوَجْهَين، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «شَرْحِ الحَارِثيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّي»؛ أحدُهما، يُذْبَحُ، ويَلْزَمُه ردُّه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. قاله الحَارِثِيُّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُذْبَحُ، وتُرَدُّ قِيمَتُه. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَتين»، و «الحاوي الصَّغيرِ». وفيه وَجْهٌ ثالِثٌ، إنْ كان مُعَدًّا للأَكْلِ؛ كبَهِيمَةِ الأنْعامِ، والدَّجاجِ، ونحوه، ذُبِحَ، ورَدَّه، وإلَّا فلا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. قال الحارِثِيُّ؛ وهو حَسَنٌ. وأطْلَقَهنَّ في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ ماتَ الحَيَوانُ، لَزِمَه رَدُّه، إلَّا أنْ يَكُونَ آدَمِيًّا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحَارِثِيِّ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه ردُّه بمَوْتِ الآدَمِيِّ. قال ابنُ شِهَابٍ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَيوانُ أكثرُ حُرْمَةً مِن بقِيَّةِ المالِ، ولهذا لا يجوزُ مَنْعُ مائِه منه، [وله قَتْلُه دَفْعًا عن مالِه، قيل] (¬1): لا عن نَفسِه. فؤائد؛ الأُولَى، لو غصَبَ جَوْهَرَةً، فابْتَلَعَتْها بَهِيمَةٌ، فقال الأصحابُ: حُكْمُها حُكْمُ الخَيطِ. قاله المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وقال: إنْ كانتْ مأْكُولَةً، ذُبِحَتْ على الأَشْهَرِ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬2): ويَحْتَمِلُ أنَّ الجَوْهَرَةَ متى كانتْ أكثرَ قِيمَةً مِن الحَيوانِ، ذُبِحَ الحَيوانُ، ورُدَّتْ إلى مالِكِها، ¬

(¬1) في النسخ: «ولو قتله دفعا عن ماله قتل»، والمثبت من الفروع 4/ 498. (¬2) انظر: المغني 7/ 409.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وضَمانُ الحَيوانِ على الغاصِبِ، إلَّا أنْ يكونَ آدَمِيًّا. الثَّانيةُ، لو ابْتَلَعَتْ شاةُ رَجُلٍ جَوْهَرَةَ آخَرَ، غيرَ مَغْصُوبَةٍ، وتَوقَّفَ الإِخراجُ على الذَّبحِ، ذُبِحَتْ، بقَيدِ كَوْنِ الذَّبْحِ أقلَّ ضرَرًا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ومَن تابَعَهما. قال الحارِثِيُّ: واخْتِيارُ الأصحابِ، عدَمُ القَيدِ، وعلى مالِكِ الجَوْهَرَةِ ضَمانُ نقْصِ الذَّبْحِ، إلَّا أنْ يُفَرطَ مالِكُ الشَّاةِ بكَوْنِ يَدِه عليها، فلا شيءَ له؛ لتَفْرِيطِه. الثَّالِثةُ، لو أدْخَلَتِ الشَّاةُ رأْسَها في قُمْقُمٍ، ونحوه، ولم يُمْكِنْ إخْراجُه إلَّا بذَبْحِها أو كَسْرِه، فهنا حالتان؛ إحْداهما، أنْ تكونَ مأْكُولَةً. فللأصحابِ فيها طَرِيقان؛ أحدُهما، وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُ الأكْثَرِين؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، إنْ كان لا بتَفْرِيطٍ مِن أحَدٍ، كُسِرَ القِدْرُ، ووَجَبَ الأَرْشُ على مالِكِ البَهِيمَةِ. وإنْ كان بتَفْرِيطِ مالِكِها، بأنْ أدْخلَ رأْسَها بيَدِه، أو كانتْ يَدُه عليها، ونحوُه، ذُبِحَتْ مِن غيرِ ضَمانٍ. وحكَى غيرُ واحدٍ وَجْهًا بعَدَمِ الذَّبْحِ، فيَجِبُ الكَسْرُ والضَّمانُ. وإنْ كانتْ بتَفْرِيطِ مالِكِ القِدْرِ، بأنْ أدْخَلَه بيَدِه، أو ألْقاها في الطَّريقِ، كُسِرَتْ، ولا أَرْشَ. قال ذلك الحارِثِيُّ. الطَّريقُ الثَّاني، وهو ما قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، اعْتِبارُ أَقَلِّ الضَّرَرَين، إنْ كان الكَسْرُ هو الأقَلَّ، تعَيَّن، وإلَّا ذُبِحَ، والعَكْسُ كذلك. ثُم التَّفْريطُ مِن أيِّهما حصَلَ، كان الضَّمانُ عليه، وإنْ لم يحْصُلْ مِن واحِدٍ منهما، فالضَّمانُ على مالِكِ البَهِيمَةِ، إنْ كَسَرَ القِدْرَ. وإنْ ذُبِحَتِ البَهِيمةُ، فالضَّمان على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبِ القِدْرِ. وإنِ اتَّفَقا على تَرْكِ الحالِ على ما هو عليه، لم يَجُزْ. ولو قال مَن عليه الضَّمانُ: أنا أُتْلِفُ مالي، ولا أغْرَمُ شيئًا للآخَرِ. كان له ذلك الحالةُ الثَّانيةُ، أنْ تكونَ غيرَ مأْكُولَةٍ، فتُكْسَرُ القِدْرُ، ولا تُقْتَلُ البَهِيمَةُ بحالٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قاله الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: قاله الأكْثَرون مِنَ الأصحابِ. وعلى هذا، لو اتَّفَقا على القَتْلِ، لم يُمَكَّنا. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ المَأْكُولِ، على ما تقدَّم. وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، أنَّه يُقتَلُ إنْ كانتِ الجِنايَةُ كِل مِن مالِكِها، أو القَتْلُ أقل ضَرَرًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وظاهِرُ الحَارِثِيِّ الإِطْلاقُ. الرَّابِعةُ، لو سقَطَ دِينارٌ، أو دِرْهَمٌ، أو أقَلُّ أو أكْثْرُ، في مَحْبَرةِ الغَيرِ، وعَسُرَ إخْراجُه، فإنْ كان بفِعْلِ مالِكِ المَحْبَرَةِ، كُسِرَتْ مجَّانًا مُطْلَقًا، وإنْ كان بفِعْلِ مالِكِ الدِّينارِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: يُخيَّرُ بينَ تَرْكِه فيها وبينَ كَسْرِها، وعليه قِيمَتُها. وعلى هذا، لو بذَلَ مالِكُ المَحْبَرَةِ لمالِكِ الدِّينارِ مِثْلَ دِينارِه، فقيلَ: يَلْزَمُه قَبُولُه. اخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» فيه. وقدَّمه في «الرِّعايَتين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يَلْزَمُه قَبُولُه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ». وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في إجْبارِ مالِكِ المَحْبَرَةِ على الكَسْرِ ابْتداءً، وَجْهَين؛ أحدُهما: لا يُجْبَرُ. قالا: وعليه نَقْصُ المَحْبَرَةِ. قال الحارِثِيُّ: ويجِبُ على هذا الوَجْهِ، أنْ يُقال بوُجوبِ بَذْلِ الدِّينارِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، يُجْبَرُ، وعلى مالِكِ الدِّينارِ ضَمانُ القِيمَةِ. واخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». قال الحارِثيُّ: وهذا الوَجْهُ هو حاصِلُ ما قال القاضي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ مِنَ التَّخْيِيرِ بينَ التَّرْكِ والكَسْرِ. وكيفما كان، لو بادَر وكَسَرَ عُدْوانًا، لم يَلْزَمْه أكثرُ مِن قِيمَتِها، وَجْهًا واحِدًا. وإنْ كان السُّقُوطُ لا بفِعْلِ أحدٍ؛ بأنْ سقَطَ مِن مَكانٍ، أو أَلْقَاهُ طائرٌ، أو هِرٌّ، وجَبَ الكَسْرُ، وعلى رَبِّ الدِّينارِ الأَرْشُ. فإنْ كانتْ المَحْبَرَةُ ثَمِينَةً، وامْتَنعَ ربُّ الدِّينارِ مِن ضَمانِها في مُقابَلَةِ الدِّينارِ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: قِياسُ قَوْلِ أصحابِنا أنْ يُقال له: إنْ شِئْتَ أنْ تأْخُذَ، فاغْرَمْ، وإلَّا فاتْرُكْ، ولا شيءَ لك. قال الحَارِثِيُّ: والأَقْربُ، إنْ شاءَ الله تعالىَ، سُقوطُ حقِّه مِنَ الكَسْرِ هُنا، ويَصْطَلِحان عليه. ولو غصَبَ الدِّينارَ وأَلْقاه في مَحْبَرةِ آخَرَ، أو سقَطَ فيها بغيرِ فِعْلِه، فالكَسْرُ مُتَعَيِّنٌ، وعلى الغاصِبِ ضَمانُها، إلَّا أنْ يزيدَ ضرَرُ الكَسْرِ على التَّبْقِيَةِ فَيسْقُطَ، ويجِبَ على الغاصِب ضَمانُ الدِّينارِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وتابَعَهما الحَارِثِيُّ. الخامسةُ، لو حصَلَ مُهْرٌ أو فَصِيلٌ في دارِه لآخَرَ، وتعَذَّرَ إخْراجُه بدُونِ نَقْضِ البابِ، وَجَبَ النَّقْضُ. ثُم إنْ كانَ عن تَفْرِيطِ مالِكِ الدَّارِ؛ بأنْ غَصَبَه وأدْخلَه، فلا كلامَ، وإنْ كان لا عن تَفْرِيطٍ مِن أحَدٍ، فضَمانُ النَّقْضِ على مالِكِ الحَيوانِ. وذكَر المُصَنِّفُ احْتِمالًا باعْتِبارِ أقلِّ الضَّرَرَين؛ فإنْ كان النقْضُ أقلَّ، فكما قُلْنا، وإنْ كان أكْثَرَ، ذُبِحَ. قال الحَارِثِيُّ: وهذا أوْلَى. وعلى هذا، إنْ كان الحَيوانُ غيرَ مأْكُولٍ، تعَيَّنَ النَّقْضُ، وإنْ كان عن تَفْرِيطِ مالِكِ الحَيوانِ، لم يُنْقَضْ، وذُبِحَ، وإنْ زادَ ضَررُه. حكَاه في «المُغْنِي»، وذكَر صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وُجوبَ النَّقْضِ وغرْمَ الأَرْشِ. وكلامُ ابنِ عَقِيلٍ نحوُه أو قريبٌ منه. قاله الحَارِثِيُّ، وقال: الأَوَّلُ الصَّحيحُ. وإنْ كان المَغْصُوبُ خَشَبَةً، فأَدْخَلها الدَّارَ، فهي كَمسْأَلَةِ الفَصِيل؛

فَصْلٌ: وَإِنْ زَادَ، لَزِمَهُ رَدُّهُ بِزِيَادَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً؛ كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، أَوْ مُنْفَصِلَةً؛ كَالْوَلَدِ وَالْكَسْب. وَلَوْ غَصَبَ جَارِحًا فَضَادَ بِهِ، أَوْ شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا فَأَمْسَكَ شَيئًا، أَوْ فَرَسًا فَصَادَ عَلَيهِ أَوْ غَنِمَ، فَهُوَ لِمَالِكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْقُضُ البابَ لإِخْراجِها. السَّادسةُ، لو باعَ دارًا وفيها ما يَعْسُرُ إخْراجُه، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم: يَنْقُضُ البابَ، وعليه ضَمانُ النَّقْضِ. وقال المُصَنِّفُ: يُعْتَبَرُ أقَلُّ الضَّرَرَين؛ إنْ زادَ بَقاؤُه في الدَّارِ، أو تَفْكِيكُه، إنْ كان مُرَكَّبًا، أو ذَبْحُه، إنْ كان حَيوانًا على النَّقْضِ، نُقِضَ مع الأَرْشِ، وإنْ كان بالعَكْسِ، فلا نقْضَ لعدَمِ فائِدَتِه. قال: ويَصْطَلِحان؛ إمَّا بأنْ يَشْتَرِيَه مُشْتَرِي الدَّارِ، أو غيرِ ذلك. انتهى. قوله: ولو غصَبَ جارِحًا، فصادَ به، أو شَبَكَةً، أو شَرَكًا، فأَمْسَكَ شَيئًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فَرَسًا، فصادَ عليه، أو غَنِمَ، فهو لمالِكِه. إذا غَصَبَ جِارحًا، فصادَ به، أو فَرسًا، فصادَ عليه، فالصَّيدُ للمالِكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الحَارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «تجْريدِ العِنايةِ»: فلرَبِّه في الأَظْهَرِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في، الصَّيدِ في «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ» في غيرِ الكَلْبِ. وقيل: هو للغاصِبِ، وعليه الأُجْرَةُ. وهو احْتِمالُ في «المُغْنِي». قال الحَارِثِيُّ: وهو قَويٌّ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، في صَيدِ الكَلْبِ. وأطلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرّعايةِ» في الكَلْبِ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ: يتوَجَّهُ فيما إذا غَصَبَ فَرَسًا، وكسَبَ عليه مالًا، أنْ يُجْعَلَ الكَسْبُ بينَ الغاصِبِ ومالِكِ الدَّابَّةِ على قَدْرِ نَفْعِهما، بأنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعةُ الرَّاكبِ ومَنْفَعَةُ الفَرَسِ، ثم يُقْسَمُ الصَّيدُ بينَهما. وتقدَّم ذلك في الشَّرِكَةِ الفاسِدَةِ. فعلى المذهبِ، فل يَلْزَمُ الغاصِبَ أُجْرَةُ مُدَّةِ اصْطِيادِه، أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، «والرِّعايةِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه. قدَّمه الحَارِثِيُّ، وقال: هو الصَّحيحُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «تَجْريدِ العِنايةِ»: ولا أُجْرَةَ لرَبّه مُدَّةَ اصْطِيادِه، في الأظْهَر. والوَجْهُ الثَّاني، يَلْزَمُه. وهو قِياسُ قَوْلِ صاحبِ «التَّلْخيصِ»، في صَيدِ العَبْدِ، على ما يأتِي قرِيبًا. وأمَّا سَهْمُ الفَرَسِ المَغْصُوبَةِ، فقد تقدَّم في كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، في بابِ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ، في قَوْلِه: ومَن غصَبَ فَرَسًا، فَقَاتَلَ عليه، فسَهْمُه لمالِكِه. وذكَرْنا الخِلاف فيه هناك. وأمَّا إذا اغصَبَ شبَكَةً، أو شَرَكًا، فصادَ به، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لمالِكِه. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّاني، يكونُ للغاصِبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر صَيدَ الكَلْبِ، والقَوْسِ: وقيل: وكذا أُحْبُولَةٌ. وجزَم به غيرُ واحدٍ في كُتُبِ الخِلافِ، قالوا على قِياسِ قوْلِه: رِبْحُ الدَّراهِمِ لمالِكِها. فائدة: صَيدُ العَبْدِ المغْصُوبِ، وسائرُ أكْسابِه للسَّيِّدِ، بلا نِزاعٍ. وفي لُزومِ أُجْرَتِه مُدَّةَ اصْطِيادِه وعَمَلِه، الوَجْهانِ المُتَقَدِّمان في الجارِحَةِ. قال في «التَّلْخيصِ»: ولا تدْخُلُ أُجْرَتُه تحتَه، إذا قُلْنا بضَمانِ المَنافِعِ.

وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَرَهُ، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ، أَوْ فِضَّةً أَوْ حَدِيدًا فضَرَبَهُ، أَوْ خَشَبًا فَنَجَرَهُ، أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا، رَدَّ ذَلِكَ بِزِيَادَتِهِ وَأَرْشَ نَقْصِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غصَب ثَوْبًا فقصَرَه، أو غَزْلًا فنسَجَه، أو فِضَّةً، أو حَدِيدًا فضَرَبَه -إبَرًا أو أَوانِيَ- أو خَشَبًا، فنجَرَه بابًا، ونحوَه، أَو شاةً فذَبَحَها وشَواها، رَدَّ ذلك بزيادَتِه، وأَرْشَ نَقصِه، ولا شيءَ له. وكذا لو غَصَبَ طينًا، فضَرَبَه لَبِنًا، أو جعَلَه فَخَّارًا، أو حبًّا، فطَحَنَه، ونحوَ ذلك. ذكَر المُصَنِّفُ هنا، ما يُغَيِّرُ المَغْصُوبَ عن صِفَتِه، ويَنْقُلُه إلى اسْمٍ آخَرَ، كما مثَّلَ، ونحوه، ففي هذا يكونُ الحُكْمُ كما قال المُصَنِّفُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»: هذا ظاهِرُ المذْهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: اخْتارَه المُصَنِّفُ، والأكْثَرون مِن أهْلِ المذهبِ؛ منهم، القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو عَليِّ بنُ شِهابٍ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال: وهو المُخْتارُ. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا الصَّحيحُ عندِي. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، يكونُ شَرِيكًا بالزِّيادَةِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قاله في «الفائقِ». قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»:

وَعَنْهُ، يَكُونُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، إنْ زادَتِ القِيمَةُ بذلك، فالغاصِبُ شَرِيكُ المالِكِ بالزِّيادَةِ. انتهى. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وقال: رجَّحه الأكْثَرُ في الخِلافِ. انتهى. واخْتارَه القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، والقاضي يَعْقُوبُ، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وأبو الحَسَنِ ابنُ بَكْرُوسٍ (¬1). وقيل: للغاصِبِ أُجْرَةُ عَمَلِه فقط، إذا كانتِ ¬

(¬1) علي بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس، البغدادي، أبو الحسن. فقيه، مصنف، له كتاب «رءوس المسائل»، و «الأعلام». توفي سنة ست وسبعين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 348.

وَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَمْلِكُهُ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزِّيادَةُ مِثْلَها فصاعِدًا. أوْمَأَ إليه ابنُ أبِي مُوسى. ذكَرَه عنه في «التَّلْخيصِ». قال الحارِثِيُّ: قاله ابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرازِيُّ. فعلى هذا، إنْ عَمِلَ ولم يَسْتَأْجَرْ، فلا شيءَ له، قاله الشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ». وقال أبو بَكْرٍ: يَمْلِكُه، وعليه قِيمَتُه قبلَ تَغْيِيرِه. وهو رِوايةٌ نقَلَها محمدُ بنُ الحَكَمِ، إلَّا أنَّ المُصَنِّفَ، والشَّارِحَ قالا: هو قوْلٌ قديمٌ رجَعَ عنه؛ فإنَّ محمدًا ماتَ قبلَ أبي عبدِ اللهِ بَنْحوٍ مِن عِشْرِين سنَةً. قلتُ: مَوْتُه قبلَ أبِي عبدِ اللهِ بعِشْرِين سنَةً لا يدُلُّ على أنَّه رجَع عنه، بل لا بُدَّ مِن دَليل على رُجُوعِه، وإلَّا فالأصْلُ عدَمُه. ثم وجَدْتُ الحارِثِيَّ قال نحوَه؛ فقال: وليس يَلْزَمُ مِن تقدُّمِ الوَفاةِ الرُّجُوعُ؛ إذْ مِنَ الجائزِ تقدُّمُ سَماعِ مَن تأخَّرَتْ وفاتُه، وكان يجِبُ، على ما قال، إلْغاءُ ما خالفَ أبو بَكْرٍ فيه لرِوايَةِ مَن تأَخَّرَ مَوْتُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأَمْرُ بخِلافِه. انتهى. وعنه، يُخَيَّرُ المالِكُ بينَ العَينِ والقِيمَةِ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. تنبيه: أدْخَلَ المُصَنِّفُ فيما يُغيِّرُ المَغْصُوبَ عن صِفَتِه، قَصْرَ الثَّوْبِ، وذَبْحَ الشَّاةِ وشَيَّها. قال في «الفُروعِ»: فذَكَر جماعَةٌ، أنَّه كالنَّوْعِ الأوَّلِ. قلتُ: منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ» و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: وقد أدْرَجَ هو وغيرُه في هذا الأَصْلِ قِصارَةَ الثَّوْبِ،

وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا، فَحَفَرَ فِيهَا بِئْرًا، وَوَضَعَ تُرَابَهَا فِي أَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس بالمُخْتارِ؛ لانْتِفاءِ سلْبِ الاسمِ والمَعْنَى. تنبيه ثان: أفادَ المُصَنِّفُ أنَّ ذَبْحَ الغاصِبِ للحَيوانِ المَغْصُوبِ لا يُحَرِّمُ أكْلَه. وهو كذلك على الصَّحيحِ، ويأْتِي ذلك عندَ تَصرُّفاتِ الغاصِبِ الحُكْمِيَّةِ، وفي بابِ القَطْعِ في السَّرِقَةِ. فائدة: ما صوَّرَه المُصَنِّفُ وغيرُه، في هذه المَسْأَلَةِ، ينْقَسِمُ إلى مُمْكِنِ الرَّدِّ إلى الحالةِ الأُولَى؛ كالحَلْيَ، والأَوانِي، والدَّراهِمِ، فيُجْبَرُ المالِكُ على الإِعادَةِ. قاله في «التَّلْخيصِ»، واقْتَصرَ عليه الحارِثِيُّ. وإلى غيرِ مُمْكِنٍ؛ كالأَبوابِ، والفَخَّارِ، ونحوهما، فليس للغاصِبِ إفْسادُه، ولا للمالِكِ إجْبارُه عليه، فيما عَدا الأبوابَ، ونحوَها. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في الأوانِي المُتَّخَذَةِ مِنَ التُّرابِ: للمالِكِ ردُّها ومُطالبَتُه بمِثْلِ التُّرابِ. قوله: وإنْ غصَبَ أَرْضًا، فحَفَرَ فيها بِئْرًا، ووَضَعَ تُرابَها فِي أَرْضِ مالِكِها،

مَالِكِهَا، لَمْ يَمْلِكْ طَمَّهَا إِذَا أَبْرَأَةُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يمْلِكْ طَمَّها، إذا أَبْرأَه المالِكُ من ضَمانِ ما يَتْلَفُ بها، في أَحَدِ الوَجْهَين. إذا حفَرَ بِئْرًا، أو شَقَّ نَهْرًا، ونحوَه، في أرْضٍ غصَبَها، فطالبَه المالِكُ بطَمِّها، لَزِمَه ذلك إنْ كان لغَرَضٍ. قاله الحارِثِيُّ. وإنْ أرادَ الغاصِبُ طَمَّها ابْتِداءً، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونَ لغَرَضٍ صَحيحٍ، أوْ لا، فإنْ كان لغَرَضٍ صَحيحٍ؛ كإسْقاطِ ضَمانِ ما يقَعُ فيها، أو يكونُ قد نقَلَ تُرابَها إلى مِلْكِه، أو مِلْكِ غيرِه، أو إلى طَريقٍ يحْتاجُ إلى تَفْرِيغِه، فله طَمُّها مِن غيرِ إذْنِ ربِّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ». واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحَارِثِيِّ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: لا يَمْلِكُ طَمَّها إلَّا بإذْنِه. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، على ما يأْتِي مِن كلامِهما. وإنْ لم يكُنْ له غرَضٌ صحيحٌ في ذلك، وهي مسْأَلَةُ المُصَنِّفِ؛ مِثْلَ أنْ يكونَ قد وضَع التُّرابَ في أرْضِ مالِكِها، أو في مَواتٍ، أو أبْرَأه مِن ضَمانِ ما يتْلَفُ بها، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أو منَعَه منه، فهل يَمْلِكُ طَمَّها؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحارِثِيِّ»؛ أحدُهما، لا يَمْلِكُ طَمَّها. وهو الصَّحيحُ. نصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّاني، يَمْلِكُه. اخْتارَه القاضي. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: وإنْ غَصَبَ دارًا، فحفَرَ فيها بِئْرًا، ثم اسْتَرَدَّها مالِكُها، فأرادَ الغاصِبُ طَمَّ البِئْرِ، لم يكُنْ له ذلك. وقال القاضي: له ذلك مِن غيرِ رِضَا المالِكِ. وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: ليس له ذلك إذا أَبْرَأَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِكُ مِن ضَمانِ ما يتْلَفُ فيها. انتهيا. وأطْلَقهنَّ في «المُذْهَبِ». قال في «التَّلْخيصِ»: وأصْلُ اخْتِلافِ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ، هلِ الرِّضَا الطارِئُ كالمُقارِنِ للحَفْرِ، أمْ لا؟ والصَّحيحُ، أنَّه كالمُقارِنِ. انتهى. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»: وإنْ حفرَ فيها بِئْرًا أو نحوَها، فله طَمُّها مُطْلَقًا. وإنْ سَخِطَ رَبُّها، فأَوجُهٌ؛ النَّفْيُ، والإِثْباتُ. والثَّالثُ، إنْ أَبْرَأَه مِن ضَمانِ ما يتْلَفُ بما، وصحَّ في وَجْهٍ، فلا. زادَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى» وَجْهًا رابِعًا، وهو إنْ كان غرَضُه فيه صَحِيحًا؛ كدَفْعِ ضَرَرٍ، وخَطَرٍ، ونحوهما، وإلَّا فلا. وخامِسًا، وهو إنْ ترَك تُرابَها في أرْضِ غيرِ رَبِّها، فلا. وقيل: بلَى، مع غَرَضٍ صحيحٍ. انتهى. وتقدَّم ذلك، والصَّحيحُ منه. تنبيهان؛ أحدُهما، في القَوْلِ المَحْكِيِّ عنِ القاضي. قال الحارِثِيُّ: إنْ كانَ مأْخُوذًا مِن غيرِ كتابِ «المُجَرَّدِ»، فنَعم، وإنْ كان مِنَ «المُجَرَّدِ»، فكَلامُه فيه مُوافِقٌ لأبِي الخَطَّابِ؛ فإنَّه قال، وذكَر كلامَه. قلتُ: النَّاقِلُ عنِ القاضِي تِلْمِيذُه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»، وهو أعلمُ بكَلامِه مِن غيرِه، وللقاضِي في مَسائِلَ كثيرَةٍ القوْلان والثَّلاثَةُ، وكُتُبُه كثيرةٌ. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ، وجماعَةٍ، أنَّه إذا أَبْرَأَه المالِكُ مِن ضَمانِ ما يتْلَفُ بها، أنَّه يصِحُّ، ويَبْرَأُ. وهو أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضي في «المُجَرَّدِ».

وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ بَيضًا فَصَارَ فِرَاخًا، أَوْ نَوًى فَصَارَ غرْسًا، رَدَّهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله الحارِثِيُّ لمَّا ذكَر كلامَه المُتَقدِّمَ. والوَجْهُ الثَّانِي، أنَّه لا يَبْرأُ. وتقدَّم قرِيبًا كلامُه في «الرِّعايتَين» في ذلك. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». قال الحارِثِيُّ: وحاصِلُ المَسْأَلةِ الأُولَى، الخِلافُ في صِحَّةِ الإِبْراءِ، وفيه وَجْهان. قوله: وإنْ غصَب حَبًّا فزَرَعَه، أو بَيضًا فصارَ فِراخًا، أَو نَوًى فصارَ غِراسًا -قال في «الانْتِصارِ»: أو غُصْنًا فصارَ شَجَرَةً- ردَّه، ولا شيءَ له- وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعِ به كثيرٌ منهم- ويتَخَرَّجُ فيها مِثْلُ الذي قبلَها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويتَخَرَّجُ أنْ يَمْلِكَه الغاصِبُ. فعلى هذا، يتَخَرَّجُ لنا، أنْ يكونَ شَرِيكًا بالزِّيادَةِ، كالمَسْأَلةِ التي قبلَها. انتهى. وذلك؛ لأنَّها نَوْعٌ ممَّا تقدَّم مِن تَغْيِيرِ العَينِ وتَبَدُّلِ اسْمِها. فائدة: ذكَر في «الكافِي» مِن صُوَرِ الاسْتِحالةِ، الزَّرْعَ يَصِيرُ حبًّا. قال الحارِثِيُّ: وفيه نَظَرٌ؛ فإنَّ الزَّرْعَ إنْ كانَ قد سَنبَلَ حالةَ الغَصْبِ، فهو مِن قَبِيلِ

فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَصَ، لَزِمَهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ بِقِيمَتِهِ، رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيرَهُ. وَعَنْهُ، أَنَّ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّطَبِ والعِنَبِ يصِيران تَمْرًا وزَبيبًا، وليسا مِنَ المُسْتَحِيلِ بالاتِّفاقِ، وإنْ لم يكُنْ سَنْبَلَ، فهو في مَعْنَى إثْمارِ الشَّجَرِ، فيكونُ مِن قَبِيلِ المُتَوَلِّدِ، لا المُسْتَحِيلِ؛ لوُجودِ الذَّاتِ عَينًا. انتهى. قوله: وإنْ نقَص، لَزِمَه ضَمانُ نَقْصِه بقِيمَتِه؛ رَقِيقًا كانَ أو غيرَه. وقال الأصحابُ: ولو بنَباتِ لِحْيَةِ أمْرَدَ، وقَطْعِ ذَنَبِ حِمارٍ. وهذا

الإِتْلَافِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَينِ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ في ذلك كلِّه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرهِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعَايتين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، وقال: عليه جمهورُ أهْلِ المذهبِ. وعنه، أنَّ الرَّقيقَ يُضْمَنُ بما يُضْمَنُ به في الإِتْلافِ. فيَجِبُ في يَدِه نِصْفُ قِيمَتِه، وفي مُوضِحَتِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه. وعلى هذا فقِسْ. فإنْ كان النَّقْصُ ممَّا لا مُقَدَّرَ فيه؛ كنَقْصِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للكِبَرِ أو المَرَضِ، أو شَجَّةٍ دُونَ المُوضِحَةِ، فعليه ما نقَصَ مع الرَّدِّ فقط. قال الحارِثِيُّ: هذه الرِّوايَةُ أقْوَى. ويتَخَرَّجُ أنَّه يَضْمَنُه بأَكْثَرِ الأمْرَين منهما -وانفَرَدَ المُصَنِّفُ بهذا التَّخْريج هنا. قاله الزَّرْكَشِيُّ وعنه، في عَينِ الدَّابَّةِ؛ مِنَ الخَيلِ، والبِغالِ، والحَمِيرِ، رُبْعُ قِيمَتِها. نصَرَها القاضي، وأصحابُه. مَال الزَّرْكَشِي: وهو المَشْهورُ عن أحمدَ. فقال القاضي في «رِوايَتَيه»، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم: الخِلافُ في عَينِ الدَّابَّةِ؛ مِنَ الخَيلِ، والبِغالِ، والحَمِيرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: ونُصُوصُ أحمدَ على ذلك. وقال في «الفُروعِ»: وخَصَّ في «الرَّوْضَةِ» هذه الرِّوايَةَ بعينِ الفَرَسِ، وجعَل في عَينِ غيرِها ما نقَصَ، وأحمدُ إنَّما قال في عَينِ الدَّابَّةِ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: مِنَ الأصحابِ مَن قصر الخِلافَ على عَينِ الفَرَسِ، دُونَ البَغْلِ والحِمارِ. وهذه طَريقَةُ القاضي في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ»، وأبِي الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، والقاضي يَعْقُوبُ، وأبِيَ المَواهِبِ الحُسَينِ بنِ محمدٍ العُكْبَرِيِّ في آخَرِين، واخْتارَ أكثرُ هؤلاءِ القَوْلَ بالمُقَدَّرِ. قال: ونَصُّ أحمدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَقْتَضِي العُمومَ؛ فإنَّ لَفْظَ «الدَّابَّةِ» يشْمَلُ البَغْلَ، والحِمارَ، والفَرَسَ. وكذلك صِيغَةُ الدَّليلِ المُتَمَسِّكِ به، فالتَّخْصِيصُ خِلافُ الأصْلِ، مع أنَّا نَجِدُ في الفَرَسِ خَصائِصَ تُناسِبُ اخْتِصاصَ الحُكْمِ به، لكِنْ ما أخَذْنا فيه غيرَ القِياسِ، ولا يُمْكِنُ إعْمالُ ما ذكَرْنا مِنَ المُناسَبَةِ. انتهى. قلتُ: وممَّنْ خصَّ الرِّوايَةَ بعَينِ الفَرَسِ مِنَ المُتَأَخِّرِين؛ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وصاحبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. فعلى هذه الرِّوايةِ، في العَينَين ما نقَصَ، كسائرِ الأعْضاءِ. قال الحارِثِيُّ: كذلك قال الأصحابُ، لا أعْلَمُهم اخْتَلفُوا فيه. قال: وعن أبِي حَنِيفَةَ، نِصْفُ القِيمَةِ؛ اعْتِبارًا بالرُّبْعِ في إحْداهما. قال: وهو أظْهَرُ. انتهى. ويأْتِي، إذا شَقَّ ثَوْبًا، أو أتْلَفَ عصًا، أو قَصْعةً، أو كَسَرَ خَلْخَالًا، ونحوَه، في ضَمانِ غيرِ المِثْلِيِّ، في الفَصْلِ السَّادِسِ والخِلافُ فيه. ويأْتِي وَقْتَ لُزومِ قِيمَتِه، في أوَّلِ الفَصْلِ السَّادِسِ، في كلامِ المُصَنِّفِ. تنبيه: دَخَلَ في قَوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ تَلِفَ، لَزِمَه ضَمانُ نَقْصِه بقِيمَتِه. لوَ جَنَى على حَيوانٍ حامِلٍ فأَلْقَتْ جَنينَها مَيتًا. وهو كذلك، فيَجِبُ عليه ضَمانُ ما نقَصَ مِن أُمِّه بالجِنايَةِ. نصَّ عليه، في رِوايَة ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِين». وقال أبو بَكْرٍ: يجِبُ ضَمانُ جَنِينِ البَهائمِ بُعشْرِ قِيمَةِ أُمِّه، كجَنِينِ الأمَةِ. قال في «القواعِدِ»: وقِياسُه جَنِينُ الصَّيدِ في الحَرَمِ والإِحْرامِ، والمَشْهورُ، أنَّه يَضْمَنُ بما نقَصَ أُمَّه أيضًا. ويأْتِي في مَقادِيرِ الدِّياتِ. قال: ولو أَلْقَتِ البَهِيمَةُ بالجِنايَةِ جَنِينًا حيًّا، ثم ماتَ، ففيه احْتِمالان. ذكَرَهما القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، في الرَّهْنِ؛ أحدُهما، يَضْمَنُ قِيمَةَ الوَلَدِ حيًّا لا غيرُ. والثَّاني، عليه أكْثَرُ الأَمْرَين، أو ما نَقَصَتِ الأُمُّ. انتهى. قلتُ: الثَّاني هو الصَّوابُ.

وَإِنْ غَصَبَهُ وَجَنَى عَلَيهِ، ضَمِنَهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غصَبَه وجَنَى عليه، ضَمِنَه بأَكْثَرِ الأَمْرَين. وهذا مُفَرَّعٌ على القَوْلِ بالمُقَدَّرِ مِنَ القِيمَةِ، قاله الحارِثِيُّ. قال الشَّارِحُ: إذا جنَى الغاصِبُ على العَبْدِ المَغْصُوبِ جِنايَةً مُقَدَّرَةَ الدِّيَةِ، فعلى قوْلِنا: ضَمانُ الغَصْبِ ضَمانُ الجِنايَةِ. يكونُ الواجِبُ أَرْشَ الجِنايةِ، كما لو جَنَى عليه مِن غيرِ غَصْبٍ. وإنْ قُلْنا: ضَمانُ الغَصْبِ غيرُ ضَمانِ الجِنايَةِ. وهو الصَّحيحُ، فعليه أكثرُ الأَمْرَين؛ مِن أَرْشِ النَّقْصِ، أو دِيَةِ ذلك العُضْو. وجزَم بأنَّه يَضمَنه بأكْثَرِ الأمْرَين، في «الرِّعايَتين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ». قال في «الفُروعِ»: يَضْمَنُه بأَكْثَرِهما على الأصحِّ. وعنه، أنَّه يضمَنُ بما نقَصَ. ذكَرَها المُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ، في الفَصْلِ الثَّالثِ مِن بابِ مَقادِيرِ الدِّياتِ. اخْتارَها الخَلَّالُ، وابنُ عَقِيلٍ أيضًا. ذكَرَه الحارِثِيُّ. لكِنَّ هذه الرِّوايَةَ أَعَمُّ مِن أنْ يكونَ الجانِي الغاصِبَ أو غيرَه. قال الحارِثيُّ: وُجوبُ أكْثَرَ الأمْرَينِ مُفَرَّعٌ على القَوْلِ بالمُقَدَّرِ؛ لاجْتِماعِ السَّبَبَين باليَدِ والجِنايَةِ. مِثالُه، لو كانتِ القِيمَةُ ألْفًا، فنَقَصَتْ بالقَطْعِ أرْبَعَمِائَةٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالواجِبُ خَمْسُمِائَةٍ. ولو نقَص سِتَّمائَةٍ، كان هو الواجِبَ. وعلى القَوْلِ بما نقَصَ، فكذلك في السِّتِّمِائَةِ؛ لأنَّه على وَفْقِ المُوجِبِ، وفيما قبلَه أرْبَعُمِائَةٍ؛ لأنَّه ما نقَصَ. فائدة: لو غصَبَ عَبْدًا قِيمَتُه أَلْفٌ، فزادَتِ القِيمَةُ إلى ألْفَين، ثم قطَع يَدَه، فنقَصَ ألْفًا، فيَجِبُ أَلْفٌ على كِلا الرِّوايتَين، وهذا بلا نِزاعٍ. وإنْ نقَصَ ألْفًا وخَمْسَمِائَةٍ، فالواجِبُ ألْفٌ وخَمْسُمِائَةٍ، على الرِّوايتَين أيضًا. أمَّا بتَقْديرِ القَوْلِ بما نقَصَ، فظاهِرٌ، وبتَقْديرِ القَوْلِ بالمُقَدَّرِ، يكونُ الواجِبُ أكْثَرَ الأمْرَين، فإذا اسْتَوَيا، كان أوْلَى. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ قُلْنا: الواجِبُ ضَمانُ الجِنايَةِ، يعْنِي المُقَدَّرَ، فعليه ألْفٌ فقط. قال الحارِثِيُّ: وهذا مُشْكِلٌ جدًّا؛ لإِفْضائِه إلى إلْغاءِ أثَرِ اليَدِ مع وجُودِها. انتهى. وإنْ نقَصَ خَمْسَمِائَةٍ، فقال الحارِثِيُّ: فعلى رِوايَةِ المُقَدَّرِ، عليه ألْفٌ، وعلى رِوايَةِ ما نقَص، عليه خَمْسُمِائَةٍ

وَإِنْ جَنَى عَلَيهِ غَيرُ الْغَاصِبِ، فَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بأَكْثَرِ الْأَمْرَينِ، وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَهُ تَضْمِينُ الْجَانِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقط. وهو ظاهِرٌ، وكذا قال غيرُه. تنبيهان؛ الأوَّلُ، تكَلَّمَ المُصَنِّفُ هنا على العَبْدِ إذا جنَى عليه الغاصِبُ، أو جُنِيَ عليه في حالِ غَصْبِه، وبَقِيَ قِسْمٌ ثالثٌ، وهو ما إذا جنَى عليه مِن غيرِ غَصْبٍ، وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ في بابِ مَقادِيرِ الدِّياتِ، في الفَصْلِ الثَّالثِ. الثَّاني، قولُه: وإنْ جَنَى عليه غيرُ الغاصِبِ، فله تَضْمِينُ الغاصِبِ أَكْثَرَ الأَمْرَين، ويَرْجِعُ الغاصِبُ على الجانِي بأرْشِ الجِنايَةِ، وله تَضْمِين الجانِي أَرْشَ الجِنايَةِ، وتَضمينُ الغاصِبِ ما بَقِيَ مِنَ النَّقْصِ. هذا مُفَرَّعٌ على القَوْلِ بالمُقَدَّرِ.

وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَخَصَاهُ، لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ. وَعَنْهُ، فِي عَينِ الدَّابَّةِ مِنَ الْخَيلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ رُبْعُ قِيمَتِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا على القَوْلِ بما نقَصَ، فللمالِكِ تضْمِينُه مَن شاءَ منهما، وقَرارُ الضَّمانِ على الجانِي لمُباشَرَتِه قاله الحارِثِيُّ. وهو واضِحٌ. قوله: وإن غصَبَ عَبْدًا فخَصاه، لَزِمَه رَدُّه ورَدُّ قِيمَتِه. وكذا لو قطَع يَدْيه، أو رِجْلَيه، أو لِسانَه، أو ما تجِبُ فيه الدِّيَةُ كامِلَةً مِنَ الحُرِّ، فإنَّه يَلْزَمُه ردُّه، ورَدُّ قِيمَتِه. ونصَّ عليه أحمدُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: فيه ما في الذي قبلَه مِنَ الخِلافِ، غيرَ أنَّه لا يَتأَتَّى القَوْلُ بأكَثْرِ الأَمْرَين؛ لاسْتِغْراقِ القِيمَةِ في المُقَدَّرِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ لم تنْقُصِ القِيمَةُ بالخَصْيِ. فعلى القَوْلِ بالمُقَدَّرِ، يرُدُّه ومعه قِيمَتُه، وعلى القَوْلِ بما نقَصَ، لا يَلْزَمُه شيءٌ. انتهى.

وَإِنْ نَقَصَتِ الْعَينُ لِتَغَيُّرِ الْأَسَعَارِ، لَمْ يَضْمَنْ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نقَصَتِ العَينُ -أي، قِيمَةُ العَينِ- لتَغيُّرِ الأَسْعارِ، لم يَضْمَنْ، نصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ، وعليه التّفْريعُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه الأصحابُ، حتى إنَّ القاضِيَ قال: لم أجِدْ عن أحمدَ رِوايَةً بالضَّمانِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرهِ. وقدَّمه في «الفرُوعِ» وغيرِه. وعنه، يضْمَنُ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين. قاله في «الفائقِ»، ورَدَّه الحارِثِيُّ. وقيل: يضْمَنُ نقْصَه مع تغَيُّرِ

وَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ لِمَرَضٍ، ثُمَّ عَادَتْ بِبُرْئِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأسْعارِ إذا تَلِفَ، وإلَّا فلا. وقال الحارِثِيُّ، بعدَ أنْ حكَى الرِّوايتَين: وهذا كلُّه ما لم يتَّصِلِ التَّلَفُ بالزِّيادَةِ. فإنِ اتَّصَلَ؛ بأَنْ غصَبَ ما قِيمَتُه مِائَةٌ، فارْتَفعَ السِّعْرُ إلى مِائتَين، وتَلِفَتِ العَينُ، ضَمِنَ المِائتَين، وَجْهًا واحدًا؛ إذِ الضَّمانُ مُعْتَبرٌ بيَوْمِ التَّلَفِ. وإنْ كان مِثْليًّا، فالواجِبُ المِثْلُ؛ بلا خِلافٍ. وقال في «التَّلْخيصِ»: لو غصَبَ شيئًا يُساوي خَمْسَةً، فعادَتْ قِيمَتُه إلى دِرْهَمٍ، ثم تَلِفَ، لَزِمَه خَمْسَةٌ، وهذا على اعْتِبارِ الضَّمانِ بحالةِ الغصْبِ. قال الحارِثِيُّ: وهو قَوْلٌ ضعيفٌ، وليس بالمذهبِ، وإنَّما اسْترسلَ إليه مِن كلامِ بعضِ المُخالِفِين. ولو تَلِفَ نِصْفُ العَينِ بعدَ العَوْدِ إلى دِرْهَمٍ، فرجَع الباقِي إلى نِصْفِ دِرْهَمٍ، ردَّ الباقِيَ ومعه قِيمَةُ التَّالِفِ نِصْفُ دِرْهَمٍ. وفي «التَّلْخيصِ»: يرُدُّ دِرْهَمَين ونِصْفًا. وليس بالمذهبِ، كما قُلْنا. قال الحارِثِيُّ: وإنَّما أوْرَدْتهُ تَنْبِيهًا. قوله: وإنْ نقَصَتِ القِيمَةُ لمَرَضٍ، ثم عادَتْ ببُرْئِه، لم يَلْزَمْه شيءٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحاب. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ونصُّه، يضْمَنُ. وحكَى الحارِثِيُّ وَجْهًا للشَّافِعيَّةِ بالضَّمانِ، قال: وهو عندِي قَويٌّ، بل أقْوَى. ورَدَّ أدِلَّةَ الأصحابِ. والظَّاهِرُ، أنَّه لم يَطَّلِعْ على ما ذكَرَه صاحِبُ «الفُروعِ» مِنَ النَّصِّ،

وَإِنْ زَادَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، مْثِلَ أَنْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً فَعَادَتِ الْقِيمَةُ، ضَمِنَ النَّقْصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهذا يُقَوِّي قوْلَه، ورُبَّما كان المذهبَ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وقال: نصَّ عليه. فائدة: لو اسْتُرَدَّه المالِكُ مَعِيبًا مع الأَرْشِ، ثم زال العيبُ في يَدِ مالِكِه، فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا يجبُ رَدُّ الأَرْشِ؛ لاسْتِقْرارِه بأَخْذِ العَينِ ناقِصَةً. وكذا لو أخَذَ المغْصوبَ بغيرِ أَرْشٍ، ثم زال في يَدِه، لم يسْقُطِ الأَرْشُ كذلك. قال الحارِثِيُّ: وما يُذْكَرُ مِن الاسْتِقْرارِ، فغيرُ مُسَلَّمٍ. قال: والصَّوابُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى، الوُجوبُ بقَدْرِ النَّقْصِ الحادِثِ في المُدَّةِ، ويجِبُ ردُّ ما زادَ، إنْ كان. قوله: وإنْ زادَ مِن جِهَةٍ أُخْرَى، مثلَ أنْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً، فعادَتِ القِيمَةُ، ضَمِنَ

وَإِنْ زادَتِ الْقِيمَةُ بِسِمَنٍ أَوْ نَحْوهِ ثُمَّ نَقَصَتْ، ضَمِنَ الزِّيَادَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّقْصَ. وهو المذهبُ. جزَمْ به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يضْمَنُه. قوله: وإنْ زَادَتِ القِيمَةُ لسِمَنٍ، أو نحوه، ثم نقَصَتَ، ضَمِنَ الزِّيادَةَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»: ضَمِنَ على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرهِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «التَّلْخيصِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ» وغيرِهم، وقاله الخِرَقِيُّ وغيرُه. وعنه، إنْ ردَّه بعَينِه، لم يَلْزَمْه شيءٌ. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «الفائقِ».

وَإِنْ عَادَ مِثْلُ الزِّيَادَةِ الْأَولَى مِنْ جِنْسِهَا، لَمْ يَضْمَنْهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عادَ مثلُ الزِّيادَةِ الأُولَى مِن جِنْسِها -مثلَ، أنْ كانتْ قِيمَتُها مِائَةً، فزادَتْ إلى أَلْفٍ؛ لسِمَنٍ، ونحوه، ثم هَزَلَتْ فَعادَتْ إلى مِائَةٍ، ثم سَمِنَتْ فزادَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى ألْفٍ- لم يَضْمَنْها في أَحَدِ الوَجْهَين. وهما احْتِمالان للقاضي في «المُجرَّدِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يضْمَنُها. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ؛

وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيرِ جِنْسِ الْأُولَى، لَم يَسْقُطْ ضَمَانُهَا. وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا مُفْرِطًا فِي السِّمَنِ، فهَزَلَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لنَصِّه في الخَلْخالِ، يُكْسَرُ؟ قال: يُصْلِحُه أحَبُّ إليَّ. وهو أحدُ صُوَرِ المَسْأَلةِ. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أقْيَسُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يضْمَنُها. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: ضَمِنَها في أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قوله: وإنْ كانَتْ مِن غيرِ جِنْسِ الأُولَى، لم يَسْقُطْ ضَمانُها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحارِثِيِّ»، وقال: هذا المذهبُ. وقيل: يسْقُطُ الضَّمانُ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ». فائدة: مِن صُوَرِ المَسْأَلةِ، لو كان الذَّاهِبُ عِلْمًا أو صِناعَةً، فتَعلَّمَ عِلْمًا آخَرَ، أو صِناعَةً أُخْرَى. قاله الحارِثِيُّ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو كعَوْدِ السِّمَنِ، يَجْرِي فيها الوَجْهان. قال الحارِثِيُّ: والصَّحيحُ الأوَّلُ.

وَإنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ نَقْصًا غَيرَ مُسْتَقِرٍّ، كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ، خُيِّرَ بَينَ أَخْذِ مِثْلِهَا، وَبَينَ تَرْكِهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا وَيَأْخُذَهَا وَأَرْشَ نَقْصِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَقَصَ المغْصُوبُ نَقْصًا غيرَ مُسْتَقِرٍّ، كحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وعَفِنَتْ، مُحيِّرِ بينَ أَخْذِ مِثْلِها وبينَ تَرْكِها حتى يَسْتَقِرَّ فَسادُها، ويأْخُذَها وأَرْشَ نَقْصِها. هذا أحدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «النَّظْمِ». قال المُصَنِّفُ: قَوْلُ أبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» بَأْسَ به. وقيل: له أَرْشُ ما نقَصَ به مِن غيرِ تَخْيِيرٍ. اخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغنِي». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يَضْمَنُه ببَدَلِه، كما في الهالِكِ. قال الحارِثِيُّ: وهو قَوْلُ القاضي، وأصحابِه؛ الشَّرِيفِ أبِي جَعْفَرٍ، وابنِ عَقِيلٍ، والقاضي يَعْقُوبَ بنِ إبْراهِيمَ، والشِّيرازِيِّ، وأبِي الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّرِيفِ الزَّيدِيِّ (¬1). واخْتارَه ابنُ بَكْرُوسٍ. وخيَّرَه في «التَّرْغِيبِ» بينَ أخْذِه مع أرْشِه، وبينَ أخْذِ بدَلِه. وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا لم يَسْتَقِرَّ العَفَنُ، أمَّا إنِ اسْتَقَرَّ، فالأَرْشُ بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. قاله الحارِثِيُّ. ¬

(¬1) علي بن محمد بن علي، الهاشمي، الزيدي، الحراني، أبو القاسم، إمام عالم مقرئ، سيخ حران. تلا بالروايات على أبي بكر النقاش، وروى عنه تفسيره «شفاء الصدور». توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 505، 506.

وَإِنْ جَنَى الْمَغْصُوبُ، فَعَلَيهِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، سَوَاءٌ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جَنَى المغْصُوبُ، فعليه أَرْشُ جِنايَتِه، سَواءٌ جَنَى على سَيِّدِه، أو غيرِه. إنْ جنَى على غيرِ سَيِّدِه، فعلى الغاصِبِ أَرْشُ الجِنايَةِ، بلا نِزاعٍ، وسَواءٌ في ذلك ما يُوجِبُ القِصاصَ والمال، ولا يَلْزَمُه أكثرُ مِنَ النَّقْصِ الذي لَحِقَ العَبْدَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ جنَى على سَيِّدِه، فعلى الغاصِبِ أيضًا أرْشُ الجِنايَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يَضْمَنُ جِنايَتَه على سَيِّدِه؛ لتَعَلُّقِها برَقَبَتِه. قال الحارِثِيُّ: إذا جنَى على سَيِّدِه، فقال المُصَنِّفُ، وأبو الخَطَّابِ: يضْمَنُ الغاصِبُ أيضًا. واسْتَدَلَّ له بالقِياسِ على الأجْنَبِيِّ، قال: وإنَّما يتَمَشَّى هذا حالةَ الاقْتِصاصِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لوُجودِ الفَواتِ، أمَّا حالةَ عدَمِ الاقْتِصاصِ، فلا؛ لأنَّ الفَواتَ مُنْتَفٍ، فالضَّمانُ مُنْتَفٍ. وإنَّما قُلْنا: الفواتُ مُنْتَفٍ؛ لأنَّ الغايةَ، إذا تَعَلَّقَ الأرْشُ بالرَّقَبَةِ، وهو غيرُ مُمْكِنٍ؛ لأنَّ مِلْكَ المَجْنِيِّ عليه فيها حاصِلٌ، فلا يُمْكِنُ تَحْصِيلُه، فيكونُ حالةَ عدَمِ القِصاصِ هَدَرٌ. ثم قال بعدَ ذلك: وأمَّا الجِنايَةُ المُوجِبَةُ للمالِ؛ كالخَطَأ وإتْلافِ المالِ، فمُتَعَلِّقَةٌ بالرَّقَبَةِ، وعلى الغاصِبِ تخْلِيصُها بالفِداءِ وبما يَفْدِي. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم: بأقَلِّ الأمْرَين مِنَ القِيمَةِ أو أَرْشِ الجِنَايةِ. ولم يُورِدُوا هنا القَوْلَ بالأَرْشِ بالِغًا ما بلَغ، كما في فِداءِ السَّيِّدِ للعَبْدِ

وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْغاصِبِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ. وَتُضْمَنُ زَوَائِدُ الْغَصْبِ؛ كَالْوَلَدِ، وَالثَّمَرَةِ إذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ، كَالْأَصْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجانِي؛ لأنَّ الذي ذكَرُوه هو الأصحُّ، لا لأنَّ الخِلافَ غيرُ مُطَّرِدٍ، وفي كَوْنِ الأوَّلِ هو الأصَحَّ بَحْثٌ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وجِنايَتُه على الغاصِبِ وعلى مالِه هَدَرٌ. بلا نِزاعٍ. وقوله: وتُضْمَنُ زَوائِدُ الغَصْبِ؛ كالوَلَدِ، والثَّمَرةِ إذا تَلِفَتْ، أو نقَصَتْ كالأَصْلِ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. فإذا غصَب حامِلًا أو حائِلًا، فحَمَلتْ عندَه، فالوَلَدُ مضْمونٌ عليه، ثم إذا ولَدَتْ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ تَلِدَه حيًّا، أو مَيتًا؛ فإنْ وَلَدَتْ مَيتًا، وكان قد غصَبَها حامِلًا، فلا شيءَ عليه؛ لأنَّه لا يَعْلمُ حَياتَه. وإنْ كان غصَبَها حائِلًا، فحَمَلتْ وولَدَتْه مَيتًا، فكذلك عندَ القاضي، وعندَ أبِيه أبِي الحُسَينِ، يَضْمَنُه بقِيمَتِه لو كان حَيًّا. وقال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: والأَوْلَى أنَّه يَضْمَنُه بعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه. وإنْ وَلَدَتْه حيًّا وماتَ، فعليه قِيمَتُه يومَ تَلَفِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»، في هذا البابِ، في أوَّلِ الفَصْلِ الأخِيرِ منه: وإطْلاقُ الأصحابِ بأنَّه لا يضْمَنُ ما أتْلَفَتْه بهِيمَةٌ لا يَدَ عليها ظاهِرَةٌ، ولو كانتْ مغْصُوبَةً؛ لظاهرِ الخَبَرِ، وعلَّلَ الأصحابُ المَسْأَلةَ بأنَّه لا تَفْرِيطَ مِنَ المالِكِ، ولا ذِمَّةَ لها فيتَعَلَّقُ بها، ولا قَصْدَ فيَتَعَلَّقُ برَقَبتِها، [بخِلافِ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ والعَبْدِ] (¬1)، ويُبَيِّنُ ذلك أنَّهم ذكَرُوا جِنايَةَ العَبْدِ المَغْصوبِ، وأنَّ الغاصِبَ يَضْمَنُها، وقالُوا: لأنَّ جِنايَتَه تتَعَلَّقُ برَقَبَتِه فضَمِنَها؛ لأنَّه نقْصٌ حصَلَ في يَدِ المَغْصُوبِ. فهذا التَّخْصِيصُ وتَعْلِيلُه يقْتَضِي خِلافَه في البَهِيمَةِ. قال: وهذا فيه نَظَرٌ، ولهذا قال ابنُ عَقِيلٍ في جِناياتِ البَهائمِ: لو نَقَبَ لِصٌّ، وترَكَ النَّقْبَ، فخرَجَتْ منه بَهِيمَةٌ، ضَمِنَها، وضَمِنَ ما تَجْنِي بإفْلاتِها وتَخَلِّيها. وقد يَحْتَمِلُ، إنْ حازَها وترَكَها بمَكانٍ، ضَمِنَ؛ لتَعدِّيه بتَرْكِها فيه، بخِلافِ ما لو تَرَكَها بمَكانِها وَقْتَ الغَصْبِ. وفيه ¬

(¬1) سقط من النسخ، انظر الفروع 4/ 521.

فَصْلٌ: وَإِنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ، مِثْلَ أَنْ خَلَطَ حِنْطَةً أَوْ زَيتًا بِمِثْلِهِ، لَزِمَهُ مِثْلُهُ مِنْهُ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ حَيثُ شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَظَرٌ. ولهذا قال الأصحابُ، في نَقْلِ التُّرابِ مِنَ الأَرْضِ المَغْصُوبَةِ: إنْ أرادَه الغاصِبُ، وأبَى المالِكُ، فللغاصِبِ ذلك مع غَرَضٍ صحيحٍ؛ مِثْلَ أنْ كان نقَلَه إلى مِلْكِ نَفْسِه، فيَنْقُلُه ليَنْتَفِعَ بالمَكانِ، أو كان طرَحَه في طريقٍ، فيَضْمَنُ ما يتَجَدَّدُ به مِن جِنايَةٍ على آدَمِيٍّ، أو بَهِيمَةٍ. ولا يَمْلِكُ ذلك بلا غرَضٍ صحيحٍ، مثْلَ أنْ كان نقَلَه إلى مِلْكِ المالِكِ، أو طَرَفِ الأرْضِ التي حفَرَها، ويُفارِق طَمَّ البِئْرِ؛ لأنَّه لا ينْفَكُّ عن غَرَضٍ؛ لأنَّه (¬1) يُسْقِطُ ضَمانَ جِنايَةِ الحَفْرِ. زادَ ابنُ عَقِيلٍ، ولعَلَّه مَعْنَى كلامِ بعضِهم، أو جِنايةِ الغيرِ بالتُّرابِ. انتهى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ». ومحَلُّ هذه الفائِدَةِ، عندَ ضَمانِ ما أتْلَفَتِ البَهِيمَةُ، لكِنْ لها هنا نَوْعُ تَعلُّقٍ. قوله: وإنْ خلُطَ المغْصُوبَ بمالِه على وَجْهٍ لا يَتَمَيَّزُ؛ مِثْلَ أنْ خلَطَ حِنْطَةً أو زَيتًا بمِثْلِه -قال في «الرِّعايَةِ»: ولم يَشْتَرِكا فيهما. انتهى- لَزِمَه مِثْلُه منه في أَحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلام الإِمامِ أحمدَ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والعِشْرِين»: المَنْصُوصُ في رِوايَةِ عبدِ اللهِ، وأبِي الحارِثِ، أنَّه اشْتِراكٌ فيما إذا ¬

(¬1) في الأصل: «لا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خلَطَ زَيتَه بزَيتِ غيرهِ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي في «خِلافِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «العُمْدَةِ». قال في «الوَجيزِ»: فهما شَرِيكان. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: هذا أَمَسُّ بالمذهبِ، وأَقْرَبُ إلى الصَّوابِ. وفي الآخَرِ، يَلْزَمُه مِثْلُه مِن حيثُ شَاءَ، اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وقال: هذا قِياسُ المذهبِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفَائقِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: وقال في «الوَسِيلَةِ»، و «المُوجَزِ»: يُقْسَمُ بينَهما بقَدْرِ قِيمَتِهما. انتهى. وقال الحارِثِيُّ: وفيه وَجْهٌ

وَإِنْ خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ خَيرٍ مِنْهُ، أَو بِغَيرِ جِنْسِهِ، لَزِمَهُ مِثْلُهُ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بقَدْرِ مِلْكَيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثالثٌ، وهو الشَّرِكَةُ، كما في الأوَّلِ، لكِنْ يُباعُ ويُقْسَمُ الثَّمَنُ على الحِصَّةِ. كذا أطْلَقَ القاضي يَعْقُوبُ بنُ إبْراهِيمَ في «تَعْليقِه»، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الحَسَنِ ابنُ بَكْروسٍ، وغيرُهما في «رُءوسِ مَسائِلِهم»، حتى قالوا به في الدَّنانِيرِ والدَّراهِمِ. وقاله ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه»، وأظُنُّه قَوْلَ القاضي، في «التَّعْلِيقِ الكَبيرِ». انتهى. ثم قال: وأمَّا إجْراءُ هذا الوَجْهِ في الدَّنانيرِ والدَّراهمِ، فَواهٍ جِدًّا؛ لأَنَّها قِيَمُ الأشْياءِ، وقِسْمَتُها مُمْكِنَةٌ، فأيُّ فائدَةٍ في البَيعِ؟ ورَدَّ هذا الوَجْهَ الأخِيرَ. فائدة: هل يجوزُ للغاصِبِ أنْ يتَصَرَّفَ في قَدْرِ مالِه فيه، أمْ لا؟ ققال الإِمامُ أحمدُ في رِوَايةِ أبِي طالِبِ هنا: قد اخْتَلَطَ أوَّلُه وآخِرُه، أعْجَبُّ إليَّ أنْ يتَنَزَّهَ عنه كلِّه، ويتَصدَّقَ به. وأنْكَرَ قَوْلَ مَن قال: يُخْرِجُ منه قَدْرَ ما خالطَه. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه» التَّحْرِيمَ؛ لامْتِزاجِ الحَلالِ بالحَرامِ فيه، واسْتِحالةِ انْفِرادِ أحَدِهما عنِ الآخَرِ. وعلى هذا، ليس له إخْراجُ قَدْرِ الحَرامِ منه بدُونِ إذْنِ المَغْصوبِ منه، وهذا بِناءً على أنَّه اشْتِراكٌ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه اسْتِهْلاكٌ، فيتَخَرَّجُ به قَدْرُ الحَرامِ، ولو مِن غيرِه. قاله ابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والعِشْرِين». قوله: وإنْ خَلَطَه بدونِه، أوْ بخَيرٍ منه، أَو بغيرِ جِنْسِه -يعْنِي، على وَجْهٍ لا يتَمَيَّزُ- لَزِمَه مِثْلُه في قِياسِ التي قبْلَها -قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: قِياسُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ يَلْزَمُ الغاصِبَ مِثْلُه. واخْتارَه في «الكافِي»، وإليه مَيلُ الشَّارِحِ- وظاهِرُ كلامِه، أنَّهما شَرِيكَان بقَدْرِ مِلْكَيهما. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: فشَرِيكَان بَقْدرِ حقِّهما، كاخْتِلاطِهما مِن غيرِ غَصْبٍ. نَصَّ عليه، في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا اخْتِيارُ مَن سَمَّيناه في الوَجْهِ الثَّالثِ. انتهى. قال في «المُذْهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال القاضي أيضًا: ما تَعَذَّر تَمْيِيزُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كتَالِفٍ، يَلْزَمُه عِوَضُه مِن حيثُ شاءَ. فشَمِلَ كلامُه هذه المَسْأَلَةَ والتي قبلَها. فائدتان؛ إحْداهما، لو خلَطَ الزَّيتَ بالشَّيرَجِ، ودُهْنَ اللَّوْزِ (¬1) بدُهْنِ الجَوْزِ، ودَقِيقَ الحِنْطَةِ بدَقيقِ الشَّعِيرِ، فَالمنْصُوصُ الشَّرِكَةُ، وعليه أكثرُ ¬

(¬1) في ط: «الورد».

وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ سَويقًا فَلَتَّهُ بِزَيتٍ، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا، أَوْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا، ضَمِنَ النَّقْصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، كالتي قبلَها. وقد شَمِلَه كلامُ المُصَنِّفِ. وقِياسُ المذهبِ، وُجوبُ المِثْلِ عندَ القاضي. قال الحارِثِيُّ: وهو أظْهَرُ. الثَّانيةُ، لو خلَطَ دِرْهَمًا بدِرْهَمَين لآخَرَ، فتَلِفَ اثْنان، فما بَقِيَ بينَهما أثْلاثًا، أو نِصْفَين، يتَوَجَّهُ فيه وَجْهان. قاله في «الفُروعِ». قلتُ: الذي يَظْهَرُ أنَّ لصاحِب الدِّرْهَمَين نِصْفَ الباقِي، لا غيرُ؛ وذلك لأنَّه يَحْتَمِلُ أنْ يَكونَ التَّالِفُ ماله كامِلًا، فيَخْتَصَّ صاحِبُ الدِّرْهَمِ به، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ التَّالِفُ دِرْهَمًا لهذا ودِرْهَمًا لهذا، فيَخْتَصَّ صاحِبُ الدِّرْهَمَين بالباقِي، فتَساوَيا. لا يَحْتَمِلُ غيرَ ذلك، ومالُ كلِّ واحدٍ منهما مُتَمَيِّزٌ قَطْعًا، بخِلافِ المَسائلِ المُتَقَدِّمَةِ. غايَتُه أَنه أُبْهِمَ علينا. فائدة: قوله: وإنْ غَصَبَ ثَوْبًا، فصَبَغَه، أو سَويقًا، فلَتَّه بزَيتٍ، فنَقَصَتْ

وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ وَلَمْ تَزِدْ، أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا، فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مَاليهِمَا، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا، فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَتُهما، أو قِيمَةُ أَحَدِهما، ضَمِنَ النَّقْصَ، وإنْ لم تَنْقُصْ ولم تَزِدْ، أو زَادَتْ قِيمَتُهما، فهما شَرِيكان بقَدْرِ مَاليهما، وإنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهما، فالزِّيادَةُ لصاحِبِه. هذه الجُمْلَةُ لا خِلافَ فيها. لكِنْ قال الحارِثِيُّ: الضَّمِيرُ في نَقَصَتْ قِيمَتُهما، عائدٌ على الثَّوْبِ والصِّبْغِ والسَّويقِ والزَّيتِ؛ لأنَّها إحْدَى الحَالاتِ الوارِدَةِ في قِيمَةِ المَالين؛ مِنَ الزِّيادَةِ، والنَّقْصِ، والتَّساوي. وفي عَوْدِه على مَجْموعِ الأَمْرَين، أعْنِي الثَّوْبَ والصِّبْغَ في صُورَةِ النَّقْصِ، مُناقَشَةٌ، فإنَّ ضَمانَ الغاصِبِ لا يُتَصَوَّرُ لنُقْصانِ الصِّبْغِ؛ إذْ هو مالُه، فلا يجوزُ إيرادُه لإثْباتِ حُكْمِ الضَّمانِ، والأجْوَدُ أنْ يُقال: تَنْقُصُ قِيمَةُ الثّوْب. وكذا قوْلُه: أَو قِيمَةُ أَحَدِهما. ليس بالجَيِّدِ، فإنَّه مُتَناولٌ لحالةِ النُّقْصانِ في الصِّبْغِ، دُونَ الثَّوْبِ. وليس الأمْرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كذلك؛ فإنَّ الضمانَ لا يجِبُ على هذا التَّقْديرِ بحالٍ. والصَّوابُ حَذْفُه. غيرَ أنَّ الضَّمانَ إنْ فُسِّرَ بالنِّسْبَةِ إلى الغاصِبِ، يكون النقْصُ مَحْسوبًا عليه. وقيلَ: باسْتِعْمالِ اللَّفْظِ في حَقِيقَتِه ومَجازِه معًا، وباسْتِعْمالِ المُشْتَركِ في مَدْلُولَيه معًا، فَيتَمَشَّى. انتهى. فإذا حصَلَ النقْصانُ؛ لكَوْنِه مَصْبُوغًا، أو لسُوءِ العَمَلِ، فعلى الغاصِب، وعلى هذا يُحْمَلُ إطْلاق المُصَنِّفِ. فإذا كان قِيمَةُ كلِّ منهما خَمْسَة، وهي الآنَ بعدَ الصَّبْغِ ثَمانِيَة، فالنَّقْصُ على الغاصِبِ. [وإنْ كان لانْخِفاضِ سِعْرِ الثِّيابِ، فالنَّقْصُ على المالِكِ، فيكونُ له ثلاثَة] (¬1). وإنْ كان لانْخِفاضِ سِعْرِ الصِّبْغِ، فالنقْصُ على الغاصِبِ، فيكونُ له ثَلاثة. وإنْ كان لانْخِفاضِهما معًا على السَّواءِ، فالنَّقْصُ عليهما، لكُلِّ منهما أرْبَعَة. هذا الصَحيحُ. قدَّمه الحارِثِيُّ. وقيل: يُحْمَلُ النَّقْصُ على الصِّبْغِ في كلِّ حالٍ. وهو قَوْلُ صاحِبِ «التَّلْخيصَ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ أرَادَ أحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يُجْبَرِ الآخَرُ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُجْبَرَ إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ النَّقْصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَرادَ أحَدُهما قَلْعَ الصبْغِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه المُصَنفُ، والشارِحُ، وابن عَقِيل، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. وفيه وَجْه آخَرُ، يُجْبَرُ، ويضْمن النَّقْصَ، سواء كان الغاصِبَ أو المَغْصُوبَ منه. وأطْلَقهما الحارِثِيُّ في «شَرْحِه». ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْبَرَ، إذا ضَمِنَ الغاصِبُ النَّقْصَ. يعْنِي، إذا أَرادَ الغاصِبُ قَلْعَ صِبْغِه، وامْتنَعَ المَغْصُوبُ منه، أُجْبِرَ على تَمْكِينه مِن قَلْعه، ويضْمَن النَّقْصَ. وهذا قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائق». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا أَرادَ الغاصِبُ قَلْعَ الصبْغِ، فقال أصحابُنا: له ذلك، سواءٌ أضَرَّ بالثوْبِ أو لم يَضُرَّ، ويَضْمَنُ نقْصَ الثَّوْبِ، إنْ نقَصَ. ولم يُفَرِّقِ الأصحابُ بينَ ما هَلَكَ صِبْغُه بالقَلْعِ، وبينَ ما لم يَهْلِكْ. قال المُصَنفُ: ويَنْبَغِي أنَّ ما يَهْلِكُ بالقَلْعِ لا يَملِكُ قَلْعَه. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِي، أنَّه لا يَمْلِكُ قَلْعَه، إذا تَضَرَّرَ به الثوْبُ؛ لأنه قال: المُشتَرِي إذا بَنَى أو غَرَسَ في الأرْضِ المَشْفُوعَةِ، فله أخذُه، إذا لم يكُنْ في أخْذِه ضَرَر. وقال المُصَنفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَبِعَه الشَّارِحُ: إنِ اخْتارَ المَغْصُوبُ منه قَلْعَ الصِّبْغِ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَمْلِكُ إجْبارَ الغاصِبِ عليه. والثَّاني، لا يَمْلِكُ إجْبارَه عليه. قال القاضي: هذا ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ. انتهى. وتقدَّم ذلك. فعلى القَوْلِ بالإجْبارِ مِنَ الطرَفَين، لو نقَصَ الثَّوْبُ بالقَلْعِ، ضَمِنَه الغاصِبُ، بلا نِزاع. وإنْ نقَصَ الصِّبْغُ، فقال في

وَإنْ وَهَبَ الصِّبْغَ لِلْمَالِكِ، أو وَهَبَهُ تَزْويقَ الدَّارِ وَنَحْوهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»: لا شيءَ على المالِك. قال الحارثِيُّ: وهو أصحُّ. وقال في «المُحَرَّرِ»: يَضْمَنُه المالِكُ كما في الطَّرَفِ الآخَرِ. قوله: وإنْ وهَب الصِّبْغ للمالكِ، أو وهَبَه تَزْويقَ الدَّارِ، ونحوها، فهل يَلْزَمُ

فَهَلْ يَلْزَم الْمَالِكَ قَبُولُهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَالِكَ قَبُولُها؟ على وجْهَين. وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه قَبُولُه. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ في الصَّداقِ. وصحَّحه القاضي، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» (¬1)، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايىَ بها. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَلْزَمُه قَبُولُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قال الحارِثِيُّ في التَّزْويقِ، ونحوه: هذا أقْرَبُ إنْ شاءَ الله تعالى. ¬

(¬1) بعده في الأصل: «وهو ظاهر كلام الخرقي».

وإنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا، أوْ زَيتًا فَلَتَّ بِهِ سَويقًا، احْتَمَلَ أنْ يَكُون كَذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ، أوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو طلَبَ المالِكُ تَمَلُّكَ الصِّبْغِ بالقِيمَةِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيل: هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ؛ لا يُجْبَر الغاصِبُ على القَبُولِ. واخْتارَاه. قاله في «القواعِدِ». وذكَر المُصَنِّفُ وَجْهًا بالإجْبار. قال الحارِثِيُّ: وهو الصحيحُ. الثَّانيةُ، لو نسَجَ الغَزْلَ المَغْصُوبَ، أو قَصَرَ الثَّوْبَ، أو عمِلَ الحديدَ إبَرًا، أو سُيوفًا، ونحوَ ذلك، ووهَبَه لمالِكِه، لَزِمَه قَبُولُه. ولو سمَّر بمَسامِيرِه بابًا مَغْصوبًا، ثم وَهَبَ المَسامِيرَ لرَبِّ البابِ، لم يَلْزَمْه قَبُولُها. قطَع به الأكْثَرُ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». قال في «الفُروعِ»: في الأصحِّ. وقيل: يَلْزَمُه. قوله: وإنْ غَصَبَ صِبْغًا، فصَبَغَ به ثَوْبًا، أو زَيتًا، فَلَتَّ به سَويقًا، احْتَمل أنْ يَكونَ كذلك. يعْنِي، يكُونان شَرِيكَين بقَدْرِ ماليهما، كما لو غصَبَ ثَوْبًا، فصَبَغَه بصِبْغٍ بِن عندِه. وهذا المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: ولم يذْكُرِ الأصحابُ سِواه في صُورَةِ الصبْغِ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»،

وَإنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا، فَصَبَغَهُ بِهِ، رَدَّهُ وَأرْشَ نَقْصِهِ، وَلا شَيءَ لَهُ في زِيَادَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واحْتَمَلَ أنْ تَلْزَمَه قِيمَتُه، أو مِثْلُه إنْ كانَ مِثْلِيًّا؛ لأنَّ الصِّبْغَ والزَّيتَ صارا مُسْتَهْلَكَين، أشْبَهَ ما لو أتْلَفَهما. قال الحارِثِيُّ: وهذا ممَّا انْفَرَدَ به في الكِتابِ. قال: ويتَخَرجُ مِثْلُه في الصورَةِ السابِقةِ، بمَعْنَيِ أنَّه يَضِيعُ الصِّبْغُ على الغاصِبِ، ويأخذُه المالِكُ مجَّانًا. وأطْلَقَ الاحْتِمالين في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى».

فصْلٌ: وَإنْ وَطِيء الْجَارِيَةَ، فَعَلَيهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَإنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً، وَأرشُ الْبَكَارَةِ. وَعَنْهُ، لا يَلْزَمُهُ مَهْرُ الثَّيِّب. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِيءَ الجارِيَةَ، فعليه الحَدُّ والمَهْرُ، وإنْ كانَتْ مُطَاوعَةً، وأرْشُ البَكارَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثر الأصحابِ. وصحّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَلْزَمُه مَهْرٌ للثيبِ. اخْتارَه أبو بَكْر في «التنبِيهِ»، والخِرَقيُّ، وابنُ عَقِيل، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ولم

وَإنْ وَلَدَتْ، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُوجِبْ عليه سِوَى أرْش البَكارَةِ. نقَلَه عنه في «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِيّ: عدَمُ لُزومِ مَهْرِ الثيبِ بعيد. وعنه، لا يَلْزَمُه أرْش البَكارَةِ؛ لأنَّه يدْخُلُ في مَهْرِها. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: وهو واهٍ. وعنه، لا مَهْرَ مع المُطاوَعةِ. ذكَرَه الآمِدِي. قال الزركَشِي: وهو جَيِّد. قوله: وإنْ وَلَدَتْ، فالوَلَدُ رَقِيقٌ للسَّيِّدِ. وهذا بلا نِزاع. لكِنْ لو انْفَصلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَيتًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ماتَ بجِنايَةٍ، أوْ لا، فإنْ كان ماتَ بجِنايَةٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ مِنَ الغاصِب، أو مِن غيرِه؛ فإنْ كانتْ مِنَ الغاصِبِ، فقال المُصَنفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: عليه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. وقال الحارِثِي: والأوْلَى أكثر الأمْرَين؛ مِن قِيمَةِ الوَلَدِ، أو عُشْرِ قِيمَةِ أمِّه. وإنْ كانتِ الجِنايَةُ مِن غيرِ الغاصِبِ، فعليه عُشْرُ قِيمَةِ أنَّه، بلا نِزاع، يرَجِعُ به على مَن شاءَ منهما، والقَرارُ على الجانِي. وإنْ كانَ ماتَ مِن غيرِ جِنايَةٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَضْمَنُه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل، وصاحِبُ «التَّلْخيص». وقيل: يَضْمَنُه. اخْتارَه القاضي أبو الحُسَينِ، والمُصَنفُ. قال الحارِثِيُّ: وهو أصحُّ. فعلى القَوْلِ بالضمانِ، فقيلَ: يَضْمَنُه بعُشْرِ قِيمَةِ أنَّه. اخْتارَه المُصَنف. وقيل: بقِيمَتِه، لو

وَيَضْمَنُ نَقْصَ الْولادَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان حَيًّا. اخْتارَه القاضي أبو الحُسَينِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ». ويَحْتَمِلُ الضمانُ بأكْثَرِ الأمْرَين. قال الحارِثِيُّ: وهذا أقْيَس. فوائد؛ الأولَى، قال الحارِثِيُّ: والوَجْهان جارِيان في حَمْلِ البَهِيمَةِ المَغْصُوبَةِ، إذا انْفَصَلَ كذلك. الثَّانيةُ، قولُه: ولو وَلَدَتْه حَيًّا ثم ماتَ، ضَمِنَه بقِيمَتِه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وظاهِرُ كلامِ الناظِمِ أنَّ فيه الخِلافَ المُتَقَدِّمَ. الثَّالثَةُ، لو قَتَلَها الغاصِبُ بوَطْئه، وَجَبَتْ عليه الديةُ. نقَلَه مُهَنَّا. وجزَم به في «الفُروعِ». الرَّابعةُ، هذا الحُكْمُ فيما تقدَّم، إذا كان عالِمًا، فأمَّا إنْ كان جاهِلًا بالتحْريمِ، فالوَلَدُ حُر للغاصِبِ. نصَّ عليه. فإنِ انْفَصَلَ حيًّا، فعلى الغاصِبِ فِداؤه يَوْمَئذٍ، وإنِ انْفَصَلَ مَثلا مِن غَيرِ جِنايَةٍ، فغيرُ مَضْمُونٍ بلا خِلافٍ، وإنْ كان بجِنايَةٍ، فعلى الجانِي الضَّمانُ، فإنْ كان مِنَ الغاصِبِ، فغُرَّة مَوْرُوثَةٌ عنه، لا يرثُ الغاصِبُ منها شيئًا، وعليه للسيِّدِ عُشْرُ قِيمَةِ الأمِّ. وإنْ كان مِن غيرِ الغاصِبِ، فعليه الغُرةُ، يرِثُها الغاصِبُ دُونَ أمِّه، وعلى الغاصِبِ عُشْرُ قِيمَةِ الأُمِّ للمالِكِ. الخامسةُ، لو غَصَبَها حامِلًا، فوَلَدَتْ عندَه، ضَمِنَ نَقْصَ الولادَةِ. كما قال المُصَنِّفُ. فإن ماتَ الوَلَدُ، فقال الخِرَقِيُّ: يَضْمَنُه بأكْثَرَ ما كانتْ قِيمَتُه. وفي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، هل يَلْزَمُه قِيمَتُه يومَ ماتَ، أو أكثرَ ما كانتْ؟ على رِوايتَين. قال الحارِثِي: والمذهبُ الاعْتِبارُ بحالةِ المَوْتِ. وإنِ انْفَصَلَ مَيتًا، فعلى ما تقدَّم مِنَ التَّفْصِيلِ. وإنْ ماتَتِ الأم بالولادَةِ، وَجَبَ ضَمانُها.

وَإنْ بَاعَهَا، أوْ وَهَبَهَا لِعَالِمٍ بالْغَصْبِ فَوَطِئهَا، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أيهِمَا شَاءَ، نَقْصَهَا وَمَهْرَهَا وَأُجْرَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا إِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك لو غصَبَه مرِيضًا، فماتَ في يَدِه بذلك المَرضِ. جزَم به الحارِثِيُّ. قوله: وإنْ باعَها، أو وَهَبَها لعالِم بالغَصْبِ، فوَطِئها، فللمالِكِ تَضْمِينُ أيُّهما

تَلِفَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، رَجَعَ عَلَى الآخَرِ، وَلا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَاءَ نَقْصَها، ومَهْرَها، وأُجْرَتَها، وقيمَةَ وَلَدِها، إنْ تَلِفَ، فإنْ ضَمَّنَ الغاصِبَ، رجَع على الآخرِ، ولا يَرْجِعُ الآخَرُ عليه. وهذا بلا نِزاع أعْلَمُه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»،

وَإنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ فَضَمَّنَهُمَا، رَجَعَا عَلَى الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. قوله: وإنْ لم يَعْلَما بالغَصْبِ، فَضَمَّنَهما، رَجَعا على الغَاصِبِ. اعلمْ أنَّ بَيعَ الغاصِب العَينَ المَغْصُوبَةَ غيرُ صحيح مُطْلَقًا، على المذهب. وفيه رِوايَة، يصِحُّ، ويَقِفُ على إجازَةِ المالِكِ. وحكَى فيه رِوايَةً ثالثةً، يصِحُّ البَيعُ. على ما يَأتِي في تَصَرُّفاتِ الغاصِبِ، والتَّفْرِيعِ على المذهبِ. وكذا الهِبَةُ غيرُ صحيحةٍ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فهُما بمَنْزِلَةِ الغاصِبِ في جَوازِ تَضْمِينهما ما كانَ الغاصِبُ يَضْمَنُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في أوَّلِ «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والتِّسْعِين»: مَن قَبَض مَغْصُوبًا مِن غاصِبِه، ولم يَعْلَمْ أَنه مَغْصُوب، فالمَشْهُورُ عنِ الأصحابِ، أنَّه بمَنْزِلَةِ الغاصِبِ في جَوازِ تَضْمِينه ما كان الغاصِبُ يَضْمَنُه؛ مِن عَين وَمْنَفَعةٍ. انتهى. وقطَع به في «المُحَررِ»، وغيرُه مِنَ الأصحاب. وقوله: فَضَمَّنَهما، رجَعا على الغاصِبِ. يعْنِي، إذا ضَمَّنَ المُشْتَرِيَ أو المُتَّهِبَ نَقْصَها، ومَهْرَها، وأُجْرَتَها، وقِيمَةَ وَلَدِها، وأرْشَ البَكارَةِ، إنْ كانت

وإنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بِكْرًا، رجَعا على الغاصِبِ بذلك. وهو المذهبُ في الجُمْلَةِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جَعْفر في الفِداءِ، وفي رِوايَةِ إسْحاقَ بنِ مَنْصُورِ، على المَهْرِ. ويأتِي التَّفْصيلُ في ذلك عندَ ذِكْرِ الرِّوايَةِ التي ذكَرَها المُصَنفُ، والخِلافُ. قوله: وإنْ وَلَدَتْ مِن أحَدِهما، فالوَلَدُ حُرٌّ -بلا نِزاع- ويَفْديه بمِثلِه في صِفاتِه تَقْريبًا. يجِبُ فِداءُ الوَلَدِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورِ، وجَعْفَرِ بنِ محمدٍ، والمَيمُونِيِّ، ويَعْقُوبَ بنِ بَخْتَانَ. قاله

وَيَفْديهِ بِمِثْلِهِ في صِفَاتِهِ تَقْرِيبًا. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبَرَ مِثْلُهُ في الْقِيمَةِ، وَعَنْهُ، يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثي. ونقلَ ابنُ مَنْصُور عن أحمدَ، لا يَلْزَم المُشْتَرِيَ فِداءُ أولادِه، وليس للسَّيدِ بدَلُهم؛ لأنَّه انْعقَدَ حُرًّا. قال الخَلالُ: أحْسَبُه قَوْلًا لأبي عبدِ الله أوَّلَ، والذي أذْهَبُ إليه، أنَّه يَفْدِيهم، قال الحارِثِيُّ: والمَشْهور الأوَّل. ولم يُعَوِّلِ الأصحابُ على هذه الرِّوايةِ. قوله: بمِثْلِه في صِفاتِه تَقْريبًا. يعْني، مِن غيرِ نَظَر إلى القِيمَةِ والمِثْلِ في الجِنْس والسِّنِّ. لَكِنْ قال الحارِثي: أمَّا السِّن، فلا يَخْلُو مِن نَظَر، وفداؤه بمِثْلِه في صِفاتِه تَقْريبًا هو إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ. قال ابنُ منَجَّى: هذا المذهبُ. واخْتارَها القاضي وأصحابُه. قال الحارِثِي: وهي اخْتِيار الخِرَقِيِّ، وأبي بَكْر في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التنبِيهِ»، والقاضِيَيْن؛ أبِي يَعْلَى، ويَعْقُوبَ بنِ إبْراهِيمَ في «تَعْلِيقَهما»، وأبِي الخَطَّابِ في «رُءوسِ مَسائلِه»، والشَّرِيفِ أبِي القاسِمِ الزيدِيّ، وغيرِهم. قال القاضي أبو الحُسَينِ، والشرِيفُ أبو جَعْفَر، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ: وهي أصحُّ. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو مُخْتار الخِرَقي، والقاضي، وعامَّةِ أصحابِه. وجزَم به في «الكافِي»، ويَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبَرَ مِثْلُه في القِيمَةِ، وهو لأبِي الخَطَّابِ. وهو وَجْهٌ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التلْخيصِ»، ورِوايَة في «المُحَرَّرِ». قال الحارِثِيُّ: ونُسِبَ إلى اخْتِيارِ أبِي بَكْر. قلتُ: قاله المُصَنِّفُ، والشارِحُ عنه. وقدَّمه في «الفائقِ». وتَضْمِينُه المِثْلَ مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يَضْمَنُه بقِيمَتِه. وهو المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التلْخيصِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وابن الزَّاغُونِيِّ. قال القاضي في «المُجَردِ»: وهو أشْبَهُ بقَوْلِه؛ لأنَّه نصَّ علي أنَّ الحَيوانَ لا مِثْلَ له. وهو مذهبُ الأئمَّةِ الثلاثةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وعنه، يضْمَنُه بأيهما شاءَ. اخْتارَه أبو بَكْر في «المُقْنِعِ». قال في «القواعِدِ الأصُولِيةِ»: وعنه، يَفْدِي كل وَصِيفٍ بوَصِيفَين، أوْرَدَه السَّامرِّيُّ وغيرُه عن ابنِ أبِي مُوسى، في مَغْرورِ النِّكاح. تنبيه: حيثُ قُلْنا: يَفْدِيه؛ إما بالمِثْلِ أو القِيمَةِ. فيكونُ ذلك يَوْمَ وَضعه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحابِ؛ منهم القاضي، والشرِيفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطابِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشارِحُ، وغيرُهم مِنَ

وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وعنه، يكون الفِداءُ يَوْمَ الخُصُومَةِ. وهو ظاهرُ كَلامِ أحمدَ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور، وجَعْفَر. وهو وَجْهٌ في «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وعنِ ابنِ أبِي مُوسى حِكايَة وَجْهٍ؛ الاعْتِبارُ بيَوْمِ الحُكُومَةِ. قوله: ويَرْجِعُ بذلك على الغاصِبِ. يعْنِي، بما فدَى به الأوْلادَ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهير الأصحابِ. وذكَر ابنُ عَقِيل رِوايَةً، لا يرجِعُ بفِداءِ الوَلَدِ.

وإنْ تَلِفَتْ، فَعَلَيهِ قِيمَتُهَا، وَلا يَرْجِعُ بِهَا إنْ كَانَ مُشْتَرِيًا، وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُتَّهِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلِفَتْ، فعليه قِيمَتُها, ولا وَرْجِعُ بها، إنْ كانَ مُشْتَرِيًا، ويَرْجِعُ بها المُتَّهِبُ. إذا تَلِفَتْ عندَ المُشتَرِي، فعليه قِيمَتُها للمَغْصُوبِ منه، ولا يَرْجِعُ على الغاصِبِ بالقِيمَةِ. على الصحيح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحابِ، وأكثرُهم قطَع به. وفي «المُغْني»، في بابِ الرهْنِ، رِواية باسْتِقْرارِ الضمانِ على الغاصِبِ، فلا يرجِعُ على المُشْتَرِي. وحَكاه في «الكافِي»، في بابِ المُضارَبَةِ وَجْهًا. وصرّح القاضي بمِثْلِ ذلك في «خِلافِه». قاله ابنُ رَجَب، وقال: هو عندِي قياسُ المذهبِ. وقَوَّاه، واسْتَدَل له بمَسائلَ ونَظائرَ. فعلى هذا، يَرْجِعُ على الغاصِبِ بذلك كله، ويرْجِعُ بالثمَنِ، بلا نِزاعٍ. وعلى المذهبِ، يَأخُذ مِنَ الغاصِبِ ثَمَنَها، ويأخُذُ أَيضًا نفَقَتَه وعمَلَه مِنَ البائعِ الغارِّ. قاله الشيخُ تقِيُّ

وَعَنْهُ أنَّ مَا حَصَلَتْ لَهُ بِهِ مَنْفَعَة، كَالأجْرَةِ وَالْمَهْرِ وَأرْش الْبَكَارَةِ، لا يَرْجِعُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، وقال في «الفَتاوَى المِصْرِيةِ»: لو باعَ عَقَارًا، ثم خرَجَ مُسْتَحَقًّا، فإنْ كان المُشْتَرِي عالِمًا، ضَمِنَ المَنْفَعةَ، سواءٌ انْتفَعَ بها أو لم يَنْتَفِعْ، وإنْ لم يَعْلَمْ، فقَرار الضمانِ على البائعِ الظَّالمِ، وإنِ انْتُزِعَ المَبِيعُ مِن يَدِ المُشْتَرِي، فأخِذَت منه الأُجْرَةُ، وهو مَعْروفٌ، رجَع بذلك على البائعِ الغَارِّ. انتهى. وفي «الترْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»، احْتِمال بأنَّ المُشتَرِيَ يرْجِعُ بما زادَ على الثَّمَنِ. وبه جزَم ابن المَنِّيِّ في «خِلافِه» وفي «الترْغيبِ» أَيضًا، لا يُطالِبُ بالزِّيادَةِ الحَاصلةِ قبلَ قبْضِه. قال في «القواعدِ الأصُولِيةِ»: قلتُ: وإطْلاقُ الأصحابِ يَقْتَضِي، لا رُجوعَ بما زادَ على الثمَنِ. وفيه نَظَر. انتهى. قال المُصَنفُ، في «فَتاويه»: وإنْ أنْفَقَ على أيتامِ غاصِبٍ وَصيُّه، مع عِلْمِه بأنَّه غاصِبٌ، لم يرْجِعْ، وإلَّا رَجَع؛ لأنَّ المُوصِيَ غرَّه. انتهى. وأمَّا إذا تَلِفَتْ عندَ المُتَّهِبِ، فعليه قِيمَتُها لرَبها، ويرْجِعُ بما غَرِمَه على الغاصِبِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهير الأصحابِ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ويَرْجِعُ مُتَّهِب في الأصح. وقيل: لا يرْجِعُ، كالمُشْتَرِي. قال الحارِثِيُّ: وفي «الكافِي»، رِوايَة بعَدَمَ الرُّجوعَ فيما إذا تَلِفَ؛ لأنَّه غرِمَ ما أتْلَفَه. انتهى. قوله: وعنه، أن ما حصَلَتْ له به مَنْفَعَة؛ كالأُجْرَةِ، والمَهْرِ، وَأرْشِ البَكارَةِ، لا يَرْجِعُ به. هذه الروايَةُ عائدَةٌ إلى قوْلِه: وإنْ لم يَعْلَما بالغَصْبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فضَمنَهما، رجَعا على الغاصِبِ. لكِن هذه الروايَةَ رجَع عنها أحمدُ. قال الحارِثِي: واعلمْ أن الروايَةَ بعَدَمِ الرجوعِ رجَع عنها أحمدُ. قال القاضي في كتابِ «الروايتَين»: رجَع عن قوْلِه، بحَديثِ عليٍّ. وإذا كان كذلك، فلا يكونُ عدَمُ الرُّجوعِ مذهبًا له في شيءٍ من هذه الأمورِ أصْلًا وفَرْعًا. انتهى كلام الحارِثِي. قلتُ: إذا رجَع الإمامُ أحمدُ عن قوْلٍ، فهل يُتْرَكُ، ولا يُذْكَرُ، لرُجوعِه عنه؟ أو يُذْكُرُ ويثبَتُ في التصانِيفِ؟ تقدم حُكْمُ ذلك في الخُطبةِ، وبابِ التيممِ. واعلمْ أن المالِكَ إذا رجَع على المُشْتَرِي، وأرادَ المُشْتَرِي الرجوعَ على الغاصِبِ، لا يَخْلُو مِن أقْسام؛ أحدُها، ما لا يرجِعُ به، وهو قِيمَتُها، إذا تَلِفَتْ كلُّها، أو جُزْؤها في يَدِه، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. والثاني، فيه خِلاف، والتَّرْجِيحُ مُخْتَلِف، وهو أرْشُ البَكارَةِ، والمَهْرُ، وأُجْرَةُ نَفْعِها. فأمَّا أرْشُ البَكارَةِ، فقدَّم المُصَنفُ هنا، أنَّه يرْجِعُ به. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه الخِرَقِي، قال الحارِثِي: هذا المذهبُ. انتهى. قال الزرْكَشِيُّ: [الرُّجوعُ اخْتِيار الخِرَقِي، والقاضي، وعامَّةِ أصحابِه] (¬1). والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يرْجِعُ به. جزَمْ به في «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل، وأبو بَكْر. قاله في «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيص»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأمَّا المَهْرُ وأُجْرَةُ النَّفْعِ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يرْجِعُ بهما على الغاصِبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قال الحارِثِي: هذا المذهبُ. ورُجوعُه بالمَهْرِ على الغاصِبِ مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا يرجِعُ. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى. قاله في «القَواعِدِ». قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْر، وابنُ عَقِيل. قلتُ: المُصَرَّحُ به في «الخِرَقي»، رُجوعُ المشتَرِى بالمَهْرِ. قال الزَّركَشِي: يرجِعُ بالمَهْرِ عندَ الخِرَقِي، والقاضي، وعامَّةِ أصحابِه، ولعله سَهْوٌ. وأطْلَقهما في المَهرِ، في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وأطْلَقهما في المَهْرِ، والأُجْرَةِ، في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. الثالثُ، ما يرْجِعُ به على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو قِيمَةُ الوَلَدِ، كما تقدّم.

وإنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا لا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرابعُ، ما يرْجِعُ به قوْلًا واحِدًا، وهو نَقْصُ ولادَةٍ، ومَنْفَعَة فائتة. جزَم به في «الفُروعِ»، وجزَم به القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، و «المُغنِي»، في نَقْصِ الولادَةِ. قال الحارِثيُّ: وأدْخَلَه الباقُون فيما يرْجِعُ به، كما في المَتْنِ. فائدة: حُكْم المُتَّهِبِ حُكْم المُشْتَرِي. وقد حكَى المُضنِّفُ هنا وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» وجماعة فيه الرِّوايتَين. وحكَى الخِلافَ في «المُغْنِي» وَجْهَين. قال الحارِثي: وهو الصَّوابُّ، فإنَّه مَقِيس على نصِّه. فائدة أخرى: حُكْم الثمَرةِ والوَلَدِ الحادِثِ في المَبِيعِ، حُكْم المَنافِعِ، إذا ضُمِّنَها، رجَع ببَدَلِها على الغاصِبِ. وكذلك الكَسْبُ. صرح به القاضي في «خِلافِه»، إلَّا أنْ يكونَ انْتَفعَ بشيءٍ مِن ذلك، فيُخَرَّج على الرِّوايتَين. قوله: وإنْ ضَمنَ الغاصِبَ، رجَع على المشْتَرِي بما لا يَرْجِعُ به عليه. اعلمْ أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمالك تَضْمِينَ مَن شاءَ منهما، أعْنِي الغاصِبَ ومَنِ انْتَقَلَتْ إليه منه، فإنْ ضمَّنَ غيرَ الغاصِبِ، فقد تقدَّم حُكْمُ رُجوعِه على الغاصِبِ وعدَمِه، وإنْ رجَع على الغاصِبِ؛ وهو ما قاله المُصَنفُ هنا، فهو أرْبَعَةُ أضْرُب؛ أحدُها، قِيمَةُ العَينِ. فهذا إذا رجَع المالِكُ على الغاصِبِ، يرْجِعُ الغاصِبُ به على المُشْتَرِي. الثَّاني، قِيمَةُ الوَلَدِ. فإذا رجَع بها على الغاصِبِ، لَمْ يَرْجِعِ الغَاصِبُ على المُشْتَرِي، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم رِوايَةٌ ذكَرَها ابنُ عَقِيل، أن المالِكَ إذا ضَمنَ المُشْتَرِيَ لا يرْجِعُ به على الغاصِبِ. فَتأتِي الروايَةُ هنا، أن الغاصِبَ إذا ضمنَه المالِكُ يرْجِعُ به على المُشْتَرِي. الثَّالثُ، المَهْرُ، وأرْشُ البَكارَةِ، والأجْرَةُ، ونحوُه. فعلى القَوْلِ برُجوعِ المُشْتَرِي، والمُتَّهِبِ على الغاصِبِ، إذا ضَمنَهما المالِكُ هناك، لا يرْجِعُ الغاصِبُ عليهما هنا، إذا ضَمَّنه المالِكُ. وعلى القَوْلِ. أنَّهما لا يَرْجِعان، يَرْجِعُ الغاصِبُ عليهما هنا. الرَّابعُ، نَقْصُ الولادَةِ، والمَنْفَعَةُ الفائتةُ. فإنْ رجَع المالِكُ على الغاصِبِ، لم يَرْجِعْ به الغاصِبُ على المُشْتَرِي، قَوْلًا واحِدًا، على قَوْلِ صاحِبِ «الفُروعِ» وغيرِه. وهذا كله قد شَمِلَه قوْلُ المُصَنفِ: وإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ، رجَع على المُشْتَرِيَ بما لا يرْجِعُ به عليه. فحيثُ ضمَّنَ المُشتَرِيَ، وقُلْنا: يَرْجِعُ على الغاصِبِ إذا ضمَّنَ الغاصِبَ. لا يرجِعُ على المُشْتَرِي. وعكْسُه بعَكْسِه.

وإنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْج فَمَاتَ الْوَلَدُ، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ؟ عَلَى روَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَلَدَتْ مِن زَوْجٍ، فماتَ الوَلَدُ، ضَمِنَه بقِيمَتِه، وهل يَرْجِعُ به على الغاصِبِ؟ على رِوايتَين. مِثالُ ذلك، أنْ يكونَ المُشْتَرِي جاهِلًا بغَصْبِها، فيُزَوِّجَها لغيرِ عالِم بالغَصْبِ، فتَلِدَ منه، فهو مَمْلُوكٌ، فيَضْمَنَه مَن هو في يَدِه بقِيمَتِه، إذا تَلِفَ وهل يَرْجِعُ به على الغاصِبِ؟ على رِوايتَين؛ بِناءً على الرِّوايتَين في ضَمانِ النَّفْعِ إذا تَلِفَ عندَ المُشْتَرِي، على ما تقدَّم. قاله المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يرْجِعُ. صحَّحه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو المذهبُ؛ لأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَرْجِعُ عليه بأُجْرَةِ النَّفْعِ، على ما تقدَّم قريبًا، فكذا هذا. والثَّانيةُ، لا يرْجِعُ.

وَإنْ أعَارَهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ، اسْتَقَر ضَمَانُ قِيمَتِهَا عَلَيهِ، وَضَمَان الأجْرَةِ عَلَى الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعارَها فتَلِفَتْ عندَ المُسْتَعيرِ، اسْتَقَرَّ ضَمَانُ قِيمَتِها عليه وضمَانُ الأجْرَةِ على الغاصِبِ. إذا اسْتَعارَها مِنَ الغاصِبِ عالِمًا بغَصْبِها، فله تَضْمِينُ الغاصِبِ، والمُسْتَعِيرِ؛ فإنْ ضَمَّنَ الغاصِبَ، رجَع على المُسْتَعِيرِ، وإنْ ضمَّنَ المُسْتَعِيرَ، لم يَرْجِعْ على الغاصِبِ مُطْلقًا. وإنْ كان غيرَ عالِم بالغَصْبِ، فضَمَّنَ المُسْتَعِيرَ، لم يَرْجِعْ على الغاصِبِ بقِيمَةِ العَينِ، ويرْجِعُ عليه بضَمانِ المَنْفَعةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو قَوْلُ المُصنِّفِ، وضَمان الأجْرَةِ على الغاصِبِ. وعنه، لا يرْجِعُ بضَمانِ المَنْفَعةِ، إذا تَلِفَت بالاسْتِيفاءِ، ويَسْتَقِرُّ الضَّمانُ عليه في مُقابَلَةِ الانْتِفاعِ. قال في «القواعِدِ»: وإنْ ضُمنَ الغاصِبُ المَنْفَعةَ ابْتِداءً، ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، البِناءُ على الرِّوايتَين. فإن قُلْنا: لا يَرْجِعُ القابِضُ عليه إذا ضُمِّنَ ابْتِداءً، رجَع الغاصِبُ هنا عليه، والَّا فلا. وهي طَرِيقَةُ أبِي الخَطابِ، ومَنِ اتَّبَعه، والقاضي؛ وابنِ عَقِيل، في مَوْضِعٍ. والطريق الثاني، لا يَرْجِعُ الغاصِبُ على القابِضِ، قَوْلًا واحِدًا. قاله القاضي، وابنُ عَقِيل، في مَوْضِع آخَرَ. فائدة: ذكَر المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله تَعالى، فيما إذا انْتقَلَتِ العَينُ مِن يَدِ الغاصِبِ إلى يَدِ غيرِه، ثلاث مَسائل؛ مسْألة الشراءِ، ومَسْأله الهِبَةِ، ومَسْألة العارِيّةِ. وتقدَّم الكلامُ عليها. وقد ذكَر العَلامَةُ ابنُ رَجَبٍ في «قواعِدِه»، أن الأيدِيَ القابِضَةَ مِنَ الغاصِبِ، مع عدَمْ العِلْمِ بالحالِ، عَشَرة؛ منها الثلاثةُ المذْكُورَةُ التي ذكَرَها المُصَنِّفُ، ولكِنْ نُعِيدُ ذِكْرَ يَدِ المُتَّهِبِ؛ لأجْلِ نظَائرِها في اليَدِ التَّاسِعَةِ. فاليَد الثّالثةُ، الغاصِبَةُ مِنَ الغاصِبِ، وحقها أنْ تكونَ أوْلَى؛ لأنها كالأصْل للأيدِي؛ وهو أن اليَدَ الغاصِبَةَ مِنَ الغاصِبِ يتَعَلَّقُ بها الضمانُ، كأصْلِها، ويسْتَقِرُّ عليها مع التَّلَف تحتَها, ولا يُطالبُ بما زادَ على مُدَّتِها. اليَد الرابعَةُ، يدٌ آخِذَة لمصْلَحَةِ الدَّافِعِ؛ كالاسْتِيداعِ، والوَكالةِ بغيرِ جُعْل،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّ للمالِكِ تَضْمينَها، ثم يَرْجِعُ بما ضُمنَ على الغاصِبِ؛ لتَغْرِيره. وفيه وَجْهٌ آخَرُ باسْتِقْرارِ الضَّمانِ عليها, ولتَلَفِ المالِ تحتَها مِن غيرِ إذْنٍ. صرح به القاضي في «المُجَرَّدِ»، في بابِ المُضارَبَةِ. قال ابنُ رَجَبٍ: ويتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يجوزُ تَضْمِينُها بحال، مِنَ الوَجْهِ المَحْكِيِّ كذلك في المُرْتَهِن ونحوه، وأوْلَى. وخرَّجَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ مِن مُودَعِ المُودِعِ، حيثُ لا يجوزُ له الإيداعُ؛ فإنَّ الضَّمانَ على الأوَّلِ وحدَه. كذلك قال القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، وذكَر أنَّه ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، ومِنَ الأصحابِ مَن منَع ظُهورَه. اليَد الخامسةُ، يَدْ قابِضَة لمصْلَحَتِها، ومَصْلَحَةِ الدافِعِ (¬1)؛ كالشريك، والمُضارِبِ، والوَكِيلِ بجُعْل، والمُرْتَهِنِ، فالمَشْهورُ جَوازُ تَضْمِينها أَيضًا، وترْجِعُ بما ضُمِّنَتْ؛ لدُخُولِها على الأمانَةِ. وذكَر القاضي في «المُجَرد»، وابنُ عَقِيل، والمُصَنفُ، في الرَّهْنِ احْتِمالين آخَرَين؛ أحدُهما، ¬

(¬1) في النسخ: «الغاصب» وانظر: القواعد الفقهية 225.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِقْرار الضمانِ على القابِضِ. وحَكَوا هذا الوَجْهَ في المُضارِبِ أَيضًا. والثاني، لا يجوزُ تَضْمِينُها بحالٍ؛ لدُخُولِها على الأمانَةِ. قال ابنُ رَجَبٍ: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ هو المذهبَ، وأنه لا يجوزُ تَضْمِين القابِضِ ما لم يدْخُلْ على ضَمانِه في جميعِ هذه الأقْسامِ. وحكَى القاضي وغيرُه في المُضارَبَةِ وَجْهًا آخَرَ، أن الضَّمانَ في هذه الأماناتِ يَسْتَقِرُّ على مَن ضُمنَ منهما، فأيّهما ضُمِّن لم يرْجِعْ على الآخَرِ. اليَدُ السادِسةُ، يد قابِضَة عِوَضًا مُسْتَحَقا بغيرِ عَقْدِ البَيعِ، كالصَّداق، وعِوَضِ الخُلْعِ، والعِتْقِ، والصلْحِ عن دَمِ العَمْدِ، إذا كان مُعَينًا له، أو كان القَبْضُ وَفاءٌ لدَينٍ مُسْتَقِر في الذِّمةِ؛ مِن ثَمَنِ مَبِيع، أو غيرِه، أو صَداقٍ، أو قِيمَةِ مُتْلَفٍ، ونحوه، فإذا تَلِفَتْ هذه الأعْيانُ في يَدِ مَن قَبَضَها، ثم اسْتُحِقَّتْ، فللمُسْتَحِقِّ الرُّجوعُ على القابِضِ ببَدَلِ العَينِ والمَنْفَعَةِ، على ما تَقرَّرَ. قال: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ، أنْ لا مُطالبَةَ له عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِيِ مُوسى في الصداقِ. والباقي مِثْلُه على القَوْلِ بالتَّضْمِينِ، فَيرْجِعُ على الغاصِبِ بما غرِمَ مِن قِيمَةِ المَنافِعِ؛ لتَغْرِيرِه، إلَّا بما انْتفَعَ به، فإنَّه مُخَرَّجٌ على الرِّوايتَين. وأما قِيَم الأعْيانِ، فمُقْتَضَى ما ذكَرَه القاضي ومَنِ اتَّبَعه، أنَّه لا يَرْجِعُ بها. ثم إنْ كان القَبْضُ وَفاءً عن دَين ثابتٍ في الذمةِ، فهو باقٍ بحالهِ، وإنْ كانَ عِوَضًا مُتَعيِّنًا في العَقْدِ، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ، ها هنا باسْتِحْقاقِه، ولو قُلْنا: إنَّ النِّكاحَ على المَغْصُوبِ لا يصِحُّ. لأنَّ القَوْلَ بانْتِفاءِ الصِّحَّةِ مُخْتَصٌّ بحالةِ العِلْمِ. ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى. ويَرْجِعُ على الزَّوْجِ بقِيمَةِ المُسْتَحَقِّ في المَنْصُوصِ. وهو قَوْلُ القاضي في «خِلافِه»، وقال في «المُجَرَّدِ»: ويجِبُ مَهْر المِثْلِ. وأمَّا عِوَضُ الخُلْعِ، والعِتْقُ، والصُّلْحُ عن دَمِ العَمْدِ، ففيها وجْهان؛ أحدُهما، يجِبُ الرُّجوعُ فيها بقِيمَةِ العِوَضِ المُسْتَحَقِّ. وهو المَنْصوصُ، وهو قَوْلُ القاضي في أكْثرَ كُتُبِه. وجزَم به صاحِبُ «المُحَررِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثاني، يجبُ قِيمَةُ المُسْتَحَقِّ في الخُلْعِ، والصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ، بخِلافِ العِتْقِ، فإنَّ الواجِبَ فيه قِيمَةُ العَبْدِ. وهو قَوْلُ القاضي في البُيوعِ مِن «خِلافِه»، ويُشْبِهُ قَوْلَ الأصحابِ، فيما إذا جعَل عِتْقَ أمَتِه صَداقَها، وقُلْنا: لا ينْعَقِدُ به النِّكاحُ فأبَتْ أنْ تتَزَوَّجَه على ذلك، أنَّ عليها قِيمَةَ نفْسِها لا قِيمَةَ مَهْرِ مِثْلِها. وعلى الوَجْهِ المُخَرَّج في البَيعِ؛ أنَّ المَغْرورَ يرْجِعُ بقِيمَةِ العَينِ، فهُنا كذلك. اليَد السابعةُ، يد قابِضَة بمُعاوَضَةٍ؛ وهي يَد المُسْتَأجِرِ. فقال القاضي والأكْثَرون: إذا ضُّمِّنَتِ المَنْفَعَةَ، لم يَرْجِعْ بها. ولو زادَتْ أجْرَةُ المِثْلِ على الأجْرَةِ المُسمَّاةِ، ففيه ما مَر مِن زِيادَةِ قِيمَةِ العَينِ على الثمنِ. وإذا ضُمِّنَتْ قِيمَةَ العَينِ، رَجَعَتْ بها على الغاصِبِ؛ لتَغْرِيرِه. وفي «تَعْلِيقَةِ المَجْدِ»، يتَخَرَّجُ لأصحابِنا وَجْهان؛ أحدُهما (¬1)، أنَّ المُسْتَأجِرَ لا ضَمانَ عليه بحالٍ؛ لقَوْلِ الجُمْهورِ: يضْمَن العَينَ. وهل القَرارُ عليه؛ لنا وَجْهان؛ أحدُهما، عليه. والثَّاني، علي الغاصِبِ. وهو الذي ذكَرَه القاضي في «خِلافِه». انتهى. اليَد الثامِنَةُ، يد قابِضَة للشَرِكَةِ؛ وهي المُتَصَرِّفَةُ في المالِ بما يُنَمِّيه بجُزْءٍ مِنَ النماءِ؛ كالشَّرِيكِ، والمُضارِبِ، والمُزارِعِ، والمُساقِي، ولهم الأجْرَةُ على الغاصِبِ؛ لعَمَلِهم له بعِوَض [لم يُسْلَمْ. فأمَّا المُضارِبُ، والمُزارِعُ بالعَينِ المَغْصُوبَةِ، وشَرِيكُ العِنانِ] (¬2)، فقد دَخَلُوا على أنْ لا ضَمانَ عليهم بحالٍ، فإذا ضُمِّنُوا على المَشْهورِ، رَجَعُوا بما ضُمِّنُوا، إلَّا حِصَّتهم مِنَ الرِّبْحِ، فلا يَرْجعُون بضَمانِها. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيل، في المُساقِي. والمُزارِعُ نَظِيرُه. أَمَّا المُضارِبُ، والشرِيكُ، فلا نَبْغِي أنْ يَسْتَقِر عليهم ضَمانُ شيء بدُونِ القِسْمَةِ مُطْلقًا. وحكَى الأصحابُ، في ¬

(¬1) ذكر الشيخ أحد الوجهين ولم يذكر الوجه الآخر. انظر القواعد الفقهية 229. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُضارِبِ (¬1) بغيرِ إذْنٍ وَجْهًا آخَرَ، أنْه يَرْجِعُ بما ضُمِّنَه؛ بِناءً على الوَجْهِ المذْكُورِ باسْتِقْرارِ الضمانِ على مَن تَلِفَ المالُ بيَدِه. ويتَخَرجُ وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه لا يَمْلِكُ المالِكُ تَضْمِينَهم بحالٍ، وإنَّما أعادَ حُكْمَ الشَّرِيكِ والمُضارِبِ لذِكْرِ النَّماءِ. وأما المُساقِي إذا ظهَر الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا بعدَ تَكْمِلَةِ العَملِ، فللعامِلِ أُجْرَةُ المِثْلِ لعَملِه على الغاصِبِ، وإذا تَلِفَ الثَّمَرُ، فله حالتَان؛ إحْداهما، أنْ يَتْلَف بعدَ القِسمَةِ، فللمالِكِ تَضْمِينُ كل مِنَ الغاصِبِ والعامِلِ ما قبَضَه، وله أنْ يُضَمِّنَ الكُلَّ للغاصِبِ، فإذا ضَمَّنَه الكُلَّ رجَع على العامِلِ بما قَبَضَه لنَفْسِه. وفي «المُغْنِي» احْتِمال، لا يَرْجِعُ عليه. وهل للمالِكِ تَضْمِين العامِلِ جميعَ الثَّمرَةِ؟ ذكَر القاضي فيه احْتِمالين؛ أحدُهما، نعم. ثم يَرْجِعُ العامِلُ على الغاصِبِ بما قبَضَه مِنَ الثَّمَرِ، على المَشْهورِ، وبالكُلِّ على الاحْتِمالِ المذْكُورِ. والثَّاني، لا. والحالةُ الثَّانيةُ، أنْ يتْلَف الثَّمرُ قبلَ القِسْمَةِ؛ إمَّا على الشَّجَرِ، وإلَا بعدَ جَذِّه. ففي «التَّلْخيصِ»، في مُطالبَةِ العاملِ بالجميع، احْتِمالان. وكذا لو تَلِفَ بعضُ الشَّجَرِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو مُلْتَفَتٌ إلى أنَّ يَدَ العاملِ، هل تَثْبُتُ على الشَّجَرِ والثمَرِ، أم لا؟ والأظْهرُ، أنْ لا؛ لأنَّ الضمانَ عندَنا لا ينْتَقِل في الثَّمَرِ المُعَلَّقِ على شَجَرِه بالتَّخْلِيةِ. ولو اشْتَرَى شَجَرَةً بثَمَرِها، فهل تدْخُل الثَّمرَةُ في ضَمانِه تبَعًا للشَجَرَةِ؟ قال ابنُ عَقِيل في «فُنونِه»: لا تدخُل. والمذهبُ دُخُولُه تبَعًا. اليدُ التَّاسعةُ، يد قابِضةٌ تَمَلُّكًا لا بعِوَض؛ إمَّا للعَيِن بمَنافِعِها؛ كالهبَةِ والوقْفِ، والصَّدَقَةِ، والوَصيَّةِ، أو للمَنْفَعَةِ؛ كالمُوصَى له بالمنافِعِ. والمَشْهورُ أنَّها تَرْجِعُ بما ضُمِّنَتْه بكل حالٍ، إلَّا ما يحْصُلُ لها به نَفْعٌ، ففي رُجُوعِها بضَمانِه الروايَتان. ويتَخَرَّجُ وَجْه آخَرُ، أنَّها لا تُضمَّن ابْتِداءً، ما لم يَسْتَقِرَّ ضَمانُها عليه. ¬

(¬1) بعدها في النسخ: «للمضاربة» وانظر: القواعد الفقهية 229.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيل رِوايةً، أنَّها لا تَرْجِعُ بما ضُمِّنَتْه بحالٍ. ثم اخْتلَفَ الأصحابُ في مَحَلِّ الرِّوايتَين، في الرُّجوعِ بما انْتفَعَتْ به على طُرُقٍ ثَلاثةٍ؛ إحْداهُنَّ، أنَّ مَحَلَّهما إذا لم يقُلِ الغاصِبُ: هذا مِلْكِي. أو ما يدُلُّ عليه، فإنْ قال ذلك، فالقَرارُ عليه، بغيرِ خِلافٍ. وهي طَرِيقةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي». والطَّريقةُ الثَّانيةُ؛ إنْ ضمَّنَ المالِكُ القابِضَ ابْتِداءً، ففي رُجوعِه على الغاصِبِ الرِّوايتَان مُطْلَقًا. وإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ ابْتِداءً، فإنْ كان القابِضُ قد أقَرَّ له بالمِلْكِيَّةِ، لم يَرْجِعْ على القابضِ. رِوايَةً واحدَةً، وهي طريقةُ القاضي. والطَّريقةُ الثَّالثةُ، الخِلافُ في الكُلِّ مِن غيرِ تَفْصِيلٍ. وهي طريقةُ أبِي الخَطَّابِ وغيرِه. اليَدُ العاشِرَةُ، يدٌ مُتْلِفة للمالِ نِيابَةً عنِ الغاصِبِ؛ كالذَّابِحِ للحَيوانِ، والطَّابِخِ له، فلا قَرارَ عليها بحالٍ، وإنَّما القَرارُ علي الغاصِبِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والأصْحابُ. قال ابنُ رَجَبٍ: ويَتَخرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بالقَرارِ عليها فيما أتْلَفَتْه، كالمُوْدَعِ، إذا تَلِفَتْ تحتَ يدِه، وأوْلَى؛ لمُباشَرتِها للإتلافِ. قال: ويتَخَرَّجُ وجْهٌ آخَرُ، لا ضَمانَ عليها بحالٍ مِن نصِّ أحمدَ، في مَن حفَر لرَجُل بِئْرًا في غيرِ مِلْكِه، فوقَعَ فيها إنْسان، فقال الحافِرُ: ظَنَنْتُ أنَّها في مِلْكِه. فلا شيءَ عليه. وبذلك جزَم القاضي، وابنُ عَقِيل، في كتابِ الجِناياتِ. وأمَّا إذا أتْلَفَتْه على وَجْهٍ مُحَرَّم شَرْعًا، عالِمةً بتَحْريمِه؛ كالقاتِلَةِ للعَبْدِ المَغْصُوبِ، والمُحْرِقَةِ للمال بإذْنِ الغاصِبِ فيهما، ففي «التَّلْخيصِ»، يَسْتَقِرُّ عليها الضَّمانُ؛ لأنَّها عالِمَةٌ بالتَّحْريمِ، فهي كالعالِمةِ بأنه مال الغيرِ، ورَجَّح الحارِثِي دُخولها في قِسْم المَغْرورِ. انتهى كلامُ ابنِ رَجَبٍ في «القواعدِ» مُلَخَّصًا , ولقد أجادَ، فرَحِمَه الله تَعالى.

وَإذَا اشْتَرَى أرْضًا فَغَرَسَهَا أوْ بَنَى فِيهَا، فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً، فَقُلِعَ غَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ، رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائعِ بمَا غَرِمَهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْقِسْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن اشْتَرَى أرْضًا، فغَرَسَها، أو بَنَى فيها، فخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً، فقَلعَ غَرْسَه وبِنائه، رَجَعَ المُشْتَرِي على البائِعِ بما غَرِمَه. ذكَرَه القاضي في القِسْمَةِ. وهذا بلا نِزاعٍ، على القَوْلِ بجَوازِ القَلْعِ. وأفادَنا كلام المُصَنِّفِ، أنَّ للمالِكِ قَلْعَ الغرْسِ والبِناءِ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِي، مِن غيرِ ضَمانِ النَّقْصِ، ولا الأخْذِ بالقِيمَةِ، وعليه جماهير الأصحابِ. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، وقال: هو الأصحُّ. قال في «القواعِدِ»: هذا الذي ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجرَّدِ»، وتَبِعَه عليه المُتَأخرون. وعنه، لرَبِّ الأرْضِ قَلْعُه، إنْ ضَمِنَ نقصَه، ثم يَرْجِعُ به على البائعِ. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال الحارِثِيُّ: وعن أحمدَ، لا يَقْلَعُ، بل يَأخُذُه بقِيمَتِه. وذكَر النَّصَّ مِن رِوايةِ حَرْب. وقدَّمه في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسَّبْعِين»، في غَرْسِ المُشْتَرِي مِنَ الغاصبِ، وقال: نَقَله عنه حَرْب، ويَعْقُوبُ بنُ بخْتانَ. وذكَر النَصَّ، وقال:

وإنْ أطْعَمَ الْمَغْصُوبَ لِعَالِم بِالْغَصْبِ، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك نقَل عنه [محمدُ بنُ أبِي حَرْبٍ الجَرجَرائيُّ] (¬1)، وقال: وهذا الصَّحيحُ، ولا يَثْبُتُ عن أحمدَ سِوَاه، ونَصَره بأدِلّةٍ. وتقدَّم التنبِيهُ على بعضِ ذلك، في أوَّلِ البابِ، عندَ غَرْسِ الغاصبِ وبِنائه، ولكِنَّ كلامَه هنا أعَمُّ. فائدتان؛ إحْداهما، لو بنَى فيما يَظنُّه مِلْكَه، جازَ نَقْضُه؛ لتَفْرِيطِه، ويَرْجِعُ على مَن غرَّه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، في الشَّفِيعِ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو أخَذ منه ما اشْتَراه بحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ، ردَّ بائعُه ما قبَضَه منه. على المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: إنْ سبَقَ المِلْكُ الشِّراءَ، وإلَّا فلا. ذكَرَه في «الرعايةِ» في الدَّعْوَى. قوله: وإنْ أطْعَمَ المغْصُوبَ لعالِم بالغَصْبِ، استَقَرَّ الضَّمانُ عليه -يعنِي، على الآكِلِ. وهذا بلا نِزاع- وإنْ لم يَعْلَمْ، وقال له الغَاصِبُ: كُلْه، فإنَّه طَعامِي. اسْتَقَرَّ الضَّمانُ على الغاصِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) في النسخ: «محمَّد بن حرب الجرجاني». وتقدمت ترجمت في 9/ 295.

وإنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَال لَهُ الْغَاصِبُ كُلْهُ، فَإنَّهُ طَعَامِي. اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإنْ لَمْ يَقُلْ، فَفِي أيِّهِمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيهِ الضَّمَانُ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: الضَّمانُ على الآكِلِ. وأطْلَقهما في «الرعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». ويأتِي كلام القاضي، وأبِي الخَطَّابِ، وغيرِهما. قوله: وإنْ لم يَقُلْ -يعْنِي، وإنْ لم يقُلْ: هو طَعامِي. بل قال له: كُلْ- ففي أيِّهما يَسْتَقِرُّ عليه الضَّمانُ، وَجْهان. أكثر الأصحاب يحْكُون الخِلافَ وَجْهَين، وحَكاهما في «المُغْنِي» رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِي»؛ أحدُهما، يَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الغاصِبِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ». وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ. والوَجْهُ الثَّاني، يَسْتَقِر على الآكِلِ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والسَّامَرِّيُّ في «المُسْتَوْعِب»، وابن الجَوْزِيِّ في «المُذْهَب»: إنْ ضُمِّنَ الغاصِبُ، اسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه، وَجْهًا واحِدًا، وإنْ ضُمنَ الآكِلُ، ففي رُجوعِه على الغاصِبِ وَجْهان مَبْنِيَّان على رِوايَتَي المَغْصوبِ. لكِنَّ القاضيَ قال: ذلك فيما إذا قال: هو طَعامِي، فكُلْه. وغيرُه ذكَرَه في المَسْألتين.

وَإنْ أطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ ولَمْ يَعْلَمْ، لَمْ يَبْرأ. نَصَّ عَلَيهِ، في رَجُلٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ تَبِعَةٌ، فَأوْصَلهَا إِليهِ، عَلَى أنهَا صِلَةٌ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أطْعَمَه لمالِكِه، ولم يَعْلَمْ، لم يَبْرَأ. نَصَّ عليه في رَجُل له عندَ رَجُل تَبِعَةٌ، فأوْصَلَها إليه على أنها صِلَة أو هَدِيَّة، ولم يَعْلَمْ: كيف هذا. قال المُصَنِّفُ: يَعْنِي، أنَّه لا يَبْرأُ. اعلمْ أنَّه إذا أطْعَمه لمالِكِه، فأكَلَه عالِمًا أنَّه طَعامُه، بَرِئ غاصِبُه. وكذا لو أكَلَه بلا إذْنِه. فإذ لم يَعْلَمْ، وقال له الغاصِبُ: كُلْه، فإنَّه طَعامِي. لم يبرَأ الغاصِبُ أَيضًا. وإنْ لم يقُلْ ذلك، بل قدَّمه إليه، وقال: كُلْه. فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا يَبْرأ، وهو ظاهر النَّص المذْكُورِ. قال الحارِثِيُّ: نصَّ عليه مِن وُجُوه، وذكَرَها. وهو المذهبُ، جزَم به في «الوَجيزِ»،

هَدِيَّةٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ: كَيفَ هَذَا؟ يَعْنِي أنَّهُ لا يَبْرأ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الحارِثِيِّ». وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: ويتَخَرَّجُ أنْ يَبرَأ؛ بِناءً على ما إذا أطْعَمَه لأجْنَبِيّ، فإنَّه يَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الأكِلِ في أحَدِ الوَجْهَين؛ تقدَّم. وذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى تخْرِيجًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو أطْعَمَه لدابةِ المَغْصُوبِ منه، أو لعَبْدِه، لم يَبْرَأ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ». قال في «الفائقِ»: ولو أطْعَمَه لدابَّتِه مع عِلْمِه، بَرِئ مِنَ الغَصْبِ، وإلا فلا. نص عليه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قَال في الفُرُوعِ: لغَيرِ عالِم بغَصْبِه. قال جماعَة: أو لدابَّتِه، استَقَرَّ ضَمانُه عليه: وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: إنْ جَهِلَ مالِكُه، ففيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ الثَّالِثُ، لا يَبْرَأ، إنْ قال: هو لي. وإلَّا بَرِئ. انتهى. الثَّانيةُ، قال المصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو وَهَبَ المَغصُوبَ لمالِكِه، أو أهْداه إليه، بَرِئ. على الصَّحيحِ؛ لأنَّه سلَّمه إليه تَسْلِيمًا تامًّا. وكذا إنْ باعَه أَيضًا، وسلَّمه إليه، أو أقْرَضَه إيَّاه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال في «الفُروعِ»: وجزَم به جماعَةٌ. وصحَّحه في «الكافِي» وغيره. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسِّتِّين»: والمَشْهورُ في الهِبَةِ، أنَّه لا يَبْرَأ، نصَّ عليه أَحْمد، معَلِّلًا بأنه تحَمّل مِنَّته، ورُبما كافأه على ذلك، واختارَ القاضي في «خِلافِه»، وصاحِبُ «المُغْنِي»، أنَّه يَبْرأ (¬1)؛ لأنَّ المالِكَ تسَلَّمه تسَلُّمًا تامًّا، وعادَتْ سُلْطَتُه إليه. انتهى. وقدَّم في «الفُروعِ»، أنَّ أخْذَه بهِبَةٍ، أو شِراءٍ، أو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لا يبرأ»، وانظر: المغني 7/ 419، والقواعد الفقهية 121، 122.

وإِن رَهَنَهُ عِنْدَ مَالِكِهِ، أوْ أوْدَعَهُ إيَّاهُ، أوْ أجَرَهُ، أو اسْتَأجَرَهُ عَلَى قِصَارَتِهِ وَخِيَاطَتِهِ، لَمْ يبرَأ إلَّا أنْ يَعْلَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صَدَقةٍ، أنَّه كإطعامِه لرَبِّه، على ما تقدَّم. وقال في «الرِّعايةِ الكبْرى»: إن أهْداه إليه، أو جعَلَه صَدَقَةً، لم يبرأ، على الأصح. قال الحارِثِي: والمَنْصوصُ عدَمُ البَراءَةِ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والقاضِيان؛ أبو يَعْلَى، ويَعْقُوبُ بنُ إبْراهِيمَ. انتهى. قوله: وإنْ رهَنَه عندَ مالكه، أو أوْدَعَه إيَّاه، أو أجَره، أو اسْتَأجَرَه على قِصارَتِه وخِياطَتِه، لم يبرأ، إلَّا أنْ يَعْلَمَ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال الحارِثِي: فالنَّصُّ قاضٍ بعَدَمِ البَراءَةِ. انتهى. وقدَّمه في «الكافِي»، في غيرِ الرَّهْنِ. وقيل: يبرأ. قال في «الفُروعِ»: وقال جاعَة: يَبْرأ في وَدِيعَةٍ، ونحوها. قال الشَّارِحُ: وقال بعض أصحابِنا: يَبْرأ. [قلتُ: وَرأيتُه في نُسْخَةٍ قُرِئَتْ على المُصَنِّفِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَبْرأ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وإنْ أعَارَهُ إيَّاهُ، بَرِئ، عَلِمَ أوْ لَمْ يَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أباحَه مالِكُه للغاصبِ، فأكَلَه قبلَ عِلْمِه، ضَمِنَ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، فيما إذا حلَف: لا خرَجْتِ إلَّا بإذْنِي. قال في «الفرُوع»: ويتَوَجَّهُ الوَجْهُ. يعْنِي، بعَدَمِ الضَّمان. قال: والظَّاهِرُ أن مُرادَهم غير الطَّعامِ كهو في ذلك، ولا فَرْقَ. قال في «الفُنونِ»، في مَسْألةِ الطعامِ: يَبْقَى الضَّمانُ؛ بدَليلِ ما لو قدَّم له شَوْكَه الذي غصَبَه منه، فسَجَرَه وهو لا يعْلَمُ. انتهى. وما ذكَرَه في «الانْتِصارِ» ذكَرَه القاضي يَعْقُوبُ في «تَعْلِيقِه»، في المَكانِ المذْكُورِ، ولم يخُصَّه بالطعامِ، بل قال: كلُّ تصَرُّفٍ تَصَرَّفَ به الأجْنَبِيُّ في مالِ غيرِه، وقد أذِنَ فيه مالِكُه ولم يَعْلَمْ، فعليه الضَّمانُ. انتهى. ولم يَرْتَضِه بعضُ المُتَأخِّرين. قلتُ: قال في «القاعدَةِ الرَّابِعَةِ والسِّتِّين»: وما ذكره في «الانْتِصارِ» بعيدٌ جِدًّا، والصوابُ الجَزْمُ بعَدَمِ الضَّمانِ؛ لأنَّ الضَمانَ لا يَثْبُت بمُجَردِ الاعْتِقادِ فيما ليس بمَضْمُونٍ، كمَن وَطِئ أمْرأةً يظُنُّها أجْنَبِيَّةً، فَتبَينَّتْ زَوْجَتَه، فإنَّه لا مَهْرَ عليه، [ولا غيرَه] (¬1)، وكما لو أكَل في الصَّوْمِ يظُنُّ أنَّ الشمس تَغرُبْ، فَتَبَيَّنَ أنها كانتْ غربَت، فإنه لا يَلْزَمُه القَضاءُ. انتهى. وهو الصوابُ. قوله: وإنْ أعَارَه إيَّاه، بَرِئ؛ عَلم أو لم يَعْلَم. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: إذا لم يَعْلَمْ، لم يَبْرَأ. جزَم به في ¬

(¬1) كذا في الأصول. وفي القواعد الفقهية: «ولا عبرة باستصحاب أصل الضمان مع زوال سببه». انظر: القواعد الفقهية 119.

وَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأعْتَقَهُ، فَادَّعَى رَجُلٌ أنَّ الْبَائِعَ غصَبَهُ منه، فَصَدَّقَهُ أحَدُهُمَا، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْآخَرِ. وإن ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ». قال الحارِثِيُّ: ومُقْتَضَى النَّص الضَّمانُ، وبه قال ابنُ عَقِيل، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». انتهى. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وقال: اخْتارَه الشَّيخُ. يعْنِي به المُصَنِّفَ. والظَّاهِرُ أنَّه أَرادَ ما قدَّمه في «الكافِي»، ولم يُعاودِ (¬1) «المُغْنِي»، و «المُقْنِعِ»؛ فإنَّ المُصَنِّفَ جزَم بالبَراءَةِ فيهما. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فإنَّه تابَعَ المُصَنِّفَ في «المُغْنِي»، ولو أعادَ النَّظَرَ، لحكَى الخِلافَ، كما حَكاه غيرُه. [فائدة: لو باعَه إيَّاه، أو أقْرضَه، فقَبَضَه جاهِلًا، لم يَبْرَأ، على المَنْصُوصَ. قاله الحارِثِيُّ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه يَبْرأ] (¬2). قوله: ومَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فأعْتَقَه، فادَّعى رَجُل أنَّ البائعَ غصَبَه منه، فصَدَّقه أحَدُهما، لم يُقْبَلْ على الآخَرِ -بلا نِزاع- وإنْ صَدَّقاه مع العَبْدِ، لم يَبْطُلِ العِتْقُ، ¬

(¬1) في ا: «يعارضه». (¬2) سقط من: ط.

صَدَّقَاهُ مَعَ الْعَبْدِ، لَم يَبْطُلِ الْعِتْقُ، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ إذا صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على المُشْتَرِي. وهو المذهبُ، وعليه أكثر الأصحابِ؛ منهم القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحارثي». وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ، وجماعَةٌ: ويَحْتَمِلُ أنْ يبطُلَ العِتْقُ، إذا صَدَّقُوه كُلهم. يعْنِي، إذا اتَّفَقُوا عليه كُلهم، ويعُودُ العَبْدُ إلى المُدَّعِي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: الضمانُ هنا هو ثَمَنُه. قدَّمه في «الرعايةِ الكُبْرى». وقيل: بل قِيمَتُه حينَ العَقْدِ. قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ أجازَ البَيعَ، وقُلْنا: يصحُ بالإجازَةِ. فله الثمَنُ، وإنْ ردَّه، فله القِيمَةُ. فعلى المذهبِ، في أصْلِ المَسْألَةِ، لو ماتَ العَبْدُ، وخلَّفَ مالًا، فهو للمُدَّعِي إلَّا أنْ يُخَلِّفَ وارِثًا، فَيأخذَه، وليس له عليه وَلاء.

فَصْلٌ: وإنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ، ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، إنْ كَانَ مَكِيلًا أوْ مَوْزُونًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلِفَ المَغْصُوبُ، لَزِمَه مِثْلُه، إنْ كانَ مَكِيلًا، أوْ مَوْزُونًا. وكذا لو أتْلَفَه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، سوءٌ تَماثلَتْ أجْزاؤه، أو تَفاوَتَتْ؛ كالأثْمانِ، والحُبوبِ، والأدْهَانِ، وغيرِ ذلك، وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرِهم. وقدُّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وحَكاه ابنُ عبدِ البَرِّ إجْماعًا في المَأكُولِ، والمَشْرُوبِ. وعنه، يَضْمَنُه بقِيمَتِه. قال الحارِثِيُّ: ذكَرَها القاضي أبو الحُسَينِ في كِتابِه «التمامِ»، وأبو الحَسَنِ ابنُ

وَإنْ أعْوَزَ الْمِثْلُ، فَعَلَيهِ قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ إعْوَازِهِ. وَقَال الْقَاضِي: يَضْمَنُهُ. بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ. وَعنه، تَلْزَمُهُ قيمَتُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْروس في «رُءوسِ المَسائلِ»، وذكَرَه القاضي أَيضًا. وذكَرَ أَيضًا أخْذَ القِيمَةِ في نُقْرَةٍ (¬1)، وسَبِيكَةٍ للأثْمانِ، وعِنَب، ورُطَب، وكُمَّثْرَى. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يضْمنَ النُقْرَةَ بقِيمَتِها. تنبيه: مَحَل هذا إذا كان باقِيًا على أصْلِه، فأمَّا مُباح الصِّناعَةِ؛ كمَعمُولِ الحديدِ، والنُّحاس، والرَّصاصِ، والصوفِ , والشعَرِ المَغْزولِ، ونحو ذاك، فإنَّه يُضْمَنُ بقِيمَتِه؛ لأنَّه خرَج عن أصْلِه. جزَمْ به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وإنْ أعْوزَ المِثْلُ، فعليه قِيمَةُ مثْلِه يَوْمَ إعْوازِه. هذا المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) النقرة: القطعة المذابة من الذهب والفضة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهير الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَررِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، و «المُنَوَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» و «الكافي» و «المُغْنِي» و «الشرْحِ»، و «التلْخيصِ» و «الفُروعِ» و «الفائقِ» وغيرِهم. وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ. وقال القاضي في «الخِصالِ»: يَضمَنُه بقِيمَتِه يومَ القَبضِ. يعْني يومَ قَبْضِ البَدَلِ. قال في «التلْخيصِ»: وذكَرَه ابنُ عَقِيل. قال الحارِثي: اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وعنه، تَلْزَمُه قِيمَتُه يَوْمَ تَلَفِه. وقيل: أكثرُهما. يعْنِي أكثرُ القِيمَتَين؛ قِيمَتُه يَوْمَ البَدَلِ، وقِيمَتُه يومَ التَّلَفِ. وعنه، يَوْمَ المُحاكَمَةِ. وعنه؛ يَلْزَمُه قِيمَتُه يوم غَصْبِه. وقيل: يَلْزَمُه أكثر القِيمَتَين؛ قِيمَتُه يوم الإعْوازِ، وقِيمَتُه يومَ الغصْبِ. وهو تَخْرِيجٌ في «الهِدايَةِ» وغيرِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد، إحْداها، إنْ قَدَرَ على المِثْل قبلَ أخْذِ القِيمَةِ، وَجَبَ ردُّ المِثْلِ. قاله الأصحابُ. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَة عَشْرَةَ»: يَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ كلامُهم على ما إذا قَدَرَ على المِثْلِ عندَ الإِتْلافِ، ثم عَدِمَه. أمَّا إنْ عَدِمَه ابْتِداءً، فلا يبْعُدُ أن يُخَرجَ في وُجوبِ أداءِ المِثْلِ خِلافٌ. انتهى. وإنْ كان بعدَ أخْذِها، أجْزَأتْ، ولا يَلْزَمُه ردُّها، وأخْذُ المِثْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لم يَرُدَّ القِيمَةَ في الأصح. قال في «التَّلْخيصِ»: لم يَرُدَّ القِيمَةَ على الأظْهَرِ. وجزَم به في «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يرُدُّه، ويأخُذُ المِثْلَ. الثَّانيةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن المِثْلِي هو المَكِيلُ والمَوزُونُ. قال الحارِثِي: المذهبُ أنَّه كالمَكيلِ والمَوْزونِ. كذلك نصَّ عليه، مِن رِوايَةِ إبْراهِيمَ بنِ هانِئ , وحَرْبِ بنِ إسْماعِيلَ. وتقدَّم كلامُ القاضي، في السَّبِيكَةِ، ونحوها. وقال في «المُجَرَّدِ»: الحَطَبُ، والخَشَبُ،

وَإنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ في بَلَدِهِ مِنْ نَقْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والحديدُ، والنحاسُ، والرصاصُ، ليس مِثْلِيًّا؛ لأنَّه (¬1) يَخْتَلِفُ. قال الحارِثِي: وعُمومُ نصِّ أحمدَ على خِلافِه، وهو الصحيحُ. انتهى. وذكَر في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ كلَّ ما لا يُضْبَطُ بالضِّفَةِ؛ كالربَويَّاتِ، والأشْرِبَةِ، والغالِيَةِ (¬2)، غيرُ مِثْلِيٍّ؛ لاخْتِلافِه باخْتِلافِ المُرَكَباتِ والتَرْكيبِ. قال الحارِثِي: والصَّوابُ إدْراجُه في المَنْصُوصِ؛ لأنَّه مَوْزون. وقال الحارِثِي أَيضًا: ولَعَمْرِي، إنَّ اعتِبارَ المِثْلِيِّ بكلِّ ما يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ حسَن، والتَّشابُهُ في غيرِ المَكيلِ والمَوْزونِ مُمْكِن، فلا مانِعَ منه، وكذلك ما انْقَسَم بالأجْزاءِ بينَ الشَّرِيكَين مِن غيرِ تَقْويم، مُضافًا إلى هذا النَّوْعِ؛ لوُجودِ التماثُلِ، وانْتِفاءِ التَّخالُفِ. انتهى. الثَّالثةُ، الدَّراهِم المَغْشُوشَةُ الرائجَةُ مِثْلِيَّة؛ لتماثُلِها عُرْفًا , ولأنَّ أخْلاطَها غيرُ مَقْصُودَةٍ. قاله الحارِثِي. قوله: وإنْ لم يَكُنْ مِثْلِيًّا، ضَمِنَه بقِيمَتِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال الحارِثِيُّ: هو قَوْلُ الأكْثَرِين. وقد نصَّ عليه في الأَمَةِ مِن رِوايَةِ صالح، وحَنْبَل، ومُوسى بنِ سَعِيدٍ، ومحمدِ بنِ يَحْيى ¬

(¬1) في الأصل، ا: «لا». (¬2) الغالية: أخلاط من الطِّيب كالمسك والعنبر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَحَّالِ، وفي الدَّابَّةِ مِن رِوايَةِ مُهَنَّا، وفي الثِّيابِ مِن رِوايَةِ الكَحَّالِ أَيضًا، وابنِ مُشَيش، ومُهَنَّا. وعنه في الثَّوْبِ والعَصَا والقَصْعَةِ، ونحوها، يَضْمَنُها بالمِثْلِ، مُراعِيًا للقِيمَةِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّين، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في رِوايَةِ مُوسى بنِ سعيدٍ: المِثْلُ في العَصا، والقَصْعَةِ إذا كُسِرَ، وفي الثوْبِ، وصاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّر؛ إنْ شاءَ شقَّ الثَّوْبَ، وإنْ شاءَ مِثْلَه. قال المُصَنِّفُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَعْناه، والله أعلمُ؛ إنْ شاءَ أخَذ أرْش الشَّق. قال الحارِثِيُّ: وفيه نظَر؛ فقد قال في رِوايَةِ الشَّالنْجِي: يَلْزَمُه المِثْلُ في العَصا، والقَصْعَةِ، والثَّوْبِ. قلتُ: فلو كان الشَّقُّ قليلًا؟ قال: صاحِبُ الثَّوْبِ بالخِيارِ؛ قليلًا كان أو كثيرًا، وذكَر ذلك في «الفائقِ» وغيرِه. وقال في «الفُروعِ» وعنه، يضْمَنُه بمِثْلِه. [ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى، واخْتارَها شيخُنا. قال في «الاخْتِياراتِ»: وهو المذهبُ عندَ ابنِ أبِي مُوسى. قال الحارِثِيُّ: هو المذهبُ عندَ ابنِ أبِي مُوسى، واخْتارَه، وذكَر لَفْظَه في «الإرْشادِ». قال الحارِثيُّ: وهو الحقُّ. وعنه، يَضْمَنُه بمِثْلِه] (¬1). وعنه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَتَخَرَّجُ أنْ يَضْمَنَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصَبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يضمَنُه (¬1) في غيرِ الحَيوانِ بمِثْلِه. ذَكره جماعة. وذكَر في «الواضِح»، و «المُوجَزِ»، أنَّه ينْقُصُ عنه عَشَرةُ دَراهِمَ. وذكَر في «الانْتِصارِ»، و «المُفْرَداتِ»، لو حكَم حاكِمٌ بغيرِ المِثْلِ في المِثْلِيِّ، وبغيرِ القِيمَةِ في المُتقَوَّمِ، لم ينْفُذْ حُكْمُه، ولم يَلْزَمْه قبُولُه. ونقلَ ابنُ مَنْصُورٍ، في مَن كسَر خَلْخَالًا، أنَّه يُصْلِحُه. قوله: ضَمِنَه بقِيمَتِه يَوْمَ تَلَفِه في بَلَدِه مِن نَقْدِه. وهذا المذهبُ. نقلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيح والمَشْهورُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ¬

(¬1) في الأصل، ط: «يجوز». انظر: الفروع 4/ 507.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهورُ والمُخْتارُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «نَظْم المُفْرَداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. ويتَخَرَّجُ أنْ يَضمَنَه بقِيمَتِه يومَ غَصْبِه. وهو رِوايَة عن أحمدَ. قال الحارِثِي: أوْرَدَ المُصَنِّف، وأبو الخَطَابِ هذا التَّخْريجَ مِن قَوْلِ أحمدَ، في حَوائجِ البَقَّالِ؛ يُعْطِيه على سِعْرِ يومِ أخَذَ. وفرَّقَ بينَهما بأنَّ الحَوائجَ يَمْلِكُها الآخِذُ بأخْذِها، بخِلافِ المَغْصُوبِ. انتهى. وعنه، أكثَرِهما، يعْنِي أكثَرَ القِيمَتَينِ؛ قيمَتُه يَوْمَ تَلَفِه، ويَوْمَ غَصبِه. قال الحارِثِيُّ: ومِنَ الأصحابِ مَن حكَى رِوايَةً بوجوبِ أقْصَى القِيَمِ؛ مِن يَوْم الغَصْبِ إلى يوم التَّلَفِ. ونُسِبَ إلى الخِرَقِيِّ مِن قَوْلِه: ولو غصَبَها حامِلًا، فوَلَدَتْ في يَدِه، ثم ماتَ الوَلَدُ، أَخَذَها سيِّدُها، وقِيمَةَ وَلَدِها أكْثَرَ ما كانتْ قِيمَتُه. وهو اخْتِيار السَّامَرِّي. قال القاضي في «الروايتَين»: وما وَجَدْتُ رِوايَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما قال الخِرَقِي، وهو عندِي غيرُ مُنافٍ للأوَّلِ؛ فإنَّ قِيمَةَ الوَلَدِ بعدَ الولادَةِ تتَزايَدُ بتَزايُدِ تَرْبيَته؛ فيَكونُ يومَ مَوْتِه أكثر ما كانتْ، وعلى هذا يتَعَيَّنُ حَمْلُ ما قال؛ لأنَّه المَعْروفُ مِن نصِّ أحمدَ، وما عَداه مِن ذلك لا يُعْرَفُ مِن نصه. انتهى. فائدة: حُكْم المَقْبُوضِ بعَقْدٍ فاسِدٍ، وما جَرَى مَجْراه، حُكْم المَغْصُوبِ في اعْتِبارِ الضَّمانِ بيَوْمِ التَلَفِ، وكذا المتْلَفُ بلا غَصْبٍ، بغيرِ خِلافٍ. قاله الحارِثِي. وتقدَّمَتِ الإحالةُ على هذا المكانِ في آواخِر خِيارِ البَيعِ. وقولُه: في بَلَدِه. هو الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ. أي في بَلَدِ غَصْبِه. جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، تُعْتَبر القِيمَةُ مِن نَقْدِ البَلَدِ الذي تَلِفَ فيه؛ لأنَّه مَوْضِعُ ضَمانِه. جزَم به في «الكافِيِ». قال الحارِثِيُّ عنِ القَوْلِ الأوَّلِ: كذا قال أبو الخَطَّابِ، ومَن تابعَه. وعلَّلَ بأنَّه مَحَل الضّمانِ، فاخْتَصَّ به دُونَ غيرِه. قال: وفي هذا نَظر؛ فإنَّه إنَّما يتَمَشَّى على اعْتِبارِ الضَّمانِ بيَوْمِ الغَصْبِ؛ لأنَّه إذَنْ مَحِل الضَّمانِ، أمَّا على اعْتِبارِه بيَوْمِ التَّلَفِ، كما هو الصَّحيحُ، فالاعْتِبارُ إذَنْ إنَما هو بمَحِلِّ التَّلفِ؛ لأنَّه مَحِلُّ الضَّمانِ، حيثُ وُجِدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سبَبُه فيه، فوَجَبَ الاعْتِبارُ به. وقد أشارَ صاحِبُ «التَلْخيصِ» إلى ما قُلْنا؛ فإنَّه قال: لو غُصِبَ في بَلَدٍ، وتَلِفَ في بَلَدٍ آخَرَ، ولَقِيَه في ثالثٍ، كان له المُطالبَةُ بقِيمَةِ أيِّ البَلَدَين شاءَ؛ مِن بَلَدِ الغَصبِ والتَّلَفِ، إلا أنْ نقولَ: الاعْتِبارُ بيَوْمِ القَبْضٍ. فيُطالبَ بالقِيمَةِ في بَلَدِ الغَصبِ. انتهى. قلت: قد صرَّح في «التَّلْخيصِ»، بأنه تُعْتَبر القِيمَةُ في بَلَدِ الغَصبِ، في هذا المَحَل في «كِتابِه»، فقال: وتُعْتَبر القِيمَةُ في بَلَدِ الغَصْبِ. وعلى كِلا القَوْلَين؛ إنْ كان في البَلَدِ، نَقْدٌ، أخَذ منه، وإنْ كان فيه نُقود، أخَذ مِن غالِبِها. صرح به الأصحابُ، إلَّا أن يكونَ من جِنْس المَغْصُوبِ؛ مِثْلَ المَصُوغِ، ونحوه، على ما يَأتِي. فوائد؛ الأولَى، لو نُسِجَ غَزْلًا، أو عُجِنَ دَقيقًا، فقيل: حُكْمُه كذلك. جزَم به في «الفائقِ». وقيل: حُكْمُه كذلك، أو القِيمَةُ. قال في «التَّلْخيص»: وهو أوْلَى عنْدِي. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». الثانيةُ، لا قِصاصَ في المال؛ مثل

فَإِنْ كَانَ مَصُوغًا أَوْ تِبْرًا تُخَالِفُ قِيمَتُهُ وَزْنَهُ، قَوَّمَهُ بِغَيرِ جِنْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَقِّ ثَوْبِه، ونحوه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَل إسْماعِيلُ، ومُوسى بنُ سَعِيدٍ، والشَّالنْجِيُّ، وغيرُهم، أنَّه مُخَيَّر في ذلك. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وابن أبِي مُوسي، وتقدم النَّقْل في ذلك قريبًا، في قَوْلِه: وإنْ لم يَكُنْ مِثْلِيًّا. ويأتِي: هل يقْتَصُّ مِنَ اللطْمَةِ، ونحوها؟ في بابِ ما يُوجِبُ القِصاصَ. الثالثةُ، لو غصَبَ جماعَة مُشاعًا، فرَدَّ واحِدٌ منهم سَهْمَ واحِدٍ إليه، لم يَجُزْ له؛ حتَّى يُعْطِيَ شُرَكاءَه. نصَّ عليه. وكذا لو صالحُوه عنه بمالٍ. نقَلَه حَرْبٌ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه بَيعُ المُشاعِ. الرَّابعةُ، لو زكَّاه رَبُّه، رجَع بها. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال: وظاهرُ كلامِ أبِي المَعالِي، لا يَرْجِعُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. واخْتارَ صاحِبُ «الرِّعايةِ»، أنَّه كمَنْفَعَةٍ. قوله: فإنْ كانَ مَصُوغًا أو تِبْرًا تُخالِفُ قِيمَتُه وَزْنَه، قَوَّمَه بغيرِ جِنْسِه. هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»: قوَّمَه بغيرِ جِنْسِه، في الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وقال: قاله الشَّيخُ وغيرُه. قال الحارِثِيُّ: هذا المَشْهورُ. وقال القاضي: يجُوزُ تَقْويمُه بجِنْسِه. واخْتارَه في «الفائقِ». قال الحارِثِي: وهو قوْلُ القاضي، وابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ. قال: وهو الأظْهَرُ. وقال الحارِثِي: إذا اسْتَهْلَكَ ذهَبًا أو فِضَّةً، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكُونا مَضْرُوبَين، أوْ لا، فإنْ كانا مَضْرُوبَين، فمِثْلِيَّان، وإنْ كانا غيرَ مَضْرُوبَين، فلا يَخْلُو؛ إما أنْ يكُونا مَصُوغَين، أوْ لا، فإنْ لم يكُونا مَصُوغَين، فإنْ قيلَ بمِثْلِيّتِه، كما هو الصَوابُ، فيُضْمَنا بالمِثْلِ. وإنْ قيلَ بتَقْويمِه، وهو الوارِدُ في الكتابِ، فإنْ كانَ مِن جِنْسِ نَقْدِ البَلَدِ، واسْتَوَيا زِنَةً وقِيمَةً، فمَضْمُونٌ بالزِّنَةِ مِن نَقْدِ البلَدِ. وإنِ اخْتلَفا، وهي مَسْألةُ الكِتابِ، فمَضمُونٌ بغيرِ الجِنْسِ. وذكَرَه القاضي أَيضًا، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وإنْ كان

فَإِنْ كَانَ مُحَلّى بِالنَّقْدَينِ مَعًا، قَوَّمَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَأعْطَاهُ بِقِيمَتِهِ عَرْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُغايِرًا لجِنْسِ نَقْدِ البَلَدِ، بأنْ كان المُتْلَفُ ذَهَبًا، ونَقْد البَلَدِ دَراهِمَ، أو بالعَكْسِ، ضُمِنَ بغالبِ نَقْدِ البَلَدِ. وإنْ كانا مَصُوغَينِ؛ فإنْ قيلَ بالمِثْلِيَّةِ في مِثْلِه، كما تقدَّم، وجَب المِثْلُ زِنَةً وصُورَةً. وإنْ قيلَ بالتَّقْويمِ، كما هو المَشْهورُ، فإنِ اتَّحَدا قِيمَةً ووَزْنًا لسُوءِ الصناعَةِ، ضُمِنَ بزِنَتِه مِن نَقْدِ البَلَدِ كيف كان، وإنِ اخْتلَفا، وَجَبَتِ القِيمَةُ مِن غيرِ الجِنْسِ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيل: يجوزُ أداءُ القِيمَةِ مِنَ الجِنْسِ. وهو الأظْهَرُ. انتهى. تنبيه: مَحَلُّ هذا إذا كان مُباحَ الصناعَةِ، فأما مُحَرَّم الصناعَةِ؛ كالأوانِي وحَلْي الرِّجالِ المُحَرَّمِ، فإنَه لم يَجُزْ ضَمانُه بأكثْر مِن وَزْنِه، وَجْهًا واحِدًا. قاله المُصَنِّفُ، والشارِحُ، والحارِثِي، وغيرُهم. وعنه، يُضْمَنُ بقِيمَتِه. ذكَرَها في «الرِّعايتَين»، وزادَ في «الكُبْرَى»، فقال: وقيلَ: إنْ جازَ اتِّخاذُه، ضُمِنَ كالمُباحَ، وإلَّا فلا. قوله: فإن كانَ مُحَلّى بالنقْدَين مَعًا، قَوَّمَه بما شاءَ منهما، وأعْطاه بقِيمَتِه عَرْضًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»،

وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَغْصُوب، فَنَقَصَتْ قِيمَةُ بَاقِيهِ؛ كَزَوْجَيْ خُفٍّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَعَلَيهِ رَدُّ الْبَاقِي وَقِيمَةُ التَّالِفِ وَأَرْشُ النَّقْصِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: فالواجِبُ القِيمَةُ مِن غيرِ الجِنْسِ، وهو العَرْضُ مُقَوَّمًا بأيِّهما شاءَ. وعلَّلَه، وقال: هذا على أصلِ المُصَنِّفِ ومُوافَقَتِه في المسْأَلةِ الأُولَى. أمَّا على أصلِ القاضي ومَن وافَقَه، فجائزٌ تَضْمِينُه بالجِنْسِ، على ما مَرَّ. انتهى. قوله: وإنْ تَلِفَ بعضُ المَغْصُوبِ، فنَقَصَتْ قِيمَةُ باقِيه، كزَوْجَيْ خُفٍّ تَلِفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحَدُهما، فعليه رَدُّ الباقِي، وقِيمَةُ التَّالِفِ، وأَرْشُ النَّقْصِ. [هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» وغيرِها. وقيل: لا يَلْزَمُه أَرْشُ النَّقْصِ] (¬1). قال الحارِثِيُّ: وهذا الوَجْهُ لا أصْلَ له، ولوَهائِه أعْرَضَ عنه غيرُ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، مع الاطَّلاعِ على إيرادِ أبِي الخَطَّابِ له. وأطْلَقهما في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ».

وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَأَبَقَ، أَوْ فَرَسًا فَشَرَدَ، أَوْ شَيئًا تَعَذَّرَ رَدُّهُ مَعَ بَقَائِهِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيهِ بَعْدُ، رَدَّهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غَصَبَ عَبْدًا فأبَقَ، أو فَرَسًا فشَرَدَ، أو شَيئًا تَعَذَّرَ رَدُّه مع بَقائِه، ضَمِنَ قِيمَتَه، فإنْ قدَر عليه بعدُ، رَدَّه، وأخَذَ القِيمَةَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقالوا: يرُدُّ القِيمَةَ للغاصِب بعَييها، إنْ كانتْ باقِيَةً، ويرُدُّ زَوائِدَها المُتَّصِلَةَ؛ مِن سِمَنٍ، ونحوه، ولا يَرُدُّ المُنْفَصِلَةَ. بلا نِزاعٍ. وإنْ كانتْ تالِفَةً، فمِثْلُها، إنْ كانتْ مِثْلِيَّةً، أو قِيمَتُها، إنْ كانت مُتَقَوَّمَةً. وهل للغاصِبِ حَبْسُ العَينِ لاسْتِرْدادِ القِيمَةِ؟ قال في «التَّلْخيصِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. قال: وكذلك إذا اشْتَرَى شِراءً فاسِدًا، هل يَحْبِسُ المُشْتَرِي المَبِيعَ على ردِّ الثَّمَنِ؟ والصَّحِيحُ أنَّه لا يَحْبِسُ، بل يَدْفَعان إلى عَدْلٍ، ليُسْلِمَ إلى كلِّ واحدٍ ماله. انتهى. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا أخَذَ المالِكُ القِيمَةَ مِنَ الغاصِبِ، مَلَكَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرهِ. قال الحارِثِيُّ: قاله أصحابُنا. وقال في «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِها: لا يَمْلِكُها، وإنَّما حصَل بها الانْتِفاعُ في مُقابلَةِ ما فوَّتَه الغاصِبُ، فما اجتَمعَ البَدَلُ والمُبْدَلُ منه. نقَلَه عنه في «الفُروعِ». وقال الزَّرْكَشِيُّ: وقال القاضي في «التَّعْليقِ»: لا يَمْلِكُها، وإنَّما يُباحُ له الانْتِفاعُ بها بإزاءِ ما فاتَه مِن مَنافِعِ العَينِ المَغْصُوبَةِ. قال القاضي يَعْقُوبُ في «تَعْليقِه»: لا يَمْلِكُها، وإنَّما جُعِلَ الانْتِفاعُ بها عِوَضًا (¬1) عمَّا فوَّته الغاصِبُ. قال الحارِثِيُّ: يجبُ اعْتِبارُ القِيمَةِ بيَوْمِ التَّعَذُّر. قال في «التَّلْخيصِ»: ولا يُجْبَرُ ¬

(¬1) في ط: «عوضًا عليه».

وَإِنْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، فَعَلَيهِ قِيمَتُهُ. فَإِنِ انْقَلَبَ خَلًّا، رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِكُ على أخْذِها، ولا يصِحُّ الإِبراءُ منها، ولا يتَعلَّقُ الحقُّ بالبَدَلِ، فلا ينْتَقِلُ إلى الذِّمَّةِ، وإنَّما ثبَتَ جَوازُ الأخْذِ دَفْعًا للضَّرَرِ، فتوَقَّفَ على خِيَرَتِه. فائدة: لا يَمْلِكُ الغاصِبُ العَينَ المَغْصُوبَةَ بدَفْعِ القِيمَةِ؛ فلا يَمْلِكُ أكسابَه، ولا يَعْتِقُ عليه لو كان قَرِيبَه، ويَسْتَحِقَه المالِكُ بنَمائِه المُتَّصِلِ والمُنْفَصِلِ. وكذلك أُجْرَةُ مِثْلِه إلى حينِ دَفْعِ البدَلِ، على ما يأْتِي. قوله: وإِنْ غصَب عَصِيرًا فتَخَمَّرَ، فعليه قِيمَتُه. رأَيتُ في نُسْخَةٍ مَقْروءَةٍ على المُصَنِّف، وعليها خطُّه: فعليه قِيمَتُه. وهو أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال الحارِثِيُّ: وليس بالجَيِّدِ. قلتُ: وهو بعيدٌ جِدًّا؛ لأنَّ له مِثْلًا. والوَجْهُ الثَّاني، يَلْزَمُه مِثْلُه. ورأَيتُ في نُسَخٍ: فعليه مِثْلُه. وعليها شَرَحَ الشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وابنُ مُنَجَّى، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «شَرْء الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قوله: وإِنِ انْقَلَبَ خَلًّا، رَدَّه، وما نقَص مِن قِيمَةِ العَصِيرِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَغْصُوب أُجْرَةٌ، فَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ مُقَامِهِ في يَدِهِ. وَعَنْهُ، التَّوَقُّفُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا يَلْزَمُه قِيمَةُ العَصِيرِ؛ لأنَّ الخَلَّ عينُه، كحَمَلٍ صارَ كَبْشًا. وقال الحارِثِيُّ: وللشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ، يَمْلِكُه الغاصِبُ. وهو الأقْوَى. ونصَرَه بأدِلَّةٍ كثيرةٍ. فائدة: لو غلَّى العَصِيرَ، فنقَصَ، غَرِمَ أرْشَ نَقْصِه، وكذا يَغْرَمُ نقْصَه. علِى المذهبِ، وقاله الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وَيحْتَمِلُ أنَّه لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه ماءٌ. قوله: وإنْ كانَ للمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ، فعلى الغاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِه مُدَّةَ مُقَامِه في يَدِه.

هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْنِي، إذا كانتْ تصِحُّ إجارَتُه (¬1) هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه في قَضايا كثيرةٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارثِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه التَّوَقُّفُ عن ذلك. قال أبو بَكْرٍ: هذَا قَوْلٌ قديمٌ رجَع عنه؛ لأنَّ الرَّاويَ لها عنه محمدُ بنُ الحَكَمِ، وقد ماتَ قبلَ الإِمامِ أحمدَ بعِشْرين سَنةً. قلتُ: مَوْتُه قبلَ الإِمامِ أحمدَ لا يدُلُّ على رُجوعِه، بل لا بُدَّ مِن دَليل يدُلُّ على رُجوعِه غيرِ ذلك. ثم وَجَدْتُ الحارِثِيَّ قال قرِيبًا مِن ذلك، فقال: الاسْتِدْلالُ على الرُّجوعِ بتَقَدُّمِ وَفاةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ لا يصِحُّ، فإنَّ مَن تأَخَّرَتْ وَفاتُه مِنَ الجائزِ أنْ يكونَ منهم مَن سمِعَ قبلَ سَماعِ محمدِ بنِ الحَكَمِ، لا سِيَّما أبو طالِبٍ، فإنَّه ¬

(¬1) في ط: «أجرته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قديمُ الصُّحْبَةِ لأحمدَ. قال: وأحْسَنُ منه التَّأَنُّسُ بما رُوِيَ أنَّ ابنَ مَنْصورٍ بلَغَه أنَّ أحمدَ رجَع عن بعضِ المَسائلِ التي علَّقَها، فجمَعَها في جِرابٍ وحمَلَها على ظَهْرِه، وخرَج إلى بَغْدادَ، وعرَضَ خُطُوطَ أحمدَ عليه في كلِّ مسْأَلَةٍ، فأَقَرَّ له بها ثانيًا. فالظَّاهِرُ أنَّ ذلك كان بعدَ مَوْتِ ابنِ الحَكَمِ، وقبلَ وَفاةِ أحمدَ بيَسِيرٍ، وابنُ مَنْصورٍ ممَّن روَى الضَّمانَ، فيَكُونُ مُتَأخِّرًا عن رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ. انتهى. وتقدَّم نَظيرُ ذلك في البابِ عندَ قوْلِه: وإنْ غصَبَ ثَوْبًا فقَصَرَه، أو غَزْلًا فنَسَجَه. قال في «الفُروعِ» هنا: ونقَل ابنُ الحَكَمِ، لا أُجْرَةَ مُطْلَقًا، يعْنِي، سواءٌ انْتَفَع

وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ، فَعَلَيهِ أُجْرَتُهُ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ. وَإِنْ غَصَبَ شَيئًا فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ، فَأَدَّى قِيمَتَهُ، فَعَلَيهِ أُجْرَتُهُ إلى وَقْتِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به أوْ لا. وظاهرُ «المُبْهِجِ» التَّفْرِقَةُ. يعْنِي، إنِ انْتفَعَ به، فعليه الأُجْرَةُ، وإلَّا فلا. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. وجعَلَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظاهِرَ ما نُقِلَ عنه. وقد نقَلَ ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ زرَع بلا إذْنٍ، فعليه أُجْرَةُ الأرْضِ بقَدْرِ ما اسْتعْمَلَها إلى ردِّه، أو إتْلافِه، أو رَدِّ قِيمَتِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو كانَ العَبْدُ ذا صنائِعَ، لَزِمَه أُجْرَةُ أعْلاها فقط. الثَّانيةُ، مَنافِعُ المَقْبوضِ بعَقْدٍ فاسدٍ، كَمنافعِ المَغْصُوبِ؛ تُضْمَنُ بالفَواتِ والتَّفْويتِ. تنبيه: قال الحارِثِيُّ: «أبو بَكْرٍ» المُبْهَمُ في الكِتابِ هو الخَلَّالُ. وإطْلَاقُ «أبِي بَكْرٍ» في عُرْفِ الأصحابِ إنَّما هو أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ، لا الخَلَّالُ، وإنْ كانَ يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مِن كلامِ أبِي بَكْرٍ عَبْدِ العزِيزِ، كما قال، فإنَّه أدْخَلَ في «جامعِ الخَلَّالِ» شيئًا مِن كلامِه، فرُبَّما اشْتَبَه بكَلامِ الخَلَّالِ، إلَّا أنَّ القاضيَ، وابنَ عَقِيلٍ، وغيرَهما مِن أهْلِ المذهبِ، إنَّما حَكَوه عنِ الخَلَّالِ. انتهى. قوله: وإنْ غَصَبَ شَيئًا، فعَجَز عن رَدِّه فأَدَّى قِيمَتَه، فعليه أُجُرَتُه إلى وَقْتِ أَداءِ

فصْلٌ: وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةُ؛ كَالْحَجِّ، وَسَائِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ القِيمَةِ، وفيما بعدَه وَجْهان. إنْ كانَ قبلَ أداءِ القِيمَةِ، فحُكْمُه حُكْمُ المَسْألةِ التي قبلَها، خِلافًا ومذهبًا. وإنْ كانَ بعدَ أدائِها، فأطْلَقَ في وُجوبِها الوَجْهَين، وأطْلَقهما في «التَّلْخيص»، وقال: ذكَرَهما القاضي، وابنُ عَقِيلٍ؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه. وهو الصّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّاني، يلْزَمُه؛ لأنَّ العَينَ باقيةٌ على مِلْكِ المغْصُوبِ منه والمَنْفَعَةَ. فعلى هذا الوَجْهِ، تَلْزَمُه الأُجْرَةُ إلى ردِّه مع بَقائِه. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كَلامِ الأصحابِ، أنَّه يضْمَنُ رائحةَ المِسْكِ ونحوَه، خِلافًا «للانْتِصارِ»، لا نقْدًا لتِجارَةٍ. قلتُ: الذي يَنْبَغِي أنْ يُقْطَعَ بالضَّمانِ في ذَهابِ رائحةِ المِسْكِ، ونحوه. قوله: وتَصرُّفَاتُ الغَاصِبِ الحُكْمِيَّةُ؛ كالحَجِّ وسائِرِ العِباداتِ، والعُقُودِ؛ كالبَيعِ والنِّكاحِ، ونحوها باطِلَةٌ في إحْدَى الروَايتَين. وهي المذهبُ. قال

الْعِبَادَاتِ، وَالْعُقُودِ؛ كَالْبَيعِ، وَالنِّكَاحِ، وَنَحْوهَا، بَاطِلَةٌ في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، وَالْأُخْرَى صَحِيحَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: هذا أظْهَرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وصَحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. قال في «التَّلْخيصِ»، في بابِ البَيعِ: وإنْ كثُرَتْ تَصرُّفاتُه في أعْيانِ المَغْصُوباتِ، يُحْكَمُ ببُطْلانِ الكُلِّ، على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. ذكَرَه في كتابِ البَيعِ، في الشَّرْطِ السَّابعِ. والأُخْرى، صحيحةٌ. وعنه، تصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْقُوفَةً على الإِجازَةِ. وأطْلَقهُنَّ في «الفائقِ»، وقال: وقيل: الصِّحَّةُ مُقَيَّدَةٌ بما لم يُبْطِلْه المالِكُ مِنَ العُقودِ. انتهى. قلتُ: قال الشَّارِحُ: وقد ذكَر شيخُنا في الكتابِ المَشْروحِ رِوايةً، أنَّها صحيحةٌ. وذكَرَها أبو الخَطَّابِ، قال: وهذا يَنْبَغِي أن يَتَقيَّدَ في العُقودِ بما إذا لم يُبْطِلْه المالِكُ. فأمَّا إنِ اخْتارَ المالِكُ إبْطاله، فأَخَذَ المَعْقُودَ عليه، فلا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وأمَّا ما لم يُدْرِكْه المالِكُ، فوَجْهُ التَّصْحيحِ فيه، أن الغاصِبَ تَطُولُ مُدَّتُه وتكْثُرُ تصَرُّفاتُه، ففي القَضاءِ ببُطْلانِها ضرَرٌ كثيرٌ، ورُبَّما عادَ الضَّرَرُ على المالِكِ. انتهى. وقال ما قاله الشَّارِحُ، والقاضي في «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ. نقَلَه عنهما في «الفائِدَةِ العِشْرِين»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وأطْلَقَ الرِّوايَةَ مرَّةً كما هنا، ومرَّة قال: يَنْبَغِي أنْ يُقَيِّدَ, كما قال الشَّارِحُ. وقال: وهو أشْبَهُ مِنَ الإِطْلاقِ. قال الحارِثِيُّ: وهذه الرِّوايةُ لم أرَ مَن تقدَّم المُصَنِّفَ وأبا الخطَّابِ في إيرادِها. وقال أيضًا: وأمَّا الصِّحَّةُ على الإِطْلاقِ، فلا أعْلَمُ به أيضًا، سِوَى نَصِّه على مِلْكِ المالِكِ، كرِبْحِ المالِ المَغْصُوبِ, كما سنُورِدُه في مسْألَةِ الرِّبْحِ. وقال عن كلامِ المُصَنِّفِ في تَقْيِيدِ الرِّوايةِ: أمَّا طُولُ مُدَّةِ الغَصْبِ، وكَثْرةُ تصرُّفاتِ الغاصِبِ، فلا يَطَّرِدُ، بل كثيرٌ مِنَ المَغْصُوبِ لا يُتَصَرَّفُ فيه بَعقْدٍ أصْلًا، وبتَقْديرِ الاطِّرادِ غالِبًا. تنبيهان؛ أحدُهما، بنَى المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وجماعةٌ، تصَرُّفَ الغاصِبِ، على تَصُّرفِ الفُضُولِيِّ، فأثْبَتَ فيه ما في تَصرُّفِ الفُضُولِيِّ، مِن رِوايةِ الانْعِقادِ مَوْقُوفًا على إجازَة المالِكِ. قال الحارِثِيُّ: ومِن مُتَأَخِّرِي الأصحابِ مَن جعَل هذه التَّصَرُّفاتِ مِن نَفْسِ تصَرُّفاتِ الفُضُولِيِّ. قال: وليس بشيءٍ. ثم قال: ولا يصِحُّ إلحْاقُه بالفُضُولِيِّ. وفرَّق بينَهما بفُروقٍ جيِّدَةٍ. الثَّاني، هذا الخِلافُ المَحْكِيُّ في أصْلِ المَسْأَلةِ مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وقد قَسَمَها المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِسْمَين؛ عِباداتٌ، وعُقُودٌ. فالعِباداتُ فيها مَسَائلُ؛ منها، الوُضُوءُ بماءٍ مَغْصُوبٍ، والوُضُوءُ مِن إناءٍ مَغْصُوبٍ، وغَسْلُ النَّجاسَةِ بماءٍ مَغْصوبٍ، وسَتْرُ العَوْرَةِ بثَوْبٍ مَغْصُوبٍ، والصَّلاةُ في مَوْضِعٍ مَغْصوبٍ. وقد تقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في كتابِ الطَّهارَةِ، والآنِيَةِ، وإزالةِ النَّجَاسةِ، وسَتْرِ العَوْرَةِ، واجْتِنابِ النَّجاسَةِ. ومنها، الحَجُّ بمالٍ مَغْصُوبٍ, كما قال المُصَنِّفُ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. نصَّ عليه. قال ابنُ أبِي مُوسى: وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «الخُلاصَةِ»: باطِلٌ على الأصحِّ. قال الشَّارِحُ: باطِلٌ على الأظْهَرِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: يَبْطُلُ في كلِّ عِبادَةٍ على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وقدَّمه الحارِثِيُّ وغيرُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: عنه، يُجْزِئُه مع الكَراهَةِ. قاله ابنُ أبِي مُوسى. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال الحارِثِيُّ: وهو أقْوَى. قلتُ: وهو الصَّوابُ، فيَجِبُ بَدَلُ المالِ دَينًا في ذِمَّتِه. ومنها، الهَدْيُ المَغْصُوبُ لا يُجْزِئُ. صرَّح به الأصحابُ. ونصَّ عليه في رِوايةِ عليِّ بنِ سَعِيدٍ. وعنه، الصِّحَّةُ مَوْقُوفَةٌ على إجازَةِ المالِكِ. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ على الفَرْقِ بينَ أنْ يَعْلَمَ أنَّها لغيرِه، فلا يُجْزِئُه، وبينَ أنْ يظُنَّ أنَّها لنَفْسِه، فيُجْزِئَه، في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ، وسِنْدِيٍّ. وسوَّى كثيرٌ مِنَ الأصحابِ بينَهما في حِكَايةِ الخِلافِ. قال في «الفائِدَةِ العِشْرِين»: ولا يصِحُّ. وإنْ كان الثَّمَنُ مَغْصُوبًا، لم يُجْزِئْه أيضًا؛ اشْتَراه بالعَينِ، أو في الذِّمَّةِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: لو قيلَ بالإِجْزاءِ إذا اشْتَراه في الذِّمَّةِ، لكانَ مُتَّجِهًا. ومنها، لو أوْقَع الطَّوافَ، أو السَّعْيَ، أو الوُقوفَ على الدَّابَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَغْصُوبَةِ، ففي الصِّحَّةِ رِوايتَا الصَّلاةِ (¬1) في البُقْعَةِ المَغْصُوبَةِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: النَّفْسُ تمِيل إلى صِحَّةِ الوُقوفِ على الدَّابَّةِ المَغْصُوبَةِ. ومنها، أداءُ المالِ المَغْصُوبِ في الزَّكاةِ غيرُ مُجْزِئُ. قال الحارِثِيُّ: ثم إنَّ أبا الخَطَّابِ صرَّح بجَرَيانِ الخِلافِ في الزَّكاةِ، وتَبِعَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ, كما انْتَظَمَه عُمومُ إيرادِ الكِتابِ. فإنْ أُرِيدَ به ما ذكَرْنا مِن أداءِ المَغْصُوبِ عنِ الغاصِبِ، وهو الصَّحيحُ، فهذا شيءٌ لا يقْبَلُ نِزاعًا أَلْبَتَّةَ؛ لما فيه مِنَ النَّصِّ، فلا يُتَوَهَّمُ خِلافُه. وإنْ أُرِيدَ به الأداءُ عنِ المالِكِ، بأنْ أخْرَجَ عنه مِنَ النِّصابِ المَغْصُوبِ، وهو بعيدٌ جدًّا، فإنَّ الواقِع مِنَ التَّصَرُّفِ للعِبادَةِ إنَّما يكونُ عنِ الغاصِبِ نَفْسِه؛ فلا يُقْبَلُ أَيضًا، خِلافًا لاتِّفاقِنا على اعْتِبارِ نِيَّةِ المالِكِ، إلَّا أنْ يَمْتَنِعَ مِنَ الأداءِ، فيَقْهَرَه الإِمامُ على الأخْذِ منه، فيُجْزِئَ في الظَّاهِرِ، وليس هذا بواحِدٍ مِنَ الأَمْرَين، فلا يُجْزِئُ بوَجْهٍ. ومنها، كلُّ صَدَقَةٍ؛ مِن كفَّارَةٍ، أو نَذْرٍ، أو غيرِهما، كالزَّكاةِ سَواءً. ومنها، عِتْقُ المَغْصوبِ لا يَنْفُذُ، بلا خِلافٍ في المذهبِ. ونصَّ عليه. قاله الحارِثِيُّ. ومنها، الوَقْفُ لا ينْفُذُ في المَغْصُوبِ، قَوْلًا واحِدًا. لكِنْ لو كان ثَمَنُ المُعْتَقِ أو الموْقُوفِ مَغْصوبًا؛ فإنِ اشْتَرَى بعَينِ المالِ، لم يَنْفُذْ، [وإنِ اشْتَرَى في الذِّمَّةِ، ثم نقَدَه، فإنْ قيلَ بعَدَمِ إفادَةِ المِلْكِ، لم يَنْفُذْ] (¬2)، وإنْ قيلَ بالإِفادَةِ، نفَذ العِتْقُ والوَقْفُ. قاله الحارِثِيُّ. وأمَّا العُقودُ؛ مِنَ البَيعِ، والإِجارَةِ، والنَّكاحِ، ونحوها، فالعَقْدُ باطِلٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم حِكايَةُ الرِّوايةِ بالصِّحَّةِ، والكلامُ عليها، والرِّوايَةُ بالوَقْفِ على الإِجازَةِ. ¬

(¬1) في ط: «الصحة». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنِ اتَّجَرَ بالدَّرَاهِمِ، فَالرِّبْحُ لِمَالِكِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: قوْلُه: وتَصَرُّفاتُ الغاصِبِ الحُكْمِيَّةُ. أي التي يُحْكَمُ عليها بصِحَّةٍ أو فَسادٍ. احْتِرازًا مِن غيرِ الحُكْمِيَّةِ، كإتْلافِ المَغْصُودبِ، كأكْلِه الطَّعامَ، أو إشْعالِه الشَّمْعَ، ونحوهما، وكَلُبْسِه الثَّوْبَ، ونحوه، فإن هذا لا يُقالُ فيه صحيحٌ ولا فاسِدٌ. واللهُ أعلمُ. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ (¬1)»: وقوْلُه: الحُكْمِيَّةُ احْتِرازٌ مِنَ التَّصَرُّفاتِ الصُّورِيَّةِ. فالحُكْمِيَّةُ؛ ما له حُكْمٌ من صِحَّةٍ وفَسادٍ؛ كالبَيعِ، والهِبَةِ، والوَقْفِ، ونحوه. والصُّورِيَّةُ، كطَحْنِ الحَبِّ، ونَسْجِ الغَزْلِ، ونَجْرِ الخَشَبِ، ونحوه. انتهى. وهو كالذي قبلَه] (¬2). قوله: وإِن اتَّجَرَ بالدَّرَاهِمِ، فالرِّبْحُ لمالِكِها. يعْنِي، إذا اتَّجَرَ بعَينِ المالِ، أو بثَمَنِ الأعْيانِ المَغْصُوبَةِ، فالمالُ ورِبْحُه لمالِكِها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، ونقَلَه الجماعَةُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: الرِّبْحُ للمالِكِ، والسِّلَعُ المُشْتَراةُ له. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واحْتَجَّ أحمدُ بخَبَرِ ¬

(¬1) في ا: «الوجيز». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنِ اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ ثُم نَقَدَهَا، فَكَذَلِكَ. وَعَنْهُ، الرِّبْحُ لِلْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ عُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ (¬1). ونقَل حَرْبٌ في خَبَرِ عُرْوةَ، إنَّما جازَ؛ لأنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، جوَّزَه له. وقيَّد جماعةٌ؛ منهم صاحِبُ «الفُنونِ»، و «التَّرْغيبِ» الرِّبْحَ للمالِكِ، إنْ صحَّ الشِّراءُ، وأطْلَقَ الأكْثَرُ. وقال الحارِثِيُّ: ويتَخَرَّجُ مِنَ القَوْلِ ببُطْلانِ التَّصُّرفِ رِوايَةٌ بعَدَمِ المِلْكِ للرِّبْحِ، وهو الأقْوَى. انتهى. وعنه، يتَصَدَّقُ به. وقيل: لا يصِحُّ بعَينه، إنْ قُلْنا: النُّقودُ تَتَعيَّنُ بالتَّعْيِينَ. قوله: وإنِ اشْتَرَى في ذِمَّتِه، ثم نقَدَها، فكذلك. يعْنِي، الرِّبْحُ للمالِكِ أيضًا. واعْلمْ أنَّه إذا اشْتَرَى في الذِّمَّةِ، أو باعَ سَلَمًا، ثم أقْبَضَ المَغْصُوبَ ورَبِحَ، فالعَقْدُ صحيحٌ، على المذهب، والإقْباضُ فاسِدٌ. بمَعْنَى، أنَّه غيرُ مُبْرِئُ، وصِحَّةُ العَقْدِ نصَّ عليها في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. وحكَى القاضي في «التَّعْليقِ الكبيرِ» وَجْهًا، يكونُ العَقْدُ مَوْقوفًا على إجازَةِ المالِكِ؛ إنْ أجازَه، صحَّ، وإلَّا بَطَلَ. ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 11/ 56.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وهو أصحُّ ما يُقالُ في المَسْأَلَةِ. قال الحارِثِيُّ: وهو مأْخُوذٌ مِن مِثْلِه في مَسْألَةِ المفُضولِيِّ. قال: وهو مُشْكِلٌ؛ إذْ كيف يَقِفُ تصَرُّفُ الإِنْسانِ لنَفْسِه على إجازَةِ غيرِه؟ انتهى. وأمَّا الرِّبْحُ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا أنَّه للمالِكِ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هو ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به جماهيرُ الأصحابِ، حتى أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». انتهى. وجزَم به في «الإرْشادِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»: إذا اشْتَرَى في ذِمَّتِه بنِيَّةِ نقْدِها، فالرِّبْحُ للمالِكِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وعنه، الرِّبْحُ للمُشْتَرِي. وهو احْتِمالٌ في «الشَّرْحِ»، وهو قِياسُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأَقْوَى. فعليها، يجوزُ له الوَطْءُ. ونقَلَه المَرُّوذِيُّ. وعلى هذا، إنْ أرادَ التَّخَلُّصَ مِن شُبْهَةٍ بيَدِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اشْتَرى في ذِمَّتِه، ثم نقَدَها. وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وذكَرَه عن أحمدَ. فوائد؛ الأُولَى، لو اتَّجَرَ بالوَدِيعَةِ، فالرِّبْحُ للمالِكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعةِ. ونقَل حَنْبَلٌ، ليس لواحِدٍ منهما، ويتَصَدَّقُ به. قال الحارِثِيُّ: وهذا مِن أحمدَ مُقْتَضٍ لبُطْلانِ العَقْدِ، وذلك وَفْقَ المذهبِ المُخْتارِ في تَصَرُّفِ الغاصِبِ، وهو أقْوَى. انتهى. الثَّانيةُ، لو قارَضَ بالمَغْصوبِ، أو الوَدِيعَةِ، فالرِّبْحُ على ما تقدَّم، ولا شيءَ للعامِلِ على المالِكِ، وإنْ عَلِمَ، فلا شيءَ له على الغاصِبِ أيضًا، وإلَّا فله عليه أُجْرَةُ المِثْلِ. الثَّالثةُ، إجارَةُ الغاصِبِ للمَغْصُوبِ. وهو كالبَيعِ, تقدَّم، وهو داخِلٌ في كلامِ المُصَنِّفِ، والأُجْرَةُ للمالِكِ. نصَّ عليه. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ المُسَمَّى هو الواجِبُ للمالِكِ. قاله الحارِثِيُّ. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: إنَّ الواجِبَ أُجْرَةُ المِثْلِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثِيُّ: وهو أقْوَى. الرَّابعةُ، لو أنْكَحَ الأَمَةَ المَغْصوبَةَ، ففي البُطْلانِ والصِّحَّةِ ما قاله المُصَنِّفُ في المَتْنِ. قال الحارِثِيُّ: والتَّصْحيحُ لا أصْلَ له؛ فإنَّه مُقْتَضٍ لنَفْي اشْتِراطِ الوَلِيِّ في النِّكاحِ، وهو خِلافُ المذهبِ. لكِنْ قد يقْرُبُ إجْراؤُه مَجْرَى الفُضُولِيِّ، فتأْتِي رِوايَةُ الانْعِقادِ مع الإِجازَةِ. الخامسةُ، لو وَهَبَ المَغْصُوبَ، ففيه الخِلافُ السَّابِقُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ البُطْلانُ، على ما تقدَّم. السَّادِسَةُ، تذْكِيَةُ الغاصبِ الحَيوانَ المَأْكُولَ. وفي إفادتِها لحِلِّ الأكْلِ رِوايَتان؛ إحْداهما، هو مَيتَةٌ، لا يَحِلُّ أكْلُه مُطْلَقًا. جزَم به أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يحِلُّ. قال الحارِثِيُّ: وهو قَوْلُ الأَكْثَرِين. انتهى. وهذا المذهبُ، وهو قَوْلُ غيرِ أبِي بَكْرٍ مِنَ الأصحابِ. قاله في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ بعدَ المِائَةِ». [وقد نبَّهَ عليه المُصَنِّفُ قبلَ ذلك، فيما إذا ذَبَحَ الشَّاةَ وشَواها] (¬1). ويأْتِي نَظِيرُ ذلك في ذَبْحِ السَّارِقِ الحَيوانَ المَسْروقَ، في بابِ القَطْعِ في السَّرِقَةِ. ومِن جُمْلَةِ المَسائلِ المُتَعَلِّقَةِ بذلك؛ التَّذْكِيَةُ بالآلةِ المَغْصُوبَةِ، وكذلك التَّزَوُّجُ بمالٍ مَغْصُوبٍ. وفي كل واحِدٍ منهما خِلافٌ يأْتِي. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإِنِ اخْتَلَفَا في قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ قَدْرِهِ، أَوْ صِنَاعَةٍ فِيهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا في قِيمَةِ المَغْصُوبِ، أو قَدْرِه، أو صِناعَةٍ فيه، فالقَوْلُ قَوْلُ الغاصِبِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. فائدة: لو اخْتَلَفا في تَلَفِ المَغْصُوبِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الغاصِبِ في تَلَفِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ قَوْلُ الغاصِبِ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه الحارِثِيُّ. وقيل: القَوْلُ قَوْلُ المالِكِ. اخْتارَه الحارِثِيُّ. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «التَّلْخيصِ». فعلى المذهبِ، للمَغْصُوبِ منه أنْ يُطالِبَ الغاصِبَ ببَدَلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفرُوعِ». وصحّحه الحارِثِيُّ، واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقيل: ليس له مُطالبَتُه؛ لأنَّه لا يَدَّعِيه.

وَإِنِ اخْتَلَفَا في رَدِّهِ، أَوْ عَيبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنِ اخْتَلَفا في رَدِّه، أو عَيبٍ، فالقَوْلُ قَوْلُ المالِكِ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الوَجيز»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. لكِنْ لو شاهَدَتِ البَيِّنَةُ العَبْدَ مَعِيبًا عندَ الغاصِبِ، فقال. المالِكُ: حدَثَ عندَ الغاصِبِ. وقال الغاصِبُ: بل كانَ فيه قبلَ غَصْبِه. فالقَوْلُ قَولُ الغاصِبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي» وغيرِه. وقدَّمه في «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الشَّرْحِ»، وقال: ويتَخَرَّجُ أنَّ القَوْلَ قوْلُ المالِكِ. كما لو تَبايَعا واخْتلَفا في عَيبٍ؛ هل كان عندَ البائعِ، أو حدَثَ عندَ المُشْتَرِي؟ فإنَّ فيه رِوايةً، أنَّ القَوْلَ قَولُ البائعَ. كذلك هذا؛ إذِ الأصْلُ السَّلامَةُ، وتأَخَّرَ

وَإِنْ بَقِيَتْ في يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرفُ أَرْبَابَهَا، تَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُمْ، بِشرْطِ الضَّمَانِ، كَاللُّقَطَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُدوثُ عن وَقْتِ الغَصْبِ. انتهى. قلتُ: هذه الرِّوايةُ اخْتارَها جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ هناك، على ما تقدَّم في الخِيارِ في العَيبِ. قوله: وإِنْ بَقِيَتْ في يَدِه غُصُوبٌ لا يَعْرِفُ أَرْبابَها، تَصَدَّقَ بها عنهم، بشَرْطِ الضَّمانِ، كاللُّقَطَةِ. إذا بَقِيَ في يَدِه غُصُوبٌ لا يَعْرِفُ أصحابَها، فسَلَّمَها إلى الحاكمِ، بَرِئَ من عُهْدَتِها، بلا نِزاعٍ. ويجوزُ له الصَّدَقَةُ بها عنهم بشَرْطِ ضَمانِها، ويَسْقُطُ عنه إثْمُ الغَصْبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والتِّسْعِين»: لم يذكُرْ أصحابُنا فيه خِلافًا. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: ويتَصَدَّقُ بها عنه، على الصَّحيحِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. نقَل المَرُّوذِيُّ، يُعْجِبُنِي الصَّدقَةُ بها. وقال في «الغُنْيَةِ»: عليه ذلك. ونقَل أيضًا، على فُقراءِ مَكانِه، إنْ عرَفَه. ونقَل صالِحٌ، أو بقِيمَتِه. وله شِراءُ عَرْضٍ بنَقْدٍ، ويتَصَدَّق به، ولا تجوزُ مُحاباةُ قَريبٍ وغيرِه. نصَّ عليهما. وظاهرُ نَقْلِ حَرْبٍ، في الثَّانِيَةِ، الكَراهَةُ. قال في «الفُروعِ» وهو ظاهرُ كلامِهم في غيرِ مَوْضِعٍ. انتهى. وعنه، ليس له الصَّدَقَةُ بها. ذكَرَها القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين». وهو تخْرِيج في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». فائدتان؛ إحْداهما، قال الحارِثِيُّ وغيرُه: وكذا الرُّهونُ، والوَدائِعُ، وسائرُ الأماناتِ، كالأَمْوالِ المُحَرَّمَةِ فيما ذكَرْنا. وذكَر نُصوصًا في ذلك. وتقدَّم حُكْمُ الرُّهونِ في آخِرِ الرَّهْنِ، ويأْتِي قريبًا مِن ذلك، في بابِ أدَبِ القاضي، عندَ حُكْمِ الهَدِيَّةِ، والرِّشْوَةِ، وتأْتِي مسْأَلةُ الوَدِيعَةِ في بابِها، وهل يَلْزَمُ الحاكِمَ الأخْذُ، أم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا؟ الثَّانيةُ، لا يجوزُ لمَن هذه الأشْياءُ في يَدِه، وقُلْنا: له الصَّدَقَةُ بها. أنْ يأْخُذَ منها لنَفْسِه إذا كان مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ. نصَّ عليه. وخرَّج القاضي جَوازَ الأكْلِ منها إذا كان فَقِيرًا، على الرِّوايتَين في شِراءِ الوَصِيِّ مِن نَفْسِه. نقَلَه عنه ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»، وأفْتَى به الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الغاصِبِ إذا تابَ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: لا يعْرِفُ أرْبابَها. أنَّه لا يتَصَدَّقُ بها إلَّا مع عدَمِ مَعْرِفَةِ أرْبابِها، سواءٌ كان قليلًا أو كثيرًا، وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل الأثْرَمُ وغيرُه، له الصَّدَقَةُ بها إذا عَلِمَ ربَّها، وشَقَّ دَفْعُه إليه، وهو يَسِيرٌ، كحَبَّةٍ. وقطَع به في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والتِّسْعِين»، فقال: له الصَّدقَةُ به عنه. نصَّ عليه في مَواضِعِ. وقال الحارِثِيُّ: إذا عَلِمَ الغاصِبُ المالِكَ، فهنا حالتان؛ إحْداهما، انْقِطاعُ خبَرِه لغيبَةٍ؛ إمَّا ظاهِرُها السَّلامَةُ؛ كالتِّجارَةِ، والسِّياحَةِ، ومضَتْ مُدَّةُ الإياسِ، ولا وارِثَ له، تصَدَّقَ بها كما لو جَهِلَ. نصَّ عليه. وإمَّا ظاهِرها الهَلاكُ؛ كالمَفْقُودِ مِن بينِ أهْلِه، أو في مَهْلَكَةٍ، أو بينَ الصَّفَّين، ونحوه، وكذلك أرْبَعُ سِنِين، وأربعَةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ، ولا وارِثَ له، تصَدَّقَ به أيضًا. نصَّ عليه. وإنْ كان له وارِثٌ، سلَّمَ إليه. وأنْكَرَ أبو بَكْرٍ الزِّيادَةَ على الأرْبَعِ سِنِين، وقال: لا مَعْنًى للأرْبعَةِ أشْهُرٍ في ذلك. قال القاضي وغيرُه: أصْلُ المَسْأَلةِ، هل يُقْسَمُ مالُ المَفْقُودِ للمُدَّةِ التي تُباحُ زَوْجَتُه فيها، أو لأرْبَعِ سِنِين فقط؟ على رِوايتَين. وإنْ لم تَمْضِ المُدَّةُ المُعْتَبَرَةُ، ففي المالِ المُحَرَّمِ يتَعَيَّنُ التَّسْليمُ إلى الحاكمِ مِن غيرِ انْتِظارٍ. وأمَّا ما اؤْتُمِنَ عليه؛ كالوَدِيعَةِ، والرَّهْنِ، فليس عليه الدَّفْعُ إليه. الحالةُ الثَّانيةُ، أنْ يعْلَمَ وُجودَه، فإنْ كان غائِبًا، سلَّمَ إلى وَكِيلِه، وإلَّا فإلى الحاكمِ، وإنْ كان حاضِرًا، فإليه أو إلى وَكِيلِه. وإنْ عَلِمَ مَوْتَه، فإلى وَرَثَتِه، فإن لم يكُنْ له وَرَثَةٌ، تصَدَّقَ به. نصَّ عليه. ولا يكون لبَيتِ المالِ فيه شيءٌ. ويأْتِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كسَبَ مالًا حَرامًا برِضَا الدَّافِعِ، ونحوُه، في بابِ أدَبِ القاضي، عندَ الكلامِ على الهَدِيَّةِ للحاكمِ. تنبيه: قوْلُ المُصَنِّف: كاللُّقَطَةِ. قال الحارِثِيُّ: الأَلْيَقُ فيه التَّشْبِيهُ بأصْلِ الضَّمانِ، لا في مَضْمُونِ الصَّدَقَةِ والضَّمانِ، فإنَّ المذهبَ في اللُّقَطَةِ التَّمَلُّكُ لا التَّصَدُّقُ. انتهى. قلتُ: بل الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ جَوازُ التَّصَدُّقِ باللُّقَطَةِ التي لا تُمْلَكُ بالتَّعْريفِ، على ما يأْتِي مِن كلامِ المُصَنِّفِ في اللُّقَطَةِ. قال الشَّارِحُ هنا: وعنه في اللُّقَطَةِ، لا تجوزُ الصَّدَقَةُ بها. فيتَخَرَّجُ هنا مِثْلُه. فوائد؛ إحْداها، قال في «الفُروعِ»: لم يذْكُرِ الأصحابُ في ذلك سِوَى الصَّدَقَةِ بها. ونقَل إبْراهِيمُ بنُ هانِئٍ، يتَصَدَّقُ بها، أو يَشْتَرِي بها كِراعًا، أو سِلاحًا يُوقَفُ، هو مَصْلَحَةٌ للمُسْلِمين. انتهى. قلتُ: قد ذكَر ذلك الحارِثِيُّ، وقال عن ذلك: يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الصَّدَقَةِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وسألَه جَعْفَرٌ (¬1) عن مَن ماتَ، وكان يدْخُلُ في أُمُورٍ تُكْرَهُ، فيُرِيدُ بعضُ وَلَدِه التَّنَزُّهَ؟ فقال إذا دفَعَها إلى المَساكِينِ، فأيُّ شَيءٍ بَقِيَ عليه؟ واسْتَحْسَنَ أنْ يُوقِفَها على المَساكِينِ. ويتَوَجَّهُ على أفْضَلِ البِرِّ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تُصْرَف في المصَالِحِ. وقاله في وَديعَةٍ، وغيرِها، وقال: قاله العُلَماءُ، وأنَّه مذهبُنا، ومذهبُ أبِي حَنِيفَةَ، ومالكٍ. وهذا مُرادُ أصحابِنا؛ لأنَّ الكُلَّ صَدَقَةٌ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَن تَصَرَّفَ فيه بولايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لم يضْمَنْ. وقال: ليس لصاحِبِه، إذا عُرِفَ، ردُّ المُعاوَضَةِ؛ لثُبوتِ الولايَةِ عليها شَرْعًا للحاجَةِ، كمَن ماتَ ولا وَلِيَّ له ولا حاكِمَ. مع أنَّه ذكَر أنَّ مذهبَ أحمدَ وَقْفُ العَقْدِ للحاجَةِ؛ لفَقْدِ المالكِ، ¬

(¬1) في الفروع 4/ 513: «المروذي».

فَصْلٌ: وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيرِه، ضَمِنَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولغيرِ حاجَةٍ، الرِّوايَتان. وقال في مَنِ اشْتَرَى مال مُسْلِمٍ مِنَ التَّتَرَ لمَّا دخَلُوا الشَّامَ: إنْ لم يُعْرَفْ صاحِبُه، صُرِفَ في المَصالِحِ، وأُعْطِيَ مُشْتَرِيه ما اشْتَراه به؛ لأنَّه لم يَصِرْ لها إلَّا بنَفقَتِه، وإنْ لم يقْصِدْ ذلك. كما رجَّحه في مَنِ اتَّجَرَ بمالِ غيرِه، ورَبِحَ. ونصَّ في وَدِيعَةٍ، تُنْتَظَرُ, كمالِ مَفْقُودٍ، وأنَّ جائزَةَ الإِمامِ أحَبُّ إليه مِنَ الصَّدَقَةِ. قال القاضي: إنْ لم يعْرِفْ أنَّ عَينَه مَغْصوبٌ، فله قَبُولُه. وسوَّى ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه بينَ وَدِيعَةٍ وغَصْبٍ، وذكَرَهما الحَلْوانِيُّ، كرَهْنٍ. الثَّانيةُ، إذا تصدَّقَ بالمالِ، ثم حضَر المالِكُ، خُيِّرَ بينَ الأَجْرِ وبينَ الأخْذِ مِنَ المُتَصَدِّقِ؛ فإنِ اخْتارَ الأَجْرَ، فذاك وإنِ اخْتارَ الأخْذَ، فله ذلك، والأَجْرُ للغارِمِ. نصَّ عليه في الرَّهْنِ، قاله الحارِثِيُّ. الثَّالثةُ، إذا لم يَبْقَ دِرْهَمٌ مُباحٌ، فقال في «النَّوادِرِ»: يأْكُلُ عادَتَه، لا ما له عنه غُنْيَةٌ؛ كحَلْواءَ، وفاكِهَةٍ. قوله: ومَن أَتْلَفَ مالًا مُحْتَرَمًا لغيرِه، ضَمِنَه. سواءٌ كان عَمْدًا أو سَهْوًا. ومَفْهومُه، أن غيرَ المُحْتَرَمِ لا يضْمَنُه؛ كمالِ الحَرْبِيِّ، والصَّائلِ، والعَبْدِ في حالِ قَطْعِه الطَّرِيقَ، ونحوه. وهو كذلك. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن قوْلِه: ومَن أتْلَفَ مالًا مُحْتَرَمًا، ضَمِنَه. الحَرْبِيُّ إذا أتْلَفَ مال المُسْلِم، فإنَّه لا يضْمَنُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قال في «الفائقِ»: قلتُ: ولو أتْلَفَ لغيرهِ وَثِيقَةً بمالٍ، لا يثْبُتُ ذلك المالُ إلَّا بها ففي إلْزامِه ما تضَمَّنَتْه احْتِمالان؛ أحدُهما، يَلْزَمُه، كقْولِ المالِكِيَّةِ. انتهى. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ القَطعِ في السَّرِقَةِ: وإنْ سَرَق فَرْدَ خُفٍّ، قِيمَةُ كلِّ واحدٍ منهما مُنْفرِدًا دِرْهَمان، ومعًا عَشَرَةٌ، ضَمِنَ ثَمانِيةً؛ قِيمَةُ المُتْلَفِ خَمْسَةٌ، ونقْصُ التَّفْرِقَةِ ثَلاثةٌ. وقيل: دِرْهَمَين، ولا قَطْعَ. قال: وضَمانُ ما في وَثِيقَةٍ أتْلَفَها، إنْ تعَذَّرَ، يتَوَجَّهُ تخْرِيجُه عليها. انتهى. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: وقد يُخرَّجُ الضَّمانُ للوَثيقَةِ مِن مَسْألَةِ الكَفالةِ؛ فإنَّها تَقْتَضِي إحْضارَ المَكْفُولِ، أو ضَمان ما عليه، وهنا؛ إمَّا أنْ يُحْضِرَ الوَثِيقَةَ، أو يَضْمَنَ ما فيها، إنْ تعَذَّرَتْ. ومنها، لو أُكْرِهَ على إتْلافِ مالِ الغيرِ، فقيل: يضْمَنُه مُكْرِهُه. قطَع به القاضي في كِتابِه «الأمْرُ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْيُ عنِ المُنْكَرِ»، وابنُ عَقِيل في «عُمَدِ الأدِلَّةِ». قاله في «القَواعِدِ». وقيل: هو كمُضْطَرٍّ. قال في «التَّلْخيصِ»: يجِبُ الضَّمانُ عليهما. واقْتَصَر عليه الحارِثِيُّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي، في بعضِ تَعالِيقِه. وأطْلَقهما في «الفرُوعِ»، و «القَواعِدِ». وقال في «الرِّعايةِ»: وإنْ أُكْرِهَ على إتْلافِه، ضَمِنَه. يعْنِي المُباشِرَ، وقطَع به. انتهى. فإذا ضَمِنَ المُباشِرُ، إنْ كان جِاهلًا، رجَع على مُكْرِهِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايةِ». وصحَّحه في «الفُروعِ». وقيل: لا يَرْجِعُ. وإنْ كان عالِمًا، لم يرْجِعْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَرْجِعُ؛ لإِباحَةِ إتْلافِه ووُجوبه بخِلافِ الإِكْراهِ على القَتْلِ. ولم يَخْتَرْه، بخِلافِ مُضْطَرٍّ. وهل لمالِكِه مُطالبَةُ مُكْرِهِه إذا كان المُكْرَهُ، بفتْحِ الرَّاءِ، عالِمًا، وقُلْنا: له الرُّجوعُ عليه؟ فيه وَجْهان. وقال في «الرعايتَين»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: له مُطالبَتُه. فإنْ قُلْنا: له

وَإِنْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرِهِ، أَوْ حَلَّ قَيدَ عَبْدِهِ، أَوْ رِبَاطَ فَرَسِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطالبَته. وطالبَه، رجَع على المُتْلِفِ، إنْ لم يَرْجِعْ عليه. وقيل: الضَّمانُ بينَهما. ومنها، لو أذِنَ رَبُّ المالِ في إتْلافِه، فأَتْلَفَه، لم يَضْمَنِ المُتْلِفُ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ عيَّن الوَجْهَ المأْذُونَ فيه، مع غَرضٍ صحيحٍ، لم يضْمَنْ. وقال في «الفُنونِ»: لو أذِنَ في قَتْلِ عَبْدِه، فقَتَلَه، لَزِمَه كفَّارَةٌ للهِ، وأَثِمَ، ولو أذِنَ في إتْلافِ مالِه، سقَطَ الضَّمانُ والمَأْثَمُ، ولا كفَّارَةَ. وقال بعدَ ذلك: يُمْنَعُ مِن تَضْيِيعِ الحَبِّ والبَذْرِ في الأرْضِ السَّبِخَةِ بما يقْتَضِي أنَّه محَلُّ وفاقٍ. قال في «الفُروعِ»: وسبَقَ أنَّه يَحْرُمُ، في الأشْهَرِ، دَفْنُ شيءٍ مع الكَفَنَ. قوله: وإنْ فتَح قَفَصًا عن طائرِه، أو حَلَّ قَيدَ عَبْدِه، أو رِباطَ فَرسِه، ضَمِنَه. هذا المذهبُ مُطْلَقا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمة في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «التَّلْخيصِ»: قال أصحابُنا: يَلْزَمُه الضَّمانُ في جميعِ ذلك، سواءٌ تعَقَّبَ ذلك فِعْلَه، أو تَراخَى عنه. قال في «القَواعِدِ»: ذكَرَه القاضي، والأكْثَرون.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِيُّ: لا يخْتَلِفُ فيه المذهبُ. وقال في «الفُنونِ»: إنْ كان الطائِرُ مُتَأَلِّفًا، لم يَضْمَنْه. وقال أيضًا: الصَّحيحُ التَّفْرِقَةُ بينَ ما يُحالُ الضَّمانُ على فِعْلِه؛ كالآدَمِيِّ، وبينَ ما لا يُحالُ عليه الضَّمانُ؛ كالحَيواناتِ والجَماداتِ، فإذا حلَّ قَيدَ العَبْدِ، لم يَضمَنْ. وقيل: لا يضْمَنُ إلَّا إذا ذهَبُوا عَقِبَ الفَتْحِ. والحَلِّ. فعلى المذهبِ، يَضْمَنُه، سواءٌ ذهَبَ عَقِبَ فِعْلِه، أو مُتَراخِيًا عنه، وسواءٌ هيَّجَ الطَّائِرَ والدَّابَّةَ حتى ذهَبا، أو لم يُهَيِّجْهما. قاله الأصحابُ. فوائد؛ إحْداها، لو بَقِيَ الطَّيرُ والفَرَسُ بحالِهما، حتى نفَّرَهما آخَرُ، ضَمِنَهما المُنَفِّرُ. جزَم به في «المُغْنِي» , و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايةِ»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، لو دفَع مِبْرَدًا إلى عَبْدٍ فبَرد به قَيدَه، فهل يضْمَنُه، أم لا؟ وحكَى في «الفُضولِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايةِ» فيه احْتِمَالين، وحَكاهما في «الفُروعِ» وَجْهَين، وأطْلَقُوهما. قلتُ: الصَّوابُ الضَّمانُ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه الحارِثِيُّ. ولو دفَع مِفْتاحًا إلى لِصٍّ، لم يَضمَنْ. الثَّالثةُ، لو حَلَّ قَيدَ أسيرٍ، ضَمِنَ، كحَلِّ قَيدِ العَبْدِ، وكذا لو فتَح الإِصْطَبْلَ، فضاعَتِ الدَّابَّةُ، وكذا لو حَلَّ رِباطَ سَفِينَةٍ، فغَرِقَتْ، وسواءٌ كان لعُصُوفِ رِيحٍ، أو لا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى قَوْلِ القاضي: لا يضْمَنُ العُصُوفَ. الرَّابعةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو غَرِمَ بسَبَبِ كَذِبٍ عليه، عندَ وَلِيِّ الأمْرِ، رجَع على الكاذِبِ. قلتُ: وهو صَحيحٌ. وتقدَّم ذلك وغيرُه في بابِ الحَجْرِ. الخامسةُ، لو كانتِ الدَّابَّةُ المَحْمُولَةُ عَقُورًا وجَنَتْ، ضَمِنَ جنايَتَها. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، واقْتَصَر عليه في «شَرْحِ الحارِثِيِّ» , كما لو حلَّ سِلْسِلَةَ فَهْدٍ، أو ساجُورَ كَلْبٍ، فعقَرَ. وإنْ أفْسَدَتْ زَرْعَ إنْسانٍ، فكإفسادِ دابَّةِ نفْسِه، على ما سيَأْتِي. السَّادِسَةُ، لو وثَبَتْ هِرَّةٌ على الطَّائرِ بعدَ الفَتْحِ، ضَمِنَه. وقد تضَمَّنَه كلامُ المُصَنِّفِ. وكذا لو كسَر الطَّائرُ في خُروجِه قارُورَة، ضَمِنَها.

أَوْ وكَاءَ زِقِّ مَائِعٍ، أَوْ جَامِدٍ فَأذَابَتْهُ الشَّمْسُ، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ قَاعدًا فَأَلقَتْهُ الرِّيحُ فَانْدَفَقَ، ضَمِنَهُ. وَقَال الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو حَلَّ وكاءَ زِقِّ مائعٍ أو جامِدٍ، فأذابَتْه الشَّمْسُ، أو بَقِيَ بعدَ حَلِّه قاعِدًا، فأَلْقَتْه الرِّيحُ، فانْدَفَقَ، ضَمِنَه. إذا حَلَّ وكاءَ زِقِّ مائعٍ فانْدفَقَ، ضَمِنَه، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وإنْ كان مُنْتَصِبًا، فسَقَطَ برِيحٍ، أو زَلْزَلَةٍ، أو طائر، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحارِثِيِّ»، ونَصرَه المُصَنِّفُ. وقال القاضي: لا يَضمَنُ ما ألْقَتْه الرِّيحُ. وكذا قال أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقال

وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً في طَرِيقٍ فَأَتْلَفَتْ، أَو اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فَعَقَرَ، أَوْ خَرَقَ ثَوْبًا ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثِيُّ: وعنِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، لا يَضْمَنُ. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ». وإنْ ذابَ بالشَّمْسِ وانْدفَقَ، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: وافَقَ على ذلك القاضي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، وغيرِهما. وقال في «الفائقِ»: قال القاضي: لا يَضْمَنُ، فلعَلَّ له قولَين. وقال ابنُ عَقِيلٍ: عندِي، لا فَرْقَ بينَ حَرِّ الشَمْسِ وهُبوبِ الرِّيحِ؛ فإمَّا أنْ يسْقُطَ الضَّمانُ في المَوْضِعَين، أو يجِبَ فيهما. واخْتارَ أنَّه لا ضَمانَ هنا أيضًا. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ حَلَّ وعاءً فيه دُهْنٌ جامِدٌ، فذَهَبَ برِيحٍ ألْقَتْه، أو شَمْسٍ، فوَجْهان. قوله: وإنْ ربَط دَابَّةً في طَرِيقٍ فأَتْلَفتْ، ضَمِنَ. شَمِلَ مَسْأَلتَين؛ إحْداهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يكونَ الطَّرِيقُ ضَيقًا، فيَضْمَنَ ما أتْلَفَتْ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقاله ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا، ولو كان ما أتْلَفَتْه بنَفْحِ رِجْلِها. نصَّ عليه. ومَن ضرَبَها، فرفَسَتْه، فماتَ، ضَمِنَه. ذكَرَه في «الفُنونِ». والمَسْألَةُ الثَّانيةُ، أنْ تكونَ الطَّرِيقُ واسِعَةً. فظاهرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَضْمَنُ. قال الحارِثِيُّ: وكذا أوْرَدَه ابنُ أبِي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ، مُطْلَقًا، ونصَّ عليه أحمدُ. انتهى. قلتُ: وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ لإطْلاقِهم الضَّمانَ. وقدَّمه في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّمانِين»، وقال: هذا المَنْصوصُ. وذكَر النُّصوصَ في ذلك. والروايةُ الثَّانيةُ، لا يَضْمَنُ إذا لم تَكُنْ في يَدِه. ذكَرَها القاضي في «المُجَرَّدِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعدِ

إلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ بِغيرِ إِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُولِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين» وغيرِه: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يَضْمَنُ إذا كان واقِفًا لحاجَةٍ، والطَّرِيقُ واسِعٌ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأَقْوَى نظَرًا. فائدة: لو تَرَكَ طِينًا في طَرِيقٍ، فزَلَقَ فيه إنْسانٌ، أو خَشَبَةً، أو عَمُودًا، أو حجَرًا، أو كِيسَ دَراهِمَ. نصَّ عليه، أو أسْنَدَ خَشَبَةً إلى حائطٍ، فتَلِفَ به شيءٌ، ضَمِنَه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. ويأتِي في أوَّلِ كتابِ الدِّياتِ؛ إذا صبَّ ماءً في طَريقٍ، أو بالتْ فيها دابَّتُه، أو رَمَى قِشْرَ بِطِّيخٍ، فتَلِفَ به إنْسانٌ، في كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: أَو اقْتَنَى كَلْبًا عَقُورًا فعَقَر، أو خرَق ثَوْبًا، إلَّا أَنْ يكونَ دخَل مَنْزِلَه بغيرِ إذْنِه. إذا دخَل بَيتَه بإذْنِه، فعَقَرَه، أو خرَق ثَوْبَه، أو فعَل ذلك خارِجَ البَيتِ، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: يَضْمَنُ بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ، إذا فعَل ذلك خارِجَ المَنْزِلِ. وقال: إذا دخَل بإذْنِه، يَنْبَغِي تَقْيِيدُه بما، إذا لم يُنَبِّهْه على الكَلْبِ، أو على

وَقِيلَ: في الْكَلْب رِوَايَتَانِ في الْجُمْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كوْنِه غيرَ مُوثَقٍ، أمَّا إنْ نبَّه، فلا ضَمانَ. قال في «الرِّعايةِ»: إنْ عقَر خارِجَ الدَّارِ، ضَمِنَ، إنْ لم يَكُفَّه رَبُّه، أو يُحَذِّرْ منه. انتهى. وعنه، لا يَضْمَنُ. اخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. وإنْ دخَلَ بَيتَه بغيرِ إذْنِه، ففَعل ذلك به، لم يَضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يَضْمَنُ أيضًا. اخْتارَه القاضي في «الجامعِ». نقلَ حَنْبَلٌ، إذا كان الكَلْبُ مُوثَقًا، لم يَضْمَنْ ما عقَر. قوله: وقِيلَ: في الكَلْبِ رِوايَتان في الجُمْلَةِ. يعْنِي رِوايتَين مُطْلقَتين، سواءٌ دخَل بإذْنٍ، أو لا، وسواءٌ كان في مَنْزِلِ صاحِبِه، أو خارِجًا عنه. ذكَرَه الشَّارِحُ. قال الحارِثِيُّ: أوْرَدَ المُصَنِّفُ في «كِتابَيه»، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ذلك مِن غيرِ خِلافٍ في شيءٍ مِن ذلك. وحكَى القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، في الضَّمانِ مُطْلَقًا مِن غيرِ تَقيِيدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإذْنٍ، رِوايتَين، وهو ما حكَى أبو الخَطَّابِ في «كِتابَيه» عنِ القاضي، وأوْرَدَه المُصَنِّفُ هنا. وجرَى كل حِكايَةِ هذا الخِلافِ جماعَةٌ مِن أئِمَّةِ المذهبِ؛ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْرُوسٍ، في «كُتُبِهم الخِلافيَّةِ»، واخْتَلَفُوا؛ فمنهم مَن صحَّح الضَّمانَ، وهو القاضي في «الجامعِ»، ومنهم مَن عكَس، وهو قَوْلُ الشَّرِيفِ، والظَّاهِرُ مِن كلامِ أبِي الخَطَّابِ، وابنِ بَكْرُوسٍ. قال: وقَوْلُ المُصَنِّفِ. وقيلَ: في الكَلْبِ رِوايَتان. قال شيخُنا ابنُ أبِي عُمَرَ في «شَرْحِه»: سواءٌ كان في مَنْزِلِ صاحبِه، أو خارِجًا، وسواءٌ دخَلَ بإذْنِ صاحبِ المَنْزِلِ، أو لا. قال: وليس كذلك، فإنَّ كلامَ أبِي الخَطَّابِ، الذي أخَذ منه المُصَنِّفُ ذلك، إنَّما هو وارِدٌ في حالةِ الدُّخولِ، والإِجْمالُ فيه عائلٌ على الإِذْنِ وعدَمِه. وكذلك أوْرَدَ السَّامَرِّيُّ في «كِتابِه»؛ فقال: إنِ اقْتَنَى في مَنْزِلِه كَلْبًا عَقُورًا، فعَقَر فيه إنْسانًا؛ إنْ كان دخَل بغيرِ إذْنِه، فلا ضَمانَ، وإنْ كان بإذْنِه، فعليه الضَّمانُ. قال: وخرَّجَها القاضي على رِوايتَين؛ الضَّمانُ، وعدَمُه، فإنْ عقَر خارِجَ المَنْزِلِ، ضَمِنَ. ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى. انتهى. قال الحارِثِيُّ: فخَصَّصَ الخِلافَ بحالةِ العَقْرِ داخِلَ المَنْزلِ دُونَ خارِجِه. وهو الصَّحيحُ. انتهى. وهذا قطَع به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». فوائد؛ الأُولَى، إفْسادُ الكَلْبِ بما عَدا العَقْرَ؛ كبوْلِه ووُلُوغِه في إناءِ الغيرِ، لا يُوجِبُ ضَمانًا. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه، واقْتَصَر عليه الحارِثِيُّ. وكذلك

وَإِنْ أَجَّجَ نَارًا فِي مِلْكِهِ، أَوْ سَقَى أَرْضَهُ، فَتَعَدَّى إلَى مِلْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَضْمَنُ ما أتْلَفَه غيرُ العَقُورِ ليلًا ونَهارًا. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ؛ لتَقْيِيدِهم الكَلْبَ بالعَقُورِ. قال الحارِثِيُّ: وكلامُ المُصَنِّفِ مَحْمولٌ على ما يُباحُ اقْتِناؤُه، وأمَّا ما يَحْرُمُ، كالكَلْبِ الأسْوَدِ، فيَجِبُ الضَّمانُ؛ لأنَّه في مَعْنَى العَقُورِ في مَنْعِ الاقْتِناءِ، واسْتِحْقاقِ القَتْلِ. وكذلك ما عَدا كَلْبَ الصَّيدِ والحَرْثِ والماشِيَةِ؛ لأنَّه في مَعْنَى ما تقدَّم، فيَحْصُلُ العُدْوانُ بإمْساكِه. انتهى. الثَّانيةُ، لو اقْتَنَى أسَدًا أو نَمِرًا أو ذِئْبًا، ونحوَ ذلك مِنَ السِّباعِ المُتَوَحِّشَةِ، فكالكَلْبِ العَقُورِ فيما تقدَّم؛ لأنَّه في مَعْناه وأوْلَى؛ لعدَمِ المَنْفَعَةِ. الثَّالثةُ، لو اقْتَنَى هِرَّةً تأْكُلُ الطُّيورَ، وتَقْلِبُ القُدورَ في العادَةِ، فعليه ضَمانُ ما تُتْلِفُه ليلًا ونَهارًا، كالكَلْبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وقالُوا، إلَّا صاحِبَ «الفُروعِ»: قاله القاضي. قال الحارِثِيُّ: ذكَرَه أصحابُنا. فإنْ لم يكُنْ مِن عادَتِها ذلك، فلا ضَمانَ. قاله الأصحابُ. ولو حصَلَ عندَه كَلْبٌ عَقُورٌ، أو سِنَّوْرٌ ضارٌّ مِن غيرِ اقْتِناءٍ واخْتِيارٍ، وأفْسَدَ، لم يَضمَنْ. الرَّابعةُ، يجوزُ قَتْلُ الهِرِّ بأَكْلِ لَحْمٍ، ونحوه. على الصَّحيحِ بِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الفُصولِ»: له قَتْلُها حينَ أَكْلِها فقط. واقْتصَرَ عليه الحارِثِيُّ، ونصَرَه. وقال في «التَّرْغِيبِ»: له قَتْلُها إذا لم تَنْدَمعْ إلَّا به، كالصَّائلِ. قوله: وإِنْ أجَّجَ نارًا في مِلْكِه، أو سَقَى أَرْضَه فتَعَدَّى إلى مِلْكِ غيرِه فأَتْلَفَه، ضَمِنَه، إذا كانَ قد أَسْرَفَ فيه، أو فرَّطَ، وإلَّا فلا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، لا بطَرَيانِ رِيحٍ. ولهذا قال في

غَيرِهِ فَأَتْلَفَهُ، ضَمِنَ إِذَا كَانَ قَدْ أَسْرَفَ فِيهِ، أوْ فَرَّطَ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «عُيونِ المَسائلِ»: لو أجَّجَها على سَطْحِ دارٍ، فَهبَّتِ الرِّيحُ، فأطارَتِ الشَّرَرَ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه في مِلْكِه، ولم يُفَرِّطْ، وهُبوبُ الرِّيحِ ليس مِن فِعْلِه، بخِلافِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لو أوْقَفَ في دابَّته في طَريقٍ فبالتْ، أو رَمَى فيها قِشْرَ بِطِّيخٍ؛ لأنَّه في غيرِ مِلْكِه، فهو مُفَرِّطٌ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه، لا يَضْمَنُ في الأُولَى مُطْلقًا. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ»، بعدَ ذِكْرِ المَسْألَةِ: قلتُ: وإنْ كان المَكانُ مَغْصُوبًا، ضَمِنَ مُطْلَقًا. يعْنِي، سواءٌ فرَّطَ أو أسْرَفَ، أو لا، إنْ لم يكُنْ للسَّطْحِ سُتْرَةٌ وبقُرْبِه زَرْعٌ، ونحوُه، والرِّيحُ هابَّةٌ، أو أرْسَلَ في الماءِ ما يَغْلِبُ ويَفِيضُ، ضَمِنَ. وقيل: مَن أجَّجَ نارًا في مِلْكٍ بيَدِه له أو لغيرِه بإيجارٍ أو إعارَةٍ، وأسْرَفَ، ضَمِنَ، وإلَّا فلا، وإنْ مُنِعَ مِن ذلك لأَذَى جارِه، ضَمِنَ، وإنْ لم يُسْرِف. انتهى. فائدة: قال الحارِثِيُّ: قوْلُه: أسْرَفَ فيه أو فَرَّطَ. يُغْنِي الاقْتَصارُ على لَفْظِ «التَّفْرِيطِ»؛ لدُخولِ الإِسْرافِ فيه. انتهى. قلتُ: الذي يَظْهَرُ، أنَّ الأمْرَ ليس

وَإِنْ حَفَرَ في فِنَائِهِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ، ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كذلك، وأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَنْفَكُّ عنَ الآخَرِ؛ لأنَّ الإِسْرافَ مُجاوَزَةُ الحَدِّ عَمْدًا عُدْوانًا. وأمَّا التَّفْريطُ فهو التَّقْصِيرُ في المأْمُورِ. ولذلك قال بعضُ المُحَققِين مِنَ الأصحابِ: فرَّطَ أو أفْرَطَ. قوله: وإنْ حفَر في فِنائِه بِئْرًا لنَفْسِه، ضَمِنَ ما تَلِفَ بها. هذا المذهبُ، بلا رَيب، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وجوَّزَ بعضُ الأصحابِ حَفْرَ بِئْرٍ لنَفْسِه في فِنائِه بإذْنِ الإِمامِ. ذكَرَه القاضي. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: نَقْلتُه مِن خَطِّه، في مَسْألَةٍ حدَثَتْ في زَمَنِه. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّمانِين»: وفي «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، له التَّصَرُّفُ في فِنائِه بما شاءَ مِن حَفْرٍ وغيرهِ، إذا لم يَضُرَّ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن لم يسُدَّ بِئْرَه سَدًّا يَمْنَعُ مِنَ الضَّرَرِ، ضَمِنَ ما تَلِفَ بها. ويأْتِي ذلك أيضًا في أوَّلِ كتابِ الدِّياتِ. فائدة: لو حفَر الحُرُّ بِئْرًا بأُجْرَةٍ، أو لا، وثبَتَ عِلْمُه أنَّها في مِلْك غيرِه، نصَّ

وَإِنْ حَفَرَهَا في سَابِلَةٍ؛ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَضْمَنْ، في أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، ضَمِنَ الحافِرُ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ونصُّه، هما. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: هو مُقْتَضَى إيرادِ ابنِ أبِي مُوسى، يَعْنِي، أنَّهما ضامِنان، وإنْ جَهِلَ، ضَمِنَ الآمِرُ. وقيل: الحافِرُ، ويرْجِعُ على الآمِرِ. قوله: وإنْ حفَرَها في سابِلَةٍ؛ لنَفْعِ المُسْلِمِين، لم يَضْمَنْ في أصَحِّ الرِّوايتَين. يعْنِي، إذا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ. وهذا المذهبُ بهذا الشَّرْطِ. قال في «الوَجيزِ» وغْيرِه: إنْ كانتِ السَّابِلَةُ واسِعَةً. وهو قيدٌ حَسنٌ, كما يأْتِي. جزَم به ابنُ أبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوسى، والقاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «الخُلاصَةِ»: لم يضْمَنْ في أصحِّ الرِّوايَتْين. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا، والنَّاظِمُ. وقدَّمه في «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يضْمَنُ. ولم يذْكُرِ القاضي غيرَ هذه الرِّوايَةِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا له قُوَّةٌ، وإنْ كان المُصَنِّفُ، وأبو الخَطَّابِ صحَّحا غيرَه. وعنه، لا يضْمَنُ إنْ كانَ بإذْنِ الإِمامِ، وإلَّا ضَمِنَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال بعضُ أصحابِنا: لا يَضْمَنُ إذا كانَ بإذْنِ الإِمامِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثِيُّ: وهذه طريقَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وكتابِ «الرِّوايتَين»، وابنِ عَقِيلٍ، والسَّامَرِّي، وصاحبِ «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. انتهى. وهي طريقَةُ صاحبِ «المُحَرَّرِ» أيضًا. وقال بعضُ الأصحابِ: يَنْبَغِي أنْ يتَقَيَّدَ سقُوطُ الضَّمانِ عنه فيما إذا حفَرَها في مَوْضِعٍ مائلٍ عنِ القارِعَةِ، بَشْرطِ أنْ يجْعَلَ عليه حاجِزًا يُعْلَمُ به؛ ليُتَوَقَّى. تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا كانتِ السَّابِلَةُ واسِعَةً، فإنْ كانتْ ضَيِّقَةً، ضَمِنَ، بلا نِزاعٍ. قال الحارِثِيُّ: لو حفَر في سابلَةٍ ضَيِّقَةٍ، وجَب الصَّمانُ؛ لأنَّه لا يَخْتَلِفُ المذهبُ فيه، وليس بداخِلٍ فيما أَوْرَدَه المُصَنِّفُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ، وإنَّ ظاهِرَ الإِيرادِ يشْمَلُه، ومحَلُّ الخِلافِ أيضًا، إذا حفَر في غيرِ مَكانٍ يَضُر بالمارَّةِ. فأمَّا إنْ حفَر في طَريقٍ، اسِعٍ، في مَكانٍ منه يَضُرُّ بالمارَّةِ، فهو كما لو كانَ الطَّريقُ نفْسُه ضَيِّقًا. ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِه لمَصْلَحَةٍ عامَّةٍ، أو خاصَّةٍ، بإذْنِ الإِمامِ أو غيرِه. الثَّاني، مَفْهومُ قوْلِه: لنَفْعِ المُسْلِمِين. أنَّه لو حفَر لنَفْعِ نَفْسِه، أنَّه يضْمَنُ. وهو كذلك، أذِنَ فيه الإِمامُ أو لم يأْذَنْ. فائدتان؛ إحْداهما، لو حفَرَها في مَواتٍ؛ للتَّمَلُّكِ، أو الارْتِفاقِ بها، أو الانْتِفاعِ العامِّ، فلا ضَمانَ، نصَّ عليه. وقطَع به الحارِثِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم، ذكَراه في كتابِ الدِّياتِ. الثَّانيةُ، حُكْمُ ما لو بنَى فيها مَسْجِدًا أو غيرَه، كالخانِ، ونحوه، لنَفْعِ المُسْلِمين حُكْمُ حَفْرِ البِئْرِ في سابِلَةٍ لنَفْعِ المُسلِمين. نقَل إسْماعِيلُ بنُ سَعِيدٍ، في المَسْجِدِ، لا بَأْسَ به إذا لم يَضُرَّ بالطَّريقِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، أكْرَهُ الصَّلاةَ فيه، إلَّا أنْ يكونَ بإذْنِ إمامٍ. ونقلَ المَرُّوذِيُّ، حُكْمُ هذه المَساجِدِ التي بُنِيَتْ في الطَّرِيقِ، تُهْدَمُ. وسأَلَه محمدُ بنُ يَحْيَى الكَحَّالُ: يَزِيدُ في المَسْجِدِ مِن الطَّريقِ؟ قال: لا يُصَلَّى فيه. ونقَل حَنْبَلٌ، أنَّه سُئِلَ عنِ المَساجِدِ على الأنْهارِ؟ قال: أخْشَى أنْ يكونَ مِنَ الطرَّيقِ. وسألَه ابنُ إبْراهِيمَ، عن ساباطٍ فوْقَه مَسْجِدٌ، أَيُصَلَّى فيه؟ قال: لا يُصَلَّى فيه، إذا كان مِنَ الطَّريقِ. قال في «القَواعِدِ»: الأكْثَرُ منَ الأصحابِ قالُوا: إنْ كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإذْنِ الإِمام، جازَ، وإلَّا فروايَتان، ما لم يَضُرَّ بالمَارَّةِ. وفهم مَن أطْلَقَ الرِّوايتَين. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبرَ إذْنُ الإِمامِ في البِناءِ لنَفْعِ المُسْلِمين دُونَ الحفْرِ؛ لدَعْوَى الحاجَةِ إلى الحَفْرِ لنَفْعِ الطَّريقِ وإصْلاحِها، وإزالةِ الطِّينِ والماءِ منها، فهو كتَنْقِيَتِها، وحَفْرِ هِدْفَةٍ فيها، وقَلْعِ حجَرٍ يضُرُّ بالمارَّةِ، ووَضْعِ الحَصَى في حُفْرَةٍ؛ ليَمْلأَها، وتَسْقيفِ ساقِيَةٍ فيها، ووَضْعِ حجَرٍ في طِينٍ فيها؛ ليَطَأَ النَّاسُ عليه. فهذا كلُّه مُباحٌ، لا يضْمَنُ ما تَلِفَ به، لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. قالا: وكذلك يَنْبَغِي أنْ يكونَ في بِناءِ القَناطِرِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبرَ إذْنُ الإِمامِ فيها؛ لأنَّ مَصْلَحَتَه لا تعُمُّ. انتهى كلامُهما. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: حُكْمُ ما بُنِيَ وَقْفًا على المَسْجِدِ في هذه الأمْكِنَةِ، حُكْمُ بِناءِ المَسْجِدِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو فعَل العَبْدُ ذلك بأمْرِ سيِّدِه، كان كفِعْلِ نَفْسِه؛ أعْتَقَه، أو لا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقال الحارِثِي: إنْ كان ممَّن يجْهَلُ الحال، فلا إشْكال في إطْلاقِ الأصحابِ، وإنْ كان ممَّن يَعْلَمُه، ففيه ما في مَسْألَةِ القَتْلِ بأمْرِ السَّيِّدِ، إنْ عَلِمَ

وَإِنْ بَسَطَ في مَسْجِدٍ حَصِيرًا، أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلًا، لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرْمَةَ، وفيها رِوايَتان؛ إحْداهما، القَوَدُ على السَّيِّدِ فقط. والأُخْرَى، على العَبْدِ. فيتَعَلَّقُ الضَّمانُ هنا برَقَبتِه, كما لو لم يأْمُرِ السَّيِّدُ. وإنْ حفرَ بغيرِ أمْرِ السَّيِّدِ، تعَلَّقَ الضَّمانُ برَقَبتِه، ثم إنْ أعْتَقَه، فما تَلِفَ بعدَ عِتْقِه، فعليه ضَمانُه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ. وقال صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه: الضَّمانُ على المُعْتِقِ بقَدْرِ قِيمَةِ العَبْدِ، فما دُونَه. الثَّانيةُ، لو أمَرَه السُّلْطانُ بفِعْلِ ذلك، ضَمِنَ السُّلْطانُ وحدَه. قوله: وإنْ بسَط في مَسْجِدٍ حَصِيرًا، أو علَّقَ فيه قِنْدِيلًا، لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ به. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال الحارِثِيُّ: هذا ما حكَى المُصَنِّفُ، والقاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَرٍ وأبو القاسِمِ الزَّيدِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، في آخَرِين، عنِ المذهبِ. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه. وقيل: يضْمَنُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو تخْرِيجٌ لأبِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» مِنَ التي قبلَها؛ وهي حَفْرُ البِئْرِ. وكذلك خرَّجَه أبو الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ. قال الحارِثِيُّ: ولا يصِحُّ؛ لأنَّ الحَفْرَ عُدْوانٌ لإِبطْالِ حقِّ المُرورِ، ولا كذلك ما نحنُ فيه. وذكَر القاضي في «المُجَرَّدِ»، وكتابِ «الرِّوايتَين»، إنْ أذِنَ الإمامُ (¬1)، فلا ضَمانَ، وإلَّا فعلى وَجْهَين؛ بِناءً على البِئْرِ. وتَبِعَه على ذلك ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، مع أنَّهما قالا: قال أصحابنُا، في بَوارِيِّ المَسْجِدِ: لا ضَمانَ على فاعِلِه، وَجْهًا واحِدًا، بإذْنِ الإِمامِ أو غيرِ إذْنِه؛ لأنَّ هذا مِن تَمامِ مَصْلَحَتِه. فائدة: لو نصَب فيه بابًا، أو عُمُدًا، أو سقَفَه، أو جعَل فيه رَفًّا؛ لينْتَفِعَ به النَّاسُ، أو بنَى جِدارًا، أو أوْقَدَ مِصْباحًا، فلا ضَمانَ عليه (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) بعده في الأصول: «قال أصحابنا، في بوارى المسجد: لا ضمان على فاعله، وجها واحدًا، سواء كان بإذن الإِمام أو بغير إذنه» وهي مكررة.

وَإِنْ جَلَسَ في مَسجِدٍ أوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ، لَمْ يَضْمَنْ، في أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جلَس في مَسْجِدٍ، أو طَرِيقٍ واسِعٍ، فعَثَر به حَيَوانٌ، لم يَضْمَنْ في أَحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، لا يضْمَنُ. قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. قال في «الفائقِ»، فيما إذا جلَس في طريقٍ واسعٍ: لم يضْمَنْ في أصحِّ الوَجْهَين. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يضْمَنُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، في الجالِسِ في الطَّريقِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». تنبيه: قال الحارِثِيُّ: أوْرَدَ المُصَنِّفُ الوَجْهَين في المَتْنِ؛ أخْذًا مِن إيرادِ أبِي الخَطَّابِ. قال: ولم أرَهما لأحَدٍ قبلَه. وأصْلُ ذلك، واللهُ أعلمُ، ما مَرَّ مِنَ الرِّوايتَين، في رَبْطِ الدَّابَّةِ بالطَّريقِ. ومحَلُّه ما لم يَكُنِ الجُلُوسُ مُباحًا، كالجُلوسِ في المَسْجِدِ مع الجَنابَةِ والحَيضِ، أو للبَيعِ والشِّراءِ، ونحو ذلك. أمَّا ما هو مَطْلُوبٌ؛ كالاعْتِكافِ، وانْتِظارِ الصَّلاةِ، والجُلُوسِ لتَعْليمِ القُرآنِ والسُّنةِ، فلا يتَأَتَّى الخِلافُ فيه بوَجْهٍ. وكذا ما هو مُباحٌ مِنَ الجُلُوسِ فيه، وفي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوانِبِ الطُّرُقِ الواسِعَةِ؛ كبَيعِ مأْكُولٍ، ونحوه، لامْتِناعِ الخِلافِ فيه؛ لأنَّه جلَس فيما يسْتَحِقُّه بالاخْتِصاصِ، فهو كالجُلُوسِ في مِلْكِه، مِن غيرِ فَرْقٍ. وقد حكَى القاضي الجَزْمَ بنَفْي الضَّمانِ في المَسأَلَةِ، في الطَّريقِ الواسِعِ. وهذا التَّقْيِيدُ حَكاه بعضُ شُيوخِنا في كُتُبِه عن بعضِ الأصحابِ، ولا بُدَّ منه، لكِنَّه يقْتَضِي اخْتصِاصَ الخِلافِ بالمَسْجِدِ دُونَ الطَّريقِ؛ لأنَّ الجُلُوسَ بالطَّريقِ الواسِعَةِ؛ إمَّا مُباحٌ, كما ذكَرْنا، فلا ضَمانَ بحالٍ. وإمَّا غيرُ مُباحٍ، كالجُلُوسِ وَسْطَ الجادَّةِ، فالضَّمانُ واجِبٌ، ولابُدَّ. انتهى كلامُ الحارِثِيِّ. فائدة: حُكْمُ الاضْطِجاعِ في المَسْجِدِ، والطَّريقِ الواسِعَةِ، حُكْمُ الجُلُوسِ فيهما، على ما تقدَّم. وأمَّا القِيامُ، فلا ضمانَ به بحالٍ؛ لأنَّه مِن مَرافِقِ الطُّرُقِ، كالمُرورِ. تنبيه: مَفْهومُ كلامِه، أنَّه لو جلَس في طَريقٍ ضَيِّقَةٍ، أنَّه يضْمَنُ. وهو كذلك، ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوائلِ كتابِ الدِّياتِ، في مَسْألَةِ الاصْطِدامَ.

وَإِنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا أَوْ مِيزَابًا إِلَى الطَّرِيقِ، فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ أَتْلَفَهُ، ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَخْرَجَ جَناحًا، أو مِيزابًا إلى الطَّرِيقِ -قال في «الرِّعايةِ»: نافِذًا أو غيرَ نافِذٍ، يعْنِي، بغيرِ إذْنِ أهْلِه- فسَقَط على شَيءٍ فأتْلَفَه، ضَمِنَ. وهذا قاله أكثرُ الأصحابِ. وتقدَّم الكلامُ في ذلك مُحَرَّرًا، في بابِ الصُّلْحِ، عندَ قوْلِه: ولا يَجُوزُ أنْ يشْرَعَ إلى طَريقٍ نافِذ جَناحًا. قال في «الفُروعِ»: ولو بعدَ بَيعٍ، وقد طُولِبَ بنَقْضِه، لحُصُولِه (¬1) بفِعْلِه. انتهى. ¬

(¬1) في الفروع 4/ 521: «كحصوله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقاله القاضي وغيرُه. وقال في «الرِّعايةِ»، بعدَ أنْ ذكَر الأوَّلَ: ولا يضمَنُ ما تَلِفَ بما يُباحُ؛ مِن جَناحٍ، وساباطٍ، ومِيزاب. فعُلِمَ من ذلك، أنَّ مُرادَ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلَقَ، إذا كان ذلك لا يُباحُ فِعْلُه. وقد صرَّح بذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، في إخْراجِ الجَناحِ في غيرِ الدَّرْبِ النَّافِذِ بإذْنِ أهْلِه، أنَّه لا يضْمَنُ. قال الحارِثِيُّ: ومَبْنَى هذا الأصْلِ، أنَّ الإِخْراجَ؛ هل يُباحُ، أم لا؟

وَإِنْ مَال حَائِطُهُ، فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيئًا، لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيهِ. وَأَوْمَأَ في مَوْضِعٍ، أَنَّهُ إِنْ تُقُدِّمَ إِلَيهِ بِنَقْضِهِ وَأُشْهِدَ عَلَيهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن مال حائطُه فلم يَهْدِمْه حتى أَتْلَفَ شيئًا، لم يَضْمَنْه، نصَّ عليه. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ في «شَرْحِه»: والذي عليه مُتَأَخِّرُو الأصحابِ؛ القاضي ومَن بعدَه، أنَّ الأصحَّ مِنَ المذهبِ عدَمُ الضَّمانِ. قال: وأصْلُ ذلك قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ»: المَنْصوصُ عنه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، لا ضَمانَ عليه؛ سواءٌ طُولِبَ بنَقْضِه، أو لم يُطالبْ. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأوْمَأَ في مَوْضِعٍ، أنَّه إنْ تُقُدِّمَ إليه بنَقْصه، وأُشْهِدَ عليه، فلم يَفْعَلْ، ضَمِنَ. وهذا الإِيماءُ ذكَرَه ابنُ بخْتانَ، وابنُ هانِئٍ، ونصَّ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، في رِوايَةِ إسْحاقَ بنِ مَنْصُورٍ. ذكَرَه أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ». قال الحارِثِيُّ: وهذه الرِّوايَةُ هي المذهبُ. ولم يُورِدِ ابنُ أبِي مُوسى سِواها، وكذلك قال في «رُءوسِ المَسائلِ»، وهو مِن كُتُبِه القَديمَةِ. وذكَر أبو الخَطَّابِ، والقاضي أبو الحُسَينِ، وابنُ بَكْروسٍ، وغيرُهم، أنَّه اخْتِيارُ طائفَةٍ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، إنْ طالبَه مُسْتَحِقٌّ بنَقْضِه، فأبَى مع إمْكانِه، ضَمِنَه. اخْتارَه جماعَةٌ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وأمَّا إنْ طُولِبَ بنَقْضه، فلم يَفْعَلْ، فقد توَقَّفَ أحمدُ عنِ الجَوابِ فيها. وقال أصحابُنا: يضْمَنُ. وقد أوْمَأَ إليه أحمدُ، والتَّفْرِيعُ عليه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يضْمَنُ مُطْلَقًا. وخرَّجه أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهًا. قال الشَّارِحُ: ذكَر بعضُ أصحابِنا وَجْهًا بالضَّمانِ مُطْلَقًا. انتهى. وهذا اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأقْوَى. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على بعضِ ذلك، في أواخِرِ بابِ الصُّلْحَ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا عَلِمَ بمَيَلانِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». ولم يذْكُرْ في «التَّرْغِيب» العِلْمَ بمَيَلانِه. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وجماعَةٍ. فوائد؛ إحْداها، كيفِيَّةُ الإِشْهادِ: اشْهَدُوا أَنِّي طالبْتُه بنَقضِه. أو: تقَدَّمتُ إليه بنَقْضِه. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وذكَر القاضي بعضَه، وكذلك كلُّ لَفْظٍ أدَّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه. ثم المَيلُ إلى السَّابلَةِ فيَسْتَقِلُّ بها الإِمامُ، ومَن قامَ مَقامَه، وكذا الواحِدُ مِنَ الرعِيَّةِ؛ مُسْلِمًا كان أوَ ذِمِّيًّا. ولو كان إلى دَرْبٍ مُشْتَركٍ، فكذلك يسْتَقِلُّ به الواحِدُ مِن أهْلِه. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وإنْ كانَ إلى دارِ مالكٍ مُعَيَّنٍ، اسْتَقَلَّ به. وإنْ كانَ ساكِنُها الغيرَ، فكالمالِكِ. وإنْ كانَ السَّاكِنُ جماعَةً، اسْتَقَلَّ به أحدُهم. وإنْ كانَ غاصِبًا، لم يَمْلِكْه، وما تَلِفَ له، فغيرُ مَضْمُونٍ. الثَّانيةُ، لو سقَطَ الجِدارُ مِن غيرِ مَيَلانٍ، لم يضْمَنْ ما توَلَّدَ منه، بلا خِلافٍ. وإنْ بَناه مائِلًا إلى مِلْكِ الغيرِ بإذْنِه، أو إلى مِلْكِ نَفْسِه، أو مال إليه بعدَ البِناءِ، لم يضْمَنْ. وإنْ بَناه مائِلًا إلى الطرَّيقِ، أو إلى مِلْكِ الغيرِ بغيرِ إذْنِه، ضَمِنَ. قال المُصَنِّفُ: لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. ومَسْألَةُ المُصَنِّفِ، بَناه مُسْتَويًا، ثم مال.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، لا أثَرَ لمُطالبَةِ مُسْتَأْجِرِ الدَّارِ، ومُسْتَعِيرِها، ومُسْتَوْدِعِها، ومُرْتَهِنِها، ولا ضَمانَ عليهم، فلو طُولِبَ المالِكُ في هذه الحالِ؛ فإنْ لم يُمْكِنْه اسْتِرْجاعُها، أو نَقْضُ الحائطِ، فلا ضَمانَ، وإنْ أمْكَنَه؛ كالمُعيرِ، والمُودِعِ، والرَّاهِنِ، إذا أمْكَنَه فِكاكُ الرَّهْنِ، ولم يَفْعَلْ، ضَمِنَ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وإنْ حُجِرَ على المالِكِ؛ لسَفَهٍ، أو صِغَرٍ، أو جُنونٍ، فطُولِبَ، لم يضْمَنْ، وإنْ طولِبَ وَلِيُّه، أو وَصِيُّه، فلم يَنْقُضْه، ضَمِنَ المالِكُ. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، والمُصَنِّف في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: ولا يضْمَنُ وَلِيٌّ فَرَّطَ، بل مُوَلِّيه، ذكَرَه في «المُنْتَخَبِ»، ويتَوجَّهُ عكْسُه. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، والحارِثِيِّ. [وقال ابنُ عَقِيل: الضَّمان على الوَلِيِّ. قال الحارِثِيُّ] (¬1): وهو الحَقُّ؛ لوُجودِ التَّفْريطِ، وهو التَّوجِيهُ الذي ذكَرَه في «الفُروعِ». الرَّابعةُ، لو كان المَيَلانُ إلى مِلْكِ مالِكٍ مُعَيَّنٍ؛ إمَّا واحدٍ أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعةٍ، فأمْهَلَه المالِكُ، أو أبْرَأَه، جازَ، ولا ضَمانَ. وإنْ أمْهَلَه ساكِنُ المِلْكِ، أو أبْرَأَه، فكذلك. ذكَرَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه الحارِثِيُّ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يسْقُطُ، ولا يتَأَجَّلُ، إلَّا أنْ يجْتَمِعا، أعْنِي السَّاكِنَ والمالِكَ. قال الحارِثِيُّ: والذي قاله: أنَّه لا يَبْرَأُ بالنِّسْبَةِ إلى المُبْرِئ. فليس كما قال؛ لأنَّ مَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ملَكَ حَقًّا، ملك إسْقاطَه، وإنْ كان بالنِّسْبَةِ إلى مَن لم يَبرَأْ، فنَعم، وذلك على سَبيلِ التَّفْصِيلِ لا يقْبَلُ خِلافًا. وإنْ كان المَيَلانُ إلى دَرْبٍ لا ينْفُذُ، أو إلى سابِلَةٍ، فأبْرأه البعضُ، أو أمْهَلَه، بَرِئ، بالنِّسْبَةِ إلى المُبْرِيء، أو المُمْهِلِ. الخامسةُ، لو كان المِلْكُ مُشْتَرَكًا، فطُولِبَ أحدُهم بنَقْضِه، فقال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: احْتَمَلَ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه شيءٌ. والثَّاني، يَلْزَمُه بحِصَّتِه. وهو ظاهرُ ما جزَم به النَّاظِمُ. السَّادسةُ، لو باعَ الجِدارَ مائِلًا بعدَ التَّقَدُّمِ إليه، فقال القاضي في «المُجَرَّدِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والسَّامَرِّيُّ في «فُروقِه»: لا ضَمانَ عليه؛ لزوالِ التَّمَكنِ مِنَ الهَدْمِ حالةَ السُّقُوطِ. قال المُصَنِّفُ: ولا على المُشْتَرِي؛ لانْتِفاءِ التَّقَدُّمِ إليه. وكذا الحُكْمُ لو وهَبَه وأقْبضَه. وإنْ قُلْنا بلُزومِ الهِبَةِ، زال الضَّمانُ عنه بمُجَرَّدِ العَقْدِ. انتهى. وقال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: إنْ باعَه فِرارًا، لم يسْقُطِ الضَمانُ؛ لأنَّ الحِيَلَ لا تُسْقِطُ الحُقوقَ بعدَ وُجوبِها. انتهى. وقال الحارِثِيُّ: والأوْلَى، إنْ شاءَ الله، وجُوبُ الضَّمانِ عليه مُطْلَقًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ، بعدَ كلامِه المُتَقدِّمِ: وكذا لو باعَ فَخًّا أو شبَكَةً مَنْصُوبَين، فوَقَعَ فيهما صَيدٌ في الحَرَمِ، أو مَمْلُوكٌ للغيرِ، لم يسْقُطْ عنه ضَمانُه. قال ابنُ رَجَبٍ: والظَّاهِرُ أنَّ القاضيَ لا يُخالِفُ في هذه الصُّورَةِ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والعِشْرِين». وقال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والثَّمانِين»: وهل يجِبُ الضَّمانُ على مَنِ انْتَقَلَ المِلْكُ إليه إذا اسْتَدامَه، أم لا؟ الأَظهَرُ وُجوبُه عليه، كمَنِ اشْتَرَى حائِطًا مائِلًا، فإنَّه يقُومُ مَقامَ البائعِ فيه، فإذا طُولِبَ بإزالتِه، فلم يفْعَلْ، ضَمِنَ على رِوايَةٍ. انتهى. السَّابعةُ، إذا تشَقَّقَ الحائِطُ طُولًا،، لم يُوجِبْ

وَمَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، إلا أنْ تَكُونَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ؛ كَالرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ، فَيَضْمَنُ مَا جَنَت يَدُهَا أوْ فَمُهَا دُونَ مَا جَنتْ رِجْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ نقْضَه، وحُكْمُه حُكْمُ الصَّحيحِ، وإنْ تشَقَّقَ عَرْضًا، فحُكْمُه حُكْمُ المائلِ، على ما تقدَّم. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. قوله: وما أَتْلَفَتِ البَهِيمَةُ، فلا ضَمانَ على صاحِبِها. وهذا المذهبُ بشَرْطِه الآتِي، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ، وسواءٌ كان التَّالِفُ صَيدَ حَرَم أو غيرَه. قال في «الفُروعِ»: أطْلَقَه الأصحابُ. قال: ويتَوَجَّهُ، إلَّا الضَّارِيَةَ، ولعَلَّه مُرادُهم. وقد قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في مَن أمَرَ رَجُلًا بإمْساكِها: ضَمِنَه، إنْ لم يُعْلِمْه بها. وقال في «الفُصولِ»: مَن أطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا، أو دابَّةً رَفُوسًا، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَضُوضًا على النَّاسِ، وخَلَّاه في طُرُقِهم ومَصاطبِهم ورِحابِهم، فأَتْلَفَ مالًا، أو نَفَسًا، ضَمِنَ؛ لتَفْرِيطِه. وكذا إنْ كانَ له طائرٌ جارِحٌ؛ كالصَّقْرِ والبازِيِّ، فأَفْسَدَ طُيورَ النَّاسِ وحَيواناتِهم. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدة: قال في «الانْتِصارِ»: البَهِيمَةُ الصَّائِلَةُ يَلْزَمُ مالِكَها وغيرَه إتْلافُها. وكذا قال في «عُيونِ المَسائلِ»: إذا عُرِفَتِ البهِيمَةُ بالصَّوْلِ، يجِبُ على مالِكِها قَتْلُها، وعلى الإِمامِ وغيرِه، إذا صالتْ على وَجْهِ المَعْروفِ، ومَن وجَب قَتْلُه على وَجْهِ المَعْروفِ، لم يُضْمَنْ، كمُرْتَدٍّ. وتقدَّم إذا كانتِ البَهِيمَةُ مغْصُوبَةً، وأتْلَفَتْ، عندَ قوْلِه: وإنْ جنَى المَغْصُوبُ، فعليه أَرشُ جِنايَتِه. قوله: إلَّا أنْ تَكُونَ في يَدِ إنْسانٍ؛ كالرَّاكِبِ، والسَّائِقِ، والقائدِ -يعْنِي، إذا كان قادِرًا على التَّصَرُّفِ فيها- فيَضْمَنَ ما جنَتْ يدُها أو فَمُها دُونَ ما جَنَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِجْلُها. وهذا المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «خِلافِه الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يضْمَنُ السَّائقُ جِنايَةَ رِجْلِها. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: وهي أصحُّ؛ لتَمَكُّنِ السَّائقِ مِن مُراعاةِ الرِّجْلِ، بخِلافِ الرَّاكِبِ والقائدِ. وعنه، يضْمَنُ ما جنَت برِجْلِها؛ سواءٌ كان سائِقًا أو قائدًا، أو راكِبًا. ذكَرَها في «المُغْنِي» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: وأوْرَدَ في «المُغْنِي» هذا الخِلافَ مُطْلَقًا في القائدِ والسَّائقِ والرَّاكِبِ، والصَّوابُ ما حَكاه في «الكافِي» وغيرِه مِنَ التَّقْيِيدِ بالسَّائقِ؛ فإنَّه مأُخُوذ مِنَ القاضي، والقاضي إنَّما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه في السَّائقِ فقط. انتهى. قلتُ: هذا غيرُ مُؤثِّر فيما أوْرَدَه المُصَنِّفُ مِنَ الإِطْلاقِ؛ لأنَّ جماعَةً مِنَ الأصحابِ حَكَوا الرِّواياتِ الثَّلاثَ، والنَّاقِلُ مُقَدَّمٌ على النَّافِي. وقال في «المُحَرَّرِ»: يضْمَنُ إذا كان معها راكِبٌ أو قائدٌ أو سائقٌ ما جنَتْ بيَدِها وفَمِها ووَطْءِ رِجْلِها، دُونَ نَفْحِها ابْتِداءً. انتهى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقال ابنُ البَنَّا: إنْ نفَحَتْ برِجْلِها، وهو يَسِيرُ عليها، فلا ضَمانَ، وإنْ كان سائقًا، ضَمِنَ ما جنَتْ برِجْلِها. فوائد؛ منها، لو كبَحَها باللِّجامِ زِيادَةً على المُعْتادِ، أو ضرَبَها في الوَجْهِ، ضَمِنَ ما جنَتْ برِجْلِها أيضًا، ولو لمَصْلَحَةٍ. قال الحارِثِيُّ: لا يخْتَلِفُ الأصحابُ في وُجوبِ الضَّمانِ وَطْئًا ونَفْحًا. وظاهِرُ نَقْلِ ابنِ هانِئٍ في الوَطْءِ؛ لا يضْمَنُ. [ونقَل أبو طالِبٍ، لا يضْمَنُ] (¬1) ما أصابَتْ برِجْلِها، أو نفَحَت بها؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على حَبْسِها. وهو ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ. قاله في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط، انظر: الفروع 4/ 522.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لا يضْمَنُ ما جنَتْ بذَنَبِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كرِجْلِها. قال في «الفُروعِ»: ولا ضَمانَ بذَنَبِها في الأصحَّ. جزَم به في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه، وجزَم به أيضًا في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، مع ذِكْرِهم الخِلافَ في الرِّجْلِ. وقيل: يضْمَنُ. قال الحارِثِيُّ: والذَنَبُ كالرِّجْلِ، يَجْرِي فيه الخِلافُ في السَّائقِ، ولا يضْمَنُ به الرَّاكِبُ والقائدُ، كما لا يضْمَنُ بالرِّجْلِ، وجْهًا واحِدًا. كذا أوْرَدَه في «الكافِي». انتهى. ومنها، لو كان السَّبَبُ مِن غيرِ السَّائقِ والقائدِ والرَّاكِبِ؛ مثْلَ أنْ نخَسَها أو نفَّرَها غيرُه، فالضَّمانُ على مَن فعَل ذلك. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ومنها، لو جنَى وَلَدُ الدَّابَّةِ، ضَمِنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، نصَ عليه. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والسَّامَرِّيُّ، وقطَعا به. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارثِيِّ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَضْمَنُ إنْ فرَّطَ؛ نحوَ أنْ يَعْرِفَه شَمُوصًا، وإلَّا فلا. وقيل: لا يَضْمَنُ مُطْلَقًا. واخْتارهَ المُصنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفائقِ»، ومنها، لو كان الرَّاكِبُ اثْنان، فالضَمانُ على الأوَّلِ، إلَّا أنْ يكونَ صَغِيرًا أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَرِيضًا، ونحوَهما، وكان الثَّانِي مُتَوَلِّيًا تَدْبِيرَها، فيَكونَ الضَّمانُ عليه. وقال الحارثِيُّ: وإنِ اشْتَركا في [التَّصَرُّفِ، اشْتَرَكا في] (¬1) الضَّمانِ. وإنْ كان مع الدَّابَّةِ سائق وقائدٌ، فالضَّمانُ عليهما، على المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: وعن بعضِ المالِكِيَّةِ، الضَّمانُ على القائدِ وحدَه. قال: وهذا قَوْلٌ حَسَنٌ. وإنْ كان معهما، أو مع أحَدِهما راكِبٌ، اشْتَرَكُوا في الضَّمانِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، الضَّمانُ على الراكِبِ فقط. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ». وقيل: يضْمَنُ القائدُ فقط. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». ومنها، الإبِلُ والبِغالُ المُقْطَرَةُ كالبَهِيمَةِ الواحِدَةِ، على قائدِها الضَّمانُ، وإنْ كان معه سائقٌ، شارَكَه في ضَمانِ الأخِير منها دُونَ ما قبلَه. هذا إذا كان في آخِرِها. فإنْ كان في أوَّلِها، شارَكَ في الكُلِّ، وإنْ كان فيما عَدا الأوَّلَ، شارَكَ في ضَمانِ ما باشَرَ سَوْقَه، دُونَ ما قبلَه، وشارَكَ فيما بعدَه. وإنِ انْفَرَدَ راكِبٌ بالقِطار، وكان على أوَّلِه، ضَمِنَ جِنايَةَ الجَميعِ. قاله الحارِثِيُّ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬2)، ومَن تَبعَه: المَقْطورُ على الجَمَلِ المَرْكوبِ، يضْمَنُ جِنايَتَه؛ لانَّه في حُكْمِ القائدِ له، فأَمَّا المَقْطورُ على الجَمَلِ الثَّانِي، فيَنْبَغِي أنْ لا تُضْمَنَ جِنايَتُه؛ لأنَّ الرَّاكِبَ الأوَّلَ لا يُمْكِنُه حِفْظُه عنِ الجِنايَةِ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: وليس بالقَويِّ؛ فإنَّ ما بعدَ الراكبِ إنَّما يَسِيرُ بسَيرِه، ويَطَأُ بوَطْئِه، فأمْكَنَ حِفْظُه عنِ الجِنايَةِ، فضَمِنَ، كالمَقْطُورِ على ما تحتَه. انتهى. ومنها، لو انْفَلَتَتِ الدَّابةُ ممَّن هي في يَدِه، وأفْسدَتْ، فلا ضمانَ. نصَّ عليه، فلو اسْتَقْبَلَها إنْسانٌ فرَدَّها، فقِياسُ قوْلِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انْظر: المغني 12/ 545.

وَمَا أفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ لَيلًا، وَلَا يَضْمَنُ مَا أفْسَدَتْ مِنْ ذَلِكَ نَهَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ الضمانُ. قاله الحارثِي. ومنها، لا فَرْقَ في الرِّاكبِ والسَّائقِ والقائدِ، بينَ المالِكِ، والأجِيرِ، والمُسْتَأجِرِ، والمُسْتَعيرِ، والمُوصَى إليه بالمَنْفَعةِ. وعُمومُ نُصوصِ أحمدَ تقْتَضِيه. قوله: وما أفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ والشجَرِ لَيلًا. يعْنِي، يَضْمَنُه رَبُّها. وهذا بلا نِزاعٍ. لكِن ظاهِرَ كلامِ المُصَنفِ الضَّمانُ؛ سواءٌ انْفلَتَتْ باخْتِيارِه، أو بغيرِ اخْتِيارِه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. نقَلَها جماعَةٌ؛ منهم ابنُ مَنْصُورٍ، وابنُ هانِئ. وقطَع به المُصَنِّفُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: صرَّح به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. انتهى. وقدَّمه في «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِي: كذا قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم القاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وغيرُهم. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَضْمَن إذا لم يُفَرِّطْ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وقال: جزَم به جماعَةٌ. قال ابنُ مُنَجَّى: وكلامُه هنا مُشْعِرٌ به؛ لأنَّه عطَفَه على ضَمان ما جَنَتْ يَدُها أو فَمُها، بعدَ اشْتِراطِ كوْنِها في يَدِ إنْسانٍ مَوصوفٍ بما ذكَر. انتهى. قال الحارِثِي: إنَّما يَضْمَنُ إذا فرَّط، أمَّا إذا لمُ يُفَرِّطْ، فإنه لا يَضْمَنُ. قاله القاضِيان؛ أبو يَعْلَى، وابنُه أبو الحُسَينِ، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضي يَعْقُوبُ، والسَّامَرِّيُّ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، وغيرُهم. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفائقِ»: ولو كَسَرتِ البابَ، أو فتَحَتْه، فهَدَرٌ، ولو فتَحَه آدَمِيُّ، ضَمِنَ. تنبيه: قوْلُه: وما أَفْسَدَتْ مِنَ الزَّرْعِ والشَّجَرِ ليلًا، يضمَنُه رْبُّها. خصَّصَ الضَّمانَ بالأمْرَين. وهكذا قال في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وجماعَةٌ. قال في «الفُروعِ»: جزَم به المُصَنِّفُ. ولعَلَّه أرادَ في هذا الكِتابِ. وذكَرَه أيضًا رِوايَةً عن أحمدَ. وجزَم في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، أنَّه لا يضْمَنُ سِوَى الزَّرْعِ. فقال في «المُغْنِي» (¬1): إنْ أتْلَفَتْ غيرَ الزَّرْعِ، لم يضْمَنْ مالِكُها؛ نَهارًا كان أو لَيلًا. قال الحارِثِيُّ، وابنُ مُنَجَّى: ولم أجِدْه لأحَدٍ غيرَه. انتهيا. قلتُ: هو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لاقْتِصارِه عليه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَضْمَنُ جميعَ ¬

(¬1) انظر: المغني 12/ 542.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أتْلَفَتْه مُطْلَقًا. قال الحارِثِيُّ: وكافةُ الأصحابِ على التَّعْميمِ لكُلِّ مالٍ، بل منهم مَن صرَّح بالتَّسْويَةِ بينَ الزَّرْعِ وغيرِه؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، والسَّامَرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: خصَّ المُصَنِّفُ الحُكْمَ بالزَّرْعِ والشَّجَرِ، وليس كذلك عندَ الأصحابِ. انتهى. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: نصَّ عليه، وجزَم به جماعةٌ. انتهى. وقدَّمه في «الفائقِ» أيضًا. وقال في «الواضِحِ»: يضْمَنُ ما أتْلَفَتْ لَيلًا مِن سائرِ المالِ، بحيثُ لا يُنْسَبُ واضِعُه إلى تَفْرِيطٍ. فائدة: لو ادَّعَى صاحِبُ الزَّرْعِ، أنَّ غَنَمَ فُلانٍ نفَشَتْ ليلًا، ووُجِدَ في الزَّرعِ أَثرُ غَنَمٍ، قُضِيَ بالضَّمانِ على صاحِبِ الغَنَمِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجعَل الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ هذا مِنَ القِيافَةِ في الأمْوالِ، وجعَلَها مُعْتَبرَةً كالقِيافَةِ في الأنْسابِ. قاله في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ». ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ، لا يُكْتَفَى بذلك. قلتُ: ومحَلُّ الخِلافِ إذا لم يكُنْ هناك غَنَمٌ لغيرِه. قوله: ولا يَضْمَنُ ما أَفْسَدَتْ مِن ذلك نَهارًا. ظاهِرُه؛ سواءٌ أرْسَلَها بقُرْبِ ما تُفْسِدُه عادَةً، أو لا. وهو أحَدُ القَوْلَين، وهو ظاهرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وجماعةٍ. وقدَّمه في «الفرُوعِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الحَقُّ، وهو ظاهرُ كلامِ الأكْثَرِين مِن أهْلِ المذهبِ، وصرَّح به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وقال القاضي، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا يَضْمَنُ إلَّا أنْ يُرْسِلَها بقُرْبِ ما تُتْلِفُه عادَةً، فيَضْمَنَ. وذكَرَه الحارِثِيُّ وغيرُه رِوايَةً. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقاله القاضي في مَوْضِعٍ. نقَلَه الزَّرْكَشِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، قال الحارِثِي: لو جرَتْ عادَةُ بعضِ النَّواحِي برَبْطِها نَهارًا، وبإرْسالِها وحِفْظِ الزَّرْعِ لَيلًا، فالحُكْمُ كذلك؛ لأنَّ هذا نادِرٌ، فلا يُعْتَبَرُ به في التَّخْصيصِ. الثَّانيةُ، إرْسالُ الغاصِبِ، ونحوه، مُوجبْ للضَّمانِ؛ نَهارًا كان أو لَيلًا، وإرْسالُ المُودَعِ كإرْسالِ المالِكِ في انْتِفاءِ الضَّمانِ. قاله الحارِثِيُّ أيضًا، والمُسْتَعِيرُ، والمُسْتَأْجِرُ (¬1) كذلك. ولو اسْتَأْجرَ أجِيرًا لحِفْظِ دَوابِّه، فأرْسَلَها نَهارًا، فكذلك، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ الكَفَّ عنِ الزَّرْعِ، فيَضْمَنَ، فهو كاشْتِراطِ المالِكِ على المُودَعِ ضبْطَها نَهارًا. الثَّالثةُ، لو طردَ دابَّةً مِن مَزْرَعَتِه، لم يَضْمَنْ ما جنَتْ، إلَّا أنْ يُدْخِلَها مَزْرَعَةَ غيرِه، فيَضْمَنَ. وإنِ اتَّصَلَتِ المَزارِعُ، صَبَرَ؛ ليَرْجِعَ على صاحِبِها. ولو قَدَرَ أنْ يُخْرِجَها، ولهُ منْصَرَفٌ غيرَ المَزارِعِ فتَرَكَها، فهَدَرٌ. الرَّابِعَةُ، الحَطَبُ الذي على الدَّابَّةِ، إذا خرَقَ ثَوْبَ آدَمِيٍّ بَصِير عاقل، يَجِدُ مُنْحَرَفًا، فهو هَدَرٌ. كذا لو كانَ مُسْتَدْبِرًا، وصاحَ به مُنَبِّهًا له، وإلَّا ضَمِنَه فيهما. ذكَرَه في «التَّرْغِيب»، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». الخامسةُ، لو أرْسَلَ طائِرًا فأفْسَدَ، أو لقَط حَبًّا، فلا ضَمانَ. قاله الحارِثِيُّ. [وقيل: يضْمَنُ مُطْلَقًا. وهو الصَّحيحُ. صحَّحَه ابنُ مُفْلِح في «الآدابِ»، وضعَّف الأوَّلَ، وكذلك صحَّحه ابنُ القَيِّمِ في «الطُرُقِ الحُكْمِيَّةِ»، ولم يذْكُرْها في «الفُروعِ»] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

وَمَنْ صَال عَلَيهِ آدَمِيٌّ أَوْ غَيرُهُ، فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن صال عليه آدَمِي أو غيرُه، فقتَله دَفْعًا عن نَفْسِه، لم يَضْمَنْه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والعِشْرِين»: لو دفَع صائلًا عليه بالقَتْلِ، لم يَضْمَنْه، ولو دَفَعَه عن غيرِه بالقَتْلِ، ضَمِنَه. ذكَرَه القاضي. وفي «الفَتاوَى الرَّجَبِيَّاتِ» عن ابن عَقيلٍ، وابنِ الرَّاغُونِيِّ، لا ضَمانَ عليه أيضًا. قال الحارِثِيُّ: وعن أحمدَ رِوايَةٌ بالمَنْعِ مِن قِتالِ اللصوصِ في الفِتْنَةِ، فيتَرتَّبُ عليه وُجوبُ الضَّمانِ بالقَتْلِ؛ لأنَّه مَمْنوعٌ منه إذَنْ، وهذا لا عَملَ عليه. انتهى. قلتُ: أمَّا وُرودُ الرِّوايَةِ بذلك،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَمُسَلَّمٌ، وأمَّا وُجوبُ الضَّمانِ بالقَتْلِ، ففي النَّفْسِ مِن هذا شيءٌ. وخرَّج الحارِثِيُّ وغيرُه قَوْلًا بالضَّمانِ بقَتْلِ البَهيمِ الصَّائلِ؛ [بِناءً على ما قاله أبو بَكْر في الصَّيدِ الصَّائلِ] (¬1) على المُحْرِمِ. ويأْتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، في آخِرِ بابِ المُحارِبِين، بأَتَمَّ مِن هذا، ومَسائلُ أُخَرُ. إنْ شاءَ الله تعالى. فائدة: لو حالتْ بَهِيمَة بينَه وبينَ مالِه، ولم يَصِلْ إليه إلَّا بقَتْلِها، فقَتَلَها، فيَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنَ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَضْمَنَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما الحارِثِيُّ. قلتُ: قد يقْرُبُ مِن ذلك ما لو انْفَرَشَ الجَرادُ في طَريقِ المُحْرِمِ، بحيثُ إنَّه لا يقْدِرُ على المُرورِ إلَّا بقَتْلِه، هل يَضْمَنُه، أم لا؟ على ما تقدَّم. ويأْتِي نَظيرُها في آخِرِ كِتابِ الدِّياتِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنِ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا، ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اصْطَدَمَه سَفِينَتان، فغَرِقَتا، ضَمِنَ كل واحِدٍ منهما سَفينَة الآخَرِ وما فيها. [هكذا أطْلَقَ كثير مِنَ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: محَلُّه إذا فرَّط. قال الحارِثِي: إنْ فرَّط، ضَمِنَ كل واحدٍ سَفِينَةَ الآخَرِ وما فيها] (¬1)، وإنْ لم يُفَرِّطْ، فلا ضَنمانَ على واحدٍ منهما. حَكاه المُصَنِّفُ في «كِتابَيه»، ومَن عَداه مِنَ الأصحابِ. ونصَّ أحمدُ على نحوه مِن رِوايَةِ أبِي طالِبٍ. مع أنَّ إطْلاقَ المَتْنِ لا يَقْتَضِيه، غيرَ أنَّ الإطْلاقَ مُقَيَّدٌ بحالةِ التَّفْريطِ التي قدَّمْناها، على ما ذهَب إليه الأصحابُ مِن غيرِ خِلافٍ عَلِمْتُه بينَهم. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وإنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتان فغَرِقَتا، ضَمِنَ كلُّ واخدٍ منهما مُتْلَفَ الآخَرِ. وفي «المُغْنِي»، إنْ فرَّطا. وقاله في «المُنْتَخَبِ»، وأنَّه ظاهِرُ كلامِه. انتهى. وجزَم بما قاله الحارِثِيُّ في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. تنبيه: حيثُ قُلْنا بالضَّمانِ، فيَضمَنُ كلُّ واحدٍ منهما سَفِينَةَ الآخَرِ وما فيها، كما قال المُصَنفُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِيُّ: قال الشَّافِعِيُّ: على كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُ الضَّمانِ؛ لاشْتِراكِهما في السَّبَبِ؛ فإنه حصَل مِن كل واحِدٍ بفِعْلِه وفِعْلِ صاحبِه، فكان مُهْدَرًا في حقِّ نَفْسِه، مضمُونًا في حق الآخَرِ، كما في التَّلَفِ مِن جِراحَةِ نَفْسِه وجِراحَةِ غيرِه. قال الحارِثِيُّ: وهذا له قُوَّةٌ.

فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً، فَعَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ غَلَبَهُ رِيحٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَتْ إحْداهما مُنْحَدِرَةً، فعلى صاحِبِها ضَمانُ المُصْعِدَةِ، إلَّا أنْ يكونَ غلَبَه رِيحٌ، فلم يَقْدِرْ على ضَبْطِها. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِي»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وفي «الواضِحِ» وَجْهٌ، لا تُضْمَنُ مُنْحدِرَة. وقال في «التَّرْغِيبِ»: السَّفِينَةُ كدابَّةٍ، والمَلَّاحُ كراكِبٍ. تنبيه: قال الحارِثِيُّ: وسواءٌ فرطَ المُصْعِدُ في هذه الحالةِ أو لا، على ما صرَّح به في «الكافِي». وأطْلَقه الأصحابُ، وأحمدُ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): إن فرَّط المُصْعِدُ؛ بأنْ أمْكَنَه العُدولُ بسَفِينَتِه، والمُنْحَدِرُ غيرُ قادِرٍ ولا مُفَرِّطٍ، فالضَّمانُ على المُصْعِدِ؛ لأنَّه المُفَرِّطُ. قال الحارِثِيُّ: وهذا صَريحٌ في أنَّ المُصْعِدَ يُؤاخَذُ بتَفْريطِه. ¬

(¬1) انظر: المغني 12/ 549.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يُقْبَلُ قَوْلُ المَلَّاحِ: إنَّ تلَفَ المالِ بغَلَبَةِ رِيحٍ. ولو تعَمَّدا الصَّدْمَ، فشَرِيكان في إتْلافِ كلَّ منهما، ومَن فيهما. فإنْ قُتِلَ في الغالِبِ، فالقَوَدُ، وإلَّا شِبْهُ عَمْدٍ، ولا يسقُطُ فِعْلُ المُصادِمِ في حقِّ نَفْسِه مع عَمْدٍ. ولو حرَقَها عَمْدًا أو شِبْهَه، أو خَطَأ، عُمِلَ على ذلك. قاله في «الفُروعِ». وقال الحارِثِي: إنْ عمَد ما لا يُهلِكُ غالِبًا، فشِبْهُ عَمْدٍ. وكذا ما لو قصَد إصْلاحَها، فقلَع لَوْحًا، أو أصْلَحَ مِسْمارًا، فخَرَقَ مَوْضِعًا. حَكاه القاضي وغيرُه. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): والصَّحيحُ أنَّه خطَأٌ محْضٌ؛ لأنَّه قصَدَ فِعْلًا مُباحًا. وهل يَضْمَنُ مَن ألْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بسَفِينَةٍ، فغَرَّقَها، ما فيها، أو نِصْفَه، أو بحِصَّتِه؟ قال في «الفُروعِ»: يَحْتَمِلُ أوْجُهًا. قلتُ: هي شَبيهَةٌ بما إذا جاوَزَ بالدَّابَّةِ مَكانَ الإجارةِ، أو حمَلَها زِيادَةً على المأْجُورِ، فتَلِفَتْ، أَو زادَ على الحَدِّ ¬

(¬1) انظر: المغني 12/ 551.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَوْطًا، فقتَلَه. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، هناك، أنَّه يضْمَنُه جميعَه على ما تقدَّمَ. ويأتِي في كلام المُصَنِّفِ، في كتابِ الحُدودِ، فكذلك هنا. وجزَم في «الفُصولِ»، أنَّه يَضْمَنُ جميعَ ما فيها. ذكَرَه في أثْناءِ الإِجارَةِ، وجعَلَه أصْلًا لما إذا زادَ على الحدِّ سَوْطًا، في وُجوبِ الدِّيِة كامِلَةً. وكذلك المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» جعَلَها أصْلًا في وُجوبِ ضَمانِ الدَّابَّةِ كامِلَةً، إذا جاوَزَ بها مَكانَ الإجارَةِ، أو زادَ على الحدِّ سَوْطًا. ولو أشْرَفَتْ على الغَرَق، فعلى الرُّكْبانِ إلْقاءُ بعضِ الأمْتِعَةِ حسَبَ الحاجَةِ، ويَحْرُمُ إلْقاءُ الدَّوابِّ، حيث أمْكَنَ التَّخْفيفُ بالأمْتِعَةِ، وإنْ ألْجَأت ضَرُورَةٌ إلى إلْقائِها، جازَ؛ صَوْنًا للآدَميِّين. والعَبِيدُ كالأحْرارِ. وإنْ تقاعَدُوا عنِ الإلْقاءِ مع الإِمْكانِ، أثِمُوا. وهل يجبُ الضَّمانُ؟ فيه وَجْهان، اخْتارَ المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه عدَمَه. والثَّاني، يضمَنُ. وأطْلَقهما الحارِثِيُّ. ولو ألْقَى مَتاعَه، ومَتاعَ غيرِه، فلا ضَمانَ على أحدٍ. ذكَرَه الأصحابُ. قاله الحارِثِيُّ. وإنِ امْتَنَع مِن إلْقاءِ مَتاعِه، فللغيرِ إلْقاؤْه مِن غير رِضاه، دَفْعًا للمَفْسَدَةِ، لكنْ يضْمَنُه. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرُهم. قال الحارِثِي: وعن مالِكٍ، لا يَضْمَنُ؛ اعْتِبارًا بدَفْعِ الصَّائلِ. قال: ويتَخَرَّجُ لنا مِثْلُه، بِناءً على انْتِفاءِ الضَّمانِ بما لو أرْسَلَ صَيدًا مِن يَدِ مُحْرِم. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وتقدَّمَ في آخِرِ الضَّمانِ بعضُ ذلك، ومَسائِلُ أُخَرُ تَتعَلَّقُ بهذا، فليُعاوَدْ. الثَّانيةُ، لو كانتْ إحْداهما واقِفَةً، والأخْرَى سائِرَةً،

وَمَنْ أَتْلفَ مِزْمَارًا، أوْ طُنْبُورًا، أَوْ صَلِيبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى قَيِّمِ السَّائِرَةِ ضَمانُ الواقِفَةِ، إنْ فرَّط، وإلَّا فلا. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والقاضي، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوائلِ كتابِ الدِّيات، إذا اصْطَدَمَ نَفْسان، أو أرْكَبَ صَبِبَّيْن فاصْطَدَما، ونحوُهما. قوله: ومَنِ أتْلَفَ مِزْمارًا، أو طُنْبُورًا، أو صَلِيبًا، أو كسَر إناءَ فِضَّةٍ، أو ذَهَب، أو إِناءَ خمْرٍ، لم يَضْمَنْه. وكذا العُودُ، والطَّبلُ، والنَّرْدُ، وآلةُ السِّحْرِ، والتَّعْزيمِ، والتَّنْجيمِ، وصُوَرُ خَيالٍ، والأوْثانُ، والأصْنامُ، وكُتُبُ المُبْتَدِعَةِ المُضِلَّةُ، وكتُبُ الكُفْرِ، ونحوُ ذلك. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ، في الثَّلاثَةِ الأوَلِ، وقدَّمُوه في الباقي مِن كلامِ المُصَنِّفِ، وصحَّحُوه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، في الجميعِ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: لا ضَمانَ في

أَوْ كسَرَ إِناءَ فِضَّةٍ أَوْ ذهَبٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهُورِ. وهو منها. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يضْمَنُ غيرَ الصَّلِيبِ ممَّا ذكَرَه المُصَنِّفُ. وأطْلَقَ في «المُحَرَّرِ»، في ضَمانِ كَسْرِ آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والخَمْرِ، رِوايتَين. وأطْلَقَ في «التَّلْخيصِ»، في ضَمانِ كَسْرِ أوانِي الِخَمْرِ وشق ظُروفِه، رِوايتَين. قال في «المُغْنِي» (¬1): حكَى أبو الخَطَّابِ رِوايَةً بأنَّه يضْمَنُ، إذا كسَر أوانِيَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. قال الحارِثِيُّ: وحَكاها القاضي يَعْقُوبُ في «تَعْليقِه»، وأبو الحُسَينِ في «التَّمامِ»، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ في «المُفْرَداتِ»، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: إنْ أْرِيدَ ضَمانُ الإجْزاءِ، وهو ظاهرُ إيرادِهم؛ فإنَّ بعضَهم علَّلَه بجَوازِ المُعاوَضَةِ عليها، والقَطْعِ بسَرِقَتِها، فمُسَلَّم، ولكِنْ ليس محَلَّ النِّزاعِ؛ لأنَّه لا خِلافَ فيه. وإنْ أرِيدَ ضَمانُ الأرْشِ، وهو فَرْضُ ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 428.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْألةِ، فلا أعْلَمُ له وَجْهًا. وذكَر مأْخذَهم مِنَ الرِّوايَةِ، ورَدَّه. وعنه، يضْمَنُ آنِيَةَ الخَمْرِ، إنْ كان يُنْتَفَعَ بها في غيرِه. وعنه، يضْمَنُ غيرَ آلةِ اللَّهْو ممَّا ذكَرَه المُصَنِّفُ. وعنه، لا يضْمَنُ غيرَ الدُّفِ. وأطْلَقَ في «الرِّعايةِ»، في ضمانِ دُفِّ الصُّنوجِ رِوايتَين. وعنه، لا يضْمَنُ دُفَّ العُرْسِ، أعْنِي، التي ليس فيها صُنُوجٌ، ذكَرَها الحارِثِيُّ. وحكَى القاضي في كتابِ «الروايتَين» رِوايَةً بجَوازِ إتْلافِه في اللَّعبِ بما عَدا النِّكاحِ. ورَدَّه الحارِثِيُّ. وقال في «الفُنونِ»: يَحْتَمِلُ أنْ يَضمَنَ آلةَ اللَّهْو، إذا كان يُرْغبُ في مادَّتِها؛ كعُودٍ، وداقورَةٍ.

أوْ إِنَاءَ خَمْرٍ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَعَنْهُ، يَضْمَنُ آنِيَةَ الْخَمْرِ أنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحلُّ الخِلافِ في آنِيَةِ الخَمْرِ، إذا كانَ مَأمُورًا بإراقَتِها. واعلمْ أنَّ ظاهِرَ كلامِ المُصَنِّف في آنِيَةِ الخَمْرِ، أنَّه سواءٌ قدَر على إراقَتِها بدُونِ تَلَفِ الإِناءِ، أو لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نقلَه المَرُّوذِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه: إنْ لم يَقْدرْ على إراقَتِها إلَّا بتَلَفِها، لم يضمَنْ، وإلَّا ضَمِنَ. فوائد؛ منها، لا يَضمَنُ مَخْزنَ الخَمْرِ إذا أحْرَقَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه ابنُ مَنْصورٍ، واخْتارهَ ابنُ بَطَّةَ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل حنْبَلٌ، يَضْمَنُه. وجزَم به المُصَنِّفُ. وقال في «الهَدْي»: يجوزُ تَحْرِيقُ أماكِنِ المَعاصِي وهَدْمُها، كما حرَّقَ رسُولُ اللهِ، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مَسْجِدَ الضِّرارِ، وأمرَ بهَدْمِه. ومنها، لا يضْمَنُ كِتابًا فيه أحاديثُ رَدِيئَةٌ حرَّقه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نقَلَه المَرُّوذِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الانتِصارِ»: فجعَلَه كآلَةِ لَهْوٍ ثم سلَّمَه، على نَصِّه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِ، في سِتْرٍ فيه تَصاويرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونصَّ على تَخْرِيقِ الثِّيابِ السُّودِ. قال في «الفُروعِ»: فيَتَوجَّهُ فيهما رِوايَتان. ومنها، لا يضْمَنُ حَلْيًا مُحَرَّمًا علي الرِّجالِ لم يَسْتَعْمِلُوه، يصْلُحُ للنِّساءِ. قاله في «الفُروعِ». ومنها، قال صاحِبُ «الفُروعِ»: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ الشِّطْرَنجَ مِن آلةِ اللَّهْو. قلتُ: بل هي مِن أعْظَمِها، وقد عَمَّ البَلاءُ بها. ونقَل أبو داودَ، لا شيءَ عليه فيه.

باب الشفعة

بَابُ الشُّفْعَةِ وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الْإِنْسَانِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الشُّفْعَةِ قوله: وهي اسْتِحْقاقُ الإِنْسانِ انتِزاعَ حِصَّةِ شَرِيكِه مِن يَدِ مُشْتَرِيها. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْاهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، و «الخُلاصَةِ»، وزادَ، قَهْرًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو غيرُ جامِعٍ؛ لخُروجِ الصُّلْحِ بمَعْنَى البَيعِ، والهِبَةِ بشَرْطِ الثَّوابِ، ونحو ذلك منه. قلتُ: ويُمْكِنُ الجوابُ عن ذلك بأن الهِبَةَ بشَرْطِ الثَّوابِ، بَيعٌ على الصَّحيح منَ المذهبِ، على ما يأْتِي، فالمَوْهوبُ له مُشْتَر. وكذلك الصُّلْحُ يُسَمَّى فيه بائعًا ومُشْتَرِيًا؛ لأنَّ الأصحابَ قالوا فيهما: هو بَيعٌ. فهو إذَنْ جامِعٌ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): هي اسْتِحْقاقُ الشَّريكِ انْتِزاعَ حِصَّةِ شَرِيكِه المُنْتَقِلَةِ عنه مِن ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 435.

وَلَا يَحِلُّ الاحْتِيَال لإسْقَاطِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَدِ مَنِ انْتَقَلتْ إليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو غيرُ مانِعٍ؛ لدُخُولِ ما انْتقَلَ بغيرِ عِوَض؛ كالأَرْش، والوَصِيَّةِ، والهِبَةِ بغيرِ ثَوابٍ، أو بغيرِ عِوَض مالِيٍّ، على المَشْهورِ، كالخُلْعِ ونحوه. قال: فالأجْوَدُ إذَنْ أنْ يُقال: مِن يَدِ مَنِ انْتقَلَتْ إليه بعِوَض مالِيٍّ، أو مُطْلَقًا. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، قال الحارِثِيُّ: ولا خَفاءَ بالقُيودِ في حدِّ المُصَنِّف؛ فقَيدُ الشَّرِكَةِ مُخْرِج للجِوارِ، والخُلْطَةِ بالطَّريقِ، وقَيدُ الشِّراءِ مُخْرِج للمَوْهوبِ، والمُوصَى به، والمَوْروثِ، والمَمْهورِ، والعِوَضِ في الخُلْعِ، والصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ. وفي بعضِه خِلافٌ. قال: وأوْرَدَ على قَيدِ الشَّرِكَةِ، أنْ لو كان مِن تَمامِ الماهِيَّةِ، لما حَسُن أنْ يُقاقَ: هل تثْبتُ الشُّفْعَةُ للجارِ، أم لا؟ انتهى. الثَّانيةُ، قولُه: ولا يحِلُّ الاحْتِيالُ لإِسْقاطِها. بلا نِزاعٍ في المذهبِ، نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تسْقُطُ بالتَّحَيُّلِ أَيضًا. نصَّ عليه. وقد ذكَر الأصحابُ للحِيلَةِ في إسْقاطِها صُوَرًا، الأُولَى، أنْ تكونَ قِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةً، وللمُشْتَرِي عَرْضٌ قِيمَتُه مِائَة، فيَبِيعَه العَرْضَ بمِائَتَين، ثم يشْتَرِيَ الشقْصَ منه بمِائَتَين، ويَتقاصَّان، أو يتَواطَآن على أنْ يدْفَعَ إليه عَشَرَةَ دَنانِيرَ عنِ المِائَتَين، وهي أقَلُّ مِنَ المِائَتَين، فلا يُقْدِمُ الشَّفِيعُ عليه؛ لنُقْصانِ قِيمَتِه عنِ المِائتَيْن. الثَّانيةُ، إظْهارُ كَوْنِ الثَّمَنِ مِائَةً، ويكون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَدْفوعُ عِشْرِين فقط. الثَّالِثَةُ، أنْ يكونَ كذلك، ويُبْرِئَه مِن ثَمانِين. الرَّابعة، أنْ يهَبَه الشَّقْصَ، ويهَبَه المَوْهوبُ له الثَّمَنَ. الخامسةُ، أنْ يبيعَه الشِّقْصَ بصُبْرَةِ دَراهِمَ معْلُومة بالمُشاهَدَةِ، مَجْهولَةِ المِقْدارِ، أو بجَوْهَرٍ، ونحوها. فالشَّفْيعُ على شُفْعَتِه في جميعِ ذلك، فيَدْفَعُ في الأُولَى قِيمَةَ العَرْضِ مِائَة، أو مِثْلَ العَشَرَةِ دَنانِيرَ. وفي الثَّانيةِ عِشْرِين. وفي الثَّالِثَةِ كذلك؛ لأنَّ الإبراءَ حِيلَةٌ. قاله في «الفائقِ»، وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يأْخُذُ الجُزْءَ المَبِيعَ مِنَ الشِّقْصِ بقِسْطِه مِنَ الثَّمَنِ، ويحْتَمِلُ أنْ يأْخُذَ الشِّقْصَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُلَّه بجميعِ الثَّمَنِ. وجزَم بهذا الاحْتِمالِ في «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. وفي الرَّابعَةِ، يرْجِعُ في الثَّمَنِ المَوْهوبِ له. وفي الخامسةِ، يدْفَعُ مِثْلَ الثَّمَنِ المَجْهولِ، أو قِيمَتَه، إنْ كان باقِيًا. ولو تعَذَّرَ بتَلَفٍ أو مَوْتٍ، دفَع إليه قِيمَةَ الشقْصِ. ذكَر ذلك الأصحابُ. نقَلَه في «التَّلْخيصِ». وأمَّا إذا تعَذَّرَ مَعْرِفَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّمَنِ مِن غيرِ حِيلَةٍ؛ بأنْ قال المُشْتَرِي: لا أعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ. كان القَوْلُ قوْلَه مع يمِينه، وأنَّه لم يَفْعَلْه حِيلَةً، وتسْقُطُ الشُّفْعَةُ. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: ومِن صُوَرِ التحَيُّلِ؛ أنْ يقِفَه المُشْتَرِي، أو يهَبَه حِيلَةً، لإِسْقاطِها، فلا تسْقُط بذلك عندَ الأئمةِ الأرْبَعَةِ، ويغْلَطُ مَن يحْكُمُ بهذا ممَّن ينْتَحِل مذهبَ أحمدَ، وللشَّفِيعِ الأخْذُ بدونِ حُكْم. انتهى. قال في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والخَمسِين»: هذا الأظهَرُ.

وَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ؛ أَحَدُهَا، أنْ يَكُونَ مَبِيعًا. وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا انْتَقَلَ بِغَيرِ عِوَضٍ بِحَالٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا فِيمَا عِوَضُهُ غَيرُ الْمَالِ؛ كَالصَّدَاقِ، وَعِوَض الْخُلْعَ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا شُفْعَةَ فيما عِوَضُه غيرُ المالِ؛ كالصَّداقِ، وعِوَضِ الخُلْعِ، والصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وظاهِرُ «الشَّرْحِ» الإِطْلاقُ؛ أحدُهما، لا شُفْعَةَ في ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الكافِي»: لا شُفْعَةَ فيه في ظاهِرِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَين عندَ القاضي، وأكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا أوْلَى. قال الحارِثِيُّ: أكثرُ الأصحابِ قال بانْتِفاءِ الشُّفْعَةِ؛ منهم أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى، وأبو عليِّ بنُ شِهابٍ، والقاضي، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضي يَعْقُوبُ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَر، وأبو القاسِمِ الزَّيدِيُّ، والعُكْبَرِيُّ، وابنُ بَكْروس، والمُصَنِّفُ. وهذا هو المذهبُ، ولذلك قدَّمه في المَتْنِ. انتهى. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وصحَّحه في «التَّصحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهها. والوَجْهُ الثَّاني، فيه الشُّفْعَةُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، وابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». فعلى هذا القَوْلِ، يأْخُذُه بقِيمَتِه. على الصَّحيحِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «الهِدايَةِ». وقيل: يأْخُذُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقِيمَةِ (¬1) مُقابِلِه؛ مِن مَهْرٍ ودِيَةٍ. حَكاه الشَّريفُ أبو جَعْفَر عنِ ابنِ حامِدٍ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وسيأْتِي ذلك في كلام المُصَنِّفِ؛ في آخِرِ الفَصْلِ السَّادِسِ. فوَائد؛ منها، قال في «الفُروعِ»: وعلى قِياسِ هذه المَسْأَلةِ؛ ما أُخِذَ أُجْرَةً، أو ثَمَنًا في سَلَمٍ، أو عِوَضًا في كِتابَةٍ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في ¬

(¬1) في ط: «بقيمته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»: ومِثْلُه ما اشْتَراه الذميُّ بخَمْر، أو خِنْزِير. قال الحارِثِيُّ: وطرَد أصحابُنا الوَجْهَين في الشِّقْصِ المَجْعُولِ أُجْرَةً في الإجارَةِ، ولكِنْ نقولُ: الإِجارَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَوْعٌ مِنَ البَيعِ، فيَبْعُدُ طَرْدُ الخِلافِ [إذَنْ. فالصَّحيحُ على أصْلِنا، جرَيانُ الشُّفْعَةِ، قوْلًا واحِدًا. ولو كان الشِّقْصُ جُعْلًا في جَعالةٍ، فكذلك مِن غيرِ فَرْقٍ. وطرَد صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ الخِلافَ] (¬1) أيضًا في الشِّقْصِ المأْخُوذِ عِوَضًا عن نُجومِ الكِتابَةِ. ومنهم مَن قطَع بنَفْي الشفْعَةِ فيه، وهو القاضي يَعْقُوبُ. ولا أعْلَمُ لذلك وَجْهًا. وحكَى بعضُ شُيوخِنا، فيما قرأْتُ عليه، طَرْدَ الوَجْهَين أيضًا في المَجْعولِ رأْسَ مالٍ في السَّلَمِ. وهو أيضًا بعيدٌ؛ فإنَّ السَّلَمَ نَوْعٌ مِنَ البَيعِ. انْتَهى كلامُ الحارِثِيِّ، ثم قال: إذا تقَرَّرَ ما قُلْنا في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ شِقْصًا مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ يَنْقَسِمُ، فَأَما الْمَقْسُومُ الْمُحَادُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المأْخُوذِ (¬1) عِوَضًا عن نُجومِ الكِتابَةِ، فلو عجَز المُكاتَبُ بعدَ الدَّفْعِ ورَقَّ، هل تجِبُ الشُّفْعَةُ إذَنْ؟ قال في «التَّلْخيصِ»: يحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، نعم. والثَّاني، لا، وهو أوْلَى. الثَّانيَةُ، لو قال لأمِّ وَلَدِه: إنْ خدَمْتِ أوْلادِي شَهْرًا، فلك هذا الشِّقْصُ. فخَدَمَتْهم، اسْتَحَقَّتْه، وهل تَثْبُتُ فيه الشُّفْعَةُ؟ يحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، نعم. وهذا على القَوْلِ بالشُّفْعَةِ في الإِجارَةِ. والثَّاني، لا؛ لأنَّها وَصِيَّة. قاله الحارِثِيُّ. وهذا الثَّاني هو الصَّوابُ. الثَّالثةُ، إذا قيلَ بالشفْعَةِ في المَمْهُورِ، فطَلَّقَ الزَّوْجُ قبلَ الدُّخولِ، وقبلَ الأخْذِ، فالشُّفْعَةُ مُسْتَحَقَّةٌ في النِّصْفِ بغيرِ إشْكالٍ، وما بَقِيَ؛ إنْ عفَا عنه الزَّوْجُ، فهِبَةٌ مُبْتَدَأة لا شُفْعَةَ فيه، على الصَّحيحِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يسْتَحِقُّه الشَّفِيعُ. وإنْ لم يَعْفُ، فلا شُفْعَةَ فيه أيضًا. على الصَّحيحِ؛ لدُخُولِه في مِلْكِ الزَّوْجِ قبلَ الأخْذِ. قدَّمه في «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيلٍ احْتِمالين، والمُصَنِّفُ وَجْهَين. قال الحارِثِيُّ: والأخْذُ هُنا بالشُّفْعَةِ لا يتَمَشَّى على أصُولِ أحمدَ. وإنْ أخَذ الشَّفِيعُ قبلَ الطَّلاقِ، فالشُّفْعَةُ ماضِيَة، ويرْجِعُ الزَّوْجُ إلى نِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ. قال القاضي وغيرُه: يرْجِعُ بأقَلِّ الأمْرَين؛ مِن نِصْفِ قِيمَتِه يَوْمَ إصْداقِها، ويَوْمَ إقْباضِها. قوله: الثَّاني، أَنْ يكونَ شِقْصًا مُشاعًا مِن عَقارٍ يَنْقَسِمُ -يعْنِي قِسْمَةَ إجْبارٍ - ¬

(¬1) في الأصل: «الموجود».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأمَّا المَقْسُومُ المَحْدُودُ، فلا شُفْعَةَ لجارِه فيه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تثْبُتُ الشُّفْعَةُ للجارِ. وحكاه القاضي يَعْقُوبُ في «التَّبْصِرَةِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ عن قَوْم مِنَ الأصحابِ رِوايَةً. قال الزَّرْكَشِيُّ: وصحَّحه ابنُ الصَّيرَفِيِّ، واخْتارَه الحارِثِيُّ، فيما أظُنُّ، وأخَذ الرِّوايَةَ مِن نَصِّه في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ، ومُثَنَّى، لا يحْلِفُ أنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ بالجِوارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِيُّ: والعَجَبُ ممَّن يُثْبِتُ بهذا رِوايَةً عن أحمدَ. قال في «الفائقِ»: وهو مأخَذٌ ضعيفٌ. وقيل: تجِبُ الشُّفْعَةُ بالشَّرِكَةِ في مَصالحِ عَقارٍ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد سأَلَه عنِ الشُّفْعَةِ؟ فقال: إذا كان طَريقُهما واحِدًا شُرَكاءَ، لم يقْتَسِمُوا، فإذا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ، وعُرِفَتِ الحُدودُ، فلا شُفْعَةَ. وهذا هو الذي اخْتارَه الحارِثِيُّ. لا كما ظَنَّه الزَّرْكَشِي، مِن أنَّه اخْتارَ الشُّفْعَةَ للجارِ مُطْلَقًا، فإنَّ الحارِثِيَّ قال: ومِنَ النَّاسِ مَن قال بالجَوازِ، لكِنْ بقَيدِ الشَّرِكَةِ في الطَّريقِ. وذكَر ظاهِرَ كلامِ أحمدَ المُتقَدِّمِ، ثم قال: وهذا الصَّحيحُ الذي يتَعَيَّنُ المَصِيرُ إليه. ثم ذكَر أدِلَّتَه، وقال: وفي هذا المذهبِ جَمْعًا بينَ الأخْبارِ دُونَ غيرِه، فيكونُ أوْلَى بالصَّوابِ. فوائد؛ منها، شَرِيكُ المَبِيعِ أوْلَى مِن شَرِيكِ الطَّريقِ، على القَوْلِ بالأخْذِ. قاله الحارِثِيُّ. ومنها، عدَمُ الفَرْقِ في الطَّرِيقِ بينَ كَوْنِه مُشْتَرَكًا بمِلْكٍ، أو باخْتِصاص. قدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: ومِنَ النَّاسِ مَن قال: المُعْتَبَرُ شَرِكَةُ المِلْكِ، لا شَرِكَةُ الاخْتِصاصِ. وهو الصَّحيحُ. ومنها، لو بِيعَتْ دارٌ في طَرِيقٍ، لها دَرْبٌ في طريقٍ لا ينْفُذُ، فالأَشْهَرُ تجِبُ، إنْ كان للمُشْتَرِي طَرِيق غيرَه، أو أمْكَنَ فَتْحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِه إلى شارِعٍ. قاله في «الفُروعِ». وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقيل: لا شُفْعَةَ بالشَّرِكَةِ فيه فقط. ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: بلى. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وإنْ كان نَصِيبُ المُشْتَرِي فوقَ حاجَتِه، ففي الزَّائدِ وَجْهان. اخْتارَ القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وُجوبَ الشُّفْعَةِ في الزَّائدِ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): والصّحيحُ، لا شُفْعَةَ. وصحَّحه ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 443.

وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ، كَالْحَمَّامِ الصَّغِيرِ، وَالْبِئْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، و «الفُروعِ». وكذا دِهْلِيزُ الجارِ، وصَحْنُ دارِه. قاله في «الفُروعَ»، والحارِثِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ومنها، لا شُفْعَةَ بالشَّرِكَةِ في الشِّرْبِ مُطْلَقًا؛ وهو النَّهْرُ، أو البئْرُ، يسْقِي أرْضَ هذا وأرْضَ هذا، فإذا باعَ أحدُهما أرْضَه، فليس للآخَرِ الأخْذُ بحَقِّه مِنَ الشِّرْبِ. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. ونصَّ عليه. قوله: ولا شُفْعَةَ فيما لا تجِبُ قِسْمَتُه؛ كالحَمَّامِ الصَّغيرِ، والبِئْرِ، والطُّرُقِ، والعِراصِ الضَّيِّقَة، ولا ما ليس بعَقارٍ؛ كالشَّجَرِ، والحَيَوانِ، والبِناءِ المُفْرَدِ -

وَالطُّرُقِ، وَالعِرَاصِ الضَّيِّقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وكالجَوْهَرَةِ، والسَّيفِ، ونحوهما- في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»؛ إحْداهما، لا شُفْعَةَ فيه. وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحاب. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: أَظْهَرُهما، لا شُفْعَةَ فيه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ» و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: لا شُفْعَةَ فيه، في أصحِّ الروايتَين. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، وغيرِهم. والروايَةُ الثَّانيةُ، فيه الشُّفْعَةُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وأبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الحقُّ. وعنه، تجِبُ في كلِّ مالٍ، حاشا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْقُولًا لا (¬1) ينْقَسِمُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: تجِبُ في زَرْعٍ وثَمَر مُفْرَدٍ. فعلى المذهبِ، يُؤْخَذُ البِناءُ والغرِاسُ تبَعًا للأرْضِ، كما تقدَّم. قال المُصَنِّفُ: قال الحارِثِيُّ: لا خِلافَ فيهما على كِلْتا الرِّوايتَين. زادَ في «الرِّعايَةِ»، ممَّا يدْخُلُ تبَعًا؛ النَّهْرُ، والبِئْرُ، والقَناةُ، والرَّحَى، والدُّولابُ. فائدة: المُرادُ بما ينْقَسِمُ، ما تجِبُ قِسْمَتُه إجْبارًا، وفيه رِوايَتان؛ إحْداهما، ما يُنْتَفَعُ به مَقْسُومًا منْفَعَتُه التي كانتْ، ولو على تَضايُقٍ، كجَعْلِ البَيتِ بَيتَين. قال في «التَّلْخيصِ»: وهو الأظْهَرُ. [قال الخِرَقِيُّ: ويَنْتَفِعان به مَقْسُومًا] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِيُّ: وإيرادُ المُصَنِّفِ هنا يقْتَضِي التَّعْويلَ على هذه الرِّوايَةِ، دُونَ ما عَداها؛ لأنَّه مثَّل ما لا تَجِبُ قِسْمَتُه بالحَمَّامِ والبِئْرِ الصَّغِيرَين، والطَّرُقِ والعِراصِ الضيِّقَةِ. وكذلك أبو الخَطَّابِ في «كِتابِه». انتهى. قال الحارِثِيُّ: وهو أشْهَرُ عن أحمدَ وأصحُّ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، في بابِ القِسْمَةِ. قال في «التَّلْخِيصِ»: ويحْتَمِلُ أنْ يكونَ أيَّ مَنْفَعَةٍ كانتْ، [ولو كانتْ] (¬1) بالسُّكْنَى. وهو ظاهِرُ إطْلاقِه في «المُجَرَّد». انتهى. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، ما ذكَرْنا، وأنْ لا تنْقُصَ القِيمَةُ بالقِسْمَةِ نَقْصًا بَيِّنًا. نقلَه المَيمُونِيُّ. واعْتِبارُ النَّقْصِ، هو ما مال إليه المُصَنِّفُ، وأبو الخَطَّابِ، في بابِ القِسْمَةِ، وأطْلَقَهما في «شَرْحِ الحارِثِيِّ». ويأْتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ القِسْمَةِ بأَتَمَّ مِن هذا مُحَرَّرًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَا لَيسَ بِعَقَارٍ؛ كَالشَّجَرِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْبِنَاءِ الْمُفْرَدِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. إلَّا أنَّ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ يُؤخَذُ تَبَعًا لِلْأرْضِ، وَلَا تُؤخَذُ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ تَبَعًا، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تُؤْخَذُ الثمَرَةُ والزَّرْعُ تَبَعًا، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الحارِثِيُّ: وهو قَوْلُ أبِي الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنِ عَقِيلٍ، والشَّرِيفِ أبِي جَعْفَر في آخَرَين. انتهى. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، تُؤْخَذُ تَبَعًا؛ كالبِناءِ، والغِراسِ. وهو احْتِمالُ في «الهِدايَةِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: وقال أبو الخَطابِ: تُؤْخَذُ الثِّمارُ. وعليه يُخَرَّجُ الزَّرْعُ. قال الحارِثِيُّ: واخْتارَه القاضي قديمًا في «رُءوسِ المَسائلِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ». وظاهِرُ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، الإطْلاقُ. وأكْثَرُهم إنَّما حكَى الاحْتِمال، أو الوَجْهَ، في الثَّمَرِ، وخرَج منه إلى الزَّرْعِ. وقيَّد المُصَنِّفُ الثَّمَرَةَ بالظَّاهِرَةِ، وأنَّ غيرَ الظَّاهِرَةِ تدْخُلُ تبَعًا، مع أنَّه قال في «المُغْنِي» (¬1): إنِ اشْترَاه وفيه طَلْعٌ لم يُؤْبَرْ، فأَبرَه، لم يأْخُذِ الثَّمَرَةَ، وإنَّما يأْخُذُ الأرْضَ والنَّخْلَ بحِصَّتِه، كما في شِقْصٍ وسَيفٍ. وكذا ذكَر غيرُه، إذا لم يدْخُلْ، فإنَّه يأْخُذُ الأَصْلَ بحِصَّتِه. ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 440.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان السُّفْلُ لشَخْصٍ، والعُلْوُ مُشْتَرَكًا، والسَّقْفُ مُخْتَصًّا بصاحِبِ السُّفْلِ، أو مُشْترَكًا بينَه وبينَ أصحابِ العُلْو، فلا شُفْعَةَ في السَّقْفِ؛ لأنَّه لا أرْضَ له، فهو كالأَبْنِيَةِ المُفْرَدَةِ. وإنْ كان السَّقْفُ لأصحابِ العُلْو، ففيه الشُّفْعَةُ؛ لأنَّ قَرارَه كالأرْضِ. قدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». وفيه وَجْهٌ آخرُ، أنَّه لا شُفْعَة فيه؛ لأنَّه غيرُ مالِكٍ للسُّفلِ، وإنَّما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له عليه حقٌّ، فأشْبَهَ مُسْتَأْجِرَ الأرْضِ. خرَّجه بعضُ الأصحابِ. قاله في «التَّلْخيصِ»، وقال: فاوَضْتُ فيها بعضَ أصحابِنا، وتَقرَّرَ حُكْمُها بينِي وبينَه على ما بَيَّنْتُ. وهذا الوَجْهُ قدَّمه في «المُغْنِي»، فقال (¬1): وإنْ بِيعَتْ حِصَّةٌ مِن ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 441.

فصلٌ: الثَّالِثُ، الْمُطَالبَةُ بِهَا عَلى الْفَوْرِ سَاعَةَ يَعْلَمُ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال الْقَاضِي: لَهُ طَلبُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَإنْ طَال فَإنْ أخَّرَهُ، سَقَطَتْ شُفعَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عُلْو دارٍ مُشْتَرَكٍ، نظَرْتَ؛ فإنْ كان السَّقْفُ الذي تحتَه لصاحِبِ السُّفْلِ، فلا شُفْعَةَ في العُلْو؛ لأنَّه بِناغ مُنْفَرِدٌ، وإنْ كان لصاحِبِ العُلْو، فكذلك؛ لأنَّه بناءٌ مُنْفَرِدٌ، لكَوْنِه لا أرْضَ له، فهو كما لو لم يكُنِ السَّقْفُ له. ويَحْتَمِلُ ثُبوتَ الشُّفْعَةِ؛ لأن له قَرارًا، فهو كالسُّفْلِ. انتهى. وقدَّمه أيضًا الشَّارِحُ، وابنُ رَزِين. وأطْلَقَهما في «شَرْح الحارِثِي». ولو باعَ حِصَّتَه مِن عُلْو مُشْتَرَكٍ على سَقْفٍ لمالِكِ السُّفْلِ، فقال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «التلْخيصِ»، وغيرِهم: لا شُفْعَةَ لشَرِيكِ العُلْو؛ لانْفِرادِ البِناءِ. وَاقْتَصَرَ عليه الحارِثِيُّ. وإنْ كان السَّقْفُ مُشْتَرَكًا بينَه وبينَ أصحابِ العُلْو، فكذلك. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وإنْ كان السُّفْلُ مُشْتَرَكًا، والعُلْوُ خالِصًا لأحَدِ الشَّرِيكَين، فباعَ العُلْوَ ونَصِيبَه مِنَ السُّفْلِ، فللشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ في السُّفْلِ، لا في العُلْو؛ لعدَمِ الشرِكَةِ فيه. قوله: الثَّالِثُ، المطالبَةُ بها على الفَوْرِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. بل هو المَشْهورُ عنه. وعنه، أنَّها على التَّراخِي ما لم يَرْضَ، كخِيارِ العَيبِ. اخْتارَه القاضي يَعْقُوبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. قال الحارِثِيُّ وغيرُه: وحكَى جماعَةٌ، وعَدَّهم، رِوايَةً بثُبوتِها على التَّراخِي، لا تسْقُطُ ما لم يُوجَدْ منه ما يدُلُّ على الرِّضَا أو دَلِيله؛ كالمُطالبَةِ بقِسْمَةٍ، أو بَيعٍ، أو هِبَةٍ، نحوَ: بِعْنيِه. أو: هَبْه لي. أو: قاسِمْنِي. أو: بِعْه لفُلانٍ. أو: هَبْه له. انتهى. والتَّفْريعُ على الأوَّلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ساعَةَ يعْلَمُ. نصَّ عليه. هذا المذهبُ. أعْني، أنَّ المُطالبةَ على الفَوْرِ ساعَةَ يعْلَمُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به ابنُ البَنَّا في «خِصالِه»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنتخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. نقَل ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُورٍ، لا بُدَّ مِن طَلَبِها حينَ يسْمَع؛ حتى يُعْلَمَ طَلبُه، ثم له أنْ يُخاصِمَ ولو بعدَ أيَّام. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضي: له طَلَبُها في المَجْلِسِ، وإنْ طال. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، واخْتارَها ابنُ حامِدٍ أيضًا، وأكثرُ أصحابِ القاضي؛ منهم الشَّرِيفَان؛ أبو جَعْفَر، والزَّيدِيُّ، وأبو الخَطابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والعُكْبَرِيُّ، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: وهذا يتَخَرَّجُ مِن نصِّ أحمدَ على مِثْلِه في خِيارِ المُجْبَرةِ، ومن غيرِه. قال: وهذا مُتَفرِّعٌ على القَوْلِ بالفَوْرِيَّةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما في «التَّمامِ»، وفي «المُغْنِي»؛ لأنَّ المَجْلِسَ كلَّه في مَعْنَى حالةِ العَقْدِ، بدَليلِ التَّقابُضِ فيه لما يُعْتَبرُ له القَبْضُ، يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ حالةِ العَقْدِ، ولكِن إيرادَه هنا مُشعِرٌ بكَوْنِه قَسيمًا للفوْرِيَّةِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وأصحابُه. قلتُ: ليس كما قال عنِ الخِرَقِيِّ، بل ظاهِرُ كلامِه، وُجوبُ المُطالبَةِ ساعَةَ يعْلَمُ؛ فإنه قال: ومَن لم يُطالِبْ بالشُّفْعَةِ في وَقْتِ عِلْمِه بالبَيعِ، فلا شُفْعَةَ له. انتهى. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قال الحارِثِيُّ: وفي جَعْلِ هذا شَرْطًا إشْكالٌ؛ وهو أنَّ المُطالبَةَ بالحقِّ فرْعُ ثُبوتِ ذلك الحقِّ، ورُتبةُ ذلك الشَّرْطِ تَقدُّمُه على المَشْرُوطِ، فكيفَ يقالُ بتَقَدُّمِ المُطالبَةِ على ما هو أصْلٌ له؟ هذا خِلْفٌ. أو نقولُ: اشْتِراطُ المُطالبَةِ يُوجِبُ تَوقُّفَ الثُّبوتِ عليها، ولا شَكَّ في توَقُّفِ المُطالبَةِ على الثُّبوتِ، فيكونُ دَوْرًا. والصَّحيحُ، أنَّه شَرْطٌ لاسْتِدامَةِ الشُّفْعَةِ، لا لأَصْلِ ثُبوتِ الشُّفْعَةِ؛ ولهذا قال: فإنْ أخَّرَه، سقَطَتْ شُفْعَتُه. انتهى. الثَّاني، كلامُ المُصَنِّفِ وغيره، مُقَيَّدٌ بما إذا لم يكُنْ عُذْرٌ، فإنْ كان عُذْرٌ؛ مثْلَ أنْ لا يعْلَمَ، أو عَلِمَ ليلًا فأخَّرَه إلى الصُّبْحِ، أو أخَّرَه لشِدَّةِ جُوعٍ، أو عَطَشٍ حتى أكلَ أو شَرِبَ، أو أخَّرَه لطَهارَةٍ، أو إغْلاقِ بابٍ، أو ليَخْرُجَ مِنَ الحمَّامِ، أو ليَقْضِيَ حاجَتَه، أو ليُؤَذِّنَ ويُقِيمَ ويأْتِيَ بالصَّلاةِ وسُنَّتِها، أو ليَشْهَدَها في جماعَةٍ يخَافُ فوْتَها، ونحو ذلك. وفي «التَّلْخيصِ» احْتِمالٌ بأنَّه يقْطَعُ الصَّلاةَ، إلَّا أنْ تكونَ فَرْضًا. قال الحارِثِيُّ: وليس بشيءٍ. وهو كما قال، فلا تسْقُطُ إلَّا أنْ يكونَ المُشْتَرِي حاضِرًا عندَه في هذه الأحْوالِ، فمُطالبَتُه مُمْكِنَةٌ، ما عدَا الصَّلاةَ، وليس عليه تَخْفِيفُها، ولا الاقْتَصارُ على أقَلِّ ما يُجْزِئُ. ثم إنْ كان غائبًا عنِ المَجْلِسِ، حاضِرًا في البَلَدِ، فالأَوْلَى أن يُشْهِدَ على الطَّلَبِ، ويُبادِرَ إلى المُشْتَرِي بنَفْسِه، أو بوَكِيلِه، فإنْ بادَر هو أو وَكِيلُه مِن غيرِ إشْهادٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه على شُفْعَتِه. صحَّحه في «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. قال الحارِثِيُّ: وهو ظاهِرُ إيرادِ المُصَنِّفِ في آخَرَين. وقيل: يُشترَطُ الإِشْهادُ. اخْتارَه القاضي في «الجامِع الصَّغِيرِ». ويأْتِي، هل يمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بمُجَرَّدِ المُطالبَةِ، أمْ لا؟ عندَ قوْلِه: وإنْ ماتَ الشَّفيعُ، بطَلَتِ الشُّفْعَةُ. أمَّا إنْ تعَذَّر الإِشْهادُ، سقَطَ، بلا نِزاعٍ، والحالةُ هذه؛ لانْتِفاءِ التَّقْصيرِ. وإنِ اقْتْصرَ على الطَّلَبِ مُجَرَّدًا عن مُواجَهَةِ

إلا أَنْ يَعْلَمَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَيُشْهِدَ عَلَى الطَّلَبِ بِهَا، ثُمَّ إِنْ أخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ إِمْكَانِهِ، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَلَكِنْ سَارَ فِي طَلَبِهَا، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشْتَرِي، قال الحارِثِيُّ: فالمذهبُ الإِجْزاءُ. قال: وكذلك قال أبو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُونِيِّ في «المَبْسُوطِ»، ونقَلْتُه مِن خطِّه، فقال: الذي نذْهَبُ إليه، أنَّ ذلك يُغْنِي عنِ المُطالبَةِ بمَحْضرِ الخَصْمِ؛ فإنَّ ذلك ليس بشَرْطٍ في صِحَّةِ المُطالبَةِ. وهو ظاهِرُ ما نقلَه أبو طالِبٍ عن أحمدَ، وهو قِياسُ المذهبِ أيضًا، وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ في «رُءوسِ مَسائلِه»، والقاضي أبِي الحُسَينِ في «تَمامِه». وصرَّحَ به في «المُحَرَّرِ»، لكِنْ بقَيدِ الإِشْهادِ. وهو المَنْصُوصُ عن أحمدَ مِن رِوايَةِ أبِي طالِبٍ، والأَثْرَمِ. وهذا اخْتِيارُ أبِي بَكْرٍ. وإيرادُ المُصَنِّفِ هنا يقْتَضِي عدَمَ الإِجْزاءِ، وأنَّ الواجِبَ المُواجَهَةُ، ولهذا قال: فإنْ ترَكَ الطَّلَبَ والإشْهادَ لعَجْزِه عنهما؛ كالمَرِيضِ، والمَحْبُوسِ، فهو على شُفْعَتِه. ومَعْلُومٌ أنَّهما لا يعْجِزان عن مُناطَقَةِ أنْفُسِهما بالطَّلَبِ. وقد صرَّحِ به في «العُمْدَةِ»؛ فقال: إنْ أخَّرَها، يعْنِي المُطالبَةَ، بطَلَتْ شُفْعَتُه، إلَّا أنْ يكون عاجِزًا عنها لغَيبَةٍ، أو حَبْسٍ، أو مَرَضٍ، فيكُونَ على شُفْعَتِه متى قَدَرَ عليها. انتهى كلامُ الحارِثِيِّ. قوله: فإنْ أخَّره، سقَطَتْ شُفْعَتُه. يعْنِي، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد تَقدَّمَتْ رِوايَة بأنَّه على التَّراخِي. قوله: إلَّا أنْ يعْلَمَ وهو غائِبٌ، فيُشْهِدَ على الطَّلَبِ بها، ثم إنْ أخَّرَ الطَّلَبَ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِشْهادِ عندَ إمْكانِه، أو لَمْ يُشْهِدْ، لَكِنَّه سارَ في طَلَبِها، فعلى وَجْهَين. شَمِلَ كلامُه مَسْألَتَين؛ إحْداهما، أنْ يُشْهِدَ على الطَّلَبِ حين يَعْلَمُ، ويُؤخِّرَ الطَّلَبَ بعدَه، مع إمْكانِه. فأطْلَقَ في سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بذلك وَجْهَين، وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحَدُهما، لا تسْقُطُ الشُّفْعَةُ بذلك. وهو المذهبُ، نصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الحارِثِيِّ»، وقال: هذا المذهبُ. والوَجْهُ الثَّاني، تسْقُطُ إذا لم يكُنْ عُذْرٌ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». تنبيهان؛ أحدُهما، حكَى المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، ومَن تَبِعَه، أنَّ السُّقُوطَ قَوْلُ القاضي. قال الحارِثِيُّ: ولم يحْكِه أحدٌ عن القاضي سِواه، والذي عرَفْتُ مِن كلامِ القاضي خِلافُه. ونقَل كلامَه مِن كُتُبِه، ثم قال: والذي حكاه في «المُغْنِي» عنه، إنَّما قاله في «المُجَرَّدِ» فيما إذا لم يكُنْ أشْهَدَ على الطَّلَبِ وليس

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمَسْأَلةِ نبَّهْتُ عليه خشْيَةَ أنْ يكونَ أصْلًا لنَقْلِ الوَجْهِ الذي أوْرَدَه. انتهى. الثاني قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: واعلمْ أنَّ المُصَنِّفَ قال في «المُغْنِي» (¬1): وإنْ أخَّرَ القُدومَ بعدَ الإشْهادِ. بدَل قوْلِه: وإنْ أخَّرَ الطَّلَبَ بعدَ الإشْهادِ. وهو صحيحٌ؛ لأنَّه لا وَجْهَ لإسْقاطِ الشُّفْعَةِ بتَأْخيرِ الطَّلَبِ بعدَ الإشْهادِ؛ لأنَّ الطَّلَبَ حِينَئذٍ لا يُمْكِنُ، بخِلافِ القُدومِ، فإنَّه مُمْكِنٌ، وتأُخِيرُ ما يُمْكِنُ، لإِسْقاطِ الشُّفْعَةِ، وَجْهٌ، بخِلافِ تأْخيرِ ما لا يُمْكِنُ. انتهى. وكذلك الحارِثِيُّ مَثَّلَ بما لو تَراخَى السَّيرُ. انتهى. فعلى كِلا الوَجْهَين، إذا وُجِدَ عُذْرٌ؛ مثلَ أنْ لا يجِدَ مَن يُشْهِدُه، أو وجَد مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه؛ كالمرْأةِ، والفاسِقِ، ونحوهما، أو وجَد مَن لا يقْدُمُ معه إلى مَوْضِعِ المُطالبَةِ، لم تسْقُطِ الشُّفْعَةُ. وإنْ لم يجِدْ إلَّا مَسْتُورَى الحالِ، ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 463.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلم يُشْهِدْهما، فهل تبْطُلُ شُفْعَتُه، أمُّ لا؟ فيه احْتِمالان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّها لا تسْقُطُ شُفْعَتُه؛ لأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ شَهادَةَ مَسْتُورَى الحالِ لا تُقْبَلُ؛ فهما كالفاسِقِ بالنِّسْبَةِ إلى عدَمِ قَبُولِ شَهادَتِهما، فإنْ أشْهَدَهما، لم تبْطُلْ شُفْعَتُه، ولو لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما. وكذلك إنْ لم يقْدِرْ إلَّا على شاهدٍ واحدٍ، فأَشْهَدَه أو ترَك إشْهادَه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الحارِثِيُّ: وإنْ وجَدَ عَدْلًا واحِدًا، ففي «المُغنِي» (¬1)، إشْهادُه وترْكُ إشْهادِه سواءٌ، قال: وهو سَهْوٌ، فإنَّ شَهادَةَ الواحدِ مَعْمُولٌ بها مع يَمِينِ الطَّالِبِ، فتعَيَّنَ اعْتِبارُها. ولو قدَر على التَّوْكيلِ، فلم يُوَكِّلْ، فهل تسْقُطُ شُفْعَتُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا تبْطُلُ. وهو المذهبُ، نصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. والوَجْهُ الثَّاني، تبْطُلُ. اخْتارَه القاضي، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 463.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لفْظُ الطَّلَبِ: أنا طالِبٌ. أو: مُطالِبٌ. أو: آخِذٌ بالشُّفْعَةِ. أو: قائمٌ على الشُّفْعَةِ. ونحوُه ممَّا يُفِيدُ مُحاوَلَةَ الأخْذِ؛ لأنَّه مُحَصِّلٌ للغرَضِ. المسْأَلَةُ الثَّانيةُ، إذا كان غائِبًا، فسارَ حينَ عَلِمَ في طَلَبِها، ولم يُشْهِدْ، مع القُدْرَةِ على الإِشْهادِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في سُقُوطِها وَجْهَين، وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، تسْقُطُ الشُّفْعَةُ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الحارِثِيُّ: عليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه. وجزَم به في «العُمْدَةِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تسْقُطُ، بل هي باقيةٌ. قال القاضي: إنْ سارَ عَقِبَ عِلْمِه إلى البَلَدِ الذي فيه المُشْتَرِي، مِن غيرِ إشْهادٍ، احْتَمَلَ أنْ لاتبْطُلَ شُفْعَتُه. فعلى هذا الوَجْهِ؛ يُبادِرُ إليها بالمُضِيِّ المُعْتادِ، بلا نِزاعٍ، ولا يلْزَمُه قَطْعُ حمَّامٍ، وطَعامٍ، ونافِلةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلى. وكذا الحُكْمُ لو كان غائبًا عنِ المَجْلِسِ، حاضِرًا في البَلَدِ. تنبيهان؛ أحدُهما، قال الحارِثِيُّ: حكَى المُصَنِّفُ الخِلافَ وَجْهَين، وكذا أبو الخَطَّابِ، وإنَّما هما رِوايَتان. ثم قال: وأصْلُ الوَجْهَين في كَلامِهما احْتِمالان، أوْرَدَهما القاضي في «المُجَرَّدِ»، والاحْتِمالان إنَّما أوْرَدَهما في الإِشْهادِ على السَّيرِ للطَّلَبِ، وذلك مُغايِرٌ للإِشْهادِ على الطَّلَبِ حينَ العِلْمِ، ولهذا قال: ثم إنْ أخَّرَ الطَّلَبَ بعدَ الإِشْهادِ عندَ إمْكانِه، أي السَّيرُ للطَّلَبِ مُواجَهَةً. فلا يصِحُّ إثْباتُ الخِلافِ في الطَّلَبِ الأوَّلِ مُتَلَقًّى عنِ الخِلافِ في الطَّلَبِ الثَّاني. انتهى. قال الحارِثِيُّ: ولم يعْتَبِرْ في «المُحَرَّرِ» إشْهادًا فيما عَدا هذا، والإِشْهادُ على الطَّلَبِ عندَه عِبارَةٌ عن ذلك، وهو خِلافُ ما قال الأصحابُ. وأيضًا فالإِشْهادُ على ما قال ليس إشْهادًا على الطَّلَبِ في الحَقيقَةِ، بل هو إشْهادٌ على فِعْل يتَعَقَّبُه الطَّلَبُ. الثَّانِي، اسْتَفَدْنا مِن قُوَّةِ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا عَلِمَ، وأشْهَدَ عليه بالطَّلَبِ، وسارَ في طَلَبِها عندَ إمْكانِه، أنَّها لا تسْقُطُ. وهو صحيحٌ. وكذا لو أشْهَدَ عليه، وسارَ وَكِيلُه، وكذا لو تَراخَى السَّيرُ لعُذْرٍ. فوائد؛ إحْداها، لو لَقِيَ المُشْتَرِيَ، فسَلَّم عليه، ثم عَقَّبَهُ بالطَّلَبِ، فهو على شُفْعَتِه. قاله الأصحابُ. وكذا لو قال بعدَ السَّلامِ: بْارَك اللهُ لك في صَفْقَتِك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه الآمِدِيُّ، والمُصَنِّفُ، وغيرُ واحدٍ. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وكذا لو دَعا له بالمَغْفِرَةِ ونحوه. وفيهما احْتِمالٌ، تسْقُطُ بذلك. الثَّانيةُ، الحاضِرُ المَريضُ، والمَحْبُوسُ، كالغائبِ في اعْتِبارِ الإِشْهادِ، فإنْ ترَك، ففي السُّقُوطِ ما مرَّ مِنَ الخِلافِ. الثَّالثةُ، لو نَسِيَ المُطالبَةَ أو البَيعَ، أو جَهِلَها، فهل تسْقُطُ الشُّفْعَةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي» (¬1): إذا ترَكَ الطَّلَبَ نِسْيانًا له، أو للبَيعِ، أو ترَكَه جَهْلًا باسْتِحْقاقِه، سقَطَتْ شُفْعَتُه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقاسَه هو، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» على الرَّدِّ بالعَيبِ، وفيه نظَرٌ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّها لا تسْقُطُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. وقال: يَحْسُنُ بِناءُ الخِلافِ على الرِّوايتَين في خِيارِ المُعْتَقَةِ تحتَ العَبْدِ، إذا مَكَّنَتْه مِنَ الوَطْءِ جَهْلًا بمِلْكِها للفَسْخِ، على ما يأْتِي. وإنْ أخَّرَه جَهْلًا بأنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ؛ فإنْ كان مِثْلُه لا يجْهَلُه، سقَطَتْ لتَقْصِيرِه، وإنْ كان مِثْلُه يجْهَلُه، فقال في «التَّلْخيصِ»: يحْتَمِلُ وَجْهَين. ¬

(¬1) انظر: المغني 7/ 458.

وَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَالْإِشْهَادَ لِعَجْزِهِ عَنْهُمَا؛ كَالْمَرِيضِ، وَالْمَحْبُوسِ، وَمَنْ لَا يَجِدُ مَنْ يُشْهِدُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، لا تسْقُطُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثاني، تسْقُطُ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ: إذا باعَ الشَّفِيعُ مِلْكَه قبلَ عِلْمِه. ولو قال له: بكم اشْتَرَيتَ؟ أو: اشْتَرَيتَ رَخِيصًا. فهل تسْقُطُ الشُّفْعَةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: قواعدُ المذهبِ تقْتَضِي سُقوطَها، مع عِلْمِه.

أَوْ لإِظهَارِهِمْ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ، أُوْ نقصًا فِي المَبِيعِ، أَوْ أَنَّهُ مَوْهُوبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَهُ، أو أَنَّ الْمُشْتَرِىَ غَيرُهُ، أَوْ أَخْبَرَهُ مَن لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خبَرُهُ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، أَوْ قَال لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي مَا اشْتَرَيتَ. أَوْ: صَالِحْنِي. سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ترَك الطَّلَبَ لكَوْنِ المُشْتَرِي غيرَه، فتَبَيَّنَ أنَّه هو، فهو على شُفْعَتِه. وهذا المذهبُ، جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّها تسْقُطُ، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قوله: وَإنْ أخْبَرَه مَن يُقْبَلُ خَبَرُه، فلم يُصَدِّقْه، سقَطَتْ شُفْعَتُه. إذا أخْبَرَه عَدْلان فلم يُصَدِّقْهما، سقَطَتْ شُفْعَتُه، وإنْ أخْبَره عَدْلٌ واحدٌ فلم يُصَدِّقْه سقَطَتْ شُفْعَتُه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: لا تسْقُطُ. وهو وَجْهٌ ذكَرَه الآمِدِيُّ، والمَجْدُ، وصحَّحه النَّاظمُ، وهما احْتِمالان لابنِ عَقِيلٍ، والقاضي. قال في «التَّلْخيصِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بِناءً على اخْتِلافِ الرِّوايتَين في الجَرْحِ والتَّعْديلِ والرِّسَالةِ؛ هل يُقْبَلُ فيها خبرُ الواحدِ، أم يُحْتاجُ إلى اثْنَين؟ قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لابُدَّ فيها مِنَ اثْنَين، على ما يأْتِي في بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه، في كلامِ المُصَنِّفِ. والذي يظْهَرُ، أنَّهما ليس مَبْنِيَّيْن عليهما؛ لأنَّ الصَّحيحَ هنا غيرُ الصَّحيحِ هناك. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعَ». تنبيهان؛ أحدُهما، المَرْأَةُ كالرَّجُلِ، والعَبْدُ كالحُرِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال القاضي: هما كالفاسِقِ. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وإلْحاقُ العَبْدِ بالمرْأَةِ والصَّبِيِّ غَلَطٌ؛ لكَوْنِه مِن أهْلِ الشَّهادَةِ، بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. انتهى. وإنْ أخْبَرَه مَسْتُورُ الحالِ، سقَطَتْ. قدَّمه في «الفائقِ». وقيلَ: لا تسْقُطُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وإنْ أخْبَرَه فاسِقٌ أو صَبِيٌّ، لم تسْقُطْ شُفْعَتُه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فإذا ترَك -تكْذِيبًا للعَدْلِ أو العَدْلَين على ما مَرَّ- بطَلَتْ شُفْعَتُه. قال الحارِثِيُّ: هذا ما أطْلَقٍ المُصَنِّفُ هنا، وجمهورُ الأصحابِ. قال: ويتَّجِهُ التَّقْيِيدُ بما إذا كانتِ العَدالةُ معْلُومَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ظاهِرَةً لا تخْفَى على مِثْلِه، أمَّا إنْ جَهِلَ، أو كانتْ بمَحَلٌ الخَفاءِ أو التَّرَدُّدِ، فالشُّفْعَةُ باقِيَةٌ؛ لقِيامِ العُذْرِ. هذا كلُّه إذا لم يبْلُغِ الخَبَرُ حدَّ التَّواتُرِ، أمَّا إنْ بلَغ، فتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بالتَّرْكِ ولابُدَّ، وإنْ كانوا فسَقَةً، على ما لا يخْفَى. انتهى. التَّنبِيهُ الثَّاني، محَلُّ ما تقدَّم، إذا لم يُصَدِّقْه. أمَّا إنْ صدَّقَه، ولم يُطالِبْ بها، فإنَّها تسْقُطُ؛ سواءٌ كان المُخْبِرُ ممَّن لا يُقْبَلُ خبَرُه، أو يُقْبَلُ؛ لأنَّ العِلْمَ قد يحْصُلُ بخَبَرِ مَن لا يُقْبَلُ خبَرُه لقَرائِنَ. قطَع به المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو قال للمُشْتَرِي: بِعْنِي ما اشْتَرَيتَ. أو: صالِحْنِي. سقَطَتْ شُفْعَتُه. [إذا قال للمُشْتَرِي: بِعْنِي ما اشْتَرَيتَ] (¬1). أو: هَبْه لي. أو: ائْتَمِنِّي عليه. سقَطَتْ شُفْعَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، والحارِثِيُّ، وقال: يقْوَى عندِي انْتِفاءُ السُّقُوطِ، كقَوْلِ أشْهَبَ صاحِبِ مالكٍ. وإنْ قال: صالِحْنِي عليه. سقَطَتْ شُفْعَتُه أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه هنا. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، في بابِ الصُّلْحِ. وكذا جزَم به هناك صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُه. قال في «الرِّعايتين»، و «الحاويَيْن»: تسْقُطُ الشُّفْعَةُ في أصحِّ الوَجْهَين. وقيل: لا تسْقُطُ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله الحارِثِيُّ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ» هناك، وأطْلَقهما في «النَّظْمِ» أيضًا. وتقدَّم ذلك في بابِ الصُّلْحَ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في سُقُوطِ الشُّفْعَةِ. وهو واضِحٌ، أمَّا الصُّلْحُ عنها بعِوَضٍ، فلا يصِحُّ، قوْلًا واحِدًا. قاله الأصحابُ. وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه في بابِ الصُّلْحَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: بِعْه ممَّن شِئْتَ. أو: وَلِّه إيَّاه. أو: هَبْه له. ونحوَ هذا، بطَلَتِ الشُّفْعَةُ. وكذا لو قال: أكْرِنِي. أو: ساقِنِي. أو اكْتَرَى منه، أو ساقاه. وإنْ قال: إنْ باعَنِي، وإلَّا فِليَ الشُّفْعَةُ. فهو كما لو قال: بِعْنِي. قدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: ويحْتَمِلُ أنَّه إنْ لم يبِعْه، أنَّها لا تسْقُطُ. ولو قال له المُشْتَرِي: بِعْتُك. أو: وَلَّيتُك. فقَبِلَ، سقَطَتْ.

المقنع دَلَّ فِي الْبَيعِ، أَوْ تَوَكَّلَ لأَحَدِ الْمُتَبَايِعَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ دَلَّ في البَيعِ، أو تَوَكَّلَ لأحَدِ المُتَبايِعَين، فهو على شُفْعَتِه. [وإنْ دلَّ في البَيعِ، أي صارَ دَلَّالًا؛ وهو السَّفِيرُ في البَيعِ، فهو على شُفْعَتِه، قوْلًا واحِدًا، وإنْ توَكَّلَ لأحَدِ المُتَبايعَين، فهو على شفْعَتِه] (¬1) أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أَوْ جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ فَاخْتَارَ إِمْضَاءَ الْبَيعِ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم واخْتارَه الشَّرِيفُ وغيرُه. قال الحارِثِيُّ: قال الأصحابُ: لا تبْطُلُ شُفْعَتُه. منهم؛ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: لا تسْقُطُ بتَوْكِيلِه في الأصحِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه. وقيل: تسْقُطُ الشُّفْعَةُ بذلك. وقيل: لا تسْقُطُ، إذا كان وَكِيلًا للبائعِ. وقيل: لا تسْقُطُ، إذا كان وَكِيلًا للمُشْتَرِي. اخْتارَه القاضي. قاله المُصَنِّفُ. قال الحارِثِيُّ: وحِكايَةُ القاضي يَعْقُوبَ، عدَمُ السُّقوطِ. وكذا هو في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وهذا وأمْثالُه غَريبٌ مِنَ الحارِثِيِّ، فإنَّه إذا لم يطَّلِعْ على المَكانِ الذي نقَل منه المُصَنِّفُ، تكَلَّم في ذلك، واعْترَض على المُصَنِّفِ، وهذا غيرُ لائِقٍ؛ فإنَّ المُصَنِّفَ ثِقَةٌ، والقاضي وغيرُه له أقْوالٌ كثيرةٌ في كُتُبِه، وقد تكونُ في غيرِ أماكِنِها. وقد تقدَّم له نَظِيرُ ذلك في مَسائِلَ. قال الحارِثِيُّ: ومِنَ الأصحابِ مَن قال في صُورَةِ البَيعِ: ينْبَنِي على اخْتِلافِ الرِّوايَةِ في الشِّراءِ مِن نَفْسِه؛ إنْ قُلْنا: لا. فلا شُفْعَةَ. وإنْ قُلْنا: نعَم. فنعَم.

وَإِنْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيعِ، لَمْ تَسْقُطْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسْقَطَ الشُّفْعَةَ قبلَ البَيعِ، لم تسْقُطْ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرها أبو بَكْرٍ في «الشَّافِي». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «القواعِدِ».

وَإنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ شُفْعَةً لِلصَّبِيِّ فِيهَا حَظٌّ، لَمْ تَسْقُطْ، وَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا إِذَا كَبِرَ، وَإِنْ تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْحَظِّ فِيهَا، سَقَطَتْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَقَال الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَلَّا تَسْقُطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ترَك الوَلِيُّ شُفْعَةً للصَّبِيِّ فيها حَظٌّ، لم تسْقُطْ، وله الأخْذُ بها، إذا كَبِرَ، وإنْ ترَكَها لعَدمِ الحَظِّ فيها، سقَطَتْ. هذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال الحارثِيُّ: هذا ما قاله الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه ابنُ حامدٍ، وتَبِعَه القاضي، وعامَّةُ أصحابِه. وقيل: تسْقُطُ مُطْلَقًا، وليس للوَلَدِ الأخْذُ، إذا كَبِرَ. اخْتارَه ابنُ بَطَّةَ، وكان يُفْتِي به. نقَلَه عنه أبو حَفْصٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقيل: لا تسْقُطُ مُطْلَقًا، وله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَخْذُ بها، إذا كَبِرَ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال في «المُحَرَّرِ»: اخْتارَه الخِرَقِيُّ. قال في «الخُلاصَةِ»: وإذا عَفا وَلِيُّ الصَّبِيِّ عن شُفْعَتِه، لم تسْقُطْ. وقدَّمَه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». قال الحارِثيُّ: هذا المذهبُ عندِي، وإنْ كان الأصحابُ على خِلافِه؛ لنَصِّه في خُصوصِ المَسْألَةِ، على ما بيَّنَّا. قال في «الفُروعِ»: فنَصُّه، لا تَسْقُطُ. وقيل: بلى. وقيل: مع عدَمِ الحَظِّ. وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. فوائد؛ منها، لو بِيعَ شِقْصٌ في شَرِكَةِ حَمْلٍ، فالأَخْذُ له مُتَعَذِّرٌ؛ إذْ لا يدْخُلُ في مِلْكِه بذلك. قاله الحارِثِيُّ، وقدَّمه. قال في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِين»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، الأخْذُ للحَمْلِ بالشُّفْعَةِ، إذا ماتَ مُوَرِّثُه بعدَ المُطالبَةِ، قال الأصحابُ: لا يُؤْخَذُ له، ثم منهم مَن علَّلَ بأنَّه لا يتَحَقَّقُ وُجودُه، ومنهم مَن علَّلَ بانْتِفاءِ مِلْكِه. قال: ويتَخَرَّجُ وَجْه آخَرُ بالأَخْذِ له بالشُّفْعَةِ؛ بِناءً على أنَّ له حُكْمًا ومِلْكًا. انتهى. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: إذا وُلِدَ وكَبِرَ، فله الأخْذُ، إذا لم يأْخُذْ له الوَلِيُّ، كالصَّبِيِّ. ومنها، لو أخذَ الوَلِيُّ بالشُّفْعَةِ، ولا حظَّ فيها، لم يصِحَّ الأخْذُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب والرِّوايتَين، وإلَّا اسْتقَرَّ أخْذُه. ومنها، لو كان الأخْذُ أحَظَّ للوَلَدِ، لَزِمَ وَلِيَّه الأَخْذُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقطَع به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم، ذكَرُوه في آخِرِ بابَ الحَجْرِ. قال الحارِثِيُّ: عليه الأصحابُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وقال غيرُ المُصَنِّفِ: له الأخْذُ مِن غيرِ لُزومٍ. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على ما قالُوه في الحَجْرِ، في المَسْأَلَةِ بخُصُوصِها. وعلى كِلا القَوْلَين يسْتَقِرُّ أخْذُه، ويَلْزَمُ في حقِّ الصَّبِيِّ. ولو ترَكَها الوَلِيُّ مصْلَحَةً؛ إمَّا لأنَّ الشِّراءَ وقع بأكثَرَ مِنَ القِيمَةِ، أو لأنَّ الثَّمَنَ يُحْتاجُ إلى إنْفاقِه أو صَرْفِه فيما هو أهَمُّ، أو لأنَّ مَوْضِعَه لا يُرْغَبُ في مِثْلِه، أو لأنَّ أخْذَه يُؤَدِّي إلى بَيعِ ما إبْقاؤُه أوْلَى، أو إلى اسْتِقْراضِ ثَمَنِه، ورَهْنِ مالِه، أو إلى ضَرَرٍ وفِتْنَةٍ، ونحو ذلك، فالتَّرْكُ مُتَعَيِّنِّ. وهل يسْقُطُ به الأخْذُ عندَ البُلوغِ، وهو مقْصودُ المَسْألَةِ؟ قال المُصَنِّفُ، عنِ ابنِ حامدٍ: نعَم. واخْتارَه ابنُ بَطَّةَ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، ومال إليه في «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: وهو أصحُّ عندِي. قال في «الفُروعِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: ويحْتَمِلُ عدَمَ السُّقُوطِ. ومال إليه، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: يُحْكَمُ للصَّغيرِ بالشُّفْعَةِ، إذا بلَغ. ونحوُه عِبارَةُ ابنِ أبِي مُوسى، وتقدَّم مَعْنَى ذلك قبلَ ذلك. ومنها، لو عَفا الوَلِيُّ عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشُّفْعَةِ التي فيها حَظٌّ له، ثم أرادَ أخْذَها، فله ذلك في قِياسِ المذهبِ. قالة المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: فقد يُعايَى بها. ولو أرادَ الوَلِيُّ الأخْذَ في ثانِي الحالِ، وليس فيها مصْلَحَةٌ، لم يمْلِكْه؛ لاسْتِمْرارِ المانِعِ. وإنْ تجَدَّدَ الحظُّ؛ فإنْ قيلَ بعَدَمِ السُّقوطِ، أخَذ؛ لقِيامِ المُقْتَضِي، وانْتِفاءِ المانِعِ. وإنْ قيلَ بالسُّقوطِ، لم يأْخُذْ بحالٍ؛ لانْقِطاع الحقِّ بالتَّرْكِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ومنها، حُكْمُ وَلِيِّ المَجْنونِ المُطْبقِ، والسَّفيهِ، حُكْمُ وَلِيِّ الصَّغيرِ. قاله الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: المُطْبِقُ؛ هو الذي لا تُرْجَى إفاقَتُه. حكاه ابنُ الزَّاغُونِيِّ، وقال: هو الأشْبَهُ بالصِّحَّةِ، وبأُصُولِ المذهبِ؛ لأنَّ شُيوخَنا الأوَائِلَ قالُوا في المَعْضُوبِ الذي يُجْزِئُ أنْ يُحَجَّ عنه: هو الذي لا يُرْجَى بُرْؤُه. وحُكِيَ عن قَوْمٍ تحْديدُ المُطبِقِ بالحَوْلِ فما زادَ؛ قِياسًا على ترَبُّصِ العُنَّةِ، وعن قَوْمٍ، التَّحْديدُ بالشَّهْرِ، وما نقَص مُلْحَقٌ بالإغْماءِ. ذكر ذلك الحارِثِيُّ. ومنها، حُكْمُ المُغْمَى عليه، والمَجْنونِ غيرِ المُطبِقِ، حُكْمُ المَحْبوسِ، والغائبِ، يُنْتَظرُ إفاقَتُهما. ومنها، للمُفْلِسِ الأخْذ بها، والعَفْوُ عنها، وليس للغُرَماءِ إجْبارُه على الأخْذِ بها، ولو كان فيها حَظٌّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال الحارِثِيُّ: ويتَخرَّجُ مِن إجْبارِه على التَّكَسُّبِ، إجْبارُه على الأخْذِ، إذا كان أحَظَّ للغُرَماءِ. انتهى. وليس لهم الأخْذ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها. ومنها، للمُكاتَبِ الأخْذُ والتَّرْكُ، وللمَأْذُونِ له مِنَ العَبِيدِ الأَخْذُ دونَ التَّرْكِ، وإنْ عَفا السَّيِّدُ، سقَطَتْ. ويأْتِي آخِرَ البابِ، هل يأْخُذُ السَّيِّدُ بالشُّفْعَةِ مِنَ المُكاتَبِ والعَبْدِ المَأْذُونِ له؟

فَصْل: الرَّابعُ، أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ، فَإِنْ طَلَبَ أَخْذَ الْبَعْضِ، سَقَطَتْ شُفعَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: الشَّرْطُ الرَّابعُ، أنْ يأْخُذَ جَميعَ المَبِيعِ. قال الحارِثِيُّ: هذا الشَّرْطُ كالذي قبلَه، مِن كَوْنِه ليس شرْطًا لأصْلِ اسْتِحْقاقِ الشُّفْعَةِ؛ فإنَّ أخْذَ الجميعِ أمْرٌ يتَعَلَّقُ بكَيفِيَّةِ الأخْذِ، والنَّظَرُ في كيفِيَّةِ الأخْذِ فَرْعُ اسْتِقْرارِه، فيَسْتَحِيلُ جعْلُه شَرْطًا لثُبوتِ أصْلِه. قال: والصَّوابُ، أنْ يُجْعَلَ شَرْطًا

فَإِنْ كَانَا شَفِيعَينِ، فَالشُّفْعَةُ بَينَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيهِمَا. وَعَنْهُ، عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للاسْتِدامَةِ، كما في الذي قبلَه. انتهى. قوله: فإنْ كانا شَفيعَين، فالشُّفْعَةُ بينَهما على قَدْرِ مِلْكَيهما. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، في رِوايَةِ إسْحاقَ بنِ مَنْصُورٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: المذهبُ عندَ الأصحابِ جميعًا، تَفاوُتُ الشُّفْعَةِ بتَفاوُتِ الحِصَصِ، قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفائقِ»: الشُّفْعَةُ بقَدْرِ الحَقِّ، في أصحِّ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الصَّحيحُ المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين. وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: اخْتارَه الأكثرُ. قلتُ: منهم الخِرَقيُّ، وأبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ، والقاضي. قال الزَّرْكَشِي، وجُمْهورُ أصحابِه: وعنه، الشُّفْعَةُ على عدَدِ الرُّءوسِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، فقال في «الفُصولِ»: هذا الصَّحيحُ عندِي. وروَى الأَثْرَمُ عنه الوَقفَ في ذلك. حكاه الحارِثِيُّ.

فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا شُفْعَتَهُ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ إلا الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنْ ترَك أحَدُهما شُفْعَتَه، لم يَكُنْ للآخَرِ أنْ يأْخُذَ إلَّا الكُلَّ، أو يتْرُكَ. وهذا بلا نِزاعٍ. وحكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وكذا لو حضَر أحدُ الشُّفَعاءِ وغابَ الباقُون، فقال الأصحابُ: ليس له إلَّا أخْذُ الكُلِّ، أو التَّرْكُ. قال الحارِثيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإطْلاقُ نصِّ أحمدَ، ينْتَظرُ بالغائبِ، مِن رِوايَةِ حَنْبَلٍ، يقْتَضِي الاقْتِصارَ على حِصَّتِه. قال: وهذا أقْوَى، والتَّفْرِيعُ على الأوَّلِ؛ فقال في «التَّلْخيصِ»: ليس له تأْخِيرُ شيءٍ مِنَ الثَّمَنِ إلى حُضُورِ الغائبين. وحكَى المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وَجْهَين، وأطْلَقاهما؛ أحدُهما، لا يُؤَخِّرُ شيئًا، فإنْ فعَل، بطَل حَقُّه مِنَ الشُّفْعَةِ. والوَجْهُ الثَّاني، له ذلك، ولا يبْطُلُ حَقُّه. وهو ما أوْرَدَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. فإنْ كان الغائبُ اثْنَين، وأخَذ الحاضِرُ الكُلَّ، ثم قَدِمَ أحدُهما، أخَذ النِّصْفَ مِنَ الحاضِرِ، أو العَفْوَ. فإنْ أخَذ، ثم قَدِمَ الآخرُ، فله مُقاسَمَتُهما؛ يأْخُذُ مِن كلٍّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما ثُلُثَ ما في يَدِه. هكذا قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه الحارِثِيُّ. وقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: القادِمُ بالخِيارِ بينَ الأخْذِ مِنَ الحاضِرِ، وبينَ نَقْضِ شُفْعَتِه في قَدْرِ حَقِّه؛ فيَأْخُذُ مِنَ المُشْتَرِي، إنْ تَراضَوا على ذلك، وإلَّا نقَض الحاكِمُ، كما قُلْنا، ولم يُجْبَرِ الحاضِرُ على التَّسْلِيمِ إلى القادِمِ. قال: وهذا ظاهِرُ المذهبِ فيما ذكَر أصحابُنا. حكاه في كتابِ الشُّروطِ. ثم إنْ ظهَر الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا، فعُهْدَةُ الثَّلاثَةِ على المُشْتَرِي. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وكلامُ ابنِ الزَّاغُونِيِّ يقْتَضِي أنَّ عُهْدَةَ كلِّ واحدٍ ممَّن تسَلَّمَ منه. وإذا أخَذ الحاضِرُ الكُلَّ، ثم قَدِمَ أحدُهما، وأرادَ الاقْتِصارَ على حِصَّتِه، وامْتَنَع مِن أخْذِ النِّصْفِ، فقال الأصحابُ: له ذلك. فإذا أخَذَه، ثم قَدِمَ الغائبُ الثَّاني؛ فإنْ أخَذ مِنَ الحاضِرِ سَهْمَين، ولم يتَعَرَّضْ للقادِمِ الأوَّلِ، فلا كلامَ، وإنْ تعَرَّض،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال الأصحابُ. منهم القاضي، والمُصَنِّفُ: له أنْ يأْخُذَ منه ثُلُثَي سَهْمٍ؛ وهو ثُلُثُ ما في يَدِه. قال الحارِثِيُّ: وللشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ، يأْخُذُ الثَّانِي مِنَ الحاضرِ نِصْفَ ما في يَدِه؛ وهو الثُّلُثُ. قال: وهو أظْهَرُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا، فَالشُّفْعَةُ بَينَهُ وَبَينَ الْآخَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كان المُشْتَرِي شَرِيكًا، فالشُّفْعَةُ بينَه وبينَ الآخَرِ. مِثالُ ذلك، أنْ تكونَ الدَّارُ بينَ ثَلاثَةٍ، فيَشْتَرِيَ أحدُهم نَصِيبَ شَرِيكِه، فالشِّقْصُ بينَ المُشْتَرِي وشَرِيكِه. قاله الأصحابُ، [ولا أعلمُ فيه نِزاعًا، لكِنْ قال الحارِثِيُّ: عبَّر في المَتْنِ عن هذا بقَوْلِه: فالشُّفْعَةُ بينَه وبينَ الآخَرِ] (¬1). وكذا عبَّر أبو الخَطَّابِ وغيرُه، وفيه تجَوُّزٌ؛ فإنَّ حَقِيقَةَ الشُّفْعَةِ انْتِزاعُ الشِّقْصِ مِن يَدِ مَنِ انْتقَلَتْ إليه، وهو مُتَخَلِّفٌ في حقِّ المُشْتَرِي؛ لأنَّه الذي انْتقَلَ إليه هذا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ تَرَكَ شُفْعَتَهُ؛ لِيُوجِبَ الْكُلَّ عَلَى شَرِيكِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإذَا كَانَتْ دَارٌ بَينَ اثْنَينِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِأجْنَبِيٍّ صَفْقَتَينِ، ثُمَّ عَلِمَ شَرِيكُهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذ بِالْبَيعَينِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّانِي، شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي فِي شُفْعَتِهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ، لَمْ يُشَارِكْهُ، وَإِنْ أَخَذَ بِهِمَا، لَمْ يُشَارِكْهُ فِي شُفْعَةِ الْأَوَّلِ، وَهَلْ يُشَارِكُهُ فِي شُفْعَةِ الثَّانِي؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا كانَتْ دَارٌ بينَ اثْنَين، فباعَ أحَدُهما نَصِيبَه لأَجْنَبيٍّ صَفْقَتَين، ثم عَلِمَ شَرِيكُه، فله أنْ يأْخُذَ بالبَيعَين، وله أنْ يأْخُذَ بأحَدِهما. قَاله الأصحابُ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وهي تعَدُّدُ العَقْدِ. قوله: فإنْ أخَذ بالثَّاني، شارَكَه المُشْتَرِي في شُفْعَتِه، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «النَّظْمِ» و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُشارِكُه فيها. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، وهو إنْ عَفا الشَّفِيعُ عنِ الأوَّلِ، شارَكَه في الثَّاني. وأطْلَقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أخَذ بهما، لم يُشارِكْه في شُفْعَةِ الأَوَّلِ -بلا نِزاعٍ- وهل يُشارِكُه في شُفْعَةِ الثَّاني؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يُشارِكُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُشارِكُه. قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وَإِنِ اشْتَرَى اثْنَانِ حَقَّ وَاحِدٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أَحَدِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَى اثْنان حَقَّ واحِدٍ، فَللشَّفِيعِ أَخْذُ حَقِّ أحَدِهما. إذا تعَدَّدَ المُشْتَرِي، والبائعُ واحِدٌ؛ بأَنِ ابْتاعَ اثْنان أو جماعَةٌ شِقْصًا مِن واحدٍ، فقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «المَبْسُوطِ»: نصَّ أحمدُ على أنَّ شِراءَ الاثْنَين مِنَ الواحدِ عَقْدان وصَفْقَتان، فللشَّفِيعِ، إذَنْ، أخْذُ نَصِيبِ أحَدِهما (¬1)، وتَرْكُ الباقِي، كما قال المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وقطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحارثِيِّ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ». وقيل: هو عَقْدٌ واحدٌ، فلا يأْخُذُ إلَّا الكُلَّ، أو يتْرُكُ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أحدهم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو اشْتَرَى الواحِدُ لنَفْسِه ولغيرِه بالوَكالةِ شِقْصًا مِن واحدٍ، فالحُكْمُ كذلك؛ لتعَدُّدِ مَن وقَع العَقْدُ له. وكذا ما لو كان وَكِيلًا لاثْنَين واشْتَرَى لهما. وقيل: الاعْتِبارُ بوَكِيلِ المُشْتَرِي. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لو باعَ أحدُ الشَّرِيكَين نَصِيبَه مِن ثَلاثَةٍ صَفْقَةً واحِدَةً، فللشَّفِيعِ الأخْذُ مِنَ الجميعِ، ومِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَعضِ؛ فإنْ أخَذَ مِنَ البَعضِ، فليس لمَن عَداه الشَّرِكَةُ في الشُّفْعَةِ. وإنْ باعَ كُلًّا منهم على حِدَةٍ، ثم عَلِمَ الشَّفِيعُ، فله الأخْذُ مِنَ الكُلِّ، ومِنَ البَعضِ، فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخَذَ مِنَ الأوَّلِ، فلا شَرِكَةَ للآخَرَين، وإنْ أخَذَ مِنَ الثَّاني، فلا شَرِكَةَ للثَّالثِ، وللأَوَّلِ الشَّرِكَةُ في أصحِّ الوَجْهَين. قاله الحارِثِيُّ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وفي الآخَرِ، لا. وإنْ أخَذَ مِنَ الثَّالثِ، ففي شَرِكَةِ الأَوَّلَين الوَجْهان. وإنْ أخَذَ مِنَ الكُلِّ، ففي شَرِكَةِ الأوَّلِ في الثَّاني والثَّالثِ، والثَّاني في الثَّالثِ وَجْهان. فإنْ قيلَ بالشَّرِكَةِ، والمَبِيعُ مُتَساوٍ، فالسُّدْسُ الأوَّلُ للشَّفِيعِ، وثَلاثَةُ أرْباعِ الثَّاني، وثَلاثةُ أخْماسِ الثَّالثِ، وللمُشْتَرِي الأوَّلِ رُبْعُ السُّدْسِ الثَّانِي، وخُمْسُ الثَّالثِ، وللمُشْتَري الثَّاني الخُمْسُ الباقِي مِنَ الثَّالثِ. وتصِحُّ مِن مائَةٍ وعِشرِين؛ للشَّفِيعِ مِائَةٌ وسَبْعَةٌ، وللمُشْتَرِي الأوَّلِ تِسْعَةٌ، والثَّاني أرْبَعَةٌ. وإنْ قيلَ بالرُّءوسِ؛

وَإِنِ اشْتَرَى وَاحِدٌ حَقَّ اثْنَينِ، أَو اشْتَرَى وَاحِدٌ شِقْصَينِ مِنْ أَرْضَينِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحدِهِمَا، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فللمُشْتَرِي الأوَّلِ نِصْفُ السُّدْسِ الثَّانِي، وثُلُثُ (¬1) الثَّالثِ، وللثَّانِي الثُّلُثُ الباقِي مِنَ الثَّالثِ، فتَصِحُّ مِن سِتَّةٍ وثَلاثِينَ؛ للشَّفِيعِ تِسْعَةٌ وعِشْرُون، وللثَّانِي خَمْسَةٌ، وللثَّالثِ اثْنان. ذكَر ذلك المُصَنِّفُ وغيرُه. واقْتَصَرَ عليه الحارِثِيُّ. قوله: وإنِ اشْتَرَى واحِدٌ حَقَّ اثْنَين، أو اشْتَرَى واحِدٌ شِقْصَين مِن أرْضَين صَفْقَةً واحِدَةً -والشَّرِيكُ واحِدٌ- فللشَّفِيعِ أخْذُ أحَدِهما، في أصَحِّ الوَجْهَين. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مَسْألتَين؛ إحْداهما، تعَدُّدُ البائعِ، والمُشتَرِى واحدٌ؛ بأنْ باعَ اثْنان نَصِيبَهما مِن واحدٍ صفْقَةً واحدةً. فللشَّفيعِ أخْذُ أحَدِهما، على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) في ط: «وسدس».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: عليه الأصحابُ حتى القاضي في «المُجَرَّدِ»؛ لأنَّهما عَقْدان، لتوَقُّفِ نَقْلِ المِلْكِ عن كلِّ واحدٍ مِنَ البائعَين على عَقْدٍ، فمَلَكَ الاقْتِصارَ على أحَدِهما، كما لو كانا مُتَعاقِبَين، أو المُشْتَرِي اثْنين. وجزَم به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ حَفيدِه (¬1)»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، ليس له إلَّا أخْد الكُلِّ، أو التَّرْكُ. اخْتارَه القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، و «رُءوسِ المَسائلِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: له أخْذُ أحَدِهما هنا دُونَ التي بعدَها. جزَم به في «الفُنونِ»، وقاسَه على تعَدُّدِ المُشْتَرِي، ¬

(¬1) هو المنجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى التنوخي الدمشقي زين الدين، أبو البركات. فقيه أصولي، مفسر نحوي، من تصانيفه «شرح المقنع» في أربع مجلدات، وله تعاليق كثيرة من الفقه لم تبيض، توفي سنة خمس وتسعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 322، 323.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بكلامٍ (¬1) يقْتَضِي أنَّه محَلُّ وفاقٍ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، وهي تعَدُّدُ البائعِ. المَسْأَلةُ الثَّانيةُ، التَّعَدُّدُ بتَعَدُّدِ المَبِيعِ؛ فإنْ (¬2) باعَ شِقْصَين مِن دارَين صَفقَةً واحدةً مِن واحدٍ، فللشَّفيعِ أخْذُهما جميعًا، وإنْ أخَذ أحَدَهما، فله ذلك. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الخُلاصةِ»، وحفيدُه في «شَرْحِه»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «بأن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به ناظِمُها. والوَجْهُ الثَّاني، ليس له أخْذُ أحَدِهما. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». قال بعضُهم: اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وهي تعَدُّدُ المَبيعِ. فعلى هذا الوَجْهِ، إنِ اخْتارَ أحَدَهما، سقَطَتِ الشُّفْعَةُ فيهما؛ لتَرْكِ البَعضِ مع إمْكانِ أخْذِ الكُلِّ، وكما لو كان شِقْصًا واحدًا. تنبيه: هذا إذا اتَّحَدَ الشَّفِيعُ، فإنْ كان لكُلِّ واحدٍ منهما شَفِيعٌ، فلهما أخْذُ الجميعِ، وقِسْمَةُ الثَّمَنِ على القِيمَةِ، وليس لواحدٍ منهما الانْفرِادُ بالجميعِ، في أصحِّ الوَجْهَين. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه، نعمْ، له الاقْتصِارُ على ما هو شَرِيكٌ فيه بحِصَّتِه مِنَ الثَّمَنِ؛ وافَقَه الآخَرُ في الأخْذِ، أو خالفَه. وخرَّج المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ انْتِفاءَ الشُّفْعَةِ بالكُلِّيَّةِ مِن مَسْأَلَةِ الشِّقْصِ، والسَّيفِ. فائدة: بَقِيَ معنا للتَّعَدُّدِ صُورْةٌ؛ وهي أنْ يَبِيعَ اثْنان نَصِيبَهما مِنَ اثْنَين صفْقَةً واحدَةً، فالتَّعَدُّدُ واقِعٌ مِنَ الطَّرَفَين، والعَقْدُ واحدٌ. قال الحارِثِيُّ: ولهذا قال أصحابُنا: هي بمَثابَةِ أرْبَعِ صَفَقاتٍ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هي أرْبعَةُ عُقُودٍ؛ إذْ عقْدُ الواحدِ مع الاثْنَين عَقْدان، فللشَّفيعِ أخْذُ الكُلِّ، أو ما شاءَ منهما، وذلك خَمْسَةُ أخْيرَةٍ؛ أخْذُ الكُلِّ، أخْذُ نِصْفِه ورُبْعِه منهما، أخْذُ نِصْفِه منهما، أخْذُ نِصْفِه مِن أحَدِهما، أخْذُ رُبْعِه مِن أحَدِهما. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وقيل: ذلك عَقْدان. قدَّمه في «الرعايَةِ». قال في «الفائقِ»: ولو تعَدَّدَ البائعُ والمَبِيعُ، واتَّحَدَ العَقْدُ والمُشْتَرِي، فعلى وَجْهَين.

وَإنْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيفًا، فَلِلشَّفِيعِ أخْذُ الشِّقْص بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَجُوزَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَ شِقْصًا وسَيفًا، فللشَّفِيعِ أخْذُ الشِّقْصِ بحِصَّتِه مِنَ الثَّمَنِ -هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ- ويحتَمِلُ أنْ لا يجُوزَ. وهو تخْريجٌ لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، ومَن بعدَه؛ بِناءً على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ.

وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ، فَلَهُ أخْذُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ تَلَفُهُ بِفِعْلِ اللهِ تَعَالى، فَلَيسَ لَهُ أَخْذُهُ إلا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: أخْذُ الشَّفيعِ للشِّقْصِ لا يُثْبِتُ خِيارَ التَّفْريقِ للمُشْتَرِي. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. واقْتصَرَ عليه الحارِثِيُّ. قوله: وإنْ تَلِفَ بَعضُ المَبِيعِ، فله أخْذُ الباقِي بحِصَّتِه مِنَ الثَّمَنِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ ابنَ حامِدٍ اخْتارَ أنَّه إنْ كان تَلَفُه بفِعْلِ الله تِعالى، فليس له أخذُه إلَّا بجَميعِ الثَّمَنِ، كما نقَلَه المُصَنِّفُ عنه. فائدة: لو تعَيَّبَ المَبِيعُ بعَيبٍ مِنَ العُيوبِ المُنْقِصَةِ للثَّمَنِ، مع بَقاءِ عَينِه، فليس له الأخْذُ إلَّا بكُلِّ الثَّمَنِ، أو التَّرْكُ. قطَع به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وفيه وَجْه آخَرُ، له الأخْذُ بالحِصَّةِ. اخْتارَه القاضي يَعْقُوبُ. قال الحارِثِيُّ: وأظُنُّ، أو أجْزِمُ، أنَّه قوْلُ القاضي في «التعْليقِ». قال: وهو الصَّحيحُ.

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ مِلْكٌ سَابِقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسُ، أنْ يكونَ للشَّفِيعِ مِلْكٌ سابِقٌ، فإنِ اشْتَرَى اثْنان دارًا صَفْقَةً واحِدَةً، فلا شُفْعَةَ لأحَدِهما على صاحِبِه -بلا نِزاعٍ- فإنِ ادَّعَى كُلُّ واحِد منهما السَّبْقَ، فتحالفا أوْ تَعارَضَتْ بَيِّنَتاهما، فلا شُفْعَةَ لهما. هذا المذهبُ في تَعارُضِ البَيِّنَتَين، على ما يأْتِي في بابِه. فإنْ قيلَ باسْتِعْمالِهما بالقُرْعَةِ، فمَن قرَعَ، حلَف، وقُضِيَ له. وإنْ قيلَ باسْتِعْمالِهما بالقِسْمَةِ، فلا أثَرَ لها ها هنا؛ لأنَّ العَينَ بينَهما مُنْقَسِمَةٌ، إلَّا أنْ تتَفاوَتَ الشَّرِكَةُ، فيُفِيدَ التَّنْصِيفَ، ولا يَمِينَ إذًا، على ما يأْتِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

فَإِنِ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا السَّبْقَ، فَتَحَالفَا، أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا، فَلَا شُفْعَةَ لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا شُفْعَةَ بشَرِكَةِ الوَقْفِ، في أحَدِ الوَجْهَين. إذا بِيعَ طِلْقٌ في شَرِكَةِ وَقْفٍ، فهل يسْتَحِقُّه المَوْقوفُ عليه؟ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ نقولَ: يمْلِكُ المَوْقوفُ عليه الوَقْفَ، أو لا. فإنْ قُلْنا: يمْلِكُه. وهو المذهبُ على ما يأْتِي، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ هنا، أَنه لا شُفْعَةَ له. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقطَع به أيضًا ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي وابنُه، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَرٍ، والزَّيدِيُّ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ في آخَرين. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وصحَّحه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال أبو الخَطَّابِ: له الشُّفْعَةُ. قال الحارِثِيُّ: وُجُوبُ الشُّفْعَةِ، على قَوْلِنا بالمِلْكِ، هو الحقُّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي». وإنْ قُلْنا: لا يملِكُ المَوْقوفُ عليه الوَقْفَ. فلا شُفْعَةَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، قطَع به الجُمْهورُ؛ منهم القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، ومَن تقدَّم ذِكْرُه في المَسْأَلَة الأُولَى، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: له الشُّفْعَةُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيلَ: إنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. وَجَبَتْ، وإلَّا فلا. انتهى. اخْتارَ في «التَّرْغيبِ»، إنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. وجَبَتْ هي، والقِسْمَةُ بينَهما. فعلى هذا، الأصحُّ، يُؤْخَذُ بها مَوْقُوفٌ جازَ بَيعُه. قال في «التَّلْخيصِ»، بعدَ أنْ حكَى كلامَ أبِي الخَطَّابِ المُتقَدِّمِ: ويتَخَرَّجُ عندِي، وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه في الشُّفْعَةِ، وَجْهان مَبْنِيَّان على أنَّه، هل يُقْسَمُ الوَقْفُ، والطَّلَقُ، أمْ لا؟ فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفُرازٌ. قُسِمَ، وتجِبُ الشُّفْعَةُ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. فلا قِسْمَةَ، ولا شُفْعَةَ. انتهى. قال في «القواعِدِ»، بعدَ أنْ حكَى الطَّرِيقتَين: هذا كلُّه مُفَرَّعٌ على المذهبِ في جَوازِ قِسْمَةِ الوَقْفِ، مِنَ الطَّلَقِ. أمَّا على الوَجْهِ الآخَرِ بمَنْعِ القِسْمَةِ، فلا شُفْعَةَ؛ إذْ لا شُفْعَةَ في ظاهرِ المذهبِ، إلَّا فيما يقْبَلُ القِسْمَةَ مِنَ العَقارِ. وكذلك بنَى صاحِبُ «الْتخيصِ» الوَجْهَين على الخِلافِ في قَبُولِ القِسْمَةِ. انتهى. تنبيه: هذه الطَّريقةُ التي ذكَرْناها وهي؛ إنْ قُلْنا: المَوْقوفُ عليه يمْلِكُ الوَقْف. وجَبَتِ الشُّفْعَةُ. أو: لا يمْلِكُ. فلا شُفْعَةَ، هي طريقةُ أبِي الخَطَّابِ، وجماعةٍ.

فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ بِوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ، سَقَطَتِ الشُّفْعَةُ. نَصَّ عَلَيهَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا تَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وللأَصحاب طريقةٌ أُخْرَى؛ وهي أنَّ الخِلافَ جارٍ، سواءٌ قُلْنا: يمْلِكُ المَوْقوفُ عليه الوَقْفَ. أمْ لا. وهي طريقَةُ الأكْثَرِين، وهي طريقةُ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه. ومنهم مَن قال: إنْ قُلْنا بعَدَم المِلْكِ، فلا شُفْعَةَ، وإنْ قيلَ بالمِلْكِ، فوَجْهان. وهي طريقةُ صاحبِ «المُحَرَّرِ». واخْتارَه في «التَّلْخيصِ»، لكِنْ بَناه على ما تقدَّم. قوله: وإنْ تَصَرَّفَ المُشْتَرى في المَبيعِ قبلَ الطَّلَبِ بوَقْفٍ أوْ هِبَةٍ -وكذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بصَدَقَةٍ- سقَطَتْ -وكذا لو أَعْتَقَه- نصَّ عليه. [وقُلْنا: فيه الشُّفْعَةُ، على ما تقدَّم] (¬1). وهذا المذهبُ في الجميعِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: وقال أصحابُنا: إنْ تصَرَّفَ بالهِبَةِ أو الصَّدَقَةِ أو الوَقْفِ، بطَلَتِ الشُّفْعَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الخُلاصةِ» وغيرِها. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوك الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها؛ فقال، بعدَ أنْ ذكَر الوَقْفَ، والهِبَةَ، والصَّدَقَةَ: جمهورُ الأصحابِ على هذا النَّمَطِ. والقاضي قال: النَّصُّ في الوَقْفِ فقط. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: ولو بنَى حِصَّتَه مَسْجِدًا، كان البِناءُ باطِلًا؛ لأنَّه وقَع في غيرِ مِلْكٍ تامٍّ له. هذا لفْظُه. قال المُصَنِّفُ: القِياسُ قَوْلُ أبِي بَكْرٍ. واخْتارَه في «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو قَويٍّ جدًّا. وقال: حكَى القاضي أنَّ أبا بَكْرٍ قال في «التَّنْبِيهِ»: الشَّفِيعُ بالخِيارِ بينَ أنْ يُقِرَّه على ما تصَرَّفَ، وبينَ أنْ ينْقُضَ التَّصَرُّفَ؛ فإنْ كان وَقْفًا على قَوْمٍ، فسَخَه، وإنْ كان مَسْجِدًا، نقَضَه؛ اعْتِبارًا به لو تصَرَّفَ بالبَيعِ. قال: وتَبِعَه الأصحابُ عليه، ومِن ضَرُورَتِه عدَمُ السُّقُوطٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا كما ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا عنه، قال: ولم أرَ هذا في «التَّنْبِيهِ»، إنَّما فيه ما ذكَرْنا أوَّلًا، مِن بُطْلَانِ أصْلِ التَّصَرُّفِ، وبينَهما مِنَ البَوْنِ ما لا يخْفَى. انتهى. وقال في «الفائقِ»: وخصَّ القاضي النصَّ بالوَقْفِ، ولم يجْعَلْ غيرَه مُسْقِطًا، اخْتارَه شيخُنا. انتهى. قال في «الفُصولِ»: وعنه، لا تسْقُطُ؛ لأنَّه شَفِيعٌ. وضعَّفَه بِوقْفِ غَصْبٍ أو مَريضٍ مَسْجِدًا. تنبيه: قال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والخَمْسِين»: صرَّح القاضي بجَوازِ الوَقْفِ، والإقْدامِ عليه، وظاهِرُ كلامِه في مَسْأَلةِ التَّحَيُّلِ على إسْقاطِ الشُّفْعَةِ، تَحْرِيمُه، وهو الأظهَرُ. انتهى. قلتُ: قد تقدم كلامُ صاحبِ «الفائقِ» في ذلك، في أوَّلِ البابِ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُسْقِطُ رَهْنُه الشُّفْعَةَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإنْ سقَطَتْ بالوَقْفِ والهِبَةِ والصَّدَقَةِ. قدَّمه في «الفُروعِ». ونصَرَه الحارِثِيُّ. وقيل: الرَّهْنُ كالوقْفِ والهِبَةِ والصَّدَقَةِ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال الحارِثِيُّ: ألْحَقَ المُصَنِّفُ الرَّهْنَ بالوَقْفِ، والهِبَةِ، وهو بعيدٌ عن نصِّ أحمدَ؛ فإنَّه أَبْطَلَ في الصَّدَقَةِ والوَقْفِ بالخُروجِ عنِ اليَدِ والمِلْكِ، والرَّهْنُ غيرُ خارِج عنِ المِلْكِ، فامْتنَعَ الإلْحاقُ. انتهى. وقال في «الفائقِ»: وخصَّ القاضي النَّصَّ بالوَقْفِ، ولم يجْعَلْ غيرَه مُسْقِطًا. اخْتارَه شيخُنا، يعْنِي الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ، وكلامُ الشَّيخِ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، يقْتَضِي مُساواةَ الرَّهْنِ، والإِجارَةِ، وكل عَقْدٍ لا تجِبُ الشُّفْعَةُ فيه للوَقْفِ. قال، يعْني المُصَنِّفَ: ولو جعَلَه صَداقًا، أو عِوَضًا عن خُلْعٍ، انْبَنَى على الوَجْهَين في الأخْذِ بالشُّفْعَةِ. انتهى. وقدَّم في «الرِّعايَةِ» سقوطَها بإجارَةٍ وصدَقَةٍ. الثَّانيةُ، لو أوْصَى بالشِّقْصِ؛ فإنْ أخَذ الشَّفِيعُ قبلَ القَبُولِ، بطَلَتِ الوَّصِيَّةُ، واسْتَقَرَّ الأخْذُ. ذكَرَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثي، وغيرُهم. وإنْ طلَبَ ولم يأخُذْ بعدُ، بطَلَتِ الوَصِيَّةُ أيضًا، ويدْفَعُ الثَّمَنَ إلى الوَرَثَةِ؛ لأنَّه مِلْكُهم، وإنْ كان المُوصَى له قَبِلَ قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ أو طَلَبِه، فكما مَرَّ في الهِبَةِ؛ تنْقَطِعُ الشُّفْعَةُ بها على المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: وعلى المَحْكِيِّ عن أبِي بَكْرٍ، وإنْ كان لا يثْبُتُ عنه، لا تَنْقَطِعُ، وهو الحقُّ. انتهى. وهو مُقْتَضَى إطْلاقِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي».

وَإِنْ بَاعَ فَلِلشَّفِيعِ الأْخْذُ بأْيِّ الْبَيعَينِ شَاءَ، فَإِن أَخَذَ بِالأَوَّلِ، رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَ، فللشَّفِيعِ الأَخْذُ بأيِّ البَيعَين شاءَ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، والمَشْهورُ عند الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ أبِي مُوسى: يأخُذُه ممَّن هو في يَدِه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»؛ لأنَّه قال: إذا خرَج مِن يَدِه ومِلْكِه، كيفَ يُسْلَمُ؟ وقيل: البَيعُ باطِلٌ. وهو ظاهِرُ

وَإنْ فُسِخَ الْبَيعُ بِعَيبٍ أوْ إِقَالةٍ أَوْ تَحَالُفٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ أبِي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». قاله في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والعِشْرِينِ». وقال في آخِرِ «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والخَمْسِين»: وذكَر أبو الخَطَّابِ أن تَصرُّفَ المُشْتَرِي في الشقْصِ المَشْفُوعِ يصِحُّ، ويقِفُ على إجازَةِ الشَّفِيعِ. قوله: وإنْ فُسِخَ البَيعُ بعَيبِ أوْ إقالةٍ، فللشَّفِيعِ أخْذُه. إذا تقايَلا الشِّقْصَ، ثم

وَيَأْخُذُهُ فِي التَّحَالفِ بِمَا حَلَفَ عَلَيهِ الْبَائِعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلِمَ المُشْتَرِي؛ إنْ قُلْنا: الإِقالةُ بَيعٌ. فله الأخْذُ مِن أَيِّهما شاءَ؛ فإنْ أخَذ مِنَ المُشْتَرِي، نقَض الإِقالةَ؛ ليَعُودَ الشَّقْصُ إِليه، فيأْخُذَ منه، وإنْ قُلْنا: فَسْخٌ. فله الشُّفْعَةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثيُّ: ذكَرَه الأصحابُ؛ القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في آخَرين. انتهى. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الحارِثِي: ثم ذكَر القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ في «كِتابَيه»، أنَّه يفْسَخُ الإقالةَ؛ ليَرْجِعَ الشَّقْصُ إلى المُشْتَرِي، فيَأْخُذَ منه. قال المُصَنِّفُ: لأنَّه لا يُمْكِنُه الأَخْذُ معها. وقال ابنُ أبِي مُوسى: للشَّفِيعِ انْتِزاعُه مِن يَدِ البائعِ. قال الحارثِيُّ: والأَوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الاسْتِشْفاعَ الانْتِزاعُ مِن يَدِ المُشْتَرِي، وهذا معْنَى قوْلِهَ: لا يُمْكِنُ الأَخْذُ معها. وقد نصَّ أحمدُ، في رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ، على بُطْلانِ الشُّفْعَةِ، وحمَلَه القاضي على أن الشَّفِيعَ عَفا ولم يُطالِبْ، وتَبِعَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وعندِي أنَّ الكلامَ على ظاهِرِه، ومتى تَقايَلا قبلَ المُطالبَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالشُّفْعَةِ، لم تجِبِ الشُّفْعَةُ. وكذا قال صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وزادَ: فيكونُ على رِوايتَين. قال الحارِثِيُّ: والبُطْلانُ هو الَّذي يصِحُّ عن أحمدَ. فائدة: لو تَقايَلا بعدَ عَفْو الشفِيعِ، ثم عَنَّ له المُطالبَةُ، ففي «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، إنْ قيلَ: الإقَالةُ فَسْخٌ. فلا شيءَ له، وإنْ قيلَ: هي بَيعٌ. تجَدَّدَتِ الشُّفْعَةُ، وأخَذ مِنَ البائعِ، لتَجَدُّدِ السَّبَبِ، فهو كالعَوْدِ إليه بالبَيعِ الصَّريحِ. واقْتصَرَ عليه الحارِثِيُّ. وإنْ فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ قديمٍ، ثم عَلِمَ الشَّفِيعُ وطالبَ مُقدِمًا على العَيب، فقال المُصَنِّفُ هنا: له الشفْعَةُ. وكذا قال الأصحابُ، القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل في آخَرين. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الْشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، ليس له الأخْذُ، إذا فُسِخَ بعَيبٍ. ذكَره في «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ» أخْذًا مِن نَصِّه في رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ في المُقايَلَةِ. وأَكْثَرُهم حكاه قوْلًا، ومال إليه الحارِثِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو باعَ شِقْصًا بعَبْدٍ، ثم وجَد العَبْدَ مَعِيبًا، فقال في «المُغْنِي»، و «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، وغيرِهم: له رَدُّ العَبْدِ واسْتِرْجاعُ الشِّقْصِ، ولا شيءَ للشَّفيعِ. واخْتارَ الحارِثِي ثُبوتَ الشُّفْعَةِ له. انتهى. قال الأصحابُ: وإنْ أخَذ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، ثمُ وجَد البائِعُ العَيبَ، لم يمْلِكِ اسْتِرْدادَ الشِّقْصِ؛ لأنَّه يلْزَمُ عنه بُطْلَانُ عَقْدٍ آخَرَ. قلتُ: فيُعايَى بها. ولكِنْ يرْجِعُ بقِيمَةِ الشِّقْصِ، والمُشْتَرِي قد أخَذ مِنَ الشَّفيعِ قِيمَةَ العَبْدِ؛ فإنْ ساوَتْ قِيمَةَ العَبْدِ فذاك، وإنْ زادَتْ إحْداهما على الأخْرَى، ففي رُجوعِ باذلِ الزِّيادَة؛ مِنَ المُشْتَرِي، والشَّفِيعِ؛ على صاحِبِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يرجِعُ بالزِّيادَةِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، والمَجْدُ. وجزَم به في «الكافِي». وصححَّه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانِي، لا يرْجِعُ. وإنْ عادَ الشِّقْصُ إلى المُشْتَري بعدَ دَفْعِ قِيمَتِه ببَيعٍ، أو إرْثٍ، أو هِبَةٍ أو غيرِها، ففي «المُجَردِ»، و «الفُصولِ»، لا يلْزَمُه الرَّدُّ على البائعِ، ولا للبائعِ اسْتِرْدادُه. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: ليس للشَّفِيعِ أخْذُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالبَيعِ الأوَّلِ. انتهيا. وإنْ أخَذ البائعُ الأرْشَ، ولم يرُدَّ؛ فإنْ كان الشَّفِيع أخَذ بقِيمتِه صحيحًا، فلا رُجوعَ للمُشْتَرِي عليه (¬1)، وإنْ أخَذ بقِيمَتِه مَعِيبًا، فللمُشْتَرِي الرُّجوعُ بما أدَّى مِنَ الأرْشِ. ذكَرَه الأصحابُ. ولو عَفا البائعُ مجَّانًا بالقِيمَةِ صحيحًا، ففي «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، لا يرْجِعُ الشَّفِيعُ على المُشْتَرِي بشيءٍ: اقْتَصَر عليه الحارِثِي. [وقيل: يَرْجِعُ على المُشْتَرِي بالأرْشِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»] (¬2). ومنها، لو اشْتَرَى شِقْصًا بعَبْدٍ أو بثَمَن مُعَيَّن، وظهَر مُسْتَحَقًّا، فالبَيعُ باطِل، ولا شُفْعَةَ، وعلى الشَّفِيعِ ردُّ الشِّقْصِ، إنْ أخَذَه، وإنْ ظهَر البَعْضُ مُسْتَحَقًّا، بطَل البَيعُ فيه، وفي الباقِي روايَتا تَفريقِ الصَّفْقَةِ. ومها، لو كان الشِّراءُ بثَمَنٍ في الذِّمَّةِ ونقَدَه، فخَرَجَ مُسْتَحَقًّا، لم يبْطُل البَيعُ، والشُّفْعَةُ بحالِها، ويرُدُّ الثَّمَنَ إلى مالِكِه، وعلى المُشْتَرِي ثَمَنٌ صحيحٌ، فإنْ تعَذَّرَ؛ لإعْسارٍ أو غيرِه، ففي «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، للبائعِ فَسْخُ البَيعِ، ويُقَدَّمُ حقُّ الشَّفيعِ. ومها، لو كان الثَّمَنُ مَكِيلًا أو مَوْزونًا، فتَلِفَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ قبْضِه، بطَل البَيعُ، وانْتَفَتِ الشُّفْعَةُ، فإنْ كان الشَّفِيعُ أخَذ الشُّفْعَةَ، لم يكُنْ لأحَدٍ اسْتِرْدادُه. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ومنها، لو ارْتَدَّ المُشْتَرِي، وقُتِلَ أو ماتَ، فللشَّفِيعِ الأَخْذُ مِن بَيتِ المالِ. قاله الشَّارِحُ، واقْتَصَرَ عليه الحارِثِيُّ. قوله: أوْ تَحالفا. يعْنِي، إذا اخْتلَفَ المُتَبايعان في قَدْرِ الثَّمَنِ، ولا بَيِّنَةَ، وتَحالفا، وتَفاسَخا، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ أو بعدَه؛ فإنْ كان قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ، وهي مَسْأْلةُ المُصَنِّفِ، فللشَّفِيعِ الأَخْذُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. قال الحارِثِيُّ: ويتَخَرَّجُ انْتِفاءُ الشُّفْعَةِ مِن مِثْلِه في الإِقالةِ، والرَّدِّ بالعَيبِ على الرِّوايَةِ المَحْكِيَّةِ، وأوْلَى. فعلى المذهبِ، يأْخُذُه بما

وَإنْ أَجَرَهُ، أخَذَهُ الشَّفِيعُ، وَلَهُ الأُجْرَةُ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حلَفَ عليه البائعُ؛ لأنَّه مُقِرٌّ بالبَيعِ بالثَّمَنِ الَّذي حلَفَ عليه، ومُقِرٌّ له بالشُّفْعَةِ، وإنْ وُجِدَ التَّفاسُخُ بعدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، أُقِرَّ بيَدِ الشَّفيعِ، وكان عليه للبائعِ ما حلَفَ عليه. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ أجَرَه، أخَذَه الشَّفِيعُ، وله الأُجْرَةُ مِن يَوْمِ أخْذِه.

وَإِنِ اسْتَغَلَّهُ، فَالْغَلَّةُ لَهُ، وَإِنِ أخَذَهُ الشَّفِيعُ وَفِيهِ زَرْعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الإجارَةَ لا تنْفَسِخُ، ويسْتَحِقُّ الشَّفِيعُ الأُجْرَةَ مِن يوم أخْذِه بالشُّفْعَةِ. وهو أحدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ». قال الحارِثِيُّ: وفيه إشْكالٌ. والوَجْهُ الثَّانِي، تنْفسِخُ مِن حينِ أخْذِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَررِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «الفُروعِ»: وفي الإِجارَةِ، في «الكافِي»، الخِلافُ في هِبَةٍ. انتهى. وأطْلَقَهما في «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّالثُ، للشَّفِيعِ الخِيارُ بينَ فَسْخِ الإِجارَةِ وتَرْكِها. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثَّلاثين»: وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «خِلافِه»، في مَسْأْلَةِ إعارَةِ العارِيَّةِ. قال: وهو أظْهَرُ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: ويتَخَرَّجُ مِنَ الوَجْهِ الَّذي نقولُ: تتَوَقَّفُ صِحَّةُ الإِجارَةِ على إجازَةِ البَطْنِ الثَّانِي في الوَقْفِ. إجازَةُ الشَّفيعِ هنا؛ إنْ أجازَ، صحَّ (¬1)، وإلَّا بطَلَ في حقِّه بالأَولَى. قال: وهذا أقْوَى. انتهى. وأطْلَقَ الأَوْجُهَ الثَّلَاثةَ في «القواعِدِ»، ولم يذْكُرِ الوَجْهَ الثَّالِثَ في «الفُروعِ». قوله: وإنِ اسْتَغَله، فالغلَّةُ له -بلا نِزاعٍ- وإنْ أخَذَه الشَّفِيعُ وفيه زَرْعٌ، أو ثَمَرَةٌ ظاهِرَةٌ، فهي للمُشْتَرِي، مُبَقَّاةٌ إلى الحَصادِ والجَدادِ. يعْنِي، بلا أُجْرَةٍ. وهذا المذهبُ. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَين لأصحابِنا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أو ثَمَرٌ ظَاهِرٌ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي مُبَقًّى إلَى الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي». وقيل: تجِبُ في الزَّرْعِ الأُجْرَةُ، مِن حينِ أخْذِ الشَّفِيعِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال ابنُ رَجَبٍ في «القواعدِ»: وهو أظْهَرُ. قلت: وهو الصَّوابُ. وهذا الوَجْهُ ذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». قال في «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ منه تخرِيجٌ في الثَّمَرَةِ. قلتُ: وهو ظاهِرُ بَحْثِ ابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال الحارِثِيُّ، لمَّا علَّلَ بكَلامِه في «المُغْنِي»: وهذا بالنسْبَةِ إلى وُجوبِ الأُجْرَةِ [للشَّفِيعِ في المُؤْجَرِ مُشْكِلٌ جِدًّا، فينْبَغِي أنْ يُخَرَّجَ وُجوبُ الأُجْرَةِ] (¬1) هنا مِن وُجُوبِها هناك. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أوْ ثَمَرَةٌ ظاهِرَةٌ. أنَّ ما لم يظْهَرْ يكونُ مِلْكًا للشَّفِيعِ؛ وذلك كالشَّجَرِ إذا كَبِرَ، والطَّلْعِ إذا لم يُؤبَّرْ، ونحوهما. وهو كذلك. قاله الأصحابُ؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ فِي «الفُصولِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. فائدة: لو تأبَّرَ الطَّلْعُ المَشْمولُ بالبَيعِ في يَدِ المُشْتَرِي، كانتِ الثَّمَرَةُ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه الحارِثِيُّ. وفيه وَجْهٌ آخرُ (¬1)، هي للشَّفِيعَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

وَإنْا قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيل الشَّفِيعِ، أو قَاسَم الشَّفِيعَ؛ لِكَوْنِهِ أظْهَرَ لَهُ زِيَادَةً في الثَّمَنِ أوْ نَحْوهِ، وَغرَسَ أَوْ بَنَى، فَلِلشَّفِيعِ أنْ يَدْفَعَ إِلَيهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَيَمْلِكَهُ، أوْ يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ النَّقْصَ. فَان اخْتَارَ أخْذَهُ وَأرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْله: وإنْ قَاسَمَ المُشْتَرِي وَكيلَ الشَّفِيعِ، أو قَاسَمَ الشَّفيعَ؛ لكَوْنِه أظْهَرَ له زِيادَةً في الثَّمَنِ، أو نحوه، وغرَس، أو بنَى، فللشَّفِيعِ أنْ يدْفعَ إليه قِيمَةَ الغرِاسِ والبِناءِ، ويمْلِكَه، أو يقْلَعَه، ويضمَنَ النَّقْصَ. إذا أربى المُشْتَرِي أخْذَ غَرْسِه وبِنائِه، كان للشَّفيعِ أخْذُ الغِراسِ والبِناءِ، والحالةُ هذه، وله القَلْعُ، وضَمانُ النَّقْصِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الانْتِصارِ»: أو أقَرَّه بأُجْرَةٍ، فإنْ أَبَى فلا شُفْعَةَ. قال الحارِثِيُّ: إذا لم يقْلَعِ المُشْتَرِي، ففي الكِتابِ تخْيِيرُ الشَّفيعِ بينَ أخْذِ الغِراسِ والبِناءِ بالقِيمَةِ، وبينَ قَلْعِه وضَمانِ نَقْصِه. وهذا ما قاله القاضي وجُمْهورُ أصحابِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: ولا أعْرِفُه نَقْلًا عن أحمدَ، وإنَّما المَنْقُولُ عنه رِوايَتا التَّخْيِيرِ مِن غيرِ أرْشٍ، والأُخْرَى، وهي المَشْهورَةُ عنه، إيجابُ القِيمَةِ مِن غيرِ تَخْيِيرٍ. وهو ما ذكَرَه الخِرَقِيُّ وابنُ أبِي مُوسى، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ. وهو المذهبُ. زادَ ابنُ أبِي مُوسى، ولا يُؤمَرُ المُشْتَرِي بقَلْعِ بِنائِه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: ونقَل الجماعَةُ، له قِيمَةُ البِناءِ، ولا يقْلَعُه. ونقَل سِنْدِيٌّ، أله قِيمَةُ البِناءِ، أم قِيمَةُ النَّقْصِ؟ قال: لا، قِيمَةُ البِناءِ. فائدة: إذا أخَذَه بالقِيمَةِ، قال الحارِثِيُّ: يُعْتَبَرُ بذْلُ البِناءِ أو الغِراسِ بما يُساويه حينَ التَّقْويمِ، لا بما أنْفَقَ المُشْتَرِي؛ زادَ على القِيمَةِ أو نقَص. ذكَرَه أصحابُنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقال في «المُغْنِي»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: لا يُمْكِنُ إيجابُ قِيمَتِه باقِيًا؛ لأنَّ البَقاءَ غيرُ مُسْتَحَقٌّ، ولا قيمَتِه مقْلُوعًا؛ لأنَّه لو كانَ كذلك، لملَك القَلْعَ مجَّانًا؛ ولأنَّه قد يكونُ لا قِيمَةَ له إذا قُلِعَ. قالا: ولم يذْكُرْ أصحابُنا كيفِيَّةَ وُجوبِ القِيمَةِ، والظَّاهِرُ أنَّ الأرْضَ تُقَوَّمُ مغْرُوسَةً ومَبْنِيَّةً، ثم تُقَوَّمُ خالِيَةً، فيكون ما بينَهما قِيمَةَ الغَرْسِ والبِناءِ. وجزَم بهذا ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحْتَمِلُ أنْ يُقَوْمَ الغَرْسُ والبِناءُ مُسْتَحِقًّا للتَّرْكِ بِالأُجْرَةِ، أو لأخْذِه بالقِيمَةِ، إذا امْتَنَعا مِن قَلْعِه. انتهيا. قوله: فإنِ اخْتارَ أخْذَه، فأرَادَ المُشْتَرِي -وهو صاحِبُه- قَلْعَه، فله ذلك، إذا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ. هذا أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، والآدَمِيُّ البَغْدادِيُّ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ له القَلْعَ؛ سواءٌ كان فيه ضرَرٌ، أوْ لا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: ولم يَعْتَبِرِ القاضي وأصحابُه الضرَرَ وعدَمَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الأَكْثَرِين، بل الَّذي جزَمُوا به، له ذلك سواءٌ أضَرَّ بالأرْضِ، أو لم يُضِرَّ. انتهى. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفَائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال الحارِثِيُّ: وهذا الخِلافُ الَّذي أوْرَدَه مَن أوْرَدَه مِنَ الأصحاب مُطْلَقًا ليس بالجَيِّدٍ، بل يتَعَيَّنُ تنْزِيلُه؛ إمَّا على اخْتِلافِ حالين، وإمَّا على ما قبلَ الأَخْذِ، وإنَّما أوْرَدَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» على هذه الحالةِ، لا غيرُ. وحيث قيلَ باعْتِبارِ عدَمِ الضَّرَرِ، ففيما بعدَ الأخْذِ، وهو ظاهِرُ ما أوْرَدَه في «التذْكِرَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو قلَعَه المُشْتَرِي، وهو صاحِبُه، لم يضْمَنْ نَقْصَ الأرْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، اخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: لا يضْمَنُ نقْصَ الأرْضِ في الأصحِّ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الكافِي»، وعلَّلَه بانْتِفاءِ عُدْوانِه، مع أنَّه جزَم في بابِ العارِيةِ بخلافِه. وقيل: يَلْزَمُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، ومال إليه الحارِثِيُّ، وقال: والكَلامُ في تَسْويَةِ الحَفْرِ، كالكَلامِ في ضَمانِ أرْشِ النَّقْصِ. وأطْلَقَهما في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسَّبْعِين». الثَّانيةُ، يجوزُ للمُشْتَرِي التَّصَرفُ في الشِّقْصِ الَّذي اشْتَراه بالغرْسِ والبِناءِ في الجُمْلةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحاب. قال في رِوايَةِ سِنْدِيٍّ: ليس هذا بمَنْزِلَةِ الغاصِبِ. وقال في رِوايَةِ حَنْبَلٍ: لأَنَّه عمَر، وهو يظُنُّ أنَّه مِلْكُه، وهو ليس؛ إذا زرَع بغيرِ إذْنِ أهْلِه. قال الحارِثِيُّ:

وَإنْ بَاعَ الشَّفِيعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَلِلْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ فيمَا بَاعَهُ الشَّفِيعُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنَّما هذا بعدَ القِسْمَةِ والتَّمْيِيزِ؛ ليكونَ التَّصَرُّفُ في خالصِ مِلْكِه، أمَّا قبلَ القِسْمَةِ، فلا يَمْلِكُ الغَرْسَ والبناءَ، وللشَّفيعِ إذًا قَلْعُ الغرْسِ والبِناءِ مجَّانًا؛ للشَّرِكَةِ لا للشُّفْعَةِ، فإنَّ أحدَ الشَّرِيكَين إذا انْفَرَدَ بهذا التَّصَرُّفِ، كان للآخَرِ القَلْعُ مجَّانًا. قال جَعْفَرُ بنُ محمدٍ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن رجُلٍ غرَسَ نَخْلًا في أرْضٍ بينَه وبينَ قَوْمٍ مُشاعًا؟ قال: إنْ كان بغيرِ إذْنِهم، قُلِعَ نخْلُه. انتهى. قلتُ: وهذا لا شَكَّ فيه. قوله: وإنْ باعَ الشَّفيعُ مِلْكَه قبلَ العِلْمِ، لم تسْقُطْ شُفْعَتُه في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الحارِثِيُّ: هذا أظْهَرُ الوَجْهَين. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». والثاني، تسْقُطُ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفروعِ»، و «الفائقِ». فعلى المذهبِ، للبائعِ الثَّاني، وهو الشَّفِيعُ، أخْذُ الشِّقْصِ مِنَ المُشْتَرِي الأوَّلِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ عَفا عنه، فللمُشْتَرِي الأَوَّلِ أخْذُ الشِّقْصِ مِنَ المُشْتَرِي الثَّاني، فإنْ أخَذ منه فهل للمُشْتَرِي الأَخْذُ مِنَ الثاني؟ على الوَجْهَين، وهو قوْلُه: وللمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ فيما باعَه الشَّفِيعُ، في أصحِّ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صححه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا شُفْعَةَ له. وأطْلَقَهما في «شَرْحِ الحارثِيِّ». وعلى الوَجْهِ الثَّاني، في المَسْأْلَةِ الأُولَى، لا خِلافَ في ثُبوتِ الشُّفْعَةِ للمُشتَرِي الأوَّلِ على المُشْتَرِي الثاني

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَبِيعِ الشَّفِيعِ؛ لسَبْقِ شَرِكَتِه على المَبِيعِ، واسْتِقْرارِ مِلْكِه. تنبيه: مَفْهومُ كلامِه، أنَّ الشَّفِيعَ لو باعَ مِلْكَه بعدَ عِلْمِه، أنَّ شُفْعَتَه تَسْقُطُ. وهو صحيحٌ، لا خِلافَ فيه أعْلَمُه. لكِنْ لو باعَ بعضَه عالِمًا، ففي سُقُوطِ الشُّفْعَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، تسْقُطُ. والثَّاني: لا تسْقُطُ؛ لأنَّه قد بَقِيَ مِن مِلْكِه ما يسْتَحِقُّ به الشُّفْعَةَ في جميعِ المَبِيعِ لو انْفَرَدَ، فكذلك إذا بَقِيَ. قال الحَارِثِيُّ: وهو أصحُّ إنْ شاءَ اللهُ، تعالى؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لقِيامِ المُقْتَضِي، وهو الشَّرِكَةُ، وللمُشْتَرِي الأوَّلِ الشُّفْعَةُ على المشْتَرِي الثَّاني في المَسْأْلَةِ الأُولَى، وفي الثَّانيةِ، إذا قُلْنا بسُقُوطِ شُفْعَةِ البائعِ الأوَّلِ، وإنْ قُلْنا: لا تسْقُطُ شُفْعَةُ البائعِ. فله أخْذُ الشِّقْصِ مِنَ المُشْتَرِي الأوَّلِ. وهل للمُشْتَرِي الأوَّلِ شُفْعَة على المُشْتَرِي الثَّاني؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، له الشُّفْعَةُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: وهو القِياسُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا شُفْعَةَ له. فعلى الأوَّلِ، للمُشْتَرِي الأوَّلِ الشُّفْعَةُ على المُشْتَرِي الثَّاني؛ سواءٌ أخَذ منه المَبِيعَ بالشُّفْعَةِ، أو لم يَأَخُذْ، وللبائعِ الثَّاني، إذا باعَ بعضَ الشِّقْصِ، الأخْذُ مِنَ المُشْتَرِي الأوَّلِ في أَحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فائدة: لو باعَ بعضَ الحِصَّةِ جاهِلًا؛ فإنْ قيلَ بالشُّفْعَةِ فيما لو باعَ الكُلَّ في هذه الحالِ، فلا كَلامَ، وإنْ قيلَ بسُقُوطِها فيه، فهنا وَجْهان أوْرَدَهما القاضي، وابنُ عَقِيل، ووَجْهُهما ما تقدَّم في أصْلِ المَسْأْلَةِ. قال الحارِثِيُّ: والأصحُّ جَرَيانُ الشُّفْعَةِ بالأوْلَى.

وَإنْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ إلا أنْ يَمُوتَ بَعْدَ طَلَبِهَا، فَتَكُونَ لِوَارِثِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ الشَّفِيعُ، بطَلَتِ الشُّفْعَةُ، إلَّا أنْ يَمُوت بعدَ طلَبِها، فتكونَ لوارِثِه. إذا ماتَ الشَّفِيعُ فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ قد ماتَ قبلَ طَلَبِها أو بعدَه؛ فإنْ ماتَ قبلَ طَلَبِها، لم يَسْتَحِقَّ الوَرَثَةُ الشُّفْعَةَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحَابُ، ونصَّ عليه مِرارًا. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: لا تُورَثُ مُطالبَةُ الشُّفْعَةِ مِن غيرِ مُطالبَةِ رَبِّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وله مأْخَذان؛ أحدُهما، أنَّه حقٌّ له، فلا يَثْبُتُ بدُونِ مُطالبَتِه، ولو عُلِمَتْ رَغْبَتُه مِن غيرِ مُطالبَتِه، لكَفَى في الإرْثِ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه». والمأْخَذُ الثَّاني، أنَّ حقَّه سقَط بتَرْكِه وإعْراضِه، لا سِيَّما على قوْلِنا: إنَّها على الفَوْرِ. فعلى هذا، لو كان غائبًا، فللوَرَثَةِ المُطالبَةُ، وليس ذلك على الأوَّلِ. انتهى. وقيل: للورَثَةِ المُطالبَةُ. وهو تخرِيجٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأبِي الخَطَّابِ. ونقَل أبو طالبٍ، إذا ماتَ صاحِبُ الشُّفْعَةِ، فلولَدِه أنْ يَطْلُبوا الشُّفْعَةُ لمُوَرِّثِهم. قال في «القواعِدِ»: وظاهِرُ هذا، أنَّ لهم المُطالبَةَ بكُلِّ حالٍ. انتهى. وإنْ ماتَ بعدَ أنْ طالبَ بها، اسْتَحَقَّها الورَثَةُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. وقد توقَّفَ في رِوايَةِ ابنِ القاسمِ، وقال: وهو مَوْضِعُ نظَرٍ. وتقدَّم نَظيرُ ذلك في آخِرِ فصْلِ خِيارِ الشَّرْطِ. قال الحارِثِيُّ: ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الأصحابِ مَن يُعَلِّلُ بإفادَةِ الطَّلَبِ للمِلْكِ، فيكونُ الحقُّ مَوْرُوثًا بهذا الاعْتِبارِ، وهي طريقةُ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ، ومَن وافَقَهما على إفادَةِ المِلْكِ، ومنهم مَن يُعَلِّلُ بأنَّ الطَّلَبَ مُقَرِّرٌ للحَقِّ، ولهذا لم تسْقُطْ بتَأْخيرِ الأَخْذِ بعدَه، وتسْقُطُ قبلَه، وإذا تَقرَّرَ الحقُّ، وجَب أنْ يكونَ مَوْروثًا، وهي طريقةُ المُصَنِّفِ، ومَن وافَقَه على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الطَّلَبَ لا يُفِيدُ المِلْكَ، وهو مُقْتَضَى كلامِ أحمدَ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الشَّفِيعَ لا يَمْلِكُ الشِّقْصَ بمُجَردِ المُطالبَةِ. وهو أحدُ الوُجوهِ، فلابُدَّ للتَمَلُّكِ مِن أخْذِ الشِّقْصِ، أو يأْتِي بلَفْظٍ يدُلُّ على أخْذِه بعدَ المُطالبَةِ؛ بأنْ يقولَ: قد أخَذْتُه بالثَّمَنِ. أو: تَمَلَّكْتُه بالثَّمَنِ. ونحوَ ذلك. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وقدَّمَه الحارِثِيُّ، ونصَرَه، وقال: اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وقيل: يَمْلِكُه بمُجَرَّدِ المُطالبَةِ إذا كان مَلِيئًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثَّمَنِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال الحارِثِيُّ: وهو قَولُ القاضي، وأكثرِ أصحابِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحبِ «التَّلْخيصِ». فيَصِحُّ تصَرُّفُه قبلَ قَبْضِه فيه. وقيل: لا يمْلِكُه إلا بمُطالبَتِه وقَبْضِه. وقيل: لا يَمْلِكُه إلَّا بحُكْمِ حاكمٍ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وقطَع به في «تَذْكِرَتِه». قال الحارِثِيُّ: ويحْصُلُ المِلْكُ بحُكْمِ الحاكمِ أيضًا. ذكَرَه ابنُ الصَّيرَفيِّ في «نوادِرِه»، وقال به غيرُ واحدٍ. انتهى. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يمْلِكُه إلا بدَفْعِ ثَمَنِه، ما لم يَصْبِرْ مُشْتَرِيه. واخْتارَه ابنُ عَقِيل أيضًا. حَكاه، في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ» قال في «القواعِدِ»: ويَشْهَدُ له نصُّ أحمدَ، إذا لم يُحْضِرِ المال مُدَّةً طويلةً، بطَلَتْ شُفْعَتُه. وقال في «الرِّعايَةِ»: الأصحُّ أنَّ له التَّصَرفَ قبلَ قَبْضِه وتمَلُّكِه. وقال في «التَّلْخيصِ» و «التَّرْغيبِ»:

فَصْلٌ: وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أوْ عَنْ بَعْضِهِ، سَقَطَتْ شُفعَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُشْتَرِي حَبْسُه على ثَمَنِه؛ لأنَّ المِلْكَ بالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ؛ كالمِيراثِ، والبَيعِ عن رِضًا. ويُخالِفُه أيضًا في خِيارِ الشَّرْطِ، وكذا خِيارُ مَجْلِسٍ مِن جِهَةِ شَفيعٍ بعدَ تَمَلُّكِه؛ لنُفُوذِ تصَرُّفِه قبلَ قَبْضِه بعدَ تمَلُّكِه بإرْثٍ. فوائد؛ منها، تنْتَقِلُ الشُّفْعَةُ إلى الوَرَثَةِ كلِّهم على حسَبِ مِيراثِهم. ذكَرَه غيرُ واحدٍ؛ فهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ رَجَبٍ، وغيرُهم. ومنها، لا فَرْقَ في الوارِثِ بينَ ذَوي الرَّحِمِ والزَّوْجِ والمَوْلَى وبَيتِ المالِ، فيَأْخُذُ الإِمامُ بها. صرَّح به الأصحابُ. قاله في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ». ومنها، إشْهادُ الشَّفيعِ على الطَّلَبِ حالةَ العُذْرِ يقُومُ مَقامَ الطَّلَبِ في الانْتِقالِ إلى الوَرَثَةِ. ومنها، شَفِيعان في شِقْصٍ، عَفا أحدُهما، وطالبَ الآخَرُ، ثم ماتَ، فوَرِثَه العافِي، له أخْذُ الشِّقْصِ بالشُّفْعَةِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ: وكذا لو قذَف رَجُلٌ أُمَّهما المَيتَةَ، فعَفا أحدُهما، وطالبَ الآخرُ، ثم ماتَ، فوَرِثَه العافِي، كان له اسْتِيفاءُ الحدِّ بالنِّيابَةِ عن أخِيه، إذا قيلَ بوُجُوبِ الحدِّ بقَذْفِها. تنبيه: قولُه: ويَأْخُذُ الشَّفِيعُ بالثَّمَنِ الَّذى وقَع عليه العَقْدُ. قال الحارِثِيُّ: فيه مُضْمَر حُذِفَ اخْتِصارًا، وتقْديرُه، مِثْلُ الثَّمَنِ، أو قَدْرُه؛ لأنَّ الأخْذَ بعَينِ الثَّمَنِ المأْخُوذِ به للمُشْتَرِي غيرُ مُمْكِنٍ، فتعَيَّنَ الإِضْمارُ. وإذَنْ فالظَّاهِرُ إرادَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، وهو القدْرُ؛ لأنَّه تعرَّض لوَصْفِ التَّأْجيلِ، والمِثْلِيَّةِ والتَّقْويمِ فيما بعدُ، فلو كانَ المِثْلُ مُرادًا، لَكانَ تَكْرِيرًا؛ لشُمولِ المِثْلِ للصِّفَةِ والذَّاتِ. انتهى. قوله: وإنْ عجَز عنه أو عن بعضِه، سقَطَتْ شُفْعَتُه. ولو أتَى برَهْنٍ أو ضامِنٍ، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِيَ، ولكِنْ يُنْظَرُ ثَلَاثًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ حتَّى يتَبَيَّنَ عَجْزُه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «المُحَررِ»، وعنه، لا يُنْظَرُ إلَّا يوْمَين. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُرْجَعُ في ذلك إلى رَأْي الحاكمِ. قلتُ: وهذا الصَّوابُ في وَقْتِنا هذا. فإذا مضَى الأجَلُ، فسَخ المُشْتَرِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ. قال الحارِثِيُّ: وهو أصحُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إنَّما يفْسَخُه الحاكِمُ. قدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُتَبَيَّنُ بُطْلانُه. اخْتاره ابنُ عَقِيلٍ. قال الحارِثِيُّ: والمَنْصُوصُ مِن روايَةِ الحَمَّالِ، بُطْلانُ الشُّفْعَةِ مُطْلَقًا. وهو ما قال في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَررِ» (1). فوائد؛ الأُولَى، المذهبُ أنَّ الأَخْذَ بالشُّفْعَةِ نَوْعُ بَيعٍ؛ لأنَّه دَفْعُ مالٍ لغَرَضِ التَّمَلُّكِ، ولهذا اعْتُبِرَ له العِلْمُ بالشِّقْصِ وبالثَّمَنِ، فلا يصِحُّ مع جَهالتِهما. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه، قال: وله المُطالبَةُ بالشُّفْعَةِ مع الجَهالةِ: ثمْ يتَعَرَّفُ مِقْدارَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّمَنِ. وذكَرَ احْتِمالًا بجَوازِ الأخْذِ مع جَهالةِ الشِّقْصِ؛ بِناءً على جوازِ بَيعِ الأعْيانِ الغائِبَةِ. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ وغيرُه: إذا أخَذ بالشُّفْعَةِ، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ حتَّى يقْبِضَ الثَّمَنَ. وقاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، وفرَّق بينَه وبينَ البَيعِ. الثَّالثةُ، لو تسَلَّم الشِّقْصَ، والثَّمَنُ في الذِّمَّةِ، فأَفْلَسَ، فقال المُصَنِّفُ

وَمَا يُحَطُّ مِنَ الثَّمَنِ أوْ يُزَادُ فِيهِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ يُلْحَقُ بِهِ، وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُلْحَقُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه: المُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بينَ الفَسْخِ والضَّرْبِ مع الغُرَماءِ بالثَّمَنِ، كالبائعِ إذا أفْلَسَ المُشْتَرِي. الرَّابعةُ، في رُجوعِ شَفِيعٍ بأرْشٍ على مُشْتَرٍ، عَفا عنه بائعٌ، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الرُّجوعِ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. ثم وَجَدْتُه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «الحارِثِيِّ»، قطَعُوا بذلك. وتقدَّم ذلك بعدَ قوْلِه: وإن فُسِخَ البَيعُ بعَيبٍ أو إقالةٍ.

وَإنْ كَانَ مُؤْجَّلًا، أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالأَجَلِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإلَّا أَقَامَ كَفِيلًا مَلِيًّا وَأَخَذَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان مُؤجَّلًا، أخَذَه الشَّفيعُ بالأجَلِ إنْ كان مَلِيئًا، وإِلَّا أقامَ كَفِيلًا مَلِيئًا وأخَذ به. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. لكِنْ شرَط القاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ» وغيرِه، ووَلَدُه أبو الحُسَينِ، والقاضي يَعْقُوبُ، وأبو

وَإنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا، أعْطَاهُ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ ذَا مِثْلٍ، أوْ قِيمَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ، وَصْفَ الثِّقَةِ مع المَلاءَةِ، فلا يسْتَحِقُّ. بدُونِهما. قال الحارِثِيُّ: وليس ببعيدٍ مِنَ النَّصِّ. فائدة: لو أخَذ الشَّفِيعُ بالأجَلِ، ثم ماتَ هو أو المُشْتَرِي، وقُلْنا: يحِلُّ الدَّينُ بالمَوْتِ. حلَّ الثَّمَنُ عليه، ولم يحِلَّ على الحَيِّ منهما. ذكَره المُصَنِّفُ وغيرُه. فائدة: قال الحارِثِي: إطْلاقُ قَوْلِ المُصَنِّفِ: إنْ كانَ مُؤجَّلًا، أخَذَه بالأَجَلِ، إنْ كان مَلِيئًا. يُفِيدُ ما لو لم يتَّفِقْ طَلَبُ الشَّفِيعِ إلَّا عندَ حُلولِ الأجَلِ أو بعدَه، أنْ يثْبُتَ له اسْتِئْنافُ الأجَلِ. وقطَع به ونصَرَه. قوله: وإنْ كان الثَّمَنُ عَرْضًا، أعْطاه مِثْلَه إنْ كان ذا مِثْلٍ، وَإلَّا قيمَتَه. اعلمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الثَّمَنَ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مِثْلِيًّا، أو مُتَقَوَّمًا، فإنْ كان مِثْلِيًّا، انْقسَمَ إلى نَقْدٍ وعَرْض، وأيًّا ما كانَ، فالمُماثَلَةُ فيه تتَعلَّقُ بأُمورٍ؛ أحدُها، الجِنْسُ. فيَجِبُ مِثْلُه مِنَ الجِنْسِ؛ كالذهَبِ، والفِضَةِ، والحِنْطَةِ، والشعِيرِ، والزَّيتِ، ونحوه، وإنِ انْقطَعَ المِثْلُ حالةَ الأخْذِ، انْتقَلَ إلى القِيمَةِ، كما في الغَصْبِ، حَكاه ابنُ الزَّاغُونِي محَلَّ وفِاقٍ. وفي أصْلِ المَسْأْلَةِ رِوايَةٌ، أنَّه يأْخُذُ بقِيمَةِ المَكِيلِ والمَوْزُونِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعَذَّرَ المِثْلُ، أوْ لا. وأمَّا المَذْرُوعُ، كالثِّياب، فقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ في شُروطِه: القَوْلُ فيه كالقَوْلِ في المَكِيلِ والمَوْزونِ، إلَّا أنَّ القَوْلَ فيه هنا مَبْنِيٌّ على السَّلَمَ فيه؛ فحيثُ صحَّحْنا السَّلَمَ فيه، أخَذ مِثْلَها، إلَّا على الرِّوايَةِ في أنَّها مَضْمُونَةٌ بالقِيمَةِ، فيأخُذُ الشَّفيعُ بالقِيمَةِ، وحيثُ قُلْنا: لا يصِحُّ. يأخُذُ القِيمَةَ، والأَوْلَى القِيمَةُ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: والقِيمَةُ اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وعامَّةِ الأصحابِ. وأمَّا المَعْدُودُ، كالبَيضِ ونحوه، فقال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: ينْبَنِي على السَّلَمِ فيه؛ إنْ قيلَ بالصِّحَّةِ، ففيه ما في المَكِيلِ والمَوْزُونِ، وإلَّا فالقِيمَةُ. الثَّاني، المِقْدارُ. فيَجِبُ مِثْلُ الثَّمَنِ قَدْرًا مِن غيرِ زِيادَةٍ ولا نَقْص؛ فإنْ وقَع العَقْدُ على ما هو مُقَدَّر بالمِعْيارِ الشَّرْعِيِّ، فذاكَ، وإنْ كان بغيرِه؛ كالبَيعِ بألفِ رَطْلٍ مِن حِنْطَةٍ، فقال في «التَّلْخيصِ»: ظاهِرُ كلام أصحابِنا، أنَّه يُكالُ ويُدْفَعُ إليه مِثْلُ مَكِيِلِه؛ لأنَّ الرِّبَويَّاتِ تَماثُلُها بالمِعْيارِ الشَّرْعِيِّ. وكذلك إقْراضُ الحِنْطَةِ بالوَزْنِ. وقال:

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، فَالقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، إلا أَنْ تَكُونَ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكْفِي عندِي الوَزْنُ هنا؛ إذِ المَبْذُولُ في مُقابَلَةِ الشِّقْصِ، وقَدْرُ الثَّمَنِ، مِعْيارُه لا عِوَضُه. انتهى. تنبيه: تقدَّم في الحِيَلِ، إذا جَهِلَ الثَّمَنَ، ما يأْخُذُ. الثَّالثُ، الصِّفَةُ في الصِّحاحِ، والمُكَسَّرَةِ، والسُّودِ، ونَقْدِ البَلَدِ، والحُلُولِ، وضِدَّها. فيَجِبُ مِثْلُه صِفَةً. وإنْ كان مُتَقَومًا؛ كالعَبْدِ، والدَّارِ، ونحوهما، فالواجِبُ اعْتِبارَه بالقِيمَةِ يوْمَ البَيعِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: يأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بما اسْتقَر عليه العَقْدُ؛ مِن ثَمَنِ مِثْلِيٍّ، أو قِيمَةِ غيرِه وَقْتَ لُزومِ العَقْدِ. وقيل: بل وَقْتَ وُجوبِ الشُّفْعَةِ. انتهى. فائدة: لو تَبايَعَ ذِمِّيَّان بخَمْرٍ؛ إنْ قُلْنا: ليسَتْ مالًا لهم. فلا شُفْعَةَ بحالٍ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم، واقْتَصَر عليه الحارِثِيُّ. وإنْ قُلْنا: هي مالٌ لهم. فأطْلَقَ أبو الخَطَّابِ وغيرُه وُجوبَ الشُّفْعَةِ، وكذا قال القاضي وغيرُه. ثم قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَلْخيصِ»: يأْخُذُ بقِيمَةِ الخَمْرِ، كا لو أتْلَفَ على ذِمِّيٍّ خَمْرًا. قوله: وَإِنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ الثَّمَنِ، فالقوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي، إلا أنْ يكونَ للشَّفيعِ بَيِّنَةٌ. وهذا بلا نِزاعٍ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ لو أقامَ كلُّ واحدٍ مِنَ الشَّفيعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُشْتَرِي بَيِّنَةً بثَمَنِه، فقال القاضي، وابنُه أبو (¬1) الحُسَينِ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو القاسِمِ الزَّيدِيُّ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشَّفيعِ. قال الحارِثِيُّ: ويَقْتَضِيه إطْلاقُ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: يتَعارَضان. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقيل باسْتِعْمالِهما بالقُرْعَةِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». ووَجَّه الحارِثِيُّ قَوْلًا، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ المُشْتَرِي؛ لأنَّه قال: قَوْلُ الأصحابِ هنا مُخالِفٌ لِمَا قالُوه في بَيِّنَةِ البائِعِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُشْتَرِي، حيثُ قدَّموا بَيِّنَةَ البائعِ؛ لأنَّه مُدَّعٍ بزِيادَةٍ، وهذا بعَينِه مَوْجُودٌ في المُشْتَرِي هنا، فيَحْتَمِلُ أنْ يُقال فيه بمِثْلِ ذلك. انتهى. فوائد؛ إحْداها، لو قال المُشْتَرِي: لا أعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ. فالقَوْلُ قوْلُه. ذكَرَه الأصحابُ؛ القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: فيَحْلِفُ أنَّه لا يعْلَمُ قَدْرَه، لأنَّ ذلك وَفْقَ الجَوابِ، وإذَنْ لا شُفْعَةَ؛ لأنَّها لا تُسْتَحَقُّ بدُونِ البَدَلِ، وإيجابُ البَدَلِ مُتَعَذِّرٌ للجَهالَةِ. ولو ادَّعَى المُشْتَرِي جَهْلَ قِيمَةِ العَرْضِ، فكدَعْوَى جَهْلِ الثَّمَنِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، بعدَ ذِكْرِ الحِيَلِ، أوَّلَ البابِ. الثَّانيةُ، لو قال البائعُ: الثَّمَنُ ثلَاثةُ آلافٍ. وقال المُشْتَرِي: ألفان. وقال الشَّفِيعُ. ألْفٌ. وأقامُوا البَيِّنةَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالبَيِّنَةَ للبائِع، على ما تقدَّم؛ لدَعْوَى الزِّيادَةِ. الثَّالثةُ، لو كان الثَّمَنُ عَرضًا، واخْتلَفَ الشَّفِيعُ والمُشْتَرِي في قِيمَتِه، فإنْ وُجِدَ، قُوِّم، وإنْ تَعذَّرَ، فالقَوْلُ قوْلُ المُشْتَرِي مع يَمِينِه. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وإنْ أقامَا بَيِّنَةً بقِيمَتِه، قال الحارِثِيُّ: فالأظْهَرُ التَّعارُضُ. ويَحْتَمِلُ تقْديمَ بَيِّنَةِ الشَّفيعِ.

وَإِنْ قَال الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيتُهُ بِأَلْفٍ. وَأقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفَينِ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِأَلْفٍ. وَإنْ قَال الْمُشْتَرِي: غَلِطْتُ. فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال المُشْتَرِي: اشْتَرَيتُه بأَلْفٍ. وأقامَ البائعُ بَيِّنَة أنَّه بَاعَه بأَلْفَين، فللشَّفِيعِ أخذُه بألْفٍ -بلا نِزاعٍ- وإنْ قال المُشْتَرِي: غَلِطْتُ -أو نَسيت، أو كَذَبْتُ- فهل يُقْبَلُ قَولُه مع يمينه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قَوْلُه. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ عندِي، يُقْبَلُ قوْلُه، كما لو أخْبرَ في المُرابحَةِ. ثم قال: غَلِطْتُ. بل هنا أوْلَى؛ لأنَّه قد قامَتْ بَيِّنَةُ بكَذِبِه. قال الحارِثِيُّ: هذا الأقْوَى. قال فِي «الهِدْايَةِ»، لمَّا أطْلَقَ الوَجْهَين؛ بِناءً على المُخْبِرِ في المُرابَحَةِ، إذا قال: غَلِطْتُ. وقد تقدَّم أنَّ أَكْثرَ الأصحابِ قَبِلُوا قوْلَه في ادِّعائِه غلَطًا في المُرابحَةِ. وصحَّحه هنا في «التَّصحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُقْبَلُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وجزَم به في «الكافِي». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهذا المذهبُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما اصْطَلَحْناه. ونقَل أبو طالِبٍ في المُرابحَةِ، إنْ كان البائِعُ مَعْرُوفًا بالصِّدْقِ، قُبِلَ قوْلُه، وإلَّا فلا. قال الحارِثِيُّ: فيُخَرَّجُ مِثْلُه هنا. قال: ومِنَ الأصحاب مَن أَبَى الإِلْحَاقَ بمَسْأْلَةِ المُرابحَةِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: عنْدِي أنَّ دَعْواه لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ مذهبَنا أنَّ الذَّرائِعَ مَحْسُومَةٌ، وهذا فَتْحٌ لبابِ الاسْتِدْراكِ لكُلِّ قَوْلٍ يُوجِبُ حقًّا. ثم فرَّق بأنَّ المُرابحَةَ كان فيها أمِينًا، حيثُ رُجِعَ إليه في الإِخْبارِ بالثَّمَنِ، وليس المُشْتَرِي أمِينًا للشَّفيعِ، وإنَّما هو خَصْمُه، فافْتَرَقا. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيلَ: يتَحالفان، ويُفْسَخُ البَيعُ، ويأْخُذُه بما حلَف عليه البائعُ لا المُشْتَرِي.

وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشتَرَيتَهُ بِأَلْفٍ، قال: بَلَ اتَّهَبْتُهُ. أَوْ: وَرثْتُهُ. فَالْقَولُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا، أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أنْ تُبْرِئَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشتَرَيتَهُ بِأَلْفٍ، قال: بَلَ اتَّهَبْتُهُ. أَوْ: وَرثْتُهُ. فَالْقَولُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ -بلا نِزاعٍ- فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا، أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أنْ تُبْرِئَ مِنْهُ. اعلمْ أنَّه إذا ادَّعَى الشَّفِيعُ على بعضِ الشُّركاءِ دَعْوَى مُحَرَّرَةً بأنَّه اشْتَرَى نَصِيبَه، فله أخْذُه بالشُّفْعَةِ، وأنْكَرَ الشَّرِيكُ، وقال: إنَّما اتَّهَبْتُه. أو: وَرِثْتُه. فالقَوْلُ قوْلُه مع يَمِينِه، فإنْ نكَل عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَمِينِ، أو قامَتْ بَيِّنَةٌ للشَّفِيعِ بالشِّراءِ، فللشَّفِيعِ أخْذُه ودَفْعُ الثَّمَنِ إليه. فإنْ قال: لا أسْتَحِقُّه. فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنْ يُقال للمُشْتَرِي: إمَّا أنْ تقْبَلَ الثَّمَنَ، وإمَّا أنْ تُبْرِيء منه، كالمُكاتَبِ إذا جاءَ بالنَّجْمِ قبلَ وَقْتِه. وهذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، على ما يأتِي قريبًا. وقيل: يَبْقَى في يَدِ الشَّفيعِ إلى أنْ يدَّعِيَه المُشْتَرِي، فيَدْفَعَه إليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا أوْلَى. قال الحارِثِيُّ: ونقَل غيرُه أنَّه المذهبُ. وقيل: يأْخُذُه الحاكِمُ يحْفَظُه لصاحِبِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أنْ يدَّعِيَه، فمتى ادَّعاه المُشْتَرِي، دفَع إليه. وأطْلَقهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وأطْلَقَ الأخِيرَتَين في «التَّلْخيصَ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ عندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وصاحِبِ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، حيثُ أصرَّ على الهِبَةِ أو الإِرْثِ، وقامَتْ بَيِّنَةٌ بالشِّراءِ. ومحَلُّ الخِلافِ عندَ صاحبِ «الرِّعَايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، على قَوْلِ القاضي، فقَطَع هؤلاء بأنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقال: إمَّا أنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ أو تُبْرِئَ. فإنْ أبى مِن ذلك، فيأْتِي الخِلافُ؛ وهو أنَّه هل يكونُ عندَ الشَّفيعِ أو الحاكِمِ؟ فقدَّم في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، أنَّه يكونُ عندَ الشَّفيعِ. وقطَع ابنُ عَبْدُوسٍ، أنَّه يكونُ عندَ الحاكِمِ يَحْفَظُه له.

وَإنْ كَانَ عِوَضًا في الْخُلْعِ أو النِّكَاحِ أَو عَنْ دَمٍ عَمْدٍ، فَقَال الْقَاضِي: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ. وَقَال غيرُهُ: يَأْخُذُهُ بالدِّيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ عِوَضًا في الخُلْعِ، أو النِّكاحِ، أو عن دَمِ العَمْدِ، فقال القاضي: يأْخُذُه بقِيمَتِه. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: قِياسُ قَوْلِ ابنِ حامدٍ الأخْذُ بقِيمَةِ الشِّقْصِ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فِي «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الفائقِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقطَع به في «الهِدايَةِ». وقال غيرُه:

فَصْلٌ: وَلَا شُفْعَةَ في بَيعِ الْخِيَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ أن تَجِبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يأْخُذُه بالدِّيَةِ ومَهْرِ المِثْلِ. اختارَه ابنُ حامِدٍ، حَكاه عنه الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ وغيرُه. ومُقْتَضَى قوْلِ المُصَنِّفِ أن غيرَ القاضي مِنَ الأصحابِ قال ذلك. وفيه نظَرٌ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». تنبيه: هذا الخِلافُ مُفَرَّغٌ على القَوْلِ بثُبوتِ الشُّفْعَةِ في ذلك. وهو قَوْلُ ابنِ حامِدٍ، وجماعةٍ. على ما تقدَّم أوَّلَ الباب. وتقدَّم التَّنْبِيهُ أيضًا على الخِلافِ هناك، وأمَّا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلا يأْتِي الخِلافُ. فائدة: تقْويمُ الشِّقْصِ، أو تقْويمُ مُقابِلِه، على كِلا الوَجْهَين، مُعْتَبَرٌ في المَهْرِ بيَوْمِ النِّكاحِ، وفي الخُلْعِ بيَوْمِ البَينُونَةِ. وإنْ كان مُتْعَةً في طَلاقٍ، فعلى الأوَّلِ، يأْخُذُ بقِيمَتِه. وعلى الثانِي، يأْخُذُ بمَهْرِ المِثْلِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، كما في الخُلْعِ به. قال الحارِثِيُّ: ويَحْتَمِلُ أنْ يأْخُذَ بمُتْعَةِ مِثْلِها. قال: وهو الأقْرَبُ. قوله: ولا شُفْعَةَ في بَيعِ الخيارِ قبلَ انْقِضائِه، نصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. قال في «القواعِدِ»، في الفائدَةِ الرَّابعَةِ: وأمَّا الشُّفْعَةُ، فلا تَثْبُتُ في مُدَّةِ الخِيارِ على الرِّوايتَين، عندَ أكثَرِ الأصحابِ، ونصَّ عليه في رِوايةِ حَنْبَلٍ. فمِنَ الأصحابِ مَن علَّلَ بأنَّ المِلْكَ لم يسْتَقِرَّ. وعلَّلَ القاضي، في «خِلافِه» بأنَّ الأخْذَ بالشُّفْعَةِ يُسْقِطُ حقَّ البائعِ مِنَ الخِيارِ، ولذلك لم تَجُزِ المُطالبةُ في مُدَّتِه. فعلى هذا، لو كان الخِيارُ للمُشْتَرِي وحدَه، ثبَتَتِ الشُّفْعَةُ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ تجِبَ مُطْلَقًا، وهو تخريجٌ لأبِي الخَطَّابِ. يعْنِي، إذا قُلْنا بانْتِقالِ المِلْكِ. وقيلَ: تجِبُ في خِيارِ الشَّرْطِ، إذا كان الخِيارُ للمُشَترِي. وهو مُقْتَضَى تعَليلِ القاضي في «خِلافِه»، كما قاله في «الفوائِدِ» عنه. وتقدَّم ذلك في الخِيارِ في البَيعِ، بعدَ قوْلِه: وينْتَقِلُ المِلْكُ إلى المُشْتَرِي بنَفْسِ العَقْدِ. فائدة: حُكْمُ خِيارِ المَجْلِسِ، حُكْمُ خِيارِ الشَّرْطِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَإنْ أقرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيعِ، وَأنكَرَ الْمُشْتَرِي، فَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ؟ عَلَى وَجهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقرَّ البائعُ بالبَيعِ، وأنْكَرَ المُشْتَرِي، فهل تجِبُ الشُّفْعَةُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائق»؛ أحدُهما، تجِبُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَه القاضي، وابنُه، وابنُ عَقِيل، وابنُ بَكْروس، واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. قال في «المُسْتَوعِبِ» (¬1): هذا قِياسُ المذهبِ، ذكَرَه شُيوخُنا الأوائِلُ. قال: ولأنَّ أصحابَنا قالوا: إذا اخْتلَفَ البائِعُ والمُشْتَرِي في الثَّمَنِ، تَحالفا، وفُسِخَ البَيعُ، وأخَذَه الشَّفيعُ بما حلَف عليه البائعُ. فأثْبَتُوا الشُّفْعَةَ مع بُطْلانِ البَيعِ في حقِّ المُشْتَرِي. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) في ط: «المبسوط».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تجِبُ. اخْتارَه الشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَر، وأبو القاسِمِ الزَّيدِيُّ. قال في «التَّلْخيصِ»: اخْتارَه جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا أقْوَى. فعلى المذهبِ، يقْبِضُ الشَّفِيعُ مِنَ البائعِ. وأمَّا الثَّمَنُ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أن يُقِرَّ البائعُ بقَبْضِه، أوْ لا، فإن لم يُقِرَّ بقَبْضِه، فإنَّه يُسْلَمُ إلى البائعِ، والعُهْدَةُ عليه، ولا عُهْدَةَ على المُشْتَرِي. قاله الأصحابُ؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ فهي «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: وهذا يقْتَضِي تلَقِّيَ المِلْكِ عنه، وهو مُشْكِلٌ. وكذا أخْذُ البائعِ للثَّمَنِ مُشْكِل؛ لاعْتِرافِه بعدَمِ اسْتِحْقاقِه عليه. ثم قال القاضي، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وجماعَةٌ: ليس للشفيعِ ولا للبائعِ مُحاكَمَةُ المُشْتَرِي؛ ليُثْبِتَ البَيعَ في حقِّه، وتجِبَ العُهْدَةُ عليه؛ لأنَّ مقْصودَ البائِعِ الثَّمَنُ، وقد حصَل مِنَ الشَّفيعِ، ومَقْصودَ الشَّفيعِ أخْذُ الشِّقْصِ، وضَمانُ العُهْدَةِ، وقد حصَلا مِنَ البائعٍ، فلا فائدَةَ في المُحاكَمَةِ. انتهى. وقد حكَى في «التَّلْخيصِ» وغيرِه وَجْهًا، بأنَّه يدْفَعُ إلى نائبٍ يُنَصِّبُه الحاكِمُ عنِ المُشْتَرِي. قال: وهو مُشْكِلٌ؛ لأنَّ إقامَةَ نائب عن مُنْكِر بعيدٌ. انتهى. وإنْ كان البائعُ مُقِرًّا بقَبْضِ الثَّمَنِ مِنَ المُشْتَرِي، و (¬1) بَقِيَ الثَّمَنُ على الشَّفيعِ لا يدَّعِيه أحدٌ، ففيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يُقالُ للمُشْتَرِي (¬2): إمَّا أن تقْبِضَه، وإمَّا أن تبْرِئ منه. قِياسًا على نُجومِ الكِتابةِ إذا قال السَّيِّدُ: هي غَصْبٌ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. وجزَم به في «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، يَبقى في ذِمَّةِ الشَّفِيعِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: ط.

وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّالِثُ، يأخُذُه الحاكِمُ عندَه. وهي كالمَسْألةِ التي قبلَها، حُكْمًا وخِلافًا. وأطْلَقهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: وفي جميعِ ذلك، متى ادّعاه البائعُ أو المُشْتَرِي، دُفِعَ إليه؛ لأنَّه لأحَدِهما. قال الحارِثيُّ: وفيه نظَر وبَحْث. وإن ادَّعَياه جميعًا، وأقَرَّ المُشْتَرِي بالبَيعِ، وأنْكَرَ البائعُ القَبْضَ، فهو للمُشْتَرِي. فائدة: قولُه: وعُهْدَةُ الشَّفيعِ على المُشْتَرِي، وعُهْدَةُ المُشْتَرِي على البائعِ. وهذا بهِ نِزاعٍ. لكِنْ يُسْتَثْنَى مِن ذلك، إذا أقَر البائعُ بالبَيعِ، وأنْكَرَ المُشْتَرِي، وقُلْنا بثُبوتِ الشُّفْعَةِ، على ما تقدَّم، فإن العُهْدَةَ على البائعِ؛ لحُصُول المِلْكِ له مِن جِهَتِه. قاله الزرْكَشِي، وهو واضِحٌ. و «العُهْدَةُ» فُعْلة مِنَ العَهْدِ، وهي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأصْلِ كِتابُ الشِّراءِ. وتقدَّم الكَلامُ على ضَمانِ العُهْدَةِ، وعلى مَعْناها في بابِ الضَّمانِ. والمُرادُ هنا، رُجُوع مَنِ انْتقَلَ المِلْكُ إليه على مَنِ انْتقَلَ عنه بالثَّمَنِ أو بالأرْش، عندَ اسْتِحْقاقِ الشِّقْصِ أو عَيبِه، فيكونُ وَثِيقَةً للبَيعِ لازِمَةً للمُتَلَقَّى عنه، فيَكونُ عُهْدَةً بهذا الاعْتِبارِ. فلو عَلِمَ المُشْتَرِي العَيبَ عندَ البَيعِ، ولم يعْلَمْه الشَّفِيعُ عندَ الأخْذِ، فلا شيءَ للمُشْتَرِي، وللشَّفيعِ الرَّدُّ وأخْذُ الأرْش. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر المُصَنِّفُ وَجْهًا بانْتِفاءِ الأرْشِ. وإنْ عَلِمَه الشَّفِيعُ، ولم يعْلَمْه المُشْتَرِي، فلا رَدَّ لواحدٍ منهما ولا أرْش. قدَّمه الحارِثِي. وفي «الشَّرْحِ» وَجْهٌ بأنَّ المُشْتَرِيَ يأخُذُ الأرْش. وهو ما قال القاضي، وابنُ عَقِيل، والسَّامَرِّيُّ. فعليه، إنْ أخَذَه، سقَط عنِ الشَّفيعِ ما قابَلَه مِنَ الثَّمَنِ، تَحْقِيقًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمُماثَلَةِ الثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ العَقْدُ عليه. وإن عَلِماه، فلا رَدَّ لواحدٍ منهما ولا أرْش. وفي صُورَةِ عدَم عِلْمِهما، إنْ لم يَرُدَّ الشَّفيعُ، فلا ردَّ للمُشْتَرِي، وإنْ أخَذ الشَّفِيعُ أرشَه منَ المُشْتَرِي، أخَذَه المُشْتَرِي مِنَ البائعِ، وإنْ لم يأخُذْه الشَّفيعُ، ففي أخْذِ المُشْتَرِي الوَجْهان. وعلى الوَجْهِ بالأخْذِ، إنْ لم يُسْقِطْه الشَّفِيعُ عنِ المُشْتَرِي، سقَط عنه بقَدْرِه مِنَ الثَّمَنِ، وإنْ أسْقَطَه، توَفَّر على المُشْتَرِي.

فَإِنْ أبَى الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيع، أجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيهِ. وَقَال أبو الْخَطَّابِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَأخُذَهُ الشَّفِيعُ مِنْ يَدِ الْبَائِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن أبَى المُشْتَرِي قَبْضَ المَبيعِ، أجْبَرَه الحاكِمُ عليه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وابنُه أبو الحُسَينِ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَر، والزَّيدِيُّ، والقاضي يَعْقُوبُ، والشيرازِيُّ، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْروس، وغيرُهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: قِياسُ المذهبِ، أن يأخُذَه الشَّفِيعُ مِن يَدِ البائع. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: هو قِياسُ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ؛ لأنَّ الأصحَّ أو المَشْهورَ لُزُومُ العَقْدِ في بَيعِ العَقارِ قبلَ قَبْضِه، وجَواز

وَإذَا وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا عَنْ أبِيهِمَا، فَبَاعَ أحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَالشُّفْعَةُ بَينَ أخِيهِ وَشَرِيكِ أبِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّصَرُّفِ فيه بنَفْسِ العَقْدِ، والدُّخُولُ في ضَمانِه به. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ».

وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِر عَلَى مُسْلِم. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا شُفْعَةَ لكافِر على مُسْلِم. نصَّ عليه مِن وُجوهٍ كثيرةٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: له الشُّفْعَة. ذكَرَه ناظِمُ المُفْرَداتِ. تنبيه: مَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، ثُبوتُ الشُّفْعَةِ لكافِر على كافر؛ وسواءٌ كان البائِعُ مُسْلِمًا أو كافِرًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا قِياسُ المذهبِ. وقيل: لا شُفْعَةَ له، إذا كان البائِعُ مُسْلِمًا. وهو ظاهرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ فيه «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». ومَفْهومُ كلامِه أيضًا، ثُبُوتُها للمُسْلِمِ على الكافرِ. وهو مِن بابٍ أوْلَى. فائدة: لو تَبايَعَ كافِران بخَمْر، وأخَذ الشَّفِيعُ بذلك، لم ينقَضْ ما فعَلُوه، وإنْ جرَى التَّقابُضُ بينَ المُتَبايِعَين دُونَ الشَّفيعِ، وتَرافَعُوا إلينا، فلا شُفْعَةَ له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو تَبايَعا بخِنْزِير، وعليه أكثر الأصحابِ. وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ تَبايَعُوا بخَمْر، وقُلْنا: هي مالٌ لهم. حكَمْنا له بالشُّفْعَةِ. وتقدَّم التَّنبِيهُ على بعضِ ذلك قبلَ قوْلِه: وإنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ الثَّمَنِ.

وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أوْ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يَشتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ؟ عَلَى وَجهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تجِبُ الشُّفْعَةُ للمُضارِبِ على رَبِّ المالِ، أو لرَبِّ المالِ على المضارِبِ فيما يَشْتَرِيه للمُضارَبَةِ؟ على وَجْهَين. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مَسْألتَين؟ إحْداهما، هل تجبُ الشُّفْعَةُ للمُضاربِ على ربِّ المالِ، أمْ لا؟ مثالُه؛ أن يكونَ للمُضارِبِ شِقْصٌ فيما تجِبُ فيه الشُّفْعَةُ، ثم يَشْتَرِيَ مِن مالِ المُضارَبَةِ شِقْصًا مِن شَرِكَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُضارِبِ، فهل تجِبُ للمُضارِبِ شُفْعَة فيما اشْتَراه مِن مالِ المُضارَبَةِ؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَين، وأطْلَقَهما تخْرِيجًا في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»؛ أحدُهما، لا تجِبُ الشُّفْعَةُ له. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «الخُلاصَةِ»، و «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وأبو المَعالِي في «النِّهايَةِ». والوَجْهُ الثَّاني، تجِبُ. خرَّجه أبو الخَطَّابِ مِن وُجوبِ الزَّكاةِ عليه في حِصَّتِه. قال الحارِثِيُّ: وهو الأوْلَى. قال ابنُ رَجَب في «القواعِدِ»، بعدَ تخْرِيجِ أبِي الخَطَّابِ: فالمَسْألةُ مُقَيَّدَة بحالةِ ظُهورِ الرِّبح، ولابد. انتهى. واعلمْ أنَّ في محَلِّ الخِلافِ طَريقَين للأصحابِ؛ أحدُهما، أنَّهما جاريان؛ سواءٌ ظهَر رِبْحٌ أمْ لا؛ وسواءٌ قُلْنا: يَمْلِكُ المُضارِبُ حِصَّتَه بالظُّهورِ. أم لا. وهي طَرِيقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبِي الخَطابِ فهي «الهِدايَةِ»، وصاحبِ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، والمُصَنِّفِ هنا، وغيرِهم. وقدَّمَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثِي. الطَّريقُ الثَّاني، وهي طَرِيقةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، والنَّاظِمِ، وجماعَة؛ إنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ في المالِ، أو كان فيه رِبْحٌ، وقُلْنا: لا يَمْلِكُه بالظُّهورِ، فله الأخْذُ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ المِلْكَ لغيرِه، فله الأخْذُ منه. وإنْ كان فيه رِبْحٌ، وقُلْنا: يَمْلِكُه بالظُّهورِ. ففي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ له وَجْهان؛ بِناءً على شِراءِ العامِلِ مِن مالِ المُضارَبَةِ بعدَ مِلْكِه مِنَ الربْحِ، على ما سبَق في المُضارَبَةِ، بعدَ قوْلِه: وليس لرَبِّ المالِ أن يشْتَرِيَ مِن مالِ المُضارَبَةِ شيئًا. وصحَّح هذه الطَّريقةَ في «الفُروعِ»، وقدَّم عدَمَ الأخْذِ، ذكَر ذلك في بابِ المُضارَبَةِ. المَسْألةُ الثَّانيةُ، هل تجبُ الشُّفْعَةُ لرَبِّ المالِ على المُضارِبِ فيما يشْتَرِيه للمُضارَبَةِ؟ مِثالُه؛ أن يشْتَرِيَ المُضارِبُ بمالِ المُضارَبَةِ شِقْصًا في شرِكَةِ ربِّ المالِ، فأطْلقَ المُصَنِّفُ فيه وَجْهَين، وأطْلَقَهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»؛ أحدُهما، لا تجِبُ الشُّفْعَةُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صححه أبو المَعالِي في «نِهايته»، و «خُلاصَتِه»، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. قال الحارِثيُّ: اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، ذكَرَه في المُضارَبَةِ. والوَجْهُ الثاني،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تجِبُ فيه الشُّفْعَةُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وبنَى المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهم هذَين الوَجْهَين على الرِّوايتَين في شِراءِ رَبِّ المالِ مِن مالِ المُضارَبَةِ. وتقدَّم الخِلافُ في ذلك، وأن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا (¬1) يصِحُّ، في بابِ المُضارَبَةِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو بِيعَ شِقْصٌ مِن شَرِكَةِ مالِ المُضارَبَةِ، فللعامِلِ الأخْذُ بها إذا كان الحَظُّ فيها، فإن ترَكَها، فلرَبِّ المالِ الأخْذُ؛ لأنَّ مال المُضارَبَةِ مِلْكُه، ولا ينْفُذُ عَفْوُ العامِلِ. ولو كان العَقارُ لثَلاثةٍ، فقارَضَ أحدُهم أحَدَ شَرِيكَيه بألفٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فاشْتَرَى به نِصْفَ نَصِيبِ الثَّالثِ، فلا شُفْعَةَ فيه، فهي أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّ أحَدَهما مالِكُ المالِ، والآخَرَ عامِل فيه، فهُما كشَرِيكَين في مُشاع؛ لا يسْتَحِقُّ أحدُهما على الآخَرِ شُفْعَةً. ذكَرَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الحارثِيِّ». قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. والوَجْهُ الآخرُ، فيه الشُّفْعَةُ. قالوا: ولو باعَ الثَّالثُ بقِيَّةَ نَصِيبِه لأجْنَبِيّ، ثبَتَتِ الشُّفْعَةُ بينَهم أخْماسًا؛ للمالِكِ خُمْساها، وللعاملِ مِثْلُه، ولمالِ المُضارَبَةِ خُمْسُها بالسُّدْسِ الذي له؛ جَعْلًا لمالِ المُضارَبَةِ كشَرِيكٍ آخَرَ. الثَّانيةُ، لو باعَ المُضارِبُ مِن مالِ المُضارَبَةِ شِقْصًا في شَرِكَةِ نَفْسِه، لم يأخُذْ بالشُّفْعَةِ؛ لأَنه منهم، فأشْبَهَ الشِّراءَ مِن نفْسِه. ذكَرَه المُضَنِّفُ وغيرُه. الثَّالثةُ، تثْبُتُ الشُّفْعَةُ للسَّيِّدِ على مُكاتَبِه. ذكره القاضي، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّ السَّيِّدَ لا يَمْلِكُ ما في يَدِه، ولا يُزَكِّيه، ولهذا جازَ أن يشْتَرِيَ منه، وأمَّا العَبْدُ المأذُونُ له؛ فإن كان لا دَينَ عليه، فلا شُفْعَةَ بحالٍ لسَيِّدِه، وإنْ كان عليه دَينٌ، فالشُّفْعَةُ عليه تَنْبَنِي على جَوازِ الشِّراءِ منه، على ما تقدَّم في أوَاخِرِ الحَجْرِ. والله أعلمُ بالصَّوابِ. وتقدَّم أخْذُ المُكاتَبِ، والعَبْدِ المأذُونِ له بالشُّفْعَةِ، قبلَ قوْلِه: فإن كانا شَفِيعَين، فالشُّفْعَةُ بينَهما.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب الوديعة

بسم الله الرحمن الرحيم باب الوَدِيعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الوَدِيعَةِ فائدة: الوَدِيعَةُ عِبارَة عن توَكُّلٍ لحِفْظِ مالِ غيرِه تبَرُّعًا بغيرِ تصَرُّفٍ. قاله في «الفائقِ». وقال في «الرِّعاية الصغرَى»: وهي عَقْدُ تَبَرُّعٍ بحِفْظِ مالِ غيرِه بلا تصَرفٍ فيه. وقال في «الكُبْرَى»: والإيداعُ توْكِيلٌ، أو اسْتِنابَة في حِفْظِ مالِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَيدٍ تَبَرُّعًا. ومَعانيها مُتَقارِبَة، ويُعْتَبرُ لها أرْكانُ الوَكالةِ، وتبْطُلُ بمُبْطِلاتها. ولو عزَل نفْسَه، فهي بعدَه أمانَةٌ شَرْعِيَّةٌ، حُكْمُها في يَدِه حُكْمُ الثَّوْبِ إذا أطارَتْه الرِّيحُ إلى دارِه، يجِبُ ردَّه إلى مالِكِه. وقال القاضي في مَوضِعِ مِن «خِلافِه»، في مسْألةِ الوَكالةِ: الوَدِيعَةُ لا يلْحَقُها الفَسْخُ بالقَوْلِ، وإنَّما تنْفسِخُ بالرَّد إلى صاحِبِها، أو بأنْ يتعَدَّى المُودَعُ فيها. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والستين»: فإمَّا أن يكونَ هذا

وَهِيَ أمَانةٌ لَا ضَمَانَ عَلَيهِ فِيهَا، إلَّا بَعْدَ أن يَتَعَدَّى. وإنْ تَلِفَتْ مِنْ بَينِ مَالِهِ، لَمْ يَضْمَنْ، فِي أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَفْرِيقًا بينَ فَسْخ المُودِعِ والمُودَعِ، أو يكونَ اخْتِلافًا منه في المَسْألةِ، والأوَّلُ أشْبَهُ. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ»: إنْ بطَل حُكْمُ الوَدِيعَةِ، بَقِيَ المال في يَدِه أمانَة؛ فإن تَلِفَ قبلَ التَّمَكُّنِ مِن ردِّه، فهَدَرٌ، وإن تَلِفَ بعدَه، فوَجْهان. وقال أيضًا: يكْفِي القَبْضُ، قوْلًا واحدًا. وقيل: لا. قوله: وإنْ تَلِفَتْ مِن بينِ مالِه، لم يَضْمَنْ، في أصحِّ الرِّوايتَين. يعْنِي، إذا لم يتعَدَّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: هذا اختيارُ أكثرِ الأصحابِ. وصرَّح المُصَنِّفُ في آخَرين، أنَّه أصح. قال القاضي: هذا أصحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. قال في «الكافِي»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يَضْمَنُ. نصَّ عليها. قال الزَّركشيُّ: ينْبَغِي أن يكونَ محَلُّ الرِّوايَةِ، إذا ادَّعَى التَّلَفَ، أمَّا إنْ ثبَتَ التَّلَف، فإنَّه ينْبَغِي انْتِفاءُ الضَّمانِ، رِوايَة واحدةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو تَلِفَتْ مع مالِه مِن غيرِ تَفْرِيطٍ، فلا ضَمانَ عليه. بلا نِزاع في المذهبِ، وقد تواترَ النَّصُّ عن أحمدَ بذلك. وإنْ تَلِفَت بتَعَدِّيه، وتَفْرِيطِه، ضَمِنَ، بلا خِلافِ.

وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَلْزمُه حِفْظُها في حِرْزِ مِثْلِها. يعْنِي، عُرْفًا، كالحِرْزِ في السَّرِقةِ، على ما يأتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى. هذا إذا لم يُعَيِّنْ له صاحِبُها حِرْزًا.

وإنْ عَيَّنَ صَاحِبُهَا حِرْزًا، فَجَعَلَهَا فِي دُونِهِ، ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن عَيَّنَ صاحِبُها حِرْزًا، فجَعَلَها في دُونِه، ضَمِنَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِي، سواءٌ ردَّها إلى حِرْزِها الذي عيَّنه له، أوْ لا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وقيل: إنْ ردَّها إلى حِرْزِها الذي عيَّنه له، فتَلِفَتْ (¬1)، لم يَضْمَنْ. حكاه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإن عيَّن رَبُّها حِرْزًا، فأحْرَزَها بدُونِه، ضَمِنَ. قلتُ: ولم يرُدَّها إلى حِرْزِه. انتهى. ¬

(¬1) في ط: «فتلف».

وإن أحْرَزَهَا بِمِثْلِهِ، أوْ فَوْقَهُ، لَمْ يَضْمَنْ. وَكِيلَ: يَضْمَنُ إلَّا أن يَفْعَلَهُ لِحَاجَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أحْرَزَها بمِثْلِه، أو فوقَه، لم يَضْمَنْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الكافِي»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، في المَسْألةِ الأولَى. وقدَّمه فيهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في الثَّانيَةِ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يضْمَنُ فيهما، إلَّا أن يفْعَلَه لحاجَة. ذكَرَه الآمِدِيُّ، وأبو حَكِيم، وهو رِوايَة في «التَّبْصَرَةِ». قال المُصَنِّفُ: وهو [ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وهو ظاهِرُ] (¬1) كلام أحمدَ في رِوايَةِ حَرْبٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَررِ». وقيلَ: يضْمَنُ، إنْ أحْرَزَها بمِثْلِه، ولا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا، فَأخْرَجَهَا لِغَشَيَانِ شَيْءٍ الْغَالِبُ مِنْهُ التَّوَى، لَمْ يَضْمَنْ. وَإنْ تَرَكَهَا فَتَلِفَتْ، ضَمِنَ. وإن أخْرَجَهَا لِغَيرِ خوْفٍ، ضَمِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يضْمَنُ، إنْ أحْرَزَها بأعْلَى منه. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أقْيَسُ. وأطْلَقَهُنَّ فيها (¬1). تنبيه: قال الحارِثِي: لا فرْقَ، فيما ذكَر، بينَ الجَعلِ أولًا، في غيرِ المُعَيَّنِ، وبينَ النَّقْلِ إليه. قال في «التَّلْخيصِ»: وأصحابُنا لم يُفَرِّقوا بينَ تَلَفِها بسَبَبِ النَّقْلِ، وبينَ تَلَفِها بغيرِه، وعندِي، إذا حصَل التَّلَفُ بسَبَبِ النَّقْلِ؛ كانْهِدامِ البَيتِ المَنْقُولِ إليه، ضَمِنَ. قوله: وإنْ نهاه عن إخْراجِها، فأخْرَجَها لغَشَيانِ شَيءٍ، الغالِبُ فيه التَّوَى، لم يَضْمَنْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. لكِنْ إذا أخْرَجَها ¬

(¬1) في ا: «فيهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يُحرِزُها إلَّا في حِرْزِ مِثْلِها أو فوْقَه، فإن تعَذَّرَ، والحالةُ هذه، ونقَل إلى أدْنَى، فلا ضَمانَ. ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، واقتصَر عليه الحارِثِيُّ؛ لأنَّه إذَنْ أحْفَظُ، وليس في الوُسْعِ سِواه. قلتُ: فيُعايىَ بها. قوله: وإنْ ترَكَها فتَلِفَتْ، ضَمِنَ. هذا المذهبُ؛ لأنَّه يَلْزَمُه إخْراجُها، والحالةُ هذه. قال في «الكافِي»: هذا المذهبُ. قال الحارِثيُّ: هذا أصحُّ. قال في «الفُروعِ»: لَزِمَه إخْراجُها في الأصحِّ. قال في «الفائقِ»: ضَمِنَ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهم. وقيل: لا يضْمَنُ؛ لأنَّه امْتَثَلَ أمْرَ رَبِّها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: لو تعَذَّرَ الأمْثلُ والمُماثِلُ، والحالةُ هذه، فلا ضَمانَ. ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغنِي»] (¬1). قوله: وإنْ أخْرَجَها لغيرِ خَوْفٍ، ضَمِنَ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ويحْرُمُ إخْراجُها لغيرِ خَوْفٍ في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، وغيرِهما. وقيل: لا يضْمَنُ. اختارَه القاضي، قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) زيادة من: ا.

فَإن قَال: لَا تُخْرِجْهَا وإن خِفْتَ عَلَيهَا. فَأخْرَجَهَا عِنْدَ الْخَوْفِ، أوْ تَرَكَهَا، لَمْ يَضْمَنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: لا تُخْرِجْها، وإنْ خِفْتَ عليها. فأخْرَجَها عندَ الخَوْفِ، أو تَرَكَها، لم يضْمَنْ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرهم؛ منهم صاحِبُ «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ الحارثِي»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: إنْ وافَقَه أو خالفَه، ضَمِنَ. قلتُ: وهو ضعيف جِدًّا. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه لو أخْرَجَها مِن غيرِ خَوْفٍ، أنَّه يَضْمَنُ. وهو صحيحٌ. صرَّح به الأصحابُ.

وَلَوْ أوْدَعَهُ بَهِيمَةً، فَلَمْ يَعْلِفْهَا حَتَّى مَاتَتْ، ضَمِنَ، إلَّا أن يَنْهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ عَلْفِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أوْدَعَه بَهِيمَةً، فلم يَعْلِفْها حتَّى ماتَتْ، ضَمِنَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، و «الفُروع»، وغيرِهم. وقيل: لا يضْمَنُها. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». قلتُ: لكِنْ يَحْرُمُ تَرْكُ عَلْفِها. ويأثَمُ حتَّى ولو قال له: لا تَعْلِفْها على ما يأتِي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو أمَرَه بعَلْفِها، لَزِمَه ذلك مُطْلَقًا؛ على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يلْزَمُه إلَّا مع قبوله. وهو احْتِمالٌ في «المُغْني». ومنها، لو نَهاه عن عَلْفِها، انْتَفَى وُجوبُ الضَّمانِ بالنِّسْبَةِ إلى حَظِّ المالِك، وأمّا بالنِّسْبَةِ إلى الحُرمَةِ، فلا أثرَ لنَهْيِه، والوُجوبُ باقٍ بحالِه. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: ويقوَى عندِي إنَّه يَضْمَنُ. ومنها، إنْ كان إنْفاقُه عليها بإذْنِ رَبِّها، فلا كلامَ. وإنْ تعذَّرَ إذنه؛ فإن أنْفَقَ بإذْنِ حاكمٍ، رجَع به، وإنْ كان بغيرِ إذْنِه؛ فإن كان مع تعَذُّره، وأشْهَدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الإنْفاق، فله الرُّجُوعُ. قال الحارِثِيُّ: رِوايَةً واحدةً. حكاه الأصحابُ. وإنْ كان مع إمْكانِ إذْنِ الحاكمِ، ولم يسْتَأذِنْه، بل نوَى الرُّجُوعَ فقط، لم يرجِعْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» هنا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ»، في بابِ الرَّهْنِ، و «المُنَوِّرِ». وقيل: يَرْجِعُ. جزَم به في «المُنْتَخَبِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه الحارِثِي، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وظاهِرُ «الفُروعِ»، في بابِ الرَّهْنِ، إطْلاقُ الخِلافِ. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعِين»: إذا أنْفَقَ المُودَعُ (¬1) علي الحَيوانِ المُسْتَوْدَعِ ناويًا للرُّجوعِ؛ فإن تَعذَّر اسْتِئْذانُ مالِكِه، رجَع، وإنْ لم يتعَذَّرْ، فطَرِيقَتان؛ إحْداهما، أنَّه على الرِّوايتَين في قَضاءِ الدَّينِ وأوْلَى؛ لأنَّ للحَيوانِ حُرْمَةً في نفْسِه تُوجِبُ تقْدِيمَه على قَضاءِ الدَّينِ أحْيانًا، وهي طريقةُ صاحب «المُغْنِي». والثَّانيةُ، لا يَرْجِعُ، قوْلًا واحدًا، وهي طريقةُ صاحب «المُحَرَّرِ»، مُتابَعَةَ لأبي الخَطابِ. انتهى. وهذه الطرِيقَةُ هي المذهبُ. وهي طريقَةُ صاحِبِ «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وتقدَّم حُكْمُ المسْألةِ في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الرَّهنِ أيضًا. ومنها، لو خِيفَ على الثَّوْبِ العَثُّ، وجَب عليه نَشْرُه، فإن لم يَفْعَلْ وتَلِفَ، ضَمِنَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ قَال: اتْرُكِ الْوَدِيعَةَ فِي جَيبِكَ. فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ، ضَمِنَ. وَإنْ قَال: اتْرُكْهَا فِي كُمِّكَ. فَتَرَكَهَا فِي جَيبِهِ، لَمْ يَضْمَنْ. فَإن تَرَكَهَا فِي يَدِهِ، احْتَمَلَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال: اتْرُكْها في كُمِّك. فترَكَها في جَيبهِ، لم يَضْمَنْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ويتَخَرَّج على الوَجْهِ المُتقَدِّمِ بالضَّمانِ بالإحْرازِ فيما فوقَ المُعَيَّنِ (¬1)، وُجُوبُ الضَّمانِ هنا. قاله الحارِثِيُّ. قوله: وإنْ ترَكَها في يدِه، احْتَمَل وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحَدُهما، لا يضْمَنُ. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «العين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِي: وهو الأظْهَرُ عندَ القاضي، وابنِ عَقِيل. [وجزَم به في «الوَجيزِ»] (¬1). والثَّاني، يَضْمَنُ. وهو الصَّحيحُ. صحّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الكافِي». قال الحارِثِي: وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ في «كِتابَيه». وقدَّمه في «إدْراكِ الغايَةِ». وفي «التَّلْخيصِ» وجْهٌ ثالث، إنْ تَلِفَتْ بأخْذِ غاصِب، لم يَضمَنْ؛ لأنَّ اليَدَ بالنِّسْبَةِ إليه أحْرَزُ. وإنْ تَلِفَتْ لنَوْم أو نِسْيان، ضَمِنَ؛ لأنَّها لو كانتْ في الكُمِّ مَرْبوطَةً، لَما ذهَبَتْ. فوائد؛ الأولَى، وكذلك الحُكْمُ والخِلافُ لو قال: اتْرُكْها في يَدِك. فترَكَها في كُمه. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: وقال القاضي: اليَدُ أحْرَزُ عندَ المُغالبَةِ، والكُمُّ أحْرَزُ عندَ عدَمِ المُغالبَةِ. فعلى هذا، إنْ أمَرَه بتَرْكِها في يَدِه، فشَدَّها في ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُمِّه في غيرِ حالِ المُغالبَةِ، فلا ضَمانَ عليه، وإنْ فعَل ذلك عندَ المُغالبَةِ، ضَمنَ. الثَّانيةُ، لو جاءَه إلى السُّوق وأمَرَه بحِفْظِها في بَيته، فترَكَها عندَه إلى مُضِيِّه إلى مَنْزِلِه، ضَمِنَ. جزَم به في «المسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: فقال الأصحابُ: يَضْمَنْ مُطْلَقًا. وقيل: لا يضْمَنُ والحالةُ هذه. وهو احْتِمالٌ في «المُغنِي»، ومال إليه. قال الحارِثِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا الصَّحيحُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى. قال في «الفُروعِ»: وهو الأظْهَرُ. قلتُ: وهو الصوابُ. الثَّالثةُ، لو دفَعَها إليه، وأطْلَقَ، ولم يُعَيِّن مَوْضعًا، فترَكَها بجَيبِه أو يَدِه، أو شَدَّها في كُمِّه، أو ترَك في كُمِّه ثقِيلًا بلا شَدٍّ، أو ترَكَها في وسَطِه، وشدَّ عليها سَراويلَه، لم يَضْمَنْ. جزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثي». وكذا لو شدَّها على عَضُدِه. وهذا المذهبُ في ذلك كله. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي: إنْ شدَّها على عَضُدِه مِن جانِبِ الجَيبِ، لم يضْمَنْها، وإنْ شاهدٌ مِن الجانِبِ الآخَرِ، ضَمِنَ. وقال ابنُ عَقِيل، في [«الفُصولِ»: إنْ] (¬1) ترَكَها في جَيبٍ أو كُمٍّ، ضَمِنَ، على الرِّوايَةِ التي تقولُ: إنَّ الطَّرَّارَ لا يقْطَعُ. وقال أيضًا: إنْ ترَكَه في رَأسِه، أو غرَزه في عِمامَتِه، أو تحتَ قَلَنْسُوَتِه، احْتَمَلَ أَنَّه حِرْزُ مِثلِه. الرَّابعَةُ، إذا اسْتَوْدَعَه خاتَمًا، وقال: اجْعَلْه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِنْصَرِ. فلَبِسَه في البِنْصَرِ، فلا ضَمانَ. ذكَرَه الأصحابُ؛ القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم؛ لأنَّها أغْلَظُ، فهي أحْرَزُ. وفيه الوَجْهُ المُخَرَّجُ المُتقَدِّمُ. لكِنْ إنِ انْكَسَرَ لغِلَظِها، ضَمِنَ. ذكَرَه الأصحابُ أيضًا. وإنْ قال: اجْعَلْه في البِنْصَرِ، فجعَلَه في الخِنْصَرِ، ضَمِنَ. ذكَرَهْ القاضي، وابنُ عَقِيل، واقْتَصرَ عليه الحارِثِي أيضًا. وإنْ جعَلَه في الوُسْطَى، وأمْكَنَ إدْخالُه في جَمِيعِها، لم يَضْمَنْ. ذكَرَه في «الكافِي»، واقتصَرَ عليه الحارِثِي أيضًا. وإن لم يدْخُلْ في جميعِها، فجعَلَه في بعضِها، ضَمِنَ؛ لأنَّه أدْنَى مِنَ المَأمُورِ به. الخامسَةُ، لو قال: احْفَظْها في هذا البيتِ، ولا تُدْخِلْه أحدًا. فخالفَ وتَلِفَتْ بحَرْقٍ، أو

وَإنْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالهُ؛ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ، لَمْ يَضْمَنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غَرَقٍ، أو سَرِقةِ غيرِ الدَّاخل، ففي الضَّمانِ وَجْهان؛ أحدُهما، لا يضْمَنُ. اخْتارَه القاضي. والثَّاني، يضْمَنُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، ومال إليه الشَّارِحُ. قوله: وإنْ دفَع الوَدِيعَةَ إلى مَن يَحْفَظُ ماله؛ كزَوْجَتِه، وعَبْدِه، لم يضْمَنْ. وكذا خادِمُه. وهذا المذهبُ بلا رَيب، ونصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروع»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»، ونصَرَه، وغيرِهم. وقيل: يَضْمَنُ. ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى. قال الحارِثِيُّ: وأوْرَدَه السَّامَرِّيُّ، عن ابنِ أبِي مُوسى وَجْهًا، ولم أجِدْه في «الإرْشادِ». فوائد؛ منها، ألْحَقَ في «الرّوْضَةِ» الوَلَدَ ونحوَه بالزّوْجَةِ والعَبْدِ. قلتُ: إنْ كان ممَّن يحْفَظُ ماله، فلا إشْكال في إدْخالِه، وإلَّا فلا في الجَميعِ، حتَّى الزَّوْجَةِ والعَبْدِ والخادِمِ، فلا حاجَةَ إلى الإلْحاقِ، وكذلك قال الحارِثِيُّ.

وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى أجْنَبِي أَوْ حَاكِم، ضَمِنَ، وَلَيسَ لِلْمَالِكِ مطَالبَةُ الْأجْنَبِيِّ. وَقَال الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: إلى مَن يحْفَظُ ماله؛ كزَوْجَتِه، وعَبْدِهْ. اعْتبارٌ لوُجودِ وَصْفِ الحِفْظِ لمَالِه في مَن ذكَر، على ما تقدَّم، فإن لم يُوجَدْ، ضَمِنَ، إذا دفَع إليه. وهو كما قال. انتهى. ومنها، لو رَدَّ الوَديعَةَ إلى مَن جَرَتِ العادَةُ بأنْ يَحْفَظَ مال المُودِعِ، بكَسْرِ الدَّالِ، كزَوْجَتِه، وأمَتِه، وعَبْدِه، فتَلِفَتْ، لم يَضْمَنْ. نصّ عليه. وقيل: يَضْمَنُ. حكاه ابنُ أبِي مُوسى وَجْهًا. قال الحارِثِي: وهو الصَّحيحُ. وتقدّم نظِيرُ ذلك في العارِيَّةِ. ومنها، لو دفَعَها إلى الشَّرِيك، ضَمِنَ، كالأجْنَبي المَحْضِ. ومنها، له الاسْتِعانَةُ بالأجانِبِ في الحَمْلِ، والنَّقْلِ، وسَقْي الدَّابَّةِ، وعَلْفِها. ذكَرَه المُضَنِّفُ وغيرُه، واقْتَصَرَ عليه الحارِثِي. قوله: وإنْ دفَعَها إلى أجْنَبِيٍّ، أو حاكِم، ضَمِنَ، وليس للمالِكِ مُطالبَةُ الأجْنَبِي، وقال القاضي: له ذلك. إذا أوْدَعَ المُودَعُ، بفَتْحِ الدَّالِ، الوَدِيعَةَ لأجْنَبِي، أو حاكِم، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكون لعُذْرٍ أو غيرِه؛ فإن كان لعُذْرٍ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ في الجُمْلَةِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تخْرِيجُ رِوايَةٍ مِن توْكِيلِ الوَكِيلِ، له الإيداعُ بلا عُذْرٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، لم يَجُزْ، ويَضْمَنُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يجوزُ إيداعُها للحاكِمِ، مع الإقامَةِ وعدَمِ العُذْرِ. وتقدّم تخْرِيجُه في «الفُروع»، فهو أعَمُّ. فعلى المذهبِ، إنْ كان الثَّاني عالِمًا بالحالِ، اسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه، وللمالِك مُطالبَتُه، بلا نِزاعٍ، وإنْ كان جاهِلًا، لم يلْزَمْه. وقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه ليس له مُطالبَتُه، أي تَضْمِينُه. وهو اخْتِيارُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيل في «الفُصولِ»، وقالا: إنَّه ظاهِرُ كلامِه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: ليس للمالِكِ مُطالبَةُ الأجْنَبِيِّ، على المَنْصوصِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفائقِ». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «التَّلْخيصِ»: وهو ضعيفٌ. وقال القاضي: له ذلك. يعْنِي مُطالبَتَه. قال في «المُغْنِي» (¬1): ويَحْتَمِلُ أن له تَضْمِينَ الثَّانِي أيضًا، لكِنْ يَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الأوَّلِ. وهو رِوايَةٌ في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ»، و «رُءوسِ المَسائلِ». وهذا المذهبُ. قال في «التَّعْليقِ»: هذا المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال الشَّارِحُ: وهذا القَوْلُ أقْرَب إلى الصَّوابِ. قال الحارِثيّ: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وعامَّةُ الأصحابِ، وهو الصَّحيحُ. انتهى. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، ¬

(¬1) انظر: المغني 9/ 260.

وإنْ أرَادَ سَفَرًا، أوْ خَافَ عَلَيهَا عِنْدَهُ، رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ فقال في «الفُروعِ»: وإن أودَعَها بلا عُذْرٍ، ضَمِنا (¬1)، وقَرارُه عليه، فإن عَلِمَ الثَّانِي، فعليه. وعنه، لا يضْمَنُ الثَّاني، إنْ جَهِلَ. اخْتارَه شيخُنا كمُرْتَهِن، في وَجْهٍ، واخْتارَه شيخُنا. انتهى. قوله: وإنْ أرادَ سَفَرًا، أو خافَ عليها عندَه، رَدَّها إلى مالِكِها -وكذا إلى وَكِيله في قَبْضِها، إنْ كان- فإن لم يَجِدْه، حمَلَها معه، إنْ كان أحْفَظَ لها. مُرادُه، إذا لم يَنْهَه عن حَمْلِها معه. واعْلمْ أَنَّه إذا أرادَ سَفَرًا، وكان مالِكُها غائِبًا ووَكِيلُه، فله السَّفَرُ بها، إنْ كان أحْفَظَ لها، ولم يَنْهَه عن حَمْلِها. وإنْ كان حاضِرًا، أو وَكِيلُه في قَبْضِها، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، إنّه لا يَحْمِلُها إلَّا بإذْنٍ، فإن فعَل، ضَمِنَ. وهو أحدُ الوَجْهَين. قال في «المُغْنِي» (¬2): ويقْوَى عندِي أنَّه متى سافَرَ بها مع القُدرةِ على مالِكِها أو نائبِهِ بغيرِ إذْنٍ، إنّه مُفَرِّط عليه الضَّمانُ. انتهى. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَين»، ¬

(¬1) في الفروع 4/ 482: «ضمنها». (¬2) المغني 9/ 261.

فَإن لَمْ يَجِدْهُ، حَمَلَهَا مَعَهُ إنْ كَانَ أحفَظَ لَهَا، وَإلَّا دَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ» و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، له السَّفَرُ بها، أَنْ كان أحْفَظَ لها، ولم يَنْهَه عنه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، واختارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، ونصَراه. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِر قوْلِه فإن لم يجِدْه، حمَلَها معه، إنْ كان أحْفَظَ لها. أن له السَّفَرَ بها بشَرْطِه، ولا يَضْمَنُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضي في «رُءوسِ المَسائلِ»: إذا سافَرَ بها، ضَمِنَ. الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا اسْتَوَى عندَه الأمْران، في الخَوْفِ مع الإقامَةِ والسَّفَرِ، أنَّه لا يحْمِلُها معه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وظاهِرُ النَّصِّ. قلتُ: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وهو الصَّوابُ. وقال في «المُبْهِج»: لا يُسافِرُ بها إلَّا إذا كان الغالِبُ السَّلامَةَ. والوَجْهُ الثَّانِي، له حَمْلُها. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْح الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فوائد؛ منها، جَوازُ السَّفَرِ بها مَشْروط بما إذا لم يَنْهَه عن حَمْلِها معه، فإن نَهاه، امْتَنَعَ، وضَمِنَ، إنْ خالفَ، اللَّهُمَّ إلَّا أن يكونَ السَّفَرُ بها لعُذْرٍ (¬1)؛ كجلاءِ أهْلِ البَلَدِ، أو هُجُومِ عَدُوّ، أو حَرْقٍ، أو غَرَقٍ، فلا ضَمانَ. وهل يَجِبُ الضَّمانُ بالتَّرْكِ؟ تقدَّم نَظيرُه في كلامِ المُصَنِّفِ، وأنَّ الصَّحيحَ إنَّه يَضْمَنُ، إذا ترَك فِعْلَ الأصْلَح والحالةُ هذه. ومنها، لو أوْدَعَ مُسافِرًا فسافَرَ (¬2) بها وتَلِفَتْ بالسَّفَرِ، فلا ضَمانَ عليه. ومنها، لو هجَم قُطَّاعُ الطَّرِيقِ عليه، فألقَى المَتاعَ؛ إخْفاءً له، وضاعَ، فلا ضَمانَ عليه. ومنها، له الرُّجوعُ بما أنْفَقَ عليها بنيَّةِ الرُّجوعِ. ذكَرَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ويتَوَجَّهُ فيه كنَظائرِه، ويَلْزَمُه مُؤنته. وفي مُؤنَةِ ردِّ مَن بَعُدَ خِلاف في «الانْتِصارِ». قاله في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «فسار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإلَّا دفَعَها إلى الحاكِمِ. يعْنِي، إذا خافَ عليها بحَمْلِها، ولم يَجِدْ مالِكَها ولا وَكِيلَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أَنَّه يتَعَيَّنُ عليه دَفْعُها إلى الحاكِمِ، إنْ قدَرَ عليه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِي: وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِي: قطَع به الأصحابُ. وقيل: يجوزُ دَفْعُها إلى ثِقَةٍ. حَكاه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وذكَرَه الحَلْوانِيُّ رِوايَةً. قال في «الفائقِ»: ولو خافَ عليها، أوْدَعها حاكِمًا أو أمِينًا، وقيل: لا تُودَعُ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ هنا أن يُراعِيَ الأصْلَحَ في دَفْعِها إلى الحاكِمِ، أو الثِّقَةِ، فإنِ اسْتَوَى الأمْران، فالحاكِمُ.

فَإِنْ تعَذَّرَ ذَلِكَ، أوْدَعَهَا ثِقَةً، أوْ دَفَنَهَا وَأعْلَمَ بِهَا ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ، وَإنْ دَفَنَهَا وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أحَدًا، أو أعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ، ضَمِنَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الوَدائعُ التي جُهِلَ مُلَّاكُها يجوزُ التَّصَرُّفُ فيها بدُونِ حاكم. نصَّ عليه. وكذا إنْ فُقِدَ، ولم يُطَّلَعْ على خَبَرِه، وليس له وَرَثَة، يتَصَدَّقُ بها. نصَّ عليه، ولم يَعْتَبِرْ حاكِمًا. ويحْتَمِلُ إنّه ليس له الصَّدَقَةُ بها إلَّا إذا تعَذَّرَ إذْنُ الحاكِمِ، ذكَرَه القاضي، وتقدَّم نَظيرُ ذلك في الغَصْبِ، وآخِرِ الرَّهْنِ. ويلْزَمُ الحاكِمَ قَبُولُ الوَدائعِ، والغُصُوبِ، ودَينِ الغائبِ، والمالِ الضَّائعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «التَّلْخيصِ»: الأصحُّ اللُّزومُ في قَبُولِ الوَدِيعَةِ، والغُصُوبِ، والدَّين. وقيل: لا يلْزَمُه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ تَعَذَّرَ ذلك -يَعْني، إذا تعَذَّرَ دفْعُها إلى الحاكمِ- أوْدَعَها ثِقَة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»: دفَعَها (¬1) إلى ثِقَةٍ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم، واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: لا تُودَعُ لغيرِ الحاكِمِ. وقطَع به أبو الخَطابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». قال القاضي، وابنُ عَقِيل: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يجوزُ الدَّفْعُ إلى غيرِ الحاكمِ لعُذْرٍ أو غيرِ عُذْرٍ. ثم أوَّلا ذلك على الدَّفْعِ لغيرِ حاجَةٍ، أو مع القُدْرَةِ على الحاكمِ. قال الحارِثيُّ: وفيه نظَر، بل النَّصُّ صريحٌ في ذلك. وذكَرَه. وقيل: لا تُودَعُ مُطْلَقًا. ونقَلَه الأَثْرَمُ نصًّا. قال في «الرِّعايَةِ»: ونصُّه مَنْعُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وقدَّمه في «المُذْهَبِ». وقال في «النَّوادِرِ»: وأطْلَقَ أحمدُ الإيداعَ عندَ غيرِه لخَوْفِه عليها، وحمَلَه القاضي على المُقيمِ لا المُسافِرِ. فائدة: حُكْمُ مَن حضَرَه المَوْتُ حُكْمُ مَن أراد سَفَرًا، على ما تقدّم مِن أحْكامِه، ¬

(¬1) في الأصل: «دفعه».

وَإنْ تَعَدَّى فِيهَا، فَرَكِبَ الدَّابَّةَ لِغَيرِ نَفْعِهَا، وَلَبِسَ الثّوْبَ، وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا، ثُمَّ رَدَّهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا في أخْذِها معه. قوله: أو دفَنَها وأعْلَمَ بها ثِقَةً يسْكُنُ تلك الدَّارَ. يعْنِي، إذا تعَذَّرَ دَفْعُها إلى الحاكمِ، فهو بالخيارِ بينَ دَفْعِها إلى ثِقَةٍ، وبينَ دَفْنِها وإعلامِ ثِقَةٍ يسْكُنُ تلك الدَّارَ بها. قال الحارِثِيُّ: وقاله القاضي، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وقطَع به في «الشّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «الفُروعِ»: وإنْ دَفَنَها بمَكانٍ، وأعْلَمَ بها ساكِنَه، فكإيداعِه. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»: ولو دفَنَها بمَكانٍ، وأعْلَمَ السَّاكِنَ، فعلى وَجْهَين. وقيل: إعْلامُه كإيداعِه. انتهوا. وأطْلَقَ في ضَمانِها، إذا دَفَنَها وأعْلَمَ بها ثِقَةً، وَجْهَين في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه إذا تبَرَّمَ بالوَدِيعَةِ، فليس له الدَّفْعُ إلى غيرِ المُودِعِ أو وَكِيلِه؛ سواءٌ قَدَرَ عليهما أوْ لا، وسواءٌ الحاكِمُ وغيرُه، وهو كذلك. ونصّ على المَنْعِ مِن إيداعِ الغيرِ. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وقدَّمه الحارِثِي. وقال في «الكافِي»: إنْ لم يجِدِ المالِكَ، دفَع إلى الحاكِمِ. واخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». قوله: وإنْ تعَدَّى فيها، فرَكِبَ الدَّابَّةَ لغيرِ نَفْعِها، ولَبِسَ الثَّوْبَ، وأخْرَجَ

أوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أقَرَّ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّراهِمَ ليُنْفِقَها -أو لشَهْوَةِ رُؤْيَتِها- ثم رَدَّها أو جحَدَها، ثم أقَرَّ بها، أو كسَر خَتْمَ كِيسِها -وكذا لو حَلَّه- ضَمِنَها. إذا تعَدَّى فيها، ففعَل ما ذكَر غيرَ جُحُودِها، ثم إقرارُه بها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَضْمَنُها، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «التلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال في «الفائقِ»: ونقَل البَغَويُّ ما يدُلُّ على نَفْي الضَّمانِ. وقيل: لا يَضْمَنُ، إذا أخْرَجَ الدَّراهِمَ لينفِقَها، أو لشَهْوَةِ رُؤْيَتِها، ثم ردَّها. اخْتارَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وعنه، لا يَضْمَنُ، إذا كسَر خَتْمَ كِيسِها، أو حلَّه. فعلى المذهبِ، لا يعُودُ عَقْدُ الوَدِيعَةِ بغيرِ عَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ. وأمَّا إذا جحَدَها، ثم أقَرَّ بها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يضْمَنُها مِن حيثُ الجُمْلَةُ. جزَمَ به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه، وقال: ونقَل البَغَويُّ ما يدُلُّ على نَفْي الضَّمانِ.

أوْ كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا، أوْ خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ، ضمِنَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو خلَطها بما لا تَتَمَيَّزُ منه، ضَمِنَها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «التَّلْخيصِ»: ومع عدَمِ التَّمْييزِ، يَضْمَنُ، رِوايَةً واحدةً. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ظاهِرُ نَقْلِ البَغويِّ، لا يَضْمَنُ. ولم يتَأوَّلْه في «النَّوادِرِ». وذكَرَهْ الحَلْوانِيُّ ظاهِرَ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «المَنْثُورِ» عن أحمدَ، قال: لأنَّه خلَطَه بمالِه. وجزَم به في «المُبْهِجِ» في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَكِيلِ، كوَدِيعَتِه، في أحَدِ الوَجْهَين. قال الحارِثِيُّ: وعن أحمدَ، لا يضْمَنُ بخَلْطِ النُّقودِ. ونقَلَه عبدُ اللهِ البَغويُّ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، لو تَلِفَ بعضُ المُخْتَلِطِ بغيرِ عُدْوانٍ، جُعِلَ التَّلَفُ كلُّه مِن مالِه، وجُعِلَ الباقِي مِنَ الوَدِيعَةِ. نصَّ عليه. فائدة: لو اخْتلَطَتِ الوَديعَةُ بغيرِ فِعْلِه، ثم ضاعَ البعضُ، جُعِلَ مِن مالِ المُودَعِ

وَإنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ، أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا، لَمْ يَضْمَنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في ظاهِرِ كلامِه. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وذكَر القاضي في «الخِلافِ» أنَّهما يَصِيران شَرِيكَين. قال المَجْدُ: ولا يبْعُدُ على هذا، أنْ يكونَ الهالِكُ منهما. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّانيَةِ والعِشْرِين». قوله: وإنْ خلَطها بمُتَميِّزٍ، لم يَضْمَنْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَضْمَنُ. وحمَلَها المُصَنِّفُ على نَقْصِها بالخَلْطِ.

وَإنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ، فَضَاعَ الْكُلُّ، ضَمِنَهُ وَحْدَهُ. وَعَنْهُ، يَضْمَنُ الْجَمِيعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أخَذ دِرْهَمًا ثم رَدَّه، فضاعَ الكلُّ، ضَمِنَه وحْدَه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «التَّعْليقِ»، و «الفُصولِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»؛ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وهو عَجِيبٌ مِنَ الشارِحِ؛ إذِ الكِتابُ المَشْرُوحُ حكَى الخِلافَ، لكِنَّه تَبعَ «المُغْنِي». وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَضْمَنُ الجميعَ. وأطْلَقَهما في «التلْخيصِ»، و «الفائقِ». وقيل: يَضْمَنُه وحدَه، إنْ لم يَفْتَحِ الوَدِيعَةَ. وقيل: لا يَضْمَنُ شيئًا.

وَإنْ رَدَّ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا، فَكَذَلِكَ، وَإنْ كَانَ غَيرَ مُتَمَيِّزٍ، ضَمِنَ الْجَمِيعَ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَضْمَنَ غَيرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رَدَّ بدَلَه مُتَمَيِّزًا، فكذلك. يعْنِي، أن الحُكْمَ فيه كالحُكْمِ فيما إذا رَدَّ المأْخُوذَ بعَينِه. جزَم به في «الفُصولِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وكذا الحُكْمُ لو أذِنَ صاحِبُها له في الأخْذِ منها، فأخَذ ثم ردَّ بدَلَه بلا إذْنِه. قوله: وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، ضَمِنَ الجميعَ -وهو المذهبُ. جزَم به في «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» -ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَضْمَنَ غيرَه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وجزَم به القاضي في «التَّعْليقِ»، وذكَر أنَّ أحمدَ نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وحُكِيَ عنه مِن رِوايةِ الأثْرَمِ، أنَّه أنْكَرَ القَوْلَ بتَضْمِينِ الجميعِ،، وأنَّه قال: هو قوْلُ سوءٍ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقطَع به ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي أبو الحُسَينِ، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ، وغيرُهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه الحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، وقال: هو المذهبُ. ومال إليه في «المُغني». وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «المُحَرَّرِ». فعلى الرِّوايَةِ الثانيةِ، إنْ لم يَدْرِ أيَّهما ضاعَ، ضَمِنَ. نقَلَه البَغويُّ، وذكَرَه جماعَةٌ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». فائدة: لو كان الدِّرْهَمُ أو بدَلُه غيرَ مُتَمَيِّزٍ، وتَلِفَ نِصْفُ المالِ، فقِيل: يَضْمَنُ نِصْفَ دِرْهَمٍ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمَه شيءٌ؛ لاحْتِمالِ بَقاءِ الدِّرْهَمِ أو بدَلِه، ولا يجِبُ مع الشَّكِّ. قاله الحارِثِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، قال الزَّرْكَشِيُّ: إذا رَدَّ بدَلَ ما أخَذ، فللأصحابِ في ذلك طُرُقٌ؛ أحدُها، لا يلْزَمُه إلَّا مِقْدارُ ما أخَذَ؛ سواءٌ كان البَدَلُ مُتَمَيِّزًا أو غيرَ مُتَمَيِّزٍ. وهذا مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، وبه قطَع القاضي في «التَّعْلِيقِ»، وذكَر أن أحمدَ نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وأنْكَرَ في رِوايَةِ الأَثْرَمِ على مَن يقولُ بتَضْمِينِ الجميعِ. الطَّريقُ الثَّاني، إنْ تمَيَّزَ البدَلُ، ضَمِنَ قَدْرَ ما أخذَ فقط، وإنْ لم يتَمَيَّزْ، فعلى رِوايتَين. وهي طريقةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والمَجْدِ. الطَّريقُ الثَّالثُ، في المَسْأَلةِ رِوايَتان فيهما. وهي ظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». الطرِيقُ الرَّابِعُ، إنْ تمَيَّزَ البدَلُ، فعلى رِوايتَين، وإنْ لم يتَمَيَّزْ، ضَمِنَ، رِوايةً واحدةً. قاله في «التَّلْخيصِ». ويقْرُبُ منه كلامُ المُصَنِّفِ في «المُقْنِعِ»، وكلامُ القاضي على ما حَكاه في «المُغْنِي». وبالجُمْلَةِ، هذه الطرِيقَةُ، وإنْ كانتْ حَسَنَةً، لكِنها مُخالِفَةٌ لنُصوصِ أحمدَ. انتهى. الثَّاني، شرَط القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وجماعةٌ، أنْ تكونَ الدَّراهِمُ ونحوُها غيرَ مَخْتُومَةٍ ولا مشْدُودَةٍ، فلو كانتْ كذلك، فحلَّ الشَّدَّ، أو فكَّ الخَتْمَ، ضَمِنَ الجميعَ، قوْلًا واحدًا. قال القاضي في «التعْلِيقِ»: هو قِياسُ قوْلِ الأصحابِ، ممَّا إذا فتَح قَفَصًا عن طائرٍ، فطارَ. وقاله أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». قال الحارِثِيُّ: ولا يصِحُّ هذا القِياسُ؛ لأنَّ الفَتْحَ عنِ الطائرِ إضاعَةٌ له، فهو كحَلِّ الزِّقِّ. ونقَل مُهنَّا، أنَّه لا يَضْمَنُ إلَّا ما أخَذَ. قال في «التَّلْخيصِ»: وروَى البَغَويُّ عن أحمدَ ما يدُلُّ على ذلك، ويَنْبَنِي على ذلك، لو خرَقَ الكِيسَ؛ فإنْ كان مِن فوقِ الشَّدِّ، لم يضْمَنْ إلَّا الخَرْقَ، وإنْ كان مِن تحتِ الشَّدِّ، ضَمِنَ الجميعَ، على المَشْهورِ

وَإنْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ وَدِيعَةً، ضَمِنَهَا، وَلَمْ يَبْرَأْ إلا بِالتَّسْلِيمِ إِلى وَلِيِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ الأصحابِ. قاله الزرْكَشِيُّ. الثَّالثُ، قُوةُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه تَقْتَضِي أنَّه لا يَضْمَنُ بمُجَردِ نِيَّةِ التَّعَدِّي، بل لا بُدَّ مِن فِعْلٍ أو قَوْلٍ. وهو صحيحٌ، وهو المَقْطوعُ به عندَ الأصحابِ. وقال القاضي: وقد قيل: إنه يَضْمَنُ بالنِّيَّةِ؛ لاقْتِرانِها بالإمْساكِ، وهو فِعْلٌ كمُلْتَقِطٍ نوَى التَّمَلُّكَ في أحدِ الوَجْهَين. وفي «التَّرْغيبِ»، قال الحارِثِيُّ: وحكَى القاضي في «تَعْليقِه» وَجْهًا بالضَّمانِ. قال الزرْكَشِيُّ: وقد يَنْبَنِي هذا الوَجْهُ، على أنَّ الذي لا يُؤُاخَذُ به هو الهَمُّ، أما العَزْمُ، فيُؤاخَذُ به على أحَدِ القَوْلَين. انتهى. وتأْتِي مَسْأَلةُ اللُّقَطَةِ في بابِها، عندَ قوْله: ومَن أمِنَ نَفْسَه عليها. قوله: وإنْ أوْدَعَه صَبِيٌّ وَدِيعَةً، ضَمِنَها، ولم يَبْرَأْ إلَّا بالتَّسْلِيمِ إلى وَلِيِّه. إنْ كان الصَّبِيُّ غيرَ مُمَيِّزٍ، فالحُكْمُ؛ قال المُصَنِّفُ، وكذا إنْ كان مُمَيِّزًا، ولم يكُنْ مأْذونًا له. وإنْ كان مأْذونًا له، صحَّ إيداعُه فيما أُذِنَ له بالتَّصَرُّفِ فيه. قاله المُصنِّفُ والشَّارِحُ. فائدة: لو أخَذَ الوَدِيعَةَ مِنَ الصَّبِيِّ تخْلِيصًا لها مِنَ الهَلاكِ، على وَجْهِ الحِسْبَةِ، فقال في «التَّلْخيصِ»: يَحْتَمِلُ أنْ لا يضْمَنَ، كالمِلْكِ الضَّائعِ إذا حَفِظَه

وَإِنْ أوْدَعَ الصَّبِيَّ وَدِيعَةً، فَتَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ، لَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ أتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَقَال الْقَاضِي: يَضْمَنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لصاحبِه. وهو الأصحُّ: ويَحْتَمِلُ أن يَضْمَنَ؛ لأنَّه لا ولايةَ له عليه. قال: وهكذا يُخَرَّجُ إذا أخَذ المال مِنَ الغاصِبِ تخْلِيصًا؛ ليَرُدَّه إلى مالِكِه. انتهى. واقْتَصَر الحارِثِيُّ على حِكايةِ كلامِه، وقدَّم ما صحَّحَه في «التَّلْخيصِ» في «الرِّعايَةِ»، [وقطَع به في «الكافِي»] (¬1). قوله: وإنْ أوْدَعَ الصَّبِيَّ وَدِيعَةً، فتَلِفَتْ بتَفْرِيطِه، لم يَضْمَنْ. وكذلك المَعْتُوهُ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارثِيِّ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَضْمَنُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، في أوَّلِ بابِ الحَجْرِ. قوله: وإن أتْلَفَها، لم يَضْمَنْ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: وقال غيرُ القاضي مِن أصحابِنا: لا يضْمَنُ. انتهوا. قال الحارِثِيُّ: قال ابنُ حامِدٍ: هذا قِياسُ المذهبِ. وإليه صارَ القاضي آخِرًا، وذكَرَه ولَدُه أبو الحُسَينِ، ولم يَذْكُرِ القاضي في «رُءُوسِ المَسائلِ» سِواه. وكذا القاضي أبو الحُسَينِ، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ. قال ابنُ عَقِيل: وهو أصحُّ عندِي. وقامه في «الخُلاصَةِ». وقال القاضي: يَضْمَنُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الحارِثِيُّ: واخْتارَه أبو عليِّ بنُ شِهابٍ، ولم يُورِدِ الشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَرٍ، والزَّيدِيُّ؛ وأبو المَواهِبِ الحُسَينُ بنُ محمدٍ العُكْبَرِيُّ، والقاسِمُ بنُ الحَسَنِ الحدَّادُ، سِواه. انتهى وصحَّحه النَّاظِمُ. وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فائدة: المَجْنونُ كالصَّبِيِّ. وكذا السَّفِيهُ عندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحَ، وجماعَةٍ، ففيه الخِلافُ. وقيل: إتْلافُه مُوجِبٌ للضَّمانِ كالرَّشيدِ. قطَع به القاضي في «المُجَرَّدِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». قال الحارِثِيُّ: وإلْحاقُه بالرَّشيدِ أقْرَبُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وَإنْ أوْدَع عَبْدًا وَدِيعَةً فَأتْلَفَهَا، ضَمِنَهَا في رَقَبَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أوْدَعَ عَبْدًا وَدِيعَةً، فأتْلَفَها، ضَمِنَها في رَقَبَتِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». قال الحارِثِيُّ: وبه قال الأكْثَرَون مِن الأصحابِ؛ أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الحُسَينِ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَرٍ، والزَّيدِيُّ، وابنُ بكْروسٍ، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، يَضْمَنُها في ذِمَّتِه. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». ولنا وَجْهٌ في المذهبِ، ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه، بعدَمِ الضَّمانِ مُطْلَقًا، تخرِيجًا مِن مِثْلِه في الصَّبِيِّ، وردَّه الحارِثِيُّ. تنبيه: قيلَ: إنَّ الوَجْهَين اللذين في العَبْدِ مَبْنِيَّان على الوَجْهَين في الصَّبِيِّ. وهو قوْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، والقاضي، وصاحبِ «الفائقِ»، ورَدَّه الحارِثِيُّ. وقال في «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»: ويَضْمَنُ، ويكونُ في رَقَبَتِه؛ سواءٌ كان مَحْجُورًا عليه، أوَ مأْذونًا له. قال الحارِثِيُّ: صرح به غيرُ واحدٍ، وهو مُقْتَضَى إطْلاقِ المُصَنِّفِ، كما في الجِنايَةِ على النَّفْسِ. انتهى. وهي طريقَتُه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُدَبَّرُ، والمُكاتَبُ، والمُعَلُّقُ عِتْقُه على صِفَةٍ، وأُمُّ الوَلَدِ، كالقِنِّ فيما تقدَّم. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه.

فَصْلٌ: وَالْمُودَعُ أمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رَدٍّ وَتَلَفٍ وَإذْنٍ في دَفْعِهَا إِلَى إِنْسَانٍ، وَيُدَّعَى عَلَيهِ مِنْ خِيَانَةٍ وَتَفْرِيطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمُودَعُ أمِينٌ، والقَوْلُ قَوْلُه فيما يَدَّعيه مِن رَدٍّ وتَلَفٍ. يعنِي، مع يَمِينِه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «التَّلْخيصِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. وعنه، إن دفَعَها المُودِعُ، بكَسْرِ الدَّالِ، إلى المُودَعِ ببَيِّنةٍ، لم تُقْبَلْ دَعْوَى الردِّ إلَّا ببيِّنةٍ. نصَّ عليه في روايةِ أبِي طالبٍ، وابنِ مَنْصُورٍ. قال الحارِثِيُّ: وهذا ما قاله ابنُ أبِي مُوسى في «الإرْشادِ». وخرَّجها ابنُ عَقِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على أنَّ الإشْهادَ على دفْعِ الحُقوقِ الثَّابتَةِ بالبَيِّنةِ واجِبٌ، فيَكونُ ترْكُه تفْرِيطًا، فيَجِبُ فيه الضَّمانُ. وقيل؛ لا يَحْتاجُ إلى يَمِينٍ مع دَعْوَى التَّلَفِ قال الحَارِثِيُّ: المذهبُ لا يحْلِفُ مُدَّعِي الرَّدِّ والتَّلَفِ، إذا لم يُتَّهَمْ. وتأْتِي المَسْأَلةُ قريبًا بأتَمَّ مِن هذا. تنبيه: محَلُّ هذا إذا لم يتَعرَّضْ لذِكْرِ سبَبِ التَّلَفِ؛ فإنْ أَبْدَى (1) سبَبًا خَفِيًّا؛ مِن سَرِقَةٍ، أو ضياعٍ ونحوه، قُبِلَ أيضًا. ذكَرَه الأصحابُ. وإنْ أبْدَى (¬1) سبَبًا ظاهِرًا؛ مِن حريقِ منْزِلٍ أو غَرَقِه، أو هُجومِ غارَةٍ، ونحو ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يُقْبَلُ قوْلُه إلَّا ببَيِّنةٍ بوُجودِ ذلك السَّبَبِ في تلك النَّاحِيَةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. وفي كلام أحمدَ ما يُشْعِرُ به. قال في «التَّلْخيصِ» وغيرِه: ويَكْفِي في ثُبوتِ السَّبَبِ الاسْتِفاضَةُ. وقاله في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال في «المُغْنِي»، وجماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يُقْبَلُ قوْلُه أيضًا. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك في الوَكالةِ. فائدة: لو مَنع المُودَعُ -بفَتْحِ الدَّالِ- صاحِبَ الوَدِيعَةِ منها، أو مَطَلَه بلا عُذْرٍ، ثم ادَّعَى تلَفًا، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنةٍ؛ لخُروجِه بذلك عن الأمانةِ. قوله: وإذنٍ في دَفْعِها إلى إنْسانٍ. يعْنِي، إذا قال المُودَعُ، بفَتْحِ الدَّالِ، للمُودِعِ: أذِنْتَ لي في دَفْعِها إلى فُلانٍ فدَفَعْتُها. فأنْكَرَ الإذْنَ، فالقَوْلُ قوْلُ المُودَعِ، بفَتْحِ الدالِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما قال المُصَنِّفُ، ونصَّ عليه في روايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُه. قال الحارِثِيُّ: وهو قَويٌّ وقيل: ذلك كوَكالةٍ في قَضاء دَينٍ. ولا يلْزَمُ المُدَّعَى عليه للمالِكِ غيرُ اليَمِينِ، ما لم يُقِرَّ بالقَبْض. وذكَر الأَزَّجِيُّ، إنِ ادَّعَى الرَّدَّ إلى رسولِ مُوَكَّلٍ (¬1) ومُودِعٍ، فأنْكَرَ المُوَكِّلُ، ضَمِنَ؛ لتعَلُّقِ الدَّفْعِ بثالثٍ، ويَحْتَمِلُ لا. وإنْ أقَرَّ، وقال: قَصَّرتُ لتَرْكِ الإِشْهادِ. احْتَمَلَ وَجْهَين. قال: واتفَقَ الأصحابُ أنه لو وَكَّلَه بقَضاءِ دَينِه، فقَضاه في غَيبَتِه، وترَكَ الإشْهادَ، ضَمِنَ؛ لأن مَبْنَى الدَّينِ على الضَّمانِ، ويَحْتَمِلُ، إن أمْكَنَه الإشْهادَ فترَكَه، ضَمِنَ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. فائدتان؛ إحْداهما، لو ادَّعَى الأداءَ إلى وارثِ المالكِ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنةٍ. قاله في «التَّلْخيصِ»، واقْتَصرَ عليه الحارِثِيُّ. وكذا دَعْوَى الأداءِ إلى الحاكمِ. الثَّانيةُ، لو ادَّعى الأداءَ على يَدِ عَبْدِه، أو زَوْجَتِه، أو خازِنِه، فكدَعْوَى الأداءِ بنَفْسِه. ¬

(¬1) في الأصل: «موكله».

وَإِنْ قَال: لَمْ تُودِعْنِي. ثُمَّ أقَرَّ بِهَا، أوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنةٍ، فَادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ، لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أقَامَ بِهِ بَيِّنةً. وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ بَيِّنتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما يُدَّعَى علية مِن خِيانَةٍ أو تَفْرِيطٍ. يعْنِي، القَوْلُ قوْلُه. وهذا بلا نِزاعٍ. فائدة: هل يَحْلِفُ مُدَّعِي الردِّ والتَّلَفِ والإذْنِ في الدَّفْعَ إلى الغيرِ، ومُنْكِرُ الجِنايَةِ والتَّفْرِيطِ، ونحوُ ذلك؟ قال الحارِثِيُّ: المذهبُ لا يَحْلِفُ إلَّا أن يكونَ مُتَّهَمًا. نصَّ عليه مِن وُجوهٍ. وكذا قال الخِرَقِيُّ، وابنُ أبِي مُوسى في الوَكِيلِ. وأطْلَقَ المُصَنِّفُ في «كتابَيه»، وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ، وُجوبَ التَّحْلِيفِ، قال: ولا أعْلَمُه عن أحمدَ نصًّا ولا إيماءٌ. انتهى. والمذهبُ عندَ أكثرِ الأصحابِ المُتأَخِّرِين، ما قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على بعضِه قريبًا. قوله: وإنْ قال: لم تُودِعْنِي. ثم أقَرَّ بها، أو ثَبَتَتْ ببَيِّنَةٍ فادَّعَى الرَّدَّ، أو التَّلَفَ، لم يُقْبَلْ، وإنْ أقامَ بذلك بَيِّنةً. نصَّ عليه. مُرادُه، إذا ادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ قبلَ جُحُودِه؛ بأنْ يدَّعِيَ عليه الوَدِيعَةَ يومَ الجُمُعَةِ فيُنْكِرَها، ثم يُقِرَّ، أو تقُومَ بَيِّنةٌ بها، فيقِيمَ بَيِّنةً بأنَّها تلِفتْ، أو ردِّها يومَ الخمِيسِ، أو قبله مثَلًا، فالمذهبُ في هذا، كما قال المُصَنِّفُ، مِن أنَّه لا يُقْبَلُ قوْلُه ولا بَيِّنتُه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. ويحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ بَيِّنتُه. قال الحارِثِيُّ: وهو المنْصُوصُ مِن روايةِ أبِي طَالِبٍ، وهو الحقُّ. وقال: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ عندِي. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأما إنِ ادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ بعدَ جُحُودِه بها؛ بأنْ يدَّعِيَ عليه يومَ الجُمُعَةِ فيُنْكِرَ ثم يُقرَّ، أو تقومَ البَيِّنةُ بها، فيُقِيمَ بَيِّنتَه بتَلَفِها أو رَدِّها يومَ السَّبْتِ، أو بعدَه مثلًا، فهذا تُقْبَلُ فيه البَيِّنةُ بالرَّدِّ، قوْلًا واحدًا. وتُقْبَلُ في التَّلَفِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، وتُسْمَعُ بتَلَفٍ. وقيل: لا تُقْبَلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وأبِي الخَطَّابِ، والسَّامَرِّيِّ، وصاحِبِ «التَّلْخيصِ»، وجماعَةٍ؛ لأنَّهم أطْلَقوا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو شَهِدَتْ بَيِّنةٌ بالتَّلَفِ أو الردِّ، ولم تُعَيِّنْ؛ هل ذلك قبلَ جُحُودِه أو بعدَه؟ واحْتَملَ الأمْرَين، لم يَسْقُطِ الضَّمانُ. قلتُ: ويَحْتَمِلُ السُّقوطَ؛ لأنه الأصْلُ. الثَّانيةُ، لو قال: لك وَدِيعَةٌ. ثم ادَّعى ظنَّ بَقائِها، ثم عَلِمَ تلَفَها، أو ادَّعَى الرَّدَّ إلى رَبِّها، فأنْكَرَه ورَثتُه، فهل يُقْبَلُ قوْلُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، وأطْلَقَهما في الأولَى في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ قَوْلُه في المسْأَلةِ الأُولَى. قدَّمه في «المُغْنِي»، عندَ قوْلِ الخِرَقِيِّ: وإذا

وَإنْ قَال: مَالكَ عِنْدِى شَيْءٌ. قُبِلَ قَوْلُهُ في الرَّدِّ والتَّلَفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: عندِي عشَرَةُ دَراهِمَ. ثم قال: وَدِيعَةً. وقدَّمه الشَّارِحُ في بابِ ما إذا وصَلَ بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِين في «شَرْحِه». وقال القاضي: يُقْبَلُ قوْلُه؛ لأنَّ أحمدَ قال، في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ: إذا قال: لك عندِي وَدِيعَةٌ دَفَعْتُها إليك. صُدِّقَ. انتهى. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وأمَّا إذا ادَّعَى الرَّدَّ إلى رَبِّها، وأنْكَرَه ورَثَتُه، فالصَّحيحُ أنَّه يُقْبَلُ قوْلُه، كما لو كان حَيًّا. ثم وَجَدْتُه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» قطَع بأنَّه لا يُقْبَلُ قولُه إلا ببَيِّنةٍ. قوله: وإنْ قال: ما لك عندِي شيءٌ. قُبِلَ قولُه في الرَّدِّ والتَّلَفِ. بلا نِزاعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكِنْ إنْ وقَع التَّلَفُ بعدَ الجُحودِ، وجَبَ الضَّمانُ؛ لاسْتِقْرارِ حُكْمِه بالجُحودِ، فيُشْبِهُ الغاصِبَ. ذكَرَه الشَّارِحُ، واقْتَصرَ عليه الحارِثيُّ، وقال: والإطلاقُ هنا محْمولٌ عليه. وقال الزَّرْكَشيُّ: يُقْبَلُ قوْلُه في الرَّدِّ والتَّلَفِ. ولا فَرْقَ بينَ قبلَ الجُحودِ وبعدَه، على ظاهِرِ إطْلاقِ جماعةٍ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: وقد

وَإِنْ مَاتَ الْمُودَعُ، وَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنةٍ. وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ. قَبْلَ إِمْكَانِ رَدِّهَا، لَمْ يَضْمَنْهَا، وَبَعْدَهُ يَضْمَنُهَا، في أحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: إنْ شَهِدَتِ البَيِّنَةُ بالتَّلَفِ بعدَ الجُحودِ، فعليه الضَّمانُ، وإِنْ شَهِدَتْ بالتَّلَفِ قبلَه، فلا ضَمانَ. قوله: فإنْ ماتَ المُودَعُ فادَّعَى وارِثُه الرَّدَّ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنةٍ. بلا نِزاعٍ. وكذا حُكْمُ دَعْوَى المُلْتَقِطِ، ومَن أطارَتِ الرِّيحُ إلى دارِه ثَوْبًا، الرَّدُّ إلى المالِكِ. قال في «القَواعِدِ»: ويتَوَجَّهُ قبولُ دَعْواه في حالةٍ لا يضْمَنُ فيها بالتَّلفِ؛ لأنَّه مُؤْتَمَنٌ شَرعًا في هنه الحالةِ. ولو ادَّعَى الوارِثُ أن مُوَرِّثَه. ردَّها، لم يُقْبَلْ أيضًا إلَّا ببَيِّنةٍ عندَ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: وقد يتَخَرَّجُ لنا قولٌ بالقَبُولِ مِن أحَدِ الوَجْهَين، فيما إذا كان عندَه وَدِيعَة في حَياتِه، لم تُوجَدْ بعَينِها، ولا يُعْلَمُ بقاؤُها؛ لأنَّ الأصْلَ عدَمُ الحُصولِ في يَدِ الوارِثِ، وكذلك ما لو ادَّعَى التَّلَفَ في يَدِ مُوَرِّثه. انتهى. قال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين»: ولا حاجَةَ إلى التَّخْرِيجِ إِذَنْ؛ لأنَّ الضَّمانَ على هذا الوَجْهِ مُنْتَفٍ؛ سواءٌ ادَّعَى الوارِثُ الرَّدَّ أو التَّلَفَ، [أو لم يَدَّعِ شيئًا] (¬1). قوله: وانْ تَلِفَتْ عندَ الوارِثِ قبلَ إمْكانِ رَدَّها، لم يَضْمَنْها -بلا نِزاعٍ- ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبعدَه يَضْمَنُها، في أحدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قال في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والأرْبَعِين»: والمَشْهورُ الضَّمانُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ» وغيرِهم. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، وقال: ذكَرَه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يَضْمَنُها. قال الحارِثِيُّ: وهذا لا أعْلَمُ أحدًا ذكَرَه إلَّا المُصَنِّفَ. قلتُ: قد أشارَ إليه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَىْ». وقيل: يَضْمَنُها، إنْ لم يعْلَمْ بها صاحِبُها. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: وهو أوْلَى. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». فائدة: إذا حصَل في يَدِه أمانَةٌ بدُونِ رِضَا صاحبِها، وجَبَتِ المُبادَرَةُ إلى رَدِّها، مع العِلْمِ بصاحبِها والتَّمَكُّنِ منه، ودخَلَ في ذلك اللُّقَطَةُ. وكذا الوَدِيعَةُ، والمُضارَبَةُ، والرَّهْنُ، ونحوُها، إذا ماتَ المُؤْتَمَنُ وانْتَقَلَتْ إلى وارِثِه. وكذا لو أطارَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إلى دارِه لغيرِه. ثم إنَّ كثيرًا مِنَ الأصحابِ قالُوا هنا: الواجِبُ الرَّدُّ. وصرَّح كثيرٌ منهم بأنَّ الواجِبَ أحدُ شَيئَين؛ إمَّا الرَّدُّ، أو الإعْلامُ، كما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وذكَر نحوَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَقِيلٍ، وهو مُرادُ غيرِهم. ثم إنَّ الثَّوْبَ؛ هل يحْصُلُ في يَدِه؛ لسُقُوطِه في دارِه مِن غيرِ إمْساكٍ له أمْ لا؟ قال القاضي: لا يحْصُلُ في يَدِه بذلك. وخالفَ ابنُ عَقِيلٍ. والخِلافُ هنا مُنَزَّلٌ على الخِلافِ فيما حصَل في أرْضِه مِنَ المُباحاتِ؛ هل يَمْلِكُها بذلك أمْ لا؟ على ما تقدَّم في كتابِ البَيعِ. وكذا حُكْمُ الأماناتِ إذا فسَخَها المالِكُ؛ كالوَدِيعَةِ، والوَكالةِ، والشَّرِكَةِ، والمُضارَبَةِ، يجِبُ الردُّ على الفَوْرِ لزَوالِ الائْتِمانِ. صرَّح به القاضي في «خِلافِه». وسواءٌ كان الفَسْخُ في حَضْرَةِ الأمينِ، أو غَيبَتِه. وظاهِرُ كلامِه، أنَّه يجِبُ فِعْلُ الرَّدِّ. وعلى قِياسِ ذلك، الرَّهْنُ بعدَ اسْتِيفاءِ الدَّينِ، والعَينُ المُؤْجَرَةُ بعدَ انْقِضاءِ المُدَّةِ. وذكَر طائفةٌ مِنَ الأصحابِ في العَينِ المُؤْجَرَةِ، لا يجِبُ على المُسْتَأْجِرِ فِعْلُ الرَّدِّ، ومنهم مَن ذكَر في الرَّهْنِ كذلك. ذكَر مَعْنَى ذلك في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والأرْبَعِين». وأمَّا إذا ماتَ المُودَعُ، ولم يُبَيِّنِ الوَدِيعَةَ، ولم تُعْلَمْ، فهي دَينٌ في تَرِكَتِه. تقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في أواخِرِ المُضارَبَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة جليلة: تَثْبُتُ الوَدِيعَةُ بإقْرارِ المَيِّتِ، أو ورَثَتِه، أو بَيِّنتِه. وإنْ وجَدَ خطِّ مَوْرُوثِه: لفُلانٍ عندِي وَدِيعَةٌ. أو على كِيسٍ: هذا لفُلانٍ. عَمِلَ به وُجُوبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويُعْمَلُ به على الأصحِّ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. نصَّ عليه مِن رِوايَةِ إسْحاقَ بنِ إبْراهِيمَ، في الوَصِيَّةِ، ونصَرَه، وردَّ غيرَه. وقال: قاله القاضي أبو الحُسَينِ، وأبو الحَسَنِ بنُ بَكْروسٍ. وقدَّمه في «المُستَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وهو الذي ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ». وقيل: لا يُعْمَلُ به، ويكونُ تَرِكَةً. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابن عَقِيل، والمُصَنِّفُ. وقدَّمه الشارِحُ، ونصَرَه، وجزَم به

وَإذَا ادَّعَى الْوَدِيِعَةَ اثْنَانِ، فَأقَرَّ بِهَا لِأحَدِهِمَا، فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَحْلفُ الْمُودَعُ أيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وإنْ وجَد خطَّه بدَينٍ له على فُلانٍ، حلَفَ الوارِثُ، ودُفِعَ إليه. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «إعْلام المُوَقِّعِين». وإنْ وجَد خطَّه بدَينٍ عليهم، فقيل: لا يُعْمَل به، [ويكونُ تَرِكًة مَقْسُومَةٌ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وجزَم به في «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». وقيل: يعْمَلُ به] (2)، ويُدْفَعُ إلى مَن هو مكْتُوبٌ باسْمِه. قال القاضي أبو الحُسَينِ: المذهبُ وُجوبُ الدَّفْعِ إلى مَن هو مكْتُوبٌ باسْمِه. أوْمَأ إليه، وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وهو الذي ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ»، [وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «إعْلامِ المُوَقِّعِين»] (¬1). وقدَّمه في «التَّلْخيصِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ»، وهو المذهبُ عندَ الحارِثِيِّ؛ فإنَّه قال: والكتابَةُ بالدُّيونِ عليه كالكِتابةِ بالوَدِيعَةِ، كما قدَّمْنا. حَكاه غيرُ واحدٍ؛ منهم السَّامَرِّيُّ، وصاحبُ «التَّلْخيصِ». انتهى. وقد تقدَّم كلامُه في المَسْأَلةِ الأُولَى. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». قوله: وإنِ ادَّعَى الوَدِيعَةَ اثْنان، فأقَرَّ بها لأحَدِهما، فهي له مع يَمِينِه. بلا نِزاعٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أعْلَمُه. لكِنْ قال الحارِثِيُّ: وهذا اللَّفْظُ ليس على ظاهِرِه؛ مِن جِهَةِ أنَّه مُشْعِرٌ بأنَّ كمال الاسْتِحْقاقِ يتَوَقَّفُ على اليَمِينِ، وهي إنَّما تُفِيدُ الاسْتِحْقاقَ حال ردِّها على المُدَّعِي عندَ مَن قال به، أو حال تعَذُّرِ كمالِ البَيِّنةِ. وما نحنُ فيه ليس واحدًا مِنَ الأمْرَين. لا يُقالُ: المُودَعُ شاهدٌ. إذْ لو كان كذلك، لاعْتُبِرَ له العَدالةُ، وصِيغَةُ الشَّهادَةِ، والأمْرُ بخِلافِه، فتعَيَّنَ تأْويلُه على حَلِفِه للمُدَّعِي. انتهى. قوله: ويحْلِفُ المُودَعُ -بفَتْحِ الدَّالِ أيضًا- للمُدَّعِي الآخَرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به هنا في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، و «الرِّعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: حلَف في الأصح. ذكَراه في بابِ الدَّعاوَى. وقيل: لا يلْزَمُه يَمِينٌ. فعلى المذهبِ، إنْ نكَل، فعليه البدَلُ للثَّاني، بلا نِزاعٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو تبَيَّنَ للمُقِرِّ بعدَ الاقْتِرِاعِ أنَّها للمَقْروعِ، فقال الإمامُ أحمدُ: قد مضَى الحُكْمُ. أي، لا تُنْزَعُ مِنَ القارِعِ، وعليه القِيمَةُ للمَقْروعِ. الثَّانيةُ، لو دفَع الوَديعَةَ إلى مَن يظُنُّه صاحِبَها، ثم تبَيَنَ خطَؤُه، ضَمِنَها لتَفْريطِه. صرَّح به القاضي. وخرج في «القَواعِدِ» وَجْهًا بعدَمِ الضَّمانِ عليه، وإنَّما هو على المُتْلِفِ وحدَه.

وَإِنْ أَقَرَّ بهَا لَهُمَا، فَهِيَ لَهُمَا، وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَال: لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا. حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، وَيُقْرَعُ بَينَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ بها لهما، فهي لهما، ويَحْلِفُ لكُلِّ واحِدٍ منهما. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. فإنْ نكَل، فعليه بذْلُ نِصْفِها لكُلِّ واحدٍ مهما، ويلْزَمُ كل واحدٍ منهما الحَلِفُ لصاحبِه، كما تقدَّم. ولم يذْكُرْه المُصَنِّفُ، وكأنَّه اكْتَفَى بالأوَّلِ. قوله: فإنْ قال: لا أعْرِف صاحِبَها. حلف أنه لا يَعْلمُ. يعْني، يمينًا واحدةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا أقَرَّ بها لأحَدِهما، وقال: لا أعْرِفُ عينَه. فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُصَدِّقاه، أوْ لا؛ فإنْ صدَّقاه، فلا يَمِينَ عليه؛ إذْ لا اخْتِلافَ، وعليه التَّسْلِيمُ لأحَدِهما بالقُرعَةِ مع يَمِينِه. [ذكَرَه في «التَّلْخيصِ»، واقْتَصرَ عليه الحارِثِيُّ، وقال: هو المذهبُ، وفي نصُوصِ أحمدَ ما يقْتَضِيه. وإنْ لم يُصَدِّقاه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُكَذِّباه، أو يسْكُتا؛ فإنْ سكَتا، قُبِلَ قوْلُه بغيرِ يَمِينٍ] (¬1). ذكَرَه غيرُ واحدٍ؛ منهم أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَينِ، والشرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، واقْتَصَرَ عليه الحارِثِيُّ. وذكَر عنِ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا آخَرَ، وعلَّلَه. قال الحارِثِي: وهذا بمُجَرَّدِه حقٌّ، إنْ لم يَقُمْ دليلٌ على اعْتِبارِ صَريحِ الدَّعْوَى لوُجوبِ اليَمِينِ. انتهى. ثم قال القاضي وغيرُه: يُقْرَعُ بينَ المُتَداعِيَين، فمَن أصابَتْه القُرْعَةُ، حلَف أنَّها له، وأُعْطِيَ. وإنْ كذَّباه، حلَف أنَّه لا يَعْلَمُ، كما قال المُصَنِّفُ. قال الحارِثِيُّ: وهو قولُ القاضي، ومَن بعدَه مِنَ الأصحابِ. وتقدَّم أن المذهبَ لا يَمِينَ على مُدَّعِي التَّلَفِ ومُنْكِرِ الخِيانَةِ والتَّفْرِيطِ، ونحوه، إلَّا أنْ يكونَ مُتَّهَمًا. وهذا كذلك، فلا يَمِينَ على المذهبِ؛ نظَرًا إلى أنَّ المالِكَ ائْتَمَنَه. وعلى القولِ بالحَلِفِ، يحْلِفُ يمينًا واحدةً. على الصَّحيحِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِيُّ، خِلافًا لأبِي حَنيفَةَ: لتَغايُرِ الحَقَّين، كما في إنْكارِ أصْلِ الإيداعِ. قال: وهذا قَويٌّ. انتهى. وإذا تحَرَّرَ هذا، فيُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع صاحِبَه، حلَف وأخَذ. كما قال المُصَنِّفُ، ونصَّ عليه في أصْلِ المَسْأَلةِ مِن وُجوهٍ كثيرةٍ. وإنْ نكَل المُودَعُ عنِ اليَمين،، فقال في «المُجَردِ»: يُقْضَى عليه بالنُّكولِ، فيُلْزِمُه الحاكمُ بالإقْرارِ لأحَدِهما، فإنْ أُبى، فقِياسُ المذهبِ، يُقْرَعُ بينَهما. ولم يَذْكُرْ غُرْمًا. وقال في «التَّلْخيصِ»: يقوَى عندِي أنَّ مِن جُمْلَةِ القَضايا لنُكولِ غُرْمِ القِيمَةِ، فيَغْرَمُ القِيمَةَ. قال الحارِثِيُّ: وكذا قال غيرُه. وجزَم به في «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِي». فعلى هذا، يُؤْخَذُ بالقِيمَةِ مع العَينِ، فيَقْتَرِعان عليهما (¬1) أو يتَّفِقان. هذه طَريقَةُ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، [وجماعةٍ، وقدَّمها الحارِثِيُّ، وقال: وفي كلامِ غيرِ صاحبِ «المُحَررِ»] (¬2) ما يقْتَضِي الاقْتِراع على العَينِ، فمَن أخَذَها بالقِيمَةِ، تعَيَّنتِ القِيمَةُ للآخَرِ. قال: وهو أوْلَى؛ لأنَّ كلًّا منهما يسْتَحِق ما يدَّعِيه في هذه الحالةِ، أو بدَلَه عندَ التَّعَذُّرِ، والتَّعَذُّرُ لا يتَحَققُ بدونِ الأخْذِ، فتَعَيَّنَ الاقْتِراعُ. انتهى. قال في «التَّلْخيصِ»: وكذلك إذا قال: أعْلَمُ المُسْتَحِقَّ، ولا أحْلِفُ. ويأْتِي الكلامُ بأَتمَّ مِن هذا، في بابِ الدَّعاوَى والبَيِّناتِ، في القِسْمِ الثَّالثِ، إنْ شاءَ الله تعالى. فائدة: إذا قامَتِ البَيِّنةُ بالعَينِ لأخْذِ القِيمَةِ، سُلِّمَتْ إليه، ورُدَّتِ القِيمَةُ إلى المُودَعِ، ولا شيءَ للقارِعِ. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «عليها». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أوْدَعَهُ اثْنَانِ مَكِيلًا أوْ مَوْزُونًا، فَطَلَبَ أحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، سَلَّمَهُ إلَيهِ. وَإنْ غُصِبَتِ الْوَدِيعَةُ، فَهَلْ لِلْمُودِعِ الْمُطَالبَةُ بِهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أوْدَعَه اثْنان مَكِيلًا، أو مَوْزُونًا، فطلَب أحَدُهما نَصِيبَه، سَلَّمَه إليه. مُرادُه، إذا كان ينْقَسِمُ. وهو معْنَى قولِ بعضِ الأصحابِ: لا ينْقُصُ بتَفَرُّقِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ إلَّا بإذْنِ شَرِيكِه أو الحاكِمِ. اخْتارَه القاضي، والنَّاظِمُ. وكذا الحُكْمُ لو كان الشَّرِيكُ حاضِرًا، وامْتنَعَ مِنَ المُطالبَةِ بنَصِيبِه، والإِذْنِ في التَّسْليمِ إلى صاحبِه. قوله: وإنْ غُصبَتِ الوَدِيعَةُ، فهل للمُودِعِ المُطالبَةُ بها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُذهَبِ»، و «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، له المُطالبَةُ بها. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». والوَجْهُ الثَّاني، ليس له ذلك. اخْتارَه القاضي. وصحَّحه في «البُلْغةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التَّلْخيصِ». ومال إليه الحارِثِيُّ. فوائد؛ إِحْداها، حُكْمُ المُضارِبِ، والمُرْتَهِنْ، والمسْتَأْجِرِ في المُطالبَةِ، إذا غُصِبَ منهم ما بأيدِيهم، حُكْمُ المُودَعِ. قالهَ أكثرُ الأصحابِ، وقدَّم في «الخُلاصَةِ» أنَّه ليس له بالمُطالبَةِ في «الوَديعَةِ». وجزَم بالجَوازِ في المُرْتَهِنِ، والمُسْتَأْجِرِ. ومال إليه الحارِثِيُّ. وقال المُصَنِّفُ في المُضارِبِ: لا يلْزَمُه المُطالبَةُ مع حُضورِ رَبِّ المالِ. الثَّانيةُ، لو أُكْرِهَ على دفْعِ الوَدِيعَةِ لغيرِ رَبِّها، لم يَضْمَنْ. قَاله الأصحابُ. ذكَره الحارِثِيُّ. قلتُ: منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: المذهبُ لا يضْمَنُ. انتهى. وفي «الفَتاوَى الرَّجَبِيَّاتِ»، عن أبِي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، الضَّمانُ مُطْلَقًا؛ لأنَّه افْتَدَى به ضَرَرَه (¬1). وعنِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ، إنْ أُكْرِهَ على ¬

(¬1) في ط: «ضرورة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التسْلِيمِ بالتَّهْديدِ والوَعيدِ، فعليه الضَّمانُ، ولا إثْمَ، وإنْ ناله العَذابُ، فلا إثْمَ، ولا ضَمانَ. [ذكَرَه في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والعِشْرِين بعدَ المائةِ». وإنْ صادَرَه السُّلْطانُ، لم يَضْمَنْ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ] (¬1). اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو الوَفاءِ: يَضْمَن، إنْ فرَّط. وإنْ أخَذَها منه قَهْرًا، لم يَضْمَنْ عندَ أبِي الخَطَّابِ. وقطَع به في «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ». وعندَ أبِي الوَفاءِ، إنْ ظنَّ أخْذَها منه بإقْرارِه، كان دالًا، ويَضْمَنُ. وقال القاضي في «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّاب في «الانْتِصارِ»: يَضْمَنُ المال بالدَّلالةِ. وهو المُودَعُ. وفي «فَتاوَى ابنِ الزَّاغُونِيِّ»، مَن صادرَه سُلْطانٌ، ونادَى بتَهْديدِ مَن عندَه وَدِيعَةٌ، فلم يحْمِلْها، إنْ لم يُعَيِّنْه، أو عيَّنه وتهَدَّدَه، ولم ينَلْه، أثِمَ وضَمِنَ، وإلَّا فلا. انتهى. قال الحارِثِيُّ: وإذا قيلَ: التوَعُّدُ ليس إكْراهًا. فتوَعَّدَه السُّلْطانُ حتى سلَّمَ، فجوابُ أبِي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ الزَّاغُونِيِّ، وُجوبُ الضَّمانِ، ولا إثْمَ. وفيه بَحْث. وإذا قيلَ: إنه إكْراهٌ. فنادَى السُّلْطانُ، مَن لم يحْمِلْ وَدِيعَةَ فُلانٍ، عُمِل به كذا وكذا. فحمَلَها مِن غيرِ مُطالبَةٍ، أثِمَ وضَمِنَ. وبه أجابَ أبو الخطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ في «فَتاويهما». وإنْ آلَ الأمْرُ إلى اليَمينِ، ولا بُدَّ، حلَف مُتأوِّلًا. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: له جَحْدُها. فعلى المذهبِ، إنْ لم يحْلِفْ حتى أُخِذَتْ منه، وجَب الضَّمانُ؛ للتَّفْريطِ، وإِنْ حلَف ولم يتَأوَّلْ، أثِمَ. وفي وُجوبِ الكفَّارَةِ رِوايَتان. حَكاهما أبو الخَطَّابِ في «الفَتاوَى». قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُ الكفَّارَةِ مع إِمْكانِ التَّأْويلِ وقُدْرَته عليه، وعِلْمِه بذلك، ولم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَفْعَلْه. [ثم وجَدْتُه في «الفُروعِ»، في بابِ جامعِ الأيمانِ، قال: ويُكَفِّرُ على الأصحِّ] (¬1). وإنْ أُكْرِهَ على اليَمينِ بالطلاقِ؟ فأجابَ أبو الخَطَّابِ، بأنَّها لا تنْعَقِدُ، كما لو أُكْرِهَ على إيقاعِ الطَّلاقِ. قال الحارِثِيُّ: وفيه بحثٌ، وحاصِلُه؛ إنْ كان الضَّرَرُ الحاصِلُ بالتَّغْريمِ كثيرًا يُوازِي الضَّرَرَ في صُوَرِ الإِكْراهِ، فهو إكْراهٌ لا يقَعُ، وإلَّا وقَع على المذهبِ. انتهى. [وعندَ ابنِ عَقِيل، لا يسْقُطُ لخَوفِه مِن وُقوعِ الطَّلاقِ، بل يَضْمَنُ بدَفْعِها افْتِداءً عن يَمِينِه. وفي «فَتاوَى ابنِ الزَّغُوانِيِّ»، إنْ أَبى اليَمِينَ بالطَّلاقِ، أو غيرِه، فصارَ ذَرِيعَةً إلى أخْذِها، وكإقْرارِه طائِعًا، وهو تفْرِيطٌ عندَ سُلْطانٍ جائرٍ. نقَلَه في «الفُروعِ»، في جامعِ الأيمانِ] (1). الثَّالثةُ، لو أخَّر ردَّ الوَدِيعَةِ بعدَ طَلَبِها بلا عُذْرٍ، ضَمِنَ، وبعُذْرٍ، لا يَضْمَنُ؛ كالخَوْفِ في الطرِيقِ، والعَجْزِ عنِ الحَمْلِ، وعنِ الوُصولِ إليها؛ لسَيلٍ أو نارٍ، ونحو ذلك. وفي معْنَى ذلك؛ إتْمامُ المَكْتُوبةِ، وقَضاءُ الحاجَةِ، ومُلازمَة الغَريم يُخافُ فَوْتُه، ويُمْهَلُ لأكْلٍ، ونَوْمٍ، وهَضْمِ طَعامٍ، والمطَرِ الكثيرِ، والوَحْلِ الغزيرِ، أو لكَوْنِه في حمَّامٍ حتى يخْرُجَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي» (¬2) وغيرِه: إنْ قال: أمْهِلُونِي حتى آكُلَ، فإنِّي جائعٌ. أو: أنامَ، فإنِّي ناعِسٌ. أو: ينْهَضِمَ الطعامُ عنِّي، فإنِّي مُمْتَلِئُ. أُمْهِلَ بقَدْرِ ذلك. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. وقال: والظَّاهِرُ مِن كلامِ غيرِ واحدٍ، منْعُ التَّأْخيرِ اعْتِبارًا بإمْكانِ الدَّفْعِ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقال في «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: إنْ أخَّرَ لكَوْنِه في حمَّامٍ، أو على طَعامٍ إلى قَضاءِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) المغني 9/ 269.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غرَضِه، ضَمِنَ، وإنْ لم يأْثَمْ، على وَجْهٍ. واختاره الأزَجِيُّ، فقال: يجِبُ الرَّدُّ بحسَبِ العادَةِ، إلَّا أنْ يكونَ تأْخِيرُه لعُذْرٍ، ويكونَ سبَبًا للتَّلَفِ، فلم أرَ نصًّا. ويقْوَى عندِي أنه يضْمَنُ؛ لأنَّ التَّأْخِيرَ إنَّما جازَ بشَرْطِ سلامَةِ العاقِبَةِ. انتهى. الرَّابعةُ، لو أمرَه بالرَّدِّ إلى وَكِيلِه فتمكَّنَ وأبَى، ضَمِنَ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ولو لم يَطْلُبْها وَكِيلُه. قاله في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يَضْمَنُ إلَّا إذا طلَبَها وَكِيلُه، وأبَى الرَّدَّ. وإذا دفَعَها إلى الوَكِيلِ، ولم يُشْهِدْ، ثم جحَد الوَكِيلُ، لم يَضْمَنْ بتَرْكِ الإِشْهادِ، [بخِلافِ الوَكِيلِ في قَضاءِ الدَّينِ، فإنَّه يَضْمَنُ بتَرْكِ الإشْهادِ] (¬1)؛ لأنَّ شأْنَ الوَدِيعَةِ الإخْفاءُ. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وتقدَّم إذا ادَّعَى الإذْنَ في دفْعِها إلى إنْسانٍ، في كلامِ المُصَنِّفِ، وهناك ما يتعَلَّقُ بهذا. الخامسةُ، لو أخَّرَ دفْعَ مالٍ أُمِرَ بدَفْعِه بلا عُذْرٍ، ضَمِنَ، كما تقدَّم نَظِيرُه في الوَدِيعَةِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَضْمَنُ. واخْتارَه أبو المَعالِي، بِناءً على اخْتِصاصِ الوُجوبِ بأمْرِ الشَّرْعِ. قلتُ: الأمْرُ المُجَرَّدُ عنِ القَرينَةِ، هل يَقْتَضِي الوُجوبَ، أمْ لا؟ فيه خَمْسَةَ عَشَرَ قوْلًا للعُلَماءِ؛ مِن جُمْلَتِها، أنَّ أمْرَ الشَّارِعِ للوُجوبِ دُونَ غيرِه، كما اخْتارَه أبو المَعالِي. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه للوُجوبِ مُطْلَقًا. ذكَر الأَقْوال، ومَن قال بكُلِّ قوْلٍ في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ الثالِثَةِ والأرْبَعِين». السَّادِسَةُ، لو قال: خُذْ هذا وَدِيعَةً اليومَ لا غدًا، وبعدَه يعودُ وَدِيعَةً. فقيل: لا تَصِحُّ الوَدِيعَةُ مِن أصْلِها. وقيل: تصِحُّ في اليومِ الأوَّلِ دُونَ غيرِه. وقيل: تصِحُّ في اليومِ الأوَّلِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي بعدِ الغدِ. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: هي وَدِيعَةٌ على الدَّوامِ. ذكَرَه عنه الحارثِيُّ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». وإنْ أمَرَه برَدِّه في غَدٍ، وبعدَه يعُودُ وَدِيعَةً، تعَيَّنَ رَدُّه. السَّابعةُ، لو قال له: كلَّما خُنْتَ، ثم عُدْتَ إلى الأمانةِ، فأنْتَ أمِينٌ. صحّ؛ لصِحَّةِ تعْليقِ الإيداعِ على الشرْطِ، كالوَكالةِ. صرَّح به القاضي. قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين».

باب إحياء الموات

بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَهِيَ الْأرْضُ الدَّاثِرَةُ الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ إحْياءِ المَواتِ قوله: وهي الأرْضُ الدَّاثِرَةُ التي لا يُعْلَمُ أنَّها مُلِكَتْ. قال أهْلُ اللُّغَةِ: المَواتُ مِنَ الأرْضِ؛ هي التي لم تُسْتَخْرَجْ ولم تُعَمَّرْ. قال الحارِثِيُّ: وظاهِرُ إيرادِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ، تعْرِيفُ المَواتِ بمَجْموعِ أمْرَين؛ الانْدِراسُ، وانْتِفاءُ العِلْمِ، تحْصِيلًا للمَعْنَى المُتَقَدِّمِ عن أهْلِ اللغَةِ؛ أنَّه الذي لم يُسْتَخْرَجْ، ولم يُعَمَّرْ. وعليه نصَّ أحمدُ، وذكَرَه. قال: ولو اقْتَصَر المُصَنِّفُ على ما قالُوا، لكانَ أوْلَى وأبْيَنَ، فإنَّ الدُّثورَ يقْتَضِي حُدوثَ العُطْلِ بعدَ أنْ لم يكُنْ؛ حيثُ قالوا: قَدُمَ ودرَسَ. وذلك يسْتَلْزِمُ تقَدُّمَ عِمارَةٍ، وهو مُنافٍ لانْتِفاءِ العِلْمِ بالمِلْكِ. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ بالدَّاثِرَةِ، التي لم تُسْتَخْرَجْ، ولم تُعَمَّرْ. وهو الأظْهَرُ مِن إيرادِه؛ لقَوْلِه بعدَه: فإنْ كان فيها آثارُ المِلْكِ. فعلى هذا يكونُ وَصْفُ انْتِفاءِ العِلْمِ بالمِلْكِ تعْرِيفًا لِما يُمْلَكُ بالإحْياءِ مِنَ المَواتِ، لا لماهِيَّةِ المواتِ. وذلك حُكْمٌ مِنَ الأحْكامِ. ثم ما يُمْلَكُ بالإِحْياءِ، لا يكْفِي فيه ما قال، فإنَّ حَرِيمَ العامِرِ، وما كان حِمًى أو مُصَلَّى، لا يُمْلَكُ، مع أنَّه غيرُ مَمْلُوكٍ. ويرِدُ أيضًا على ما قال، ما عُلِمَ مِلْكُه لغير

فَإنْ كَانَ فِيِهَا آثارُ الْمِلْكِ وَلَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَعْصُومٍ، فإنَّه جائزُ الإحْياءِ. قال: والأضْبَطُ في هذا ما قيلَ: الأرْضُ المُنْفَكَّةُ عن الاخْتِصاصاتِ، ومِلْكِ المَعْصومِ. فيَدْخُلُ كلُّ ما يُمْلَكُ بالإحْياءِ. ويخرُجُ كلُّ ما لا يُمْلَكُ به. انتهى. قوله: فإنْ كان فيها آثارُ المِلْكِ، ولا يُعْلَمُ لها مالِكٌ، فعلى رِوايتَين. إنْ كان المَواتُ لم يَجْرِ عليه مِلْكٌ لأحَدٍ، ولم يُوجَدْ فيه أثَرُ عِمارَةٍ، مُلِكَ بالإحْياءِ، بلا خِلافٍ، ونصَّ عليه مِرارًا. وإنْ عُلِمَ له مالِكٌ بشِراءٍ أو عَطِيَّةٍ، والمالِكُ مَوْجودٌ، هو أو أحَدٌ مِن ورَثَتِه، لم يُمْلَكْ بالإحْياءِ، بلا خِلافٍ، بل هو إجْماعٌ. حَكاه ابنُ عبدِ البَرِّ وغيرُه. وإنْ كان قد مُلِكَ بالإحْياءِ، ثم تُرِكَ حتى دَثَر وعادَ مَواتًا، فهذا أيضًا لا يُمْلَكُ بالإحْياءِ كذلك، إذا كان لمَعْصُومٍ. وإنْ عُلِمَ مِلْكُه لمُعَيَّنٍ غيرِ مَعْصومٍ، فإذا أحْياه بدارِ الحَرْبِ وانْدَرَسَ، كان كمَواتٍ أصْلِيٍّ، يمْلِكُه المُسْلِمُ بالإِحْياءِ. قاله في «المُحَرَّرِ». وقدَّمه الحارِثِيُّ. وقال القاضي، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ: لا يُمْلَكُ بالإحْياءِ. قال الحارِثِيُّ: ويقْتَضِيه مُطْلَقُ نُصوصِه. وإنْ كان لا يُعْلَمُ له مالِكٌ، فهو أرْبعَةُ أقْسام؛ أحدُها، ما أثَرُ المِلْكِ فيه غيرُ جاهِلِيٍّ كالقُرَى الخَرِبَةِ، التي ذهَبَتْ أنْهارُها، ودرَسَتْ آثارُها، وقد شَمِلَها كلامُ المُصنِّفِ، ففي مِلْكِها بالإحْياءِ رِوايَتان، وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ وغيرُه؛ إحْداهما، لا تُمْلَكُ بالإحْياءِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُمْلَكُ بالإحْياءِ. وصحَّحه في «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْم»، وأطْلَقُوا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ التَّفْرِقَةُ بينَ دارِ الحَرْبِ والإسْلامِ، كما يَأْتِي قريبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: لفْظُ المُصَنِّفِ وغيرِه، يقْتَضِي تعْمِيمَ الخِلافِ في المُنْدَرِسِ بدارِ الإسْلامِ وبدارِ الحَرْبِ، وقد صرح به في كلٌّ منهما؛ القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضي أبو الحُسَينِ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: وبالجُمْلَةِ، فالصَّحيحُ المَنْعُ في دارِ الإسْلامِ. وكذا قال الأصحابُ. بخِلافِ دارِ الحَرْبِ، فإن الأصحَّ فيه الجَوازُ. ولم يذْكُرِ ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» سِواه. قال في «الرِّعايتَين»: وتُمْلَكُ بالإحْياءِ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ، قَريَةٌ خَرابٌ، لم يمْلِكْها معْصومٌ. وإذا قيلَ بالمَنْعِ في دارِ الإسْلامِ، كان للإِمامِ إقْطاعُه. قاله الأصحابُ؛ القاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. القِسْمُ الثَّاني، ما أثَرُ المِلْكِ فيه جاهِلِيٌّ قديمٌ؛ كدِيارِ عادٍ، ومَسكِنِ ثَمودَ، وآثارِ الرُّومِ، وقد شَمِلَها أيضًا كلامُ المُصَنِّفِ، وكذا كلامُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم مِنَ الأصحابِ. ولم يذْكُرِ القاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» خلافًا في جَوازِ إحْيائِه، وكذلك المُصَنِّفُ في «المُغنِي». وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهي طريقة صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. قال الحارِثِيُّ: وهو الحقُّ، والصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ؛ فإنَّ أحمدَ وأصحابَه لا يخْتَلِفُ قوْلُهم في البِئْرِ العادِيَةِ، وهو نصٌّ منه في خُصوصِ النَّوْعِ. وصحَّح المِلْكَ فيه بالإحْياءِ صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «التَّصْحيح»، وغيرُهم. القِسْمُ الثَّالثُ، ما لا أثرَ فيه، جاهِلِيٌّ قريبٌ، وقد شَمِلَه كلامُ المُصَنِّفِ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُمْلَكُ بالإحْياءِ. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُمْلَكُ. القِسْمُ الرَّابعُ، ما ترَدد في جَرَيانِ المِلْكِ عليه، وفيه رِوايَتان، ذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وقالوا: الأصحُّ الجَوازُ. والرِّوايةُ الثانيةُ، عدَمُ الجَوازِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو مَلَكَها مَن له حُرْمَةٌ، أو مَن يُشَكُّ فيه ولم يُعْلَمْ، لم يَمْلِكْ بالإحْياءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّها فَىْءٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المَشْهورُ عنه، وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ أبي بَكْرٍ، والقاضي، وعامَّةِ أصْحابِه؛ كالشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرازِيِّ. انتهى. وصحَّحه في «التَّصْحيح» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُمْلَكُ بالإحْياءِ.

وَمَنْ أحْيَا أَرْضًا مَيتَةً فَهِيَ لَهُ، مُسْلِمًا كَانَ أو كَافِرًا، في دَارِ الإسْلَامِ وَغَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفائقِ»: ملَكَ في أظْهَرِ الرِّواياتِ. وعنه، تُمْلَكُ مع الشَّكِّ في سابقِ العِصْمَةِ. اخْتارَه جماعَةٌ. قاله في «الفُروعِ»، منهم؛ صاحِبُ «التَّلْخيصِ». وأطْلَقهُنَّ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «النَّظْمِ». الثَّانيةُ، لو عُلِم مالِكُها، ولكِنه ماتَ ولم يُعْقِبْ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُمْلَكُ بالإِحْياءِ. [وعنه، تُمْلَكُ بالإِحْياءِ] (¬1). وأطلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». فعلى المذهبِ، للإِمامِ إقْطاعُه مَن شاءَ. قوله: ومَن أحْيا أرْضًا مَيتَةً، فهي له، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، بإذْنِ الإمام أو غيرِ إذْنِه، في دارِ الإِسْلامِ وغيرِها، إلَّا ما أحْياه مُسْلِمٌ في أرْضِ الكُفارِ التي صُولِحُوا عليها، وما قَرُبَ مِنَ العامِرِ، وتَعَلَّقَ بمَصالِحِه، لم يُمْلَكْ بالإحْياء. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مَسائلَ؛ إحْداها، ما أحْياه المُسْلِمُ مِنَ الأرْضِ المَيتَةِ، فلا خِلافَ في أنَّه يَمْلِكُه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشُروطِه الآتيةِ. الثَّانيةُ، ما أحْياه الكُفَّارُ، وهم صِنْفان؛ صِنْفٌ أهْلُ ذِمَّةٍ، فيَمْلِكُون ما أحْيَوْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «الخُلاصَةِ» وغيرِها. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَنْصوصُ، وعليه الجُمهورُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْح الحَارِثِيِّ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَمْلِكُه. وهو ظاهِرُ قولِ ابنِ حامِدٍ، لكِنْ حَمل أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، ومَن تَبِعَه، ذلك على دارِ الإسْلام. قال الحارِثِيُّ: وذهَب فريقٌ مِنَ الأصحابِ إلى المَنْعِ، منهم ابنُ حامِدٍ، [أَخْذًا مِنِ امْتِناعِ شُفْعَتِه على المُسْلِمِ، ورُدَّ، وفرَّقَ الأصحابُ بينَهما. وقيل: لا يمْلِكُه بالإحْياءِ في دارِ الإسْلامِ. قال القاضي: هو مذهبُ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ، منهم ابنُ حامِدٍ] (¬1). قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»: يَمْلِكُه الذِّمِّيُّ في دارِ الشِّرْكِ، وفي دارِ الإسْلامِ وَجْهان. فعلى المذهبِ المنْصوصِ، إنْ أحْيا عَنْوةً، لَزِمَه عنه الخَراجُ، وإنْ أحْيا غيرَه، فلا شيءَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْهَرُ الرِّوايتَين. وعنه، عليه عُشْرُ ثَمَرِه وزَرْعِه. والصِّنْفُ الثَّاني، أهْلُ حَرْبٍ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم كأَهْلِ الذِّمَّةِ في ذلك. وهو ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، مِنهم صاحِبُ «الوَجيزِ»، وهو أحدُ الوَجْهَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَمْلِكُه بالإحْياءِ، وهو ظاهرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ (¬1): ويُمْكِنُ حَمْلُ كلامِ مَن أطْلَقَ على أهْلِ الذِّمَّةِ، وأن الألِفَ واللَّامَ للعَهْدِ؛ لأنَّ الأحْكامَ جارِيَةٌ عليهم. لكِنْ يرَدُ على ذلك، كَوْنُ المَسْأَلةِ ذاتَ خِلافٍ، فيكونُ الظَّاهِرُ مُوافِقًا لأحَدِ القَوْلَين. ويَرُدُّه كَوْنُ المُصَنِّفِ لم يَحْكِ في كُتُبِه خِلافًا. قال الحارِثِيُّ: والكافِرُ، على إطْلاقِه، صحيحٌ في أراضِي الكُفَّارِ؛ لعُمومِ الأدِلَّةِ. وهذا ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. الثَّالثةُ، إنْ كان الإحْياءُ بإذْنِ الإمامِ، فلا خِلافَ أنَّه يَمْلِكُه بذلك، وإنْ كان بغيرِ إذْنِه، ملَكَه أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، فلا يُشْتَرطُ إذْنُه في ذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. ونصَّ عليه، وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يَمْلِكُه إلَّا بإذْنِه. وهو وَجْهٌ في «المُبْهِجِ»، وروايَةً في «الإقْناعِ»، و «الواضِحِ». الرَّابعةُ، ما أحْياه المُسْلِمُ مِن أرْضِ الكُفَّارِ التي صُولِحُوا عليها على أنَّها لهم، فهذه لا تُمْلَكُ بالإحْياءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ، أنَّها تُمْلَكُ بالإحْياءِ كغيرِها. الخامسةُ، ما قَرُبَ مِنَ العامِرِ، وتعَلَّقَ بمَصالحِه، كطُرُتِه وفِنائِه، ومَسِيلِ مائِه، ومَطْرَحِ قِمامَتِه، ومَلْقَى تُرابِه، وآلاتِه، ومَرْعاه، ومُحْتَطَبِه، وحَرِيمِ البِئْرِ والنَّهْرِ، ومُرْتَكضِ الخَيلِ، ومَدْفَنِ الأمْواتِ، ومُناخِ الإبلِ، ونحوها، فهذا لا يُمْلَكُ بالإحْياء. وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه مِن روايةِ غيرِ واحدٍ، ولا يُقْطِعُه الإمامُ؛ لتعَلُّقِ حقِّه به. وقيل: لمِلْكِه له. تنبيه: ظاهِرُ قَوْلِ المُصَنِّفِ: في دارِ الإسْلامِ وغيرِها. أنَّ مَواتَ أرْضِ العَنْوَةِ كغيرِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ» (¬1)، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال الحارِثِيُّ: وهو أَقْوَى. وعنه، لا تُمْلَكُ بالإحْياءِ، لكِنْ تُقَرُّ بيَدِه بخَراجِه (¬2)، كما لو أحْياه (¬3) ذِمِّيٌّ. قال الحارِثِيُّ: وهو المذهبُ عندَ ابنِ أبِي مُوسى، وأبي الفَرَجِ الشِّيرازِيِّ. قال أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ»: وبه أقولُ. انتهى. وعنه، إنْ أحْياه مُسْلِمٌ، فعليه عُشْرُ ثَمَرِه وزَرْعِه. وعنه، على ذِمِّيٍّ أحْيَا غيرَ عَنْوَةٍ عُشْرُ ثَمَرهِ وزَرْعِه. وقيل: لا مَواتَ في أرْضِ السَّوادِ. وحمَلَه القاضي على عامِرِه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: لا مَواتَ في عامِرِ السَّوادِ. وقيل: ولا غامِرِه. فائدة: هل يَمْلِكُ المُسْلِمُ مَواتَ الحَرَمِ وعَرَفاتٍ بإحْيائِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى أنَّه لا يَمْلِكُ ذلك بالإِحْياءِ، ثم وَجَدْتُ الحارِثِيَّ قال: هذا الحقُّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ا: «بخراجها». (¬3) في ا: «أحياها».

بإِذْنِ الإِمَام أوْ غَيرِ إذْنِهِ إلا مَا أحْيَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أرْضِ الْكُفَّارِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَا قَرُبَ مِنَ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ، لَمْ يُمْلَكْ بِالْإحْيَاءِ. وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصَالِحِهِ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يتَعَلَّقْ بمَصالِحِه، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يَمْلِكُه بالإحْياءِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. قال في «الكافِي»: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. قال الزرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما وأشْهَرُهما عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والثانيةُ، لا يَمْلِكُه بإحْيائِه. وقيل: يَمْلِكُه صاحِبُ العامِرِ دُونَ غيرِه. فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ إقْطاعِ ذلك حُكمُ إحْيائِه. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: لو اخْتَلفُوا في الطَّريقِ وَقْتَ الإحْياءِ، جُعِلَتْ سَبْعَةَ أذْرُعٍ للخَبَرِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تُغَيَّرُ بعدَ وَضْعِها، وإنْ زادَتْ على سَبْعَةِ أذْرُعٍ؛ لأنها للمُسْلِمين. نصَّ عليه. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ (¬1) أنَّ الخَبَرَ ورَد في أرْبابِ مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ أرادُوا قِسْمَتَه، واخْتَلفُوا في قَدْرِ حاجَتِهم. قلتُ: قال الجُوزَجانِيُّ في «المُتَرْجَمِ» عن قولِ الإمام أحمدَ: لا بَأْسَ ببِناءِ مَسْجِدٍ في طَرِيقٍ واسِع، إذا لم يَضُرَّ بالطَّريقِ: عَنَى الإمامُ أَحمدُ مِنَ الضَّرَرِ بالطَّريقِ ما وَقَّتَ النَّبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، مِنَ السَّبْعِ الأذْرُعِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثمانِين»: كذا قال. قال: ومُرادُه أنَّه يجوزُ البناءُ إذا فضَلَ مِنَ الطَّريقِ سَبْعَةُ أذْرُعٍ. والمَنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّ قولَ النبيِّ، - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اخْتَلَفْتُم في الطَّرِيقِ، فَاجْعَلُوه سَبْعَةَ أذْرُعٍ» (¬2). في أرْض مَمْلوكَةٍ لقوم أرادُوا البِناءَ، وتَشاحُّوا في ¬

(¬1) في ا: «بطة». (¬2) أخرجه مسلم، في: باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1232. وابن ماجه، في: باب إذا تشاجروا في قدر الطريق، من كتاب. الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 784. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 235، 303.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِقْدارِ ما يَتْرُكُونه منها للطَّريقِ. وبذلك فَسَّرَه ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْص العُكْبَرِيُّ، والأصحابُ، وأنْكَروا جَوازَ تَضْيِيقِ الطَّريقِ الواسِعِ إلى أنْ يَبْقَى سبْعَةَ أذْرُعٍ. انتهى. وقدَّم ما قدَّمه في «الفُروعِ»، في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. الثَّالثةُ، إذا نضَبَ

وَلَا تُمْلَكُ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ، كَالْمِلْحِ، وَالْقَارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالْجَصِّ، بِالْإحْيَاءِ، وَلَيسَ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الماءُ عن جَزيرَةٍ، فلها حُكمُ المَواتِ؛ لكُلِّ أحدٍ إحْياوها، بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهم. ونصَّ عليه. قال الحارِثِيُّ: هذا مع عدَمِ الضَّرَرِ. ونصَّ عليه. انتهى. الرَّابعةُ، ما غلَب الماءُ عليه مِنَ الأمْلاكِ واسْتَبْحَرَ، باقٍ على مِلْكِ مُلَّاكِه، لهم أخْذُه إذا نضَبَ عنه. نصّ عليه. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. وقال في «الفُروعِ»: ولا يُمْلَكُ ما نضَبَ ماؤُه. وفيه رِوايَةٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قولِه: ولا تُمْلَكُ المَعادِنُ الظَّاهِرَةُ؛ كالمِلْحِ، والقارِ، والنِّفْطِ، والكُحْلِ، والجَصِّ. وكذلك الماءُ، والكِبْرِيتُ، والمُومْيا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والبِرامِ، والياقُوتِ، ومَقاطِعِ الطِّينِ، ونحوه. أنَّ المَعادِن الباطِنَةَ تُمْلَكُ. وهو وَجْهٌ واحْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ. قال الحارِثِيُّ: ونصَّ عليه في رِوايَةِ حَرْبٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها كالمَعادِنِ الظاهِرَةِ، فلا تُمْلَكُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: قال الأصحابُ: لا يُمْلَكُ بذلك، ولا يجوزُ إقْطاعُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ المَعادِنِ الباطِنَةِ إذا كانتْ ظاهِرَةً، حُكْمُ المَعادِنِ الظَّاهِرَةِ الأصْلَ. التَّنْبيهُ الثَّاني، مفْهومُ قوْلِه عن المَعادِنِ الظَّاهِرَةِ: وليس للإمامِ إقْطاعُه. أن للإمامِ إقْطاعُ المَعادِنِ الباطِنَةِ. وهو اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وذكَر الحارِثِيُّ أدِلَّةَ ذلك، وقال: هذا قاطِعٌ في الجَوازِ، فالقَوْلُ بخِلافِه باطِل. وصححه المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه، وقد هَداهم اللهُ إلى الصَّوابِ. انتهى. قال في «الفائقِ»: ولا يجوزُ إقْطاعُ ما لا يُمْلَكُ مِنَ المَعادِنِ. نصَّ عليه. وقال الشَّيخُ: يجوزُ. فظاهرُ عِبارَتِه، إدْخالُ الظَّاهِرَةِ والباطِنَةِ في اخْتِيارِ الشَّيخِ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ليس للإِمامِ إقْطاعُه، كالمَعادِنِ الظَّاهِرَةِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: قاله أصحابُنا. وكذا قال الحارِثِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. تنبيه: مثَّلَ المُصَنِّفُ وجماعَةٌ، رَحِمَهم اللهُ، مِنَ المَعادِنِ الظَّاهِرَةِ بالمِلْحِ. قال الحارِثِيُّ: وليس على ظاهرِه، فإنَّ منه ما يحْتاجُ إلى عمَلٍ وحَفْرٍ، وذلك مِن قَبيلِ الباطِنِ. والصَّوابُ أنَّ المَائِيَّ منه مِنَ الظَّاهرِ، وكذا الظَّاهِرُ مِنَ الجَبَلِ، وما احْتاجَ إلى كَشْفٍ يسيرٍ. وأمَّا المُحْتاجُ إلى العَمَلِ والحَفْرِ، فمِن قَبيلِ الباطِنِ.

فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ إِذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا، مَلَكَهُ بِالْإِحْيَاءِ، وَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن كان بقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ إذا حصَل فيه الماءُ صار مِلْحًا، مُلِكَ بالإِحْياءِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ أنَّه يَمْلِكُه مُحْيِيه. قال في «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: مُلِكَ بالإِحْياءِ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُمْلَكُ بالإِحْياءِ.

وَإِذَا مَلَكَ الْمُحْيَا مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا مَلَك المُحْيَا، مَلَكَه بما فيه مِنَ المعادِنِ الباطِنَةِ، كمَعادِنِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. إذا ملَكَ الأرْضَ بالإِحْياءِ، ملَكَها بما ظهَر فيها مِنَ المَعادِنِ، ظاهِرًا كان أو باطِنًا. قاله الأصحابُ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، والحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: وعِبارَةُ المُصَنِّفِ هنا لا تَفِي بذلك؛ فإنَّه اقْتَصَر في مَوْضِعِ الجامِدِ على لَفْظِ: الباطِنِ. وهو عِبارَةُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، فيَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ به ما قاله في «المُغْنِي» وغيرِه، وفي الإِيرادِ قَرِينةٌ تقْتَضِيه، وهو جَعْلُ الجارِي قِسْمًا للباطِنِ. ويَحْتَمِلُ إرادَةَ الظَّاهِرِ دُونَ الباطِنِ ممَّا هو جامِدٌ لا يَدْخُلُ في المِلْكِ. انتهى.

وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ عَينُ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٌ جَارٍ أَوْ كَلَأٌ أَوْ شَجَرٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ظهَر فيه عَينُ ماءٍ، أو مَعْدِنٌ جارٍ، أو كَلأٌ، أو شَجَرٌ، فهو أحَقُّ به، وهل يَمْلِكُه؟ على رِوايتَين. إذا ظَهَر فيه عَينُ ماءٍ، فهو أحقُّ بها، وهل يَمْلِكُه؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه رِوايتَين، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»؛ إحْداهما، لا يمْلِكُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهم. [قال الحارِثِيُّ] (¬1): وهذه عندَ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أصحُّ. قال في «الهِدايَةِ»: وعنه، في الماءِ والكَلَأ لا يُمْلَكُ. وهو اخْتِيارُ عامَّةِ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يمْلِكُ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيزِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الحقُّ. قال في «القواعِدِ»: وأكثرُ النُّصوصِ تدُلُّ ¬

(¬1) سقط من: ا.

وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على المِلْكِ وإذا ظهَر فيه مَعْدِنٌ جارٍ، فهو أحقُّ به، وهل يَمْلِكُ بذلك؟ فيه الرِّوايَتان. قال الحارِثِيُّ: مَأْخُوذَتان مِن رِوايَتَيْ مِلْكِ الماءِ، ولهذا صحَّحُوا عدَمَ المِلْكِ هنا؛ لأنَّهم صحَّحُوه هناك. انتهى. وهذا المذهبُ، أعْنِي، عدَمَ مِلْكِه بذلك، وصحَّحه مَن صحَّحه في عدَمِ المِلْكِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وعنه، يَمْلِكُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: وهذا المَنْصوصُ، فيكونُ المذهبَ. وإنْ ظهَر كَلَأٌ أو شجَرٌ، فهو أحقُّ به، وهل يَمْلِكُه به؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه رِوايتَين، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»؛ إحْداهما، لا يَمْلِكُ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ إسْحَاقَ ابنِ إبْراهِيمَ. قال في «الهِدايَةِ»: عليه عامَّةُ أصحابِنا. قال الحارِثِيُّ: وهذا أصحُّ عندَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشارِحُ (¬1)، قاله في البَيعِ، مِن كِتابِه الكَبِيرِ، ولم يُورِدْ أبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ سِواه. وصحَّحه في «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَمْلِكُه. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». قوله: وما فَضَل مِن مائِه، لَزِمَه بَذْلُه لبَهائمِ غيرِه. هذا صحِيحٌ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ لا تجِدَ البَهائِمُ ماءً مُباحًا، ولم يتَضَرَّرْ بذلك. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ واعْتَبرَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ لِزَرْعِ غَيرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ»، وجماعَةٌ اتِّصاله بالمَرْعَى. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وأبى الخَطَّابِ، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم، عدَمُ (¬1) اشْتِراطِ ذلك. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو المذهبُ. وبذْلُ ما فضَلَ مِن مائِه لُزومًا مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قوله: وهل يَلْزَمُه بَذْلُه لِزَرْعِ غيرِه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يلْزَمُه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: يَلْزَمُه على الأصحِّ، لكِنْ قال الإِمامُ أحمدُ: إلَّا أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُؤْذِيَه بالدُّخولِ، أو له فيه ماءُ السَّماءِ، فيَخافَ عطَشًا، فلا بأْسَ أنْ يَمْنعَه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ، واخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ؛ منهم أبو الخطابِ، والقاضي أبو الحُسَينِ، والشِّيرازِيُّ، والشَّرِيفان؛ أبو جَعْفَرٍ، والزَّيدِيُّ، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال الإِمامُ أحمدُ: ليس له أنْ يمْنَعُ فضْلَ ماءٍ يمْنَعُ به الكَلَأَ؛ للخَبَرِ. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والتِّسْعِين»: هذا الصَّحيحُ. والرِّوايهُّ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، والقاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، وابنُ عَقِيلٍ. قال الحارِثِيُّ: ومال إليه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُكْرَهُ مَنْعُه فَضْلَ مائِه ليُسْقَ به؛ للخَبَرِ. فوائد؛ الأُولَى، حيثُ قُلْنا: لا يَلْزَمُه بذْلُه. جازَ له بَيعُه بكَيلٍ، أو وَزْنٍ معْلُومٍ، ويحْرُمُ بَيعُه مُقَدَّرًا بمُدَّةٍ معْلومةٍ، خِلافًا لمالِكٍ. ويحْرُمُ أيضًا بيعُه مُقَدَّرًا بالرِّيِّ، أو جِزافًا. قاله القاضي وغيرُه، واقْتَصَرَ عليه في «الفروعِ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: وإنْ باعَ آصُعًا مَعْلُومَةً مِن سائحٍ، جازَ، كماءِ عَينٍ؛ لأنَّه معْلومٌ، وإنْ باعَ كلَّ الماءِ، لم يَجُزْ؛ لاخْتِلاطِه بغيرِه. الثَّانيةُ، إذا حفَر بِئْرًا بمَواتٍ للسَّابِلَةِ، فالناسُ مُشْتَرِكُون في مائِها، والحافِرُ كأحَدِهم في السَّقْي، والزَّرْعِ، والشِّرْبِ. قاله الأصحابُ. ومع الضِّيقِ يُقدَّمُ الآدَمِيُّ، ثمَّ الحَيوانُ. قاله الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. زادَ في «الفائقِ»، ثمَّ الزَّرْعُ. وهو مُرادُ غيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «التَّلْخيصِ»: ومع الضِّيقِ للحَيوانِ، ومع الضِّيقِ للآدَمِيِّ. والظاهِرُ أنَّ النُّسْخَةَ مغْلُوطةٌ. الثَّالثةُ، لو حفَرَها ارْتِفاقًا؛ كحَفْرِ السُّفَّارَةِ في بعضِ المَنازِلِ، وكالأَعْرابِ (¬1) والتُّركُمانِ ينْتَجِعُونَ أرْضًا فيَحْتَفِرُون لشُرْبِهم، وشُرْبِ دَوابِّهم، فالبِئْرُ مِلْكٌ لهم. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: هو أصحُّ. وهو الصَّوابُ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وجماعَةٌ: لا يَمْلِكُونَها. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: فهم أحقُّ بمائِها ما أقامُوا. وفي «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: وعليهم بذْلُ الفاضِلِ لشارِبِه فقط. وتَبِعَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وبعدَ رَحيلِهم تكونُ سابِلَةً للمُسْلِمين، فإنْ عادَ المُرْتَفِقُون إليها، فهل يخْتَصُّون بها، أم هم كغيرِهم؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، والحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، هم كغيرِهم. اخْتارَه القاضي في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». والوَجْهُ الثَّاني، هم أحقُّ بها مِن غيرِهم. اخْتارَه أبو الخَطابِ في بعضِ تَعاليقِه. قال السَّامَرِّيُّ: رأَيتُ بخَطِّ أبي الخَطَّابِ، على هامشِ نُسْخَةٍ مِنَ «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، قال: مَحْفوظٌ، يعْنِي نفْسَه: الصَّحيحُ، أنَّهم إذا عادُوا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانُوا أحقَّ بها؛ لأنَّها مِلْكُهم بالإِحْياءِ، وعادَتُهم أنْ يرْحَلوا في كلِّ سنَةٍ، ثمَّ يُعودُون، فلا يزُولُ مِلْكُهم عنها بالرَّحيلِ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه

فَصْلٌ: وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ أَنْ يَحُوزَهَا بِحَائِطٍ، أَوْ يُجْرِيَ لَهَا مَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فهو أوْلَى بها في أصحِّ الوَجْهَين. الرَّابعةُ: لو حفَر تَمَلُّكًا، أو بمِلْكِه الحَيِّ، فنَفْسُ البِئْرِ مِلْكٌ له. جزَم به الحارِثِيُّ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايَةِ»: ملَكَها في الأقْيَسِ. قال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: إنِ احْتاجَتْ طيًّا، ملَكَها بعدَه. وتَبِعه في «المُسْتَوْعِبِ»، وقال هو وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»: وإنْ حفَرَها لنَفْسِه تَمَلُّكًا (¬1)، فما لم يخْرُجِ الماءُ، فهو كالشَّارِعِ في الإحْياءِ، وإنْ خرَجَ الماءُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُه، إلَّا أنْ يحْتاجَ إلى طَيٍّ، فتَمامُ الإِحْياءِ بطَيِّها. انتهيا. وتقدَّم، هل يَمْلِكُ الذي يظْهَرُ فيها، أم لا؟ قوله: وإحْياءُ الأرْضِ؛ أنْ يَحُوزَها بحائِطٍ، أو يُجْرِيَ لها ماءً، أو يَحْفُرَ فيها بِئْرًا. مُرادُه بالحائطِ، أنْ يكونَ مَنِيعًا، وظاهِرُ كلامِه، أنَّه سواءٌ أرادَها للبِناءِ، أو للزَّرْعِ، أو حَظِيرَةً للغَنَمِ والخشَبِ، ونحوهما. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وابنُ أبِي مُوسَى، والقاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم، وقدَّمَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) في ا: «تملكها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: إحْياءُ الأرْضِ، ما عُدَّ إحْياءٌ؛ وهو عِمارَتُها بما تَتَهيَّأُ به لما يُرادُ منها مِن زَرْعٍ أو بِناءٍ، أو إجْراءِ ماءٍ. وهو رِوايةٌ عن أحمدَ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، والمُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ»، وغيرُهم. وعلى هذا قالوا: يختَلِفُ باخْتِلافِ غَرَضِ المُحْيِي؛ مِن مَسْكَنٍ، وحَظِيرةٍ، وغيرِهما، فإنْ كان مسْكَنًا، اعْتُبِرَ بِناءُ حائطٍ بما هو مُعتادُ أنْ يسْقُفَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعلى هذه الرِّوايَةِ، لا يُعْتَبرُ أنْ يزْرَعَها ويَسْقِيَها، ولا أنْ يُفَصِّلَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تفْصِيلَ الزَّرْعِ، ويَحُوطَها مِنَ التُّرابِ بحاجِزٍ، ولا أنْ يُقَسِّمَ البُيوتَ إنْ كانت للسُّكْنَى، في أصَحِّ الرِّوايتَين وأشْهَرِهما. والأُخْرَى، يُشْترَطُ جميعُ ذلك. ذكَرَها القاضي في «الخِصالِ». انتهى. وذكَر القاضي رِوايَةً بعدَمِ اشْتِراطِ التَّسْقِيفِ، وقطَع به في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحَ». لا يُعْتَبرُ في إحْياءِ الأرْضِ للسُّكْنَى نَصْبُ الأبْوابِ على البُيوتِ. وقيل: ما يتكَرَّرُ كلَّ عامٍ؛ كالسَّقْي، والحَرْثِ، فليس بإحْياءٍ، وما لا يتَكَرَّرُ، فهو إحْياءٌ. قال الحارِثِيُّ: ولم يُورِدْ في «المُغْنِي» خِلافَه. تنبيه: قوله: أو يُجْرِيَ لها ماءً. يعْنِي إحْياءَ الأرْضِ، أنْ يُجْرِيَ لها ماءً، إنْ كانتْ لا تُزْرَعُ إلَّا بالماءِ. ويحْصُلُ الإِحْياءُ أيضًا بالغِراسِ ويَمْلِكُها به. قال في «الفُروعِ»: ويَمْلِكُه بغَرْسٍ وإجْراءِ ماءٍ. نصَّ عليها (¬1). ¬

(¬1) في ا: «عليهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: فإنْ كانتِ الأرْضُ ممَّا لا يُمْكِنُ زَرْعُها إلَّا بحَبْسِ الماءِ عنها، كأَرْضِ البَطائِحِ، ونحوها، فإحْياؤُها بسَدِّ الماءِ عنها، وجَعْلِها بحالٍ يُمْكِنُ زَرْعُها. وهذا مُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن لم يَسْتَثْنِه. ولا يحْصُلُ الإِحْياءُ بمُجَرَّدِ الحَرْثِ، والزَّرْعِ. قيل لأحمدَ: فإنْ كرَب حوْلَها؟ قال: لا يسْتَحِقُّ ذلك حتى يُحِيطَ.

وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا عَادِيَّةً، مَلَكَ حَرِيمَهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادِيَّةً، فَحَرِيمُهُا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حفَر بِئْرًا عادِيَّةً، ملَك حَريمَها، خَمْسِين ذِراعًا، وإنْ لم تَكُنْ عادِيَّةً، فحَريمُها خمسةٌ وعشْرون ذِراعًا يعْنِي، مِن كلِّ جانِبٍ فيهما. وهذا المذهبُ فيهما. نصَّ عليه في روايةِ حَرْبٍ، وعبدِ اللهِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال في «التَّلْخيصِ»: هذا المَشْهورُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المَشْهورُ عن أبِي عبدِ اللهِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ عليه. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ، والشَّيخان، وغيرُهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال ناظِمُها:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحَفْرِ بِئْرٍ في مَواتٍ يُمْلَكُ … حَرِيمُها معها بذَرْعٍ يُسْلَكُ فخَمْسَةٌ تُمْلَكُ والعِشْرون … وإنْ تكُنْ عادِيَّةً خَمْسون وعنه، التَّوَقُّفُ في التَّقْديرِ. نقَلَه حَرْبٌ. قاله القاضي، وأبو الخَطَّابِ، ومَن تَبِعَهم. قال الحارِثِيُّ: وهو غلَطٌ. قال: ولو تأَمَّلُوا النَّصَّ بكَمالِه مِن مَسائِلِ حَرْبٍ، والخَلَّالِ، لما قالوا ذلك. وعندَ القاضي، حَرِيمُها (¬1) قَدْرُ مَدِّرِ شائها مِن كلِّ جانبٍ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وذكَر أنَّه الصَّحيحُ. قال في «التَّلْخيصِ»: اخْتارَه القاضي (¬2)، وجماعَةٌ. قال الحارِثِيُّ: وأخْشَى أنْ يكونَ كلامُ القاضي هنا ما حَكَيناه في «المُجَرَّدِ» الآتِي المُوافِقِ لاخْتِيارِ أبي الخَطَّابِ. وقيل: قَدْرُ ما يحْتاجُ إليه في تَرْقِيَةِ مائِها. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والشَّارِحُ: وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: ليس هذا الذَّرْعُ المذْكُورُ على سَبيلِ التَّحْديدِ، بل حَرِيمُها، على الحقيقَةِ، ما تَحْتاجُ إليه مِن ترْقِيَةِ مائِها منها؛ فإنْ كان بدُولابٍ، فقَدْرُ مَدارِ الثَّوْرِ أو غيرِه، وإنْ كان بسانِيَةٍ، فقَدْرُ طُولِ البِئْرِ، وإنْ كان يَسْتَقِي منها بيَدِه، فبِقَدْرِ ما يحْتاجُ إليه الواقِفُ عندَها. وهو روايَةٌ عن أحمدَ. وقيل: إنْ كان قَدْرُ الحاجةِ أكْثَرَ، فهو حَرِيمُها، وإنْ كان التَّحْديدُ المذكورُ أكْثَرَ، فهو حَرِيمُها. ذكَرَه القاضي في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». واخْتارَه القاضي أبو الحُسَينِ، وأبو الحَسَنِ بنُ بكْروسٍ. وعندَ أبِي محمدٍ الجَوْزِيِّ، إنْ حفَرَها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَواتٍ، فحَرِيمُها خَمْسَةٌ وعِشْرون ذِراعًا مِن كلِّ جانبٍ، وإنْ كانت كبيرةً، فخَمْسون ذِراعًا. فائدة: البِئْرُ العادِيَّةُ، بتَشْديدِ الياءِ؛ وهي القَدِيمَةُ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، منْسُوبَةً إلى عادٍ، ولم يُرِدْ عادًا بعَينِها، لكن لمَّا كانت عادٌ في الزَّمَنِ الأوَّلِ، وكانتْ لها آبارٌ في الأَرْضِ، نُسِبَ إليها كلُّ قديمٍ. وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدّينِ، العادِيَّةُ؛ هي التي أُعِيدَتْ. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، العادِيَّةُ؛ هي التي لم تَزُلْ، وأنَّه ليس لأحَدٍ دُخولُه؛ لأنَّه قد ملَكَه. فوائد؛ منها، حريمُ العَينِ خَمْسُمِائَةِ ذِراعٍ. نصَّ عليه مِن روايةِ غيرِ واحِدٍ. وقاله القاضي في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، وابنُه أبو الحُسَينِ، وابنُ بكْروسٍ، وصاحبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. قاله الحارِثِيُّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: قَدْرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاجَةِ، ولو كان ألْفَ ذِراعٍ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. ومنها، حَرِيمُ النَّهْرِ مِن جانِبَيه، ما يحْتاجُ إليه لطَرْحِ كِرايَتِه، وطَرِيقٌ شَاويَّة، وما يسْتَضِرُّ صاحِبُه بتمَلُّكِه عليه، وإنْ كَثُرَ (¬1). قال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ كان بجَنْبِه مُسَنَّاةٌ لغيرِه، ارْتفَقَ في ذلك ضَرورَةً، وله عمَلُ أحْجارِ طَحْنٍ على النَّهْرِ، ونحوه، ومَوْضِعِ غَرْسٍ، وزَرْعٍ، ونحوهما. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: ومَن حفَر عَينًا، ملَك حرِيمَها خَمْسَمِائَةِ ذِراعٍ. وقيل: بل قَدْرُ الحاجَةِ. قلتُ: وكذا النَّهْرُ. وقيل: بل ما يحْتاجُه لتَنْظيفِه. انتهى. ومنها، حريمُ القَناةِ، والمذهبُ أنَّه كحَريمِ العَينِ خَمْسُمِائَةِ ذِراعٍ. قاله الحارِثِيُّ، وقال: واعْتَبرَه القاضي في «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» بحريمِ النَّهْرِ. ومنها، حريمُ الشَّجَرِ قَدْرُ مَدِّ أغْصانِها. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. ومنها، حريمُ الأرْضِ التي للزَّرْعِ، ما ¬

(¬1) في الأصل: «كان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْتاجُه في سَقْيِها، ورَبْطِ دَوابِّها، وطَرْحِ سَبَخِها، وغيرِ ذلك. وحريمُ الدَّارِ مِن مَواتٍ حوْلَها، مَطْرَحُ التُّرابِ، والكُناسَةِ والثَّلجِ، وماءِ المِيزابِ، والمَمَرِّ إلى البابِ. ولا حريمَ لدارٍ مَحْفوفَةٍ بمِلْكِ الغيرِ. ويتَصَرَّفُ كلُّ واحدٍ في مِلْكِه، ويَنْتَفِعُ به، على ما جرَتِ العادَةُ عُرْفًا، فإنْ تعَدَّى، مُنِعَ. فائدتان؛ إحْداهما، قال في «المُغْنِي» (¬1)، ومَن تابَعه: إنْ سبَق إلى شجَرٍ مُباحٍ؛ كالزَّيتُونِ، والخَرُّوبِ، فَسَقاه وأصْلَحَه، فهو أحقُّ به، كالمُتحَجِّرِ الشَّارِعِ في الإِحْياءِ، فإنْ طَعِمَه، ملَكَه، وحَرِيمُه تَهَيُّؤُه لما يُرادُ منه. الثَّانيةُ، لو أذِنَ لغيرِه في عمَلِه في مَعْدِنِه، والخارِجُ له، بغيرِ عِوَضٍ، صحَّ؛ لقَوْلِ أحمدَ: بِعْه بكذَا، فما زادَ فلك. وقال المَجْدُ: فيه نظَرٌ؛ لكَوْنِه هِبَةَ مَجْهولٍ. ولو قال: على أنْ يُعْطِيَهم ألْفًا ممَّا لَقِيَ، أو مُناصَفَةً، والبَقِيَّةُ له. فنقَلَ حَرْبٌ، أنَّه لم يُرَخِّصْ فيه. ولو قال: على أنَّ ما رزَق اللهُ بينَنا. فوَجْهانِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ (¬2). قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال الحارِثِيُّ: أظْهَرُهما الصِّحَّةُ. قال القاضي: هو قِياسُ المذهبِ. ولم يُورِدْ سِواه، وذكَر فيه نصَّ أحمدَ، إذا قال: صُفَّ لي هذا الزَّرْعَ، على أنَّ لك ثُلُثَه، أو رُبْعَه. أنَّه يصِحُّ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ (¬3). ¬

(¬1) المغني 8/ 181. (¬2) في ا: «لا يصح». (¬3) سقط من: الأصل.

وَعِنْدَ الْقَاضِي، حَرِيمُهَا قَدْرُ مَدِّ رِشَائِهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَقِيلَ: بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيهِ فِي تَرْقِيَةِ مَائِهَا. وَقِيلَ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ مَا عُدَّ إِحْيَاءً، وَهُوَ عِمَارَتُهَا بِمَا تَتَهَيَّأُ بِهِ لِمَا يُرَادُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ بِنَاءٍ. وَقِيلَ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ؛ كَالسَّقْي، وَالْحَرْثِ، فَلَيسَ بِإِحْيَاءٍ، وَمَا لَا يَتَكَرَّرُ فَهُوَ إِحْيَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَوَارِثُهُ بَعْدَهُ، وَمَنْ يَنْقُلُهُ إِلَيهِ، وَلَيسَ لَهُ بَيعُهُ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن تَحَجَّرَ مَواتًا، لم يَمْلِكْه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الحارِثِيُّ: المَشْهورُ عن أحمدَ، عدَمُ الاسْتِقْلالِ. انتهى. وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِيُّ: وعن أحمدَ رِوايةٌ بإفادَةِ (¬1) المِلْكِ. وهو الصَّحيحُ. انتهى. قوله (¬2): وهو أحقُّ به، ووارِثُه بعدَه ومَن ينَقُلُه إليه. بلا نِزاعٍ. وقوله: وليس له بَيعُه. هو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يجوزُ له بيعُه. وهو احْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: قال الحارِثِيُّ عن القَوْلِ الذي حَكاه المُصَنِّفُ: قد يُرادُ به إفادَةُ التَّحَجُّرِ للمِلْكِ، وقد يُرادُ به الجَوازُ مع عدَمِ المِلْكِ، وهو ظاهِرُ إيرادِ الكِتابِ، وإيرادِ أبِي الخَطَّابِ، في كِتابِه. قال: والتَّجْويزُ مع عدَمِ المِلْكِ مُشْكِلٌ جِدًّا. وهو كما قال. ¬

(¬1) في ا: «أنَّه ما أفاده». (¬2) سقط من: ط.

فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ إِحْيَاءَهُ، قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تُحْيِيَهُ أَوْ تَتْرُكَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تحَجُّرُ المَواتِ؛ هو الشُّروعُ في إحْيائِه، مثلَ أنْ يُديرَ حَوْلَ الأرْضِ تُرابًا أو أحْجارًا، أو يُحيطَها بجِدارٍ صغيرٍ، أو يحْفرَ بِئْرًا لم يصِلْ إلى مائِها. نقلَه حَرْبٌ، وقاله الأصحابُ. أو يَسْقِيَ شَجَرًا مُباحًا، ويُصْلِحَه، ولم يَرْكَبْه، فإنْ رَكِبَه، مَلَكَه، كما تقدَّم. وملَك حَرِيمَه، وكذا لو أُقْطِعَ (¬1) مَواتًا، لم يملِكْه، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: فإنْ لم يتِمَّ إحْياؤُه. يعْنِي (¬2)، وطالتِ المُدَّةُ، كما صرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرُهم، قيل له: إمَّا أنْ تُحْيِيَه أو تَتْرُكَه. فإنْ طلَب الإِمْهال، أُمْهِلَ الشَّهْرَين والثَّلاثَةَ. وهكذا قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»: ويُمْهَلُ شَهْرَين. وقيل: ثلاثَةً. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «قطع». (¬2) سقط من: ط.

فَإِنْ طَلَبَ الْإِمْهَال، أُمْهِلَ الشَّهْرَينِ، وَالثَّلَاثَةَ، فَإِنْ أَحْيَاهُ غَيرُهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، وجماعَةٌ: أُمْهِلَ الشَّهْرَ والشَّهْرَين. قال الحارِثِيُّ: عليه المُعْظَمُ. وقال في «الوَجيزِ»: ويُمْهَلُ مدَّةً قرِيبَةً بسُؤالِه. انتهى. قلتُ: فلعَلَّ ذلك يرْجِعُ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ. ثمَّ وَجَدْتُ الحارِثِيَّ قال: وتقْدِيرُ مُدَّةِ الإِمْهالِ يرْجِعُ إلى رأْي الإِمامِ، مِنَ الشَّهْرِ والشَّهْرَين والثَّلاثَةِ، بحسَبِ الحالِ. قال: والثَّلاثَةُ انْفرَدَ بها المُصَنِّفُ هنا. وكأنَّه ما راجَعَ «المُسْتَوْعِبَ»، و «الشَّرْح». تنبيه: فائدَةُ الإِمْهالِ انْقِطاعُ الحَقِّ بمُضِيِّ المُدَّةِ على التَّرْكِ. قال في «المُغْنِي» (¬1): وإنْ لم يكُنْ له عُذْرٌ في التَّرْكِ، قيلَ له: إمَّا أنْ تَعْمُرَ، وإمَّا أنْ ترْفَعَ يدَك. فإنْ لم يَعْمُرْها، كان لغيرِه عِمارَتُها. قال الحارِثِيُّ: وهذا يقْتَضِي أنَّ ما تقدَّمَ مِن الإِمْهالِ مَخْصوصٌ بحالةِ العُذْرِ، أو الاعتذارِ، أمَّا إنْ عُلِمَ انْتِفاءُ العُذْرِ، فلا مُهْلَةَ. قال: ويَنْبَغِي تقْيِيدُ الحالِ بوُجودِ مُتَشَوِّفٍ إلى الإِحْياءِ، أمَّا مع عدَمِه، فلا اعْتِراضَ، سوى تَرْكٍ لعُذْرٍ أوْ لا. انتهى. قوله: فإنْ أحْياه غيرُه، فهل يمْلِكُه؟ على وَجْهَين. يعْنِي، لو بادَر غيرُه في ¬

(¬1) المغني 8/ 153.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُدَّةِ الإِمْهالِ، وأحْياه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ أحدُهما، لا يَمْلِكُه. صحَّحه في «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يَمْلِكُه. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قال الناظِمُ: وهو بعيدٌ. [فائدتان؛ الأُولَى] (¬1)، لو أحْياه غيرُه قبلَ ضَرْبِ مُدَّةِ المُهْلَةِ، لم يَمْلِكْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: يَمْلِكُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: حُكْمُ الإِحياءِ قبلَ ضَرْبِ مُدَّةِ المُهْلَةِ حُكْمُ الإِحْياءِ في مُدَّةِ المُهْلَةِ، على ما (2) تقدَّم. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وأمَّا إذا أحْياه الغيرُ بعدَ انْقِضاءِ مُدَّةِ (¬2) المُهْلَةِ، فإنَّه يَمْلِكُه، لا أعلمُ فيه خِلافًا، وتقدَّم ذلك. الثَّانيةُ (¬3)، قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر الخِلافَ المُتَقَدِّمَ: ويَتَوَجَّهُ مِثْلُه في نُزولِه عن وَظِيفَةٍ لزَيدٍ، هل يتَقَرَّرُ غيرُه فيها؟ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، في مَن نزَل عن وَظِيفَةِ الإِمامَةِ: لا يتَعَيَّنُ المَنْزولُ له، [ويُوَلِّي مَن إليه الولايَةُ، مَن يَسْتَحِقُّ التَّوْلِيَةَ شَرْعًا. وقال ابنُ أبِي المَجْدِ: لا يصِحُّ تَوْلِيَةُ غيرِ المَنْزُولِ له] (¬4)، فإنْ لم يُقَرِّرْه الحاكِمُ، وإلَّا فالوَظِيفَةُ باقيَةٌ للنَّازِلِ. انتهى. قلتُ: ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فوائد منها». (¬2) سقط من: ا. (¬3) في الأصل، ط: «ومنها». (¬4) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ، بَلْ يَصِيرُ كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [وقريبٌ منه ما قاله المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ وغيرُه، فيما إذا آثَرَ شَخْصًا بمَكانِه، فليس لأحَدٍ أنْ يَسْبِقَه إليه؛ لأنَّه قامَ مَقامَ الجالِسِ في اسْتِحْقاقِ مَكانِه، أشْبَهَ مَا لو تحَجَّرَ مَواتًا، ثمَّ آثَرَ به غيرَه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يجوزُ؛ لأنَّ القائِمَ أسْقَطَ حقَّه بالقِيامِ، فبَقِيَ على الأصْلِ، فكان السَّابِقُ إليه أحقَّ به، كمَن وسَّعَ لرَجُلٍ في طريقٍ، فمَرَّ غيرُه، والصَّحيحُ الأَوَّلُ. ويُفارِقُ التَّوْسِعَةَ في الطَّريقِ؛ لأنَّها جُعِلَتْ للمُرورِ فيها، كمَنِ انْتقَلَ مِن مَكانٍ فيها لم يَبْقَ له حقٌّ حتى يُؤْثِرَ به، والمَسْجِدُ جُعِلَ للإِقامَةِ فيه، ولذلك لا يَسْقُطُ حقُّ المُنْتَقِلِ منه إذا انْتقَلَ لحاجَةٍ، وهذا إنَّما انْتقَلَ مُؤْثِرًا لغيرِه، فأَشْبَهَ النَّائِبَ الذي بعَثَه إنْسانٌ ليَجْلِسَ في مَوْضِعٍ يَحْفَظُه له. انتهى. قلتُ] (¬1): الذي يتَعَيَّنُ، ما قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إلَّا إذا كان المَنْزولُ له أهْلًا، ويُوجَدُ [غيرُه أهلًا] (¬2)، فإنَّ المَنْزولَ له أحَقُّ، مع أنَّ هذا لا يَأْباه كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. قوله: وللإِمامِ إقْطاعُ مَواتٍ لمَن يُحْيِيه، ولا يَمْلِكُه بالإِقْطاعِ، بل يكونُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ا: «غير أهل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ في الإِحْياءِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: وقال مالِكٌ: يَثْبُتُ المِلْكُ بنَفْسِ الإِقْطاعِ؛ يَبِيعُ، ويَهَبُ، ويتَصَرَّفُ، ويُورَثُ عنه. قال: وهو الصَّحيحُ؛ إعْمالًا لحقيقَةِ الإِقْطاعِ؛ وهو التَّمْلِيكُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، للإِمامِ إقْطاعُ غيرِ المَواتِ تَمْلِيكًا وانْتِفاعًا، للمَصْلَحَةِ دُونَ غيرِها. الثَّانيةُ، قسَّم الأصحابُ الإِقْطاعَ إلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ؛ إقْطاعُ تَمْلِيكٍ، وإقْطاعُ اسْتِغْلالٍ، وإقْطاعُ إرْفاقٍ. وقسَّم القاضي إقْطاعَ التَّمْليكِ إلى، مَواتٍ، وعامرٍ، ومَعادِنَ؛ وجعَل إقْطاعَ الاسْتِغلالِ على ضَرْبَين؛ عُشْرٍ، وخَراجٍ، وإقْطاعَ الإرْفاقِ، ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ.

وَلَهُ إِقْطَاعُ الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقِ الوَاسِعَةِ وَرِحَابِ الْمَسْجِدِ، مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ. وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِالْإِحْيَاءِ، وَيَكُونُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله إقْطاعُ الجُلُوسِ في الطُّرُقِ الواسِعَةِ ورِحابِ المَسْجِدِ، ما لم يُضَيِّقْ على النَّاسِ. فيحْرُمُ. ولا تُمْلَكُ بالإِحْيَاءِ. بلا نِزاعٍ. ويكونُ المُقْطَعُ أحَقَّ بالجُلُوسِ فيها. ما لم يَعُدْ فيه الإِمامُ. تنبيه: تَجْويزُ المُصَنِّفِ إقْطاعَ الجُلوسِ برِحابِ المَسْجِدِ، اخْتِيارٌ منه؛ لكَوْنِها ليست مَسْجِدًا؛ لامْتِناعِ ذلك في المَسْجِدِ، واخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والمَجْدِ، قاله الحارِثِيُّ. وتقدَّم، هل رَجْبَةُ المَسْجِدِ مِنَ المَسْجِدِ، أوْ لا؟ في بابِ الاعْتِكافِ.

فَإِنْ لَمْ يُقْطِعْهَا، فَلِمَنْ سَبَقَ إِلَيهَا الْجُلُوسُ فِيهَا، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يُقْطِعْها، فلمَن سبَق إليها الجُلوسُ فيها، ويكونُ أحَقَّ بها، ما لم يَنْقُلْ قُماشَه عنها. هذا المذهبُ. أعْنِي، أنَّها مِنَ المَرافِقِ، وأنَّ له الجُلوسَ فيها ما بَقِيَ قُماشُه. قال في «الفُروعِ»: ومع عدَمِ إقْطاعٍ، للسَّابقِ الجُلوسُ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ، ما بَقِيَ قُماشُه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، ليس له ذلك. وعنه، له ذلك إلى اللَّيلِ. قال الحارِثِيُّ: ونقَل القاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، رِوايَةً بالمَنْعِ مِنَ الجُلوسِ في الطُّرُقِ الواسِعَةِ؛ للتَّعامُلِ فيها، فلا تكونُ مِنَ المَرافِقِ. قال:

فَإِنَ أَطَال الْجُلُوسَ فِيهَا، فَهَلْ يُزَالُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأوَّلُ أصحُّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يفْتَقِرُ في الجُلوسِ في هذه الأمْكِنَةِ إلى إذْنِ الإِمامِ في ذلك. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. قال في «القواعِدِ»: هذا قَوْلُ الأكثرِ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وقيل: يفْتَقِرُ إلى إذْنٍ. وهو رِوايَة حَكاها في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّمانِين»، وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو أجْلَسَ غُلامَه أو أجْنَبِيًّا، ليَجْلِسَ هو إذا عادَ إليه، فهو كما لو ترَك المَتاعَ فيه؛ لاسْتِمْرارِ يَدِه بمَن هو في جِهَتِه. ولو آثَرَ به رجُلًا، فهل للغيرِ السَّبْقُ إليه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا. اخْتارَه المُصَنِّفُ. والثَّانِي، نعم. قال الحارِثِيُّ: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتُشْبِهُ هذه المَسْأَلَةُ ما ذكَرْنا في آخرِ بابِ الجُمُعَةِ، لو آثَرَ بمَكانِه شخْصًا، فسبَقَه غيرُه إليه (¬1). على ما تقدَّم هناك. الثَّانيةُ، له أنْ يُظلِّلَ على نفْسِه بما لا ضرَرَ فيه، مِن بارِيَةٍ وكِساءٍ، ونحوه، وليس له أنْ يَبْنِيَ دَكَّةً ولا غيرَها. قوله: فإنْ أطال الجُلوسَ فيها، فهل يُزالُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: ا.

فَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ أُقْرِعَ بَينَهُمَا، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الإِمَامُ مَنْ يَرَى مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُزالُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ». قال الحارِثِيُّ: [وهذا الَّلائِقُ بأُصولِ الأصحابِ؛ حيث قالوا بالإِقْطاعِ. والوجهُ الثَّاني، يُزالُ. قال الحارِثِيُّ] (¬1): هذا أظْهَرُهما عندَهم. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: مُنِعَ في أصحِّ الوَجْهَين. قال في «القَواعِدِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، في رِوايَةِ حَرْبٍ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قوله: فإنْ سبَق (¬2) اثْنان، أُقْرِعَ بينَهما. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وجزَم به في ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «استبق»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في [«الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»] (¬1)، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وقيل: يُقَدِّمُ الإِمامُ مَن يَرَى منهما. وهو وَجْهٌ حَكاه القاضي فمَن بعدَه. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ». وكذا الحُكْمُ لو اسْتَبَقا إلى مَوْضِعٍ في رِباطِ مَسْبَلٍ أو خانٍ، أو اسْتَبقَ فَقِيهان إلى مَدْرَسَةٍ، أو صُوفِيَّان إلى خانِقاهٍ (¬2). ذكَرَه الحارِثِيُّ، وتَبِعَه في «القواعِدِ»، وقال: هذا يتَوَجَّهُ على أحَدِ الاحْتِمالين اللَّذَين (¬3) ذكَرَهما في المدارِسِ والخَوانِقِ المُخْتَصَّةِ (¬4) بوَصْفٍ مُعَيَّنٍ؛ لأنَّه لا يتَوقَّفُ الاسْتِحْقاقُ فيهما على تَنْزِيلِ ناظِرٍ. فأما على الوَجْهِ الآخَرِ؛ وهو توَقُّفُ الاسْتِحْقاقِ على تَنْزِيلِه، فليس إلَّا تَرْجيحُه له بنَوْعٍ مِنَ التَّرْجِيحاتِ. وقد يُقالُ: إنَّه يُرَجَّحُ (¬5) بالقُرْعَةِ مع التَّساوي. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) هي رباط الصوفية. (¬3) في الأصل، ط: «الذي». (¬4) سقط من: ط. (¬5) في ا: «يترجح».

وَمَنْ سَبَقَ إِلَى مَعْدِنٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يَنَالُ مِنْهُ. وَهَلْ يُمْنَعُ إِذَا طَال مُقَامُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن سبَق إلى مَعْدِنٍ، فهو أحَقُّ بما يَنالُ منه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: مَن أخَذ مِن مَعْدِنٍ فوقَ حاجَتِه، مُنِعَ منه. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ أخذَ قَدْرَ حاجَتِه، وأرادَ الإِقامَةَ فيه، بحيثُ يَمْنَعُ غيرَه، مُنِعَ مِن ذلك. قوله: وهل يُمْنَعُ إذا طال مُقامُه؟ - يعْنِي الآخِذَ - على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا يُمْنَعُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: والصَّحيحُ أنَّه لا يُمْنَعُ ما دامَ آخِذًا. قال الحارِثِيُّ: أصَحُّهما لا يُمْنَعُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُمْنَعُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي» (¬1). وقيل: يُمْنَعُ مع ضِيقِ المَكانِ. قال الحارِثِيُّ: قطَع به ابنُ عَقِيلٍ. فائدة: لو اسْتَبَق اثْنانِ فأكْثَرُ إلى مَعْدِنٍ مُباحٍ، وَضاقَ المَكانُ عن أخْذِهم جُمْلَةً واحِدةً، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقْرَعُ بينَهم. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: وإنْ سبَق إليه اثنْان معًا، وضاقَ بهما، اقْتَرَعا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقيل: يُقَدِّمُ الإِمامُ منَ شاءَ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: بالقِسْمَةِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وذكَر القاضي وَجْهًا رابِعًا، وهو أنَّ الإِمامَ يَنْصِبُ مَن يَأْخُذُ ويقْسِمُ بينَهما. وقال القاضي ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ سَبَقَ إِلَى مُبَاحٍ؛ كَصَيدٍ، وَعَنْبَرٍ، وَحَطَبٍ، وَثَمَرٍ، وَمَا يَنْبِذُهُ النَّاسُ، رَغْبَةً عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. وَإِنْ سَبَقَ إِلَيهِ اثْنَانِ، قُسِمَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا: إنْ كان أحدُهما للتِّجارَةِ، هايَأَها الإمامُ بينَهما باليومِ أو السَّاعَةِ بحسَبِ ما يرَى؛ لأنَّه يطُولُ، وإنْ كان للحاجَةِ، فاحْتِمالاتٌ؛ أحدُها، القُرْعَةُ. والثَّاني، يَنْصِبُ مَن يَأْخُذُ لهما، ثُم يَقْسِمُ. والثَّالثُ، يُقَدِّمُ مَن يراه أحْوَجَ وأوْلَى. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وإنْ سبَق أحدُهما، قُدِّمَ، فإنْ أخَذ فوقَ حاجَتِه، مُنِعَ. وقيل: لا. وقيل: إنْ أخَذَه للتِّجارَةِ هايَأَ الإِمامُ بينَهما، وإنْ أخَذَه لحاجَةٍ، فأرْبَعَةُ أوْجُهٍ؛ المُهايَأَةُ، والقُرْعَةُ، وتقْديمُ مَن يرَى الإِمامُ، وأنْ يَنْصِبَ مَن يَأْخُذُه، ويقْسِمَه بينَهما. انتهى. وذكَر في «الفُروعِ» وغَيرِه الأَوْجُهَ الأَرْبعَةَ مِن تَتِمَّةِ قوْلِ القاضي. قوله: ومَن سبَق إلى مُباحٍ؛ كصَيدٍ، وعَنْبَرٍ -وسَمَكٍ، ولُؤْلُؤٍ، وَمَرْجَانٍ-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَحطَبٍ، وثَمَرٍ، وما يَنْتَبذُه النَّاسُ، رغْبَةً عنه، فهو أحَقُ به. وكذا لو سبَق إلى ما ضاعَ مِن النَّاسِ ممَّا لا تَتْبَعُه الهِمَّةُ، وكذا اللَّقيطُ، وما يسْقُطُ مِنَ الثَّلْجِ والمَنِّ، وسائِرِ المُباحاتِ، فهو أحقُّ به. وهذا بلا نِزاعٍ. وقوله: وإن سبَق إليه اثْنان، قُسِمَ بينَهما. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: وهو الأصحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: فأمَّا إنْ وقَعَتْ أيدِيهما على المُباحِ، فهو بينَهما بغيرِ خِلافٍ، وإنْ كان في كلامِ بعضِ الأصحابِ ما يُوهِمُ خِلافَ ذلك، فليس بشيءٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يَقْتَرِعان. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُقَدِّمُ الإِمامُ أيَّهما شاءَ. وقال الحارِثِيُّ: ثمَّ إنَّ أبا الخَطَّابِ في كِتابِه، قيَّد اقْتِسامَهما بما إذا كان الأخْذُ للتِّجارَةِ. ثمَّ قال: وإنْ كان للحاجَةِ، احْتَمَلَ ذلك أيضًا، واحْتَمَلَ أنْ يُقْرَعَ بينَهما. واحْتَمَلَ أنْ يُقَدِّمَ الإِمامُ مَن يرَى منهما. وتابعَه عليه السَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، وغيرُهما. وهذا عندِي غلَطٌ، فإنَّ المُباحَ إذا اتَّصَلَ به الأخْذُ، اسْتقَرَّ المِلْكُ عليه، ولا بُدَّ؛ لوُجودِ السَّبَبِ المُقيَّدِ له، مع أنَّ القُرْعَةَ لم تَرِدْ في هذا النَّوْعِ، ولا في (¬1) شيءٍ منه. وكيف يخْتَصُّ به أحدُهما مع قِيامِ السَّبَبِ بكلِّ واحدٍ منهما؟ نعم قد يجْرِي ما قال فيما إذا ازْدَحَما عليه ليَأْخُذاه. ثمَّ قال: والصَّوابُ ما اقْتَصَر عليه المُصَنِّفُ، مِنَ الاقْتِسامِ مع عدَمِ الفَرْقِ بينَ التِّجارَةِ، والحاجَةِ. انتهى. تنبيه: فعلى المذهبِ، قال الحارِثِيُّ: إنَّما يتَأتَّي هذا في المُنْضَبِطِ الدَّاخِلِ تحتَ ¬

(¬1) سقط من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَدِ؛ كالصَّيْدِ، والسَّمَكِ، والُّلْؤلُؤِ، والمَرْجانِ، والمَنْبُوذِ. أمَّا ما لا ينْضَبِطُ، كالشَّعْراءِ (¬1)، وثَمَرِ الجَبَلِ، فالمِلْكُ فيه مقْصورٌ على القَدْرِ المَأْخوذِ، قلَّ أو كَثُرَ. انتهى. فائدة: وكذا الحُكْمُ في السَّبْقِ إلى الطَّرِيقِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الأدَمِيُّ البَغْدادِيُّ بالقِسْمَةِ هنا. فائدتان؛ إحْداهما، لو ترَك دابَّتَه بفَلاةٍ، أو مَهْلَكَةٍ؛ ليَأْسِه منها، أو عَجْزِه عن عَلْفِها، مَلَكَها آخِذُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه مِن رِوايةِ صالِحٍ، وابنِ مَنْصُورٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ» وغيرِهما. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يَمْلِكُها. وهَو وَجْهٌ، خرَّجه ابنُ أبِي مُوسى، كالرَّقيقِ، وتَرْكِ المَتاعِ عَجْزًا، بلا نِزاعٍ فيهما. ويرْجِعُ بالنَّفَقَةِ على الرَّقيقِ، وأُجْرَةِ حَمْلِ المَتاعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يرْجِعُ. وهو وَجْهٌ ذكَرَه القاضي؛ أخْذًا مِنَ انْتِفاءِ الأخْذِ في اللُّقَطَةِ. وهو رِوايَةٌ في العَبْدِ، ذكَرَها أبو بَكْرٍ. الثَّانيةُ، لو ألْقَى مَتاعَه في البَحْرِ خَوْفَ الغرَقِ، فقال الحارِثِيُّ: نصُّ أحمدَ في المَتاعِ يقْتَضِي أنَّ ما يُلْقِيه رُكابُ السَّفينَةِ مَخافَةَ الغَرقِ باقٍ على مِلْكِهم. انتهى. وهو أحد الوَجْهَين. وقيل: يَمْلِكُه آخِذُه. قدَّمه في «الفائقِ». وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، وذكَرَه في آخِرِ اللُّقَطَةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، لآخِذِه الأُجْرَةُ، على ¬

(¬1) الشَّعْراء: الأرض أو الروضة الكثيرة الشجر.

وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ فِي نَهْرٍ غَيرِ مَمْلُوكٍ؛ كَمِيَاهِ الْأَمْطَارِ، فَلِمَنْ فِي أَعْلَاهُ أَنْ يَسْقِيَ وَيَحْبِسَ الْمَاءَ حَتَّى يَصِلَ إِلَى كَعْبِهِ، ثُمَّ يُرْسِلَ إِلَى مَنْ يَلِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ. وقيل: لا أُجْرَةَ له. قوله: وإذا كان الماءُ في نَهْرٍ غيرِ ممْلُوكٍ؛ كمياهِ الأمْطارِ، فلمَن في أعْلاه أنْ يَسْقِيَ ويَحْبِسَ، حتى يَصِلَ الماءُ إِلى كَعْبِه، ثمَّ يُرْسِلَ إلى مَن يَلِيه. الماءُ إذا كان جارِيًا، وهو غيرُ مَمْلوكٍ، لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ نَهْرًا عَظِيمًا؛ كالنِّيلِ، والفُراتِ، ودِجْلَةَ، وما أشْبَهَها، أوْ لا، فإنْ كان نَهْرًا عَظيمًا، فهذا لا تَزاحُمَ فيه، ولكُلِّ أحدٍ (¬1) أنْ يسْقِيَ منه ما شاءَ، متى شاءَ، كيفَ شاءَ، وإنْ كان نَهْرًا صَغيرًا، ¬

(¬1) في ا: «واحد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يزْدَحِمُ النَّاسُ فيه، ويتَشاحُّون في مائِه، أو سَيلًا يتَشاحُّ فيه أهلُ الأرَضِين الشَّارِبَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منه، فإنَّه يُبْدَأُ بمَن في أوَّلِ النَّهْرِ، فيَسْقِي ويَحْبِسُ الماءَ حتى يصِلَ إلى كَعْبِه. نصَّ عليه، ثمَّ يُرْسِلُ إلى مَن يَلِيه كذلك. وعلى هذا إلى أنْ تَنْتَهِيَ الأراضِي كلُّها، فإنْ لم يفْضُلْ عنِ الأوَّلِ شيءٌ، أو عنِ الثَّاني، أو مَن يَلِيهم، فلا شيءَ للباقِين. فإنْ كانتْ أرْضُ صاحبِ الأعْلَى مُخْتَلِفَةً؛ منها ما هو مُسْتَعْلٍ، ومنها ما هو مُسْتَفِلٍ، سقَى كلَّ واحِدَةٍ منهما على حِدَتِها. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهم، وقطَعُوا به. وقال في «التَّرْغِيبِ»: إنْ كانتِ الأرْضُ العُلْيا مُسْتَفِلَةً، سدَّها إذا سقَى، حتى يصْعَدَ إلى الثَّاني. فائدتان؛ إحْداهما، لو اسْتَوَى اثْنان في القُرْبِ مِن أوَّلِ النَّهْرِ، اقْتَسما الماءَ بينَهما. إنْ أمْكَنَ، وإنْ لم يُمْكِنْ، أُقْرِعَ بينَهما، فيُقدَّمُ مَن قرَع، فإنْ كان الماءُ

فَإِذَا أَرَادَ إِنْسَانٌ إِحْيَاءَ أَرْضٍ بسَقْيِهَا مِنْهُ، جَازَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يفْضُلُ عن أحَدِهما، سقَى مَن تقَعُ له القُرْعَةُ بقَدْرِ حقِّه مِنَ الماءِ، ثمَّ يتْرُكُه للآخَرِ، وليس له أنْ يَسْقِيَ بجميعِ الماءِ؛ لمُساواةِ الآخَرِ له، وإنَّما القُرْعَةُ للتَّقَدُّمِ، بخِلافِ الأعْلَى مع الأسْفَلِ؛ فإنَّه ليس للأسْفَلِ حقٌّ إلَّا في الفاضِلِ عنِ الأَعْلَى. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. وهو واضِحٌ. وإنْ كانتْ أرْضُ أحَدِهما أكثرَ مِن أرْضِ الآخَرِ، قُسِمَ الماءُ بينَهما على قَدْرِ الأرْضِ. الثَّانيةُ، لو احْتاجَ الأعْلَى إلى الشُّرْبِ ثانيًا، قبلَ انْتِهاءِ سَقْي الأراضِي، لم يَكُنْ له ذلك. قدَّمه الحارِثِيُّ، ونصَرَه. وقال القاضي: له ذلك. قوله: فإنْ أرادَ إنْسانٌ إحْياءَ أرْضٍ، بسَقْيِها منه، جازَ، ما لم يَضُرَّ بأهْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأرْضِ الشارِبَةِ منه. إذا كان لجماعَةٍ رَسْمُ شِرْبٍ مِن نَهْرٍ غيرِ مَمْلوكٍ، أو سَيلٍ، فجاءَ إنْسانٌ ليُحْيِيَ مَواتًا أقْرَبَ إلى رأْسِ النَّهْرِ مِن أرْضِهم، لم يَكُنْ له أنْ يسْقِيَ قبلَهم، على المذهبِ. واخْتارَ الحارِثِيُّ، أنَّ له ذلك، قال: وظاهِرُ الأخْبارِ المُتقَدِّمَةِ وعُمومُها، يدُلُّ على اعْتِبارِ السَّبْقِ إلى أعْلَى النَّهْرِ مُطْلَقًا. قال: وهو الصَّحيحُ. وهل لهم مَنْعُه مِن إحْياءِ ذلك المَواتِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أحَدُهما، ليس لهم مَنْعُه مِن ذلك. قال الحارِثِيُّ: وهو أظْهَرُ. وقدَّمه ابنُ رَزينٍ في «شَرْحِه». وجزَم به في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّاني، لهم مَنْعُه. قال الحارِثِيُّ: وهو المَفْهومُ مِن إيرادِ الكِتابِ. فعلى الأوَّلِ، لو سَبق إلى مَسِيلِ ماءٍ، أو نَهْرٍ غيرِ مَمْلوكٍ، فأحْيَى في أسْفَلِه مَواتًا، ثمَّ أحْيَا آخَرُ فوْقَه، ثمَّ أحْيَا ثالِثٌ فوقَ الثَّاني، كان للذي أحْيَا أوَّلًا (¬1) السَّقْيُ أوَّلًا، ثمَّ الثَّاني، ثمَّ الثَّالِثُ، فيُقَدَّمُ السَّبْقُ إلى الإِحْياءِ على السَّبْقِ إلى أوَّلِ النَّهْرِ، وعلى ما اخْتارَه الحارِثِيُّ (¬2) ينْعَكِسُ ذلك. ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ الماءُ بنَهْرٍ مَمْلوكٍ، كمَن حفَر نَهْرًا صَغيرًا ساقَ إليه الماءَ مِن نَهْرٍ كبيرٍ، فما حصَل فيه ملَكَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَجِئُ على قوْلِنا: إنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ. أنَّ حُكْمَ هذا الماءِ في هذا النَّهْرِ، حُكْمُه في نَهْرٍ غيرِ مَمْلوكٍ. قلتُ: وفيه نظَرٌ؛ لأنَّه بدُخولِه في نَهْرِه، كدُخولِه في قَرْيَتِه، وراويَتِه، ومصْنَعِه. وعندَ القاضي ومَن وافقَه، أنَّ الماءَ باقٍ على الإِباحَةِ، كما قبلَ الدُّخولِ، إلَّا أنَّ مالِكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّهْرِ أحقُّ به. فعلى المذهبِ، لو كان لجماعَةٍ، فهو بينَهم، على حسَبِ العمَلِ والنَّفَقَةِ؛ فإنْ كفَى جَمِيعَهم، فلا كلامَ، وإنْ لم يَكْفِهم وتَراضَوْا على قِسْمَتِه بالمُهايَأَةِ أو غيرِها، جازَ، وإنْ تَشاحُّوا في قِسْمَتِه، قسَمَه الحاكِمُ بينَهم على قَدْرِ أمْلاكِهم؛ فيَأْخُذُ خشبَةً صُلْبَةً، أو حجَرًا مُسْتَوى الطَّرفَين والوَسطِ، فيُوضَعُ على موْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنَ الأرْضِ في مَصْدَمِ الماءِ، فيه حزوزٌ، أو ثُقوبٌ مُتَساويةٌ في السَّعَةِ على قَدْرِ حُقوقِهم، يخرُجُ من حَزٍّ أو ثُقْبٍ إلى ساقِيَةٍ مُفْرَدَةٍ لكلِّ واحدٍ منهم، فإذا حصَل في ساقِيَتِه، فله أنْ يسْقِيَ به ما شاءَ مِنَ الأرْضِ، سواءٌ كان لها رَسْمُ شِرْبٍ مِن هذا النَّهْرِ أو لم يَكُنْ، وله أنْ يُعْطِيَه مَن يسْقِي به. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وقدَّمه أيضًا في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، في بابِ القِسْمَةِ. ويَأْتِي بعضُ ذلك مصَرَّحًا به في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ القِسْمَةِ. وقال القاضي: ليس له سَقْيُ أرْضٍ ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ مِن هذا الماءِ. انتهى. ولكُلِّ واحدٍ مِنَ الشُّركاءِ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَصرَّفَ في ساقِيَتِه المُخْتَصَّةِ به بما أحبَّ؛ مِن عمَلِ رَحىً عليها، أو دُولابٍ، أو عَبَّارَةٍ؛ وهي خشَبةٌ تُمَدُّ على طريقِ النَّهْرِ، أو قنْطَرَةٍ يعْبُرُ الماءُ فيها، وغيرِ ذلك مِنَ التَّصَرُّفاتِ. فأمَّا النَّهْرُ المُشْتَرَكُ؛ فليس لواحدٍ منهم أنْ يتَصرَّفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه بشيءٍ مِن ذلك. قاله المُصَنِّفُ، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضي، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: هل له أنْ ينْصِبَ عبَّارَةً يجْرِي الماءُ فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مَوْضِعٍ آخَرَ؟ على رِوايتَين. نصَّ عليهما في مَن أرادَ أنْ يُجْرِيَ ماءَه في أرْضِ غيرِه ليَسْقِيَ زَرْعَه، وكان به حاجَةٌ إليه، كل يجوزُ؟ على رِوايتَين. زادَ ابنُ عَقِيلٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحُّ المَنْعُ. وكذا قال المُصَنِّفُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والصَّحيحُ أنَّه لا يجوزُ هنا، ولا يصِحُّ قِياسُ هذا على إجْراءِ الماءِ في أرْضِ غيرِه.

وَلِلامَامِ أنْ يُحْييَ أرْضًا مِنَ الْمَوَاتِ، تَرْعَى فِيهَا دَوَابُّ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَقُومُ بِحِفْظِهَا، مَا لمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ. وَلَيس ذَلِكَ لِغَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَا حَمَاهُ النبِي - صلى الله عليه وسلم - فَلَيسَ لِأحَدٍ نَقْضُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما حَماه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فليس لأحَدٍ نَقْضُه. بلا نِزاع. وسواء كان النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، حَماه لنَفْسِه أو لغيرِه، وهذا مع (5) بَقاءِ الحاجَةِ إليه، ومَن أحْيا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَا حَمَاهُ غَيرُهُ مِنَ الْأئِمَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ نَقْضُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منه شبيئًا، لم يَمْلِكْه، لكِنْ لو زالتِ الحاجَةُ إليه، فهل يجوز نقْضُه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يجوزُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصححه المُصَنفُ، والشارِح، وصاحِبُ «الفائقِ». وقيل: يجوزُ نقْضُه. والحالةُ هذه. قوله: وما حَماه غيرُه مِنَ الأئمةِ، فهل يجوزُ نَقْضُه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْني»، و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يجوزُ نقْضُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التصْحيحِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في تَذْكِرَتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثاني، لا يجوزُ نقْضُه. فعلى هذا الوَجْهِ، يَمْلِكُه مُحْيِيه. على الصحيحِ. صحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائق». وجزَم به في «الكافِي». [قال الشارِحُ: وهو أوْلَى] (1). وقيل: لا يمْلِكُه. وأطْلَقَهما [في «المُغنِي»، و «المُحَرَّرِ»] (¬1)، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوجهُ في بَعْضِ الإطْلاقاتِ الخِلافُ ونقَل حَرْبٌ، القَطائعُ جائزة، وأنْكَرَ شدِيدًا قوْلَ مالك: لا بأسَ بقَطائعِ الأمَراءِ. وقال: يزعُمُ أنَّه لا بأسَ بقطائِعِهم. وقال في رِوايَةِ يَعْقُوبَ: قَطائِعُ الشامِ، والجَزيرَةِ، مِنَ المَكْروهَةِ، كانت لبَني أمَيَّةَ، فأخذَها هؤلاءِ. ونقَل محمدُ بنُ داود (¬2)، ما أدْري ما هذه القَطائِعُ؟ يُخْرِجُونَها ممَّن شاءوا. قال أبو بَكْر: لأنه يَمْلِكُها مَن أقطعها، فكيف تخرُجُ منه؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) محمد بن داود بن صبيح المصيصي، أبو جعفر، كان من خواص أصحاب الإمام أحمد ورؤسائهم، وكان يكرمه ويحدثه بأشياء لا يحدث بها غيره. وحدث عن الإمام بمسائل كثيرة مصنفة على نحو مسائل الأثرم. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 296، 297، تهذب التهذيب 9/ 154.

باب الجعالة

بَابُ الجَعَالةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الجَعالةِ

وَهِيَ أنْ يَقولَ: مَنْ رَد عَبْدِي، أوْ لُقَطَتِي، أوْ بَنَى لِيَ هَذَا الْحَائطَ، فَلَهُ كَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه، وهي أنْ يقولَ: مَن رَد عَبْدِي، أو لُقَطَتِي، أو بنَى لي هذا الحائطَ، فله كذا. قال في «الرعايَةِ»: وهي أنْ يجْعَلَ زَيدٌ شيئًا مَعْلومًا لمَن يعْمَلُ له عَمَلًا مَعْلومًا، أو مَجْهولًا مُدةً مَجْهولَةً. قال الحارِثِي: وهي في اصْطِلاح الفُقَهاءِ، جَعْلُ الشيءِ مِن المالِ لمَن يفْعَلُ أمْرَ كذا. قال: وهذا أعَمُّ مما قال المُصَنفُ؛ لتَناوُلِه الفاعِلَ المُبْهَمَ والمُعَيَّن، وما قال لا يتَناوَلُ المُعَيَّنَ. انتهى. قلتُ: لكِنه يدْخُلُ بطَريق أوْلَى. تنبيه: قولُه: مَن ردَّ عَبْدِي. يقْتَضِي صحَّةَ العَقْدِ في ردِّ الآبِقِ. وسيأتِي آخِرَ البابِ، أن لرَدِّ الآبِقِ جُعْلًا مُقَارًا بالشرْعِ. فالمُستفادُ إذَنْ بالعَقْدِ، ما زادَ على

فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ أنْ بَلَغَهُ الْجُعْلُ اسْتَحَقهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُقَدرِ المَشْروعِ. فوجودُ الجَعالةِ يُوجِبُ أكثرَ الأمْرَين مِنَ المُقَدرِ والمَشْروطِ، قاله الحارِثِي. [وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، أنه لا يسْتَحِقُّ إلَّا ما شرَطَه له، وإنْ كان أقل مِن دِينار، وهو ظاهِرُ ما قدمه في «الفُروعِ»] (¬1). فائدة: الجعالةُ نَوْعُ إجارَةٍ؛ لوُقوعِ العِوَضِ في مُقابلَةِ مَنْفَعَة، وإنما تُمَيَّزُ بكَوْنِ الفاعِلِ لا يلْتَزِمُ الفِعْلَ، وبكَوْنِ العَقْدِ قد يقَعُ مُبْهَمًا لا مع مُعَيَّن، ويجوزُ في الجَعالةِ الجَمْعُ بينَ تَقْديرِ المُدَّةِ والعَمَلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا. كالإجارَةِ. وتقدَّم ذلك في الإجارَةِ أيضًا. قوله: فمَن فعَلَه بعدَ أنْ بلَغه الجُعْلُ، اسْتَحَقَّه. بلا نِزاع. فإنْ كانوا جماعَة، فهو بينَهم بالسَّويَّةِ. وإنْ بلَغه في أثْنائِه، اسْتَحَقَّ بالقِسْطِ. فإنْ تَلِفَ الجُعْلُ، كان له مِثْلُه إنْ كان مِثْلِيًّا، وإلَّا قِيمَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «التبصِرَةِ»: إذا عيَّن عِوَضًا، ملَكَه بفَراغِ العَمَلِ، فلو تَلِفَ، فله أجْرَةُ المِثْلَ. فائدة: لو ردَّه مِن نِصْف الطَّريقِ المُعَينةِ، أو قال: مَن ردَّ عبْدَيَّ. فردَّ أحدَهما، فله نِصفُ الجُعْلِ، [وإنْ ردَّه مِن ثُلُثِ الطَّريقِ، اسْتَحَقَّ الثلُثَ، ومِن ثُلُثَي الطريقِ، اسْتَحَقَّ الثُّلُثَين. فيسْتَحِق، إذا رده مِن أقْرَبَ مِنَ المَوْضِعِ الذي عَيَّنه، بالقِسْطِ] (¬2)، وإنْ رده مِن مَسافَة أبعَدَ مِن المُعَينةِ، فله المُسَمَّى لا غيرُ. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ»، وتَبِعَه في «الرعايَةِ» وغيرِه، واقتصرَ عليه في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: ط.

وَإنْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ، فَهُوَ بَينَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِك لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، سَواء رَدَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْجُعْل أوْ بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتَصِحُّ عَلَى مُدةٍ مَجْهُولَةٍ، وَعَمَل مَجْهُولٍ، إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتصِحُّ على مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ، وعَمَل مَجْهُولٍ، إذا كان العِوَضُ مَعْلومًا. يُشْتَرطُ أنْ يكونَ العِوَضُ مَعْلومًا، كالأجْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): ويحْتَمِلُ أنْ تصِح الجَعالةُ مع الجَهْلِ بالعِوَضِ، إذا كان الجَهْلُ لا يمْنَعُ التسْليمَ، نحوَ أنْ يقولَ: مَن رد عبْدِي الآبِقَ، فله نِصْفُه، ومَن ردَّ ضالَّتِي، فله ثُلثها. قال الإمامُ أحمدُ: إذا قال الأمِيرُ في الغزْو: مَن جاءَ بعَشَرَةِ رُءُوس فله رأس. جازَ. وقالوا: إذا جعَل جُعْلًا لمَن يدُله على قَلْعَةٍ أو طَريقٍ سَهْل، وكان الجُعْلُ مِن مالِ الكُفَّارِ، كجارِيَةٍ بعَينها، جازَ. فيُخَرَّجُ هنا مِثْلُه. انتهى. وقال الحارِثِيُّ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ ¬

(¬1) انظر المغني 8/ 324.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُعْلِ مَعْلومًا، فإنْ شرَط عِوَضًا مَجْهولا فسَد العَقْدُ. وإنْ قال: فلَك ثُلُثُ الضالَّةِ، أو رُبْعُها. صح، على ما نص عليه في الثَّوْبِ يُنْسَجُ بثُلُثِه. والزَّرْعِ يُحْصَدُ، والنَّخْلِ يُصْرَمُ بسُدْسِه، لا بَأسَ به، وفي الغزْو: مَن جاءَ بعَشَرَةِ أرْوس، فله رأس. جازَ. وعندَ المُصَنِّفِ، لا يصِحُّ، وللعامِلِ أجْرَةُ المِثْلِ. والأوَّلُ المذهبُ. وذكَر المُصَنِّفُ في أصْلِ المَسْألةِ وَجْهًا بجَوازِ الجَهالةِ التي لا تمْنَعُ التَّسْليمَ، ونظَّر بمَسْألةِ الثُلُثَ، واسْتَشْهَدَ بنَصِّه الذي حَكَيناه في الغزْو، وبما إذا جعَل جُعْلًا لمَن يدُله على قَلْعَةٍ، أو طريق سَهْل، وكان الجُعْلُ مِن مالِ الكُفَّارِ، جازَ أنْ يكونَ مَجْهولًا، كجارِيَةٍ يُعَينها للعامِلِ. قال: فيُخَرَّجُ هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلُه. انتهى. [وقد قطَع في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، مع اشْتِراطِهم أنْ يكونَ الجُعْلُ مَعْلومًا، فظاهِرُه، أن جَعْلَ جُزْءٍ مُشاعٍ مِنَ الضالة، ليس بمَجْهُول] (2). فائدة: إذا كانتِ الجَهالةُ تَمْنَعُ التسْلِيمَ، لم تصِح الجَعالةُ، قوْلًا واحدًا، ويسْتَحِقُّ أجْرَةَ المِثْلِ مُطْلَقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبَ. وقيل في رَدِّ الآبِقِ، المُقَدرُ شَرْعًا. [وكذا إن كانتْ لا تمْنَعُ التسْلِيمَ. على المذهبِ، كما تقدَّم، وله أجْرَةُ المِثْلَ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: مَن داوَى لي هذا حتى يبرَأ مِن جُرْحِه أو مَرَضِه أو رَمَدِه، فله كذا. لم يصِح مُطْلَقًا. على الصحِيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي. وقيل: تصِحُّ جَعالةً. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والمُصَنِّفُ. نقَلَه الزرْكَشي في الإجارَةِ. وقيل: تصِح إجارَةً.

وَهِيَ عَقْد جَائِز، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا. فَمَتَى فَسَخَهَا الْعَامِلُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيئًا، وَإنْ فَسَخَهَا الْجَاعِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، فَعَلَيهِ لِلْعَامِلِ أجْرَةُ عَمَلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنِ اخْتَلَفَا فِي أصْلِ الْجُعْلِ، أوْ قَدْرِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجاعِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا في أصْلِ الجُعْلِ أو قَدْرِه، فالقَوْلُ قَوْلُ الجاعِلِ. هذا المذهبُ في قَدْرِه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يتَحالفان في قَدْرِ الجُعْلِ؛ قِياسا على اخْتِلافِ الأجيرِ والمُسْتَأجِرِ في قَدْرِ الأجْرَةِ. وهو احْتِمال للقاضي، وتَبِعَه مَن بعدَه على ذلك، وهو تخْريجٌ في «الرعايَةِ». فعليه (¬1)، يُفْسَخُ العَقْدُ، وتجِبُ أجْرَةُ المِثْلِ. ¬

(¬1) في ط: «فلعله».

وَمَنْ عَمِلَ لِغَيرِهِ عَمَلًا بِغَيرِ جُعْل، فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلا فِي رَدِّ الآبِقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال الحارِثِي في «شَرْحِه»، في قوْلِ المُصَنِّفِ: فالقَوْلُ قَوْلُ الجاعِلِ: تجَوُّز منه؛ فإنه ليس بجاعِل فيما إذا اخْتَلَفا في أصْلِ الجَعالةِ. انتهى. قلتُ: [إنما حُكِمَ] (¬1) بكَوْنِه جاعِلًا في المَسْألتَين في الجُمْلَةِ. أما في اخْتِلافِهم في قَدْرِ الجُعْلِ، فهو جاعِلٌ بلا رَيبٍ. وأما في اخْتِلافِهم في أصْلِ الجُعْلِ، فليس بجاعِل بالنِّسْبَةِ إلى نَفْسِه، وهو جاعِل بالنِّسْبَةِ إلى زَعْمِ غَرِيمِه. فعلى الأولِ، يكونُ مِن بابِ إطْلاقِ اللفْظِ المُتَواطئ إذا أرِيدَ به بعضُ مَحالِّه، وهو كثير شائع في كَلامِهم، على ما تقدم في كتابِ الطهارَةِ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو اخْتَلَفا في قَدْرِ المَسافَةِ. تنبيه: ظاهِرُ قَوْلِه: ومَن عَمِلَ لغيرِه عَمَلًا بغيرِ جُعْل، فلا شيءَ له. ولو كان العَمَلُ تخْلِيصَ مَتاعِ غيرِه مِن فَلاةٍ، ولو كان هَلاكُه فيه مُحَققًا، أو قريبًا منه؛ كالبَحْرِ، وفَمِ السَّبُعِ، وهو قَوْلُ القاضي في «المُجَردِ»، وله احْتِمال بذَلك. في غيرِ «المُجَرَّدِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ. والصحيح مِنَ المذهبِ المَنْصُوصِ عن أحمدَ، أنه يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِه في ذلك، بخِلافِ اللُّقَطَةِ، وعليه الأصحابُ. وكذلك لو انْكَسَرتِ السَّفينَةُ، فخَلّصَ قَوْمٌ الأمْوال مِنَ البَحْرِ، فإنه يجِبُ لهم الأجْرَةُ على المُلاكِ. ذكَرَه في «المُغْنِي»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرْحِ»، و «شَرْح ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وألْحَقَ القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، وجماعة بذلك، العَبْدَ إذا خَلصَه مِن فَلاةٍ مُهْلِكَةٍ. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ذكَرَه في بابِ إحْياءِ المَواتِ. وتقدمَتِ الإشارَةُ إلى ذلك هناك. وحكَى القاضي احْتِمالًا في العَبْدِ، بعَدَمِ الوُجوبِ، كاللقَطَةِ، وأوْرَدَ في «المُجَرَّدِ» على نصِّ أحمدَ، في مَن خلصَ مِن فَمِ السبعِ شاةً، أو خَرُوفًا، أو غيرَهما، أنه لمالِكِه الأولِ، ولا شيءَ للمُخَلِّصِ. وقال المَجْدُ في «مُسَودَتِه»: وعندِي أن كلامَ أحمدَ، على ظاهِرِه في وُجوبِ الأجْرَةِ على تخْليص المَتاعِ مِنَ المَهالِكِ، دُونَ الآدَمِيِّ؛ لأن الآدَمِي أهْل في الجُمْلَةِ لحِفْظِ نَفسِه. قال في «القاعِدَةِ الرابعَةِ والسَّبْعِين» (¬1): وفيه نظَرٌ، فقد يكونُ صغيرًا أو عاجِزًا، وتخْليصُه أهَم وأوْلَى مِنَ المَتاعِ، وليس في كلامِ أحمدَ تفْرِقة. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لو تَلِفَ ما خلَّصَه مِن هَلَكَةٍ، لم يضْمَنْه مُنْقِذُه. على الصحِيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يضْمَنُه. حَكاه في «التَّلْخيصِ». قال في «القاعِدَةِ الثالثَةِ والأرْبَعِين»: وفيه بُعْد. الثَّانيةُ، متى كان العَمَلُ في مالِ الغيرِ إنْقاذًا له مِنَ التَّلَفِ المُشْرِفِ عليه، كان جائِزًا، كذَبْحِ الحَيوانِ المأكُولِ إذا خِيفَ مَوْتُه. صرَّح به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزين»، وغيرِهم. واقْتَصَر عليه في آخِرِ «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والسَّبْعِين»، وقال: ويفيدُ هذا أنه لا يضْمَنُ ما نقَص بذَبْحِه. ¬

(¬1) في النسخ: «الثمانين» والمثبت كما هو في القواعد.

فَإِنَّ لَهُ بِالشَّرْعِ دِينَارًا أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُ المُصَنِّف وغيرِه، بقَوْلِهم: ومَن عَمِلَ لغيرِه عمَلًا بغيرِ جُعْل، فلا شيءَ له. غيرُ المُعَدِّ لأخْذِ الأجْرَةِ. فأما المُعَدُّ لأخْذِها، فله الأجْرَةُ قَطْعًا؛ كالمَلاحِ، والمُكارِي، والحَجَّامِ، والقَصَّارِ، والخَيَّاطِ، والدلالِ، ونحوهم ممن يرْصُدُ نَفْسَه للتكَسُّبِ. بالعَمَلِ، فإذا عَمِلَ، اسْتَحَق أجْرَةَ المِثْلِ. نصَّ عليه. وتقدّم بعضُ ذلك في بابِ الإجارَةَ. قوله: إلا في رَدِّ الآبِقِ. هذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونص عليه. وعنه، لا شيءَ لرادِّه مِن غيرِ جَعالة. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وقال: هو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. ونازَعَ الزرْكشِي المُصَنِّف في كوْنِ هذا رِوايَة عن أحمدَ، وأنه ظاهِرُ كَلام الخرَقِي. قوله: فَإنّ له بالشرْعِ دِينارًا، أو اثْنَي عَشَرَ دِرْهَمًا (¬1). هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، وغيرِهما: وسواء كان يُساويهما أوْ لا، وسواء كان زَوْجًا أو ذا رَحِم في عِيالِ المالِكِ أوْ لا. قال الحارِثِيُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرر»، و «الرِّعايَتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ ردَّه مِن خارِج ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، إنْ رَدَّهُ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ فَلَهُ أرْبَعُونَ دِرْهَمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المِصْرِ، فله أرْبَعُون دِرْهَمًا، قَرُبَتِ المَسافَةُ أو بَعُدَتْ. قال المُصَنِّف، وتَبِعَه الشارِحُ، و «الفائِقِ»: اخْتارَه الخَلالُ. وعنه، ومِنَ المِصْرِ عشَرَة. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَلالُ: اسْتَقَرتْ عليه الرِّوايَةُ. قال القاضي: هذا رِوايَة واحِدة. وجزَم به ابنُ البَنا في «خِصالِه»، وصاحِبُ «عُيونِ المَسائلِ»، وقال: الرِّوايَةُ الصحيحةُ مِن خارِج المِصْرِ، دينار، أو عَشَرةُ دَراهِمَ. قال في «الفائقِ»: ولو ردَّ الآبِقَ، قله، بغيرِ شَرْطٍ، عًشَرةُ دَراهِمَ. وعنه، اثْنا عَشَرَ. وعنه، أرْبَعُون دِرْهمًا مِن خارِج النِصْرِ. قال الزَّرْكَشِي: في «المُغْنِي»، إذا ردَّه مِنَ المِصْرِ دِينار، أو عَشَرَةُ دَراهِمَ، وفي «الكافِي»، دِينار، أو اثْنا عَشَرَ دِرْهَمًا، في رِوايَةٍ، وفي أخْرَى، دينار. وفي «خِلافَي الشريفِ، وأبي الخَطابِ»، و «الجامعِ الصَّغيِرِ»، دِينار، أو اثْنا عَشَرَ دِرْهَمًا في رِوايَةٍ، وفي أخْرَى، عَشَرَةُ دَراهِمَ. انتهى. وتقام كلامُ القاضي، وابنِ البَنَّا، والحَلْوانِيِّ. وقال الحارِثِي: إذا رده مِن داخِلِ المِصْرِ، فله عَشَرَةُ دَراهِمَ، قَوْلًا واحدًا. نص عليه في رِوايَةِ حَرْبٍ. قال: ولا أعْلَمُ نَصًّا بخِلافِه. وفي كتابِ «الرِّاويَتَين» للقاضي، لا تخْتَلِفُ الروايَةُ، إذا جاءَ به مِنَ المِصْرِ، أن له عَشَرةَ دَراهِمَ. وقاله ابنُ أبي مُوسى في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الإرْشادِ». ونقَلَه أبو بَكْر في «زادِ المُسافِرِ»، و «التنبِيهِ». وقاله القاضي أيضًا في «المُجَردِ»، وابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، ولم يُورِدُوا سِواه. قال: فأما ما (¬1) في «المُقْنِعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ» لأبِي الحُسَينِ، و «الأعْلامِ» لابن بَكْروس، و «المُحَررِ»، وغيرِهم، مِنَ التقْديرِ بالدينارِ أو اثْنَي عَشَرَ، وفي داخِلِ المِصْرِ، كما في خارِجِه، فلا يثْبُتُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأصْلُ ذلك كلِّه، قوْلُ القاضي في «الجامِعِ الصغِيرِ»: مَن رد آبِقًا، اسْتَحَق دِينارًا، أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، سواء جاءَ به مِنَ المِصرِ أو خارِجِ المِصْرِ، في إحْدَى الرِّواتتَين. والأخْرَى، إنْ جاءَ به مِنَ المِصْرِ، اسْتَحَق عَشَرةَ دَراهِمَ، وإنْ جاءَ به مِن خارِجِ المِصْرِ، اسْتَحَق أرْبَعِين دِرْهَمَا. فمنهم مَن حكَى ذلك كله، ومنهم مَنِ اخْتَص العَشَرَةَ في المِصْرِ؛ بِناءً على أنها معْنَى الدِّينارِ، وأن الدِّينارَ قد يُقَومُ بالعَشَرةِ والاثْنَي عَشَرَ، فيكونُ داخِلًا في الرِّوايَةِ الأولَى (¬1). قال: وهذا الذي قاله القاضي مِنِ اسْتِحْقاق الدِّينارِ، أو الاثْنَي عَشَرَ في المِصْرِ، لا أصْلَ له في كَلامِ أحمدَ، ألْبَتَّةَ، ولا دَلِيلَ عليه. انتهى كلامُ الحارِثِيِّ. قلتُ: وفيه نظر؛ لأن ناقِلَ هذه الرِّوايَةِ هو (¬2) القاضي، وهو الثِّقَةُ الأمِينُ في النقْلِ، بل هو ناقِلُ غالِبِ رِواياتِ المذهبِ، ولا يَلْزَمُ مِن عدَمِ اطِّلاعِ الحارِثِي على هذه الروايَةِ أنْ لا (2) تكونَ نُقِلَتْ عنِ الإمامِ أحمدَ، خُصوصًا وقد تابَعَه عليها (¬3) الأعْلامُ المُحَقِّقُون. ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) في ط، ا: «هؤلاء».

وَيَأخذ مِنْه مَا أنْفقَ عَلَيهِ فِي قُوتِهِ، وإنْ هَرَبَ مِنْه فِي طَرِيقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: دخَل في عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، لو رده الإمامُ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ ما قدمه في «الفُروعِ». ونقَل حَرب، إنْ ردَّه الإمامُ، فلا شيءَ له. وجَزم به ابنُ رَجَب في «قواعِدِه»، وقال: وذلك (¬1) لانْتِصابِه للمَصالِح، وله حَق في بَيتِ المالِ على ذلك. وكذا قال الحارِثِي، وقطَع به. وتقدم نَظيرُها في عامِلِ الزَّكاةِ. قوله: ويأخُذُ مِنه ما أنْفَقَ عليه في قوتِه. هذا المذهبُ، نص عليه، سواء قُلْنا باسْتِحْقاق الجُعْلِ أم لا. جزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإنْ مَاتَ السَّيِّدُ، اسْتُحِقَّ ذَلِك فِي تَرِكَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقال ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»: وجزَم به الأكْثَرون مِن غيرِ خِلافٍ. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَشْهُورُ. وخرج المُصَنِّفُ قَوْلًا بأنه لا يرجِعُ. وقيل: لا يرجِعُ إلَّا (¬1) إذا أنْفَقَ بنِيَّةِ الرُّجوعِ. واخْتارَه في «الرِّعايَةِ». واشْتَرَطَ أبو الخَطَّابِ، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، العَجْزَ عنِ اسْتِئْذانِ المالِكِ، وضعَّفَه المُصَنِّفُ، ولا يتَوقفُ الرُّجُوعُ على تَسْلِيمِه، بل لو أبقَ قبلَ ذلك، فله الرُّجُوعُ بما أنْفَقَ عليه. نص عليه في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ، وصرَّح به الأصحابُ. فوائد؛ إحْداها، علَفُ الدابَّةِ كالنَّفَقَةِ. الثانيةُ، لو أرادَ اسْتِخْدامَه بَدَلَ النفَقَةِ، ففي جَوازِه رِوايَتان. حَكاهما أبو الفَتْحِ الحَلْوانِي في «الكِفايَةِ»، كالعَبْدِ المَرْهُونِ، وذَكَرَهما في «المُوجَزِ»، و «التبصِرَةِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يجوزُ ذلك في العَبْدِ المَرْهونِ، فكذا هنا بطَريق أوْلَى. والله أعلمُ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصَنِّف جوازَ أخذِ الآبِقِ لمن وجَدَه. وهو صحيحٌ؛ لأنه لا يُؤْمَنُ عليه أنْ يلْحقَ بدارِ الحَرْبِ ويرْتَد، أو يشْتَغِل بالفَسادِ في البلادِ، بخِلافِ الضوالِّ التي تحْفَظُ نفْسَها. إذا عُلِمَ ذلك، فهو أمانة في يَدِه، إذا أَخَذَه، إنْ تَلِفَ بغيرِ تَفْريطٍ، فلا ضَمانَ عليه، وانْ وجَد صاحِبَه، دفَعَه إليه، إذا اعْتَرف العَبْدُ أنه سيِّدُه، أو أقامَ به بَيِّنةً، فإنْ لم يجِدْ سيِّدَه، دَفَعَه إلى الامامِ أو نائبهِ، فيحْفَظُه لصاحِبِه، أو بيعُه إنْ رأى المَصْلَحَةَ فيه، وليس لواجِدِه بَيعُه، ولا تمَلكُه بعدَ تَعْريفِه؛ لأنه ينْحَفِظُ بنَفْسِه، [فهو كضَوالِّ الإبلِ. ذكَرَه المُصنِّفُ، والشارِحُ. وقوْلُهما: ينْحَفِظُ بنَفْسِه] (¬1). دَليل على أنهما أرادا الكبيرَ؛ لأن الصغِيرَ لا ينْحَفِظُ بنَفْسِه. ويأتِي في بابِ اللقَطَةِ. فإنْ باعَه الامامُ أو نائبُه لمَصْلَحَةٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رآها، فجاءَ سَيِّدُه، فاعْتَرَف أنه كان أعْتَقَه، قُبِلَ قوْلُه. على الصحيع مِنَ المذهبِ. قامه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وقيل: لا يقبَلُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» و «الحارِثِيِّ»، ذكَرَه في اللقَطَةِ. الثالثةُ، العَبْدُ وغيرُه أمانَة في يَدِه، لا ضَمانَ عليه إلا أن يتَعَدَّى. نص عليه، على ما تقدم. الرابَعةُ، أمُّ الوَلَدِ، والمُدَبرُ، كالقِنِّ فيما تقدم؛ إذا جاءَ بهما إلى السيِّدِ، فإنْ ماتَ قبلَ وُصُولهما إليه، فلا جُعْلَ؛ لأنهما يعْتِقان بالمَوْتِ، فالعَمَلُ لم يتم، بخِلافِ النَّفَقَةِ، فإنه يرْجِعُ بما أنْفَقَ حال الحياةِ. واللهُ أعلمُ بالصوابِ. وتقدم أن المَنْصُوصَ، أنه يسْتَحِقُّ الأجْرَةَ بتَخْليصِ مَتاعِ غيره مِن مَهْلَكَةٍ.

باب اللقطة

بَابُ اللُّقَطَةِ وَهِيَ الْمَالُ الضائِعُ مِنْ رَبهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اللُّقَطَةِ فائدة: قوْلُه: وهي المالُ الضائِعُ مِن رَبه. هو تعْريف لمَعْناها الشرْعِي. وكذا قال غيرُه. قال الحارِثي: وعلى هذا سُؤالان؛ أحدُهما، قد يكونُ المُلْتَقَط غيرَ ضائع؛ كالمَتْروكِ قَصْدًا لأمْر يقْتَضِيه، ومنه المالُ المَدْفونُ، والشيءُ الذي يُتْرَكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثِقَةً به؛ كأحجارِ الطحْنِ، والخَشَبِ الكِبارِ. والثَّاني، أنَّهم اخْتَلَفوا في التِقاطِ الكَلْبِ المُعَلَّمِ. فعلى القَوْلِ بالتِقاطِه، يكونُ خارِجًا عمَّا ذُكِرَ. ومَن قال مِنَ الأصحابِ: لا يُلْتَقَطُ. إنما قال؛ لأجْلِ كَوْنِه مُمْتَنِعًا بنَابِه، لا لأنه غيرُ مالٍ. قال الحارِثِي: ويعْصِمُ مِنَ السُّؤالِ، أنْ يُضافَ إلى الحَدِّ، ما جرَى مَجْرَى المالِ.

وَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أقْسَامٍ: أحدُهَا، مَا لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ، كَالسَّوْطِ، وَالشِّسْعِ، وَالرَّغِيفِ، فَيُمْلَكُ بِأخْذِهِ بِلَا تَعْرِيفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتنْقَسِمُ ثَلاثةَ أقْسام؛ أحَدُها، ما لا تتْبَعُه الهِمةُ. يَعْنِي، هِمةَ أوْساطِ الناسِ، ولو كثرُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ومثلَه المُصَنِّفُ بالسوطِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشِّسْعِ، والرغِيفِ. ومثلَه في «الإرْشادِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيل»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وجماعةٌ، بالتمْرَةِ، والكِسْرَةِ، وشسعِ النعْلِ، وما أشْبَهَه. ومثلَه في «المُغْنِي» بالعَصا والحَبْلِ، وما قِيمَتُه كقِيمَةِ ذلك. قال الحارِثي: ما لا تتبعُه الهِمةُ. نص أحمدُ في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ وحَنبل، أنه ما كان مِثْلَ التمْرَةِ، والكِسْرَةِ، والخِرْقَةِ، وما لا خطَر له، فلا بأسَ. وقال في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور: الذي يُعَرفُ مِنَ اللُّقَطَةِ كل شيءٍ، إلا مالا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَةَ له. وسُئِلَ في رِوايَةِ حَرْبٍ، الرجُلُ يُصِيبُ الشِّسْعَ في الطريقِ، أيأخُذُه؟ قال: إذا كان جَيِّدًا مما لا يُطْرَحُ مِثْلُه، فلا يُعْجِبُنِي أنْ يأخُذَه، وإنْ كان رَدِيئًا قد طرَحَه صاحِبُه، فلا بَأسَ. قال الحارِثِي: فكلامُ أحمدَ لا يُوافِقُ ما قال في «المُغْنِي»، ولا شكَّ أن الحَبْلَ، والسَّوْطَ، والرغِيفَ يزِيدُ على التمْرَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكِسْرَةِ. قال: وسائرُ الأصحابِ على ما قال الإمامُ أحمدُ في ذلك كله، ولا أعْلَمُ أحدًا وافَقَ المُصَنِّفَ، إلا أبا الخَطابِ في الشِّسْعِ فقط. انتهى. قال في «الرِّعايَةِ»: وما قل؛ كتَمْرَةٍ، وخِرْقَةٍ، وشسعِ نَعْل، وكِسْرَةٍ، وقيل: ورَغيفٍ. انتهى. فحكَى في الرغيفِ الخِلافَ. وقيل: هو ما دُونَ نِصابِ السرِقَةِ. قال في «الكافِي»: ويحْتَمِلُ أنْ لا يجِبَ تَعْريفُ ما لا يُقْطَعُ فيه السارِقُ. وقيل: هو ما دُونَ قِيراطٍ؛ مِن عَين أو وَرِق. اخْتارَه أبو الفَرَجِ في «المُبْهِجِ»، ورَدهْ المُصَنفُ. وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيل، لا يجِبُ تَعْريف الدَّانِقِ. قال الحارِثِي: والظاهِرُ أنه عنَى دانِقًا مِن ذهَبٍ. وكذا قال صاحِبُ «التلْخيصِ». قال في «الرعايَةِ»: وقيلَ: بل ما فوقَ دانِقِ ذَهَبٍ. وقال أيضًا: وعنه، يُعَرَّفُ الدِّرْهَمُ فأكثرُ. فائدة: لو وجَد كَنَّاسٌ، أو نَخالٌ، أو مقلشٌ، قِطعًا صِغارًا مُفرَّقَةً، ملكَها بلا تَعْريفٍ، وإنْ كَثُرَتْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فيُمْلَكُ بأخْذِه بلا تَعْرِيض. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونص عليه أحمدُ. وعنه، يلْزَمُه تَعْريفُه. ذكَرَها أبو الحُسَينِ. وقيل: يلْزَمُه تَعْريفُه مُدَّة يظُنُّ طلَبَ رِّبه له. اخْتارَه في «الرِّعايَةِ». فوائد؛ منها ما قاله في «التبَّصَرَةِ»: إن الصدَقَةَ بذلك أوْلَى. ومنها، أنَّه لا يلْزَمُه دَفْعُ بَدَلِه، إذا وجَد ربه. على الصَّحيع مِنَ المذهبِ، وقُوةُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا تقْتَضِيه؛ لقَوْلِه: فيُمْلَكُ بأخْذِه بلا تَعْريفٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التبصِرَةِ»: يلْزَمُه. قال في «الفُروعِ»: وكلامُهم فيه يحْتَمِلُ وَجْهَين. وقيل لأحمدَ في التَّمْرَةِ تجِدُها، أو يُلْقِيها عُصْفُوز: أيأكُلُها؟ قال: لا. قال: أيطْعِمُها صَبِيًّا، أو يتَصَدقُ بها؟ قال: لا يعْرِضُ لها. نقَلَها أبو طالب وغيرُه، واخْتارَه عَبدُ الوَهابِ الوَرَّاقُ. ومنها: لا يُعَرِّفُ الكَلْبَ إذا وجَدَه، بل ينتفِعُ به، إذا كان مُباحًا. على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعَرِّفُ سنَةً. ويأتِي قريبًا.

الثَّانِي، الضوالُّ الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، كَالْإبِل، وَالْبَقَرِ، وَالْخَيلِ، وَالْبِغَالِ، وَالظِّبَاءِ، وَالطَّيرِ، وَالفُهُودِ، وَنحْوهَا، فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا، وَمَنْ أخذَهَا ضَمِنَهَا، فَإنْ دَفَعَهَا إِلَى نَائِبِ الإمَامِ زَال عَنْهُ الضَّمَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثانِي، الضوالُّ التي تمْتَنِعُ مِن صِغارِ السِّباعِ؛ كالأبِلِ، والبَقَرِ، والخَيلِ، والبِغالِ، والظباءِ، والطيرِ، والفُهُودِ، ونحوها، فلا يجوزُ التِقاطُها. بلا نِزاع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن الحُمُرَ مما يمْتَنِعُ مِن صِغارِ السِّباعِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهما: قاله الأصحابُ. قال الحارِثِي: هو قوْلُ القاضي في آخرَين. وجزَم به في «الرِّعايتَين» وغيرِهما. وقدمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهما. وألْحَقَ المُصَنِّفُ الحُمُرَ بالشاةِ ونحوها. قال الحارِثِي: وهو أوْلَى. ومنها، قال الحارِثِي: اخْتَلفَ الأصحابُ في الكَلْبِ المُعَلمِ؛ فأدْخَلَه المُصَنِّفُ فيما يمْتَنِعُ التِقاطُه، كما اقْتَضاه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ لَفْظِه هنا، وصَريحُ لَفْظِه في «المُغْنِي»؛ اعْتِبارًا بمَنَعَتِه بنابِه. وجوَّزَ التِقاطَه القاضي وغيرُه، وهو أصحُّ؛ لأنه لا نَصَّ في المَنْعِ، وليس في مَعْنَى المَمْنُوعِ، وفي أخْذِه حِفْظ على مُسْتَحِقِّه، أشْبَهَ الأثْمانَ وأوْلَى، مِن جِهَةِ أنه ليس مالًا، فيكونُ أخَفَّ. وعلى هذا، هل يَنْتَفِعُ به بعدَ حَوْلِ التعْريفِ؟ فيه وَجْهان، وفيهما طَرِيقان؛ أحَدُهما، بِناءُ الخِلافِ على الخِلافِ في تَمَلك الشَّاةِ بعدَ الحَوْلِ. وهي طَريقَةُ القاضي. الآخَرُ، بِناءُ الانْتِفاعِ على التمَلك لما يتمَلَّكُ بعدَ الحَوْلِ، وبِناءُ مَنْعِ الانْتِفاعِ على أنه لا يضْمَنُ لما ضاعَ منه بالقِيمَةِ لو تَلِفَ؛ لانْتِفاءِ كوْنِه مالا، فيُؤدِّي إلى الانْتِفاعِ مجَّانًا، وهو خِلافُ الأصْلِ. انتهى كلامُ الحارِثيِّ. ومنها، يجوزُ للإمامِ ونائبِه أخْذُ ما يمْتَنِعُ مِن صِغارِ السِّباع، وحِفْظُه لرَبِّه، ولا يلْزَمُه تَعْرِيفُه. قاله الأصحابُ. ولا يُكْتَفَى فيها بالصِّفَةِ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». ولا يجوزُ لغيرِهما أخْذُ شيء مِن ذلك لحِفْظِه لرَبه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال المُصَنِّفُ ومَن تَبِعَه: يجوزُ أخْذُها إذا خِيفَ عليها؛ كما لو كانتْ في أرْض مَسْبَعَةٍ، أو قريبًا مِن دارِ الحَرْبِ، أو بمَوْضِع يسْتَحِلُّ أهله أمْوال المُسْلِمين، أو في برِّيَّةٍ لا ماءَ فيها ولا مَرْعَى، ولا ضَمانَ على آخِذِها؛ لأنه إنْقاذ مِنَ الهَلاكِ. قال الحارِثِي: وهو كما قال. وجزَم به في «تَجْريدِ العِنايَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: لو قيلَ بوُجوبِ أخْذِها، والحالةُ هذه، لكان له وَجْه. ومنها، قطَع المُصَنِّفُ والشارِحُ بجَوازِ التِقاطِ الصيودِ المُتَوحِّشَةِ التي إذا تُرِكَتْ، رجَعَتْ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحْراءِ، بشَرْطِ أنْ يعْجِزَ عنها صاحِبُها. واقْتَصَر عليه الحارِثِي. قلتُ: فيُعايَى بها. وظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، عدَمُ الجَوازِ. قلتُ: وهو ضعيف، [لكِنَّه إنما حُكِيَ ذلك عنه في طَير مُتَوَحِّشَةٍ. وكلامُ المُصَنف أعَمُّ مِن ذلك] (¬1). ومنها، قال ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، والمُصَنفُ، والشارِحُ، والزرْكَشِي، وجماعةٌ: أحْجارُ الطواحِينِ، والقُدورُ الضخْمَةُ، والأخْشابُ الكَبيرَةُ ونحوُها مُلْحَقَة بالإبِلِ في مَنْعِ الالتِقاطِ. [قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: بل أوْلَى] (1). قال الحارِثِي: فظاهِرُ كلامِ غيرِ واحدٍ مِنَ الأصحابِ، جوازُ الالتِقاطِ، وكذا نَصُّه في رِوايَةِ حَنْبَل. [وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ» في الخَشَبَةِ الكَبيرةِ] (1). قوله: ومَن أخَذَها، ضَمِنَها. يعْنِي، إذا تَلِفَتْ، [ويضْمَنُ نَقْصَها] (¬2)، إذا تعَيبتْ، لكِن إتْلافَها لا يخْلُو؛ إما أنْ يكونَ قد كتَمَها، أوْ لا؛ فإنْ كان ما كتَمَها وتَلِفَتْ، ضَمِنَها كغاصِبٍ، وإنْ كان كتَمَها حتى تَلِفَتْ، ضَمِنَها بقِيمَتِها مرَّتَين، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في ط: «ونقص ضنها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المذهبِ، نص عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور؛ إمامًا كان أو غيرَه. وأخْتارَه أبو بَكْرْ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِي: وقال به غيرُ واحدٍ. قال في «الفُروعِ»: ويضْمَنُه كغاصِبٍ، ونَصُّه، وقاله أبو بَكْر، يضمَنُ ضالةً مَكْتُومَةً بالقِيمَةِ مرَّتَين؛ للخَبَرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قوْلُه: فإنْ دفَعَها إلى نائبِ الإمامِ، زال عنه الضمانُ. بلا نِزاعٍ. قال الحارِثِي (¬1): هذا يَنْبَنِي على أن لنائبِ الإمامِ أخْذَها ابتداءً للحِفْظِ. وهو شيء قاله مُتَأخرُو أهلِ المذهبِ؛ القاضي، وابنُ عَقيل، والسامَرِّي، والمُصَنِّف، وغيرُهم. وكذا لو أمَرَه برَدِّها إلى مَوْضِعِها، ورَدها، بَرِئ. قاله في «الفُروع» وغيرِه. الثَّانيةُ، إذا أخَذَها الإمامُ أو نائبُه منه، لم يلْزَمْه تَعْريفُها. قاله الأصحابُ. ¬

(¬1) في الأصل: «صاحب الحاوي».

الثَّالِثُ، سَائِرُ الْأمْوَالِ؛ كَالْأثْمَانِ، وَالْمَتَاعِ وَالْغَنَم وَالفصْلَانِ، وَالْعَجَاجِيلِ، وَالأفْلَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثالِثُ، سائرُ الأموالِ؛ كالأثْمانِ، والمَتاعِ، والغَنَمِ، والفُصْلانِ، والعَجاجِيلِ، والأفْلاءِ. يعْنِي، يجوزُ التِقاطُها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: وكذا مرِيض لا ينْبَعِثُ، ولو كان كبيرًا. وعنه، في شاةٍ، وفَصِيل، وعِجْل، وفِلْو، لا يجوزُ التِقاطُه. ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعنه، لأ يلْتَقِطُ الشاةَ ونحوَها إلا الإمامُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وذكَر أبو الفَرَجِ في العَرْضِ رِوايَةً، لا يلْتَقِطُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ العَبْدَ الصغيرَ، والجارِيَةَ. وهو صحيح. قال في «الرِّعايَةِ»: والعَبْدُ الصغيرُ كالشَّاةِ. وكذا كل جارِيَةٍ تحْرُمُ على المُلْتَقِطِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الحارِثِي: وصِغارُ الرقيقِ مُطْلَقًا يجوزُ التِقاطُه. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيل، واقْتَصَر على ذلك. وقيل: لا يُمْلَكُ بالتعْريفِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): وهذه المَسْألةُ فيها نظَر؛ فإن اللقِيطَ مَحْكوثم بحُرِّيته، فإنْ كان ممَّن لا يُعَبِّرُ عن نَفْسِه، فأقَرَّ (¬2) بأنه مَمْلوك، لم يُقْبَلْ إقْرارُه؛ لأن الطِّفْلَ لا قَوْلَ له، ولو اعْتُبِرَ قَوْلُه في ذلك، لاعْتُبِرَ في تعرِيفِه سيِّدَه. انتهى. وتقام كلامُ المُصَنِّفِ، في آخِرِ البابِ الذي قبلَه، وفيه إشارَة إلى أنَّ الصغيرَ يُمْلَكُ بالتعْريفِ. ¬

(¬1) المغني 8/ 349. (¬2) في الأصل: «فذلك».

فَمَنْ لَا يَأمَنُ نَفْسَهُ عَلَيهَا، لَيس لَهُ أخْذُهَا، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا وَإنْ عَرَّفَهَا. وَمَنْ أمِنَ نفْسَهُ عَلَيهَا. وَقَوىَ عَلَى تَعْرِيفِهَا، فَلَهُ أخدهَا، وَالْأفْضَلُ تَرْكُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أمِنَ نَفْسَه عليها، وقَوىَ على تَعْريفِها، فله أخْذُها، والأفْضَلُ تَرْكُها. هذا المذهبُ، نص عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في

وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: إن وَجَدَهَا بمَضْيَعَةٍ فَالْأفْضَلُ أخْذُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيز» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفرَداتِ. وعندَ أبِي الخَطَّابِ، إنْ وجَدَها بمَضْيَعَةٍ، فالافْضَلُ أخْذُها. قال الحارِثِيُّ: وهذا أظْهَرُ الأقْوالِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وخرَّج بعضُ الأصحابِ مِن هذا القَوْلِ وُجوبَ أخْذِها، وهو قَوي في النَّظَرِ. تنبيه: ظاهِرُ قَوْلِه: وقَوىَ على تَعْريفِها. أنَّ العاجِزَ عنِ التعْريفِ ليس له أخْذُها. وهو صَحيح. وكذا الحُكْمُ إنْ لم يأمَنْ نَفْسَه عليها. ولا يمْلِكُها بالتعْريفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْه، يمْلِكُها. ذكَرَه في

وَمَتَى أخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا، أوْ فَرَّطَ فِيهَا، ضَمِنَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي» وغيرِه. فائدة: لو أخَذَها لنيةِ الأمانَةِ، ثم طرأ قَصْدُ الخِيانَةِ. قال في «التلْخيصِ»: يحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يضْمَنُ، كما لا يضْمَنُ لو كان أوْدَعَه. قال الحارِثِي: وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وهو الصَّحيحُ. انتهى. والثَّاني، يضْمَنُ. قال في «التلْخيص»: وهو الأشْبَهُ بقَوْلِ أصحابِنا في التَّضْمِينِ بمُجَرَّدِ اعْتِقادِ الكِتْمانِ، ويُخالِفُ المُودَعَ، فإنَّه مُسَلَّط مِن جِهَةِ المالِك. انتهى. وتقدَّم نَظيرُ ذلك في الوَدِيعَةِ، قبلَ قوْلِه: وإنْ أوْدَعَه صَبِي وَدِيعَةً. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» حِكايَةً عن صاحِبِ «الترْغيبِ». قوله: ومَتَى أخَذَها ثم رَدها إلى مَوْضِعِها، أو فَرَّطَ فيها، ضَمِنَها. اعلمْ أنه إذا التقَطَها، ثم رَدها إلى مَوْضِعِها، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ ممَّا يجوزُ التِقاطُه، أوْ لا؛ فإنْ كانتْ ممَّا يجوزُ التِقاطُه، ضَمِنَها، إلى أنْ يأمُرَه الحاكِمُ أو نائبُه بذلك، فإنه لا يضْمَنُ، بلا نِزاع، كما تقدّم. وإنْ كانتْ مما لا يجوزُ التِقاطُه إذا رَدّه، فلا يخْلُو؛ إما أنْ يكونَ بإذْنِ الإمامِ أو نائبِه، أوْ لا؛ فإنْ كان بإذْنِ أحَدِهما، لم يضْمَنْ، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بغيرِ إذْنٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يضْمَنُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يضْمَنُ. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فعلى المذهبِ، يزُولُ عنه الضَّمانُ لو أخَذَها ودَفعَها إلى الامامِ أو نائبِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أخَذ مِن نائمٍ شيئًا، لم يبْرَأ منه إلَّا بتسْليمِه له بعدَ انْتِباهِه، وكذلك السَّاهِي (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

وَهِيَ عَلَى ثَلًاثَةِ أضْرُبٍ؛ حَيَوان، فَيُخَيَّرُ بَينَ أكْلِهِ وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ، وَبَينَ بَيعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، وَبَينَ حِفْظِهِ والإنْفَاقِ عَلَيهِ مِنْ مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهي على ثَلاثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، حَيَوان، فيُخَيَّرُ بينَ أكلِه وعليهِ

وهل يَرجِعُ بِذَلِكَ؛ عَلَى وَجْهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَتُه، وبينَ بَيعِه وحِفْظِ ثَمَنِه، وبينَ حِفْظِه والإنْفاق عليه مِن مالِه. قال المُصَنِّف، وتَبعَه الشّارِحُ: لم يذْكُر أصحابُنا له تَعريفًا. ومُرادُه، إذا اسْتَوَتِ الثَّلاثةُ عندَه، أَمَّا إذا كان أحدُهما أحظ، فإنه يلْزَمُه فِعلُه. قال في «الفُروعِ»: ويفْعَلُ الأحظَّ لمالِكِه. قال الحارِثِيُّ: وفي «المُجَردِ»، و «الفُصولِ» في بابِ الوَدِيعَةِ، أن كل مَوْضِعٍ وجَبَ عليه نَفَقَةُ الحَيَوانِ، فحُكْمُه حُكْمُ الحاكمِ؛ إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رأى مِنَ المصلَحَةِ بَيعَها وحِفْظَ ثَمَنِها، أو بَيعَ البَعضِ في مُؤنَةِ ما بَقِيَ، أو أنْ يسْتَقْرِضَ على المالِكِ، أو يُؤْجِرَ في المُؤْنَةِ، فعَل. انتهى. وقال في «التَّرغيب»: لا يبيعُ بعضَ الحَيوانِ. وأفْتَى أبو الخَطَّابِ، وابنُ الزَّاغُونِي بأكْلِه بمَضْيَعَةٍ بشَرطِ ضَمانِه، وإلا يجُزْ تَعجيلُ ذَبْحِه؛ لأنّه يُطْلَبُ. وقال أبو الحُسَينِ، وابنُ عَقِيل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُصولِ»، وابنُ بَكْروسٍ: لا يتَصَرفُ قبلَ الحَوْلِ في شاةٍ ونحوها بأكْل ولا غيرِه، رِوايَةً واحِدَةً، ونحوُه قَوْلُ أبِي بَكْر، قال في «زادِ المُسافِرِ»: وضالةُ الغَنَمِ إذا أخَذَها يُعَرِّفُها سَنةً، وهو الواجِبُ، فإذا مَضتِ السَّنَةُ، ولم يعرِفْ صاحِبَها، كانتْ له مِثْلَ ما التَقَطَ مِن غيرِها. قال الحارِثِيُّ: وقد قال الشَّرِيفان؛ أبو جَعفَر، والزيدِي: لا تُملَكُ الشاةُ قبلَ الحَوْلِ، رِوايَةً واحِدَةً. وكذا حكَى السَّامري، قال: إنْ كانتِ اللُّقَطَةُ حَيَوانًا، يجوزُ أخْذُه كالغَنَمِ، وما حُكْمُه حُكْمُها، لم يملِكْها قبلَ الحَوْلِ. قال الزَّركَشِيُّ: وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الحَيَوانَ يُعَرَّفُ كغيرِه، وهو مُقْتَضَى كلامِ صاحِبِ «التلْخيصِ»، وأبِي البَرَكاتِ، وغيرِهما. قال الحارِثِيُّ: وهذا يَنْفِي اخْتِيارَ الأكْلِ؛ لأنّه تَمَلُّكٌ عاجِلٌ. قال (¬1): وهذا، أعنِي الحِفْظَ مِن غيرِ تَخْيِير، هو الصَّحيحُ، وكان قال قبلَ ذلك: أوْلَى الأمُورِ، الحِفْظُ مع الإنْفاقِ، ثم البَيعُ وحِفْظُ ثَمَنِه (¬2)، ثم الأكْلُ وغُرمُ القِيمَةِ. انتهى. وقال ناظِمُ المُفْرَداتِ: والشَّاةُ في الحالِ ولو في المِصْرِ. . . . تُملَكُ بالضَّمانِ إنْ لم يُبْرِي ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يرجِعُ بذلك؟ على وَجْهين. وهما رِوايَتان في «المُجَردِ»، و «الفُصول»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الزركَشِي»؛ أحدُهما، يرجِعُ إذا نوَى الرُّجوعَ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وصحّحه في «التصحيحِ». قال الحارِثِي: والأصَحُّ الرُّجوعُ. والرُّجوعُ هو المَنْصوصُ في الآبِقِ، والآبِقُ مِن نحو الضَّالةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الإرشادِ». قال أبو بَكْر: يرجِعُ مع تَركِ التعَدِّي، فإنْ تعَدَّى، لم يُحسبْ له. والوَجْهُ الثاني، لا يرجِعُ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسبْعِين»: إنْ كانتِ النفقَةُ بإذْنِ حاكِم، رجَع، وإنْ لم تَكُنْ بإذْنِه، ففيه الرِّوايَتان. يعنِي اللَّتَين في مَن أدَّى حَقًّا واجِبًا عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه بغيرِ إذْنِه، ونوَى الرُّجوعَ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ الرُّجوعُ، على ما تقدم في بابِ الضمانِ، فكذا هنا. قال ابنُ رَجَبٍ: ومنهم مَن رجَّحَ هنا عدَمَ الرُّجوعِ؛ لأنَّ حِفْظَها لم يَكُنْ مُتَعَيِّنًا، بل كان مُخَيَّرًا بينَه وبينَ بَيعِها وحِفْظِ ثَمَنِها. وذكَر ابنُ أبِي مُوسى، أن المُلْتَقِطَ إذا أنْفَقَ غيرَ مُتَطَوِّع بالنَّفَقَةِ، فله الرُّجوعُ بها، وإنْ كان مُحتَسبًا، ففي الرُّجوع رِوايَتان. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ كان بإذْنِ

الثَّانِي، مَا يُخْشَى فَسادُهُ، فَيَتَخَيَّرُ بَينَ بَيعِهِ وَأكْلِهِ إلا أنْ يمكِنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ حاكِم، فله الرُّجُوعُ، وإنْ أنْفَقَ بغيرِ إذْنِه، ولم يُشْهد بالرجوعِ، فهو مُتَطَوِّعٌ، وإنْ أنْفَقَ مُحتَسِبًا بها، وأشْهدَ على ذلك، فهل يملِكُ الرجوعَ؟ على رِوايتَين. قوله: الثَّانِي، ما يُخْشَى فَسادُه، فيُخَيَّرُ بينَ بَيعِه وأكلِه. يعنِي، إذا اسْتَوَيا، وإلا فعَل الأحظ، كما تقدّم. قال في «الفُروعِ»: وله أكْلُ الحَيَوانِ، وما يُخْشَى فَسادُه بقِيمَتِه. قاله أصحابُنا. وقال في «المُغْنِي» (¬1): يقْتَضِي قوْلُ أصحابِنا: إن العُروضَ لا تُملَكُ. أنه (¬2) لا يأكلُ، ولكِنْ يُخَيَّرُ بينَ الصدَقَةِ وبينَ بَيعِه. ¬

(¬1) المغني 8/ 342. (¬2) في ط: «لأنه».

تَجْفِيفُهُ؛ كَالْعِنَبِ، فَيَفْعَلَ مَا يَرَى الْحَظَّ فِيهِ لِمَالِكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر نصًّا يدُلُّ على ذلك. انتهى. قال الحارِثِيُّ: ما لا يبْقَى، قال المُصَنِّفُ فيه، والقاضي، وابنُ عَقِيل: يتَخَيَّرُ بينَ بَيعِه وأكْلِه. بهذا أوْرَدُوا مُطْلَقًا. وقيَّد أبو الخَطابِ بما بعدَ التعريف؛ فإنه قال: عرفَه بقَدرِ ما يَخافُ فَسادَه، ثم هو بالخِيارِ. قال: وقوْلُه: بقَدرِ ما يخَافُ فَسادَه. وَهْمٌ، وإنَّما هو بقَدرِ ما لا يخافُ. قلتُ: وتابَع أبا الخَطَّابِ على هذه العِبارَةِ في «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التلْخيصِ»، وجماعة. ومشَى على الصوابِ في «الخُلاصةِ»، فقال: عرَّفَه، ما لم يخْشَ فَسادَه. قال الحارِثِيُّ: والمذهبُ الإبقاءُ، ما لم يفْسُد مِن غيرِ تَخْيِيرٍ، على ما مَر نصُّه في الشاةِ. وهو الصحيحُ، فإذا دَنا الفَسادُ، فرِوايَتان؛ إحداهما، التصَدُّقُ بعَينه مَضْمُونًا عليه. والثانيةُ، البَيعُ وحِفْظُ الثمَنِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما الحارِثِي. وقال ابنُ أبِي موسى: يتَصَدقُ بالثمَنِ. انتهى. ومنع تَعذر البَيعِ أو الصَّدَقَةِ يجوزُ له أكْلُه، وعليه القِيمَةُ. تنبيه: حيثُ قُلْنا: يُباعُ. فإن البائعَ المُلْتَقِطُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ سواء كان يسيرًا أو كثيرًا؛ تَعذَّر الحاكِمُ أوْ لا. وعنه، يبِيعُ اليَسِيرَ، ويرفَعُ الكَثِيرَ إلى الحاكِمِ. وعنه، يبِيعُه كُله إنْ فقدَ الحاكِمَ، وإلَّا رفَعَه إليه. فائدة: لو ترَكَه حتى تَلِفَ، ضَمِنَه. قوله: إلا أنْ يُمكِنَ تَجْفِيفُه، كالعِنَبِ، فيفْعَلَ ما يرَى فيه الحَظَّ لمالِكِه. أي مِنَ

وغَرَامَةُ التَّجْفِيفِ مِنْهُ. وَعَنْهُ، يَبِيعُ الْيَسِيرَ، وَيَدفَعُ الْكَثِيرَ إِلَى الْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّجْفيفِ والبَيعِ والأكلِ. وصرَّح به المُصَنفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي». ولم يجْعَلْ له القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل، والسَّامَريُّ الأكلَ، لأنّه يملِكُ قبلَ انْقِضاءِ التَّعريفِ فيما يبْقَى، وهو خِلاف الأصلِ. واقْتَصَروا على الأحَظِّ، مِنَ التجْفيفِ والبَيعَ. قال الحارِثِي: وهو الأقْوَى. وقال: وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، مِن رِوايَةِ مهنَّا، وإسحاقَ، التَّسْويَةُ بينَ هذا النوْعِ والذي قبلَه. وكذا كلامُ ابنِ أبِي مُوسى، قال: فيجْرِي فيه (¬1) ما مَر مِنَ الخِلافِ. انتهى. ¬

(¬1) في ط: «منه».

الثَّالِثُ، سَائِرُ الْمَالِ، فَيَلْزَمُهُ حِفْظُهُ، وَيُعَرِّف الْجَمِيعَ بِالنِّدَاءِ عَلَيهِ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ؛ كَالْأَسْوَاقِ وَأبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فِي أوْقَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُعَرِّف الجَمِيعَ -يعنِي وُجوبًا- بالنِّداءِ عليه في مَجامِعِ النَّاسِ؛ كالأسْواق، وأبوابِ المَساجِدِ في أوْقاتِ الصَّلَواتِ، حَوْلًا كامِلا: مَن ضاعَ منه

الصَّلَوَاتِ، حَوْلًا كَامِلا: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ شَيء أوْ نَفَقَةٌ. وَأجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَيهِ. وَقَال أبو الْخَطَّابِ: مَا لَا يملَكُ بِالتّعرِيفِ، وَمَا يُقْصَدُ حِفْظُهُ لِمَالِكِهِ، يَرجِعُ بِالأجْرَةِ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شيء أوْ نَفَقَة. وهذا بلا نِزاع في الجُملَةِ. ووَقْتُ التعريفِ النهارُ، ويكونُ في الأسْبُوعِ الأولِ، في كُلِّ يَوْم. قال في «الترغيب»، و «التلْخيصِ»، و «الرّعايَةِ»، وغيرِهم: ثم مرة في كُلِّ أسْبُوع مِن شَهْر، ثم مَرةً في كلِّ شَهْر. وقيل: على العادَةِ بالنِّداءِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. قلتُ: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصوابُ، ويكونُ ذلك على الفورِ. وقيل: يُعَرفُها بقُربِ الصحراءِ، إذا وجَدَها فيها. قال في «الرعايَةِ الكُبرَى»: قلتُ: في أقْرب البُلْدانِ منه. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: ويُعَرف الجميعَ. الحَيَوانَ وغيرَه. وهو أحدُ القَوْلَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم أن أبا بَكْر، وأبا الحُسَينِ، وابنَ عَقِيلٍ، وابنَ بَكْروسٍ، والشرِيفَين، وغيرَهم قالوا: لا يتَصَرفُ في شاةٍ ولا في غيرِها قبلَ الحَوْلِ، رِوايَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدةً. ونقَل أبو طالِبٍ، تُعَرَّف الشاةُ. وذكَرَه أبو بَكْر وغيرُه. وقال في «الفُروع»: أكثرُ الأصحابِ لم يذكُروا للحَيَوانِ تَعرِيفًا. وتقدّم أيضًا، أنَّ ما يُخْشَى فَسادُه، يُعَرفُ (¬1) بمِقْدارِ ما لا يُخافُ فَسادُه عندَ أبِي الخَطَّابِ، وابنِ الجوْزِي، والسامَري، وصاحِب «التلْخيصِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِي: والأصَحُّ أنها تُعَرفُ حَوْلًا. تنبيه: ظاهِرُ قَوْلِه: وأبوابِ المَساجِدِ. أنه لا يُعَرِّفُها في نَفْسِ المَساجِدِ. وهو صحيحٌ. بل يُكْرَهُ، على الصحيح مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ». وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: يحرُمُ. وقاله ابنُ بَطةَ في إنْشادِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أخَّرَ التعريفَ عنِ الحَوْلِ الأولِ، مع إمكانِه، أثِمَ، وسقَط التعريفُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصّ عليه، وعليه الأصحابُ. وخرَّج عَدَمَ السُّقوطِ مِن نصه على تعريف وما يُوجَدُ مِن دِفْن المُسْلِمِين. وهو وَجْهٌ ذكَرَه في «المُغنِي». قال الحارِثِي: وهو الصحيحُ. فيأتِي به في الحَوْلِ الثانِي، أو يُكمِلُه إنْ أخَلَّ ببَعضِ الأولِ. وعلى كِلا القَولَين، لا يملِكُها بالتعريف فيما عَدا الحَوْلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوَّلَ. وكذا لو ترَك التّعريفَ في بعضِ الحَوْلِ الأوَّلِ، لا يملِكُها بالتَّعريفِ بعدَه. وفي الصَّدَقَةِ به الروايتَان اللَّتان في العُروضِ. أمَّا إنْ ترَك التّعريفَ في الحَوْلِ الأوَّلِ لعَجزِه عنه؛ كالمَرِيضِ والمَحبُوسِ، أو لنِسْيان ونحوه، أو ضاعَتْ، فعَرَّفَها في الحَولِ الثَّانِي، فقيلَ: يسقُطُ التَّعريفُ، ولا يملِكُها. قدَّمه في «الرعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصغِيرِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِين». وقيل: يملِكُها، ولا يسْقُط التّعريفُ. وأطْلَقَهما في «المُغنِي»، و «الشرحِ»، و «شَرح الحارِثِي»، و «الفُروع»، و «الفائقِ». قوله: وأجْرَةُ المُنادِى عليه. يعنِي، على المُلْتَقِطِ. وهذا المذهبُ، نصّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال الحارِثِي: هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقذمه في «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «شرح الحارِثِي»، و «الفائق»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِير»، وغيرِهم. قوله: وقال أبو الخَطَّابِ: ما لا يُملَكُ بالتّعريف، وما يُقْصَدُ حِفْظُه لمالِكِه، يرجِعُ بالأجْرَةِ عليه. قلتُ: وهو الصوابُ. وقال ابنُ عَقِيل: ما لا يُملَكُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتعريفِ، يرجِعُ عليه بأجْرَةِ. وذكَر في «الفُنونِ» أنه ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. وقيل: على رَبِّها مُطْلَقًا. وعندَ الحَلْوانِي وابْنِه، الأجْرَةُ مِن نَفْسِ اللُّقَطَةِ، كما لو جفَّفَ العِنَبَ ونحوَه. وقيل: مِن بَيتِ المالِ، فإنْ تعَذرَ، أخَذَها الحاكِمُ مِن ربها.

فَإِنْ لَم يُعرَفْ، دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعدَ الْحَوْلِ حُكْمًا، كَالْمِيرَاثِ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، لَا يملِكُهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تُعرَفْ، دخَلَتْ في مِلْكِه بعدَ الحَوْلِ حُكْمًا كالمِيراثِ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ بلا رَيب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وصححه في «النظْم» وغيرِه. قال الزّركَشِي: نصَّ عليه في رِرايَةِ الجماعةِ، واخْتارَه الجُمهورُ. قال الحارِثِيُّ: المذهبُ أنَّ المِلْكَ قَهْرِي، يثْبُتُ عندَ انْقِضاء الحَوْلِ، كالإرثِ. وقدمه في «الكافِي»، و «شَرحِ ابنِ رَزِين»، و «الشَّرح»، و «التلْخيصِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروع»، وغيرِهم. وجزَم به في «العُمدَة»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَور»، وغيرِهم. وعندَ أبِي الخَطابِ، لا يملِكُه حتى يخْتارَ. وهو رِوايَة ذكَرَها في «الواضِح»، فيتَوقفُ على الرّضا، كالشراءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قدم المُصَنفُ أن لُقَطَةَ الحَرَمِ كغيرِها. وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثي: عدَمُ الفَرق هو المَشْهورُ في المذهبِ، واخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ، ونص عليه. قال الزركَشِي: هو اخْتِيارُ الجمهورِ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الشرح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وصاحِبُ «النهايَة» وغيرُهم، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرقِي. وعنه، لا تُملَكُ لُقَطَةُ الحَرَمِ بحال. اخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ، وغيرُه مِن المُتَأخرِين. قال في «الفائقِ» أيضًا: وهو المُخْتارُ. قال الحارِثِي: وهو الصحيحُ. وأطْلَقَهما في «المُحررِ». قال في «الانْتِصارِ»: ونُقِلَ عنه ما يدُلُّ

وَعَنْ أحمَدَ، لَا تُملَكُ إلا الْأثْمَانُ. وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذهبِ. وَهل لَهُ الصَّدَقَةُ بِغَيرها؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على أنَّ اللُّقَطَةَ لا تُملَكُ مُطْلَقًا. قال الزَّركَشِي: قلتُ: وهو غريبٌ لا تفْرِيعَ عليه، ولا عَملَ. وعنه، يتَمَلَّكُها فَقِير غيرَ ذَوي القُربَى. قال في «الفائق»: وعنه، لا يملِكُ، لكِنْ يأكلُه بعدَ الحَوْلِ مع فَقْرِه. نقَلَه حَنبل، وأنْكَرَه الخَلالُ. تنبيه: قدَّم المُصَنفُ، أنَّ غيرَ الأثمانِ كالأثْمانِ. وهو إحدَى الروايتَين، وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وصحَّحه النَّاظِمُ، واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. قال في «الفائقِ»: وهو المُختارُ. قال ابنُ رَزِين: هذا الأظهرُ. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرر»، و «الشَّرح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزم به في «العُمدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ». وعن أحمدَ، لا يملِكُ إلَّا الأثمانَ. وهي ظاهِرُ المذهبِ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهب»، و «المستَوعبِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «الرعايَةِ الكُبرَى»: هذا أشهرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الخُلاصَةِ»، و «الرعايَةِ الصغْرَى»: وتُملَكُ الأثمانُ، ولا تُملَكُ العُروضُ، على الأصح. انتهيا. واخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، وابنُ عَقِيل، وغيرُهم. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِيُّ، وصاحِب «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ، فقال: مُلْتَقِطُ الأثْمانِ مُذْ عَرَّفَها … حَوْلا فقَهْرًا ذو الغِنَى يملِكُها قال الزركَشِيُّ: وعنه، وهي المَشْهورَةُ في النَّقلِ، والمذهبُ عندَ عامَّةِ الأصحابِ، أنَّ الشاةَ ونحوَها تُملَكُ دونَ العُروضِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل له الصَّدقَةُ بغيرِها؟ على رِوايتَين. يعنِي، على القَوْلِ بأنه لا يملِكُ غيرَ الأثْمانِ. وعلى هذا، قال الأصحابُ؛ القاضي، وابنُ عَقِيل، والسَّامَري، وصاحِبُ «التلْخيصِ»، وغيرُهم: إنْ شاءَ، سلَّم إلى الحاكمِ وَبرِئ، وإنْ شاءَ، لم يُسَلّم، وعَرَّفَها أبدًا. قال في «الفُروع»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا تُدفَعُ إليه، وهل له الصَّدقَةُ بها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَة»، و «المُذْهبِ»،، و «الخُلاصةِ»، و «التلْخيص»، و «المُحَرَّر»، و «النظْم»، و «المُغْنِي»، و «الشّرحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنجى»، و «شَرحِ الحارِثِي» هنا؛ إحداهما، له الصَّدقَة به بشَرطِ الضمانِ. وهو المذهبُ. قال الخَلَّالُ: كلُّ مَن روَى عن أحمدَ روَى عنه أنَّه يُعَرِّفُها سنَةً، ويتَصَدَّقُ بها. قال في «الفائقِ»: هو المَنْصوصُ أخِيرًا. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِب»، و «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ السادِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: يتَصَدقُ به عنه، على الصحيحِ. والروايةُ الثَّانيةُ، ليس له ذلك، بل يُعَرفُها أبدًا. [نقَلَه عنه طاهِرُ بنُ محمدٍ] (¬1)، واخْتارَه أبو بَكْر في «زادِ المُسافِر»، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير». قال الحارِثِي في الغصبِ عندَ قولِه: وإنْ بَقِيَتْ في يَدِه غُصُوبٌ: والمذهبُ أنه لا يتَصدقُ. انتهى. لكِنْ قال الخَلالُ: هذا قَوْل قديم رجَع عنه، وكل من روَى عنه، روَى عنه أنّه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. وهو طاهِر بن محمد بن نزار، أبو الطيب، أحد أصحاب الإمام أحمد. طبقات الحنابلة 1/ 179.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعَرِّفُها سنَةً، [ويتَصَدَّقُ بها] (¬1). وذكَر أبو الخَطَّابِ رِوايَةً؛ أنَّه إنْ كان يسِيرًا، باعَه وتَصَدَّقَ به، وإنْ كان كثيرًا، رفَعَه إلى السُّلْطانِ، وقال: نقَلَه مهنَّا، ورَدَّه المَجْدُ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والتِّسْعِين». وتقدَّمَتْ هذه المسْألةُ، في كلامِ المُصَنِّفِ، ونظائِرُها في أوَاخِرِ الغصبِ عند قَوْلِه: وإنْ بقِيَتْ في يَدِه غُصُوب لا يعرِفُ أربابَها. تنبيه: تلَخَّصَ لنا ممَّا تقدَّم في هذه المَسْالةِ، أنَّ الصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّ اللقَطَةَ تدخُلُ في مِلْكِه قَهْرًا، كالمِيراثِ، حيثُ قُلْنا: تُملَكُ. وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، التسْويَةُ بينَ لُقَطَةِ الحَرَمِ وغيرِها، وأنَّ أكثرَ الأصحابِ قالوا: لا يملِكُ غيرَ الأثْمانِ. وهو المَشْهورُ عنه. وهو المذهبُ. لكِنْ على المُصطَلَحِ الذي تقدَّم في الخُطبةِ، يكونُ المذهبُ المِلْكَ في الكُلِّ قهْرًا. فائدة: قال في «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ الرِّوايَتان المُتقَدِّمَتان اللَّتان في الصَّدَقةِ في غيرِ الأثْمانِ، أنْ يأتِيا في ما يأخُذُه السُّلْطانُ مِنَ اللصوصِ، إذا لم يُعرَفْ رُّبه. فائدتان؛ إحداهما، لو الْتَقَطَ اثْنان، وعَرَّفا، ملَكاها. وعلى القَوْلِ بالاخْتِيارِ، لو اخْتارَ أحدُهما فقط، ملَك النِّصفَ، ولا شيءَ لصاحِبِه. الثَّانَيةُ، لو رأى اللقَطَةَ اثْنان، فقال أحدُهما للآخَرِ: هاتها، فأخَذَها لنَفْسِه، فهي للآخِذِ، وإنْ أخَذَها للآمِرِ، فهي له، أعنِي للآمِرِ، كما في التوْكِيلِ في الاصطِيادِ. ذكرَ ذلك المُصَنِّفُ وغيرُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، لَا تُمْلَكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ حَتَّى يَعْرِفَ وعَاءَهَا، وَوكَاءَهَا، وَقَدْرَهَا، وَجنْسَهَا، وَصِفَتَهَا. وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عِنْدَ وجْدَانِهَا، وَالإشْهَادُ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ التَّصَرُّفُ في اللُّقَطَةِ حتى يعْرِفَ وعاءَها، ووكاءَها، وقَدْرَها، وجنْسَها، وصِفَتَها، ويُسْتَحَبُّ ذلك عندَ وجْدانِها. الأَوْلَى مَعْرِفَةُ ذلك عندَ التِقاطِها، وإنْ أخَّرَ مَعْرِفَةَ ذلك إلى مَجِئِ صاحِبِها، جازَ، فإنْ لم يجِئْ، وأرادَ التَّصَرُّفَ فيها بعدَ الحَوْلِ، لم يجُزْ حتى يَعْرِفَ صِفَتَها، وكذلك إنْ أرادَ خَلْطَها بمالِه على وَجْهٍ لا تتمَيَّزُ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): تجِبُ حالةَ الأخْذِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا، وحالةَ إرادَةِ التَّصَرُّفِ وُجُوبًا مُضَيَّقًا. ¬

(¬1) المغني 8/ 308.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الوعاءُ هو ظَرْفُها. والوكاءُ، هو الخَيطُ الذي تُشَدُّ به. والعِفاصُ، قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هو الشَّدُّ والعَقْدُ. وقيل: هو صِمامُ القارُورَةِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، أنَّه الصُّرَّةُ، وهو ظَرْفُها. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الوعاءُ الذي تكونُ فيه؛ مِن خِرْقَةٍ أو غيرِها. [وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الوكاءُ، ما يُشَدُّ به. والعِفاصُ، هو صِفَةُ شدِّه وعقْدِه. وقيل: بل سِدادَةُ القارُورَةِ. وقيل: بل الوعاءُ. انتهى] (¬1). قال الحارثيُّ: العِفاصُ مَقُولٌ على الوعاءِ، وورَد، احْفَظْ عِفاصَها ووعاءَها. والعِفاصُ في هذه الرِّوايَةِ، صِمامُ القارُورَةِ، أي الجِلْدُ المَجْعُولُ على رأْسِها، يُقالُ عليه أيضًا، فيَتَعَرَّفُ الوعاءَ، كِيسًا هو، أو غيرَ ذلك، وهل هو مِن خِرَقٍ أو جُلُودٍ أو وَرَقٍ؟ وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويتَعَرَّفُ، هل هو إبْرَيسَمٌ، أو كَتَّانٌ؟ وإنْ كان ثِيابًا، تُعَرَّفُ لَفائِفُها، أو مائِعًا، يُتَعرَّفُ ظَرْفُه، خِرَقٌ، أو خَشبٌ، أو جِلْدٌ. ويُتعَرَّفُ الوكاءُ، وهو ما يُرْبَطُ به، أَسَيرٌ، أم خَيطٌ، أم شَرَّابَةٌ؟ قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما: ويُتَعَرَّفُ الرَّبْطُ، هل هو عُقْدَةٌ أو عُقْدَتان، وأُنْشُوطَةٌ أو غيرُها؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والإشْهادُ عليها. يعْنِي، يُسْتَحَبُّ الإشْهادُ عليها، ويكُونان عَدْلَين. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: قاله. كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائق»، وغيرِهم. وقيل: يجِبُ الإشْهادُ. اخْتارَ أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، وابنُ أبِي مُوسى. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفائقِ»: وهو المَنْصوصُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يكونُ الإشْهادُ عليها لا على صِفَتِها. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: يكونُ عليها وعلى صِفَتِها. ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ.

فَمَتَى جَاءَ طَالِبُهَا فَوَصَفَهَا، لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيهِ بِنَمَائِهَا الْمُتَّصِلِ، وَزِيَادَتُهَا الْمُنْفَصِلَةُ لِمَالِكهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلوَاجِدِهَا بَعْدَهُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فمتى جاءَ طالِبُها فوصَفَها، لَزِمَه دَفْعُها إليه. يعْنِي، مِن غيرِ بَيِّنَةٍ ولا يَمِينٍ، بلا نِزاعٍ، وسواءٌ غلَب على ظَنِّه صِدْقُه أوْ لا؟ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يدْفَعُها إليه إذا وصَفَها إلَّا مع ظَنِّ صِدْقِه. قدَّمه في «الرّعايَةِ الكُبْرَى». وقال في «المُبْهِجِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: جازَ الدَّفْعُ. ونقَل ابنُ هانِيء، ويُوسُفُ بنُ مُوسى، لا بأْسَ به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فيما إذا وصَفَها فقط، أمَّا إذا قامَتْ له بَيِّنَةٌ بذلك، لَزِمَه دَفْعُها. وهو واضِحٌ. فائدة: قال الحارِثِيُّ: إذا قُلْنا بوُجوبِ الدَّفْعِ إذا وصَفَها، فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والقاسِمُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحدَّادِ، في كتُبِهم الخِلافِيَّةِ (¬1): إذا وصَف العِفاصَ والوكاءَ والعدَدَ، لَزِمَ الدَّفْعُ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مُشَيشٍ. وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ: إذا جاءَ بالصِّفَةِ والوَزْنِ، جازَ الدَّفْعُ إليه. ¬

(¬1) في ط: «الخلاف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وزِيادَتُها المُنْفَصِلَةُ لمالِكِها قبلَ الحَوْلِ، ولواجِدِها بعدَه، في أصَحِّ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّاني، تكونُ لصاحِبِها أيضًا. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير». وهما رِوايَتان في «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّر»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قال في «الهِدايَةِ»، وتَبِعَه في «المُسْتَوْعِب»، بعدَ أنْ أطْلَقَ الوَجْهَين: بِناءً على

وَإنْ تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَمْ يَضْمَنْهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ ضَمِنَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبِ إذا اسْتَرْجَعَ العَينَ المَوْهوبَةَ. وقال أبو الخَطَّابِ أيضًا، عن الوَجْهِ الثَّاني: بِناءً على المُفْلِسِ. وقال الحارِثِيُّ: ما مَبْنِيَّان على الخِلافِ في مِثْلِه في المَبِيعِ المُرْتجَعِ مِنَ المُفْلِسِ، والمَوْهُوبِ المُرْتَجَعِ مِنَ الوَلَدِ. انتهى. قلتُ: أمَّا الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ في العَينِ المَوْهوبَةِ إذا رجَع فيها الأبُ، فإنَّها للوَلَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، على ما يأْتِي في الهِبَةِ. وأمَّا الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ في المَبِيعِ المأْخُوذ مِنَ المُفْلِسِ، فالخِلافُ فيها قَويٌّ، والمذهبُ أنَّها للبائعِ. واخْتارَ المُصَنفُ وغيرُه أنَّها للمُفْلِسِ، على ما تقدَّم. وأمَّا الزِّيادَةُ المُتصِلَةُ فهي لمالِكِها على كلِّ حالٍ. قوله: وإنْ تَلِفَتْ، أو نقَصَتْ قبلَ الحَوْلِ، لم يضْمَنْها. مُرادُه، إذا لم يُفَرِّطْ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّها أمانَةٌ في يَدِه. وإنْ كان بعدَه، ضَمِنَها، ولو لم يُفَرِّطْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونَصَرُوه. وعنه، لا يضْمَنُها، إذا تَلِفَتْ. حكَى ابنُ أبِي مُوسى، عن أحمدَ، أنَّه لَوَّحَ في مَوْضِعٍ، إذا أنْفَقَها بعدَ الحَوْلِ والتَّعْريفِ، لم يضْمَنْها؛ لحَديثِ عِياضِ بنِ حمارٍ. وقيل: ولا يرُدُّها إنْ كانتْ باقِيَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ هذا، إذا قُلْنا: يمْلِكُها بعدَ الحَوْلِ. فأمَّا على القَوْلِ بعدَمِ المِلْكِ، فإنَّه لا يضْمَنُها إذا لم يُفَرِّطْ، بل حُكْمُها حُكْمُ الحَوْلِ الأوَّلِ. فوائد؛ الأُولَى، لو قال مالِكُ اللُّقَطَةِ، بعدَ التَّلَفِ، للمُلْتَقِطِ: أخَذْتَها لتَذْهَبَ بها. وقال المُلْتَقِطُ: بل لأُعَرِّفَها. فالقَوْلُ قولُ المُلْتَقِطِ. ذكَرَه المَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». نقَلَه عنه الحارِثِيُّ، آخِرَ البابِ. الثَّانيةُ، إذا تصَرَّفَ في اللُّقَطَةِ بعدَ الحَولِ؛ فإنْ كانَتْ مِثْليَّةً، ضَمِنَها بمِثْلِها، وإنْ لم تكُنْ مِثْلِيَّةً، ضَمِنَها بقِيمَتِها يومَ عرَف رَبَّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهما. وجزَم به في «المُحَرَّر» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يضْمَنُها بقِيمَتِها يومَ ملَكَها. قطَع به ابنُ أبِي مُوسى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وصحَّحه في «الفائقِ». وقدَّمه في «الرَّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما الحارثيُّ في «شرْحِه». وقيل: يضْمَنُها بقِيمَتِها يومَ غَرِمَ بدَلَها. الثَّالثةُ، لو أدْرَكَها ربُّها بعدَ الحَوْلِ مَبِيعَةً، أو مَوْهُوبَة، فليس له إلَّا البدَلُ، كما في التَّلَفِ، ولو أدْرَكَها في زَمَنِ الخِيارِ، فوَجْهان؛ أصحُّهما، وُجوبُ الفَسْخِ والرَّدِّ إليه. قاله الحارِثيُّ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الرِّعايَةِ» والوَجْة الثَّاني، عدَمُ الوُجوبِ. وهو قَويٌّ في النَّظَرِ؛ لأنَّ المِلْكَ ينْتَقِلُ إلى المُشتَرِي، زَمَنَ الخِيارِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. ولو كان عادَ إليه بفَسْخٍ أو شِراءٍ، أو غيرِ

وَإنْ وَصَفَهَا اثْنَانِ، قُسِمَتْ بَينَهُمَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وفَىِ الْآخَرِ يُقْرَعُ بَينَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، أخَذَه المالِكُ. قطَع به الحارِثِيُّ. ولو أدْرَكَه مَرْهُونًا، ملَك انْتِزاعَه؛ لقِيامِ مِلْكِه، وانْتِفاءِ إذْنِه في الرَّهْنِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: يتَوَجَّهُ عدَمُ الانتِزاعِ؛ لتَعَلُّقِ حقِّ المُرْتَهِنِ به. الرَّابعَةُ، تدْخُلُ اللُّقَطَةُ في مِلْكِ المُلْتَقِطِ مِن غيرِ عِوَض يثْبُتُ في الذِّمَّةِ، وإنَّما يتَجَدَّدُ وُجوبُ العِوَضِ بظُهورِ المالِكِ، كما يتَجَدَّدُ به زَوالُ المِلْكِ عن العَينِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه الحارِثِيُّ، ونصَرَه. وقال القاضي: إنَّما يمْلِكُ بعِوَضٍ كالقَرْضِ. ثم قال: إنما تجِبُ القِيمَةُ بحُضورِ المالِكِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا تَناقُضٌ. وقال: ما قاله القاضي، وكثيرٌ مِن أصحابِه قاله الزَّرْكَشيُّ. قوله: وإنْ وصَفَها اثْنان، قُسِمَتْ بينَهما، في أحَدِ الوَجْهين. وكذا قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَب»، وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ»، في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والتِّسْعِين». وَفِي الآخَرِ، يُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع صاحِبَه، حلَف وأخَذَها. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: والمذهبُ القُرْعَةُ، ودفْعُها إلى القارِعِ مع يَمِينِه. نصَّ عليه. وذكَرَه المُصَنِّفُ في «كِتابَيه». وبه جزَم القاضي، وابنُ عَقِيل، كما في تَداعِي الوَدِيعَةِ. قال الشَّارِحُ: وهذا أشْبَهُ بأصولِنا فيما إذا تَداعَيا عَيْنًا في يَدِ غيرِهما. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي». وصحَّحه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال: هذا أقْيَسُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ السِّتِّينْ بعدَ المائَةِ». تنبيه: محَلُّ هذا، إذا وصَفاها معًا، أو وصَفَها الثَّانيَ قبلَ دَفْعِها إلى الأوَّلِ، أمَّا إذا وصَفَها واحدٌ، ودُفِعَتْ إليه، ثم وصَفَها آخَرُ، فإنَّ الثَّاني لا يسْتَحِقُّ شيئًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «شَرْحِ الحارِثيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» غيرِه، وعليه الأصحابُ. وقال أبو يَعلَى الصَّغِيرُ: إنْ زادَ في وَصْفِها، احْتَمَلَ تخْرِيجُه على بَيِّنةِ النِّتاجِ والنِّساجِ، فإنْ رجَّحْنا به هناك رجَّحْنا به هنا. فائدتان؛ إحداهما، لو ادَّعاها كلُّ واحدٍ منهما، فوصَفَها أحدُهما دُونَ الآخَرِ، حلَف وأخَذَها. ذكَرَه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ» ومِثْلُه وَصْفُه مَغصُوبًا

وَإنْ أَقَامَ آخَرُ بَيَّنةً أنَّهَا لَهُ، أَخَذَهَا مِنَ الْوَاصِفِ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا مَنْ شَاءَ مِنَ الْوَاصِفِ أَوْ الدَّافِعِ إِلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ومَسْرُوقًا. ذكَره في «عُيونِ المَسائل»، والقاضي، وأصحابُه على قِياسِ قَوْلِه: إذا اخْتَلَف المُؤْجِرُ والمُسْتَأْجِرُ في دِفْنٍ في (¬1) الدَّارِ، فمَن وصَفَه فهو له. وقيل: لا. كوَدِيعةٍ، وعارِيَّةٍ، ورَهْنٍ، وغيرِه؛ لأنَّ اليَدَ دليلُ المِلْكِ، ولا تتَعَذَّرُ البَيِّنَةُ. الثَّانيةُ، يلْزَمُ مُدَّعِي اللُّقَطَةِ، مع صِفَتِها، أنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بالْتِقاطِ العَبْدِ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّ إقْرارَ العَبْدِ لا يصِحُّ فيما يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. صحَّحه في «المُسْتَوْعِب». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يلْزَمُه. قوله: وإنْ أقامَ آخَرُ بَيِّنَةً أنَّها له، أخَذَها مِنَ الواصِفِ، فإنْ تَلِفَتْ، ضَمَّنَها مَن شاءَ مِنَ الواصِفِ أو الدَّافِعِ إليه -وهو المُلْتَقِطُ- إلَّا أَنْ يدْفَعَها بحُكْمِ حَاكِمٍ، فَلا ضَمانَ علَيه. إنْ دَفَعَها إلى الواصِفِ بحُكْمِ حاكِمٍ، فلا ضمانَ عليه، قوْلًا واحِدًا. وإنْ لم يكُنْ بحُكْمِ حاكِمٍ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ تَضْمِينِ الواصِفِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

إلا أَنْ يَدْفَعَهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيهِ. وَمَتَى ضَمِنَ الدَّافِعُ، رَجَعَ عَلَى الْوَاصِفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والدَّافِعِ، وهو أحدُ الوَجْهَين. قال الحارِثِيُّ: هو قَوْلُ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. قلتُ: منهم القاضي. ذكَرَه في «القَواعِدِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» [فإنْ ضَمَّنَ الدَّافِعَ، رجَع على الواصِفِ، إلَّا أنْ يكونَ قد أقَرَّ له بالمِلْك. قاله في «القَواعِدِ»، وغيرِه] (¬1). وقيل: لا يلْزَمُ المُلْتَقِطُ شيءٌ، إذا قُلْنا بوُجوبِ الدَّفْعِ إليه. وهو تَخْرِيجٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه فعَل ما أُمِرَ به، ولا مَنْدُوحَةَ عنه، كما لو كان بقَضاءِ قاضٍ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحَ. تنبيه: قوْلُه: ومتى ضَمِنَ الدَّافِعُ، رجَع على الواصِفِ. مُرادُه، إذا لم يعْتَرِفْ له بالمِلْك. فأمَّا إنِ اعْتَرفَ له بالمِلْكِ، فإنَّه لا يرْجِعُ عليه أَلْبَتَّةَ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَينَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أَو فَقِيرًا، مُسْلِمًا أَو كَافِرًا، عَدْلًا أَو فَاسِقًا، تَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيها. وَقِيلَ: يُضَمُّ إِلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ فِي تَعْرِيفِهَا وَحِفْظِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا فرْقَ بينَ كَوْنِ المُلْتَقِطِ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا، مُسْلِمًا أوْ كافِرًا، عَدْلًا أوْ فاسِقًا، يأْمَنُ نَفْسَه عليها. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفُروعِ». قال ابنُ مُنْجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الخُلاصَةِ»: فإنْ كان الفاسِقُ لا يُؤْمَنُ على تَعْريفِها، ضُمَّ إليه أمِينٌ. انتهى. وقيل: يُضَمُّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ في تعْريفِها وحِفْظِها. قطَع به القاضي، وابنُ عَقيلٍ، وأبو الحَسَنِ ابنُ البَنَّا، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». قال في «الفائقِ»: ويُضَمُّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ في أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه الحارِثِيُّ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: وإنْ عَلِمَ الحاكِمُ أو السُّلْطانُ بها، أقَرَّها في يَدِه، وضمَّ إليه مُشْرِفًا يُشْرِفُ عليه، ويتَوَلَّى تعْرِيفَها وقيل: يُضَمُّ إلى الذِّمِّيِّ عَدْلٌ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: إنْ عَلِمَ بها الحاكِمُ، أقَرَّها في يَدِه، وضمَّ إليه مُشْرِفًا عَدْلًا يُشْرِفُ عليه، ويُعَرِّفُها. قال الحارِثِيُّ: ولابُدَّ مِن مُشْرِفٍ يُشْرِفُ عليه. وقيل: تُنْزَعُ لُقَطَةُ الذِّمِّيِّ [مِن يَدِه] (¬1)، وتُوضَعُ على يَدِ عَدْلٍ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ وَجَدَهَا صَبِيٌّ أَوْ سَفِيهٌ، قَامَ وَلِيُّهُ بِتَعْرِيفِهَا، فَإِذَا عَرَّفَهَا، فَهِيَ لِوَاجِدِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وجَدَها صَبِيٌّ أوْ سَفِيهٌ، قامَ وَليُّه بتَعْريفِها، فإذا عَرَّفَها، فهي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لواجدِها. وكذا المَجْنونُ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال الأصحابُ: يضْمَنُ الوَلِيُّ إنْ أبْقاها بيَدِ الصَّبِيِّ بعدَ عِلْمِه؛ وإنْ تَلِفَتْ في يَدِ أحَدِهما بغيرِ تَفْريطٍ، فلا ضَمانَ عليه، وإنْ تَلِفَتْ بتَفْريطِه،

وَإنْ وَجَدَهَا عَبْدٌ، فَلِسَيِّدِهِ أَخذُهَا مِنْهُ وَتَرْكُهَا مَعَهُ، يَتَوَلَّى تَعْرِيفَهَا إِذَا كَانَ عَدْلًا، وَإنْ لَمْ يَأْمَنِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ عَلَيها، لَزِمَهُ سَتْرُهَا عَنْهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ، وَإنْ أَتلَفَهَا بَعْدَهُ، فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ضَمِنَها في مالِه. نصَّ عليه في صَبِيٍّ كإتْلافِه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي «المُنْتَخَبِ» وغيرِه، لا يضْمَنُ. الثَّانيةُ، لو كان الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا، فعَرَّفَ، قال الحارِثِيُّ: فظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» عدَمُ الإجْزاءِ. والأظْهَرُ الإجْزاءُ؛ لأنَّه يعْقِلُ التَّعْريفَ، فالمَقْصودُ حاصِلٌ. واقْتَصرَ على كلامِهما في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قوله: وإنْ وجَدَها عَبْدٌ، فلسَيِّدِه أخْذُها منه وتَرْكُها معه، ويتَوَلَّى تَعْرِيفَها إذا كان عَدْلًا. للعَبْدِ أنْ يلْتَقِطَ، وأنْ يُعَرِّفَها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»: له ذلك في الأَصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: يصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التِقاطُه، على المذهبِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِب»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وقيل: ليس له ذلك بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وهو رِوايَةٌ ذكَرَها الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وجزَم به في «البُلْغَةِ». قال الحارِثِيُّ: وعن أبي بَكْرٍ، يتَوقَّفُ التِقاطُه على إذْنِ السَّيِّدِ. ذكَرَه السَّامَريُّ؛ أخْذًا مِن قوْل في «التَّنْبِيهِ»: إذا الْتقَطَ العَبْدُ، فَضاعَتْ منه أو أتْلَفَها، ضَمِنَها. قال: فسَوَّى بينَ الإتْلافِ والضَّياعِ، ولم يُفَرِّقْ بينَ الحَوْلِ وبعدَه، فدَلَّ على عدَمِ الصِّحَّةِ بدُونِ إذْنٍ. قال الحارِثِي: وفي اسْتِنْباطِ السَّامَرِّي نظَرٌ (¬1). قوله: فإنْ أتْلَفَها قبلَ الحَوْلِ، فهي في رَقَبَتِه -بلا نِزاعٍ- وانْ أتْلَفَها بعدَه، فهي في ذِمَّتِه. هذا أحدُ القَوْلَين. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفائقِ»، وغيرهم. قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: إذا أتْلَفَها بعدَ الحَولِ، ففي ذِمَّتِه، على الأظْهَرِ. ويأْتِي كلامُ الزَّرْكَشِيِّ علي هذا القَوْلِ. وقيل: إنْ أتْلَفَها بعدَ الحَوْلِ؛ فإنْ قُلْنا: يمْلِكُها. فهي في ذِمَّتِه، وإن قُلْنا: لا يمْلِكُها. فهي في رَقَبَتِه. وهذا المذهبُ على ما يأْتِي. واعلمْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ العَبْدَ، هل يحْصُلُ له المِلْكُ مِن غيرِ تَمْليكِ سيِّدِه، أم لا؟ فيه خِلافٌ سبَق في أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ، عندَ الفَوائدِ التي ذُكِرَتْ هناك. فمتى أتْلَفَها، أو فرَّطَ حتى تَلِفَتْ؛ فإنْ كان قبلَ الحَوْلِ، فهي في رقَبَتِه. نصَّ عليه، وعلى السَّيِّدِ الفِداءُ أو التَّسْلِيمُ، وإنْ كان بعدَه؛ فإن قُلنا: يمْلِكُها. فهي في ذِمَّتِه، وإن قُلْنا: لا يمْلِكُها. فهي في رَقَبَتِه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروع». قال الحارِثيُّ: وهذا إنَّما يتَّجِهُ على تَقْدِيرِ أنَّ السَّيِّدَ لم يمْلِكْ؛ لكَوْنِه لم يتَمَلَّكْ، اسْتِنادًا إلى تَوَقُّفِ المِلْكِ على التَّمَلُّك. وفيه بُعْدٌ. وقال في «الشَّرْحِ» أيضًا: ويصْلُحُ أنْ ينْبَنِي على اسْتِدانَةِ العَبْدِ، هل تتَعلَّقُ برَقَبَتِه أو ذمَّتِه؟ علي رِوايتَين. قال الحارِثِيُّ: وهو تَخْريجٌ حَسَنٌ؛ لشِبْهِ الغُرْمِ بعدَ الإنْفاقِ بأداءِ المُقتَرَضِ. وقال أبو بَكْرٍ، في «زادِ المُسافِرِ»: لأبي عَبْدِ اللهِ في ضَمانِ ما أتْلَفَه العَبْدُ قوْلان، أي رِوايَتان؛ إحْداهما، في رَقَبَتِه كالجِنايَةِ. والأُخْرَى، في ذمَّتِه. وبالأَوَّلِ أقولُ. قال السَّامَرِّيُّ: ولم يُفَرِّقْ قبلَ الحوْلِ وبعدَه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يتَّجِهُ الفرْقُ في التَّعَلُّقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرَّقبَةِ بينَ ما قبلَ الحوْلِ وبعدَه. قال الحارِثِيُّ: وهذا ضعيفٌ جدًّا. انتهى. وقال الزَّرْكَشِيُّ، عن كلامِ المُصَنِّفِ هنا، ومَن تابعَه: كلامُهم مُتَوَجِّهٌ، إنْ قُلْنا: إنَّ العَبْدَ يمْلِكُ. وإنْ قُلنا: المِلْكُ للسَّيِّدِ، كما صرَّح به أبو محمدٍ، واقْتَضاه كلامُ صاحِبِ «التَّلْخيص» وغيرِه، فالجِنايَةُ على مالِ السَّيِّدِ، فلا تتَعَلَّقُ بذِمَّتِه، ولا

وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، فَهِيَ بَينَهُ وَبَينَ سَيِّدِهِ، إلا أَنْ يَكُونَ بَينَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَهَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأةِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ برَقبَتِه، بلِ الذي ينْبَغِي، أن تتعَلَّقَ بذِمَّةِ السَّيِّدِ، وإنْ قيل: إنَّ العَبْدَ لا يمْلِكُ ولا السَّيِّدَ. تعَيَّنَ. التَّعَلُّقُ برَقبَتِه، كجِنايَتِه (¬1). انتهى. وقال في «الكافِي»: وإنْ أتْلفَها العَبْدُ، فحُكمُ ذلك حُكْمُ جِنابَتِه. انتهى. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، جِنايَتُه في رَقَبَتِه، وإنْ خرَق ثوْبَ رجُلٍ، فهو دينٌ عليه. قوله: والمُكاتبُ كالحُرِّ. بلا نِزاعٍ. والمُدَبَّرُ، والمُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ، وأمُّ الوَلَدِ، كالعَبْدِ، بلا نِزاعٍ أيضًا. قوله: ومَن بعضُه حُرٌّ، فهي بينَه وبينَ سَيِّدِه، إلَّا أنْ يكُونَ بينَهما مُهايَأَةٌ، فهل تدْخُلُ فِي المهايَأةِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، لا تدْخُلُ في المُهايَأَةِ، بل تكونُ بينَه وبينَ سَيِّدِه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، تدْخُلُ في المُهايَأَةِ، فإذا وجَدَها في نَوْبَةِ أحَدِهما، فهي له. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ في النَّادِرِ مِن (¬1) كَسْبِ المُعْتَقِ بعضُه؛ كالهِبَةِ، والهَدِيَّةِ، والوَصِيَّةِ، ونحوها، خِلافًا ومذهبًا. تنبيه: الخِلافُ هنا، مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في دُخولِ نَوادِرِ (¬2) الأكسابِ؛ كالوَصِيَّةِ، والهَدِيَّةِ، والرِّكازِ. قال الحارِثِيُّ. فوائد؛ منها، لو وجَد لُقَطَةً في غيرِ طريقٍ مَأْتِيٍّ، فهي لُقَطَةٌ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفائقِ». واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّه كالرِّكازِ. واخْتارَه في «الفائقِ»، وجعَلَه في «الفُروعِ» توْجيهًا له. ومنها، لو أُخِذَ مَتاعُه، أو ثَوْبُه، وتُرِكَ له بدَلُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لُقَطَةٌ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ، وابنِ بخْتانَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «ضمن». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُعَرِّفُه مع قَرينَةِ سَرِقَةٍ. وهو احْتِمالٌ للمُصنِّفِ. قلتُ: وهو عَينُ الصَّوابِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا حَسَن. وقال: قد يُقالُ فيه بمَعْنى مسْأَلَةِ الظَّفَرِ. ومذهبُ أحمدَ، منْعُ الأخْذِ فيها. فعليها، هل يتَصَدَّقُ به (¬1) بعدَ تَعْرِيفِه؟ إنْ قُلْنا: يُعَرفُه، أو يأْخُذُ حَقَّه بنَفْسِه، أو بإذْنِ حاكِمٍ. فيه أوْجُهٌ. وأطْلَقَهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». قال المُصَنِّفُ، وتابعَه الشَّارِحُ: القَوْلُ بأخْذِ حَقِّه بنَفْسِه أقْرَبُ إلى الرِّفْقِ بالنَّاسِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا قَويٌّ على أصْلِ مَن يرَى أنَّ العَقْدَ لا يتَوَقَّفُ على اللَّفْظِ، أمَّا على التَّوَقُّفِ، فلا يُكْتَفَى بمِثْلِ هذا. قال: وبالجُمْلَةِ، فالأظْهَرُ الجَوازُ. ورجَّحَه المُصَنفُ. ومنها، لو وجَد في جَوْفِ حَيوانٍ دُرَّةً، أو نَقْدًا، فهو لُقَطَة لواجِدِه. على الصَّحيحِ مِنَ الِمذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وصحَّحه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، تكونُ لُقَطَةً (¬2) للبائعِ إنِ ادَّعَاه، إلا أنْ يدَّعىَ المُشْتَرِي أنَّه أكَلَه عندَه، فهو له. فأمَّا إنْ كانتِ الدُّرَّةُ غيرَ مثْقُوبَةٍ في السَّمَكَةِ، فهي للصَّيَّادِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ ابْتلاعُها مِن مَعْدِنِها. ومنها، لو وجَد لُقَظةً بدارِ الحَرْبِ وهو في الجَيشِ، عرَّفَها، ثم وضَعَها في المَغْنَمِ. نصَّ عليه. وإنْ كان دخَل بأمانٍ، عرَّفَها، ثم هي له، إلَّا أنْ يكونَ في جَيشٍ، فهي كالتي قبلَها. وإنْ دخَل مُتَلَصِّصًا، عرَّفَها، ثم هي كالغنِيمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويحْتَمِلُ أنْ تكونَ له مِن غيرِ تَعْريفٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ، وكيفَ يُعَرِّفُ ذلك؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، مُؤْنَةُ رَدِّ اللُّقَطَةِ على رَبِّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقاله القاضي في «التَّعْلِيقِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، لتَبرُّعِه. ومَعْناه في «شَرْحِ المَجْدِ»، في عدَمِ سُقوطِ الزَّكاةِ بتَلَفِ المالِ قبلَ التَّمَكُّنِ. وقال في «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ»: مُؤْنَةُ الرَّدِّ على المُلْتَقِطِ. ومنها، ضَمانُها بمَوْتِه، كالوَدِيعَةِ. وقيل: به بعدَ الحَوْلِ، ووارِثُه كهُوَ. ومنها، الالْتِقاطُ يشْتَمِلُ على أمانَةٍ واكْتِسابٍ. قال الحارِثِيُّ: وللنَّاسِ خِلافٌ في المُغلَّبِ منهما؛ منهم مَن قال: الكَسْبُ. ووَجَّه بأنَّه ملاكُ (¬1) الأمْرِ. ومنهم مَن قال: الأمانَةُ. وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ المَقْصودَ إيصالُ الشيءِ إلى أهْلِه، ولأجْلِه شُرِعَ الحِفْظُ والتَعْريف أوَّلًا والمِلْكُ آخِرًا، عندَ ضَعْفِ التَّرَجِّي للمالِكِ. ومنها، لو اسْتَيقَظَ فوجَد في ثَوْبِه دَراهِمَ، لا يعْلَمُ مَن صَرَّها، فهي له، ولا تَعْريفَ. ولأحمدَ نصٌّ يُوجِبُ التعْرِيفَ وينْفِي المِلْكَ. ومنها، لو ألْقَتِ الرِّيحُ إلى دارِه ثَوْبَ إنْسانٍ؛ فإنْ جَهِلَ المالِكَ، فلُقَطَةٌ، وإنْ عَلِمَه، دفَعَه إليه، فإنْ لم يفْعَلْ، ضَمِنَ بحَبْسِ مالِ الغيرِ مِن غيرِ إذْنٍ ولا تَعْريفٍ. ومنها، لو سقَط طائرٌ في دارِه، فقال في «المُغْنِي»: لا يلْزَمُه حِفْظُه ولا إعْلامُ صاحِبِه؛ لأنَّه مَحْفوظٌ بنَفْسِه، وهذا ما لم ينْقَطِعْ عنه، أمَّا إنِ انْقَطَع، وجَب حِفظُه والدَّفْعُ إليه؛ لأنَّه ضائعٌ عنه. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «مآل».

باب اللقيط

بَابُ اللَّقِيطِ وَهُوَ الطِّفْل الْمَنْبُوذُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اللَّقِيطِ فائدة: قولُه: وهو الطِّفْلُ المَنْبُوذُ. قال الحارِثِيُّ: تعْريفُ اللقِيطِ بالمَنْبوذِ يحْتاجُ إلى إضْمارٍ؛ لتَضادِّ ما بينَ اللَّقْطِ والنَّبْذِ، كما بُيِّنَ. ومع هذا فليس جامِعًا؛

وَهُوَ حُرٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّ الطِّفْلَ قد يكونُ ضائعًا لا مَنْبُوذًا. ومنهم مَن عرَّفَ بأنَّه الضَّائعُ. وفيه ما فيه. وقال في «الرِّعايتَين»: وهو كلُّ طِفْلٍ نُبِذَ، أو ضَلَّ. تنبيه: قولُه: وهو الطِّفْلُ. يعْنِي، في الواقِعِ في الغالِبِ، وإلَّا فهو لَقِيطٌ إلى سِنِّ التَّمْيِيزِ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحارِثِي». وقيلَ: والمُمَيِّزُ أيضًا إلى البُلُوغِ. قال في «الفائقِ»: وهو المَشْهورُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ قال في «التَّلْخيصِ»: والمُخْتارُ عند أصجابِنا أنَّ المُمَيِّزَ يكونُ لَقِيطًا؛ لأنَّهم قالوا: إذا الْتَقَطَ رجُلٌ وامْرأةٌ معًا مَن له أكَثرُ مِن سَبْعِ سِنِين، أُقْرِعَ بينَهما (¬1)، ولم يُخَيَّرْ، بخِلافِ الأَبوَين. قوله: وهو حُرٌّ. يعْنِي (¬2)، في جميعِ أحْكامِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: إلَّا في القَوَدِ. ومِثْلُه دَعْوَى قاذِفِه رِقَّه (¬3)، على ما يأْتِي. ¬

(¬1) زيادة من: م. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: ط.

يُنْفَقُ عَلَيهِ مِنْ بَيتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُسْتَحَبُّ للمُلْتَقِطِ الإِشهادُ عليه وعلى ما معه. على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ. وقيل: يِجبُ. وتقدَّم نَظِيرُه في اللُّقَطَةِ. تنبيه: قولُه: يُنْفَقُ عليه مِن بَيتِ المالِ، إنْ لم يكُنْ معه ما يُنْفَقُ عليه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ تَعذَّرَ، اقْتَرَضَ (¬1) الحاكِمُ عليه. قاله الحارِثِيُّ. فإنْ تَعذَّرَ، فعلى مَن عَلِمَ حاله الإِنْفاقُ، فهي فَرْضُ كِفايَةٍ، كالْتِقاطِه (¬2). وهذا الإنْفاقُ يجِبُ مجَّانًا عندَ ¬

(¬1) في ط: «أقرض». (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي وجماعةٍ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». واخْتارَه صاحِبُ «المُوجَزِ»، و «التبصِرَةِ»، وقالا: له أنْ يُنْفِقَ عليه مِنَ الزَّكاةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال الحارِثِيُّ: وهو أصحُّ. وقال: وكلامُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقْتَضِي ثُبوتَ العِوَضِ للمُنْفِقِ (¬1)، إنِ اقْتَرنَ بالإنْفاقِ قَصْدُ الرُّجوعِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»؛ لأنَّه جعَل الإِنْفاقَ عليه بنِيَّةِ الرُّجوعِ، كمَن أدَّى حَقًّا واجِبًا عن غيرِه. على ما تقدَّم في بابِ إلضَّمانِ. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والسَّبْعِين»: نفَقَةُ اللَّقِيطِ خرَّجَها. بعضُ الأصحابِ على الرِّوايتَين، في مَن أدَّي حَقًّا واجِبًا عن غيرِه، على ما تقدَّم في بابِ الضَّمانِ، ومنهم مَن قال: يرْجِعُ هنا، قوْلًا واحدًا. وإليه ميلُ صاحِبِ «المُغْنِي»؛ لأنَّ له ولايةً على اللَّقِيطِ. ونصَّ أحمدُ، أنَّه يرْجِعُ بما أنْفقَه على بَيتِ المالِ. انتهى. وقال النَّاظِمُ: إنْ نوَى الرُّجوعَ، واسْتَأْذَنَ الحاكِمَ، رجَع على الطِّفْلِ بعدَ الرُّشْدِ، وإلَّا رجَع على بَيتِ المالِ. قال الحارِثِيُّ: وناقَضَ السَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، فقالا، بعدَ تَعذُّرِ الاقْتِراضِ على بَيتِ المالِ، وامْتِناعِ مَن وجَب عليه الإنْفاقُ مجَّانًا: إنْ أنْفَقَ المُلْتَقِطُ، رجَع على اللَّقِيطِ، في إحْدَى الرِّوايتَين، والأُخْرَى، لا يرْجِعُ ما لم يكُنِ الحاكِمُ أذِنَ له في الإنْفاقِ. زادَ في «التَّلْخيصِ»، والأصحُّ أنَّه يرْجِعُ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: والوُجوبُ مجَّانًا ¬

(¬1) في ط: «للمنقول».

وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، إلا أنْ يُوجَدَ فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ، فَيَكُونَ كَافِرًا. فَإِنْ كَانَ فِيهِ مُسْلِمٌ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واسْتِحْقاقُ العِوَضِ لا يجْتَمِعان، وإنَّما ذلك، واللهُ أعلمُ، ما إذا كان للَّقِيطِ مال تعَذَّر إنْفاقُه لمانعٍ، أو يُنْتَظَرُ حصُولُه مِن وَقْفٍ، أو غيرِه. قوله: ويُحْكَمُ بإِسْلامِه -بلا نِزاعٍ- إلَّا أنْ يُوجَدَ في بَلَدِ الكُفَّارِ، ولا مُسْلِمَ فيه، فيَكُونَ كافِرًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: فالمذهبُ عندَ الأصحابِ، الحُكْمُ بكُفْرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال القاضي: يُحْكَمُ بإسْلامِه أيضًا؛ لأنَّه يحْتَمِلُ أنْ يكونَ فيه مُؤْمِنٌ يكْتُمُ إيمانَه. قال الحارِثِيُّ: وحكَى صاحِبُ «المُحَرَّرِ» وَجْهًا بأنَّه مُسْلِمٌ؛ اعْتِبارًا بفَقْدِ أبَوَيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان في دارِ الإسْلامِ بَلدٌ، كلُّ أهْلِها أهْلُ (¬1) ذِمَّةٍ، ووُجِدَ فيها لَقِيط، حُكِمَ بكُفْرِه، وإنْ كان فيها مُسْلِمٌ، حُكِمَ بإسْلامِه، قوْلًا واحدًا فيهما، عندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهم. وقيل: يُحْكَمُ بإسْلامِه إذا كان كل أهْلِها أهْلَ (¬2) ذِمَّةٍ. قال الحارِثِيُّ: اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قوله: فإنْ كان فيه مُسْلِمٌ، فعلى وَجْهَين. يعْنِي، إذا كان في بلَدِ الكُفَّارِ مُسْلِمٌ ولو واحِدًا. قاله في «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغني»، و «الشَّرْحِ» و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يُحْكَمُ بكُفْرِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: ا.

وَمَا وُجِدَ مَعَهُ، مِنْ فِرَاشٍ تَحْتَهُ، أوْ ثِيَابٍ، أوْ مَالٍ فِي جَيبِهِ أوْ تَحْتَ فِرَاشِهِ، أوْ حَيَوَانٍ مَشْدُودٍ بِثِيَابِهِ، فَهُوَ لَهُ. وَإنْ كَانَ مَدْفُونًا ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُحْكَمُ بإسْلامِه. جزَم به في «الوَجيزِ». فائدتان؛ إحْداهما، قال الحارِثِيُّ: مَثَّل الأصحابُ في المُسْلِمِ هنا بالتَّاجِرِ والأسِيرِ، واعْتَبرُوا إقامتَه زَمَنًا ما، حتى صرَّح في «التَّلْخيصِ»، أنَّه لا يكْفِي مُرورُه مُسافِرًا. وقال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ كان فيها مُسْلِمٌ ساكِنٌ، فاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ. الثَّانيةُ، قال في «الفائقِ»: لو كَثُرَ المُسْلِمون في بلَدِ الكُفَّارِ، فلَقِيطُها مُسْلِمٌ. وقاله ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. ومثَّل مسْألَةَ الخِلافِ في «الرِّعايَةِ» بالمُسْلِمِ الواحِدِ. قوله: وما وُجِدَ معه؛ مِن فِراشٍ تحتَه، أو ثِيابٍ، أو مالٍ في جَيبِه أو تحتَ فِراشِه، أوْ حَيَوانٍ مَشْدُودٍ بثِيابِه، فهو له. وهذا بلا نِزاعٍ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»،

تَحْتَهُ، أو مَطْرُوحًا قَرِيبًا مِنْهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وغيرُهم: وكذا لو كان مَدْفُونًا (¬1) في دارٍ، أو خَيمَةٍ، تكونُ له. وظاهِرُ كلامِ المَجْدِ وجماعَةٍ خِلافُه. قوله: وإنْ كان مَدْفُونًا تحتَه -يعْنِي، إذا كان الدِّفْنُ طَرِيًّا- أو مَطْرُوحًا قَرِيبًا منه، فعلى وَجْهَين. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مَسْألَتَين؛ إحْداهما، إذا كان مدْفُونًا تحتَه، والدِّفْنُ طَرِيًّا، فأطْلَقَ فيه وَجْهَين، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يكونُ له. وهو المذهبُ، صحَّحه (¬2) في «التَّصْحيحِ». وقطَع به ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيز»، و «المُنَوِّرِ»، و «تذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يكونُ له. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) في ط: «مجعولًا». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وهو المذهبُ، على المُصْطَلَحِ في الخُطةِ. وحكَى في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ» وَجْهًا، أنَّه له، ولو لم يكُن الدِّفْنُ طَرِيًّا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وهو بعيدٌ جِدًّا. ولم يذْكُره في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ» (¬1)، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». الثَّانيةُ (¬2)، إذا كان مَطْرُوحًا قريبًا منه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه الوَجْهَين، وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «الثالثة».

وَأوْلَى النَّاسِ بِحَضَانَتِهِ وَاجِدُهُ إِنْ كَانَ أمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يكونُ له. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يكونُ له. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». واخْتارَه ابنُ البَنَّا. ولنا قَوْلٌ ثالثٌ في أصْلِ المَسْألتَين بالفَرْقِ بين المُلْقَى قريبًا منه وبينَ المَدْفُونِ تحتَه، فيكونُ المُلْقَى القريبُ له دُونَ المَدْفُونِ تحتَه. قاله في «المُجَردِ»، وقطَع به. قال الحارِثِيُّ: ويقْتَضِيه إيرادُه في «المُغْنِي». قلتُ: قدم في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، أنَّه لا يمْلِكُ المَدْفُونَ. وأطْلَقا في المُلْقَى القريبِ الوَجْهَين، كما تقدَّم.

وَلَهُ الإنفَاقُ عَلَيهِ مِمَّا وُجدَ مَعَهُ بِغَيرِ إِذْنِ حَاكِمٍ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله الإِنفْاقُ عليه مما وُجِدَ معه بغيرِ إذْنِ حاكِمٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقطَع به ابنُ حامِدٍ، والمُصَنفُ في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه ما يدُلُّ على أنَّهُ لا ينفِقُ إلَّا بإذْنِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو وَجْهٌ في «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، ورَدَّ هذه الرِّوايَةَ المَجْدُ في «شرْحِه». ذكَرَه في «القَواعِدِ»، وكذا المُصَنِّفُ، نقَلَه الزَّرْكَشِيُّ. وتقدَّم قريبًا، إذا أنْفَقَ عليه مِن مالِه، ونوَى الرُّجوعَ.

وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، وكذا الحُكْمُ في حِفْظِ مالِه. قطَع به في «المُغْنِي» وغيرِه. وقال في «التَّلْخيصِ»: يحْتَمِلُ اعْتِبارَ إذْنِ الحاكِمِ فيه. ومنها، قَبُولُ الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ. قال الحارِثِيُّ: مُقْتَضَى قَوْلِه في «المُغْنِي»، أنَّه للملتقِطِ، ومُقْتَضَى كلامِ صاحِبِ «التَّلْخيصِ»، أنَّه للحاكِمِ. قلتُ: كلامُ صاحِبِ «المُغْنِي» مُوافِقٌ لقَواعِدِ المذهبِ في ذلك. قوله: وإنْ كان فاسِقًا، أو رَقِيقًا، أو كافِرًا، واللَّقِيطُ مُسْلِمٌ، أوْ بَدَويًّا ينْتَقِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المَواضِعِ، أو وجَدَه في الحَضَرِ، فأرادَ نَقْلَه إلى البادِيَةِ، لم يُقَرَّ في يَدِه. يُشْتَرَطُ في المُلْتَقِطِ أنْ يكونَ عَدْلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد قال المُصَنِّفُ قبلَ ذلك: وأوْلَى النَّاسِ بحَضانَتِه واجِدُه، إنْ كان أمِينًا. واخْتارَه القاضي، وقال: المذهبُ علي ذلك. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهم. قال في «الفائقِ»: وتُشْتَرَطُ العَدالةُ في أصحِّ الرِّوايتين. وجزَم باشتِراطِ الأمانَةِ في المُلْتَقِطِ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقطَع في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما، أنَّه لا يُقَرُّ بيَدِ فاسِقٍ. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقَرُّ بيَدِ الفاسِقِ، إذا كان أمِينًا. وقدمه في «الرِّعايَةِ» في مَوْضِعٍ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ، فإنَّه قال: وإنْ لم يكُنْ مَن وجَد اللَّقِيطَ أمِينًا، مُنِعَ مِنَ السَّفَرِ به. فظاهِرُه، أنَّه إذا أقامَ به، كان أحَقَّ به، وإنْ كان فاسِقًا. وأجْراه صاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهما على ظاهِرِه، وقال المُصَنِّفُ وتَبِعَه الشَّارِحُ على قَوْلِه: ينْبَغِي أنْ يُضَمَّ إليه مَن يُشْرِفُ عليه، ويُشْهِدَ عليه، ويُشِيعَ أمْرَه؛ ليُؤْمَنَ مِنَ التَّفْرِيطِ فيه. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ كان فاسِقًا، لم يُقَرَّ في يَدِه. أنَّ مَسْتُورَ الحالِ يُقَرُّ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَدِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. لكِنْ لو أرادَ السَّفَرَ به، فهل يُقَرُّ بيَدِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يُقَرُّ بيَدِه. جزَم به في «الكافِي». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّانِي، يُقَرُّ في يَدِه. وأمَّا الرَّقيقُ؛ فليس له التِقاطُه إلَّا بإذْنِ سيِّدِه، اللَّهُمَّ إلَّا أن لا يجِدَ مَن يلْتَقِطُه، فيجِبَ التِقاطُه؛ لأنَّه تخْليصٌ له مِنَ الهَلَكَةِ. أمَّا مع وُجودِ مَن هو أهْلٌ للالتِقاطِ، فقطَع كثيرٌ مِنَ الأصحابِ بمَنْعِه مِنَ الأخْذِ؛ مُعَلِّلًا بأنَّه لا يُقَرُّ في يَدِه، أو بأنَّه لا ولايةَ له. قال الحارِثِيُّ: وفيه نظَرٌ؛ فإنَّ أخْذَ اللَّقِيطِ قُرْبَةٌ، فلا يخْتَصُّ بحُرٍّ، وعدَمُ الإقْرارِ بيَدِه دَوامًا لا يمْنَعُ أخْذَه ابْتِداءً. فعلى المذهب، إنْ أذِنَ له سيِّدُه، فهو نائبُه، وليس له الرُّجوعُ في الإذْنِ.

أوْ رَقِيقًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله ابنُ عَقِيلٍ. واقْتَصرَ علمِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وجزَم به. في «الفُروعَ». فائدة: المُدَبَّرُ، وأمُّ الوَلَدِ، والمُعَلَّقُ عِتْقُه، كالقِنِّ؛ لقِيامِ الرِّقِّ، والمُكاتَبُ كذلك. قاله في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». ومَن بعضُه رَقيقٌ كذلك؛ لأنَّه لا يتَمَكَّنُ مِنِ اسْتِكْمالِ الحَضانَةِ. وأمَّا الكافِرُ، فليس له التِقاطُ المُسْلِمِ، ولا يُقَرُّ بيَدِه. ومُرادُه بالكافِرِ هنا، الذِّمِّيُّ، وإنْ كان الحَرْبِيَّ بطَرِيقٍ أوْلَى.

أَوْ كَافِرًا وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ، أوْ بَدَويًّا يَنْتَقِلُ في الْمَوَاضِعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّ الكافِرَ إذا التقَطَ مَن حُكِمَ بكُفْرِه، أنَّه يُقَرُّ بيَدِه. وهو صحيحٌ. صرَّح به القاضي، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. لكِنْ لو التقَطَه مُسْلِمٌ وكافِرٌ، فقال الأصحابُ: هما سواءٌ. وهو المذهبُ. وقيل: المُسْلِمُ أحقُّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ بلا ترَدُّدٍ. ويأْتِي ذلك في عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. فائدتان؛ إحْداهما، يُشْتَرَطُ في المُلْتَقِطِ أيضًا، أنْ يكونَ مُكَلفًا، فلا يُقَرُّ بيَدِ صَبِيٍّ، ولا مَجْنونٍ. الثَّانيةُ، يُشْتَرَطُ الرُّشْدُ، فلا يُقَرُّ بيَدِ السَّفِيهِ. جزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِب»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، ثم قال: قلت: والسَّفِيهُ كالفاسِقِ. انتهى. لأنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا ولايَةَ له على نَفْسِه، فأَوْلَى أنْ لا (¬1) يكونَ وَلِيًّا على غيرِه. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما، أنَّه يُقَرُّ بيَدِه؛ لأنَّه أهْلٌ للأمانَةِ والتَّرْبِيَةِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا أصحُّ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأمَّا إذا التَقَطَه البَدَويُّ الذي ينْتَقِلُ في المَواضِعِ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه لا يُقَرُّ في يَدِه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «شَرْحِ ابنَ مُنَجَّى». قال الحارِثِيُّ: هذا أقْوَى. والوَجْهُ الثَّاني، يُقَرُّ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، وقال في «التَّرْغيبِ»، و «التَّلْخيصِ»: متى وجَدَه في فَضاءٍ خالٍ، فله نقْلُه حيث شاءَ. وأمَّا إذا التَقَطَه مَن في الحَضَرِ، فأرادَ نُقْلَتَه إلى البادِيَةِ، فجزَم المُصَنِّفُ أنَّه لا يُقَرُّ في يَدِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّر»، و «شَرْحِ ابنِ رَزينٍ»، و «الوَجيزِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيَل: يُقَرُّ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وتقدَّم كلامُ صاحِبِ «التَّرْغيبِ». ¬

(¬1) سقط ش: ط.

أَوْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ فَأرَادَ نَقْلَهُ إلَى الْبَادِيَةِ، لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِه. وَإنِ الْتَقَطَهُ فِي الْبَادِيَةِ مُقِيمٌ فِي حِلَّةٍ، أوْ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى الْحَضَرِ أُقِرَّ مَعَهُ. وَإنِ الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ فَهَلْ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ التَقَطَه في الحَضَرِ مَن يُرِيدُ النقلَةَ إلى بَلَدٍ آخَرَ، فهل يُقَرُّ في يَدِه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

وَإنِ الْتَقَطَهُ اثْنَانِ، قُدِّمَ الْمُوسِرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، أحدُهما، لا (¬1) يُقَرُّ في يَدِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، يُقَرُّ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه النَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ». فوائد؛ إحْداها، وكذا الحُكْمُ لو نقَلَه مِن بلَدٍ إلى قَرْيَةٍ، فيه الوَجْهان. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. الثَّانِيَةُ، وكذا الحُكْمُ لو نقَلَه مِن حِلَّةٍ إلى حِلَّةٍ. تنبيه؛ يُسْتَثْنَى مِن هذه المَسائلِ، لو كان البَلَدُة وبيئًا؛ كغَوْرِ بَيسانَ ونحوه، فإنَّه يجوزُ النَّقْلُ إلى البادِيَةِ، لتعَيُّنِ المَصْلَحَةِ في النَّقْلِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: فيُعايىَ بها. الثَّالثةُ، حيثُ يُقالُ بانْتِزاعِه مِنَ المُلْتَقِطِ، فيما تقدَّم مِنَ المَسائلِ، فإنَّما ذلك عندَ وُجودِ الأَوْلَى به. أمَّا إذا لم يُوجَدْ، فإقْرارُه في يَده أوْلَى، كيف كان؛ لرُجْحانِه بالسَّبْقِ إليه. قوله: وإنِ التَقَطَه اثْنان، قُدِّمَ المُوسِرُ منهما على المُعْسِرِ، والمُقِيمُ على ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسافِرِ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وظاهِرُ كلامِه، أنَّ البَلَدِيَّ وضِدَّه، والكرِيمَ وضِدَّه، وظاهِرَ العَدالةِ وضِدَّه، في ذلك على جَدٍّ سواء. وهو كذلك. قدَّمه في «الفُروعِ». وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وقال في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغِيبِ»: يُقَدَّمُ البَلَدِيُّ على ضِدِّه. وقال في «المُغْنِي» (¬1)، ومَن تبِعَه: وعلى قِياسِ قوْلِهم في تقْديمِ المُوسِرِ، ينْبَغِي أنْ يُقَدَّمَ الجَوادُ على البَخيلِ. انتهى. وقيل: يُقَدَّمُ ظاهِرًا لعَدالةِ على ضِدِّه. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقَ الوَجْهَين الحارِثِيُّ. ¬

(¬1) المغني 8/ 364.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الشَّرِكَةُ في الالتِقاطِ أنْ يأْخُذاه جميعًا، ولا اعْتِبارَ بالقِيام المُجَرَّدِ عندَه؛ لأنَّ الالتِقاطَ حقيقَةُ الأَخْذِ، فلا يُوجَدُ بدُونِه، إلَّا أنْ يأْخُذَه الغيرُ بأَمْرِه، فالمُلْتَقِطُ هو الآمِرُ؛ لأنَّ المُباشِرَ نائبٌ عنه، فهو كاسْتِنابَتِه في أخْذِ المُباحِ. تنبيه: دخَل في كلامِ المُصَنِّفِ، لو التَقَطَه مُسْلِمٌ وكافِرٌ. وهو كذلك. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: المُسْلِمُ أوْلَى. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والحارِثِيُّ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وتقدَّم ذلك أيضًا.

فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا، أُقْرِعَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تَشاحَّا؛ أُقرِعَ بينَهما. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ منهم صاحِبُ «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «القَواعِدِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وقيل: يُسَلِّمُه الحاكِمُ إلى مَن شاءَ منهما أو مِن غيرِهما. وقال الحارِثِيُّ: وذكَر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، في بابِ الحَضانَةِ، أنَّ الرَّقيقَ إذا كان بعضُه حُرًّا تَهايَأ في حَضانَتِه سَيِّدُه ونَسِيبُه. وحُكِيَ ذلك عن أبي بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيزِ، قال: فيُخَرَّجُ هنا مِثْلُه، والمذهبُ الأوَّلُ. انتهى.

فَإِنِ احْتَلَفَا فِي الْمُلْتَقِطِ مِنْهُمَا، قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنِ اخْتَلَفا في المُلْتَقِطِ منهما، قُامَ مَن له بَيَّنَةٌ. بلا نِزاعٍ. فإنْ كان لكُل واحدٍ منهما بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ أسْبَقُهما تارِيخًا. قاله في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وإنِ اتَّحَدَ تارِيخُهما، أو أُطْلِقَتا، أو أرِّخَتْ إحْداهما وأُطْلِقَتِ الأُخْرَى، تَعارَضَتا،. وهل يسْقُطان أو يُسْتَعْمَلان؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يسْقُطان، فيصِيران كمَن لا بَيِّنَةَ لهما. وجزَم به، فيما إذا تَساوَيا، في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. والثَّاني، يُسْتَعْمَلان ويُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع صاحِبَه، كان أوْلَى به. قال في «الكافِي»: وإن تَساوَيا في اليَدِ أو عدَمِها، سقَطَتا، وأُقْرِعَ بينَهما، فقُدِّمَ

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بها أحدُهما. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». ومحَلُّهما إذا لم يَكُنْ في يَدِ أحَدِهما. قال الحارِثِيُّ: وفي بَيِّنَةِ المالِ وَجْهٌ بتَقْديم المُطْلَقَةِ على المُؤَرَّخةِ، وهو ضَعيفٌ، بلِ الأَوْلَى تَقْدِيمُ المُؤَرَّخَةِ. انتهى. ويأْتِي ذلك في بابِ الدَّعاوَى مُحَرَّرًا. فإنْ كان اللَّقِيطُ في يَدِ أحَدِهما، فهل تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الخارِجِ؟ فيه وَجْهان مَبْنِيَّان على الرِّوايتَين في دَعْوَى المالِ، على ما يأْتِي في بَيِّنةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ. وقال في «الفُروعِ»: يُقَدَّمُ ربُّ اليَدِ مع بَيِّنَةٍ، وفي يَمِينِه وَجْهان. قوله: فإنْ لم يكُنْ لهما بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ صاحِبُ اليَدِ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل يحْلِفُ معها؟ فيه وَجْهان، وأطْلَقَهما في «الكافِي»، «الفُروعِ»؛ [أحدُهما، لا يحْلِفُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والقاضي، وقال: هو قِياسُ المذهبِ] (¬1). وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، يحْلِفُ. قاله أبو الخَطَّابِ، ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ كَانَ فِي أَيدِيهِمَا، أُقْرِعَ بَينَهُمَا. وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا يَدٌ فَوَصَفَهُ أَحَدُهُمَا، قُدِّمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: فإنْ كان في أَيدِيهما، أُقْرِعَ بينَهما. فمَن قرَع، سُلِّمَ إليه مع يَمِينِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: وعلى قَوْلِ القاضي لا تُشْرَعُ اليَمِينُ هنا، ويُسَلَّمُ إليه بمُجَرَّدِ وُقوعِ القُرْعَةِ له. وأطْلَقَهما في «الكافِي». فائدة: لو ادَّعَى أحدُهما أنَّه أخَذَه منه قَهْرًا، وسألَ الحاكِمَ يَمِينَه، قال في «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ إحْلافُه. وقال في «المُنْتَخَبِ»: لا يحْلِفُ؛ كطَلاقٍ ادُّعِيَ على الزَّوْجِ. قوله: وإنْ لم يكُنْ لهما يَدٌ، فوصَفَه أحدُهما -يعْني، بعَلامَةٍ مَسْتورَةٍ في جَسَدِه- قُدِّمَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «المُحَرَّرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والتِّسْعِين»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر القاضي في «الخِلافِ»، وصاحِبُ «المُبْهِجِ»،

وَإلَّا سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ إِلَى مَنْ يَرَى مِنْهُمَا أوْ مِنْ غَيرِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنْتَخَبِ»، و «الوَسِيلَةِ» أنَّه لا يُقَدَّمُ واصِفُه. وذكَرَه في «الفُنونِ»، و «عُيونِ المَسائلِ» عن أصحابِنا، وإليه مَيلُ الحارِثِيِّ؛ فإنَّه نظَر على تعْليلِ الأصحابِ. فائدة: لو وَصَفاه جميعًا، أُقْرِعَ بينَهما. قاله في «التَّلْخيصِ»، واقْتَصرَ عليه الحارِثِيُّ. قوله: وإلَّا سَلَّمَه الحاكِمُ إلى مَن يرَى منهما، أو مِن غيرِهما. يعْنِي، إذا لم يكُنْ في أيدِيهما، ولا في يَدِ واحدٍ منهما، ولا بَيِّنَةَ لهما، ولا لأحَدِهما، ولا وصَفاه، ولا أحدُهما. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: قال

فَصْلٌ: وَمِيرَاثُ اللَّقِيطِ وَدِيَتُهُ إِنْ قُتِلَ لِبَيتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، والمُصَنِّفُ هنا: يُسَلِّمُه القاضي إلى مَن يرَى منهما، أو مِن غيرِهما. قال في «القَواعِدِ»: قال القاضي، والأكْثَرون: لا حق لأحَدِهما فيه، ويُعْطِيه الحاكِمُ لمَن شاءَ منهما، أو مِن غيرِهما. انتهى. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروع» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ: الأوْلَى أنْ يُقْرَعَ بينَهما، كما لو كان في أيدِيهما. فائدة: مَن أسْقَطَ حقه منه، سقَط. قوله: ومِيراثُ اللَّقِيطِ ودِيَتُه إنْ قُتِلَ لبَيتِ المالِ. هذ المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وذكَر ابنُ أبي مُوسى في «الإرْشادِ»، أنَّ بعضَ شُيوخِه حكَى رِوايَةً عن أحمدَ، أنَّ المُلْتَقِطَ يرِثُه. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ونصَرَه، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الحقُّ.

وَإنْ قُتِلَ عَمْدًا، فَوَلِيُّهُ الإِمَامُ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ (¬1)، وَإنْ شَاءَ أخَذَ الدِّيَةَ. وإنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا، انْتُطرَ بُلُوغُهُ، إلا أنْ يَكُونَ فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قُتِلَ عَمْدًا، فوَلِيُّه الإمامُ؛ إنْ شاءَ اقْتَصَّ، وإنْ شاءَ أخَذ الدِّيَةَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أبو الخَطابِ في «الهِدايَةِ» وغيرُه، وذكَر في «التَّلْخيصِ» وَجْهًا، أنَّه لا يجِبُ له حَقُّ الاقْتِصاصِ، وأنَّ أبا الخَطَّابِ خرَّجه، قال: ووَجْهُه أنَّه ليسِ له وارِثٌ مُعَيَّنٌ، فالمُسْتَحِقُّ جميعُ المُسْلِمين، وفيهم صِبْيانٌ ومَجانِينُ، فكيف يُسْتَوْفى؟ قال: وهذا يجْرِي في قَتْلِ كُلِّ مَن لا وارِثَ له. انتهى. قوله: وإنْ قُطِعَ طَرَفُه عَمْدًا، انْتُظِرَ بُلُوغُه. يعْنِي، مع رُشْدِه. هذا ¬

(¬1) في حاشية المخطوطة: «وإن شاء عفا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ المَشْهورُ في المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، يُنْتَظَرُ رُشْدُه، إذا قُطِعَ طَرَفه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وعنه، للإمامِ اسْتِيفاؤُه قبلَ البُلُوغِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال في «الفائقِ»: وهو المَنْصوصُ المُخْتارُ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يكُونَ فَقِيرًا مَجْنُونًا، فللإمامِ العَفْوُ على مالٍ يُنْفَقُ عليه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، [وغيرُهم مِنَ الأصحاب] (¬1). فعلى هذا، يجِبُ على الإمامِ فِعْلُ ذلك؛ لأنَّ عليه رِعايَةَ الأصْلَحِ، والتَّعْجيلُ هنا. هو الأصْلَحُ. قدَّمه الحارِثيُّ في «شَرْحِه». وهو الصَّوابُ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيل: يُسْتَحَبُّ ذلك، ولا يجِبُ. تنبيه: دخَلِ في عُمومِ قوْلِه: انْتُظِرَ بُلُوغُه. أنَّه لو كان فِقيرًا عاقِلًا، فليس للإمامِ العَفْوُ علي مالٍ يُنْفقُ عليه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الشَّرْحِ» هنا، و «الفُصولِ»، و «المُغْنِي» هنا. والوَجْهُ الثَّاني، للإِمام ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال القاضي، والمُصَنفُ، في بابِ القَوَدِ، عندَ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: إذا اشْتَركَ جماعَةٌ في القَتْلِ: هذا أصحُّ. وكذا قال في «الكافِي»، في بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ. وصحَّحه في «الشَّرْحِ»، في بابِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ. وحكاه المَجْدُ عن نصِّ أحمدَ. وفي بعض نُسَخِ «المُقْنِعِ» ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ ادَّعَى الْجَانِي عَلَيهِ أوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ، وَكَذَّبَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا: إلَّا أنْ: يكونَ فِقيرًا أو مجْنونًا. بـ «أو»، لا بـ «الواو». وقد قال المُصَنِّفُ، في هذا الكِتابِ، في بابِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ: فإنْ كانا مُحْتاجَين إلى النَّفَقَةِ، يعْني وكذا الصَّبِيَّ، والمَجْنونَ، فهل لوَلِيِّهما العَفْوُ عنِ الدِّيَةِ؟ يحْتَمِلُ وَجْهَين. وكذا أبو الخَطابِ، في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم هناك. وأطْلَقهما أيضًا في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». ودخَل أيضًا في عُمومِ كلامِه، لو كان مَجْنونًا غَنِيًّا، فليس للإمامِ العَفْوُ على مالٍ، بل تُنْتَظَرُ إفاقَتُه. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وقطَع به في «الشَّرْحِ». وذكَر في «التَّلْخيصِ» وَجْهًا، للإمامِ ذلك. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «المُغْنِي»، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». تنبيه: حيثُ قُلْنا: ينتَظَرُ البُلوغُ أو العقْلُ. فإنَّ الجانِيَ يُحْبَسُ إلى أوانِ البُلوغِ والإفاقَةِ، وحيثُ قُلْنا بالتَّعْجِيلِ وأخْذِ المالِ، لو طلَب اللَّقِيطُ بعدَ بُلُوغِه وعقْلِه القِصاصَ، ورَدَّ المالِ، لم يجِبْ. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، وفرَّقُوا بينَه وبين الشُّفْعَةِ. قوله: وإنِ ادَّعَى الجانِي عليه أو قاذِفُه رِقَّه، فكَذَّبَه اللَّقِيطُ بعدَ بُلُوغِه، فالقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ. وهو المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنَّ القَوْلَ قَوْلُ القاذِفِ. قاله المُصَنِّفُ. قال الحارِثِيُّ: وذكَر صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، في قَتْلِ مَن لا يُعْرَفُ إذا ادُّعِيَ رِقُّه، وَجْهًا،

وَإنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ، لَمْ يُقْبَلْ إلا بِبَيِّنةٍ تَشْهَدُ أنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ، وَيَحْتَمِلُ ألا يُعْتَبَرَ قَوْلُهَا فِي مِلْكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ القَوْلَ قَوْلُه. وعنِ القاضي، في كتابِ «الخِصالِ»، أنَّه جزَم به؛ لأنَّ الرِّقَّ مُحْتَملٌ، والأصْلُ البَراءَةُ. وذكَر صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، في قَذْفِ مَن لا يُعْرَفُ إذا ادُّعِيَ رِقُّه، رِوايةً بقبُولِ قَوْلِه؛ لأنَّ احْتِمال الرِّقِّ شُبْهَةٌ، والحَدُّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، والأصْلُ البَراءَةُ. فائدة: لو كان اللَّقِيطُ مُمَيِّزا، يَطأُ مِثْلُه، وجَب الحدُّ على قاذِفِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ نصَّ عليه. وخُرِّجَ وَجْهٌ بانْتِفاءِ الوُجوبِ، وقيل: هو رِوايَةٌ. فعلى المذهبِ، يُشترَطُ لإقامَتِه المُطالبَةُ بعدَ البُلُوغِ، وليس للوَلِيِّ المُطالبَةُ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ويأْتِي ذلك في أوائلِ بابِ القَذْفِ. قوله: وإنِ ادَّعى إئسانٌ أنَّه مَمْلُوكُه، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ تشْهَدُ أنَّ أَمَتَه ولَدَتْه في مِلْكِه. إذا ادَّعَى إنْسانٌ أنَّه مَمْلُوكُه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ له بَيِّنَةٌ، أو لا، فإنْ لم يكُنْ له بَيِّنَةٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ في يَدِه، أو لا؛ فإنْ لم يكُنْ في يَدِه، فلا شيءَ لي. وإنْ كان في يَدِه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ المُلْتَقِطَ أو غيرَه، فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان المُلْتَقِطَ، فلا شيءَ له أيضًا. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وإنْ كان غيرَ المُلْتَقِطِ، صُدِّقَ. قاله الحارِثِيُّ، وقاله في «التلْخيصِ» وغيرِه، لدِلالةِ اليَدِ على المِلْكِ. قال الحارِثِيُّ: ومُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ في «المُغنِي»، و «الكافِي»، وُجوبُ يَمِينِه. وهو الصَّوابُ؛ لإِمْكانِ عدَمِ المِلْكِ، فلا بُدَّ مِن يمَينٍ تُزِيلُ أثَرَ ذلك، ثم إذا بلَغ، وقال: أنا حُرٌّ. لم يُقْبَل. وإن كان له بَيِّنَةٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ تشْهَدَ بيَدِه، أو بمِلْكِه، أو بسَبَبِ مِلْكِه، فإنْ شهِدَت بيَدِه، فإنْ كان غيرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُلْتَقِطِ، حُكِمَ له بها، والقَوْلُ قَوْلُه مع يَميِنِه في المِلْكِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والقاضي أيضًا؛ لدِلالةِ اليَدِ على المِلْكِ، زادَ القاضي، وأنَّه ضلَّ عنه، أو ذهَب، أو غُصِبَ. وإنْ شَهِدَتْ أنَّ أمَتَه ولَدَتْه في مِلْكِه، فعندَ الأصحابِ، هو له. وإنِ اقْتَصرَتْ على أنَّ أمَتَه ولَدَتْه، ولم تقُلْ: في مِلْكِه. فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه لابُدَّ أنْ تشْهَدَ أنَّ أمَتَه ولَدَتْه في مِلْكِه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقطَع به المُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ، في أثْناءِ كتابِ الشَّهاداتِ. ويحْتَمِلُ أنْ لا يُعْتَبرَ قوْلُ البَيِّنَةِ: في مِلْكِه. بك يكْفِي الشَّهادَةُ بأنَّ أمَتَه ولَدَتْه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وإنْ شهِدَتْ أنَّه مِلْكُه، أو مَمْلُوكُه، أو عَبْدُه، أو رَقِيقُه، ثبَت مِلْكُه بذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا بُدَّ مِن ذِكْرِ السَّبَبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وأبي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وصاحِبِ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم؛

وَإنْ أقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغهِ، لَمْ يُقْبَلْ. وَعَنْهُ، يُقْبَلُ. وَقَال الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لاحْتِمالِ التَّعْويلِ على ظاهِرِ اليَدِ. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ في «شَرْحِه». وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، بأنَّ البَيِّنَةَ لا تُسْمَعُ مِنَ المُلْتَقِطِ، وتُسْمَعُ مِن غيرِه؛ لاحْتِمالِ تعْوليها على يَدِ المُلْتَقِطِ، ويَدُه لا تقْبَلُ المِلْكَ. اخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». فائدة: قال في «المُغْنِي» (¬1): إنْ شهِدَتِ البَيِّنَةُ بالمِلْكِ، أو باليَدِ، لم يُقْبَلْ إلَّا رجُلان، أو رجُلٌ وامْرَأتان، وإنْ شهِدَتْ بالولادَة (¬2)، قُبِلَ امْرأَةٌ واحدَةٌ، أو رجُلٌ واحدٌ؛ لأنَّه ممَّا لا يطلِعُ عليه الرِّجالُ. وقال القَاضي: يُقْبَلُ فيه شاهِدان، وشاهِدٌ وامْرأَتان، ولا يُقْبَلُ فيه النِّساءُ. قال الحارِثِيُّ: وهو أشْبَهُ بالمذهبِ. قوله: وإنْ أقَرَّ بالرِّقِّ بعدَ بُلُوغِه، لم يُقْبَلْ. إذا أقَرَّ اللَّقِيطُ بالرِّقِّ بعدَ البُلوغِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يتقَدَّمَه تصَرُّفٌ، أو إقْرارٌ بحُرِّيَّةٍ، أو لا، فإنْ لم يتَقَدَّمْ إقرارَه تصَرُّفٌ ولا إقْرارٌ بحُرِّيَّةٍ، بل أقَرَّ بالرِّقِّ؛ جَوابًا أو ابْتِداءً، وصدَّقَه المُقَرُّ له، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُقْبَلُ إقْرارُه بالرِّقِّ والحالةُ هذه. صحَّحه المُصَنِّفُ ¬

(¬1) المغني 8/ 384. (¬2) في النسخ: «بالولاء» والمثبت من المغني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُغْنِي»، وحكاه القاضي وَجْهًا. وقطَع صاحِبُ «المُحَرَّرِ» بأنَّه يُقْبَلُ قوْلُه. واخْتارَه في «التَّلْخيصِ»، ومال إليه الحارِثِيُّ، وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». وإنْ تقَدَّم إقْرارَه بالرِّقِّ تصَرُّفٌ ببَيعٍ، أو شِراءٍ، أو نِكاحٍ، أو إصْداقٍ ونحوه، فهذا لا يُقْبَلُ إقْرارُه بالرِّقِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُقْبَلُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وقال القاضي: يُقْبَلُ فيما عليه. رِوايَةً واحدةً. وهل يُقْبَلُ في غيرِه؟ على رِوايتَين. قال الحارِثِيُّ: وحكَى أبو الخطَّاب في «كِتابِه»، والسَّامَرِّيُّ عن القاضي، اخْتِصاصَ الرِّوايتَين بما تضَمَّنَ حقًّا له، أمَّا ما تضَمَّنَ حقًّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، فيُقْبَلُ، رِوايَةً واحدةً. قال: وحكاه المُصَنِفُ هنا مُطْلَقًا عنه. وإنْ تقدَّم إقْرارُه بالحُريَّةِ، ثم أقَرَّ بالرِّقِّ، لم يُقْبَلْ، قوْلًا واحدًا. ولو أقَرَّ بالرِّقِّ لزَيدٍ، فلم يُصَدِّقْه، بطَل إقْرارُه، ثم إنْ أقَرَّ لعَمْرٍو، وقُلْنا بقَبْولِ الإقْرارِ في أصْلِ المَسْألَةِ، ففي قَبُولِه له (¬1) وَجْهان. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ، و «الفُروعِ»، وذكَرَهما القاضي وغيرُه؛ أحدُهما، يُقْبَلُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. والثاني، لا يُقْبَلُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: إِنِّي كَافِرٌ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُه إلا أنْ يَكُونَ قَدْ نَطَقَ بِالإسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنِّي كافِرٌ. لم يُقْبَلْ قوْلُه، وحُكْمُه حُكْمُ المُرْتَدِّ. إذا بلَغ اللَّقِيطُ سِنًّا يصِحُّ منه الإسْلامُ والرِّدَّة فيه، على ما يأْتِي في بابِ الرِّدَّةِ، فنَطق بالإسْلامِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مُسْلِمٌ، ثم إنْ قال: إنِّي كافِرٌ. فهو مُرْتَدٌّ، بلا نِزاعٍ. وإنْ حكَمْنا بإسْلامِه تبَعًا للدَّارِ، وبلَغ، وقال: إنِّي كافِرٌ، وهي مَسْألةُ المُصَنِّفِ، لم يُقْبَلْ قوْلُه، وحُكْمُه حُكْمُ المُرْتَدِّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يُقَرُّ، على ما قاله القاضي، قال: إلَّا أنْ يكونَ قد نطَق بالإِسْلامِ وهوْ يعْقِلُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو وَجْهٌ بعيدٌ. فعلى هذا الوَجْهِ، قال القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما: إِنْ وصَف كُفْرًا يُقَرُّ عليه بالجِزْيَةِ، عُقِدَتْ له الذِّمَّةُ، وأُقِرَّ في الدَّارِ، وإن لم يبْذُلْها، أو كان كُفْرًا لا يُقَرُّ عليه، أُلحِقَ بمَأْمَنِه. قال في «المُغْنِي» (¬1): وهو بعيدٌ جِدًّا. ¬

(¬1) المغني 8/ 352.

فصْلٌ: وَإنْ أقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ، أُلحِقَ بِهِ، مُسْلِمًا كَانَ أوْ كَافِرًا، رَجُلًا كَانَ أَو امْرَأةً، حَيًّا كَانَ اللَّقِيطُ أوْ مَيِّتًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ إنْسانٌ أنَّه وَلَدُه، أُلْحِقَ به؛ مُسْلِمًا كان أو كافِرًا؛ رَجُلًا كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو امْرأةً؛ حَيًّا كان اللَّقِيطُ أو مَيتًا. إذا أقَرَّ به حرٌّ مُسْلِمٌ، يُمْكِنُ كوْنُه منه، لَحِقَ به، بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه في رِوايَةِ جماعةٍ، وإنْ أقَرَّ به ذِمِّيٌّ، أُلْحِقَ به نَسَبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وهو داخِلٌ في عُمومِ نصِّ أحمدَ. [وقيل: لا يَلْحَقُ به أيضًا في النَّسَبِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ»] (¬1). إذا علِمْتَ ذلك، فلا يلْحَقُه في الدِّينِ، بلا نِزاعٍ، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، ويأْتِي حُكْمُ نفَقَتِه في النَّفَقاتِ. قال القاضي وغيرُه: وإذا بلَغ، فوصَفَ الإسْلامَ، حكَمْنا بأنَّه لم يزَلْ مُسْلِمًا، وإنْ وصَفَ الكُفْرَ، فهل يُقَرُّ؟ فيه الوَجْهان المَذْكوران في المسْأَلَةِ التي قبلَها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَتْبَعُ الْكَافِرَ فِي دِينِهِ إلا أنْ يُقِيمَ بَيَنةً أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. وَعَنْهُ، لَا يُلْحَقُ بِامْرَأةٍ ذَاتِ زَوْجٍ، وَعَنْهُ، إِنْ كَانَ لهَا إِخْوَةٌ أوْ نَسَبٌ مَعْرُوف، لَمْ يُلْحَقْ بِهَا وَإلَّا لَحِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يتْبَعُ الكافِرَ في دِينِه، إلَّا أنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّه وُلِدَ على فِراشِه. هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الشَّارِحُ: هذا قَوْلُ بعضِ أصحابِنا، وقِياسُ المذهبِ، لا يلْحَقُه في الدِّينِ، إلَّا أنْ تشْهَدَ البَيِّنةُ أنَّه وُلِدَ بينَ كافِرَين حَيَّيْن؛ لأنَّ الطِّفْلَ يُحْكَمُ بإسْلامِه بإسْلامٍ أحَدِ أبوَيه، أو مَوْتِه. انتهى. قال الحارِثِيُّ: قال الأصحابُ: إنْ أقامَ الذِّمِّي بَيِّنَة بولادَتِه على فِراشِه، لَحِقَه في الدِّينِ أيضًا؛ لثُبوتِ أنَّه وُلِدَ بينَ (¬1) ذِمِّيَّين، فكما لو لم يكُنْ لَقِيطًا. وهذا مُقَيَّدٌ باسْتِمْرارِ أبوَيه على الحياةِ والكُفْرِ، وقد أشارَ إليه في «الكافِي»؛ لأنَّ أحدَهما لو ماتَ، أو أسْلَم، لحُكِمَ ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإسْلامِ الطِّفْلِ، فلا بُدَّ فيما قالوا مِن ذلك. انتهى. وإنْ أقَرَّتْ به امْرَأةٌ، أُلْحِقَ بها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. فعلى هذا، قال الأصحابُ: لا يسْرِي اللَّحاقُ إلى الزَّوْجِ بدُونِ تَصْديقِه، أو قيامِ بَيِّنَةٍ بولادَتِه على فِراشِه. وعنه، لا يلْحَقُ بامْرأةٍ مُزَوَّجَةٍ (¬1). وعنه، لا يلْحَقُ بامُرأةٍ لها نسَبٌ معْروفٌ أو إخْوَةٌ. وقيل: لا يُلْحَقُ بامْرأةٍ بحالٍ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، وحكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. ¬

(¬1) في الأصل: «من وجه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، لو أقَرَّ به عَبْدٌ، أنَّه يلْحَقُ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: اسْتِلْحاقُ العَبْدِ كاسْتِلْحاقِ الحُرِّ في لَحاقِ النَّسَبِ، قاله الأصحابُ. انتهى. ولا تجِبُ نفَقَتُه عليه، ولا على سيِّدِه؛ لأنَّه محْكومٌ بحُرِّيَّتِه، وتكونُ نَفَقَتُه مِن بَيتِ المالِ. تنبيهٌ آخَرُ: شمِلَ قوْلُه: أو امْرأةً. لو أقَرَّتْ أمَةٌ به. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: والأمَةُ كالحُرَّة في دَعْوَى النَّسَبِ، على ما ذكَرْنا. قاله الأصحابُ، إلَّا أنَّ الوَلَدَ لا يُحْكَمُ برِقِّه بدونِ بَيِّنَةٍ. حكاه المُصَنِّفُ، ونصَّ عليه مِن رِوايَةِ ابنِ مُشَيشٍ. فوائد؛ إحْداها، المَجْنونُ كالطِّفْلِ، إذا أمْكَنَ أنْ يكونَ منه، وكانْ مَجْهولَ النَّسَب. الثَّانِيَةُ، كلُّ مَن ثبَت لحَاقُه بالاسْتِلْحاقِ، لو بلَغ وأنْكَرَ، لم يُلْتَفَتْ إليه. قاله الأَصحابُ. نقَلَه الحارِثِيُّ. ويأْتِي حُكمُ الإرْثِ، في بابِ الإِقْرارِ بمُشارِكٍ في المِيراثِ، وكتابِ الإقْرارِ. الثَّالثةُ، لو ادَّعَى أجْنَبِيٌّ نسَبَه، ثبَت، مع بَقاءِ مِلْكِ سيِّدِه، ولو مع بَيِّنَةٍ بنَسَبِه. قال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: إلَّا أنْ يكونَ مُدَّعِيه امْرأَةً،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتَثْبُتُ حُرِّيَّتُه، وإنْ كان رجُلًا عرَبِيًّا، فرِوايَتان، وفي مُمَيِّزٍ وَجْهان؛ أحدُهما، صِحَّةُ إسْلامِه. واقْتَصرَ على ذلك في «الفُروعِ».

وَإنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ أوْ أكْثَرُ، لِأَحَدِهِمْ بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ بهَا. وَإنْ تَسَاوَوْا فِي الْبَيِّنَةِ أوْ عَدَمِهِا، عُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَافَةِ أوْ مَعَ أقَارِبِهِمَا إِنْ مَاتَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنِ ادَّعاه اثْنان أو أكْثَرُ، لأحَدِهم بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ بها، فإنْ تَساوَوا في بَيِّنَةٍ، أو عَدَمِها، عُرِضَ معهما على القافَةِ، أو مع أقارِبِهما إنْ ماتا. سمَاعُ دَعْوَى الكافِرِ، ولو لم يكُنْ لهَ بَيِّنَةٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «الإرْشادِ» وَجْهٌ، لا تُسْمَعُ دَعْوَى الكافِرِ بلا بَيِّنَةٍ. وقال في «التَّلْخيصِ»: إنْ كان لأحَدِهما يَدٌ غيرُ يَدِ الالتِقاطِ، وكان قد سبَق اسْتِلْحاقُه، فإنَّه يُقدَّمُ على مُسْتَلْحِقِه مِن بعدُ، وإنْ لم يُسْمَعِ اسْتِلْحاقُه إلَّا عندَ، دَعْوَى الثَّاني، ففي تقْديمِه بمُجَرَّدِ اليَدِ احْتِمالان. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو كان في يَدِ أحَدِهما، وأقامَ كل واحدٍ منهما بَيِّنةً، قُدِّمَتْ بَيِّنةُ الخارِج. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، والرِّوايتَين. وتقدَّم ذلك، ويأتي في الدَّعاوَى والبَيِّناتِ. الثَّانيةُ، لو كان في يَدِ امْرأةٍ، قُدِّمَتْ على امْرأةٍ ادَّعَتْه بلا بَيِّنةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وتقدَّم التنبِيهُ على ما هو أعَمُّ مِن ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: عُرِضَ معهما على القافَةِ، أو مع أقارِبِهما إنْ ماتا. وذلك مِثْلُ؛ الأخِ، والأخْتِ، والعَمَّةِ، والخالةِ، وأولادِهم.

فَإِنْ ألحَقَتْهُ بِأحَدِهِمَا، لَحِقَ بِهِ، وَإنْ ألْحَقَتْهُ بِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فإنْ ألحَقَتْه بأحَدِهما، لَحِقَ به. أنَّها لو توَقَّفَتْ في إلْحاقِه بأحَدِهما، ونفَتْه عنِ الآخَرِ، أنَّه لا يلْحَقُ بالذي توَقَّفَتْ فيه. وهو صحيح، وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، وهو المذهبُ، وظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُحَرَّرِ»: يلْحَقُ به. وتَبِعَه جماعَةٌ.

وَلَا يُلْحَقُ بِأكْثَرَ مِنْ أمٍّ وَاحِدَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ ادَّعَاهُ أكْثَرُ مِنِ اثْنَين فَألِحِقَ بِهِمْ، لَحِقَ بِهِمْ وإنْ كَثُرُوا. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُلْحَقُ بِأكثرَ مِنِ اثنَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعاه أكثرُ مِنِ اثْنَين فالحِقَ بهم، لَحِقَ بهم، وإنْ كَثُرُوا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ. قال في «الفائقِ»: اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْح الحارِثِيِّ»، ونصَرُوه، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، قاله ناظِمُها. وقال الحارِثِيُّ: قال أبو حَنِيفَةَ، والثَّوْرِيُّ: يلْحَقُ بأكْثَرَ مِنِ اثْنَين. لكِنْ عنده، لا يلحَقُ بأكْثَرَ مِن خَمْسَةٍ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يلْحَقُ بأكْثَرَ مِنِ اثْنَين. وعنه، يلْحَقُ بثَلاثةٍ فقط. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وذكَر في «المُسْتَوْعِبِ» وَجْهًا، أنَهم (¬1) إذا ألْحَقُوه بأكْثَرَ مِن ثلاثةٍ، لا يلْحَقُ بواحدٍ منهم؛ لظُهورِ خطَئِهم. ¬

(¬1) في ط: «أنهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يرِثُ مِن (¬1) كلِّ مَن لَحِقَ به ميِراثَ وَلَدٍ كامل، ويرِثُونه ميِراثَ أبٍ واحدٍ، ولهذا لو أوصِيَ له، قَبِلُوا له جميعًا، ليحْصُلَ له. وإنْ ماتَ وخَلَّفَ أحدَهم، فله ميِراثُ أبٍ كامِلٍ؛ لأَن نَسَبَه كامِلٌ مِنَ المَيتِ. نصَّ عليه. ولأمَّيْ أبوَيه اللذَين لَحِقَ بهما مع أُمِّ أُمِّ، نِصْفُ السُّدْسِ، ولأُمِّ الأُمِّ نِصْفُه. قلتُ: فيُعايَى بها. فائدة: امْرأةٌ ولَدَتْ ذكَرًا، وأُخْرَى أُنثَى، وادَّعَتْ كل واحِدَةٍ أنَّ الذكَرَ ولَدُها دُونَ الأُنثَى، فقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يحْتَمِلُ وَجْهين؛ أحدُهما، العَرْضُ على القافَةِ مع الوَلَدَين. قال الحارِثِيُّ: قلتُ: وهذا المذهبُ على ما مَرَّ مِن نصِّه، مِن رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ. والوَجْهُ الثَّاني، عَرْضُ لَبَنِهما على أهْلِ الطِّبِّ ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ، أوْ أشْكَلَ عَلَيهِمْ، أوْ لَمْ يُوجَدْ قَافَةٌ، ضَاعَ نسَبُهُ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ وَفِي الْآخَرِ، يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنهُمْ. أَوْمَأ إِلَيهِ أَحْمَدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَعْرِفَةِ؛ فإنَّ لبَنَ الذَّكرِ يُخالِفُ لبَنَ الأُنثَى في طَبْعِه وزِنَتِه. وقيل: لبَنُ الذَّكَرِ ثَقِيلٌ، ولبَنُ الأنْثَى خفِيف، فيُعْتَبران بطَبْعِهما وزِنَتِهما، وما يخْتَلِفان به عندَ أهْلِ المَعْرِفَةِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا الاعْتِبارُ إنْ كان مُطرِدًا في العادَةِ غيرَ مُخْتَلِفٍ، فهو إنْ شاءَ اللهُ أظْهَرُ مِنَ الأوَّلِ؛ فإنَّ أصولَ السُّنَّةِ قد تخفَى على القائِفِ. قال في «المُغْنِي» (¬1): فإنْ لم يُوجَدْ قافَةٌ، اعْتُبِرَ باللَّبَنِ خاصَّةً. وإنْ كان الوَلدَان ذكَرَين أو أُنثَيَين، وادَّعَتا أحَدَهما، تَعيَّنَ العَرْضُ على القافَةِ. قوله: وإنْ نَفَتْه القافَةُ عنهم، أو أُشْكَلَ عليهم، أو لم يُوجَدْ قافَةٌ -أو اخْتلَفَ قائِفان- ضاعَ نَسَبُه في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في المَسْالةِ الأولَى. وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال المُصَنِّفُ: قوْلُ أبي ¬

(¬1) المغني 8/ 383.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ أقْرَبُ. قال الحارِثِي: وهو الأشْبَهُ بالمذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي الآخرِ، يُترَكُ حتى يبْلُغ، فينْتَسِبَ إلى مَن شاءَ منهم. قال القاضي: وقد أوْمَأ إليه أحمدُ، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقطَع به في «العُمْدَةِ»، و «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». قال الحارثيُّ: ويحْتَمِلُ أنْ يُقْبَلَ مِن مُمَيِّز أيضًا، تفْريعًا (¬1) على وَصِيَّته وطَلاقه، وعلى قَبُولِ شَهادَتِه، على رِوايَةٍ. والمذهبُ خِلافُه. وذكَر ابنُ عَقِيل وغيرُه، هو لمَن يمِيلُ بطَبْعِه إليه؛ لأن الفَرْعَ يمِيلُ إلى الأصْلِ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ لا يتَقدَّمَه إحْسان. وقيل: يلْحَقُ بهما. اخْتارَه في «المُحَرَّرِ». ونقَل ابنُ هانِئ، يُخَيَّرُ بينَهما، ولم يذْكُرْ قافَةً. وعنه، يُقْرَعُ بينَهما، فيَلْحَقُ نَسَبُه بالقُرْعَةِ. ذكَرَها في «المُغْنِي»، في كتابِ الفَرائضِ. نقَلَه عنه في «القَواعِدِ». ¬

(¬1) في ط: «تعريفًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، على قوْلِ ابنِ حامِدٍ ومَن تابعَه، لو ألْحَقَتْه القافَةُ، بعدَ انْتِسابِه، بغيرِ مَنِ انْتَسَبَ إليه، بطَل انْتِسابُه. ومنها، ليس له الانْتِسابُ بالتّشَهِّي، بل بالمَيلِ الطبيعِيِّ الذي تُثِيرُه الولادَةُ. ومنها، يسْتَقِرُّ نَسَبُه بالانْتِسابِ، فلو انْتَسَبَ إلى أحَدِهما، ثم عَنَّ له الانْتِسابُ إلى الثّاني، أو الانْتِفاءُ مِنَ الأولِ، لم يُقْبَلْ. ومنها، لو انْتَسَبَ إليهما جميعًا لمَيلِه، لَحِقَ بهما. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. ومنها، لو بلَغ ولم ينْتَسِبْ إلى واحدٍ منهما، لعدَمِ مَيلِه، ضاعَ نسَبُه؛ لانْتِفاءِ دَليلِه، ولو انْتَسَبَ إلى مَن عَداهما، وادَّعاه ذلك المُنْتَسَبُ إليه، لَحِقَه. ومنها، وُجوبُ النَّفَقَةِ عليهما مُدَّةَ الانْتِظارِ؛ لإقْرارِه بمُوجِبِها، وهو الولادَةُ، وكذلك في مُدَّةِ انْتِظارِ البَيِنةِ، أو القافَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: أو لم يُوجَدْ قافَةٌ. حَقِيقَةُ العَدَمِ، العدَمُ الكُلِّيُّ، فلو وُجِدَتْ بعيدةً، ذهَبُوا إليها. ومنها، لو قتَلَه مَنِ ادَّعَياه، قبلَ أنْ يلْحَقَ بواحدٍ منهما، فلا

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ وَطِئ اثْنَانِ امْرأةً بِشُبْهَةٍ، أوْ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَينَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، أوْ وُطِئَتْ زَوْجَةُ رَجُل أوْ أمُّ وَلَدِهِ بِشُبْهَةٍ، وَأتتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مِنْه، فَادَّعَى الزَّوْجُ أنهُ مِنَ الْوَاطِئ، أُرِيَ الْقَافَةَ جَمعَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوَدَ على واحدٍ منهما، ولو رجَعا؛ لعدَمِ قَبُولِه. ولو رجَع أحدُهما، انْتَفَى عنه، وهو كشَرِيكِ الأبِ، على ما يأتِي في آخِرِ كتابِ الجِناياتِ. قوله: وكذلك الحُكْمُ إنْ وَطِئ اثْنان امْرَأةً بشُبْهَةٍ، أو جارِيَةً مُشْتَرَكَةً بينهما في طُهْرٍ واحِدٍ، أو وُطِئَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ أو أُمُّ وَلَدِه بشُبْهَة، وأتتْ بوَلَدٍ يُمْكن

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ إلا أن يَكُونَ ذَكَرًا عَدْلًا، مُجَرَّبًا فِي الإصَابَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يكُونَ منه، فادَّعى الزوْجُ أنَّه مِن الواطِئ، أُرِيَ القافَةَ معهما. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وسواءٌ ادعياه أو جحَداه، أو أحدُهما. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وشرَط أبو الخَطابِ، في وَطْءِ الزَّوْجَةِ، أنْ يدّعِيَ الزوْجُ أنَّه مِنَ الشُّبْهَةِ، فعلى قوْلِه، إنِ ادَّعاه لنَفْسِه، اخْتَصّ به لقُوَّةِ جانِبِه. وفي «الانْتِصارِ»، رِوايَة مِثْلُ ذلك. ونقَل أبو الحارِثِ، في امْرأةِ رَجُلٍ غُصِبَتْ، فوَلَدَتْ عندَه، ثم رجَعَتْ إلى زَوْجِها، كيفَ يكونُ الوَلَدُ للفِراشِ في مِثْلِ هذا؟ إنَّما يكونُ له إذا ادَّعاه، وهذا لا يدَّعِيه، فلا يلْزَمُه. وقيل: إنْ عُدِمَتِ القافَةُ، فهو لرَبِّ الفِراش. ويأتِي في آخِرِ اللِّعانِ، هل للزوْجِ أو للسيِّدِ نَفْيُه، إذا أُلحِقَ به، أو بهما؟ قوله: ولا يُقْبَلُ قَوْلُ القائفِ إلا أنْ يكونَ ذَكَرًا عَدْلًا مُجَرَّبًا في الإصابَةِ. يُشْتَرَطُ في القائفِ أنْ يكونَ عَدْلًا مُجَربا في الإصابِة. بلا نِزاع. ومعْنَى كوْنِه عَدْلًا (¬1) مُجَربًا في الإصابَةِ، على ما قاله القاضي، ومن تابعَه، بأنْ يُترَكَ الصبِيُّ بينَ عَشَرَةِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِجالٍ مِن غيرِ مَن يدَّعِيه، ويُرِيَهم إيَّاه؛ فإنْ ألْحَقَه بواحدٍ منهم، سقَط قوْلُه لتَبَيُّنِ خطَئِه، وإنْ لم يُلْحِقْه بواحدٍ منهم، أريناه إيَّاه مع عِشْرِين فيهم مَن يدَّعِيه، فإنْ ألْحَقَه به، لَحِقَه. ولو اعْتُبِرَ بأنْ يُرَى صَبِيًّا معْروفَ النَّسَبِ مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْمٍ فيهم أبوه أو أخوه؛ فإنْ ألْحَقَه بقَرِيبه، عُرِفَتْ إصابَتُه، وإنْ ألْحَقَه بغيرِه، سقَط قوْلُه، جاز. وهذه التَّجْرِبَةُ عندَ عَرْضِه على القافَةِ للاحْتِياطِ في مَعْرِفَةِ إصابَته، ولو لم نُجَرِّبْه بعدَ أنْ يكونَ مشْهورًا بالإصابَةِ، وصِحَّةِ المَعْرِفَة في مرَّاتٍ كثيرةٍ، جازَ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنه لا يُشْترَطُ حُرِّيةُ القائفِ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. ذكَرُوه فيما يلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ، وقدَّمه في «الفروعِ». قال الحارِثِيُّ: وهذا أصحُّ. وقيل: تُشْتَرَطُ حُريته. جزَم به القاضي، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وذكَرَه في «الترْغيبِ» عنِ الأصحاب. قال في «القَواعِدِ الأصُوليةِ»: الأكثرون على أنه كحاكِمٍ، فتُشْتَرَطُ حُريته. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ»، و «الزرْكَشِيِّ». فعلى الأوَّلِ، يكونُ بمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ، وعلى الثَّانِي، يكونُ (¬1) بمَنْزِلَةِ الحاكِمِ. وجزَم في «التَّرْغِيبِ»، أنه تُعْتَبَرُ فيه شُروطُ الشهادَةِ. فوائد؛ الأولَى، يكْفِي قائفٌ واحدٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ، وإسْماعِيلَ بنِ سَعِيدٍ. واخْتارَه القاضي، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، يُشْتَرَطُ اثْنان. نصَّ عليه، في رِوايَةِ محمدِ بنِ داودَ المصِّيصِيِّ، والاثْرَمِ، وجَعْفَرِ بنِ محمدٍ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزين». وأطْلَقَهما في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، والحارِثِيُّ في «شَرْحِه»، و «الكَافِي»، و «الزَّرْكَشِيُّ»، وظاهِرُ «الشَّرْحِ» الإطْلاقُ. وخرَّج الحارِثِيُّ الاكتِفاءَ بقائفٍ واحدٍ عندَ العدَمِ، مِن نَصِّه على الاكتِفاءِ بالطبيبِ والبَيطارِ، إذا لم يُوجَدْ سِواه، وأوْلَى؛ فإنَّ القائفَ أعَزُّ وُجودًا منهما. تنبيه: هذا الخِلافُ مَبْنِيٌّ، عندَ كثير مِنَ الأصحابِ، على أنه؛ هل هو شاهِدٌ أو حاكِمٌ؟ فإنْ قُلْنا: هو شاهِدٌ. اعْتَبرْنا العدَدَ، وإنْ قُلْنا: هو حاكِمٌ. فلا. وقال جماعَة مِنَ الأصحابِ: ليس الخِلافُ مَبْنِيًّا على ذلك، بلِ الخِلافُ جارٍ؛ سواء قُلْنا: القائفُ حاكِمٌ. أو: شاهِدٌ؛ لأنَّا إنْ قُلْنا: هو حاكِمٌ. فلا يَمْتَنِعُ التَّعَدُّدُ في الحُكْمِ، كما يُعْتَبرُ حاكِمان في جَزاءِ الصيدِ، وإنْ قُلْنا: شاهِدٌ. فلا تَمْتنِعُ شَهادة الواحِدِ، كما في المَرْأةِ، حيثُ قَبِلْنا شَهادَتَها وشَهادَةَ الطَّبِيب، والبيطارِ. وقالت طائِفَةٌ مِنَ الأصحاب: هذا الخِلافُ مَبْنِيٌّ على أنَّه شاهِدٌ، أوَ مُخْبِرٌ؛ فإنْ جعَلْناه شاهِدًا، اعْتَبرْنا التَّعَدُّدَ، وإنْ جعَلْناه مُخْبِرًا، لم نْعْتَبِرِ التعَدُّدَ، كالخَبَرِ في الأمُورِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينيَّةِ. الثَّانيةُ، القائفُ كالحاكمَ. عندَ أكثرِ الأصحابِ. قاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». و «الحارِثِيِّ»، وقطَع به في «الكافِي». وقيل: هو كالشّاهِدِ. وهو الصَّحيحُ على ما تقدّم. وأكثرُ مَسائلِ القائفِ مَبْنِيَّة على هذا الخِلافِ. الثّالثةُ، هل يُشْترَطُ لَفْظُ الشهادَةِ مِنَ القائفِ؟ قال في «الفُروعِ»، بعدَ القَوْلِ باعْتِبارِ الاثْنَين: ويُعْتَبَرُ منهما لَفْظُ الشَّهادَةِ. نصَّ عليه. وكذا قال في «الفائقِ». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وفيه نَظَرٌ؛ إذْ مِن أصْلِنا قَبُولُ شَهادَةِ الواحدِ في مَواضِعَ. وعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشّهادَةِ. انتهى. قلتُ: في تَنْظيرِه نظَرٌ؛ لأن مَن نقَل عنِ الأصحابِ؛ كصاحِبِ «الفُروعِ» وغيرِه، إنَّما نقَلُوا ذلك عن الإمامِ أحمدَ. وقد روَى الأثْرَمُ أنَّه قال: لا يُقْبَلُ قوْلُ واحدٍ، حتى يجْتَمِعَ اثْنان، فيَكُونا شاهِدَين. وإذا شَهِدَ اثْنان مِنَ القافَةِ، أنه لهذا، فهو له. وكذا قال في روايَةِ محمدِ بنِ داودَ المصِّيصِيِّ. فالذي نقَل ذلك، قال: يُعْتَبَرُ مِنَ الاثْنَين لَفْظُ الشَهادَةِ. وهو مُوافِقٌ للنصِّ، ولا يلْزَمُ مِن ذلك أنه لا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشهادَةِ في الواحدِ، ولا عدَمُه، غايَتُه أنه اقْتَصرَ على النصِّ، فلا اعْتِراضَ عليه في ذلك. وقال في «الانْتِصارِ»: لا يُعْتَبرُ لَفْظُ الشهادَةِ ولو كانا اثْنَين، كما في المُقَوِّمَين. الرابعةُ، لو عارَضَ قوْلُ اثْنَين قوْلَ ثلاثةٍ فأكْثَرَ، أو تعارَضَ اثْنان، سقَط الكُل، وإنِ اتفَقَ اثْنان، وخالفَ ثالث،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُخِذَ بقَوْلِ الاثْنَين. نصَّ عليه، ولو رجَعا، فإنْ رجَع أحدُهما، لَحِقَ بالآخَرِ. قال في «المُنْتَخَب»: ومِثْلُه بَيطاران وطَبِيبان، في عَيبٍ. الخامسةُ، يُعْمَلُ بالقافَةِ في غيرِ بُنُوَّةٍ، كأخُوَّةٍ وعُمومَةٍ عندَ أصحابِنا، وعندَ أبي الخَطَّابِ، لا يُعْمَلُ بها في غيرِ البُنُوَّةِ، كإخْبارِ راعٍ بشَبَهٍ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»، في التَّفْرِقَةِ بينَ الوَلَدِ والفَصِيلِ: لأنَّا وقَفْنا على مَوْرِدِ الشَّرْعِ، ولتَأكُّدِ النَّسَبِ، لثُبوتِه مع السُّكُوتِ. السَّادسةُ، نفَقَةُ المَوْلودِ على الواطِئَين؛ فإذا لَحِقَ بأحَدِهما، رجَع على الآخَرِ بنَفَقَتِه. ونقَل صالِحٌ، وحَنْبَلٌ، أرَى القُرْعَةَ، والحُكْمَ بها. يُرْوَى عنه، عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ، أنَّه أقْرَعَ في خَمْسَةِ مَواضِعَ، فذكَر منها؛ إقْراعَ عَلِيٍّ في الوَلَدِ بينَ الثلاثةِ الذين وَقَعُوا على الأمَةِ في طُهْرٍ واحِدٍ، ولم يُرَ هذا في رِوايَةِ الجماعَةِ، لاضْطِرابِه. وقال ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي»: القُرْعَة تُسْتَعْمَلُ عندَ فُقْدانِ مُرَجِّحٍ سِواها؛ مِن بَينة، أو إقْرار، أو قافَةٍ. قال: وليس ببعيدٍ تعْيينُ المُسْتَحِقِّ في هذه الحالِ بالقرْعَةِ؛ لأنها غايَةُ المَقدُورِ عليه مِن ترْجيحِ الدَّعْوَى، ولها دُخولٌ في دَعْوَى الأمْلاكِ التي لا تثْبُتُ بقَرِينة، ولا أمارَةٍ، فدُخولُها في النَّسَبِ الذي يثْبُتُ بمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الخَفِيِّ المُسْتَنِدِ إلى قَوْلِ قائفٍ أوْلَى.

كتاب الوقف

كتابُ الْوَقْفِ وَهُوَ تَحْبِيسُ الأصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الوَقْفِ قوله: وهو تَحْبِيسُ الأصْلِ وتَسْبِيلُ المنْفَعَةِ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الزرْكَشِيُّ: وأرادَ مَن حَدَّ بهذا الحَدِّ، مع شُروطِه المُعْتَبَرَةِ، وأدْخَلَ غيرُهم الشروطَ في الحَدِّ. انتهى. وقال في «المُطْلِعِ»: وحَدُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ لم يجْمَعْ شُروطَ الوَقْفِ، وحدَّه غيرُه، فقال: تَحْبِيسُ مالِكٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ ماله المُنْتَفَعَ به مع بَقاءِ عَينه، بقَطْعِ تصَرُّفِ الواقِفِ في رقَبَتِه، يُصْرَف رِيعُه إلى جِهَةِ برٍّ؛ تقَرُّبًا إلى الله تعالى. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وأقْرَبُ

وَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أنهُ يَحْصُل بِالقوْلِ والفِعْلِ الدَّال عَلَيهِ؛ مِثْلَ أنْ يبنِيَ مَسْجِدًا وَيَأذَنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، أوْ يَجْعَلَ أرْضَهُ مَقْبَرَةً وَيَأذَنَ لَهُمْ فِي الدَّفْنِ فِيهَا، أوْ سِقَايَةً وَيَشرَعَهَا لَهُمْ. وَالأُخْرَى، لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُدودِ في الوَقْفِ، أنَّه كلُّ عَينٍ تجوزُ عارِيَّتُها. فأدخَلَ في حدِّه أشياءَ كثيرةً لا يجوزُ وَقْفُها عندَ الإِمامِ أحمدَ، والأصحابِ، يأتي حُكْمُها. قوله: وفيه رِوايَتان؛ إحْداهما، أنَّه يَحْصُلُ بالقَوْلِ والفِعْلِ الدَّالِ عليه. كما مَثَّلَ به المُصَنِّفُ. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ , وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: مذهبُ أبي عبدِ اللهِ، انْعِقادُ الوَقْفِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به، وعليه الأصحابُ. انتهى. وجزَم به في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، و «رُءُوسِ المَسائلِ» للقاضي، و «رُءُوسِ المَسائِل» لأبِي الخَطَّابِ، و «الكافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والروايَةُ الأخْرَى، لا يصِحُّ إلَّا بالقَوْلِ وَحْدَه، كما مثَّلَ المُصَنِّفُ. ذكَرَها القاضي في «المُجَرَّدِ»، واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. ومنَع المُصَنِّفُ دلالتَها، وجعَل المذهبَ رِوايَةً واحدَةً، وكذلك الحارِثِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «المُطْلِعِ»: السقايَةُ، بكَسْرِ السِّينِ، المَوْضِعُ الذي يُتَّخَذُ فيه الشرابُ في المَواسِمِ وغيرِها. عن ابنِ عبَّادٍ (¬1)، قال: والمُرادُ هنا بالسِّقايَةِ؛ البَيتُ المَبْنيُّ لقَضاءِ حاجَةِ الإنْسانِ، سُمِّيَ بذلك تَشْبِيهًا بذلك. قال: ولم أرَه مَنْصُوصًا عليه في شيءٍ مِن كُتُبِ اللُّغَةِ والغَرِيبِ، إلَّا بمَعْنَى مَوْضِعِ الشَّرابِ، وبمَعْنَى الصُّواعِ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: أرادَ بالسِّقايَةِ مَوْضِعَ التَّطَهُّرِ وقَضاءِ الحاجَةِ، بقَيدِ وُجودِ الماءِ. قال: ولم أجِدْ ذلك في كُتُبِ اللُّغَويين، وإنَّما هي عندَهم مَقُولَةٌ بالاشْتِراكِ على الإنْاءِ الذي يُسْقَى به، وعلى مَوْضِعِ السقْي، أي المَكانِ المُتَّخَذِ به الماءُ. غيرَ أنَّ هذا يُقَربُ ما أرادَ المُصَنِّفُ بقوْلِه: وشرَعَها. أي فتَح بابَها. وقد يُريدُ به مَعْنَى الوُرودِ. انتهى قلتُ: لعَلَّه أرادَ أعَمَّ ممَّا قالا، فيَدْخُل في كلامِه: لو وقَف خابِيَةً للماءِ على الطَّريقِ ونحوه، وبَنَى عليها، ويكونُ ذلك تَسْبِيلًا له. وقد صرَّح بذلك المُصَنف في «المُغْنِي» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِي: لو وقَف سِقَايَةً، ملَك الشُّرْبَ منها، لكِنْ يَرِدُ على ذلك قوْله: ويشْرَعها لهم. ¬

(¬1) هو إسماعيل بن عباد بن عباس الطالقاني، أبو القاسم المعروف بالصاحب، الوزير الكبير العلامة الأديب الكاتب وزير الملك مؤيد الدولة بويه، له تصانيف منها «المحيط» في اللغة، و «الإمامة». توفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 16/ 511 - 514.

وَصَرِيحُه: وَقَفْتُ، وَحَبَّسْتُ، وَسَبَّلْتُ. وَكِنَايَتُهُ: تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمْتُ، وَأبدتُ. فَلَا يَصِح الْوَقْفُ بِالْكِنَايَةِ إِلا أنْ يَنْويَهُ، أوْ يَقْرِنَ بِهَا أحَدَ الألفَاظِ الْبَاقِيَةِ، أوْ حُكْمَ الْوَقْفِ، فيَقُولَ: تَصَدَّقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: مِثْلَ أنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا -أي يَبْنِيَ بُنْيانًا على هَيئَةِ المَسْجِدِ- ويَأذَنَ للنَّاسِ في الصلاةِ فيه. أي إذْنًا عامًّا؛ لأنَّ الإذْنَ الخاص قد يقَعُ على غيرِ المَوْقُوفِ، فلا يُفيدُ دلالةَ الوَقْفِ. قاله الحارِثِي. قوله: وصَرِيحُه: وَقَفْتُ، وحَبَّسْتُ، وسبَّلْتُ. وقَفْتُ، وحَبسْتُ، صرِيح في الوَقْفِ، بلا نِزاعٍ، وهما مُترَادِفان على مَعْنَى الاشْتِراكِ في الرقَبَةِ عنِ التَّصَرُّفاتِ

صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أو مُحَبَّسَةً، أوْ مُسَبَّلَةً، أو مُحَرَّمَةً، أو مُؤبّدَةً، أو لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُزِيلَةِ للمِلْك. وأمَّا سَبَّلْتُ، فصَرِيحَة، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِيُّ: والصَّحيحُ أنَّه ليس صَرِيحًا؛ لقَوْلِه عليه أفْضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «حَبسِ الأصْلَ، وسَبِّلِ الثَّمَرَةَ» (¬1). غايرَ بينَ مَعْنَى التَّحْبِيسِ، والتَّسْبِيلِ، فامْتنَعَ كوْنُ أحَدِهما صَرِيحًا في الآخَرِ. وقد عُلِمَ كَوْنُ الوَقْفِ هو الإمْساكَ في الرَّقَبَةِ عن أسْبابِ التَّمَلُّكاتِ. والتَّسْبِيلُ إطْلاقُ التَّمْليكِ، فكيفَ يكون صَرِيحًا في الوَقْفِ؟ انتهى. ¬

(¬1) أخرجه النسائي، في: باب حبس المشاع، من كتاب الأحباس. المجتبى 6/ 193، 194. وابن ماجه، في: باب من وقف، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه 2/ 801.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكِنايَتُه: تَصَدَّقْتُ. وحَرَّمْتُ. وأبدْتُ. أما تصَدقْتُ، وحَرمْتُ، فكِنايَةٌ فيه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وأما أبدْتُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها مِن ألْفاظِ الكِنايَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به الأكثرُ. وذكَر أبو الفَرَجِ، أن أبدْتُ. صَرِيح فيه. قوله: فلا يَصِحُّ الوَقْفُ بالكِنايَةِ إلَّا أنْ يَنْويَه -بلا نِزاعٍ- أو يَقْرِنَ بها أحَدَ الألفاظِ الباقيةِ -يعْنِي الألفاظَ الخَمْسَةَ مِنَ الصَّريحِ والكِنايَةِ -أو حُكْمَ الوَقَفِ، فَيَقُولَ: تَصَدَّقْتُ صَدَقةً مَوْقُوفَةً، أو مُحَبَّسَةً، أو مُسَبَّلَةً، أو مُحَرَّمَةً، أو مُؤبَّدَةً، أو لا تُباعُ، ولا تُوهَبُ، ولا تُورَثُ. وهذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وذكَر أبو الفَرَجِ أن قوْلَه: صدَقَةً مَوْقُوفَةً، أو مُؤيدَةً، أو لا تُباعُ. كِنايَة. وقال الحارِثِيُّ: إضافَةُ التَّسْبِيلِ بمُجَرَّدِه إلى الصدَقَةِ لا تفيدُ زَوال الاشْتِراكِ، فإنَّ التَّسْبِيلَ إنَّما يُفِيدُ ما تُفِيدُه الصَّدَقَةُ، أو بعضه، فلا يُفيدُ مَعْنًى زائِدًا. وكذا لو اقْتَصَر على إضافَةِ التأبِيدِ إلى التحْريمِ، لا تفِيدُ الوَقْفَ؛ لأنَّ التَّأبِيدَ قد يُريدُ به دَوامَ التَّحريم؛ فلا يخْلُص اللَّفْظُ عن الاشْتِراكِ. قال: وهذا الصحيحُ. انتهى. وقد قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لو جعَل عُلْوَ بَيته أو سُفْلَه مَسْجِدًا، صح. وكذا لو جعَل وسْطَ دارِه مَسْجِدًا، ولم يذْكُرْ الاسْتِطْراق، صح كالبَيعِ. قال في «الفُروعِ»: فيتَوجهُ منه الاكتِفاءُ بلَفْظٍ يُشْعِرُ بالمَقْصودِ، وهو أظْهَرُ على أصْلِنا، فيَصِحُّ، جعَلْتُ هذا للمَسْجِدِ، أو في المَسْجِدِ ونحوُه. وهو ظاهِرُ نصُوصِه. وصحح في رِوايةِ يَعْقُوبَ وقْفَ مَن قال: قَرْيتي التي بالثَّغْر لمَوالِيَّ الذين به، ولأوْلادِهم. وقاله شيخُنا، وقال: إذا قال واحدٌ، أو جماعَة: جعَلْنا هذا المَكانَ مسْجِدًا، أو وقفًا. صارَ مسْجِدًا ووَقْفًا بذلك، وإنْ لم يُكْمِلُوا عِمارَتَه.

وَلَا يَصِحُّ إلا بِشرُوطٍ أرْبَعَةٍ؛ أحَدهَا، أنْ يَكونَ فِي عَين يَجُوز بَيعُهَا وَيمْكِنُ الانْتِفَاعُ بِهَا دَائِمًا مَعَ بَقَاءِ عَينهَا؛ كَالْعَقَارِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْأثَاثِ، وَالسِّلَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإذا قال كلٌّ منهم: جعَلْتُ مِلْكِي للمَسْجِدِ. أو في المَسْجِدِ. ونحوَ ذلك، صارَ بذلك حقًّا للمَسْجِدِ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، إذا قال: تصَدَّقتُ بأرْضِي على فُلانٍ، وذكَر مُعَينًا، أو مُعَيَّنين، والنَّظرُ لي أيامَ حياتِي، أو لفُلانٍ، ثم مِن بعدِه لفُلانٍ. كانُ مُفيدًا للوَقْفِ. وكذا لو قال: تصَدَّقْتُ به على فُلانٍ، ثم مِن بعدِه على وَلَدِه، أو على فُلانٍ. أو: تصَدَّقْتُ به على قَبِيلَةِ كذا، أو طائفَةِ كذا كان مُفِيدًا للوَقْفِ؛ لأنَّ ذلك لا يُسْتَعْمَلُ فيما عَداه، فالشرِكَةُ مُنْتَفِيَة. الثَّانيةُ، لو قال: تصَدَّقْتُ بدارِي على فُلانٍ. ثم قال بعدَ ذلك: أرَدْتُ الوَقْفَ. ولم يُصَدِّقه فُلان، لم يُقْبَلْ قوْلُ المُتَصَدِّقِ في الحُكْمِ؛ لأنَّه مُخالِف للظَّاهِرِ. قلتُ: فيُعايىَ بها. قوله: ولا يَصِحُّ إلا بشُروطٍ أرْبَعَةٍ؛ أحَدُها، أنْ يكونَ في عَينٍ يَجُوزُ بَيعُها، ويُمْكِنُ الانْتِفاعُ بها دائمًا مع بَقاءِ عَينها. يعْنِي، في العُرْفِ، كالإجارَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واعْتَبرَ أبو محمدٍ الجَوْزِي بَقاءً مُتَطاولًا، أدْناه عُمْرُ الحَيوانِ. قوله: كالعَقارِ، والحَيَوانِ، والأثاثِ، والسِّلاحِ. أمَّا وَقْفُ غيرِ المَنْقولِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَصِحُّ بلا نِزْاع. وأمَّا وقْفُ المَنْقولِ؛ كالحَيوانِ، والأثاثِ، والسلاحِ، ونحوها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ صِحَّةُ وقْفِها، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، لا يصِحُّ وَقْفُ غيرِ العَقارِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأثرَمِ، وحَنبل. ومنَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحارِثِي دَلالةَ هذه الروايَةِ، وجَعَل المذهبَ رِوايةً واحدةً. ونقَل المَروذِيُّ، لا يجوزُ وَقْفُ السِّلاحِ. ذكَرَه أبو بَكْر: وقال في «الإِرْشادِ»: لا يصِح وَقفُ الثيابِ.

وَيَصِحُّ وَقْف الْمُشَاعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ وَقفُ المُشاعِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وفي طريقةِ بعضِ الأصحابِ، ويتَوَجَّهُ مِن عدَمِ صِحَّةِ إجارَةِ المُشاعِ، عدَمُ صِحَّةِ وَقْفِه. فائدة: قال في «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ أنَّ المُشاعَ لو وقَفَه مسْجِدا، ثبَت فيه حُكْمُ المَسْجِدِ في الحالِ، فيُمنَعُ مِنَ الجُنُبِ، ثم القِسْمَةُ مُتَعَيِّنَةٌ هنا؛ لتَعَيُّنها طريقا للانْتِفاعِ بالمَوْقوفِ. انتهى. وكذا ذكَرَه ابنُ الصَّلاحِ (¬1). ¬

(¬1) عثمان بن صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان الكردي الشهرزوري، الشافعي، أبو عمرو. الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام، وصاحب كتاب «علوم الحديث». توفي سنة ثلاث وأربعين وسمائة. سير أعلام النبلاء 23/ 140 - 144.

وَيَصِحُّ وَقْفُ الْحَلْي عَلَى اللُّبْسِ وَالْعَارِيةِ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ وَقْفُ الحَلْي للُّبْسِ، والعارِيَّةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّف وغيرُه: هذا المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ. وذكَرَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» عن عامَّةِ الأصحابِ، واخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل، والمُصَنفُ، والشَّارِحُ، في آخَرِين، ونقَلَها الخِرَقِيُّ، وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» في الحَلْي وغيرِه. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، ذكَرَه الحارِثِيُّ. وتأوَّلَها القاضي، وابنُ عَقِيل.

وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الذِّمَّةِ؛ كَعَبْدٍ، وَدَارِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «التلْخيصِ»: وهذه الرِّوايَةُ مَبْنِيَّة على ما حَكَيناه عنه في المَنْعِ في وَقْفِ المَنْقُولِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». فائدة: لو أطْلَقَ وقْفَ الحَلْي، لم يصِحَّ. قطَع به في «الفائقِ». قلتُ: لو قِيلَ بالصِّحَّةِ، ويُصْرَفُ إلى اللُّبْس والعارِيَّةِ، لكانَ مُتَّجِهًا، وله نَظائِرُ.

وَلَا غَيرِ مُعَيَّن، كَأحَدِ هَذَينِ، وَلَا وَقْفُ مَا لَا يَجُوزُ بَيعُهُ، كَأمِّ الْوَلَدِ، وَالْكَلْبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِح وَقْفُ غيرِ مُعَيَّن، كأحَدِ هذين. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وقال في «التَّلْخيصِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحر، كالعِتْقِ. ونقَل جماعة عن أحمدَ، في مَن وقَفَ دارًا، ولم يَحُدَّها، قال: يصِحُّ، وإنْ لم يَحُدَّها، إذا كانتْ معْروفَةً. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فعلى الصِّحَّةِ، يخْرُجُ المُبْهَمُ بالقُرْعَةِ. قلَه الحارِثِي، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ»، وغيرُهما. قوله: ولا يَصِح وَقْفُ ما لا يَجُوزُ بَيعُه؛ كأمِّ الوَلَدِ، والكَلْبِ. أمَّا أم الوَلَدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه لا يصِح وَقْفُها. قطَع به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. قاله في «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الضغِيرِ». قلتُ: فلعَل مُرادَ القائلِ بذلك إذا قيلَ بجَوازِ بيعِها، أو أنَّه يصِحُّ ما دامَ سيِّدُها حيًّا، على قوْلٍ يأتِي. ثم وجَدْتُ صاحِبَ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» قال: وفي أم الوَلَدِ وَجْهان، قلتُ: إنْ صح بيعُها، صح وَقْفُها، وإلا فلا. انتهى. لكِنْ ينْبَغِي على هذا أنْ يصِح وقْفُها، قوْلًا واحدًا، وعندَ الشَّيخِ تَقِي الدينِ، يصِحُّ وَقْفُ مَنافِعِ أم الوَلَدِ في حَياتِه. فائدتان؛ إحْداهما، قال الحارِثِي: المُكاتَبُ؛ إنْ قيلَ بمَنْعِ بيعِه، فكأمِّ الوَلَدِ، وإنْ قيل بالجَوازِ، كما هو المذهبُ، فمُقْتَضَى ذلك صِحةُ وَقْفِه، ولكِنْ إذا أدَّى، هل يبْطُلُ الوَقفُ؟ يحْتاجُ إلى نظَر. انتهى. الثانيةُ، حُكْمُ وَقف المُدَبَّرِ حُكْمُ بيعِه، على ما يأتِي في بابِه. ذكَرَه في «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِي»، وغيرِهم. وأمَّا الكَلْبُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يصِحُّ وَقْفُه، وعليه الأصحاب؛ لأنه لا يصِحُّ بيعُه. وقَال الحارِثِيُّ في «شَرْحِه»: وقد تُخَرَّجُ الصِّحَّةُ مِن جوازِ إعارَةِ الكَلْبِ المُعَلَّمِ، كما خُرِّجَ جوازُ الإجارَةِ؛ لحُصولِ نقْلِ المَنْفَعَةِ، والمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَة بغيرِ إشْكالٍ، فجازَ أنْ تُنْقَلَ. قال: والصَّحيحُ اخْتِصاصُ النَّهْي عنِ البَيعِ بما عَدا كَلْبَ الصَّيدِ؛ بدَليلِ رِوايَةِ حمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عن أبِي الزْبيرِ، عن جابر قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عن ثَمَنِ الكَلْبِ، والسِّنَوْرِ، إلَّا كَلْبَ الصَّيدِ (¬1). والإسْنادُ جيِّدٌ، فيَصِحُّ وقف مُعَلمِ؛ لأن بيعَه جائز. وفي ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 11/ 43.

وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقائِهِ دَائِمًا؛ كَالْأثْمانِ، وَالمَطْعُومِ، وَالريَاحِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَعْناه جَوارِحُ الطيرِ، وسِباع البهائمِ الصَّيادَةُ، يصِحُّ وقْفُها، ويجوزُ بيعُها، بخِلافِ غيرِ الصَّيَّادَةِ. ومَر في المذهبِ رِوايَة بامْتِناعِ بيعِها، أعْنِي الصيَّادَةَ، فيَمْتَنِعَ وقْفُها. والأوَّلُ أصحُّ. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ويصِحُّ وَقْفُ الكَلْبِ المُعَلَّمِ، والجَوارِحِ المعَلَّمَةِ، وما لا يُقْدَرُ على تَسْليمِه. قوله: وما لا يُنتَفَعُ به مع بقائِه دَائمًا، كالأثْمانِ. إذأ وقَف الأثْمانَ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يقِفَها للتَّحَلِّي والوَزْنِ، أو غيرِ ذلك، فإنْ وقَفَها للتحَلي والوَزْنِ، فالصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنه لا يصِحُّ. ونَقَله الجماعَةُ عن أحمدَ، وهو ظاهِرُ ماقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الحارِثِي: وعدَمُ الصِّحَّةِ أصحُّ. وقيل: يصِحُّ؛ قِياسًا على الإجارَةِ. قال في «التَّلْخيصِ»: إنْ وقَفَها للزنَةِ بها، فقِياسُ قوْلِنا في الإجارَةِ، أنه يصِحُّ. فعلى هذا؛ إنْ وقَفَها وأطْلَقَ، بطَل الوَقْفُ. على الصَّحيحِ. وقيل: يصِحُّ، ويُحْمَلُ عليهما. وإنْ وقَفَها لغيرِ ذلك، لم يصِحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «الفائقِ»: وعنه، يصِحُّ وَقْفُ الدَّراهمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُنْتَفَعُ بها في القَرْضِ ونحوه. اخْتارَه شيخُنا. يعْنِي به الشيخَ تَقِي الدينِ. وقال في «الاخْتِياراتِ»: ولو وقَف الدَّراهِمَ على المُحْتاجِين، لم يكُنْ جوازُ هذا بعيدًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو وقَف قِنْديلَ ذَهَبٍ، أو فِضةٍ على مسْجِدٍ، لم يصِح، وهو باقٍ على مِلْكِ رَبه، فيُزَكِّيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِح، فيُكْسرُ ويُصرَفُ في مصَالحِه. اخْتارَه المُصَنفُ. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدينِ: لو وقَف قِنْدِيلَ: نقْدٍ للنَّبِي، - صلى الله عليه وسلم -، صُرِفَ لجِيرانِه، - صلى الله عليه وسلم - قِيمَتُه. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: النَّذْرُ للقُبورِ هو للمَصالِحِ، ما لم يُعلمْ رَبُّه، وفي الكفَارَةِ الخِلافُ، وإنَّ مِنَ الحُسْنِ صَرْفَه في نَظيرِه مِنَ المَشْرُوعِ. ولو وقَف فَرَسًا بسَرْجٍ ولِجامٍ مُفَضَّض، صحَّ. نصَّ عليه تَبَعًا. وعنه، تُباعُ الفِضَّةُ، وتُصْرَفُ في وَقْفٍ مِثْلِه. وعنه، تُنْفَقُ عليه. الثانيَةُ، قال في «الفائقِ»: ويجوزُ وَقْفُ الماءِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروع»: وفي «الجامِعِ»، يصِح وَقْفُ الماءِ. قال الفَضْلُ: سألتُه عن وَقْفِ الماءِ؟ فقال: إنْ كان شيئًا اسْتَجازُوه بينَهم، جازَ. وحمَلَه القاضي وغيرُه على وَقْفِ مَكانِه. قال الحارِثِي: هذا النَّص يقْتَضِي تَصْحيحَ الوَقْفِ لنَفْسِ الماءِ، كما يفْعَلُه أهْلُ دِمَشقَ؛ يقِفُ أحَدُهم حِصَّةً أو بعضَها مِن ماء النَّهْرِ. وهو مُشْكِلٌ مِن وَجْهَين؛ أحدُهما، إثباتُ الوَقْفِ فيما لم يَمْلِكْه بعدُ، فإنَّ الماءَ يتَجددُ شيئًا فشيئًا. الثَّانِي، ذَهابُ العَينِ بالانْتِفاعِ. ولكِنْ قد يُقالُ: بَقاءُ مادَّةِ الحُصولِ مِن غيرِ تَأثُّر بالانْتِفاعِ يتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ بَقاءِ أصْلِ العَينِ مع الانْتِفاعِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُؤيِّدُ هذا صِحَّةُ وَقْفِ البِئْرِ، فإنَّ الوَقْفَ وارِد على مَجْموعِ الماءِ والحَفيرَةِ، فالماءُ أصْل في الوَقْفِ. وهو المَقْصودُ مِنَ البِئْرِ. ثم لا أثَرَ لذَهابِ الماءِ بالاسْتِعْمالِ؛ لتجدُّدِ بدَلِه، فهنا كذلك، فيجوزُ وَقْفُ الماءِ كذلك. الهى. قوله: والمَطْعومِ والرَّياحِينِ. يعْنِي، لا يصِحُّ وَقْفُها. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو تصَدَّقَ بدُهْنٍ على مَسْجِدٍ ليُوقَدَ فيه، جازَ، وهو مِن بابِ الوَقْفِ، وتَسْمِيَتُه وَقْفًا، بمَعْنَى أنَّه وُقِف على تلك الجِهَةِ، لا يُنْتَفَعُ به في غيرِها، لا تأباه اللُّغَةُ، وهو جارٍ في الشَّرْعِ. وقال أيضًا: يصِحُّ وَقْفُ الرَّيحانِ ليَشُمَّه أهْلُ المَسْجِدِ. قال: وطِيبُ الكَعْبَةِ حُكْمُه حُكْمُ كُسْوَتِها. فعُلِمَ أن التطيبَ مَنْفَعَة مقْصودَة، لكِنْ قد تطُولُ مُدَّةُ التَّطيُّبِ، وقد تَقْصُرُ، ولا أثرَ لذلك. قال الحارِثِيُّ: وما يبقَى أثَرُه مِنَ الطيبِ؛ كالندِّ، والصَّنْدَلِ، وقِطَعِ الكافُورِ، لشَمِّ المَريضِ وغيرِه، فيصِحُّ وَقْفُه على ذلك؛ لبَقائِه مع الانْتِفاعِ، وقد صحتْ إجارَتُه لذلك، فصَحَّ وَقْفُه. انتهى. وهذا ليس داخِلًا في كلامِ المُصَنِّفِ، والظَّاهِرُ أن هذا مِنَ المُتَّفَقِ على صِحَّتِه؛ لوُجودِ شُروطِ الوَقْفِ فيه.

الثَّانِي، أنْ يَكونَ عَلَى بِرٍّ؛ كَالْمَسَاكِينِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ، وَالْأقَارِبِ، مُسْلِمِينَ كَانُوا أوْ مِنْ أهْلِ الذمَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثانِي، أنْ يكونَ على بِرٍّ -وسواء كان الواقِفُ مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا، نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الإمامُ أحمدُ- كالمَساكِينِ، والمَساجِدِ، والقَناطِرِ، والأقارِبِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يصِحُّ الوَقْفُ على مُباحٍ أيضًا. وقيل: يصِحُّ على مُباح ومَكْرُوهٍ. قال في «التَّلْخيصِ»: وقيل: المُشْتَرَط أنْ لا يكونَ على جِهَةِ مَعْصِيَةٍ، سواء كان قُرْبَةً وثَوابًا، أو لم يكُنْ. انتهى. فعلى هذا، يصِحُّ الوَقْفُ على الأغْنِياءِ. فعلى المذهبِ، اشْتِراطُ العُزوبَةِ باطل؛ لأنَّ الوَصْفَ ليس قُرْبَة، ولتَمْييزِ الغَنِيِّ عليه. وعلى هذا، هل يلْغُو الوَصْفُ ويَعُمُّ، أو يلْغُو الوَقْفُ، أو يُفَرَّقُ بينَ أَنْ يقِفَ ويَشْتَرِطَ، أو يذْكُرَ الوَصْفَ ابْتِداءً، فيُلْغَى في الاشْتِراطِ، ويصِحُّ الوَقْفُ؟ يحْتَمِلُ أوْجُهًا. قاله في «الفائقِ». فائدتان؛ إحْداهما، أبطَلَ ابنُ عَقِيلٍ وَقْفَ الستورِ لغيرِ الكعْبَةِ؛ لأنه بِدْعَة، وصحَّحَه ابنُ الزاغُونِيِّ، فيُصْرَفُ لمَصْلَحَةٍ. نَقَله ابنُ الصَّيرَفِيِّ عنهما. وفي «فَتاوَى ابنِ الزاغُونِيِّ»، المَعْصِيَةُ لا تنعَقِدُ. وأفْتَى أبو الخَطَّابِ بصِحتِه، ويُنْفَقُ ثمَنُها على عِمارَته ولا يُسْتَرُ؛ لأنَّ الكَعْبَةَ خُصَّتْ بذلك، كالطَّوافِ. الثَّانيَةُ، يصِحُّ وَقْفُ عَبْدِه على حُجْرَةِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -؛ لإخراجِ تُرابِها، وإشْعالِ قَنادِيلِها وإصْلاحِها، لا لإشْعالِها وحْدَه، وتَعْليقِ سُتُورِها الحريرِ، والتَّعْليقِ، وكَنْسِ الحائطِ، ونحو ذلك. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». قوله: مُسْلِمِين كانُوا أو مِن أهلِ الذِّمَّةِ. يعنِي، إذا وقَف على أقارِبِه مِن أهلِ الذِّمَّةِ، صحَّ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. تنبيهان؛ أحدُهما، قد يُقالُ: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يصِحُّ الوَقْفُ على ذِمِّيٍّ، غيرِ قَرابَتهِ. وهذا أحَدُ الوَجْهَين، وهو مفْهومُ كلامِ جماعَةٍ؛ منهم صاحِبُ «الوَجيزِ»، و «التلْخيصِ»، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ.

وَلَا يَصِحُّ على الْكَنَائِس وَبُيُوتِ النَّارِ، وَكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيل. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصِحُّ على الذمي، وإنْ كان أجْنَبِيًّا مِنَ الواقِفِ. وهو الصحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «المُنْتَخَب»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهم. قال في «الفائقِ»: ويصِحُّ على ذِمِّيٍّ مِن أَقارِبِه. نصَّ عليه وعلى غيرِه، مِن مُعَيَّن، في أصح الوَجْهَين دُون الجهَةِ. انتهى. وهو ظاهِرُ ما قطَع به الحارِثِي. وأطْلَق الوَجْهَين في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال الحَلْوانِيُّ: يصِحُّ على الفُقَراءٍ منهم دُونَ غيرِهم. وصحَّح في «الواضِحَ» صِحَّةَ الوَقْفِ من ذِمِّيٍّ علهم دُون غيرِه. الثَّانِي (¬1)، قال الحارِثِيُّ: قال الأصحابُ: إنْ وقَف على مَن ينْزِلُ الكَنائسَ، والبِيَعَ مِنَ المارَّةِ والمُجْتازِين، صح. قالوا: لأنَّ الوَقْفَ علهم لا على البُقْعَةِ، والصَّدقَةُ علهم جائزَة وصالِحَة خصَّ أهْلَ الذمةِ، فوقَف على المارَّةِ منهم، لم يصِح. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: وفي «المُنْتَخَبِ»، و «الرعايَةِ»، يصِحُّ على المارَّةِ بها منهم. يعْنِي، مِن أهْلِ الذمةِ. وقاله في «المُغْنِي»، في بِناءِ بَيتٍ يسْكُنُه المُجْتازُ منهم. ولم أرَ ما قال عنه صاحِبُ «الرعايَةِ» فيهما في مَظِنَّتِه، بل قال: ويصِحُّ منها على ذِميّ بهما أو ينْزِلُهما، أو يجتازُ؛ راجِلًا، أو راكِبًا. قوله: ولا يصِحُّ على الكَنائسِ وبُيوتِ النَّارِ. وكذا البِيَعُ. وهذا المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فائدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، ونصَّ عليه في الكَنائسِ والبِيَعِ. وفي «المُوجَزِ» روايَة، يصِح على الكَنِيسَةِ والبِيعَةِ كمارٍّ بهما. فوائد؛ الأولَى، الذمي كالمُسْلِمِ في عدَمِ الصِّحَّةِ في ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلا يصِح وَقْفُ الذمي على الكَنائسِ والبِيَعِ وبُيوتِ النَّارِ، ونحوهم، ولا على مَصالحِ شيءٍ مِن ذلك، كالمُسْلِمِ. نصَّ عليه، وقطَع به الحارِثِيُّ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وصحَّح في «الواضِحِ» وَقْفَ الذمي على البِيعَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكَنِيسَةِ. وتقدَّمِ كلامُه في وَقفِ الذِّميِّ على الذِّمِّيِّ. الثانيَةُ، الوَصِيةُ كالوَقْفِ في ذلك كلِّه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ». وقيل: مِن كافر. وقال في «الانْتِصارِ»: لو نذَر الصدَقةَ على ذِميةٍ، لَزِمَه. وذكَر في

وَلَا عَلَى حَرْبي، وَلَا مُرْتَدٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ» وغيرِه، يصِحُّ للكُل، وذكَرَه جماعَة رِوايَةً. وذكَر القاضِي صِحَّتَها بحَصيرٍ وقَنادِيلَ. قال في «التبصِرَةِ»: إنْ وصَّى لما لا معْروفَ فيه ولا بِرَّ؛ ككَنِيسَةٍ أو كَتْبِ التَّوْراةِ، لم يصِحَّ. وعنه، يصِحُّ. الثَّالثَةُ، لو وقَف على ذِمِّيٍّ، وشرَط اسْتِحْقاقَه ما دامَ كذلك، فأسْلَمَ، اسْتَحقَّ ما كان يَسْتَحِقُّه قبلَ الإسلامِ، ولغَى الشَّرْطُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به كثير مِنَ الأصحابِ. وصحَّحَ ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ» هذا الشَّرْطَ، وقال: لأنه إذا وقَفَه على الذمةِ (¬1) مِن أهلِه دُونَ المُسْلِمِ، لم لا يجوزُ شَرْط لهم حال الكُفْرِ، وأي فَرْق؟ قوله: ولا على حَرْبِيّ، أو مُرْتَد. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم قطَع به؛ منهم صاحِبُ «المغْنِي»، و «الرعايَةِ»، «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقال الحارِثِي: هذا أحدُ الوَجْهَين. قال في «المُجَرَّدِ»، في كِتابِ الوَصايا: إذا أوْصَى مُسْلِم لأهْلِ قَرْيَته أو قَرابَتِه، لم يتَناوَلْ كافِرَهم الأ بتَسْمِيَته. قال في «المُحَرَّرِ»: والوَقْفُ كالوَصِيَّةِ في ذلك كله. قال الحارِثِيُّ: فصَحَّحه على الكافرِ القَرِيبِ والمُعَيَّنِ. قال: وهو الصَّحيحُ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ مُقاتِلًا، ولا مُخْرِجًا للمُسْلمِين مِن دِيارِهم، ولا مُظاهِرًا للأعْداءِ (¬2) على الإخْراجِ. انتهى. وقواه بأدِلَّة كثيرَة. ¬

(¬1) في ا: «الذمي». والذمة هم المعاهدون، مفردها الذم. (¬2) زيادة من: ا.

وَلَا يَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يصِحُّ على نَفْسِه، في إحْدَى الروايتَين. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الحرَبيِّ. قال في «الفُصولِ»: هذه الروايَةُ أصحُّ. قال الشارحُ: هذا أقْيَس. قال في «الرعايتَين»: ولا يصِحُّ على نفسِه، على الأصحِّ. قال الحارِثِيُّ: وهذا الأصحُّ عندَ أبِي الخَطابِ، وابنِ عَقِيل، والمُصَنِّفِ. وقطَع به ابنُ أبِي مُوسى في «الإرْشادِ»، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. نقَل حَنْبَل، وأبو طالِبٍ، ما سَمِعْتُ بهذا، ولا أعْرِفُ الوَقْفَ إلَّا ما أخْرَجَه للهِ تعالى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و «الحاوي الصغِيرِ». والرِّوايَةُ الثَّانيَةُ، يصِحُّ. نصَّ عليه في رِوايَةِ إسْحَاقَ بنِ إبْراهِيمَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُوسُفَ بنِ مُوسى، والفَضْلِ بنِ زِيادٍ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: صحَّ في ظاهرِ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هذا هو الصَّحيحُ. تال أبو المَعالِي في «النِّهايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»: يصِحُّ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: يجوزُ على المَنْصُورِ مِنَ نصِّ أحمدَ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ومال إليه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». وجزَم به في «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه المَجْدُ في مُسَوّدَتِه على «الهِدايَةِ»، وقال: نصَّ عليه. قال المُصَنفُ، وتبِعَه الشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. وقال ابنُ عَقِيل: هي أصحُّ. قلتُ: الذي رأيتُه في «الإرْشادِ»، و «الفُصولِ»، ما ذكَرْتُه آنِفًا. ولم يذْكُرِ المَسْألةَ في «التَّذْكِرَةِ»، فلعَلَّهما اخْتاراه في غيرِ ذلك، لكِنَّ عِبارَتَه في «الفُصولِ» مُوهِمَة. قلتُ: وهذه الروايَةُ عليها العمَلُ في زَمانِنا وقبلَه، عندَ حُكَّامِنا مِن أزْمِنَةٍ مُتَطاولَةٍ. وهو الصَّوابُ، وفيه مصْلَحَة عَظيمَة، وترْغيب في فِعْلِ الخَيرِ، وهو مِن مَحاسِنِ المذهبِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «البُلْغَةِ»،

وإنْ وَقَفَ عَلَى غَيرِهِ وَاسْتَثْنَى الْأكْلَ مِنْهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، صَح. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْريدِ العِنايَةِ». فعلى المذهبِ، هل يصح على مَن بعدَه؟ على وَجْهَين، بِناءً على الوَقْفِ المُنْقَطِعِ الابتِداءِ، على ما يأتِي، إنْ شاءَ الله تعالى. قال الحارِثِيُّ: ويحْسُنُ بِناؤه على الوَقْفِ المُعَلقِ. فائدة: إذا حكَم به حاكِمٌ، حيثُ يجوزُ له الحُكْمُ، فقال في «الفُروع»: ظاهِرُ كلامِهم ينْفُذُ الحُكْمُ ظاهِرًا، وفيه في الباطِنِ الخِلافُ، وفي «فَتاوَى ابنِ الصَّلاحِ»، إذا حكَم به حَنَفِي، وأنْفَذَه شافِعِي، للواقِفِ نقْضُه، إذا لم يَكُن الصَّحيحَ مِن مذهبِ أبِي حَنِيفَةَ، وإلَّا جازَ نقْضُه في الباطِنِ فقط، بخِلافِ صلاته في المَسْجِدِ وحدَه حياتَه؛ لعدَمِ القُرْبَةِ والفائدَةِ فيه، ذكَرَها ابنُ شِهابٍ وغيرُه. قوله: وإنْ وقَف على غيرِه، واسْتَثْنَى الأكْلَ منه مُدَّةَ حَياتِه، صحَّ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب، نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب. وجزم به في «المغني»، و «الشرح»، و «شرح الحارثي»، و «ابن منجَّى» و «المحرر»، و «الوجيز»، و «القواعد» وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الرِّعايَةِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو اسْتَثْنَى الأكْلَ مُدَّةً مُعَينةً، وكذا لو اسْتَثْنَى الأكْلَ والانْتِفاعَ لأهْلِه، أو يُطْعِمَ صَديقَه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِي، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: ويصِحُّ شرْطُ غَلَّتِه له أو لوَلَدِه مُدَّةَ حَياتِه، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْصوصِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وكذلك إنْ شرَط لأوْلادِه أو لبعضِهم سُكْنَى الوَقْفِ مُدَّةَ حَياتِهم، جازَ. وقيل: لا يصِحُّ، إذا شرَط الانْتِفاعَ لأهْلِه، أو شرَط السُّكْنَى لأوْلادِه أو لبعضِهم. ذكَرَه في «الفائقِ» وغيرِه. فعلى المذهبِ، لو اسْتَثْنَى الانْتِفاعَ مُدَّةً مُعَينةً، فماتَ في أثْنائِها، فقال في «المُغْنِي» (¬1): ينبَغِي أنْ يكونَ ذلك لوَرَثَتِه، كما لو باعَ دارًا واسْتَثْنَى لنَفْسِه السُّكْنَى مُدَّةً، فماتَ في أثْنائِها. واقتصَرَ عليه الحارِثِيُّ. وعلى المذهبِ أيضًا، يجوزُ إيجارُها للمَوْقُوفِ عليه ولغيرِه. الثانيةُ، لو وقَف على الفُقَراءِ، ثم افْتَقَرَ، أُبِيحَ له التَّناوُلُ منه. على الصحيحِ ¬

(¬1) المغني 8/ 192.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونص عليه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّلْخيصِ»: هذا ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. قال الحارِثِيُّ: هذا الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ»: شَمِلَه في الأصح. قال في «القَواعِدِ

الثَّالِثُ، أنْ يَقِفَ عَلَى مُعَيَّن يَمْلِكُ. وَلَا يَصِح عَلَى مَجْهُولٍ؛ كَرَجُلٍ وَمَسْجِدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصُولِيةِ»، و «الفِقْهِيةِ»: يدْخُلُ، على الأصحِّ، في المذهبِ. وقيل: لا يُباحُ له ذلك. وهو احْتِمالٌ في «التلْخيصِ». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ»: والظاهِرُ أنَّ محَل الخِلافِ في دُخولِه إذا افْتَقرَ، على قَوْلِنا بأن الوَقْفَ على النفْسِ يصِحُّ. وأما على القَوْلِ بأنه لا يصِحُّ، فلا يدْخُلُ في العُمومِ، إذا افتقَرَ جَزْمًا؛ لأنه لا يُتَناوَلُ بالخُصوصِ، فلا يُتَناوَلُ بالعُمومِ بطَريقِ الأوْلَى. وأئَا إذا وقَف دارَه مسْجِدًا، أو أرْضَه مقْبَرَةً، أو بِئْرَه؛ ليَسْتَقِيَ منها المُسْلِمُون، أو بنَى مدْرَسَةً بعُمومِ الفُقَهاءِ أو لطائفَةٍ منهم، أو رِباطًا للصُّوفِيَّةِ، ونحوَ ذلك ممَّا يعُمُّ، فله الانْتِفاعُ كغيرِه. قال الحارِثِيُّ: له ذلك مِن غيرِ خِلافٍ. قوله: الثَّالثُ، أنْ يَقِفَ على مُعَيَّن يَملِكُ، ولا يَصِحُّ على مَجْهُولٍ؛ كرَجُل، ومَسْجِدٍ. بلا نِزاع. وكذا لا يصِحُّ لو كان مُبْهَمًا، كَأحَدِ هذين الرجُلَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يصِحُّ. ذكَرَه في «الرعايَةِ» احْتِمالًا. وقيل: يصِحُّ، إنْ قُلْنا: لا يفْتَقِرُ الوَقْفُ إلى قَبُولٍ. مُخَرَّجٌ مِن وَقْفِ إحْدَى الدَّارَين. وهو احْتِمالٌ في «التَّلْخيصِ». فعلى الصِّحَّةِ، يخرجُ المُبْهَمُ بالقُرْعَةِ. قاله في «الرِّعايتَين». قلتُ: وهو مُرادُ مَن يقولُ بذلك. وتقدَّم نظيرُه فيما إذا وقَف أحَدَ هذَين.

وَلَا عَلَى حَيَوَانٍ لَا يَمْلِكُ؛ كَالْعَبدِ، وَالْحَمْل، والملك، وَالْبَهِيمَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا على حَيَوانٍ لا يَمْلِكُ، كالعَبْدِ. لا يصِحُّ الوَقْفُ على العَبْدِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: الأكْثرَون على أنَّه لا يصِحُّ الوَقْف على العَبْدِ، على الروايتَين؛ لضَعْفِ مِلْكِه. وجزَم به في «المُغْنِي» وغيرِه. وقَدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصِحُّ، إنْ قُلْنا: يمْلِكُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، حيثُ اشْتَرطَ لعدَمِ الصِّحَّةِ عدَمَ المِلْكِ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويكونُ لسَيِّدِه. وقيل: يصِحُّ الوَقْفُ (¬1) عليه؛ سواءٌ قُلنا: يمْلِكُ. أو لا. ويكونُ لسيدِه. واخْتارَه الحارِثِيُّ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ الوَقْفُ على أمِّ الوَلَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الحارِثِي الصِّحةَ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ: يصِحُّ الوَقْفُ على أمِّ وَلَدِه بعدَ مَوْتِه، وإنْ وقَف على غيرِها، على أنْ يُنْفِقَ عليها مُدَّةَ حياتِه، أو يكونَ الرَّيْعُ لها مُدَّةَ حياتِه، صحَّ؛ فإنَّ اسْتِثْناءَ المَنْفَعَةِ لأمِّ وَلَدِه كاسْتِثْنائِها لنَفْسِه. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ وقَف عليها مُطْلَقًا، فيَنْبَغِي أنْ يُقال: إنْ صحَّحْنا الوَقْفَ على النَّفْسِ، صحَّ. لأن مِلْكَ أمِّ وَلَدِه أكثرُ ما يكونُ بمَنْزِلَةِ مِلْكِه. وإنْ لم نُصَحِّحْه، فيتَوَجَّهُ أنْ يُقال: هو كالوَقْفِ على العَبْدِ القِنِّ. ويتَوَجَّهُ الفَرْقُ بأنَّ أمَّ الوَلَدِ لا تَمْلِكُ بحالٍ. وفيه نظَرٌ. وقد يُخرَّجُ على مِلْك العَبْدِ بالتَّمْليكِ؟ فإنَّ هذا نَوْعُ تَمْلِيكٍ لأمِّ وَلَدِه، بخِلافِ العَبْدِ القِنِّ؛ فإنَّه قد يخْرُجُ عن مِلْكِه، فيكونُ مِلْكًا لعَبْدِ الغيرِ. وإذا ماتَ السَّيِّدُ، فقد تُخَرج هذه المَسْألةُ على مَسْألةِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ؛ لأنَّ الوَقف على أمِّ الوَلَدِ يعُمُّ حال رِقِّها وعِتْقِها، فإذا لم يصِحَّ في إحْدَى الحالين، خُرِّجَ في الحالِ الأخْرَى وَجْهان، وإنْ قُلْنا: إنَّ الوَقْف المُنْقَطِعَ الإشدِاءِ يصِحُّ. فيَجِبُ أنْ يُقال ذلك، وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ. فهذا كذلك. انتهى. الثَّانيةُ، لا يصِحُّ الوقْف على المُكاتَبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «التَّلْخيص»، و «البُلْغَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهمِ. وقيل: يصِحُّ. ويَحْتَمِلُه مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، وقد يَشْمَلُه قوْلُه: أنْ يَقِف على مُعَيَّن يَمْلِكُ. واخْتارَه الحارِثِيُّ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قوله: والحَمْلِ. يعْنِي، لا يصِحُّ الوَقْف عليه (¬1). وهذا المذهبُ، وعليه ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ؛ فهم ابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفائقِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وصحَّح ابنُ عَقِيل جَوازَ الوَقْفِ على الحَمْلِ ابْتِداءً، واخْتارَه الحارِثِيُّ. قال في «الفُروعِ»: ولا يصِحُّ على حَمْل؛ بِناءً على أنه تَمْلِيك إذَنْ، وأنَّه لا يَمْلِكُ. وفيهما نِزاعٌ. تنبيه: إيرادُ المُصَنفِ في مَنْعِ الوَقْفِ على الحَمْلِ، يخْتَصُّ بما إذا كان الحَمْلُ أصْلًا في الوَقْفِ. أمَّا إذا كان تبَعًا؛ بأنْ وقَف على أوْلادِه، أو أوْلادِ فُلان، وفيهم حَمْلٌ، أو انْتقَلَ إلى بَطْنٍ، وفيهم حَمْلٌ، فيَصِحُّ بلا نِزاع، لكِنْ لا يُشارِكُهم قبلَ ولادَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال في «القاعِدَةِ الرابِعَةِ والثَّمانِين»: هو قوْلُ القاضي، والأكْثَرِين. وجزَم به الحارِثِيُّ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يثْبُتُ له اسْتِحْقاقُ الوَقْفِ في حالِ كَوْنِه حَمْلًا، حتى صحَّح الوَقفَ على الحَمْلِ ابْتِداءً، كما تقدَّم. وأفْتَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ باسْتِحْقاق الحَمْلِ مِنَ الوَقْفِ أيضًا. فائدة: لو قال: وَقَفْتُ على مَن سيُولَدُ لي. أو: مَن سيُولَدُ لفلانٍ. لم يصِحَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به القاضي في «خِلافِه» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنفُ في

الرَّابعُ، أنْ يَقِف نَاجِزًا، فَإنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ، لَمْ يَصِحَّ، إلَّا أنْ يَقُولَ: هُوَ وَقفٌ بَعْدَ مَوْتِي. فَيَصِحَّ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَقَال أبو الْخَطَّابِ: لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي» وغيرِه. وذكَرَه المُصَنِّفُ في مَسْألةِ الوَصِيَّةِ لمَن تَحْمِلُ هذه المرْأة. وقال المَجْدُ: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، صِحَّتُه. ورَدَّه ابنُ رَجَبٍ. قوله: والبَهِيمَةِ. يعْنِي، لا يصِحُّ الوَقْفُ عليها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الحارِثِي الصِّحَّةَ، وقال: وهو الأظْهَرُ عندِي. كما في الوَقْفِ على القَنْطَرَةِ، والسِّقايَةِ، ويُنْفَقُ عليها. قوله: الرَّابعُ، أن يَقِفَ ناجِزًا، فإنْ عَلَّقَه على شَرْطٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصِحُّ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدينِ، وصاحب «الفائقِ»، والحارِثِي، وقال: الصحَّةُ أظْهَرُ. ونصَرَه. وقال ابنُ حَمْدانَ، مِن عندِه: إنْ قيلَ: المِلْكُ للهِ تعالى. صحَّ التَّعْليقُ، وإلَّا فلا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلا أنْ يقولَ: هو وَقْفٌ مِن بعدِ مَوْتِي، فيَصِحَّ في قَوْلِ الخِرَقيِّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصغِيرِ»، والمُصَنفُ، والشَّارِحُ، والحارِثِي، والشيخُ تَقِي الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. قال المصَنِّف، والشَّارِحُ: وهو ظاهِرُ كَلام أحمدَ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال في «القَواعِدِ»: وهو أصحُّ؛ لأنها وَصِية، والوَصايا تقْبَلُ التَّعْليقَ. وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: لا يصِحُّ. واخْتارَه ابنُ البَنَّا، والقاضي، وحمَل كلامَ الخِرَقي على أنه قال: قِفُوا بعدَ مَوْتِي. فيكونُ وَصِيَّةً بالوَقْفِ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». فعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ مِنَ الثلُثِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، قال الحارِثِي: كلامُ الأصحاب يقْتَضِي أنَّ الوَقْفَ المُعَلَّقَ على المَوْتِ، أو على شرْطٍ في الحَياةِ، لا يقَعُ لازِمًا قبلَ وُجودِ المُعَلقِ عليه؛ لأنَّ ما هو مُعَلق بالموْتِ وَصِية، والوَصِيةُ، في قوْلِهم، لا تَلْزَمُ قبلَ المَوْتِ، والمُعَلقُ على شرْطٍ في الحياةِ في مَعْناها، فيَثْبُتُ فيه مِثْلُ حُكْمِها في ذلك. قال: والمَنْصوصُ عن أحمدَ في المُعَلَّقِ على الموتِ، هو اللُّزومُ. قال المَيمُونِيُّ في «كِتابِه»: سألتُه عن الرجُلِ يُوقِفُ على أهْلِ بَيته، أو على المَساكِينِ بعدَه، فاحْتاجَ إليها، أيبيعُ على قِصّةِ المُدَبَّرِ؟ فابْتدَأنِي أبو عَبْدِ اللهِ بالكَراهَةِ لذلك، فقال: الوُقوفُ إنما كانت مِن أصحابِ النّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - على أنْ لا يَبيعُوا ولا يهَبُوا. قلتُ: فمَن شبّهَه وتأوَّلَ المُدَبَّرَ عليه، والمُدَبَّرُ قد يأتِي عليه وَقْتَ يكونُ فيه حُرًّا، والمَوْقوفُ إنما هو شيء وقَفَه بعدَه، وهو مِلْكٌ الساعَةَ؟ قال لي: إذا كان يتأوَّلُ. قال المَيمُونِيُّ: وإنَّما ناظَرْتُه بهذا؛ لأنه قال في المُدَبرِ: ليس لأحَدٍ فيه شيء، وهو مِلْك السَّاعَةَ، وهذا شيء قد وَقَفَه على قوْمٍ مَساكِين، فكيف يُحْدِثُ به شيئًا؟ فقلتُ: هكذا الوُقوفُ، ليس لأحَدٍ فيها شيء، السَّاعَةَ هو مِلْك، وإنَّما اسْتُحِقَّ بعدَ الوَفاةِ، كما أنَّ المُدَبَّرَ السَّاعَةَ ليس بحُرٍّ، ثم يأتِي عليه وَقْت يكونُ فيه حُرا. انتهى. فنَص أحمدُ على الفَرْق بينَ الوَقْفِ بعدَ الموتِ وبينَ المُدَبرِ. قال الحارِثِيُّ: والفَرقُ عَسِر جِدًّا. وتابعَ في «التَّلْخيصِ» المَنْصوصَ، فقال: أحْكامُ الوَقْفِ خَمْسَة؛ منها، لُزومُه في الحالِ؛ أخْرَجَه مَخْرَجَ الوَصِيَّةِ، أم لم يُخْرِجْه، وعندَ ذلك ينْقَطِعُ تصَرفُه فيه. وشيخُنا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه الله، في حواشِي «المُحَرَّرِ» لمَّا لم يطَّلِعْ على نص أحمدَ، رَد كلامَ صاحبِ «التَّلْخيصِ» وتأوَّلَه؛ اعْتِمادًا على أنَّ المَسْألةَ ليس فيها مَنْقول، مع أنَّه وافَقَ الحارِثِيَّ على أنَّ ظاهِرَ كلامِ الأصحابِ، لا يقَعُ الوَقْفُ، والحالةُ هذه، لازِمًا. قلتُ: كلامُه في «القَواعِدِ» يُشْعِرُ أنَّ فيه خِلافًا؛ هل هو لازمٌ، أم لا؟ قاله في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين»، في تبَعِيَّةِ الوَلَدِ. ومنها، المُعَلقُ وَقْفُها بالمَوْتِ، إنْ قُلْنا: هو لازِم. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، في رِوايةِ الميمُونِيِّ. انتهى. فظاهِرُ قوْلِه: إنْ قُلْنا: هو لازِم. يُشْعِرُ بالخِلافِ. ومنها، لو شرَط في الوَقْفِ أنْ يَبِيعَه، أو يهَبَه، أو يرْجِعَ فيه متى شاءَ، بطَل الشَّرْطُ والوَقْفُ، في أحَدِ الأوْجُهِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال المُصنفُ في «المُغْنِي» (¬1): لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وقيل: يبْطُلُ الشَّرْطُ دُونَ الوَقْفِ، وهو تخْريج مِنَ البَيعِ. وما هو ببعيدٍ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدينِ: يصِحُّ ¬

(¬1) المغني 8/ 192.

فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ، إلَّا أنْ يَكُونَ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّن، ـــــــــــــــــــــــــــــ في الكُل. نقَلَه عنه في «الفائقِ». ومنها، لو شرَط الخِيارَ في الوَقْفِ، فسَد. نصَّ عليه، وهو المذهبُ. وخُرِّجَ فَسادُ الشرْطِ وحدَه مِنَ البَيعِ. قال الحارِثِيُّ: وهو أشْبَهُ. ومنها، لو شرَط البَيعَ عندَ خَرابِه، وصَرْفَ الثَّمَنِ في مِثْلِه، أو شرَطَه للمُتَوَلِّي بعدَه، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم: يبْطُلُ الوَقْف. قلتُ: وفيه نظرٌ. وذكَر القاضي، وابنُ عَقِيلٍ ووَجْهًا بصِحَّةِ الوَقْفِ وإلْغاءِ الشرْطِ. ذكَر ذلك الحارِثي. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الفُروعِ»: وشرْطُ بَيعِه إذا خَرِبَ، فاسِدٌ في المَنْصوصِ. نقَلَه حَرْث، وعلَّلَ بأنه ضَرُورَة ومَنْفَعَة لهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجهُ على تَعْليله، لو شرَط عدَمَه عندَ تَعْطله. وقيل: الشرْط صحيح. قوله: ولا يُشْتَرَطُ القَبُولُ، إلا أنْ يكونَ على آدَمِي مُعَيَّن، ففيه وَجْهان. إذا وقَف وَقْفًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ على آدَمِيٍّ مُعَين، أو غيرِه؛ فإنْ كان على غيرِ مُعَيَّن، فقَطَع المُصَنفُ هنا، أنَّه لا يُشْترَطُ القَبُولُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر الناظِمُ احْتِمالًا، أنَّ نائِبَ الإمامِ يقْبَلُه. وإنْ كان المَوْقوفُ عليه آدَمِيًّا مُعَينًا، زادَ في «الرعايتَين»، أو جَمْعًا مَحْصورًا،

فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. فَإن لَمْ يَقْبَلْهُ أوْ رَدَّهُ، بَطَلَ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ، وَكَانَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ، يُصْرَفُ فِي الْحَالِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أنهُ أنْ كَانَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيه يَعْرِفُ انْقِرَاضَهُ؛ كَرَجُل مُعَيَّن، صُرِفَ إلَى مَصْرِفِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ إلَى أنْ يَنْقَرِضَ، ثُمَّ يُصْرَفُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل يُشْتَرَطُ قَبُولُه، أم لا يُشْتَرَطُ؟ فيه وَجْهان. أطْلَقَهما المُصَنفُ هنا؛ أحدُهما، لا يُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. قال في «الكافِي»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال الحارِثِي: هذا أقْوَى. وقطَع به القاضي، وابنُ عَقِيل. قال في «الفائقِ»: لا يُشْتَرَطُ، في أصحِّ الوَجْهَين. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُشْتَرَطُ. قال في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»: يُشْترَطُ في الأصح. قال النَّاظِمُ: هذا أقْوَى. وقدمه في «الهِدايَة»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الزَّرْكَشِي»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ: وأخْذُ الرَّيْعِ قَبُولٌ. تنبيه: أكثرُ الأصحابِ يحْكِي الخِلافَ مِن غيرِ بِناءٍ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» بعدَ تَعْليلِ الوَجْهَين: والأشْبَهُ أنْ يَنْبَنِيَ ذلك على أنَّ المِلْكَ، هل ينْتَقِلُ إلى المَوْقُوفِ عليه، أم لا؟ فإنْ قيلَ بالانْتقِال، قيلَ باشْتِراطِ القَبُولِ، وإلَّا فلا. قال الحارِثِيُّ: وبَناه بعضُ أصحابِنا المُتأخرِين على ذلك، قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»: قلتُ: إنْ قُلْنا: هو لله. لم يُعْتَبَرِ القَبُولُ، وإنْ قُلْنا: هو للمُعَيَّنِ، والجَمْعِ المَحْصُورِ. اعْتُبِرَ فيه القَبُولُ. قال الحارِثِي: وفي ذلك نظَرٌ؛ فإن القَبُولَ إنْ أُنِيطَ بالتَّمْليكِ، فالوَقْفُ لا يخْلُو من تَمْليكٍ؛ سواءٌ قيلَ بالامْتِناعِ أو عدَمِه. انتهى. قال الزَّرْكَشِي: والظَّاهِرُ أن الخِلافَ على القَوْلِ بالانْتِقالِ؛ إذ لا نِزاعَ بين الأصحابِ أنَّ الانْتِقال إلى المَوْقُوفِ عليه هو المذهبُ، مع اخْتِلافِهم في المُخْتارِ هنا. فعلى المذهبِ، لا يبْطُلُ برَده، فرَدُّه وقَبُولُه وعدَمُهما واجِدٌ، كالعِتْقِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال أبو المَعالِي في «النهايَةِ»: إنَّه يرْتَدُّ برَدَّه، كالوَكِيلِ إذا رد الوَكالةَ، وإنْ لم يُشْتَرَطْ لها القَبُولُ. قال الحارِثِي: وهذا أصحُّ. وعلى القَوْل بالاشْتِراطِ، قال الحارِثِي: يُشْتَرَطُ اتصالُ القَبُولِ بالإيجابِ، فإنْ تَراخَى عنه، بطَل، كما يبْطُلُ في البَيعِ والهِبَةِ. وعلَّلَه، ثم قال: وإذا عُلِمَ هذا، فيتَفَرَّعُ عليه عدَمُ اشْتِراطِ القَبُولِ مِنَ المُسْتَحِق الثانِي والثَّالِثِ، ومَن بعدُ؛ لتَراخِي اسْتِحْقاقِهم عنِ الإيجابِ، ذكَرَه بعضُ الأصحاب. قال: وهذا يُشْكِلُ بقَبُولِ الوَصِيةِ مُتَراخِيًا عن الإيجابِ. انتهى. وقال الشيخُ تَقِي الدينِ: إذا اشْتُرِطَ القَبُولُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المُعَينِ، فلا يَنْبَغِي أنْ يُشْتَرَطَ المَجْلِسُ، بل يلْحَقُ بالوَصِيةِ والوَكالةِ، فيصِحُّ؛ مُعَجَّلًا ومُؤجَّلا، بالقَوْلِ والفِعْلِ، فأخْذُ رَيعِه قَبُول. وقطَع، واخْتارَ في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين»، أن تصَرُّفَ المَوْقُوفِ عليه المُعَين، يقُومُ مَقامَ القَبُولِ بالقَوْلِ. قوله: فإنْ لم يَقْبَلْه أو رَده، بطَل في حَقِّه، دُونَ مَن بعدَه. هذا مُفَرَّعٌ على القَوْلِ باشْتِراطِ القَبُولِ. فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنه كالمُنْقَطِعِ الابتِداءِ، على ما يأتِي بعدَ ذلك، فيأتِي فيه وَجْهٌ بالبُطْلانِ، وهذا، أعْنِي كوْنَه كالمُنْقَطِعِ الابتِداءِ، أحَدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يصحُّ هذا، وإنْ لم نُصَحِّحْ في الوَقْفِ المُنْقَطِعِ. وهو الصحيحُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أصحُّ؛ كتَعذُّرِ اسْتِحْقاقِه لفَوْتِ وَصْف فيه. قال الحارِثِيُّ: هذا الصحيحُ. فعلى هذا، يصحُّ هنا، قوْلًا واحدًا. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس كالوَقْفِ المُنْقَطِعِ الابتِداءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلِ الوَقف هنا صحيحٌ، قوْلًا واحدًا. قوله: وكان كما لو وقف على مَن لا يَجُوزُ، ثم على مَن يَجُوزُ. هذا الوقْفُ المُنْقطعُ الابتداءِ. وهو صحيحٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: جزَم به أكثرُ الأصحابِ. وبَناه في «المُغْنِي»، ومَن تابَعَه، على تَفْريقِ الصَّفْقَةِ؛ فأجْرَى وَجْهًا بالبُطْلانِ. قال: وفيه بُعْد. فعلى المذهبِ، يُصْرَفُ في الحالِ إلى مَن بعدَه، كما قال المُصنفُ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأقْوَى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائق»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وفيه وَجْهٌ آخر، أنَّه إنْ كان مَن لا يجوزُ الوَقْفُ عليه يُعْرَفُ انْقِراضُه، كرَجُل مُعَيَّن، صُرِفَ إلى مَصْرِفِ الوَقْف المُنْقَطِعِ، يعْنِي المُنْقَطِعَ الانْتِهاءِ، على ما يأتي. صرَّحَ به الحارِثيُّ، إلى أنْ ينْقَرِضَ، ثم يُصْرَفُ إلى مَن بعدَه. واخْتارَه ابنُ

وإنْ وَقَفَ عَلى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا، أوْ عَلَى مَنْ يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ، أوْ قَال: وَقَفْتُ. وَسَكَتَ، انصَرَفَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيهِ إِلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَقْفًا عَلَيهِمْ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالأخْرَى، إِلَى أقْرَبِ عَصَبَتِهِ. وهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ فُقَرَاؤهُم؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَقَال الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يَكُون وَقْفًا عَلَى الْمَساكِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، والقاضي، وقال: هو قِياسُ المذهبِ. وقيل: يُصْرَفُ إلى أقارِبِ الواقِفِ. قاله في «الفائقِ». قوله: وإنْ وقَف على جِهَةٍ تَنْقَطِعُ، ولم يَذكُرْ له مَآلًا، أو على مَن يَجُوزُ، ثم على مَن لا يجُوزُ، انْصرَفَ بعدَ انْقِراضِ مَن يجوزُ الوَقْفُ عليه إلى وَرَثَةِ الواقِفِ وَقْفًا عليهم في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. قال في «الكافِي»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فعليها، يُقْسَمُ على قَدْرِ إرْثِهم. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: قاله الأصحابُ. قال القاضي: فللبِنْتِ مع الابنِ الثُّلُثُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وله الباقِي، وللأخِ مِنَ الأم مع الأخِ للأبِ السُّدْسُ، وله ما بَقِيَ. وإنْ كان جَد وأخ، قاسَمَه، وإنْ كان أخ وعم، انْفَرَدَ به الأخُ، وإنْ كان عَمّ وابنُ عَم، انْفَرَدَ به العَمُّ. وقال الحارِثِي: وهذا تَخْصِيصٌ بمَن يَرِثُ مِنَ الأقارِبِ في حالٍ دُونَ حالٍ، وتَفْضِيل لبعض على بَعض، وهو لو وقف على أقارِبِه، لما قالوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه بهذا التَّخْصيصِ، والتَّفْضِيلِ. وكذا لو وقَف على أوْلاده، أو أوْلادَ زَيدٍ، لا يُفَضَّلُ فيه الذَّكَرُ على الأنْثَى، وقد قالوا هنا: إنَّما يَنْتَقِلُ إلى الأقارِبِ وَقْفًا. انتهى. فظاهِرُ كلامِه، أنَّه مال إلى عدَمِ المُفاضَلَةِ. وما هو ببعيدٍ. قال في «الفائقِ»: وعنه في أقارِبِه؛ ذكَرِهم وأنثاهم؛ بالسَّويَّةِ، ويَخْتَصُّ به الوارِثُ. انتهى. والرِّوايةُ الأخْرَى، يُصْرَفُ إلى أقْرَبِ عصَبَتِه. قال في «الفُروعِ»: وعنه يُصْرَفُ إلى عصَبَتِه. ولم يذْكُرْ أقْرَبَ. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». فعليهما، يكون وَقْفًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نص عليه. وقطَع به القاضي، وأبو الخَطابِ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ هنا. قال في «المُغْنِي» (¬1): نصَّ عليه. قال الحارِثِيُّ: وإنما حذَف ذِكْرَ الوَقْفِ في الرِّوايةِ الثانيةِ، اخْتِصارًا واكْتِفاءً بذِكْرِه المُتقَدِّمِ في رِوايَةِ العَوْدِ إلى الوَرَثَةِ. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: مفْهومُ قوْلِه: في الوَرَثَةِ. يكونُ وَقْفًا عليهم، على أنَّه إذا انْصَرفَ إلى أقْرَبِ العصَبَةِ، لا يكونُ وَقْفًا. وردَّه الحارِثِيُّ، فقال: مِنَ النَّاسِ مَن حمَل رِوايةَ العَوْدِ إلى أقْرَبِ العَصَبَةِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، على العَوْد مِلْكًا. قال: لأنه قيَّد رِوايَةَ العَوْدِ إلى الوَرَثَةِ بالوَقْفِ، وأطْلَقَ هنا، وأثْبَتَ بذلك وَجْهًا. قال: وليس كذلك؛ فإن العَوْدَ إلى الأقْرَبِ مِلْكًا إنَما يكونُ بسَبَبِ الإرْثِ، ومَعْلوم أن الارِثَ لا يخْتَصُّ بأقْرَبِ العَصَبَةِ. وأيضًا فقد حكَى خِلافًا في اخْتِصاصِ العَوْدِ بالفُقَراءِ بهم، ولو كان إرْثًا لمَا اخْتُصَّ بالفُقَراءِ، مع أنَّ المُصَنِّفَ صرَّح بالوَقْفِ في ذلك في «كِتابَيه»، وكذلك الذين نقَل مِن كُتُبِهم، كالقاضي، وأبي الخَطَّابِ. ¬

(¬1) المغني 8/ 212.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وعنه، يكونُ مِلْكًا. قال في «الفائقِ»: وقيل: يكونُ مِلْكًا. اخْتارَه الخِرَقِي. قال في «المُغْنِي» (¬1): ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ. قال في «الفائقِ»: وقال ابنُ أبي مُوسى: إنْ رجَع إلى الوَرَثَةِ، كان مِلْكًا، بخلافِ العَصَبَةِ. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: وهذا أصحُّ وأشْبَهُ بكلامِ أحمدَ، وعلى الرِّوايتَين أيضًا، هل يَخْتَصُّ به فُقَراؤهم؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهم؛ أحدُهما، عدَمُ الاخْتِصاصِ. وهو المذهبُ. قال الحارِثِي: هذا الأصحُّ في المذهبِ. قال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو ظاهِرُ كلامِ الإمام أحمدَ، والخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، يخْتَصُّ به فُقَراؤهم. اخْتارَه القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين». ¬

(¬1) المغني 8/ 213.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: متى قُلْنا برُجوعِه إلى أقارِب الواقِفِ، وكان الواقِفُ حيا، ففي رُجوعِه إليه أو إلى عصَبَتِه وذُرِّيَّته رِوايتَان. حَكاهما ابنُ الزَّاغُونِي في «الإقْناعِ» رِوايَة؛ إحْداهما، يدْخُلُ. قطَع به ابنُ عَقِيل في «مُفْرَداتِه». قاله في «القاعِدَةِ السَّبْعِين». وكذا لو وقَف على أولادِه وأنْسالِهم، على أنَّ مَن تُوفِّيَ منهم عن غيرِ وَلَدٍ، رجَع نَصِيبُه إلى أقْرَبِ النَّاسِ إليه، فتُوفِّيَ أحدُ أوْلادِ الواقِفِ عن غيرِ وَلَدٍ، والأبُ الواقِف حَيٌّ، فهل يعودُ نَصِيبُه إليه، لكَوْنِه أقْرَبَ النَّاسِ إليه، أم لا؟ تُخَرَّجُ على ما قبلَها. قاله ابنُ رَجَبٍ. والمَسْألةُ مُلْتَفِتَة إلى دُخولِ المُخاطَبِ في خِطابِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: لو لم يكُنْ للواقِفِ أقارِبُ، رجَع على الفُقَراءِ والمَساكِينِ. على الصَّحيحِ. جزَم به ابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: يُباعُ، ويُجْعَلُ ثمَنُه في المَساكِينِ. وقيل: يُصْرَفُ إلى بَيتِ المالِ لمَصالحِ المُسْلمِين. نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ إبْراهِيمَ، وأبي طالِبٍ، وغيرِهما. وقطَع به [أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهما] (¬1). وقدَّمه الزرْكَشِيُّ. وفي أصْلِ ¬

(¬1) في ط: «في المحرر وغيره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْألةِ، ما قاله القاضي في مَوْضِع مِن كلامِه، أنّه يكونُ وَقْفًا على المَساكِينِ، والموْضِعُ الذي قاله القاضي فيه، هو في كِتابه «الجامعِ الصغِيرِ»، قاله الحارِثِي، وهو رِوايَة ثالثة عن أحمدَ. اخْتارَها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم الشَّرِيفَان؛ أبو جَعْفَر، والزَّيدِيُّ، والقاضي أبو الحُسَينِ. قاله الحارِثِيُّ. واخْتاره المُصَنِّفُ أيضًا. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال النَّاظِمُ: هي أوْلَى الرِّواياتِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا لا أعْلَمُه نصًّا عن أحمدَ. قال المُصَنفُ: إنْ كان في أقارِبِ الواقِفِ فُقَراءُ، فهم أوْلَى به، لا على الوُجوبِ. وعنه رِوايَة رابعة، يُصْرَفُ في المَصالحِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفائقِ»، وقال: نص عليه. قال: ونصَرَه القاضي، وأبو جَعْفَر. قال الزرْكَشِيُّ: أنصُّ الرِّواياتِ أنْ يكونَ في بَيتِ المالِ؛ يُصْرَفُ في مَصالِحِهم. فعلى هاتَين الرِّوايتَين، يكونُ وَقْفًا أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يرْجِعُ إلى مِلْكِ واقِفِه الحَيِّ. ونقَل حَرْبٌ، أنه، قِبَلَ ورَثَتِه، لوَرَثَةِ المَوْقُوفِ عليه. ونقَل المَرُّوذِي، إنْ وقَف على عَبيدِه، لم يسْتقمْ. قلتُ: فيَعْتِقُهم؟ قال: جائزٌ. فإن ماتُوا ولهم أولادٌ، فهو لهم، وإلا فللعَصَبَةِ، فإنْ لم يكنْ عصَبَةٌ، بِيعَ وفُرقَ على الفُقَراءِ. فائدة: للوَقْفِ صِفاتٌ؛ إحْداها، مُتصِلُ الابتِداءِ والوَسَطِ والانْتِهاءِ. الثانيةُ، مُنْقَطِعُ الابتِداءِ، مُتَّصِلُ الانْتِهاءِ. الثَّالثةُ، مُتصِلُ الايتداءِ، مُنْقَطِعُ الانْتِهاءِ، عكْسُ الذي قبلَه. الرابعَةُ، مُتصِلُ الايتداءِ والانْتِهاءِ، مُنْقَطِعُ الوَسَطِ. الخامسةُ، عَكْسُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي قبلَه، مُنْقَطِعُ الطرفَين، صحيحُ الوَسَطِ. وأمْثِلتها واضِحَةٌ، وكلُّها صحيحةٌ على الصَّحيحِ منَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخُرِّجَ وَجْهٌ بالبُطْلانِ في الوَقْفِ المُنْقَطِعِ مِن تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، على ما تقدَّم، ورِوايَة بأنه يُصْرَفُ في المَصالحِ. [قال في «الرِّعايَةِ»، في مُنْقَطِعِ الآخِرِ: صحَّ في الأصحِّ] (¬1). السَّادِسَةُ، مُنْقَطِعُ الأولِ والوَسَطِ. والأخيرِ؛ مِثْلَ أنْ يَقِفَ على مَن لا يصِحُّ الوَقْفُ عليه، ويسْكُتَ، أو يذْكُرَ ما لا يصِحُّ الوَقْفُ عليه أيضًا، فهذا باطِلٌ، بلا نِزاع بينَ الأصحابِ. فالصِّفَةُ الأولَى، هي الأصْلُ في كلامِ المُصَنِّف وغيرِه، والصِّفَةُ الثَّانيةُ، تُوخَذُ من كلام المُصَنِّفِ، حيثُ قال: وكان كما لو وقَف على مَن لا يجوزُ، ثُم على مَن يجوزُ. والصِّفَةُ الثَّالثَةُ، تؤخَذُ مِن كلامِه أيضًا؛ حيثُ قال: وإنْ وقَف على جِهَةٍ تَنْقَطِعُ، ولم يذكُرْ له مآلًا، أو على مَن يجوزُ، ثم على مَن لا يجوزُ. والرَّابعَةُ، والخامِسَةُ، لم يذْكرهما المُصَنِّفُ، لكنَّ الحُكْمَ واحِدٌ. قوله: أو قال: وَقَفْتُ. وسكَت. يعْنِي، أنَّ قَوْلَه: وقَفْتُ. ويسْكُتُ، حُكْمُه حُكْمُ الوَقْفِ المُنْقَطِعِ الانْتِهاءِ، فالوَقْفُ صحيح عندَ الأصحابِ، وقَطَعوا به. وقال في «الرَّوْضَةِ»: على الصَّحيحِ عندَنا. انتهى. فظاهِرُه، أنَّ في الصِّحَّةِ خِلافًا. فعلى المذهبِ، حُكْمُه حُكْمُ الوَقْفِ المُنْقَطِعِ الانْتِهاءِ في مَصْرِفِه. على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: وَقَفْتُهُ سَنَةً. لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، وَيُصْرَفُ بَعْدَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما قاله المُصَنفُ هنا. وقطَع به القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل. واخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال: نصَّ عليه. وقال القاضي وأصحابُه: يُصْرَفُ في وُجوهِ البِر. قال الحارِثِي: الوَجْهُ الثَّاني، يُصْرَفُ في وُجوهِ البِر والخَيرِ. قطَع به القاضي في «التَّعْليقِ الكَبِيرِ»، و «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وأبو علي بنُ شِهَاب، وأبو الخَطَّابِ في «الخِلافِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفَان؛ أبو جَعْفَر، والزَّيدِيُّ، وأبو الحُسَينِ القاضي، والعُكْبَرِي في آخَرينَ. وفي عِبارَةِ بعضِهم، وكان لجماعَةِ المُسْلمِين. وفي بعضمها، صُرِفَ في مَصالحِ المُسْلمِين. والمَعْنَى مُتَّحِدٌ. انتهى. قال في «عُيونِ المَسائلِ»، في هذه المَسْألةِ وفي قوْلِه: تصَدَّقْتُ به. تَكونُ لجماعَةِ المُسْلِمين. قوله: وإنْ قال: وقَفْتُه سَنَةً. لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا

مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وصحَّحه في «النظْمِ»، و «التلْخيصِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «شَرْح الحارِثِيِّ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، ويُصْرَفَ بعدَها مَصرِفَ المُنْقَطِعِ، يعْنِي مُنْقَطِعَ الانْتِهاء، وهو وَجْهٌ ذكَرَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يصِحُّ، ويلغُو توْقِيتُه. فائدة: لو وقَفَه على وَلَدِه سنَةً، ثم على زَيدٍ سنَةً، ثم على عَمْرو سنَةً، ثم على المَساكِينِ، صح؛ لاتِّصالِه ابْتِداءً وانْتِهاءً. وكذا لو قال: وَقَفْتُه على وَلَدِي مُدَّةَ حياتِي، ثم على زَيدٍ، ثم على المَساكِينِ. صحَّ.

وَلَا يُشْتَرطُ إِخْرَاجُ الْوَقْفِ عَنْ يَدِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُشْتَرَطُ إخراجُ الوَقْفِ عن يَدِه، في إحْدَى الرِّوَايتَين. وهو المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ. قال المُصنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهرُ المذهبِ. واخْتارَه القاضي، وأصحابُه. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «التلْخيصِ»: وهو الأشْبَهُ، واخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ، والمَنْصورُ عندَهم في الخِلافِ. قال الزرْكَشِي: هو المَشْهورُ والمُخْتارُ المَعْمولُ به مِنَ الرِّوايتين. وعنه، يُشْتَرَطُ أنْ يُخْرِجَه عن يَدِه. قطَع به أبو بَكْر، وابن أبِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوسى في «كِتابَيهِما». وقدَّمه الحارثِيُّ في «شَرْحِه»، واخْتارَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». ويأتِي التشبِيهُ على هذا أيضًا، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: والوَقْفُ عَقْدٌ لازِم. قال في «الفُروعِ»: ورأيتُ بعضَهم قال: قال القاضي في «خِلافِه»: لا يخْتَلِفُ مذهبُه، أنَّه إذا لم يكُنْ يصْرِفُه في مَصارِفِه، ولم يُخْرِجْه عن يَدِه، أنَّه يقَعُ باطِلًا. انتهى. فعلى القَوْلِ بالاشِتراطِ، فالمُعْتَبَرُ عندَ أحمدَ التَّسْلِيمُ إلى ناظر يقومُ به. قاله الحارِثِيّ، وقال: وبالجُمْلَةِ، فالمَساجِدُ والقَناطِرُ والآبارُ، ونحوُها يكْفِي التَّخْلِيَةُ بين النَّاسِ وبينَها، مِن غيرِ خِلافٍ. قال: والقِياسُ يقْتَضِي التَّسْليمَ إلى المُعَيَّنِ المَوْقُوفِ عليه، إذا قيلَ بالانْتِقالِ إليه، وإلَّا، فإلى النَّاظِر أو الحاكِم. انتهى. وعلى القَوْلِ بالاشْتِراطِ أيضًا، لو شرَط نظَرَه لنَفْسِه، سلَّمه لغيرِه، ثم ارْتجَعَه منه. قاله في «الفُروع». قال الحارِثِيُّ: وأمَّا التَّسْلِيمُ إلى مَن يَنْصِبُه هو، فالمَنْصوبُ؛ إمَّا غيرُ ناظر، فوَكِيل مَحْضٌ يَدُه كيَدِه، وإمَّا ناظِر، فالنَّظَرُ لا يجِبُ شرْطُه لأجْنَبِيّ، فالتَّسْليمُ إلى الغيرِ غيرُ واجِبٍ. انتهى. قلتُ: وهذا هو الصوابُ. فائدة: إذا قُلْنا بالاشتِراطِ، فهل هو شَرْط لصِحَّةِ الوَقْفِ، أو للُزومِه؟ ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ؛ منهم صاحِبُ «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم، أنَّه شَرْط للزومِ، لا شَرْطٌ للصِّحَّةِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وصرَّح به الحارِثِي، فقال: وليس شَرْطًا في الصِّحَّةِ، بل شرْط للزومِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وصرَّح به أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. قاله في «القاعِدَةِ التَّاسعَةِ والأرْبَعِين»، فعلى هذا، قال ابنُ أبِي مُوسى، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «الفائقِ»،

فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيهِ الْوَقْف. وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم: إنْ ماتَ قبلَ إخْراجِه وحِيازَتِه، بطَل، وكان مِيراثًا. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. قلتُ: وفيه نظَرٌ، بل الأولَى هنا، اللُّزومُ بعدَ الموتِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ الخِلافَ في صِحَّةِ الوَقْف. وصرَّح به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، فقالوا: هل يُشتَرَطُ في صِحَّةِ الوَقْف إخْراجُه عن يَدِ الواقِف؟ على رِوايتَين. قال في «الخُلاصةِ»: لا يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الوَقْف إخْراجُه عن يَدِه. قوله: ويَمْلِكُ الموْقُوفُ عليه الوَقْف. هذا المذهبُ بلا رَيب، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقطَع به القاضي، وابنُه، والشَّرِيفان، وابنُ عَقِيل، والشِّيرازِيُّ، وابنُ بَكْروس، وغيرُهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يَمْلِكُه. بل هو مِلْكٌ لله. وهو ظاهِرُ اخْتِيارِ ابنِ أبِي مُوسى؛ قِياسًا على العِتْقِ. قاله الحارِثِيُّ. قال الحارِثِيُّ: وبه أقولُ. وعنه، مِلْكٌ للواقِف. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ. قال الحارِثِيُّ: ولم يُوافِقْهما على ذلك أحد مِن مُتَقَدِّمِي أهْلِ المذهبِ، ولا مُتَأخرِيهم. انتهى. وقد ذكرَها مَن بعدَهم مِنَ الأصحابِ؛ كصاحِبِ «الفُروعِ»، والزَّرْكَشي، وغيرِهم. قال ابنُ رَجَب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «فَوائدِه»: وعلى رِوايَةِ أنَّه لا يَمْلِكُه، فهل هو مِلْكٌ للواقِفِ، أو للهِ؟ فيه خِلافٌ. تنبيه: لهذا الخِلافِ فَوائدُ كثيرةٌ. منها ما ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا؛ فمنها، لو وَطِيء الجارِيَةَ المَوْقوفَةَ، فلا حدَّ عليه، ولا مَهْرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِي: ويتَّجِهُ أنْ يَنْبَنِيَ على المِلْكِ إنْ جعَلْناه له، فلا حدَّ، وإلا فعليه الحَدُّ. قال: وفي «المُغْنِي» وَجْه بوُجوبِ الحدِّ في وَطْءِ المُوصَى له بالمَنْفَعَةِ. قال: لأنَّه لا يَملِكُ إلَّا المَنْفَعَةَ، فلَزِمَه كالمُسْتأجِرِ. قال الحارِثِي:

وَيَمْلِكُ صُوفَهُ وَلَبَنَهُ وَثَمَرَتَهُ وَنَفْعَهُ. وَلَيسَ لَهُ وَطْءُ الْجَارِيَةِ، فَإن فَعَلَ، فَلَا حَدَّ عَلَيهِ وَلَا مَهْرَ. وإنْ أتَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ حُرٌّ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ، يُشتَرَى بهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَطرِدُ الحدُّ هنا على القَوْلِ بعدَمِ المِلْك، إلَّا أنْ يَدَّعِيَ الجَهْلَ، ومِثْلُه يجْهَلُه. ومنها، قولُه: وإنْ أتتْ بوَلَدٍ، فهو حُر، وعليه قِيمَتُه يُشْتَرَى بها ما يَقُومُ مَقامَه، وتصِيرُ أمَّ وَلَدِه تَعْتِقُ بمَوْتِه. يعْنِي، تصيرُ أمَّ ولَدٍ؛ إنْ قُلْنا: هي مِلْكْ له. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُها. لم تصِرْ أم وَلَدٍ، وهي وَقْف بحالِها. قوله: وعليه قِيمَتُه. يعْنِي قِيمَةَ الوَلَدِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به عمير منهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه قِيمَةُ الوَلَدِ، إذا أوْلَدَها. وعَزاه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ» إلى اخْتِيارِ أبِي الخَطَّابِ.

وَتَصِيرُ أمَّ وَلَدِهِ، تَعْتِقُ بِمَوتِهِ، وَتَجِبُ قِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ، وَيُشتَرَى بِهَا مِثْلُهَا وَتَكُونُ وَقْفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجِبُ قِيمَتُها في تَرِكَتِه، يُشْتَرَى بها مثلُها تَكُونُ وَقْفًا. هذا المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرعايَةِ». وقيل: تُصرَفُ قِيمَتُها للبَطْنِ الثَّاني، إنْ تَلقَّى الوَقْفَ مِن واقِفِه. ذكَرَه في «الرعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وقال: فدَل على خِلافٍ. وقال في «المُجَردِ»، و «الفُصولِ»، و «المُغْني»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيةِ»، وغيرِهم: البَطْنُ الثاني يَتَلقوْنه مِن واقِفِه، لا مِنَ البَطْنِ الأوَّلِ. وصححه الطُّوفِي في «قَواعِدِه». فلهم اليَمِينُ مع شاهِدِهم؛ لثُبوتِ الوَقْفِ، مع امْتِناعِ بعضِ البَطْنِ الأوَّلِ منها. قال في الفائقِ: وهل يتَلَقَّى البَطْنُ الثانِي الوَقْفَ مِنَ البَطْنِ الذي قبلَه، أو مِنَ الواقِف؟ فيه وجَهْان.

وَإنْ وَطِئَهَا أجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ، فَأتَتْ بِوَلَدٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَعَلَيهِ الْمَهْرُ لأهْلِ الْوَقْفِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ. وإنْ تَلِفَت، فَعَلَيهِ قِيمَتُهَا، يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئَها أجْنَبِي بشُبْهَةٍ، فأتتْ بوَلَدٍ، فالوَالدُ حُر. وعليه المَهْرُ لأهْلِ الوَقْفِ وقِيمَةُ الوَلَدِ، وإنْ تَلِفَتْ، فعليه قِيمَتُها، يُشْتَرَى بهما مثلهما. يعْنِي، يُشْتَرَى، بقِيمَةِ الوَلَدِ وقِيمَةِ أمِّه، إذا تَلِفَتْ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يشْتَرِي بهما مِثْلَهما، إنْ بلَغ، أو شِقْصًا، إن لم يبلُغ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقيل، والمُصَنِّفُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ قِيمَةَ الْوَلَدِ هَهُنَا، وَلَا يَلْزَمُهْ قِيمَتُهُ إِنْ أَوْلَدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ قِيمَةَ الوَلَدِ ها هنا. يعْنِي، يَمْلِكُ المَوْقُوفُ عليه قِيمَةَ الوَلَدِ هنا، على هذا الاحْتِمالِ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». فائدة: لو أتْلَفَها إنْسانٌ، لَزِمَه قِيمَتُها، يَشْتَرِي بها مِثْلَها. وإنْ حصَل الإتْلافُ في جُزْءٍ بها، كقَطْعِ طَرَفٍ مثَلًا، فالصَّحيحُ أنَّه يُشْتَرَى بأَرْشِها شِقْصٌ يكونُ وَقْفًا. قاله الحارِثِيُّ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: يكونُ للمَوْقوفِ عليه. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «التَّلْخيصِ». وإنْ جنَى عليها مِن غيرِ إتْلافٍ، فالأَرْشُ للمَوْقوفِ عليه. قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. فائدةٌ أُخْرَى (¬1): لو قتَل المَوْقوفَ عَبْدٌ مكافِيء. نقال في «المُغْنِي» (¬2): الظَّاهِرُ أنَّه لا يجِبُ القِصاصُ؛ لأنَّه محَلٌّ لا يخْتَصُّ به المَوْقوفُ عليه، فلم يَجُزْ أنْ يقْتَصَّ مِن قاتِلِه، كالعَبْدِ المُشْتَرَكِ. انتهى. قال الحارِثِيُّ: وتَحْريرُ قوْلِه في «المُغْنِي»، أنَّ العَبْدَ المَوْقوفَ مُشْتَرَكٌ بينَ المُلَّاكِ، ومِن شَرْطِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ، مُطالبَةُ كلِّ الشُّرَكاءِ، وهو مُتَعَذِّرٌ. قال: وفيه بَحْثٌ، وذكَرَه، ومال إلى وُجوبِ القِصاصَ. ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) المغني 8/ 226.

وَلَهُ تَزْويجُ الْجَارِيَةِ وَأَخْذُ مَهْرِهَا، وَوَلَدُهَا وَقْفٌ مَعَهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ هنا، وَقفِيَّةُ البَدَلِ بنَفْسِ الشِّراءِ؛ لاسْتِدْعاءِ البَدَلِيَّةِ ثُبوتَ حُكْمِ الأَصْلِ للبَدَلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ الوَجْهَين، وقطَع به في «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَةِ». وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وغيرِه، أنَّه لا بدَّ مِن إنْشاءِ عَقْدِ الوَقْفِ، فإنَّه قال: وإذا خَرِبَ الوَقْفُ، ولم يرُدَّ شيئًا، بِيعَ واشْتُرِي بثَمَنِه ما يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْف، وجُعِلَ وَقْفًا كالأوَّلِ. قال الحارِثِيُّ: وكذا نصَّ أبو عبدِ اللهِ في رِوايةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. قال: وبهذا أقولُ. ويأْتِي في آخِرِ بَيعِ الوَقْفِ بأتَمَّ مِن هذا، وكلامُ الزَّرْكَشِي وغيرِه. ومِن فوائدِ الخِلافِ، قوْلُ المُصَنِّفِ: وله تَزْويجُ الجارِيَةِ. يعْنِي، إذا قُلْنا:

وَإِنْ جَنَى الْوَقْفُ خَطَأً، فَالأَرْشُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمْلِكُ المَوْقوفُ عليه الوَقْفَ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يُزَوجُها الحاكِمُ. وعلى الثَّالثةِ، يُزَوِّجُها الواقِفُ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»، والحارِثِيُّ. لكِنْ إذا زوَّجَ الحاكِمُ، اشْتُرِطَ إذْنُ المَوْقوفِ عليه، قاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وهو واضحٌ. وكذا إذا زوَّجَها الواقِفُ. قاله الزَّرْكَشِيُّ مِن عندِه. قلتُ: هو مُرادُ مَن لم يذْكُرْه قَطْعًا. وقد طرَّدَه الحارِثِيُّ في الواقِفِ والنَّاظِرِ، إذا قيلَ بولايتهما. وقيل: لا يجوزُ تزْويجُها بحالٍ، إلَّا إذا طَلبَتْه. وهو وَجْهٌ في «المُغْنِي»، قال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ مَنْعَ تزْويجِها، إنْ لم تَطْلُبْه. قوله: وَوَلَدُها وقْفٌ معَها -هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ- ويَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَه المَوْقوفُ عليه. وهو اخْتِيارُ أبِي الخَطَّاب, كما تقدَّم في نَظيرِه. قال الحارِثيُّ: وهذا أشْبَهُ بالصَّوابِ. ونسَب الأوَّلَ إلى الأصَحابِ. ويأْتِي: هل يجوزُ للمَوْقوفِ عليه أنْ يتَزَوَّجَ الأَمَةَ المَوْقوفَةَ عليه؟ في الفَوائدِ قريبًا. ومِن الفَوائدِ، قَوْلُ المُصَنِّفِ: وإِنْ جَنَى الوَقْفُ خَطَأً، فالأَرْشُ على المَوْقُوفِ عليه. يعْنِي، إذا قُلْنا: إنَّه يَمْلِكُ المَوْقوفَ عليه. وهو المذهبُ. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، تكونُ جِنايَتُه في كَسْبِه. على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ»، و «المُحَرَّرِ». وقيل: في بَيتِ المالِ. وهو رِوايَةٌ في

أَنْ يَكُونَ في كَسْبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ»، وضعَّفَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ. وقيل: لا يَلْزَمُ المَوْقُوفَ عليه الأَرْشُ، على القَوْلَيْن. قاله في «القَواعِدِ». وأمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الرِّوايةِ الثَّالثةِ، فيَحْتَمِلُ أنْ يجِبَ على الواقِفِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ في كَسْبِه. قاله الزَّرْكَشِيُّ مِن عندِه. وقال الحارِثِيُّ، بعدَ أنْ حكَى الوَجْهين المُتَقدِّمَين: ولهم وَجْهٌ ثالثٌ، وهو الوُجوبُ على الواقِفِ. قال: وفيه بَحْثٌ. تنبيه: هذا كلُّه إذا كانَ المَوْقُوفُ عليه مُعَيَّنًا، أمَّا إنْ كان غيرَ مُعَيَّنٍ، كالمَساكِينِ ونحوهم، فقال في «المُغْنِي» (¬1): يَنْبَغِي أنْ يكونَ الأَرْشُ في كَسْبِه؛ لأنَّه ليس له مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّن يُمْكِنُ إيجابُ الأَرْشِ عليه، ولا يُمْكِنُ تعَلُّقُها برَقَبَتِه، فتَعَيَّنَ في كَسْبِه. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ تجِبَ في بَيتِ المالِ. فائدة: حيثُ أوْ جَبْنا الفِداءَ، فهو أقَلُّ الأمْرَين مِنَ القِيمَةِ، أو أَرْشِ الجِنايَةِ؛ اعْتِبارًا بأُمِّ الوَلَدِ. ¬

(¬1) المغني 8/ 225.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: فهذه ثَلاثُ مَسائِلَ مِن فوائدِ الخِلافِ، ذكَرَها المُصَنِّفُ. ومنها، لو كان المَوْقوفُ ماشِيَةً، لم تَجِبْ زَكاتُها، على الثَّانيةِ والثَّالثةِ؛ لضَعْفِ المِلْكِ، وتجِبُ على المَوْقوفِ عليه على الأُوْلَى، على ظاهِرِ كلام الإمامِ أحمدَ، واخْتيارِ القاضي في «التَّعْليقِ»، والمَجْدِ، وغيرِهما. وقدَّمه الزَّرْكَشِي. قال النَّاظِمُ: ولكِنْ ليُخْرِجْ مِن سِواها ويَمْدُدِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: لا تجِبُ مُطْلَقًا؛ لضَعْفِ المِلْكِ. اخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه، وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. فأمَّا الشَّجَرُ المَوْقوفُ، فتَجِبُ الزَّكاةُ في ثَمَرِه على المَوْقوفِ عليه، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّ ثَمَرَتَه للمَوْقُوفِ عليه. قاله في «الفَوائدِ». قال الشِّيرازِيُّ: لا زَكاةَ فيه مُطْلَقًا. ونقَلَه غيرُه رِوايَةً. وتقدَّم الكَلامُ على ذلك في كتابِ الزَّكاةِ، عندَ قوْلِه: ولا زَكاةَ في السَّائِمَةِ المَوْقُوفَةِ. بأتَمَّ مِن هذا، فليُراجَعْ. ومنها، النَّظَرُ على المَوْقوفِ عليه، إنْ قُلْنا: يمْلِكُه. ملَك النَّظَرَ عليه، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، فيَنظُرُ فيه هو مُطْلَقًا، أو وَلِيُّه، إنْ لم يَكُنْ أهْلًا. وقيل: يُضَمُّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يكونُ النَّظَرُ للحاكِمِ. وعلى الثَّالثَةِ، للواقِفِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ من عندِه. ومنها، هل يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بشَرِكَةِ الوَقْفِ؟ فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، البِناءُ؛ فإنْ قيلَ: يَمْلِكُه. اسْتَحَقَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به الشفْعَةَ، وإلَّا فلا. والطريقُ الثَّاني، الوَجْهان؛ بِناءً على قوْلِنا: يَمْلِكُه. قاله المَجْد. وهذا كلُّه مُفَرَّعٌ على المذهبِ في جوازِ قِسْمَةِ الوَقْفِ مِنَ الطَّلَقِ. أمَّا على الوَجْهِ الآخَرِ بمَنْعِ القِسْمَةِ، فلا شُفْعَةَ، وكذلك بَنَى صاحِبُ «التَّلْخيصِ» الوَجْهَين هنا على الخِلافِ في قَبُولِ القِسْمَةِ. وتقدَّم ذلك في بابِ الشُّفْعَةِ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ: ولا شُفْعَةَ بشَرِكَةِ الوَقْفِ. ومنها، نفَقَةُ الحَيوانِ المَوْقوفِ، فتَجِبُ حيثُ شُرِطَتْ، ومع عدَمِ الشَّرْطِ تجِبُ في كَسْبِه، ومع عدَمِه تجِبُ على مَنِ المِلْكُ له. قاله في «التَّلْخيصِ». وقال الزَّركَشِيُّ من عندِه: وعلى الثَّانيةِ، تجِبُ في بَيتِ المالِ. وهو وَجْهٌ ذكَرَه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: وإنْ لم تكُنْ له غَلَّةٌ، فوَجْهان؛ أحدُهما، نفَقَتُه على المَوْقوفِ عليه. والثَّاني، في بَيتِ المالِ. فقيل: هما مَبْنِيَّان على انْتِقالِ المِلْكِ وعدَمِه. وقد يُقالُ بالوُجوبِ عليه، وإنْ كان المِلْكُ لغيرِه, كما نقولُ بوُجوبِها على المُوصَى له بالمَنْفَعَةِ على وَجْهٍ. انتهى. ومنها، لا يجوزُ للمَوْقوفِ عليه أنْ يتَزَوَّجَ الأَمَةَ المَوْقوفَةَ عليه على الأُوْلَى، ويجوزُ على الثَّانِيَةِ. قلتُ: وعلى الثَّالثَةِ. قال في «القَواعِدِ»: هذا البِناءُ ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» وغيرِه. قال: وفيه نظَرٌ؛ فإنَّه يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ البُضْعِ

وَإِذَا وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجَعَ نَصِيبُهُ إِلَى الْآخرَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على كلا القَوْلين، ولهذا يكونُ المَهْرُ له. انتهى. قال الحارِثِيُّ: فعلى الأُولَى، لو وُقِفَتْ عليه زَوْجَتُه، انْفسَخَ النِّكاحُ؛ لوُجودِ المِلْكِ. ومنها، لو سُرِقَ الوَقْفُ أو نَماؤُه، فعلى الأُولَى، يُقْطَعُ على الصَّحيحِ. وقيل: لا يُقْطَعُ. وإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُه. لم يُقْطَعْ، على الصَّحيحِ. وقيل: يُقْطَعُ. ومحَلُّ ذلك كلِّه، إذا كان الوَقْفُ على مُعَيَّنٍ. ومنها، وُجوبُ إخْراجِ الفِطْرَةِ على المَوْقوفِ عليه، على الأُولَى، على الصَّحيحِ. وقيل: لا تجِبُ عليه. وأمَّا إذا اشْتُرِيَ عَبْدٌ مِن غَلَّةِ الوَقْفِ لخِدْمَةِ الوَقْفِ، فإنَّ الفِطْرَةَ تجِبُ، قوْلًا واحدًا؛ لتَمامِ التَّصرُّفِ فيه. قاله أبو المَعالِي. ويُعايَى بمَمْلُوكٍ لا مالِكَ له، وهو عَبْدٌ وُقِفَ غلى خِدْمَةِ الكَعْبَةِ. قاله ابنُ عَقِيلٍ في «المَنْثُورِ». وفها، لو زرَعَ الغاصِبُ أرْضَ الوَقْفِ، فعلى الأُولَى، للمَوْقوفِ عليه التَّمَلُّكُ بالنَّفَقَةِ، وإلَّا فهو كالمُسْتَأْجِرِ ومالِكِ المَنْفَعَةِ. فيه ترَدُّدٌ. ذكَرَه في الفَوائدِ مِن «القَواعِدِ». قوله: وإنْ وقَف على ثَلاثةٍ ثم على المَساكِينِ، فمَن ماتَ منهم رجَع نَصِيبُه على الآخَرَينِ. وكذا لو ردَّ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر الحارِثِيُّ في «شَرْحِه» وَجْهَين آخَرَين؛ أحدُهما، الصَّرْفُ مُدَّةَ بَقاءِ الآخَرَين مَصْرِفَ الوَقفِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُنْقَطِعِ؛ لسُكوتِه عنِ المَصْرِفِ في هذه الحالةِ. والوَجْهُ الثَّاني، الانْتِقالُ إلى المَساكِينِ؛ لاقْتِضاءِ اللَّفْظِ له، فإنَّ مُقْتَضاه الصَّرْفُ إلى المَساكِينِ بعدَ انْقِراضِ مَن عَيَّن، فصرْفُ نَصِيبِ كلٍّ منهم عندَ انْقِراضِه إلى المَساكِينِ داخِلٌ تحتَ دَلالةِ اللَّفْظِ، ورَجَّحه على الذي قبلَه. فوائد؛ إحْداها، لو وَقَف على ثَلاثَةٍ، ولم يذْكُرْ له مَآلًا، فمَن ماتَ منهم، فحُكْمُ نَصِيبِه حُكْمُ المُنْقَطِعِ, كما لو ماتُوا جميعًا. قاله الحارِثِيُّ. وقال: على ما في الكِتابِ يُصْرَفُ إلى مَن بَقِيَ. وقطَع به في «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشرَةَ بعدَ المِائَةِ». وكذا الحُكْمُ لو رَدَّ بعضُهم. قاله فيها أيضًا. الثَّانيةُ، لو وقَف على أوْلادِه، ثم على أولادِهم، ثم على أولادِهم، ثم على الفُقَراءِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذا تَرْتيبُ جُمْلَةٍ على مِثْلِها، لا يسْتَحِقُّ البَطْنُ الثَّاني شيئًا قبلَ انْقِراضِ الأوَّلِ. قدَّمه في «الفروعِ»، و «الفائقِ». وقال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ»: هذا المَعْروفُ عندَ الأصحابِ. وهو الذي ذكَرَه القاضي، وأصحابُه، ومَنِ اتَّبَعَهم، فيكونُ مِن بابِ تَوْزيعِ الجُمْلَةِ على الجُمْلَةِ. وقيل: تَرْتِيبُ أفْرادٍ، فيَسْتَحِقُّ الوَلَدُ نَصِيبَ أبِيه بعدَه، فهو مِن تَرتيبِ الأفْرادِ بينَ كلِّ شخْصٍ وأبيه. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في «الانْتِصارِ»، عندَ شَهادَةِ الواحِدِ بالهِلالِ: إذا قُوبِلَ جَمْعٌ بجَمْعٍ، اقْتَضَى مُقابَلَةَ الفَرْدِ منه بالفَرْدِ لُغَةً. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فعلى هذا، الأَظْهَرُ اسْتِحْقاقُ الوَلَدِ، وإنْ لم يسْتَحِقَّ أَبُوه. وقال: الأظْهَرُ أيضًا في مَن وقَف على ولَدَيه نِصْفَين، ثم على أوْلادِهما، وأوْلادِ أوْلادِهما وعَقِبِهما بعدَهما، بَطْنًا بعدَ بَطْنٍ، أنَّه ينْتَقِلُ نَصِيبُ كلِّ واحدٍ إلى وَلَدِه، ثم وَلَدِ وَلَدِه. وقال: مَن ظنَّ أنَّ الوَقْف كالإِرْثِ؛ فإنْ لم يكُنْ أبُوه أخَذ شيئًا، لم يأْخُذْ هو، فلم يقُلْه أحدٌ مِن الأئمَّةِ، ولم يَدْرِ ما يقولُ. ولهذا، لو انْتَفَتِ الشُّروطُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّبَقَةِ الأُولَى، أو بعضِهم، لم تُحْرَمِ الثَّانيةُ مع وُجودِ الشُّروطِ فيهم إجْماعًا، ولا فَرْقَ. انتهى. قال في «الفُروعَ»: وقوْلُ الواقِفِ: مَن ماتَ، فنَصِيبُه لوَلَدِه. يعُمُّ ما اسْتَحَقَّه وما يَسْتَحِقُّه مع صِفَةِ الاسْتِحْقاقِ؛ اسْتَحَقَّه أوْ لا؛ تكْثيرًا للفائِدَةِ، ولصِدْقِ الإِضافَةِ بأدْنَى مُلابَسَةٍ، ولأنَّه بعدَ موْتِه لا يسْتَحِقُّه، ولأنَّه المَفْهومُ عندَ العامَّةِ الشَّارِطِين، ويقْصِدُونه؛ لأنَّه يِتيمٌ لم يرِثْ هو وأبُوه مِنَ الجَدِّ، ولأنَّ في صُورَةِ الإِجْماعِ يَنْتَقِلُ مع وُجودِ المانِعِ إلى وَلَدِه، لكِنْ هنا، هل يُعْتَبرُ موْتُ الوالِدِ؟ يتَوَجَّهُ الخِلافُ. وإنْ لم يتَناوَلْ إلَّا ما اسْتَحَقَّه، فمَفْهومٌ، خُرِّجَ مَخرَجَ الغالِبِ، وقد تَناوَلَه الوَقْفُ على أوْلادِه، ثم أوْلادَهم. قال في «الفُررعِ»: فعلى قَوْلِ شيخِنا، إنْ قال: بَطْنًا بعدَ بَطْنٍ ونحوَه، فتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ، مع أنَّه مُحْتَمِلٌ. فإنْ زادَ الواقِفُ، على أنَّه إنْ تُوُفِّي أحَدٌ مِن أوْلادِ المَوْقوفِ عليه ابْتِداءً في حَياةِ والِدِه، وله وَلَدٌ، ثم ماتَ الأبُ عن أوْلادٍ لصُلْبه، وعن وَلَدِ وَلَدِه الذي ماتَ أبُوه قبل اسْتِحْقاقِه، فله معهم ما لأَبِيه، لو كان حيًّا. فهو صريحٌ في ترْتيِبِ الأفْرادِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا فيما إذا قال: بَطْنًا بعدَ بَطْنٍ. ولم يزِدْ شيئًا: هذه المَسْأَلَةُ فيها نِزاعٌ، والأظْهَرُ أنَّ نَصِيبَ كلِّ واحدٍ يَنْتَقِلُ إلى وَلَدِه، ثم إلى وَلَدِ وَلَدِه، ولا مُشارَكَةَ. انتهى. الثَّالثةُ، لو كان له ثَلاثُ بَنِين، فقال: وَقَفْتُ على وَلَدَيَّ؛ فُلانٍ وفُلانٍ، وعلى وَلَدِ وَلَدِي. كان الوَقْفُ على المُسَمَّيَيْن وأوْلادِهما وأوْلادِ الثَّالثِ، ولا شيءَ للثَّالثِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ مُخْتارًا له. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفائقِ»، وقوَّاه شيخُنا في «حَواشِيه»، وصحَّحَه الحارِثِيُّ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيل: يدْخُلُ الابنُ الثَّالِثُ. ونقَلَه حَرْبٌ، وقدَّمه الحارِثِيُّ، فقال: فالمَنْصوصُ دُخولُ الجميعِ. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والعِشْرِين بعدَ المِائَةِ»: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالاخْتِصاصِ بوَلَدِ مَن وقَف عليهم، اعْتِبارًا بآبائِهم. وكذا الحُكْمُ والخِلافُ والمذهبُ لو قال: وقَفْتُ على وَلَدَى؛ فُلانٍ وفُلانٍ، ثم على الفُقَراءِ. هل يشْمَلُ وَلَدَ وَلَدِه، أمْ لا؟. وقيل: يشْمَلُه هنا. ذكَرَه المُصَنِّفُ احْتِمالًا مِن عندِه. الرَّابعَةُ، لو وقَف على فُلانٍ، فإذا انْقَرَضَ أوْلادُه، فعلى المَساكِينِ، كان بعدَ مَوْتِ فُلانٍ لأوْلادِه، ثم مِن بعدِهم للمَساكِينِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، [وقدَّمه في «الكافِي». وقيل: يُصْرَفُ بعدَ مَوْتِ فُلانٍ مَصْرِفَ المُنْقَطِعِ، حتى ينْقَرِضَ أوْلادُه] (¬1)، ثم يُصْرَفُ على المَساكِينِ. الخامسةُ، لو وقَف على أوْلادِه، وأوْلادِ أوْلادِه، اشْترَكُوا حالًا، ولو قال فيه: على أنَّ مَن تُوُفِّيَ عن غيرِ وَلَدٍ، فنَصِيبُه لذَوي طَبقَتِه. كان للاشْتِراكِ أيضًا، في أحدِ الوَجْهَين. قلتُ: وهو أوْلَى. قال في «القَواعِدِ»: وقد زعَم المَجْدُ أنَّ كلامَ القاضي في «المُجَرَّدِ» يدُلُّ على أنَّه يكونُ مُشْتَرَكًا بينَ الأوْلادِ، وأوْلادِهم، ثم يُضافُ إلى كلِّ وَلَدٍ نَصِيبُ والِدِه بعدَ مَوْتِه. قال: وليس في كلامِ القاضي ما يدُلُّ على ذلك لمَن راجَعَه وتأَمَّلَه. والوَجْهُ الثَّاني، يكونُ للتَّرْتيبِ بينَ كلِّ وَلَدٍ وأبِيه. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ»: وهو ظاهرُ كلام أحمدَ، وذكَرَه. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». ولو رَتَّبَ بقَوْلِه: الأعْلَى فالأَعْلَى. أو الأَقرَبُ فالأَقْرَبُ. أو البَطْنُ الأَوَّلُ ثم الثَّانِي. فهذا تَرتيبُ جُمْلَةٍ على مِثْلِها، لا يسْتَحِقُّ البَطْنُ الثَّانِي شيئًا قبلَ انْقِراضِ الأوَّلِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «التَّلْخيصِ»: وكذا قوْلُه: قَرْنًا بعدَ قَرْنٍ. ولو قال بعدَ التَّرْتيبِ بينَ أوْلادِه: ثم على أنْسالِهم وأعْقابِهم. فهل يسْتَحِقُّه أهْلُ العَقِبِ مُرَتَّبًا، أو مُشْتَرَكًا؟ فيه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». قلتُ: الصَّوابُ التَّرْتيبُ. ولو رَتَّبَ بينَ أوْلادِه وأوْلادِهم بـ «ثُمَّ»، ثم قال: ومَن تُوُفِّيَ عن وَلَدٍ، فنَصِيبُه لوَلَدِه. اسْتَحَقَّ كلُّ وَلَدٍ بعدَ أبِيه نَصِيبَه. ولو قال: على أوْلادِي، ثم على أوْلادِ أوْلادِي، على أنَّه مَن تُوُفِّيَ منهم عن غير وَلَدٍ، فنَصِيبُه لأهْلِ دَرَجَتِه. اسْتَحَقَّ كلُّ وَلَدٍ نَصِيبَ أبِيه بعدَه، كالتي قبلَها. قال في «الفائقِ»: ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه. انتهى. وهما ينْزِعان إلى أصْلِ المَسْأَلَةِ المُتَقدِّمَةِ. وقد تقدَّم كلامُ الشّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ فيها. [قلتُ: هذه المَسْأَلَةُ أوْلَى بالصِّحَّةِ. وقد وافَقَ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ، رَحِمَهُ الله، على ذلك كثيرٌ مِنَ العُلَماءِ مِن أرْباب المذهبِ، وجعَلُوه مِن تَخْصيصِ العُمومِ بالمَفْهومِ، وهو أظْهَرُ. وصنَّف الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في ذلك مُصَنَّفًا حافِلًا خَمْسَ كَرارِيسَ] (¬1). ولو قال: ومَن ماتَ عن وَلَدٍ، فنَصِيبُه لوَلَدِه. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يشْمَلُ النَّصِيبَ الأصْلِيَّ والعائدَ؛ مِثْلَ أنْ يكونَ ثلاثةُ إخْوَةٍ، فيَمُوت أحدُهم عن وَلَدٍ، ويموتَ الثَّانِي عن غيرِ وَلَدٍ، فنَصِيبُه لأخِيه الثَّالثِ، فإذا ماتَ الثَّالثُ عن وَلَدٍ، اسْتَحَقَّ جميعَ ما كان في يَدِ أبِيه؛ مِنَ الأَصْلِيِّ والعائدِ إليه مِن أخِيه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يشْمَلُ النَّصيبَ الأصْلِيَّ، ويشْتَرِكُ وَلَدُ المَيتِ الأوَّلِ ووَلَدُ المَيتِ الثَّالثِ في النَّصِيبِ العائدِ إلى أخِيه؛ لأنَّ والِدَيهما لو كانا حَيَّين، لاشْتَرَكا في العائدِ، فكذا وَلَدُهما. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولو قال: ومَن تُوُفِّيَ عن غيرِ وَلَدٍ، فنَصِيبُه لأهْلِ درَجَتِه. وكان الوَقْفُ مُرَتَّبًا بالبُطونِ، كان نَصِيبُ المَيتِ عن غيرِ وَلَدٍ، لأَهْلِ البَطْنِ الذي هو منه. ولو كان مُشْتَرَكًا بينَ أهْلِ البُطونِ، عادَ إلى جميعِ أهْلِ الوَقْفِ، في أحدِ الوَجْهَين. قلتُ: ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الصَّوابُ؛ فوُجودُ هذا الشَّرْطِ كعدَمِه. والوَجْهُ الثَّانِي، يخْتَصُّ البَطْنَ الذي هو منه، فيَسْتَوي فيه إخْوَتُه، وبَنُو عَمِّه، وبَنُو بَنِي عمِّ أبِيه؛ لأنَّهم في القُرْبِ سواءٌ. قدَّمه في «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فإنْ لم يُوجَدْ في درَجَتِه أحدٌ، فالحُكْمُ كما لو لم يُذكَرِ الشَّرْطُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. ولو كان الوَقْفُ على البَطْنِ الأوَّلِ، على أنَّ مَن فاتَ عن وَلَدٍ، فنَصِيبُه لوَلَدِه، وإنْ ماتَ عن غيرِ وَلَدٍ، انتْقَلَ نَصِيبُه إلى مَن في درَجَتِه، فماتَ أحدُهم عن غيرِ وَلَدٍ، فقيلَ: يعُودُ نَصِيبُه إلى أهْلِ الوَقْفِ كلِّهم، وإنْ كانُوا بُطونًا. وحكَم به التَّقِيُّ سُلَيمانُ (¬1). وهو الصَّوابُ. وقيل: يخْتَصُّ أهْلَ بطْنِه؛ سواءٌ كانُوا مِن أهْلِ الوَقْفِ حالًا أو قُوَّةً؛ مِثْلَ أنْ يكونَ البَطْنُ الأَوَّلُ ثلاثةً، فماتَ أحدُهم عنِ ابن، ثم ماتَ الثَّاني عن ابْنَين، فماتَ أحدُ الابنَين وترَك أخاه وابنَ عَمِّه وعَمَّه وابْنًا لعَمِّه الحَيِّ، فيكونَ نَصِيبُه بينَ أخِيه وابنِ عمِّه المَيتِ وابنِ عَمِّه الحَيِّ، ولا يسْتَحِقُّ العَمُّ شيئًا. وقيل: يخْتَصُّ أهْلَ بَطْنِه في أهْلِ الوَقْفِ المُتنَاولِين له في الحالِ. فعلى هذا، يكونُ لأخِيه وابنِ عمِّه الذي ماتَ أبُوه، ولا شيءَ لعَمِّه الحَيِّ ولا لوَلَدِه. وأطْلَقهُنَّ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ذَوُو طبَقَتِه؛ إخْوَتُه، وبنُو عمِّه، ونحوُهم، ومَن هو أعْلَى منه؛ عُمُومَتُه، ونحوُهم، ومَن هو أسْفَلُ منه؛ وَلَدُه، ووَلَدُ إخْوَتِه وطبَقَتُهم. ولا يسْتَحِقُّ مَن في درَجَتِه مِن غيرِ أهْلِ الوَقْفِ بحالٍ؛ كمَن له أرْبَعُ بَنِين، وتَف على ثلاثَةٍ، وترَك الرَّابعَ، فماتَ أحدُ الثَّلاثَةِ عن غيرِ وَلَدٍ، لم يكُنْ للرَّابعِ فيه ¬

(¬1) لم نجده.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شيءٌ؛ لأنَّه ليس مِن أهْلِ الاسْتِحْقاقِ. قاله الأصحابُ. وإذا شرَطَه لمَن في درَجَةِ المُتَوَفَّى عندَ عدَمِ وَلَدِه، اسْتَحَقَّه أهْلُ الدَّرَجَةِ حالةَ وَفاتِه، وكذا مَن سيُوجَدُ منهم في أصحِّ الاحْتِمالين. قال في «الفائقِ»: هذا أقْوَى الاحْتِمالين. قال: ورأَيتُ المُشارَكَةَ بخَطِّ الشَّيخِ شَمْسِ الدِّينِ، يعْنِي الشَّارِحَ، والنَّوَويِّ. قال ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»: يُخَرَّجُ فيه وَجْهان. قال: والدُّخولُ هنا أوْلَى. وبه أفْتَى الشَّيخُ شَمْسُ الدِّينِ (¬1)، قال: وعلى هذا، لو حدَث مَن هو أعْلَى مِنَ المَوْجُودِين، وكان في الوَقْفِ اسْتِحْقاقُ الأعْلَى فالأَعْلَى، فإنَّه ينْتَزِعُه منهم. قاله في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ بعدَ المِائَةِ». السَّادسةُ، لو قال: على أوْلادِي، ثم أوْلادِهم الذُّكورِ والإِناثِ، ثم أوْلادِهم الذُّكورِ مِن وَلَدِ الظَّهْرِ فقط، ثم نَسْلِهم وعَقِبِهم، ثم الفُقَراءِ، على أنَّه مَن ماتَ منهم، وترَكَ وَلَدًا وإنْ سفَل، فنَصِيبُه له. فماتَ أحدُ الطَّبَقَةِ الأَوَّلَةِ، وترَك بِنْتًا، فماتَتْ ولها أوْلادٌ. فقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ما اسْتَحَقَّتْه قبلَ مَوْتِها، فهو لهم. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، لا. انتهى. ولو قال: ومَن ماتَ عن غيرِ وَلَدٍ، وإنْ سفَل، فنَصِيبُه لإِخْوَتِه، ثم نَسْلِهم، وعَقِبِهم. عمَّ مَن لم يُعْقبْ، ومَن أعْقَبَ ثم انْقطَعَ عَقِبُه؟ لأنَّه لا يقْصِدُ غيرَه، واللَّفْظُ يَحْتَمِلُه، فوَجَب الحَمْلُ عليه قَطْعًا. قاله الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ نفُوذُ حُكْمِه بخِلافِه. السَّابعةُ، لو اجْتَمَعَ صِفَتان أو صِفاتٌ في شَخصٍ واحدٍ، فهو كاجْتِماعِ شَخْصَين أو أشْخاصٍ، على المَشْهورِ مِنَ المذهبِ، فيتَعدَّدُ الاسْتِحْقاقُ بها، كالأعْيانِ. قاله في «القاعِدَةِ التَّاسعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ». وله نَظائِرُ في الوَصايا، والفَرائضِ، والزَّكاةِ، فكذلك الوَقْفُ. وأفتى به العَلَّامَةُ ابن رَجَبٍ أيضًا، وردَّ ¬

(¬1) هو الشيخ ابن أبي عمر صاحب الشرح الكبير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولَ المُخالِفِ في ذلك. وقيل: لا يتَعدَّدُ الاسْتِحْقاقُ بذلك. [ويأْتِي قريبًا مِن ذلك في الفائدِةِ السَّادسةِ مِنَ الفَوائدِ الآتِيَةِ قريبًا] (¬1). الثَّامنةُ، إذا تعَقَّبَ الشَّرْطُ جُمَلًا، عادَ إلى الكُلِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقد ذكَر المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» وَجْهَين، في قوْلِه: أنتِ حرامٌ، وواللهِ لا أُكَلِّمُكِ، إنْ شاءَ الله تعالى. انتهى. والاسْتِثْناءُ كالشَّرْطِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: لا. وقيل: والجُمَلُ مِن جنْسٍ كالشَّرْطِ. وكذا مُخَصَّصٌ؛ مِن صِفَةٍ، وعَطْفِ بيانٍ، وتوْكيدٍ، وبدَلٍ، ونحوه، والجارِّ والمَجْرورِ نحوَ: على أنَّه. أو: بشَرْطِ أنَّه. ونحو ذلك كالشَّرْطِ؛ لتعَلُّقِه بفِعْلٍ، لا باسْم. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وعُمومُ كلامِهم، لا فَرْقَ بينَ العَطْفِ بواوٍ وفاءٍ وثُمَّ؛ وذلك لِما تقدَّم. ذكَر ذلك ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. التَّاسعةُ، لو وُجِدَ في كتابِ وَقْفٍ: أنَّ رجُلًا وقَفَ، على فُلانٍ، وعلى بَنِي بَنِيه، واشْتُبِهَ؛ هل المُرادُ ببَنِي بَنِيه جمعُ ابنٍ، أو بَنِي بِنْتِه؛ واحِدَةُ البَناتِ؟ فقال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»: يكونُ بينَهما عندَنا؛ لتَساويَهما، كما في تَعارُضِ البَيِّناتِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس هذا مِن تَعارُضِ البَيِّنتَين، بل هو بمَنْزِلَةِ ترَدُّدِ البَيِّنَةِ الواحدَةِ، ولو كان مِن تَعارُضِ البَيِّنتَين، فالقِسْمَةُ عندَ التَّعارُضِ رِوايةٌ مرْجُوحَةٌ، وإلَّا فالصَّحيحُ؛ إمَّا التَّساقُطُ، وإمَّا القُرْعَةُ، فيَحْتَمِلُ أنْ يُقرَعَ هنا، ويَحْتَمِلُ أنْ يُرُجَّحَ بنُو البَنِين؛ لأنَّ العادَةَ أنَّ الإِنْسانَ إذا وقَف على وَلَدِ بِنْتَيه (¬2) لا يخُصُّ منهما الذُّكورَ، بل يعُمُّ أولْادَهما، بخِلافِ الوَقْفِ على وَلَدِ الذُّكورِ، فإنَّه يخُصُّ ذُكورَهم كثيرًا، كآبائِهم؛ ولأنَّه لو أرادَ وَلَدَ البِنْتِ لسَمَّاها باسْمِها، أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «بنيه».

فَصْلٌ: وَيُرْجَعُ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ في قَسْمِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيهِ، وَفِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْجَمْعِ وَالتَّرْتِيبِ وَالتَّسْويَةِ وَالتَّفْضِيلِ وَإِخْرَاجِ مَنْ شَاءَ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالِهِ بِصِفَةٍ، وَفِي النَّاظِرِ فِيهِ، وَالإِنْفَاقِ عَلَيهِ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لشَرَكَ بينَ وَلَدِها ووَلَدِ سائرِ بَناتِه. قال: وهذا أقْرَبُ إلى الصَّوابِ. وأفْتَى أيضًا، رَحِمَه الله، في مَن وقَف على أحَدِ أوْلادِه، وله عِدَّةُ أوْلادٍ، وجُهِلَ اسْمُه، أنَّه يُمَيَّزُ بالقُرْعَةِ. قوله: ويُرْجَعُ إلى شَرْطِ الواقِفِ في قَسْمِه على المَوْقُوفِ عليه، وفي التَّقْدِيم والتَّأْخِيرِ، والجَمعِ والتَّرْتِيبِ، والتَّسْويَةِ والتَّفْضِيلِ، وإخْراجِ مَن شاءَ بصِفَةٍ وإدْخَالِه بصِفَةٍ، وفي النَّاظِرِ فيه والإنفْاقِ عليه، وسائرِ أَحْوالِه. وكذا لو شرَط عدَمَ إيجارِه، أو قدَّرَ مُدَّةً. قاله الأصحابُ. وقال الحارِثِيُّ: وعن بعضِهم، جَوازُ زِيادَةِ مُدَّةِ الإِجارَةِ على ما شرَطَه النَّاظِرُ بحسَبِ المَصْلَحَةِ. قال: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْتاجُ عندِي إلى شيءٍ مِن تَفْصيلٍ؛ فقوْلُه: يُرْجَعُ في قَسْمِه. أي في تقْديرِ الاسْتِحْقاقِ. والتَّقْديمُ؛ البُداءَةُ ببعضِ أهْلِ الوَقْفِ دُونَ بعضٍ؛ كوَقَفْتُ على زَيدٍ وعَمْرٍو وبَكْرٍ. ويبْدَأُ بالدَّفْعِ إلى زَيدٍ. أو: وَقَفْتُ على طائفَةِ كذا. ويبْدأُ بالأصْلَحِ، أو الأَفْقَهِ. والتَّأْخيرُ عكْسُ ذلك. وإذا أُضِيفَ تقْديرُ الاسْتِحْقاقِ، كان للمُؤَخَّرِ ما فضَل، وإنْ لم يفْضُلْ شيءٌ، سقَط. والجَمْعُ؛ جمعُ الاسْتِحْقاقِ مُشْتَركًا في حالةٍ واحدةٍ. والتَّرتيبُ، جعْلُ اسْتِحقاقِ بَطنٍ مُرَتَّبًا على آخَرَ, كما تقدَّم. والتَّرتيبُ مع التَّقْديمِ والتَّأْخيرِ مُتَّحِدٌ مَعْنًى، لكِنَّ المُرادَ في صُورَةِ التَّقْديمِ بَقاءُ أصْلِ الاسْتِحْقاقِ للمُؤَخَّرِ، على صِفَةِ أنَّ له ما فضَلَ، وإلَّا سقَط. وفي صُورَةِ التَّرتيبِ، عدَمُ اسْتِحْقاقِ المُؤخَّرِ مع وُجودِ المُقَدَّمِ. والتَّسْويَةُ؛ جعْلُ الرَّيعِ بينَ أهْلِ الوَقْفِ مُتَساويًا. والتَّفْضِيلُ؛ جَعْلُه مُتَفاوتًا. ومعْنَى الإِخْراجِ بصِفَةٍ، والإِدْخالِ بصِفَةٍ؛ جعْلُ الاسْتِحْقاقِ والحِرْمانِ مُرَتَّبًا على وَصْفٍ مُشْتَرَطٍ، فتَرَتُّبُ الاسْتِحْقاقِ؛ كالوَقْفِ على قَوْمٍ بشَرْطِ كوْنِهم فُقَراءَ أو صُلَحاءَ. وتَرَتُّبُ الحِرْمانِ أنْ يقولَ: ومَن فسَق منهم، أو اسْتَغْنَى، فلا شيءَ له.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أن الشَّرْطَ المُباحَ الذي لا يظْهَرُ قَصْدُ القُرْبَةِ منه، يجِبُ اعْتِبارُه في كلامِ الواقِفِ. قال الحارِثِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، والمَعْروفُ في المذهبِ الوُجوبُ. قال: وهو الصَّحيحُ. وقال في «الفائقِ»: وقال شيخُنا، يعْنِي به الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ: يُخَرَّجُ مِن شَرْطِ كوْنِه قُرْبَةً، اشْتِراطُ القُرْبَةِ في الأصْلِ يَلْزَمُ الشُّروطَ المُباحَةَ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: واخْتارَ شيخُنا، يعْنِي به الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ، لزُومَ العَملِ بشَرْطٍ مُسْتَحَبٍّ خاصَّةً، وذكَرَه صاحبُ «المُذْهَبِ»؛ لأنَّه لا ينْفَعُه، ويُعَذَّرُ عليه، فبَذْلُ المالِ فيه سَفَهٌ، ولا يجوزُ. انهى. قال الحارِثِيُّ: ومِن مُتَأخِّرِي الأصحابِ مَن قال: لا يصِحُّ اشْتِراطُه، يعْنِي المُباحَ، في ظاهِرِ المذهبِ. وعلَّلَه، قال: وهذا له قُوَّةٌ، على القَوْلِ باعْتِبارِ القُرْبَةِ في أصْلِ الجِهَةِ, كما هو ظاهِرُ المذهبِ. وإيَّاه أرادَ بقَوْلِه: في ظاهِرِ المذهبِ. فيما أرَى، ويُؤَيِّدُه مِن نصِّ أحمدَ، وذكَر النَّصَّ في الوَصِيَّةِ. انتهى. والظَّاهِرُ، أنَّه أرادَ بقَوْلِه: مِن مُتَأخِّرِي الأصحابِ. الشَّيخَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيَّ الدِّينِ، وكان في زَمَنِه. وفي كلامِ صاحِبِ «الفُروعِ» إيماءٌ إلى ذلك. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: مَن قدَّر له الواقِفُ شيئًا، فله أكثرُ منه. إنِ اسْتحَقَّه بمُوجِبِ الشَّرْعِ. وقال أيضًا: الشَّرْطُ المَكْروهُ باطِلٌ اتفاقًا. فائدة: لو خَصَّصَ المَدْرسَةَ بأهْلِ مذهبٍ أو بَلَدٍ أو قَبِيلَةٍ، تخَصَّصَتْ، وكذلك الرِّباطُ والخانِقاهُ. والمَقْبرَةُ كذلك. وهذا المذهبُ. جزَم به في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، وصحَّحَه الحارِثِيُّ وغيرُه. قال الحارِثِيُّ: وذكَر بعضُ شيُوخِنا في كتابِه احْتِمالًا بعدَمِ الاخْتِصاصِ. وأمَّا المَسْجدُ؛ فإنْ عيَّن لإِمامَتِه شخْصًا، تعَيَّنَ، وإنْ خصَّصَ الإِمامَةَ بمذهبٍ، تخَصَّصَتْ به، ما لم يكُنْ في شيءٍ مِن أحْكامِ الصَّلاةِ مُخالِفًا لصَريحِ السُّنَّةِ أو ظاهِرِها؛ سواءٌ كان لعدَمِ الاطِّلاعِ، أو لتَأْويلٍ ضعيفٍ. وإنْ خصَّصَ المُصَلِّين فيه بمذهبٍ، فقال في «التَّلْخيصِ»: يخْتَصُّ بهم على الأَشْبَهِ؛ لاخْتِلافِ المذاهب في أحْكامِ الصَّلاةِ. قال الحارِثيُّ: وقال غيرُ صاحبِ «التَّلْخيصِ»، مِن مُتَأخِّرِي الأصحابِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وقوَّى الحارِثِيُّ عدَمَ الاخْتِصاصِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: واخْتارَ ابنُ هُبَيرَةَ عدَمَ الاخْتِصاصِ في المَسْجِدِ بمذهبٍ في الإِمامِ. قال في «الفُروعِ»: وقيل: لا تتَعَيَّنُ طائفَةٌ وُقِفَ عليها مَسْجِدٌ أو مقْبَرَةٌ، كالصَّلاةِ فيه. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ إنْ عيَّن مَن يُصَلِّي فيه مِن أهْلِ الحديثِ، أو تَدْريس العِلْمِ، اخْتصَّ. وإنْ سَلَّمَ، فلأنَّه لا يقَعُ التَّزاحُمُ بإشاعَتِه، ولو وقَع، فهو أفْضَلُ؛ لأنَّ الجماعَةَ تُرادُ له. وقيل: تُمْنَعُ التَّسْويَةُ بينَ فُقَهاءَ، كمُسابقَةٍ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قوْلُ الفُقَهاءِ: نُصوصُ الواقِفِ كنُصوصِ الشَّارِعِ. يعْنِي، في الفَهْمِ والدَّلالةِ، لا في وُجوبِ العمَلِ، مع أنَّ التَّحْقيقَ، أنَّ لفْظَه، ولفْظَ المُوصِي، والحالِفِ، والنَّاذِرِ، وكلِّ عاقِدٍ، يُحْمَلُ على عادَتِه في خِطابِه ولُغَتِه التي يتَكلَّمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها؛ وافَقَتْ لُغَةَ العرَبِ أو لُغَةَ الشَّارِعِ، أمْ لا. قال: والشُّروطُ إنَّما يَلْزَمُ الوَفاءُ بها، إذا لم تُفْضِ إلى الإِخْلالِ بالمَقْصودِ الشَّرْعِيِّ، ولا تجوزُ المُحافظَةُ على بعضِها مع فَواتِ المَقْصودِ بها. قال: ومَن شرَط في القُرُباتِ أنْ يُقَدَّمَ فيها الصِّنْفُ المَفْضولُ، فقد شرَط خِلافَ شَرْطِ اللهِ، كشَرْطِه في الإِمامَةِ تقْديمَ غيرِ الأَعْلَمِ، والنَّاظِرُ مُنَفِّذٌ لما شرَطَه الواقِفُ. الهى. وإنْ شرَط أنْ لا يُنَزَّلَ فاسِقٌ ولا شِرِّيرٌ، ولا مُتَجَوِّهٌ ونحوُه، عُمِلَ به، وإلَّا توَجَّهَ أنْ لا يُعْتَبرَ في فُقَهاءَ، ونحوهم. وفي إمامٍ ومُؤذِّنٍ الخِلافُ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِهم، وكلامِ شيخِنا في مَوْضِعٍ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: لا يجوزُ أنْ يُنَزَّلَ فاسِقٌ في جِهَةٍ دِينِيَّةٍ؛ كمدْرَسَةٍ وغيرِها مُطْلَقًا؛ لأنَّه يجِبُ الإِنْكارُ عليه وعُقوبَتُه، فكيفَ يُنَزَّلُ؟ وقال أيضًا: إنْ نُزِّلَ. مُسْتَحِقٌّ تنْزِيلًا شرْعِيًّا، لم يَجُزْ صَرْفُه بلا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ. انتهى. فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو حكَم حاكِمٌ بمَحْضَرٍ؛ كوَقْفٍ فيه شرُوطٌ، ثم ظهَر كِتابُ الوَقْفِ غيرَ ثابتٍ، وجَب ثُبوتُه، والعَملُ به إنْ أمْكَنَ. وقال أيضًا: لو أقَرَّ المَوْقوفُ عليه، أنَّه لا يسْتَحِقُّ في هذا الوَقْفِ إلَّا مِقْدارًا معْلومًا، ثم ظهَر شَرْطُ الواقِفِ بأنَّه يسْتَحِقُّ أكْثَرَ، حُكِمَ له بمُقْتَضَى شَرْطِ الواقِفِ، ولا يَمْنَعُ مِن ذلك الإِقْرارُ المُتقَدِّمُ. الهى. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإخْراجِ مَن شاءَ بصِفَةٍ، وإِدْخَالِه بصِفَةٍ. أنَّ الواقِفَ لو شرَط للنَّاظِرِ إخراجَ مَن شاءَ بصِفةٍ مِن أهْلِ الوَقْفِ، وإدْخال غيرِه بصِفَةٍ منهم، جازَ؛ لأنَّه ليس بإخْراجٍ للمَوْقوفِ عليه مِنَ الوَقْفِ، وإنَّما هو تَعْلِيقُ الاسْتِحْقاقِ بصِفَةٍ، فكأَنَّه جعَل له حقًّا في الوَقْفِ، إذا اتَّصَفَ بإرادَةِ النَّاظرِ ليُعْطِيه، ولم يجْعَلْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له حقًّا، إذا انْتَفَتْ تلك الصِّفَةُ فيه. وإنْ شرَط له أنْ يُخْرِجَ مَن شاءَ مِن أهْلِ الوَقْفِ، ويُدْخِلَ مَن شاءَ مِن غيرِهم، لم يصِحَّ؛ لأنَّه شرْطٌ يُنافِي مُقْتَضَى الوَقْفِ، فأَفْسَدَه، كما لو شرَط أنْ لا يُنْتفَعَ به. قال ذلك المُصَنِّفُ ومَن تابَعه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال الحارِثِيُّ: فرَّق المُصَنِّفُ بينَ المَسْألتَين، قال: والفَرْقُ لا يتَّجهُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كلُّ مُتَصَرِّفٍ بولايةٍ إذا قيلَ: يفْعَلُ ما يشاءُ. فإنَّما هو لمَصْلَحَةٍ شرْعِيَّةٍ، حتى لو صرَّحَ الواقِفُ بفِعْلِ ما يَهْواه، وما يَراه مُطْلَقًا، فشَرْطٌ باطِلٌ، لمُخالفَتِه الشَّرْعَ، وغايَتُه أنْ يكونَ شَرْطًا مُباحًا، وهو باطِلٌ على الصَّحيحِ المَشْهورِ، حتى لو تَساوَى فِعْلان، عُمِلَ بالقُرْعَةِ. وإذا قيلَ هنا بالتَّخْيِيرِ، فله وَجْهٌ. فوائد؛ الأُولَى، يتَعَيَّنُ مصْرِفُ الوَقْفِ إلى الجِهَةِ المُعَيَّنَةَ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونقَلَه الجماعَةُ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وقطَع به أكْثَرُهم، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجوزُ تغْيِيرُ شَرْطِ الواقِفِ إلى ماهو أصْلَحُ منه، وإنِ اخْتلَفَ ذلك باخْتِلافِ الأزْمانِ، حتى لو وقَف على الفُقَهاءِ، والصُّوفِيَّةِ، واحْتاجَ النَّاسُ إلى الجِهادِ، صُرِفَ إلى الجُنْدِ. وقيل: إنْ سبَّل ماءً للشُّرْبِ، جازَ الوُضوءُ منه. قال في «الفُروعِ»: فشُرْبُ ماءٍ مَوْقُوفٍ للوُضوءِ يتَوَجَّهُ عليه، وأَوْلَى. وقال الآجُرِيُّ في الفَرَسِ الحَبِيسِ: لا يُعِيرُه ولا يُؤْجِرُه إلَّا لنَفْعِ الفَرَسِ، ولا يَنْبَغِي أنْ يَرْكَبَه في حاجَةٍ إلَّا لتَأْدِيبِه وجَمالِ المُسْلِمين ورِفْعَةٍ لهم، أو غَيظَةٍ للعَدُوِّ، وتقدَّم وَجْهٌ بتَحْرِيمِ الوُضوءِ مِن ماءِ زَمْزَمَ. قال في «الفُروعِ»: فعلى نَجاسَةِ المُنْفَصِلِ واضِحٌ، وقيل: لمُخالفَةِ شَرْطِ الواقِفِ، أنَّه لو سبَّل ماءً للشُّرْبِ، في كراهَةِ الوُضوءِ منه وتحْريمِه وَجْهان في «فتاوَى ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّاغُونِيِّ» وغيرِها. وعنه، يجوزُ إخْراجُ بُسُطِ المَسْجِدِ وحُصُرِه لمَن ينْتَظِرُ الجِنازَةَ. وأمَّا رُكوبُ الدَّابةِ لعَلْفِها وسَقْيِها، فيجوزُ. نقَلَه الشَّالنْجِيُّ. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، إذا شرَط الواقِفُ لناظِرِه أُجْرَةً، فكُلْفَتُه عليه حتى تَبْقَى أُجْرَةُ مِثْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ الذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: كُلْفَتُه مِن غَلَّةِ الوَقْفِ. قيل للشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ: فله العادَةُ بلا شَرْطٍ؟ فقال: ليس له إلَّا ما يُقابِلُ عمَلَه. وتقدَّم في بابِ الحَجْرِ، إذا لم يَشْرُطِ الواقِفُ للنَّاظِرِ أُجرَةً، هل له الأخْذُ أمْ لا؟ الثَّالثةُ، قال الحارِثِيُّ: إذا أسْنَدَ النَّظَرَ إلى اثْنَين، لم يتَصَرَّفْ أحدُهما بدُونِ شَرْطٍ. وكذا إنْ جَعَلَه الحاكِمُ أو النَّاظِرُ إليهما. وأمَّا إذا شرَطَه لكُلِّ واحدٍ مِنِ اثْنَين، اسْتقلَّ كلٌّ منهما بالتَّصَرُّفِ؛ لاسْتِقْلالِ كلٍّ منهما بالنَّظَرِ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): إذا كان المَوْقوفُ عليه ناظِرًا؛ إمَّا بالشَّرْطِ، وإمَّا لانْتِفاءِ ناظِرٍ مَشْروطٍ، وكان واحِدًا، اسْتَقَلَّ به، وإنْ كانوا جماعَةً، فالنَّظَرُ للجميعِ، كلُّ إنْسانٍ في حِصَّتِه. انتهى. قال الحارِثِيُّ: والأظْهَرُ أنَّ الواحِدَ منهم في حالةِ الشَّرْطِ لا يسْتَقِلُّ بحِصَّتِه؛ لأنَّ النَّظَرَ مُسْنَدٌ إلى الجميعِ، فوَجَب الشَّرِكَةُ في مُطْلَقِ النَّظَرِ، فما مِن نَظَرٍ (¬2) إلَّا وهو مُشْتَرِكٌ. وإنْ أسْنَدَه إلى عَدْلَين مِن وَلَدِه، فلم يُوجَدْ إلَّا واحِدٌ، أو أَبَى أحدُهما، أو ماتَ، أقامَ الحاكِمُ مُقامَه آخَرَ؛ لأنَّ الواقِفَ لم يَرْضَ بواحدٍ، وإنْ جعَل كلًّا منهما مُسْتَقِلًّا، لم يحْتَجْ إلى إقامَةِ آخَرَ؛ لأنَّ البَدَلَ مُسْتَغْنًى عنه، واللَّفْظُ لا يدُلُّ عليه. وإنْ أسْنَدَه إلى الأفْضَلِ فالأَفْضَلِ مِن وَلَدِه، وأَبَى الأفْضَلُ القَبُولَ، فهل ينْتَقِلُ إلى الحاكمِ ¬

(¬1) المغني 8/ 237. (¬2) في ط: «ناظر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُدَّةَ بَقائِه، أو إلى مَن يَلِيه؟ فيه الخِلافُ الذي فيما إذا ردَّ البَطْنُ الأوَّلُ، على ما تقدَّم. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: وهي قرِيبةٌ ممَّا إذا عضَل الوَلِيُّ الأَقْرَبُ، هل تنْتَقِلُ الولايةُ إلى الحاكِمِ، أو إلى مَن يَلِيَه مِنَ الأولِياءِ؟ على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أرْكانِ النِّكاحِ. وإنْ تعَيَّنَ أحدُهم لفَضْلِه، ثم صارَ فيهم مَن هو أفْضَلُ منه، انْتقَلَ إليه لوُجودِ الشَّرطِ فيه. الرَّابعَةُ، لو تَنازَعَ ناظِران في نَصْبِ إمامَةٍ؛ نصَب أحدُهما زيدًا، والآخرُ عَمْرًا؛ إنْ لم يسْتَقِلَّا، لم تنْعَقِدِ الولايةُ؛ لانْتِفاءِ شَرْطِها، وإنِ اسْتَقَلَّا وتَعاقَبا، انْعقَدَتْ للأَسْبَقِ، وإنِ اتَّحَدا واسْتَوَى المَنْصُوبان، قُدِّمَ أحدُهما بالقُرْعَةِ. الخامسةُ، تشْتَمِلُ على أحْكام جَمَّةٍ مِن أحْكامِ النَّاظِرِ؛ إذا عزَل الواقِفُ مَن شرَط النَّظَرَ له، لم ينْعَزِلْ، إلَّا أنْ يَشْرُطَ لنَفْسِه ولايةَ العَزْلِ. قطَع به الحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الفُروعِ». ولو ماتَ هذا النَّاظِرُ في حياةِ الواقِفِ، لم يَمْلِكِ الواقِفُ نَصْبَ ناظِرٍ بدُونِ شَرْطٍ، وانْتَقَلَ الأمْرُ إلى الحاكمِ، وإنْ ماتَ بعدَ وَفاةِ الواقفِ، فكذلك، بلا نِزاعٍ. وإنْ شرَط الواقِفُ النَّظَرَ لنَفْسِه، ثم جعَلَه لغيرِه، أو فوَّضَه إليه، أو أسْنَدَه، فهل له عَزْلُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له عَزْلُه. قدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، فقال: وإنْ قال: وَقَفْتُ كذا بشَرْطِ أنْ ينْظُرَ فيه زَيدٌ. أو: على أنْ ينْظُرَ فيه. أو قال عَقِبَه: جعَلْتُه ناظِرًا فيه. أو جعَل النَّظَرَ له، صحَّ، ولم يَمْلِكْ عَزْلَه. وإنْ شرَطَه لنَفْسِه، ثم جعَلَه لزَيدٍ، أو قال: جعَلْتُ نظَرِي له. أو: فوَّضْتُ إليه ما أمْلِكُه مِنَ النَّظَرِ. أو: أسْنَدْتُه إليه. فله عزْلُه، ويَحْتَمِلُ عدَمَه. انتهى. قال الحارِثِيُّ: إذا كان الوَقْفُ على جِهَةٍ لا تنْحَصِرُ كالفُقَراءِ والمَساكِينِ، أو على مَسْجِدٍ، أو مدْرَسَةٍ، أو قنْطَرَةٍ، أو رِباطٍ، ونحو ذلك، فالنَّظَرُ للحاكِمِ، وَجْهًا واحدًا. وللشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للواقِفِ. وبه قال هِلَالُ الرَّأْي (¬1)، مِنَ الحَنَفِيَّةِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأقْوَى. فعليه، له نَصْب ناظِرٍ مِن جِهَتِه، ويكونُ نائِبًا عنه، يَمْلِكُ عزْلَه متى شاءَ؛ لأَصالةِ ولايَتِه، فكان مَنْصوبُه نائِبًا عنه, كما في المِلْكِ المُطْلَقِ. وله الوَصِيَّةُ بالنَّظرَ؛ لأَصالةِ الولايَةِ، إذا قيل بنَظَرِه له أنْ ينْصِبَ ويعْزِلَ أيضًا كذلك. انتهى. والوَجْهُ الثَّانِي، ليس له عزْلُه. وهو الاحْتِمالُ الذي في «الرِّعايَةِ». وللنَّاظِرِ بالأَصالةِ أنْ ينْصِبَ ويَعْزِلَ أيضًا بشَرْطِه. والمُرادُ بالنَّاظِرِ بالأَصالةِ المَوْقوفُ عليه، أو الحاكِمُ. قاله القاضي مُحِبُّ الدِّين بنُ نَصْرِ اللهِ. وأمَّا النَّاظِرُ المَشْروطُ، فليس له نَصْبُ ناظِرٍ؛ لأنَّ نظَرَه مُسْتَفادٌ بالشَّرْطِ، ولم يُشْرَطِ النَّصْبُ له. وإنْ قيل برِوايَةِ توْكيلِ الوَكيلِ، كان له بالأَوْلَى؛ لتأَكُّدِ ولايَتِه مِن جِهَةِ انْتِفاءِ عزْلِه بالعَزْلِ، وليس له الوَصِيَّةُ بالنَّظرِ أيضًا. نصَّ عليه في رِوايَةِ الأَثْرَمِ؛ لأنَّه إنَّما ينْظُرُ بالشَّرْطِ، ولم يُشْرَطِ الإِيصاءُ له، خِلافًا للحَنَفِيَّةِ. ومَن شُرِطَ لغيرِه النَّظرُ إنْ ماتَ، فعزَلَ نفْسَه أو فَسَقَ، فهو كمَوْتِه؛ لأنَّ تخْصِيصَه للغالِبِ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قالن في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، لا. وقال: ولو قال: النَّظرُ بعدَه له. فهل هو كذلك، أو المُرادُ بعدَ نظَرِه؟ يتَوَجَّهُ وَجْهان. انتهى. وللنَّاظِرِ التّقْريرُ في الوَظائفِ. قال في «الفُروعِ»: قاله الأصحابُ في ناظرِ المَسْجِدِ. قال الحارِثِيُّ: المَشْروطُ له نظَرُ المَسْجِدِ، له نَصْبُ مَن يقُومُ بوَظائِفِه؛ مِن إمامٍ، ومُؤَذِّنٍ، وقَيِّمٍ، وغيرِهم، كما أنَّ لناظرِ المَوْقُوفِ عليه نَصْبَ مَن يقومُ بمَصْلَحَتِه؛ مِن جابٍ ونحوه. وإن لم يُشْرَطْ ناظِرٌ، لم يكُنْ للواقِفِ ولايةُ النَّصْبِ. نصَّ عليه في رِوايَةٍ حَرْبٍ، وابنِ بَخْتانَ. قال الحارِثِيُّ: ويَحْتَمِلُ خِلافَه على ما تقدَّم. فعلى الأوَّل، للإِمامِ ولإيَةُ ¬

(¬1) هو هلال بن يحيى بن مسلم البصري، لقب بالرأي لسعة علمه وكثرة فقهه. له «مصنف في الشروط»، و «أحكام الوقف». توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. الجواهر المضية 3/ 572, 573.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّصْبِ؛ لأنَّه مِنَ المَصالحِ العامَّةِ. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: إنْ كان المَسْجِدُ كبيرًا؛ كالجَوامِعِ، وما عَظُمَ وكثُرَ أهْلُه، فلا يَؤُمُّ فيها إلَّا مَن ندَبَه السُّلْطانُ، وإنْ كان مِنَ المَساجِدِ التي يَبْنِيها أهْلُ الشَّوارِعِ والقَبائلِ، فلا اعْتِراضَ عليهم، والإِمامَةُ فيها لمَنِ اتَّفَقُوا عليه، وليس لهم بعدَ الرِّضا به عزْلُه عن إمامَتِه، إلَّا أنْ يتَغَيَّرَ. قال الحارِثِيُّ: والأصحُّ أنَّ للإِمامِ النَّصْبَ أيضًا، لكِنْ لا يَنْصِبُ مَن لا يرْضاه الجِيرانُ، وكذلك النَّاظِرُ الخاصُّ لا يَنْصِبُ مَنْ لا يرْضَونه. وقال الحارِثِيُّ أيضًا: وهل لأهْلِ المَسْجِدِ نَصْبُ ناظرٍ في مصَالحِه ووَقْفِه؟ ظاهِرُ المذهبِ، ليس لهم ذلك، كما في نصْبِ الإِمامِ والمُؤذِّنِ. هذا إذا وُجدَ نائبٌ مِن جِهَةِ الإِمامِ. فأمَّا إذا لم يُوجَدْ؛ كما في القُرَى الصِّغارِ أو الأماكنِ النَّائيةِ، أو وُجدَ، وكان غيرَ مأْمونٍ، أو يَغْلِبُ عليه نصْبُ مَن ليس مأْمونًا، فلا إشْكال في أنَّ لهم النَّصْبَ؟ تَحْصِيلًا للغرَضِ، ودَفْعًا للمَفْسَدَةِ. وكذا ما عدَاه مِنَ الأوْقافِ، لأهْلِ ذلك الوَقْفِ، أو الجِهَةَ نَصْبُ ناظِرٍ فيه كذلك. وإنْ تعَذَّرَ النَّصْبُ مِن جِهَةِ هؤلاءِ، فلرَئيسِ القَرْيَةِ أو المكانِ، النَّظَرُ والتَّصَرُّفُ؛ لأنَّه محَلُّ حاجَةٍ. ونصَّ أحمدُ على مِثْلِه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وذكَر في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» أنَّ الإِمامَ يُقَرِّرُ في الجَوامِعِ الكِبارِ، كما تقدَّم، ولا يتوَقَّفُ الاسْتِحْقاقُ على نصْبِه إلَّا بَشْرطٍ، ولا نظَرَ لغيرِ النَّاظرِ معه. قال في «الفُروعِ»: أطْلَقه الأصحابُ، وقاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ويتَوَجَّهُ مع حُضورِه، فيُقَرِّرُ حاكِمٌ في وَظِيفَةٍ خلَتْ في غَيبَتِه، لِمَا فيه مِنَ القِيامِ بَلفْظِ الواقِفِ في المُباشَرَةِ ودَوامِ نَفْعِه، فالظَّاهِرُ أنَّه يُريدُه. ولا حُجَّةَ في توْلِيَةِ الأئمَّةِ مع البُعْدِ؛ لمَنْعِهم غيرَهم التَّوْلِيَةَ. فنَظِيرُه منْعُ الواقِفِ التَّوْلِيَةَ لغَيبَةِ النَّاظِرِ، ولو سبَق توْلِيَةُ ناظرٍ غائبٍ، قُدِّمَتْ. وللحاكِمِ النَّظَرُ العامُّ، فيَعْتَرِضُ عليه، إنْ فعَل ما لا يَسُوغُ، وله ضمُّ أمينٍ مع تفْريطِه أو تُهْمَتِه، يحصُلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به المَقْصُودُ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه. وقال أيضًا: ومَن ثبَت فِسْقُه، أو أصَرَّ مُتَصَرِّفًا بخِلافِ الشَّرْطِ الصَّحيحِ، عالِمًا بتَحْريمِه، قُدِحَ فيه؛ فإمَّا أنْ ينْعزِلَ، أو يُعْزَلَ، أو يُضَمَّ إليه أمِينٌ، على الخِلافِ المَشْهورِ، ثم إنْ صارَ هو أو الوَصِيُّ أهْلًا، عادَ, كما لو صرَّح به، وكالمَوْصُوفِ. وقال أيضًا: متى فَرَّط، سقَط ممَّا له بقَدْرِ ما فوَّتَه مِنَ الواجِبِ. انتهى. وقال في «التَّلْخيصِ»: لو عُزِلَ عن وَظِيفَتِه للفِسْقِ، مثَلًا، ثم تابَ، وأظْهَرَ العَدالةَ، يتَوَجهُ أنْ يُقال فيها ما قيلَ في مَسْأَلَةِ الشَّهادَةِ، أو أوْلَى؛ لأنَّ تُهْمَةَ الإِنْسانِ في حقِّ نفْسِه ومَصْلَحَتِه أبْلَغُ منها في حقِّ الغيرِ. والظَّاهِرُ أنَّ مُرادَه بالخِلافِ المَشْهورِ، ما ذكَرَه الأصحاب في المُوصَى إليه، إذا فَسَقَ، هل ينْعَزِلُ أو يُضَمُّ إليه أمِينٌ؟ على ما يأْتِي. [ويأْتِي بَيانُ ذلك أيضًا قريبًا, في الفائدَةِ السَّابِعَةِ] (¬1). وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يسْتَحِقُّ ماله، إنْ كان معْلومًا، فإنْ قصَّر، فتَرَك بعضَ العمَلِ، لم يسْتَحِقَّ ما قابلَه، وإنْ كان بجِنايَةٍ منه، اسْتَحَقَّه، ولا يسْتَحِقُّ الزِّيادَةَ. وإنْ كان مَجْهولًا، فأُجْرَةُ مِثْلِه، فإنْ كان مُقَدَّرًا في الدِّيوانِ، وعمِلَ به جماعَةٌ، فهو أجْرُ المِثْلِ. وإنْ لم يُسَمِّ له شيئًا، فقال في «الفُروعِ»: قِياسُ المذهبِ، إنْ كان مَشْهورًا بأَخذِ الجارِي على عمَلِه، فلهْ جارِي مِثْلِه، وإلَّا فلا شيءَ له، وله الأجْرُ مِن وَقتِ نَظَرِه فيه. قاله الأصحابُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن أطْلَقَ النَّظَرَ لحاكِمٍ، شَمِلَ أيَّ حاكِمٍ كان؛ سواءٌ كان مذهبُه مذهبَ حاكمِ البَلَدِ زمنَ الوَقْف، أوْ لا، وإلَّا لم يكُنْ له نظَرٌ، إذا انْفَردَ، وهو باطِلٌ اتِّفاقًا. وقد أفْتَى الشَّيخُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصْرُ اللهِ الحَنْبَلِيُّ، والشَّيخُ بُرْهانُ الدِّينِ (¬1) وَلَدُ صاحِبِ «الفُروعِ»، في وَقْفٍ شرَط واقِفُه أنَّ النَّظَرَ فيه لحاكمِ المُسْلِمين؛ كائنًا مَن كان، بأنَّ الحُكَّامَ إذا تعَدَّدُوا، يكونُ النَّظَرُ فيه للسُّلْطانِ، يُوَلِّيه مَن شاءَ مِنَ المُتَأهِّلِين لذلك. وواهق على ذلك القاضي سِراجُ الدِّينِ بنُ البُلْقِينيِّ (¬2)، وشِهابُ الدِّينِ البَاعُونِيُّ (¬3)، وابنُ الهائمِ (¬4)، والتَّفِهْنِيُّ الحَنَفِيُّ (¬5)، والبِسَاطِيُّ المْالِكِيُّ (¬6). وقال القاضي نَجْمُ الدِّينِ بنُ حِجِّيِّ (¬7)، نقْلًا ومُوافَقَةً للمُتَأَخِّرِين: إنْ كان صادِرًا مِنَ الواقِفِ قبلَ ¬

(¬1) هو إبراهيم بن محمد بن مفلح تقي الدين، ويقال: برهان الدين، يعرف كأبيه بابن مفلح، أخذ عن أبيه، وولي قضاء الحنابلة بدمشق، وكان إماما فاضلا بارعا، فقيها، عالما بمذهبه. توفي سنة ثلاثين وثمانمائة. السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة، لابن حميد الحنبلي ق 8. (¬2) عمر بن رسلان بن نصير، البلقيني، سراج الدين، أبو حفص. إمام محدث حافظ فقيه مفسر، تولى قضاء دمشق، صنف حواشي على المهمات على «الروضة» في فروع الفقه الشافعي وغيره. توفي سنة خمس وثمانمائة. الضوء اللامع 6/ 85 - 90. (¬3) إبراهيم بن أحمد بن ناصر الدمشقي الباعوني، برهان الدين، شيخ الأدب في البلاد الشامية، عرض عليه القضاء بدمشق بإلحاح فأبى، وكان ينعت بقاضي القضاة، له مصنفات منها «مختصر الصحاح» للجوهرى. توفي سنة سبعين وثمانمائة. الأعلام 1/ 23. (¬4) محمد بن أحمد بن محمد بن عماد المقدسي، محب الدين، أبو الفتح بن الهائم. مصري الأصل اشتغل بالفقه والحديث، وخرج لنفسه ولغيره، صنف «الغرر المضية في شرح نظم الدرر السنية» وهو شرح لألفية العراقي في نظم السيرة النبوية. توفي سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. شذرات الذهب 6/ 355. (¬5) عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي التفهني الحنفي، زين الدين، قاضي القضاة، مهر في الفقه والعربية والمعاني، وناب في الحكم، وولي التدريس، ثم قضاء الحنفية، فباشره مباشرة حسنة. توفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة. بغية الوعاة 2/ 84. (¬6) هو محمد بن أحمد بن عثمان الطائي البساطي، شمس الدين، أبو عبد الله. فقيه مالكي، تولى القضاء بالديار المصرية، صنف «المغني» في الفقه، و «شفاء الغليل في مختصر خليل». توفى منة اثنتين وأربعين وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 245. (¬7) أحمد بن حجي بن موسى بن أحمد السعدي الدمشقي، شهاب الدين. حافظ مؤرخ، يلقب بمؤرخ الإسلام، انتهت إليه مشيخة الشيوخ في البلاد الشامية، وصنف كتبا جليلة. توفي سنة ثمانمائة وستة عشر. الأعلام 1/ 105.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُدوثِ القُضاةِ الثَّلاثَةِ، فالمُرادُ الشَّافِعِيُّ، وإلَّا فهو الشَّافِعِيُّ أيضًا على الرَّاجِحِ. ولو فَوَّضَه حاكِمٌ، لم يَجُزْ لآخَرَ نقْضُه. ولو وَلَّى كلُّ واحِدٌ منهما شخْصًا، قَدَّم وَلِيُّ الأمْرِ أحقَّهما. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا يجوزُ لواقِفٍ شَرْطُ النَّظَرِ لذِي مذهبٍ مُعَيَّنٍ دائمًا. وقال أيضًا: ومَن وقَف على مُدَرِّسٍ وفُقَهاءَ، فللنَّاظِرِ ثم الحاكِمِ تقْديرُ أُعْطِيَتِهم، فلو زادَ النَّماءُ، فهو لهم. والحُكْمُ بتَقْديمِ مُدَرِّسٍ أو بربرِه باطِلٌ، لم نعلمْ أحدًا يُعْتَدُّ به قال به، ولا بما يُشْبِهُه، ولو نفَّذَه حُكَّامٌ، وبُطْلانُه لمُخالفَتِه مُقْتَضَى الشَّرْطِ والعُرْفِ أيضًا، وليس تقْديرُ النَّاظرِ أمْرًا حَتْمًا كتَقديرِ الحاكمِ، بحيثُ لا يجوزُ له ولا لغيرِه زِيادَتُه ونَقْصُه للمَصْلَحَةِ. وإنْ قيلَ: إنَّ المُدَرِّسَ لا يزادُ ولا يُنْقَصُ بزِيادَةِ النَّماءِ ونَقْصِه. كان باطِلًا؛ لأنَّه لهم. والقِياسُ أنَّه يُسَوَّى دينَهم، ولو تَفاوَتُوا في المَنْفَعَةِ، كالإِمامِ والجَيشِ في المَغْنَمٍ، لكِنْ دلَّ العُرْفُ على التَّفْضيلِ، وإنَّما قُدِّمَ القَيِّمُ ونحوُه، لأنَّ ما يأْخُذُه أُجْرَةً، ولهذا يحْرُمُ أخْذُه فوقَ أُجْرَةِ مِثْلِه بلا شَرْطٍ. انتهى كلامُه مُلَخصًا. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ: إذا وقَف على مَن يُمْكِنُ حَصْرُه. قال في «الفُروعِ»: وجُعِلَ الإِمامُ والمُؤذِّنُ كالقَيِّمِ، بخِلافِ المُدَرِّسِ، والمُعيدِ، والفُقَهاءِ؛ فإنَّهم مِن جِنْسٍ واحدٍ. وذكَر بعضُهم في مُدرِّسٍ، وفُقهاءَ ومُتَفَقِّهَةٍ، وإمامٍ، وقَيِّمٍ، ونحو ذلك، يُقْسَمُ بينَهم بالسَّويةِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ رِوايَتا عامِلِ زكاةٍ، الثَّمَنُ، أو الأُجْرَةُ. انتهى. قال في «الفائقِ»: ولو شرَط على مُدَرِّسٍ وفُقَهاءَ وإمامٍ، فلكُلِّ جِهَةٍ الثُّلُثُ. ذكَرَه ابنُ الصَّيرَفِيِّ في لَفْظِ المَنافِعِ. قلت: يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أخْذًا مِن رِوايَتَي مَدْفوعِ العامِلِ، هل هو الثَّمَنُ؛ اعْتِبارًا بالقِسْمَةِ، أو أُجْرَةُ مِثْلِه بالنِّسْبَةِ؟ انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولو عطَّلَ مُغِلٌّ وَقْفَ مَسْجدٍ سنَةً، تقَسَّطَتِ الأُجْرَةُ المسْتَقْبَلَةُ عليها، وعلى السَّنَةِ الأُخْرَى، لتَقَوُّمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوظيفةِ فيهما؛ لأنَّه خيرٌ مِنَ التَّعْطلِ، ولا ينْقصُ الإِمامُ بسَبَبِ تعَطُّلِ الزَّرْعِ بعضَ العامِ. قال في «الفُروعِ»: فقد أدْخَلَ مُغِلٌّ سنَةً في سنَةٍ. وقد أفْتَى غيرُ واحدٍ منَّا في زمَنِنا فيما نقَص عمَّا قدَّرَه الواقِفُ كلَّ شَهْرٍ، أنَّه يُتَمَّمُ ممَّا بعدَه، وحكَم به بعضُهم بعدَ سِنِين، قال: ورَأيتُ غيرَ واحدٍ لا يرَاه. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن لم يَقُمْ بوَظِيفَتِه، عزَلَه مَنْ له الولايةُ لمَن يقومُ بها، إذا لم يَتُبِ الأوَّلُ ويَلْتَزمُ بالواجِبِ. ويجِبُ أنْ يُوَلَّى في الوَظائفِ وإمامَةِ المَساجدِ الأحَقُّ شَرْعًا، وأنْ يعْمَلَ بما يقْدِرُ عليه مِن عمَل واجِبٍ. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: ولايَةُ الإِمامَةِ بالنَّاسِ طَرِيقُها الأَوْلَى، لا الوُجوبُ، بخِلافِ ولايَةِ القَضاءِ والنِّقابَةِ؛ لأنَّه لو تَراضَى النَّاسُ بإمام يُصَلِّي لهم، صحَّ، ولا يجوزُ أنْ يؤُمَّ في المَساجدِ السُّلْطانِيَّةِ، وهي الجوامِعُ، إلَّا مَن وَلَّاه السُّلْطانُ؛ لِئَلَّا يُفْتَاتَ عليه فيما وُكِّلَ إليه. وقال في «الرِّعايَةِ»: إنْ رَضُوْا بغيرِه بلا عُذْرٍ، كُرِهَ، وصحَّ في المذهب. ذكَرَهُ في آخِرِ الأذانِ. السَّادسةُ، لو شرَط الواقِفُ ناظِرًا، ومُدَرِّسًا، ومُعيدًا، وإمامًا، فهل يجوزُ لشَخْصٍ أنْ يقومَ بالوَظائفِ كلِّها، وتَنْحَصِرَ فيه؟ صرَّح القاضي في «خِلافِه الكَبِيرِ» بعَدَمِ الجوازِ في الفَيْء، بعدَ قوْلِ الإِمامِ أحمدَ: لا يتموَّلُ الرَّجُلُ مِنَ السَّوادِ. وأطال في في لك. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «الفَتاوَى المِصْرِيَّةِ»: وإنْ أمْكَنَ أنْ يجْمَعَ بينَ الوَظائفِ لواحِدٍ، فعَل. انتهى. [وتقدَّم لابنِ رَجَبٍ قريبٌ مِن ذلك في الفائِدَةِ السَّابعَةِ (¬1) قريبًا] (¬2). السَّابعَةُ، يُشْترَطُ في النَّاظِرِ الإِسْلامُ، والتَّكْليفُ، والكِفايَةُ في التَّصَرُّفِ، والخِبْرَةُ به، والقُوَّةُ عليه. ويُضَمُّ ¬

(¬1) في ط: «السابقة» وانظر صفحة 438. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الضَّعيفِ قَويٌّ أمِينٌ. ثم إنْ كان النَّظَرُ لغيرِ المَوْقُوفِ عليه، وكانتْ تَوْلِيَتُه مِنَ الحاكمِ، أو النَّاظِرِ، فلابُدَّ مِن شَرْطِ العَدالةِ فيه. قال الحارِثِيُّ: بغيرِ خِلافٍ عَلِمْتُه. وإن كانتْ توْلِيَتُه مِنَ الواقِفِ، وهو فاسِقٌ، أو كان عَدْلًا ففَسَق، فقال المُصَنِّفُ وجماعةٌ: يصِحُّ، ويُضَمُّ إليه أمِينٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَصِحَّ تَوْلِيَةُ الفاسِقِ، وينْعَزِلُ إذا فسَق. وقال الحارِثِيُّ: ومِن مُتَأَخِّرِي الأصحابِ مَن قال بما ذكَرْنا في الفِسْقِ الطارِيء، دُونَ المُقارِنِ للولايةِ، والعكْسُ أنْسَبُ؛ فإنَّ في حالِ المُقارَنَةِ مُسامَحَةً لما يُتَوَقَّعُ منه، بخِلافِ حالةِ الطَّرَيانِ. انتهى. وإنْ كان النَّظَرُ للمَوْقوفِ عليه؛ إمَّا بجَعْلِ الواقِفِ النَّظَرَ له، أو لكَوْنِه أحَقَّ بذلك عندَ عدَمِ ناظرٍ، فهو أحقُّ بذلك؛ رجُلًا كان أو امْرأةً؛ عدْلًا كان أو فاسِقًا؛ لأنَّه ينْظُرُ لنَفْسِه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيلَ: يُضَمُّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ. قال الحارِثِيُّ: أمَّا العَدالةُ، فلا تُشْترَطُ، ولكِنْ يُضَمُّ إلى الفاسِقِ عَدْلٌ. ذكَرَه ابنُ أبِي مُوسى، والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهما؛ لما فيه مِنَ العمَلِ بالشَّرْطِ، وحِفْظِ الوَقْفِ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم إذا كان النَّظَرُ للمَوْقوفِ عليه، وكان غيرَ أهْلٍ؛ لصِغَرٍ، أو سَفَهٍ، أو جُنونٍ، فإنَّ وَلِيَّه يقومُ مَقامَه في النَّظَرِ، إنْ قُلْنا: الوَقْفُ يَمْلِكه المَوْقوفُ عليه. وإلَّا الحاكِمُ. الثَّامنةُ، وَظِيفَةُ النَّاظِرِ؛ حِفْظُ الوَقْفِ، والعِمارَةُ، والإِيجارُ، والزِّراعَةُ، والمُخاصَمَةُ فيه، وتحْصِيلُ رَيعِه؛ مِن أجْرِه، أو زَرْعِه، أو ثَمَرِه، والاجْتِهادُ في تَنْمِيَتِه، وصَرْفُه في جِهاتِه؛ مِن عِمارَةٍ وإصْلاحٍ، وإعْطاءِ مُسْتَحِقٍّ، ونحو ذلك، وله وَضْعُ يَدِه عليه، وعلى الأصْلِ. ولكِنْ إذا شرَط التَّصَرُّفَ له، واليَدَ لغيرِه، أو عِمارَتَه إلى واحدٍ، وتَحْصِيلَ رَيعِه إلى آخَرَ، فعلى ما شرَطَ. قاله الحارِثِيُّ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ونَصْبُ المُسْتَوْفِي الجامِعَ للعُمَّالِ المُتَفَرِّقِين، وهو بحسَبِ الحاجَةِ، والمَصْلَحَةِ، فإنْ لم تَتِمَّ مَصْلَحَةُ قَبْضِ المالِ وصَرْفِه إلَّا به،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَب، وقد يُسْتَغْنَى عنه لقِلَّةِ العُمَّالِ. قال: ومُباشَرَةُ الإِمامِ المُحاسَبَةَ بنَفْسِه، كنَصْبِ الإِمامِ الحاكِمَ، ولهذا كان، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، يُباشِرُ الحُكْمَ في المَدِينَةِ بنَفْسِه، ويُوَلِّي مع البُعْدِ. انتهى. التَّاسعَةُ، قال الأصحابُ: لا اعْتِراضَ لأهْلِ الوَقْفِ على مَن وَلَّاه الواقِفُ، إذا كان أمينًا، ولهم مَسْأَلَتُه عمَّا يحْتاجُون إلى عمَلِه مِن أمْرِ وَقْفِهم، حتى يَسْتَويَ عِلْمُهم وعِلْمُه فيه. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه، إذا كان مُتَّهَمًا. انتهى. ولهم مُطَالبَتُه بانْتِساخِ كتابِ الوَقْفِ؛ ليكونَ في أيدِيهم وَثِيقَةً لهم. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتَسْجيلُ كتابِ الوَقْفِ مِنَ الوَقْفِ كالعادَةِ. العاشرةُ، ما يأْخُذُه الفَقَهاءُ مِنَ الوَقْفِ؛ هل هو كإِجارَةٍ أو جَعَالةٍ، واسْتُحِقَّ ببعضِ العمَلِ؛ لأنَّه يُوجِبُ العَقْدَ عُرْفًا، وهو كالرِّزْقِ مِن بَيتِ المالِ؟ فيه ثلاثةُ أقْوالٍ. ذكَرَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واخْتارَ الأخِيرَ، فقال: وما يُؤْخَذُ مِن بَيتِ المالِ، فليس عِوَضًا وأُجْرَةً، بل رِزْقٌ للإِعانَةِ [على الطَّاعَةِ] (¬1)، وكذلك المالُ المَوْقوفُ على أعْمالِ البِرِّ، والمُوصَى به، أو المَنْذُورُ له، ليس كالأُجْرَةِ والجُعْلِ. انتهى. قال القاضي في «خِلافِه»: ولا يُقالُ: إنَّ منه ما يُؤْخَذُ أجْرَةً عن عمَلٍ، كالتَّدْريسِ ونحوه؛ لأنَّا نقولُ أوَّلًا: لا نُسَلِّمُ أنَّ ذلك أُجْرَةٌ محْضَةٌ، بل هو رِزْقٌ وإعانَةٌ على طَلَبِ (¬2) العِلْمِ بهذه الأمْوالِ. انتهى. وهذا مُوافِقٌ لما قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا: ممَّن أكَل المال بالباطِلِ قَوْمٌ لهم رَواتِبُ أضْعافُ حاجَتِهم، وقَوْمٌ لهم جِهاتٌ معْلُومُها كثيرٌ يأْخُذونه ويَسْتَنِيبُونْ بيَسِيرٍ. وقال أيضًا: النِّيابَةُ في مِثْلِ هذه الأعْمالِ المَشْرُوطَةِ جائزَةٌ، ولو عيَّنَه الواقِفُ، إذا كان النَّائبُ مِثْلَ مُسْتَنِيبِه، وقد يكونُ في ذلك مَفْسَدَةٌ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: ا.

فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَاظِرًا، فَالنَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ. وَقِيلَ: لِلْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ عَلَيهِ مِنْ غَلَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ راجِحَةٌ، كالأعْمالِ المَشْروطَةِ في الإجارةِ على عَملٍ في الذِّمَّةِ. انتهى. قوله: فإنْ لم يَشْتَرِطْ ناظِرًّا، فالنَّظَرُ للمَوْقوفِ عليه -هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، بشَرْطِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم- وقيل: للحاكِمِ. قطَع به ابنُ أبِي مُوسى، واخْتارَه الحارِثِيُّ، وقال: فمِنَ الأصحابِ مَن بنَى هذا الوَجْهَ على القَوْلِ بانْفِكاكِ المَوْقوفِ عن مِلْكِ الآدَمِيِّ، وليس هو عندِي كذلك ولا بُدَّ؛ إذْ يجوزُ أنْ يكونَ لحَقِّ من يأْتِي بعدُ. انتهى. وأطْلَقَهما في «الكافِي». وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، ومَن تَبِعَه: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ ذلك مَبْنِيًّا على أنَّ المِلْكَ فيه؛ هل ينْتَقِلُ إلى المَوْقوفِ. عليه، أو إلى اللهِ؟ فإنْ قُلْنا: هو للمَوْقوفِ عليه. فالنَّظرُ فيه له، وإنْ قُلْنا: هو للهِ تعالى. فالنَّظَرُ للحاكمِ. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم أنَّ الخِلافَ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ هناك، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ هنا: إذا قُلْنا: النَّظَرُ للمَوْقوفِ عليه. فيكونُ بِناءً على القَوْلِ بمِلْكِه, كما هو المَشْهورُ عندَهم. انتهى. فلعَلَّ المُصَنِّفَ ما اطَّلَعَ على ذلك، فوافَقَ احْتِمالُه ما قالُوه، أو تكونُ طريقَةٌ أُخْرَى في المُسْلَمَ، وهو أقْرَبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كان المَوْقوفُ عليه مُعَيَّنًا، أو جَمْعًا محْصُورًا؛ فأمَّا إنْ كان المَوْقوفُ عليهم غيرَ مَحْصُورِين؛ كالفُقَراءِ، والمَساكِينِ، أو على مَسْجِدٍ، أو على مدْرَسَةٍ، أو قَنْطَرَةٍ، أو رِباطٍ، ونحو ذلك، فالنَّظَرُ فيه للحاكِمِ، قوْلًا واحدًا. وسأَلَه المَرُّوذِيُّ عن دارٍ مَوْقوفَةٍ على المُسْلِمِين؛ إنْ تبَرَّعَ رجُلٌ فقامَ بأمْرِها، وتصَدَّقَ بغَلَّتِها على الفُقَراءِ؟ فقال: ما أحْسَنَ هذا. قال الحارِثِيُّ: وفيه وَجْهٌ للشَّافِعِيَّةِ، أنَّ النَّظَرَ يكونُ للواقِفِ. قال: وهو الأَقْوَى. قال: وعلى هذا له نَصِيبُ ناظِرٍ مِن جِهَتِه، ويكونُ نائبًا عنه، يَمْلِكُ عَزْلَه متى شاءَ. وله أيضًا الوَصِيَّة بالنَّظَرِ، لأَصالةِ الولايةِ. وتقدَّم ذلك وغيرُه بأتَمَّ مِن هذا قريبًا. قوله: وينفِقُ عليه مِن غَلَّتِه. مُرادُه، إذا لم يُعَيِّنِ الواقِفُ النَّفَقَةَ مِن غيرِه. وهو واضِحٌ؛ فإنْ لم يُعَيِّنْه مِن غيرِه، فهو مِن غَلَّتِه، وإنْ عينَّهَ مِن غيرِه، فهو منه، بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ. وقال الحارِثِيُّ: وخالفَ المالِكيَّةُ في شيءٍ منه، فقالوا: لو شرَط المَرَمَّةَ على المَوْقُوفِ، لم يَجُزْ، ووَجَبَتْ في الغلَّةِ. وعن بعضِهم، يُرَدُّ للوَقْفِ ما لم يُقْبَضْ؛ لأنَّ ذلك بمَثابَةِ العِوَضِ، فنافَى مَوْضوعَ الصَّدَقَةِ. قال الحارِثِيُّ: وهذا أَقْوَى. انتهى. وإذا قُلْنا: هو مِن غَلَّتِه. فلم تكُنْ له غَلَّةٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ فيه رُوحٌ أوْ لا، فإنْ كان فيه رُوحٌ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ الوَقْفُ على مُعَيَّنٍ أو مُعَيَّنِين، أو غيرِهم، فإنْ كان على مُعَيَّنِين، فالصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وُجوبُ نفَقَتِه على المَوْقُوفِ عليهم. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، والحارِثِيُّ، وغيرُهم. قال الحارِثِيُّ: بِناءً على أنَّه مِلْكُهم. وذكَر المُصَنِّفُ وَجْهًا بوُجوبِها في بَيتِ المالِ. قال الحارِثِيُّ: ويحْسُنُ بِناؤه على انْتِفاءِ مِلْكِ الآدَمِيِّ للمَوْقوفِ. قال: وبه أقولُ. ثم إنْ تعَذرَ الإِنْفاقُ مِن بَيتِ المال، أو مِنَ المَوْقوفِ عليه، على القوْلِ بوُجوبِها عليه، بِيعَ وصُرِفَ الثَّمَنُ في عَينٍ أُخْرَى تكونُ وَقْفًا لمَحِلِّ الضَّرورَةِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: فيُعايَى بها. وإنْ كان عدَمُ الغَلَّةِ لأجْلِ أنَّه ليس مِن شأْنِه أنْ يُسْتَغَلَّ؛ كالعَبْدِ يخْدِمُه، والفرَسِ يغْزُو عليه، أو يرْكَبُه، أُجِرَ بقَدْرِ نفَقَتِه. قاله الحارِثِيُّ وغيرُه. وهو داخِلٌ في عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ. وإنْ كان الوَقْفُ الذي له رُوحٌ على غيرِ مُعَيَّنٍ؛ كالمَساكِينِ، والغُزاةِ، ونحوهم، فنفَقَتُه في بيتِ المالِ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. قاله الحارِثِيُّ. ويتَّجِهُ إيجارُه بقَدْرِ النَّفقَةِ حيثُ أمْكَنَ، ما لم يتَعَطَّلِ النَّفْعُ المَوْقوفُ لأَجْلِه، ثم إنْ تعَذَّرَ، ففي بَيتِ المالِ، وإنْ تعَذَّرَ الإِنْفاقُ مِن بيتِ المالِ، بِيعَ، ولابُدَّ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: فيُعايَى بها أيضًا. وإنْ ماتَ العَبْدُ، فمُؤْنَةُ تجْهيزِه، على ما قُلْنا في نفَقَتِه، على ما تقدَّم. وإنْ كان الوَقْفُ لا رُوحَ فيه؛ كالعَقارِ ونحوه، لم تجِبْ عِمارَتُه على أحَدٍ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به الحارِثِيُّ وغيرُه. قال في «التَّلْخيصِ»: إلَّا مَن يُريدُ الانْتِفاعَ به، فيَعْمُرُه باخْتِيارِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: تَجِبُ عِمارَةُ الوَقْفِ بحسَبِ البُطونِ. فوائد؛ الأُولَى، لو احْتاجَ الخانُ المُسَبَّلُ، أو الدَّارُ المَوْقُوفَةُ لسُكْنَى الحاجِّ أو الغُزاة إلى مَرَمَّةٍ، أُوجِرَ جُزْءٌ منه بقَدْرِ ذلك. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: وتقدَّمُ عِمارَةُ الوَقْفِ على أرْبابِ الوَظائفِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الجَمْعُ بينَهما حسَبَ الإِمْكانِ أوْلَى، بل قد يجبُ. انتهى. وقال الحارِثِيُّ: عِمارَتُه لا تخْلُو مِن أحْوالٍ؛ أحدُها، أنْ يشْرُطَ البَداءَةَ بها, كما هو المُعْتادُ، فلا إشْكال في تقْديمِها. الثَّاني، اشْتِراطُ تقديمِ الجِهَةِ عليها، فيَجِبُ العمَلُ بمُوجِبِه، ما لم يُؤَدِّ إلى التَّعْطيلِ، فإنْ أدَّى إليه، قُدِّمَتِ العِمارَةُ، فيكونُ عَقْدُ الوَقْفِ مُخَصَّصًا للشَّرْطِ. وهذا على القَوْلِ ببُطْلانِ تأْقِيتِ الوَقْفِ، أمَّا على صِحَّتِه، فتُقَدَّمُ الجِهَةُ كيف كانَ. الثَّالثُ، شَرْطُ الصَّرْفِ إلى الجِهَةِ في كلِّ شَهْر كذا، فهو في مَعْنَى اشْتِراطِ تقْدِيمِه على العِمارَةِ، فيتَرتَّبُ ما قُلْنا في الثَّانِي. الرَّابعُ، إيقاعُ الوَقْفِ على فُلانٍ، أو جِهَةِ كذا، وبَيَّضَ له. انتهى. الثَّالثةُ، يجوزُ للنَّاظِرِ الاسْتِدْانةُ على الوَقْفِ بدُونِ إذْنِ الحاكمِ لمَصْلَحَةٍ؛ كشِرائِه للوَقْفِ نَسِيئةً، أو بنَقْدٍ لم يُعَيِّنْه. قطَع به الحارِثِيُّ وغيرُه. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، وقال: ويتوَجَّهُ في قرْضِه مالًا، كوَلِيٍّ. الرَّابعةُ، لو أجَرَ الموْقوفُ عليه الوَقف، ثم طلَب بزيادةٍ، فلا فسْخَ، بلا نِزاعٍ. ولو أجَر المُتَوَلِّي ما هو على سَبيلِ الخيراتِ، ثم طلَب بزيادَةٍ أيضًا، فلا فسْخَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُفْسَخَ. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ». الخامسةُ، إذا أجَرَه بدُونِ أُجْرَةِ المِثْلِ، صحَّ، وضَمِنَ النَّقْصَ؛ [كبَيعِ الوَكيلِ بأَنْقَصَ مِن ثمَن المِثْلِ] (¬1)، قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين». وقال في «الفائقِ»: وهل للمَوْقُوفِ عليه إجارَةُ المَوْقُوفِ بدُونِ أُجْرَةِ المِثْلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. السَّادسةُ، يجوزُ صَرْفُ المَوْقوفِ على عِمارَةِ المَسْجِدِ؛ كبِناءِ مَنارَتِه وإصْلاحِها، وكذا بِناءُ مِنْبَرِه، وأنْ يشْتَرِيَ منه سُلَّمًا للسَّطْحِ، وأنْ يَبْنِيَ منه ظُلَّتَه. ولا يجوزُ في بِناءِ مِرْحاضٍ، ولا في زَخْرَفَةِ المَسْجِدِ، ولا في شِراءِ مَكانِسَ ومجَارِفَ. قاله الحارِثِيُّ. وأمَّا إذِا وقَف على مَصالحِ المَسْجِدِ، أو على المَسْجِدِ، بهذه الصِّيغةِ، فجائزٌ صَرْفُه في نوْعِ العِمارَةِ، وفي مَكانِسَ، ومجَارِفَ، ومَساحِىَ، وقَنادِيلَ، وفُرُشٍ، ووَقودٍ، ورِزْقِ إمامٍ، ومُؤَذِّنٍ، وقَيِّم. وفي «نَوادِرِ المَذْهَبِ» لابنِ الصَّيرَفِيِّ، منْعُ الصَّرْفِ منه في إمامٍ، أو بَوارِيَ، قال: لأنَّ ذلك مصْلَحَةٌ للمُصَلِّين، لا للمَسْجِدِ. وردَّه الحارِثِيُّ. السَّابعة، قال في «نَوادِرِ المَذْهَبِ»: لو وقَف دارَه على مَسْجِدٍ، وعلى إمامٍ يُصلِّي فيه، كان للإِمامِ نصْفُ الرَّيعِ، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَهُوَ لِوَلَدِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالسَّويَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كما لو وقَفَها على زَيدٍ وعَمْرٍو. قال: ولو وقَفَها على مَساجِدِ القَرْيَةِ، وعلى إمامٍ يُصلِّي في واحدٍ منها، كان الرَّيعُ بينَه وبينَ كلِّ المساجِدِ نِصْفَين. انتهى. وتابَعه الحارِثِيُّ. قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ له بقَدْرِ ما يحْصُلُ لمسْجِدٍ واحدٍ. وله نظائرُ. قوله: وإنْ وقَف على أَوْلادِه، ثم على المَساكينِ، فهو لوَلَدِه الذُّكُورِ والإِناثِ بالسَّويَّةِ. نصَّ عليه، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. لكِنْ لو حدَث للواقِفِ وَلَدٌ بعدَ وَقْفِه، ففي دُخولِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ بعدَ المِائَةِ»؛ إحْداهما، يدْخُلُ معهم. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى،

وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأفْتَى به ابنُ الزَّاغُونِيِّ، وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يدْخُلُ معهم. [وهو المذهبُ] (1)، قدَّمه في [«الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»] (1)، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، [وغيرِهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. والوَصِيَّةُ كذلك] (¬1). قوله: ولا يَدْخُلُ وَلَدُ البَناتِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يدْخُلون بغيرِ خِلافٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: يدْخُلون. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وابنُ حامِدٍ. قال الحارِثِيُّ: وإذا قيل بدُخولِ وَلَدِ الولَدِ، هل يدْخُلُ ولَدُ البَناتِ؟ جزَم المُصَنِّفُ وغيرُه هنا بعدَمِ الدُّخولِ، مع إيرادِهم الخِلافَ فيه، فيما إذا قال: على أوْلادِ الأوْلادِ. كما في الكتابِ. قال: والصَّوابُ التَّسْويَةُ بينَ الصُّورَتَين؛ فيَطَّرِدُ في هذه ما في الأُخْرَى، لتَناوُلِ الولَدِ والأولادِ للبَطْنِ الأوَّلِ، فما بعدَه. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَدْخُلُ فيه وَلَدُ البَنِين؟ على رِوايتَين. ظاهِرُ كلامِه أنَّهم سواءٌ كانُوا مَوْجودَين حالةَ الوَقْفِ، أوْ لا، ولا شَكَّ أنَّ الخِلافَ جارٍ فيهم؛ إحْداهما، يدْخُلون مُطْلَقًا. وهو المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، ويُوسُفَ بنِ مُوسى، ومحمدِ بنِ عبيد اللهِ المُنادِي (¬1). وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: المذهبُ دُخولُهم. قال النَّاظِمُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه في «التَّلْخيصِ»، والحارِثِي، وصاحِبُ «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». واخْتارَه الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «ابن عبد الله المنادي» وفي ط: «ابن عبد الله المناوي». وهو محمد بن عبيد الله بن يزيد بن المنادي البغدادي، أبو جعفر. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي فقال: صدوق. وقال غيره: ثقة. توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين. تهذيب التهذيب 9/ 325 - 327.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبدُ العَزيزِ، وابنُ أبِي مُوسى، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، والقاضي فيما علَّقه بخَطِّه على ظَهْرِ «خِلافِه»، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يدْخُلون مُطْلَقًا. قال المُصَنِّفُ في بابِ الوَصايا، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ: لا يدْخُلون بدُونِ قَرِينَةٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه القاضي، وأصحابُه. وعنه، يدْخُلون، إنْ كانُوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْجُودِين حالةَ الوَقْفِ، وإلَّا فلا. قدَّمه في «الرَّعايتَين»، و «الفائقِ»، وقال: نصَّ عليه، و «الحاوي الصَّغِيرِ». [وذكَر القاضي في «أحْكامِ القُرْآنِ»: إنْ كان ثَمَّ وَلَدٌ، لم يدْخُلْ وَلَدُ الوَلَدِ، وإنْ لم يكُنْ وَلَدٌ، دخَل. واسْتَشْهَدَ بآيَةِ المَوارِيثِ] (¬1). وأطْلَقَ الخِلافَ في «الفُروعِ» في المَوْجُودِين حالةَ الوَقْفِ، وقدَّم عدَمَ الدُّخولِ في غيرِ المَوْجُودِين. وهذا مُسْتَثْنًى ممَّا اصْطَلَحْنا عليه في أوَّل الكتابِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى القَوْلِ بعدَمِ الدُّخولِ، قال القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ قال: على وَلَدِي، ووَلَدِ وَلَدِي، ثم على المَساكِينِ. دخَل البَطْنُ الأوَّلُ والثَّاني، ولم يدْخُلِ البَطْنُ الثَّالِثُ. وإنْ قال: على وَلَدِي ووَلَدِ وَلَدِ وَلَدِي. دخَل ثَلاث بُطونٍ، دُونَ مَن بعدَهم. قال الحارِثِيُّ: وهو وَفْقَ رِوايةِ أبِي طالِبٍ. تنبيهان؛ الأَوَّلُ، حيثُ قُلْنا بدُخولِهم، فلا يسْتَحِقُّون إلَّا بعدَ آبائِهم مُرَتَّبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ كقولِهم (¬1): بَطْنًا بعدَ بَطْنٍ. أو الأقْرَبَ فالأقرَبَ. قَدَّمه في «الفائقِ»، وقال: هو ظاهِرُ كلامِه. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ مُرَتَّبًا. وصحَّحه في «النَّظْمِ» أيضًا. وقيل: يسْتَحِقُّون معهم. وأطْلَقَهما في «القَواعِدِ». وقال في التَّرْتيبِ: فهل هو تَرْتيبُ بَطْنٍ على بَطْنٍ، فلا يسْتَحِقَّ ¬

(¬1) في ط: «كقولنا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدٌ مِن وَلَدِ الوَلَدِ شيئًا، مع وُجودِ فَرْدٍ مِنَ الأوْلادِ، أو تَرْتيبُ فَرْدٍ على فَرْدٍ؛ فيَسْتَحِقَّ كلُّ وَلَدٍ نَصِيبَ والدِه بعدَ فَقْدِه؟ على وَجْهَين. والثَّاني مَنْصوصُ أحمد. انتهى. الثَّاني، حُكْمُ ما إذا أوْصَى لوَلَدِه في دُخولِ وَلَدِ بَنِيه حُكْمُ الوَقْفِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. [وحَكاه في «القَواعِدِ» عنِ الأصحابِ، قال: وذكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه الله، نصَّ على دُخولِهم. والمَعْروفُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، إنَّما هو في الوَقْفِ. وأشارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، إلى دُخولِهم في الوَقْفِ دُونَ الوَصِيَّةِ؛ لأنَّ الوَقْفَ يتَأَبَّدُ (¬1)، والوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ للمَوْجُودِين، فيَخْتَصَّ بالطَّبقَةِ العُلْيا المَوْجودَةِ] (¬2). ¬

(¬1) في النسخ «يتأيد»، وانظر: القواعد 353. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو قال: على وَلَدِ فُلانٍ. وهم قبيلَةٌ، أو قال: على أوْلادِي وأوْلادِهم. فلا تَرْتِيبَ. وسألَه ابنُ هانِئٍ، عن مَن وقَف شيئًا على فُلانٍ مُدَّة حَياتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [ولوَلَدِه؟ قال: هو له حَياتَه] (¬1)، فإذا ماتَ، فلوَلَدِه. وإذا قال: على وَلَدِي، فإذا انقْرَضُوا، فللفُقَراءِ. شَمِلَه على الصَّحِيحِ. وقيل: لا يشْمَلُه. الثَّانيةُ، لو ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اقْتَرنَ باللَّفْظِ ما يقْتَضِي الدُّخولَ، دخَلُوا بلا خِلافٍ؛ كقَوْلِه: على أوْلادِي. وهما قِبيلَةٌ، أو: على أوْلادِ أوْلادِ أوْلادِي أبدًا ما تَعاقَبُوا وتَناسَلُوا. أو: على أوْلادِي. وليسَ له إلَّا أوْلادُ أوْلادٍ، أو: على أوْلادِي، الأَعلَى فالأَعْلَى. أو: تحْجُبُ الطَّبَقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العُلْيا الطَّبقَةَ السُّفْلَى. وما أشْبَهَ هذا. وإنِ اقْتَضَى عدَمَ الدُّخولِ، لم يدْخُلوا بلا خِلافٍ، كعلى وَلَدِي لِصُلْبِي. أو: الذين يَلُونَنِي. ونحو ذلك، على ما يأْتِي في قَوْلِه: وَلَدِي لصُلْبِي. الثَّالثةُ: لو قال: على أوْلادِي, فإذا انْقَرضَ أوْلادِي وأوْلادُ أوْلادِي، فعلى المَساكِينِ. فقال في «المُجَرَّدِ»، و «الكافِي»: يدْخلُ أوْلادُ الأوْلادِ, لأنَّ اشْتِراطَ انْقِراضِهم دليلُ إرادَتِهم بالوَقْفِ. وفي «الكافِي» وَجْهٌ بعدَمِ الدُّخولِ؛ لأنَّ اللَّفْظَ لا يتَناوَلُهم، فهو مُنْقَطِعُ الوسَطِ؛ يُصْرَفُ بعدَ انْقِراضِ أوْلادِه مَصْرِفَ المُنْقَطِعِ، فإذا انْقَرضَ أوْلادُهم، صُرِفَ إلى المَساكِينِ. الرَّابعةُ، قال في «التَّلْخيصِ»: إذا جُهِلَ شَرْطُ الواقِفِ، وتعَذَّرَ العُثورُ عليه: قُسمَ على أرْبابِه بالسَّويَّةِ، فإنْ لم يُعْرَفُوا، جُعِلَ كوَقْفٍ مُطْلَقٍ لم يُذْكَرْ مَصْرِفه. انتهى. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي»: لو اخْتلَفَ أرْبابُ الوَقْفِ فيه، رجَع إلى الواقِفِ، فإنْ لم يَكُنْ، تَساوَوا فيه؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ ثبَتَتْ، ولم يَثْبُتِ التَّفْضِيلُ، فوَجبَتِ التَّسْويَةُ, كما لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرَّك بينَهم بَلفْظِه. انتهى. وقال الحارِثِيُّ: إنْ تعَذَّرَ الوُقوفُ على شَرْطِ الواقِفِ، وأمْكَنَ التَّأَنُّسُ بتَصَرُّفِ مَن تقدَّم ممَّن يُوثَقُ به، رُجِعَ إليه؛ لأنَّه أرْجَحُ ممَّا عَداه، والظَّاهِرُ صِحَّةُ تَصرُّفِه، ووُقوعُه على الوَفْقِ. وإنْ تَعذَّرَ، وكان الوَقْف على عِمارَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو إصْلاحٍ، صُرِفَ بقَدْرِ الحاجَةِ، وإنْ كان على قَوْمٍ، وثَمَّ عُرْفٌ في مَقادِيرِ الصَّرْفِ، كفُقَهاء المَدارِسِ، رُجِعَ إلى العُرْفِ؛ لأنَّ الغالِبَ وُقوعُ الشَّرْطِ على وَفْقِه. وأيضًا فالأصلُ عدَمُ تقْيِيدِ الواقِفِ، فيكونُ مُطْلَقًا، والمُطْلَقُ منه يَثْبُتُ له حُكمُ العُرْفِ. وإنْ لم يكُنْ عُرْفٌ، سُوَّىَ بينَهم؛ لأنَّ التَّشْريكَ ثابتٌ، والتَّفْضيلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يثْبُتْ. انتهى. وقال: وذكَر المُصَنِّفُ نحوَه. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، أنَّه يُرْجَعُ في ذلك إلى العُرْفِ والعادةِ. وهو الصَّوابُ. وقال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: إذا ضاعَ كتابُ الوقْفِ وشَرْطُه، واخْتَلفُوا في التَّفْضيلِ وعَدَمِه، احْتَمَلَ أنْ يُسَوَّىَ بينهَم؛ لأنَّ الأصْلَ عدَمُ التَّفْضيلِ، واحْتَمَلَ أنْ يُفَضَّلَ بينَهم؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّه يجْعَلُه على حسَبِ إرْثِهم منه، وإنْ كانوا أجانِبَ، قُدِّمَ قوْلُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ ويُنْكِرُ التَّفاوُتَ. الهى. تنبيه: يأْتِي في بابِ الهِبَةِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، هل تجوزُ التَّسْويَةُ بينَ الأوْلادِ، أم لا؟ وهل تُسْتَحَبُّ التَّسْويَةُ، أم المُسْتَحَبُّ أنْ تكونَ على حسَبِ المَيراثِ؟

وَإِنْ وَقَفَ عَلَى عَقِبِهِ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ ذُرِّيَّتِهِ، دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ. وَنُقِلَ عَنْهُ، لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَنُقِلَ عَنْهُ في الْوَصِيَّةِ، يَدْخُلُونَ فِيهِ. وَذَهَبَ إِلَيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا مِثْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ وقَف على عقِبِه، أو وَلَدِ وَلَدِه، أو ذُرِّيَّتِه، دخَل فيه وَلَدُ البَنِين. بلا نِزاعٍ [في عَقِبِه أو ذُرِّيَّتِه. وأمَّا إذا وقَف على وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه، فهل يشْمَلُ أوْلادَ الوَلَدِ الثَّاني، والثَّالثِ، وهَلُمَّ جرَّا؟ تقدَّم عنِ القاضي، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهم، أنَّه لا يشْمَلُ غيرَ المَذْكُورِين. و] (¬1) قوله: ونُقِلَ عنه، لا يَدْخُلُ فيه وَلَدُ البَناتِ. إذا وقَف على وَلَدِ وَلَدِه، أو قال: على أوْلادِ أوْلادِي وإنْ سفَلُوا. فنَصَّ أحمدُ في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، أنَّ أوْلادَ البَناتِ لا يدْخُلون. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَقَال أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالى: يَدْخُلُونَ في الْوَقْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»: وإنْ وَصَّى لوَلَدِ وَلَدِه، فقال أصحابُنا: لا يدْخُلُ فيه وَلَدُ البنات؛ لأنَّه قال في الوَقْفِ على وَلَدِ وَلَدِه: لا يدْخُلُ فيه وَلَدُ البَناتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: مفْهومُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يدْخُلُ وَلَدُ البَناتِ، وهو أشْهَرُ الرِّواياتِ. واخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ»، و «الجامعِ»، والشِّيرازِيُّ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ». انتهى. قال في «الفُروعِ»: لم يشْمَلْ ولَدَ بَناتِه إلَّا بقَرينَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه الأكْثَرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه في «تَجْريدِ العِنايةِ». قال في «الفائقِ»: اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّيخان -يعْنِي بهما المُصَنِّفَ، والشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ- وهو ظاهرُ ما قدَّمه الحارِثِيُّ. ونُقِلَ عنه في الوَصِيَّةِ، يدْخُلون. وذهَب إليه بعضُ أصحابِنا. وهذا مِثْلُه. قلتُ: بل هي هنا روايةٌ منْصوصةٌ مِن رِوايةِ حَرْبٍ. قال في «القَواعِدِ»: ومال إليه صاحِبُ «المُغْنِي». وهي طريقةُ ابنِ أبِي مُوسى، والشِّيرازِيِّ. قال الشَّارِحُ: القَوْلُ بأنَّهم يدْخُلون، أصحُّ، وأقْوَى دليلًا. وصحَّحه النَّاظِمُ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، في الوَصِيَّةِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم: واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال أبو بَكْر، وابنُ حامِدٍ: يدْخلُون في الوَقْفِ، إلَّا أنْ يقولَ: على وَلَدِ وَلَدِي لصُلْبِي. فلا يدْخُلون. وهي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةٌ ثالِثةٌ عن أحمدَ. قال في «المُذْهَبِ»: فإنْ قال: لصُلْبِي. لم يدْخُلوا، وجْهًا واحدًا. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»: فإنْ قيَّد فقال: لصُلْبِي. أو قال: مَن ينْتَسِبُ إلَيَّ منهم. فلا خِلافَ في المذهبِ أنَّهم لا يدخُلون. وحكَى القاضي، عن أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، إذا قال: وَلَدِ وَلَدِي لصُلْبِي. أنَّه يدْخُلُ

إلا أَنْ يَقولَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي لِصُلْبِي فَلَا يَدْخُلُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه وَلَدُ بَناتِه لصُلْبِه؛ لأنَّ بِنْتَ صُلْبِه وَلَدُه حَقِيقَةٌ، بخِلافِ وَلَدِ وَلَدِها. قال الحارِثِيُّ: وقولُ الإِمامِ أحمدَ: لصُلْبِه. قد يُريدُ به وَلَدَ البَنِين, كما هو المُرادُ مِن إيرادِ المُصَنِّفِ عن أبي بَكْرٍ؛ فلا يدْخُلون؛ جَعْلًا لوَلَدِ البَنِين وَلَدَ الظَّهْرِ، ووَلدِ البَناتِ وَلَدَ البَطْنِ، فلا يكونُ نصًّا في المَسْأَلَةِ. وقد يُريدُ به وَلَدَ البِنْتِ التي تَلِيه، فيكونُ نصًّا، وهو الظَّاهِرُ. انتهى. وفي المَسْأَلَةِ قَوْلٌ رابعٌ بدُخولِ وَلَدِ بَناتِه لصُلْبِه، دُونَ وَلَدِ وَلَدِهِنَّ. تنبيهُ: ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ، إنَّما هو فيما إذا وَتَفَ على وَلَدِ وَلَدِه، أو قال: على أوْلادِ أوْلادِي. وكذا الحُكْمُ، والخِلافُ، والمذهبُ إذا وقَف على عَقِبِه أو ذُرِّيَّتِه, كما قال المُصَنِّفُ، عندَ جماهيرِ الأصحابِ. وممَّن قال بعَدَمِ الدُّخولِ هنا أبو الخَطَّابِ، والقاضي أبو الحُسَينِ، وابنُ بَكْروسٍ. قاله الحارِثِيُّ، وقال: قال مالِكٌ بالدُّخولِ في الذُّرِّيَّةِ دُونَ العَقِبِ، وبه أقولُ. وكذلك القاضي في بابِ. الوَصايِا مِنَ «المُجَرَّدِ»، وابنُ أبِي مُوسى، والشَّريفان؛ أبو جَعْفَرٍ، والزَّيدِيُّ، وأبو الفرَجِ الشِّيرازِيُّ قالُوا بعدَمِ الدُّخولِ في العَقِبِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر وَلَدَ وَلَدِه وعَقِبَه وذُرِّيَّتَه: وعنه، يشْمَلُهم غيرَ وَلَدِ وَلَدِه. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: يشْمَلُ الذُّرِّيَّةَ، وأنَّ الخِلافَ في وَلَدِ وَلَدِه. تنبيهان؛ الأَوَّلُ، حكَى المُصَنِّفُ هنا عن أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، أنَّهما قالا: يدْخُلون في الوَقْفِ، إلَّا أنْ يقولَ: على وَلَدِ وَلَدِي لصُلْبِي. وكذا حَكاه عنهما أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وكذا حَكاه القاضي عنهما فيما حَكاه صاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ». وحكَى المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، والقاضي في «الرِّوايتَين»، أنَّ أبا بَكْرٍ، وابنَ حامِدٍ، اخْتارا دُخولَهم مُطْلَقًا، كالرِّوايَةِ الثَّانيةِ. وقال ابنُ البَنَّا في «الخِصالِ»: اخْتارَ ابنُ حامِدٍ، أنَّهم يدْخُلون مُطْلَقًا، واخْتارَ أبو بَكْرٍ، يدْخُلون، إلَّا أنْ يقولَ: على وَلَدِ وَلَدِي لصُلْبِي. قال الزَّرْكشِيُّ: وكذا في «المُغْنِي» القديمِ فيما أظُنُّ. الثَّاني، محَلُّ الخِلافِ، مع عدَمِ القَرينَةِ. أمَّا إنْ كان معه ما يقْتَضِي الإِخْراجَ، فلا دُخولَ، بلا خِلافٍ. قاله الأصحابُ؛ كقَوْلِه: على أوْلادِي، وأوْلادِ أوْلادِي المُنْتسِبين إلَيَّ. ونحو ذلك. وكذا إنْ كان في اللَّفْظِ ما يقتَضِي الدُّخولَ،. فإنَّهم يدْخُلون،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا خِلافٍ. قاله الأصحابُ؛ كقَوْلِه: على أوْلادِي، وأوْلادِ أوْلادِي، على أنَّ لوَلَدِ الإِناثِ سَهْمًا، ولوَلَدِ الذُّكورِ سَهْمَين. أو: على أوْلادِي؛ فُلانٍ، وفُلانٍ، وفُلانَةٍ، وأوْلادِهم، وإذا خلَتِ الأرْضُ ممَّن يرْجِعُ نسَبُه إليَّ مِن قِبَلِ أبٍ أوأُمٍّ، فللمَساكِينِ. أو: على أنَّ مَن ماتَ منهم فنَصِيبُه لوَلَدِه. ونحو ذلك. ولو قال: علي البَطْنِ الأوَّلِ مِن أوْلادِي، ثم على الثَّانِي، والثَّالثِ، وأوْلادِهم. والبَطْنُ الأَوَّلُ بناتٌ، فكذلك يدْخُلون، بلا خِلافٍ. فوائد؛ الأُولى، لَفْظُ: النَّسْلِ، كلَفْظِ: العَقِبِ، والذُّرِّيَّةِ في إفادَةِ وَلَدِ الوَلَدِ؛ قَرِيبِهم وبَعيدِهم. وكذا دُخولُ وَلَدِ البَناتِ وعدَمِه، عندَ أكثرِ الأصحابِ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: لا يدْخُلُ وَلَدُ البَناتِ, كما قال في العَقِب، وهو اخْتِيارُ السَّامَرِّيِّ. وذكَر أبو الخَطَّاب خِلافَه، أوْرَدَه في الوَصايا. الثَّانيةُ، لو قال: على بَنِي بَنِيَّ. أو: بَنِي بَنِي فُلانٍ. فكأوْلادِ أوْلادِي. وأوْلادِ أوْلادِ فُلانٍ. وأمَّا وَلَدُ البَناتِ، فقال الحارِثِيُّ: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ هنا، أنَّهم لا يدْخُلون مُطْلَقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، الحَفِيدُ يقَعُ على وَلَدِ الابنِ والبِنْتِ، وكذلك السِّبْطُ؛ وَلَدُ الابنِ والبِنْتِ. الرَّابعَةُ، لو قال الهاشِمِيُّ: على أوْلادِي وأوْلادِ أوْلادِي الهاشِمِيِّين. لم يدْخُلْ مِن أوْلادِ بِنْتِه مَن ليس هاشِمِيًّا، والهاشِمِيُّ منهم في دُخولِه وَجْهان. ذكَرَهما المُصَنِّفُ وغيرُه، وبَناهما القاضي على الخِلافِ في أصْلِ المَسْأَلَةِ، ثم قال المُصَنِّفُ: أَوْلاهما الدُّخولُ. مُعَلِّلًا بوُجودِ الشَّرْطَين؛ وَصْفُ كوْنِه مِن أوْلادِ أوْلادَه، ووَصْفُ كوْنِه هاشِمِيًّا. والوَجْهُ الثَّاني، عدَمُ الدُّخولِ. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: ولو قال: على أوْلادِي وأوْلادِ أوْلادِي المُنْتَسِبِين إلى قَبِيلَتِي. فكذلك. الخامسةُ، تجَدُّدُ حقِّ الحَمْلِ بوَضْعِه؛ مِن ثَمَرٍ وزَرْعٍ، كمُشْتَرٍ. نقَلَه المَرُّوذِيُّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، وقال: ذكَره الأصحابُ في الأوْلادِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل جَعْفَرٌ، يسْتَحِقُّ مِن زَرْعٍ قبلَ بُلوغِه الحَصادَ، ومِن نَخْلٍ لم يُؤَبَّرْ، فإن بلَغ الزَّرْعُ الحَصادَ، أو أُبِّرَ النَّخْلُ، لم يسْتَحَقَّ منه شئٌ. وقطَع به في «المُبْهِجِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «القَواعِدِ»، وقال: وكذلك الأصحابُ صرَّحُوا بالفَرْقِ بينَ المُؤبَّرِ وغيرِه هنا؛ منهم ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، وأصحابُه؛ مُعَلِّلِين بتَبَعِيَّةِ غيرِ المُؤْبَّرِ في العَقْدِ، فكذا في الاسْتِحْقاقِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُسْتَحَقُّ قبلَ حَصادِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الثَّمَرَةُ للمَوجُودِ عندَ التَّأْبيرِ أو بُدُوِّ الصَّلاحِ. قال في «الفُروعِ»: ويُشْبِهُ الحَمْلَ، إنْ قَدِمَ إلى ثَغْرٍ مَوْقُوفٍ عليه، أو خرَج منه إلى بَلَدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْقُوفٍ عليه فيه. نقَلَه يعْقُوبُ. وقِياسُه، مَن نزَل في مَدْرَسَةٍ ونحوُه. وقال ابنُ عَبْدِ القَويِّ: ولقائلٍ أنْ يقُولَ: ليس كذلك؛ لأنَّ واقِفَ المَدْرَسَةِ ونحوها جعَل رَيعَ الوَقْفِ في السَّنَةِ (¬1)، كالجُعْلِ على اشْتِغالِ مَن هو في المَدْرسَةِ عامًا، فَينْبَغِي أنْ يسْتَحِق بقَدْرِ عمَلِه مِنَ السَّنَةِ مِن رَيعِ الوَقْفِ في السَّنَةِ؛ لئلَّا يُفْضِيَ إلى أنْ يحْضُرَ الإنْسانُ شَهْرًا، مثَلًا، فيأْخُذَ مَغَلَّ جميعِ الوَقْفِ، ويحْضرَ غيرُه باقِيَ السَّنَةِ بعدَ ظُهورِ الثَّمَرَةِ (¬2)، فلا يسْتَحَقُّ شيئًا. وهذا يأباه مُقْتَضَى الوُقوفِ ومَقاصِدُها. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يسْتَحِقُّ بحِصَّتِه مِن مَغلهِ. وقال: مَن جعَلَه كالوَلَدِ، فقد أخْطَأ. ¬

(¬1) في ط: «المدرسة». (¬2) في النسخ: «العشرة».

وَإنْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ، أَوْ بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وقَف على بَنِيه، أو بَنِي فُلانٍ، فهو للذُّكُورِ خاصَّةً، إلَّا أنْ يكُونوا قَبِيلةً، فيدْخُلَ فِيه النِّساءُ دونَ أوْلادِهِنَّ مِن غيرِهم. إذا لم يكُونوا قَبِيلَةً، وقال ذلك،

إلا أن يَكُونُوا قَبِيلَةً، فَيَدْخُلَ فِيهِ النِّسَاءُ دُونَ أَولَادِهِنَّ مِنْ غَيرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اختُصَّ به المذكورُ، بلا نِزاعٍ، وإنْ كانوا قَبِيلَةً، فجزَم المُصَنِّفُ بعدَمِ دُخولِ أوْلادِ النِّساءِ مِن غيرِهم. وهو أحدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقيل بدُخُولِهم. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ».

وَإنْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ، أوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ، فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِنْ أوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ، لِأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَجَاوَزْ بِسَهْمِ ذَوي الْقُرْبَى بَنِي هَاشِمٍ. وَعَنْهُ، إِنْ كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ في حَيَاتِهِ صُرِفَ إِلَيهِمْ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وقَف على قَرابَتِه، أو قَرابَةِ فُلانٍ، فهو للذَّكَرِ والأُنْثَى؛ مِن أوْلادِه، وأوْلادِ أبِيه، وجَدِّه، وجَدِّ أبِيه. يعْنِي، بالسَّويَّةِ بينَ كبيرِهم وصَغِيرِهم، وذكَرِهم وأُنْثَاهم، وغَنِيِّهم وفَقيرِهم، بشَرْطِ أنْ يكونَ مُسْلِمًا. وهذا المذهبُ، وعليه أَكْثَرُ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ عندَ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وأبِي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، والشَّرِيفَين؛ أبي جَعْفَرٍ، والزَّيدِيِّ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وعامَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، يَخْتَصُّ بوَلَدِه وقَرابَةِ أبِيه، وإنْ علَا مُطْلَقًا. اخْتارَه الحارِثِيُّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُعْطَى مَنْ يُعْرَفُ بقَرابَتِه مِن قِبَلِ أبِيه وأُمِّه الَّذِين ينْتَسِبُون إلى الأبِ الأدْنَى. انتهى. ومِثالُه، لو وقَف على أقارِبِ المُصَنِّفِ؛ وهو عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ قُدامَةَ بنِ مِقْدامِ بنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصْرٍ، فالمُسْتَحِقُّون هم المُنْتَسِبُون إلى قُدامَةَ؛ لأنَّه الأبُ الَّذي اشْتُهِرَ انْتِسابُ المُصَنِّفِ إليه. وقال في «الهِدايَةِ»: مثْلَ أنْ يكونَ مِن وَلَدِ المَهْدِيِّ، فيُعْطى كلّ مَن ينْتَسِبُ إلى المَهْدِيِّ. ومثَّل في «المُذْهَبِ» بما إذا كان مِن وَلَدِ المُتَوَكِّلِ. ومثَّل في «المُسْتوْعِبِ» بما إذا كان مِن وَلَدِ العَبَّاسِ. وعنه، يَخْتَصُّ بثَلاثَةِ آباءٍ فقط. فعليها، لا يُعْطى الوَلَدُ شيئًا. قال القاضي: أوْلادُ الرَّجُلِ لا يدْخُلون في اسمِ القَرابَةِ. قإل المُصنِّفُ وغيرُه: وليس بشيءٍ. وعنه، يَخْتَصُّ منهم مَن يَصِلُه. نقلَه ابنُ هانيء وغيرُه. وصحَّحه القاضي، وجماعَة. ونقل صالِحٌ، إنْ وصَل أغْنِياءَهم أُعْطُوا، وإلَّا فالفُقَراءُ أوْلَى. وأخَذ منه الحارِثيُّ عدَمَ دُخولِهم في كلِّ لفْظٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عام. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ أنَّ القَرابَةَ مُخْتَصَّة بقَرابَةِ أبِيه إلى أرْبَعةِ آباءٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ؛ وشَذَّ ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «وَجِيزِه» بأنْ أعْطَى أرْبعَةَ آباءِ الواقِفِ؛ فأدْخَلَ جَدَّ الجَدِّ، فعلى هذا، لا يُدْفَعُ إلى الوَلَدِ. قال: وهو مُخالِفٌ للأصحابِ. انتهى. قلتُ: نقَل صالِحُ، القَرابَةُ؛ تُعْطِي أرْبعَةَ آباءٍ. وقد قال في «الخُلاصَةِ»: وإنْ وَصَّى لأقارِبِه، دخَل في الوَصِيَّةِ الأبُ والجَدُّ وأبو الجَدِّ، وجَدُّ الجَدِّ، وأوْلادُهم. قال في «الرِّعايَةِ»: لو وقَف على قَرابَتِه، شَمِلَ أوْلادَه، وأوْلادَ أبِيه، وجَدَّه، وجَدَّ أبِيه. وعنه، وجَدَّ جَدِّه. فكَلامُ الزَّرْكَشِيِّ فيه شيء؛ وهو أنَّه شذَّذَ مَن قال ذلك، وقد نقَله صالِحٌ عن أحمدَ، وحكَم على القَوْلِ بذلك، بأنْ لا يُدْفَع إلى الوَلَدِ شيء. وليس ذلك في كلامِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ، بل المُصرَّحُ به في كلامِ مَن قال بقَوْلِه خِلافُ ذلك، وهو صاحِبُ «الخُلاصَةِ»، وظاهِرُ الرِّوايَةِ التي في «الرِّعايَةِ». وقيل: قَرابَتُه كآلِه. على ما يأْتِي. وعنه، إنْ كان يصلُ قرابَتَه مِن قِبَلِ أُمِّه في حياتِه، صُرِفَ إليه، وإلَّا فلا. قال الحارِثِيُّ: وهذه عنه أشْهَرُ. واخْتارَها القاضي أبو الحُسَينِ وغيرُه، وقالا: هي أصحُ. وقيل: تدْخلُ قَرابَةُ أُمِّه؛ سواءٌ كان يصِلُهم، أوْ لا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وكلامُ ابنِ الزَّاغُونِيِّ في «الوَجيزِ» يقْتَضِي أنَّه رَوايَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى هذا، والذي قبلَه، يدْخُلُ إخْوَتُه وأخواتُه وأوْلادُهم، وأخْوالُه وخالاتُه وأوْلادُهم. وهل يتقَيَّدُ بأرْبَعَةِ آباءٍ أيضًا؛ فيه رِوايتان. وأطْلَقهما الحارِثِيُّ. وفي «الكافِي» احْتِمالٌ بدُخولِ كلِّ مَن عُرِفَ بقَرابَتِه مِن جِهَةِ أبِيه وأُمِّه، مِن غيرِ تَقْيِيدٍ بأرْبَعةِ آباءٍ. ونحوُه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وكذلك القاضي في «المُجَرَّدِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّحيحُ، إنْ شاءَ الله تَعالى. قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: مَن يُوصِ للقَريبِ، قُلْ: لا يدْخُلُ … منهم سِوَى مَن في الحياةِ يَصِلُ فإنْ تكُنْ صِلاُته مُنْقَطِعَهْ … تَرابَةُ الأُمِّ إذَنْ مُمْتَنِعَهْ وعَمِّمِ الباقِي مِنَ الأقارِبِ … مِن جِهَةِ الآبا، ولا تُوارِبِ وفي القَريبِ كافرٌ لا يدْخُلُ … وعن أُهَيلِ قرْيَةٍ يَنْعزِلُ تنبيه: الوَصِيَّةُ كالوَقْفِ في هذه المَسائلِ، كما قال المُصَنِّفُ بعدَ ذلك. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ المُوصَى له: إذا أوْصَى لأقْرَبِ قَرابَتِه. والوَقْفُ كذلك. فانْقُلْ ما يأتِي هناك إلى هنا.

وَأهْلُ بَيتِهِ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَتِهِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُعْطَى مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأهْلُ بَيتِه بمَنْزِلةِ قَرابَتِه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْح»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: يُعْطَى مِن قِبَلِ أبِيه وأُمِّه. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، أنَّ أهْلَ بَيتِه كقَرابَةِ أَبوَيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ الشِّيرازِيُّ، أنَّه يُعْطَى مَن كانْ يصِلُه في حَياتِه مِن قِبَلِ أبِيه وأُمِّه، ولو جاوَزَ

وَقَوْمُهُ وَنُسَبَاؤُهُ كَقَرَابَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبعَةَ آباءٍ. ونقلَه صالِحٌ. وقيل: أهْلُ بَيتِه، كذَوي رَحِمِه. على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قَرِيبًا. وعنه، أزْواجُه مِن أهْلِ بَيتِه ومِن أهْلِه. ذكَرَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: في دُخُولِهِنَّ في آلِه وأهْلِ بَيتِه رِوايَتان، أصَحُّهما دخُولُهُنَّ، وأنَّه قوْلُ الشَّرِيفِ أبِي جَعْفَر وغيرِه. وتقدَّم ذلك في صِفَةِ الصَّلاةِ، عندَ قوْلِه: اللُّهمَّ صلِّ على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ. وقال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ «الوَسِيلَةِ»، أنَّ لفْظَ الأهْلِ كالقَرابَةِ، وظاهِرُ «الواضِحِ»، أنَّهم نسباؤه (¬1). وذكَر القاضي، أنَّ أوْلادَ الرَّجُلِ لا يدْخُلون في أهْلِ بَيتِه. قال المُصَنِّفُ وْغيرُه: وليس بشيءٍ. فائدة: آلُه كأهْلِ بَيتِه خِلافًا ومذهبًا. وتقدَّم كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ وغيرِه في الآلِ في صِفَةِ الصَّلاةِ. فلْيُعاوَدْ. وأهْلُه مِن غيرِ إضافَةٍ إلى البَيتِ كإضافَتِه إليه. قاله المَجْدُ، وذكَر عنِ القاضي في دُخولِ الزَّوْجاتِ هنا وَجْهَين. واخْتارَ الحارِثِيُّ الدُّخولَ، وهو الصَّوابُ، والسُّنَّةُ طافِحَةٌ بذلك. قوله: وقَوْمُه ونُسَباؤُه كقَرابَتِه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما، وقدَّمه فيهما ¬

(¬1) في الفروع 4/ 616: «نساؤه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: هما كذَوي رَحِمِه. وقيل: قوْمُه كقَرابَتِه، ونُسَباؤُه كذَوي رَحِمِه. جزَم به في «مُنْتَخَبِ الأزَجِي». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ». قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ونُسَباؤُه كأهْلِ بَيتِه وقوْمِه. وقَدَّما أنَّ قوْمَه كقَرابَتِه. وقال أبو بَكْرٍ: هما كأهْلِ بَيتِه. واقْتَصرَ عليه في «الهِدايَةِ». وقطَع به في «المُذْهَبِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»، بعدَ أنْ ذكَر ما حَكاه أبو الخَطَّابِ عن أبي بَكْرٍ: وذكَر أبو

وَالْعِتْرَةُ هُمُ الْعَشِيرَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ» أنَّه إذا قال: لأهْل بَيتِي. أو قَوْمِي. فهو مِن قِبَلِ الأبِ. وإنْ قال: أنْسِبائِي. فمِن قِبَلِ الأبِ والأم. انتهى. ويأْتِي كلامُ القاضي في الأنْسِباءِ عندَ الكلامِ على ذَوي الرَّحِمِ. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، أنَّ قَوْمَه كقَرابَةِ أبوَيه. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ: القَوْمُ للرِّجالِ دُونَ النِّساء، وفاقًا للشَّافِعِيِّ؛ لقَوْلِه تَعالى: (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} (¬1). قوله: والعِتْرَةُ؛ هم العَشيِرَةُ. هذا المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقاله القاضي وغيرُه. قال المُصَنِّفُ في «الكافِي»، والشَّارِحُ: العِتْرَةُ؛ العَشِيرَةُ الأدْنَون في عُرْفِ النَّاسِ، ووَلَدُه الذُّكُورُ والإِناثُ، وإنْ سفَلُوا. ¬

(¬1) سورة الحجرات 11.

وَذَوُو رَحِمِهِ كُلُّ قَرَابَةٍ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحاه. قال في «الوَجيزِ»: العِتْرَةُ تخْتَصُّ العَشِيرَةَ والوَلَدَ. وقيل: العِتْرَةُ؛ الذُّريَّةُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». واخْتارَه المَجْدُ. وقيل: هي العَشِيرَةُ الأدْنَون. وقيل: وَلَدُه. وقيل: وَلَدُه ووَلَدُ وَلَدِه. وقيل: ذَوُو قرابَتِه. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «الهِدايَةِ»: إذا أوْصَى لعِتْرَتِه، فقد توَقَّفَ أحمدُ. فيَحْتَمِلُ أنْ يدْخُلَ في ذلك عَشِيرَتُه وأوْلادُه، ويَحْتَمِلُ أنْ يختَصَّ مَن كان مِن وَلَدِه. فائدة: العَشِيرَةُ؛ هي القَبِيلَةُ. قاله الجَوْهَرِيُّ (¬1). وقال القاضي عِياضٌ: هي أهْلُه الأدْنَون؛ وهم بَنُو أبِيه. قوله: وذَوُو رَحِمِه؛ كلُّ قَرابَةٍ له مِن جِهَةِ الآباءِ والأُمهاتِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهم قرابَتُه لأبوَيه ووَلَدُه. وقال في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: هم قرابَةُ أبوَيه، أو وَلَدُه، بزيادَة «ألِفٍ». وقال القاضي: إذا قال: لرَحِمِي. أو لأرْحامِي. أو لنُسَبائِي. أوَ لمُناسِبِي. صُرِفَ إلى قرابَتِه مِن قِبَلِ أبِيه وأُمِّه، ويتعَدَّى وَلَدَ الأبِ الخامِسِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فعلى هذا، يُصْرَفُ إلى كلِّ مَن يرِثُ بفَرْض، أو تَعْصِيبٍ، ¬

(¬1) في: الصحاح 2/ 747.

وَالأَيَامَى وَالْعُزَّابُ، مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَيَحْتَمِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بالرَّحِمِ، في حالٍ مِنَ الأحْوالِ. ونقَل صالِحٌ، يَخْتَصُّ مَن يصِلُه مِن أهْلِ أبِيه وأُمِّه، ولو جاوَزَ أَرْبَعَةَ آباءٍ. قوله: والأيامَى والعُزَّابُ؛ مَن لا زَوْجَ له مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: ذكَرَه أصحابُنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ يَخْتَصَّ الأيَامَى بالنِّساءِ، والعُزَّابُ بالرِّجالِ. قال الشَّارِحُ: وهذا أَوْلَى. واخْتارَه في «المُغْنِي». وقال في «التَّبْصِرَةِ»: والأيَامَى؛ النِّساءُ البُلَّغُ. وقال القاضي في «التَّعْلِيقٍ»: الصَّغيرُ

أنْ يَخْتَصَّ الْأَيَامَى بِالنِّسَاء، وَالْعزَّابُ بالرِّجَالِ. فَأمَّا الْأَرَامِل، فَهُنَّ النِّسَاءَ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجهُنَّ. وَقِيلَ: هُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُسَمَّى أَيِّمًا عُرْفًا، وإنَّما ذلك صِفَةٌ للبالغِ (¬1). قوله: فأمَّا الأرامِلُ؛ فهُنَّ النِّساءُ الَّلاتي فارَقَهُنَّ أزْواجُهُنَّ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. وقيل: هو للرِّجالِ والنِّساءِ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: في اللُّغَةِ؛ رجُلٌ أَرْمَلٌ، وامْرأةٌ أرْملَةٌ. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»: الصَّغِيرَةُ لا تُسَمَّى أرْملَةً عُرْفًا، وإنَّما ذلك صِفَةٌ للبالِغِ؛ قال في الأَيِّمِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما البِكْرُ، والثَّيِّبُ، والعانِسُ يَشْمَلُ الذَّكرَ والأْنثَى. وكذا إخْوَتُه وعُمومَتُه يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وجْهٌ، وتَناوُلُه لبَعيدٍ، كوَلَدِ وَلَدٍ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: يُقالُ في اللُّغَةِ: رجُلٌ أَيِّمٌ، وامْرأةٌ أَيِّمٌ، ورجُل بِكرٌ، وامْرأةٌ بِكرٌ، إذا لم يتزَوَّجا. ورَجُلٌ ثَيِّبٌ، وامْرأَةٌ ثَيِّبَةٌ. إذا كانا قد تزَوَّجَا. انتهى. وأمَّا الثُّيُوبَة؛ فزَوالُ البَكارَةِ. قاله المُصَنِّف، ومَن تَبِعَه، وأطْلَقَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: زَوالُ البَكارَة بزَوْجِيَّةٍ؛ مِن رجُلٍ وامْرأةٍ. الثَّانيةُ، الرَّهْطُ؛ ما دُونَ العَشَرَةِ مِنَ الرِّجالِ خاصًّةً، لُغَةً. وذكَر ابنُ الجَوْزِيِّ أنَّ الرُّهْطَ ما بينَ الثَّلاثَةِ والعَشَرَةِ. وكذا قال في النَّفَرِ؛ أنَّه ما بينَ الثَّلَاثةِ والعَشْرَةِ. وتقدم ذِكْرُ «النَّفَرِ» في أوَّلِ الفَواتِ والإِحْصارِ، فيما إذا وقَف نَفَرٌ.

وَإنْ وَقَفَ عَلَى أهْلِ قَرْيَتِهِ أوْ قَرَابَتِهِ، لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّ الْمُسْلِمَ يَدْخُلُ وَإنْ كَانَ الْوَاقِفُ كَافِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ وقَف على أهْلِ قَرْيَتِه أو قَرابَتِه -وكذا لو وَصَّى لهم- لم يدْخُلْ فيهم مَن يُخالِفُ دِينَه. وكذا لو وقف على إخْوَتِه، ونحوهم، لم يدخلْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيهم مَن يُخالِفُ دِينَه. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ المُسْلِمَ يدْخُلُ، وإنْ كان الواقِفُ كافِرًا، ولا عكسَ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ؛ إذا لم تُوجَدْ قَرينَة قَوْلِيَّةٌ، أو حالِيَّةٌ، فإنْ وُجِدَتْ، دَخَلُوا؛ مثلَ أنْ لا يكونَ في القَرْيَةِ إلَّا مُسْلِمُون، أو لا يكونَ فيها إلَّا كافِرٌ واحِدٌ، وباقي أهْلِها مُسْلِمُون، قاله الأصحابُ. قال في «الفائقِ»: ولو كان أكثرُ أقارِبِه كُفَّارًا، اخْتَصَّ المُسْلِمون في أحَدِ الوَجْهَين. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والعِشْرِين بعدَ المِائَةِ»: لو وقَف المُسْلِمُ على قَرابَتِه، أو أهْلِ قَرْيَتِه، أو أوْصَى لهم، وفيهم مُسْلِمُون وكُفَّارٌ، لم يتَناوَلِ الكُفَّارَ حتَّى يُصَرِّحَ بدُخولِهم. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَرْبٍ، وأبي طالِبٍ. ولو كان فيهم مُسْلِمٌ (¬1) واحِدٌ، والباقِي ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كُفَارٌ، ففي الاقْتِصارِ عليه وَجْهان؛ لأنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ العامْ على واحدٍ، بَعيدٌ جِدًّا. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ الدُّخولُ في هذه الصُّورَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ومال إليه أبو محمدٍ. الثانِي، شَمِلَ قوْلُه: لم يدخُلْ فيهم مَن يُخالِفُ دِينَه. لو كان فيهم كافِرٌ على غيرِ دِينِ الواقِفِ الكافرِ، فلا يدخُلُ، ولا يسْتَحِق شيئًا، ولو قُلْنا بدُخولِ المُسْلِمِ إذا كان الواقِفُ كافِرًا. وهو كذلك. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يدْخُلَ؛ بِناءً على توْريثِ الكُفَارِ بعضَهم مِن بعض، مع اخْتِلافِ دِيِنِهم. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجعَله في «الفُروعِ» محَلَّ وفاقٍ؛ على القَوْلِ بأنَّ بعضَهم يرِثُ بعضًا.

وَإنْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ، وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقَ وَمِنْ أَسْفَلَ، تَنَاوَلَ جَمِيعَهُمْ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: يَخْتَصُّ الْمَوَالِيَ مَنْ فَوْقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وقَف على مَوالِيه، وله مَوالٍ مِن فَوْقَ، ومَوالٍ مِن أسْفَلَ، تَناوَلَ جَميعَهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وصحَّحه في «الفْائقِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الِفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ حامِدٍ: يخْتَصُّ المَوالِيَ مِن فَوْقَ. وهم مُعْتِقوه. واخْتارَ الحارِثِيُّ، أنَّه للعَتِيقِ، قال: لأنَّ العادَةَ جارِيَة بإحْسانِ المُعْتِقِين إلى العُتَقاءِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو عَدِمَ المَوالِيَ، كان لمَوالِي العَصَبَةِ. قدَّمه في «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال الشَّريفُ أبو جَعْفَر: يكونُ لمَوالِي أبِيه. واقْتَصرَ عليه الشَّارِحُ. وقيل: لعَصَبَةِ مَوالِيه. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لوارِثِة بوَلاءٍ. وقيل: كمُنْقطِعِ الآخِرِ. قطَع به في «الرِّعايَةِ»، بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَصَبَةِ المَوالِي. وأطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الأخِيرةَ في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لا شيءَ لمَوالِي عَصَبَتِه، إلَّا مع عَدَمِ مَوالِيه. قاله في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو كان له مَوالِي أبٍ حينَ الوَقْفِ، ثم انْقَرَضَ مَوالِيه، لم يكُنْ لمَوالِي الأبِ شيءٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، العُلَماءُ؛ هم حَمَلةُ الشَّرْعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزمَ به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وقيل: مِن تَفْسيرٍ، وحَديثٍ، وفِقْهٍ، ولو كانُوا أغْنِياءَ، على القَوْلَين. لكِن هل يختَصُّ به مَنِ كان يَصِلُه؟ حُكْمُه حُكمُ قرابَتِه. على ما تقدَّم. الثَّانيةُ، أهْلُ الحديثِ؛ مَن عرَفه. وذكَر ابنُ رَزِينٍ أنَّ الفُقَهاءَ والمُتَفَقِّهَةَ كالعُلَماءِ، ولو حَفِظَ أرْبَعِين حديثًا، لا بمُجَرَّدِ السَّماعِ. فالقُرَّاءُ الآنَ حُفَّاظُه، وفي الصَّدْرِ الأوَّلِ هم الفُقَهاءُ. الثَّالثةُ، الصَّبِيُّ والغُلامُ؛ مَن لم يبْلُغْ، وكذا اليَتِيمُ؛ مَن لم يبْلُغْ، وهو بلا أبٍ. ولو جُهِلَ بَقاءُ أبِيه، فالأَصْلُ بَقاؤُه في ظاهِرِ كلامِ الأصحابِ. قاله في «الفُروعِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُعْطَى مَن ليس له أبٌ يُعْرَفُ ببِلادِ الإسْلامِ. قال: ولا يُعْطَى كافرٌ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّه لا يُعْطَى مِن وَقْفٍ عامٍّ. وهو ظاهِرُ كلامِهم في مَواضِعَ. قال: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. وليس وَلَدُ الزِّنا يَتِيمًا؛ لأنَّ اليُتْمَ انْكِسارٌ يدْخُلُ على القَلْبِ بفَقْدِ الأبِ. قال الإِمامُ أحمدُ في مَن بلَغ: خرَج

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن حَدِّ اليُتْمِ. الرَّابعةُ، الشَّابُّ، والفَتَى؛ هما مِنَ البُلوغِ إلى الثَّلاثِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: إلى خَمْس وثَلاثين. والكَهْلُ؛ مِن حدِّ الشَّبابِ إلى خَمْسِين. والشَّيخُ منها إلى السَّبْعِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال في «الكافِي»: إلى آخِرِ العُمْرِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، فإنَهم قالوا: ثم الشَّيخُ بعدَ الخَمْسِين. قال الحارِثِيُّ: ولا يزالُ كَهْلًا حتَّى يبْلُغ خَمْسِين سَنَةً، ثم هو شيخ حتَّى يموتَ اقْتَصَرَ عليه. فعلى المذهبِ، يكونُ الهَرِمُ منها إلى المَوْتِ. الخامسةُ، أَبْوابُ البِرِّ؛ وهي القُرَبُ كلُّها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وأفْضَلُها الغَزْوُ، ويُبْدَأُ به. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يُبْدَأُ بما تقدَّم في أفْضَلِ الأعْمَالِ. يعْنِي، الَّذي تقدَّم في أَوَّلِ صَلاةِ التَّطَوُّعِ. ويأتِي في بابِ المُوصَى له، إذا أوْصَى في أَبْوابِ البِرِّ، في كلامِ المُصَنِّفِ، والكَلامُ عليه مُسْتَوْفًى. السَّادسةُ، لو وقَف على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبيلِ الخَيرِ، اسْتَحَقَّ مَن أخَذ مِنَ الزَّكاةِ. ذكَرَه في «المُجَرَّدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو الوَفاءِ: يعُمُّ، فيَدْخُلُ فيه الغارِمُ؛ للإصْلاحِ. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: ويجوزُ لغَنِيٍّ قَريبٍ. السَّابعةُ، جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالمِ وضَمِيرُه يشْمَلُ الأْنثَى. على الصحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يشْمَلُها، كعَكْسِه لا يشْمَلُ الذَّكَرَ. الثَّامنةُ، الأشْرافُ؛ وهم أهْل بَيتِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم - ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وأهْلُ العِراقِ كانُوا لا يُسَمُّون شَرِيفًا إلَّا مَن كان مِن بَنِي العَبَّاسِ، وكثيرٌ مِن أَهْلِ الشَّامِ وغيرِهم لا يسَمُّونه إلَّا إذا كان عَلَويًّا. قال: ولم يُعَلِّقْ عليه الشَّارِعُ حُكْمًا في الكِتابِ والسُّنَّةِ ليُتَلَقَّى حَدُّه مِن جِهَتِه. والشَّريفُ في اللُّغَةِ خِلافُ الوَضِيعِ والضَّعيفِ؛ وهو الرِّياسَةُ والسُّلطانُ. ولمَّا كان أهْلُ بَيتِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، أحقَّ البُيوتِ بالتَّشْريفِ، صارَ مَن كان مِن أهْلِ البَيتِ شَرِيفًا. التَّاسعةُ، لو وقَف على بَنِي هاشِمٍ، أو وصَّى لهم؛ لم تدْخُلْ مَوالِيهم. نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وحَنْبَل. قال القاضي في «الخِلافِ»: لأنَّ الوَصِيَّةَ يُعْتَبرُ فيها لَفْظُ المُوصِي، وَلفْظُ صاحِبِ «الشَّريعَةِ» يُعْتَبَرُ فيه المَعْنَى. ولهذا، لو حلَف: لا أكَلْتُ سُكَرًا؛ لأنَّه حُلْوٌ. لم يعُمَّ غيرَه مِنَ الحَلاواتِ. وكذلك لو قال: عَبْدِي حُرٌّ؛ لأنَّه أسْوَدُ. لم يعْتَقْ غيرُه مِن العَبِيدِ. ولو قال اللهُ: حرَّمْتُ المُسْكِرَ؛ لأنَّه حُلْوٌ. عمَّ جميعَ الحَلاواتِ. وكذلك إذا قال: أعْتِقْ عبْدَك؛ لأنَّه أسْوَدُ. عمَّ. انتهى. وقد تقدَّم في آخِرِ إخْراجِ الزَّكاةِ، أنَّه لا يجوزُ أخْذُها لمَوالِي بَنِي هاشِمٍ، والظَّاهِرُ أنَّ العِلَّةَ ما قاله القاضي هنا.

وَإِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ، وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسْويَةُ بَينَهُمْ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وقَف على جَماعَةٍ يُمكِنُ حَصْرُهم واسْتِيعابُهم، وجَب تَعْمِيمُهم والتَّسْويَةُ بينَهم. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقَطعُوا به. وقال في «الفائقِ»: ويَحْتَمِلُ جوازَ المُفاضَيَةِ فيما يُقْصَدُ فيه تَمْيِيزٌ، كالوَقْفِ على الفُقَهاءِ. قلتُ: وهذا أقْرَبُ إلى الصَّوابِ. وعنه، إنْ وصَّى في سِكَّتِه؛ وهم أهْلُ دَرْبِه، جازَ التَّفْضِيلُ لحاجَةٍ. قال الحارِثِيُّ: والأوْلَى جوازُ التَّفْضيلِ للحاجَةِ، فيما قُصِدَ به سدُّ الخَلَّةِ، كالمَوْقوفِ على فُقَراءِ أهْلِه. انتهى. قال ابنُ عَقِيلٍ: وقِياسُه الاكْتِفاءُ بواحِدٍ. وعنه، في مَن أوْصَى في فُقَراءِ مَكَّةَ، يُنْظَرُ أحْوَجُهم. وتقدَّم كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ إذا وَقَف على مُدَرِّسٍ وفُقَهاءَ؛ هل يُسَوَّى بينَهم، أو يتَفاضَلُون؟ في أحْكامَ النَّاظِرِ. تنبيه: الَّذي يظْهَرُ أنَّ محَلَّ هذا، إذا لم يكُنْ قرِينَةٌ، فإنْ كان قَرينَةٌ، جازَ التَّفاضُلُ، بلا نِزاعٍ. ولها نَظائرُ تقدَّم حُكْمُها.

وَإلَّا جَازَ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَالاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُجْزئَهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان الوَقْفُ في ابْتِدائِه على مَن يُمْكِنُ اسْتِيعابُه، فصارَ ممَّا لا يُمْكِنُ اسْتِيعابُه؛ كوَقفِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، على وَلَدِه ونَسْلِه، فإنَّه يجِبُ تَعْمِيمُ مَن أمْكَنَ منهم، والتَّسْويَةُ بينَهم. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قوله: وإلَّا جازَ تَفْضِيلُ بعضِهم على بعضٍ، والاقْتِصارُ على واحِدٍ مِنهم. يعْنِي، إذا لم يُمْكِنْ حصْرُهم واسْتِيعابُهم؛ كما لو وقَف على أصنافِ الزَّكاةِ، أو على الفُقَراءِ والمَساكِينِ، ونحو ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جوازُ الاقْتِصارِ على واحِدٍ، كما جزم به المُصَنِّفُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ ألا يُجْزِئَه أقَلُّ مِن ثلَاثةٍ. وهو وَجْهٌ في «الهِدايَةِ» وغيرِها؛ بِناءً على قوْلِنا في الزَّكاةِ. وأطْلَقهما في «المُحَرِّرِ». وقيل: في إجْزاءِ الواحدِ رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو وقَف على أصنافِ الزَّكاةِ، أو على الفُقَراءِ والمَساكِينِ، جازَ الاقْتِصارُ على صِنْفٍ منهم. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، ذكَرَه في الوَصِيَّةِ، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في غيرِ المَسْأَلَةِ الثَّانيةِ. وقالا في الثَّانيةِ: لابُدَّ مِنَ الصَّرْفِ إلى الفرِيقَين كِلَيهما (¬1). قال الحارِثِيُّ: قِياسُ المذهبِ عندَ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، جوازُ الاقْتِصارِ على أحَدِ ¬

(¬1) في ط: «كالزكاة».

فَإنْ كَانُوا مِنْ أهْلِ الزَّكَاةِ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الَّذِي يُدْفَعُ إِلَيهِ مِنَ الزَّكَاةِ، إِذَا كَانَ الْوقْفُ عَلَى صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّنْفَين؛ مِنَ الفُقَراءِ والمَساكِينِ. وقطَع به في «التَّلْخيصِ». وعندَ المُصَنِّفِ، يجِبُ الجَمْعُ، وحُكِيَ عنِ القاضِي. وقيل: لا يُجْزِئُ الاقْتِصارُ على صِنْفٍ؛ بِناءً على الزَّكاةِ. قال القاضي في «الخِلافِ»: هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقيل: لكُلِّ صِنْفٍ منهم الثُّمنُ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». الثَّانيةُ، لو وَقَف على الفُقَراءِ فقط، أو على المَساكِينِ فقط، جازَ إعْطاءُ الصنْفِ الآخَرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يجوزُ. ذكَرَه القاضِي. ويأْتِي ذلك أيضًا في بابِ المُوْصَى له. ولو افْتَقَرَ الواقِفُ، اسْتَحَقَّ مِنَ الوَقْفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: شَمِلَه في الأصحِّ. قال في «القواعِدِ»: نصَّ عليه، في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. وقيل: لا يشْمَلُه، فلا يسْتَحِقُّ شيئًا منه. وتقدَّم ذلك في أوَّلِ البابِ، قُبَيلَ قوْلِه: الثَّالِثُ، أنْ يَقِفَ على مُعَيَّنٍ يُمْلَكُ. قوله: يُدْفَعُ إلى واحِدٍ أكْثَرُ مِنَ القَدْرِ الَّذِي يُدْفَعُ إليه مِنَ الزكاةِ، إذا كان الوَقْفُ على صِنْفٍ مِن أصنافِ الزَّكاةِ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَ أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وابنُ عَقِيلٍ، زِيادَةَ المِسْكِينِ والفَقيرِ على خمْسِين دِرْهَمًا. وإنْ منَعْناه منها في الزَّكاةِ.

وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَقْفِ في هَذَا الْفَصْلِ. فَصْلٌ: وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ، لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِإِقَالةٍ وَلَا غَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والوَّصِيَّةُ كالوَقْفِ في هذا الفَصْلِ. هذا صحيحٌ، لكِنَّ الوَصِيَّةَ أعَمُّ مِنَ الوَقْفِ، على ما يأْتِي. واخْتَارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فيما إذا وقَف على أقْرَبِ قَرابَتِه، اسْتِواءَ الأخِ مِنَ الأبِ، والأخِ مِنَ الأبوَين. ذكَرَه في «القاعِدَةِ العِشْرِين بعدَ المِائَةِ». وذكَر في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»، أنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّين اخْتارَ، فيما إذا وقَف على وَلَدِه، دُخولَ وَلَدِ الوَلَدِ قى الوَقْفِ دُونَ الوَصِيَّةِ، وفرَّقَ بينَهما. وتقدم كلامُ ناظمِ المُفْرَداتِ، إذا أوْصَى لقَرابَتِه. قوله: والوَقْفُ عَقْدٌ لازمٌ، لا يجوز فَسْخُه بإقالةٍ ولا غيرِها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ: إذا وقَف في صِحتِه، ثم ظهَر عليه دينٌ، فهل يُبَاعُ لوَفاءِ الدَّينِ؟ فيه خِلافٌ في مذهبِ أحمدَ وغيرِه، ومَنْعُة قَويٌّ. قال جامِعُ «اخْتِياراتِه»: وظاهِرُ كلامِ أبي العَبَّاسِ، ولو كان الدَّينُ حادِثًا بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْتِ. انتهى. قال. الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وليس هذا بأَبْلَغَ مِنَ التَّدْبيرِ، وقد ثبَت أنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، باعَه في الدِّينِ. وتقدَّم إذا وقَفَه بعدَ مَوْتِه، وصحَّحْناه؛ هل يقَعُ لازِمًا، فلا يجوزُ بَيعُه، أو لا يقعُ لازِمًا، [ويجوزُ] (¬1) بَيعُه؟ فليُعاوَدْ. ¬

(¬1) في ط: «أو يجوز».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الوَقْفَ يلْزَمُ (¬1) بمُجَرَّدِ القَوْلِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وعنه، لا يَلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ، وإخْراجِ الوَقْفِ عن يَدِه. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى، والحارِثِيُّ. وتقدَّم الكلامُ على ذلك، عندَ قَوْلِ المُصَنِّفِ: ولا يُشْتَرَطُ إخْراجُ الوَقْفِ عن يَدِه، في إحْدَى الرِّوايتَين. فليُعاوَدْ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَجُوزُ بَيعُهُ إلا أنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ، فَيُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ في مِثْلِهِ. وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ الْحَبِيسُ إِذَا لَمْ يصْلُحْ لِلْغَزْو، بِيعَ وَاشْتُرِىَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ. وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ في مَوْضِعِهِ، وَعَنْهُ، لَا تُبَاعُ الْمَسَاجِدُ لَكِنْ تنْقَلُ آَلتُهَا إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ بَيعُه إلَّا أنْ تتعَطَّلَ مَنافِعُه، فيُبَاعُ، ويُصْرَفُ ثَمَنُه في مثلِه. وكذلك الفَرَسُ الحَبِيسُ، إذا لم يصْلُحْ للغزْو، بِيعَ واشْتُرِيَ بثَمَنِه ما يصْلُحُ للجِهادِ، وكذلك المَسْجِدُ إذا لم يُنْتَفَعْ به في مَوْضِعِه. وعنه، لا تُباعُ المَساجِدُ، لكِنْ تُنْقَلُ آلتُها إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْجِدٍ آخَرَ. ويجوزُ بَيعُ بعضِ آلتِه وصَرْفُها في عِمارتِه. اعْلَمْ أنَّ الوَقْفَ لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ تتَعَطَّلَ منافِعُه، أو لا، فإن لم تتَعَطَّلْ منافِعُه، لم يَجُزْ بَيعُه، ولا المُناقَلَةُ به مُطلَقًا. نصَّ عليه في رِوايَةِ علي بنِ سَعِيدٍ، قال: لا يسْتَبْدِلُ به ولا يَبِيعُه، إلَّا أنْ يكونَ بحالٍ لا يُنْتَفَعُ به. ونقَل أبو طالِبٍ، لا يُغيَّرُ عن حالِه، ولا يُباعُ، إلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ لا يُنْتَفَعَ منه بشيءٍ، وعليه الأصحابُ. وجوَّز الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ ذلك لمَصْلَحَةٍ، وقال: هو قِياسُ «الهَدْي»، وذكَرَه وَجْهًا في المُناقَلَةِ: وأوْمَأَ إليه أحمدُ. ونقَل صالِحٌ، يجوزُ (¬1) نَقْلُ المَسْجِدِ لمَصْلحَةِ النَّاسِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. واخْتارَه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «الفائقِ»، وحكَم به نائِبًا عنِ القاضِي جمالِ الدِّينِ المَسَلَّاتِيِّ (¬1)، فعارَضَه القاضي جَمالُ الدِّينِ المَرداويُّ (¬2)، صاحِبُ «الانْتِصارِ»، وقال: حُكْمُه باطِلٌ، على قَواعِدِ المذهبِ. وصنَّفَ في ذلك مُصَنَّفًا، ردَّ فيه على الحاكِمِ، سمَّاه «الواضِحُ الجَلِيُّ في نقضِ حُكْمِ ابنِ قاضِي الجَبَلِ الحَنْبَلِيِّ» ووافَقَه صاحِبُ «الفُروعِ» على ذلك: وصنَّف صاحِبُ «الفائقِ» مُصَنَّفًا في جَوازِ المُناقَلَةِ؛ للمَصْلحَةِ سمَّاه «المُناقَلَةُ بالأوْقافِ (¬3) وما في ذلك مِنَ النِّزاعِ ¬

(¬1) هو محمد بن عبد الرحيم بن علي بن المنجا السلمي المسلاتي، جمال الدين المالكي. ولي نيابة الحكم بدمشق، ثم قضاءها، وولي تدريس الحديث بالظاهرية. توفي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. الدرر الكامنة 4/ 129. (¬2) هو يوسف بن محمد بن عبد الله بن محمد المرداوي، جمال الدين، أبو الفضل، القاضي، إمام في المذهب، وله عناية بالمتن والإسناد، صنف كتاب «الانتصار»، و «شرح المقنع» توفي سنة تسع وستين وسبعمائة. الدرر الكامنة 5/ 245. (¬3) في الأصل، ا: «والأوقاف».

وَيَجُوزُ بَيعُ بَعْضِ آلتِهِ وَصَرْفُهَا في عِمَارَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِلافِ» وأجادَ فيه. ووافَقَه على جَوازِها الشَّيخُ بُرهانُ الدِّينِ ابنِ القَيِّمِ، والشَّيخُ عِزُّ الدِّينِ حَمْزَةُ ابنُ شَيخِ السَّلامِيَّةِ، وصنَّف فيه مُصَنَّفًا سمَّاه «رَفْعُ المُثاقَلةِ في مَنْعِ المُناقَلةِ». ووافَقَه أيضًا جماعةٌ في عَصْرِه. وكلُّهم تَبعٌ للشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ في ذلك. وأطْلَقَ في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ» في جَوازِ إبْدالِ الوَقفِ مع عِمارَتِه رِوايتَين. فائدة: نصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، على جَوازِ (¬1) تجْديدِ بِناءِ المَسْجِدِ لمَصْلَحَتِه. وعنه، يجوزُ برِضا جِيرانِه. وعنه، يجوزُ شِراءُ دُورِ مَكَّةَ لمَصْلحَةٍ عامَّةٍ. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ هنا مِثلُه، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جوَّزَ جُمْهورُ العُلَماءِ تغْيِيرَ صُورَيه لمَصْلَحَةٍ، كجَعْلِ اللُّورِ حَوانِيتَ، والحكُورَةِ المَشْهورةِ، فلا فرْقَ بينَ بِناء ببِناءٍ، وعَرْصَةٍ بعَرْضَةٍ. هذا صريح لفْظِه. وقال أيضًا، في مَن وقَف كُرومًا على الفُقَراء، يحْصُلُ على جِيرانِها به ضرَر: يُعَوَّضُ عنه بما لا ضرَرَ فيه على الجِيرانِ، ويعُودُ الأوَّلُ مِلْكًا، والثَّانِي وَقْفًا. انتهى. ويجوزُ نقضُ مَنارَتِه، وجَعْلُها في حائطِه. نصَّ عليه. ونقَل أبو داودَ، وقد سُئِلَ عن مَسْجِدٍ فيه خشَبَتان لهما ثَمَنٌ، تشَعَّثَ، وخافُوا سقُوطَه، أَيُباعان ويُنْفَقان على المَسْجِدِ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُبْدَلُ مَكانَهما جِذْعَين؟ قال: ما أرَى به بأْسًا. انتهى. وأمَّا إذا تعَطَّلَتْ منافِعُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُباعُ والحالةُ هذه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ وعنه، لا تُباعُ المَساجِدُ، لكِنْ تُنْقَلُ آلتها إلى مَسْجِدٍ آخَرَ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، والحارِثِي، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبي مُوسى. وعنه، لا تُباعُ المَساجِدُ ولا غيرُها، لكِنْ تُنْقَلُ آلتها. نقَل جعَفْرٌ، في مَن جعَل خانًا للسَّبِيلِ، وبنَى بجانِبِه مَسْجِدًا، فضاقَ المَسْجِدُ، أيُزادُ منه في المَسْجِدِ؟ قال: لا. قيل: فإنَّه إنْ تُرِكَ؛ ليس ينْزِلُ فيه أحدٌ، قد عُطِّلَ؟ قال: يُتْرَكُ على ما صُيِّرَ له. واخْتارَ هذه الرِّوايَةَ الشَّرِيف، وأبو الخَطَّابِ. قاله في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِي: وحُكِيَ في «التَّلْخيصِ» عن أبِي الخَطَّابِ؛ لا يجوزُ بَيعُ الوَقْفِ مُطْلَقًا. وهو غَريبٌ، لا يُعْرَفُ في كُتُبِه. انتهى. ذكَرَه في «التَّلْخيصِ» عنه في كتابِ البَيعِ، وحَكاه عنه قبلَ صاحِبِ «التَّلْخيصِ» تِلْميذُ أبِي الخَطَّابِ؛ وهو الحَلْوانِي في «كِتابِه». قلتُ: وظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطابِ في «الهِدايَةِ»، في كتابِ البَيعِ، عدَمُ الجوازِ؛ فإنَّه قال: ولا يجوزُ بَيعُ الوَقْفِ، إلَّا أنَّ أصحابَنا قالوا: إذا خَرِبَ، أو كان فرَسًا، فعَطِبَ، جازَ بيعُه، وصُرِفَ ثَمَنُه في مِثلِه. انتهى. وكلامُه في «الهِدايَةِ» في كتابِ الوَقْفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صريحٌ بالصِّحَّةِ. واخْتارَ أيضًا هذه الرِّوايَةَ ابنُ عَقِيلٍ، وصنَّفَ فيها جُزْءًا، حَكاه عنه ابنُ رَجَبٍ في «طَبَقاتِه». واخْتارَ أيضًا هذه الرِّوايَةَ، وهي عدَمُ البَيعِ، الشَّريفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ. تنبيه: فعلى المذهبِ، المُرادُ بتَعَطُّلِ مَنافِعِه؛ المَنافِعُ المَقْصودَةُ، بخَرابٍ أو غيرِه، ولو بضِيقِ المَسْجِدِ عن أهْلِه. نصَّ عليه. أو بخَرابِ مَحَلَّتِه. نقَلَه عبدُ اللهِ. وهذا هو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل جماعةٌ، لا يُبَاعُ إلَّا أنْ لا يُنْتَفِعَ منه بشيءٍ أصْلًا، بحيثُ لا يَرُدُّ شيئًا. قال المُصَنِّفُ في «الكافِي»: كلُّ وَقْفٍ خرِبَ، ولم يَرُدَّ شيئًّا، بِيعَ. وقال في «المُغْنِي» (¬1)، ومَن تابعَه: لا يُباعُ إلَّا أنْ يقِلَّ رَيعُه، فلا يُعَدُّ نفْعًا. وقيل: أو يتَعطلَ أكْثَرُ نَفْعِه. نقلَه مُهَنَّا في فرَسٍ كَبِرَ وضَعُفَ، أو ذهبَتْ عينُه. فقلْتُ له: دارٌ، أو ضَيعَةٌ ضعُفَ أهْلُها أنْ يقُوموا عليها؛ قال: لا بأْسَ ببَيعِها، إذا كان أنفْعَ لمَن يُنْفقُ عليه منها. وقيل: أو خِيفَ تعَطلُ أكْثَرِ (¬2) نَفْعِه قريبًا. [جزَم به في «الرِّعايَةِ». قلتُ: وهو قَويٌّ جِدًّا إذا غلَبَ على ظَنِّه ذلك] (¬3). سألَه الميمونِيُّ، يُباعُ إذا عَطِبَ أو فسَد؟ ¬

(¬1) المغني: 8/ 221. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: إيْ واللهِ، يُباعُ إذا كان يُخافُ عليه التَّلَفُ والفَسادُ والنَّقْصُ، باعُوه ورَدُّوه في مِثلِه. وسأله الشَّالنْجِيُّ: إنْ أخَذ مِنَ الوَقْفِ شيئًا، فعَتَقَ في يدِه وتغَيَّرَ حالُه؟ قال: يُحَوَّلُ إلى مِثلِه. وكذا قال في «التَّلْخيصِ»، و «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ»: لو أشْرَفَ على كَسْر أو هَدْم، وعُلِمَ أنَّه إنْ أُخِّرَ لم يُنْتَفَعْ به، بِيعَ. قلتُ: وهذا ممَّا لاشكَّ فيه. قال في «الفُروعِ»: وقوْلُهم: بِيعَ. أي يجوزُ بَيعُه. نقَلَه جَماعَةٌ، وذكَرَه جَماعَة. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ ما قالُوه للاستِثْناءِ ممَّا لا يجوزُ بَيعُه، وإنَّما يجِبُ؛ لأنَّ الوَلِيَّ يلْزَمُه فِعْلُ المَصْلَحَةِ، وهو ظاهِرُ رِوايَةِ المَيمُونِيِّ وغيرِها. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يجِبُ بَيعُه بمِثلِه مع الحاجَةِ، وبلا حاجَةٍ، يجوزُ بخَير منه؛ لظُهورِ المَصْلَحَةِ، ولا يجوزُ بمِثلِه؛ لفَواتِ التَّعْيِينِ بلا حاجَةٍ. قال في «الفائقِ»: وبَيعُه حالَةَ تعَطُّلِه أمْرٌ جائرٌ عندَ البَعضِ. وظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» وُجوبُه. وكذلك إطْلاقُ كلامِ أحمدَ. وذكَرَه في «التَّلْخيصِ»؛ رِعايةً للأصْلَحِ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، قال المُصَنِّفُ، ومَن تابَعَه: لو أمْكَنَ بَيعُ بعضِه؛ ليُعْمَرَ به بقِيَّتُه، بِيعَ، وإلَّا بِيعَ جَمِيعُه. قال في «الفُروعِ»: ولم أجِدْ ما قاله لأحَدٍ قبلَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: والمُرادُ مع اتِّحادِ الوَقْفِ (¬1)، كالجِهَةِ، ثم إنْ أرادَ عَينَين، كدارَين، فظاهِرٌ. وكذا إنْ أرادَ عَينًا واحِدَةً، ولم تنْقُصِ القِيمَةُ بالتَّشْقِيصِ، فإنْ نقَصَتْ، توَجَّهَ البَيعُ في قِياسِ المذهبِ، كبَيعِ وَصِيّ لدَين، أو حاجَةِ صَغير، بل هذا أسْهَلُ؛ لجَوازِ تَغْيِيرِ صِفاتِه لمَصْلَحَةٍ، وبَيعِه على قوْلٍ. انتهى. وقوْلُ صاحِبِ «الفُروعِ»: والمُرادُ مع اتحادِ الوَقْفِ. ظاهِر في أنَّه لا يَجوزُ عِمارَةُ وَقْفٍ مِن رَيعِ وَقْفٍ آخَرَ، ولو اتَّحَدَتْ الجِهَةُ. وقد أفْتَى الشَّيخُ عُبادَةُ (¬2)، مِن أئمَّةِ أصحابِنا، بجَوازِ عِمارَةِ وَقْفٍ مِن وَقْفٍ آخَرَ على جِهَتِه. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «طَبقاتِه» (¬3)، في ترْجَمَتِه. قلتُ: وهو قَويٌّ، بل عَمَل النَّاسِ عليه. لكِنْ قال شيخُنا في «حَواشِي الفُروعِ»: إنَّ كَلامَه في «الفُروعِ» أَظْهَرُ. وقال الحارِثِيُّ: وما عَدا المَسْجِدَ مِنَ ¬

(¬1) في النسخ والفروع: «الواقف». (¬2) عبادة بن عبد الغني بن منصور الحراني الدمشقي، زين الدين، أبو محمد، فقيه مفتي، شروطي، تفقه على ابن تيمية، وتقدم في الفقه، وكان عالما جيد الفهم، صالحا دينا، وكان يلي العقود والفسوخ، ويكثر الكتابة في الفتاوى. توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 432، 433. (¬3) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 433.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأوْقافِ، يُباعُ بعضُه لإِصْلاحِ ما بَقِيَ. وقال: يجوزُ اخْتِصارُ الآنِيَةِ إلى أصْغَرَ منها، إذا تعَطَّلَتْ، وإنفْاقُ الفَضْلِ على الاصْلاحِ، وإنْ تعَذَّرَ الاخْتِصارُ، احْتَمَلَ جعْلَها نوْعًا آخَرَ مما هو أقْرَبُ إلى الأوَّلِ، واحْتَمَلَ أنْ يُباعَ، ويُصْرَفَ في آنِيَةٍ مِثلِها، وهو الأقْرَبُ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، حيثُ جوَّزْنا بَيعَ الوَقْفِ، فمَن يَلي بَيعَه؟ لا يخْلُو، إمَّا أنْ يكونَ الوَقْفُ علي سُبُلِ الخَيراتِ؛ كالمَساجِدِ، والقَناطِرِ، والمَدارِسِ، والفُقَراءِ والمَساكِينِ، ونحو ذلك، أو غيرِ ذلك. فإنْ كان على سُبُلِ الخَيراتِ ونحوها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الَّذي يلي البَيعَ الحاكِمُ، وعليه أكْثرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به؛ منهم صاحبُ «الرِّعايَةِ» في كِتابِ الوَقْفِ، والحارِثِيُّ، والزَّرْكَشِيُّ في كتابِ الجِهادِ. وقال: نصَّ عليه. وقيل: يَلِيه النَّاظِرُ الخاصُّ عليه، إنْ كان. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في كِتابِ البَيعِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وإنْ كان على غيرِ ذلك، فهل يَلِيه النَّاظِرُ الخاصُّ، أو المَوْقوفُ عليه، أو الحاكِمُ؟ على ثلَاثَةِ أقْوالٍ؛ أحدُها، يَلِيه النَّاظِرُ الخاصُّ. وهو الصّحيحُ. قال الزَّرْكَشِي: إذا تعَطَّلَ الوَقْفُ، فإنّ النَّاظِرَ فيه يَبِيعُه ويَشْتَرِي بثَمَنِه ما فيه مَنْفَعَةٌ تُرَدُّ على أهْلِ الوَقفِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال في «الفائقِ»: ويتَولَّى البَيعَ ناظِرُه الخاصُّ. حَكاه غيرُ واحدٍ. وجزَم به في «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرّرِ»، فقال: يَبيعُه النَّاظِرُ فيه. قال في «التَّلْخيصِ»: ويكونُ البائعُ الإِمامَ أو نائِبَه. نصَّ عليه. وكذلك المُشْتَرِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بثَمَنِه، وهذا إذا لم يَكُنْ للوَقْفِ ناظِر. انتهى. وقدَّمه في «النَّظْمِ»؛ فقال: وناظرُه شَرْعًا يَلِي عَقْدَ بَيعِه … وقيل أنْ يُعَيِّنْ مالِكُ النَّفْعِ يُعْقَدِ (¬1) وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فقال: فلناظِره الخاصِّ بَيعُه، ومع عدَمِه، يفْعَلُ ذلك المَوْقوفُ عليه. قلتُ: إنْ قُلْنا: يَمْلِكُه. وإلَّا فلا. وقيل: بل يفْعَلُه مُطْلَقًا الإمامُ أو نائِبُه، كالوَقْفِ على سُبُلِ الخَيراتِ. انتهى. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: حَكاه غيرُ واحِدٍ. والقَوْلُ الثَّانِي، يَلِيه المَوْقوفُ عليه. وهو ظاهِرُ ما جزم به في «الهِدايَةِ»، فقال: فإنْ تعَطَّلَتْ منْفَعَتُه، فالمَوْقوفُ عليه بالخِيارِ بينَ النَّفَقَةِ عليه، وبينَ بَيعِه وصَرْفِ ثَمَنِه في مِثلِه. وكذا قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وابنُ البَنَّا في «عُقودِه»، وابنُ الجَوْزِي في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، والسَّامَريُّ في «المُسْتَوْعِبِ»، وأبو المَعالِي ابنُ مُنَجَّى في «الخُلاصَةِ»، وابنُ أبِي المَجْدِ في «مُصَنَّفِه». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، فقال: وما بطَل نفْعُه، فلمَن وُقِفَ عليه بَيعُه. قلتُ: إنْ ملَكَه. وقيل: بل لناظِرِه بَيعُه بشَرْطِه. انتهى. وقدّمه في «الحاوي الصَّغِيرِ». والقَوْلُ الثَّالِثُ، يَلِيه الحاكِمُ. جزَم به الحَلْوانِيُّ ¬

(¬1) في الأصل: «يعدل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّبصِرَةِ»، فقال: وإذا خَرِبَ الوَقْفُ، ولم يَرُد شيئًا، أو خَرِبَ المَسْجِدُ وما حوْلَه، ولم يُنْتَفَعْ به، فللإِمامِ بَيعُه وصَرْفُ ثمَنِه في مِثلِه. انتهى. وقدَّم هذا في «الفُروعِ». ونصَرَه شيخُنا في «حَواشِي الفُروعِ»، وقوَّاه بأدِلَّةٍ وأقْيِسَةٍ. وعَمَلُ الناسِ عليه، واخْتارَه الحارِثِيُّ. وهذا ممَّا خالفَ المُصْطَلَحَ المُتقَدِّمَ. فعلى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو عُدِمَ النَّاظِرُ الخاصُّ، فقيل: يَلِيه الحاكِمُ. جزَم به في «التَّلْخيصِ»، والحارِثِيُّ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في كِتابِ البَيع. (¬1). [وذكَرَه نصَّ أحمدَ، وصاحبُ «الفُروع»، وهذا الصَّحيحُ منَ المذهب] (2). وقيل: يَلِيه المَوْقوفُ عليه مُطْلَقًا. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» أيضًا، في كتابِ الوَقْفِ، [وهو ظاهِرُ ما قطَع به الزَّرْكَشِيُّ، وحَكاه عنِ الأصحابِ. وكذا ما حكَيناه عنهم] (¬2). وأطْلَقهما في «الفائقِ». وقيل: يَلِيه المَوْقوفُ عليه، إنْ قُلْنا: يَمْلِكُه. وإلَّا فلا. اخْتارَه في «الرِّعايتَين». وجزَم به في «الفائقِ». قلتُ: ولعَلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. تنبيه: تلَخَّصَ لنا ممَّا تقدَّم في مَن يَلِي البَيعَ طُرُقٌ؛ لأنَّ الوَقْفَ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ على سُبُلِ الخَيراتِ أو لا؛ فإنْ كان على سُبُلِ الخَيراتِ ونحوه، فللأصحّابِ فيه طَريقان؛ أحدُهما، يَلِيه الحاكِمُ. قوْلًا واحِدًا. وهو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في كِتابِ الوَقْفِ. والطَّريقُ الثَّانِي، يَلِيه النَّاظِرُ، إنْ كان، ثم الحاكِمُ. وهي طريقَتُه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في كِتابِ البَيعِ وهو الصَّوابُ. وإنْ لم يَكُنِ الوَقْفُ على سُبُلِ الخَيراتِ، ففيه ¬

(¬1) في الأصل: «العدد». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طُرُقٌ للأصحابِ؛ أحدُها، يَليه النَّاظِرُ. قوْلًا واحدًا. وهي طريقَةُ المَجْدِ في «مُحَرَّرِه»، والزَّرْكَشِيِّ. وعَزاه إِلَى نصِّ أحمدَ، واختِيارِ الأصحّابِ. والطَّريقُ الثَّانِي، يَلِيه المَوْقوفُ عليه (1). قَوْلًا واحِدًا. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «عُقودِ ابنِ البَنَّا»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «مُصَنَّفِ ابنِ أبِي المَجْدِ»، كما تقدَّم. الطَّريقُ الثَّالثُ، يَليه الحاكِمُ. قوْلًا واحِدًا. وهي طَريقَةُ الحَلْوانِيِّ في «التَّبْصِرَةِ». الطَّريقُ الرَّابعُ، يَليه النَّاظِرُ الخاصُّ، إنْ كان، فإنْ لم يَكُنْ، فيَلِيه الحاكِمُ. قوْلًا واحِدًا. وهي طريقَةُ صاحِبِ «التَّلْخيصِ». الطَّريقُ الخامِسُ، هل يَليه النَّاظِرُ الخاصُّ؛ وهو المُقَدَّمُ، أو المَوْقوفُ عليه؛ فيه وَجْهان. وهي طريقَةُ النَّاظِمِ. الطَّريقُ السَّادِسُ، طريقَةُ صاحِبِ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، وهي، هل يَليه (¬1) المَوْقوفُ عليه؛ وهو المُقَدَّمُ، أو إنْ قُلْنا: يَمْلِكُه. واخْتارَه، أو النَّاظِرُ؛ على ثلاثَةِ أقْوالٍ. الطَّريقُ السَّابِعُ، هل يَليه المَوْقوفُ عليه، وهو المُقَدَّمَ، أو النَّاظِرُ؛ فيه وَجْهان. وهي طريقَتُه في «الحاوي الصَّغِيرِ». الطَّريقُ الثَّامِنُ، طريقَتُه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»؛ وهي، هل يَليه النَّاظِرُ الخاصُّ، إنْ كان هو المُقَدَّمُ، أو الحاكِمُ؟ حَكاه في كِتابِ الوَقْفِ، فيه قَوْلان. وإنْ لم يَكُنْ له ناظِر خاصٌّ، فهل يَليه الحاكِمُ؛ وهو المُقَدَّمُ قى كِتابِ البَيعِ، وذكَرَه أحمدَ؛ أو المَوْقوفُ عليه؛ وهو المُقَدَّمُ في كِتابِ الوَقْفِ، وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه. واخْتارَه، على ثلَاثةِ أقْوالٍ. الطَّريقُ التَّاسِعُ، هل يَليه الحاكِمُ مُطْلَقًا، وهو المُقَدَّمُ، أو المَوْقوفُ عليه؟ على وَجْهَين. وهي طَرِيقَةُ صاحبِ «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّريقُ العاشرُ، يَلِيه النَّاظِرُ الخاصُّ، إنْ كان. فإنْ لم يَكُنْ، فهل يَلِيه الحاكِمُ، أو المَوْقُوفُ عليه، إنْ قُلْنا: يَمْلِكُه؟ على وَجهَين مُطْلَقَين. وهي طَرِيقَةُ صاحِبِ «الفائقِ». فهذه اثْنَتا عَشْرَةَ طريقَةً؛ ثِنتْان فيما هو على سُبُلِ الخَيراتِ ونحوِه، وعَشَرَةٌ في غيرِه. الفائدةُ الثَّالثةُ: إذا بِيعَ الوَقْفُ واشْتُرِيَ بدَلُه، فهل يصِيرُ وَقْفًا بمُجَرَّدِ الشِّراءِ، أم لا بدُّ مِن تجْديدِ وَقْفِيَّته؟ فيه وَجْهان. وذكَرَهما ابنُ رَجَب في «قَواعِدِه» عن بعضِهم، فيما إذا أتْلَفَ الوَقْفَ مُتْلِفٌ، وأُخِذَتْ قِيمَتُه، فاشْتُرِيَ بها بدَلُه. وأطْلَقهما؛ أحدُهما، يصيرُ وَقْفًا بمُجَرَّدِ الشِّراءِ. قال الحارِثِيُّ، عندَ قوْلِ المُصَنِّفِ، في وَطْءِ الأمَةِ المَوْقُوفَةِ: إذا أوْلَدَها، فعليه القِيمَةُ يُشْتَرَى بها مِثلُها، يكونُ وَقْفًا. ظاهِرُه أنَّ البَدلَ يصيرُ وَقْفًا بمُجَرَّدِ (¬1) الشِّراءِ. النهي. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ هنا؛ لاقْتِصارِهم على بَيعِه وشِراءِ بدَلِه. وصرَّح به في «التَّلْخيصِ»، فقال في كِتابِ البَيعِ: ويُصْرَفُ ثَمَنُه في مِثلِه، ويصيرُ وَقْفًا، كالأوَّلِ. [وصرُّح به أيضًا في «الرِّعايَةِ» في مَوْضِعَين، فقال: فلناظِرِه الخاصِّ بَيعُه وصَرْفُ ثَمنِه في مِثلِه أو بعضِ مِثلِه، ويكونُ ما اشْترَاه وَقْفًا كالأوَّلِ] (¬2). وقال في أثْناءِ الوَقْف: فإنْ وَطِئَ، فلا حَدَّ، ولا مَهْرَ. ثم قال: وفي أُمِّ وَلَدِه تَعْتِقُ بمَوْتِه، وَتُؤْخَذُ قِيمَتُها مِن ترِكَتِه، يُصْرَف في مِثلِه، يكون بالشِّراءِ وَقْفًا مَكانَها. وهذا صريحٌ بلا شَكٍّ. وقال الحَلْوانِيُّ في «كِفَايةِ المُبْتَدِئ» (¬3): وإذا خَرِبَ الوَقْفُ، وانْعَدَمَتْ مَنْفَعَتُه، بِيعَ واشْتُرِيَ بثَمَنِه ما يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ، ¬

(¬1) في ط، ا: «بنفس». (¬2) سقط من: ط. (¬3) في الأصل، ط: «كتابه المبتدئ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكان وَقْفًا كالأوَّلِ. وقال في «المُبْهِجِ»: ويُشْتَرَى بثَمَنِه ما يكونُ وَقْفًا. قال شيخُنا؛ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ ابنُ قُنْدسٍ البَعْلِيُّ، في حَواشِيه على «المُحَرَّرِ»: الَّذي يظْهَرُ أنَّه متى وقَع الشراءُ لجِهَةِ الوَقْفِ على الوَجْهِ الشَّرعِيِّ، ولَزِمَ العَقْدُ، أنَّه يَصِيرُ وَقْفًا؛ لأنَّه كالوَكِيلِ في الشِّراءِ، والوَكِيلُ يقَعُ شِراؤُه للمُؤَكِّلِ، فكذا هذا يقَعُ شِراؤُه للجِهَةِ المُشْتَرَى لها، ولا يكونُ ذلك إلَّا وَقْفًا. انتهى. وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا بدَّ مِن تجْديد الوَقْفِيَّةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ فإنَّه قال: وإذا خَرِبَ الوَقْفُ، ولم يَرُدُّ شيئًا، بِيعَ واشْتُرِيَ بثَمَنِه ما يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ، وجُعِلَ وَقْفًا كالأوَّلِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُجَرَّدِ» أيضًا؛ فإنَّه قال: بِيعَتْ وصُرِفَ ثَمَنُها إلى شِراءِ دارٍ، وتُجْعَلُ وَقْفًا مَكانَها. قال الحارِثِيُّ: وبه أقولُ؛ لأنَّ الشِّراءَ لا يصْلُحُ سَببًا لإفادَةِ الوَقْفِ، فلابُدَّ للوَقْفِ مِن سَبَبٍ يُفِيدُه. انتهى. وأمَّا الزَّرْكَشِيُّ، فإنَّه قال: ومُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يصيرُ وَقْفًا بمُجَرَّدِ الشراءِ، بل لا بدَّ مِن إيقافِ النَّاظِرِ له، ولم أرَ المَسْأْلَةَ مُصَرحًا بها، وقيل: إنَّ فيها وَجْهَين. انتهى. الفائدةُ الرَّابعَةُ: اقْتَصَرَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ؛ وجماعَةٌ على ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ أنَّه لا يُشْترَطُ أنْ يُشْترَى مِن جِنْسِ الوَقْفِ الَّذي بِيعَ، بل أيُّ شيءٍ اشْتُرِيَ بثَمَنِه ممَّا يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ، جازَ. والذي قدَّمه في «الفُروع»، أنَّه يصْرِفُه في مِثلِه، أو بعضِ مِثلِه؛ فقال: ويصْرِفُه في مِثلِه، أو بعضِ مِثلِه، قاله أحمدُ. وقاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، كجِهَتِه. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: هو المذهبُ كما قال في الكِتابِ، ومَن عَداه مِنَ الأصحابِ. ونقَل أبو داودَ في

وَمَا فَضَلَ مِنْ حُصُرِهِ وَزَيتِهِ جَازَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، وَالصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَبِيسِ، يُشْتَرَى مِثلُه، أو يُنْفَقُ ثَمَنُه على الدَّوابِّ الحَبِيسِ. الخامسةُ، إذا بِيعَ المَسْجِدُ، واشْتُرِيَ به مَكانًا يُجْعَلُ مَسْجِدًا، فالحُكْمُ للمَسْجِدِ الثَّاني، ويَبْطُلُ حُكْمُ الأوَّلِ. السَّادسةُ، لا يجوزُ نَقْلُ المَسْجِدِ مع إمْكانِ عِمارَتِه دُونَ العِمارَةِ الأُولَى. قاله في «الفُنونِ»، وقال: أَفْتَى جماعَةٌ بخِلافِه. وغَلَّطَهم. السَّابعةُ، يجوزُ رَفْعُ المَسْجِدِ، إذا أرادَ أَكْثَرُ (¬1) أهْلِه ذلك، وجُعِلَ تحتَ سُفْلِه سِقايَةٌ وحوَانِيتُ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ، وأخَذ به القاضي. قاله الزَّرْكَشِيُّ، في كِتابِ الجِهادِ. وقيل: لا يجوزُ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ أرادَ أهْلُ مَسْجدٍ رَفْعَه عنِ الأرْضِ، وجَعْلَ سُفْلِه سِقايَةً وحَوانِيتَ، رُوعِيَ أَكْثرُهم، نصًّ عليه، وقيل: هذا في مَسْجِدٍ أرادَ أهْلُه إنْشاءَه كذلك، وهو أوْلَى. انتهى. واخْتارَ هذا ابنُ حامِدٍ، وأوَّلَ كلامَ أحمدَ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ورَدَّ هذا التَّاويلَ بعضُ مُحَقِّقِي الأصحابِ مِن وُجوهٍ كثيرةٍ. وهو كما قال. قوله: وما فضل مِن حُصُرِه وزَيتِه عَن حاجَتِه، جازَ صَرْفُه إلى مَسْجِدٍ آخَرَ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّدَقَةُ به على فُقَراءِ المُسْلمِين. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه وعنه، يجوزُ صَرْفُه [في مِثلِه دُونَ الصَّدَقَةِ به. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال أيضًا: يجوزُ صَرْفُه] (¬1) في سائرِ المَصالِحِ، وبِناءِ مَساكِنَ لمُسْتَحِقِّ رَيعِه القائمِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَجُوزُ غَرْسُ شَجَرَةٍ في الْمَسْجِدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَصْلَحَتِه. قال: وإنْ عُلِمَ أنَّ رَيعَه يفْضُلُ عنه دائمًا، وجَب صَرْفُه، ولا يجوزُ لغيرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الفاضِلِ. انتهى. وقال في «الفائقِ»: وما فضَل مِن حُصُرِ المَسْجِدِ أو زَيتِه، ساغ صَرْفُه إلى مَسْجِدٍ آخَرَ، والصَّدَقَة به على جِيرانِه. نصَّ عليه. وعنه، على الفُقَراءِ. وحكَى القاضي في صَرْفِه ومَنْعِه رِوايتَين. وكذا الفاضِلُ مِن جميعِ رَيعِه، يُصْرَفُ في مَسْجِدٍ آخَرَ. ذكَرَه القاضي في «المُجَردِ». قال القاضي أبو الحُسَينِ: وهو أصحُّ. فائدة: قال الحارِثِيُّ: فَضْلَةُ غَلَّةِ المَوْقوفِ على مُعَيَّنٍ، يتَعيَّنُ إرْصادُها. ذكَرَه القاضي أبو الحُسَينِ. قال الحارِثِيُّ: وإنَّما يتَأَتَّى فيما إذا كان الصَّرْفُ مُقَدَّرًا. وهو واضِحٌ. قوله: ولا يجوزُ غَرْسُ شَجَرَةٍ في المَسْجِدِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»،

فَإِنْ كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِيهِ، جَازَ الْأَكْلُ مِنْهَا. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وغيرِهم. وذكَر في «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، أنَّه يُكْرَهُ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: إنْ غُرِستْ بعدَ وَقْفِه، قُلِعَتْ، إنْ ضَيَّقَتْ مَوْضِعَ الصلاةِ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويحْرُمُ غرْسُها مُطْلَقًا. وقيل: إنْ ضيِّقَتْ، حَرُمَ، وإِلَّا كُرِهَ. فعلى المذهبِ، تُقْلَعُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ غُرِستْ بعدَ وَقْفِه، قُلِعَتْ. وقيل: إنْ ضيَّقَتْ مَوْضِعَ الصَّلاةِ، وإلَّا فلا. وتقدَّم كلامُه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وعلى المذهبِ أيضًا، يكونُ ثَمَرُها لمَساكِينِ أهْلِ المَسْجِدِ. قال في «الإرْشادِ»: قال الحارِثِيُّ: وهو المذهبُ. قال: والأقْرَبُ حِلُّه لغيرِهم مِنَ المَساكِينِ أيضًا. وقال كثير بِنَ الأصحابِ: هي (¬1) لمالِكِ الأرْضِ المَغْرُوسِ بها غَصْبًا. انتهى. قوله: فإنْ كانتْ مَغْرُوسَةً فيه، جازَ الأَكْلُ منها. يعْنِي، إذا كانتْ مغْروسَةً قبلَ بِنائِه، أو وْقَفَها معه. فإذا وقَفَها معه، وعيَّنَ مَصْرِفَها، عُمِلَ به، وإنْ لم يُعَيِّنْ مَصْرِفَها، كان حُكْمُها حُكمَ الوَقْفِ المُنْقَطِعِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ هنا: جازَ الأَكْلُ منها. وهذا منْصوصُ أحمدَ، في رِوايَةِ أبي طالِبٍ. وقدَّمه ¬

(¬1) سقط من: ط.

رَحِمَهُ اللهُ: إِذَا لَمْ تَكُنْ بِالْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إِلَى ثَمَنِهَا، فَإِنِ احْتَاجَ صُرِفَ ذَلِكَ في عِمَارَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقال في «الهِدايَةِ»، بعدَ أنْ قدَّم المَنْصوصَ: وعندِي أنَّ هذه الرِّوايَةَ مَحْمولَةٌ على ما إذا لم يَكُنْ بالمَسْجِدِ حاجَةٌ إلى ثَمَنِ ذلك؛ لأَنّ الجِيرانَ يَعْمُرونه ويَكْسُونه. وقطَع بما حمَلَه عليه أبو الخَطابِ في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفائقِ». واعْلَمْ أنَّ جماعَةً مِنَ الأصحابِ قالوا: يُصْرَفُ في مَصالِحِه، وإنِ اسْتُغْنِيَ عنها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلجارِه أَكْلُ ثَمَرِه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الفائقِ» وغيرِه. وقال جماعَةٌ: إذا اسْتَغْنَى عنها المَسْجِدُ، فلجارِه ولغيرِه الأَكْلُ منها. وقيل: يجوزُ الأَكْلُ للجارِ الفَقيرِ. وقيل: يجوزُ للفَقيرِ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فقال: وثَمَرُها لفُقَراءِ الدَّرْبِ. وتقدَّم في آخِرِ الاعْتِكافِ، هل يجوزُ البَيعُ والشِّراءُ في المَسْجِدِ أو يحْرُمُ؟ وهل يصِحُّ أو لا؟ فائدة: يحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ في المَسْجِدِ، فإنْ فُعِلَ، طُمَّ. نصَّ عليه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» في إحْياءِ المَواتِ. لم يَكْرَهْ أحمدُ حفْرَها فيه. ثم قال: قلتُ: بلَى، إنْ كُرِهَ الوُضوءُ فيه. انتهى. وقال الحارِثِيُّ، في الغَصْبِ: وإنْ حفَر بِئْرًا في المَسْجِدِ للمَصْلحَةِ العامَّةِ، فعليه ضَمانُ ما تَلِفَ بها؛ لأنَّه مَمْنوعٌ منه؛ إذِ المَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّة للصَّلاةِ، فتَعْطلُها عُدْوان. ونصَّ على المَنْعِ مِن رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. ويَحْتَمِلُ أنَّه كالحَفْرِ في السَّابِلَةِ؛ لاشْتِراكِ المُسْلِمِين في كلٍّ منهما، فالحَفْرُ في إحْداهما كالحَفْرِ في الأُخرَى، فتَجْرِي فيه رِوايَةُ ابنِ ثَوابٍ، بعدَمِ الضَّمانِ. انتهى. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وإنْ بنَى أو غرَس ناظِرٌ في وَقْفٍ، توَجَّهَ أنَّه له، إنْ أشْهَدَ، وإلَّا للوَقْفِ، ويتَوَجَّهُ في أجْنَبِيٍّ بنَى أو غرَس، أنَّه للوَقْفِ بنِيَّتِه. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يَدُ الواقِفِ ثابِتَةٌ على المُتَّصِلِ به، ما لم تَأْتِ حُجَّةٌ تدْفَعُ مُوجِبها؛ كمَعْرِفَةِ كَوْنِ الغارِسِ غرَسَه بمالِه بحُكْمِ إجارةٍ؛ أو إعارَةٍ أو غَصْبٍ. ويَدُ المُسْتَأْجِر على المَنْفَعَةِ، فليس له دَعْوَى البِناءِ بلا حُجَّةٍ، ويَدُ أهْلِ العَرْصَةِ المُشْتَرَكَةِ ثابِتَةٌ على ما فيها بحُكْمِ الاشْتِراكِ، إلَّا مع بَيِّنَةٍ باخْتِصاصِه ببِناءٍ، ونحوه.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب الهبة والعطية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَهِيَ تَمْلِيكٌ فِي حَيَاتِهِ بِغَيرِ عِوَضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الهِبَةِ والعَطِيَّةِ قوله: وهي تمْلِيكٌ في حَياتِه بغيرِ عِوَضٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وقيل: الهِبَةُ تقْتَضِي عِوَضًا. وقيل: مع عُرْفٍ. فلو أعْطاه ليُعاوضَه، أو ليَقْضِيَ له به حاجَةً، فلم يَفِ، فكالشَّرْطِ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عِوَضًا مَعْلُومًا، صَارَتْ بَيعًا. وَعَنْهُ، يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شرَط فيها عِوَضًا مَعْلُومًا، صارَتْ بَيعًا. حُكْمُها حُكْمُ البَيعِ في ثُبوتِ الخِيارِ، والشُّفْعَةِ، وغيرِهما. هذا المذهبُ. قال الحارِثِيُّ: قاله القاضي وأصحابُه. وليس مَنْصوصًا عنه، ولا عن مُتَقَدِّمِي أصحابِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهِدايَةِ». وقيل: هي بَيعٌ مع التَّقابُضِ. وعنه، يُغَلَّبُ فيها حُكْمُ الهِبَةِ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. وقال الحارِثِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، وهو الصحيحُ، وهو مَتِين جدًّا. وقال عنِ الأولِ: هو ضَعيفٌ جِدًّا. انتهى. قال القاضي: ليستْ بَيعًا، وإنَّما الهِبَةُ تارَةً تكونُ تبَرُّعًا، وتارَةً تكونُ بعِوَضٍ، وكذلك العِتْقُ، ولا يخْرُجان عن مَوْضوعِهما. قال في «الفُروعِ»:

وَإِنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَجْهُولًا، لَمْ تَصِحَّ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَال: يُرْضِيهِ بِشيْءٍ. فَعَلَى هَذَا، أنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، أَوْ فِي عِوَضِهَا إِنْ كَانَتْ تَالِفَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ شرَطَه، وكان معلُومًا، صحَّتْ، كالعارِيَّةِ. وقيل: بقِيمَتِها بَيعًا. وعنه، هِبَةً. انتهى. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، صِحَّةَ شَرْطِ العِوَضِ فيها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: لا تصِحُّ مُطْلَقًا. قوله: وإنْ شرَط ثَوابًا مَجْهُولًا، لم تصِحَّ. [يعْنِي الهبَةَ] (¬1). وهو المذهبُ، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنيه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابن عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ. قال في «الخُلاصَةِ»: لم يصِحَّ في الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه قال: يُرْضِيه بشيءٍ. فيصِحُّ. وذكَرَ ما الشَّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِيُّ الدِّينِ ظاهِرَ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ، نصَّ عليه مِن رِوايَةِ ابنِ الحَكَمِ، وإسْماعِيلَ بنِ سعيدٍ، وإليه ميلُ أبِي الخَطَّابِ. وصحَّح هذه الرِّوايَةَ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، فقال؛ فإنْ شرَطَه مَجْهولًا، صحَّتْ في الأصحِّ. قال في «الكُبْرَى»: وهو أوْلَى. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُرْضِيه، فإنْ لم يرْضَ، فله الرُّجوعُ فيها، فيرُدُّها (¬1) بزِيادَةٍ ونقْص. نصَّ عليه. فإنْ تَلِفَتْ، فقِيمَتُها يومَ التَّلَفِ. وهذا البِناءُ على هذه الروايَةِ هو الصَّحيحُ. صحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيل: يُرْضِيه بقِيمَةِ ما وهَبَه. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». قال الحارِثِيُّ: ويحْتَمِلُ وَجْهًا بالبِناءِ، وهو ما يُعَدُّ ثَوابًا لمثْلِه عادةً. فائدة: لو ادَّعَى شَرْطَ العِوَضِ، فأنْكَر المُتَّهِبُ، أو قال: وَهَبْتَنِي هذا. قال: بل بِعْتُكه. ففي أيِّهما يُقْبَلُ قوْلُه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، أحدُهما، يُقْبَلُ قولُ المُتَّهِبِ. وجزَم به في «الكافِي»، في المَسْأَلَةِ الأولَى. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وصحَّحَه، وقال: حكاه في «الكافِي»، وغيرُ واحدٍ. والوَجْهُ الثَّاني، القَوْلُ قولُ الواهِب. وأطْلَقهما في «التَّلْخيصِ»، في المَسْالةِ الأولَى. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَتَحْصُلُ الْهِبَةُ بِمَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ هِبَةً، مِنَ الإيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْمُعَاطَاةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتحْصُلُ الهِبَةُ بما يتعارَفُه النَّاسُ هِبَةً؛ مِنَ الإِيجابِ والقَبُولِ، والمُعاطاةِ المُقْتَرِنَةِ بما يدُلُّ عليها. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والمَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»، وغيرُهما، حتى إنَّ ابنَ عَقِيلٍ وغيرَه صحَّحُوا الهِبَةَ بالمُعاطاةِ، ولم يذْكُروا فيها الخِلافَ الذي في بَيعِ المُعاطاةِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. قال في «التَّلْخيصِ»: وهل يقُومُ الفِعْلُ مَقامَ اللفْظِ؟ يُخَرَّجُ على الرِّوايَةِ في البيعِ بالمُعاطاةِ، وأوْلَى بالصِّحَّةِ. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وتنْعَقِدُ بالمُعاطاةِ. وفي «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْني»، في الصَّداقِ: لا تصِحُّ إلا بلَفْظِ الهِبَةِ، والعَفْو، والتَّمْليكِ. وقال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: وفي العَفْو وَجْهان. وقال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: وألْفاظُها، وَهبْتُ، وأعْطتُ، وَملَّكْتُ. والقَبُولُ؛ قَبِلْتُ، أو تَملَّكْتُ، أو اتَّهَبْتُ. فإنْ لم يَكُنْ إيجابٌ ولا قَبُولٌ، بل إعْطاءٌ وأخْذٌ، كانتْ هَدِيَّةً، أو صدَقَةَ تطَوُّعٍ على مِقْدارِ العُرْفِ. انتهى. وقال في «الانْتِصارِ»، في غِذاءِ المَساكِينِ في الظِّهارِ: أطْعَمْتُكه كوهَبْتُكه. وذكَر القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، أن الهِبَةَ والعَطيَّةَ لا بدَّ فيهما مِنَ الإيجابِ والقَبُولِ، ولا تصِحُّ بدوُنِه، سواءٌ وُجِدَ القَبْضُ أو لم يُوْجَدْ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. قال في «الفائقِ»: وهو ضَعيف. وقدَّم في «الرِّعايتَين»، أنّه لا يصِحُّ بالمُعاطاةِ. وتقدَّم التَّنبِيهُ على هذه المَسْأَلَةِ في كتابِ البَيعِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو تَراخَى القَبُولُ عنِ الإيجابِ، صحَّ، ما داما في المَجْلِسِ، ولم يتَشاغَلا بما يقْطَعُه. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ». وقال في «الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وتنْعَقِدُ بالإيجابِ والقَبُولِ عُرْفًا. وقال الزَّرْكَشِيُّ: لو تقدَّم القَبُولُ على الإيجابِ، ففي صِحَّةِ الهِبَةِ رِوايَتان. انتهى. قلتُ: هي مُشابِهَة للبَيعِ، فيَأْتِي هنا ما في البَيعِ على ما تقدَّم. ثم وَجَدْتُ الحارِثِيَّ صرَّح بذلك، ولم يحْكِ فيه خِلافًا. الثانيةُ، يصِح أنْ يهَبَه شيئًا، ويَسْتَثْنِيَ نفعَه مُدَّةً معْلومَةً. وبذلك أجابَ المُصَنِّفٌ، واقْتَصرَ عليه في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين».

وَتَلْزَمُ بِالْقَبْض. وَعَنْهُ، تَلْزَمُ فِي غَيرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتلْزَمُ بالقَبْضِ. يعْنِي، ولا تلْزَمُ قبلَه. وهذا إحْدَى الرِّوايتَين، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والقاضي. [قال ابنُ مُنَجَّى، في «شَرْحِه»: هذا أصحُّ] (¬1). وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكُبْرَى»: تلْزَمُ الهِبَةُ، وتُمْلَكُ بالقَبْضِ، إنِ اعْتُبِرَ. وهو المذهبُ عندَ ابنِ أبِي مُوسى وغيرِه. وعنه، تَلْزَمُ في غيرِ المَكِيلِ والمَوْزونِ، بمُجَرَّدِ الهِبَةِ. قال الشَّارِحُ: وعلى قياسِ ذلك، المَعْدودُ والمَذْرُوعُ. قال في «الفُروعِ»: [وعنه، تَلْزَمُ في مُتَمَيِّزٍ بالعقْدِ] (¬1). اخْتارَه الأكْثَرُ. قال في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»: اخْتارَه القاضي وأصحابُه. قال ابنُ عَقِيلٍ: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا يفْتَقِرُ المُعَيَّنُ إلى القَبْضِ، عندَ القاضي وعامَّةِ أصحابِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه (¬1)، لا تلزَمُ إلَّا بإذْنِ الواهِبِ في القَبْضِ. ¬

(¬1) في ط: «وقيل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، صِحَّةُ الهِبَةِ بمُجَرَّدِ العَقْدِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وطائفَةٍ، أنَّ ما يُكالُ ويُوزَنُ لا يصِحُّ إلَّا مَقْبوضًا. قال الخِرَقِيُّ: ولا تصِحُّ الهِبَةُ والصَّدقَةُ، فيما يُكالُ ويُوزَنُ، إلَّا بقَبْضِه. قال في «الانْتِصارِ»، في البَيعِ بالصفَةِ: القَبْضُ رُكْنٌ في غيرِ المُتَعَيِّنِ، لا ينبَرِمُ العَقْدُ بدُونِه. نقَلَه الزَّرْكَشِيُّ، وصحَّحه الحارِثِيُّ. ويأْتِي كلامُ ابنِ عَقِيلٍ قَرِيبًا. الثَّاني، قوْلُه في المَكِيلِ والمَوْزونِ: لا تَلْزَمُ فيه إلَّا بالقَبْضِ. مَحْمولٌ على عُمومِه في كلِّ ما يُكالُ ويُوزَن. قال الشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ: وخصَّه أصحابُنا المُتأَخِّرون بما ليس بمُتَعَيِّنٍ فيه؛ كقَفِيرٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْلٍ مِن دَنٍ (¬1). قال: وقد ذكَرْنا ذلك في البَيعِ، ورَجَّحْنا العُمومَ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، تَلْزَمُ في مُتَمَيِّزٍ بالعَقْدِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هِبَةُ غيرِ المُتَعيِّنِ؛ كقَفِيرٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْل مِن زُبْرَةٍ، تفْتَقِرُ إلى القَبْضَ، بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) في ا: «زبرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تُمْلَكُ الهِبَةُ بالعَقْدِ أيضًا. قاله المُصَنفُ، ومَن تابعَه. ونقَلَه في «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «الفائقِ». وقاله أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، في مَوْضِع. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين»: قاله كثير مِنَ الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، وصاحِبُ «المُغْنِي»، و «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. وقيل: يتَوَقَّفُ المِلْكُ على القَبْضِ. [وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»] (¬1). قال في «الكافِي»: لا يثْبُتُ المِلْكُ للمَوهوبِ له في المَكِيلِ والمَوْزونِ إلَّا بقَبْضِه، وفيما عَداهما رِوايتان. وقال في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: مذهبُنا أنَّ المِلْكَ في المَوْهوبِ لا يثْبُتُ بدُونِ القَبْضِ. وفرَّع عليه، إذا د خَل وَقْتُ الغُروبِ مِن ليلَةِ الفِطْرِ، والعَبْدُ مَوْهوبٌ لم يُقْبَضْ، ثم قُبِضَ، وقُلْنا: يُعْتَبرُ في هِبَتِه القَبْضُ. ففِطْرَتُه على الواهِبِ. وكذا صرَّح ابنُ عَقِيلٍ أنَّ القَبْضَ رُكْن مِن أرْكانِ الهِبَةِ، كالإيجاب في غيرِها، وكلامُ الخِرَقِيِّ يدُلُّ عليه أيضًا. [قال ذلك في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأَرْبَعِين»] (¬2). وقيل: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقَعُ المِلْكُ مُراعًى؛ فإنْ وُجِدَ القَبْضُ، تبَيَّنَّا أنه كان للمَوْهوبِ بقَبُولِه، وإلَّا فهو للواهِبِ. وحُكِيَ عن ابنِ حامِدٍ، وفرَّع عليه حُكْمَ الفِطْرَةِ. قال ذلك في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعين». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، وهما رِوايَتان في «الانْتِصارِ»، في نَقْلِ المِلْكِ بعَقْدٍ فاسِدٍ. قال في «الفُروعِ»: وعليهما يُخَرَّجُ النَّماءُ. وذكَر جماعَةٌ، إنِ اتَّصَلَ القَبْضُ، فعلى المذهبِ، يجوزُ التَّصَرُفُ فيه قبلَ القَبْضِ، نصَّ عليه، والنَّماءُ للمُتَّهِبِ. وعلى القولِ الثَّاني، النَّماءُ للواهِبِ قبلَ القَبْضِ.

وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ إلا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ، إلا مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ، فَيَكْفِي مُضِيُّ زَمَن يَتَأَتَّى فيهِ قَبْضُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ حَتَّى يَأْذَنَ فِي الْقَبْضَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يصِحُّ القَبْضُ إلَّا بإذْنِ الواهِبِ. يعْنِي، إذا قُلْنا: إنَّ الهِبَةَ لا تلْزَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا بالقَبْضِ. وهدا المذهبُ بشَرْطِه الآتِي، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال في «التَّرْغِيبِ»: وفي صِحَّةِ قَبْضِه بدُونِ إذْنِه رِوايَتان، والإذْنُ لا يتَوَقَّفُ على اللَّفْظِ، بلِ المُناوَلَةُ والتَّخْلِيَةُ إذْن. وظاهِرُ كلامِ القاضي اعْتِبارُ اللَّفْظِ فيه. قاله الحارِثِيُّ. [وعنه، يصِحُّ القَبْضُ بغيرِ إذْنِه. قدّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»] (¬1). قوله: إلَّا ما كان في يَدِ المُتَّهِبِ، فيَكْفِي مُضِيُّ زَمَن يتَأتَّى قَبْضُه فيه. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والسَّامَرِّيُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «التَّلْخيصِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، ما كان في يَدِ المُتَّهِبِ يَلْزَمُ بالعَقْدِ. وهو المذهبُ. قال الشارِحُ: هذا الصَّحيحُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. وقدمه في «المُحَرّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النظْمِ»، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». قال في «الرِّعايتَين»: وهو أوْلَى. وكذا قال الحارِثِي. وعنه، لا يصِحُّ القَبْضُ حتى يأْذَنَ فيه أيضًا، ويَمْضِيَ زمَن يتَأتَّى قبْضُه فيه. جزَم به في «الخُلاصَةِ». واخْتارَه القاضي أيضًا. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَنِ اتَّهَبَ شيئًا في يَدِه، يُعْتَبَرُ قبْضُه، فقَبِلَه، اعْتُبِرَ إذْنُ الواهِب فيه على الأشهَرِ، ثم مُضِيُّ زَمنٍ يُمْكِنُ قَبْضُه فيه ليَمْلِكَه. وقيل: يُعْتَبَرُ مُضِي الزمنِ دُونَ إذْنِه. وأطْلَقَ الأولَى والثالِثَةَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وأطْلَقَ الثانِيَةَ والثَّالِثَةَ في «الكافِي».

وَإنْ مَاتَ الْوَاهِبُ، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الإذْنِ وَالرُّجُوعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: الاسْتِثْناءُ الثَّاني في كلامِ المُصَنِّفِ، مِن قوْلِه: وتَلْزَمُ بالقَبْضِ. لا مِن قوْلِه: ولا يصِحُّ القَبْضُ إلا بإذْنِ الواهِبِ. فائدتان؛ إحْداهما، صِفَةُ القَبْضِ هنا، كقَبْضِ المَبِيعِ. وعلى القَوْلِ بأنَّه لابُدَّ مِن مُضِيِّ مُدَّةٍ يتأتى قبْضُه فيها؛ فإن كان مَنْقولًا، فبمُضِيِّ مدَّةِ نقلِه فيها. وإنْ كان مَكِيلًا أو مَوْزونًا، فبمُضِيِّ مدَّةٍ يُمْكِنُ اكْتِيالُه واتِّزانُه فيها. وإنْ كان غيرَ منْقُولٍ، فبمُضِيِّ مُدَّةِ التخْلِيَةِ. وإن كان غائبًا، لم يَصِرْ مقْبوضًا حتى يُوافِيَه، هو أو وَكِيلُه، ثم تَمْضِيَ مُدة يُمْكِنُ قبْضُه فيها. وقد تقَّدم نَظيرُ ذلك في الرَّهْنِ. الثَّانيةُ، له أنْ يرْجِعَ في الإِذْنِ قبلَ القَبْضِ، وله أنْ يرْجِعَ في نَفْسِ الهِبَةِ قبلَ القَبْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما. وقيل: لا يصِحُّ الرُّجوعُ فيهما. قوله: وإنْ ماتَ الواهِبُ، قامَ وارِثُه مَقامَه في الإذْنِ والرُّجوعِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. واخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: يبْطُلُ عقْدُ الهِبَةِ. جزَم به في «الفُصولِ». وقدَّمه في «المُغْنِي» (¬1)، و «الشَّرْحِ»، و «النظْمِ»، و «الفائقِ». قال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: وهو المَنْصوصُ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، واخْتِيارُ ابنِ أبي مُوسى، وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ في الهِبَةِ، في الصِّحَّةِ، وأمَّا في المَرَضِ، إذا ماتَ قبلَ إقْباضِها، فجعَلا الورَثَةَ بالخِيارِ؛ لشَبَهِها بالوَصِيَّةِ. انتهى. فائدة: لو وهَب الغائبُ هِبَةً، وأنْفَذها مع رَسولِ المَوْهوبِ له، أو وَكِيلِه، ثم ماتَ الواهِبُ أو المَوْهوبُ له قبلَ وُصولِها، لَزِمَ حُكْمُها، وكانتْ للمَوْهوبِ له، لأنَّ قبْضَ الرسُولِ والوَكِيلِ كقَبْضِه. وإنْ أنْفَذها الواهِبُ مع رَسُولِ نفسِه، ثم ماتَ قبلَ وُصُولِها إلى المَوْهوبِ له، أو ماتَ المَوْهوبُ له، بطَلَتْ، وكانتْ للواهِبِ ولوَرَثَتِه، لعدَمِ القَبْضِ. وكذلك الحُكْمُ في الهَدِيةِ. نصَّ على ذلك. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله تعالى، بقَوْلِه: قامَ وارِثُه مَقامَه. أنَّ إذْنَ الواهِبِ يبْطُلُ بمَوْتِه. وهو صحيحٌ، وكذلك يبطُلُ إذنه بمَوْتِ المُتَّهِبِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو ماتَ المُتَّهِبُ قبلَ قَبُولِه، بطَل العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يبْطُلُ. الثَّانيةُ، يقْبِضُ الأبُ للطِّفْلِ مِن نَفْسِه، بلا نِزاعٍ، ولا يحْتاجُ إلى قَبُولٍ مِن نَفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويُكْتَفَى بقَوْلِه: وَهَبْتُه، وقَبَضتُه له. وقال القاضي: لابُدَّ في هِبَةِ الوَلَدِ أنْ يقولَ: قَبِلْتُه. وهو مَبْنِيٌّ على اشْتِراطِ القَبُولِ، على ما تقدَّم قَريبًا، والمذهبُ خِلافُه. وقال بعضُ الأصحابِ: يُكْتَفَى بأحَدِ لَفْظين؛ إمَّا أنْ يقولَ: قد قَبِلْتُه. أو: قبَضْتُه. وإنْ وهَب وَلِيٌّ غيرُ الأبِ، فقال أكثرُ الأصحابِ: لا بدَّ أنْ يُوَكِّلَ الواهِبُ مَن يقْبَلُ للصَّبِيِّ، ويقْبِضُ له؛ ليكونَ الإيجابُ مِنَ الوَلِيِّ، والقَبُولُ والقَبْضُ مِن غيرِه، كما في البَيعِ، بخِلافِ الأب؛ فإنَّه يجوزُ أنْ يُوجِبَ ويقْبَلَ ويقْبِضَ. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ عندي، أنَّ الأَبَ وغيرَه في هذا سَواءٌ. قال في «الفُروعِ»: وفي قَبْضِ وَلِيٍّ غيرِ الأبِ مِن نَفْسِه، رِوايتا شِرائِه وبَيعِه له مِن نَفْسِه. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ قَبْضُ الطِّفْلِ والمَجْنونِ لنَفْسِه ولا قَبُولُه، ووَلِيُّه يقومُ مَقامَه فيهما. فإنْ لم يَكُنْ له أبٌ، فوَصِيُّه، فإنْ لم يَكُنْ، فالحكمُ الأمِينُ، أو مَن يُقِيمُوه مَقامَهم. ولا يقومُ غيرُ هؤلاءِ الثَّلاثَةِ مَقامَهم. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ القَبُولُ والقَبْضُ مِن غيرِهم ¬

(¬1) المغني 8/ 253.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ عدَمِهم. الرَّابعَةُ، لا يصِحُّ مِنَ المُمَيِّزِ قَبْضُ الهِبَةِ ولا قَبُولُها. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، تبَعًا للحارِثِيِّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين، وعبيه مُعْظَمُ الأصحابِ. وعنه، يصِحُّ قبْضُه وقَبُولُه. اخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والحارِثِيُّ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): ويَحْتَمِلُ أنْ تقِفَ صِحَّةُ قَبْضِه على إذْنِ وَلِيِّه دُونَ القَبُولِ. وفرَّق بينَهما. وتقدَّم في الحَجْرِ، هل تصِحُّ هِبَتُه؟ والسَّفِيهُ كالمُمَيِّزِ [في ذلك] (¬2)، وأوْلَى بالصِّحَّةِ. والوَصِيَّةُ كالهِبَةِ في ذلك. الخامسةُ، قال القاضي في «المُجَردِ»: يُعْتَبرُ لقَبْضِ المُشاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فيه، فيكونُ نِصْفُه مَقْبوضًا تَملُّكًا، ونِصْفُ الشَّرِيكِ أمانَةً بيَدِه. انتهى. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والأرْبَعِين»: في «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، يكونُ نِصْفُ الشَّرِيكِ وَدِيعَةً عندَه. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: يكونُ قَبْضُ نِصْفِ الشَّرِيكِ ¬

(¬1) المغني 8/ 253. (¬2) زيادة من: ا.

وَإنْ أَبْرأَ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ مِن دَينِهِ، أوْ وَهَبَهُ لَهُ، أو أَحَلَّهُ مِنْهُ، بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَإنْ رَدَّ ذلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عارِيَّةً مَضْمونةً. انتهى. قلتُ: لو قيلَ: إنْ جازَ له أنْ يتَصرَّفَ، وتصَرَّفَ، كان عارِيَّةً، وإنْ لم يتَصرَّفْ، فوَدِيعةٌ. لكان مُتَّجِهًا. ثم وجَدْتُه في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والأرْبَعِين» حكَى كلامَه في «الفُنونِ» فقال: قال ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»: هو عارِيَّةٌ؛ حيثُ قبَضَه؛ ليَنْتَفِعَ به بلا عِوَضٍ. قال صاحبُ «القَواعِدِ»: وهو صحيحٌ، إنْ كان أذِنَ له في الانْتِفاعِ مجَّانًا، أمَّا إنْ طلَب منه أُجْرَةً، فهي إجارَةٌ، وإنْ لم يأْذَنْ له في الانْتِفاعِ، بل في الحِفْظِ، فوَدِيعَة. انتهى. وفيه نَظَر. فائدة: لو قال أحدُ الشَّرِيكَين للعَبْدِ المُشْتَرَكِ: أنت حَبِيسٌ على آخِرِنا مَوْتًا. لم يعْتِقْ بمَوْتِ الأوَّلِ منهما، ويكونُ في يَدِ الثَّاني عارِيَّةً، فإذا ماتَ عتَق. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والأرْبَعِين». قوله: وإنْ أبرَأ الغَرِيمُ غَرِيمَه مِن دَينه، أو وهَبَه له، أو أحَلَّه منه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكَذا إنْ أسْقَطَه عنه، أو ترَكَه له، أو ملَّكَه له، أو تصَدَّقَ به عليه، أو عَفا عنه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه- وإنْ رَدَّ ذلك ولم يَقْبَلْه. اعْلمْ أنَّه إذا أبْرأه (¬1) مِن دَينِه، أو وهَبَه له، أو أحَلَّه منه، ونحوَ ذلك، وكان المُبْرِيء والمُبْرأُ يعْلمان الدَّينَ، صحَّ ذلك، وبَرِئَ، وإنْ ردَّه ولم يقْبَلْه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يُشْترَطُ القَبُولُ. قال في «الفُروعِ»: وفي «المُغْنِي»: في إبْرائِها له مِنَ المَهْرِ، هل هو إسْقاطٌ، أو تَمْلِيكٌ؟ فيتَوَجَّهُ منه احْتِمال لا يصِحُّ به، وإنْ صحَّ اعْتُبِرَ قبولُه. وفي «المُوَجزِ»، و «الإيضاحِ»: لا تصِحُّ هِبَةٌ في عَينٍ. وقال في «المُغْنِي» (¬2): إنْ حلَف لا يهَبُه، فأبْرَأَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ الهِبَةَ تَمْلِيكُ عَينٍ. قال الحارِثِيُّ: تصِحُّ بلَفْظِ الهِبَةِ والعَطيَّةِ مع اقْتِضائِهما وُجودَ مُعَيَّنٍ، وهو مُنْتَفٍ؛ لإفْادَتِهما لمَعْنَى الإسْقاطِ هنا. قال: ولهذا لو وهَبَه دَينَه هِبَةً حقِيقَةً، لم يصِحَّ؛ لانْتِفاءِ مَعْنَى الإسْقاطِ، وانْتِفاءِ شَرْطِ الهِبَةِ. ومِن هنا، امْتنَع هِبَتُه لغيرِ مَن هو عليه، وامْتنَع إجْزاؤُه عنِ ¬

(¬1) في الأصل: «بدله». (¬2) المغني 13/ 494.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّكاةِ؛ لانْتِفاء حقِيقَةِ المِلْكِ. انتهى. وقال في «الانْتِصارِ»: إنْ أبْرَأَ مريضٌ مِن دَينِه، وهو كلُّ مالِه، ففي بَراءتِه مِن ثُلُثِه قبلَ دَفْعِ ثُلُثَيه، مَنْعٌ وتَسْليمٌ. انتهى. وأمَّا إنْ عَلِمَه المُبْرأ، بفَتْحِ الرّاءِ، أو جَهِلَه، وكان المُبْرِيء، بكَسْرِها، يَجْهَلُه، صحَّ، سواءٌ جَهِلَ قدْرَه، أو وَصْفَه، أو هما. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه النَّاظِمُ. قال في «القَواعِدِ»: هذا أشْهَرُ الرِّواياتِ. وعنه، يصِحُّ مع جَهْلِ المُبْرَأ، بفَتْحِ الرَّاءِ، دُونَ عِلْمِه. وأطْلَقَ، فيما إذا عرَفَه المدْيونُ، فيه الرِّوايتَين، في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وعنه، لا يصِحُّ ولو جهِلاه، إلَّا إذا تعَذَّرَ عِلْمُه. وقال في «المُحَررِ»: ويتَخَرجُ أنْ يصِح بكُلِّ حالٍ، إلَّا إذا عرَفَه المُبْرأُ، وظَنَّ المُبْرِئُ جَهْلَه به، فلا يصِحُّ. انتهى. وعنه، لا تصِحُّ البَراءَةُ مِنَ المَجْهولِ، كالبَراءَةِ مِنَ العَيبِ. ذكَرَها أبو الخَطابِ، وأبو الوَفاءِ، كما لو كتَمَه المُبْرأ؛ خْوفًا مِن أنَّه لو عَلِمَه المُبْرِيء، لم يُبْرِئه. قاله في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: فأما إنْ كان مَن عليه الحق يعْلَمُه ويكْتُمُه المُسْتَحِقَّ؛ خَوْفًا مِن أنَّه إذا عَلِمَه، لم يسْمَحْ بإبْرائِه منه، فيَنْبَغِي أنْ لا تصِحَّ البرَاءَةُ فيه؛ لأن فيه تغْريرًا بالمُبْرِئ، وقد أمْكَنَ التَّحَرُّزُ منه. انتهيا. وتابَعَهما الحارِثِيُّ، وقال: وظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ، الصِّحَّةُ مُطْلَقًا. قال: وهذا أقْرَبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، مِن صُوَرِ البَراءَةِ مِنَ المَجْهولِ، لو أبْرَأه مِن أحَدِهما، أو أبْرأَه أحدُهما. قاله الحَلْوانِيُّ، والحارِثِيُّ، وقالا: يصِحُّ، ويُؤْخَذُ بالبَيانِ، كطَلاقِه إحْداهما (¬1)، وعِتْقِه أحَدَهما. قال في «الفُروعِ»: يعْنِي، ثم يُقْرَعُ، على المذهبِ. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ وغيرُه: قال أصحابُنا: لو أبْرَأَه مِن مِائَةٍ، وهو يعْتَقِدُ أنْ لا شيءَ عليه، فكانَ له عليه مِائَةٌ، ففي صِحَّةِ البَراءَةِ وَجْهان. صحح النَّاظِمُ أنَّ البَراءَةَ لا تصِحُّ. قال الحارِثِيُّ: وهذا أظْهَرُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». أصْلُهما، لو باعَ مالًا لمَوْرُوثِه، يعتَقِدُ أنَّه حيٌّ، وكان قد ماتَ وانْتقَلَ مِلْكُه إليه، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل يصِحُّ البيعُ؟ فيه وَجْهان. وتقدَّم الصَّحيحُ منهما في كتابِ البَيعِ، بعدَ تصَرُّفِ الفُضُولِيِّ، فكذا هنا. وقال القاضي: أصْلُ الوَجْهَين؛ مَن باشَرَ امْرأةً بالطَّلاقِ، يظُنُّها أجْنَبيَّةً، فبانَتْ امْرأَتَه، أو واجَه بالعِتْقِ مَن يعْتَقِدُها حُرَّةً، فبانَتْ أمَتَه. ويأْتِي ذلك في آخَرِ بابِ الشَّكِّ في الطَّلاقِ. الثَّالثةُ، لا تصِحُّ هِبَةُ الدينِ لغيرِ مَن هو في ذِمَّتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ هنا. ويَحْتَمِلُ الصِّحَّة كالأعْيانِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ ومَن بعدَه. قال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ الصِّحَّةُ. قال الحارِثِيُّ: وهو أصحُّ. وهو المَنْصوصُ في رِوايَةِ حَرْبٍ، فذكَرَه إنِ اتَّصَلَ القَبْضُ به. وتقدم حُكْمُ هِبَةِ دَينِ السَّلَمِ في بابِه مُحَرَّرًا، فليُعاوَدْ. الرابعَةُ، لا تصِحُّ البَراءَةُ بشَرْطٍ. نصَّ عليه، في مَن قال: إنْ مِت، فأنت في حِلٍّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ ضَمَّ التَّاءَ، فقال: إنْ مِتُّ فأنت في حِلٍّ. فهو وَصِيَّةٌ. وجعَل الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، رَجُلًا في حِلٍّ مِن غِيبَتِه بشَرْطِ أنْ لا يعودَ، وقال: ما أحْسَنَ الشَّرْطَ. فقال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ فيهما رِوايَتان. وأخَذَ صاحِبُ «النَّوادِرِ» مِن شَرْطِه أنْ لا يعودَ، رِوايَةً في صِحةِ الإبراء بشَرْطٍ. وذكَر الحَلْوانِيُّ صِحَّةَ الإبراءِ بشَرْطٍ، واحْتَجَّ بنَصِّه المذكُور هنا أنَّه وَصِيَّةٌ، وأن ابنَ شِهاب، والقاضي قالا: لا يصِحُّ على غيرِ مَوْتِ المُبْرِئ، وأنَّ الأَوَّل أصح؛ لأنَّه إسْقاطٌ. وقدَّم الحارِثِيُّ ما قاله الحَلْوانِيُّ، وقال: إنَّه أصحُّ. الخامسةُ، لا يصِحُّ الإبراءُ مِنَ الدَّينِ قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبِه. ذكَرَه الأصحابُ، وجزَم جماعةٌ بأنَّه تَمْلِيكَ. ومنَع بعضُهم أنَّه إسْقاطٌ، وأنَّه لا يصِحُّ بلَفْظِ الإسْقاطِ، وإنْ سلَّمْناه، فكأنَّه مَلَّكَه إيَّاه، ثم سقَط. ومنَع أيضًا أنَّه لا يُعْتَبُر قَبُولُه، وإنْ سلَّمْناه؛ فلأنَّه ليس مالًا بالنِّسْبَةِ إلى مَن هو عليه. وقال: العَفْوُ عن دَمِ العَمْدِ تَمْلِيكٌ أيضًا. وفي صحيحِ مُسْلِمٍ (¬1)، أنَّ أبا اليَسَرِ الصَّحابِيَّ قال لغَريمِه: إذا وَجَدْتَ قَضاءً، فاقْضِ، وإلَّا فأنت في حِلٍّ. وأعْلَمَ به الوَلِيدَ بنَ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وابنَه، وهما تابِعِيَّان، فلم يُنْكِراه. قال في «الفُروعِ»: وهذا مُتّجِهٌ. واخْتارَه شيخُنا. السَّادِسَةُ، لو تَبارَآ، وكان لأحَدِهما على الآخرِ دَين مَكْتوبٌ، فادَّعَى أحدُهما اسْتِثْناءَه بقَلْبِه، ولم يُبْرِئْه منه، قُبِل قوْلُه، ولخَصْمِه تحْلِيفُه. ذكَرَه الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال في «الفُروعِ»: وتتَوَجَّهُ الرِّوايَتان في مُخالفَةِ النِّيَّةِ للعامِّ، بأيِّهما يُعْمَلُ. السَّابعةُ، قال القاضي ¬

(¬1) في: باب حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر، من كتاب الزهد والرقائق. صحيح مسلم 4/ 2302.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحِبُّ الدِّينِ بنُ نَصْر اللهِ، في حَواشِي «الفُروعِ»: الإبراءُ مِنَ المَجْهولِ عندَنا صحيحٌ، لكِنْ هل هو عامٌّ في جَميعِ الحُقوقِ، أو خاصٌّ بالأمْوالِ؟ ظاهِرُ كلامِهم أنَّه عامٌّ. قلتُ: صرح به في «الفُروعِ»، في آخرِ القَذْفِ، وقدَّمه. وقال الشيخُ عَبْدُ القادِرِ، في «الغُنْيَةِ»: لا يكْفِي الاسْتِحْلالُ المُبْهَمُ. ويأْتِي ذلك مُحَرَّرًا هناك.

وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمُشَاعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتصِحُّ هِبَةُ المُشاعِ. هذا المذهبُ المَقْطوعُ به، عندَ الأصحابِ قاطِبَةً. وفي طريقَةِ بعضِ الأصحابِ، ويتَخَرجُ لنا مِن عدَم إِجارَةِ المُشاعِ، أنَّه لا يصِحُّ رَهْنُه ولا هِبَتُه.

وَكُلِّ مَا يَجُوزُ بَيعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكلِّ ما يجوزُ بَيعُه. يعْنِي، تصِحُّ هِبَتُه. وهذا صحيحٌ، ونصَّ عليه. ومَفْهومُه، أنَّ ما لا يجوزُ بَيعُه لا تجوزُ هِبَتُه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ» واخْتارَه القاضي. وقيل: تصِحُّ هِبَةُ ما يُباحُ الانْتِفاعُ به مِنَ النَّجاساتِ. جزَم به الحارِثِيُّ. [وتصِحُّ هِبَةُ] (¬1) الكَلْبِ. جزَم به في «المُغْني»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه الحارِثِيُّ. قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثمانِين»: وليس بينَ القاضي وصاحِبِ «المُغْنِي» خِلافٌ في الحقيقَةِ؛ لأنَّ نقْلَ اليَدِ في هذه الأعْيانِ جائزٌ، كالوَصِيَّةِ، وقد صرَّح به القاضي في «خِلافِه». انتهى. نقَل حَنْبَل، في مَن أهْدَى إلى رَجُل كَلْبَ صَيدٍ، تَرَى أنْ يُثِيبَ عليه؟ قال: هذا خِلافُ الثمَنِ، هذا عِوَضٌ مِن شيءٍ، فأمَّا الثمَنُ، فلا. وأطلَقَ في الكَلْبِ المُعَلَّمِ وَجْهَين في «الرِّعايَةِ»، و «القَواعِدِ الفِقهِيَّةِ». وقيل: وتصِحُّ أيضًا هِبَةُ جِلْدِ المَيتَةِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ويظْهَرُ لي صِحَّةُ هِبَةِ الصُّوفِ على الظَّهْرِ، قوْلًا واحِدًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لا تصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الوَلَدِ، إنْ قُلْنا: لا يجوزُ بيعُها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقيل: يصِحُّ هنا، مع القَوْلِ بعدَمِ صِحَّةِ بَيعِها. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». قلتُ: يَنْبَغِي أنْ يُقَيَّدَ القَوْلُ بالصِّحَّةِ؛ بأنْ يكونَ حُكْمُها حُكمَ الإماءِ في الخِدْمَةِ ونحوها، إلى أنْ يموتَ الواهِبُ، فتَعْتِقَ، وتَخرُجَ مِن الهِبَةِ.

وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تصِح هِبَةُ المَجْهُولِ. اعْلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ هِبَةَ المَجْهولِ كالصُّلْحِ عنِ المَجْهولِ، على ما تقدَّم في بابِ الصُّلْحِ عندَ قوْلِه: ويصِحُّ الصُّلْحُ عنِ المَجْهولِ بمَعْلومٍ. وعليه الأصحابُ. [اعْلمْ أنَّ المَوْهوبَ المَجْهولَ؛ تارَةً يتعَذَّرُ عِلْمُه، وتارَة لا يتَعذَّرُ عِلْمُه، فإنْ تعَذَّرَ عِلْمُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكمُ الصُّلْحِ على المَجْهولِ المُتعَذَّر عِلْمُه، كما تقدَّم. وهو الصِّحَّةُ. قطَع به في «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وأكثرِ الأصحابِ، أنَّه لا يصِحُّ؛ لإطلاقِهم عدَمَ الصِّحةِ في هِبَةِ] (¬1) ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [المَجْهولِ، مِن غيرِ تَفْصيلٍ. وهو ظاهِرُ رِوايَةِ أبِي داودَ، وحَرْبِ الآتِيَتَين. وإنْ لم يتَعذَّرْ عِلْمُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وأكثرُهم قطع به. نقَل حَرْبٌ، لا تصِحُّ هِبَةُ المَجْهولِ. وقال في رِوايَةِ حَرْب أيضًا: إذا قال: شَاةً مِن غَنَمِى. يعْنِي، وَهَبْتُها له، لم يَجُزْ] (¬1). وقال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنَّ الجَهْلَ [إذا كان] (¬2) مِنَ الواهِبِ، مَنَعَ الصِّحَّةَ، وإنْ كان مِنَ المَوْهوبِ له، لم يَمْنَعْها. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وتصِحُّ هِبَةُ المَجْهولِ؛ كقَوْلِه: ما أخَذْتَ مِن مالِي، فهو لك. أو مَن وجَد شيئًا مِن مالِي، فهو له. واخْتارَ الحارِثِيُّ صِحةَ هِبَةِ المَجْهولِ. فائدة: لو قال: خُذْ مِن هذا الكِيسِ ما شِئْتَ. كان له أخْذُ ما فيه جميعًا. ولو قال: خُذْ مِن هذه الدَّراهِمِ ما شِئْتَ. لم يَمْلِكْ أخْذَها كلِّها؛ إذِ الكِيسُ ظَرْفٌ، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) سقط من: الأصل.

وَلَا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْط، وَلَا شَرْطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا، نَحْوَ أَلَّا يَبِيعَهَا وَلَا يَهَبَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا أخذَ المَظْروفَ، حَسُنَ أنْ يقولَ: أخَذْتُ مِنَ الكِيسِ ما فيه. ولا يحْسُنُ أنْ يقولَ: أخَذْتُ مِنَ الدَّراهِمِ كلَّها. نقَلَه الحارِثِيُّ عن «نَوادِرِ ابنِ الصَّيرَفِيِّ». قوله: ولا ما لا يقْدِرُ على تَسْلِيمِه. يعْنِي، لا تصِحُّ هِبَتُه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: تصِحُّ هِبَتُه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِن هذا القَوْلِ، جَوازُ هِبَةِ المَعْدومِ وغيرِه. قلتُ: اخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ هِبَةِ المَعْدومِ؛ كالثَّمَرِ، واللَّبَنِ بالسَّنَةِ. قال: واشْتِراطُ القُدْرَةِ على التَّسْليمِ هنا، فيه نظَرٌ، بخِلافِ البَيعِ. قوله: ولا يجوزُ تَعْلِيقُها على شَرْطٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا ما اسْتَثْناه، وقطَع به أكثرُهم. وذكَر الحارِثِيُّ جوازَ تعْليقِها على شَرْطٍ. قلتُ: واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. ذكَرَه عنه في «الفائقِ».

وَلَا توْقِيتُهَا، كَقَوْلِهِ: وَهَبْتُكَ هَذَا سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ولا شَرْطِ ما يُنافِي مُقْتَضاها؛ نحوَ، أنْ لا يبيِعَها، ولا يَهَبَها. هذا الشَّرْطُ باطِل، بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل تصِحُّ الهِبَةُ، أمْ لا؟ فيه وَجْهان؛ بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ في البَيعِ، على ما تقدَّم. [والصَّحيحُ مِنَ المذهب الصِّحَّةُ] (¬1). قوله: ولا تَوقِيتُها، كقَوْلِه: وَهَبْتُك هذا سَنَةً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا ما اسْتَثْناه المُصَنِّفُ. وذكَر الحارِثِيُّ الجوازَ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينَ. ¬

(¬1) زيادة من: ا. 45

إلا فِي الْعُمْرَى؛ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ. أوْ: أَرْقَبْتُكَهَا. أَوْ: جَعَلْتُهَا لَكَ عُمُرَكَ. أوْ: حَيَاتَكَ. فَإنَّهُ يَصِحُّ، وَتَكُونُ لِلْمُعْمَرِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا في العُمْرَى؛ وهو أنْ يقُولَ: أعْمَرْتُك هذه الدَّارَ، أوْ أرْقَبْتُكها، أوْ جَعَلْتُها لك عُمْرَك، أو حَياتَك. وكذا قوْلُه: أعْطَيتُكها. أو جعَلْتُها لك عُمْرَى، أو رُقْبَى أو ما بَقِيتَ -فإنَّهُ يصِحُّ، وتكونُ للْمُعْمَرِ- بفَتْحِ الميمِ- ولوَرَثَتِه مِن بعدِه. هذه العُمْرَى، والرُّقْبَى. وهي صحيَحةٌ بهذه الألْفاظِ، وتكونُ للمُعْمَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولوَرَثَتِه مِن بعدِه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِيُّ: العُمْرَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْروعَةُ (¬1)، أنْ يقولَ: هي لك ولعَقِبك مِن بعدِك لا غيرُ. ونقَل يَعْقُوبُ، وابنُ هانِيء، مَن يُعْمَرُ الجارِيَةَ، هل يطَؤها؟ قال: لا أراه. وحمَلَه القاضي على الوَرَعِ؛ لأنَّ بعضَهم جعَلَها تَمْلِيكَ المَنافِعِ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثلاثين بعدَ المِائَةِ»: وهو بعيدٌ. والصَّوابُ تحْريمُه، وحَمْلُه على أنَّ المِلْكَ بالعُمْرَى قاصِرٌ. فائدة: لو لم يَكُنْ له وَرَثَةٌ، كان لبَيتِ المالِ. ¬

(¬1) في ط: «الشرعية».

وَإِنْ شَرَطَ رَجُوعَهَا إلَى الْمُعْمِرِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ قَال: هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا. صَحَّ الشَّرْطُ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ، وَتَكُونُ لِلْمُعْمَرِ وَلِوَرَثَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شرَط رُجوعَها إلى الْمُعْمِرِ -بكَسْرِ الميمِ- عندَ مَوْتِه، أوْ قال: هِى لآخِرِنا مَوْتًا. صَحَّ الشَّرْطُ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا يصِحُّ الشرْطُ، وتكونُ للمُعْمَرِ -بفَتْحِ الميمِ- ولورَثَتِه مِن بعدِه. وهو المذهبُ. قال المُصَنفُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ، نص عليه في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ. قال في «الفائقِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى». وأطْلَقَهما في «التَّلْخيص»، و «الشرْحِ». قال الحارِثِيُّ، عن المَسْأَلَةِ الأُوْلَى: هو المذهبُ. وقال عن الثَّانِيَةِ: لا تصِح الرِّوايَةُ عن أحمدَ بصِحَّةِ الشَّرْطِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مِن لازِمِ صِحَّةِ الشرْطِ، صِحَّةُ العَقْدِ، ولا عَكْسَ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ العَقْدَ في هذه المَسْأَلَةِ صحيحٌ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «الفائقِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. وعنه، لا يصِحُّ العَقْدُ أيضًا. قال الحارِثِيُّ: وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه وَجْهًا ببُطْلانِ العقْدِ لبُطْلانِ الشرْطِ، كالبَيعِ، ولا يصِحُّ. انتهى. فائدة: لا يصِحُّ إعْمارُه المَنْفعَةَ، ولا إرقابُها، فلو قال: سُكْنَى هذه الدَّارِ لك عُمْرَك. أو غلَّةُ هذا البُسْتانِ. أو خِدْمَةُ هذا العَبْدِ لك عُمْرَك. أو منَحْتُكه عُمْرَك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو هو لك عُمْرَك. فذلك عارِيَّةٌ، له الرُّجوعُ فيها (¬1) متى شاءَ في حَياتِه أو بعدَ مَؤتِه. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. ونقَل أبو طالِبٍ، إذا قال: هو وَقفٌ على فُلانٍ، فإذا ماتَ، فلوَلَدِي، أو لفُلانٍ. فكما لو (¬2) قال: إذا ماتَ، فهو لوَلَدِه، أو لمَن أوْصَى له الواقِفُ، ليس يَمْلِكُ منه شيئًا، إنَّما هو لمَن وقَفَه، يضَعُه حيث شاءَ، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مثلَ السُّكْنَى، والسُّكْنَى متى شاءَ رجَع فيه. ونقَل حَنْبَل، في الرُّقْبَى والوَقْفِ، إذا ماتَ، فهو لورَثَتِه، بخِلافِ السُّكْنَى. ونقَل حَنْبَل أيضًا، العُمْرَى والرُّقْبَى والوَقْفُ مَعْنًى واحدٌ؛ إذا لم يَكُنْ فيه شَرْط، لم يرْجِعْ إلى ورَثَةِ المُعْمَرِ، وإنْ شرَط في وَقْفِه أنَّه له حَياتَه، رجَع، وإنْ جعَلَه له حَياتَه وبعدَ مَوْتِه، فهو لورَثَةِ الذي أعْمَرَه، وإلَّا رجَع إلى وَرَثَةِ الأوَّلِ. وتقدَّم حُكْمُ الوَقْفِ المُؤقَّتِ.

فَصْلٌ: وَالْمَشْرُوعُ فِي عَطِيَّةِ الأوْلَادِ الْقِسْمَةُ بَينَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمَشْروعُ في عَطيَّةِ الأوْلادِ القِسْمَةُ بينَهم على قَدْرِ مِيراثِهم. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ أبِي داودَ، وحَرْبٍ، ومحمدِ بنِ الحَكَمِ، والمَرُّوذِيِّ، والكَوْسَجِ، وإسْحاقَ بنِ إبْراهيمَ، وأبِي طالِبٍ، وابنِ القاسِمِ، وسِنْدِيٍّ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الزَّرْكَشِىيِّ». وقدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايَةِ»، و «الحارِثِي»، وغيرِهم. وعنه، المَشْروعُ أنْ يكونَ الذَّكرُ كالأُنْثَى، كما في النَّفَقَةِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، والحارِثِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي «الواضِحِ» وَجْهٌ، تُسْتَحَبُّ التَّسْويَةُ بينَ أبٍ وأُمٍّ، وأخٍ وأُخْتٍ. قال في رِوايةِ أبِي طالِبٍ: لا يَنْبَغِي أنْ يُفَضِّلَ أحدًا مِن وَلَدِه في طَعام ولا غيرِه، كان (¬1) يُقالُ: يعْدِلُ بينَهم في القُبَلِ. قال في «الفُروعِ»: فدخَل فيه نظَرُ وَقفٍ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ولا يجبُ على المُسْلِمِ التسْويَةُ بينَ أوْلادِه الذِّمَّةِ (¬2). ¬

(¬1) في ط: «كما». (¬2) قومٌ ذمَّةٌ: مُعاهَدون، أي ذوو ذمَّةٍ، وهو: الذِّم. اللسان 12/ 221.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، يَحْتَمِلُ قوْلُه: في عَطِيَّةِ الأوْلادِ. دُخولَ أوْلادِ الأوْلادِ، ويُقَوِّيه قوْلُه: القِسْمَةُ بينَهم على قَدْرِ إرْثِهم. فقد يكونُ في وَلَدِ الولدِ مَن يَرِثُ. وهذا المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنَّ هذا الحُكْمَ مَخْصوصٌ بأوْلادِه لصُلْبِه. وهو وَجْهٌ. وذكَر الحارِثِيُّ، لا وَلَدَ بَنِيه (¬1) وبَناتِه. الثَّاني، قُوَّةُ كلامِ المُصَنِّفِ تُعْطِي أنَّ فِعْلَ ذلك على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وهو قوْلُ القاضي في «شَرْحِه». وتقدَّم كلامُه في «الواضِحِ». والصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ؛ أنَّه إذا فعَل ذلك يجِبُ عليه، ولا يَأْباه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «النظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعَ»، و «الحارِثِيِّ». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال: هو المذهبُ. الثَّالثُ، مَفْهومُ قوْلِه: والمَشْروعُ في عَطيةِ الأوْلادِ. أنَّ الأقارِبَ الوارِثِين غيرَ الأوْلادِ، ليس عليه التَّسْويَةُ بينَهم. وهو اخْتِيارُ المُصَنفِ، والشَّارِحِ. قال في «الحاوي الصغِيرِ»: وهو أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»، فإنَّه قال: يجِبُ التَّعْديلُ في عطيةِ أوْلادِه بقَدْرِ إرْثهم منه. قال الحارِثِيُّ: هو المذهبُ، وعليه المُتَقدمون؛ كالخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، وابنِ أبِي مُوسى. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. انتهى. والصَّحيحُ أنَّ حُكْمَ الأقارِبِ الوُرَّاثِ في العَطِيَّةِ، كالأوْلادِ. نصَّ عليه، وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروع»، وقال: اخْتارَه الأكثر. وأمَّا الزَّوْجُ والزَّوْجَةُ، فلا يدْخُلان في لَفْظِ الأولادِ والأقارِبِ، بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، فهم خارِجُون مِن هذه الأحْكامِ. صرَّح به في «الرعايَةِ» وغيرِها، وهو ظاهِرُ كلامِ الباقين. الرَّابعُ، ظاهِرُ كلام المُصَنفِ مَشْروعِيَّةُ التَّسْويَةِ في الإعْطاءِ، سواءٌ كان قليلًا أو كثيرًا، وسواءٌ كانوا كلُّهم فُقَراءَ أو بعضُهم. واعْلمْ أنَّ الإمامَ أحمدَ نصَّ على أنَّه يُعْفَى عن الشَّيءِ التَّافِهِ. وقال القاضي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: يُعْفَى عن الشَّيءِ اليَسيرِ. وعنه، يجِبُ التسْويَةُ أيضًا فيه، إذا تَساوَوْا في الفَقْرِ أو الغِنَى.

فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ أوْ فَضَّلَهُ، فَعَلَيهِ التَّسْويَةُ بِالرُّجُوعِ أَوْ إِعْطَاءِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ خَصَّ بعضَهم أو فضلَه، فعليه التَّسْويَةُ بالرُّجوعِ أو إعْطاءِ الآخَرِ حتى يَسْتَوُوا. هذا المذهبُ مُطلَقًا، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعٍ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ عليه في روايَةِ يُوسُف بنِ مُوسى، وهو ظاهِرُ كلامَ الأكْثَرِين. انتهى. قال الحارِثِيُّ: وهو ظاهِرُ إيرادِ الكتابِ والأصحابِ. ونصَرَه. وتحْريمُ فِعْلِ ذلك، في الأوْلادِ وغيرِهم مِنَ الأقاربِ، مِنَ المُفْرَداتِ. وقيل: إنْ أعْطاه لمَعْنًى فيه؛ مِن حاجَةٍ، أو زَمانَة، أو عَمًى، أو كثرَةِ عائلَة، أو لاشْتِغالِه بالعِلمِ ونحوه، أو منَع بعْضَ وَلَدِه لفِسْقِه، أو بِدْعَتِه، أو لكَوْنِه يعْصِي الله بما يأخُذُه ونحوُه، جازَ التَّخْصيصُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، واقْتَصرَ عليه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، إلَّا أنْ تكونَ النسْخَةُ مَغلوطَةً. وقطَع به النَّاظِمُ. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال: هو ظاهِرُ كلامِه. قلتُ: قد رُوِيَ عن أحمدَ ما يدُلُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ذلك؛ فإنَّه قال في تَخْصيصِ بعضِهم بالوَقْفِ: لا بأَسَ إذا كان لحاجَةٍ، وأكْرَهُه، إذا كان على سَبِيلِ الأَثرَةِ. والعَطِيَّةُ في معْنَى الوَقْفِ. قلتُ: وهذا قَويٌّ جدًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فعليه التَّسْويَةُ بالرُّجوعِ أو إعْطاءِ الآخَرِ. هذا المذهبُ، أعْنِي، أنَّ التَّسْويَةَ؛ إمَّا بالرَّجوعِ، وإمَّا بالإعْطاءِ. قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، وغيرِهم. ولم يذْكُرِ الإمامُ أحمدُ في رِوايَةٍ إلَّا الرُّجوعَ فقط. وقاله الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْر. قال الحارِثيُّ: والأظْهَرُ أنَّ المَنْقولَ عن أحمدَ ليس قوْلَين مُخْتَلِفَين، إنَّما هو اخْتِلافُ حالين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قولِه: أو إعْطاء الآخَرِ. ولو كان إعْطاؤُه في مَرضِ الموْتِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال الشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. وصحَّحه في «الفائقِ».

فَإن مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثَبَتَ لِلْمُعْطَى. وَعَنْة، لَا يَثْبُت، وَلِلْبَاقِينَ الرُّجُوعُ. اخْتَارَة أَبُو عَبْدِ اللهِ بن بَطَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: أوْلَى القَوْلَين، الجوازُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، لا يُعْطِي في مرَضِه. وهو (¬1) قول قدمه في «الرِّعايتَين». قال الحارِثِيُّ: أشْهَرُ الرِّوايتَين، لا يصِح. نصَّ عليه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ، ويُوسُفَ بنِ مُوسى، والفَضْلِ بنِ زِيادٍ، وعَبْدِ الكَرِيمِ بنِ الهَيثَمِ، وإسْحاقَ بن إبْراهِيمَ. ونقَل المَيمُونِيُّ وغيرُه، لا ينْفُذُ. وقال أبو الفَرَجِ وغيرُه: يُؤمَرُ برَدِّه. فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ التَّخْصِيصُ بإذْنِ الباقِي. ذكَرَه الحارِثِي، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّانية، يجوزُ للأبِ تَمَلُّكُه بلا حِيلَةٍ. قدَّمه الحارِثِيُّ، وتابَعه في «الفُروعِ». ونقَل ابنُ هانيِء، لا يُعْجِبُنِي أنْ يأْكُلَ منه شيئًا. قوله: فإنْ ماتَ قبلَ ذلك، ثبَت للمُعْطَى. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْر، والخِرَقِي، والقاضِي، وأصحابُه، ومَن بعدَهم. قاله الحارِثِيُّ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايتَين»: ¬

(¬1) في ط: «وهي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يرْجِعَ الباقُون على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنَ رَزِينٍ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وعنه، لا يثْبُت، وللباقِين الرُّجوعُ. اخْتارَه أبو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ، وصاحِبُه أبو حَفْص (¬1) العُكْبَرِيَّان، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، ¬

(¬1) في ا: «جعفر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وأما الوَلَدُ المُفَضَّلُ، فيَنْبَغِي له الردُّ بعدَ الموتِ، قوْلًا واحدًا. قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»: يُسْتَحَبُّ للمُعْطَى أنْ يُساويَ أخاه في عَطِيَّتِه. وحُكِيَ عن أحمدَ بُطْلانُ العَطِيَّةِ. واخْتارَه الحارِثِيُّ، وذكَر أنَّ بعضَهم نَقَلَه عن أحمدَ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في الصحةِ رِوايتَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: حُكْمُ ما إذا وُلِدَ له وَلَدٌ بعدَ موْتِه، حُكْمُ مَوْتِه قبلَ التَّعْديلِ المذْكُورِ بالإعْطاءِ أو الرُّجوعِ. واخْتارَ الحارِثِيُّ هنا عدَمَ الوُجوبِ (¬1)، وقال: إنْ حدَث بعدَ الموتِ، فلا رُجوعَ للحادِثِ على إخْوَتِه. وقاله الأصحابُ أيضًا. وفي «المُغْني» (¬2) تُسْتَحَبُّ التَّسْويَة بينَهم وبينَه. الثَّانيةُ، محَلُّ ما تقدَّم، إذا فعَلَه في غيرِ مرَضِ المَوْتِ، فأمَّا إنْ فعَلَه في مرَضِ الموتِ، فإنَّهم يرْجِعُون. قال في «الرِّعايَةِ»: فإنْ فعَل ذلك في مَرضِ ¬

(¬1) في ط: «الرجوع». (¬2) انظر: المغني 8/ 272.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موْتِه، فلهم الرُّجوعُ فيه. الثَّالِثَةُ، لا تجوزُ الشَّهادَةُ على التَّخْصِيصِ، [لا تحَمُّلًا ولا أداءً] (¬1). قاله في «الفائقِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: قاله الأصحابُ، ونصَّ عليه. قال في «الرعايَةِ»: إنْ عَلِمَ الشُّهودُ جَوْرَه وكَذِبَه، لم يتَحَمَّلُوا الشَّهادَةَ، وإنْ تحَمَّلُوها ثم عَلِمُوا، لم يُؤدُّوها في حَياته، ولا بعدَ مَوْته، ولا إثْمَ عليهم بعدَمِ (¬2) الأداءِ، وكذا أنْ جَهِلُوا أنَّ له وَلَدًا آخَرَ، ثم عَلِمُوه. قلتُ: بلَى، أنْ قُلْنا: قد ثبَت المَوْهوبُ لمَن وهَبَ له، وإلَّا فلا. انتهى. قال الحارِثِيُّ: والعِلْمُ بالتَّفْضِيلِ أو التَّخْصِيصِ يَمْنَعُ تحَمُّلَ الشَّهادَةِ وأداءَها مُطْلَقًا. حكاه الأصحابُ، ونصَّ عليه. الرَّابعَةُ، لا يُكْرَهُ للحَيِّ قَسْمُ مالِه بينَ أوْلادِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: نقَلَه الأكثرُ. وعنه، يُكْرَهُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويُكْرَهُ أنْ يقْسِمَ أحَدٌ ماله في حياتِه بينَ ورَثَتِه، إذا أمْكَنَ أنْ يُولَدَ له. وقطَع به. وأطْلَقهما الحارِثِيُّ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، لا يُعْجِبُنِي، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تحملًا وآداء». (¬2) في الأصل، ط: «بعد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو حدَثَ له وَلَدٌ، سَوَّى بينَهم ندْبًا. قال في «الفُروعِ»: قدَّمه بعضُهم. وقيل: وُجوبًا. قال الإمامُ أحمدُ: أعْجَبُ إليَّ أنْ يُسَوِّىَ بينَهم. واقْتَصرَ على كلامِ الإِمامِ أحمدَ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: يتَعَيَّنُ عليه أنْ يُسَوِّيَ بينَهم.

وَإنْ سَوَّى بَينَهُمْ فِي الْوَقْفِ، أوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ، جَازَ. نصَّ عَلَيهِ. وَقِياسُ الْمَذْهَبِ، أَنْ لَا يَجُوزَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سَوَّى بينهم في الوَقْفِ، أو وقَف ثُلُثَه في مَرَضِه على بعضِهم، جازَ، نَصَّ عليه. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مَسْأَلتَين؛ إحْداهما، إذا سَوَّى بينَهم في الوَقْفِ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: المذهبُ الجوازُ. قال القاضي: لا بأْسَ به. نقَل ابنُ الحَكَمِ، لا بأْسَ. قيلَ: فإنْ فضَل؟ قال: لا يُعْجِبُني على وَجْهِ الأَثَرَةِ، إلَّا لعِيالٍ بقَدْرِهم، وقِياسُ المذهبِ، لا يجوزُ. وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، والمُصَنِّفُ، والحارِثِيُّ. وقيل: إنْ قُلْنا: إنَّه مِلْكُ مَن وُقِفَ عليه. بطَل، وإلَّا صحَّ. فعلى المذهبِ، يُسْتَحَبُّ التَّسْويَةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «التَّلْخيصِ»، وقال: هذا المذهبُ. وقيل: المُسْتحَبُّ القِسْمَةُ على حسَبِ المِيراثِ، كالعَطيَّةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: ما قاله القاضي لا أصْلَ له، وهو مُلْغًى بالمِيراثِ والعَطيَّةِ. المسْأَلةُ الثَّانيةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا وقَف ثُلُثَه في مَرضِه على بعضِهم، وكذا لو أوْصَى بوَقْفِ ثُلُثِه على بعضِهم، جازَ، على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِي: هو أشْهَرُ الرِّوايتَين، وأنَصُّهما، واخْتِيارُ القاضي في «التعْليقِ» وغيرِه، وأكثرِ الأصحابِ. انتهى. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ» وهو منها. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ هنا: وقِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ. فاخْتارَ عدَمَ الجَوازِ، واخْتارَه أبو حَفْص العُكْبَرِيُّ. قاله القاضي، فيما وجَدْتُه مُعَلَّقًا عنه. نقَلَه الزَّرْكَشِي، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ أيضًا. قال في «الفُروعِ»: فعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كهِبَةٍ، فيصِحُّ بالإجازَةِ. وعنه، لا يصِحُّ بالإجازَةِ، إنْ قُلْنا: إن الإجازَةَ ابْتِداءُ هِبَةٍ. النهي. وقال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ وقَف الثُّلُثَ في مرَضِه على وارِثٍ، أو أوْصَى أنْ يُوقَفَ عليه، صحَّ، ولَزِمَ. نصَّ عليه. وعنه، لا يصِحُّ. وعنه، إنْ أجِيزَ، صحَّ، وإلَّا بطَل، كالزَّائدِ على الثُّلُثِ. ثم قال: قلتُ: إنْ قُلْنا: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للهِ. صحَّ، وإلَّا فلا. وقيل: يجوزُ لدَينٍ، أو عِلْمٍ، أو حاجَةٍ. انتهى. فعلي المذهبِ، لو سَوَّى بينَ ابْنِه وابْنَتِه في دارٍ لا يَمْلِكُ غيرَها، فرَدَّا، فثُلثها بينَهما وَقْف بالسَّويَّةِ، وثُلُثاها مِيراثٌ. وانْ رَدَّ ابْنُه وحدَه، فله ثُلُثا الثُّلُثَين إرْثًا، ولبِنْتِه ثُلثهما (¬1) وَقْفًا. وإنْ ردَّتْ ابْنَتُه وحدَها، فلها ثُلُثُ الثُّلُثَين إرْثًا، ولابنِه نِصْفُهما وَقْفًا، وسُدْسُهما إرْثًا؛ لرَدِّ المَوْقوفِ عليه. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعَ». قال في «الرِّعايَةِ»: وكذا له، إنْ رَدَّ هو الوَقْفَ، إلى قَدْرِ الثُّلُثِ، وللبِنْتِ ثُلثهما وَقْفًا. وقيل: لها رُبْعُهما وَقْفًا، ونِصْفُ سُدْسِهما إرْثًا. [وهو لأبِي الخَطَّابِ. قال في «المُحَررِ»: وهو سَهْوٌ. ورَدَّه شارِحُه. وهو كما قال] (¬2). وقيل: نِصْفُ الدَّارٍ وَقْفٌ عليه، ورُبْعُها وَقْفٌ عليها، والباقي إرْثٌ لهما ¬

(¬1) في الأصل: «ثلثها». (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أثْلاثًا. انتهى. وعلى الثانيةِ، عَمَلُك في الدَّارِ، كثُلُثَيها على الثالِثَةِ. فائدة: لو وقف على أجْنَبِي زائدًا على الثُّلُثِ، لم يصِحَّ وَقْفُ الزَّائدِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: وأطْلَق بعضُهم وَجْهَين. قلتُ: قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ وقف ثُلُثَه على أجْنَبِيٍّ، صحَّ، وفيما زادَ وَجْهان.

وَلَا يَجُوزُ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إلا الأبَ. وَعَنْهُ، لَيسَ لَهُ الرُّجُوع. وَعَنْهُ، لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ، نحْوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوْ يُفْلِسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ لواهِبٍ أنْ يرْجِعَ في هِبَتِه إلَّا الأبَ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وصحَّحَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وعنه، ليس له الرُّجوعُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وعنه، له الرُّجوعُ، إلَّا أنْ يتعَلَّقَ به حقٌّ، أو رَغْبَة؛ نحوَ أنْ يتزَوَّجَ الوَلَدُ أو يُفْلِسَ. وكذا لو فعَل الوَلَدُ ما يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ مُؤبدًا أو مُؤَقَّتًا. وجزَم بهذه الرَّوايَةِ في «الوَجيزِ». واخْتارَه الشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ عَقِيلٍ، ذكَرَه الحارِثِيُّ، والشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: يرْجِعُ فيما زادَ على قَدْرِ الدَّينِ، أو الرَّغْبَةِ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وأطْلَقَ الأُولَى والثَّالِثَةَ في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: إنْ وهَب ولَدَيه شيئًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فاشْتَرَى أحدُهما (¬1) مِنَ الآخَرِ نَصِيبَه، ففي رُجوعِه في الكُلِّ وَجْهان. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس للأبِ الكافِرِ أنْ يرْجِعَ في عَطيَّتِه، إذا كان وهَبَه في حالِ الكُفْرِ، وأسْلَم الوَلَدُ. فأما إذا وهَبَه حال إسْلامِ الوَلَدِ، فقِياسُ المذهبِ الجَوازُ، ولا يُقَرُّ في يَدِه. وفيه نظَرٌ. انتهى. [وقال أبو حَفْص العُكْبَرِيُّ: تحْصيلُ المذهبِ، أنَّه يرْجِعُ فيما وهَب لابْنِه، ولا يرْجِعُ فيما كان على وَجْهِ الصَّدقَةِ. واخْتارَه ابن أبِي موسى. وقد صرَّح القاضي، والمُصَنِّف، وغيرُهما، بأنَّه لا فرْق بينَ الصَّدقةِ وغيرِها، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ. انتهى] (¬2). تنبيه: قوْلُه: أوْ يُفلسَ. وكذا قال أبو الخَطابِ وغيرُه. قال الحارِثِي: والصَّوابُ أنَّه مانِعٌ مِن غيرِ خِلافٍ، كما في الرَّهْنِ ونحوه. وبه صرَّح في «المُغني»، ¬

(¬1) في ط: «أحدهم». (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهما. انتهى. وعن أحمدَ، في المَرْأَةِ تهَبُ زوْجَها مَهْرَها، إنْ كان سأَلَها ذلك، ردَّه إليها، رَضِيَت أَوْ كرِهَت؛ لأنَّها لا تهَبُ له إلَّا مَخافَةَ غَضَبِه أو إضْرارِه بها، بأنْ يتَزَوجَ عليها. نصَّ عليه، في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». قال في «الرِّعايَةِ الصغْرَى»: وترْجعُ المرْأة فيما وهَبَتْ لزَوْجِها بمَسْأَلَتِه، على الأصحِّ. واخْتاره ابنُ عَبْدُوس، في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ الخَمْسِين بعدَ المِائَةِ». فالمُصَنِّفُ قدَّم هنا عدَمَ رُجوعِها إذا سأَلَها، وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وابنُ أَبِي مُوسى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخَطَّابِ. واخْتارَه الحارِثِي، وهو اختِيارُ أبِي بَكْر وغيرِه. وقدَّمه في «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «فُصولِ ابنِ عَقِيلٍ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الرُّجوعِ، إنْ لم يحْصُل لها منه ضرَرٌ، مِن طَلاقٍ وغيرِه، وإلَّا فلها الرجوعُ. وأطْلَقهما في «المُغنِي»، و «المُحَررِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لا ترْجِعُ إذا وَهَبَتْه مِن غيرِ سُؤالٍ منه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وغيرِه. واخْتارَه أبو بَكْر وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقاله القاضي في كتابِ «الوَجْهَين»، وصاحِبُ «التلْخيصِ»، وغيرُهما. وقيل: لها الرجوعُ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وأطْلَقهما في «المُغْني»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبرَى». وقيل: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهَبَته لدَفْعِ ضرَرٍ فلم ينْدَفِعْ، أو عِوَض أو شَرطٍ، فلم يحْصُل، رجَعَتْ، والَّا فلا. فوائد؛ إحْداها، ذكَر الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرُه أنَّه لو قال لها: أنتِ طالِقٌ إنْ لم تُبْرِئينِي. فأبْرَأَته، صحَّ. وهل ترْجِعُ؟ فيه ثلاثُ رِواياتٍ؛ ثالِثُها، ترْجِعُ إنْ طلَّقَها، وإلَّا فلا. انتهى. قلتُ: هذه المَسْألةُ داخِلَةٌ في الأحْكامِ المُتقَدِّمَةِ، ولكِنْ هنا آكَدُ في الرُّجوعِ. الثَّانيةُ، يحْصُلُ رُجوعُ الأبِ بقَوْله، عَلِمَ الوَلَدُ أو لم يعْلَمْ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. ونقَل أبو طالبِ، لا يجوزُ عِتْقُها حتى يرْجِعَ فيها، و (¬1) يرُدَّها إليه، فإذا قبَضَها، أعْتَقَها حِينَئذٍ. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه اعْتِبارُ قَبْضِه، وأنَّه يكْفِي. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: في قَبْضِه مع قَرِينَةٍ وَجْهان. الثَّالثةُ، لو أسْقَط الأبُ حقَّه مِنَ الرُّجوع، ففي سُقوطِه احْتِمالان في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أو»، وانظر: الفروع 4/ 651.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ». قاله في «الفُروعِ». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: أظْهَرُهما لا يسْقُطُ؛ لثُبوتِه له بالشَّرْعِ، كإسْقاطِ الوَليِّ حقَّه مِن ولايةِ النِّكاحِ. وقد يتَرجَّحُ سُقُوطُه؛ لأنَّ الحقَّ فيه مُجرَّدُ حقِّه، بخِلافِ ولايةِ النِّكاء، فإنَّه حقًّ عليه للهِ وللمَرْأةِ، ولهذا يأثمُ بعَضْلِه. وهذا أوْجَهُ. انتهى. ويأْتِي نَظِيرُ ذلك في الحَضانَةِ. الرَّابعَةُ، تصَرُّفُ الأبِ ليس برُجوع. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وخرَّج أبو حَفْص البَرْمَكِيُّ، في كتابِ حُكْمِ (¬1) الوالِدَين في مالِ ولَدِهما، رِوايَةً أخْرى؛ أنَّ العِتْقَ مِنَ الأبِ صحيح، ويكونُ رُجوعًا. قال في «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: لا يكونُ وَطْؤُه رُجوعًا. وهل يكونُ بيعُه وعِتْقُه، ونحوُهما رُجوعًا؟ على وَجْهَين. وعليهما، لا ينْفُذُ؛ لأنَّه لم يُلاقِ المِلْكَ. ويتَخَرَّجُ وَجْه بنُفوذِه؛ لاقْتِرانِ المِلْك. قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين». وقال في «المُغْنِي» (¬2): الأخْذُ المُجَرَّدُ إنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) المغني 8/ 269.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قصَد به رُجوعًا، فرُجوعٌ، وإلَّا فلا، مع عدَمِ القَرينَةِ، ويُدَيَّنُ في قَصْدِه. وإنِ اقْترَن به ما يدُلُّ على الرُّجوعِ، فوَجْهان؛ أظْهَرُهما، أنَّه رُجوعٌ. اختارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قاله الحارِثِيُّ. الخامسةُ، حُكْمُ الصَّدَقَةِ، حُكْمُ الهِبَةِ فيما تقدَّم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «المُغني»، و «الشَّرْحِ» ونصَراه. قال في «الفُروعِ»: هذا أصح الوَجْهَين. وقال في «الإرْشادِ»: لا يجوزُ الرُّجوعُ في الصَّدَقَةِ بحالٍ. وقدَّمه الحارثيُّ، وقال: هذا المذهبُ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. تنبيه (¬1): ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، بل هو كالصَّريحِ، أنَّ الأُمَّ ليس لها الرُّجوعُ، إذا وهَبَتْ ولَدَها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ ¬

(¬1) في ط: «السادسة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هي كالأبِ في ذلك. وجزَم به في «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، والقاضي يَعْقُوبُ، والحارِثِيُّ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقاله في «الإفْصاحِ»، و «الواضِحِ»، وغيرِهما. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». السَّادِسَةُ (¬1)، لو ادَّعَى اثْنان مَوْلودًا، فوَهَباه أو أحدُهما شَيئًا (2)، فلا رُجوعَ؛ لانْتِفاءِ ثُبوتِ الدَّعْوَى، وإنْ ثبَت اللَّحاقُ بأحَدِهما، ثبَت الرُّجوعُ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّ الجَدَّ ليس له الرجوعُ فيما وهَبَه لوَلَدِ وَلَدِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ (¬2) الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هو كالأبِ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». ¬

(¬1) في ط: «تنبيه». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنْ نَقَصَتِ الْعَينُ، أَوْ زَادَتْ زيَادَةً مُنْفَصِلَةً، لَمْ تَمْنَعِ الرُّجُوعَ، الزِّيَادَةُ لِلابْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلأَب. وَهَلْ تَمْنَعُ الْمُتَّصِلَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نقَصَتِ العَينُ، أوْ زادَتْ زِيادَةً مُنْفَصِلَةً، لم تَمْنَعِ الرُّجوعَ. إذا

الرُّجُوعَ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نقَصَتِ العَينُ، لم تَمْنَعْ مِنَ الرُّجوعِ، بلا نِزاعِ. وكذا إذا زادَتْ زِيادَةً مُنْفَصِلَةً. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وفي «المُوجَزِ» رِوايَةٌ؛ أنَّها تَمْنَعُ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ، لو كانتِ الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ وَلَدَ أَمَةٍ، لايجوزُ التَّفرْيقُ بينَه وبينَ أمِّه، مُنِعَ الرُّجوعُ، إلَّا أنْ نقولَ: الزِّيادَةُ المُنْفَصِلَةُ للأبِ. قاله المُصَنفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. قلتُ: فيُعايَى بها. وتقدَّم في آخِرِ الجِهادِ شيءٌ مِن ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولها: والزِّيادَةُ لابْنِ -هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ- ويَحْتَمِلُ أنَّها للأبِ. وهو رِوايَةٌ في «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، واسْتَثْنَوا وَلَدَ الأمَةِ؛ فإنَّها للوَلَدِ عندَهم، بلا نِزاع. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم، وتقدَّم نَظيرُها في الحَجْر واللُّقَطَةِ. قوله: وهل تَمْنَعُ الزِّيادَةُ المُتصِلَةُ الرُّجوعَ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «القَواعِدِ». قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: وفي مَنْعِ المُتَّصِلَةِ، صُورَةً، مَعْنًى، رِوايَتان. زادَ في «الكبْرَى»؛ كسِمَن وكِبَرٍ وحَبَلٍ وتعَلُّم صَنْعَةٍ؛ إحْداهما، تَمْنَعُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والثَّمانِين»، بعدَ إطْلاقِ الرِّوايتَين:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَنْصوصُ عن أحمدَ، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، امْتِناعُ الرُّجوعِ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلحْناه في الخُطْبَةِ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تَمْنَعُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَل. وهو اخْتِيارُ القاضي، وأصحابِه. قاله الحارِثِيُّ، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه»، وقال: يُشارِكُ المُتَّهِبَ (¬1) بالمُتَّصِلَةِ. قال في «القَواعِدِ»، على القَوْلِ بجَوازِ الرُّجوعِ: لا شيءَ على الأبِ للزِّيادَةِ. ¬

(¬1) زيادة من: ط، وانظر: تصحيح الفروع 4/ 648.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اخْتلَفَ الأبُ ووَلَدُه في حُدوثِ زِيادَةٍ في المَوْهُوبِ، فالقَوْلُ قولُ الأبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: قوْلُ الوَلَدِ. وأطْلَقهما في «الفُروعَ».

وَإِنْ بَاعَهُ الْمُتَّهِبُ ثُمَّ رَجَعَ اليهِ بِفَسْخ أَوْ إِقَالةٍ، فَهَلْ لَهُ الرُجُوعُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَإِنْ رَجَعَ إلَيهِ بِبَيع أَوْ هِبَةٍ، لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَه المُتَّهِبُ ثم رجَع إليه بفَسْخٍ أو إقالةٍ، فهل له الرُّجوعُ؟ على وَجْهَين. وكذا لو رجَع إليه بفَلَسِ المُشْتَرِي. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ» و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يرْجِعُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»،

وَإِنْ وَهَبَهُ الْمُتَّهِبُ لابْنِهِ، لَمْ يَمْلِكْ أَبُوهُ الرُّجُوعَ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ هُوَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». والوَجْهُ الثَّاني، لا يرْجِعُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وقطَع به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله الحارِثِيُّ. وهذا في الإقالةِ، إذا قُلْنا: هي فَسْخ. أمَّا إذا قُلْنا: هي بَيعٌ. فقال في «فَوائدِ القَواعِدِ»: يمْتَنِعُ رُجوعُ الأبِ. وتقدَّم ذلك في فَوائدِ الإقالةِ؛ هل هي فَسْخ، أو بَيعٌ؟ [وقيل،: إنْ رجَع بخِيارٍ، رجَع، وإلَّا فلا. وأطْلَقهُنّ الزَّرْكَشِيُّ] (¬1). قوله: وإنْ رجَع إليه ببَيع أو هِبَةٍ، لم يَمْلِكِ الرُّجوعَ. بلا نِزاعٍ. وكذا لو رجَع إليه بإرْثٍ أو وَصِيَّةٍ. قوله: وإنْ وهَبَه المُتَّهِبُ لابْنِه، لم يَمْلِكْ أَبوه الرُّجوعَ، إلَّا أنْ يَرْجِعَ هو. إذا وهَبَه المُتَّهِبُ لابْنِه، ولم يرْجِعْ هو، لم يَمْلِكِ الجَدُّ الرجوعَ. على الصحيحِ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ كَاتَبَهُ أوْ رَهَنَهُ، لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ، إلَّا أنْ يَنْفَكَّ الرَّهْنُ وَتَنْفَسِخَ الْكِتَابَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. جزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «الشَّارِحِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرَّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ». وفيه احْتِمالٌ، له الرُّجوعُ، ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. قال في «التَّلخيص» وهو. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وإنْ رجَع، ملَك الواهِبُ الأولُ الرُّجوعَ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به المُصَنفُ هنا، وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، «الحاوي الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَمْلِكَ الرُّجوعَ. وأطْلَقهما في «المُغني»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعَ». قوله: وإنْ كاتَبَه، لم يَمْلِكِ الرُّجوعَ، إلَّا أنْ يَفْسَخَ الكِتابَةَ. هذا المذهبُ مَبْنيٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على القَوْلِ بعدَمِ جوازِ بَيعِ المُكاتَبِ. أمَّا على القَوْلِ بجَوازِ بَيعِه، وهو المذهبُ، فحُكْمه حُكمُ العَينِ المُسْتَأجَرَةِ. قاله الشارِحُ. [وقد صرَّح قبلَ ذلك بجوازِ الرُّجوعِ في العَينِ المُسْتَأْجَرَةِ (1). فكذا هنا، لكِنَّ المُسْتأْجِرَ مُسْتَحِقٌّ للمَنافِع مُدَّةَ الإِجارةِ، والكِتابَةُ باقِيَةٌ على حُكْمِها إذا رجَع أيضًا. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»: وإنْ كاتَبَه، ومُنِعَ بَيعُ المُكاتَبِ، وزالتْ الكِتابَةُ بفَسْخٍ أو عَجْزٍ، رجَع، وإلَّا فلا، كما لو باعَه. وما أخَذَه الابنُ مِن دَين الكِتابَةِ، لم يأْخُذْه منه أبُوه، بل يأْخُذُ ما يُؤدِّيه وَقْتَ رُجوعِه وبعدَه، فإنْ عجَزَ، عادَ إليه. [قال الزَّرِكشِيُّ: وشَرْطُ الرُّجوعِ أنْ لا يتَعَلَّقَ بالعَينِ حقٌّ يمْنَعُ تصَرُّفَ الابنِ؛ كالرهْنِ، وحَجْرِ الفَلَسِ، والكِتابَةِ، وإنْ لم يَجُزْ بَيعُ المُكاتبِ] (¬1). فائدة: لا يمْنَعُ التَّدْبِيرُ الرُّجوعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَمْنَعُ. وهذا الحُكْمُ مُفَرَّعٌ على القَوْلِ بجوازِ بَيعِه، فأمَّا على القَوْلِ بمَنْعِ البَيعِ، فإن الرُّجوعَ يمْتَنِعُ كالاسْتِيلاءِ. قاله الشَّارِحُ وغيرُه. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إجارَةُ الوَلَدِ له، وتزْويجُه، والوَصِيَّةُ به، والهِبَةُ قبلَ القَبْضِ، والمُزارَعَةُ، والمُضارَبَةُ به، والشَّرِكَةُ، وتعْلِيقُ عِتْقِه بصِفَةٍ، لا يَمْنَعُ الرُّجوعَ. وكذا وَطْءُ الوَلَدِ، لا يَمْنَعُ الرُّجوعَ. وكذا إباقُ العَبْدِ ورِدة الوَلَدِ، لا يمْنَعُ، إنْ قيلَ ببَقاءِ المِلْك. وإنْ قيل: مُراعًى. فكذلك الرُّجوعُ. وإن قيل: بزوالِه (¬1) مَنَعَت. ¬

(¬1) في الأصل: «بجوازه».

وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَرأَةِ تَهَبُ زَوْجَهَا مَهْرَهَا: إنْ كَانَ سَأَلهَا ذلِكَ رَدَّهُ إِلَيهَا، رَضِيَتْ أَوْ كَرِهَتْ؛ لِأَنَهَا لَا تَهَبُ لَهُ إلَّا مَخَافَةَ غَضَبِهِ أَوْ إِضْرَارٍ بِهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ، وَيَتَمَلَّكَهُ مَعَ حَاجَتِهِ وَعَدَمِهَا، فِي صِغَرِهِ وَكِبَرِهِ، إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ حَاجَةُ الابْنِ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللأَبِ أنْ يَأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِه ما شاءَ. هذا المذهبُ بشَرْطِه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. ومنَع مِن ذلك ابنُ عَقِيلٍ، ذكَرَه في مسْأَلةِ الإعْفافِ. وقال الشيخُ تَقِي الدِّينِ: ليس للأبِ الكافِرِ أنْ يتَمَلَّكَ مِن (¬1) مالِ وَلَدِه المُسْلِمِ، لا سِيَّما إذا كان الوَلَدُ كافِرًا ثم أسْلَمَ. قلتُ: وهذا عَينُ الصَّوابِ. وقال أيضًا: والأشْبَهُ أنَّ الأبَ المُسْلِمَ ليس له أنْ يأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِهِ الكافِرِ شيئًا. فعلى المذهبِ، قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُسْتَثْنَى، ممَّا للأبِ أنْ يأْخُذَه مِن مالِ وَلَدِه، سُرِّيَّةٌ للابنِ، وإنْ لم تَكُنْ أمَّ وَلَدٍ؛ فإنها مُلْحَقَةٌ بالزَّوْجَةِ. ونصَّ عليه أحمدُ في أكثرِ الرِّواياتِ. ويأْتي كلامُه أيضًا قريبًا، إذا تَمَلَّكَ في مَرِضِ مَوْتِه أو مرَضِ مَوْتِ الابنِ. قوله: مع الحاجَةِ وعدَمِها. يعْنِي، مع حاجَةِ الأدب وعدَمِها. وهذا المذهبُ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يتَمَلَّكُ مِن مالِ وَلَدِه إلَّا ما احْتاجَ إليه. وسأَله ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه عن الأبِ، يأْكُلُ مِن مالِ ابْنِه؟ قال: نعم، إلَّا أنْ يُفْسِدَه، فله القُوت فقط. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الأمَّ ليس لها أنْ تأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِها كالأبِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لها ذلك كالأبِ. قوله: إذا لم تتَعَلَّقْ حاجَةُ الابنِ به. يُشْترَطُ في جَوازِ أخْذِ الأبِ مِن مالِ وَلَدِه، أنْ لا يضُرَّ الأخْذُ به، كما إذا تعَلَّقَتْ حاجَتُه به. نصَّ وجزَم به. في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «تذكِرةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»: وللأبِ أنْ يأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِه ما شاءَ، مع غِناه وحاجَتِه، بشَرْطَين؛ أحدُهما، أنْ لا يُجْحِفَ بالابنِ، ولا يأْخُذَ ما تعَلقَتْ به حاجَتُه. الثَّاني، أنْ لا يأْخُذَ مِن أحَدِ وَلَدَيه، فيُعْطِه الآخَرَ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ إسْماعِيلَ بنِ سَعيدٍ. انتهَيا. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قِياسُ المذهبِ، أنَّه ليس للأبِ أنْ يتَملَّكَ مِن مالِ ابنِه في مَرَضِ مَوْتِ الأبِ ما يُخَلِّفُه تَرِكَةً؛ لأنَّه بمرَضِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدِ انْعَقَدَ السَّبَبُ القاطِعُ لتَملُّكِه، فهو كما لو تَملكَ في مرَضِ مَوْتِ الابنِ. انتهى. وقال أيضًا: لو أخَذ مِن مالِ وَلَدِه شيئًا، ثم انْفَسَخ سبَبُ اسْتِحْقاتِه، بحيثُ وجَب ردُّه إلى الذي كانَ مالِكَه؛ مثلَ أنْ يأْخُذَ الأبُ صَداقَ ابْنَتِه، ثم يُطَلِّقَ الزوْجُ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يأْخُذَ الزَّوْجُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ التي باعَها الوَلَدُ، ثم يرُدَّ السِّلْعَةَ بعَيبٍ، أو يأخُذَ المَبِيعَ الذي اشْتَراه الوَلَدُ، ثم يُفْلِسَ بالثَّمَنِ، ونحو ذلك، فالأقْوَى في جميعِ الصُّوَرِ،

وَإِنْ تَصَرَّفَ فيهِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ؛ بِبَيعٍ، أَوْ عِتْقٍ، أوْ إبْرَاءٍ مِنْ دَين، لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ للمالِكِ الأوَّلِ الرُّجوعَ على الأبِ. انتهى. وعنه، للأبِ تمَلكُه كلِّه، بظاهِرِ قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «أنْتَ ومَالُك لأبِيك». قوله: وإنْ تصَرَّفَ قبلَ تمَلُّكه ببَيع، أو عِتْقٍ، أو إبْراء مِنْ دَين، لم يصِحَّ تَصَرُّفُه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ولا يصِح تصَرفه فيه قبل تمَلُّكِه، على الأصح. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَعْروفُ مِنَ المذهبِ. وعنه، يصِحُّ. وخرَّج

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو حَفْص البَرْمَكِيُّ رِوايَةً بصِحةِ تصَرُّفِه بالعِتْقِ قبلَ القَبْضِ. وقال أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»: بَيعُ الأبِ على ابنِه، وعِتْقُه، وصدَقَتُه، ووَطْءُ إمائِه، ما لم يَكُنِ الابنُ قد وَطِيء، جائزٌ، ويجوزُ له بَيعُ عَبِيدِه وإمائِه، وعِتْقُهم. فعلى المذهبِ، قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَقْدَحُ في أهْلِيَّته؛ لأجْلِ الأذَى، لا سِيَّما بالحَبْسِ. انتهى. وقال في «المُوجَزِ»: لا يمْلِكُ إحْضارَه في مَجْلِسِ الحُكْمِ، فإنْ أحْضَرَه (¬1)، فادَّعَى، فأقَرَّ، أو قامَتْ بَيِّنَةٌ، لم يُحْبَسْ. ¬

(¬1) في ط: «حضر».

وَإنْ وَطِيء جَارِيَةَ ابْنِهِ فَأَحْبَلَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ. وَفِي التَّعْزِيرِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يحْصُلُ تمَلكُه بالقَبْضِ. نصَّ عليه، مع القَوْلِ أو النِّيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، أو قرِينَةٍ. وقال في «المُبْهِجِ»: في تصَرُّفِه في غيرِ مَكِيلٍ أو مَوْزونٍ، رِوايَتان؛ بِناءً على حُصولِ مِلْكِه قبلَ قَبْضِه. قوله: وإنْ وَطِيء جارِيَةَ ابْنِه، فأحْبَلها، صارَتْ أمَّ وَلَدٍ له. إنْ كان الابنُ لم يَكُنْ وَطِئَها، صارَتْ أَمَّ وَلَدٍ لأبِيه، إذا أحْبَلَها، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان الابنُ يَطؤُها، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّها تصيرُ أمَّ وَلَدٍ له أيضًا، إذا أحْبَلها. وهو أحدُ الوَجْهَين. ورجحَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وهو كالصَّريحِ فيما قطَع به صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التلْخيصِ»، وغيرُهم. وقطَع به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصيرُ أمَّ وَلَدٍ للأبِ، إذا كان الابنُ يطَؤها. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وإنْ كان ابنُه يطَؤها، لم تصِرْ أمَّ وَلَدٍ في المَنْصوصِ. تنبيه: هذا إذا لم يَكُنِ الابنُ قدِ اسْتَوْلَدَها، فإنْ كان الابنُ قدِ اسْتَوْلَدَها، لم ينْتَقِلِ المِلْكُ فيها باسْتِيلادِه، كما [لا ينْتَقِلُ] (¬1) بالعُقودِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»، أنَّها تصيرُ مُسْتَوْلدَةً لهما جميعًا، كما لو وَطِيء الشَّرِيكان أمَتَهما في طهْر واحِدٍ، وأَنتْ بوَلَدٍ، وألْحَقَتْه القافَةُ بهما. قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين». قوله: ووَلَدُه حُرٌّ لا تَلْزَمُه قِيمَتُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَلْزَمُه قِيمَتُه. ¬

(¬1) في ط: «ينتقل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مَهْرٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَلْزَمُه المَهْرُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الأبَ لا يلْزَمُه قِيمَةُ جارِيَةِ ابنِه إذا أحْبَلها. قال في «الفُروعِ»: وقد ذكَر جماعَةٌ هنا، لا يثْبُتُ للوَلَدِ في ذِمةِ أبيه شيءٌ، قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وهو ظاهِرُ كلامِه، وهذا منه. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه تلْزَمُه قِيمَتُها. قدمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قوله: ولا حَدٌّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُحَدُّ. قال جماعَةٌ: ما لم يَنْوِ تَملُّكها. منهم ابنُ حَمْدانَ، في بابِ حدِّ الزِّنا. تنبيه: محَلُّ هذا، إذا كان الابنُ لم يطَأها، فأمَّا إنْ كان الابنُ يطَؤُها، ففي

وَلَيسَ لِلابْنِ مُطَالبَةُ أبِيهِ بِدَين، وَلَا قِيمَةِ مُتْلَفٍ، وَلَا أرْشِ جِنَايَةٍ، وَلَا غَيرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبِ الحدِّ عليه رِوايَتان منْصُوصَتان. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». قلتُ: ظاهِرُ ما قطَع بهِ المُصَنفُ هنا، وفي بابِ حدِّ الزِّنا، وفي «الكافِي»، و «المُغْنِي» وغيرِه، أنَّه لا حَدَّ عليه، سواءٌ كان الوَلَدُ يطَؤُها، أو لا. وقطَع بالإطْلاقِ هناك الجُمْهورُ. قال الحارِثِيُّ هنا: ولا فَرْقَ في انْتِفاءِ الحدِّ بينَ كوْنِ الابنِ وَطِئَها، أوْ لا. ذكَرَه أبو بَكْر، والسَّامَرِّي، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». انتهى. قلتُ: والأوْلَى وُجوبُ الحدِّ. قوله: وفي التَّعْزيرِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ أحدُهما، يُعَزَّر. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: ويُعَزَّرُ في الأصحِّ. وصحَّحه في «التصْحيحِ»، و «شَرْح الحارِثِيِّ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، في بابِ حدِّ الزِّنا. والوَجْهُ الثَّاني، لا يُعَزَّرُ. وقيل: يُعَزَّرُ، وإنْ لم تحْبَلْ. قوله: وليس للابنِ مُطالبَةُ أبِيه بدَين، ولا قِيمَةِ مُتْلَف ولا أرْشِ جِنايَةٍ، ولا غيرِ ذلك. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُطالِبَه بماله في ذِمَّتِه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع حاجَتِه إليه، وغِنَى والِدِه عنه. قال في «الرِّعايَةِ الصغْرَى»: ولا يُطالِبُ أباه بما ثبَت له في ذِمَّتِه في الأصحِّ؛ بقَرْض، وإرْثٍ، وبَيع، وجِنايَةٍ، وإتْلافٍ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ذلك يثْبُتُ في ذِمَّتِه، ولكِنْ يُمْنَعُ مِنَ المُطالبَةِ به. وهو أحدُ الوَجْهَين، والمذهبُ منهما. قدَّمه في «المُغْنِي». وهو ظاهِرُ كلامِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي». قال الحارثِيُّ: ومِنَ الأصحابِ مَن يقولُ بثُبوتِ الدَّينِ، وانْتِفاءِ المُطالبةِ؛ منهم القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ. انتهى. واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وقدَّم في «الفُروعِ»، إذا أوْلَدَ أمَةَ ابنه، أنَّه تثْبُتُ قِيمَتُها في ذِمتِه. ذكَرَه في بابِ أُمَّهاتِ الأولادِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يثْبُتُ في ذِمَّةِ الأبِ شيءٌ لوَلَدِه. قال الحارِثيُّ: وهو الأصحُّ. وبه جزَم أبو بَكْر، وابنُ البَنَّا، وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وهو المَنْصوصُ عن أحمدَ. وتأوَّلَ بعضُ الأصحابِ النَّصَّ. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المنْصوصُ عن أحمدَ؛ وهو قوْلُه: إذا ماتَ الأبُ، بطَل دينُ الابنِ. وقوْلُه، في مَن أخَذ مِن مَهْرِ ابْنتِه شيئًا فأنْفَقَه: ليس عليه شيءٌ ولا يُؤْخَذُ مِن بعدِه. على أنَّ أخْذَه له، وإنْفاقَه إيَّاه، دليلٌ على قَصْدِ التَّملُّكِ. انتهى. قال الحارِثيُّ: محَلُّ هذا في غيرِ المُتْلَفِ، أمَّا المُتْلَفُ؛ فإنه لا يثْبُتُ في ذِمَّتِه. وهو المذهبُ بلا إشْكالٍ. ولم يَحْكِ القاضي، في «رُءوسِ مَسائِلِه»، فيه خِلافًا. انتهى. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، هل يَمْلِكُ الأبُ إبْراءَ نفْسِه مِنَ الدَّينِ؟ قال القاضي: فيه نظَرٌ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَمْلِكُ الأبُ إسْقاطَ دَينِ الابنِ عن نفسِه. قال في «الفُروعِ»: وذكَر غيرُ القاضي، أنَّه لا يَمْلِكُه؛ كإبْرائِه كَرِيمَ الابنِ وقَبْضِه منه. انتهى. ويأْتِي قريبًا، في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ»، هل يسْقُطُ الدَّينُ بمَوْتِ الأبِ؟ وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أنَّه لو وجَد عَينَ مالِه الذي باعَه أو أقْرَضَه بعدَ مَوْتِ أبِيه، أنَّ له أخْذَه، إنْ لم يَكُنِ انْتقَدَ ثَمَنَه. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. وقدَّم في «المُغْني»، كما تقدَّم، أنَّ الأبَ إذا ماتَ، يرْجِعُ الابنُ في تَرِكَتِه بدَينِه؛ لأنَّه لم يسْقُطْ عن الأبِ، وإنَّما تأخَّرَتِ المُطالبَةُ به. انتهى. قلتُ: هذا في الدَّينِ، ففي العَينِ بطريقٍ أوْلَى. [والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، ليس له أخْذُه] (¬1). وأطْلَقَهما في «المُبْهِجِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قال في «المُبْهِجِ»، و «الحارِثِيِّ»: وكذا لو وجَد بعضَه. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُوْلَى، ليس لوَرَثَةِ الابنِ مُطالبَةُ أبِيه بما للابْنِ عليه مِن الدَّينِ وغيرِه، كالابنِ نفْسِه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي» و «الشرْحِ»، و «الحارِثِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لهم المُطالبَةُ، وإنْ مَنَعْنا الابنَ منها. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». وقال في «الانْتِصارِ»، في مَن قتَل ابنَه: إنْ قُلْنا: الدِّيَةُ للوارِثِ. طالبَه، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لو أقَرَّ الأبُ بقَبْضِ دَينِ ابنِه، فأنْكَرَ الابنُ، رجَع على الغَريمِ، ويرْجِعُ الغريمُ على الأبِ. نقَلَه مُهَنَّا. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه، لا يرْجِعُ مع إقْرارِه. الثَّالثةُ، لو قضَى الأبُ الدَّينَ [الذي عليه لابنِه] (¬1) في مَرضِه، أو أوْصَى له بقَضائِه، كان مِن رَأْسِ المالِ، قاله الأصحابُ. وإنْ لم يقْضِه ولم يُوصِ به، لم يسْقُطْ بمَوْتِه، على أحَدِ الوَجْهَين. اختارَه بعضُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي». والمَنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّه يسْقُطُ، كحَبْسِه به في الأُجْرَةِ، فلا يثْبُتُ كجِنايَةٍ. قدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما في «الشرْحِ». وقيل: ما أخذَه ليَمْلِكَه، يسْقُطُ بمَوْتِه، وما لا فلا. وتقدَّم، إذا وجَد عَينَ مالِه الذي باعَه بعدَ مَوْتِ الأبِ. وتقدَّم، هل يثْبُتُ له في ذِمَّةِ أبِيه دَينٌ، أمْ لا؟ الرَّابِعَةُ، للابنِ مُطالبَةُ أبِيه بنَفَقَتِه الواجِبَةِ عليه. قاله الأصحابُ، قال في «الوَجيزِ»: له مُطالبَتُه بها، وحَبْسُه عليها. وهو مُسْتَثْنًى مِن عُمومِ كلامِ مَن أطْلَقَ. ويُعايَى بها. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم: للابنِ مُطالبَةُ أبِيه بعَينٍ له في يَدِه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. الخامسةُ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَالْهَدِيّةُ وَالصَّدَقَةُ نَوْعَانِ مِنَ الْهِبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هل [لوَلَدِ وَلَدِه] (¬1) مُطالبَتُه بما له في ذِمَّتِه؟ قال في «الرِّعايَة»: قلتُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وإنْ قُلْنا: لا يثْبُتُ في ذِمَّتِه شيءٌ. فهدَرٌ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، أنَّ له مُطالبَتَه. قوله: والهَدِيَّةُ والصَّدَقَةُ نَوْعان مِنَ الهِبَةِ. يعْنِي، في الأحْكامِ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الفائقِ»: والهَدِيَّةُ والصَّدقَةُ نَوْعان مِنَ الهِبَةِ، يَكْفِي الفِعْلُ فيهما إيجابًا وقَبُولًا، على أصحِّ الوَجْهَين. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: هما نَوْعا هِبَةٍ. وقيل: يَكْفِي الفِعْلُ قَبُولًا. وقيل: وإيجابًا. وقال في «الكُبْرَى»: ويكْفِي الفِعْلُ فيهما قَبُولًا، في الأصحِّ، كالقَبْضِ. وقيل: وإيجابًا، كالدَّفْعِ. وقالا: ويصِحُّ قبْضُهما ¬

(¬1) في الأصل: «لولده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا إذْنٍ، ولا مُضِيِّ مُدَّةِ إمْكانِه، ولا يرْجِعُ فيهما أحدٌ. وقيل: إلَّا الأبُ. وقيل: بل يرْجِعُ في الصَّدَقَةِ فقط على وَلَدِه الرَّشيدِ، إنْ كان قبَضَها، وعلى الصَّغِيرِ فيما له بيَدِه منها. انتهى. ونقَل حَنْبَلٌ، والمَرُّوذِيُّ، لا رُجوعَ في الصَّدَقَة. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهما: لا يُعْتَبرُ في الهَدِيَّةِ قبولٌ للعُرْفِ، بخِلافِ الهِبَةِ. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ولا رُجوعَ فيهما لأحَدٍ، سِوَى أبٍ. فوائد؛ إحْداها، وعاءُ الهَدِيَّةِ مع العُرْفِ، فإنْ لم يَكُنْ عُرْفٌ، ردَّه. قاله في «الفُروعَ». قال الحارِثيُّ: لا يدْخُلُ الوعاءُ إلَّا ما جرَتِ العادَةُ به، كقَوْصَرَّةِ (¬1) التَّمْرِ، ونحوها. الثانيةُ، قال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ قصَد بفِعْلِه ثوابَ الآخِرَةِ فقط، فهو صدَقَةٌ. وقيل: مع حاجَةِ المُتَّهِبِ. وإنْ قصَد بفِعْلِه إكْرامًا وتوَدُّدًا وتحَبُّبًا ومُكافَأةً، فهو هَدِيَّة. قال الحارِثِيُّ: ومِن هنا اخْتَصَّتْ بالمَنْقُولاتِ؛ لأنَّها تُحْمَلُ إليه، فلا يُقالُ: أهْدَى أرْضًا، ولا دارًا. انتهى. وغيرُهما هِبَة وعَطِيَّةٌ ونِحْلَةٌ. وقيل: الكل عَطِيَّة، والكُلُّ مَنْدوب. انتهى. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: الهِبَةُ، والصَّدَقَةُ، والنِّحْلَةُ، والهَدِيَّةُ، والعَطِيَّةُ، مَعانِيها مُتَقارِبَة، واسْمُ العَطيَّةِ شامِلٌ لجِمِيعِها، وكذلك الهِبَةُ. والصَّدَقَةُ والهَديَّةُ مُتَغايران؛ فإنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأْكُلُ مِنَ الهَبَةِ دُونَ الصَّدَقَةِ (¬2). فالظَّاهِرُ أنَّ مَن أعْطَى شيئًا يتَقَرَّبُ به إلى اللهِ تعالى للمُحْتاجِ، فهو صَدَقَةٌ، ومَن دفَع إلى إنْسانٍ شيئًا للتَّقَرُّب إليه والمَحَبَّةِ له، فهو هَدِيَّة. وجميعُ ذلك مَنْدوبٌ إليه، ¬

(¬1) القوصرّةُ: وعاء للتمر. (¬2) تقدم تخريجه في 7/ 297.

فَصْلٌ فِي عَطِيَّةِ المَريضِ: أمَّا الْمَرِيضُ غَيرَ مَرَضِ الْمَوْتِ، أو مَرَضًا غَيرَ مَخُوفٍ كَالرَّمَدِ، وَوَجَعِ الضِّرْسِ، وَالصُّدَاعِ، وَنحْوهِ، فَعَطَايَاهُ كَعَطَايَا الصَّحِيحِ سَوَاءٌ، تَصِحُّ فِي جَمِيعِ مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحْثُوثٌ عليه. انتهى. الثَّالثةُ، لو أُعْطِيَ شيئًا، مِن غيرِ سُؤالٍ، ولا إشْرافٍ، وكان ممَّن يجوزُ له أخْذُه، وجَب عليه الأخْذُ. في إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه أبو بَكْر في «التَّنْبِيهِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ للحَدِيثِ في ذلك (¬1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجِبُ. قال الحارِثِيُّ: وهو مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ. قالوا في الحَجِّ: لا يكونُ مُسْتَطيعًا ببَذْلِ غيرِه له. وفي الصَّلاةِ: لا يَلْزَمُه قَبُولُ السُّتْرَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وذكَر الرِّوايتَين الخَلَّالُ في «جامِعِه»، والمَجْدُ في «شَرْحِه». وأطْلَقهما الحارِثِيُّ. قوله: أمَّا المَرِيضُ غيرَ مَرَضِ الموْتِ، أو مَرَضًا غيرَ مَخُوفٍ، فعَطاياه كعَطايا ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 7/ 227.

وَإِنْ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ؛ كَالْبِرْسَامِ، وَذَاتِ الْجَنْبِ، وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ، وَالْقِيَامِ الْمُتَدَارَكِ، وَالْفَالِجِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيح سَواءٌ، تصِحُّ في جَمِيعِ مالِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولو ماتَ به. وقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، في التَّيَمُّمِ: حُكْمُه حُكْمُ مرَضِ المَوْتِ المَخُوفِ. فائدة: لو لم يَكُنْ مرَضُه مَخُوفًا حال التَّبَرُّعِ، ثم صارَ مَخُوفًا، فمِن رَأسِ المالِ. حكاه السامَرِّيُّ، واقْتَصر عليه الحارِثِيُّ؛ اعْتِبارًا بحالِ العَطِيَّةِ.

ابْتِدَائِه، وَالسُّلِّ فِي انْتِهَائِه، وَمَا قَال عَدْلَانِ مِنْ أهْلِ الطِّبِّ: إنَّهُ مَخُوفٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وما قال عَدْلان مِن أهلِ الطبُ: إنه مَخُوفْ. فعَطاياه كالوَصِيَّةِ. أنَّه لا يُقْبَلُ في ذلك عَدْلٌ واحِدٌ مُطْلَقًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُقْبَلُ واحِدٌ عندَ العَدَمِ. وهو قِياسُ قَوْلِ الخِرَقِي (¬1). وذكَر ابنُ رَزِين، المَخُوف عُرْفًا، أو بقَوْلِ عَدْلَين. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَعَطَايَاهُ كَالْوَصِيَّةِ فِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ، وَلَا تَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فعَطاياه كالوَصِيَّةِ في أنَّها لا تجوزُ لوارِثٍ، ولا تجوزُ لأجْنَبِيّ بزِيادَ؛ على الثُّلُثِ، إلَّا بإجازَةِ الوَرَثَةِ؛ مثلَ الهِبَةِ والعِتقِ والكِتابَةِ والمُحاباةِ. يعْني، إذا ماتَ مِن ذلك. أمَّا إذا عُوفِيَ، فهذه العَطايا كعَطايا الصَّحيحِ.

بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا بِإجَازَةِ الْوَرَثَةِ، مِثْلَ الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالْمُحَابَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: تَمْثِيلُه بالعِتْقِ مع غيرِه، يدلُّ على أنَّه كغيرِه في أنَّه يُعْتَبرُ مِنَ الثُّلُثِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وخرج ابنُ عَقِيلٍ، والْحَلْوانِي، مِن مُفْلِسٍ، رِوايَةً هنا بنَفاذِ عِتْقِه مِن كل المالِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو علَّق صَحيحٌ عِتْقَ عَبْدِه على شَرْطٍ، فوُجِدَ الشَّرْطُ في مرَضِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يكونُ مِنَ الثُّلُثِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى، وغيرُهما. وقيل: يكونُ مِن كلِّ المالِ. وحكاهما القاضي في «خِلافِه» رِوايتَين. ذكَرَه في «القاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ». ومحَلُّ الخِلافِ، إذا لم تَكُنِ الصِّفَةُ واقِعَةً باخْتِيارِ المُعَلِّقِ، فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانتْ مِن فِعْلِه، فهو مِنَ الثُّلُثِ، بغيرِ خِلافٍ. الثَّانيةُ، المُحاباةُ لغير وارِثٍ مِنَ الثُّلُثِ. كما قال المُصَنِّفُ. لكِنْ لو حاباه في الكِتابَةِ، جازَ، وكان مِن رَأْسِ المالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وذكَرَه القاضي في مَوْضِعٍ مِن كلامِه، وأبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ». قال الحارِثِيُّ: وهذا المذهبُ عندَ جَماعَةٍ؛ منهم القاضي أبو الحُسَينِ، وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، والمَجْدُ، وهو أصحُّ. انتهى. وقيل: مِنَ الثُّلُثِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ هنا، والقاضي في «المجرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والسَّامَريُّ في «المُسْتَوْعِبِ». قلت: وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. واخْتَلف فيها كلامُ أبي الخَطَّابِ. وكذا حُكْمُ وَصِيَّتِه بكِتابَتِه، وإطْلاقُها يَقْتَضِي أنْ تكونَ بقِيمَتِه.

فَأمَّا الْأمْرَاضُ الْمُمْتَدَّةُ؛ كَالسُّلِّ، وَالْجُذَامِ، وَالْفَالِج فِي دَوَامِهِ، فَإِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهِيَ مَخُوفَةٌ، وَإلَّا فَلَا، وَقَال أَبُو بَكْرٍ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ عَطِيَّتَهُ مِنَ الثُلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمأ الأمْراضُ المُمْتَدَّةُ، كالسُّلِّ، والجُذامِ، والفالِجِ في دَوامِه، فإنْ صارَ صاحِبُها صاحِبَ فِراشٍ، فهي مَخُوفَةٌ -بلا نِزاعٍ- وإلَّا فلا. يعْنِي، وإنْ لم يَصِرْ صاحِبُها صاحِبَ فِراشٍ، فعَطاياه كعَطَايا الصَّحيحِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»،

وَمَنْ كَانَ بَينَ الصَّفَّينِ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْب، أوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ، أوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، أَوْ قُدِّمَ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ، وَالْحَامِل عِنْدَ الْمَخَاضِ، فَهُوَ كَالْمَرِيضِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ إذَا صَارَ لَهَا سِتَّةُ أشْهُرٍ. وَقِيلَ عَنْ أحْمَدَ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَطَايَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَالِ كُلِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقال أبو بَكْر في «الشَّافِي»: فيه وَجْهٌ آخَرُ؛ أنَّ عَطِيَّتَه مِنَ الثُّلثِ. وهو رِوايَة عن أحمدَ. قوله: ومَن كان بينَ الصَّفَّين عندَ التِحام الحَرْبِ، أو في لُجَّةِ البَحْرِ عندَ هَيَجانِه، أو وقَع الطَّاعُونُ ببَلَدِه، أو قُدِّمَ ليُقْتَصَّ مِنه، والحامِلُ عندَ المَخاضِ، فهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمَرِيضِ. يعْنِي المَرِيضَ المرَضَ المَخُوفَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصْحابُ في الجُمْلَة. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل عن أحمدَ ما يدُلُّ على أن عَطايا هؤلاءِ مِنَ المالِ كلِّه، وذكَر كثيرٌ مِنَ الأصحابِ هذه الروايَةَ مِن غيرِ صِيغَةِ تَمْرِيضٍ. وقال الشَّارِحُ وغيرُه: ويَحْتَمِلُ أنّ الطاعُونَ إذا وقَع ببَلَدِه، أنَّه ليس بمَخوفٍ؛ فإنَّه ليس بمَريضٍ، وإنَّما يَخافُ المرَضَ. وما هو ببَعيدٍ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كان الغالِبُ مِنَ الوَلِيِّ الاقْتِصاصَ، فمَخُوفٌ، وإنْ كان الغالِبُ منه (¬1) العَفْوَ، فغيرُ مَخُوفٍ. تنبيه: قوْلُه: ومَن كان بينَ الصَّفَّين عندَ التِحامِ الحَرْبِ. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم: إذا الْتَحَم الحربُ، واخْتلَطَتِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّائِفَتان للقِتالِ، وكانتْ كلُّ واحدَةٍ منهما مُكافِئَةً للأُخْرَى أو مَقْهُورَةً، فأمَّا القاهِرَةُ منهما بعدَ ظُهورِها (¬1)، فليستْ خائِفَةً. قوله: قال الخِرَقِيُّ: وكذَلك الحامِلُ إذا صارَ لها سِتةُ أشْهُرٍ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: هذا المذهبُ. انتهى. والمذهبُ الأوَّلُ، عندَ الأصحابِ. ونصَّ عليه. ولو قال المُصَنِّفُ: وقال الخِرَقِيُّ. بالواو، لكان أوْلَى. ¬

(¬1) في الأصل: «ظهور».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، إذا أثْقَلَتِ الحامِلُ، كان مَخُوُفًا، وإلَّا فلا. قال في «الرعايَةِ»: وعندَ ثِقَلِ الحَمْلِ، وعندَ الطَّلْقِ. قوله: والحامِلُ عندَ المَخاضِ. يعْنِي، حتى تَنْجُوَ مِن نِفاسِها، بلا نِزاعٍ. قيل: سواءٌ كان بها ألَمٌ في هذه المُدَّةِ، أو لا. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ كلامِه في «الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال الحارِثِيُّ،: وهو المَنْصوصُ. وقيل: إنَّما يكونُ مَخُوفًا في هذه المُدَّةِ، إذا كان بها ألَمٌ قال في «الفُروعِ»: هذا أشْهَرُ. قال في «الكافِي»: ولو وضَعَتْ، وبَقِيَتْ معها المَشِيمَةُ، أو حصَل مرَضٌ، أو ضَرَبانٌ، فمَخُوفٌ، وإلا فلا. قال الحارِثِيُّ: الأقْوَى أنَّه إنْ لم يَكُنْ وجَعٌ، فغيرُ مَخوفٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ المُصَنِّفُ. فوائد؛ منها، حُكْمُ السِّقْطِ حُكْمُ الوَلَدِ التَّامِّ. قاله المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرُه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ ولَدَتْ صَغِيرًا، أو بَقِيَ مرَضٌ، أو وَجَعٌ وضَرَبان شديدٌ، أو رأتْ دمًا كثيرًا، أو ماتَ الوَلَدُ معها، أو قُتِلَ، وقيل: أو أَسْقَطَتْ وَلدًا تامًّا. فهو مَخُوفٌ. انتهى. وإنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً، فعطَاياها كعَطايا الصَّحيحِ. [على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»: فعَطاياها كعَطايا الصَّحيحِ، إلّا مع ألَمٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، بعدَ أنْ قام أنَّ عطَاياها كعَطايا الصَّحيحِ] (¬1): وقيل: أو وضَعَتْ مُضْغَةً، أو عَلقَةً، مع ألَمٍ أو مَرضٍ. وقيل: ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا حُكْمَ لهما بلا ألَمٍ ولا مَرضٍ. ومنها، حُكْمُ مَن حُبِسَ للقَتْلِ، حُكْمُ مَن قُدِّمَ ليُقْتَصَّ منه. ومنها، الأسِيرُ؛ فإنْ كان عادَتُهم القَتْلَ، فحُكْمُه حُكْمُ مَن قُدِّمَ ليُقْتَصَّ منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، عَطاياه مِن كلِّ المالِ. وإنْ لم تَكُنْ عادَتُهم القَتْلَ، فعَطاياه مِن كلِّ المالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، مِنَ الثُّلُثِ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وتأوَّلَها القاضي على مَن عادَتُهم القَتْلُ. ومنها، لو جُرِحَ جُرْحًا مُوحِيًا، فهو كالمَريضِ مع ثَباتِ عَقْلِه وفَهْمِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفائقِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه (¬1). وقال في «الرِّعايَةِ»: إنْ فسَد عقْلُه. وقيل: أو لا. لم تصِحَّ وَصِيَّتُه. ومنها، حُكْمُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن ذُبِحَ أو أُبِينَتْ حُشْوَتُه؛ وهي أمْعاؤُه، لا خَرْقِها وقَطْعِها فقط، ذكَرَه المُصنِّفُ وغيرُه، حُكْمُ المَيِّتِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه في الحرَكَةِ في الطِّفْلِ، وفي الجِنايَةِ. قال الحارِثِيُّ: ذكَرَه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ هنا: لا حُكْمَ لعَطيَّتِه ولا لكلامِه. قال في «الفروعِ»: ومُرادُه أنَّه كمَيتٍ. وذكَر المُصَنِّفُ أيضًا في «فَتاويه»، إنْ خرَجَتْ حُشْوَتُه ولم تَبِنْ، ثم ماتَ وَلَدُه، وَرِثَه، وإنْ أُبِينَتْ، فالظَّاهِرُ، أنَّه يَرِثُه؛ لأنَّ المَوْتَ زُهوقُ النَّفْسِ وخُروجُ الرُّوحِ، ولم يُوجَدْ؛ ولأنَّ الطِّفْلَ يَرِثُ ويورَثُ بمُجَرَّدِ اسْتِهْلالِه، وإنْ كان لا يدُلُّ على حياةٍ أثْبَتَ مِن حياةِ هذا. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ هذا مِنَ الشَّيخِ، أنَّ مَن ذُبِحَ ليس كمَيتٍ، مع بَقاءِ رُوحه. انتهى. قال في «الرِّعايَةِ»: ومَن ذُبِحَ أو أُبِينَتْ حُشوَتُه، فقَوْلُه لَغْوٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ خرَجَتْ حُشْوَتُه، أو اشْتَدَّ مرَضُه، وعقْلُه ثابِتٌ؛ كعُمَرَ، وعَليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنهما، صحَّ تصَرُّفُه وتَبرُّعُه ووَصِيَّتُه.

وَإنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ بُدِئَ بِالأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عجَز الثُّلُثُ عنِ التَّبَرُّعاتِ المُنْجَزَةِ، بُدِئَ بالأوَّلِ فالأوَّلِ. هذا

فَإِنْ تَسَاوَتْ قُسِمَ بَينَ الْجَمِيعِ بالْحِصَصِ. وَعَنْهُ، يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُقَدَّمُ العِتْقُ. وعنه، يُقْسَمُ بينَ الكُلِّ بالحِصَصَ، كالوَصايا. وهو وَجْهٌ في «المُحَرَّرِ». قال الحارِثِيُّ: وليس بشيءٍ. قوله: فإنْ تَساوَتْ، قُسِمَ بينَ الجَميعِ بالحِصَصِ. إنْ لم يَكُنْ فيها عِتْقٌ، ووَقَعَتْ دَفْعَةً واحِدَةً، قُسِمَ الثُّلُثُ بينَهم بالحِصَصِ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان فيها عِتْقٌ، فكذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به كثيرٌ منهم. وقال الحارِثِيُّ في العِتْقِ: يُقْرَعُ بينَهم، فيَكْمُلُ العِتْقُ في بعضِهم، كما في حالِ الوَصِيَّةِ. وعنه، يُقَدَّمُ العِتْقُ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ».

وَأمَّا مُعَاوَضَةُ الْمَرِيضِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، فَتَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإنْ كَانتْ مَعَ وَارِثٍ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا تَصِحَّ لِوَارِثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأمَّا مُعاوَضَةُ المَرِيضِ بثَمَنِ المِثْلِ، فتصِحُّ مِن رَأْسِ المالِ، وإنْ كانَت. مع وارِثٍ. إنْ كانتِ المُعاوَضَةُ في المَرَضِ، مع غيرِ الوارِثِ بثَمَنِ المِثْلِ، صحَّتْ مِن رَأْسِ المالِ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كانتْ مع وارِثٍ، والحالةُ هذه، فكذلك.

وَإنْ حَابَى وَارِثَهُ، فَقَال الْقَاضِي: تَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا حَابَاهُ، وَتَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ لوارِثٍ؛ لأنَّه خَصَّه بعَينِ المالِ. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، في الوَصِيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، تصِحُّ مع وارِث بإجازَةٍ. اخْتارَه في «الانْتِصارِ»، في مَسْألةِ إقْرارِ المَريضِ لوارِثٍ بمالٍ. فائدة: لو قضَى بعضُ الغُرَماءِ دَينَه، [وتَرِكَتُه تَفِي ببَقِيَّةِ دَينِه] (¬1)، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال في «الفُروعِ»: ونصُّه، يصِحُّ مُطْلَقًا. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقال أبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا: لا يصِحُّ إلَّا قضاؤُهم بالسَّويَّةِ، إذا ضاقَ مالُه. ذكَرَه في «المُسْتَوْعِبِ». قوله: وإنْ حابَى وارِثَه، فقال القاضي: تبْطُلُ في قَدْرِ ماحاباه، وتصِحُّ فيما عَداه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ. فَإن كَانَ لَهُ شَفِيعٌ، فَلَهُ أَخْذُهُ، فَإنْ أخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحارِثِي»، وقال: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا يصِحُّ البَيعُ مُطْلَقًا. اخْتارَه في «المُحرَّرِ». وعنه، يَدْفَعُ قِيمَةَ باقِيه، أو يَفْسَخُ البَيعَ. قال الحارِثيُّ: ويأْتِي، في بابِ الوَصايا، أنَّ الأشْهَرَ للأصحابِ، انْتِفاءُ النُّفوذِ عندَ عدَمِ الإِجازَةِ، فيتَقَيَّدُ ما قال هنا مِنَ البُطْلانِ بعدَمِ الإجازَةِ. انتهى. ويأْتِي في أواخِرِ فَصْلِ، وتُفَارِقُ العَطِيَّةُ الوَصِيَّةَ (¬1)، حكْمُ ما إذا حابَى أجْنَبِيًّا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ بَاعَ الْمَرِيضُ أجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ، وَكَانَ شَفِيعُهُ وَارِثًا، فَلَهُ الْأخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأنَّ الْمُحَابَاةَ لِغَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَ المَرِيضُ أجْنَبِيًّا، وحاباه، وكان شَفِيعُه وارِثًا، فله الأخْذُ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ المُحاباةَ لغيرِه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» (¬1)، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «الفُروعِ»: أخَذَ شَفِيعُه الوارِث بالشُّفْعَةِ في الأصحِّ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «المُغْنِي»، و «الحارِثِيِّ»، وقال: هذا الأشْهَرُ. وقيل: لا يَمْلِكُ الوارِثُ الشُّفْعَةَ هنا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الحارِثِيُّ: وفي «المُغْنِي»، في الشُّفْعَةِ وَجْهٌ، لا شُفعَةَ له. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عِنْدَ الْمَوْتِ. فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ، ثُمَّ مَلَكَ مَالًا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ. وَإنْ صَارَ عَلَيهِ دَينٌ يَسْتَغْرِقُهُ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُعْتَبَرُ الثُّلُثُ عندَ المَوْتِ، فلو أعْتَق عَبْدًا لا يَمْلِكُ غيرَه، ثم ملَك مالًا يخْرُجُ مِن ثُلُثِه، تبَيَّنَّا أنَّه عتَق كلُّه، وإنْ صارَ عليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُه، لم يَعْتِقْ منه شيءٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال الحارِثِيُّ: في اعْتِبارِ الثُّلُثِ في الوَصِيَّةِ بحالِ الوَصِيَّةِ خِلافٌ، فيَجْرِي مِثلُه في العَطِيَّةِ، على القَوْلِ به، وأوْلَى. قال: وهذا الوَجْهُ أظْهَرُ. قال: ومِنَ الأصحابِ مَن أوْرَدَ رِوايَةً، أو وَجْهًا؛ يَعْتِقُ ثُلُثُ العَبْدِ فيما إذا كان عليه دَين يسْتَغْرِقُ العَبْدَ. انتهى.

فَصْلٌ: وَتفَارِقُ الْعَطِيَّة الوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ اشيَاءَ، أَحَدُهَا، أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ مِنْهَا، وَالْوَصَايَا يُسَوِّي بَينَ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا. وَالثَّانِي، أَنَّه لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِي الْعَطِيَّةِ بخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. الثَّالِثُ، أَنَّهُ يُعْتَبَر قَبُولهُ لِلعَطِيَّةِ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَالوَصِيَّةُ بِخِلَافِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: وتُفارِقُ العَطِيَّةُ الوَصِيَّةَ في أرْبَعَةِ أشْياءَ، أحَدُها، أنَّه يُبْدَأُ بالأوَّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالأوَّلِ منها، والوَصايا يُسَوَّى بينَ المُتَقَدِّمِ والمَتَأَخِّرِ منها. هذا صحيح، لكِنْ لو اجْتَمعَتِ العَطِيَّةُ والوَصِيَّةُ، وضاقَ الثُّلُثُ عنهما، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ العَطِيَّةَ تُقَدَّم. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصححه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وعنه، التَّساوي. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، لكِنْ صحَّح الأوَّلَ، كما تقذم. وعنه، يُقَدَّمُ العِتْقُ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» قلتُ: إنْ كانتِ الوَصِيَّةُ فقط ممَّا يخْرُجُ مِن أصلِ المالِ، قُدِّمَتْ، وأُخْرِجَتِ العَطِيَّةُ مِن ثُلثِ الباقِي؛ فإنْ أعْتَق عبْدَه، ولم يخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، فقال الوَرثَةُ: أعْتَقَه في مرَضِه. وقال العَبْدُ: بل في صِحَّتِه. صُدِّقَ الوَرَثَةُ. انتهى.

وَالرَّابعُ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي الْعَطِيَّةِ حينِهَا وَيَكُونُ مُرَاعًى، فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ،، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ حِينِهِ. فَلَوْ أعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا، أوْ وَهَبَهُ لإنْسَانٍ، ثُمَّ كَسَبَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ شَيئًا، ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ فَخَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، كَانَ كَسْبُهُ لَهُ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَانَ مُعْتَقًا، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ كَانَ مَوْهُوبًا، وَإنْ خَرَجَ بَعْضُهُ، فَلَهُمَا مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. فَلَوْ أعْتَقَ عَبْدًا لَامَال لَهُ سِوَاهُ، فَكَسَبَ مِثْلَ قِيمَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ شيءٌ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ، وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ شَيئَانِ، فَصَارَ الْعَبْدُ وَكَسْبُهُ نِصْفَينِ فَيَعْتِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مِنْهُ نِصْفُهُ، وَلَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُمَا. وَإنْ كَسَبَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَارَ لَهُ شَيئَانِ وَعَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيئَانِ، فَيَعْتِقُ ثَلَاثَةُ أخْمَاسِهِ، وَلَهُ ثَلاثَةُ أخْمَاسِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَإنْ كَسَبَ نِصْفَ قِيمَتِهِ، عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَهُ نِصْفُ شيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيئَانِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أسْبَاعِهِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أسْبَاعِ كَسْبِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. وَإنْ كَانَ مَوْهُوبًا لإِنْسَانٍ، فَلَهُ مِنَ الْعَبْدِ بِقَدْرٍ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَبِقَدْرِه ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مِنْ كَسْبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ أَعْتَقَ جَارِيَةً ثُمَّ وَطِئَهَا، وَمَهْرُ مِثْلِهِا نِصْفُ قِيمَتِهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَسَبَتْ نِصْفَ قِيمَتِهَا، يَعْتِقُ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا. وَلَوْ وَهَبَهَا مَرِيضًا آخَرَ لَا مَال لَهُ أيضًا، فَوَهَبَهَا الثَّانِي لِلْأَوَّلِ، صَحَّتْ هِبَةُ الأَوَّلِ فِي شَيْءٍ، وَعَادَ إِلَيهِ بِالْهِبَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُهُ، بَقِيَ لِوَرَثَةِ الْآخَرِ ثُلُثَا شَيْءٍ، وَلِلأَوَّلِ شَيئَانِ، فَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أرْبَاعِهَا، وَلِوَرَثَةِ الثَّانِي رُبْعُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ بَاعَ مَرِيضٌ قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ يُسَاوي ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ يُسَاوي عَشَرَةً، فَأَسْقِطْ قِيمَةَ الرَّدِئِ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ، ثُمَّ انْسِبِ الثُّلُثَ إِلَى الْبَاقِي، وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ، تَجِدْهُ نِصْفَهَا، فَيَصِحُّ الْبَيعُ فِي نِصْفِ الْجَيِّدِ بِنِصْفِ الرَّدِئِ، وَيَبْطُلُ فِيمَا بَقِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وَإِنْ بَاعَ مَرِيضٌ قَفِيزًا لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ يُسَاوي ثَلَاثِينَ بِقَفِيزٍ يُسَاوي عَشَرَةً، فَأَسْقِطْ قِيمَةَ الرَّدِئِ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدِ، ثُمَّ انْسِبِ الثُّلُثَ إِلَى الْبَاقِي، وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ، تَجِدْهُ نِصْفَهَا، فَيَصِحُّ الْبَيعُ فِي نِصْفِ الْجَيِّدِ بِنِصْفِ الرَّدِئِ، وَيَبْطُلُ فِيمَا بَقِيَ. وهذا بلا نِزاعٍ. وإنْ شِئْت في عَمَلِها أيضًا، فانْسُبْ ثُلُثَ أكْثَرِ مِنَ المُحاباةِ، فيصِحَّ البَيعُ فيهما بالنِّسْبَةِ، وهو هنا نِصْفُ الجَيِّدِ لنصْفِ الرَّدِئِ. وإنْ شِئْتَ فاضْرِبْ ما حاباه في ثَلَاثةٍ، لِيبْلُغ سِتِّين، ثُمَّ انْسُبْ قِيمَةَ الجَيِّدِ إليها، فهو نِصْفُها، فيصِحَّ بَيعُ نِصْفِ الجَيِّدِ بنِصْفِ الرَّدِئِ. وإنْ شِئْتَ فقُلْ: قَدْرُ المُحاباةِ الثلُثان، ومَخْرَجُهما ثلَاثة، فَخُذْ للمُشْتَرِي سَهْمَين منه، وللوَرَثَةِ أرْبعَةً، ثم انْسُب المُخْرَجَ إلى الكُلِّ بالنِّصْفِ، فيصِحَّ بَيعُ أحَدِهما بنِصْفِ الآخَرِ. وبالجَبْرِ، يصِحُّ بَيعُ شيءٍ مِنَ الأعْلَى بشيءٍ مِنَ الأدْنى، قِيمَتُه ثُلُثُ شيءٍ من الأعْلَى، فتكونُ المُحاباةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بثُلُثَيْ شيءٍ منه، فألْقِها منه، فيَبْقَى قَفِيزٌ إلَّا ثُلُثَيْ شيءٍ يَعْدِلُ مِثْلَي المُحاباةِ منه؛ وهو شيءٌ وثلثُ شيءٍ، فإذا جَبَرتَ وقابَلْتَ عِدْلَ شَيئين، فالشَّيْءُ نِصْفُ قَفِيزٍ. وإنَّما فُعِلَ هذا؛ لئَلَّا يُفْضِيَ إلى رِبا الفَضْلِ. فلو كانَ لا يحْصُلُ في ذلك رِبًا؛ مثلَ ما لو باعَه عَبْدًا يُساوي ثَلاثين، لا يمْلِكُ غيرَه، بعَشَرَةٍ، ولم تُجِزِ الوَرَثَةُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب صِحَّةُ بَيعِ ثُلُثِه بالعَشَرَةِ، والثُّلُثان كالهِبَةِ، فيَرُدُّ الأجْنَبِيُّ نِصْفَهما؛ وهو عَشَرَةٌ، ويأْخُذُ عَشَرَةً بالمُحابَاةِ؛ لنِسْبَتِها (¬1) مِن قِيمَتِه. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع». قال الحارِثِيُّ: اخْتارَه القاضي، ومَن وافقَه. وعنه، يصِحُّ في نِصْفِه بنِصْفِ ثَمَنِه، كالأُولَى (¬2)؛ لنِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنَ المُحاباةِ، فصَحَّ بقَدْرِ النَّسْبَةِ، ولا شيءَ للمُشْتَرِي سِوَى الخِيارِ. اخْتارَه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ». ولك عمَلُها بالجَبْرِ؛ فتقولُ: يصِحُّ البَيعُ في شيءٍ بثُلُثِ شيءٍ، فيَبْقَى العَبْدُ إلَّا ثُلُثَيْ شيءٍ، يعْدِلُ شيئًا وثُلُثًا فاجْبُرْ وقابِلْ، يَبْقَى عَبْدٌ يعْدِلُ شَيئَين، فالشَّيءُ نِصْفُه، فيَصِحَّ بَيعُ نِصْفِ العَبْدِ لنصْفِ الثَّمَنِ؛ لأنَّ المَسْألةَ تدورُ بأنَّ ما نفذَ البَيعُ فيه خارِجٌ مِنَ التَّرِكَةِ، وما قابلَه مِنَ الثَّمَنِ داخِلٌ فيها، ومعْلومٌ أنَّ ما ينْفُذُ فيه البَيعُ، يزيدُ بقَدْرِ زِيادَةِ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «لنسبتهما». (¬2) في الأصل: «كأول».

وَإنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً عَشَرَةً لَا مَال لَهُ غَيرُهَا، وَصَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ، فَمَاتَتْ قَبْلَهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَلَهَا بِالصَّدَاقِ خَمْسَةٌ، وَشَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرِكَةِ، وينْقُصُ بقَدْرِ نُقْصانِها، وتزيدُ التَّرِكَةُ بقَدْرِ زِيادَةِ المُقابِلِ الدَّاخِلِ، ويزيدُ المُقابِلُ بقَدْرِ زِيادَةِ المَبِيعِ. وذلك دَوْرٌ. وعنه، يصِحُّ البَيعُ، ويدْفَعُ بقِيَّةَ قِيمَتِه عشَرَةً (¬1)، أو يفْسَخُ. قال الحارِثِيُّ: وهو ضعيف. وأطْلَقَهُنَّ. فعلى المذهبِ، لو كانتِ المُحاباةُ مع وارِثٍ، صحَّ البَيعُ، على الأصحِّ، في ثُلُثِه ولا مُحاباةَ. وعلى الرِّوايَةِ الثَّالثَةِ، يدْفَعُ بقِيَّةَ قِيمَتِه عِشْرِين، أو يفْسَخ. وإذا أفْضَى إلى إقالةٍ بزِيادَةٍ، أو رِبا فَضْلٍ، تَعَيَّنَتِ الرِّوايَةُ الوُسْطَى، كالمَسْأَلَةِ التي ذُكِرَتْ أوَّلًا، ونحوها. قوله: وإنْ أصْدَق امْرَأَةً عَشَرَةً لا مال له غيرُها، وصَداقُ مِثلِها خَمْسَةٌ، فماتَتْ ¬

(¬1) في ط: «عشرين».

رَجَعَ إِلَيهِ نِصْفُ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا، صَارَ لَهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ إلا نِصْف شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيئَينِ، اجْبُرْهَا بِنصْفِ شَيْءٍ وَقَابِلْ، يَخرُجِ الشَّيْءُ ثَلَاثَةً، فَلِوَرَثَتِهِ سِتَّةٌ وَلِوَرَثَتِهَا أَرْبَعَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَه، ثم ماتَ، فلها بالصَّداقِ خَمْسَةٌ وشيءٌ بالمُحاباةِ، رجَع إليه نِصْفُ ذلك بمَوْتِها، صارَ له سَبْعَةٌ ونِصْفٌ إلَّا نِصفَ شيءٍ يَعْدِلُ شَيئَين، اجْبُرْها بنصْفِ شيءٍ، وقابِلْ، يَخْرُج الشَّيءُ ثَلَاثَةً، فلوَرَثَتِه سِتَّةٌ، ولوَرَثَتِها أرْبَعَةُ. وهذا بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا، وَرِثَتْهُ، وَسَقَطَتِ الْمُحَابَاةُ. نَصَّ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، تُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ ماتَ قبلَها، وَرِثَتْه وسَقَطَتِ المُحاباةُ. نصَّ عليه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصححه النَّاظِمُ. وعنه، تُعْتَبَرُ الْمُحاباةُ مِنَ الثُّلُثِ. قال أبو بَكْرٍ: هذا قَوْلٌ قدَيِمٌ رجَع عنه. قال الحارِثِيُّ: قوْلُ أبِي بَكْرٍ: إنَّه مَرْجُوعٌ عنه. لا دَلِيلَ عليه مِن تارِيخٍ ولا غيرِه. وفيه وَجْهٌ، إنْ وَرِثَتْه، فوَصِيَّةٌ لوارِثٍ. قال في «الفُروعِ»: وزِيادَة مَريضٍ على

فَصْلٌ: وَلَوْ مَلَكَ ابْنَ عَمِّهِ، فَأَقَرَّ في مَرَضِهٍ أَنَّهُ أعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ كَان ـــــــــــــــــــــــــــــ مَهْرِ المِثْلِ مِن ثُلُثِه. نصَّ عليه. وعنه، لا يَسْتَحِقُّها. صحَّحها ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قال أحمدُ: هي كوَصِيَّةٍ لوارِثٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو وهَبَها كلَّ مالِه، فماتَتْ قبلَه، فلوَرَثَتِه أربَعةُ أخْماسِه، ولورَثَتِها خُمْسُه. ويأْتِي في بابِ الخُلْعِ إذا خالعَها، وحاباها، أو خالعَتْه في مَرضِ مَوْتِها. الثانيةُ، قال في «الانْتِصارِ»: له لُبْس النَّاعِمِ وأكْلُ الطَّيِّبِ لحاجَتِه، وإنْ فعَلَه لتَفْويتِ الوَرَثَةِ، مُنِعَ مِن ذلك. وقاله المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الحارِثِيُّ. وفي «الانْتِصارِ» أيضًا، يُمْنَعُ إلَّا بقَدْرِ حاجَتِه وعادَتِه، وسلَمِه أيضًا؛ لأنَّه لا يُسْتَدْرَكُ كإتْلافِه. وجزَم به الحَلْوانِيُّ في الحَجْرِ. وجزَم به غيرُ الحَلْوانِيِّ أيضًا، وابنُ شِهابٍ. وقال: لأنَّ حقَّ الورَثَةِ لم يتعَلَّقْ بعَينِ مالِه. قوله: ولو ملَك ابنَ عَمِّه، فأقَرَّ في مَرَضِه أنَّه أعْتَقه في صِحَّتِه، عتَقَ ولم يَرِثْه، ذكَرَه أبو الخَطَّابِ -والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهما- لأنَّه لو وَرِثَه كان إقْرارُه لوارِثٍ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: هذا أقْيَسُ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». والمَنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّه يعْتِقُ ويَرِثُ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

إِقْرَارُهُ لِوَارِثٍ، وَكَذَلِكَ عَلَى قِياسِهِ، لَو اشْتَرَى ذَا رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ وَارِثُهُ، أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ، أَوْ وَهَبَ لَهُ فَقَبِلَهُ فِي مَرَضِهِ. وَقَال الْقَاضِي: يَعْتِقُ وَيَرِثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. [وهو احْتِمالٌ في «الشَّرْحِ»] (¬1). قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ. فعلى المذهبِ، يعْتِقُ مِن رَأْسِ مالِه، على الصَّحيحِ. نصَّ عليه. وقيل: مِنَ الثُّلُثِ. فعلى الصَّحيحِ المَنْصُوصِ، لو اشْتَرَى ابْنَه بخَئسِمِائَةٍ، وهو يُساوي ألْفًا، فقَدْرُ المُحابَاةِ مِن رَأْسَ مالِه. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو اشْتَرَى مَن يعْتِقُ على وارِثِه، صحَّ، وعتَقَ على وارِثِه، وإِنْ دبَّرَ ابنَ عَمِّه، عتَقَ، والمَنْصُوصُ، لا يَرِثُ وقيل: يَرِثُ. الثَّانية، لو قال: أنتَ حُرٌّ في آخِرِ حَياتِي. عتَقَ. قال في «الفُروعِ»: والأشهَرُ أنَّه يَرِثُ، وليس عِتْقُه وَصِيَّةً له، فهو وَصِيَّةٌ لوارِثٍ. الثَّالثةُ، لو علَّق عِتْقَ عَبْدِه بمَوْتِ قَرِيبِه، لم يَرِثْه. ذكَرَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال القاضي: لأنَّه لا حقَّ له فيه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الخِلافُ. الرَّابعَةُ، لو علَّق عِتْقَ عَبْدِه على شيءٍ، فوُجِدَ وهو مَريضٌ، عتَق مِن كلِّ مالِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: مِن ثُلُثِه. ويأْتِي في آخِرِ كِتابِ العِتْقِ، لو أعْتَق بعضَ عَبْدٍ، أو دبَّرَه في مَرضِ مَوْتِه. وأحْكامٌ أُخَرُ. قوله: وكذلك على قياسِه؛ لو اشتَرَى ذا رَحِمِه المَحْرَم في مَرَضِه، وهو وارِثُه، أو وُصِّيَ له به، أو وُهِبَ له، فقَبِلَه في مَرَضِه -يعْنِي، أَنه يعْتِقُ ولا يَرِثُ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلِ أبِي الخَطَّاب، ومَن تَبِعَه (¬1). قال في «الرِّعَايَةِ» فيما إذا قَبِلَ الهِبَةَ أو الوَصِيَّةَ: هذا أقْيَسُ -وقال القاضي: يَرِثُه. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وصحَّحه الشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يصِحُّ الشِّراءُ إذا كان عليه دَينٌ. وقيل: يصِحُّ الشِّراءُ، ويُبَاعُ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». فعلى المذهبِ، إذا ملَك مَن يَعْتِقُ عليه بهِبَةٍ أو وَصِيَّة، فإنَّهم يعْتِقُون مِن رَأْسِ المالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: فمِن رأسِ مالِه في المَنْصوصِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَمْ به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيل: مِنَ الثُّلُثِ. ذكَرَه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. قلتُ: اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله الحارِثِيُّ. وعلى المذهبِ أيضًا، لو اشْتَرَى مَن يعْتِقُ عليه بالرَّحِمِ، فإنَّه يعْتِقُ مِنَ الثُّلُثِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وعنه، يعْتِقُ مِن رَأْسِ مالِه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهما. ويَرِثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. اخْتارَه جماعةٌ؛ منهم القاضي، وابنُه أبو الحُسَينِ، وابنُ بكْروسٍ، والمَجْدُ، والحارِثيُّ، وغيرُهم. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: فإذا أعْتَقْناه مِنَ الثُّلُثُ، ووَرَّثْناه، فاشْتَرَى مرِيضٌ أباه بثَمَنٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وترَك ابْنًا، عتَق ثُلُثُ الأبِ على المَيِّتِ، وله وَلاه، ووَرِثَ بثُلُثِه الحُرِّ مِن نفْسِه ثُلُثَ سُدْسِ باقِيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْقُوفِ، ولم يَكُنْ لأحَدٍ وَلاءٌ على هذا الجُزْءِ، وبَقِيَّةُ الثُّلُثَين إرْثٌ للابْنِ يعْتِقُ عليه، وله وَلاؤُه. وإذا لم نُوَرِّثْه، فوَلاؤُه بينَ ابْنِه وابنِ ابْنِه أثلاثًا. قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والخَمْسِين»: لو اشْتَرَى مرِيضٌ أبَاه بثَمَنٍ لا يمْلِكُ غيرَه، وهو تِسْعَةُ دَنانِيرَ، وقِيمَةُ الأبِ سِتَّةٌ، فقد حصَل منه عَطِيَّتَان مِن عَطايَا المريضِ؛ مُحابَاةُ البائعِ بثُلُثِ المالِ، وعِتْقُ الأبِ، إذا قُلْنا: إنَّ عِتْقَه مِن الثُّلُثِ. وفيه وَجهان؛ أحدُهما، وهو قولُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، يتَحاصَّان. والثَّاني، تنْفُذُ المُحاباةُ، ولا يعْتِقُ الأبُ. وهو اخْتِيارُ صاحِبِ «المُحَرَّرِ».

وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ، لَمْ تَرِثْهُ عَلَى قِيَاسِ الأَوَّلِ، وَقَال الْقَاضِي: تَرِثُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو أعْتَق أمَتَه وتَزَوَّجَها في مَرَضِه، لم تَرِثْه، على قِياسِ الأولِ. وهو أحدُ الوَجْهَين. واخْتارَه ابنُ شاقْلَا في «تَعاليقِه»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». قلتُ: فيُعايَى بها، وبأشْباهِها ممَّا تقدَّم؛ لكَوْنِهم ليس فيهم مِن مَوانِعِ الإِرْثِ شيء، ولا يَرِثُون. وقال القاضي: تَرِثُه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال الحارِثِيُّ: وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. فائدة: عِتْقُها يكونُ مِنَ الثُّلُثُ؛ إنْ خرَجَتْ مِنَ الثُّلُثُ، عتَقَتْ، وصحَّ النِّكاحُ، وإنْ لم تخْرُجْ، عتَق قَدْرُه، وبطَل النِّكاحُ؛ لانْتِفاءِ شَرْطِه.

وَلَوْ أَعْتَقَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ، ثمَّ تَزَوَّجَهَا وَأصْدَقَهَا مِائَتَينِ لَا مَال لَهُ سِوَاهُمَا، وَهُمَا مَهْر مِثْلِهَا، ثمَّ مَاتَ، صَحَّ الْعِتْقُ، وَلَمْ تَسْتَحِقَّ الصَّدَاقَ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى بُطْلَانِ عِتْقِهَا، ثُمَّ يَبْطلَ صَدَاقهَا. وَقَال الْقَاضِي: تَسْتَحِقُّ الْمِائَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو أعْتَقها وقيمَتُها مِائَةٌ، ثم تَزَوَّجَها وأصْدَقَها مِائتَين لا مال له سِواهما، وهي مَهْرُ مِثلِها، ثم ماتَ، صحَّ العِتْقُ، ولم تَسْتَحِقَّ الصَّداقَ؛ لئَّلا يُفْضِيَ إلى بُطْلانِ عِتْقِها، ثم يَبْطُلَ صَداقُها. قال المُصَنِّفُ: هذا أوْلَى. وقال القاضي: تَسْتَحِقُّ المِائَتَين، وتَعْتِقُ.

وَإنْ تَبَرَّعَ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى أبَاهُ مِنَ الثُّلُثَينِ، فَقَال الْقَاضِي: ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو تزَوَّج في مرَضِ المَوْتِ بمَهْر يزيدُ على مَهْرِ المِثْلِ، ففي المُحاباةِ رِوايَتان؛ إحْداهما، هي مَوْقُوفَةٌ على إجازَةِ الوَرَثَةِ؛ لأنَّها عَطَّيَّةٌ لوارِثٍ. والثَّانيةُ، تنْفُذُ مِنَ الثُّلُثِ. نَقلَها المَرُّوذِيُّ، والأثرَمُ، وصالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، والفَضْلُ بنُ زِياد. قاله في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين». الثَّانية، لو أصْدَق المِائتَين أجنَبِيَّةً، والحالةُ ما ذكرَ، صحَّ، وبطَل العِتْقُ في ثُلُثَيِ الأمَةِ؛ لأنَّ الخروجَ مِنَ الثُّلُثِ مُعْتَبَرٌ بحالةِ المَوْتِ. وهكذا لو تَلِفَتِ المِائَتان قبلَ مَوْتِه. قوله: وإنْ تبَرَّع بثُلُثِ مالِه، ثم اشْتَرَى أباه مِنَ الثُّلُثَين، فقال القاضي: يصِحُّ الشراءُ. ولا يعْتِقُ. لأنه جعَل الشراءَ وَصِحةً؛ لأنَّ تَبَرُّعَ المَريضِ إنَّما ينفُذُ في الثُّلُثِ، ويُقدَّمُ الأوَّلُ فالأوَّلُ. وجزَم بهذا ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وهو المذهبُ.

يَصِحُّ الشِّرَاءُ وَلَا يَعْتِقُ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ عَلَى الْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَليهِمْ، وَلا يَرِث؛ لأنهُ لمْ يَعْتِقْ في حَيَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعلى قَوْلِ مَن قال: ليس الشراءُ بوَصِيَّةٍ. يعْتِقُ الأبُ، وينْفُذُ مِنَ التَّبَرُّعِ قَدْرُ ثُلُثِ المالِ حال المَوْتِ، وما بَقِيَ، فللأبِ سُدْسُه، وباقِيه للابْنِ. وأطْلَقهما في «الشرْحِ». قال الحارِثِي، في هذه المَسْألةِ: قال الأصحابُ: يصِحُّ الشراءُ. وهل يَعْتِقُ ويَرِثُ؟ إنْ قيلَ بعِتْقِ ذِي الرَّحِمِ مِنَ الثُّلُثِ، فلا عِتْقَ، ولا إرْثَ، وإنْ قيلَ بعِتْقِه مِن رأسِ المالِ، عتَقَ، ونفَذ التبرعُ مِن ثُلُثِ المالِ (¬1). وكذا فيما زادَ. ¬

(¬1) في ط: «الألف» وغير واضحة في الأصل.

كتاب الوصايا

كتابُ الْوَصَايَا وَهِيَ الأمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ هِيَ التبرعُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الوَصايا قوله: وهي الأمْرُ بالتصَرُّفِ بعدَ المَوْتِ. والوَصِيَّةُ بالمالِ هي التبرعُ به بعدَ المَوْتِ. هذا الحد هو الصَّحيحُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقال أبو الخَطابِ: هي التبرُّعُ بما يقِفُ نفوذُه على خُروجِه مِنَ الثُّلُثِ. فعلى قوْلِه، تكونُ العَطيَّةُ في مرَضِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْتِ وَصِيَّةً، والصحيحُ خِلافُه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وفي حدِّه اخْتِلالٌ (¬1) مِن وُجوهٍ؛ أحدُها، أنّه يدْخلُ فيه تَبرعُه بهِباتِه وعَطاياه المُنْجَزَةِ في مرَضِ مَوْتِه. ¬

(¬1) في الأصل: «اختلاف».

وَتَصِحُّ مِنَ الْبَالِغِ الرشِيدِ، عَدْلًا كَانَ أوْ فَاسِقًا، رَجُلًا أو امْرَأةً، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك لا يُسَمَّى وَصِيَّةً. ويخْرُجُ منه وَصِيَّة بما زادَ على الثُّلُثِ؛ فإنَّها وَصِيَّة صحيحةٌ مَوْقوفَة على إجازَةِ الوَرَثَةِ. ويخْرُجُ منه أيضًا وَصِيَّة بفِعْلِ العِباداتِ، وقَضاءِ الواجِباتِ، والنظَرِ في أمْرِ الأصاغِرِ مِن أوْلادِه، وتَزْويِجَ بَناتِه، ونحو ذلك. تنبيه: قولُه: وتَصِحُّ مِنَ البالِغِ الرشِيدِ، عَدْلًا كان أو فاسِقًا، رَجُلا أو امْرَأةً، مُسْلِمًا أو كافِرًا. هذا صحيح بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وقد شَمِلَ العَبْدَ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيح. ذكَرَه الأصحابُ؛ منهم المُصَنفُ وغيرُه؛ فإنْ كان فيما عَدا المال، فصَحِيحٌ، وإنْ كان في المالِ؛ فإنْ ماتَ قبلَ العِتْقِ، فلا وَصِيَّةَ، على المذهبِ؛ لانْتِفاءِ مِلْكِه، وإنْ قيلَ: يمْلِكُ بالتَّمْليكِ. صحَّتْ. ذكَرَه بعضُ الأصحابِ. والمُكاتَبُ والمُدَبَّرُ وأمُّ الوَلَدِ، كالقِنِّ. وشَمِلَ كلامُه أيضًا المَحْجُورَ عليه لفَلَس، [فتصِحُّ حتى لو كانتِ الوَصِيَّةُ] (¬1) بعَين مِن مالِه؛ لأنَّه قد يتَحَوَّلُ ما بَقِيَ مِنَ الدَّينِ, فلا يتَعَينُ المالُ الأوَّلُ (¬2) إذنْ للغُرَماءِ. وإنْ ماتَ قبلَ ذلك، لَغَتِ الوَصِيَّةُ. قال في «الكافِي» وغيرِه: هذا إذا لم يُعايِنِ المَوْتَ. فأما إذا عاينَ المَوْت، لم تصِحَّ وَصِيته؛ لأن الوَصِيَّةَ قوْلٌ، ولا قَوْلَ له، والحالةُ هذه. وتقدَّم في آخِرِ البابِ الذي قبلَه، قبلَ قوْلِه: والحامِلُ عندَ المَخاضِ. ما يتعَلَّقُ بذلك، فليُراجَعْ. قوله: مُسْلِمًا كان أو كافِرًا. تصِحُّ وَصِيَّةُ المُسْلِمِ، بلا نِزاع. وكذا تصِحُّ وَصِيَّةُ الكافِرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا تصِحُّ مِن مُرْتَدُّ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». [تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنفِ صِحَّةَ وَصِيَّةِ العَبْدِ. وهو صحيح. صرَّح به المُصَنِّفُ وغيرُه مِنَ الأصحابِ، فيَنْفُذُ فيما عَدا المال، وأما المالُ؛ فإنْ ماتَ قبلَ العِتْقِ، فلا وَصِيَّةَ على المذهبِ. وإنْ قيلَ: يمْلِكُ. صحَّتْ. ذكَرَه بعضُ الأصحابِ. نقَلَه الحارِثِي. قلتُ: وهو ضعيفٌ. وإنْ ماتَ بعدَ] (1) ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَمِنَ السَّفِيهِ في أصَحِّ الْوَجْهَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ [العِتْقِ، نفَذَتْ، بلا خِلافٍ. والمُكاتَبُ والمُدَبرُ وأمُّ الوَلَدِ، كالقِنِّ. فلو قال: متى عتَقْتُ، ثم مِتُّ، فثُلُثي لفُلانٍ. نفَذ. نقَلَه الحارِثي] (¬1). قوله: ومِنَ السفِيهِ في أصَحُّ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه. في «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثاني، لا تصِحُّ منه. حكاه أبو الخَطَّابِ. وذكَر المَجْدُ في «شَرْحِه»، أنّه المَنْصوصُ. قلتُ: وهو ضعيف. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، فيما إذا أوْصَى بمالٍ. أمَّا وَصِيَّتُه على أوْلادِه، فلا تصِحُّ، قوْلًا واحدًا؛ لأنّه لا يمْلِكُ التَّصَرُّفَ بنَفْسِه، فوَصِيته أحقُّ وأوْلَى. قاله في ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَمِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا جَاوَزَ الْعَشْرَ، وَلَا تَصِحُّ مِمنْ لَهُ دُونَ السَّبْعِ، وَفِيمَا بَينَهُمَا رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُطْلِعِ». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، في بابِ المُوصَى إليه، صِحَّةُ وَصِيَّته بذلك، وهو أوْلَى بالصحةِ مِنَ الوَصِيِّةِ بالمالِ. والظاهِرُ أن الذي حَداه إلى ذلك، تَعْليلُ الأصحابِ بكَوْنِه مَحْجُورًا عليه في تصَرُّفاتِه، أو لكَوْنِه مُحْتاجًا إلى الثَّوابِ، وتصَرُّفُه في هذه مَحْضُ مَصْلَحَةٍ مِن غيرِ ضَرَرٍ؛ لأنّه إنْ عاشَ، لم يذْهَبْ مِن مالِه شيءٌ. ولا يلْزَمُ مِن ذلك أن الوَصِيَّةَ على أوْلاده لا تصِحُّ، اللَّهُم إلَّا أنْ يكونَ في المَسْألةِ نَقْل خاصُّ. قوله: ومِنَ الصَّبِي العاقِلِ إذا جاوَزَ العَشْرَ. إذا جاوَزَ الصَّبِي العَشْرَ، صحَّتْ وَصِيته. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، في رِوايَةِ الجماعَةِ، وعليه الأصحابُ، حتى قال أبو بَكْر: لا يخْتَلِفُ المذهبُ، أن مَن له عَشْرٌ، تصِحُّ وَصِيته. انتهى. وعنه، تصِحُّ، إذا بلَغ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سنَةً. نقَلها ابنُ المُنْذِرِ. ونقَل الأثرَمُ، لا تصِحُّ مِن ابنِ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سنَةً. فلم يطلِعْ أبو بَكْر على ذلك. وقيل: لا تصِحُّ حتى يبلُغ. وهو احْتِمال في «الكافِي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تصِحُّ مِمَّن له دونَ السَّبْعِ -يعنِي، ممَّن لم يُمَيِّزْ، على ما تقدَّم في كتابِ الصَّلاةِ- وفيما بينَهما رِوايَتان. يعْني، فيما بينَ السَّبْعِ والعَشْرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما أبو بَكْر عَبْدُ العَزيزِ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ»؛ إحداهما، لا تصِح. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وصاحِبِ «الوَجيزِ». وصححَه في «التَّصْحيحِ». قال ابنُ أبِي مُوسى: لا تصِحُّ وَصيةُ الغُلامِ لدُونِ عَشر، ولا إجازَتُه، قوْلا واحدًا. واخْتارَه أبو بَكْر. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال

وَلَا تَصِح مِنْ غَيرِ عَاقِل؛ كَالطفْلِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمُبَرْسَمِ. وَفِي السَّكْرَانِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «القَواعِدِ الأصُوليةِ»: هذا المَشْهورُ عنِ الإمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الحارِثيُّ: هذا الأشْهَرُ عنه. والرِّوايَةُ الثانيةُ، تصِحُّ. وهو المذهبُ. وقال القاضي، وأبو الخَطابِ: تصِحُّ وَصِيةُ الصبِي إذا عقَل. قال المُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ»: وتصِحُّ الوَصِيَّةُ مِنَ الصبِي إذا عقَل. وجزَم به في «التسْهيل». وصححه في «الخُلاصةِ». وقدمه في «الكافِي»، و «المُذْهَبِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». قال الحارِثيُّ: لم أجِدْ هذه مَنْصُوصةً عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقيل: تصِحُّ وَصيَّةُ بِنْتِ تِسْع. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبِي مُوسى. وقيل: تصِحُّ لسَبْعٍ منهما. قوله: وفي السكْرانِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»؛ أحدُهما، لا تصِح. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحّحه في «التصْحيح»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْأخْرَسِ بِالإشَارَةِ، وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَنِ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ بِهَا، وَيحْتَمِلُ أنْ تَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّاني، تصِح وَصِيته. ويأتي في أولِ كتابِ الطلاقِ، أنَّ في أقوالِ السَّكْرانِ وأفْعالِه خَمْسَ رِوايات، أو سِتًّا. قوله: ولا تصِحُّ وَصِيَّة مَنِ اعْتَقَلَ لِسانُه بها. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيل. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وعنه التَّوَقُّفُ. ويَحْتَمِلُ أن تصِح. يعْنِي، إذا اتصَلَ بالمَوْتِ، وفُهِمَتْ إشارَتُه. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطابِ في «الهِدايَةِ»، واخْتارَه في «الفائقِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الحارِثِيُّ: وهو الأوْلَى. واسْتدَل له بحديثِ رَضِّ (¬1) اليَهُودِي رأسَ الجارِيَةِ، وإيمائِها إليه (¬2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) تقدم تخريجه فيه 10/ 446.

وَإنْ وُجِدَتْ وَصِيتهُ بِخَطِّهِ، صَحتْ. وَيَحْتَمِلُ ألا تَصِح حَتى يُشهِدَ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وُجِدَتْ وَصِيَّتُه بخَطِّه، صَحَّتْ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: نص عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، واعْتمدَه الأصحابُ، وقاله الخِرَقِيُّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي في «شَرْح المُخْتَصَرِ»: ثُبوتُ الخَطِّ يتوَقفُ على مُعاينَةِ البَينةِ أو الحاكمِ لفِعْلِ الكِتابةِ؛ لأن الكِتابةَ عمَلٌ، والشهادَةُ على العمَلِ طرِيقُها الرُّويَةُ. نقَلَه الحارِثِيُّ. ويحْتَمِلُ أنْ لا تصِح حتى يُشْهِدَ عليها. وقد خرج ابنُ عَقِيل، ومَن بعدَه، رِوايَةً بعدَمِ الصِّحةِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْذًا مِن قوْلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، في مَن كتب وَصِيته وختَمَها، وقال: اشْهَدُوا بما فيها. إنّه لا تصِحُّ، أي شَهادَتُهم على ذلك. فنص الإمامُ أحمدُ، في الأولَى، بالصحةِ، وفي الثانِيَةِ بعَدَمِها، حتى يسْمَعُوا ما فيه، أو يُقْرَأ عليه، فيُقِرَّ بما فيه. فخرج جماعةٌ؛ منهم المَجْدُ في «محَرَّرِه» وغيرُه، في كل منهما رِوايَة منَ الأخْرَى، وقد خرج المُصَنفُ، في باب كتابِ القاضي إلى القاضي، مِنَ الأولَى في الثانِيَةِ، وقال هنا: يحْتَمِلُ أنْ لا تصِح حتى يُشْهِدَ عليها. فهو كالتخْريجِ مِنَ الثانِيَةِ في الأولَى. والصحيحُ مِنَ المذهبِ التفْرِقَةُ؛ فتصِحُّ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولَى، ولا تصِحُّ في الثانِيَةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تصِحُّ في الثانيَةِ أيضًا. اخْتارَه المُصَنف، والشارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ». ويأتِي النَّصَّان في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ حُكْمِ كتابِ القاضي إلى القاضي. تنبيه: مَعْنَى قوْلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في مَن كتَب وَصِيته وختَمَها، وقال: اشْهَدُوا بما فيها. أنَّها لا تصِحُّ، أي لا تصِحُّ شَهادَتُهم على ذلك. فأمَّا العَمَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بخَطِّه في هذه الوَصِيَّةِ، فحيثُ عُلِمَ خَطه؛ إمَّا بإقْرارٍ، أو ببَينةٍ، فإنه يُعْمَلُ بها كالأولَى، بل هي مِن أفرادِ العَمَلِ بالخَطِّ في الوَصِيَّةِ. نبه على ذلك شيخُنا في حَواشِي «الفُروع». وهو واضِح. قلتُ: في كلامِ الزَّرْكَشي إيماءٌ إلى ذلك، فإنَّه قال: وقد يُفرَّقُ بأنَّ شَرْطَ الشهادَةِ العِلْمُ، وما في الوَصِيةِ، والحالُ هذه، غيرُ معْلوم. أما لو وقَعَتِ الوَصِيَّةُ، على أنه وَصى، فليس في نص الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، ما يَمْنَعُه. ثم بعدَ ذلك يُعْمَلُ بالخَط بشرْطِه. اننتهى.

فَصْلٌ: وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحَبَّة لِمَنْ تَرَكَ خَيرًا -وهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ- بِخُمْسِ مَالِهِ، وَتُكْرَهُ لِغَيرِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَرَثَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والوَصِيَّةُ مُسْتَحَب. هذا المذهبُ في الجُمْلَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، تجِبُ لقَريبٍ غيرِ وارِثٍ. اخْتارَه أبو بَكْر. ونقَل في «التبصِرَةِ» عن أبي بَكْر، وُجوبَها للمَساكِينِ، ووُجُوهِ البِرِّ. قوله: لمَن ترَك خَيرًا؛ وهو المالُ الكثِيرُ. يَعْنِي، في عُرْفِ الناسِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ». وقطَع به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقال المُصَنِّفُ: والذي يقْوَى عندِي، أنّه متى كان المَتْروكُ لا يفْضُلُ عن غِنَى الوَرَثَةِ، لا تُسْتَحَبُّ الوَصِيَّة. واخْتارَه في «الفائقِ». وقيل: هو مَن كان له أكثرُ مِن ثلاثةِ آلافٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقال في «الوَجيز»: تُسَنُّ لمَن ترَك وَرَثَة وألْفَ دِرْهَم فصاعِدًا، لا دُونَها. وقاله أبو الخَطَّابِ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُتَوَسِّطُ في المالِ، هو المَعْروفُ في عُرْفِ النَّاسِ بذلك. على الصحيح مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: المُتَوَسِّطُ؛ مَن له ثلاثةُ آلافِ دِرْهَم، والفَقِيرُ؛ مَن له دُونَها. وجزَم جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، أن المُتَوَسِّطَ، مَن مَلَك مِن ألْفٍ إلى ثلاثةِ آلافٍ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: الفَقِيرُ؛ مَن له دُونَ ألْفٍ. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. قال في «الفُروعِ»: قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابُنا: هو فقيرٌ. قوله: بخمْسِ مالِه. يعْنِي، يُسْتَحَبُّ لمَن ترَك خَيرًا الوَصِيَّةُ بخُمْسِ مالِه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال النَّاظِمُ: يُسْتَحَب لمَن له مالٌ كثيرٌ، ووارِثُه غَنِيٌّ، الوَصِيَّةُ (¬1) بخُمْسِ مالِه. وقيل: بثُلُثِ مالِه عندَ كثرتِه. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطابِ، وابنُ عَقِيل. قال الحارِثي: وهو المَنْصوصُ. وقال في «الإفْصاحِ»: تُسَن الوَصِيَّةُ بدُونِ الثلُثِ. وقال في ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» , و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرعايتَين»، وغيرِهم: يُسْتَحَبُّ للغنِيِّ الوَصِيَّةُ بثُلُثِ مالِه، وللمُتَوَسِّطِ بالخُمسِ. ونقَل أبو طالبٍ، إنْ لم يَكُنْ له مال كثيرٌ؛ ألْفان أو ثلاثة، أوْصَى بالخُمْسِ، ولم يُضَيِّقْ على وَرَثَتِه، وإنْ كان له (¬1) مالٌ كثيرٌ، فبالرُّبْع، أو الثُّلُثِ. وأطْلَقَ في «الغُنْيَةِ» اسْتِحْبابَ الوَصِيَّةِ بالثُّلُثِ لقريبٍ فقير، فإن كان القريبُ غَنِيًّا؛ فلمِسْكِين، وعالِمٍ، ودَيِّنٍ، قَطَعَهم عن السَّبَبِ القدَرُ، وضيَّقَ عليهم الوَرَعُ الحَرَكةَ فيه، وانْقَلَبَ السَّبَبُ عندَهم فترَكُوه، ووَثِقُوا بالحقِّ. انتهى. وكذا قيَّد المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» اسْتِحْبابَ الوَصِيَّةِ بالثُّلُثِ لقريب فقير. قال في «الفُروعِ»: مع أنّ دَليلَه عامٌّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُكْرَهُ لغيرِه، إنْ كان له وَرَثَة. أي، تُكْرَهُ الوَصِيَّةُ لغيرِ مَن ترَك خَيرًا، فتُكْرَهُ للفَقيرِ الوَصِيَّةُ مُطْلَقًا. على الصّحيحِ مِنَ المذهب. نقَل ابنُ مَنْصُور، لا يُوصِي بشيءٍ. قال في «الوَجيزِ»: لا تُسَنُّ لمَن ترَك أقل مِن ألْفِ دِرْهَم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تُكْرَهُ إذا كان ورَثته مُحْتاجِين، وإلَّا فلا. قال في «التبصِرَةِ»: رَواه ابنُ مَنْصُور، وقاله في «المُغنِي» وغيرِه. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدّم إطْلاقُه في «الغُنْيَةِ» اسْتِحْبابَ الوَصِيَّةِ بالثُّلُثِ. وتقدّم ما اخْتارَه المُصَنِّفُ.

فَأمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ إلَّا الثُّلُثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا مَن لا وارِثَ له، فتجُوزُ وَصِيته بجميعِ مالِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْر، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرّعايتَين»، و «الحاوي الضغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، لا تجوزُ إلا بالثُّلُثِ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال أبو الخَطابِ في «الانْتِصارِ»: هذه الرّوايَةُ صَرِيحَةٌ في منْعِ الرَّدِّ، وتَوْريثِ ذوي الأرْحام. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: تجوزُ بمالِه كلّه، إذا كان وارِثُه ذا رَحِمٍ. قال الشارِحُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيّ. وأطْلَقَ في «الفائقِ»، في ذَوي الأرْحامِ، وَجْهَين. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: بَناهما بعضُ الأصحاب على أن الحق لغيرِ مُعَيَّنٍ. وبَناهما القاضي على أن بيتَ المالِ؛ هل هو جِهَةٌ ومَصْلَحَةٌ، أو وارِثٌ؟ فإنْ قيلَ: هو جِهَة ومَصْلَحَة. جازَتِ الوَصِيَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بجميعِ مالِه. وإنْ قيل: هو وارِثٌ. فلا تجوزُ إلَّا بالثُّلُثِ. وتابَعَه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويأتِي الكلامُ في ذلك مُسْتَوْفُىٍ، في آخِرِ باب أصُولِ المَسائلِ. فعلى المذهبِ، لو ماتَ وتَرَك زَوْجًا أو زَوْجَة، لا غيرُ، وأوصَى بجميعِ مالِه ورُدَّ، بَطَلَتْ في قَدْرِ فَرْضِه مِنَ الثلُثَين، فيأخُذُ المُوصَى له الثُّلُثَ، ثم يأخُذُ أحدُ الزوْجَين فَرْضَه مِنَ الباقي؛ وهو الثُّلُثان، فيَأخُذُ الرُّبعَ، إنْ كان زَوْجَةً، والنِّصْفَ، إنْ كان زَوْجًا، ثم يأخُذُ المُوصَى له الباقِي مِنَ الثُّلُثَين. وهذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وجزَم به في «المُحَررِ»، و «النظمِ»، و «الرِّعايةِ الصغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقيل: لا يأخُذُ المُوصَى له مع أحَدِ الزَّوْجَين سِوَى الثلُثِ. وقدمه في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وصاحِبِ «الوَجيزِ»، وغيرِهما؛ حيثُ قالوا: ولا يجوزُ لمَن له وارِث الوَصِيَّةُ (¬1) بزِيادَة على الثلُثِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَهُ وَارِث بِزِيَادَةٍ عَلى الثُّلُثِ لأجْنَبِيٍّ، وَلَا لِوَارِثِهِ بِشَيْءٍ إلَّا بِإجَازَةِ الْوَرَثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو كان الوارِثُ واحِدًا مِن أهْلِ الفُروضِ، وقُلْنا بعدَمِ الرَّدِّ. قاله في «الرعايةِ» وغيرِها. الثَّانيةُ، لو أوْصَى أحدُ الزَّوْجَين للآخَرِ، فله على الروايَةِ الأولَى المالُ كله إرْثًا ووَصِيَّةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا تصِحُّ. وله على الروايَةِ الثَّانيةِ الثُّلُثُ بالوَصِيَّةِ، ثم فرْضُه مِنَ الباقي، والبَقِيَّةُ لبَيتِ المالِ. قوله: ولا تَجُوزُ لمَن له وارِثٌ بزِيادَةٍ على الثُّلُثِ لأجْنَبِيّ، ولا لوارِثِه بشيء إلَّا بإجازَةِ الوَرَثَةِ. يَحْرُمُ عليه فِعْلُ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُكْرَهُ له ذلك. قال في «الفُروعِ»: وقال في «التبصِرَةِ»: يُكْرَهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في الثانيةِ. وقدَّمه في الأولَى. وعنه، يُكْرَهُ في صِحَّتِه مِن كلِّ مالِه. نَقَلَه حَنْبَلٌ. قلت: الأوْلَى الكَراهَةُ. ولو قيلَ بالإباحَةِ، لكان له وَجْهٌ. قوله: إلَّا بإجازَةِ الوَرَثَةِ. يَعْنِي، أنها تصِحُّ بإجازَةِ الوَرَثَةِ، فتكونُ مَوْقوفَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليهَ جماهيرُ الأصحابِ. صحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِي: هو المَشْهورُ المَنْصُورُ في المذهبِ؛ حتى أنَّ القاضِيَ في «التَّعْليقِ»، وأبا الخَطَّابِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «خِلافِه»، والمَجْدَ، وجماعَةً، لم يحْكُوا فيه خِلافًا. وعنه، الوَصِيَّةُ باطِلَةٌ، وإنْ أجازَها الوَرَثَةُ، إلا أنْ يُعْطُوه عَطيَّةً مُبْتَدَأةً. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. وهو وَجْهٌ في «الفائقِ» في الأجْنَبِيِّ، ورِوايَةٌ في الوارِثِ. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنفِ، إذا أوْصَى بثُلُثِه يكونُ وَقْفًا على بعضِ وَرَثَتِه، فإنَّه يصِحُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما تقدَّم في الهِبَةِ. وفيه قولٌ اخْتارَه المُصَنفُ بعدَمِ الصِّحَّةِ. فيكونُ ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ مُوافِقًا لما اخْتارَه.

إلا أنْ يُوصِيَ لِكُلِّ وَارِثٍ بِمُعَيَّن بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يُوصِيَ لكُل وارِثٍ بمُعَيَّن بقَدْرِ ميِراثِه، فهل يصِحُّ؟ على

وَإنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالْوَصَايَا، تَحَاصُّوا فِيهِ، وَأُدْخِلَ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ وَصِيَّتهِ. وَعَنْهُ، يُقَدَّمُ الْعِتْقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، تَصِحُّ. وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»: وتصِحُّ مُعاوَضَةُ مريضٍ بثَمَنِ مِثْلِه، وعنه، مع وارثٍ بإجازَةٍ، اخْتارَه في «الانْتِصارِ»، لفَواتِ حَقِّه مِنَ المُعَيَّنِ. ثم قال: ومِثْلُها وَصِيَّة لكُلِّ وارِثٍ بمُعَيَّن بقَدْرِ حَقه. وصحَّحه في «التصْحيحِ»، و «الحارِثِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تصِحُّ إلَّا بإجازَةِ الوَرَثَةِ. صحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ». قوله: وإنْ لم يَفِ الثُّلُثُ بالوَصَايا، تحاصُّوا فيهِ، وادْخِلَ النَّقْصُ على كُل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحِدٍ بقَدْرِ وَصِيَّتِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُقَدَمُ العِتْقُ. ولو اسْتَوْعَبَ الثُّلُثَ، فعليهما (¬1)؛ هل يُبْدأ بالكِتابَةِ، لأنَّه المَقْصودُ بها، أوْ لا؛ لأنَّ العِتْقَ تغْلِيبًا ليس للكِتابَةِ؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضي، والمُصَنفُ، والحارِثِيُّ، وغيرُهم. ¬

(¬1) في ط: «فعليها».

وإِنْ أجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، جَازَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإجَازَتُهُمْ تَنْفِيذٌ في الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، وَلَا تَثْبُتُ أحكَامُهَا فِيهَا. فَلَوْ كَانَ الْمُجِيزُ أبا لِلْمُجَازِ لَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَازُ عِتْقًا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُوصِي يَخْتَصُّ بِهِ عَصبَتُهُ، وَلَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمُجِيزِينَ، صَحَّ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ الْإجَازَةَ هِبَة، فَتَنْعكِسُ هَذِهِ الْأحْكَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإجازَتُهما تَنْفِيذ في الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو كما قال. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الروايتَين، أنَّها تَنْفِيذ. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَشْهورُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْصورُ في المذَهبِ. وجزَم به جماعَة. انتهى. قال في «الفائقِ» وغيرِه: والإجازَةُ تنْفيذٌ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشَّارِحُ: لأنَّ ظاهِرَ المذهبِ، أن الوَصِيَّةَ للوارِثِ والأجْنَبِيِّ بالزِّيادةِ على الثُّلُثِ صَحيحةٌ مَوْقوفَةٌ على إجازَةِ الوَرَثَةِ، فعلى هذا تكونُ إجازَتُهم تنْفِيذًا، وإجازَةً محْضَةً، يكْفِي فيها قوْلُ الوارِثِ: أجَزْتُ. أو أمْضَيتُ. أو نفَّذْتُ. انتهى. وعنه ما يدُل على أن الإجازةَ هِبَة مُبْتدَأة. قال في «الفُروعِ»: وخصَّها في «الانْتِصارِ» بالوارِثِ. قال الشارِحُ: وقال بعضُ أصحابِنا: الوَصِيَّةُ باطِلَة. فعلى هذا، تكونُ هِبَةً. انتهى. وأطْلَقَهما أبو الفَرَجِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قيل: هذا الخِلافُ مَبْنِي على أن الوَصِيَّةَ بالزِّائدِ على الثُّلُثِ؛ هل هي باطِلَة، أو مَوْقوفة على الإجازَةِ، كما تقدّم؟ وتقدَّم كلامُ الشارِحِ قريبًا عن بعضِ الأصحابِ. وقيل: بل هو مَبْنِي على القَوْلِ بالوَقْفِ. أنا على البُطْلانِ، فلا وَجْهَ للتنفيذِ. قال في «القَواعِدِ» ـ: وهذا أشْبَهُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثاني، لهذا الخِلافِ فوائدُ كثيرة، ذكَرَها ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ. فمنها، على المذهبِ، لا تفْتَقِرُ إلى شُروطِ الهِبَةِ؛ مِنَ الإيجابِ والقَبُولِ، والقَبْضِ، ونحوه، بل تصِحُّ بقوْلِه: أجَزْتُ. وأنْفَذْتُ. وأمْضَيتُ. ونحو ذلك. وعلى الثَّانيةِ، تفْتَقِرُ إلى الإيجابِ، والقَبُولِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وكلامُ القاضي يقْتَضِي أن في صِحتِها بلَفْظِ الإجازَةِ وَجْهَين. قال المَجْدُ: والصحةُ ظاهِرُ المذهبِ. ومنها, لا تثْبتُ أحْكامُ الهِبَةِ، على المذهبِ، فلو كان المُجِيزُ أبا للمُجازِ له، لم يكُنْ له الرُّجوعُ فيه. وعلى الثَّانيةِ، له الرُّجوعُ. ومنها، هل يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ المُجازُ معْلومًا للمُجيزِ؟ ففي «الخِلافِ» للقاضي، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، هو مَبْنِي على الخِلافِ. وطريقَةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، أن الإجازَةَ لا تصِحُّ بالمَجْهولِ، ولكِنْ هل يُصَدَّقُ في دَعْوَى الجَهالةِ؟ على وَجْهَين. ومِنَ الأصحابِ مَن قال: إنْ قُلْنا: الإجازَةُ تنْفِيذٌ. صحَّتْ بالمجْهولِ، ولا رُجوعَ، وإنْ قُلْنا: هي هِبَة. فوَجْهان. ومنها، لو كان المُجازُ عِتْقًا، كان الوَلاءُ للمُوصِي، تخْتَصُّ به عصَبَتُه، على المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الثَّانيةِ، الوَلاءُ لمَن أجازَ، ولو كان أنثَى. فائدة: لو كسَب المُوصَى بعِتْقِه بعدَ المَوْتِ وقبلَ الإعْتاقِ، فهو له. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين». وقال المُصَنفُ في «المُغْنِي» (¬1)، في آخِرِ بابِ العِتْقِ: كَسْبُه للوَرَثَةِ، كأم الوَلَدِ. انتهى. ولو كان المُوصَى بعِتْقِه أمَةً، فوَلَدَتْ قبلَ العِتْقِ، وبعدَ المَوْتِ، تَبِعَها الوَلَدُ، كأم الوَلَدِ. قدَّمه في «القَواعِدِ»، وقال: هذا هو الظَّاهِرُ. وقال القاضي في «تَعْليقِه»: لا تَعْتِقُ. ومنها, لو كان وَقْفًا على المُجِيزِين؛ فإنْ قُلْنا: الإجازَةُ تَنْفِيذٌ. صحَّ الوَقْفُ ولَزِمَ، وإنْ قُلْنا: هِبَةٌ. فهو كوَقْفِ الإنْسانِ على نفْسِه. ومنها, لو حلَف لا يهَبُ، فأجازَ، لم يحْنَثْ. على المذهبِ. وعلى الثَّانيةِ، يحْنَثُ. ومنها, لو قَبِل الوَصِيَّةَ المُفْتَقِرةَ إلى الإجازَةِ قبلَ الإجازَةِ، ثم أُجِيزَتْ؛ فإنْ قُلْنا: الإجازَةُ تَنْفِيذ. فالمِلْكُ ثابِتٌ له مِن حينِ قَبُوله، وإنْ قُلْنا: هي هِبَةٌ. لم يثْبُتِ المِلْكُ إلَّا بعدَ الإجازَةِ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه». ومنها، أنَّ ما جاوَزَ الثُّلُثَ مِنَ الوَصايا إذا أُجِيزَ؛ هل يُزاحِمُ بالزائدِ الذي لم يُجاوزْه، أوْ لا؟ مَبْنيٌّ على الخِلافِ. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ»، ومَن تابعَه. قال في «القَواعِدِ»: واسْتَشْكَلَ تَوْجِيهُه على الأصحابِ، وهو واضِحٌ، فإنَّه إذا كانتْ مَعنا وَصِيَّتان؛ إحْداهما، مُجاوزَة للثُّلُثِ، والأخْرَى، لا تُجاوزُه؛ كنِصْفٍ وثُلُثٍ؛ وأجازَ الوَرَثَةُ الوَصِيَّةَ المُجاوزَةَ للثُّلُثِ خاصَّةً؛ فإنْ قُلْنا: الإجازَةُ تَنْفِيذ. زاحَمَ صاحِبُ النصْفِ صاحِبَ الثُّلُثِ بنصفٍ كامِلٍ، فيُقْسَمُ الثُّلُثُ بينَهما على خمْسَ؛ لصاحِبِ النِّصْفِ ثلاثةُ أخْماسِه، وللآخرِ خُمْساه، ثم يُكْمَلُ لصاحِبِ النصْفِ نِصْفُه ¬

(¬1) المغني 14/ 396.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإجازَةِ. وإنْ قُلْنا: الإجازَةُ ابْتِداءُ عَطيةٍ. فإنَّما يُزاحِمُ بثُلُثٍ خاصٍّ؛ إذِ الزيادَةُ عليه عَطيَّةٌ مَحْضَةٌ مِنَ الوَرَثَةِ، لم تُتَلَقَّ مِنَ المَيِّتِ. فلا يُزاحِمُ بها الوَصايا، فيُقْسَمُ الثُّلُثُ بينَهما نِصْفَين، ثم يُكْمَلُ لصاحِبِ النِّصْفِ ثُلُث (¬1) بالإجازَةِ، [أي يُعْطَى ثُلُثًا زائدًا على السُّدْسِ الذي أخَذَه مِنَ الوَصِيَّةِ] (¬2). وهذا مَبْنِي على القَوْلِ بأن الإجازَةَ عَطيَّة أو تَنْفِيذ. فيُفَرَّعُ، على هذا، القَوْلُ بإبْطالِ الوَصِيَّةِ بالزَّائدِ على الثُّلُثِ وصِحَّتِها، كما سَبَق. انتهى. وقد تكَلم القاضي مُحِبُّ الدينِ ابنُ نَصْرِ الله البَغْدادِيُّ على هذه المَسْألةِ في كُراسَةٍ بما لا طائلَ تحتَه. وما قاله ابنُ رَجَبٍ صحيح واضِحٌ. وقال الزرْكَشِيُّ، وقد يُقال: إن عَدَمَ المُزاحَمَةِ، إنما هو في الثُّلُثَين؛ لأن الهِبَةَ تَخْتَصُّ بهما، والمُجِيزُ يُشْرِكُ بينَهما فيهما، أما الثُّلُثُ، فيُقْسَمُ بينَهما على قَدْرِ أنْصِبائِهما. انتهى. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّ هذا هو الصَّوابُ. ومنها, لو أجازَ المرِيضُ في مرَضِ مَوْتِه وَصِيَّةَ مَوْرُوثِه؛ فإنْ قُلْنا: إجازَتُه عَطيَّة. فهي مُعْتَبَرَة مِن ثُلُثِه. وإنْ قُلْنا: هي تنْفِيذ. فللأصحابِ طرِيقان؛ أحدُهما، القطعُ بأنها منَ الثُّلثِ أيضًا. قاله القاضي في «خِلافِه»، والمَجْدُ. والطريقُ الثاني، المَسْألةُ على وَجْهَين. وهي طريقةُ أبي الخَطابِ في «انْتِصارِه»، وهما مُنَزَّلان على أصْلِ الخِلافِ في حُكمِ الإجازَةِ. قال في «القواعِدِ»: وقد يُنَزلان على أن المِلْكَ؛ هل ينْتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ في المُوصَى به، أم تمْنَعُ الوَصِيَّةُ الانْتِقال؟ وفيه وَجْهان؛ فإنْ قُلْنا: تنْتَقِلُ إليهم. فالإجازَةُ مِنَ الثُّلُثِ، وإلا فهي مِن رأسِ مالِه. ومنها، إجازَةُ المُفْلِسِ. قال في «المُغْنِي» (¬3): هي نافِذَة. وهو ¬

(¬1) في الأصل: «ثلثه». (¬2) زيادة من: ا. (¬3) المغني 8/ 407.

وَمَنْ أوصِىَ لَهُ وَهُوَ في الظَّاهِرِ وَارِثٌ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيرَ وَارِثٍ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ. وَإنْ أُوصِيَ لَهُ وَهُوَ غَيرُ وَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا، بَطَلَتْ؛ لأنَّ اعْتِبَارَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَزلٌ على القَوْلِ بالتنفِيذِ. وجزَم به في «الفُروعِ». قال في «القَواعِدِ»: ولا يبْعُدُ على قَوْلِ (¬1) القاضي في التي قبلَها، أنْ لا ينْفُذَ. وقاله المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، في الشفْعَةِ. ومنها، إجازَةُ السَّفيهِ نافِذَة على المذهبِ، لا على الثَّانيةِ. ذكَرَه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: لا تصِحُّ إجازَته مُطْلَقًا. وكذا صاحِبُ «الفائقِ». قوله: ومَن أُوصِيَ له وهو في الظَّاهِرِ وارِثٌ، فصارَ عندَ المَوْتِ غيرَ وارِثٍ، صَحَّتِ الوَصِيَّةُ له، وإنْ أوصِيَ له وهو غيرُ وارِثٍ، فصارَ عندَ المَوْتِ وارِثا، بَطَلَتْ؛ لأنَّ اعْتِبارَ الوَصِيَّةِ بالمَوْتِ. هذا (¬2) الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم لم يَحْك فيه خِلافًا؛ أن الاعْتِبارَ في الوَصِيَّةِ بحالِ المَوْتِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «القاعِدَةِ السابِعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ»: وحكَى بعضُهم خِلافًا ضعِيفًا، أن الاعْتِبارَ بحالِ الوَصِيَّةِ، كما حكَى أبو بَكْر، وأبو الخَطابِ رِوايَةً، أن الوَصِيَّةَ في حالِ الصِّحَّةِ مِن رأسِ المالِ، ولا تصِحُّ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، وإنما أرادَ

وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ وَرَدُّهُمْ إلا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا عِبْرَةَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَطيَّةَ المُنْجَزَةَ، كذلك قال القاضي. انتهى. وقال في «الرِّعايتَين»: وقيل: تبْطُلُ الوَصِيَّة فيهما. قوله: ولا تَصِحُّ إجازَتُهم ورَدُّهم إلَّا بعدَ مَوْتِ المُوصِي، وما قبلَ ذلك لا عِبْرَةَ به. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تصِح إجازَتُهم قبلَ المَوْتِ في مرَضِه. خرجَها القاضي أبو حازِم مِن إذْنِ الشفيعِ في الشِّراءِ. قال في «القاعِدَةِ الرابعَةِ»: شَبهَه الإمامُ أحمدُ في موْضِعٍ بالعَفْو عن الشفْعَةِ، فخرجَه المَجْدُ في «شَرْحِه»، على رِوايتَين. واخْتارَها صاحِبُ «الرِّعايةِ»، والشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ.

وَمَنْ أجَازَ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ قَال: إِنَّمَا أجَزْتُ لأننِي ظَنَنْتُ الْمَال قَلِيلًا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينهِ، وَلَهُ الرُّجُوع بِمَا زَادَ عَلَى مَا ظَنَّهُ، في أظْهَرِ الْوَجْهينِ، إلّا أن تقُومَ عَلَيهِ بَيِّنة. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أجازَ الوَصِيَّةَ -يعْنِي، إذا كانتْ جُزءًا مُشاعًا- ثُمَّ قال: إنَّما أجَزْتُ لأننِي ظنَنْتُ المال قَلِيلًا. فالقَوْلُ قَوْلُه مع يَمِينه، وله الرُّجُوعُ بما زادَ على ظَنِّه، في أظْهَرِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثاني، ليس له الرُّجوعُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». وتقدَّم في الفوائدِ، هل يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المُجازُ مَعْلومًا؟ تنبيه: قوْلُه: إلَّا أنْ تقُومَ عليه بَيِّنة. يعْنِي، تشْهَدُ بأنه كان عالِمًا بزِيادَتِه، فلا يُقْبَلُ قَوْلُه. وكذا لو كان المالُ ظاهِرًا لا يخْفَى عليه، لا يُقْبَلُ قَوْلُه. وكلامُ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطْلَقَ، مُقَيَّدٌ بذلك، وهذا إذا قُلْنا: الإجازَةُ تَنْفِيذٌ. فأمَّا إذا قُلْنا: هي هِبَة مُبْتدَأةٌ. فله الرُّجوعُ فيما يجوزُ الرُّجوعُ في مِثْلِه في الهِبَةِ. وقد تقدَّم قريبًا في الفوائدِ.

وإنْ كَانَ الْمُجَازُ عَينًا، فَقَال: ظَنَنْتُ بَاقِيَ الْمَالِ كَثِيرًا. لَمْ يقْبَلْ قَوْلُهُ، في أظْهَرِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان المُجازُ عَينًا -وكذا لو كان مَبْلَغًا مُقَدَّرًا- فقال: ظنَنْتُ باقِيَ المالِ كثيرًا. لم يُقْبَلْ قَوْلُه، في أظْهَرِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ، جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروع»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثاني، يُقْبَلُ قَوْلُه. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لو قال: ظنَنْتُ قِيمَتَه ألْفًا. فبانَ أكثرَ، قُبِلَ قَوْلُه، وليسَ نَقْضًا للحُكْمِ بصِحَّةِ

وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إلا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَأمَّا قَبُولُهُ وَرَدُّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجازَةِ بيِّنةٍ أو إقْرارٍ. قال: وإنْ أجازَ، وقال: أرَدْتُ أصْلَ الوَصِيَّةِ. قُبِلَ. انتهى. قوله: ولا يثْبُتُ المِلْكُ للمُوصَى له إلَّا بالقَبُولِ بعدَ المَوْتِ، فأمَّا قبولُه ورَدُّه قبلَ المَوْتِ فلا عِبْرَةَ به. اعلَمْ أنَّ حُكْمَ قَبُولِ الوَصِيَّةِ كقَبُولِ الهِبَةِ، على ما تقدم في بابِه. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: الهِبَةُ والوَصِيَّةُ واحِدٌ. قاله في «الفُروعِ»، و «الزركَشِيِّ»، وغيرِهما. وقال في «القَواعِدِ»: نَصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في مواضِعَ على أنّه لا يُعْتَبَرُ للوَصِيَّةِ قَبُولٌ، فيَمْلِكُه قَهْرًا، كالمِيراثِ. وهو وَجْهٌ للأصحابِ. حَكاه غيرُ واحدٍ. انتهى. وذكَر الحَلْوانِي عن أصحابِنا، أنّه يمْلِكُ الوَصِيَّةَ بلا قَبُولِه، كالمِيراثِ. وقال في «المُغْنِي»، ومَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تابَعَه: وَطْؤه الأمَةَ المُوصَى بها، قبولٌ؛ كرَجْعَةٍ، وبَيعِ خِيار. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: يكْفِي الفِعْلُ قَبُولًا. قال في «القاعِدَةِ التاسِعَةِ والأرْبَعِين»: واخْتارَ القاضي، وابنُ عَقِيل، أنها لا تلْزَمُ في المُبْهَمِ بدُونِ قَبْضٍ. وخرج المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» وَجْهًا ثالثًا، أنَّها لا تلْزَمُ بدُونِ القَبْضِ؛ سواءٌ كان مُبْهَمًا، أوْ لا، كالهِبَةِ. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمسِين»: الأظْهَرُ أنَّ تَصَرُّفَ المُوصَى له في الوَصِيَّةِ بعدَ المَوْتِ، يقُومُ مَقامَ القَبُولِ؛ لأن سبَبَ المِلْكِ قدِ اسْتَقَر له اسْتِقرارًا لا يمْلِكُ إبْطاله. واقْتَصَرَ عليه. فائدة: لا يصِحُّ بَيعُ المُوصَى به قبلَ قبولِه مِن وارِثِه. ذكَرَه في «الفُروعِ»، في بابِ التَّدْبيرِ. ويجوزُ التصَرُّفُ في المُوصَى به بعدَ ثُبوتِ المِلْك، وقبلَ القَبْضِ، باتِّفاقٍ مِنَ الأصحابِ فيما نعْلَمُه. قاله في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والخَمْسِين» واقتصَرَ عليه.

فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه، إذا كان المُوصَى له واحِدًا أو جَمْعًا محْصُورًا. فأما إذا كانُوا غيرَ مَحْصُورِين، كالفُقَراءِ، أو المَساكِينِ مَثَلا، أو لغيرِ آدَمِيٍّ؛ كالمَساجِدِ، والقَناطِرِ، ونحوهما، فلا يُشْتَرَطُ القَبُولُ، قوْلا واحِدًا. وسيأتِي قريبا، متى يثْبُتُ المِلْكُ له إذا قَبِلَ؟. فوائد؛ إحْداها، يسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الوَرَثَةِ بمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِهم، إذا كان المالُ عَينًا حاضِرَة يُتمَكَّنُ مِن قَبْضِها. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور، في رجُلٍ ترَك مِائَتَي دِينار وعَبْدًا قِيمَتُه مِائَةٌ، وأوْصَى لرَجُل بالعَبْدِ، فسُرِقَتِ الدَّنانِيرُ بعدَ موتِ الرجُلِ: وجَب العَبْدُ للمُوصَى له، وذَهَبَتْ دَنانِيرُ الوَرَثَةِ. وهكذا ذكَرَه الخِرَقِيُّ، وأكثرُ الأصحابِ. وقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، في كتابِ العِتْقِ: لا يدْخُلُ في ضَمانِهم بدُونِ القَبْضِ؛ لأنّه لم يحْصُلْ في أيدِيهم، ولم ينْتَفِعُوا به، أشْبَهَ الدينَ والغائبَ ونحوَهما، ممَّا لمَ يتَمَكَّنُوا مِن قَبْضِه. فعلى هذا؛ إنْ زادَتِ التَّرِكَةُ قبلَ القَبْضِ، فالزِّيادَةُ للوَرَثَةِ، وإنْ نقَصَتْ، لم يُحْسَبِ النَّقْصُ عليهم، وكانتِ التّرِكَةُ ما بَقِيَ. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والخَمْسِين»، وعلَّلَه. الثَّانيةُ، قولُه: فَإنْ ماتَ المُوصَى له قبلَ مَوْتِ المُوصِي، بطَلَتِ الوَصِيَّةُ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو ماتَ المُوصَى له بقَضاءِ دَينه قبلَ موتِ (¬1) المُوصِي، لم تبْطُل ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ رَدَّهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، بَطَلَتْ أَيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَصِيَّةُ، بلا نِزاعٍ؛ وإن تفْريغ ذِمِّةِ المَدينِ بعدَ مَوْتِه كتَفْريغها قبلَه؛ لوُجودِ الشُّغْلِ في الحالين، كما لو كان حَيًّا. ذكَرَه الحارِثِيُّ. الثالثةُ، لا تنْعَقِدُ الوَصِيَّةُ إلَّا بقَوْلِه: فَوَّضْتُ. أو وصَّيتُ إليك. أو إلى زَيدٍ بكذا. أو أنت. أو هو. أو جعَلْتُه. أو جعَلْتُك وَصِيِّي. أو أعْطُوه مِن مالِي بعدَ مَوْتِي كذا. أو ادْفَعُوه إليه. أو جعَلْتُه له. أو هو له بعدَ مَوْتِي. أو هو له مِن مالِي بعدَ مَوْتِي. ونحو ذلك. تنبيه: وإنْ ردَّها بعدَ مَوْتِه، بطَلَتْ أيضًا. بلا نِزاع. لكِنْ لو رَدَّها بعدَ قَبُولِه، وقبلَ القَبْضِ، لم يصِحَّ الرَّدُّ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وصحَّحه الحارِثِيُّ. قال المَجْدُ؛ هذا المذهبُ. وقيل: يصِحُّ رَدُّه مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصِحُّ رَدُّه في المَكيلِ والمَوْزونِ بعدَ قَبُولِه وقبلَ قبْضِه. جزَم به المُصَنفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: إنْ كان الرَّدُّ بعدَ القَبُولِ والقبْضِ، لم يصِحَّ الرَّدُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك لو كان بعدَ القَبُولِ، وقبْلَ القَبْضِ، على ظاهِرِ كلامِ جماعةٍ. وأوردَه المَجْدُ مذهبًا. فائدة: إذا لم يقْبَلْ بعدَ مَوْتِه، ولا رَدَّ، فحُكْمُه حُكْمُ مُتَحَجِّرِ المَواتِ، على

وَإنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَال الْقَاضِي: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما مرَّ في بابِه. قاله في «الفُروعِ». وقال في «القاعِدَةِ العاشِرَةِ بعدَ المِائَةِ»: لو امْتَنَعَ مِنَ القَبُولِ والرَّدِّ، حُكِمَ عليه بالرَّد، وسقَط حقُّه مِنَ الوَصِيَّةِ. قاله في «الكافِي». وجزَم به الحارِثِيُّ. قوله: وإنْ ماتَ بعدَه وقبلَ الرَّدِّ والقَبُولِ، قامَ وارِثُه مقامَه. ذكَرَه الخِرَقِيُّ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه في روايَةِ صالحٍ. قاله المَجْدُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»،

وَإنْ قَبِلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثَبَتَ الْمِلْكُ حِينَ الْقَبُولِ، فِي الصَّحِيحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقال القاضي: تبْطُلُ الوَصِيَّةُ على قِياسِ قَوْلِه. يعْنِي، في خِيارِ الشُّفْعَةِ، وخِيارِ الشَّرْطِ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، نقَلَها عَبْدُ اللهِ، وابنُ مَنْصُورٍ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي، وأصحابُه. وقدَّمه في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»، وقال: اخْتارَه القاضي والأكْثَرُون. وحكَى الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ وَجْهًا، أنَّها تنْتَقِلُ إلى الوارِثِ بلا قبُولٍ، كالخِيارِ. قوله: وإنْ قبِلَها بعدَ المَوْتِ، ثبَت المِلْكُ حينَ القَبُولِ، في الصَّحيحِ. وهو المذهبُ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه، وأوْمَأَ إليه الإمامُ أحمدُ، رحِمَه الله تُعالى. ونصَرَه القاضي، وأصحابُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ونصَرَه الشَّارِحُ. ويحْتَمِلُ أنْ يثْبُتَ المِلْكُ حينَ الموتِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». قال في «العُمْدَةِ»: ولو وصَّى بشيءٍ، فلم يأْخُذْه المُوصَى له زَمانًا، قُوِّمَ وقْتَ الموتِ، لا وقْتَ الأخْذِ. انتهى. وقال في «الوَجيزِ»: ويثْبُتُ المِلْكُ بالقَبُولِ عقِبَ الموتِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: الخِلافُ رِوايَتان. واخْتارَ أبو بَكْرٍ في «الشَّافِي»، أنَّ المِلْكَ مُراعًى؛ فإذا قَبِلَ، تبَيَّنَّا أنَّ المِلْكَ ثبَت له مِن حينِ الموتِ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ تعالى. وحكَى الشَّرِيفُ عن شَيخِه (¬1)، أنَّه قال: هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قلتُ: ويحْتَمِلُه كلامُ «الوَجيزِ» المُتَقَدِّمُ، بل هو ظاهِر في ذلك. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهذا ¬

(¬1) هو القاضي أبي يعلى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو الوَجْهُ الذي قبلَه بعَينِه. وهو كما قال. وحُكِيَ وجْهٌ بأنَّه مِن حينِ الموتِ بمُجَرَّدِه. نقَلَه الحارِثِيُّ. فعلى الأوَّلِ، يكونُ قبلَ القَبُولِ للوَرَثَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما صرَّح به المُصَنِّفُ هنا. واخْتارَه هو، وابنُ البَنَّا، والشِّيرازِيُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: يكونُ على مِلْكِ المَيت. وهو مُقْتَضَى قوْلِ الشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». قال الحارِثِيُّ: والقوْلُ بالبَقاءِ للمَيتِ، قال به أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والقاضي أبو الحُسَينِ، وغيرُهم. انتهى. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «القَواعِدِ» فيها، وقال: وأكثرُ الأصحابِ قالوا: يكونُ للمُوصَى له، وهو قوْلُ أبي بَكْرٍ، والخِرَقِيِّ، ومَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ تعالى. انتهى.

فَمَا حَدَثَ قَبْلَهُ مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ، وإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا تَبِعَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: لهذا الخِلافِ فوائدُ كثيرةٌ، ذكَرَها الأصحابُ. وذكَر المُصَنِّفُ هنا بعضَها؛ منها، حُكْمُ نَمائِه بينَ الموتِ والقَبُولِ. فإنْ قُلْنا: هو على مِلْكِ المُوصَى له. فهو له، يُحْتَسَبُ عليه مِنَ الثُّلُثِ، وإنْ قُلْنا: هو على مِلْكِ المَيتِ. فتتَوَفَّرُ به التَّرِكَةُ، فيَزْدادُ به الثُّلُثُ. فعلى هذا، لو وصَّى بعَبْدٍ لا يَمْلِكُ غيرَه، وثَمَنُه عَشَرَةٌ، فلم تُجِزِ الوَرَثَةُ، فكسَبَ بينَ الموتِ والقَبُولِ خَمْسَةً، دخَلَه الدَّوْرُ، فتُجْعَلُ الوَصِيَّةُ شيئًا، فتَصِيرُ التَّرِكَةُ عَشَرَةً ونِصْفَ شيءٍ، تعْدِلُ الوَصِيَّةَ والمِيراثَ، وهما ثلاثةُ أشياءَ، فيَخْرُجُ الشَّيءُ أرْبَعَةً بقَدْرِ خُمْسَيِ العَبْدِ؛ وهو الوَصِيَّةُ، وتَزْدادُ الترِكَةُ مِنَ العَبْدِ دِرْهَمْين، فأمَّا بقِيَّتِه، فَزادَتْ على مِلْكِ الوَرَثَةِ، وَجْهًا واحِدًا. قاله في «المُحَررِ» وغيرِه. وإنْ قُلْنا: هو على مِلْكِ الوَرَثَةِ. فهو لهم خاصة. وذكَر القاضي في «خِلافِه»، أنَّ مِلْكَ المُوصَى له لا يتقَدَّمُ القَبُولَ، وأنَّ النَّماءَ قبلَه للوَرَثَةِ، مع أنَّ العَينَ باقِيَةٌ على حُكْمِ مِلْكِ المَيتِ، فلا يتَوفَّرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثُّلُثُ. وذكَر أيضًا إذا تُلْنا: إنَّه مُراعًى، وأنَّا نتَبيَّنُ بقَبُولِ (¬1) المُوصَى له مِلْكَه له (¬2) مِن حينِ الموتِ. فإن النَّماءَ يكونُ للمُوصَى له مُعْتَبَرًا مِنَ الثُّلُثِ؛ فإنْ خرَج مِنَ الثُّلُثِ مع الأصْلِ، فهما له، وإلَّا كان له بقَدْرِ الثُّلُثِ، فإنْ فضَلَ شيءٌ مِنَ الثُّلُثِ، كان له مِنَ النَّماءِ. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين»: إذا نَما المُوصَى بوَقْفِه بعدَ الموتِ، وقبلَ إيقافِه، فأفْتَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يُصْرَف مَصْرِفَ الوَقْفِ؛ لأن نَماءَه قبلَ الوَقْفِ كنَمائِه بعدَه. وأفْتَى به الشيخُ عِمادُ الدِّينِ السُّكَّرِيُّ الشَّافِعِيُّ (¬3). قال الدَّميرِيُّ: وهو الظَّاهِرُ. وأجابَ بعضُهم بأنَّه للوَرَثةِ. قلتُ: قد تقدَّم في كتابِ الزَّكاةِ، عندَ السَّائمَةِ المَوقوفَةِ، ما يُشابِهُ ذلك؛ وهو إذا أوصىَ بدَراهِمَ في وُجوهِ البِرِّ، أو ليُشْتَرَى بها ما يُوقَفُ، فاتَّجَرَ بها الوَصِيُّ، فقالوا: رِبْحُه مع أصْلِ المالِ فيما وَصَّى به، وإنْ خَسِرَ ضَمِنَ النَّقْصَ. نقلَه الجماعةُ. وقيل: رِبْحُه إرْثٌ. ومنها، لو نقَص المُوصَى به في سِعْرٍ أو صِفَةٍ. فقال في «المُحَررِ»: إنْ قُلْنا: يَمْلِكُه بالموتِ. اعْتُبِرَتْ قِيمَتُه مِنَ التَّرِكَةِ بسِعْرِه يومَ الموتِ على أدْنَى صِفاتِه مِن يومِ الموتِ إلى القَبُولِ، وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه مِن حينِ القَبُولِ. اعْتُبِرَتْ قِيمَتُه يومَ القَبُولِ سِعْرًا وصِفَةً. انتهى. قال في «القَواعِدِ»: والمَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في روايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وذكَر الخِرَقِيُّ، أنَّه تُعْتَبَرُ قِيمَتُه يومَ الوَصِيَّةِ. ولم يحْكِ في «المُغْنِي» فيه خِلافًا. فظاهِرُه، أنَّه تُعْتَبَرُ قِيمَتُه بيَوْمِ الموتِ، على الوُجوهِ كلِّها. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ¬

(¬1) في ط: «بملك». (¬2) سقط من: ط. (¬3) عبد الرحمن بن عبد العلى بن السكري المصري، الشافعي، عماد الدين، قاضي القضاة بمصر. كان من البارعين في الفقه، له حواش على كتاب «الوسيط» في الفقه. توفي سنة أربع وعشرين وستمائة. طبقات الشافعية الكبرى 8/ 170 - 172.

وَإنْ كَانَتِ الوَصِيَّةُ بِأَمَةٍ فَوَطِئَهَا الْوَارِثُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَأَوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا مَهْرَ عَلَيهِ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهَا لِلْوَصِيِّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ: هذا قولُ الخِرَقِيِّ، وقُدَماءِ الأصحابِ. قال: وهو أوْجَهُ مِن كلامِ المَجْدِ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ويُقَومُ بسِعْرِه يومَ الموتِ، ذكَرَه جماعةٌ، ثم ذكَر ما في «المُجَرَّدِ» (¬1). وقال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: وقْتَ الموتِ خاصَّةً. انتهى. ويأْتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ المُوصَى به، في قوْلِه: وإنْ لم يأْخُذْه زَمانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الموتِ، لا وقْتَ الأخْذِ. ومنها، لو كانتِ الوَصِيَّةُ بأمَةٍ، فوَطِئَها الوارِثُ قبلَ القَبُولِ، وأوْلَدَها، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ولا مَهْرَ عليه، ووَلَدُه حُرٌّ، لا تلْزَمُه قِيمَتُه، وعليه قِيمَتُها للمُوصَى له. هذا إنْ قُلْنا: إنَّ المِلْكَ لا يثْبُتُ إلَّا مِن حينِ القَبُولِ. ويمْلِكُها الوَرَثَةُ. وإنْ قُلْنا: لا يمْلِكُها الوارِثُ. لم تصِرْ أُمَّ وَلَدٍ. ومنها، لو وَطِئَها المُوصَى له قبلَ القَبُولِ وبعدَ ¬

(¬1) كذا بالفروع، وبهامش الصفحة: في مخطوطة الدار: «المحرر». الفروع 4/ 684.

وَإنْ وَصّى لَهُ بزَوْجَتِهِ فَأَوْلَدَهَا قَبْلَ الْقَبُول لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ. وَمَنْ أُوْصِيَ لَهُ بِأَبِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ، فَقَبِلَ ابْنُهُ، عَتَقَ الْمُوصَى بِهِ حِيَنَئِذٍ، وَلَمْ يَرِثْ شَيئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الموتِ؛ فإنْ قُلْنا: المِلْكُ له. فهي أُمُّ وَلَدِه، وإلَّا فلا. ومنها، لو وَصَّى له بزَوْجَتِه، فأوْلَدَها قبلَ القَبُولِ، لم تصِرْ أُمَّ وَلَدِه، ووَلَدُه رَقيقٌ للوارِثِ، ونِكاحُه باقٍ، إنْ قُلْنا: لا يمْلِكُها. وإنْ قُلْنا: يمْلِكُها بالموتِ. فوَلَدُه حُرٌّ، وتصِيرُ أُمَّ وَلَدِه، ويبْطُلُ نِكاحُه بالموتِ. ومنها، لو وَصَّى له بأبِيه، فماتَ قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَبُولِ، فقَبِلَ ابنُه، وقُلْنا: يقُومُ الوارِثُ مَقامَه في القَبُولِ. عتَق المُوصَى به حِينَئذٍ، ولم يرِثْ شيئًا. إذا قُلْنا: إنَّما يمْلِكُه بعدَ القَبُولِ. وإنْ قُلْنا: يَمْلِكُه بالموتِ. فقد عتَق به، فيكونُ حُرًّا عندَ موتِ أبِيه، فيرِثُ منه. ومنها، لو كانتِ الوَصِيَّةُ بمالٍ في هذه الصورَةِ؛ فإنْ قُلْنا: يثْبُتُ المِلْكُ بالموتِ. فهو مِلْكٌ للمَيتِ، فتُوَفَّى منه دُيونُه ووَصاياه. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ؛ هو مِلْكٌ للوارِثِ الذي قَبِلَ. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ». قال في «القَواعِدِ»: ويتَخرَّجُ وَجْه آخَرُ، أنَّه يكونُ مِلْكًا للمُوصَى له على كِلا الوَجْهَين؛ لأنَّ التَّمْلِيكَ حصَل له، فكيف يصِح المِلْكُ ابْتِداءً لغيرِه؟ ومنها، لو وَصَّى لرَجُلٍ بأرْضٍ، فبَنَى الوارِثُ فيها وغرَس قبلَ القَبُولِ، ثم قَبِلَ المُوصَى له، ففي «الإرْشادِ»، إنْ كان الوارِثُ عالِمًا بالوَصِيَّةِ، قُلِعَ بِناؤُه وغَرْسُه مجَّانًا، وإنْ كان جاهِلًا، فعلى وَجْهَين. قال في «القَواعِدِ»: وهو مُتَوَجِّهٌ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ حِينَ الْمَوْتِ، فَتَنْعَكِسَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على القَوْلِ بالمِلْكِ بالموتِ. أمَّا إنْ قيلَ: هي قبلَ القَبُولِ على مِلْكِ الوارِثِ. فهو كبِناءِ المُشْتَرِي الشِّقْصَ المَشْفوعَ وغَرْسِه، فيكونَ مُحْترَمًا، يُتَمَلَّكُ بقِيمَتِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ومنها، لو بِيعَ شِقْصٌ في شَرِكَةِ الوَرَثَةِ والمُوصَى له قبلَ

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَبُولِه؛ فإنْ قُلْنا: المِلْكُ له مِن حينِ الموتِ. فهو شَرِيكٌ للوَرَثَةِ في الشُّفْعَةِ، وإلَّا فلا حقَّ له فيها. ومنها، جرَيانُه مِن حينِ الموتِ في حَوْلِ الزَّكاةِ؛ فإنْ قُلْنا: يمْلِكُه المُوصَى له. جرَى في حَوْله، وإنْ قُلْنا: للوَرَثَةِ. فهل يجْرِي في حَوْلهمِ، حتى لو تأخَّرَ القَبُولُ سنَةً كانتْ زكاتُه عليهم، أم لا؛ لضَعْفِ مِلْكِهم فيه، وتزَلْزُلِه، وتعَلُّقِ حقِّ المُوصَى له به، فهو كمالِ المُكاتَبِ؟ قال في «القَواعِدِ»: فيه ترَدُّدٌ. قلتُ: الثَّاني أوْلَى.

فَإذَا قَال: قَدْ رَجَعْتُ فِي وَصِيَّتِي. أوْ: أَبْطَلْتُهَا. وَنَحْوَ ذَلِكَ، بَطَلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ قَال فِي الْمُوصَى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي. أوْ: مَا أوْصَيتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ. كَانَ رُجُوعًا. وَإنْ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، فَهُوَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله (¬1): وإذا قال في المُوصَى به: هذا لوَرَثَتِي. أو: ما أوْصِيتُ به لفُلانٍ فهو لفُلانٍ. كان رُجُوعًا -بلا خِلافٍ أعْلَمُه- وإن وَصَّى به لآخرَ ولَمْ يقُلْ ذلك، فهو بينَهما. هذا المذهبُ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَشهورُ في المذهبِ. وجزَم. به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) في ط: «ومنها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحارِثِيِّ». وقيل: هو للثَّاني خاصَّةً. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. ونقَل الأَثْرَمُ، يُؤْخَذُ بآخِرِ الوَصِيَّةِ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: هو للأوَّلِ. فعلى المذهبِ، أيُّهما ماتَ أو رَدَّ قبلَ موتِ المُوصِي، كان للآخَرِ. قاله الأصحابُ، فهو اشْتِراكُ تَزاحُمٍ.

وَإِنْ بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ رَهَنَهُ، كَانَ رُجُوعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَه، أو وهَبَه، أو رهَنَه، كان رُجُوعًا. إذا باعَه، أو وهَبَه، كان رُجُوعًا، بلا نِزاعٍ. وكذا إنْ رَهَنَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ليس برُجوعٍ. فوائد؛ إحْداها، لو أوْجَبَه في البَيعِ أو الهِبَةِ، فلم يُقْبَلْ فيهما، أو عَرَضَه لبَيعٍ أو رَهْنٍ، أو وَصَّى ببَيعِه، أو عِتْقِه أو هِبَتِه، كان رُجوعًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ.

وَإنْ كَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نقَلَه الحارِثِيُّ. وصحَّحَه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، فيما إذا أوْجَبه في البَيعِ، أو وهَبَه، ولم يُقْبَلْ. وقيل: ليس برُجوعٍ؛ كإيجارِه وتَزْويجِه، ومُجَرَّدِ لُبْسِه وسُكْناه، وكوَصِيَّتِه بثُلُثِ مالِه فيتْلَفُ، أو يبِيعُه، ثم يمْلِكُ مالًا غيرَه، فإنَّه في ذلك لا يكونُ رُجوعًا. وأطْلَقَهَما في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وأطْلَقَهما في «الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، فيما إذا أوْجَبَه في بَيعٍ، أو هِبَةٍ، ورَهْنٍ، فلم يُقْبَلْ. الثَّانيةُ، لو قال: ما أوْصَيتُ به لفُلانٍ فهو حَرامٌ عليه. فرُجوعٌ. ذكَرَه في «الكافِي». واقْتَصَرَ عليه الحارِثِيُّ، ونَصَرَه. الثَّالثةُ، لو وَصَّى بثُلُثِ مالِه، ثم باعَه أو وَهَبَه، لم يكُنْ رُجوعًا؛ لأنَّ المُوصَى به لا ينْحَصِرُ فيما هو حاضِرٌ، بل فيما عندَ الموتِ. قاله الحارِثِيُّ. قلتُ: فيُعايَى بها. قوله: وإنْ كاتَبَه، أوْ دَبرَه، أوْ جحَد الوَصِيَّةَ، فعلى وَجْهَين. إذا كاتَبَه، أو دَبَّرَه، أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيهما وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، هو رُجوعٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «المُجَرَّدِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في

فَإن خَلَطَهُ بِغَيرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، أَوْ أَزْال اسْمَهُ فَطَحَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، في الكِتابَةِ، وصحَّحه الحارِثِيُّ فيهما. والوَجْهُ الثَّاني، ليس ذلك برُجوع. وأطْلَقَ فيما إذا جحَد الوَصِيَّةَ الوَجْهَين، وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»؛ أحدُهما، ليس برُجوعٍ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي». والوجْهُ الثَّاني، هو رُجوعٌ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وقيَّد الخِلافَ بما إذا عَلِمَ. وهو مُرادُ مَن أطْلَقَ. واللهُ أعلمُ. قوله: وإنْ خلَطَه بغيرِه على وَجْهٍ لا يَتَمَيَّزُ، أوْ أزال اسمَه، فطحَن الحِنْطَةَ، أو خبَزَ الدَّقِيقَ، أو جعَل الخُبْزَ فَتِيتًا، أو نسَج الغزْلَ، أوْ نَجَر الخَشَبَةَ بابًا ونحوَه، أو

الْحِنْطَةَ أوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ، أوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ، أوْ نَجَرَ الْخَشَبَةَ بَابًا وَنَحْوَهُ، أو انْهَدَمَتِ الدَّارُ وَزَال اسْمُهَا، فَقَال الْقَاضِي: هُوَ رُجُوعٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انْهَدَمَتِ الدَّارُ وزال اسمُها، فقال القاضِي: هُوَ رُجُوعٌ. وذكَر أَبُو الخَطَّابِ فيه وَجْهَين. اعلَمْ أنَّه إذا خَلَطَه بغيرِه على وَجْهٍ لا يتَميَّزُ، أو أزال اسمَه، فطحَن الحِنْطَةَ، أو خبَز الدَّقيقَ، ونحْوَه، وكذا لو زال اسمُه بنَفْسِه، كانْهِدامِ الدَّارِ أو بعضِها، فقال القاضي: هو رُجوعٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليس برُجوعٍ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، واخْتارَه. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وصححه في «الخُلاصةِ». وقال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والعِشْرِين»: لو وَصَّى له برَطْلٍ مِن زَيتٍ مُعَيَّنٍ، ثم خلَطَه يزَيتٍ آخَرَ؛ فإنْ قُلْنا: هو اشْتِراكٌ. لم تَبْطُلِ الوَصِيَّةُ، وإنْ قُلْنا: هو اسْتِهْلاكٌ. بَطَلَتْ. والمَنْصوصُ في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ، وأبي الحارِثِ، أنَّه اشْتِراكٌ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي، وغيرُهما. قاله قبلَ ذلك. وأما إذا عَمِلَ الخُبْزَ فَتِيتًا، أو نسَج الغزْلَ، أو عَمِلَ الثَّوْبَ قمِيصًا، أو ضرب النُّقْرَةَ دَراهِمَ، أو ذبَح الشَّاةَ، أو بنَى، أو غرَس، ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، في البِناءِ والغِراسِ؛ أحدُهما، هو رُجوعٌ. وهو الصحَّيحُ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ -في غيرِ البِناءِ والغِراسِ- والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ مُطْلَقًا. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» فيما ذكَرَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي»، في غيرِ البِناءِ والغِراسِ، وصحَّحَه في «النَّظْمِ»، في غيرِ البناءِ والغِراسِ. وصحَّحه الحارِثِيُّ أيضًا. والوَجْهُ الثَّاني، ليس برُجوعٍ. اخْتارَه أبو الخَطابِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال في «الخُلاصةِ»: لم

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، ثُمَّ خَلَطَ الصُّبْرَةَ بِأُخْرَى، لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يكُنْ رُجوعًا في الأصحِّ. فائدتان؛ إحْداهما، لو وَصَّى له بدارٍ، فانْهدَمَتْ، فأعادَها، فالمذهبُ بُطْلانُ الوَصِيَّةِ. قال في «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ، ولا تعودُ بعَوْدِ البناءِ. ويتَوجَّهُ عَوْدُها، إنْ أعادَها بآلَتِها القديمَةِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا تبْطُلُ الوَصِيَّةُ بكُلِّ حالٍ. الثانيةُ، وَطْءُ الأمَةِ ليس برُجوعٍ إذا لم تحْمِلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الرِّعايةِ الصغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الكافِي». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «شَرْحِ الحارِثيِّ». وفي «المُغْنِي» احْتِمالٌ بالرُّجوعِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ أوْصَى بأمَةٍ، فوَطِئَها وعزَل عنها، وقيل: أو لم يعْزِلْ عنها. ولم تحْبَلْ، فليس برُجوعٍ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ فيه وَجْهَين. قوله: وإنْ وصَّى له بقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ، ثم خلَط الصُّبْرَةَ بأُخْرَى، لم يكُنْ رُجُوعًا. سواءٌ خلَطَه بدُونِه، أو بمِثْلِه، أو بخَيرٍ منه. وهذا المذهبُ. جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «الهِدايَةِ»: فإنْ وصَّى بطَعامٍ، فخَلَطَه بغيرِه، لم يكُنْ رُجوعًا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِيِّ». وقيل: هو رُجوعٌ مُطْلَقًا. صحَّحه النَّاظِمُ. وأطْلَقَهما في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والعِشْرِين»، وقال: هما مَبْنِيَّان [على أنَّ] (¬1) الخَلْطَ هل هو اسْتِهْلاكٌ، أو اشْتِراكٌ؟ فإنْ قُلْنا: هو اشْتِراكٌ. لم يكُنْ رُجوعًا، وإلَّا كان رُجوعًا. قلتُ: تقَدَّمَتْ هذه المَسْأَلةُ في كتابِ الغَصْبِ، في كلامِ المُصَنِّفِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه اشْتِراكٌ. وقيل: هو رُجوعٌ إنْ خَلَطَه بخَيرٍ (¬2) منه، وإلَّا فلا. وجزَم به في «النَّظْمِ». واخْتارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ» وغيرُه. قال الحارِثِيُّ: وهو مَفْهومُ إيرادِ القاضي في «المُجَرَّدِ». وأطْلَقَ في «الفُروعِ»، فيما إذا خَلَطَه بخَيرٍ منه، الوَجْهَين. قال في «الرِّعايتَين»: وإنْ وصَّى بقَفِيزٍ منها، ثم خلَطَها بخَيرٍ منها، فقد رجَع، وإلَّا فلا. قال في «الكُبْرَى»: قلتُ: إنْ خَلَطَها بأرْدَأَ منها صِفَةً، فقد رجَع، وإنْ خَلَطَها بمِثْلِها في الصِّفَةِ، فلا. وقيل: لا يرْجِعُ بحالٍ. فائدةٌ: لو وصَّى له بصُبْرَةِ طَعامٍ، فخَلَطَها بطَعامٍ غيرِها، ففيه وَجْهان ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنْ زَادَ فِي الدَّارِ عِمَارَةً، أو انْهَدَمَ بَعْضُهَا، فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ المُوصَى لَهُ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»؛ أحدُهما، لا يكُونُ رُجوعًا. جزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ»، إلَّا أنْ تكونَ النُّسْخَةُ مغْلوطَةً. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّاني، يكُونُ رُجوعًا. قال الحارِثِيُّ: لو خلَط الحِنْطَةَ المُعَيَّنَةَ بحِنْطَةٍ أُخْرَى، فهو رُجوعٌ. قطَع به المُصَنِّفُ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهم. انتهى. فهذا هو المذهبُ. صحَّحه الحارِثِيُّ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: [وقيل: إنْ خلَطَها مِنَ الطَّعامِ بمِثْلِها قَدْرًا وصِفَةً، فعَدَمُ الرجوعِ أظْهَرُ. وإنِ اخْتَلَفا قَدْرًا أو صِفَةً، أو احْتَمَلَ ذلك، فالرُّجوعُ أظْهَرُ؛ لتَعَذُّر الرُّجوعِ بالمُوصَى به. قوله: وإِنْ زادَ في الدَّارِ عِمارَةً، أو انْهَدَمَ بعضُها، فهل يسْتَحِقُّه المُوصَى له؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، فيما إذا زادَ فيها عِمارَةً؛ أحدُهما، لا يسْتَحِقُّه. صحَّحه في «التصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». والثَّاني، يسْتَحِقُّه. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي] (¬1) ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [الصَّغِيرِ». وقال في «التَّبْصِرَةِ»، فيما إذا زادَ في الدَّارِ عِمارَةً: لا يأْخُذُ نَماءً مُنْفَصِلًا. وفي مُتَّصِلٍ وَجْهان. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»] (¬1): وقلتُ: الأنْقاضُ له، والعِمارَةُ إرْثٌ. وقيل: إنْ صارَتْ فَضاءً في حياةِ المُوصِي، بطَلَتِ الوَصِيَّةُ، وإنْ بَقِيَ اسْمُها أخَذَها، إلَّا ما انْفَصَلَ منها. فائدتان، إحْداهما، لو بنَى الوارِثُ في الدَّارِ، وكانتْ تخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، فقِيل: يرْجِعُ على المُوصَى له بقِيمَةِ البناءِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: لا يرْجِعُ، وعليه أرْشُ ما نقَص مِنَ الدَّارِ عمَّا كانتْ عليه قبلَ عِمارَتِه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وإنْ جَهِلَ الوَصِيَّةَ، فله قِيمَتُه غيرَ مقْلُوعٍ. الثَّانيةُ، لو أوْصَى له ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإِنْ أوْصَى لِرَجُلٍ ثُمَّ قَال: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَهُوَ لَهُ. فَقَدِمَ في حَيَاةِ الْمُوصِي، فَهُوَ لَهُ. وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخرِ، هُوَ لِلْقَادِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بدارٍ، دخَل فيها ما يدْخُلُ في البَيعِ. قاله الأصحابُ. ونقَل ابنُ صَدَقَةَ (¬1) في مَن وصَّى بكَرْمٍ وفيه حَمْلٌ، فهو للمُوصَى له. ونقَل غيرُه، إنْ كان يومَ وَصى به له فيه حَمْلٌ، فهو له. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا يَلْزَمُ الوارِثَ سَقيُ ثَمَرَةٍ مُوصَى بها؛ لأنَّه لم يضْمَنْ تَسْلِيمَ هذه الثَّمَرَةِ إلى المُوصَى له، بخِلافِ البَيعِ. قوله: وإنْ وصَّى لرَجُلٍ ثمَّ قال: إنْ قَدِمَ فُلانٌ فهو له. فقَدِمَ في حياةِ المُوصِي، فهُو لَه -بلا نِزاع- وإنْ قَدِمَ بعدَ مَوْتِه، فهو للأوَّلِ، في أحَدِ ¬

(¬1) أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة البغدادي، أبو بكر. الإمام الحافظ المتقن الفقيه، حدث عن الإمام أحمد بمسائل. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 14/ 83، 84.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الخُلاصةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، واخْتارَه القاضي. وفي الآخَرِ، هو للقادِمِ. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ».

فَصْلٌ: وَتُخْرَجُ الْوَاجِبَاتُ مِنْ رَأَسِ الْمَالِ، أَوْصَى بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَخْرُجُ الواجِباتُ مِن رَأْسِ المالِ، أَوْصَى بها أو لم يُوصِ، فإنْ وصَّى معها بتبَرُّعٍ، اعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنَ البَاقِي. بعدَ إخْراجِ الواجِبِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ إبْراهِيمَ، في حَجٍّ لم يُوصِ به، وزَكاةٍ، وكفَّارَةٍ، مِنَ الثُّلُثِ. ونقَل أيضًا، مِن رأْسِ مالِه، مع عِلْمِ الوَرَثَةِ. ونقَل عنه في زَكاةٍ، مِن كلِّه مع صَدَقَةٍ. فائدتان؛ احْداهما، إذا لم يَفِ مالُه بالواجِبِ الذي عليه، تَحاصُّوا. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًّا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وعنه، تُقَدَّمُ

أوْ لَمْ يُوصِ. فَإِنْ وَصَّى مَعَهَا بِتَبَرُّع، اعْتُبِرَ الثُّلُثُ مِنَ الْبَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّكاةُ على الحَجِّ. اخْتارَه جماعَةٌ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، يبْدأُ بالدَّينِ. وذكَرَه جماعَةٌ قوْلًا، كتَقْديمِه بالرَّهِينَةِ. وتقدَّم ذلك، والذي قبلَه، بأتَمَّ مِن هذا، في أواخِرِ كتابِ الزَّكاةِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، فليُرَاجَعْ. وتقدَّم إذا وجبَ عليه الحَجُّ وعليه دَينٌ، وضاقَ المالُ عن ذلك، في أواخِرِ كتابِ الحَجِّ. الثَّانيةُ، المُخْرِجُ لذلك وَصِيُّه، ثم وارِثُه، ثم الحاكِمُ. على الصحيح مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: الحاكِمُ بعدَ الوَصِيِّ. وهو احْتِمالٌ لصاحِبِ «الرِّعايةِ». فإنْ أخْرَجَه مَن لا ولايةَ له عليه مِن مالِه بإذْنٍ، أجْزَأ، وإلَّا فوَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الإِجْزَاءُ. وتقدَّم في حُكْمِ قَضاءِ الصَّوْمِ ما يشْهَدُ لذلك. وأطْلَقَهما أيضًا في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإِنْ قَال: أخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثي. فَقَال الْقَاضِي: يُبْدأُ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّع، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يُزَاحِمُ بِهِ أَصْحَابَ الْوَصَايَا. فَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أنْ يُقْسَمَ الثُّلُثُ بَينَهُمَا، أوْ يُتَمَّمَ الْوَاجبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْخُلُهُ الدَّوْرُ، فَلَوْ كَانَ الْمَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أَخْرِجُوا الواجبَ مِن ثُلُثِي. فقال القاضي: يُبْدأُ به، فإنْ فضَل مِنَ الثُّلُثِ شَيءٌ، فهو لصاحِبِ التَّبَرُّعِ، وإلَّا بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ. يعْنِي، وإنْ لم يفْضُلْ شيءٌ بطَلَتِ الوَصِيَّةُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه

ثَلَاثينَ، وَالْوَاجبُ عَشَرَةً، وَالْوَصِيَّةُ عَشَرَةً، جَعَلْتَ تَتِمَّةَ الْوَاجِب شَيئًا يَكُنِ الثُّلُثُ عَشَرَةً إلا ثُلُثَ شَيْءٍ بَينَهُمَا، لِلْوَاجِبِ خَمْسَةٌ إلَّا سُدْسَ شَيْءٍ، تَضُمُّ إِلَيهِ شَيئًا يَكُنْ عَشَرَةً، فَتَجْبُرُ الْخَمْسَةَ بِسُدْسِ شَيْءٍ مِنَ الشَّيءِ، فَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسَةً، فَالشَّيْءُ سِتَّةٌ، وَيَحْصُلُ لِلْوَصِيِّ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمُ. واخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيل. قاله الحارِثِيُّ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُزاحِمُ به أصحابَ الوَصايا. وتابعَه السَّامَرِّيُّ. قال الشَّارِحُ: فيحْتَمِلُ ما قال القاضي، ويحْتَمِلُ ما قاله المُصَنِّفُ هنا. يعْنِي، أنَّه يُقْسَمُ الثلُثُ بينَهما، ويُتَمَّمُ الواجِبُ مِن رأْسِ المالِ، فيدْخُلُه الدَّوْرُ. وإنَّما قال المُصَنِّفُ: فيحْتَمِلُ على هذا. لأن المُزاحَمةَ ليستْ صرِيحَةً في كلامِ أبي الخَطَّابِ؛ لأنَّ قوْلَ القاضي يصْدُقُ عليه أيضًا. قال في «الفُروعِ»: وقيل: بل يتَزاحَمان فيه، ويُتَمَّمُ الواجِبُ مِن ثُلُثَيه. وقيل: مِن رَأْسِ مالِه. وقال في «الفائقِ»: وقيل: يتَقَاصَّان، ويُتَمَّمُ الواجِبُ مِن رأْسِ المالِ. وقيل: مِن ثُلُثَيه.

باب الموصى له

بَابُ الْمُوصَى لَه تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ؛ مِنْ مُسْلِمٍ، وَذِمِّيٍّ، وَمُرْتَدٍّ، وَحَرْبِيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُوصَى له قوله: تصِحُّ الوَصِيَّةُ لكلِّ مَن يصِحُّ تَمْليكُه؛ مِن مُسْلِمٍ، وذِمِّيٍّ، ومُرْتَدٍّ، وحَرْبِيٍّ. تصِحُّ الوَصِيَّةُ للمُسْلِمِ، والذِّمِّيِّ، بلا نِزاعٍ، لكِنْ إذا كان مُعَيَّنًا. أما غيرُ المُعَيَّنِ؛ كاليهودِ، والنَّصارَى، ونحوهم، فلا تصِحُّ. صرح به الحارِثِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه، وقطَع به. وكذا الحَرْبِيُّ، نصَّ عليه. والمُرْتَدُّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. أمَّا المُرْتَدُّ، فاخْتارَ صِحَّةَ الوَصِيَّةِ له أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه المُصَنِّفُ هنا. قال الأَزَجِي في «مُنْتَخَبِه»، و «الفُروعِ»: تصِحُّ لمَن يصِحُّ تَمَلُّكُه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: لا تصِحُّ لمُرْتَدٍّ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». واخْتارَ في «الرِّعايةِ»، إنْ بَقِيَ مِلْكُه، صح الإيصاءُ له، كالهِبَةِ له، مُطْلَقًا، وإنْ زال مِلْكُه في الحالِ، فلا. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ»: فيه وَجْهان؛ بِناءً على زَوالِ مِلْكِه وبَقائِه؛ فإنْ قيلَ بزَوالِ مِلْكِه، لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ له، وإلَّا صحَّتْ. وصحَّح الحارِثِيُّ عَدَمَ البِناءِ. وأما الحَرْبِي، فقال بصِحَّةِ الوَصِيَّةِ له جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايةِ»: هذا الأشْهَرُ، كالهِبَةِ، إجْماعًا. وقيل: لا تصِحُّ. وقال في «المُنْتَخَبِ»: تصِحُّ لأَهْلِ دارِ الحَرْبِ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. قال في «الرِّعايةِ»: وعنه، تصِحُّ لحَرْبِيٍّ في دارِ حَرْبٍ. قال الحارِثِيُّ: والصَّحيحُ مِنَ القَوْلِ، أنَّه إذا لم يتَّصِفْ بالقِتالِ أو المُظاهَرَةِ، صحتْ، وإلَّا تصِحُّ. فائدة: لا تصِحُّ لكافِرٍ بمُصْحَفٍ، ولا بعَبْدٍ مُسْلِمٍ. فلو كان العَبْدُ كافِرًا، وأسْلَمَ قبلَ موتِ المُوصِي، بطَلَتْ، وإنْ أسلَم بعدَ العِتْقِ قبلَ القَبُولِ، بطَلَتْ أيضًا، إنْ قيلَ بتَوَقُّفِ المِلْكِ على القَبُولِ، وإلَّا صحَّت. ويَحْتَمِلُ أنْ تبْطُلَ. قاله في «المُغنِي».

وَقَال ابْنُ أَبى مُوسَى: لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ. وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: وتصِحُّ لمُكاتَبِه، ومُدَبَّرِه. هذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو ضاقَ الثُّلُثُ عنِ المُدَبَّرِ، وعن وَصِيَّتِه، بُدِئَ بنَفْسِه، فيُقَدَّمُ عِتْقُه على وَصِيَّتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الحارِثِي»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقال القاضي: يعْتِقُ بعضُه، ويمْلِكُ مِنَ الوَصِيَّةِ بقَدْرِ ما عَتَق منه. الثَّاني، قولُه: وتَصِحُّ لأُمِّ وَلَدِه. بلا نِزاعٍ. كوَصِيَّتِه، أنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِه (¬1) ¬

(¬1) كذا في النسخ. وفي المبدع: «فرسه»، انظر المبدع 6/ 34.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْفٌ عليها ما دامَتْ على وَلَدِها. نقلَه المَرُّوذِيُّ، رَحِمَه اللهُ تعالى. فائدة: لو شرَط عدَمَ تَزْويجِها، فلم تتَزَوَّجْ، وأخَذَتِ الوَصِيَّةَ، ثم تزَوَّجَتْ، فقيلَ: تَبْطُلُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، بعدَ قولِ الخِرَقِيِّ: وإذا وصَّى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لعَبْدِه بجُزْءٍ مِن مالِه. قال في «بدائِعِ الفَوائدِ»، قبلَ آخِرِه بقريبٍ مِن كُرَّاسَين: قال في رِوايَةِ أبي الحارِثِ: ولو دفَع إليها مالًا، يعْنِي إلى زوْجَتِه، على أنْ لا تَتَزَوَّجَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ موْتِه، فَتَزَوجَتْ، تَرُدُّ المال إلى وَرَثَتِه. قال في «الفُروعِ»، في باب الشُّروطِ في النِّكاحِ: وإنْ أعْطَتْه مالًا على أنْ لا يتَزَوَّجَ عليها، ردَّه إذا تَزَوَّجَ، ولو دفَع إليها مالًا على أنْ لا تَتَزَوَّجَ بعدَ مَوْتِه، فتزَوَّجَت، ردَّتْه إلى وَرَثَتِه. نَقَلَه أبو الحارِثِ. انتهى. فقِياسُ هذا النَّصِّ، أنَّ أُمَّ وَلَدِه ترُدُّ ما أخذَت مِنَ الوَصِيَّةِ إذا تَزَوَّجَت، فتبْطلُ الوَصِيَّةُ برَدِّها. وهو ظاهِرُ ما اخْتارَه الحارِثِيُّ. وقيل: لا تبْطُلُ، كوَصِيَّتِه بعِتْقِ أمَتِه على أنْ لا تتَزَوَّجَ، فمات، وقالتْ: لا أتَزَوَّجُ. عتَقَتْ، فإذا تزَوَّجَتْ،

وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيرِهِ. فَإِذَا قَبِلَهَا، فَهِيَ لِسَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يبْطُلْ عِتْقُها. قوْلًا واحدًا، عندَ الأكْثَرِين. وقال الحارِثِيُّ: ويحْتَمِلُ الرَّدَّ إلى الرِّقِّ. وهو الأظْهَرُ، ونَصَرَه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحارِثِيِّ». قوله: وتصِحُّ لعَبْدِ غيرِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ لقِنٍّ زَمَنَها. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. تنبيهان؛ أحدُهما، يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطْلَقَ، الوَصِيَّةُ لعَبْدِ وارِثِه وقاتِلِه، فإنَّها لا تصِحُّ لهما، ما لم يصِرْ حرًّا وَقْتَ نقْلِ المِلْكِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو واضِحٌ. الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الوَصِيَّةِ له، سواءٌ قُلْنا: يمْلِكُ. أو: لا يمْلِكُ. وصرَّح به ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الواضِحِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. والذي قدَّمه في «الفُروعِ»، أنَّها لا تصِحُّ إلَّا إذا قُلْنا: يمْلِكُ. فقال: وتصِحُّ لعَبْدٍ إنْ ملَك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في كتابِ الزَّكاةِ، في فوائدِ العَبْدِ، هل يمْلِكُ بالتَّمْليكِ؟ قوله: فإنْ قَبِلَها، فهي لسَيِّدِه. مُرادُه، إذا لم يكُنْ حُرًّا وَقْتَ مَوْتِ المُوصِي. فإنْ كان حُرًّا وَقْتَ مَوْتِه، فهي له. وهو واضِحٌ، وإنْ عتَق بعدَ الموتِ وقبلَ القَبُولِ، ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ في الفَوائدِ المُتَقَدِّمَةِ، في البابِ الذي قبلَه. وإنْ لم يعْتِقْ، فهي لسَيِّدِه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الحارِثِيُّ: ويتَخرَّجُ، أنَّها للعَبْدِ. ثم قال: وبالجُمْلَةِ فاخْتِصاصُ العَبْدِ أظْهَرُ. وقال ابنُ رَجَبٍ: المالُ للسَّيِّدِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. وذكَرَه القاضي وغيرُه. وبَناه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه على الخِلافِ في مِلْكِ السَّيِّدِ. فائدة: لو قَبِلَ السَّيِّدُ لنَفْسِه، لم يصِحَّ. جزَم به في «التَّرْغيبِ». ولا يفْتَقِرُ قَبُولُ العَبْدِ إلى إذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه في الهِبَةِ، وعليه

وَتصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ؛ كَثُلُثِهِ. فَإِذَا وَصَّى لَهُ بِثُلُثِهِ، عَتَقَ وَأَخَذَ الثُّلُثَ، وَإنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: بلَى. اخْتارَه أبو الخَطابِ في «الانْتِصارِ». قوله: وتصِحُّ لعَبْدِه بمُشاعٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، لا تصِحُّ لقِنٍّ زَمَنَ الوَصِيَّةِ. كما تقدَّم. ووَجَّه في «الفُروعِ»، في صِحَّةِ عِتْقِه ووَصِيَّتِه لعَبْدِه بمُشاعٍ، رِوايتَين، مِن قَؤلِه لعَبْدِه: أنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. في بابِ المُدَبَّرِ. فائدتان؛ الأُولَى، لو وَصَّى له برُبْعِ مالِه، وقِيمَتُه مائَةٌ، وله سِواه ثَمانِمائةٍ، عتَق، وأخَذ مِائَةً وخَمْسَةً وعِشْرِين. هذا الصَّحيحُ. ويتَخَرجُ أنْ يُعْطَى مِائتَين

وَإنْ أَوْصَى لَهُ بمُعَيَّنٍ، أوْ بِمِائَةٍ، لَمْ تَصِحَّ. وَحُكِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تكْمِيلًا، لعِتْقِه بالسِّرايَةِ مِن تَمامِ الثُّلُثِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويحْتَمِلُ أنْ يعْتِقَ رُبْعُه، ويرِثَ بقِيَّتِه. ويحْتَمِلُ بُطْلانَ الوَصِيَّةِ؛ لأنَّها لسَيِّدِه الوارِثِ. انتهى. الثَّانيةُ، تصِحُّ وَصِيَّتِه للعَبْدِ بنَفْسِه أو برَقبَتِه، ويعْتِقُ بقَبُولِ ذلك، إنْ خرَج مِنَ الثُّلُثِ، وإلَّا عتَق منه بقَدْرِ الثُّلُثِ. قوله: وإن وَصَّى له بمُعَيَّنٍ، أوْ بمائَةٍ، لم تصِحَّ. هذا المذهبُ. قاله في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّواياتِ. قال ابنُ رَجَبٍ: أشْهَرُ الرِّوايتَين عدَمُ الصَّحةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ» و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. بل عليه الأصحابُ. وحُكِيَ عنه أنَّها تصِحُّ. وصرَّح بهذه الرِّوايَةِ ابنُ أبي مُوسى، ومَن بعدَه. قال الحارِثِيُّ: وهو المَنْصوصُ. فعليها، يُشْتَرَى مِنَ الوَصِيَّةِ ويَعْتِقُ، وما بَقِيَ فهو له. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايةِ» وغيرِها. وقيل: يُعْطَى ثُلُثَ المُعَيَّنِ إنْ خرَجا معه مِنَ الثُّلُثِ. فإنْ باعَه الوَرَثَةُ بعدَ ذلك، فالمِائَةُ لهم، إنْ لم يشْتَرِطْها المُبْتاعُ. قاله جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: إذا وَصى له بمُعيَّن، فعنه، كما لِه. وعنه، يُشْتَرَى، ويعْتِقُ. وكونُه كمالِه، قطَع به ابنُ أبي مُوسى. تنبيه: مِنَ الأصحابِ مَن بنَى الرِّوايتَين هنا على أن العبْدَ، هل يمْلِكُ، أوْ لا؟ فإنْ قُلْنا: يمْلِكُ. صحَّتْ، وإلَّا فلا. وهي طريقةُ ابنِ أبي مُوسى، والشِّيرازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. وأشارَ إلى ذلك الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في رِوايَةِ صالح. ومنهم مَن حمَل الصِّحَّةَ على أنَّ الوَصِيَّةَ القَدْرُ المُعَيَّنُ، أو المُقَدَّرُ مِنَ الترِكَةِ لا بعَينِه، فيعودُ إلى الجُزْءِ المُشاعِ. قال ابنُ رَجَب في «فوائدِه»: وهو بعيدٌ جِدًّا. وتقدَّم ذلك في كتابِ الزَّكاةِ، في فَوائدِ العَبْدِ، هل يمْلِكُ بالتَّمْليكِ، أمْ لا؟

وَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ إذَا عُلِمَ أْنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ، بِأَنْ تَضَعَهُ لِأقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ، إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يَطَؤُهَا، أَوْ لأقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، إِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَتصِحُّ للحَمْلِ، إذا عُلِمَ أَنَّه كان مَوْجُودًا حينَ الوَصِيَّةِ. هذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ هلِ الوَصِيَّةُ له تُعَلَّقُ على خُروجِه حَيًّا؟ وهو اخْتِيارُ القاضي، وابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ، في بعضِ كلامِه، أو يثْبُتُ المِلْكُ له مِن حينِ موتِ (¬1) المُوصِي وقَبُولِ الوَلِيِّ له؟. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ أيضًا، في بعضِ كلامِه، فيه وَجْهان. وصرَّح أبو المَعالِي ابنُ مُنَجَّى بالثَّاني، وقال: ينْعَقِدُ الحَوْلُ عليه مِن حينِ المِلْكِ إذا كان مالًا زكَويًّا، وكذلك في المَمْلوكِ بالإِرْثِ. وحكَى وَجْهًا آخَرَ، أنَّه لا يجْرِي في حَوْلِ الزَّكاةِ، حتى يُوضَعَ، للتَّرَدُّدِ في كوْنِه حيًّا مالِكًا كالمُكاتَبِ. قال في «القَواعِدِ»: ولا يُعْرَفُ هذا التَّفريعُ في المذهبِ. قوله: بأن تضَعَه لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، إنْ كانَتْ ذاتَ زَوْجٍ، أوْ سَيِّدٍ يطَؤْهَا، أوْ لأَقَلَّ مِن أَرْبَعِ سِنِينَ، إِنْ لم تكُنْ كذلك، في أَحَدِ الوَجْهَين. يعنِي، إنْ لم تكُنْ ذاتَ زَوْجٍ، ولا سيِّدٍ يطَؤُها. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ أَحدُهما، تصِحُّ الوَصِيَّةُ له إذا وضَعَتْه لأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِينَ بالشَّرْطِ المتقدِّمِ. وهو المذهبُ. قال في «الوَجيزِ»: وتصِحُّ لحَمْلٍ تحقَّقَ وُجودُه قبلَها. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ؛ لأنَّه ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَشْكوكٌ في وُجودِه، ولا يلْزَمُ مِن لُحوقِ النَّسَبِ صِحَّةُ الوَصِيَّةِ. ويأْتِي كلامُه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. تنبيهان؛ أحدُهما، قوْلُه: لأقَل مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، إنْ كانتْ ذاتَ زَوْجٍ أو سيِّدٍ يطَؤْها. وكذا قال في «المُغْنِي»، وجماعةٌ. وقال القاضي في «المُجَرِّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: إنْ أتَتْ به لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، مِن حينِ الوَصِيَّةِ، صحَّتْ، سواءٌ كانت فِراشًا أو بائنًا؛ لأنَّا نتَحقَّقُ وُجودَه حال الوَصِيَّةِ. قال الحارِثِيُّ: وهو الصَّوابُ، جَزْمًا. وهو كما قال. الثَّاني، قوْلُه: أو لأقَلَّ مِن أرْبَع سِنِينَ. هذا بِناءً منه على أنَّ أكْثَرَ مُدَّةِ الحَمْلِ أرْبَعُ سِنِينَ. وهو المذهبُ، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ مصَرحًا به، في أولِ كتابِ العِدَدِ. وأمَّا إذا قُلْنا: إنَّ أكثرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُدَّةِ الحَمْلِ سَنَتان. فبأَنْ تَضَعَه لأقَلَّ مِن سنتَين. والشَّارِحُ، رَحِمَه اللهُ، جعَل الوَجْهَين اللَذين ذكَرَهما المُصَنِّفُ مَبْنِيَّين على الخِلافِ في أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ. والأَوْلَى أنَّ الخِلافَ في صِحةِ الوَصِيَّةِ وعدَمِها، وعليه شرَح ابنُ مُنَجَّى. وهو الصَّوابُ. فائدة: قال المُصَنِّفُ وغيرُه: فإنْ كانَتْ فِراشًا لزَوْج أو سيِّدٍ، إلَّا أنَّه لا يطَؤُها؛ لكَوْنِه غائبًا في بَلَدٍ بعيدٍ، أو مريضًا مرَضًا يمْنَعُ الوَطْءَ، أو كان أسِيرًا، أو مَحْبوسًا، أو عَلِمَ الوَرَثَةُ أنَّه لم يطَأْها، أو أقَرُّوا بذلك، فإنَّ أصحابَنا لم يُفَرِّقُوا بينَ هذه الصُّورَةِ وبينَ ما إذا كان يطَؤُها. قال المُصَنِّفُ: ويحْتَمِلُ أنَّها متى أتَتْ به في هذه الحالِ، أو وَقْتٍ يغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه كان مَوْجودًا حال الوَصِيَّةِ، مثْلَ أنْ تَضَعَه لأقَلَّ مِن غالبِ مُدَّةِ الحَمْلِ، أو تكونَ أَماراتُ الحَمْلِ ظاهِرَةً، أو أتَتْ به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهٍ يغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه كان موْجودًا بأَماراتِ الحَمْلِ، بحيثُ يُحْكَمُ لها بكَوْنِها حامِلًا، صحَّتِ الوَصِيَّةُ له. انتهى. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وجزَم به في «الكافِي» قال الزَّرْكَشِيُّ: جزَم به في «المُغْنِي». وليس كذلك. وقد تقدَّم لفْظُه. قال في «المُجَرَّدِ»: ولا تصِحُّ الوَصِيَّةُ للحَمْلِ، إلَّا أنْ تضَعَه لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حينِ الوَصِيَّةِ. وقيل: إذا وضَعَتْه بعدَها، لزَوْجٍ أو سيِّدٍ، ولم يلْحَقْهما نسَبُه إلَّا بتَقْديرِ وَطءٍ قبلَ الوَصِيَّةِ، صحتْ له أيضًا. انتهى. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ أَتتْ به لأكثَرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، ولا وَطْءَ، فوَجْهان. ما لم يُجاوزْ أكثرَ مُدَّةِ الحَمْلَ. وقال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»: ولا تصِح وَصِيَّةٌ لحَمْلٍ إلَّا أنْ يُولَدَ حَيًّا قبلَ نِصْفِ سَنَةٍ منذُ وُصِّيَ له. وإنْ وُلِدَ بعدَها قبلَ أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ، إذا لم يلْحَقْ، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ له، وإنْ كانَتْ بائنًا، فكذلك. وقيل: لا تصِح الوَصِيَّةُ، وإنْ وَلَدَتْه بعدَ أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ مِن حينِ الفُرْقَةِ، وأكثرِ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حينِ الوَصِيَّةِ، لم يلْحَقْه، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ له. وإنْ ولَدَتْه لأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِينَ منذُ الفُرْقَةِ، لَحِقَه، وصحَّتْ. وإنْ وَصَّى لحَمْلٍ مِن زَوْجٍ أو مسيِّدٍ يلْحَقه، صحَّتْ، وإنْ كان منْفِيًّا بلِعانٍ، أو بدَعْوَى الاسْتِبْراءِ، فلا، وإن كانتْ فِراشًا لزَوْجٍ أو سيِّدٍ، وما يطَؤُها؛ لبُعْدٍ، أو مرَضٍ، أو أسْرٍ، أو حَبْسٍ، لَحِقَه، وصحَّتِ الوَصِيَّةُ. وقيل: وكذا إنْ وطِئَها. ويحْتَمِل أنْ يلحَقَه إنْ ظَنَنَّا أنَّه كان مَوْجودًا حينَ الوَصِيَّةِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُ المُصَنِّفِ: لأقَل مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، ولأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِينَ. وكذا قال الأصحابُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ولم يذْكُرِ المُصَنِّفُ بأنْ تَضَعَه لسِتةِ أشْهُرٍ، أو لأرْبَعِ سِنِينَ، ولا بُدَّ منها؛ فإنَّها إذا وضَعَتْه لسِتةِ أشْهُرٍ، أو لأَرْبَعِ سِنِينَ، عُلِمَ أيضًا أنَّه كان مَوْجودًا؛ لاسْتِحالةِ أنْ يُولَدَ وَلَدٌ لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ. انتهى. وتبعَ في ذلك المُصَنِّفَ في «المُغْنِي». والصَّوابُ ما قالهَ المُصَنِّفُ هنا والأصحابُ؛ ولذلك قال الزَّرْكَشِيُّ: انْعَكَسَ على ابنَ مُنَجَّى الأمْرُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو وَصّى لحَمْلِ امْرَأةٍ، فولَدَتْ ذكَرً أو أُنثَى، تَساوَيًا في ذلك. وأما الوَصِيَّةُ بالحَمْلِ.، فتأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَّلِ بابِ المُوصَى به. الثَّانيةُ، لو قال: إنْ كان في بَطْنِك ذكَرٌ، فله كذا، [وإنْ كان أُنْثَى، فكذا. فكانَ فيه ذكَرٌ وأُنْثَى، فلهما ما شرَطَ. ولو كان قال: إنْ كان ما في بَطْنِك ذكَرٌ، فله كذا] (¬1)، وإنْ كان ما في بَطْنِك أُنْثَى، فله كذا. فكان فيه ذكَرٌ وأُنْثَى، فلا شيءَ لهما. قاله في «الفُروعِ». وإنْ كان خُنْثَى، في المَسْأَلةِ الأُولَى، فقال في «الكافِي»: له ما للأُنثَى حتى يتَبيَّنَ أمْرُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأةُ، لَمْ تَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى لمَن تحْمِلُ هذه المَرْأةُ، لم تصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تصِحُّ. وجزَم ابنُ رَزِينٍ بصِحَّةِ الوَصِيَّةِ للمَجْهولِ والمَعْدومِ، وصِحَّتِها بهما أيضًا. قال في «القَواعِدِ»: لا تصِحُّ لمَعْدومٍ بالأَصالةِ، كمَن تحْمِلُ هذه الجارِيَةُ. صرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. وفي دُخولِ المُتَجدِّدِ بعدَ الوَصِيَّةِ، وقبلَ موتِ المُوصِي، رِوايَتان. وذكَر القاضي، في مَن وصَّى لمَوالِيه، وله مُدَبَّرون، وأمَّهاتُ أوْلادٍ (¬1)، أنَّهم يدْخلُونَ، وعلَّلَ بأنَّهم مَوالٍ (8) حال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الموتِ، والوَصِيَّةُ تُعْتَبُر بحالِ الموتِ. وخرَّجه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، على الخِلافِ في المُتَجدِّدِ بينَ الوَصِيَّةِ والمَوْتِ، قال: بل هذا مُتَجَدِّدٌ بعدَ المَوْتِ، فمَنْعُه أوْلَى. وأفْتَى الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، بدُخولِ المَعْدومِ في الوَصِيَّةِ تبَعًا، كمَن وَصَّى بغلَّةِ ثَمَرِه للفُقَراءِ، إلى أنْ يحْدُثَ لوَلَدِه ولَدٌ. فائدة: لو وَصَّى بثُلُثِه لأحَدِ هذين، أو قال: لجارِي. أو: قَرِيبي فُلانٍ. باسْمٍ مُشْتَرَكٍ، لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تصِحُّ، كقَوْلِه: أعْطُوا ثُلُثِي أحدَهما. في أصحِّ الوَجْهَين. قال في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»، فيما إذا قال: لجارِي. أو: قَرِيبِي فُلانٍ. باسْمٍ مُشْتَرَكٍ: أصحُّ الرِّوايتَين عندَ الأصحابِ، لا تصِحُّ؛ للإِبْهامِ. واخْتارَ الصِّحَّةَ في

وَإِنْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِيَ، بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ، لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَال أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِ الأُولَى؛ القاضي، وأبو بَكْرٍ في «الشَّافِي»، وابنُ رَجَبٍ. وتقدَّم في التي قبلَها كلامُ ابنَ رَزِينٍ. وجزَم المُصَنِّفُ في «فَتاويه»، بعَدَمَ الصِّحَّةِ في المَسْأْلةِ الأُولى. فعلى القَوْلِ بالصحَّةِ، فقيل: يُعَيِّنُه الوَرَثَةُ. جزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يُعَيَّنُ بقُرْعَةٍ. قطَع به في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «قَواعِدِ الأُصُولِ». فعلى المذهبِ، لو قال: عَبْدِي غانِمٌ حرٌّ بعدَ مَوْتِي، وله مِائَةٌ. وله عَبْدان بهذا الاسْمِ، عَتَقَ أحدُهما بقُرْعَةٍ، ولا شيء له. نقلَه يعْقُوبُ، وحَنْبَلٌ. وعلى الثَّانيةِ، هي له مِن ثُلُثِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. تنبيه: قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: محَل الخِلافِ فيما إذا قال: لجارِي فُلانٍ. باسْم مُشتَرَكٍ، إذا لم يكُنْ قَرِينَةٌ، فإنْ كان ثَمَّ قرِينَةٌ، أو غيرُها، أنَّه أرادَ مَعيَّنًا منهما، وأشْكَلَ علينا مَعْرِفَتُه، فهنا تصِحُّ الوَصِيَّةُ بغيرِ ترَدُّدٍ، ويَخْرُجُ المُسْتَحِقُ منهما بالقُرْعَةِ. في قِياسِ المذهبِ. قوله: وإنْ قتَل الوَصِيُّ المُوصِي، بطَلَتِ الوَصِيَّةُ. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وابنُ أبي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال في «القَواعِدِ»: بَطَلَتْ، رِوايَةً واحدةً، على أصح الرِّوايتَين. وعنه، لا تبْطُلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قال الحارِثِيُّ: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ بكْروسٍ، وغيرُهم. قوله: وإنْ جرَحَه، ثُمَّ أوْصَى له فماتَ مِنَ الجُرْحِ، لم تبْطُلْ، في ظاهِرِ كَلامِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ بكْروسٍ، والمُصَنِّفُ، والشّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. [وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم] (¬1). وقيل: تبْطُلُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي. وجزَم به ابنُ أبي مُوسى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وقال أصحابُنا: في الوَصِيَّةِ للقاتلِ رِوايَتان. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: في الحالين رِوايَتان. وقال في «الفُروعِ»: وقال جماعةٌ: في الوَصِيَّةِ للقاتلِ رِوايَتان، سواءٌ أوْصَى له قبلَ الجُرْحِ، أو بعدَه؛ إحْداهما، تصِحُّ. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ. والثَّانيةُ، لا تصِحُّ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ. [فتَلَخَّصَ لنا في صِحَّةِ الوَصِيَّةِ للقاتلِ ثلاثَةُ أوْجُهٍ، الصِّحَّةُ مُطْلَقًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وعدَمُها مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ] (¬1). والفرْقُ بينَ أنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أصْنَافِ الزَّكَاةِ، أوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ، صَحَّ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُوصِيَ له بعدَ الجُرْحِ، فيصِحَّ، وقبلَه، لا يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ويأْتِي نظِيرُ ذلك في بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ، فيما إذا أبْرَأَ مَن قَتَلَه مِنَ الدِّيَةِ، أو وَصَّى له بها. وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: الوَصِيَّةُ والتَّدْبِيرُ كالإرْثِ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ المُوصَى به، إذا قُتِلَ وأُخِذَتِ الدِّيَةُ، هل تدْخُلُ في الوَصِيَّةِ، أمْ لا؟ فائدة: مثْلُ هذه المَسْأَلَةِ، لو دَبَّرَ عَبْدَه، وقتلَ سيِّدَه [أو جرَحَه] (¬1). خِلافًا ومذهبًا. قاله الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: يبْطُلُ (¬2) تَدْبيرُ العَبْدِ، دُونَ الأمَةِ. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ جعَل التَّدْبيرَ عِتْقًا بصِفَةٍ، فوَجْهان. وأطْلَقَهما. ويأْتِي هذا آخِرَ التَّدْبِيرِ مُحَرَّرًا. قوله: وإنْ وَصَّى لصِنْفٍ مِن أصْنافِ الزَّكاةِ، أو لجَمِيعِ الأصْنافِ، صَحَّ، ويُعْطَى كُلُّ واحِدٍ منهم القَدْرَ الَّذى يُعْطاه في الزَّكاةِ. وهذا المذهبُ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»، في كتابِ الوَقْفِ، فيما إذا وقَف على الفُقَراءِ: لا يجوزُ إعْطاءُ الفَقيرِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرَ ممَّا يُعْطَى مِنَ الزَّكاةِ في المَنْصوصِ. وقدَّمه في «المُغْنِي» وغيرِه هناك، وقدَّمه في «النَّظْمِ» هنا، وقال: وقيل: يُعْطَى كُلُّ صِنْفٍ ثُمْنًا. وقيل: يجوزُ. فاخْتارَ أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، جَوازَ زِيادةِ المِسْكِينِ على خمْسِين، وإنْ منَعْناه منها في الزَّكاةِ. ذكَرُوه في الوَقْفِ، وهذا مِثْلُه. قال الحارِثِيُّ هنا: وهو الأقْوَى. وتقدَّم ذلك. وتقدَّم أَيضًا، أنَّه لو وقَف على الفُقَراءِ، دخَل المَساكيِنُ، وكذا عكْسُه يدْخُلُ الفُقَراءُ. وتقدَّم هناك قوْل بعدَم الدُّخولِ. وحُكْمُ القَدْرِ الذي يُعْطىَ كلُّ واحد مِن أصْنافِ الزَّكاةِ مِنَ الوَصِيَّةِ، حُكمُ ما يُعْطَى مِنَ الوَقفِ عليهم، على ما تقدَّم، فَلْيُعاوَدْ. فائدة: قال في «الفائقِ» وغيرِه: الرِّقابُ، والغارِمُونَ، وفي سَبِيلِ اللهِ، وابنُ السَّبِيلِ، مَصارِفُ الزَّكاةِ. وكذا قال في «الفُروعِ»، في كتابِ الوَقْفِ. فيُعْطَى في فداءِ الأسْرَى لمَن يفْدِيهم. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: أو يُوَفَّى ما اسْتُدينَ فيهم. انتهى. قلتُ: أمَّا إذا وصَّى لجميعِ أصْنافِ الزكاةِ، كما قال المُصَنِّفُ هنا، فإنهم يُعْطَوْن بأجْمَعِهم. وكذا لو أوْصَى لأصْنافِ الزَّكاةِ، فتُعْطَى الأصْنافُ الثَّمانِيَةُ. أعْنِي أنَّهم أهْلٌ للإعْطاءِ؛ لدُخولِهم في كلامِه. وحُكْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إعْطائِهم هنا كالزَّكاةِ. وصرَّح بذلك المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الصَّغِيرِ». وقالوا: ينْبَغِي أنْ يُعْطَى لكُلِّ صِنْفٍ ثُمْنُ الوَصِيَّةِ، كما لو أوْصَى لثَمانِ قَبائِلَ. وفرَّقُوا بينَ هذا وبينَ الزَّكاةِ، حيثُ يجوزُ الاقْتِصارُ على صِنْفٍ واحدٍ، أنَّ آيَةَ الزَّكاةِ أُرِيدَ فيها بَيانُ مَن يجوزُ الدَّفْعُ إليه، والوَصِيّةُ أُرِيدَ بها

وَإنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ، أو الْعِلْم, أوْ لِمَسْجِدٍ، أوْ لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيهِ، صَحَّ، وَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ رُدَّ الْمُوصَى بِهِ أوْ بَاقِيهُ إلَى الْوَرَثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيانُ مَن يجبُ الدَّفْعُ إليه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ وَصَّى لأصْنافِ الزَّكاةِ الثَّمانِيَةِ، فلكُلِّ صِنْفٍ الثُّمْنُ، ويكْفِي مِن كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ، وقيل: بل واحِدٌ. ويُسْتَحَبُّ إعْطاءُ مَن أمْكَنَ منهم بقَدْرِ الحاجَةِ، وتَقْديمُ أقارِبِ المُوصِي، ولا يُعْطَى إلَّا مُسْتَحِقٌّ مِن أهْلِ بلَدِه. انتهى. قال الحارِثِيُّ: وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ جَوازٌ الاقْتِصارِ على البَعضِ، كالزَّكاةِ. والأقْوَى، أنَّ لكُل صِنْفٍ ثمْنًا. قال: والمذهبُ جَوازُ الاقْتِصارِ على الشَّخْصِ الواحدِ مِنَ الصِّنْفِ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، لا بدَّ مِن ثلاثةٍ، لكِنْ لا تجِبُ التَّسْويَةُ. قوله: وإنْ وَصَّى لفَرَسٍ حَبِيسٍ ينفَقُ عليه، صَحَّ، وإِنْ ماتَ الفَرَسُ رُدَّ المُوصَى به أو باقِيه إلى الوَرَثَةِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يُصْرَفُ إلى فَرَسٍ آخَرَ حَبِيسٍ. وهو احْتِمالٌ لأبي الخَطَّابِ.

وَإِنْ وَصَّى في أَبْوَابِ الْبِرِّ صُرِفَ في الْقُرَبِ. وَقِيلَ عَنْهُ: يُصْرَفُ في أَرْبَعِ جِهَاتٍ؛ في أقَارِبِهِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ. وَعَنْهُ، فِدَاءُ الْأَسْرَى مَكَانَ الْحَجِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى في أبْوابِ البِرِّ، صُرِفَ في القُرَبِ. هذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقيلَ عنه: يُصْرَفُ في أرْبَعِ جِهاتٍ؛ في أقارِبِه، والمَساكِينِ، والحَجِّ، والجِهادِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيَّد في «الفائقِ» وغيرِه الأقارِبَ بالذين لا يرِثونَ. وهو كما قال. وعنه، فِداءُ الأسْرَى مَكَانَ الحَجِّ. ونقَل المَرُّوذِيُّ، في مَن أوْصَى بثُلُثِه في أَبْوابِ البِرِّ، يُجَزَّأُ ثلَاثةَ أجْزاءٍ؛ جُزْءٌ في الحَجِّ، وجُزْءٌ في الجِهادِ، وجُزْءٌ يُتَصدَّقُ به في أقارِبِه. زادَ في «التَّبْصِرَةِ»، والمَساكِينِ. وعنه، يُصْرَفُ في الجهادِ، والحَجِّ، وفداءِ الأسْرَى. قال المُصَنِّفُ، عن هذه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّواياتِ: وهذا، والله أعلمُ، ليس على سبيلِ اللُّزومِ والتَّحْديدِ، بل يجوزُ صَرْفُه في الجهاتِ كُلِّها. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ لا يجبُ ذلك. وذكَر القاضي، وصاحِبُ «التَّرْغيب»، أنَّ قوْلَه: ضَعْ ثُلُثِي حيثُ أراك اللهُ. أو: في سَبِيلِ البِرِّ والقُرْبَةِ. يصْرِفُه لفَقيرٍ ومِسْكينٍ وُجوبًا. قلتُ: هذا ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ؛ لحكايَتِهم الخِلافَ، وإطْلاقِهم. فعلى المذهبِ، أفْضَلُ القُرَبِ الغزْوُ، فيُبْدأُ به. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ ما تقدَّم في أفْضَلِ الأعْمالِ. يعْنِي الذي حَكاه مِنَ الخِلافِ، في أولِ صلاةِ التطَوُّعِ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في الوَقفِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: ضَعْ ثُلُثِي حيثُ أراك اللهُ. فله صَرْفُه في أيِّ جِهَةٍ مِن جِهاتِ (¬1) القُرَبِ، والأفْضَلُ صَرْفُه إلى فُقَراءِ أقارِبِه، فإنْ لم يَجِدْ، فإلى مَحارِمِه مِنَ الرَّضاعِ، فإنْ لم يَجِدْ، فإلى جِيرانِه. وتقدَّم قريبًا عنِ القاضي, وصاحِبِ «التَّرْغيبِ»، وُجوبُ الدَّفْعِ إلى الفُقَراءِ والمَساكِينِ، في هذه ¬

(¬1) في الأصل: «جهة».

وَإِنْ وَصَّى أنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ، صُرِفَ في حَجَّةٍ بَعْدَ أخْرَى حَتَّى تَنْفَدَ، وَيُدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ قَدْرُ مَا يَحُج بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْأَلةِ الثَّانيةُ، لا يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الوَصِيَّةِ القُرْبَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا للشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. فلهذا قال: لو جعَل الكُفْرَ أو الجَهْلَ شَرْطًا في الاسْتِحْقاقِ، لم يصِحَّ، فلو وَصَّى لأجْهَلِ النَّاسِ، لم يصِحَّ. وعلَّلَ في «المُغْنِي» الوَصِيَّةَ لمَسْجِدٍ بأنَّه قُرْبَةٌ. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ على اشتِراطِها. وقال في «التَّرْغيبِ»: تصِحُّ الوَصِيَّةُ لعِمارَةِ قُبورِ المَشايخِ والعُلَمَاءِ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: إنْ أوْصَى لما لا مَعْروفَ فيه ولا بِرَّ؛ ككَنِيسَةٍ، أو كَتْبِ التَّوْراةِ، لم يصِحَّ. ذكَر ذلك في «الفُروعِ»، في أوائلَ كتابِ الوَقْفِ. قوله: وإنْ وَصَّى أنْ يُحَجَّ عنه بأَلْفٍ، صُرِفَ في حَجَّةٍ بعدَ أخْرَى حَتَّى تنْفَدَ. سواءٌ كان راكِبًا أو راجِلًا وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وعنه، تُصْرَفُ في حَجَّةٍ لا غيرُ، والباقي إرْثٌ. ونقَل ابنُ إبْراهيمَ، بعدَ الحَجَّةِ الأُولَى، تُصْرَفُ في الحَجِّ، أو في سبيلِ الله (¬1). وقال في «الفُصولِ»: مَن وصَّى أنْ يُحَجَّ عنه بكذا، لم يُسْتَحَقَّ ما عيَّنَ زائِدًا على النفَقَةِ؛ لأنَّه بمَثابَةِ جَعالةٍ. واخْتارَه، ولا يجوزُ في الحَجِّ. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ أنَّه إنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصَّى بألْفٍ يُحَجُّ بها، صُرِفَ في كُلِّ حَجَّةٍ قَدْرُ نفَقَتِه حتَّى ينْفَدَ، ولو قال: حُجُّوا عنِّي بألْفٍ، فما فضَل فللوَرَثَةِ. وقد تقدَّم في بابِ الإجارَةِ، أن الإجارَةَ لا تصِحُّ على الحَجِّ ونحوه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فيُعْطَى هنا لأجْلِ النَّفَقَةِ. فعلى المذهبِ، إنْ لم تَكْفِ الأَلْفُ، أو البَقِيّةُ بعدَ الإخْراجِ، حُجَّ به مِن حيثُ يبْلُغُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الكافي». وقيل: يُعانُ به في حَجَّةٍ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: وبَقِيَّتُها العاجِزَةُ عن حَجَّةٍ لمَصْلَحَتِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وعنه، يُخَيَّرُ، فإنْ تعَذَّرَ، فهو إرْثٌ. قاله في «الرِّعايةِ» وغيرِه. قال الحارِثِيُّ: وفيه وَجْهٌ ببُطْلانِ الوَصِيَّةِ إذا لم تَكْفِ الحَجَّ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا كان الحَجُّ تطَوُّعًا، أجْزَأ أنْ يُحَجَّ عنه مِنَ المِيقاتِ. على الصَّحيحِ. صحَّحه في «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وهو أوْلَى. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، في كتابِ الحَجِّ. قال الحارِثِيُّ: وهو أقْوَى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ». وقيل: لا تُجْزِئُ إلَّا مِن محَلِّ وَصِيَّتِه، كحَجِّه بنَفْسِه. جزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، لكِنْ قال عنِ الأولَى: هو أوْلَى. كما تقدَّم. وتقدَّم ذلك في كتابِ الحَجِّ، قُبَيلَ

وَإِنْ قَال: يُحَجُّ عَنِّي حَجَّةٌ بِأَلْفٍ. دُفِعَ الْكُلُّ إلَى مَنْ يَحُجُّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلِه: ويُشْتَرَطُ لوُجوبِ الحَجِّ على المَرْأةِ وُجودُ مَحْرَمِها. الثَّانيةُ، إن كان المُوصِي قد حَجَّ حَجَّةَ الإسْلامِ، كانَتِ الألْفُ مِن ثُلُثِ مالِه، وإنْ كانتْ عليه حَجَّةُ الإسْلامِ، فنفَقَتُها مِن رأْسِ المالِ، والباقِي مِنَ الثُّلُثِ. قوله: فإنْ قال: يُحَجُّ عَنِّي حَجّة بأَلْفٍ. دُفِعَ الكُلُّ إلى مَن يحُجُّ عنه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: البَقِيّةُ مِن (¬1) نفقَةِ الحَجَّةِ إرْثٌ. جزَم به في «التَّبْصِرَةِ». وحكاه الحارِثِيُّ رِوايَةً. وقدَّمه في «الهِدايَةِ». وصحَّحه في «الخُلاصةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». ¬

(¬1) في ط: «عن».

فَإِنْ عَيَّنهُ في الْوَصِيَّةِ، فَقَال: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن عَيَّنَه في الوَصِيَّةِ، فقال: يحُج عَنِّي فُلان بأَلْفٍ. فأبَى الحَجَّ وقال: اصْرِفُوا ليَ الفَضْلَ. لم يُعْطَه، وبَطَلَتِ الوَصِيَّةُ. يعْنِي مِن أصْلِها إذا كان تطَوُّعًا. وهذا أحدُ الوَجْهَين. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، فإنَّ كلامَهم ككَلامِ المُصَنِّفِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحه الحارِثِيُّ. والوَجْهُ الثَّاني، تبْطُلُ في حقِّه لا غيرُ، ويُحَجُّ عنه بأقَلِّ ما يمْكِنُ مِن نفَقَةٍ، أو أُجْرَةٍ، والبقِيَّةُ للوَرَثَةِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وفي بعضِ نُسَخ «المُقْنِعِ» لم يُعْطَه، وبَطَلَتِ الوَصِيّةُ في حقِّه. وعليه شرَح الشَّارِحُ. وذكَرَها ابنُ مُنَجَّى، في المَتْنِ ولم يشْرَحْها، بل علَّلَ البُطْلانَ فقط. فعلى هذه النُّسْخَةِ، مع أنَّ النسْخَةَ الأولَى لا تأْبَى ذلك، يكونُ المُصَنِّفُ قد جزَم بهذا الوَجْهِ هنا. وجزَم به في «الكافِي»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»،

فَأبَى الْحَجَّ، وَقَال: اصْرِفُوا إِلَيَّ الْفَضْلَ. لَمْ يُعْطَهُ، وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ في حَقِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وذكَر النَّاظِمُ قوْلًا، أنَّ بقِيَّةَ الألْفِ للَّذِي حَجَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ هذا الخِلافِ، إذا كان المُوصِي قد حَجَّ حَجَّةَ الإسْلامِ. أمَّا إذا لم يكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الإسْلامِ، وأبَى مَن عَيَّنه، فإنَّه يُقامُ غيرُه بنَفَقَةِ المِثْلِ، والفَضْلُ للوَرَثَةِ، ولا تبْطُلُ، قوْلًا واحدًا. وهو واضِحٌ، ويُحْسَبُ الفاضِلُ مِنَ (¬1) الثُّلُثِ عن نفَقَةِ مِثْلِه، أو أُجْرَةِ مِثْلِه للفَرْضِ. فوائد؛ منها, لو قال: يحُجُّ عَنِّي زَيدٌ بأَلْفٍ. فما فضَل فهو وَصِيَّةٌ له إنْ حَجَّ، ¬

(¬1) في ط: «في».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يُعْطَى إلى أيَّامِ الحَجِّ. قاله الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. ويَحْتَمِلُ أنَّ الفَضْلَ للوارِثِ. ومنها, لا يصِحُّ أنْ يحُجَّ وَصِيٌّ بإخْراجِها. نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ أبي داودَ، وأبي الحارِثِ، وجَعْفَرٍ النَّسائِيِّ، وحَرْبٍ، رَحِمَهم اللهُ. قال: لأنَّه مُنَفِّذٌ، فهو كقولِه: تصَدَّقْ عَنِّي به. لا يَأْخُذُ منه. ومنها, لا يحُجُّ وارِثٌ. على الصَّحيح مِنَ المذَهبِ، نصَّ عليه في رِوايَةِ أبي داودَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». واخْتارَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، بلَى يحُجُّ عنه إنْ عيَّنه، ولم يزِدْ على نفَقَتِه، منهم الحارِثِيُّ. وفي «الفُصولِ»: إنْ لم يُعَيِّنْه، جازَ. ومنها, لو أوْصَى أنْ يُحَجَّ عنه بالنَّفَقَةِ، صحّ. ومنها, لو أَوْصَى بثَلاثِ حِجَجٍ إلى ثلَاثةٍ، في عامٍ واحدٍ، صحّ، وأحْرَمَ النَّائبُ بالفَرْضِ أوَّلًا، إنْ كان عليه فرْضٌ. ومنها, لو أوْصَى بثَلاثِ حِجَجٍ، لم يكُنْ له أنْ يصْرِفَها إلى ثلَاثةٍ يحُجُّونَ عنه في عامٍ واحدٍ. قاله في «الرِّعايَةِ». قال: ويَحْتَمِلُ أنْ تَصِحَّ، إنْ كانتْ نفْلًا. وقال في «الفُروعِ» في بابِ حُكْمِ قَضاءِ الصَّوْمِ: حكَى الإمامُ أحمدُ، عن طاوُسٍ جَوازَ صوْمِ جماعةٍ عنه في يوْمٍ واحدٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُجْزِئُ عن عِدَّتِهم مِنَ الأيَّامِ. قال: وهو أظْهَرُ. واخْتارَه المَجْدُ. قال: فدَلَّ ذلك على (¬1) أنَّ مَن أوْصَى بثَلاثِ حِجَجٍ، جاز صَرْفُها إلى ثلَاثَةٍ يحُجُّونَ عنه في سنَةٍ واحِدَةٍ. وجزَم ابنُ عَقِيلٍ بأنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّ نائبَه مِثْلُه. وذكَره في «الرِّعايةِ» قوْلًا، ولم يذْكُرْ [قبلَه ما يُخالِفُه] (¬2). [ذكَرَه في فَصْلِ] (¬3) اسْتِنابةِ المعْضُوبِ، مِن بابِ الإِحْرامِ، وهو قِياسُ ما ذكَرَه القاضي في الصَّوْمِ. انتهى كلامُه في ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ وَصَّى لأهْلِ سِكَّتِهِ، فَهُوَ لأهْلِ دَرْبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». ولم يسْتَحْضِرْ تلك الحال ما ذكَرَه في بابِ المُوصَى به، أو رآه بعدَ ذلك، وقد أطْلَقَ وَجْهَين في صِحَّةِ ذلك. ثم وجَدْتُ الحارِثِيَّ نقَل عنِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، والسَّامَرِّيِّ، صِحَّةَ صَرْفِ ثلاثِ حِجَجٍ في عامٍ واحدٍ، وقال: وهو أوْلَى. وتقدَّم في حُكْمِ قضاءِ رمضانَ وكتابِ الحَجِّ أَيضًا، هل يصِحُّ حَجُّ الأجْنَبِيِّ عنِ المَيتِ حَجَّةَ الإسْلامِ بدونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَمْ لا؟ قوله: وإنْ وَصَّى لأهْلِ سِكَّتِه، فهو لأهْلِ دَرْبِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقيل: هما أهْلُ المَحَلَّةِ الذين يكونُ طريقُهم بدَرْبِه. فائدة: يُعْتَبَرُ في اسْتِحْقاقِه سُكْناه في السِّكةِ حال الوَصِيَّةِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. وقال في «المُغْنِي»: ويسْتَحِقُّ أَيضًا لو طَرَأ إلى السِّكَّةِ بعدَ الوَصِيَّةِ. وقال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ بعدَ المِائَةِ»: وفي دُخولِ المُتجدِّدِ بعدَ الوَصِيَّةِ وقبلَ موتِ المُوصِي، رِوايَتان. ثم قال: والمَنْصوصُ في مَن أوْصَى أنْ يتصَدَّقَ في سِكةِ فُلانٍ بكذا وكذا، فسَكَنَها قومٌ بعدَ موْتِ المُوصِي، قال: إنما كانتِ الوَصِيَّةُ للذين كانُوا. ثم قال: ما أدْرِي كيفَ هذا؟ قيل: فيُشْبِهُ هذا الكُورَةَ؟ قال: لا، الكُورَةُ وكثْرَةُ أهْلِها خِلافُ هذا المَعْنَى، ينْزِلُ قومٌ ويخْرُجُ قومٌ، يُقْسَمُ بينَهم. انتهى.

وَإِنْ وَصَّى لِجيرَانِهِ، تَنَاوَلَ أرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: مُسْتَدَارُ أرْبَعِينَ دَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى لجِيرانِه، تَناوَلَ أرْبَعِين دارًا مِنَ كُل جانِبٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو حَفْصٍ، والقاضي وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ». وقال

وَإِنْ وَصَّى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِه، وَلَهُ أَبٌ وَابْنٌ، فَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو بَكْرٍ: مُسْتَدارُ أرْبَعِين دارًا. وهو رِواية عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وقال أبو بَكْرٍ: وقد قيل: مُسْتَدارُ أرْبَعِين دارًا. قال في «الفائقِ»، بعدَ قولِ أبي بَكْرٍ: وقيل: مِن أرْبعَةِ جَوانِبَ. قال الشَّارِحُ، عن قوْلِ أبي بَكْرٍ: يعْني مِن كُلِّ جانِبٍ. وعنه، جِيرانُه مُسْتدارُ ثَلَاثين دارًا. ذكَرَها في «الفروعِ». وقال في «الفائقِ»: تناوَل أرْبَعِين دارًا مِن كُلِّ جانِبٍ. وعنه، ثَلاثين. ذكَرَها أبو الحُسَينِ. فظاهِرُ هذه الرِّوايَةِ مُخالِفٌ للتي قبلَها, لكِنْ فَسَّرَها الحارِثِيُّ بالأوَّلِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا ينْبَغِي أنْ يُعْطَى هنا إلَّا الجارُ المُلاصِقُ. وقيل: يُرْجَعُ فيه إلى العُرْفِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، إنْ لم يصِحَّ الحديثُ. وقد اسْتدَلَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ للمذهبِ بالحديثِ فيه، وقال: هذا نصٌّ لا يجوزُ العُدولُ عنه، إنْ صحَّ، وإنْ لم يثْبُتْ، فالجارُ هو المُقارِبُ، ويُرْجَعُ في ذلك إلى العُرْفِ. انتهيا. قوله: وإنْ وَصَّى لأقْرَبِ قَرابَتِه، وله أبٌ وابنٌ، فهما سَواءٌ، والأخُ والجَدُّ

سَوَاءٌ، وَالْجَدُّ والأخُ سَوَاءٌ. وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ الابنِ عَلَى الْأَبِ، وَالْأَخِ عَلَى الْجَدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَواءٌ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ تقْديمُ الابنِ على الأبِ، والأخِ على الجَدِّ. وقيل: يُقدمُ الجَدُّ على الأخِ.

وَالْأَخُ مِنَ الْأَبِ والْأَخُ مِنَ الأُمِّ سَوَاءٌ، وَالْأَخُ مِنَ الْأَبَوَين أحَقُّ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: والأخُ بِنَ الأبِ والأخُ مِنَ الأمِّ سَواءٌ. بلا نِزاعٍ. وهذا مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بأنَّ الأخَ مِنَ الأمِّ يدْخُلُ في القَرابَةِ، على ما تقدَّم في كتابِ الوَقفِ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وكذا الحُكْمُ في أبْنائِهما. وكذا يُحْمَلُ ما قاله في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، أنَّ الأبَ والأُمَّ سَواءٌ. قوله: والأخُ مِنَ الأبَوَينِ أحَقُّ فهما. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ رِوايَةٌ، أنَّه كأخِيه لأبِيه؛ لسُقوطِ الأمُومَةِ، كالنِّكاحِ. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ». قلتُ: واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. ذكَره عنه في «القاعِدَةِ العِشْرِين بعدَ المِائَةِ»، لكِنْ ذكَرَه في الوَقْفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، الأبُ أوْلَى مِن ابنِ الابنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحارِثِيِّ». وقطَع به في «المُغْنِي» وغيرِه. وقدَّم في «التَّرْغيبِ»، أنَّ ابنَ الابنِ أوْلَى. قال: وكلُّ مَن قُدِّم، قُدِّم وَلَدُه، إلَّا الجَدَّ، فإنَّه يُقَدَّمُ على بَنِي إخْوَتِه، وأخاه لأبِيه، فإنَّه يُقَدَّمُ على ابنِ أخِيه لأبوَيه. الثَّانيةُ، يسْتَوي جَدَّاه وعَمَّاه كأبوَيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُقَدَّمُ جَدُّه وعَمُّه لأبِيه.

فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ، وَلَا بَيتِ نَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تصِحُّ الوَصِيَّةُ لكَنِيسَةٍ، ولا بَيتِ نارٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، وقطَع به أكثرُهم. وذكَر القاضي، أنَّه لو أوْصَى بحُصْرِ البِيَعِ وقَنادِيلِها وما شاكَلَ ذلك، ولم يقْصِدْ إعْظامَها أنَّ الوَصِيَّةَ تصِحُّ؛ لأنَّ (¬1) الوَصِيَّةَ لأهْلِ الذِّمَّةِ صحيحَةٌ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ. ورَدَّه الشَّارِحُ، واقْتَصَرَ عليه في «الرِّعايةِ»، وقال: فيه نظَرٌ. ورُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا لِكَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةِ الوَصِيَّةِ مِنَ الذِّميِّ لخِدْمَةِ الكَنِيسَةِ. قال في «الهِدايَةِ»، ومَن تبِعَه: وإنْ وَصَّى لبِناء كَنِيسَةٍ أو بَيعَةٍ أو كَتْبِ التَّوْراةِ والإنْجيلِ، لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ. ونقَل عَبْدُ اللهِ ما يدُلُّ على (¬1) صِحَّتِها. قال في «الرِّعايتَين»: لم تصِحَّ على الأصحِّ. ثم قال: قلتُ: تُحْمَلُ الصِّحَّةُ على وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ بما يجوزُ (¬2) له فِعْلُه مِن ذلك. انتهى. قلتُ: وحَمْلُ الرِّوايَةِ على غيرِ ظاهِرِها مُتَعَيِّنٌ. قوله: ولا لكَتْبِ التَّوْراةِ والإنْجيلِ، ولا لمَلَكٍ، ولا لمَيتٍ. بلا نِزاعٍ. وقال في «الرِّعايةِ»: ولا تصِحُّ لكَتْبَ تَوْراةٍ وإنْجيلٍ على الأصحِّ. وقيل: إن كان المُوصِي بذلك كافِرًا، صحَّ، وإلَّا فلا. وتقدَّم قريبًا، في فائدَةٍ، هل تُشْتَرَطُ القُرْبَةُ في الوَصِيَّةِ أمْ لا؟. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «يجيز».

وَلَا لِمَلَكٍ، وَلَا لِمَيِّتٍ، وَلَا لِبَهِيمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: ولا لبَهِيمَةٍ. إنْ وَصَّى لفَرَسٍ حَبِيسٍ، صحَّ، إذا لم يقْصِدْ

وَإِنْ وَصَّى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ يَعْلَمُ مَوْتَهُ، فَالْكُلُّ لِلْحَيِّ. وَيَحْتَمِلُ ألا يَكُونَ لَهُ إلَّا النِّصْفُ. فَإنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلِلْحَيِّ نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَمْلِيكَه، كما صرَّح به المُصَنِّفُ قبلَ ذلك. وإِنْ وَصَّى لفَرَسِ زَيدٍ، صحّ، ولَزِمَ بدُونِ قَبُولِ صاحِبِها، ويصْرِفُها في عَلْفِه. ومُرادُ المُصَنِّفِ هنا، تَمْليكُ البَهِيمَةِ. قوله: وإِنْ وَصَّى لحَيٍّ ومَيتٍ يَعْلَمُ مَوْتَه، فالكُلُّ للحَيِّ. وهو أحدُ الوَجْهَين. ونُقِلَ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ عليه. واخْتارَه في «الهِدايَةِ»، و «الكافِي». وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يكونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له إلَّا النِّصْفُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُذْهَبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: هذا المذهبُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. حتَّى أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». ونصَّ عليه مِن رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وتتوَجَّهُ القُرْعَةُ بينَ الحَيِّ والمَيتِ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يقُلْ: هو بينَهما. فإنْ قاله، كان له النِّصْفُ، قوْلًا واحدًا. قوله: وإِنْ لم يَعْلَمْ، فللحَيِّ نِصْفُ المُوصَى بِه. بلا نِزاعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها, لو وَصَّى له ولجِبْرِيلَ، أو له وللحائطِ بثُلُثِ مالِه، كان له الجميعُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقيل: له النِّصْفُ. وهو احْتِمالٌ للقاضِي. قلتُ: هي شَبِيهَةٌ بالتي قبلَها. الثَّانيةُ، لو وَصَّى له وللرسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بثُلُثِ مالِه، قُسِمَ بينَهما نِصْفان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغيرِ»، و «التَّلْخيصِ». وقيل: الكُلُّ له. فعلى المذهبِ، يُصْرَفُ ما للرسُولِ في المَصالِحِ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»: يُصْرَفُ في الكُراعِ، والسِّلاحِ، والمَصالحِ. الثَّالثةُ، لو وَصَّى له وللهِ، قسِمَ نِصْفان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وقيل: كلُّه له. كالتي قبلَها. جزَم به في «الكافِي». الرَّابعةُ، لو وَصَّى لزَيدٍ وللفُقْراءِ بثُلُثِه، قُسِمَ بينَ زَيدٍ والفُقَراءِ

وَإِنْ وَصَّى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَرَدَّ الْوَرَثَةُ، فَلِلأَجنَبِيِّ السُّدْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصْفَين؛ نِصْفُه له، ونِصْفُه للفُقَراءِ. على الصَّحيح. قدَّمه في «الرِّعايتَين» , و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: إذا أوْصَى لزَيدٍ وللفُقَراءِ، فهو كأحَدِهم، فيجوزُ أنْ يُعْطَى أقلَّ شيءٍ. انتهى. ولو كان زَيدٌ فقيرًا، لم يسْتَحِقَّ مِن نصيبِ الفُقَراءِ شيئًا. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ هانِئٍ، وعلي بنِ سَعِيدٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل القاضي الاتِّفاقَ على ذلك. مع أنَّ ابنَ عَقِيلٍ في «فُنونِه» حكَى عنه، أنَّه خرج وَجْهًا بمُشارَكَتِهم إذا كان فقِيرًا. ذكَرَه في «القاعِدَةِ السَّابِعَةَ عشرَةَ بعدَ المِائَةِ». قوله: وإنْ وَصَّى لوارِثِه وأجْنَبِيٍّ بثُلُثِ مالِه، فرَدَّ الوَرَثَةُ، فللأجْنَبِيِّ السُّدْسُ -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وإِنْ وَصَّى لهما بثُلُثيْ مالِه، فكذلك عندَ القاضي. يعْنِي، إذا ردَّ الوَرَثَةُ نِصْفَ الوَصِيَّةِ؛ وهو ما جاوزَ الثُّلُثَ مِن غيرِ تَعْيِين، فيكونُ للأجْنَبِيِّ السُّدْسُ، والسُّدْسُ للوارِثِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِهَ.

وَإنْ وَصَّى لَهُمَا بِثُلُثَي مَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، له الثُّلُثُ كُلُّه، كما لو رَدَّ الوارِثُ وَصِيَّته. وقيل: السُّدْسُ للأجْنَبِيِّ، ويبْطُلُ الباقي، فلا يسْتَحِقُّ الوارِثُ فيه شيئًا. فوائد؛ إحْداها, لو ردُّوا نَصِيبَ الوارِثِ، كان للأجْنَبِيِّ الثُّلُثُ كامِلًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: له السُّدْسُ. وردَّه بعضُهم. الثَّانيةُ.، لو أجازُوا للوارِثِ وَحدَه، فله الثُّلُثُ، بلا نِزاعٍ. وكذا إنْ أجازوا (¬1) للأجْنَبِيِّ وحدَه، فله الثُّلُثُ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «أجيز».

فَكَذِلَكَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، لَهُ الثُّلُثُ كُلُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: له السُّدْسُ فقطْ. الثَّالثةُ، لو ردُّوا وَصِيَّةَ الوارِثِ، ونِصْفَ وَصِيّةِ الأجْنَبِيِّ، فله السُّدْسُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ينْزِعُ إلى قولِ القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايةِ» وغيرِها. وقيلَ: له الثُّلُثُ. وهو ينْزِعُ إلى قولِ أبي الخَطَّابِ.

وَإنْ وَصَّى بِمَالِهِ لِابْنَيهِ وَأَجْنَبِيٍّ، فَرَدَّا وَصِيَّتَهُ، فَلَهُ التُّسْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى بمالِه لابْنَيه وأجْنَبِيٍّ، فَرَدَّا وَصِيتَّهَ، فله التُّسْعُ عندَ القاضي. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ لَهُ الثُّلُثُ، وَإنْ وَصَّى لِزَيدٍ وَلِلْفقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ بِثُلُثِهِ، فَلِزَيدٍ التُّسْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وعندَ أبي الخَطَّابِ، له الثُّلُثُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وهو أقْيَسُ. قال في «الفائقِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ له السُّدْسُ؛ جَعْلًا لهما صِنْفًا. قوله: وإنْ وَصَّى لزَيدٍ وللفُقَراءِ والمَساكِينِ بثُلُثِه، فلزَيدٍ التُّسْعُ. والباقِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لهما. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرِّعايةِ»: قلتُ: يَحْتَمِلُ أنَّ له السُّدْسَ؛ لأنَّهما هنا صِنْفٌ. انتهى. قلتُ: يتخَرَّجُ فيه أَيضًا، أنْ يكونَ كأحَدِهم، فيُعْطَى أقلَّ شيءٍ. كما قاله صاحِبُ «الرِّعايةِ»، على ما تقدَّم قريبًا. فوائد؛ الأُولى، لو وَصَّى له ولإخْوَتِه بثُلُثِ مالِه، فهو كأحَدِهم. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وقال: ويَحْتَمِلُ أنَّ له النِّصْفَ ولهم النِّصْفَ. قال الحارِثِيُّ: أظْهَرُ الوَجْهَين، أنَّ له النِّصْفَ. وقال في «الفُروعِ»: ولو وَصَّى له وللفُقَراءِ بثُلُثِه، فنِصْفان. وقيل: هو كأحَدِهم، كلَه وإخْوَتِه في وَجْهٍ. فظاهرُ ما قدَّمه أنْ يكونَ له النِّصْفُ. وهو احْتِمالٌ في (¬1) «الرِّعايةِ». وهو المذهبُ. وتقدَّم قريبًا، إذا وَصَّى له وللفُقَراءِ، أو له وللهِ، أو له وللرَّسُولِ، وما أشْبَهَ ذلك. الثَّانية، لو وَصَّى بدَفْنِ كُتُبِ العِلْمِ، لم تُدْفَنْ. قاله الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، وقال: ما يُعْجِبُنِي. ونقَل الأثْرَمُ، لا بَأْسَ. ونقَل غيرُه، يُحْسَبُ مِن ثُلُثِه. وعنه، الوَقْفُ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الخَلَّالُ: الأحْوَطُ دَفْنُها. الثَّالثةُ، لو وَصَّى بإحْراقِ ثُلُثِ مالِه، صحّ، وصُرِفَ في تَجْمِيرِ الكَعْبَةِ، وتَنْويرِ المَساجِدِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: الذي ينْبَغِي، أنْ يُنْظَرَ في القَرائنِ؛ فإنْ كان مِن أهْلِ الخَيرِ، ونحوهم، صُرِفَ في ذلك، وإلَّا فهو لَغْوٌ. الرَّابعَةُ، قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ: لو وَصَّى بجَعْلِ ثُلُثِه في التُّرابِ، صُرِفَ في تكفِينِ المَوْتَى. ولو وَصَّى بجَعْلِه في الماءِ، صُرِفَ في عَمَلِ سُفُنٍ للجِهادِ. قلتُ: وهذا مِن جِنْسِ ما قبلَه. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ، إمَّا مِن عندِه، وإمَّا حِكايةً عنِ الإِمامِ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَه اللهُ، ولم يُخالِفْه: لو أنَّ رجُلًا وَصَّى بكُتُبِه مِنَ العِلْمِ لآخرَ، فكان فيها كُتُبُ الكَلامِ، لم تدْخُلْ في الوَصِيّةِ؛ لأنه ليس مِنَ العِلْمِ. وهو صحيحٌ.

باب الموصى به

بَابُ الْمُوصَى بِهِ تَصِحُّ الْوَصِيّةُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ كَالْآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَالطَّيرِ: فِي الْهَوَاء، وَالْحَمْلِ في الْبَطْنِ، وَاللَّبَنِ في الضَّرْعِ، وَبِالْمَعْدُومِ؛ كَالَّذِي تَحْمِلُ أمَتُهُ أوْ شَجَرَتُهُ أبَدًا، أوْ في مُدَّةٍ مُعَينةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُوصَى به قوله: تصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَعْدُومِ، كالَّذي تحْمِلُ أمَتُه، أو شَجَرَتُه أبَدًا، أوْ مُدَّةً

فَإنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتِ الْوَصيَّةُ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بمِائَةٍ لا يَمْلِكُهَا، صَحَّ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَيهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أوْ عَلَى شَيءٍ مِنْهَا، وَإلَّا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُعَيَّنَةً- هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ- فإنْ حصَل شيءٌ، فهو له، وإلَّا بطَلَتْ. قال في «الفُروع»: ويُعْتَبَرُ إمْكانُ المُوصَى به. وفي «التَّرْغيبِ» وغيرِه، واخْتِصاصُه. فلو وَصَّى بمالِ غيرِه، لم يصِحَّ، ولو مَلَكَه بعدُ. وتصِحُّ بزَوْجَتِه، ووَقْتُ فَسْخِ النِّكاحِ، فيه الخِلافُ. وبما تحْمِلُ شَجَرَتُه أبدًا، أو إلى مُدَّةٍ، ولا يلْزَمُ الوارِثَ. السَّقْيُ؛ لأنَّه لم يضْمَنْ تسْلِيمَها، بخِلافِ مُشْتَرٍ. ومثْلُه بمِائَةٍ لا يمْلِكُها إذَنْ. وفي «الرَّوْضَةِ»، إنْ وَصَّى بما تحْمِلُ هذه الأمَةُ، أو هذه النَّخْلَةُ، لم تصِحَّ؛ لأنَّه وَصِيَّةٌ بمعْدومٍ. والأشْهَرُ، وبحَمْلِ أمَتِه، ويأْخُذُ قِيمَتَه. نصَّ عليه. وقيل: ويدْفَعُ أُجْرَةَ حَضانَتِه. انتهى كلامُ صاحِبِ «الفُروعِ». وقيل: لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ بحَمْلِ أَمَتِه.

وَتَصِحُّ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيرِ الْمَالِ؛ كَالْكَلْبِ، وَالْزَّيتِ النَّجِسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَصِحُّ بما فيه نَفْعٌ مُباحٌ مِن غيرِ المالِ؛ كالكَلْبِ، والزَّيتِ النَّجِسِ، فَإنْ لم يكُنْ له مالٌ، فللمُوصَى له ثُلُثُ ذلك -يعْنِي، إذا لم تُجِزِ الوَرَثَةُ، وهذا بلا نِزاعٍ، وَإنْ كان له مالٌ، فجميعُ ذلك للمُوصَى له، وإِنْ قَلَّ، في أحَدِ الوَجْهَين، وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، إلَّا أنْ تكونَ النُّسْخَةُ مَغْلوطَةً. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأظْهَرُ عندَ الأصحابِ وفي الآخَرِ له

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي مَالٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ وَإنْ قَلَّ الْمَالُ، في أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَفِي الآخَرِ، لَهُ ثُلُثُهُ. وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثُلُثُه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». واخْتارَه في «المُحَررِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال الحارِثِيُّ: ويَحْتَمِلُ وجْهًا ثالثًا، وهو أنْ يُضَمَّ إلى المالِ بالقِيمَةِ، فتُقَدَّرَ المالِيَّةُ فيه، كتَقْديرِها في الجُزْءِ في بعضِ الصُّوَرِ، ثم يُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلثِ كأنَّه مالٌ. قال: وهذا أصحُّ. فوائد؛ إحْداها، الكَلْبُ المُباحُ النَّفْعِ؛ كَلْبُ الصَّيدِ، والماشِيَةِ، والزَّرْعِ، لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: في الصَّيدِ. وقيل: أو البُسْتانِ. وقاله في «الرِّعايتَين»، في آدابِهما. وقيل: وكَلْبُ البُيوتِ أَيضًا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، فعليه تصِحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَصِيّةُ أَيضًا. وأمَّا الجَرْوُ الصَّغِيرُ، فيُباحُ ترْبِيَتُه لما يُباحُ اقْتِناؤُه له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى» في آدابِهما، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الكافِي»، فتَصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وقيل: لا تجوزُ ترْبِيَتُه، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى». أمَّا إنْ كان عندَه ما يَصِيدُ به، ولم يَصِدْ به، أو يَصِيدُ به عندَ الحاجَةِ إلى الصَّيدِ، أو لحِفْظِ ماشِيَةٍ، أو زَرْعٍ، إنْ حصَلا، فخِلافٌ. قاله في «الفُروعِ». ذكَرَه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» احْتِمالين مُطْلَقَين. ذكَرَه في البَيعِ. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أن ذلك كالجَرْو الصَّغِيرِ. وقدَّم في «الكافِي» الجوازَ. وقدَّمه ابنُ

وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، كَالْخَمْرِ وَالْمَيتَةِ وَنَحْوهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ، وجعَل في «الرِّعايةِ» الكَلْبَ الكبيرَ، الذي لا يَصِيدُ بهْ لهْوًا، كالجَرْو الصَّغيرِ، وأطْلَقَ الخِلافَ فيه. وجزَم بالكَراهَةِ في «آدابِ الرِّعايتَين». وقال في «الواضِحِ»: الكَلْبُ ليس ممَّا يمْلِكُه. وفي طَريقةِ بعضِ الأصحابِ، إنَّما يصِحُّ لمِلْكِ اليَدِ الثَّابِتِ له، كخَمْرٍ تَخَلَّلَ، ولو ماتَ مَن في يَدِه خَمْرٌ، وُرِثَ عنه، فلهذا يُورَثُ الكَلْبُ؛ نظَرًا إلى اليَدِ حِسًّا. الثَّانيةُ، تُقْسَمُ الكِلابُ المُباحَةُ بينَ الوَرَثَةِ، والمُوصَى له، والمُوصَى لهما، بالعَدَدِ، فإنْ تشاحُّوا، فبِقُرْعَةٍ. ويأْتِي في بابِ الصَّيدَ، تحْريمُ اقْتِناءِ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ، وجَوازُ قَتْلِه، وكذا الكَلْبُ العَقُورُ. الثَّالثةُ، لو أوْصَى له بكَلْبٍ، وله كِلابٌ. قال في «الرِّعايةِ»: له أحَدُها (¬1) بالقُرْعَةِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، بل ما شاءَ الوَرَثَةُ. انتهى. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما الحارِثِيُّ. ¬

(¬1) في ط: «أخذها».

وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ؛ كَعَبْدٍ، وَشَاةٍ، وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيهِ الاسْمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، بقوْله: وتصِحُّ بما فيه نفْعٌ مُباحٌ، كالزَّيتِ النَّجِسِ. أنَّ ذلك على القولِ بجوازِ الاسْتِصْباحَ به (¬1). وهو المذهبُ، على ما تقدَّم في كتابِ البَيعِ. أمَّا على القولِ بعدَمِ الجوازِ، فما فيه نفْعٌ مُباحٌ، فلا تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وهو صحيحٌ. صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» الإطْلاقُ، وإنَّما جعَل التَّقْيِيدَ بما قال المُصَنِّفُ مِن عندِه. قوله: وتَصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَجْهُولِ؛ كعبدٍ وشاةٍ -بلا نِزاعٍ- ويُعْطَى ما يقَعُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

فَإنِ اخْتَلَفَ الاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْعُرْفِ؛ كَالشَّاةِ في الْعُرْفِ لِلأنْثَى، وَالْبَعِيرُ وَالثَّوْرُ هُوَ في الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى، غُلِّبَ الْعُرْفُ. وَقَال أصْحَابُنَا: تُغَلَّبُ الْحَقِيقَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الاسمُ، فإنِ اخْتَلَفَ الاسمُ بالحَقِيقَةِ والعُرْفِ، كالشَّاةِ، هي في العُرْفِ للأُنثَى -يعْني، الأُنْثَى الكَبيرَةَ- والبَعِيرِ والثَّوْرِ، هو في العُرْفِ للذَّكَرِ -يعْنِي، الذَّكرَ الكبيرَ- وَحْدَه، وفي الحَقِيقَةِ للذَّكَرِ والأُنثَى، غُلِّبَ العُرْفُ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّم في «الرِّعايتَين» أنَّ الشَّاةَ للأُنْثَى. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ»، في البَعِيرِ والثَّوْرِ. وقال المُصَنِّفُ: العَبْدُ للذَّكَرِ المَعْروفِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، في بابِ الوَقفِ، والحارِثِيُّ هنا. وعندَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي وغيرِه، لا يُشْتَرَطُ كوْنُه ذَكَرًا. وقال في «الفُروعِ»، في الوَقْفِ، فيما إذا أوْصَى بعَبْدٍ: في إجْزاءِ خُنْثَى غيرِ مُشْكِلٍ وَجْهان. جزَم الحارِثِيُّ أنَّه لا يدْخُلُ في مُطْلَقِ العَبْدِ. وقال أصحابُنا: تُغَلبُ الحَقِيقةُ. وهو المذهبُ. فيَتَناولُ الذُّكورَ والإِنَاثَ، والصِّغارَ والكِبارَ. وأطْلَقَ في «الشَّرْحِ»، في البَعيرِ وَجْهَين. وقال القاضي في «الخِلافِ»: الشَّاةُ اسْمٌ لجنْسِ الغَنَمِ، يتَناوَلُ الصِّغارَ والكبارَ.

وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِنَ الْخَيلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والدَّابةُ اسْمٌ للذَّكَرِ والأُنْثَى مِنَ الخَيلِ والبِغالِ والحَمِيرِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. فتَتَقَيَّدُ يمِينُ مَن حَلَف لا يرْكَبُ دابَّةً

وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِغَيرِ مُعَيَّنٍ؛ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُعْطى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بها. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ في وَصِيّةٍ بدابَّةٍ، يُرْجَعُ إلى عُرْفِ البَلَدِ. وذكَر أبو الخَطَّابِ في «التَّمْهيدِ»، في الحَقيقَةِ العُرْفِيَّةِ، أنَّ الدَّابَّةَ اسْمٌ للفَرَسِ عُرْفًا، وعندَ الإطْلاقِ، ينْصَرِفُ إليه. وذكَرَه في «الفُنونِ»، عن أُصُوليٍّ، يعْنِي نَفْسَه، قال: لَأنّ لها نَوْعُ قُوةٍ مِنَ الدَّبِيبِ، ولأنَّه ذو كَرٍّ وفَرٍّ. فوائد؛ الحِصانُ والجَمَلُ والحِمارُ، للذَّكَرِ. والنَّاقَةُ والبَقَرَةُ والحِجْرَةُ (¬1) والأتانُ، للأُنْثَى. وأمَّا الفرَسُ، فللذَّكَرِ والأُنْثَى. قال في «الفائقِ»: قلتُ: والبَغْلُ للذَّكَرِ، والبَغْلَةُ تحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. ولو قال: عشَرَة مِن إبِلِي وغَنَمِي. فهو للذَّكَرِ والأُنْثَى. على الصَّحيحِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أنَّه إنْ قال: عَشَرَة. بالهاءِ، فهو للذُّكررِ، وبعَدَمِها للإناثِ. والرَّقيقُ للذَّكَرِ والأُنْثَى والخُنْثَى. قوله: وإنْ وَصَّى له بغيرِ مُعَيَّنٍ؛ كعَبْدٍ مِن عَبِيدِه، صَحَّ، ويُعْطِيه الوَرَثَةُ ما شاءُوا منهم. في ظاهِرِ كَلامِه. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. ونصَّ عليه، في رِوايَةِ ابنِ ¬

(¬1) كذا في النسخ، وهي «الحِجْر»؛ الفرس الأنثى. قال صاحب اللسان: لم يدخلوا فيه الهاء لأنه اسم لا يشركها فيه المذكر. اللسان (ح ج ر).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُورٍ، وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في «خِلافَيهِما»، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقال الخِرَقِيُّ: يُعْطَى واحدًا بالقُرْعَةِ. وهو روايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال في «التَّبْصِرَةِ»: هاتان الرِّوايتان في كُلِّ لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَين، قال: ويَحْتَمِلُ حَمْلَه على ظاهِرِهما. فائدة: قال القاضي، في هذه المَسْأَلَةِ: يُعْطِيه الوَرَثَةُ ما شاءُوا مِن عَبْدٍ أو

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبِيدٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ وَتَصِحُّ في الآخَرِ، وَيُشْتَرَى لَهُ مَا يُسَمَّى عَبْدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَةٍ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ: الصَّحيحُ عندِي، أنَّه لا يسْتَحِقُّ إلَّا ذكَرًا. وظاهِرُ «النَّظْمِ» الإِطْلاقُ. قوله: فإنْ لم يَكُنْ له عَبِيدٌ، لم تصِحَّ الوَصِيّةُ، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الحارِثيُّ: المذهبُ البُطْلانُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وتصِحُّ في الآخَرِ، ويُشْتَرَى له ما يسَمَّى عبْدًا. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». فعلى المذهبِ، لو مَلَك عَبِيدًا قبلَ مَوْتِه، فهل تصِحُّ الوَصِيَّةُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»؛ أحدُهما، تصِحُّ. وهو

وَإنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا، تَعينَّتَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ. وَإنْ قُتِلُوا كُلُّهُمْ، فَلَهُ قِيمَةُ أحَدِهِمْ عَلَى قَاتِلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ، جزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدمه في «الرِّعايتَين». والثَّاني، لا تصِحُّ، كمَن وَصَّى لعَمْرٍو بعبدِ زَيدٍ، ثم مَلَكه. فائدة: لو وَصَّى بأنْ يُعْطَى مِائَةً مِن أحَدِ كِيسَيَّ، فلم يُوجَدْ فيهما شيءٌ، اسْتَحَقَّ مِائَةً على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: اسْتَحَقَّ مِائَةً على المَنْصوصِ. وجزَم به في «الرِّعايتَين». وهو ظاهِرُ ما جزَم به الحارِثِيُّ. وقيل: لا يسْتَحِقُّ شيئًا. قوله: وإنْ كان له عَبِيدٌ فماتُوا إلَّا واحِدًا، تَعَيَّنَتِ الوَصِيَّةُ فيه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»،

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ، وَلَهُ أَقْوَاسٌ لِلرَّمْي وَالْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ، فَلَهُ قَوْسُ النُّشَّابِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا، إلَّا أنْ تَقْتَرِنَ بِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يَتَعَيَّنُ بالقُرْعَةِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ويتوَجَّهُ أنْ يُقْرَعَ بينَ الحَيِّ والمَيتِ. فائدة: لو لم يَكُنْ له إلَّا عبدٌ واحدٌ، صحَّتْ، وتَعَيَّنَتْ فيه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقال الحارِثِيُّ: قِياسُ المذهبِ بُطْلانُ الوَصِيَّةِ. ولو تَلِفَ رَقيقُه كُلُّهم قبلَ موتِ المُوصِي، بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ، ولو تَلِفُوا بعدَ مَوْتِه مِن غيرِ تفْرِيطٍ، فكذلك. قوله: وإنْ قُتِلُوا كُلُّهم، فله قِيمَةُ أحَدِهم على قاتِلِه. إمَّا بالقُرْعَةِ أو باخْتِيارِ الوَرَثَةِ، على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ. قاله الأصحابُ. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ قُتِلُوا في حَياتِه، بَطَلَتْ، وإنْ قُتِلُوا بعدَ مَوْتِه، أخِذَتْ قِيمَةُ عَبْدٍ مِن قاتلِه. وقاله في «النَّظْمِ» وغيرِه. فيُحْمَلُ كلامُ المُصَنِّفِ على ذلك. قوله: وإِنْ وَصَّى له بِقَوْسٍ، وله أقْواسٌ للرَّمْيِ والبُنْدُقِ والنَّدْفِ، فله قَوْسُ

غَيرِهِ. وَعِنْدِ أَبِي الْخَطَّابِ، لَهُ واحِدٌ مِنْهَا، كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النُّشَّابِ؛ لأنَّه أظْهَرُها, إلَّا أن تقْتَرِنَ به قَرِينةٌ تصْرِفُه إلى غيرِه. هذا المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأصحُّ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، له واحِدٌ منها، كالوَصِيُّةِ بعَبْدٍ مِن عبيدِه. واخْتارَه في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». وقيل: له واحدٌ منها غيرُ قَوْسِ البُنْدُقِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفائقِ». وقيل: له ما يُرْمَى به عادَةً. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فله قَوْسُ النُّشَّابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: والنَّبْلِ. قال في «المُذْهَبِ»: فيه وَجْهان؛ أحدُهما، تنْصَرِفُ الوَصِيَّةُ إلى قَوْسِ النُّشَّابِ والنَّبْلِ، على قَوْلِ القاضي. فوائد؛ إحْداها، يُعْطَى قَوْسًا معْمُولَةً بغيرِ وَتَرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال الحارِثِيُّ: وهو الأظْهَرُ. وقيل: يُعْطَى قَوْسًا مع وَتَرِه. جزَم به في «التَّرْغيبِ»، وبه جزَم القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قاله الحارِثِيُّ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». الثَّانيةُ، قَوْسُ النُّشَّابِ، هو الفارِسِيُّ. وقَوْسُ النَّبْلِ، هو العَرَبِيُّ. وقوْسُ جُوخٍ [وقَوْسٌ بمَجْرَى] (¬1) وهو الذي يُوضَعُ ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ، وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَجْراه السَّهْمُ، فيَخْرُجُ مِنَ المَجْرَى. وقوْسُ البُندُقِ؛ هو قَوْسُ جُلاهِقٍ. الثَّالثةُ، لو كان له أقْواسٌ مِن جِنْسٍ، أو قَوْسُ نُشَّابٍ ونَبْلٍ، وقُلْنا: يُعْطَى مِن كُلٍّ منهما، أُعْطِيَ أحدَها بالقُرْعَةِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحِاوي الصَّغِيرِ». وقيل: بل برِضا الوَرَثَةِ. قوله: وإنْ وَصَّى له بِكَلْبٍ، أو طَبْلٍ، وله منها مُباحٌ ومُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إلى المُباحِ، وإنْ لم يكُنْ له إلَّا مُحَرَّمٌ، لم تصِحَّ الوَصِيَّةُ. بلا نِزاعٍ في ذلك. وتقدَّم حُكْمُ ما إذا تعَدَّدَتِ الكِلابُ قريبًا.

وَتنْفُذُ الْوَصِيّةُ فِيمَا عَلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَنْفذ الوَصِيّةُ فيما عَلِمَ مِن مالِه وما لم يَعْلَمْ. جزَم به في «المغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما, ولا أعْلَمُ فيها خِلافًا.

وَإِذَا أوْصَى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا، دَخَلَ ثُلثهُ في الْوَصِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى بثُلُثِه، فاسْتَحْدَثَ مالًا، دَخَلَ ثُلُثُه في الوَصِيَّةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يدْخُلُ المُتَجَدِّدُ مع عِلْمِه به، أو قولِه: بثُلُثِي يومَ أموتُ. وإلَّا فلا. تنبيه: قد يدْخُلُ في كلامِه، لو نصَب أُحْبُولَةً قبلَ مَوْتِه (¬1)، فوقَع فيها صيدٌ بعدَ موْتِه؛ فإنَّ الصَّيدَ يكونُ للنَّاصبِ، فيدْخُلُ ثُلُثُه في الوَصِيَّةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الانْتِصارِ» وغيرِه: لا يدْخُلُ، ويكونُ كلُّه للوَرَثَةِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ». ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قُتِلَ وأُخِذَتْ دِيَتُه، فهل تدْخُلُ في الوَصِيَّةِ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما الخِرَقِيُّ، والزَّرْكَشِيُّ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، في بابِ مِيراثِ القاتلِ؛ إحْداهما، تدْخُلُ، فتكونُ مِن جُمْلَةِ التَّرِكَةِ. وهو المذهبُ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: قد قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الدِّيةَ مِيراثٌ (¬1). واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الخُلاصةِ»، في بابِ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 224.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِيراثِ القاتلِ: وتُؤْخَذُ دُيونُ المَقْتولِ ووَصاياه مِن دِيَتِه على الأصحِّ. ويأْتِي كلامُه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفائقِ»، في التي بعدَها، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تدْخُلُ، فتكونُ للوَرَثَةِ خاصَّةً. وقيل: يُقْضَى منها الدَّينُ أَيضًا. على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، فإنَّهم قالوا، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: وكذلك يُقْضَى منها دُيونُه، ويُجَهَّزُ منها. وطريقَةُ المَجْدِ، وصاحِبِ «الفُروعِ»، وغيرِهما، أنَّ وَفاءَ الدَّينِ مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين، إنْ قُلْنا: له. قُضِيَتْ دُيونُه، وإنْ قُلْنا: للوَرَثَةِ. فلا، وهو المذهبُ. وأمَّا تجْهِيزُه، فإنَّه منها، بلا نِزاعٍ. ويأْتِي ما يُشابِهُ ذلك في أثْناءِ بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ. تنبيه: مَبْنَى الخِلافِ هنا، على أنَّ الدِّيَةَ تحْدُثُ على مِلْكِ المَيِّتِ، أو على مِلْكِ الوَرَثَةِ؟ فيه رِوايَتان. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تحْدُثُ على مِلْكِ المَيِّتِ.

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيرَهُ، قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْوَرَثَةِ مِنَ الثُّلُثَينِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. فَصْل: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى بمُعَيَّنٍ بقَدْرِ نِصْف الديةِ، فهل تُحْسَبُ الديةُ على الوَرَثَةِ؟ على وَجْهَين. بِناءً على الروايتَين المُتَقَدِّمَتَين. قاله الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، والحارِثِي. وقال في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»: ودِيَةُ المَقْتولِ عمْدًا أو خَطَأً تَرِكَة، تُقْضَى منها دُيونُه، وفي وَصِيته وَجْهان. ولو وَصَّى بمُعَيَّنٍ قَدْرِ نِصْفِ الديةِ، فالديةُ محْسوبَةٌ على الوَرَثَةِ مِن ثُلُثَيه. وقيل: لا. وعنه، دِيَتُه لهم، فلا حقَّ فيها لوَصِيَّةٍ ولا دَين. وقيل: يُقْضَى منها الدَّينُ فقط. قوله: وتصِحُّ الوَصِيَّةُ بالمَنْفَعَةِ المُفْرَدَةِ؛ فلَوْ وَصَّى لرَجُلٍ بمَنافِعِ أمَتِه أبَدًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مُدَّةً مُعَيَّنةً، صَحَّ -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وللوَرَثَةِ عِتْقُها، بلا نِزاعٍ، ولهم بَيعُها مسْلُوبَةَ المَنْفَعَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: هذا

فَلَوْ وَصَّى لِرَجُل بِمَنَافِعِ أمَتِهِ أبَدًا أوْ مُدَّةً مُعَيَّنةً، صَحَّ. فإذا أَوْصَى بِهَا أبَدًا، فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا وَبَيعُهَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيعُهَا إلا لِمَالِكِ نَفْعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحارِثِي»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقطَع به القاضي، وابنُ عَقِيل. وقيل: لا يصِحُّ بَيعُها مُطْلَقًا. وقيل: يصِحُّ لمالِكِ نَفْعِها، لا غيرُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وأطْلَقَهنُّ في «الفائقِ». وهنَّ في «الكافِي» احْتِمالاتٌ مُطْلَقاتٌ.

وَلَهُمْ ولايةُ تزويجِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وللوَرَثَةِ عِتْقُها. يعْنِي مجَّانًا. أمَّا عِتْقُها عن كفَّارَةٍ؛ فلا يُجْزِئ. على الصَّحيحِ مِنَ المذَهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُجْزِئ، كعَبْدٍ مُؤجَر. وأطْلَقَهما في «التَّلْخيصِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». ومتى قُلْنا بالجَوازِ؛ إمَّا مجَّانًا، وإمَّا عن كفَّارَةٍ، على هذا القَوْلِ، فانْتِفاعُ رَبِّ الوَصِيَّةِ به باقٍ. فائدة: صِحةُ كِتابَتِها مَبْنِيٌّ على صِحَّةِ بَيعِها هنا. قوله: لهم ولايةُ تَزْويجِها. يعْنِي للوَرَثَةِ الذين يمْلِكون رَقَبَتَها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ وَلِيَّها مالِكُ رَقَبَتِها. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»،

وَأَخذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ؛ لأنَّ مَنَافِعَ الْبُضْع لا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا. وَقَال أَصحَابُنَا: مَهْرُهَا لِلْوَصِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ» وصحَّحه، وغيرُهم. وقيل: وَلِيُّها مالِكُ الرقَبَةِ ومالِكُ المَنْفَعَةِ جميعًا. فعلى المذهبِ، لا يُزَوِّجُها إلا بإذْنِ مالِكِ المَنْفَعَةِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وأخذُ مَهْرِها في كُلِّ مَوْضِعٍ وجَب. يعْنِي، لمُلَّاكِ الرقَبَةِ ذلك. وهذا

وَإنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ. وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْوَاطِئَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وابنِ عَقِيل. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أصحابُنا: مهْرُها للوَصِيِّ. يعْنِي، للمُوصَى له بنَفْعِها. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الحارِثِي»، وغيرِهما. قال في «الفائقِ»: هذا قوْلُ الجُمْهورِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وهذه المَسْألةُ مِن غيرِ الغالِبِ الذي ذكَرْناه في الخُطبَةِ مِنَ المُصْطَلَحِ في مَعْرِفَةِ المذهبِ. قوله: وإنْ وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ، فالوَلَدُ حُرٌّ، وللوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِها عندَ الوَضْعِ على الواطِئ. يعْنِي، لأصحابِ الرَّقَبَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

وَإنْ قُتِلَتْ، فَلَهُمْ قِيمَتُهَا، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يُشْتَرَى بِهَا مَا يَقُومُ مَقَامَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: يُشْتَرى بها ما يقُومُ مَقامَها. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قوله: وإنْ قُتِلَتْ، فلهم قِيمَتُها، في أحَدِ الوَجْهَين. وتبْطُلُ الوَصِيَّةُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وفي الأُخْرَى، يُشْتَرَى بها ما يقُومُ مَقامَها. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «التبصِرَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». تنبيه: ينبنِي على الخِلافِ ما إذا عَفا عن قاتلِها؛ هل تلْزَمُه القِيمَةُ، أم لا؟ قاله في «الفُروعِ».

وَلِلْوَصِيِّ اسْتِخْدَامُهَا وإجَارَتُهَا وإعَارَتُهَا، وَلَيسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قَتَلَها الوَرَثَةُ، لَزِمَهم قِيمَةُ المَنْفَعَةِ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، عندَ الكلامِ على الخُلْعِ بمُحَرَّمٍ. قلتُ: وعُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّ قتْلَ الوارِثِ كقَتْلِ غيرِه. قوله: وليس لواحِدٍ منهما وَطْؤُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: في جَوازِ وَطْءِ مالِكِ الرَّقَبَةِ وَجْهان. فائدة: لو وَطِئَها واحِدٌ منهما، فلا حَدَّ عليه، ووَلَدُه حُرٌّ؛ فإنْ كان الواطِئ مالِكَ الرَّقَبَةِ، صارَتْ أم وَلَدٍ، وإلَّا فلا. وفي وُجوبِ قِيمَةِ الوَلَدِ عليه، الوَجْهان. وكذا المَهْرُ على ما تقدَّم مِنِ اخْتِيارِ المُصَنِّفِ، واخْتِيارِ الأصحابِ. وقيل: يجِبُ الحدُّ على صاحِبِ المَنْفَعَةِ، إذا وَطِئ. فعلى هذا، يكونُ وَلَدُه مَمْلوكًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّلاثين بعدَ المِائَةِ»: لا يجوزُ للوارِثِ وَطْؤها، إذا كان مُوصًى بمَنافِعِها. على أصحِّ الوَجْهَين. وهو قَوْلُ القاضي، خِلافًا لابنِ عَقِيلٍ.

وَإنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أوْ زِنًى، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَلَدَتْ مِن زَوْجٍ، أو زِنًى، فحُكْمُه حُكْمُها. هذا أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ

وَفِي نَفَقَتِهَا ثَلَاثةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُهَا، أنهُ فِي كَسْبِهَا. وَالثانِي، عَلَى مَالِكِهَا. وَالثَّالِثُ، عَلَى الْوَصِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لمالِكِ الرَّقَبَةِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلحْناه في الخُطْبَةِ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والعِشْرِين»: الوَلَدُ هل هو كالجُزْءِ، أو كالكَسْبِ؟ والأظْهَرُ أنَّه جُزْءٌ. ثم قال، مُفَرِّعًا على ذلك: لو وَلَدَتِ المُوصَى بمَنافِعِها؛ فإنْ قُلْنا: الوَلَدُ كَسْب. فكُلُّه لصاحِبِ المَنْفَعَةِ، وإنْ قُلْنا: هو جُزْءٌ. ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّه بمَنْزِلَتِها. والثَّاني، أنَّه للوَرَثَةِ؛ لأنَّ الأجْزاءَ لهم دُونَ المنافِعِ. قوله: وفي نَفَقَتِها ثَلاثةُ أوْجُهٍ. وهُنَّ احْتِمالاتٌ في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهُنَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «الفُروعِ»: وفي نفَقَتِها وَجْهان. انتهى. أحَدُها، أنَّه في كَسْبِها؛ فإنْ عُدِمَ ففي بيتِ المالِ. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارحُ: فإنْ لم يكُنْ لها كَسْبٌ، فقيل: تجِبُ في بيتِ المالِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِي: وهو قولُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ، عنِ القوْلِ أنَّه يكونُ في كَسْبِها: هو راجِعٌ إلى إيجابِها على صاحِبِ المَنْفَعَةِ. وهذا الوَجْهُ للقاضي في «المُجَرَّدِ». والوَجْهُ الثَّاني، أنَّها على مالِكِها. يعْني، على مالِكِ الرَّقَبَةِ. وهو

وَفِي اعْتِبَارِهَا مِنَ الثُّلُثِ وَجْهَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا مِنَ الثُّلُثِ. وَالثانِي، تُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا، ثُمَّ تُقَوَّمُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ مَا بَينَهُما. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي ذكَرَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وأبو الخَطابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنُ بَكْروسٍ، وغيرُهم، وعنِ القاضي مِثْلُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّالِثُ، أنَّه على الوَصِيِّ، وهو مالِكُ المَنْفَعَةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». قوله: وفي اعْتِبارِها مِنَ الثُّلُثِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنْجَّى»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، أحدُهما، يُعْتَبَرُ جمِيعُها مِنَ الثُّلُثِ. وهو الصَّحيحُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، تُقَوَّمُ بمَنْفَعَتِها، ثم تُقَوَّمُ

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبَتِهَا وَلِآخَرَ بِمنْفَعَتِهَا، صَحَّ. وَصَاحِبُ الرَّقَبَةِ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْلُوبَةَ المَنْفَعَةِ، فيُعْتَبَرُ ما بينَهما. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: إنْ وَصَّى بمَنْفَعَةٍ على التَّأبيدِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الرقَبَةِ بمَنافِعِها مِنَ الثلُثِ؛ لأنَّ عَبْدًا لا منْفَعَةَ له لا قِيمَةَ له. وإنْ كانتِ الوَصِيَّةُ بمُدَّةٍ مَعْلومةٍ، اعْتُبِرَتِ المَنْفَعَةُ فقط مِنَ الثلُثِ. اخْتارَه في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» أيضًا، فقال: وهل يُعْتَبَرُ خُروجُ ثَمِنَها مِن ثُلُثِه، أو ما قِيمَتُها بنَفْعِها وبدُونِه؛ فيها وَجْهان. وإنْ وَصَّى بنَفْعِها وَقْتًا، فقيل كذلك. وقيل: يُعْتَبَرُ وحدَه مِن ثُلُثِه؛ لإمْكانِ تقْويمِه مُفْرَدًا. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: لو ماتَ المُوصَى له بنَفْعِها، كانتِ المَنْفَعَةُ لوَرَثَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الانْتِصارِ»، في الأُجْرَةِ بالعَقْدِ. وقال: يَحْتَمِلُ مِثْلُه في هِبَةِ نَفْعِ دارِه، وسُكْناها شهْرًا، وتَسْلِيمِها. انتهى. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: بل لوَرَثَةِ المُوصِي. قلتُ: وينْبَغِي أنْ يكونَ الحُكْمُ كذلك فيما إذا ماتَ المُوصَى له برَقَبَتِها، أنْ (¬1) تكونَ الرَّقَبَةُ لوارِثِه. ¬

(¬1) في ط: «أو».

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، صَحَّ، وَيَكُونُ كَمَا لَو اشْتَرَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى لرَجُلٍ بمُكاتَبِه، صَحَّ، ويكُونُ كما لو اشْتَراه -على ما يأتِي في بابِ الكِتابَةِ، وهذا بلا نِزاعٍ- وإنْ وَصَّى له بمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَحَّ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ القاضيَ قال في «الخِلافِ»، في مَن ماتَ وعليه زَكاة: إنَّ الوَصِيَّةَ لا تصِحُّ بمالِ الكِتابَةِ والعَقْلِ، لأنه غيرُ مُسْتَقِر. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: ضَعُوا نَجْمًا مِن كِتابَتِه. فلهم وَضْعُ أيِّ نَجْمٍ شاءُوا. وإنْ قال: ضَعُوا ما شاءَ المُكاتَبُ. فالكُل. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إذا شاءَ. وقيل: لا. كما لو قال: ضَعُوا ما شاءَ مِن مالِها. وإنْ قال: ضَعُوا أكْثَرَ ما عليه، ومِثْلَ نِصْفِه. وُضِعَ عنه فوقَ نِصْفِه، وفوقَ رُبْعِه. يعْنِي، بشَرْطِ أنْ يكونَ مِثْلَ نِصْفِ المَوْضوعِ أوَّلًا. الثَّانيةُ، لو أوْصَى لمُكاتَبِه بأوْسَطِ نُجومِه، وكانتِ النُّجومُ شَفْعًا مُتَساويَةَ القَدْرِ، تعَلَّقَ الوَضْعُ بالشَّفْعِ المُتَوَسِّطِ، كالأرْبَعَةِ، المُتَوَسِّطُ منها الثَّانِي والثَّالِثُ، وكالسِّتَّةِ، المُتَوَسِّطُ منها الثَّالِثُ والرَّابع. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: ذكَرَه أبو محمدٍ المَقْدِسِي وغيرُه.

وإنْ وَصَّى لَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، أوْ بِنَجْمٍ مِنْهَا، صَحَّ. وإنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ، وَبِمَا عَلَيهِ لِآخرَ، صَحَّ. فَإِنْ أدَّى ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى له بمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها، صَحَّ. بلا نِزاعٍ، وللمُوصَى له الاسْتِيفاءُ والإبراءُ، ويَعْتِقُ بأحَدِهما، والوَلاءُ للسَّيِّدِ، فإنْ عَجَز، فأرادَ الوارِثُ تعْجِيزَه، وأرادَ المُوصَى له إنْظارَه، فالقَوْلُ قولُ الوارِثِ. وكذا إذا أرادَ الوارِثُ إنْظارَه، وأرادَ المُوصَى له تَعْجيزَه، فالحُكْمُ للوارِثِ. قوله: وإنْ وَصَّى برقَبَتِه لرَجُلٍ، وبما عليه لآخَرَ، صَحَّ. فَإنْ أدَّى عَتَقَ، وإنْ

عَتَقَ، وإنْ عَجَزَ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ المَالِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عجَز، فهو لصاحِبِ الرَّقَبَةِ، وبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحِبِ المَالِ فيما بَقِيَ عليه. إذا أدَّى لصاحِب المالِ، أو أبرأه منه، عَتَقَ وبطَلَتِ الوَصِيَّةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأَصحابُ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَبْطُلَ وَصِيَّةُ صاحِبِ الرَّقَبَةِ، ويكونُ الوَلاءُ له؛ لأنه أقامَه مَقامَ نَفْسِه. ومال إليه وقوَّاه. فإنْ عجَز، فسَخ صاحِبُ الرقبَةِ كتابَتَه، وكان رَقِيقًا له، وبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحبِ المالِ. وإنْ كان قبَض مِن مالِ الكِتابَةِ شيئًا، فهو له.

فصل: وَمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِشَيءٍ بِعَينهِ، فَتَلِفَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أوْ بَعدَهُ، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أُوصِيَ له بشَئٍ بعَينه، فتَلِفَ قبلَ مَوْتِ المُوصِي أو بعدَه،

وَإنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيرَهُ بَعْدَ مَوْتِ المُوصِي، فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإنْ لَمْ يَأخُذْهُ زَمَانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقتَ الْأخْذِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ -بلا نِزاعٍ- وإنْ تَلِفَ المالُ كُلُّه غيرَه، بعدَ مَوْتِ المُوصِي، فهو للمُوصَى له. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ لم يأخُذْه زَمانًا، قُوِّمَ وَقْتَ الموْتِ لا وَقْتَ الأخْذِ. يعْنِي، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْصَى له بشيءٍ معَيَّنٍ فنَما. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُور. وقطَع به الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قوْلُ الخِرَقِي هَو قوْلُ قُدماءِ الأصحابِ، وهو أوْجَهُ مِن قوْلِ الجدِّ. يعْنِي الآتِيَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُحَرَّرِ»: إنْ قُلْنا: يمْلِكُه بالمَوتِ. اعْتُبِرَت قِيمَتُه مِنَ الترِكَةِ بسِعْرِه يومَ المَوْتِ، على أدْنَى صِفاتِه مِن يومِ الموْتِ إلى القَبُولِ، سِعْرًا وصِفَةً. انتهى. فبَنى ذلك على أنَّ المِلْكَ بينَ الموْتِ

وَإنْ لَمْ يَكُن لَهُ سِوَى الْمُعَيَّنِ إلَّا مَالٌ غَائِبٌ، أوْ دَين فِي ذِمَّةِ مُوسِرٍ أوْ مُعْسِرٍ، فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمُوصَى بِهِ. وَكُلَّمَا اقْتُضِيَ مِنَ الدَّينِ شيءٌ، أوْ حَضَرَ مِنَ الْغائِبِ شَيْءٌ مَلَكَ مِنَ الْمُوصَى بِهِ قَدْرَ ثُلُثِهِ حتَّى يَمْلِكَهُ كُلَّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والقَبُولِ؛ هل هو للمُوصَى له، أو للوَرَثَةِ؟ على ما تقدَّم في كتابِ الوَصايا، في الفَوائدِ المَبْنِيَّةِ على قوْلِه: وإنْ قَبِلَها بعدَ الموْتِ، ثبَت المِلْكُ حينَ القَبُولِ. وذكَرْنا هذا هناك أيضًا. قوله: وإنْ لم يكُنْ له شَيءٌ سِوَى المُعَيَّنِ إلَّا مالٌ غائِبٌ، أو دَين فِي ذِمَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوسِرٍ أوْ مُعْسِرٍ، فَللمُوصَى له ثُلُثُ المُوصَى به، وكُلما اقْتُضِيَ مِنَ

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّينِ شَيء، أو حضَر مِنَ الغائِبِ شَيء، مَلَك مِنَ المُوصَى به بقَدْرِ ثُلُثِه حتى يمْلِكَه كُلَّه، وكذلك الحُكْمُ في المُدَبَّرِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ في المُدَبَّرِ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ». وقال: قاله الأصحابُ. وصحَّحه. وقيل: لا يُدْفَعُ إليه شيءٌ، بل يُوقَفُ؛ لأن الوَرَثَةَ شُركاؤه في التَّرِكَةِ، فلا يحْصُلْ له شيءٌ ما لم يحْصُلْ للوَرَثَةِ مِثْلاه. قلتُ: وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعيدٌ جدًّا؛ فإنه إذا أخَذ ثُلُثَ هذا المُعَيَّنِ، يبْقَى ثُلُثاه، فإنْ لم يحْصُلْ مِنَ المالِ الغائبِ والدَّينِ شيء ألْبَتةَ، فللوَرَثَةِ الباقِي من هذا المُوصَى به، فما يحْصُلُ للمُوصَى له شيء إلا وللوَرَثَةِ مِثْلاه. غايَتُه أنه غيرُ مُعَيَّنٍ، ولا يضُرُّ ذلك. فعلى المذهبِ، تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الحاصِلِ بسِعْرِه يومَ المَوْتِ على أدْنَى صِفتِه، مِن يوم المَوْتِ إلى يومِ الحُصولِ.

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ، فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ، فَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَإنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ ثَلَاثةِ أعْبُدٍ، فَاسْتَحَقَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ أوْ مَاتَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى له بثُلُثِ عَبْدٍ، فاسْتُحِق ثُلُثاه، فله الثُّلُثُ الباقِي. يَعْنِي، إذا

فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ خرَج مِن ثُلُثِ التَّرِكَةِ. قاله الأصحابُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ الحارِثِيِّ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: له ثُلُثُ ثُلُثِه، لا غيرُ. تنبيه: مِثْلُ ذلك، إذا أوْصَى بثُلُثِ صُبْرَةٍ مِن مَكِيلٍ أو مَوْزونٍ، فتَلِفَ، أو اسْتُحِقَّ ثُلُثاها، خِلافًا ومذهبًا. قوله: وإن وَصَّى له بثُلُثِ ثَلاثةِ أعْبُدٍ، فاسْتُحِق اثْنان، أو ماتا، فله ثُلُثُ الباقِي. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحارِثِيِّ»، وغيرِهم. وقيل: جَمِيعُه له، إذا لم يُجاوزْ ثُلُثَ قِيمَتِها.

وَإنْ وَصَّى بِمعَيَّن بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ عَلَى مَالِهِ، وَمِلْكُهُ غَيرَ الْعَبْدِ مِائَتَانِ، فَأجَازَ الْوَرَثَةُ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَتَينِ وَرُبْعُ الْعَبْدِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثةُ أَرْبَاعِهِ. فَإِنْ رَدُّوا، فَقَال الْخِرَقِي: لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سُدْسُ الْمِائَتَينِ وَسُدْسُ الْعَبْدِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ نِصْفُهُ. وَعِنْدِي أنهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَينَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لَهُمَا فِي حَالِ الإجَازَةِ، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ خُمْسُ الْمِائَتَينِ وَعُشْرُ الْعَبْدِ وَنِصْف عُشْرِهِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ رُبْعُهُ وَخُمْسُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى له بعَبْدٍ لا يمْلِكُ غيرَه، قيمَتُه مِائةٌ، ولآخَرَ بثُلُثِ مالِه، ومِلْكُه غيرَ العَبْدِ مِائَتان، فَأجازَ الوَرَثَةُ، فللمُوصَى له بالثُّلُثِ ثُلُثُ المِائتين ورُبْعُ العَبْدِ، وللمُوصَى له بالعبْدِ ثَلاثةُ أرباعِه. وهذا المذهبُ، أعْنِي في المُزاحَمةِ في العَبْدِ، وعليه الأصحابُ؛ الخِرَقِيُّ، فمَن بعدَه. قال الشَّارِحُ: وهو قولُ سائرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وتَبعَ الخِرَقِيَّ على ذلك ابنُ حامِدٍ، والقاضي، والأصحابُ. ثم قال: فهذا قد يُحْمَلُ على ما إذا كانتِ الوَصِيَّتان في وَقْتَين مُخْتَلِفَين. ولا إشْكال على هذا. وإنْ حُمِلَ على إطْلاقِه، وهو الذي اقْتَضاه كلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكْثَرِين، فهو وَجْهٌ آخَرُ. ثم قال: ونُصوصُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وأُصولُه مُخالِفَةٌ لذلك. ثم قال: وقد ذكَر ابنُ حامِدٍ، أن الأصحابَ اسْتَشْكَلُوا مَسْألةَ الخِرَقيِّ، وأنْكَرُوها عليه، ونَسَبُوه إلى التفَرُّدِ بها. ذكَر ذلك في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رَدُّوا، فقال الخِرَقِيُّ: للمُوصَى له بالثُّلُثِ سُدْسُ المِائتَين وسُدْسُ العَبْدِ، وللمُوصَى له بالعَبْدِ نِصْفُه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الحارِثِي: هو قولُ الخِرَقِيِّ، ومُعْظَمِ الأصَحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قولُ جُمْهورِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ: وعندِي أنه يُقسَمُ الثُّلُثُ بينَهما على حسَبِ مالِهما في حالِ الإجازَةِ؛ لصاحِبِ الثلُثِ

وَإنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مَكَانَ الثُّلُثِ، فَأجَازُوا، فَلَهُ مِائَةٌ وَثُلُثُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهُ. وإنْ رَدُّوا، فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُ الْمِائَتَينِ وَسُدْسُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثُهُ. وَقَال أبو الْخَطّابِ: لِصَاحِبِ النِّصْفِ خُمْسُ الْمِائَتَين وَخُمْسُ الْعَبْدِ، وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ خُمْسَاهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْخرَقِيِّ. وَالطَّرِيقُ فِيهَا، أنْ تَنْظُرَ مَا حَصَلَ لَهُمَا فِي حَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــ خُمْسُ المِائتين، وعُشْرُ العَبْدِ، ونِصْفِ عُشْرِه، ولصاحِبِ العَبْدِ رُبْعُه وخُمْسُه. وهو تَخْرِيجٌ في «المُحَرَّرِ». قال في [«القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ] (¬1)»، وفي تخْرِيجِ صاحِبِ «المُحَرَّرِ» نظَر، وذكَرَه. قوله: وإنْ كانتِ الوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مكانَ الثُّلُثِ، فرَدُّوا، فلصاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُ المِائتَينِ وسُدْسُ العَبْدِ، ولصاحِبِ العَبْدِ ثُلُثُه. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». فوافقَ المُصَنِّفَ هنا، وخالفَه في التي قبلَها. وهو ¬

(¬1) في النسخ: «القاعدة الخامسة عشرة».

الإجَازَةِ فَتَنْسِبَ إلَيهِ ثُلُثَ الْمَالِ، وَتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا كَانَ لَهُ فِي الإجَازَةِ مِثْلَ نِسْبَةِ الثُلُثِ اليهِ. وَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، تَنْسِبُ الثُّلُثَ إلَى وَصِيَّتهِمَا جَمِيعًا، وتُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا لَهُ فِي الْإجَازَةِ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غريبٌ. وقال أبو الخَطَّابِ: لصاحِبِ النِّصْفِ خُمْسُ المِائتَين، وخُمْسُ العَبْدِ، ولصاحبِ العَبْدِ خُمْساه. وهو قِياسُ قولِ الخِرَقِي. وهو الصَّحيحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ الجُمْهورِ.

وإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، وَلِثَالِثٍ بِتَمَامِ الثُّلُثِ عَلَى الْمِائَةِ، فَلَمْ يَزِدِ الثُّلُثُ عَلَى الْمِائَةِ، بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ التَّمَامِ، وَقَسَمْتَ الثُّلُثَ بَينَ الْآخَرَين عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتهِمَا. وإنْ زَادَ عَلَى الْمِائَةِ، فَأجَازَ الْوَرَثَة، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَا قَال الْمُوصِي. وَإنْ رَدُّوا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ وصِيَّتهِ عِنْدِي. وَقَال الْقَاضِي: لَيسَ لِصَاحِبِ التَّمَامِ شَيْءٌ حَتَّى تَكْمُلَ الْمِائَةُ لِصَاحِبِهَا، ثُمَّ يَكُون ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى لرَجُلٍ بثُلُثِ مالِه، ولآخَرَ بمِائَةٍ، ولثالِثٍ بتَمامِ الثُّلُثِ على المِائَةِ، فلم يزِدِ الثُّلُثُ -يعْنِي الثُّلُثَ الثَّاني- عنِ المِائَةِ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صاحِبِ التَّمامِ، وقُسِمَ الثلُثُ بينَ الآخرَين على قَدْرِ وَصِيَّتهما، وإنْ زادَ على المِائَةِ، فأجازَ الوَرَثَةُ، نَفَذَتِ الوَصِيَّةُ على ما قال المُوصِي، وإن رَدُّوا فلكُلِّ واحِدٍ نِصْفُ

لَهُ مَا فَضَلَ عَنْهَا. وَيَجُوزُ أن يُزَاحِمَ بِهِ وَلَا يُعْطِيَهُ، كَوَلَدِ الْأبِ مَعَ وَلَدِ الْأبَوَينِ فِي مُزاحَمَةِ الْجَدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَصِيَّته عندِي. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقال القاضي: ليس لصاحِبِ التَّمامِ شيء، حتى تَكْمُلَ المِائَةُ لصاحِبِها.، ثم يكونَ له ما فَضَلَ عنها. ويجوزُ أن يُزاحِمَ به، ولا يُعْطَى، كوَلَدِ الأبِ مع وَلَدِ الأبوْين في مُزاحَمَةِ الجَدِّ. قال الحارِثِيُّ: الأصحُّ ما قال القاضي. قال في «الفُروعِ»: وقيل: إنْ جاوَزَ المِائتين، فللمُوصَى له بالثُّلُثِ نِصْفُ وَصِيَّته، وللمُوصَى له بالمِائَةِ مِائَةٌ، وللثَّالثِ نِصْفُ الزَّائدِ. وإنْ جاوَزَ مِائَةً، فللمُوصَى له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأولِ نِصْفُ وَصِيَّتِه، وللمُوصَى له الثانِي بقِيَّةُ الثلُثِ مع مُعادَلَتِه بالثالثِ. انتهى. وقال في «المُحَرَّرِ»: وعندِي تبْطُلُ وَصِيَّةُ التَّمامِ هاهنا، ويقْتَسِمُ الآخَران الثلُثَ، كأنْ لا وَصِيَّةَ لغيرِهما، كما إذا لم يُجاوزِ الثلُثُ مِائة. وأطْلَقَهما في «الشرْحِ». وقيل: إنْ جاوَزَ الثلُثُ مِائتين، فللمُوصَى له بثُلُثِ مالِه نِصْفُ وَصِّتِه، ولصاحِبِ المِائَةِ مِائَة، وللثالِثِ نِصْفُ الزَّائدِ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ».

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأنْصِبَاءِ وَالْأجْزَاءِ إذَا وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مَضْمُومًا إِلَى الْمَسْألةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الوَصِيَّةِ بالأنْصِباءِ والأجْزاءِ قوله: إذا وَصَّى بمثلِ نَصِيبِ وارِثٍ مُعَيَّن، فله مثلُ نَصِيبِه مَضْمُومًا إلى المَسْألةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وفي «الفُصولِ» احْتِمالٌ، ولو لم يَرِثْه ذلك الذي أوْصَى بمِثْلِ نَصِيبِه؛ لمانعٍ به، مِن رِقٍّ وغيرِه. وقال في «الفائقِ»: والمُخْتارُ، له مثلُ نَصيبِ أحَدِهم غيرُ مُزادٍ،

فَإِذَا وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَهُ ابْنَانِ، فَلَهُ الثُّلُثُ، وَإنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ الرُّبْعُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُم بنتٌ فَلَهُ التُّسْعَانِ. وَإنْ وَصَّى بِنَصِيبِ ابْنِهِ، فَكَذَلِكَ فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقْسَمُ الباقِي، فإذا وَصَّى بمِثْلِ نَصيبِ ابنِه، وله ابْنان، فله الثُّلُثُ على المذهبِ، وله النِّصْفُ على ما اخْتارَه في «الفائقِ»، ويُقْسَمُ النِّصْفُ الباقِي بينَ الابنَين. وله قُوة. قوله: وإنْ وَصَّى له بنَصِيبِ ابْنِه، فكذلك، في أحَدِ الوَجْهَين. يعْنِي، له مِثْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصيبه في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. جزَم به القاضي في «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشيرازِيُّ. ومال إليه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشارِحُ، وغيرُهم. قال في «المُذْهَبِ» وغيرِه: صحَّتِ الوَصِيَّةُ في ظاهِرِ المذهبِ. قال الحارِثِيُّ: هو الصَّحيحُ عندَهم. وفي الآخَرِ: لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ. وهو الذي ذكَره القاضي. قال الزرْكَشِيُّ: قاله القاضي في «المُجَرَّدِ». قال الحارِثِيُّ: لكِنْ رجَع عنه. فائدة: لو وَصَّى له بمثلِ نَصيبِ وَلَدِه، وله ابنٌ وبِنْتٌ، فله مثلُ نَصِيبِ البِنْتِ. نقَلَه ابنُ الحَكَمِ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ».

وإنْ وَصَّى بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ أوْ بِضِعْفَيهِ، فَلَهُ مِثْلُهُ مَرَّتَينِ. وَإنْ وَصَّى بِثَلَاثةِ أضْعَافِهِ، فَلَهُ ثَلَاثةُ أمْثَالِهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي. وَقَال أصْحَابُنَا: ضِعْفَاهُ ثَلَاثَةُ أمْثَالِهِ، وَثَلَاثةُ أضْعَافِهِ أرْبَعَة أمْثَالِهِ، كُلَّمَا زَادَ ضِعْفًا زَادَ مَرَّةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى له بضِعْفِ نَصِيبِ ابنه، أو بضِعْفَيه، فله مثلُه مَرَّتَين، وإنْ وَصَّى له بثلاثةِ أضْعافِه، فله ثلاثةُ أمْثالِه. قال المُصَنِّفُ: هذا هو الصَّحيحُ عندِي. واختارَه الشارِحُ، وصاحِبُ «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أصحابُنا: ضِعْفاه ثَلاثةُ أمْثالِه، وثَلاثةُ أضْعافِه أرْبَعَةُ أمْثالِه، كُلَّما زادَ ضِعْفًا زادَ مرَّةً واحدةً. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَإنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أحدِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لأقَلِّهِمْ نَصِيبًا، فَلَوْ كَانُوا ابْنًا وَأربَعَ زَوْجَاتٍ، صَحَّتْ مِنَ اثْنَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَثَلَاثِينَ، لِكُلِّ زَوْجَةٍ سَهْمٌ، وَلِلْوَصِيِّ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَيهَا، فَتَصِيرُ مِنْ ثَلَاثةٍ وَثَلَاثينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ وصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لَوْ كَانَ، فَلَهُ مِثْلُ مَا لَهُ لَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ مَوْجُودٌ. فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أرْبَعَةَ بَنِينَ فَلِلْوَصِيِّ السُّدْسُ، وَإنْ كَانُوا ثَلَاثةً فَلَهُ الْخُمْسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى بمِثلِ نَصِيبِ وارثٍ لو كان، فله مثلُ ما له لو كانتِ الوَصِيَّةُ وهو مَوجودٌ. فإذا كان الوَارِثُ أرْبَعَةَ بَنِين، فللوَصِيِّ السُّدْسُ، وإنْ كانُوا ثَلاثةً، فله الخُمْسُ. هذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الحارِثِي: وعن بعضِ أصحابِنا، إقامَةُ الوَصِي مَقامَ الابنِ المُقَدَّرِ. انتهى.

ولَوْ كَانُوا أرْبَعَةً فَأوْصَى بِمثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ لَوْ كَانَ إلَّا مِثْلَ نصِيبِ سَادِس لَوْ كَانَ، فَقَدْ أوْصَى بِالْخُمْسِ إلا السُّدْسَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، فَيَكُونُ لَهُ سَهْمٌ يُزَادُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَهْمًا، وَتَصِحُّ مِنَ اثْنَين وَسِتِّينَ، لَهُ مِنْهَا سهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو كانوا أرْبَعَةً، فأوْصَى بمثلِ نَصِيبِ خامِسٍ لو كان، إلَّا مثلَ نَصِيبِ سادِسٍ لو كان، فقد أوْصَى له بالخُمْسِ إلَّا السُّدْسَ بعدَ الوَصِيَّةِ. هكذا مَوْجود في النُّسَخِ المَعْروفةِ المَشْهُورَةِ. ووُجِدَ في نُسْخَةٍ مَقْروءةٍ على المُصَنِّفِ، وعليها خطُّه، لو كانُوا أرْبعَةً فأوْصَى بمثلِ نَصِيبِ أحَدِهم إلا مثلَ نَصِيبِ ابنٍ (¬1) خامِس لو كان. قال النَّاظِمُ: وفي بعضِ النُّسَخِ المَقْروءَةِ على المُصَنِّفِ، وَصَّى بمثلِ نَصِيبِ أحَدِهم إلَّا مثلَ نَصِيبِ ابنٍ سادِسٍ لو كان. قال: فعلى هذا، يصِحُّ أنه (¬2) ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَصَّى بالخمْسِ إلا السُّدْسَ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وهو كما قال صاحِبُ «الفُروعِ»؛ فإنَّه، على ما قاله الناظِمُ في النُّسْخَةِ المَقْروءَةِ على المُصَنفِ، إنَّما يكونُ أوْصَى له بالخُمْسِ إلا السُّبْعَ، على ما قاله الأصحابُ في قَواعِدِهم، فلِذلك لم يَرْتَضِه صاحِبُ «الفُروعِ» منه. واعلمْ أنَّ النُّسَخَ المَعْروفَةَ المُعْتَمَدَ عليها، ما قُلْناه أوَّلًا، وعليها شَرَحَ الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. لكِنَّ قوْلَه: فقد أوْصَى بالخُمْسِ إلا السُّدْسَ. مُشْكِلٌ على قَواعِدِ الأصحابِ، ومُخالِفٌ لطَريقَتِهم في ذلك وأشْباهِه. بل قِياسُ ما ذكَرَه الأصحابُ في هذه المَسْألةِ، أنْ يكونَ قد أوْصَى له بالسُّدْسِ إلا السُّبْعَ، فيكونُ له سَهْمان مِن اثْنَين وأرْبَعِين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا قال الحارِثِي، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما. [لكنْ في «الفُروعِ»: سَهْمان مِن اثْنَين وأرْبَعِين. وهو سبْقَةُ قلَمٍ. واللهُ أعلمُ] (¬1). وأجابَ الحارِثِيُّ عن ذلك، فقال: قوْلُهم: أوْصَى بالخُمْسِ إلا السُّدْسَ. صحيحٌ، باعْتِبارِ أن له نَصِيبَ الخامِسِ المُقَدَّرِ غيرَ مَضْمومٍ، وأن النصِيبَ [المُسْتَثْنَى هو السُّدْسُ] (1). وهو طَريقَةُ الشافِعِيَّةِ. انتهى. قلتُ: وهو مُوافِقٌ لما اخْتارَه في «الفائقِ»، فيما إذا أوْصَى له بمثلِ نَصيبِ وارثٍ، على ما تقدَّم. قال في «الفُروعِ»: وما قاله الحارِثِي صحيحٌ، يؤيِّدُه أنَّ في نُسْخةٍ مَقْروءَةٍ على الشَّيخِ: أرْبَعَةٌ أوْصَى بمثلِ نَصِيبِ أحَدِهم، إلا بمثلِ نَصِيبِ ابنٍ خامِسٍ، لو كان، فقد أوْصَى له بالخُمْسِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا السُّدْسَ. قال: ويُوافِقُ هذا قوْلَ ابنِ رَزِين في ابْنَين، ووَصَّى بمثلِ نَصِيبِ ابن ثالِثٍ [لو كان، له الرُّبْعُ، وإلَّا مِثْلُ نَصِيبِ رابعٍ، لو كان، مِن واحدٍ وعِشْرِين. انتهى. فكأنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» فسَّر النُّسْخَةَ الأولَى المُعْتَمَدَةَ المُشْكلَةَ على طريقةِ الأصحاب بهذه النُّسْخَةِ. والذي يظْهَرُ، بل هو كالصَّريحِ في ذلك، أنَّ مَعْناهما مُخْتَلِفٌ، وَأنَّ النُّسْخَةَ الأولَى تابَعَ فيها طريقةَ أصحابِ الإمامِ الشافِعِيِّ، رَحِمَه الله] (¬1) وهذه النُّسْخَةُ تَبعَ فيها طريقةَ الأصحابِ، ولعَلَّه في النُّسْخَةِ الأولَى اخْتارَ ذلك، أو يكونُ ذلك مُجَردَ مُتابعَةٍ لغيرِه، فلمَّا ظهَر له ذلك، اعْتَمَدَ على النُّسْخَةِ المُوافِقَةِ لقَواعِدِ المذهبِ والأصحابِ. وهو أوْلَى. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتَلَخَّصَ لنا، أن المُصَنِّفَ وُجِدَ له ثلاثُ نُسَخٍ مُخْتَلِفَةٍ، قُرِئَتْ عليه؛ أحدُها، الأولَى؛ وهي المُشْكلَةُ على قَواعِدِ الأصحابِ، ولذلك أجابَ عنها الحارِثِيُّ. والثانيةُ، ما ذكَرَها الناظِمُ، وتقدَّم ما فسَّرها به، والتفْسِيرُ أيضًا مُشْكَلٌ على قَواعِدِ الأصحابِ، ولذلك ردَّه في «الفُروعِ». وتقدَّم أن قواعِدَ الأصحابِ تَقتَضِي،

فصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأجْزَاءِ: إِذَا أوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ أوْ حَطٍّ أوْ نَصِيبٍ أوْ شَيْءٍ، فَلِلْوَرَثَةِ أن يُعْطُوهُ مَا شَاءُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ على هذه النُّسْخَةِ، أنَّه أوْصَى بالخُمْسِ إلَّا السُّبْعَ، وتفْسِيرُه مُوافِقٌ لطريقةِ أصحابِ الإمامِ الشافِعِيِّ، وما اخْتارَه في «الفائقِ». والثَّالثةُ، فيها أوْصَى بمثلِ نَصِيبِ أحَدِهم إلا بمثلِ نَصيبِ ابنٍ خامِسٍ. فهذه النسْخَةُ صحيحة على قِياسِ طريقةِ الأصحابِ، ويكونُ قد أوْصَى له بالخُمْسِ إلَّا السُّدْسَ. وهو مُوافِقٌ لِما فُسِّرَ، وأوْلَى مِنَ النُّسَخِ المَعْروفَةِ. واللهُ أعلمُ.

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، فَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، لَهُ سُدْسٌ بِمَنْزِلَةِ سُدْسٍ مَفْرُوضٍ إِنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْألةِ، أوْ كَانُوا عَصَبَةً أُعْطِيَ سُدْسًا كَامِلًا، وَإنْ كَمَلَتْ فُرُوضُهَا أُعِيلَتْ بِهِ، وإنْ عَالتْ أُعِيلَ مَعَهَا. وَالثَّانِيَةُ، لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْألةُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدْسِ. وَالثَّالِثَةُ، لَهُ مِثْلُ نصِيبِ أقَلِّ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى له بسَهْمٍ مِن مالِه، ففيه ثَلاثُ رِواياتٍ. وظاهِرُ «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، إطْلاقُهُنَّ. وأطْلَقَهُنَ في «المُذْهَبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ». إحْداهُنَّ، له سُدْسٌ بمَنْزِلَةِ سُدْسٍ مَفْروضٍ، إنْ لم تَكْمُلْ فُروضُ المَسْألةِ، أو كانوا عَصَبَةً، أُعْطِيَ سُدْسًا كامِلًا، وإنْ كَمُلَتْ فُروضُها، أُعِيلَتْ به، وإنْ عالتْ، أُعِيلَ معها. وهو المذهبُ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ، وحَرْبٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأصحابُه؛ كالشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيِّ، وغيرِهم. وفسَّر الزرْكَشِيُّ كلامَ الخِرَقِي بذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحارِثِي: هذا أصحُّ عندَ عامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «النّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ، قال ناظِمُها:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن قال في الإيصَا: لزَيدٍ سَهْمٌ … فالسُّدْسُ يُعْطَى حيثُ كان القَسْمُ والروايةُ الثَّانيةُ، له سَهْمٌ ممَّا تصِحُّ منه المَسْألةُ، ما لم يزِدْ على السُّدْسِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايَةُ الثَّانيةُ التي ذكَرَها الخِرَقِي وغيرُه، ليس فيها ما لم يزِدْ على السُّدْسِ، بل قالوا: يُعْطَى سَهْمًا مما تصِحُّ منه الفَريضَةُ. لكنْ قال القاضي: مَعْناه ما لم يزِدْ على السُّدْسِ، فإنْ زادَ عليه، أُعْطِيَ السُّدْسَ. ورَدَّ الحارِثِيُّ ما قال القاضي. قال في «الفُروعِ»: وعنه، له سَهْمٌ واحِدٌ، ممَّا تَصِحُّ منه المَسْألةُ، مضْمُومًا إليها. اخْتارَه الخِرَقِي. انتهى. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ الخِرَقِيَّ قال: وإذا أوْصَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له بسهْمٍ مِن مالِه، أُعْطِيَ السُّدْسَ. وقد رُوِيَ عن أبي عبدِ اللهِ رِوايَة أُخْرَى؛ يُعْطَى سَهمًا ممَّا تصِحُّ منه الفَرِيضَةُ، انتهى. فالظَّاهِرُ أنَّه سبْقَةُ قَلَمٍ. والروايةُ الثَّالِثَةُ، له مثلُ نَصيبِ أقل الوَرَثَةِ ما لم يَزِدْ على السُّدْسِ (¬1). واخْتارَ الخَلَّالُ وصاحِبُه، له مثلُ نَصِيبِ أقلِّ الوَرَثَةِ، سواءٌ كان أقَلَّ مِنَ السُّدْسِ أو أكثرَ. قال في ¬

(¬1) في الأصل: «الثلث».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، في تَتِمَّةِ الرِّوايَةِ: فإنْ زادَ على السُّدْسِ، [أُعْطِيَ السُّدْسَ] (¬1). وهو قولُ الخَلَّالِ، وصاحبِه. انتهى. وقيل: يُعْطَى سُدْسًا كامِلًا. أطْلَقَه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ حَرْبٍ. وأطْلقَه الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وجماعةٌ. وهو كالصَّريحِ في «المُنَوِّرِ»، فإنَّه قال: وإنْ وَصَّى بسَهْمٍ مِن مالِه، أُعْطِيَ سدْسَه. وقال المُصنِّفُ في «المُغْنِي» والشَّارِحُ: والذي يقْتَضِيه القِياسُ، أنَّه إنْ صحَّ أنَّ السَّهْمَ في لِسانِ العَرَبِ السُّدْسُ، أو صحَّ الحدِيثُ. وهو أنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أعْطَى رَجُلًا أُوْصِيَ له بسَهْم مِن مالِه السُّدْسَ (¬2). فهو كما لو أوْصَى بسُدسٍ مِن مالِه، وإلَّا فهو كما لو أوْصَى بجُزْءٍ مِن مالِه. على ما اخْتارَه الإِمامُ الشَّافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، رَحِمَهما اللهُ تعالى، أنَّ الوَرَثَةَ يُعْطُوه ما شاءُوا. تنبيه: قوْلُ المُصَنِّف، في الرِّوايَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ: ما لم يزِدْ على السُّدْسِ. قاله القاضي، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ، وأطْلَقَ الباقون الرِّوايتَين، وقوَّاه الحارِثِيُّ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، على الرِّوايةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ: له السُّدْسُ، وإنْ جاوَزَه المُوصَى به ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) تقدم تخريجه في صفحة 420.

وَإنْ وَصَّى لَهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ، كَثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ، أَخَذتَهُ مِنْ مَخْرَجِهِ فَدَفَعْتَهُ إلَيهِ، وَقَسَمْتَ الْبَاقِي عَلَى مَسْألَةِ الْوَرَثَةِ، إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يُجِيزُوا لَهُ، فَتَفْرِضَ لَهُ الثُّلُثَ، وَتَقْسِمَ الثُّلُثَينِ عَلَيهَا. وَإنْ وَصَّى بِجُزْأَينِ أَوْ أَكثَرَ، أَخَذْتَهَا مِنْ مَخْرَجِهَا، وَقَسَمْتَ الْبَاقِي عَلَى الْمَسْألةِ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَرَدَّ الْوَرَثَةُ، جَعَلْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السِّهَامَ الْحَاصِلَةَ لِلْأَوْصِيَاءِ ثُلُثَ الْمَالِ، وَدَفَعْتَ الثُّلُثَينِ إِلَى الْوَرَثَةِ. فَلَوْ وَصَّى لِرَجُل بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِهِ، وَخَلَّفَ ابْنَينِ، أَخذْتَ الثُّلُثَ وَالرُّبْع مِنْ مَخْرَجِهِمَا سَبْعَةً مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَبْقَى خَمْسَةٌ لِلِابْنَينِ أَنْ اجَازَا، وَإنْ رَدَّا جَعَلْتَ السَّبْعَةَ ثُلُثَ الْمَالِ، فَتَكُونُ الْمَسْأَلةُ مِنْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَإِنْ أَجَازَا لِأَحَدِ هِمَا دُونَ الْآخَرِ، أو أَجَازَ أَحدُهُمَا لَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ، فَاضرِبْ وَفْقَ مَسأَلَةِ الإجَازَةِ، وَهُوَ ثَمَانِيَة في مَسْألَةِ الرَّدِّ، تَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ، لِلَّذِي أُجِيزَ لَهُ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإجَازَةِ مَضْرُوب في وَفْقِ مَسْأَلةِ الرَّدِّ، وَلِلَّذِي رُدَّ عَلَيهِ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلةِ الرَّدِّ في وَفْقِ مَسْأَلةِ الإجَازَةِ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَلِلَّذِي أجَازَ لَهُمَا نَصِيبُهُ مِنْ مَسْأَلةِ الإجَازَةِ في وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، وَلِلْآخَرِ سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلةِ الرَّدِّ في وَفْقِ مَسْأَلةِ الإجَازَةِ، وَالْبَاقِي بَينَ الْوَصِيَّينَ عَلَى سَبْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَإنْ زَادَتِ الْوَصَايَا عَلَى الْمَالِ عَمِلْتَ فِيهَا مَسَائِلَكَ في مَسَائِلَ الْعَوْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِذَا وَصَّى بِنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَرُبْعٍ وَسُدْسٍ، أَخَذْتَهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، وَعَالتْ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَتَقْسِمُ الْمَال كَذَلِكَ إنْ أُجِيزَ لَهُمْ، أو الثُّلُثَ إِنْ رُدَّ عَلَيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ، وَخَلَّفَ ابْنَينِ، فَالْمَالُ بَينَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ إِنْ أُجِيزَ لَهُمَا، وَالثُّلُثُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَعَ الرَّدِّ، فَإِنْ أُجِيزَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ، فَلِصَاحِبِ النِّصْف ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَصَّى لرَجُل بجميعِ مالِه، ولآخَرَ بنِصْفِه، فالمالُ بينَهما على ثَلاثَةٍ، إنْ أُجِيزَ لهما، والثُّلُثُ على ثَلاثةٍ مع الرَّدِّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ في مَن أوْصَى بمالِه لوارِثِه، ولآخَرَ بثُلُثِه، وأُجِيزَ، فللأجْنَبِيِّ ثُلُثُه، ومع الرَّدِّ، هل الثُّلُثُ بينَهما على أرْبَعَةٍ، أو على ثَلاثةٍ، أو هو للأجْنَبِيِّ؟ فيه الخِلاف. قوله: فإنْ أجِيزَ لصاحِبِ المالِ وَحْدَه، فلصاحِبِ النِّصْفِ التُّسْعُ، والباقِي لصاحِبِ المالِ، في أحدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»،

التُّسعُ، وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الْمَالِ، في أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الآخرِ، لَيسَ لَهُ إلا ثُلُثَا الْمَالِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ في حَالِ الإجَازَةِ لَهُمَا، يَبْقَى التُّسْعَانِ لِلْوَرَثَةِ. وَإنْ أجَازُوا لِصَاحِبِ النِّصْف وَحْدَهُ، فَلَهُ النِّصْفُ في الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْآخَرِ لَهُ الثُّلُثُ، وَلِصَاحِبِ الْمَالِ التُّسْعَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي الآخَرِ، ليس له إلَّا ثُلُثا المالِ الذي كان له في حالِ الإِجازَةِ لهما، ويبْقَى التُّسْعان للوَرَثَةِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ». قوله: وإنْ أجازُوا لصاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَه، فله النِّصْفُ، على الوَجْهِ الأوَّلِ، وهو المذهبُ. وعلى الوَجْهِ الثَّاني، له الثُّلُثُ، ولصاحِبِ المالِ

وَإنْ أَجَازَ أَحدُ الابْنَينِ لَهُمَا، فَسَهْمُهُ بَينَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإنْ أَجَازَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ، دَفَعَ إلَيهِ كُلَّ مَا في يَدِهِ أَوْ ثُلُثَيهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَينِ، وَإنْ أَجَازَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ، دَفَعَ إِلَيهِ نِصْف مَا في يَدِهِ وَنِصْفَ سُدْسِهِ أَوْ ثُلُثِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التُّسْعان. والوَجْهان الآتِيَان في كلامِ المُصَنِّفِ، بعدَ هذا، مَبْنِيَّان على الوَجْهَين المُتَقَدِّمَين، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما.

فَصْلٌ في الْجَمْعِ بَينَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالأنْصِبَاءِ: إِذَا خَلَّفَ ابْنَينِ، وَوَصَّى لِرَجُل بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ، فَفِيهَا وَجْهَانِ، أحَدُهُمَا، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ عِنْدَ الإجَازَةِ، وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَينَ الْوَصِيَّينِ نِصْفَينِ. وَالثَّانِي، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ مِثْلُ مَا يَحْصُلُ لِابْنٍ، وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَذَلِكَ التُّسْعَانِ عِنْدَ الإجَازَةِ، وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَينَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا خَلفَ ابْنَين، وأوْصَى لرَجُل بثُلُثِ مالِه، ولآخَرَ بمثلِ نَصِيبِ ابْن، ففيها وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لصاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ المالِ عندَ الإِجازَةِ، وعندَ الرَّد، يُقْسَمُ الثُّلُثُ بينَ الوَصِيَّين نِصْفَين. وهو المذهبُ. قال في

وَإنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ النِّصْفَ، خُرِّجَ فِيهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ في حَالِ الإجَازَةِ ثُلُثُ الثُّلُثَينِ، وَفِي الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَينَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سهْمًا؛ لِصَاحِبِ النِّصْفِ تِسْعَةٌ، وَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَرْبَعَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»: هذا قِياسُ المذهبِ عندِي. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لصاحِبِ النَّصِيبِ مثلُ ما يحْصُلُ لابن، وهو ثُلُثُ الباقِي، وذلك التُّسْعانِ عندَ الإِجازَةِ، وعندَ الرَّدِّ، يقْسَمُ الثُّلُثُ بينَهما على خَمْسَةٍ. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: وهذا أصحُّ بلا مِرْيَةٍ. قوله: وإنْ كان الجُزْءُ المُوصَى به النِّصْفَ، خُرِّج فيها وَجْه ثالِثٌ؛ وهو أنْ يكُونَ لصاحِبِ النَّصِيبِ في حالِ الإِجازَةِ ثُلُثُ الثُّلُثَين، وفي الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بينَهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ثلاثَةَ عَشَرَ؛ لصاحِبِ النِّصْفِ تِسْعَة، ولصاحِبِ النَّصِيبِ أرْبَعَة. والمذهبُ الأوَّلُ. قال الحارِثِيُّ عنِ الوَجْهِ الثَّالثِ: وليس بالقَويِّ. وأطْلَقَهُنَّ في «الشَّرْحِ». والمَسائل المُفَرَّعَةُ بعدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على الخِلافِ هنا، وقد عَلِمْتَ المذهبَ هنا.

وَإنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمِثْل نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ بَاقِي الْمَالِ، فَعَلَى الوَجْهِ الْأَوَّلِ، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْبَاقِي تُسْعَانِ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَدْخُلُهَا الدَّوْرُ. وَلِعَمَلِهَا طُرُقٌ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَجْعَلَ الْمَال ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَنَصِيبًا، تَدْفَعُ النَّصِيبَ إِلَى الْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ، وَلِلْآخرِ ثُلُثُ الْبَاقِي سَهمٌ، يَبْقَى سهْمَانِ، لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ، وَذَلِكَ هُوَ النَّصِيبُ، فصَحَّتْ مِنْ أربَعَةٍ. وَبِالْجَبْرِ، تَأْخُذ مَالًا تُلْقِي مِنْهُ نَصِيبًا وَثُلُثَ الْبَاقِي، يَبْقَى ثُلُثَا مَالٍ إلا ثُلُثَيْ نَصِيبٍ يَعْدِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نَصِيبَينِ، اجْبُرْهَا بُثُلثَيْ نَصِيبٍ وَزِدْ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى النَّصِيبَينِ، يَبْقَى ثُلُثَا مَالٍ يَعْدِلُ نَصِيبَينِ وَثُلُثَين، ابْسُطِ الْكُلَّ أثلاثًا مِنْ جِنْسِ الْكَسْرِ يَصِرْ مَالينِ تَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَنْصِبَاءَ، اقْلِبْ فَاجْعَلِ الْمَال ثَمَانِيةً، وَالنَّصِيبَ اثْنَينِ. وَإنْ شِئْتَ قُلْتَ: لِلِابْنَينِ سَهْمَانِ، ثُمَّ تَقُولُ: هَذَا بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ ثُلُثُهُ، فَزِدْ عَلَيهِ مِثْلَ نِصْفِهِ، يَصِرْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ زِدْ مِثْلَ نَصِيبِ ابْن، يَصِرْ أرْبَعَةً. وَإنْ كَانَتْ وَصِيَّةَ الثَّانِي بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ النِّصْفِ، فَبِالطَّرِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأولَى تَجْعَلُ الْمَال سِتَّةً وَنَصِيبَينِ، تَدْفَعُ النَّصِيبَ إِلَى الْمُوصَى لَهُ بهِ، وَإلَى الْآخَرِ ثُلُثَ بَقِيَّةِ النِّصْفِ سَهْمًا، وَإِلَى أحَدِ الابْنَين نَصِيبًا، بَقِيَ خَمْسَةٌ لِلِابْنِ الْآخَرِ، فَالنَّصِيبُ خَمْسَةٌ، وَالْمَالُ سِتَّةَ عَشَرَ. وَبِالْجَبْرِ، تَأْخُذُ مَالًا وَتُلْقِي مِنْهُ نَصِيبًا وَثُلُثَ بَاقِي النِّصْفِ، تَبْقَى خَمْسَةُ أسْدَاسِ مَالي إلَّا ثُلُثَيْ نَصِيبٍ تَعْدِلُ نَصِيبَينِ، اجْبُرْهُمَا، تَكُنْ خَمْسَةَ أسْدَاسِ مَالٍ، تَعْدِلُ نَصِيبَين وَثُلُثَينِ، ابْسُطِ الْكُلَّ أسْدَاسًا وَاقْلِبْ وَحَوِّلْ، يَصِرِ الْمَالُ سِتَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عَشَرَ، وَالنَّصِيبُ خَمْسَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ خَلَّفَ أمًّا وَبِنْتًا وَأُخْتًا، وَأوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ الأُمِّ وَسُبْعِ مَا بَقِيَ، وَلِآخرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الأُخْتِ وَرُبْعِ مَا بَقِيَ، وَلِآخرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ، فَقُلْ: مَسْألةُ الْوَرَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدةٌ جليلةٌ: قوْلُه: وإنْ خَلَّفَ أُمًّا وبِنْتًا وأخْتًا، وأوْصَى بمثلِ نَصِيبِ الأُمِّ وسُبْعِ ما يبْقَى، ولآخَرَ بمثلِ نَصِيبِ الأخْتِ ورُبْعِ ما يبقى، ولآخَرَ بمثلِ نَصِيبِ البِنْتِ وثُلُثِ ما يبقَى، فقُلْ: مَسْألَةُ الوَرَثَةِ مِن سِتَّةٍ؛ وهي بَقِيَّةُ مالٍ ذهَبَ ثُلُثُه، فزِدْ عليه مثلَ نِصْفِه ثَلاثةً، ثمَّ زِدْ مثلَ نَصِيبِ البِنْتِ، يكُن اثْنَيْ عَشَرَ، فهي بَقِيَّةُ مالٍ ذهَبَ رُبْعُه، فزِدْ عليه مثلَ ثُلُثِه، ومثلَ نَصِيبِ الأُخْتِ، صارَتْ ثمانِيةَ عَشَرَ، وهي بقِيَّةُ مالٍ ذهَبَ سُبْعُه، فَزِدْ عليه سُدْسَه، ومثلَ نَصِيبِ الأمِّ، يكُنْ اثْنَين

مِنْ سِتَّةٍ، وَهِيَ بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ ثُلُثُهُ فَزِدْ عَلَيهِ مِثْلَ نِصْفِهِ ثَلَاثةً، ثُمَّ زِدْ مِثْلَ نَصِيبِ الْبِنْتِ، تَكُنِ اثْنَيْ عَشَرَ، فهِيَ بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ رُبْعُهُ، فَزِدْ عَلَيهِ ثُلُثَهُ وَمِثْلَ نَصِيبِ الأُخْتِ، صَارَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ سُبْعُهُ، فَزِدْ عَلَيهِ سُدْسَهُ وَمِثْلَ نَصِيبِ الأُمِّ، تَكُنِ اثْنَينِ وَعِشْرِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعِشْرِين. هذه الطَّريقَةُ تُسَمى طَرِيقَةَ المَنْكوسِ، وهي غيرُ مُطَّرِدَةٍ. ولنا فيها طريقَة مُطَّرِدَةٌ، ولم أرَها مسْطُورَةً في كلامِ الأصحابِ، ولكنْ أفادَنِيها بعضُ مَشايخِنا؛ وذلك أنَّا نقولُ: انْكَسَرَ معَنا على ثَلاثةٍ، وأرْبَعَةٍ، وسَبْعَةٍ. وهذه الأعْدادُ مُتَبايِنَةٌ، فاضْرِبْ بعضَها في بعض، تبْلُغْ أرْبَعَةً وثَمانِين؛ ثُلُثُها ثَمانِيَةٌ وعِشْرون، ورُبْعُها أحَدٌ وعِشْرُون، وسُبْعُها اثْنا عَشَرَ، ومَجْموعُ ذلك أحَدٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسِتُّون، يبْقَى بعدَ ذلك ثلاثةٌ وعِشْرون، وهو النَّصِيبُ. فاحْفَظْه. ثم تأتِي إلى نَصِيبِ البنْتِ، وهو ثلاثَةٌ، تُلْقِي ثُلُثَه؛ وهو واحدٌ، يبْقَى اثْنان، وتُلْقِي مِن نَصِيبِ الأُخْتِ رُبْعَه، وهو نِصْفُ سَهْم، يبْقَى سَهْمٌ ونِصْفٌ، وتُلْقِي مِن نَصِيبِ الأُمِّ سُبْعَه، وهو سُبْعُ سَهْم، يبْقَى سِتَّةُ أسْباعٍ، فتَجْمَعُ الباقِيَ بعدَ الذي ألْقَيته مِن أنْصِباء الثَّلاثةِ، يكونُ أرْبَعَةَ أسْهُم وسُبْعَين ونِصْفَ سُبْعٍ، فتُضِيفُها إلى المَسْألةِ، وهي سِتَّةٌ، يكونُ المَجْموعُ عَشَرَةَ أسْهُم وسُبْعَين ونِصْفَ سُبْعٍ، فاضْرِبْ ذلك في الأرْبَعَةِ والثَّمانِين التي حَصَلَتْ مِن مخْرَجِ الكُسورِ، يكُنْ ثَمانِمائةٍ وسَبْعِين. ومنها تصِحُّ للمُوصَى له بمِثلِ نَصِيبِ الأمِّ سَهْمٌ مِن سِتةٍ، مَضْروبٌ في النَّصِيبِ، وهو ثلاثَةٌ وعِشْرون، يكونُ ذلك ثلاثَةً وعِشرِين سَهْمًا، وله سُبْعُ الباقِي مِنَ الثمانِمائةِ والسَّبْعِين، وهو مِائَةٌ وأحدٌ وعِشْرون، يبْلُغُ المَجْموعُ له مِائَةً وأرْبَعَة وأرْبَعِين. وللمُوصَى له بمثلِ نَصِيبِ الأخْتِ سَهْمان مِن سِتَّةٍ، مَضْرُوبان في النَّصِيبِ، تبْلُغُ سِتَّةً وأرْبَعِين، وله رُبْعُ الباقِي مِنَ الثَّمانِمائةِ والسَّبْعِين، وقَدْرُه مِائَتَان وسِتَّةٌ، يكونُ المَجْموعُ له مائين واثْنَين وخَمْسِين. وللمُوصَى له بمِثْلِ نَصِيبِ البِنْتِ، ثَلاثةٌ مَضْروبَةٌ في ثَلاثةٍ وعِشْرِين، تبْلُغُ تِسْعَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسِتَّين، وله ثُلُثُ الباقِي مِنَ الثمانِمائَةِ والسَّبْعِين، وقَدْرُه مِائَتَان وسَبْعَةٌ وسِتُّون، يكونُ المَجْموعُ له ثَلاثمائَةٍ وسِتَّة وثَلاثين. فمَجْموعُ سِهامِ المُوصَى لهم سَبْعُمِائَةٍ واثْنان وثَلاثُون سَهْمًا، والباقِي للوَرَثَةِ، وقدْرُه مِائَة وثَمانِيَة وثلاُثون سَهْمًا، للأمِّ السُّدْسُ مِن ذلك، وقَدْرُه ثَلاثَةٌ وعِشْرُون سَهْمًا, وللأخْتِ الثُّلُثُ، وقَدْرُه سِتة وأرْبَعُون سهْمًا, وللبِنْتِ النِّصْفُ، وقَدْرُه تِسْعَة وسِتُّون سَهْمًا. واللهُ أعلمُ. وإنْ أرَدْتَ أنْ تُعْطِيَ المُوصَى له بمثلِ نَصِيبِ البِنْتِ وثُلُثِ ما يبقَى أوَّلا، أو المُوصَى له بمثلِ نَصِيبِ الأخْتِ ورُبْعِ ما يبْقَى، فافْعَلْ كما قُلْنا، يصِحَّ العَمَلُ معك، بخِلافِ طرِيقَةِ المُصَنِّفِ؛ فإنها لا تُعْمَلُ إلَّا على طريقه واحدَةٍ؛ وهي التي ذكَرَها، فأحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَ هذه الطرِيقَةَ لتُعْرَفَ، وليُقاسَ عليها ما شابَهَها؛ لاطِّرادِها. واللهُ المُوَفِّقُ. [واسْتَمَرَّينا على هذه الطرِيقَةِ مُدَّة طويلةً إلى سَنَةِ سَبْعٍ وسَبْعِين وثَمانِمائَةٍ، ثم سافَرْتُ إلى بَيتِ المَقْدِس للزِّيارَةِ، وكان فيها رجُلٌ مِنَ الأفاضِلِ المُحَرِّرين في الفَرائضِ والوَصايا، فسَألتُه عن هذه المَسْأَلةِ؟ فتَرَدَّدَ فيها، وذكَر لنا طريقَة حَسَنَةً مُوافِقَة لقَواعِدِ الفَرْضِيِّين، وكنتُ قبلَ ذلك قد كتَبْتُ الأولَى في التَّنْقيحِ، كما في الأصْلِ، فلَمَّا تحَرَّرَ عندَنا أنَّ الطَّريقَةَ التي قالها هذا الفاضِلُ أوْلَى وأصحُّ، أضْرَبْنا عن هذه التي في الأصْلِ، وأثْبَتْنا هذه، وهي المُعْتَمَدُ عليها. وقد تبَيَّنَ لي أن هذه الطَّريقَةَ، التي في الأصْلِ، غيرُ صحيحه, وإنَّما هي عمَلٌ؛ لتَصِحَّ قِسْمَتُها مُطْلَقًا، مِن غيرِ نظَر إلى ما يحْصُل لكلِّ واحدٍ، وقد كتَبْتُ عليها ما يُبَيِّنُ ضَعْفَها مِن صِحَّتِها في غيرِ هذا المَوْضِعِ، ويُعْرَفُ بالتَّأمُّل عِندَ النَّظَرِ، وأثْبَتُّ هذه الطريقَةَ، وضَرَبْتُ على أولَى التي في الأصْلِ هنا. فليُحَرَّرْ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: 1.

وَإنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، وَأوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أحَدِهِمْ إلا رُبْعَ الْمَالِ، فَخُذْ مَخْرَجَ الْكَسْرِ أرْبَعَةً، وَزِدْ عَلَيهِ رُبْعَهُ يَكُنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خَمْسَةً، فَهُوَ نَصِيبُ كُلِّ ابْن، وَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا، وَاضْرِبْهُ في مَخْرَجِ الْكَسْرِ، تَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ، أَعطِ الْمُوصَى لَهُ نَصِيبًا، وَهُوَ خَمْسَةٌ، واسْتَثْنِ مِنْهُ رُبْعَ الْمَالِ أرْبَعَةً، يَبْقَى لَهُ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَة. وَإنْ قَال: إلَّا رُبْعَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ. فَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ سَهْمًا وَرُبْعًا، وَاضْربهُ في الْمَخْرَجِ يَكُنْ سَبْعَةَ عَشَرَ، لَهُ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ. وَإنْ قَال: إلا رُبْعَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ. جَعَلْتَ الْمَخْرَجَ ثَلَاثَةً وَزِدْتَ عَلَيهِ وَاحِدًا، يَكُنْ أربَعَةً، فَهُوَ النَّصِيبُ، وَزِدْت عَلَى سِهَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْبَنِينِ سَهْمًا وَثُلُثًا وَضَرَبْتَهُ في ثَلَاثةٍ يَكُنْ ثَلَاثةَ عَشَرَ سَهْمًا، لَهُ سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْن أَربَعَةٌ. وَلَا يلِيقُ بِهَذَا الْكِتَابِ التَّطْويلُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب الموصى إليه

بَابُ الْمُوصَى إِلَيهِ تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِم إِلى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ عَدْلٍ، وإنْ كَانَ عَبْدًا أو مُرَاهِقًا أو امْرأَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُوصَى إليه فائدة: الدُّخولُ في الوَصِيَّةِ للقَوى عليها قُرْبَةٌ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): قِياسُ مذهبِه أنَّ تَرْكَ الدُّخولِ أوْلَى انتهى. قلتُ: وهو الصوابُ، لا سِيَّما في هذه الأزْمِنَةِ. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: تصِحُّ وَصِيَّةُ المُسْلِمِ إلى كُل مُسْلِم عاقِل عَدْلٍ. العَدْلَ ¬

(¬1) انظر المغني: 8/ 560.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العاجِزَ، إذا كان أمِينًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قطَع به أكثرُ الأصحابِ، وحكاه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ إجْماعًا، لكِنْ قيَّده صاحِبُ «الرِّعايَةِ» بطَرَيانِ العَجْزِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا تصِحُّ. واخْتارَ ابنُ عَقِيل إبْداله. وقال في «الكافِي»: للحاكِمِ إبْدالُه. قوله: وإنْ كان عَبْدًا. تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلى العَبْدِ، لكِنْ لا يُقْبَلُ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. ذكَرَه القاضي في «التَّعْليقِ»، ومَن بعدَه. وتصِحُّ إلى عَبْدِ نَفْسِه. قاله ابنُ حامِدٍ. وتابعَه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقطَع به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا مذهبُنا. قال في «الفُروع»: تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلى رَشِيدٍ عَدْلٍ، ولو رَقيقًا. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ يقتَضِي ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، يحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُ المُصَنِّفِ بالعَدْلِ العَدْلَ مُطْلَقًا؛ فيشْمَلُ مَسْتُورَ الحالِ. وهو المذهبُ. ويحْتَمِلُ أنْ يريدَ العَدْلَ ظاهِرًا وباطِنًا. وهو قَوْلٌ في «المُذْهَبِ». الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنَّفِ، عَدَمُ صِحَّةِ وَصِيَّةِ المُسْلِمِ إلى كافرٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر المَجْدُ في «شَرْحِه»، أن القاضِيَ ذكَر في «تَعْليقِه» ما يدُلُّ على أنَّه اخْتارَ صحَّةَ الوَصِيَّةِ، نقلَه الحارِثيُّ. قوله: أو مُراهِقًا. قطَع المُصَنفُ هنا بصِحَّةِ الوَصِيَّةِ إلى المُراهِقِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ صِحَّةُ الوَصِيَّةِ إلى المُمَيِّزِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». قال في «القواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: قال هذا كثير مِنَ الأصحابِ. قال الحارِثِيُّ: هو قَوْلُ أنْ أكثرِ الأصحابِ. وعنه، لا تصِحُّ إليه حتى يَبْلُغَ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشارِحُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. قال في «الوَجيزِ»: مُكَلَّفٌ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ. قال في «الكافِي»: وفي الوَصِيَّةِ إلى الصَّبِيِّ العاقِل وَجْهان. تنبيه: ظاهِرُ تَقْيِيدِ المُصَنِّفِ بالمُراهِقِ، أنَّها لا تصِحُّ إلى مُمَيِّز قبلَ أنْ يُراهِقَ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ» وغيرِها. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، تصِحُّ. قاله كثير مِنَ الأصحابِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ، كما تقدّم. ويأتِي، هل يصِحُّ أنْ يُوصِيَ إليه (¬1) عندَ بلُوغِه قبلَ أنْ يبْلُغَ وهو الوَصِيُّ المُنْتَظَرُ؟. فائدتان؛ إحْداهما، لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلى السَّفِيهِ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، تصِحُّ. الثَّانيةُ، لا نظَر لحاكِم مع وَصِيٍّ خاصٍّ، إذا كان كُفُؤًا في ذلك. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في مَن أوْصَى إليه بإخْراجِ حَجَّةٍ: أنَّ ولايةَ إخْراجِها والتَّعِيينَ للنَّاظِرِ الخاصِّ إجْماعًا، وإنَّما للوَلِي العامِّ الاعْتِراضُ؛ لعدَمِ أهْلِيَّته، أو فِعْلِه مُحَرَّمًا. قال في «الفُروعِ»: فظاهِرُه لا نظَرَ ولا ضَمَّ مع وَصِيٍّ مُتَّهَمٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ. وتقدَّم كلامُه في ناظِرِ الوَقفِ، في كتابِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا تَصِحُّ إِلَى غَيرِهِمْ. وَعَنْهُ، تَصِحُّ إِلَى الْفَاسِقِ وَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إِلَيهِ أمينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَقْفِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا كان الوَصِيُّ مُتَّهَمًا، لم تُخْرَجْ مِن يَدِه، ويُجْعَلُ معه آخَرُ. ونقَل يُوسُفُ بنُ مُوسى، إنْ كان الوَصِي مُتهَمًا، ضُمَّ إليه رجُلٌ يَرْضاه أهْلُ الوَقْفِ، يعْلَمُ ما جَرَى، ولا تُنْزَعُ الوَصِيَّةُ منه. ثم إنْ ضَمَّه بأُجْرَةٍ مِنَ الوَصِيَّةِ، تَوَجَّهَ جوازُه، ومِنَ الوَصِيِّ، فيه نظَرٌ، بخِلافِ ضَمِّه مع فاسِقٍ. قاله في «الفُروع». قوله: ولا تَصِحُّ إلى غيرِهما. قدَّم المُصَنِّفُ هنا أنَّها لا تصِحُّ إلى فاسقٍ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم، القاضي، وعامَّةُ أصحابِه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ، وابنُ

فَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، ثُمَّ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». ونَصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، تصِحُّ إلى الفاسقِ، ويضُمُّ إليه الحاكِمُ أمِينًا. قاله الخِرَقِيُّ، وابنُ أبي مُوسى. وقدَّمه في «الفُروع»، و «الفائقِ». وهذا مِن غيرِ الغالبِ الذي قدَّمه في «الفُروعِ». قال القاضي: هذه الروايَةُ مَحْمولَةٌ على مَن طَرَأ فِسْقُه بعدَ الوَصِيَّةِ. وقيل: تصِحُّ إلى الفاسقِ، إذا طَرَأ عليه، ويُضَمُّ إليه أمِينٌ. اختارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وعنه، تصِحُّ إليه مِن غيرِ ضَمِّ أمِينٍ. حَكاها أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه». قلت: وهو بعيدٌ جدًّا. قال في «الخُلاصةِ»: وتُشْتَرَطُ في الوَصِيِّ العَدالةُ. وعنه، يُضَمُّ إلى الفاسقِ أمِينٌ. ويأتِي، هل تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلى الكافرِ؟ في آخِرِ البابِ. قوله: وإنْ كانُوا على غيرِ هذه الصِّفاتِ، ثم وُجِدَت عندَ المَوْتِ، فهل تَصِحُّ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». اعلمْ أنَّ في هذه المَسْألةِ أوْجُهًا؛ أحدُها، يُشْتَرَطُ وُجودُ هذه الصِّفاتِ عندَ الوَصِيَّةِ والموْتِ، وما بينَهما. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايةِ»، وقوْلٌ «الفُروعِ»، ووَجْهٌ للقاضي في «المُجَرَّدِ». والثَّاني، يكْفِي وجودُها عندَ الموْتِ فقط. وهو أحدُ وَجْهَيِ المُصَنِّفِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». والثالثُ، يُعْتَبَرُ وُجودُها عندَ الموْتِ والوَصِيَّةِ فقط. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». ونصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «النَّظمِ»، و «الفُروع». ويحْتَمِلُه الوَجْهُ الثَّاني للمُصَنِّفِ. والرَّابعُ، يكْفِي وُجودُها عندَ الوَصِيَّةِ فقط. وهو احْتِمالٌ في «الرعايةِ»، وتخْريجٌ في «الفائقِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «تَجْريدِ العِنايةِ»، ويُضَمُّ إليه أمِينٌ. قال في «الرِّعايةِ»: ومَن كان أهْلًا عندَ مَوْتِ المُوصِي، لا عندَ الوَصِيَّةِ إليه، فوَجْهانِ، ومَن كان أهْلًا عنَد الوَصِيَّةِ إليه، فزالتْ عندَ موْتِ المُوصِي، بَطَلَتْ. قلتُ: ويحْتَمِلُ أنْ يُضَمَّ إليه أمِينٌ. فإنْ كان أهْلا عندَ الوَصِيَّةِ، ثم زالت، ثم عادَت عندَ الموتِ، صحَّت. وفيها احْتِمالٌ، كما لو زالتْ بعدَ الموْتِ ثم عادَتْ. انتهى.

وَإذَا أوْصَى إِلَى وَاحِدٍ وَبَعْدَهُ إِلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ، إلا أن يَقُولَ: قَدْ أخْرَجْتُ الْأوَّلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أوْصَى إلى واحِدٍ: وبعدَه إلى آخَرَ، فهما وَصِيَّان -نصَّ عليه- إلَّا أنْ يقُولَ: قَدْ أخْرَجْتُ الأوَّلَ -نصَّ عليه- وليس لأحدِهما الانْفِرادُ بالتصَرُّفِ، إلا أنْ يَجْعَلَ ذلك إليه. نصَّ عليه. وذكَر الحارِثِيُّ ما يدُلُّ على رِوايَةٍ بالجوازِ. وتقدَّم الكَلامُ فيما إذا جعَل النَظَرَ في الوَقْفِ لاثْنَين، أو كان لهما بأصْلِ

وَلَيسَ لأحَدِهِمَا الانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا أن يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الاسْتِحْقاق، في كتابِ الوَقْفِ، بعدَ قوْلِه: ويُرْجَعُ إلى شَرْطِ الواقفِ. وهذا يُشْبِهُ ذلك. [فائدة: لو وَصَّى إلى اثْنَين في التَّصَرُّفِ، وأُريدَ اجْتِماعُهما على ذلك، قال الحارِثِيُّ: مِنَ الفُقَهاءِ مَن قال: ليس المُرادُ مِنَ الاجْتِماعِ تَلَفظَهما بصِيَغِ العُقودِ، بلِ المُرادُ صُدورُه عن رأيِهما، ثم لا فَرْقَ بينَ أنْ يُباشِرَ أحدُهما، أو الغيرُ بإذْنِهما. ولم يُخالفِ الحارِثِيُّ هذا القائلَ. قلتُ: وهو الظاهِرُ، وأنَّه يكْفِي إذْنُ أحَدِهما الوَكِيلَ في صُدورِ العَقْدِ مع حُضورِ الآخَرِ، ورِضَاه بذلك. ولا يُشْتَرَطُ توْكِيلُ الاثْنَين، كما هو ظاهِرُ كلامِه الأوَّلِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ مَاتَ أحَدُهُمَا أقَامَ الْحَاكِمُ مُقَامَهُ أمينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ ماتَ أحدُهما أَقامَ الحاكِمُ مُقَامَهُ أمِينًا. وكذا لو وُجِدَ ما يُوجِبُ عَزْلَه، بلا نِزاعٍ. قال المُصَنِّفُ: أو غابَ. لكنْ لو ماتا، أو وُجِدَ منهما ما يُوجِبُ عَزْلَهما، ففي الاكْتِفاءِ بواحدٍ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِير». و «الزَّرْكَشِي». قال في «الفائقِ»: ولو ماتا، جازَ إقامَةُ واحدٍ، في أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإن وُجِدَ منهما ما يُوجِبُ عَزْلَهما، جازَ أنْ يُقِيمَ الحاكِمُ بدَلَهما واحِدًا، في الأصحِّ. وقال في «الرِّعايةِ الصغْرى»: وإنْ ماتا، جازَ أنْ يُقِيمَ الحاكِمُ واحِدًا، في الأصح. قال ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»: فإنْ تغَيَّرَ حالُهما، فلَه نَصْبُ واحِدٍ. وقيل: لا ينْصِبُ إلَّا اثْنَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: هذه الأحْكامُ المُتَقَدِّمةُ؛ إذا لم يجْعَلْ لكُلِّ واحدٍ منهما التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، فأمَّا إنْ جعَل لكُل واحدٍ منهما التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، كما صرَّح به المُصَنِّفُ، فماتَ أحدُهما، أو خرَج مِن أهْلِيَّةِ الوَصِيَّةِ، لم يكُنْ للحاكمِ أنْ يُقِيمَ مَقامَه، إلَّا أنْ يعْجَزَ عنِ التَّصَرُّفِ وحدَه. وإنْ ماتَا معًا، أو خرَجا مِنَ الوَصِيَّةِ، فللحاكِمِ أنْ يُقِيمَ واحدًا. ولو حدَث عجْزٌ؛ لضَعْفٍ، أو عِلَّةٍ، أو كَثْرَةِ عمَل، ونحوه، ولم يكُنْ لكُلِّ واحد منهما التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا، ضُمَّ أمِينٌ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال ابنُ رَزِين: ضُمَّ إليه أمِينٌ، ولم ينْعَزِلْ، إجْماعًا. وقيل: له ذلك. وأطْلَقَهما في «الفُروع».

وَكَذَلِكَ أَنْ فَسَقَ. وَعَنْهُ، يُضَمُّ إلَيهِ أَمِينٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلك إنْ فسَق. يعْنِي، أقامَ الحاكِمُ مقامَه أمِينًا، وينْعَزِلُ. فشَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ صُورتَين؛ إحْداهما، أنْ يكونَ وَصِيًّا مُنْفَرِدًا. الثَّانية، أنْ يكونَ مُضافًا إلى وَصِيٍّ آخَرَ. واعلمْ أنَّ هذا مَبْنِيٌّ على الصحيحِ مِنَ المذهبِ؛ مِن أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاسِقَ لا تصِحُّ الوَصِيَّةُ إليه، وينْعَزِلُ إذا طَرَأ عليه الفِسْقُ، كما تقدَّم التَّنبِيهُ عليه. وعنه، يُضَمُّ إليه أمِينٌ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، كما تقدَّم. وقيل: يُضَمُّ إليه هنا أمِينٌ، وإنْ أبْطَلْنا الوَصِيَّةَ إلى الفاسِقِ لطرَيانِه. اخْتارَه جماعة مِنَ الأصحابِ، كما تقدَّم. فوائد؛ لو وصَّى إليه، قبلَ أنْ يبْلُغ؛ ليَكونَ وَصِيًّا بعدَ بلُوغِه، أو حتى يحْضُرَ فُلانٌ، أو إنْ ماتَ فلان، ففُلانٌ وَصِيٌّ، صحَّ، ويصِيرُ الثَّاني وَصِيًّا عندَ الشرْطِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه الأصحابُ، ويُسَمَّى الوَصِيَّ المُنْتَظَرَ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: لو أوْصَى إلى المُرْشِدِ مِن أوْلادِه عندَ بلُوغِه، فإنَّ الوَصِيَّةَ تصِحُّ، ويُسَمَّى الوَصِيَّ المُنْتَظَرَ. انتهى. وكذا لو قال: أوْصَيتُ إليه سنَةً، ثم إلى فُلانٍ، للخَبَرِ الصَّحيحِ: «أمِيرُكُم زَيدٌ، فإنْ قُتِلَ، فَجَعْفَرٌ، فإن قُتِلَ، فعبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ». والوَصِيَّةُ كالتَّأْميرِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، لا. يعْنِي، ليستِ الوَصِيَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالتَّأميرِ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ اسْتِنابَةٌ بعدَ الموْتِ، فهي كالوَكالةِ في الحياةِ، ولهذا، هلِ للوَصِيِّ أنْ يُوصِيَ ويعْزِل مَن وَصَّى إليه؟ ولا تصِحُّ إلا في معْلُوم، وللوَصِي عزْلُه، وغيرُ ذلك، كالوَكِيلِ؛ فلهذا لا يُعارِض ذلك ما ذكَرَه القاضي وجماعة مِنَ الأصحابِ، إذا قال الخَلِيفةُ: الإمامُ بعدِي فُلان، فإنْ ماتَ، ففُلانٌ في حياتِي. أو: إذا تغَيَّر حالُه، فالخَلِيفَةُ فُلانٌ. صحَّ. وكذا في الثَّالثِ والرابعِ. وإنْ قال: فُلان وَلِيُّ عَهْدِي، فإنْ وَلِيَ ثم ماتَ، ففُلانٌ بعدَه. لم يصِحَّ للثَّاني. وعلَّلُوه بأنَّه إذا وَلِيَ، وصارَ إمامًا، حصَل التَّصَرُّفُ، وبَقِيَ النَّظَرُ والاخْتِيارُ إليه، فكان العَهْدُ إليه في مَن يراه. وفي التي قبلَها، جعَل العَهْدَ إلى غيرِه عندَ موْتِه، أو تغَيُّرِ صِفاتِه في الحالةِ التي لم يثْبُتْ للمَعْهودِ إليه إمامَةٌ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ هذا، أنَّه لو علَّق وَلِيُّ الأمْرِ ولايةَ حُكْم أو وَظِيفَةٍ بشَرْطِ شُغورِها، أو بَشْرطٍ، فوُجِدَ الشرْطُ بعدَ موْتِ وَلِيِّ الأمْرِ والقِيامِ مَقامَه، أنَّ ولايتَه تبْطُلُ، وأنَّ النَّظَرَ والاخْتِيارَ لمَن يقومُ مَقامَه. يُؤيِّدُه أنَّ الأصحابَ اعْتبَرُوا ولايةَ الحُكْمِ بالوَكالةِ في مَسائِلَ، وأنَّه لو علق عِتْقًا أو غيرَه بشَرْطٍ، بطَل بمَوْتِه. قالوا: لزَوالِ مِلْكِه،

وَيَصِحُّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَةِ في حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ. وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ. وَعَنْهُ، لَيسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فتبْطُلُ تصَرُّفاتُه. قال في «المُغْنِي» وغيرِه: ولأن إطْلاقَ الشَّرْطِ يقْتَضِي الحياةَ. انْتَهَى كلامُ صاحِبِ «الفُروعِ». وظاهِرُ كلامِه، صِحَّةُ ولايةِ الحُكْمِ والوَظَائفِ بشَرْطِ شُغورِها، أو بَشْرطٍ إذا وُجِدَ ذلك قبلَ موْتِ وَلِيِّ الأمْرِ. وهو ظاهِرُ كلامِه. قوله: ويصِحُّ قَبُولُه للوَصِيَّةِ في حَياةِ المُوصِي وبعدَ مَوْتِه. بلا نِزاعٍ. وتقدَّم صِفَةُ الإيجابِ والقبُولِ. قوله: وله عَزْلُ نَفْسِه متى شاءَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «القاعِدَةِ السِّتين»: أطْلَقَ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّ له الرَّدَّ بعدَ القَبُولِ، في حياةِ المُوصِي وبعدَه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي»،

وَلِلْمُوصِى عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ. وَلَيسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيهِ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ الحارِثيِّ»، ونصَرَه. وقيل: له ذلك إنْ وجَد حاكِمًا، وإلَّا فلا. ونقَلَه الأثْرَمُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، ليس له ذلك بعدَ مَوْتِه بحالٍ ولا قبلَه، إذا لم يُعْلِمْه بذلك. وعنه، ليس له ذلك بعدَ مَوْتِه. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى. قاله في «الفروعِ». قال في «القَواعِدِ»: وحكَى ابنُ أبي مُوسى رِوايَةً، ليس له الرَّدُّ بحالٍ، إذا قَبِلَها. ومِنَ الأصحابِ مَن حمَلَها على ما بعدَ الموْتِ. وحكاهما القاضي في «خِلافِه» صرِيحًا في الحالين. قوله: وليس للوَصِيِّ أنْ يُوصِيَ إلَّا أنْ يَجْعَل ذلك إليه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال الشارِحُ: وهو الظَّاهِرُ مِن قوْلِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه. قال الحارِثِي: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وهو أصحُّ. انتهى. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: أشْهَرُهما عدَمُ الجوازِ. قال الحارِثِيُّ: لو غَلَبَ على الظنِّ أنَّ القاضِيَ يُسْنِدُ إلى مَن ليس أهْلًا، أو أنَّه ظالِمٌ، اتَّجَه جَوازُ الإيصاءِ، قوْلًا واحدًا، بل يجِبُ؛ لما فيه مِن حِفْظِ الأمانَةِ، وصَوْنِ المالِ عنِ التَّلَفِ والضَّياعِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، له ذلك. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». ويكونُ الثَّانِي وَصِيًّا لهما. قاله جماعةٌ، منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ». قال الحارِثِيُّ: وهو مُشْكِلٌ. وقال القاضي: يكونُ الثانِي وَصِيًّا عنِ الأوَّلِ؛ فلو طَرَأ للأوَّلِ ما يُخْرِجُه عن الأهْلِيَّةِ، انْعَزَلَ الثاني؛ لأنَّه فَرْعُه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الدَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ»، في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والسِّتِّين». قال في «الرَّعايةِ الكُبْرى»: فإن أطَلَقَ، فرِوايَتَان. وقيل: فيما يتَوَلَّاه مثلُه. وقال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: وإنْ أطْلَقَ، فرِويَتان فيما يتَوَلَّاه مثلُه. فاخْتلَفَ نقْلُه في محَلِّ الرِّوايتَين. ويأْتِي في أرْكانِ النَّكاحِ، هل للوَصي في النِّكاحِ أنْ يُوصِيَ به؟ فائدة: إنْ نَهاه المُوصِي عن الإِيصاءِ، لم يكُنْ له أنْ يُوصيَ، وله أنْ يُوصِيَ إلى غيرِه بإذْنِه فيما وَصَّاه به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ليس له ذلك. وقيل: إنْ أذِنَ له في الوَصِيَّةِ إلى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، جازَ، وإلَّا فلا. وأمَّا جوازُ تَوْكيلِ الوَصِيِّ، فقد تقدَّم في كلامِ المُصنِّفِ، في بابِ الوَكالةِ.

وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ؛ كَقَضَاءِ الدَّينِ، وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَالنَّظَرِ فِي أمْرِ الْأطْفَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شمِلَ قوْلُه: ولا تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلّا في مَعْلُومٍ يمْلِكُ المُوصِي فِعْلَه. الإيصاءَ بتَزْويجِ مُولِيَتِه، ولو كانتْ صغيرةً. وهو صحيحٌ، وله إجْبارُها، كالأبِ على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذلك على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ، والخِلافِ فيه. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»، بعدَ ذِكْرِ الخِلافِ في الوَصِيَّةِ بالنِّكاحِ: وعلى هذا، تصِحُّ الوَصِيَّةُ بالخِلافَةِ مِنَ الإِمامِ. وبه قال الإِمامُ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَه اللهُ. قلتُ: وقطَع به الحارِثِيُّ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهٌ آخَرُ: ظاهِرُ قوْلِه: والنَّظَرِ في أمْرِ الأطْفالِ. أنَّه لا يصِحُّ أن يجْعَلَه وَصِيًّا على البالِغِ الرَّشيدِ مِن أوْلادِه (¬1) وغيرِهم مِنَ الوُرَّاثِ. رهو صحِيحٌ. وكذا لا يصِحُّ الإِيصاءُ إليه باسْتِيفاءِ دَينِه مع بلُوغِ الوارِثِ ورُشْدِه، ولو مع غيبَتِه. ومفْهومُ قوْلِه: يمْلِكُ المُوصِي فِعْلَه. أنَّه لا يصِحُّ الإِيصاءُ بما لا يمْلِكُ فِعْلَه. وهو صحيحٌ. ¬

(¬1) في الأصل: «أولادهم».

وَإِذَا أَوْصَى إِلَيهِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا تَصِحُّ وَصِيَّةُ المَرْأةِ بالنَّظَرِ في حقِّ أوْلادَها الأصاغِرِ، ونحوُ ذلك. قاله في «الوَجيزِ» وغيرِه.

وَإِذَا أَوْصَى إِلَيهِ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ فَأَبَى الْوَرَثَةُ إِخْرَاجَ ثُلُثِ مَا فِي أَيدِيهِمْ، أَخْرَجَهُ كَلَّهُ مِمَّا فِي يَدِهِ. وَعَنْهُ؛ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ وَيَحْبِسُ بَاقِيَهُ حَتَّى يُخْرِجُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أَوْصَى بتَفْرِيقِ ثُلُثِه فأبَى الوَرَثَةُ إِخراجَ ثُلُثِ ما في أيدِيهم -وكذا لو جحَدُوا ما في أيدِيهم- أخْرَجَه كُلَّه ممَّا في يَدِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعنه، يُخْرِجُ ثُلُثَ ما في يَدِه، ويحْبِسُ باقِيَه؛ ليُخْرِجُوا ثُلُثَ ما معهم. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وذكَر أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، أنَّه لا يحْبِسُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الباقِيَ، بل يُسَلِّمُه إليهم، ويُطالِبُهم بثُلُثِ ما في أيدِيهم. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: ويُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوايتَين الأُولتَين على اخْتِلافِ حالينِ؛ فالأُولَى مَحْمَولَةٌ على ما إذا كان المالُ جِنْسًا واحِدًا، والثَّانيةُ مَحْمَولَةٌ على ما إذا كان المالُ أجْناسًا، فإنَّ الوَصِيَّةَ تتعَلَّقُ بثُلُثِ كُلِّ جنْسٍ. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: إنْ كانتِ التَّرِكَةُ جِنْسًا واحِدًا، أَخْرَجَ الثُّلُثَ كلَّه ممَّا معه، وإلَّا أَخْرَجَ ثُلُثَه فقط. فائدة: لو ظهَر دَينٌ يسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ، أو جَهِلَ مُوصًى له، فتصَدَّقَ بجميعِ الثُّلُثِ هو أو حاكِمٌ، ثم ثبَت ذلك، لم يضْمَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: بل يرْجِعُ به لوَفاءِ الدَّينِ. وعنه، يضْمَنُ.

وَإنْ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَينٍ مُعَيَّنٍ فَأَبَى ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، قَضَاهُ بِغَيرِ عِلْمِهِمْ. وَعَنْهُ، فِي مَنْ عَلَيهِ دَينٌ لِمَيِّتٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَينٌ، أَنَّهُ يَقْضِي دَينَ الْمَيِّتِ إِنْ لَمْ يَخَفْ تَبِعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَوْصاه بقَضَاءِ دَينٍ مُعَيَّنٍ، فأَبَى ذلك الوَرَثَةُ، قَضَاه بغيرِ عِلْمِهم. يعْنِي إذا جحَدُوا الدَّينَ، وتَعذَّرَ ثُبوتُه، أو أبَوُا الدَّفْعَ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وعنه، لا يقْضِيه بغيرِ عِلْمِهم إلَّا ببَيِّنَةٍ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال في «الرِّعايةِ» وغيرِه: وعنه، يقْضِيه إنْ أذِنَ له فيه حاكِمٌ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايَةِ»: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، في مَن عليه دَينٌ لمَيتٍ، وعلى المَيتِ دَينٌ، أنَّه يقْضِي دَينَ المَيتِ، إنْ لم يخَفْ تَبِعَةً. وهذه الرِّوايَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عامَّةٌ في المُوصَى إليه وغيرِه. فإنْ كان الذي عليه الدَّينُ غيرَ المُوصَى إليه، ويعْلَمُ أنَّ المَيتَ الذي له الدَّينُ عليه دَينٌ لآخَرَ، وجحَدَه الوَرَثَةُ، فقَضاه ممَّا عليه، ففيه ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، هذه. أعْنِي يقْضِيه إنْ لم يخَفْ تَبِعَةً. والثَّانيةُ، لا يقْضِيه، ولا يبْرَأُ بذلك. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثَّالثةُ، يَبْرَأُ الدَّافِعُ بالقَضاءِ باطِنًا. ووَهَّى هذه الرِّوايَةَ النَّاظِمُ. وأطْلَقَهُنَّ في «الفائقِ»، وأطْلَقَ الأخِيرَتَين في «الفُروعِ»، وقدم في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، جَوازَ قَضائِه مُطْلَقًا في الباطِنِ. فائدة: لو أقامَ الذي له الحَقُّ بَيِّنَةً شهِدَتْ بحَقِّه، فهل يلْزَمُ المُوصَى إليه الدَّفْعُ إليه بلا حُضُورِ حاكِمٍ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». لكِنْ جعْلَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في جَوازِ الدَّفْعِ، لا في لُزومِ الدَّفْعِ. قال ابنُ أبي المَجْدِ، في مُصَنَّفِه: لَزِمَه قَضاؤُه بدُونِ حُضورِ حاكِمٍ، على الأصحِّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينِ في «شَرْحِه». فائدة: يجوزُ لمَن عليه دَينٌ لمَيِّتٍ، أنْ يدْفَعَ إلى مَن أوْصى له به، إذا كان مُعَيَّنًا، وإنْ شاءَ دَفَعَه إلى وَصِيِّ المَيتِ؛ ليدْفَعَه إلى المُوصَى له به. وهو أوْلَى. فإنْ لم يُوصِ به، ولا بقَبْضِه عَينًا، لم يبْرَأْ إلا بدَفْعِه إلى المُوصَى إليه والوارِثِ معًا.

وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ إِلَى الْمُسْلِمِ، وَإلَى مَنْ كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: أو المُوصَى إليه بقَبْضِ حقوقِه (¬1). وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايةِ». وإنْ صرَف أجْنَبِيٌّ المُوصَى به لمُعَيَّنٍ، وقيل: أو لغيرِه، في جهَتِه، لم يضْمَنْه، وإنْ وَصَّاه بإعْطاءِ مُدَّعٍ دَينًا بيَمِينِه، نفَذَه مِن رَأْسِ مالِه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. ونقَل ابنُ هانِئٍ، ببَيِّنَةٍ. ونقلَه عَبْدُ اللهِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ أيضًا، يُقْبَلُ مع صِدْقِ المُدَّعِي. تنبيه: قوْلُه: وتصِحُّ وَصِيَّةُ الكافِرِ إلى مُسْلِمٍ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ بشَرْطِ أنْ لا يكونَ في تَرِكَتِه خَمْرٌ ولا خِنْزِيرٌ. قوله: وإلى مَن كان عَدْلًا فِي دِينِه. يعْنِي، أنَّ وَصِيَّةَ الكافِرِ إلى كافرٍ تصِحُّ، إذا كان عَدْلًا في دِينِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِيِّ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وابنُ رَزِينٍ ¬

(¬1) بياض في الأصل.

وَإِذَا قَال: ضَعْ ثُلُثِي حَيثُ شِئْتَ. أَوْ: أعْطِهِ مَنْ شِئْتَ. لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا دَفْعُهُ إِلَى وَلَدِهِ. وَيَحْتَمِل جَوَازُ ذَلِكَ؛ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «شَرْحِه». قال الحارِثِيُّ: الأظهرُ الصِّحَّةُ. واخْتارَه القاضي. قال المَجْدُ: وَجَدْتُه بخَطِّه. وقيل: لا تصِحُّ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا تصِحُّ الوَصِيَّةُ إلى كافرٍ. قال في «المُذْهَبِ»: ولا تصِحُّ إلَّا إلى مُسْلِمٍ. وكذا هو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُصولِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وظاهِرُ كلامِ المَجْدِ وجماعةٍ، أنَّه لو كان غيرَ عَدْلٍ في دِينِه، أنَّ فيه الخِلافَ الذي في المُسْلِمِ. قوله: وإذا قال: ضَعْ ثُلُثِي حيث شِئْتَ. أو: أَعْطِه مَن شِئْتَ. لم يجُزْ له أخْذُه، وَلا دَفْعُه إلى وَلَدِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال: اخْتارَه الأكْثَرون في الوَلَدِ. ويحْتَمِلُ جوازَ ذلك؛ لتَناوُلِ اللَّفْظِ له، [ويَحْتَمِلُ جوازَ ذلك مع القَرِينَةِ فقط. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، جوازَ دَفْعِه إلى وَلَدِه] (¬1). قال الحارِثِيُّ: وهو المذَهبُ. والصَّحيحُ مِنَ المذَهبِ أنَّه لا يجوزُ. قال في «المُحَرَّرِ»: ومَنَعَه أصحابُنا. تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: لم يجُزْ له أخْذُه ولا دَفْعُه إلى وَلَدِه. جوازُ أخْذِ والِدِه وأقارِبِه الوارِثين؛ سواءٌ كانُوا أغْنِياءَ أو فُقَراءَ. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ. قال الحارِثِيُّ: وهو المذهبُ. والصَّحيحُ مِنَ المذَهبِ، أنَّه لا يجوزُ دفْعُه إليهم. نصَّ عليه، كولَدِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّه [لا يجوزُ دفْعُه إلى ابْنِه فقط. وذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّه] (¬2) لا يُعْطِي الوَلَدَ ولا الوالِدَ؛ منهم صاحِبُ «النَّظْمِ». وذكَر ابنُ رَزِينٍ في مَنْعِ مَن يمُونُه وَجْهًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

وَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى بَيعِ بَعْضِ الْعَقَارِ لِقَضَاءِ دَينِ الْمَيِّتِ، أَوْ حَاجَةِ الصِّغَارِ، وَفِي بَيعِ بَعْضِهِ نَقْصٌ، فَلَهُ الْبَيعُ عَلَى الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيسَ لَهُ الْبَيعُ عَلَى الْكِبَارِ، وَهُوَ أَقْيَسُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفائقِ»: وليس له دَفْعُه إلى وَرَثَةِ المُوصِي. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ». ونصَّ عليه، في رِوايَةِ أبي الصَّقْرِ، وأبي داودَ. وقاله الحارِثِيُّ. قوله: وإنْ دَعَتِ الحاجَةُ إلى بَيعِ بعضِ العَقارِ لقَضاءِ دَينِ المَيِّتِ أو حاجَةِ الصِّغارِ، وفي بَيعِ بعضِه نَقْصٌ، فله البَيعُ على الكِبارِ والصِّغارِ. يعْنِي، إذا امْتَنَعَ الكِبارُ مِنَ البَيعِ، أو كانوا غائِبِين. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ الحارِثِيِّ». قال في «الفائقِ»: والمَنْصوصُ الإِجْبارُ على بَيعٍ غيرِ قابلٍ للقِسْمَةِ، إذا حصَل ببَيعِ بعضِه نَقْصٌ، ولو كان الكُلُّ كِبارًا، وامْتَنَعَ البعضُ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ، وذكَرَه في «الشَّافِي». واخْتارَه شيخُنا؛ لتعَلُّقِ الحقِّ بنِصْفِ القِيمَةِ للشَّريكِ، لا بقِيمَةِ النِّصْفِ. انْتَهَى كلامُ صاحِبِ «الفائقِ». ويحْتَمِلُ أنَّه ليس له البَيعُ على الكِبارِ. وهو أقْيَسُ. فاخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه لا يُزالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ. وقيل: يبِيعُ بقَدْرِ حِصَّةِ الصِّغارِ، وقَدْرِ الدَّينِ والوَصِيَّةِ، إنْ كانتْ. وقال في «الرِّعايةِ»: قلتُ: إنْ قُلْنا: التَّرِكَةُ لا تنْتَقِلُ إليهم مع الدَّينِ. جازَ بَيعُه للدَّينِ والوَصِيَّةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو كان الكُلُّ كِبارًا، وعلى المَيِّتِ دَينٌ، أو وَصِيَّةٌ، باعَه المُوصَى إليه، إذا أبَوْا بَيعَه، وكذا لو امْتَنَعَ البعضُ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ. وتقدَّم ذلك في كلامِ صاحبِ «الفائقِ». الثَّانيةُ، لو ماتَ شَخْصٌ بمَكانٍ لا حاكِمَ فيه، ولا وَصِيَّ، جازَ لمُسْلِمٍ ممَّن حضَرَه، أنْ يحوزَ تَرِكَتَه، ويعْمَلَ الأصْلَحَ فيها مِن بَيعٍ وغيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: لا يَبِيعُ الإِماءَ. ذكَرَه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: يبِيعُ ما يخافُ فَسادَه، والحَيوانَ، ولا يبيعُ رقيقَه إلَّا حاكِمٌ. وعنه، يلِي بَيعَ جَوارِيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاكِمٌ، إنْ تَعَذَّرَ نقْلُها إلى وَرَثَتِه، أو مُكاتَبَتُهم؛ ليَحْضُروا ويأْخُذُوها. انتهى. ويُكَفِّنُه مِنَ التَّرِكَةِ، إنْ كانتْ، ولم تَتَعَذَّرْ، وإلَّا كفَّنَه مِن عندِه، ورجَع على التَّرِكَةِ، إنْ كانتْ، وإلَّا على مَن تلْزَمُه نَفَقَتُه، إنْ نوَى الرُّجوعَ، ولم يُوجَدْ حاكِمٌ، فإنْ تعَذَّرَ إذْنُه، أو أبَى الإِذْنَ، رجَع. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: فيه وَجْهان، كإمْكانِه ولم يسْتَأْذِنْه، ولم ينو، مع إذْنِه.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الفرائض

بِسْمِ الله الرحمن الرحيم كِتَابُ الْفَرَائِضِ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَوَارِيثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الفرائضِ فائدة: الفَرائضُ جَمْعُ فَريضَةٍ، وهي في الأصْلِ اسمُ مَصْدَرٍ، والاسْمُ الفَرِيضَةُ، وتُسَمَّى قِسْمَةُ المَوارِيثِ فرائِضَ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهي قِسْمَةُ المَوارِيثِ. وقال في «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»: هي العِلْمُ بقِسْمَةِ المَواريثِ. فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ في كلامِ المُصَنِّفِ هنا حَذْفٌ، ليُوافِقَ ما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: هي مَعْرِفَةُ الوَرَثَةِ وسِهامِهم، وقِسْمَةُ

وَأَسْبَابُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ؛ رَحِمٌ، وَنِكَاحٌ، وَوَلَاءٌ، لَا غَيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرِكَةِ بينَهم. وقال في «الصُّغْرَى»: هي قِسْمَةُ الإِرْثِ. وقلتُ: معْرِفةُ الوَرَثَةِ وحُقوقِهم مِنَ التَّرِكَةِ. قوله: وأسْبابُ التَّوارُثِ ثَلاثةٌ؛ رَحِمٌ؛ ونِكاحٌ، ووَلاءٌ. فالرَّحِمُ القَرابَةُ. والنِّكاحُ عَقْدُه، وإنْ عَرِيَ عنِ الوَطْءِ. والوَلاءُ نِعْمَةُ السَّيِّدِ على رَقيقِه بعِتْقِه، فيَصِيرُ بذلك وارِثًا مَوْرُوثًا. قال في «الرِّعايَةِ»: وأسْبابُ الإِرْثِ؛ نَسَبٌ خاصٌّ، ونِكاحٌ خاصٌّ، ووَلاءُ عِتْقٍ خاصٌّ، ونحوُه. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ أسْبابَ التَّوارُثِ ثَلاثَةٌ لا غيرُ، وأنَّه لا يَرِثُ ولا يُورَثُ بغيرِهم. نصَّ عليه، وعليه

وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْمُوَالاةِ، وَالْمُعَاقَدَةِ، وإسْلَامِهِ عَلَى يَدَيهِ، وَكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ. وَلَا عَمَلَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وعنه أنَّه يثْبُتُ بالمُوالاةِ والمعاقَدَةِ وإسْلامِه على يدِه وكَوْنِهما مِن أهل الدِّيوانِ. ولا عَمَلَ عليه. زادَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الرِّوايَةِ، والْتِقاطِ الطِّفْلِ. واخْتارَ أنَّ هؤلاءِ كلَّهم يرِثُون عندَ عدَمِ الرَّحِمِ والنِّكاحِ والوَلاءِ. واخْتارَه في «الفائقِ» أيضًا. وقيل: يَرِثُ عَبْدٌ سيِّدَه عندَ عدَمِ الوارِثِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ. وقال في «السِّياسَةِ الشَّرْعِيَّةِ»: ووَرَّثَ بعضُ أصحابِنا المَوْلَى مِن أَسْفَلَ مِن مُعْتِقِه. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، أنَّ أحمدَ سُئِلَ عن ذلك، فقال: لا أدْرِي. ويأْتِي في أوَّلِ بابِ المُعْتَقِ بعضُه، رِوايَةٌ بإرْثِ العَبْدِ مِن قَرِيبِه عندَ عدَمِ الوارِثِ، وقَوْلٌ بإرْثِ المُكاتَبِ مِن عَتِيقِه في صُورَةٍ. فائدة: المُوالاةُ؛ هي المُؤاخاةُ. والمُعاقَدَةُ؛ هي المُحالفَةُ.

وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنَ الذُّكُورِ عَشَرَةٌ؛ الابْنُ، وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، وَالْأَبُ، وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَخُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَابْنُ الْأَخِ إلا مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ، وَابْنُهُ كَذَلِكَ، وَالزَّوْجُ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ. وَمِنَ الْإِنَاثِ سَبْعٌ؛ الْبِنْتُ، وَبِنْتُ الابْنِ، وَالْأُمُّ، وَالْجَدَّةُ، وَالْأُخْتُ، وَالْمَرْأَةُ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالْوُرَّاثُ ثَلَاثَةٌ؛ ذُو فَرْضٍ، وَعَصَبَاتٌ، وَذُو رَحِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والوُرَّاثُ ثلَاثَةٌ؛ ذو فَرْضٍ، وعَصَباتٌ -بلا نِزاعٍ- وذو رَحِمٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يرِثُ ذَوُو الأرْحَامِ. ويأْتِي ذلك في بابِه.

باب ميراث ذوي الفروض

بَابُ مِيرَاثِ ذَوي الْفُرُوضِ وَهُمْ عَشَرَةٌ؛ الزَّوْجَانِ، وَالْأَبَوَانِ، وَالْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ، وَالْبِنْتُ، وَبِنْتُ الابْنِ، وَالْأُخْتُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَالْأَخُ مِنَ الْأُمِّ. فَلِلزَّوْجِ الرُّبْعُ إِذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، وَالنِّصْفُ مَعَ عَدَمِهِمَا. وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ إِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، والرُّبْعُ مَعَ عَدَمِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ ذَوي الفُروضِ فائدتان؛ إحْداهما، قوْلُه في عدَدِهم: والأخُ مِن الأُمِّ. قال في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»: وقد يُعَصِّبُ أُخْتَه مِن غيرِ أبِيه بمَوْتِ أُمِّه عنهما. قلتُ: في هذا نظَرٌ ظاهِرٌ، فإنَّ الأُمَّ إذا ماتَتْ عنهما لايرِثان منها إلَّا بكَوْنِهما أوْلادًا، لا بكَوْنِ أحَدِهما أخَ الآخَرِ لأُمِّه، غايَتُه أنَّهما أخٌ وأُخْتٌ كلُّ واحدٍ منهما مِن أبٍ، والإِرْثُ مِنَ الأُمِّ، وهي واحِدةٌ، والتَّعْصِيبُ إنَّما حصَل لكَوْنِهم [أوْلادًا، لا لكَوْنِهم] (¬1) إخْوَةً لأُمٍّ. فعلى ما قالا، يُعايَى بها. الثَّانيةُ، قولُه: فللزَّوْجِ الرُّبْعُ إذا كان لها وَلَدٌ، أو وَلَدُ ابنٍ، والنِّصْفُ مع عَدَمِهما. وللمَرْأَةِ الثُّمْنُ إذا كان له وَلَدٌ، أو وَلَدُ ابنٍ، والرُّبْعُ مع عَدَمِهما. وهذا بلا نِزاعٍ، ولكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَ النِّكاحُ صحيحًا، ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَصْلٌ: وَلِلْأَبِ ثَلَاثةُ أَحْوَالٍ؛ حَالٌ يَرِثُ فِيهَا السُّدْسَ بِالْفَرْضَ، وَهِيَ مَعَ ذُكُورِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الابْنِ. وَحَالٌ يَرِث فِيهَا بِالتَّعْصِيبِ، وَهِيَ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ أوْ وَلَدِ الابْنِ. وَحَالٌ يَجْتَمِعُ لَهُ الْفَرْضُ وَالتَّعْصِيبُ، وَهِيَ مَعَ إِنَاثِ الْوَلَدِ أوْ وَلَدِ الابْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو كان فاسِدًا فلا تَوارُثَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ وجَعْفَرِ بنِ محمدٍ، وتوَقَّفَ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وأمَّا إذا كان باطلًا، فلا تَوارُثَ. بلا نِزاعٍ.

فَصْلٌ: وَلِلْجَدِّ هَذِهِ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَحَالٌ رَابعٌ، وَهِيَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ مِنَ الْأَبَوَينِ أَو الْأَبِ، فَإِنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ كَأَخٍ، إلا أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ خَيرًا لَهُ فَيَأْخُذَهُ، وَالْبَاقِي لَهُمْ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللجَدِّ حالٌ رابعٌ، وهو مع الإِخْوَةِ والأخَواتِ مِنَ الأبَوَين أو الأبِ، فإنَّه يُقاسِمُهم كأخٍ. هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، مِن أنَّ الجَدَّ لا يُسْقِطُ

ذُو فَرْضٍ أخَذَ فَرْضَهُ، ثُمَّ لِلْجَدِّ الْأَحَظُّ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ كَأَخٍ أَوْ ثُلُثِ الْبَاقِي أَوْ سُدْسِ جَمِيعِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِخْوَةَ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، وعليه التَّفْريعُ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسْقِطُ الجَدُّ الإِخْوَةَ. اخْتارَه ابنُ بَطَّةَ. قاله في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ (¬1) والخَمْسِين بعدَ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «الثانية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِائَةِ»، وأبو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ، والآجُرِّيُّ، وذكَرَه ابنُ الجَوْزِيِّ عن أبِي حَفْصٍ العُكْبَرِيِّ أيضًا، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وحديثُ: «أفْرَضُكم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَيدٌ» (¬1). ضعَّفَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ: الآجُرِّيُّ مِن أعْيانِ أعْيانِ أصحابِنا. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في: باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت. . . .، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي 13/ 201، 202. والإمام أحمد في: المسند 3/ 281.

فَإنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنِ الْفَرْضِ إلا السُّدْسُ فَهُوَ لَهُ، وَسَقَطَ مَنْ مَعَهُ مِنْهُمْ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدِّ السُّدْسُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، ثمَّ يُقْسَمُ نِصْفُ الْأُخْتِ وَسُدْسُ الْجَدِّ بَينَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا تَكُنْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يفْضُلْ عنِ الفَرْضِ إلَّا السُّدْسُ، فهو له، وسقَط مَن معه منهم، إلَّا في الأكْدَرِيَّةِ. تَسْتَحِقُّ الأخْتُ في الأكْدَرِيَّةِ جُزْءًا مِنَ التَّرِكَةِ، وقَدْرُه أرْبعَةُ أسْهُمٍ مِن سَبْعَةٍ وعِشْرِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تَرِثُ الأُخْتُ مع الجَدِّ فيها، فتسْقُطُ، كما لو كان

لِلزَّوْجِ تِسْعَة، وَلِلأمِّ سِتّة، وَلِلْجَد ثَمَانِيَة، وَلِلأخْتِ أرْبَعَة، وَلَا يَعُولُ مِنْ مَسَائِلِ الْجَد غَيرُهَا، وَلَا يُفْرَضُ لأخْتٍ مَعَ جَدٍّ إلَّا فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَكانَها أخٌ. فائدة: سُمِّيَتْ «أكْدَرِيَّةً»؛ لتَكْدِيرِها أصُولَ زَيدٍ في الجَدِّ، في الأشْهَرِ عنه. وقيل: لأنَّ عبدَ المَلِكِ بنَ مَرْوانَ سأل عنها رَجُلًا اسْمُه الأكْدَرُ، فنُسِبَتْ إليه. وقيل: سُمِّيَتْ أكْدَرِيَّةً باسْمِ السَّائلِ عنها. وقيل: باسمِ المَيِّتةِ. وقيل: لأنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَيدًا كَدَّر على الأُختِ مِيراثَها. وقيل: لتكدُّرِ أقوالِ الصحابَةِ فيها، وكَثْرَةِ اخْتِلافِهم.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زَوْجٌ، فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ بَينَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، وَتُسَمَّى الْخَرْقَاءَ، لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ لم يَكُنْ فيها زَوْجٌ، سُمِّيَتِ الخَرْقاءَ؛ لكَثْرَةِ اخْتِلافِ الصَّحابَةِ فيها، فكأنَّ أقوالهم خَرقَتْها. وجُمْلَةُ الأقْوالِ فيها سَبْعَةٌ، ولهذا تُسَمَّى المُسَبَّعةَ، وترْجِعُ إلى سِتَّةٍ؛ ولهذا تُسَمَّى المُسَدَّسَةَ. واخْتلَفَ فيها خَمْسَةٌ مِنَ الصَّحابةِ؛ عُثْمانُ، وعَلِيٌّ، وابنُ مَسْعودٍ، وزَيدٌ، وابنُ عبَّاسٍ على خَمْسَةِ

وَوَلَدُ الْأبِ كَوَلَدِ الْأبَوَينِ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ إِذَا انْفَرَدُوا، فَإِنِ اجْتَمَعُوا، عَادَّ وَلَدُ الْأَبَوَينِ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ، ثُمَّ أَخَذُوا مِنْهُمْ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ أقْوالٍ؛ ولهذا تُسَمَّى المُخَمَّسَةَ. وتُسَمَّى المُرَبَّعَةَ؛ لأنَّ ابنَ مَسْعُودٍ جعَل للأُخْتِ النِّصْف، والباقي بينَ الجَدِّ والأُمِّ نِصْفان، وتصِحُّ مِن أرْبَعَةٍ. وتُسَمَّى المُثَلَّثَةَ، والعُثْمانِيَّةَ أيضًا؛ لأنَّ عُثْمانَ قسَمَها على ثلاثَةٍ. وتُسَمَّى أيضًا الشَّعْبِيَّةَ، والحَجَّاجِيَّةَ، لأنَّ الحَجَّاجَ سألَ عنها الشَّعْبِيَّ امْتِحانًا، فأَصابَ، فعَفا عنه. فائدة: لو عُدِمَ الجَدُّ مِنَ الأكْدَرِيَّةِ، سُمِّيَتِ المُباهَلَةَ؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ لمَّا سُئِلَ عنها لم يعْلَمْها، وقال: مَن شاءَ باهَلْتُه. فسُمِّيَتِ المُباهَلَةَ لذلك. وتأْتِي قِصَّتُها في أوَّلِ بابِ أُصولِ المَسائلِ.

حَصَلَ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إلا أنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأبَوَينِ أُخْتًا وَاحِدَةً، فَتَأْخُذَ تَمَامَ النِّصْفِ، وَمَا فَضَلَ لَهُمْ. وَلَا يَتَّفِقُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا فَرْضٌ غَيرُ السُّدْسِ. فَإِذَا كَانَ جَدٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَينِ وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ، فَالْمَالُ بَينَهُمْ عَلَى أرْبَعَةٍ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ، ثُمَّ رَجَعَتِ الْأُخْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنْ كان جَدٌّ، وأُخْتٌ مِن أبَوَين، وأُخْتٌ مِن أبٍ، فالمالُ بينَهم على أرْبَعَةٍ؛ للجَدِّ سَهْمان، ولِكلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ، ثم رجَعَتِ الأُخْتُ مِنَ الأبَوَين فأخَذَتْ ما في يَدِ أُخْتِها كلَّه. فيُعايَى بها. فيقالُ: امْرأَةٌ حُبْلَى جاءَتْ إلى قَوْمٍ،

مِنَ الْأَبَوَينِ، فَأَخذَتْ مَا فِي يَدِ أُخْتِهَا كُلَّهُ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَخٌ مِنْ أَبٍ، فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ، وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ، يَبْقَى لِلْأَخِ وَأُخْتِهِ السُّدْسُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُمٌّ فَلَهَا السُّدْسُ، وَلِلْجَدِّ ثُلُث الْبَاقِي، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لَهُمْ، وَتَصِحُّ مِنْ أَربَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَتُسَمَّى مُختَصَرَةَ زَيدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقالتْ للوَرَثَةِ: لا تعْجَلُوا، إنْ أَلِدْ أُنْثَى، لم تَرِثْ، وإنْ أَلِدْ أُنْثَيَين أو ذكَرًا، وَرِثَ العُشْرَ فقط، وإنْ أَلِدْ ذكَرَين، وَرِثا السُّدْسَ. فهي أمُّ الأُخْتِ مِنَ الأبِ، في هذه المَسْألَةِ.

فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَخٌ آخَرُ صَحَّتْ مِنْ تِسْعِينَ، وَتُسَمَّى تِسْعِينِيَّةَ زَيدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أحْوَالٍ؛ حَالٌ لَهَا السُّدْسُ، وَهِيَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الابْنِ أَو اثْنَينِ مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ. وَحَالٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللأُمِّ أرْبَعَةُ أحْوالٍ؛ حالٌ لها السُّدْسُ، وهو مع وُجودِ الوَلَدِ، أو وَلَدِ الابْنَ، أو اثْنَين مِنَ الإِخْوَةِ والأخَواتِ. أمَّا مع وُجودِ الوَلَدِ، أو وَلَدِ الابْنِ، فإنَّ لها السُّدْسَ، بالنَّصِّ والإِجْماعِ. وأمَّا مع وُجودِ الاثْنَين مِنَ الإِخْوَةِ والأخَواتِ، فلها السُّدْسُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ؛

لَهَا الثُّلُثُ، وَهِيَ مَعَ عَدَمِ هَؤُلَاءِ. وَحَالٌ لَهَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَهِيَ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَينِ، وَامْرأَةٍ وَأَبَوَينِ، لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَينِ. وَحَالٌ رَابعٌ، وَهِيَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ، لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًى أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ نَفَاهُ، فَلَا يَرِثُهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِهِ، وَتَرِثُ أُمُّهُ وَذَوُو الْفَرْضِ مِنْهُ فُرُوضَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وسواءٌ كانوا مَحْجُوبِين، أو لا. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّ الإِخْوَةَ لا يحْجُبُون الأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إلى السُّدْسِ، إلَّا إذا كانُوا وارِثين معها، فإنْ كانوا مَحْجُوبين بالأبِ، وَرِثَتِ السُّدْسَ (¬1). فلها، في مثلِ أبوَين وأخَوَين، الثُّلُثُ عندَه. والأصحابُ على ¬

(¬1) كذا بالنسخ، ولعلها: «الثلث». وانظر: مجموع الفتاوى 31/ 343 - 345.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحالٌ لها ثُلُثُ ما بَقِيَ؛ وهي مع زَوْجٍ وأبَوَين، وامْرَأَةٍ وأبَوَينِ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وقد رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ أنَّه قال: ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُرْآنِ أنَّ لها الثُّلُثَ. وهو مذهبُ ابنِ عبَّاسٍ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1): والحُجَّةُ معه، لوْلا إجْماعُ الصَّحابَةِ. انتهى. وهاتان المَسْألَتان تُسَمَّيان العُمَرِيَّتَين. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وحالٌ رابعٌ؛ وهي إذا لم يَكُنْ لوَلَدِها أبٌ؛ لكَوْنِه وَلَدَ زِنًى أو مَنْفِيًّا بلِعانٍ، فإنَّه ينْقَطِعُ تَعْصِيبُه مِن جِهَةِ مَن نَفاه. لأنَّه لا ينْقَطِعُ تعْصيبُه مِن غيرِ جِهَةِ مَن نَفاه؛ مثلَ أنْ تَلِدَ توْأَمَين، فيَرِثَ أحدُهما مِنَ الآخَرِ بالأُخُوَّةِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبِ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يرِثُ بالأُخُوَّةِ مِنَ الأبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَرِثُ بالأُخُوَّةِ مِنَ الأبِ في وَلَدِ المُلاعَنَةِ

وَعَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا هِيَ عَصَبَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ غيرِه. قوله: وعَصَبَتُه عَصَبَةُ أُمِّه. مُرادُه، إذا لم يَكُنْ له ابنٌ ولا ابْنُ ابْنٍ، فإذا لم

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكُنِ ابنٌ ولا ابْنُ ابنٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ما قدَّمه المُصَنِّفُ هنا. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، أنَّها هي عَصَبَتُه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى المذهبِ، يرِثُ أخُوه لأُمِّه مع ابْنَتِه، لا أُخْتِه لأُمِّه. فيُعايَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بها. وعلى الثَّانيةِ، إنْ لم تَكُنِ الأُمُّ مَوْجودَةً، فعصَبَتُها عصَبَتُه. [على الصَّحيحِ. وعنه، يُرَدُّ على ذَوي الفُروضِ، فإنْ عُدِمُوا فعَصَبَتُها عصَبَتُه] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإذَا خَلَّفَ أُمًّا وَخَالًا، فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ لِلْخَالِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأخْرَى، الْكُلُّ لِلأُمِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والتَّفْريعُ الآتِي بعدَ ذلك على هذه الرِّواياتِ، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهن.

فَإنْ كَانَ مَعَهُمْ أخٌ لأُمٍّ فَلَهُ السُّدْسُ وَالْبَاقِي لَهُ، أوْ لِلْأُمِّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِذَا مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعِنَةٍ وَخَلَّفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ، فَلأُمِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا ماتَ ابْنُ ابنِ الْمُلاعِنَةِ، وخَلَّف أُمَّه وجَدَّتَه، فلأُمِّه الثُّلُثُ، وباقِيهِ للجَدَّةِ -على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ- وهذه جَدَّةٌ ورِثَتْ مع أُمٍّ أكثرَ منها. فيُعايَىَ بها.

الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ لِلْجَدَّةِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَين. وَهَذِهِ جَدَّةٌ وَرِثَتْ مَعَ أُمٍّ أكْثَرَ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى الأُولَى والثَّالثةِ للأُمِّ جميعُ المالِ.

فصل: وَلِلْجَدَّاتِ السُّدْسُ -وَاحِدَةً كَانَتْ أوْ أكْثَرَ- إِذَا تَحَاذَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ فَالْمِيرَاثُ لأَقْرَبِهِنَّ. وَعَنْهُ، أنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الأبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الأُمِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في الجَدَّاتِ: فإنْ كانَ بعضُهنَّ أقْرَبَ مِن بعض، فالمِيراثُ لأقْرَبِهنُّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّ القُرْبَى مِن جِهَةِ الأبِ لا تحْجُبُ البُعْدَى مِن جِهَةِ الأُمِّ، فتُشارِكُها. وهذا هو المَنْصوصُ عن أحمدَ. قاله في «الهِدايَةِ» وغيرِه. وجزَم به القاضي في «جامِعِه». ولم يَعْزُ في كتابِ «الرِّوايتَين» الرِّوايَةَ الأولَى إلَّا إلى الخِرَقِيِّ. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «إدْراكِ الغايَةِ»: تُشارِكُها في الأشْهَرِ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

وَلَا يَرِثُ أكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ؛ أُمُّ الأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ، وَأُمُّ الْجَدِّ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ وَإنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يُتَصَوَّرُ (¬1) أنَّ جَدَّةً ترِثُ معها أُمُّها، مثلَ أنْ يكونَ للمَيِّتِ جدَّةٌ، هي أُمُّ أبِيه، وتكونَ أُمُّها أُمَّ أُمِّ أُمِّ المَيِّتِ؛ وذلك بأنْ يتَزَوَّجَ أبو المَيِّتِ بابنَةِ خالتِه، وجَدَّتُه التي هي أُمُّ خالتِه مَوْجودَة وكذلك ابْنَتُها التي هي أُمُّه، ثم تُخْلِفَ وَلَدًا، فيَمُوتَ الوَلَدُ، فيُخْلِفَ أمَّ أبِيه وأُمَّها، التي هي أُمُّ أُمِّ أُمِّه، فيَشْتَرِكان في المِيراثِ على هذا الرِّوايَةِ. فيُعايىَ بها. قلتُ: ويَحْتَمِلُ عدَمَ إرْثِها على كِلا الرِّوايتَين، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ في الحَجْبِ، لأنَّهم أسْقَطُوا الأعْلَى فالأعْلَى مِنَ الجَدَّاتِ بينَهما. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «لا يتصور».

فَأمَّا أُمُّ أَبي الأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ، فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا أُمُّ أبي الأُمِّ، وأُمُّ أبي الجَدِّ، فلا مِيراثَ لهما. أمَّا أُمُّ أبي الأُمِّ، فهي مِن ذَوي الأرْحامِ، على ما يأْتِي. وأمَّا أمُّ أبي الجَدِّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها مِن ذَوي الأرْحامِ، فلا تَرِثُ بنَفْسِها فَرْضًا. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم

وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ، أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أبِي أَبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تَرِثُ، وليستْ مِن ذَوي الأرْحامِ، ومِثلُها أمُّ جَدِّ الجَد، ولو علَتْ أُبوَّةً. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، فإنَّه قال: وكذلك إنْ كَثُرَتْ. ويأتِي ذلك أيضًا في أوَّلِ بابِ ذَوي الأرْحامَ في عدَدِهم.

وَتَرِثُ الْجَدَّةُ وَابْنُهَا حَيٌّ. وَعَنْهُ، لَا تَرِثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَرِثُ الجَدَّةُ وابْنُها حَيٌّ. يعْنِي، سواءٌ كان أبًا أو جدًّا، كما لو كان عما اتِّفاقًا. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَرِثُ. فعليها، لأُمِّ الأمِّ مع الأبِ وأمِّه السُّدْسُ كامِلًا. على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «القَواعِدِ»: وهو الصَّحيحُ، لزَوالِ المُزاحَمَةِ مع قِيامِ الاسْتِحْقاقِ لجَميعِه. وقيل: لها نِصْفُ السُّدْسِ، مُعاداةً بأُمِّ الأبِ التي لا تَرِثُ على هذه الرِّوايَةِ. وذكَر مأْخَذَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ». وكذلك الوَجْهان، إذا كان معها أمُّ أمِّ الأبِ، إلَّا أنْ تسْقُطَ البُعْدَى بالقُرْبَى، على القَوْلِ بالمُعاداةِ. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه.

وَإنِ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَينِ مَعَ أُخْرَى، فَلَهَا ثُلُثَا السُّدْسِ فِي قِيَاسَ قَوْلِهِ، وَلِلأُخْرَى ثُلُثُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذاتُ قَرابَتين مع أُخْرَى، فلها ثُلُثا السُّدْسِ في قِياسِ قَوْلِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه التَّمِيمِيُّ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وجزَم به ناظِمُها. وعنه، تَرِثُ بأقْواهما، فلو تزَوَّجَ بِنْتَ عمَّتِه، فجَدَّتُه أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهما، وأُمُّ أبِي أبِيه. ولو تزَوَّجَ بِنْتَ خالتِه، فجَدَّتُه أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وأُمُّ أُمِّ أبٍ. فائدة: لو أدْلَتْ جدَّةٌ بثلاثِ جِهاتٍ تَرِثُ بها، لم يُمْكِنْ أنْ يجْتَمِعَ معها جدَّةٌ أُخْرَى وارِثَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، ترِثُ

فصْلٌ: وَلِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَينِ فَصَاعِدًا فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ معها رُبْعَ السُّدْسِ، أو نِصْفَه، على اختِلافِ الرِّوايتَين. وتقدَّم في بابِ اللَّقِيطِ، أنَّه لو أُلحِقَ بأبوَين، أنَّ لأُمَّيْ أبَوَيه اللَّذَين أُلْحِقَ بهما مع أمِّ أمٍّ نِصْفَ السُّدْسِ، ولأمِّ الأمِّ نِصْفَه. فيُعايىَ بها.

وَبَنَاتُ الابنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَنَاتٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبَنَاتُ ابْنٍ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الابْنِ -وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ- السُّدْسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَينِ، إلَّا أنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبَهُنَّ فِيمَا بَقِيَ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنْ كانَتْ بِنْتٌ وبنَاتُ ابْنٍ، فللبِنْتِ النِّصْفُ، ولبَناتِ الابْنِ، وَاحِدَةً كانَتْ أو أكْثَرَ مِن ذلك، السُّدْسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَين. فيُمْكِنُ عَوْلُها بهذا السُّدْسِ كلِّه، فلو عصَّبَها أَخُوها، والحالةُ هذه، فهو الأخُ المَشْئُومُ؛ لأنَّه ضَرَّها وما انْتَفَعَ. ذكَرَه في «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهما. وكذا الأُخْتُ لأبٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأكْثَرُ مع الإِخْوَةِ للأَبَوَين. فأمَّا الأُخْتُ مِنَ الأبِ، وهي القائلَةُ، إذا كانتْ حامِلًا مع زَوْجٍ وأُخْتٍ لأبوَين: إنْ ألِدْ ذَكَرًا فأكْثرَ، أو ذَكَرًا وأُنْثَى، لم يَرِثا، وإنْ أَلِدْ أُنْثَى، وَرِثَتْ. فيُعايَي بها. وكذا الحُكْمُ في بَناتِ ابنِ الابنِ مع بِنْتِ الابنِ.

وَإنِ اسْتَكمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَينِ سَقَطَ بَنَاتُ الابْن، إلا أن يَكُونَ مَعَهُنَّ أوْ أُنْزَلَ مِنهُنَ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبَهُنَّ فِيمَا بَقِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصلٌ: وَفَرْضُ الْأخَوَاتِ مِنَ الْأبَوَينِ مِثْلُ فَرْضِ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ، وَالْأَخَوَاتُ مِنَ الْأَبِ مَعَهُنَّ كَبَنَاتِ الابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ، إلا أَنَّهُنَّ لَا يُعَصِّبُهُنَّ إلا أخُوهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ، يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالإخْوَةِ، وَلَيسَتْ لَهُنَّ مَعَهُن فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصلٌ: وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الأمِّ السُّدْسُ، ذَكَرًا كَانَ أوْ أُنْثَى، فَإن كَانَا اثْنَينِ فَصَاعِدًا فَلَهُمُ الثُّلُثُ بَينَهُمْ بِالسَّويَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصلٌ فِي الْحَجْبِ: يَسْقُطُ الْجَدُّ بِالْأَبِ، وَكُلُّ جَدٍّ بِمَن هُوَ أقْرَبُ مِنْهُ، وَالْجَدَّاتُ بِالْأُمِّ، وَوَلَدُ الابنِ بِالابنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَوَلَدُ الأبَوَينَ بِثَلَاثَةٍ؛ بِالابْنِ، وَابْنِه، وَالْأَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه في الحَجْبِ: ويسْقُطُ وَلَدُ الأبَوَين بثلاثَةٍ؛ بالابنِ وابْنِه

وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَبالأْخِ مِنَ الْأَبَوَينِ. وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأُمِّ بِأرْبَعَةٍ؛ بِالْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَو أُنْثَى، وَوَلَدِ الابنِ، وَالْأبِ، وَالْجَدِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأبِ، ويسْقُطُ وَلَدُ الأبِ بهؤلاءِ الثَّلاثَةِ، وبالأخِ مِنَ الأبوَين. لأنَّ الجَدَّ لا يُسْقِطُهم. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، كما تقدَّم عندَ قوْلِه: وللجَدِّ هذه الأحْوالُ، وحالٌ رابعٌ، وهي مع الإِخْوَةِ والأخَواتِ.

باب العصبات

بَابُ الْعَصَباتِ وَهُمْ عَشَرَةٌ؛ الابْنُ، وَابْنُهُ، وَالأَبُ، وَأَبُوهُ، وَالْأَخ، وَابْنُهُ إلا مِنَ الأُمِّ، وَالْعَمُّ وَابْنُهُ كَذَلِكَ، وَمَوْلَى النِّعْمَةِ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ. وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ، وَيَسْقُطُ بِهِ مَنْ بَعُدَ. وَأَقرَبُهُمْ الاِبْنُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ العَصَباتِ

ثُمَّ ابْنُهُ وَإنْ نَزَلَ، ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ وَإنْ عَلَا، ثُمَّ الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَينَ، ثُمَّ مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ ابْنُ الْأخِ مِنَ الْأبَوَينَ، ثُمَّ مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ أبْنَاؤُهُمْ وَإنْ نَزَلُوا، ثُمَّ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ أبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ، ثُمَّ أبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ، ثُمَّ أبْنَاؤُهُمْ كَذَلِكَ أبَدًا، لَا يَرِثُ بَنُو أبٍ أعْلَى مَعَ بَنِي أبٍ أقْرَبَ مِنْهُ وَإنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ. وَأوْلَى وَلَدِ كُلِّ أبٍ أَقْرَبُهُمْ إِلَيهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فَأَولَاهُمْ مَنْ كَانَ لِأبَوَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ثم الجَدُّ، وإنْ علا، ثم الأخُ مِنَ الأبَوَين. أن الجَدَّ أوْلَى مِنَ الإِخْوَةِ مِنَ الأبَوَين أو الأبِ. وهو صحيحٌ في الجُمْلَةِ. أمَّا حمْلُه على إطْلاقِه، فضَعِيفٌ، فقد تقدَّم، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ الإخْوَةَ يُقاسِمُونَه. وأمَّا أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْلَى في الجُملةِ، فصحيحٌ بلا نِزاعٍ في المذهبِ، ألا ترَى أنَّه إذا لم يفْضُلْ مِنَ المِيراثِ إلَّا السُّدْسُ، وَرِثَه وأسْقَطَهم؟ وكذا إذا لم يَبْقَ مِنَ المالِ شيءٌ، أُعِيلَ بسَهْمِه، وتسْقُطُ الإِخْوَةُ؟ فوائد؛ قولُه (¬1) بعدَ ذكْرِ ترْتيبِ العَصَباتِ: لا يرِثُ بنُو أبٍ أعْلَى مع بَنِي أبٍ أقْرَبَ منه. وهذا صحيحٌ بلا نِزاعٍ، نصَّ عليه. فعلى هذا، لو نكَح امْرأةً، وتزَوَّجَ أبُوه ابْنَتَها، فابنُ الأبِ عَمٌّ، وابنُ الابنِ خالٌ، فيَرِثُه خالُه دونَ عمِّه. فيُعايىَ بها. ولو خلَف الأبُ فيها أخًا وابنَ ابنِه، وهو أخُو زَوْجَتِه، وَرِثَه دونَ أخِيه. فيُعايىَ بها. ويُقالُ أيضًا: وَرِثَتْ زوْجَةٌ ثُمْنًا وأخُوها الباقيَ. فيُعايَى بها. فلو كان الإِخْوَةُ سبْعَةً، وَرِثُوه سواءً. فيُعايَى بها. ولو كان الأبُ تزَوَّجَ الأُمَّ، وتزَوَّجَ ابنُه ابْنَتَها، فابْنُ الأبِ منها عمُّ وَلَدِ الابنِ وخالُه. فيُعايَى بها. ولو تزَوَّجَ زَيدٌ أمَّ عَمْرٍو، وتزَوَّجَ عمْرٌو بِنْتَ زَيدٍ، فابنُ زَيدٍ عمُّ ابنِ عَمْرٌو وخالُه. فيُعايَى بها. ولو تزَوَّجَ كلُّ واحدٍ منهما أخْتَ الآخَرِ، فوَلَدُ كلِّ واحدٍ منهما ابنُ خالِ وَلَدِ الآخَرِ. فيُعايَى بها. ولو تزَوَّجَ كلُّ واحدٍ منهما بِنْتَ الآخَرِ، فوَلَدُ كلِّ واحدٍ منهما خالُ وَلَدِ الآخَرِ. فيُعايَى بها. ولو تزَوَّجَ كلُّ واحدٍ منهما أمَّ الآخَرِ، فهما القائلَتان: مرْحَبًا بابْنَينا، وزَوْجَينا وابْنَيْ زَوْجَينا. ووَلَدُ كل واحدٍ عمُّ الآخَرِ. فيُعايَى بها. ¬

(¬1) زيادة من: ط.

وَإِذَا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ مِنَ النَّسَبِ، وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ. وَأرْبَعَةٌ مِنَ الذُّكُورِ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، فَيَمْنَعُونَهُنَّ الْفَرْضَ، وَيَقْتَسِمُونَ مَا وَرِثُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَينِ، وَهُمْ الابْنُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذَا انْقَرَض العَصَبَةُ مِنَ النَّسَبِ، وَرِثَ المَوْلَى المُعتَقُ، ثم عَصَباتُه مِن بعدِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُقدَّمُ الرَّدُّ وذَوُو الأرْحامِ على الإِرْثِ بالوَلاءِ. فائدة: قولُه: وإذا انْقَرضَ العصَبَةُ مِنَ النَّسَبِ، وَرِثَ المَوْلَى المُعْتَقُ، ثم عصَباتُه مِن بعدِه. يعْنِي الأقْرَبَ فالأقْرَبَ، كعَصَباتِ النَّسَبِ، فيُقَدَّمُ الأخُ مِنَ الأبوَين على الأخِ مِنَ الأبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبةً. وخرج ابنُ الزَّاغُونِيِّ في كتابِه «التَّلْخيصِ» في الفرائضِ مِن مسْألَةِ النِّكاحِ، رِوايَةً أُخْرَى باشْتِراكِ الأخِ مِنَ الأبِ مع الأخِ مِنَ الأبوَين في الإِرْثِ والوَلاءِ.

وَابْنُهُ، وَالأخُ مِنَ الأبَوَينِ، وَالأخُ مِنَ الأبِ، وَمَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْعَصَبَاتِ يَنْفرِدُ الذُّكُورُ بِالْمِيرَاثِ دُونَ الإنَاثِ، وَهُمْ بَنُو الْأخِ، وَالأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ. وَابْنُ ابْنِ الابْنِ يُعَصِّبُ مَنْ بِإِزَائِهِ مِنْ أَخَوَاتِهِ وَبَنَاتِ عَمِّهِ، وَيُعَصِّبُ مَنْ أَعْلَى مِنْهُ مِنْ عَمَّاتِهِ وَبَنَاتِ عَمِّ أبِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ فَرْضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يُعَصِّبُ مَنْ أَنْزَلُ مِنْهُ، وَكُلَّمَا نَزَاتْ دَرَجَتُهُ زَادَ فِي مَنْ يُعَصِّبُهُ قَبِيل آخَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَتَى كَانَ بَعْضُ بَنِي الأعْمَامِ زَوْجًا أَوْ أخًا لأُمٍّ، أَخَذَ فَرْضَهُ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ فِي تَعْصِيبِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ومتى كان بعضُ بَنِي الأعْمامِ زَوْجًا، أو أخًا مِن أُمٍّ، أخَذ فَرْضَه، وشارَكَ الباقِين في تَعْصِيبِهم. فلو تَزَوَّجَ ابنَةَ عمِّه فأوْلَدَها بِنْتًا، وَرِثَتِ البِنْتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّصْفَ، وأبُوها النِّصْفَ بالفَرْضِ والتَّعْصِيبِ. فيُعايىَ بها. ولو أوْلَدَها بِنْتَين، وَرِثُوها أثْلاثًا. فيُعايىَ بها. ولو كانوا ثلاثةَ إخْوَةٍ لأبوَين؛ أحدُهم تزَوَّجَ ابنَةَ عمِّه، فإذا ماتَتْ، وَرثَ الزَّوْجُ ثُلُثيَ التَّرِكَةِ، والأخوَان الآخَرَان الثُّلُثَ. فيُعايىَ بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو تزَوُّجَتْ رَجُلًا، فوَلَدَتْ ولَدًا، ثم تزَوَّجَتْ بأخِيه لأبِيه وله خَمْسَةُ أوْلادٍ ذُكورٍ، ثم وَلَدَتْ منه مثلَهم، ثم تزَوَّجَتْ آخَرَ فوَلَدَتْ له خَمْسَةَ بَنِين أيضًا، ثم ماتَتْ، ثم ماتَ وَلَدُها الأوَّلُ، وَرِثَ منه خَمْسَةُ إخْوَةٍ نِصْفًا، وخَمْسَةٌ ثُلُثًا، وخَمْسَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سُدْسًا. فيُعايىَ بها.

وَإذَا اجْتَمَعَ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٌ، بُدِئَ بِذِي الْفَرْضِ فَأَخذَ فَرْضَهُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَصَبَةِ. فَإِنِ اسْتَغْرَقَتِ الْفُرُوضُ الْمَال فَلَا شَيْءَ لِلْعَصَبَةِ، كَزَوْجٍ، وَأُمٍّ، وَإخْوَةٍ لأُمٍّ، وَإخْوَةٍ لِأبَوَينِ أوْ لأَبٍ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلأُمِّ السُّدْسُ، وَلِلْإِخْوَةِ مِنَ الأُمِّ الثُّلُثُ، وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذَا اسْتَغْرَقَتِ الفُرُوضُ المال، فلا شَيءَ للعَصَبَةِ، كزَوْجٍ، وأُمٍّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإخْوَةٍ لأُمٍّ، وإخْوَةٍ لأبَوَين أو لأبٍ، للزَّوْجِ النِّصْفُ، ولِلأُمِّ السُّدْسُ، وللإِخْوَةِ مِنَ الأُمِّ الثُّلُثُ، وسقَط سائِرُهم. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَرْبٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الإِخْوَةَ مِنَ الأبوَين يُشارِكُون الإِخْوَةَ مِنَ الأمِّ في الثُّلُثِ. وهو قولٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ».

وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ وَالْحِمَارِيَّةَ إِذَا كَانَ فِيهَا إِخْوَة لأبَوَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتُسَمَّى المُشَرَّكَةَ والحِمارِيَّةَ، إذا كان فيها إخْوَةٌ لأبَوَين.

وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ أخَوَاتٌ لِأبَوَينِ أوْ لِأبٍ عَالتْ إِلَى عَشرَةٍ، وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْفُرُوخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ولو كان مكانَهم أخَواتٌ لأبوَين أو لأبٍ، عالتْ إلى عَشَرَةٍ -بلا نِزاعٍ- وسُمِّيَتْ ذاتَ الفُرُوخِ. وتُسَمَّى أيضًا الشُّرَيحِيَّةَ، لحدُوثِها في زَمنِ شُرَيحٍ القاضي؛ لأنَّ الزَّوْجَ سألَه فأعْطاه النِّصْفَ، فلمَّا أعْلَمَه بالحالِ أعْطاه ثلاثَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن عَشَرَةٍ، فخرَج وهو يقولُ: ما أُعْطِيتُ النِّصفَ، ولا الثُّلُثَ. وكان شُرَيحٌ يقولُ: إذا رأيتَنِي رأيتَ حَكَمًا جائرًا، وإذا رأَيتُك ذكَرْتُ رجُلًا فاجرًا؛ لأنَّك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَكْتُمُ القَضيَّةَ، وتُشِيعُ الفاحِشَةَ.

باب أصول المسائل

بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِل الْفُرُوضُ سِتَّةٌ، وَهِيَ نَوْعَانِ؛ نِصْفٌ، وَرُبْعٌ، وَثُمْنٌ، وَثُلُثَانِ، وَثُلُثٌ، وَسُدْسٌ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ سَبْعَةِ أُصُولٍ؛ أرْبَعَةٍ لَا تَعُولُ، وَثَلَاثَةٍ تَعُولُ، فَالَّتِي لَا تَعُولُ، هِيَ مَا كَانَ فِيهَا فَرْضٌ وَاحِدٌ أوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْع وَاحِدٍ، فَالنِّصْفُ وَحْدَهُ مِنِ اثْنَينِ، وَالثُّلُثُ وَحْدَة أو مَعَ الثُّلُثَينِ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ وَالرُّبْعُ وَحْدَهُ أَو مَعَ النِّصْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أصُولِ المَسائل

مِنْ أَربَعَةٍ، وَالثُّمْنُ وَحْدَهُ أو مَعَ النِّصْفِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ. فَهَذِهِ الَّتِي لَا تَعُولُ. وَأَما الَّتِي تَعُولُ، فَهِيَ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا فُرُوضٌ أو فَرْضَانِ مِنْ نَوْعَينِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ النِّصْفِ سُدْسٌ أو ثُلُثٌ، أَوْ ثُلُثَانِ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكثَرَ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإذا اجْتَمَع مع النِّصْفِ سُدْسٌ أو ثُلُثٌ أو ثُلُثان، فهي مِن سِتَّةٍ. فزَوْجٌ وأمٌّ وأخَوان مِن أُمِّ مِن سِتَّةٍ. وتُسَمَّى مَسْألَةَ الإلْزامِ؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ لا يُعِيلُ المَسائلَ، ولا يحْجُبُ الأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إلى السُّدْسِ إلَّا بثلاثَةِ إخْوَةٍ، فإنَّه أعْطَى الأُمَّ الثُّلُثَ هنا، والباقِي، وهو السُّدْسُ للأخَوَين مِنَ الأُمِّ. فهو إنَّما يُدْخِلُ النَّقْصَ على مَن يصيرُ عصَبَةً في حالٍ، وإنْ أعْطَى الأمَّ السُّدْسَ فهو لا يحْجُبُها إلَّا بثلاثةٍ، وهو لا يرَى العَوْلَ. قوله: وتعُولُ إلى عَشَرَةٍ. فتُسَمَّى المَسألَةُ إذا عالتْ إلى تِسْعَةٍ الغَرَّاءَ، لأنَّها حدثَتْ بعدَ المُباهَلةِ، فاشْتَهرَ العَوْلُ فيها. ومَسْألَةُ المُباهَلَةِ؛ زوْجٌ وأمٌّ وأُخْتٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأَبوَين أو لأبٍ، فشاوَرَ عمرُ الصَّحابةَ، فأشارَ عليه العَبَّاسُ بالعَوْلِ، واتَّفقَتِ الصَّحابةُ على القَوْلِ به، إلَّا ابنَ عبَّاسٍ، ولكِنَّه لم يُظْهِرْ ذلك في حياةِ عُمَرَ، فلمَّا

وَإنِ اجْتَمَعَ مَعَ الرُّبْعِ أحَدُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ عَلَى الإفْرَادِ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أكْثرَ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ماتَ عُمَرُ دَعا ابنُ عبَّاس إلى المُباهَلةِ، وقال: من شاءَ باهَلْتُه، إنَّ الذي أحْصَى رَمْلَ عالِجٍ عدَدًا، لم يَجْعَلْ في المالِ نِصفًا ونِصفًا وثُلُثًا، فإذا ذهَب النِّصْفان بالمالِ، فأين الثُّلُثُ؟ ثم قال: وايمُ اللهِ لو قدَّمُوا مَن قدَّم الله، وأخَّرُوا مَن أخَّرَ الله، ما عالتْ فَرِوضَةٌ قطُّ. فقيل له: لِمَ لا أظْهَرْتَ هذا في زَمَنِ عُمَرَ؟ فقال: كان مَهِيبًا فهِبْتُه. انتهى. وتقدَّم قبلَها مَسْألَةُ الإِلْزامِ، ولا جَوابَ له عنها. فائدة: قولُه: وإذا اجْتَمَعَ مع الرُّبْعِ أحَدُ الثَّلاثَةِ، فهي مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، وتَعُولُ على الإِفرادِ إلى سَبْعَةَ عَشَرَ. كثَلاثِ زَوْجاتٍ، وجَدَّتَين، وأرْبَع أخَواتٍ لأُمٍّ،

وَإنِ اجْتَمَعَ مَعَ الثُّمْنِ سُدْسٌ أوْ ثُلُثَانِ، فَأصْلُهَا مِنْ أرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وثَمانِ أخَواتٍ لأبوَين أو لأبٍ. فهذه تُسَمَّى أُمَّ الأرامِلِ؛ لأنَّ الوَرَثَةَ كلَّهم نِساءٌ، فإنْ كانتِ التَرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينارًا، فلكُل امْرَاة دِينارٌ. فيُعايىَ بها. قوله: وإذا اجْتَمَعَ مع الثُمْنِ سُدْسٌ أو ثُلُثان، فأصْلُها مِن أَربَعَةٍ وعِشْرِين،

وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكثَرَ مِنْهَا. وَتُسَمَّى، الْبَخِيلَةَ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا، وَالْمِنْبَرِيَّةَ؛ لأنَّ عَلِيًّا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سُئِلَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَال: صَارَ ثُمْنُهَا تُسْعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتعُولُ إلى سَبْعَةٍ وعِشْرِين، ولا تعُولُ إلى أَكْثَرَ منها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «التَّبْصِرَةِ» رِوايَةٌ، أنَّها تعُولُ إلى إحْدَى وثَلاثين. ولعَلَّه عنَى

فَصْلٌ: وَإذَا لَمْ تَسْتَوْعِبِ الْفُرُوضُ الْمَال، وَلَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ، رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى ذَوي الْفُروضِ بِقَدْرِ فُرُوضِهِمْ، إلا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرِّوايَةِ، عنَ ابنَ مَسْعُودٍ، فإنَّه مذهبُه، كما قاله في «الرَّوْضَةِ». قوله: وإذا لم تَسْتَوْعِبِ الفُرُوضُ المال، ولم تَكُنْ عَصَبَةٌ، رُدَّ الفاضِلُ على ذَوي الفُروضِ بقَدْرِ فُرُوضِهم، إلَّا الزَّوْجَ والزَّوْجَةَ. وهذا المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ، وعليه التَّفْرِيعُ. وعنه، يُقَدَّمُ الرَّدُّ وذَوُو الأرْحامِ على الوَلاءِ. وتقدَّمَتْ هذه الرِّوايَةُ في بابِ العَصبَاتِ، عندَ قوْلِه: وإذا انْقَرَضَتِ العَصَبَةُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسَبِ، وَرِثَ المَوْلَى المُعْتَقُ. وعنه، يُقدَّمُ ذَوُو الأرْحامِ على الرَّدِّ. وعنه، لا يرِثُ بالرَّدِّ بحالٍ. وعنه، لا يُرَدُّ على وَلَدِ أُمٍّ مع الأُمِّ، ولا على جَدَّةٍ مع ذِي سَهْمٍ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، إلّا قوْلَه: مع ذِي سَهْمٍ.

فَإن كَانَ الْمَرْدُودُ علَيهِ وَاحِدًا أخَذَ الْمَال كُلَّهُ، وَإنْ كَانَ فَرِيقًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ كَبَنَاتٍ أوْ أخَوَاتٍ، اقْتَسَمُوهُ كَالْعَصَبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ اخْتَلَفَتْ أجْنَاسُهُمْ، فَخُذْ عَدَدَ سِهَامِهِمْ مِنْ أصْلِ سِتَّةٍ، وَاجْعَلْهُ أصْلَ مَسْأَلتِهِمْ. فَإِنْ كَانَا سُدْسَينِ، كَجَدَّةٍ، وَأخٍ مِنْ أُمٍّ، فَهِيَ مِنِ اثْنَينِ، وَإنْ كَانَ مَكَانَ الْجَدَّةِ أُمٌّ، فَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإنْ كَانَ مَكَانَهَا أُخْتٌ لِأبَوَينِ فَهِيَ مِنْ أرْبَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ لِأَبٍ فَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ، وَلَا تَزِيدُ عَلى هَذا ابَدًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ زَادَتْ سُدْسًا آخَرَ لَكَمَلَ الْمَالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنِ انكَسَرَ عَلَى فَرِيقٍ مِنْهُمْ ضَرَبْتَهُ في عَدَدِ سِهَامِهِمْ. لِأَنَّهُ أَصْلُ مَسْأَلتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَينِ فَأَعطِهِ فَرْضَهُ مِنْ أَصْلٍ مَسْأَلتِهِ، وَاقْسِمِ الْبَاقِي عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِذَا كَانتْ زَوْجَةٌ وَمَسْأَلةُ الرَّدِّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَلِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَالْبَاقِي لَهُمْ، وَتَصِيرُ المَسْأَلة مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَفِي غيرِ هَذا تضْرِبُ مَسْأَلة الرّدِّ في مَسْأَلةِ الزَّوْجِ، فَمَا بَلَغَ فَإِلَيهِ تَنْتَقِلُ الْمَسْأَلةُ، فَإِذَا كَانَ زَوْجٌ وَجَدَّةٌ وَأخٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مِنْ أُمٍّ، فَمَسْأَلةُ الزَّوْجِ مِنِ اثْنَينِ، وَمَسْالةُ الرَّدِّ مِنِ اثْنَينِ، تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا في الأخْرَى تَكُنْ أرْبَعَةً، وَإنْ كَانَ مَكَانَ الزَّوْجِ زَوْجَةٌ ضَرَبْتَ مَسْأَلةَ الرَّدِّ في أرْبَعَةٍ تَكُنْ ثَمَانِيَةً، وَإنْ كَانَ مَكَانَ الْجَدَّةِ أُخْتٌ لأبَوَينِ انْتَقَلَتْ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ، وإِنْ كَانَ مَعَ الزَّوْجَةِ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ انْتَقَلَتْ إلَى اثْنَينِ وَثَلَاثِينَ، وإِنْ كَانَ مَعَهُمْ جَدَّةٌ صَارَتْ مِنْ أَربَعِينَ، ثُمَّ تُصَحِّحُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا لم نَقُلْ بالرَّدِّ، كان الفاضِلُ لبَيتِ المالِ، وكذلك مالُ مَن ماتَ ولا وارِثَ له. لكِنْ هل بَيتُ المالِ وارِثٌ أم لا؟ فيه رِوايَتان. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والمَشْهورُ أنَّه ليس بوارِثٍ، وإنَّما يُحْفَظُ فيه المالُ الضَّائعُ. قاله في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والتِّسْعِين». قال الزَّرْكشيُّ العاقِلَةِ: المَشْهورُ أنَّه ليس بعَصَبَةٍ. قال المُصَنِّفُ: ليس بعَصَبَةٍ. [وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقاله ابنُ البَنَّا، وغيرُه. قال الحارِثيُّ في أوَّلِ كتابِ الوَصايا: والأصحُّ أنَّ بَيتَ المال غيرُ وارِثٍ، لتَقدُّمِ ذَوي الأرْحامِ عليه، وانْتِفاءِ صَرْفِ الفاضِلِ عن ذَوي الفُروضِ إليه] (¬1). وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: ولنا رِوايَةٌ، أنَّه ينْتَقِلُ إلى بَيتِ المالِ إرْثًا. ثم قال: فإنْ أُريدَ أنَّ اشْتِباهَ الوارِثِ بغيرِه يُوجِبُ الحُكْمَ بالإِرْثِ للكُل، فهو مُخالِفٌ لقَواعِدِ المذهبِ. وإنْ أُرِيدَ أنَّه إرْثٌ (¬2) في الباطِنِ لمُعَيَّنٍ، فيُحْفَظُ مِيراثُه في بَيتِ المالِ، ثم يُصْرَفُ في المَصالِحِ، للجَهْلِ بمُسْتَحِقِّه عَينًا، فهو والأوَّلُ بمَعْنًى واحدٍ. قال: ويَنْبَنِي على ذلك مسْألَةُ اقْتِصاصِ الإِمامِ ممَّن قتَل مَن لا وارِث له. وفي المَسْألَةِ وَجْهان، منهم مَن بَناها على أنَّ بَيتَ المالِ، هل هو وارِث أم لا؟ ومنهم ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «وارث».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن قال: لا يَنْبَنِي على ذلك. ثم لهم طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّه لا يُقْتَصُّ ولو قُلْنا بأنَّه وارِثٌ؛ لأنَّ في المُسْلِمين الصَّبِيَّ والمَجْنُونَ والغائبَ. وهي طريقَةُ أبِي الخَطَّابِ. والثَّاني، يجوزُ الاقتِصاصُ وإنْ قُلْنا: ليس بوارِثٍ. لأنَّ ولايةَ الإِمامِ ونظرَه في المصالِح قائِمٌ مَقامَ الوارِثِ. وهو مأخَذُ ابنِ الزَّاغُونِيِّ. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم مِن فَوائدِ الخِلافِ في وَصِيَّةِ مَن لا وارِثَ له، إنْ قيلَ: إنَّ بَيتَ المالِ جهَة ومصْلَحَةٌ. جازَتِ الوَصِيَّةُ بجميعِ مالِه. وإنْ قيلَ: هو وارِث. لم تَجُزْ إلَّا بالثُّلُثِ. قاله القاضي، وتَبِعَه في «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك في أوَّلِ كتابِ الوَصايا. [وتقدَّم في آخِرِ بابِ الفَىْءِ، هل بَيتُ المالِ مِلْكٌ للمُسْلِمين، أم لا] (¬1)؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

باب تصحيح المسائل

بَابُ تَصْحِيحِ الْمسَائِلِ إِذَا لَمْ يَنْقَسِمْ سَهْمُ فَرِيقٍ عَلَيهِمْ قِسْمَةً صَحِيحَةً، فَاضْرِبْ عَدَدَهُمْ في أصْلِ الْمَسْأَلةِ وَعَوْلِهَا إِنْ كَانَتْ عَائِلَةً، ثُمَّ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِمْ، إلا أنْ يُوَافِقَ عَدَدُهُمْ سِهَامَهُمْ بِنِصْفٍ أوْ ثُلُثٍ أوْ غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الْأجْزَاءِ، فَيُجْزِئُكَ ضَرْبُ وَفْقِ عَدَدِهِمْ، ثُمَّ يَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَفْقُ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ تَصْحيحِ المَسائل

وَإنِ انْكَسَرَ عَلَى فَرِيقَينِ أو أَكثَرَ وَكَانَتْ مُتَمَاثِلَةً كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ اجْتَزَأْتَ بِأَحَدِهَا، وَإنْ كَانتْ مُتَنَاسِبَةً -وَهُوَ أَنْ تَنْسِبَ الأَقلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إِلَى الْأكثَرِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ- اجْتَزَأْتَ بأكثَرِهَا، وَضَرَبْتَهُ في الْمَسْأَلةِ وَعَوْلِهَا. وَإنْ كَانَت مُتَبَايِنَةً ضَرَبْتَ بَعْضَهَا في بَعضٍ، فَمَا بَلَغَ ضَرَبْتَهُ في الْمَسْأَلةِ وَعَوْلِهَا، وَإنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنْ تَبايَنَتْ، ضَرَبْتَ، بعضها في بعضٍ، فما بلَغ ضرَبْتَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْألَةِ وعَوْلِها. كأرْبَعِ نِسْوَةٍ وثَلاثِ جَدَّاتٍ وخَمسِ أخَواتٍ لأُمٍّ، تُسَمَّى الصَّمَّاءَ. وأرْبَعِ نِسْوَةٍ وخَمْسِ جَدَّاتٍ وسَبْعِ بَناتٍ وتِسْعِ أخَواتٍ لأبوَين أو لأبٍ، تُسَمَّى مَسْألَةَ الامْتِحانِ؛ لأنَّها تصِحُّ مِن ثَلاثين ألْفًا ومِائَتين وأرْبَعِين، وذلك أنَّك إذا ضَربتَ الأعْدادَ بعضَها في بعضٍ، بلَغ ألْفًا ومِائتَين وسِتَين مَضْروبَة في أصْلِ المَسْألَةِ، وهو أرْبَعةٌ وعِشْرُون، تبْلُغُ ما قُلْنا. فيقالُ: أرْبعَةُ أعْدادٍ، وليس منهم مَن يبْلُغُ عدَدُه عَشَرَة، بلغَتْ مسْأَلَتُهم إلى ذلك. فيُعايىَ بها.

مُتَوَافِقَةً كَأربَعَةٍ وَسِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ، [اضربتَ وَفْقَ أَحدِهِمَا في الْآخَرِ، ثُمَّ وافَقْتَ بَينَ مَا بَلَغَ وَبَينَ الثَّالِثِ، وَ] (¬1) ضَرَبْتَ وَفْقَ أحَدِهِمَا في الْآخَرِ، ثُمَّ اضْرِبْ مَا مَعَكَ في أصْلِ الْمَسْأَلةِ وَعَوْلِهَا إِنْ كَانَتْ عَائِلَةً، فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ، فَإِذَا أرَدْتَ الْقِسْمَةَ فَكُلُّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ كانَتْ مُوافِقَةً؛ كأرْبَعَةٍ، وسِتَّةٍ، وعَشَرَةٍ. هذا يُسَمَّى ¬

(¬1) كذا في متن المبدع، وعليه شرح صاحب المبدع 6/ 168، وفي مخطوطة المقنع ومطبوعته: «وافقت بين عددين منها ثم».

لَهُ شَيءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلةِ مَضْرُوبٌ في الْعَدَدِ الَّذِي ضَرَبْتَهُ في الْمَسْأَلةِ، فَمَا بَلَغَ فَهُوَ لَهُ، إِنْ كَانَ وَاحِدًا، وإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَسَمْتَهُ عَلَيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْقوفَ المُطْلَقَ. فلك أنْ تَقِفَ أيَّ الأعْدادِ شِئْتَ، ويصِحُّ جزْءُ السَّهْمِ مِن سِتِّين. وبَقِيَ نَوْعٌ آخَرُ، ويُسَمَّى المَوْقوفَ المُقَيَّدَ. مِثالُه؛ لو انْكَسرَ على اثْنَيْ عَشَرَ، وثَمانِيَةَ عَشَرَ، وعِشْرِين، فهنا تَقِفُ الاثْنَيْ عَشَر لا غيرُ؛ لأنَّها تُوافِقُ الثَّمانِيَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَشَرَ بالأسْداسِ، والعِشْرِين بالأرْباعِ، بخِلافِ ما إذا وقفْتَ الثَّمانِيَةَ عَشَرَ، فإنَّها لا تُوافِقُ العِشْرِين إلَّا بالأنْصافِ، وإنْ وقفْتَ العِشْرِين، لم تُوافِقْها الثمانِيَةَ عشَرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا بالأنْصافِ، فيَرْتَفِعُ العمَلُ في المَسْألَةِ. وهو غيرُ مَرْضيِّ عندَهم. فالأوْلَى أنْ تقِفَ الاثْنَيْ عَشَرَ، وقِسْ عليها ما شابَهَها.

باب المناسخات

بَابُ الْمُنَاسخَاتِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ. وَلَهُ ثَلَاثَةُ أحْوَالٍ؛ أَحَدُهَا، أنْ يَكُونَ وَرَثَةُ الثَّانِي يَرِثُونَهُ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ منَ الأوَّلِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا عَصَبَةً لَهُمَا، فَاقْسِمِ الْمَال بَينَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى الْمَيِّتِ الأوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُناسَخاتِ فائدة: قولُه: ومَعْناها؛ أنْ يمُوتَ بعضُ الوَرَثَةِ قبلَ قَسْمِ تَرِكَتِه. وهو صحيحٌ. فلو ماتَ شَخْصٌ وتَرَك أبوَين وابْنَتَين، ثم ماتَتْ إحْدَى الابْنَتَين، وخلَّفَتْ مَن في المَسْألَةِ، فلابُدَّ هنا مِنَ السُّؤالِ عنِ المَيِّتِ الأوَّلِ، فإنْ كان رَجُلًا، فالأبُ في المَسْألَةِ الأولَى جَدٌّ وفي الثَّانِيَةِ أبو أبٍ، فيَرِثُه في الثَّانِيَةِ. وإنْ كان المَيِّتُ الأوَّلُ أنْثَى، فالأبُ في الأولَى جَدٌّ وفي الثَّانيةِ أبُو أمٍّ، فلا يَرِثُ. فتَصِحُّ في الأولَى مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبعَةٍ وخَمْسِين، وفي الثَّانِيَةِ مِن اثْنَيْ عَشَرَ. وتُسَمَّى المَأْمُونِيَّةَ (¬1)؛ لأنَّ المَأْمُونَ (¬2) سألَ عنها يَحْيَى بنَ أكْثمَ (¬3)، لمَّا أرادَ أنْ يُوَلِّيَهُ القَضاءَ، فقال له: المَيِّتُ الأوَّلُ ذكَرٌ أم أنْثَى؟ فعَلِمَ أنَّه قد عرَفَها، فقال له: م سِنُّك؟ ففَطِنَ يَحْيَى لذلك، وظَنَّ أنَّه اسْتَصْغَرَه، فقال: سِنُّ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ (¬4) لمَّا وَلَّاه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اليَمَنَ، وسِنُّ عَتَّابِ بنِ أسِيدٍ (¬5) لمَّا وَلِيَ مَكَّةَ. فاسْتَحْسَنَ جَوابَه، ووَلَّاه ¬

(¬1) انظر هذه المسألة في كتاب وفيات الأعيان، لابن خلكان 6/ 148. (¬2) هو عبد الله بن هارون الرشيد العباسي، الخليفة، أبو العباس المأمون، كان من رجال بني العباس حزمًا وعزمًا ورأيًا وعقلًا وهيبةً وحلمًا، قرأ العلم والأدب والأخبار والعقليات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم. وهو أول من امتحن الناس على القول بخلق القرآن. توفي سنة ثماني عشرة ومائتين. سير أعلام النبلاء 10/ 272 - 290. (¬3) يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي، أبو محمد، الفقيه العلامة، قاضي القضاة، كان من أئمة الاجتهاد، وله تصانيف، منها كتاب «التنبيه». توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 5 - 16. (¬4) معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري المدني، أبو عبد الرحمن، صحابي جليل، أسلم وهو ابن ثمان عشرة، وشهد بدرًا والعقبة والمشاهد، وهو ممن جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أعلم الصحابة بالحلال والحرام. توفي سنة سبع عشرة أو التي بعدها. الإصابة 6/ 136 - 138. (¬5) عتاب بن أسيد بن أبي العيص الأموي، أبو عبد الرحمن، صحابي أسلم يوم الفتح، واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - =

الثَّانِي، أنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْمَيِّتِ الْأوَّلِ مِنَ الْمَوْتَى لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَإِخْوَةٍ خَلَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَنِيهِ، فَاجْعَلْ مَسَائِلَهُمْ كَعَدَدٍ انْكَسَرَتْ عَلَيهِمْ سِهَامُهُمْ، وَصَحِّحْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا في بَابِ التَّصْحِيحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القَضاءَ (¬1). ¬

= على مكة لما سار إلى حنين، وكان عمره حين استعمل نيفا وعشرين سنة، وحج بالناس سنة الفتح، وأقره أبو بكر رضي الله عنه على مكة إلى أن مات في آخر خلافة عمر. الإصابة 4/ 429، 430. (¬1) انظر: تاريخ بغداد 14/ 199.

الثَّالِثُ، مَا عَدَا ذَلِكَ، فَصَحِّحْ مَسْألةَ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ مَا صَارَ لِلثَّانِي مِنْهَا فَاقْسِمْهُ عَلَى مَسْألَتِهِ، فَإنِ انْقَسَمَ صَحَّتِ، الْمَسْألَتَانِ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الأُولَى، كَرَجُلٍ خَلَّفَ امْرَأَةً وَبِنْتًا وَأَخًا، ثُمَّ مَاتَتِ الْبِنْتُ وَخَلَّفَتْ زَوْجًا وَبِنْتًا وَعَمَّهَا، فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَسْأَلتُهَا مِنْ أرْبَعَةٍ، فَصَحَّتِ الْمَسْأَلتَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَصَارَ لِلأخِ أَرْبَعَةٌ. وَإنْ لَمْ تَنْقَسِمْ وَافَقْتَ بَينَ سِهَامِهِ وَمَسْأَلتِهِ، ثمَّ ضَرَبْت وَفْقَ مَسْأَلتِهِ في الْمَسْألةِ الأولَى، ثُمَّ كُلُّ مَنْ لَه شَيْءٌ مِنَ الأُولَى مَضْروبٌ في وَفْقِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّانِيَةِ مَضْروبٌ في ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَفْقِ سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي، مِثْلَ أنْ تَكونَ الزَّوْجَة أُمًّا لِلْبِنْتِ في مَسْألَتِنَا، فَإِنَّ مَسْأَلتَهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، تُوَافِقُ سِهَامُهَا بِالرُّبْعِ، فَتَرْجِعُ إِلَى رُبْعِهَا ثَلَاثةٍ، اضْرِبْهَا في الأُولَى تَكنْ أرْبَعَةً وَعِشْرِينَ. وَإنْ لَمْ توَافِقْ سِهَامُة مَسْأَلتَة، ضَرَبْتَ الثَّانِيَةَ في الأُولَى، فَكُلُّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لَهُ شَيْءٌ مِنَ الأولَى مَضْرُوب في الثَّانِيَةِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّانِيَةِ مَضْرُوبٌ في سِهَامِ الثَّانِي. مِثْلَ أنْ تُخَلِّفَ الْبِنْتُ بِنْتَينِ، فَإنَّ مَسْأَلتَهَا تَعُولُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، تَضْرِبُهَا في الأُولَى تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً، وَتَعْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ مَاتَ ثَالِثٌ جَمَعْتَ سِهَامَهُ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الأُولَيَانِ، وَعَمِلْتَ فِيهَا عَمَلَكَ في مَسْأَلةِ الثَّانِي مَعَ الأُولَى. وَكَذَلِكَ تَصْنَعُ في الرَّابعِ وَمَنْ بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب قسم التركات

بَابُ قَسْمَ التَّرِكَاتِ إِذَا خَلَّفَ تَرِكَةً مَعْلُومَةً فَأَمْكَنَكَ نِسْبَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ الْمَسْأَلةِ فَأعْطِهِ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنَ التَّرِكَةِ. وَإنْ شِئتَ قَسَمْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ قَسْمَ التَّركاتِ فائدتان؛ إحْداهما، لو قال قائلٌ: إنَّما يَرِثُنِي أرْبَعَةُ بَنِينَ، ولى تَرِكَةٌ، أخَذ الأكْبَرُ دِينارًا وخُمْسَ ما بَقِيَ، وأخَذ الثَّانِي دِينارَين وخُمْسَ ما بَقِيَ، وأخَذ الثَّالِثُ ثلاثةَ دَنانِيرَ وخُمْسَ ما بَقِيَ، وأخَذ الرابعُ جميعَ ما بَقِيَ، والحالُ أنَّ كلَّ واحدٍ منهم أخَذ حقَّه، مِن غيرِ زِيادَةٍ ولا نُقْصانٍ، كم كانَتِ التَّرِكَةُ؟ فالجَوابُ، أنَّها كانَت سِتةَ عَشَرَ دِينارًا. وفي «الفُروعِ» هنا سَهْوٌ، فإنَّه جعَل للرابعِ أربْعَةً وخُمْسَ ما بَقِيَ، والحالُ أنَّه لم يَبْقَ شيءٌ بعدَ أخْذِ الأرْبَعَةِ. الثَّانيةُ، لو قال إنْسانٌ لمريضٍ:

التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْألةِ وَضَرَبْتَ الْخَارِجَ بِالْقَسْمِ في نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ، فَمَا اجْتَمَعَ فَهُوَ نَصِيبُهُ. وَإنْ شِئْتَ ضَرَبْتَ سهَامَهُ في التَّرِكَةِ، وَقَسَمْتَهَا عَلَى الْمَسْأَلةِ، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ نَصِيبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْصِ. فقال: إنَّما يَرِثُنِي امْرأتاك، وجَدَّتاك، وأُخْتاك، وعَمَّتاك، وخالتاك. فالجوابُ، أنَّ كلَّ واحدٍ منهما تزَوَّجَ بجَدَّتَي الآخَرِ، أُمِّ أُمِّه وأُمِّ أبِيه، فأوْلَدَ المَرِيضُ كلًّا منهما بِنْتَين، فهما مِن أُمِّ الأبِ الصَّحيحِ عَمَّتا الصَّحيحِ، ومِن أمِّ أمِّه خالتاه، وقد كان أبُو المَريضِ تزَوَّجَ أُمَّ الصَّحيحِ، فأوْلَدَها بِنْتَين. وتصِحُّ

وَإنْ شِئْتَ في مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ قَسَمْتَ التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الأُولَى، ثُمَّ أَخَذْتَ نَصِيبَ الثَّانِي فَقَسَمْتَهُ عَلَى مَسْأَلتِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ. وَإنْ كَانَ بَينَ الْمَسْأَلةِ وَالتَّرِكَةِ مُوَافَقَةٌ، فَوَافِقْ بَينَهُمَا، وَاقْسِمْ وَفْقَ التَّرِكَةِ عَلَى وَفْقِ الْمَسْألَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن ثَمانِيَةٍ وأرْبَعِين. ويُعايَى بها.

وَإنْ أَرَدْتَ الْقِسْمَةَ عَلَى قَرَارِيطِ الدِّينَارِ فَاجْعَلْ عَدَدَ الْقَرَارِيطِ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كَالتَّرِكَةِ الْمَعْلُومَةِ، وَاعْمَلْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَة سِهَامًا مِنْ عَقَارٍ، كَثُلُثٍ وَرُبْعٍ وَنَحْو ذَلِكَ، فَإِنْ شِئْتَ أنْ تَجْمَعَهَا مِنْ قَرَارِيطِ الدِّينَارِ وَتَقْسِمَهَا عَلَى مَا قُلْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ شِئْتَ وَافَقْتَ بَينَهَا وَبَينَ الْمَسْألةِ وَضَرَبْتَ الْمَسْأَلَةَ أوْ وَفْقَهَا في مَخْرَجِ سِهَامِ الْعَقَارِ، ثُمَّ كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَسْأَلةِ مَضْرُوبٌ في السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ مِنَ الْعَقَارِ أَوْ في وَفْقِهَا، فَمَا كَانَ فَانْسِبْهُ مِنَ الْمَبْلَغِ، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ نَصِيبُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب ذوي الأرحام

بَابُ ذَوي الْأَرْحَامِ وَهُمْ كُلُّ قَرَابَةٍ لَيسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ. وهُمْ أَحدَ عَشَرَ صِنْفًا، وَلَدُ الْبَنَاتِ، وَوَلَدُ الْأخَوَاتِ، وَبَنَاتُ الإخوَةِ، وَبَناتُ الْأَعْمَامِ، وَبَنُو الإخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمُّ مِنَ الْأُمِّ، وَالْعَمَّاتُ، وَالْأخْوَالُ وَالْخَالات، وَأَبُو الْأُمِّ، وَكُلُّ جَدَّةٍ أدْلَتْ بِأَبٍ بَينَ أُمَّينِ أو بِأَبٍ أَعلَى مِنَ الْجَدِّ. وَمَنْ أَدلَى بِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ذَوي الأرْحامِ تنبيه: تقدَّم في آخِرِ كتابِ الفَرائضِ رِوايَة، أنَّ ذَوي الأرْحامِ لا يرِثُون ألبَتَّةَ. ولا عمَلَ عليه. وقوْلُه هنا في عدَدِهم: وكلُّ جَدَّةٍ أدْلَتْ بأبٍ بينَ أُمَّين، أو بأبٍ أعْلَى مِنَ الجَدِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا الأولَى فهي مِن ذَوي الأرْحامِ، بلا نِزاع. وأمَّا الجَدَّةُ الثانيةُ؛ أعْنِي المُدْلِيَةَ بأبٍ أعْلَى مِنَ الجَدِّ، فهي أيضًا مِن ذَوي الأرْحامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وقيل: هي مِن ذَوي الفُروضِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وتقدَّم ذلك أيضًا في أوَّلِ كتابِ الفَرائضِ، في فَصْلِ الجَدَّاتِ.

وَيُوَرَّثُونَ بِالتَّنزِيلِ، وَهُوَ أنْ تَجْعَلَ كُلَّ شَخْصٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَدْلَى بِهِ، فَتَجْعَلَ وَلَدَ الْبَنَاتِ وَالأَخوَاتِ كَأُمَّهَاتِهِمْ، وَبَنَاتِ الإخْوَةِ وَالأعْمَام وَوَلَدَ الإخْوَةِ مِنَ الأمِّ كَآبَائِهِمْ، وَالأخْوَال وَالْخَالاتِ وَأَبَا الأمِّ كَالأُمِّ، وَالْعَمَّاتِ وَالْعَمَّ مِنَ الأُمِّ كَالأبِ. وَعَنْهُ، كَالْعَمِّ. ثُمَّ تَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدلَى بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ويَرِثُون بالتَّنزِيلِ. كما مَثَّلَ المُصَنفُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وعليه التَّفْريعُ. وعنه، يَرِثون على حسَبِ تَرْتيبِ العَصَبَةِ. قوله: والعَمَّاتُ والعَمُّ مِنَ الأُمِّ كالأبِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي في «التَّعْليقِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، كالعَمِّ. يعْنِي مِنَ الأبوَين. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيل: كلُّ عَمَّةٍ كأخِيها. وعنه، العَمَّةُ لأبوَين أو لأبٍ، كالجَدِّ. فعليها، العَمَّةُ لأُمٍّ والعَمُّ لأُمٍّ، كالجَدَّةِ أُمِّهما. وقال في «الرَّوْضَةِ»: العَمَّةُ كالأبِ. وقيل: كبِنْتٍ. قلتُ: الَّذي يظْهَرُ أنَّ هذا خطَأٌ، وأيُّ جامِعٍ بينَ العَمَّةِ والبِنْتِ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: هل عمَّةُ الأبِ [لأبَوَين أو لأبٍ، كجَدٍّ؟ أو كعَمِّ الأبِ مِنَ الأبَوين؟ أو كأبِ الجَدِّ؟ مَبْنِيٌّ] (¬1) على هذا الخلافِ. وهل عَمُّ الأبِ مِن الأُمِّ، وعَمَّةُ الأبِ لأُمِّ، كالجَدِّ؟ أو كعَمِّ الأبِ مِنَ الأَبوَين؛ أو كأُمِّ الجَدِّ؟ مَبْنِيٌّ على ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

فَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِوَاحِدٍ، وَاسْتَوَتْ مَنَازِلُهُمْ مِنْهُ، فَنَصِيبُهُ بَينَهُمْ بِالسَّويَّةِ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ سَوَاءٌ. وَعَنْهُ، لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الخِلافِ أيضًا. وليسا كأبِ الجَدِّ؛ لأنَّه أجْنَبِيٌّ منهما. قوله: فإذا أدْلَى جَماعَةٌ بواحِدٍ، واسْتَوَتْ مَنازِلُهم منه، فنَصِيبُه بينَهم

الأنْثَيَينِ، إلا وَلَدَ الأُمِّ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُسَوَّى بَينَهُمْ إلا الْخَال وَالْخَالةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بِالسَّويَّةِ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ سَوَاءٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ. قال أبو الخَطابِ: اخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، للذَّكَرِ مِثْلُ حظِّ الأُنْثَيَينِ، إلا وَلَدَ الأُمِّ. وقال الخِرَقِيُّ: يُسَوَّى بينَهم إلَّا الخال والخالةَ. وهو رِوايَة عن أحمدَ، ذكَرَها جَماعةٌ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» اسْتِحْسانًا. واخْتارَه أيضًا الشِّيرازِيُّ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (2): لا أعْلَمُ له وَجْهًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: لم أجِدْ هذا بعَينِه عن أحمدَ.

وَإذَا كَانَ ابْنُ وَبِنْتُ أُخْتٍ وَبِنْتُ أُخْتٍ أُخرَى، فَلِبِنْتِ الأُخْتِ وَحْدَهَا النِّصْفُ، وَلِلأُخْرَى وَأخِيهَا النِّصْفُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ اخْتَلَفَتْ مَنَازِلُهُمْ مِنَ الْمُدْلَى بِهِ جَعَلْتَهُ كَالْمَيِّتِ، وَقَسَمْتَ نَصِيبَهُ بَينَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَثَلاثِ خَالاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَثَلاثِ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ، فَالثُّلُثُ بَينَ الْخَالاتِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، وَالْثُّلُثَانِ بَينَ الْعَمَّاتِ كَذَلِكَ، فَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا، وَاضْرِبْهَا في ثَلَاثَةٍ تَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِلْخَالةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الأَبِ وَالأمِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُم، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأبِ سَهْمٌ، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الأُمِّ سَهْمٌ، وَلِلْعَمَّةِ الَّتِي مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ سِتَّةُ أَسهُمٍ، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَهْمَانِ، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلَ الْأُمِّ سَهْمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ، فَلِلْخَالِ مِنَ الْأُمِّ السُّدْسُ، وَالْبَاقِي لِلْخَالِ مِنَ الْأَبَوَينِ. وَإنْ كَانَ مَعَهُمْ أَبُو أُمٍّ أَسْقَطَهُمْ، كَمَا يُسْقِطُ الْأَبُ الْإِخْوَةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ خَلَّفَ ثَلَاثَ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُفْتَرِقِينَ، فَالْمَالُ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنَ الْأَبَوَينَ وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِجَمَاعَةٍ، قَسَمْتَ الْمَال بَينَ الْمُدْلَى بِهِمْ كَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، فَمَا صَارَ لِكلِّ وَارِثٍ فَهُوَ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ وَإنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَمِلْتَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان بعضُهم أقْرَبَ مِن بعض، فمَن سبَق إلى الوارِثِ، وَرِثَ وأَسْقَطَ

مِنْ بَعْض، فَمَنْ سَبَقَ إِلَى الْوَارِثِ وُرِّثَ وَأسْقَطَ غَيرَهُ، إلا أنْ يَكُونَا مِنْ جِهَتَينِ فَيُنَزَّلُ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ، سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ أَوْ لَا. كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ، وَبِنْتِ أَخٍ لأُمٍّ، الْمَالُ لبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَه، إلَّا أنْ يكُونا مِن جِهَتَين، فَيُنْزَلَ البَعِيدُ حتَّى يَلْحَقَ بوَارِثهِ؛ سَواءٌ سقَط به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَرِيبُ أو لا؛ كبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ، وبِنْتِ أخٍ لأُمٍّ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ المال لبِنْتِ بنْتِ البنتِ بالفَرْضِ والرَّدِّ. وذكَر في «التَّرْغيبِ» رِوايَةً، أن الإرْثَ للجِهَةِ القُرْبَى مُطْلَقًا. وفي «الرَّوْصَةِ» في ابنِ بِنْتٍ وابنِ أخٍ لأُمٍّ، له السُّدْسُ، ولابنِ البِنْتِ النِّصْفُ، فالمالُ بينَهما على أرْبَعَةٍ، بالفَرْضِ والرَّدِّ.

وَالْجِهَاتُ أَربَعٌ؛ الْأُبُوَّةُ، وَالْأُمُومَةُ، وَالْبُنُوَّةُ، وَالْأُخُوَّةُ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ الْعُمُومَةَ جِهَةً خَامِسَةً. وَهُوَ مُفْصٍ إِلَى إِسْقَاطِ بِنْتِ الْعمِّ مِنَ الأَبَوَينِ بِبِنْتِ الْعَمِّ مِنَ الأُمِّ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَمَا نَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والجِهاتُ أرْبعٌ؛ الأُبُوَّةُ، والأُمُومَةُ، والبُنُوَّةُ، والأُخُوَّةُ. هذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ أوَّلًا. ويَلْزَمُه عليه إسْقاطُ بِنْتِ الأخَ وبَناتِ الأخَواتِ وبنُوهُنَّ، ببَناتِ الأَعْمامِ والعَمَّاتِ. قال الشارِحُ: وهو بعيدٌ. قال في «المُحَرَّرِ»: وإذا كان ابنُ ابنِ أُخْتٍ لأمّ وبِنْتُ ابنِ ابنِ أخٍ لأبٍ، فله السُّدْسُ، ولها الباقِي. ويَلْزَمُ مَن جعَل الأخُوَّةَ جِهَةً، أنْ يجْعَلَ المال للبِنتِ، وهو بعيدٌ جِدًّا؛ حيثُ يجْعَلُ أجْنَبِيَّتين أهْلَ جِهَةٍ واحِدَةٍ. ورَدَّه شارِحُه. قال في «الفائقِ»: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فاسِدٌ. قال في «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. وقيل: خَطَأٌ. وذكَر أبو الخَطَّابِ العُمومَةَ جِهَةً خامِسَةً. وهو مُفْضٍ إلى إسْقاطِ بِنْتِ العَمِّ مِنَ الأبوَين ببِنْتِ العَمِّ مِنَ الأُمِّ [وَبِنْتِ العَمَّةِ] (¬1). قال المُصَنِّفُ هنا: ولا نعْلَمُ به قائلًا. وذكَر في «المُغْنِي» أنَّه قِياسُ قوْفِ محمدِ بنِ سالم. قال في «الفائقِ»: ولم يُعَدَّ قبلَه. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: هذا أشْهَرُ. واعْلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ الجِهاتَ ثلاثٌ؛ وهم الأُبُوَّةُ، والأُمُومَةُ، والبُنُوةُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ أخِيرًا، والمَجْدُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويَلْزَمُ عليه إسْقاطٌ لِبنْتِ عَمَّةٍ ببِنْتِ أخٍ. قال في «الفائقِ»: وهو أفْسَدُ مِنَ القَوْلِ الأولِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: النِّزاعُ لَفْظِيٌّ، ولا فَرْقَ بينَ جَعْلِ الأُخُوةِ والعُمومَةِ جِهَةً وبينَ إدْخالِهما في جِهَةِ الأُبُوةِ والأمُومَةِ وبجَعْلِ الجِهاتِ ثلاثًا، والاعْتِراضُ في الصُّورَتَين لا حَقِيقَةَ له؛ لأنَّا إذا قُلْنا: إذا كانا مِن جِهَةٍ، قدَّمْنا الأقْرَبَ إلى الوارِثِ، فإذا كانا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن جِهتَين، لم يُقدَّمِ الأقْرَبُ إلي الوارِثِ. فاسْمُ الجِهَةِ، عندَ أبِي الخَطَّابِ وغيرِه، يعْنِي به ما يَشْتَرِكان فيه مِنَ القَرابَةِ، ومعْلومٌ أنَّ بَناتِ العَمِّ والعَمَّةِ يشْتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ العُمومَةِ، وبَناتِ الإخْوَةِ يشتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ الأُخُوَّةِ، ولم يردْ أبو الخَطَّابِ بالجِهَةِ الوارِثَ الَّذي يُدْلِي به؛ ولهذا فرق بينَ الوارِثِ الَّذي يُدْلِي به وبينَ الجِهَةِ، فقال: إلَّا أنْ يَسْبِقَه إلى وارِثٍ آخَرَ غيرِه، وتَجْمَعَهما جِهَةٌ واحِدَةٌ. وإذا نَزَّلْنا بِنْتَ العَمَّةِ والعَمِّ مَنْزِلَةَ الأبِ، لم يمْنَعْ ذلك أنْ يكونَ جِهَةً مِن جِهَةِ العُمومَةِ؛ للمُشارَكَةِ في الاسْمِ. انتهى كلامُه. فائدة: البُنوةُ جِهَةٌ واحِدَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِيرِ». [وعنه، كل وَلَدِ الصُّلْبِ جِهَةٌ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغير»] (¬1): وهي الصَّحِيحَةُ عندِي. وعنه، كلُّ وارِثٍ يُدْلِي به جِهَةٌ. فعَمَّةٌ ¬

(¬1) سقط من الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ خالٍ، له الثُّلُثُ، ولها البَقِيَّةُ. ولو كان معهما خالةُ أُمٍّ، كان الحُكْمُ كذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ ابنَ الخالِ يسقُطُ بها (¬1)، ولها السُّدْسُ، والبَقِيَّةُ للعَمَّةِ. وخالةُ أُمٍّ وخالةُ أبٍ، المالُ لهما كجَدَّتَين. وتُسْقِطُهما أُمُّ أبي الأُمِّ، على هذه الرِّوايَةِ. والمذهبُ، تسْقُطُ هي. ولو كانت بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وبِنْتُ بِنْتِ ابن، فالمِيراثُ على أرْبَعَةِ بينَهما، إنْ قيلَ: كل، لَدِ صُلْبٍ جِهَةٌ. وإنْ قيلَ: كلُّهم جِهَةٌ. اخْتَصَّتْ به الثَّانِيَةُ للسَّبْقِ. ولو كان معها بِنْتُ بِنتِ بِنتٍ أُخْرَى، فالمِيراثُ لوَلَدَيْ بِنْتَي الصُّلْبِ على الأوَّلِ، ولوَلَدَيِ الابنِ على الثَّاني. قاله في «الفائقِ» وغيرِه. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَمَنْ أَمَتَّ بِقَرَابَتَينِ وَرِثَ بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن مَتَّ بقَرابتَين -أي أدْلَى- وَرِثَ بهما. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ،

وَإنِ اتَّفَقَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَينِ أعْطتَهُ فَرْضَهُ غَيرَ مَحْجُوبٍ وَلَا مُعَاوَلٍ، وَقَسَمْتَ الْبَاقِي بَينَهُمْ كَمَا لَو انْفَرَدُوا. وَيَحْتَمِلُ أن يُقْسَمُ الْفَاضِلُ عَنِ الزَّوْجِ بَينَهُمْ، كَمَا يُقْسَمَ بَينَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ. فَإذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. كشَخْصَين. وحُكِيَ عنه، أنَّه يَرِثُ بأقْواهما. قوله: وإنِ اتَّفَقَ معهم أحَدُ الزَّوْجَين، أعْطتَه فَرْضَه غيرَ مَحْجُوبٍ ولا مُعاوَلٍ،

خَلَّفَتْ زَوْجًا وَبِنْتَ بِنْتٍ وَبِنْتَ أُخْتٍ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَينَهُمَا نِصْفَينَ، عَلَى الْوَجْهِ الْأوَّلِ، وَعَلَى الْآخَرِ، يُقْسَمُ بَينَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ لِبثتِ الْبِنْتِ سَهْمَانِ، وَلِبِنْتِ الأُخْتِ سَهْمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقَسَمْتَ الباقِيَ بينَهم، كما لو انفْرَدوا. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويحْتَمِلُ أنْ يُقْسَمَ الفاضِلُ عنِ الزَّوْجِ بينَهم، كما يُقْسَمُ بينَ مَن أدْلَوْا به. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به القاضي في «التَّعْليقِ». وذكَرَه في «الواضِحِ». والأمْثِلَةُ التي ذكَرَها المُصَنِّفُ بعدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذا الخِلافِ، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منه.

وَلَا يَعُولُ مِنْ مَسَائِلِ ذَوي الْأَرْحَام إلا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَشِبْهُهَا، وَهِيَ خَالةٌ وَسِتُّ بَنَاتٍ لِسِتِّ أَخوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ تَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب ميراث الحمل

بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ إذَا مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ وَطَالبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَقَفْتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ الحَمْلِ فائدة: الحَمْلُ يَرِثُ في الجُمْلَةِ، بِلا نِزاع. لكِنْ هل يَثْبُتُ له المِلْكُ بمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِه، ويتَبَيَّنُ ذلك بخُروجِه حَيًّا، أم لا يثْبُتُ له المِلْكُ حتَّى ينْفَصِلَ حيًّا؟ فيه خِلافٌ بينَ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهذا الخِلافُ مُطَّرِدٌ في سائرِ أحْكامِه الثَّابِتَةِ له، هل هي مُعَلَّقَةٌ بشَرْطِ انْفِصالِه حَيًّا، فَلا تثْبُت قبلَه، أو هي ثابِتَةٌ له في حالِ كوْنِه حَمْلًا، لكِنْ ثُبوتُها مُراعًى بانْفِصالِه حَيًّا، فإذا انْفَصَلَ حيًّا تَبَيَّنَّا ثُبوتَها من حينِ وُجودِ أسْبابِها؟ وهذا هو تحْقِيقُ مَعْنَى قوْلِ مَن قال: هل الحَمْلُ له حُكْمٌ أمْ لا؟ قال: والذي يقْتَضِيه نصُّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في الإنْفاق على أُمِّه مِن نَصِيبِه، أنَّه يثْبُتُ له المِلْكُ بالإرْثِ مِن حينِ مَوْتِ أبِيه. وصرَّح بذلك ابنُ عَقِيلٍ، وغَيرُه مِنَ الأصحابِ. ونُقِلَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ما يدُلُّ على خِلافِه، وأنَّه لا يثْبُتُ له المِلْكُ إلَّا بالوَضْعِ. وقال المُصَنِّفُ ومَن تابعَه، في فِطْرَةِ الجَنِينِ: لم تثْبُتْ لهُ أحْكامُ الدُّنْيا إلَّا في الإِرْثِ والوَصِيَّةِ، بشَرْطِ خُروجِه حيًّا. انتهى. فائدة: قولُه: وَقَفْتَ له نَصِيبَ ذَكَرَين، إِنْ كان نَصِيبُهما أكْثَرَ، وإلَّا وَقَفْتَ

لَهُ نَصِيبَ ذَكَرَينِ، إِنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أكْثَرَ، وَإلَّا وَقَفْتَ نَصِيبَ أُنْثَيَينِ، وَدَفَعْتَ إِلَى مَنْ لَا يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ أقَلَّ مِيرَاثِهِ، وَلَا تَدْفَعُ إلَى مَنْ يُسْقِطُهُ شَيئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصِيبَ أُنْثَيَين. وكذا لو كان إرْثُ الذَّكَرِ والأُنْثَى أكْثَرَ. قاله في «الرِّعَايَتَين». وهذا بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فمِثالُ كوْنِ الذَّكرَين نَصِيبُهما أكثرُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو خَلَّفَ زوْجَةً حامِلًا. ومِثالُه في الأُنْثَيَينِ؛ كزَوْجَةٍ حاملٍ مع أَبوَين. ومِثالُه في الذَّكَرِ والأُنْثَى؛ لو خلفَ زوْجَةً، أو خلَّفَتْ زوْجًا وأُمًّا حامِلًا. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وفيه نظرٌ ظاهِرٌ.

فَإِذَا وُضِعَ الْحَمْلُ دَفَعْتَ إلَيهِ نَصِيبَهُ وَرَدَدْتَ الْبَاقِي إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ: وَإذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ صَارِخًا وَرِثَ وَوُرِثَ، وَفِي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ، وَالتَّنَفُّسُ، وَالارْتِضَاعُ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. فَأمَّا الْحَرَكَةُ وَالاخْتِلَاجُ فَلَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا اسْتَهَلَّ المَوْلُودُ صارِخًا، وَرِثَ ووُرِثَ. مُخَفَّفًا. هذا المذهبُ. نقَلَه أبو طَالِبٍ. قال في «الرَّوْضَةِ»: هذا الصَّحيحُ عندِي. وجزَم به (¬1) في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَرِثُ أيضًا بصَوْتٍ غيرِ الصُّراخِ. قوله: وفي مَعْناه العُطاسُ والتَّنَفُّس. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في العُطاسِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الرِّعايَتَين»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُذْهَبِ» في العُطاسِ. وقدَّمه في «الفائقِ». وقاله القاضي، وأصحابُه، وجَماعة في التَّنَفُّسِ. قال في «الفائقِ»: وشرَطَ القاضي طُولَ زَمَنِ التنَّفُّسِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ قامتْ بَيِّنَةٍ أنّ الجَنِينَ تَنَفَّسَ أو تحَرَّكَ أو عَطَسَ، فهو حيٌّ. وقال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» في هذا البابِ: فإنْ تحَرَّكَ أو تَنفَّسَ لم يكُنْ كالاسْتِهْلالِ. نقَل ابنُ الحَكَمِ، إذا تحَرَّكَ فَفيه الدِّيَةُ كامِلَةً، ولا يَرِثُ ولا يُورَثُ حتَّى يسْتَهِلَّ ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» أنَّ مُجَردَ التَّنَفُّسِ ليس كالاسْتِهْلالِ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: وعنه، يَتعَيَّنُ الاسْتِهْلالُ فقط. قوله: والارْتِضاعُ. يعْنِي أنَّه في مَعْنَى الاسْتِهْلالِ صارِخًا، فيَرِثُ ويُورَثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ» هذا الأشْهَرُ. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه. وقيل: لا يَرِثُ بذلك ولا يُورَثُ. وتقدَّمتِ الرِّوايَةُ التي ذكَرَها في «الفائقِ». قوله: وما يَدُلُّ على الحَياةِ. كالحَرَكَةِ الطَّويلَةِ والبُكاءِ وغيرِهما، ممَّا يُعْلَمُ به حَياتُه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيل: لا يَرِثُ

وَإنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيتًا لَمْ يَرِثْ. وَعَنْهُ، يَرِثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يُورَثُ بذلك. قوله: فأمَّا الحَرَكَةُ والاخْتِلاجُ، فلا يَدُلُّ على الحَياةِ. مُجَرَّدُ الاخْتِلاجِ لا يدُلُّ على الحَياةِ. وأمَّا الحرَكَةُ، فإنْ كانتْ يَسِيرَةً فلا تدُلُّ بمُجَرَّدِها على الحَياةِ. قال المُصَنِّفُ: ولو عُلِمَ معهما حياة؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ اسْتِقْرارُها لاحْتِمالِ كوْنِها كحرَكَةِ المَذْبُوحِ، فإنَّ الحَيَوانَ يتَحَرَّكُ بعدَ ذَبْحِه حَرَكَةً شَدِيدَةً، وهو كمَيِّتٍ. وكذا التَّنَفِّسُ اليَسِيرُ لا يدُلُّ على الحياةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». وإنْ كانتِ الحرَكَةُ طَويلَةً، فالمذهبُ أنَّها تَدُلُّ على الحياةِ، وأنَّ حُكْمَها حُكْمُ الاسْتِهْلالِ صَارِخًا. قال في «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيل: لا يَرِثُ ولا يُورَثُ بذلك. وَتَقدَّمَتِ الرِّوايَةُ التي في «الفائقِ»، فإنَّها تشْمَلُ ذلك كلَّه. قوله: وإنْ ظَهَرَ بعضُه فاسْتَهَلَّ ثم انْفَصَلَ مَيِّتًا، لَم يَرِثْ. هذا المذهبُ. جزَم

وَإنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ فَاسْتَهَلَّ أحَدُهُمَا وَأشْكَلَ، أُقْرِعَ بَينَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرعَتُهُ فَهُوَ الْمُسْتَهِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ». وعنه، يَرِثُ. قال في «الخُلاصَةِ»: وَرِثَ في الأصَحِّ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنَ مُنَجَّى». تنبيه: قوْلُه: وإنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَين، فاسْتَهلَّ أحَدُهما وأَشْكَلَ، أُقْرِعَ بينهما، فمَن خَرَجَتْ عليه القُرْعَةُ فهو المُسْتَهِلُّ. مُرادُه إذا كان إرْثُهما مُخْتَلِفًا، فلو كانا ذكرَين، أو أُنْثَيَين، أو ذكرًا وأُنْثَى أَخوَين لأُمٍّ، لم يُقرَعْ بينَهما، ويُقرَعُ فيما سِوَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، وهو واضِحٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو ماتَ كافِرٌ عن حَمْل منه، لم يَرِثْهْ الحَمْلُ؛ للحُكْمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإسْلامِه قبلَ وَضْعِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ونَصَرَه في «القَواعِدِ الفقْهِيَّةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: يَرِثُ. اخْتارَه القاضي في بعضِ كُتُبِه. قال في «الفُروع من»: وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصوابُ. وفي «المُنْتَخَبِ» للشِّيرازِيِّ، يُحْكَمُ بإسْلامِه بعدَ وَضْعِه ويَرِثُه. ثم ذكَر عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، إذا ماتَ حُكِمَ بإسْلامِه ولم يَرِثْه. وحمَلَه على ولادَتِه بعدَ قَسْمِ المِيراثِ. الثَّانيةُ، إذا ماتَ كافِر عن حَمْل من كافِرٍ غيرِه، فأسْلَمَتْ أُمُّه قبلَ وَضْعِه، مثْلَ أنْ يُخَلِّفَ أُمَّه حامِلًا مِن غيرِ أبِيه، فحكْمُه حُكْمُ المَسْألةِ الأُولَى. قاله الأصحابُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَرِثَ حيثُ ثَبَتَ النَّسَبُ. تنبيه: رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، في ذلك نُصوصٌ نذْكُرُها، ونذْكُرُ ما فسَّره الأصَحابُ به، فنقُولُ: روَى جَعْفَرٌ عنه، في نَصْرانِيٍّ ماتَ، وامْرأتُه نَصْرانِيَّةٌ، وكانتْ حُبْلَى، فأَسْلَمَتْ بعدَ موْتِه ثم وَلَدَتْ، هل يَرِثُ؟ قال: لا. وقال: إنَّما ماتَ أبُوه وهو لا يَعْلَمُ ما هو، وإنَّما يَرِثُ بالولادَةِ. وحكَم له بحُكْمِ الإِسلامِ. وقال محمدُ بنُ يَحْيَى الكَحَّالُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: ماتَ نَصْرانِيٌّ وامْرأَتُه حامِلٌ، فأَسْلَمَتْ بعدَ موْتِه. قال: ما في بَطْنِهَا مُسْلِمٌ. قلتُ: أَيَرِثُ أباه إذا كان كافِرًا وهو مُسْلِمٌ؟ قال: لا يَرِثُه. فصَرَّح بالمَنْعِ مِن إرْثِه لأبِيه، مُعَلِّلًا بأنَّ إرْثَه يَتأخَّرُ إلى ما بعدَ الولادَةِ، وإذا تأخَّرَ توْريثُه إلى ما بعدَ الولادَةِ، فقد سبَق الحُكْمُ بإسْلامِه زَمَنَ الولادَةِ، إمَّا بإسْلامِ أُمِّه، كما دلَّ علية كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، هنا -أو بمَوتِ أبيه، على ظاهِر المذهبِ. والحُكْمُ بالإِسْلامِ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَوقَّفُ على العِلْمِ به، بخِلافِ التَّوْريثِ، وهذا يَرْجِعُ إلى أنَّ التَّوْريثَ يتأَخَّرُ عن موْتِ المَوْرُوثِ، إذا انْعقدَ سبَبُه في حياةِ المَوْروثِ، وأُصُولُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، تشْهَدُ لذلك. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»، وقال: وأمَّا القاضي والأَكْثَرون فاضْطَرَبُوا في تخْريجِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وللقاضى في تخْريجِه ثلَاثةُ أوْجُهٍ؛ الأوَّلُ، أنَّ إِسْلامَه قبلَ قَسْمِ المِيراثِ أوْجَبَ منْعَه مِنَ التَّوْريثِ. وهي طريقةُ القاضي في «المُجَردِ»، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ظاهِرَةُ الفَسادِ. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّ هذه الصُّورَةَ مِن جُمْلةِ صُوَرِ تَوْريثِ الطِّفْلِ المَحْكومِ بإسْلامِه بمَوْتِ أبِيه، ونصُّه هذا يدُلُّ على عدَمِ التَّوْريثِ، فتكونُ رِوايَةً ثانِيَةً في المَسْأْلةِ. وهذه طريقةُ القاضي في «الرِّوايتَين». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ضعيفةٌ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، صرَّح بالتَّعْليلِ بغيرِ ذلك، ولأن تَوْريثَ الطِّفْلِ مِن أبِيه الكافرِ، وإنْ حُكِمَ بإسْلامِة بمَوْتِه، غيرُ مُخْتَلَفٍ فيه، حتَّى نقَلَ ابنُ المُنْذِرِ وغيرُه الإجْماعَ عليه، فلا يصِحُّ حمْلُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، على ما يُخالِفُ الإجْماعَ. والوَجْهُ الثَّالثُ، أن الحُكْمَ بإسْلامِ هذا الطِّفْلِ حصَل بشَيئَين؛ بمَوْتِ أبِيه، وإسْلامِ أُمِّه، وهذا الثَّاني مانِعَ قَويٌّ؛ لأنَّه مُتَّفَقٌ عليه، فلذلك منَعَ المِيراثَ، بخِلافِ الوَلَدِ المُنْفَصِلِ إذا ماتَ أحدُ أبَوَيه، فإنَّه يُحْكَمُ بإسْلامِه، ولا يُمْنَعُ ارْثَه؛ لأن المانِعَ فيه ضعيفٌ للاخْتِلافِ فيه. وهذه طريقةُ القاضي في «خِلافِه». قال ابنُ رَجَب: وهي ضعيفةٌ أيضًا، ومُخالِفَةٌ لتَعْليلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، فإِنَّه إِنَّما علَّلَ بسَبْقِ المانِعِ لتَوْرِيثِه، لا بقُوَّةِ المانِعِ وضَعْفِه، وإنَّمْا ورَّث الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، مَن حُكِمَ بإسْلامِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَوْتِ أحَدِ أَبَوَيه؛ لمقارَنَةِ المانِعِ لا لضَعْفِه. انْتَهى ما ذكَرَه في «القَواعِدِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو زوَّج أمتَه بحُرٍّ فأحْبَلَها، فقال السَّيِّدُ: إنْ كان حَمْلُكِ ذكَرًا، فأنْتِ وهو رَقِيقان، وإلَّا فأَنْتما حُرَّان. فهي القائِلَةُ: إنْ أَلِدْ ذكَرًا لم أَرِثْ ولم يَرِثْ، وإلَّا وَرِثْنا. فيُعايَى بها. وتقدَّم مَسائلُ في المُعاياةِ، فيما إذا كانتْ حامِلًا. الثَّانيةُ، لو خلَّفَ ورَثَةً، وأمَةً (¬1) مُزَوَّجَةً، فقال في «المُغْنِي»: يَنْبَغِي ألا يَطَأَها حتَّى تُسْتَبْرَأ. وذكَر غيرُه مِنَ الأصحابِ، يَحْرُمُ الوَطْءُ حتَّى يَعْلَمَ، أحامِلٌ هي أمْ لا؟ وهو الصَّوابُ. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «أمًّا».

باب ميراث المفقود

بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ وَإذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتِّجَارَةِ وَنَحْوهَا، انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مِن يَوْمِ وُلِدَ. وَعَنْهُ، يُنْتَظرُ أَبَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ المَفْقودِ قوله: وإذا انْقَطَع خَبَرُه لغَيبَبةٍ ظاهِرُها السَّلامَةُ؛ كالتِّجارَةِ ونحوها، انْتُظِرَ به تمامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تِسْعِين سَنَةً مِن يَوْمِ وُلِدَ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وصحَّحه في «المُذْهَبِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «الهِدايَةِ» وغيرِه: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُنْتَظَرُ أبدًا. فعليها، يجْتَهِدُ الحاكِمُ فيه، كغيبَةِ ابنِ تِسْعِين. ذكَره في «التَّرْغِيبِ». قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، في بابِ العِدَدِ: وإنْ كان ظاهِرُها السَّلامَةَ، ولم يثْبُتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موْتُه، بَقِيَتْ زوْجَتُه ما رأى الحاكِمُ، ثم تَعْتَدُّ للوَفاةِ. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، يُنْتَظَرُ أبدًا حتى تتَيقَّنَ موْتَه؛ لأنَّ الأَصْلَ حَياتُه. قدَّمه في بابِ العِدَدِ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هذا المذهبُ. ونَصَراه. وعنه، تَنْتَظِرُ زمَنًا لا يعِيشُ مِثْلَه غَالِبًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَنْتظِرُ مِائَةً وعِشْرِين سنَةً مِن يومِ وُلِدَ. وقال ابنُ رَزِينٍ: يَحْتَمِلُ عندِي أنْ يُنْتَظَرَ به أرْبعُ سِنِين؛ لقَضاءِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ الله عنه، بذلك. قال في «الفُروعِ»: وإنَّما قَضاؤُه في مَن هو في مَهْلكةٍ. قال في

وَإنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكَ، كَالَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَينِ أهْلِهِ، أوْ فِي مَفَازَةٍ مُهْلِكَةٍ، كَالْحِجَازِ، أوْ بَينَ الصَّفَّينِ حَال الْحَرْبِ، أوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ إِذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ، انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ يُقْسَمُ مَالُهُ. وَعَنْهُ، التَّوَقُّفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»: قلتُ: فلو فُقِدَ وله تِسْعُون سنَةً، فهل تَنْتَظِرُ عِدَّةَ الوَفاةِ، أو يُرْجَعُ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، أو يُرْتَقَبُ أرْبَعَ سِنين؟ يحْتَمِلُ أوْجُهًا. أفْتَى الشَّيخُ شَمْسُ الدِّين بالأَوَّلِ، يعْنِي به الشَّارِحَ، والمُخْتارُ الأخِيرُ. انتهى. قلتُ.: قد تقدَّم أن صاحِبَ «التَّرْغيبِ» قال: يجْتَهِدُ الحاكِمُ. ووافَقَه على ذلك في «الفُروع»، وهو أوْلَى. قوله: وإن كان ظاهِرُها الهَلاكَ -كما مثَّل المُصَنِّفُ- انْتُظِرَ به تَمامُ أَرْبعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سِنِين، ثم يُقْسَمُ مالُه. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، فقال: انْتُظِرَ به تمامُ أرْبَع سِنين منذُ تَلِف. وتابعَ صاحِبَ «الرعايَةِ الكُبْرَى» في ذلك. والأَوْلَى، منذُ فُقِدَ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُنْتَظَرُ به أرْبَعُ سِنين، وزِيادَةُ أرْبَعةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ. قال القاضي: لا يُقْسَمُ مالُه حتى تَمْضِيَ عِدَّةُ الوَفاةِ بعدَ الأرْبَعِ سِنين.

فَإِن مَاتَ مَوْرُوثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ دُفِعَ إِلَى كُلِّ وَارِثٍ الْيَقِينُ وَوُقِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، التَّوَقُّفُ في أمْرِه. وقال: كنتُ أقولُ ذلك، وقد هِبْتُ الجوابَ فيها لاخْتِلافِ النَّاسِ، وكأنِّي أُحِبُّ السَّلامَةَ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال أصحابُنا: وهذا توَقُّفٌ يَحْتَمِلُ الرُّجوعَ عمَّا قاله أوَّلًا، وتكونُ المَرْأةُ على الزَّوْجِيَّةِ حتى يثْبُتَ موْتُه، أو يَمْضِيَ زَمانٌ لا يعِيشُ فيه مِثْلُه، ويَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ، ويكونُ ما قاله أوَّلًا بحالِه في الحُكْمِ. وعنه، حُكْمُه في الانْتِظارِ حُكْمُ التي ظاهِرُها السَّلامَةُ. وقال في «الواضِحِ»: يُنتظَرُ زمَنًا لا يجوزُ مِثلُه. قال: وحدَّها في بعضِ رِواياتِه بتِسْعِين سنَةً. وقيل: بسَبْعِين. فائدة: نقَل المَيمُونِيُّ في عَبْدٍ مَفقُودٍ: الظَّاهِرُ أنَّه كالحُرِّ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. ونقَل مُهَنَّا وأبو طالِب في الأَمَةِ، أنَّها على النِّصْفِ مِنَ الحُرَّةِ. قوله: فإنْ ماتَ مَوْرُوثُه في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، دُفِعَ إلى كُلِّ وارِثٍ اليَقِينُ، ووُقِف الباقِي. وطريقُ العَملِ في ذلك أنْ تَعْمَلَ المَسْألَةَ على أنَّه حيٌّ، ثم على أنَّه مَيِّتٌ، ثم تَضرِبَ إحْداهما أو وَفْقَها في الأخْرَى، واجْتَزِئْ بإحْداهما إنْ تَماثلَتا، أو

الْبَاقِي، فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَ نَصِيبَهُ، وَإنْ لَمْ يَأْتِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأكْثَرِهما إن تَناسَبَتا، وتَدْفَعَ إلى كلِّ وارِثٍ اليَقِينَ، ومَن سقَطَ في إحْداهما لم يأْخُذْ شيئًا. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: تَعْمَلُ المَسْأَلَةَ على تقْديرِ حَياتِه فقط، ولا تَقِفْ شيئًا سِوَى نَصِيبِه إنْ كانَ يرِثُ. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِي. وصحَّحه في «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». فعلى هذا القولِ يُؤخَذُ ضَمينٌ مِمَّن معه احْتِمالُ زِيادةٍ على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقيل: لا يُؤْخَذُ منه ضَمِينٌ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع». قوله: فإن قَدِمَ، أخَذ نَصِيبَه. بلا نِزاعٍ. وقوله: وإنْ لم يَأْتِ، فحُكْمُه حُكْمُ مالِه. هذا الصَّحيحُ. صحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قال في «الفائقِ»: هو قولُ غيرِ صاحبِ «المُغْنِي» فيه. وقطَع به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» أيضًا، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يُرَدُّ إلى وَرَثَةِ الميِّتِ الذي ماتَ في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ. قطَع به في «المُغْنِي». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، وحَكاهما في «الشَّرْحِ» رِوايتَين. قال في «الفُروعِ»: والمَعْروفُ وَجْهان. قلتُ: لم نَرَ مَن حَكاهما رِوايتَين غيرَه. فعلى الأوَّلِ، يُقْضَى منه دَينُ المَفْقودِ، بلا نِزاعٍ، ويُنْفَقُ على زوْجَتِه أيضًا وعَبْدِه وبَهِيمَتِه. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الفائقِ»: يُقْضَى منه تلك الحالةَ دَينُه، ويُنْفَقُ على زَوْجَتِه وغيرِ ذلك. انتهى. وعلى الثَّاني، لا يُقْضَى منه دَينُه، ولا يُنْفَقُ منه على زوْجَتِه ولا عَبْدِه ولا بَهِيمَتِه. جزَم به صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «التَّهْذيبِ»، و «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، وغيرُهم. وقال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: يُقْسَمُ مالُه بعدَ انْتِظارِه. وهل تَثْبُتُ له أحْكامُ المَعْدومِ مِن حينِ فَقْدِه، أو لا تَثْبُتُ إلَّا مِن حينِ إباحَةِ أزْواجِه وقِسْمَةِ مالِه؟ على وَجْهَين، يَنْبَنِي عليهما، لو ماتَ له في مُدَّةِ انْتِظارِه

وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ فَيَقْسِمُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن يرِثُه، فهل يُحْكَمُ بتَوْرِيثِه منه أمْ لا؟ ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، أنَّه يُزَكَّى ماله بعدَ مُدَّةِ انتِظارِه؛ مُعَلِّلًا بأنَّه مات وعليه زَكاةٌ. وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يُحْكَمُ له بأحْكامِ المَوْتَى إلَّا بعدَ المُدَّةِ، وهو الأظْهَرُ. انتهى. قوله: ولباقِي الوَرَثَةِ أنْ يَصْطَلِحُوا على ما زادَ عن نَصِيبِه فيَقْتَسِمُوه. يجوزُ للوَرَثَةِ أنْ يصْطَلِحُوا على ما زادَ عن نَصِيبِ المَفْقودِ، ولهم أنْ يصْطَلِحُوا على كلِّ المَوْقوفِ أيضًا، إنْ حجَبَ أحدًا ولم يَرِثْ، أو كان أخًا لأبٍ عَصَّبَ أُخْتَه مع زَوْجٍ وأُخْتٍ لأبوَين. وهذا كلُّه مُفَرَّعٌ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. أمَّا على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وهو أنَّا نَعْمَلُ المَسْألَةَ على تَقْديرِ حَياتِه فقط، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتأَتَّى هذا. وقد تقدَّم أنَّه يُؤْخَذُ ضَمِينٌ ممَّن معه احْتِمالُ زِيادَةٍ، على الصَّحيحِ. فليُعاوَدْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد: الأُولَى، إذا قَدِمَ المَفْقودُ بعدَ قَسْمِ مالِه، أخَذَ ما وجَدَه بعَينِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَرْجِعُ على مَن أخَذَ الباقِيَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايةِ عبدِ اللهِ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «الفائقِ»: وهو أصحُّ. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وجزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، لا يَرْجِعُ على مَن أخَذَ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وقال: إنَّما قُسِمَ بحَقٍّ لهم. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وظاهرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ، فإنَّه قال: رجَع في رِوايَةٍ، ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يَرجِعُ. الثَّانيةُ، لو جُعِلَ (¬1) لأسِيرٍ مِن وَقْفٍ شيءٌ، تسَلَّمَه وحَفِظَه وَكِيلُه ومَن يَنْتَقِلُ إليه بعدَه جميعًا. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ»، وقال: ويتَوَجَّهُ وجْهٌ، يكْفِي وَكِيلُه. قلتُ: ويتَوَجَّهُ أنْ يَحْفَظَه الحاكِمُ إذا عُدِمَ الوَكِيلُ؛ لأنَّه المُتَكَلِّمُ على أمْوالِ الغُيَّابِ، على ما يأْتِي في أواخِرِ بابِ أدَبِ القاضي. الثَّالثةُ، المُشْكِلُ نَسَبُه كالمَفْقُودِ. فلو قال رجُلٌ: أحدُ هذينِ ابْني. ثبَتَ نسَبُ أحَدِهما فيُعَيِّنُه، فإنْ ماتَ عيَّنَهَ وارِثُه، فإنْ تعَذَّرَ أُرِيَ القافَةَ، فإنْ تعَذَّرَ عُيِّنَ أحدُهما بالقُرْعَةِ، ولا مدْخَلَ للقُرْعَةِ في النَّسَبِ على ما يأْتِي، ولا يرِثُ ولا يُوقَفُ، ¬

(¬1) في ط: «حصل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُصْرَفُ نَصِيبُ ابنٍ لبيتِ المالِ. ذكَرَه في «المُنْتَخَبِ» عنِ القاضي. وذكَر الأزَجِيُّ عنِ القاضي، يُعْزَلُ مِنَ التَّرِكَةِ مِيراثُ ابنٍ يكونُ مَوْقُوفًا في بَيتِ المالِ؛ للعِلْمِ باسْتِحقاقِ أحَدِهما. قال الأزَجِيُّ: والمذهبُ الصَّحيحُ لا وَقْفَ؛ لأنَّ الوَقْفَ إنَّما يكونُ إذا رُجِيَ زوالُ الإِشْكالِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم: ومَنِ افْتَقَرَ نسَبُه إلى قائفٍ، فهو في مُدَّةِ إشْكالِه كالمَفْقُودِ. الرَّابعةُ، قال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: والعمَلُ في المَفْقودَين أو أكْثَرَ، بتَنْزيلِهم بعَدَدِ أحْوالِهم، لا غيرُ، دونَ العَملِ بالحالين.

باب ميراث الخنثى

بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى وَهُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرأَةٍ. فَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ، فَإِنْ بَال أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ الخُنْثَى

سَبَقَ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ خَرَجَا مَعًا اعْتُبِرَ أَكثَرُهُمَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ خَرَجا معًا اعْتُبِرَ أكثَرُهما، فإن اسْتَوَيا فهو مُشْكِلٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: لا تُعْتَبَرُ الكَثْرَةُ. ونقلَه ابنُ هانِئ. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي الفَرَجِ وغيرِه، فإنَّه قال: هل يُعْتَبرُ السَّبْقُ في الانْقِطاعِ؟ فيه رِوايَتان. ولم يذكُرِ الكَثْرَةَ. وقال

فَإِنْ كَانَ يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ، وَهُوَ الصَّغِيرُ، أُعْطِيَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ، وَوُقِفَ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ فَيَظْهَرَ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ؛ مِنْ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ، أَوْ عَلَامَاتُ النِّسَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّبْصِرَةِ»: يُعْتَبرُ أطْوَلُهما خُروجًا، ونقَلَه أبو طالبٍ؛ لأنَّ بوْلَه يَمْتَدُّ وبَوْلَها يسِيلُ. وقال القاضي وابنُ عَقِيلٍ: إنْ خرَجا معًا حُكِمَ للمُتَأَخِّرِ. وقدَّم ابنُ عَقِيلٍ الكَثْرَةَ على السَّبْقِ. وقيل: إنِ انْتَشرَ بوْلُه على كَثِيبِ رَمْلٍ فذَكَرٌ، وإنْ لم ينْتَشِرْ فأُنْثَى. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. قال ابنُ أبي مُوسى: تُعَدُّ أضْلاعُه؛ فسِتَّةَ عشَرَ ضِلْعًا للذَّكَرِ، وسَبْعَةَ عشَرَ للأُنْثَى. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. قوله: وإنْ كان يُرْجَى انكِشافُ حَالِه، وهو الصَّغِيرُ، أُعْطِيَ هو ومَن معه اليَقِينَ، ووُقِفَ الباقِي حتى يَبلُغَ، فتَظْهَرَ فيه عَلاماتُ الرِّجالِ؛ مِن نَباتِ لِحْيَتِه

مِنَ الْحَيضِ وَنَحْوهِ. وَإنْ يُئِسَ مِنْ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ أَوْ عَدَمِ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أُعْطِيَ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وخُرُوجِ المَنِيِّ مِن ذَكَرِه، أو عَلاماتُ النِّساءِ؛ مِنَ الحَيضِ ونحوه. كسُقوطِ الثَّدْيَين. نصَّ عليه. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ»، و «المُحَررِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا أُنُوثَةَ بسُقوطِ الثَّدْيَين. وقيل: إنِ اشْتَهَى النِّساءَ فذكَرٌ في كلِّ شيءٍ. قال القاضي في «الجامِعِ»: إلَّا في الإِرْثِ والدِّيَةِ؛ لأنَّ للغيرِ حقًّا، وإنِ اشْتَهَى ذكَرًا فأُنْثَى. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ حاضَ مِن فَرْجِ المرْأةِ أو احْتَلمَ منه، أو أنْزَلَ مِن ذَكَرِ الرَّجُلِ، لم يُحْكَمْ بالخنُوثَةِ (¬1)؛ لجوازِ كوْنِه خِلْقَةً زائدَةً. وإنْ حاضَ مِن فَرْجِ النساءِ وأنْزَلَ مِن ذكَرِ الرَّجُلِ، فبالِغٌ بلا إشْكالٍ. وتقدَّم في بابِ الحَجْرِ، بما يحْصُلُ به بلُوغُ الخُنْثَى المُشْكِلِ، فلْيُعاوَدْ؛ فإنَّ فيه نَوْعَ الْتِفاتٍ إلى هذا. قوله: وإنْ يُئسَ مِن ذلِك بمَوْتِه، أو عَدَمِ العَلاماتِ بعدَ بُلُوغِه، أُعْطِيَ نِصْفَ ¬

(¬1) في ط: «ببلوغه»

فَإِذَا كَانَ مَعَ الْخُنْثَى بِنْتٌ وَابْنٌ، جَعَلْتَ لِلْبِنْتِ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَهُوَ سَهْمَانِ، وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةً، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةً. وَقَال أصْحَابُنَا: تَعْمَلُ المَسْأَلَةَ عَلى أَنَّهُ ذَكَرٌ، ثُمَّ عَلى أَنَّهُ أُنْثَى، ثُمَّ تَضْرِبُ إِحْدَاهُمَا أوْ وَفْقَهَا فِي الأُخْرَى إِنِ اتَّفَقَتَا، وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا إِنْ تَمَاثَلَتَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِيراثِ ذَكَرٍ، ونِصْفَ مِيراثِ أُنْثَى، فإذا كان مع الخُنْثَى بنْتٌ وابنٌ، جَعَلْتَ للبِنْتِ أقَلَّ عَدَدٍ له نِصْفٌ، وهُو سَهْمان، وللذَّكَرِ أرْبَعةً، ولِلْخُنْثَى ثَلاثَةً. وهذا اختِيارُ

أوْ بِأكْثَرِهِمَا إِنْ تَنَاسَبَتَا وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَينِ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إِحْدَى الْمَسْأَلَتَينِ مَضْرُوبٌ فِي الأُخْرَى، أوْ فِي وَفْقِهِمَا، أَوْ تَجْمَعُ مَا لَهُ مِنْهُمَا إِنْ تَمَاثَلَتَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ، وقال: هذا قوْلٌ لا بأْسَ به في هذه المَسْألةِ، وفي كل مسْألَةٍ فيها وَلَدٌ إذا كان فيهم خُنْثَى. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أصحابُنا: تُعْمَلُ المَسْأَلَةُ على أنَّه ذكَرٌ، ثم على أنَّه أُنْثَى. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فيَسْتَحِقُّ على اخْتِيارِ المُصَنِّفِ ومَن تابعَه في هذه المَسْألَةِ، ثلاثةً مِن تِسْعَةٍ، وهي الثُّلُثُ. وعلى قَوْلِ الأصحابِ يسْتَحِقُّ ثلاثةَ عشَرَ مِن أرْبَعِين، وهي أقلُّ مِنَ الثُّلُثِ. قوله: ثم تَضْرِبُ إحْداهما أو وَفْقَها في الأُخْرَى إنِ اتَّفَقَتا، وتَجْتَزِئُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإحْداهما إنْ تماثَلَتا، أو بأكْثَرِهما إِنْ تَناسَبَتا. هكذا قال الأصحابُ. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: المُناسِبُ هنا نَوْعٌ مِنَ المُوافقِ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: أُعْطِيَ نِصْفَ مِيراثِ ذَكَرٍ، ونِصْفَ مِيراثِ أُنْثَى. إذا كان يَرِثُ بهما مُتَفاضِلًا؛ كوَلَدِ المَيِّتِ أو وَلَدِ أبيه [أو ولدِ ابنِه] (¬1). أمَّا إذا وَرِثَ بكَوْنِه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، وفي ط: «أو ولد أبيه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرًا فقط؛ كوَلَدِ أخِي المَيِّتِ أو عمِّه ونحوه، فله نِصْفُ مِيراثِ ذَكَرٍ لا غيرُ. أو وُرِثَ بكَوْنِه أُنْثَى فقط؛ كوَلَدِ أبٍ خُنْثَى مع زَوْجٍ وأُخْتٍ لأبوَين ونحوه، فله نِصْفُ مِيراثِ أُنثَى لا غيرُ. أو يكونُ الذَّكَرُ والأنْثَى لا تَفاضُلَ بينَهما، كوَلَدِ الأمِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَه يُعْطَى سُدْسًا مُطْلَقًا. أو كان الخُنْثَى سَيِّدًا مُعْتِقًا، فإنَه عصَبَةٌ، بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَينِ أوْ أكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أحْوَالِهِمْ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: تُنَزِّلُهُمْ حَالينَ، مَرَّةً ذُكُورًا وَمَرَّةً إِنَاثًا. وَالْأوَّلُ أَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانا خُنْثَيَين فأكْثَرَ، نَزَّلْتَهم بعَدَدِ أحْوالِهم. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يُنَزِّلُهم حالين؛ مرَّةً ذُكورًا، ومرَّةً إناثًا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقال في «الفُروعِ»: وقال ابنُ عَقِيلٍ: تُقسَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرِكَةُ، ولا تُوقَفُ مع خُنْثَى مُشْكِلٍ على الأصحِّ. وقال في «الفائقِ»: وفيه وَجْهٌ؛ يُنَزَّلُون حالَيْن فقط؛ ذكُورًا وإناثًا. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، مع مُزاحَمَتِهم مع غيرِهم مِن وَجْهٍ واحدٍ. وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، وهو قِسْمَةُ مُسْتَحَقِّهِم بينَهم على أنْصِبائِهم مُنْفَردِين. فلو كان الوارثُ ابنًا ووَلَدَين خُنْثَيَين، صحَّتْ مِن مِائَتَين وأرْبَعِين، على تَنْزِيِلِهم. على الأحْوالِ؛ للِابْنِ ثَمانيةٌ وتِسْعون، ولكُلِّ خُنْثَى أحدٌ وسَبْعون. وتَصِحُّ على الحالين مِن أرْبعَةٍ وعِشْرِين؛ عشَرَة للِابْنِ، ولكُلِّ خُنْثَى سبْعَةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، تَصِحُّ مِن عَشَرَةٍ؛ للِابْنِ أرْبعَةٌ، ولكُلِّ خُنْثَى ثَلاثةٌ. ولو كان الوارِثُ وَلَدًا أو وَلَدَ ابْن خُنْثَيَين وعَمًّا، صَحَّتِ المَسْألَةُ مِن أرْبَعةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعِشْرِين؛ ثمانيةَ عشَرَ للوَلَدِ، وأرْبعَةٌ لوَلَدِ الإِبْنِ، وسَهْمان للعَمِّ. وعلى العَمَلِ بالحالين يسْقُطُ ولَدُ الابنَ هنا لو كان مع ولَدِ الصُّلْبِ أخْتُه. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وفي «الصُّغْرَى»: ولو كان. بزِيادَة واوٍ. فوائد؛ الأُولَى، لو أعْطَتَ الخَناثَى اليقينَ قبلَ اليأْسِ مِنَ انْكِشافِ حالِهم، نزَّلْتَهم بعَدَدِ أحْوالِهم بلا خِلافٍ. وكذا حُكْمُ المفْقُودِين كما تقدَّم. الثَّانيةُ، لو صالح الخُنْثَى المُشْكِلُ مَن معه على ما وُقِفَ له، صحَّ إنْ كان بعدَ البُلوغِ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، قال المُصَنِّفُ: لقد وَجَدْنا في عَصْرِنا شيئًا لم يَذْكُرْه الفَرَضِيُّون، فإنَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجَدْنا شخْصَين ليس لهما في قُبُلِهما مَخْرَجٌ، لا ذَكَر ولا فرْجٌ؛ أمّا أحدُهما فذكَرُوا أنَّه ليس له في قُبُلِه إلَّا لُحْمَةٌ ناتِئَةٌ كالرَّبْوَةِ، يَرْشَحُ البَوْلُ منها رَشْحًا على الدَّوامِ. والثَّاني ليس له إلَّا مَخْرَجٌ واحدٌ فيما بينَ المَخْرَجَين، منه يتَغوَّطُ ومنه يَبُولُ. وسألتُ مَن أخْبَرنِي عن زِيِّه، فقال: يَلْبَسُ لُبْسَ النِّساءِ ويُخالِطُهُنَّ، ويَغْزِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معهنَّ، ويَعُدُّ نفْسَه امْرأَةً. وحُدِّثْتُ أنَّ في بلادِ العجَمِ شخْصًا ليس له مَخْرَجٌ أصْلًا، لا قُبُلٌ ولا دُبُرٌ (¬1)، وإنَّما يتَقيَّأُ ما يأْكُلُه ويَشْرَبُه. قال المُصَنِّفُ: فهذا وما أشْبَهَهُ في مَعْنَى الخُنْثَى، لكِنَّه لا يُمْكِنُ اعْتِبارُه بمَبالِهِ، فإن لم يكُن له عَلامَةٌ أُخْرَى فهو مُشْكِلٌ. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في مَوْضِعٍ: ومن له ثَقْبٌ واحِدٌ يخْرُجُ منه البَوْلُ والمَنِيُّ والدَّمُ، فله حُكْمُ الخُنْثَى. وقال في مَوضِعٍ آخَرَ: وإنْ كان له ثَقْبٌ واحدٌ يَرْشَحُ منه البَوْلُ، فهو خُنْثَى مُشكِلٌ. كما تقدَّم. ¬

(¬1) في ط: «ذكر».

باب ميراث الغرقى ومن عمي موتهم

بَابُ مِيرَاثِ الْغرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ إِذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ، وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا، كَالْغَرْقَى وَالْهَدْمَى، وَاخْتَلَفَ وُرَّاثُهُمَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ فِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا، فَقَال زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ. وَقَال أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا. أَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَيَكُونُ مِيرَاثُ الابْن لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَينِ. ذَكَرَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيرَاثِ الغرْقَى ومن عُمِّيَ موْتُهم قوله: وإذا مات مُتَوارِثان وجُهِلَ أوَّلُهما مَوْتًا؛ كالغَرْقَى الهَدْمَى، واختَلَفَ وارِثُهُما في السَّابِق مِنْهما. إذا ماتَ مُتَوارِثان وجُهِلَ أوَّلُهما موتًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا

الْخِرَقِيُّ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّهُ يَقْسِمُ مِيرَاثَ كُلِّ مَيِّتٍ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ دُونَ مَنْ مَاتَ مَعَهُ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْتَى ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يَجهَلوا السَّابِقَ ويخْتَلِفُوا فيه، أو يَجْهَلُوا السَّابِقَ ولم يخْتَلِفُوا فيه، فإنْ جَهِلُوا السَّابِقَ ولم يخْتَلِفوا فيه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ المَوْتَى يَرِثُ صاحِبَه مِن تِلادِ مالِه، دُونَ ما وَرِثَه مِن المَيِّتِ؛ لئلَّا يدْخُلَه الدَّورُ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ هنا: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وقال: نصَّ عليه. واختارَه الأكثرُ. وهو مِن مُفْرَداتِ

يَرِثُ صَاحِبهُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنَ الْمَيِّتِ مَعَهُ، فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أوَّلًا وَيُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ،. ثُمَّ يُقْسَمُ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ عَلَى الأحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يُصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وخرج أبو بَكْر ومَن بعدَه منْعَ تَوارُثِ بعضِهم مِن بعضٍ. وهذا التَّخريجُ، من المَنصوصِ عنِ الامامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، فيما إذا اختلَفَ وَرَثةُ كلِّ ميِّتٍ في السَّابقِ منهما ولا بَيِّنَةَ في (¬1) المَسْألةِ الآتِيَةِ بعدَ هذه. واختارَه المُصَنِّفُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجدُ، وحَفِيدُه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللهُ، وصاحِبُ «الفائقِ». فائدة: لو عُلِمَ السَّابقُ منهما مَوْتًا، ثم نُسِيَ أو جَهِلُوا عَينَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ حُكْمَها حُكْمُ المَسْألَةِ التي قَبْلَها، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: هو قِياسُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال في «القَواعِدِ»: هذا المذهبُ. وقيل: يُعَيَّنُ بالقُرْعَةِ. وقال الأَزَجِيُّ: إنَّما لم نُجِزِ القُرعَةَ هنا؛ لعدَمِ دُخُولِها في النَّسَبِ. قال القاضي: لا يَمْتنِعُ أن نقولَ بالقُرْعَةِ هنا. وذكَرَ الوَنِّيُّ (¬1): أنَّه يَعْمَلُ باليَقِينِ ويَقِفُ مع الشَّكِّ حتى يَتَبَيَّنَ الأمْرَ أو يصْطَلِحُوا. واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا. والمَسْألَةُ الثَّانيةُ، إذا جَهِلُوا السَّابقَ، واخْتلَفَ وارِثُهما في السَّابقِ منهما ولا بَيِّنَةَ، أو كانتْ بَيِّنَةٌ وتعارَضَت، تحالفا ولم يتَوارَثا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ هنا: وهذا أحسَنُ، إن شاءَ الله تعالى. واختارَه الخِرَقِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: اختارَه الأكثرُ. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِي». وقال جماعةٌ: يتَوارَثان. منهم أبو الخَطَّابِ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجعَلَه المُصنِّفُ هنا ظاهِرَ المذهبِ. وقيل: يُقرَعُ (¬2) بينَهما. قال ابنُ أبي مُوسى: القُرعَةُ تُعَيِّنُ ¬

(¬1) في ا: «البوني». وهو الحسين بن محمد الفرضي. تقدمت ترجمته. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أسبَقَهما. وضعَّفَه أبو بكر في كتابِ «الخِلافِ». وقال جماعة مِنَ الأصحابِ: وإنْ تَعارَضَتِ البَيِّنَةُ وقُلْنا بالقِسْمَةِ، قُسِمَ بينَهما ما اختلَفا فيه نِصْفَين. قاله في «القَواعِدِ». والوَجهُ الرَّابعُ، وهو اختِيارُ أبي بَكرٍ في كتابِ «الخِلافِ»، أنَّه يُقْسَمُ القَدْرُ المُتَنازَعُ فيه مِنَ المِيراثِ بينَ مُدَّعِيَيْه نِصفَين، وعليهما اليَمِينُ في ذلك، كما لو تَنازَعا دابَّةً في أيدِيهما. ويأتِي هذا بعَييه في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ تعارُضِ البَيِّنتَين. فوائد؛ الأُولَى، لو عَيَّن الوَرَثَةُ مَوْتَ أحدِهما وشَكُّوا، هل ماتَ الآخَرُ قبلَه أو

فَعَلَى هَذَا لَوْ غَرِقَ أَخَوَانِ، أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيدٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو، صَارَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْآخَرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الأوَّلِ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَه؟ وَرِثَ مَن شُكَّ في وَقْتِ مَوْتِه مِنَ الآخَرِ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاؤُه. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: لا توارُثَ بينَهما. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ. قال في «الفائقِ»: وهو ضعيفٌ. الثَّانيةُ، لو تحقَّقَ موتُهما معًا، لم يتَوارَثا اتِّفاقًا. الثَّالثةُ، وهي غَريبةٌ، لو ماتَ أَخوان عندَ الزَّوالِ، أحدُهما بالمَشرِقِ والآخَرُ بالمَغرِبِ، وَرِثَ الذي ماتَ بالمَغرِبِ مِنَ الذي ماتَ بالمَشرِقِ؛ لمَوْتِه قبلَه، بِناءً على اخْتِلافِ الزَّوالِ. قاله في «الفائقِ». وقال: ذكَرَه بعْضُ العُلَماءِ. قال: وهو صحيحٌ. قلتُ: فيُعايَى بها. ولو ماتا عندَ ظُهورِ الهِلالِ؟ قال في «الفائقِ»: فتَعارُضٌ في المذهبِ، والمُختارُ أنَّه كالزَّوالِ. انتهى. فيُعايىَ بها أيضًا على اخْتِيارِه.

باب ميراث أهل الملل

بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَل لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ قوله: لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المُسْلِمَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: يرِثُ المُسْلِمُ مِن قَريبِه الكافِرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذِّمِّيِّ (¬1)، لئلَّا يمتَنِعَ قرِيبُه مِنَ الإسْلامِ، ولوُجوبِ نُصْرَتِهم ولا ينْصُروننا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

إلا أنْ يُسْلِمَ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِهِ فَيَرِثَهُ. وَعَنْهُ، لَا يَرِثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا إرْثَ بينَهما بالوَلاءِ، وهو إحدَى الرِّوايتَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يرِثُ بالوَلاءِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ويأتي ذلك في كلامِ المُصَنفِ في بابِ الوَلاءِ. قوله: إلَّا أنْ يُسْلِمَ قبلَ قَسْمِ ميراثِه، فَيَرِثَه. وكذا لو كان مرتَدًّا، على ما يأتِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في كلامِ المُصَنِّف. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايتَين»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. واختارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو مِن المُفْرَداتِ. وعنه، لا يَرِثُ. صحَّحه جماعةٌ. واختارَه في «الفائقِ». قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبعِين بعدَ المِائةِ»: وحكَى القاضي عن أبي بَكْرٍ، أن الزَّوْجَين لا يتَوارَثان بالإسْلامِ قيلَ القِسْمَةِ بحالٍ. قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ خِلافُه، وأنَّه لا فَرْقَ بينَ الزَّوْجَينِ وغيرِهما. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه أنَّه سواءٌ كان المُسْلِمُ زوجَةً أو غيرَها ممَّن

وَإنْ عَتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَقَبْلَ الْقَسْمِ لَمْ يَرِثْ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَرِثُ. وهو صحيحٌ، وصرح به القاضي وغيرُه. ونصَّ عليه في رِوايةِ البِرْزَاطِيِّ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُها. وقيل: لا تَرِثُ الزَّوْجَةُ إذا أسْلَمَت. قال في «الفائقِ»: ولو كان المُسْلِمُ زوجَةً، لم تَرِثْ في قولِ أبي بَكْرٍ، ووَرَّثَها القاضي. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، ذكَره ابنُ عَقِيل. قال في «القَواعِدِ» بعدَ أنْ قطَع بالأوَّلِ: وعلى هذا، لو أسلمَتِ المَرأَةُ أولًا ثم ماتَتْ في مُدَّةِ العِدَّةِ، لم يَرِثْها زوجُها الكافِرُ ولو أسلَم قبلَ القِسْمَةِ، لانقِطاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عندَ مَوْتِها. قوله: وإنْ عَتَقَ عبدٌ بعدَ مَوْتِ مَوْرُوثِه وقبلَ القِسمَةِ، لم يَرِثْ وَجهًا واحِدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الهِدايَةِ» وغيرِها: رِوايةً واحدةً. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَرِثُ. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى، وخرَّجَه التَّمِيمِيُّ على الإسْلامِ. فائدة: قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين»: ولو وُجِدَتِ الحُرِّيَّةُ عَقِبَ مَوْتِ المَوْرُوثِ أو معه؛ كتَعْليقِ العِتْقِ على ذلك، أو دَبَّرَ ابْنَ عمِّه ثم ماتَ، لم

وَيَرِثُ أهْلُ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِنِ اتَّفَقَتْ أدْيَانُهُمْ. وَهُمْ ثَلَاثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ يَرِثْ. ذكَرَه القاضي، وصاحِبُ «المُغْنِي». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: ينبَغِي أنْ يُخَرَّجَ على الوَجْهَين، فيما إذا حدَثَتِ الأهْلِيَّةُ مع الحُكْمِ؛ هل يُكْتَفَى بها، أو يُشْترَطُ تقَدُّمُها؟ قوله: ويرِثُ أهلُ الذِّمَّةِ بعضُهم بعضًا إنِ اتّفَقَتْ أدْيانُهم، وهم ثَلاثُ مِلَلٍ؛

مِلَل؛ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَدِينُ سَائِرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَهُودِيَّةُ، والنَّصْرانِيَّةُ، ودِينُ سائِرِهم. هذا إحدَى الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا قولُ القاضي وعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وعنه رِوايةٌ ثانيةٌ، أنَّهم مِلَلٌ شتَّى مُخْتَلِفَةٌ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. اختارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فعلى هذا، المَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ، وعبَدَةُ الأَوْثانِ مِلَّةٌ، وعُبَّادُ الشَّمسِ مِلَّةٌ. وعنه، أنَّ الكُفْرَ مِلَّةٌ واحِدَةٌ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وعنه، اليَهُودِيَّةُ والنَّصْرانِيَّةُ مِلَّتان، والمَجُوسِيَّةُ والصَّابِئَةُ مِلَّةٌ. وقيل: الصَّابِئَةُ كاليَهُودِيَّةِ. وقيل: كالنَّصْرانِيَّةِ. وقد تقدَّم في أوَّلِ بابِ عَقدِ الذِّمَّةِ، أنَّ الإمامَ أحمدَ رَحِمَه اللهُ قال:

وَإنِ اخْتَلَفَتْ لَمْ يَتَوَارَثُوا. وَعَنْهُ، يَتَوَارَثُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هم جِنسٌ مِنَ النَّصارَى. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: بلغَنِي أنَّهم يَسْبِتُون. وقيل: مَن لا كِتابَ له مِلَّةٌ واحدَةٌ. وأطْلقَهُنَّ في «الفائقِ». قوله: وإنِ اخْتَلَفَتْ أدْيانُهم لم يَتَوارثُوا. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه

وَلَا يَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا، وَلَا حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا. ذَكَرهُ الْقَاضِي. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَتَوَارَثَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». وعنه، يتَوارَثُون. جزَم به في «المُنَوِّرِ». واختارَه الخَلَّالُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، فقال: ويَرِثُ الكُفَّارُ بعضُهم بعضًا، وإنِ اخْتلَفتْ مِلَلُهم. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وهو مُقتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «الكافِي». وقال القاضي: يتَوارَثُون إذا كانُوا في دارِ الحَرْبِ. تنبيه: الخِلافُ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في المِلَلِ، فإنْ قُلْنا: المِلَلُ مخْتلِفَةٌ. لم يتَوارَثُوا مع اخْتِلافِهم، وإنْ قُلْنا: الكُفْرُ كلُّه مِلَّةٌ واحدَةٌ. توارَثُوا. قوله: ولا يَرِثُ ذمِّيٌّ حَرْبِيًّا، ولا حَرْبيٌّ ذمِّيًّا، ذكَرَه القاضي. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «التَّهْذَيبِ» اتِّفاقًا. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»: لا يتَوارَثُون عندَ أصحابِنا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ: منَعَه القاضي وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أنْ يتَوارَثا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ يعْقُوبَ. وذكَرَه القاضي في «التَّعليقِ». وذكَر أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» أنَّه الأَقوَى في المذهبِ. قال المُصَنِّفُ: هو قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فائدة: يَرِثُ الحرْبِيُّ المُسْتأْمَنَ، وعَكْسُه، ويَرِثُ الذِّمِّيُّ المُسْتأْمَنَ،

وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أحَدًا، إلا أن يُسْلِمَ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعكسُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُنْتَخَبِ»: يَرِثُ المُسْتأْمَنَ ورَثَتُه الذين بدارِ الحَرْبِ؛ لأنَّه حَرْبِيٌّ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: هو في حُكمِ ذِمِّيٍّ. وقيل: حَربِيٍّ. قوله: والمُرتَدُّ لا يَرِثُ أحَدًا، إلَّا أنْ يُسْلِمَ قبلَ قَسْمِ المِيراثِ. [فإذا لم يُسْلِمْ لم يَرِثْ أحدًا. وإنْ أسْلَمَ قبلَ قَسْمِ المِيراثِ] (¬1)، فحُكْمُه حُكْمُ الكافرِ الأصلِيِّ إذا أسْلَمَ قبلَ قَسْمِ المِيراثِ، على ما تقدَّم خِلافًا ومذهَبًا، فليُعاوَدْ. وإرْثُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ مَاتَ فِي رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ أهْلِ الدِّينِ الَّذِي اخْتَارَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ قَسْمِ المِيراثِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، كما تقدَّم في الكافرِ الأصْلِيِّ. قوله: وإنْ ماتَ في رِدَّتِه فمالُه فَيْءٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايَةِ»: على ذلك عامَّةُ أصحابِنا. قال القاضي: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وكذا قال الشارِحُ في بابِ المُرتَدِّ، وقال هنا: هذا المَشْهورُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اختارَه القاضي وأصحابُه، وعامَّةُ الأصحابِ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَررِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، أنَّه لوَرَثَتِه مِنَ المُسلِمِين. اختارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، أنَّه لوَرَثَتِه مِن أهلِ الدِّينِ الذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختارَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: بشَرطِ ألا يكُونوا مُرْتَدِّين. وروَى ابنُ مَنصُورٍ أنَّه رجَع عن هذا القَوْلِ. وأطْلقَهُنَّ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، الزِّنْدِيقُ وهو المُنافِقُ كالمُرْتَدِّ، على ما تقدَّم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا ومذهبًا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يَرِثُ ويُورَثُ. الثَّانيةُ، كلُّ مُبْتَدِعٍ داعِيَةٍ إلى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ، فمالُه فَيْءٌ. نصَّ عليه في الجَهْمِيِّ وغيرِه. وسَيأْتِي ذلك في بابِ مَوانعِ الشَّهادَةِ. وعلى الأصحِّ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين، أو غيرِ داعِيَةٍ. وهما في غُسْلِه والصَّلاةِ عليه وغيرِ ذلك. ونقَل المَيمُونِيُّ، في الجَهْمِيِّ إذا ماتَ في قَرْيَةٍ ليس فيها إلَّا نَصارَى، مَن يشْهَدُه؟ قال: أنا لا أشْهَدُه، يشْهَدُه مَن شاءَ. قال ابنُ حامِدٍ: ظاهرُ المذهبِ خِلافُها، على نقْلِ يَعْقُوبَ وغيرِه، وأنَّه بمَثابَةِ أهلِ الرِّدَّةِ في وفَاتِه ومالِه ونِكاحِه. قال: وقد يتَخَرَّجُ على رِوايةِ المَيمُونِيِّ، أنَّه إن توَلَّاه مُتَوَلٍّ، فإنَّه يَحْتَمِلُ في مالِه ومِيراثِه أهْلَه وَجْهان.

فَصْلٌ: وَإنْ أَسْلَمَ الْمَجُوسُ أوْ تَحَاكَمُوا إِلَينَا وُرِّثُوا بِجَميِعِ قَرَابَاتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسلَمَ المَجُوسُ أو تَحاكَمُوا إلينا، وَرِثُوا بجَميعِ قراباتِهم. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يرِثُون بأقْواها، وهي ما يَرِثُ بها مع ما يُسقِطُ الأُخرَى. ذكَرَها حَنْبَلٌ، ومنَعَها أبو بَكرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ ما إذا أوْلَدَ المُسْلِمُ ذاتَ مَحْرَمٍ وغيرَها، بشُبْهَةٍ تُثْبِتُ النَّسَبَ، حُكمُ المَجُوسِ في إرْثهم بجميعِ قراباتِهم. قاله الأصحابُ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وكذا الحُكْمُ في كلِّ مَن أُجْرِيَ مَجْرَى المَجُوسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ممَّن يَنْكِحُ ذَواتِ المَحْرمِ.

فَإِذَا خَلَّفَ أُمَّهُ، وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ، وَعَمًّا، وَرِثَتِ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا، وَالنِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ بِكَوْنِهَا أُمًّا إلا السُّدْسَ؛ لِأنَّهَا انْحَجَبَتْ بِنَفْسِهَا وَبِالأُخْرَى. وَلَا يَرِثونَ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَلَا بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّونَ عَلَيهِ لَوْ أسْلَمُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب ميراث المطلقة

بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ إِذَا طَلَّقَهَا في صِحَّتِهِ، أَوْ في مَرَضٍ غَيرِ مَخُوفٍ أو غَيرِ مَرَض الْمَوْتِ طَلَاقًا بَائِنًا قُطِعَ التَّوَارُثُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ المُطَلَّقَةِ

وَإنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ يَقْطَعْهُ مَا دَامَتْ في الْعِدَّةِ. وَإن طَلَّقَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ؛ بِأَنْ سَأَلتْهُ الطَّلَاقَ، أوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْل لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ، أوْ عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ، أوْ طَلَّقَ مَنْ لَا تَرِثُ كَالأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأسْلَمَتْ فَهُوَ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ في أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَها في مَرَضِ الموْتِ المَخُوفِ طَلاقًا لا يُتَّهَمُ فيه، بأنْ سَأَلَتْه الطَّلاقَ، أو عَلَّقَ طَلاقَها على فِعْل لها منه بُدٌّ ففَعَلتْه، أو عَلَّقَه في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فوُجِدَ في المَرَضِ، أو طَلَّقَ مَن لا تَرِثُ؛ كالأمَةِ والذِّمِّيَّةِ، فَعتَقَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَأسْلَمَتْ، فهو كطَلاقِ الصَّحِيحِ في أَصَحِّ الرِّوايَتَين. ذكَر المُصَنِّف هنا مَسائِلَ؛ منها، إذا سألَتْه الطَّلاقَ، فأجابَها إلى سُؤالِها، أو علَّقَه على فِعْل لها منه بُدٌّ ففَعَلَتْه عالِمَةً، فالصَّحيحُ مِنَ الذهبِ أنَّه كطَلاقِ الصّحيحِ، كما صحَّحه المُصَنِّفُ هنا. وصحَّحه صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هو كطَلاقِ مُتَّهَمٍ فيه. اخْتارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لو سألتْه أنْ يُطَلِّقَها طَلْقَةً فطَلَّقَها ثلًاثًا، أنَّه كطَلاقِ الصّحيحِ أيضًا. وهو ظاهرُ كلام كثير مِنَ الأصحابِ. قال أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ: إذا سألتْه الطَّلاقَ فطَلَّقها ثلاثًا، لم تَرِثْه. قال في «الفُروعِ»: وهو مَعْنَى كلامِ غيرِه. وقد أحْسَنَ المُصَنِّفُ في قَوْلِه: إن لم أُطَلقْكِ فأنتِ طالِقٌ. أنَّه إنْ علَّقَه على فِعْلِها، ولا مشَقَّةَ عليها فيه، فأبَتْ ذلك لم يتَوارَثا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: تَرِثُ؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ فيه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو خالعَتْه فهو كطَلاقِ الصَّحيحِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تَرِثُ منه. الثَّانيةُ، لو قذَفَها في صِحَّتِه، ولاعَنَها في مَرضِه مُطْلَقًا، وقيل: لنَفْي الحدِّ لا لنَفْي الوَلَدِ، أو علَّق طَلاقَها حالةَ الصِّحَّةِ على فِعْلٍ لها لا بُدَّ لها منه، ففَعَلَتْه في المَرضِ، ورِثَتْه فيهما على أصحِّ الرِّوايتَين. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وعنه، لا تَرِثُ. وجزَم به جماعة مِنَ الأصحابِ في المَسْألةِ الأُولَى. ومِن مَسائل المُصَنِّفِ، إذا علَّقه في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فوُجِدَ في المرَضِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه كطَلاقِ الصَّحيحِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه كمُتَّهَمٍ فيه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروعِ»: وإنْ علَّقَه بشَهْرٍ معْلومٍ فجاءَ في مرَضِه، فرِوايَتان. ومِن مَسائلِ المُصَنِّفِ أيضًا، إذا طلَّقَ مَن لا تَرِثُ؛ كالأمَةِ، والذِّمِّيَّةِ، فعتَقَتْ وأسْلَمَتْ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه كطَلاقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ». وعنه، أنَّه كطَلاقِ مُتَّهَمٍ فيه. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ؛ مِثْلَ أن طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً، أوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوهَا فَفَعَلَتْهُ، أوْ قَال لِلذِّمِّيَّةِ أو الْأمَةِ: إِذَا أسْلَمْتِ أوْ عَتَقْتِ فَأنْتِ طَالِقٌ. أوْ عَلِمَ أنَّ سَيِّدَ الْأمَةِ قَال لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا. فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَرِثَتْهُ مَا دَامَتْ في الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَرِثْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، قولُه: وإنْ كان مُتَّهَمًا بقَصدِ حِرْمانِها المِيراثَ، وَرِثَتْه ما دامَتْ في العِدَّةِ. فمِن ذلك، لو أقَرَّ في مرَضِه أنَّه أبانَها في صِحَّتِه، فهذا مُتَّهَمٌ فيه، فترِثُه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في كتابِ الإقرارِ. وقال في «المُنْتَخَبِ» للشيرازِيِّ: لا تَرِثُه. قلتُ: وهو بعيدٌ. ومِن ذلك، لو وَطِئَ حَماتَه لم يَقطَعْ إرْثَ زوجَتِه، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَ عاقِلًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا بُدَّ أن يكونَ مُكَلَّفًا. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». الثَّانيةُ، لو وكَّلَ في صِحَّتِه مَن يُبينُها متى شاءَ، فأبانَها في مرَضِه، لم يَقْطَعْ ذلك إرْثَها منه. الثَّالثةُ، قولُه: أو عَلقَه على فِعْل لا بُدَّ لها منه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالصَّلاةِ، ونحوها. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: وكلامِ أبوَيها أو أحَدِهما. قال الأصحابُ: لا بُدَّ لها منه. شَرْعًا كما مثَّل، أو عقْلًا؛ كأَكْلٍ، وشُرْبٍ، ونَوْمٍ، ونحوه.

وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَرِثَتْه ما دامَت في العِدَّةِ، ولم يَرِثْها هو -بلا نِزاعٍ- وهل تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ، أو تَرِثُه المُطَلَّقَةُ قبلَ الدُّخُولِ؟ على روايتَين. يَعْنِي إذا فعَل فِعْلًا يُتَّهَمُ فيه بقَصْدِ حِرمانِها، فإنَّها ترِثُه ما دامَتْ في العِدَّةِ، بلا نِزاعٍ، ولا يَرِثُها هو، بلا نِزاعٍ. وهل تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ أو تَرِثُه المطَلَّقَةُ قبلَ الدُّخُولِ؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه رِوايتَين، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» في الأُولَى؛ إحْداهما، تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ، ولو كانتْ غيرَ مدْخُولٍ بها، ما لم تتَزَوَّجْ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: نقَلَه واختارَه الأكثرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا المَشْهورُ عنِ الإمامِ أحمدَ رَحِمَه الله. قال في «المُذْهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. قال أبو بَكرٍ: لا يخْتَلِفُ قولُ أبي عبدِ اللهِ في المَدْخُولِ بها أنَّها تَرِثُه في العِدَّةِ وبعدَها ما لم تتَزوَّجْ. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تَرِثُه. واختارَه في «التَّبْصِرَةِ» في المَدْخُولِ بها. وصحَّحه في «النَّظْمِ» فيها. وقدَّمه فيهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه المُصَنِّفُ في آخِرِ البابِ؛ حيثُ جعَل المِيراثَ للزَّوْجاتِ اللَّاتِي في عِصمَتِه، ولم يُعْطِ المُطَلّقاتِ شيئًا، فيما إذا طلَّق أرْبَعًا

فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وانقضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وتزَوَّجَ بعدَهُنَّ أرْبَعًا وماتَ عنهُنَّ. قال أبو بَكْر: إذا طلَّقَ ثلًاثًا قبلَ الدُّخُولِ في المَرضِ، فيها أربَعُ رِواياتٍ؛ إحْداهنَّ، لها الصَّداقُ كامِلًا والمِيراثُ، وعليها العِدَّةُ. واخْتارَه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: وَينبَغِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ تكونَ العِدَّةُ عِدَّةَ وَفاةٍ. قلتُ: فيُعايَى بها في الصَّداقِ. والثَّانيةُ، لها المِيراثُ والصَّداقُ، ولا عِدَّةَ عليها. والثَّالثةُ، لها المِيراثُ ونِصفُ الصَّداقِ، وعليها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِدَّةُ. والرَّابعةُ، لا تَرِثُ، ولا عِدَّةَ عليها، ولها نِصفُ الصَّداقِ. انتهى. ويُعايَى بها حيثُ أوْجَبْنا العِدَّةَ. [وأطْلَقَ في تَكْميلِ المَهْرِ وعدَمِه الرِّوايتَين، في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّم تَكْمِيلَ المَهْرِ ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ أنَّه لا يُكَمَّلُ؛ لما ذَكَرُوه في الصَّداقِ] (¬1). تنبيه: حيثُ قُلْنا: تَرِثُ منه (¬2). فإنَّه يُشْترَطُ ألا تَرْتدَّ، فإنِ ارْتَدَّتْ لم تَرِثْ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلًا واحدًا. فلو أسْلمَت بعدَه لم تَرِثْ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، وصحَّحه. وعنه، تَرِثُ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإنْ أكْرَهَ الابْنُ امْرَأةَ أبِيهِ في مَرَضِ أبِيهِ عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا، لَمْ يُقْطَعْ مِيرَاثُهَا، إلا أنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأةٌ سِوَاهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أكْرَه الابنُ امْرأةَ أبِيه، في مرَضِ أبِيه، على ما يَفْسَخُ نِكاحَها، لم يَنْقَطِعْ مِيراثُها. مُرادُه إنْ كان الابنُ عاقِلًا. وقوله: إلَّا أنْ يكُونَ له امْرأةٌ سِواها. مقَيَّدٌ بما إذا لم يُتَّهَمْ فيه مع وُجودِ امْرأَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سِواها، وهو واضِحٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وعليه الأصحابُ، أنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الإكراهِ. وذكَر بعضُهم، إنِ انتفَتِ التُّهْمَةُ بقَصْدِ حِرمانِها الإرْثَ أو بعضَه، لم تَرِثْه في الأصحِّ. قال في «الفُروع»: ويتَوجَّهُ منه، لو تزَوَّجَ في مرَضِه مُضارَّةً؛ لينقِصَ إرْثَ غيرِها، وأَقرَّت به، لم تَرِثْ. ومَبْنَى كلامِ شيخِنا رَحِمَه اللهُ تعالى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه، تَرِثُه؛ لأنَّ له أنْ يُوصِيَ بالثُّلُثِ. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإنْ أكْرَهَ. أنَّها لو كانتْ مُطاوعَةً أنَّها لا تَرِثُ، وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَرِثُ.

وَإِنْ فَعَلَتْ في مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن فعَلَتْ في مرَضِ مَوتِها ما يَفسَخُ نِكاحَها، لم يَسْقُطْ مِيراثُ زَوْجِها. مُرادُه ما دامَت في العِدَّةِ. ومُرادُه أيضًا إذا كانتْ مُتَّهَمَةً في فَسْخِه، أمَّا إذا كانتْ غيرَ مُتَّهَمَةٍ، كفَسْخِ المُعْتَقَةِ إذا كانتْ تحتَ عَبدِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ انقِطاعُ الإرْثِ. وعنه، لا ينْقَطِعُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا.

وَإنْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ أُقْرِعَ بَينَهُنَّ، فَمَنْ أصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإذَا طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في مَرَضِهِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وَتَزَوَّجَ أرْبَعًا سِوَاهُنَّ، فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ بَينَ الثَّمَانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا طَلَّقَ أربَعَ نِسْوَةٍ في مرَضِه، فانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وتَزَوَّجَ أربَعًا سِواهنَّ، فالمِيراثُ للزوْجاتِ. وعَنْه، أنَّه للثَّماني. اعلمْ أنَّ الخِلافَ الذي ذكَره المُصَنِّفُ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ الذي تقدَّم في المُطلَّقَةِ المُتَّهَمِ في طَلاقِها، إذا انقضَتْ عِدَّتُها ولم تتَزَوَّجْ ولم تَرْتَدَّ، عندَ جماهيرِ الأصحابِ، وبنَوْه عليه. وتقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هناك أنَّها تَرِثُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ ما لم تتَزَوَّجْ، فكذا هنا. فعلى هذا يكونُ المِيراثُ لِلثَّماني، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فلو كانتِ المُطَلَّقَةُ المُتَّهَمُ في طَلاقِها واحِدَةً، وتزَوَّجَ أربَعًا سِواها، ولم تَتَزَوَّجِ المُطَلَّقَةُ بعدَ انقِضاءِ عِدَّتِها حتى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ماتَ الزَّوْجُ، كان المِيراثُ بينَ الخَمْسِ (¬1) على السَّواءِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، رُبْعُه للمُطَلَّقَةِ، وثلاثةُ أرباعِه للأربَعِ إنْ تزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ واحدٍ، وإلَّا فللثَّلاثِ السَّوابقِ. اختارَه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وصححه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «تَجْرِيدِ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «الجهتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايَةِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: وقيل: يَحتَمِلُ أنَّ كلَّه للبائنِ. انتهى. ولو كان مَكانَ المُطَلَّقَةِ أربَعٌ، فطَلَّقَهُنَّ وتزَوَّجَ أربَعًا سِواهُنَّ، كما مثَّل المُصَنِّفُ، فالمِيراثُ للثَّماني على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم. وللمُطَلَّقاتِ، على اختِيارِ صاحب «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «النّظْمِ». وقدَّمه في «تَجريدِ العِنايَةِ». وللزَّوجاتِ فقط، على القَوْلِ بأنَّ المُطَلَّقاتِ لا يَرِثْنَ شيئًا. وهو الذي قدّمه المُصَنِّفُ هنا، واختارَه هو والشَّارِحُ. ورَدَّ المُصَنِّفُ، قولَ مَن يقولُ: إنَّ الإرْثَ لِلثَّمانى أو للمُطَلَّقاتِ. وظاهرُ كلامِ مَن يقولُ ذلك عدَمُ البِناءِ، فلو ماتَتْ إحدَى المُطَلَّقاتِ أو تَزَوَّجَتْ، فقِسطُها للزَّوْجاتِ المُتَجَدِّداتِ إنْ تَزَوّجَهُنَّ في عَقْدٍ واحدٍ، وإلَّا قُدِّمَتِ السَّابقةُ إلى كمالِ أربَعٍ بالمَبْتُوتَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، بقوْلِه: وتزَوَّجَ أربَعًا سِواهنَّ، فالمِيراثُ للزَّوجاتِ. وعنه، أنَّه بين الثَّمانى. أنَّ نِكاحَهنَّ صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو طلَّق واحِدَةً مِن أربَعٍ، وتزَوَّجَ واحِدَةً بعدَ انقِضاءِ عِدَّتِها، ثم ماتَ واشْتَبَهتِ المُطَلَّقَةُ، أُقْرِعَ بينَهُنَّ، فمَن قُرِعَتْ فلا حظَّ لها في المِيراثِ، ويُقْسَمُ المِيراثُ بينَ الأربَعِ، فتَسْتَحِقُّ الجَديدةُ الرُّبْعَ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وإن ماتَ عن زوجاتٍ لا تَرِثُه بعْضُهُنَّ؛ لجَهْلِ عَينِها، أُخْرِجَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَارِثاتُ بقُرْعَةٍ. انتهى. وهذا، القُرْعَةُ هنا مِن مُفْرَداتِ المذهب. الثَّانيةُ، لو ادَّعَتِ المَرْأةُ أنَّ زوْجَها أبانَها، وجحَدَ الزَّوْجُ ثم ماتَ، لم تَرِثْه المَرْأَةُ إنْ دامَت على قَولِها. الثَّالثةُ، لو قبَّلَها في مرَضِ المَوتِ ثم ماتَ لم تَرِثْه؛ لخُروجِها مِن حيِّزِ التَّمَلُّكِ والتَّمْليكِ. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقال في «الفُروع»: ويتَوجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٌ، كمَنْ وقَع في شَبَكَتِه صَيدٌ بعدَ مَوْتِه. وتقدَّم، هل تدْخُلُ الدِّيةُ في الوَصِيَّةِ؟ في بابِ المُوصَى به.

باب الإقرار بمشارك في الميراث

بَابُ الإقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ إِذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ فَصَدَّقَهُمْ، أوْ كَانَ صَغِيرًا، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإرْثُهُ، سَواءٌ كَانُوا جَمَاعَةً أَوْ وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الإِقْرارِ بمُشارِكٍ في المِيراثِ فائدة: قوْلُه: إذا أقرَّ الوَرَثَةُ كُلُّهم -يعْنِي ولو كان الوارِثُ واحِدًا- بِوارِثٍ للميِّتِ- سواءٌ كان مِن حُرَّةٍ أو أمَةٍ. نقَلَه الجماعةُ -فصَدَّقَهم، أو كان صَغِيرًا- وكذا لو -كان مَجنونًا- ثَبَتَ نَسَبُه. ولكن بشَرْطِ أنْ يكونَ مجْهولَ النَّسَبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأتِي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كتابِ الإقْرارِ بأتَمَّ مِن هذا. ويأتى أيضًا هناك، إذا أقَرَّ المرِيضُ بوارِثٍ، وبعدَه إذا أقَرَّ مَن عليه الوَلاءُ بوارِثٍ. فائدة (¬1): يُعْتَبَرُ إقْرارُ الزَّوجِ والمَوْلَى المُعْتَقِ إذا كانا مِنَ الوَرَثَةِ، ولو كانتْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بِنتًا صحَّ؛ لإرْثها بفَرضٍ ورَدٍّ.

وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ يَحْجُبُ الْمُقِرَّ أَوْ لَا يَحْجُبُهُ، كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: سَواءٌ كان المُقَرُّ به يَحْجُبُ المُقِرَّ أو لا يَحْجُبُه. أمَّا إذا كان لا يَحْجُبُه مُطلَقًا، أو كان يحجُبُه حَجْبَ نُقصانٍ، فلا خِلافَ في ذلك، وهو واضِحٌ. وأمَّا إذا كان يحْجُبُه حَجْبَ حِرمانٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ المُقَرَّ به يَرِثُ إذا ثبَتَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسَبُ. اختارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الحاوي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقد شَمِلَه كلامُ المُصَنِّفِ في قوْلِه: ثبَتَ نسَبُه وارْثُه. وقيل: لا يَرِثُ مُسْقِطٌ. اختارَه أبو اسحاقَ. وذكَره الأزَجِيُّ عن أصحابِنا غيرَ القاضي، وقال: إنَّه الصَّحيحُ. فعلى هذا، هل يُقَرُّ نَصِيبُ المُقَرِّ به بيَدِ المُقِرِّ، أو ببَيتِ المالِ؟ فيه وَجهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»،

وَإنْ أقَرَّ بَعْضُهُمْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، إلا أَنْ يَشْهَدَ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أنَّهُ وُلِدَ عَلىَ فِرَاشِهِ، أوْ أنَّ الْمَيِّتَ أقَرَّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وهو الذي خرَّجَها. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يُقَرُّ بيَدِ المُقِرِّ، وهي شَبِيهَةٌ بما إذا أقَرَّ لكبيرٍ عاقلٍ بمالٍ، فلم يُصَدِّقْه، على ما يأتِي في آخِرِ كتابِ الإقْرارِ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: وإن أقَر بعْضُهم لم يَثْبُتْ نَسَبُه. إذا كان البَعضُ الذي لم يُقِرَّ وارِثًا. أنا إذا كان المُنْكِرُ لا يَرِثُ لمانِع به؛ كالرِّقِّ ونحوه، فلا اعْتِبارَ بإنْكارِه ويَرِثُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. قلتُ: الذي يَظْهَرُ أنَّه لم يدخُلْ في كلامِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّ قوْلَه: وإنْ أقَرَّ بعْضُهم. يعنِي بعضَ الوَرَثَةِ، وهذا ليس مِن أهْلِ الوَرَثَةِ؛ للمانعِ الذي به. قوله: وإنْ أقَرَّ بعْضُهم لم يَثْبُتْ نَسَبُه. يعنِي مُطْلَقًا. بل يثْبُتُ نسَبُه (¬1) مِنَ المُقِرِّين الوارِثِين، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يثْبُتُ. جزَم به الأزَجِيُّ وغيرُه. فلو كان المُقَرُّ به أخًا، وماتَ المُقِرُّ عن بَنِي عَمٍّ، وَرِثُوه. وعلى الأوَّلِ، يَرِثُه الأخُ. وهل يَثْبُتُ نسَبُه مِن وَلَدِ المُقِرِّ المُنكِرِ له تبَعًا، فتثبُت العُمومَةُ؟ فيه وَجهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، [و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» في كتابِ الإقْرارِ. وظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، أنَّه يثْبُتُ، فإنَّهما قالا: ويثْبُتُ نسَبُه وإرْثُه مِن المُقِرِّ لو ماتَ. وقيل: لا يثْبُتان. انتهى. وصححه في «التَّلخيصِ». وفي «الانتِصارِ» خِلافٌ، مع كونِه أكبَرَ سِنًّا مِن أبي المُقِرِّ، أو مَعروفَ النَّسَبِ. انتهى] (¬1). ولو ماتَ المُقِرُّ وخلَفَه والمُنْكِرُ، فإرْثُه بينَهما، فلو خلَفَه فقط ورِثَه. وذكَر جماعةٌ، إقْرارُه له كوَصِيَّةٍ، فيأْخذُ المال في وَجْهٍ، وثُلُثَه في آخَرَ. وقيل: المالُ لبَيتِ المالِ. قوله: وإنْ أقَرَّ بعضُهم لم يَثْبُتْ نَسَبُه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، وقطَع به الأكثرُ. وعنه، إنْ أقَرَّ اثْنان منهم على أبِيهما بدَينٍ أو نسَبٍ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَعَلَى الْمُقِرِّ أنْ يَدْفَعَ إِلَيهِ فَضْلَ مَا في يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ. فَإِذَا أقَرَّ أَحَدُ الابْنَينِ بِأَخٍ فَلَهُ ثُلُثُ مَا في يَدِهِ، وَإنْ أقَرَّ بِأُخْتٍ فَلَهَا خُمْسُ مَا في يَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَبَتَ في حقِّ غيرِهم؛ إعْطاءً له حُكْمَ شَهادَةٍ وإقْرارٍ. وفي اعْتِبارِ عَدالتِهما الرِّوايَتان. قاله في «الفُروعِ». قال في «الفائقِ»: في ثُبوتِ النَّسَبِ والإرْثِ بدُونِ لَفظِ الشَّهادَةِ رِوايَتان، وهما بإقْرارِه بدَينٍ على المَيِّتِ. قال القاضي: وكذلك يُخَرَّجُ في عَدالتِهما. ذكَره أبو الحُسَينِ في «التَّمامِ». قوله: إلَّا أنْ يَشْهَدَ مِنهم عَدْلان أنَّه وُلِدَ على فِراشِه، أو أنَّ الميِّتَ أقَرَّ به. وكذا لو شَهِدَ أنَّه وَلَدُه، فإنَّه يثْبُتُ نسَبُه وإرثُه، بلا نِزاعٍ. فائدة: لو صدَّقَه بعضُ الوَرَثَةِ إذا بلَغ أو عَقَلَ ثبَتَ نسَبُه، فلو ماتَ وله وارِثٌ غيرُ المُقِرِّ اعْتُبِرَ تصدِيقُه، وإلَّا فلا.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَضْلٌ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ. فَإِذَا خَلَّفَ أخًا مِنْ أبٍ وَأَخًا مِنْ أمٍّ، فَأقرَّا بِأخٍ مِنْ أبوَينِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأخَذَ مَا فِي يَدِ الْأَخِ مِنَ الأبِ. وإنْ أقرَّ بِهِ الْأَخُ مِنَ الْأَبِ وَحْدَهُ، أَخَذَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ. وَإنْ أقرَّ بِهِ الأخُ مِنَ الأمِّ وَحْدَهُ أوْ أَقَرَّ بِأخٍ سِوَاهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا خَلَّفَ أخًا مِن أبٍ، وأخًا مِن أُمٍّ، فأقرَّا بأخٍ مِن أبَوين، ثبَتَ نَسَبُه وأخَذَ ما في [يَدِ الأخِ مِنَ الأبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»] (¬1) , ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَطَرِيقُ الْعَمَلِ أنْ تَضْرِبَ مَسْألةَ الإقْرَارِ فِي مَسْألةِ الإنْكَارِ، وَتَدْفَعَ إِلَى الْمُقِرِّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْألةِ الإقْرَارِ فِي مَسْألةِ الإنْكَارِ، وَإلَى المُنْكِرِ سَهْمَهُ مِنْ مَسْألةِ الإِنكَارِ فِي مَسْألةِ الإِقرَارِ، وَمَا فضَل ـــــــــــــــــــــــــــــ [و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ بِناءٌ منهم على المذهبِ، وإلَّا فقد تقدَّمَ أنَّه لا يَرِثُ مُسْقِطٌ. وإنْ أقر به الأخُ مِنَ الأبِ وحدَه أخَذ ما في] (¬1) يدِه، هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال أبو الخطَّابِ في «الهِدايَةِ»: يأخُذُ نِصْفَه. وقطَع به. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو سَهْوٌ. قوله: فلو خلَّف ابنَين، فأقرَّ أحَدُهما بأخَوَين، فَصَدَّقَه أخوه في أحَدِهما، ثَبَت ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَهُوَ لِلْمُقَرِّ بِهِ. فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَينِ، فَأقَرَّ أحدُهُمَا بِأخَوَين , فَصَدَّقَهُ أخُوهُ فِي أحَدِهِمَا، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيهِ، فَصَارُوا ثَلَاثَةً، ثُمَّ تَضْرِبُ مَسْألةَ الإقْرَارِ فِي مَسْألةِ الإنْكَارِ تَكُنِ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِلْمُنْكِرِ سهْمٌ مِنَ الإنْكَارِ فِي الإقْرَارِ، أرْبَعَةٌ، وَلِلْمُقِرِّ سهْمٌ مِنَ الإقْرَارِ فِي مَسْألةِ الإنْكَارِ، ثَلَاثةٌ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيه إِنْ صَدَّقَ المُقِرَّ مِثْلُ سهْمِهِ، وَإنْ أنْكَرَهُ مِثْلُ سهْمِ الْمُنْكِرِ، وَمَا فَضَلَ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهُوَ سَهْمَانِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ وَسَهْمٌ فِي حَالِ الإنْكَارِ. وَقَال أبو الْخَطَّابِ: لَا يَأخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيهِ مِنَ المُنْكِرِ فِي حَالِ التَّصْدِيقِ إلَّا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ. وَصَحِّحْهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ، لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمُخْتَلَفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ نَسَبُ المتَّفَقِ عليه، فَصارُوا ثَلاثةً. ثم تَضْرِبُ مَسْألةَ الإقرارِ فِي مَسْألةِ الإنْكارِ، تَكُنْ اثنَى عَشَرَ؛ للمُنْكِرِ سَهْمٌ مِنَ الإنْكارِ في الإقرارِ أرْبَعَةٌ، وللمُقِرِّ سَهْمٌ مِن

فِيهِ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأخَوَينِ سَهْمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإقْرارِ في مَسألةِ الإنْكارِ ثَلاثة، وللمُتَّفَقِ عليه، إن صَدَّقَ المُقِرَّ، مِثْلُ سهْمِه، وإن أنكَرَه، مِثْلُ سَهْمِ المُنْكِرِ، وما فضَلَ للمُخْتَلَفِ فيه؛ وهو سَهْمان في حالِ التَّصْدِيقِ، وَسَهْمٌ في حالِ الإنْكارِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحّحاه. وقدَّمه أيضًا في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال أبو الخطَّابِ: لا يأخُذُ المُتَّفَقُ عليه مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُنْكِرِ في حالِ التَّصديقِ إلَّا رُبْعَ ما في يَدِه. وصحَّحَها مِن ثَمَانِيةٍ، للمُنْكِرِ ثلاثةٌ، وللمُخْتَلَفِ فيه سَهْمٌ، ولكُلِّ واحِدٍ مِنَ الأخَوَين سَهْمان. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وضعَّفَه النَاظِمُ.

وَإنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَينِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا، سَوَاءٌ اتَّفَقَا أو اخْتلفَا. وَيَحْتَمِلُ ألَا يَثْبُتَ نَسَبُهُمَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن خَلَّفَ ابنًا، فأقرَّ بأخَوَين بكَلام مُتَّصل، ثَبَتَ نَسَبُهما -وإرْثُهما- سَواءٌ اتَّفَقا أو اخْتَلَفا. هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه، وقدَّمه أيضًا في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ ألا يَثْبُتَ نسَبُهما مع اخْتِلافِهما. وهو لأبي

وإنْ أقَرَّ بأحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ، أعْطَى الْأوَّلَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَالثَّانِيَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْأوَّلِ، وَيَقِفُ ثُبُوتُ نَسَبِ الثَّانِي عَلَى تَصْدِيقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». واختارَه بعضُ الأصحابِ. وأطلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا لم يكُونا توْأمَين، فإن كانا توْأمَين فإنَّ نسَبَهما يَثْبُتُ، بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ أقَر بأحَدِهما بعدَ الآخَرِ، أعْطَى الأوَّلَ نِصفَ ما في يَدِه، والثَّاني

وَإنْ أقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِامْرَأةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ مِنْ إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثُلُثَ ما بَقِيَ في يَدِه. إذا كَذَّبَ الأولُ بالثَّاني، وثَبَتَ نَسَبُ الأوَّلِ، ووَقَفَ ثُبُوتُ نَسَبِ الثاني على تَصْدِيقِه. ولو كَذَّبَ الثاني بالأوَّلِ، وهو مُصَدِّق به، ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلاثةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يسْقُطُ نسَبُ الأوَّلِ، ويأخُذُ الثَّاني ثُلُثَيْ ما في يَدِه، وثُلُثَ ما في يَدِ المُقِر. تنبيه: قوْلُه: وإن أقرَّ بعضُ الوَرَثَةِ بامْرَأةٍ للمَيِّتِ، لَزِمَه مِن إرْثها بقَدْرِ حِصَّتِه. يعنِي، يَلزَمُه ما يَفْضُلُ في يَدِه لها عن حِصَّتِه، كما ذكَرَه في الإقرارِ بغيرِها. وهذا بلا خِلافٍ. لكِن لو ماتَ المُنْكِرُ، فأقَر بها ابنُه، ففي تَكْمِيلِ إرثِ الزوْجَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى التَكمِيلُ. فإنْ لم يُخَلِّفِ المُنْكِر إلَّا الأخَ المُقِرّ، كُمِّلَ الإرْثُ على الصَّحيحِ، صحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» قال في «التلْخيصِ»: فالأصحُّ أنه يثْبُتُ المِيراثُ. وقيل: لا يُكَمَّلُ. وأمَّا إن ماتَ قبلَ إنْكارِه، فإن إرثَها يثْبُتُ. جزَم به في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ».

وَإذَا قَال رَجُلٌ: مَاتَ أبي وَأنْتَ أخِي. فَقَال: هُوَ أبِي وَلَسْتَ بِأخِي. لَمْ يُقْبَلْ إِنْكَارُه. وإنْ قَال: مَاتَ أبوكَ وَأنا أخُوكَ. قَال: لَسْتَ أخِي. فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال رجُل: ماتَ أبِي وأنت أخِي. فقال: هو أبِي ولست بأخي لم يُقْبَلْ إنْكارُه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ

وَإنْ قَال: مَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أخُوهَا. قَال: لَسْتَ بِزَوْجِهَا. فَهَلْ يُقْبَلُ إنْكَارُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: المالُ كلُّه للمُقَرِّ به. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ»، وقال: ويَحْتَمِلُ أنَّ المال كلَّه للمُقِرِّ. فائدة: وكذا الحُكمُ لو قال: ماتَ أبونا ونحن ابناه. قوله: وإن قال: ماتَتْ زَوْجَتِي وأنتَ أخُوها. فقال: لستَ بزَوْجِها. فهل يُقْبَلُ إنْكارُه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، [يُقْبَلُ إنْكارُه] (¬1). وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ إنْكارُه في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والثَّاني، لا يُقبَلُ إنْكارُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». ¬

(¬1) في الأصل: «فهل يقبل إنكاره».

فَصْلٌ: وَإذا أقَرَّ مَنْ أُعِيلَتْ لَهُ الْمَسْألةُ بِمَنْ يُزِيلُ الْعَوْلَ، كَزَوجٍ وَأُخْتَينِ أقَرَّتْ إِحْدَاهُمَا بِأخٍ، فَاضْرِبْ مَسْألةَ الإقْرَارِ فِي مَسْألةِ الإنْكَارِ، تَكُنْ سِتَّةً وَخَمْسِينَ، وَاعْمَلْ عَلَى مَا ذَكَرْنا، يَكُنْ لِلزَّوْجِ أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلْمُنْكِرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْمُقِرَّةِ سَبْعَةٌ، يَبْقَى تِسْعَةٌ لِلأخِ، فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي أربَعَةً، وَالأخُ يَدَّعِي أربَعَةَ عَشَرَ، وَلِلْمُقَرِّ بِهِ مِنَ السِّهَامِ تِسْعَة، فَاقْسِمْهَا عَلَى سِهَامِهِمْ، لِكُلِّ سَهْمَينِ سَهْمًا، فَيَحْصُلُ لِلزَّوْجِ سهْمَانِ، وَلِلْأَخِ سَبْعَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُخْتَانِ لأمٍّ، فَإِذَا ضَرَبْتَ وَفْقَ مَسْألةِ الإقْرَارِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مَسْألةِ الإِنكَارِ، كانتِ اثنَينِ وَسَبْعِين، لِلزَّوْجِ ثلاثةٌ مِن مَسْألةِ الإنْكَارِ فِي وَفْقِ مَسْألةِ الْإقْرَارِ، أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلأختَينِ مِنَ الأمِّ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلأخْتِ الْمُنْكِرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْمُقِرَّةِ ثَلَاثَة، يَبْقَى فِي يَدِهَا ثَلَاثةَ عَشَرَ، لِلْأخِ مِنْهَا سِتَّة، يَبْقَى سَبْعَةٌ، لَا يَدَّعِيهَا أحَدٌ، فَفِيهَا ثَلَاثةُ أوْجُهٍ، أحَدُهَا، تُقَرُّ فِي يَدِ الْمُقِرَّةِ، وَالثانِي، تُؤخَذُ إِلَى بَيتِ الْمَالِ، وَالثَّالِثُ، تُقْسَمُ بَينَ الْمُقِرَّةِ وَالزَّوْجِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يَبْقَى سَبْعةٌ لا يَدَّعِيها أحَدٌ، ففيها ثَلاثةُ أوْجُهٍ. وأطْلَقَهُن في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «المُحَرَّرِ»، و «شرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»؛ أحدُها، تُقَرُّ في يَدِ المُقِرَّةِ. وهو المذهبُ، صحَّحَه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». والثَّاني، تُؤخَذُ إلى بيتِ المالِ.

وَالأخْتَينِ مِنَ الأمِّ، عَلَى حَسَبِ مَا يَحْتَمِلُ أنَّهُ لَهُمْ. فَإِن صَدَّقَ الزَّوْجُ الْمُقِرَّةَ فَهُوَ يَدَّعِي اثْنَيْ عَشَرَ وَالْأخُ يَدَّعِي سِتَّةً، يَكُونَانِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَا تَنْقَسِمُ عَلَيهَا الثَّلَاثَةَ عَشرَ وَلَا تُوَافِقُهَا فَاضْرِبْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي أصلِ المسْألةِ، ثُمَّ كُلُّ مَن لَهُ شَيْء مِنَ اثنَينِ وَسَبْعِينَ مَضْرُوبٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّالِثُ، تُقْسَمُ بينَ المُقِرَّةِ والزّوجِ والأخْتَين مِنَ الأمِّ، على حسَبِ ما يحتمِلُ أنَّه

ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ. وَعَلَى هَذَا تَعْمَلُ مَا وَرَدَ عَلَيكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لهم. وإليه مَيلُ الشارِحِ. فعليه، يكونُ للمُقِرَّةِ النِّصفُ، وللزَّوجِ والأختَين مِنَ الأمِّ النصفُ بينَهم على خَمْسَةٍ؛ لأنَّ له النِّصفَ، ولهما الثُّلُثَ.

باب ميراث القاتل

بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِل كُلُّ قَتْلٍ مَضْمُونٍ بِقِصَاص أوْ دِيَةٍ أوْ كَفَّارَةٍ يَمْنَعُ الْقَاتِلَ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ، سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أوْ خَطَأً، بِمُبَاشَرَةٍ أوْ سَبَبٍ، صَغِيرًا كَانَ الْقَاتِلُ أوْ كَبِيرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ القاتل قوله: كُلُّ قَتْلٍ مَضْمُونٍ بقِصاصٍ أو دِيَةٍ أو كَفَّارَةٍ، يَمْنَعُ القاتِلَ مِيراثَ المقْتُولِ؛ سَواءٌ كان عَمْدًا أو خَطَأً، بمُباشَرَةٍ أو سبَبٍ. وسَواءٌ انْفَرَدَ بقَتْلِه أو شارَكَ. هذا المذهبُ في ذلك كله، حتى لو شَرِبَتْ دواءً فأسْقَطَتْ جَنِينَها، لا تَرِثُ مِنَ الغُرَّةِ شيئًا. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: مَن أدَّبَ ولَدَه فماتَ بذلك، لم يَرِثْه. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، واختارَ فيها كالمذهبِ. وقيل: إن سقاه دَاوءً، أو فصدَه، أو بَطَّ سَلْعَتَه لحاجَتِه، فوَجْهان. وإنَّ في الحافرِ احْتِمالين. ومثْلُه؛ نَصْبُ سِكِّين، ووَضعُ حجَرٍ، ورَشُّ ماءٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإخراجُ جَناحٍ. وهذا كلُّه طريقَتُه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو قصَد مصْلَحَةَ مُوَلِّيه بسَقْي دَواءٍ، أو بَطِّ خُرَاجٍ، فماتَ، ورِثَه في ظاهِرِ المذهبِ. وذكَر ابنُ أبِي مُوسى فيه وَجهَين. وكذا لو أمَرَه كبيرٌ عاقِلٌ ببَطِّ خُرَاجِه، أو قَطْعِ سَلْعَةٍ. قاله المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هذا ظاهِرُ المذهبِ أيضًا. قوله: صَغِيرًا كانَ القَاتِلُ أو كَبِيرًا. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وذكَر أبو الوَفاءِ بنُ عَقِيلٍ وأبو يعلَى الصَّغِيرُ، أنَّ أحدَ طرِيقَيْ بعضِ أصحابِنا تَوْريثُ مَن لا قَصْدَ له؛ كالصَّبِيِّ

وَمَا لَا يُضْمَنُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذا؛ كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أوْ حَدًّا أوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَقَتْلِ الْعَادِلِ الْبَاغِيَ، وَالْبَاغِي الْعَادِلَ، فَلَا يَمْنَعُ. وَعَنْهُ، لَا يَرِثُ الْبَاغِي الْعَادِلَ، وَلَا الْعَادِلُ الْبَاغِيَ. فَيُخَرَّجُ مِنْهُ أنَّ كُلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْنونِ، وإنّما يُحْرَمُ الإرثَ مَن يُتَّهَمُ دُونَ غيرِه. والنَّصُّ خِلافُ ذلك. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ في «مُفرَداتِه»، و «عُمَدِ الأدِلّةِ» وَجْهًا، أنَّ قتْلَ الصَّبِيِّ والمَجنونِ لا يَمْنَعُ الإرْثَ. قال: وهو أصحُّ عندي. قوله: وما لا يُضْمَنُ بشَيْءٍ مِن هذا؛ كالقَتْلِ قِصاصًا، أو حَدًّا، أو دَفْعًا عن

قَاتِلٍ لَا يَرِثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفْسِه، وقَتْلِ الباغِي العادِلَ، والعادِلِ الباغيَ، فلا يَمْنَعُ. إذا كان القَتْلُ غيرَ مَضْمُونٍ على قَاتِله، فإنَّ القاتِلَ يَرِثُ منه. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. واعلمْ أنَّه إذا قَتَل العادِلُ الباغِيَ، فإنَّه يَرِثُه، على الصحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وَغيرِه. وصحَّحه في «الفائقِ» وغيرِه. وعنه، لا يرِثُ. اختارَه ابنُ حامِدٍ. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال المُصَنِّفُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُخَرَّجُ منه أن كلَّ قاتلٍ لا يرِثُ. واختارَ المُصَنِّفُ وغيرُه، إنْ جَرَحَه العادلُ؛ ليَصِيرَ غيرَ مُمْتَنِعٍ، ورِثَه، لا إنْ تعَمَّدَ قَتْلَه ابتداءً. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ. وأمَّا إذا قتَل الباغِي العادِلَ، فقدّم المُصَنِّفُ أنَّه لا يُمنَعُ الإِرثَ، وهو المذهبُ. قال في «المُحرَّرِ»: لا يَمْنَعُه الإرْثَ على الصَّحِيحِ. قال في «الفائقِ»: لا يُمْنَعُ الإرْثَ في الأصحِّ. قال في «النَّظْمِ»: هذا أولَى. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الزرْكَشِيُّ: وصحَّحه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وكلامُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحْتَمِلٌ. وعنه، يُمْنَعُ الإرثَ. جزَم به في «التَّبصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «المُذْهَبِ»، والقاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي» في قِتالِ أهلِ البَغْي. ونصرَه جماعةٌ مِن الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ».

باب ميراث المعتق بعضه

بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لَا يَرِثُ الْعَبْدُ وَلَا يُورَثُ، سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا، أوْ مُدَبَّرًا، أوْ مُكَاتَبًا، أوْ أُمَّ وَلَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مِيراثِ المُعْتَقِ بعْضُه قوله: لا يَرِثُ العَبْدُ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، يرِثُ عندَ عدَمِ وارِثٍ. ذكَرَها ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، وأبو البَقاءِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّاهِضِ». قاله في «الفُروعِ»، ولم أرَها في «المُذْهَبِ». وتقدَّم قولٌ في أوَّلِ كتابِ الفرائضِ: إنَّ العَبْدَ يرِثُ سيِّدَه عندَ عدَمِ الوارِثِ. وقيل في المُكاتَبِ خاصَّةً، يمُوتُ له عَتيقٌ، ثم يُؤدِّي فيَعْتِقُ: يأخُذُ إرْثَه بالوَلاءِ. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ»، يعنِي، إن جعَلنا الوَلاءَ له، على ما يأتِي.

فَأمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ، فَمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلِوَرَثَتِهِ، وَيَرِثُ وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا المُعتَقُ بَعْضُه، فما كسَب بجُزئِه الحُرِّ، فلوَرَثَتِه. سواءٌ كان بينَهما مُهايأةٌ، أو قاسَمَه السَّيِّدُ في حَياتِه، أوْ لا. قوله: ويَرِثُ ويَحْجُبُ بقَدْرِ ما فيه مِن الحُريَّةِ. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّ إرْثَ المُعْتَقِ بعضُه له خاصَّةً، وهو صحيحٌّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَه الله، وقال: هو الصَّوابُ. وقال بعضُ الأصحابِ: ما يرِثُه المُعْتَقُ بعضُه يكونُ مثلَ كسبِه، إن لم يكُنْ بينَه وبينَ سيِّدِه مُهايَأةٌ، كان بينَهما، وإن كان بينَهما مُهايأة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل هو لمَنِ الموتُ في نَوبَتِه، أو بينَهما؟ على وَجهَيِ الأكْسابِ النَّادِرَةِ. إذا

فَإِذَا كَانَتْ بِنْتٌ وَأمٌّ نِصْفُهُما حُرٌّ، وَأَبٌ حُرٌّ، فَلِلْبِنْتِ بنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا وَهُوَ الرُّبْعُ، وَلِلأمِّ مَعَ حُرِّيَّتِهَا وَرِقِّ الْبِنْتِ الثُّلُثُ، وَالسُّدْسُ مَعَ حُرِّيَّةِ الْبِنْتِ، فَقَدْ حَجَبَتْهَا حُرِّيّتهَا عَنِ السُّدْسِ، فَبِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا تَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِهِ، يَبْقَى لَهَا الرُّبْعُ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً، فَلَهَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهَا نِصْفُهُ وهُوَ الثُّمْنُ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ. وَإنْ شِئْتَ نَزَّلْتَهُمْ أَحْوَالًا، كَتَنْزِيلِ الْخَنَاثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلِمتَ ذلك، فالتَّفريعُ على المذهبِ، فلو كانت بِنْت نِصفُها حُرٌّ، وأُمٌّ وعمٌّ حُرَّانِ، كان للبِنتِ الرُّبعُ، وللأمِّ الربعُ بحَجبِها لها عن نِصفِ السُّدْسِ، وللعَمِّ سَهمانِ، وهو الباقِي. وتصِح مِن أربعَةٍ، فلو كان مَكانَ البِنْتِ ابنٌ نِصفُه حُر، فله هنا نِصفُ ما لَه لو كان حُرًّا، فيَسْتَحِقُّ رُبعًا وسُدْسًا مِنَ المالِ؛ لأنَّه لو كان حُرًّا كان له خَمسَةُ أسداسِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهو الذي ذكَره إبراهيمُ الحَربِيُّ في كتابِ الفرائضِ. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين». وقيل: له نِصفُ الباقِي بعدَ رُبعِ الأُمِّ. اختارَه أبو بَكرٍ، والقاضي في «خِلافِه». قاله في «القَواعِدِ». قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي»: وفيه بُعدٌ. قال في «الرِّعايتَين»: وهو بعيدٌ. وقيل: له نِصفُ المالِ كامِلًا. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائةِ»: ورَجَّحه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وذكَر أنَّه اخْتِيارُ أبِيه. وأطلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ». وكذا الحُكمُ والخِلافُ في كل عَصَبَةٍ نِصفُه حُرٌّ مع ذِي فَرض يَنقُصُ به. فإن لم يَنقُصْ به؛ كجَدِّه وعمِّه مع ابنٍ نِصْفُه حرٌّ، فعلى الثالثِ له نِصْفُ المالِ، وعلى الآخرَين له نِصفُ الباقِي، وهو الصَّحيحُ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهو أصحُّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». ولو كان معه مَن يُسقِطُه بحُرِّيتِه التامَّةِ؛ كأُختٍ وعمٍّ حرَّينِ؛ فللابنِ النِّصفُ، وللأُختِ نِصْفُ ما بَقِيَ فَرضًا، وللعَمِّ ما بَقِيَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقدَّم في «المُغْنِي»، أنَّ

وَإذَا كَانَ عَصَبَتَانِ، نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ، كَالْأَخَوَينِ، فَهَلْ تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهمَا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. وَإنْ كَانَ أحدُهُمَا يَحْجُبُ الْآخَرَ؛ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ، فَالصَّحِيحُ أنهَا لَا تُكَمَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للأختِ النِّصفَ كامِلًا. قلتُ: وهو ضعيفٌ جدًّا. قلتُ: قد يُعايَى بها. فائدة: لو كان أحدُ الأخوَين حُرًّا والآخَر نِصفُه حُر، فالمالُ بينَهما أرباعًا، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ؛ تنزِيلًا لهما بالأحوالِ والخِطابِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: المالُ بينَهما أثْلاثًا؛ جَمعًا للحُريَّةِ فيهما، وقِسْمَةً لإرثِهما كالعَوْلِ. قوله: وإذا كان عَصَبَتان، نِصفُ كُلِّ واحِدٍ منهما حُرٌّ؛ كالأخَوَين، فهل تُكمَّلُ الحُرِّيَّةُ فيهما؟ يَحتَمِلُ وجهَين. وكذا قال في «الهِدايةِ». وأطلَقَهما في «الشَّرحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «القَواعِدِ الفِقهِيَّةِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا تُكَمَّلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، تُكَمَّلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرِّيَّةُ، فلهما جميعُ المالِ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ»: ورجَّحه القاضي، والسَّامَرِّيُّ، وطائفةٌ مِنَ الأصحابِ. وله مأخَذان؛ أحدُهما، جَمْعُ الحُرِّيَّةِ فيهما فتُكَمَّلُ بها حُرِّيَّةُ ابنٍ. وهو مأخَذُ أبي الخَطَّابِ وغيرِه. والثَّاني، أنَّ حقَّ كلِّ واحدٍ منهما مع كمالِ حُرِّيتِه في جميعِ المالِ لا في نِصفِه، وإنَّما أخَذ نِصْفَه لمُزاحَمَةِ أخِيه له، وحِينَئذٍ فقد أخَذ كلُّ واحدٍ منهما نِصفَ المالِ، وهو نِصفُ حقِّه مع كمالِ حُرِّيتِه، فلم يأخُذْ زِيادَةً على قدْرِ مافيه مِنَ الحُرِّيةِ. فعلى المذهبِ، لهما ثلاثةُ أرباعِ المالِ بالأحوالِ والخطابِ، وهذا الصَّحيحُ. وقاله في «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وقيل: لهما نِصفُه، بتَنزِيلهما حُرِّيةً ورِقًّا. وأطلَقهما في «القَواعِدِ الفِقهِيّةِ»، و «الفُروعِ». والتَّفريعُ على هذا الخِلافِ، وهو ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ ثلاثةُ أرباعِ المالِ، أو نِصفُه، أو كلُّه. فلو كان ابنٌ وبِنْتٌ نِصْفُهما حُرٌّ، وعمٌّ حُرٌّ، فلهما على الأولِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْسَةُ أثْمانِ المالِ على ثلاثةٍ، ونِصفُ المالِ على الثّانِي، وثلاثةُ أرباعِه على الثالثِ. ولو كان معهما أُمٌّ فلها السُّدْسُ على الوُجوهِ كلِّها، وللابنِ على الأوَّلِ خَمسَة وعِشرون مِن أصْلِ اثنَين وسَبعِين، وللبِنتِ أربعَةَ عَشَرَ. وعلى الثّاني، هل لهما على ثلاثةٍ ثلاثةُ أرباعِ المالِ، أو ثلاثةُ أرباعِ الباقي؟ على وَجهين. وعلى الثّالثِ، هل لهما على ثلاثَةٍ ثلاثةُ أرباعِ المالِ، أو ثلاثةُ أرْباعِ الباقي بعدَ السُّدْسِ؟ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. ولو كان أحدُهما يَحجُبُ الآخَرَ؛ كابنٍ وابنِ ابنٍ نِصْفُهما حُرٌّ -وهي مَسألَةُ المُصَنِّفِ- فللابنِ النِّصفُ، ولابنِ الابنِ على الأوَّلِ الرُّبعُ، وعلى الثَّالثِ النِّصفُ -واختارَه أبو بَكرٍ- ولا شيءَ له على الأوسَطِ. ولو كان جَدَّةٌ حُرَّةٌ وأُمٌّ نِصفُها حرٌّ، فللأمِّ السُّدْسُ، وللجَدَّةِ نِصفُ السُّدْسِ. ولو كانت الجَدَّةُ نِصْفُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرٌّ، كان لها رُبْعُ السُّدْسِ على الأوَّلِ، ونِصْفُ السُّدْسِ على الثالثِ، ولا شيءَ لها على الأوسَطِ. ولو كان أُم وأخَوانِ بأحَدِهما رِقٌّ، كان للأم الثُّلُثُ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وحجَبَها أبو الخَطَّابِ بقَدرِ حُرِّيتِه، فبنِصفِها يَحْجُبُها عن نِصفِ السُّدْسِ. فائدة: يُرَدُّ على ذِي فرضٍ وعَصَبَةٍ لم تَرِثْ بقَدرِ نِسبَةِ الحُريَّةِ منهما، لكِنْ أيُّهما اسْتُكْمِلَ بالردِّ أُزيدَ مِن قَدْرِ حُرِّيَّته مِن نفسِه، مُنِعَ مِنَ الزِّيادَةِ ورُدَّت على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه إنْ أمْكَن، وإلَّا فهي لبَيتِ المالِ. فلبِنْتٍ نِصفُها حُرٌّ، النِّصفُ بالفَرضِ والرَّدِّ. ولابنٍ مَكانَها، نِصفُه حُر، النِّصفُ بالعُصُوبَةِ، والبَقِيَّةُ لبيَتِ المالِ. ولابنَينِ نِصفُهما حر -إن لم نوَرِّثْهما المال- البَقِيَّةُ مع عدَمِ العَصَبَةِ، أعْنِي لهما البَقِيَّةُ بالرَّدِّ، سواءٌ ورثْناهما النِّصفَ فقط، أو النِّصفَ والرُّبعَ. ولبِنْتٍ وجَدَّةٍ نصفُهما حرٌّ، المالُ نِصْفَين بفَرضٍ ورَدٌّ. ولا يُرَدُّ هنا على قَدْرِ فَرْضَيهما؛ لئَلَّا يأخُذَ مَن نِصْفُه حُر فوقَ نِصفِ التَّرِكَةِ. ومع حُرِّيَّةِ ثلاثةِ أرْباعِهما، المالُ بينَهما أرباعًا. بقَدرِ فَرْضَيهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومع حُرِّيَّةِ ثُلُثِهما، الثُّلُثان بينَهما، والبَقِيَّةُ لبيتِ المالِ.

باب الولاء

بَابُ الوَلَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الوَلاءِ

كُلُّ مَنْ أعتَقَ عَبْدًا، أَوْ عَتَقَ عَلَيهِ بِرَحِمٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ تَدْبِيرٍ، أو اسْتِيلَادٍ، أو وَصِيَّةٍ بِعِتْقِهِ، فَلَهُ عَلَيهِ الْوَلَاءُ، وَعَلَى أولَادِهِ مِنْ زَوْجَةٍ مُعْتَقَةٍ، أوْ مِنْ أَمَتِهِ، وَعَلَى مُعْتِقِيهِ وَمُعْتِقِي أَوْلَادِهِ وَأوْلَادِهِمْ وَمُعْتِقِهمْ، أبَدًا مَا تَنَاسَلُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: كلُّ مَن أعْتَقَ عَبْدًا، أو عَتَقَ عليه برَحِم أو كِتابَةٍ فله عليه الولاءُ. الصَّحيحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ، أنَّه إذا عتَقَ عليه بالرَّحِمِ يكونُ له عليه الوَلاءُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. قال المُصَنفُ: لا نعلمُ بينَ أهلِ العلمِ فيه خِلافًا. وقيل: حُكمُه حُكمُ المُعْتَقِ (¬1) سائبةً، على ما يأتِي. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا عتَقَ عليه بالكِتابةِ يكونُ له عليه الوَلاءُ، وكذا لو أعْتَقَه بعِوَض، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليهما. وقيل: لا ولاءَ له عليهما. وعنه في المُكاتَبِ إذا أدَّى ¬

(¬1) في ط: «العتق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الوَرَثَةِ، يكُونُ ولاؤه لهم، وإنْ أدَّى إليهما يكُونُ ولاؤه بينهما. وفي «التَّبصِرَةِ» وَجهٌ، إن أدَّى إليهما يكونُ ولاؤه للوَرَثَةِ. وفي «المُبْهِجِ»: إنْ أعْتَقَ كلُّ الوَرَثَةِ المُكاتَبَ نفَذَ، والوَلاءُ للرِّجالِ، وفي النِّساءِ رِوايتان. فائدة: إذا كاتبَ المُكاتَبُ عَبْدًا، فأدَّى إليه وعتَقَ قبلَ أدائِه، أو أعْتَقَه بمالٍ، وقُلنا: له ذلك. فظاهِرُ كَلامِ المُصَنِّفِ أنَّ وَلاءَه للمُكاتَبِ. وهو قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ». وقيل: للسَّيِّدِ الأوَّلِ. وهو مَحْكِيٌّ عن أبِي بَكر، ورَجَّحه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في «الخِلافِ»، حتى حكَى عنه أنَّه لو عتَقَ المُكاتَبُ الأوَّلُ قبلَ الثَّاني فالوَلاءُ للسَّيدِ؛ لانعِقادِ سبَبِ الوَلاءِ له، حيثُ كان المُكاتَبُ ليسَ أهْلًا له. ورَدَّ ما حكَاه القاضي عن أبِي بَكرٍ في «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عشْرَةَ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِائَةِ». تنبيه: شمِلَ قوْلُه: كلُّ مَن أعتَقَ عبْدًا أو عتَقَ عليه، فله عليه الوَلاءُ. الكَافِرَ لو أعتقَ مسلِمًا، أو عتَقَ عليه. وهو صحيحٌ. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وجزَم به ناظِمُها. ويأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، هل يَرِثُ به أم لا؟ فائدة: لو أعتقَ القِنُّ عبَدًا ممَّا ملَكَه، فحكَى المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» عن طَلحَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَاقُولِي (¬1) مِن أصحابِنا، أنَّه مَوْقوف؛ فإنْ عتَقَ فالوَلاءُ له، وإن ماتَ قِنًّا فهو للسيدِ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: الوَلاءُ للسَّيدِ مُطْلَقًا. وهو المنصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ رَحِمَه اللهُ. قاله في «القاعِدَةِ السادِسَةَ عَشْرَةَ» (¬2). ¬

(¬1) طلحة بن أحمد بن طلحة الكندي العاقولي، أبو البركات، اشتغل بالفقه على القاضي أبي يعلى، ودرس عليه، وكان صالحا خيرًا. توفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. الأنساب 8/ 317. (¬2) هكذا بالنسخ والصواب «السادسة عشرة بعد المائة». انظر: القواعد 286.

وَيَرِثُ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ مِنَ النَّسَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثُمَّ يَرِثُ بِهِ عَصَبَاتُهُ مِنْ بعدِهِ، الأقْرَبُ فَالأقْرَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَعَنْهُ فِي الْمُكَاتَبِ إِذَا أدَّى إِلَى الْوَرَثَةِ، أنَّ وَلَاءَهُ لَهُم، وَإنْ أَدَّى إِلَيهِمَا فَوَلَاؤهُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَنْ كَانَ أَحَدُ أبوَيهِ حُرَّ الأصلِ وَلَم يَمَسَّهُ رِقٌّ فَلَا وَلَاءَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن كان أحَدُ أبَوَيه حُرَّ الأصلِ ولم يَمَسَّه رِقٌّ، فلا ولاءَ عليه. هذا المذهبُ مُطلقًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقدمه في «المُحَرر»، و «الفُروعِ». وعنه، إن كانت أمُّه حُرَّةَ الأصلِ وأبوه عَتِيقًا، فلموالِي أبِيه الوَلاءُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايتَين»، وقال: نصَّ عليه. وحكَى الأولَ قولًا. وأطلَقهما في «الحاوي الصَّغِير». فائدة: لو كانت أمه عَتِيقَةً وأبوه مَجهُولَ النسَبِ، فلا ولاءَ عليه على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وصحّحه في «النظْمِ». وقال القاضي: لمَوالِي أمِّه الوَلاءُ عليه. قال الخَبْرِيُّ: وهو قَولُ الإمامِ أحمدَ رَحِمَه الله.

وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً، أَوْ فِي زَكَاتِهِ، أَوْ نَذْرِهِ، أَوْ كَفَّارَتِهِ، فَفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ عنِ الإمامِ أحمدَ رَحِمَه الله. وجزَم به ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، فقال: فإن تزَوَّجَ حُر مَجْهولُ النَّسَبِ بمُعتَقَةٍ، فأوْلَدَها ولَدًا، كان وَلاءُ ذلك الولدِ لمَوالِي أمِّه. ولو كان الأبُ مَولًى والأمُّ مجْهولَةَ النَّسبِ، فلا وَلاءَ عليه على الصّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «المُغْني» (¬1): فلا وَلاءَ عليه في قَولِنا. وقاله غيرُه. وقِياسُ قولِ القاضي أن يثبُتَ الوَلاءُ لمَوالي أبِيه؛ لأئا شكَكنا في المانعِ مِن ثبوتِه. قوله: ومن أعتَقَ سائِبَةً، أو في زَكاتِه، أو نَذرِه، أو كَفارَتِه. أو قال: لا ولاءَ لي عليك. ففيه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «الهادِي»؛ إحداهما، ¬

(¬1) المغني 9/ 233.

رِوَايَتَانِ؛ إِحدَاهُمَا، لَهُ عَلَيهِ الْوَلَاءُ. وَالثَّانِيَةُ، لَا وَلَاءَ عَلَيهِ، وَمَا رَجَع مِنْ مِيرَاثِهِ رُدَّ فِي مِثْلِهِ، يُشْتَرَى بِهِ رِقَابٌ يعتِقُهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ له عليه الوَلاءُ. وهو المذهبُ عندَ المُتأخرِين. صححه في «التَّصحيحِ»، و «النظْم». قال في «تَجريدِ العِنايَةِ»: له الوَلاءُ على الأظهرِ. قال في «المُذْهبِ»: أصحهما الوَلاءُ لمُعتِقِه فيما عِتْقُه عن كفارَتِه أو نَذرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «المُحَرَّر»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِير»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والروايةُ الثَّانيةُ، لا ولاءَ عليه. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»: اختاره أكثرُ؛ منهم الخرَقِي، والقاضي، والشَّرِيفُ أبو جعفَر، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ عَقِيل، وابنُ البَنَّا. وقطَع في «المُذْهبِ» أنَّه لا ولايةَ له عليه إذا أعتَقَه سائبَةً، أو قال: لا ولاءَ لي عليك. وقيل: له الولاءُ في السائِبَةِ دُونَ غيرِه. اختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال الزركَشِيُّ: المُخْتارُ للأصحابِ، لا وَلاءَ له على السائِبَةِ. قوله: وما رَجَعَ مِن مِيراثِه رُدَّ في مِثلِه -يعنِي (¬1) على القولِ بأنَّه لا ولاءَ له عليه- يَشْتَرِي به رِقابًا يُعتِقُهم. هذا إحدَى الرِّوايتَين. وجزَم به الخِرقِيُّ. وقدَّمه الزّركَشِي. والروايةُ الثَّانيةُ، أنَّ مِيراثَه لبَيتِ المالِ. وهو الصحيحُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». [ويتَفرَّع على هذا الخِلافِ، لو ماتَ واحِد مِن هؤلاءِ وخلفَ بِنتًا ومعتَقَةً، فعلى القَوْلِ بأن لسَيِّدِه الوَلاءَ، يكونُ للبِنتِ النِّصفُ والباقي له. وعلى القولِ بأنَّ مِيراثَه يصرَفُ في مِثلِه، يكونُ للبِنتِ النِّصفُ، والباقي يُصرَفُ في العِتقِ. وعلى القولِ بأنه لبَيتِ المالِ، يكونُ للبِنتِ الجميعُ بالفرضِ والرّدِّ؛ إذ الرّد مُقدَّمٌ على بَيتِ المالِ] (¬1). فعلى الرِّوايةِ الأولَى، يكونُ المُشْتَرِي للرِّقابِ الإمامَ، على ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ. قدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروع». وعنه، السيِّدُ. وأطلَقهما في «المُحَررِ»، و «الفائقِ»، و «الزركَشِي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، على القولِ بشراءِ الرِّقابِ، لو قلَّ المالُ عن شراءِ رَقَبةٍ كامِلَةٍ، ففي الصَّدقَةِ به وتَركِه لبَيتِ المالِ وَجْهان. ذكَرهما في «التبصِرَةِ»، واقتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الذي لا شَكَّ فيه أنَّ الصَّدقَةَ به في زَمَنِنا هذا أوْلَى. الثَّانيةُ، لو خلَّف المُعتَقُ بِنتًا مع سيِّدِه، وقُلْنا: له الوَلاءُ فالمالُ بينَهما نصفانِ. وإنْ قُلنا: لا وَلاءَ له. فالجميعُ للبِنْتِ بالفَرضِ والردِّ. وإنْ قُلنا:

وَمَنْ أعتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ أوْ حَيٍّ بِلَا أمرِهِ، فَوَلَاؤهُ لِلْمُعتِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَشتَرِي بما خلَّفَه رِقابًا. فللبِنتِ النِّصفُ، والنِّصف الآخَرُ يَشْتَرِي به رِقابًا. وحُكمُ وَلائِه حكمُ وَلاءِ أولادِه. قوله: ومن أعتَقَ عَبْدَه عن مَيِّتٍ أو حَيّ بِلا أمرِه، فولاؤه للمُعتِقِ. هذا المذهبُ، إلَّا ما اسْتُثْنِيَ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشّرح»، و «الفائق»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويُسْتَثنَى مِن ذلك لو أعتَقَ وارِثٌ عن مَيِّتٍ في واجِبٍ -ككفارة ظِهار، ورمَضانَ، وقَتْل- وله تَرِكَة، فإنه يقَعُ عنِ المَيِّتِ، والوَلاءُ له أيضًا. على الصحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. واختارَه القاضي، وغيرُه. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ رَحِمَه الله: بِناءً على أن الكفَّارَةَ ونحوَها ليس مِن شَرطِها الدُّخولُ في مِلكِ المُكفرِ عنه. وأطْلقَه الخِرَقِيُّ والمُصَنفُ هنا. قال الزَّركَشِيُّ وأكثرُ الأصحابِ: إنَّ الوَلاءَ للمُعتِقِ. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ رَحِمَه الله: بِناءً على أنه يُشترَطُ دُخولُ الكَفارَةِ ونحوها في مِلك مَن ذلك عليه. ويأتِي كلامُه في «الرِّعايتَين». كان لم يَتعَيَّنِ المُعتَقُ أطعَمَ أو كَسا، ويصِحُّ عِتقُه على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُوصِيه. قال في «الترغيبِ»: بِناءً على قوْلنا: الوَلاءُ للمُعتَقِ عنه. كان تبَرَّعَ بعِتقِه عنه ولا تَرِكَةَ، فهل يُجْزِئُه، كإطعام وكُسوَةٍ، أم لا يُجزِئُه؟ جزَم به في «التَّرغيبِ»؛ لأن مقصُودَه الوَلاءُ، ولا يمكِنُ إثباتُه بدُونِ المعتَقِ عنه. فيه وَجْهان، وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «المُحَررِ»: ومَن أعتقَ عبدَه عن غيرِه بغيرِ إذنِه، وقَع العِتقُ والوَلاءُ عن المُعتِقِ، إلَّا أن يُعتِقَه عن مَيِّتٍ في واجب عليه، فيَقَعان للمَيِّتِ. ويأتِي كلامُه في «الرِّعايتَين» قرِيبًا. وإن تبَرعَ أجْنَبِيٌّ عنه، ففيه أوْجُه (¬1)؛ أحدُها، الإجزاءُ مُطْلَقًا. والثانِي عكسُه. الثَّالثُ، يُجزِئُه في إطعام وكُسْوَةٍ دُونَ غيرِهما. وقال في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»: ومَن أعتَقَ عَبْدَه ¬

(¬1) في الأصل، ا «وجهان».

وَإنْ أعتَقَهُ عَنْهُ بأمرِهِ، فَالْوَلَاءُ لِلْمعتَقِ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن مَيِّتٍ في واجِبٍ، وقعا عنِ المَيِّتِ. وقيل: لا. وقيل: ولاؤه للمُعتَقِ عنه (¬1). قال في «الرعايةِ الكُبْرَى»: وهو أولَى. وقد رُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، نُصوص تدُلُّ على العِتق للمُعتَقِ عنه، وأن الوَلاءَ للمُعتِقِ. قال أبو النّضْرِ: قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمه الله، في العِتْقِ عنِ المَيِّتِ: إنْ وَصى به فالوَلاءُ له، وإلا للمُعتِقِ. وقال في رِوايةِ المَيمُونِيِّ وأبي طالِبٍ، في الرَّجُلِ يعتِقُ عنِ الرجُلِ: فالوَلاءُ لمَن أعتقَه، والأجرُ للمُعتَقِ عنه. وفي مقَدَّمَةِ «الفَرائضِ» لأبي الخَيرِ سلامَةَ بنِ صَدَقَةَ الحَرانِيِّ (¬2)، إن أعتقَ عن غيرِه بلا إذنِه فلأيِّهما الوَلاءُ؟ فيه رِوايَتان. وقال في «الروْضَةِ»: فإن أعتَقَ عَبْدًا عن كفَّارَةِ غيرِه أجزَأه، وولاؤه للمُعتِقِ، ولا يرجِعُ على المُعتَقِ عنه، في الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وكذا لو أعتَقَ عَبْدَه عتَقَ (¬3)، حيًّا كان المُعتَقُ عنه أو مَيِّتًا، ووَلاؤه للمُعتِقِ. وقال في «التبصِرَةِ»: لو أعتَقَه عن غيرِه بلا إذنِه، فالعِتْقُ للمُعتِقِ كالوَلاءِ. ويحتَمِلُ للمَيِّتِ المُعتَقِ عنه؛ لأنَّ القُرَبَ يصِلُ ثَوابُها إليه. قوله: وإن أعتَقَه عنه بأمرِه، فالولاءُ للمُعتَقِ عنه. وإذا قال: أعتِقْ عَبدَك عنِّي وعلَى ثَمنُه. ففَعلَ، فالثمَنُ عليه والْوَلاءُ للمُعتَقِ عنه. هذا المذهبُ مُطلَقًا، وعليه ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سلامة بن صدقة بن سلامة بن الصولي الحراني، موفق الدين، أبو الخير. كان من أهل الفتوى، مشهورًا بعلم الفرائض والجبر والمقابلة توفي سنة سبع وعشرين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 174. (¬3) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الوجيزِ»، وغيرِهم. قال المُصَنفُ عن الثانيةِ: لا نعلمُ فيه خِلافًا. وقدمه في «المُحَررِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِير»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال القاضي في «خِلافِه»: هو اسْتِدعاءٌ للعِتقِ، والمِلكُ يدخُلُ تبَعًا ومِلْكًا؛ لمضَرُورَةِ وُقوعِ العِتقِ له. وصرح أنه مِلكٌ قَهرِيٌّ، حتى إنه يَثْبُتُ للكافِرِ على المُسلِمِ إذا كان العَبدُ المُسْتَدعَى عِتقُه مُسلِمًا والمُسْتَدعِي كافِرًا. وذكَر ابنُ أبي مُوسى، لا يُجزِئُه حتى يُمَلكَه إياه، فيُعتِقَه هو. ونقَلَه مُهنَّا. وكذا الحُكمُ لو قال: أعتِقْ عَبْدَك عني. وأطلَقَ. أو: أعتِقْه عنِّي مجَّانًا. خِلافًا ومذهبًا. فعلى المذهبِ، يُجْزِئُه العِتقُ عنِ الواجِبِ ما لم يَكُنْ قرِيبه. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، لا يَلزَمُه عِوَضُه إلا بالتِزامِه. قدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يَلزَمُه عِوَضُه ما لم

وَإذَا قَال: أعتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ. فَفَعَلَ، فَالثَّمَنُ عَلَيهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمعتَقِ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَنْفِهِ. وعنه، العِتقُ والوَلاءُ للمَسئولِ لا للسَّائلِ، إلَّا حيث التزَمَ العِوَضَ. وقال في «التَّرغيبِ»: إذا قال: أعتِقْه عن كفَّارَتِي، ولكَ مِائَةٌ. فأعتَقَه، عتَقَ ولم يُجْزِئه عنها، وتَلزَمُه المِائةُ، والوَلاءُ له. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لو قال: أعتِقْه عنِّي بهذا الخَمرِ أو الخِنزِيرِ. مَلكَه وعتَقَ عليه كالهبةِ، والمِلكُ يقِفُ على القَبضِ في الهِبَةِ، إذا كان ذلك بلَفظِها لا بلفظِ العِتقِ. قال: بدَليلِ قوْلِه: أعتِقْ عَبدَك عنِّي. فإنَّه يَنْتَقِلُ المِلكُ هنا قبلَ إعتاقِه، ويجوزُ جَعلُه قابِضًا له مِن طريقِ الحُكمِ، كقَوْلِكَ: بعتُكَ. أو: وهبْتُكَ هذا العَبْدَ. وقال المُشتَرِي: هو حُرٌّ. عتَقَ، ويُقَدَّرُ القَبُولُ حُكْمًا. انتهى. قال في «الفُروعِ»: وكلامُ غيرِه في الصُّورَةِ الأخِيرَةِ يقتَضِي عدَمَ العِتقِ. فائدة: لو قال: أعتِقْ عَبدَك عني وعليَّ ثَمَنُه. لم يجِبْ على السَّيِّدِ إجابَتُه. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ رَحِمَه اللهُ: قِياسُ القَولِ بوُجوبِ الكِتابَةِ إذا طَلبَها العَبْدُ، وُجوبُ الإِجابةِ هنا.

وَإنْ قَال: أعتِقْهُ وَالثَّمَنُ عَلَيَّ. فَفَعَلَ، فَالثَّمَنُ عَلَيهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمعتِقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال: أعتِقْه والثَّمَنُ عليَّ -وكذا لو قال: أعتِقُه عنك وعليَّ ثَمنُه- ففعَلَ، فالثَّمَنُ عليه والولاءُ للمُعتِقِ. إذا قال ذلك لَزِمَه الثَّمَنُ بلا نِزاعٍ أعلَمُه، والعِتقُ والوَلاءُ للمُعتِقِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ أنَّ العِتقَ ووَلاءَه للمُعتِقِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقيل: هما للذي عليه الثَّمَنُ. وقاله القاضي في مَوضِعٍ. قال في «المُحَرَّرِ»: وفيه بُعدٌ. فعلى المذهبِ، يُجزئُه عن الواجِبِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ويُجزِئُه عن الواجِبِ في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه.

وإنْ قَال الْكَافِرُ لِرَجُلٍ مُسْلِم: أعتِقْ عَبْدَكَ الْمُسْلِمَ عَنِّي، وَعَليَّ ثَمَنُهُ. فَفَعَلَ، فَهلْ يَصِحُّ العِتْقُ؟ عَلَى وَجْهينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: لا يُجْزِئُه. وهو احتِمال في «المُحَرَّرِ». وقاله القاضي في مَوضِع مِن كلامِه. قوله: وإنْ قال الكَافِرُ لرَجُل: أعتِقْ عبدَكَ المسلِمَ عني وعليَّ ثمَنُه. ففعَلَ، فهل يَصِح؟ على وجْهين. وأطلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يصِحُّ ويَعتِقُ، وله عليه الوَلاءُ كالمُسلِمِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. صحَّحه في «التَّصحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». واختارَه القاضي في «الخِلافِ»، وتقدَّم كلامُه في المَسْألَةِ التي قبلَها. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. صحَّحه النَّاظِمُ. تنبيه: حكَى الخِلافَ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرح»، و «شَرح ابنَ مُنَجَّى» وَجهين، كالمُصَنِّفِ. وحكَاه في «الرِّعايتَين»،

وَمَنْ أعتَقَ عَبْدًا يُبَايِنُهُ فِي دِينهِ فَلَهُ وَلَاؤهُ. وَهلْ يَرِثُ بِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ، إِحدَاهُمَا، لَا يَرِثُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ عَلَى دِين الْمُعتَقِ وَرِثَهُ. وَإنْ أسْلَمَ الْكَافِرُ مِنْهُمَا وَرِثَ الْمُعتِقُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ» رِوايتَين. قوله: ومَن أعتَقَ عَبْدًا يُباينُه في دِينه فله ولاؤه، وهل يَرِثُ به؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الشرح»؛ إحداهما، يَرِثُ به. وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، والقاضي في «جامِعِه»، والشَّرِيفُ في «خِلافِه»، والشِّيرَازِيُّ في «مُبْهِجِه»، وابنُ عَقِيل في «تَذْكِرَتِه»، وابنُ البَنَّا في «خِصالِه»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «مُذهبِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. قال الزَّركَشِي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختارَه عامَّةُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَرِثُ به. قال في «الخُلاصَةِ»: لا يَرِثُ به على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، ومال إليه الشَّارِحُ. فعلى المذهبِ، لو أعتَقَ كافِرٌ مُسملِمًا، فخَلَّفَ المُسلِمُ العَتِيقُ ابْنًا لسَيِّدهِ كافِرًا، وعمًّا مُسلِمًا، فمالُه لابنِ سيِّدِه. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيَةِ، يكونُ المالُ لعَمِّه. وعلى المذهبِ أيضًا، عندَ عَدَمِ عَصَبَةِ سيِّدِه مِن أهلِ دينه، يَرِثُه بَيتُ المالِ. وإن أعتَقَ مُسلِمٌ كافِرًا، وماتَ المُسلِمُ ثم عَتِيقُه، ولعَتيقِه ابنان، مُسْلِم وكافِر، وَرِثَ الكافِرُ وحدَه. ولو أسلَم العَتِيقُ ثم ماتَ، وَرِثَه المُسلِمُ وحدَه. وإن أسْلَمَ الكافِرُ قبلَ قِسْمَةِ الإرثِ، ورِثَه معه على الأصحِّ، على ما تقدَّم في أوَّل بابِ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ، وتقدَّم بعضُ هذه الأحكامِ في ذلك البابِ.

فَصْلٌ: وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الْوَلَاءِ، إلا مَا أعتَقْنَ أوْ أَعتَقَ مَنْ أعتَقْنَ، أوْ كَاتَبْنَ أوْ كَاتَبَ منْ كَاتَبْنَ. وَعَنْهُ، فِي بِنْتِ الْمُعتِقِ خَاصَّةً تَرِثُ. وَالْأوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَرِثُ النِّساءُ مِن الوَلاءِ إلا ما أعتَقْنَ، أو أعتَقَ مَن أعتقْنَ، أو كاتَبْنَ، أو كاتَبَ مَن كاتَبْنَ. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نصَّ عليه. حتى قال أبو بَكر: هذا المذهبُ رِوايةً واحدَةً. وقال: وَهِمَ أبو طالِبٍ في نقلِه الرِّوايَةَ الثَّانيةَ. انتهى. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ»، و «العُمدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «منتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرُهم. واختارَه أبو بَكر في «الشَّافِي» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقالا: هذا الصَّحيحُ، وغالَى أبو بَكْرٍ فوَهَّم أبا طالب في نقلِ الروايةِ الثَّانِيَةِ. قال القاضي: لم أجِدِ الرِّوايَةَ التي نَقلَها الخِرَقِيُّ في ابنةِ المُعتَقِ، أنَّها تَرِثُ، منْصُوصةً عن الإِمامِ أحمدَ رَحِمَه الله.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وعنه، في بِنتِ المُعتَقِ خاصَّةً أنَّها تَرِثُ. اختارَه القاضي وأصحابُه؛ منهم أبو الخطَّابِ في «خلافِه». وجزَم به في «الخُلاصَةِ». وإليه ميلُ المَجْدِ في «المُنتَقَى». وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وقدَّمه ناظِمُها، وقال: هو المَنصورُ في الخِلافِ. انتهى. وعنه، تَرِثُ مع أخِيها. وعنه، تَرِثُ عَتِيقَ ابنِها مع عدَمِ العَصَبَةِ. تنبيه: يُسْتَثْنَى من عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ عَتِيقُ ابنِ المُلاعِنَةِ، فإن الأم المُلاعِنَةَ تَرِثُه على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نص عليه. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: لا تَرِثُه. ومحَلُّ هذا الخِلافِ على القَولِ بأنها عصَبَتُه، فأمَّا إن قُلنا: إنَّ عصَبَتَها عصَبَتُه. كان الوَلاءُ لعصَبَتِها، لا لها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو تزَوَّجَتِ امْرأَةٌ بمَن أعْتقَتْه فأحْبَلها، فهي القائِلَةُ: إن أَلِدْ أُنثَى فليَ النِّصفُ، وإنْ أَلِدْ ذكَرًا فليَ الثُّمْنُ، وإن لم ألِدْ شيئًا فالجميعُ لي. فيُعايَى بها.

وَلَا يَرِثُ مِنْهُ ذُو فَرْضٍ إلا الْأَبُ وَالْجَدُّ، يَرِثَانِ السُّدْسَ مَعَ الابْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَرِثُ منه ذو فَرض، إلَّا الأَبُ والجَدُّ يَرِثان السُّدْسَ مع الابنِ -

وَالْجَدُّ يَرِثُ الثُّلُثَ مَعَ الإخْوَةِ إِذَا كَانَ أَحظَّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنِه- والجَدُّ يَرِثُ الثُّلُثَ مع الإخوَةِ إذا كان أَحَظَّ له. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. واختارَ أبو إسحاقَ سُقوطَ الأبِ والجَدِّ مع الابنِ، ويُجعَلُ الجَدُّ كالإخوَةِ وإن كَثُروا. قال في «التَّرغيبِ»: وهو أقْيَسُ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقال في «الفائقِ»: وقيل: لا فرضَ لهما بحالٍ. اختارَه ابنُ عَقِيلٍ، وشيخُنا. ويسقُطان بالابنِ وابنِه. والجَدُّ مع الإِخْوَةِ كالأخِ وإن كَثُروا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: له الثُّلُثُ إن كان أحظَّ له، ولا يعادُّ بأُختٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعلى القولِ بأنَّه لا يُفْرَضُ للأبِ، لا يُفرَضُ للجَدِّ مع الإخوَةِ، بل يكونُ كأحَدِهم وإنْ كَثُروا، ويُعادُّونَه بوَلَدِ الأبِ، ولا يُعادُّونَه بالأَخَواتِ. قال: وهذا مُقتَضى قولِ أبي محمدٍ في «الكافِي»، و «المُغْنِي». انتهى. قلتُ: وعلى رِوايَةِ حَجبِ الإخوَةِ بالجَدِّ في النَّسَبِ، تسقُطُ الإخوَةُ بالجَدِّ هنا، وهو المُخْتارُ، كإسْقاطِ أبي الجَدِّ أولادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإخْوَةِ، وجَدُّ المَوْلَى مقَدَّمٌ على عمِّه. انتهى. وقال (¬1) في «الانْتِصارِ»: لمَّا حمَلنا تَورِيثَ أَبٍ سُدْسًا بفَرضٍ مع ابنٍ، على رِوايةِ تَوْريثِ بِنتِ المَولَى، فيَجِئُ مِن هذا أنَّه يَرِثُ قرَابَةُ المَوْلَى بالوَلاءِ على نحو مِيراثِهم. ¬

(¬1) من هنا يوجد تلف في الأصل، والمثبت أرقام المخطوط «ط».

وَالْوَلَاءُ لَا يُورَثُ، وَإنَّمَا يُورَثُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والوَلاءُ لا يُورَثُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقدَّمُوه. ونقَل حَنْبَلٌ: والوَلاءُ يُورَثُ (¬1) كما يُورَثُ المالُ، لكِنْ يخْتَصُّ العصَبَةَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وشذَّ شُرَيحٌ فجعَلَه مَوْرُوثًا كالمالِ، ونقَل حَنْبَلٌ، ومحمدُ بنُ الحَكَمِ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، مِثلَ قولِ شُرَيحٍ، وغَلَّطَهما أبو بَكرٍ. قالا: وهو كما قال. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَهُوَ لِلْكِبَرِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ وَخَلَّفَ عَتِيقَهُ وَابْنَينِ، فَمَاتَ أَحَدُ الابْنَينِ بَعْدَهُ عَنِ ابْنٍ، ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ، فَالْمِيرَاثُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ. فَإِنْ مَاتَ الابْنَانِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمَوْلَى، وَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَالْآخَرُ تِسْعَةً، فَوَلَاؤُهُ بَينَهُم عَلَى عَدَدِهِمْ، لِكُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا ماتَ المعتِقُ وخَلَّفَ عَتِيقَه وابنَين، فماتَ أحَدُ الابنَين بعدَه عنِ ابنٍ، ثم ماتَ العَتيقُ، فالمِيراثُ لابنِ المعتِقِ. هذا مُفَرَّعٌ على المذهبِ. وعلى ما نقَل حَنْبَلٌ يكونُ لابنِ المُعتِقِ النِّصفُ، والنِّصفُ الآخَرُ لابنِ ابنِ المُعتِقِ. وكذا التَّفريعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المذهبِ في قوْلِه: وإن ماتَ الابنان بعدَه وقبلَ المَوْلَى، وخلَّف أحدُهما ابنًا والآخَرُ تِسْعَةً، فولاؤُه بينَهم على عدَدِهم، لكُلِّ واحدٍ عُشْرُه. وعلى رِوايَةِ حَنْبلٍ لابنِ المُعتِقِ نِصْفُه، ولأبناءِ ابنِ المُعتِقِ نِصْفُه. وقيل: يَرِثُ ابنُ الابنِ في الأَولَى النِّصفَ دُونَ هذه. ونقَل ابنُ الحَكَمَ في هذه: يَرِثُ كلُّ فريقٍ نِصفًا.

وَإذَا اشْتَرَى رَجُلٌ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا، أَو أَخَاهُمَا، فَعَتَقَ عَلَيهِمَا، ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ مَاتَ مَوْلَاهُ، وَرِثَهُ الرَّجُلُ دُونَ أُخْتِهِ. وَإذَا مَاتَتِ الْمَرأةُ وَخَلَّفَتِ ابْنَهَا وَعَصَبَتَهَا وَمَوْلَاهَا، فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا، وَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا اشترَى رَجُلٌ وأُخْتُه أباهما أو أخاهما، ثم اشترَى عَبدًا. فأَعْتَقَه. ثم ماتَ المعْتَقُ، يعْنِي الأبَ أو الأخَ، ثم ماتَ مَوْلاه، يعنِي العَبْدَ العَتِيقَ، ورِثَهُ الرَّجُلُ دون أُخْتِه. وهذا مُفَرّعٌ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، مِن أنَّ النِّساءَ لا يَرِثْنَ مِن الوَلاءِ إلَّا ما أعتَقْنَ أو أعتَقَ مَن أعتَقْنَ. فأمَّا على رِوايةِ إرثِ بِنتِ المُعتِقِ، فتَرِثُ هنا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. وإنَّما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تَرِثْ مع أخِيها على المذهبِ، وإن كانت قد أعتقَت مَن أعتَقَ، لأنَّ مِيراثَ الأخِ هنا مِن أبِيه أو أخِيه بالنَّسَبِ، وهي مَولاةُ المُعْتَقِ، وعصبَةُ المُعْتَقِ مقدَّمٌ على مَولاه. ولهذا قال في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: أخطَأ فيها خَلْقٌ كثيرٌ. قال ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» مسْألَةً عجِيبَةً، ابنٌ وبِنْتٌ اشتَريا أباهما، فعَتَقَ عليهما، ثم اشترَى الأبُ عَبْدًا فأَعْتَقَه، فهلَكَ الأبُ، ثم هلَكَ العَبْدُ؟ فالجوابُ، أنَّه لما هلَكَ الأبُ كان مالُه بينَ ابنِه وابنَتِه، للذَّكَرِ مِثْلُ حظِّ الأُنثَيَين، بالتَّعْصِيبِ لا بالوَلاءِ، ولمَّا هلَكَ العَبْدُ وخلَّف ابنَ مَولاه وبِنتَ مَوْلاه، كان ولاؤُه (¬1) لابنِ مَوْلاه، دُونَ بِنتِ مَولاه، لأنَّه أقْرَبُ عَصَبَةِ مَولاه، لا خِلافَ في ذلك. وهذه المَسْأَلةُ تُرْوَى عن ¬

(¬1) في ا: «ماله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مالكٍ رَحِمَه الله، أنَّه قال: سأَلْتُ سبْعِين قاضِيًا مِن قُضاةِ العِراقِ عنها فأخْطَأُوا فيها. ولو ماتَ الابنُ قبلَ مَوتِ العَتِيقِ، وَرِثَتِ البِنتُ مِن مالِه بقَدْرِ ما أعْتَقَت مِن أبيها، والباقي بينَها وبينَ مُعتِقِ الأمِّ. فائدة: قولُه: وإذا ماتَتِ امرأَةٌ، وخلَّفتِ ابنَها وعَصَبَتَها ومَولاها، فوَلاؤُه لابنِها -وكذلك الإرْثُ- وعَقْلُه على عَصَبَتِها. هذا صحيحٌ، لكِنْ لو بادَ بنُوها فوَلاؤُه لعَصَبَتِها. ونقَل جَعْفَرٌ، لعَصَبةِ بَنِيها. قال في «الفُروعِ»: وهو مُوافِقٌ لقولِه: الوَلاءُ يُورَثُ (¬1). ثم لعَصَبةِ بَنِيها. وقيل: لبَيتِ المالِ. انتهى. وقال في ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفائقِ»، بعدَ قولِه ثم لعَصَبَةِ بَنِيها: قال ابنُ عَقِيلٍ في «مَنْثُورِه»: وجَدتُ في تَعالِيقِي؛ قال شَيخُنا: جَدتُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، أنَّ ذَوي الأَرحامِ مِن المُعتِقِ؛ مِثلَ خالتِه وعمَّتِه، يَرِثُون مِن المَولَى إذا لم يكُن له عَصَبةٌ ولا ذُو فَرضٍ. قلتُ: وقال ابنُ أبِي مُوسى: فإن ماتَ العبدُ ولم يَترُكْ عصَبَةً ولا ذا سَهمٍ، ولا كان لمُعتِقِه عصَبْةٌ، وَرِثَه الرِّجالُ مِن ذَوي أرحامِ مُعتِقِه دُونَ نِسائِهم، وعندَ عدَمِهم لبَيتِ المالِ. انتهى كلامُ صاحِب «الفائقِ». تنبيه: قولُه: فوَلاؤه لابنِها، وعَقلُه على عَصبَتِها. هذا مَبنِيٌّ على أنَّ الابنَ ليس مِنَ العاقِلَةِ، وهو إحدَى الرِّواياتِ. وقدَّمه المُصَنَّفُ في بابِ العاقِلَةِ. ومَن قال: الابنُ مِنَ العاقِلَةِ، وهو المذهبُ، يقولُ: الوَلاءُ له والعَقلُ عليه. ومَن قال: الابنُ عاقِلَةُ الأبِ دُونَ الأمِّ. كمُخْتارِ الجَدِّ، يُقيِّدُ المَسْأَلةَ بما إذا كان المُعْتِقُ امْرأَةً، كما قيَّدها المُصَنَّفُ هنا. فائدة: لو أعتَقَ سائِبَةً، أو في زَكاةٍ، أو نَذرٍ، أو كفَّارَةٍ، أو قالِ لا وَلاءَ لي عليك. وقُلنا: لا ولاءَ له عليه. كما تقدَّم، ففي عَقلِه عنه لكَوْنِه مُعْتَقًا رِوايتان. قاله أبو المَعالِي.

فَصْلٌ فِي جَرِّ الْولَاءِ: كُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ أَوْ عَتَقَ عَلَيهِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِحَالٍ. فَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُعْتَقَةً فأَوْلَدَهَا، فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أُمِّهِ. فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ انْجَرَّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إِلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَعُودُ إِلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ لَمْ يَجُرَّ وَلَاءَهُمْ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. وعنه، يَجُرُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن أُعتِقَ الجدُّ لم يَجُرَّ ولاءَهم، في أَصَحِّ الرِّوايتَين. وكذا قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهبِ» وغيرِه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشهورُ، والمُختارُ للأصحابِ مِن الرِّواياتِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَجُرُّه إلى مَوالِيه. فعليها، إنْ عتَقَ الأبُ بعدَ الجَدِّ، انْجَرَّ الوَلاءُ مِن مَوالِي الجَدِّ إلى مَوالِي الأَبِ. وكذا لو عتَقَ مِنَ

وَإنِ اشْتَرَى الابْنُ أَبَاهُ، عَتَقَ عَلَيهِ، وَلَهُ وَلاؤُهُ وَوَلَاءُ إِخْوَتِهِ، وَيبْقَى وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ؛ لأَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأجدادِ مَن هو أقرَبُ ممَّن عتَقَ أولًا، وجَرَّ الوَلاءَ. وعنه، إن عتَقَ الجَدُّ بعدَ مَوتِ الأبِ جَرَّه، وإن عتَقَ الجَدُّ والأبُ حيٌّ لم يَجُرَّه بحالٍ؛ سواءٌ عتَقَ الأبُ بعدُ، أو ماتَ قِنًّا. حَكاها الخَلَّالُ. وعنه، يجُرُّه إذا عتَقَ والأبُ مَيِّتٌ، وإن عتَقَ والأبُ حيٌّ لم يجُرَّه حتى يمُوتَ قِنًّا، فيَجُرَّه مِن حينِ مَوتِه، ويكونَ في حَياةِ الأبِ لمَوالِي الأُمِّ. نقَلَها أبو بَكر في «الشَّافِي».

وَإنِ اشْتَرَى الْوَلَدُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى العَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ فَأَعْتَقَهُ، ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ، فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى الْآخَرِ. وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا ثُمَّ سَبَى الْعَبْدُ مُعْتِقَهُ فَأَعْتَقَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا اشتَرَى الوَلَدُ عَبدًا فأعتَقَه، ثم اشترَى العَتِيقُ أَبا مُعْتِقِه فأَعتَقَه، ثَبَتَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له ولاؤُه، وجَرَّ ولاءَ مُعتِقِه، فصارَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُما مَولَى الآخَرِ. بلا نِزاعٍ. فيُعايَى بها، وبالتي بعدَها. فائدتان؛ إحداهما، لو ماتَ مَولى الأبِ والجَدِّ، لم يَعُدِ الوَلاءُ إلى مَوالِي الأُمِّ بحالٍ، بل يكونُ للمُسْلِمين. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مَعْنَى قَوْلِ المُصَنِّفِ. ولا يعُودُ إلى مَوالِي الأبِ بحالٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانيةُ، قوْلُه: ومِثْلُه لو أعتَقَ الحربِيُّ عبدًا، ثم سَبَى العَبدُ مُعتِقَه فأعْتَقَه، فلكُلِّ واحِدٍ مِنهما ولاءُ صاحِبِه. فلو سَبَى المُسلِمون العَتيقَ الأوَّلَ ثم أعتَقُوه، فوَلاؤُه لمُعتِقِه الأخيرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: للأوَّلِ. وقيل: لهما. فعلى المذهبِ، لا يَنْجَرُّ ما كانَ للأوَّلِ قبلَ الرِّقِّ مِن وَلاءِ وَلَدٍ أو عَتِيقٍ، إلى الأخيرِ. قاله في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم.

فَصْلٌ فِي دَوْرِ الْوَلَاءِ: إِذَا اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ مُعْتَقَة أَبَاهُمَا، فَعَتَقَ عَلَيهِمَا، صَارَ وَلَاؤُهُ لَهُمَا نِصْفَينِ، وَجَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ، وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، وَإنْ مَاتَ الْأبُ وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا. فَإِنْ مَاتَتِ الْبِنْتُ بَعْدَهُ وَرِثَهَا أَخُوهَا بِالنَّسَبِ، ثُمَّ إِذَا مَاتَ أَخوهَا، فَمَالُهُ لِمَوَالِيهِ، وَهُمْ أُخْتُهُ وَمَوَالِي أُمِّهِ، فَلِمَوَالِي أُمِّهِ النِّصْفُ، وَالنّصْفُ الآخَرُ لِمَوَالِي الأُخْتِ، وَهُمْ أَخُوهَا وَمَوَالِي أُمِّهَا، فَلِمَوَالِي أُمِّهَا نِصْفُ ذَلِكَ وَهُوَ الرُّبْعُ، يَبْقَى الرُّبْعُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لِأنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْأَخِ وَعَادَ إِلَيهِ، فَفِيهِ وَجْهانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ. وَالثَّانِي، أَنَّهُ لِبَيتِ المَالِ؛ لأَنَّه لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو الجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لأنَّه خرَج مِنَ الأخِ وعادَ إليه، ففيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، هو لمَوالِي الأمِّ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الوَنِّيُّ: هذا قِياسُ قوْلِ الإمامِ أحمدَ رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، لبَيتِ المالِ؛ لأنَّه لا مُسْتَحِقَّ له. نَصَره القاضي في «المُجَرَّدِ». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُصولِ»، و «الرِّعايتَين». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقيل: يُرَدُّ على سِهامِ المَوالِي أثْلاثًا؛ لمَوالِي أُمِّه الثُّلُثان، ولمَوالِي أُمِّها الثُّلُثُ. وأطْلَقهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ».

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1995 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب العتق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتابُ العِتْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ العِتْقِ فائدة: العِتْقُ؛ عِبارَة عن تَحْريرِ الرَّقَبَةِ، وتخْلِيصِها مِن الرِّقِّ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

وَهُوَ مِنْ أفْضَلِ الْقُرَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو مِن أفْضَلِ القُرَبِ. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: هو أحَبُّ القُرَبِ إلى اللهِ تَعالى. فوائد؛ منها، أفْضَلُ عِتْقِ الرِّقابِ، أنْفَسُها عندَ أهْلِها، وأغْلاها ثمَنًا. نقَله الجماعةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو كافِرَةً. وفاقًا للإمامِ مالكٍ، رَحِمَه اللهُ، وخالفَه أصحابُه. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّه مُرادُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، لكِن يُثابُ على عِتْقِه. قال في «الفُنونِ»: لا يخْتَلِفُ النَّاسُ فيه. ومنها، عِتْقُ الذَّكَرِ أفْضَلُ مِن عِتْقِ الأُنثَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وعنه، عِتْقُ الأُنْثَى للأُنْثَى أفْضَل. ونصَّ عليه في رِوايةِ عبدِ اللهِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». ومنها، عِتْقُ الأُنْثَى كعِتْقِ الذَّكَرِ في الفِكاكِ مِنَ النّارِ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى المذهبَ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ».

وَالْمُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ. فَأمَّا مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ عِتْقُهُ وَلَا كِتَابَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، عِتْقُ امْرأتَين كعِتْقِ رَجُلٍ في الفِكاكِ. قدَّمه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». ومنها، التعَدُّدُ في العِتْقِ أفْضَلُ مِن عِتْقِ الواحِدِ. قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. وجزَم به في «الفُروعِ» في بابِ الأضاحِي. ومال صاحِبُ «القَواعدِ الفِقْهِيَّةِ» فيها إلى أنَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ نفِيسَةٍ بمالٍ أفْضَلُ مِن عِتْقِ رِقابٍ مُتَعَدِّدَةٍ بذلك المالِ. وقال عن القوْلِ الأوَّلِ: فيه نظَرٌ. قوله: فأمَّا مَن لا قُوَّةَ له ولا كَسْبَ، فَلا يُسْتَحَبُّ عِتْقُه ولا كِتابَتُه. بل يُكْرَهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يُسْتَحَبُّ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ الاسْتِحْبابُ على القَوْلِ بوُجوبِ نَفَقَتِه عليه. وعنه، تُكْرَهُ كِتابَتُه دُونَ عِتْقِه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، تُكْرَهُ كِتابةُ الأُنْثَى. ويأْتِي ذلك في أوَّلِ بابِ الكِتابةِ. فوائد؛ الأُولَى، لو خافَ على الرَّقيقِ الزِّنَى والفَسادَ، كُرِهَ عِتْقُه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنْ ظَنَّ ذلك، صحَّ وحَرُمَ. قاله المُصَنفُ، والشّارِحُ، وغيرُهما. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»، وقال: ويتَوَجَّهُ فيه كمَن باعَ. أو اشْتَرَى بقَصْدِ الحرامِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ولو أعْتَقَ جارِيَةً، ونِيَّتُه بعِتْقِها أنْ تكونَ مُسْتَقِيمَةً، لم يحْرُمْ عليه بَيعُها، إذا كانتْ زانِيَةً. الثَّانيةُ، لو أعْتَقَ عَبْدَه أو أمَتَه، واسْتَثْنَى نَفْعَه مُدَّةً معْلومَةً، صحَّ. نصَّ عليه؛ لحَديثِ سَفِينَةَ (¬1). وكذا لو اسْتَثْنَى خِدْمَتَه مُدَّةَ حَياتِه. قاله في «القاعِدَةِ الثّانيةِ والثَّلاثِين». قال: وعلى هذا يَتَخَرَّجُ أنْ يُعْتِقَ أمَتَه، ويَجْعَلَ عِتْقَها صَداقَها؛ لأنَّه اسْتَثْنَى الانْتِفاعَ بالبُضْعِ، ¬

(¬1) أخرجه أبو داود، في: باب في العتق على الشرط، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 348. وابن ماجه، في: باب من أعتق عبدًا واشترط خدمته، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه 2/ 844. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 221، 6/ 319.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَمْلِكُه بعَقْدِ النِّكاحِ، وجعَل العِتْقَ عِوَضًا عنه، فانْعَقَدَا في آنٍ واحدٍ. وَيأْتِي بعضُ ذلك في هذا البابِ، عندَ قوْلِه: وإنْ قال: أنتَ حُرٌّ على أنْ تَخْدُمَنِي سنةً (¬1) الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: يصِحُّ العِتْقُ ممَّن تصِحُّ وَصِيَّتُه. قال في «الفائقِ»: وإنْ لم يبْلُغْ. نصَّ عليه. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وعنه، بل وهِبَتُه. انتهى. وقال في «المُذْهَبِ»: يصِحُّ عِتْقُ مَن يَصِحُّ بَيعُه. قال النّاظِمُ: ولا يصِحُّ إلَّا ممَّن يَصِحُّ تصَرُّفُه في مالِه في المُؤكَّدِ. وقام هذا في «المُسْتَوعِبِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يصِحُّ عِتْقُ المُرْتَدِّ. وقطَع المُصَنِّفُ وغيرُه، أنه لا عِتْقَ لمُمَيِّزٍ. وقال طائفةٌ مِن الأصحابِ: لا يصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بغيرِ خِلافٍ، منهم المُصَنِّفُ. وأثْبَتَ غيرُ واحِدٍ الخِلافَ، فقال في «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، و «التَّرْغيبِ»: في عِتْقِ ابنِ عَشْرٍ، وابْنَةِ تِسْعٍ، رِوايَتَان. وقال في «المُوجَزِ»: وفي صِحَّةِ عِتْقِ المُمَيِّزِ رِوايَتان. وقال في «الانْتِصارِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ في بابِ الحَجْرِ، وغيرُهم: في صِحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ رِوايَتان. وقدَّم في «التَّبْصِرَةِ»، صِحَّةَ ¬

(¬1) يأتي في صفحة 99.

وَيَحْصُلُ الْعِتْقُ بِالْقَوْلِ وَالْمِلْكِ؛ فَأمَّا الْقَوْلُ فَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عِتْقِ المُمَيِّزِ، والسَّفِيهِ، والمُفْلِسِ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: يَصِحُّ عِتْقُه. انتهى. ونقَل أبو طالِبٍ، وأبو الحارِثِ، وابنُ مُشَيشٍ، صِحَّةَ عِتْقِه. وإذا قُلْنا بصحَّةِ عِتْقِه، فضَبَطَه طائفة بعَقْلِه العتقَ. وقاله الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ ابنِه (¬1) صالحٍ، وأبي الحارِثِ، وابنِ مُشَيشٍ. وضَبَطَه طائفةٌ بعَشْر في الغُلامِ، وبتِسْعٍ في الجارِيَةِ، كما ذَكَرْناه عن صاحِبِ «المُبْهِجِ»، و «التَّرْغيبِ». وقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ أبي طالِبٍ، في الغُلامِ الذي لم يَحْتَلِمْ يُطَلِّقُ امْرأَتَه: إذا عقَل الطَّلاقَ، جازَ طلاقُه، ما بينَ عَشْرِ سِنِينَ إلى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سنةً، وكذلك إذا أعْتَقَ، جازَ عِتْقُه. انتهى. وممَّن اخْتارَ مِن الأصحابِ صِحَّةَ عِتْقِه، أبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ، ذكَرَه في آخِرِ كتابِ المُدَبَّرِ مِن الخِلافِ، فقال: وتَدْبيرُ الغُلامِ إذا كان له عَشْرُ سِنِينَ، صحيحٌ، وكذلك عِتْقُه، وطَلاقُه. انتهى. وتقدَّم بعضُ ذلك في أوائلِ كتابِ البَيعِ، وبابِ الحَجْرِ (¬2). تنبيه: ظاهرُ قوله: فأمَّا القَوْلُ فَصَرِيحُه لَفْظُ العِتْقِ والْحُرِّيَّةِ كيفَ صُرِّفَا. أنَّ العِتْقَ يحْصُلُ بذلك ولو تجَرَّدَ عنِ النيةِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مع القَوْلِ الصَّريحِ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: نِيَّةُ قَصْدِ الفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ، تحَرُّزًا مِن النّائمِ ونحوه، ولا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ العبادَةِ (¬3) ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) تقدم في 11/ 21، وفي 13/ 315. (¬3) في ط: «النفاذ».

وَالْحُرِّيَّةِ، كَيفَ صُرِّفَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا القُرْبَةِ، فيقَعُ عِتْقُ الهازِلِ. انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: الإمامِيَّةُ يقُولُونَ: لا ينْفُذُ إلَّا إذا قصَد به القُرْبَةَ. قال: وهذا يدُلُّ على اعْتِبارِ النِّيَّةِ لوُقُوعِه، فإنَّهم جعَلُوه عِبادَةً. قال: وهذا لا بَأْسَ به. انتهى. ويَحْتَمِلُ عَدَم العِتْقِ بالصَّريحِ، إذا نَوَى به غيرَه. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. فائدة: لو قصَد غيرَ العِتْقِ، كقَوْلِه: عَبْدِي هذا حُرٌّ. يريدُ عِفَّتَه وكَرَمَ أخْلاقِه، أو يقولُ له: ما أنتَ إلَّا حُرٌّ. يريدُ به عدَمَ طاعَتِه، ونحوَ ذلك، لم يَعْتِقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: هو كالطَّلاقِ فيما يتَعَلَّقُ باللَّفْظِ، والتَّعْليقِ، ودَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عن صَرِيحِه. قال أبو بَكْرٍ: لا يخْتَلِفُ حُكْمُهما في اللَّفْظِ والنِّيَّةِ. وجزَم في «التبصِرَةِ»، أنَّه لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وعلى الأوّلِ، لو أرادَ العَبْدُ إحْلافَه، كان له ذلك. نصَّ عليه. تنبيه: قولُه: صَرِيحُه لَفْظُ العِتْقِ والحُرِّيَّةِ كيفَ صُرِّفا. ليس على إطْلاقِه، فإنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَلْفاظَ المُتَصَرِّفَةَ منه خَمْسَةٌ؛ ماضٍ، ومُضارِعٌ، وأمْرٌ، واسْمُ فاعِلٍ، واسْمُ مَفْعولٍ، والمُشْتَقُّ منه؛ وهو المَصْدَرُ. فهذه سِتَّةُ ألْفاظٍ، والحالُ أنَّ الحُكْمَ لا يَتَعَلَّقُ بالمُضارِعِ ولا بالأمْرِ، لأنَّ الأوَّلَ وَعْدٌ، والثَّانِي لا يصْلُحُ للإنْشاءِ، ولا هو خَبَرٌ، فيكونُ لَفْظُ المُصَنفِ عامًّا أُرِيدَ به الخُصوصُ. وقد ذكَرَ مِثْلَ هذه العِبارَةِ في بابِ التَّدْبيرِ، وصَرِيحِ الطَّلاقِ. وكذا ذكَر غيرُه مِنَ الأصحابِ، ومُرادُهم ما قُلْنا.

وَكِنَايَتُهُ: خَلَّيتُكَ، وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ، وَاذْهَبْ حَيثُ شِئْتَ، وَنَحْوُهَا. وَفِي قَوْلِهِ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيكَ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيكَ، وَلَا مِلْكَ لِي ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفي قولِه: لا سَبِيلَ لي عليكَ، ولا سُلْطَانَ لي عليكَ، ولا مِلْكَ لي عليكَ، ولا رِقَّ لِي عليكَ، وفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، وأنتَ مَوْلاي، وأنتَ للهِ، وأنتَ سائِبَةٌ. رِوَايَتَان. وكذا. لا خِدْمَةَ لي عليكَ. و: مَلَّكْتُكَ نَفْسَكَ. وأطْلَقَهما في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغَةِ»،

عَلَيكَ، ولَا رِقَّ لِي عَلَيكَ، وَفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، وَأنْتَ مَوْلَايَ، وَأَنْتَ لِلَّهِ، وَأنْتَ سَائِبَةٌ. رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَالأُخْرَى، كِنَايَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، في قوْلِه: فكَكْتُ رَقَبَتَك، وأنتَ سائِبَةٌ، وأنتَ مَوْلاي، وَمَلَّكْتُك رَقَبَتَك. إحْدَاهما، صَرِيحٌ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال ابنُ رَزِينٍ: وفيه بُعْدٌ. والرِّوايةُ الثَّانية، كِنايَة. صحَّحَه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «إدْراكِ الغايةِ». وصحَّحَه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقدَّمه. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّ قوْلَه: لا سَبِيلَ لي عليكَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا سُلْطانَ لي عَليكَ. كِنايَةٌ. وقال القاضي في قَوْلِه: لا مِلْكَ لي عَلَيكَ، ولا رِقَّ لي عَلَيكَ، وأنتَ للهِ. صريحٌ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال: ومِنَ الكِنايَةِ قوْلُه: لا سُلْطانَ لي عَلَيكَ، ولا سَبِيلَ لي عَلَيكَ، وفَكَكْتُ رَقَبَتَكَ، ومَلَّكْتُكَ نفْسَكَ، وأنتَ مَوْلَاي، وسائِبَةٌ. في أصحِّ الروايتَين. وقطَع في «الإيضاحِ» أنَّ قوْلَه: لا مِلْكَ لي عَلَيكَ، وأنتَ للهِ. كِنايَةٌ. وقال: اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في ثلاثَةِ ألْفاظٍ؛ وهي: لا سَبِيلَ لي عَلَيكَ، ولا سُلْطانَ، وأَنْتَ سائِبَةٌ.

وَفِي قَوْلِهِ لِأمَتِهِ: أنْتِ طَالِقٌ. أوْ: أنْتِ حَرَامٌ. رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا، أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَالْأُخْرَى، لَا تَعْتِقُ بِهِ وَإنْ نَوَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ البَنَّا في «خِصالِه»: قوْلُه: لا مِلْكَ لِي عليكَ، ولا رِقَّ لِي، وأنتَ للهِ. صَرِيحٌ. وقال: اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ في ثلاثَةِ ألْفاظٍ. وهي التي ذكَرَها في «الإِيضاحِ». وظاهِرُ كلامِه في «الواضِحِ»، أنَّ قوْلَه: وَهَبْتُكَ للهِ. صريحٌ. وسَوَّى القاضي وغيرُه بينَها وبينَ قوْلِه: أنْتَ للهِ. وقال في «المُوجَزِ»: هي وقوْلُه: رَفَعْتُ يَدِي عنكَ إلى اللهِ. كِنايَةٌ. قوله: وفي قَوْلِه لأَمَتِه: أنتِ طَالِقٌ. أو: أنتِ حَرامٌ. رِوايَتَان. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ» و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، إحْداهما، كِنَايَة. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «نَظْمِه»، و «المُنَورِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرعايتَين»، و «إدْراكِ الغايةِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في قوْلِه: أنْتِ حَرامٌ. والروايةُ الثانيةُ، أنَّه لَغْوٌ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في قوْلِه: أنتِ طالِقٌ. وصحَّح

وَإنْ قَال لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أكْبَرُ مِنْهُ: أنْتَ ابْنِي. لَمْ يَعْتِقْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشارِحُ، أنَّه كِنايَةٌ، في قوْلِه: أنتِ حرامٌ. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في قوْلِه: أنْتِ طالِق. وقال في «الانْتِصارِ»: حُكْمُ قوْلِه لها: اعْتَدِّي. حُكْمُ هذه المَسْأَلَةِ، وأنَّه يَحْتَمِلُ مِثْلُه في لَفْظِ الظِّهارِ. قوله: وإذا قال لِعَبْدِه، وهو أكبَرُ منه: أنتَ ابنِي. لم يَعْتِقْ. ذكَره القاضِي. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَعْتِقْ في الأصح. وجزَم به في «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. وهو تخْريجُ وَجْهٍ لأبي الخَطابِ. قال أبو الخَطَّابِ، وتَبِعَه في «الحاوي الصَّغِيرِ»: لا نَصَّ فيها، إلَّا أنَّ القاضيَ قال: لا يَعْتِقُ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. تنبيه: قوْلُه: وإذا قال لِعَبْدِه، وهو أكبَرُ منه. قال ذلك المُصَنِّفُ على سَبيلِ ضَرْب المِثالِ، وإلَّا فحيثُ قال ذلك لمَن لا يُمْكِنُ كوْنُه منه، فإنَّه داخِلٌ في المَسْألَةِ، وإذا أمْكَنَ كوْنُه منه، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ للعَبْدِ نَسَىبٌ مَعْروفٌ أوْ لا؛ فإنْ لم يَكُنْ له نسَبٌ مَعْروفٌ، عتَق عليه، وإنْ كان له نَسَبٌ مَعْروفٌ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يَعْتِقُ عليه أيضًا؛ لاحْتِمالِ أنْ يكونَ وَطِئَ بشُبْهَةٍ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقاله القاضي في «خِلافِه»، وابنُه أبو الحُسَينِ، والآمِدِيُّ. وقيل: لا يَعْتِقُ؛ لكَذِبه شَرْعًا. وهو احْتِمالٌ في «انْتِصارِ أبي الخَطّابِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». تنبيه: قال ابنُ رَجَب، وتَبِعَه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: هذا جَمِيعُه مع إطْلاقِ اللَّفْظِ، أما إنْ نَوَى بهذا اللَّفْظِ الحُريَّةَ، فيَنْبَغِي عِتْقُه بهذه النيةِ مع هذا اللَّفْظِ. قال ابنُ رَجَبٍ: ثم رَأَيتُ أبا حَكِيمٍ وَجَّهَ القَوْلَ بالعِتْقِ، وقال: لجَوازِ كوْنِه كِنايَةً في العِتْقِ. فائدة: لو قال لأصْغَرَ منه: أنْتَ أبِي. فالحُكْمُ كما لو قال لأكْبَرَ منه: أنْتَ ابنِي. قاله في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وقاسَه في «الرِّعايتَين» على الأوَّلِ مِن عندِه.

وَإذَا أعتَقَ حَامِلًا عَتَقَ جَنِينُهَا، إلا أن يَسْتَثْنِيَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدةٌ أخْرَى: لو قال: أعْتَقْتُكَ -أو: أنتَ حر- مِن أَلْفِ سَنَةٍ. لم يَعْتِقْ. وقال في «الانْتِصارِ»: ولو قال لأمَتِه: أنْتِ ابْنِي. أو لعَبْدِه: أنْتَ بِنْتِي. لم يَعْتِقْ. فائدة: لو قال لزَوْجَتِه، وهي أكبَرُ منه: هذه ابنَتِي. لم تَطْلُقْ بذلك، بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ أعْتَقَ حامِلًا عتَق جَنِينُها، إلَّا أنْ يَسْتَثْنِيَه، وإنْ أَعْتَقَ ما في بَطْنِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَها، عتَق وحدَه في الحالِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليهما (¬1). وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والقَوْلُ بعِتْقِ جَنِينها معها إلَّا أنْ يسْتَثْنِيَه، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ¬

(¬1) في ا: «عليه».

وَإنْ أعتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَها، عَتَقَ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يَعْتِقُ الحَمْلُ فيهما حتى تضَعَه حيًّا، فيكونَ كمَنْ عُلقَ عِتْقُه بشَرْطٍ، فيجوزَ بَيعُه قبلَ وَضْعِه تَبَعًا لأُمِّه. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نصَّ عليها في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِينَ». وقال بعدَ ذلك: وقِياسُ ما ذكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ، أَنه لا يَعْتِقُ بالكُليَّةِ فيما إذا أعْتَقَ حامِلًا؛ إذْ هو كالمَعْدُومِ قبلَ الوَضْعِ. قال: وهو بعيدٌ جِدًّا. وتَوَقَّفَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ ابنِ الحَكَمِ، هل يكونُ الوَلَدُ رقِيقًا إذا اسْتَثْناه مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِتْقِ؟ وخرَّج ابنُ أبي مُوسى والقاضي، أنَّه لا يصِحُّ اسْتِثْناؤُه، على قِياس (¬1) اسْتِثْنائِه في البَيعِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أعتَقَ أمَةً حمْلُها لغيرِه، وهو مُوسِرٌ؛ كالمُوصَى به، عتَق الحَمْلُ أيضًا وضَمِنَ قِيمَتَه. ذكَره القاضي، وجزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وأبو الخَطَّابِ. قاله في «القَواعِدِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يَعتِقُ. جزَم به في «الترْغيبِ». واخْتارَه في «المُحَرَّرِ»، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ».

وَأمَّا الْمِلْكُ، فَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، لَا يَعْتِقُ إلا عَمُودَا النَّسَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا المِلْكُ، فمَن ملَك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عتَق عليه. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَعْتِقُ إلَّا عَمُودَا النَّسَبِ. قال في «الكافِي»: بناءً على أنَّه لا نفَقَةَ لغيرِهم. وقال في «الانْتِصارِ»: لَنا فيه خِلافٌ. واخْتارَ الآجُرِّيُّ، لا نفَقَةَ لغيرِهم. ورَجَح ابنُ عَقِيلٍ، لا عِتْقَ بالمِلْكِ. وعنه، إنْ مَلَكَه بإرْثٍ، لم يَعْتِقْ. وفي إجْبارِه على عِتْقِه رِوايَتَان. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى. وعنه، لا يَعْتِقُ الحَمْلُ حتى يُولَدَ في مِلْكِه حيًّا. فلو زوَّجَ ابنَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأمَةٍ، فَحَمَلَتْ منه في حَياتِه، ثم وَلَدَتْ بعدَ موتِ جَدِّه، فهل هو مَوْرُوث عنه أو حُرٌّ؟ فيه رِوايَتان. ذكَره في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فائدة: لو ملَك رَحِمًا غيرَ مَحْرَمٍ عليه، أو ملَك مَحْرَمًا برَضاعٍ أو مُصاهَرَةٍ، لم يَعْتِقْ. نصَّ عليه في رِوايةِ الجماعةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنه كَرِهَ بَيعَ أخِيه مِنَ الرضاعَ، وقال: يَبِيعُ أَخاه؟!

وَإنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنَ الزِّنَى لَمْ يَعْتِقْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ملَك وَلَدَه مِن الزِّنَى -يعْنِي وإنْ نزَل- لم يَعْتِقْ في ظاهرِ كلامِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال في «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» وغيرِه: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. ويحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ وهذا الاحْتِمالُ لأبي الخَطَّابِ.

وَإنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيهِ بِغَيرِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيهِ كُلُّهُ، وَعَليهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ. وَإنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيهِ إلا مَا مَلَكَ. وَإنْ مَلَكَهُ بِالْمِيرَاثِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلا مَا مَلَكَ، مُوسِرًا كَانَ أوْ مُعْسِرًا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ملَك أباه مِن الزِّنَى، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو ملَك ابنَه مِنَ الزِّنَى. ذكَرَه في «التبصِرَةِ»، و «الرِّعايةِ»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: إنْ أرادُوا أنَّ أباه وَلَدُ زنًى، ووَلَدَه وَلَدُ زِنًى منه، فهذا مُحْتَمَل. وإنْ أرادُوا [أنَّ أباه هو الزانِي، وهذا] (¬1) الذي مَلَكَه هوٍ وَلَدُه مِنَ الزِّنَى، فمُسَلَّمٌ. وهوٍ مُرادُهم واللهُ أعلمُ. وإنْ أرادُوا أنَّ أباه وَلَدُ زِنى، ووَلَدَه الذي مَلَكَه ليس مِن زِنى، فهذا غيرُ مُسَلَّم، بل يَعْتِقُ عليه هُنا، وهو داخِلٌ في كلامِهم. قوله: وإنْ ملَك سَهْمًا مِمَّن يَعْتِقُ عليه بغيرِ المِيراثِ وهو مُوسِرٌ عتَق عليه كُلُّه. اعلمْ أنَّه إذا ملَك جُزْءًا ممن يَعْتِقُ عليه، وكان مِلْكُه له بغيرِ المِيراثِ، فلا يخْلُو، ¬

(¬1) في ا: «أباه ولد زنى وولده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إمّا أنْ يكونَ مُوسِرًا، أو مُعْسِرًا؛ فإنْ كان مُوسِرًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ مُوسِرًا بجَمِيعِه، أو مُوسِرًا ببعضِه؛ فإنْ كان مُوسِرًا بجَمِيعِه، عتَق عليه في الحالِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يَعْتِقُ عليه قبلَ أداءِ القيمَةِ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. فعليه، لو أعْتَقَ الشرِيكُ قبلَ أدائِها، فهل يصِح عِتْقُه؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: فهل يصِح عِتْقُه؟ يحْتَمِلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين؛ أحدُهما، يصِحُّ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، رَحِمَهما اللهُ. والثاني، لا يصِحُّ. تنبيه: قوْلُه: وعليه قِيمَةُ نَصيبِ (¬1) شَرِيكِه. بلا نِزاع. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا؛ متى يُقَوَّمُ؟. فائدة: قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: له نِصْفُ القِيمَةِ. قال في «الفُروعِ»: لا قِيمَةُ النصْفِ. ورَدَّه ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»، وتَأَوَّلَ كلامَ الإمامِ أحمدَ، ¬

(¬1) في ط ا: «نصف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هل يُقَوَّمُ كامِلًا ولا عِتْقَ فيه، أو قد عتَقَ بعضُه؟ فيه قَوْلان للعُلَماء، أصحُّهما الأوَّلُ -وهو الذي قاله أبوالعَبَّاسِ فيما أظُنُّ- لظاهرِ الحديثِ، ولَأن حقَّ الشَّرِيكِ إنَّما هو في نِصْفِ القِيمَةِ، لا قِيمَةِ النِّصْفِ؛ بدَليلِ ما لو أرادَ البَيعَ، فإنَّ الشرِيكَ يُجْبَرُ على البَيعِ معه. انْتَهى. وكذا الحُكْمُ لو أعْتَقَ شرِيكًا في عَبْدٍ وهو مُوسِر، على ما يأْتِي. وإنْ كان مُوسِرًا ببعضِه، عتَق عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، بقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ به. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال في «الفائقِ»: عتَق بقَدْرِه. في أصحِّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَعْتِقُ إلَّا ما مَلَكَه، والحالةُ هذه. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: عتَق كُلُّه. لو كان شِقْصُ شَرِيكِه مُكاتَبًا أو مُدَبَّرًا أو مَرْهُونًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي: يمْتَنِعُ العِتْقُ في المُكاتَبِ والمُدَبَّرِ، إلا أنْ يَبْطُلا، فَيَسْرِيَ حِينَئذٍ. وحيثُ سَرَى، ضَمِنَ حقَّ الشَّرِيكِ بنِصْفِ قِيمَتِه مُكاتَبًا. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يضْمَنُه بما بَقِيَ مِن الكِتابةِ. جزَم به في «الرَّوْضَةِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وأما المَرْهونُ، فيَسْرِى العِتْقُ عليه، وتُؤْخذُ قِيمَتُه فتُجْعَلُ مَكانَه رَهْنًا. قاله في «التَّرْغيبِ»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروع». فائدة: حَدُّ المُوسِرِ هنا؛ أنْ يكونَ حينَ الإعْتاقِ قادِرًا على قِيمَةِ الشِّقْصِ، وأنْ يكونَ فاضِلًا عن قُوتِه وقوتِ عِيالِه، يوْمَه وليلَتَه، كالفِطْرَةِ، على ما تقدَّم هناك. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْء»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ»: اليَسارُ هنا؛ أنْ يكونَ له فَضْلٌ عن قُوتِه وقُوتِ عيالِه، يوْمَه وليلَتَه، وما يفْتَقِرُ إليه مِن حَوائِجِه الأصْلِيَّةِ، مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُسْوَةِ والمَسْكَنِ وسائرِ ما لا بُدَّ منه. نقَلَه عنه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولم أرَه فيه، وإنَّما فيه أنَّ يكونَ مالِكًا مبْلَغ حِصَّةِ شَريكِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. وأوْرَدَه ابنُ حَمْدانَ مذهبًا. وقال في «المُغْنِي» (¬1): مُقْتَضَى نَصِّه؛ لا يُباع له أصْلُ مالٍ. قال في «الفائقِ»: ولا يُباعُ له دارٌ ولا رِباعٌ. نصَّ عليه. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيلَ: بل إنْ كان ما يَغْرَمُه المَوْلَى فاضِلًا عن قُوتِ يوْمِه وليلَتِه. قلتُ: وعن قُوتِ مَن تَلْزَمُه نفَقَتُه فيهما، ما لا بُدَّ لهما منه. انتهى. والاعْتِبارُ باليَسارِ والإِعْسارِ حالةَ العِتْقِ؛ فلو أيسَرَ المُعْسِرُ بعدَه، لم يَسْرِ إليه، ولو أعْسَرَ المُوسِرُ لم يسْقُطْ ما وجَب عليه. نصَّ على ذلك. قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا -يعْنِي بجمِيعِه- لم يَعْتِقْ عليه إلَّا ما ملَك. وهذا المذهبُ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، ¬

(¬1) 14/ 356.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وعنه، يَعْتِقُ كُله، ويُسْتَسْعَى العَبْدُ في بقِيَّته. نَصَرَه في «الانْتِصارِ». واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهم اللهُ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، قِيمَةُ حِصَّةِ الشريكِ في ذِمةِ العَبْدِ، وحُكْمُه حُكْمُ الأحْرارِ، فلو ماتَ وبيَدِه مالٌ، كان لسَيِّدِه ما بَقِيَ مِنَ السِّعايَةِ، والباقي إرْث، ولا يرْجِعُ العَبْدُ على أحَدٍ بشيءٍ. وهذا الصَّحيحُ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الأكْثَرِينَ. وهو كما قال، فإنَّهم

وَإنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَجَدَعَ أنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، عَتَقَ عَلَيهِ. نَصَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قالوا: يَعْتِقُ العَبْدُ كُلُّه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَعْتِقَ حتى يُؤَدِّيَ حقَّ السِّعايَةِ. واخْتارَه أبو الخَطابِ في «الانْتِصارِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فيكونُ حُكْمُه حُكْمَ عَبْدٍ بعضُه رَقِيق، فلو ماتَ كان للشَّرِيكِ مِن مالِه مثلُ ما لَهُ، عندَ مَن لم يقُل بالسِّعايةِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قوله: وإِنْ ملَكَه بالمِيراثِ، لم يَعْتِقْ منه إلَّا ما ملَك، مُوسِرًا كان أوْ مُعْسِرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الجامِعِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصححه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، اُنهْ يَعْتِقُ عليه نَصِيبُ الشريكِ إنْ كان مُوسِرًا. نصَّ عليها في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. قوله: وإِنْ مَثَّلَ بعَبْدِه فجدَع أَنْفَه أوْ أُذُنَه ونَحْوَه -وكذا لو حَرَّق عُضْوًا منه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: أو أحْرَقَه بالنَّارِ- عتَق عليه. نصَّ عليه، للأَثَرِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال القاضي: القِياسُ أنه لا يَعْتِقُ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لا يَعْتِقُ المُكاتَبُ.

عَلَيهِ. قَال الْقَاضِي: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سواءٌ قصَد التمْثِيلَ به أو لم يقْصِدْه. وهو أحدُ الوَجْهَين. قال في «الفائقِ»: ولم يشْتَرِطْ غيرُ ابنِ عَقِيلٍ القَصْدَ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: يُشْتَرَطُ القَصْدُ في ذلك. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فوائد؛ إحْداها، حيثُ قُلْنا: يعتِقُ بالتمْثِيلِ. يكونُ الوَلاءُ لسَيِّدِه. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». وقيل: لبَيتِ المالِ. ذكَرَه في «الرِّعايةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُصْرَفُ في الرِّقابِ، قال: وهو قِياسُ المذهبِ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: واخْتارَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقال أيضًا في «الفائقِ»: ويَتَوَجه في العَمَلِ به كقَوْلِ ابنِ عَقِيلٍ، وإنْ لم يُشْتَرَطْ، فكالمَنْصُوصِ. الثَّانيةُ، هل يَعْتِقُ بمُجَرَّدِ المُثْلَةِ، أو يُعْتِقُه عليه السُّلْطانُ؟ قال في «الفائقِ»: يحْتَمِلُ رِوايتَين مِن كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في رِوايَةٍ: يعْتِقُ. وقال في رِوايَةٍ: يُعْتِقُه السُّلْطانُ. وهما رِوايَتان عن

وَإذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامِ مالكٍ، رَحِمَه اللهُ. والمَعْروفُ في المذهبِ؛ أَنه يَعْتِقُ عليه بمُجَرَّدِ ذلك. قاله في «القَواعدِ». وظاهِرُ رِوايَةِ المَيمُونِيِّ، يُعْتِقُه (¬1) السُّلْطانُ عليه. وقال في «الفائقِ» أيضًا: ولو مثَّلَ بعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، سرَى العِتْقُ إلى باقِيه وضَمِنَ للشَّرِيكِ (¬2). ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لو اسْتَكْرَهَ المالِكُ عَبْدَه على الفاحِشةِ، عتَق عليه. وهو أحدُ القَوْلَين في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وهو مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بالعِتْقِ بالمُثْلَةِ. ولو اسْتَكْرَه أمَةَ امْرَأَتِه على الفاحِشَةِ، عَتَقَتْ، وغَرِمَ مثلَها لسَيِّدَتِها. قاله الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ إسْحاقَ. الرَّابعةُ، مَفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لو مَثَّلَ بعَبْدِ غيرِه، لا يَعْتِقُ عليه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يتَوَجَّهُ أنْ يَعْتِقَ. واخْتارَه. الخامسةُ، مَفْهومُه أيضًا، أنَّه لو لعَن عَبْدَه، لا يَعْتِقُ عليه بذلك. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وذكَر ابنُ حامِدٍ، عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أَنه قال: مَن لعَن عَبْدَه، فعليه أنْ يُعْتِقَه، أو لعَن شيئًا مِن مالِه، أنَّ عليه أنْ يتَصَدَّقَ به. قال: ويَجِئُ في لَعْنِ زَوْجَتِه، أنَّه يلْزَمُه أنْ يُطَلِّقَها. قال ابنُ رَجَبٍ في شَرْحِ حَديثِ «ليبك»: ويَشْهَدُ لهذا في الزَّوْجَةِ، وُقوعُ الفُرْقَةِ بينَ المُتَلاعِنَين لَمّا كان أحدُهما كاذِبًا في نَفْسِ الأمْرِ، قد حقَّتْ عليه اللَّعْنَةُ أو الغَضَبُ. السَّادِسةُ، لو وَطيء جارِيَتَه المُباحَةَ التي لا يُوطَأُ مثلُها، فأفْضاها، عَتَقَتْ، وإلَّا فلا. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قوله: وإنْ أعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَه فمالُه للسَّيِّدِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ¬

(¬1) في ط: «يعتق». (¬2) في ط: «الشريك».

وَعَنْهُ، أَنَّهُ لِلعَبْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، للعَبْدِ. فائدة: مِثلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أعْتَقَ مُكاتَبَه وبيَدِه مالٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، له. وإنْ فضَل فَضْلٌ بعدَ أداءِ الكِتابَةِ، فهو للمُكاتَبِ.

فَصْلٌ: وَإذَا أعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ مُعَيَّنًا أوْ مُشَاعًا عَتَقَ كُلُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: وإنْ أعْتَقَ جُزْءًا مِن عَبْدِه مُعَيَّنًا أو مُشاعًا عتَق كُلُّه. مُرادُه، إذا أعْتَقَ غيرَ شَعَرِه وظفْرِه وسِنِّهِ، ونحْوَه.

وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَعَليهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِشَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، وهو مُوسِرٌ بقيمَةِ باقِيه، عتَق كُلُّه. بلا نِزاعٍ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. لكِنْ لو كان مُوسِرًا ببعضِه، فإنَّه يَعْتِقُ منه بقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَعْتِقُ منه إلَّا حِصَّبتُه فقط. وتقدَّم ذلك قريبًا، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم أيضًا، هل يُوقَفُ العِتْقُ على أداءِ القِيمَةِ أمْ لا؟. قوله: وعليه قِيمَةُ باقِيهِ يَوْمَ العِتْقِ لشَرِيكِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، ونصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَعْروفُ المَشْهورُ. وفي «الإرْشادِ» وَجْهٌ، أنَّ عليه قِيمَتَه يوْمَ تَقْويمِه. وحكاه الشِّيرازِيُّ أيضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قِياسُ القَوْلِ الذي لَنا في الغَصْبِ. وكذا الحُكْمُ لو عتَق عليه كُلُّه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو عُدِمَتِ البَيِّنةُ بقِيمَتِه، فالقَوْلُ قوْلُ المُعْتِقِ. جزَم به في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقال في «الفائقِ»: ويُقْبَلُ فيها قوْلُ الشَّريكِ مع عدَمِ البَيِّنةِ. فَلَعَلَّه سَبْقَةُ قَلَمٍ.

وَإنْ أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فِيهِ عِتْقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ إلا نَصِيبُهُ، وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ. وَعَنْهُ، يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ غَيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا لم يَعْتِقْ إلا نَصِيبُه، ويَبْقَى حَقُّ شَرِيكِه فيه. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يَعْتِقُ كُلُّه، ويُسْتَسْعَى العَبْدُ في قِيمَةِ باقِيهِ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه. وتقدَّم ذلك كُلُّه وأحْكامُه وفرُوعُه، والخِلافُ فيه، وما يتعَلَّقُ بذلك مِنَ الفُروعِ قريبًا عندَ قوْلِه: وإنْ ملَك سَهْمًا ممَّن يَعْتِقُ عليه. فإنَّ الحُكْمَ هنا وهناك واحِدٌ عندَ الأصحابِ، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يأْتِي قريبًا، إذا أعْتَقَ الكافِرُ نَصِيبَه مِن مُسْلِم، هل يَسْرِي أمْ لا؟

وَإذَا كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثةٍ؛ لِأحَدِهِمْ نِصْفُهُ، ولآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِثَالِثٍ سُدْسُهُ، فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ السُّدْسِ مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ، عَتَقَ عَلَيهِمَا وَضَمِنَا حَقَّ شَرِيكِهِمَا فِيهِ نِصْفَينِ، وَصَارَ وَلَاؤهُ بَينَهُمَا أَثلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَاهُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيهِمَا فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا كان العَبْدُ لثَلاثَةٍ؛ لأحَدِهم. نِصْفُه، ولآخَرَ ثُلُثُه، ولِلثالِثِ سُدْسُه، فأعْتَقَ صاحِبُ النِّضفِ وصاحِبُ السُّدْسِ مَعًا. وهما مُوسِرَان، عتَق عليهما وضَمِنَا حَق شَرِيكِهما فيه نِصْفَين، وصارَ وَلاوه بينَهما أثْلَاثًا. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، والخِرَقِيُّ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ المَجْزومُ به بلا رَيب. ويحْتَمِلُ أنْ يَضْمَناه على قَدْرِ مِلْكَيهما فيه. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». وجزَم به في «المُذْهَبِ»، إلَّا أنْ تكونَ النُّسْخَةُ مغْلُوطَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُتَصَوَّرُ عِتْقُهما معًا في صُوَرٍ؛ منها، أنْ يتَّفِقَ لفْظُهما بالعِتْقِ في آنٍ واحِدٍ. ومنها، أنْ يُعَلِّقاه على صِفَةٍ واحدَةٍ. ومنها، أنْ يُوَكِّلا شَخْصًا يُعْتِقُ عنهما، أو يُوَكِّلَ أحدُهما الآخَرَ.

وَإِذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُوسِرٌ، سَرَى إِلى بَاقِيهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أَعْتَقَ الكافِرُ نَصِيبَه مِن مُسْلِمٍ وهو مُوسِرٌ، سرَى إلى باقِيهِ، في أَحَدِ الوجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال في «الفائقِ»: سرَى إلى سائرِه في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يَسْرِى. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فمَن بعدَه. قال ابنُ رَزِينٍ: وليس بشيءٍ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وتقدَّم في كتابِ البَيعِ، هل يصِحُّ شِراءُ الكافِرِ مُسْلِمًا يَعْتِقُ عليه بالرَّحِمِ، أمْ لا؟

وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَينِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ، وَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ مِنْهُ. وَلَا وَلَاءَ عَلَيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم في بابِ الوَلاءِ؛ إذا قال الكافِرُ لرَجُلٍ: أعْتِقْ عَبْدَك المُسْلِمَ عَنِّي وعليَّ ثَمَنُه. هل يصِحُّ أمْ لا؟ فائدة: لو قال: أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي. كان لَغْوًا. ولو قال: أعْتَقْتُ النِّصْفَ. انْصَرَفَ إلى مِلْكِه، ثم سرَى؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه أرادَ نَصِيبَه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في دارٍ بينَهما، فقال أحدُهما: بِعْتُك نِصْفَ هذه الدَّارِ. لا يجوزُ، إنَّما له الرُّبْعُ مِنَ النِّصْفِ، حتى يقولَ: نَصِيبِي. ولو وَكَّلَ أحدُهما الآخَرَ فأَعْتَقَ نِصْفَه ولا نِيَّةَ، ففي صَرْفِه إلى نصِيبِ مُوَكِّلِه، أمْ نَصِيبِه، أمْ إليهما، احْتِمالاتٌ في «المُغْنِي». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عِتْقُ نَصِيبِه لا غيرُ. قوله: وإِذا ادَّعَى كُلُّ واحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَين أَنَّ شَرِيكَه أَعْتَقَ نَصِيبَه منه، وهما

وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَينِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوسِرَان، فَقَدْ صار العَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرافِ كُلِّ واحِدٍ منهما بِحُرِّيَّتِه، وصارَ مُدَّعِيًا على شَرِيكِه قِيمَةَ حَقِّه منه، ولا ولاءَ عليه لواحِدٍ منهما. وإنْ كانا مُعْسِرَين، لم يَعْتِقْ على واحِدٍ مِنهما. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. لكِنْ للعَبْدِ أنْ يحْلِفَ مع كلِّ واحدٍ منهما، ويَعْتِقَ جمِيعُه، أو مع أحَدِهما، ويَعْتِقَ نِصْفُه، إذا قُلْنا: إنَّ العِتْقَ يثْبُتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشاهِدٍ ويَمِينٍ. وكان عَدْلًا على ما يأْتِي. ذكَرَه الأصحابُ. وذكَر ابنُ أبي مُوسى، لا يُصَدَّقُ أحدُهما على الآخَرِ. وذكَرَه أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ»، وعللَه بأنَّهما خَصْمان، ولا شَهادَةَ لخَصْمٍ على خَصْمِه.

وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِهِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَعْتِقُ جَمِيعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَى أَحدُهما نَصِيبَ صاحِبِه، عتَق حينَئذٍ ولم يَسْرِ إلى نَصِيبِه. يعْنِي إذا كانا مُعْسِرَين، أوْ كان البائعُ وحْدَه مُعْسِرًا. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يَعْتِقُ جميعُه. قال النَّاظِمُ: وليس ببعيدٍ. وأطْلَقَهما في «الفائقِ». فعلى قوْلِ أبي الخَطَّابِ، لا وَلاء له فيما اشْتَراه مُطْلَقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ». وقيل: له وَلاؤُه كلُّه، إنْ أكْذَبَ نفْسَه.

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِذَا قَال أَحَدُ الشَّرِيكَينِ: إِذَا أعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ. فَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال أَحَدُ الشَّرِيكَين: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فنَصِيبِي حُرٌّ. فَأَعْتَقَ الأَوَّلُ

وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مُوسِرٌ، عتَق كُلُّه عليه (¬1). وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: يَعْتِقُ عليهما. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

وَإِنْ قَال: إِذَا أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِكَ. فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ، عَتَقَ عَلَيهِمَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك فنَصِيبِي حُرٌّ مَع نَصِيبِك. فأَعتَقَ نَصِيبَه، عتَق عليهما، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ عِتْقُه عليهما. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قاله أصحابُنا. قال الشَّارِحُ: وهذا أَوْلَى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ كُلُّه على المُعْتِقِ الأوَّلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، وكذا الحُكْمُ والخِلافُ والمذهبُ، فيما إذا قال: إذا أَعْتَقْتَ نَصِيبَك، فنَصِيبي حُرٌّ قبلَ إعْتاقِك. قاله في «الفُروعِ». وقيل: يعْتِقُ جميعُه على صاحِبِ الشَّرْطِ بالشَّرْطِ، ويَضْمَنُ حقَّ شَرِيكِه. اخْتارَه في «المُسْتَوْعِبِ». ومع إعْسارِهما يَعْتِقُ عليهما. الثَّانيةُ، لو قال لأمَتِه: إنْ صَلَّيتِ مكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، فأَنْتِ حُرَّةٌ قبلَه. فصَلَّتْ كذلك، عَتَقَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ؛ كَدُخُولِ الدَّارِ، وَمَجِئِ الْأَمْطَارِ. وَلَا يَمْلِكُ إِبْطَالهَا بِالْقَوْلِ. وَلَهُ بَيعُهْ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ، وَغَيرُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَادَ إِلَيهِ عَادَتِ الصِّفَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، ذكَرَه آخِرَ البابِ، وقال: صَلاةٌ صحيحةٌ. وقيل: لا تَعْتِقُ. جزَم به أبو المَعالِي؛ لبُطْلانِ الصِّفَةِ بتَقَدُّمِ المَشْرُوطِ. الثَّالثةُ، لو قال: إنْ أَقْرَرْتُ بكَ لزَيدٍ، فأَنْتَ حُرٌّ قبلَه. فأَقَرَّ له به، صحَّ إقْرارُه فقط. الرَّابعةُ، لو قال: إنْ أَقْرَرْتُ بك له، فأَنْتَ حُرٌّ ساعةَ إقْرارِي. لم يصِحَّ الإِقْرارُ ولا العِتْقُ. قوله: ويصِحُّ تَعْليقُ العِتْقِ بالصِّفاتِ؛ كدُخُولِ الدَّارِ، ومَجِئِ الأَمْطارِ. ولا يَمْلِكُ إِبْطالها بالقَوْلِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، وأكْثَرُهم قطَع به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر في «الانْتِصارِ»، و «الواضِحِ»، أنَّه يجوزُ له فَسْخُه. ويأْتِي ذلك وغيرُه في أوَّلِ بابِ تَعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ. قوله: وله بَيعُه وهِبَتُه ووَقْفُه، وغيرُ ذلك. ولا يحْرُمُ عليه وَطْءُ أمَتِه بعدَ تَعْليقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِتْقِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، لا يطَؤُها. فائدة: لا يَعْتِقُ قبلَ كَمالِ الصِّفَةِ. على الصحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج القاضي رِوايةً مِن الأَيمانِ بالعِتْقِ. قال في «الفائقِ»: وهو ضعيفٌ. قال النَّاظِمُ: لا يُعْبَأُ بما في «المُجَرَّدِ». ورَدَّه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ مِن خَمْسَةِ أوْجُهٍ.

إلا أَنْ تَكُونَ قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ فِي حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ، فَهَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عادَ إليه، عادَت الصِّفَةُ. إلا أنْ تكُونَ قد وُجِدَتْ منه في حالِ زَوالِ مِلْكِه، فهل تعُودُ بعَوْدِه؟ على رِوايَتَين. وأطلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، إحْداهما، تعُودُ بعَوْدِه. وهو المذهبُ فيهما. نصّ عليه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «القاعِدَةِ الأرْبَعِين»: أشْهَرُ الرِّوايتَين أنَّها تعُودُ بعَوْدِ المِلْكِ، إذا وُجِدَتِ الصِّفَةُ بعدَ زَوالِ المِلْكِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْرِيدِ العنايةِ». وفرَّق القاضي بينَ الطَّلاقِ والعِتاقِ؛ فإنَّ مِلْكَ الرَّقيقِ لا ينْبَنِي فيه أحدُ المِلْكَينِ على الآخَرِ، بخِلافِ النِّكاحِ، فإنَّه ينْبَنِي فيه أحدُ المِلْكَين على الآخَرِ في عَدَدِ الطَّلاقِ، على الصَّحيحِ. قال في «القَواعِدِ»: وهذا التَّفْريقُ لا أَثَرَ له؛ إذْ لو كان مُعْتَبَرًا لم يُشْتَرَطْ لعَدَم الحِنْثِ وُجودُ الصِّفَةِ في غيرِ المِلْكِ. انتهى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَعودُ الصِّفَةُ. جزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ في «الطَّريقِ

وَتَبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِه. فَإِنْ قَال: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ: أنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَهَلْ يَصِحُّ ويَعْتِقُ بِذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَقْرَبِ». قال في «الفائقِ»: وهو أرْجَحُ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ». وعنه، لا تعُودُ الصِّفَةُ، سواءٌ وُجِدَتْ حال زَوالِ مِلْكِه أوْ لا. حكاها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وذكَرَها مرَّةً قوْلًا. قوله: وتبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِه. فإِنْ قال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي فأَنْتَ حُرٌّ. أَو: أَنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. فهل يصِحُّ ويَعْتِقُ؟ على رِوايَتَين. ذكَر المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْأَلَتَين؛ الأُولَى، إذا قال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي، فأَنْتَ حُرٌّ. وأطْلَقَ فيها رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يصِحُّ ولا يَعْتِقُ بوُجودِ الشَّرْطِ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «النَّظْمِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يصِحُّ ويَعْتِقُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «البُلْغَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». فعلى هذه الرِّوايةِ، لا يمْلِكُ الوارِثُ بَيعَه قبلَ فِعْلِه، كالمُوصَى به قبلَ قَبُولِه. قاله جماعةٌ، منهم صاحِبُ «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». والمَسْأَلَةُ الثَّانيةُ، إذا قال: أَنْتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فيها الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، في بابِ التَّدْبيرِ، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم، إحْداهما، يصِحُّ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «الرِّعايتَين»: صحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ ولا يَعْتِقُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ»، في كتابِ العِتْقِ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، في بابِ التَّدْبيرِ. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وغالِبُ الأصحابِ يذْكُرُ هذه المَسْألةَ في بابِ المُدَبَّرِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، قال في «فَوائدِ القَواعِدِ»: بَنَى طائفةٌ مِنَ الأصحابِ هاتَين الرِّوايتَين على أنَّ التَّدْبِيرَ، هل هو تَعْليقُ عِتْقٍ بصِفَةٍ أو وَصِيَّةٌ؟ على ما يأْتِي في بابِ التَّدْبيرِ. فإنْ قُلْنا: التَّدْبيرُ وَصِيَّةٌ. صَحَّ تَقْيِيدُها بصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بعدَ الموْتِ. وإنْ قُلْنا: عِتْق بصِفَةٍ. لم يصِحَّ ذلك. وهؤلاء قالوا: لو صرَّح بالتَّعْليقِ، فقال: إنْ دخَلْتَ الدَّارَ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ، فأَنْتَ حُرٌّ. لم يَعْتِقْ، رِوايَةً واحدةً. وهي طريقَةُ ابنِ عَقِيلٍ في «إشارَتِه». قال ابنُ رَجَبٍ: والصَّحيحُ أنَّ هذا الخِلافَ ليس مَبْنِيًّا على هذا الأصْلِ. وعلَّلَه، وقال: ومِنَ الأصحابِ مَن جعَل هذا العَقْدَ تَدْبِيرًا، ومنهم مَن ينْفِي ذلك، ولهم في حِكايةِ الخِلافِ فيه أرْبَعَةُ طُرُقٍ، ذُكِرَتْ في غيرِ هذا المَوْضِعِ. الثَّانِي، على القَوْلِ بالصِّحَّةِ، كَسْبُه بعدَ المَوْتِ وقبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجودِ الشَّرْطِ للوَرَثَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قاله القاضي، وابن عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. ووَجَّهَ في «القَواعِدِ» أنَّ كَسْبَه له (¬1)، مِن تَصْرِيحِ صاحبِ «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ العَبْدَ باقٍ على مِلْكِ المَيِّتِ، لا ينْتَقِلُ إلى الوَرَثَةِ، كالمُوصَى بعِتْقِه. فائدة: وكذا الحُكْم، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: اخْدُمْ زَيدًا سنَةً بعدَ مَوْتِي، ثم أنْتَ حُرٌّ. فعلى الصِّحَّةِ، لو أَبْرَأَه زَيدٌ مِنَ الخِدْمَةِ، عتَقَ مِن حِينِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَعْتِقُ إلَّا بعدَ سنَةٍ. فإنْ كانتِ الخِدْمَةُ لبِيعَةٍ وهما كافِران، فأَسْلَمَ العَبْدُ، ففي لُزومِ القِيمَةِ عليه لبَقِيَّةِ الخِدْمَةِ رِوايَتَان. ذكَرَهما ابنُ ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قَال: إِنْ دَخَلْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي مُوسى. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»؛ إحْداهما، لا تلْزَمُه، ويَعْتِقُ مجَّانًا. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وهو الصَّوابُ. والروايةُ الثَّانيةُ، تلْزَمُه. ولو قال لجارِيَتِه: إذا خدَمْتِ ابْنِي حتى يسْتَغْنِيَ فأَنْتِ حُرَّةٌ. لم تَعْتِقْ حتى تَخْدُمَه إلى أنْ يَكْبَرَ ويَسْتَغْنِيَ عن الرَّضاعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: لا تَعْتِقُ حتى يسْتَغْنِيَ عن الرَّضاعِ، وعن أنْ يُلْقَمَ الطَّعامَ، وعن التَّنَجِّي مِنَ الغائطِ. نقَل مُهَنَّا، لا تَعْتِقُ حتى يسْتَغْنِيَ. قلت: حتى يحْتَلِمَ؟ قال: لا، دُونَ الاحْتِلامِ.

وَإِنْ قَال: إِنْ مَلَكْتُ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ. أَوْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أَوْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فهو حُرٌّ. فهل يصِحُّ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ، حتى إنَّ بعضَهم لا يُثْبِتُ ما يُخالِفُه. قال في «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. قال القاضي وغيرُه: اخْتارَه أصحابُنا، ونقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: صحَّ في أصحِّ الرِّوايتَين. قال أبو بَكْرٍ في «الشَّافِي»: لا يخْتَلِفُ قوْلُ أبِي عَبْدِ اللهِ فيه، إلَّا ما رَوَى محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هارُونَ في العِتْقِ، أنَّه لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْتِقُ. وما أُراه إلَّا غَلَطًا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيِرِه. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وتقدَّم، إذا علَّقَ عِتْقَ عَبْدِه على بَيعِه، في أَواخِرِ بابِ الشُّروطِ في البَيعِ (¬1). ¬

(¬1) انظر ما تقدم في.

وَإِنْ قَالهُ الْعَبْدُ لَمْ يَصِحَّ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو باعَ أمَةً بعَبْدٍ على أنّ له الخِيارَ ثلاثًا، ثم قال في مُدَّةِ الخِيارِ: هما حُرَّانِ. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: لا أعْرِفُ فيها نصًّا عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقِياسُ المذهبِ عندِي، أنَّه يَعْتِقُ العَبْدُ خاصَّةً؛ لأنَّ عِتْقَه للأمَةِ يتَرَتَّبُ على فَسْخِ البَيعِ، وعِتْقَه للعَبْدِ لا يَتَرَتَّبُ على واسِطَةٍ، فيكونُ العِتْقُ إلى العَبْدِ أسْبَقَ، فيجِبُ أنْ يَعْتِقَ، ولا تَعْتِقَ الأمَةُ. انتهى. قلتُ: ينْبَغِي أنْ ينْبَنِيَ ذلك على انْتِقالِ المِلْكِ في مدَّةِ الخيارِ وعدَمِه؛ فإنْ قُلْنا: ينْتَقِلُ. عتَق العبدُ، وإنْ قُلْنا: لا ينْتَقِلُ. عتَقَتِ الأمَةُ. قوله: وإنْ قاله العَبْدُ لم يَصِحَّ، في أَصَحِّ الوَجْهَين. يعْنِي، إذا قال العَبْدُ: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أو: كلُّ مَمْلوكٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ. ثم عتَق وملَك، على القَوْلِ بصِحَّتِه مِنَ الحُرِّ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرَّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». قال في «الهِدايَةِ»: فإذا قال العَبْدُ ذلك، ثم عتَق وملَك مَمَالِيكَ، فعلى الرِّوايَةِ التي تقولُ: تنْعَقِدُ الصِّفَةُ للحُرِّ. هل تنْعَقِدُ له هذه الصِّفَةُ؟ على وَجْهَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: أوَّلُ عَبْدٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ. وقُلْنا بصِحَّةِ تعْليقِ العِتْقِ على المِلْكِ، فلم يَمْلِكْ إلَّا واحِدًا فقط، عتَقَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ذكَراه في تَعْليلِ ما إذا ملَك اثْنَين معًا. وقيل:

وَإِنْ قَال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ. وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ، فَمَلَكَ عَبِيدًا، ثُمّ مَاتَ، فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَكَسْبُهُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَعْتِقُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ويأْتِي قريبًا، إذا ملَك اثْنَين معًا. قوله: وإِنْ قال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فهو حُرٌّ. وقُلْنا بصِحَّةِ الصِّفَةِ، فملَك عَبيدًا، ثم ماتَ، فآخِرُهم حُرٌّ مِن حينِ الشِّراءِ، وكَسْبُه له. وقد عَلِمْتَ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ الصِّفَةِ عندَ قوْلِه: وإنْ قال: إنْ مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. أو: كُلُّ مَمْلوكٍ أمْلِكُه فهو حُرٌّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: آخِرُ مَمْلُوكٍ أشْتَرِيهِ فهو حُرٌّ. فملَك أمَةً ثم ملَك أُخْرَى، لم يجُزْ له وَطْءُ الثَّانيَةِ، لاحْتِمالِ أنْ لا يشْتَرِيَ غيرَها، فتَكونَ حُرَّةً مِن حينِ اشْتَراها. ذكَرَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، لو كان آخِرُ مَنِ اشْتَرى مَمْلوكَين معًا، أو علَّق العِتْقَ على أوَّلِ مَمْلوكٍ ملَكَه، فمَلَكَهما معًا، أو قال لأمَتِهِ: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فهو حُرٌّ. فولَدَتْ وَلَدَين خرَجا معًا، فقيل: يَعْتِقان. [قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هذا قِياسُ قوْلِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ] (¬1). وقيل: لا يَعْتِقان. وقيل: يَعْتِقُ واحدٌ بالقُرْعَةِ. وهَو الصّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب. صحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ذكَراه فيما إذا علَّقَ العِتْقَ على أوَّلِ مَمْلوكٍ يمْلِكُه، فملَك اثْنَين معًا. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ أيضًا في «شَرْحِه»، وقال: نصَّ عليه. نقَله مُهَنَّا في أوَّلِ غُلامٍ يطْلُعُ أو امْرأةٍ تطْلُعُ، فهو حُرٌّ، أو طالِقٌ. وذكَر المُصَنِّفُ لَفْظَ الرِّوايَةِ: أوَّلُ مَن يطْلُعُ مِن عَبِيدِي. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، في الطَّلاقِ. ولو علَّقَه بأوَّلِ مَن يقومُ، فقُمْنَ معًا، طَلُقْنَ. وفي مُنْفَرِدَةٍ به وَجْهٌ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال.

وَإِنْ قَال لِأَمَتِهِ: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ. فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا، لَمْ يَعْتِقِ الْأَوَّلُ. وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا عَتَقَ الثَّانِي. وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ، فَأَشْكَلَ الْآخِرُ مِنْهُمَا، أُقْرِعَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قال لأَمَتِه: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ. فولدَتْ حَيًّا، ثم مَيِّتًا، لم يَعْتِقِ الْأَوَّلُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يَعْتِقُ. وهو قِياسُ قوْلِ القاضي، والشَّريفِ أبي جَعْفَرٍ. وقدَّمه في «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ، لو قال لأمَتِه: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ. أو قال: إذا وَلَدْتِ وَلَدًا فهو حُرٌّ. فوَلَدَتْ مَيِّتًا ثم حيًّا، بل جعَلُوا هذه أصْلًا لتِلْك. وصحَّحَ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» عدَمَ العِتْقِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وهو المذهبُ. وقال القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: يعْتِقُ الحَيُّ منهما. وقدَّمه في «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». واقْتَصَرَ عليه في «المُسْتَوْعِبِ». قوله: وإِنْ ولَدَتْ تَوْأَمَين، فأَشْكَلَ الآخِرُ منهما، أُقْرِعَ بينَهما. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «الحاوي». وقَدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يَعْتِقان. واخْتارَ في «التَّرْغيبِ»، أنَّ مَعْناهما أنَّ أمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ منهما، هل هو القُرْعَةُ أو الانْكِشافُ؟ وكذا الحُكْمُ إنْ عيَّنَهَ ثم نَسِيَه. قاله في «الرِّعايةِ» وغيرِه. فائدة: لو قال: أوَّلُ غُلامٍ لي يطْلُعُ فهو حُرٌّ. فطلَع عَبِيدُه كُلُّهم، أو قال لزَوْجاتِه: أيَّتُكُنَّ طلَع أوَّلًا، فهي طالِقٌ. فَطَلَعْنَ كلُّهُنَّ، فنَصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يُمَيَّزُ واحِدٌ مِنَ العَبِيدِ وامْرأَةٌ مِنَ الزَّوْجاتِ بالقُرْعَةِ، في رِوايَةِ مُهَنَّا. واخْتَلَفَ الأصحابُ في هذا النَّصِّ؛ فمِنهم مَن حمَلَه على أنَّ طُلُوعَهم كان مُرَتَّبًا، وأشْكَلَ السَّابِقُ. ومنهم مَن أقَرَّ النَّصَّ على ظاهِرِه وأنَّهم طَلَعُوا دَفْعَةً واحدَةً، وقال: صِفَةُ الأوَّلِيَّةِ شامِلَةٌ لكُلِّ واحدٍ منهم بانْفِرادِه، والمُعْتِقُ إنَّما أرادَ عِتْقَ واحدٍ منهم، فيُمَيَّزُ بالقُرْعَةِ. وهي طريقَةُ القاضي في «خِلافِه». ومنهم مَن قال: يَعْتِقُ ويَطْلُقُ الجميعُ؛ لأنَّ الأوَّلِيَّةَ صِفَةٌ لكُلِّ واحدٍ منهم، وَلَفْظَه صالِحٌ للعُمومِ؛ لأنَّه مُفْرَدٌ مُضافٌ. أو يقالُ: الأوَّلِيَّةُ صِفَةٌ للمَجْموعِ لا للأَفْرادِ. وهو الذي ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، في الطَّلاقِ. ومنهم مَن قال: لا يَعْتِقُ ولا يَطْلُقُ أحدٌ منهم؛ لأنَّ الأوَّلَ لا يكونُ إلَّا فَرْدًا لا تعَدُّدَ فيه، والفَرْدِيَّةُ مُشْتَبهَةٌ هنا. وهو الذي ذكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ في الطَّلاقِ، والسَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ

وَلَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِالصِّفَةِ أُمَّهُ فِي الْعِتْقِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ، إلا أنْ تَكُونَ حَامِلًا بِهِ حَال عِتْقِهَا، أَوْ حَال تَعْلِيقِ عِتْقِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». قال في «القَواعِدِ»: ويَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ، وهو أنَّه إنْ طلَع بعدَهم غيرُهم مِن عَبِيدِه وزَوْجاتِه، طَلُقْنَ وعَتَقْنَ، وإلَّا فلا؛ بِناءً على أنَّ الأوَّلَ هو السَّابِقُ لغيرِه، فلا يكونُ أوَّلًا حتى يأْتِيَ بعدَه غيرُه، فتَتَحَقَّقُ له بذلك صِفَةُ الأوَّلِيَّةِ. وهو وَجْهٌ لنا. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. ذكَرَه في آخِرِ «القَواعِدِ». قوله: ولا يَتْبَعُ وَلَدُ المُعْتَقَةِ بالصِّفَةِ أُمَّه في العِتْقِ، في أَصَحِّ الوَجْهَين، إلَّا أَنْ تكَونَ حامِلًا حال عِتْقِها، أَوْ حال تَعْلِيقِ عِتْقِها. إذا كانتْ حامِلًا حال عِتْقِها، أو حال تَعْليقِ عِتْقِها، فإنه يتْبَعُها، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنْ وُجِدَ حَمْلٌ بعدَ التَّعْليقِ، ووَضَعَتْه قبلَ وُجودِ الصِّفَةِ، وهي مَسْألَةُ المُصَنِّفِ هنا، فصَحَّحَ عدَمَ التَّبَعِيَّةِ.

وَإِنْ قَال لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيكَ أَلْفٌ. أَوْ: عَلَى أَلْفٍ. عَتَقَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيهِ، وَعَنْهُ، إِنْ لَمْ يَقْبَلِ العَبْدُ لَمْ يَعْتِقْ. وَالصَّحِيحُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ. أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقْبَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. صحَّحَه في «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يتْبَعُها. جزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فائدة: لا يتْبَعُ الوَلَدُ أُمَّه إذا كان مُنْفَصِلًا حال التَّعْليقِ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قوله: وإذا قال لعَبْدِه: أَنْتَ حُرٌّ وعليكَ أَلْفٌ. أَوْ: على أَلْفٍ. عتَق ولا شَيءَ عليه. إذا قال لعَبْدِه: أنْتَ حُرٌّ وعليك ألْفٌ. عتَق ولا شَيءَ عليه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه المُتَأَخِّرونَ مِن أصحابِنا. قال في «الفُروعِ»: يعْتِقُ ولا شيءَ عليه، على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وعنه، لا يَعْتِقُ إنْ لم يَقْبَلْ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وإذا قال لعَبْدِه: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يَعْتِقُ مجَّانًا بلا قَبُولٍ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. ونصَرَه القاضي وأصحابُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ لم يَقْبَلِ العَبْدُ، لم يَعْتِقْ. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهو الصَّحيحُ. وصحَّحَه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه في «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وذكَر في «الواضِحِ» رِوايَةً، أنَّ قوْلَه: أنْتَ حُرٌّ على ألْفٍ. شَرْطٌ لازمٌ بلا قَبُولٍ، كبَقِيَّةِ الشُّروطِ. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو قال له: أنْتَ حُرٌّ على أنْ تُعْطِيَني ألْفًا. أو قال لأمَتِه: أعْتَقْتُكِ على أنْ تُزَوِّجِيني نفْسَكِ. لكِنْ إنْ أبَتْ، لَزِمَها قِيمَةُ نفْسِها.

وَإنْ قَال: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً. فَكَذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تَعْتِقُ مجَّانًا بقَبُولِها. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّها لا تَعْتِقُ إلَّا بالأَداءِ. الثَّانيةُ، لو قال له: أنتَ حُرٌّ بمِائَةٍ. أو: بِعْتُكَ نفْسَك بِمائَةٍ. فقَبِلَ، عتَق ولَزِمَتْه المِائَةُ، وإلَّا فلا. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الفروعِ»، وغيرِهم. وإن لم يَقْبَلْ، لم يَعْتِقْ عندَ الأصحابِ، وقَطَعوا به. وخرَّج الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وَجْهًا، أنَّه يعْتِقُ بغيرِ شَيءٍ، كما لو قال لها: أنْتِ طالِقٌ بأَلْفٍ. على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَاخِرِ الخُلْعِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ والعِتاقَ فيهما حقٌّ للهِ تَعالى، وليس العِوَضُ رُكْنًا فيهما إذا لم يُعَلِّقْهما عليه. وعلى المذهبِ واخْتِيارِ الأصحابِ، الفَرْقُ بينَهما، أنَّ خُروجَ البُضْعِ في النِّكاحِ غيرُ متَقَوَّمٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما يأْتِي في بابِ الرَّضاعِ، بخِلافِ العَبْدِ؛ فإنَّه مالٌ مَحْضٌ. قاله في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والخَمْسِينَ بعدَ المِائَةِ». قوله: وإنْ قال: أَنْتَ حُرٌّ على أنْ تخْدِمَنِي سَنَةً. فكذلك. يعْني، كقولِه: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. فعلى إحْدَى الرِّوايتَين، يَعْتِقُ مجَّانًا. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، لا يَعْتِقُ حتى يَقْبَلَ. وقد عَلِمْتَ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ في الرِّوايتَين. وهذا إحْدَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطُّرُقِ في المَسْأَلَةِ. وقدَّم هذه الطَّريقَةَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ هنا بلا قَبُولٍ، وتلْزَمُه الخِدْمَةُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «المُحَرَّرِ»: هذا ظاهِرُ كلامِه. وجزَم به في «القَواعِدِ»، وقال: نصَّ عليه. وجزَم به صاحِبُ «الوَجيزِ». وهي الطَّريقَةُ الثَّانيةُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» بقِيلَ وقيلَ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: إنْ لم يَقْبَلْ، فعلَى رِوايتَين؛ إحْداهما، يَعْتِقُ ولا يلْزَمُه شَيءٌ. والثَّانيةُ، لا يَعْتِقُ. وقدَّما في: أنْتَ حُرٌّ على أَلْفٍ. أنَّه يعْتِقُ مجَّانًا، فخَالفا الطَّرِيقَتَين. وقيل: إنْ لم يقْبَلْ، لم يعْتِقْ. رِوايَةً واحِدَةً. وهي الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ. وعلى كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي»، تكونُ طريقةً رابِعَةً. وتقدَّم ذلك في أوَائلَ البابِ. فوائد؛ الأُولَى، مِثلُ ذلك في الحُكْمِ، لو اسْتَثْنَى نَفْعَه مُدَّةً معْلومَةً. الثَّانيةُ، لو ماتَ السَّيِّدُ في أثْناءِ السَّنَةِ، رجَع الوَرَثَةُ على العَبْدِ بقِيمَةِ ما بَقِيَ مِنَ الخِدْمَةِ. قاله المُصَنِّفُ، والسَّامَرِّيُّ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. الثَّالثةُ، يجوزُ للسَّيِّدِ بَيعُ هذه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِدْمَةِ. نصَّ عليه. نقَل حَرْبٌ: لا بأْسَ ببَيعِها، مِنَ العَبْدِ أمْ ممَّن شاءَ. وعنه، لا يجوزُ. نصَّ عليه. وهو الصَّوابُ. ذكَر هاتَين الرِّوايتَين ابنُ أبي مُوسى. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ». و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: لم يذْكُرِ الأصحابُ ما لو اسْتَثْنَى السَّيِّدُ خِدْمَتَه مدَّةَ حَياتِه، وذكَرُوا صِحَّةَ ذلك في الوَقْفِ. قال: وهذا مِثلُه، يُؤيِّدُه، أنَّ بعضَهم احْتَجَّ بما روَاه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ، وشرَطَتْ عليه خِدْمَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما عاشَ (¬1). قال: وهذا بخِلافِ شَرْطِ البائعِ خِدْمَةَ المَبِيعِ مدَّةَ حَياتِه؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ يخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأَجْلِه. انتهى. قلتُ: صرَّح بذلك، أعْنِي بجَوازِ ذلك، في «القَواعِدِ»، في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِينَ». وتقدَّم ذلك في أوَّلِ البابِ. الخامسةُ، لو باعَه نفسَه بمالٍ في يَدِه، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»: صحَّ على أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في الوَلاءِ: وإنِ اشْتَرَى العَبْدُ نفْسَه مِن سَيِّدِه بعِوَضٍ حالٍّ، عتَق والوَلاءُ لسَيِّدِه؛ لأنَّه يبِيعُ ماله بمالِه، فهو مِثلُ المُكاتَبِ سواءٌ، والسَّيِّدُ هو المُعْتِقُ لهما، فكان الوَلاءُ له عليهما. انتهيا. وعنه، لا يصِحُّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «التَّرْغيبِ»: مأْخَذُهما، هل هو عَقْدُ مُعاوَضَةٍ أو تَعْليقٌ مَحْضٌ؟ ويأْتِي في الكِتابَةِ، هل تصِحُّ الكِتابَةُ حالَّةً؟. السَّادسةُ، لو قال: إنْ أَعْطَيتَنِي ألْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ. فهو تعْليقٌ مَحْضٌ لا ييطُلُ ما دامَ مِلْكَه، ولا يعْتِقُ بالإِبْراءِ منها، بل بدَفْعِها. نصَّ عليه. وما فضَل عنها فهو لسيِّدِه، ولا يكْفِيه أنْ يُعْطِيَه مِن مِلْكِه؛ إذْ لا مِلْكَ له على أصحِّ الرِّوايتَين، فهو ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 8.

فصْلٌ: وَإِذَا قَال: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ. عَتَقَ عَلَيهِ مُدَبَّرُوهُ، وَمُكَاتَبُوهُ، وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَشِقْصٌ يَمْلِكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كقْولِه لامْرأَتِه: إنْ أعْطَيتِنِي مِائَةً فأَنْتِ طالِقٌ. فأتَتْ بمِائَةٍ مغْصُوبَةٍ، ففي وُقوعِه احْتِمالان. قاله في «التَّرْغيبِ». قال في «الفُروعِ»: والعِتْقُ مثلُه، وأنَّ هذا الخِلافَ يجْرِي في الفاسِدَةِ إذا صرَّحَ بالتعْليقِ. ونقَل حَنْبَلٌ في الأُولَى، إنْ قاله لِصَغيرٍ. لم يجُزْ؛ لأنَّه لم يَقْدِرْ عليه. السَّابعَةُ، لو قال: جعَلْتُ عِتْقَك إليك. أو: خَيَّرْتُكَ. ونوَى تَفْويضَه إليه، فأعْتَقَ نفْسَه في المَجْلِسِ، عتَق، ويتَوَجَّهُ كطَلاقٍ. قاله في «الفُروعِ». ولو قال: اشْتَرِنِي مِن سَيِّدِي بهذا المالِ، وأعْتِقْنِي. ففعَل، عتَق، ولَزِمَ مُشْتَرِيَه المُسَمَّى. وكذا إنِ اشْتَراه بعَينِه، إنْ لم تتَعيَّنِ النُّقودُ، وإلَّا بطَلا. وعنه، أُجِيزَ عنه. وذكَر الأزَجِيُّ؛ إنْ صرَّحَ الوَكِيلُ بالإِضافَةِ إلى العَبْدِ، وقَع عنه وعتَق، وإنْ لم يُصَرِّحْ، احْتَمَلَ ذلك، واحْتَمَلَ أنْ يقَعَ عنِ الوَكالةِ؛ لأنَّه لو وقَع لَعَتَقَ، والسَّيِّدُ لم يرْضَ بالعِتْقِ. قوله: وإِنْ قال: كُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ. عتَق عليه مُدَبَّرُوه، وَمُكاتَبُوه، وأُمَّهاتُ أَوْلادِه. وكذا عَبِيدُ عَبْدِه التَّاجِرِ. بلا نِزاعٍ في ذلك. وعتَق عليه شِقْصٌ يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا يَعْتِقُ الشِّقْصُ بدُونِ نِيَّةٍ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى، ونَقَلَه مُهَنَّا، كما لو كان له شِقْصٌ فقط، وقال: ذلك ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ.

وَإِنْ قَال: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ. أُقْرِعَ بَينَهُمَا، فَمَنْ تَقَعُ عَلَيهِ القُرْعَةُ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ حِينَ أَعْتَقَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: عَبْدِي حُرٌّ. أو: أَمَتِي حُرَّةٌ. أو: زَوْجَتِي طالِقٌ. ولم يَنْو مُعَيَّنًا، عتَق الكُلُّ، وتطْلُقُ كُلُّ نِسائِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّ المُفْرَدَ المُضافَ يعُمُّ، والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يعُمُّ. وقيل: يعْتِقُ واحِدٌ بالقُرْعَةِ. وقيل: يعْتِقُ واحِدٌ، وتَطْلُقُ واحدَةٌ، وتُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك أيضًا في أوَّلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. تنبيه: قال في «الفُروعِ» عن هذه المَسْأْلَةِ: والمُرادُ، إنْ كان «عَبْدٌ» مُفْرَدًا لذَكَرٍ وأُنْثَى، فإنْ كان لذَكَرٍ فقط، لم يشْمَلْ أُنْثَى، إلَّا إنِ اجْتَمَعا تغْلِيبًا. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في مَن قال لخَدَمٍ له رِجالٍ ونِساءٍ: أَنْتُمْ أحْرارٌ. وكانتْ معهم أمُّ وَلَدِه ولم يَعْلَمْ بها: إنَّها تعْتِقُ. قال أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، بعدَ المَسْألَةِ: وكذا إنْ قال: كلُّ عَبْدٍ أمْلِكُه في المُسْتَقْبَلِ. فائدة: قوْلُه: وإنْ قال: أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ. أُقْرِعَ بينَهما. وكذا لو قال: أحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ. أو: بعضُهم حُرُّ. ولم يَنْوهِ، يُقْرَعُ بينَهم. وهو مِن مُفْرَداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وخرَّج في «القَواعِدِ» وَجْهًا، أنَّه يعْتِقُ بتَعْيينِه، مِنَ الرِّوايَةِ التي في الطَّلاقِ. وكذا لو أدَّى أحَدُ مُكاتَبِيهِ وجُهِلَ، أَقْرَعَ هو أو وارِثُه في الجميعِ. ولو قال لأمَتَيه: إحْداكُما حُرَّةٌ. ولم ينْو، حَرُمَ وَطْؤُهما معًا بدُونِ قُرْعَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ؛ تَتَمَيَّزُ المُعْتَقَةُ بتَعْيِينِه، فإنْ وَطِئَ واحِدَةً، لم تعْتِقِ الأُخْرَى، كما لو عيَّنَهَا ثم أُنْسِيَها. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويحْتَمِلُ أنْ تعْتِقَ. قال: فلو قال لإِمائِه الأرْبَعِ: إنْ وَطِئْتُ واحدَةً مِنْكُنَ فواحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ. ثم وَطِئَ ثلاثًا، أُقْرِعَ بينَ الأَوَّلَةِ والرَّابِعَةِ، فإنْ وَطِئَها عَتَقَتِ الأَوَّلَةُ، وإنْ كان وَطِئَها ثانِيًا قبلَ وَطءِ الرَّابعَةِ عَتَقَتِ الرَّابعَةُ فقطْ، ويُحَدُّ إنْ عَلِمَ قبلَه بعِتْقِها. ويأْتِي في بابِ الشَّكِّ في الطَّلاقِ، إذا قال: إنْ كان هذا الطَّائِرُ غُرابًا فعَبْدِي حُرٌّ. وقال آخَرُ: إنْ لم يكُنْ غُرابًا فعَبْدِي حُرٌّ. وكثيرٌ مِنَ الأصحابِ يذْكُرُ هذه المَسْأَلَةَ هنا.

وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ مَاتَ أَحدُ الْعَبْدَينِ أُقْرِعَ بَينَهُ وَبَينَ الْحَيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أُنْسِيَهُ، أَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ عَبْدًا ثم أُنْسِيَهُ، أخْرَجَ بالقُرْعَةِ. إمَّا المُعْتِقُ أو وارِثُه. وهذا بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وخرَّج في «القَواعِدِ» وَجْهًا، أنَّه لا يُقرِعُ

فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيرُهُ، عَتَقَ. وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأوَّلِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا، مِنَ الطَّلاقِ. قال: وأشارَ إليه بعضُ الأصحابِ. ذكَرَه في آخِرِ «القَواعِدِ». فَإنْ عَلِمَ بعدَها أنَّ المُعْتَقَ غيرُه، عتَق. وهل يبْطُلُ عِتْقُ الأَوَّلِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»؛ أحدُهما، يبْطُلُ عِتْقُه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «المُذْهَبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». الوَجْهُ الثَّانِي، لا يبْطُلُ، كما لو كانتِ القُرْعَةُ بحُكْمِ حاكمٍ؛ فإنَّها لو كانت بحُكْمِ حاكمٍ، لم يبْطُلْ عِتْقُه، قوْلًا واحدًا. وهذا الوَجْهُ مُقتَضَى قَوْلِ ابنِ حامِدٍ.

فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ، عَتَقَ جَمِيعُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَعْتِقُ إلا مَا أَعْتَقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ جُزْءًا مِن عَبْدِه في مَرَضِه، أو دَبَّرَه، وثُلُثُه يَحْتَمِلُ جَمِيعَهْ، عَتَقَ جَمِيعُه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، لا يعْتِقُ إلَّا ما أعْتَقَ أو دَبَّرَ لا غيرُ. وعنه، يَعْتِقُ جميعُه في المُنْجَزِ دُونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّدْبيرِ. وأطْلقَ في «الشَّرْحِ» الرِّوايتَين في تكْميلِ العِتْقِ بالتّدْبيرِ، إذا كان يخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، وقدَّم عِتْقَ الجميعِ فيما إذا نجَز البعضَ. فائدة: لو ماتَ العَبْدُ قبلَ سَيِّدِه، عتَقَ منه (¬1) بقَدْرِ ثُلُثِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يعْتِقُ كلُّه، لأنَّ ردَّ الوَرَثَةِ هنا لا فائدَةَ لهم فيه. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ بَاقِيَه، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ، وَكَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَعْتِقُ إلا مَا مَلَكَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، أَوْ دَبَّرَه، وثُلُثُه يحْتَمِلُ باقِيَه، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ -يعْنِي قِيمَةَ حِصَّتِه- وكان جميعُه حُرًّا، في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الخِرَقِيِّ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يعْتِقُ جميعُه. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّاب في «خِلافِه». وقدّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والأُخْرَى، لا يعْتِقُ إلَّا ما ملَك منه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». واخْتارَه الشِّيرازِيُّ، والشَّرِيفُ. وقال القاضي: ما أعْتَقَه في مرَضِ مَوْتِه، سرَى، وما دَبَّرَه أو وَصَّى بعِتْقِه، لم يَسْرِ. فالرِّوايَةُ في سِرايةِ العِتْقِ في حالِ الحياةِ، أصحُّ، والرِّوايَةُ في وُقوفِه في التَّدْبيرِ، أصحُّ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. أعْنِي، التَّفْرِقَةَ.

وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيهِ دَينٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، بِيعُوا فِي دَينِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ أَعْتَقَ في مَرَضِه سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهم سَواءٌ، وثُلُثُه يحْتَمِلُهم، ثم ظهَر عليه دَينٌ يسْتَغْرِقُهم، بِيعُوا في دَينِه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، في بابِ تبَرُّعاتِ المريضِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونصَرَاه، وقدَّمه في «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». ويَحْتَمِلُ أَنْ يعْتِقَ ثُلُثُهم. وهو رِوايَةٌ ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. فإنِ الْتَزَمَ وارِثُه بقَضاءِ الدَّينِ، ففي نُفوذِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِتْقِهم وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الزَّرْكَشِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: وقيل: أصْلُ الوَجْهَين، إذا تصَرَّفَ الوَرَثَةُ في التّرِكَةِ ببَيعٍ أو غيرِه، وعلى المَيِّتِ دَينٌ، فقُضِيَ الدَّينُ، هل ينْفُذُ؟ فيه وَجْهان. قلتُ: الصَّوابُ نُفوذُ عِتْقِهم. فائدتان؛ إحْداهما، لو ظهَر عليه دَينٌ يسْتَغْرِقُ بعضَهم، احْتَمَلَ بُطْلانَ عِتْقِ الكُلِّ، واحْتَمَلَ أنْ يبْطُلَ بقَدْرِ الدَّينِ. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». الثَّانيةُ، قوْلُه: وإنْ أَعْتَقَهم، فأَعْتَقْنا ثُلُثَهم، ثم ظهَر له مالٌ يخْرُجُون مِن ثُلُثِه، عتَق مَن أُرِقَّ منهم. بلا نِزاعٍ. وكان كَسْبُهم لهم منذُ عتَقُوا. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ، أنَّه لا ينْفُذُ عِتْقُهم، وحكاهما في «الكافِي» احْتِمالين.

وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ، عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ جَزَّأنَاهُمْ ثَلَاثَةَ أجْزاءٍ؛ كُلَّ اثْنَينِ جُزْءًا، وَأَقْرَعْنَا بَينَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانُوا ثَمَانِيَةً، فَإِنْ شَاءَ أقْرَعَ بَينَهُمْ بِسَهْمَيْ حُرِّيَّةٍ، وَخَمْسَةِ رِقٍّ، وَسَهْمٍ لِمَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ. وَإنْ شَاءَ جَزَّأهُمْ أرْبَعَةَ أجْزَاءٍ، وَأقْرَعَ بَينَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ، وَثلَاثَةِ رِقٍّ، ثُمَّ أعَادَ الْقُرْعَةَ بَينَهُمْ لإخْرَاجِ مَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ. وَإن فَعَل غَيرَ ذَلِكَ جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ أعتَقَ عَبْدَينِ، قِيمَةُ أحدِهِمَا مِائَتَانِ وَالْآخَرِ ثَلَاثُمِائَةٍ، جَمَعْتَ قِيمَتَهُمَا، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ، فَجَعَلْتَهَا الثُّلُثَ، ثُمَّ أَقرَعْتَ بَينَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ، ضَرَبْتَهُ في ثَلَاثَةٍ، تَكُنْ سِتَّمِائَةٍ، ثُمَّ نَسَبْتَ مِنْهُ خُمْسَ الْمِائَةِ، يَكُنِ الْعِتْقُ فِيهِ خَمْسَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَسْدَاسِهِ، وَإنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَأتِي مِنْ هَذَا، فَسَبِيلُهُ أَنْ يُضْرَبَ في ثَلَاثَةٍ؛ لِيَخْرُجَ بِلَا كَسْرٍ. وَإنْ أعْتَقَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أعْبُدٍ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاتِهِ، أَقْرَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ واحِدًا مِن ثَلاثةِ أعْبُدٍ، فماتَ أَحدُهم في حَياتِه، أَقْرَع بينَه وبينَ الحَيَّينِ؛ فَإنْ وقَعَتْ على المَيِّتِ رَقَّ الآخَران، وإنْ وقَعَتْ على أَحَدِ

بَينَهُ وَبَينَ الْحَيَّينِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ، رَقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى أَحدِ الْحَيَّينِ، عَتَقَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ. وإنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ في مَرَضِهِ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ، فَكَذَلِكَ في قَوْلِ أَبي بَكْر. وَالْأوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَينَ الْحَيَّينِ، وَيَسْقُطَ حُكْمُ الْمَيِّتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَيَّيْنِ، عتَق، إذا خرَج مِنَ الثُّلُثِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُقْرِعُ بينَ الحَيَّينِ دُونَ المَيِّتِ. قوله: وإنْ أعْتَق الثَّلاثَةَ في مَرَضِه، فماتَ أحَدُهم في حَياةِ السَّيِّدِ، فكذلك في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلِ أبِي بَكْرٍ. وحكَاه عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، يعْنِي، يُقْرِعُ بينَه وبينَ الحَيَّينِ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». قال المُصَنفُ هنا: والأوْلَى، أنْ يُقْرِعَ بينَ الحَيَّينِ، ويسْقُطَ حُكْمُ المَيِّتِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، كعِتْقِه أحدَ عَبْدَيه غيرَ مُعَيِّن، فماتَ أحدُهما، فإنه يتَعَيَّنُ العِتْقُ في الثَّاني. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وقيل: يُقْرِعُ بين الحَيَّينِ في هذه المَسْألةِ دُونَ التي قبلَها. ذكَرَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». ذكَر هذه المَسائلَ في «الفُروعَ»، في آخِرِ بابِ تَبَرُّعاتِ المريضِ. وذكَرَها في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، و «الحاوي»، في أولِ بابِ تَبَرُّعاتِ المريضَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ إنْ أوْصَى بعِتْقِهم، فماتَ أحدُهم بعدَه. وقيل: إنْ أعْتَقَهم أو دَبَّرَهم أو أوْصَى بعِتْقِهم، أو دَبَّرَ بعضَهم وأوْصَى بعِتْقِ الباقِينَ، فماتَ أحدُهم، أقْرَعْنا بينَهم، فإنْ خرَجَتِ القُرْعَةُ للمَيِّتِ حسَبْناه مِنَ التَّرِكَةِ، وقوَّمْناه حينَ العِتْقِ. وإنْ خرَجَتْ لحَيٍّ؛ فإنْ كان المَوْتُ في حَياةِ السَّيِّدِ، أو بعدَها قبلَ قَبْضِ الورَثَةِ، لم يُحْسَبْ مِنَ التَّرِكَةِ غيرُ الحَيَّينِ، فيَكْمُلُ ثُلُثُهما ممَّن قرَع،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقَوَّمُ يوْمَ العِتْقِ. وقيل: يُحْسَبُ المَيِّتُ مِنَ التَّرِكَةِ، ويَعْتِقُ مَن قرَع إنْ خرَج مِنَ الثُّلُثِ، وإلَّا عَتَق منه بقَدْرِه. وإنْ كان الموْتُ بعدَ قَبْضِ الورَثَةِ، حُسِبَ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرِكَةِ. وبدُونِ الموْتِ، يعْتِقُ ثُلُثُهم بالقُرْعَةِ، إنْ لم يُجِزِ الورَثَةُ ما زادَ عليه. ذكَر ذلك في «الرعايَةِ الكُبْرَى».

باب التدبير

بَابُ التَّدْبِير وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ التَّدْبيرِ قوله: وهو تَعْلِيقُ العِتْقِ بالمَوْتِ. هكذا قال الأصحابُ. قال في «المُذْهَبِ» وغيرِه: أو بشَرْطٍ يُوجَدُ بعدَ الموتِ.

وَيُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُعْتَبَرُ مِن الثُّلُثِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، يعْتِقُ مِن كُلِّ المالِ. قال في «الكافِي»: ولا عَمَلَ عليه. قال أبو بَكْر: هذا قوْلٌ قديمٌ رَجَعَ عنه. قال في «الفَوائِدِ»: وهو متَخرِّجٌ على أنَّه عِتْق لازِمٌ كالاسْتِيلادِ. وعنه، يعْتِقُ مِن كُلِّ المالِ إذا دَبَّرَه في الصِّحَّةِ دُونَ المرَضِ.

وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يصِحُّ تَعْليقُه بالمَوْتِ مُطْلَقًا؛ نحوَ: إنْ مِتُّ فأَنْتَ حُر. ومُقيَّدًا؛ نحوَ: إنْ مِتُّ مِن مَرضِي هذا، أو عامِي، أو بهذا البَلَدِ، فأَنْتَ حُرٌّ. وإنْ قالا لعَبْدِهما: إنْ مِتْنا فأنتَ حُرٌّ. فهو تعْليقٌ للحُرِّيَّةِ بمَوْتِهما جميعًا. ذكَرَه القاضي، وجماعةٌ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». ولا يعْتِقُ بمَوْتِ أحَدِهما شيءٌ منه، ولا يبِيعُ وارِثُه حقَّه. قدَّمه في «الفُروعِ». وقاله الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله. واخْتارَ المُصَنِّفُ وغيرُه؛ إذا ماتَ أحدُهما، فنَصِيبُه حُرٌّ. قلتُ: وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: فإنْ أرادَ أنَّه حُرٌّ بعدَ آخِرِهما مَوْتًا، فإنْ جازَ تَعْليقُ الحُرِّيَّةِ على صِفَةٍ بعدَ المَوْتِ، عتَق بعدَ مَوْتِ الآخِرِ منهما عليهما، وإلَّا عتَق نَصِيبُ الآخِرِ منهما بالتَّدْبيرِ. وفي سِرايتِهِ، إنِ احْتَملَه ثُلُثُه، الرِّوايَتان. قوله: ويصِحُّ مِن كُلِّ مَن تصِحُّ وَصِيَّتُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال الخِرَقِيُّ: يصِحُّ تَدْبيرُ الغُلامِ إذا جاوَزَ العَشْرَ، والجارِيَةِ إذا جاوَزَتِ التِّسْعَ.

وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَينِ بِالْمَوْتِ، وَلَفْظُ التَّدْبِيرِ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: وصَرِيحُه لَفْظُ العِتْقِ والحُرِّيَّةِ المُعَلَّقَين بالمَوْتِ، ولَفْظُ التَّدْبِيرِ، وما تَصَرَّفَ منها. مُرادُه، غيرُ لَفْظِ الأمْرِ والمُضارِعِ، تقدَّم التَّنبِيهُ عليه في أوَّلِ كتابِ العِتْقِ، فَلْيُراجَعْ. فائدة: كِناياتُ العِتْقِ المُنْجَزِ، تكونُ للتَّدْبيرِ إذا أضافَ إليه ذِكْرَ المَوْتِ. قاله الأصحابُ. ¬

(¬1) في المخطوطة: «منهما»، وفي المطبوعة: «منه»، والمثبت كما في متن المبدع 6/ 326، وهو موافق لنسخ الإنصاف الثلاث.

وَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، بِأَنْ يَقُولَ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أوْ: عَامِي هَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ: مُدَبَّرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: ويصِح مُطْلَقًا ومُقَيَّدًا، بأنْ يقُولَ: إنْ مِتُّ في مَرَضِي هذا، أوْ عامِي هذا، فأَنْتَ حُرٌّ. أو: مُدَبَّرٌ. وكذا لو قال له: إذا قَدِمَ زَيدٌ، أو جاءَ رأْسُ الشَّهْرِ، فأنْتَ مُدَبَّرٌ. بلا نِزاعٍ. ويصِح أيضًا مؤقَّتًا، نحوَ: أنْتَ مُدَبَّرٌ اليوْمَ. نصَّ عليه.

وَإنْ قَال: مَتَى شِئْتَ فَأنْتَ مُدَبَّرٌ. فَمَتَى شَاءَ في حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: مَتَى شِئْتَ فأنْتَ مُدَبَّر. فمَتَى شاءَ في حَياةِ السَّيِّدِ صارَ مُدَبَّرًا. بلا نِزاع. أعْنِي إذا قُلْنا: يصِحُّ تَعْليقُ العِتْقِ على صِفَةٍ، على ما تقدَّم في كتابِ العِتْقِ.

وَإنْ قَال: إِنْ شِئْتَ فَأنْتَ مُدَبَّرٌ. فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ. وَقَال أبُو الْخَطَّابِ: إِنْ شَاءَ في الْمَجْلِسِ صَارَ مُدَبَّرًا، وإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إِنْ شِئْتَ فأَنْتَ مُدَبَّرٌ. فقياسُ المذهبِ، أنَّه كذلك. يعْنِي كمتى شِئْتَ، وأنَّه لا يَتَقَيَّدُ بالمَجْلِسِ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ شاءَ في المَجْلِسِ، صارَ مُدَبَّرًا، وإلَّا فلا. وقاله القاضي أيضًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهُبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الهادِي»، و «إدْراكِ الغايةِ». واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». فائدة: لو قال: إذا شِئْتَ فأنْتَ مُدَبَّرٌ. فهو كقَوْلِه: متى شِئْتَ فأنْتَ مُدَبَّرٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فلا يَتَقيَّدُ بالمَجْلِسِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضي: يَخْتَصُّ بالمَجْلِسِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». فائدةٌ أُخْرَى: لو قال: متى شِئْتَ بعدَ مَوْتِي فأنْتَ حُرٌّ. أو: أيَّ وَقْتٍ شِئْتَ بعدَ مَوْتِي فأنْتَ حُرٌّ. فهو تعْلِيقٌ للعِتْقِ على صِفَةٍ بعدَ المَوْتِ. والصَّحيحُ مِنَ

وَإذَا قَال: قَدْ رَجَعْتُ في تَدْبِيرِي. أو: قَدْ أبطَلْتُهُ. لَمْ يَبْطُلْ؛ لأنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ. وَعَنْهُ، يَبْطُلُ، كَالْوَصِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ. وقد تقدَّم ذلك في كتابِ العِتْقِ. وقال القاضي: يصِحُّ. فعلى قوْلِه، يكونُ ذلك على التَّراخِي بعدَ مَوْتِه، وما كسَب فهو لوَرَثَةِ سيِّدِه. قوله: وإنْ قال: قَدْ رجَعْتُ في تَدْبِيرِي. أو: أبْطَلْتُه. لم يبْطُلْ؛ لأنَّه تَعْليقٌ للعِتْقِ بصِفَةٍ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ. واخْتارَه القاضي، وقال في كتابِ «الرِّوايتَين»: هذه الرِّوايَةُ أَجْوَدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الخُلاصةِ»: لم يبْطُلْ على الأصحِّ. وصحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعنه، يبْطُلُ، كالوَصِيَّةِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفائقِ». وعنه، لا يبْطُلُ إلَّا لقَضاءِ دَينِه. وفي «التَّبْصِرَةِ» رِوايَةٌ، لا يبْطُلُ في الأمَةِ فقط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يصِحُّ رُجوعُه في حَمْلٍ لم يُوجَدْ، وإنْ رجَع في حامِلٍ، ففي حَمْلِها وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يكونُ رُجوعًا فيه. تنبيهان؛ أحدُهما، قال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: محَلَّ الرِّوايتَين، إذا لم يَأْتِ بصَرِيحِ التَّعْليقِ، أو بصَرِيحِ الوَصِيَّةِ. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّاني، قوْلُه: لأنَّه تَعْليقٌ للعِتْقٌ على صِفَةٍ. تقدَّم في كتابِ العِتْقِ أنَّه يصِحُّ تَعْليقُ العِتْقِ. على صِفَةٍ في كلامَ المُصَنِّفِ. فائدة: اعلَمْ أنَّ التَّدْبيرَ؛ هل هو تعْليقٌ للعِتْقِ على صِفَةٍ، أو هو وَصِيَّةٌ؟ فيه رِوايَتان؛ الصَّحيحُ منهما، وهو المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ، أنَّه تعْلِيق للعِتْقِ على صِفَةٍ. تنبيه: ينْبَنِي على هذا الخِلافِ مسائلُ جَمَّةٌ؛ منها، لو قتَل المُدَبَّرُ سيِّدَه، هل يعْتِقُ أمْ لا؟ على ما يأتِي آخِرَ البابِ في كلامِ المُصَنِّفِ. ومنها، بَيعُه وهِبَتُه، هل يجوزُ أم لا؟ على ما يأتِي قريبًا في كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا. ومنها، هل اعْتِبارُه مِنَ الثُّلُثِ، أم مِن كُلِّ المالِ؟ على ما تقدَّم في أوَّلِ البابِ. ومنها، إبْطالُ التَدْبيرِ والرُّجوعِ عنه بالقَوْلِ؛ وهي مَسْألةُ المُصَنِّفِ المُتقَدِّمَةُ. قال ابنُ رَجَبٍ: بَناهما الخِرَقِيُّ والأصحابُ على هذا الأصْلِ؛ فإنْ قيلَ: هو وَصِيَّة. جازَ الرُّجوعُ عنه، وإنْ قُلنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو عِتْقٌ بصِفَةٍ. فلا. قال: وللقاضى وأبي الخَطَّابِ في «تَعْليقَيهِما» طريقةٌ أُخْرَى؛ أنَّ الرِّوايتَين هنا مَبنِيَّتان على قوْلِنا: إنَّه وَصِيَّةٌ تُنْجَزُ بالمَوْتِ مِن غيرِ قَبُولٍ، بخِلافِ بقِيَّةِ الوَصايا. وهو مُنتَقِضٌ بالوَصِيَّةِ لجِهَاتِ البِرِّ. قال: ولأبي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» طرِيقَةٌ ثالثةٌ؛ وهي بِناءُ هاتَين الرِّوايتَين على جَوازِ الرُّجوعِ بالبَيعِ، أمَّا إنْ قُلْنا: يمْتَنِعُ الرُّجوعُ بالفِعْلِ. فبالقَوْلِ أَوْلَى. ومنها، لو باعَ المُدَبَّرَ ثم اشْترَاه، فهل يكونُ بَيعُه رُجوعًا، فلا يعُودُ تدْبيرُه، أمْ لا يكونُ رُجوعًا، فيعُودُ؟ فيه رِوايَتان أيضًا، بَناهما القاضي والأكْثَرون على هذا الأصْلِ. فإنْ قُلْنا: التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ. بطَلَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بخُروجِه عن مِلْكِه، ولم تَعُدْ بعَوْدِه، وإنْ قُلْنا: هو تعْليق بصِفَةٍ. عادَ بعَوْدِ المِلْكِ، بناءً على أصْلِنا في عَوْدِ الصِّفَةِ بعَوْدِ المِلْكِ في العِتْقِ والطَّلاقِ. وطريقةُ الخِرَقِيِّ وطائفةٍ مِن الأصحابِ، أنَّ التَّدْبيرَ يعُودُ بعَوْدِ المِلْكِ هنا، رِوايَةً واحدَةً، بخِلافِ ما إذا أبطَلَ تَدْبِيرَه بالقَوْلِ. وهو يتَنزَّلُ على أحَدِ أمْرَين؛ إمَّا أنَّ الوَصِيّةَ لا تبْطُلُ بزَوالِ المِلْكِ مُطْلَقًا، بل تعُودُ بعَوْدِه، وإمَّا أنَّ هذا حُكْمُ الوَصِيَّةِ بالعِتْقِ خاصَّةً. ويأْتِي أصْلُ المَسْألةِ في كلامَ المُصَنِّفِ قريبًا. ومنها، لو قال: عَبْدِي فُلان حُرٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ مَوْتِي بسَنَةٍ. فهل يصِحُّ ويعْتِقُ بعدَ مَوْتِه بسنَةٍ، أم يبْطُلُ؟ على رِوايتَين. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كتابِ العِتْقِ، فَلْيُراجَعْ. ومنها، لو كاتَبَ المُدَبَّرَ، فهل يكونُ رُجوعًا عنِ التَّدْبيرِ أمْ لا؟ على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. ومنها، لو وَصَّى بعَبْدِه ثم دبَّرَه، ففيه وَجْهان؛ أشْهَرُهما، أنَّه رُجوعٌ عنِ الوَصِيَّةِ. والثَّاني، ليس برُجوعٍ. فعلى هذا، فائِدَةُ الوصِيَّةِ به، أنَّه لو أبْطَلَ تدْبيرَه بالقَوْلِ، لا يسْتَحِقُّه المُوصَى له. ذكَرَه في «المُغْنِي». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: ينْبَنِي على أنَّ التَّدْبيرَ؛ هل هو عِتْقٌ بصِفَةٍ أو وَصِيَّةٌ؟ فإنْ قُلْنا: هو عِتْقٌ بصِفَةٍ قُدِّمَ على المُوصَى به، وإنْ قُلْنا: هو وَصِيَّةٌ. فقد ازْدحَمَتْ وَصِيَّتان في هذا العَبْدِ، فيَنْبَنِي على أنَّ الوَصايا المُزْدَحِمَةَ إذا كان بعضُها عِتْقًا، هل تُقَدَّمُ أم يُتَحَاصُّ العِتْقُ وغيرُه؟ على رِوايتَين. فإنْ قُلْنا بالمُحاصَّةِ، فهو كما لو دَبَّرَ نِصْفَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَصَّى بنِصْفِه، ويصِحُّ ذلك على المَنْصوصِ. انتهى. قال في «الفَوائدِ»: وقد يُقالُ: المُوصَى له، إنْ قيلَ: لا يمْلِكُ حتى يَقْبَلَ. فقد سبَق زمَنُ العِتْقِ زَمَنَ مِلْكِه فيَنْفُذُ. وإنْ قيلْ: يملِكُ من حينِ المَوْتِ. فقد تَقَارَنَ زمنُ مِلْكِه وزمنُ العِتقِ، فينْبَغِي تقْديمُ العِتْقِ، كما نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في مَسْألةِ مَن علَّق عِتْقَ عَبْدِه ببَيعِه. ومنها، الوَصِيَّةُ بالمُدَبَّرِ. فالمذهبُ، أنَّها لا تصِحُّ. ذكَرَها القاضي، وأبو الخَطَّابِ، في «خِلافَيهما»؛ لأنَّ التَّدْبيرَ الطَّارِئ، إذا أبطَل (¬1) الوَصِيَّةَ، على المَشْهورِ، فكيفَ يصِحُّ طرَيانُ الوَصِيَّةِ على التَّدْبيرِ ومُزاحَمَتُها له؟ وبَنَى المُصَنِّفُ هذه المَسْألةَ أيضًا على الأُصُولِ السَّابقةِ. ومنها، وَلَدُ المُدَبَّرَةِ، هل يتْبَعُها في التَّدْبيرِ أمْ لا؟ على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. ¬

(¬1) في ا: «لم يبطل».

وَلَهُ بَيعُ الْمُدَبَّرِ وَهِبَتُهُ. وَإنْ عَادَ إِلَيهِ عَادَ التَّدْبِيرُ. وَعَنْهُ، لَا يُبَاعُ إلا في الدَّينِ. وَعَنْهُ، لَا تُبَاعُ الْأمَةُ خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله بَيعُ المُدَبَّرِ وهِبَتُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم، القاضي، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال في «الفائقِ»: هذا المذهبُ. قال في «الفَوائدِ»: والمذهبُ الجَوازُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم؛ لأن التَّدْبيرَ إمَّا وَصِيَّةٌ أو تعْليق بصِفَةٍ، وكِلاهما لا يَمْنَعُ نقْلَ المِلْكِ قبلَ الصِّفَةِ. وعنه، لايجوزُ بَيعُه مُطْلَقًا؛ بِناءً على أنَّه عِتْقٌ بصِفَةٍ، فيكونُ لازِمًا كالاسْتِيلادِ. وعنه، لا يُباعُ إلَّا في الدَّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ في العَبْدِ، فقال: وله بَيعُه في الدَّينِ، ولا تُباعُ المُدَبَّرَةُ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وفي الأخْرَى، الأمَةُ كالعَبْدِ. انتهى. وعنه، لا تُباعُ إلَّا في الدَّينِ أو الحاجَةِ. ذَكَرَها القاضي في «الجامِعِ»، و «كِتابِ الرِّوايتَين»، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»: اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وقد تقدَّم لفْظُه. وعنه، لا تُباعُ الأمَةُ خاصَّةً. قال في «الرَّوْضَةِ»: وله بَيعُ العَبْدِ في الدَّينِ، وفي بَيعِه الأمَةَ فيه رِوإيَتان. ومنها، لو جحَد السَّيِّدُ التَّدْبيرَ، فنَصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، أنَّه ليس برُجوع. قدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ رَجَبٍ. وقال الأصحابُ: إنْ قُلْنا: هو عِتقٌ بصِفَةٍ. لم يكُنْ رُجوعًا، وإنْ قُلْنا: هو وَصِيَّةٌ. فوَجْهان؛ بِناءً على ما إذا جحَد المُوصِي الوَصِيَّةَ، هل هو رُجوعٌ أمْ لا؟ قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»: وإنْ أنْكَرَه، لم يكُنْ رُجوعًا، إنْ قُلْنا: تعْليق. وإلَّا فوَجْهان. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا جحَد الوَصِيَّةَ لا يكونُ رُجوعًا، على ما تقدَّم. وقال في «الرعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: إنْ جوَّزْنا الرُّجوعَ وحلَف، صحَّ، وإلَّا فلا. ويأتي آخِرَ البابِ بما يُحْكَمُ عليه إذا أنْكَرَ التَّدْبيرَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ وَقْفِ المُدَبَّرِ حُكْمُ بَيعِه. قاله في «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وكذا حُكْمُ هِبَتِه. قوله: وإنْ عادَ إليه عادَ التَّدْبيرُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الفائقِ» وغيرِه. وعنه، يبْطُلُ التَّدْبيرُ. وهما مَبْنِيَّان على أنَّ التَّدْبيرَ، هل هو عِتْقٌ بصِفَةٍ أو

وَمَا وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا، وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا مِنْ قَبْلِ التَّدْبِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَصِيَّة؟ على ما تقدَّم. وتقدَّم ذلك أيضًا في الفوائدِ بأتمَّ مِن ذلك، فَلْيُراجَعْ. والصَّحيحُ عندَ المُصَنِّفِ وغيرِه، رُجوعُه إلى التَّدْبيرِ مُطْلَقًا. قوله: وما ولَدَتِ المُدَبَّرَةُ، بعد تَدْبِيرِها فهو بمَنْزِلَتِها. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. قال في «الفوائدِ»: المَشْهورُ أنَّه يتْبَعُها في التَّدْبيرِ، كما لو وَلَدَتْه بعدَه، سواءٌ كان مَوْجودًا حال التَّعْليقِ أو العِتْقِ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حادِثًا بينَهما. وعنه، في الحَمْلِ بعدَ التَّدْبيرِ، أنَّه كحْمْلِ مُعْتَقَةٍ بصفَةٍ، على ما تقدَّم في أواخِرِ البابِ الذي قبلَه. وعنه، لا تَتْبَعُها الأنْثَى إلَّا بشَرْطِ السَّيِّدِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، بخِلافِ الذَّكَرِ. قاله في «الفائقِ». واخْتارَ في «الانْتِصارِ»، أنَّه لا يَتْبَعُ. قاله في «الفروعِ». قال في «الفَوائدِ»: وحكَى القاضي، في كتابِ «الرِّوايتَين»، في تَبَعِيَّةِ الوَلَدِ رِوايتَين، وبَناهما على أنَّ التَّدْبيرَ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل هو عِتْقٌ لازِمٌ كالاسْتِيلادِ أمْ لا؟ ومِن هنا قال أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»: تبَعِيَّةُ الوَلَدِ مَبْنيٌّ على لزُومِ التَّدْبيرِ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ وَجْهًا، أنَّه لا يتْبَعُها الحادِثُ بينَهما، وإنَّما يتْبَعُها إذا كان مَوْجودًا معها في أحَدِهما مِن حُكْمِ وَلَدِ المُعَلَّقِ عِتْقُها بصِفَةٍ؛ بِناءً على أنَّ التَّدْبيرَ تعْليقٌ بصِفَةٍ. وينْبَغِي على هذا أنْ يُخرِّجَ طريقةً أُخْرَى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يتْبَعُها الوَلَدُ الحادِثُ بينَهما بغيرِ خِلافٍ. وأمَّا ما كان مَوْجودًا في أحَدِ الحالينِ، فهل يتْبَعُها؟ على وَجْهَين؛ بِناءً على أنَّ التَّدْبيرَ وَصِيَّةٌ، وحُكْمُ وَلَدِ المُوصَى بها كذلك، عندَ الأصحابِ. انتهى كلامُه في «الفَوائدِ». وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّمانِينَ»، على القَوْلِ بأنَّه يتْبَعُها: قال الأكْثرون: ويكونُ مُدَبَّرًا بنَفْسِه لا بطَريقِ التَّبَعِ، بخِلافِ وَلَدِ المُكاتَبَةِ. وقد نصَّ في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، على أنَّ الأُمَّ لو عتَقَتْ في حياةِ السَّيِّدِ، لم يعْتِقْ الوَلدُ حتى تموتَ. وعلى هذا، لو رجَع في تَدْبيرِ الأُمِّ، وقُلْنا: له ذلك. بَقِيَ الوَلَدُ مُدَبَّرًا. هذا قولُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: هل هو تايعٌ مَحْضٌ لها؛ إن عتَقَتْ عتَق، وإنْ رَقَّتْ رَقَّ؟ وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. انتهى. وقال في «الانْتِصارِ»: هل يبْطُلُ عِتْقُ المُدَبَّرِ وأُمِّ الوَلَدِ بمَوْتِهما قبلَ السَّيِّدِ أمْ لا؛ لأنَّه لا مال لهما؟ اخْتلَفَ كلامُه، ويَظْهَرُ الحُكْمُ في وَلَدِهما. قوله: ولا يَتْبَعُها وَلَدُها قبلَ التَّدْبِيرِ. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وكذا قال غيرُه. وعليه الأصحابُ. وعنه، يتْبَعُها. حكاها أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» مِن روايَةِ حَنْبَلٍ. وتأوَّلَها المُصَنِّفُ، وقال: هذه الرِّوايَةُ بعيدَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو وَلَدَتِ المُوصَى بوَقْفِها أو عِتْقِها قبلَ مَوْتِ المُوصِي، لم يَتْبَعْها. ذكَرَه القاضي في المُوصَى بعِتْقِها. وقِياسُه الأخْرَى. ويحْتَمِلُ أنْ يتْبَعَ في الوَصِيَّةِ بالوَقْفِ؛ بِناءً على أنَّ الغالِبَ فيه ثُبوتُ التحْريرِ دُونَ التَّمْلِيكِ. قاله في «القَواعدِ». الثَّانيةُ، وَلَدُ المُدَبَّرِ مِن أمَةِ المُدَبِّرِ نفْسِه كالمُدَبَّرِ. نصَّ عليه. قدَّمه في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ تَسَرَّى المُدَبَّرُ بإذْنِ سيِّدِه، فوُلِدَ له، فرُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، أنَّهم يتْبَعُونَه في التَّدْبيرِ. واقْتصَرَ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر جماعةٌ، أنَّه لا يتْبَعُه. قاله في «الفُروع». قال في «الرِّعايتَين»: ولا يكونُ وَلَدُ المُدَبَّرِ مِن أمَتِه مِثْلَه في الأصحِّ، بل يتْبَعُ أُمَّه. وقال في «الفُروع» أيضًا: ووَلَدُه مِن غيرِ أَمتِه كالأمِّ. فجزَم بأَنَّه كالأمِّ. وقال في «الفائقِ»: ووَلَدُ المُدَبَّرِ تابعٌ أُمَّه لا أباه، في أصحِّ الوَجْهَين. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: ولا يكونُ وَلَدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَبَّرِ مثلَه في أصح الوَجْهَين. قال الزَّرْكَشِيُّ، والخِرَقِيُّ، رَحِمَهما اللهُ: إنَّما حُكِمَ على وَلَدِ المُدَبَّرَةِ، أمَّا وَلَدُ المُدَبَّرِ، فلا يَتْبَعُ أباه مُطْلَقًا على المذهب. وعنه، يتْبَعُه. وظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، الجَزْمُ بها في وَلَدِه مِن أمتِه المَأذُونِ له في التَّسَرِّي بها، ويكونُ مُدَبَّرًا. انتهى.

وَلَهُ إِصَابَةُ مُدَبَّرَتِهِ، فَإِنْ أولَدهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وله إصابَةُ مُدَبَّرَتِه. أنَّه سواءٌ شرَطَه أوْ لا. وهو صحيحٌ، نصَّ عليه، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. ويجوزُ له وَطْءُ ابْنتِها، إنْ لم يكُنْ وَطِيء أُمَّها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفائقِ»: في أصحِّ الرِّوايتَين. وقدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ». وعنه، لا يجوزُ.

وَإنْ كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ، أوْ دَبَّرَ الْمُكَاتَبَ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِذا كاتَبَ المُدَبَّرَ، أوْ دَبَّرَ المُكاتَبَ، جازَ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو كاتَبَ المُدَبَّرَ، فهل يكونُ رُجوعًا عن التَّدْبيرِ؟ إنْ قُلْنا: التَّدْبيرُ عِتْقٌ بصِفَةٍ. لم يكُنْ رُجوعًا. وإنْ قُلْنا: هو وَصِيَّةٌ. انْبَنَى على أنَّ كِتابةَ المُوصَى به، هل تكونُ رُجوعًا؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه وَجهان؛ أشْهَرُهما، أنَّهُ رُجوعٌ. والمَشْهورُ في المذهبِ، أنَّ كِتابةَ المُدَبَّرِ ليستْ رُجوعًا عن تَدْبيرِه. ونقلَ ابنُ الحَكَمِ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ما يدُلُّ على أنَّه رُجوعٌ؛ بِناءً على أنَّ التَّدْبيرَ وَصِيَّة، فتبْطُلُ بالكِتابَةِ.

فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَإنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الأدَاءِ عَتَقَ، إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَإلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَيسقَطَ مِنَ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَدَّى عتَق، وإنْ ماتَ سَيِّدُه قبلَ الأداءِ عتَق، إِنْ حمَل الثُّلُثُ ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، وإلَّا عتَق منه قَدْرُ الثُّلُثِ، وسقَط مِنَ الكتابَه بقَدْرِ ما عتَق، وهو على

وَإذَا دَبَّرَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ لَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإنْ أعْتَقَ شَرِيكُهُ سَرَى إِلَى الْمُدَبَّرِ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَن يَسْرِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الكِتابَةِ فيما بَقِيَ. مُقْتَضَى قوْلِه: إنْ حمَل الثُّلُثُ ما بَقِيَ مِنَ الكتابَةِ. أنَّ المُعْتَبَرَ في خُروجِه مِنَ الثُّلُثِ، هو ما بَقِيَ عليه مِنَ الكِتابَةِ. وهو مُقتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، وكلامِه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». ومُقْتَضَى كلامِه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، اعْتِبارُ قِيمَتِه مُدَبَّرًا، وجزَمُوا به. وصحَّحه في «الرعايتَين». فائدة: لو عتَق بالكِتابَةِ، كان ما في يَدِه له، ولو عتَق بالتَّدْبيرِ، مع العَجْزِ عن أداءِ مالِ الكِتابَةِ، كان ما في يَدِه للوَرَثَةِ. وإنْ ماتَ السَّيِّدُ قبلَ العَجْزِ وأَدَاءِ جميعِ الكِتابةِ، عتَق بالتَّدْبيرِ، وما في يَدِه له، عندَ المُصَنفِ، والشارِحِ، وابنِ حَمْدانَ، وغيرِهم. وقيل: للوَرَثَةِ. وحكاه المُصَنِّفُ عنِ الأصحابِ. وهو المذهبُ. ويأتِي نظيرُ ذلك إذا أوْلَدَ المُكاتَبَةَ، في بابِ الكِتابَةِ. فائدة: لو أوْلَدَ أمَتَه ثم كاتَبَها، أو كاتَبَها ثم أوْلَدَها، جازَ، لكِنْ تعْتِقُ بمَوْتِه مُطْلَقًا. ولو دَبَّرَ أُمَّ وَلَدِه، لم يصِحَّ؛ إذْ لا فائدَةَ فيه. وهذا المذهبُ. واخْتارَ ابنُ حَمْدانَ الصِّحَّةَ إنْ جازَ بَيعُها وقُلْنا: التَّدْبيرُ عِتْقٌ بصِفَةٍ. قوله: وإذا دَبَّرَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، لم يسْرِ إلى نَصيبِ شَرِيكِه، وإنْ أَعْتَقَ شَريكُه، سرَى إلى المُدَبَّرِ. وعنه، وغَرِمَ قِيمَتَه لسَيِّدِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

في الْأوَّلِ دُونَ الثَّاني. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ يسْرِيَ في الأوَّلِ دُونَ الثَّانِي. فعلى هذا، يصِيرُ مُدَبَّرًا كُله، ويضْمَنُ حِصّةَ شَرِيكِه بقِيمَتِها.

وَإذَا أسْلَمَ مُدَبَّرُ الْكَافِرِ لَمْ يُقَرَّ في يَدهِ، وَتُرِكَ في يَدِ عَدْلٍ يُنْفِقُ عَلَيهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَمَا فَضَلَ لِسَيِّدِهِ، وإنْ أعوَزَ فَعَلَيهِ تَمَامُهُ، إلا أنْ يَرْجِعَ في التَّدْبِيرِ، وَنَقُولَ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ، فَيُجْبَرُ عَلَى بَيعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أسْلَمَ مُدَبَّرُ الكافِرِ لم يُقَرَّ في يَدِه، وتُرِكَ في يَدِ عَدْلٍ يُنْفِقُ عليه مِن كَسْبِه، وما فضَل فلسَيِّدِه، وإنْ أَعْوَزَ فعليه تَمامُه، إلَّا أَنْ يرْجِعَ في التَّدْبيرِ، ونقُولَ بصِحَّةِ رُجُوعِه. اعلمْ أنَّه إذا أسْلَمَ مُدَبَّرُ الكافِرِ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُلْزَمُ بإزالةِ مِلْكِه إذا اسْتَدامَ تدْبِيرَه، لكِنْ لا يُقَرُّ في يَدِه، ويُتْرَكُ في يَدِ عَدْلٍ. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «الرِّعايتَين». والوَجْهُ الثَّاني، أنَّه يُلزَمُ بإزالةِ مِلْكِه عنه، فإنْ أبَى، بِيعَ عليه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وتقدَّم في آخِرِ كتابِ البَيعِ، إذا أسْلَمَ عَبْدُ الكافِرِ القِنُّ، وأحْكامُه. فائدة: لو أسْلَم مُكاتَبُ الكافِرِ، لَزِمَه إزالةُ يَدِه عنه، فإنْ أَبَى، بِيعَ عليه بلا خِلافٍ. وإنْ أسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِه، لم تُقَرَّ في يَدِه، وجُعِلَتْ عندَ عَدْلٍ يُنْفِقُ عليها مِن كَسْبِها، وإنْ أعْوَزَ، لَزِمَ السَّيِّدَ تَمامُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وإنْ أسْلَمَ،

وَمَنْ أنْكَرَ التَّدْبِيرَ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَيهِ إلا بِشَاهِدَينِ. وَهَلْ يُحْكَمُ عَلَيهِ بِشَاهِدٍ وَامْرأتَينِ، أوْ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْعَبْدِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حلَّتْ له. وعنه، لا تلْزَمُه نفَقَتُها. وعنه، تُسْتَسْعَى في قِيمَتِها ثم تَعْتِقُ. ونقَل مُهَنَّا، تَعْتِقُ بإسْلامِها. وتأْتِي هذه المَسْأَلةُ بعَينِها في كلامِ المصَنِّفِ، في أواخِرِ بابِ أحْكامِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ، وكذا لو أسْلَمَتْ مُدَبَّرَتُه، مُسْتَوْفاةً مُحَرَّرَةً. قوله: ومَن أنْكَرَ التَّدْبِيرَ، لم يُحْكَمْ عليه إلَّا بشاهِدَين، وهل يُحْكَمُ عليه بشاهِدٍ وامْرَأَتين، أَوْ بشاهِدٍ ويَمِينِ العَبْدِ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ إحْداهما، يُحْكَمُ عليه بذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، والنَّاظِمُ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، و «الوَجيزِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرُهم، وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذا الحُكْمُ في الكِتابَةِ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُحْكَمُ عليه إلَّا بشاهِدَين ذَكَرَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأْتِي ذلك في أحْكامِ الشهودِ به. وتقدَّم في الفوائدِ، هل يكونُ إنْكارُه رُجوعًا أمْ لا؟ فإنْ قُلْنا: إنِّه رُجوعٌ. لم تُسْمَعْ دَعْواه ولا بَيِّنَتُه.

وَإذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قتَل المُدَبَّرُ سَيِّدَه بطَل تدْبِيرُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ»، في بابِ المُوصَى له. وقيل: لا يبْطُلُ تدْبِيرُه، فيَعْتِقَ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في آخِرِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ. وقال في «فَوائدِ القَواعِدِ»: فيه طَرِيقان، أحدُهما، بِناؤُه على الرِّوايتَين، إنْ قُلْنا: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِتْقٌ بصِفَةٍ. عتَق، وإنْ قُلْنا: وَصِيَّةٌ. لم يعْتِقْ. وهي طَرِيقةُ ابنِ عَقِيلٍ، وغيرِه. الطّريقةُ الثَّانيةُ، أنَّه لا يعْتِقُ على الرِّوايتَين. وهي طريقةُ القاضي؛ لأنَّه لم يُعَلِّقْه على مَوْتِه بقَتْلِه إيّاه. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ المُوصَى له: ولو قتَل الوَصِيُّ المُوصِيَ، ولو خَطَأً، بَطَلَتْ، ولا تبْطُلُ وَصِيَّتُه بعدَ جَرْحِه. وقال جماعةٌ: فيهما رِوايَتان. ومِثلُها التَّدْبِيرُ، فإنْ جُعِلَ عِتْقًا بصِفَةٍ، فوَجْهان. انتهى.

باب الكتابة

بَابُ الْكِتَابَةِ وَهِيَ بَيعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الكِتابَةِ قوله: وهي بَيعُ العَبْدِ نَفْسَه بمالٍ في ذِمَّتِه. زادَ غيرُه، بعِوَضٍ مَعْلومٍ مُؤجَّلٍ. وليستِ الكِتابَةُ مُخالِفَة للأصْلِ؛ لانَّ محَلَّها الذِّمَّةُ.

وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ يُعْلَمُ فِيهِ خَيرٌ، وَهُوَ الْكَسْبُ وَالْأمَانَةُ. وعَنْهُ، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، إِذَا ابْتَغَاهَا مِنْ سَيِّدِهِ أُجْبِرَ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهي مُسْتَحَبَّةٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكَافِي»، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وعنه، واجِبَةٌ، إذا ابتغَاها مِن سيِّدِه أُجْبِرَ عليها بقِيمتِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «تَفْسِيرِه». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو مُتجهٌ. قال الشَّيخُ تَقِي الدينِ، رَحِمَه اللهُ: وعلى قِياسِه وجُوبُ العِتْقِ في قوْلِه: أعتِقْ عَبْدَك عنك، وعلَيَّ ثَمَنُه. وقدَّم في «الرَّوْضَةِ» أنَّها مُباحَةٌ. فائدة: لا تصِحُّ كِتابَةُ المَرْهُونِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: تجوزُ كعِتْقِه. وهو الصَّوابُ. وتجوزُ كِتابَةُ المُسْتَأْجَرِ. قوله: لمَن يَعْلَمُ فيه خَيرًا؛ وهو الكَسْبُ والأمانَةُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم المُصنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم: المُكْتَسِبُ الصَّدُوقُ. وقال في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»: وتُسْتَحَبُّ مع كَسْبِ العَبْدِ وأمانَتِه وصِدْقِه. وقال في «الواضِحِ»، و «الوَجيزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: وهي مُسْتَحَبَّةٌ مع كَسْب العَبْدِ فقط. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، في كتاب العِتْقِ، فَأسْقَطُوا الأمانةَ.

وَهَلْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تُكْرَهُ كِتابَةُ مَن لا كَسْبَ له؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»؛ إحْداهما، تُكْرَهُ كِتابَتُه. وهو المذهبُ. قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ، الكَراهَةُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «الخُلاصَةِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُكْرَهُ. فتُسْتَحَبُّ. لكِنْ قال في «الكافِي»: لو دَعا مَن لا كَسْبَ له سيِّدَه إلى الكِتابَةِ، لم يُجْبَرْ. رِوايَةً واحدَةً. قال المُصَنِّفُ: وينْبَغِي أنْ يُنْظَرَ في المُكاتَبِ، فإنْ كان ممَّن يتَضَرَّرُ بالكِتابَةِ ويَضِيعُ؛ لعَجْزِه عن الإنْفاقِ على نفْسِه، ولا يجِدُ مَن يُنْفِقُ عليه، كُرِهَتْ كِتابَتُه، وإنْ كان يجِدُ مَن يَكْفِيه مُؤْنَتَه، لم تُكْرَهْ كِتابَتُه. وعنه، تُكْرَهُ كِتابَةُ الأُنثَى.

وَلَا تَصِحُّ إِلا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. وَإنْ كَاتَبَ الْمُمَيِّزُ عَبْدَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، صَحَّ. وَيَحْتمِلُ أَلَّا يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تقَدَّم في بابِ الحَجْرِ صِحَّةُ كِتابَةِ الوَلِيِّ رَقِيقَ المُوَلَّى عليه. والكِتابَةُ في الصِّحَّةِ والمرَضِ مِن رأْسِ المالِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه: في المرَضِ مِنَ الثُّلُثِ. ولو كاتَبَه في الصِّحَّةِ وأسْقَطَ دَينَه، أو أعْتَقَه في مرَضِه، اعْتُبِرَ خُروجُ الأقَلِّ مِن رقَبَتِه أو دَينِه مِنَ الثُّلُثِ. ولو وَصَّى بعِتْقِه أو أَبْرأَه مِنَ الدَّينِ، اعْتُبِرَ أَقَلُّهما مِن ثُلُثِه. ولو حمَل الثُّلثُ بعضَه عتَق، وباقِيه على الكِتابَةِ. ولو أَقَرَّ في المَرَضِ بقَبْضِ النُّجُومِ سلَفًا، جازَ. قوله: وإنْ كاتَبَ المُمَيِّزُ عَبْدَه بإذْنِ وَلِيِّه، صَحَّ. صِحَّةُ كِتابَةِ المُمَيِّزِ لعَبْدِه بإذْنِ وَلِيِّه مَبْنِيَّةٌ على صِحَّةِ بَيعِه بإذْنِ وَلِيِّه، على ما تقدَّم في أوَّلِ كِتابِ البَيعِ، والصَّحيحُ صِحَّةُ بَيعِه، فكذا كِتابَتُه.

وَإنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمُمَيِّزَ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ويحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ. هذا الاحْتِمالُ لأبِي الخَطَّابِ، وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، في هذا الباب. وقيل: تصِحُّ كِتابَتُه بغيرِ إذْنِ وَلِيِّه. وفي «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: تصِحُّ مِن ابنِ عَشْرٍ. قوله: وإنْ كاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَه المُمَيِّزَ، صحِّ. بلا نِزاعٍ. وظاهِرُ كلامِه، أنَّه لا يصِح أنْ يُكاتِبَ غيرَ المُمَيِّزِ، ولا المَجْنون، ولو فعَل، لِم يصِحَّ. ولا يعْتِقان بالأداءِ، بل يتعَلَّقُ العِتْقُ به إنْ كان التَّعْليقُ صرِيحًا، وإلَّا فوجْهان في العِتْقِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يعْتِقُ بتَعْليقِ العِتْقِ به؛ لأنَّ الكِتابَةَ تتَضمَّنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معْنَى الصِّفَةِ. اخْتارَه القاضي. والثَّاني، لا يعْتِقُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». ونَصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: والمذهبُ، لا يعْتِقُ بالأداءِ، خِلافا لما قال القاضي.

وَلَا تَصِحُّ إلا بِالْقَوْلِ. وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَصِحُّ إلَّا بالقَوْلِ، وتَنْعَقِدُ بقَوْلِه:. كاتَبْتُكَ على كذا. وإنْ لم يقُلْ: فإِذا أدَّيتَ إلَيَّ فأنْت حُرٌّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو

وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: فَإِذَا أَدَّيتَ إِلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ المَجْزومُ به لعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُه ذلك، أوْ نِيَّتُه. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، وهو رِوايَةٌ في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، يُشْترَطُ قوْلُه ذلك. وقيل: أو نيَّتُه. فائدة: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُشْتَرطُ قَبُولُه للكِتابَةِ. وقال في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يُشْتَرطُ ذلك. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ».

وَلَا تَصِحُّ إلا عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ، مُنَجَّمٍ، نَجْمَينِ فَصَاعِدًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ مَعْلُومٍ. [ولو خِدْمَةً أو مَنْفعَةً وغيرَها] (¬1). قال الأصحابُ؛ مُباح يصِحُّ السَّلَمُ فيه. مُنَجَّم بنَجْمَين فصاعِدًا، يَعْلَمُ قَدْرَ ما يُؤدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. الصِّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ إلَّا على نَجْمَين ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصاعِدًا، يَعْلَمُ قَدْرَ ما يُؤَدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقِيلَ: تصِحُّ على نَجْمٍ واحِدٍ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «الفائقِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. [وقيل: تصِحُّ أنْ تكونَ على خِدْمَةٍ مُفرَدَةٍ على مُدَّةٍ واحَدَةٍ] (¬1). والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ معْلومٍ، فلا تصِحُّ على عَبْدٍ ¬

(¬1) سقط من: ط.

يَعْلَمُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي في كُلِّ نَجْمٍ. وَقِيلَ: تَصِحُّ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ. وَقَال الْقَاضِي: تَصِحُّ عَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وَلَهُ الْوَسَطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه، وعليه أكْثَرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» ونَصَرَاه، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: تصِحُّ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وله الوَسَطُ. وقاله أصحابُ القاضي. قال في «الرِّعايتَين»: وإنْ كاتَبَه على عَبْدٍ مُطْلَقٍ، صحَّ، في الأصحِّ، وله الوَسَطُ. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ كاتَبَه على عَبْدٍ مُطْلَقٍ صحَّ، ووجَب الوَسَطُ. وقِياسُ قوْلِ أبِي بَكْرٍ بُطْلانُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الكِتابَةَ لا تصِحُّ حالَّةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، والشَّارِحِ، أنَّ فيها قَوْلًا بالصِّحَّةِ؛ فإنَّهما قالا: ولا تجوزُ إلا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً، هذا ظاهِرُ المذهبِ. فدلَّ أنَّ فيها خِلافًا. وهو خِلافُ ظاهرِ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه في «الفائقِ»، فقال: والمُخْتارُ صِحَّةُ الكِتابَةِ حالةً. وقال في «التَّرْغيبِ»: في كِتابَةِ مَن نِصْفُه حُرٌّ، حالَّةً، وَجْهان. فعلى المذهبِ، في جَوازِ تَوْقيتِ النَّجْمَين بساعتَين وعدَمِه، فيُعْتبَرُ ما لَه وَقْعٌ في القُدْرَةِ على الكَسْبِ، فيه خِلافٌ في «الانْتِصارِ». قلتُ: الصَّوابُ الثَّاني. وإنْ كان ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ الأوَّلَ. وتقدَّم في أواخِرِ العِتْقِ، هل يصِحُّ شراءُ العَبْدِ نفْسَه مِن سيِّدِه بمالٍ في يَدِه، أمْ لا؟ وعلى المذهبِ أيضًا، تكونُ الكِتابَةُ باطِلَةً مِن أصْلِها، على الصَّحيحِ. ذكَرَه القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. وصرَّح ابنُ عَقِيلٍ بأنَّ الإِخلال بشَرْطِ النُّجومِ يُبْطِلُ العَقْدَ. وذكَر صاحِبُ «التَّلخيصِ»، أنَّ الكِتابَةَ تصِيرُ فاسِدَةً، ولا تبْطُلُ مِن أصْلِها. ويأتي الإِشْكالُ فيما إذا كاتَبَه على عِوَضٍ مَجْهولٍ، أنَّها تكونُ فاسِدَةً لا باطِلَةً، آخِرَ البابِ.

وَتَصِحُّ عَلَى مَالٍ وَخِدْمَةٍ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتِ الْخِدْمَةُ أَوْ تَأْخَّرَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتصِحُّ على مالٍ وخِدْمَةٍ، سواءٌ تقَدَّمَتِ الخِدْمَةُ أَوْ تأَخَّرَتْ. يعْنِي، تصِحُّ الكِتابَةُ على مالٍ مع خِدْمَةٍ، ويُشْترَطُ كوْنُ المالِ مُؤَجَّلًا، بخِلافِ الخِدْمَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكِنْ لو جَعَل الدِّينَ بعدَ فراغِ الخِدْمَةِ بيَوْمٍ أو أكْثَرَ، صحَّ؛ وإنْ جعَل مَحِلّه في الخِدْمَةِ أو عندَ انْقِضائِها، صحَّ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم، ونَصَرُوه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي: لا تصِحُّ؛ لأنَّه يكونُ نجْمًا واحدًا. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم.

وَإذَا أدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيهِ، أَوْ أُبْرِئ مِنْهُ، عَتَقَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تصِحُّ الكِتابَةُ على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنَجَّمَةٍ؛ كخِدْمَةٍ، وعمَل في الذِّمَّةِ؛ كخِياطَةٍ ونحوها. قاله الأصحابُ. وللمُصَنِّفِ احْتِمال بصِحَّتِها على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُدَّةً واحِدَةً. قوله: وإنْ أدَّى ما كُوتِبَ عليه، أَو أُبْرِئَ منه، عتَق. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «الفائقِ»، وغيرهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

وَمَا فَضَلَ في يَدِهِ فَهُوَ لَهُ. وَعَنْهُ، أنَّه إِذَا مَلَكَ مَا يُؤدِّي صَارَ حُرًّا، وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، إذا ملَك ما يُؤْدِّي، صارَ حُرًّا، ويُجْبَرُ على أدائِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أَبرَأَه بعضُ الوَرَثَةِ مِن حَقِّه منها، وكان مُوسِرًا، عتَق عليه كُلُّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَعْتِقُ.

فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الأَدَاءِ كَانَ مَا في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، في الصَّحِيحِ عَنْهُ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُخْرى، لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فلو ماتَ قبلَ الأداءِ كان ما في يَدِه لسَيِّدِه. في الصَّحيحِ عنه. وهذا مُفَرَّعٌ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ وهو أنَّه إذا ملَك ما يُؤدِّي عن كِتابَتِه ولم يُؤدِّه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَعْتِقْ، فإذا ماتَ قبلَ الأداءِ، انْفَسَخَتِ الكِتابَةُ، وكان ما في يَدِه لسيِّدِه. وعلى الرِّوايَةِ الثانيةِ؛ وهي أنَّه إذا ملَك ما يُؤدِّي، يصِيرُ حُرًّا قبلَ الأداءِ، فإذا ماتَ قبلَ الأداءِ، كان لسَيِّدِه بَقِيَّةُ كِتابَتِه، والباقي لوَرَثَةِ المَيِّتِ، فلا تَنْفَسِخُ الكِتابَةُ. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ. لكِنْ هل يسْتَحِقُّه السَّيِّدُ حالًّا، أو هو على نُجومِه؟ فيه رِوايتَان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: هي شَبِيهَةٌ بمَن ماتَ وعليه دَينٌ، على ما تقدَّم في بابِ الحَجْرِ. وتقدّم في ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ، إذا عجَز ورَقَّ ونحوُه، وكان بيَدِه مالٌ أخذَه مِنَ الزَّكاةِ، هل يكونُ لسَيِّدِه أو لمَن أخَذَه منه؟

وَإذَا عُجِّلَتِ الْكِتَابَةُ قَبْلَ مَحِلِّهَا، لَزِمَ السَّيِّدَ الْأَخْذُ، وَعَتَقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا عُجِّلَتِ الكِتابَةُ قبلَ مَحِلها، لَزِمَ السَّيّدَ الأَخْذُ. فشَمِلَ القَبْضَ مع الضَّرَرِ وعدَمِه، وكذا قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، والخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشيرازِيُّ، والسَّامَرِّيُّ، وغيرُهم. قال في «المُذْهَبِ»: يلْزَمُه مع

وَيَحْتَمِلُ ألَّا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ، إذَا كَانَ في قَبْضِهِ ضَرَرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّرَرِ في ظاهرِ المذهبِ. قال الشَّارِحُ: وهو الصحيحُ؛ وقدَّمه في «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمَه ذلك إذا كان في قَبْضِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ضَرَرٌ. وهو المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال القاضي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمذهبُ عندِي، أنَّ فيه تَفْصِيلًا على حسَبِ ما ذكَرْنا في السَّلَمِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». قال في «الرِّعايتَين»: وإنْ عجَّلَ ما عليه قبلَ مَحِلِّه، لَزِمَ سيِّدَه في الأصحِّ أخْذُه بلا ضَرَرٍ، وعتَق في الحالِ. وجزَم به في

وَلَا بَأَسَ أن يُعَجِّلَ الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ، وَيَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ كِتَابَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» وغيرُهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال في «الفائقِ»: ولو عجّلَ ما عليه لَزِمَ قَبْضُه، وعتَق حالًّا. نصَّ عليه، وقيَّد بعَدَمِ الضَّرَرِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، ذكَرَه في باب السَّلَمِ. ونقَل حَنْبَلٌ، وأبو بَكْرٍ: لا يلْزَمُه ولو مع عدَمِ الضَّرَرِ. ذكَرها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّه قد يعْجِزُ، فيَرِقُّ، ولأن بقاءَ المُكاتَب في هذه المُدَّةِ حقٌّ له، ولم يرْضَ بزَوالِه. فهذه ثلاثُ رِواياتٍ؛ رِوايَة باللُّزومِ مُطْلَقًا، وعدَمِه مُطْلَقًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّالثةُ، الفَرْقُ بينَ الضَّرَرِ وعدَمِه. واخْتارَ القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين» طريقةً أُخرَى؛ وهي إنْ كان في القَبْضِ ضَرَرٌ، لم يلْزَمْه، وإلَّا فرِوايَتان. وتَبِعَه في «الكافِي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا باللُّزومِ، لو امْتنَعَ السَّيِّدُ مِن قَبْضِه، جعَلَه الإمامُ في بَيتِ المالِ، وحكَم بعِتْقِ العَبْدِ. جزَم به الزَّرْكَشِيُّ. قال في «الفُروعِ»: هذا المَشْهورُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ أبَى السَّيِّدُ، بَرِئَ العَبْدُ. ذكَرْناه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَكْفُولِ به. نقَل حَرْبٌ، إنْ أبَى مَوْلاه الأَخْذَ، ما أعلمُ زادَه إلَّا خَيرًا. وتقدَّم

وَإذَا أَدَّى وَعَتَقَ، فَوَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ عَيبًا، فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نظيرُ ذلك في بابِ السَّلَمِ. الثَّانيةُ، في عِتْقِ المُكاتَبِ بالاعْتِياضِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والصَّوابُ العِتْقُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعدَمُ العِتْقِ قاله القاضي. قوله: وإذا أدَّى وعتَقَ، فوجَد السَّيِّدُ بالعِوَضِ عَيبًا، فله أَرْشُه أَوْ قِيمَتُه، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يرْتَفعُ العِتْقُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائِقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: هو كالبَيعِ. وقيل: يَرْتَفِعُ العِتْقُ، إنْ ردَّه ولم يُعْطِهِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَدَلَ. وهو تَوْجِيهٌ للقاضي. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: فإنْ بانَ مَعِيبًا، نَظَرْتَ؛ فإنْ رَضِيَ بذلك وأمْسكَه، اسْتقَرَّ العِتْقُ، وإنِ اخْتارَ إمْساكَه وأخْذَ الأَرْشِ، أو ردَّه، فله ذلك. وقال أبو بَكْر: قِياسُ قَوْلِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا يبْطُلُ به العِتْقُ، وليس له الرَّدُّ، وله الأَرْشُ. فائدة: لو أخَذ السَّيِّدُ حقَّه ظاهِرًا، ثم قال: هو حُرٌّ. ثم بانَ مُسْتَحَقًّا، لم يَعْتِقْ. قاله الأصحابُ. وإنِ ادَّعَى السَّيِّدُ تحْريمَ العِوَضِ، قُبِلَ ببَيِّنَةٍ، وإنْ لم تكُنْ بَيِّنَة،

فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ، وَمَنَافِعَهُ، وَالشِّرَاءَ، وَالْبَيعَ، وَالإِجَارَةَ، وَالاسْتِئْجَارَ، وَالسَّفَرَ، وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ، وَالإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ، وَكُلَّ مَا فِيهِ صَلَاحُ المَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قُبِلَ قوْلُ العَبْدِ مع يَمِينِه، ثم يجِبُ على السَّيِّدِ أخْذُه، ويعْتِقُ به، ثم يلْزَمُ السَّيِّدَ رَدُّه إلى مالِكِه، إنْ أضافَه إلى مالٍ. وإنْ نكَل العَبْدُ حلَف سيِّدُه، وله قَبْضُه مِن دَينٍ غيرِ دَينِ الكِتابَةِ وتعْجِيزُه، وفي تَعْجيزِه قبلَ أخْذِ ذلك مِن جِهَةِ الدَّينِ وَجْهان في «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». والاعْتِبارُ بقَصْدِ السَّيِّدِ في قَبْضِه عن أحَدِ الدَّينَين، وفائِدَتُه، يَمِينُه عندَ النزاعِ. قلتُ: قد تقدَّم في بابِ الرَّهْنِ، أنَّه لو قضَى بعضَ دَينه، أو أُبْرِئ منه، وببعضِه رَهْنٌ أو كَفيل، كان عمَّا نَواه الدَّافِعُ، أو المُبْرِئُ مِنَ القِسْمَين، والقَوْلُ قوْلُه في النِّيَّةِ بلا نِزاعٍ. فيُخَرَّجُ هنا مثلُه. قوله: ويمْلِكُ السَّفَرَ. حُكْمُ سفَرِ المكاتَبِ حُكْمُ سفَرِ الغَريمِ، على ما تقدَّم في أوَّلِ بابِ الحَجْرِ. قال في «الفُروعِ»: وله السَّفَرُ، كغَريمٍ. قال المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: وقد أطْلَقَ أصحابُنا القَوْلَ في ذلك، ولم يُفَرِّقُوا بينَ السَّفَرِ الطويلِ وغيرِه. وقِياسُ المذهبِ، أنَّ له منْعَه مِنَ السَّفَرِ الَّذي تحِل نُجومُ الكِتابَةِ قبلَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: وهو مُرادُ الأصحابِ، وإنَّما لم يُقَيِّدوا ذلك اكتِفاءً بما تقدَّم لهم مِنَ الحُرِّ المَدِينَ بطريق الأَوْلَى. تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ، السَّفَرُ للجِهادِ، فإنَّه لا بجوزُ له السَّفَرُ لذلك إلَّا بإذْنِه، على ما مر في كتابِ الجِهادِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ.

فَإِنْ شَرَطَ عَلَيهِ أَلَّا يُسَافِرَ، وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شرَطَ عليه أنْ لا يسافِرَ، ولا يأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فهل يصِحُّ الشَّرْطُ؟ على وَجْهَين. وهما وَجْهانِ أيضًا في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وهما رِوايَتان عندَ أبِي الخَطَّابِ، والشِّيرازِيِّ، والمُصَنِّفِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»، والمَجْدِ في «المُحَرَّرِ»، وصاحِبِ «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يصحُّ الشَّرْطُ. وهو المذهبُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»: ويصِحُّ شَرْطُ ترْكِهما على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الفائقِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فيهما. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ الشَّرْطُ. صحَّحه في «النَّظْمِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، صِحَّةَ شَرْطِ أنْ لا يُسافِرَ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ بُطْلانَ شَرْطِ عدَمِ سفَرِه، وصحَّةَ شَرْطِ عدَمِ السُّؤالِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يصِحُّ إذا شرَط أنْ لا يُسَافِرَ، ولا يصِحُّ شَرْطُ أنْ لا يأْخُذَ الصَّدقَةَ. وقال القاضي: لا يصِحُّ إذا شرَط أن لا يُسافِرَ. وقال في «الجامِعِ»، والشَّرِيفُ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ: يصِحُّ شَرْطُ أنْ لا يُسافِرَ. وقال أبو بَكْرٍ: إذا رآه يَسْألُ مرَّةً في مرَّةٍ، عَجَّزَه، كما لو حَلَّ نَجْمٌ في نَجْمٍ، عجَّزَه. فاعْتَبرَ المُخالفَةَ في مرَّتَين كحُلُولِ نَجْمَين، وصحًحَ الشَّرْطَ. فعلى القَوْلِ بصِحَّةِ الشَّرْطِ، إذا خالفَ كان لسيِّدِه تعْجِيزُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يمْلِكُ تعْجيزَه بسفَرِه إذا لم يُمْكِنْ ردُّه. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». وإنْ أمْكَنَ ردُّه، لم يمْلِكْ تعْجيزَه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَلَا يَتَسَرَّى، وَلَا يَتَبَرَّعَ، وَلَا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِ رَقِيقِهِ، وَلَا يُعْتِقَ وَلَا يُكَاتِبَ إلا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَوَلَاءُ مَنْ يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ لِسَيِّدِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس له أنْ يَتَزَوَّجَ، ولا يَتَسَرَّى، ولا يَتَبَرَّعَ، ولا يُقْرِضَ، ولا يُحابِيَ، ولا يَقْتَصَّ مِن عبْدِه الجَانِي على بعضِ رَقِيقِه، ولا يُعْتِقَ ولا يُكاتِبَ إلَّا بِإذْنِ سَيِّدِه. لا يتزَوَّجُ المُكاتَبُ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ عندَ عامةِ الأصحابِ، وقطَع به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عامَّتُهم. قلتُ: قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: له أنْ يتزَوَّجَ بغيرِ إذْنِه، بخِلافِ المُكاتَبَةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ»، ونقَله إبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ليس للمُكاتَبِ أنْ يُزَوِّجَ رَقِيقَه إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونَصَرَاه، وصحَّحه في «الكافِي». وقيل: له ذلك إذا رأى المصْلحَةَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقيل: له أنْ يُزَوِّجَ الأمَةَ دُونَ العَبْدِ. حكاه القاضي في «خِصالِه». وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النّظْمِ». وليس للمُكاتَبِ أنْ يتَسَرَّى إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. [وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، المَنْعُ. وعنه، عكْسُه. ذكَرهما في «الفُروعِ»، ولم أرَهما في غيرِه] (¬1). وليس له أنْ يتَبرَّعَ ولا يُقْرِضَ ولا يُحابِىَ، إلَّا بإذْنِ سيِّدِه، بلا خِلافٍ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أعْلَمُه. وليس له أنْ يقْتَصَّ مِن عَبْدِه الجانِي على بعضِ رَقيقِه، إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: يجوزُ له ذلك. اخْتارَه القاضي. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الكافِي». وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ». وأمَّا العِتْقُ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْتِقَه مجَّانًا، أو على عِوَضٍ في ذِمَّتِه، فإنْ أعْتَقَه مجَّانًا، لم يجُزْ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. بلا نِزاعٍ. فلو خالفَ وفعَل، فالعِتْقُ باطِلٌ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفائقِ». وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي: عِتْقُه مَوْقوفٌ على انْتِهاءِ الكِتابَةِ؛ فإنْ عتَق عتَقُوا، وإنْ رَقَّ رَقُّوا، كما لو ملَك ذا رَحِمٍ منه. وخرج وَقْفَه على رِضَا السَّيِّدِ. قاله في «الفائقِ». وإنْ أعْتقَه بمالٍ في ذِمَّتِه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه ليس له ذلك إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ إذا رَآه مَصْلحَةً له.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وأمَّا المُكاتَبَةُ، فليس له ذلك إلَّا بإذْنِ سيِّدِه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». وقال أبو بَكْرٍ: هو مَوْقوفٌ، كقَوْلِه في العِتْقِ المُنْجَزِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي» هنا: ليس له أنْ يحُجَّ إنِ احْتاجَ إلى الانْفاقِ مِن مالِه فيه. وذكَر المُصَنِّفُ أيضًا في «المُقْنِع» في بابِ الاعْتِكافِ، له أنْ يحُجَّ بغيرِ إذْنِ سيِّدِه، لأنَّه كالحُرِّ المَدِينِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» هناك. ونقَل المَيمونِيُّ، له أنْ يحُجَّ مِنَ المالِ الذي جمَعَه، ما لم يأْتِ نَجْمُه. قال المُصَنِّفُ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ: هذه الرِّوايَةُ محْمولَةٌ على أنَّه يحُجُّ بإذْنِ سيِّدِه، وأمَّا بغيرِ إذْنِه، فلا يجوزُ. انتهى. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم، في بابِ الاعْتِكافِ: ويحُجُّ بغيرِ إذنِه، ما لم يَحِلَّ عليه نجْمٌ في غَيبَتِه. نصَّ عليه. انتهى. فقطَعُوا بذلك. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وفي جَوازِ حَجِّه بمالٍ بإذْنِ سيِّدِه رِوايَتان. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ» في هذا البابِ: وفي جَوازِ حَجِّه بمالِه بإذْنِ سيِّدِه رِوايَتان. وعنه، له الحَجُّ بلا إذْنِه. وعنه، ما لم يحِلَّ نجْمٌ. قال في «الفُروعِ»: وله الحَجُّ بمالِه ما لم يحِلَّ نجْمٌ. وقيل: مُطْلَقًا. وأطْلَقه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقالوا؛ نصَّ عليه. وتقدَّم بعضُ ذلك في أوَّلِ كتابِ الاعْتِكافِ. قوله: ووَلاءُ مَن يُعْتِقُه ويُكاتِبُه لسَيِّدِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، قال في «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»: إنْ كاتبَه بإذْنِ سيِّدِه. وقيل: الوَلاءُ للمُكاتَب إنْ عتَق. زادَ في «الفائقِ»، مع أمْنِ ضَرَرٍ في مالِه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أدَّى الأوَّلُ ثم أدَّى الثَّاني، فوَلاءُ كل واحدٍ لمُكاتِبِه، وإنْ أدَّى الأوَّلُ وعجَز الثَّاني، صارَ رقيقًا للأوُّلِ، وإنْ عجَز الأوَّلُ وأدَّى الثَّاني، فوَلاؤُه للسَّيِّدِ الأوَّلِ، وإنْ أدَّى الثَّاني قبلَ عِتْقِ الأوَّلِ، عتَق. قال أبو بَكْرٍ: ووَلاؤُه للسَّيِّدِ. ورَجَّحه القاضي في «الخِلافِ». قاله في «القاعِدَةِ السَّادسَةَ عشْرَةَ [بعد المِائَةِ] (¬1)». وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: هو مَوْقوفٌ؛ إنْ أدَّى عتَق، ووَلاؤُه له، وإلَّا فهو للسَّيِّدِ. ¬

(¬1) سقط من: النسخ. انظر: «القواعد الفقهية» 286.

وَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُكَفِّرُ بالمالِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ مُطْلَقًا. جزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، له ذلك بإذْنِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الكافِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين». وعنه، يُكَفِّرُ بالمالِ مُطْلَقًا. وقال القاضي: المُكاتَبُ كالقِنِّ في التَّكْفيرِ، فإنْ أَذِنَ له سَيِّدُه في التَّكْفيرِ بالمالِ، انْبَنَى على مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْليكِ؛ فإنْ قُلْنا: لا يَمْلِكُ. لم يصِح تكْفِيره بغيرِ الصِّيامِ مُطْلقًا. وإنْ قُلْنا: يمْلِكُ. صحَّ بالإطْعامِ إذا أَذِنَ فيه سيِّدُه. وإن أذِنَ في التَّكْفيرِ بالعِتْقِ، فهل يصِحُّ؟ علي رِوايتَين. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أن هذا التَّفْصِيلَ لا يَتوَجَّهُ في المُكاتَبِ؛ لأنَّه يمْلِكُ المال بغيرِ خِلافٍ،

وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ أَوْ يُضَارِبَ بِمَالِهِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّما مِلْكُه ناقِصٌ؛ لتعَلُّقِ حقِّ السَّيِّدِ به، فإذا أذِنَ له، صحَّ، كالتَّبَرُّعِ. تنبيه: حيثُ جوَّزْنا له التَّكْفيرَ بالمالِ، فإنَّه لا يلْزَمُه. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. قوله: وهل له أنْ يَرْهَنَ أو يُضاربَ بمالِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. وكذا قال في «الهِدَايَةِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، ليس له ذلك. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي». وقدَّمه في «الشَّرْحِ» في مَوْضِعٍ آخَرَ. والوَجْهُ الثَّاني، له ذلك. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». فائدتان؛ إحْداهما، في جَوازِ بَيعِه نَساءً، ولو برَهْنٍ، وهِبَتِه بعِوَضٍ، وحَدِّ رَقيقِه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ» في الأُولَى والأخِيرَةِ. وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» في البَيعِ نَساءً. وقدَّم في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه ليس له

وَلَيسَ لَهُ شِرَاءُ ذَوي رَحِمِهِ إلا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَقَال الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يبيعَ نَساءً. وقدَّمه في «الكافِي» في الجميعِ. وجزَم في «الوَجيزِ»، ليس له أنْ يهَبَ ولو بثَوابٍ مَجْهولٍ، ولا يَحُدَّ. وجزَم في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، ليس له أنْ يهَبَ ولو بثَوابٍ مَجْهولٍ. وجزَم في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه لا تصِحُّ الهِبَةُ بالثَّوابِ. وقيل: يجوزُ بيعُه نَساءً مِن غيرِ رَهْنٍ ولا ضَمِينٍ. ففي البَيعِ نَساءً ثلاثَةُ أوْجُهٍ؛ الجوازُ، وهو تخْريجٌ للقاضي مِنَ المُضارِبِ. وعدَمُه. والجوازُ برَهْن أو ضَمِينٍ. الثَّانيةُ، ليس له أنْ يقْتَصَّ لنَفْسِه ممَّن جنَى على طرَفِه بغيرِ إذنِ سيِّدِه، على أحَدِ الوَجْهَين. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يقْتَصُّ لنَفْسِه مِن عُضْوٍ، وقيل: أو جُرْحٍ، بدُونِ إذْنِ سيِّدِه في الأصحِّ. وكذا قال في «الفائقِ». قال القاضي في «خِلافِه»: وهو قِياسُ قَوْلِ أبِي بَكْرٍ. قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثَّلاثِينَ بعدَ المِائةِ»: وفيه نظرٌ. وقيل: له ذلك. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. قلتُ: وهذا المذهبُ، والقوْلُ الأوَّلُ ضعيفٌ جِدًّا. وقد ذكَر الأصحابُ قاطِبَةً أنَّ العَبْدَ لو وجَب له قِصاصٌ، أنَّ له طلَبَه والعَفْوَ عنه، كما ذكَرَه المُصَنِّفُ في آخِرِ بابِ العَفْو عنِ القِصاصِ. فههنا بطَريقٍ أوْلَى وأحْرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يُقال؛ له الطَّلَبُ وليس له الفِعْلُ. قلتُ: وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قوله: وليس له شِراءُ ذَوي رَحِمِه إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه. هذا أحدُ الوَجْهَين قدَّمه في «الهِدايَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الخُلاصةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقال القاضي: له ذلك. نصَّ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيّ: هذا الأشْهَرُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وله شِراءُ ذَوي رَحِمِه بلا إذْنِ سيِّدِه، في أصحِّ الوَجْهَين. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وقطَع به الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما»، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظمِ».

وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُمْ إِذَا وُهِبُوا لَهُ، أوْ وُصِّيَ لَهُ بِهِمْ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِمَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله أنْ يقْبَلَهم إذا وُهِبُوا له، أو وُصِّيَ له بهم، إذا لم يكُنْ فيه ضَرَر بمالِه. وقطَع به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وشرَح على ذلك ابنُ مُنَجَّى. وقيل: له أنْ يقْبَلَهم في الهِبَةِ، والوَصِيَّةِ، ولو أضَرَّ ذلك بمالِه. وأطْلَقَ الجوازَ، مِن غيرِ التَّقْييدِ بالضَّرَرِ، في «الهِدايَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وهو إحْدَى نُسْخَتَي الخِرَقِيِّ. قال الشَّارِحُ: وله أنْ يقْبَلَهم؛ لأنَّه إذا ملَك شِراءَه فلَأنْ يجوزَ له بغيرِ عِوَضٍ أوْلَى. وعندَ مَن لا يرَى جَوازَ شِرائِهم بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، لا يُجيزُ قَبُولَهم إذا لم يكُنْ فيه ضرَرٌ بمالِه. فائدة: هل له أنْ يَفْدِيَ ذَوي رَحِمِه إذا جَنَوْا؟ فيه وَجْهانِ. وفي «المُنْتَخَبِ»، و «المُذْهَبِ» له ذلك، كالشِّراءِ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «التَّرغيبِ»: يَفْدِيه بقِيمَتِه.

وَمَتَى مَلَكَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيعُهُمْ، وَلَهُ كَسْبُهُمْ، وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُ، فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا، وَإنْ رَقَّ صَارُوا رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى ملَكَهم لم يكُنْ له بَيعُهم، وله كَسْبُهم، وحُكْمُهم حُكْمُه؛ فإنْ عتَق عَتَقُوا، وإنْ رَقَّ صارُوا رَقِيقًا للسَّيِّدِ. مُرادُه بذالك، ذَوُو رَحِمِه. واعلمْ أن المُكاتَبَ إذا عتَق، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ عِتْقُه بأداءِ مالِ الكِتابَةِ، أو بعِتْقِ

وَكَذَلِكَ الْحُكمُ فِي وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سيِّدِه له؛ فإنْ كان عِتْقُه بأداءِ مالِ الكِتابةِ، عتَقُوا معه، بلا نِزاعٍ، وإنْ كان عِتْقُه لكَوْنِ سيِّدِه أعْتَقَه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّهم يعْتِقُونَ معه أيضًا. وهذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم لا يعْتِقُونَ إذا أعْتَقَ السَّيِّدُ المُكاتَبَ، بل يَبْقَوْنَ أرِقَّاءَ للسَّيِّدِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». فائدة: يجوزُ للمُكاتَبِ شِراءُ مَن يَعْتِقُ على سيِّدِه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، و «التَّرْغيبِ»، فإنْ عجَز، عتَقُوا، وإنْ عتَق، كانُوا أرِقاءَ له. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايىَ بها. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وكذلك الحُكْمُ في وَلَدِه مِن أمَتِه. يعْنِي، أنَّه يعْتِقُ بعِتْقِه، أنَّه لا يتْبَعُه وَلَدُه إذا كان مِن أمَةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يتبعُه إذا اشْتَرَط ذلك. منهم النَّاظِمُ.

وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ووَلَدُ المكاتَبَةِ الذي ولَدَتْه في الكِتابَةِ يتْبَعُها. نصَّ عليه. فإنْ عتَقَت بأداءٍ أو إبْراءٍ، عتَق معها، وإنْ عَتَقَتْ بغيرِهما، لم يعْتِقْ وَلَدُها. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، كمَوْتِها في الكِتابَةِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو مُقْتَضَى قوْلِ أصحابِنا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يبْقَى مُكاتَبًا. قال الشَّارِحُ: وهو مُقْتَضَى قوْلِ شيخِنا. قال في «الفُروعِ»: والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يَعْتِقُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنّ وَلَدَ المُكاتَبةِ، الذي وَلَدَتْه قبلَ الكِتابَةِ، لا يتْبَعُها. وهو صحيحٌ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وظاهِرُ كلامِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها لو كانتْ حامِلًا به حال الكِتابةِ، تَبِعَها. وهو صحيحٌ. قطعَ به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. فائدتان؛ إحْداهما، لو أعْتَقَ السَّيِّدُ الوَلَدَ دُونَها، صحَّ عِتْقُه. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. وقيل: لا يعْتِقُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي: قد كان يجِبُ أنْ لا ينْفُذَ عِتْقُه؛ لأنَّ فيه ضرَرًا بأُمِّه؛ لتَفْويتِ كَسْبه عليها، فإنَّها كانتْ تسْتَعِينُ به في كِتابَتِها، ولعَلَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه الله، نَفَّذَ عِتْقَه تَغْلِيبًا للعِتْقِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ مِن ثَلاثةِ أوْجُهٍ. وتقدّم في كتابِ العِتْقِ صِحَّةُ عِتْقِ الجَنِينِ. الثَّانيةُ، وَلَدُ بِنْتِ المُكاتَبَةِ كالمُكاتَبَةِ، ووَلَدُ ابْنِها ووَلَدُ المُعْتَقِ بعضُها كالأمَةِ.

وَإنِ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا. وَإنِ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ، فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ يَمْتَنِعُ عَلَيهِ بَيعُهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اسْتَوْلَدَ أَمَتَه، فهل تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ يمْتَنِعُ عليه بَيعُها؟ على وَجْهَين.

فَصْلٌ: وَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ شَيئًا مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَبِيعُهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تصِيرُ أمَّ وَلَدٍ. وهو المذهب، نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ: هذا المذهبُ. وصحَّحه في «التَّصْحيح»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانِي، لا تصِيرُ أمَّ وَلَدٍ. وقاله القاضي في مَوْضِع مِن كلامِه. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». قوله: ولا يبِيعُه دِرْهَمًا بدِرْهَمَين. يعْنِي، أنَّه يَجْرِي الرِّبا بينَهما. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ أبِي مُوسى: لا رِبَا بينَهما؛ لأنَّه عَبْدٌ في الأظْهَرِ مِن قوْلِه: لا رِبَا بينَ العَبْدِ وسيِّدِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وهو روايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ الله. فعلى المذهبِ، لو زادَ الأجَلَ والدَّينَ، جازَ ذلك، على احِتْمالٍ ذكَرَه المصَنِّفُ، وغيرُه. والمذهبُ، عدَمُ الجَوازِ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم ذلك في آخِرِ بابِ الرِّبَا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك مالُ الكِتابةِ، فإنَّه لا يجْرِي الرِّبا في ذلك. قاله

وَإنْ جَنَى عَلَيهِ، فَعَلَيهِ أَرشُ جِنَايَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ؛ لتَجْويزِهم تعْجِيلَ الكِتابَةِ بشَرْطِ أنْ يضَعَ عنه بعضَها. وتَقدَّم قطْعُ المُصَنِّفِ بذلك.

وَإنْ حَبَسَهُ مُدَّةً، فَعَلَيهِ أَرْفَقُ الأمْرَين بِهِ، مِنْ إِنْظَارِهِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، أوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حبَسَه مُدَّةً، فعليه أَرْفَقُ الأَمْرَين به، مِن إنْظارِه مثلَ تلك المُدَّةِ، أوْ أُجْرَةِ مثلِه. هذا أحدُ الوُجوهِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقيل: تلْزَمُه أُجْرَةُ المُدَّةِ. جزَم به الأَدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: يلْزَمُه إنْظارُه مثلَ المُدَّةِ، ولا تُحْسَبُ عليه مُدَّةُ حَبْسِه. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وأطْلَقهُنَّ في «الكافِي»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ».

وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ مُكَاتَبَتَهُ إلا أَنْ يَشْتَرِطَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس له وَطْءُ مُكاتَبَتِه إلا أَنْ يشْتَرِطَ. إذا أرادَ وَطْأها، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يشْتَرِطَه أوْ لا، فإنْ لم يشْتَرِطْه، لم يجُزْ وَطْؤُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وقيل: له وَطْؤُها وإنْ لم يشْتَرِطْ، في الوَقْتِ الذي لا يشْغَلُها الوَطْءُ عنِ السَّعْي عمَّا هي فيه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا القَوْلُ يحْتَمِلُ أنَّه في المذهبِ، ويحْتَمِلُ أنَّه لبعضِ العُلَماءِ. وإنْ شرَط وَطْأَها في العَقْدِ، جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَجْزومُ به عندَ عامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه النَّاظِمُ وغيرُه. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثِين»: هذا المذهبُ المَنْصوصُ،

فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ، أَوْ وَطِئَ أَمَتَهَا، فَلَهَا عَلَيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كالرَّاهِنِ يطَأُ بشَرْطٍ. ذكَرَه في «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُنْتَخَبِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل في «المُفْرَداتِ»، وقال: هذا اخْتِيارِي. قوله: وإنْ وَطِئَها ولم يشْتَرِطْ، أو وَطِئَ أمَتَها، فلها عليه المَهْرُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يلْزَمُه إنْ

الْمَهْر، وَيُؤَدَّبُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ. وَإنْ شَرَطَ وَطْئَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طاوَعَتْه. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فائدة: إذا تكَرَّرَ وَطْؤُه؛ فإنْ كان قد أدَّى مَهْرَ الوَطْءِ الأَوَّلِ، لَزِمَه للثَّانِي مَهْرٌ أيضًا، وإنْ لم يكُنْ أدَّى عنه، لم يلْزَمْه إلَّا مَهْرٌ واحدٌ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وسيَأْتِي ذلك مُسْتَوْفًى في آخِرِ كتابِ الصَّداقِ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: ويُؤدَّبُ ولا يَبْلُغُ به الحَدَّ. إذا كان عالِمًا بالتَّحْرِيم. فأمَا إنْ كان غيرَ عالم بالتَّحْرِيمِ، فإنَّه لا يُعَزَّرُ.

وَمَتَى وَلَدَتْ مِنْهُ، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى وَلَدَتْ منه، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه حُرٌّ -سوْاءٌ وَطِئهَا بشَرْطٍ أو بغيرِه- فإِنْ أدَّتْ عتَقَتْ، وإنْ مات قبلَ أدائِها، عتَقَت، وسقَط ما بَقِيَ مِن كِتابَتِها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وحكَى الشِّيرازِيُّ رِوايَةً، يلْزَمُها بَقِيَّةُ مالِ الكِتابَةِ تدْفَعُها إلى الوَرَثَةِ، إذا اخْتارَتْ بَقاءَها على الكِتابَةِ. ذكَرَه عنه الزَّرْكَشِيُّ. فائدة: ليس له وَطْءُ بِنْتِ مُكاتَبَتِه، ولا يُباحُ ذلك بالشَّرْطِ، فإنْ فعَل عُزِّرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تجِبُ عليه قِيمَةُ وَلَدِه مِن جارِيَةِ مُكاتَبِه أو مُكاتَبَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويحْتَمِلُ أنْ تجِبَ.

فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ، وَإنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا عَتَقَتْ، وَسَقَطَ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهَا، وَمَا فِي يَدِهَا لَهَا، إلا أن يَكُونَ بَعْدَ عَجْزِهَا. وَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما في يَدِها لها، إلَّا أنْ يكُونَ قد عَجَّزَها. إذا ماتَ السَّيِّدُ قبلَ أدائِها، عتَقَتْ بكَوْنِها أُمَّ وَلَدٍ، وما في يَدِها، إنْ كان ماتَ سيِّدُها بعدَ عَجْزِها، فهو لوَرَثَةِ سيِّدِها، وإنْ كان ماتَ قبلَ عَجْزِها، فقدَّم المُصَنفُ هنا، أنَّه يكونُ لها. وهو أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

أَصْحَابُنَا: هُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضي في «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْليقِ». ذكَرَه فيه في الظِّهارِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقال أصحابُنا: هو لورَثَةِ سيِّدِها أيضًا. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، ولم يُفَرِّقْ بينَ عَجْزِها وعدَمِه. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، وحكاهما رِوايتَين. وتقدّم نظِيرُ ذلك، إذا دبَّرَ المُكاتَبَ أو كاتَبَ المُدَبَّرَ، في بابِ التَّدْبيرِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلكَ الحُكْمُ فيما إذا أعْتَقَ المُكاتَبَ سَيِّدُه. فيَكونُ ما في يَدِه له، في قوْلِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وعلى قِياسِ قولِ الأصحابِ، يكونُ لسَيِّدِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُكاتَبِ أيضًا على قَوْلِ الأصحابِ، الخِرَقِي وغيرِه؛ لأنَّ السَّيِّدَ أعْتَقَه برِضاه، فيكونُ قد رَضِيَ بإعْطائِه ماله، بخِلافِ الأُولَى. وتقدَّم، إذا ماتَ أو عجَز أو عَتَقَ، وفي يَدِه مالٌ مِنَ الزَّكاةِ، هل يكونُ لسَيِّده أو يُرَدُّ إلى رَبِّه؟ في بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ.

وَإنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا، ثُمَّ وَطِئَاهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو أعْتَقَ المُكاتَبَةَ. الثَّانيةُ، عِتْقُ المُكاتَبِ، قيل: هو إبْراءٌ ممَّا بَقِيَ عليه. وقيل: بل هو فَسْخٌ، كعِتْقِه في الكفَّارَةِ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قوله: وإنْ كاتَبَ اثْنانِ جارِيَتَهما، ثم وَطِئاها، فلها المَهرُ على كُل واحِدٍ منهما، وإنْ وَلَدَتْ مِن أَحدِهما، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له. ومُكاتَبةُ كُلِّ نِصْفٍ لسَيِّدِه. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: لا يسْرِي اسْتِيلادُ أحَدِهما إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، إلَّا أنْ يعْجِزَ، فيُنْظر حِينَئذٍ، فإنْ كان مُوسِرًا، قُوِّمَ عليه نَصِيبُ شرِيكِه، وإلَّا فلا.

فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أحدِهِمَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَهَلْ يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ويَغْرَمُ لشَرِيكِه نِصْفَ قِيمَتِها. بلا نِزاعٍ. لكِنْ هل يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِها مُكاتَبَةً، أو نِصْفَ قِيمَتِها قِنًّا؟ فيه وَجْهان. والصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، الأَوَّلُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِها قِنًّا. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وهل يَلْزَمُه المَهْرُ كامِلًا أو نِصْفُه؟ فيه وَجْهان. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، الأَوَّلُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، يلْزَمُه نِصْفُ المَهْرِ فقط. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ». قوله: وهل يغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ وَلَدِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِه. قال القاضي: هذه الروايَةُ أصحُّ على المذهبِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في

وَإنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَأُلحِقَ بِهِمَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أحَدِهِمَا، وَبَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ. وَعِنْدَ الْقَاضِي، لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُ أَحدِهِمَا إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، إلا أَنْ يَعْجِزَ، فَيُنْظَرَ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يغْرَمُه. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ». وهذا المذهبُ. وقيل: إنْ وضَعَتْه قبلَ التَّقْويمِ، غَرِمَ نِصْف قِيمَتِه، وإلَّا فلا شيءَ عليه. اخْتارَه أبو بَكْر. ويأْتِي ما يُشابِهُ ذلك، في آخِرِ بابِ أحْكامِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ.

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيعُ الْمُكَاتَبِ. وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُكَاتِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجُوزُ بَيعُ المكاتَبِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ المَنْصوصُ عليه. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. واخْتارَه الأصحابُ، وقدَّمُوه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يجوزُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيعُه مُطْلَقًا. وعنه، لا يجوزُ بَيعُه بأكْثَرَ مِن كِتابَتِه. حكاها ابنُ أبِي مُوسى. فعلى المذهبِ، يَقُومُ المُشْتَرِي مَقامَ البائِعِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ هِبَتِه والوَصِيَّةِ به حُكْمُ بَيعِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تجوزُ هِبَتُه. وتقدَّم. في كلامِ المُصَنِّفِ، الوَصِيَّةُ بالمُكاتَبِ، وبمالِ الكِتابَةِ، أو بنَجْمٍ منها، أو برَقَبَتِه، في بابِ المُوصَى به. فَلْيُراجَعْ. فائدةٌ أخْرَى: لا يجوزُ بَيعُ ما في ذِمَّةِ المُكاتَبِ مِن نُجومِ الكِتابَةِ.

فَإِنْ أَدَّى إِلَيهِ عَتَقَ، وَوَلَاؤهُ لَهُ، وَإنْ عَجَزَ عَادَ قِنًّا لَهُ، وَإنْ لَمْ يَعْلَمْ أنَّهُ مُكَاتَبٌ، فَلَهُ الرَّدُّ أو الْأَرْشُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ بَيعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنِ اشْتَرَى كُلّ وَاحِدٍ منَ الْمُكَاتَبَينِ الْآخَرَ، صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ، وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَا لِوَاحِدٍ أوْ لِاثْنَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَى كُلُّ واحِدٍ مِنَ المُكاتَبَين الآخَرَ، صَحَّ شِراءُ الأوَّلِ وبطَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شِراءُ الثَّانِي؛ سَواءٌ كانا لواحِدٍ أو اثْنَين. وهذا بلا نِزاعٍ، على القَوْلِ بجوازِ بَيع المُكاتَبِ.

وَإنْ جُهِلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَسَدَ الْبَيعَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ جُهِلَ الأوَّلُ منهما فسَد البَيعان. وهذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقال القاضي: يُفْسَخانِ، كما لو زَوَّجَ الوَلِيَّان وأشْكَلَ السَّابِقُ منهما، أو يُقْرَعُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ».

وَإنْ أسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأحَبَّ سيِّدُهُ، أخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، وَإلَّا فَهُوَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، مُبْقًى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، يَعْتِقُ بِالْأدَاءِ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسَرَ العَدُوُّ المُكاتَبَ، فاشْتَراه رَجُلٌ، فَأحَبَّ سَيِّدُه، أخَذَه بما اشْتَراه , وإلَّا فهو عَبْدُ مُشْتَرِيه، مُبْقى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، يَعْتِقُ بالأداء، ووَلاؤُه له. قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قيلَ: يُعْطَى الرُّبْعَ بينهما معًا … ويلْزَمُه كلُّ الفِدا لم أُبَعِّدِ هذا الحُكْمُ مَبْنِيٌّ على ثَلاثِ قَواعِدَ، الأولَى، أنَّ الكُفَّارَ يمْلِكُونَ أمْوال المُسْلِمينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَهْرِ. الثَّانيةُ، أنَّ مَن وجَد ماله، مِن مُسْلِمٍ أو مُعاهَدٍ، بيَدِ مَنِ اشْتَراه منهم، فهو أحقُّ به بثَمَنِه. وهذا المذهبُ فيهما، على ما تقدَّم مُحَرَّرًا في بابِ قِسْمَةِ الغَنِيمَةِ. الثَّالثةُ، أنَّ المُكاتَبَ يصِحُّ نقْلُ المِلْكِ فيه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، كما تقدَّم قريبًا. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلا تبْطُلُ الكِتابةُ بالأسْرِ، لكِنْ هل يُحْتَسَبُ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالمُدَّةِ التي كان فيها مع الكُفَّارِ؛ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». جزَم في «الكافِي» بالاحْتِسابِ. قلتُ: الأوْلَى عدَمُ الاحْتِسابِ. ثم رأيتُ ابنَ رَزِينٍ في «شَرْحِه» قدَّمه. فإنْ قيلَ: لا تُحْتَسَبُ. وهو الصَّوابُ، لغَتْ مُدَّةُ الأسْرِ، وبنَى على ما مضَى. وإنْ قيلَ: تُحْتَسَبُ عليه. فحَلَّ ما يجوزُ تعْجِيزُه بتَرْكِ أدائِه، فلسيِّدِه تعْجِيزُه. وهل له ذلك بنَفْسِه، أو بحُكْمِ حاكم؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِي». قلتُ: الأوْلَى أنَّ له ذلك بنَفْسِه. قال في «الفُروعِ»: وله الفَسْخُ بلا حُكْمٍ. وعلى كِلا الوَجْهَين، متى خلَص، فأقامَ بَيَنةً بوُجودِ مالٍ له وَقْتَ الفَسْخِ يَفِي بما

فَصْلٌ: وَإنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، أوْ أجْنَبيٌّ، فَعَلَيهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الكِتَابَةِ. وَقَال أبو بَكْرٍ: يَتَحَاصَّانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، فهل يبطُلُ الفَسْخُ، أمْ لا بدَّ مع ذلك مِن ثُبوتِ أنَّه كان يُمْكِنُه أداؤُه؟ فيه قَوْلان. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِي. قدَّم المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، البُطْلانَ. قوله: وإنْ جنَى على سَيِّدِه، أو أجْنَبِيٍّ، فعليه فِداءُ نَفْسِه -أي بقِيمَتِه- مُقَدَّمًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الكِتابَةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: هذا المَعْمولُ به في المذهبِ. قال المُصَنِّفُ: اتَّفَقَ أصحابُنا على ذلك. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قتَلَه السَّيِّدُ، لَزِمَه الفِداءُ، وكذا إنْ أعْتَقَه، ويسْقُطُ في الأصحِّ، إنْ كانتِ الجِنايَةُ على سيِّدِه. قاله في «الترْغيب»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقال أبو بكر: يَتَحاصَّان. فعلى هذا، يَقْسِمُ الحاكِمُ

وَإنْ عَتَقَ، فَعَلَيه فِدَاءُ نَفْسِهِ، وَإنْ عَجَزَ، فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ، إِنْ كَانت الْجِنَايَةُ علَيهِ. وَإنْ كَانت عَلَى أَجْنَبِي، فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ، وَإلَّا فُسِخَتِ الْكِتَابَا, وَبِيعَ في الجِنَايَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المال بينَهما على قَدْرِ حَقِّهما. وعلى المذهبِ، لو أدَّى مُبادِرًا, وليس مَحْجُورًا عليه، عتَقَ، واسْتَقَرَّ الفِداءُ، وإنْ كان بعدَ الحَجْرِ، لم يصِحَّ، ووجَب رُجوعُه إلى وَلِيِّ الجِنايَةِ. قوله: وإنْ كانتْ على أجْنَبِي، ففَداه سَيِّدُه، وإلَّا فُسِخَتِ الكِتابَةُ، وبِيعَ في الجِنايَةِ قِنًّا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونقلَه ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل الأثرَمُ، جِنايَتُه في رَقَبَتِه، يَفْدِيه إنْ شاءَ. قال أبو بكْر: وبه أقولُ.

وَإنْ أعْتَقَهُ السَّيِّدُ، فَعَلَيه فِدَاؤُهُ، وَالْوَاجِبُ في الْفِدَاءِ أقلُّ الْأمْرَينِ؛ مِنْ قِيمَتِهِ، أوْ أرْشِ جِنَايتهِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِأرْشِ الْجِنَايَةِ كَامِلَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والواجِبُ في الفِداءِ أقَل الأمْرَين؛ مِن قِيمَتِه، أو أرْشِ جنايته. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: يلْزَمُه فِداؤه بأرْشِ الجِنايَةِ كُلِّه كامِلَةً. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، يلْزَمُه فِداؤُه بالأرْشِ كامِلًا، إنْ كانتِ الجِنايةُ على أجْنَبِيٍّ.

وَإنْ لَزِمَتْهُ دُيُون تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لَزِمَتْه دُيُون تَعَلَّقَتْ بذِمتِه، يُتْبَعُ بها بعدَ العِتْقِ. ولا يمْلِكُ غرِيمُه تعْجِيزَه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. بخِلافِ المأذُونِ له. وعنه، تتَعلَّقُ برَقَبَتِه. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. ذكَرَه عنه في «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، تتَعَلَّقُ بذِمَّتِه ورَقَبَتِه معًا. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: إذا كان عليه دُيونٌ مع دَينِ الكِتابةِ، ومعه مالٌ يَفِي بذلك، فله أنْ يبْدَأ بما شاءَ، وإنْ لم يَفِ بها ما معه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكُلها حالَّةٌ، ولم يحْجُرِ الحاكِمُ عليه، فخَصَّ بعضهم بالقَضاءِ، صحَّ. وإنْ كان بعضُها مؤجلًا، فعجَّلَه بإذْنِ سيِّدِه، جازَ، وإلَّا فلا، وإنْ كان التَّعْجيلُ للسَّيِّدِ، فقَبُولُه بمَنْزِلَةِ إذْنِه. وإنْ حُجِرَ عليه بسُؤالِ الغُرَماءِ، فقال القاضي: عِندِي أنَّه يَبْدَأُ بقَضاءِ ثَمَنِ المَبِيعِ وعِوَضِ القَرْضِ، ويُسَوِّي بينَهما، ويُقَدِّمُهما على أرْشِ الجِنايةِ ومالِ الكِتابَةِ. وقال الشَّارِحُ: وقد اتَّفَقَ الأصحابُ على تقْديم أرْشِ الجِنايةِ على مالِ الكِتابَةِ. وبنَى ذلك في «الفُروعِ»، وغيرُه مِنَ الأصحابِ، على الرِّوايتَين في أصْلِ المَسْألةِ، فقال بانِيًا على الرِّوايةِ الأولَى: تُقَدَّمُ دُيونُ مَحْجُورٍ عليه لعدَمِ تعَلقِها برَقَبَتِه، فلِهذا إنْ لم يكُنْ بيَدِه مالٌ، فليس لغَريمِه تعجِيزُه، بخِلافِ الأرْشِ ودَين الكِتابةِ. وعنه، يتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، فتتَساوَى الأقْدامُ، ويمْلِكُ تعْجِيزَه، ويشْتَرِكُ ربُّ الدينِ والأرْشِ بعدَ مَوْتِه، لفَوْتِ الرَّقَبَةِ. وقيل: يُقَدَّمُ دَينُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُعامَلَةِ. ثم قال: ولغيرِ المَحْجُورِ تقْديمُ أيِّ دَين شاءَ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وجماعةٌ، أَنه بعدَ مَوْتِه؛ هل يُقَدمُ دَينُ الأجْنَبِيِّ على السَّيِّدِ، كحالةِ الحياةِ، أمْ يَتَحاصَّان؟ فيه رِوايَتان. وهل يضْرِبُ سيِّدُه بدَينِ مُعامَلَةٍ مع غَرِيمِه؟ فيه وَجْهان. الثَّانيةُ، لا يُجْبَرُ المُكاتَبُ على الكَسْبِ لوَفاءِ دَينه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاثين بعدَ المِائةِ»: هذا المذهبُ المَشْهورُ؛ لأنَّه دَينٌ ضعيفٌ، وخرَّجَ ابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا بالوُجوبِ، كسائرِ الدُّيونِ.

فَصْلٌ: وَالْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَين، لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ، وَلَا يَمْلِكُ أحَدُهُمَا فَسْخَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والكِتابَةُ عَقْدٌ لازِمٌ مِنَ الطرَفَين، لا يدْخُلُها خِيارٌ. هذا المذهبُ. جزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُه، في بابِ الخِيارِ. وذكر

وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقبَلٍ. وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا جُنُونِهِ، وَلَا الْحَجْرِ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، أنَّ العَبْدَ المُكاتَبَ له الخِيارُ على التَّأبِيدِ، بخِلافِ سيِّدِه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وفيه نظرٌ. قال ابنُ عَقِيل: لا خِيارَ للسَّيِّدِ، وأمَّا العَبْدُ فله الخِيارُ أبدًا، مع القُدْرَةِ على الوَفاءِ والعَجْزِ، فإذا امْتَنعَ، كان الخِيارُ للسَّيِّدِ. هذا ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. وقال أبو بَكْرٍ: إنْ كان قادِرًا على الوَفاءِ، فلا خِيارَ له، وإنْ عجَز عنه، فله الخِيارُ. ذكَر ذلك في «النُّكَتِ» في بابِ الخِيارِ، وقال: ما قاله القاضي وابنُ عَقِيل، قاله الشِّيرازِيُّ وابنُ البَنَّا. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ، على ما يأتِي قريبًا.

وَيَعْتِقُ بِالأدَاءِ إِلَى سَيِّدِهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَغَيرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويَعْتِقُ بالأداءِ إلى سَيِّدِه، أو إِلى مَن يقُومُ مَقامَه مِنَ الوَرَثَةِ. أنَّ الباقِيَ مِنَ الكِتابَةِ بعدَ مَوْتِ سيِّدِه يُطالبُ به، ويُؤخَذُ منه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ أدَّى بعضَ كِتابَتِه ثم ماتَ السَّيِّدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُحْسَبْ مِن ثُلُثِه ما بَقِيَ مِن كِتابَةِ العَبْدِ، ويَعْتِقْ. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ الوَلاءِ؛ إذا أدَّى المُكاتَبُ بعضَ الكِتابةِ للوَرَثَةِ، هل يكونُ الوَلاءُ للسيِّدِ أو للوَرَثَة؟.

فَإِن حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُودِّهِ، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ. وَعَنْهُ، لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَحِلَّ نَجْمَانِ. وَعَنْهُ، لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَقُولَ: قَدْ عَجَزْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ حَلَّ نَجْمٌ فلم يُؤدِّه، فلسَيِّدِه الفَسْخُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَورِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَعْجِزُ حَتَّى يحِل نَجْمان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. قال في «الهِدايَةِ»: وهو اخْتِيارُ أبِي بَكْر، والخِرَقِيِّ، ونصَرَه في «المُغْنِي». وعنه، لا يعْجِزُ حَتَّى يقُولَ: قَدْ عجَزْتُ. ذكَرها ابنُ أبِي مُوسى. ورُوِيَ عنه أنَّه إنْ أدَّى أكثرَ مالِ الكِتابةِ، لم يُرَدَّ إلى الرِّق، واتُّبعَ بما بَقِيَ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس له الفَسْخُ قبلَ حُلولِ نَجْم ولا بعدَه، مع قُدْرَةِ العَبْدِ على الأداءِ، كالبَيعِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ غابَ العَبْدُ بلا إذْنِ سيِّدِه، لم يَفْسَخْ، ويَرْفَعُ الأمْرَ إلى حاكِم البَلَدِ الذي هو فيه؛ ليأمُرَه بالأداءِ أو يُثْبِتَ عجْزَه، فحِينَئذٍ يمْلِكُ الفَسْخَ. وقاله في «الرعايَةِ» أيضًا، وقال: وقيل: إنْ لم يَتَّفِقا، فسَخَها الحاكِمُ. فعلى المذهبِ، يلْزَمُه إنْظارُه ثلاثةَ أيام. قاله الأصحابُ، كبَيعِ عَرْض. ومِثلُه مالُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غائبٍ دُونَ مسَافَةِ قَصْر يرْجو قُدومَه، ودَيْنٌ حالٌّ على مَلِئٍ ومُودَعٍ. قال في «الفُروعِ»: وأطْلَقَ جماعةٌ؛ لا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفاؤه. قال: فيتَوَجَّهُ مثله في غيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حيثُ جوَّزْنا له الفَسْخَ، فإنَّه لا يحْتاجُ إلى حُكْمِ حاكم.

وَلَيسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا بِحَالِ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس للعَبْدِ فَسْخُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، له ذلك. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، للعَبْدِ فسْخُها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ووقَع في «المُقْنِعِ»، و «الكافِي» رِوايَةٌ بأنَّ للعَبْدِ فسْخَها. قال: والظَّاهِرُ أنَّه وَهْمٌ، والذي ينبَغِي حمْلُ ذلك عليه، أنَّ له الفَسْخَ إذا امْتنَعَ مِنَ الأداءِ، وهذا كما قال ابنُ عَقِيل، والشيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا: إنَّها لازِمَة مِن جِهَةِ السَّيِّدِ، جائِزَةٌ مِن جِهَةِ العَبْدِ. وفسَّرُوا ذلك بأنَّ له الامْتِناعَ مِنَ الأداءِ، فيمْلِكُ السَّيِّدُ الفَسْخَ. انتهى.

وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ، ثُمَّ مَاتَ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَيَحْتَمِلُ إلا يَنْفسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اتَّفَقا على فَسْخِها، جازَ. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، لا يجوزُ، كحَقِّ اللهِ. قوله: ولو زَوَّجَ ابْنَتَه مِن مُكاتَبِه، ثم ماتَ، انْفَسَخَ النِّكاحُ. يعْنِي، إذا كانتْ وارِثَةً مِن أبِيها، وكان النكاحُ صحيحًا. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الشَّرْحِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»،

وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ أنْ يُؤتِيَهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ، إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ عَنْهُ، وَإنْ شَاءَ قَبَضَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ كانْ لا يُفْسَخَ حتى يعْجِزَ. فائدة: الحُكْمُ في سائرِ الوَرَثَةِ مِنَ النِّساءِ، إذا كانتْ زوْجَةً له، كالحُكْمِ في البِنْتِ. وكذا لو تزَوَّجَ رجُلٌ مُكاتَبَةً فوَرِثَها أو بعضَها، انْفَسَخَ نِكاحُه. ويأتِي؛ إذا ملَك الحُرُّ زوْجتَه أو بعضَها، في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ. قوله: ويجبُ على سَيِّدِه أنْ يُؤتِيَه رُبْعَ مالِ الكِتابَةِ، إنْ شاءَ وضَعَه عنه، وإنْ شاءَ قبَضَه ثم دفَعَه إليه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ إيتاءِ العَبْدِ رُبْعَ مالِ الكِتابَةِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر في «الرَّوْضَة» رِوايَةً،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمها؛ أنَّه لا يجبُ، وأنَّ الأمْرَ في الآيَةِ (1) للاسْتِحْبابِ. وظاهِرُ «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِين»، أنَّ فيه خِلافًا؛ فإنه قال: وعنه، يَعْتِقُ بمِلْكِ ثَلاثةِ أرْباعِها، إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَزِمَ إيتاءُ الرُّبْعَ. قال في «الفائقِ»: قلتُ: وفي وُجوبِه نظرٌ؛ للاخْتِلافِ في مَدْلولِ الآيَةِ وفي التَّقْديرِ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ الآيَةِ وُجوبُ الإِيتاءِ، لكِنَّ ذلك غيرُ مُقَدَّرٍ، فأيَّ شيءٍ اعطاه، فقد سقَط الوُجوبُ عنه وامْتَثلَ، وقد فسَّرَها ابنُ عَبَّاسٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَضِيَ الله عنهما، بذلك. هذا ما لم يصِحَّ الحديثُ (¬1)، فإنْ صحَّ الحديثُ، فلا كلامَ. ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 350.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إنْ أعْطاه السيدُ مِن جِنْسِ مالِ الكِتابَةِ، لَزِمَه قَبُولُه، على الصحيح مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يلْزَمُه إلا إذا كان منها؛ لظاهرِ الآيَةِ. وإنْ أعطاه مِن غيرِ جِنْسِها؛ مِثلَ أنْ يكاتِبَه على دَراهِمَ فيُعْطِيَه دَنانِيرَ أو عُروضًا، لم يلْزَمْه قَبُولُه، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يلْزَمُه. وهو احْتِمال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك.

فَإِنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْبَاعَ مَال الْكِتَابَةِ وَعَجَزَ عَنَ الرُّبْع، عَتَقَ، وَلَمْ تَنْفَسِخِ الْكتَابَةُ في قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِ المالِ وعجَز عَنِ الرُّبْعِ، عتَق، ولم تنْفَسِخ الكِتابَة في قَوْلِ القاضي وأصحابِه. واخْتارَه أبو بَكْر. قال في «الكافِي»: قال أصحابُنا: إذا أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِ كِتابَتِه وعجَز عن الرُّبْعِ، عتَق. قال في

وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أنهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم: إذا أدَّى ثلاثةَ أرباعِ المالِ، وعجَز عن الرُّبْعِ، لم يَجُزْ للسَّيِّدِ الفَسْخُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يَعْتِقُ حتى يُؤدِّيَ جمِيعَها. وهو رِوايَةٌ عنِ الامامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هي المَشْهورَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي». واخْتارَه المُصَنِّف وغيرُه. قال في «المُحَرَّرِ»: وظاهِرُ قوْلِ أبِي الخَطَّابِ، عَدمُ العِتْقِ ومَنْعُ السَّيِّدِ مِنَ الفَسْخِ. وقد تقدَّم لفْظُه في «الهِدايَةِ» وغيرِه. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ أدَّى ثلاثَةَ أرْباعِ المالِ، وعنه، أو أكْثَرَ منه، وعجَز عن الباقي، لم يَعْتِقْ، ولسيدِه فسْخُها في أنص الرِّوايتَين فيهما. وقال في «التَّرْغيبِ»: وفي عتْقِه بالتَّقاصِّ رِوايَتان. ولم يذْكُرِ العَجْزَ. قال: ولو أبرأه مِن

فَصْلٌ: وَإِذَا كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضِ النُّجومِ، أو أدَّاه إليه، لم يَعْتِقْ به على الأصحِّ. وأنَّه لو كان على سيِّدِه مثلُ النُّجومِ، عتَق على الأصحِّ. انتهى. وقال في «الفائقِ»: ولو أدَّى ثلاثَةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يعْتِقْ في أحَدِ الوَجْهَين. اخْتارَه الشَّيخُ. وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي: يَعْتِقُ، وللسَّيَدِ الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقيل: لا. انتهى. وقال في «الرِّعايتَين»: فإنْ أدَّى ثَلاثَةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يَعْتِقْ في الأصحِّ، ولسيِّدِه الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقيل: لا. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: فإنْ أدَّى ثَلاثةَ أرْباعِه وعجَز عن رُبْعِه، لم يعْتِقْ في الأصحِّ، ولسيِّدِه الفَسْخُ. نصَّ عليه. وقال أبو بَكْرٍ: لم يجُزْ للسَّيِّدِ الفَسْخُ. وصحَّح في «النَّظْمِ» أنَّه لا يَعْتِقُ، ويمْلِكُ الفَسْخَ. نصَّ عليه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يمْلِكُ. قوله: وإِنْ كاتَبَ عَبيدًا له كِتابَةً واحِدَةً بعِوَضٍ واحِدٍ، صَحَّ، ويُقَسَّطُ العِوَضُ

وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ منْهُمْ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا، وَيَعْجِزُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَهم على قَدْرِ قِيمَتِهم -يومَ العَقْدِ- ويكُونُ كُلُّ واحِدٍ منهم مُكاتَبًا بقَدْرِ حِصَّتِه، يعْتِقُ بأدائِها، ويعْجِزُ بالعَجْزِ عنها وَحْدَه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: اخْتارَه القاضي وأصحابُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه،

وَقَال أبُو بَكْرٍ: الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكِتَابَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقالا: هذا أصحُّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: العِوَضُ بينَهم على عدَدِهم، ولا يعْتِقُ واحدٌ مهم حتى تُؤَدَّى جميعُ الكِتابَةِ. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عشْرَةَ بعدَ المائةِ»: ونقَل مُهَنَّا ما يشْهَدُ لذلك. وذكَر الاخْتِلافَ في مأْخَذِ هذا القَوْلِ. فائدة: لو شرَط عليهم في العَقْدِ ضَمانَ كلِّ واحدٍ منهم عنِ الباقِينَ، فسَد الشَّرْطُ وصحَّ العَقْدُ. قدَّمه قى «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ». وعنه، صِحَّةُ الشَّرْطِ أيضًا. ذكَرها أبو الخَطَّابِ. وخرَّجه ابنُ حامِدٍ وَجْهًا؛ بِناءً على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَين في ضَمانِ الحُرِّ لمالِ الكِتابَةِ، على ما تقدَّم في بابِ الضَّمانِ. ويذْكُرونَ المَسْأَلَةَ هنا كثيرًا.

وَإِذَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْأَدَاءِ في قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي أَدَاءَ قَدْرِ الْوَاجبِ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفُوا بعدَ الأَداءِ في قَدْرِ ما أدَّى كُلُّ واحِدٍ منهم، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يدَّعِي أَداءَ قَدْرِ الواجِبِ عليه. جزَم به في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». قال الشَّارِحُ: هذا إذا أدَّوْا وعَتَقُوا، فقال مَن كثُرَتْ قِيمَتُه: أَدَّينا على قَدْرِ قِيمَتِنا. وقال الآخَرُ: أَدَّينا على السَّواءِ، فبَقِيَتْ لَنا على الأكثرِ قِيمَةُ بقِيَّةٍ. فمَن جعَل العِوَضَ بينَهم على عدَدِهم، قال: القوْلُ قوْلُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ. ومَن جعَل على كُلِّ واحدٍ قَدْرَ حِصَّتِه، فعندَه وَجْهان؛ أحدُهما، القَوْلُ قوْلُ مَن يدَّعِي التَّسْويَةَ. والثَّاني، القَوْلُ قولُ مَن يدَّعِي أداءَ قَدْرِ الواجِبِ عليه. وجزَم بهذا القَوْلِ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الرِّعايتَين»، و «الفائقِ»، وقالا: وقيل: يُصَدَّقُ مَنِ ادَّعَى أداءَ ما عليه، إذا أنْكَرَ ما زادَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ بَعْضَ عَبْدِهِ، فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجُوزُ له أَنْ يُكاتِبَ بعضَ عَبْدِه، فإِذا أَدَّى عتَق كُلُّه. قاله أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. فإنْ كان كاتَبَ نِصْفَه، أدَّى إلى سيِّدِه مِثلَيْ كِتابَتِه؛ لأنَّ نِصْفَ كَسْبِه يسْتَحِقُّه سيِّدُه بما فيه مِنَ الرِّقِّ، إلَّا أنْ يَرْضَى سيِّدُه بتَأْدِيَةِ الجميعِ. عن الكِتابَةِ، فيَصِحَّ.

وَتَجُوزُ كِتَابَةُ حِصَّتِهِ مِنَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتجُوزُ كِتابَةُ حِصَّتِه مِنَ العَبْدِ المُشْتَرَكِ بغيرِ إذْنِ شَرِيكِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتارَ في «الرعايَةِ» أنَّه لابُدَّ مِن إذْنِ الشَّرِيكِ إذا كان مُعْسِرًا.

فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيهِ، وَمِثْلَهُ لِسَيِّدِهِ الْآخَرِ، عَتَقَ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَة مُوسِرًا، وَعَلَيهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإذا أَدَّى ما كُوتِبَ عليه، ومِثلَه لسَيِّدِه الآخَرِ, عتَق كُلُّه. هذا صحيحٌ، لكِنْ يكونُ لسيِّدِه مِن كَسْبِه بقَدْرِ ما كُوتِبَ منه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يوْمًا ويوْمًا.

فَإِنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ، عَتَقَ عَلَيهِ كُلُّهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَعَلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُكَاتِبِ. وَقَال الْقَاضِي: لَا يَسْرِي إِلَى النِّصْفِ الْمُكَاتَبِ إلا أَنْ يَعْجِزَ، فَيُقَوَّمُ عَلَيهِ حِينَئِذٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قبلَ أَدائِه، عتَق عليه كُلُّه إنْ كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ المُكاتِبِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وحكاه القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين» عن أبي بَكْرٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وقال القاضي: لا يسْرِي إلى نِصْفِ المُكاتَبِ، إلَّا أنْ يعْجِزَ، فيُقَوَّمُ عليه حِينَئذٍ، ويسْرِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِتْقُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح: واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فعلى هذا، إنْ أدَّى كِتابتَه، عتَق الباقِي بالكِتابَةِ، وكان وَلاؤُه بينَهما. وعلى المذهبِ، يضْمَنُ للشَّرِيكِ نِصْف قِيمَتِه مُكاتَبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُغْنِي». وعنه، يضْمَنُه بالباقِي مِن كِتابَتِه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال ابنُ أبِي مُوسى: فعلى هذه يكونُ الوَلاءُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَهما؛ لكُلِّ واحدٍ منهما بقَدْرِ ما عتَق عليه. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. فكأَنَّ ابنَ أبِي مُوصى قال: يَعْتِقُ على مَن أدَّى إليه المُكاتَبُ بمِقْدارِ ما أدَّى إليه، ويَعْتِقُ الباقِي على مَن أَعْتَقَ، ويكونُ الوَلاءُ بينَهما بقَدْرِ ما عتَق على كُلِّ واحدٍ منهما.

وَإِنْ كَاتَبَا عَبْدَهُمَا جَازَ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى التَّسَاوي أَو التَّفَاضُلِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيهِمَا إلا عَلَى التَّسَاوي، فَإِذَا كَمَلَ أَدَاؤُهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيهِ، وَإنْ أَدَّى إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يَعْتِقْ، إلا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ، فَيَعْتِق. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَعْتِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كاتَبا عَبْدَهما، جازَ؛ سَواءٌ كان على التَّساوي أو التفاضُلِ. ولا يجُوزُ أَنْ يُؤدِّيَ إِليهما إلَّا على التَّساوي، فإذا كَمَلَ أَداؤُه إلى أَحَدِهما قبلَ الآخَرِ، عتَق كُلُّه عليه، وإنْ أَدَّى إلى أَحَدِهما دُونَ صاحِبِه، لم يَعْتِقْ، إلَّا أَنْ يكُونَ بإذْنِ الآخَرِ، فيَعْتِقَ، ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَعْتِقَ. قال الشَّارِحُ: إذا كان العَبْدُ لاثْنَينِ، فكاتَباه معًا؛ سواءٌ تَساوَيا في العِوَضِ أو اخْتَلَفا فيه، وسواءٌ اتَّفَقَ نَصِيبَاهما فيه أو اخْتَلَفا، وسواءٌ كان في عَقْدٍ واحدٍ أو عَقْدَين، صحَّ. ثم قال: ولا يجوزُ أنْ يخْتَلِفا في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّنْجيمِ، ولا في أنْ يكونَ لأحَدِهما مِنَ النُّجومِ، قبلَ النَّجْمِ الأخيرِ، أكثرُ مِنَ الآخَرِ. في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه لا يجوزُ أنْ يؤَدِّيَ إليهما إلَّا على السَّواءِ، ولا يجوزُ تقْديمُ أحَدِهما بالأداءِ على الآخَرِ، واخْتِلافُهما في مِيقاتِ النُّجومِ وقَدْرِ المُؤَدَّى يُفْضِي إلى ذلك. والثَّاني، يجوزُ؛ لأنَّه يُمْكِنُ أنْ يُعَجِّلَ لمَن تأَخَّرَ نَجْمُه قبلَ مَحِلِّه، ويُعْطِي مَن قلَّ نجْمُه أكثرَ مِنَ الواجِبِ له، ويُمْكِنُ أنْ يأْذَنَ له أحدُهما في الدَّفْعِ إلى الآخرِ قبلَه، أو أكثرَ منه. ثم قال: وليس للمُكاتَبِ أنْ يؤدِّيَ إلى أحَدِهما أكثرَ مِنَ الآخَرِ. ذكَرَه القاضي. قال المُصَنِّفُ: لا أعلمُ فيه خِلافًا. فإنْ قبَض أحدُهما دُونَ الآخَرِ شيئًا، لم يصِحَّ القَبْضُ، وللآخَرِ أنْ يأْخذَ منه حِصَّتَه إذا لم يأْذَنْ له، فإنْ أذِنَ، ففيه وَجْهان. ذكَرَهما أبو بَكْرٍ، أحدُهما، يصِحُّ. وهو أصحُّ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. والثَّاني، لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. انتهى كلامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحِ. وقال في «المُحَرَّرِ»: وإنْ كاتَبَ اثنْان عبْدَهما على التَّساوي أو التَّفاضُلِ، جازَ، ولم يُؤدِّ إليهما إلَّا على قَدْرِ مِلْكَيهما، فإنْ خصَّ أحدَهما بالأداءِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَعْتِقْ نَصِيبُه، إلَّا أنْ يكونَ بإذْنِ الآخَرِ، فإنه على وَجْهَين. انتهى. فقولُ المُصَنِّف: فإذا كَمَلَ أداؤُه إلى أحَدِهما قبلَ الآخَرِ، عتَق كُلُّه عليه. يعْنِي، إذا كاتَباه مُنْفَرِدَين وكان مُوسِرًا. وقوله: وإنْ أدَّى إلى أحَدِهما دُونَ صاحِبِه. . . . إلى آخرِه، محمْولٌ على ما إذا كاتَباه كِتابةً واحدَةً؛ بأن يوَكِّلَا مَن يُكاتِبُه، أو يوَكِّلَ أحدُهما الآخَرَ، فيُكاتِبَه صَفْقَةً واحدَةً. فكَلامُ المُصَنِّفِ فيه إيهامٌ. وتحْريرُ المَسْألَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قاله في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم؛ أنَّهما إذا كاتَباه مُنْفَرِدَين، فأدَّى إلى أحَدِهما ما كاتَبَه عليه، أو أَبْرأَه مِن حِصَّتِه، عتَق نَصِيبُه خاصَّةً إنْ كان مُعْسِرًا، وإنْ كان مُوسِرًا، عتَق عليه جمِيعُه، ويكونُ وَلاؤُه له، ويضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِه. وإنْ كاتَباه كِتابةً واحدةً، فأدَّى إلى أحَدِهما مِقْدارَ حقِّه بغيرِ إذْنِ شَريكِه، لم يَعْتِقْ منه شيءٌ. فإنْ أدَّى بإذْنِ شرِيكِه، فهل يَعْتِقُ نَصِيبُ المُؤدَّى إليه؟ على وَجْهَين. ويُحْمَلُ كلامُ المُصَنِّفِ الأخِيرُ هنا على ذلك. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يعْتِقُ نَصِيبُ المُؤدَّى إليه. وهو المذهبُ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يعْتِقَ ولو أذِنَ له الآخَرُ. وهو الوَجْهُ الثَّاني. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فعلى المذهبِ، إذا أدَّى ما عليه مِن مالِ الكِتابةِ بإذْنِ الآخَرِ، عتَق نَصِيبُه، ويَسْرِي إلى باقِيه إنْ كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ حِصَّةِ شريكِه. وهذا قولُ الخِرَقِيِّ، وغيره، ويضْمَنُه في الحالِ بنِصْفِ قِيمَتِه مُكاتَبًا مُبْقًى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، ووَلاؤُه كُلُّه له. وقال أبو بَكْرٍ، والقاضي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يسرِي العِتْقُ في الحالِ، وإنَّما يسْرِي عندَ عَجْزِه. فعلى قوْلِهما، يكونُ باقِيًا على الكِتابَةِ؛ فإنْ أدَّى إلى الآخَرِ، عتَق عليهما، ووَلاؤُه لهما، وما يبْقَى في يَدِه مِن كَسْبِه، فهو له، وإنْ عجَز وفُسِخَتْ كِتابَتُه، قُوِّمَ على الذي أدَّى إليه، وكان وَلاؤُه كُلُّه له.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال القاضي: ويَطَّرِدُ قولُ أبِي بَكْرٍ في دَينٍ بينَ اثْنَين، أذِنَ أحدُهما للآخَرِ في قَبْضِ نَصِيبِه: لا يَقْبِضُ إلَّا بقِسْطِ حقِّه منه. وقال أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّاب: لا يرْجِعُ الشَّرِيكُ في الأصح. كمَسْأَلَتِنا. الثَّانيةُ، لو كاتَبَ ثلاثَةٌ عَبْدًا، فادَّعَى الأداءَ إليهم، فأَنْكَرَه أحدُهم، شارَكهُما فيما أقَرَّا بقَبْضِه. قاله الأصحابُ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ، فمَن بعدَه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: تُقْبَلُ شَهادَتُهما عليه. وقطَع به الخِرَقِيُّ وغيرُه. وهو المذهبُ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم: قِياسُ المذهبِ، لا تُقْبَلُ شَهادَتُهما عليه، واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ.

فَصْلٌ: وَإِنِ اخْتَلَفَا في الْكِتَابَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلفا في الكِتابَةِ، فالقَوْلُ قَوْلُ مَن يُنْكِرُها. بلا نِزاعٍ.

وَإنِ اخْتَلَفَا في قَدْرِ عِوَضِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ عِوَضِها، فالقَوْلُ قَوْلُ السَّيَدِ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. قال القاضي: هذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايةِ الكَوْسَجِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»،

وَإِنِ اخْتَلَفَا في وَفَاءِ مَالِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، القوْلُ قوْلُ المُكاتَبِ. اخْتارَها جماعةٌ؛ فهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما»، والشِّيرازِيُّ. وصحَّحَها ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وعنه، يتَحالفان. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وقال: اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ، وأحمدُ، رَحِمَهما الله، على أنَّهما يتَحالفان ويتَرادَّان. وأطْلَقهُنَّ في «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى رِوايَةِ التَّحالُفِ، إنْ تَحالفا قبلَ العِتْقِ، فُسِخَ العَقْدُ، إلَّا أنْ يَرْضَى أحدُهما بما قال صاحِبُه، وإنْ تَحالفا بعدَ العِتْقِ، رجَع السَّيِّدُ بقِيمَتِه، ورجَع العَبْدُ بما أدَّاه. قوله: وإنِ اخْتَلَفا في وَفَاءِ مَالِها، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ. بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ، أوْ شَاهدًا وَامْرَأَتَينِ, ثَبَتَ الأَدَاءُ وَعَتَقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَقَامَ العَبْدُ شاهِدًا وحلَف معه، أَوْ شاهِدًا وامْرَأَتَين، ثبَت الأَداءُ وعَتَقَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، بِناءً على أنَّ المال، وما يُقْصَدُ به المالُ، يُقْبَلُ فيه شاهِدٌ ويَمِينٌ. على ما يأْتِي. والخِلافُ بينَهما هنا في أداءِ المالِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يُقْبَلُ في النَّجْمِ الأخِيرِ إلَّا رَجُلانِ؛ لترَتُّبِ العِتْقِ على شهَادَتِهما، وبِناءً على أنَّ العِتْقَ لا يُقْبَلُ فيه إلَّا رجُلانِ. ذكَرَه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه.

فَصْلٌ: وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ -مِثْلَ أنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خَمْرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والكِتابَةُ الفاسِدَةُ، مثلَ أَنْ يُكاتِبَه على خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، يُغلَّبُ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ. وكذا لو كان العِوَضُ مَجْهولًا، أو شرَط فيها ما يُنافِيها، وقُلْنا: تفْسُدُ

أَوْ خِنْزِيرٍ- يُغَلَّبُ فِيهَا حُكْمُ الصِّفَةِ، في أَنَّه إِذَا أَدَّى عَتَقَ، وَلَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بفَسادِ الشَّرْطِ في وَجْهٍ. على ما تقدَّم، يُغَلَّبُ حُكْمُ الصِّفَةِ في كلِّ ذلك؛ في أنَّه إذا أدَّى، عَتَقَ، ولكُلِّ واحدٍ منهما الفَسْخُ، فهي جائزةٌ مِنَ الطَّرفَين. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأصحابُه. قاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وعنه، بُطْلانُ الكِتابَةِ مع تَحْرِيمِ العِوَضِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والأرْبَعِين»: وهو الأظْهَرُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: المَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أن العَقْدَ يَبْطُلُ مِن أصْلِه. وأوَّلَ القاضي، وأبو الخَطَّابِ النَّصَّ. وقال القاضي في «الخِلافِ الكَبيرِ»: المُغَلَّبُ في الكِتابةِ على عِوَضٍ مَجْهولٍ المُعاوَضَةُ؛ بدَليلِ أنَّه يَعْتِقُ بالأَداءِ إلى الوارِثِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قوْلُ الأكْثَرِينَ: إنَّ الكِتابَةَ إذا لم تكُنْ مُنَجَّمَةً باطِلَةٌ مِن أصْلِها. مع قَوْلِهم في الكِتابَةِ على عِوَضٍ مَجْهولٍ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُغَلَّبُ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ. مُشْكِلٌ جِدًّا، وكان الأَوْلَى، إذا كان العِوَضُ معْلومًا، أنْ يُغَلَّبَ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ أيضًا. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ وغيرُه: إذا كانتِ الكِتابَةُ الفاسِدَةُ بعِوَضٍ مُحَرَّم، فإنَّها تُساوي الصَّحيحةَ في أرْبَعَةِ أحْكامٍ؛ أحدُها، أنَّه يَعْتِقُ بأداءِ ما كُوتِبَ عليه مُطْلَقًا. الثَّاني، إذا أعْتَقَه بالأداءِ، لم يلْزَمْه قِيمَةُ نفْسِه، ولم يرْجِعْ على سيِّدِه. الثالثُ، يمْلِكُ المُكاتَبُ التَّصَرُّفَ

وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَجُنُونِهِ، وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ [وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا] (¬1). ـــــــــــــــــــــــــــــ في كَسْبه، وله أخْذُ الصَّدَقاتِ والزَّكَواتِ. الرَّابعُ، إذا كاتَبَ جماعةً كِتابةً فاسدَةً، فأَدَّى أحَدُهم حِصَّتَه، عَتَقَ على قوْلِ مَن قال: إنَّه يعْتِقُ في الكتابةِ الصَّحِيحَةِ بأداءِ حِصَّتِه، ومَن لا، فلا هنا. وتُفارِقُ الصَّحيحةَ في ثَلاثَةِ أحْكامٍ؛ أحدُها، إذا أَبْرأَه، لم يصِحَّ ولم يعْتِقْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ في «الانْتِصارِ»؛ إنْ أَتَى بالتَّعْليقِ، لم يعْتِقْ بالإِبْراءِ، وإلَّا عَتَق. الثَّاني، لكُلِّ واحدٍ منهما فَسْخُها. الثالثُ، لا يلْزَمُ السَّيِّدَ أنْ يؤَدِّيَ إليه شيئًا مِنَ الكِتابةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، يلْزَمُه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع»، و «الفائقِ». قوله: وتَنْفَسِخُ بمَوْتِ السَّيِّدِ، وجُنُونِه، والحَجْرِ للسَّفَهِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الخُلاصَةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقاله القاضي وأصحابُه في الانْفِساخِ بالمَوْتِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا ¬

(¬1) ليس في متن المبدع 6/ 367، وقد أورده صاحب الشرح في أثناء الكلام عما تفارق فيه الكتابة الفاسدة الكتابة الصحيحة من أحكام، في صفحة 409، ولم يورده في المسائل.

وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا في يَدِهِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنِ الْأَدَاءِ فَضْلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنْفَسِخُ بالموتِ، ولا بالجُنونِ، ولا بالحَجْرِ، ويَعْتِقُ بالأَدَاءِ إلَى الوارِثِ. قال المُصَنِّفُ والأَوْلَى أنَّها لا تبْطُلُ بالحَجْرِ والجُنونِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قوله: وإنْ فضَل عَنِ الأَداءِ فَضْلٌ، فهو لِسَيِّدِه. يعْنِي، في الكِتابةِ الفاسِدَةِ.

فَهُوَ لِسَيِّدِهِ. وَهَلْ يَتبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا فِيهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وأبو الخَطَّابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقال القاضي: ما في يَدِ المُكاتَبِ، وما يكْسِبُه، وما يفْضُلُ في يَدِه بعدَ الأداءِ فهو له. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ» الوَجْهَين فيما يكْسِبُه. وكلامُه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» كالمُتنَاقِضِ؛ فإنَّهما جزَما بأنَّ لسيِّدِه أخْذَ ما معه قبلَ الأداءِ، وما فضَل بعدَه، وقالا قبل ذلك: وفي تَبَعِيَّةِ الكَسْبِ وَجْهانِ. قوله: وهل يتْبَعُ المُكاتَبَةَ وَلَدُها فيها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»،

أَبُو بَكْرٍ: لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ وَلَا الْجُنُونِ وَلَا الْحَجْرِ، وَيَعْتِقُ بِالأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يتْبَعُها. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: هذا أقْيَسُ وأصحُّ. وكذا قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». الثَّاني، يتْبَعُها. قدَّمه في «الكافِي». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والعِشْرِين»: إنْ قُلْنا: هو جُزْءٌ منها. تَبِعَها، وإنْ قُلْنا: هو كَسْبٌ. ففيه وَجْهان؛ بِناءً على سلامَةِ الأكْسابِ في الكِتابَةِ الفاسِدَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: هل تصيرُ أمَّ وَلَدٍ إذا أوْلَدَها فيها، أمْ لا؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ». وفي الصِّحَّةِ هنا وَجْهٌ، ذكَرَه القاضي، وإنْ منَعْناها في غيرِه.

باب أحكام أمهات الأولاد

بَابُ أحْكَامَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أحْكامَ أُمَّهاتِ الأوْلادِ

وَإِذَا عَلِقَتِ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، فَوَضَعَتْ مِنْهُ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، صَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِذَا مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: عُمومُ قولِه: وإذا عَلِقَتِ الأَمَةُ مِن سَيِّدِها. يشْمَلُ، سواءٌ كانت فِراشًا، أو مُزَوَّجَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»،

عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيرَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل حَرْبٌ وابنُ أبِي حَرْبٍ، في مَن أوْلَدَ أمَتَه المُزَوَّجَةَ، أنَّه لا يلْحَقُه الوَلَدُ. فائدة: في إِثْمِ واطِئَ أمَتِه المُزَوَّجةِ جَهْلًا وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ الإِثْمِ، وتأْثِيمُه ضعِيفٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فوَضعَتْ منه ما تَبَيَّنَ فيه بعضُ خَلْقِ الإِنْسانِ، صارَتْ بذلك أُمَّ وَلَدٍ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، لا بُدَّ أنْ يكونَ له أرْبعَةُ أشْهُرٍ. واحْتَجَّ بحديثِ ابن مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عنه: في عِشْرِين ومِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ (¬1). وتنْقَضِي به العِدَّةُ، وتَعْتِقُ الأمَةُ إذا دخَل في الخَلْقِ الرَّابعِ. وقدَّم في «الإِيضاحِ»، سِتَّةَ أشْهُرٍ. ونقَل المَيمُونِيُّ: إنْ لم تضَعْ، وتبَيَّنَ حَمْلُها في بطْنِها، عتَقَت، وأنَّه يُمْنَعُ مِن نقْلِ المِلْكِ لما في بَطْنِها حتى يُعْلَمَ. قوله: فإذا ماتَ، عَتَقَتْ وإِنْ لم يمْلِكْ غيرَها. هذا بلا نِزاعٍ. ومحَلُّ هذا، إذا لم يَجُزْ بَيعُها، على المذهبِ. أمَّا إنْ جازَ بَيعُها، فقطَع المُصَنِّفُ وغيرُه بأنَّها ¬

(¬1) يقصد حديث ابن مسعود: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة. . . .». وهذا الحديث أخرجه البخاري، في: باب ذكر الملائكة، من كتاب بدء الخلق، وباب قول الله تعالى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، وباب ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 4/ 135، 161، 162، 9/ 165، 166. ومسلم، في: باب كيفية خلق الآدمي. . . .، من كتاب القدر. صحيح مسلم 4/ 2036، 2037. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 382.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تَعْتِقُ بمَوْتِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ إطْلاقِ غيرِه يقْتَضِي العِتْقَ، ولهذا قدَّمه ابنُ حَمْدانَ، فقال: وقيلَ: إنْ جازَ بَيعُها، لم تَعْتِقْ عليه بمَوْتِه. ويأْتِي بعضُ ذلك عندَ ذكْرِ الخِلافِ في جَوازِ بَيعِها.

وَإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لا تَخْطِطَ فيه -مثلَ المُضْغَةِ- فعلى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، لا تصِيرُ بذلك أمَّ وَلَدٍ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الخُلاصَةِ»، وقال: لا تَنْقَضي به العِدَّةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «المُذْهَبِ»: فإنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لا تخْطِيطَ فيه، فقال الثِّقاتُ مِنَ القَوابلِ: هو مَبْدأُ خَلْقِ الإِنْسانِ. ففيه ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ. والثَّانيةُ، تَصِيرُ. والثَّالثةُ، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا في العِدَّةِ، فإنَّها لا تنْقَضِي بذلك. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: إنْ وَضعَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ لم يَبِنْ فيها خَلْقُ آدَمِيٍّ، فثَلاثُ رِواياتٍ. الثَّالثةُ، تَعْتِقُ ولا تنْقَضِي به العِدَّةُ. وقيل: ما تجِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه عِدَّةٌ تصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ، وإنْ كان عَلَقةً. وقيل: تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بما لا تنْقَضِي به العِدَّةُ. انتهى. وقيل: لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بما لا تنْقَضِي به عِدَّتُها. ذكَرَه أيضًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا وَضعَتْ مُضْغَةً لم يظْهَرْ فيها شيءٌ مِن خَلْقِ الآدَمِيِّ، فشَهِدَتْ ثِقاتٌ مِن القَوابلِ أنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً، تعَلَّقَتْ بها الأحْكامُ. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. وإنْ لم يَشْهَدْنَ بذلك، لكِنْ عُلِمَ أنَّه مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيِّ، بشَهادَتِهِنَّ أو غيرِها، ففيه رِوايَتان. فهذه الصُّورَةُ محَلُّ الرِّوايتَين. وكذا قيَّد ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ بذلك. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بوَضْعِ عَلَقَةٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بوَضْعِها أيضًا. ونصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا، ويُوسُفَ بنِ مُوسى. وقدَّم الأوَّلَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وتقدَّم كلامُه في العَلَقَةِ.

وَإنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا، عَتَقَ الْجَنِينُ، وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ. وَعَنْهُ، تَصِيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أصابَها في مِلْكِ غيرِه بنكاحٍ أو غيرِه، ثم ملَكَها حامِلًا، عَتَقَ الجَنِينُ، ولم تَصرْ أُمَّ وَلَدٍ هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «الفائقِ»: هذا المذهبُ. ورَواه إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وكلامُ الخِرَقِيِّ يقْتَضِي ذلك. وجزَم به القاضي في «الجامعِ الصَّغيرِ»، والْشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ في «خِلَافَيهِما»، وابنُ عَقِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، وصاحبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ ولو كان قد ملَكَها بعدَ وَضْعِها منه، نقَلَها ابنُ أبِي مُوسى. قال المُصَنِّفُ: ولم أجِدْ هذه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايَةَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، إنَّما نقَل مُهَنَّا عنه الوَقْفَ. وعنه، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذا مَلكَها حامِلًا، بشَرْطِ أنْ يطأْها فيه. واخْتارَها أبو الخَطَّابِ. وقال القاضي: إنْ ملَكَها حامِلًا، ولم يَطَأَها حتى وَضَعَتْ، لم تَصِرْ أُمَّ ولَدٍ. وإنْ وَطِئَها حال حَمْلِها؛ فإنْ كان بعدَ أنْ كمَلَ الوَلَدُ وصارَ له خَمْسَةُ أشْهُرٍ، لم تَصِرْ بذلك أُمَّ وَلَدٍ أيضًا، وإنْ وَطِئَها قبلَ ذلك، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ. وجزَم به في «الفُصُولِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ حامِدٍ: تصيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذا ملَكَها حامِلًا، بشَرْطِ أنْ يطَأَها في ابْتداءِ الحَمْلِ أو بوسَطِه. وقيل: إنَّه رُوِيَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وهو قريبٌ مِن قَوْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي. فعلى الرِّوايَةِ الأُولَى والثَّانيةِ، لو أقَرَّ بوَلَدٍ مِن أمَتِه أنَّه وَلَدُه، ثم ماتَ ولم يُبَيِّنْ هل اسْتَوْلَدَه في مِلْكِه أو قبلَه، وأمْكَنا، ففي كوْنِها أُمَّ وَلَدٍ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «النَّظْمِ» هنا. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهما احْتِمالان في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، تكونُ أُمَّ وَلَدٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه أيضًا في «الرِّعايَةِ» في آخرِ البابِ، و «إدْراكِ الغايَةِ». والثَّاني، لا تكونُ أُمَّ وَلَدٍ. صحَّحه في «التَّصْحيح»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى هذا، يكونُ عليه الوَلاءُ. وفيه نظَرٌ. قاله في «المُغْنِي». وتأْتِي المَسْأَلَةُ في كلامَ المُصَنِّفِ، في آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ. فائدةٌ حسنةٌ: لو قال لجاريته: يدُك أمُّ وَلَدِي. أو قال لوَلَدِها: يدُك ابْنِي. صحَّ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، في طَلاقِ جُزْء، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: أو غيرِه. أنَّ الخِلافَ شامِلٌ ما لو وَطِئَها بزِنَى ثم ملَكَها. وقد صرَّح به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِير»، وغيرِهم. وقال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا أَصابَها بذلك، فإنَّها لا تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بذلك، قوْلًا واحِدًا. فائدة: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في مَن اشْتَرَى جارِيَةً حامِلًا مِن غيرِه فوَطِئَها، أنَّ الوَلَدَ لا يلْحَقُ بالواطِئ، ولكِنْ يَعْتِقُ عليه؛ لأنَّ الماءَ يزيدُ في الوَلَدِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرَّوْضَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. ونقَله الأثْرَمُ، ومحمدُ بنُ حَبِيبِ. ونقَل صالِحٌ وغيرُه: يلْزَمُه عِتْقُه. فيُعايَى بها. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يُسْتَحَبُّ ذلك، وفي وُجُوبِه خِلافٌ في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وغيرِه. وقال أيضًا: يَعْتِقُ ويُحْكَمُ بإسْلامِه، وأنَّه يسْرِي كالعِتْقِ، ولا يثْبُتُ نسَبُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: تقدَّم في آخِرِ بابِ قِسْمَةِ الغَنائِمِ، إذا وَطِئَ جارِيَةً مِنَ المَغْنَمِ، ممَّن له فيها حقٌّ أو لوَلَدِه، فأَولَدَها، ما حُكْمُه؟ وتقدَّم في بابِ الوَقْفِ، إذا وَطِئَ الجارِيَةَ المَوْقُوفَةَ عليه، فأَحبَلَها، وحُكْمُها. وتقدَّم في بابِ الهِبَةِ، إذا أحْبَلَ جارِيَةَ وَلَدِه،

وَأحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ أحْكَامُ الْأَمَةِ، فِي الإِجَارَةِ، وَالاسْتِخْدَام، وَالْوَطْءِ، وَسَائِرِ أُمُورِهَا، إلا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا؛ كَالْبَيعَ، وَالْهِبَةَ، وَالْوَقْفِ، أَوْ مَا يُرَادُ لَهُ؛ كَالرَّهْنَ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيعِها مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَا عَمَلَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في فَصْلٍ، وللأَبِ أنْ يأْخُذَ مِن مالِ وَلَدِه ما شاءَ. قوله: وأَحكامُ أُمِّ الوَلَدِ أَحْكامُ الأمَةِ في الإِجارَة، والاستِخْدام، والوَطْءِ، وسائِرِ أمُورِها، إلَّا فيما ينْقُلُ المِلْكَ في رَقَبَتِها؛ كالبيعِ، والهِبَةِ، وَالوَقْفِ، أَو ما يُرادُ له، كالرَّهْنِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ ولا يصِحُّ بَيعُ أُمِّ الوَلَدِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقطَع به كثيرٌ منهم، وحكَى جماعةٌ الإِجْماعَ على ذلك. وعنه، ما يدُلُّ على جَوازِ بَيعِها مع الكَراهَةِ، ولا عمَلَ عليه. قلتُ: قال في «الفُنونِ»: يجوزُ بَيعُها؛ لأنَّه قولُ عليٍّ بنِ أبِي طالِبٍ وغيرِه مِنَ الصَّحابةِ، رَضِيَ الله عنهم، وإجْماعُ التَّابِعينَ لا يرْفعُه. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه الله. قال في «الفائقِ»: وهو الأظْهَرُ. قال: فتَعْتِقُ بوَفاةِ سيِّدِها مِن نَصِيبِ وَلَدِها إنْ كان لها وَلَدٌ، أو بعضُها مع عدَمِ سَعَتِه، ولو لم يكُنْ لها وَلَدٌ، فكَسائِر رَقِيقِه. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن رَزِينٍ»، و «الفائقِ». قال في «الفُروعِ» بعدَ ذِكرِ الرِّوايَةِ: فقيل: لا تَعْتِقُ بمَوْتِه. ونفَى هذه الرِّوايَةَ في «الحاوي الصَّغِيرِ» ولم يُثبِتها، وتأوَّلَها. وحكَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم هذا القَوْلَ إجْماعَ الصَّحابَةِ. وتقدَّم في أواخِرِ التَّدْبيرِ، أنَّه لا يصِحُّ تَدْبِيرُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وتقدَّم في أوَائلِ كتابِ الوَقفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل يَصِحُّ وَقفُ أُمِّ الوَلَدِ، أمْ لا؟ وتقدَّم أيضًا في أواخرِ بابِ الهِبَةِ، هل يصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الوَلَدِ، أمْ لا؟ فَلْيُراجَعا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: هل لهذا الخِلافِ شُبْهَةٌ؟ فيه نِزاعٌ. والأَقْوَى، فيه شُبْهَةٌ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، وأنَّه يَنْبَنِي عليه؛ لو وَطِئَ مُعْتَقِدًا تحْريمَه، هل يلْحَقُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نسَبُه، أو يُرْجَمُ المُحْصَنُ؟ أمَّا التَّعْزِيرُ، فواجِبٌ. انتهى. وتابعَه في «الفُروعِ».

ثُمَّ إِنْ وَلَدَتْ مِنْ غَيرِ سَيِّدِهَا، فَلِوَلَدِهَا حُكْمُهَا فِي العِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، سَوَاءٌ عَتَقَتْ أوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم إِنْ وَلَدَتْ مِن غيرِ سَيِّدِها، فلوَلَدِها حُكْمُها في العِتْقِ بمَوْتِ سَيِّدِها؛ سَواءٌ عَتَقَتْ أوْ ماتَتْ قبلَه. يعْنِي، إذا وَلَدَتْ مِن زَوْجٍ أو غيرِه، بعدَ أنْ صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ مِن سيِّدِها، وسواءٌ عتَقَتْ أُمُّه قبلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أو ماتَتْ في حَياةِ السَّيِّدِ، فإنَّ حُكْمَ الوَلَدِ حُكْمُها، إنْ ماتَ سيِّدُها، عَتَقَ معها، ويجوزُ فيه مِنَ التَّصَرُّفاتِ ما يجوزُ فيها، ويَمْتَنِعُ فيه ما يمْتَنِعُ فيها. وكذا وَلَدُ المُدَبَّرَةِ لا يبْطُلُ الحُكْمُ فيه بمَوْتِ أُمِّه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقال في «الانْتِصارِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هل يبْطُلُ عِتْقُ المُدَبَّرِ وأُمِّ الوَلَدِ بمَوْتِهما قبلَ السَّيِّدِ، أمْ لا؛ لأنَّه لا مال لهما؟ اخْتلَفَ كلامُه فيه، ويظْهَرُ الحُكْمُ في وَلَدِهما. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثلاثِين»، على القَوْلِ بأنَّ وَلَدَ المُدَبَّرَةِ يتْبَعُها. قال الأكْثرونَ: يكونُ مُدَبَّرًا بنَفْسِه، لا بطَرِيقِ التَّبَعَ. وقد نَصَّ على أنَّ الأُمَّ لو عتَقَتْ في حياةِ السَّيِّدِ، لم يَعْتِقِ الوَلَدُ حتى تموتَ. فعلى هذا، لو رجَع في تَدْبيرِ الأُمِّ، وقُلْنا: له ذلك. بَقِيَ الوَلَدُ مُدَبَّرًا. وهذا قوْلُ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ. وقال أبو بَكْرٍ: هو تابعٌ مَحْضٌ؛ إنْ عتَقَتْ عتَقَ، وإنْ رَقَّتْ رَقَّ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. انتهى. وتقدَّم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك في بابِ المُدَبَّرِ، عندَ قوْلِه: وما وَلَدَتِ المُدَبَّرَةُ بعدَ تَدْبيرِها، فهو بمَنْزِلَتِها. أمَّا وَلَدُ المُكاتَبَةِ إذا ماتَت، فإنَّه يعُودُ رَقِيقًا. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ثم إنْ وَلَدَتْ. أنَّ الوَلَدَ لو كان مَوْجُودًا قبلَ إِيلادِها مِن سيِّدِها، لا يَعْتِقُ بمَوْتِ السَّيِّدِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لا يَعْتِقُ على الأصحِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وعنه، يَعْتِقُ. خرَّجَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ مِن وَلَدِ المُدَبَّرَةِ الذي كان قبلَ التَّدْبيرِ، على ما تقدَّم في بابِه.

وَإنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ سيِّدُها وهي حاملٌ منه، فهل تسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لمُدَّةِ حَمْلِها؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفائقِ»، وغيرِهم، إحْداهما، تَسْتَحِقُّ النّفَقَةَ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: لها النّفقَةُ على أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَسْتَحِقُّها. هذا يُشْبِهُ ما إذا ماتَ عن امْرأَةٍ حامِلٍ، هل تسْتَحِقُّ النَّفقَةَ لمُدَّةِ حَمْلِها؟ على رِوايتَين. ومَبْنَى الخِلافِ على الخِلافِ في نفَقَةِ الحامِلِ، هل هي للحَمْلِ، أو للحامِلِ؟ فإنْ قُلْنا: هي للحَمْلِ.

وَإِذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ دُونِهَا. وَعَنْهُ، عَلَيهِ فِدَاؤُهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا نفَقَةَ لها، ولا للأمَةِ الحامِلِ؛ لأنَّ الحَمْلَ له نَصِيبٌ في المِيراثِ، وإنْ قُلْنا: للحامِلِ. فالنَّفَقَةُ على الزَّوْجِ، أو السَّيِّدِ. انتهى. قلتُ: ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في كتابِ النَّفَقاتِ، هل تجِبُ النَّفقَةُ لحَمْلِها، أو لها مِن أجْلِه؟ على رِوايتَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تجِبُ للحَمْلِ. قوله: وإذا جَنَتْ أُمُّ الوَلَدِ، فَداها سَيِّدُها بقِيمَتِها أَوْ دُونِها. يعْني، إذا كان ذلك قَدْرَ أَرْشِ جِنايَتِها. وهذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، عليه فِداؤُها بأرْشِ الجِنايَةِ كله. حكَاها أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفائقِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». فعلى المذهبِ، يَفْدِيها بقِيمَتِها يومَ الفِداءِ. قاله الأصحابُ، وتجِبُ قِيمَتُها مَعِيبَةً بعَيبِ الاسْتِيلادِ.

وَإنْ عَادَتْ فَجَنَتْ، فَدَاهَا أَيضًا. وَعَنْهُ، يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِذِمَّتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عادَتْ فجَنَتْ، فَداها أَيضًا. هذا المذهبُ، وعليه أكثر الأصحاب. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ؛ أَبي بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابِه، والمُصنِّفِ، وغيرِهم، حتى قال أبو بَكْرٍ: ولو جَئَتْ ألْفَ مرَّةٍ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وعنه، يتَعلَّقُ الفِداءُ الثَّاني وما بعدَه بذِمَّتِها. حكاها أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّرْغيبِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». وقال في «الفائقِ»: قلتُ: المُخْتارُ عدَمُ إلْزامِه جِنايتَها. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: يرْجِعُ الثَّاني على الأوَّلِ بما يخُصُّه ممَّا أخذَه. تنبيه: أطْلَقَ المُصَنِّفُ هذه الرِّوايَةَ. وكذا أطْلَقَها أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، وغيرهم. وقيَّدَها القاضي في كتاب «الرِّوايتَين»، والمُصَنِّفُ، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ،، حاكِينَ ذلك عن أبِي الخَطَّابِ، وابنِ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه» بما إذا فدَاها أوَّلًا بقِيمَتِها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ومُقْتَضَى ذلك، أنَّه لو فداها أوَّلًا بأقَلَّ مِن قِيمَتِها، لَزِمَه فِداؤُها ثانِيًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما بَقِيَ مِنَ القِيمةِ، بلا خِلافٍ. فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ جَنَتْ جِناياتٍ، وكانتْ كلُّها قبلَ فِداءِ شيءٍ منها، تعَلَّقَ أرْشُ الجميعِ برَقَبَتِها، ولم يكُنْ على السَّيِّدِ في الجِنايَاتِ كلِّها إلَّا قِيمَتُها، أو أَرْشُ جَمِيعِها، وعليه الأقَلُّ منهما. ويشْتَرِكُ المَجْنِيُّ عليهم في الواجِبِ لهم، فإنْ لم يَفِ بها، تَحاصُّوا فيها بقَدْرِ أُرُوشِ جِنايَاتِهم.

وَإنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَعَلَيهَا الْقِصَاصُ، وَإنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَعَلَيهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا، وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: وإنْ قَتَلَتْ سَيِّدَها عَمْدًا، فعليها القِصاصُ. مقيَّدٌ بما إذا لم يكُنْ لها منه وَلَدٌ، فإنْ كانَ لها منه وَلَدٌ، لم يجِبِ القِصاصُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقد صرَّحُوا به في بابِ شُروطِ القِصاصِ بقَوْلِهم: ومتى وَرِثَ وَلَدُه القِصاصَ أو شيئًا منه، سقَط القِصاصُ، فلو قتَل امْرأَته، وله منها وَلَدٌ، سقَط عنه القِصاصُ. ونقَل مُهَنَّا، يقْتُلُها أوْلادُه مِن غيرِها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهي مُخالِفَة لأصولِ مذهبِه. والصَّحيحُ، لا قِصاصَ عليها. قال في «الرِّعايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولوَلِيِّه، مع فَقْدِ ابْنِهما، القَوَدُ. وقيل: مُطْلَقًا. قوله: فإِنْ عَفَوْا على مالٍ، أوْ كانتِ الجِنايَةُ خَطَأً، فعليها قِيمَةُ نَفْسِها. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. وهو قولُ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ، في كُتُبِه، والقاضي، وجماعةٍ مِن أصحابِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يلْزَمُها الأقَلُّ مِن قِيمَتِها أو دِيَتِه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال ناظِمُ المُفْرَداتِ: إنْ قتَلَتْ في الحُكْمِ أُمُّ الوَلَدِ … سيِّدَها في خَطَأٍ للرَّشَدِ أو كان عَمْدًا فعَفَوْا للمالِ … قِيمَتُها تَلْزَمُ في المقالِ أو دِيَةٌ، فأنْقَصُ الأمْرَينِ … يَلْزَمُها إذْ ذاكَ في الحالين قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّ إطْلاقَ الأوَّلِين مَحْمولٌ على الغالِبِ؛ إذِ الغالِبُ أنَّ قِيمَةَ الأمَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تزِيدُ على دِيَةِ الحُرِّ. انتهى. قال الأصحابُ: سواءٌ قُلْنا: الدِّيَةُ تحْدُثُ على مِلكِ الورَثَةِ، أوْ لا. وفي «الرَّوْضَةِ»: دِيَةُ الخَطأَ على عاقِلَتِها؛ لأنَّ عندَ آخِرِ جُزْءٍ ماتَ مِنَ السَّيِّدِ عتَقَتْ، ووَجَبَ الضَّمانُ. فائدة: وكذا إنْ قتَلَتْه المُدَبَّرَةُ، وقُلْنا: تَعْتِقُ. على ما تقدَّم في آخِرِ بابِ المُدَبَّرِ. قوله: وتَعْتِقُ في الموْضِعَين. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ فيما علَّلُوه: به نظرٌ؛ لأنَّ الاستِيلادَ؛ أنَّه سبَحب للعِتْقِ بعدَ المَوْتِ، كذلك النَّسَبُ سبَبٌ للارْثِ، فكما جازَ تخَلفُ الإِرْثِ مع قِيامِ السَّبَبِ بالنَّص، فكذلك يَنْبَغِي أنْ يتَخلَّفَ العِتْقُ مع قِيامِ سبَبِه؛ لأنَّه مثلُه. وقد قيلَ في وَجْهِ الفَرْقِ: إنَّ الحَقَّ -وهو الحُرِّيَّةُ- لغيرِها، فلا تسْقُطُ بفِعْلِها، بخِلافِ الإِرْثِ، فإنَّه مَحْضُ حقِّها. وأُورِدَ عليه المُدَبَّرَةُ، يبْطُلُ تَدْبيرُها إذا قَتلَتْ سيِّدَها، وإنْ كان الحَقُّ لغيرِها،

وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا. وَعَنْهُ، عَلَيهِ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأُجِيبَ بضَعْفِ السَّبَبِ في المُدَبَّرَةِ. قوله: ولا حَدَّ على قاذِفِها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، عليه الحَدُّ. وعنه، عليه الحَدُّ إنْ كان لها ابن؛ لأنَّه أَرادَه. قال الزَّرْكَشِيُّ:

فَصْلٌ: إِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ، أوْ مُدَبَّرَتُهُ، مُنِعَ مِنْ غِشْيانِها، وَحِيلَ بَينَهُ وَبَينَهَا، وَأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، فَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ، وَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَتْ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا تُسْتَسْعَى فِي حَيَاتِهِ، وَتعْتِقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وينْبَغِي إجْراءُ الرِّوايتَين فيما إذا كان لها زَوْجٌ حُرٌّ، وكذلك ينْبَغِي إجْراؤُهما في الأَمَةِ القِنِّ. ونظيرُ ذلك، لو قذَف أمَةً، أو ذِمِّيَّة لها ابن أو زَوْجٌ مُسْلِمان، فهل يُحَدُّ؟ على رِوايتَين. ذكَرَهما المَجْدُ وغيرُه. ويَنْبَغِي أنْ يُقَيَّدَ الابنُ والزَّوْجُ بأنْ يكُونا حُرَّين. انتهى. قوله: وإِذا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الكافِرِ، أَوْ مُدَبَّرَتُه، مُنِعَ مِن غِشْيَانِها، وحيلَ بينَه وبينَها. بلا نِزاعٍ. ومُقْتَضَى ذلك، أنَّ مِلْكَه باقٍ عليهما، وأنهما لم يَعْتِقا. أمَّا في أُمِّ الوَلَدِ، فهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المذهبُ المُخْتارُ لأبِي بَكْرٍ، والقاضي، وأبِي الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ، والشِّيرازِيِّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، وغيرِهم. وعنه، تَعْتِقُ في الحالِ بمُجَرَّدِ إسْلامِها. نقَلَها مُهَنَّا. قاله المُصَنِّفُ في «الكافِي». قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا أعلمُ له سَلَفًا في ذلك. وعنه، أنَّها تُسْتَسْعَى في حَياتِه وتَعْتِقُ. نقَلَها مُهَنَّا. قاله القاضي، ولم يُثْبِتْها أبو بَكْرٍ، فقال: أظُنُّ أنَّ أبا عَبْدِ اللهِ أطْلَقَ ذلك لمُهَنَّا، على سَبِيلِ المُناظَرَةِ للوَقْتِ. وأمَّا المُدَبَّرَةُ، فحُكْمُها حكمُ المُدَبَّرِ إذا أسْلَمَ. وقد ذكَرَه المُصَنِّفُ في بابِ التَّدْبيرِ. وتقدَّم الكلامُ على ذلك مُسْتَوْفًى، فَلْيُراجَعْ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ رِوايَةَ الاسْتِسْعاءِ عائِدَةٌ إلى أُمِّ الوَلَدِ والمُدَبَّرَةِ، والمَنْقولُ أنَّها في أُمِّ الوَلَدِ. وحمَلَها ابنُ مُنَجَّى على ظاهِرِها، وجعَلَها على القَوْلِ بعَدَمِ جَوازِ بَيعِ المُدَبَّرَةِ. قوله: وأُجْبِرَ على نَفَقَتِها، إِنْ لم يَكُنْ لها كَسْبٌ. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»،

وإذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَينِ الْجَارِيَةَ، فَأوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّ نفَقَتَها على سيِّدِها، والكَسْبَ له، يصْنَعُ به ما شاءَ، وعليه نَفَقَتُها على التَّمامِ؛ سواءٌ كان لها كَسْبٌ أو لم يكُنْ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهَ اللهُ، والخِرَقِيِّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، لا تلْزَمُه نفَقَتُها بحالٍ، وتُسْتَسْعَى في قِيمَتِها، ثم تَعْتِقُ. كما تقدَّم. وذكَر القاضي، أنَّ نفَقَتَها في كَسْبِها، والفاضِلَ منهْ لسَيِّدِها، فإنْ عجَز كَسْبُها عن نَفَقَتِها، فهل يلْزَمُ السَّيِّدَ تَمامُ نفَقَتِهِا؛ على رِوايتَين. وتَبعَ القاضيَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. قوله: وإذا وَطِئَ أَحدُ الشَّرِيكَين الجارِيَةَ، فأَولَدَها، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه

لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعِلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، كَانَ فِي ذِمَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حُرٌّ، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِه. لا يَلْزَمُه إلَّا قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، يَلْزَمُه مع ذلك نِصْفُ مَهْرِها. وعنه، يلْزَمُه مع نِصْفِ المَهْرِ نِصْفُ قِيمَةِ الوَلَدِ. وقال القاضي: إنْ وَضَعتْه بعدَ التَّقْويمِ، فلا شيءَ فيه؛ لأنَّها وَضعَتْه في مِلْكِه، وإنْ وَضعَتْه قبلَ ذلك، فالرِّوايَتان. واخْتارَ اللُّزومَ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قوله: وإنْ كان مُعْسِرًا، كان في ذِمَّتِه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وعندَ القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»؛ إنْ كان مُعْسِرًا لم يَسْرِ اسْتِيلادُه، فلا يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شرِيكِه، بل يصِيرُ نِصْفُها أمَّ وَلَدٍ، ونِصْفُها قِنٌّ

فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَولَدَهَا، فَعَلَيهِ مَهْرُهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإنْ جَهِلَ إيَلادَ شَرِيكِهِ، أَوْ أَنَّهَا صَارَت أُمَّ وَلدٍ لَهُ، فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيهِ فِدَاؤُهُ يَوْمَ الْولَادَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باقٍ على مِلْكِ الشَّرِيكِ. فعلى هذا القَوْلِ، هل وَلَدُه حُرٌّ أو نِصْفُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّه حُرٌّ كلُّه. ثم وَجَدتُ الزَّرْكَشِيَّ قال ذلك. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وهو أصحُّ. قوله: فإنْ وَطِئَها الثَّاني بعدَ ذلك، فأوْلَدَها، فعليه مَهْرُها، فإنْ كان عالمًا، فوَلَدُه رَقِيقٌ، وإنْ جَهِلَ إيلادَ شَرِيكِه، أو أَنَّها صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، فوَلَدُه حُرٌّ، وعليه فِداؤُه يَوْمَ الولادَةِ. ذكَرَه الخِرَقِيُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهذا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ في المَسْأَلَةِ التي قبلَها. وعلى قوْلِ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ، تكونُ أُمَّ وَلَدٍ لهما؛ مَن ماتَ منهما عتَقَ حقُّه، ويَتَكَمَّلُ عِتْقُها بمَوْتِ الآخَرِ. وتقدَّم في بابِ الكِتابةِ ما يُشابِهُ ذلك، في قَوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ كاتبَ اثنْان جارِيَتَهما، ثم وَطِئَاها. وما يُشابِهُها أيضًا، ما إذا كاتَبَ حِصَّتَه، وأعْتَقَ الشَّرِيكُ قبلَ أدائِه. فَلْيُراجَعْ.

وَعِنْدَ الْقَاضِي، وَأَبِي الْخَطَّابِ، إِنْ كَانَ الْأوَّلُ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أحَدِهِمَا. وَإنْ أَعْتَق أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَعْتَقَ أَحَدُهما نَصِيبَه بعدَ ذلك -يعْنِي، بعدَ حُكْمِنا بأنَّها صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لهما، على قَوْلِ القاضي، وأبِي الخَطَّابِ- وهو مُوسِرٌ، فهل يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه؟ على وَجْهَين. أحدُهما، يُقَوَّمُ عليه. وهو المذهبُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: مَضْمُونًا عليه على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أوْلَى وأصحُّ، إنْ شاءَ الله تعالى. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهو أصحُّ وأقْوَى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُقَوَّمُ عليه، بل يَعْتِقُ مجَّانًا. وقيل: لا يَعْتِقُ إلا ما أعْتَقَه، ولا يَسْرِي إلى نَصِيبِ شرِيكِه. واللهُ سُبْحانَه وتَعالى أعْلَمُ (¬1). ¬

(¬1) نهاية التلف في المخطوطة الأصل.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب النكاح

بسم الله الرحمن الرحيم كتابُ النِّكاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ النِّكاحِ فائدتان؛ إحْداهما، النِّكاحُ له مَعْنَيان؛ مَعْنَى في اللُّغةِ، ومَعْنَى في الشَّرْعِ. فمَعْناه في اللُّغَةِ، الوَطْءُ. قاله الأزْهَرِيُّ (¬1). وقيل للتَّزْويجِ: نِكاحٌ؛ لأنَّه سبَبُ الوَطْءِ. قال أبو عُمَرَ غُلامُ ثَعْلَبٍ (¬2): الذي حَصَّلْناه عن ثَعْلَبٍ عن الكُوفِيِّين، والمُبَرِّدِ عنِ البَصْرِيِّين، أن النِّكاحَ في أصْلِ اللُّغَةِ هو اسْمٌ للجَمْعِ بينَ الشَّيئَين، قال الشَّاعِرُ (¬3): ¬

(¬1) في تهذيب اللغة 4/ 103. (¬2) في الأصول، ا: «أبو عمرو». خطأ: وهو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم البغدادي، الزاهد، أبو عمر، المعروف بغلام ثعلب. إمام علامه لغوي محدث. توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 15/ 508 - 513. (¬3) البيت لعمر بن أبي ربيعة في شرح ديوانه 503.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيُّها المُنْكِحُ الثُّريَّا سُهَيلًا … عَمْرَك اللهَ، كيف يجْتَمِعان؟ وقال الجَوْهَرِيُّ (¬1): النِّكاحُ الوَطْءُ، وقد يكونُ العَقْدَ. ونكَحْتُها ونَكَحَتْ هي أي تَزَوَّجت. وعنِ الزَّجَّاجِ (¬2): النِّكاحُ في كلامِ العرَبِ بمَعْنَى الوَطْءِ والعَقْدِ جميعًا. ومَوْضعُ نكَح في كلامِهم؛ لُزومُ الشَّيْءِ الشَّيءَ راكِبًا عليه. قال ابنُ جِنِّيٍّ (¬3): سأَلْتُ أبا عليٍّ الفارِسِيَّ عن قوْلِهم: نكَحَها. فقال: فرَّقَتِ العرَبُ فَرْقًا ¬

(¬1) في الصحاح: 1/ 413. (¬2) هو إبراهيم بن محمد بن السري البغدادي، الزجاج، أبو إسحاق، الإمام النحوي العلامة، صاحب كتاب «معاني القرآن». توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 14/ 360. (¬3) هو عثمان بن جنى الموصلي، أبو الفتح، إمام العربية، وصاحب التصانيف منها «الخصائص»، و «المحتسب في الشواذ». توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 17 - 19.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لطيفًا يُعْرَفُ به مَوْضِعُ العَقْدِ مِنَ الوَطْءِ؛ فإذا قالوا: نكَح فُلانَةً. أو: بِنْتَ فُلانٍ. أرادُوا تَزْويجَها والعَقْدَ عليها، وإذا قالُوا: نكَح امْرأَتَه. لم يُرِيدُوا إلَّا المُجامعَةَ؛ لأنَّ بذِكْرِ امْرأتِه وزَوْجَتِه يُسْتَغْنَى عن العَقْدِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: فظاهِرُه الاشْتِراكُ، كالذي قبلَه وأنَّ القَرِينَةَ تُغْنِي. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَعْناه في اللغةِ، الجَمْعُ والضَّمُّ على أتَمِّ الوُجوهِ؛ فإنْ كان اجْتِماعًا بالأبدانِ، فهو الإيلاجُ الذي ليس بعدَه غايَةٌ في اجْتِماعِ البَدَنَين. وإنْ كان اجْتِماعًا بالعُقودِ، فهو الجمعُ بينَهما على الدَّوامِ واللُّزومِ. ولهذا يُقالُ: اسْتنْكَحَه المَذْيُ. إذا لازَمَه وداوَمَه. انتهى. ومَعْناه في الشَّرْعِ، عَقْدُ التَّزْويجِ. فهو حَقِيقةٌ في العَقْدِ مَجازٌ في الوَطْءِ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَقِيل، وابنُ البَنَّا، والقاضي في «التَّعْليقِ». في كَوْنِ المُحْرِمِ لا ينْكِحُ -لمَّا قيلَ له: إنَّ النِّكاحَ حَقيقة في الوَطْءِ. فقال: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان في اللُّغةِ حَقِيقةً في الوَطْءِ فهو في عُرْفِ الشرْعِ للعَقْدِ- قاله الررْكَشِيُّ. وجزَم به الحَلْوانِيُّ، وأبو يعْلَى الصَّغيرُ. قاله في «الفُروعِ». قال الحَلْوانِيُّ: هو في الشَّريعَةِ عبارَةٌ عن العَقْدِ بأوْصافِه، وفي اللُّغَةِ عبارَةٌ عن الجَمْعِ؛ وهو الوَطْءُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: الصَّحيحُ أنَّه مَوْضِعٌ للجَمْعِ، وهو في الشَّرِيعةِ في العَقْدِ أظْهَرُ اسْتِكْمالًا، ولا نقولُ: إنه مَنْقولٌ. نقَلَه ابنُ خَطِيبِ السَّلاميَّةِ في تعْليقِه على «المُحَرَّرِ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»؛ وذلك لأنَّه أشْهَرُ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، وليس في الكِتاب لَفْظُ النِّكاحِ بمعْنى الوَطْءِ، إلَّا في قوْلِه تَعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ} (¬1). على المشْهُورِ. ولصِحَّةِ نفْيِه عنِ الوَطْءِ؛ فيُقالُ: هذا سِفاحٌ وليس بنِكاح. وصِحَّةُ النَّفْي دَليلُ المَجازِ. وقيل: هو حَقيقةٌ في الوَطْءِ، مَجازٌ في العَقْدِ. اخْتارَه القاضي في «أحْكامِ القُرْآنِ»، و «شَرْحِ الخِرَقِيِّ»، و «العُدَّةِ» (¬2)، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، وصاحِبُ «عُيونِ المَسائلِ»، وأبو يعْلَى الصَّغِيرُ. قاله ¬

(¬1) سورة البقرة 230. (¬2) في الأصل، ا: «العمدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ، وابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ، لِما تقدَّم عنِ الأزْهَرِيِّ وغُلامِ ثَعْلَبٍ. والأصْلُ عدَمُ النَّقْلِ. قال أبو الخَطَّابِ: وتحْريمُ مَن عقَد عليها الأبُ اسْتفَدْناه مِنَ الإِجْماعِ والسُّنَّةِ، وهو بالإِجْماعِ القَطْعِيِّ في الْجُمْلَةِ. وقيل: هو مُشْترَكٌ. يعْنِي أنَّه حَقِيقةٌ في كل واحدٍ منهما بانْفِرادِه. وعليه الأكْثَرُ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ أنَّه مُشْترَكٌ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: قاله الزَّرْكَشِيُّ، و «الجامِعِ الكَبِيرِ». قال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ: الأشْبَهُ بأُصُولِنا ومذهبِنا أنَّه حَقيقةٌ في العَقدِ والوَطْءِ جميعًا في الشَّريعَةِ؛ لقَوْلِنا بتَحْريمِ مَوْطُوءَةِ الأبِ مِن غيرِ تزْويجٍ؛ لدُخولِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في قوْلِه تَعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬1). وذلك لوُرودِها في الكِتابِ العَزِيزِ. والأصْلُ، في الإِطْلاقِ الحقيقةُ. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ: قال أبو الحُسَينِ: النِّكاحُ عندَ أحمدَ حَقيقةٌ في الوَطْءِ والعَقْدِ جميعًا. وقاله أبو حَكِيمٍ. وجزَم به ناظمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقيل: هو حَقيقةٌ فيهما معًا، فلا يُقالُ: هو حَقيقةٌ على أحَدِهما بانْفِرادِه. بل على مَجموعِهما، فهو مِنَ الألْفاظِ المُتَواطِئَةِ. قال ابنُ رَزِينٍ: والأشْبَهُ أنَّه حَقيقةٌ في كلِّ واحدٍ باعْتِبارِ مُطْلَقِ الضَّمِّ؛ لأنَّ التَّواطُؤ خيرٌ مِن الاشْتِراكِ والمَجازِ؛ لأنَّهما على خِلافِ الأصْلِ. انتهى. قال ابنُ هُبَيرَةَ: وقال مالِكٌ، وأحمدُ: هو ضَيقةٌ في العَقْدِ والوَطْءِ جميعًا، وليس أحدُهما أخَصَّ منه بالآخَرِ. انتهى. معِ أنَّ هذا اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ أنْ يُرِيدَ به الاشْتِراكَ. وقال في «الوَسِيلَةِ» كما قال ابنُ هُبَيرَة، وذكَر أنَّه عندَ أحمدَ كذلك. انتهى. والفَرْقُ بينَ الاشْتِراكِ والتَّواطُؤِ، أن الاشْتِراكَ يُقالُ على كلِّ واحدٍ منهما بانْفرادِه: حقيقةٌ. بخِلافِ المُتَواطِئ، فإنَّه لا يُقالُ: حَقيقةٌ. إلَّا عليهما ¬

(¬1) سورة النساء 22.

النِّكَاحُ سُنَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُجْتَمِعَين، لا غيرُ. والله أعلمُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هو في الإِثْباتِ لهما، وفي النَّهْي لكُلِّ منهما؛ بِناءً على أنَّه إذا نُهِيَ عن شيءٍ نُهِيَ عن بعضِه، والأمْرُ به أمْرٌ بكُلِّه، في الكِتابِ والسُّنَّةِ والكلامِ، فإذا قيلَ مثَلًا: انْكِحِ ابنَةَ عَمِّك. كان المُرادُ العَقْدَ والوَطْءَ. وإذا قيل: لا تَنْكِحْها. تَناولَ كلَّ واحدٍ منهما. الثَّانيةُ، قال القاضي: المَعْقودُ عليه في النِّكاحِ المَنْفَعةُ. أي للانْتِفاعِ بها لا لمِلْكِها. وجزَم به في «الفُروعِ». قال القاضي أبو الحُسَينِ في «فُروعِه»: والذي يقْتَضِيه مذهبُنا أنَّ المَعْقودَ عليه في النِّكاحِ مَنْفعَةُ الاسْتِمْتاعِ، وأنَّه في حُكْمِ مَنْفَعَةِ الاسْتِخْدامِ. قال صاحِبُ «الوَسيلَةِ»: المَعْقودُ عليه مَنْفَعَةُ الاسْتِمْتاعِ. وقال القاضي في «أحْكامِ القُرْآنِ»: المَعْقودُ عليه الحِلُّ لا مِلْكُ المَنْفعَةِ. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثَّمانِين»: ترَدَّدَتْ عِباراتُ الأصحابِ في مَوْردِ عقْدِ النِّكاحِ؛ هل هو المِلْكُ أو الاسْتِباحَةُ؛ فمِن قائل: هو المِلْكُ. ثم ترَدَّدُوا؛ هل هو مِلْكُ مَنْفعَةِ البُضْعِ، أو مِلْكُ الانْتِفاعِ بها؟ وقيل: بل هو الحِل لا المِلْكُ. ولهذا يقَعُ الاسْتِمْتاعُ مِن جِهَةِ الزَّوْجَةِ، مع أنَّه لا مِلْكَ لها. وقيل: بل المَعْقودُ عليه الازْدِواجُ كالمُشارَكَةِ، ولهذا فرَّق اللهُ سُبْحانَه وتَعالى بينَ الازْدِواجِ ومِلْكِ اليَمِينَ. وإليه مَيلُ. الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. فيَكونُ مِن بابِ المُشارَكاتِ لا المُعاوَضاتِ. قوله: النِّكاحُ سُنَّةٌ. اعْلَمْ أنَّ للأصحابِ في ضَبْطِ أقْسامِ النِّكاحِ طُرُقًا، أشْهَرُها وأصَحُّها أنَّ النَّاسَ في النِّكاحِ على ثَلاثَةِ أقْسامٍ؛ القِسْمُ الأوَّلُ، مَن له شَهْوَةٌ ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يخافُ الزِّنَى. فهذا النِّكاحُ في حَقِّه مُسْتَحَبٌّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين. قال الشَّارِحُ وغيرُه: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه واجِبٌ على الإطْلاقِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ، وابنُ أبِي مُوسى. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،. و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وحمَل القاضي الرِّوايَةَ الثَّانيةَ على مَن يخْشَى على نفْسِه مُواقعَةَ المَحْظُورِ بتَرْكِ النِّكاحِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا فَرْقَ في ذلك بينَ الغَنيِّ والفَقيرِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه. نقَل صالِحٌ، يقْتَرِضُ ويتَزوَّجُ. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال الآمِدِي: يُسْتَحَبُّ في حقِّ الغَنِيِّ والفَقيرِ، والعاجِزِ والواجِدِ، والراغِبِ والزَّاهِدِ، فإن أحمدَ تزَوَّجَ وهو لا يجِدُ القُوتَ. وقيل: لا يَتَزَوَّجُ فقيرٌ إلَّا عندَ الضَّرُورَةِ. وقيَّده ابنُ رَزِينٍ في «مُخْتَصَرِه» بمُوسِرٍ. وجزَم به في «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ في هذه الأزْمِنَةِ. واخْتارَه صاحِبُ «المُبْهِجِ»، ويأْتِي كلامُه في تَعْدادِ الطُرُقِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فيه نِزاعٌ في مذهبِ أحمدَ وغيرِه. القِسْمُ الثَّاني، مَن ليس له شَهْوَةٌ كالعِنِّينِ، ومَن ذهَبَتْ شَهْوَتُه؛ لمَرَضٍ أو كِبَرٍ أو غيرِه. فعُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا أنَّه سُنَّةٌ في حقِّه أيضًا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم،

وَالاشْتِغَالُ بِهِ أفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ، إلا أنْ يَخَافَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو إحْدَى الروايتَين، أو الوَجْهَين. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» في بابِ الطلاقِ، و «الخِصالِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «البُلْغةِ» وغيرِه. والقوْلُ الثَّانِي، هو في حقِّهم مُباحٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، في بابِ النِّكاحِ، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ البَنَّا، وابنُ بَطَّةَ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال في «مُنْتَخبِه»: يُسَنُّ للتَّائقِ. وأطْلَقَهما في «المُغنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل: يُكْرَهُ. وما هو ببَعيدٍ في هذه الأزْمِنَةِ. وحُكِيَ عنه، يجبُ. وهو وَجْهٌ في «التَّرْغِيبِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كلامُ صاحبِ «المُحَرَّرِ» يدُلُّ على أنَّ رِوايَةَ وُجوبِ النِّكاحِ مُنْتَفِيَةٌ في حقِّ مَن لا شَهْوَةَ له. وكذلك قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والأكْثَرُون. ومِنَ الأصحابِ مَن طرَد فيه رِوايَةَ الوُجوبِ أيضًا. نقلَه صاحِبُ «التَّرْغِيبِ». وهو مُقْتَضَى إطْلاقِ الأكْثَرَين. ويأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في تَعْدادِ الطُّرُقِ. القِسْمُ الثالثُ، مَن خافَ العنَتَ. فالنِّكاحُ في حقِّ هذا واجِبٌ قوْلًا واحدًا. إلَّا أنَّ ابنَ عَقِيلٍ ذكَر رِوايةً، أنَّه غيرُ واجِبٍ. ويأْتي كلامُه في تَعْدادِ الطُّرُقِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّه أرادَ بخَوْفِ العَنَتِ خَوْفَ المَرَضِ أو المَشَقَّةِ، لا خَوْفَ الزِّنَى، فإنَّ العَنَتَ يُفَسَّرُ بكُلِّ واحدٍ مِن هذه. تنبيهات؛ أحدُها، العَنَتُ هنا هو الزِّنَى، على الصَّحيحِ. وقيل: هو الهَلاكُ بالزِّنَى. ذكَرَه في «المُسْتَوْعِبِ». الثَّاني، مُرادُه بقوْلِه: إلَّا أنْ يَخافَ على نفسِه

نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ بِتَرْكِهِ، فَيَجِبُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُواقَعَةَ المَحْظورِ. إذا عَلِمَ وُقوعَ ذلك أو ظَنَّه. قاله. الأصحابُ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعَ»: ويتوَجَّه، إذا عَلِمَ وُقوعَه فقط. الثَّالثُ، هذه الأقْسامُ الثَّلاثَةُ هي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحُّ الطُّرُقِ، وهي طَريقَةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِيُّ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هي الطَّريقَةُ المَشْهورَةُ. وقال ابنُ شَيخِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه» على «المُحَرَّرِ»:

وَعَنْهُ، أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الإطْلَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَر غيرُ واحدٍ مِن أصحابِنا في وُجوبِ النِّكاحِ رِوايتَين، واخْتَلفُوا في محَلِّ الوُجوبِ؛ فمنهم مَن أطْلَقه ولم يُقَيِّدْه بحالٍ. وهذه طريقَةُ أبِي بَكْرٍ، وأبِي حَفصٍ، وابنِ الزَّاغُونِيِّ. قال في «مُفْرَداتِه»: النِّكاحُ واجِبٌ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وكذلك أطْلَقه القاضي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في «مُفْرَداتِه»، وأبو الحُسَينِ، وصاحِبُ «الوَسِيلَةِ». وقد وقَع ذلك في كلامِ أحمدَ، لمَّا سُئِلَ عن التَّزْويجِ فقال: أراه واجِبًا. وأشارَ إلى هذا أبو البَرَكاتِ؛ حيثُ قال: وعنه، الوُجوبُ مُطْلَقًا. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قلتُ: وهو ضعيفٌ جدًّا في مَن لا شَهْوَةَ له. قال: ومنهم مَن خصَّ الوُجوبَ بمَن يجِدُ الطَّوْلَ ويخافُ العَنَتَ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: فهذا يجبُ عليه النِّكاحُ، رِوايَةً واحدَةً. وكذا قال في «التَّرْغيبِ»، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِيِّ، وأبو البَرَكاتِ. وعليها حمَل القاضي إطْلاقَ أحمدَ، وأبِي بَكْرٍ. قلتُ: وقيَّده ابنُ عَقِيل بذلك أيضًا، وأنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ قال: وظاهِرُ كلامِ أحمدَ والأكْثَرِين أنَّ ذلك غيرُ مُعْتَبَرٍ. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ عدَمَ الوُجوبِ حتى في هذه الحالةِ. قلتُ: الذي يظْهَرُ أنّ هذا خَطَأٌ مِنَ النَّاقِلِ عنه. ومِن أصحابِنا مَن أجْرَى الخِلافَ فيه، فحكَى ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» -في وُجوبِ النِّكاحِ على مَن يخافُ العَنَتَ ويجدُ الطَّوْلَ- رِوايتَين. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ في الصُّورَةِ الأُوْلَى وهذه الصُّورَةِ. ومنهم مَن جعَل الخِلافَ في الصُّورَةِ الثَّانيةِ، وهو مَن يجدُ الطَّوْلَ ولا يخافُ العَنَتَ، و [له شَهْوَةٌ] (¬1). فههنا جعل محَلَّ الخِلافِ غيرُ واحدٍ، وحَكَوْا فيه رِوايتَين. وهذه طريقَةُ القاضي، وأبي البَرَكاتِ. وقطَع الشّيخُ مُوَفَّقُ الدِّين بعَدَمِ الوُجوب مِن غيرِ خِلافٍ، وكذلك القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. قالُوا (¬2): ويدُلُّ على رُجْحانِها في المذهبِ أنَّ أحمدَ لم يتزَوَّجْ حتى صارَ له أرْبَعُون سَنَةً، مع أنَّه كان له شَهْوَةٌ. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ في الصُّورَتَين المُتقَدِّمتَين، وفي صُورَةٍ ثالثةٍ؛ وهو مَن يجدُ الطَّوْلَ ولا شهْوةَ له. حكاه في «التَّرْغِيبِ». قال أبو العَبَّاسِ: وكلامُ القاضي وتَعْليلُه يقْتَضِي أنَّ الخِلافَ في الوُجوبِ ثابِت، وإنْ لم يكُنْ له شَهْوَةٌ. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ القُدْرَةَ على النَّفَقَةِ والصَّداقِ. قال في «المُبْهِجِ»: النِّكاحُ مُسْتحَبٌّ، وهل هو واجِب أمْ لا؟ يُنْظَرُ فيه؛ فإنْ كان فقِيرًا لا يقْدِرُ على الصَّداقِ، ولا على ما يقُومُ بأَوَدِ الزَّوْجَةِ، لم يجِبْ، ¬

(¬1) في ط: «لا له شهوة». (¬2) في ط: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَةً واحِدةً. وإنْ كان قادِرًا مُسْتَطِيعًا، ففيه رِوايَتان؛ لا يجِبُ. وهي المَنْصورَةُ. والوُجوبُ. قال: قلتُ: ونازَعَه في ذلك كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. ومنهم مَن أضافَ قيدًا آخَرَ، فجَعل الوُجوبَ مُخْتَصًّا بالقُدْرَةِ على نِكاحِ الحُرَّةِ. قال أبو العَبَّاسِ: إِذا خَشِيَ العَنَتَ جازَ له التَّزَوُّجُ بالأَمَةِ، مع أنَّ تَرْكَه أفْضَلُ، أو مع الكَراهَةِ وهو يخافُ العَنَتَ، فيكونُ الوُجوبُ مَشْروطًا بالقُدْرَةِ على نِكاحِ الحُرَّةِ. قلتُ: قدَّم في «الفُروعِ» أنَّه لا يجِبُ عليه نِكاحُ الحُرَّةِ. قال القاضي، وابنُ الجَوْزِيِّ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم: يُباحُ ذلك، والصبْرُ عنه أوْلَى. وقال في «الفُصول»: في وُجوبِه خِلافٌ. واخْتارَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ الوُجوبَ. قلتُ: الصَّوابُ أَنَّه يجِبُ إِذا لم يجِدْ حُرَّةً. ومنهم مَن جعَل الوُجوبَ مِن باب وُجوبِ الكِفايَةِ لا العَينِ. قال أبو العَبَّاسِ: ذكَر أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ التَّخَلِّي لنَوافِلِ العِبادَةِ: إِنَّا إذا لم نُوجِبْه على كلِّ أحَدٍ، فهو فَرْضٌ على الكِفايَةِ. قلتُ: وذكَر أبو الفَتْحِ ابنُ المَنِّيِّ أيضًا أن النِّكاحَ فَرْضُ كِفايَةٍ، فكان الاشْتِغالُ به أوْلَى كالجِهادِ. قال: وكان القِياسُ يقْتَضِي وُجوبَه على الأعْيانِ، ترَكْنَاه للحَرَجِ والمَشَقَّةِ. انتهى. وانتهى كلامُ ابنِ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ مع ما زِدْنا عليه فيه. فوائد؛ الأُولَى، حيثُ قُلْنا بالوُجوبِ، فإنَّ المَرْأةَ كالرَّجُلِ في ذلك. أشارَ إليه أبو الحُسَينِ، وأبو حَكيم النَّهْرَوانِي، وصاحِبُ «الوَسِيلةِ». قاله ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ. الثَّانيةُ، على القَوْلِ بالوُجوبِ، لا يكْتَفِي بمَرَّةٍ واحِدَةٍ في العُمُرِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ في «النُّكَتِ»: جُمْهورُ الأصحابِ أنه لا يَكْتَفِي بمَرَّةٍ واحِدَةٍ، بل يكونُ النِّكاحُ في مَجْموعِ العُمُرِ؛ لقوْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ: ليستِ العُزوبَةُ في شيءٍ مِن أمْرِ الإسلامِ. وقدَّم في «الفُروعِ» أنَّه لا يَكْتَفِي بمَرَّةٍ واحِدَةٍ. وقال أبو الحُسَينِ في «فُرُوعِه»: إذا قُلْنا بالوُجوبِ، فهل يسْقُطُ الأَمْرُ به في حقِّ الرجُلِ والمَرْأةِ بمَرَّةٍ واحِدَةٍ، أمْ لا؟ ظاهِرُ كلامِ أحمدَ أنَّه لا يسْقُطُ؛ لقَوْلِ أحمدَ في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ: ليستِ العُزوبَةُ مِنَ الإسلامِ. وهذا الاسمُ لا يزُولُ بمَرَّةٍ. وكذا قاله صاحِبُ «الوَسيلَةِ»، وأبو حَكِيم النَّهْرَوانِيُّ. وفي «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِيِّ وغيرِه، يُكْتَفَى بالمَرَّةِ الواحِدَةِ لرَجُلٍ وامْرأَةٍ. وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ»، وقال: هذا على رِوايَةِ وُجوبِه. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، أنَّ أحمدَ قال: المُتَبتِّلُ الذي لم يَتزَوَّجْ قطُّ. قلتُ: ويَنْبَغِي أنْ يتمَشَّى هذا الخِلافُ على القوْلِ بالاسْتِحبابِ أيضًا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ»، بخِلافِ صاحِبِ «النُّكَتِ». الثَّالثةُ، وعلى القولِ بوُجوبِه، إذا زاحَمَه الحَجُّ الواجِبُ؛ فقد تقدَّم لو خافَ العَنَتَ مَن وجَب عليه الحَجُّ، في كِتابِ الحَجِّ، وذكَرْنا هناك الحُكْمَ والتَّفْصِيلَ، فليُراجَعْ. الرَّابعةُ، في الاكْتِفاءِ بالعَقْدِ اسْتِغْناءً بالباعِثِ الطَّبْعِيِّ عنِ الشَّرْعِيِّ، وَجْهان. ذكَرَهما في «الواضِحِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ»: قِياسُ المذهبِ عندِي يقْتَضِي إيجابَه شَرْعًا، كما يجبُ على المُضْطَرِّ تمَلُّكُ الطَّعامِ والشَّرابِ وتَناوُلُهما. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه على المُحَرَّرِ»: وحيثُ قُلْنا بالوُجوبِ، فالواجِبُ هو العَقْدُ. وأمَّا نَفْسُ الاسْتِمْتاعِ، فقال القاضي: لا يجِبُ، بل يُكْتَفَى فيه بداعِيَةِ الوَطْءِ. وحيثُ أوْجَبْنا الوَطْءَ، فإنَّما هو لإِيفاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ لا غيرُ. انتهى. الخامسةُ، ما قاله أبو الحُسَينِ: هل يَكْتَفِي عنه بالتَّسَرِّي؟ فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وتابعَه في «الفُروعِ». وأطْلَقهما في «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال ابنُ أبي المَجْدِ في «مُصَنَّفِه»: ويُجْزِيء عنه التَّسَرِّي في الأصحِّ قال في «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ»: والذي يظهَرُ الاكْتِفاءُ. [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حواشِي الزَّرْكَشِيِّ»: أصحُّهما، لا ينْدَفِعُ. فليتَزوَّجْ. فأمَرَ بالتَّزوُّجِ] (¬1). وقال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ: فيه احْتِمالان، ذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. ثم قال: ويشْهَدُ لسُقوطِ النِّكاحِ قوْلُه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} (¬2). انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال بعضُ الأصحابِ: الأظهَرُ أن الوُجوبَ يسْقُطُ مع خَوْفِ العَنَتِ، وإنْ لم يسْقُطْ مع غيرِه. السَّادسةُ، على القولِ باسْتِحْبابِه، هل يجِبُ بأمْرِ الأبوَين، أو بأمْرِ أحَدِهما به؟ قال أحمدُ، في رِوايَةِ صالحٍ وأبي داودَ: إنْ كان له أبَوانِ يأمُرَانِه بالتَّزْويجِ أمَرْتُه أنْ يتَزَوَّجَ، أو كان شابًّا يخاف على نفْسِه العَنَتَ أمَرْتُه أنْ يتزَوَّجَ. فجَعل أمْرَ الأبوَين له بذلك بمَنْزِلَةِ خَوْفِه على نفْسِه العَنَتَ. وقال أحمدُ: والذي يحْلِفُ بالطَّلاقِ؛ لا يتزَوَّجُ أبدًا، إنْ أمرَه أبُوه تزَوَّجَ. السَّابعةُ، وعلى القوْلِ أيضًا بعدَمِ وُجوبِه، هل يجِبُ بالنَّذْرِ؟ صرَّح أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في «مُفْرَداتِه» أنَّه يَلْزَمُه بالنَّذْرِ. قلتُ: وهو داخِلٌ في عُموماتِ كلامِهم في نَذْرِ التَّبَرُّرِ. الثَّامِنةُ، يجوزُ له النِّكاحُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سورة النساء 3.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدارِ الحَرْبِ للضَّرُورَةِ، على الصَّحيحِ كِل مِنَ المذهبِ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، لا يتزَوَّجُ وإنْ خافَ، وإنْ لم تكُنْ به ضَرُورَةٌ للنِّكاحِ فليس له ذلك، على الصَّحيحِ. وقال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: ليس له النِّكاحُ، سواءٌ كان به ضَرُورَةٌ أوْ لا؟ قال الزَّرْكَشِيُّ: فعلى تعْليلِ أحمدَ، لا يتزَوَّجُ ولا مسْلِمَةً. ونصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَلٍ. ولا يطَأُ زوْجتَه إنْ كانتْ معه. ونصَّ عليه في رِوايَةِ الأَثْرَمِ وغيرِه. وعلى مُقْتَضَى تعْلِيلِه، له أنْ يتَزوَّجَ آيِسَةً أو صغيرَةً؛ فإنه علَّلَ، وقال: مِن أجْلِ (¬1) الوَلَدِ؛ لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ. وقال في «المُغْنِي» (¬2)، في آخِرِ الجِهادِ: وأمَّا الأسِيرُ، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لا يحِلُّ له التَّزَوُّجُ ما دامَ أسِيرًا. وأمَّا الذي يدْخُلُ إليهم بأمانٍ؛ كالتَّاجِرِ ونحوه، فلا ينْبَغِي له التَّزَوُّجُ. فإنْ غَلبَتْ عليه الشَّهْوَةُ أُبِيحَ له نِكاحُ مُسْلِمَةٍ، ولْيَعْزِلْ عنها، ولا يتَزَوَّجُ منهم. انتهى. وقيل: يُباحُ له النِّكَاحُ مع عدَمِ الضَّرُورَةِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، فقال: وله النِّكاحُ بدارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً، وبدُونِها وَجْهان. وكَرِهَه أحمدُ، وقال: لا يتزَوَّجُ ولا يتَسَرَّى إلَّا أنْ يُخافَ عليه. وقال أيضًا: ولا يطْلُبُ الوَلَدَ. ويأْتِي، هل يُباحُ نِكاحُ الحَرْبِيَّاتِ، أم لا؟ في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ. تنبيه: حيثُ حَرُمَ نِكاحُه بلا ضَرُورَةٍ وفعَل، وجَب عزْلُه، وإلَّا اسْتُحِبَّ عزْلُه. ذكَرَه في «الفُصولِ». قلتُ: فيُعايىَ بها. قوله: والاشْتِغالُ به أفضَلُ مِنَ التَّخَلِّي لنَوافِلِ العِبادَةِ. يعْنِي حيثُ قُلْنا: يُسْتَحَبُّ. وكان له شَهْوَةٌ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ ¬

(¬1) في ط: «خذ». (¬2) المغني 13/ 148.

وَيُسْتَحَبُّ تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ، الْوَلُودِ، الْبِكْرِ، الْحَسِيبَةِ، الْأَجْنَبِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لا يكونُ أفْضَلَ مِنَ التَّخَلِّي إلا إذا قصَد به المَصالِحَ المَعْلومَةَ، أمَّا إذا لم يقْصِدْها فلا يكونُ أفْضَلَ. وعنه، التَّخَلِّي لنَوافِلِ العِبادَةِ أفْضَلُ، كما لو كان معْدومَ الشَّهْوَةِ. حكاها أبو الحُسَينِ في «التَّمامِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. واخْتارَها ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ». وهي احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ»، ومَن تابَعَه. وذكَر أبو الفَتْحِ ابنُ المَنِّيِّ، أنَّ النِّكاحَ فَرْضُ كِفايَةٍ، فكان الاشْتِغالُ به أوْلَى كالجِهادِ. كما تقدَّم. قوله: ويُسْتَحَبُّ تَخَيُّرُ ذاتِ الدِّينِ، الوَلُودِ، البِكْرِ، الحَسِيبَةِ، الأجْنَبِيَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ لا يزيدَ على واحِدَةٍ إنْ حصَل بها الإعْفافُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفائقِ»: والأوْلَى أنْ لا يزيدَ على نِكاحِ واحِدَةٍ. قال النَّاظِمُ: وواحِدَةٌ أقْرَبُ إلى العَدْلِ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»: هذا الأشْهَر. قال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ: جُمْهورُ الأصحابِ اسْتحَبُّوا أنْ لا يزيدَ على واحِدَةٍ. قال ابن الجَوْزِيِّ: إلَّا أنْ لا تُعِفَّه واحِدَةٌ. انتهى.

وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرأَةٍ النَّظرُ إِلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيرِ خَلْوَةٍ بِهَا. وَعَنْهُ، لَهُ النَّظرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا؛ كَالرَّقَبَةِ، وَالْيَدَينِ، وَالْقَدَمَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: المُسْتَحَبُّ اثْنَتان كما لو لم تُعِفَّه. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ فإنَّه قال: يقْتَرِضُ ويتزَوَّجُ، لَيتَه إذا تزَوَّجَ اثْنتَين يُفْلِتُ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه». قال ابنُ رَزِينٍ في «النِّهايَةِ»: يُسْتَحَبُّ أنْ يزيدَ على واحِدَةٍ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قوله: ويجوزُ لمَن أرادَ خِطْبَةَ امْرَأةٍ النَّظَرُ. هذا المذهبُ. أعْنِي أنَّه يُباحُ. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». وقيل: يُسْتَحَبُّ له النَّظَرُ. جزَم به أبو (¬1) الفَتْحِ الحَلْوانِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، وغيرُهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وجعَلَه ابنُ عَقِيلٍ وابنُ الجَوْزِيِّ مُسْتَحَبًّا، وهو ظاهِرُ الحديثِ. فزادَ ابنَ الجَوْزِيِّ. [قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: يُسَنُّ إجْماعًا. كذا قال] (¬2). وأطْلَقَ الوَجْهَين ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: قلتُ: ويتعَيَّنُ تقْيِيدُ ذلك بمَن إذا خطَبَها غلَب على ظَنِّه إجابَتُه إلى نِكاحِها. وقاله ابنُ رَجَبٍ في «تَعْليقِه» على «المُحَرَّرِ». ذكَرَه عنه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو كما قال، وهو مُرادُ الإمامِ والأصحابِ قَطْعًا. قوله: النَّظَرُ إلى وَجْهِها -يعْنِي فقط- مِن غيرِ خَلْوَةٍ بها. هذا إحْدَى الرِّواياتِ عن أحمدَ. جزَم به في «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: صحَّحَها القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ. وعنه، له النَّظَرُ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا؛ كالرَّقَبَةِ واليَدَين والقدَمَين. وهو المذهبُ. قال في «تَجْرِيدِ العنايَةِ»: هذا الأصحُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونَصَره النَّاظِمُ. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وحمَل كلامَ الخِرَقِيِّ وأبي بَكْرٍ الآتِيَ على ذلك. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وأطْلَقَهما في «الكافِي». وقيل: له النَّظَرُ إلى الرَّقَبَةِ والقدَمِ والرَّأْسِ والسَّاقِ. وعنه، له النَّظَرُ إلى الوَجْهِ والكَفَّين فقط. حكاها ابنُ عَقِيلٍ. وحكاه بعضُهم قَوْلًا؛ بِناءً على أنَّ اليَدَين ليستا مِنَ العَوْرَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي اخْتِيارُ مَن زعَم ذلك. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: المذهبُ المَعْمولُ عليه، المَنْعُ مِنَ النَّظَرِ إلى ما هو عَوْرَةٌ ونحوه. قال الشَّريفُ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»: وجوَّز أبو بَكْرٍ النَّظَرَ إليها في حالِ كَوْنِها حاسِرَةً. وحكَى ابنُ عَقِيل رِوايَةً بأنَّ له النَّظَرَ إلى ما عَدا العَوْرَةَ المُغَلَّظَةَ. ذكَرَها في «المُفْرَداتِ». والعَوْرَةُ المُغَلَّظَةُ هي الفَرْجانِ. وهذا مَشْهورٌ عن داودَ الظَّاهِرِيِّ. تنبيه: حيثُ أبَحْنا له النَّظَرَ إلى شيءٍ مِن بدَنِها، فله تَكْرارُ النَّظَرِ إليه وتأمُّلُ المحَاسِنِ، كلُّ ذلك إذا أمِنَ الشَّهْوَةَ. قيَّده بذلك الأصحابُ. تنبيهٌ آخَرُ: مُقْتَضى قوْلِه: ويجوزُ لمَن أرادَ خِطبَةَ امْرَأَةٍ. أنَّ مَحَلَّ النَّظَرِ قبلَ

وَلَهُ النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ، وَإلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَينِ مِنَ الأَمَةِ المُسْتَامَةِ وَمِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَنْظُرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، إلا الْوَجْهَ وَالْكَفَّينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِطْبَةِ. وهو صحيحٌ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ النَّظَرُ بعدَ العَزْمِ على نِكاحِها، وقبلَ الخِطْبَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، قال الإمامُ أحمدُ: إذا خطَب رَجُلٌ امْرَأَةً، سألَ عن جَمالِها أوَّلًا، فإن حُمِدَ سأَلَ عن دِينِها، فإنْ حُمِدَ تزَوَّجَ، وإنْ لم يُحْمَدْ يكونُ ردُّه لأجْلِ الدِّينِ. ولا يَسْألُ أوّلًا عنِ الدِّينِ، فإنْ حُمِدَ سأل عنِ الجَمالِ، فإنْ لم يُحْمَدْ ردَّها، فيكونَ ردُّه للجَمالِ لا للدِّينِ. الثَّانيةُ، قال ابنُ الجَوْزِيِّ: ومَنِ ابْتُلِيَ بالهَوَى فأرادَ التَّزَوُّجَ، فليَجْتَهِدْ في نِكاحِ التي ابْتُلِيَ بها، إنْ صحَّ ذلك وجازَ، وإلَّا فليتَخَيَّرْ ما يظُنُّه مثلَها. قوله: وله النَّظَرُ إلى ذلك، وإلى الرَّأْسِ والسَّاقَين مِنَ الأَمَةِ المُسْتامَةِ. يعْنِي له النَّظرُ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا، وإلى الرَّأْسِ والسَّاقَين منها. وهو المذهبُ. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، ينْظُرُ سِوَى عَوْرَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ. جزَم به في «الكافِي»، فقال: ويجوزُ لمَن أرادَ شِراءَ جارِيَةٍ النَّظَرُ منها إلى ما عدا عَوْرَتَها. وقيل: ينْظُرُ غيرَ ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ. قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المُقَدَّمُ. وقيل: حُكْمُها في النَّظرِ كالمَخْطُوبَةِ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا بأْسَ أنْ يُقَلِّبَها إذا أرادَ شِراءَها مِن فوقِ ثِيابِها؛ لأنَّها لا حُرْمَةَ لها. قال القاضي: أجازَ تَقْلِيبَ الظَّهْرِ والصَّدرِ، بمَعْنى لمْسِه مِن فوقِ الثِّيابِ. قوله: وَمِن ذَواتِ مَحارِمِه. يعْنِي يجوزُ له النَّظرُ مِن ذَواتِ مَحارِمِه إلى ما لا يَظْهَرُ غالبًا، وإلى الرَّأْسِ والسَّاقين. وهذا المذهبُ، وعليه أكثَرُ الأصحابِ. واعْلمْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ حُكْم ذَواتِ مَحارِمِه حُكْمُ الأَمةِ المُسْتامَةِ في النَّظَرِ، خِلافًا ومذهبًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به الأكثرُ. وعنه، لا ينْظُرُ مِن ذَواتِ مَحارِمِه إلى غيرِ الوَجْهِ. ذكَرَها في «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وعنه، لا ينْظُرُ منهُنَ إلَّا إلى الوَجْهِ والكَفَّين.

وَلِلْعَبْدِ النَّظَرُ إِلَيهِمَا مِنْ مَوْلَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ المَرْأةِ في النَّظَرِ إلى مَحارِمِها حُكْمُهم في النَّظرَ إليها. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، ذَواتُ مَحارِمِه؛ مَن يحْرُمُ نِكاحُها عليه على التَّأْبِيدِ بنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُباحٍ، فلا ينْظُرُ إلى أُمِّ المَزْنِيِّ بها، ولا إلى ابْنَتِها، ولا إلى بِنْتِ المَوْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. قوله: وللعَبْدِ النَّظرُ إليهما مِن مَوْلاتِه. يعْنِي إلى الوَجْهِ والكَفَّين. هذا أحدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلَين. وجَزَم به في «الهِدَايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أن للعَبْدِ النَّظَرَ مِن مَوْلاتِه إلى ما ينْظرُ إليه الرَّجُلُ مِن ذَواتِ مَحارِمِه، على ما تقدَّم خِلافًا ومذهبًا. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الكافِي». وعنه، المَنْعُ مِنَ النَّظَرِ للعَبْدِ مُطْلَقًا. نقَلَه ابنُ هانِئٍ. وهو قوْلٌ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال الشَّارِحُ: وهو قوْلُ بعضِ أصحابِنا، وما هو ببعيدٍ. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، لا ينْظُرُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ، ولا ينْظُرُ الرجُلُ أَمَةً مُشْتَرَكَةً؛ لعُمومِ مَنْعِ النَّظَرِ، إلَّا مِن عَبْدِها وأَمَتِه. انتهى. وقال

وَلِغَيرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ، كَالْكَبِيرِ وَالْعِنِّينِ وَنَحْوهِمَا، النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ. وَعَنْهُ، لَا يُبَاحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُ الأصحابِ: للعَبْدِ المُشْتَرَكِ بينَ النِّساءِ النَّظَرُ إلى جَمِيعِهِنَّ؛ لوُجودِ الحاجَةِ بالنسْبَةِ إلى الجميعِ. وجزَم به في «تَجْريدِ العِنايَةِ»، فقال: ولعَبْدٍ، ولو مُبَعَّضًا، نَظَرُ وَجْهِ سيِّدتِه (¬1) وكَفَّيها. وذكَر المُصَنِّفُ في «فَتاويه» أنَّه يجوزُ لهُنَّ جميعِهنَّ النَّظَرُ إليه، لحاجَتِهِنَّ إلى ذلك، بخِلافِ الأمَةِ المُشْترَكَةِ بينَ رِجالٍ، ليس لأحَدٍ منهم النَّظَرُ إلى عَوْرَتِها. قوله: ولغيرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ، كالكَبِيرِ والعِنِّينِ ونحوهما، النَّظَرُ إلى ¬

(¬1) في الأصل، ط: «سيدة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. يعْنِي إلى الوَجْهِ والكَفَّين. وهذا أحدُ الوَجْهَين. صحَّحَه في «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفائقِ». وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُهم حكمُ العَبْدِ مع سيِّدَتِه في النَّظرَ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الكافِي»، و «المُغْنِي»: حُكْمُهم حُكْمُ ذِي المَحْرَمِ في النَّظَرِ. وقطَع به. وقيل: لا يُباحُ لهم النَّظَرُ مُطْلَقًا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، أنَّ الخَصِيَّ والمَجْبُوبَ لا يجوزُ لهما النَّظَرُ إلى الأجْنَبِيَّةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال الأثْرَمُ: اسْتَعْظَمَ الإمامُ أحمدُ إدْخال الخِصْيانِ على النِّساءِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: لا تُباحُ خَلْوَةُ النِّساءِ بالخِصْيانِ ولا بالمَجْبُوبِين، لأنَّ العُضْوَ وإنْ تعَطَّلَ أو عُدِمَ، فشَهْوَةُ الرِّجالِ لا تزُولُ مِن قُلُوبِهم، ولا يُؤْمَنُ التَّمَتُّعُ بالقُبَلِ وغيرِها، وكذلك لا يُباحُ خَلْوَةُ الفَحْلِ بالرَّتْقاءِ مِنَ النِّساءِ لهذه العِلَّةِ. انتهى. وقيل: هما كذِي مَحْرَمٍ. وهو احْتِمالٌ في

وَلِلشَّاهِدِ وَالْمُبْتَاعِ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيهَا وَمَنْ تُعَامِلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ». قال في «الفُروعِ»: ونصُّه: لا. وقال في «الانْتِصارِ»: الخِصَى يَكْسِرُ النَّشاطَ؛ ولهذا يُؤْمَنُ على الحُرَمِ. قوله: وللشَّاهِدِ والمُبْتاعِ النَّظَرُ إلى وَجْهِ المَشْهُودِ عليها ومَن تُعامِلُه. هذا أحدُ الوَجْهَينِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. والمَنْصوصُ عن أحمدَ أنَّه ينْظُرُ إلى وَجْهِها وكفَّيها، إذا كانتْ تُعامِلُه. وذكَر ابنُ رَزِينٍ أنَّ الشَّاهِدَ والمُبْتاعَ ينْظُرانِ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا. فائدة: أَلَحَقَ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» المُسْتَأْجِرَ بالشَّاهِدِ والمُبْتاعِ. زادَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» المُؤجِرَ والبائعَ. ونقَل حَرْبٌ ومحمدُ بنُ أبِي حَرْبٍ، في البائعِ ينْظُرُ كَفَّها ووَجهَها: إنْ كانتْ عجُوزًا رَجَوْتُ، وإنْ كانتْ شابَّةً تشتَهَى أكْرَهُ ذلك.

وَلِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو الْحَاجَة إِلَى نَظَرِهِ. وَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ غَيرِ ذِي الشَّهْوَةِ النَّظَرُ إِلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: إباحَةُ نَظرَ هؤلاءِ مُقَيَّدٌ بحاجَتِهما. فائدة: مَنِ ابْتُلِيَ بخِدْمَةِ مَرِيضٍ أومَرِيضَةٍ؛ في وُضوءٍ أو اسْتِنْجاءٍ أو غيرِهما، فحُكْمُه حُكْمُ الطَّبِيبِ في النَّظَرِ والمَسِّ. نصَّ عليه. وكذا لو حلَق عانَةَ مَن لا يُحْسِنُ حَلْقَ عانَتِه. نصَّ عليه. وقاله أبو الوَفاءِ، وأبو يعْلَى الصَّغِيرُ. قوله: وللصَّبِيِّ المُمَيِّزِ غيرِ ذِي الشَّهْوَةِ النَّظَرُ إلى ما فوقَ السُّرَّةِ وتحتَ الرُّكْبَةِ.

فَإِنْ كَانَ ذَا شَهْوَةٍ، فَهُوَ كَذِي الْمَحْرَمِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ كالأجْنَبِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، هو كالمَحْرَمِ. وأطْلَقَ في «الكافِي»، في المُمَيِّز (¬1) رِوايتَين. قوله: فإنْ كان ذا شَهْوَةٍ فهو كذِي المَحْرَمِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ ¬

(¬1) في ط، ا: «الميزة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، أنَّه كالأجْنَبِيِّ. وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «الفائقِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وقيل: كالطِّفْلِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قلتُ: وهو ضعيفٌ جدًّا. وقال في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»: فهو كذِي مَحْرَمٍ. وعنه، كأجْنَبِيٍّ. وعنه، كأجْنَبِيٍّ بالغٍ. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ بِنْتِ تِسْع حُكْمُ المُمَيِّزِ ذِي الشَّهْوَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر أبو بَكْرٍ قَوْلَ أحمدَ في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ، رِوايَةً عنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بلَغَتِ المَحِيضَ (¬1)، فلا تَكْشِفُ إلَّا وَجْهَها ويَدَيها» (¬2). ونقَل جَعْفَرٌ، في الرَّجُلِ عندَه الأرْملَةُ واليَتِيمَةُ، لا ينْظُرُ. وأنَّه لا بَأْسَ بنَظَرِ الوَجْهِ بلا شَهْوَةٍ. الثَّانيةُ، لا يحْرُمُ النَّظَرُ إلى عَوْرَةِ الطِّفْلِ والطِّفْلَةِ قبلَ السَّبْعِ، ولا لَمْسُها. نصَّ عليه. نقَل الأثْرَمُ، في الرَّجُلِ يضَعُ الصَّغيرَةَ في حِجْرِه ويُقَبِّلُها، إنْ لم يجِدْ شَهْوَةً فلا بَأْسَ. ولا يجبُ سَتْرُهما مع أمْنِ الشَّهْوَةِ. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الحيض». (¬2) سيأتي تخريجه في صفحة 63.

وَلِلْمَرأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ، النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا مَا بَينَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّ الْكَافِرَةَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ». وقال في «الفائقِ»: ولا بَأْسَ بالنَّظَرِ إلى طفْلَةٍ غيرِ صالحَةٍ للنِّكاحِ بغيرِ شَهْوَةٍ. وهل هو مَحْدودٌ بدُونِ السَّبْعِ، أو بدُونِ ما تُشتَهَى غالبًا؟ على وَجهَين. قوله: وللمَرْأةِ مع المَرْأةِ، والرَّجُلِ مع الرَّجُلِ، النَّظَرُ إلى ما عَدا ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ. يجوزُ للمَرْأةِ المُسْلِمَةِ النَّظَرُ مِنَ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ إلى ما عَدا ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها لا تنْظُرُ منها إلَّا إلى غيرِ العَوْرَةِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ». ولعَل مَن قطَع أوَّلًا أرادَ هذا. لكِنَّ صاحِبَ «الرِّعايَةِ» غايَرَ بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلَين. [وهو الظَّاهِرُ] (¬1). [ومُرادُهم بعَوْرَةِ المَرْأَةِ هنا كعَوْرَةِ الرَّجُلِ على الخِلافِ. صرَّح به الزَّرْكَشِيُّ في «شَرْحِ الوَجيزِ»] (¬2) وأمَّا الكافِرَةُ مع المُسْلِمَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ حُكْمَها حُكْمُ المُسْلِمَةِ مع المُسْلِمَةِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وصحَّحَه في «الكافِي». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، لا تنْظُرُ الكافِرَةُ مِنَ المُسْلِمَةِ ما لا يَظْهَرُ غالبًا. وعنه، هي معها كالأجْنَبِيِّ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وقالوا: نصَّ عليه. وقطَع به الحَلْوانِيُّ في «التَّبْصِرَةِ». واسْتَثْنَى القاضي أبو يَعْلَى، على هذه الرِّوايَةِ، الكافِرَةَ المَمْلُوكَةَ لمُسْلِمَةٍ، فإنَّه يجوزُ أنْ تظْهَرَ على مَوْلاتِها كالمُسْلِمَةِ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ أنْ تكونَ الكافِرَةُ قابِلَةً للمُسْلِمَةِ للضَّرُورَةِ، وإلَّا فلا. نصَّ عليه. وأمَّا الرَّجُلُ مع الرَّجُلِ، ولو كان أمْرَدَ، فالمذهبُ، أنَّه [لا ينْظُرُ منه إلى ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ] (¬1). وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الفُروعِ» ¬

(¬1) في ط: «ينظر منه إلى غير العورة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه (¬1) في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، وقال (¬2): وقيل: ينْظُرُ غيرَ العَوْرَةِ. فيَحْتَمِلُ أنَّه كالأوَّلِ، لكِنْ عندَ صاحِبِ «الرِّعايَةِ» أنَّه أعَمُّ مِنَ الأوَّلِ. ¬

(¬1) في ط: «قال». (¬2) في ط: «ينظر ما بين السرة والركبة».

وَيُبَاحُ لِلْمَرأةِ النَّظَرُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى غَيرِ الْعَوْرَةِ. وَعَنْهُ، لَا يُبَاحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُباحُ للمَرْأَةِ النَّظَرُ مِنَ الرَّجُلِ إلى غيرِ العَوْرَةِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «المُحَرَّرِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، يُباحُ لها النَّظَرُ منه إلى ما يَظْهَرُ غالبًا. وعنه، لا يُباحُ النَّظَرُ إليه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقطَع به ابنُ البَنَّا. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله القاضي. نَقَله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ المُحَرَّرِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ أيضًا: يحْرُمُ النَّظرُ. ونقَل القاضي أيضًا عن أبِي بَكْرٍ الكَراهَةَ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ والقاضي كَراهَةُ نظرِها إلى وَجْهِه وبَدَنِه وقدَمَيه. واخْتارَ الكَراهَةَ. وقيل: [لا يُحْرُمُ] (¬1) النَّظَرُ إلى ما يَظْهَرُ غالبًا وقتَ مِهْنَةٍ وغَفْلَةٍ. تنبيه: قال في «الفُروعِ»: أطْلَقَ الأصحابُ إباحَةَ النَّظَرِ للمَرْأَةِ إلى غيرِ العَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ. ونقَل الأثْرَمُ، يَحْرُمُ النَّظرُ على أزْواجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»: قال أبو بَكْرٍ: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ أنَّهَ لا يجوزُ لهُنَّ. قال في «الفُروعِ»: ويُؤيِّدُ الأوَّلَ أنَّ أحمدَ لم يُجِبْ بالتَّخْصيصِ في الأخْبارِ التي في المَسْأَلَةِ. وقال القاضي في «الرِّوايتين»: يجوزُ لهُنَّ. رِوايَةً واحِدَةً؛ لأنَّهُنَّ في ¬

(¬1) في ط: «يحرم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمِ الأُمَّهاتِ في الحُرْمَةِ والتَّحْريمِ، فجازَ، مع (¬1) مُفارَقَتِهِنَّ في هذا القَدْرِ بَقِيَّةَ النِّساءِ. قلتُ: وهذا أوْلَى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، يجوزُ النَّظرُ مِنَ الأَمَةِ وممَّن لا تُشْتَهَى؛ كالعَجُوزِ، والبَرْزَةِ، والقَبِيحَةِ، ونحوهم إلى غيرِ عَوْرَةِ الصَّلاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ والشَّارِحُ جوازَ النَّظَرِ مِن ذلك إلى ما لا يَظْهَرُ غالِبًا. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويُباحُ نَظَرُ وَجْهِ كلِّ عَجُوزٍ بَرْزَةٍ هِمَّةٍ (¬1)، ومَن لا تُشْتَهَى مثلُها غالبًا، وما ليس بعَوْرَةٍ منها ولَمْسُه، ومُصافَحَتُها والسَّلامُ عليها إنْ أَمنَ على نفْسِه. ومَعْناه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي». ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ لم تَخْتَمِرِ الأَمَةُ فلا بَأْسَ. وقيل: الأَمَةُ والقَبيحَةُ كالحُرَّةِ والجَمِيلَةِ. ونقَل المَرُّوذِيُّ، لا ينْظُرُ إلى المَملوكَةِ، كم مِن نَظْرَةٍ أَلْقَتْ في قَلْبِ صاحِبِها البَلابِلَ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا تَنْتَقِبُ الأَمَةُ. ونقَل أيضًا، تَنْتقِبُ الجَمِيلَةُ. وكذا نقَل أبو حامِدٍ الخفَّافُ. قال القاضي: يمْكِنُ حَمْلُ ما أطْلَقَه على ما قيَّدَه. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الجَمِيلَةَ تَنْتَقِبُ، وأنَّه يَحْرُمُ النَّظَرُ إليها كما يَحْرُمُ النَّظَرُ إلى الحُرَّةِ الأَجْنَبِيَّةِ. تنبيه: حيث قُلْنا: يُباحُ. ففي تَحْريمِ تَكْرارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ التَّحْريمُ. ومنها، الخُنْثَى المُشْكِلُ في النَّظَرِ إليه كالمَرْأةِ؛ تغْلِيبًا لجانِبِ الحَظْرِ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَخَرَّجُ وَجْهٌ مِن سَتْرِ العَوْرَةِ في الصَّلاةِ، أنَّه كالرَّجُلِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وإنْ تَشَبَّهَ خُنْثَى مُشْكِلٌ بذَكَرٍ أو أُنْثَى، أو مال إلى أحَدِهما، فله حُكْمُه ¬

(¬1) الهمة: المرأة الكبيرة الفانية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في ذلك. وقال: قلتُ: لا يُزَوَّجُ بحالٍ، فإنْ خافَ الزِّنَى، صامَ أو اسْتَمْنَى، وإلَّا فهو مع امْرأَةٍ كالرَّجُلِ، ومع رَجُلٍ كامْرَأَةٍ. ومنها، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وأكثرِ الأصحابِ، أنَّه لا يجوزُ للرَّجُلِ النَّظَرُ إلى غيرِ مَن تقدَّم ذِكْرُه، فلا يجوزُ له النَّظَرُ إلى الأجْنَبيَّةِ قَصْدًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وجوَّز جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ نَظَرَ الرَّجُلِ مِنَ الحُرَّةِ الأجْنَبِيَّةِ إلى ما ليس بعَوْرَةِ صلاةٍ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» في آدابِه. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوايَةً. قال القاضي: المُحَرَّمُ ما عَدا الوَجْهَ والكَفَّينِ. وصرَّح القاضي في «الجامِعِ» أنَّه لا يجوزُ النَّظرُ إلى المَرْأَةِ الأجْنَبِيَّةِ لغيرِ حاجَةٍ. ثم قال: النَّظرُ إلى العَوْرَةِ مُحَرَّمٌ، وإلى غيرِ العَوْرَةِ مَكْرُوهٌ. وهكذا ذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وأبو الحُسَينِ. وقال أبو الخطَّابِ: لا يجوزُ النَّظَرُ لغيرِ مَن ذكَرْنا، إلَّا أن القاضِيَ أطْلَقَ هذه العِبارَةَ، وحكَى الكَراهَةَ في غيرِ العَوْرَةِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هل يَحْرُمُ النَّظرُ إلى وَجْهِ الأجْنَبِيَّةِ لغيرِ حاجَةٍ؟ رِوايةٌ عن

المقنع وَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْغُلَامِ لِغَيرِ شَهْوَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، يُكْرَهُ ولا يَحْرُمُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلى وَجْهِ الأجْنَبِيَّةِ إذا أَمِنَ الفِتْنَةَ. انتهى. قلتُ: وهذا الذي لا يسَعُ النَّاسَ غيرُه، خُصوصًا للجِيرانِ والأقارِبِ غيرِ المحارِمِ، الذي نشَأ بينَهم. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ. ويأْتي في آخِرِ العِدَدِ، هل يجوزُ أنْ يخْلُوَ بمُطَلَّقَتِه، أو أجْنَبِيَّةٍ، أمْ لا؟ قوله: ويجوزُ النَّظَرُ إلى الغُلامِ لغيرِ شَهْوَةٍ. النَّظَرُ إلى الأمْرَدِ لغيرِ شَهْوَةٍ على قِسْمَين؛ أحدُهما، أنْ يَأْمَنَ ثَوَرانَ الشَّهْوَةِ. فهذا يجوزُ له النَّظَرُ مِن غيرِ كَراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، وغيرِهم. وقاله أبو حَكِيمٍ وغيرُه، ولكِنَّ ترْكَه أوْلَى. صرَّح به ابنُ عَقِيلٍ، قال: وأمَّا تَكْرارُ النَّظَرِ فمَكْرُوهٌ. وقال أيضًا في كِتابِ القَضاءِ: تَكْرارُ النَّظَرِ إلى الأمْرَدِ محَرَّمٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ بغيرِ شَهْوَةٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن كرَّرَ النَّظَرَ إلى الأمْرَدِ أو داوَمَه، وقال: إنِّي لا أنْظُرُ لِشَهْوَةٍ. فقد كذَب في ذلك. وقال القاضي: نظَرُ الرَّجُلِ إلى وَجْهِ الأمْرَدِ مَكْروهٌ. وقال ابنُ البَنَّا: النَّظَرُ إلى الغُلامِ الأمْرَدِ الجَمِيلِ مَكْروهٌ. نصَّ عليه. وكذا قال أبو الحُسَينِ. القِسْمُ الثَّاني، أنْ يخافَ مِنَ النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ. فقال الحَلْوانِيُّ: يُكْرَهُ. وهل يَحْرُمُ؟ على وَجْهَين. وحكَى صاحِبُ «التَّرْغِيبِ» ثلاثَةَ أوْجُهٍ؛ التَّحْرِيمُ، وهو مَفْهومُ كلام صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، فإنَّه قال: يجوزُ لغيرِ شَهْوَةٍ إذا أمِنَ ثَوَرانَها. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فقال: أصحُّ الوَجْهَين، لا يجوزُ. كما أنَّ الرَّاجِحَ في مذهبِ أحمدَ، أنَّ النَّظَرَ إلى وَجْهِ الأجْنَبِيَّةِ مِن غيرِ حاجَةٍ لا يجوزُ،

وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى أَحدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لِشَهْوَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كانتِ الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةٌ لكِنْ يُخافُ ثَوَرانُها. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): إذا كان الأمْرَدُ جميلًا يُخافُ الفِتْنَةُ بالنَّظَرِ إليه، لم يَجُزْ تعَمُّدُ النَّظَرِ إليه. قال في «الفُروعِ»؛ ونصُّه، يحْرُمُ النَّظَرُ خَوْفَ الشَّهْوَةِ. والوجْهُ الثَّاني، الكَراهَةُ. وهو الذي ذكَرَه القاضي في «الجامعِ». وجزَم به النَّاظِمُ. والوَجْهُ الثَّالثُ، الإِباحَةُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. والمَنْقولُ عن أحمدَ، كَراهَةُ مُجالسَةِ الغُلامِ الحسَنِ الوَجْهِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويَحْرُمُ نَظَرُ الأمْرَدِ لشَهْوَةٍ، ويجوزُ بدُونِها مع أمْنِها. وقيل: وخَوْفِها. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ خافَ ثَوَرانَها، فوَجْهان. فائدة: قال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْرُمُ النَّظَرُ مع شَهْوَةِ تَخْنِيثٍ وسِحاقٍ، وإلى دابَّةٍ يشْتَهِيها ولا يعِفُّ عنها (¬2)، وكذا الخَلْوَةُ بها. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامَ غيرِه. فوائد؛ منها، قولُه: ولا يجوزُ النَّظَرُ إلى أحَدٍ مِمَّن ذَكَرْنا لشَهْوَةٍ. وهذا بلا نِزاعٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ومَنِ اسْتَحَلَّه، كفَر إجْماعًا. وكذا لا يجوزُ النَّظَرُ إلى أحَدٍ ممَّن تقدَّم ذِكْرُه إذا خافَ ثَوَرانَ الشَّهْوَةِ. نصَّ عليه. واخْتارَه ¬

(¬1) 9/ 504. (¬2) في النسخ كلها: «عنه». وانظر الفروع 5/ 156.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وغيرُه. ومنها، معْنَى الشَّهْوَةِ التَّلَذُّذُ بالنَّظرَ. ومنها، لَمْسُ مَن تقدَّم ذِكْرُه كالنَّظرَ إليه، على قَوْلٍ. وعلى قَوْلٍ آخَرَ: هو أوْلَى بالمَنْعِ مِنَ النَّظَرِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ومنها، صَوْتُ الأجْنَبِيَّةِ ليس بعَوْرَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ليس بعَوْرَةٍ على الأصحِّ. قال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ: قال القاضي الزَّرِيرانِيُّ الحَنْبليُّ في «حَواشيه على المُغْنِي»: هل صَوْتُ الأجْنَبِيَّةِ عَوْرَةٌ؟ فيه رِوايَتان مَنْصُوصتان عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ظاهِرُ المذهبِ، ليس بعَوْرَةٍ. انتهى. وعنه، أنَّه عَوْرَةٌ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، فقال: يجِبُ تجَنُّبُ الأجانِبِ الاسْتِماعَ مِن صَوْتِ النِّساءِ زِيادَةً على ما تدْعُو الحاجَةُ إليه؛ لأنَّ صَوْتَها عَوْرَة. انتهى. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ صالِحٍ: يُسَلِّمُ على المَرْأَةِ الكَبِيرَةِ، فأمَّا الشَّابَّةُ فلا تنْطِقُ. قال القاضي: إنَّما قال ذلك خَوْفَ الافْتِتانِ بصَوْتِها. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». وعلى كِلا الرِّوايتَين، يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بسَماعِه ولو بقِراءَةٍ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال القاضي: يُمْنَعُ مِن سَماعِ صَوْتِها. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»: يُكْرَهُ سَماع صَوْتِها بلا حاجَةٍ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ في كِتابِ «النِّساءِ» له: سَماع صَوْتِ المَرْأَةِ مَكْروهٌ. وقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ مُهَنَّا: يَنْبَغِي للمَرْأَةِ أنْ تَخْفِضَ مِن صَوْتِها إذا كانتْ في قِراءَتِها إذا قرَأتْ باللَّيلِ. ومنها، إذا منَعْنا المَرْأةَ مِنَ النَّظَرِ إلى الرَّجُلِ، فهل تُمْنَعُ مِن سَماعِ صَوْتِه، ويكونُ حُكْمُه حكمَ سَماعِ صَوْتِها؟ قال القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»: قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ مُهَنَّا: لا يُعْجِبُنِي أنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّساءَ، إلا أنْ يكونَ في بَيتِه يؤُمُّ أهْلَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْرَهُ أنْ تَسْمَعَ المَرأةُ صَوْتَ الرَّجُلِ. قال [ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»] (¬1): وهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الصَّوْتَ يتْبَعُ الصُّورَةَ (¬2)، ألا ترَى أنَّه لمَّا مُنِعَ مِنَ النَّظَرِ إلى الأجْنَبِيَّةِ مُنِعَ مِن سَماعِ صَوْتِها، كذلك المرْأَةُ لمَّا مُنِعَتْ مِنَ النَّظَرِ إلى الرَّجُلِ مُنِعَتْ مِن سَماعِ صَوْتِه. [قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: لم تَزَلِ النِّساءُ تَسْمَعُ أصْواتَ الرِّجالِ، والفَرْقُ بينَ النِّساءِ والرِّجال ظاهِرٌ] (¬3). ومنها، تَحْرُمُ الخَلْوَةُ لغيرِ مَحْرَمٍ للكُلِّ مُطْلَقًا، ولو بحَيوانٍ يشْتَهِي المَرأَةَ أو تَشْتَهِيه هي؛ كالقِرْدِ، ونحوه. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: الخَلْوَةُ بأمْرَدَ حَسَنٍ ومُضاجَعَتُه كامْرَأَةٍ، ولو كان لمَصْلَحَةِ تعْليمٍ وتَأْدِيبٍ، والمُقِرُّ مُوْلِيه (1) عندَ مَن يُعاشِرُه كذلك مَلْعُونٌ دَيُّوثٌ، ومَن عُرِفَ بمَحَبَّتِهم أو مُعاشَرَةٍ بينَهم، مُنِعَ مِن تَعْليمِهم. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ: كان السَّلَفُ يقُولُون: الأمْرَدُ أشَدُّ فِتْنَةً مِنَ العَذارَى. قال ابنُ عَقِيلٍ: الأمْرَدُ يَنْفُقُ (¬4) على الرِّجالِ والنِّساءِ، فهو شَبَكَةُ الشَّيطانِ في حقِّ النَّوْعَين. ومنها، كَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، مُصافَحَةَ النِّساءِ، وشدَّد أيضًا حتى لمَحْرَمٍ، وجوَّزَه لوالِدٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، ولمَحْرَمٍ. وجوَّز الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أخْذَ يَدِ عَجُوزٍ، وفي «الرِّعايَةِ»، وشَوْهاءَ. وسأَلَه ابنُ مَنْصُورٍ: يُقَبِّلُ ذاتَ المَحارِمِ منه؟ قال: إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ ولم يخَفْ على نفْسِه، لكِنْ لا يفْعَلُه على الفَمِ أبدًا، الجَبْهَةَ والرَّأْسَ. ونقَل حَرْبٌ، فِي مَن تضَعُ يدَها على بَطْنِ رَجُلٍ لا تحِلُّ له، قال: لا يَنْبَغِي إلَّا ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في الأصل، ط: «الصوت». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) ينفق: أي يروج ويرغب فيه.

وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَينِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ الْآخَرِ وَلَمْسُهُ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ أمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لضَرُورَةٍ. ونقَل المَرُّوذِيُّ، أتضَعُ يدَها على صَدْرِه؟ قال: ضَرُورَةً. قوله: ولكُلِّ واحِدٍ مِنَ الزَّوْجَين النَّظَرُ إلى جَميعِ بَدَنِ الآخَرِ ولَمْسُه. مِن غيرِ كَراهَةٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، حتى الفَرْجِ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: يُكْرَهُ لهما نَظَرُ الفَرْجِ. جزَم به في «الكافِي». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقال الآمِدِيُّ في «فُصولِه»: وليس للزَّوْجِ النَّظَرُ إلى فَرْجِ امْرَأتِه، في إحْدَى الرِّوايتَين. نقَلَهَ ابنُ خَطِيب السَّلامِيَّةِ. وقيلِ: يُكْرَهُ لهما عندَ الجماعِ خاصَّةً. وجزَم في «المُسْتَوْعِبِ» بأنَّه يُكْرَهُ النَّظرُ إلى فرْجِها حال الطَّمْثِ فقط. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، وزادَ في «الكُبْرَى»، وحال الوَطْءِ. فائدتان؛ إحْداهما، قال القاضي في «الجامِعِ»: يجوزُ تقْبِيلُ فَرْجِ المَرْأةِ قبلَ الجماعِ، ويُكْرَهُ بعدَه. وذكَرَه عن عَطاءٍ. الثَّانيةُ، ليس لها اسْتِدْخالُ ذَكَرِ زَوْجِها وهو نائمٌ بلا إذْنِه، ولها لَمْسُه وتَقْبِيلُه بشَهْوَةٍ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ»، وتَبِعَه في «الفُروعِ». وصرَّح به ابنُ عَقِيلٍ، وقال: لأنَّ الزَّوْجَ يمْلِكُ العَقْدَ وحَبْسَها. ذكَراه في عِشْرَةِ النِّساءِ. ومرَّ بي في بعضِ التَّعاليقِ قَوْلٌ: إنَّ لها ذلك. ولم أسْتَحْضِرِ الآنَ في أيِّ كِتابٍ هو. قوله: وكذلك السَّيِّدُ مع أمَتِه. حُكْمُ السَّيِّدِ مع أمَتِه المُباحَةِ له حُكْمُ الرَّجُلِ مع زَوْجَتِه في النَّظَرِ واللَّمْسِ، خِلافًا ومذهبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: في قَوْلِ المُصَنِّفِ: مع أَمَتِه. نُظرٌ؛ لأنَّه يدْخُلُ في عُمُومِه أمَتُه المُزَوَّجَةُ والمَجُوسِيَّةُ والوَثَنِيَّةُ ونحوُهُنَّ، وليس له النَّظرُ إلى واحِدَةٍ مِنهُنَّ ولا لمْسُها، لما سيُذْكَرُ في مَوْضِعِه. وجعَل كثيرٌ مِنَ الأصحابِ مَكانَ أَمَتِه سُرِّيَّتَه. قال ابنُ مُنَجَّى: وفيه نَظرٌ أيضًا؛ لأنَّه يحْرُمُ عليه أمَتُه التي ليستْ سُرِّيَّةً، والحالُ أنَّ له النَّظَرَ إليها ولَمْسَها، فلذلك قال بعضُ الأصحاب، منهم المُصَنِّفُ في «الكافِي»، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم: أَمَتِه المُباحَةِ. وهو أجْوَدُ ممَّا تقدَّم. انتهى. قلتُ: وهو مُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه مِمَّن أطْلَقَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو زوَّج أَمَتَه، جازَ له النَّظَرُ منها إلى غيرِ العَوْرَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفائقِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغِيبِ»: هو كمَحْرَمٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، كأمَةِ غيرِه. الثَّانيةُ، يُكْرَهُ النَّظَرُ إلى عَوْرَةِ نفْسِه. قاله في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ أنْ لا يُدِيمَه. وقال الأزَجِيُّ في «نِهايَتِه»: يُعْرِضُ ببَصَرِه عنها؛ لأنَّه يدُلُّ على الدَّناءَةِ. انتهى. وتقدَّم في بابِ الاسْتِنْجاءِ، هل يُكْرَهُ مسُّ فَرْجِه مُطْلَقًا، أو في حالِ التَّخَلِّي؟

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَلَا التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الرَّجْعِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجوزُ التَّصْرِيحُ -وهو ما لا يحْتَمِلُ غيرَ النِّكاحِ- بخِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ، ولا التعْرِيضُ -وهو ما يُفْهَمُ منه النِّكاحُ مع احْتِمالِ غيرِه- بخِطْبَةِ الرَّجْعِيَّةِ. بلا نِزاعٍ.

وَيَجُوزُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْبَائِنِ. بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ. وَهَلْ يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ بِغَيرِ الثَّلَاثِ؟ عَلَى وَجْهَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويجوزُ في عِدَّةِ الوَفاةِ. يعْنِي التَّعْرِيضَ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «الانْتِصارِ»، و «المُفْرَداتِ»: إنْ دلَّتْ على اقْتِرانِهما، كمُتَحابَّين قبلَ مَوْتِ الزَّوْجِ، منَعْنا مِن تعْرِيضِه في العِدَّةِ. قوله: ويجوزُ في عِدَّةِ البائنَ بطَلاقٍ ثلاثٍ -بلا نِزاعٍ- وهل يجوزُ في عِدَّةِ البائنِ بغيرِ الثَّلاثِ؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»،

وَالتَّعْرِيضُ نَحْوَ قَوْلِهِ: إِنِّي فِي مِثْلِكِ لَرَاغِبٌ. وَ: لَا تَفُوتِيني بِنَفْسِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يجوزُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». والثَّاني، يجوزُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «العُمدَةِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه».

وَتُجِيبُهُ: مَا يُرْغَبُ عَنْكَ. وَ: إِنْ قُضِيَ شَيْءٌ كَانَ. وَنَحْوُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَل الخِلافِ، إذا كان المُعَرِّضُ أجْنَبِيًّا. فأمَّا من كانت في عِصْمَتِه، فإنَّه يُباحُ له التَّعْرِيضُ والتَّصْرِيحُ، بلا نِزاعٍ.

وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَن يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخيهِ إِنْ أُجِيبَ، وَإنْ رُدَّ، حَلَّ، وَإنْ لَمْ يَعْلَمِ الْحَال فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يحِلُّ للرَّجُلِ أنْ يخْطُبَ على خِطْبَةِ أخِيه إنْ أُجِيبَ. هذا المذهبُ. يعْنِي، يَحْرُمُ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ: قاله أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ. اخْتارَه أبو حَفْص. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر: قاله في «الفائقِ»، و «الزّرْكَشِيِّ». فعلى المذهبِ، يصِحُّ العَقْدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه أبو بَكْر. قاله ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ. وقال الزَّرْكَشِي: قال أبو بَكْر: البَيعُ على بَيعِ أخِيه باطِل. نصَّ عليه. فخرَّج ابنُ عَقِيل وغيرُه بُطْلانَ النِّكاحِ؛ للنَّهْي. قوله: ولا يحِلُّ للرَّجُلِ أنْ يخْطُبَ على خِطْبَةِ أخِيه إنْ أجِيبَ. اعْلَمْ أنه إذا أُجيبَ تَصْرِيحًا، فلا كلامَ. وإنْ أُجِيبَ تعْرِيضًا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لا يحِلُّ له أيضًا كالتّصْرِيحِ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الامامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والخِرقِيِّ. وصحَّحَه الناظِمُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وعنه، يجوزُ. قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إباحَةُ خِطْبَتِها. وأطْلَقهما في «المُحَرر»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزركَشِيِّ». تنبيه: مَفْهومُ كلام المُصَنِّفِ، أن له أنْ يخْطُبَ على خِطبةِ الذميِّ مُطْلَقًا؛ لأنه ليس بأخِيه. وهو صحيح، نص عليه الامامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تَعالى، في رِوايَةِ عليِّ بنَ سَعيدٍ. فائدة: قوْله: وإنْ رُدَّ، حَلَّ. بلا نِزاع. وكذا إنْ ترَك الخِطبةَ، أو أذِنَ له. وكذا إنْ سُكِتَ عنه، عندَ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيل. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وعن القاضي، سُكُوتُ البِكْرِ رِضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن لم يَعْلَمْ بالحالِ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، يجوزُ. وهو الصَّحيح، وهو ظاهِرُ ما نقَلَه المَيمُونِي. وصحَّحه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». والثَّاني، لا يجوزُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «العُمْدَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه الله: ولو خَطَبَتِ المَرْأةُ أو وَلِيُّها الرَّجُلَ ابتداءً فأجابَها، فيَنْبَغِي أنْ لا يحِل لرَجُل آخَرَ خِطتُها، إلَّا أنَّه أضْعَفُ مِن أنْ يكونَ هو الخاطِبَ. ونَظِيرُ الأولَى، أنْ تخْطُبَه امْرأة أو وَلِيُّها بعدَ أنْ يخْطُبَ هو امْرَأةً، فإنَّ هذا إيذاءٌ للمَخْطُوبِ في المَوْضِعَين، كما أنَّ ذاك إيذاءٌ للخاطِبِ، وهذا بمَنْزِلَةِ البائعِ على بَيعِ أخِيه قبلَ انْعِقادِ العَقْدِ، وذلك كله يَنْبَغِي أنْ يكونَ حرامًا.

وَالتَّعْويلُ فِي الرَّدِّ وَالإجَابَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً عَلَيهَا، وَإنْ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة أخْرَى: لو أذتَتْ لولِيِّها أنْ يُزَوِّجَها مِن رجُلٍ بعَينه، احْتمَلَ أنْ يحْرُمَ على غيرِه خِطبتُها، كما لو خطَب فأجابَتْ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يحْرُمَ؛ لأنَّه لم يخْطُبْها أحَد. قال ذلك القاضي أبو يَعْلَى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه الله: وهذا دَليل مِن القاضي على أنَّ سُكُوتَ المرأة عندَ الخِطْبَةِ ليس بإجابَةٍ بحالٍ. قوله: والتَّعْويلُ في الرَّدِّ والإجابَةِ عليها، إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً -بلا نِزاعٍ-

مُجْبَرَةً، فَعَلَى الوَلِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كانَتْ مُجْبَرَةً، فعلى الوَلِيِّ. هذا المذهبُ؛ سواء رَضِيَتْ أو كَرِهَتْ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرر»، و «النظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وصرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيل. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو أجابَ وَلِيُّ المَرْأةِ، فكَرهَتِ المُجابَ واخْتارَتْ غيرَه، سقَط حُكْمُ إجابَةِ وَلِيِّها، وإنْ كَرِهَتْه ولم تَخْتَرْ سِواه، فيَنْبَغِي أنْ يسْقُطَ حُكْمُ الإجابَةِ، وإنْ أجابَتْ ثم رجَعَتْ، زال حُكْمُ الإجابَةِ.

وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَأنْ يُخْطَبَ قَبْلَ الْعَقْدِ بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ عَقْدُ النكاحِ مَساءَ يَوْمِ الجُمُعَةِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخ عَبْدُ القادِرِ في «الغُنْيَةِ»: يُسْتَحَبُّ عَقْدُه يَوْمَ الجُمُعَةِ أو الخَمِيسِ، والمساءُ أوْلَى. قوله: وأنْ يخْطُبَ قبلَ العَقْدِ بخُطبةِ ابنِ مَسْعُودٍ. وهذا المذهبُ أيضًا، وعليه الأصحابُ، والعَمَلُ عليه قديمًا وحديثًا. وقال الشيخُ عَبْدُ القادِرِ: إنْ أخَّرَ الخُطةَ عن العَقْدِ جازَ. انتهى. قلتُ: يَنْبَغِي أنْ يُقال: مع النسْيانِ بعدَ العَقْدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يزيدُ على خُطبةِ ابنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عنه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «العُمْدَةِ»: ويَقْرأ ثلاثَ آياتٍ. وذكَرَها. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: يأتِي بخُطبةِ ابنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ الله عنه، بالآياتِ الثَّلاثِ، وأنَّ اللهَ أمرَ بالنِّكاحِ ونهَى عنِ السِّفاحِ، فقال مُخْبِرًا وآمِرًا: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (¬1). وقال الشيخُ عَبْدُ القادِرِ: يُسْتَحَبُّ أنْ يزيدَ هذه الآيَةَ أيضًا. ¬

(¬1) سورة النور 32.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، كان الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله تعالى، إذا حضَر العَقْدَ ولم يَسْمَعِ الخُطبَةَ، انْصَرفَ. والمُجْزِئ منها، أنْ يَتَشهَّدَ ويُصَلِّيَ على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -

وَأنْ يُقَال لِلْمُتَزَوِّجِ: بَارَكَ اللهُ لَكُمَا وَعَلَيكُمَا، وَجَمَعَ بَينَكُمَا فِي خَيرٍ وَعَافِيَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِةِ في «نُكَتِه على المُحَررِ»: وقَع في كلامِ القاضي في «الجامِعِ» ما يقْتَضِي أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يَتزَوَّجَ في شَوَّالٍ.

وَإذَا زُفَّتْ إِلَيهِ، قَال: اللَّهُمَّ إِنِّي أسْألكَ خَيرَهَا وَخَيرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيهِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدةٌ: في خَصائصِه - صلى الله عليه وسلم - (¬1): كان له - صلى الله عليه وسلم - أنْ يتزَوَّجَ بأيِّ عدَدٍ شاءَ. فيكونُ قوْلُه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} (¬2) ناسِخًا لقوْلِه: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} (¬3). قاله في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: كانَ له أنْ يتزَوَّجَ بأيِّ عدَدٍ شاءَ، إلى أنْ نزَل قوْلُه تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} فتكونُ هذه الآيَةُ ناسِخَةً للآيَةِ الأولَى. وقال القاضي: الآيَةُ الأولَى تدُل على أن مَن لم تُهاجِرْ معه مِنَ النِّساء، لم تحِلَّ له. قال في «الفُروعِ»: فيَتَوجَّهُ احْتِمال، أنه شَرْطٌ في قَراباتِه في الآيَةِ لا الأجْنَبِيَّاتِ. انتهى. وكان له - صلى الله عليه وسلم - أنْ يتزَوَّجَ بلا وَلِي ولا شُهودٍ، وفي زَمَنِ الإحْرامِ أيضًا. قدَّمه في «الفُروعِ». قال القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ، جَوازُ النِّكاحِ له (¬4) بلا وَلِي ولا شُهودٍ، وفي زَمَنِ الإحْرام. وأطْلَقَ أبو الحُسَينِ، ووالِدُه، وغيرُهما وَجْهَين. وقال ابنُ حامِدٍ: لم يَكُنْ له النِّكاحُ بلا وَلِيٍّ ولا شُهودٍ ولا زَمَنَ الإحرامِ مُباحًا. وكان له - صلى الله عليه وسلم - أنْ يتزَوَّجَ بلَفْظِ الهِبَةِ. جزَم به في «الفُصولِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقد جزَم ابنُ الجَوْزِي بجَوازِه عن الإمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، الوَقْفُ. وكان لي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يتَزَوَّجَ بلا مَهْرْ جزَم به الأَصحابُ، وجزَم به ابنُ الجَوْزِي عن العُلَماءِ. وكان - صلى الله عليه وسلم - واجِبٌ عليه السِّواكُ والأضْحِيَةُ والوترُ، على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في ¬

(¬1) انظر في خصائصه - صلى الله عليه وسلم - كتاب تلخيص الحبير، لابن حجر 3/ 117 - 144. حيث استوفى فيه الخصائص. (¬2) سورة الأحزاب 50. (¬3) سورة الأحزاب 52. (¬4) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «خِصالِ ابنِ البَنّا»، و «العُدَّةِ» للشّيخِ عبدِ اللهِ كُتَيلَةَ (¬1). وقدَّمه في «الفُصولِ». قال الزَّرْكَشِي: وُجوبُ السِّواكِ اخْتِيارُ القاضي وابنِ عَقِيل. وقيل: ليس بواجِبٍ عليه ذلك. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. ذكَره عنه (¬2) في «الفُصولِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، [و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، في السِّواكِ، في بابِه] (¬3). وقال في «الفُصولِ»: وكان واجِبًا عليه - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتا الفجرِ. وقال في «الرعايَةِ»: وكان واجبًا عليه الضُّحَى. قال الشّيخُ تَقِيّ الدينِ، رَحِمَه اللهُ: هذا غَلَطٌ، ولم يكُنْ - صلى الله عليه وسلم - يُواظِبُ على الضُّحَى باتِّفاقِ العُلمَاءِ بسُنّتِه. وكان - صلى الله عليه وسلم - واجِبًا عليه قِيامُ اللَّيلِ، ولم يُنْسَخْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه أبو بَكْر وغيرُه. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: نُسِخَ. جزَم به في «الفُصولِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». [ومِن خَصائصِه - صلى الله عليه وسلم - أنه لو ادُّعِيَ عليه، كان القَوْلُ قَوْلَهَ مِن غيرِ يَمِين، وإنِ ادَّعَى هو بحَق، كان القَوْلُ قَوْلَه مِن غيرِ يَمِين. قاله أبو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ. نقَلَه عنه ابنُ خَطِبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه على المُحَرَّرِ»] (3). واوجِبَ عليه - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُخَيِّرَ نِساءَه بينَ فِراقِه والإقامَةِ معه. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّه - صلى الله عليه وسلم - في وُجوبِ التَّسْويَةِ في القَسْمِ كغيرِه. وذكَرَه في «المُجَرّدِ»، و «الفُنونِ»، و «الفُصولِ». وظاهِرُ كلامِ ابن الجَوْزِي، أنَّه غيرُ واجب. وفي «المُنْتَقَى» احْتِمالان. قال أصحابُنا؛ القاضي وغيرُه: وفُرِضَ عليه - صلى الله عليه وسلم - إنْكارُ المُنْكَرِ إذا رَآه على كلِّ حالٍ. قال في «الرِّعايَةِ»: ¬

(¬1) تقدمت ترجمته في 1/ 57. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُرِضَ عليه إنْكارُ المُنْكَرِ إذا رآه [على كلِّ حالٍ] (¬1)، وغيرِه في حال دُونَ حال. قلتُ: حكَى ذلك قوْلًا ابنُ البَنَّا في «خِصالِه»، واقْتَصرَ عليه. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وقيل: فُرِضَ عليه إنْكارُ المُنْكَرِ. واقْتَصرَ عليه. ومُنِعَ - صلى الله عليه وسلم - مِن الرَّمْزِ بالعَينِ والإشارَةِ بها، وإذا لَبِسَ لأمَةَ، الحَرْبِ أنْ يَنْزَعَها (¬2) حتى يَلْقَى العَدُوَّ. ومُنِعَ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا مِنَ الشِّعْرِ والخَطِّ وتَعلُّمهما. واخْتارَ ابنُ عَقِيل، أنَّه صُرِفَ عن الشِّعْرِ، كما اعْجِزَ عنِ الكِتابةِ، قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يجْتَمِعَ الصَّرْفُ والمَنْعُ. ومُنِعَ - صلى الله عليه وسلم - مِن نِكاحِ الكِتابِةِ كالأمَةِ مُطْلَقًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقاله ابنُ شاقْلَا، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُصولِ». وعنه، لم يُمْنَعْ. واخْتارَه الشَّرِيفُ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: يُباحُ له - صلى الله عليه وسلم - مِلْكُ اليَمِينِ، مُسْلِمَةً كانتْ أو مُشْرِكَةً. وتقدَّم في أواخِرِ بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ (¬3) حُكم الصَّدَقَةِ له. وأبِيح له - صلى الله عليه وسلم - الوصالُ، وخُمْسُ خُمْسِ الغَنِيمَةِ. قال المُصَنفُ: وإنْ لم يحْضُرْ. وأبيحَ له - صلى الله عليه وسلم - الصَّفِيُّ مِنَ المَغْنَمِ، ودُخولُ مكَّةَ مُحِلا ساعَةً، وجُعِلَتْ ترِكَتُه - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةً. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم؛ لا يُمْنَعُ مِنَ الإرْثِ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لا يَرِثُ ولا يَعْقِلُ بالإجْماعِ. وله - صلى الله عليه وسلم - أخْذُ الماءِ مِنَ العَطْشانِ. ويَلْزَمُ كل واحدٍ أنْ يَقِيَه بنَفْسِه ومالِه، فله طَلَبُ ذلك. وحَرُمَ على غيرِه نِكاحُ زَوْجاتِه فقط. وجوَّز ابنُ حامِدٍ وغيرُه نِكاحَ مَن فارَقَها في حَياتِه، وهُنَّ أرواجُه في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وهُنَّ أمَّهَاتُ المُؤمِنِين. يعْنِي، في تَحْريمِ النِّكاحِ. والنجِسُ مِنَّا طاهِر منه. ذكَرَه في «الفُنونِ» وغيرِه. وقدَّمه ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في ا: «لا ينزعها». (¬3) 7/ 289.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». وفي «النِّهايةِ» لأبي المَعالِي وغيرِها: ليس بطاهِر. وهو - صلى الله عليه وسلم - طاهِر بعدَ مَوْتِه، بلا نِزاعٍ بينَ العُلَماءِ، بخِلافِ غيرِه، فإنَّ فيه خِلافًا، على ما تقدَّم في بابِ إزالةِ النَّجاسَةِ (¬1). ولم يذْكُرِ الأصحابُ هذه المَسْألةَ هنا، وذكَر ابنُ عَقِيل، أنَّه لم يَكُنْ له فَىْء في شَمْسٍ ولا قَمَرٍ؛ لأنَّه نُورانِيٌّ، والظِّلُ نَوْعُ ظُلْمَةٍ. وكانتْ تجْتَذِبُ الأرْضُ أتْفالهُ (¬2). انتهى. وساوَى الأنْبِياءَ في مُعْجِزاتِهم، وانْفرَدَ بالقُرْآنِ، والغَنائمِ، وجُعِلَتْ له الأرضُ مَسْجدًا وترابُها طَهُورًا، والنَّصْرُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهْر، وبُعِثَ إلى النَّاسِ كافَّة، وكل نَبِيٍّ إلى قَوْمِه. ومُعْجِزاته - صلى الله عليه وسلم - باقيَةً إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وانْقطَعَتْ مُعْجِزاتُ الأنْبِياءِ بمَوْتِهم. وتَنامُ عينُه ولا ينامُ قَلْبُه، فلا نَقْضَ بنَوْمِه مُضْطَجِعًا. وتقدَّم ذلك في نَواقِضِ الوُضوءِ (¬3). ويرَى مِن خَلْفِه؛ يرَى مِن أمامِه. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، وجُمْهورُ العُلَماءِ: هذه الرُّؤَيةُ رُؤيَة بالعَينِ حَقيقةً. ولم يَكُنْ لغيرِه أنْ يقْتُلَ إلَّا بإحْدَى ثلاثٍ، وكان له ذلك، صلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه. نصَّ عليه في رِوايَةِ أبِي داودَ. والدَّفْنُ في البُنْيانِ مُخْتَص، قالتْ عائشةُ: لئَلَّا يُتَّخَذَ قبْرُه مَسْجِدًا. وقال جماعةٌ: لوَجْهَين؛ أحدُهما، قوْلُه - صلى الله عليه وسلم -: «يُدْفَنُ الأنْبِياءُ حيثُ يَمُوتُون» (¬4). رواه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله. والثَّاني، لئَلَّا تمَسَّه أيدِي العُصَاةِ والمُنافِقين. قال أبو المَعالِي: وزِيارَةُ قَبْرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَحَبَّة الرجالِ والنِّساءِ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ (¬5) غيرِه. قلتُ: فيُعايَى بها. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ، على قولِ أكثرِ المُفَسرِين في قوْلِه: {وَلَا ¬

(¬1) 2/ 340. (¬2) في الأصل: «أثقاله». (¬3) 2/ 21. (¬4) تقدم تخريجه في 6/ 238. (¬5) في الأصل: «كلامه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (¬1): لا تُهْدِ لتُعْطى أكثرَ، هذا الأدَبُ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً، وأنَّه لا إثْمَ على أُمَّتِه في ذلك. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله: خُصَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بواجباتٍ، وَمحْظُوراتٍ، ومُباحاتٍ، وكَراماتٍ. وذكَر جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّه خُصَّ بصَلاةِ رَكْعتَين بعدَ العَصْرِ. واخْتارَه ابنُ عَقِيل. قال ابنُ بَطَّةَ: كان خاصًّا به. وكذا أجابَ القاضي. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، أنَّ صلاتَه قاعِدًا بلا عُذْرٍ كصَلاته قائمًا، خاصٌّ به. قال: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّه لو كان لنَبِي مالٌ، أنَّه تَلْزَمُه الزَّكاةُ. وقيل للقاضي: الزَّكاةُ طُهْرَة، والصَّبِي مُطَهَّر. قال: باطِلٌ بزَكاةِ الفِطْرِ ثم بالأنْبِياءِ، صَلَواتُ الله وسلامُه عليهم، بأنهم مُطَهَّرُون، ولو كان لهم مالٌ، لَزِمَتهم الزكاةُ. ¬

(¬1) سورة المدثر 6.

باب أركان النكاح وشروطه

بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشرُوطِهِ فَأرْكَانُهُ الإيجَابُ وَالقَبُولُ. وَلَا يَنْعَقِدُ الْإيجَابُ إلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْويجِ بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهُمَا، أو بِمَعْنَاهُمَا الْخَاصِّ بِكُلِّ لِسَانٍ لِمَنْ لَا يُحْسِنُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أرْكانِ النِّكاحِ وشُرُوطِه قوله: ولا يَنْعَقِدُ الإيجابُ إلَّا بلَفْظِ النِّكاحِ والتّزْويجِ. والقَبُولُ أن يقُولَ: قَبِلْتُ هذا النِّكاحَ. أو: هذا التَّزْويجَ. ومِن ألْفاظِ صِيَغِ القَبُولِ: تَزَوَّجْتُها. قال في «الفُروعِ»: أو: رَضِيتُ هذا النِّكاحَ. اعْلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنّ النِّكاحَ لا ينْعَقِدُ إلا بالإيجابِ والقَبُولِ بهذه الألفاظِ، لا غيرُ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم صاحِبُ «الرعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يصِح، وينْعَقِدُ بالكِنايَةِ أيضًا. وخرَّجه ابنُ عَقِيل في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» مِن جَعْلِه عِتْقَ الأمَةِ صَداقَها. وخرَّجه بعضُهم مِن قَوْلِ الخاطِبِ والوَلِي: نعم. فإنَّه لم يقَعْ مِنَ المُتَخاطِبَين لَفْظ صريح. وقال الشَّيخُ تَقِي الدينِ، رَحِمَه الله: ينْعَقِدُ بما عدَّه النَّاسُ نِكاحًا، بأي لُغَةٍ ولَفْظٍ وفِعْل كان. وقال: مثْلُه كلُّ عَقْدٍ. وقال: الشَّرْطُ بينَ النَّاسِ ماعدُّوه شَرْطًا؛ فالأسْماءُ تُعْرَفُ حُدودُها تارَةً بالشَّرْعِ، وتارَةً باللُّغَةِ، وتارَةً بالعُرْفِ، وكذلك العُقودُ. انتهى. ونقَلَه صاحب «الفُروعِ». وقال ابنُ خَطِيب السّلامِيَّةِ في «نُكتِه على المُحَرَّرِ»؛ قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه الله، ومِن خَطِّه نقَلْتُ: الذي عليه أكثرُ العُلَماءِ، أنَّ النكاحَ ينْعَقِدُ بغيرِ لَفْظِ الإنْكاحِ والتَّزْويجِ. قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وقِياسُ مذهبِه، وعليه قُدَماءُ أصحابِه؛ فإنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نصَّ في غيرِ مَوْضِع على أنَّه ينْعَقِدُ بقوْلِه: جعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ. وليس في هذا اللَّفْظِ إنْكاح ولا تَزْويج، ولم ينْقُلْ أحَدٌ عن الامامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، أنَّه خصَّه بهذين اللَّفْظَين، وأوَّلُ مَن قال مِن أصحابِ الامامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، فيما عَلِمْتُ، أنَّه يَخْتَصُّ بلَفْظِ الإِنْكاحِ والتَّزْويجِ، ابنُ حامِدٍ، وتَبِعَه على ذلك القاضي ومَن جاءَ بعدَه؛ لسَبَبِ انتِشارِ كُتُبِه، وكثْرَةِ أصحابِه وأتْباعِه. انتهى. وقال في «الفائقِ»: وقال شيخُنا: قِياسُ المذهبِ صِحَّتُه بما تَعارَفاه نِكاحًا؛ مِن هِبَةٍ وتَمْليكٍ ونحوهما، أخْذًا مِن قوْلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله: أعْتَقْتُكِ وجعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ. قال في «الفائقِ»: وهو المُخْتارُ. ثم قال: قلتُ: ليس في كلامِ الإمامِ أحمدَ تَخْصِيصُ ما ذكَرَه الأصحاب إلَّا قوْلَه: إذا وَهَبَتْ نفْسَها فليس بنِكاح. ثم قال: والأظهَرُ أنَّ في صِحَّتِه بلَفْظِ الهِبَةِ ونحوها رِوايتَين؛ أخْذًا مِن قوْلِ ابنِ عَقِيل في «الفُصولِ»، في الخصائص مِن كِتابِ النِّكاحِ: واخْتَلَفتِ الرِّوايَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، هل النِّكاحُ بلَفْظِ الهِبَةِ مِن خَصائِصِه - صلى الله عليه وسلم - أمْ لا؟ انتهى كلامُ صاحِبِ «الفائقِ». وسُئِلَ الشَّيخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِي الدينِ، رَحِمَه الله، عن رجُل لم يقْدِرْ أنْ يقولَ إلا: قَبِلْتُ تَجْويزَها. بتَقْديم الجيمِ؟ فأجابَ بالصحَّةِ، بدليلِ قوْلِه: جَوْزَتي طالِقٌ. فإنَّها تَطْلُقُ. انتهى. قلتُ: يُكْتَفَى منه بقَوْلِه: قَبِلْتُ. على ما يأتِي، ويكونُ هذا قوْلَ الأصحابِ. وهو المذهبُ. فائدة: لو قال الوَلِيُّ للزَّوْجِ: زَوَّجْتَكَ فُلانَةَ. بفَتْحِ التَّاءِ، هل ينْعَقِدُ النِّكاحُ؟ توَقَّفَ فيها ناصِحُ الإِسْلامِ ابنُ أبِي الفَهْمِ. وبعضُ الأصحابِ فرَّق بينَ العارِفِ باللّغَةِ والجاهِلِ بها، كقَوْلِه: أنْتِ طالِق أنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. بفَتْحِ الهَمْزَةِ وكَسْرِها، منهم الشَّيخُ محيي الدِّينِ يُوسُفُ بنُ الجَوْزِيِّ، وأفْتَى المُصَنفُ بصِحَّتِه مُطْلَقًا. وقال في «الرِّعايَةِ»: يصِحُّ جَهْلًا أو عَجْزًا، وإلَّا احْتَمَلَ وَجْهَين. وقال في «الفُروعِ»، في أوائلِ بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايته: يتوَجَّهُ، أنَّ هذه المَسْألةَ كمثلِ ما لو قال لامْرَأتِه: كُلَّما قُلْتِ لي شيئًا ولم أقُلْ لكِ مثلَه، فأنْتِ طالِقٌ ثلاثًا. على ما يأتِي في أوْائلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايته. ويأتِي هناك، لو قال لها: أنْتَ طالِقٌ. بفَتْحِ التَّاءِ. وهذه حادِثَةٌ وقَعَتْ بِحَرَّانَ زَمَنَ ابنِ الصَّيرَفِيِّ، فسأل عنها العُلَماءَ. ذكَرَها في «النَّوادِرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ لي غيرِه، أنَّ النِّكاحَ ينْعَقد إذا وُجِدَ الإيجابُ والقَبُولُ؛ سواءٌ وقَع مِن هازِلٍ أو مُلْجَأ أو مِن غيرِهما. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فائدة: لا يصِحُّ تعْلِيقُ النكاحِ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَل. قاله الأصحابُ. على ما يأتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ الشُّروطِ في النكاحِ، فيما إذا علَّق ابْتدِاءَ النكاحِ على شَرْطٍ. قال ابنُ رَجَبٍ: إنَّما قال الأصحابُ ذلك ليُخْرِجُوا الشروطَ الحاضِرَةَ والماضِية، مثلَ قوْلِه: زَوَّجْتُكَ هذا المَوْلُودَ إنْ كان أنْثَى. أو: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي إنْ كانتْ عِدَّتُها قدِ انْقضَتْ. أو: إنْ كنتُ وَلِيَّها. وهما يعْلَمان ذلك، فإنَّه يصِحُّ. وكذلك تعْلِيقُه بمَشِيئَةِ الله تعالى، فإنَّه يصِحُّ. قال ابنُ شاقْلَا: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه شَرْط مَوْجُود إذا اللهُ شاءَه، حيث اسْتُجْمِعَتْ أرْكانُه وشُروطُه. وكذلك لو قال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي إنْ شِئْتَ. فقال: قد شِئْتُ وقَبِلْتُ. فإنَّه يصِحُّ؛ لأنَّه شَرَطَ مُوجِبَ العَقْدِ ومُقْتَضاه، لأنَّ الإيجابَ إذا صدَر، كان القَبُولُ إلى مَشِيئةِ القابِلِ ورِضاه، فلا يَضُرُّ شَرْطُه فيه، وليس هذا بشرْطٍ مُسْتقْبَل؛ لأنَّ مَشِيئَة القابِلِ مُقارِنة للقَبُولِ، ولا يتمُّ العَقْدُ بدُونِه. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: بالعَرَبيةِ لمَن يُحْسِنُهما. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا ينْعَقِدُ إلا بالعَرَبِيةِ لمَن يُحْسِنهما. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفائقِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ انْعِقادَه بغيرِها. واخْتارَه الشَّارِحُ أيضًا، وقال: هو أقْيَسُ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، وصاحِبُ «الفائقِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «التبصِرَةِ».

فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِي أحدِ الْوَجْهَينِ. وَالْقَبُولُ أنْ يَقُولَ: قَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ. أوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُحْسنُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ قدَر على تعَلمِهما بالعَرَبِيَّةِ، لم يَلْزَمْه، في أحَد الوَجْهَين. يعْنِي، إذا قُلْنا: لا ينْعَقِدُ النِّكاحُ إلَّا بالعَرَبِيَّةِ لمَن يُحسِنُهما. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يلْزَمُه تعَلُّمُهما، وينْعَقِدُ بلِسانِه بمَعْناهما الخاصِّ لهما. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الفُصولِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشّارِحُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «شَرْحَ ابنِ رَزِين»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يَلْزَمُه. قال (¬1) في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وإنْ قدَر أنْ يتعَلَّمَ ذلك بالعَرَبِيَّةِ، لَزِمَه، في أصح الوَجْهَين. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ: قَبِلْتُ. أوْ قَال الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ اقْتَصَرَ على قَوْل: قَبِلْتُ. أو قالَ الخاطِبُ للوَليِّ: أزَوجْتَ؟ قال:

قَال: نَعَمْ. وَلِلْمُتَزَوِّجِ: أقبِلْتَ؟ قَال: نَعَمْ. صَحَّ. ذَكَرهَ الْخِرَقِيّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نعم. وللمُتَزَوِّجِ: أقَبِلْتَ؟ قال: نعم. صَحَّ. ذكَرَه الخِرَقِيُّ. ونصَّ عليه. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. قطَع به الجُمْهورُ، ونَصرَه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ فيهما. قال ابنُ عَقِيل: وهو الأشْبَهُ بالمذهبِ؛ لعامِ لَفْظِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنْكاحِ والتَّزْويجِ. واخْتارَ الصِّحَّةَ في اقْتِصارِه على قوْلِ: قَبِلْتُ. دُونَ اقْتِصارِه على قوْلِه: نعم. في الإيجابِ أو القَبُولِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أوْجَبَ النِّكاحَ ثم جُنَّ قبلَ القَبُولِ، بطَل العَقْدُ، كمَوْتِه. نصَّ عليه. ولو أوْجَبَه ثم أُغْمِيَ عليه قبلَ القَبُولِ، فهل يبطُلُ العَقْدُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يَبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفائقِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». والوَجْهُ الثَّاني، لا يبْطُلُ. قال القاضي في «الجامِعِ»: هذا قِياسُ المذهبِ. [قلتُ: وتَتوَجَّهُ الصِّحَّةُ إذا قال: في المَجْلِسِ] (¬1). الثانيةُ، ينْعَقِدُ نِكاحُ الأخْرَسِ بإشارَةٍ مَفْهومَةٍ. نصَّ عليه. وكذا بكِتابَةٍ. ذكَرَه الأصحابُ. وكلامُ المُصَنِّف وغيرِه -ممَّن لم يذْكُرِ المَسْألةَ، وأطْلَقَ في قوْلِهم: لا ينْعَقِدُ الإِيجابُ إلَّا بلَفْظِ الإِنْكاحِ- مُرادُهم القادِرُ على النُّطْقِ، فأمَّا مع العَجْزِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الإيجَابَ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُطْلَقِ، فيَصِحُّ. وأمَّا الكِتابَةُ في حَقِّ القادِرِ على النُّطْقِ، فلا ينْعَقِدُ بها النِّكاحُ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ينْعَقِدُ. ذكَرَهما في «المُحَرَّر» وغيرِه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الأظْهَرُ المَنْعُ مع حُضورِه، والصِّحَّةُ مع غَيبَتِه. قوله: وإنْ تقَدَّمَ القَبُولُ الإيجابَ، لم يصِحَّ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «البُلْغةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُحَرَّرِ»، وقال: رِوايَةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحِدةً. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر ابنُ عَقِيل وجماعَةٌ رِوايَةً بالصِّحَّةِ، منهم صاحِبُ «الفائقِ»، إذا تقدَّم بلَفْظِ الماضي أو الأمْرِ. قال النَّاظِم: وإنْ يَتَقَدَّمْ لم نُصَحِّحْه بَتَّةً … ولو صحَّحُوا تقْدِيمَه لم أُبَعِّدِ وقال في «الرِّعايَةِ» مِن عندِه: لو قال: زَوِّجْنِي. فقال: زوَّجْتُك. أو قال له

وَإنْ تَرَاخَى عَنْهُ، صَحَّ، مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يقطعهُ فَإِنْ تفَرَّقَا قَبْلَهُ، بَطَلَ الإيجَابُ. وَعَنْهُ، لَا يَبْطُلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَليّ: تزَوَّجْتَ. فقال: تزَوجْتُ. صحَّ. وقال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ، إذا تقدَّم بلَفْظِ الطلَبِ. تنبيه: قوْلُه: وإنْ تَراخَى عنه، صَحَّ، ما داما في المَجْلِسِ، ولم يتشاغَلا بما يقْطعه. يعْنِي، في العُرْفِ. قوله: فإنْ تَفَرَّقا قبلَه، بطَل الإِيجابُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يبْطُلُ. وعنه، لا يبْطُلُ مع غَيبَةِ الزَّوْجِ. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لأُخِذَتْ هذه الرِّوايَةُ مِن قوْلِه، في رِوايَةِ أبِي طالِبٍ، في رَجُل مشَى إليه قوْم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقالُوا: زوِّجْ فُلانًا. فقال: قد زوَّجْتُه على ألْفٍ. فرجَعُوا إلى الزَّوْجِ فأخْبَرُوه، فقال: قد قَبِلْتُ. هل يكونُ هذا نِكاحًا؟ قال: نعم. فأشْكَلَ هذا النَّصُّ على

فَصلٌ: وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ؛ أَحَدُهَا، تَعْيِينُ الزَّوْجَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ فقال القاضي: هذا حُكْمٌ بصِحَتِه بعدَ التَّفَرُّقِ عن مَجْلِسِ العَقْدِ. قال: وهو مَحْمولٌ على أنَّه قد كان وكَلَ مَن قَبِلَ العَقْدَ عنه، ثم أُخْبِرَ بذلك فأمْضاه. ورَدَّه ابنُ عَقِيل، وقال: رِوايَةُ أبِي طالِبٍ تُعْطِي أنَّ النِّكاحَ المَوْقوفَ صحيحٌ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: قد أحْسَنَ ابنُ عَقِيل، وهو طَرِيقةُ أبِي بَكْر، فإنَّ هذا ليس تراخِيًا للقَبُولِ، وإنَما هو تَراخ للإِجازَةِ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وشُروطُه خَمْسَة؛ أحَدُها، تعْيِينُ الروْجَين. لو خطَب

فَلَو قَال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي. وَلَهُ بَنَاتٌ، لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُشِيرَ إِلَيهَا، أَوْ يُسَمِّيَهَا، أو يَصِفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ امْرَأةً فأوْجَبَ له النِّكاحَ في غيرِها، فقَبِلَ يظنها مَخْطُوبَتَه، أنَّه لا يصِحُّ. وهو صحيح. نصَّ عليه. فائدة: قوْلُه: فإذا قال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي. وله بَناتٌ، لم يصِحَّ حتى يُشِيرَ إليها، أو يُسَمِّيَها، أو يَصِفَها بما تَتَمَيَّزُ به، وإنْ لم يَكُنْ له إك ابْنَة واحِدَةٌ، صَحَّ. بلا نِزاعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في ذلك في الجُمْلَةِ. لكِنْ لو عيَّنا في الباطِنِ واحِدَة، وعَقَدا عليها العَقْدَ باسم غيرِ مُتَمَيز، نحوَ أنْ يقول: بِنْتِي. وله بَناتٌ، أو يُسَمِّيَها باسم يَنْويَها في الباطِنِ غيرَ مُسَمَّاةٍ، ففي الصحَّةِ وَجْهان. اخْتارَ القاضي في مَوْضِع الصِّحَّةَ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ، والقاضي أيضًا، في مَوْضِعٍ آخَرَ البُطْلانَ. ومأخَذُه أنَّ النِّكاحَ يُشتَرَطُ

وَلَوْ قَال: إِنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي ابْنَةً، فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا. لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له الشَّهادَةُ، ويَتعَذَّر الإشْهادُ على النِّيَّةِ. وعن أبِي حَفْص العُكْبَرِيِّ، إنْ كانتِ المُسَمَّاةُ غلَطًا، لم يحِلَّ نِكاحُها؛ لكَوْنِها مُزَوَّجَةً أو غيرَ ذلك، صحَّ النِّكاحُ، وإلَّا فلا. ذكرَ ذلك في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المائةِ».

فَصْلٌ: الثَّانِي، رِضَا الزَّوْجَينِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّاني، رِضا الزَّوْجَين، فإن لم يَرْضَيا أو أحَدُهما، لم يصِحَّ، إلَّا الأبُ

إلا الْأَبُ لَهُ تَزْويجُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَبَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بِغَيرِ إِذْنِهِمْ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ تَزْويجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ إلا بِإِذْنِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ له تَزْويجُ أوْلادِه الصِّغارِ والمَجانِينِ، وبَناتِه الأبكارِ بغيرِ إذْنِهم. اعلمْ أنَّ في تزْويج الأبِ (¬1) أوْلادَه الصِّغارَ (¬2) عَشْرَ مَسائلَ؛ إحْداها، أوْلادُه الذُّكورُ العُقلاءُ الَّذينَ هم دُونَ البُلوغ والكِبارُ المَجانِينُ، فله تَزْويجُهم؛ سواء أذِنُوا أوْ لا، وسواء رَضُوا أم لا، بمَهْرِ المِثْلِ أو بزِيادَةٍ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه في كلِّ واحد منهما. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر القاضي في إجْبارِ مُراهِقٍ عاقِل نَظرًا. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ إجْبارِه. وقيل: له تَزْويجُ الصَّغِيرِ إنِ احْتاجَ إليه. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ». وحمَلَه ابنُ عَقِيل على المُراهِقِ، والأكثرُ على الحاجَةِ مُطْلَقا، على ما يأتِي قرِيبًا. وقال في «الانْتِصارِ»: يَحْتَمِلُ في ابنِ تِسْع، يُزَوَّجُ بإذْنِه؛ سواء ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان أبوه أو وَلِيٌّ غيرُه. وقال صاحِبُ «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ، أنَّه كأنثَى أو كعَبْدٍ. وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: يَحْتَمِلُ أنَّه كثَيِّبٍ، وإنْ سلمْناه، فلا مَصْلَحَةَ له، وإذنه ضَيِّق لا يكْفِي صَمْتُه. وقيل: لا يُزَوَّجُ لهما بأكْثَرَ مِن مَهْرِ المِثْلِ. اخْتارَه القاضي. ويأتي ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كِتابِ الصَّداقِ. وقيل: لا يُخبَرُ المَجنونُ البالِغُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحالٍ. اخْتارَه أبو بَكْر. وقيل: يُجْبِرُه مع الشَّهْوَةِ، وإلَّا فلا. اخْتاره القاضي. وقيل: لا يُزَوجُه إلَّا الحاكِمُ. ذكَرَه في «الرِّعايَة». قلتُ: تقْدِيمُ الحاكِم على الأبِ قَوْلٌ ساقِط. ويأتِي، هل لوَصِيِّ الصَّغِيرِ الإجْبارُ؟ عندَ قوْلِه: ووَصِيُّه في النِّكاحِ بمَنْزلَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، ما قاله القاضي في «الجامِعِ الكَبِير»: إنَّ تزْويجَ الطِّفْلِ والمَعْتُوهِ ليس بإجْبارٍ، إنَّما الإجْبارُ في حقِّ مَن له إذْنٌ واخْتِيارٌ. انتهى. ومنها، لو كان يُخْنَقُ في الأحْيانِ، لم يجُزْ تَزْويجُه إلَّا بإذْنِه. ومنها، ليس للابنِ الصَّغِيرِ إذا زوَّجَه الأبُ خِيار إذا بلَغ. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. جزَم به فإن «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابِ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ الجَوْزِيِّ أنَّ له الخِيارَ. ومنها، للأبِ قَبُولُ النِّكاحِ للمَجْنُونِ والصَّغِيرِ، وله أنْ يُفَوِّضَه إلى الصغِيرِ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ صحَّ بَيعُه وطَلاتُه. وقال في «الرِّعايَةِ»: ويصِحُّ قَبُولُ المُمَيِّزِ بإذْنِ وَلِيِّه. نصَّ عليه. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ كان الغُلامُ ابنَ عَشْرٍ وهو مُمَيِّزٌ، فقِياسُ المذهبِ جوازُ تفْويضِ القَبُولِ إليه. ومنها، حيث قُلْنا: يزوِّجُ الصَّغِيرَ والمَجْنونَ. فيكونُ بواحِدَةٍ، وفي أرْبَع وجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وظاهِرُ «المُغْنِي» و «الشَّرْحِ» الإِطْلاقُ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: قِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يُزَوِّجُه أكثرَ مِن واحِدَةٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «المُذْهَب». وقال القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»: له تزْويجُ ابْنِه الصَّغِيرِ بأرْبَع. [قال ابنُ نَصرِ اللهِ في «حَواشِيه»: وهو أظْهَرُ] (3). وجزَم به [ابنُ رَزِين] (¬1) في «شَرْحِه»، وقال: إذا رأى فيه مَصْلَحة. وهو مُرادُ مَنْ أطْلَقَ. ويأتِي حُكْمُ سائرِ الأوْلِياءِ في تزْويجِهم لهما. المَسْألةُ الثَّانيةُ، أوْلادُه الذُّكُورُ، العاقِلين البالِغين، ليس له تزْويجُهم. يعْنِي، بغيرِ إذْنِهم، بلا نِزاعٍ، إلَّا أنْ يكونَ سَفِيهًا ففي إجْبارِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، في هذا البابِ. قلتُ: الأوْلَى الإِجْبارُ إنْ كان أصْلَحَ له. وتقدَّم ذلك أيضًا في بابِ الحَجْرِ (¬1) بأتَمَّ مِن هذا، ¬

(¬1) 13/ 393.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فليُراجَعْ. المَسْألةُ الثالثةُ، ابْنَتُه البِكْرُ التي لها دُونَ تِسْعِ سِنينَ، فله تزْويجُها بغيرِ إذْنِها ورِضَاها، بلا نِزاع. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. الرَّابعَةُ، البِكْرُ التي لها تِسْعُ سنينَ فأزْيَدُ إلى ما قبلَ البُلوغِ، له تزْويجُها بغيرِ إذْنِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، والمُصنِّفُ في «العُمْدَةِ»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُ هم. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، وقالا: هذا المَشْهورُ. وقدَّمه أيضًا في «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، لايجوزُ تزْويجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنينَ إلَّا بإذْنِها. قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر: هو المَنْصوصُ عنِ الامامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي أظْهَرُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، وغيرِهم. واخْتارَ أبو بَكْر، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللهُ، عدَمَ إجْبارِ بِنْتِ تِسْعِ سِنينَ؛ بِكْرًا كانتْ أو ثيبًا. قال في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ: إذا بلَغَتِ الجارِيَة تِسْعَ سِنِينَ، فلا يُزَوِّجُها أبوها ولا غيرُه إلَّا بإذْنِها. قال بعْضُ المُتأخِّرِينَ مِن الأصحابِ: وهو الأقْوَى. الخامسةُ، البكرُ البالِغَةُ له إجْبارُها أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه المُصَنِّفُ هنا؛ حيث قال: وبناتِه الأبكارِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، وابنُه أبو الحُسَينِ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»، والشَّرِيفُ، وابنُ البَنَّا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وصحَّحَه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ». قال في «الإفْصاحِ»: هذا أظْهَرُ الرِّوايتَين. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، وقال: وتُجْبَرُ عندَ الأكْثَرِ بِكْرًا بالِغَةً. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُجْبِرُها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشَّيخُ تَقِي الدينِ، رَحِمَه الله. قال في «الفائقِ»: وهو الأصحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهي أظْهَرُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرحِه». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ». فعلى المذهبِ، يُسْتَحَبُّ إذنها، وكذا إذْنُ أُمِّها. قاله في «النَّظْمِ» وغيرِه. السَّادسةُ، البِكْرُ المَجْنونَةُ له إجْبارُها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، وعليه الأصحابُ. وقيل: له إجْبارُها إنْ كان يَمْلِكُ إجْبارَها وهي عاقِلَة، وإلًّا فلا. وهو ظاهِرُ «الخِلافِ» لأبِي بَكْر. فائدة: لو كان وَلِيُّها الحاكِمَ، فله تزْويجُها في وَجْهٍ، إذا اشْتَهَتْه. قاله في «الرعايَةِ»، وقال: وإنْ كان وَلِيُّها غيرَ الحاكِمِ والأبِ، زوجَها الحاكِمُ. وقيل: بل يُزَوِّجُها وَلِيُّها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد قال المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله، هنا: لسائرِ الأوْلِياءِ تَزْويجُ المَجْنونَةِ إذا ظهَر منها المَيلُ إلى الرِّجالِ. السَّابعةُ، الثيبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْنونَةُ الكَبِيرَةُ له إجْبارُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: له إجْبارُها، في الأصحِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه القاضي وغيره. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه. وقيل: لا تُجبَرُ ألْبَتَّةَ. اخْتارَه أبو بَكْر. الثَّامنةُ، الثيبُ العاقِلَةُ التي لها دُونَ تِسْعِ سنِينَ له إجْبارُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به كثير مِنَ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الانْتِصارِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايَةِ». وقدمه في «الفُروعِ». وقيل: ليس له إجْبارُها. قلتُ: فعلى هذا، لا تزَوَّجُ الْبَتَّةَ حتى تبْلُغ تِسْعَ سنِينَ، فَيَثْبُتَ لها إذْنُ مُعْتَبَرةٍ. التَّاسعةُ، الثيبُ العاقِلَةُ التي لها تِسْعُ سِنِينَ فأكثرُ ولم تبْلُغْ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جواز إجْبارِها وَجْهَين، وهما كذلك عندَ أكثَرِ. وعندَ أبِي الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، والمَجْدِ، ومَن تابعَهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»؛ أحدُهما، ليس له إجبارُها. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ بَطَّةَ، وصاحِبُه أبو جَعْفَرِ بنُ المُسْلمِ (¬1)، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل، والشيرازِي، والمُصَنفُ، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، له إجْبارُها. اخْتارَه أبو بَكْر. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفائقِ». العاشرةُ، الثيبُ البالِغَةُ العاقِلَةُ ليس له إجْبارُها، بلا نِزاع. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف، بل هو كالصَّريحِ في قوْلِه: فإنْ لم يَرْضَيا أو أحَدُهما، لم يصِحَّ، إلَّا الأبُ له تَزْويجُ أوْلادِه الصغارِ والمَجانِينِ، وبَناتِه الأبكارِ بغيرِ إذْنِهم. أن الجَدَّ ليس له الإجْبارُ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الواضِحِ» رِوايَةً؛ أن الجَدَّ يُجْبِرُ كالأبِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». فائدتان؛ إحْداهما، للصَّغِيرَةِ، بعدَ تِسْعِ سنِينَ، إذْنُ صَحيحةٍ مُعْتَبَرَةٍ، حيثُ ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وكنيته أبو حفص، وهو عمر بن إبراهيم بن عبد الله العكبري، يعرف بابن المسلم، واشتهر بملازمة ابن بطة. تقدمت ترجمته في 1/ 69.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: لا تُجْبَرُ. أو: تُجْبَرُ. لأجْلِ اسْتِحْبابِ إذْنِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ونقلَه عَبْدُ اللهِ، وابنُ مَنْصُورٍ، وأبو طالِبٍ، وأبو الحارِثِ، وابنُ هانِئ، والمَيمُونِيُّ، والأثْرَمُ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزم به القاضي في «تَعْليقِه»، و «جامِعِه»، و «مُجَرَّدِه»، وابنُ عَقِيلٍ في «فُصولِه»، و «تَذْكِرَتِه»، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَر، وابنُ البَنَّا. ونصَبَها (¬1) الشِّيرَازِيُّ للخِلافِ. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي بَكْر. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وهو الذي ذكَرَه أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، ولم يَذْكرُوا فيه خِلافًا. وكذا أكثرُ أصحابِ القاضي. انتهى. [واخْتارَه ابنُ شِهابٍ في «عُيونِ المَسائلِ»، وابنُ بَكْرُوسٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «التَّحْقيقِ». نقَلَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» عن جدِّه] (¬2). وقدَّمه في ¬

(¬1) في الأصل، ا: «ونصبهما». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، وقال: نقَلَه، واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما وأشْهَرُهما عنِ الإِمامِ أحمدَ. قال في «التَّسْهِيلِ»: وإذْنُ بِنْتِ تِسْعِ سنِينَ مُعْتَبَر في الأظْهَرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر أبو الخَطَّابِ وغيرُه رِوايَةً، لا إذْنَ لها. وصحَّحه في «النَّظْمِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا أعْلَمُ أحدًا ذكَرَها قبلَه. مع أنَّه لم يذْكُرْها في «رُءوسِ المَسائلِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»،

وَهَلْ لَهُ تَزْويجُ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». الثَّانيةُ، حيث قُلْنا بإجْبارِ المَرْأةِ ولها إذْنٌ، أُخِذَ بتَعْيِينها (¬1) كُفْئًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قلتُ: وهو الصوابُ الذي لا يُعْدَلُ عنه. نقَل أبو طالبِ، إنْ أرادَتِ الجارِيَةُ رَجُلًا، وأراد الوَلِيُّ غيرَه، اتَّبَعَ هَواها. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفائقِ». زادَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: إنْ كانتْ رَشِيدَةً غيرَ مُجْبَرَةٍ. وقيل: يُوخَذُ بتَعْيِينِ الوَلِيِّ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وتقدَّم ما يُشابِهُ ذلك في أواخِرِ البابِ الذي قبلَه، عندَ قوْلِه: والتَّعْويلُ في الردِّ والإجابَةِ عليها إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً. ¬

(¬1) في ا: «بتعينها».

وَالسَّيِّدُ لَهُ تَزْويجُ إمَائِهِ الأبْكَارِ والثيبِ وَعَبِيدِهِ الصِّغَارِ بِغَيرِ إِذْنِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والسيِّدُ له تَزْويجُ إمائِه الأبْكارِ والثيبِ. وهذا بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ. ورُوِيَ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ما يدُلُّ على أنه لا تُجْبَرُ الأمَةُ الكبِيرَةُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ظاهِرُ هذا، أنَّه لا تُجْبَرُ الأمَةُ الكَبِيرَةُ؛ بِناءً على أنَّ مَنْفَعَةَ البُضْعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس بمالٍ. لكنَّ مرادَ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطلَقَ هنا، غيرُ المُكاتَبَةِ، فإنَّه ليس له إجْبارُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِين» وَجْهٌ، له إخبارُها. فائدتان؛ إحْداهما، لو كان نِصْفُ الأمَةِ حُرًّا ونِصْفُها رَقِيقًا، لم يَمْلِكْ مالِكُ الرِّق إجبارَها. على الصحيحِ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وذكَر القاضي في مَوْضِعٍ مِن كلامِه، أنَّ للسَّيدِ إجْبارَها. وتَبِعَه ابنُ عَقِيلٍ، والحَلْوانِيُّ، وابْنه. وهو ضَعيف جِدًّا. قال بعضهم: وهو وَهْم. الثَّانية، لو كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُها مُعْتَقًا، اعْتُبِرَ إذنها وإذْنُ مالِكِ البَقِيَّةِ، كما لو كانتْ لاثْنَين، ويقولُ كل واحِدٍ منهما: زَوَّجْتُكَها. ولا يقولُ: زَوَّجْتُك بعضَها. قاله ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، والفَخْرُ في «التَّرْغِيبِ». واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». لأنَّ النِّكاحَ لا يَقْبَلُ التبعِيضَ والتَّجْزِيء، بخِلافِ البَيعِ والإجارَةِ. قوله: وعَبِيدَه الصِّغارِ -يعْنِي، له تزْويجُهم- بغيرِ إذْنِهم. وهو المذهبُ.

وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ. وَيَحْتَمِلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصِّغَارِ أيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَمْلِكَ إجْبارَهم (¬1). وهو لأبِي الخَطَّابِ. وحَكاه في «عُيونِ المَسائلِ» رِوايَةً. وهو في «الانْتِصارِ» وَجْهٌ. والحُكْمُ في العَبْدِ المَجْنونِ الكَبِيرِ كذلك. قوله: ولا يمْلِكُ إجْبارَ عَبْدِه الكَبِيرِ. يعْنِي العاقِلَ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) في الأصل: «إجباره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَمْلِكُه.

وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْويجُ كَبِيرَةٍ إلا بِإِذنِهَا، إلا الْمَجْنُونَةَ، لَهُمْ تَزْويجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيلُ إِلَى الرِّجَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجوزُ لسائرِ الأوْلِياءِ تَزْويجُ كَبِيرَةٍ إلَّا بإذْنِها، إلَّا المَجْنُونَةَ، لهم تَزْويجُها إذا ظهَر منها المَيلُ إلى الرِّجالِ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّر»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ليس لهم ذلك مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقال القاضي: لا يُزَوِّجُها إلَّا الحاكِمُ. قاله المُصنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال في «الفُروعِ»: وذكَر القاضي وغيرُه وَجْهًا، يُجْبِرُها الحاكِمُ. وأطْلَقهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وأطْلَقَ الأوَّلَ والأخِيرَ في «الرِّعايَةِ». فوائد (¬1)؛ إحْداها، لو لم يَكُنْ لها وَلِيٌّ إلَّا الحاكِمَ، زَوَّجها. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ. قال في «الفُروعِ»: يُجْبِرُها حاكِمٌ، في الأصحِّ. وقيل: ليس له ذلك. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقال في «المُغْنِي»، وتَبِعَه في «الشَّرْحِ»: وكذلك يَنْبَغِي أنْ يَمْلِكَ تَزْويجَها، إنْ قال أهْلُ الطَّبِّ: إنَّ عِلَّتَها تزُولُ بتَزْويجِها؛ لأنَّ ذلك مِن أعْظَمِ مَصالِحِها. الثَّانيةُ، تُعْرَفُ شَهْوَتُها مِن كلامِها ومِن قَرائِنِ أحْوالِها؛ كتَتَبُّعِها الرِّجال، ومَيلِها إليهم، وأشباهِ ذلك. الثَّالثةُ، إنِ احْتاجَ الصَّغِيرُ العاقِلُ والمَجْنونُ (¬2) المُطبَقُ البالِغُ إلى النِّكاحِ، زَوَّجَهما الحاكِمُ بعدَ الأبِ والوَصيِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» فيهما. وجزَم به في «الرِّعايَةِ» ¬

(¬1) في الأصل: «فائدتان». (¬2) في الأصل: «أو مجنون. . . .».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المَجْنونِ. وظاهِرُ «الإِيضاحِ» لا يُزَوِّجُهما أيضًا. وإنْ لم يَحْتاجا إليه، فليس له تَزْويجُهما، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. قدَّمه في «المُغْني»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الرِّعايَةِ» عن المَجْنونِ: وهو أظْهَرُ. وقيل: يُزَوِّجُهما الحاكِمُ. وقال القاضي في «المُجَرَّدِ»: له تزْويجُ الصَّغِيرِ العاقِلِ؛ لأنَّه يَلِي ماله. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» فيهما، وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ» في المَجْنونِ. تنبيهان؛ أحدُهما، ألْحَقَ في «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ» جميعَ الأوْلِياءِ، غيرَ الأبِ والوَصِيِّ، بالحاكِمِ في جَوازِ تَزْويجهما عندَ الحاجَةِ، والخِلافُ مع عدَمِها. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ هذه الأَحْكامَ مَخْصُوصَةٌ بالحاكِمِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، إلَّا أنَّهما قالا: يَنْبَغِي أنْ يجوزَ تزْويجُه، إذا قال أهْلُ الطِّبِّ: إن في ذلك ذَهابَ عِلتِه؛ لأنَّه مِن أعْظَمِ مَصالِحِه. الثَّاني، المُرادُ هنا مُطْلَقُ الحاجَةِ؛ سواءٌ كانتِ الحاجَةُ للنِّكاحِ أو غيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك أَطْلَقَ الحاجَةَ كثيرٌ مِن الأصحابِ. وصرحَّ به في «المُغْنِي» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقال ابنُ عقِيلٍ في «الفُصولِ» وغيرُه: الحاجَةُ هنا هي الحاجَةُ إلى النِّكاحِ، لا غيرُ.

وَلَيسَ لَهُمْ تَزْويجُ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ. وَعَنْهُ، لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ. وَعَنْهُ، لَهُمْ تَزْويجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ بِإِذْنِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس لهم تَزْويجُ صَغِيرَةٍ بحالٍ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به في «العُمْدَةِ». وصحَّحَه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا عِبْرَةَ بما قاله ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لهم ذلك. ولها الخِيارُ إذا بلَغَتْ، ولو كان قبلَ تِسْعِ سنِينَ. فعليها، يُفِيدُ الحِلَّ والإِرْثَ وبَقِيَّةَ أحْكامِ النِّكاحِ. على الصَّحيحِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الفُصولِ»: لا يُفِيدُ الإِرْثَ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى، لا يُفِيدُهما؛ لأنَّه جعَلَه مَوْقُوفًا. ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. وعنه رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، لهم تَزْويجُ ابْنَةِ تِسْعِ سنِينَ بإذْنِها. اعْلمْ أنَّ هذه الرِّوايَةَ مُفَرَّعَةٌ على ما تقدَّم، مِن كَوْنِ ابنَةِ تِسْعٍ هل لها إذْنُ مُعْتَبَرةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمْ لا؟ وتقدَّم أن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ المَنْصُوصَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، الذي عليه أكثرُ الأصحابِ، أنَّ لها إِذْنَ مُعتَبَرَةٍ، فتكونُ هذه الرِّوايَةُ هي المذهبَ. وهو كذلك. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وناظمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُفْرَداتِ». قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: ولغيرِهما تزْويجُ بِنْتِ تِسْعِ سنِينَ. على الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروع»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال الزَّرْكَشِيُّ في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»: هذا هو المذهبُ. وجزَم به القاضي أبو الحُسَينِ في «فروعِ». وأطْلَقهُنَّ في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغَةِ». وقد بنَى في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم، هذا الخِلافَ هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الخِلافِ في ابْنَةِ تِسْعٍ، هل لها إِذْنُ مُعتَبَرةٍ أمْ لا؟ كما تقدَّم. وظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» عدَمُ البِناءِ؛ حيث أطْلَقُوا الخِلافَ هناك، وقدَّمُوا هنا عدَمَ تَزْويجِهم مُطْلَقًا. تنبيه: قال في «الفُروعِ»: وعنه، لهم تزْويجُها، كالحاكِمِ. فظاهِرُ هذا، أنَّ للحاكِمِ تَزْويجَ الصَّغِيرَةِ، وإنْ منَعْنا غيرَه مِن الأوْلِياءِ، بلا خِلافٍ. ولا أعْلمُ له على ذلك مُوافِقًا، بل صرَّح في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما بغيرِ ذلك، ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، ومع ذلك له وَجْهٌ؛ لأنَّه أعْلَمُ بالمَصالِح من غيرِة من الأوْلِياءِ، لكِنْ يحْتاجُ إلى مُوافِقٍ، ولعَلَّه: كالأبِ. فسَبق القَلَمُ. [وكذا قال شيخُنا وابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيهما». وذكرَ شيخُنا، أنَّه ظاهِرُ كلامِ القاضي في «المُجَرَّدِ»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ، وَإذْنُ الْبِكْرِ الصُّمَاتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهٌ آخَرُ: المُرادُ بقوْلِه في الرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ: ولها الخِيارُ إذا بلَغَتْ. البُلُوغُ المُعْتادُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِه. وقيل: إنَّه بُلوغُ تِسْعِ سنِينَ. قطَع به ابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرازِيُّ. قوله: وإذْنُ الثَّيِّبِ الكَلامُ -بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ- وإذْنُ البِكْرِ الصُّمَاتُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. ولِكنْ نُطْقُها أبْلَغُ. وقيل: يُعْتَبَرُ النُّطْقُ في غيرِ الأبِ. واخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ»، في مَسْأَلةِ إجْبارِ البالِغَةِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يُعْتَبرُ في الاسْتِئْذانِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ على وَجْهٍ تقَعُ المَعْرِفَةُ به، ولا يُشْترَطُ تَسْمِيَةُ المَهْرِ. على الصَّحيحِ. نقَلَه الزَّرْكَشِيُّ. الثَّانيةُ، قال في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه: لا يُشْترَطُ الإِشْهادُ على إذْنِها. وكذا قال ابنُ المَنِّيِّ في «تَعْلِيقِه»: لا تُعْتبَرُ الشَّهادَةُ على رِضَا المَرْأَة. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وفي المذهبِ خِلافٌ شاذٌّ، يُشْترَطُ الإِشْهادُ على إذْنِها. انتهى. وإنِ ادَّعَتِ الإِذْنَ فأنْكَرَ وَرَثَتُه، صُدِّقَتْ. وقال في «الفُروعِ»: ولا تُشْترَطُ الشَّهادَةُ بخُلُوِّها عنِ المَوانِع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرْعِيَّةِ. واقْتَصَرَ عليه.

وَلَا فَرْقَ بَينَ الثُّيُوبَةِ بِوَطْءٍ مُبَاحٍ أوْ مُحَرَّمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا فَرْقَ بين الثُّيُوبَةِ بوَطْءٍ مُباحٍ أو مُحَرَّمٍ. أمَّا الوَطْءُ المُباحُ، فلا خِلافَ في أنَّها ثَيِّبَةٌ به. وأمَّا الوَطْءُ بالزِّنَى وذَهابُ البَكارَةِ به، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه كالوَطْءِ المُباحِ في اعْتِبارِ الكَلامِ في إذْنِها. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ:

فَأمَّا زَوَالُ الْبَكَارَةِ بِإِصْبَعٍ أَوْ وَثْبَةٍ، فَلَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الإِذْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصرَّح به الأصحابُ. قلتُ: بل أَوْلَى، إنْ كانتْ مُطاوعَةً. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ: ولو بزِنًى. وقيلٍ: حُكْمُها حُكْمُ الأبْكارِ. قلتُ: لعَلَّ صاحِبَ هذا القَوْلِ أرادَ إذا كانتْ مُكْرَهَةً، وإلَّا فلا وَجْهَ له. قوله: فأمَّا زَوالُ البَكارَةِ بإصبَعٍ أو وَثْبَةٍ، فلا يُغَيِّرُ صِفَةَ الإِذْنِ. وكذا الوَطْءُ في الدُّبُرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ في ذلك كلِّه، وعليه الأَصحابُ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُغَيِّرُ صِفَةَ الإِذْنِ، فيُعْتبَرُ النُّطْقُ في الكُلِّ. قلتُ: لو قيل بالفَرْقِ بينَ مَن ذهبَتْ بَكارَتُها بإصْبَعٍ أو وَثْبَةٍ، وبينَ مَن وُطِئَتْ في دُبُرِها مُطاوعَةً، فيَكْفِي الصَّمْتُ في الأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، لكان له وَجْهٌ قَويٌّ. فائدتان؛ إحْداهما، حيث حكَمْنا بالثُّيوبَةِ، لو عادَتِ البَكارَةُ، لم يزُلْ حُكْمُ الثُّيُوبَةِ. ذكَرَه القاضي في «الحاكِمِ»، وذكَرَه غيرُه أيضًا. لأنَّ المَقْصُودَ مِن الثُّيُوبَةِ حاصِل لها. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ محَلَّ وفاقٍ. الثَّانيةُ، لو ضَحِكَتِ البِكْرُ أو بكَتْ، كان كسُكُوتِها. قاله الأصحابُ. وقال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: فإنْ بكَتْ كارِهَةً، فلا، إلَّا أنْ تكونَ مُجْبَرَةً. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ فإنَّ البُكاءَ تارَةً يكونُ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ، وتارَةً يكون لشِدَّةِ الغَضَبِ وعدَمِ الرِّضَا بالواقِعِ. فإنِ اشْتَبَهَ ذلك، نظَرْنا إلى دَمْعِها؛ فإنْ كان مِن السُّرورِ، كان بارِدًا، وإنْ كان مِن الحُزْنِ، كان حارًّا. ذكَره البَغَويُّ عن بعضِ أهْلِ العِلْمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في تفْسيرِ قوْلِه تَعالى في مَرْيَمَ: {وَقَرِّي عَينًا} (¬1). فإنْ قيل: كان يُمْكِنُها النُّطْقُ إذا كَرِهَتْ. قُلْنا: وكان يُمْكِنُها النُّطْقُ بالإِذْنِ [إذا رَضِيَتْ] (¬2)، ولكِنَّها لمَّا كانتْ مَطْبُوعَةً على الحَياءِ في النُّطْقِ، عمَّ الرِّضَا والكَراهَةَ. ¬

(¬1) سورة مريم 26. وانظر تفسير البغوي 4/ 243. (¬2) زيادة من: ا.

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، الْوَلِيُّ، فَلَا نِكَاحَ إلا بِوَلِيٍّ، فَإِنْ زَوَّجَتِ الْمَرأَةُ نَفْسَهَا أَوْ غَيرَهَا، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، الوَلِيُّ، فلا نِكاحَ إلَّا بوَلِيٍّ. هذا المذهبُ. أعْنِي أنَّ الوَلِيَّ شَرْطٌ في صِحَّةِ النِّكاحِ. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا يخْتَلِفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ في ذلك. وعنه، ليس الوَلِيُّ بشَرْطٍ مُطْلَقًا. وخصَّها المُصَنِّفُ وجماعَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالعُذْرِ لعدَمِ الوَلِيِّ والسُّلْطانِ. فعلى المذهبِ، لو زوَّجَتِ المَرْأةُ نَفسَها أو غيرَها، لم يصِحَّ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ لها تَزْويجُ نَفْسِها. ذكَرَها

وَعَنْهُ، لَهَا تَزْويجُ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا. فَيُخَرَّجُ مِنْهُ صِحَّةُ تَزْويجِ نَفْسِهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، وَتَزْويجِ غَيرِهَا بِالْوَكَالةِ. وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعَةٌ مِن الأصحابِ. وعنه، لها أنْ تأْمُرَ رجُلًا يُزَوِّجُها. وعنه، لها تزْويجُ أَمَتِها ومُعْتَقَتِها. وهذه الرِّوايَةُ لم يُثْبِتْها القاضي، ومنَعَها. وذكَر الزَّرْكَشِيُّ لَفْظَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في ذلك، ثم قال: وفي أخْذِ رِوايَةٍ مِن هذا نَظَرٌ، لكِنَّ عامَّةَ المُتأخِّرِين على إثْباتِها. قوله: فيُخَرَّجُ منه صِحَّةُ تَزْويجِ نَفْسِها بإذْنِ وَلِيِّها، وتَزْويجِ غيرِها بالوَكالةِ. يعْنِي، على رِوايَةِ أنَّ لها تَزْويجَ أَمَتِها ومُعْتَقَتِها. وخرَّجه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الله: هذا التَّخْريجُ غَلَطٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ، وصاحبُ «تَجْريدِ العِنايَةِ» عن هذا التخريجِ: ليسَ بشيءٍ. وفرَّق القاضي وعامَّةُ الأصحابِ -على رِوايَةِ تَزْويج أمَتِها ومُعْتَقَتِها- بينَ تَزْويجِ أمَتِها، وتَزْويجِ نَفْسِها وغيرِها؛ بأنَّ التَّزْويجَ على المِلْكِ لا يحْتاجُ إلى أهْلِيَّةِ الولايَةِ، بدَليلِ تزْويجِ الفاسِقِ مَمْلُوكَتَه. تنبيه: فعلى المذهبِ، يُزَوِّجُ أمَتَها بإذْنِها مَن يُزَوِّجُها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُزَوِّجُها أيُّ رَجُلٍ أذِنَتْ له. [هذا إذا كانتْ رَشِيدَةً، فأمَّا المَحْجورُ عليها، فيُزَوِّجُ أَمَتَها وَلِيُّها في مالِها خاصَّةً. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرُهم، وقطَعُوا به] (¬1). وعلى المذهبِ، إذا زوَّجَها وَلِيُّها بإذْنِها فلا بُدَّ مِن نُطْقِها بالإِذْنِ؛ ثَيِّبًا كانتْ أو بِكْرًا. وعلى المذهبِ أيضًا، لو زُوِّجَتْ بغيرِ إذْنِ وَلِيِّها، فهو نِكاحُ الفُضُولِيِّ، وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، فيه الخِلافُ الذي في تَصَرُّفِ الفُضُولِيِّ، على ما تقدَّم في كِتابِ البَيعِ. وتقدَّم أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهب البُطْلانُ. وهذه طَرِيقةُ القاضي والأكْثَرِين. وهي الصَّحيحَةُ مِن المذهبِ. والطَّريقُ الثَّاني، القَطْعُ ببُطْلانِه. وهي ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طريقةُ أبِي بَكْرٍ، وابنِ أبِي مُوسى. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، على التَّفْريقِ بينَ البَيعِ والنِّكاحِ، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ. فعلى القَوْلِ بفَسادِ النِّكاحِ، وهو المذهبُ، لا يحِل الوَطْءُ فيه وعليه فِراقُها، فإنْ أبَى، فسَخَه الحاكِمُ، فإنْ وَطِئَ، فلا حَدَّ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وعنه، عليه الحَدُّ. وحُكِيَ عنِ ابنِ حامِدٍ. وأطْلَقهما في «الفائقِ». فائدة: لو حكَم بصِحَّتِه حاكِمٌ، لم يُنْقَضْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وصحَّحه المَجْدُ في «شَرْحِه». وقيل: يُنْقَضُ. خرَّجه القاضي. وهو قولُ الإِصْطَخْرِيِّ مِن الشَّافِعِيَّةِ. وأطْلَقهما في «الفائقِ»، و «الفُروعِ»، فقال: وهل ثبَت بنَصٍّ فيَنتقِضَ حُكْمُ مَن حكَم بصِحَّتِه؟ فيه وَجْهان. وفي «الوَسيلَةِ» رِوايَتان. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، في قوْلِه: وعنه، لها تَزْويجُ أَمَتِها ومُعْتَقَتِها. أن المُعْتَقَةَ كالأمَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ.

وَأحَقُّ النَّاسِ بِنِكَاحِ الْمَرأَةِ الْحُرَّةِ أَبُوهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أصحُّ. واخْتارَه ابنُ أبِي الحَجَرِ (¬1) مِن أصحابِنا، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، لا تَلِي نِكاحَ المُعْتَقَةِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». فعلى الأُولَى، إنْ طَلبَتْ وأذِنَتْ، زوَّجَتْها، فلو عضَلَتْ، زَوَّجَ وَليُّها. لكِنْ في إذْنِ السُّلْطانِ وَجْهان في «التَّرْغِيبِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: قاعِدَةُ المذهبِ تَقْتَضِي عدَمَ إِذْنِه. وعلى الثَّانيةِ، يُزَوِّجُها بدونِ إذْنِها أقْرَبُ عَصَبَتِها، ثم السُّلْطانُ، ويُجْبِرُها مَن يُجْبِرُ سيِّدَتَها. قلتُ: الأَوْلَى، على هذه الرِّوايَةِ، أن لا تُجْبَرَ المُعْتَقَةُ الكَبِيرَةُ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: المُعْتَقَةُ في المرَضِ، هل يُزَوِّجُها قَرِيبُها؛ فيه وَجْهان. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: يَمْلِكُ إجْبارَها مَنْ يَمْلِكُ إجْبارَ سيِّدَتِها التي أعْتَقَتْها. قال: وهو بعيدٌ. وهو كما قال في الكَبِيرَةِ. [وظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه ليس له ولايةُ إجْبارٍ في تَزْويجِ المُعْتَقَةِ مُطْلَقًا] (¬2). قوله: وأحَقُّ النَّاسِ بنِكاحِ المَرْأَةِ الحُرَّةِ أبُوها، ثم أبُوه وإنْ عَلا، ثم ابنُها، ¬

(¬1) هو حامد بن محمود بن حامد، أبو الفضل الحراني، المعروف بابن أبي الحَجَر، كان شيخ حران وخطيبها، توفي سنة سبعين وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 332. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم ابنُه وإنْ سَفَلَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُقَدَّمُ الابنُ وابنُه على

ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبِ والجَدِّ. ذكَرَه ابنُ المَنِّيِّ في «تَعْلِيقِه». وأخَذَه أبو الخَطاب في «انْتِصارِه» مِن قوْلِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ: العَصَبَةُ فيه مَن أحْرَزَ المال. وخرجه الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، مِن رِوايَةِ تقْديمِ الأخِ على الجَدِّ؛ لاشْتِراكِهما في المَعْنَى. وعنه، يُقَدم الابنُ على الجَدِّ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى،

ثُمَّ ابْنُهَا، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نزَلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والشِّيرازِيُّ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، عليها تقْديمُ الأخِ على الجَدِّ. وعنه، سَواءٌ. وذكَر الزَّرْكَشِيُّ رِوايَةً ثالثةً بتَقْديمِ الجَدِّ على الأخِ، على هذه الرِّوايَةِ، وأطْلَقهُنَّ. وخرج الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وَجْهًا بتَساوي الأبِ والابنِ، والجَدِّ وابنِ الابنِ. وخرَّجه بعضُهم مِن رِوايَةِ اسْتِواءِ الأخِ والجَدِّ.

ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيهَا، ثُمَّ لِأَبِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم أخُوها لأبوَيها، ثم لأبيها. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ عندَ

وَعَنْهُ تَقْدِيمُ الابْنِ عَلَى الْجَدِّ، وَالتَّسْويَةُ بَينَ الْجَدِّ وَالْأخِ، وَبَينَ الْأَخِ لِلْأبَوَينَ وَالْأخِ لِلْأَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتأَخِّرِين. اخْتارَه جماعَةٌ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

ثُمَّ بَنُو الإخْوَةِ وَإنْ سَفَلُوا، ثُمَّ الْعَمُّ، ثُمَّ ابْنُهُ، ثُمَّ الْأقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنَ الْعَصَبَاتِ، عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وعنه، هما سَواءٌ. وهو المذهبُ عندَ المُتَقدِّمِين. جزَم به الخِرَقِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المذهبُ عندَ الجُمْهورِ؛ الخِرَقِيُّ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبُو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم.

ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، الأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ في أوْلادِ الإِخْوَةِ مِن الأبوَين والأب، والأعْمامِ مِنَ الأبوَين والأبِ، وأوْلادِهم، وهَلُمَّ جرًّا. الثَّانيةُ، لو كانا ابْنَيْ عَمٍّ، أحدُهما أخٌ لأُمٍّ، فحُكْمُهما حُكْمُ الأخِ مِن الأبوَين والأخِ مِن الأبِ، على ما تقدَّم عنَد القاضي، وجماعَةٍ مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: هما سواءٌ، ولا مَزِيَّةَ للإِخْوَةِ مِن الأُمِّ، لانْفِرادِها بالإِرْثِ. وزادَ قوْلَ القاضي. وهو كما قالا. قوله: ثم المَوْلَى المُنْعِمُ، ثم عَصَباتُه، الأقْرَبُ فالأقرَبُ. هذا المذهبُ، وعليه

السُّلْطَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقَدَّمُ أبو المُعْتَقةِ على ابْنِها [في تَزْويجِ أَمَتِها وعَتِيقَتِها. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ] (¬1). قوله: ثم السُّلْطانُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، مَن أسْلَمَتْ على يَدِ إنْسانٍ، فهو أحقُّ بتَزْويجِها مِن السُّلْطانِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، السُّلْطانُ هنا؛ هو الإمامُ أو الحاكِمُ، أو مَن فُوِّضَ إليه. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيّ، وغيرُهم. وإذا اسْتَوْلَى أهْلُ البَغْي على بَلَدٍ، جرَى حُكْمُ سُلْطانِهم وقاضِيهم في ذلك مَجْرَى الإِمامِ وقاضِيه. قاله المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. ومنها، قال الزَّرْكَشِيُّ: المَشْهورُ أنَّه لا يُزَوجُ والِي البَلَدِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وعنه، يُزَوِّجُ عندَ عدَمِ القاضي. لكن القاضي أبو يَعْلَى حمَل هذه الرِّوايَةَ على أنَّه أُذِنَ له في التَّزْويجِ، والشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه الله، حمَلَها على ظاهِرِها. ومنها، قال الزَّرْكَشِيُّ أيضًا: إذا لم يكُنْ للمَرْأَةِ وَلِيٌّ، فعنه، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، لا بُدَّ مِن الوَلِيِّ مُطْلَقًا. حتى قال القاضي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، في رَجُلٍ وامْرَأَةٍ في سفَرٍ ليس معها وَلِيٌّ ولا شُهودٌ: لا يجوزُ أنْ يَتَزوَّجَ بها وإنْ خافَ الزِّنَى بها. قلتُ: وليس بظاهِرٍ مع خوفِ الزِّنَى بها. قلتُ: وليس بظاهِر مع خوفِ الزِّنَى. وعنه، والِى البَلَدِ أو كَبِيرُه يُزَوِّجُ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال في «الفُروعِ»: والصَّحيحُ ما نُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وغيرِه، يُزَوِّجُها

فَأَمَّا الْأَمَةُ، فَوَلِيُّهَا سَيِّدُهَا، فَإِنْ كَانَتْ لِامْرأَةٍ، فَوَلِيُّهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا، وَلَا يُزَوِّجُهَا إلا بِإِذْنِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذو السُّلْطانِ في ذلك المَكانِ، كالعَضْلِ، فإنْ تعَذَّرَ، وَكّلَتْ. وعنه، ثم عَدْلٌ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». تنبيه: قوْلُه: فأمَّا الأمَةُ، فوَلِيُّها سَيِّدُها. هذا بلا نِزاعٍ، ولو كان فاسِقًا أو مُكاتَبًا. وتقدَّم أنَّ لسَيِّدِها أنْ يُجْبرَها إلَّا أنْ تكونَ مُكاتَبةً. على الصحيحَ مِن المذهبِ. قوله: فإنْ كانتْ لامْرَأةٍ، فوَلِيُّها وَليُّ سَيِّدَتِها. هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّ المَرْأةَ لا عِبارَةَ لها في النِّكاحِ. وتقدَّم الخِلافُ في ذلك قَرِيبًا.

وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ الْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُوريَّةُ، وَاتِّفَاقُ الدِّينِ، وَالْعَقْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُشْتَرَطُ في الوَلِيِّ الحُرِّيةُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ، وصالحٍ، وإسْحاقَ بنِ هانِئٍ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الانْتِصارِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَلِيَ على ابنَتِه. ثم جوَّزَه بإذْنِ سيِّدِه. وذكَر في «عُيونِ المَسائلِ» احْتِمالًا بالصِّحَّةِ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: هل للعَبْدِ ولايةٌ على قَرابَتِه؟ فيه رِوايَتان. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: والأظْهَرُ أنَّه يكونُ وَلِيًّا. قوله: والذُّكُورِيَّةُ. وهو أيضًا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وتقدَّم في أوَّلِ الفَصْلِ، هل لها تزْويجُ نفْسِها أمْ لا؟

وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَعَدَالتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: واتِّفاقُ الدِّينِ. يأْتِي بيَانُ ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ قَريبًا، عندَ قوْلِه: ولا يَلِي كافِرٌ نِكاحَ مُسْلِمَةٍ بحالٍ، وعكْسُه. قوله: وهل يُشْتَرَطُ بُلُوغُه وعَدالتُه؟ على رِوايتَين. أمَّا اشْتِراطُ البُلوغِ، فأطْلَقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ فيه الخِلافَ، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»؛ إحداهما، يُشْتَرطُ بُلوغه. نصَّ عليه في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، والأثْرَمِ، وعليِّ بنِ سعيدٍ، وحَرْبٍ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «المُذْهَبِ»: يُشْترَطُ بُلوغُه، في أصحِّ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الرِّوايَةُ هي المَشْهُورَةُ، نقْلًا واخْتِيارًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الكافِي»: وهو أوْلَى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُشْتَرطُ بُلوغُه. فعليها، يصِحُّ تزْويجُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَشْرٍ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: إذا بلَغ عَشْرًا، زَوَّج وتزَوَّجَ. قدَّمه في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وعنه، اثْنَى عَشَرَ. وأمَّا اشْتِراطُ العَدالةِ، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ فيها رِوايتَين، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، يُشْتَرطُ عَدالتُه. وهو المذهبُ. قال في «المُذْهَبِ»: يُشْتَرطُ، في أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحَه ابنُ أبِي مُوسى، والأزَجِيُّ. وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُشْتَرطُ العَدالةُ. فيَصِحُّ تزْويجُ الفاسِقِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه ذكَر الطِّفْلَ، والعَبْدَ، والكافِرَ، ولم يذْكُرِ الفاسِقَ. فعلى المذهبِ، يَكْفِي مَسْتُورُ الحالِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وحمَل صاحِبُ «التَّصْحيحِ» كلامَ المُصَنِّفِ عليه. وجزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّر»، وغيرِهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: تُشْتَرطُ العَدالةُ ظاهِرًا وباطنًا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ في اشْتِراطِ العَدالةِ في غيرِ السُّلْطانِ. أمَّا السُّلْطانُ، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْترَطُ في تزْويجِه العَدالةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وأجْرَى أبو الخَطَّابِ الخِلافَ فيه أيضًا. فائدتان؛ إحْداهما، اشْترَطَ في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم الرُّشْدَ في الوَلِيِّ. واشْترَطَ في «الواضِحِ» كوْنَه عارِفًا بالمَصالِحِ، لا شيخًا كَبِيرًا جاهِلًا بالمَصْلَحَةِ. وقاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: الرُّشْدُ هنا، هو المَعْرِفَةُ بالكُفْءِ ومَصالِحِ النِّكاحِ، ليس هو حِفْظَ المالِ، فإنَّ رُشْدَ كلِّ مَقامٍ بحَسَبِه. واشْترَطَ في «الرِّعايَةِ» أنْ لا يكونَ مُفَرِّطًا فيها ولا مُقَصِّرًا. ومَعْناه في «الفُصولِ»؛ فإنَّه جعَل العَضْلَ مانِعًا وإنْ لم يفْسُقْ، لعدَمِ الشفَقَةِ، وشَرْطُ الوَلِيِّ الإشْفاقُ. الثَّانيةُ، لا تزُولُ الولايةُ بالإِغْماءِ والعَمَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» في العَمَى. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامَ أكْثَرِ الأصحابِ. وقيل: تزُولُ بذلك. ولا تزُولُ بالسَّفَهِ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنْ جُنَّ أحْيانًا، أو أُغْمِيَ عليه، أو نقَص عقْلُه بنحو مَرَضٍ، أو أحْرَمَ، انْتُظِرَ زَوالُ ذلك. نقَلَه ابنُ الحَكَمِ في المَجنونِ. ولا ينْعَزِلُ وَكِيلُهم بطَرَيانِ ذلك. وكذا إنْ أحْرَمَ وَكِيلٌ ثم حلَّ. قاله

فَإِنْ كَانَ الْأقْرَبُ طِفْلًا أوْ كَافِرًا أوْعَبْدًا، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ. وإنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ، زَوَّجَ الْأبْعَدُ. وَعَنْهُ، يُزَوجُ الْحَاكِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروع». وقال في «الرِّعايَةِ»: فإنْ أُغْمِيَ عليه ثلاثَةَ أيَّامٍ، أو جُنَّ مُتفَرِّقًا، أو نقَص عقْلُه بمرَضٍ أو غيرِه، أو أحْرَمَ، فهل الأبعَدُ أوْلَى، أو الحاكِمُ، أو هو فيُنْتَظرُ، فيَبْقَى وَكِيلُه؟ يَحْتَمِلُ أوْجُهًا (¬1). وكذا يُخَرَّجُ لو توَكَّلَ المُحِلُّ ثم أحْرَمَ ثم حلَّ. انتهى. قوله: وإنْ عضَل الأقْرَبُ زَوَّجَ الأبْعَدُ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُزَوِّجُ الحاكِمُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. ¬

(¬1) في ط: «وجها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: العَضْلُ؛ منْعُ المَرأَةِ التَّزَوُّجَ بكُفْئِها إذا طَلبَتْ ذلك ورَغِبَ كلٌّ منهما في صاحِبِه، سواءٌ طَلبَتْ ذلك بمَهْرِ مِثْلِها أو دُونِه. قاله الأصحابُ. وتقدَّم، إذا اخْتارَتْ كُفْؤًا واخْتارَ الوَلِيُّ غيرَه، أنَّه يُقَدَّمُ الذي اخْتارَتْه، فإنِ امْتنَعَ مِن تَزْويجِه، كان عاضِلًا، عندَ قوْلِه: وللسَّيِّدِ تزْويجُ إمائِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ: مِن صُوَرِ العَضْلِ؛ إذا امْتنَعَ الخُطَّابُ مِن خِطبتِها لشِدَّةِ الوَلِيِّ.

وَإنْ غَابَ غَيبَةً مُنْقَطِعَةً زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَهِيَ مَا لَا تُقْطَعُ إلا بكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَال الخرَقِيُّ: مَا لَا يَصِلُ إلَيهِ الْكِتَابُ، أوْ يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ. وَقَال الْقَاضِي: مَا لَا تَقْطَعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غابَ غَيبَةً مُنْقَطِعَةً زَوَّجَ الأبْعَدُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُزَوِّجُ الحاكِمُ. ذكَرَها في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وخرَّجها أبو الخَطَّابِ مِن عَضْلِ الوَلِيِّ، وتابَعَه في «المُحَرَّرِ».

الْقَافِلَةُ فِي السَّنَةِ إلا مَرَّةً. وَعَنْ أَحْمَدَ، رَحِمَهُ اللهُ، إِذَا كَانَ الْأبُ بَعِيدَ السَّفَرِ، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كانتِ المَرْأةُ حُرَّةً. فأمَّا إنْ كانتْ أَمَةً، فإنَّ الحاكِمَ هو الذي يُزَوِّجُها. قاله القاضي في «التَّعْليقِ» مُدَّعِيًا أنَّه قِياسُ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ حيث قال: زوَّجَها مَن هو أبْعَدُ منه مِن عَصَبَتِها. قوله: وهي ما لا تُقْطَعُ إلَّا بكُلْفَةٍ ومَشَقَّةٍ، في ظاهِر كلامِه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال الخِرَقِيُّ: ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يَصِلُ إليه الكِتابُ، أو يَصِلُ فلا يُجِيبُ عنه، كمَن هو في أقْصَى الهِنْدِ بالنِّسْبَةِ إلى الشامِ ومِصْرَ ونحوهما. قال الزَّركَشِيُّ: وهذا يَحْتَمِلُ لبُعْدِه. وهو الظَّاهِرُ. ويَحْتَمِلُ، وإنْ كان قَرِيبًا، فيكونُ في مَعْنَى العاضِلِ. وبالجُمْلَةِ فقد أوْمَأَ الإِمامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، إلى هذا في رِوايَةِ الأثْرَمِ. انتهى. وقال القاضي: ما لا تقْطَعُه القافِلَةُ في السَّنَةِ إلَّا مرةً واحِدَةً، كسَفَرِ الحِجَازِ. وتَبِعَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه». وجزَم به [ابنُ هُبَيرَةَ] (¬1) في «الإفْصاحِ». وعنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، إذا كان الأبُ بعيدَ السَّفَرِ، زوجَ الأبعَدُ. قال المُصَنِّفُ هنا: فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلاةُ. وكذا قال أبو الخَطابِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وحَدها أبو الخَطابِ بما جعَلَه الشَّرْعُ بعيدًا. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، في رِوايَةِ حَرْبٍ، إذا كان الأبُ بعيدَ السَّفَرِ، زوَّج الأخُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: يُكْتَفَى بمَسافَةِ القَصْرِ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه الله، اعْتَبرَ البُعْدَ في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، وأطْلَقَ. انتهى. وقيل: ما تُسْتَضَرُّ به الزَّوْجَةُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: ما يفُوتُ به كُفْءٌ راغِبٌ. قلتُ: وهو قَويٌّ أيضًا. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مَن تعَذَّرَتْ مُراجَعَتُه؛ كالمَأْسُورِ والمَحْبُوسِ، أو لم يُعْلَمْ مَكانُه، فحُكْمُه حُكْمُ البعيدِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال في «الكافِي»: إنْ لم يُعْلَمْ وُجودُ الأقْرَبِ بالكُلِّيَّةِ حتى زوَّجَ الأبْعَدُ، يُخَرَّجُ علي وَجْهَين مِن انْعزالِ الوَكِيلِ قبلَ عِلْمِه. قال بعضُ الأصحابِ: وفيه نَظرٌ؛ لأنَّ الوَكِيلَ تثْبُتُ له ولايةُ التَّصَرُّفِ قبلَ العَزْلِ، ظاهِرًا وباطِنًا، بخِلافِ هذا. وقال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ شرْطَ تَزْويجِ

وَلَا يَلي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ بِحَالٍ، إلا إِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبْعَدِ الغَيبَةُ المذْكُورةُ؛ فلو لم يُعْلَمْ أقَرِيبٌ هو أم بعيدٌ، لم يُزَوِّجِ الأبْعَدُ. وهو ظاهِرُ إطْلاقِ غيرِه. وقال أبو محمدٍ في «المُغْنِي» (¬1): يُزَوِّجُ الأبعَدُ والحالُ هذه. وكذلك إذا عُلِمَ أنَّه قَرِيبٌ ولكِنْ لا يُعْلَمُ مَكانُه. وهو حَسَنٌ، مع أنَّ كلامَ الخِرَقِيِّ لا يأْباه. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وكذلك لو كان الوَلِيُّ مَجْهولًا لا يُعْلَمُ أنَّه عَصَبَةٌ، ثم عُرِفَ بعدَ العَقْدِ. وكذا قال ابنُ رَجَبٍ: لو زُوِّجَتْ بِنْتُ المُلاعِنَةِ ثم اسْتَلْحَقَها الأبُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لو لم يُعْلَمْ وجُودُ الأقْرَبِ حتى زوَّج الأبعَدُ. خرَّجها في «الكافِي» على رِوايَتَي انْعِزالِ الوَكيلِ قبلَ عِلْمِه بالعَزْلِ. ورجَّح أبو العَبَّاسِ وشيخُنا، يعْنِي به ابنَ رَجَبٍ، الصِّحَّةَ هنا. وقد يُقالُ: كلامُ صاحِبِ «الكافِي» ليس في هذه الصُّورَةِ؛ لأنَّه لم يذْكُرِ الخِلافَ إلَّا فيما إذا كان الأقْرَبُ فاسِقًا أو مَجْنونًا، وعادَتْ ولايَتُه بزَوالِ المانِعِ، فزَوَّجَ الأبعَدُ مِن غيرِ عِلْمٍ بعَوْدِ ولايَةِ الأقْرَبِ. وإذا لم يَعْلَمِ الوَلِيُّ بالأقْرَبِ بالكُلِّيَّةِ، لم يتَعَرَّضْ لها. وقد يُفَرَّقُ بينَهما بأنَّ النَّسِيبَ الأقْرَبَ إذا لم يُعْلَمْ، لم يُنْسَبِ الأبْعَدُ إلى تَفْريطٍ؛ فهو غيرُ مَقْدُورٍ على اسْتِئْذانِه، فيسْقُطُ الاسْتِئْذانُ بعدَمِ العِلْمِ، فالأبعَدُ حِينَئِذٍ غيرُ مَنْسوبٍ إلى تفْريطٍ، بخِلافِ ما إذا كان الأقْرَبُ فيه مانِعٌ وزال، فإنَّ الأبْعَدَ يُنْسَبُ إلى تَفْريطٍ إذا كان يُمْكِنُه حال العَقْدِ، مَعْرِفَةُ حالِ الأقرَبِ. انتهى. قوله: ولا يَلِي كافِرٌ نِكاحَ مُسْلِمَةٍ بحالٍ -يعْنِي، لا يكونُ وَلِيًّا لها- إلا إذا ¬

(¬1) 9/ 385.

وَجْهٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِه، في وَجْهٍ. وهذا الوَجْهُ هو المذهبُ. جزَم به في «الإيضاحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطابِ في «الانْتِصارِ»، وابنُ البَنَّا في «خِصالِه». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ»؛ فإنه قال: ولا يَلِي كافِرٌ نِكاح مُسْلِمَةٍ، غيرَ نحو أُمِّ وَلَدٍ. وقيل: لا يَليه. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»، وغيرُهم. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: ظاهِرُ كلامَ المُصَنِّفِ، بل هو كالصريحَ في ذلك، أن الذِّمِّيَّ لا يَلِي نِكاحَ مُكاتَبَتِه ومُدَ بَّرَيه. وهو أحدُ الوَجْهَين. والخِلافُ هنا كالخِلافِ في أُمٍّ الوَلَدِ، ذكَرَه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ»، وقد تقدَّم لفْظُه. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، الفَرْقُ بينَ أُمِّ الوَلَدِ وبينَ المُكاتَبَةِ والمُدَبَّرَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»،

وَلَا يَلِي مُسْلِمٌ نِكَاحَ كَافِرَةٍ، إلا سَيِّدَ الْأَمَةِ أَوْ وَلِيَّ سَيِّدَتِهَا أَو السُّلْطَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. لكنْ لم أرَ قوْلًا (¬1) صريحًا بالفَرْقِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ أيضًا، أو صريحُه، أنَّه لا يَلي نِكاحَ ابْنَتِه المُسْلِمَةِ. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ في ولايةِ فاسِقٍ، يَليه عليها. وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الصغْرَى». فعلى القَوْلِ بأنه يَليه، فهل يُباشِرُه ويَعْقِدُه بنَفْسِه، أو يُباشِرُه مُسْلِم بإذْنِه، أو يُباشِرُه حاكِمٌ بإذْنِه؛ فيه ثلَاثةُ أوْجُهٍ. وأطْلَقهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهُنَّ، يُباشِرُه بنَفْسِه. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقاله الأزَجِيُّ. وهو كالصريحِ في كلام المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِينٍ في «شَرْحِه». والثانِي، يَعْقِدُه مُسْلِم بإذْنِه. والثّالِثُ، يَعْقِدُه الحاكِمُ بإذْنِه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أوْلَى. نقَل حَنْبَلٌ، لا يعْقِدُ يَهُودِيٌّ ولا نَصْرَانِيٌّ عَقْدَ نِكاحِ مُسْلِمَةٍ. وقيل: يعْقِدُه الحاكِمُ بغيرِ إذْنِه. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ الصغرَى». ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَيَلي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الذِّمِّيِّ. وَهَلْ يَلِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَيَلي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الذِّمِّيِّ. هذا المذهبُ المَقْطوعُ به عندَ الأصحابِ، ولم يُفَرِّقُوا بينَ اتِّحادِ دِينِهم أو تَبايُنِه. وخرَّج الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ،

مُسْلِمٍ؟ عَلَي وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه الله، في جوازِ كَوْنِ النَّصرانِيِّ يَلِي نِكاحَ اليَهُوديَّةِ أو عَكْسِه، وَجْهَين مِن تَوارُثهما وقَبُول شَهادَةِ بعضِهم على بعضٍ؛ بِناءً على أنَّ الكُفْرَ، هل هو مِلَّةٌ واحدة، أو مِلَلٌ مُخْتَلِفَةَ؟ فيه الخِلافُ المُتقَدم في بابِ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ. قوله: وهل يَلِيهِ مِن مُسْلِم؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»؛ أحدُهما، يَليه. أعْنِي، يكونُ وَلِيًّا. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». والوَجْهُ الثَّانِي، لا يَليه. نصَّ عليه في رِوايَةِ حَنْبَل. واخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «التَّعْلِيقِ»،

وإذا زَوَّجَ الْأبْعَدُ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ لِلْأَقْرَبِ، أَوْ زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الجامِعِ»، والشَّرِيفُ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِي، بل اخْتارَه القاضي وأصحابُه. قاله ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وهو منها. قلتُ: ينبَغِي أنْ يكونَ هذا المذهبَ؛ للنَّصِّ عنِ الإمامِ. فعلى المذهبِ، له أنْ يُباشِرَ التَّزْويجَ، ويعْقِدَ النِّكاحَ بنفْسِه. على الصَّحيحِ كما تقدَّم. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ». وهو كالصَّريحِ في كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: يُباشِرُه، ويعْقِدُه مُسْلِمٌ بإذْنِه. وقيل: يُباشِرُه الحاكِمُ بإذْنِه. وأطْلَقهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يعْقِدُه الحاكِمُ بغيرِ إذْنِه. كما تقدَّم في التي قبلَها، فإنَّهما في الحُكْمِ سواءٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِي، لا يَلِي مالها، على قِياسِه. قاله القاضي. وقال في «الانْتِصارِ» في شَهادَتِهم: يَلِي مالها، [على قِياسِه] (¬1). وفي «تَعْليقِ ابنِ المَنِّيِّ» في ولايَةِ الفاسِقِ: لا يَلِي على مالِها كافِرٌ، إلَّا عَدْلٌ في دِيِنِه، ولو سلَّمْناه، فلئلَّا يُؤدِّي إلى القَدْحِ في نسَبِ نَبِيٍّ أو وَلِيٍّ، ويدُلُّ عليه ولايَةُ المالِ. فائدة: يُشْترَطُ في الذِّمِّيِّ، إذا كان وَلِيًّا، الشُّروطُ المُعْتَبَرَةُ في المُسْلِمِ. قوله: وإذا زَوَّجَ الأبْعَدُ مِن غيرِ عُذْرٍ للأقْرَبِ، أو زوَّجَ أجْنَبِيٌّ، لم يصِحَّ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ بلا رَيب. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وعنه، يصِحُّ ويَقِفُ على إجازَةِ الوَلِيِّ، ولا نَظَرَ للحاكِمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: إن كان الزَّوْجُ كُفْؤًا، أمرَ الحاكِمُ الوَلِيَّ بالإِجازَةِ؛ فإنْ أجازَه، وإلَّا صارَ عاضِلًا، فيُجِيزُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاكِمُ. أجابَ به المُصَنِّفُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفيه نَظَرٌ. واعْلَمْ أنَّ هاتين المَسْأَلَتَين وأشْباهَهما حُكمُهما حُكْمُ بَيعِ الفُضُولِيِّ، على ما تقدَّم في بابِ البَيعِ. ذكَرَه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو تزَوَّجَ الأجْنَبِيُّ لغيرِه بغيرِ إذْنِه، قيل: هو كفُضُولِيٍّ، فيه الخِلافُ المُتَقدِّمُ. وقيل: لا يصِحُّ هنا. قوْلًا واحِدًا، كذِمَّتِه. قلتُ: هي بمَسْأَلَةِ الفُضُولِيِّ أقْرَبُ، فتُلْحَقُ بها. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وعلى كلا الطَّريقَين، لا يصِحُّ النِّكاحُ، على الصَّحيحِ. الثَّانيةُ،

وَوَكِيلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقومْ مَقَامَه وَإنْ كَانَ حَاضِرًا، وَوَصِيُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ لو زوَّج الوَلِيُّ مُوَلِّيَتَه التي يُعْتَبَرُ إذنها بغيرِ إذْنِها، فهو كتَزْويجِ الأجْنَبِيِّ بغيرِ إذنِ الوَلِيِّ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. قوله: ووَكِيلُ كُلِّ واحِدٍ مِن هؤلاءِ يقُومُ مَقامَه وإنْ كان حاضِرًا. الصَّحيحُ

في النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ جَوازُ الوَكالَةِ في النِّكاحِ، وجَوازُ تَوْكيلِ الوَلِيِّ؛ سواءٌ كان مُجْبِرًا أو غيرَ مُجْبِر، أَبًا كان أو غيرَه، بإذْنِ الزَّوْجَةِ وبغيرِ إذْنِها. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الكافِي»، ونَصرَاه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» في هذا البابِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» في بابِ الوَكالةِ، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الشَّيخَين وغيرِهما. وقيل: لا يُوَكِّلُ غيرَ مُجْبِر بلا إذْنِها إلَّا الحاكِمُ. وقدَّمه في «الفُروعِ» في بابِ الوَكالَةِ، فتَناقَضَ. وخرَّج القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» هذه على الرِّوايتَين في توْكيلِ الوَكيلِ مِن غيرِ إذْنِ المُوَكِّلِ، وقالا: مَن لا يجوزُ له الإجْبارُ، يكونُ كالوَكيلِ في التوْكيلِ. وردَّه المُصَنِّفُ. والشَّارِحُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: لو مَنعَتِ الوَلِيَّ مِن التَّوْكِيلِ، امْتنَعَ. ورَدَّه المُصَنِّفُ أيضًا وغيرُه. وقيل: لا يُوَكَّلُ مجْبِرٌ أيضًا بلا إذْنِها، إنْ كان لها إذْنُ مُعْتَبَرَةٍ. ذكَرَه في «الرِّعايتَين». فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ التَّوْكيلُ مُطْلَقًا ومُقَيَّدًا، فالمُطْلَقُ مثْلُ أنْ يُوَكِّلَه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَزْويجِ مَن يَرْضاه، أو مَن يشاءُ، ونحوهما. والمُقَيَّدُ مثْلُ أنْ يُوَكِّلَه في تَزْويجِ رجُل بعَينِه ونحوه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وقيل: يُعْتَبرُ التَّعيِينُ لغيرِ المُجْبِرِ. وقيل: يُعْتَبرُ التَّعْيِينُ للمُجْبِرِ وغيرِه. الثَّانيةُ، ما قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم، أنَّه يثْبُت للوَكِيلِ مثْلُ ما يثْبُتُ للمُوَكِّلِ؛ فإنْ كان له الإِجْبارُ، ثبَت لوَكِيلِه. وإنْ كانت ولايَتُه ولايةَ مُراجعَةٍ، احْتاجَ الوَكِيلُ إلى إذْنِها ومُراجَعَتِها في زَواجها، لأنَّه نائب عنه، فيَثْبُتُ له مثْلُ ما يثْبُتُ لمَن ينُوبُ عنه. وكذا الحُكْمُ في السُّلْطانِ والحاكِمِ يأْذَنُ لغيرِه في التَّزْويجِ، فيكونُ المَأْذُونُ له قائمًا مَقامَه. وقال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ، في باب الوَكالةِ: والذي يُعْتَبرُ إذنها فيه للوَكِيلِ هو غيرُ ما يُوَكِّلُ فيه المُوَكِّلُ، بدَليلِ أَنَّ الوَكِيلَ لا يسْتَغْنِي عن إذْنِها في التَّزْويجِ، فهو كالمُوَكِّلِ في ذلك. وتقدّم التنبِيهُ على ذلك في بابِ الوَكالةِ. الثَّالثةُ، يُشْترَطُ في وكيلِ الوَلِيِّ ما يُشْتَرَطُ في الوَلِيِّ نفْسِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فلا يصِحُّ أنْ يكونَ الوَكِيلُ (¬1) فاسِقًا ونحوَه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ توْكِيلُ فاسِقٌ وعَبْدٍ وصَبِي مُمَيِّزٍ. ولا يُشْترَطُ في وَكِيلِ الزَّوْجِ عدَالته. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هو أوْلَى، وهو القِياسُ، وهو ظاهِرُ كلامِ طائفَةٍ مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «الكافِي». وقيل: تُشْترَطُ عَدالتُه. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قال في «التَّلْخيصِ»: ¬

(¬1) في ط: «الولى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه أصحابُنا، إلَّا ابنَ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ». وقد تقدَّم ذلك في أوائلِ بابِ الوَكالةِ. الرَّابعةُ، يتقَيَّدُ الوَلِيُّ ووَكِيلُه المُطْلَقُ بالكُفْءِ إِنِ اشْتُرِطَتِ الكَفاءَةُ. ذكَرَه في «التَّرْغِيبِ». الخامسةُ، ليس للوَكِيلِ المُطْلَقِ أنْ يتَزَوَّجَها لنفْسِه، فإنْ فعَل، فهو كتَزْويجِ الفُضُولِيِّ، على ما تقدَّم. قال في «القاعِدَةِ السَّبْعِين»: ليس له ذلك على المَعْروفِ مِن المذهبِ. وحكَى ابنُ أبِي مُوسى، أنَّه إنْ أذِنَ له الوَلِي في التَّوْكِيلِ، فوَكَّلَ غيرَه فزَوَّجَه، صحَّ. وكذا إنْ لم يَأْذَنْ له، وقُلْنا: للوَكِيلِ أنْ يُوَكِّلَ مُطْلَقًا. وأمَّا مَن ولايَتُه بالشَّرْعِ؛ كالوَلِيِّ والحاكمِ وأمِينِه، فله أنْ يُزَوِّجَ نفْسَه، ولو قُلْنا: ليس لهم أنْ يشْتَروا مِن المالِ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه»، وألْحَقَ الوَصِيَّ بذلك. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الأُصُولِيَّةِ»: وفيه نظرٌ؛ فإنَّ الوَصِيَّ يُشْبِهُ الوَكِيلَ لتَصَرُّفِه بالإذنِ. قال: وسواءٌ في ذلك اليَتِيمَةُ وغيرُها. صرَّح به القاضي في ذلك، وذلك حيث يكونُ لها إذْن مُعْتبَر. انتهى. ويجوزُ تَزْويجُ الوَكِيلِ لوَلَدِه. السَّادِسةُ، يُعْتَبَرُ أنْ يقولَ الوَلِي، أو وَكِيلُة لوَكِيلِ الزَّوْجِ: زوَّجْتُ فُلانَةَ لفُلانٍ. أو: زوَّجْتُ مُوَكِّلَكَ فُلانًا فُلانَةَ. ولا يقولُ: زوَّجْتُها منكَ. ويقولُ الوَلِيُّ: قَبِلْتُ تَزْويجَها. أو: نِكاحَها لفُلانٍ. فإنْ لم يقُلْ: لفُلانٍ. فوَجْهان في «التَّرْغِيبِ»، وتابعَه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايَةِ»: إِنْ قال: قَبِلْتُ هذا النِّكاحَ. ونوَى أنَّه قَبِلَه لمُوَكِّلِه ولم يذْكُرْه، صحَّ. قلتُ: يَحْتَمِلُّ ضِدَّه، بخِلافِ البَيعِ. انتهى. وتقدَّم ذلك أيضًا في أوائلِ بابِ الوَكالةِ. قوله: ووَصِيُّه في النِّكاحِ بِمَنْزِلَتِه. فتُستَفادُ ولايَةُ النِّكاحِ بالوَصِيَّةِ إذا نصَّ على

وَعَنْهُ، لَا تُسْتَفَادُ ولَايةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ إلا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عَصَبَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ التزْويجِ، كالأبِ. صرَّح به في «الكافِي» وغيرِه. ويُجْبِرُ مَن يُجْبِرُه المُوصِي. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، وابنُه أبو الحُسَينِ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فيهما. وقيل: ليس له أنْ يُجْبِرَ، فلا يُزَوِّجَ مَن لا إذْنَ لها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. قاله في «الفُروعِ». وعنه، لا تُسْتَفادُ ولايةُ النِّكاحِ بالوَصِيَّةِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، كالحَضانَةِ. قاله في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الكافِي». ومال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ» إلى صِحَّةِ الوَصِيَّةِ بالحَضانَةِ، وأخَذَه (¬1) في تَعْليلِ المُصَنِّفِ أيضًا. وعنه، لا تُسْتفادُ بالوَصِيّةِ إذا كان للمُوصِي عَصَبَةٌ. حَكاها القاضي في «الجامِعِ ¬

(¬1) في ط، ا: «وأخذ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَبِيرِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وتقدَّم التنبِيهُ على ذلك في أثْناءِ بابِ المُوصَى إليه. فائدتان؛ إحْداهما، هل يسُوغُ للمُوصِي الوَصِيَّةُ به، أو يُوَكِّلُ فيه؟ قال في «التَّرْغِيبِ»: فيه الرِّوايتَان المُتَقدِّمَتان. وقال في «النَّوادِرِ»: ظاهِرُ المذهبِ جَوازُه. وتقدَّم في بابِ المُوصَى إليه (¬1)، هل للوَصِيِّ أنْ يُوصِيَ أم لا؟ وفي بابِ الوَكالةِ (¬2)، هل له أنْ يُوَكِّلَ أم لا؟ الثَّانيةُ، حُكْمُ تَزْويجِ صَبِيٍّ صَغِير بالوَصِيَّةِ حُكْمُ تَزْويجِ الأُنْثَى بها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «النَّوادِرِ». وقاله في ¬

(¬1) انظر 17/ 483. (¬2) انظر 13/ 449.

وَإذَا اسْتَوَى الأوْلِيَاءُ فِي الدَّرَجَةِ، صَحَّ التَّزْويجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. أعْنِي، إذا أوْصَى إليه أنْ يُزَوِّجَه، هل له أنْ يُجبِرَه؛ قال الخِرَقِيِّ: ومَن زوَّج غُلامًا غيرَ بالِغ [أو مَعْتُوهًا] (¬1)، لم يَجُزْ إلَّا أنْ يُزَوِّجَه والِدُه، أو وَصِيٌّ ناظِر له في التَّزْويجِ. وجزَم به الزَّرْكَشِي. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ القاضي، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، للوَصِيِّ مُطْلَقًا تَزْويجه. يعْنِي؛ سواءٌ كان وَصِيًّا في التَّزْويجِ أو في غيرِه. وجزَم به الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وأنَّه قوْلُهما، أنَّ وَصِيَّ المالِ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ. قال في «الفُروعِ»: والأوَّلُ أظْهَرُ، كما لا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يُزَوِّجُه ويُجْبِرُه، بعدَ أبِيه، وَصِيُّه. وقيل: ثم الحاكِمُ. قلتُ: بل بعدَ الأبِ، وهو أظْهَرُ. انتهى. وتقدَّم، هل لسائرِ الأوْلِياءِ، غيرِ الأبِ والوَصِيِّ، تَزْويجُه أم لا؟ بعدَ قوْلِه: ولا يجوزُ لسائرِ الأوْلَياءِ تَزْويجُ كبيرَةٍ إلَّا بإذْنِها. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، [أنَّه لا خِيارَ] (¬2) للصَّبِيِّ إذا بلَغ. وهو كذلك. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابِ. وقال القاضِي: وجَدْتُ في رُقْعَةٍ بخَط أبِي عَبْدِ اللهِ جَوابَ مسْأَلَةٍ، إذا زوَّجَ الصَّغِيرَ وَصِيُّه، ثبَت نِكاحُه وتَوارَثا، فإنْ بلَغ، فله الخِيارُ. انتهي. قوله: وإذا اسْتَوَى الأوْلِياءُ في الدَّرَجَةِ صحَّ التَّزْويجُ مِن كلِّ واحِدٍ منهم -بلا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «الإجبار».

مِنْهُمْ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلِهِم ثُمَّ أَسَنِّهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ- والأَوْلَى تَقْدِيمُ أفْضَلِهم، ثم أسَنِّهم، ثم يُقْرَعُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايَةِ»: قُدِّمَ الأفْضَلُ في العِلْمِ والدِّينِ والوَرَعِ، والخِبْرَةِ (¬1) بذلك، ثم الأسَنُّ، ثم مَن ¬

(¬1) في ط: «الخير».

فَإِنْ تَشَاحُّوا، أُقْرِعَ بَينَهُمْ، فَإِنْ سَبَقَ غَيرُ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَزَوَّجَ، صَحَّ في أَقْوَى الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَرَعَ. انتهى. وقال ابنُ رَزِينٍ في «مُخْتَصَرِه»: يُقَدَّمُ الأسَنُّ، ثم الأفْضَلُ، ثم القُرْعَةُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، يقْتَضِي أنَّه لا أثَرَ للسِّن هنا، وأصحابُنا قد اعْتَبرُوه. قوله: فإنْ تَشاحُّوا، اقْرِعَ بينَهم، فإنْ سبَق غيرُ مَن وقَعَتْ له القُرْعَةُ فزَوَّج، صَحَّ في أقْوَى الوَجْهَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

وَإنْ زَوَّجَ اثْنَانِ، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنْهُمَا، فُسِخَ النِّكَاحَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». وهو المذهبُ. قالا في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: صحَّ في أصح الوَجْهَين. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»: صحَّ في الأصحّ. قال النَّاظِمُ: هذا أظْهَرُ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ ومَن بعدَه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا أذِنَتْ لهم. فأمَّا إنْ أذِنَتْ لواحدٍ منهم، تعَيَّنَ، ولم يصِحَّ نِكاحُ غيرِه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرُه مِن الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وعنه، إنْ أجازَه مَن عيَّنَتْه، صحَّ، وإلَّا فلا. فائدة: قال الأزَجِيُّ في «النِّهايَةِ»؛ وإذا اسْتَوتْ دَرَجَةُ الأوْلِياءِ، فالولَايةُ ثابِتَةٌ لكلِّ واحدٍ منهم على الكمالِ والاسْتِقْلالِ. فعلى هذا، لو عضَل الكُلُّ، أثِمُوا. ولو عضَل واحدٌ منهم، دُعِيَ إلى النِّكاحِ، فإنْ لم يُجِبْ، فهل يُعْصَى؛ يَنْبَنِي هذا على الشَّاهِدِ الَّذي لم يتعَيَّنِ، هل يُعْصَى بالامْتِناعِ؛ والأصحُّ أنَّه لا يُحْكَمُ بالعِصْيانِ؛ لأنّ امْتِناعَه لا تأْثِيرَ له في تَوَقُّفِ النِّكاحِ بحالٍ، إذْ غيرُه يقُومُ مَقامَه. قوله: وإنْ زوَّجَ اثْنان، وَلم يُعْلَمِ السَّابِق، فُسِخَ النَّكاحان. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْر في «خِلافِه»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي». فعلى هذا، يفْسَخُه الحاكِمُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْليقِ»، و «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وابنُ الزَّاغُونِيِّ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال ابنُ خطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: هذا المَشْهورُ. وقال القاضي أيضًا في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصول»: يفْسَخُه كل واحدٍ مِن الزَّوْجَين، أو مِن جِهَةِ الحاكِمِ. وهو صريحٌ في أنَّ للزَّوْجَين الفَسْخَ بأنْفُسِهما. وقاله في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصنِّفِ هنا. قال الزَّرْكَشِي: ولعَلَّهم أرادُوا، بإذْنِ الحاكِمِ. وعن أبِي بَكْرٍ، يُطَلِّقانِها. حَكاه عنه ابنُ شَاقْلَا. قلتُ: هذا أحْوَطُ. قال ابنُ خطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: فعلى هذا، هل يُنْقِصُ هذا الطَّلاقُ العَدَدَ لو تزَوَّجَها بعدَ ذلك؟ ينْبَغِي أنْ لا يكونَ كذلك؛ لأنَّه لا يُتَيَقَّنُ وُقوعُ الطَّلاقِ به. وعنه، النِّكاحُ مفْسوخٌ بنفْسِه، فلا يحْتْاجُ إلى فاسِخٍ. ذكَرَه في «النَّوادِرِ». قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه

وَعَنْهُ، يُقْرَعُ بَينَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ، أَمَرَ الآخَرَ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ يُجَدِّدُ الْقَارِعُ نِكَاحَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، في روايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: ما أرَى لواحدٍ منهما نِكاحًا. وقدَّمه في «التَّبصِرَةِ». وقال ابنُ أبِي مُوسى: يبْطُلُ النِّكاحان. وهو أظْهَرُ وأصحُّ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ مِن أصْلِ المَسْأَلَةِ، يُقْرَعُ بينَهما. اخْتارَها النَّجَّادُ، والقاضي في «التَّعْليقِ»، والشرِيف، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى هذه الرِّوايَةِ، مَن قرَع منهما، جدد نِكاحَه بإذْنِها. كما قاله المُصَنِّف هنا. وهو الصَّحيحُ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِي: قال أبو بَكْر أحمدُ بنُ سُلَيمانَ النَّجَّادُ: مَن خرَجَتْ له القُرْعَةُ، جدَّدَ نِكاحَه. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هي للقارِعِ مِن غيرِ تجْديدِ عَقْدٍ. اخْتارَه أبو بَكْر النَّجَّادُ. ونقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظَاهِرُ كلامِ الجُمْهورِ؛ ابنِ أبِي مُوسى، والقاضي، وأصحابِه. وصرَّح به القاضي في «الرِّوايتَين»، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «القَواعِدِ». واخْتارَه الشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ومال إليه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». لكِنِ اخْتلَفَ نقْل الزَّرْكَشِيِّ، وصاحِبِ «الفُروعِ» عن أبِي بَكْر النَّجَّادِ كما تَرَى. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ». فعلى القَوْلِ بأنَّه يُجَدِّدُ نِكاحَه، قال المُصَنِّفُ: ينْبَغِي أنْ لا تُجْبَرَ المرأةُ على نِكاحِ مَن خرَجَتْ له القُرْعَةُ، بل في أنْ تتزَوَّجَ مَن شاءَتْ منهما ومِن غيرِهما. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وليس هذا بالجَيِّدِ؛ فإنَّا، على هذا القَوْلِ، إذا أمَرْنا المَقْروعَ بالفُرْقَةِ، وقُلْنا: لها أنْ لا تَتَزَوَّجَ القارِعَ. خَلَتْ منهما، فلا يَبْقَى بينَ الرِّوايتَين فَرْقٌ، ولا يَبْقَى للقُرْعَةِ أثَر أصْلًا، بل تكونُ لغْوًا، وهذا تخْلِيط، وإنَّما، على هذا القَوْلِ، يجِبُ أنْ يُقال: هي زوْجَةُ القارِعِ، بحيث يجِبُ عليه نَفَقَتُها وسُكْناها، ولو ماتَ وَرِثَتْه، لكِنْ لا يطَؤها حتَّى يُجَدِّدَ العَقْدَ. فيكونُ تجديدُ العَقْدِ لحِلِّ الوَطْءِ فقط. هذا قِياسُ المذهبِ. أو يُقالُ: إنَّه لا يُحْكَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالزَّوْجيَّةِ إلَّا بالتَّجْديدِ، ويكونُ التَّجْديدُ واجِبًا عليه وعليها، كما كان الطَّلاقُ واجِبًا على الآخَرِ. وليس في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، تعَرُّضٌ للطَّلاقِ ولا لتَجْديدِ الآخَرِ النِّكاحَ، فإنَّ القُرْعَةَ جعَلَها الشَّارِعُ حُجَّةً وبَينةً تُفيدُ الحِل ظاهِرًا؛ كالشَّهادَةِ والنُّكولِ ونحوهما. انتهى. وعلى رِوايَةِ أنَّه يُقْرَعُ بينَهما أيضًا، يُعْتَبرُ طَلاقُ صاحِبِه. على الصَّحيحِ، كما قاله المُصَنِّفُ، فإنْ أبَى، طَلَّقَ الحاكِمُ عليه. قال في «الفُروعِ»: وعلى الأصحِّ، ويُعْتَبرُ طَلاقُ صاحِبِه، فإنْ أبى، فحاكِمٍ. واخْتارَه النَّجَّادُ، والقاضي في «الرِّوايتَين»، و «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّاب، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال ابنُ خطيب السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: وهذا أقْرَبُ. قال في «القَواعِدِ»: وفي هذا ضَعْفٌ. فإذا طلَّقَ قبلَ الدُّخولِ، فهل يجِبُ لها نِصْفُ المَهْرِ على أحدِهما ويُعَيَّنُ بالقُرْعَةِ، أم لا يجِبُ لها شيءٌ؟ على وَجْهَين. وحُكِيَ عن أبِي بَكْرٍ أنَّه اخْتارَ أنَّه لا شيءَ لها، وبه (¬1) أفْتَى أبو عليٍّ النَّجَّادُ. ذكَرَه في آخِرِ «القاعِدةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ». وعنه، لا يُؤمَرُ بالطَّلاقِ، ولا يَحْتاجُ إليه. حَكاها ابنُ ¬

(¬1) في الأصل: «وأنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَنَّا وغيرُه. وقدَّمه في «القَواعِدِ»، وقال: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، في رِوايَةِ حَنْبَل، وابنِ مَنْصُورٍ. انتهى. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِي مُوسى. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ». وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وعنه، مَن قرَع؛ فهو الزَّوْجُ. وفي اعْتِبارِ طلاق الآخَرِ وَجْهان وقيل: رِوايَتان. وقيل: مَن قرَع، جدَّدَ عَقْدًا بإذْنِها، وطلَّق الآخَرُ مجَّانًا، فإن أَبي طلق عليه الحاكِمُ. قال في «الكبْرَى»: في الأَصحِّ. قال في «القواعِدِ»: قال طائفَةٌ مِن الأصحابِ: يُجدِّدُ الَّذي خرَجَتْ له القُرْعَةُ النَّكاحَ، لتَحِلَّ له بيَقِين. وحَكاه القاضي في كِتابِ «الرِّوايتَين» عن أبِي بَكْرٍ أحمدَ بنِ سُلَيمانَ النَّجَّادِ، ثم ردّه بأنَّه لا يبْقى حِينَئذٍ مَعْنًى للقرْعَةِ. فوائد؛ الأُولَى، إذا جُهِلَ أسْبَقُ العَقْدَين، ففيه مَسائلُ؛ منها، إذا عُلِمَ عَينُ السَّابِقِ ثم جُهِلَ، فهذه محَلُّ الخِلافِ السَّابِقِ. ومنها، لو عُلِمَ السَّبْقُ ونسِيَ السَّابِقُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ إجْراءُ الخِلافِ فيها كالتي قبلَها. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا إشْكال في جَرَيانِ الرِّوايتَينِ في هذه الصُّورَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يقِفُ الأمْرُ حتَّى يتَبَيَّنَ. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ حَمْدانَ في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرْعٌ: لو أقَرَّتِ المرْأةُ لأحَدِهما، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»: لم يُقْبَلْ، على الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وعنه، يُقْبَلُ. ومنها، لو جُهِلَ كيف وَقَعَا. فقيل: هي على الرِّوايتَين. وهو الصَّحيحُ. واخْتارَه أبو الخَطابِ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: واخْتارَه القاضي فيما أظُنُّ. وعندَ القاضي في «التَّعْلِيقِ الكَبِيرِ»، يُبْطُلان على كلِّ حالٍ. وكذا قال ابنُ حَمْدَانَ في «الرِّعايتَين»، إلَّا أنَّه حكَى في «الكُبْرَى» قوْلًا، بالبُطْلانِ ظاهِرًا وباطِنًا. ومنها، لو جُهِلَ وُقُوعُهما معًا، فهي على الرِّوايتَين. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.، قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يبْطُلانِ. ومنها، لو عُلِمَ وُقوعُهما معًا، بطَلَا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به أبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وذكَر القاضي في كِتابِ «الرِّوايتَين»، أنَّه يُقْرَعُ بينَهما على رِوايَةِ الإقْراعِ، وذكَرَه في «خِلافِه» احْتِمالًا. قال المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ»: ولا أظُنُّ هذا الاحْتِمال إلى خِلافَ الإِجْماعِ. انتهى. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ بَرْدِسٍ (¬1)، شيخُ شيخِنا: قال شيخُنا أبو الفَرَجِ، في مَن تزَوَّجَ أُخْتَين في عَقْدٍ: يخْتارُ إحْداهما. وهذا يُعَضدُ ما قاله القاضي. انتهى. الثَّانيةُ، إذا أُمِرَ غيرُ القارِعِ بالطَّلاقِ فطَلَّقَ، فلا صَداقَ عليه. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. الثَّالثةُ، لو فُسِخَ النَّكاحُ أو طلَّقها، فقال أبو بَكْرٍ: لا مَهْرَ لها عليهما. حَكاه عنه ابنُ شَاقْلَا، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقاله القاضِي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وأفْتَى به ¬

(¬1) هو محمد بن إسماعيل بن محمد بن بردس البعلي، أبو عبد الله بن العماد، فقيه، ناظم، ولد ببعلبك، له تصانيف منها «صدقة البر»، و «كتاب المجالس في الوعظ». وله نظم. توفي سنة ثمانمائة وثلاثين. الأعلام، للزركلي 6/ 262.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّجَّادُ. حَكاه عنه أبو الحَسَنِ الجَزريُّ. وحَكاه رِوايَةً في «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل مُهَنَّا، لها نِصْفُ الصَّداقِ يقْتَرِعان عليه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، فقال: ونَصُّه: لها نِصْفُ المَهْرِ يقْتَرِعان عليه. وعنه، لا. انتهى. وظاهِرُ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» إطْلاقُ الرِّوايتَين. وحكَى في «القَواعِدِ»، في وُجُوبِ نِصْفِ المَهْرِ على مَن خرَجَتْ له القُرْعَةُ، وَجْهَين. الرَّابعةُ، لو ماتَتِ المرْأةُ قبلَ الفَسْخِ والطَّلاقِ، فلأحَدِهما نِصْفُ مِيراثِها، فيُوقَفُ الأمْرُ حتَّى بصْطَلِحا. قدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع، حلَف ووَرِثَ. قلتُ: وهذا أقْرَبُ. وهما احْتِمالان في «المُغْنِي»، لكِنْ ذكَر على الثَّانِي أنَّه يحْلِفُ. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه الله: وكلا الوَجْهَين لا يُخَرَّجُ على المذهبِ؛ أمَّا الأوَّلُ، فلأنَّا لا نَقِفُ الخُصُوماتِ قطٌّ. وأمَّا الثَّاني، فكيف يحْلِفُ مَن قال: لا أعْرِفُ الحال؟ وإنَّما المذهبُ، على رِوايَةِ القُرْعَةِ، أيُّهما قرَع، فله المِيراثُ بلا يَمِينٍ. وأمَّا على قوْلِنا: لا يُقْرَعُ. فإذا قُلْنا: إنَّها تَأْخُذُ مِن أحَدِهما نِصْفَ المَهْرِ بالقُرْعَةِ. فكذلك يِرِثُها أحدُهما بالقُرْعَةِ بطَريقٍ أوْلَى. وأمَّا إنْ قُلْنا: لا مَهْرَ لها. فهنا قد يُقالُ بالقُرْعَةِ أيضًا. انتهى. الخامسة، لو ماتَ الزَّوْجان، كان لها رُبْعُ مِيراثِ أحَدِهما، فإنْ كانتْ قد أقرَّتْ بسَبْقِ أحَدِهما، فلا ميِراثَ لها مِن الآخَرِ، وهي تدَّعِي رُبْعَ مِيراثِ مَن أقَرَّتْ له. فإنْ كان قد ادَّعَى ذلك أيضًا، دُفِعَ إليها رُبْعُ مِيراثِه (¬1)، وإنْ لم يكُنِ ادَّعَى ذلك وأنْكَرَ الورَثَةُ، فالقَوْلُ قوْلُهم مع أَيمانِهم، فإنْ نَكَلُوا، قُضِيَ عليهم. وإنْ لم تكُنْ أقَرَّتْ بسَبْقِ أحَدِهما، احْتَملَ أنْ يحْلِفَ وَرَثَةُ كلِّ واحدٍ منهما وتَبْرَأَ، واحْتَملَ أنْ يُقْرَعَ بينَهما، فمَن ¬

(¬1) في الأصل، ا: «ميراثها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خرَجَتْ قُرْعَتُه، فلها رُبْعُ مِيراثِه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ونقَل حَنْبَل، في رجُل له ثَلاثُ بَناتٍ، زوَّجَ إحْداهُن مِن رَجُلٍ، ثم ماتَ الأبُ، ولم يُعْلَمْ أيُّتُهُنَّ زوَّجَ؛ يُقْرَعُ بينَهُنَّ، فأيُّتُهُنَّ أصابَتْها القُرْعَةُ، فهي زَوْجَتُه، وإنْ ماتَ الزَّوْجُ، كانتْ هي الوارِثَةَ. قال في «القَواعِدِ»، عن الوَجْهِ بالقُرْعَةِ: يتعَيَّنُ القَوْلُ به، فيما إذا أنْكَرَ الوَرثَةُ العِلْمَ بالحالِ، ويشْهَدُ له نصُّ الإمامِ أحمدَ، في رِوايةِ حَنْبَل وغيرِه، وذكَرَه. السَّادِسَةُ، لو ادَّعَى كل واحدٍ منهما أنّه السَّابِقُ، فأقَرَّتْ لأحَدِهما، ثم فُرِّقَ بينَهما، وقُلْنا بوُجِوبِ المَهْرِ، وجَب على المُقَرِّ له دُونَ صاحِبِه؛ لإقْرارِه لها به، وإقْرارِها ببَراءَةِ صاحِبِه. وإنْ ماتا، وَرِثَتِ المُقَر له دُونَ صاحِبِه لذلك. وإنْ ماتَت هي قبلَهما، احْتَمَلَ أنْ يَرِثَها المُقَر له كما تَرِثُه، واحْتَمَلَ أنْ لا يُقْبَلَ إقْرارُها له، كما لم تقْبَلْه في نفْسِها. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وإنْ لم تُقِرَّ لأحَدِهما إلَّا بعدَ مَوْتِه، فهو كما لو أقَرّت له في حَياتِه، وليس لوَرَثَةِ واحدٍ منهما الإنْكارُ؛ لاسْتِحْقاقِها. وإنْ لم تُقِر لواحدٍ منهما، أُقْرِعَ بينَهما، [وكان] (¬1) لها مِيراثُ مَن تقَعُ القُرْعَةُ عليه. وإنْ كان أحدُهما قد أصابَها، وكان هو المُقَرّ له. أو كانتْ لم تُقِرَّ لواحِدٍ منهما، فلها المُسَمَّى؛ لأنَّه مُقِر لها به، وهي لا تدَّعِي سِواه. وإنْ كانتْ مُقِرّةً للآخَرِ (¬2)، فهي تدَّعِي مَهْرَ المِثْلِ، وهو يُقِر لها بالمُسَمَّى، فإن اسْتَوَيا أو اصْطَلحا، فلا كلامَ. وإنْ كان مَهْرُ المثْلِ أكثرَ، حَلف على الزَّائدِ وسقَط، وإنْ كان المُسَمَّى لها أَكْثَرَ، فهو مُقِرٌّ لها بالزِّيادَةِ وهي تُنْكِرُها، فلا تَسْتَحِقُّها. ¬

(¬1) في الأصل: «وإن كان». (¬2) في ا: «لآخر».

وَإذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ أَمَتِهِ، جَازَ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْمَرْأَة -مِثْلَ ابْنِ الْعَمِّ وَالْمَوْلَى وَالْحَاكِمُ- إِذَا أَذِنَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه: وَإذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ أَمَتِهِ، جَازَ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَي الْعَقْدِ. بلا نِزاعٍ. وكذا أيضًا لو زوَّجَ بِنْتَه المُجْبَرَةَ بعَبْدِه الصَّغِيرِ، وقُلْنا: يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ تزْويجُ عَبْدِه بابْنَتِه. وكذا لو زوَّجَ وَصِيٌّ في نِكاحٍ صَغِيرًا بصَغِيرَةٍ تحتَ حِجْرِه. وقيل: يَخْتَصُّ الجوازُ بما إذا زوَّجَ عَبْدَه بأَمَتِه. قوله: وكذلك وَلِيُّ المَرْأَة -مثْلَ ابنِ العَمِّ والمَوْلَى والحاكِمِ- إذا أذِنَتْ له

لَهُ في نِكَاحِهَا، فَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ حَتَّى يُوَكِّلَ غَيرَهُ في أَحَدِ الطرَّفَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في نِكاحِها. يعْنِي، أنَّه يجوزُ له أنْ يتَوَلَّى طَرَفَيِ العَقْدِ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الجامِعِ الصغِيرِ»، والمُصَنِّفُ، والشّارحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، لا يجوزُ حتَّى يُوَكِّلَ غيرَه في أحَدِ الطَّرَفَين بإذْنِها. قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُنَوِّرِ». اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو حَفْص البَرْمَكِيُّ، وابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «تَعْليقِه»، والشَّرِيفُ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». وقدَّمه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال في «المُذْهَبِ»: لم يصِحَّ في أصحِّ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُهما وأنَصُّهما. نصَّ عليها، في رِوايَةٍ، ثَمانِيَةَ مِن أصحابِه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ». وقيل: يجوزُ توَلِّي طَرَفَيه لغيرِ زَوْجٍ. وقيل: لا يجوزُ إلَّا إذا كان الوَلِيُّ هو الإِمامَ. ذكَرَه أبو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ. قال ابنُ عَقِيلٍ: متى قُلْنا: لا يصِحُّ مِنَ الوَلِيِّ تَوَلِّي طَرَفَيِ العَقْدِ. لم يصِحَّ عَقْدُ وَكِيله له، إلَّا الإِمامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا أرادَ أنْ يتَزوجَ امْرَأةً ليس لها وَلِيٌّ، فإنَّه يتَزَوَّجُها بولايةِ أحَدِ نُوَّابِه؛ لأنَّهم نُوَّابٌ عن المُسْلِمين لا عنه. انتهى. وأطْلَقَ في «التَّرْغِيبِ» رِوايتَين في تَوَلِّي طَرَفَيه، ثم قال: وقيل: تَوَلِّي طَرَفَيه يَخْتَصُّ بالمُجْبَرِ. فائدتان؛ إحْداهما، مِن صَوَرِ توَلِّي الطَّرَفَينِ، لو وَكَّلَ الزَّوْجُ الوَلِيَّ، أو الوَلِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّوْجَ، أو وكَّلا واحِدًا. فعلى المذهبِ -وهو جوازُ تَوَلِّي الطَّرَفَينِ- يكْفي قوْلُه: زَوَّجْتُ فُلانًا فُلانَةَ. أو: تَزوَّجْتُها. إنْ كان هو الزَّوْجَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِي»، وقال: هو المَشْهورُ مِنَ الوَجْهَين. وقيل: يُعْتَبَرُ إيجابٌ وقَبُولٌ. جزَم به في «البُلْغَةِ». فيقولُ: زَوَّجْتُ نفْسِي فُلانَةَ. و: قَبِلْتُ هذا النِّكاحَ. ونحوَه. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لا يجوزُ لوَلِيِّ

وَإِذَا قَال السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ، وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ. صَحَّ. وَإنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ عَلَيهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُجْبَرَةِ؛ كبِنْتِ عَمِّه المَجْنونَةِ، وعَتِيقَتِه المَجْنونَةِ، نِكاحُها بلا وَلِيٍّ غيرِه أو حاكِم. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِي: لا يجوزُ، بلا نِزاعٍ. وقال في «الرِّعايَةِ»: كبِنْتِ عَمَّه المَجْنونَةِ. وقيل: وعَتِيقَتِه المَجْنونَةِ. قوله: وإذا قال السَّيِّدُ لأمَتِه: أعْتَقْتُكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ. صَحَّ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والمَشهورُ عنه. رَواه عنه اثْنا عَشَرَ رجُلًا مِن أصحابِه؛ منهم ابْناه عَبْدُ اللهِ

وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَأَنِفَ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ أَبَتْ ذَلِكَ فَعَلَيهَا قِيمَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصالِحٌ، ومنهم المَيمُونِيُّ، والمَرُّوذِيُّ، وابنُ القاسِمِ، وحَرْبٌ. وهو المُخْتارُ لجُمْهورِ الأصحابِ؛ الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والقاضي في مَوْضِع. قال في «التَّعْليقِ»: هو المَشْهورُ مِن قوْلِ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ. والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الإِرْشادِ»، و «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النظْمِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ حتَّى يسْتأنِفَ نِكاحَها بإذنِها، فإنْ أَبَتْ ذلك، فعليها قِيمَتُها. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي في «خِلافِه»، و «رِوايَتَيه»، وأبو الخَطَّابِ في كُتُبِه الثَّلَاثَةِ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وقال: إنَّه الأشْبَهُ بالمذهبِ. وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال ابنُ رَجَب في «قَواعِدِه»: فمنهم مَن مأْخَذُه انْتِفاءُ لَفْظِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّكَاحِ الصَّريحِ؛ وهو ابنُ حامِدٍ، وفهم مَن مأْخَذُه انْتِفاءُ تقدُّمِ الشَّرْطِ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، يكونُ مَهْرُها العِتْقَ. وقيل: بل مَهْرَ المِثْلِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». فعلى المذهبِ، يصِحُّ عَقْدُ النِّكاحِ منه وحَدَه. وقال ابنُ أبِي مُوسى: إحْدَى الرِّوايتَين، أنَّه يُسْتَأْنِفُ العَقْدَ عليها بإذْنِه دُونَ إذْنِها ورِضاها؛ لأنَّ العَقْدَ وقَع على هذا الشَّرْطِ، فيُوَكِّلُ مَن يعْقِدُ له النِّكاحَ بأمْرِه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهو حسَنٌ. وكلامُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ يدُلُّ عليه لمَن تأمَّلَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأَولَى، لهذه المَسْأَلَةِ صُوَرٌ؛ منها، ما ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا، ونقَلَه صالِحٌ وغيرُه. ومنها، لو قال: جعَلْتُ عِتْقَ أَمَتِي صَداقَها. أو: جعَلْتُ صَداقَ أمَتِي عِتقَها. أو: قد أعْتَقْتُها وجعَلْتُ عِتْقَها صَداقَها. أو: أعْتَقْتُها على أنَّ عِتْقَها صَداقُها. أو: أعْتَقْتُكِ على أنْ أتَزَوَّجَكِ، وعِتْقُكِ صَداقُكِ. نصَّ عليهما. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَ مُتَّصِلًا بذلك. نصَّ عليه. وأنْ يكونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحَضْرَةِ شاهِدَين إن اشْترَطْناهما. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يصِحُّ ذلك إلَّا مع قوْلِه أيضًا: وتزَوَّجْتُها. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: يتَوَجّهُ أنْ لا يصِحُّ العِتْقُ، إذا قال: جعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ. فلم تقْبَلْ، لأن العِتْقَ لم يَصِرْ صَداقًا، وهو لم يُوقِعْ غيرَ ذلك. ويتوَجَّهُ أنْ لا يصِحّ، وإنْ قَبِلَتْ، لأنَّ هذا القَبُولَ لا يصِيرُ به العِتْقُ صَداقًا، فلم يتحَققْ ما قال. ويتوَجَّهُ في قوْلِه: قد أعْتَقْتُها، وجعَلْتُ عِتْقَها صَداقَها. أنَّها إنْ قَبِلَتْ، صارَتْ زوْجَة، وإلَّا عتَقَتْ مجَّانًا، أو لم تعْتِقْ بحالٍ؛ الثَّانيةُ، قوْلُه: فإنْ طلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ بها، رجَع عليها بنِصْفِ قِيمَتِها. بلا نِزاعٍ. ونقَلَه الجماعَةُ. لكِنْ إذا لم تَكُنْ قادِرَةً، فهل ينْتَظِرُ القُدْرَةَ، أو يُسْتَسْعَى؛ فيه رِوايَتان مَنْصُوصَتان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: أصْلُهما المُفْلِسُ إذا كانَ له حِرْفَة، هل يُجْبَرُ على الاكتِسابِ؟ على الرِّوايتَين فيه. وتقدَّم في باب الحَجْرِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُجْبَرُ، فيكونُ الصَّحيحُ هنا أنَّها تُسْتَسْعَى. الثَّالثةُ، لو أعتَقَتِ المَرْأةُ عَبْدَها على أنْ يتَزَوَّجَها بسُؤالِه أوَّلًا، عتَق مجَّانًا. ويأْتِي ذلك في كلام المُصَنِّفِ، في الفَصْلِ الأوَّلِ مِن كِتابِ الصّداقِ. وإنْ قال: أعْتِقْ عَبْدَكَ عنِّي على أنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي أو أمَتِي. ففَعل، عتَق ولَزِمَه قِيمَتُه؛ لأنَّ الأمْوال لا يُسْتَحَق العَقْدُ عليها بالشّرْطِ. قال القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ والشَّارِحُ، وغيرُهم: لأنَّه سَلَفٌ في نِكاحٍ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يتوَجَّهُ صِحَّةُ السَّلَفِ في العُقُودِ، كما يصِح في غيرِه، ويصِيرُ العَقْدُ مُسْتحَقًّا على المُسْتَسْلِفِ إنْ فعَل، وإلَّا قامَ الحاكِمُ مَقامَه، ولأنَّ هذا بمَنْزِلَةِ الهِبَةِ المَشْرُوطِ فيها الثَّوابُ. الرابعةُ، المُكاتَبَةُ والمُدَبَّرَةُ والمُعَلَّقُ عِتْقُها بصِفَةٍ، كالقِنِّ في جَعْلِ عِتْقِهنَّ صَداقَهُنَّ. ذكَرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّ أحْكامَ الرِّقِّ ثابِتَةٌ فيهِنَّ كالقِنِّ. وذكَر أبو الحُسَينِ احْتِمالًا في المُكاتَبَةِ، أنَّه لا يصِحُّ بدُونِ إذْنِها. قال العَلّامَةُ ابنُ رَجَبٍ: وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نصَّ في رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ أنَّها لا تُجْبَرُ على النِّكاحِ. وأمَّا المُعْتَقُ بعضُها، فصرَّح القاضي في «المُجَرَّدِ» بأنها كالقِنِّ في ذلك، وتَبِعَه ابنُ عَقِيلٍ، والحَلْوانِيُّ. وأمَّا أمُّ الوَلَدِ، فقطَع القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الجامِعِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والأكْثرُون أنها كالقِنِّ، وهو ظاهِر كلام الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، في رِوايَةِ الأثْرَم؛ فإنَّه قال في رَجُل: يعْتِقُها ويتَزَوَّجُها؛ فقال: نعم، يعْتِقُها ويتَزَوجُها، لأنَّ أحْكَامَها أحْكامُ الإماءِ. وهذا العِتْقُ المُعَجَّلُ ليس هو المُسْتَحَقَّ بالمَوْتِ؛ ولهذا يصِحُّ كِتابَتُها، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يصِحُّ جَعْلُ عِتْقِها صَداقَها. وصرَّح به القاضي على ظَهْرِ «خِلافِه»، مُعَلِّلًا بأنّ عِتْقَها مُسْتَحَق عليه، فيكونُ الصَّداقُ هو تعْجيلَه، وذلك لا يكونُ صَداقًا. قال الخَلَّالُ: قال هارُونُ المُسْتَمْلِي (¬1) لأحمدَ: أَمُّ وَلَدٍ أعْتقَها مَوْلاها، وأشْهَدَ على تَزْويجها، ولم يُعْلِمْها؟ قال: لا، حتَّى يُعْلِمهَا. قلتُ: فإنْ كان قد فعَل؟ قال: يَسْتَأَنِفُ التَّزْويجَ الآن، وإلَّا فإنَّه لا تحِلُّ له حتَّى يُعْلِمَها، فلعَلَّها لا ¬

(¬1) هو هارون بن سفيان بن راشد المستملي، أبو سفيان، يعرف بمكحلة. قال الخلال: رجل قديم مشهور معروف، عنده عن أبي عبد الله مسائل كثيرة، ومات ولم يحدث في. توفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة. طبقات الحنابلة 1/ 395.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تريدُ أنْ تتَزَوَّجَ، وهي أمْلَكُ بنفْسِها. فيَحْتَمِلُ ذلك، ويَحْتَمِلُ أنَّه أعْتَقَها مُنْجِزًا، ثم عقَد عليها النِّكاحَ، وهو ظاهِرُ لفْظِه. الخامسةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لو أعْتَقَها وزَوَّجَها لغيرِه، وجعَل عِتْقَها صَداقَها، فقِياسُ المذهبِ صِحَّتُه، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ ذلك مَخْصُوصًا بالسَّيِّدِ. السَّادِسةُ، قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: لو قال: أعْتَقْتُ أَمَتِي، وزَوَّجْتُكَها على ألْفٍ. فقِياسُ المذهبِ، جَوازُه؛ فإَّنه مثْلُ قوْلِه: أعْتَقْتُها وأكْرَيتُها منك سنَةً بألْفٍ. وهذا بمَنْزِلَةِ اسْتِثْناءِ الخِدْمَةِ. السَّابعةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: إذا قال: أعْتَقْتُكِ وتزَوَّجْتُكِ على أَلْفٍ. فيَنْبَغِي أنْ يصِحَّ النِّكاحُ هنا، إذا قيلَ به في إصْداقِ العِتْقِ بطَريقٍ أوْلَى. وعلَّلَه. الثَّامِنَةُ، قال الأزَجِيُّ في «النِّهايَةِ»: إذا قال السَّيِّدُ لأمَتِه: أعْتَقْتُكِ على أنْ تتَزَوَّجي لي. فقالتْ: رَضِيتُ بذلك؛ نفَذ العِتْقُ، ولم يلْزَمْها الشَّرْطُ، بل هي بالخِيَارِ في الزَّواجِ وعدَمِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ عندي أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمَها. والأوَّلُ أصحُّ. التَّاسعَةُ، قال القاضي: لو قال الأبُ ابْتِداءً: زَوَّجْتُكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابْنَتِي على عِتْقِ أمَتِكَ. فقال: قَبِلْتُ. لم يَمْتَنِعْ أنْ يصِحَّ.

فَصْلٌ: الرَّابِعُ، الشَّهَادَةُ. فَلَا يَنْعَقِدُ إلا بِشَاهِدَينِ عَدْلَين ذَكَرَينِ، بَالِغَينِ، عَاقِلَينِ، وَإنْ كَانَا ضَرِيرَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الرَّابعُ، الشَّهادَةُ، فلا ينْعَقِدُ إلّا بشاهِدَين. احْتِياطًا للنَّسَبِ، خَوْفَ الإِنْكارِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّ الشَّهادَةَ ليستْ مِن شُروطِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّكاحِ. ذكَرَها أبو بَكْر في «المُقْنِعِ»، وجماعَة. وأطْلَقها أكْثَرُهم. وقيَّد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَجْدُ وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ بما إذا لم يكْتُمُوه، فمع الكَتْمِ تُشْترَطُ الشَّهادَةُ، رِوايَةً واحدَةً. وذكَرَه بعضُهم إِجْماعًا. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وهو، واللهُ أعلمُ، مِن تصَرُّفِ المَجْدِ، ولذلك جعَلَه ابنُ حَمْدانَ قوْلًا. انتهى. قوله: عَدْلَين ذَكَرَين بالِغَين عاقِلَين، وإنْ كانا ضَرِيرَين. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين» و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ

وَعَنْهُ، يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ فَاسِقَينِ، وَرَجُلٍ وَامْرأتَينِ، وَمُرَاهِقَينِ ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وعنه، ينْعَقِدُ بحُضورِ فاسِقَين، ورَجُلٍ وامْراتين،

عَاقِلَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومُراهِقَين عاقِلَين. قال في «الفُروعِ»: وأسْقَطَ رِوايَةَ الفِسْقِ أكثرُهم. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هي ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأخَذَها في «الانْتِصارِ» مِن رِوايَةِ مُثَنَّى. وقد سُئِل الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله: إذا تزَوَّجَ بوَلِيٍّ وشُهودٍ غيرِ عُدُولٍ، يفْسُدُ مِنَ النِّكاحِ شيءٌ؟ فلم يرَ أنَّه يَفْسُدُ مِنَ النِّكاحِ شيءٌ. وقيل: ينْعَقِدُ بحُضورِ كافِرَين، مع كُفْرِ الزَّوْجَةِ، وقَبُولِ شَهادَةِ بعضِهم على بعضٍ. ويأْتِي نحوُه قريبًا. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الشَّرْحِ». تنبيه: يَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ المُصَنِّفُ بقَوْلِه: عَدْلَين. ظاهِرًا وباطِنًا. وهو أحدُ الوَجْهَين، واحْتِمالٌ في «التَّعْليقِ» للقاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». ويَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ عَدْلَين ظاهِرًا لا باطِنًا، فيَصِحَّ بحُضورِ مَسْتُورَيِ الحالِ، وإنْ لم نَقْبَلْهما في الأمْوالِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّركَشِيُّ: وهو المَشْهورُ مِنَ الوَجْهَين. قال ابنُ رَزِينٍ: ويصِحُّ من مَسْتُورَيِ الحالِ، رِوايَةً واحدَةً، لأنَّ الأصْلَ العَدالةُ. وصحَّحَه في «البُلْغَةِ». وجزَم به القاضي في «المُجَرَّدِ»، و «التَّعْليقِ» في الرَّجْعَةِ منه، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَقِيلٍ، حاكِيًا له عَنِ الأصحابِ، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يكْفِي مَسْتُورَي الحالِ، إنْ ثبَت النِّكاحُ بهما. وقال في «المُنْتَخَبِ»: يَثْبُتُ بهما مع اعْتِرافٍ مُتقَدم. وقال في «التَّرْغِيبِ»: لو تابَ في مَجْلِسِ العَقْدِ، فكمَسْتُورِ الحالِ. فعلى المذهبِ، لو عُقِدَ بمَسْتُورَيِ الحالِ، ثم تبَيَّنَ بعدَ العَقْدِ أنَّهما كانا فاسِقَين حالةَ العَقْدِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: تبَيَّنَ أن النِّكاحَ لم ينْعَقِدْ. وقال المُصَنِّفُ،

وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّينِ، وَيَتَخَرَّجُ أنْ يَنْعَقِدَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً. وَلَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ أصَمَّينِ وَلَا أَخْرَسَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: ينْعَقِدُ؛ لوُجودِ شَرْطِ النّكاحِ ظاهِرًا. [قال ابنُ البَنَّا: ولا يكْفِي في إثْباتِ العَقْدِ عندَ الحاكِمِ إلَّا مَن عُرِفَتْ عَدالتُه ظاهِرًا وباطِنًا. انتهى. وهو صحيحٌ؛ بِناءً على اشْتِراطِ ذلك في الشَّهادَةِ] (¬1). قوله: ولا ينْعَقِدُ نِكاحُ مُسْلِمَ بشَهادَةِ ذِمِّيَّين. هذا المذهبُ المَنْصوصُ عنِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، المَشْهورُ عندَ الأصحابِ، واخْتارَه جماهِيرُهم. ويتَخَرَّجُ أنْ ينْعَقِدَ إذا كانتِ المرأةُ ذِمِّيَّةً. وهو لأبِي الخَطَّابِ. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. وهو مُخَرَّجٌ مِن رِوايَةِ قَبُولِ شَهادَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ بعضِهم على بعضٍ، على ما يأْتِي. قال ابنُ رَزِينٍ: وإنْ قُلْنا: تُقْبَلُ شَهادَةُ بعضِهم على بعضٍ. صحَّ النَّكاحُ بشَهادَةِ ذِمِّيَّينِ، إذا كانتِ المرْأةُ ذِمِّيَّةً. ¬

(¬1) سقط من الأصل.

وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّينِ، أَو ابْنَيِ الزَّوْجَينِ أَو أَحدِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَعَنْهُ، أنَّ الشَّهَادَةَ لَيسَتْ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل ينْعَقِدُ بحُضُورِ عَدُوَّين، أو ابْنَي الزَّوْجَين، أو أحَدِهما؟ على وجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أحدُهما، ينْعَقِدُ بحُضورِ عَدُوَّين. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ بَطَّةَ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». قال في «تَجْرِيدٍ العِنايَةِ»: لا ينْعَقِدُ في رِوايَةٍ. والوَجْهُ الثَّاني، لا ينْعَقِدُ بحُضورِ عَدُوَّين. وأمَّا عدَمُ انْعِقادِه بحُضورِ ابْنَي الزَّوْجَين أو أحدِهما، فهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم، في كِتابِ

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، كَوْنُ الرَّجُلِ كُفْئًا لَهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، فَلَوْ رَضِيَتِ الْمَرْأةُ وَالأوْلِيَاءُ بِغَيرِهِ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّهاداتِ. وصحَّحَه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم هناك. والوَجْهُ الثَّاني، ينْعَقِدُ بهما وبأحَدِهما. اخْتارَه ابنُ بَطَّةَ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، والأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». قال في «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا ينْعَقِدُ في رِوايَةٍ. وقال في «الفُروعِ»: وفي شَهادَةِ عَدُوَّيِ الزَّوْجَين، أو أحَدِهما، أو الوَلِيِّ وَجْهان، وفي مُتَّهَمٍ لرَحِمٍ رِوايَتان. وقال في «الرِّعايَةِ»: وفي عَدُوّي الزَّوْجِ، أو الزَّوْجَةِ، أو عَدُوِّهما، أو عَدُوَّي الوَلِيِّ، أو بابْنَي الزَّوْجَين، أو ابْنَيْ أحَدِهما، أو أبوَيهما، أو أبَوَيْ أحَدِهما، أو عَدُوِّهما وأجْنَبِيٍّ، وكلِّ ذي رَحِمٍ مَحْرَم مِن أحَدِ الزَّوْجَين، أو مِنَ الوَلِيِّ. وقيل: في العَدُوَّين، وابْنَي الزَّوْجَين، أو أحدِهما رِوايَتان. انتهى. قوله: الخامِسُ، كَوْنُ الرَّجُلِ كُفْئًا لها في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، هي شَرْط لصِحةِ النِّكاحِ. وهي المذهبُ عندَ أكثرِ المُتقَدِّمِين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْصوصُ المَشْهورُ والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ مِنَ الرِّوايتَين. وصحَّحَه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقطَع به الخِرَقِيُّ. وقدَّمه في «الهادِي»،

وَالثَّانِيَةُ، لَيسَ بِشَرْطٍ. وَهِيَ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، ليستْ بشَرْطٍ، يعْنِي للصِّحَّةِ، بل شَرْطٌ في اللُّزومِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهي أصحُّ. وهو المذهبُ عندَ أكثرِ المُتَأَخِّرِين. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»: وهي أوْلَى، للآثارِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا يُعْدَلُ عنه. فعلى الأُولَى، الكَفاءَةُ حقٌّ لله تعالى وللمَرْأَةِ

لَكِنْ إِنْ لَمْ تَرضَ الْمَرأةُ وَالأوْلِيَاءُ جَمِيعُهُمْ، فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والأوْلِياءِ، حتى مَن يَحْدُثُ. وعلى الثَّانيةِ، حقٌّ للمَرْأةِ والأوْلِياءِ فقط. قوله: لكِنْ إنْ لم تَرْضَ المَرْأةُ والأوْلِياءُ جَمِيعُهم، فلمَن لم يَرْضَ الفَسْخُ، فلو

فَلَوْ زَوَّجَ الْأبُ بِغَيرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا، فَلِلْإِخْوَةِ الْفَسْخُ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زوَّجَ الأبُ بغيرِ كُفْءٍ برضاها، فللإخْوَةِ الفَسْخُ. هذا كلُّه مُفَرَّعٌ على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. وهو الصَّحيحُ. نصَّ عليه. جزَم به القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الأشْهَرُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يمْلِكُ إلَّا بعدَ الفَسْخِ، مع رِضَا المَرْأةِ والأقْرَبِ. وأطلَقهما في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فعلى الأوَّلِ، له الفَسْخُ في الحالِ ومُتَراخِيًا. ذكَرَه القاضي وغيرُه. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يَنْبَغِي أنْ يكونَ على التَّراخِي، في ظاهِرِ المذهبِ؛ لأنَّه خِيارٌ لنَقْصٍ في المَعْقُودِ عليه. فعلى هذا، يسْقُطُ خِيارُها بما يدُلُّ على الرِّضَا مِن قَوْلٍ أو فِعْلٍ، وأمَّا الأوْلِياءُ، فلا يثْبُتُ إلَّا بالقَوْلِ. فائدة: قال الزَّرْكَشِي: لو عقَدَه بعضُهم ولم يَرْضَ الباقُون، فهل يقَعُ العَقْدُ باطِلًا مِن أصْلِه، أو صَحِيحًا؟ على رِوايتَين. حَكاهما القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»، أشْهَرُهما الصِّحَّةُ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، مِن قوْلِه: فلمَن لم يَرْضَ الفَسْخُ. ولا يكونُ الفَسْخُ إلَّا بعدَ الانْعِقادِ. وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه أيضًا. وقال الزرْكَشِيُّ، في مَوْضِع آخَرَ: إذا زوَّجَها الأبُ بغيرِ كُفْءٍ، وقُلْنا: الكُفْءُ ليس بشَرْطٍ. ففي بُطْلانِ النِّكاحِ رِوايَتان؛ البُطْلانُ، كنِكاحِ المُحْرِمَةِ والمُعْتَدَّةِ. والصِّحَّةُ، كتَلَقِّي الرُّكْبانِ. وقيل: إنْ عَلِمَ بفَقْدِ الكَفاءَةِ، لم يصِحَّ، وإلَّا صحَّ. وقيل: يصِحُّ إنْ كانتِ الزَّوْجَةُ كبيرَةً؛ لاسْتِدْراكِ الضَّرَرِ. قال الشَّيخ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: طريقَةُ المَجْدِ في «المُحَرَّرِ»، أنَّ الصِّفاتِ الخَمْسَ مُعْتَبَرَةٌ في الكَفاءَةِ، قوْلًا واحدًا، ثم هل يُبْطِلُ النِّكاحَ فَقْدُها، أو لا يُبْطِلُه، لكنْ يُثْبِتُ الفَسْخَ، أو يُبْطِلُه فَقْدُ الدِّينِ والمَنْصِبِ، ويُثْبِتُ الفَسْخَ فَقْدُ الثَّلاثةِ؟ على

وَالْكَفَاءَةُ، الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثِ رِواياتٍ. وهي طريقَتُه. انتهى. قوله: والكفاءَةُ؛ الدِّينُ والمَنْصِبُ. يعْنِي، لا غيرُ. وهذا إحْدَى الرِّوايتَين. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ» وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى وغيرُه. وقدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّ الحُرِّيَّةَ والصِّناعَةَ واليَسارَ مِن شُروطِ الكِفاءِ أيضًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي في «تَعْليقِه»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وذكرَ القاضي في «المُجَرَّدِ» أنَّ فَقْدَ الثَّلاثَةِ لا يُبْطِلُ النِّكاحَ، قوْلًا واحدًا. وَأمَّا فَقْدُ الدِّينِ والمَنْصِبِ، فقيل: يُبْطِلُ، رِوايَةً واحِدَةً. وقيل: فيه رِوايَتان. وقيل: المُبْطِلُ فَقْدُ المَنْصِبِ. ذكَرَه ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه». قال ابنُ عَقِيلٍ: الذي يقْوَى عندِي، وهو الصَّحيحُ، أنَّ فَقْدَ شَرْطٍ واحدٍ مُبْطِلٌ؛ وهو النَّسَبُ، وما عَدا ذلك لا يُبْطِلُ النِّكاحَ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أنَّ الحُريَّةَ مِن شُرُوطِ الكَفاءَةِ. واخْتارَ الشِّيرازِيُّ، أنَّ اليَسارَ مِن شُروطِ الكَفاءَةِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لم أجِدْ نصًّا عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ببُطْلانِ النِّكاحِ لفَقْرٍ أو رِقٍّ، ولم أجِدْ أيضًا عنه نصًّا (¬1) بإقْرارِ النِّكاحِ مع عدَمِ الدِّينِ والمَنْصِبِ خِلافًا، واخْتارَ أنَّ النّسَبَ لا اعْتِبارَ به في الكَفاءَةِ. وذكَر ابنُ أبِي مُوسى، عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلٌّ عليه. واسْتدَلَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَوْلِه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬1). وقيل: الكَفاءَةُ النَّسَبُ فقط. وهو توْجِيهٌ للقاضي في «المُجَرَّدِ». وقال بعضُ المُتأَخِّرِين مِنَ الأصحابِ: إذا قُلْنا: الكفاءَةُ حق للهِ تعَالى. اعْتُبِرَ الدِّينُ فقط. قال: وكلامُ الأصحابِ فيه تَساهُلٌ وعدَمُ تَحْقيقٍ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قلتُ: هذا كلامٌ ساقِطٌ، ولم يَفْهَمْ معْنَى كلامِ الأصحابِ. فائدتان؛ إحْداهما، المَنْصِبُ؛ هو النَّسَبُ. وأمَّا اليَسارُ؛ فهو بحسَبِ ما يجِبُ للمَرْأةِ. وقيل: تَساويهما فيه. قال الزَّرْكَشِيُّ: معْنَى الكَفاءَةِ في المالِ، أنْ يكونَ بقَدْرِ المَهْرِ والنَّفَقَةِ. قال القاضي، وأبو محمدٍ في «المُغْنِي»: لأنَّه الذي يُحْتاجُ إليه في النِّكاحِ. ولم يعْتَبِرْ في «الكافِي» إلَّا النَّفَقَةَ فقط. واعْتَبرَ ابنُ عَقِيلٍ أنْ يكونَ بحيث لا يُغَيِّرُ عليها عادَتَها عندَ أبِيها في بَيتِه. الثَّانيةُ، لا تُعْتبَرُ هذه ¬

(¬1) سورة الحجرات 13.

فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ، ولَا عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ. وَالْعَرَبُ بَعْضهُمْ لِبَعْضٍ أكْفَاءٌ، وَسَائِرُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّفاتُ في المرْأةِ، وليستِ الكَفاءةُ شَرْطًا في حقِّها للرَّجُلِ. وفي «الانْتِصارِ» احْتِمالٌ، يُخَيَّرُ مُعْتَقٌ تحتَه أمَةٌ. وفي «الواضِحِ» احْتِمالٌ، يبْطُلُ النِّكاحُ بعِتْقِ الزَّوْجِ الذي تحتَه أمَةٌ؛ بِناءً على الروايَةِ فيما إذا اسْتَغْنَى عن نِكاحِ الأمَةِ بحُرَّةٍ، فإنَّه يبْطُلُ. ويأْتي ذلك في أوائلِ الفَصْلِ الثَّالثِ، مِن بابِ الشُّروطِ في النِّكاحِ. قوله: والعَرَبُ بعضُهم لبعض أكْفاءُ. هذه المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وعنه، لا تُزوَّجُ

لِبَعْضٍ أكْفَاءٌ. وَعَنْهُ، لَا تُزَوَّجُ قُرَشِيَّةٌ لِغَيرِ قُرَشِيٍّ، وَلَا هَاشِمِيَّةٌ لِغَيرِ هَاشِمِيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قُرَشِيَّةٌ لِغيرِ قُرَشِيٍّ، ولا هاشِميَّةٌ لغيرِ هاشِمِيٍّ. قدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروعِ»: هذه الرِّوايَةُ مذهبُ الإِمامِ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللهُ عنه. وردَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، هذه الرِّوايَةَ، وقال: ليس في كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامِ أحمدَ، رَضِيَ اللهُ عنه، ما يدُلُّ عليها، وإنَّما المَنْصوصُ عنه في رِوايَةِ الجماعَةِ أنَّ قُرَيشًا بعضُهم لبعضٍ أكْفاءُ، قال: وذكَر ذلك ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي في «خِلافِه»، و «رِوايتَيه»، وصحَّحَها فيه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أيضًا: ومَن قال: إنَّ الهاشِمِيَّةَ لا تُزَوَّجُ بغيرِ هاشِمِيٍّ. بمَعْنَى أنَّه لا يجوزُ ذلك، فهذا مارِقٌ مِن دِينِ الإسْلام؛ إذْ قِصَّةُ تَزْويجِ الهاشِمِيَّاتِ مِن بَناتِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، وغيرِهنَّ بغيرِ الهاشِميِّين ثابِتٌ في السُّنَّةِ ثُبوتًا لا يَخْفَى، فلا يجوزُ أنْ يُحْكَى هذا خِلافًا في مذهبِ الإمامِ أحمدَ، رَضِيَ اللهُ عنه، وليس في لفْظِه ما يدُلُّ عليه. انتهى. وعنه، ليس وَلَدُ الزِّنَى كُفْؤًا لذاتِ نَسَبٍ، كعَرَبِيَّةٍ. واقْتَصرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ، وأضافَه إلى المُصَنِّفِ. فائدة: ليس مَوْلَى القَوْمِ كُفْؤًا لهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي في «الرِّوايتَين»، والمُضَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وعنه، أنَّه كُفْءٌ لهم. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. انتهى.

وَعَنْهُ، أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالصِّنَاعَةَ وَالْيَسَارَ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ، فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ بِعَبْدٍ، وَلَا بِنْتُ بَزَّازٍ بِحَجَّام، وَلَا بِنْتُ تَانِئٍ بِحَائِكٍ، وَلَا مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه -على رِوايَةِ أنَّ الحُرِّيَّةَ مِن شُروطِ الكَفاءَةِ: لا تُزَوَّجُ حُرَّة بعَبْدٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: ولا لمَن بعضُه رَقِيقٌ. انتهى. فلو وُجِدَتِ الكفاءَةُ في النِّكاحِ حال العَقْدِ؛ بأنْ يقُولَ سيِّدُ العَبْدِ بعدَ إيجاب النِّكاحِ له: قَبِلْتُ له هذا النِّكاحَ وأعْتَقْتُه. فقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قِياسُ المذهبِ صِحَّتُه. قال: ويتَخرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ بمَنْعِها. ويأْتِي ما يتعَلَّقُ بذلك عندَ قوْلِه: إذا عَتقَتِ الأمَةُ وزَوْجُها حُرٌّ. أمَّا إنْ كان قد مسَّه رِقٌّ، أو أباه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ تزْويجِه بحُرَّةِ الأصْلِ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايَةِ»: ولا يُزَوَّجُ في رِوايَةٍ. انتهى. وعنه، لا تُزَوَّجُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به. اخْتاره ابنُ عَقِيلٍ. فائدة: التَّانِئُ في قولِه: ولا بِنْتُ تانِئٍ. هو صاحِبُ العَقارِ. وقيل: الكثيرُ المالِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. والبَزَّازُ؛ بَيَّاعُ البَزِّ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه -على رِوايَةِ أنَّ الحُريَّةَ، والصِّناعَةَ، واليَسارَ مِن شُروطِ الكَفاءَةِ: فلا تُزوَّجُ حُرَّةٌ بعَبْدٍ، ولا بنْتُ بزَّازٍ بحَجَّامٍ، ولا بِنْتُ تانِئٍ بحائكٍ، ولا موسِرَةٌ بمُعْسِرٍ. أنَّه يَشْمَلُ كلَّ صِناعَةٍ ردِيئَةٍ. وهو قوْلُ القاضي في «الجامِعِ»، والمُصَنِّف، والشَّارِحِ، وغيرِهم. وجزَم به في «الرِّعايَةِ». ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ. واقْتَصَرَ بعضُهم على هذه الثَّلاثَةِ. وقيل: نسَّاجٌ كحائكٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو زالتِ الكَفَاءةُ (¬1) المذْكُورَةُ بعدَ العَقْدِ، فلها الفَسْخُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) تحرفت في الأصل إلى: «البكارة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصححة في «النَّظْمِ» وغيرِه. كعِتْقِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تحتَ عَبْدٍ. وقيل: ليس لها الفَسْخُ، كطَوْلِ حُرَّةٍ مِن نَكَحَ (¬1) أمَةً، وكوَلِيِّها. ¬

(¬1) في ا: «نكاح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه خِلافٌ في «الانْتِصارِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: يُعْزَى لأبِي الخَطَّابِ، أنَّ للوَلِيِّ الفَسْخَ أيضًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ شيخِه في «التَّعْليقِ». وقدَّم في «الانْتِصارِ»، أن مثْلَ الوَلِيِّ مَن وُلِدَ مِنَ الأوْلِياءِ في ذلك، وأنَّه إنْ طَرأَ نسَبٌ، فاسْتَلْحَقَ شرِيفٌ مَجْهولَةً، أو طَرأ صَلاحٌ، فاحْتِمالان. وتقدَّم عندَ قوْلِه: وإذْنُ الثَّيِّبِ الكَلامُ. لا يُشْتَرطُ الإشْهادُ على إذْنِها، ولا الشَّهادَةُ بخُلوِّها مِنَ المَوانِعِ.

باب المحرمات في النكاح

بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ وَهُنَّ ضَرْبَانِ؛ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى الْأَبَدِ، وَهُنَّ أرْبَعَةُ أقْسَامٍ؛ أحَدُهَا، الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ، وَهُنَّ سَبْعٌ؛ الأمَّهَاتُ، وَهُنَّ الْوَالِدَةُ، وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالأُمِّ، وَإنْ عَلَوْنَ، وَالْبَنَاتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ

مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَبَنَاتُ الْأوْلَادِ، وإِنْ سَفَلُوا، وَالْأخَوَاتُ مِنَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ، وَبَنَاتُ الأَخِ، وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأَوْلَادُهُمْ، وَإنْ سَفَلُوا، وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالاتُ، وَإنْ عَلَوْنَ، وَلَا تحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: والبَناتُ مِن حلالٍ أو حَرامٍ. وكذا بِنْتُه المَنْفِيَّةُ بلِعانٍ ومِن شُبْهَةٍ. ويكْفِي في التَّحْريمِ أنْ يَعْلَمَ أنَّها بِنْتُه ظاهِرًا، وإنْ كان النَّسَبُ لغيرِه. قاله القاضي في «التَّعْليقِ». فظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في اسْتِدْلالِه، أنَّ الشبَهَ (¬1) كافٍ في ذلك. قاله الزَرْكَشِيُّ. ¬

(¬1) في الأصل: «الشبهة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأوَّلُ، شَمِلَ قوْلُه: والعَمَّاتُ. عَمَّةَ أبيه وأُمِّه لدُخولِهما في عمَّاتِه، وعَمَّةَ العَمِّ لأبٍ لأنَّها عَمَّةُ أبِيه، لا عَمَّةُ العَمِّ لأمٍّ لأنَّها أجْنَبِيَّةٌ منه. وتحْرُمُ خالةُ العَمَّةِ لأُمٍّ، ولا تحْرُمُ خالةُ العَمَّةِ لأبٍ لأنَّها أجْنَبِيَّةٌ. وتحْرُمُ عَمَّةُ الخالةِ لأبٍ لأنَّها عَمَّهُّ الأمِّ، ولا تحْرُمُ عَمَّةُ الخالةِ لأُمٍّ لأنَّها أجْنَبِيَّةٌ.

الْقِسْمُ الثَّانِي، الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ. وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ سَوَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، قوْلُه: القِسْمُ الثَّاني، المُحَرَّماتُ بالرَّضَاعِ، ويَحْرُمُ به ما يحْرُمُ بالنَّسَبِ سَواءً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال ابنُ البَنَّا في «خِصالِه»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما: إلَّا أمَّ أخِيه وأُختَ ابنِه، فإنَّهما يحْرُمان مِنَ النَّسَبِ ولا يحْرُمان بالرَّضاعِ. وقاله الأصحابُ. لكِنَّ أمَّ أخِيه إنَّما حَرُمَتْ مِن غيرِ الرَّضاعِ مِن جِهَةٍ أُخْرَى؛ لكَوْنِها زَوْجَةَ أبِيه، وذلك مِن جِهَةِ تحْريمِ المُصاهَرَةِ لا مِن جِهَةِ تحْريمِ النَّسَبِ، وكذلك أُخْتُ ابْنِه إنَّما حَرُمَتْ لكَوْنِها رَبِيبَةً، فلا حاجَةَ إلى اسْتِثْنائِهما. وقد قال الزَّرْكَشِيُّ، وغيرُه من الأصحابِ: والصَّوابُ عندَ الجُمْهورِ عدَمُ اسْتِثْنائِهما. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: يحْرُمُ مِنَ الرَّضاعِ ما يحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يثْبُتُ به تحْرِيمُ المُصاهَرَةِ، فلا يَحْرُمُ على الرَّجُلِ نِكاحُ أُمِّ زوْجَتِه وابْنَتِها مِنَ الرَّضاعِ، ولا على المَرْأةِ نِكاحُ أبِي زَوْجِها وابنِه مِنَ الرَّضاعِ. وقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ ابنِ بَدِينا (¬1)، في حَليلَةِ الابنِ مِنَ الرَّضاعِ: لا يُعْجِبُنِي أنْ يتَزَوَّجَها، يحْرُمُ مِنَ الرَّضاعِ ما يحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. وليس على هذا ¬

(¬1) هو محمد بن الحسن بن هارون تقدمت ترجمته في 11/ 251.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ، الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَهُنَّ أرْبَعٌ؛ أُمَّهَاتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الضابطِ إيرادٌ صحيحٌ سِوَى المُرْتَضَعَةِ بلَبَنِ الزِّنَى (¬1)، والمَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ ابنِه عَبْدِ اللهِ، أنَّها مُحَرَّمَةٌ كالبِنْتِ مِنَ الزِّنى، فلا إيرادَ إذنْ. انتهى. الثَّالثُ، قولُه: القِسْمُ الثَّالِثُ، المُحَرَّماتُ بالمُصاهَرَةِ، وهُنَّ أرْبَعٌ؛ أُمَّهاتُ نِسائِه. فيحْرُمْنَ بمُجَرَّدِ العَقْدِ على البِنْتِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وعنه، أُمَّهاتُ النِّساءِ كالرَّبائب، لا يحْرُمْنَ إلَّا بالدُّخول ببَناتِهِنَّ. ذكَرَها الزَّرْكَشِيُّ. ¬

(¬1) في الأصل: «المزوج». والمثبت رواية القواعد.

نِسَائِهِ، وَحَلَائل آَبائِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرابعُ، دخَل في قوْلِه: وحَلائلُ آبائِه. كلّ مَن تزَوَّجَها أبُوه، أو جَدُّه لأبِيه أو لأُمِّه، مِن نَسَبٍ أو رَضاعٍ، وإنْ عَلا، سَواءٌ دخَل بها أو لم يدْخُلْ، طَلَّقها

وَأَبْنَائِهِ، فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دُونَ بَنَاتِهِنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ماتَ عنها أو افْترَقا بغيرِ ذلك. ودخَل في قوْلِه: وأبْنائِه. يعْنِي وحَلائلَ أبْنائِه. كلُّ مَن تزَوَّجَها أحدٌ مِن أوْلادِه، أو أولادِ أولادِه وإنْ نزَلُوا، سَواءٌ كانُوا مِن أوْلادِ البَنِين أو البَناتِ، مِن نسَبٍ أو رَضاعٍ.

وَالرَّبَائِبُ؛ وَهُنَّ بَنَاتُ نِسَائِهِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ دُونَ الَّلاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسُ، ظاهِرُ قولِه: والرَّبائبُ؛ وهُنَّ بَناتُ نِسائِه اللَّاتِي دخَل بهنَّ. أنَّه سَواءٌ كانتِ الرَّبِيبَةُ في حِجْرِه أو لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحاب. وقيل: لا تحْرُمُ إلَّا إذا كانتْ في حِجْرِه. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ القُرآنِ. فائدة: يحْرُمُ عليه بِنْتُ ابنِ زَوْجَتِه. نقَلَه صالِحٌ وغيرُه. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا يَعْلَمُ فيه نِزاعًا. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ». ولا تحْرُمُ زَوْجَةُ رَبِيبِه. ذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ»،

فَإِنْ مِتْنَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ تَحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ». ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ ابنِ مُشَيشٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا أعْلَمُ فيه نِزاعًاء ويُباحُ للمَرْأةِ ابنُ زوْجَةِ ابْنِها، وابنُ زَوْجِ ابْنَتِها، وابنُ زَوْجِ اُّمِّها، وزَوْجُ زَوْجَةِ أبِيها، وزَوْجُ زَوْجَةِ ابنِها. ذكَرَه في «الرِّعايتَين»، و «الوَجيزِ». قوله: فإنْ مِتْنَ قبلَ الدُّخُولِ، فهل تَحْرُمُ بَناتُهُنَّ؟ على رِوايتَين. يعْنِي إذا ماتَتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَعْقودُ عليها قبلَ الدُّخُولِ، ولها بِنْتٌ. وأَطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»؛ إحْداهما، لا يحْرُمْنَ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يحْرُمْنَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «المُقْنِعِ». فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ لو أبانَها بعدَ الخَلْوَةِ وقبلَ الدُّخُولِ، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: إذا طلَّقَ بعدَ الخَلْوَةِ وقبلَ الوَطْءِ، فرِوايَتان، أنَصُّهما -وهو الذي قطَع به القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ» في مَوْضِعٍ، وفي «الخِصالِ»، وابنُ البَنَّا، والشِّيرازِيُّ -ثُبوتُ حُكْمِ الرَّبيبَةِ.

وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّانيةُ- وهي اخْتِيارُ أبِي محمدٍ، وابنِ عَقِيلٍ، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، وفي «الجامِعِ» في مَوْضِعٍ- لا يثْبُتُ. وقدَّم في «المُغْنِي» أنَّها لا تحْرُمُ. وصحَّحه في مَوْضِعٍ آخَرَ. قلتُ: وصحَّحَه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، في كِتابِ الصَّداقِ. وهو المذهبُ. الثَّانيةُ، قطَع (¬1) المُصَنِّفُ وغيرُه [مِنَ الأصحابِ- في المُباشَرَةِ] (¬2) ونظَرِ الفَرْجِ- بعَدَمِ التَّحْرِيمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد يُقالُ بالتَّحْرِيمِ؛ بِناءً على تَقرُّرِ الصَّداقِ. ويأْتِي أيضًا التَّنْبِيهُ على الخَلْوَةِ فيما يُقرِّرُ الصَّداقَ في بابِه. ولا يثْبُتُ التَّحْريمُ باسْتِدْخالِ ماءِ الرَّجُلِ. نصّ عليه في «التَّعْليقِ» في اللِّعانِ. قوله: ويثْبُتُ تَحْرِيمُ المُصاهَرَةِ بالوَطْءِ الحَلالِ والحَرامِ. أمَّا ثُبوتُ تحْريمِ ¬

(¬1) بعده في الأصل: «به». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصاهَرَةِ بالوَطْءِ الحَلالِ فإجْماعٌ. ويثْبُتُ بوَطْءِ الشُّبْهَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وحَكاه ابن المُنذِرِ إجْماعًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يثْبُتُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». وحِكايةُ هذا الوَجْهِ منه عَجيبٌ؛ فإنَّه جزَم بأنَّ الوَطْءَ في الزِّنَى كالنِّكاحِ الصَّحيحِ، وأطْلَقَ وَجْهَين في الوَطْءِ بشُبْهَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ أنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ ليس بحَلالٍ ولا حَرامٍ؛ فقال: ووَطْءُ الحَرام مُحَرِّمٌ كما يُحَرِّمُ وَطْءُ الحَلالِ والشُّبْهَةِ. وصرَّح القاضي في «تَعْليقِه» أنَّه حَرامٌ. وأَمَّا ثبُوتُه بالوَطْءِ الحَرامِ فهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ. وذكَر القاضي في «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» أنَّه يثْبُتُ تحْريمُ المُصاهَرَةِ بوَطْءِ الدُّبُرِ بالاتِّفاقِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «التَّرْغِيبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَينٍ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «المُذْهَبِ»: إذا وَطِئَ امْرأةً بزِنًى كان كالوَطْءِ في النِّكاحِ. وقيل: لا يثْبُتُ تحْرِيمُ المُصاهَرَةِ بوَطْء الدُّبُرِ. ونقَل بِشْرُ بنُ محمدٍ (¬1)، لا يُعْجِبُنِي. ونَقَل المَيمُونِيُّ، إنّما حرَّم اللهُ ¬

(¬1) لعله بشر بن محمد السختياني المروزي، أبو محمد، روى عن ابن المبارك، وعنه البخاري. توفي سنة أربع وعشرين ومائتين. تهذيب التهذيب 1/ 457.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحَلالِ (¬1) على ظاهِرِ الآيَةِ (¬2)، والحَرامُ مُباينٌ للحَلالِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الوَطْءُ الحَرامُ لا ينْشُرُ تحْريمَ المُصاهَرَةِ. واعْتَبرَ في مَوْضِع آخَرَ التَّوْبَةَ حتى في اللِّواطِ، وحرَّم بِنْتَه مِنَ الزِّنَى، وقال: إنْ وَطِئَ بِنْتَه غَلَطًا لا ينْشُرُ، لكَوْنِه لم يتَّخِذْها زوْجَةً، ولم يُعْلِنْ نِكاحًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الحلال». (¬2) سورة النساء 23.

فَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أوْ صَغِيرَةً، فَعَلَى وَجْهَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: الحَرامِ. الوَطْءَ في قُبُلِها ودُبُرِها. وهو كذلك. قاله الأصحابُ، كما تقدَّم. فلو زَنَى بامْرَأةٍ، حرُمَتْ على أبِيه وابْنِه، وحرُمَتْ عليه أُمُّها وابْنَتُها، كوَطْءِ الحَلال والشُّبْهَةِ. ولو وَطِئَ أُمَّ امْرَأَتِه أو ابْنَتَها، حرُمَتْ عليه امْرَأَتُه. نصَّ عليه. ولكِنْ (¬1) لا يُثْبِتُ مَحْرَمِيَّةً، ولا إباحَةَ النَّظَرِ. قوله: فإنْ كانَت المَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أوْ صَغِيرَةً، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»؛ أحدُهما، لا يثْبُتُ التَّحْرِيمُ بذلك. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصححه في «التصْحيحِ»، وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ¬

(¬1) في ط: «وقيل».

وَإنْ بَاشَرَ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا، أَوْ خَلَا بِهَا لِشَهْوَةٍ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وقاله القاضي في «خِلافِه»، في وَطْءِ الصَّغِيرَةِ، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وصحَّحَه الزَّرْكَشِيُّ في الصَّغِيرَةِ. والوَجْهُ الثانِي، يثْبُتُ به التَّحْريمُ. وقاله القاضي في «الجامِعِ»، في الصَّغِيرَةِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ» فيهما (¬1). تنبيه: مُرادُه بالصَّغِيرَةِ، الصَّغِيرَةُ التي لا يُوطَأُ مثْلُها. قاله الأصحابُ. قوله: وإنْ باشَرَ امْرَأَةً، أو نظرَ إلى فَرْجِها، أو خَلا بها لشَهْوَةٍ -[يعْنِي، في الحَرامِ، أو لمَسَها بشَهْوَةٍ] (¬2) - فعلى رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «فيها». (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، فيما إذا [باشَرَ الأمَةَ] (¬1) لِشَهْوَةٍ، أو نظرَ إلى فَرْجِها لِشَهْوَةٍ. وأطْلَقهما في «الكافِي»، في القُبْلَةِ، ¬

(¬1) في الأصل: «باشرها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واللَّمْسِ بشَهْوَةٍ، والنَّظرِ إلى الفَرْجِ. [وقطَع في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، بعَدَمِ التَّحْريمِ فيما إذا باشَرَ حُرَّةً، وقالا: وذكَر أصحابُنا في جميعِ الصُّوَرِ الرِّوايتَين مِن غيرِ تَفْصِيلٍ. والتَّفْصِيلُ أقْرَبُ إلى الصَّوابِ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى] (¬1)؛ إحْداهما، لا ينْشُرُ الحُرْمَةَ. وهو المذهبُ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: لم ينْشُرْ، في أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والصَّحيحُ أنَّ الخَلْوَةَ بالمَرْأَةِ لا تنْشُرُ الحُرْمَةَ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُنْشَرُ الحُرْمَة بذلك. تنبيه: مفْهومُ قولِه: أو نظَر إلى فَرْجِها. أنَّه لو نظَر إلى غيرِه مِن بَدَنِها لشَهْوَةٍ لا ينْشُرُ الحُرْمَةَ. وهو صَحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ينْشُرُ. ذكَرَه أبو الحُسَينِ، ونقَلَه المَيمُونِيُّ، وابنُ هانِئٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال بعضُ أصحابِنا: لا فَرْقَ بينَ النَّظَرِ إلى الفَرْجِ وسائرِ البَدَنِ لشَهْوَةٍ. والصَّحيحُ خِلافُ ذلك، ثم قالا: لا خِلافَ نعْلَمُه في أنَّ النَّظَرَ إلى الوَّجْهِ لا يُثْبِتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرْمَةَ. فائدة: حُكْمُ مُباشَرَةِ المرْأةِ للرَّجُلِ، أو نظَرِها إلى فَرْجِه، أو خَلْوَتِها به لشَهْوَةٍ، حُكْمُ الرَّجُلِ على ما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا.

وَإنْ تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ، حَرُمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمُّ الْآخَرِ وَابْنَتُهُ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، هُوَ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَلَوَّطَ بغُلامٍ، حَرُمَ على كُل واحِدٍ منهما أُمُّ الآخَرِ وابْنَتُه. يعْنِي، أنَّه يحْرُمُ باللواطِ ما يحْرُمُ بوَطْءِ المَرْأَة. وهذا المذَهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: [هذا قولُ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»] (¬1)، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعندَ أبِي الخَطَّابِ، هو كالوَطْءِ دُون الفَرْجِ. يعْنِي، كالمُباشَرَةِ دُونَ الفَرْجِ، على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعَةٌ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: المَنْصُوصُ عنِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: في مَسْألةِ التَّلَوُّطِ؛ أنَّ الفاعِلَ لا يتَزَوجُ بِنْتَ المَفْعولِ فيه ولا أُمَّه. قال: وهو قِياسٌ جيِّدٌ. قال: فأمَّا (¬1) تزَوُّجُ المَفْعولِ فيه بأُمِّ الفاعِلِ، ففيه نظَرٌ، ولم يَنُصَّ عليه. قال ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»: وقيل: لا ينْشُرُ الحُرْمَةَ أَلْبَتَّةَ. وهو أشْبَهُ. انتهى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ دَواعِيَ اللِّواطِ ليستْ كاللِّواطِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه كاللِّواطِ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ». فائدة: السِّحاقُ بينَ النِّساءِ لا ينْشُرُ الحُرْمَةَ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه»

الْقِسْمُ الرَّابِعُ، الْمُلَاعِنَةُ تَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِنِ عَلَى التَّأْبِيدِ، إلا أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ، فَهَلْ تَحِلُّ له؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ محَلَّ وفاقٍ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحَمِه اللهُ: قِياسُ النُّصوصِ في اللِّواطِ، أنَّه يُخَرجُ على الرِّوايتَين في مُباشَرَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ لشَهْوَةٍ. قوله: القِسْمُ الرَّابعُ، المُلاعِنَةُ تحْرُمُ على المُلاعِنِ على التَّأْبِيدِ، إلا أنْ يُكْذِبَ نَفْسَه، فهل تحِلُّ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، إحْداهما، لا تحِلُّ، بل تحْرُمُ على التَّأْبِيدِ. وهو المذهبُ. نقَلَها الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه المُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ، في بابِ اللِّعانِ. قال الشَّارِحُ: المَشْهورُ في المذهبِ، أنَّها باقِيَةٌ على التَّحْريمِ المُؤبَّدِ، والعَمَلُ عليها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» في بابِ اللِّعانِ، وقدَّمه في «الفُروعِ» أيضًا. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُباحُ له. قاله ابنُ رَزِينٍ. وهو أظْهَرُ. قال الشَّارِحُ هنا وفي بابِ اللِّعانِ: وهذه الروايَةُ شَذَّ بها حَنْبَلٌ عن أصحابِه. قال أبو بَكْرٍ: لا نَعْلَمُ أحدًا رَواها غيرَه. قال المُصنِّفُ: يَنْبَغِي أنْ تُحْمَلَ هذه الرِّوايَةُ على ما إذا لم يُفَرِّقِ الحاكِمُ بينَهما، فأمَّا إنْ فرَّق بينَهما، فلا وَجْهَ لبَقاءِ النِّكاحِ بحالِه. انتهى. وعنه، تُباحُ (¬1) بنِكاحٍ جَديدٍ، أو مِلْكِ يَمِينٍ، إنْ كانتْ أَمَةً. ويأَتي هذا في اللعانِ أيضًا مُسْتَوْفًى، فليُراجَعْ. [فعلى المذهبِ، لو وقَع اللِّعانُ بعدَ البَينُونَةِ، أو في نِكاحٍ فاسِدٍ، فهل يُفِيدُ التَّحْرِيمَ المُوبَّدَ، أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ذكَرُوه في اللِّعانِ؛ أحدُهما، تحْرُمُ أيضًا على التَّأْبِيدِ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه في «الكافِي». والوَجْهُ الثَّاني، لا يَتأَبَّدُ التَّحْريمُ في المَسْألتَينِ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (¬2). فائدة: ذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في كتابِ التَّحْليلِ، أنَّ الرَّجُلَ إذا قتَل رَجُلًا ليَتزَوَّجَ امْرَأَته، أنَّها لا تحِلُّ له أبدًا. وسُئِلَ عن رَجُلٍ خَبَّثَ ¬

(¬1) في الأصل: «تباع». (¬2) سقط من: الأصل.

فَصْل: الضَّرْبُ الثَّانِي، الْمُحَرَّمَاتُ إِلَى أَمَدٍ، وَهُنَّ نَوْعَانٍ؛ أَحدُهُمَا، المُحَرَّمَاتُ لأجْلِ الْجَمْعِ، فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَينَ الأُخْتَينَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ امْرأةً على زَوْجِها حتى طَلُقَتْ ثم تزَوَّجَها؟ أجابَ: يُعاقَبُ مثْلُ هذا عُقوبَةً بَلِيغَةً، والنِّكاحُ باطِلٌ في أحَدِ قَوْلَي العُلَماءِ في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ والإِمامِ مالِكٍ وغيرِهما، رَحِمَهم اللهُ، ويجِبُ التَّفْرِيقُ فيه. فوائد؛ إحْداها (¬1)، إذا فسَخ الحاكِمُ نِكاحَه لعُنَّتِه، أو عَيبٍ فيه يُوجِبُ الفَسْخَ، لم تَحْرُمْ على التَّأْبِيدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، ذكَرَه في بابِ العُيوبِ. وعنه، تَحْرُمُ على التَّأْبِيدِ، كاللِّعانِ. الثَّانيةُ، قوْلُه: فيحْرُمُ الجَمْعُ بينَ الأُخْتَين وبين المَرْأةِ وعَمَّتِها، أو خالتِها. ¬

(¬1) في الأصل: «إحداهما».

وَبَينَ الْمَرأةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالتِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ، وسواءٌ كانت العَمَّةُ والخالةُ حَقِيقَةً أو مجَازًا، كعَمَّاتِ آبائِها وخالاتِهم، وعَمَّاتِ أُمَّهاتِها وخالاتِهِنَّ، وإنْ علَتْ دَرَجَتُهُنَّ، ولو رَضِيَتا، مِن نَسَبٍ أو رَضاعٍ. وخالفَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدَّينِ، رَحِمَه الله، في الرَّضاعِ، فلم يُحَرمِ الجَمْعَ مع الرَّضاعِ. فعلى المذهبِ، كلُّ شَخْصَين لا يجوزُ لأحَدِهما أنْ يتَزَوَّجَ الآخَرَ، لو كان أحدُهما ذكَرًا، والآخَرُ أُنثَى، لأجْلِ القَرابَةِ، لا يجوزُ الجمعُ بينَهما. قاله الأصحابُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: خالُ أبِيها (¬1) بمَنْزِلَةِ خالِها. وكذا ¬

(¬1) في النسخ: «ابنها». والمثبت من الفروع 5/ 199.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْرُمُ عليه الجَمْعُ بينَ عَمَّةٍ وخالةٍ؛ بأنْ ينْكِحَ امْرَأةً وينْكِحَ ابنُه (¬1) أُمَّها، فيُولَدَ لكُلِّ واحدٍ منهما بِنْتٌ. ويحْرُمُ أيضًا الجمْع بينَ خالتَين؛ بأنْ ينْكِحَ كلُّ واحدٍ منهما ابنَةَ (¬2) الآخَرِ، فيُولَدَ لكلِّ واحدٍ منهما بِنْتٌ. ويحْرُمُ أيضًا الجمْعُ بينَ عَمَّتَين، بأنْ ينْكِحَ كل واحدٍ منهما أُمَّ الآخَرِ، فيُولَدَ لكلِّ واحدٍ منهما بِنْتٌ. الثَّالثةُ، لا يُكْرَهُ الجَمْعُ بَين بِنْتَيْ عَمَّيه أو عَمَّتَيه، أو ابْنَتَيْ خاليه أو خالتَيه، أو بِنْتِ عَمِّه وبِنْتِ عَمَّتِه. ¬

(¬1) في ط، ا: «ابنة». (¬2) في ا: «أُمّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبَ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ» وغيرِه. كما لا يُكْرَهُ جَمْعُه بينَ مَن كانتْ زَوْجَةَ رَجُلٍ وبِنْتِه مِن غيرِها. وعنه، يُكْرَهُ. جزَم به في «الكافِي»، فيكون هذا المذهبَ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وحرَّمه في «الرَّوْضَةِ»؛ قال: لأنَّه لا نَصَّ فيه، ولكنْ يُكْرَهُ قِياسًا. يعْنِي، على الأُخْتَين. قاله في «الفُروعِ». الرَّابعةُ، لو تزَوَّجَ أُخْتَ زَيدٍ مِن أبِيه، وأُخْتَه مِن أُمِّه في عَقْدٍ واحدٍ، صحَّ. ذكرَه في «الرِّعايَةِ» وغيرِه.

فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسةُ، لو كان لكُلِّ رَجُلٍ بِنْتٌ، ووَطِئا أَمَةً، فَأُلْحِقَ وَلَدُها بهما، فتَزَوَّجَ رَجُلٌ بالأَمَةِ وبالبِنْتَين، فقد تزَوَّجَ أُمَّ رَجُلٍ وأُخْتَيه. ذكَرَه ابنُ عُقِيلٍ، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايىَ بها، وقد نظَمَها بعضُهم لُغْزًا. قوله: وإنْ تزَوَّجَهما في عَقْدٍ، لم يصِحَّ. وكذا لو تزَوَّجَ خَمْسًا في عَقْدٍ واحدٍ.

وَإنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَينِ، أَوْ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا فِي عِدَّةِ الأُخْرَى، سَوَاءٌ كَانَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً، فَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ فيهما، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، في رِوايَةِ صالِحٍ، وأبِى الحارِثِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا تَزِوَّجَ أُخْتَين في عَقْدٍ، يخْتارُ إحْداهما، وتأوَّلَه القاضي على أنَّه يخْتارُها بعَقْدٍ مُسْتَأْنفٍ. وقال في آخِرِ «القَواعِدِ»: وهو بعيدٌ. وخرَّج قوْلًا بالاقْتِراعِ. قوله: وإنْ تزوَّجَهما في عَقْدَينٍ، أو تزَوَّجَ إحْداهما في عِدَّةِ الأُخْرَى، سَواءٌ كانَتْ بائِنًا أو رَجْعِيَّة، فنِكاحُ الثَّانِيَةِ باطِلٌ. يعْنِي، إذا كان يحْرُمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَمْعُ بينَهما. وهذا بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو جُهِلَتِ الأُولَى، فُسِخا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدوسٍ»، وقالا: بطَلا. قال ابنُ أبِي مُوسى: الصَّحيحُ بُطْلانُ النِّكاحَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُقْرَعُ بينَهما؛ فمَن خرَجَتْ لها القُرْعَةُ، فهي الأُولَى. قال في «الرِّعايَةِ»، مِن عندِه: قلتُ: فمَن قَرَعَتْ، جدَّدَ عَقْدَها بإذْنِها. فعلى المذهبِ، يلْزَمُ أحدَهما نِصْفُ المَهْرِ، يقْتَرِعان عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفروعِ» وغيرِهم. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً، لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه مُكْرَهٌ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، فقال: اخْتِيارِي أنْ يسْقُطَ المَهْرُ، إذا

وَإنِ اشْتَرى أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أوْ عَمَّتَهَا، أوْ خَالتَهَا، صَحَّ، وَلَمْ يَحِلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ كان مُجبَرًا على الطلاقِ قبلَ الدُّخولِ. قلتُ: فعلى الأوَّلِ، يُعايَى بها، إذا أُجْبِرَ على الطلاقِ.

لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يُطَلِّقَ امْرأته وَتَنْقَضِيَ عِدَّتهَا، وَإنِ اشْتَرَاهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَراهُنَّ في عَقْدٍ واحِدٍ، صحَّ. يعْنِي، لو اشْتَرَى أُخْتَين، أو امْرَأةً وعمَّتَها أو خالتَها في عَقْدٍ واحدٍ، صحَّ.

فَإِنْ وَطِيء إِحدَاهُمَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ الأخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ الأولَى بِإِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ تَزْويجٍ، وَيَعلَمَ أنها لَيسَتْ بِحَامِل. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإنْ وَطِيء إحداهما، لم تحِلَّ له الأخْرَى حتى يُحَرِّمَ على نَفْسِه الأولَى. هو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليسَ بحَرام ولكِنْ يُنهى عنه. أثْبَتَها القاضي، وجماعَةٌ مِن أصحابِه، والمُصَنّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حَمدانَ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. ومنَع الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنْ يكونَ في المَسْألةِ رِوايَةٌ بالكَراهةِ، وقال: مَن قال، عن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إنَّه قال: لا يَحرُمُ بل يُكْرَهُ. فقد غَلِطَ عليه، ومأخَذُه الغَفْلَةُ عن دَلالاتِ الألْفاظِ ومراتِبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلامِ، وأحمدُ، رَحِمَه اللهُ، إنَّما قال: لا أقولُ إنَّه حَرَامٌ ولكِنْ يُنْهى عنه. وكان يَهابُ قوْلَ الحَرامِ إلَّا فيما فيه نصٌّ. وقد بيَّن ذلك القاضي في «العُدَّةِ». فائدة: قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والثَّلاثينَ بعدَ المِائةِ»: الجَمعُ بينَ المملُوكتَين في الاسْتِمتاعِ بمُقَدِّماتِ الوَطْءِ، قال ابنُ عَقِيل: يُكْرَهُ ولا يحرُمُ. [ويتَوَجَّهُ أنْ يحرُمَ] (¬1)، أمَّا إذا قُلْنا: إنَّ المُباشَرَةَ لشَهْوَةٍ كالوَطْءِ في تحريم الأخْتَين، حتى تحرُمَ الأولَى. فلا إشْكال. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: في قوْلِه: فإنْ وَطِئ إحداهما، لم تحِلَّ له الأخْرَى. إشْعار بجَوازِ وَطْءِ إحداهما ابْتِداءً قبلَ تَحريمِ الأخْرَى. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وابنُ عَقِيل، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وغيرُهم، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: والأصحُّ جَوازُه. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بعدَ المِائة»: هذا المَشْهورُ، وهو أصحُّ. ومنَع أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» مِن وَطْءِ واحِدَةٍ منهما قبلَ تحريمِ الأخْرَى. وقطَع به في «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير». قال في «القَواعِدِ»: ونقَل ابنُ هانِئ، عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ما يدُلُّ عليه، وهو راجِع إلى تحريمِ أحدِهما مُبهمًا. وقيل: يُكْرَهُ ذلك. فائدة: حُكْمُ المُباشَرَةِ مِنَ الإِماءِ فيما دُونَ الفرجِ، والنَّظَرِ إلى الفَرجِ لِشَهْوَةٍ، فيما يرجِعُ إلى تحْريمِ أخْتِها، كحُكْمِه في تحريمِ الرَّبِيبَةِ، على ما تقدَّم. قدَّمه في «المُغنِي»، و «الشَرحِ». وقال: والصَّحيحُ أنَّها لا تحرُمُ بذلك؛ لأنَّ الحِل ثابِت، فلا يُحَرمُ إلَّا الوَطْءُ فقط. تنبيهان؛ الأوَلُ، قوْلُه: فإنْ وَطِئ إحداهما، لم تحِلَّ له الأخْرَى. فلو خالفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَطِيء الأخْرَى، لَزِمَه أنْ يمسِكَ عنهما حتى يُحَرِّمَ إحداهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرحِ»، و «الفُروع». قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا الأظْهرُ. فيكونُ المَمنوعُ منهما واحِدَة مُبْهمَةً. وأباحَ القاضي في «المُجَرَّدِ» وَطْءَ الأولَى بعدَ اسْتِبْراءِ الثَّانيةِ، والثَّانِيَةُ هي المُحَرَّمَةُ عليه. الثَّاني، قوْلُه: لم تحِلَّ له الأخْرَى حتى يُحَرِّمَ على نفْسِه الأولَى. بإخْراج عن مِلْكِه أو تَزْويج، ويعلَمُ أنَّها ليستْ بحامِل. وهذا بلا نِزاع في الجُملَة. وقال ابنُ عَقِيل: لا يكْفِي في إباحَةِ الثَّانيةِ مُجَرَّدُ إزالةِ مِلْكِه عنها، بل لا بدَّ أنْ تحِيضَ (¬1) حَيضَة وتنْقضِيَ، فتَكونَ الحَيضَةُ، كالعِدَّةِ. وتَبِعَه على ذلك صاحِبُ «التَّرغِيبِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرُهما. وجزَم به الزركَشِيُّ وغيرُه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه الله: ليس هذا القَيدُ في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعامَّةِ الأصحابِ. انتهى. ولا يكْفِي اسْتِبْراؤها بدُونِ زَوالِ المِلْكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف هنا. وقال ابنُ عَقِيل: يَنْبَغِي أنْ يُكْتَفى بذلك؛ إذْ به يزُولُ الفِراشُ المُحَرِّمُ للجَمعِ، ثم في الاكتِفاءِ بتَحريمِها بكِتابَةٍ، أو رَهْن، أو بَيعٍ بشَرطِ الخِيارِ، وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، في الكِتَابَةِ. قطَع في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، أنَّ الأخْتَ لا تُباحُ إذا رَهنها أو كاتَبَها، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والمُصَنف هنا. قال الزَّركشي: هذا الأشْهرُ في الرَّهْنِ. وقال: ظاهِرُ إطْلإقِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وكثير مِنَ الأصحابِ، الاكتفاء ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تمضي».

فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ، لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ بزَوالِ المِلْكِ، ولو أمكَنَه الاسْترجاعُ، كهِبَتِها لوَلَدِه، أو بَيعِها بشَرطِ الخِيارِ. وجزَم ابنُ رَزِين في «شَرحِه»، أنَّه إذا رَهنَها، أو كاتَبَها، أو دبَّرَها، لا تُباحُ أخْتُها. وقدَّم في «الرِّعايتَين»، أنَّه يكْفِي كِتابَتُها واخْتارَه القاضي وغيرُه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»، وابنُ عَقِيل في الجميعِ؛ حيث قال: فإنْ وَطِئ إحداهما، لم تحِلَّ الأخْرَى حتى يُحَرِّمَ المَوْطُوءَةَ بما إلَّا يمكِنُ أنْ يرفَعَه وحدَه. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». ولو أزال مِلْكَه عن بعضِها، فقالْ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: كفاه ذلك. وهو قِياسُ قوْلِ أصحابِنا. الثَّالثُ، شَمِلَ قوْلُه؛ بإخْرَاج عَن مِلْكِه. الإِخْراجَ بالبَيعِ وغيرِه. وقد صرَّح به الأصحابُ. فيَحتَمِلُ أنْ يُقال: هذا منهم مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بجَوازِ التَّفْريقِ، على ما مرَّ في كِتابِ الجِهادِ (¬1)، لكِنْ يعكُرُ على ذلك ما قبلَ البُلوغِ، فإنَّه ليس فيه نِزاعٌ. ويَحتَمِلُ أنْ يُقال: يجوزُ البَيعُ هنا للحاجَةِ، وإنْ منَعناه في غيرِه. قال العَلَّامَةُ ابنُ رَجَب: أطْلَقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابُ، تحريمَ الثَّانيةِ حتى يُخْرِجَ الأولَى عن مِلْكِه ببَيع أو غيرِه. فإنْ بُنِيَتْ هذه المسْالةُ على ما ذكَرَه الأصحابُ في التَّفْريقِ، لَزِم أنْ لا يجوزَ التَّفْريقُ بغيرِ العِتْقِ، فيما دُونَ البُلوغِ، وبعدَه على رِوايَتَين. ولم يتَعَرَّضُوا هنا لشيءٍ مِن ذلك، ولعَلَّه مُسْتَثْنًى مِنَ التَّفْريقِ المُحَرَّمِ للحاجَةِ، وإلَّا لَزِمَ تحريمُ هذه الأمَةِ بلا مُوجِبٍ. انتهى. وسبَقَه إلى ذلك الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ تعالى. قلتُ: فيُعايىَ بها. قوله: فإنْ عادَتْ إلى مِلْكِه، لم يُصِبْ واحِدَةً منهما حتى يُحَرمَ الأخْرَى. سواءٌ ¬

(¬1) انظر 10/ 102.

الأخْرَى. وَعَنْهُ، لَيسَ بِحَرَام، وَلَكِنْ يُنْهى عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان وَطِئ الثَّانيةَ أوْ لا. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: هذا ظاهِرُ نُصوصِه، واخْتارَه الخِرَقِيُّ. قال في «القاعِدَةِ الأربَعِين»: هذا الأشْهرُ، وهو المَنْصوصُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». قال الزَّركَشِيُّ: إذا عادَتْ بعدَ وَطْءِ الأخْرَى، فالمنْصُوصُ في رِوايَةِ جماعَة وعليه عامَّةُ الأصحابِ، اجْتِنابُهما حتى يُحَرِّمَ إحداهما، وإنْ عادَت قبلَ وَطْءِ الأخْرَى، فظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والخِرَقِيِّ، وكثير مِنَ الأصحابِ، أنَّ الحُكْمَ كذلك. وا خْتارَ المُصَنفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، أنَّها إنْ عادَتْ قبلَ وَطْءِ أخْتِها، فهي المُباحَةُ دُونَ أُخْتِها. واخْتارَ المَجْدُ في

وَإنْ وَطِئ أمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أخْتها، لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ. وَظَاهِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، أنَّها إذا رجَعَتْ إليه بعدَ أنْ وَطِئ الباقِيَةَ، أنَّه يُقِيمُ على وَطْئِها، ويَجْتَنِبُ الرَّاجِعَةَ؛ وإنْ رَجعَتْ قبلَ وَطْءِ الباقِيَةِ، وَطِئ أنْثتهما شاءَ. قال. ابنُ نَصرِ اللهِ: هذا إذا عادَتْ إليه على وَجْهٍ لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ عليه، أمَّا إن وجَب الاسْتِبْراءُ، لم يلْزَمه تركُ أخْتِها حتى يَسْتَبْرِئَها. قوله: وإنْ وَطِئ أمتَه، ثم تزَوَّجَ أخْتَها، لم يَصِحَّ عندَ أبِي بَكْر. وهو المذهبُ. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وحَكاه في «الفُروعِ» وغيرِه رِوايَةً. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»،

كَلامِ أحمَدَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يَطَؤها حَتَّى يُحَرِّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «ناظِمِ المُفْرَداتِ». وهو منها. وظاهِرُ كلام الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يصِحُّ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وحَكاها في «الفُروعِ» وغيرِه رِوايَةً، ونَقَلَها حَنْبَلٌ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «المُذْهبِ»، و «الفُروعِ». [فائدة: مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أعتَقَ سُرِّيته، ثم تزَوَّجَ أخْتَها في مُدَّةِ اسْتِبْرائِها] (¬1). قوله: وَلا يطَؤها حتى يُحَرمَ المَوْطُوءَةَ. يعنِي، على القَوْلِ بالصِّحَّةِ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

الْمَوْطُوءَةَ، فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ، لَمْ يَطأ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الأخرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْطُوءَةُ هي أمتُه. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِ هم. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وعنه، يحرُمان معًا، حتى يُحَرِّمَ إحداهما. فوائد؛ إحداها، مثْلُ هذا الحُكْمِ، لو تزَوَّجَ أُخْتَ أَمتِه بعدَ تحريمِها ثم رَجَعَتْ الأمةُ إليه، لكِنَّ النِّكاحَ بحالِه. قاله في «المُحَرَّر»، و «الفُروع». وقدَّم في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، أنَّ حِلَّ وَطْءِ الزَّوْجَةِ باقٍ. وإنْ أعتَقَ أمَتَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم تزَوَّجَ أخْتَها في مدَّةِ اسْتِبْرائِها، ففي صحَّةِ العَقْدِ الرِّوايَتَان المُتَقَدِّمَتان، وله نِكاحُ أربَع سِواها في أصحِّ الوَجْهين. قاله في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقاله القاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وابنُ المَنِّي. ونَصَره أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ»، كما قبلَ العِتْقِ. وقيل: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ. الْتَزَمه القاضي في «التعليقِ» في مَوْضِعٍ؛ قِياسًا على المَنْعِ مِن تَزَوُّجٍ أختهِا. قلتُ: وهو ضعيف جدًّا. الثَّانيةُ، لو مَلَك أخْتَين، مُسْلِمَةً ومَجُوسِيَّة، فله وَطْءُ المُسْلِمَةِ. ذكَرَه في «التبصِرَةِ»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّالثةُ، لو اشْتَرَى أخْتَ زَوْجَتِه، صحَّ، ولا يطَؤها في عِدَّةِ الزَّوجَةِ، فإنْ فعَل، فالوَجْهان المُتَقَدِّمان. وهل دَواعِي الوَطْءِ كالوَطْءِ؟ فيه الوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ دَواعِيَ الوَطْءِ كالوَطْءِ. وقدَّم ابنُ رَزِين في «شَرحِه» إباحَةَ المُباشَرَةِ، والنظَرِ إلى الفَرجِ لشَهْوَةٍ. تنبيهان؛ أحدُهما (¬1)، تقدَّم في آخِرِ كِتابِ الطهارَةِ (¬2)، إذا اشْتَبهتْ أخْتُه بأجْنَبيةٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «إحداهما». (¬2) انظر 1/ 141.

وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَينَ أكثَرَ مِنْ أَربَعٍ، وَلَا لِلْعَبْدِ أنْ يَتَزَوَّجَ أكثَرَ مِنَ اثْنَتَينِ، وَإنْ طَلَّقَ إحدَاهُنَّ، لَمْ يَجُزْ أن يَتَزَوَّجَ أخْرَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني، قوْلُه: ولا يحِلُّ للحُر أنْ يجْمَعَ بينَ أكثَرَ مِن أربع، ولا للعَبْدِ أنْ يتَزَوَّجَ أكثَرَ مِن اثنَتَين. بلا نِزاع. ومَفْهومُ قوْلِه: وَإنْ طَلقَ إحداهُنَّ، لم يجُزْ أنْ يَتَزوَّجَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْرَى حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها. أنَّها لو ماتَتْ، جازَ تَزَوُّجُ غيرِها في الحالِ. وهو صحيح، نصَّ عليه. فلو قال: أخْبَرَتْنِي بانْقِضاءِ عِدَّتِها. فكَذَّبَتْه، فله نِكاحُ أخْتِها، وبدَلِها، في أصح الوَجْهين. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروع»، وغيرِهما. وقيل: ليس له ذلك. فعلى الأوَّلِ، لا تسْقُطُ السُّكْنَى والنفَقَةُ ونسَبُ الوَلَدِ، بل الرَّجْعَةُ. قاله الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، قوْلُه: ولا يحِلُّ للعَبْدِ أنْ يتَزَوَّجَ أكْثر مِن اثنَتَين بلا نِزاع. ونصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ؛ منهم صالِحٌ. وابنُ مَنْصُورٍ، ويعقُوبُ بنُ بخْتانَ. لكِنْ لو كان نِصْفُه حُرًّا فأكثر، جازَ له أنْ يتَزَوَّجَ ثلاثا. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ، نص عليه. وجزَم به في «البُلْغَةِ»، و «المُسْتَوْعِب». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الزَّركَشِيِّ». وقيل: هو كالعَبْدِ. ويأتِي في آخرِ نَفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ: هل للعَبْدِ أنْ يَتَسَرَّى بإذْنِ سيِّدِه، أم لا؟ الثَّانيةُ، اخْتُلِفَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في جَوازِ تَسَرِّي العَبْدِ بأكْثَرَ مِن اثْنَتَين؛ فنقَل عنه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَيمُونِي الجَوازَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، في آخرِ بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ. ونقَل أبو الحارِثِ، المَنْعُ كالنِّكاحِ. قال في «القَواعدِ الأصُولِيَّةِ»: ولم يُخْتَلَفْ عنه في أنَّ عِتْقَ العَبْدِ وسرِّيته يُوجِبُ تحرِيمَها عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتُلِفَ عنه في عِتْقِ العَبْدِ وزَوْجَتِه، هل ينْفَسِخُ به النِّكاحُ؟ على ما يأتِي مُحَرّرًا في آخرِ البابِ الآتِي بعدَه.

فصل: النَّوْعُ الثَّانِي، مُحَرَّمَات لِعَارِضٍ يَزُولُ، فَيَحرُمُ عَلَيهِ نِكَاحُ زَوْجَةِ غَيرِهِ، وَالْمُعتَدَّةُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَبْرئة مِنه، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتحرُمُ الزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُها، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَحرُمُ الزَّانِيَةُ حتى تتُوبَ وتنْقَضِيَ عِدَّتُها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه (¬1). وجزَم بة في «الوَجيزِ» وغيرِه. ¬

(¬1) في الأصل: «عليهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال في «الانْتِصارِ»: ظاهِرُ نَقْلِ حَنْبَل في التَّوْبَةِ، لا يَحرُمُ تَزَوُّجُها قبلَ التوْبَةِ. قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَجَب: وأمَّا بعدَ (¬1) التَّوْبَةِ، فلم أرَ مَن صرح بالبُطْلانِ فيه، وكلامُ ابنِ عَقِيل يدُلُّ على الصِّحَةِ؛ حيث خصَّ البُطْلانَ بعدَ (¬2) انْقِضاءِ العِدَّةِ. انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ: لا يحرُمُ تَزَوُّجُها قبلَ التَّوْبَةِ، إنْ نكَحَها غيرُ الزانِي. ذَكَرَه أبو يَعلَى الصَّغيرُ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ تَوْبَةُ الزانِي بها إذا نكَحَها. وهو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «فقد». (¬2) في الأصل، ط: «بفقد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُشْتَرَطُ توْبَتُه. ذكَرَه ابنُ الجَوْزِي عن أصحابِنا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، تَوْبَةُ الزَّانيَةِ، أنْ تُراوَدَ على الزِّنَى فتمتَنِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ورُوِيَ عن عُمَرَ، وابنِ عَبَّاس، رَضِيَ اللهُ عنهم، ونصَرَه ابنُ رَجَب. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: تَوْبَتُها كتَوْبَةِ غيرِها، مِنَ النَّدَمِ والاسْتِغْفارِ، والعَزْمِ على أنْ لا تعودَ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو وَطِئَ بشُبْهةٍ أو زِنًى، لم يَجُزْ في العِدَّةِ نِكاحُ اخْتِها، ولا يَطؤها إنْ كانتْ زوْجَتَه. نصَّ عليه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفي جوازِ وَطْءِ أربَعٍ غيرِها والعَقْدِ عليهِنَّ وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»، و «الرعايَةِ الكُبْرى» في مَوْضِعٍ؛ أحدُهما، لا يجوزُ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه أبو بَكْر في «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الزّركَشِي»، واخْتارهَ. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ»، في مَكانٍ آخَرَ. وهو احتِمال في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، في المَسْألتَين. وقال القاضي في «التّعليقِ»: يُمنَعُ مِن وَطْءِ الأربَعِ، حتى يُسْتَظْهرَ بالزَّانِيَةِ حَمْل. واسْتَبْعَدَه المَجْدُ. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بعدَ المِائةِ»: وهوكما قال المَجْدُ، لأن التّحريمَ هنا لأجْلِ الجَمعِ بينَ خَمسٍ، فيَكْفِي فيه أنْ يُمسِكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن واحدَةٍ منهُنَّ حتى يسْتَبْرِئ. وصرَّح به صاحِبُ «التَّرغيبِ». ويأتِي في نِكاحِ الكُفَّارِ، لو أسْلَم على أكثرَ مِن أربَعِ نِسْوَةٍ، فاخْتارَ أربَعًا، هل يعتَزِلُ المُخْتاراتِ حتى تنْقَضِيَ عِدَّةُ المُفارَقاتِ، أم لا؟ الثَّالثةُ، يجوزُ في مُدَّةِ اسْتِبْراءِ العَتِيقَةِ نِكاحُ أربَعٍ سِواها. قاله القاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وابنُ المَنِّيِّ. ونَصَرَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ»، كما قبلَ العِتْقِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وزادَ الأمَةَ. وقيل: لا يجوزُ. الْتَزمه القاضي في «التّعليقِ» في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعٍ، قِياسًا على المَنْعِ مِن تَزُّوجِ أُخْتِها. الرَّابعةُ، لو وُطِئَتِ امْرَأَةٌ بشُبْهَةٍ، حَرُمَ نِكاحُها في العِدَّةِ لغيرِ الواطِئِ، بلا نِزاعٍ، فلو خالفَ وفَعَل، لم يصحَّ، ويُباحُ له بعدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ نكَح مُعْتَدَّةً مِن زَوْجٍ بنِكاحٍ فاسِدٍ، ووَطْءٍ، حَرُمَتْ عليه أبدًا. وأمَّا للواطِئ؛ فعنه، تحْرُمُ عليه إنْ كانتْ (¬1) قد لَزِمَتْها عِدَّةٌ مِن غيرِه، وإلَّا أُبِيحَتْ. قأل في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهو أصحُّ (¬2). قال في «الفُروعِ»: وهي أشْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال الزَّرْكَشِيُّ في العِدَدِ (¬3): وعلى هذا الأصحابُ كافَّةً، ما عدا أبا محمدٍ. وعنه، تُباحُ له مُطْلَقًا. ذكَرَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، واخْتارَه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «كان». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في الأصل: «العدة».

وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ، وَالْمُحْرِمَةُ حَتَّى تَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هو، والمُصَنِّفُ. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». فيكونُ هذا المذهبَ، على ما اصْطَلَحْناه في الخُطْبَةِ، لكِنَّ الأصجابَ على خِلافِه. وعنه، لا تُباحُ له مُطْلَقًا حتى تفْرَغَ عِدَّتُها. ذكَرَها في «المُحَرَّرِ»، وقدَّمه في «الرِّعايتَين». قال في «الكافِي»: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ تحْرِيمُها على الواطِئ. قال المُصَنِّفُ: وهو قِياسُ المذهبِ. قال في «الفُروع»: وفي هذا القِياسِ نظَرٌ. وأطْلَقَهُنَّ في

وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ كَافِرٍ بِحَالٍ، وَلَا لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ كَافِرَةٍ، إلا حَرَائِرَ أَهْلَ الْكِتَابِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». ويأْتِي بعضُ ذلك في العِدَّةِ، عندَ قوْلِه: وإنْ أصابَها بشُبْهَةٍ. قوله: ولا يحِلُّ لمُسْلِمٍ نِكاحُ كافِرَةٍ، إلَّا حَرائرَ أهْلِ الكِتابِ. شَمِلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْألتَين؛ إحْداهما، حَرائرُ أهْلِ الكِتابِ، وهما قِسْمان؛ ذِمِّيَّاتٌ، وحَرْبِيَّاتٌ، فالذِّمِّيَّاتُ يُبَحْنَ، بِلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وأمَّا الحَرْبِيَّاتُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ حِلُّ نِكاحِهِنَّ مُطْلَقًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الفُروعِ». واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وقيل: يحْرُمُ نِكاحُ الحَرْبِيَّةِ مُطْلَقًا. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وأطْلَقَهما في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يجوزُ في دارِ الإسْلامِ لا في دارِ الحَرْبِ، وإنِ اضْطُرَّ. وهو مَنْصوصُ الإمامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في غيرِ رِوايَةٍ، واخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ. وقيل: بالجوازِ في دارِ الحَرْبِ مع الضَّرُورَةِ. قال الزّرْكَشِيُّ: وهو اختِيارُ طائفةٍ مِنَ الأصحابِ، ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ أيضًا. وقال المُصَنِّفُ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأسِيرِ المَنْعُ. وتقدَّم في أوائلِ كتابِ النِّكاحِ (¬1): هل يتَزَوَّجُ بدارِ الحرْبِ ¬

(¬1) تقدم في صفحة 23.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للضَّرُورَةِ، أمْ لا؟ وقال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: إذا كانتِ الكافِرَةُ أُمُّها حَرْبِيَّةٌ، لم بُيَحْ نِكاحُها. فعلى المذهبِ، الأوْلَى ترْكُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُكْرَهُ. اخْتارَه القاضي، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: هو قوْلُ أكْثَرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العُلَماءِ، كذَبائِحِهم بلا حاجَةٍ. والمَسْأَلَةُ الثَّانيةُ، حَرائرُ غيرِ أهْلِ الكِتابِ، فلا يحِلُّ نِكاحُهُنَّ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي» وغيره. وذكَر القاضي وَجْهًا، أنَّ مَن دانَ بصُحُفِ شِيثَ، وإبراهِيمَ، والزَّبُورِ، تحِلُّ نِساؤُهم، ويُقَرُّون بالجِزْيَةِ (¬1)، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الحرية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كأهْلِ الكِتابَين.

فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيهَا غَيرَ كِتَابِيٍّ، أَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ، فَهَلْ تَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كان أحَدُ أبَوَيها غيرَ كِتابيٍّ، فهل تحِلُّ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، لا تحِلُّ. وهي المذهبُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ في «الشَّافِي»، و «المُقْنِعِ»، وابنُ أبي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّد»، و «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وأبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ في «الكافِي»، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: والأَشْهَرُ تحْريمُ مُناكَحَتِه. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تحِلُّ. ذكَرَها كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وحَكاها في «المُغْنِي» احْتِمالًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولم أرَ عنِ الإمامِ أحمدَ بذلك نصًّا. قلتُ: لا يلْزَمُ مِن عدَمِ رُؤْيَتِه أنْ لا يكونَ فيها نصٌّ، فقد أثْبَتَها الثِّقاتُ. وحكَى ابنُ رَزِينٍ رِوايَةً ثالثةً، إنْ كان أبُوها كِتابِيًّا أُبِيحَتْ (¬1)، وإلَّا فلا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وهو خَطَأٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، مَحَلُّ الخِلافِ فيما إذا كان أحدُ أبوَيها غيرَ كِتابِيٍّ، إذا اخْتارَتْ هي دِينَ أهْلِ الكِتابِ. أمَّا إنِ اخْتارَتْ غيرَه، فلا تُباحُ، قوْلًا واحدًا. الثَّانِي، فعلى كلا الرِّوايتَين في أصْلِ المَسْألَةِ، لو كان أبَوَاها غيرَ كِتابِيَّين واخْتارَتْ هي دِينَ أهْلِ الكِتابِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا التَّحْريمُ، رِوايَةً واحِدةً. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل عنه: لا تحْرُمُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، اعْتِبارًا بنَفْسِه، وقال: هو المَنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في عامَّةِ أجْوبَتِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدتان؛ إحْداهما، لا ينْكِحُ مَجُوسِيٌّ كِتابِيَّةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وقيل: بلى. وينْكِحُ كِتابِيٌّ مَجُوسِيَّةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا ينْكِحُها. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِير» الثَّانيةُ، لو ملَك كِتابِيٌّ مَجُوسِيَّةً، فله وَطْؤُها على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لا يجوزُ له ذلك. قوله: أو كانَتْ مِن نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ، فهل تَحِلُّ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الخِرَقِيِّ». ذكَرَه أكثرُهم في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ؛ إحْداهما، تحِل. وهو المذهبُ بلا رَيبٍ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ». قال المُصَنِّفُ، تَبَعًا لإبْراهِيمَ الحَربِيِّ: هذه الرِّوايَةُ آخِرُ قوْلَيه. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تحِلُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الرِّوايَةُ أَشْهْرُ عندَ الأصحابِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ نِساءَ العرَبِ، مِن اليَهُودِ والنَّصارَى، غيرَ بَنِي تَغْلِبَ، يحِلُّ نِكاحُهُنَّ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: حُكْمُهُنَّ حُكْمُ نِساءِ بَنِي تَغْلِبَ.

وَلَيسَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وتقدَّم قريبًا مِن ذلك، في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ (¬1). قوله: وليس للمُسْلِمِ وإنْ كان عَبْدًا نِكاحُ أَمَةٍ كِتابِيَّةٍ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه في رِوايَةِ أكثرِ مِن عِشْرِين ¬

(¬1) انظر 10/ 396.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نفْسًا. قاله أبو بَكْرٍ. وعنه، يجوزُ. وردَّها الخَلَّالُ، وقال: إنَّما توَقَّفَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، فيها، ولم ينْفُذْ له قوْلٌ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»،

وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِم نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، إلا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ، وَلَا يَجِدَ طَوْلَا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ، وَلَا ثَمَنَ أَمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين». قوله: ولا يحِلُّ لحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، إلَّا أنْ يخافَ العَنَتَ، ولا يجِدَ طَوْلًا لنِكاحِ حُرَّةٍ، ولا ثَمَنَ أَمَةٍ. لا يُباحُ للحُرِّ المُسْلِمِ نِكاحُ الأَمَةِ المُسْلِمَةِ إلَّا بوُجودِ الشَّرْطَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: لا يحْرُمُ على المُسْلِمِ نِكاحُ الإِماءِ (¬1) المُسْلِماتِ، ولو عُدِمَ الشَّرْطانِ أو أحدُهما. ولم يذْكُرِ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ خَوْفِ العَنَتِ. وحَمَل أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ رِوايةَ مُهَنَّا على أنَّ خَوْفَ العَنَتِ ليس بشَرْطٍ في صِحَّةِ نِكاحِ الأَمَةِ، وإنَّما هو على سبيلِ الاخْتِيارِ والاسْتِحْبابِ. من يأْتِي في البابِ الذي يَلِي هذا، بعدَ قوْلِه: وإنْ تزوَّجَ أَمَةً يظُنُّها حُرَّةً هل يكونُ أوْلادُ الحُرِّ مِنَ الأَمَةِ أرِقَّاءَ، أم لا؟. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، مِنَ الشَّرْطَين، أنْ لا يجِدَ ثَمَنَ أَمَةٍ. وقاله كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ»، وصاحِبُ «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «الرِّعايَةِ»: وهو أظْهرُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ عدَمُ اشْتِراطِه. وهو ظاهِرُ إطْلاقِ القاضي في «تَعْليقِه»، وطائفةٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقال في «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغِيبِ»: لو كان قادِرًا على شِراءِ أَمَةٍ، ففي جوازِ نِكاحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَمَةِ وَجْهان. فائدة: قال الزَّرْكَشِيُّ: فسَّر العَنَتَ القاضي أبو يَعْلَى، وأبو الحُسَينِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرازِيُّ، وأبو محمدٍ، بالزِّنَى. وكذا صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ». وفسَّره بذلك في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، وقال: فلو كان يقْدِرُ على الصَّبْرِ، لكِنْ يؤَدِّي صَبْرُه (¬1) إلى مرَضٍ، جازَ له نِكاحُ الأَمَةِ. وفسَّره المَجْدُ في «مُحَرَّرِه»، وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم، بعَنَتِ العُزوبَةِ؛ إمَّا لحاجَةِ المُتْعَةِ، وإمَّا للحاجَةِ إلى خِدْمَةِ المَرْأةِ، لكِبَرٍ أو سَقَمٍ أو غيرِهما، وقالوا: نصَّ عليه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: ولم يذْكُرْ جماعَةٌ الخِدْمَةَ. وأدْخَلَ القاضي، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» الخَصِيَّ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْبُوبَ، إذا كان له شَهْوَةٌ يُخافُ معها (¬1) مِنَ التَّلَذُّذِ بالمُباشَرَةِ حَرامًا، وهو عادِمٌ للطَّوْلِ. وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ، والخِرَقِيِّ، وغيرِهما. وقال في «الرِّعايَةِ»: ولا يصِحُّ نِكاحُ حُرٍّ مُسْلمٍ غيرِ مَجْبُوبٍ أَمَةً مُسْلِمةً إلَّا بشَرْطَين. تنبيه: عُمومُ قولِه: ولا يَجِدُ طَوْلًا لنكاحِ حُرَّةٍ. يشْمَلُ الحُرَّةَ المُسْلِمَةَ، والكِتابِيَّةَ. وهو كذلك. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وأطْلَقَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، الحُرَّةَ. وصرَّح به القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، ¬

(¬1) في الأصل: «معهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وفي «الانْتِصارِ»، احْتِمالُ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ لظاهِرِ الآيَةِ (¬1). وتَوَقَّفَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ حَرْبٍ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: في حُرَّةٍ كِتابِيَّةٍ وَجْهان. ويشْمَلُ قوْلُه: ولا ثَمَنَ أَمَةٍ. المُسْلِمَةَ والكِتابِيَّةَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وقد أطْلَقَ الأَمَةَ أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُصَنِّفُ» والمَجْدُ في «مُحَرَّرِه»، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وقيَّد القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، الأَمَةَ بالإسْلام. فوائد؛ الأُولَى، وُجودُ الطَّوْلِ؛ هو أنْ يَمْلِكَ (¬2) مالًا حاضِرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفسَّر الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، الطَّوْلَ بالسَّعَةِ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»: عدَمُ الطَّوْلِ؛ أنْ لا يجِدَ صَداقَ حُرَّةٍ. زادَ ابنُ عَقِيلٍ، ولا ¬

(¬1) سورة النساء: 25. (¬2) في ا: «لا يملك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نفَقَتَها. وهو أوْلَىْ، إذا عَلِمَ ذلك ولم يَمْلِكْ مالًا حاضِرًا، ووجَد مَن يُقْرِضُه، أو رَضيَتِ الحُرَّةُ بتَأْخِيرِ صَداقِها، أو بدُونِ مَهْرِها، لم يَلْزَمْه، وجازَ له نِكاحُ الأَمةِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه القاضي، والأزَجِيُّ. وَقَدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: إنْ رَضِيَتْ بتَأْخيرِ صَداقِها، أو بدُونِ مَهْرِها، لَزِمَه. وقيل: إنْ رَضِيَتْ بدُونِ مَهْرِ مِثْلِها، لَزِمَه، وإلَّا فلا. ولو وُهِبَ له الصَّداقُ، لم يَلْزِمْه قَبُولُه. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وذلك بشَرْطِ أنْ لا يُجْحِف بمالِه، فإنْ أجْحَفَ بمالِه، جازَ له نِكاحُ الأَمةِ، ولو كان قادِرًا على نِكاحِ الحُرَّةِ بهذه الصِّفَةِ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: ما لم يُعَدَّ سَرْفًا. الثَّالثةُ، لو وجَد حُرَّةً لا تُوطأُ لصِغَرِها، أو كانتْ زوْجَتُه غائِبَةً، جازَ له نِكاحُ الأَمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نَصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في

وَإنْ تَزَوَّجَهَا وَفِيهِ الشَّرْطَانِ، ثُمَّ أَيسَرَ، أَوْ نَكَحَ حُرَّةً، فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»، في الزَّوْجَةِ. واخْتارَه القاضي. وقيل: لا يجوزُ. وهو احْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». قال ابنُ أبِي مُوسى: ليس لحُرٍّ تحتَه حُرَّةٌ أنْ يتزَوَّجَ عليها أَمَةً، لا أعلمُ فيه خِلافًا، وللعَبْدِ الذي تحتَه حُرَّةٌ أنْ يتزَوَّجَ عليها أمَةً، قولًا واحدًا. ولو كانتْ زوْجَتُه مَرِيضَةً، جازَ له أيضًا نِكاحُ الأَمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر في «التَّرْغِيبِ» وَجْهَين. الرَّابعةُ، قال في «التَّرْغِيبِ»: نِكاحُ (¬1) مَن بعضُها حُرٌّ أوْلَى مِن نكاحِ الأَمَةِ؛ لأنَّ إرْقاقَ بعضِ الوَلَدِ أوْلَى مِن إرْقاقِ جميعِه. قوله: وإنْ تزَوَّجَها وفيه الشَّرْطان، ثم أيسَرَ، أو نكَح حُرَّةً، فهل يبْطُلُ نِكاحُ الأَمَةِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما فيهما، في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في الأخيرَةِ. إذا تزوَّجَ الأَمَةَ، وفيه السَّرْطان، ثم أيسَرَ، لم يبْطُلْ نِكاحُ الأَمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا هو المذهبُ المَنْصوصُ المَجْزومُ به عندَ عامَّةِ الأصحابِ. انتهى. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يبْطُلُ. وخرَّجَها القاضي وغيرُه مِن رِوايَةِ صِحَّةِ نِكاحِ الحُرَّةِ على الأَمَةِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وإذا نَكَح حُرَّةً على أَمةٍ، لم يبْطُلْ نِكاحُ الأَمَةِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ رَجَبٍ في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بعدَ المِائةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». والرِّوايةُ الثّانيةُ، يَبْطُلُ. قدَّمَها في «الرِّعايتَين». وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ. وهو منها. وقال في «المُنْتَخَبِ»: يكونُ ذلك طَلاقًا فيهما، لا فَسْخًا. ونقَلَه ابن مَنْصُورٍ، فيما إذا

وَإنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَلَمْ تُعِفَّهُ، وَلَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ تَزَوَّجَ حُرّةً على أَمَةٍ، يكونُ طَلاقًا للأَمَةِ؛ لقَوْلِ ابنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه لو زال خَوْفُ العَنَتِ، لا يَبْطُلُ نِكاحُ الأَمةِ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ». وقال في «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ»: حُكْمُه حُكْمُ ما إذا أيسَرَ، أو نكَح حُرَّةً. على ما تقدَّم وقاله في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ». قوله: وإنْ تزَوَّجَ حُرَّةً أَو أَمَةً فلم تُعِفَّه، ولم يجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ أُخْرَى، فهل

أُخْرَى، فَهلْ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ أُخْرَى؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له نكاحُ أُمةٍ أُخْرَى؟ على رِوايتَين. إذا تزَوَّجَ حُرَّةً فلم تُعِفَّه، فأطْلَقَ المُصَنِّفُ في جوازِ نِكاحِ أُمةٍ عليها الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»؛ إحْداهما، يجوزُ له ذلك، إذا كان فيه الشَّرْطان قائمَين. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. قطَع به ابنُ أبِي مُوسى وغيرُه. فعلى المذهبِ، لو جمَع بينَهما في عَقْدٍ واحدٍ، صحَّ، وعلى الثَّانيةِ، لا يصِحُّ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، يصِحُّ نِكاحُ الحُرَّةِ عليها. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: تحَرَّرَ لأصحابِنا في تَزْويجِ الأَمَةِ على الحُرَّةِ ثلاثُ طُرُقٍ؛ أحدُها، المَنْعُ. رِوايَةً واحدَةً. ذكَرَها ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ وغيرُهم. قال القاضي: هذا إذا كان يُمْكِنُه وَطْءُ الحُرَّةِ، فإنْ لم يُمْكِنْه، جازَ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهذه الطَّرِيقَةُ هي عندِي مذهبُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعليها يدُلُّ كلامُه. الطَّريقُ الثَّاني، إذا لم تُعِفَّه، فيه رِوايَتان. وهي طريقةُ أبِي الخَطَّابِ، ومَن حَذا حذْوَه الطرَّيقُ الثَّالثُ، في الجَمْعِ رِوايَتَان. كما ذكَر المَجْدُ. انتهى. وقال في الفائِدَةِ الأخِيرةِ مِنَ «القَواعِدِ»: لو تزَوَّجَ حُرٌّ، خائفُ العَنَتِ غيرُ واجدٍ للطَّوْلِ، حُرَّةً تُعِفُّه بانْفِرادِها، وأَمَةً في عَقْدٍ واحدٍ، صحَّ نِكاحُ الحُرَّةِ وحدَها. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «المُجَرَّدِ». وهو أصحُّ. وقيل: يصِحُّ جَمْعُهما.

قَال الْخِرَقِيُّ: وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الإمَاءِ أَرْبَعًا إِذَا كَانَ الشَّرْطَانِ فِيهِ قَائِمَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قاله القاضي، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما». وإذا تزَوَّجَ أَمَةً، فلم تُعِفَّه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، جَوازُ نِكاحِ ثانِيَةٍ بشَرْطِه، ثم ثالِثَةٍ كذلك، ثم رابِعَةٍ كذلك، وعليه أكثَرُ الأصحابِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أنَصُّ الرِّوايَتْين عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقطَع به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ له ذلك. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي في «المُجَرَّدِ». فائدتان؛ إحْداهما، إذا قُلْنا: له نِكاحُ أرْبَعٍ. جازَ له أنْ يَنْكِحَهُنَّ دَفْعَةً واحِدَةً، إذا عَلِمَ أنَّه لا يُعِفُّه إلَّا ذلك. صرَّح به القاضي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد يُقالُ: إنَّ كلامَ الخِرَقِيِّ يقْتَضِيه. وقال في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما: فإنْ لم تُعِفَّه واحِدَةٌ، فثانِيَةٌ، ثم ثالِثَةٌ ثم رابِعَةٌ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ،

وَلِلْعَبْدِ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا عَلَى حُرَّةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ: تَلَخَّصَ لأصحابِنا في تَزَوُّجِ الإِماءِ ثلاثُ طُرُقٍ؛ أحدُها، طريقَةُ القاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وهي، أنَّه لا يتزَوَّجُ أكثرَ مِن واحِدَةٍ، إلَّا إذا خَشِيَ العَنَتَ، بأنْ لا يُمْكِنَه وَطْءُ التي تحتَه، ومتى أمْكَنَه وَطْؤُها، لم يَجُزْ. قال ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ: فهو يجعَلُ وُجودَ زَوْجَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُها أمْنًا مِنَ العَنَتِ. والمَسْأَلَةُ عندَه رِوايَةٌ واحِدَة. وكذلك عندَه إذا كان تحتَه حُرَّةٌ سواءً. الطَّريقُ الثَّاني، إذا كان فيه الشَّرْطان، فله أنْ يتزَوَّجَ أرْبَعًا، وإنْ كان مُتَمَكِّنًا مِن وَطْءِ الأُولَى، وهذا مَعْنَى خَوْفِ العَنَتِ. وهي طريقَةُ أبِي محمدٍ. ولم يذْكُرِ الخِرَقِيُّ إلَّا ذلك. وكلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، يقْتَضِي الحِلَّ، وإنْ كان قادِرًا على الوَطْءِ. الطريقُ الثَّالثُ، المَسْأَلةُ في مِثْلِ هذا على رِوايتَين. وهي طريقةُ ابنِ أبِي مُوسى. انتهى. الثَّانيةُ، قولُه: وللعَبْدِ نِكاحُ الأَمَةِ. ومِثْلُه المُكاتَبُ، والمُعْتَقُ بعضُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قال في «الفُروعِ»: مع أنَّ الشَّيخَ وغيرَه علَّلَ مَسْألَةَ العَبْدِ بالمُساواةِ، فيَقْتَضِي المَنْعَ فيهما، وفي المُعْتَقِ بعضُه. قوله: وَهل له -يعْنِي للعَبْدِ- أنْ ينْكِحَها على حُرَّةٍ؟ علَى رِوايتَين.

وَإنْ جَمَعَ بَينَهُمَا فِي الْعَقْدِ، جَازَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، يجوزُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُجَرَّدِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجوزُ. صحَّحَه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». قوله: فإنْ جمَع بينَهما في العَقْدِ، جازَ. يعْنِي، على الرِّوايَةِ الأُولَى. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وحمَل ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه. وعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، لا يجوزُ. ويفْسُدُ النِّكاحَان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يفْسُدُ نِكاحُ الأمَةِ وحدَه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأطْلَقَ

وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَجُوزَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهين في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، يصِحُّ في الحُرَّةِ. وفي «المُوجَزِ»، في العَبْدِ رِوايةٌ، يصِحُّ في الأمَةِ. وكذا في «التَّبْصِرَةِ»؛ لفقْدِ الكَفاءَةِ. وقال: إنْ لم تُعْتَبَرِ الكَفاءَةُ، صحَّ فيهما. وهو رِوايَةٌ في «المُذْهبِ». قوله: ويتَخَرَّجُ أنْ لا يجوزَ. قال الشَّارِحُ: بِناءً على قوْلِه: لا يجوزُ نِكاحُ الأَمَةِ على حُرَّةٍ. تنبيه: تقدَّم قوْلُ المُصَنِّفِ: لو تزَوَّجَ الحُرُّ أَمَةً على حُرَّةٍ بشَرْطِه، هل يجوزُ أمْ لا؟ ولكِنْ لو طلَّقَ الحُرَّةَ طَلاقًا بائِنًا، جازَ له نِكاحُ الأَمَةِ في عِدَّتِها، مع وُجودِ الشَّرْطَين. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه»، ونصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وخرَّج المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايَةِ» وَجْهًا بالمَنْعِ، إذا منَعْنا مِنَ الجَمْعِ في صُلْبِ النِّكاحِ مع الغَيبَةِ، ونحوها. فائدة: الحُرُّ الكِتابِيُّ كالمُسْلِمِ في نِكاحِ الأَمَةِ. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». لكِنْ قال في «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهما: إنِ اعْتَبَرْنا إسْلامَ الأَمَةِ في حقِّ المُسْلِمِ، اعْتَبْرنا كوْنَها كِتابِيَّةً في حَقِّ الكِتابِيِّ. وقال في «الوَسيلَةِ»: المَجُوسِيُّ كالكِتابِيِّ في نِكاحِ الأَمَةِ. وقال في «المَجْموعِ»: وكلُّ كافِرٍ كمُسْلِم في نكِاحِ الأَمَةِ. وتقدَّم قريبًا: إذا ملَك كِتابِيٌّ مَجُوسِيَّةً، هل له وَطْؤُها، أمْ لا؟

وَلَيسَ لَهُ نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ، وَلَا لِلْحُرِّ أن يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ، وَلَا أمةَ ابْنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَلا للحُرِّ أن يتَزَوَّجَ أمَتَه، ولا أمَةَ ابْنِه. لا يجوزُ للحُرِّ نِكاحُ أمَتِه، بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٍ. وكذا لو كان له (¬1) بعضُها. صرَّح به في «الرِّعايَةِ»، وليس له نِكاحُ أمَةِ ابْنِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه القاضي ومَن بعدَه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يجوزُ. تنبيه: قال ابنُ رَجَبٍ: لا يجوزُ للأبِ الحُرِّ نِكاحُ أمَةِ وَلَدِه. ذكَرَه القاضي ومَن بعدَه، وذكَرُوا أصْلَه في المذهبِ؛ وهو وُجوبُ إعْفافِ الابنِ أباه عندَ حاجَتِه إلى النِّكاحِ. وإذا وجَب عليه إعْفافُه، كان واجِدًا للطَّوْلِ. قال: وعلى هذا المَأخَذِ، لا فَرْقَ بينَ أنْ يُزَوِّجَه بأمَتِه أو أمَةِ غيرِه. وصرَّح به القاضي في «الجامِعِ»، ولا فَرْقَ حِينَئذٍ بينَ الأبِ والجَدِّ مِنَ الطَّرفَينِ. وكذلك يَلْزَمُ في سائرِ مَن يلْزَمُ إعْفافُه مِنَ الأقارِبِ، على الخِلافِ فيه. وصرَّح به ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ». ولو كان الابنُ مُعْسِرًا لا يقْدِرُ على إعْفافِ أبِيه، فهل للأبِ حينَئذٍ أنْ يتَزَوَّجَ بأمَتِه؟ ذكَرَ أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه» احْتِمالين، الجَوازَ، لانْتِفاءِ وُجوبِ الإعْفافِ. والمَنْعَ؛ لشُبْهَةِ المِلْكِ. وخرَّج أيضًا رِوايَةً بجَوازِ نِكاحِ الأب أمَةَ وَلَدِه مُطْلَقًا، مِن رِوايَةِ عدَمِ وُجوبِ إعْفافِه. وللأصحابِ في المَنْعِ مأخَذ آخَرُ، ذكَرَه القاضي أيضًا والأصحابُ، وهو أنَّ الأبَ له شُبْهَةُ المِلْكِ في مالِ وَلَدِه، وشُبْهَةُ المِلْكِ تَمْنَعُ مِنَ النِّكاحِ، كالأمَةِ المُشْتَرَكَةِ، وأمَةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَمَةِ ابْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُكاتَبِ. وعلى هذا المَأخَذِ، يخْتَصُّ المَنْعُ بأمةِ الابنِ، وهل (¬1) يدْخُلُ فيه الجَدُّ وإنْ عَلا مِنَ الطَّرَفَين؟ فيه نظَرٌ. قال: وللمَنْعِ مأخَذٌ ثالثٌ، وهو أنَّ الأبَ إذا تزَوَّجَ أمَةَ وَلَدِه فأوْلَدَها، فهل تصِيرُ بذلك مُسْتَوْلَدَةً وينْعَقِدُ وَلَدُه حُرًّا، أمْ لا تصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً وينْعَقِدُ رَقيقًا؟ ذكَر القاضي، أنَّ الوَلَدَ ينْعَقِدُ رقيقًا؛ لأنَّ وَطْأه بعَقْدِ النِّكاحِ ليس تصَرُّفًا في مالِ وَلَدِه بحُكْمِ الأبوَّةِ، بل هو تصَرُّفٌ بعَقْدٍ يُشارِكُه فيه الأجانِبُ، فيَنْعَقِدُ الوَلَدُ رقيقًا ولا تصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً. قال: وهذا -مع القَوْلِ بصِحَّةِ النِّكاحِ- ظاهِرٌ، وأمَّا مع ظَنِّ صِحَّتِه ففيه نظَر، وأمَّا مع العِلْمِ ببُطْلانِه فبعيدٌ جِدًّا. وترَدَّد ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»، في ثُبوتِ حُرِّيَّةِ الوَلَدِ واسْتِيلادِه، كتَرَدُّدِه في حُكْمِ النِّكاحِ، واسْتَشْكَلَ القَوْلَ ببُطْلانِه مع رِقِّ الوَلَدِ وعدَمِ ثُبوتِ الاسْتِيلادِ، وكان أوَّلًا أفْتَى بالرِّقِّ وعدَمِ ثُبوتِ الاسْتِيلادِ؛ مُسْتَنِدًا إلى صِحَّةِ النِّكاحِ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهذا يقْتَضِي أنَّه إذا حُكِمَ بفَسادِ النِّكاحِ، لَزِمَ حُرِّيَّةُ الوَلَدِ واسْتِيلادُ أُمِّه. قال: وهو أظْهَرُ، كما لو نَكَح أحدُ الشَّرِيكَين الأمَةَ المُشْتَرَكَةَ، ثم اسْتَوْلَدَها، وحِينَئذٍ يصِيرُ مأخَذُ المَنْعِ مِنَ النِّكاحِ مُعَرَّضًا ¬

(¬1) في الأصل: «وهذا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للانْفِساخِ بحُصولِ الوَلَدِ الذي هو مقْصُودُ العَقْدِ، فلا يصِحُّ. انتهى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، جَوازُ تزْويجِ الابنِ بأمَةِ والِدِه. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يجوزُ. فعلى المذهبِ، لو تزَوَّجَها، ثم قال لها: إذا ماتَ أبِي فأنْتِ طالِقٌ. ثم ماتَ الأبُ، فهل يقَعُ الطَّلاقُ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يقَعُ. اخْتارَه القاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، وأبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ المَوْتَ يتَرَتَّبُ عليه (¬1) وُقوعُ الطَّلاقِ، والمِلْكُ سَبَق انْفِساخَ النِّكاحِ، فقد سبَق نُفُوذُ الطَّلاقِ الفَسْخَ، فنفَذ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يقَعُ. اختارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصول»؛ لأنَّ الطَّلاقَ قارَنَ المانِعَ، وهو المِلْكُ، فلم ينْفُذْ. وقدَّمه المُصَنِّفُ ¬

(¬1) في الأصل: «على».

وَإنِ اشْتَرَى الْحُرُّ زَوْجَتَهُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَإنِ اشْتَرَاهَا ابْنُهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ الطَّلاقِ في الماضِي والمُسْتَقْبَلِ. ويأتي هناك، إنْ شاءَ الله، مُحَرَّرًا. ومِثْلُ هذه المَسْألَةِ، لو تزوَّجَ أمَةً، وقال: إنِ اشْتَرَيتُكِ، فأنْتِ طالِقٌ. فيه الوَجْهان؛ إنْ قُلْنا: ينْتَقِلُ المِلْكُ مع الخِيارِ -وهو الصَّحيحُ -[لم يقَعِ الطَّلاقُ] (¬1). وإنْ قُلْنا: لا ينْتَقِلُ. وقَع الطَّلاقُ، وَجْهًا واحدًا. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. فائدة: لا يجوزُ للمَرْأةِ نِكاحُ عَبْدِ وَلَدِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايَةِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يجوزُ. [تنبيه: مفْهومُ قولِه: ولا للحُرِّ أنْ يتزوَّجَ أمَةَ ابْنِه. جوازُ تزْويجِ الأبِ بأَمَةِ وَلَدِه إنْ كان رقيقًا. وهو صحيحٌ، لا] (¬2) نِزاعَ فيه. وكذا يجوزُ للمَرْاةِ نِكاحُ عَبْدِ وَلَدِها، إذا كانتْ رَقيقةً. قوله: وإنِ اشْتَرَى الحُرُّ زَوْجَتَه -وكذا بعضَها- انْفَسَخَ نِكاحُها، وإنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في ط: «فائدة: قوله: ويجوز للعبد نكاح أمة ابنه، وهذا بلا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اشْتَراها ابْنُه -وكذا بعضَها- فعلى وَجْهَينِ. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». أحدُهما، ينْفَسِخُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ». قال في «الفُروعِ»: ينْفَسِخُ، على الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا ينْفَسِخُ. فائدتان؛ إحْداهما، كذا الحُكْمُ لو اشْتَراها، أو بعضَها، مُكاتَبَةً. خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الرعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، إلَّا أنَّ الخِلافَ هنا وَجْهان. الثَّانيةُ، حُكْمُ شِراء الزَّوْجَةِ، أو وَلَدِها، أو مُكاتَبِها، للزَّوْجِ، حُكْمُ شِراءِ الزَّوْجِ، أو وَلَدِه، أو مُكاتَبِه، للزَّوْجَةِ. فلو بعَثَتْ إلى

وَمَنْ جَمَعَ بَينَ مُحَرَّمَةٍ وَمُحَلَّلَةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَهَلْ يَصِحُّ فِي مَنْ تَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زوْجِها تُخْبِرُه: إنِّي قد حَرُمْتُ عليكَ، ونكَحْتُ غيرَكَ، وعليكَ نَفَقَتي ونَفَقَةُ زَوْجِي. فهذه امْرَأةٌ مَلَكَتْ (¬1) زَوْجَها، وتزَوَّجَتْ ابنَ عَمِّها. فيُعايَى بها. وتقدَّم جوازُ تزْويجِ بِنْتِه بعَبْدِه، عندَ توَلِّي طرَفَي العَقْدِ. ويأتِي ذلك في أواخِرِ بابِ التَّأويلِ في الحَلِفِ بأتَمَّ مِن هذا. قوله: ومَن جَمَع بينَ مُحَرَّمَةٍ ومُحَلَّلَةٍ في عَقْدٍ واحِدٍ، فهل يصحُّ في مَن تحِلُّ؟ ¬

(¬1) في الأصل: «ملك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»؛ إحْداهما، يصِحُّ في مَن تحِلُّ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والمَنْصوصُ صِحَّةُ نِكاحِ الأجْنَبِيَّةِ. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وجزَم به الخِرَقِي، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرُهم. واخْتارَه القاضي في «تَعْليقِه»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والروايَةُ الثَّانيةُ، لا يصحُّ. اخْتارَه أبو بَكْر. فائدة: لو تزَوَّج أُمًّا وبِنْتًا في عَقْدٍ واحدٍ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَبْطُلُ النِّكاحان معًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ في «المُغْني»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. والوَجْهُ الثَّاني، يَبطُلُ نِكاحُ الأمِّ وحدَها. ذكَرَه في «الكافِي». وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين». وصحَّحَه في الفائدَةِ الأخيرَةِ مِنَ «القَواعِدِ». وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «التَّاسِعَةِ بعدَ المِائةِ».

وَمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا، حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِين، إلا إِمَاءَ أهْلِ الْكِتَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن حَرُمَ نِكاحُها، حَرُمَ وَطْؤُها بمِلْكِ اليَمِينِ، إلَّا إماءَ أهْلِ الكِتابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، جَوازَ وَطْءِ إماءِ غيرِ أهْلِ الكِتابِ. وذكَرَه ابنُ أبِي شَيبَةَ في «كِتابِه» (¬1)، ¬

(¬1) المصنف 4/ 178.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن سَعِيد بنِ المُسَيَّبِ، وعَطاءٍ، وطَاوُس، وعَمْرِو بنِ دِينارٍ، فلا يصِحُّ ادِّعاءُ الإِجْماعِ مع مُخالفَةِ هؤلاءِ.

فَصْلٌ: وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أمْرُهُ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال الْخِرَقِيّ: إِذَا قَال: أنَا رَجُلٌ. لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاء، وَلَمْ يَكُنْ لَهْ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيرِ ذَلِكَ بَعْدُ، وَإنْ قَال: أنَا امْرأةٌ. لَمْ يَنْكِحْ إلّا رَجُلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَحِلُّ نِكاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حتى يَتَبَيَّنَ أمْرُه. نَصَّ عليه في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يحِلُّ نِكاحُه. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». وقال الخِرَقِي: إذا قال: أنا رَجُلٌ. لم يُمْنَعْ مِن نِكاحِ النِّساءِ، ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكُنْ له أنْ ينْكِحَ بغيرِ ذلك بعدُ، وإنْ قال: أنا امْرَأةٌ. لم تنْكِحْ إلَّا رَجُلًا. واخْتارَه القاضي في «الرِّوايتَين». فعلى هذا، لو قال: أنا رَجُلٌ. وقبِلْنا قوْلَه في ذلك في النِّكاح، فهل يثْبُتُ في حقِّه سائرُ أحْكامِ الرِّجالِ تَبعًا للنِّكاحِ، ويزُولُ بذلك إشْكالُه، أم يُقْبَلُ قوْلُه في حقُوقِ الله تَعالى، وفيما عليه مِن حقُوقِ الآدَمِيِّين، دُونَ ما له منها، لئَلا يَلْزَمَ قَبُولُ قوْلِه في اسْتِحْقاقِه بمِيراثِ ذَكَرٍ (¬1) ودِيته؟ فيه وَجْهان. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ والثَّلاثينَ بعدَ المِائةِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرأةً ثُمَّ قَال: أنَا امْرَأَةٌ. انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تزوَّجَ امْرَأةً ثم قال: أنا امْرَأةٌ. انْفَسَخَ نِكاحُه. هذا تفْريعٌ على قولِ الخِرَقِيِّ، والصَّحيحُ أنَّه يُقْبَلُ قوْلُه في ذلك. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهما. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقال القاضي: لا يُقْبَلُ قوْلُه: أنا امْرَأةٌ. بعدَ قوْلِه: أنا رَجُلٌ. وعلَّلَه بأنَّه يُريدُ أنْ يُسْقِطَ عنه مَهْرَ المَرْأةِ. وهذا ظاهِرُ كلام أبِي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وفي نِكاحِه لما يُسْتَقْبَلُ الوَجْهان الآتِيَان

وَلَوْ زُوِّجَ بِرَجُلٍ ثُمَّ قَال: أَنَا رَجُلٌ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدُ. فوائد؛ الأولَى، على قوْلِ الخِرَقِيِّ: لو لم يكُنْ متَزَوِّجًا، ورجَع عن قوْلِه الأوَّلِ، بأنْ قال: أنا رَجُلٌ. ثم قال: أنا امْرَأة. أو عكْسُه. فظاهِرُ كلام الخِرَقِي والأصحابِ، أنَّ له نِكاحَ ما عادَ إليه. قاله في «المُحَرَّرِ». وهو الصَّحيَحُ. قال في «الفُروع»: فلو عادَ عن قوْلِه الأولِ، فله نِكاحُ ما عادَ إليه، في الأصحِّ. وقال في «المُحَرَّرِ»: يُمْنَعُ مِن نِكاحِ الصِّنْفَين عندِي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي محمدٍ في «الكافِي». الثَّانيةُ، قال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»: لا يجوزُ الوَطْءُ في الفَرْجَ الزَّائدِ. قلتُ: إذا زوَّجْناه على أنَّه أُنْثَى، لم يُسْتَبْعَدْ جوازُ وَطْئِه فيه، كما يجوزُ مُباشَرَتُه في سائرِ بدَنِه، غيرَ دُبُرِه. الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا يحْرُمُ في الجَنَّةِ زِيادَةُ العَدَدِ، ولا الجَمْعُ بينَ المَحارِمِ، وغيرُه، واللهُ أعلمُ.

باب الشروط في النكاح

بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشُّرُوطِ في النِّكاحِ فائدتان؛ إحْداهما، الشُّروطُ المُعْتَبَرَةُ في النِّكاحِ، في هذا البابِ محَلُّ ذِكْرِها صُلْبُ العَقْدِ. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وجزَم به في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «النَّظْمِ». وقاله القاضي، في مَوْضِعٍ مِن كلامِه. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا لو اتَّفَقا عليه قبلَ العَقْدِ، في ظاهِرِ المذهبِ. وقال: على هذا جَوابُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في مَسائلِ الحِيَلِ؛ لأنَّ الأمْرَ بالوَفاءِ بالشروطِ والعُقودِ والعُهودِ يتَناوَلُ ذلك تَناوُلًا واحِدًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا ظاهِرُ إطْلاقِ الخِرَقِيِّ، وأبي الخَطابِ، وأبِي محمدٍ، وغيرِهم. قال: وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في «فَتاويه»: إنَّه ظاهِرُ المذهبِ، ومَنْصُوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقوْلُ قُدَماءِ أصحابِه، ومُحَقِّقِي المُتأخرِين. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا شَكَّ فيه. الثَّانيةُ، لو وقَع الشَّرْطُ بعدَ العَقْدِ ولُزومِه، فالمَنْصوصُ عن الامامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا يلْزَمُه. قال ابنُ رَجَبٍ: ويتَوَجَّهُ صِحَّةُ الشَّرْطِ فيه؛ بِناءً على صِحَّةِ الاسْتِثْناءِ منْفَصِلًا بنيَّةٍ بعدَ اليَمِينِ، لاسِيَّما والنِّكاحُ تصِحُّ الزِّيادةُ فيه في المَهْرِ بعدَ عَقْدِه، بخِلافِ البَيعِ، ونحوه.

وَهِيَ قِسْمَانِ، صَحِيحٌ، مِثْلَ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ أو نَقْدٍ مُعَيَّن، أوْ أَن لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، أو لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيهَا، أوْ لَا يَتَسَرَّى، فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ، إِنْ وَفَّى بِهِ، وَإلَّا فَلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهي قِسْمَان؛ صَحِيحٌ، مِثْلَ اشْتِراطِ زِيادَةٍ في المَهْرِ أو نَقْدٍ مُعَيَّنٍ، أو لا يُخْرِجُها مِن دارِها أو بَلَدِها، أو أنْ لا يتَزَوَّجَ عليها ولا يتَسَرَّى. فهذا صحيحٌ لازِمٌ، إنْ وفَّى به، وإلَّا فلها الفَسْخُ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. [وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ظاهِرُ الأثَرِ والقِياسِ، يقْتَضِي منْعَه مِن فِعْلِ ذلك الشَّرْطِ الصَّحيحِ] (¬1). وحكَى القاضي أبو الحُسَينِ، عن شيخِه أبِي جَعْفرٍ رِوايَةً، أنَّه لا يصِحُّ شَرْطُ أنْ لا (¬2) ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

الْفَسْخُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُسافِرَ بها، ولا يتزَوَّجَ، ولا يتَسَرَّى عليها. ويأتي في الصَّداقِ، بعدَ قوْلِه: وإذا تَزَوَّجَها على صَداقَين؛ سِرٍّ وعَلانِيَةٍ. لُحوقُ الزِّيادَةِ في الصَّداقِ بعدَ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. فوائد؛ إحْداها، اخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، صِحَّةَ شَرْطِ أنْ لا يتَزَوَّجَ عليها، أو إنْ تَزَوَّجَ عليها، فلها أنْ تُطَلِّقَ نفْسَها. الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، صِحَّةُ دَفْعِ كل واحدٍ مِنَ الزَّوْجَين إلى الآخرِ مالًا على أنْ لا يتَزَوَّجَ، أمَّا الزَّوْجُ، فمُطْلَقًا، وأمَّا الزَّوْجَة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فبعدَ مَوْتِ زوْجِها، ومَن لم يَفِ بالشَّرْطِ لم يسْتَحِقَّ العِوَضَ، لأنَّها هِبَةٌ مشرُوطَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطٍ، فتَنْتَفِي بانْتِفائِه. وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: لو شرَط أحدُ الزَّوْجَين على الآخَرِ أنْ لا يتَزَوَّجَ بعدَه، فالشَّرْطُ باطِلٌ في قِياسِ المذهبِ. ووَجْهُه، أنَّه ليس في ذلك غَرَضٌ صحيحٌ، بخِلافِ حالِ الحَياةِ، واقْتَصَرَ في «الفُروعِ» على ذِكْرِ رِوايَةِ أبِي الحارِثِ. وتقدَّم في بابِ المُوصَى له (¬1): لو أوْصَى لأمِّ وَلَدِه على أنْ لا تتَزَوَّجَ. الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: لو خدَعَها فسافَرَ بها، ثم كَرِهَتْه، لم يكُنْ له أنْ يُكْرِهَها بعدَ ذلك. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه على الفُروعِ»: هذا إذا لم تُسْقِطْ حقَّها واضِحٌ، أمَّا لو أسْقَطَتْ (¬2) حقَّها مِنَ الشَّرْطِ، احْتَمَلَ أنْ يكونَ لها الرُّجوعُ فيه، كهِبَةِ حَقها مِنَ القَسْمِ، واحْتَمَلَ أنْ لا يكونَ لها العَوْدُ فيه، كما لو أسْقَطَتْ حقَّها مِن بعضِ مَهْرِها المُسَمَّى، والفَرْقُ واضِحٌ، فذكَرَه. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّها إذا أسْقَطَتْ حقَّها، يسْقُطُ مُطْلَقًا. وقال أيضًا: لو شرَط أنْ لا يُخْرِجَها مِن مَنْزِلِ أبوَيها، فماتَ الأبُ، فالظَّاهِرُ أنَّ الشرْطَ يبْطُلُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُخْرِجَها مِنَ مَنْزِلِ أمِّها، إلَّا أنْ تتزَوَّجَ الأمُّ. ولو تعَذَّرَ ¬

(¬1) انظر 17/ 288. (¬2) في ط: «أسقط».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سُكْنَى المَنْزِلِ؛ لخَرابٍ وغيرِه، فهل يسْقُطُ حقُّها مِنَ الفَسْخِ بنَقْلِها عنه؟ أفتَيتُ بأنَّه إنْ نقَلَها إلى مَنْزِلٍ ترْتَضِيه هي، فلا فَسْخَ، وإنْ نَقَلَها إلى مَنْزِلٍ لا ترْتَضِيه، فلها الفَسْخُ، ولم أقِفْ فيه على نَقْل. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّ له أنْ يسْكُنَ بها حيث أرادَ؛ سواءٌ رَضِيَتْ، أو لا؛ لأنَّه الأصْلُ والشَّرْطُ عارِضٌ، وقد زال، فرَجَعْنا إلى الأصْلِ، وهوْ مَحْضُ حقِّه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في مَن شرَط لها أنْ يُسْكِنَها بمَنْزِلِ أبِيه، فسكَنَتْ، ثم طلَبَتْ سُكنَى مُنْفَردَةً، وهو عاجزٌ: لا يَلْزَمُه ما عجَز عنه، بل لو كان قادرًا ليس لها، على قوْلٍ في مذهبِ الامامِ أَحمدَ، رَحِمَه اللهُ، غيرُ ما شرَطَتْ لها. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: والظَّاهِرُ أنَّ مُرادَهم صِحةُ الشَّرْطِ في الجُمْلَةِ، بمَعْنَى ثُبوتِ الخِيارِ لها بعَدَمِه، لا أنَّه يلْزَمُها؛ لأنَّه شَرْطٌ لَحِقَها (¬1) لمَصْلَحَتِها، لا لَحِقَه لمَصْلَحَتِه، حتى يلْزَمَ في حقِّها، ولهذا لو سلَّمَتْ نفْسَها مَن شرَطَتْ دارَها فيها أو في داره، لَزِمَ. انتهى. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «الهَدْي»: الشّرْطُ العُرْفِي، كالمَشْروطِ لَفْظًا. وأطال في ذلك. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ شَرَطَ لَهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا، فَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: هُوَ صَحِيحٌ. وَيَحْتَمِلُ أنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِيء مَا فِي صَحْفَتِهَا وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شرَط لها طَلاقَ ضَرَّتِها، فقال أبو الخَطَّابِ: هو صَحيحٌ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهمِ. قال في «الرعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: إذا شرَط لها طَلاق ضَرَّتِها، وقُلْنا: يصِحُّ في رِوايَةٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّه باطِلٌ؛ لِما ذكَر المُصَنِّفُ مِنَ الحَديثِ. قال المُصَنِّفُ: وهو الصَّحيحُ. وقال: لم أرَ ما قاله أبو الخَطَّابِ لغيرِه. قلتُ: قد حَكاه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» رِوايَةً عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقال: ذكَرَه جماعَة. وصحَّح ما صحَّحَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ في «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وظاهِرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ؛ فإنَّه قال: ويصِح شَرْطُ طَلاقِ ضَرَّتِها في رِوايَةٍ وذكَرَه جماعَة. وقيل: باطِلٌ. فوائد؛ الأولَى، حُكْمُ شَرْطِ بَيعِ أمَتِه، حُكْمُ شَرْطِ طَلاقِ ضَرَّتِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، ومثْلُه بَيعُ أمَتِه. الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا بصِحَّةِ شَرْطِ سُكْنَى الدَّارِ أو البَلَدِ، ونحو ذلك، لم يجِبِ الوَفاءُ به على الزَّوْجِ. صرَّح به الأصحابُ، لكِنْ يُسْتَحَب الوَفَاءُ به. وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبدِ اللهِ. ومال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، إلى وُجوبِ الوَفَاءِ بهذه الشُّروطِ، ويُجْبِرُه الحاكِمُ على ذلك. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِي. وصرَّح أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ»، أنَّه لا يجوزُ للزَّوْجِ مُخالفَةُ ما شُرِطَ عَليه. ونصَّ في رِوايَةِ حَرْبٍ , في مَن تزَوَّجَ امْرأة، وشرَط لها أنْ لا يُخْرِجَها مِن قَرْيَتها، ثم بَدا له أنْ يُخرِجَها، قال: ليس له أنْ يُخْرِجَها. وقد ذكَر الزَّرْكَشِيُّ في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»، فيما إذا شرَطَت دارَها أو بَلَدَها، وَجْهًا بأنَّه يُجْبَرُ على المُقامِ معها. وذكَر أيضًا، أنَّه لا يتَزَوَّجُ ولا يتَسَرَّى إلَّا بإذْنِها في وَجْهٍ، إذا شرَطَتْه. إذا عَلِمت ذلك، فلها الفَسْخُ بالنُّقْلَةِ، والتَّزْويجِ، والتَّسَرِّي، كما قال المُصَنِّف، فأمَّا إنْ أرادَ نقْلَها، وطلَب منها ذلك، فقال القاضي في «الجامِعِ»: لها الفَسْخُ بالعَزْمِ على الإِخْراجِ. وضعَّفَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وقال: العَزْمُ المُجَرَّدُ لا يُوجِبُ الفَسْخَ؛ إذْ لا ضرَرَ فيه. وهو صحيح، ما لم يقْتَرِنْ بالهَمِّ طلَبُ نُقْلَةٍ. الثَّالثةُ، لو شَرَطَتْ أنْ لا تُسَلِّمَ نفْسَها إلَّا بعدَ مُدَّةٍ معَيَنةٍ، لم يصِحَّ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قِياسُ المذهبِ صِحَّتُه، كاشْتِراطِ تأخيرِ التَّسْليمِ في البَيعِ والإِجارَةِ، وكما لو اشْترَطَتْ أنْ لا يُخْرِجَها مِن دارِها. الرَّابعَةُ، ذكَر أبو بَكْر في «التَّنبيهِ» مِنَ الشُّروطِ اللَّازِمَةِ، إذا شرَط أنْ لا يُفَرِّق بينَها وبينَ أبوَيها، أو أوْلادِها، أوَ ابنِها الصغيرِ أنْ تُرْضِعَه. وكذا ذكَر ابنُ أبِي مُوسى، أنَّها إذا شرَطَتْ أنَّ لها وَلَدًا تُرْضِعُه، فلها شرْطُها. وقطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. [قال في «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والسَّبْعِين»: ولو شرَطَت عليه] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي، فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ أحَدُهَا، مَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أشْيَاءَ؛ أحَدُهَا، نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَهُوَ أنْ يُزَوِّجَهَ وَلِيَّتَه عَلَى أنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّته وَلَا مَهْرَ بَينَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ [نَفَقَةَ وَلَدِها وكُسْوَتَه، صحَّ، وكان مِنَ المَهْرِ. قال ابنُ نَصرِ الله فِي «حَواشِيه»: وظاهِرُه لا يُشْتَرَطُ مع ذلك تَعْيِينُ مُدَّةٍ، كنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وكُسْوَتِها، فإنَّه ذكَرَها بعدَها. انتهى. قلتُ: ليس الأمْرُ كذلك، والفَرْقُ بينَ المَسْألتَين واضِحٌ] (¬1). الخامسةُ، هذه الشُّروطُ الصَّحِيحَةُ، إنَّما تَلْزَمُ في النِّكاحِ الذي شُرِطَتْ فيه، فأمَّا إنْ بانَتْ منه ثم تزَوَّجَها ثانيًا، لم تَعُدْ هذه الشُّروطُ في هذا العَقْدِ الثَّاني، بل يَبْطُلُ حُكْمُها إذا لم يذْكُرْها فيه. ذكَرَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وجزَم به في «الفُروعِ». قال ابنُ رَجَبٍ: ويتخَرَّجُ عوْدُها في النِّكاحِ الثَّاني، إذا لم يكُن اسْتَوْفَى عدَدَ الطَّلاقِ، لَزِمَ فيه [كلُّ ما] (¬2) كان مُلْتَزِمًا بالعَقْدِ الأوَّلِ. السَّادسةُ، خِيارُ الشَرْطِ على التَّراخِي، لا يسْقُطُ إلَّا بما يدُلُّ على الرِّضا، مِن قَوْلٍ أو تَمْكِين منها مع العِلْمِ. قطَع به الأصحابُ، منهم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، وغيرِهم. ذكَرُوه في بابِ العُيوبِ في النكاحِ. قوله: القِسْمُ الثَّاني، فاسِدٌ وهو ثَلاثَةُ أنواع؛ أحَدُها، ما يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «كما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَلاثةُ أشياءَ، أحَدُها، نكاحُ الشِّغارِ، وهو أنْ يُزَوِّجَه وَلِيَّته على أنْ يُزَوِّجَه الآخَرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَلِيَّته، ولا مَهْرَ بينهما. وهذا المذهبُ، وسواء قالا: وبُضْعُ كُلِّ واحدَةٍ مَهْرُ الأخْرَى. أوْ لا، وعليه الأصحابُ. وعنه، يصِحُّ العَقْدُ، ويفْسُدُ الشَّرْطُ. وهو

فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا، صَحَّ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال الْخِرَقِيّ: لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تخْرِيجٌ في «الهِدايَةِ». فعليه، لها مَهْرُ المِثْلِ. قوله: فإنْ سَمَّوْا مَهْرًا، صَحَّ. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ. وصحَّحَه النَّاظِمُ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «ألمُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: لا يصحُّ. وقاله أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». وذكَرَه القاضي في «الجامِعِ»، وابنُ عَقِيل رِوايَةً. وقيل: لا يصِحُّ إنْ قال مع ذلك: وبُضْعُ كُل واحدَةٍ مَهْرُ الأخْرَى. وإنْ لم يقُلْ ذلك، صَحَّ. اخْتارَه في «المُحَرَّرِ»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الرِّعايَةِ»: وهو أوْلَى. قال في «الفُروع»: وظاهِرُ كلام ابنِ الجَوْزِيِّ يصِحُّ معه بتَسْمِيَةٍ. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وَجهًا، واخْتارَه؛ أنَّ بُطْلانَه لاشْتِراطِ عدَمِ المَهْرِ. قال: وهو الذي عليه قوْلُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقُدَماءِ أصحابِه؛ كالخَلَّالِ وصاحبِه. تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه: فإنْ سَمَّوْا مَهْرًا، صحَّ. أنْ يكود المَهْرُ مُسْتَقِلًا، غيرَ قليلٍ، ولا حِيلَةَ. نصَّ عليه. وقيل: يصحُّ إنْ كان مَهْرَ المِثْل، وإلَّا فلا. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، لو سُمِّيَ لإِحْداهما مَهْر، ولم يُسَمَّ للأخْرَى شيءٌ، فَسَد نِكاحُ مَن لم يُسَمَّ لها صَداقٌ، لا غيرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا أوْلَى. وقال أبو بَكْرٍ: يفْسُدُ النِّكاحُ فيهما. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقدَّمه في «الكُبْرى». فائدة: لو جعَلا بُضْعَ كلِّ واحدةٍ ودَراهِمَ معْلُومَةً صَداقَ الأخْرَى، لم يصِحَّ

وَالثَّانِي، نِكَاحُ الْمُحَلِّل، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أنَّهُ إِذَا أحَلَّهَا طَلَّقَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ. وقيل: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وحدَه. قوله: الثَّاني، نِكاحُ المُحَلِّلِ، وهو أنْ يتَزَوَّجَها على أنَّه إذا أحَلَّها طلَّقَها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ نِكاحَ المُحَلِّلِ باطِلٌ مع شَرْطِه. نصَّ عليه، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، وعنه، يصِحُّ العَقْدُ، ويَبْطُلُ الشَّرْطُ. ذكَرَها جماعَةٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وخرَّج القاضي أبو الخَطَّابِ رِوايَةً ببُطْلانِ الشَّرْطِ وصِحَّةِ العَقْدِ مِنَ (¬1) اشْتِراطِ الخِيارِ. وخرَّجَها ابنُ عَقِيلٍ مِنَ الشُّروطِ الفاسِدَةِ. ¬

(¬1) بعده في الأصل: «مسلمة».

فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مِنْ غَيرِ شَرْطٍ، لَمْ يَصِحَّ أَيضًا، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ نوَى ذلك مِن غيرِ شَرْطٍ، لم يصحَّ أيضًا، في ظاهِرِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ عليه، وعليه الإصحابُ. وهو كما قال. وقيل: يُكْرَهُ، ويصحُّ. وذكَرَه القاضي. وحَكاه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، ومَن تَبِعَهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَةً. ومنَع ذلك الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. ويُؤخَذُ مِنَ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ الشَّرْطُ في العَقْدِ، فلو نوَى قبلَ العَقْدِ، ولم يرْجِعْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنها، فهو نِكاحُ مُحَلِّلٍ، وإنْ رجَع عنها، ونَوَى عندَ العَقْدِ أنَّه نِكاحُ رَغْبَةٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكلامِ غيرِه، أنَّ المرْأةَ إذا نوَتْ ذلك لا يُؤثرُ في العَقْدِ. وهو الصَّحيحُ. وقال في «الواضحِ»: نِيَّتها كنِيَّتِه. وقال في «الرَّوْضَةِ»: نِكَاحُ المُحَلِّلِ باطِلٌ إذا اتَّفَقَا. فإنِ اعْتَقَدَت ذلك باطِنًا، ولم تُظْهِرْه، صحَّ في الحُكْمِ، وبطَل فيما بينَها وبينَ الله تعالى. انتهى. ويصِحُّ النكاحُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى المَماتِ. قاله الأصحابُ. فائدة: لو اشْتَرَى عَبْدًا وزَوَّجَه بمُطَلَّقَتِه (¬1) ثلاثًا، ثم وهَبَها العَبْدَ أو بعضَه؛ ليَفْسَخَ نِكاحَهَا، لم يصِحَّ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: إذا طلَّقَها ثلاثًا، وأرادَ أنْ يُراجِعَها، فاشْتَرى عَبْدًا وزوَّجَه بها، فهذا الذي نهَى عنه عمرُ، رَضِيَ اللهُ عنه، يؤدَّبان جميعًا. وهذا فاسِدٌ، ليس بكُفْءٍ، وهو شِبْهُ المُحَلِّلِ. قال في «الفُروعِ»: وتزْويجُها المُطَلِّقُ ثلاثًا لعَبْدِه بنِيَّةِ هِبَتِه، أو بَيعِه منها؛ ليَفْسَخَ النِّكاحَ، كنِيَّةِ الزَّوْجِ، ومَن لا فُرْقَةَ بيَدِه، لا أثَرَ لنِيَّته. وقال ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ»، في مَن طلَّق زوْجَتَه الأمَةَ ثلاثًا، ثم اشْتَراها؛ لتَأسُّفِه على طلاقِها. حِلُّها بعيدٌ في مذهبِنا؛ لأنَّه (¬2) يقِفُ على زَوْجٍ وإصابَةٍ، ومتى زوَّجَها -مع ما ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بالمطلقة». (¬2) في ط: «لا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظهَر مِن تأسُّفِه عليها- لم يكُنْ قصْدُه بالنِّكاحِ إلَّا التَّحْليلَ، والقَصْدُ عندَنا يُؤثِّرُ في النِّكاحِ، بدَليلِ ما ذكَرَه أصحابُنا، إذا تزوَّج الغَرِيبُ بنِيَّةِ طلاقِها إذا خرَج مِنَ البَلَدِ، لم يصِحَّ. ذكَرَه في «الفُروعِ». قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يصِحَّ النِّكاحُ إذا لم يقْصِدِ العَبْدُ التَّحْليلَ. [وقال العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ في «إعْلامِ المُوَقِّعِين»: لو أخْرَجَتْ مِن مالِها ثَمَنَ مَمْلوكٍ، فوَهَبَتْه لبعضِ مَن تَثِقُ به، فاشْتَرَى به مَمْلُوكًا، ثم خطَبَها على مَمْلُوكِه، فزوَّجَها منه، فدخَل بها المَمْلوكُ، ثم وهَبَها إيَّاه، انْفَسَخَ النِّكاحُ، ولم يكُنْ هناك تحْليلٌ مشْروطٌ ولا مَنْويٌّ ممَّن تُؤثِّرُ نِيَته وشرْطُه، وهو الزَّوْجُ، فإنَّه لا أثَرَ لنِيَّةِ الزَّوْجَةِ، ولا الوَلِيِّ. قال: وقد صرَّح أصحابُنا بأنَّ ذلك يُحِلُّها. فقال في «المُغْنِي»: فإن تزَوَّجَها ممْلوكٌ ووَطِئَها، أحلَّها. انتهى. وهذه الصُّورَةُ غيرُ التي منَع منها الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، فإنَّه منَع مِن حِلِّها، إذا كان المُطَلِّقُ الزَّوْجَ، واشْتَرَى العَبْدَ وزَوَّجَه بإذْنِ وَلِيِّها ليُحِلَّها. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

الثَّالِثُ، نِكَاحُ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ أن يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، نِكاحُ المُتْعَةِ، وهو أنْ يتَزَوَّجَها إلى مُدَّةٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ نِكاحَ المُتْعَةِ لا يصِحُّ، وعليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابُ. وعنه، يُكْرَهُ ويصِحُّ. ذكَرَها أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»، وأبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وقال: رجَع عنها الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، عن لَفْظِ الحَرامِ ولم يَنْفِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وغيرُ أبي بَكْرٍ يمْنَعُ هذا، ويقولُ: المَسْألةُ رِوايَةٌ واحِدَةٌ. وقال في «المُحَرَّرِ»: ويتخَرَّجُ أنْ يصِحَّ، ويَلْغُوَ التَّوْقيتُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نوَى بقَلْبِه، فهو كما لو شرَطَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وقطَع الشَّيخُ فيها بصِحَّتِه مع النيةِ، ونصَّه، والأصحابُ خِلافُه. انتهى. وقيل: يصِحُّ. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هذا قوْلُ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، إلا (¬1) الأوْزَاعِيَّ، كما لو نوَى، إنْ وافَقَتْه، وإلَّا طلَّقَها. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين، رَحِمَه ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ: لم أرَ أحدًا مِنَ الأصحابِ قال: لا بَأسَ به، وما قاسَ عليه، لا رَيبَ أنَّه مُوجَبُ العَقْدِ، بخِلافِ ما تقدَّم، فإنَّه يُنافِيه، لقَصْدِه التَّوْقيتَ.

وَنِكَاحٌ شَرَطَ فِيهِ طَلَاقَهَا فِي وَقْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ونِكاحٌ شرَط فيه طَلاقَها في وَقْتٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا شرَط في النِّكاحِ طَلاقَها في وَقْتٍ، حُكْمُه حُكْمُ نِكاحِ المُتْعَةِ. وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. ويتَخَرَّجُ أنْ يصِحَّ النِّكاحُ، ويَبْطُلَ الشرْطُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

أَوْ عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ عَلَى شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأسُ الشَّهْرِ. أَوْ: إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا. فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو علَّقَ ابْتِداءَه على شَرْطٍ، كقَوْلِه: زَوَّجتُكَ إذا جاءَ رَأسُ الشَّهْرِ. أو: إنْ رَضِيَتْ أُمُّها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ بُطْلانُ العَقْدِ في ذلك وشِبْهِه. قال في «الفُروعِ»: إذا علَّق ابْتِداءَه على شَرْطٍ، فسَد العَقْدُ، على الأصح. كالشَّرْطِ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ولا يصِحُّ تعْليقُه على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهم. وعنه، العَقْدُ صحيحٌ. وبعَّدَها القاضي، وأبو الخَطَّابِ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ذكَر القاضي وغيرُه رِوايتَين، والأنَصُّ مِن كلامِه جَوازُه. قال ابنُ رَجَب: ورِوايَةُ

النَّوْعُ الثَّانِي، أنْ يَشْتَرِطَ أنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ، أوْ يَقْسِمَ لَهَا أَكْثَرَ مِن امْرأتهِ الأُخْرَى أَوْ أقَلَّ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّحَّةِ أقْوَى. قال في «الفائقِ»: ولا يصِحُّ تعْليقُه على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ. وعنه، يصِحُّ، نَصَرَه شيخُنا، وهو المُخْتارُ. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قوْلُه في «المُحَرَّرِ»: ولا يصِحُّ تعْليقُه بشَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ. أظُنُّ قصَد بذلك الاحْتِرازَ عن تعْليقِه بمَشِيئَةِ اللهِ تعالى، ودخَل في ذلك إذا قال: زوَّجْتُكَ هذا المَوْلُودَ إنْ كان أُنْثَى. أو: زوَّجْتُكَ ابنَتى إنْ كانَتِ انْقَضَتْ عِدَّتُها. أو: إنْ لم تَكُنْ زُوِّجَتْ. ونحوُ ذلك مِنَ الشُّروطِ الحاضِرَةِ والماضِيَةِ. وكذلك ذكَر الجَدُّ الأعْلَى (¬1)، أنَّه لا يجوزُ تعْليقُه على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ، ولم أرَها لغيرِهما. انتهى. وتقدَّم كلامُ ابنِ رَجَبٍ في «قَواعِدِه» في أوَّلِ بابِ أرْكانِ النِّكاحِ، فليُراجَعْ (¬2). قوله: النَّوْعُ الثَّاني، أنْ يَشْتَرِطَ أنْ لا مهْرَ لها ولا نَفَقَةَ، أو يَقْسِمَ لها أكْثَرَ مِنِ ¬

(¬1) هو جد شيخ الإسلام ابن تيمية، ولعله يقصد المجد عبد السلام. (¬2) انظر صفحة 97.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ امْرَأته الأُخْرَى أو أقَل، فالشَّرْطُ باطِلٌ، ويَصِحُّ النِّكَاحُ. وكذا لو شرَط أحدُهما عدَمَ الوَطْءِ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليهما. وصحَّحَه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: يبْطُلُ النِّكاحُ أيضًا. وقيل: يبْطُلُ إذا شرَطَتْ عليه أنْ لا يطأها. قال ابنُ عَقِيلٍ في «مُفْرَداتِه»: ذكَر أبو بَكْرٍ، فيما إذا شرَط أنْ لا يطأ، أو أنْ لا يُنْفِقَ، أو إنْ فارَقَ، رجَع بما أنْفَقَ، رِوايتَين. يعْنِي، في صِحَّةِ العَقْدِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ويَحْتَمِلُ صِحَّةَ شرْطِ عدَمِ النَّفَقَةِ. قال: لا سِيَّما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: إنَّه إذا أعْسَرَ الزَّوْجُ ورَضِيَتْ به. أنَّها لا تَمْلِكُ المُطالبَةَ بالنَّفَقَةِ (¬1) بعدُ. واخْتارَ، فيما إذا شرَط أنْ لا مَهْرَ، فَسَادَ العَقْدِ، وأنَّه قوْلُ أكثرِ السَّلَفِ، واخْتارَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

الثَّالِثُ، أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ، أَوْ إِنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ فِي وَقْتٍ، وَإلَّا فَلَا نِكَاحَ بَينَهُمَا , فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا الصِّحَّةَ، فيما إذا شرَط عدَمَ الوَطْءِ، كشَرْطِ تَرْكِ ما تَسْتَحِقُّه. وقال أيضًا: لو شرَطَتْ مُقامَ وَلَدِها عندَها، ونَفَقَتَه على الزَّوْجِ، كان مِثْلَ اشْتِراطِ الزِّيادَةِ في الصَّداقِ، ويُرْجَعُ في ذلك إلى العُرْفِ، كالأجيرِ بطَعامِه وكُسْوَتِه. قوله: الثَّالِثُ، أنْ يَشْتَرِطَ الخِيارَ، أو إنْ جاءَها بالمَهْرِ في وَقْتِ كذا، وإلا فلا نكاحَ بينَهما، فالشَّرْطُ باطِلُ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، صِحَّةُ الشَّرْطِ. نَقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ، وبَعَّدَها القاضي. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، صِحَّةَ العَقْدِ والشَّرْطِ، فيما إذا شرَط الخِيارَ. قوله: وفي صِحَّةِ النِّكاحِ رِوايَتَان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي» في الثَّانيةِ، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ». إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، فيما إذا شرَط الخِيارَ، كما تقدَّم عنه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يصِحُّ. وقدَّمه في «المُغْنِي» في الأولَى. فائدة: لو شرَط الخِيارَ في الصَّداقِ، فقيلَ: هو كشَرْطِ الخِيارِ في النِّكاحِ. على ما تقدَّم. وقيل: يصِحُّ هنا. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقطَع المُصَنِّفُ،

فَصْلٌ: فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإنْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَقَال أبو بَكْرٍ: لَهُ الْخِيَارُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، بصِحَّةِ النِّكاحِ. وهو الصَّوابُ. وأطْلَقا في الصَّداقِ ثلاثةَ أوْجُهٍ، صِحَّةَ الصَّداقِ مع بُطْلانِ الخِيارِ، وصِحَّةَ الصَّداقِ وثُبُوتَ الخِيارِ فيه، وبُطْلانَ الصَّداقِ. قوله: وإنْ شرَطَها كِتابِيَّةً، فبانَتْ مُسْلِمَةً، فلا خِيارَ له. هذا المذهبُ. صحَّحَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي». وقال أبو بَكْرٍ: له الخِيارُ. وقاله في «التَّرْغِيبِ».

وَإنْ شَرَطَهَا أَمَةً، فَبَانَتْ حُرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال النَّاظِمُ: وهو بعيدٌ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو تزَوَّجَها يظُنُّها مُسْلِمَةً، ولم تُعْرَفْ بتَقَدُّمِ كُفْرٍ، فبانَتْ كافِرَةً. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطْلَقُوا الخِلافَ هنا، كما أطْلَقُوه في التي قبلَها. وجزَم هنا في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم، أنَّ له الخِيارَ. قوله: وإنْ شرَطَها أَمَةً، فبانَتْ حُرَّةً، فلا خِيارَ له. هذا المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ. قال في «الفُروعِ»: فلا فَسْخَ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: له الخِيارُ. فائدة: وكذا الحُكْمُ في كلِّ صِفَةٍ شرَطَها، فبانَتْ أعْلَى منها، عندَ الجُمْهورِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ شرَطَها ثَيِّبًا، فبانَتْ بِكْرًا، فله

وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا، أوْ جَمِيلَةً، أوْ نَسِيبَةً، أو شَرَطَ نَفْيَ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يَنْفَسِخُ بِهَا النِّكَاحُ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَسْخُ (¬1). قوله: وإنْ شرَطَها بِكْرًا، أو جَمِيلَةً، أو نَسِيبَةً، أو شرَط نَفْيَ العُيُوبِ التِي لا يَنْفَسِخُ بها النِّكاحُ، فبانتْ بخِلافِه، فهل له الخِيارُ؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، [وابنُ رَزِينٍ في غيرِ البِكْرِ] (¬2)؛ أحدُهما، له الخِيارُ. واخْتارَه صاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ»، والنَّاظِمُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، [وهو الصَّوابُ] (4). والثاني، ليس له الخِيارُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في البِكْرِ، وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ» في النَّسِيبَةِ] (¬1). وقيل: له الخِيارُ في شَرْطِ النَّسَبِ خاصَّةً إذا فُقِدَ. وقال في «الفُنونِ»، فيما إذا شرَطَها بِكْرًا، فبانَتْ بخِلافِه: يَحْتَمِلُ فَسادُ العَقْدِ؛ لأنَّ لنا قوْلًا: إذا تزَوَّجَها على صِفَةٍ، فبانَتْ بخِلافِها، ببُطْلانِ العَقْدِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ويَرْجِعُ على الغَارِّ. فائدة: إذا شرَطَها بِكْرًا، وقُلْنا: ليس له خِيارٌ. فاخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ تَزَوَّجَ أمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً، فَأصَابَهَا، وَوَلَدَتْ مِنْهُ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَيَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ يَوْمَ ولَادَتِهِمْ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ، وَيُفَرَّقُ بَينَهُمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الإمَاءِ، وَإنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ مَعَهَا، فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ رَقِيقٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُصولِ» -وقاله في «الإِيضاحِ» - أنَّه يرْجِعُ بما بينَ المَهْرَين. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مِثْلَه بقِيَّةُ الشُّروطِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ في الجميعِ. قوله: وإنْ تزَوَّجَ أمَةً يظُنُّها حُرَّةً -وكذا لو شرَطَها حُرَّةً فبانَتْ أمَةً- فأصابَها وولَدَتْ مِنه، فالوَلَدُ حُرٌّ، ويفْدِيهم بمثلِهم يومَ ولادَتِهم، ويرْجِعُ بذلك على مَن غرَّه، ويُفرَّقُ بينَهما إنْ لم يَكُنْ ممَّن يجوزُ له نكاحُ الإِماءِ، وإنْ كان ممَّن يجوزُ له ذلك، فله الخِيارُ، فإنْ رَضِيَ بالمُقامِ معها، فما ولَدَتْ بعدَ ذلك، فهو رَقِيق. اعْلَمْ أنَّه إذا تزوَّجَ أمَةً يظُنُّها حُرَّة، أو شرَطَها حُرَّةً -واعْتَبَرَ في «المُسْتَوْعِبِ» مُقارنَةَ الشَّرْطِ للعَقْدِ، واخْتارَه قبلَه القاضي- فبانَتْ أمَةً، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ ممَّن يجوزُ له نِكاحُ الإِماءِ أو لا؛ فإنْ كان ممَّن لا يجوزُ له نِكاحُ الإِماءِ، فالمذهبُ أنَّ النِّكاحَ باطِلٌ، كما لو عَلِمَ بذلك. وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: وعندَ أبي بَكْرٍ يصِحُّ، فلا خِيارَ. واعْلَمْ أنَّ قوْلَ أبِي بَكْرٍ، إنَّما حُكِيَ عنه فيما إذا شرَطَها أمَةً، فبانَتْ حُرَّةً، كما تقدَّم. وذكَر القاضي في «الجامِعِ»، أنَّه قِياسُ قوْلِه: فيما إذا شرَطَها كِتابِيَّةً، فبانَتْ مُسْلِمَةً. ثم فرَّق بينَهما. فالذي نَقْطَعُ به، أنَّ نَقْلَ صاحِب «الفُروعِ» هنا عن أبِي بَكْرٍ، إمَّا سَهْوٌ، أو يكونُ هنا نقْصٌ. وهو أوْلَى، ويدُلُّ على ذلك، أنَّه قال بعدَه: وبَناه في «الواضِحِ» على الخِلافِ في الكَفاءَةِ. فهذا لا يُلائِمُ المسْألةَ. والله أعلمُ. وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان ممَّن يجوزُ له نِكاحُ الإِماءِ، فله الخِيارُ، كما قال المُصَنِّفُ. وظاهِرُه وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ إطْلاقُ الظَّنِّ، فيدْخُلُ فيه ظَنُّه أنَّها حُرَّةُ الأصْلِ أو عتِيقَةٌ. وقطَع في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «المُنَوِّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أنَّه لا خِيارَ له، إذا ظَنَّها عَتِيقَةً. وهذا المذهبُ، ولعَلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ. وظاهِرُ كلامِ الزَّرْكَشِيِّ، التَّنافِي بينَ العِبارتَين. وقدَّم في «التَّرْغيبِ»، أنَّه لو ظَنَّها حُرَّةً لا خِيارَ له. وقيل: لا خِيارَ لعَبْدٍ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا فَسْخَ مُطْلَقًا. حَكاه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». فإذا اخْتارَ المُقامَ تقَرَّرَ عليه المَهْرُ المُسَمَّى كامِلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ينْسِبُ قَدْرَ مَهْرِ المِثْلِ إلى مَهْرِ المِثْلِ كامِلًا، فيكونُ له بقَدْرِ نِسْبَتِه مِنَ المُسَمَّى، يرْجِعُ به على مَن غرَّه. فائدة: لو أُبِيحَ للحُرِّ نِكاحُ أَمَةٍ، فنَكَحَها، ولم يشْرِطْ حُرِّيَّةَ أوْلادِه، فهم أرِقَّاءُ لسيِّدِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّ وَلَدَ العَرَبِيِّ يكونُ حُرًّا، وعلى أبِيه فِداؤُه. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ في آخرِ كِتابِ النَّفَقَاتِ على الأقارِبِ. وإنْ شَرَطَ حُرِّيَّةَ الوَلَدِ، فقال في «الرَّوْضَةِ»، في إرْثِ غُرَّةِ الجَنِينِ: إنْ شرَطَ زَوْجُ الأَمَةِ حُرِّيَّةَ الوَلَدِ، كان حُرًّا، وإنْ لم يشْرِطْ، فهو عَبْدٌ. انتهى. ذكَرَه في «الفُروعِ»، في أواخرِ بابِ مَقادِيرِ ديَاتِ النَّفْسِ. قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «إعْلامِ المُوَقِّعِينَ»، في الجُزْءِ الثَّالثِ في الحِيَلِ: المِثالُ الثَّالِثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّبْعُون، إذا شرَطَ الزَّوْجُ على السَّيِّدِ حُرِّيَّةَ أوْلادِه، صحَّ، وما وَلَدَتْه، فهم أحْرارٌ. قوله: والوَلَدُ حُرٌّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقالُوا: ينْعَقِدُ حُرًّا باعْتِقادِه. قال ابنُ عَقِيلٍ: ينْعَقِدُ حُرًّا، كما ينْعَقِدُ وَلَدُ القُرَشِيِّ قُرَشِيًّا. وعنه، الوَلَدُ بدُونِ الفِداءِ رقيقٌ. قوله: ويفْدِيهم. هذا المذهبُ. قاله في «المُغْنِي» وغيرِه. قال الشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يَلْزَمُه فِداؤُهم. قال الزَّرْكَشِي: نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا فِداءَ عليه؛ لانْعِقادِ الوَلَدِ حُرًّا. وعنه، أنَّه يُقالُ له: افْتَدِ أوْلادَك، وإلَّا فهم يتْبَعُون الأمَّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فظاهِرُ هذا أنَّه خيَّرَه بينَ فِدائِهم وبينَ ترْكِهم رقيقًا. فعلى المذهبِ، يفْدِيهم بقِيمَتِهم. على الصَّحيحِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «التَّلْخيصِ»، وابنُ مُنَجَّى. وقدَّمه في «الفُروعِ» في بابِ الغَصْبِ؛ لأنَّه أحاله عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وعنه، يفْدِيهم بمِثْلِهم في القِيمَةِ. قدَّمه في «الفائقِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وعنه، يضْمَنُهم بأيِّهما شاءَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «المُقْنِعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يفْدِيهم بمِثْلِهم في صِفاتِهم تقْريبًا. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، والخِلافُ هنا كالخِلافِ المذْكورِ في بابِ الغَصْبِ، فيما إذا اشْتَرَى الجارِيَةَ مِنَ الغاصِبِ، أو وهَبَها له، ووَطِئَها وهو غيرُ عالمٍ، فإنَّ الأصحابَ أحالُوه عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يوم ولادَتِهم. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، وَقْتَ الخُصومَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يضْمَنُ منهم إلَّا مَن وُلِدَ حَيًّا في وَقْتٍ يعيشُ لمِثْلِه، [سواءٌ عاشَ] (¬1) أو ماتَ بعدَ ذلك. الثَّانيةُ، وَلَدُ المُكاتَبَةِ مُكاتَبٌ، ويغْرَمُ أبُوه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِيمَتَه، على الصَّحيحِ مِن الرِّوايتَين. والمُعْتَقُ بعضُها، يجبُ لها البعضُ فيسْقُطُ، ووَلَدُها يغْرَمُ أَبُوه قَدْرَ رِقِّه. تنبيه: قولُه: فبانَتْ أَمَةً. يعْنِي، بالبَيِّنَةِ لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: وبإقْرارِها أيضًا.

وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا، فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ، وَيَفْدِيهِمْ إِذَا عَتَقَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنَ غَرَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان عَبْدًا، فوَلَدُه أحْرارٌ، ويفْدِيهم إذا عَتَقَ. فيكونُ الفِداءُ مُتَعَلِّقًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذِمَّتِه. وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: يتعَلَّقُ برَقَبَتِه. وهو رِوايَةٌ في «التَّرْغِيبِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهذا هو المُتَوَجَّهُ قوْلًا واحدًا؛ لأنَّه ضَمانُ (¬1) جنايَةٍ محْضَةٍ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يتعَلَّقُ بكَسْبِه، فيَرْجِعُ به سيِّدُه في الحالِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويرْجِعُ بذلك على مَن غرَّه. بلا نِزاعٍ، كأمْرِه بإتْلافِ مالِ غيرِه بأنَّه له، فلم يكُنْ له. ذكَرَه في «الواضِحِ». لكِن مِن شَرْطِ رُجوعِه على مَن غرَّه، أنْ يكونَ قد شرَط له أنَّها حُرَّةٌ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: إنْ كان الشَّرْطُ مُقارِنًا للعَقْدِ، رجَع، وإلَّا فلا. اخْتارَه القاضي، وقطَع به في «المُسْتَوْعِبِ»، فقال: الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أنْ يشْتَرِطَ حُرِّيَّتَها في نَفْسِ العَقْدِ، فأمَّا إنْ تقدَّم ذلك على العَقْدِ، فهو كما لو تَزَوَّجَها مُطْلَقًا مِن غيرِ اشْتِراطِ الحُرِّيَّةِ، فلا يثْبُتُ له خِيارُ الفَسْخِ. انتهى. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: ويرْجِعُ أيضًا بذلك على مَن غرَّه، مع إيهامِه بقَرِينَةِ حُرِّيَّتِها. وفي «المُغْنِي» (¬1) أيضًا: ولو كان الغارُّ أجْنَبِيًّا، كوَكِيلِها. قال في «الفُروعِ»: وما ذكَرَه في «المُغْنِي»، هو إطْلاقُ نُصوصِه. وقاله أبو ¬

(¬1) 9/ 445.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، وقاله أيضًا فيما إذا دلَّس غيرُ البائعِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ حَرْبٍ، يقْتَضِي الرُّجوعَ مع الظَّنِّ. وهو اخْتِيارُ أبِي محمدٍ، وأبي العَبَّاسِ؛ إذِ الصَّحابَةُ الذين قَضَوْا بالرُّجوعِ لم يسْتَفْصِلُوا، ويُحَقِّقُ ذلك، أنَّ الأصحابَ لم يشْتَرِطُوا ذلك في الرُّجوعِ في العَيبِ. انتهى. فائدة: لمُسْتَحِقِّ الفِداءِ مُطالبَةُ الغارِّ ابْتِداءً. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعٍ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «الرِّعايَةِ»: قلتُ: كما لو مات عَبْدًا أو عَتِيقًا أو مُفْلِسًا. وجعَل الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في المَسْأَلَةِ رِوايتَين. قال ابنُ رَجَبٍ: وكذلك أشارَ إليه جَدُّه في تعْلِيقَتِه على «الهِدايَةِ». قال ابنُ رَجَبٍ، رَحِمَه اللهُ: وهو الأظْهَرُ. ويرْجِعُ هذا إلى أنَّ المَغْرورَ؛ هل يُطالِبُ ابْتِداءً بما يسْتَقِرُّ ضَمانُه على الغارِّ، أم لا يُطالِبُ به سِوَى الغارِّ؟ كما نصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ هنا. ومتى قُلْنا: يُخَيَّرُ بينَ مُطالبَةِ الزَّوْجِ والغارِّ. فلا فرْقَ بينَ أنْ يكونَ أحدُهما مُوسِرًا والآخَرُ مُعْسِرًا، أو يكُونا مُوسِرَين، وإنْ قُلْنا: لا يجوزُ سِوَى مُطالبَةِ الغارِّ ابْتِدْاءً. وكان الغارُّ مُعْسِرًا والآخَرُ مُوسِرًا، فهل يُطالِبُ هنا؟ فيه ترَدُّدٌ. وقد تُشَبَّهُ المسْأَلَةُ بما إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عاقِلَةُ القاتلِ خَطَأً ممَّن لا تحْمِلُ العَقْلَ، فهل يحْمِلُ القاتِلُ الدِّيَةَ، أم لا؟ انتهى. تنبيهان؛ الأوَّلُ، سُكوتُ المُصَنِّفِ عن ذِكْرِ المَهْرِ يدُلُّ على أنَّه لا يرْجِعُ به. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال القاضي: الأظْهَرُ أنَّه لا يرْجِعُ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، قال: كنتُ أذْهَبُ إلى حديثِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، ثم هِبْتُه، وكأني (¬1) أمِيلُ إلى حديثِ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، فحديثُ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، بالرُّجوعِ بالمَهْرِ، وحدِيثُ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، بعَدَمِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يرْجِعُ به أيضًا. اختارَه الخِرَقِيُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه القاضي، وأبو محمدٍ، يعْنِي به المُصَنِّفَ، وغيرُهما. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. قلتُ: وهو المذهبُ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يجِبُ المَهْرُ المُسَمَّى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، مَهْرُ المِثْلِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. ويأْتِي ذلك في آخرِ كِتابِ الصَّداقِ، في النِّكاحِ الفاسِدِ. الثَّاني، قوْلُه: ويرْجِعُ بذلك على مَن غرَّه. إنْ كان الغارُّ السَّيِّدَ، عتَقَتْ إذا أتَى بلَفْظِ الحُرِّيَّةِ، وزالتِ المَسْأَلَةُ، وإنْ كان بغيرِ لَفْظِ الحُرِّيَّةِ، لم تعْتِقْ، ولم يجِبْ له شيءٌ؛ إذْ لا فائدَةَ في وُجوبِ شيءٍ له، و (¬2) يَرجِعُ به عليه. لكِنْ إنْ قُلْنا: إنَّ الزَّوْجَ لا يرْجِعُ بالمَهْرِ. وَجَبَ للسَّيِّدِ (¬3)، وإنْ كان الغارُّ الأَمَةَ، رَجَع عليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. واخْتارَه القاضي ¬

(¬1) في الأصل: «وكنت». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في الأصل: «للسيدة».

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا، فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يرْجِعُ عليها. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ. نقَل ابنُ الحَكَمِ، لا يرْجِعُ عليها. قال المُصنِّفُ: ظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه الله، لا يرْجِعُ عليها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ جماعَةٍ، لا يرْجِعُ عليها. فعلى الأوَّلِ، هل يتَعلَّقُ بذِمَّتِها، أو برَقَبَتِها؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِي: هل يتَعلَّقُ برَقَبَتِها أو بذِمَّتِها؟ على وَجْهَي اسْتِدانَةِ العَبْدِ بدُونِ إذنِ سيِّدِه. وتقدَّم ذلك في أواخِرِ بابِ الحَجْرِ، وأنَّ الصَّحيحَ أنَّه يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. وقال القاضي: قِياسُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ، أنَّه يتَعلَّقُ بذِمَّتِها؟ لأنَّه قال في الأَمَةِ، إذا خالعَتْ زوْجَها بغيرِ إذْنِ سيَّدِها: يتَبعُها به إذا عَتَقَتْ. فكذا هنا. وإنْ كانتِ الغارَّةُ مُكاتَبَةً، فلا مَهْرَ لها، في أصحِّ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وإنْ كان الغارُّ أجْنَبيًّا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يرْجِعُ عليه. ونصَّ عليه، في رِوايَة عبدِ اللهِ، وصالِحٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وظاهِرُ كلامِ القاضي عدَمُ الرُّجوعِ عليه؟ فإنَّه قال: الغارُّ وَكِيلُها، أو هي نفسُها. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وإنْ كان الغارُّ الوَكِيلَ، رجَع عليه في الحالِ، وإنْ كان الغَررُ منها ومِن وَكِيلها، فالضَّمانُ بينَهما نِصْفان. قاله في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويأْتِي نظِيرُها في الغَررِ بالعَيبِ. فائدة: قولُه: وإنْ تزوَّجَتْ رَجُلًا على أنَّه حُرٌّ، أو تظُنُّه حُرًّا، فبانَ عَبْدًا، فلهَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِيارُ. بلا نِزاعٍ. ونصَّ عليه. ولكِنْ لو شَرَطَتْ صِفَةً غيرَ ذلك، فبانَ أقَلَّ منها، فلا خِيارَ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لو شرَطَتْه نَسِيبًا لم يُخِلَّ بكَفاءَةٍ فلم تَكُنْ، فلا فسْخَ لها. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»،

فَصْلٌ: وَإِنْ عَتَقَتِ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ، فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل في النَّسِيبِ (¬1): ولو كان مُماثِلًا لها. وفي «الجامِعِ الكَبِيرِ»: وغَرَّه شرْطُ حُرِّيَّةٍ (¬2) ونَسَبٍ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، كشُروطِه، وأوْلَى؛ لمِلْكِه طَلاقَها. قوله: وإنْ عَتَقَتِ الأَمَةُ وَزَوْجُها حُرٌّ، فلا خِيارَ لها في ظاهِرِ المذهبِ. وهو ¬

(¬1) في الأصل: «النسب». (¬2) في الأصل: «وجزم به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المذهبُ المَنْصوصُ والمُختارُ بلا رَيبٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه المَجْدُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، وغيرِهم. وعنه، لها الخِيارُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ». وهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان مُطْلَقان في «الخُلاصَةِ». واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وغيرُه، أنَّ لها الخِيارَ في الفَسْخِ تحتَ حُرٍّ. وإنْ كان زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا؛ لأنَّها مَلَكَتْ رقَبَتَها، فلا يُمَلَّكُ عليها إلَّا باخْتِيارِها. ويأْتِي قريبًا. إذا عَتَقَ بعضُها أو بعضُه، هل يثْبُتُ لها الخِيارُ، أم لا؟ فائدة: لو عَتَقَ العَبْدُ وتحتَه أَمَةٌ، فلا خِيارَ له. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وفي «الانْتِصارِ» احْتِمالٌ بأنَّ له الخِيارَ. وحَكاه عنِ الإمامِ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَه اللهُ. وفي «الواضِحِ» احْتِمالٌ، ينْفَسِخُ؛ بِناءً على غِناه عن أَمَةٍ بحُرَّةٍ. وذكَر غيرُه وَجْهًا (¬1)، إِنْ وجَد طَوْلًا. وفي «الواضِحِ» أيضًا احْتِمالٌ؛ بِناءً على الرِّوايَةِ فيما إذا اسْتَغْنَى عن نِكاحِ الأَمَةِ بحُرَّةٍ، فإنَّه يَبْطُلُ. وتقدَّم ذلك في الكَفاءَةِ، قبلَ قوْلِه: والعَرَبُ بعضُهم لبعضٍ أكْفاءُ. فعلى المذهبِ، قال ¬

(¬1) في الأصل، ا: «وجهان».

وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا خِيارَ له؛ لأنَّ الكَفاءَةَ تُعْتَبَرُ فيه لا فيها، فلو تَزَوَّجَ امْرأَةً مُطْلَقًا، فبانَتْ أَمَةً، فلا خِيارَ له، ولو تَزَوَّجَتْ رجُلًا مُطْلَقًا، فبانَ عَبْدًا، فلها الخِيارُ، فكذلك في الاسْتِدامَةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: وإنْ كان عَبْدًا، فلها الخِيارُ -بلا نِزاعٍ في المذهبِ. وحَكاه ابنُ

وَلَهَا الْفَسْخُ بِغَيرِ حُكْمِ حَاكِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وغيرُهما إجْماعًا- ولها الفَسْخُ بغيرِ حُكْمِ حاكِمٍ. بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ فَسْخِهَا، أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عتَقَ قبلَ فَسْخِها، أو مَكَّنَتْه مِن وَطْئِها، بطَل خِيارُها، فإنِ ادَّعَتِ الجَهْلَ بالعِتْقِ، وهو مِمَّا يجوزُ جَهْلُه، أو الجَهْلَ بمِلْكِ الفَسْخِ، فالقَوْلُ قَوْلُها. إذا عتَق قبلَ فسْخِها، سقَط خِيارُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: إنَّه وقَع للقاضي، وابنِ عَقِيلٍ ما يقْتَضِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يسْقُطُ. ويأْتِي قرييًا في كلامِ المُصَنِّفِ: إذا عَتَقَا معًا. وأمَّا إذا مَكَّنَتْه مِن وَطْئِها مُخْتارَةً، وادَّعَتِ الجَهْلَ بالعِتْقِ، وهي مِمَّن يجوزُ خَفاءُ ذلك عليها؛ مِثْلَ أنْ يعْتِقَها وهو في بَلَدٍ آخَرَ ونحوه، أو ادَّعَتِ الجَهْلَ بمِلْكِ الفَسْخِ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا قَبُولَ قوْلِها، ولكِنْ مع يَمينِها، ولها الخِيارُ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. وحَكاه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» عن القاضي وأصحابِه، وحَكاه في «الكافِي» عن القاضي وأبي الخَطَّابِ، وحَكاه في «الشَّرْحِ» عنِ القاضي. وهو قَوْلٌ في «الرِّعايَةِ». واخْتارَه جماعَةٌ. وجزَم به في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

فَإِنِ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ، وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ جَهْلُهُ، أَو الْجَهْلَ بِمِلْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: فلها الفَسْخُ في الأصحِّ. وقال الخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيارُها، عَلِمَتْ أو لم تَعْلَمْ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، في رِوايَةِ الجماعَةِ فيهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا نصُّ الرِّوايتَين، واخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، و «الجامِعِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ويَنْبَنِي عليهما وَطْءُ الصَّغيرةِ والمَجْنُونَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يسْقُطُ خِيارُها. على الرِّوايتَين. وقيل: إنِ ادَّعَتْ جَهْلًا بعِتْقِه، فلها الفَسْخُ، وإنِ ادَّعَتْ جَهْلًا بمِلْكِ الفَسْخِ، فليس لها الفَسْخُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وجزَم به في «المُحَرَّرِ» في الأُولَى. وأطْلقَ في الثَّانِيَّةِ الرِّوايتَين. وقال الزَّرْكَشِيُّ: تُقْبَلُ دعْواها الجَهْلَ بالعِتْقِ فيما إذا وَطِئَهَا، والخِيارُ بحالِه، هذا المذهبُ المَشْهورُ لعامَّةِ الأصحابِ. وعنِ القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»: يَبْطُلُ خِيارُها. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإِنْ لم تخْتَرْ، حتى عَتقَ، أو وَطِئَ طَوْعًا مع عِلْمِها بالخِيارِ، فلا خِيارَ لها، وكذا مع جَهْلِها به. وقيل: لا يَبْطُلُ. فإنْ لم تعْلَمْ هي عِتْقَها حتى وَطِئَها، فوَجْهان، فإنِ ادَّعَتْ جَهْلًا بعِتْقِه، أو بعِتْقِها، أو طَلَبِ الفَسْخِ به، ومِثْلُها يجْهَلُه، فلها الفَسْخُ، إنْ حَلَفَتْ. وعنه، لا فَسْخَ. انتهى. تنبيه: قولُه: فإنِ ادَّعَتِ الجَهْلَ بالعِتْقِ، وهو مِمَّا يجوزُ جَهْلُه. هذا

الْفَسْخِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ. وقيل: ما لم (¬1) يُخالِفْها ظاهِرٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ مُباشَرَتِه لها حُكْمُ وَطْئِها، وكذا تَقْبِيلِها؛ إذ مَناطُها ما يدُلُّ على الرِّضا. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وهو صحيحٌ. الثَّانيةُ، يجوزُ للزَّوْجِ الإِقْدامُ على الوَطْءِ، إذا كانتْ غيرَ عالِمَةٍ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: قِياسُ مذهبِنا جوازُه. قال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والخَمْسِين»: وفيما قاله نظَرٌ، والأَظهَرُ تخْرِيجُه على الخِلافِ. يعْنِي الذي ذكَرَه في أصْلِ القاعِدَةِ، فإنَّه لا يجوزُ الإِقْدامُ عليه. الثَّالثةُ، لو بذَل الزَّوْجُ لها عِوَضًا على أنَّها تخْتارُه، جازَ. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. ذكَرَه أبو بَكْرٍ في «الشَّافِي». قال ابنُ رَجَبٍ، رَحِمَه اللهُ: وهو راجِعٌ إلى صِحَّةِ إسْقاطِ الخِيارِ بعِوَضٍ. وصرَّح الأصحابُ بجوازِه في خِيارِ البَيعِ. الرَّابعَةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لو شرَط المُعْتِقُ عليها دَوامَ النِّكاحِ تحت حُرٍّ أو عَبْدٍ إذا أعْتَقَها، فَرضِيَتْ، لَزِمَها ذلك. قال: ويَقْتَضِيه مذهبُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي، مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، فإنَّه يجوزُ العِتْقُ بشَرْطٍ. قال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والثَّلاثين»: إذا عَتَقَتِ الأَمَةُ المُزَوَّجَةُ، لم تَمْلِكْ مَنْفَعَةَ البُضْعِ، وإنَّما يثْبُتُ لها الخِيارُ تحتَ العَبْدِ. قال: ومَن قال بسِرايَةِ العِتْقِ، قال: قد مَلَكَتْ بُضعَها، فلم يَبْقَ لأحدٍ عليها مِلْكٌ، فصارَ الخِيارُ لها في المُقامِ وعدَمِه، حُرًّا كان أو عَبْدًا. [قال: وعلى هذا لو اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ بُضْعِها للزَّوْجِ، صحَّ ولم تَمْلِكِ الخِيارَ، حُرًّا كان أو عَبْدًا. ذكرَه الشَّيخُ] (¬1). قال: وهو مُقْتَضَى المذهبِ. انتهى. والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ بالشَّيخِ، الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ، أو سقَط ذِكْرُه في الكِتابةِ. قوله: وخِيارُ المُعْتَقَةِ على التَّراخِي، ما لم يُوجَدْ منها ما يَدُلُّ على الرِّضا. بلا خِلافٍ في ذلك. ويأْتِي خِيارُ العَيبِ، هل هو على التَّراخِي، أو على الفَوْرِ؟ في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَعَقَلَتْ، وَلَيسَ لِوَلِيِّهَا الاخْتِيَارُ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أواخِرِ البابِ الآتِي بعدَ هذا. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فإنْ كانَتْ صَغِيرَةً، أو مَجْنُونَةً، فلها الخِيارُ إذا بَلَغَتْ وعَقَلَتْ. أنَّه ليس لها خِيارٌ قبلَ البُلُوغِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لها الخِيارُ إذا بَلَغَتْ تِسْعًا. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: إذا بَلَغَتْ سِنًّا يُعْتَبَرُ قوْلُها فيه، خُيِّرَتْ. وذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، وصرَّح بأنَّها بِنْتُ تِسْعٍ. وكذا صرَّح به ابنُ البَنَّا في «العُقودِ»؛ فقال: إذا كانتْ صَغِيرَةً فعَتَقَتْ، فهي على الزَّوْجِيَّةِ إلى أنْ تبْلُغَ حَدًّا يصِحُّ إذْنُها؛ وهي التِّسْعُ سِنِين فصاعدًا. الهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إذا بَلَغَتْ سَبْعًا، بتَقْديمِ السِّينِ. [وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اعْتِبارُ صِحَّةِ إذْنِها بالتِّسْعِ أو السَّبْعِ، ضعيفٌ؛ لأنَّ هذا ولايَةُ اسْتِقْلالٍ، وولايَةُ الاسْتِقْلالِ لا تثْبُتُ إلَّا بالبُلوغِ، كالعَفْو عنِ القِصاصِ، والشُّفْعَةِ، وكالبَيعِ، بخِلافِ ابْتِداءِ العَقْدِ، فإنَّه يتَوَلَّاه الوَلِيُّ بإذْنِها، فتَجْتَمِعُ الولايَتان، وبينَهما فَرْقٌ. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ طُلِّقَت قَبْلَ اخْتِيَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ طَلُقَتْ قبلَ اخْتِيارِها، وقَع الطَّلاقُ. وبطَل خِيارُها. يعْنِي، إذا كان طَلاقًا بائِنًا. وهذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»

وَإنْ عَتَقَتِ الْمُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيَّةُ، فَلَهَا الْخِيَارُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: طَلاقُه مَوْقوفٌ، فإنِ اخْتارَتِ الفَسْخَ، لم يقَعْ، وإلَّا وقَع. وقيل: هذا إنْ جَهِلَتْ عِتْقَها. وأطْلَقَ في «التَّرْغِيبِ» في وُقوعِه وَجْهَين. قوله: وإنْ عَتَقَتِ المُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيَّةُ، فلها الخِيارُ. بلا نِزاعٍ، سواءٌ عَتَقَتْ ثم

فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ، فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتْ، أو طَلُقَتْ ثم عَتَقَتْ في عِدَّتِها، فإنْ رَضِيتْ بالمُقامِ، فهل يبْطُلُ خِيارُها؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يبْطُلُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه.

وَمَتَى اخْتَارَتِ الْمُعْتَقَةُ الْفُرْقَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «المُذْهَبِ»، فقال: سقَط خِيارُها في أصحِّ الوَجْهَين. قال النَّاظِمُ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يبْطُلُ خِيارُها. قوله: ومتى اختارَتِ المُعْتَقَةُ الفُرْقَةَ بعدَ الدُّخُولِ، فالمَهْرُ للسَّيِّدَ. بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَلَا مَهْرَ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لِسَيِّدِهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سواءٌ كان مُسَمَّى المَهْرِ، أو مَهْرَ المِثْلِ، إنْ لم يكَنْ مُسَمًّى. قوله: وإنْ كان قبلَه، فلا مَهْرَ. هذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ

وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَينِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فلَا خِيَارَ لَهَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَهَا الْخِيَارُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أبو بَكْرٍ: لسيِّدِها نِصْفُ المَهْرِ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نقَلَها مُهَنَّا. وجزَم به في «الرِّعايتَين». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ». فعليها، إنْ لم يكُنْ فُرِضَ، وجَبَتِ المُتْعَةُ، حيث يجِبُ لوُجوبِه له، فلا يسْقُطُ بفِعْلِ غيرِه. قوله: وإنْ أعْتَقَ أحَدُ الشَّرِيكَين وهو مُعْسِرٌ، فلا خِيارَ لها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى، والقاضي، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: لم يثْبُتْ لها خِيارٌ في ظاهِرِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه الرِّوايَةُ هي المُخْتارَةُ مِنَ الرِّوايتَين. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، حُكْمُها حكمُ عِتْقِها كلِّها. واخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ». وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ». فعلى المذهبِ، لو زوَّج مُدَبَّرَةً له (¬1)، لا يَمْلِكُ غيرَها، قِيمَتُها مِائةٌ، بعَبْدٍ، على مِائتَينِ مَهْرًا، ثم ماتَ السَّيِّدُ، عتَقَتْ، ولا فَسْخَ لها قبلَ الدُّخولِ؛ لئَلَّا يسْقُطَ المَهْرُ، أو يتَنَصَّفَ، فلا تخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، فيرِقُّ بعَضُها، فيمْتَنِعُ الفَسْخُ. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قلتُ: فيُعايَى بها. وهي مُسْتَثْناةٌ مِن ¬

(¬1) في الأصل: «أم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه ممَّن أطْلَقَ. فائدة: لو عَتَقَتِ الأَمَةُ وزَوْجُها بعضُه حُرٌّ مُعْتَقٌ، فلا خِيارَ لها. قدَّمه في «الفُروعِ». [وقيل: لها الخِيارُ. جزَم به في «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». فلو عَتَقَ بعضُها، والزَّوْجُ بعضُه مُعْتَقٌ، فلا خِيارَ لها. على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ»] (¬1). وعنه، لها الخِيارُ. وعنه، لها الخِيارُ، إنْ كانتْ حُرِّيَّتُها أكْثَرَ. وصحَّح في «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، عَدَمَ الخِيارِ إذا كانا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَساويَين في الحُرِّيَّةِ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وأطْلَقَ فيما إذا تَساوَيا في العِتْقِ، في «الحاوي الصَّغِيرِ»، وَجْهَين.

وَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا. وَعَنْهُ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَتَقَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَلا خِيارَ لها. يعْنِي إذا قُلْنا: لا خِيارَ للمُعْتَقَةِ تحتَ حُرٍّ. وهذا المذهبُ. قال القاضي في بعضِ كُتُبِه: هذا قِياسُ المذهبِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وصحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ»، و «الحاوي». قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لها الخِيارُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنصُّهما. وصحَّحَها القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في كِتابِ «الرِّوايتَين»، وهي قوْلٌ في «الرِّعايَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». قال في «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والخَمْسين»: فيه رِوايَتان مَنْصُوصَتان. وعنه، ينْفَسِخُ نِكاحُها. نقَلَه الجماعَةُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): ومَعْناه، واللهُ أعلمُ، أنَّه إذا وهَب لعَبْدِه سُرِّيَّةً، وأَذِنَ له في التَّسَرِّي بها، ثم أعْتَقَهما جميعًا، صارَا حُرَّينِ، وخرَجَتْ عن مِلْكِ العَبْدِ، فلم يكُنْ له إصابَتُها إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ، هكذا ¬

(¬1) 10/ 73.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ روَى جماعَةٌ مِن أصحابِه، في مَن وهَب لعَبْدِه سُرِّيَّةً، أو اشْتَرَى له سُرِّيَّة، ثم أعْتَقَها، لا يقْرَبُها إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ. وأمَّا إذا كانَتِ امْرَأَتَه، فعَتقَا، لم ينْفَسِخْ نِكاحُه بذلك؛ لأنَّه إذا لم ينْفسِخْ بإعْتاقِها وحدَها، فلِئَلَّا ينْفَسِخَ بإعْتاقِهما معًا أوْلَى. ويَحْتَمِلُ أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إنَّما أرادَ بقوْلِه: انْفَسَخَ نِكاحُهما. أنَّ لهما (¬1) فَسْخَ النِّكاحِ. وهذا يُخَرَّجُ على الرِّوايَةِ التي تقولُ بأنَّ لها الفَسْخَ إذا كان زوْجُها حُرًّا قبلَ العِتْقِ. انتهى. قال العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ: وهذا تأْويلٌ بعيدٌ جدًّا مِن لَفْظِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، فإنَّ كلامَ الإِمامِ أحمدَ في رِوايَةِ ابن هانِئٍ، وحَرْبٍ، ويَعْقُوبَ بنِ بخْتانَ: إذا زوَّج عَبْدَه مِن أَمَتِه، ثم أعْتَقَهما، لا يجوزُ أنْ يجْتَمِعا حتى يُجَدِّدَ النِّكاحَ. فرَواه الثَّلاثَةُ بلَفْظِ الواحدِ، وهو: أنَّه زوَّجَ عبْدَه مِن أَمَتِه. ثم قوْلُه: حتى يُجَدِّدَ النِّكاحَ. مع قوْلِه: زوَّج. صَريحٌ في أنَّه نِكاحٌ لا تَسَرٍّ. قال: وللبُطْلانِ وَجْهٌ دقيقٌ؛ وهو أنَّه إنَّما زوَّجَها بحُكْمِ المِلْكِ لهما، وقد زال مِلْكُه عنهما، بخِلافِ تزْويجِها لعَبْدِ غيرِه. ولهذا كان في وُجوبِ المَهْرِ في هذه المَسْأَلَةِ نِزاعٌ. فقيل: لا يجِبُ المَهْرُ بحالٍ. وقيل: يجِبُ ويسْقُطُ. والمَنْصوصُ، أنَّه يجِبُ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، بخِلافِ تزْويجِها لعَبْدِ غيرِه. ¬

(¬1) كذا بالنسخ. وفي المغني 10/ 73: «لها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى.

باب حكم العيوب في النكاح

بَابُ حُكْمِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ الْعُيُوبُ الْمُثْبِتَةُ لِلْفَسْخِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ، وَهُوَ شَيئَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَجْبُوبًا قَدْ قُطِعَ ذَكَرهُ، أَو لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلا مَا لَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكْمِ العُيوبِ في النِّكاحِ

فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي إِمْكَانِ الْجِمَاعِ بِالْبَاقِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ اخْتَلَفا في إمْكانِ الجِماعِ بالباقِي، فالقَوْلُ قَوْلُها. هذا المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ قَوْلُها في الأصحِّ. ويحْتَمِلُ أنَّ القولَ قوْلُه. وهو لأبِي الخَطَّابِ، واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. ومحَلُّه، ما لم تَكُنْ بِكْرًا. صرَّح به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو واضِحٌ. وأطْلَقَهما في «البُلْغَةِ». قوله: الثَّاني، أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لا يُمْكِنُه الوَطْءُ. العِنِّينُ؛ هو الذي لا يُمْكِنُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَطْءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو الذي له ذكَرٌ ولا ينْتَشِرُ.

فَإِنِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ، أُجِّلَ سَنَةً مُنْذُ تُرَافِعُهُ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهَا، وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَإنِ اعْتَرَفَ بذَلِكَ، أُجِّلَ سَنَةً منذُ تُرَافِعُهُ، فإنْ وَطِئَ فيها، وإلَّا فلها

فَلَهَا الْفَسْخُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَسْخُ. إذا اعْتَرَفَ بالعُنَّةِ، أو أقامَتْ هي بَيِّنَةً بها، أُجِّلَ سَنَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. انتهى. واخْتارَ جماعَةٌ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، أنَّ لها الفَسْخَ في الحالِ؛ منهم أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، والمَجْدُ في «المُحَرَّرِ». تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإنِ اعْتَرَفَ بذلك، أُجِّلَ. أنَّه لو أنْكَرَ، لا يُؤَجَّلُ ما لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، اخْتارَه القاضي في «التَّعْليقِ». قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ لا يُؤَجَّلُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يُؤَجَّلُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقاله القاضي في «التَّعْليقِ» أيضًا، في مَوْضِعٍ آخَرَ. وعنه، يُؤَجَّلُ للبِكْرِ. فعلى المذهبِ، يحْلِفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: ويحْلِفُ في الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: يحْلِفُ، على الصَّحيحِ مِنَ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: لا يحْلِفُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و، «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي: الوَجْهان مَبْنِيَّان على دَعْوَى الطَّلاقِ. فعلى المذهبِ، لو نَكَل، أُجِّلَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: تُرَدُّ اليَمِينُ، فيَحْلِفُ ويُؤَجَّلُ. فائدتان؛ إحْداهما، المُرادُ بالسَّنةِ هنا، السَّنَةُ الهِلالِيَّةُ، اثْنا عَشَرَ شَهْرًا هِلالِيًّا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هذا هو المَفْهومُ مِن كَلامِ العُلَماءِ، فإنَّهم حيث أطْلَقُوا السَّنَةَ أرادُوا بها الهلالِيَّةَ. قال: ولكِنَّ تعْلِيلَهم بالفُصولِ يُوهِمُ خِلافَ ذلك. قال ابنُ رَجَبٍ: وقَرَأْتُ بخَطِّ وَلَدِ أبِي المَعالِى ابنِ مُنَجَّى (¬1)، يحْكِي عن والِدِه، أنَّ المُرادَ بالسَّنَةِ هنا، هي الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ؛ لأنَّها هي الجامِعَةُ للفُصولِ الأرْبَعَةِ التي تخْتَلِفُ الطِّباعُ باخْتِلافِها، بخِلافِ الهِلالِيَّةِ. قال: وما أظُنُّه أخذَ ذلك إلَّا مِن تعْليلِ الأصحاب، لا مِن تصْريحِهم به. انتهى. قلتُ: الخَطْبُ في ذلك يَسِيرٌ، والمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ؛ فإنَّ زِيادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ على السَّنَةِ الهِلالِيَّةِ أحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ورُبْعُ يَوْمٍ، أو وخُمْسُ يَوْمٍ. الثَّانيةُ، لو اعْتَزَلَتِ المرْأَةُ الرَّجُلَ، لم تُحْتَسَبْ عليه مِنَ المُدَّةِ، ولو عزَل نفْسَه أو سافَرَ، احْتُسِبَ عليه ذلك. ذكَرَه في «البُلْغَةِ». وذكَرَ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» احْتِمالين؛ هل يُحْتَسَبُ عليه في مُدَّةِ نُشوزِها، أم لا؟ ووقَع للقاضي في «خِلافِه» ترَدُّدٌ. وذكَر فيه أيضًا، أنَّه لا يُحْتَسَبُ عليه بمُدَّةِ الرَّجْعَةِ. ¬

(¬1) هو عمر بن أسعد بن المنجى بن بركات، التنوخي، شمس الدين، أبو الفتوح، تفقه على والده، وولي قضاء حران، وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات، صدرا نبيلا، له كتاب «المعتمد والمعول». توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة 2/ 225، 226. ونقل ابن رجب عنه موجود في صفحة 226.

فَإِنِ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً، بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: فَإنِ اعْتَرَفَتْ أنَّه وَطِئَها مَرَّةً، بطَل كَوْنُه عِنِّينًا. الوَطْءَ في الحَيضِ، والإِحْرامِ، وغيرِهما. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: لا يَبْطُلُ كوْنُه عِنِّينًا بوَطْئِه في الحَيضِ والإِحْرامِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ. قلتُ: هذا ضعيفٌ جِدًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، يكْفِي في زَوالِ العُنَّةِ تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: يُشْتَرَطُ إيلاجُه جَمِيعُه. قطَع به القاضي في «الجامِعِ». فعلى الأوَّلِ، يكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الجَشَفَةِ مِنَ الذَّكَرِ المَقْطُوعِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: يُشْتَرَطُ إيلاجُ بقِيَّتِه. قاله القاضي في «الجامعِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». وذكَر الوَجْهَينِ في «المُجَرَّدِ». وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ».

وَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ وَطِئَ غَيرَهَا، لَمْ تَزُلِ الْعُنَّةُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَزُولَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو وَطِئَها في الرِّدَّةِ، لم تَزُلْ به العُنَّةُ. ذكَرَه القاضي محَلَّ وفاقٍ مع الشَّافِعِيَّةِ. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ زَوالُها بذلك. وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ وَطِئَها في الدُّبُرِ، أو وَطِئَ غيرَها، لم تَزُلِ العُنَّةُ. وهو المذهَبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَيَحْتَمِلُ أنْ تَزُولَ. وهو وَجْهٌ. قال في «الهِدايَةِ»: ويُخَرَّجُ على قوْلِ الخِرَقِيِّ، أنَّها تَزُولُ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: لم تَزُلِ العُنَّةُ على قَوْلِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وهو مُقْتَضَى قوْلِ أبِي بَكْرٍ، واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»؛ فإنَّه قال: وتَزُولُ بإِيلاجِ الحَشَفَةِ في فَرْجٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ». وقال: لاخْتِلافِ أصحابِنا في إمْكانِ طَرَيانِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العُنَّةِ. على ما في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه، وعلى ما في «المُغْنِي» وغيرِه، ولو أمْكَنَ؛ لأنَّه بمَعْناه، ولهذا جزَم بأنَّه لو عَجَز لكِبَرٍ، أو مرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُه، ضُرِبَتِ المُدَّةُ. انتهى. قلتُ: قال في «البُلْغَةِ»: اخْتَلَفَ أصحابُنا؛ هل يُمْكِنُ طَرَيانُها؟ على وَجْهَين. ويَنْبَنِي عليها، لو تَعَذَّرَ الوَطْءُ في إحْدَى الزَّوْجَتَين، أو كان يُمْكِنُ في الدُّبُرِ دُونَ غيرِه. وقال في «الرِّعايتَين»: وإنْ وَطِئَ غيرَها، أو وَطِئَها

وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَقَالتْ: إِنَّهَا عَذْرَاءُ. وَشَهِدَ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَالْقَولُ قَوْلُهَا، وَإِلَّا فَالْقَولُ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الدُّبُرِ، أو في نِكاحٍ آخَرَ، لم تَزُلْ عُنَّتُه؛ لأنَّها قد تَطْرَأُ في الأصحِّ. وقيل: تَزولُ، كمَن أقرَّتْ أنَّه وَطِئَها في هذا النِّكاحِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّ هذينِ الوَجْهَين مَبْنِيَّان على تَصَوُّرِ طَرَيانِ العُنَّةِ. وقد وقَع للقاضي، وابنِ عَقِيلٍ، أنَّها لا تَطْرَأُ، وكلامُهما هنا يدُلُّ على طَرَيانِها. قوله: وإنِ ادَّعَى أنَّه وَطِئَها، وَقَالتْ: إنِّها عَذْراءُ. وشَهِدَ بذلك امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فالقَوْلُ قَوْلُها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يكْفِي شَهادَةُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، كالرَّضاعِ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي المَشْهورَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَتان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو قال: أَزلْتُ بَكارَتها، ثمَّ عادَتْ. وأنْكَرَتْ هي، كان القَوْلُ قوْلَها. بلا نِزاعٍ، ويحْلِفُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، والسَّامَرِّيُّ في «المُسْتَوْعِبِ»، وأبو المَعالِي في «الخُلاصَةِ»، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقيل: لا يَمِينَ عليها. ويحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وابنِ أبِي مُوسى. قاله الزَّرْكَشِيُّ. فائدة: لو تزوَّجَ بِكْرًا، فادَّعَتْ أنَّه عِنِّينٌ، فكَذَّبَها، وادَّعَى أنَّه أصابَها، وظهَرَتْ ثَيِّبًا، فادَّعَتْ أنَّ ثُيوبَتَها بسَبَبٍ آخَرَ، فالقَوْلُ قوْلُ الزَّوْجِ. ذكَرَه الأصحابُ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ»: ويتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ.

فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَعَنْهُ، الْقَوْلُ قَوْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَتْ ثَيِّبًا، فالقَوْلُ قَوْلُه. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. جزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي في كِتابِ «الرِّوايتَين»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه». وعنه، القَوْلُ قوْلُها. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

وَقَال الْخِرَقِيُّ: يُخْلَى مَعَهَا فِي بَيتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ مَاءَكَ عَلَى شَيءٍ. فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ لَيسَ بِمَنِيٍّ، جُعِلَ عَلَى النَّارِ، فَإِنْ ذَابَ، فَهُوَ مَنِيٌّ، وَبَطَلَ قَوْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: يُخْلَى معها في بَيتٍ، ويُقالُ له: أخْرِجْ ماءَك على شيءٍ. فإنِ ادَّعَتْ أنَّه ليس بمَنِيٍّ، جُعِلَ على النَّارِ، فإنْ ذابَ، فهو مَنِيٌّ، وبطَل قوْلُها. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. نقَلَها مُهَنَّا، وأبو داودَ، وأبو الحارِثِ وغيرُهم. واخْتارَها القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ. وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ. وهو منها. فعلى هذا، لو ادَّعَتْ أنَّه مَنِيُّ غيرِه، فقال في «المُبْهِجِ»: القَوْلُ قوْلُها. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، في رِوايَةِ أبي داودَ، أنَّ القَوْلَ قوْلُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: يُزَوَّجُ امْرأَةً مِن بَيتِ المالِ. قال القاضي: لها دِينٌ. وقال المُصَنِّفُ: لها حَظٌّ مِنَ الجَمالِ. فإنْ ذكَرَتْ أنَّه قَرَبَها، كُذِّبَتِ الأُولَى، وخُيِّرَتِ الثَّانيةُ في الإِقامَةِ والفِراقِ، ويكونُ الصَّداقُ مِن بَيتِ المالِ، وإنْ كذَّبَتْه، فُرِّقَ بينَه وبينَ الأُولَى، وكان الصَّداقُ عليه مِن مالِه. واعْتَمَدَ في ذلك على أَثَرٍ رَواه عن سَمُرَةَ، وضعَّفَه الأصحابُ، ورَدُّوه، منهم المُصَنِّفُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: اعْلمْ أنَّ المَجْدَ، ومَن تابَعَه، خصَّ الرِّوايَةَ الثَّانيةَ بما إذا ادَّعَى الوَطْءَ بعدَ ما ثَبَتَتْ عُنَّتُه وأُجِّلَ؛ لأنَّه انْضَمَّ إلى عدَمِ الوَطْءِ وُجودُ ما يقْتَضِي الفَسْخَ، وجعَلُوا، على هذه الرِّوايَةِ، إذا ادَّعَى الوَطْءَ ابْتِداءً، وأنْكَرَ العُنَّةَ، أنَّ القَوْلَ قوْلُه مع يَمِينِه. وهي طريقَةُ صاحِبِ «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وأطْلَقَ هذه الرِّوايَةَ جُمْهورُ الأصحابِ، ولَفْظُها يشْهَدُ لهم؛ فإنَّه قال: إذا ادَّعَتِ المرْأَةُ أنَّ زَوْجَها لا يصِلُ إليها، اسْتُحْلِفَتْ. انتهى. فائدة: لو ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَه، ضُرِبَتْ له مُدَّةٌ، عندَ ابنِ عَقِيلٍ.

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي، يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ، وَهُوَ شَيئَانِ؛ الرَّتْقُ، وَهُوَ كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا لَا مَسْلَكَ لِلذَّكَرِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْقَرْنُ وَالْعَفَلُ، وَهُوَ لَحْمٌ يَحْدُثُ فِيهِ يَسُدُّهُ. وَقِيلَ: الْقَرْنُ عَظْمٌ، وَالْعَفَلُ رغْوَةٌ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ. وَالثَّانِي، الْفَتَقُ، وَهُوَ انْخِرَاقُ مَا بَينَ السَّبِيلَينِ. وَقِيلَ: انْخِرَاقُ مَا بَينَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعندَ القاضي، لا تُضْرَبُ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وهل تبْطُلُ بحُدوثِه، فلا يفْسَخُ الوَلِيُّ؟ فيه الوَجْهان. قاله في «الفُروعِ». قوله: القِسْمُ الثَّاني، يخْتَصُّ النِّساءَ، وهو شَيئان؛ الرَّتْقُ؛ وهو كَوْنُ الفَرْجِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا، لا مَسْلَكَ للذَّكَرِ فيه. وكذلكِ القَرْنَ والعَفَلُ؛ وهو لَحْمٌ يحْدُثُ فيه يسُدُّه. فجَعَل الرَّتْقَ السَّدَّ، وجعَل القَرَنَ والعَفَلَ لَحْمًا يحْدُثُ في الفَرْجِ، فهما في مَعْنَى الرَّتْقِ إلَّا أنَّهما نَوْعٌ آخَرُ. وهو قوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وتَبِعَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وجعَل القاضي في «الخِلافِ» الثَّلاثَةَ لَحْمًا ينْبُتُ في الفَرْجِ. ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، وهو ظاهِرُ كلامِه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال أبو حَفْصٍ: العَفَلُ؛ رَغْوَةٌ تمْنَعُ لَذَّةَ الوَطْءِ. وهو بعضُ القَوْلِ الذي حَكاه المُصَنِّفُ. قال في «الرِّعايَةِ»، بعدَ هذا القوْلِ: فإذَنْ لا فَسْخَ له في وَجْهٍ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: وإذَنْ في ثُبوتِ الخِيارِ به وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» أيضًا. قلتُ: الصَّوابُ ثُبوتُه بذلك. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. وقيل: القَرْنُ؛ عَظْمٌ. وهو مِن تَتِمَّةِ القَوْلِ الذي ذكَرَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». قال صاحِبُ «المُطْلِعِ»، والزَّرْكَشِيُّ: هو عَظْمٌ أو غُدَّةٌ تمْنَعُ مِن وُلوجِ الذَّكَرِ. وقالا: العَفَلُ؛ شيءٌ يخْرُجُ مِن فَرْجِ المرْأَةِ، وحَيا النَّاقَةِ، شَبِيهٌ بالأُدْرَةِ التي للرِّجالِ في الخِصْيَةِ. وعلى كلا الأقْوالِ، يثْبُتُ به الخِيارُ على الصَّحيحِ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإذَنْ لا فَسْخَ له في وَجْهٍ. كما قال في العَفَلِ. قوله: والثَّاني، الفَتْقُ؛ وهو انْخِراقُ ما بين السَّبِيلَين. وقيل: انْخِراقُ ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقال في «الخُلاصَةِ»:

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ، مُشْتَرَكٌ بَينَهُمَا، وَهُوَ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ، سَوَاءٌ كَانَ مُطْبِقًا أَوْ يَخْنُقُ فِي الْأَحْيَانِ. فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ يَثْبُتُ بِهَا خِيَارُ الْفَسْخِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ هو انْخِراقُ ما بينَ القُبُلِ والدُّبُرِ، أو ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وجزَم في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، أنَّ الفَتْقَ؛ انْخِراقُ ما بينَ السَّبِيلَين. وقدَّم في «الكافِي»، أنَّ الفَتْقَ؛ انْخِراقُ (¬1) ما بينَ مَخْرَجِ البَوْلِ والمَنِيِّ. وثُبوتُ الخِيارِ في الفَتْقِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. إذا عَلِمْت ذلك، فانْخِراقُ ما بينَ السَّبِيلَين يُثْبِتُ للزَّوْجِ الخِيارَ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قال في «الرَّوْضَةِ»: أو وُجِدَ اخْتِلاطُهما لعِلَّةٍ؛ لأنَّ النَّفْسَ تَعافُه أكثَرَ. وأمَّا انْخِراقُ ما بينَ البَوْلِ والمَنِيِّ، فالصَّحيحُ أيضًا مِنَ المذهبِ، أنَّه يثْبُتُ به للزَّوْجِ الخِيارُ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: يثْبُتُ به الخِيارُ عندَ أصحابِنا. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الكافِي». وقيل: لا يثْبُتُ به خِيارٌ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وهو ظَاهِرُ ما قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قوله: القِسْمُ الثَّالثُ، مُشْتَرَكٌ بينَهما؛ وهو الجُذامُ، والبَرَصُ، والجُنُونُ، ¬

(¬1) في الأصل: «انخراج».

فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْبَخَرِ، وَهُوَ نَتَنُ الْفَمِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: نَتَنٌ فِي الْفَرْجِ يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ. وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْو، وَالقُرُوحِ السَّيَّالةِ فِي الْفَرْجِ، وَالْبَاسُورِ، وَالنَّاسُورِ، وَالْخِصَاءِ، وَهُوَ قَطْعُ الْخُصْيَتَينِ، وَالسَّلِّ، وَهُوَ سَلُّ الْبَيضَتَينِ، وَالْوجَاءِ، وَهُوَ رَضُّهُمَا، وَفِي كَوْنِهِ خُنْثَى، وَفِيمَا إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيبًا بِهِ مِثْلُهُ، أَوْ حَدَثَ بِهِ الْعَيبُ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ سواءٌ كان مُطْبِقًا، أو يَخْنُقُ في الأحْيانِ. وقال في «الواضِحِ»: جُنونٌ غالِبٌ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): أو إغماءٌ، لا إغماءَ مرِيضٍ لم يَدُمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ: فإنْ زال العَقْلُ بمَرَضٍ، فهو إغْماءٌ لا يُثْبِتُ خِيارًا، فإنْ دامَ بعدَ المَرَضِ، فهو جُنونٌ. قوله: واخْتَلَفَ أصحابُنا في البَخَرِ، واسْتِطْلاقِ البَوْلِ، والنَّجْو، والقُرُوحِ ¬

(¬1) انظر: المغني 10/ 58.

الْعَقْدِ، هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّيَّالةِ في الفَرْجِ، والباسُورِ، والنَّاسُورِ، والخِصاءِ؛ وهو قَطْعُ الخُصْيَتَين، والسَّلِّ، وهو سَلُّ البَيضَتَين، والوجاءُ؛ وهو رَضُّهما، وفي كَوْنِه خُنْثَى، وفيما إذا وجَد أحَدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِثْلُه، أو حدَث بهِ العَيبُ بعدَ العَقْدِ، هل يثْبُتُ الخِيارُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، فيما سِوَى الخَصْي والسَّلِّ والوَجْءِ. وأطْلَقهما في «البُلْغَةِ» في الجميعِ، إلَّا فيما إذا حدَث به عَيبٌ بعدَ العَقْدِ. وأطْلَقَ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» الخِلافَ فيما إذا وجَد أحدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه. [وأَطْلقَ في «المُذْهَبِ» الخِلافَ في الخَصْيِ، والسَّلِّ، والوَجْءِ، وإذا وجَد أحَدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه] (¬1)؛ أحدُهما، يثْبُتُ الخِيارُ في ذلك كلِّه. جزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، واخْتارَه ابنُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَيِّمِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» فيما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» في غيرِ ما إذا وجَد أحَدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه، أو حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. واخْتارَه أبو البَقاءِ في الجميعِ وزادَ، وكلُّ عَيبٍ يُرَدُّ به المَبِيعُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو غَرِيبٌ. وقال أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ: يثْبُتُ الخِيارُ فيما إذا كان أحدُهما لا يَسْتَمْسِكُ بوْلُه ولا نَجْوُه. قال أبو الخَطَّابِ: فيُخَرَّجُ على ذلك مَن به باسُورٌ، وناسُورٌ، وقُروحٌ سيَّالةٌ في الفَرْجِ. قال أبو حَفْصٍ: والخِصاءُ عَيبٌ يُرَدُّ به. وقال أيضًا أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: يثْبُتُ الخِيارُ بالبَخُرِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا وُجِدَ أحدُ الزَّوْجَين خُنْثَى، فله الخِيارُ في أظْهَرِ الوَجْهَين. واخْتارَ القاضي في «تَعْليقِه الجديدِ»، قاله الزَّرْكَشِيُّ، و «المُجَرَّدِ»، قاله النَّاظِمُ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ثُبوتَ الخِيارِ فيما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ فيه. وقدَّم في «الرِّعايتَين»، ثُبوتَ الخِيارِ بالخَصْيِ والسَّلِّ والوَجْءِ. وصحَّح في «المُذْهَبِ» ثُبوتَ الخِيارِ في البَخَرِ، واسْتِطْلاقِ البَوْلِ، والنَّجْو، والنَّاسُورِ، والباسُورِ، والقُروحِ السَّيَّالةِ في الفَرْجِ، والخُنْثَى المُشْكِلِ، وحدُوثِ هذه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العُيوبِ بعدَ العَقْدِ. والوجهُ الثَّاني، لا يثْبُتُ الخِيارُ بذلك كلِّه. وهو مفْهومُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه ذكَرَ العُيوبَ التي يثْبُتُ بها الخِيارُ في فَسْخِ النِّكاحِ، ولم يذْكُرْ شيئًا مِن هذه. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» غيرَ ما تقدَّم إطْلاقُه. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، في غيرِ حُدوثِ العَيبِ بعدَ العَقْدِ. وظاهِرُ كلامِ أبِي حَفْصٍ، أنَّه لا يثْبُتُ الخِيارُ بالبَخَرِ مع كوْنِه عَيبًا. وذكَر القاضي في «المُجَرَّدِ»: لو حدَث به عَيبٌ بعدَ العَقْدِ، لا يمْلِكُ به الفَسْخَ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وهو مُناقِضٌ لما نقدَّم عنه فيه، واخْتارَه أيضًا في «التَّعْليقِ القديمِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»، وابنُ حامِدٍ، وابنُ البَنَّا. وصحَّحَه في «البُلْغَةِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». تنبيهات؛ أحدُها، قولُه في البَخَرِ: وهو نَتْنُ الفَمِ. هو الصَّحيحُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وقال ابنُ حامِدٍ: نَتْنٌ في الفَرْجِ يثُورُ عندَ الوَطْءِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أرادَ أنَّه يُسَمَّى بَخَرًا ويثْبُتُ به الخِيارُ، وإلَّا فلا مَعْنَى له؛ لأنَّ نَتْنَ الفَمِ يمْنَعُ مقارَبَةَ صاحِبِه إلَّا على كُرْهٍ. وقال في «الفُروعِ»: البَخَرُ يشْمَلُهما. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: في كلٍّ منهما وَجْهان في ثُبوتِ الخِيارِ به. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» بثُبوتِ الخِيارِ بهما. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، بعدَ أنْ ذكَر الخِلافَ بينَ أبِي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ: وعلى قوْلِ أبِي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، يثْبُتُ الخِيارُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبِى حَفْصٍ أنَّه عَيبٌ لا يثْبُتُ به خِيارٌ. الثَّاني، ظاهِرُ قوْلِه: وفي كَوْنِه خُنْثَى. أنَّه سواءٌ كان مُشْكِلًا، وقُلْنا: يجوزُ نِكاحُه. أو غيرَ مُشْكِلٍ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: قاله جماعَةٌ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقال في «الفُروعِ»: وخصَّه في «المُغْنِي» بالمُشْكِلِ، وفي «الرِّعايَةِ» عكْسُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي» يُخالِفُ ما قال؛ فإنَّه قال: وفي البَخَرِ، وكوْنِ أحدِ الزَّوْجَين خُنْثَى، وَجْهان. وأطْلَقَ الخُنْثَى. وقال في «الرِّعايتَين»: وبكوْنِ أحَدِهما خُنْثَى غيرَ مُشْكِلٍ أو مُشْكِلًا، وصحَّ نِكاحُه في وَجْهٍ. انتهى. [فما نَقَلَه المُصَنِّفُ عنهما مُخالِفٌ لما هو مَوْجودٌ في «كِتابَيهِما». واللهُ أعلمُ. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وكَوْنُ أحَدِهما خُنْثَى غيرَ] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [مُشْكِلٍ. فخَصُّوا الخُنْثَى بكَوْنِه غيرَ مُشْكِلٍ، وخصَّه في «المُذْهَبِ» بكَوْنِه مُشْكِلًا] (¬1). الثَّالثُ، كثيرٌ مِنَ الأصحابِ حَكَوُا الخِلافَ في ذلك كلِّه وَجْهَين. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ في البَخَرِ رِوايتَين. وحكَى في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، فيما إذا وجَد أحدُهما بصاحِبِه عَيبًا به مِثْلُه، رِوايتَين. الرَّابعُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ ما عَدا ما ذكَرَه لا يثْبُتُ به خِيارٌ. وكذا قال الشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ. وأَطْلقَ في «الفُروعِ»، في ثُبوتِ الخِيارِ بالاسْتِحاضَةِ، والقَرَعِ في الرَّأْسِ، إذا كان له رِيحٌ مُنْكَرَةٌ، الوَجْهَين. وأطْلَقهما في الاسْتِحاضَةِ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يثْبُتُ بالاسْتِحاضَةِ الفَسْخُ، في أظْهَرِ الوَجْهَين. قلتُ: الصَّوابُ ثُبوتُ الخِيارِ بذلك. وألْحَقَ ابنُ رَجَبٍ بالقَرَعِ رَوائِحَ الإِبِطِ المُنْكَرَةِ التي تثُورُ عندَ الجِماعِ. وأجْرَى في «المُوجَزِ» الخِلافَ في بَوْلِ الكبيرِ في الفِراشِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» ثُبوتَ الخِيارِ بنِضْو الخَلْقِ كالرَّتْقِ. واخْتارَ ابنُ حَمْدانَ ثُبوتَ الخِيارِ فيما إذا كان الذَّكَرُ كبيرًا والفَرْجُ صغِيرًا. وعن أبِي البَقاءِ العُكْبَرِيِّ، ثُبوتُ الخِيارِ بكُلِّ عَيبٍ يُرَدُّ به المَبِيعُ، كما تقدَّم قريبًا. وقال أبو البَقاءِ أيضًا: لو ذهَب ذاهِبٌ إلى أنَّ الشَّيخُوخَةَ في أحَدِهما يُفْسَخُ به، لم يَبْعُدْ. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهُ اللهُ، في «الهَدْيِ»، في مَن به عَيبٌ؛ كقَطْعِ يَدٍ أو رِجْلٍ، أو عَمىً، أو خَرَسٍ، أو طَرَشٍ: وكلُّ عَيبٍ يَنفِرُ (¬2) الزَّوْجُ الآخَرُ منه، ولا يحْصُلُ به مقْصودُ النِّكاحِ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في النسخ: «يفر». وانظر زاد المعاد، لابن القيم 5/ 183.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوَدَّةِ والرَّحْمَةِ، يُوجِبُ الخِيارَ، وإنَّه أوْلَى مِنَ البَيعِ، وإنَّما ينْصَرِفُ الإِطْلاقُ إلى السَّلامَةِ، فهو كالمَشْروطِ عُرْفًا (¬1). انتهى. قلتُ: وما هو ببعيدٍ، وفي مَعْناه، إنْ لم يكُنْ دخَل في كلامِه مَن عُرِفَ بالسَّرِقَةِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا كان عَقِيمًا، أعْجَبُ إليَّ أنْ يُبَيِّنَ لها. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا كان به جُنونٌ أو وسْواسٌ، أو تغَيُّرٌ في عَقْلٍ، وكان يعْبَثُ ويُؤْذِي، رأَيتُ أنْ أُفَرِّقَ بينَهما، ولا يُقِيمُ على هذا. الخامسُ، مفْهومُ قولِه: وإذا وجَد أحدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِثْلُه. أنَّه إذا وجَد أحدُهما بصاحبِه عَيبًا به مِن غيرِ جِنْسِه، ثبَت به الخِيارُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال في «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ»: والأصحُّ ثُبوتُه إن تَغايرَتْ. ولم يَسْتَثْنِ شيئًا. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك، إذا وجَد المَجْبوبُ المرْأَةَ رَتْقاءَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فيَنْبَغِي أنْ لا يثْبُتَ لهما الخِيارُ. وقيل: حُكْمُه كالمُماثِلِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». ¬

(¬1) في ط: «غيره».

وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيبِ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ قَال: قَدْ رَضِيتُ بِهِ مَعِيبًا. أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ مِنْ وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ الْعِلْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَلِمَ بالعَيبِ وَقْتَ العَقْدِ، أو قال: قد رَضِيتُ به مَعِيبًا.

بِالْعَيبِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو وُجِدَ منه دِلالةٌ على الرِّضا، مِن وَطْءٍ، أو تمْكِينٍ، مع العِلْمِ بالعَيبِ، فلا خِيارَ له. بلا خِلافٍ في العِلْمِ بالعَيبِ، أو الرِّضا به، وأمَّا التَّمْكِينُ، فيَأْتِي. فائدة: خِيارُ العُيوبِ على التَّراخِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهم. قال في «البُلْغَةِ»: هذا أظْهَرُ الوَجْهَين. قال النَّاظِمُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا أقْوَى الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: هو على الفَوْرِ. وقاله القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا في «الخِصالِ». قال ابنُ عَقِيلٍ: ومَعْناه أنَّ المُطالبَةَ بحَقِّ الفَسْخِ تكونُ على الفَوْرِ، فمتى أخَّرَ ما لم تَجْرِ العادَةُ به، بطَل؛ لأنَّ الفَسْخَ على الفَوْرِ. فعلى المذهبِ، لا يَبْطُلُ الخِيارُ إلَّا بما يدُلُّ على الرضا؛ مِنَ الوَطْءِ، والتَّمْكِينِ [مع العِلْمِ بالعَيبِ] (¬1)، أو يأْتِي بصَريحِ الرِّضا. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا، وغيرُه. وقال المَجْدُ: لا يسْقُطُ خِيارُ العُنَّةِ إلَّا بالقَوْلِ، فلا يسْقُطُ بالتَّمْكِينِ مِنَ الاسْتِمْتاعِ ونحوه. وجزَم به في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لم نجِدْ هذه التَّفْرِقَةَ لغيرِ الجَدِّ. قوله: ولا يجوزُ الفَسْخُ إلَّا بحكْمِ حاكِمٍ. فيفْسَخُ بنَفْسِه، أو يرُدُّه إلى مَن له الخِيارُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الرِّعايَةِ»، وغيرِها. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُوجَزِ»: يتَوَلَّاه الحاكِمُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ليس هو الفاسِخَ، وإنَّما يأْذَنُ ويحْكُمُ به، فمتى أَذِنَ أو حكَم لأحَدٍ باسْتِحْقاقِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ، فعقَد أو فسَخ، لم يحْتَجْ بعدَ ذلك إلى حُكْمٍ بصِحَّتِه، بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو عقَد هو أو فسَخ، فهو فِعْلُه، فيه الخِلافُ. وإنْ عقَد المُسْتَحِقُّ أو فسَخ بلا حُكْمٍ، فأمْرٌ مُخْتَلَفٌ فيه، فيُحْكَمُ بصِحَّتِه. وخرَّج الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، جوازَ الفَسْخِ بلا حُكْمٍ في الرِّضا بعاجِزٍ عنِ الوَطْءِ، كعاجِزٍ عنِ النَّفَقَةِ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والسِّتِّين»: ورجَّحْ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنَّ جميعَ الفُسوخِ لا تَتَوقَّفُ على حُكْمِ حاكِمٍ. فائدة: لو فسَخ، مع غَيبَتِه، ففي «الانْتِصارِ»، الصِّحَّةُ وعدَمُها. وقال في «التَّرْغِيبِ»: لا يُطَلَّقُ على عِنِّينٍ كمولٍ، في أصحِّ الرِّوايتَين.

فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُول، فَلا مَهْرَ، وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ، فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى. وَقِيلَ عَنْهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فُسِخَ قبلَ الدُّخُولِ، فلا مَهْرَ، وإنْ فُسِخَ بعدَه، فلها المَهْرُ المُسَمَّى. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل عنه: مَهْرُ المِثْلِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وبنَى القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، هاتَينِ الرِّوايتَين على الرِّوايتَين في النِّكاحِ الفاسِدِ، هل الواجِبُ فيه المُسَمَّى، أو مَهْرُ المِثْلِ؟ على ما يأْتِي في آخِرِ الصَّداقِ. وقيل: يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ في فَسْخِ النِّكاحِ بشَرْطٍ أو عَيبٍ قديمٍ، لا بما إذا حدَث العَيبُ بعدَ العَقْدِ. قلتُ: وهو قَويٌّ. وقيَّد المَجْدُ الرِّوايَةَ بهذا. وقيل: في فسْخِ الزَّوْجِ بعَيبٍ قديمٍ، أو بشَرْطٍ، يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ المِثْلِ، لأجلِ ذلك إلى مَهْرِ المِثْلِ كامِلًا، فيسْقُطُ مِنَ المُسَمَّى بنِسْبَتِه، فسَخ أو أمْضَى. وقاسَه القاضي في «الخِلافِ» على المَبِيعِ المَعِيبِ. وحَكاه ابنُ شَاقْلَا في بعضِ تَعالِيقِه عن أبِي بَكْرٍ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، ويحْتَمِلُه كلامُ الشِّيرازِيِّ، ورجَّحَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين. قلتُ: وفيه قُوَّةٌ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ أيضًا: وكذلك إنْ ظهَر الزَّوْجُ مَعِيبًا، فللزَّوْجَةِ الرُّجوعُ عليه بنَقْصِ مَهْرِ المِثْلِ. وكذا في فَواتِ

وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ، مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ. وَعَنْهُ، لَا يَرْجِعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَرْطِها. قال ابنُ رَجَبٍ: وقد ذكَر الأصحابُ مِثْلَه في الغَبْنِ في البَيعِ، في بابِ الشُّفْعَةِ. فائدة: الخَلْوَةُ هنا، كالخَلْوَةِ في النِّكاحِ الذي لا خِيارَ فيه. قوله: ويرْجِعُ به على مَن غرَّه، مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»: ويرْجِعُ على الغارِّ، على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): والصَّحيحُ أنَّ المذهبَ رِوايَةٌ واحدَةٌ. قال الشَّارِحُ: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ مِنَ الرِّوايتَين. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يرْجِعُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»، وهو قولُ عليٍّ، - رَضِيَ اللهُ عنه -. وقد رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه رجَع عن ¬

(¬1) 10/ 64.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الرِّوايَةِ. قال في رِوايةِ ابنِ الحَكَمِ: كنتُ أذْهَبُ إلى قَوْلِ عليِّ بنِ أبِي طالِبٍ، - رَضِيَ اللهُ عنه-، ثمَّ هِبْتُه، فمِلْتُ إلى قَوْلِ عمرَ، - رَضِيَ اللهُ عنه -. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: قولُه: ويرْجِعُ بذلك على مَن غرَّه مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ. وكذلك الوَكِيلُ. وهذا المذهبُ. فعلى هذا، أيُّهم انْفَرَدَ بالتَّغْرِيرِ (¬1)، ضَمِنَ. فلو أنْكَرَ الوَلِيُّ عدَمَ عِلْمِه بذلك، ولا بَيِّنَةَ، قُبِلَ قوْلُه مع يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ، وغيرُهم. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فإنْ أنْكَرَ [الغارُّ عِلْمَه] (¬2) به، ومِثْلُه يجْهَلُه، وحلَف، بَرِئَ. واسْتُثْنِيَ مِن ذلك، إذا كان العَيبُ جُنونًا. وقيل: القوْلُ قولُ الزَّوْجِ إلَّا في عُيوبِ الفَرْجِ. وقيل: إنْ كان الوَلِيُّ ممَّا يخْفَى عليه أمْرُها، كأباعِدِ العَصَباتِ، فالقَوْلُ قوْلُه، وإلَّا فالقَوْلُ قوْلُ الزَّوْجِ. اخْتارَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، إلَّا أنَّه فصَل بينَ عُيوبِ الفَرْجِ (¬3) وغيرِها، فسَوَّى بينَ الأوْلِياءِ كلِّهم في ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الغرور». (¬2) في الأصل: «الغارم عليه». (¬3) في الأصل: «الزوج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عُيوبِ الفَرْجِ، بخِلافِ غيرِها. وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وقال في «الفُروعِ»: ويُقْبَلُ قوْلُ الوَلِيِّ في عَدَمِ عِلْمِه بالعَيبِ؛ فإنْ كان ممَّنْ له رَؤْيَتُها، فوَجْهان. وأمَّا الوَكِيلُ، إذا أنْكَرَ العِلْمَ بذلك، فيَنْبَغِي أنْ يكونَ القَوْلُ قوْلَه مع يَمِينِه، بلا خِلافٍ. وأمَّا المَرْأةُ؛ فإنَّها تَضْمَنُ، إذا غرَّتْه، لكِنْ يُشْتَرَطُ لتَضْمِينِها أنْ تكونَ عاقِلَةً. قاله ابنُ عَقِيلٍ. وشرَط مع ذلك أبو عَبْدِ اللهِ بنُ تَيمِيَّةَ بلُوغَها. فعلى هذا، حُكْمُها، إذا ادَّعَتْ عدَمَ العِلْمِ بعَيبِ نَفْسِها واحْتُمِلَ ذلك، حُكْمُ الوَلِيِّ على ما تقدَّم. قاله الزَّرْكَشِيُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو وُجِدَ التَّغْرِيرُ (¬1) مِنَ المرْأَةِ والوَلِيِّ، فالضَّمانُ على الوَلِيِّ، على قَوْلِ القاضي، وابنِ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفِ، وغيرِهم؛ لأنَّه المُباشِرُ. وقال المُصَنِّفُ، فيما إذا كان الغَرَرُ مِنَ المرْأَةِ والوَكِيلِ: الضَّمانُ بينَهما نِصْفان. فيَكونُ في كلٍّ مِنَ الوَلِيِّ والوَكِيلِ قوْلانِ. وتقدَّم نظِيرُها في الغَرَرِ بالأَمَةِ على أنَّها حُرَّةٌ. الثَّانيةُ، مِثْلُها في الرُّجوعِ على الغارِّ، لو زُوِّجَ امْرَأَةً فأدْخَلُوا عليه غيرَها، ويلْحَقُه الوَلَدُ، ويُجَهِّزُ زوْجَتَه بالمَهْرِ الأَوَّلِ. نصَّ على ذلك. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الغرور».

فَصْلٌ: وَلَيسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ، أَوْ مَجْنُونَةٍ، وَلَا سَيِّدِ أَمَةٍ، تَزْويجُهَا مَعِيبًا، وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْويجُهَا بِهِ بِغَيرِ رِضَاهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس لوَليِّ صَغِيرَةٍ، أو مَجْنُونَةٍ، أو سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْويجُها مَعِيبًا، ولا لوَلِيِّ

فَإِنِ اخْتَارَتِ الْكَبِيرَةُ نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أَوْ عِنِّينٍ، لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كَبِيرَةٍ تَزْويجُها به بغيرِ رِضاها. بلا نِزاعٍ. مِن حيث الجُمْلَةُ، لكِن لو خالفَ وفعَل، فثَلاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، الصِّحَّةُ مع جَهْلِه (¬1) به. وهو المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وهو ظاهِرُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. والثَّاني، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». والثَّالِثُ، يصِحُّ مُطْلَقًا. فعلى المذهبِ، هل له الفَسْخُ إذَنْ، أو يَنْتَظِرُها؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له الفَسْخُ، إذا عَلِمَ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّاني، ينْتَظِرُها. وذكرَ في «الرِّعايَةِ» الخِلافَ، إنْ أجْبَرَها بغيرِ كُفْءٍ. وصحَّحَه في «الإِيضاحِ»، مع جَهْلِه، وتُخَيَّرُ. وذكَر في «التَّرْغِيبِ»، في تَزْويجِ مَجْنُونٍ أوْ مَجْنونَةٍ بمِثْلِه، وملَك الوَلِيُّ الفَسْخَ، وَجْهَين. قوله: فإنِ اخْتارَتِ الكَبِيرَةُ نِكاحَ مَجْبُوبٍ، أو عِنِّينٍ، لم يملِكْ مَنْعَها. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «جهلها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

وَإِنِ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ، أَوْ مَجْذُومٍ، أَوْ أَبْرَصَ، فَلَهُ مَنْعُهَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ، وَإِنْ عَلِمَتِ الْعَيبَ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ حَدَثَ بِهِ، لَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: له منْعُها. قال المُصَنِّفُ: هذا أوْلَى. قوله: فإنِ اخْتارَتْ نِكاحَ مَجْنُونٍ، أو مَجْذُومٍ، أو أبْرَصَ، فله مَنْعُها، في أَصَحِّ الوَجْهَينِ. وهو المذهبُ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»: فله مَنْعُها، في الأصحِّ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هذا أوْلَى الوَجْهَين. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، وقال: هذا أظْهَرُ] (¬1). وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَمْلِكُ مَنْعَها. فائدتان؛ إحْداهما، الذي يمْلِكُ منْعَها وَلِيُّها العاقِدُ للنِّكاحِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لبقِيَّةِ الأوْلِياءِ المَنْعُ. كما قُلْنا في الكَفاءَةِ. قلتُ: وهو أوْلَى. الثَّانيةُ، قولُه: وَإنْ عَلِمَتِ العَيبَ بعدَ العَقْدِ، أو حدَثَ به، لم يمْلِكْ إجبارَها على الفَسْخِ. بلا نِزاعٍ؛ لأنَّ حقَّ الوَلِيِّ في ابْتِدائِه، لا في دَوامِه. قاله الأصحابُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب نكاح الكفار

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ نِكاحِ الكُفَّارِ قوله: وحُكْمُه حُكْمُ نِكاحِ المُسْلِمِين فيما يجبُ به وتحْرِيمِ المُحَرَّماتِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وقال في «التَّرْغِيبِ»: حُكْمُه حُكْمُ نِكاحِ المُسْلِمِين في ظاهِرِ المذهبِ.

وَيُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ، مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا، وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَينَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُقَرُّون على الأنْكِحَةِ المُحَرَّمَةِ، ما اعْتَقَدُوا حِلَّها، ولم يرْتَفِعُوا إلَينا. هذا المذهبُ بهذين الشَّرْطَين. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه في مَجُوسِيٍّ تزَوَّجَ كِتابِيَّةً، أو اشْتَرَى نَصْرانِيَّةً، يحُولُ الإِمامُ بينَهما. فيُخَرَّجُ مِن هذا، أنَّهم لا يُقَرُّون على نِكاحٍ مُحَرَّمٍ. وهو لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: لا يُقَرُّون على ما لا مَساغَ له في الإِسْلامِ؛ كنِكاحِ ذاتِ المَحارِمِ، ونِكاحِ المَجُوسِيِّ الكِتابِيَّةَ ونحوه. وتقدَّم في بابِ المُحَرَّماتِ في

وَعَنْهُ، فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً، أَو اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً، يَحُولُ بَينَهُمَا الْإِمَامُ. فَيُخَرَّجُ مِنْ هَذَا، أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّكاحِ: هل يجوزُ للمَجُوسِيِّ نِكاحُ الكِتابِيَّةِ؟ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: والصَّوابُ أنَّ أنْكِحَتَهم المُحَرَّمَةَ في دِينِ الإِسْلامِ حرامٌ مُطْلَقًا، فإذا لم يُسْلِمُوا، عُوقِبُوا عليها، وإنْ أسْلَموا، عُفِيَ لهم عنها؛ لعدَمِ اعْتِقادِهم تحْرِيمَه. وأمَّا الصِّحَّةُ والفَسادُ، فالصَّوابُ أنَّها صحيحةٌ مِن وَجْهٍ، فاسِدَةٌ مِن وَجْهٍ؛ فإنْ أُرِيدَ بالصِّحَّةِ إباحةُ التَّصَرُّفِ، فإنَّما يُباحُ لهم بشَرْطِ الإِسْلامِ، وإنْ أُرِيدَ نفُوذُه وترتُّبُ أحْكامِ الزَّوْجِيَّةِ عليه، مِن حُصولِ الحِلِّ به للمُطَلِّقِ ثلاثًا، ووُقوعِ الطَّلاقِ فيه، وثُبوتِ الإِحْصانِ به، فصَحِيحٌ. وهذا ممَّا يُقَوِّي طريقَةَ مَنْ فرَّق بينَ أنْ يكونَ التَّحْرِيمُ لعَينِ المرْأَةِ، أو لوَصْفٍ؛ لأنَّ ترَتُّبَ هذه الأحْكامِ على نِكاحِ المَحارِمِ بعيدٌ جدًّا. وقد أطْلَقَ أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى، وغيرُهما صِحَّةَ أنْكِحَتِهم مع تَصْريحِهم بأنَّه لا يحْصُلُ الإِحْصانُ بنِكاحِ ذَواتِ المَحارِمِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ تعالى، أيضًا: رأَيتُ لأصحابِنا في أنْكِحَتِهم أرْبَعَةَ أقْوالٍ؛ أحدُها، هي صحيحةٌ. وقد يُقالُ: هي في حُكْمِ الصِّحَّةِ. والثَّاني، ما أُقِرُّوا عليه، فهو صحيحٌ، وما لم يُقَرُّوا عليه، فهو فاسِدٌ. وهو قوْلُ القاضي في «الجامِعِ»، وابنِ عَقِيلٍ، وأبِي محمدٍ. والثَّالثُ، ما أمْكَنَ إقْرارُهم عليه، فهو صحيحٌ، ومالا فلا. والرَّابعُ، أنَّ كلَّ ما فسَد مِن

فإِنْ أَسْلَمُوا، أَوْ تَرَافَعُوا إِلَينَا فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، لَمْ نُمْضِهِ إلا عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ، لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيفِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ مَناكِحِ المُسْلِمِين، فسَد مِن نِكاحِهم. وهو قولُ القاضي في «المُجَرَّدِ». انتهى. قوله: وإنْ كان في أثْنائِه -يعْنِي، إذا أسْلَمُوا وترافَعُوا إلينا في أثْناءِ العَقْدِ- لم

عَقْدِهِمْ، بَلْ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، كَذَاتِ مَحْرَمِهِ، وَمَنْ هِيَ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ مُدَّةً هُمَا فِيهَا، أَوْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا، فُرِّقَ بَينَهُمَا، وَإِلَّا أُقِرَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ نتَعَرَّضْ لكَيفِيَّةِ عَقدِهم، بل إنْ كانَتِ المَرْأَةُ مِمَّن لا يجوزُ ابْتِداءُ نِكَاحِها، كذاتِ

عَلَى النِّكَاحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحْرَمِه، ومَن هي في عِدَّتِها، أو شرَط الخِيارَ في نِكاحِها متى شاءَ، أو مُدَّةً هما فِيها، أو مُطَلَّقَتِه ثلاثًا، فُرِّقَ بينهما، وإلَّا أُقِرَّا على النِّكاحِ. إذا أسْلَمُوا أو ترافَعُوا إلينا في أثْناءِ العَقْدِ، والمرْأَةُ مِمَّن لا يجوزُ ابْتِداءُ نِكاحِها، فُرِّقَ بينَهما مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُفْسَخُ إلَّا مع مُفْسِدٍ، مُؤَبَّدٍ أو مُجْمَعٍ عليه. فلو تزَوَّجَها، وهي في عِدَّتِها، وأسْلَما أو تَرافَعا إلينا؛ فإنْ كان تزَوَّجَها في عِدَّةِ مُسْلِمٍ، فُرِّقَ بينَهما، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان في عِدَّةِ كافِرٍ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يُفَرَّقُ بينَهما. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُفَرَّقُ بينَهما. نصَّ عليه. صحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». تنبيه: شَمِلَ كلامُه، ولو كانتْ حُبْلَى مِن زِنىً قبلَ العَقْدِ. وهو أحدُ الوَجْهَين أو الرِّوايتَين؛ أحدُهما، يُفَرَّقُ بينَهما. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، وهو الصَّوابُ. والثَّاني، لا يُفَرَّقُ بينَهما. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا إذا شرَط الخِيارَ في نِكاحِها متى شاءَ، أو مُدَّةً هما فيها، فجزَم المُصَنِّفُ بأنْ يُفَرَّقَ بينَهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُذْهَبِ» في الأُولَى. وقيل: لا يُفَرَّقُ بينَهما. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأمَّا إذا اسْتَدامَ مُطَلَّقَتَه ثلاثًا، وهو مُعْتَقِدٌ حِلَّه، فجزَم المُصَنِّفُ أنَّه يُفَرَّقُ بينَهما. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يُقَرَّ، على الأصَحِّ. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا يُفَرَّقُ بينَهما. واخْتارَه في «المُحَرَّرِ» فيما إذا أسْلَما.

وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً، فَوَطِئَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ، وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا، أُقِرَّا، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مُسَمّىً صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا قَبَضَتْهُ، اسْتَقَرَّ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ تَقْبِضْهُ، فُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وإنْ قهَر حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فوَطِئَها، أو طاوَعَتْه، واعْتَقَداه نِكاحًا، أُقِرَّا، وإلَّا فلا. أنَّه لو فعَل ذلك أهْلُ الذِّمَّةِ، أنَّهم لا يُقَرُّون عليه. وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه. وصرَّح به في «التَّرْغِيبِ». وجزَم به في «البُلْغَةِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، والشَّارِحِ، أنَّهم كأهْلِ الحَرْبِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ كانَ المَهْرُ مُسَمًّى صَحِيحًا أو فاسِدًا قَبَضَتْه، اسْتَقَرَّ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو أسْلَما، فانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلا، وطَلَّقَ، [فهل يرْجِعُ] (¬1) بنِصْفِه، أم لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ رُجوعُه بنصفِه ولو ¬

(¬1) في الأصل: «ففي رجوعه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَلِفَ الخَلُّ، ثمَّ طَلَّقَ، ففي رُجوعِه بنِصْفِ مِثْلِه احْتِمالان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ رُجوعُه بنِصْفِ مِثْلِه؛ لأنَّه مِثْلِيٌّ. قوله: وَإنْ كان فاسِدًا لم تَقْبِضْه، فُرِضَ لها مَهْرُ المِثْلِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا شيءَ لها في خَمْرٍ وخِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ. وهو رِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خرَّجَها القاضي. فائدة: لو كانتْ قَبَضَتْ بعضَ المُسَمَّى الفاسِدِ، وجَب لها حِصَّةُ ما بَقِيَ مِن مَهْرِ المِثْلِ، ويُعْتَبَرُ قَدْرُ الحِصَّةِ فيما يدْخُلُه الكَيلُ والوَزْنُ، وفيما يدْخُلُه العَدُّ بعَدِّه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: بقِيمَتِه عندَ أهْلِه. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: لو أصْدَقَها عَشْرَ زِقاقِ خَمْرٍ مُتَساويَةٍ، فقَبَضَتْ نِصْفَها، وَجَبَ لها نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ، وإنْ كانتْ مُخْتَلِفَةً، اعْتُبِرَ ذلك بالكَيلِ في أحدِ الوَجْهَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّاني، يُقْسَمُ على عدَدِها. وإنْ أصْدَقَها عَشْرَ خَنازِيرَ، [ففيه الوَجْهان؛ أحدُهما، يُقْسَمُ على عدَدِها. والثَّاني، يُعْتَبَرُ قِيمَتُها. وإنْ أصْدَقَها كَلْبًا وخِنْزِيرَين] (¬1)، وثَلاثَ زِقاقِ خَمْرٍ، فثلاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يُقْسَمُ على قَدْرِ قِيمَتِها عندَهم. والثَّاني، يُقْسَمُ على عدَدِ الأجْناسِ، فيُجْعَلُ لكُلِّ جُزْءٍ ثُلُثُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا، أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ، فَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ المَهْرِ. والثَّالِثُ، يُقْسَمُ على العَدَدِ (¬1) كلِّه، فيُجْعَلُ لكُلِّ واحدٍ سُدْسُ المَهْرِ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإذا أسْلَمَ الزَّوْجان مَعًا، فهما على نِكاحِهما. أنْ يتَلفَّظَا ¬

(¬1) في ا: «المعدود».

عَلَى نِكَاحِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإِسْلامِ دَفْعَةً واحدةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مِن حيثُ الجُمْلَةُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: يدْخُلُ في المَعِيَّةِ، لو شرَع الثَّانِي قبلَ أنْ يفْرُغَ الأوَّلُ. وقيل: هما على نِكاحِهما، إنْ أسْلَما في المَجْلِسِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي».

وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَينِ غَيرُ الْكِتَابِيَّينِ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ تَلفُّظَهما بالإِسْلامِ دَفْعَةً واحدَةً فيه عُسْرٌ. واخْتارَه النَّاظِمُ. قوله: وإنْ أسْلَمَتِ الكِتابِيَّةُ، أو أحَدُ الزَّوْجَين غيرُ الكِتابِيَّين قبلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكاحُ -بلا نِزاعٍ- فإنْ كانَتْ هِيَ المُسْلِمَةَ، فلا مَهْرَ لها. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ منهم الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: قطَع بهذا جُمْهورُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وقدَّمه في «المُغْنِي»،

وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. وَعَنْهُ، لَا مَهْرَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، لها نِصْفُ المَهْرِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. [قلتُ: وهو أوْلَى. وأطْلَقهما في «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى أبو محمدٍ رِوايَةً، بأنَّ لها نِصْفَ المَهْرِ، وأنَّها اخْتِيارُ أبِي بَكْرٍ] (¬1)؛ نظَرًا إلى أنَّ الفُرْقَةَ جاءَتْ مِن قِبَلِ الزَّوْجِ بتأَخُّرِه عنِ الإِسْلامِ. والمَنْقولُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ التَّوَقُّفُ. انتهى. قوله: وإنْ أسْلَمَ قَبلَها، فلها نِصْفُ المَهْرِ. هذا المذهبُ، وعليه جُمْهورُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ أيضًا. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال في «الهِدايَةِ»: وهي اخْتِيارُ عامَّةِ أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، والمُخْتارُ للأصحابِ؛ الخِرَقِيِّ، وأبِي بَكْرٍ، والقاضي، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وهذا مِن غيرِ الأكثرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي ذكَرْناه عنِ الفُروعِ في الخُطْبَةِ. وعنه، لا شيءَ لها. جزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وصحَّحَه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». ويأْتي ذلك أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ، في كتابِ الصَّداقِ

وَإِنْ قَالتْ: أَسْلَمْتَ قَبْلِي. وَأَنْكَرَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما يُنَصَّفُ المَهْرُ. فعلى الأوَّلِ، إنْ أسْلَما، وقالتْ: سَبَقْتَنِي. وقال (¬1): بل أنتِ سبَقْتِينِي. فالقَوْلُ قوْلُها، ولها نِصْفُ المَهْرِ. قاله الأصحابُ. وإنْ قالا: سبَق أحدُنا، ولا نعْلَمُ عينَه. فلها أيضًا نِصْفُ المَهْرِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) في ط: «وقالت».

وَإِنْ قَال: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ. فَأَنْكَرَتْهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقال القاضي: إنْ لم تكُنْ قبَضَتْه، لم تُطالِبْه بشيءٍ، وإنْ كانت قَبَضَتْه، لم يرْجِعْ عليها بما فوقَ النِّصْفِ. قوله: وإنْ قال: أسْلَمْنا معًا، فنحن على النِّكاحِ. وأنْكَرَتْه، فعلى وَجْهَين. وأَطْلَقهما في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وظاهِرُ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» إطْلاقُ الخِلافِ؛ أحدُهما، القوْلُ قوْلُها. وهو المذهبُ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معها. اخْتارَه القاضي. قال في «الخُلاصَةِ»: فالقَوْلُ

وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ حِينَ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُها، على الأصحِّ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّاني، القوْلُ قوْلُه؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ النِّكاحِ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». قوله: وإن أسْلَمَ أحَدُهما بعدَ الدُّخُولِ، وقَف الأمْرُ على انْقِضَاءِ العِدَّةِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّواياتِ. قال أبو بَكْرٍ: رَواه عنه نحوٌ مِن خَمْسِين رجُلًا، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ؛ الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه، والشَّيخان وغيرُ واحدٍ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: هذا أظْهَرُ وأوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي»، وغيرهم. وعنه، أنَّ الفُرْقَةَ تتعَجَّلُ بإسْلامِ أحَدِهما، كما قبلَ الدُّخولِ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين». وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ؛ الوَقْفُ بإسْلامِ الكِتابِيَّةِ، والانْفِساخُ بغيرِها. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعنه رِوايةٌ رابعَةٌ بالوَقْفِ، قال: أحَبُّ إليَّ الوَقْفُ عندَها. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ -فيما إذا أسْلَمَتْ قبلَه- بَقاءَ نِكاحِه قبلَ الدُّخولِ وبعدَه، ما لم تنْكِحْ غيرَه، والأمْرُ إليها، ولا حُكْمَ له عليها، ولا حَقَّ عليه. وكذا لو أسْلَمَ قبلَها، وليس له حَبْسُها، وأنَّها متى أسْلَمَتْ، ولو قبلَ الدُّخولِ وبعدَ العِدَّةِ، فهي امْرَأَتُه، إنِ اخْتارَ. انتهى. قوله مُفَرِّعًا على المذهبِ: فإنْ أسْلَمَ الثَّاني قبلَ انْقِضائِها، فهما على نِكاحِهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا تبيَّنَّا أنَّ الفُرْقَةَ وَقَعَتْ حينَ أسْلَمَ الأوَّلُ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وقَف الأمْرُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. أنَّه ليس له عليها سَبيلٌ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انْقِضائِها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: عنه ما يدُلُّ على رِوايَةٍ؛ وهو

فَعَلَى هَذَا، لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا وَلَمْ يُسْلِمِ الثَّانِي، فَعَلَيهِ الْمَهْرُ، فَإِنْ أَسْلَمَ، فَلَا شَيْءَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخْذُ بظاهِرِ حديثِ زَينَبَ بِنْتِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنَّها تُرَدُّ، ولو بعدَ العِدَّةِ. قوله: فعلى هَذا، يعْنِي، على القوْلِ بأنَّ الأمْرَ يقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ -لو وَطِئَها في عِدَّتِها، ولم يُسْلِمِ الثَّاني، فعليه المَهْرُ، وإنْ أسْلَمَ، فلا شيءَ لها. بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ على هذا البِناءِ.

وَإِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ، فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمَ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإذا أسلمَتْ قبلَه، فلها نَفَقَةُ العِدَّةِ، وإنْ كان هو المُسْلِمَ، فلا نَفَقَةَ لها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لها النَّفَقَةُ، إنْ أسْلَمَتْ بعدَه في العِدَّةِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى».

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، فَالْقَوْل قَوْلُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ أسْلَمَتْ بعدَه في العِدَّةِ، وهي غيرُ كِتابِيَّةٍ، فهل لها النَّفَقَةُ فيما بينَ إسْلامِهما؟ على وَجْهَين. قوله: وَإن اخْتَلَفا في السَّابِقِ منهما، فالقَوْلُ قَوْلُها في أحدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، القَوْلُ قوْلُه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فوائد؛ إحْداها، لو اتَّفَقا على أنَّها أسْلَمَتْ بعدَه، وقالتْ: أسْلَمْتُ في العِدّةِ.

وَعَنْهُ، أنَّ الْفُرْقَةَ تُتَعَجَّلُ بِإِسْلَامِ أحَدِهِمَا، كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأمَّا الصَّدَاقُ فَوَاجِبٌ بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: بل بعدَها. كان القوْلُ قوْلَها. الثَّانيةُ، لو لاعَنَ ثم أسْلَمَ، صحَّ لِعانُه، وإلَّا فسَد. ففي الحَدِّ إذَنْ وَجْهان في «التَّرْغِيبِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»، وقال: هما في مَن ظنَّ صِحَّةَ نِكاحٍ فلاعَنَ، ثم بانَ فَسادُه.

فَصْلٌ: وَإنِ ارْتَدَّ أحَدُ الزَّوْجَينِ قَبْلَ الِدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَا مَهْرَ لَهَا إِنْ كَانَتِ الْمُرْتَدَّةَ، وَإنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، قولُه: وإنِ ارْتَدَّ أحَدُ الزَّوْجَين قبلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكاحُ، ولا مَهْرَ لها إنْ كانَتِ المُرْتَدَّةَ، وإنْ كان هو المُرْتَدَّ، فلها نِصْفُ المَهْرِ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو ارْتَدَّا معًا، فهل يتَنَصَّفُ المَهْرُ، أو يسْقُطُ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وظاهِرُ كلامِه في «المُنَوِّرِ»، أنَّه يسْقُطُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ

وَإِنْ كَانَتِ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَهَلْ تُتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ أَوْ تَقِفُ عَلى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كفَرا، أو أحدُهما، قبلَ الدُّخُولِ، بطَل العَقْدُ، وإنْ سَبَقها وحدَه، أو كفَر وحدَه، فلها نِصْفُ المَهْرِ، وإلَّا يسْقُطُ. وقيل: إنْ كفَرا معًا، وجَب. وقيل: فيه وَجْهان. فقدَّم السُّقوطَ، وكذا قدَّم في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَررِ». [قال الزَّرْكَشِيُّ، في «شَرْحِ الوَجيزِ»: والأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ] (¬1). قوله: وإنْ كانتِ الرِّدَّةُ بعدَ الدُّخُولِ، فهل تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ أو تقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «البُلْغَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»؛ إحْداهما، تقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». [واخْتارَه الخِرَقِيُّ. وقال الزَّرْكَشِيُّ في «شَرْحِ الوَجيزِ»: وهو المذهبُ]. (¬1) ونصَرَه المُصَنِّفُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ، ومال إليه الشَّارِحُ. وهو الصَّحيحُ. والثّانِيَةُ، تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الزُّبْدَةِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، هنا مِثْلَ اخْتِيارِه فيما إذا أسْلَمَ أحدُهما بعدَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ، فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدُّخولِ. كما تقدَّم قريبًا. قوله: فإنْ كان هو المُرتَدَّ، فلها نَفَقَةُ العِدَّةِ. هذا مَبْنِيٌّ على القوْلِ بأنَّ النِّكاحَ يقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو وَطِئَها، أو طلَّقَها، وقُلْنا: لا تُتعَجَّلُ الفُرْقَةُ، ففي وُجوبِ المَهْرِ ووُقوعِ الطَّلاقِ خِلافٌ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». قلتُ: جزَم المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ بوُجوبِ المَهْرِ، إذا لم يُسْلِما حتى انْقضَتِ العِدَّةُ.

وَإنِ انْتَقَلَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّينِ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيهِ، فَهُوَ كَرِدَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن انْتَقَلَ أحَدُ الكِتابِيَّين إلى دِينٍ لا يُقَرُّ عليهِ، فهو كرِدَّتِه. إنِ انْتَقَلَ الزَّوْجان، أو أحدُهما إلى دِينٍ لا يُقَرُّ عليه، أو تمَجَّسَ كِتابِيٌّ تحتَه كِتابِيَّةٌ، فكالرِّدَّةِ، بلا نِزاعٍ. وإنْ تمَجَّسَتِ المرْأةُ تحتَ كِتابِيٍّ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه كالرِّدَّةِ أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُنَوِّرِ». [وهو الصَّوابُ؛ لأنَّها لا تُقَرُّ عليه، وإنْ كانت تُباحُ للكِتابِيِّ. على الصَّحيحِ] (¬1). واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه». وقيل: النِّكاحُ بحالِه. جزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: قد تقدَّم في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ، أنَّ الكِتابِيَّ يجوزُ له نِكاحُ المَجُوسِيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهذا في مَعْناه.

فَصْلٌ: وَإنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسْلَمَ كافِرٌ وتحتَه أكْثَرُ مِن أرْبَعِ نِسْوَةٍ، فأسْلَمْنَ معه، اخْتارَ منهن أرْبَعًا، وفارَقَ سائِرَهُنَّ. إنْ كان مُكَلَّفًا، اخْتارَ، وإنْ كان صغِيرًا، لم يصِحَّ اخْتِيارُه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، لا يخْتارُ له الوَلِيُّ، ويقِفُ الأمْرُ حتى يبْلُغَ. قاله الأصحابُ؛ لأنَّه راجِعٌ إلى الشَّهْوَةِ والإرادَةِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنّ وَلِيَّه يقومُ مَقامَه في التَّعْيِينِ، وضَعَّفَ الوَقْفَ. وخرَّج بعضُ الأصحابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةَ اخْتِيارِ الأبِ منهن وفَسْخِه، على صِحَّةِ طَلاقِه عليه. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: فإنْ قُلْنا: يصِحُّ طَلاقُ والِدِه عليه. صحَّ اخْتِيارُه له، وإلَّا فلا. فعلى المذهبِ يُوقَفُ الأمْرُ حتى يبْلُغَ فيَخْتارَ. على الصَّحيحِ. قاله القاضي في «الجامِعِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضي في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُجَرَّدِ»: يُوقَفُ الأمْرُ حتى يبْلُغَ عَشْرَ سِنِين، فيَخْتارَ. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال: قلتُ: إنْ صحَّ إسْلامُه بنَفْسِه، صحَّ اخْتِيارُه، وإلَّا فلا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُوقَفُ الأمْرُ حتى يُراهِقَ، ويبْلُغَ أرْبَعَ عَشْرَة سنَةً، فيَخْتارَ. فائدة: لو أسْلَمَ على أكثرَ مِن أرْبَعٍ، أو على أُخْتَين، فاخْتارَ أرْبَعًا، أو إحْدَى الأُخْتَينِ، فقال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: يعْتَزِلُ المُخْتاراتِ، ولا يطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تَنْقَضيَ عِدَّةُ المُفارَقاتِ، [فلو كُنَّ خَمْسًا، ففارَقَ إحْداهُنَّ، فله وَطْءُ ثلاثٍ مِنَ المُخْتاراتِ. ولا يطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تنْقَضِيَ عِدَّةُ المُفارَقَةِ] (¬1). وعلى ذلك فقِسْ، وكذلك الأُخْتُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، في «شَرْحِ المُحَرَّرِ»: وفي هذا نظَرٌ، فإنَّ ظاهِرَ السُّنَّةِ يُخالِفُ ذلك. قال: وقد تأَمَّلْتُ كلامَ عامَّةِ أصحابِنا، فوَجَدْتُهم قد ذكَرُوا أنَّه يُمْسِكُ أرْبَعًا، ولم يشْتَرِطُوا في جَوازِ وَطْئِه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ، أُجْبِرَ عَلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ انْقِضاءَ العِدَّةِ، لا في جَمْعِ العَدَدِ، ولا في جَمْعِ الرَّحِمِ، ولو كان لهذا أصْلٌ عندَهم، لمْ يُغْفِلُوه، فإنَّهم دائمًا يُنَبِّهون في مِثْلِ هذا على اعْتِزالِ الزَّوْجَةِ. كما ذكَرَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، فيما إذا وَطِئَ أُخْتَ امْرَأَتِه بنِكاحٍ فاسِدٍ، أو زنَى بها، وقال: هذا هو الصَّوابُ؛ فإنَّ هذه العِدَّةَ تابِعَةٌ لِنكاحِها، وقد عَفَّا اللهُ عن جميعِ نِكاحِها، فكذلك يعْفُو عن تَوابعِ ذلك النِّكاحِ، وهذا بعدَ الإِسْلامِ لم يجْمَعْ عَقْدًا ولا وَطْئًا. انتهى. وتقدَّم في المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ، إذا زنَى بامْرَأَةٍ وله أرْبَعُ نِسْوَةٍ، هل يعْتَزِلُ الأرْبَعَ حتى تَسْتَبْرِئَ الرَّابِعَةُ، أو واحِدَةٌ؟ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ وغيرِه، جَوازُ الاخْتِيارِ في حالِ إحْرامِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه ابنُ رزِينٍ في «شَرْحِه»؛ لأنَّه اسْتِدامَةٌ. وقال القاضي: لا يخْتارُ، والحالةُ هذه.

وَعَلَيهِ نَفَقَتُهُنَّ إِلَى أَنْ يَخْتَارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الفُروعِ». فوائد؛ إحْداها، مَوْتُ الزّوْجاتِ لا يمْنَعُ اخْتِيارَهُنَّ، فلو أسْلَمَ وتحتَه ثَمانِ نِسْوَةٍ، أسْلَمَ معه أرْبَعٌ مِنْهُنَّ، ثم مِتْنَ، ثم أسْلَمَ البَواقِي في العِدَّةِ، فله أنْ يخْتارَ الأحْياءَ، ويُتَبيَّنَ أنَّ الفُرْقَةَ وقَعَتْ بينَه وبينَ المَوْتَى باخْتِلافِ الدِّينِ، فلا يرِثَهُنَّ. وله أنْ يخْتارَ المَوْتَى فيرِثَهُنَّ، ويُتَبَيَّنَ أن الأحْياءَ بِنَّ لاخْتِلافِ الدِّينِ، وعِدَّتُهُنَّ مِن ذلك الوَقْتِ. ذكَرَه القاضي في «الجامِعِ»؛ لأنَّ الاخْتِيارَ ليس بإنْشاءِ عَقْدٍ في الحالِ، وإنّما تَبِينُ به مَن كانتْ زَوْجَتَه، والتَّبَيُّنُ يصِحُّ في المَوْتَى، كما يصِحُّ في الأحْياءِ. وقاله المُصَنِّفُ؛ والشَّارِحُ، وغيرُهما. الثَّانيةُ، لو أسْلَمَ وتحتَه أكثرُ مِن أرْبَعٍ، أو مَن لا يجوزُ جَمْعُه في الإِسْلامِ، فاخْتارَ، وانْفَسَخَ نِكاحُ العَدَدِ الزَّائدِ قبلَ الدُّخولِ، فلا مَهْرَ لهُنَّ. ذكَرَه القاضي في «الجامِعِ»، و «الخِلافِ». وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به صاحِبُ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ». قال في «القَواعِدِ»: ويتخَرَّجُ وَجْهٌ بوُجوبِ نِصْفِ المَهْرِ. الثَّالثةُ، صِفَةُ الاخْتِيارِ، أنْ يقولَ: اخْتَرْتُ نِكاحَ هؤلاءِ. أو: أمْسَكْتُهُنَّ. أو: اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ. أو: إمْساكَهُنَّ. أو: نِكاحَهُنَّ. ونحوَه. أو يقولَ: ترَكْتُ هؤلاءِ، أو: فَسَخْتُ نِكاحَهُنَّ. أو: اخْتَرْتُ مُفارَقَتَهُنَّ. ونحوَه. فيَثْبُتُ نِكاحُ الأُخَرِ، فإنْ لم يَخْتَرْ، أُجْبِرَ عليه بحَبْسٍ وتَعْزيرٍ. وعِدَّةُ ذَواتِ الفَسْخِ، منذُ اخْتارَ. على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَشْهورُ. وقيل: منذُ أسْلَمَ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ويأْتِي، إذا اخْتارَ أرْبَعًا قد أسْلَمْنَ، أنَّ عِدَّةَ البَواقِي، إنْ لم يُسْلِمْنَ مِن وَقْتِ إسْلامِه. وكذا إنْ أسْلَمْنَ. على الصَّحيحِ.

فَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ، أَوْ وَطِئَهَا، كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ طَلَّقَ إحْداهُنَّ، أو وَطِئَها، كان اخْتِيارًا لها. وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهِيرُ الأصحابِ. وجزَمْ به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ في الطَّلاقِ، وقدَّمه في الوَطْءِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ وَطِئَ، كان اخْتِيارًا، في قِياسِ المذهبِ. وقدَّمه فيهما في «الفُروعِ». وقيل: ليس اخْتِيارًا فيهما. وفي «الواضَح» وَجْهٌ، أنَّ الوَطْءَ هنا كالوَطْءِ في الرَّجْعَةِ. وذكَر القاضي في «التَّعْليقِ»، في بابِ الرَّجْعَةِ، أنَّ الوَطْءَ لا يكونُ اخْتِيارًا. قال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بعدَ المِائَةِ»: لو أسْلَمَ الكافِرُ، وعندَه أكثرُ مِن أرْبَعِ نِسْوَةٍ، فأسْلَمْنَ، أو كُنَّ كِتابِيَّاتٍ، فالأظْهَرُ أنَّ له وَطْءَ أرْبَعٍ مِنْهُنَّ، ويكونُ اخْتِيارًا منه؛ لأنَّ التَّحْريمَ إنَّما يتعَلَّقُ بالزِّيادةِ على الأرْبَعِ، وكلامُ القاضي قد يَدُلُّ على هذا، وقد يدُلُّ على تَحْريمِ الجميعِ قبلَ الاخْتِيارِ. انتهى. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ، في الطَّلاقِ، أنَّه سواءٌ كان بلَفْظِ الطَّلاقِ، أو السَّراحِ، أو الفِراقِ. وهو صحيحٌ، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يَنْوِيَ بلَفْظِ السَّراحِ والفِراقِ الطَّلاقَ. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال القاضي: في الفِراقِ عندَ الإِطْلاقِ وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّه يكونُ اخْتِيارًا للمُفارَقاتِ؛ لأنَّ لفْظَ الفِراقِ صريحٌ في الطَّلاقِ. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: والأوَّلُ أوْلَى. وقال في «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفي لَفْظِ الفِراقِ والسَّراحِ وَجْهان، يعْنُون، هل يكونُ فَسْخًا للنِّكاحِ، أو اخْتِيارًا له؟ واخْتارَ في «التَّرْغيبِ»، أنّ لَفْظَ الفِراقِ هنا، ليس

وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا، أُقْرِعَ بَينَهُنَّ، فَأُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ أرْبَعٌ مِنْهُنَّ، وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلاقًا ولا اخْتِيارًا؛ للخَبَرِ. قوله: وإنْ طَلَّقَ الجَمِيعَ ثَلاثًا، أُقرِعَ بينهن، فأُخْرِجَ بالقُرْعَةِ أرْبَعٌ مِنْهُنَّ، وله نِكاحُ البَواقِي. يعْنِي، بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِهِنَّ. صرَّح به الأصحابُ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا قُرْعَةَ، ويَحْرُمْنَ عليه، ولا يُبَحْنَ إلَّا بعدَ زَوْجٍ وإصابَةٍ. قال القاضي في «خِلافِه»، في كتابِ البَيعِ: يطْلُقُ (¬1) الجميعُ ثلاثًا. قال في «القَواعِدِ»: هذا يرْجِعُ إلى أنَّ الطَّلاقَ فسْخٌ، وليس باخْتِيارٍ. ولكِنْ يَلْزَمُ منه أنْ يكونَ للرَّجُلِ في ¬

(¬1) في الأصل: «بطل».

وَإِنْ ظَاهَرَ أَوْ آلى مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَهَلْ يَكُونُ اخْتِيَارًا لَهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِسْلامِ أكثرُ مِن أرْبَعِ زوجاتٍ، يتَصَرَّفُ فيهِن بخَصائصِ مِلْكِ النِّكاحِ، مِنِ الطَّلاقِ وغيرِه. وهو بعيدٌ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ الطَّلاقَ هنا فَسْخٌ، ولا يُحْتَسَبُ به مِنَ الطَّلاقِ الثَّلاثِ، وليس باخْتِيارٍ. فائدة: لو وَطِئَ الكُلَّ، تعَيَّنَ له الأوَّلُ. قوله: وإنْ ظَاهَرَ أو آلى مِن إحْداهُنَّ، فهل يكونُ اخْتِيارًا لها؟ على وَجْهَين. وأَطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يكونُ اخْتِيارًا. وهو المذهبُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال في «البُلْغَةِ»: لم يكُنِ اخْتِيارًا على الأصحِّ. قال

وَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَهُنَّ أَطْوَلُ الْأَمْرَينَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَين. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «نِهايةِ ابنَ رَزِينٍ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به الأزَجِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه في «الكافِي». قال الشَّيخ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهو الذي ذكَرَه القاضي في «الجامِعِ»، و «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. والوجهُ الثَّاني: يكونُ اخْتِيارًا. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». قال في «المُنَوِّرِ»: لو ظاهَرَ منها، فمُخْتَارَةٌ. وقال في «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»: وطَلاقُه ووَطْؤُه اخْتِيارٌ، لا ظِهارُه وإيلاؤُه، في وَجْهٍ. قوله: وإنْ ماتَ فعلى الجميعِ عِدَّةُ الوَفاةِ. هذا أحَدُ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضي في «الجامِعِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَهُنَّ أَطْوَلُ الأمْرَين مِن ذلك، أو ثلاثَةُ قُروءٍ، إنْ كُنَّ مِمَّن يَحِضْنَ، أو إنْ كانتْ حامِلًا فبوَضْعِه، والآيِسَةُ والصَّغِيرَةُ عِدَّةُ الوَفاةِ. وهو المذهبُ. قال الشارِحُ: هذا الصَّحيحُ والأوْلَى، والقَوْلُ الأوَّلُ لا يصِحُّ. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي». وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ: وأطْلَقهما في «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُهُنَّ الأطْوَلُ مِن عِدَّةِ الوَفاةِ، أو عِدَّةِ الطلاقِ. قطَع به القاضي في «المُجَردِ». قال في «الرِّعايتَين»: لَزِمَهُنَّ عِدَّةُ وَفاةٍ. وقيل: يَلْزَمُ المَدْخُولَ بها الأَطْوَلُ مِن عِدَّةِ وَفاةٍ أو عِدَّةِ طَلاقٍ مِن حينِ الإِسْلامِ. وقيل: هذا إنْ كُنَّ ذَواتِ أقْراءٍ، وإلَّا فعِدَّةُ وَفاةٍ، كمَن لم يدْخُلْ بها. انتهى. فوائد؛ إحْداها، لو أسْلَمَ معه البعضُ دُونَ البعضِ، ولَسْنَ بكِتابِيَّاتٍ، لم يُخَيَّرْ في غيرِ مُسْلِمَةٍ، وله إمْساكُ مَن شاءَ عاجِلًا، وتأْخِيرُه حتى يُسْلِمَ مَن بَقِيَ، أو تفْرُغَ عِدَّتُهُنَّ. هذا المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقيل: متى نقَص الكَوافِرُ عن أرْبَعٍ، لَزِمَه تعْجِيلُه بقَدْرِ النَّقْصِ. وإذا عجَّل اخْتِيارَ أرْبَعٍ قد أسْلَمْنَ، فعِدَّةُ البَواقِي، إنْ لم يسْلِمْنَ، مِن وَقْتِ إسْلامِه. وكذا إنْ أسْلَمْنَ على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الزُّبْدَةِ». وصحَّحَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، وغيرِهما. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: تعْتَدُّ مِن وَقتِ اخْتِيارِه. قال في «الرِّعايتَين»: وهو أوْلَى. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وإذا انْقضَتْ عِدَّةُ البَواقِي، ولم يُسْلِمْ إلَّا أرْبَعٌ أو أقَلُّ، فقد لَزِمَ نِكاحُهُنَّ، ولو اخْتارَ أوَّلًا فَسْخَ نِكاحِ مُسْلِمَةٍ، صحَّ، إنْ تقَدَّمَه إسْلامُ أرْبَعٍ سِواها، وإلَّا لم يصِحَّ بحالٍ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: يُوقَفُ؛ فإنْ [نَكَلَ بعدَ] (¬1) إسْلامِ أرْبَعٍ سِوَاها، ثَبَتَ الفَسْخُ فيها، وإلَّا بَطَلَ. الثَّانيةُ، لو أسْلَمَتِ المَرْأَةُ، ولها زَوْجان أو أكثرُ، تزَوَّجاها في عَقْدٍ واحدٍ، لم يكُنْ لها أنْ تخْتارَ أحدَهما. ذكَرَه القاضي محَلَّ وفاقٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «تكمل بعده».

وَالْمِيرَاثُ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ، اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا، فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ، فَسَدَ نِكَاحُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، قوْلُه: وإِنْ كانَ دخَل بالأُمِّ، فسَد نِكاحُهما. بلا نِزاعٍ، لكِنَّ المَهْرَ يكونُ للأُمِّ. قاله في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. وجزَم به في «الفُروعِ».

فَصْلٌ: وَإِنْ أسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ الإِمَاءُ، فَلَهُ الاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ، وَإلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [قوله: وإنْ أسْلَمَ وَتحتَه إماءٌ فأسْلَمْنَ معه، وكان في حالِ اجْتِماعِهم على الإِسْلامِ ممَّن يَحِلُّ له الإِماءُ، فله الاخْتِيارُ مِنْهُنَّ، وإلَّا فسَد نِكاحُهُنَّ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: إنْ كان قد دخَل بهِنَّ ثم أسْلَمَ، ثم أسْلَمْنَ في عِدَّتِهِنَّ، لا يجوزُ له الاخْتِيارُ هنا، بل يَبِنَّ بمُجَرَّدِ إسْلامِه. ورَدَّه المُصَنِّفُ وغيرُ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى أَعْسَرَ، فَلَهُ الاخْتِيَارُ مِنْهُنّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أسْلَمَ وهو مُوسِرٌ، فلم يُسْلِمْنَ حتى أعْسَرَ، فله الاخْتِيارُ مِنهن. قطَع به الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: اخْتارَ، إنْ جازَ له نِكاحُهُنَّ وَقْتَ

وَإِنْ أَسْلَمَتْ إِحْدَاهُنَّ بَعْدَهُ، ثُمَّ عَتَقَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي، فَلَهُ الاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ، وَإِنْ عَتَقَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الاخْتِيَارُ مِنَ الْبَوَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ اجْتِماعِ إسْلامِه بإسْلامِهِنَّ، وإلَّا فسَد. وإنْ تنَجَّزَتِ الفُرْقَةُ، اعْتُبرَ عدَمُ الطَّوْلِ، وخَوْفُ العَنَتِ وَقْتَ إسْلامِه. قاله في «التَّرْغِيبِ». تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: وإنْ عتَقَتْ، ثم أسْلَمَتْ، ثم أسْلَمْنَ، لم يَكُنْ له الاخْتِيارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن البَواقي. أنَّها لو عَتَقَتْ، ثم أسْلَمَتْ بعدَ إسْلامِهِنَّ، كان له الاخْتِيارُ. وهو أحدُ الوَجْهَين. والوَجْهُ الثَّاني، ليس له الاخْتِيارُ، بل تتَعَيَّنُ الأُولَى، إنْ كانتْ تُعِفُّه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، وَ «الحاوي»، وغيرِهم.

وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ، فَأَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ أَوْ بَعْدَهُنَّ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنْ أسْلَمَ وتحتَه حُرّةٌ وإماءٌ، فأسْلَمَتِ الحُرَّةُ في عِدَّتِها قبلَهن، أوْ بعدَهن، انْفَسَخَ نِكاحُهُنَّ. وتعَيَّنَتِ الحُرَّةُ، إنْ كانتْ تُعِفُّه. هذا مُقَيَّدٌ بما إذا لم تعْتِقِ الإِماءُ، ثم يُسْلِمْنَ في العِدَّةِ، فأمَّا إنْ عتَقْنَ، ثم أسْلَمْنَ في العِدّةِ، فإنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمَهُنَّ كالحرائرِ.

وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، ثُمَّ أُعْتِقَ، فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَأُعْتِقَ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطَينِ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ أسْلَمَ عَبْدٌ وتحتَه إماءٌ، فأسْلَمْنَ معه، ثم عتَق، فله أنْ يَخْتارَ منهن. هذا صحيحٌ، لكِنْ لو أسْلَمَ وتحتَه أرْبَعُ إماءٍ، فأسْلَمَتْ ثِنْتان، ثم عَتَقَ، فأسْلَمَتِ الثِّنْتان الباقِيَتان، كان له أنْ يخْتارَ مِنَ الجميعِ أيضًا. على أحَدِ الوَجْهَين. وجزَم به في «الرِّعايَةِ». والوَجْهُ الثاني، يتَعَيَّنُ الأوَّلَتَان. وأَطْلَقهما في «الفُروع». قوله: وَإنْ أسْلَمَ، وعَتَقَ، ثم أَسْلَمْنَ، فحُكْمُه حُكْمُ الحُرِّ، لا يجوزُ أنْ يَخْتارَ مِنْهُنَّ إلَّا بوُجُودِ الشرْطَين فيه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. فائدة: لو كانَ تحتَه أحْرارٌ، فأسْلَمَ وأسْلَمْنَ معه، لم يكُنْ للحُرَّةِ خِيارُ الفَسْخِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. قال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ: هذا قِياسُ المذهبِ. وقال القاضي في «الجامِعِ»: هو كالعَيبِ الحادِثِ.

كتاب الصداق

كِتَابُ الصَّدَاقِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي النِّكَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ الصَّداقِ فائدة: للمُسَمَّى في العَقْدِ ثمانِيَةُ أسْماءَ: الصَّداقُ (¬1)، والنِّحْلَةُ، والأَجْرُ، والفَرِيضَةُ، والمَهْرُ (¬2)، والعَلائقُ، والعُقْرُ بضَمِّ العَينِ وسُكونِ القافِ، والحِبَاءُ ممْدودًا مع كَسْرِ الحاءِ المُهْمَلَةِ. ¬

(¬1) بعده في ا: «والصَّدُقة بضم الدال المهملة. ومنه: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}. والطَّوْل. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}. أي مهر حرة». (¬2) بعده في ا: «والنكاح. ومنه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا}.

وَيُسْتَحَبُ تَخْفِيفُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَأَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُسْتَحَبُّ أن لا يَعْرَى النِّكاحُ عن تسمِيَتِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَسمِيَةَ الصَّداقِ في العَقدِ مُسْتَحَبَّةٌ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ رَحِمَهُم الله. وقال في «التَّبصِرَةِ»: يُكرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ فيه. ويأتِي ذِكرُ الخِلافِ. تنبيه: قولُه: ويُسْتَحَبُّ أن لا يَعْرَي النِّكاحُ عن تَسمِيَتِه. هذا مَبنِيٌّ على أصلٍ؛ وهو أنَّ الصَّداقَ هل هو حَقٌّ للهِ أو للآدَمِيِّ؟ قال القاضي في «التعْليقِ»، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُه مِن أصحابِه في كُتُبِ الخِلافِ: هو حقٌّ للآدَمِيِّ. لأنَّه يَملِكُ

وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَنَاتِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إسقاطَه بعدَ ثُبوتِه والعَفوَ عنه. وترَدَّدَ ابنُ عَقِيلٍ فقال مَرَّةً كذلك، وقال أُخرَى: هو حقٌّ للهِ؛ لأنَّ النِّكاحَ لا يَعرَى عنه ثُبوتًا ولُزومًا، فهو كالشَّهادَةِ. وقاله أبو يَعلَى الصَّغِيرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قِياسُ المَنْصُوصِ في وُجوبِ المَهْرِ فيما إذا زوَّجَ عَبْدَه مِن أمَتِه. فإن قيلَ بالأوَّلِ -[وهو كوْنُه حقًّا للآدَمِيِّ] (¬1) - فالحِلُّ مُستَفادٌ مِنَ العَقْدِ بمُجَرَّدِه، ويُستَحَبُّ ذِكرُه فيه. وصرَّح به الأصحابُ. وهل هو عِوَضٌ حَقِيقيٌّ أم لا؟ للأصحابِ فيه ترَدُّدٌ، ومنهم مَن ذكَر احتِمالين. ويَنبَني على ذلك لو أخَذَه بالشُّفعَةِ وغيرِ ذلك. وإن قيلَ: هو حقٌّ للهِ. فالحِلُّ مرَتَّبٌ عليه مع العَقدِ. وتقدَّم في أوَّلِ كتابِ النِّكاحِ (¬2)، هل المَعقُودُ عليه المَنْفَعَةُ أو الحِلُّ؟ قوله: وأن لا يَزِيدَ على صَداقِ أزواجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبَناتِه، وهو خَمْسُمائةِ درْهمٍ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذَّهَبِ»، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) 20/ 11.

وَلَا يَتَقَدَّرُ أَقَلَّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ، بَلْ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا، جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِب» وغيرِه. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: يُسَنُّ أن لا يَعْبُرَ خَمسَمِائَةِ دِرهَمٍ. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: مِن أَرْبَعمائةٍ إلى خمسِمائةٍ. وقال القاضي في «الجامعِ»: قوْلُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله: أرْبَعمائَةٍ. يعنِي، مِنَ الدَّراهِمِ التي وَزنُ الدِّرْهَمِ منها مِثْقالٌ؛ فتكونُ الأرْبَعمائَةٍ خَمْسَمائةٍ، أو قريبًا منها بضَرْبِ الإِسْلامِ. وقدَّم في «التَّرْغيبِ»، أنَّ السُّنَّةَ أنْ لا يزيدَ على مَهرِ بَناتِه - صلى الله عليه وسلم - وهو أربَعُمِائةٍ. قال في «البُلْغَةِ»: السُّنَّةُ أن لا يزيدَ على مَهرِ بَناتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو أرْبَعُمِائةِ دِرهَمٍ. وقيل: على مَهرِ نِسائِه. وهو خَمسُمِائةِ دِرهَمٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبرى»: يُستَحَبُّ جعلُه خَفِيفًا، مِن أرْبَعِمائةٍ، كصَداقِ بَناتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خَمسِمائةٍ كصَداقِ زَوجاتِه. وقيل: بَناتِه. انتهى. قال في «المُستَوْعِبِ»: ورُوِيَ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، أنَّه قال: الذي نحِبُّه أرْبَعُمائةِ دِرْهَمٍ، على فعلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بَناتِه. قال القاضي: وهذا يدُلُّ على أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما أصدَقَ بَناتِه غيرَ ما أصْدَقَه زوجاتِه؛ لأنَّ حديثَ عائشةَ: أنَّه أَصدَقَ نِسَاءَه اثنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ونَشًّا. والنَّشُّ نِصفُ أُوقِيَّةٍ؛ وهو عِشرون دِرهمًا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ حَنْبَلٍ، يقْتَضِي أنَّه يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ الصَّداقُ أرْبَعَمائةِ دِرْهَمٍ. وهو الصَّوابُ مع القُدرَةِ واليَسارِ فيُسْتَحَبُّ بلُوغُه، ولا يُزادُ عليه. قال: وكلامُ القاضي وغيرِه يقتَضِي أنَّه لا يُستَحَبُّ، بل يكونُ بلُوغُه مُباحًا. انتهى. قوله: ولا يَتَقَدَّرُ أقَلُّه ولا أَكثَرُه، بل كُلُّ ما جازَ أَن يَكُونَ ثمَنًا جازَ أن يَكُونَ

أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ صَداقًا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. واشترَطَ الخِرَقيُّ أن يكونَ له نِصْفٌ يُحصَّلُ. فلا يجوَزُ، على فَلَسٍ ونحوه. وتَبِعَه على ذلك ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وفسَّرُوه بنِصْفٍ يتَمَوَّلُ عادةً. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وليسَ في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، هذا الشَّرْطُ، وكذا كثيرٌ مِن أصحابِه حتى بالغَ ابنُ عَقِيلٍ في ضِمْنِ كلامٍ له، فجوَّزَ الصَّداقَ بالحَبَّةِ والتَّمْرَةِ التي يُنتَبَذُ مِثلُها. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولا يُعرَفُ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ذكرَ القاضي أبو يَعلَى الصَّغِيرُ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وغيرهما، أنَّه يُسْتَحَبُّ أن لا ينقُصَ المَهْرُ عن عَشْرَةِ دَراهِمَ.

مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَعَينٍ وَدَينٍ، وَمُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ، وَمَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ، كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً، كَرَدِّ عَبْدِها أَينَ كَانَ، وَخِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ، لم يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن تزَوَّجَها -يعنِي الحُرَّ- على مَنَافِعِه مُدَّةً مَعْلُومَةً، فعلى رِوايتَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «تَذكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «النَّظمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «تَجريدِ العِنايةِ»، وغيرُهم. واختارَه ابنُ عَبدُوسٍ وغيرُه. والرِّوايةُ الثَّانِيةُ، لا يصِحُّ. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، قولًا؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ محَلَّ الخِلافِ يختَصُّ بالخِدمَةِ؛ لِمَا فيه مِنَ المهْنَةِ والمُنافاةِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وإذا لم تصِحَّ الخِدْمَةُ صَداقًا، فقِياسُ المذهبِ، أنَّه يَجِبُ قِيمَةُ المَنفَعَةِ المَشروطَةِ، إلَّا إذا عَلِمَا أنَّ هذه المَنفعَةَ لا تكونُ صَداقًا، فيُشبِهُ ما لو أصدَقَها مالًا مغصُوبًا في أنَّ الواجِبَ مَهرُ المِثلِ في أحدِ الوَجهَين. تنبيه: ذكَر صاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّرغيبِ»، و «البُلغَةِ»، وغيرُهم، الرِّوايتَين في مَنافِعِه مُدَّةً معلومَةً، كما قال المُصَنفُ هنا. وأَطلَقوا المَنفَعةَ، ولم يُقَيِّدُوها بالعِلمِ، لكِنْ قيَّدوها بالمُدَّةِ المَعلومَةِ، ثم قالوا بعدَ ذلك: وقال أبو بَكرٍ: يصِحُّ في خِدمَةٍ معلومَةٍ؛ كبِناءِ حائطٍ، وخِياطَةِ ثَوبٍ، ولا يصِحُّ إنْ كانت مجهولَةً، كرَدِّ عبدِها الآبِقِ، أو خِدمَتِها في أيِّ شيءٍ أرادَتْه سَنةً. فقيَّدَ المَنفَعَةَ بالعِلمِ، ولم يذْكُرِ المُدَّةَ. وهو الصَّوابُ. وقال في «الفُروعِ»: وفي مَنْفَعَتِه المَعْلُومَةِ مُدَّةً معلومَةً، رِوايَتان. ثم ذكَرَ بعضَ مَن نقَل عن أبِي بَكرٍ فقيَّد المَنْفَعَةَ والمُدَّةَ بالعِلمِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: وفي مَنفَعَةِ نفسِه. وقيل: المَقْدِرَةُ. رِوايَتان. وقيل. إن عيَّنا العَمَلَ، صحَّ، وإلَّا فلا.

وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها, لو تَزوَّجها على مَنافِعِ حُرٍّ غيرَه مُدَّةً معلومَةً، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واختارَه ابنُ عَبدُوسٍ في «تَذكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه الله، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هي كالأُولَى. وقاله القاضي في «التَّعليقِ»، وابنُ عَقِيلٍ. الثَّانيةُ، لا يضرُّ جَهلٌ يسِيرٌ ولا غَرَرٌ يُرْجَى زَوالُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يضُرُّ. فعلى المذهبِ، لو تزَوَّجَها على أن يشتَرِيَ لها عَبدَ زَيدٍ، صحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: لا يصِحُّ. فعلى المَنصوصِ لو تعَذَّرَ شِراؤُه بقيمَتِه، فلها قِيمَتُه. الثَّالثةُ، يصِحُّ عقدُه أَيضًا على دَينِ سَلَمٍ وغيرِه، وعلى غيرِ مَقدورٍ له كآبقٍ، ومُغتَصَبٍ يُحَصِّلُه، وعلى مَبِيعٍ اشترَاه ولم يقبِضه. نصَّ على ذلك كلُّه. وجزَم به في «الرِّعايتَين» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهمِ. وقيل: لا تصِحُّ التَّسْمِيَةُ في الجميعِ؛ كثَوبٍ، ودابَّةٍ، ورَدِّ عَبدِها أينَ كان، وخِدمَتِها سنَةً فيما شاءَت، كما تقدَّم، وما يُثمِرُ شجَرُه، ومَتاعِ بيتِه.

وَإنْ أصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أبْوَابٍ مِنَ الْفِقْهِ أو الْحَدِيثِ، أوْ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ، صَحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن أصْدَقَها تَعلِيمَ أبوابٍ مِنَ الفِقه أو الحَدِيثِ، أو قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعرِ المباحِ، صَحَّ. وكذا لو أصدَقَها تعليمَ شيءٍ مِنَ الأدَبِ، أو صَنعَةٍ، أو كِتابَةٍ، وهذا المذهبُ، وأَطلَقه كثيرٌ مِنَ الأصحابِ هنا. قال في «الهدايَةِ» وغيرِه في القَصِيدَةِ: يصِحُّ، رِوايةً واحدةً. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». قال في «البُلغَةِ»، و «تَجريدِ العِنايَةِ»: ويصِحُّ على تعليمِ حديثٍ، وفِقهٍ، وشِعْرٍ

وَإنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، وَيَتَعَلَّمُهَا، ثُمَّ يُعَلِّمُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُباحٍ. وقطَعَا به. وقيَّده المُصَنِّفُ، والمَجدُ، والشَّارِحُ، و «الحاوي»، وغيرُهم، بما إذا قُلنا بجَوْازِ أخذِ الأُجرَةِ على تَعليمِها. وجزَم في «المُنَوِّرِ» بعدَمِ الصِّحَّةِ. وقدَّمه في «النَّظمِ» في الفِقهِ. وأَطلَقَ في «الفُروعِ» في بابِ الإِجارَةِ، في جوازِ أخذِ الأجرَةِ على تعليمِ الفِقهِ والحديثِ، الوَجْهَين، كما تقدَّم هناك. قوله: وإنْ كان لا يَحْفَظُها, لم يَصِحَّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال الشَّارِحُ: يُنْظَرُ في قولِه؛ فإنْ قال: أُحَصِّلُ لكِ تعليمَ هذه السُّورَةِ. صحَّ؛ لأنَّ هذا منْفَعَةٌ في ذِمَّتِه لا يخْتَصُّ بها، فجازَ أن يستَأْجِرَ عليها مَن [لا يُحسِنُها] (¬1)، وإن قال: على ¬

(¬1) في ا: «يحسنها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ أُعَلِّمَكِ. فذكَر القاضي في «الجامعِ»، أنَّه لا يصِحُّ. وذكَر في «المُجَرَّدِ» احتِمالًا بالصِّحَّةِ، أشْبَهَ ما لو أصدَقها مالًا في ذِمَّتِه، [ولو كان مُعْسِرًا به] (¬1). قال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»: ويصِحُّ على قصِيدَةٍ لا يحْسِنُها، يتَعَلَّمُها ثم يُعَلِّمُها. وقيل: لا تصِحُّ التَّسْمِيَةُ. وقال في «الرِّعايتَين» في القِراءَةِ: لو شرَطَ سُورَةً لا يعْرِفُها، تَعَلَّم وعلَّم، كمَنْ شرَطَ تِعْليمَها. وقيل: يبْطُلُ. وقال بعدَ ذلك: وإنْ أصْدَقَها تعْليمَ فِقْهٍ أو حديثٍ أو أدَبٍ أو شِعْرٍ مُباح معْلومٍ أو صَنْعَةٍ أو كِتابَةٍ، صحَّ، وفرُوعُه كفُروعِ القِراءَةِ. انتهى. قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ، ويَتَعَلَّمُها ثم يُعَلِّمُها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وهو الذي قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيرِهِ، لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: يصِحُّ، ولو لم يحْفَظْه نصًّا. فائدة: قولُه: وإنْ تَعَلَّمَتْها مِن غيرِه، لَزِمَتْه أُجْرَةُ تَعْلِيمِها. وهذا بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو ادَّعَى الزَّوْجُ أنَّه علَّمَها، وادَّعَتْ أنَّ غيرَه علَّمَها، كان القَوْلُ قولَها، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقيل: القَوْلُ قولُه.

فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا، فَعَلَيهِ نِصْفُ الأُجْرَةِ، يَحْتَمِلُ أنْ يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَ تَعْلِيمِهَا، رَجَعَ عَلَيهَا بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَها قبْلَ الدُّخُولِ وقبلَ تَعْلِيمِها، فعليه نِصْفُ الأُجْرَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الفُصولِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: يَلْزَمُه نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُعَلِّمَها نِصْفَها، بشَرْطِ أمْنِ الفِتْنَةِ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهَ، ووَجْهٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين». وأطْلقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ». فعلى هذا الوَجْهِ، يُعَلِّمُهَا مِن وَراءِ حِجابٍ مِن غيرِ خَلْوَةٍ بها.

وَإنْ أصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو طَلَّقَها بعدَ (¬1) الدُّخولِ، وقبلَ تعْلِيمِها. قاله المُصنِّفُ والشَّارِحُ، [وغيرُهما، فعليه الأجْرَةُ كامِلَةً. وقيل: يَلْزَمُه مَهْرُ المِثْلِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه يَلْزَمُه تعْلِيمُها كامِلَةً لها، قِياسًا على ما تقدَّم قبلَه] (¬2). الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ كان بعدَ تَعْلِيمِها، رجَعَ عليها بنِصْفِ الأجْرَةِ. بلا نِزاعٍ، ولو حصَلَتِ الفُرْقَةُ مِن جِهَتِها، رجَع بالأُجْرَةِ كامِلَةً عليها. قوله: وإنْ أَصْدَقَها تَعْلِيمَ شيْءٍ مِنَ القُرآنِ مُعَيَّنٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ. نصَّ ¬

(¬1) في ط: «قبل». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم. وصحَّحه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. قال في «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ. قال ابنُ رَزِينٍ هذا الأظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ». وأطْلَقهما في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين».

وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ قِرَاءَةِ مَنْ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يصِحُّ [مطْلقًا. وقيل: بل يصِحُّ] (¬1)، إنْ جازَ أخْذُ الأُجْرَةِ عليه. ذكَره في «الرِّعايتَين»، وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قلتُ: الذي يظْهَرُ أنَّ هذا مُرادُ مَنْ قال: لا يصِحُّ. وأَطْلَقَ، وأَنَّ الخِلافَ مَبْنِيٌّ على جَوازِ أخْذِ الأجْرَةِ على ذلك على ما تقدَّم في بابِ الإِجارَةِ (¬2). قوله: ولا يَحْتاجُ إلى ذِكْرِ قِراءَةِ مَن. يعْنِي على القَوْلِ بالصِّحَّةِ لا يُشْترَطُ أنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) 14/ 379.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعَيِّنَ قِراءَةَ شَخْصٍ مِنَ القُرَّاءِ. وهذا هو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروع». وقال أبو الخَطَّابِ: يحْتاجُ إلى ذلك. وجزَم به في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين». وأطْلَقهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». فوائد؛ الأولَى، هل يتوَقَّفُ الحُكْمُ بقَبْضِ السُّورَةِ على تَلْقينِ جَميعِها، أو تَلْقِينُ كُلِّ آيةٍ قَبْضٌ لها؟ فيه احْتِمالان، ذكرَهما الأزَجِيُّ. قلتُ: الصوابُ الذي لا شَكَّ فيه، أنَّ تلْقِينَ كلِّ آيَةٍ قَبْضٌ لها؛ لأنَّ تعْليمَ كلِّ آيَةٍ يحْصُلُ به نَفْعٌ كامِلٌ فهو كقَبْضِ بعْضِ الصَّداقِ إذا كان عَينًا. الثَّانيةُ، أجْرَى في «الواضحِ» الرِّوايتَين

وَإنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، أوْ خَالعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، وَيُقْسَمُ بَينَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أَحدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخرِ يُقسَمُ بَينَهُنَّ بِالسَّويَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بقِيَّةِ القُرَب، كالصَّلاةِ، والصَّوْمِ، ونحوهما. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ إصْداقُ الذمِّيَّةِ شيئًا مِنَ القُرْآنَ، وإنْ صحَّحْناه في حقِّ المُسْلِمَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يصِحُّ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ: يصِحُّ بقَصْدِها الاهْتِداءَ. وقطَع به في «المُذْهَبِ». وتقدَّم في أحْكامِ أهْلِ الذِّمَّةِ، أنَّهم يُمْنَعُون مِن قِراءَةِ القُرْآنِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. الرَّابعةُ، لو طلَّقَها ووُجِدَتْ حافِظَةً لِمَا أصْدَقَها وتَنازَعا هل علَّمها الزَّوْجُ أمْ لا؟ فأيُّهما يُقْبَلُ قوْلُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عشرَةَ». قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُ قوْلِها. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإذا تَزَوَّجَ نِساءً بمَهْرٍ واحِدٍ، أو خالعَهُنَّ بعِوَضٍ واحدٍ، صَحَّ، ويُقْسَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَينَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي, والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزجِيِّ». وقدَّمه في «الهدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وفي الآخَرِ، يُقسَمُ بينَهُنَّ بالسَّويَّةِ. اختارَه أبو بَكْرٍ. وذكَره ابنُ رَزِينٍ رِوايَةً. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ». وقيل في الخُلْعِ: يُقْسمُ على قَدْرِ مُهورِهِنَّ. وفي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّداقِ: يُقْسَمُ بيَنْهُنَّ بالسَّويَّةِ. [وقال: الصَّداقُ يُقْسَمُ بينَهُنَّ بالسَّويّةِ على عَدَدِهنَّ. وفي «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، في الخُلْعِ، أنَّ العِوضَ يُقْسَمُ بينَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ المُسَمَّاةِ لَهُنَّ. والقَوْلان الأوَّلان فيهما على قَدْرِ مُهورِ مِثْلِهِنَّ، أو على عَددِهِنَّ بالتَّسْويَةِ، كالقَوْلَين في الصَّداقِ ونحوه] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ عَقْدُ بعْضِهِنَّ فاسِدًا، ففيه الخِلافُ المُتقَدِّمُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: للتي عقْدُها فاسِدٌ مَهْرُ المِثْلِ. وهو احتِمالٌ في «التَّرْغيبِ» مع صِحَّةِ العُقودِ.

فَصلٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَالثَّمَنِ، وَإنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيرَ مُعَيَّنةٍ أَوْ دَابَّةً، لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُشْتَرَطُ أنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كالثَّمَنِ، فإنْ أصْدَقها دارًا غيرَ مُعَيَنَةٍ، أو دابَّةً، لم يَصِحَّ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْر وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وهو ظاهرُ ما قدَّمه الشَّارحُ. وقال القاضي: يصِحُّ مجْهولًا، ما لم تزِدْ جَهالتُه على مَهْرِ المِثْلِ. فعليه، لو تزَوَّجَها على عَبْدٍ أو أمَةٍ أو فرَسٍ أو بَغْلٍ أو حَيوانٍ مِن جِنْس معْلُوم، أو ثَوْبٍ هَرَويٍّ أو مَرْويٍّ، وما أَشْبَهَه ممَّا يُذْكَرُ جِنْسُه، صحَّ، ولها الوَسَطُ. وكذا لو أصْدَقَها قَفِيزَ حِنْطَةٍ، أو عَشَرَةَ أرْطالِ زَيتٍ، وما أشْبَهَه. فإنْ كانتِ الجَهالةُ تزيدُ على جَهالةِ مَهْرِ المِثْلِ؛ كثَوْبٍ، أو دابَّةٍ، أو حَيوانٍ، مِن غيرِ ذِكْرِ الجِنْسِ، أو على حُكْمِها، أو حُكْمِ أجْنَبِيٍّ، أو على حِنْطَةٍ، أو زَبِيبٍ، أو على ما اكْتَسبَه في العامِ، لم يصِحَّ. ذكَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. ويأْتِي مَعْنَى هذا قريبًا عندَ قوْلِه وكذلك يُخَرَّجُ إذا أصْدَقَها دابَّةً مِن دَوابِّه، ونحوَه.

وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا، لَمْ يَصحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أصْدَقَها عبْدًا مُطْلَقًا، لم يَصِحَّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ،

وَقَال الْقَاضِي: يَصِحُّ، وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهُوَ السِّنْدِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِي»، ونَصَره. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقال القاضي: يصِحُّ، ولها الوَسَطُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -وقال: نصَّ عليه- و «إدْراكِ الغايةِ». وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ» الإطْلاقُ. فائدة: قولُه: وهو السِّنْدِيُّ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»: لها في المُطْلَقِ وَسَطُ رَقيقِ البَلَدِ نَوْعًا وقِيمَةً، كالسِّنْدِيِّ بالعِراقِ. زادَ في «الفُروعِ»، فقال: لأنَّ أعْلَى العَبِيدِ التُّرْكِيُّ والرُّومِيُّ، وأدْناهُم الزِّنْجِيُّ، والحَبَشِيُّ، والوَسَطُ السِّنْدِيُّ والمَنْصُورِيُّ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ جَعْفَرٍ النَّسائِيِّ، أنَّ لها وَسَطًا، يعْنِي، فيما إذا أصْدَقَها عَبْدًا مِن عَبِيدِه على قَدْرِ ما يُخْدَمُ مِثْلُها. وهذا تقْيِيدٌ للوَسَطِ بأنْ يكونَ [ممَّا يُخْدَمُ] (¬1) مِثْلُها. انتهى. وقال أَيضًا: والذي يَنْبَغِي في سائرِ أصْنافِ المالِ؛ كالعَبْدِ، والشَّاةِ، والبَقَرَةِ، والثِّيابِ، ونحوها، أنَّه إذا أصْدَقَها شيئًا من ذلك، أنَّه يرْجِعُ فيه إلى مُسَمَّى ذلك اللَّفْظِ في عُرْفِها، وإنْ كان بعْضُ ذلك غالِبًا، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، لَم يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرُويَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ إِذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أَوْ قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ، وَنَحْوَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخَذَتْه، كالبَيعِ، أو كان مِن عادَتِها اقتناؤُه أو لُبْسُه، فهو كالمَلْفُوظِ به. انتهى. ويأْتي، إذا أصْدَقَها ثوْبًا هرَويًّا (¬1) أو مَرْويًّا، أو ثَوْبًا مُطْلَقا قريبًا. وتقدَّم (¬2) ذلك أَيضًا. قوله: وإنْ اصدَقَها عَبْدًا مِن عَبِيدِه، لم يَصِحَّ، ذَكَرَه أَبُو بَكْرٍ. واخْتارَه هو والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الكافِي» ونصَرَه. ورُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) في ط: «ولزوم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه الله، أنَّه يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»: وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. واخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -وقال: نصَّ عليه- و «إدراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: إذا أصْدَقَها مُبْهَمًا مِن أعْيانٍ مُخْتَلِفَةٍ، ففي الصِّحَّةِ وَجْهان، أصحُّهما الصِّحَّةُ. انتهى. وظاهِرُ «الفُروعِ» الإِطْلاقُ؛ فإنَّه قال فيها وفي التي قبلَها: لم يصِحَّ عندَ أبِي بَكْرٍ، والشَّيخِ، وظاهِرُ نصِّه صِحَّتُه. انتهى. فتلَخَّصَ في المَسْألتَين أنَّ أَبا بَكْرٍ، والمُصَنِّفَ، وحماعَةً، قالوا بعدَمِ الصِّحَّةِ فيهما، وأنَّ القاضيَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجماعةً قالوا بالصِّحَّةِ فيهما، وأنَّ أَبا الخَطَّابِ، وجماعةً قالوا: لا يصِحُّ في الأُولَى، ويصِحُّ في الثَّانيةِ. وهو المذهبُ، كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، لها أحدُهم بالقُرْعَةِ على الصَّحيحِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وعنه، لها الوَسَطُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأَطلَقهما في «القاعِدَةِ السِّتِّين بعدَ المِائَةِ». [وقيل: لها ما اخْتارَتْ منهم. وقيل: هو كنَذْرِه عِتْقَ أحَدِهم. ذكَرهما ابنُ عَقِيلٍ] (¬1). وقيل: لها ما اخْتارَ الزَّوْجُ. وأطْلَقَ الثَّلَاثةَ، الأوَّلَ والأخِيرَ، في «البُلْغَةِ». واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّهم إن تساوَوْا، فلها واحِدٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ أَصْدَقَها عَبْدًا مَوْصُوفًا، صَحَّ، وَإنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقُرْعَةِ، وإلَّا فلها الوَسَطُ. قوله: وكذلك يُخَرَّجُ إذا أصْدقَها دابَّةً مِن دَوابِّهِ، أو قَمِيصًا مِن قُمْصانِه. وكذا لو أصْدَقَها عِمامَةً مِن عَمائمِه، أو خِمارًا مِن خُمُرِه، ونحوَ ذلك. وهذا التَّخْرِيج لأبِي الخَطَّابِ، ومَن تابعَه مِنَ الأصحابِ. وقطَع في «المُحَرَّرِ» وغيرِه، أنَّه كذلك. قال في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»: وثَوْبٌ مَرْويٌّ، ونحوُه، كعَبْدٍ مُطْلَقٍ؛ لأنَّ أعْلَى الأجْناسِ وأدْناهَا مِنَ الثِّيابِ غيرُ معْلومٍ، وثَوْبٌ مِن ثِيابِه، ونحوُه، كقَفِيزِ حِنْطَةٍ، وقِنْطارِ زَيتٍ، ونحوه، كعَبْدٍ مِن عَبِيدِه. وجزَم بالصِّحَّةِ في ذلك في «الوَجيزِ». ومنَع في «الواضِحِ» في غيرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ. ومنَع أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» عدَمَ الصِّحَّةِ في قَوْسٍ أو ثَوْبٍ. وقال: كلُّ ما جُهِلَ دُونَ جَهالةِ المِثْلِ، صح. وتقدَّم ذلك عنِ القاضي أَيضًا. قوله: وإنْ أصْدَقَها عبْدًا موْصُوفًا، صَح. قطَع به الأصحابُ. وفي «الرِّعايةِ الصُّغْرَى» وَجْهٌ بعدَمِ الصِّحةِ، وفيه نظرٌ. قاله بعْضُهم.

أوْ أصْدَقَهَا عَبْدًا وَسَطًا وَجَاءَهَا بِقِيمَتِهِ، أوْ خَالعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَجَاءَتْهُ بِقِيمَتِهِ، لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا. وَقَال الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جاءَها بقيمَتِه، أو أصْدَقَها عَبْدًا وسَطًا وجاءَها بقِيمَتِه، أو خالعتْه على ذلك فجاءَتْه بقِيمَتِه، لم يلْزَمْهُما قَبُولُها. هذا أحدُ الوَجْهَين. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في تَصْحيحِ المُحَرَّرِ، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. [وجزَم به الشِّيرازِيُّ] (¬1). وقال القاضي: يلْزَمُهُما. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ أخْرَى، لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ. فَإِنْ فَاتَ طَلَاقُهَا بِمَوْتِهَا، فَلَهَا مَهْرُهَا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقطَع به ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ أصْدَقَها طَلاقَ امْرَأةٍ له أخْرَى، لم يَصِحَّ. يعْنِي، لم يصِحَّ جعْلُ الطلاقِ صَداقًا. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»: لم يصِحَّ في الأصحِّ. وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي» ,

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يصِحُّ. جزَم به في «الوَجيزِ»، ولم أرَ مَنِ اخْتارَه غيرَه، مع أنَّ له قُوَّةً. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ». وقال الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: ولو قيلَ ببُطْلانِ النِّكاحِ، لم يبْعُدْ؛ لأنَّ المُسَمَّى فاسِدٌ لا بدَلَ له، فهو كالخَمْرِ ونِكاحِ الشِّغَارِ. فعلى المذهبِ، لها مَهْرُ مِثْلِها. قاله القاضي في «الجامعِ»، وأبو الخَطَّاب، وغيرُهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وحكَى القاضي في «المُجَرَّدِ»، عن أبِي بَكْر، أنَّها تسْتَحِقُّ مَهْرَ الضَّرَّةِ. وقاله ابنُ عَقِيلٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وهو أجْوَدُ. ذكرَه في «الاخْتِياراتِ». قوله: فإنْ فاتَ طَلاقُها بمَوْتِها، فلها مَهْرُها في قِياسِ المذهبِ. وهكذا قال في «الهدايَةِ». وهو الصَّحيحُ على هذه الرِّوايَةِ. جزَم به في «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، [وفرَضَا المَسْألةَ فيما إذا لم يُطَلِّقْها. وقيل: لها مَهْرُ مِثْلِها. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»] (¬1)، ووَجْهٌ في «البُلْغَةِ»، وأطْلَقهما. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو جعَل صَداقَها أنْ يجْعَلَ إليها طَلاقَ ضَرَّتِها إلى سنَةٍ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقيل: يسْقُطُ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حقُّها مِنَ المَهْرِ، إذا مَضَتِ السَّنَةُ ولم تُطَلِّقْ. ذكرَه أبو بَكْرٍ. وأَطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو أصْدَقَها عِتْقَ أمَتِه، صحَّ، بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إِنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَينَ إِنْ كَانَ مَيِّتًا، لَمْ يَصِحَّ. نَصَّ عَلَيهِ. وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ، وَأَلْفَينِ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ، لَمْ يَصِحَّ في قِيَاسِ الَّتِي قبْلهَا. وَالمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَزوَّجَها على أَلْفٍ إنْ كان أَبُوها حَيًّا، وأَلْفَين إِنْ كان مَيِّتًا، لم يَصِحَّ. نَصّ عليه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه: لا يصِحُّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهما. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: بطَلَ في المَشْهورِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، يصِحُّ. وهي مخَرَّجَةٌ، خرَّجها الأصحابُ مِنَ التي بعدَها. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على أَلْفٍ إنْ لم تَكُنْ له زَوْجَةٌ، وأَلْفَين إنْ كان له زَوْجَةٌ، لم يَصِحَّ في قِياسِ التي قبْلَها. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الخُلاصَةِ»: لم يصِحَّ على الأصحِّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو رِوايَةٌ مخَرَّجَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَنْصوصُ أنَّه يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه: يصِحُّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». قال في «المُذْهَبِ»: صحَّ في المَشْهورِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال في «الهِدايَةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهما: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في الأولَى على وُجوبِ مَهْرِ المِثْلِ، وفي الثَّاثيةِ على صِحَةِ التَّسْمِيَةِ، فيُخَرَّجُ في المَسْألتَين رِوايتَان. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال أصحابُنا: تُخرَّجُ المَسْألةُ على رِوايتَين. وقدَّم «البُلْغَةِ» عدَمَ التَّخْريجِ، وهو المذهبُ كما تقدَّم. قال: وحمَلَ بعْضُ أصحابِنا كلَّ واحدَةٍ على الأخْرَى.

وَإذَا قَال الْعَبْدُ لِسَيِّدَتِهِ: أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. فَأَعْتَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، عَتَقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَإذَا فَرَضَ الصَّدَاقَ مُؤجَّلًا وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو تزَوَّجَها على ألْفٍ إنْ لم يُخْرِجْها مِن دارِها، وعلى أَلْفَين إنْ (¬1) أخْرَجَها، ونحوُه. قوله: وإذا قال العَبْدُ لسَيِّدَتِه: أعْتِقِينِي على أنْ أتَزَوَّجَكِ. فأعْتَقَتْه على ذلك، عَتَقَ ولم يَلْزَمْه شيْءٌ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وكذا لو قالتْ: أَعْتَقْتُكَ على أنْ تتَزَوَّجَ بي. لم يَلْزَمْه ذلك، ويَعْتِقُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، في بابِ أرْكانِ النِّكاحِ (¬2)، عندَ قوْلِه: إذا قال: أعْتَقْتُكِ، وجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَداقَكِ. قوله: وإذا فَرَضَ الصَّداقَ مُؤجَّلًا ولم يَذْكُرْ مَحِلَّ الأجَلِ، صَحَّ في ظاهِرِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) 20/ 234.

يَذْكُرْ مَحِلَّ الأجَلِ، صَحَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَمَحِلُّهُ الْفُرْقَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَلامِه، ومَحِلُّه الفُرْقَةُ عند أصحابِنا. اعلمْ أنَّ الصَّداقَ يجوزُ فَرْضُه مُؤجَّلًا ومُعَجَّلًا بطَريقٍ أوْلَى، ويجوزُ بعْضُه مُعَجَّلًا، وبعْضُه مُؤجَّلًا. ومتى فُرِضَ الصَّداقُ وأُطلِقَ، اقْتَضَى الحُلولَ، وإنْ شرَطَه مُؤجَّلًا إلى وَقْتٍ، فهو إلى أجَلِه، وإنْ شرَطَه مُؤجَّلًا، ولم يذْكُرْ محَلَّ الأجَلِ -وهي مَسْألَةُ المُصَنِّفِ- فالصَّحيحُ أنَّه يصِحُّ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضي. وقدَّمه في «المُسْتَوعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يصِحُّ. يعْنِي، لا يصِحُّ فرْضُه مُؤجَّلًا مِن غيرِ ذِكْرِ محَلِّ الأجَلِ، ولها مَهْرُ المِثْلِ. وقال عن الأوَّلِ: فيه نظَرٌ. وهو رِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. واخْتارَه القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». فعلى المذهبِ (¬1)، قال المُصَنِّفُ هنا: ومحَلُّه الفُرْقَةُ عندَ أصحابِنا، منهم القاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِيِّ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) في ط: «الأول».

فَصْلٌ: وَإنْ أصْدَقَهَا خَمْرًا أوْ خِنْزِيرًا أوْ مَالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكَاحُ، وَوَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُعْجِبُهُ اسْتِقبَال النِّكَاحِ. اخْتَارَهُ أبُو بَكْرٍ. وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يكونُ حالًّا. وذكرَها ابنُ أبِي مُوسى احْتِمالًا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ عندِي أنْ يكونَ الأجَلُ إلى حينِ الفُرْقَة، أو حينِ الخَلْوَةِ والدُّخولِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: الأظْهَرُ أنَّهم أرادُوا بالفُرْتَةِ البَينُونَةَ، فعلى هذا، الرَّجْعِيَّةُ لا يحِل مَهْرُها إلَّا بانْقِضاءِ عِدَّتِها. قوله: وإنْ أصدَقَها خَمْرًا أو خِنْزِيرًا أو مالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكاحُ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ هنا: والمذهبُ صِحَّتُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه يُعْجِبُه اسْتِقْبالُ النِّكاحِ، يعْنِي أنَّ النِّكاحَ فاسِدٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، واخْتارَه أَيضًا شيخُه الخَلَّالُ، والجُوزْجَانِيُّ، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَا يعْلَمان حالةَ العَقْدِ أنَّه خَمْرٌ، أو خنزيرٌ، أو مَغْصُوبٌ. وحمَلها القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم على الاسْتِحْبابِ. تنبيه: إلْحاقُ المَغْصُوبِ بالخَمْرِ والخِنْزِيرِ عليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقيل: محَلُّ الخِلافِ فيما هو مُحَرَّمٌ لحَق اللهِ؛ كالخَمْرِ، والخِنْزيرِ، والحُرِّ، ونحو ذلك، [ولا] (¬1) يدْخُلُ المَغْصوبُ. فيَصِحُّ (¬2) به قوْلًا واحدًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذا اخْتِيارُ الشَّيخَين، حتَّى بالغ أبو محمدٍ، فحكَى الاتِّفاقَ عليه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ صاحبِ «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي». قوله: ووجَبَ مَهْرُ المثْلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في ¬

(¬1) في ط: «لأنه». (¬2) في ط: «فصح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وعندَ ابنِ أبِي مُوسى يجِبُ مِثْلُ المَغْصوبِ أو قِيمَتُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: واخْتارَه أبو العَبَّاسِ. وقال في «الواضِحِ»: إنْ باعَ المَغْصُوبَ صاحِبُه بثَمَنِ مِثْلِه، لَزِمَه. وعنه، يجِبُ مِثْلُ الخَمْرِ خَلًّا. فائدة: يجِبُ المَهْرُ هنا بمُجَرَّدِ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «التّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: وعنه، يجِبُ بالعَقْدِ، بشَرْطِ الدُّخولِ.

وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا، أو عَصِيرِ فَبَانَ خَمْرًا، فَلَهَا قِيمَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على عَبْدٍ فخَرَجَ حُرًّا أو مَغْصُوبًا، أو عَصيرٍ فبان خَمْرًا، فلها قِيمَتُه. يعْنِي يوْمَ التَّزْويجِ. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: إنْ خرَج حُرًّا، فلها قِيمَتُه. وقطَع به الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ (¬1). وإنْ خرَج العَبْدُ مغْصُوبًا، فلها قِيمَتُه أَيضًا. وهو المذهبُ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وإنْ بانَ العَصِيرُ خَمْرًا، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّ لها قِيمَتَه. ¬

(¬1) في ط: «الأصحاب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وقالا: رِوايةً واحدةً. وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». وقيل: لها مِثْلُ العَصِيرِ. وهو المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ورَدَّا قَوْلَ القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لها مَهْرُ المِثْلِ. وقدَّمه في «الإِيضاحِ». قال في «البُلْغَةِ»: يُرْجَعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ في المِثْلِيِّ وبالقِيمَةِ في غيرِه. وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، لا يَلْزَمُه في هذه المَسائلِ شيءٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا قال في مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تعَذَّرَ حُصُولُه. فائدة: لو تزَوَّجَها على عَبْدَين، فبانَ أحدُهما حُرًّا. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ لها قِيمَةَ الحُرِّ فقط، وتأْخُذُ الرَّقيقَ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لها (¬1) قِيمَتُهما. ولو تزَوَّجَها على عَبْدٍ، فبانَ نِصْفُه مُسْتَحَقًّا، أو أصْدَقَها أَلْفَ ذِراعٍ، فبانَتْ ¬

(¬1) في ط: «له».

وَإنْ وَجَدَتْ بِهِ عَيبًا، فَلَهَا الْخِيَارُ بَينَ أَخْذِ أَرْشِهِ أَوْ رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تِسْعَمائةٍ، خُيِّرَتْ بينَ أخْذِه وقِيمَةِ التَّالِفِ، وبينَ قِيمَةِ الكُلِّ. ذكرَه أبو بَكْرٍ وقال: هو مَعْنى المَنْقُولِ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا يَلْزَمُه شيءٌ. قوله: وإنْ وجَدَتْ به عَيبًا، فلها الخِيَارُ بينَ أخْذِ أَرْشِه أو رَدِّه وأَخْذِ قِيمَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو بانَ ناقِصًا صِفَةً شرطَتْها. [فأمَّا الذي بالذِّمَّةِ إذا قُبِضَ مِثْلُه عنه، ثم بانَ مَعِيبًا ونحوه، فإنَّه يجِبُ بدَلُه لا أرْشُه ولا قِيمَتُه. كما قد صرَّح به «المُحَرَّرِ» وغيرُه] (¬1). وحُكْمُ ذلك كلِّه كالبَيعِ، كما تقدَّم. ذكرَه في «الفُروعِ». وقال النَّاظِمُ: لها أخْذُ الأَرْشِ في الأصحِّ. وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وعنه، لا أرْشَ لها مع إمْساكِه. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: ذكَر الزَّرْكَشِيُّ، عن الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، أنَّه ذكَر في بعْضِ «قَواعِدِه» جَوازَ فَسْخِ المَرْأةِ النِّكاحَ إذا ظهَر المَعْقُودُ عليه حُرًّا أو مَغْصُوبًا أو مَعِيبًا، والإمامُ والأصحابُ على خِلافِ ذلك.

فَصْلٌ: وَإنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا، صَحَّ، وَكَانَا جَمِيعًا مَهْرَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ تَزَوّجَها على أَلْفٍ لها وأَلْفٍ لأبِيها، صَحَّ، وكانا جَمِيعًا مَهْرَهَا،

فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهِمَا، رَجَعَ عَلَيهَا بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ مِمَّا أخَذَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ طَلَّقَها قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهما، رَجَعَ عليها بأَلْفٍ، ولم يَكُنْ على الأبِ شَيءٌ مِمَّا أخَذَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. لكِنْ يشْتَرَطُ في الأبِ أنْ يكونَ ممَّنْ يصِحُّ تَملُّكُهْ. قاله الأصحابُ. وذكَر في «التَّرْغيبِ» رِوايَةً؛ أنَّ المُسَمَّى كلَّه لها، ويرْجِعُ به على الأبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى أبو عَبْدِ اللهِ بنُ تَيمِيَّةَ (¬1) رِوايةً ببُطْلانِ الشَّرْطِ وصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ. وقيل: يَبْطُلانِ ويجِب مَهْرُ ¬

(¬1) هو محمَّد بن الخضر، فخر الدين: تقدمت ترجمته في 1/ 18.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. فائدة: لو شرَط أنَّ جميعَ المَهْرِ له، صحَّ، [كشُعَيبٍ - صلى الله عليه وسلم -] (¬1)، فلو طَلَّقها قبلَ الدُّخولِ، رجَع بنِصفِه عليها, ولا شيءَ على الأبِ. وهذا الصَّحيحُ. وقاله القاضي، وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: يرْجِعُ عليه بنِصْفِ ما أَخَذَ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك. [فعلى هذا لو كانَ ما شرَطه الأبُ أكثرَ مِنَ النِّصْفِ، رجَع على الأبِ بما زادَ على النِّصْفِ، وببَقِيَّةِ النِّصْفِ على الزَّوْجَةِ] (¬1). تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، رَحِمَه الله، وغيرِه أنَّه سواءٌ أجْحَفَ الأخْذُ بمالِ البِنْتِ أوْ لا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ إطْلاقِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، والقاضي في «تَعْليقِه»، وأبِي الخَطَّابِ، وطائفَةٍ. وشرَط عدَمَ الإجْحافِ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. رَحِمَه اللهُ: وهذا ضعيفٌ، ولا يُتَصَوَّرُ الإِجْحافُ، لعدَمِ مِلْكِها له. فائدة: يَمْلِكُ الأبُ ما شرَطَه لنَفْسِه بنَفْسِ العَقْدِ، كما تَمْلِكُه هي، حتَّى لو ماتَ قبلَ القَبْضِ، وَرِثَ عنه، لكِنْ يُقَدَّرُ فيه الانْتِقالُ إلى الزَّوْجَةِ أوَّلًا، ثم إليه، كأعْتِقْ عَبْدَكَ عن كفَّارَتي. ذكَر ذلك ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وقال القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا يَمْلِكُه إلَّا بالقَبْضِ مع النِّيَّةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وضعَّفَ هذا بأنَّه يَلْزَمُ منه بُطْلانُ خَصِيصةِ هذه المَسْأَلةِ. قال: ويتَفَرَّع مِن هذا -على قَوْلِ أبِي محمدٍ- أَنه لو وُجِدَ الطَّلاقُ قبلَ القَبْضِ، فللأبِ أنْ يأخُذَ مِنَ الأَلْفِ التي اسْتَقَرَّتْ للِبنْتِ ما شاءَ، والقاضي يجْعَلُ الأَلْفَ بينَهما نِصْفَين، كجُمْلَةِ الصَّداقِ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيرُ الأَبِ، فَالْكُلُّ لَهَا دُونَهُ. وَلِلأَب تَزْويجُ ابْنَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فإنْ فعَلَ ذلك غيرُ الأبِ، فالكُلُّ لها. صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ، ويجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. قاله القاضي في «المُجَرَّدِ». قوله: وللأَب تَزْويجُ ابْنَتِه البِكْرِ والثَّيِّبَ بدونِ صَداقِ مِثلِها، وإنْ كَرِهَتْ. هذا

الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَإنْ كَرِهَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَنْصُوصُ والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وهو مُقْتَضَى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» اخْتِصاصُ هذا الحُكْمِ بالأَبِ المُجْبَرِ. وهو قَوْلُ القاضي في «المُجَرَّدِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ أَيضًا. وقيل: يخْتَصُّ ذلك بالمَحْجُورِ عليها في المال. ذكرَه ابنُ أبِي مُوسى في الصَّغِيرَةِ، وفي معْناها السَّفِيهَةُ. وفي «التَّعْليقِ» احْتِمالٌ؛ أنَّ حُكْمَ الأبِ مع الثَّيِّبِ حُكْمُ غيرِه مِنَ الأوْلِياءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: حيثُ قُلْنا: للأَبِ ذلك. فليسَ لها إلَّا ما وقَع عليه العَقْدُ، فلا يُتَمِّمُه الأبُ ولا الزَّوْجُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُتَمِّمُه الأبُ، كبَيعِه بعْضَ مالِها بدُونِ ثَمَنِه لسُلْطَانٍ يَظُنُّ به حِفْظَ الباقِي. ذكَره في «الانْتِصارِ». وقيل: يُتَمِّمُه لثَيِّبٍ كبيرَةٍ. وفي «الرَّوْضَةِ» بما وقَع عليه العَقْدُ قبلَ لُزومِ العَقْدِ. وقيل: على الزَّوْجِ بقِيَّةُ مَهْرِ المِثْلِ. ذكَره ابنُ حَمْدانَ في «رِعايتَيه». تنبيه: قوْلُه: وإنْ كَرِهَتْ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد يسْتَشْكِلُ مَنْ لا يَمْلِكُ إجْبارَها، إذا قالتْ: أَذِنْتُ لكَ أنْ تُزَوِّجَنِي على مِائَةِ درْهَمٍ لا أقلَّ. فكيفَ يصحُّ أنْ يُزَوِّجَها على أقلَّ مِن ذلك؟ وقد يقالُ: إذْنُها في المَهْرِ غيرُ مُعْتَبَرٍ، فيُلْغَى ويبْقَى أصْلُ إذْنِها في النِّكاحِ.

وَإنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيرُهُ بِإِذْنِهَا، صَحَّ، وَلَمْ يَكُنْ لغَيرِهِ الاعْتِرَاضُ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيرِ إِذْنِهَا، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فعَل ذلك غيرُه بإذْنِها، صَحَّ، ولم يكُنْ لغيرِه الاعتِراضُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: على الزَّوْجِ بقِيَّةُ مَهْرِ المِثْلِ. ذكَره ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه». قلتُ: وهو مُشْكِلٌ؛ لأنَّها إنْ كانتْ رشِيدةً، فكيفَ يلْزَمُ الزَّوْجَ ذلك مع رِضَاها بغيرِه؟ وإنْ كانتْ غيرَ رشِيدَةٍ ولها إذْنٌ، وأذِنَتْ في ذلك، فهذا يَحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَ الزَّوْجَ التَّتِمَّةُ (¬1)، ويحْتَمِلُ أنْ يلْزَمَ الوَلِيَّ، لكِنَّ الأوْلَى هنا لُزومُ التَّتِمَّةِ إمَّا على الزَّوْجِ، أو الوَلِيِّ. هذا ما يظْهَرُ. قوله (¬2): وإِنْ فعَلَه بغيرِ إذنِها، وجَب مَهْرُ المِثلِ. فيُكْمِلُه الزَّوْجُ. على ¬

(¬1) في الأصل: «القيمة». (¬2) سقط من: ط.

وَيَحْتَمِلُ أن لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلا الْمُسَمَّى، وَالْبَاقِي عَلَى الْوَلِيِّ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيعِ. وَإنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، صَحَّ، وَلَزِمَ ذِمَّةَ الابْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ لا يلْزَمَ الزَّوْجَ إلَّا المُسَمَّى، والباقِي على الوَلِيِّ، كالوَكِيلِ في البَيعِ. وهو. لأبي الخطَّابِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقدَّمه في «القَواعِدِ» في «الفائِدَةِ العِشْرِين»، وقال: نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. قال في «الفُروعِ»: وبدُونِ إذْنِها يلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُه، ويضْمَنُه الوَلِي. وعنه، تَتِمَّتُه عليه كمَنْ زوَّجَ بدُونِ ما عيَّنَتْه له. قال: ويتَوَجَّهُ كخُلْعٍ. وفي «الكافِي»، للأبِ تعْويضُها. قوله: وإنْ زَوَّجَ ابنَه الصَّغِيرَ بأكْثَرَ مِن مَهْرِ المِثْلِ، صَحَّ، ولَزِمَ ذمَّةَ الابنِ. هذا المذهبُ. قال القاضي: هذا المذهبُ، رِوايَةً واحِدةً. وجَزَم به في

فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْأَبُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. [وعنه، على الأبِ ضَمانًا. وعنه، أصالةً. ذكرَهما الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ] (¬1). ونقَل ابنُ هانِيُّ، يلْزَمُ ذِمَّةَ الابْنِ مع رِضَاه. وقيل: لا يتزَوَّجُ له بأكْثرَ مِن مَهْرِ المِثْلِ. اخْتارَه القاضي. وتقدَّم ذلك بأبْسَطَ مِن هذا في أرْكانِ النِّكاحِ (¬2)، بعدَ قوْلِه: الثَّاني، رِضَا الزَّوْجَين. فعلى المذهبِ، لو قَضاه عته أَبُوه، ثم طلَّق ابنُه قبلَ الدُّخولِ، وقيل: بعدَ البُلوغِ. فنِصْفُ الصَّداقِ للابنِ دُونَ الأبِ. قاله في «الرِّعايةِ». قوله: فإنْ كان مُعْسِرًا، فهل يضْمَنُه الأبُ؟ يَحْتَمِلُ وجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، لا يضْمَنُه الأبُ، كثَمَنِ مَبِيعِه. وهو المذهبُ. قال القاضي: هذا أصحُّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) 20/ 13.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والثَّانيةُ (¬1)، يضْمَنُه للعُرْفِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وعنه، يلْزَمُه أصالةً. ذكَر ما في «الرِّعايةِ». وقيل: يضْمَنُ الأبُ الزِّيادَةَ فقط. وقال في «النَّوادِرِ»: نقَلَ صالح، كالنَّفَقَةِ، فلا شيءَ على الابْنِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ويتَحَرَّرُ لأصحابِنا، فيما إذا زوَّج ابْنه الصَّغِيرَ بمَهْرِ المِثْلِ أو أزْيدَ، رِواياتٌ؛ إحْداهُنَّ، هو على الابْنِ مُطْلَقًا، إلَّا أنْ يضْمَنَه الأبُ، فيكونَ عليهما. الثَّانية، هو على الابنِ، إلَّا أنْ يضْمَنَه الأبُ، فيكونَ عليه وحدَه. الثَّالثةُ، هو على الأب ضَمانًا. الرَّابعةُ، على الأبِ أصالةً. الخامسةُ، إنْ كان الابْنُ مُقِرًّا، فهو على الأبِ أصَالةً. السَّادِسَةُ، فرَّق بينَ رِضَا الابنِ وعدَمِ رِضَاه. ¬

(¬1) في ط: «والثاني».

وَلِلْأَب قَبْضُ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِغَيرِ إِذْنِهَا، وَلَا يَقْبِضُ صَدَاقَ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ إلا بِإِذْنِهَا. وَفِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وللأبِ قبْضُ صَداقِ ابْنَتِه الصَّغِيرَةِ بغيرِ إذنِها. وهذا بلا نِزاعٍ. ولا يقْبِضُ صَداقَ الثَّيِّبِ الكَبِيرَةِ إلَّا بإذْنِها. يعْنِي، إذا كانتْ رشِيدَةً، فأمَّا إنْ كانتْ محْجُورًا عليها، فله (¬1) قبْضُه بغيرِ إذنِهاء وهو واضِحٌ، وتقدَّم ذلك في بابِ الحَجْرِ (¬2). قوله: وفي البِكْرِ البالِغِ رِوَايتَان. يعْنِي الرَّشِيدَةَ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) في ط: «ولهما». (¬2) 13/ 393.

فَصْلٌ: وَإنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى صَدَاقٍ مُسَمًّى، صَحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يقْبِضُه إلَّا بإذْنِها إذا كانتْ رشيدةً. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وغيرُه. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، والحارِثِيُّ، في بابِ الهِبَةِ. والثَّانيةُ، يقْبِضُه بغيرِ إذْنِها مُطْلَقًا. زادَ في «المُحَررِ» ومَن تابَعه، ما لم يمْنَعْه. فعلى الثَّانيةِ، يبْرأُ الزَّوْجُ بقَبْضِ الأبِ، وترْجِعُ على أبِيها بما بَقِيَ، لا بما أنْفَقَ منه. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وإنْ تزَوَّجَ العَبْدُ بإذْنِ سَيِّدِه على صَداقٍ مُسَمًّى، صَحَّ. بلا نِزاعٍ، ويجوزُ له نِكاحُ أَمَةٍ، ولو قدَرَ على نِكاحِ حُرَّةٍ. ذكَره أبو

وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وهو مَعْنَى كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. الثَّانيةُ، متى أَذِنَ له وأطْلقَ، لم ينْكِحْ إلَّا واحدةً. نصَّ عليه. [وزيادَتُه على مَهْرِ المِثْلِ في رَقَبَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بذِمَّتِه. وفي تناوُلِ النِّكاحِ الفاسِدِ احْتِمالان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يتَناوَلُه] (¬1). قوله: وهل يتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِه، أو ذِمَّةِ سَيِّدِه؟ على روَايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، يتَعلَّقُ بذِمَّةِ سيِّدِه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ عن الإمام أحمدَ، رَحِمَه الله. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويتعَلَّقُ بذِمَّةِ سِيِّدِه على الأسَدِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». والثَّانيةُ، يتعَلَّقُ برَقَبَتِه. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، يتعَلَّقُ بذِمَّةِ السَّيدِ ورَقَبَةِ العَبْدِ. وعنه، يتعَلقُ بذِمَّتِهما؛ ذِمَّةِ العَبْدِ أصالةً، وذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمانًا. وعنه، يتعَلَّقُ بكَسْبِه. وأطْلَقَهُن في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». فإنْ قيل: هذه الروايةُ هي عَينُ الرِّوايَةِ الأولَى؛ لأنَّ السَّيِّدَ (¬1) يمْلِكُ كسْبَه، فهو في ذِمَّتِه. قيل: ليستْ هي، بل غيرُها. وفائدةُ الخِلافِ أنَّا إذا قُلْنا: يتَعلَّقُ بذِمَّةِ السَّيدِ. تجِبُ النَّفَقَةُ عليه وإنْ لم يكُنْ للعَبْدِ كسْبٌ، وليسَ للمَرْأةِ الفَسْخُ لعدَم كَسْبِه وللسَّيِّدِ اسْتِخْدامُه ومنْعُه مِنَ التَّكَسُّبِ. وإنْ قُلْنا: يتَعلَّقُ بكَسْبِه. فللْمَرْأةِ الفَسْخُ إذا لم يكُنْ له كسْبٌ، وليسَ لسَيِّدِه منْعُه مِنَ الثَّلاثِ. ذكَرَه المُصَنفُ وغيرُه. ويأْتِي في آخِرِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ، هل له أنْ يتسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه، أمْ لا؟ تنبيه: إذا قُلْنا: يتعَلَّقُ المَهْرُ بذِمَّةِ السَّيَدِ ضَمانًا، فقَضاه عن عَبْدِه، فهل يرْجِعُ عليه إذا عتَقَ؟ قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: ينْبَغِي أنْ يُخَرَّجَ هنا على الخِلافِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ تَزَوَّجَ بِغَيرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَهْرِ زَوْجَتِه إذا كانتْ أَمَةً للسَّيِّدِ؛ فحيثُ رجَع هناك رجَع هنا. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُ النَّفَقَةِ حُكْمُ الصَّداقِ، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: وزوْجَةُ العَبْدِ بإذْنِ السَّيِّدِ … عليهما يُنْفِقُ في المُجَوَّدِ الثَّانيةُ، لو طلَّق العَبْدُ؛ فإنْ كان الطلاقُ رَجْعِيًّا، فله الرَّجْعَةُ بدُونِ إذْنِ سيِّدِه. ذكَره القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. واقْتَصرَ عليه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ لأنَّ المِلْكَ قائمٌ بعْدُ، وإنْ كان الطلاقُ بائنًا، لم يمْلِكْ إعادَتَها بغير إذنِه؛ لأنَّه تجدْيدُ مِلكٍ، والإذْنُ مُطلَق، فلا يتَناوَلُ أكثرَ مِن مَرَّةٍ واحدَةٍ (¬1). قاله في «القاعِدَةِ الأرْبَعِين». قوله: وإنْ تزَوَّجَ بغيرِ إذْنِه، لم يَصِحَّ النِّكاحُ. هذا المذهبُ. نقَله الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، وغيرِهم. وعنه، النِّكاحُ مَوْقوفٌ. قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ: وقال أصحابُنا: كفُضُولِيٍّ. ونقَله حَنْبَلٌ. وإنْ وطِئ فيه، فكنِكاحٍ فاسِدٍ. فعلى القَوْلِ بالوَقْفِ على إجازَةِ السَّيِّدِ، لو أعْتَقَه عَقِبَ النِّكاحِ، فقال أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّ نِكاحُه ونفَذَ، بخِلافِ ما لو اشْتَرَى شيئًا بغيرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ثم أعْتَقَه عقِبَ الشِّراءِ، لم ينْفُذْ شِراؤه. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ (¬1)»: وما قاله فيه نظَرٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ دَخَلَ بِهَا، وَجَبَ فِي رَقَبَتِهِ مَهْرُ المِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإِنْ دخَلَ بها، وجَبَ في رَقَبَتِه مَهْرُ المِثْلِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»: وجَب مَهْرُ المِثْلِ في أصحِّ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِيِّ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وقيل: في ذِمَّتِه. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. [واخْتارَه الشَّارِحُ وغيرُه. وعنه، الواجِبُ هو المُسَمَّى ويتعَلَّقُ برَقَبَتِه. وقيل: الواجِبُ خُمْسَا مَهْرِ المِثْلِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» أيضًا وغيرِه] (1). وعنه، الواجِبُ خُمْسَا المُسَمَّى. نقلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما»، والشيرَازِيُّ. وقال الزَّرْكَشِي: هذه أشْهَرُ الرِّوايَاتِ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». وجزَم به ناظِمُ المُفْرَداتِ وهو منها. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، إنْ علِمَتْ أنَّه عَبْدٌ، فلها خُمْسَا المُسمَّى، وإنْ لم تعْلَمْ، فلها المَهْرُ في رَقبَتِه. ونقَل حَنْبَلٌ، لا مَهْرَ لها مُطْلَقًا. قال في «المُحَرَّرِ»: وعنه، إنْ علِمَا، فلا مَهْرَ لها بحالٍ.

وَعَنْهُ، يَجِبُ خُمْسَا الْمُسَمَّى. اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقَيَّدها بما إذا علِمَا التَّحْريمَ. وكذا حمَلَها القاضي أيضًا وتَبِعَه في «الرِّعايَةِ»، وزادَ. قلتُ: إنْ علِمَتِ المرْأةُ وحدَها. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، أو علِمَتْه هي، يعْنِي وحدَها. قال: والإخْلالُ بهذه الزِّيادَةِ سَهْوٌ. انتهى. وقال المُصَنفُ: يحْتَمِلُ ما نقَل حَنْبَل، أنْ يُحْمَلَ على إطْلاقِه، ويحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على ما قبلَ الدُّخولِ، ويحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ علي أنَّ المَهْرَ لا يجِبُ في الحالِ، بل يجِبُ في ذِمَّةِ العَبْدِ، يُتْبَعُ به إذا عَتَقَ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وأُوِّلَتْ هذه الرِّوايَةُ بتَأْويلاتٍ فيها نظرٌ. وعنه، تُعْطَى شيئًا. نقَله المَرُّوذِيُّ، قال: قلتُ: أتَذْهَبُ إلى قَوْلِ عُثْمانَ؟ قال: أذْهَبُ إلى أنْ تُعْطَى شيئًا. قال أبو بَكْرٍ: وهو القِياسُ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قولِ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّ خُمْسَا المُسَمَّى يجِبُ في رَقَبَةِ العَبْدِ، وقالوا: اخْتارَه الخِرَقيُّ. والخِرَقِيُّ إنَّما قال: على سيِّدِه خُمْسَا المَهْرِ. والجَوابُ عن ذلك، أنَّ القَوْلَ بوُجوبِه في رَقَبَةِ العَبْدِ، هو على السَّيِّدِ؛ لأنَّه مِلْكُه. غايَتُه أنَهم خصَّصُوه برَقَبَةِ العَبْدِ، والخِرَقِيُّ جعَله على السَّيدِ، ولا ينْفَكُّ ذلك عن مالِ السَّيِّدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، مُرادُه، والله أعلمُ، بالدُّخولِ في قوْلِه: فإنْ دخَل بها. الوَطْءُ. وقد صرَّح به في «الوَجيزِ» وغيرِه. فعلى هذا، لا يجِبُ بالخَلْوَةِ إذا لم يطَأْ. والظَّاهِرُ أنَّ هذا مِنَ الأنْكِحَةِ الفاسِدَةِ، يُعْطىَ حُكْمَها في الخَلْوَةِ، على ما يأْتِي في آخرِ البابِ، والخِلافُ فيه. فائدتان؛ إحْداهما، ظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إنَّما صارَ إلى أنَّ الواجِبَ خُمْسَا المُسَمَّى توْقِيفًا؛ لأنَّه نُقِلَ عن عُثْمانَ، رَضِيَ اللهُ عنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَجَّهَها الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، فقال: المَهْرُ في نِكاحِ العَبْدِ يجِبُ بخَمْسَةِ أشْياءَ؛ عَقْدِ النِّكاحِ، وعَقْدِ الصَّداقِ، وإذْنِ السَّيِّدِ في النِّكاحِ، وإذْنِه في الصَّداقِ والدُّخولِ. فإذا نكَحَ بلا إذْنِه، فالنِّكاحُ باطِلٌ، ولم يُوجَدْ إلَّا التَّسْمِيَةُ مِنَ العَبْدِ والدُّخولُ، فيَجِبُ الخُمْسَانِ. الثَّانيةُ، يفدِيه سيِّدُه بالأقَل مِن قِيمَتِه، أو المَهْرِ الواجبِ.

وَإنْ زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَيَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَه أمَتَه، لم يجِبْ مَهْرٌ. ذكرَه أبو بَكْرٍ. واخْتارَه هو وجماعةٌ، منهم القاضي، وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقيل: يجِبُ ويسْقُطُ. وهو رِوايَةٌ في «التبصِرَةِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «إدْراكِ الغايةِ». وعنه، يجِبُ المَهْرُ ويُتْبَعُ به بعدَ عِتْقِه. نقَله سِنْدِيٌّ. وهو المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وهو المَنْصوصُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وظاهِرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ.

وَإنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً، ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا، أَوْ نِصْفُهُ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إِلَى ثَمَنِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زَوَّجَ عَبْدَه حُرَّةً، ثم باعَها العَبْدَ بثَمَن في الذِّمَّةِ، تحَولَ صَداقُها أو نِصْفُه إنْ كان قبلَ الدُّخُولِ إلى ثمَنِه. يعْنِي إذا قُلْنا: يتَعَلَّقُ المَهْرُ برَقَبَةِ العَبْدِ. قاله الأصحابُ. فأمَّا إنْ قُلْنا: يتَعلَّقُ بذِمَّةِ السَّيِّدِ. وهو المذهبُ، كما تقدَّم، فأنْ كان المَهْرُ وثَمَنُ العَبْدِ مِن جِنْس واحدٍ واتَّفَقا في الحُلولِ أو التَّأْجِيلِ، تقَاصَّا. وأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّ المَهْرَ يتَعلَّقُ بذِمَّتَيْهما. فإنَّه يسْقُطُ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهمِ؛ لمِلْكِها العَبْدَ، [والمالِكُ لا يجِبُ له شيءٌ على مَمْلوكِه] (¬1)، والسَّيدُ تبَعٌ له؛ لأنه ضامِن، ويبْقَى الثَّمَنُ للسَّيِّدِ عليها؛ [لسُقوطِ مَهْرِها] (3). وقيل: لا يسْقُطُ؛ لثُبوتِه [لها عليهما] (3) قبَلَ أنْ تمْلِكَه. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: بِناءً على مَن ثبَتَ له دَين على عَبْدٍ، ثم ملَكَه، فإنَّ في سقُوطِه وجْهَين. قال في «المُحَرَّرِ»: أصْلُهما مَن ثبَتَ له دَين على عَبْدٍ ثم ملَكَه، هل يسْقُطُ؟ على وجْهَين. [وقدَّم في «المُحَررِ» وغيرِه، السُّقوطَ] (¬2). وقاله في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: لا يسْقُطُ؛ لثُبوتِه لها قبلَ شِرائِه. فمَن ثبَتَ له على عَبْدٍ دَين أو أرْشِ جِنايَةٍ ثم ملَكَه، سقَطَ. وقيل: لا يسْقُطُ. وتقدَّم ذلك في أواخرِ بابِ الحَجْرِ (¬3). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) 13/ 424.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ بقَوْلِه: تحَوَّلَ صَداقُها، أو نِصْفُه. أنَّ شِراءَها له قبلَ الدُّخولِ، لا يُسْقِطُ نِصْفَ مَهْرِها. وهو إحْدَى الرِّوايتَين، [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»] (¬1). وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» هنا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» هنا، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والرِّوايةُ الثانيةُ، يسْقُطُ؛ لأنَّ الفَسْخَ إنَّما تمَّ بشِرائِها، فكأنها هي الفاسِخَةُ. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». [ويأْتِي هذا مُحَررًا في كلامِ المُصَنِّفِ، فيما إذا جاءَتِ الفُرْقَةُ مِن جِهَتِها] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنْ بَاعَهَا إِيَّاهُ بِالصَّدَاقِ، صَحَّ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَصِحَّ قَبْلَ الدُّخُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ باعَها إِيَّاه بالصَّداقِ، صَحَّ قبلَ الدُّخُولِ وبعدَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضي. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» (¬1)، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ قبلَ الدُّخُولِ. وهو رِوايةٌ ذكرَها في «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: لأنَّها ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَتَمْلِكُ الْمَرأةُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ متى ملَكَتْه، انْفَسَخَ النِّكاحُ. قال: فعلى هذا، يجِبُ أنْ لا يصِحَّ شِراؤُها لزَوْجِها قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّه مُبْطِل مَهْرَها؛ لأنَّ الفُرْقَةَ بسَبَب مِن جِهَتِها، وإذا بطَلَ المَهْرُ بطَلَ الشِّراءُ. قال: وهذه إحْدَى مَسائلِ الدَّورِ. قال: وعلى الأوَّلَةِ، السَّيِّدُ قائمٌ مَقامَ الزَّوْجِ في توْفِيَةِ المَهْرِ، فصارَتِ الفُرْقَةُ مُشْتَرَكةً بين الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ، وإذا كان كذلك، غلَب فيها حكمُ الزَّوْجِ كالخُلْعِ. وإذا ثبَتَ أنَّ الفَسْخَ مِن جِهَةِ الزَّوْجِ، فعليه نِصْفُ المَهْرِ فيَصِحُّ البَيعُ ويغْرَمُ النِّصْفَ الآخَرَ، كما لو قبَضَتْ جميعَ الصَّداقِ، ثم طَلُقتْ قبلَ الدُّخولِ فإنَّها ترُدُّ نِصْفَه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: واخْتارَ وَلَدُ صاحبِ «التَّرْغيبِ»، أنَّه إنْ تعَلَّقَ برَقَبَتِه أو ذِمَّتِه وسقَطَ ما في الذِّمَّةِ بمِلْكٍ طارِئٍ، برِئَتْ ذِمَّةُ السَّيِّدِ. فعلى هذا، يلْزَمُ الدَّوْرُ، فيكونُ في الصِّحَّةِ بعدَ الدُّخولِ، الرِّوايَتان قبلَه. انتهى. فعلى المذهبِ، وهو الصِّحَّةُ في رُجوعِه قبلَ الدُّخولِ بنِصْفِه، أو بجَميعِه، الرِّوايَتان المُتَقدِّمَتان. فائدة: لو جعَل السَّيِّدُ العَبْدَ مَهْرَها، بطَلَ العَقْدُ، كمَن زوَّجَ ابْنَه على رَقَبَةِ مَن يَعْتِقُ على الابْنِ لو ملَكَه، إذْ نُقَدِّرُه له قبلَها، [فيُقَدَّرُ المِلْكُ في مَن يَعْتِقُ على الابْنِ للابنِ قبلَ الزَّوْجَةِ. وقيل: عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ إذا دخَل في مِلْكِه هو قبلَها، عتَقَ عليه دُونَها] (¬1). قوله: وتمْلِكُ المَرْأَةُ الصَّدَاقَ المُسَمَّى بالعَقْدِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ، فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَنَمَاؤُهُ لَهَا، وَزَكَاتُهُ وَنَقْصُهُ وَضَمَانُهُ عَلَيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ المَعْروفُ المَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. انتهى. وجزَمِ به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفه. ذكَرَه القاضي ومَن بعدَه. قوله: فإنْ كان مُعَيَّنًا، كالعَبْدِ والدَّارِ، فلها التَّصَرُّفُ فيه، ونماؤُه لها،

إلا أن يَمْنَعَهَا قَبْضَهُ، فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، فِي مَنْ تُزَوَّجُ عَلَى عَبْدٍ فَفُقِئَتْ عَينُهُ، إِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتهُ، فَهوَ لَهَا، وَإلَّا فَهُوَ عَلَى الزَّوْجِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهَا إلا بِقَبْضِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وزَكاتُه نَقْصُه وضمانُه عليها، إلَّا أنْ يمْنَعَها قَبْضَه فيكُونُ ضمانُه عليه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» -وقال: هذا المذهبُ- وغيرِهم. وعنه، في مَن تزَوَّجَ على عَبْدٍ، ففُقِئَتْ عَينُه، إنْ كانتْ قد قبَضَتْه، فهو لها، وإلَّا فهو للزَّوْجِ. فعلى هذا، لا يدْخُلُ في ضَمانِها إلَّا بقَبْضِه. قال في «المُحَرَّرِ»

وَإنْ كَانَ غَيرَ مُعَيَّنٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا، وَلَمْ تَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، إلا بِقَبْضِهِ كَالْمَبِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: ومِن شَرْطِ تصَرُّفِها فيه ودُخولِه في ضَمانِها، قَبْضُه، إلَّا المُتَمَيِّزَ، فإنَّه على رِوايتَين، كما بيَّنَّاه في البَيعِ. وقال في «الفُروعِ»: وتقدَّم الضَّمانُ والتَّصَرُّفُ في البَيعِ. قوله: وإنْ كان غيرَ مُعيَّنٍ، كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ، لم يدْخُلْ في ضَمانِها، ولم تمْلِكِ التَّصَرُّفَ فيه، إلَّا بقَبْضِه كالمَبِيع. قاله الأصحابُ، وتقدَّم الخِلافُ في ذلك. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وما يحْصُلُ به القَبْضُ، في آخرِ بابِ خِيارِ البَيعِ (¬1)، فإنَّ ¬

(¬1) 11/ 498.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا مِثْلُه عندَ الأصحابِ. وذكَر القاضي، في مَوْضِع مِن كلامِه، أنَّ ما لم ينْتَقِض

وَإنْ قَبَضَتْ صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ بِنِصْفِهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَقْدُ بهَلاكِه؛ كالمَهْرِ وعِوَضِ الخُلْعِ، يجوزُ التَصَرُّفُ فيه قبلَ قَبْضِه. قوله: وإنْ قبَضَتْ صَداقَها، ثم طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، رجَعَ بنِصْفِه إِنْ كان باقِيًا،

وَيَحْتَمِلُ أن لَا يَدْخُلَ حَتَّى يُطَالِبَ بِهِ وَيَخْتَارَ، فَمَا يَنْمِي قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويدْخُلُ في مِلْكِه حُكْمًا كالمِيراثِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال المُصَنفُ في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «الخُلاصةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم ويحْتَمِلُ أنْ لا يدْخُلَ حتى يُطالبَ به ويختَارَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَرَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ. وهو وَجْه لبَعْضِهم. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ». قال في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: أصْلُ هذين الوَجْهَين، الاخْتِلافُ في مَن بيَدِه عقْدَةُ النِّكاحِ. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والثَّمانِين»: وليس كذلك. ولا يلْزَمُ مِن طَلَبِ العَفْو مِنَ الزَّوْجِ أنْ يكونَ هو المالِكَ؛ فإنَّ العَفْوَ يصِحُّ عمَّا يثْبُتُ فيه حقُّ التَّمَلكِ، كالشُّفْعَةِ، وليسَ في قوْلِنا: إن الذي بيَدِه عُقْدَةُ النِّكاحِ هو الأبُ. ما يسْتَلْزِمُ أنَّ الزَّوْجَ لم يمْلِكْ نِصْفَ الصَّداقِ؛ لأنَّه إنَّما يعْفُو عنِ النِّصْفِ المُخْتَصِّ بابْنَتِه. انتهى. فعلى المذهبِ، ما حصَل مِنَ النَّماءِ قبلَ ذلك، فهو بينَهما نِصْفان. وعلى الثَّاني، يكونُ لها. وعلى المذهبِ، لو طلَّقَها على أنَّ المَهْرَ كلَّه لها، لم يصِحَّ الشَّرْطُ. وعلى الثاني، فيه وَجْهان. قاله في «الفُروعِ». وعلى المذهبِ أيضًا، لو طلَّق ثم عفا، ففي صِحَّتِه وَجْهان. قاله في «الفُروعِ». ويصِحُّ على الثَّاني ولا يتَصَرَّفُ. وفي «التَّرْغيبِ»، على الثَّاني وَجْهان؛ لترَدُّدِه بين خِيارِ البَيعِ وخِيارِ الواهبِ. ويأْتِي، إذا طلَّقها قبلَ الدُّخولِ، وكان الصَّداقُ باقِيًا بعَينه، هل يجِبُ ردُّه، أمْ لا؟ بعدَ قوْلِه: وإنْ نقَصَ الصَّداقُ بيَدِها.

وَإنْ كَانَ الصَّدَاقُ زَائِدًا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، رَجَعَ فِي نِصْفِ الأصْلِ، وَالزِّيَادَةُ لَهَا، وَإنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً، فَهِيَ مُخيَّرَةٌ بَينَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا، وَبَينَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان الصَّداقُ زائِدًا زيادَةً مُنْفَصلَةً، رجَعَ في نِصفِ الأصْلِ، والزِّيادَةُ لها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايةِ أبِي داودَ، وصالحٍ. وقال في «الفُروعِ»: لا يرْجِعُ في نِصفِ زِيادةٍ مُنْفَصِلَةٍ على الأصح. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والثَّمانِين»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيُّ»، وغيرِهم. وعنه، له نِصفُ الزِّيادَةِ المُنْفَصِلَةِ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: رَجَعَ في نِصفِ الأصْلِ، والزِّيادَةُ لها. أنَّ الأصْلَ لو كان أَمَةً، ووَلَدَتْ عندَها، أنَّ الوَلدَ لها. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، فإن الوَلَدَ. نَماءٌ مُنْفَصِلٌ. على الصَّحيحِ. على ما تقدَّمَ. وصرَّحَ القاضي به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّعْليقِ». وقال في «المُجَرَّدِ»: للزَّوْجِ نِصفُ قِيمَةِ الأمِّ. وقال في «الخِلافِ»: يرْجِعُ بنِصْفِ الأمَةِ. قاله في «القَواعِدِ». واسْتَثْنَى أبو بَكْرٍ -قاله في «القَواعِدِ»، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم- مِنَ النَّماءِ المُنْفَصِلِ وَلَدَ الأَمَةِ، فلا يجوزُ للزَّوْجِ الرُّجوعُ في نِصفِ الأَمَةِ، حذَرًا مِنَ التَّفْريقِ في بعْضِ الزَّمانِ. قلتُ: وفي هذا نظرٌ ظاهِر، فإنَّ ذلك كالأَمَةِ المُشْتَرَكَةِ، إذا وَلَدَتْ. وخرَّجَ ابنُ أبِي مُوسى، أنَّ الوَلَدَ للمَرْأة، ولها نِصْفُ قِيمَةِ الأمِّ. قال في «القَواعِدِ»: وهذا ضعيفٌ جِدًّا. وهو كما قال. قوله: وإنْ كانتْ مُتَّصلَةً، فهي مُخَيَّرَةٌ بين دَفْعِ نِصْفِه زائدًا، وبين دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِه يَوْمَ العَقْدِ. اعلمْ أنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلَةَ للزَّوْجَةِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وليس للزَّوْجِ (¬1) الرُّجوعُ فيها، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والثَّمانِين»: ذكرَه الخِرَقِيُّ، ولم يُعْلَمْ عن أحدٍ مِنَ الأصحابِ خِلافُه، ¬

(¬1) في الأصل: «للزوجة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى جعَله القاضى فى «المُجَرَّدِ» رِوايةً واحدةً. وخرَّجَ المَجْدُ، ومَن تَبِعَه رِوايةً بوُجوبِ دَفْعِ النِّصْفِ بزِيادَتِه، مِنَ الرِّوايَةِ التى فى المُنْفَصِلَةِ. وهذا التَّخْريجُ رِوايَةٌ فى «التَّرْغِيبِ». وأَطْلَق فى «المُوجَزِ» الرِّوايتَيْنَ فى النَّماءِ. وقال فى «التَّبْصرَةِ»: لها نَماؤُه بتَعْيِينِه. وعنه، بقَبْضِه. وخرَّجَ فى «القَواعدِ» وَجْهًا آخَرَ، بالرُّجوعِ فى النِّصْفِ بزِيادَتِه، وبرَدِّ قِيمَةِ الزِّيادة، كما فى الفَسْخِ بالعَيْبِ. قال: وهذا الحُكْمُ إذا كانتِ العَيْنُ يُمْكِنُ فَصْلُها وقِسمَتُها، وأمَّا إِنْ لم يُمْكِنْ، فهو شرِيكٌ بقِيمَةِ النِّصْفِ يومَ الإِصْداقِ. تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِيَرَةِ للزَّوْجَةِ، إذا كانتْ غيرَ مَحْجورٍ عليها، فأمَّا المَحْجورُ عليها، فليس لها أَنْ تُعْطِيَه إلَّا نِصْفَ القِيمَةِ. قالَه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وهو واضِحٌ. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: وبينَ دَفْعِ نِصفِ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ. أنَّه سواءٌ كان مُتَمَيِّزًا، أَوْ لا. وكذا قال الخِرَقِىُّ، والمُصنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتَيْه»، وغيرُهم. وحرَّر فى «المُحَرَّرِ»، وتبِعَه فى «الفُروعِ»، فقالا: إنْ كان المَهْرُ المُتَميِّزُ يُضْمَنُ بمُجَردِ العَقْدِ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ، وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، فله قِيمَةُ نِصْفِه يومَ الفُرْقَةِ، على أَدْنَى صِفَةٍ مِن وَقْتِ العَقْدِ إلى وَقْتِ قَبْضِه. وفى «الكافِى» إلى وَقْتِ التَّمْكِينِ منه، قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ويُحْمَلُ كلامُ الخِرَقِىِّ، وأبِى محمدٍ، ومَن تابعَهما على ذلك، قال: إذِ الزِّيادَةُ فى غيرِ المُتَمَيِّزِ صورَةٌ نادِرَةٌ. ولذلك علَّلَ أبو محمدٍ بأنَّ ضَمانَ النَّقْصِ عليها، فعُلِمَ أنَّ كلامَه فى المُتَميِّزِ. انتهى. وقال فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»:

وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا، خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا، وَبَيْنَ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَهْرُ المُعَيَّنُ قبلَ قَبْضِه، هل هو بيَدِه أمانَةٌ أو مَضْمونٌ، فيكونُ مُؤْنَةُ دَفْنِ العَبْدِ عليه؟ فيه رِوايَتان، وبَنَى عليهما التَّصَرُّفَ والنَّماءَ وتلَفَه. وعلى القَوْلِ بضَمانِه، هو ضَمانُ عَقْدٍ، بحيثُ ينْفَسِخُ فى المُعَيَّنِ ويَبْقَى فى تَقْديرِ المالِيَّةِ يومَ الإصْداقِ، أو ضَمانُ يَدٍ، بحيثُ تجِبُ القِيمَةُ يومَ تَلَفِه، كعارِيَّةٍ؟ فيه وَجْهان. ثم ذكَر أنَّ القاضىَ، وجماعَةً قالوا: ما تفْتَقِرُ تَوْفيَتُه إلى مِعْيارٍ، ضَمِنَه، وإلَّا فلا، كبَيْعٍ. انتهى. والوَجْهان فى «المُسْتَوْعِبِ». قوله: وإنْ كان ناقِصًا، خُيِّرَ الزَّوْجُ بين أخْذِه ناقِصًا -ولا شئَ له غيرُه- وبينَ نِصْفِ القِيمَةِ وَقْتَ العَقْدِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو اخْتِيارُ الأَكْثرَين. قال فى «البُلْغَةِ»: ولا أَرْشَ على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وحكَى شيْخُنا فى «شَرْحِه» رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه إنِ اخْتارَ أَنْ يأْخُذَ نِصْفَه ناقِصًا ويرْجِعَ عليها بنِصْفِ النُّقْصانِ، فله ذلك. واخْتارَه القاضى فى «التَّعْليقِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»: وخرَّجَ القاضى رِوايَةً بالأَرْشِ مع نِصْفِه. قال الشَّارِحُ: قال القاضى: القِياسُ أنَّ له ذلك، كالمَبِيعِ يُمْسِكُه ويُطالِبُ بالأَرْشِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وفى «التَّبْصِرَةِ» رِوايَة ثالثة، وقدَّمها، له نِصْفُه بأَرْشِه بلا تَخْيِيرٍ. تنبيه: محَلُّ ذلك، إذا حدَث ذلك عندَ الزَّوْجَةِ، فأمَّا إنْ كان بجِنايَةِ جانٍ، فالصحيحُ أنَّ له -مع ذلك- نِصْفَ الأَرْشِ. قالَه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واضِحٌ. [وعِبارَتُها، وأمَّا النُّقْصانُ؛ فإنْ تعَيَّبَ فى يَدِها، تَخَيَّرَ هو، فإنْ شاءَ رجَع بقِيمَةِ النِّصْفِ سلِيمًا، وإنْ شاءَ قنَع به مَعِيبًا، إلَّا أَنْ يكونَ بحِيازَتِه، جازَ. فالصَّحيحُ أنَّ له مع ذلك نِصْفَ الأَرْشِ] (¬1). فائدة: قوْلُه: وَقْتَ العَقْدِ. هذا أحدُ الأقْوالِ، وقالَه الخِرَقِىُّ. واعْتَبرَ القاضى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، أَوْ مُسْتَحَقًّا بِدَيْنٍ أَوْ شُفْعَةٍ، فَلَهُ نصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا، فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَهُ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إِلَى يَوْمِ الْقَبْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخْذَ القِيمَةِ بيَوْمِ القَبْضِ. وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: له نِصْفُ قِيمَتِه يومَ الفُرْقَةِ على أَدْنَى صِفاتِه، مِن يومِ العَقْدِ إلى يومِ القَبْضِ، إلَّا المُتَمَيِّزَ إذا قُلْنا: إنَّه يضْمَنُه بالعَقْدِ. فتُعْتَبرُ صِفَتُه وَقْتَ العَقْدِ، كما تقدَّم فى الزَّيادةِ المُتَّصِلَةِ. قوله: وإنْ كان تالِفًا، أو مُسْتَحَقًّا بدَيْن أو شُفْعَةٍ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يَوْمَ العَقْدِ، إلَّا أَنْ يكُونَ مِثْلِما، فيرْجِعُ بنِصْفِ مِثْلِه. إذا فاتَ ما قبَضَتْه بتَلَفٍ، أو انْتِقالٍ، أو غيرِ ذلك، فإنْ كان مِثْليًّا، فله نِصْفُ مِثْلِه، وإنْ كان غيرَ مِثْلِىٍّ، فقدَّم المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ له نِصْفَ قِيمَتِه يومَ العَقْدِ. وقالَه الخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: إنْ كان مُتَمَيِّزًا، وقُلْنا: يضْمَنُه. وهبر المذهبُ، كما تقدَّم. اعْتُبِرَت صِفَتُه وَقْتَ العَقْدِ، وإنْ كان غيرَ مُتَمَيِّزٍ، فله نِصْفُ قِيمَتِه يومَ الفُرْقَةِ على أدْنَى صِفاتِه مِن يومِ العَقْدِ إلى يوِم القَبْضِ، كما تقدَّم فى نَظائرِه، فإنَّهم قد قَطُعوا فى المَسائلِ الثَّلاثِ بذلك. وقال القاضى: له القِيمَةُ أقلُّ ما كانتْ مِن يومَ العَقْدِ إلى يوم القَبْضِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا مَبْنِىٌّ على أنَّ الصَّداقَ لا يدْخُلُ فى ضَمانِ المَرْأَةِ إلَّا بقَبْضِه وإنْ كان مُعَيَّنًا، كالمَبِيعِ فى رِوايةٍ. فائدة: لو طلَّق قبلَ أخْذِ الشَّفِيعِ، فقيلَ: يُقدَّمُ الشَّفِيعُ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»؛ لأَنَّ حقَّه أسْبَقُ. وقيل: يُقَدَّمُ الزَّوْجُ؛ لأَنَّ حقه آكَدُ؛ [لثُبوتِه بنَصِّ القُرْآنِ والإِجْماعِ] (¬1). وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ فِى يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَهَلْ تَضْمَنُ نَقْصَهُ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ نقَص الصَّداقُ فى يَدِها بعدَ الطَّلاقِ، فهل تضْمَنُ نَقْصَه؟ يحْتَمِلُ

يَحْتَمِلُ وَجْهيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَيْن. فإذا كانتْ مَنعَتْه منه بعدَ طَلَبِه منها حتى نقَصَ، أو تلِفَ، فعليها الضَّمانُ؛ لأنَّها غاصِبَةٌ، وإنْ تلِفَ، أو نقَصَ قبلَ المُطالَبَةِ، بعدَ الطَّلاقِ، فقال المُصَنِّفُ هنا: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وكذا قال فى «الهِدايَةِ». وأَطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ أحدُهما، تضْمَنُه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والثَّانى، لا تضْمَنُه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: هو قِياسُ المذهبِ. قال فى «الخُلاصةِ»: لم تضْمَنْ فى الأصحِّ. وقيل:

وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: نَقَصَ قَبْلَ الطَّلَاقِ. وَقَالَتْ: بَعْدَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تضْمَنُ المُتَمَيِّزَ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: هو كتَلَفِه فى يَدِه قبلَ طَلَبِها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، لو زادَ الصَّداقُ مِن وَجْهٍ، ونقَصَ مِن وَجْهٍ، كعَبْدٍ صغيرٍ كَبِرَ، ومصُوغٍ كسَرَتْه وأعادَتْه على صِياغَةٍ أُخْرَى، وحَمْلِ الأمَةِ، فلكُلٍّ منهما الخِيارُ. قالَه فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقالوا: حَمْلُ البَهِيمَةِ زِيادَة مَحْضَةٌ ما لم يفْسُدِ اللَّحْمُ. والزَّرْعُ والغَرْسُ نقْصٌ للأَرْضِ، والإِجارَةُ والنِّكاحُ نقْصٌ. ولا أثَرَ لمَصُوغٍ كسَرَتْه وأعادَتْه كما كان، أو أمَةٍ سمِنَتْ ثم هَزَلَتْ ثم سمِنَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وفى «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، وَجْهان. ولا أثَرَ أيضًا لارْتفاعِ سُوقٍ، ولا لنَقلِها المِلْكَ فيه، ثم طلَّق وهو بيَدِها، ولا يُشْتَرطُ للخِيارِ زِيادَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِيمَةِ، بل ما فيه غرَضٌ مَقْصودٌ. قالَه فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرِهما. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ بعْضِهم خِلافُه. الثَّانيةُ، إنْ كان النّخْلُ حائِلًا ثم أَطْلَعَتْ، فزِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وكذا ما أُبِرَ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال فى «البُلْغَةِ»: زِيادَةٌ متَّصِلَةٌ على المَشْهورِ. وذكرَ فى «التَّرْغيبِ» وَجْهَيْن. الثَّالثةُ، لو أصْدَقَها أمَةً حامِلًا، فوَلدَتْ، لم يرْجِعْ فى نِصْفِه، إنْ قُلْنا: لا يُقابِلُه قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ. وإنْ قُلْنا: يُقابِلُه. فهو بعْضُ مَهْرٍ زادَ زِيادةً لا تتَمَيَّزُ، ففى لُزومِها نِصْفُ قِيمَتِه، ولُزومِه قَبُولُ نِصْفِ الأَرْضِ بنِصْفِ زَرْعِها وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» فيهما، وأطْلَقَهما فى [«المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وفى] (1) «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، فى الأُولَى. [واخْتارَ القاضى أنَّه يلْزَمُه قَبُولُ نِصْفِ الأَرْض بنِصْفِ زَرْعِها. والصَّحيحُ أنه لا يَلْزَمُه. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1). الرَّابعةُ، ممَّا يمْنَعُ الرُّجوعَ، البَيْعُ والهِبَةُ المَقْبوضَةُ والعِتْقُ. وكذا الرَّهْنُ والكِتابةُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: يرْجعُ إلى نِصْفِ المُكاتَبِ إنِ اخْتارَ، ويكونُ على كِتابَتِه. ولو قال فى الرَّهْنِ: أنا أَصْبِرُ إلى فِكَاكِه. فصَبَر، لم يلْزَمْها دَفْعُ العَيْنِ، كما لو رجَعَتْ بالابْتِياعِ بعدَ الطَّلاقِ. وهل يمْنَعُ التَّدْبِيرُ الرُّجوعَ؟ على وَجْهَيْن. وأَطلَقهما فى «البُلْغَةِ». وقدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا يمْنَعُ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ؛ لأنَّه وَصِيَّةٌ، أو تعْلِيقُ نِصْفِه، وكِلاهُما لا يمْنَعُ الرُّجوعَ. قال فى «الفُروعِ»: له الرُّجوعُ فى المُدَبَّرِ، إنْ رجَع فيه بقَوْلٍ. وفى لُزومِ المَرْأةِ ردُّ نِصْفِه قبل تقْبِيض ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هِبَةٍ ورَهْنٍ. وفى مُدَّةِ خِيارِ بَيْعٍ، وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، لا يلْزَمُها ذلك. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». والثَّانِى، يَلْزَمُها. الخامِسَةُ، لو أصْدَقَها صَيْدًا، ثم طلَّق وهو مُحْرِمٌ، فإنْ لم يمْلِكْه بإرْثٍ فى الإِحْرامِ، فله هنا نِصْفُ قِيمَتِه، وإلَّا فهل يُقَدَّمُ حقُّ اللَّهِ، فيُرْسِلُه ويغْرَمُ لها قِيمَةَ النِّصْفِ، أو يُقدَّمُ حقُّ الآدَمِىِّ، فيُمْسِكُه، ويَبْقَى مِلْكُ المُحْرِمِ ضَرُورَةً، أم هما سواءٌ فيُخَيَّران؟ فيه الأَوْجُهُ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». فعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، لو أَرْسَلَه برِضاها، غرِمَ لها، وإلَّا بقِيا مُشْتَرِكَيْن. قال فى «التَّرْغِيبِ»: ينْبَنِى على حُكْمِ الصَّيْدِ المَمْلُوكِ بينَ مُحِل ومُحْرِمٍ. السَّادِسَةُ، لو أصْدَقَها ثَوبًا فصَبَغَتْه، أو أَرْضًا فبنَتْها، فبذَلَ الزَّوْجُ قِيمَةَ زِيادَتِه لتَمَلُّكِه، فله ذلك على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والخِرَقِىُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: فله ذلك عندَ الخِرَقِىِّ، والشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ. وقال القاضى: ليسَ له إلَّا القِيمَةُ. انتهى. فلو بذَلَتِ المَرْأَةُ النِّصْف بزيادَتِه، لَزِمَ الزَّوْجَ قَبُولُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: ويتَخَرَّجُ عدَمُ اللُّزومِ ممَّا إذا وهَبَ العامِرُ تَزْويقَ الدَّارِ ونحوِها للمَغْصُوب منه. وهو أَظْهَرُ فى البِناءِ. انتهى. السَّابعَةُ، لو فاتَ نِصْف الصَّداقِ مُشاعًا، فله النِّصْفُ الباقِى. وكذا لو فاتَ النِّصْفُ مُعَينًا مِنَ المُتَنَصِّفِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، فيَأْخُذُ النِّصْفَ الباقِىَ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: له نِصْفُ البَقِيَّةِ، ونِصْفُ قِيمَةِ الفائتِ أو مِثْلُه. الثَّامِنَةُ، إنْ قبَضَتِ المُسَمَّى فى الذِّمَّةِ، فهو كالمُعَيَّنِ، إلَّا أنَّه لا يرْجِعُ بنَمائِه مُطْلَقًا، ويُعْتَبرُ فى تقْويمِه صِفَةُ يومِ قَبْضه، وفى وُجوبِ ردِّه بعَيْنِه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى

وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَيُّهُمَا عَفَا لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ، وَهُوَ جَائِزُ الأَمْرِ فِى مَالِهِ، بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ الْأَبُ. فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يجِبُ ردُّه بعَيْنِه. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثَّانى، لا يجِبُ ذلك. قوله: والزَّوْجُ هو الذى بيدِه عُقْدَةُ النِّكاحِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وهو المَشْهورُ، وعليه الجُمْهورُ، حتى قال أبو حَفْصٍ: رجَع الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، عنِ القَوْلِ بأنَّه الأَبُ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، وغيرُه، واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو حَفْصٍ، والقاضى، وأصحابُه، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبُ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقال: ليسَ فى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ عفْوَه صحيحٌ؛ لأَنَّ بيدِه عُقْدَةَ النِّكاحِ، بل لأَنَّ له أَنْ يأْخُذَ مِن مالِها ما شاءَ. وتعْلِيلُه بالأَخْذِ مِن مالِها ما شاءَ يقْتَضِى جَوازَ العَفْوِ، بعدَ الدُّخولِ، عن الصَّداقِ كلِّه. وكذلك سائرُ الدُّيونِ. وأَطْلَقَ الرِّوايتَيْنِ فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ». وقيل: سيِّدُ الأمَةِ كالأبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى المذهب، إذا طلَّق قبلَ الدُّخولِ، فأَيُّهما عفا لصاحبِه عمَّا وجب له مِنَ المَهْرِ، وهو جائزُ الأَمْرِ فى مالِه، بَرِئَ منه صاحِبُه. وعن الثَّانيةِ، للأبِ أَنْ يعْفُوَ عن نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِه الصَّغيرَةِ، إذا طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخولِ، كما قالَه المُصَنِّفُ هنا. وكلامُه يشْمَلُ البِكْرَ والثَّيِّبَ الصَّغِيرَتَيْن، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعِبارَتُه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم، كعِبارَةِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»: ليسَ للأبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك إلَّا (¬1) إذا كانتْ بِكْرًا صغيرةً. واشْتَرَطَ فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، البَكارَةَ لا غيرُ. فائدة: المَجْنونَةُ كالبِكْرِ الصَّغِيرةِ. ¬

(¬1) سقط من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأَوَّلُ، مفْهومُ قولِه: ابْنَتِه الصَّغيرةِ. أنَّ الأَبَ ليسَ له أَنْ يعْفُوَ عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَهْرِ ابْنَتِه البِكْرِ البالِغَةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرُهم. واخْتارَ جماعَةٌ، أنَّها كالصَّغيرةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ». وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ». وقال فى «التَّرْغِيبِ»، و «البُلْغَةِ» أيضًا: أصْلُ الوَجْهَيْن، هل ينْفَكُّ الحَجْرُ بالبُلوغِ، أمْ لا؟ ولم يُقَيِّدْ فى «عُيونِ المَسائلِ» بصِغَرٍ وكِبَرٍ، وبَكارَةٍ وثُيوبَةٍ. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: للأَبِ أَنْ يعْفُوَ. أنَّ غيرَه مِنَ الأوْلِياءِ ليسَ له أَنْ يعْفُوَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وذكرَ ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً فى عَفْوِ الوَلِىِّ فى حق الصَّغيرةِ. قلتُ: إذا رأى الوَلِىُّ المَصْلحَةَ فى ذلك، فلا بَأْسَ به. الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّ المَعْفُوَّ عنه مِنَ الصَّداقِ؛ سواءٌ كان دَيْنًا أو عَيْنًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «البُلْغَةِ»: قالَه جَماعة مِن أصحابِنا. قال الزَّركَشِىُّ: هذا ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، والجُمْهورِ. وقيل: مِن شرطِه أَنْ يكونَ دَيْنًا. قدَّمه فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ». فليسَ له أَنْ يعفُوَ عن عَيْنٍ. قالِ الزَّركَشِىُّ: نعم، يُشْترَطُ أَنْ لا يكونَ مَقْبوضًا. وهو مَفْهوم مِن كلامِهم؛ لأنَّه يكونُ هِبَةً لا عَفْوًا. الرَّابعُ، مفْهومُ قولِه: إذا طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخُولِ. أنَّها إذا طُلِّقَتْ بعدَ الدُّخولِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليسَ للأبِ العَفْوُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «البُلْغَةِ»: لا يَملِكُه فى أظهر الوَجْهيْن. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: له ذلك، ما لم تلِدْ، أو يمْضِ لها سنَة فى بَيْتِ الزَّوْجِ. وهو مَبْنِىٌّ أيضًا على أنَّه، هل ينْفَكُّ الحَجْرُ عنها بالبُلوغِ، أم لا؟ قالَه فى «التَّرْغيبِ»، وقال فيه: وفى «البُلْغَةِ»: وعلى هذا الوَجْهِ يَنْبَنِى مِلْكُ الأبِ لقَبْضِ صَداقِ ابْنَتِه البالِغَةِ الرَّشيدَةِ. فائدة: إنْ كان العَفْوُ عن دَيْنٍ، سقَطَ بلَفْظِ الهِبَةِ، والتَّمليكِ، والإِسْقاطِ، والإِبْراءِ، والعَفْوِ، والصدَقَةِ، والتَّرْكِ، ولا يفْتَقِرُ إلى قَبُولٍ. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقيل: يفْتَقِرُ. وإنْ كان العَفْوُ عن عَيْن، صحَّ بلَفْظِ الهِبَةِ، والتَّمْلِيكِ، وغيرِهما، كعَفَوْتُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «القَواعِدِ»، وغيرُهم. وقيل: لا يصِحُّ بها. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وأطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ»، وقدَّم أنَّه لا يصِحُّ بالإِبْراءِ. واقْتَصرَ فى «التَّرْغِيبِ» على وَهبْتُ ومَلَّكْتُ. وقال فى «القَواعِدِ»: وإنْ كان عَيْنًا -وقُلْنا: لم يملِكْه الزَّوْجُ، وإنَّما يثْبُتُ له حقُّ التَّمْلِيكِ- فكذلك. يعْنِى، هو كالعَفْوِ عنه، إذا كان دَيْنًا. وهل يفْتَقِرُ إلى قَبُولِه؟ فيه وَجْهان، وأطلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، قال فى «القَواعِدِ»: قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ هنا الإِيجابُ والقَبُولُ والقَبْضُ. والصَّحيحُ أنَّ القَبْضَ لا يُشْترَطُ فى الفُسوخِ، كالإِقالَةِ ونحوِه. صرَّح به القاضى فى «خِلافِه». وقد تقدَّم ذلك فى أوَّلِ كتابِ الهِبَةِ فى العَيْنِ، وبعدَه بيَسِيرٍ فى الدَّيْنِ، فى إبْراءِ الغَرِيمِ، وسواءٌ

فصل

فَصْلٌ: إِذَا أَبْرَأَتِ الْمَرأَةُ زَوْجَها مِنْ صَدَاقِهَا، أَوْ وَهبَتْهُ لَهُ، ثُمَّ طَلَّقَها قَبْلَ الدُّخولِ، رَجَعَ عَلَيْها بِنِصْفِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَرجِعُ بِشىْءٍ. وَإِنِ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهلْ يَرجِعُ عَلَيْها بِجَمِيعِه؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى ذلك عَفْوُ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ. قوله: وِإذا أبْرَأتِ المَرْأةُ زَوْجَها مِن صَداقِها، أو وهبَتْه له، ثم طلَّقَها قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدُّخُولِ، رجَعَ عليها بنصْفِه. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ، وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، لا يرْجِعُ بشئ؛ لأَنَّ عَقْدَ الهِبَةِ لا يقْتَضِى ضَمانًا. وعنه، لا يرْجِعُ مع الهِبَةِ، ويرْجِعُ مع الإِبراءِ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»: وهو الأصحُّ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هل يرْجِعُ عليها ببَدَلِ نِصْفِها؟ على رِوايتَيْن؛ فإنْ قُلْنا: يرْجِعُ. فهل يرْجِعُ إذا كان الصَّداقُ دَيْنًا فأبْرَأَتْه منه؟ على وَجْهيْن؛ أصَحُّهما، لا يَرجِعُ؛ لأَنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ عنه. انتهى. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: فلو وَهبَتْه بعدَ قَبْضِه، ثم طلَّق قبلَ مسٍّ، رجَع بنِصْفِه، لا إنْ أبْرَأَتْه على الأَظهرِ فيهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كان الصَّداقُ دَيْنًا فأبْرَأَتْه منه؛ فإِنْ قُلْنا: لا يرْجِعُ فى المُعَيَّنِ. فهنا أوْلَى، وإنْ قُلْنا: يرْجِعُ هناك. خُرِّجَ هنا وَجْهان؛ الرُّجوعُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعدَمُه. وكذا قال فى «البُلْغَةِ». وقال فيها وفى «التَّرْغيبِ»: أصْلُ الخِلافِ فى الإِبْراءِ، هل زَكاتُه -إذا مَضَى عليه أَحْوالٌ وهو دَيْنٌ- على الزَّوْجَةِ، أو على الزَّوْجِ؟ فيه رِوايَتان. قال فى «الفُروعِ»: وكلامُه فى «المُغْنِى» على أنَّه إسْقاطٌ، أو تَمْلِيكٌ. فوائد؛ إحْداها، لو وهَبَتْه، [أو أبْرَأَتْه مِن نِصْفِه، أو] (¬1) بعْضِه فيهما (¬2)، ثم ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَنَصَّفَ، رجَع بالباقِى، على الرِّوايَةِ الأُولَى، وبنِصْفِه أو بباقِيه، على الرِّوايَةِ الأُخْرَى. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهى أصحُّ. وقيل: له نصف الباقِى ورُبْعُ بدَلِ الكُلِّ، أو نِصْفُ بدَلِ الكُلِّ فقط. وقيل: يرْجِعُ فى الإِبْراءِ مِنَ المُعَيَّنِ دُونَ الدَّيْنِ. ذكرَهما فى «الرِّعايَةِ». قال فى «الفُروعِ»: وإنْ وَهبَتْه بعْضَه، ثم تنَصَّفَ، رجَع بنِصْفِ غيرِ المَوْهُوبِ، ونِصْفُ المَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكُها (¬1) له، فلا يرْجِعُ به، ونِصْفُه الذى لم يسْتَقِرْ يرْجِعُ به على الأُولَى، لا الثَّانِيَةِ. وفى «المُنْتَخَبِ»، عليها احْتِمالٌ. الثَّانيةُ، لو وَهَبَ الثَّمَنَ لمُشْتَرٍ، فظَهر المُشْتَرِى على عَيْبٍ، فهل بعدَ الرَّدِّ لها الأَرْشُ، أمْ ترُدُّه وله ثَمَنُه؟ وقال فى «التَّرْغيبِ»: القِيمَةُ فيه الخِلافُ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «القَواعِدِ»: فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، تخْرِيجُه على الخِلافِ فى ردِّه. والآخرُ، تمْتَنِعُ المُطالَبةُ هنا وَجْهًا واحدًا. وهو اخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ. قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ له الأَرْشَ، على ما تقدَّم فى خِيارِ العَيْبِ. ¬

(¬1) فى أ: «ملكًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ» هناك فى هذه المَسْألَةِ. الثَّالثةُ، لو قضَى المَهْرَ أجْنَبِىٌّ مُتَبَرِّعًا، ثم سقَطَ أو تَنصَّفَ، فالرَّاجِعُ للزَّوْجِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: الرَّاجِعُ للأَجنَبِىِّ المُتَبرِّعِ. ومِثْلُه خِلافًا ومذهبًا [حُكْمًا لا صُورَةً] (6)، لو باعَ عَيْنًا، ثم وهبَ ثمَنَها للمُشْتَرِى، أو أَبْرَأَه منه، ثم بانَ بها عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ. [ومِثْلُه أيضًا فيهما، لو تبَرَّعَ أجْنَبِىٌّ عنِ المُشْتَرِى بالثَّمَنِ، ثم فُسِخَ بعَيْبٍ، خِلافًا ومذهبًا] (¬1). قال فى «الفُروعِ»: ومِثْلُه أداءُ ثَمَنٍ، ثم يُفْسَخُ بعَيْبٍ. انتهى. وكذا لو أْبرَأَه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن بعضِ الثَّمَنِ. واخْتارَ القاضى فى «خِلافِه»، عدَمَ الرُّجوعِ عليه ممَّا أَبْرَأَه منه. وكذا الحُكْمُ. لو كاتَبَ عَبْدَه ثم أبْرَأَه مِن دَيْنِ الكِتابَةِ، وعَتَقَ، فهل يسْتَحِقُّ المُكاتَبُ الرُّجوعَ عليه بما كان له عليه مِنَ الإِيتاءِ الواجبِ، أمْ لا؟ قدَّمه فى «الفُروعِ». وضعَّفَ المُصَنِّفُ ذلك، وقال: لا يرْجِعُ به المُكاتَبُ. ذكَر هذا وغيرَه فى «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والسِّتِّين». قوله: وإنِ ارتَدَّتْ قبلَ الدُّخُولِ، فهل يرْجِعُ عليها بجَميعِه؟ على رِوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، إذا أبْرَأَتْه، أو وَهبَتْه، ثم ارتَدَّتْ. وأطْلَقهما فى «الشَّرحِ»؛ إحْداهما، يرْجِعُ بجَمِيعِه. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه فى «التَّصحيحِ»، و «النَّظْمِ». [وظاهِرُ كلامِ ابنِ مُنَجَّى، أنَّ هذا المذهبُ] (¬1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والثَّانيةُ، لا يرْجِعُ إلَّا بنِصْفِه. وعنه، يرْجِعُ بجميعِه مع الهِبَةِ، وبنِصْفِه مع الإِبْراءِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: على الأَظْهَرِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهو أصحُّ. [وصحَّحَه فى المُحَرَّرِ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنَ الزَّوْجِ؛ كَطَلَاقِهِ، وَخُلْعِهِ، وَإسْلَامِهِ، وَرِدَّتِهِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِىٍّ، كَالرَّضَاعِ، وَنَحْوِهِ، قَبْلَ الدُّخُولِ، يَتَنَصَّفُ بِها الْمَهرُ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكلُّ فُرْقَةٍ جاءَت مِن قِبَلِ الزَّوْجِ؛ كطَلاقِه، وخُلْعِه، وإسْلامِه، ورِدَّتِه، أو مِن أَجْنَبِىٍّ، كالرَّضاعِ ونحْوِه، قبْلَ الدُّخُولِ، يتَنصَّفُ بها المَهْرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهما. وكذا تعْلِيقُ طَلاقِها على فِعلِها، وتَوْكِيلُها فيه، ففَعَلتْه فيهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّه: لو علَّق طَلاقَها على صِفَةٍ، وكانتِ الصِّفَةُ مِن فِعلِها الذى لها منه بدٌّ، وفعَلَتْه، فلا مَهْرَ لها. وقوّاه صاحِبُ «القَواعِدِ». أمَّا إذا خالَعَها، فجزَم المُصَنِّفُ بأنَّه يتنَصَّف به؛ لأنَّه مِن قِبَلِه. وهو أحدُ الوَجْهيْن، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شرحِ ابنِ مُنَجَّى». وجزَم به فى «الكافِى»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «القَواعِدِ»: المَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ لها نِصْفَ الصَّداقِ. وهو قَوْلُ القاضى وأصحابِه. والوَجْهُ الثَّانى، يسْقُطُ الجميعُ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ». وقيل: يتَنَصَّف المَهْرُ، إنْ كان الخُلْعُ مع غيرِ الزَّوْجَةِ.

وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا، كإِسْلَامِها وَرِدَّتِهَا، وَرَضَاعِهَا مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا قيلَ: هو فَسْخٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وقيل: أو طَلاقٌ أيضًا. ذكرَه فى «الرِّعايَةِ». قال فى «القَواعِدِ»، بعدَ حِكايَتِه القَوْلَ الثَّانى فى أصْلِ المَسْأَلَةِ: ومِنَ الأَصْحابِ مَن خرَّجه على أنَّه فَسْخٌ، فيَكونُ كسائرِ الفُسوخِ مِنَ الزَّوْجِ، ومنهم مَن جعَله ممَّا يشْتَرِكُ فيه الزَّوْجان؛ لأنَّه إنَّما يكونُ بسُؤَالِ المَرْأَةِ، فتَكونُ الفُرْقَةُ فيه مِن قِبَلِها. وكذلك يسْقُطُ أرْشُها فى الخُلْعِ فى المَرَضِ، وهذا على قَوْلِنا: لا يصِحُّ مع الأجْنَبِىِّ. أظْهَرُ. أمَّا إنْ وقَع مع الأَجْنَبِىِّ، وصحّحناه، فيَنْبَغِى أَنْ يتَنَصَّفَ، وَجْهًا واحدًا. انتهى. وأمَّا إذا أسْلَمَ، أو ارتَدَّ قبلَ الدُّخول، فتقَدَّم ذلك مُحَرَّرًا فى بابِ نِكاحِ الكُفَّارِ (¬1). وأمَّا إذا جاءَتِ الفُرقَةُ مِنَ الأَجْنَبِىِّ، كالرَّضَاعِ، ونحوِه، فإنَّه يتَنَصَّف المَهْرُ بينَهما، ويرْجِعُ الزَّوْجُ على مَن فعَل ذلك. ويأْتِى ذلك فى كلام المُصَنِّفِ، فى كتاب الرَّضاعِ؛ حيث قال: وكلُّ مَن أفْسَدَ نِكاحَ امرَأةٍ برَضاَع قبْلَ الدُّخولِ، فإنَّ الزَّوْجَ يرْجِعُ عليها بنِصْفِ مَهْرِها الذى يَلْزَمُه لها. فائدة: لو أقَرَّ الزَّوْجُ بنَسَبٍ أو رَضاعٍ، أو غيرِ ذلك مِنَ المُفْسِداتِ، قُبِلَ منه فى انْفِساخِ النَّكاحِ دُونَ سُقوطِ النِّصْفِ. ولو وَطِى أُمَّ زوْجَتِه، أو ابْنَتَها بشُبْهةٍ، أو زنًى، انْفَسَخَ النِّكاحُ، ولها نِصْفُ الصَّداق. نصَّ عليه، فى رِوايةِ ابنَ هانِئٍ. قوله: وكُلُّ فرقةٍ جاءَتْ مِن قِبَلِها؛ كإسْلامِها، ورِدَّتِها، ورَضَاعِها (¬2) مَن ¬

(¬1) تقدم فى صفحة 19. (¬2) فى أ: «إرضاعها».

يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا، وَفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ أوْ إِعْسَارِهِ، وَفَسْخِهِ لِعَيْبِهَا، يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُها وَمُتْعَتُها. ـــــــــــــــــــــــــــــ ينْفسِخُ به نِكاحُها -وارتِضاعِها منه بنَفْسِها- وفَسْخِها لعَيْبِه وإعْسارِه، وفَسْخِه لعَيْبِها، يسْقُطُ به مَهْرُها ومُتْعَتُها. أمَّا إذا أسْلَمَتْ، أو ارْتَدَّتْ قبلَ الدُّخولِ، فتقَدَّم ذلك أيضًا فى أوَّلِ بابِ نِكاحِ الكُفَّارِ مُسْتَوْفًى (¬1)، فليُعاوَد. وأمَّا إذا جاءَتِ الفرقَةُ مِن قِبَلِها -برَضاعِها، [أو ارْتِضاعِها] (¬2) ممَّنْ ينْفَسِخُ به نِكاحُها، فيَأْتِى ذلك أيضًا فى كتابِ الرَّضاع؛ حيثُ قال: فإذا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُه الكُبْرَى الصُّغْرَى، فانْفَسَخَ نِكاحُهما، فعليه نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يرْجِعُ به على الكُبْرَى، ولا مَهْرَ للكُبْرَى. وأمَّا فسْخُها لعَيْبِه، وفسْخُه لعَيْبِها، فإنَّ ذلك يسْقُطُ به مَهْرُها بلا خِلافٍ فى المذهبِ، إلَّا توْجِيهٌ لصاحِبِ «الفُروعِ»، يأْتِى فى الفائدَةِ الآتيةِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ قيلَ: فهلا جعَلْتُم فسْخَها لعَيْبِه كأَنَّه منه؛ لحُصُولِه بتَدْليسِه؟ قُلْنا: العِوَضُ مِنَ الزَّوْجِ فى مُقابَلةِ مَنافِعِها، فإذا اخْتارَتْ فَسْخَ العَقْدِ، ¬

(¬1) تقدم فى صفحة 19. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع سلامَةِ ما عقَد عليه -[وهو نَفْعُ بُضْعِها] (¬1) - رجَع العِوَضُ إلى العاقِدِ معها، وليسَ مِن جِهتِها عِوَضٌ فى مُقابلَةِ مَنافِعِ الزَّوْجِ، وإنَّما يثْبُتُ لها لأَجْلِ ضَرَرٍ يلْحَقُها لا لتَعَذُّرِ ما اسْتَحَقَّتْ عليه فى مُقابَلَتِه عِوَضًا فافْتَرَقا. وقال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمسِينَ بعدَ المائَةِ»: هذِا الفَرقُ يرْجِعُ إلى أنَّ الزَّوْجَ غيرُ مَعْقُودٍ عليه فى النِّكاحِ، وفيه خِلافٌ، والأظْهَرُ فى الفَرْقِ أَنْ يقالَ: الفُسوخُ الشَّرْعِيَّةُ التى يملِكُها كلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْن على الآخَرِ إنَّما شُرِعَتْ لإِزالَةِ ضَرَرٍ حاصِلٍ، فإذا وقَعَتْ قبلَ الدُّخولِ، فقد رجَع كلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْن إلى ما بذَلَه سَلِيمًا، كما خرَج منه، فلا حَقَّ له فى غيرِه، بخِلافِ الطَّلاقِ، وما فى مَعناه -[كالخُلْعِ ونحوِهما، لا كالانْفِساخاتِ القَهْرِيَّةِ بأسْبابِها؛ كالرَّضاعِ، واللِّعانِ، والرِّدَّةِ، والإِسْلامِ، والرِّقِّ، والحُرِّيَّةِ، ونحوِها، بشُروطِها، وكثُبوتِ القَرابَةِ ونحوِها] (¬2) - مِن مُوجِباتِ الفُرْقَةِ بغيرِ ضَررٍ ظاهِرٍ، فإنَّه يحْصُلُ للمرأة به انْكِسارٌ وضَررٌ، فجبَرَه الشَّارِعُ [بإعْطائِها نِصْفَ المَهْرِ [عندَ تَسْمِيَةِ المَهْرِ] (¬3)، وبالمُتْعَةِ عندَ فَقْدِ التَّسْمِيَةِ] (2). انتهى. فائدة: لو شُرِطَ عليه شرْطٌ صحيحٌ حالَةَ العَقْدِ، فلم يَفِ به، وفسَخَتْ، سقَطَ به مَهْرُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: وهو قوْلُ القاضى والأَكْثَرِين. وعنه، يتَنَصَّف بفَسْخِها قبلَ الدُّخولِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». قال فى «الفُروعِ»: فتتَوَجَّهُ هذه الرِّوايَةُ فى فَسْخِها لعَيْبِه. ولو ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) سقط من النسخ. والمثبت من القواعد 361.

وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فسَخَتْ بعدَ الدُّخولِ، فلها المُتْعَةُ إنْ لم يُسَمِّ مَهْرًا. وأمَّا فسْخُها لإِعْسارِه بالمَهْرِ، أو بالنَّفَقَةِ وغيرِ ذلك، فهو مِن جِهتِها، فلا تسْتَحِقُّ شيئًا، بلا نِزاعٍ أعلَمُه. قوله: وفُرْقَةُ اللِّعانِ تُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ منَجَّى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «الفُروعِ»؛ إحداهما، يسْقُطُ بها المَهْرُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»] (¬1)، وغيرِهم (¬2). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ»، [و «الحاوِى الصَّغِيرِ»] (¬3) وغيرِه (¬4)، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يتَنَصَّفُ بها المَهْرُ. وخرَّج القاضى، إنْ لاعنَها فى مرَضِه، تكونُ الفُرْقَةُ منه، لا مِنْها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) فى الأصل: «وغيره». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) سقط من: الأصل.

وَفِى فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ مِنَ الزَّوْجِ وَشِرَائِهَا لَهُ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ مِنَ الزَّوْجِ وشِرائِها له وجْهان. وهما رِوايَتان فى الثَّانيةِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ إحداهما: يَتنَصَّفُ بها المَهْرُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»] (2). وجزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «القواعِدِ»: هذا أَشْهرُ الوَجْهَيْن. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والقاضى، وأصحابِه، فيما إذا اشْتَرَتِ الزَّوْجَ. والثَّانى، يسْقُطُ بها كلُّه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، فيما إذا اشْتَراها الزَّوْجُ. وقيل: محَلُّ الخِلافِ إذا اشْتَراها مِن مُسْتَحِقِّ مَهْرِها. وهى طريقَتُه فى «المُحَرَّرِ». [وقال أبو بَكْرٍ: إنِ اشْتَراها، سقَطَ المَهْرُ، وِإن اشْترَتْه هى، تنَصَّفَ] (¬1). واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ»، إنْ طلَبَ الزَّوْجُ شِراءَ زَوْجَتِه، فلها المُتْعَةُ، وإنْ طلَبَه سيِّدُها، فلا. فائدة: لو جعَل لها الخِيارَ بسُؤالِها، فاخْتارَتْ نفْسَها، فالمَنْصُوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه لا مَهْرَ لها. قالَه فى «القَواعِدِ». وقيل: يتَنَصَّفُ. وأطْلَقهما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَفُرْقَةُ الْمَوْتِ يَسْتَقِرُّ بِها الْمَهْرُ كُلُّهُ كَالدُّخُولِ. وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَها لَاسْتَقَرَّ مَهْرُها كَامِلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». وإنْ جعَل لها الخِيارَ مِن غيرِ سُؤالٍ منها، فاختارَتْ نفْسَها، لم يسْقُطْ مَهْرُها. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قوله: ولو قَتَلتْ نفسَها لاسْتَقَر مهْرُها كامِلًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، لا يجِبُ سِوَى النِّصْفِ. وقال فى «الوَجيزِ»: يتَقَرَّرُ المَهْرُ إنْ قتَل نفْسَه، أو قَتَله غيرُهما. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه لا يتَقرَّرُ إنْ قتَل أحدُهما الآخَرَ. قال: وهو مُتَوَجِّهٌ إنْ قتَلَتْه هى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائدُ جمةٌ؛ اعلم أنَّ المَهْرَ يتَقَرَّرُ كامِلًا -سواءٌ كانتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أو أمَةً- بأَشْياءَ، ذكرَ المُصَنِّفُ بعضَها، فذكَر المَوْتَ. وهو بلا خِلافٍ. [قال فى «الفُروعِ»: ويتقَرَّرُ المُسَمَّى لحُرَّةٍ أو أمَةٍ بمَوْتِ أحَدِهما. انتهى] (¬1). وذكَر القَتْلَ، وتقدَّم الخِلافُ فيه. وممَّا يُقَرَّرُ المَهْرَ كامِلًا وَطْؤُه فى فَرجِ حَيَّةٍ لا مَيِّتَةٍ. ذكرَه أبو المَعالِى وغيرُه. ولو بوَطْئِها فى الدُّبُرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُقَرِّرُه الوَطْءُ فى الدُّبُرِ. ومنها، الخَلْوَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. قال فى «الفُروعِ»: وعنه، أَوْ لا. اخْتارَه فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» بزيادةِ «أو» قبْلَ «لا». والذى يَظْهرُ أنَّها سَهْوٌ. قال فى «القاعِدَةِ الخامسَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: مِنَ الأصحابِ مَن حكَى رِوايةً بأنَّ المَهْرَ لا يسْتَقِرُّ بالخَلْوَةِ بمُجَرَّدِها بدُونِ الوَطْءِ، وأنْكَرَ الأَكْثَرون هذه الرِّوايةَ، وحمَلُوها على وَجْهٍ آخَرَ، وذكروه. فعلى المذهبِ، يتقَرَّرُ كامِلًا، إنْ لم تَمْنَعْه بشَرطِ أَنْ يعْلَمَ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يتَقَرَّرُ وإنْ لم يعلَمْ بها. ويُشْترَطُ فى الخَلْوَةِ أَنْ لا يكونَ عندَهما مُمَيِّزٌ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: مُمَيِّزٌ مُسْلِمٌ. وجزَم به فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل (¬2): يُشْترَطُ أيضًا أَنْ يكونَ الزَّوْجُ ممَّنْ يطَأُ مِثْلُه بمَنْ يُوطَأُ مِثْلُها. ولا تُقْبَلُ دَعْواه عدَمَ عِلْمِه بها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ولو كان أَعْمَى. نصَّ عليه؛ لأن العادةَ أنَّه لا يخْفَى عليه ذلك. وقيل: تُقْبَلُ دَعْواه عدَمَ عِلْمِه إذا كان أعْمَى. وقال فى «المُذْهبِ»: إنْ صدَّقَتْه، لم تَثْبُتِ الخَلْوَةُ، وإنْ كذَّبَتْه، فهى خَلْوَةٌ. فعلى المَنْصوصِ، قدَّم الأصحابُ هنا العادَةَ على ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْلِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: فكذا دَعوَى إنْفاقِه، فإنَّ العادَةَ هناك أَقْوَى. انتهى. والنَّائمُ [فى الخَلْوَةِ] (1) كالأَعْمَى. ويُقْبَلُ قولُ مُدَّعِى الوَطْءِ -[يعنِى فى الخَلْوَةِ] (¬1) - على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [وإلَّا فسَيأْتِى، أنَّ القَوْلَ قولُ الزَّوْجِ، فيما إذا اخْتَلَفا فيما يسْتَقِرُّ به المَهْرُ مِن جُملَةِ الوَطْءِ بلا خَلْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ] (2). وفى «الواضِحِ» وَجْهٌ، يُقْبَلُ قولُ مُنْكِرَةٍ، كعَدَمِها. قالَه ابنُ عَقِيلٍ، وجماعةٌ. فلا يرْجِعُ هو بمَهْرٍ لا يدَّعِيه، ولا لها ما لا تدَّعِيه. [وسيَأْتِى أنَّ القَوْلَ قولُه هو دُونَها، فيما إذا اخْتَلَفا فيما يسْتَقِرُّ به المَهْرُ؛ ومنه الوَطْءُ، ونحوه بلا خَلوَةٍ] (¬2). قال فى «الانْتِصارِ»: والتَّسْلِيمُ بالتَّسَلُّمِ، ولهذا لو دَخَلَتِ البَيْتَ، فخرَجَ، لم تَكْمُلْ. قالَه قُبَيْلَ المَسْأَلَةِ. وفى «الانْتِصارِ» أيضًا، يسْتَقِرُّ به وإنْ لم يتَسَلم، كبَيْعٍ وإجارةٍ. وفى العِدَّةِ والرَّجْعَةِ وتَحْريمِ الرَّبِيبَةِ بالخَلْوَةِ، الخِلافُ. قالَه فى «الفُروعِ». ويأتى فى أوَّل بابِ العِدَدِ، حُكْمُ الخَلْوَةِ مِن جِهةِ العِدَّةِ، وتقدَّم أحْكامُ الرَّبِيبَةِ إذا خَلا بأُمِّها، فى المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ (¬3). وقطَع المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، بثُبوتِ الرَّجْعَةِ له عليها إذا خَلا بها فى عِدَتِها. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: الخَلْوَةُ تقومُ مَقامَ الدُّخولِ فى أرْبَعَةِ أشْياءَ، تَكْمِيلِ الصَّداقِ، ووُجوبِ العِدَّةِ، ومِلْكِ الرَّجْعَةِ إذا طلَّقها دُونَ الثَّلاث، وثُبوتِ الرَّجْعَةِ إنْ كانتَ مُطَلَّقَةً بعدَ الدُّخولِ. وقيل: هذه الخَلْوَةُ دُونَ الثَّلاثِ. انتهى. ولا يتعَلَّقُ بالخَلْوَةِ بقِيَّةُ حُكْمِ الوَطْءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: كمدخُولٍ بها، إلَّا فى حِلِّها لمُطَلِّقِها وإحْصانٍ. قالَه فى «الفُروعِ». ونقَل أبو الحارِثِ وغيرُه، هى كمَدْخُولٍ بها، ويُجْلَدان إذا زَنَيا. انتهى. وأمَّا لُحوقُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) زيادة من: ش. (¬3) 20/ 275.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسَبِ، فقال ابنُ أبِى موسى: رُوِى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى صائمٍ خَلا بزَوْجَتِه، وهى نَصْرانِيَّةٌ، ثم طلقها قبلَ المَسيسِ، وأتَتْ بوَلَدٍ مُمْكِنٍ، رِوايَتان؛ إحْداهما، يَلْزَمُه؛ لثُبوتِ الفِراشِ. وهى أصحُّ. والأُخْرَى، قال: لا يَلْزَمُه الوَلَدُ إلَّا بالوَطْءِ. انتهى. ولوِ اتَّفَقا على أنَّه لم يَطَأْ فى الخَلْوَةِ، لَزِمَ المَهْرُ والعِدَّةُ. نصَّ عليه؛ لأَنَّ كُلًّا منهما مُقِرٌّ بما يَلْزَمُه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، فى تَنْصيفِ المَهْرِ هنا رِوايتَيْن. إذا عُلِمَ ذلك، فالخَلْوَةُ مُقَرِّرَة للمَهْرِ؛ لمَظِنَّةِ الوَطْءِ. ومِنَ الأصحاب مَن قال: إنَّما قَرَّرَتِ المهْرَ لحُصولِ التَّمْكِينِ بها. وهى طريقَةُ القاضى. وردَّها ابنُ عقِيلٍ، وقال: إنَّما قرَّرَتْ لأحَدِ أمرَيْن؛ إمَّا لإِجْماعِ الصَّحابَةِ -وهو حُجَّةٌ- وإمَّا لأَنَّ طَلاقَها بعدَ الخَلْوَةِ بها، ورَدَّها زُهْدًا منه فيها، فيه ابْتِذالٌ لها وكَسْرٌ، فوَجَبَ جَبْرُه بالمَهْرِ. وقيل: بلِ المُقَرِّرُ هو اسْتِباحَةُ ما لا يُباحُ إلَّا بالنِّكاحِ مِنَ المَرْأَةِ، فدَخَلَ فى ذلك الخَلْوَةُ واللَّمْسُ بمُجَرَّدِهما. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايَةِ حَرْبٍ. ذكرَه فى «القَواعِدِ». فلو خَلا بها، ولكِنْ بهما مانِعٌ شَرْعِىٌّ؛ كإحْرامٍ وحَيْضٍ وصَوْمٍ، أو حِسِّىٌّ؛ كجَبٍّ ورَتَقٍ ونِضاوَةٍ، تقَرَّرَ المَهْرُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّركَشِىُّ: وهو المُخْتارُ للأَصحابِ. وقال: اتَّفَقُوا، فيما عَلِمْتُ، أنَّ هذا هو المذهبُ. انتهى. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعنه، لا يُقَرِّرُه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، يُقَرِّرُه إنْ كان المانِعُ به، وإلَّا فلا. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ خَلا بها وهو مُدْنِفٌ (¬1)، أو صائمٌ، أو مُحْرِمٌ، أو مَجْبُوبٌ، اسْتقَرَّ الصَّداقُ. رِوايةً ¬

(¬1) مُدْنفٌ: براه المرض حتى أشفى على الموت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدةً، وإنْ خَلا بها وهى مُحْرِمَةٌ، أو صائمةٌ، أو رَتْقاءُ، أو حائِضٌ، كَمَلَ الصَّداقُ فى أَشْهَرِ الرِّوايتَيْن. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، يَكْمُلُ مع ما لا يَمْنَعُ دَواعِىَ الوَطْءِ، بخِلافِ صَوْمِ رَمَضانَ، والحَيْضِ، والإِحْرامِ بنُسُكٍ ونحوِها. قال القاضى: إنْ كان المانِعُ لا يَمْنَعُ دَواعِىَ الوَطْءِ؛ كالجَبِّ والعُنَّةِ والرَّتْقِ والمَرضِ والحَيْضِ والنِّفاسِ، وَجَبَ الصَّداقُ، وإن كان يَمْنَعُ دَواعِيَه؛ كالإِحْرامِ وصِيامِ الفَرْضِ، فعلى رِوايتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وعنه رِوايَةٌ، إنْ كانَا صائمَيْن صَوْمَ رَمَضانَ، لم يَكْمُلِ الصَّداقُ، وإنْ كان غيرَه، كَمَلَ. انتهى. وقيل: إنْ خَلا بها، وهو مُرْتَدٌّ أو صائمٌ أو مُحْرِمٌ أو مَجْبُوبٌ، استَقَرَّ الصَّداقُ، وإنْ كانتْ صائمةً أو مُحْرِمَةً أو رَتْقاءَ أو حائِضًا، كَمَلَ الصَّداقُ على الأصحِّ. وتقدَّم كلامُه فى «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: قال الزَّركَشِىُّ وغيرُه، بعدَ أَنْ ذكَر الرِّوايتَيْن: اخْتَلفَتْ طُرُقُ الأصحابِ فى هذه المَسْألَةِ، فقال أبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه»، والمَجْدُ والقاضى فى «الجامعِ»، فيما نقَله عنه فى «القَواعِدِ»: محَلُّ الرِّوايتَيْن فى المانعِ؛ سواءٌ كان مِن جِهتِه، أو مِن جِهتِها، شَرْعيًّا كانَ؛ كالصَّوْمِ والإِحْرامِ والحَيْضِ، أو حِسِّيًّا؛ كالجَبِّ والرَّتَقِ ونحوِهما. وقال القاضى فى «الجامعِ»، والشَّرِيفُ فى «خِلافِه»: محَلُّهما إنْ كان المانِعُ مِن جِهَتِها، أمَّا إنْ كان مِن جِهَتِه، فإنَّ الصَّداقَ يتَقَرَّرُ بلا خِلافٍ. ونسَبَ هذه الطَّريقةَ فى «القَواعِدِ» إلى القاضى فى «خِلافِه». وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ» -فيما أظُنُّ- وابنُ البَنَّا: محَلُّهما إذا امْتَنَع الوَطْءُ ودَواعِيه؛ كالإِحرامِ والصِّيامِ. فأمَّا إنْ كان لا يَمْنَعُ الدَّواعِىَ؛ كالحَيْضِ والجَبِّ والرَّتَقِ، فيَسْتَقِرُّ، رِوايَةً واحدةً. ونسَبَ هذه الطَّريقَةَ فى «القَواعِدِ» إلى القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ». وقال القاضى فى «الرِّوايتَيْن»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محَلُّهما فى المانعِ الشَّرعِىِّ، أمَّا المانِعُ الحِسِّىُّ، فيتَقَرَّرُ معه الصَّداقُ. وهى قرِيبَةٌ مِنَ التى قبلَها. ويَقْرُبُ منها طريقَةُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى»، أنَّ المَسْألَةَ على ثَلاثِ رِواياتٍ. الثَّالثةُ، إن كان المانعُ متَأَكِّدًا؛ كالإِحْرامِ والصِّيامِ، لم يَكْمُلْ، وإلا كَمَلَ. انتهى. وهذه الرِّوايةُ الثَّالِثَةُ لم يُصَرحِ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّه، فيها بالإِحْرامِ، وإنَّما قاسَه المُصَنِّفُ على الصَّوْمِ الذى صرَّح به الإِمامُ أحمدُ. وممَّا يُقَرِّرُ المَهْرَ أيضًا اللَّمْسُ والنَّظَرُ إلى فَرجِها ونحْوِه لشَهْوَةٍ، حتى تقْبِيلها بحَضْرَةِ النَّاسِ. نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. [وقدَّمه فى «الفُروعِ»] (¬1). وخرَّجه ابنُ عَقِيلٍ على المُصاهَرَةِ. وقالَه القاضى مع الخَلْوَةِ. وقال: إنْ كان ذلك عادَتَه، تقَرَّرَ، وإلَّا فلا. هكذا نقَله فى «الفُروعِ». قلتُ: قال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: إنْ كان ممَّنْ يُقَبِّلُ أو يُعانِقُ بحَضْرَةِ النَّاسِ عادةً، كانتْ خَلْوَةً منه، وإلَّا فلا. ونقَلَه عنه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «القَواعِدِ». فلعَلَّ قوْلَ صاحبِ «الفُروعِ»: وقال: إنْ كان ذلك عادَتَه، تقَرَّرَ. عائدٌ إلى ابنِ عَقِيلٍ، لا إلى القاضى، أو يكونُ ابنُ عقِيلٍ وافَقَ القاضىَ، ويكونُ لابنِ عَقِيلٍ فيها قوْلان. قال فى «القَواعِدِ»: والمَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، أنَّه إذا تعَمَّدَ النَّظَرَ إليها، وهى عُرْيَانَة تغْتَسِلُ، وَجَبَ لها المَهْرُ. ولا يُقَرِّرُه النَّظَرُ إليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بلَى [إذا كانتْ غيرَ عُرْيانَةٍ، فأمَّا إنْ كانتْ عُريانَة وتعَمَّدَ النَّظَرَ إليها، فالمَنْصوصُ أنَّه يجِبُ لها المَهْرُ] (¬2). قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُقَرِّره النَّظَرُ إليها عُريانَة. وقطَع ناظِمُ المُفْرَداتِ، أنَّ النَّظَرَ إلى فَرجِها يُقَرِّرُ المَهْرَ. قال فى «القَواعِدِ»: أمَّا مُقَدِّماتُ الجِماعِ؛ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ش.

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِى قَدْرِ الصَّدَاقِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ. وَعَنْهُ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كاللَّمْسِ لشَهْوَةٍ، والنَّظَرِ إلى الفَرْجِ، أو إلى جسَدِها وهى عُرْيانَةٌ، فمِنَ الأصْحابِ مَن أَلْحَقَه بالوَطْءِ -وهو المذهبُ- ومنهم مَن خرَّجَه على وَجْهَيْن، أو رِوايتَيْن، مِنَ الخِلافِ فى تَحْريمِ المُصاهرَةِ به، [ولم يُقَيِّده فيهما بالشَّهْوَةِ؛ لأَنَّ قَصْدَ النَّظَرِ إلى الفَرْجِ، أو إلى جسَدِها وهى عُرْيانةٌ، لا يكونُ إلَّا لشَهْوَةٍ، بخِلافِ اللَّمْس، إذِ الغالِبُ فيه عَدمُ اقْتِرانِه بالشَّهْوَةِ، فلذلك قيَّده فيه بها] (¬1). انتهى. فإنْ تحَمَّلَتْ ماءَ الزَّوْجِ، ففى تَقَرُّرِ الصَّداقِ به وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، وقال: ويَلْحَقُه نسَبُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُقَرِّرُه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ولوِ اسْتَدخَلَتْ مَنِىَّ زوْجٍ أو أجْنَبِىٍّ بشَهْوَةٍ، ثَبَتَ النَّسَبُ، والعِدَّةُ، والمُصاهرَةُ، ولا تثْبُتُ رجْعَةٌ، ولا مَهْرُ المِثْلِ، ولا يُقَرِّرُ المُسَمَّى. انتهى. قوله: وإنِ اخْتلَفَ الزَّوْجان فى قَدرِ الصَّداقِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مع يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وعنه، القَوْلُ قولُ مَن يَدَّعِى مهْرَ المِثْلِ منهما. جزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «العُمدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، ونصَرَه القاضى، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. قال الزَّركَشِىُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: نَصرَه القاضى، وأصحابُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ بلا خِلافٍ بينَهم. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى». وعنه، يتَحالفان. حَكاها الشِّيرَازِىُّ فى «المُبْهِجِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يتَخَرَّجُ لنا قوْلٌ كقَوْلِ مالِكٍ، رَحِمَه اللَّهُ: إنْ كان الاخْتِلافُ قبلَ الدُّخولِ، تَحالَفا، وإنْ

فَإِنِ ادَّعَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَادَّعَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ، رُدَّ إِلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ، عِنْدَ الْقَاضِى فِى الأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، تَجِبُ الْيَمِينُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بعدَه، فالقَوْلُ قولُ الزَّوْجِ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ -وهو أنَّ القَوْلَ قوْلُ مَن يَدَّعِى مهرَ المِثْلِ منهما- لو ادَّعَى أقَلَّ منه، وادَّعَتْ أكْثَرَ منه، رُدَّتْ (¬1) إليه بلا يَمينٍ عندَ القاضى، فى الأحْوَالِ كُلِّها. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وقيل: يجِبُ اليَمِينُ فى الأَحْوالِ كلِّها. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وقطَع به هو والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، فى «خِلافَيْهِما». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال المُصَنِّفُ، [وتَبِعَه الشَّارِحُ] (¬2): إذا ادَّعَى أقَلَّ مِن مَهْرِ المِثْلِ، وادَّعَتْ أكثرَ منه، رُدَّ إلى مَهْرِ المِثْلِ. ولم يذْكُرِ الأصحابُ يَمِينًا، والأَوْلَى أَنْ يتَحالفا، فإنَّ ما يقُولُه كلُّ واحدٍ منهما مُحتَمِلٌ للصِّحَّةِ، فلا يُعدَلُ عنه إلَّا يَمِينٍ مِن صاحبِه، كالمُنْكِرِ فى سائرِ الدَّعاوَى، ولأنَّهما تَساوَيا فى عدَمِ الظُّهورِ، فشُرِعَ التَّحالُفُ، كما لو اخْتلَفَ المُتبَايِعان. انتهيا (¬3). وقال فى ¬

(¬1) فى ط: «ردا». (¬2) سقط من: ط. (¬3) فى ط: «انتهى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»: [وعنه، يؤْخَذُ بقَوْلِ مُدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ] (3)، ولم يذكُرِ اليمينَ. فيُخَرَّجُ وُجوبُها على وَجْهَيْن. وقال فى «الهِدايَةِ»: [وعنه، القَوْلُ قولُ مَن يدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ، فإنِ ادَّعَى هو دُونَه، وادَّعَتْ هى زِيادَةً، رُدَّ إليه، ولا يجِبُ يَمِينٌ فى الأَحْوالِ كلِّها، على قَوْلِ شيْخِنا. وعندِى، أنَّه يجِبُ فيها كلِّها يمينٌ لإِسْقاطِ الدَّعاوَى] (3). وفى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، ما يدُلُّ على الوَجْهَيْن. انتهى. وتَبِعَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وأَطْلَقهما فى «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، [وغيرِهم. لكِنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» حكَى الخِلافَ فيما إذا ادَّعَى مَهْرَ المِثْلِ مِن غيرِ زيادةٍ ولا نُقْصانٍ، تبعًا لصاحبِ «المُحَرَّرِ»، ولم يذْكُرا يمينًا فى غيرِها. وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، قد حكَيا الخِلافَ كذلك، وأَطْلَقاه أيضًا، وحَكَياه وَجْهَيْن، فيما إذا ادَّعَى هو نَقْصًا، وادَّعَتْ هى زِيادَةً، وقدَّما عدَمَ اليَمِينِ. وأبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه؛ كالسَّامَرِّىِّ، والمُصَنِّفِ هنا أَجْرَوا الخِلافَ فى جميعِ الصُّوَرِ، وحَكَوه أيضًا عن القاضى أبى يَعْلَى الكبيرِ] (¬1). والظَّاهِرُ أنَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّف، والمَجْدَ؛ والشَّارِحَ (¬1) -حالةَ التَّصْنِيفِ- لم يَطَّلِعا على الخِلافِ، أو ما اسْتَحْضَراه. [لكِنَّ المَجْدَ لم يصَرِّحْ فى كلامِه فى حُكْمِ اليَمِينِ نفْيًا ولا إثْباتًا فى المَسْأَلةِ المذْكُورَةِ، نعم حيثُ ردَّ إلى مَهْرِ المِثْلِ، فإنَّه يكونُ كالمَسْأَلةِ قبلَها على الخِلافِ، وأيضًا فإنَّه لم يَنْفِ ذِكْرَ اليمينِ إلَّا عنِ الرِّوايَةِ، ولم يتَعرَّضْ لثُبوتِه فى كلامِ الأصحابِ ولا لنَفْيِه، وكيفَ ينْفِيه عنهم وهو ثابت فى «المُقْنِعِ»، وقبلَه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَب»؟ ويُمْكِنُ أَنْ يقالَ: إنَّما جزَم الشَّيْخُ فى «المُقْنِعِ» بُوجوب اليمينِ فى الأَحْوالِ، أو بعدَمِه فيها، اخْتِيارًا منه لإِطْلاقِ الحالَةِ الأخيرةِ بالأَحْوالِ الأَوَّلَةِ؛ وهى ما يؤخَذُ مِن قولِه: مُدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ فى وُجوبِ اليمينِ، أو عدَمِه. وأنَّ ذلك هو ظاهِرُ كلامِهم. والذى ذكرَه، فى «المُغْنِى» مِن أنَّ الأصحابَ لم يذْكُروا يمينًا، لا يُنافِى صَنِيعَه فى «المُقْنِعِ»، حِينَئذٍ، فإنَّ ذلك مخْتَصٌّ الحالِ الأخيرِ فقط] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو اخْتلَف ورَثَتُهما فى قَدْرِ الصَّداقِ. قالَه فى

وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى هذَا الْعَبْدِ. قَالَتْ: بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ. خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. [وكذا لو اخْتلَفَ الزَّوْجُ ووَلِىُّ الزَّوْجَةِ الصَّغيرَةِ فى قَدْرِه. قالَه القاضى وغيرُه، واقْتَصرَ عليه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويخْلِفً الوَلِىُّ على فِعْلِ نفْسِه] (¬1). قوله: وإنْ قال: تَزَوَّجْتُكِ على هذا العَبْدِ. فقالتْ: بل على هذه الأمَةِ. خُرِّجَ على الرِّوايتَيْن. يعْنِى، اللَّتَيْن فيما إذا اخْتَلَفا فى قَدْرِ الصَّداقِ. وكذا قال أبو الخَطَّابِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه مِنَ الأصحابِ. وكذا الحُكْمُ لو اخْتلفَا فى جنْسِه أو صِفَتِه، عندَ الأكْثَرين. لكِن على روايةِ مَن يدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ، لو كانتِ الأَمَةُ تُساوِى مَهْرَ المِثْلِ، لم يَدْفَعْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليها، بل يدْفَعُ إليها القِيمَة؛ لئَلَّا يُمَلِّكَها ما ينْكِرُه. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، بعد ذِكْرِ الرِّوايتَيْن: لكِنَّ الواجِبَ القِيمةُ، لا شئَ مِنَ المُعَيَّنَين. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كان مُعَيَّنُ المرْأَة أعْلَى قيمةً، وهو كمَهْرِ المِثْلِ أو أقَلَّ، وأخَذْنا بقوْلِها، أُعْطِيَتْه بعَيْنِه. وكذا قال فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ فى «فَتاوِيه»: إنْ عيَّنَتِ المرأةُ أُمَّها، وعيَّنَ الزَّوْجُ أبَاها، فيَنْبَغِى أَنْ يعْتِقَ أبُوها؛ لأنَّه مُقِرٌّ بمِلْكِها له وإعْتاقِه عليها، ثم يتَحالَفان، ولها الأقَلُّ مِن قيمَةِ أُمِّها، أو مَهْرُ مِثْلِها. انتهى. وفى «الواضِحِ»، يتَحالفَان، كبَيْعٍ، ولها الأقَلُّ ممَّا ادَّعَتْه، أو مَهْرُ مِثْلِها. وفى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»، يُقْبَلُ قولُ مُدَّعِى جِنْسَ مَهْرِ المِثْلِ، فى أشْهَرِ الرِّوايتَيْن. والثانيةُ، قِيمَةُ ما يدَّعِيه هو. وقدَّم فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ» ما قالَ فى «التَّرْغيبِ»: إنَّه أشْهَرُ الرِّوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ادَّعَتْ تسْمِيَةَ الصَّداقِ وأنْكَرَ، كان القولُ قوْلَها فى تسْمِيَةِ مَهْرِ المِثْلِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، القَوْلُ قولُه، ولها مَهْرُ مِثْلِها. وأَطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»،

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى قَبْضِ الْمَهْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ، أُخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ وَإِنْ كَانَ قَدِ انْعَقَدَ بِالسِّرِّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ الْقَاضِى: إِنْ تَصَادَقَا عَلَى السِّرِّ لَمْ يَكُنْ لَها غَيْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فعلى الأُولى، يتَنَصَّفُ المَهْرُ إذا طلَّق قبلَ الدُّخولِ. وعلى الثَّانيةِ، فى تنَصُّفِه أو المُتْعَةِ فقط، الخِلافُ الآتِى. قوله: وإنِ اختلَفا فى قبْضِ المَهْرِ، فالقولُ قولُها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطبةً. وذكرَ فى «الواضِحِ» رِوايةً، أنَّ القولَ قوْلُه؛ بِناءً على ما إذا قال: كانَ له علىَّ كذا، وقَضَيْتُه. على ما يأتِى فى كلامِ الخِرَقِىِّ، فى بابِ طريقِ الحاكمِ وصِفَتِه. قوله: وإنِ اختَلَفَا فيما يَسْتَقِرُّ به المَهْرُ، فالقَولُ قولُه. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ تَزَوَّجَها على صَداقَيْن؛ سِرٍّ وعَلانِيَةٍ، أُخِذَ بالعَلانِيَةِ، وإنْ كان قد انعقَدَ بالسِّرِّ. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وذكره فى «التَّرْغيبِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم، وهو مَنْصوصٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ؛ لأنَّه قد أقرَّ به. نقَل أبو الحارِثِ، يُؤْخَذُ بالعلانِيَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. قالَه فى «الخُلاصَةِ». فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رضِيَتِ المرأةُ بمَهْرِ السِّرِّ، وإلَّا لَزِمَه العلانِيَةُ. وقال القاضى: وإن تصَادَقا على السِّرِّ، لم يكُنْ لها غيرُه. وحمَل كلامَ الإِمامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، على أنَّ المرأةَ لم تُقِرَّ بنِكاحِ السِّرِّ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: ذكَر الحَلْوانِىُّ، أنَّ البَيْعَ مِثْلُ النِّكاحِ فى ذلك. وتقدَّم ذلك فى كتابِ البَيْعَ بأتَمَّ مِن هذا. تنبيه: قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، ومن تابعَه مِن الشَّارِحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: وَجْهُ قوْلِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إذا عقَد فى الظَّاهرِ عَقْدًا، بعدَ عقْدِ السِّرِّ، فقد وُجِدَ منه بَذْلُ الزَّائدِ على مَهْرِ السِّرِّ؛ فيجِبُ ذلك عليه، كما لو زادَها على صَداقِها. قالوا: ومُقْتَضَى ما ذكَرْناه مِنَ التَّعْليلِ لكلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إنْ كانْ مَهْرُ السِّرِّ أكْثَرَ مِنَ العلانِيَةِ، وجَبَ مَهْرُ السِّرِّ؛ لأنَّه وجَبَ عليه بعَقْدِه، ولم تُسْقِطْه العَلانِيَةُ، فبَقِىَ وُجوبُه. انتهَوْا. قال الزَّرْكَشِىُّ: قد حمَلْنا كلامَ الخِرَقِىِّ على ما إذا كان مَهْرُ العلانِيَةِ أزْيَدَ، وهو مُتأَخِّرٌ؛ بِناءً على الغالِبِ. انتهى. قلتُ: بل هذا هو الواقِعُ، ولا يَتأتَّى فى العادةِ غيرُه. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وإذا كرَّر العَقْدَ بمَهْرَيْن؛ سِرًّا وعلانِيَةً، أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ، وهو العلانِيَةُ، وإنِ انْعَقَدَ بغيرِه. نصَّ عليه. وقالَه الخِرَقِىُّ. قال شارِحُه: فقَولُه: أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ؛ وهو العلانِيَةُ. أخْرَجَه مخرجَ الغالِبِ. انتهى. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فجعَل قَوْلَ الخِرَقِىِّ ومَن تابَعه قوْلًا غيرَ القَوْلِ بالأخْذِ بالزَّائدِ، فقال: ومَن تزَّوج سِرًّا بمَهْرٍ، وعلانِيَةً بغيرِه، أُخِذَ بأزْيَدِهما. وقيل: بأَوَّلِهما. وفى «الخِرَقِىِّ» وغيرِه، يُؤْخَذُ بالعلانِيَةِ. وذكَره فى «التَّرْغيبِ» نصَّ الإمام أحمدَ مُطْلَقًا. انتهى. قلتُ: أمَّا على تقْديرِ وُقوعِ أنَّ مَهْرَ السِّرِّ أكْثَرُ، فلا نعلمُ أحَدًا صرَّح بأنَّها لا تسْتَحِقُّ الزَّائدَ، وإنْ كان انْقَصَ، فَيأْتِى كلامُ الخِرَقِىِّ والقاضى. فوائد؛ الأُولَى، لو اتَّفقَا قبلَ العَقْدِ على مَهْرٍ وعقدَاه بأكْثَرَ منهِ، تجَمُّلًا -مِثْلَ أَنْ يتَّفِقا على أنَّ المَهْرَ ألْفٌ، ويعْقِدَاه على أَلْفَيْن- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأَلْفَيْن هى المَهْرُ. جزَم به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرُهم. وقالَه القاضى، وغيرُه. وقيل: المَهْرُ ما اتَّفقَا عليه أوَّلًا. فعلى المذهب، قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: تَفِى بما وَعدَتْ به وشرَطَتْه، مِن أنَّها لا تأْخُذُ إِلَّا مَهْرَ السِّرِّ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم: هذا على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وقال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: يجِبُ عليها الوَفاءُ بذلك. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، لو وقَع مثْلُ ذلك فى البَيْعِ، فهل يُؤْخَذُ بما اتَّفَقا عليه، أو بما وقَع عليه العَقْدُ؟ فيه وَجْهان وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُؤْخَذُ بما اتَّفَقا عليه. قطَع به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وحكاه أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَيْنِ عن القاضى. وهو مِن المُفْرَداتِ. والثَّانِى، يُؤْخَذ بما وقَع عليه العَقْدُ. قطَع به القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ». وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى كتابِ البَيْعِ (¬1)، بعدَ قولِه: فإنْ كان أحدُهما مُكْرَهًا. الثَّالثةُ، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، بقوله: وإنْ تزَوَّجَها على صَداقَيْن؛ سِرٍّ وعلانِيَةٍ، أُخِذَ بالعلانِيَةِ. أنَّ الزِّيادةَ فى الصَّداقِ بعدَ العَقْدِ، تَلْحَقُ به. ويَبْقَى حُكْمُها حُكْمُ الأَصْلِ المَعْقُودِ عليه فيما يُقَرِّرُه ويُنَصِّفُه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تَلْحَقُ به، وإنَّما هى هِبَةٌ تفْتَقِرُ إلى شُروطِ الهِبَةِ؛ فإنْ طلَّقَها بعدَ هِبَتِها، لم يرْجِعْ بشئٍ مِن الزِّيادةِ. وخرَّج على المذهبِ سُقوطَه بما يُنَصِّفُه، مِن وُجوبِ المُتْعَةِ لمُفَوَّضَةٍ مُطَلَّقَةٍ قبلَ الدُّخولِ بعدَ فرْضِه. فعلى المذهبِ، يمْلِكُ الزِّيادَةَ مِن حينِها. نقَلَه مُهَنَّا فى أمَةٍ عتَقَتْ، فزِيدَ مهْرُها. وجعَلَها القاضى لمَن أصْلُ الزِّيادةِ له. [قال فى «المُحَرَّرِ»: وإذا ألْحَقَ بالمَهْرِ بعدَ العَقْدِ زِيادةً، أُلْحِقَتْ به ولَزِمَتْه، وكانتْ كأصْلٍ فيما يُقَرِّرُه ويُنَصِّفُه. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. ويتخَرَّجُ أَنْ تسْقُطَ هى بما يُنَصِّفُه، ونحوِه. انتهى بما معه] (¬2). الرَّابعةُ، هدِيَّةُ الزَّوْجَةِ ليستْ مِنَ المَهْرِ. نصَّ عليه. فإنْ كانتْ قبلَ العَقْدِ، وقد وَعدُوه ¬

(¬1) 11/ 16. (¬2) زيادة من: ش.

وَإِنْ قَالَ: هُوَ عَقْدٌ وَاحِدٌ، أَسْرَرْتُهُ ثُمَّ أَظْهَرْتُهُ. وَقَالَتْ: بَلْ هُوَ عَقْدَانِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنْ يُزَوِّجُوه، فزَوَّجُوا غيرَه، رجَع بها. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: وهذا ممَّا لا شكَّ فيه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّه، أيضًا: ما قُبِضَ بسبَبِ النِّكاحِ فكمَهْرٍ. وقال أيضًا: ما كُتِبَ فيه المَهْرُ لا يخْرُجُ منها بطَلاقِها. وقال فى «القاعِدَةِ الخَمْسِين بعدَ المِائةِ»: حكَى الأَثْرَمُ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى المَوْلَى يتزَوَّجُ العرَبِيَّةَ، يُفَرَّقُ بينَهما؛ فإنْ كان دفَع إليها بعْضَ المَهْرِ ولم يدْخُلْ بها، يرُدُّوه، وإنْ كان أهْدَى هدِيَّةً، يرُدُّونَها عليه. قال القاضى فى «الجامعِ»: لأنَّ فى هذه الحالِ يدُلُّ على أنَّه وهَبَ بشَرْطِ بقاءِ العَقْدِ، فإذا زالَ، ملَكَ الرُّجوعَ، كالهِبَةِ بشَرْطِ الثَّوابِ. انتهى. وهذا فى الفُرْقَةِ القَهْرِيَّةِ، لفَقْدِ الكفاءَةِ ونحوِها، ظاهرٌ، وكذا الفُرْقَةُ الاخْتِيارِيَّةُ المُسْقِطَةُ للمَهْرِ، فأمَّا الفَسْخُ المُقَرِّرُ للمَهْرِ أو لنِصْفِه، فتَثْبُتُ معه الهَدِيَّةُ. وإنْ كانتِ العَطِيَّةُ لغيرِ المُتَعاقِدَيْن بسَبَبِ العَقْدِ؛ كأجْرَةِ الدَّلَّالِ (¬1)، ونحوِها، ففى «النَّظَرِيَّاتِ» لابنِ عَقِيلٍ، إنْ فُسِخَ البَيْعُ بإقالَةٍ، ونحوِها، لمِ يقِفْ على التَّراضِى، فلا تُرَدُّ الأُجْرَةُ، وإنْ فُسِخَ بخِيارٍ أو عَيْبٍ، رُدَّتْ؛ لأنَّ البَيْعَ وقَع متَرَدِّدًا بين اللُّزومِ وعدَمِه. وقِياسُه فى النِّكاحِ، أنَّه إنْ فُسِخَ لفَقْدِ الكفاءَةِ أو لعَيْبٍ رُدَّتْ، وإنْ فسِخَ لرِدَّةٍ أو رَضاعٍ أو مُخالَعَةٍ لم تُرَدَّ. انتهى. نقَله صاحِبُ «القَواعِدِ». ¬

(¬1) بعده فى أ: «والخاطب».

فصل فى المفوضة

فَصْلٌ فِى الْمُفَوّضَةِ: وَالتَّفْوِيضُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ، أَو تأْذَنَ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا فِى تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ. وَتَفْوِيضُ الْمَهْرِ، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَا شَاءَتْ أَوْ شَاءَ أَجْنَبِىٌّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالعَقْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان، أحدُهما، قولُه: والتَّفْويضُ على ضَرْبَيْن؛ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، وهو أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابنْتَه الْبِكْرَ. مُرادُه، إذا كانتْ مُجْبرَةً. وكذلك الثَّيِّبَ الصَّغيرِةُ، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: يُجْبِرُها. وأمَّا إذا قُلْنا: لا يُجْبِرُها. فلابُدَّ مِن الإِذْنِ فى تزْويجِها بغيرِ مَهْرٍ،

وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يكونَ تَفْويضَ بُضْعٍ. الثَّانى، ظاهِرُ قولِه: ويَجِبُ مهْرُ المِثْلِ بالعَقْدِ، ولها المُطالبَةُ بفَرْضِه.

فَإِنْ فَرَضَهُ الْحَاكِمُ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِمِقْدَارِهِ، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى فَرْضِهِ، جازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها ليسَ لها المُطالبَةُ بالمَهْرِ قبلَ الفَرْضِ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن؛ لأنَّه لم يسْتَقِرَّ. [وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ] (3). وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لها المُطالبَةُ به؛ [منهم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابنُ] (3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [رَزِينٍ، وغيرُهم، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»] (¬1)، كما أنَّ لها المُطالبَةَ بفَرْضِه؛ [لأنَّه لم يسْتَقِرَّ] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حيثُ فسَدَتِ التَّسْمِيَةُ، كان لها المُطالبَةُ بفَرْضِه مِن مَهْرِ المِثْلِ، كما أنَّ لها ذلك هنا.

وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الإِصَابَةِ، وَرِثَهُ صَاحِبُهُ، وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالْمَوْتِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَهُ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ أَحَدُهما قبْلَ الإِصابَةِ ورِثَه صاحِبُه، ولها مهْرُ نِسائِها. هذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعةِ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهرُ المذهبِ، وهو الصَّحيحُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه ابنُ أبِى مُوسى وغيرُه، فما قرَّرَ المَهْرَ (¬1) المُسَمَّى قرَّرَه هنا. وقيل عنه: لا مَهْرَ لها. حَكاها ابنُ أبِى مُوسى. وعنه (¬2): إنَّه يَتَنَصَّفُ بالموتِ، إلَّا أَنْ يكونَ قد فرَضَه لها. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا وَجْهٌ للتَّنْصِيفِ عندِى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) فى ط، أ: «وقيل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى القَلْبِ حَزازَةٌ مِن هذه الرِّوايَةِ، والمَنْصوصُ عليه فى رِوايَةِ الجماعةِ، أنَّ لها مَهْرَ المِثْلِ، على حديثِ بَرْوَعَ بنْتِ وَاشِقٍ (¬1). نصَّ عليه فى رِوايَةِ علىِّ بنِ سعيدٍ، وصالحٍ، ومحمدِ بنِ الحَكَمِ، والميْمُونِىِّ، وابنِ مَنْصُورٍ، وحَمْدانَ بن علىٍّ (¬2)، وحَنْبَل. قال: ونُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، روايةٌ تُخالف السُّنَّةَ وإجْماعَ الصَّحابةِ، بل الأُمَّةِ. فإنَّ القائلَ قائِلان، قائل بوُجوبِ مَهْرِ المِثْلِ، وقائل بسُقوطِه. فعَلِمْنا أنَّ ناقِلَ ذلك غالِطٌ عليه، والغَلَطُ إمَّا فى النَّقْلِ، أو ممَّن دوَّنَه فى السَّمَعِ أو فى الحِفْظِ أو فى الكتابِ؛ إذْ مِن أصْلِ الإِمامِ أحمدَ، الذى ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 18/ 293. (¬2) هو محمد بن على بن عبد اللَّه أبو جعفر الوراق، يعرف بحمدان الوراق. تقدمت ترجمته.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا خِلافَ عنه فيه، أنَّه لا يجوزُ الخُروجُ عن أقْوالِ الصَّحابةِ، ولا يجوزُ ترْكُ الحديثِ الصَّحيحِ مِن غيرِ مُعارِض له مِن جِنْسِه، وكان، رَحِمَه اللَّه، شديدَ الإِنْكارِ على مَن يُخالفُ ذلك، فكيفَ يفْعَلُه هو -مع إمامَتِه- مِن غيرِ مُوافقَةٍ لأحَدٍ؟ ومع أنَّ هذا القولَ لا حَظَّ له فى الآيَةِ، ولا له نظِيرٌ، هذا مما يُعْلِمُ قطْعًا أنَّه باطِلٌ. انتهى.

وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا الْمُتْعَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ بها، لم يكُنْ لها عليه إلَّا المُتْعَةُ. إذا طلَّق المُفَوِّضَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الدُّخولِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ قد فرَضَ لها صَداقًا، أَوْ لا، فإنْ كان ما فرَضَ لها صداقًا -وهو مُرادُ المُصَنِّفِ- فلا يخْلُو؛ إمَّا أن يكونَ تفْوِيضَ بُضْعٍ، أو تفْويضَ مَهْرٍ، فإنْ كان تَفْوِيضَ بُضْعٍ، فليسَ لها إلَّا المُتْعَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ جَماعةٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِىُّ، والقاضى وأصحابُه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ عندِى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال فى «البُلْغَةِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهو أظْهَرُ. واخْتارَه الشِّيرازِىُّ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى» -وقال: هذا المذهبُ- و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وعنه، يجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «إدْراكِ الغايةِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه أضْعَفُهما. وأطلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وإنْ كان تَفْوِيضَ مَهْرٍ، فقدَّم المُصنِّف هنا أنَّه ليسَ لها إلَّا المُتْعَةُ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، [والمذهبُ منهما. قدَّمه فى «الكافِى»، وقال: هذا المذهبُ. وصحَّحه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»] (¬1)، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»] (¬1). قال فى «الرِّعايَتَيْن»: وهو أظْهَرُ. وصحَّحَه فى «النَّظْمِ». وعنه، يجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ الخرَقِىِّ، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «إِدْراكِ الغايةِ». وأَطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ، و «الفُروعِ». وإنْ كان فرَضَ لها صَداقًا صحيحًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وُجوبُ نِصْفِ الصَّداقِ المُسَمَّى، وعليه الأصحابُ. وعنه، يسْقُطُ وتجِبُ المُتْعَةُ. فائدة: لو سمَّى لها صَداقًا فاسِدًا وطلَّقَها قبلَ الدُّخولِ، لم يجِبْ عليه سِوَى المُتْعَةِ، على إحْدَى الرِّوايتَيْن. نَصره القاضى، وأصحابُه. قالَه فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما». واخْتارَه المَجْدُ، وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن». وعنه، يجِبُ عليه نِصْف مَهْرِ المِثْلِ: وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه الشِّيرَازِىُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطلَقهما فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكشِىِّ». فما نَصَّفَ المُسَمَّى نَصَّفَه هنا، إلا فى هاتَيْن المَسْألتَيْن، على الخِلافِ فيهما.

عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ، فأعْلَاهَا خَادِمٌ، وَأَدْنَاهَا كُسْوَةٌ تجْزِئُهَا فِى صَلَاتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، لم يكُنْ لها عليه إلَّا المتْعَةُ، على المُوسِعِ قَدَرُه، وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه، فَأعْلاها خادِمٌ، وأدناها كُسْوَة تُجْزِئُها فى صَلاِتها. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، اعْتِبارُ وُجوبِ المُتْعَةِ بحالِ الزَّوْجِ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»،

وَعَنْهُ، يُرْجَعُ فِى تَقْدِيرِهَا إِلَى الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ، يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: الاعْتِبارُ بحالِ المرأةِ. وقيل: الاعْتِبار بحالِهما. وعنه، يُرْجَعُ فى تقْدِيرِها إلى الحاكمِ. وعنه، يجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِثْلِ. ذكرَها القاضى فى «المُجَرَّدِ». قال المُصَنِّفُ: وهذه الرِّوايةُ تَضْعُفُ لوَجْهَيْن، أحدُهما، مُخالفَةُ نصِّ الكِتابِ (¬1)؛ لأَنَّ نصَّ الكِتابِ يقْتَضِى تقْدِيرَها بحالِ الزَّوْجِ، وتقْدِيرُها بنِصْفِ المَهْرِ يُوجِبُ اعْتِبارَها بحالِ المرأةِ. الثَّانى، أنَّا لو قدَّرْناها بنِصْفِ مَهْرِ المِثْلِ. لكانتْ نِصْفَ المَهْرِ، إذْ ليسَ المَهْرُ مُعَينًا فى شئٍ. ¬

(¬1) سورة البقرة 236.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهذه الروايةُ أخَذَها القاضى فى «رِوايَتيْه» مِن رِوايةِ المَيْمُونِىِّ، وسأَلَه: كمِ المَتاعُ؟ فقال: على قَدْرِ الجِدَةِ. وعلى مَن؟ قال: تُمَتَّعُ بنصْفِ صَداقِ المِثْلِ؛ لأنَّه لو كان فرَضَ لها صَداقًا، كان لها نِصْفُه. قال القاضى: وظاهِرُ هذا، أنَّها غيرُ مُقَدَّرَةٍ، وأنَّها مُعْتَبرَة بيَسارِه وإعْسارِه. وقد حكَى قولَ غيرِه، أنَّه قدَّرَها بنِصْفِ مَهْرِ المِثْلِ، ولم يُنْكِرْه. فظاهِرُ هذا، أنَّه مذهبٌ له. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهذا فى غايةِ التَّهافُتِ؛ لأنَّه حكَى مذهبَ غيرِه، بعدَ أَنْ حكَى مذهبَه. [قال: وإنَّما تكونُ هذه الرِّوايَةُ مذهبًا مُعْتمدًا له، إذا لم يكُنِ الإِمامُ أحمدُ قد ذكَر مذهبَه معها، مع أنَّه قد ذكرَه هنا معها] (¬1). قال: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ أَصَحُّهُمَا، لَا تَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا تَلِيقُ هذه الرِّوايةُ بمذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، لأنَّه حِينَئذٍ تَنْتَفِى فائدةُ اعْتِبارِ المُوسِعِ والمُقْتِرِ، ولا تَبْقَى فائدةٌ فى إيجابِ نِصْفِ مَهْرِ المِثْلِ أو المُتْعَةِ، إلَّا أنَّ غايتَه، أنَّ ثَمَّ الواجب مِنَ النَّقْدَيْن، وهنا الواجبُ مَتاعٌ. قوله: وإنْ دخَلَ بها، اسْتَقَرَّ مَهْرُ المِثْلِ، فإنْ طلَّقَها بعدَ ذلك، فهل تَجِبُ المُتْعَةُ؟ على رِوايتَيْن؛ أصحُّهما، لا تجِبُ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُستَوْعِبِ»، وغيرِهما. وهو كما قالوا. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وصحَّحُوه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تَجِبُ لها المُتْعَةُ. نقَل حَنْبَلٌ، لكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّه، فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه. [وقد تقدَّم لنا، أنَّ كلامَ المُصَنِّفِ فيما إذا لم يفْرِضْ لها صَداقًا، الرِّوايَةُ، لا تخْتَصُّ بذلك، كما يدُلُّ عليه سِياقُ كلامِه، بل هى مُطْلَقَة فيه، وفى جميعِ المُطَلَّقاتِ، كما هو ظاهِرُ «الفُروعِ» وغيرِهْ] (¬1). وقال أبو بَكْرٍ: والعمَلُ عندِى عليه لولا تواتُرُ الرِّواياتِ بخِلافِه. قال ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ: وإليه مَيْلُ أبِى بَكْرٍ لذلك. فائدتان، إحْداهما، إذا دخَل بها، وكان قد سمَّى لها صَداقًا، ثم طلَّقها، فلا مُتْعَةَ لها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لها المُتْعَةُ. [وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فيما خرَّجه فى محْبَسِه: قال ابنُ عمرَ: لكُلِّ مُطَلقَةٍ مَتاعٌ إلَّا التى لم يَدْخُلْ بها، وقد فَرَضَ لها] (¬1). واخْتارَ هذه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّه، فى «الاعْتِصامِ بالكِتابِ (¬2) والسُّنَّةِ»، ورَجَّحه بعْضهم على ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل، ط: «فى الكتاب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التى قبلَها. قال فى «المُحَرَّرِ»: لا مُتْعَةَ إلا لهذه المُفارِقَةِ قبلَ الفَرْضِ والدُّخولِ. وعنه، تجِبُ لكُلِّ مُطَلقَةٍ. وعنه، تجِبُ للكُلِّ إلَّا لمَنْ دخَل بها وسمَّى مَهْرَها. انتهى. وتابعَه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، رَحِمَه اللَّهُ، عن هذه الرِّوايةِ الثَّالثةِ: صَوابُه إلَّا مَن سمى مَهْرَها، ولم يدْخُلْ بها. قال: وإنَّما هذا زَيْغٌ حصَلَ من قلَمِ صاحبِ «المُحَرَّرِ». انتهى. قلتُ: رأيْتُ فى كلام بعْضِهم أنَّه قال: رأيْتُ ما يدُلُّ على كلام الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، بخَط الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ الزَّريْرَانِىِّ، رَحِمَه اللَّهُ. الثَّانيةُ، فى سُقوطِ المُتْعَةِ بهِبَةِ مَهْرِ المِثْلِ قبلَ الفُرْقَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا تسْقُطُ بها. صحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». والثَّانى، تسْقُطُ. قدمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وجزَم

فصل

فَصْلٌ: وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا من نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا؛ كَأُخْتِهَا، وَعَمَّتِهَا، وَبِنْتِ أَخِيهَا وَعَمِّهَا. وَعَنْهُ، يُعْتَبَرُ جَمِيعُ أَقَارِبِهَا؛ كَأُمِّهَا وَخَالَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ به ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وذكَر المُصنِّفُ (¬1) الأوَّلَ احْتِمالًا. قوله: ومَهْرُ المِثْلِ مُعْتَبَرٌ بمَن يُسَاوِيها مِن نِساءِ عَصَباتِها؛ كأُخْتِها، وعَمَّتِها، وبِنْتِ أخِيها وعَمِّها. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ». وعنه، يُعْتَبَرُ جميعُ أقارِبِها؛ كأمِّها، وخالَتِها. وهذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جُمهورُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «الزَّرْكَشىِّ». فائدة: يُعْتَبرُ فى ذلك الأقْرَبُ فالأَقْرَبُ مِن النِّساءِ، على كِلْتا الرِّوايتَيْن. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَتُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِى الْمَالِ، وَالْجَمَالِ، وَالْعَقْلِ، والأَدَبِ، وَالسِّنِّ، وَالْبَكَارَةِ، وَالثُّيُوبَةِ، وَالْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِى نِسَائِهَا إِلَّا دُونَهَا، زِيدَتْ بِقَدْرِ فَضِيلَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا فَوْقَهَا، نَقَصَتْ بِقَدْرِ نَقْصِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمُ التَخْفِيفَ عَلَى عَشِيرَتِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، اعْتُبِرَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمُ التَّأْجِيلَ، فُرِضَ مُؤَجَّلًا فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان عادَتُهم التَّأْجِيلَ، فُرِضَ مُؤَجَّلًا، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ

فصل

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ، اعْتُبِرَ بِنِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ بِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شِبْهًا بِهَا. فَصْلٌ: وَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، فَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلاقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، يُفْرَضُ حالًّا، كما لو اخْتلَفَتْ عادَتُهم. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: لو اخْتَلفَتْ مُهُورُهُنَّ، أُخِذَ بالوَسَطِ الحالِّ. قوله: فأمَّا النِّكاحُ الفاسِدُ، [فإِذَا افْتَرَقا قَبْلَ الدُّخُولِ بطَلاقٍ أو غَيرهِ، فلا] (¬1) ¬

(¬1) زيادة من: ش.

أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا مَهْرَ فِيهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى. وَعَنْهُ، يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهِىَ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [مَهْرَ فيهِ. إذا افْتَرَقا فى النِّكاحِ الفاسدِ] (¬1) قبلَ الدُّخولِ، بغيرِ طَلاقٍ ولا موتٍ، لم يكُنْ لها مَهْرٌ، بلا نِزاعٍ. وإنْ كان بطَلاقٍ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، بأنَّه لا مهْرَ لها. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لها نِصْفُ المَهْرِ. وحَكاه ابنُ عَقِيلٍ وَجْهًا. وإن افْترَقا بمَوْتٍ، فظاهِرُ كلامِه هنا، أنَّه لا مَهْرَ لها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ أنَّه على الخِلافِ فى وُجوبِ العِدَّةِ به. قوله: وِإنْ دَخَكَ بها، اسْتَقَرَّ المُسَمَّى. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهى المَشْهورةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وهى المذهبُ عند أبى بَكْرٍ، وابنِ أبِى مُوسى. واخْتارَها القاضى وأكثرُ أصحابِه، فى كُتُبِ الخِلافِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهى أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتارَه الشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». فعلى المذهبِ، يُفرَّقُ بينَ النِّكاحِ والبَيْعِ، بأنَّ المَبِيعَ [فى البَيْعِ] (¬1) الفاسدِ إذا تَلِفَ يَضْمَنُه بالقِيمَةِ لا بالثَّمَنِ، على المَنْصُوصِ، وبأنَّ النِّكاحَ -مع فسَادِه- منْعَقِدٌ، ويتَرتَّبُ عليه أكثرُ أحْكامِ الصَّحيحِ؛ مِن وُقوعِ الطَّلاقِ، ولزُومِ عِدَّةِ الوَفاةِ بعدَ الموتِ، والاعْتِدادِ منه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَسْتَقِرُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ المُفارَقةِ فى الحياةِ، ووُجوبِ المَهْرِ فيه بالعَقْدِ، وتقَرُّره بالخَلْوَةِ، فلذلك لَزِمَ المَهْرُ المُسَمَّى فيه كالصَّحيحِ. ويُوَضِّحُه، أنَّ ضَمانَ المَهْرِ فى النِّكاحِ الفاسدِ، ضَمانُ عَقْدٍ، كضَمانِه فى الصَّحيح، وضَمانُ البَيْعِ الفاسدِ، ضَمانُ تَلَفٍ، بخِلافِ البَيْعِ الصَّحيحِ، فإنَّ ضَمانه ضَمانُ عَقْدٍ. قوله: ولا يَسْتَقِرُّ بالخَلْوَةِ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وذكرَه فى «الانْتِصارِ»، و «المُذْهَبِ» رِوايَةً عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّه. قال ابن رَزِينٍ: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يجِبَ؛ لظاهرِ الخَبَرِ. وهو قولُ الجُمْهورِ. ومُرادُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واللَّهُ أعلمُ، جُمْهورُ العُلَماءِ، لا جُمْهورُ الأصحابِ. وقال أصحابُنا: يسْتَقِرُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. لكِنْ هل يجِبُ مَهْرُ المِثْلِ، أو المُسَمَّى؟ مَبْنِىٌّ على الذى قبلَه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ». وقيل: يجِبُ لها شئٌ، ولا يُكَمَّلُ المَهْرُ. فائدة: لا يصِحُّ تزْويجُ مَن نِكاحُها فاسد قبلَ طَلاقٍ أو فَسْخٍ، فإنْ أبَى الزَّوْجُ الطَّلاقَ، فسَخَه الحاكِمُ. هذا المذهبُ. قالَه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو زوَّجها قبلَ فسْخِه، لم يصِحَّ مُطْلَقًا. ومثْلُه نَظائِرُه. وقال ابنُ رَزِينٍ: لا يفْتَقِرُ إلى فُرْقَةٍ؛ لأنَّه غيرُ منْعَقِدٍ كالنِّكاحِ الباطلِ.

وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَى، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقال فى «الإِرْشادِ»: لو زوَّجَتْ نفْسَها بلا شُهودٍ، ففى تزْويجها قبلَ الفُرْقَةِ رِوايَتان؛ وهما فى «الرِّعايَةِ»، إذا زُوِّجَتْ بلا وَلِىٍّ، أو بدُونِ الشُّهودِ. وفى «تَعْليقِ ابنِ المَنِّىِّ»، فى انْعقادِ النِّكاحِ برَجُلٍ وامْرأتَيْن، أنَّه إذا عُقِدَ عليها عقدٌ فاسدٌ لا يجوزُ، صحيحٌ حتى يُقْضَى بفَسْخِ الأَوَّلِ، ولو سلَّمْنا؛ فلأَنَّه حرامٌ، والحَرامُ فى حُكْمِ العدَمِ. قوله: ويجِبُ مَهْرُ المثْلِ للموْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه لا يجبُ لها مَهْرٌ؛ لأنَّه قال: البُضْعُ إنَّما يُتقَوَّمُ على زوْجٍ أو شِبْهِه، فيَمْلِكُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمُكْرَهَةُ على الزِّنَى. يعْنِى، يجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جمهورُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدُّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يجبُ للبِكْرِ خاصَّةً. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، لا يجِبُ مُطْلَقًا. ذكرَها واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقال: هو خَبِيثٌ. فائدة: لو أكْرَهَها ووَطِئَها فى الدُّبُرِ، فلا مَهْرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الوَطْءِ فى القُبُلِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ». وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». تنبيهان؛ أحدُهما، يدْخُلُ فى عُمومِ كلامِ المُصَنِّفِ، الأَجْنَبِيَّةُ، وذَواتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ محَارِمِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصرَاه. وعنه، لا مَهْرَ لذاتِ مَحْرَمِه، كاللِّواطِ بالأَمْرَد. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لأَنَّ تحْرِيمَهُنَّ تحْريمُ أصْلٍ، وفارَقَ مَن حَرُمَتْ تحْريمَ مُصاهَرَةٍ؛ فإنَّ تحْريمَها طارِئٌ. قال: وكذلك يَنْبَغِى أَنْ يكونَ الحكمُ فى مَن حَرُمَتْ بالرَّضاعِ، لأنَّه طارِئٌ أيضًا. انتهيا. وعنه، أنَّ مَن تحْرُمُ ابْنَتُها، لا مَهْرَ لها، كالأُمِّ والبِنْتِ، والأُخْتِ، ومَنْ تحِلُّ ابْنَتُها؛ كالعَمَّةِ، والخالَةِ، لها المَهْرُ. قال بعْضُهم، عن رِوايَةِ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُها: بخِلافِ المُصاهَرَةِ؛ لأنَّه طارِئٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى. مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا مَهْرَ للمُطاوِعَةِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الانْتِصارِ»، يجِبُ المَهْرُ للمُطاوِعَةِ، ويسْقُطُ. ويُسْتَثْنَى مِن ذلك الأمَةُ إذا وُطِئَتْ مُطاوِعَةً، فإن المَهْرَ لا يسْقُطُ بذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما، بل يأْخُذُه السَّيِّدُ. وقيل: لا مَهْرَ لها. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، فقال: وفى أَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهان. فائدتان، إحْداهما، إذا كان نِكاحُها باطِلًا بالإِجْماعِ، ووَطِئَ فيه، فهى كمُكْرَهَةٍ فى وُجوبِ المَهْرِ وعدَمِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. وفى «التَّرْغيبِ» رِوايَة، يَلْزَمُ المُسَمَّى. الثَّانيةُ، لو وَطِئَ مَيِّتَةً، لَزِمَه المَهْرُ. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَه المَهْرُ فى ظاهرِ كلامِهم. وهو مُتَّجِهٌ. وقال القاضى فى جَوابِ مسْألَةٍ: ووَطْءُ المَيِّتَةِ مُحَرَّم، ولا مَهْرَ، ولا حَدَّ فيه. قوله: ولا يَجِبُ معه أَرْشُ البَكارَةِ. يعْنِى، مع وُجوبِ المَهْرِ للمَوْطوءَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشُبْهَةٍ، أو زِنِّى. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ للمُكْرَهَةِ. وهو رِواية مَنْصوصةٌ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وقالَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: يتَعدَّد المَهْرُ بتَعَدُّدِ الزِّنَى، لا بتَكَرُّر الوَطْءِ بشُبْهَةٍ. قالَه فى «التَّرْغِيبِ»

وَإذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا. وَقَالَ الْقَاضِى: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وذكَر أبو يَعْلَى الصَّغيرُ، أنَّه يتعَدَّدُ بتَعدُّدِ الوَطْءِ فى الشُّبْهَةِ، لا فى نِكاحٍ فاسدٍ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: ويتعَدَّدُ المَهْرُ بتعَدُّدِ الشُّبْهَةِ. وفى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النِّهايَةِ»، وغيرِهم، فى الكِتابةِ يتَعدَّدُ المَهْرُ فى نِكاحٍ فاسدٍ، وقالوا: إنِ اسْتَوْفَتِ المُكاتَبَةُ، [فى النِّكاحِ الفاسدِ، المَهْرَ] (¬1) عنِ الوَطْءِ الأَوَّلِ، فلها مَهْرٌ (¬2) ثانٍ وثالثٌ، وإلَّا فلا. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» هنا: لا يتعَدَّدُ فى نِكاحٍ فاسدٍ. وقالَه القاضى فى «التَّعْليقِ»، كدُخولِها على أَنْ لا (¬3) تسْتَحِقَّ مَهْرًا. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، بكُلِّ وَطْءٍ فى عَقْدٍ فاسدٍ مَهْرٌ، إنْ علِمَ فَسادَه، وإلَّا مَهْرٌ واحدٌ. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، فى المُكْرَهَةِ لا يتعَدَّدُ لعَدَمِ التَّنْقيصِ، كنِكاحٍ، وكاسْتِواءِ مُوضِحَةٍ. وفى «التَّعْليقِ» أيضًا، لو أقَرَّ بشُبْهَةٍ، فلها المَهْرُ ولو سكَتَتْ. قوله: وإذا دفَع أجْنَبِيَّةٌ فأَذهَبَ عُذْرَتَها، فعليه أَرْشُ بَكارَتِها. هذا المذهبُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) زيادة من: أ. (¬3) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جمهورُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وقال: هو القِياسُ، لولا ما رُوِىَ عن الصَّحابَةِ. وقال القاضى: يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ. وهو

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِك الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ روايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وإنْ فعَل ذلك الزَّوْجُ، ثم طَلَّقَ قبلَ الدُّخُولِ، لم يَكُنْ عليه إلَّا نِصْفُ المُسَمَّى. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج وُجوبَ المَهْرِ كامِلًا مِنَ الرِّوايَةِ التى قال بها القاضى قبلُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ وُجوبَه.

وَلِلْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال المُصَنِّفُ. فى «فَتاوِيه»: لو ماتَ أو طلَّق مَن دخَل بها، فوَضَعَتْ فى يوْمِها، ثم تزَوَّجَتْ فيه وطلَّق قبلَ دُخولِه، ثم تزَوَّجَت فى يوْمِها مَن دخَل بها، فقد اسْتَحَقَّتْ فى يومٍ واحدٍ بالنِّكاحِ مَهْرَيْن ونِصْفًا. فيُعايَى بها. قلتُ: ويُتَصَوَّرُ أَنْ تسْتَحِقَّ أكثرَ مِن ذلك، بأَنْ تَطْلُقَ مِنَ الثَّالثِ قبلَ الدُّخولِ، وكذا رابعٌ وخامِسٌ. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: وللْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِها حتى تَقْبِضَ مَهْرَها. مُرادُه، المَهْرُ الحالُّ. وهذا بلا نِزاعٍ بين الأصحابِ. ونقَله ابنُ المُنْذِرِ اتِّفاقًا، وعلَّلَه الأصحابُ بأنَّ المَنْفَعَةَ المعْقُودَ عليها تتْلَفُ بالاسْتِيفاءِ، فإذا تعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَهْرِ عليها، لم يُمْكِنْها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِرْجاعُ عِوَضِها، بخِلافِ المَبِيعِ. الثَّانى، هذا إذا كانت تصْلُحُ للاسْتِمْتاعِ، فأمَّا إنْ كانت لا تصْلُحُ لذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ لها المُطالَبَةَ به أيضًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ورَجَّح المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» خِلافَه. وخرَّجه صاحِبُ «التَّرْغيبِ»، ممَّا حكَى الآمِدِىُّ أنَّه لا يجِبُ البَداءَةُ بتَسْليمِ المَهْرِ، بل بعَدْلٍ، كالثَّمَنِ المُعَيَّنِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: الأَشْبَهُ عندِى أنَّ الصَّغِيرَةَ تسْتَحِقُّ المُطالبَةَ لها بنِصْفِ الصَّداقِ؛ لأَنَّ النِّصْفَ يُسْتَحَقُّ بإزاء الحَبْسِ، وهو حاصِلٌ بالعَقْدِ، والنِّصْفَ الآخَرَ بإزاءِ الدُّخولِ، فلا يُسْتَحَقُّ إلَّا بالتَّمْكِينِ. فوائد؛ الأُولَى، لو كان المَهْرُ مُؤَجَّلًا، لم تَمْلِكْ مَنْعَ نفْسِها، لكِنْ لو حَلَّ قبلَ الدُّخولِ، فهل لها مَنْعُ نفْسِها، [كقَبْلِ التَّسْلِيمِ، كما هى عِبارَةُ «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم] (¬1) فيهما (¬2)؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، ليسَ لها ذلك. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) زيادة من: ش.

فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ أَرادَتِ الْمَنْعَ، فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، لها ذلك. الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا: لها مَنْعُ نفْسِها. فلها أَنْ تُسافِرَ بغيرِ إذْنِه. قطَع به الجُمْهورُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لها ذلك فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أن لها النَّفَقَةَ. وعلَّلَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وُجوبَ النَّفَقَةِ بأنَّ الحَبْسَ مِن قِبَلِه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا نفَقَةَ، وهو مُتَّجِهٌ. الثَّالثةُ، لو قبَضَتِ المَهْرَ، ثم سلَّمَتْ نفْسَها، فبانَ مَعِيبًا، فلها مَنْعُ نفْسِها، حتى [تقْبِضَ بدَله بعدَه أو معه] (¬1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: ليسَ لها ذلك. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: فإنْ تَبَرَّعَتْ بتَسْليمِ نَفْسِها، ثم أَرادتِ المَنْعَ -يعْنى، بعدَ الدُّخولِ، أو الخَلْوَةِ- فهل لها ذلك؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، ليسَ لها ذلك. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. انتهى. منهم أبو عَبْدِ اللَّهِ ابنُ بَطَّةَ، وأبو إسْحاقَ بنُ شَاقْلَا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، لها ذلك. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. فعلى المذهبِ، لو امْتَنَعَتْ، لم يكُنْ لها نفَقَةٌ. ويأتِى ذلك أيضًا فى كتابِ النَّفَقاتِ، فى أثْناءِ الفَصْلِ الثَّالثِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أَبَى كلُّ واحدٍ مِنَ الزَّوجَيْن التَّسْليمَ أوَّلًا، أُجْبِرَ الزَّوْجُ على تسْليمِ الصَّداقِ أوَّلًا، ثم تُجْبَرُ هى على تسْليمِ نفْسِها. على الصَّحيحِ مِنَ

وَإِنْ أَعْسَرَ بالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»،. وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بجَعْلِه تحتَ يَدِ عَدْلٍ، وهى بتَسْليمِ نفْسِها، فإذا فَعَلَتْه، أخَذَتْه مِنَ العَدْلِ. وإنْ بادَرَ أحدُهما، فسَلَّم، أُجْبِرَ الآخَرُ، فإنْ بادَرَ هو، فسَلَّمَ الصَّداقَ، فله طلَبُ التَّمْكينِ، فإنْ أبتْ بلا عُذْرٍ، فله اسْتِرْجاعُه. الثَّانيةُ، لو كانتْ مَحْبُوسَةً، أو لها عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسْليمَ، وجَب تسْلِيمُ الصَّداقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كمَهْرِ الصَّغيرَةِ التى لا تُوطَأُ مِثْلُها. كما تقدَّم. وقيل: لا يجِبُ. قوله: وإنْ أعْسَرَ بالْمَهْرِ قبلَ الدُّخُولِ، فلها الفَسْخُ. يعْنِى، إذا كان حالًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. قال فى «التَّصْحيحِ»، فى كتابِ النَّفَقاتِ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: فلها الفَسْخُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. [ورَجَّحه فى «المُغْنِى»] (¬1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» -[فيما إذا كانَ ذلك بعدَ الدُّخولِ لا قبلَهْ] (¬2) - و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقيل: ليسَ لها ذلك. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ حامِدٍ. قالَه الشَّارِحُ. [والذى نقَله فى «المُحَرَّرِ»، عن ابنِ حامدٍ، عدَمُ ثُبوتِ الفَسْخِ بعدَ الدُّخولِ، ومُقْتَضاه، أنَّه لا يُخالِفُه فى ثُبوتِه لها قبلَ ذلك] (¬3). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أعْسَرَ بعدَه، فعلى وجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لها الفَسْخُ. قال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»: فلها الفَسْخُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». والوجهُ الثَّانى، ليسَ لها الفَسْخُ بعدَ الدُّخولِ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ تزَوَّج مُفْلِسًا، ولم تعْلَمِ المرأةُ، لا يُفَرّقُ بينَهما، إلَّا أَنْ يكونَ قال: عِنْدِى عَرَضٌ ومالٌ وغيرُه. قال فى «التَّصْحيحِ»، فى كتابِ النَّفَقاتِ: المَشْهورُ فى المذهبِ لا فَسْخَ لها. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ. وقيل: إنْ أعْسَرَ بعدَ الدُّخولِ، انْبَنَى على مَنْعِ نفْسِها لقَبْضِ صَداقِها بعدَ الدُّخولِ، كما تقدَّم، إنْ قُلْنا: لها منْعُ نفْسِها هناك. فلها الفَسْخُ هنا، وإلَّا فلا. وهى طريقَتُه فى «المُغْنِى»، وابنِ مُنَجَّى فى

وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». فائدتان؛ إحْداهما، لو رضِيَتْ بالمُقامِ معه مع عُسْرَتِه، ثم أرادَتْ بعدَ ذلك الفَسْخَ، لم يكُنْ لها ذلك، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لها ذلك. فعلى المذهب، لها مَنْعُ نفْسِها. الثَّانيةُ، لو تزَوَّجَتْه عالمةً بعُسْرَتِه، لم يكُنْ لها الفَسْخُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لها ذلك. تنبيه: محَلُّ هذه الأحْكامِ، إذا كانت الزَّوْجَةُ حُرَّة، فأمَّا إنْ كانتْ أَمَةً، فالخِيَرَةُ فى المَنْعِ والفَسْخِ إلى السَّيِّدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما (¬1). وقيل: لها. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أوْلَى، كولِىِّ الصَّغيرةِ والمَجْنونةِ. قوله: ولا يجُوزُ الفَسْخُ إلا بحُكْمِ حاكِمٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقيل: لا يحْتاجُ إلى حُكْمِ حاكمٍ، كخِيارِ المُعْتَقَةِ تحتَ عَبْدٍ. انتهى.

باب الوليمة

بَابُ الْوَلِيمَةِ وَهِىَ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الوَليمَةِ [فائدة: قال الكَمالُ الدَّمِيرِىُّ (¬1) فى شَرْحِه على «المِنْهاجِ»، فى النُّقوطِ المُعْتادِ فى الأَفْراحِ: قال النَّجْمُ البالِسىُّ (¬2): إنَّه كالدَّيْنِ، لدافعِه المُطالَبَةُ به، ولا أثَرَ للعُرْفِ فى ذلك، فإنَّه مُضْطَرِبٌ، فكم يُدْفَعُ النُّقوطُ، ثم يُسْتَحَقُّ أَنْ يُطالبَ به. انتهى] (¬3). قوله: وهى اسْمٌ لدَعْوَةِ العُرْسِ خاصَّةً. هذا قولُ أَهْلِ اللُّغَةِ. قالَه فى ¬

(¬1) محمد بن موسى بن عيسى الدميرى، كمال الدين، أبو البقاء، من فقهاء الشافعية، كانت له حلقة خاصة فى الأزهر، من كتبه «النجم الوهاج»، فى شرح منهاج النووى و «حياة الحيوان». توفى سنة ثمان وثمانمائة. الأعلام 7/ 340. (¬2) هو محمد بن عقيل بن أبى الحسن البالسى المصرى، الشافعى، نجم الدين، أبو عبد اللَّه، فقيه محدث، ولى قضاء بلبيس بمصر، وله «مختصر الترمذى»، و «شرح التنبيه». توفى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. النجوم الزاهرة 9/ 280. (¬3) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُطْلِعِ». [وفيه أيضًا أنَّ الوَلِيمَةَ اسْمٌ لطَعامِ العُرْسِ] (¬1)، [كالقامُوسِ، وزادَ، أو كُلُّ طَعامٍ صُنِعَ لدَعْوَةٍ أو غيرِها. فقَوْلُهم: اسْمٌ لدَعْوَةِ العُرْسِ. على حَذْفِ مُضافٍ، لطَعام دَعْوَةٍ، وإلَّا فالدَّعْوَةُ نفْسُ الدُّعاءِ إلى الطَّعامِ، وقد تُضَمُّ دالُها، كدالِ الدُّعاءِ] (¬2). قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: قالَه ثَعْلَبٌ وغيرُه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وقال بعضُ أصحابِنا: الوَلِيمَةُ تقَعُ على كل طَعامٍ لسُرورٍ حادِثٍ، [إلَّا أنَّ اسْتِعْمالَها فى طَعامِ العُرْسِ أكثرُ. وقيل: تُطْلَقُ على كلِّ طَعامٍ لسُرورٍ حادِثٍ] (¬3)، إطْلاقًا مُتَساوِيًا. قالَه القاضى فى «الجامعِ». نَقَله عنه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: وَلِيمَةُ الشئِ كَمالُه وَجمْعُه، وسُمِّيَتْ دَعْوَةُ العُرْسِ وَلِيمَةً؛ لاجْتِماعَ الزَّوْجَيْنِ. فائدة: الأَطْعِمَةُ التى يُدْعَى إليها النَّاسُ عَشَرَةٌ؛ الأَوَّلُ، الوَلِيمَةُ؛ وهى طَعامُ العُرْسِ. الثَّانِى، الحِذاقُ؛ وهو الطَّعامُ عندَ حِذاقِ الصَّبِىِّ. أىْ مَعْرِفَتُه، ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) زيادة من: ش. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَمْيِيزُه، وإتْقانُه. الثَّالِثُ، العَذِيرةُ والإِعْذارُ، لطَعامِ الخِتانِ. الرَّابعُ، الخُرْسَةُ والخُرْسُ، لطَعامِ الوِلادَةِ. الخامِسُ، الوَكِيرَةُ، لدَعْوةِ البِناءِ. السَّادِسُ، النَّقِيعَةُ، لقُدومِ الغائبِ. السَّابعُ، العَقِيقَةُ؛ وهى الذَّبْحُ لأجْلِ الوَلَدِ، على ما تقدَّم فى أواخرِ بابِ الأُضْحِيَةِ (¬1). الثَّامِنُ، المَأْدُبَةُ؛ وهو كلُّ دَعْوَةٍ لسَبَبٍ كانتْ أو غيرِه. التَّاسِعُ، الوَضِيمَةُ، وهو طَعامُ المَأْتَمِ. العاشِرُ، التُّحْفَةُ؛ وهو طَعامُ القادِمِ. زادَ بعضُهم، حادِىَ عشَرَ، وهو الشُّنْدُخِيَّةُ؛ وهو طَعامُ المِلْكِ على ¬

(¬1) 9/ 435.

وَهِىَ مُسْتَحَبَّةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّوْجَةِ. وثانىَ عشَرَ، المِشْداخُ؛ وهو الطَّعامُ المأكُولُ فى خَتْمَةِ القارِئَ. وقد نظَمَها بعضُهم، ولم يَسْتَوْعِبْها، فقال: وَليِمَةُ عُرْسٍ، ثمِ خُرْسُ وِلادَةٍ … وعَقٌّ لسَبْعٍ، والخِتانُ لإِعْذارِ ومَأْدُبَةٌ أطْلِقْ نقِيعَةُ غائبٍ … وَضِيمةُ مَوْتٍ والوَكِيرَةُ للدَّارِ وزِيدَتْ لإِمْلاكِ المُزَوَّجِ شُنْدُخٌ … ومِشْداخٌ المأْكولُ فى خَتْمَةِ القارِى فأخَا بالحذاقِ والتُّحْفَةِ. قوله: وهى مُسْتَحَبَّةٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ولو بشاةٍ فأقَلَّ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم: يُسْتَحَبُّ أَنْ لا تنْقُصَ عن شاةٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: تُسْتَحَبُّ بشاةٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ذكَر الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ، أنَّها تجِبُ ولو بشاةٍ؛ للأمْرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: قوْلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «ولو بشَاةٍ». الشَّاةُ هنا، واللَّهُ أعلمُ، للتَّقْليلِ. أىْ، ولو بشئٍ قليلٍ، كشاةٍ. فيُسْتَفادُ مِن هذا، أنَّه تجوزُ الوَلِيمَةُ بدُونِ شاةٍ. ويُسْتَفادُ مِن الحديثِ، أنَّ الأُوْلَى الزِّيادَةُ على الشاةِ؛ لأنَّه جعَل ذلك قليلًا. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْداهما، تُسْتَحَبُّ الوَلِيمَةُ بالعَقْدِ. قالَه ابنُ الجَوْزِىِّ. واقْتَصَر عليه فى «الفُروعِ». وقدَّمه فى «تجْرِيدِ العِنايَةِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: تُسْتَحَبُّ بالدُّخولِ. قلتُ: الأُوْلَى أَنْ يُقالَ: وَقْتُ الاسْتِحْبابِ مُوَسَّعٌ مِن عَقْدِ النِّكاحِ إلى انْتِهاءِ أيَّامِ العُرْسِ؛ لصِحَّةِ الأخْبارِ فى هذا، وهذا كمالُ السُّرورِ بعدَ الدُّخولِ، لكِنْ قد جرَتِ العادَةُ فِعْلَ ذلك قبلَ الدُّخولِ بيَسِيرٍ. الثَّانيةُ، قال ابنُ عَقِيلٍ: السُّنَّةُ أَنْ يُكْثِرَ للبِكْرِ. قلتُ: الاعْتِبارُ فى هذا باليَسارِ؛ فإنَّه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ ما أَوْلَمَ على أحَدٍ [مِن نِسائِه] (¬1)، ما أوْلَمَ علَى زَيْنَبَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، أ.

وَالإِجَابَةُ إِلَيْهَا وَاجِبَةٌ، إِذَا عَيَّنهُ الدَّاعِى الْمُسْلِمُ فِى الْيَوْمِ الأَوَّلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وكانَتْ ثَيِّبًا. لكِنْ قد جرَتِ العادَةُ بفِعْلِ ذلك فى حقِّ البِكْرِ أكثرَ مِن الثَّيِّبِ. قوله: والإِجَابَةُ إليها واجبَةٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا بشُروطِه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونَصروه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا خِلافَ فى وُجوبِ الإِجابَةِ إلى الوَلِيمَةِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الإِفْصاحِ»: ويجِبُ فى الأَشْهرِ عنه. وقيل: الإِجابَةُ فَرْضُ كِفايةٍ. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَحَبَّةٌ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه. وعنه، إنْ دَعاه مَن يثِقُ به، فالإِجابَةُ أفْضَلُ مِن عدَمِها. وقدَّم فى «التَّرْغيبِ»، لا يَلْزَمُ القاضىَ حُضورُ (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَلِيمَةِ عُرْسٍ. ذكَرَه عنه فى «الفُروعِ»، فى بابِ أدَبِ القاضى، وذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» هناك قوْلًا. قوله: إذا عَيَّنَه الدّاعِى المُسْلِمُ. مُقَيَّدٌ بِها إذا لم يَحْرُمْ هَجْرُه، فإنْ حَرُمَ (¬1) هَجْرُه، لم يُجِبْه، ولا كَرامَةَ، ومُقَيَّدٌ أيضًا بما إذا لم يكُنْ كَسْبُه خَبِيثًا، فإنْ كان كسبُه خَبِيثًا، لم يُجِبْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: بلَى. ومنَع ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المِنْهاجِ»، مِن إجابَةِ ظالمٍ وفاسقٍ ومُبْتَدِعٍ، ومُفاخِرٍ بها، أو فيها، ومُبْتَدِع يتَكَلَّمُ ببِدْعَتِه، إلَّا لرادٍّ عليه. وكذا إنْ كان فيها مُضْحِكٌ بفُحْشٍ أو كَذِبٍ، وإلَّا أُبِيحَ إذا كان قليلًا. وقيل: يُشْترَطُ أَنْ لا يخُصَّ بها الأغْنِياءَ، وأنْ لا يخَافَ المَدْعُوُّ الدَّاعِىَ، ولا يرْجُوَه، وأنْ لا يكونَ فى المَحَلِّ مَن يكْرَهُه المَدْعُوُّ، أو يكْرَهُ هو المَدْعُوَّ. قال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: إنْ عَلِمَ حُضورَ الأَراذِلِ، ومَن مُجَالسَتُهم تُزْرِى بمِثْله، لم تجِبْ إجابَتُه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عن هذا القَوْلِ: لم أرَه لغيرِه مِن أصحابِنا. قال: وقد أطْلَق الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه، الوُجوبَ، واشْترَطَ الحِلَّ، وعدَمَ المُنْكَرِ. فأمَّا هذا الشَّرْطُ، فلا أَصْلَ له، كما أنَّ مُخالطَةَ هؤلاءِ فى صُفوفِ الصَّلاةِ لا تُسْقِطُ الجماعةَ. وفى الجِنازَةِ لا تُسْقِطُ حقَّ الحُضورِ. فكذلك ههُنا. وهذه شُبْهَةُ الحَجَّاجِ بنِ ¬

(¬1) كذا بالنسخ، والصواب: «لم يحرم».

فَإِنْ دَعَا الْجَفَلَى، كَقَوْلِهِ: أيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إِلَى الطَّعَامِ. أَوْ دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أَرْطَاةَ (¬1)، وهو نَوْعٌ مِن التَّكَبُّرِ، فلا يُلْتفَتُ إليه. نعم، إنْ كانوا يتَكلَّمونَ بكَلامٍ مُحَرَّمٍ، فقد اشْتَملَتِ الدَّعْوَةُ على مُحَرَّمٍ، وإنْ كان مَكْرُوهًا، فقد اشْتَملَتْ على مَكْرُوهٍ. وأما إنْ كانُوا فُسَّاقًا، لكِنْ لا يأْتُونَ بمُحَرَّمٍ ولا مَكْرُوهٍ، لهَيْبَتِه فى المَجْلِسِ، فيتَوجَّهُ أَنْ يحْضُرَ، إذا لم يكُونُوا ممَّن يُهْجَرونَ، مِثْلَ المُسْتَتِرينَ. أمَّا إنْ كان فى المَجْلِسِ مَن يُهْجَرُ، ففيه نظرٌ، والأَشْبَهُ، جوازُ الإِجابَةِ، لا وُجوبُها. انتهى. قوله: فإنْ دَعا الجَفَلَى، كقَوْلِه: أيُّها النّاسُ تَعالَوْا إلى الطَّعامِ. أو دَعاه فيما ¬

(¬1) حجاج بن أرطاة بن ثور النخعى، أبو أرطاة، الإمام العلامة، مفتى الكوفة، كان من بحور العلم، تكلم فيه لكبر وتيه فيه ولتدليسه، ولنقص قليل فى حفظه، ولم يترك. توفى سنة خمس وأربعين ومائة. انظر ترجمته فى سير أعلام النبلاء 7/ 68 - 75.

أَوْ دَعَاهُ ذِمِّىٌّ، لَمْ تَجِبِ الإِجَابَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ اليَومَ الأَوَّلِ، أو دَعاهُ ذِمِّىٌّ، لم تَجِبِ الإِجابَةُ. إذا دعَا الجَفَلَى، لم تجِبْ إجابَتُه. على المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يجِبَ. قال ابنُ رَزِينٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه». [فعلى المذهبِ] (¬1)، بل (¬2) يُكْرَهُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لم تجِبْ، ولم تُسْتَحَبَّ. وقيل: تُباحُ (¬3). وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وأمَّا إذا دَعاه فيما بعدَ اليومِ الأَوَّلِ، وهو اليومُ الثَّانِى والثَّالثُ، فلا تجِبُ الإِجابَةُ، بلا نِزاعٍ، لكِنْ تُسْتَحَبُّ إجابَتُه فى اليومِ الثَّانِى، وتُكْرَهُ فى اليومِ الثَّالثِ. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ أحَبَّ أجابَ فى الثَّانِى، ولا يُجِيبُ فى الثَّالثِ. وأمَّا إذا دَعاه الذِّمِّىُّ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، لا تجِبُ إجابَتُه، كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وقال أبو داودَ: وقيلَ لأحمدَ: تُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّىِّ؟ قال: نعم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: قد يُحْمَلُ كلامُه على الوُجوبِ. فعلى المذهبِ، تكرَه إجابَتُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقيل: تجوزُ مِن غيرِ كَراهَةٍ. قال المُصَنِّفُ (6) فى «المُغْنِى» (¬4): قال أصحابُنا: لا تجِبُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: أ، ط. (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) 10/ 195.

وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ والإِجَابَةُ إِلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إحابَةُ الذِّمِّىِّ، ولكِنْ تجوزُ. وقال فى «الكافِى»: وتجوزُ إجابَتُه. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، المُتَقدِّمِ، عدَمُ الكراهَةِ. وهو الصَّوابُ. قال ابن رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: لا بَأْسَ بإجابَتِه. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وخرَّج الزَّرْكَشِىُّ، مِن روايَةِ عدَمِ جَوازِ تَهْنِئَتِهم وتَعْزِيَتِهم وعِيادَتِهم، عدَمَ الجوازِ هنا. قوله: وسائرُ الدَّعَواتِ والإِجَابَةُ إليها مُسْتَحَبَّةٌ. هذا قولُ أبى حَفْصٍ العُكْبَرِىِّ، وغيرِه. وقطَع به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ أبِى مُوسى. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ». والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ بَقِيَّةَ الدَّعَواتِ مُباحَةٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قالَه القاضى، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عامَّةُ أصحابِه. وقطَع به فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «خِصالِ ابن البَنَّا»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تُكْرَهُ دَعْوَةُ الخِتانِ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأما الإِجابَةُ إلى سائرِ الدَّعَواتِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ اسْتِحْبابُها، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الظَّاهِرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: تُباحُ. ونصَّ عليه، وهو قوْلُ القاضى، وجماعَةٍ مِن أصحابِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «المُوجَزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه ناظِمُ المُفْرَداتِ، وهو منها. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ، ومُثَنَّى، تجِبُ الإِجابَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: لو قيلَ بالوُجوبِ،

وَإذَا حَضَرَ وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا، لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ لَكَانَ مُتَّجِهًا. وكَرِهَ الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»، حُضورَ غيرِ وَلِيمَةِ العُرْسِ إذا كانت كما وصَف النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «يُمْنَعُ المُحْتاجُ، ويَحْضُرُ الغَنِىُّ» (¬1). فائدة: قال القاضى فى آخِرِ «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: يُكْرَهُ لأَهْلِ الفَضْلِ والعِلْمِ الإِسْراعُ إلى إجابةِ الطَّعامِ والتَّسامُحِ؛ لأنَّ فيه بِذْلَةً ودَناءَةً وشَرَهًا، لاسِيَّما الحاكِمُ. قوله: وإنْ حضَر وهو صائِمٌ صَوْمًا واجبًا، لم يُفْطِرْ، وإنْ كان نَفْلًا أو كان ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى صفحة 318.

كَانَ مُفْطِرًا، اسْتُحِبَّ لَهُ الأَكْلُ، وإِنْ أَحَبَّ دَعَا، وَانْصَرَفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْطِرًا، اسْتُحِبَّ الأَكْلُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، اسْتِحْبابُ الأكْلِ لمَن صَوْمُه نَفْلٌ أو هو مُفْطِرٌ. قالَه القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: يُسْتَحَبُّ الأَكْلُ للصَّائِمِ إنْ كان يَجْبُرُ قلْبَ داعِيه، وإلَّا كان إتْمامُ الصَّوْمِ أوْلَى. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ تعْليلِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وقيل: نصُّه: يدْعُو، ويَنْصَرِفُ. وقال فى «الواضِحِ»: ظاهِرُ الحديثِ وُجوبُ الأكْلِ للمُفْطِرِ. وفى مُناظراتِ ابنِ عَقِيلٍ، لو غمس إصْبَعَه فى ماءٍ ومَصَّها، حصَل به إرْضاءُ الشَّارِعِ، وإزالَةُ المأْثَمِ بإجْماعِنا. ومِثْلُه لا يُعَدُّ إجابةً عُرْفًا، بل استِخْفافًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالدَّاعِى. فائدة: فى جَواز الأَكْلِ مِن مالِ مَن فى مالِه حرامٌ أقْوالٌ؛ أحدُها، التَّحْريمُ مُطْلَقًا. قطَع به وَلَدُ الشِّيرازِىِّ فى «المُنْتَخَبِ»، قُبَيْلَ بابِ الصَّداقِ. قال الأَزَجِىُّ فى «نِهايَتِه»: هذا قِياسُ المذهبِ، كما قُلْنا فى اشْتِباهِ الأوانِى الطَّاهِرَةِ بالنَّجِسَةِ. وهو ظاهِرُ تعْليلِ القاضى. وقدَّمه أبو الخَطَّابِ، فى «الانْتِصارِ». قال ابنُ عَقِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «فُنُونِه»، فى مَسْألَةِ اشْتِباهِ الأوانِى: وقد قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه: لا يُعْجِبُنِى أَنْ يأْكُلَ منه. وسأله المَزْوَزِىُّ عن الذى يُعامِلُ بالرِّبا، يَأْكلُ عندَه؟ قال: لا. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» فى آدابِها: ولا يأْكُلُ مُخْتَلِطًا بحرامٍ بلا ضَرُورَةٍ. والقوْلُ الثَّانى، إنْ زادَ الحرامُ على الثُّلُثِ، حَرُمَ الأَكْلُ، وإلَّا فلا. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»؛ لأَنَّ الثُّلُثَ ضابِطٌ فى مَواضِعَ. والقَوْلُ الثَّالثُ، إنْ كان الحرامُ أكْثرَ، حَرُمَ الأَكْلُ، وإلَّا فلا، إقامَةً للأَكْثَرِ مَقامَ الكُلِّ. قطَع به ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المِنْهاجِ». نقَل الأَثْرَمُ، وغيرُ واحدٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، فى مَن وَرِثَ مالًا فيه حرامٌ، إن عرَف شيئًا بعَيْنه، ردَّه، وإنْ كان الغالِبُ على مالِه الفَسَادَ، تنَزَّهَ عنه، أو نحوَ هذا. ونقَل حَرْبٌ، فى الرَّجُلِ يخْلُفُ مالًا، إنْ كان غالِبُه نَهْبًا أو رِبًا، يَنْبَغِى لوارِثِه أَنْ يتَنَزَّه عنه، إلَّا أَنْ يكونَ يسِيرًا لا يُعْرَفُ. ونقَل عنه أيضًا، هل للرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ مِن وَرَثَةِ إنْسانٍ مالًا مُضارَبَةً ينْفَعُهم ويَنْتَفِعُ؟ قال: إنْ كان غالِبُه الحرامَ فلا. والقَوْلُ الرَّابعُ، عدَمُ التَّحْريمِ مُطْلَقًا، قلَّ الحرامُ أو كَثُرَ، لكِنْ يُكْرَهُ، وتقْوَى الكراهَةُ وتضْعُفُ بحسَبِ كثْرَةِ الحرامِ وقِلَّتِه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «فُصولِه» وغيرُه. وقدَّمه

فإِن دَعَاهُ اثنَانِ، أَجَابَ أَوَّلهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَزَجِىُّ وغيرُه. قلتُ: وهذا المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، فى بابِ صدَقَةِ التَّطَوُّعِ، و «الآدابِ الكُبْرَى»، و «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ». قال فى «الفُروعِ»: ويَنْبَنِى على الخِلافِ، حُكْمُ مُعامَلَتِه، وقَبُولُ صدَقَتِه وهِبَتِه، وإجابَةُ دَعْوَتِه، ونحوُ ذلك. وإنْ لم يعْلَمْ أنَّ فى المالِ حرامًا، فالأَصْلُ الإِباحةُ، ولا تحْريمَ بالاحْتِمالِ، وإنْ كان ترْكُه أوْلَى للشَّكِّ. وإنْ قَوِىَ سبَبُ التحْريمِ، فَظنُّه، فيَتَوجَّهُ فيه، كآنِيَةِ أَهْلِ الكِتابِ وطَعامِهم. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ التَّرْكُ، وأنَّ ذلك يَنْبَنِى على ما إذا تَعارَضَ الأصْلُ والظَّاهِرُ، وله نَظائِرُ كثيرةٌ (¬1). قوله: فإنْ دَعاه اثْنان، أجابَ أسْبَقَهما. وهذا بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكِنْ هلِ السَّبْقُ بالقَوْلِ -وهو الصَّوابُ- أو بقُرْبِ (¬2) البابِ؟ فيه وَجْهانِ. قال فى «الفُروعِ». وحُكِىَ، هل السَّبْقُ بالقَوْلِ أو البابِ؟ فيه وَجْهانِ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ السَّبْقَ بالقولِ. وهو كالصَّريحِ فى كلامِ المُصَنِّفِ (¬3) وغيرِه، خُصوصًا «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فإنِ اسْتَوَيا فى السَّبْقِ، فقطَع المُصَنِّفُ هنا بتَقْديمِ الأَدْيَنِ، ثم الأقرَبِ جِوارًا. وقالَه فى ¬

(¬1) فى الأصول بعد ذلك «فوائد جمة فى آداب الأكل والشرب». وقد نقلناها إلى صفحة 357، لتوافق كتاب الشرح. وسيذكر المؤلف فى صفحة 347، 352 أنه تقدم جملة صالحة فى آداب الأكل والشرب، لذلك لزم التنبيه. (¬2) زيادة من: أ. (¬3) سقط من: الأصل.

فَإِنِ اسْتَوَيَا، أجَابَ أَدْيَنَهُمَا، ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى». وقال فى «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»: فإنِ اسْتوَيَا، أجابَ أقْرَبَهما بابًا. زادَ فى «الخُلاصةِ»، ويقَدِّمُ إجابَةَ الفَقيرِ منهما. وزادَ فى «الكافِى»، فإنِ اسْتَويَا، أجابَ أقْرَبَهما رَحِمًا، فإنِ اسْتَويَا، أجاب أدينَهما، فإنِ اسْتَويَا، أقْرَعَ بينَهما. وكذا قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِى الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا، كَالزَّمْرِ وَالْخَمْرِ، وَأَمْكَنَهُ الإِنْكَارُ، حَضَرَ وَأَنكَرَ، وَإِلَّا لَمْ يَحْضُرْ. وَإِنْ حَضَرَ، فَشَاهَدَ الْمُنْكَرَ، أَزَالَهُ، وَجَلَسَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ، انْصَرَفَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «المُحَرَّرِ»: ومَن دَعاه اثْنانِ، قدَّم أسْبَقَهما، ثم إنْ أَتيا معًا قدَّم أَدْيَنَهما، ثم أَقرَبَهما رَحِمًا، ثم جِوارًا، ثم بالقُرْعَةِ. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: ويقَدَّمُ أَسبَق، ثم أدينُ، ثم أَقرَبُ جِوارًا، ثم رَحِمًا. وقيل: عكْسُه، ثم قارِعٌ. وقال فى «الفصولِ»: يقَدِّمُ السَّابِقَ، فإنْ لم يسْبِقْ أحدُهما الآخَرَ، فقال أصحابُنا: ينْظُرُ أقْرَبَهما دارًا فيُقَدِّمُه فى الإِجابةِ. وقيل: الأَدْيَنُ بعدَ الأَقْرَبِ جِوارًا. وقال فى «البُلْغَةِ»: فإنْ جاءَا معًا، أجابَ أقْرَبَهما جِوارًا، فإنِ اسْتَويَا، قدَّم أدْيَنَهما. قوله: وإنْ عَلِم أنَّ فى الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا، كالزَّمْرِ والخَمْرِ، وأمْكَنَه الإِنْكارُ، حضَر وأنْكَرَ، وإلَّا لم يَحْضُرْ -بلا نِزاعٍ- وإنْ حضَر وشاهَدَ المُنْكَرَ، أزالَه، وجلَس، فإنْ لم يَقْدِرِ، انْصَرَفَ. بلا خِلافٍ.

وَإِنْ عَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَلَهُ الْجُلُوسُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَلِم بِه، ولم يَرَه ولم يَسْمَعْه، فله الجُلُوسُ. ظاهِرُه الخِيَرَةُ بينَ الجُلوسِ وعدَمِه. وهو المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لا بأْسَ به (¬1). وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال النَّاظِمُ: . . . . . . . . إنْ [يَشَا … لِيَجْلِس] (¬2) ولكِنْ عَنْهُمُ البُعْدَ جَوِّدِ (¬3) ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) فى الأصل: «شاء ليجلس». وفى أ: «إن شاء يجلس». (¬3) فى أ: «أجود». والشطر الأول فى عقد الفرائد 2/ 116 هكذا: «وإن كان معلوما بلا الحس إن يشا».

وإنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيها صُوَرُ الْحَيَوَانِ، لم يَجْلِسْ إِلّا أَنْ تُزَالَ، وَإِنْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً أو عَلَى وِسَادَةٍ، فَلَا بَأْسَ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لا ينْصَرِفُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، قوله: وإنْ شاهَد سُتُورًا مُعَلَّقةً فيها صُوَرُ الحَيَوانِ، لم يَجْلِسْ إلَّا أَنْ تُزالَ. هكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وفى تحْريمِ لُبْثِه فى مَنْزِلٍ فيه صُورَةُ حَيوانٍ على وَجْهٍ مُحَرَّم وَجْهانِ. والمذهبُ، لا يَحْرُمُ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ (¬1) ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وتقدَّم فى سَتْرِ العَوْرَةِ (¬2): هل يَحْرُمُ ذلك، أمْ لا؟ فائدة: إذا عَلِم به قبلَ الدُّخولِ، فهل يَحْرُمُ الدُّخُولُ، أمْ لا؟ فيه الوَجْهان المُتَقدِّمان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) 3/ 257.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يحْرُمُ الدُّخولُ. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانت مَبْسُوطَةً، أو على وِسادَةٍ، فلا بَأْسَ بها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الإِرْشادِ»: الصُّوَرُ والتَّماثِيلُ مَكْروهةٌ عندَه (¬1)، إلَّا (¬2) فى ¬

(¬1) فى أ: «عند الإمام أحمد رحمه اللَّه». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَسِرَّةِ والجُدُرِ. وتقدَّم ذلك أيضًا فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يَحْرُمُ تعْليقُ ما فيه صُورَةُ حَيوانٍ، وسَتْرُ الجُدُرِ به، وتَصْوِيرُه. وقيل: لا يَحْرُمُ. وذكَره ابنُ عَقِيلٍ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه، رِوايَةً، كافْتِراشِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَعْلِه مِخَدًّا. وتقدَّم بعضُ ذلك فى ستْرِ العَوْرَةِ.

وَإِنْ سُتِرَتِ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا، أَو فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَهَلْ تُبَاحُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سُتِرَتِ الحِيطانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فيها، أو فيها صُوَرُ غيرِ الحَيَوانِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل تُباحُ؟ على رِوايتَيْن. مُرادُه، إذا كانت غيرَ حَرِيرٍ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يُكْرَهُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، واخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى مَوْضِعٍ، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه فى «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَحْرُمُ. وقال فى «الخُلاصَةِ»: وإذا حضَر فرأى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لا صُوَرَ عليها، فهل يجْلِسُ؟ فيه رِوايَتانِ، أصْلُهما، هل هو حرَامٌ، أو مَكْرُوهٌ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، محَلُّ الخِلافِ، إذا لم تَكُنْ حاجَةٌ، فأمَّا إنْ دَعتِ الحاجَةُ إليه، مِن حَرٍّ، أو بَرْدٍ، فلا بَأْسَ به. ذكَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو واضِحٌ. الثانى، ظاهِرُ قولِه: فهل يُباحُ؟ أنَّ الخِلافَ فى الإِباحَةِ وعدَمِها. وليس الأمْرُ كذلك، وإنَّما الخِلافُ فى الكَراهةِ والتَّحْريمِ؛ فمُرَادُه بالإِباحةِ، الجَوازُ الذى هو ضِدُّ التَّحْريمِ. فعلى القَوْلِ بالتَّحْرِيم، يكونُ وُجودُ ذلك عُذْرًا فى تَرْكِ الإِجابَةِ. وعلى القَوْلِ بالكراهةِ، يكُونُ أيضًا عُذرًا فى تَرْكِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: لا يكونُ عُذْرًا. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلاصَةِ» المُتقدِّمِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والواجِبُ لا يُتْرَكُ لذلك. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». ونقَل ابنُ هانِئٍ وغيرُه، ما كانَ فيه شئٌ مِن زِىِّ الأعاجِمِ وشِبْهِه، فلا يدْخُلُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا بَأْسَ أَنْ لا يدْخُلَ. قال: لا كرَيْحانٍ مُنَضَّدٍ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ النَّهْىَ عن التَّشَبُّهِ بالعَجَمِ للتَّحْرِيمِ. ونقَل جَعْفَرٌ، لا يشْهَدُ عُرْسًا فيه طَبْلٌ، أو مُخَنَّثٌ، أو غِناءٌ، أو تُسْتَرُ الحِيطانُ، ويخْرُجُ لصُورةٍ على الجِدارِ. ونقَل الأَثْرَمُ،. والفَضْلُ، لا لصُورَةٍ على سِتْرٍ، لم يَسْتُرْ به الجُدُرَ.

وَلَا يُبَاحُ الأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ. وَالدُّعَاءُ إِلَى الْوَلِيمَةِ إِذْنٌ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُباحُ الأَكْلُ بغيرِ إذْنٍ. أو ما يَقُومُ مَقامَها. بلا نِزاعٍ. فيَحْرُمُ أكْلُه بلا إذْنٍ صريحٍ، أو قرينَةٍ، ولو مِن بَيْتِ قريبِه أو صَديقِه، ولم يُحْرِزْه عنه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَله ابنُ القاسِمِ، وابنُ النَّضْرِ. وجزَم به القاضى فى «الجامعِ». وظاهِرُ كلامِ ابنِ الجَوْزِىِّ وغيرِه، يجوزُ أكْلُه مِن بَيْتِ قرِيبِه وصديقِه، إذا لم يُحْرِزْه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أَظْهَرُ. وقدَّمه فى «آدابِه»، وقال: هذا هو المُتوَجَّهُ، ويُحْمَلُ كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، على الشَّكِّ فى رِضاه، أو على الوَرَعِ. انتهى. وجزَم القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»، فى آخِرِ الغَصْبِ، فى مَن كتَبَ مِن مَحْبَرَةِ غيرِه، يجوزُ فى حقِّ مَن ينْبَسِطُ إليه، ويَأْذَنُ له عُرْفًا. قوله: والدُّعاءُ إلى الوَلِيمَةِ إذْنٌ فيه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وكذا تقْديمُ (¬1) الطَّعامِ إليه بطَريقٍ أوْلَى. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى ¬

(¬1) فى الأصل: «تقدم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الغُنْيَةِ»: لا يحْتاجُ بعدَ تقْديمِ الطَّعام إِذْنًا إذا جَرَتِ العادةُ فى ذلك البلَدِ الأَكْلَ بذلك، فيكونُ العُرْفُ إِذْنًا. وقد تقدَّم أنَّ المَسْنونَ الأَكْلُ عندَ حُضورِ رَبِّ الطَّعامِ وإذْنِه. وتقدَّم جُمْلَةٌ صالحةٌ فى آدابِ الأكْلِ والشُّرْبِ. فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ الدُّعاءَ ليس إذْنًا فى الدُّخولِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هو إذْنٌ فيه. وقدَّمه فى «الآدابِ»، ونسَبَه إلى المُصَنِّفِ وغيرِه. قلتُ: إنْ دلَّتْ قرِينَةٌ عليه، كان إِذْنًا، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ: مذهَبُنا، لا يَمْلِكُ الطَّعامَ الذى قُدِّمَ إليه، بل يَهْلِكُ بالأَكْلِ (¬1) على مِلْكِ صاحبِه. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِينَ» (¬2): أكْلُ الضَّيْفِ (¬3) إباحَةٌ مَحْضَةٌ، لا يحْصُلُ المِلْكُ به (2) بحالٍ، على المَشْهورِ عندَنا. انتهى. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، فى مَسْألةِ غيرِ المَأْذُونِ له، هل له الصَّدقَةُ مِن قُوتِه؟ الضَّيْفُ لا يَمْلِكُ الصَّدقَةَ بما أُذِنَ له فى أكلِه. وقال: إنْ حلَف لا يَهَبُه، فأَضافَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم يُمَلِّكْه شيئًا، وإنَّما أباحَه الأَكْلَ، ولهذا لم يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فيه (¬4) بغيرِ إذنِه. انتهى (¬5). [قلتُ: فيَحْرُمُ عليه تصَرُّفُه فيه بدُونِه. قال الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا] (¬6): يأْكُلُ الضَّيْفُ ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) كذا بالنسخ والصواب: «السادسة والثمانين». انظر: القواعد 209. (¬3) فى الأصل: «المضيف». (¬4) سقط من: ط. (¬5) سقط من: الأصل. (¬6) زيادة من: أ.

وَالنِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهٌ. وَعَنْهُ، لَا يُكْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على مِلْكِ صاحبِ الطَّعامِ على وَجْهِ الإِباحةِ، وليس ذلك بتَمْلِيكٍ. انتهى. قال فى «الآدابِ»: مُقْتَضَى تعْليله فى «المُغْنِى»، التَّحْريمُ. قلتُ: والأمْرُ كذلك. [قال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه: لو قدَّم لضِيفانِه طَعامًا، لم يَجُزْ لهم قَسْمُه؛ لأنَّه إباحَةٌ. نقَله عنهم فى «الفُروعِ»، آخِرَ الأطْعِمَةِ] (¬1). وقال فى «القَواعِدِ»: وعن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، رِوايَةٌ بإجْزاءِ الطَّعامِ فى الكفَّاراتِ، وتُنَزَّلُ على أحدِ قوْلَيْن؛ إمَّا أنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ ما قُدِّم إليه، وإنْ كان مِلْكًا خاصًّا بالنِّسْبَةِ إلى الأكْلِ. وإمَّا أنَّ الكفَّارَةَ لا يُشْتَرَطُ فيها تَمْلِيكٌ. انتهى. وقال فى «الآدابِ»: ووُجِّهَتْ رِوايةُ الجَوازِ، فى مَسْألَةِ (¬2) صَدَقَةِ (¬3) غيرِ المَأْذُونِ له، بأنَّه ممَّا جرَتِ العادةُ بالمُسامحَةِ فيه والإِذْنِ عُرْفًا، فجازَ، كصَدقَةِ المَرْأةِ مِن بَيْتِ زَوْجِها. قال: وهذا التَّعْليلُ جارٍ فى مَسْألَة الضَّيْفِ. انتهى (3). وللشَّافِعيَّةِ فيها أرْبَعَةُ أقْوالٍ، يَمْلِكُه بالأَخْذِ، أو بحُصُولِه فى الفَمِ، أو بالبَلْعِ، أو لَا يمْلِكُه بحالٍ، كمذهبِنا. قوله: والنِّثَارُ والْتِقاطُه مَكْرُوهٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ فهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرازِىُّ. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحبُ «الإِيضاحِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وعنه، إباحَتُهما. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، كالمُضَحِّى يقولُ: مَن شاءَ اقْتَطَعَ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ». وقيل: يُكْرَهُ فى العُرْسِ دُونَ غيرِه. وعنه، لا يُعْجِبُنِى، هذا نُهْبَةٌ، لا يُأكَلُ. [وعنه، أنه يَحْرُمُ، كقَوْلِ الإِمامِ والأميرِ، فى الغَزْوِ وفى الغَنِيمَةِ: مَن أخَذَ شيئًا، فهو له. ونحوِه] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَمَنْ حَصَلَ فِى حِجْرِهِ شَىْءٌ مِنْهُ، فَهُوَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن حصَل فى حِجْرِه شَىْءٌ منه، فهو له. وكذا مَن أخَذ شيئًا منه، فهو له. وهذا المذهبُ فيهما مُطْلَقًا. جزَم به فى «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يَمْلِكُه إلَّا بالقَصْدِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: يجوزُ للمُسافِرينَ خَلْطُ أزْوادِهم ليَأْكُلُوا جميعًا، وهو النِّهدُ، على ما

وَيُسْتَحَبُّ إِعْلَانُ النِّكَاحِ وَالضَّرْبُ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدَّم. قوله: ويُسْتَحَبُّ إعْلانُ النِّكاحِ، والضَّرْبُ عليه بالدُّفِّ. إعْلانُ النِّكاحِ مُسْتَحَبٌّ. بلا نِزاع. وكذا يُسْتَحَبُّ الضَّرْبُ عليه بالدُّف. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. واسْتَحَبَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا الصَّوْتَ فى العُرْسِ. ونقَل حَنْبَل، لا بَأْسَ بالصَّوْتِ والدُّفِّ فيه. قال فى «الرِّعايَةِ»، فى بابِ بقِيَّةِ مَن تصِحُّ شَهادَتُه: ويُباحُ الدُّفُّ فى العُرْسِ. انتهى. تنبيه: ظاهرُ قولِه: والضَّرب عليه بالدُّفِّ. أنَّه سواءٌ كان الضارِبُ رجُلًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو امْراة. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ نُصوصِه، وكلام الأصحابِ، التَّسْوِيَةُ. قيل له، فى رِوايةِ المَرُّوذِىِّ: ما ترَى النَّاسَ اليومَ، تُحَرِّكُ الدُّفَّ فى إمْلاكٍ، أو بِناءٍ، بلا غِناءٍ؟ فلم يَكْرَهْ ذلك. وقيل له، فى رِوايةِ جَعْفَرٍ: يكونُ فيه جَرَسٌ؟ قال: لا. وقال المُصَنِّفُ: ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصوصٌ بالنِّساءِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُكْرَهُ للرِّجالِ مُطْلَقًا. فائدتان؛ إحْداهما، ضَرْبُ الدُّفِّ فى نحوِ العُرْسِ، كالخِتانِ، وقُدومِ الغائبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِهما، كالعُرْسِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُكْرَهُ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: أصحابُنا كَرِهُوا الدُّفَّ فى غيرِ العُرْسِ. وكَرِهَه القاضى وغيرُه، فى غيرِ عُرْس وخِتانٍ. ويُكْرَهُ لرَجُلٍ؛ للتَّشَبُّهِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: يُباحُ فى الخِتانِ. وقيل: وكلِّ سُرورٍ حادثٍ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ كل مَلْهاةٍ سِوَى الدُّفِّ؛ كمِزْمارٍ، وطُنْبُورٍ، ورَبابٍ، وجَنْكٍ، وناىٍ، ومَعْزفَةٍ، وسَرْناى، نصَّ على ذلك كلِّه. وكذا الجُفانَةُ، والعُودُ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغِيبِ»: سواءٌ اسْتُعْمِلَتْ لحُزْنٍ، أو سُرورٍ. وسألَه ابنُ الحَكَمِ عنِ النَّفْخِ فى القَصَبَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمِزْمارِ؟ فقال: أكْرَهُه. وفى تحْريمِ الضَّرْبِ بالقَضِيبِ وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» الكَراهةَ. وقال فى «المُغْنِى»: لا يُكْرَهُ إلَّا مع تَصْفيقٍ، أو غِناءٍ، أو رَقْصٍ، ونحوِه. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بالتَّحْريمِ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، الطَّبْلَ لغيرِ حَرْبٍ. واسْتَحَبَّهُ ابنُ عَقِيلٍ فى الحَرْبِ، وقال: لتَنْهِيضِ طِباعِ الأوْلِياءِ، وكَشْفِ صُدورِ الأعْداءِ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، التَّعبيرَ، ونَهَى عنِ اسْتِماعِه، وقال: هو بِدْعَة ومُحْدَثٌ. ونقَل أبو داودَ، لا يُعْجِبُنِى. ونقَل يُوسُف، لا يسْتَمِعُه؟ قيل: هو بِدْعَةٌ؟ قال: حَسْبُكَ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فقد منَع [الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ] (¬1)، مِن إطْلاقِ (¬2) اسْمِ البِدْعَةِ عليه، ومِن تحْريمِه؛ لأنَّه شِعْرٌ مُلَحَّنٌ، كالحِداءِ والحَدْوِ للإِبلِ، ونحوِه. ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد جَمَّةٌ فى آدابِ الأكْلِ والشُّرْبِ وما يتَعَلَّقُ بهما كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه، أَنْ يتَعمَّدَ القَوْمَ، حينَ وَضْعِ الطَّعامِ، فيَفْجَأَهم، وإنْ فَجأَهُم بلا تعَمُّدٍ، أَكلَ. نصَّ عليه. وأَطْلقَ فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، الكراهةَ، إلَّا مَن عادَتُه السَّماحَةُ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، الخُبْزَ الكِبارَ، وقال: ليس فيه بَرَكَةٌ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، وَضْعَه تحتَ القَصْعَةِ لاسْتِعْمالِه له. وقال الآمِدِىُّ: يَحْرُمُ عليه ذلك، وإنَّه نصُّ الإِمامِ أحمدَ. وكَرِهَه غيرُه، وكَرِهَهُ الأصحابُ فى الأوَّلتَيْنِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» فى الثَّانيةِ. ذَكَر ذلك كلَّه فى «الفُروعِ»، فى بابِ الأطْعِمَةِ. ويَحْرُمُ عليه أخْذُ شئٍ مِن الطَّعام مِن غيرِ إذْنِ رَبِّه، فإنْ عَلِم بقرِينةٍ رِضَا مالِكِه، فقال فى «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ. وقال فى «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ أنَّه يُباحُ، وأنَّه يُكْرَهُ مع ظَنِّه رِضَاه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: له أخْذُ ما عَلِم رِضَا رَبِّه به، وإطْعامُ الحاضِرينَ معه، وإِلَّا فلا. ويأْتِى، هل له أَنْ يُلْقِمَ غيرَه؟ وما يُشابِهُه. ويأْتِى أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، تَحْريمُ الأَكْل مِن غيرِ إذْنٍ ولا قرينَةٍ، وأنَّ الدُّعاءَ إلى الوَلِيمَةِ إذْنٌ فى الأَكْلِ. ويغْسِلُ يدَيْه قبلَ الطَّعام وبعدَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أَكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُكْرَهُ قبلَه. اخْتارَه القاضى. قالَه فى «الفُروعِ». قال: وأطلقَ جماعَةٌ روايةَ الكراهَةِ. قلتُ: قال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وعنه، يُكْرَهُ. اخْتارَه القاضى. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»: يُسْتَحَبُّ غَسْلُ يدَيْه بعدَ الطعامِ إذا كانَ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَمْرٌ. انتهى. ولا يُكْرَهُ غسْلُه فى الإناء الَّذى أكلَ فيه. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. ويُكْرَهُ الغسْلُ بطَعامٍ، ولا بَأْسَ بنُخالَةٍ. نصَّ عليه. وقال بعضُهم: يُكْرَهُ بدَقيقِ حِمَّصٍ وعَدَسٍ وباقِلَّاءَ ونحوِه. وقال فى «الآدابِ»: ويتوَجَّهُ تحْرِيمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغَسْلِ بمَطْعُومٍ، كما هو ظاهرُ تعْليلِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لمَّا أمَر، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، المَرْأَةَ أَنْ تجْعَلَ مع الماءِ مِلْحًا، ثم تغْسِلَ به الدَّمَ عن حَقِيبَتِه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). والمِلْحُ طَعامٌ، ففى مَعْناه ما أشْبَهَه. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: كلامُ أبِى محمدٍ يقْتَضِى جَوازَ غَسْلِها بالمَطْعومِ، وهو خِلافُ المَشْهورِ. وجزَم النَّاظِمُ بجوازِ غَسْلِ يَدِه بالمِلْحِ، وهو قولٌ فى «الرِّعايَةِ». وقال إسْحاقُ: تعَشَّيْتُ مع أبِى عبدِ اللَّهِ مَرَّةً، فجَعل يأْكُلُ، ورُبَّما مسَح يَدَه عندَ كُلِّ لُقْمَةٍ بالمِنْديلِ. ويتَمضْمَضُ مِن شُرْبِ اللَّبَنِ، ويَلْعَقُ قبلَ الغَسْلِ أو المَسْحِ أصابِعَه، أو يُلْعِقُهما. ويعْرِضُ رَبُّ الطَّعامِ الماءَ لغَسْلِهما، ويُقَدِّمُه بقُرْبِ طَعامِه، ولا يعْرِضُ الطعامَ. ذكَره فى «التَّبْصِرَةِ»، وغيرها، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ». ويُسَنُّ أَنْ يُصَغرَ اللُّقْمَةَ، ويُجِيدَ المَضْغَ، ويُطِيلَ البَلْعَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: إلَّا أَنْ يكونَ هناك ما هو أهَمُّ ¬

(¬1) تفدم تخريجه فى 2/ 292.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الإِطالَةِ. وذكَرَ بعضُ الأصحاب اسْتِحْباب تَصْغيرِ الكِسَرِ. انتهى. ولا يأْكُلُ لُقْمَةً حتَّى يبْلَعَ ما قبلَها. وقال ابنُ أَبِى مُوسَى، وابنُ الجَوْزِىِّ: ولا يمُدُّ يدَه إلى أُخْرى، حتَّى يبْتَلِعَ الأُولَى. وكذا قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وينْوِى بأكْلِه وشُرْبِه (¬1) التَّقَوِّى على الطَّاعةِ. ويبْدَأُ بها الأكْبَرُ والأعْلَمُ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الآدابِ الكُبْرَى». وقال النَّاظِمُ، فى «آدابِه»: ¬

(¬1) فى الأصل: «شبعه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُكْرَهُ سبْقُ القَوْمِ للأَكْلِ نُهْمَةً … ولكِنَّ ربَّ البَيْتِ إنْ شاءَ يبْتَدِى وإذا أكلَ معه ضَرِيرٌ، أعْلمَه بما بينَ يدَيْه. وتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عليهما، والأكْلُ باليمينِ. ويُكْرَهُ ترْكُ التَّسْمِيَةِ والأَكْلُ بشِمالِه، إلَّا مِن ضَرُورةٍ. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ «المذهبِ»، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وذكَرَه النَّوَوىُّ فى الشُّرْبِ إجْماعًا. وقيلِ: يَجِبَانِ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْبَغِى أَنْ نقُولَ بوُجوبِ الاسْتِنْجاءِ باليُسْرَى، ومَسِّ الفَرْجِ بها؛ لأَنَّ النَّهْىَ فى كِليْهما. وقال ابنُ البَنَّا: قال بعضُ أصحابِنا: فى الأَكْلِ أرْبَعُ فرائِضَ؛ أَكْلُ الحلالِ، والرِّضَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما قسَم اللَّهُ، والتَّسْمِيَةُ على الطَّعامِ، والشُّكْرُ للَّهِ عزَّ وجلَّ. وإنْ نَسِىَ التَّسْمِيَةَ فى أوَّلِه، قال إذا ذكَر: «بسمَ اللَّهَ أوَّلَه وآخِرَه». وقال فى «الفُروعِ»: قال الأصحابُ: يقولُ: «بِسْمِ اللَّهِ». وفى الخَبَرِ: «فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أوَّلَه وآخِرَه» (¬1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: لو زادَ: «الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ». عندَ الأَكْلِ، لَكانَ حسَنًا، فإنَّه أكْمَلُ بخِلافِ الذَّبْحِ، فإنَّه قد قيلَ: لا يُناسِبُ ذلك. انتهى. ويُسَمِّى المُمَيِّزُ، ويُسَمِّى عمَّن لا عَقْلَ له ولا تَمْيِيزَ غيرُه. قالَه بعضُهم. إنْ شُرِعَ الحَمْدُ عنه. ويَنْبَغِى للمُسَمِّى أَنْ يجْهَرَ بها. قالَه فى ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى صفحة 362.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الآدابِ»؛ ليُنَبِّهَ غيرَه عليها. ويَحْمَدُ اللَّهَ إذا فرَغ، ويقولُ ما ورَد. وقيل: يجِبُ الحَمْدُ. وقيل: يَحْمَدُ الشَّارِبُ كلَّ مَرَّةٍ. وقال السَّامَرِّىُّ: يُسَمِّى الشَّارِبُ عندَ كلِّ ابْتِداءٍ، ويَحْمَدُ عندَ كلِّ قَطْعٍ. قال فى «الآدابِ»: وقد يقالُ مِثْلُه فى أكْلِ كلِّ لُقْمَةٍ. وهو ظاهِرُ ما رُوِى عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه. نقَل ابنُ هانِئٍ، أنَّه جعَل عندَ كلِّ لُقْمَةٍ يُسَمِّى ويَحْمَدُ. وقال: أكْلٌ وحَمْدٌ خَيْرٌ مِن أكْلٍ وصَمْتٍ. ويُسَنُّ مَسْحُ الصَّحْفَةِ، وأَكْلُ ما تَناثَرَ، وأكْلُ عندَ حُضورِ رَبِّ الطَّعام وإذْنِه، ويأْكُلُ بثَلاثِ أصابِعَ، ويُكْرَهُ بإصْبَعٍ؛ لأنَّه مَقْتٌ، وبإصْبَعَيْن؛ لأنَّه كِبْرٌ، وبأَرْبَعٍ وخَمْسٍ؛ لأنَّه شَرَهٌ. قال فى «الآدابِ»: ولَعَلَّ المُرادَ ما لا (¬1) يُتَناوَلُ، عادةً وعُرْفًا، بإصْبَعٍ أو إصْبَعيْنِ، فإنَّ العُرْفَ يقْتَضِيه. ويُسَنُّ أَنْ يأْكُلَ ممَّا يَليه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال جماعَة مِن الأصحابِ؛ منهم القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ حَمْدانَ، فى «الرِّعايَةِ»، وغيرُهم: إذا كان الطَّعامُ لوْنًا واحدًا. وقال الآمِدِىُّ: لا بأْسَ بأكْلِه مِن غيرِ ما يَليه إذا كان وحدَه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الآدابِ»: نقَل الآمِدِىُّ، عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه قال: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان مع جماعَةٍ، أكَل ممَّا يَليه، وإنْ كانَ وحدَه، فلا بأْسَ أَنْ تجولَ يدُه. انتهى. قلتُ: وظاهِرُ كلامِهم، أنَّ الفاكِهَةَ كغيرِها. وكلامُ القاضى ومَن تابعَه مُحْتَمِلٌ الفَرْقَ. ويُويِّدُه حديثُ عِكْراش [بنِ ذُويْبٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهُ] (¬1). لكِنْ فيه مقالٌ. انتهى. ويُكْرَهُ الأَكْلُ مِن أَعْلَى القَصْعَةِ، وأوْسَطِها. قال ابنُ عَقِيلٍ: ¬

(¬1) زيادة من: أ. وتقدم تخريجه صفحة 363.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك الكيلُ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُسَنُّ أَنْ يخْلَعَ نَعْلَيْه. ويُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. زادَ فى «الرِّعايَةِ»، و «الآدابِ»، وغيرِهما: والشَّرابِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: النَّفْخُ فى الطَّعامِ والشَّرابِ (¬1) والكِتابِ، مَنْهِىُّ عنه. وقال الآمِدِى: لا يُكْرَهُ النَّفْخُ فى الطَّعامِ إذا كان حارًّا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، إنْ كان ثَمَّ حاجَةٌ إلى الأكْلِ حِينَئذٍ. ويُكْرَهُ الأَكْلُ الطَّعامِ الحارِّ. قلتُ: عندَ عدَمِ الحاجةِ. ويُكْرَهُ فِعْلُ ما يَسْتَقْذِرُه مِن غيرِه. وكذا يُكْرَهُ الكَلامُ بما يُسْتَقْذَرُ، أو بما يُضْحِكُهم أو يُحْزِنُهم. قالَه الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ [فى «الغُنْيَةِ»] (¬2). وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الأَكْلَ مُتَّكِئًا. قال الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: وعلى الطَّرِيقِ أيضًا. ويُكْرَهُ أيضًا الأَكْلُ مُضْطَجِعًا ومُنْبطِحًا. ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. ويُسَنُّ أَنْ يجْلِسَ للأكْلِ على رِجْلِه اليُسْرَى، ويَنْصِبَ اليُمْنَى، أو يتَرَبَّعَ. قالَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» وغيرِه. وذكَر ابنُ البَنَّا، أنَّ مِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ يجْلِسَ مُفْتَرِشًا، وإنْ ترَبَّعَ، فلا بأْسَ. انتهى. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ»، مِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ يأكلَ مُطْمَئِنًا. كذا قال. ويُكْرَهُ عَيْبُ الطَّعامِ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: يَحْرُمُ. ويُكْرَهُ قِرانُه فى التَّمْرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه النَّاظِمُ فى «آدابِه»، وابنُ حَمْدانَ فى آدابِ «رِعايتَيْه»، وابنُ مُفْلِح فى «آدابِه». وقيل: يُكْرَهُ مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَريكٌ لم يَأْذَنْ. قال فى «الرِّعايَةِ»: لا وحدَه، ولا مع أهْلِه، ولا مَن أطْعَمْهم ذلك. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِىُّ فى كتابِه «أُصولِ الفِقْهِ»: لا يُكْرَهُ القِرانُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الواضِحِ»: الأَوْلَى ترْكُه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحبُ «التَّرْغيبِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: ومِثْلُه ما العادَةُ جارِيَةٌ بتناوُلِه وله أفرادٌ. وكذا قال النَّاظِمُ فى «آدابِه». وهو الصَّوابُ. وله قَطْعُ اللَّحْمٍ بالسِّكينِ، والنَّهْىُ عنه لا يصِحُّ. قالَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. والسُّنَّةُ أَنْ يكونَ البَطْنُ أثلَاثًا؛ ثُلُثًا للطَّعامِ، وثُلُثا للشَّرابِ، وثُلُثًا للنَّفَسِ. ويجوزُ أكلُه كثيرًا بحيثُ لا يُؤْذِيه، قالَه فى «التَّرْغيبِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو مُرادُ مَن أَطْلَقَ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: ولو أكَل كثيرًا، لم يكُنْ به بأْسٌ. وذكَر النَّاظِمُ أنَّه لا بأْسَ بالشِّبَعِ، وأنَّه يُكْرَهُ الإِسْرافُ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: يُكْرَهُ الأَكْلُ كثيرًا مع خَوْفِ تُخَمَةٍ. وكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أكْلَه حتَّى يُتْخَمَ، وحرَّمه أيضًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وحرَّم أيضًا الإِسْرافَ؛ وهو مُجاوزَةُ الحَدِّ. ويأْتِى فى الأطْعِمَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كراهَةُ إدْمانِ أكلِ اللَّحْمِ. ولا يُقَلِّلُ مِن الأكْلِ بحيثُ يضُرُّه ذلك. وليس مِن السُّنَّةِ ترْكُ أكْلِ الطَّيِّباتِ. ولا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قائمًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقلَه الجماعَةُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يُكْرَهُ. وجزَمْ به فى «الإِرْشادِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِهم، لا يُكْرَهُ أكلُه قائمًا، ويتوَجَّهُ أنَّه كالشُّرْبِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قلتُ: إنْ قُلْنا: إنَّ الكراهَةَ فى الشُّرْبِ قائمًا لِما يحْصُلُ له مِنَ الضّرَرِ، ولم يحْصُلْ مثْلُ ذلك فى الأكْلِ. امْتَنعَ الإِلْحاقُ. وكَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الشُّرْبَ مِن فَمِ السِّقاءِ، واخْتِناثَ الأسْقِيَةِ؛ وهو قَلْبُهَا. ويُكْرَهُ أيضًا الشُّرْبُ مِن ثَلْمَةِ الإِناءِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يشْرَبُ مُحاذِيًا العُرْوَةَ، ويشْرَبُ ممَّا يَلِيها. وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّهما سواءٌ. وحمَله فى «الآدابِ» على أنَّ العُرْوَةَ مُتَّصِلَةٌ برَأْسِ الإناءِ. وإذا شرِبَ ناوَلها الأَيْمَنَ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: وكذا فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غَسْلِ يَدِه. وقال ابنُ أبِى المَجْدِ: وكذا فى رَشِّ [ماءِ الوَرْدِ] (¬1). قال فى «الفُروعِ»: وما جرَتِ العادةُ به، كإطْعامِ سائلٍ، وسِنَّوْرٍ (¬2)، وتَلْقيمٍ، وتقْديمٍ، يَحْتَمِلُ كلامُهم وَجْهَيْن. قال: وجَوازُه أظْهَرُ. وقال فى «آدابِه»: ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الماء ورد». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَوْلَى جوازُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يُلْقِمُ جَلِيسَه، ولا يَفْسَحُ له إلَّا بإذنِ ربِّ الطَّعامِ. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ مَن حضَر معه؛ لأنَّه يأْكُلُ [ويتْلِفُ بأَكْلِه] (¬1) على مِلْكِ صاحِبِه على وَجْهِ الإِبَاحَةِ. وقال بعضُ الأصحابِ: مِنَ الأدابِ أَنْ لا يُلقِمَ أحدًا يأكلُ معه إلَّا بإذْنِ مالِكِ الطَّعام. قال فى «الآدابِ»: وهذا يدُلُّ على جَوازِ ذلك، عمَلًا بالعادةِ والعُرْفِ فى ذلكَ، لكِنَّ الأدَبَ والأَوْلَى الكَفُّ عن ذلك؛ لِمَا فيه مِن إساءةِ الأدَبِ على صاحبِه، والإِقْدامِ على طعامِه ببَعْضِ التَّصَرُّفِ مِن غيرِ إذنٍ صريح. وفى معْنَى ذلك، تقْديمُ بعضِ الضِّيفانِ ما لدَيْه، ونقْلُه إلى البَعْضِ الآخَرِ (¬2)، لكِنْ لا يَنْبَغِى لفاعِلِ ذلك أن يُسْقِطَ حقَّ جَليسِه مِن ذلك. والقَرينَةُ تقومُ مَقامَ الإذْنِ فى ذلك. وتقدَّم كلامُه فى «الفُروعِ». وقال فى «الفُنونِ»: كُنْتُ أقولُ: لا يجوزُ للقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بعضُهم لبَعْضٍ، ولا لسِنَّوْرٍ، حتَّى وَجَدْتُ فى «صحيحِ البُخارِىِّ» حديثَ أَنَسٍ (¬3)، ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: أ. (¬3) حديث أنس أن خياطا دعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- طعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرأيته يتتبع الدباء من حوالى القصعة. قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ. والحديث أخرجه البخارى، فى: باب التيمن فى الأكل وغيره، وباب الثريد، وباب الدباء، وباب من أضاف رجلا إلى طعام وأقبل هو على عمله، وباب المرق، وباب القديد، وباب من ناول أو قدم إلى صاحبه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الدُّباءِ. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يغُضُّ طرْفَه عن جَلِيسِه. قال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: مِنَ الأدَبِ، أن لا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلى وُجوهِ الآكِلينَ. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يُؤْثِرَ على نفْسِه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الآدابِ»: ويأْكُلُ ويشْرَبُ (¬1) مع أَبْنَاءِ الدُّنْيا بالأدَبِ والمُروءَةِ، ومع الفُقَراءِ بالإِيثارِ، ومع الإخْوانِ بالانْبِساطِ، ومع العُلَماءِ بالتَّعَلُّمِ. وقال الإِمامُ أحمدُ: يأْكُلُ بالسُّرورِ مع الإِخْوانِ، وبالإِيثارِ مع الفُقَراءِ، وبالمُروءَةِ مع أبْناءِ الدُّنْيا. انتهى. ويُسَنُّ أَنْ يخَلِّلَ أسْنانَه إنْ عَلِقَ بها شئٌ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: رُوِى عن ابنِ عمرَ: تَرْكُ الخِلالِ يُوهِنُ الأسْنانَ (¬2). وذكَره بعضُهم مرْفُوعًا. قال النَّاظِمُ: ويُلْقِى ما أخْرَجَه الخِلالُ، ولا يبْتَلِعُه؛ للخَبَرِ. ويُسَنُّ الشُّرْبُ ثلاثًا، ويَتَنفَّسُ دُونَ الإِناءِ ثلاثًا، فإنْ تنَفَّسَ فيه كُرِهَ. ولا يشْرَبُ فى أثْناءِ الطَّعامِ؛ فإنَّه مُضِرٌّ، ما لم يَكُنْ عادةً ويُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَ غُلامَه معه على الطَّعامِ، وإنْ لم يُجلِسْه أطْعَمَه. ويُسَنُّ لمَن أكَل مع الجماعةِ أَنْ لا يرْفَعَ يدَه قبلَهم، ما لم تُوجَدْ قرِينة. ويُكْرَهُ مَدْحُ طَعامِه وتقْويمُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: يَحْرُمُ عليه ذلك. وقال الآمِدِىُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ بيَدِه، ولا يَأْكُلَ بِملْعَقَةٍ، ولا غيرِها، ومَن أكلَ بمِلْعَقَةٍ أو غيرِها، أكَل بالمُسْتَحَبِّ. انتهى. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ: ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأ بالمِلْحِ، ويَخْتِمَ ¬

= على المائدة شيئا، من كتاب الأطعمة. صحيح البخارى 7/ 89، 98، 101، 102. كما أخرجه مسلم، فى: باب جواز أكل المرق. . .، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم 3/ 1615. وأبو داود، فى: باب فى أكل الدباء، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود 2/ 314. والترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الدباء، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى 7/ 42. وابن ماجه، فى: باب الدباء، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1098. (¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: زادَ المِلْحَ. ويُكْرَهُ إخْراجُ شئٍ مِن فِيه ورَدُّه فى القَصْعَةِ. ولا يمْسَحُ يدَه بالخُبْزِ، ولا يسْتَبْذِلُه، ولا يْخلِطُ طعامًا بطعامٍ. قالَه الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ. ويُسْتَحَبُّ لصاحِبِ الطَّعامِ، أَنْ يُباسِطَ الإِخْوانَ بالحديثِ الطَّيِّبِ، والحِكاياتِ التى تَلِيقُ بالحايَةِ إذا كانوا مُنْقَبِضينَ. وقد كان الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه، يُباسِطُ مَن يأْكُلُ معه. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ، أنَّ مِن آدابِ أكْلِ، أَنْ لا يسْكُتُوا على الطَّعامِ، بل يتَكلَّمونَ بالمَعْروفِ، ويتَكلَّمونَ بحِكاياتِ الصَّالحِينَ فى الأَطْعِمَةِ. انتهى. ولا يتَصَنَّعُ بالانْقِباضِ، وإذا أخْرَجَ مِن فِيه شيئًا ليَرْمِىَ به، صرَفَ وَجْهَه عنِ الطَّعامِ، وأخذَه بيَسارِه. قال: ويُسْتَحَبُّ تقْديمُ الطَّعامِ إليهم، ويُقَدِّمُ ما حضَر مِن غيرِ تَكلُّفٍ، ولا يسْتأْذِنُهم فى التَّقْديمِ. انتهى. قال فى «الآدابِ»: كذا قال. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ أيضًا: ولا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلى المَكانِ الَّذى يخرجُ منه الطَّعامُ، فإنّه دليلٌ على الشَّرَهِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: إذا دُعِىَ إلى أكْلٍ، دخَل إلى بَيْتِه، فأكَلَ ما يكْسِرُ نُهْمَتَه قبل ذَهابِه. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ: ومِن آدابِ الأكْلِ، أَنْ لا يجْمَعَ بينَ النّوَى والتَّمْرِ فى طبَقٍ واحدٍ (¬1)، ولا يجْمَعُه فى كفِّه، بل يضَعُه مِن فِيهِ على ظَهْرِ كفِّه. وكذا كل ما فيه عَجَمٌ، وثُفْلٌ. وهو مَعْنَى كلامِ الآمِدِىُّ. وقال أبو بَكْرِ بنُ حَمَّادٍ (¬2): رأَيْتُ الإِمامَ أحمد، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَأْكُلُ التَّمْرَ، ويأْخُذُ النَّوَى على ظَهْرِ إصْبَعَيْه السَّبَّابَةِ والوُسْطَى، ورأيْتُه يَكْرَهُ أَنْ يجْعَلَ النَّوَى مع التَّمْرِ فى شئٍ واحدٍ. ولرَبِّ الطَّعامِ ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) هو محمد بن حماد بن بكر بن حماد المقرئ، أبو بكر، صاحب خلف بن هشام كان أحد القراء المجودين، ومن عباد اللَّه الصالحين، نقل عن أبى عبد اللَّه مسائل جماعة، لم يجئ بها أحد غيره. توفى سنة سبع وستين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 291، 292.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ يخُصَّ بعْضَ الضِّيفانِ بشئٍ طيِّبٍ، إذا لم يَتأَذَّ غيرُه. ويُسْتَحَبُّ للضَّيْفِ أَنْ يُفْضِلَ شيئًا، لاسِيَّما إنْ كان ممَّن يُتَبَرَّكُ بفَضْلَتِه، أو كان ثَمَّ حاجَةٌ. وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، أنَّ الخُبْزَ لا يُقَبَّلُ، ولا بَأْسَ بالمُناهَدَةِ. نقَل أبو داودَ، لا بَأْسَ أَنْ يتَناهَدَ فى الطَّعامِ ويتَصدَّقَ منه، لم يَزَلِ النَّاسُ يفْعَلُونَ هذا. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ رِوايَة، لا يتَصدَّقُ بلا إذْنٍ ونحوِه. انتهى. ومَعْنَى النِّهْدِ؛ أَنْ يُخْرِجَ كلُّ واحدٍ مِن الرفْقَةِ شيئًا مِنَ النَّفَقَةِ، ويدْفَعونَه إلى رجُلٍ يُنْفِقُ عليهم منه، ويأْكُلُونَ جميعًا. وإنْ أَكَل بعضُهم أكثرَ مِن بعْضٍ فلا بَأْسَ.

باب عشرة النساء

بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مُعَاشَرَةُ الْآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ لَا يَمْطُلَهُ بِحَقِّهِ، وَلَا يُظْهِرَ الْكَرَاهَةَ لِبَذْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ عِشْرَةِ النِّساءِ

وَإذَا تَمَّ الْعَقْدُ، وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ إِذَا طَلَبَهَا، وَكَانَتْ حُرَّةً يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا تَمَّ العَقْدُ، وجَب تَسْلِيمُ المرْأةِ فى بَيْتِ الزَّوْجِ إذا طَلَبَها، وكانت حُرَّةً يُمْكِنُ الاسْتِمْتاعُ بها، ولم تَشْتَرِطْ دارَها. متى كان يُمْكِنُ وَطْؤُها، وطلَبَها الزَّوْجُ، وكانتْ حُرَّةً، لَزِمَ تسْلِيمُها إليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهمِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: تكون بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. قال القاضى: هذا عندِى ليس على سَبِيلِ التَّحْديدِ، وإِنَّما هو للغالِبِ. فوائد؛ الأُولَى، لو كانت (¬1) نِضْوَةَ الخِلْقَةِ، وطَلَبَها، لَزِمَ تسْلِيمُها، فلو خُشِىَ عليها، اسْتَمْتَعَ منها، كالاسْتِمْتاعِ مِن الحائضِ. ولا يَلْزَمُ تسْلِيمُها مع ما يَمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ بالكُلِّيَّةِ، ويُرْجَى زَوالُه؛ كإحْرامٍ ومَرَضٍ، ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «صغيرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصِغَرٍ، ولو قال: لا أَطَأُ. وفى الحائضِ (¬1) احْتِمالان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ لزُومِ التَّسْليمِ، بل لو قيلَ بالكَراهَةِ لاتَّجَهَ، أو يُنْظَرُ إلى قرِينَةِ الحالِ. وجزَم فى «المُغْنِى»، فى بابِ الحالِ التى تجِبُ فيها النَّفَقَةُ على الزوْجِ، باللُّزومِ. وكذلك ابنُ رَزينٍ فى «شَرْحِه»، والشَّارِحُ فى كتابِ النَّفَقاتِ. الثَّانيةُ، يُقْبَلُ قوْلُ امْرَأةٍ ثِقَةٍ فى ضِيقِ فَرْجِها، وقُروحٍ فيه، وعَبالَةِ ذَكَرِه، يعْنِى كِبَرَه، ونحوِ ذلك، وتنْظُرُهما وَقْتَ اجْتِماعِهما للحاجَةِ. ولو أنْكَرَ أَنَّ وَطْأَه يُؤْذِيها، لَزِمَتْها البَيِّنَةُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَمْ تَشْتَرِطْ دَارَهَا. وَإِنْ سَأَلَتِ الإِنْظَارَ، أُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهَا فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، إذا امْتَنعَتْ قبلَ المرَضِ، ثم حدَث بها المرَضُ، فلا نفَقَةَ لها. قوله: وإنْ سأَلَتِ الإِنْظارَ، أُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتِ العَادَةُ بإصْلاحِ أمْرِها فيها. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: لا لعَمَلِ جِهازٍ. وهذا هو المذهبُ. جزَم به فى

وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا إِلَّا بِاللَّيْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: تُمْهَلُ ثَلاثةَ أَيَّام. وقال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: إنِ اسْتَمْهَلَتْ هى وأهْلُها، اسْتُحِبَّ له إجابَتُهم، ما يُعْلَمُ به التَّهَيُّؤُ مِن شِراءِ جِهازٍ وتَزَيُّنٍ. قوله: وإنْ كانت أَمةً، لم يَجِبْ تَسْلِيمُها إلَّا بِاللَّيْلِ. يعْنِى مع الإِطْلاقِ. نصَّ عليه. فلو شرَطَه نَهارًا، وجَبَ تسْلِيمُها ليْلًا ونَهارًا، وكذا لو بذَلَه السَّيِّدُ بلا شَرْطٍ عليه. ولو بذَلَه السَّيِّدُ، وكان قد شرَطَه لنَفْسِه، فوَجْهان. وأَطْلَقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يجِبُ تسْلِيمُها (¬1). قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». والثَّانى (¬2)، لا يجِبُ. ويأْتِى حُكْمُ نفَقَتِها، فى كتابِ النَّفَقاتِ. فائدتان؛ إحْداهما، ليس لزَوْجِ الأمَةِ السَّفَرُ بها. وهل يَمْلِكُه السَّيِّدُ بلا إذْنِ الزَّوْجِ، سواءٌ صَحِبَه الزَّوْجُ، أَوْ لا؟ فيه وَجْهان، وهما احْتِمالان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»؛ أحدُهما، له ذلك مِن غيرِ إذْنِه على الصَّحيحَ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «المُجَرَّدِ» للقاضى، نقَلَه المَجْدُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثَّانى، ليس له ذلك. صححه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال المَجْدُ: جزَم به القاضى فى «التَّعْليقِ». وعليهما يَنْبَنِى، لو بوَّاها مسْكَنًا ليَأْتِيَها الزَّوْجُ فيه، هل يَلْزَمُه؟ قاله فى «التَّرْغيبِ». وأطْلقَ فى «الرِّعايتَيْن» الوَجْهَيْن ¬

(¬1) فى الأصل: «تسلمها». (¬2) فى النسح: «الثانية».

وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا مَا لَمْ يَشْغَلْهَا عَنِ الْفَرَائِض، مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِهَا، وَلَهُ السَّفَرُ بِهَا إِلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا بذَل السَّيِّدُ لها مَسْكَنًا ليَأْتِيَها الزَّوْجُ فيه. الثَّانيةُ، قولُه: وله الاسْتِمْتاعُ بها. يعْنِى، على أىِّ صِفَةٍ كانتْ؛ إذا كانَ فى القُبُلِ، ولو مِن جِهَةِ عَجُزِها، عندَ أكثرِ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى كتابِ «السِّرِّ المَصُونِ»، أنَّ العُلَماءَ كَرِهُوا الوَطْءَ بينَ الأَلْيَتَيْنِ؛ لأنَّه يدْعُو إلى الدُّبُرِ. وجزَم به فى «الفُصولِ». قال فى «الفُروعِ»: كذا قالَا. قوله: ما لم يَشْغَلْها عنِ الفرائِضِ، مِن غيرِ إضْرارٍ بها. بلا نِزاعٍ. ولو كانت على التَّنُّورِ، أو على ظَهْرِ قَتَبٍ، كما رَواه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وغيرُه. فائدة: قال أبو حَفْصٍ، والقاضى: إذا زادَ الرَّجُلُ على المَرْأةِ فى الجِماعِ، صُولِحَ على شئٍ منه. وروَى ذلك بإسْنادِه عن ابنِ الزُّبَيْرِ؛ أنَّه جعَل لرَجُلٍ أرْبَعًا باللَّيْلِ، وأرْبَعًا بالنَّهارِ. وعن أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه صالَح رجُلًا

وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا فِى الْحَيْضِ وَلَا فِى الدُّبُرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتَعْدَى على امْرَأةٍ على سِتَّةٍ (¬1). قال القاضى: لأنَّه غيرُ مُقَدَّرٍ، فَقُدِّرَ، كما أنَّ النَّفقَةَ حقٌّ لها غيرَ مُقَدَّرَةٍ، فيَرْجِعانِ فى التَّقْديرِ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: فإنْ تَنازَعا، فيَنْبَغِى أَنْ يفْرِضَه الحاكمُ، كالنَّفقَةِ، وكوَطْئِه إذا زادَ. انتهى. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحاب، خِلافُ ذلك، وأنَّه يطَأُ ما لم يَشْغَلْها عنِ الفَرائِضِ، وما لم يَضُرَّها بذلك. ويأْتِى كلامُ النَّاظِمِ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، عندَ وُجوبِ الوَطْءِ. تنبيه: قولُه: وله السَّفَرُ بها إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَها. مُرادُه، غيرُ زَوْجِ الأمَةِ، كما تقدَّم قريبًا. قوله: ولا يَجُوزُ وَطْؤُها فى الحَيْضِ. بلا نِزاع. وتقدَّم حُكْمُ وَطْئِها وهى مُسْتَحاضَةٌ، فى بابِ الحَيْضِ. قوله: ولا فى الدُّبُرِ. وهذا أيضًا بلا نِزاعٍ بينَ الأئمَّةِ، ولو تَطاوَعا على ذلك، ¬

(¬1) انظر هذين الأثرين فى كتاب مفيد العلوم ومبيد الهموم، لأبى بكر الخوارزمى 405.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فُرِّقَ بينَهما، ويُعَذَّرُ العالِمُ بالتَّحْريمِ منهما، ولو أكْرَهَها الزَّوْجُ عليه، نُهِىَ عنه، فإنْ أبَى فُرِّقَ بينَهما. ذكَره ابنُ أبِى مُوسى وغيرُه. وتقدَّم فى أواخِرِ النِّكاحِ، عندَ قوْلِه: ولكُلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلى جَميعِ البَدَنِ ولَمْسُه. هل يجوزُ لها اسْتِدْخالُ ذَكَرِ زوْجِها مِن غيرِ إذْنِه [وهو نائمٌ] (¬1)؟ ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَلَا يَعْزِلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإذْنِهَا، وَلَا عَنِ الأَمَةِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَعْزِلُ عنِ الحُرَّةِ إلَّا بِإذْنِها، ولا عنِ الأَمَةِ إلَّا بِإذْنِ سَيِّدِها. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». [ومحَلُّ هذا؛ إذا لم يشْتَرِطْ حُرِّيَّةَ الأوْلادِ، فأمَّا إذا اشْترَطَ ذلك، فله العَزْلُ بلا إذْنِ سيِّدِ الأمَةِ] (¬1). وقيل: لا يُباحُ العَزْلُ مُطْلَقًا. وقيل: يُباحُ مُطْلَقًا. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: ولا عن الأمَةِ إلَّا بإذْنِ سيِّدِها. أنَّه لا يُعْتَبَرُ إذْنُها هى. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: يُشْتَرَطُ إذْنُها أيضًا. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثانى، أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، بقوْلِه: إلَّا بإذْنِ سيِّدِها. جوازَ عَزْلِ السَّيِّدِ عن سُرِّيَّتِه بغيرِ إذْنِها، وإنْ لم يَجُزْ له العَزْلُ عن زوْجَتِه الأمَةِ إلَّا بإذْنِها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ، مِن مذهَبِنا، أنَّه يُعْتَبَرُ إذْنُها. قلتُ: وهو مُتَّجِهٌ؛ لأَنَّ لها فيه حقًّا. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» هل يسْتَأْذِنُ أمَّ الوَلدِ فى العَزْلِ، أمْ لا؟ على وَجْهَيْن.

وَلَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ وَالجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ، وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَخْذِ الشَّعَرِ الَّذِى تَعَافُهُ النَّفْسُ، إِلَّا الذِّمِّيَّةَ فَلَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى غُسْلِ الْحَيضِ، وَفِى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله إجْبارُها على الغُسْلِ مِنَ الحيْضِ والجَنابَةِ والنَّجَاسَةِ، واجْتنابِ المُحَرَّماتِ. [أمَّا الحَيْضُ والجَنابَةُ إذا كانتْ بالِغَةً، واجْتِنابُ المُحَرَّماتِ] (¬1)، فله إجْبارُها على ذلك إذا كانت مُسْلِمَةً. روايَةً واحدةً، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تُجْبَرُ على غُسلِ الجَنابَةِ. ذكَرها فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. قلتُ: وهو بعيدٌ جِدًّا. وأمَّا غَسْلُ النَّجاسَةِ، فله أيضًا إجْبارُها عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وفى «المُذْهَبِ» رِوايَةٌ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يمْلِكُ إجْبارَها عليه. قلتُ: وهو بعيدٌ أيضًا. قوله: إلّا الذِّمِّيَّةَ، فله إجْبَارُها عَلَى غُسْلِ الحَيْضِ. وكذا النِّفاسُ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمَه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَمْلِكُ إجْبارَها. فعليها، فى وَطْئِه بدُونِ الغُسْلِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الجوازُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». فيُعايَى بها. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجوزُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وهو أصحُّ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، فإنَّه قال: وللزَّوْجِ إجْبارُ زوْجَتِه على الغُسْلِ مِنَ الحَيْضِ والنِّفاسِ، مُسْلِمَةً كانت أو ذِمِّيَّةً؛ لأنَّه يمْنَعُ الاسْتِمْتاعَ الذى هو حقٌّ له. فعلى المذهبِ فى أصلِ المَسْأَلَةِ، وهو إجْبارُها، فى وُجوبِ النِّيَّةِ للغُسْلِ منه والتَّسْمِيَةِ، والتَّعَبُّدِ به لو أسْلَمَتْ، وَجْهانِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، أحدُهما، وُجوبُ ذلك. والوَجْهُ الثَّانى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجِبُ ذلك. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، فى بابِ صِفَةِ الغُسْلِ: وفى اعْتِبارِ التَّسْمِيَةِ فى غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الحَيْضِ، وَجْهان، ويصِحُّ منها (¬1) الغُسْلُ بلا نِيَّةٍ. وخرَّج ضِدَّه. انتهى. وقدَّم صِحَّةَ الغُسْلِ بلا نِيَّةٍ ابنُ تَميمٍ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قلتُ: الصَّوابُ ما قدَّمه، وأنَّ التَّسْمِيَةَ لا تجِبُ. وتقدَّم فى أوائل الحَيْضِ (¬2) شئٌ مِن ذلك، فَلْيُراجَعْ. وهل المُنْفَصِلُ مِن غُسْلِها مِن الحَيْضِ والنِّفاسِ طاهرٌ؛ لكَوْنِه أزالَ مانِعًا، أو طَهورٌ؛ لأنَّه لم يقَعْ قُرْبَةً؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ عُبَيْدانَ، و «الفُروعِ»، وكذلك صاحِبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، وهما وَجْهان فى «الحاوِى الكَبِيرِ». ذكَرُوه فى كتابِ الطَّهارَةِ؛ إحْداهما، هو طاهِرٌ غيرُ مُطَهِّر. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: والأَوْلَى جَعْلُه طاهِرًا غيرَ طَهُورٍ. والثَّانيةُ، هو طَهورٌ (2). قدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، فى كتابِ الطَّهارةِ. وقيل: إنْ لَزِمَها الغُسْلُ منه بطَلَبِ الزَّوْجِ -قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: أو السَّيدِ- فطاهرٌ، وإنْ لم يَطْلُبْه أحدُهما، أو طلَبَه -وقلْنا: لا يجِبُ- فطَهُورٌ. وأمَّا المُنْفَصِلُ مِن غُسْلِها ¬

(¬1) فى الأصل: «منهما». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الجَنابَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه طَهُورٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «الحاوِيَيْنِ»، فى كتابِ الطَّهارةِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابنُ عُبَيْدانَ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، فى كتابِ الطَّهارةِ: فطَهُورٌ قوْلًا واحدًا. وقيل: طاهِر. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أوْلَى. ثم قال: قلتُ: إنْ وجَب غُسْلُها منه فى وَجْهٍ، فطاهِرٌ، وإلَّا فهو طَهورٌ. قوله: وفى سائِرِ الأشْياءِ رِوايَتان. يعْنِى غيرَ الحَيْضِ فى حق الذِّميَّةِ. فدَخَل فى هذا الخِلافِ الذى حَكاه غُسْلُ الجَنابةِ والنَّجاسةِ، واجْتِنابُ المُحَرَّماتِ، وأخْذُ الشَّعَرِ الذى تَعافُه النَّفْسُ. وإنَّما الرِّوايتان فى الجَنابةِ. وفى أخْذِ الشَّعَرِ والظُّفْرِ وَجْهان. وأطلَقَها فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، له إجْبارُها على ذلك. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، فى الغُسْلِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، فى ذلك كلِّه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له إجْبارُها على غُسْلِ الجَنابةِ، على الأصحِّ؛ كالحَيْضِ والنِّفاسِ والنَّجاسَةِ، وعلى تَرْكِ كلِّ مُحَرَّمٍ، وأخْذِ ما تَعافُه النَّفْسُ مِن شَعَرٍ وغيرِه. قال النَّاظِمُ: هذه الروايةُ أشْهَرُ وأظْهَرُ. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»، فى غيرِ غُسْلِ الجَنابةِ. وأطلَقَهما فى غُسْلِ الجَنابةِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: له إجْبارُها على إزالَةِ شَعَرِ العانَةِ إذا خرَج عنِ العادةِ، رِوايَةً واحدةً. ذكَره القاضى. وكذلك الأظْفارُ. انتهيا. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليس له إجْبارُها على شئٍ مِن ذلك. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: إنْ طالَ الشَّعَرُ والظُّفْرُ، وجَب إزالَتُهما، وإلَّا فلا. وقيل: فى التَّنْظيفِ، والاسْتِحْدادِ، وَجْهان. فائدتان؛ إحْداهما، فى مَنْعِها (¬1) مِن أكلِ ما له رائحةٌ كرِيهَةٌ؛ كالبَصَلِ، والثُّومِ، والكُرَّاثِ، ونحوِهم، وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. خرَّجهما ابنُ عَقِيلٍ. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تُمْنَعُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّانى، لا تُمْنَعُ مِن ذلك. [وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ] (¬2) الثَّانيةُ، تُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ مِن شرْبِها مُسْكِرًا إلى أَنْ تسْكَرَ، وليس له مَنْعُها مِن شُرْبِها منه ما لا يُسْكِرُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، تُمْنَعُ منه مُطْلَقًا. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ومِثْلُه أكْلُ لَحْمِ خِنْزيرٍ، ولا (¬3) تُمْنَعُ مِن دُخولِ بَيْعَةٍ، وكَنِيسَةٍ. ولا تُكْرَهُ على الوَطْءِ فى صَوْمِها. نصَّ عليه. ولا إفْسادِ ¬

(¬1) فى الأصل: «منعهما». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) زيادة من: ش.

فصل

فَصْلٌ: وَلَهَا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيت عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنْ كُلِّ أَرْبَع لَيَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صَلاتِها وسُنَّتِها. قوله: ولَها عليه أَنْ يبِيتَ عندَها لَيْلَةً مِن كلِّ أرْبَعِ ليَالٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ.

وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فمِنْ كُلِّ ثَمَانٍ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: مِنْ كُلِّ سَبْعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كانت أمَةً فمِن كلِّ ثمانٍ. يعْنِى إذا طَلبَتا ذلك منه، لَزِمَ مَبِيتُ الزَّوْجِ عندَ الأمَةِ ليْلَةً مِن كلِّ ثَمانِ ليالٍ. اخْتِيارُ المُصَنِّف، والشَّارِحِ، وجزَم به فى «التَّبْصِرَةِ»، و «العُمْدَةِ»، وقال أصحابُنا: مِن كلِّ سَبْعٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، كما قالَ المُصَنِّفُ. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُه مِن البَيْتُوتَةِ ما يزُولُ به (¬1) ضَرَرُ الوَحْشَةِ، ويحْصُلُ معه الأُنْسُ المَقْصودُ بالزَّوْجِيَّةِ، ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «معه».

وَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا تَوْقيتٍ، فيَجْتَهِدُ الحاكمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، لا يَلْزَمُ المَبِيتُ إنْ لم يقْصِدْ بتَرْكِه ضرَرًا. قوله: وله الانْفِرادُ بنَفْسِه فيما بَقِىَ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الفُروعِ»،

وَعَلَيْهِ وَطْؤُهَا فِى كُلِّ أَرْبَعَةِ أشْهُرٍ مَرَّةً، إِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه مِن الأصحابِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه: لا يَبِيتُ وحدَه، ما أُحِبُّ ذلك، إلَّا أَنْ يضْطَرَّ. وتقدَّم كلامُ القاضِى، وابنِ عَقِيلٍ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، بعدَ أَنْ حكَى اخْتِيارَ الأصحابِ، والمُصَنِّفِ: وقيل: حقُّ الزَّوْجةِ المَبِيتُ المذكورُ وحدَه، وينْفَرِدُ بنَفْسِه فيما بَقِىَ، إنْ شاءَ. قوله: وعليه وَطْؤها فِى كلِّ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ مَرَّةً، إنْ لم يَكُنْ عُذْرٌ. هذا المذهبُ، بلا رَيْب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا هو المَشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يُرْجَعُ فيه إلى العُرْفِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه، وُجوبَ الوَطْءِ بقَدْرِ كِفايَتها، ما لم يَنْهَكْ بَدنَه، أو يشْغَلْه عن مَعِيشَتِه مِن غيرِ تقْديرٍ بمُدَّةٍ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. وعنه ما يدُلُّ (¬1) على أنَّ الوَطْءَ غيرُ واجِبٍ إنْ لم يقْصِدْ بترْكِه ضرَرًا. اخْتارَه القاضى. ولم يَعْتَبِرِ ابنُ عَقِيلٍ قَصْدَ الإِضْرارِ بتَرْكِه الوَطْءَ. قال: وكلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، غالِبًا ما يشْهَدُ لهذا القَولِ، ولا عِبْرَةَ بالقَصْدِ فى حقِّ الآدَمِىِّ. وحمَل كلامَ الإِمامِ أحمدَ، فى قَصْدِ الإِضْرارِ على الغالِبِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، فيَلْزَمُه أَنْ لا فائْدةَ فى الإِيلاءِ، ¬

(¬1) فى الأصل: «لم يدل».

وَإِنْ سَافَرَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا إنِ اعْتَبرَ قَصْدَ الإِضْرَارِ، فالإِيلاءُ دلَّ على قَصْدِ الإِضْرارِ، فيَكْفِى، وإنْ لم يظهَرْ منه قَصْدُه. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: خرَّج ابنُ عَقِيلٍ قوْلًا، أنَّ لها الفَسْخَ بالغَيْبَةِ المُضِرَّةِ بها، ولو لم يكُنْ مَعْقُودًا، كما لو كُوتِبَ (¬1)، فلم يَحْضُرْ بلا عُذرٍ. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬2)، فى امْرأةِ مَن عُلِمَ خَبَرُه، كأَسيرٍ، ومَحْبُوسٍ: لها الفَسْخُ بتَعذُّرِ النَّفَقَةِ مِن مالِه، وإلَّا فلا، إجْماعًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لا إجْماعَ. وإنْ تَعذَّرَ الوَطْءُ لعَجْزٍ، فهو كالنَّفَقَةِ وأوْلَى؛ للفَسْخِ بتَعذُّرِه إجماعًا فى الإِيلاءِ. وقالَه أبو يَعْلَى الصَّغيرُ. وقال أيضًا: حُكْمُه كعِنِّينٍ. قال الناظِمُ: وقيلَ: يُسَنُّ الوَطْءُ فى اليومِ مَرَّةً … وإلَّا ففى الأُسْبوعِ إنْ يتَزَيَّدِ وليسَ بمَسْنُونٍ عليه زِيادَةٌ … سِوَى عندَ داعِى شَهْوَةٍ أو توَلُّدِ قوله: وإنْ سافَر عنها أكْثَرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، فطَلَبَتْ قُدُومَه، لَزِمَه ذلك إنْ لم ¬

(¬1) فى الأصل: «كتب». (¬2) 10/ 240.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكُنْ عُذْرٌ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايَةِ حَرْبٍ: قد يغِيبُ الرَّجُلُ عن أهْلِه أكثرَ مِن سِتَّةِ أَشْهُرٍ فى ما لابدَّ له منه. قال القاضى: معْنَى هذا، أنَّه قد يغِيبُ فى سفَرٍ واجِبٍ، كالحَجِّ، والجِهادِ، فلا يُحْتَسَبُ عليه بتلك الزِّيادَةِ، لأنَّه معْذُورٌ فيها، لأنَّه سفَرٌ واجِبٌ عليه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: فالقاضى جعَل الزِّيادةَ على الستَّةِ أشْهُرٍ لا تجوزُ إلَّا لسَفَرٍ واجِبٍ، كالحَجِّ، والجِهادِ، ونحوِهما.

فَإِنْ أبَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَطَلَبَتِ الْفُرْقَةَ، فُرِّقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ [فشَرْطُه أَنْ يكونَ واجِبًا، ولو كان سُنَّةً أو مُباحًا أو مُحَرَّمًا، كتغرِيبِ (¬1) زانٍ، وتَشْريدِ قاطِعِ طريقٍ، فإنْ كان مَكْروهًا، فاحْتِمالان للأصحابِ] (¬2). وكلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يقْتَضِى أنَّه مما لابُدَّ له منه، وذلك يَعُمُّ الواجِبَ الشَّرْعِىَّ، وطلَبَ الرِّزْقِ الذى هو مُحْتاجٌ إليه. انتهى. قلتُ: قد صرَّح الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، بما قال. فقال فى رِوايةِ ابنِ هانِئٍ، وسألَه عن رَجُلٍ تَغيَّبَ عن امْرَأتِه أكثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُر؟ قال: إذا كان فى حَجٍّ، أو غَزْوٍ، أو مَكْسَبٍ يكْسِبُ على عِيالِه، أرْجُو أَنْ لا يكونَ به بَأْسٌ، إنْ كان قد ترَكَها فى كِفايَةٍ مِن النَّفَقَةِ، ومَحْرَمِ رَجُلٍ يَكْفِيها. قوله: فإنْ أبى شَيْئًا مِن ذلك ولم يَكُنْ عُذْرٌ، فطَلَبَتِ الفُرْقَةَ، فُرِّقَ بينَهُما. ¬

(¬1) فى أ: «كغريب». (¬2) زيادة من: ش.

بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَيَكُونُ هَذَا كُلُّهُ غَيْرَ وَاجِبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قبلَ الدُّخولِ. نصَّ عليه. يعْنى حيثُ قُلْنا بوُجوبِ المَبِيتِ والوَطْءِ والقُدومِ، وأَبَى ذلك مِن غيرِ عُذْرٍ، وحيثُ، قُلْنا بعَدَمِ الوُجوبِ، فليس لها ذلك مع امْتِناعِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «التَّرْغيبِ»: هو صحيحُ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُفَرَّقُ بينَهما. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: فظاهِرُ قولِ أصحابِنا، أنَّه لا يُفَرَّقُ بينَهما بذلك. وهو قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّها لو طَلبَتْ قُدومَه مِنَ السَّفَرِ بعدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، وأبى منَ القُدوم، أنَّ لها الفَسْخ، سواءٌ قُلْنا: الوَطْءُ واجب عليه أمْ لا. وهو أحدُ الوَجْهَين. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: ليس لها الفَسْخُ، إلَّا إذا قُلْنا بوُجوبِ الوَطْءِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». قلتُ: وهو بعيدٌ جدًّا. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ»: وقيل: قد يُباحُ الفَسْخُ، وطَلاقُ الحاكمِ لأجْلِ الغَيْبَةِ، إذا قُصِدَ بها الإِضْرارُ؛ بِناءً على ما إذا ترَكَ الاسْتِمْتاعَ بها مِن غيرِ يمينٍ أكثرَ

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ: بِسْم اللَّهَ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن أرْبَعَةِ أشْهُرٍ. فوائد؛ الأُولَى، قوْلُه: ويُسْتَحبُّ أَنْ يَقُولَ عندَ الجِمَاعِ: بِسْمِ اللَّه، اللَّهُم جَنِّبْنِى الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنِى. بلا نِزاع. لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، الذى فى «الصَّحِيحَيْن». قلتُ: قد روَى ابنُ أبِى شَيْبَةَ فى «مُصَنَّفِه» (¬1)، عن ابنِ مَسْعُودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَوْقُوفًا، أنَّه إذا أَنْزَلَ يقولُ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ للشَّيْطَانِ فيما رَزَقْتَنِى نَصِيبًا. فيُسْتَحَبُّ أَنْ يقولَ ذلك عندَ إنْزالِه. ¬

(¬1) فى: باب ما يؤمر به الرجل إذا دخل على أهله، من كتاب النكاح. المصنف 4/ 312.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم أَرَه للأصحابِ، وهو حَسَنٌ. وقال القاضى فى «الجامعِ»: يُسْتَحَبُّ، إذا فرَغ مِن الجِماعِ، أَنْ يقْرَأ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} (¬1). قال: وهذا على بعضِ الرِّواياتِ التى تُجَوِّزُ للجُنُبِ أَنْ يقْرَأَ بعضَ آيَةٍ. ذكرَه أبو حَفْصٍ. واسْتَحَبَّ بعضُ الأصحابِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِيبَ الجِماعِ. قالَه ابنُ رَجَبٍ فى «تَفْسِيرِ الفاتحةِ». قلتُ: وهو حسَن. وقال القاضى مُحِبُّ الدِّينِ ابنُ نَصْرِ اللَّهِ: هل التَّسْمِيَةُ مُخْتَصَّة بالرَّجُلِ، أمْ لا؟ لم أجِدْه، والأظْهَرُ عدَمُ الاخْتِصاصِ، بل تقُولُه المرأةُ أيضًا. انتهى. قلتُ: هو كالمُصَرَّحِ به فى «الصَّحِيحَيْن»، أنَّ القائِلَ هو الرَّجُلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، والذى يَظْهَرُ أنَّ المرْأةَ تقُولُه أيضًا. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ رأسِه عندَ الوِقاعِ، وعندَ الخَلاءِ. ذكَره جماعةٌ، وأنْ لا يسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ. وقيل: يُكْرَهُ اسْتِقْبالُها. وقال القاضى فى «الجامعِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهم: يُسْتَحَبُّ للمَرْأة أَنْ تتَّخِذَ خِرْقَةً تُناوِلُها للزَّوْجِ بعدَ فَراغِه مِن جِماعِها. قال أبو حَفْصٍ: يَنْبَغِى أَنْ لا تُظْهِرَ الخِرْقَةَ بينَ يَدَىِ امْرأةٍ مِن أَهْلِ دارِها؛ فإنَّه يقالُ: إنَّ المرْأة إذا أخَذَتِ الخِرْقَةَ وفيها المَنِىُّ، فتَمَسَّحَتْ بها، كان منها الولَدُ. وقال الحَلْوانِىُّ فى «التَّبْصِرَةِ»: ويُكْرَهُ أَنْ يمْسَحَ ذكَرَه بالخِرْقَةِ التى تَمْسَحُ بها فَرْجَها. وقال القاضى فى «الجامعِ»: قال أبو الحَسَنِ ابنُ العَطَّارِ (¬2) فى كتاب «أَحْكامِ النِّساءِ»: ولا يُكْرَهُ نَخْرُها عندَ الجِماعِ، وحالَ الجِماعِ، ولا نَخْرُه، وهو مُسْتَثْنًى مِنَ الكراهَةِ فى غيرِه. وقال ¬

(¬1) سورة الفرقان: 54. (¬2) لم نجده.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مالِكٌ: لا بأْسَ بالنَّخْرِ عندَ الجِماعِ، وأَراه سفَهًا فى غيرِ ذلك، يُعابُ على فاعلِه. وقال مَعْنُ بنُ عِيسى (¬1): كان ابنُ سِيرِينَ، وِعَطاءٌ، ومُجاهِدٌ يكْرَهُونَ النَّخْرَ عندَ الجِماعِ. وقال عطاء: مَنِ انْفَلتَتْ منه نَخْرَةٌ، فَلْيُكَبِّرْ أرْبَعَ تكْبِيراتٍ. وقال مُجاهِدٌ: لمَّا أهْبَطَ اللَّهُ إبْلِيسَ إلى الأرْضِ أنَّ ونخَرَ، فَلُعِنَ مَن أنَّ ونَخَرَ، إلَّا ما رُخِّصَ فيه عندَ الجِماعِ. وسُئِلَ نافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعَمٍ (¬2)، رَضِىَ اللَّهُ عنه، عن النَّخْرِ عندَ الجِماعِ؟ فقال: أما النَّخْرُ فلا، ولكنْ يأْخُذُنِى عندَ ذلك حَمْحَمَةٌ كحَمْحَمَةِ الفَرَسِ. وكان عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، يُرَخِّصُ فى النَّخْرِ عندَ الجِماعِ. وسأَلَتِ امْرأةٌ عَطاءَ بنَ أبِى رَباحٍ، فقالَتْ: إنَّ زَوْجِى يأْمُرُنِى أَنْ أَنْخِرَ عندَ الجِماعِ؟ فقال لها: أَطِيعِى زَوْجَكِ. وعن مَكْحُولٍ: لعَن رسُولُ ¬

(¬1) معن بن عيسى بن يحيى بن دينار القزاز المدنى، أبو يحيى، الإمام الحافظ الثبت، من أثبت أصحاب الإمام مالك وأوثقهم. توفى سنة ثمان وتسعين ومائة. سير أعلام النبلاء 9/ 304 - 306. (¬2) نافع بن جبير بن مطعم بن عدى القرشى، أبو محمد، الإمام الفقيه الحجة، كان من خيار الناس، وكان يحج ماشيا وناقته تقاد. توفى سنة ست وتسعين. سير أعلام النبلاء 4/ 541 - 543.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهِ، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، النَّاخِرَ والنَّاخِرَةَ إلا عندَ الوِقاعِ (¬1). ذكَر ذلك أبو بَكْرٍ، فى أحْكامَ الوَطْءِ. الثَّالثةُ، يُكرَه جِماعُه وهما مُتَجَردان. بلا نِزاعٍ. قال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: لا سَتْرَةَ عليهما؛ لحديثٍ رَواه ابنُ ماجَه. ¬

(¬1) لم نجده.

وَلَا يُكْثِرُ الْكَلَامَ حَالَ الْوَطْءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَنْزِعُ إذَا فَرَغَ قَبْلَهَا حَتَّى تَفْرُغَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ولا يَنْزِعُ إذا فرَغ قبلَها حتى تَفْرُغَ. يعْنِى أنَّه يُسْتَحَبُّ ذلك، فلو خالَفَ، كُرِهَ له.

وَلَهُ الجَمْعُ بَيْنَ وَطْءِ نِسَائِهِ وَإِمَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ عِنْدَ مُعَاوَدَةِ الْوَطْءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ويُسْتَحَبُّ الوُضُوءُ عندَ مُعاوَدَةِ الوَطْءِ. تقدَّم حُكْمُ ذلك والخِلافُ فيه، فى آخرِ بابِ الغُسْلِ.

وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ زَوْجَتَيْهِ فِى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجُوزُ الجَمْعُ بينَ زَوْجَتَيْه فى مَسْكَنٍ واحِدٍ إلَّا برضاهما. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ مع اتِّحادِ المرَافِقِ، ولو رَضِيَتَا. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرغيبِ»: وإنْ أسْكَنَهما فى دارٍ واحدةٍ، كلُّ واحدةٍ منهما فى بَيْتٍ، جازَ إذا كان فى مَسْكَنِ مِثْلِها.

وَلَا يُجَامِعُ إِحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَرَاهُ الأُخْرَى أَوْ غَيْرُهَا، وَلَا يُحَدِّثُهَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، المَنْعُ مِن جَمْعِ الزَّوْجَةِ والسُّرِّيَّةِ إلَّا برِضا الزوْجَةِ، كما لو كانا زوْجَتيْنِ؛ لثُبوتِ حقِّها، كالاجْتِماعِ، والسُّرِّيَّةُ لا حقَّ لها فى الاجْتِماعِ. قال: وهذا مُتَّجِهٌ. قلتُ: وهو أوْلَى بالمَنْعِ. قوله: ولا يُجامِعُ إحْداهما بحيث تراه الأُخْرى. يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه أنَّ ذلك مَكْرُوهٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ». ويحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه أن ذلك مُحَرَّمٌ، ولو رَضِيَتا به. وهو اخْتِيارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وقطَعَا به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: ولا يُحَدِّثُها بما جَرَى بينَهما. بلا نِزاعٍ. لكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه أنَّ ذلك مَكْروهٌ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه التَّحْريمَ. وقطَع به الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»، والأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ، فى كِتابِه. قال فى «الفُروعِ»، وهو أظهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ أيضًا. فائدة: قال فى «أسْبابِ الهِدايَةِ»: يَحْرُمُ إفْشاءُ السِّرِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْرُمُ إفْشاءُ السِّرِّ المُضِرِّ.

وَلَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله مَنْعُها مِنَ الخُرُوجِ عَن مَنْزِلِه، بلا نِزاعٍ، مِن حيثُ الجُمْلَةُ. ويَحْرُمُ عليها الخُروجُ بلا إذْنِه، فإنْ فعَلَت فلا نفَقةَ لها إذَنْ. ونقَل أبو طالِبٍ، إذا قامَ بحَوائِجِها، وإلا فلابُدَّ لها. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى مَن حبَسَتْه امْرَأته لِحَقِّها: إنْ خافَ خُروجَها بلا إذْنِه، أسْكَنَها حيثُ لا يُمْكِنُها الخُروجُ،

فَإِنْ مَرِضَ بَعْضُ مَحَارِمِهَا أَوْ: مَاتَ، اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأذَنَ لَهَا فِى الْخُرُوجِ إلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ لم يكُنْ له مَن يحْفَظُها غيرُ نَفْسِه، حُبِسَتْ معه، فإنْ عجَز أو خِيفَ حُدوثُ شَرٍّ، أُسْكِنَتْ فى رِباطٍ ونحوِه، ومتى كان خُروجُها مَظنةً للفاحِشَةِ، صارَ حقًّا للَّهِ، يجبُ على وَلِىِّ الأَمْرِ رِعايَتُه. قوله: فإنْ مَرِضَ بعضُ مَحارِمِها أو ماتَ، اسْتُحِبَّ له أَنْ يَأذَنَ لها فى الخُرُوجِ إليه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم؛ منهم صاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: يجِبُ عليه أَنْ يأْذَنَ لها لأجلِ العِيادَةِ. تنبيهان؛ أحدُهما، دلَّ كلامُ المُصَنِّفِ، بطَريقِ التَّنْبِيهِ، على أنَّها لا تزُورُ أبوَيْها. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: لها زِيارَتُهما، ككَلامِهما. الثَّانى، مفْهومُ قولِه: فإنْ مَرِض بعضُ مَحارِمِها، أو ماتَ. أنه لو مَرِض أو ماتَ غيرُ مَحارِمِها مِن أقارِبِها، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأذَنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها فى الخُروجِ إليه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. جزَم به فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُسْتَحَبُّ له أن يَأْذَنَ لها أيضًا. قلتُ: وهو حسَنٌ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فوائد؛ الأُولَى، لا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْعَ أبويْها مِن زِيارَتِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»: ولا يَمْلِكُ مَنْعُهما مِن زِيارَتِها فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: له مَنْعُهما. قلتُ: الصَّوابُ فى ذلك، إنْ عرَف بقرَائِنِ الحالِ أنَّه يحْدُثُ، بزِيارَتِهما أو أحدِهما له ضرَرٌ، فله المَنْعُ، وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، لا يلْزَمُها طاعةُ أبوَيْها فى فِراقِ زَوْجِها، ولا زِيارَةٍ ونحوِه، بل طاعةُ زوْجِها أحقُّ. الثَّالثةُ، ليس عليها عَجْنٌ، ولا خَبْزٌ، ولا طَبْخٌ ونحوُ ذلك. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال الجُوزْجَانِىُّ: عليها ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يجِبُ عليها المَعْروفُ مِن مِثْلِها لمِثْلِه. قلتُ: الصَّوابُ أَنْ يُرْجعَ فى ذلك إلى عُرْفِ البَلَدِ. وخرَّج الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، الوُجوبَ، مِن نصِّه على نِكاحِ الأمَةِ لحاجَةِ الخِدْمَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وفيه نظَر؛ لأنَّه ليس فيه وُجوبُ الخِدْمَةِ عليها.

وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ إِجَارَةَ نَفْسِهَا لِلرَّضَاعِ وَالْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، قولُه: ولا تَمْلِكُ المَرْأةُ -ولا وَلِيُّها، أو سيِّدُها- إجارَةَ نَفْسِها للرَّضاعِ والخِدْمَةِ بغيْرِ إذْنِ زَوْجِها. بلا نِزاعٍ. لِكنَّه لو تزوَّجَها بعدَ أَنْ أجَرَتْ نفْسها للرضاعِ، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَمْلِكُه إنْ جَهِلَه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ تزَوَّجَتْ بآخر، فله مَنْعُها مِن رَضاعِ وَلَدِها مِنَ الأَوَّلِ، ما لم يضْطرَّ إليها. قلتُ: أو يكونُ الأولُ اسْتَأجرَها للرضاعِ. انتهى. الخامسةُ، يجوزُ له وَطْؤها بعدَ إجارَتِها نفْسَها مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: ليس له ذلك

وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، إِلَّا أن يُضْطرَّ إِلَيْهَا وَتَخْشَى عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ أضَرَّ الوَطْءُ باللَّبَنِ. قال فى «الرِّعايَةِ الكبرى»: وللزَّوْجِ الثَّانى وَطْؤها ما لم يَفْسُدِ اللَّبَنُ، فإنْ فسَد، فللمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ، والأَشْهَرُ تحْرِيمُ الوَطْءِ. قوله: وله أَنْ يَمْنَعَها مِن رَضاعِ وَلَدِها، إلا أَنْ يضْطرَّ إليها ويَخْشَى عليه. [إنْ كان الوَلدُ لغيرِ الزَّوْجِ، فله مَنْعُها مِن رَضاعِه، إلَّا أَنْ يُضْطرَّ إليها ويخْشَى عليه] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ونقَل مُهَنَّا، لها ذلك إذا شرَطَتْه عليه. وإنْ كان الوَلدُ منهما، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف هنا أنَّ له منْعَها، إذا انْتَفَى الشَّرْطان وهى فى حِبالِه. وهو أحدُ الوَجْهَيْن، ولفْظ الخِرَقِىِّ يقْتَضِيه. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى، و «الوَجيزِ» هنا، كخِدْمَتِه. نصَّ عليها. والوَجْهُ الثانى، ليس له مَنْعُها. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وجزَم به المُصَنِّفُ فى هذا الكِتابِ، فى أوَّل الفَصْلِ الأَوَّلِ مِن بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَمالِيكِ. فقال: وليس للأبِ مَنْعُ المَرْأَةِ مِن رَضاعِ ولَدِها إذا طلَبَتْ ذلك. وجزَم به هناك فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قلتُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كلامُ المُصَنِّفِ هنا على ما إذا كان الوَلدُ لغيرِ الزَّوْجِ، وأما إذا كان له، فقد ذكَره فى بابِ نفَقَةِ الأقارِبِ. فيكونُ عُمومُ كلامِه هنا مُقيَّدًا بما هناك. وهو أوْلَى. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ». ويَأْتى ذلك فى بابِ نَفَقَةِ الأقارِبِ. بأَتَمَّ مِن هذا.

فصل فى القسم

فَصْلٌ فِى الْقَسْمِ: وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُسَاوِىَ بَيْنَ نِسَائِهِ فِى الْقَسْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مُرادُه بقَوْلِه: وعلى الرَّجُلِ أَنْ يُساوِىَ بينَ نِسائِه فى القَسْمِ. غيرَ الزَّوْجِ (¬1) الطِّفْلِ. وهو واضِحٌ. الثَّانِى، ظاهِرُ قوْلِه: وعلى الرَّجُلِ أَنْ يساوِىَ بين نِسَائِهِ فِى الْقَسْمِ. أنَّه لا يجِبُ عليه التَّسْويَةُ فى النَّفَقَةِ والكُسْوَةِ، إذا كَفَى الأُخْرَى. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يجِبُ عليه التَّسْويَةُ فيهما أيضًا. وقال: لمَّا علَّلَ القاضى عدَمَ الوُجوبِ بقَوْلِه: لأَنَّ حقَهُّنَّ فى النَّفَقَةِ والكُسْوَةِ والقَسْمِ، وقد سوَّى بينَهما، وما زادَ على ذلك فهو مُتَطَوِّعٌ، فله أَنْ يفْعَلَه إلى مَن شاءَ. قال: ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ، إلَّا لِمَنْ مَعِيشتُهُ بِاللَّيْلِ، كَالْحَارِسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوجِبُ هذه العِلَّةِ أنَّ له أَنْ يَقْسِمَ للواحِدَةِ ليلةً مِن أرْبَع؛ لأنَّه الواجِبُ، ويَبِيتُ الباقىَ عندَ الأُخْرَى. انتهى. والمَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ: لا بَأْسَ بالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ فى النَّفَقَةِ، والكُسْوَةِ. فائدة: قولُه: وعلى الرَّجُلِ أَنْ يُساوِىَ بينَ نِسائِه فى القَسْمِ. وهذا. بلا نِزاعٍ، لكِنْ يكونُ فى المَبيتِ ليْلَةً، وليْلَةً فقطْ، إلَّا أَنْ يرْضَيْنَ بالزِّيادةِ عليها. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم القاضى فى «الجامعِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى، وغيرُه: له أَنْ يقْسِمَ ليْلتَيْن ليْلتَيْن، وثَلاثًا ثلاثًا، ولا

وَلَيْسَ لَهُ الْبِدَايَةُ بِإِحْدَاهُنَّ وَلَا السَّفَرُ بِهَا إِلَّا بِقُرْعَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تجوزُ الزِّيادةُ إلَّا برِضاهُنَّ؛ لأَنَّ الثَّلاثَ فى حدِّ القِلَّةِ، فهى كاللَّيْلَةِ، ولكِنَّ الأُوْلَى ليْلَةٌ وليْلَةٌ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، وأَطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. تنبيه: قولُه: وليس له البداءَةُ بإحْداهُنَّ ولا السَّفَرُ بها إلَّا بقُرْعَةٍ. يُسْتَثْنَى مِن ذلك، إذا رَضِىَ الزَّوْجاتُ بسَفَرِ واحدةٍ معه، فإنَّه يجوزُ بلا قُرْعَةٍ، نعم إذا لم يَرْضَ الزَّوْج بها، وأرادَ غيرَها، أقْرَعَ.

فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لَزِمَهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ. وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِى الْوَطْءِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس عليه التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فى الوَطْءِ، بل يُسْتَحَبُّ. وقد قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه، فى الجِماعِ: لا يَنْبَغِى أَنْ يَدَعَه عَمْدًا، يُبقِى نفْسَه لتلك.

وَيَقْسِمُ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لَيْلَةً، وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: ويقْسِمُ لِزَوْجَتِه الأمَةِ لَيْلَةً، ولِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْن، وإنْ كانت كِتابِيَّةً. بلا نِزاعٍ. ويقْسِمُ للمُعْتَقِ بعضُها بالحِسابِ. قالَه الأصحابُ. الثَّانيةُ، لو عتَقَتِ الأمَةُ فى نَوْبتها، أو فى نَوْبَةِ حُرَّةٍ مسْبوقَةٍ، فلها قَسْمُ حُرَّةٍ، ولو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عتَقَتْ فى نَوْبَةِ حُرَّةٍ سابقةٍ، فقيل: يُتمُّ للحُرَّةِ على حُكْمِ الرِّقِّ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الزُّبْدَةِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقيل: يَسْتَوِيان بقَطْعٍ أو اسْتِدْراكٍ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: إنْ عتَقَتْ فى ابْتِداءِ مُدَّتِها، أضافَ إلى ليْلَتِها ليْلَةً أُخْرَى، وإنْ كان بعدَ انْقِضاءِ مدَّتِها، اسْتُؤْنِفَ القَسْمُ مُتَساوِيًا، ولم يقْضِ لها ما مضَى؛ لأَنَّ الحُرِّيَّةَ حصَلَتْ بعدَ اسْتِيفاءِ حقِّها، وإن عتَقَتْ، وقد قسَم للحُرَّةِ ليلةً، لمْ تَزِدْ على ذلك؛ لأنَّهما تَساوَيا. انتهيا. ومَعْناه فى «التَّرْغيبِ» وزادَ، إنْ عتَقَتْ (¬1) بعدَ ¬

(¬1) فى الأصل: «عينت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نوْبَتِها، بدَأَ بها أو بالحُرَّةِ. وقال فى «الكافِى»: فإنْ عتَقَتِ الأمَةُ فى نَوْبَتِها أو قبلَها، أَضافَ إلى ليْلَتِها لَيْلة أُخْرَى، وإنْ عتَقَتْ بعدَ مدَّتِها، اسْتأنَفَتِ القَسْمَ مُتَساوِيًا. تنبيه: هكذا عِبارَةُ صاحِبِ «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». أعْنِى أنَّ الأمَةَ إذا عتَقَتْ فى نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ، لها قَسْمُ حُرَّةٍ، وإذا عَتَقَتْ فى نوْبَةِ حُرَّةٍ سابقَةٍ، فيها الخِلافُ. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولأمَةٍ عتَقَتْ فى نوْبَةِ حُرَّةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سابقةٍ، كقَسْمِها، وفى نوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ، يُتمُّها على الرِّقِّ. بعَكْسِ ما قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وجعَل لها إذا عتَقَتْ فى نوْبَةِ حُرَّةٍ سابقةٍ قَسْمَ حُرَّةٍ. وإذا عتَقَتْ فى نوْبَةِ حُرَّةٍ مسْبوقةٍ، أنَّه يُتمُّها على الرِّق. ورأَيْتُ بعضَ مَن تقدَّم صوَّبَه، وأصْلُ ذلك، ما قالَه فى «المُحَرَّرِ»؛ فإنَّه قال: وإذا عتَقَتِ الأمَة

وَيَقْسِمُ لِلْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَالْمَرِيضَةِ، وَالْمَعِيبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى نوْبَتِها، أو فى نوْبَةِ الحُرَّةِ، وهى المُتقَدِّمَةُ، فلها قَسْمُ حُرَّةٍ، وإنْ عتَقَتْ فى نوْبَةِ الحُرَّةِ، وهى المُتأخِّرَةُ، فوَجْهان. فابنُ حَمْدانَ، وصاحبُ «الفُروعِ» جعَلا قوْلَه: وهى المُتقَدِّمَةُ، وهى المُتأَخِّرَةُ. عائدًا إلى الأمَةِ. وجعَله ابنُ عَبْدُوسٍ عائِدًا إلى الحُرَّةِ. وكلامُه مُحْتَمَل فى بادِى الرَّأْى. وصوَّبَ شارِحُ «المُحَرَّرِ» أنَّ الضَّمِيرَ فى ذلك عائدٌ إلى الحُرَّةِ، كما قالَه ابنُ عَبْدُوسٍ، وخَطَّأَ ما قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وكتَب القاضى مُحِبُّ الدِّينِ ابنُ نَصْرِ اللَّهِ البَغْدادِىُّ، قاضى قُضَاةِ (¬1) مِصْرَ، كرَّاسَةً فى الكلام على قوْلِ «المُحَرَّرِ» ذلك. وقال فى «حَواشِى الفُروعِ»: قوْلُ الشَّارِحِ أقرَبُ إلى الصَّوابِ. فائدة: يطُوفُ بمَجْنونٍ مَأمُونٍ وَلِيُّه وُجوبًا، ويَحْرُمُ تخْصِيصٌ بإفاقَتِه، وإنْ أفاقَ فى نَوْبَةٍ واحدةٍ، ففى قَضاءِ يومِ جُنونِه لأُخْرَى وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلت: الصَّوابُ القَضاءُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. قوله: ويَقْسِمُ للحائِضِ والنُّفَساءِ والمَريضَةِ والمَعِيبَةِ. وكذا مَن آلى منها أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ دَخَلَ فِى لَيْلَتِهَا إلَى غَيْرِهَا، لَمْ يَجُزْ إِلَّا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَلْبَثْ عِنْدَهَا، لَمْ يَقْضِ، وإنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ، لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِىَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهَرَ، والمُحْرِمَةُ، ومَن سافَرَ بها بقُرْعَةٍ، والزَّمِنَةُ، والمَجْنونَةُ المَأْمُونَةُ. نصَّ على ذلك. وأمَّا الصَّغِيرةُ، فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ كانت تُوطَأُ، قسَم لها. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وقيل: إنْ كانت مُمَيِّزَةً، قسَم لها، وإلَّا فلا. واقْتَصَر عليه فى «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطلَقَهما فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ دخَل فى لَيْلَتِها إلى غيرِها، لم يَجُزْ إلَّا لحاجَةٍ داعيَةٍ، فإنْ لم يَلْبَثْ عندَها، لم يَقْضِ، وإنْ لَبِثَ، أو جامعَ، لَزِمَه أَنْ يَقْضِىَ لها مثلَ ذلك مِن حَقِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُخْرَى. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا يقْضِى وَطْأً فى الزَّمَنِ اليَسيرِ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقال فى «الترْغيبِ»، فى مَن دخَل نَهارًا لحاجَةٍ، أو لَبِثَ، وَجْهان. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: أو جامَعَ، لَزِمَه أَنْ يقْضِىَ. أنّه لو قبَّل أو باشَرَ، ونحوُه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يقْضِى. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» , و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يقْضِى، كما لو جامَعَ. قلتُ: وهو الصوابُ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فائدتان؛ إحْداهما، يجوزُ له أَنْ يقْضِىَ لَيْلَةَ صَيْفٍ عن ليْلَةِ شِتاءٍ، وعكْسُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: لا يقضِى ليْلَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَيْفٍ عن شِتاءٍ. انتهى. ويقْضِى أوَّلَ اللَّيْلِ عن آخِرِه، وعكْسُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يتعَيَّنُ مثلُ الزَّمَنِ الذى فوَّتَه فى وَقته. الثَّانيةُ، له أَنْ يأتِىَ نِساءَه، وله أَنْ يدْعُوهُنَّ إلى منْزِلِه، فإنِ امْتنَعَ أحدٌ مِنْهُنَّ، سقَطَ حقها، وله دُعاءُ البَعْضِ إلى منْزلِه، ويأْتِى إلى البَعْضِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يدْعُو الكُلَّ، أو يأْتِى الكُلَّ. فعلى هذا ليستِ المُمْتَنِعَةُ ناشِزًا. انتهى. والحَبْسُ كغيرِه، إلا أنَّه إنْ دَعاهُنَّ لم يلْزَمْ، ما لم يكُنْ سكَنَ مِثْلِهِنَّ.

وَإِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وأَخْذَ إِحْدَاهُنَّ مَعَهُ، وَالأُخْرَى مَعَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ، وَمَتَى سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ، لَمْ يَقضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى سافَر بِقُرْعَةٍ، لم يقْضِ. هذا الصَّحيحُ مُنَ المذهبِ مُطْلَقًا. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم.

وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلأُخْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، فى غيرِ سفَرِ النُّقْيَةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: يقْضِى مُطْلَقًا. وقيل: يقْضِى فى سفَرِ النُّقْيَةِ دُونَ غيرِه. وأطْلَقَ فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، فى القَضاءِ فى سفَرِ النُّقْيَةِ الوَجْهَيْن. وقيل: يقْضِى فى السَّفَرِ القَرِيبِ دُونَ البعيدِ. على ما يأْتِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يقْضِى ما تخَلَّلَه السَّفَرُ، أو ما يعْقُبُه مِنَ الإِقامَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّرْغِيبِ»: إنْ أقامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى بَلْدَةٍ مُدَّةَ إحْدَى وعِشْرِين صَلاةً فما دُونَ، لم يقْضِ، وإنْ زادَ قضَى الجميعَ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» أيضًا: إنْ أزْمَعَ على المُقامِ، قضَى ما أقامَه وإنْ قلَّ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ حُكْمَ السَّفَرِ القَصِيرِ كحُكْمِ السَّفَرِ الطَّويلِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال القاضى: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يقْضِىَ للبَواقِى فى السَّفَرِ القَصِيرِ. وهما وَجْهان مُطْلَقان فى «البُلْغَةِ». قوله: وإن كان بغيرِ قُرْعَةٍ، لَزِمَه القضاءُ لأُخْرَى. يعْنِى مُدّةَ غَيْبَتِه، إذا لم تَرْضَ الضَّرَّةُ بسَفَرِها. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنَ السَّفَرِ مَعَهُ، أَوْ مِنَ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ، أَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، سَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْقَسْمِ، وَإِنْ أَشْخَصَهَا هُوَ، فَهِىَ عَلَى حَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّه لا يقْضِى زمَنَ سَيْرِه. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: لا يقْضِى زمَنَ سَيْرِه فى الأظْهَرِ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنِ امْتَنَعَتْ مِنَ السَّفَرِ معه، أو مِنَ المَبِيتِ عندَه، أو سافَرَتْ بغيرِ إذْنِه، سقَط حَقُّها مِنَ القَسْمِ. أنَّه لا يسْقُطُ حقُّها مِن النَّفقَةِ، وهو قولٌ فيما إذا كان يطَؤُها. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ سقُوطُ حقِّها مِنَ النَّفقَةِ أيضًا. وجزَم به المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ، فى أواخِرِ الفَصْلِ الثَّانِى مِن كتابِ النَّفقاتِ، وجزَم به الخِرَقِىُّ، والزَّرْكَشِىُّ، فى ما إذا سافَرَتْ بغيرِ إذْنِه. ويأْتِى هذا هناك، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. وكلامُ المُصَنِّفِ هنا فى القَسْمِ؛ لأنَّه بصَدَدِه.

وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سافَرَتْ لحاجَتِها بإذْنِه، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، سقُوطُ حقِّها مِنَ القَسْمِ والنَّفقَةِ. وهو المذهبُ. صححه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِىِّ»، و «الخِرَقِىِّ»، فى بعضِ النُّسَخِ. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوجْهُ الثَّانِى، لا يسْقُطان. وجزَم به

وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ حَقَّهَا مِنَ الْقَسْمِ لِبَعْض ضَرَائِرِهَا بِإِذْنِهِ، وَلَهُ فَيَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الوَجيزِ»، ذكرَه فى مَكانَيْن منه (¬1). وقيل: يسْقُطُ القَسْمُ وحدَه. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأَطْلَقهُنَّ الزَّرْكَشِىُّ، وفى «تَجْريدِ العِنايَةِ». ويأْتِى فى كتابِ النَّفَقاتِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، هل تجِبُ لها النَّفقَةُ إذا سافَرَتْ لحاجَتِها بإذْنِه، أمْ لا؟ قوله: وللمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ حَقَّها مِنَ القَسْمِ لبعضِ ضَرائِرِها بإذْنِه وله فيَجْعَلُه ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَن شاءَ مِنْهُنَّ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وذكَر جماعة، يُشْتَرَطُ [فى الأَمَةِ] (¬1) إذْنُ السَّيِّدِ؛ لأَنَّ ولَدَها له. قال القاضى: هذا قِياسُ المذهب، كالعَزْلِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو قالتِ المرْأَةُ: خُصَّ بها مَن شِئْتَ. الأَشْبَهُ أنَّه لا يَمْلِكُه؛ لأنَّه لا يُورِثُ الغَيْظَ، بخِلافِ تخْصيصِها واحدةً. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان (¬1)، [إحْداهما، لا تصِحُّ هِبَةُ ذلك بمالٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: قِياسُ المذهبِ جَوازُ أخْذِ العِوَضِ عن سائرِ حقُوقِها، مِنَ القَسْمِ وغيرِه. ووَقَع فى كلامِ القاضى ما يقْتَضِى جَوازَه. الثانية] (¬2)، لا يجوزُ نَقْلُ ليْلَةِ الواهِبَةِ لتَلِىَ ليْلَةَ الموْهُوبَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقيل: له ذلك. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الزُّبْدَةِ». [وقيل: إنْ وَهَبَتْه له جازَ، ولهنَّ لم يَجُزْ. والمُرادُ فيهما، إلَّا بإذْنِهما معها، أو بإذْنِ مَن عليها فيه تَطْويلٌ فى الزَّمَنِ، دُونَ غيرِها. وهو أظْهَرُ] (¬3). وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ ¬

(¬1) فى الأصل: «فائدة». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) زيادة من: ش.

فَمَتَى رَجَعَتْ فى الْهِبَةِ، عَادَ حَقُّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذّهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». فعلى الوَجْهِ الثَّانى، لو وَهَبَتْ رابِعَةٌ ليْلَتَها لثانيةٍ، فقيل: يَطَأُ ثانِيَةً، ثم أُولَى ثم ثانيةً، ثم ثالِثَةً. وقيل: له وَطْءُ الأُولَى أوَّلًا، ثم يُوالِى الثَّانيةَ ليْلَتَها وليْلَةَ الرَّابعَةِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». تنبيه: ظاهِرُ قولِه: فمتى رَجَعَتْ فى الهِبَةِ، عادَ حَقُّها. ولو كان رُجوعُها فى بعضِ ليْلَتِها. وهو صحيحٌ، لكِن لا يقْضِيها إنْ عَلِمَ بعدَ تَتِمَّةِ اللَّيْلَةِ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قلتُ: ويتَخَرَّجُ أنَّه يقْضِيها. وله نَظائِرُ. فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ للمَرْأَةِ بذْلُ قَسْمِها ونفَقَتِها وغيرِهما ليُمْسِكَها، ولها (¬1) الرُّجوعُ؛ لأنّ حقَّها يتَجَدَّدُ شيئًا فشيئًا. وقال فى «الهَدْى»: يلْزَمُ ذلك ولا مُطالَبَةَ؛ لأنَّها مُعاوَضَة، كما لو صالَح عليه مِنَ الحُقوقِ والأمْوالِ، ولِما فيه مِنَ ¬

(¬1) فى ط: «له».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَداوَةِ، ومِن علامَةِ المُنافِقِ، إذا وعَد أخْلَفَ، وإذا عاهَدَ غدَر. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. الثَّانيةُ، لو قسَم لاثْنَتَيْن مِن ثَلاثٍ، ثم تَرتَّبَ له رابعة؛ إمَّا بعَوْدٍ فى هِبَةٍ، أو رُجوعٍ عن نُشوزٍ، أو بنِكاحٍ، [أو رَجْعَةٍ، أو بُلوغِ زَمَنِ وَطْءٍ، أو زَوالِ حَيْضٍ أو نِفاسٍ، أو اسْتِحاضَةٍ، أو مانعٍ مِن وَطْءٍ حِسًّا، أو شَرْعًا، أو عُرْفًا، أو عادةً] (¬1)، وَفَّاها حقَّ العَقْدِ، ثم جعَل رُبْعَ الزَّمَنِ المُسْتَقْبَلِ للرَّابعَةِ مِنْهُنَّ، وثَلَاثَةَ أرْباعِه للثَّالثةِ حتَّى يكْمُلَ حقُّها، ثم يسْتَأْنِفُ التَّسْوِيَةَ. الثَّالثةُ، لو باتَ ليْلَةً عندَ إحْدَى امْرَأتَيْه، ثم نَكَح ثالِثةً، وَفَّاها حقَّ العَقْدِ، ثم لَيْلَةً للمَظْلومَةِ، ثم نِصْفَ ليْلَةٍ للثَّالثةِ، ثم يَبْتَدئُ. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا قضَى حَقَّ الجديدةِ، بدَأَ بالثَّانيةِ، فَوفَّاها ليْلَتَها، ثم يبِيتُ عندَ الجديدةِ نِصْفَ ليْلَةٍ، ثم يَبْتَدئُ القَسْمَ. وذكَر القاضى، أنَّه إذا وفَّى الثَّانيةَ نِصْفَها مِن حقِّها ونِصْفَها مِن حقِّ الأُخْرَى، فيَثْبُت للجديدةِ فى مُقابلَةِ ذلك نِصْفُ ليْلَةٍ بإزاءِ مما حصَل لكُلِّ واحدةٍ مِن ضَرَّتَيْها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وعلى هذا القَوْلِ يحْتاجُ أَنْ ينْفَرِدَ بنَفْسِه فى نِصْفِ ليْلَةٍ. وفيه حرَجٌ. قال فى «الفُروعِ»، بعدَ أَنْ قدَّم قَوْلَ القاضى: واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَلَا قَسْمَ عَلَيْهِ فى مِلْكِ يَمِينِهِ، وَلَهُ الِاستِمْتَاعُ بِهِنَّ كَيْفَ شَاءَ، وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْضُلَهُنَّ إِنْ لَمْ يُرِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، لا يبيتُ نِصْفَها، بل لَيْلةً كامِلَةً، لأنَّه حرَجٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو أبانَ المَظْلُومَةَ، ثم نكَحَها وقد نكَح جَديداتٍ، تعَذَّرَ القَضاءُ. الرَّابعةُ، قولُه: ولا قَسْمَ عليه فى مِلْكِ يَمِينِه، وله الاسْتِمْتاعُ بهِنَّ كيف شاءَ، ويُسْتَحَبُّ التَّسْويَةُ بَيْنَهُنَّ. وهذا بلا نِزاعٍ. لكِنْ قال صاحِبُ «المُحَرَّرِ» وغيرُه: يُساوِى فى حِرْمانِهنَّ.

فصل

الِاسْتِمْتَاعَ بِهِنَّ. فَصْلٌ: وَإذَا تَزَوَّجَ بِكْرًا، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ دَارَ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ دَارَ، فَإِنْ أَحَبَّتْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا فَعَلَ وَقَضَاهُنَّ لِلْبَوَاقِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قولِه: فإنْ أحَبَّتْ أَنْ يُقِيمَ عندَها سَبْعًا، فعَل وقضَى للبواقِى. أنَّ الخِيَرَةَ لها. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعوا به. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: أو أحَبَّ هو أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فعَل وقَضَى للبَواقِى. يعْنِى، سَبْعًا سبْعًا. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يقْضِى للبَواقِى مِن نِسائِه الفاضِلَ عن الأيَّامِ الثَّلاثةِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه وكلامِ غيرِه، أنَّه لا فَرْقَ فى ذلك بينَ الحُرَّةِ والأمَةِ، فيقْسِمُ

وَإِنْ زُفَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتَانِ، قَدَّمَ السَّابِقَةَ مِنْهُمَا، ثُمَّ أَقَامَ عِنْدَ الأُخْرَى، ثُمَّ دَارَ، فَإِنْ زُفَّتَا مَعًا، قَدَّمَ إِحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ، ثُمَّ أَقَامَ عِنْدَ الأُخْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ للأمَةِ البِكْرِ سَبْعًا، وللثَّيِّبِ ثَلاثًا كالحُرَّةِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: للأمَةِ نِصْفُ الحُرَّةِ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ». فائدة: قولُه: وإنْ زُفَّتْ إليه امْرَأتان، قَدَّمَ السابِقَةَ منهما. يعْنِى، الأُولَى دُخُولًا منهما. وقطَع به الأصحابُ. لكِنَّ فِعْلَ ذلك مكْرُوهٌ بلا خِلافٍ. قوله: فإنْ زُفَّتا معًا، قدَّم إحْداهما بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، مع الكراهَةِ لهذا الفِعْلِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»،

وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لإِحْدَاهمَا، سَافَرَ بِهَا، وَدَخَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يبْدَأَ بالسَّابِقَةِ بالعَقْدِ، وإلَّا أقْرَعَ بينَهما. قال فى «تجْريدِ العِنايةِ»: فإنْ زُفَّتا، فسابِقَةُ مَجِئٍ. وقيل: عَقْدٍ، ثم قُرْعَةٍ. فالظاهِرُ مِن كلامِ صاحبِ «التَّبْصِرَةِ»، أنَّه يشْمَلُ إذا زُفَّتا واحدةٌ بعدَ واحدةٍ، أو زُفَّتا معًا. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». وهو بعيدٌ. فالظَّاهِرُ أنَّ مُرادَهما إذا زُفَّتا معًا لا غيرُ. قوله: وإذا أرادَ السَّفَرَ، فخَرَجَتِ القُرْعَةُ لإِحْداهما، سافَرَ بها، ودخَل حَقُّ

حَقُّ الْعَقْدِ فى قَسْمِ السَّفَرِ، فَإِذَا قَدِمَ، بَدَأَ بِالأُخْرَى فَوَفَّاهَا حَقَّ الْعَقْدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ العَقْدِ فى قَسْمِ السَّفَرِ، فإذا قَدِمَ، بدَأ بالأُخْرَى فوَفَّاها حَقَّ العَقْدِ. هذا المذهبُ فيهما. قال فى «الفُروعِ»: فيَقْضِيه للأُخْرَى، فى الأصحِّ، بعدَ قُدومِه. قال

وَإِذَا طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ فى لَيْلَتِهَا أَثِمَ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ، قَضَى لَهَا لَيْلَتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأصحُّ. وجزَم به فى «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يقْضِى للأُخرَى شيئًا إذا قَدِمَ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ». وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقيل: لا يحْتَسِبُ على المُسافِرَةِ معه بمُدَّةِ سفَرِها، فيُوَفِّيها إذا قَدِمَ. قال الشَّارِحُ: وهذا أقْرَبُ للصَّوابِ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: وإذا طلَّق إحدَى نِسائِه فى لَيْلَتِها أثِمَ، فإن تَزَوَّجَها بعدُ، قَضَى لها لَيْلَتَها. أنَّه يقْضِى لها ليْلَتَها ولو كان قد تزَوجَ غيرَها بعدَ طَلاقِها. وهو

فصل فى النشوز

وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ فى نَهَارِ لَيْلِ الْقَسْمِ لِمَعَاشِهِ وَقَضَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ. فَصْلٌ فى النُّشُوزِ: وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا إِيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو أبان المَظْلومَةَ، ثم نكَحَها وقد نكَحَ جَدِيداتٍ، تعَذَّرَ القَضاءُ. كما تقدَّم. قوله: فَصْلٌ فى النُّشُوزِ؛ وهو مَعْصِيَتُها إياهُ فى ما يَجِبُ عليها، وإذا ظهَر منها

وَإذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ، بِأَنْ لَا تُجِيبَهُ إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً، وَعَظَهَا، فَإِنْ أَصَرَّت، هَجَرَهَا فى الْمَضْجَعِ مَا شَاءَ، وَفِى الْكَلَامِ فِيمَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَصَرَّت، فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمارَاتُ النُّشُوزِ، بأنْ لا تُجِيبَه إلى الاسْتِمْتاع، أو تُجِيْبَه مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً، وعَظَها. بلا نِزاعٍ فى ذلك. قوله: فَإنْ أصَرَّتْ، هَجَرها فى المَضْجَعِ ما شاءَ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم فى «التَّبْصِرَةِ»، و «الغُنْيَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، بأنه لا يهْجُرُها فى المَضْجَعَ إلَّا ثلاثةَ أَيَّامٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الكلامِ فى ما دُونَ ثَلاثةِ أَيَّامٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الواضِحِ»: يهْجُرُها فى الفِراشِ، فإنْ أضافَ إليه الهَجْرَ فى الكلامِ ودُخولِه وخُروجِه عليها، جازَ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: فإنْ أصَرَّتْ، فله أَنْ يَضْرِبَها ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّح. أنَّه لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمْلِكُ ضَرْبَها إلَّا بعدَ هَجْرِها فى الفِراشِ، وتَرْكِها مِنَ الكلامِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحاب. وعنه، له ضَرْبُها أوَّلًا، يعْنِى مِن حينِ نُشُوزِها. قال الزَّرْكَشِىُّ: تقْديرُ الآيَةِ الكريمةِ، عندَ أَبى محمدٍ علَى الأَوَّلِ: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}. فإنْ نشَزْن، فاهْجُرُوهُنَّ. فإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْرَرْنَ، فاضْرِبُوهُنَّ. وفيه تَعَسُّفٌ. قال: ومُقْتَضَى كلامِ أبِى البَرَكاتِ، وأبِى الخَطَّابِ، أنَّ الوَعْظَ والهِجْرانَ والضَّرْبَ، على ظُهورِ أمَاراتِ النُّشُوزِ، على جِهةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرْتِيبِ. قال المَجْدُ: إذا بانَتْ أماراتُه، زجَرَها بالقَوْلِ، ثم هجَرَها فى المَضْجَعِ والكَلامِ دُونَ ثلاثٍ، ثم يضْرِبُ غيرَ مُبَرِّحٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ الآيَةِ، والواوُ وَقَعَتْ للتَّرْتِيبِ. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: فلَه أَنْ يَضْرِبَها ضَرْبًا غيرَ مُبَرحٍ. قال الأصحابُ: عَشَرَةً فأقَلَّ. قال فى «الانْتِصارِ»: وضَرْبُها حسَنَةٌ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: لا يَنْبَغِى سُؤالُه لِمَ ضرَبَها؟ [ولا يتْرُكُه عن الصَّبِىِّ لإصْلاحِه له، فى القَوْلِ الأَوَّلِ. وقِياسُهما، العَبْدُ، والدَّابَّةُ، والرَّعِيَّةُ، والمُتَعَلِّمُ، فيما يظْهَرُ] (¬1). قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: الأَوْلَى تَرْكُ السُّؤالِ، إبْقاءً للمَوَدَّةِ، [والأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَه عن الصَّبِىِّ لإِصْلاحِه. انتهى. فالضَّمِيرُ فى «ترْكِه» عائدٌ إلى الضَّرْبِ فى كلامِه السَّابقِ، ويدُلُّ عليه قوْلُه بعدَه فيه: والأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَه عن الصَّبِىِّ. وقد جعَله بعضُهم عائدًا إلى السُّؤالِ عن سبَبِ الضَّرْبِ. وهو بعيدٌ. والموقعُ له فى ذلك ذِكْرُ «الفُروعِ» فيه لكَلامِ «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. عَقِبَ قوْلِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ: ولا يَنْبَغِى سُؤالُه لِمَ ضرَبَها] (¬2)؟. الثَّانيةُ، لا يَمْلِكُ الزَّوْجُ تعْزِيرَها فى حقِّ اللَّهِ ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالَى. قدَّمه فى «الفُروعِ». نقَل مُهَنَّا، هل يضْرِبُها على تَرْكِ زَكاةٍ؟ قال: لا أَدْرِى. قال فى «الفُروعِ»: وفيه ضَعْفٌ، لأنَّه نُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه يضْرِبُها على فَرائضِ اللَّهِ. قالَه فى «الانْتِصارِ». وذكَر غيرُه يَمْلِكُه. قلتُ: قطَع فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما بجَوازِ تأْدِيبِها على تَرْكِ الفَرائضِ، فقالَا: له تأْدِيبُها على تَرْكِ فَرائضِ اللَّهِ. وسألَ إسْماعِيلُ بنُ سعيدٍ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، عمّا يجوزُ ضَرْبُ المَرْأةِ عليه؛ قال: على فَرائضِ اللَّهِ. وقال، فى الرَّجُلِ له امْرَأَةٌ لا تُصَلِّى: يضْرِبُها ضَرْبًا رَفِيقًا غيرَ مُبَرِّحٍ. وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أخْشَى أَنْ لا يحِلَّ للرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ مع امْرأَةٍ لا تُصَلِّى، ولا تغْتَسِلُ مِن الجَنابَةِ، ولا تتَعَلَّمُ القُرْآنَ.

فَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ ظُلْمَ صَاحِبِهِ لَهُ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَانِبِ ثِقَةٍ، يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا، وَيُلزِمُهُمَا الإِنْصَافَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ ادَّعَى كلُّ واحِدٍ ظُلْمَ صاحِبِه له، أسْكَنَهما الحاكِمُ إلى جانِبِ ثِقَةٍ، يُشْرِفُ عليهما، ويُلْزِمُهما الإِنْصافَ. قال فى «التَّرْغِيبِ»، واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ»: يَكْشِفُ عنهما كما يَكْشِفُ عن عَدالَةٍ وإفْلاسٍ، مِن خِبْرَةٍ باطِنَةٍ.

فَإِنْ خَرَجَا إِلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ، بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ حُرَّيْن مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ -وَالْأوْلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ أهْلِهِمَا- بِرِضَاهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه أكْثرُ الأصحابِ، أنَّ الإِسْكانَ إلى جانبِ ثِقَةٍ قبلَ بَعْثِ الحَكَمَيْن،؛ قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وقطَع به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأزَجِىِّ»، وغَيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ولم يذْكُرْه الخِرَقِىُّ، والقُدَماءُ. ومُقتَضَى كلامِهم أنَّه إذا وَقَعَتِ العَداوَةُ، وخِيفَ الشِّقاقُ، بُعِثَ الحَكَمان مِن غيرِ إسْكانٍ إلى جانبِ ثِقَةٍ. قوله: فإنْ خَرَجا إلى الشِّقاقِ والعَداوَةِ، بعَث الحاكِمُ حَكَمَيْن حُرَّيْن مُسْلِمَيْن عَدْلَيْن. ويكُونان مُكَلَّفَيْن. اشْتِراطُ الإِسْلامِ والعَدالَةِ فى الحَكَمَيْن مُتَّفَقٌ عليه.

وَتَوْكِيلِهِمَا، فَيَكْشِفَانِ عَنْ حَالِهِمَا، وَيَفْعَلَانِ مَا يَرَيَانِهِ مِنْ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ تَفْرِيقٍ بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع المُصَنِّفُ هنا باشْتِراطِ الحُرِّيَّةِ فيهما. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، اختارَه القاضى. قال فى «الرِّعايتَيْنِ»: حُرَّيْن على الأصحِّ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقيل: لا تُشْتَرطُ الحُرِّيَّةُ. وهو ظاهِرُ «الهِدايَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وجماعةٍ؛ فإنَّهم لم يذْكُرُوه. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»: قال القاضى: ويُشْتَرطُ كوْنُهما حُرَّيْن. والأَوْلَى أَنْ يُقالَ: إنْ كانا وَكِيلَيْن، لم تُعْتَبرِ الحُرِّيَّةُ، وإنْ كانا حَكَمَيْن اعْتُبِرَتْ. [وقدَّم الَّذى ذكرَه فى «المُغْنِى»، أنَّه الأُوْلَى فى «الكافِى»] (¬1). تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ كوْنُهما فَقِيهَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنِ امْتَنَعَا مِنَ التَّوْكِيلٍ لَمْ يُجْبَرَا. وَعَنْهُ، أَنَّ الزَّوْجَ إنْ وَكَّلَ فى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ غيْرِهِ، وَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ فى بَذْلِ الْعِوَضِ بِرِضَاهُمَا، وَإلَّا جَعَلَ الْحَاكِمُ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم؛ لعدَمِ ذِكْرِه. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». والوَجْهُ الثَّانِى، يُشْتَرَطُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يُشْتَرطُ أَنْ يكونا عالِمَيْن بالجَمْعِ والتَّفْرِيقِ. انتهى. قلتُ: أمَّا اشْتِراطُ ذلك، فيَنْبَغِى أَنْ يكونَ بلا خِلافٍ فى المذهبِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقال فى «الكافِى»: ومتى كانا حَكَمَيْن، اشْتُرِطَ كوْنُهما فَقِيهَيْن، وإنْ كانا وَكِيلَيْن، جازَ أَنْ يكونا عامِّيَّيْن. قلتُ: وفى الثَّانى ضَعْفٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، لا يُشْتَرطُ الاجْتِهادُ فيهما. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، اشْتِراطُ كَوْنِهما ذكَرَيْن، بل هو كالصَّرِيحِ فى كلامِه. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقال الزَّرْكَشِىُّ: وقد يُقالُ بجَوازِ كوْنِها أُنْثَى، على الرِّوايةِ الثَّانيةِ. قوله: فإِنِ امْتَنَعا مِنَ التَّوْكِيلِ -يعْنِى الزَّوْجَيْن- لم يُجْبَرا. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحَكَمَيْن وَكِيلان عن الزَّوْجَيْن (¬1)، لا يُرْسَلان إلَّا برِضاهما ¬

(¬1) فى ط: «الزوج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَوْكِيلِهما، فإنِ امْتَنَعا مِنَ التَّوْكيلِ، لم يُجْبَرَا عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عندَ الأصحابِ، حتَّى أنَّ القاضِىَ فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفَ أبا جَعْفَر، وابنَ البَنَّا، لم يذْكُروا فيه خِلافًا، ورَضِيَه أبو الخَطَّابِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: هذا أَشْهَرُ. وقطَع به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّ الزوْجَ إنْ وكَّلَ فى الطَّلاقِ بعِوَض أو غيرِه، ووكَّلَتِ المرْأَةُ فى بذْلِ العِوَضِ برِضاهما، وإلَّا جعَل الحَاكِمُ إليهما ذلك. فهذا يدُلُّ على أنَّهما حَكَمان يفعَلان ما يرَيان (¬1)؛ مِن جَمْعٍ، أو تَفْرِيقٍ بعِوَضٍ، أو غيرِه ¬

(¬1) فى ط: «يريدان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن غيرِ رِضا الزَّوْجَيْن. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ الآيَةِ الكَرِيمةِ (¬1). انتهى. واخْتارَه ابنُ هُبَيْرَةَ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللَّه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قالَه فى «الفُروعِ». وأطْلَقَهما فى «الكافِى»، و «الشَّرْحِ». ¬

(¬1) سورة النساء 35.

فَإِنْ غَابَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَنْقَطِعْ نَظَرُ الْحَكَمَيْنِ عَلَى الرِّوَايَةِ الأُولَى، وَيَنْقَطِعُ عَلَى الثَّانِيَةِ. وَإِنْ جُنَّا انْقَطَعَ نَظَرُهُمَا عَلَى الأُولَى، وَلَمْ يَنْقَطِعْ عَلَى الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: لهذا الخِلافِ فَوائدُ، ذكرَها المُصَنِّفُ وغيرُه؛ منها، لو غابَ الزَّوْجان أو أحَدُهما، لم ينْقَطِعْ نظَرُ الحَكَمَيْن، على الرِّوايَةِ الأُولَى، وينْقَطِعُ على الثَّانيةِ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جُمْهورُ الأصحابِ. وقيل: لا ينْقَطِعُ نظَرُهما أيضًا على الثَّانيةِ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ». ومنها، لو جُنَّا جميعًا أو أحَدُهما، انْقَطَعَ نظَرُهما على الأُولَى، ولم ينْقَطِعْ على الثَّانيةِ، لأَنَّ الحاكِمَ يحْكُمُ على المَجْنونِ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم المُصَنِّفُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الكافِى»، بأنَّ نظَرَهما ينْقَطِعُ أيضًا على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّه لا يتَحقَّقُ معه بَقاءُ الشِّقاقِ، وحُضُورُ المُدَّعِيَيْن (¬1)، وهو شَرْطٌ. فائدة: لا يصِحُّ الإِبْراءُ مِنَ الحكَمَيْن إلَّا فى الخُلْعِ خاصَّةً، مِن وَكيلِ المرْأةَ فقط. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «المتداعيين».

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الخلع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْخُلْعِ وَإِذَا كَانَتِ الْمَرأةُ مُبْغِضَةً لِلرَّجُلِ، وَتَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فِى حَقِّهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْتَدِىَ نَفْسَهَا مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ الْخُلْعِ فائدة: قال فى «الكافِى»: معْنَى الخُلْعِ؛ فِراقُ الزَّوْجِ امْرَأَتَه بعِوَضٍ. على المذهبِ، وبغيرِه على اخْتِيارِ الخِرقِىِّ، [بأَلْفاظٍ مَخْصُوصَةٍ] (¬1). قوله: وإذا كانَتِ المَرْأَةُ مُبْغِضَةً للرَّجُلِ، وتَخْشَى أَنْ لا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّه فى حقِّه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا بَأْسَ أَنْ تَفْتَدِىَ نَفْسَها منه. فيُباحُ للزَّوْجَةِ ذلك والحالَةُ هذه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم الحَلْوانِىُّ بالاسْتِحْبابِ. وأمَّا الزَّوْجُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُسْتَحَبُّ له الإِجابةُ إليه، [عليه الأصحابُ. واخْتَلفَ كلامُ الشّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى وُجوبِ الإِجابَةِ إليه] (¬1)، وأَلْزَمَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به بعض حُكَّامِ الشَّامِ المَقادِسَةِ الفُضَلاءِ. فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: عِبارَةُ الخِرَقِىِّ ومَن تابعَه أَجْوَدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن عِبارَةِ صاحبِ «المُحَرَّرِ» ومَن تابعَه؛ فإنَّ صاحِبَ «المُحَرَّرِ» وغيرَه قال: الخُلْعُ لسُوءِ عِشْرَةٍ بينَ الزَّوْجَيْن جائزٌ؛ فإنَّ قوْلَهم: لسُوءِ عِشْرَةٍ بينَ الزَّوْجَيْن.

وَإِنْ خَالَعَتْهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، كُرِهَ، وَوَقَعَ الْخُلْعُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه نَظَرٌ؛ فإنَّ النُّشُوزَ قد يكونُ مِنَ الرَّجُلِ، فتَحْتاجُ هى أَنْ تُقابِلَه. انتهى. وعِبارَةُ المُصَنِّفِ قرِيبَةٌ مِن عِبارَةِ الخِرَقِىِّ، فإنَّ الخِرَقِىَّ، قال: وإذا كانتِ المرأَةُ مُبْغِضَةً للرَّجُلِ، وتَكْرَهُ أَنْ تَمْنَعَه ما تكونُ عاصِيَةً بمَنْعِه، فلا بأْسَ أَنْ تفْتَدِىَ نفْسَها منه. قوله: فإنْ خالَعَتْه لغيرِ ذلك، كُرِهَ ووَقَع. يعْنِى، إذا خالَعَتْه مع اسْتِقامَةِ الحالِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ، وعليه الجُمْهورُ، قال الزَّرْكَشِىُّ: والمذهبُ المَنْصوصُ المَشْهورُ المَعْروفُ -حتَّى إنَّ أبا محمدٍ حَكاه عن الأصحابِ- وُقوعُ الخُلْعِ مع الكَراهَةِ، [كالطَّلاقِ أو بلا عِوَضٍ] (¬1). انتهى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هو المذهبُ. وعنه، لا يجوزُ ولا يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ»، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. واخْتارَه أبو عَبْدِ اللَّهِ ابنُ بَطَّةَ، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فَأَمَّا إِنْ عَضَلَهَا لِتَفْتَدِىَ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ، وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ، وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا، فَيَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنْكَرَ جوازَ الخُلْعِ مع اسْتِقامَةِ الحالِ، وصَنَّفَ فيه مُصَنَّفًا. وأَطْلَقَهما فى «البُلْغَةِ». واعْتَبرَ الشّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، خَوْفَ قادِرٍ على القِيامِ بالواجِبِ أَنْ لا يُقِيما حُدودَ اللَّهِ، فلا يجوزُ انْفِرادُهما به. قوله: فأمَّا إنْ عَضَلَها لتَفْتَدِىَ نَفْسَها منه، ففَعَلَتْ، فالخُلْعُ باطِلٌ، والعِوَضُ مَرْدُودٌ، والزَّوْجِيَّةُ بحالِها. اعلمْ أنَّ للمُخْتَلِعَةِ مع زَوْجِها أحَدَ عَشَرَ حالًا؛ أحدُها،

رَجْعِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ تكونَ كارِهَة له، ومُبْغِضَةً لخُلُقِه أو خَلْقِه، أو لغيرِ ذلك مِن صِفاتِه، وتَخْشَى أَنْ لا تُقِيمَ حُدودَ اللَّهِ فى حقُوقِه الواجِبَةِ عليها، فالخُلْعُ فى هذا الحالِ مُباحٌ، أو مُسْتَحَبٌّ، على ما تقدَّم. الحالُ الثَّانى، كالأوَّلِ، ولكِنْ للرَّجُلِ مَيْلٌ إليها ومَحبَّةٌ. فهذه أدْخَلَها القاضى فى المُباحِ، كما تقدَّم. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، على أنَّه ينْبَغِى لها أَنْ لا تخْتَلِعَ منه، وأنْ تَصْبِرَ. قال القاضى: قوْلُ الإِمامِ أحمدَ: يَنْبَغِى لها أَنْ تَصْبِرَ. على طريقِ الاسْتِحْبابِ والاخْتِيارِ، ولم يُرِدْ بهذا الكراهةَ؛ لأنَّه قد نصَّ على جَوازِه فى غيرِ مَوْضِعٍ. ويَحْتَمِلُ دُخولَ هذه الصُّورَةِ فى كلامِ المُصَنِّفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وكَراهَةُ الخُلْعِ فى حقِّ هذه مُتَوَجِّهٌ. الحالُ الثَّالثُ، أَنْ يقَعَ والحالُ مُسْتَقِيمةٌ، فالمذهبُ وُقوعُه مع الكَراهةِ. وعنه، يَحْرُمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يقَعُ. وتقدَّم ذلك قريبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ. الحالُ الرَّابعُ، أَنْ يعْضُلَها ويَظْلِمَها، لتَفْتَدِىَ منه. فهذا حرامٌ عليه، والخُلْعُ باطِلٌ، والعِوَضُ مَرْدودٌ، والزَّوْجِيَّةُ بحالِها، كما قال المُصَنِّفُ. الحالُ الخامِسُ، كالذى قبلَه لكِنَّها زَنَتْ، فيَجوزُ ذلك. نصَّ عليه، وقطَع به الأصحابُ. ويأْتِى فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ: هل زِنَى المرأَةِ يفْسَخُ النِّكاحَ؟ الحالُ السَّادِسُ، أَنْ يظلِمَها ويعْضُلَها لا لتَفْتَدِىَ، فتَفْتَدِىَ، فأكْثرُ الأصحابِ على صِحَّةِ الخُلْعِ. وجزَم به القاضى فى «المُجَردِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: لا يحِلُّ له، ولا يجوزُ. الحالُ السَّابعُ، أَنْ يُكْرِهَها، فلا يَحِلُّ له. نصَّ عليه. الحالُ الثَّامِنُ، أَنْ يقَعَ حِيلَةً لحِلِّ اليَمينِ، فلا يقَعُ. وتأْتِى المَسْأَلَةُ فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخرِ البابِ. الحالُ التَّاسِعُ، أَنْ يضْرِبَها ويُؤْذِيَها لتَرْكِها فَرْضًا أَوْ لنُشُوزٍ، فتُخالِعُه لذلك، فقال فى «الكافِى»: يجوزُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: تعْلِيلُ القاضى، وأبى محمدٍ -يعْنِى به المُصَنِّفَ- يقْتَضِى أنَّها لو نَشَزتْ عليه، جازَ له أَنْ يَضْرِبَها لتَفْتَدِىَ نفْسَها منه. وهذا صحيحٌ. الحالُ العاشِرُ، أَنْ يتَنافَرَ أدْنَى مُنافَرَةٍ، فذكَرها

وَيَجُوز الْخلْعُ مِنْ كلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، دُفِعَ الْمَالُ إِلَى وَلِيِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الحاوِى» فى قِسْمِ المَكْرُوهِ، قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يصِحَّ. الحالُ الحادِىَ عَشَرَ، أَنْ يَمْنَعَها كمالَ الاسْتِمْتاعِ لتَخْتَلِعَ، فذَكَر أبو البَرَكاتِ أنَّه يُكْرَهُ على هذا الحالِ. تنبيه: قولُه: فأمَّا إنْ عَضَلَها لتَفْتَدِىَ نَفْسَها منه، ففعَلَتْ، فالخُلْعُ باطِلٌ، والعِوَضُ مَرْدُود، والزَّوْجِيَّةُ بحالِها، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلاقًا، فيقَعُ رَجْعِيًّا. إذا رَدَّ العِوَضَ وقُلْنا: الخُلْعُ طَلاقٌ. وقَع الطَّلاقُ بغيرِ عِوَضٍ، فهو رَجْعِىٌّ، وإنْ قُلْنا: هو فَسْخٌ، ولم يَنْوِ به الطَّلاقَ. لم يَقَعْ شئٌ؛ لأَنَّ الخُلْعَ بغيرِ عِوَضٍ لا يقَعُ، على إحْدَى الرِّوايتَيْن. وعلى الرِّوايَةِ الأُخْرَى، إنَّما رَضِىَ بالفَسْخِ هنا بالعِوَضِ، فإذا لم يحْصُلِ العِوَضُ، لا يحْصُلُ المُعَوَّضُ. وقيل: يقَعُ بائِنًا، إنْ قُلْنا: يصِحُّ الخُلْعُ بغيرِ عِوَضٍ، وهو تخرْيجٌ للمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، مِن مذهبِ الإِمامِ مالِكٍ، رَحِمَه اللَّهُ. تنبيه: قولُه: ويَجُوزُ الخُلْعُ مِن كلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلاقُه، مُسْلِمًا كان أو ذِمِّيًّا. بلا نِزاعٍ. ويأْتِى، إذا تَخالعَ الذِّمِّيَّان على مُحَرَّمٍ عندَ تَخالُعِ المُسْلِمَين عليه. قوله: فإنْ كان مَحْجُورًا عليه، دُفِعَ المالُ إلى وَلِيِّه، وإنْ كان عَبْدًا، دُفِعَ إلَى

وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، دُفِعَ إِلَى سَيِّدِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يَصِحُّ الْقَبْضُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَصِحُّ خُلْعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَيِّدِه. هذا المذهبُ، اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال أبو المَعالِى فى «النِّهايَةِ»: هذا أصحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «البُلْغَةِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوى»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقال القاضى: يصِحُّ القَبْضُ مِن كلِّ مَن يصِحُّ خُلْعُه. فعلى هذا، يصِحُّ قَبْضُ المَحْجورِ عليه، والعَبْدِ. وقالَه الإِمامُ أحمدُ فى العَبْدِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. قال فى «الفُروعِ»: ومَن صحَّ خُلْعُه، قبَض عِوَضَه عندَ القاضى. انتهى. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». ويأتِى فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ أحْكامُ طَلاقِه. فائدة: فى صِحَّةِ خُلْعِ المُمَيِّزِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهْبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

وَهَلْ لِلأَبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ طَلَاقُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «تَجْريدِ العِنايةِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ المُتَقَدِّمِ. والثَّانِى، لا يصِحُّ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». والخِلافُ هنا مَبْنِىٌّ على طَلاقِه، على ما يأْتِى. وظاهِرُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، عدَمُ البِناءِ؛ لأنَّهم أطْلَقُوا الخِلافَ هنا، وقدَّموا هناك الوُقوعَ. قلتُ: لو قيلَ بالعَكْسِ لكانَ أوْجَهَ. قوله: وهل للأبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابنِه الصَّغيرِ، أو طلاقُها؟ على رِوايتَيْن؛ وأطْلَقَهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، إحْداهما، ليس له ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، ذكرَه فى أولِ كتابِ الطلاقِ، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانية، له ذلك. قال أبو بَكْرٍ: والعَملُ عندِى على جَوازِ ذلك. وذكَر فى «التَّرْغيبِ»، أنَّها أشْهَرُ فى المذهبِ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمه اللَّهُ، أنَّها ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «الخُلاصَةِ»: وله ذلك على الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، ونَصَرها القاضى، وأصحابُه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ فى أبى المَجْنونِ، وسيِّدِ الصَّغيرِ والمَجنونِ، خِلافًا ومذهبًا. وصِحَّةُ خُلْعِ أبى المَجْنونِ وطَلاقِه مِنَ المُفْرَداتِ. الثَّانيةُ، نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى مَن قال: طَلِّقْ بِنْتِى، وأنْتَ برئٌ مِن مَهْرِها. ففعَلَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بانَتْ، ولم يَبْرَأْ، ويرْجِعُ على الأبِ. قالَه فى «الفُروعِ». وحمَله القاضى وغيرُه على جَهْلِ الزَّوْجِ، وإلَّا فخُلْعٌ بلا عِوَضٍ. ولو كان قوْلُه: طَلِّقْها إنْ بَرِئَت منه. لم تَطْلُقْ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ومَن قال: طَلِّقْ بِنْتِى، وأنْتَ برِئٌ مِن صَداقِها. فطَلَّقَ، بانَتْ ولم يَبْرَأْ. نصَّ عليه، ولا يرْجِعُ هو على الأبِ. وعنه، يرْجِعُ إنْ غَرَّه. وهى وَجْهٌ فى «الحاوِى». وقيل: إنْ لم يرْجِعْ، فطَلاقُه رَجْعِىٌّ. وإنْ قال: إنْ أَبْرَأْتَنِى أنْتَ منه، فهى طالِقٌ. فأَبْرَأَه، لم تَطْلُقْ. وقيل: بلَى، إنْ أرادَ لَفْظَ الإِبْراءِ. قلتُ: أو صحَّ عفْوُه عنه لصِغَرِها، وبطَلاقِها قبلَ الدُّخولِ، والإِذْنِ فيه، إنْ قُلْنا: عُقْدَةُ النِّكاحِ بيَدِه، وإنْ قال: قد طَلَّقْتُها إنْ أبْرَأْتَنِى منه. فأَبْرَأَه، طَلُقَتْ. نصَّ عليه. وقيل: إنْ عَلِمَ فَسادَ إبْرائِه، فلا. انتهى. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن غيرَ الأبِ ليس له أَنْ يُطَلِّقَ على الابنِ الصَّغيرِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى

وَلَيْسَ لَهُ خُلْعُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِشَىْءٍ مِنْ مَالِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ، أَنْ يَمْلِكَ طَلاقَه إنْ مَلَك تزْوِيجَه. قال: وهو قوْلُ ابنِ عَقِيلٍ فيما أظُنُّ. وتقدَّم: هل يُزَوِّجُ الوَصِىُّ الصَّغِيرَ أمْ لا؟ وهل لسائرِ الأوْلِياءِ، غيرِ الأبِ والوَصِىِّ، تزْوِيجُه، أمْ لا؟ فى مَكانيْن مِن بابِ أرْكانِ النِّكاحِ؛ أحدُهما، عندَ قولِه: ووصِيُّه فى النِّكاحِ بمنْزِلَتِه. والثَّانى، عندَ قولِه: ولا يجوزُ لسائرِ الأوْلياءِ تزْوِيجُ كبيرةٍ إلَّا بإذْنِها. قوله: وليس له خُلْعُ ابنتِه الصَّغِيرَةِ بِشَىْءٍ مِن مالِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. [وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم] (¬1). فعليه، لو فعَل، كان الضَّمانُ عليه. نصَّ عليه فى رِوايَةِ محمدِ بنِ الحَكَمِ. وقيل: له ذلك. وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَصِحُّ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ وَمَعَ الأَجْنَبِىِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَةٌ فى «المُبْهِجِ». نقَل أبو الصَّقْرِ، فى مَن زوَّج ابْنَه صَغِيرًا بصَغيرةٍ، وندِم أَبَواهما، هل ترَى فى فسْخِهما وطلاقِهما عليهما شيئًا؟ قال: فيه اختِلاف، وأرْجُو. ولم يَرَ به بأْسًا. قال أبو بَكْرٍ: العمَلُ عندِى على جوَازِ ذلك منهما عليهما. قال المُصَنِّفُ، فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ ذلك إذا رأَى الحَظَّ. قلتُ: هذا هو الصَّوابُ. قال فى «القاعِدَةِ الرابِعَةِ والخَمْسِين بعْدَ المِائةِ»: وكذلك أشارَ إليه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ». واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ»، أن ما صح عَفْوُ الأبِ عنه، فهو كخُلْعِه به، وما لَا فلا. قوله: يَصِحُّ الخُلْعُ معَ الزَّوْجَةِ -بلا خِلافٍ- ومعَ الأجْنَبِىِّ. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، إذا صحّ بَذْلُه. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ يصِحُّ مِن غيرِ الزَّوْجَةِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ مع الأجْنَبِىِّ، إذا قُلْنا: إنَّه فَسْخٌ. وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. ذكرَه فى «الرِّعايتَيْن». فعلى المذهبِ، يقولُ الأجْنَبِىُّ: خالِعْ زَوْجَتَكَ على ألفٍ. أو: على سِلْعَتِى هذه. وكذا إنْ قال: على مَهْرِها، أو سِلْعَتِها، وأنا ضامِنٌ. أو: على أَلْفٍ فى ذِمَّتِها، وأنا ضامِنٌ. فيُجِيبُه، فيَصِحُّ، ويَلْزَمُ الأَجْنَبِىَّ وحدَه بذْلُ العِوَضِ.

وَيَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ مِنْ كُلِّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ لم يضْمَنْ؛ حيث سمَّى العِوَضَ منها، لم يصِحَّ الخُلْعُ. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَإِنْ خَالَعَتِ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى شَىْءٍ مَعْلُومٍ، كَانَ فِى ذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ خالَعَتِ الأَمَةُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِها على شَىْءٍ مَعْلُومٍ، كان فى ذِمَّتِها، تُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. جزَم المُصَنِّفُ هنا بصِحَّةِ خُلْعِ الأمَةِ بغيرِ إذْنِ سيِّدِها. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «التَّرْغيبِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». قال فى «القَواعِدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُصُولِيَّةِ»: وهو مُشْكِلٌ؛ إذِ المذهبُ، لا يصِحُّ تصَرُّفُ العَبْدِ فى ذِمَّتِه بغيرِ إذنِ سيِّدِه. وقيل: لا يصِحُّ بدُونِ إذْنِ سيِّدِها، كما لو منَعَها فخالَعَتْ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ». قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: لا يصِحُّ فى الأظْهَرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «العُمْدَةِ»؛ فإنَّه قال: ولا يصِحُّ بذْلُ العِوَضِ إلَّا ممَّن يصِحُّ تصَرُّفُه فى المالِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وهذه مِن جُمْلَةِ ما جزَم به المُصَنِّفُ فى كُتُبِه الثَّلَاثَةِ. وما هو المذهبَ. ويتَخَّرجُ وَجْهٌ ثالثٌ، إنْ خالَعَتْه [على شئٍ] (¬1) فى ذِمَّتِها صحَّ، وإنْ خالَعَتْه على شئ فى يَدِها لم يصِحَّ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. فعلى الأَوَّلِ، تُتْبَعُ بالعِوَضِ ¬

(¬1) سقط من الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ عِتْقِها. قالَه الخِرَقِىُّ. وقطَع به المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، يتَعلَّقُ برَقَبَتِها. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، تُتبَعُ بمَهْرِ المِثْلِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ وقَع على شئٍ فى الذِّمَّةِ، تعَلَّقَ بذِمَّتِها، وإنْ وقَع على عَيْنٍ، فقِياسُ المذهبِ أنَّه لا شئَ له. قالا: ولأنَّه إذا عَلِمَ أنَّها أمَة، فقد عَلِمَ أنَّها لا تَمْلِكُ العَيْنَ، فيَكونُ راضِيًا بغيرِ عِوَضٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: فَيلْزَمُ مِن هذا التَّعْلِيلِ بُطْلانُ الخُلْعِ على المَشْهورِ؛ لوُقوعِه بغيرِ عِوَضٍ. فائدة: يصِحُّ خُلْعُ الأمَةِ بإذْنِ سيِّدِها. بلا نِزاع. والعِوَضُ فيه كدَيْنِها بإذْنِ

وَإِنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا، لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَوَقَعَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ سيِّدِها، على ما تقدَّم فى آخِرِ بابِ الحَجْرِ، هل يتَعَلَّقُ بذِمَّةِ السَّيِّدِ، أو برَقَبَتِها؟. قوله: وإنْ خالَعَتْه المَحْجُورُ عليها، لم يَصِحَّ الخُلْعُ. هذا المذهبُ؛ سواءٌ أذِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها الوَلِىُّ أَوْ لا؛ لأنَّه لا إذْنَ له فى التَّبَرُّعِ. وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ إذا أذِنَ لها الوَلِىُّ. قلتُ: إنْ كان فيه مَصْلَحَةٌ، صحَّ بإذْنِه، وإلا فلا. [تنبيه: مُرادُه، غيرُ المحْجُورِ عليها لفَلَسٍ، فإنْ كانت مَحْجُورًا عليها لفَلَسٍ، صحَّ خُلْعُها] (¬1). قوله: وإنْ خالَعَتْه المَحْجُورُ عليها، لم يَصِحَّ الخُلْعُ، ووقَع طَلاقُه رَجْعِيًّا. يعْنِى إذا وقَع بلَفْظِ الطَّلاقِ، أو نَوَى به الطَّلاقَ. فأمَّا إنْ وقَع بلَفْظِ الخُلْعِ أو الفَسْخِ أو المُفاداةِ، ولم يَنْوِ به الطَّلاقَ، فهو كالخُلْعِ بغيرِ عِوَض. وسَيأْتِى حُكْمُه. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أن لا يَقَعَ الخُلْعُ هنا؛ لأنَّه إنَّما رَضِىَ به بعِوَضٍ ولم يحْصُلْ له، ولا أمْكَنَ الرُّجوعُ فى بدَلِه. ومُرادُه بوُقوعِ الطَّلاقِ رَجْعِيًّا، إذا كان دُونَ الثَّلاثِ، وهو واضِحٌ. تنبيه: مُرادُه بالمَحْجُورِ عليها، المَحْجُورُ عليها للسَّفَهِ أو الصِّغَرِ أو الجُنونِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، أ.

وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إِلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أوِ الْفَسْخِ أَوِ الْمُفَادَاةِ، وَلَا يَنْوِىَ بِهِ الطَّلَاقَ، فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الأُخْرَى، هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا المَحْجورُ عليها للفَلَسِ، فإنَّه يصِحُّ خُلْعُها، ويرْجِعُ عليها بالعِوَضِ إذا فُكَّ عنها الحَجْرُ وأيْسَرتْ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قوله: والخُلْعُ طَلاق بائِن إلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الخُلْعِ أو الفَسْخِ أو المُفاداةِ، ولا يَنْوِىَ به الطَّلاقَ، فيَكُونُ فَسْخًا لا يَنْقُصُ به عَدَدُ الطَّلاقِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الخُلْعَ فسْخٌ لا ينْقُصُ به عدَدُ الطَّلاقِ بشَرْطِه الآتِى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذه الرِّوايَةُ هى المَشْهورةُ فى المذهبِ، واخْتِيارُ عامَّةِ الأصحابِ مُتقَدِّمِهم ومُتأخِّرِهم. قال فى «الخُلاصَةِ»: فهو فَسْخٌ فى الأصحِّ. قال فى «البُلْغَةِ»: هذا المَشْهورُ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وهو الأصحُّ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هذا الأظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه طَلاقٌ بائنٌ بكُلِّ حالٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. تنبيه: مِن شَرْطِ وُقوعِ الخُلْعِ فسْخًا أَنْ لا ينْوِىَ به الطَّلاقَ، كما قال المُصَنِّفُ، فإنْ نوَى به الطَّلاقَ، وقَع طَلاقًا. على الصَّحيحِ مِنَ، المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، هو فَسْخٌ، ولو نوَى به الطَّلاقَ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. ومِن شَرْطِ وُقوعِ الخُلْعِ فسْخًا أيضًا، أَنْ لا يُوقِعَه بصَريحِ الطَّلاقِ، فإنْ أوْقعَه بصَريح الطَّلاقِ، كان طلاقًا. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: هو فَسْخٌ، ولو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أتَى بصَريحِ الطلاقِ أيضًا إذا كان بعِوَضٍ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا، وقال: عليه دل كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللَّهُ، وقُدماءِ أصحابِه. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه ما قالَ عَبْدُ اللَّهِ: رأيْتُ أبى كان يذْهَبُ إلى قولِ ابنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما. وابنُ عَبَّاسٍ صحَّ عنه أنَّه قال: ما أجازَه المالُ فليس بطَلاقٍ. وصحَّ عنه أنَّه قال: الخُلْعُ تفْريقٌ وليس بطَلاقٍ. قال فى «الفُروعِ»: والخُلْعُ بصَريحِ طَلاقٍ أو نِيَّتِه طَلاقٌ بائنٌ. وعنه، مُطْلَقًا. وقيل: عكْسُه. وعنه، بصَريحِ خُلْعٍ فَسْخٌ لا يُنْقِصُ عدَدًا. وعنه، عكْسُه بنِيَّةِ طَلاقٍ. انتهى. فوائد؛ إحْداها، للخُلْعِ ألْفاظٌ صَرِيحةٌ فى الخُلْعِ، وأَلْفاظٌ كِنايَةٌ فيه؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فصَرِيحُه لَفْظُ الخُلْعِ والمُفاداةِ. بلا نِزاعٍ. وكذا الفَسْخُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما جزَم به المُصَنفُ هنا، وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِىُّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: هو كِنايَةٌ. وفى «الواضحِ» وَجْهٌ، ليس بكِنايةٍ. وأمَّا كِناياتُه؛ فالإِبانَةُ، بلا نِزاعٍ، نحوَ: أَبَنْتُكِ. والتَّبْرِئَةُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نحوَ: بارَأْتُكِ، و: أَبْرَأْتُكِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىُّ»، و «الرِّعايتَيْن». وقدَّمه فى «الفُروعِ». زادَ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، المُبارَأَةَ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: صرِيحُه لَفْظُ الخُلْعِ، أو الفَسْخِ، أو المُفاداةِ، أو بارَأْتُكِ. الثَّانيةُ، إذا طَلَبَتِ الخُلْع وبذَلَتِ العِوَضَ، فأجابَها بصَريحِ الخُلْعِ أو كِنايَتِه، صحَّ الخُلْعُ مِن غيرِ نِيَّةٍ؛ لأَنَّ دَلالةَ الحالِ مِن سُؤَالِ الخُلْعِ وبَذْلِ العِوَضِ صارِفَةٌ إليه، فأغْنَى عن النِّيَّةِ. وإنْ لم تكُنْ دَلالَةُ حالٍ وأتَى بصَريحِ الخُلْعِ، وقَع مِن غيرِ نِيَّةٍ؛ سواء قُلْنا: هو فَسْخٌ أو طَلاقٌ. وإنْ أتَى بكِنايَةٍ، لم يقَعْ إلا بنِيَّةٍ ممَّن تلَفَّظَ به منهما؛ ككِناياتِ الطَّلاقِ مع صَريحِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»: فإنْ سأَلَتْه الخُلْعَ بصَريحٍ، فأجابَها بصَريحٍ، وقَع، وإلَّا وقَف على نِيَّةِ مَن أتَى منهما بكِنايَةٍ. الثَّالثةُ، يصِحُّ ترْجَمَةُ الخُلْعِ بكُلِّ لُغَةٍ مِن أهْلِها. قالَه فى «الرِّعايَةِ». الرَّابِعَةُ: قال الأزَجِى فى «نِهَايَتِه»: يتَفرَّعُ على قَوْلِنا: الخُلْعُ فَسْخٌ أو طَلاقٌ. مَسْألةُ ما إذا قال: خالَعْتُ يَدَكِ، أو: رِجْلَكِ على كذا. فقَبِلَتْ؛ فإنْ قُلْنا: الخُلْعُ فَسْخٌ. لا يصِحُّ ذلك، وإنْ قُلْنا: هو طَلاقٌ. صحَّ، كما لو أضافَ الطَّلاقَ إلى يَدِها، أو رِجْلِها. [الخامسةُ، نقَل الجَرَّاحِىُّ (¬1) فى حاشِيَتِه على «الفُروعِ»، أنَّ ابنَ أبِى المَجْدِ يُوسُفَ نقَل عن شيْخِه الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه قال: تصِحُّ الإِقالَةُ فى الخُلْعِ وفى عِوَضِه، كالبَيْعِ وثَمَنِه؛ لأنَّهما كهما فى غالبِ أحْكامِهما؛ مِن عدَمِ تَعْلِيقِهما، واشْتِراطِ العِوَضِ، والمَجْلِسِ، ونحوِ ذلك. وقِياسُه الطَّلاقُ بعِوَضٍ، وأنَّه إنْ أُريدَ به أَنْ تبْطُلَ البَيْنُونَةُ أو الطَّلاقُ، ففيه نظَرٌ ظاهِرٌ؛ أنْكَرَه عليه فيه صاحِبُ «الفُروعِ» فى غيرِه. وقال له فى بعضِ مُناظَراتِه: إنَّك أخْطَأْتَ فى النَّقْلِ عن شيْخِنا المذْكُورِ، وإنْ أُريدَ بقَاؤُهما دُونَ الفَرْضِ، وأنَّه يرْجِعُ إلى الزَّوْجَةِ، أو تَبْرأُ منه ولا تحِلُّ له إلَّا بعَقْدٍ جديدٍ، فمُسَلَّمٌ، كعِتْقٍ على مالٍ وعَقْدِ نِكاحٍ، وصُلْحٍ عن دَمٍ عَمْدٍ على مالٍ ونحوِها، ولمَن جهِلَ خُروجَ العِوَضِ، أو البُضْعِ. وعنه، الخِيارُ فى الأَوَّلِ فقط فى الأصحِّ فيهما؛ إذْ لا إقالةَ فى الطَّلاقِ، للخَبَرِ فيه، وقِيسَ عليه نحوُه. ويُقْبَلُ قوْلُه فيه بيَمِينِه إنْ جهِلَه مثْلُه؛ لأنَّه مالٌ، وإلَّا فلا، فهو حِينَئذٍ تبَرُّعٌ لها، أو للسَّائلِ غيرَها بالعِوَضِ المذْكورِ، أو بنَظِيرِه] (¬2). ¬

(¬1) لم نجده. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يحْصُلُ الخُلْعُ بمُجَرَّدِ بذْلِ المالِ وقَبُولِه مِن غيرِ لَفْظِ الزَّوْجِ، فلا بُدَّ مِن الإِيجابِ والقَبُولِ فى المَجْلِسِ. قال القاضى: هذا الذى عليه شيُوخُنا البَغْدادِيُّون، وقد أَوْمَأَ إليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وذهَبَ أبو حَفْص العُكْبَرِىُّ، وابنُ شِهابٍ، إلى وُقوعِ الفُرْقَةِ بقَبُولِ الزَّوْجِ للعِوَضِ. وأفْتَى بذلك ابنُ شِهَابٍ بعُكْبَرَا. واعْترَضَ عليه أبو الحُسَيْنِ ابنُ هُرْمُزَ، واسْتَفْتَى عليه مَن كان ببَغْدادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن أصحابِنا. قالَه القاضى. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وقيل: يَتِمُّ

وَلَا يَقَعُ بِالْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْخُلْعِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَبُولِ الزَّوْجِ وحدَه، إنْ صحَّ بلا عِوَضٍ. وهو رِوايَةٌ فى «الفُروعِ». قوله: ولا يَقَعُ بالمُعْتَدَّةِ مِنَ الخُلعُ طَلاقٌ ولو واجَهَها به. هذا المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: لا يقَعُ بالمُعْتَدَّةِ مِن الخُلْعِ طَلاقٌ ولو واجَهَها به، إلَّا إنْ قُلْنا: هو طَلْقَةٌ. ويكونُ بلا عِوَضٍ، [ويكونُ بعدَ الدُّخولِ أيضًا] (¬1). وقالَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ شَرَطَ الرَّجْعَةَ فِى الْخُلْعِ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَبْطُلُ الْعِوَضُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ شَرَط الرَّجْعَةَ فى الخُلْعِ، لم يَصِحَّ الشَّرْطُ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَزَجِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن». وفى الآخَرِ، يصِحُّ الشَّرْطُ، ويَبْطُلُ العِوَضُ، فيقَعُ رَجْعِيًّا. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى المذهبِ تَسْتَحِقُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسَمَّى فى الخُلْعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقِيل: يَلْغُو المُسَمَّى، ويجِبُ مَهْرُ مِثْلِها. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». فائدة: لو شرَط الخِيارَ فى الخُلْعِ، صحَّ الخُلْعُ ولغَا الشَّرْطُ.

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إِلَّا بِعِوَض فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَمْ يَقَعْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا. وَالأُخْرَى، يَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ. اخْتَارَهَا الْخِرَقِىُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ الخُلْعُ إلَّا بعِوَضٍ فى أصَحِّ الرِّوايَتَيْن. وكذا قال فى «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ القاضى، وعامَّةُ أصحابِه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، والشِّيرازِىُّ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الكافِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والأُخْرَى، يصِحُّ بغيرِ عِوَضٍ. اختارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، وجعَله الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، كعَقْدِ البَيْعِ حتى فى الإِقالَةِ، وأنَّه لا يجوزُ إذا كان فَسْخًا بلا عِوَضٍ إجْماعًا. واخْتلَفَ فيه كلامُه فى «الانْتِصارِ». وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ جَوازُه. قالَه فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ خالَعَها بغيرِ عِوَضٍ، لم يَقَعْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلاقًا، فيَقَعُ رَجْعِيًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى إلَّا أَنْ ينْوِىَ بالخُلْعِ الطَّلاقَ، أو نقولَ: الخُلْعُ طَلاقٌ. تنبيه: فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، التى هى اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ ومَن تابعَه، لابُدَّ مِنَ السُّؤَالِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىٌ؛ فإنَّه قال: ولو خالَعَها على غيرِ عِوَضٍ، كان خُلْعًا ولا شئَ له. قال الأَصْفَهانِىُّ: مُرادُه، ما إذا سأَلَتْه، فأمَّا إذا لم تَسْأَلْه، وقال لها: خالَعْتُكِ. فإنه يكونُ كِنايَة فى الطَّلاقِ لا غيرُ. انتهى. قال أبو بَكْرٍ: لا خِلافَ عن أبِى عَبْدِ اللَّهِ أنَّ الخُلْعَ ما كانَ مِن قِبَلِ النِّساءِ، فإذا كان مِن قِبَلِ الرِّجالِ، فلا نِزاعَ فى أنَّه طَلاقٌ يمْلِكُ به الرَّجْعَةَ، ولا يكونُ فَسْخًا. ويأْتِى بعدَ هذا ما يدُلُّ عليه.

وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أعْطَاهَا، فَإِنْ فَعَلَ، كُرِهَ وَصَحَّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ، وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ منها أكْثَرَ مما أعْطاها، فإنْ فعَل، كُرِهَ وصَحَّ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَنْصوصُ والمُخْتارُ لعامةِ الأصحابِ. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تذْكِرَتِه» وغيرُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا يجوزُ، وتُرَدُّ الزِّيادَةُ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ.

وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ، فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ خالعَهَا بمُحَرَّمٍ؛ كالخَمْرِ، والحُرِّ، فهو كالخُلْعِ بغيرِ عِوَضٍ. يعْنِى، إذا كانا يعْلَمان تحْريمَ ذلك، فإنَّهما إذا كانا يعْلَمان ذلك، فلا شئَ له،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو كالخُلْعِ بغيرِ عِوَضٍ، على ما مرَّ. وهذا هو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». قال فى «القَواعِدِ»: هو قولُ أبِى بَكْرٍ، والقاضى، والأصحابِ. فإذا صحَّحْناه، لم يَلْزَمِ الزَّوْجَ شئٌ بخِلافِ النِّكاحِ على ذلك. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، يرْجِعُ إلى المَهْرِ، كالنِّكاحِ. انتهى. وقال الزَّرْكَشِىُّ: إذا كانا يعْلَمان أنَّه حُرٌّ أو مغْصوبٌ، فإنَّه لا شئَ له. بلا رَيْبٍ، لكِنْ هل يصِحُّ الخُلْعُ، أو يكونُ كالخُلْعِ بغيرِ عِوَضٍ؟ فيه طَرِيقان للأصحابِ؛ [الأُولَى، طريقَةُ القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وابن البَنَّا، وابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»] (¬1). والثَّانيةُ (¬2)، طريقةُ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرَازِىِّ، والشَّيْخَيْن. انتهى. قلتُ: وهذه الطَّرِيقةُ هى المذهبُ. كما تقدَّم. والطَّريقةُ الأُولَى قدَّمها فى «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «الأولى».

وَإِنْ خَالعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا، فَلَهُ قِيمَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «الخُلاصةِ»، فعليها تَبِينُ مجَّانًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو جَهِلا التَّحْريمَ، صحَّ، وكان له بدَلُه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن». الثَّانيةُ، إذا تَخالَعَ كافِران بمُحَرَّمٍ يعْلَمانِه، ثم أسْلَما أو أحدُهما قبلَ قَبْضِه، فلا شئَ له. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى فى «الجامعِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: له قِيمَتُه عندَ أهْلِه. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيل: له مَهْرُ المِثْلِ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَردِ». قوله: وإنْ خالَعَها على عَبْدٍ فبانَ حُرًّا أو مُستَحَقًا، فله قِيمتُه عليها. يعْنِى، إذا لم يكُنْ مِثْلِيًّا، فإنْ كان مِثْلِيًّا، فله مِثْلُه، ويصِحُّ الخُلْعُ. على الصَّحيحِ مِن

عَلَيْهَا، وَإِنْ بَانَ مَعِيبًا، فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَيَرُدُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: يصِحُّ الخُلْعُ على الأصحِّ. وقطَع به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارحُ، وصاحِبُ «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. وعنه، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ الخُلْعُ. ذكَرَها فى «الرِّعايتَيْن». قوله: وإنْ بانَ مَعِيبًا، فله أرْشُه أَوْ قِيمَتُه، ويَرُدُّه. فهو بالخِيَرَةِ فى ذلك؛ تغْلِيبًا للمُعاوَضَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وعنه، لا أَرشَ له مع الإمْساكِ. كالرِّوايةِ التى فى البَيْعَ والصَّداقِ. تنبيه: قوْلُه: فبانَ حُرًّا أو مُسْتَحَقًّا. يحْتَرِزُ عمَّا إذا كانَا يعْلَمان ذلك، فإنَّه

وإنْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ عَامَيْنِ، أَوْ سُكْنَى دَارٍ، صَحَّ، فَإنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، رَجَعَ بِأُجْرَةِ بَاقِى الْمُدَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا شئَ له. وهل يصِحُّ الخُلْعُ، أو يكونُ كالخُلْعِ بغير عِوَضٍ؟ فيه طَرِيقان؛ الأَوَّلُ، طريقُ القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ». والثَّانى، طريقُ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىِّ، والمُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وغيرِهم. قوله: وإنْ خالَعَها على رَضاعِ وَلَدِه عامَيْن، أو سُكْنَى دارٍ، صَح، فإنْ ماتَ الوَلَدُ أو خَرِبَتِ الدَّارُ، رجَع بأُجْرَةِ باقِى المُدَّةِ. مِن أُجْرَةِ الرَّضاعِ والدَّارِ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: رجَع عليها بأُجْرَةِ إرضاعِه، أو ما بَقِىَ منها. وقيل: يرْجِعُ بأُجْرَةِ المِثْلِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى». قال الشَّارِحُ: فإذا خَرِبَتِ الدَّارُ، رجَع عليها بأُجْرَةِ باقِى المُدَّةِ، وتُقَدَّرُ بأُجْرَةِ المِثْلِ. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، فقال: رَجَع. قيل: ببَقِيَّةِ حقِّه. وقيل: بأُجْرَةِ المِثْلِ. فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، هل يَرْجِعُ به دَفْعَةً واحدةً، أو يسْتَحِقه يَوْمًا فيَوْمًا؟ فيه وَجْهانِ، وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يرْجِعُ به يوْمًا بيَوْم. قلتُ: وهو أوْلَى وأقْرَبُ إلى العَدْلِ. وذكَرَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ. والثَّانى، يَسْتَحِقُّه دَفْعَةً واحدةً. قالَه القاضى فى «الجامعِ». فائدتان؛ إحْداهما، مَوْتُ المُرْضِعَةِ وجَفافُ لَبَنِها فى أثْناءِ المُدَّةِ، كمَوْتِ المُرْتَضِعِ فى الحُكْمِ، على ما تقدَّم. وكذا كفالَةُ الوَلَدِ مُدَّةً مُعَيَّنةً ونفَقَتُه، لكِنْ قال فى «الرِّعايَةِ»: لو ماتَ فى الكَفالَةِ فى أثْناءِ المُدَّةِ، فإنَّه يَرْجِعُ بقِيمَةِ كَفالَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلِها لمِثْلِه. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»: وفى اعْتِبارِ ذِكْرِ قَدْرِ النَّفَقةِ وصِفَتِها وَجْهان. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فإنْ صحَّ الإِطْلاقُ، فله نفَقَةُ مِثْلِه. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ، لو أرادَ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ بَدلَ الرَّضِيعِ، تُرْضِعُه أو تكْفُلُه فأَبَتْ، أو أرادَتْه هى فأَبَى، لم يُلْزَمَا، وإنْ أَطْلقَ الرَّضاعَ، فحوْلان أو بقِيَّتُهما.

وَإِنْ خَالَعَ الْحَامِلَ عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا، صَحَّ وَسَقَطَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ خالعَ الحَامِلَ على نفَقَةِ عِدَّتِها، صَحَّ وسقَطَتْ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ بنَفَقَتِها فى المَنْصُوصِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعلى قوْلِ أبِى بَكْرٍ، الآتِى قريبًا، الخُلْعُ باطِلٌ. وقيل: إنْ أوْجَبْنا نفَقَةَ الزَّوْجَةِ بالعَقْدِ (¬1)، صحَّ. وفيه رِوايَتان. وجزَم به فى «الفُصولِ»، وإلَّا فهو ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خُلْعٌ بمَعْدومٍ. قال فى «الفائِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ»: لو اخْتلَعَتِ الزَّوْجَةُ بنفَقَتِها، فهل يصِحُّ جعْلُ النَّفَقةِ عِوَضًا للخُلْعِ؟ قال الشِّيرازىُّ: إنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ لها. صحَّ، وإنْ قُلْنا: للحَمْلِ. لم يصِحَّ؛ لأنَّها لا تَملِكُها. وقال القاضى، والأكْثرونَ: يصِحُّ على الرِّوايتَيْن. اتهى. ويأْتِى ذلك أيضًا فى النَّفَقاتِ.

فصل

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ. وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الأَوَّلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْداهما، لو خالَعَ حامِلًا، فأَبْرَأَتْه مِن نفَقَةِ حَمْلِها، فلا نفَقَةَ لها، ولا للوَلَدِ حتى تفْطِمَه. نقَل المَرُّوذِىُّ، إذا أَبْرَأَتْه مِن مَهْرِها ونفَقَتِها، ولها وَلَدٌ، فلها النَّفقَةُ عليه إذا فطَمَتْه؛ لأنَّها قد أبْرَأَتْه مما يجِبُ لها مِنَ النَّفَقَةِ، فإذا فَطَمَتْه، فلها طَلبُه بنَفَقَتِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، منهم الخِرَقِىُّ. وقال القاضى: إنَّما صحَّتِ المُخالَعَةُ على نفَقَةِ الوَلَدِ، وهى للوَلَدِ دُونَها؛ لأنَّها فى حُكْمِ المالِكَةِ لها، وبعدَ الوَضْعِ تأْخُذُ أُجْرَةَ رَضَاعِها. فأمَّا النَّفقَةُ الزَّائِدَةُ على هذا، مِن كُسْوَةِ الطِّفْلِ ودُهْنِه ونحوِه، فلا يصِحُّ أَنْ تُعاوِضَ به؛ لأنَّه ليس لها ولا فى حُكْمِ ما هو لها. قال الزَّرْكَشِىُّ: وكأنَّه يُخصِّصُ كلامَ الخِرَقِىِّ. الثَّانيةُ، يُعْتَبرُ فى ذلك كلِّه الصِّيغَةُ، فيقولُ: خَلَعْتُكِ. أو: فَسَخَتُ. أو: فادَيْتُ على كذا. فتقولُ: قَبِلْتُ، أو رَضِيتُ. ويَكْفِى ذلك، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: وتذْكُرُه. قوله: ويَصِحُّ الخُلْعُ بالمَجْهُولِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المذهبُ المَعْمولُ به. وقال أبو بَكْرٍ: لا يصِحُّ. وقال: هو قِياسُ قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، وأنَّه كالمَهْرِ. والعمَلُ والتَّفْريعُ على الأَوَّلِ.

فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِى يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ، أو مَا فِى بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، فَلَهُ مَا فِيهما، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شَىْءٌ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَأَقَلُّ مَا يُسَمَّى مَتَاعًا. وَقَالَ الْقَاضِى: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِصَدَاقِهَا فِى ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ خالَعَها على ما فى يَدِها مِن الدَّراهِمِ، أو ما فى بَيْتِها مِن المَتاعِ، فله ما فيهما، فإنْ لم يَكُنْ فيهما شَىْءٌ، فله ثَلَاثةُ دَراهِمَ وأَقَلُّ ما يُسَمَّى مَتاعًا. إنْ كان فى يَدِها شئٌ مِن الدَّراهِمِ، فهى له، لا يسْتَحِقُّ غيرَها. وظاهِرُ كلامِه، ولو كان دُونَ ثلاثَةِ دَراهِمَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى

مَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى حَمْلِ أَمَتِهَا أَوْ مَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهَا، فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلَا، فَقَالَ أحْمَدُ: تُرْضِيهِ بِشَىْءٍ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَا شَىْءَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: يسْتَحِقُّ ثلَاثَةَ دَراهمَ كامِلَةً. وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وأما إذا لم يكُنْ فى يَدِها شئٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، بأنَّ له ثَلَاثَةَ دَراهِمَ. وجزَم به غيرُه، ونصَّ عليه. وقال الزَّرْكَشِىُّ: الذى يَظْهَرُ أنَّ له ما فى يَدِها، فإنْ لم يكُنْ فى يَدِها شئٌ، فله أقلُّ ما يتَناوَلُه الاسْمُ. ويأْتِى كلامُه فى «المُحَرَّرِ». وإذا لم يَكُنْ فى بَيْتِها مَتاعٌ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، بأنه يَلْزَمُها أقَلُّ ما يُسَمَّى مَتاعًا. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال القاضى: يَرْجِعُ عليها بصَداقِها. وقالَه أصحابُ القاضى أيضًا؛ قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: إذا لم تَغُرَّه، فلا شئَ عليها. قوله: وإنْ خالَعَها على حَمْلِ أمَتِها، أو ما تَحْمِلُ شَجَرَتُها، فله ذلك، فإنْ لم تحْمِلا، فقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: تُرْضِيه بشَىْءٍ. وهو المذهبُ. جزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: لا شئَ له. وتأَوَّلَ كلامَ الإِمامِ أحمدَ: ترْضِيه بشئٍ. على الاسْتِحْبابِ، وفرَّق بينَ هذه المَسْألَةِ ومسْألةِ الدَّراهِمِ والمَتاعِ؛ حيث يَرْجِعُ هناك إذا لم يَجِدْ شيئًا، وهنا لا يَرْجِعُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: له مَهْرُ المِثْلِ. وقال أبو الخَطَّابِ: له المَهْرُ المُسَمَّى لها. وقيل: يبْطُلُ الخُلْعُ هنا، وإنْ صحَّحْناه فى التى قبلَها. وقال فى «المُحَرَّرِ» ومَن تابعَه ما مَعْناه: وإنْ جعَلا العِوَضَ مالا يَصِحُّ مَهْرًا، لغَرَرٍ أو جَهالَةٍ، صحَّ الخُلْعُ به، إنْ صححْنا الخُلْعَ بغيرِ عِوَضٍ، ووَجَب فى ما لا (¬1) يُجْهَلُ حالًا ومآلًا؛ كثَوْبٍ ودارٍ ونحوِهما، أدْنَى ما يتَناوَلُه الاسْمُ. وأمَّا فى ما يَتبَيَّنُ فى المالِ، كحَمْلِ أمَتِها، وما تحْمِلُ شجَرَتُها، وآبِقٍ مُنْقَطِع خبَرُه، وما فى بَيْتِها مِن مَتاعٍ، أو فى يَدِها مِن الدَّراهِمِ، فله ما ينْكَشِفُ، ويحْصُلُ منه، ولا شئَ عليها لِما يتَبَيَّنُ عدَمُه، إلَّا ما كان بتَغْرِيرِها، كمَسْأَلَةِ المَتاعِ والدَّراهِمِ. وأمَّا إنْ قُلْنا باشْتِراطِ العِوَضِ فى الخُلْعِ، ففيه خَمْسَةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، وهو ظاهِرُ كلامِه، صِحَّةُ الخُلْعِ بالمُسَمَّى، كما سبَق، لكِنْ يجبُ أدْنَى ما يتَناوَلُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَلَهُ أَقَلُّ مَا يُسَمَّى عَبْدًا. وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِى عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ بِأَىِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَمَلَكَ الْعَبْدَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يَلْزَمُهَا عَبْدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ الاسْمُ لما يتَبَيَّنُ عدَمُه، وإن لم تكُنْ غرَّتْه، كحَمْلِ الأمَةِ والشَّجَرِ. الثَّانى، صِحَّتُه بمَهْرِها فيما يُجْهَلُ حالًا ومآلًا، وصِحَّتُه بالمُسَمَّى فيما يُرْجَى تَبْيِينُه، فإنْ تبَيَّنَ عدَمُه، رجَع إلى مَهْرِها. وقيل: إذا لم تَغُرَّه، فلا شَئَ عليها. الثَّالثُ، فَسادُ المُسَمَّى، وصِخةُ الخُلْعِ بقَدْرِ مَهْرِها. [وقيل: إذا، لم تَغُرَّه، فلا شئَ عليها] (¬1). الرَّابعُ، بُطْلانُ الخُلْعِ. قالَه أبو بَكْرٍ. الخامِسُ، بُطْلانُه بالمَعْدومِ وَقْتَ العَقْدِ، كما يحْمِلُ شجَرُها، وصِحَّتُه مع المَوْجودِ يقِينًا أو ظَنًّا. ثم هل يجِبُ المُسَمَّى أو قَدْرُ المَهْرِ، أو يُفَرَّقُ بينَ المُتَبَيِّنِ مآلًا، وبينَ غيرِه؟ مَبْنىٌّ على ما سبَق. انتهى. قوله:. وإنْ خالَعَها على عَبْدٍ، فلهْ أَقَلُّ ما يُسَمَّى عَبْدًا، وإنْ قال: إنْ أعْطَيْتِنى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَسَطٌ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدًا فأنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ بأىِّ عَبْدٍ أعْطَتْه طَلاقًا بائِنًا، ومَلكَ العَبْدَ. نَصَّ عليه. إذا خالَعَها على عَبْدٍ، فله أقل ما يُسَمَّى عَبْدًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يجِبُ مَهْرُها، وقال القاضى: يَلْزَمُها عَبْدٌ وسَط. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»: وإنْ خالَعَها على عَبْدٍ مُطْلَقٍ، فله الوَسَطُ إنْ قُلْنا به فى المَهْرِ، وإلَّا فهل له أىُّ عَبْدٍ أعْطَتْه، أو قَدْرُ مَهْرِها، أو الخُلْعُ باطِلٌ؟ يَنْبنِى على ما سبَق. وأمَّا إذا قال لها: إنْ أَعْطَيْتِنى عَبْدًا، فأَنْتِ طالِق. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّها تَطْلُقُ بأىِّ عَبْدٍ أعْطَتْه يصِحُّ تَمْلِيكُه. نصَّ عليه. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: يَلْزَمُها عَبْدٌ وسَطٌ، فلو أعْطَتْه مَعِيبًا أو دُونَ الوَسَطِ، فله ردُّه وأخْذُ بدَلِه، والبَيْنُونَة بحالِها. فائدتان؛ إحْداهما، لو أعْطَتْه عبْدًا (¬1) مُدَبرًا، أو مُعَلَّقا عِتْقُه بصِفَةٍ، وقَع الطَّلاقُ. قالَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. الثَّانيةً، لو بانَ مغْصوبًا أو حُرًّا، قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم: أو مُكاتبَا، لم تَطْلُقْ، كتَعْليقِه على هَرَوِىٍّ، فتُعْطِه مَرْوِيًّا. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِى هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ، طَلُقَتْ، فَإنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَا شَىْءَ لَهُ، وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، فى مَوْضِعٍ، وقدَّماه فى آخَرَ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يقَعُ الطَّلاقُ، وله قِيمَتُه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: يَلْزَمُها قَدْرُ مَهْرِها. وقيل: يَبْطُلُ الخُلْعُ. قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: ويَحْتَمِلُ أَنْ تجِبَ قِيمَةُ الحُرِّ كأنَّه عَبْدٌ. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُه: إنْ بانَ مُكاتبًا، فله قِيمَتُه، وإنْ بانَ حُرًّا أو مَغْصوبًا، لم تَطْلُقْ، كقَوْلِه: هذا العَبْدُ. انتهى. ويأْتِى نظِيرُها فى كلامِ المُصَنِّفِ قرِيبًا، فيما إذا قال: إنْ أعْطَيْتنِى هذا العَبْدَ، فأنْتِ طالِقٌ. قوله: وإنْ قالَ: إنْ أَعْطَيْتِنى هذا العَبْدَ فأنْتِ طالِقٌ. فأعْطَتْه إيَّاه، طَلُقَتْ،

وَعَنْهُ، يَقَعُ، وَلَهُ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ فِى الَّتِى قَبْلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ خرَج مَعِيبًا، فلا شَئَ له. تغْلِيبًا للشَّرْطِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: له الرَّدُّ وأخْذُ القِيمَةِ بالصِّفَةِ سلِيمًا. اخْتارَه القاضى. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، بعدَ أَنْ قدَّم ما قالَه المُصَنِّفُ: وذكَر الخِرَقِىُّ أنَّه إذا خالَعَها على ثَوْبٍ فخَرج مَعِيبًا، أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ أَنْ يأْخُذَ أرْشَ العَيْبِ، أو قِيمَةَ الثَّوْبِ ويرُدَّه، فيكونَ فى مسْأَلتِنا كذلك. انتهى. وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى رُجوعِه بأَرْشِه وَجْهان، وأنَّه لو بانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَحَقَّ الدَّمِ فقُتِلَ، فأرْشُ عَيْبِه. وقيل: قِيمَتُه. نقَلَه فى «الفُروعِ». قلتُ: قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ خالَعَتْه على عَبْدٍ، فوَجَدَه مُباحَ الدَّمِّ بقِصاصٍ أو غيرِه، فقُتِلَ، رجَع عليها بأَرْشِ العَيْبِ. ذكَرَه القاضى. وذكَر ابنُ البَنَّا، أنَّه يرْجِعُ بقيمَتِه. قوله: وإنْ خرَج مَغْصُوبًا، لم يقَعِ الطَّلاقُ. وكذا لو بانَ حُرًّا. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يقعُ وله قِيمَتُه. وكذلك فى التى قبلَها. يعْنِى، فيما إذا قال: إنْ أعْطَيْتِنِى عَبْدًا، فأنْتِ طالِقٌ. فأعْطَتْه عَبْدًا مغْصُوبًا. وجزَم بهذه الرِّوايَةِ فى «الرَّوْضَةِ»، وغيرِها، فقال: لو خالَعَتْه على عَبْدٍ فبانَ حُرًّا أو مَغْصوبًا

وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْنِى ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا، لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى هَرَوِىٍّ فَبَانَ مَرْوِيًّا، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعضَه، صحَّ ورجَع بقيمَتِه أو قِيمَةِ ما خرَج. قوله: وَإِنْ قال: إنْ أعْطَيْنى ثَوْبًا هَرَوِيًّا، فأنْتِ طالِقٌ. فأعْطَتْه مَرْوِيًّا، لم تطْلُقْ. بلا نِزاعٍ. وإن خالَعَتْه على مَرْوِىٍّ. بأنْ قالتْ: اخْلَعْنِى على هذا الثَّوْبِ المَرْوِىِّ. فبانَ هَرَوِيًّا، فله الخِيارُ بينَ رَدِّه وإِمْساكِه. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

وَإِمْسَاكِهِ، وَعِنْدَ أبِى الْخَطَّابِ، لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ إِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعندَ أبى الخَطَّابِ، ليس له غيرُه، أَنْ وقَع الخُلْعُ مُنْجَزًا على عَيْنِه. اخْتارَه فى «الهِدايَةِ». وهو المذهبُ. [بِناءً على أنَّه] (¬1) قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». [وهذا يقْتَضِى حِكايَةَ وَجْهَيْن فى كلٍّ مِنَ الكُتُبِ الثَّلَاثَةِ فى الخُلْعِ المُنْجَزِ على عِوَضٍ مُعَيَّنٍ، إذا بانَتِ الصِّفَةُ المُعَيَّنَة مُخالِفَةً، وأن المُقَامَ منهما فى ذلك فيها أنَّه ليس له غيرُه، وأنَّ المُؤَخَّرَ منهما فيها، أنَّه يُخَيَّرُ فى ذلك بينَ ردِّه وإمْساَكه، وليس فيها، ولا فى بعضِها، حِكايَتُهما فى ذلك، بل فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، فى بابِ الصَّداقِ، أنَّه إذا ظَهر فيه على عَيْبٍ، أو نَقْصِ صِفَةٍ شُرِطَتْ فيه، أنَّه يُخَيَّرُ بينَ الأَرْشِ، يعْنِى] (1)، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [مع الإِمْساكِ، أو الرَّدِّ وأخذِ القِيمَةِ كامِلَةً. ثم حَكَوْا رِوايةً أُخرَى بأنَّه لا أَرْشَ مع إمْساكِه، ولم يَحْكِيا غيرَه فى البابِ المذكورِ، ثم ذكَرا فى بابِ الخُلْعِ مَسْأَلَةَ الصَّداقِ المُعَلَّقِ على عِوَضٍ مُعَيَّنٍ، وقدَّما أنَّه لا شئَ له غيرُه، إنْ بانَ بخِلافِ الصِّفَةِ المُعَيَّنَةِ، ثم حكَيا قوْلًا بأنَّ له ردَّه، وأخْذَ قِيمَتِه بالصِّفَةِ سَلِيمًا، كما لو نجَز الخُلْعُ عليه. ومُقْتَضَى هذا، أنَّه لا خِلافَ عندَهما فى الخُلْعِ المُنْجَزِ، وأنَّه يُخَيَّرُ بينَ ما ذكَر؛ سواءٌ كان بلَفْظِ الخُلْعِ أو الطَّلاقِ. وفى «الفُروعِ»، فى بابِ الصَّداقِ، أنَّه إنْ بانَ عِوَضُ الخُلْعِ المُنْجَزِ مَعِيبًا، أو ناقِصًا صِفَة شُرِطَتْ فيه، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ المَبِيعِ، واقْتَصَر على ذلك، ومُقْتَضاه، أنَّه يُخَيَّرُ إذا وجَدَه مَعِيبًا أو ناقِصًا، كما ذكَر بينَ إمْساكِه ورَدِّه. ولم يتَعرَّضْ للمَسْألَةِ فى بابِ الخُلْعِ؛ اكْتِفاءً بما ذكَرَه فى بابِ الصَّداقِ. فهذا هو المَجْزومُ به فيها فى الكُتُبِ الثَّلَاثَةِ، مع الجَزْمِ به أيضًا فى «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، والمُقَدَّمُ مِن الوَجْهَيْن المذْكُورَيْن فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» وغيرِها. والوَجْهُ الآخَرُ، إنَّما هو اخْتِيارٌ لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، كما حَكاه عنه فيها جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. فتَبَيَّنَ بذلك، أنَّ المذهبَ منهما فيها حِينَئذٍ هو الوَجْهُ الأَوَّلُ الذى جزَم به بعضُ الأصحابِ، وقدَّمه بعضُهم أيضًا، منهم المُؤلِّفُ، لا أنَّه هو الوَجْهُ الثَّانِى منهما عندَه. وجزَم به فى بعضِ كُتُبِه، تبعًا لغيرِه. واللَّهُ أعلمُ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

فصل

فَصْلٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ أعْطَيْتِنِى. أَوْ: إِذَا أعْطَيْتِنِى. أَوْ: مَتَى أعْطَيْتِنِى ألْفًا، فَانْتِ طَالِقٌ. كَانَ عَلَى التَّرَاخِى، أَىَّ وَقْتٍ أعْطَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا قال: إنْ أعْطَيْتِنى. أو: إذا أعْطَيْتِنى. أو: متى أعْطَيْتِنى ألفًا، فأنْتِ طالِقٌ. كانَ على التَّراخِى، أىَّ وقتٍ أعْطَتْه ألْفًا، طَلُقَتْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ؛ لأَنَّ الشَّرْطَ لازِمٌ مِن جِهَتِه لا يصِحُّ إبْطالُه. وقال

أَلْفًا طَلُقَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ليس بلازِم مِن جِهَتِه، كالكِتابَةِ عندَه. ووافقَ على شَرْطٍ مَحْضٍ، كقوْلِه: إنْ قَدِمَ زيْدٌ فأنتِ طالِقٌ. وقال: التَّعْلِيقُ الذى يُقْصَدُ به إيقاعُ (¬1) الجَزاءِ، إنْ كان معاوَضَة، فهو مُعاوَضَة، ثم إنْ كانتْ لازِمَةً، فلازِمٌ، وإلَّا فلا، فلا يْلزَمُ الخُلْعُ قبلَ القَبُولِ، ولا الكِتابَةُ. وقوْلُ مَن قال: التَّعْليقُ لازِمٌ. دعْوَى مُجَردَةٌ (¬2). انتهى. ويأْتِى هذا وغيرُه فى أوائلِ بابِ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: أىَّ وَقْتٍ أعْطَتْه أَلْفًا، طَلُقَتْ. بحيثُ يُمْكِنُه قبْضُه. صرَّح به فى «المُنْتَخَبِ»، و «المُغْنى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. ومُرادُه، أنَّ ¬

(¬1) فى الأصل: «إتباع». (¬2) فى الأصل: «مجرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تكونَ الأَلْفُ وازِنَةً بإحْضارِه ولو كانتْ ناقِصَةً فى العَدَدِ وإذْنِها فى قَبْضِه ومِلْكِه. وفى «التَّرْغيبِ» وَجْهان، فى: إنْ أقْبَضْتِنى. فأحْضَرَتْه ولم يقْبِضْه، فلو قبَضَه فهل يَمْلِكُه فيقَعُ الطَّلاقُ بائنًا، أم لا يَمْلِكُه فيقَعُ رَجْعِيًّا؟ فيه احْتِمالان. وأطْلَقَهما فى «الفُرِوعِ». قلتُ: الصَّوابُ، أنَّه يكونُ بائنًا بالشَّرْطِ المُتقَدِّم. وقيل: يكْفِى عدَدٌ مُتَّفَقٌ برَأْسِه بلا وَزْنٍ؛ لحُصولِ المَقْصِدِ، فلا تكْفِى وازِنَةٌ ناقِصَةً عدَدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: وهذا هو العُرْفُ فى زَمَنِنا وغيرِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى الزَّكاةِ بقَوْلِه (¬1): والسَّبِيكَةُ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «يقويه».

وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِى بأَلْفٍ. أَوْ: عَلَى أَلْفٍ. أَوْ: طَلِّقْنِى بِأَلْفٍ. أو: عَلى أَلْفٍ. ففعَل، بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تُسَمَّى دَراهِمَ. قوله: وَإِنْ قالت: اخْلَعْنِى بأَلْفٍ. أو: على أَلْفٍ. أو: طَلِّقْنِى بأَلْفٍ. أو: على أَلْفٍ. وكذا لو قالتْ: ولكَ أَلْفٌ، إنْ طَلَّقْتَنِى، أو خالعْتَنِى. أو: إنْ طَلَّقْتَنِى، فلكَ علىَّ ألْفٌ. ففَعل، بانَتْ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُشْترَط مِنَ الزَّوْجِ أيضًا ذِكْرُ العِوَضِ، ويسْتَحِقُّ الألْفَ. يعْنِى، مِن غالِبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقْدِ البَلَدِ. فوائد؛ الأُولَى، يُشْتَرَطُ فى ذلك أَنْ يُجِيبَها على الفَوْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ لقوْلِه: ففعَل. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيَّده بالمَجْلِسِ فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» فقال: بانَتْ إنْ كان فى المَجْلِسِ، وإلَّا لم يقَعْ شئٌ. وقيل: إنْ قالتْ: اخْلَعْنِى بأَلْفٍ. فقال فى المَجْلِسِ: طَلَّقْتُكِ. طَلُقَتْ مجَّانًا. انتهى. وقيَّده بالمَجْلِسِ أيضًا فى «التَّرْغيبِ» [فى قوْلِها (¬1): إنْ طَلَّقْتَنِى، فلكَ ألْفٌ. فقال: خالَعْتُكِ. أو: طَلَّقْتُكِ. انتهى. وقيل: لا تُشْتَرطُ الفَوْرِيَّةُ] (¬2)، بل يكونُ على التراخِى. وجزَم به فى «المُنْتَخَبِ». الثَّانيةُ، لها أَنْ ترْجِعَ قبلَ أَنْ يُجِيبَها. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يثْبُتُ خِيارُ المَجْلِسِ، فيَمْتَنِعُ مِن قَبْضِ العِوَضِ؛ ليقَعَ رَجْعِيًّا. وقال فى «التَّرْغيبِ» فى: خَلَعْتُكِ. أو: اخْلَعْنِى. ونحوِهما، على كذا: يُعْتَبرُ القَبُولُ فى المَجْلِسِ، إنْ قُلْنا: الخُلْعُ (¬3) فَسْخ بعِوَضٍ. وإنْ قُلْنا: هو فَسْخٌ منه مُجَرد. فكالإبراءِ والإسْقاطِ لا يُعْتَبرُ فيه قَبُولٌ ولا عِوَضٍ، فتَبِينُ بقَوْلِه: فَسَخْتُ. أو: خَلَعْتُ. الثَّالثةُ، لا يصِحُّ تعْليقُه بقولِه: إنْ بَذَلْتِ لى كذا، فقد خَلَعْتُكِ. قالَه فى «الفُروعِ». [وقال فى بابِ الشُّروطِ فى البَيْعِ: ويصِحُّ تعْليقُ] (3) ¬

(¬1) فى ط: «قوله». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [الفَسْخِ بشَرْطٍ. ذكَرَه فى «التَّعْليقِ»، و «المُبْهِجِ». وذكَر أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ، لا. قال فى «الرِّعايَةِ»، فيما إذا أجَرَه كلَّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ، إذا مضَى شَهْرٌ، فقد فسَخَها: إنَّه يصِحُّ، كتَعْليقِ الخُلْعِ، وهو فَسْخٌ على الأصحِّ. انتهى. قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه»: عدَمُ الصِّحَّةِ أظْهَرُ؛ لأَنَّ الخُلْعَ عَقْدُ مُعاوَضَةٍ يتَوقَّفُ على رِضا المُتعاقِدَيْن، فلا يصِحُّ تعْلِيقُه بشَرْطٍ، كالبَيْعِ. انتهى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وقولُها: إنْ طَلَّقْتَنِى، فلكَ كذا. أو: أنتَ بَرِئٌ منه. كـ: إنْ طَلَّقْتَنِى، فلكَ علىَّ ألْفٌ. وأوْلَى] (¬1). وليس فيه النِّزاعُ فى تعْليقِ البَراءَةِ بشَرْطٍ. أمَّا لوِ الْتَزَمَ دَيْنًا، لا على وَجْهِ المُعاوَضَةِ، كـ: إنْ تزَوَّجْتُ فلكِ فى ذِمَّتِى أَلْفٌ. [أو: جعَلْتُ لكِ فى ذِمَّتِى أَلْفًا] (¬2). لم يَلْزَمْه عندَ الجُمْهورِ. قال القاضى مُحِبُّ الدِّينِ ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: قولُه: لا يصِحُّ تعْليقُه بقَوْلِه: إنْ بذَلْتِ لِى كذَا. قد ذَكَر المُصَنِّفُ، فى القِسْمِ الثَّانِى مِنَ الشُّروطِ فى البَيْعِ، ما نصُّه: ويصِحُّ تعْليقُ الفَسْخِ بشَرْطٍ. ذكَرَه فى «التَّعْليقِ»، و «المُبْهِجِ». وذكَر أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الذين، رَحِمَه اللَّهُ، لا يصِحُّ. قال صاحِبُ «الرِّعايَةِ»، فيما إذا أجَرَه كُلَّ شَهْرٍ بدِرْهَمٍ، إذا مَضَى شَهْرٌ فقد فسَخْتُها: إنَّه يصِحُّ، كتَعْليقِ الخُلْعِ، وهو فَسْخٌ، على الأصحِّ. فأقَرَّ صاحبَ «الرِّعايَةِ» هناك، ولم يتَعَقَّبْه. وجزَم هنا بعَدَمِ الصِّحَّةِ، وهو الأظْهَرُ؛ لأَنَّ الخُلْعَ عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، يتوَقَّفُ على رِضا المُتَعاوِضَيْن، فلم يصِحَّ تعْليقُه بشَرْطٍ كالبَيْعِ. الرَّابعةُ، لو قالتْ: طَلِّقْنِى بأَلْفٍ إلى شَهْرٍ. فطَلَّقَها قبلَه، فلا شئَ له. نصَّ عليه، وإنْ قالتْ: مِنَ الآن إلى شَهْرٍ. فطَلَّقَها قبلَه، اسْتَحَقَّه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِى وَاحِدَةً بِأَلْفٍ. فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، اسْتَحَقَّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضى، أنَّه يسْتَحِقُّ مَهْرَ مِثْلِها. الخامسةُ، لو قالتْ: طَلِّقْنِى بأَلْفٍ. فقال: خَلَعْتُكِ. فإنْ قُلْنا: هو طَلَاقٌ. اسْتَحَقَّه، وإلَّا لم يصِحَّ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو خُلْعٌ بلا عِوَضٍ. وتقدَّم كلامُه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يصِحُّ وله العِوَضُ؛ لأَنَّ القَصْدَ أَنْ تَمْلِكَ نفْسَها بالطَّلْقَةِ، وقد حصَل بالخُلعِ. وعكَسَ المْسأَلَةَ بأنْ قالتْ: اخْلَعْنِى بأَلْفٍ. فقال: طَلقْتُكِ. يسْتَحِقُّها إنْ قُلْنا: هو طَلاقٌ. وإلَّا فوَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، لا يسْتَحِقُّ شيئًا. وهو الصَّوابُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: إنْ قالتْ: اخْلَعْنِى بأَلْفٍ. فقال فى المَجْلِسِ: طَلَّقْتُكِ. طَلُقَتْ مجَّانًا، كما تقدَّم. فإنْ لم يسْتَحِقَّ، ففى وُقوعِه رَجْعِيًّا احْتِمالان، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يقَعُ رَجْعِيًّا. [وعلى القَوْلِ الآخَرِ؛ لا يقَعُ بها شئٌ] (¬1). قوله: وإنْ قالَتْ: طَلِّقْنِى واحِدَةً بأَلْفٍ. فطَلَّقَها ثَلاثًا، اسْتَحَقَّها. هذا المذهبُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: إنْ قال: أنْتِ طالِقٌ ثلاثًا بأَلْفٍ. اسْتَحَق ثُلُثَ الألْفِ فقط. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: وإنْ قالتْ: طَلِّقْنِى واحِدَةً بأَلْفٍ. أو: على أَلْفٍ. فقال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا بأَلْفٍ. أخَذَها، والأقْوَى، إنْ رَضِيَتْ أخَذَها، وإنْ أبَتْ لم تَطْلُقْ. انتهى. تنبيه: وكذا الحُكْمُ لو طَلَّقَها اثْنَتَيْن. قالَه فى «الرَّوْضَةِ». فائدة: لو قالتْ: طَلِّقْنِى واحدةً بأَلْفٍ. فقال: أنْتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ بانَتْ بالأوَّلَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: تَطْلُقُ ثلاثًا. قلتُ: هذا مُوافِق لقَواعدِ المذهبِ، والأَوَّلُ مُشْكِل عليه. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لو قالتْ له زوْجَتُه التى لم يدْخُلْ بها: طَلِّقْنِى بأَلْفٍ. فقال: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ. فقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: تطْلُقُ هنا واحدةً. وما قالَه فى «المُجَردِ» بعيدٌ على قاعِدَةِ المذهب. وخالَفَه فى «الجامِعِ الكَبِيرِ» فقال: تَطْلُقُ هنا ثلاثًا؛ بِناءً على قاعِدَةِ المذهبِ أن الواوَ لمُطْلَقِ الجَمْعِ، ثم ناقَضَ فذكَر فى نظِيرَتِها أنَّها تَطْلُقُ واحدةً. ومِنَ الأصحابِ مَن وافَقَه فى بعضِ الصُّوَرِ، وخالَفَه فى بعضِها، ومنهم مَن قال: ما قالَه سَهْوٌ على المذهبِ، ولا فَرْقَ عندَنا بينَ قوْلِه: أنْتِ طالِقٌ ثلاثًا. وبينَ قولِه: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ (¬1). وهو طرِيقُ صاحبِ «المُحَرَّرِ» فى تَعْليقِه على «الهِدايَةِ». انتهى. فعلى المذهبِ، لو ذكَر الألْفَ عَقِيبَ الثَّانيةِ، بانَتْ بها، والأُولَى رَجْعِيَّةٌ، ولغَتِ الثَّالثةُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِى ثَلَاثًا بِأَلْفٍ. فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ ثُلُثَ الأَلْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قالت: طَلِّقْنِى ثَلاثًا بأَلْفٍ. فطلَّقَها واحِدَةً، لم يسْتَحِقَّ شَيْئًا. ووقَعَتْ رَجْعِيَّةً. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يسْتَحِقَّ ثُلُثَ الألفِ. وهو لأبى الخَطَّابِ، وهو رِوايَةٌ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ»، وتَقَعَ بائِنَةً.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِىَ مِنْ طَلَاقِهَا إِلَّا وَاحِدَةٌ فَفَعَلَ، اسْتَحَقَّ الْأَلفَ، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَهُ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَكُنْ بَقِىَ مِنْ طَلاقِها إلَّا واحِدَةٌ ففعَل، اسْتَحَقَّ الألْفَ، عَلِمَتْ أو لم تعْلَمْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ويَحْتَملُ أَنْ لا يسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَه إذا لم تعْلَمْ. وهو للمُصَنِّفِ هنا.

وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرأَتَانِ؛ مُكَلَّفَةٌ، وَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ مُمَيِّزَةٌ، فَقَالَ: أَنْتُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان له امْرأتان؛ مُكَلَّفَةٌ -يعْنِى رشِيدَةً- وغيرُ مُكَلَّفَةٍ -يعْنِى

طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إِنْ شِئْتُمَا. فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا. لَزِمَ الْمُكَلَّفَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ، وَطَلُقَتْ بَائِنًا، وَوَقَعَ الطَّلاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا، وَلَا شَىْءَ عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكانتْ مُميِّزَةً- فقال: أنتما طالِقَتان بأَلْفٍ، إنْ شِئْتُما. فقالتا: قد شِئْنا. لَزِمَ المُكَلَّفَةَ نِصْمفُ الألْفِ وطَلُقَتْ بائِنًا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَلْزَمُها نِصْفُ الأَلْفِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعندَ ابنِ حامِدٍ، يُقَسَّطُ (¬1) الألْفُ على قَدْرِ مَهْرَيْهما. وذكَرُه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ ظاهِرَ المذهبِ. وأطْلَقَهما فى «الهِدَايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قوله: ووقَع الطَّلاقُ بالأُخْرَى رَجْعِيًّا، ولا شَىْءَ عليها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا مَشِيئَةَ لها. فعلى هذا، لا تَطْلُقُ واحدةٌ منهما، كما لو كانتْ غيرَ مُمَيِّزَةٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: وكذلك المَحْجورُ عليها للسَّفَهِ حُكْمُها حكمُ غيرِ المُكَلَّفَةِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «يسقط».

وَإِنْ قَالَ لِامْرأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ. طَلُقَتْ وَلَا شَىْءَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْداهما، لو قالتْ له زوجَتاه (¬1): طَلِّقْنا بأَلْفٍ. فطَلَّقَ إحْداهما، بانَتْ بقِسْطِها مِنَ الألْفِ. ولو قالَتْه إحْداهما، فطَلاقُه رَجْعِىٌّ، ولا شئَ له. صحَّحه فى «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الكافِى». قال فى «المُغْنِى» (¬2): قِياسُ قولِ أصحابِنا، [لا يلْزَمُ الباذِلَةَ هنا شئٌ] (¬3). وقال القاضى: هى كالتى قبلَها. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَمْ به ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو قالتْ: طَلَّقْنِى بأَلْفٍ على أَنْ لا تُطَلِّقَ ضَرَّتِى. أو: على أَنْ تُطَلِّقَها. صحَّ شرْطُه وعِوَضُه، فإنْ لم يَفِ، اسْتحَقَّ -فى الأصحِّ- الأقَلَّ منه أوِ المُسَمَّى. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: وإنْ قال لامْرَأَتِه: أنْتِ طالِقٌ وعليكِ ألْفٌ. طَلُقَتْ ولا شَىْءَ عليها. يعْنِى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «زوجتان». (¬2) 10/ 310. (¬3) سقط من: الأصل.

عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ ذلك ليس بشَرْطٍ، ولا كالشَّرْطِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لكِنْ إذا قَبِلَتْ، فَتارَةً تَقْبَلُ فى المَجْلِسِ، وتارَةً لا تَقْبَلُ؛ فإنْ قَبلَتْ فى المَجْلِسِ، بانَتْ منه، واسْتحَقَّه، وله الرُّجوعُ قبلَ قَبُولِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وجعَله المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «المُغْنِى»: كـ: إنْ أعْطَيْنِى أَلْفًا، فأنْتِ طالِقٌ. كما تقدَّم قريبًا. وإنْ لم تَقْبَلْ فى المَجْلِسِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تَطْلُقُ مجَّانًا رَجْعِيًّا، ولا شئَ عليها.

وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، [و «المُنَوِّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، بل قطَع به أكثرُ الأصحابِ] (¬1). [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»] (¬2). [وقيل: لا تَطْلُقُ حتى تخْتارَ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن». ولم أرَه فى غيرِهما، والظَّاهِرُ أنَّه التَّخْرِيجُ] (2). [وقال القاضى: لا تَطْلُقُ] (3). قال فى «الفُروعِ»: وخُرِّجَ مِن نظِيرَتِها فى العِتْقِ عدَمُ الوُقوعِ. قوله: وإنْ قَال: على أَلْفٍ. أو: بأَلْفٍ. فكذلك. يعْنِى، أنَّ ذلك ليس بشَرْطٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا كالشَّرْطِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. لكِنْ إنْ قَبِلَتْ فى المَجْلِسِ، بانَتْ منه واسْتَحَقَّ الألْفَ، وله الرُّجوعُ قبلَ قَبُولِها (¬1)، كالأُولَى. وهذا المذهبُ. ¬

(¬1) فى ط: «قولها».

أَوْ: بِأَلْفٍ. فَكَذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ حَتَّى تَخْتَارَ، فَيَلْزَمُهَا الْأَلفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وجعَله فى «المُغْنِى» كـ: إنْ أعْطَيْتِنِى ألْفًا فأنتِ طالِقٌ. كما تقدَّم. قال فى «المُحَرَّرِ»، فى الصُّوَرِ الثَّلاثِ: وقيل: إذا جعَلْناه رَجْعِيًّا بلا قَبُولٍ، فكذلك إذا قَبِلَ، وإنْ لم يَقْبَلْ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يقَعُ رَجْعِيًّا، ولا شئَ عليها. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وجزَم به فى «القَواعِدِ»، فى قولِه: بأَلْفٍ. وَيحْتَمِلُ أَنْ لا تَطْلُقَ حتى تَخْتارَ، فيلْزَمُها الألْفُ. [وهو قَوْلُ] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [القاضى فى «المُجَرَّدِ». نقلَه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»] (¬1). [واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. نقَلَه عنه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال القاضى فى مَوْضِع مِن كلامِه: لا تَطْلُقُ، إلَّا إذا قال: بأَلْفٍ. فلا تَطْلُقُ حتى تخْتارَ ذلك. واخْتارَه الشَارِحُ. ونقَل المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى عن القاضى، أنَّه قال: لا تَطْلُقُ فى قولِه: على أَلْفٍ. حتى تخْتارَ] (¬2). قال فى «الفُرُوعِ»: وخُرِّج عدَمُ الوُقوعِ مِن ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَظيرَتِهِنَّ فى العِتْقِ. [وقال القاضى، فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه: إنَّها لا تطْلُقُ إلَّا فى قولِه: أنتِ طالِقٌ بأَلْفٍ. نقَلَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تَطْلُقُ فى الصُّورَتَيْن الأوَّلَتَيْن، وتَطْلُقُ فى الأخيرةِ] (¬1). فائدة: لا ينْقَلِبُ الطَّلاقُ الرَّجْعِىُّ بائنًا ببَذْلِها الألْفَ فى المجْلِسِ، فى الصُّوَرِ الثَّلاثِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: بلَى فى الصُّورَتيْن الأخِيرتَيْن. قلتُ: فيُعايَى بهما. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ¬

(¬1) سقط من: ط.

فصل

فَصْلٌ: وإِذَا خَالَعَتْهُ فِى مَرَضِ مَوْتِهَا، فَلَهُ الْأَقَلُّ؛ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مع أنَّ «عَلَى» للشَّرْطِ اتِّفاقًا. وقال، المُصنِّفُ فى «المُغْنِى»: ليستْ للشَّرْطِ ولا للمُعاوَضَةِ؛ لعدَمِ صِحَّةِ قولِه: بِعْتُك ثَوْبِى علَى دِينارٍ. قوله: وإنْ خالَعَتْه فى مَرَضِ مَوْتِها، فله الأقَلُّ مِنَ المُسَمَّى، أو مِيراثُه منها. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الخِرَقِىِّ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: إذا خالَعَتْه على مَهْرِها، فللورَثَةِ منْعُه، ولو كان أقلَّ مِن مِيراثِه منها.

وَإِنْ طَلَّقَهَا فِى مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَوْصَى لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طلَّقَها فى مَرَضِ مَوْتِه، وأوْصَى لها بأكْثَرَ مِن مِيراثِها، لم تسْتَحِقَّ

تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَإِنْ خَالَعَهَا فِى مَرَضِهِ وَحَابَاهَا، فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْثَرَ مِن مِيراثِها، وإنْ خالَعَها فى مَرَضِه، وحاباها، فهو مِن رَأْسِ المالِ. قد تقدَّم فى أواخرِ باب الهِبَةِ، إذا عاوَضَ المريضُ بثَمَنِ المِثْلِ للوارِثِ وغيرِه، وإذا حابَى وارِثَه أو أجْنَبِيًّا. فليُعاوَدْ.

وَإذَا وَكَّلَ الزَّوْجُ فِى خُلْعِ امْرأَتِهِ مُطْلَقًا، فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فَمَا زَادَ، صَحَّ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَهْرِ، رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا وَكَّلَ الزَّوْجُ فى خُلْعِ امْرأتِه مُطْلَقًا، فخالَعَ بمَهْرِها فما زاد، صَحَّ -

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ قَبُولِهِ نَاقِصًا، وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ، لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ عِنْدَ ابْن حَامِدٍ، وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ- وإنْ نَقَص مِنَ المَهْرِ، رجَع على الوَكِيلِ بالنَّقْصِ. ويصِحُّ الخُلْعُ. هذا المذهبُ وأحدُ الأقْوالِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ يُخَيَّرَ بينَ قَبُولِه ناقِصًا وبينَ ردِّه، وله الرَّجْعَةُ. وهذا الاحْتِمالُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للقاضى، وأبِى الخَطَّابِ. وقيل: يجبُ مَهْرُ مِثْلِها. وهو احْتِمالٌ للقاضى أيضًا. وقيل: لا يصِحُّ الخُلْعُ. وقدَّمه النَّاظِمُ، وصحَّحه، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وهو ظاهِرُ قَوْلِ ابنِ حامِدٍ، والقاضى. وأطْلَقَ الأوَّلَ والأخِيرَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وأطْلقَ الأوَّلَ والثَّالِثَ والرَّابِعَ فى «الفُروعِ»، والثَّانى لم يذْكُرْه فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو خالَعَ وَكِيلُه بلا مالٍ، كان الخُلْعُ لَغْوًا مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ، إنْ صحَّ الخُلْعُ بلا عِوَضٍ، وإلَّا وقَع رَجْعِيًّا. وأمَّا وَكِيلُها؛ فيَصِحُّ خُلْعُه (¬1) بلا عِوَضٍ. قوله: وإنْ عَيَّنَ له العِوَضَ فنَقَص منه، لم يصِحَّ الخُلْعُ عندَ ابنِ حامِدٍ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ وَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ فِى ذَلِكَ، فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فَمَا دُونَ، أَوْ بِمَا عَيَّنَتْهُ فَمَا دُونَ، صَحَّ، وإِنْ زَادَ لَمْ يَصِحَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَتَبْطُلَ الزِّيَادَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقال أبو بَكْرٍ: يصِحُّ، ويرْجِعُ على الوَكيلِ بالنَّقْصِ. قال فى «الفائدَةِ العِشْرينَ»: هذا المَنْصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». واطلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ وَكَّلَتِ المرْأةُ فى ذلك، فخالَعَ بمَهْرِها فما دونَ، أو بما عَيَّنَتْه فما دُونَ، صَحَّ -بلا نِزاعٍ- وإنْ زادَ، لم يصِحَّ. هذا أحدُ الأقْوالِ، وجعَلَه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» المذهبَ. وصحَّحه النَّاظِمُ. ويحْتَمِلُ أَنْ يصِحَّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتبْطُلَ الزِّيادةُ. يعْنِى أنَّها لا تلْزَمُ الوَكِيلَ. وقيل: لا تصِحُّ فى المُعَيَّنِ، وتصِحُّ فى غيرِه. وقيل: تصِحُّ، وتَلْزَمُ الوَكِيلَ الزيادَةُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ»: عليها مَهْرُ مِثْلِها، ولا شئَ على وَكِيلِها؛ لأنَّه لم يَقْبَل العَقْدَ لها، لا مُطْلَقًا ولا لنَفْسِه، بخِلافِ الشِّراءِ. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، إلَّا الثَّانِىَ، فإنَّه لم يذْكُرْه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إذا وَكلَتْه وأطْلقَتْ، لا يَلْزَمُها إلَّا مِقْدارُ المَهْرِ المُسَمَّى، فإنْ لم يَكُنْ، فَمهْرُ المِثْلِ. وقال فيما إذا زادَ على ما عينتْ له: يَلْزَمُ الوَكِيلَ الزِّيادةُ. وقال ابنُ البَنَّا: يَلْزَمُها أكثرُ الأَمْرَيْن مِن مَهْرِ مِثْلِها أو المُسَمَّى. فائدتان؛ إحْداهما، لو خالَفَ وَكِيلُ الزَّوْجِ أو الزَّوْجَةِ جنْسًا، أو حُلولًا، أو نقْدَ بَلَدٍ، فقيل: حُكْمُه حكمُ غيرِه، فيه الخِلافُ المُتقَدِّمُ. قال القاضى:

وَإِذَا تَخَالَعَا، تَرَاجَعَا بِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْحُقُوقِ. وَعَنْهُ أنَّهَا تَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِياسُ أَنْ يَلْزَمَ الوَكِيلَ الذى أُذِنَ فيه، ويكونَ له ما خالَعَ به. وردَّه المُصَنِّفُ. وقيل: لا يصِحُّ الخُلْعُ مُطْلَقًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح: القِياسُ أنَّه لا يصِحُّ هنا. قال فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ»: لا يصِحُّ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو كان وَكِيلُ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ واحِدًا، وتوَلَّى طَرَفَى العَقْدِ، كان حُكْمُه حكمَ النِّكاحِ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: ولا يتَولَّى طَرَفَى الخُلْعِ وَكِيلٌ واحدٌ. وخرَّج جَوازَه. قوله: وإنْ تَخالَعا، تراجَعا بما بينَهما مِنَ الحُقُوقِ. يعْنِى حُقوقَ النِّكاحِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّها تسْقُطُ. واسْتَثْنَى الأصحابُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم، نفَقَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِدَّةِ. زادَ فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، وهو مُرادُ غيرِهم، وبقِيَّةَ ما خُولِعَ ببعضِه. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه (¬1): وعنه، أنَّها تسْقُطُ. يعْنِى حُقوقَ النِّكاحِ. أمَّا الدُّيونُ ونحوُها؛ فإنَّها لا تسْقُطُ، قوْلًا واحدًا. قالَه الأصحابُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. الثَّانى (¬2): مفْهومُ قولِه: وإنْ تخالَعا. أنَّهما لو تَطالَقا، تراجَعا بجميع الحُقوقِ، قوْلًا واحدًا. وهو صحيح. صرَّح به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط، أ: «الثانية».

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ: خَالَعْتُكِ بِأَلْفٍ. فَأْنْكَرَتْهُ وَقَالَتْ: إِنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِى. بَانَتْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا فِى الْعِوَضِ. وَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، لَكِنْ ضَمِنَهُ غَيْرِى. لَزِمَهَا الْأَلفُ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ عَيْنِهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا. وَيَتَخَرَّجُ أنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَحَالَفَا فَيَرْجِعَا إِلَى الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا فى قَدْرِ العِوَضِ، أو عَيْنِه، أَوْ تأجِيلِه، فالقَوْلُ قَوْلُها، مع يمِينِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. ويتَخَرَّجُ أن القَوْلَ قولُ الزَّوْجِ. خرَّجه القاضى، وهو رِوايَة عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. حَكاها القاضى أيضًا. وقيل: القَوْلُ قولُ الزَّوْجِ، إنْ لم يُجاوِزْ مَهْرَها. ويَحْتَمِلُ أَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَحالَفا، إنْ لم يكنْ بلَفْظِ طَلاقٍ، ويرْجِعَا إلى المَهْرِ المُسَمَّى، إنْ كان، وإلَّا فمَهْرُ المِثْلِ، إنْ لم يَكُنْ مُسَمًّى. وهو لأبى الخَطَّابِ.

وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ، ثُمَّ خَالَعَهَا فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَتْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ فِى الْعِتْقِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَن التَّمِيمِىُّ. وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، عَادَتْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَلَّقَ طَلاقَها بصِفَةٍ، ثم خالَعَها -أو أبانَها بثَلاثٍ أو دُونِها- فوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثم عاد فتزَوَّجَها، فوُجِدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَتْ، نَصَّ عليه. وهو المذهبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. ويتَخَرجُ أَنْ لا تَطْلُقَ؛ بِناءً على الرِّوايَةِ فى العِتْقِ. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، وجزَم فى «الرَّوْضَةِ» بالتَّسْوِيَةِ بينَ العِتْقِ والطَّلاقِ. وقال أبو الخَطَّابِ- وتَبِعَه (¬1) فى «التَّرْغِيبِ»: الطَّلاقُ أوْلَى مِنَ العِتْقِ. وحَكاه ابنُ الجَوْزِىِّ رِوايَةً، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وحَكاه أيضًا قوْلًا. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى كِتابِه «الطريقُ الأقْرَبُ فى العِتْقِ والطَّلاقِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: إنْ بِنْتِ مِنِّى، ثم تزَوَجْتُكِ، فأنْتِ طالِقٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فبانَتْ، ثم تزَوَّجَها. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّعْليقِ» احْتِمالًا: لا يقَعُ، كتَعْليقِه بالمِلْكِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى مَن طلَّق واحدةً، ثم قال: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ راجَعْتُكِ، فأنْتِ طالِقٌ ثلاثًا: إنْ كان هذا القَوْلُ تغْلِيظًا عليها فى أَنْ لا تعودَ إليه، فمتى عادَتْ إليه فى العِدَّةِ وبعدَها، طَلُقَتْ. قوله: وإنْ لم تُوجَدِ الصِّفَةُ حالَ البَيْنُونَةِ، عادَتْ، رِوايَةً واحِدَةً. هكذا قال الجُمْهورُ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، رواية، أنَّ الصِّفَةَ لا تعُودُ مُطْلَقًا. يعْنِى سواءً وُجِدَتْ حالَ البَيْنُونَةِ أَوْ لا. قلتُ: وهو الصَّحيحُ فى «مِنْهاجِ» الشَّافِعِيَّةِ. فوائد؛ الأُولَى، يَحْرُمُ الخُلْعُ حِيلَةً لإِسْقاطِ عَيْنِ طَلاقٍ، ولا يقَعُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به ابنُ بَطَّةَ فى مُصَنَّفٍ له فى هذه المسْأَلَةِ، وذكَرَه عنِ الآجُرِّىِّ. وجزَم به فى «عُيونِ المَسائلِ»، والقاضى فى «الخِلافِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، وقال: هو مُحَرَّمٌ عندَ أصحابِنا. وكذا قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): هذا يُفْعَلُ حِيلَةً على إبْطالِ الطَّلاقِ المُعَلَّقِ، والحِيَلُ خِداعٌ لا تُحِلُّ ما حرَّم اللَّهُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: خُلْعُ الحِيلَةِ لا يصِحُّ على الأصحِّ، لا يصِحُّ. نِكاحُ المُحَلِّلِ؛ لأنَّه ليس (¬2) المَقْصودُ منه الفُرْقَةَ، وإنَّما ¬

(¬1) 10/ 321. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْصَدُ به بَقاءُ المرْأَةِ مع زَوْجِها، فى نِكاحِ المُحَلِّلِ، والعَقْدُ لا يُقْصَدُ به نقِيضُ مَقْصُودِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ ويقَعُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: ويَحْرُمُ الخُلْعُ حِيلَةً، ويقَعُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وشذَّ فى «الرِّعايَةِ»، فذكَره. قلتُ: غالِبُ النَّاسِ واقِعٌ فى هذه المَسْأَلَةِ، ويسْتَعْمِلُها فى هذه الأزْمِنَةِ، ففى هذا القَوْلِ فَرَجٌ لهم. [واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ فى «أعْلامِ المُوَقعِين»، ونَصَره مِن عشَرَةِ أَوْجُهٍ] (¬1). وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ هذه المَسْأَلةَ، وقَصْدَ المُحَلِّلِ التحْليلَ، وقَصْدَ أحَدِ المُتَعاقِدَيْن قَصْدًا مُحَرَّمًا -كبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّن يتَّخِذُه خَمْرًا- على حدٍّ واحدٍ؛ فيُقالُ فى كلِّ منهما ما قيلَ فى الأُخْرَى. الثَّانيةُ، لو اعْتقَدَ البَيْنُونَةَ بذلك، ثم فعَل ما حلَف عليه، فحُكْمُه حكْمُ مُطَلِّقِ أَجنَبِيَّةٍ فتَبَيَّنَ أنَّها امْرَأَتُه، على ما يأْتِى فى آخرِ بابِ الشَّكِّ فى الطَّلاقِ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. [فلو لَقِىَ امْرَأْتُه، فظَنَّها أَجْنَبِيَّةً، فقال لها: أنْتِ طالِقٌ. ففى وُقوعِ الطَّلاقِ رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يقَعُ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: العَمَلُ على أنَّه لا يصِحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يقَعُ. جزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. قال فى «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ»: دُيِّنَ، ولم يُقْبَلْ حُكْمًا. انتهى] (¬2). وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيةِ»: قال أبو العَبَّاسِ: لو خالَعَ وفعَل المَحْلوفَ عليه بعدَ الخُلْعِ مُعْتَقِدًا أنَّ الفِعْلَ بعدَ الخُلْعِ لم يتَناوَله ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يمينُه، أو فعَل المَحْلوفَ عليه مُعْتَقِدًا زَوالَ النِّكاحِ ولم يكُنْ كذلك، فهو كما لو حلَف على شئٍ يظُنُّه فبانَ بخِلافِه. وفيه رِوايَتان يأْتِيان فى كتابِ الأيْمانِ. وقد جزَم المُصَنِّفُ هناك، أنَّه لا يَحْنَثُ. [قلتُ: وممَّا يُشابِهُ أصْلَ هذا ما قالَه الأصحابُ فى الصَّوْمِ لو أكَل ناسِيًا واعْتقَدَ الفِطْرَ به ثم جامَعَ، فإنَّهم قالوا: حُكْمُه حكمُ النَّاسِى. وقد اخْتارَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، فى هذه المَسْأَلةِ، أنَّه لا يُكَفَّرُ؛ منهم ابنُ بَطَّةَ، والآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ»، بل قالوا عن غيرِ ابنِ بَطَّةَ: إنَّه لا يقْضِى أيضًا. واللَّهُ أعلمُ] (¬1). وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا، رَحِمَه اللَّهُ: خُلْعُ اليَمِينِ هل يقَعُ رَجْعِيًّا، أو لَغْوًا وهو أَقْوَى؟ فيه نِزاعٌ، لأَنَّ قصْدَه ضِدُّه كالمُحَلِّلِ. [الثَّالثةُ: قال ابنُ نَصْرِ. اللَّهِ فى حَواشِيه على «الفُروعِ»: قال فى «المُغْنِى» (¬2)، فى الكِتابةِ قبلَ مسْأَلةِ ما لو قبَض مِن نُجومِ كِتابته شيئًا، اسْتَقْبَلَ به حوْلًا، فقال: فصْل، وإذا دفَع إليه مالَ كِتابَتِه ظاهِرًا، فقال له السَّيِّدُ: أنْتَ حُرٌّ. أو قال: هذا حُرٌّ. ثم بانَ العِوَضُ مُسْتَحَقًا، لم يَعْتِقْ بذلك؛ لأَنَّ ظاهِرَه الإخْبارُ عمَّا حصَل له بالأداءِ، ولو ادَّعَى المُكاتَبُ أن سيَّدَه قصَد بذلك عِتْقَه، وأنْكَرَ السَّيِّدُ، فالقَوْلُ قولُ السَّيِّدِ مع يَمِينِه؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ معه، وهو أخْبَرُ بما نَوَى. انتهى] (¬3). الرَّابعةُ (¬4) لو أشْهَدَ على نفسِه بطَلاقٍ ثلاثٍ، ثم اسْتَفْتَى (¬5)، فأُفْتِىَ بأنَّه لا شئَ عليه، لم يُؤاخَذْ بإقْرارِه؛ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) 14/ 515. (¬3) زيادة من: ش (¬4) فى النسخ: «الثالثة». (¬5) فى الأصل: «استثنى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِه، ويُقْبَلُ قوْلُه (1) بيَمِينِه أنَّ مُسْتَنَدَه فى إقْرارِه ذلك ممَّا يجْهَلُه مِثْلُه (¬1). [لأَنَّ حَلِفَه على المُسْتَنَدِ دُونَ الطَّلاقِ، ولم يُسلمْ ضِمْنًا، فهو وَسِيلَةٌ له يُغْتَفرُ فيه ما لا يُغْتفَرُ فى المَقْصودِ؛ لأنَّه دُونَه وإنْ كان سبَبًا له، بمَعْنَى توَقُّفِه عليه لا أنَّه مُؤَثِّرٌ فيه بنَفْسِه، وإلَّا لكانَ عِلَّةً فاعِليَّةً لا سَببِيَّةً ووَسِيلَةً، ودَلِيلُه قِصَّةُ بانَتْ سُعادُ (¬2)؛ حيثُ أقَرَّ بذلك كَعْبُ بنُ زُهَيْر، رَضِيَ اللَّهُ عنه؛ لاعْتِقادِه أنَّها بانَتْ منه بإسْلامِه دُونَها، فأَخْبَرَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والصَّحابَةُ بأنَّها لم تَبِنْ، وأنَّ ذلك لا يَضُرُّه؛ تَغْلِيبًا لحَق اللَّهِ تعالَى على حقِّها، وهو قريبُ عَهْدٍ بالإِسْلام، وذلك قَرِينَةُ جَهْلِه بحُكْمِه فى ذلك، ولم يقْصِدْ به إنْشاءَه، وإلَّا لما ندِم عليه مُتَّصِلًا به، وإنَّما ندِم على ما أقَرَّ به؛ لتَوَهُّمِه صِحَّةَ وُقوعِه. وقِياسُه الخُلْعُ، وبقِيَّةُ حُقوقِ اللَّهِ تعالَى المَحْضَةِ، أو الغالِبُ له فيها حقٌّ على حقِّ غيرِه تعالَى؛ لأَنَّ حقَّه مَبْنِىٌّ على المُسامحَةِ، وحقُّ غيرِه على المُشاحَحَةِ، بدَليلِ مُسامَحةِ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له بهَجْوِه له قبلَ إسْلامِه، وهو حَرْبِىٌّ، وهو الشَّاعِرُ الصَّحابِىُّ كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ، فأمَر النبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقَتْلِه قبلَه، فبلَغ ذلك أخاه مالِكَ بنَ زُهَيْرٍ، فأَتى إليه فأَخْبرَه بذلك، فأَسْلَمَ، فأتَى به النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مُسْلِمٌ معه، فامْتَدَحَه بالبُرْدَةِ المذْكُورَةِ فى القِصَّةِ، وحقُّه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، مِن حقِّ اللَّهِ؛ بدَليلِ سَهْمِ خُمْسِ الخُمْسِ والفَىْءِ والغَنِيمَةِ، وكَسْبِهما أو أحَدِهما] (¬3). ذكَره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، واقْتَصرَ عليه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) أخرج قصة كعب البيهقى، فى: باب من شبب فلم يسم أحدا، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 243. وانظر أبيات القصيدة فى ديوانه 6 - 25. (¬3) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ». ذكرَه فى أواخِرِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. قلتُ: ويؤيِّدُ ذلك ويُقَوِّيه ما قالَه الشَّيْخُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: إنَّ السَّيِّدَ إذا أخذَ حقَّه مِنَ المُكاتَبِ ظاهِرًا، ثم قال: هو حرٌّ. ثم بانَ مُسْتَحَقًّا، أنَّه لا يَعْتِقُ، كما تقدَّم نقْلُه فى بابِ الكِتابَةِ. الخامسةُ (¬1): ذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «واضِحِه»، أنَّه يُسْتَحَبُّ إعْلامُ المُسْتَفْتِى بمذهبِ غيرِه، إنْ كان أهْلًا للرُّخْصةِ، كطالِبِ التَّخَلُّصِ مِن الرِّبَا، فيدُلُّه على مَن يرَى التَّحَيُّلَ للخَلاصِ منه، والخُلْعَ بعَدَمِ وُقوعِ الطَّلاقِ. انتهى. ونقَل القاضى أبو الحُسَيْنِ فى «فُروعِه» فى كتابِ الطَّهارَةِ، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّهم جاءُوه بفَتْوَى، فلم تكُنْ على مذهَبِه، فقال: عليْكم بحَلْقَةِ المَدَنِيِّين. ففى هذا دَليلٌ على أنَّ المُفْتِىَ إذا جاءَه المُسْتَفْتِى، ولم يكُنْ له عندَه رُخْصةً، فله أَنْ يدُلَّه على صاحبِ مذهبٍ له فيه رُخْصَةٌ. وذكَر فى «طَبقاتِه»، قال الفَضْلُ بنُ زِيادٍ: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ، وسُئِلَ عن الرَّجُلِ يسْأَلُ عنِ الشَّئِ فى المَسائلِ، فهل عليه شئٌ مِن ذلك؟ فقال: إذا كان الرَّجُلُ مُتَّبِعًا أرْشَدَه إليه، فلا بأْسَ. قيل له: فيُفْتِى بقَوْلِ مالكٍ، وهؤلاءِ؟ قال: لا، إلَّا بسُنَّةِ رسُولِ اللَّهِ، صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم، وآثارِه، وما رُوِىَ عنِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فإنْ لم يكُنْ، فعَنِ التَّابِعينَ. انتهى. ويأْتِى التَّنْبِيهُ على ذلك فى أواخِرِ كتابِ القَضاءِ، فى أحْكامِ المُفْتِى. واللَّه سُبْحانَه وتَعالَى أعلمُ بالصَّوابِ. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الرابعة».

كتاب الطلاق

كِتَابُ الطَّلَاقِ وَهُوَ حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ الطَّلاقِ فائدة: قولُه: وهو حَلُّ قَيْدِ النِّكاحِ. وكذا قال غيرُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: حَلُّ قَيْدِ النِّكاحِ أو بعضِه بوُقوعِ ما يَمْلِكُه مِن عدَدِ الطَّلَقاتِ، أو

وَيُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِليْهِ، وَيُكرَهُ مِنْ غيْرِ حَاجَةٍ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَيُسْتَحَبُّ إِذَا كَانَ بَقَاءُ النِّكَاحِ ضَرَرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضِها. وقيل: هو تحْرِيمٌ بعدَ تحليلٍ، كالنِّكاحِ؛ تحْليلٌ بعدَ تحريمٍ. قوله: ويُباحُ عِندَ الحاجَةِ إليه، ويُكرَهُ مِن غيرِ حاجَةٍ. وعنه، أنَّه يَحْرُمُ، ويُستَحَبُّ إذا كان بَقاءُ النِّكاحِ ضَرَرًا. اعلمْ أنَّ الطَّلاقَ ينْقَسِمُ إلى أحكامِ التَّكليفِ الخَمْسَةِ، وهى؛ الإِباحَةُ، والاستِحْبابُ، والكَراهَةُ، والوُجوبُ، والتَّحريمُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالمُباحُ، يكونُ عندَ الحاجَةِ إليه، لسُوءِ خُلُقِ المرْأةِ، أو لسُوءِ عِشْرَتِها، وكذا للتَّضَرُّرِ منها مِن غيرِ حُصولِ الغرَضِ بها، فيُباحُ الطَّلاقُ فى هذه الحالَةِ مِن غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٍ أعلَمُه. والمَكروهُ، إذا كان لغيرِ حاجَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه يَحْرُمُ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُباحُ فلا يُكرَهُ ولا يَحرُمُ. والمُسْتَحَبُّ، وهو عندَ تَفريطِ المرأةِ فى حُقوقِ اللَّهِ الواجِبَةِ عليها، مثْلَ الصَّلاةِ ونحوِها، وكوْنِها غيرَ عفيفَةٍ، ولا يُمْكِنُ إجْبارُها على فِعلِ حُقوقِ اللَّهِ تعالَى؛ فهذه يُسْتَحَبُّ طَلاقُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يجِبُ؛ لكَوْنِها غيرَ عفيفَةٍ، ولتَفْرِيطِها فى حُقوقِ اللَّهِ تعالَى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وذكَر فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم، أنَّ المُسْتَحَبَّ هو فيما إذا كانتْ مُفَرِّطَةً فى حقِّ زَوجِها، ولا تَقُومُ بحُقوقِه. قلتُ: وفيه نظَرٌ. فائدتان؛ إحْداهما، زِنَى المرْأةِ لا يَفْسَخُ النِّكاحَ. نصَّ عليه. ونقَل المَرُّوذِىُّ، فى مَن يَسْكَرُ زوْجُ أُخْتِه، يُحوِّلُها إليه، وعنه أيضًا، أيُفَرِّقُ بينَهما؟ قال: اللَّهُ المُسْتَعانُ. الثَّانيةُ، إذا تَرَكَ الزَّوْجُ حقَّ اللَّهِ، فالمرْأَةُ فى ذلك كالزَّوْجِ، فتتَخَلَّصُ منه بالخُلعِ ونحوِه. والمُحَرَّمُ، وهو طَلاقُ الحائضِ، أو فى طُهرٍ أصابها فيه، على ما يأتِى إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى فى بابِ سُنَّةِ الطَّلاقِ وبِدعَتِه. والواجِبُ، وهو طَلاقُ المُولِى بعدَ التَّرَبُّصِ إذا أَبَى الفَيْئَةَ، وطَلاقُ الحَكَمَيْن إذا رأيا ذلك. قالَه الأصحابُ. ذكَر المُصَنِّف الثَّلاثَةَ الأوَلَ هنا، والرَّابعَ ذكَرَه فى بابِ سُنَّةِ الطَّلاقِ وبِدعَتِه، والخامِسَ ذكَره فى بابِ الإِيلاءِ. فائدة: لا يجِبُ الطَّلاقُ فى غيرِ ذلك. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجِبُ الطَّلاقُ إذا أمَرَه أَبُوه به، وقالَه أبو بَكرٍ فى «التَّنْبِيهِ».

وَيَصِحُّ مِنَ الزَّوْجِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْمُخْتَارِ، ومِنَ الصَّبِىِّ الْعَاقِلِ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجِبُ بشَرطِ أن يكونَ أَبُوه عَدلًا. وأمَّا إذا أمَرَته أُمُّه، فنَصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ: لا يُعْجِبُنِى طَلاقُه. ومنَعه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، منه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى بَيْعِ السُّرِّيَّةِ: إن خِفتَ على نَفسِكَ، فليس لها ذلك. وكذا نصَّ فيما إذا منَعاه مِنَ التَّزْوِيجِ. قوله: ومِنَ الصَّبِىِّ العاقلِ. يَصحُّ طَلاقُ المُمَيِّزِ العاقلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: والأصحابُ على وُقوعِ طَلاقِه، وهو المَنصوصُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى روايةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعَةِ؛ منهم عَبدُ اللَّهِ، وصالِحٌ، وابنُ مَنصُورٍ، والحسَنُ بنُ ثَوابٍ، والأَثرَمُ، وإسحاقُ بنُ هانِئٍ، والفَضلُ بنُ زِيادٍ، وحَربٍ، والمَيْمُونِىُّ. قال فى «الفُروعِ»: نقَله واختارَه أكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا اختِيارُ عامَّةِ الأصحابِ؛ الخِرَقِىِّ، وأبى بَكرٍ، وابنِ حامِدٍ، والقاضى، وأصحابِه؛ كالشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. قال فى «المُذْهَبِ»: يقَعُ طَلاقُ المُمَيِّزِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يصِحُّ منه حتى يبلُغَ. وجزَم به الأدَمِىُّ البَغدادِىُّ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واختارَه ابنُ أبى مُوسى وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ». قال فى «العُمْدَةِ»: ولا يصِح الطَّلاقُ إلَّا مِن زَوجٍ مُكَلَّفٍ مُختارٍ. وأَطْلَقَهما فى «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وعنه، يصِحُّ مِن ابنِ عَشْرِ سِنِين. نقَل صالِحٌ، إذا بلَغَ عشْرًا يَتَزَوَّجُ، ويُزَوِّجُ، ويُطَلقُ، واختارَه أبو بَكرٍ. وفى طَريقَةِ بعضِ الأصحابِ، فى طَلاقِ مُمَيِّزٍ رِوايَتان. وعنه، يصِحُّ مِن ابنِ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. قال الشَّارِحُ: أكثرُ الرِّواياتِ تحديدُ مَن يقَعُ طَلاقُه مِنَ الصِّبْيان بكَونِه يعْقِلُ. وهو اختِيارُ القاضى. وروَى أبو الحارِثِ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، إذا عقَلَ الطَّلاقَ، جازَ طَلاقُه ما بينَ عَشْر إلى ثِنْتَىْ عَشْرَةَ. وهذا يدُلُ على أنَّه لا يقَعُ ممَّنْ له دُونَ العَشْرِ، وهو اختيارُ أبى بَكرٍ. وتقدَّم شئٌ مِن ذلك فى أوَّلِ كتابِ البَيْعِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم فى أوَائلِ الخُلْعِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، هل يَصِحُّ طَلاقُ الأَبِ لزَوجَةِ ابنِه الصَّغيرِ؟.

وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ؟ كَالْمَجْنُونِ، والنَّائِمِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمُبَرْسَمِ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومن زالَ عَقْلُه بسَبَبٍ يُعْذَرُ فيهِ؛ كالمَجْنُونِ، والنَّائِمِ، والمُغْمَى عليه، والمُبَرْسَم، لم يَقعْ طَلاقُه. هذا صحيحٌ، لكنْ لو ذكَر المُغْمَى عليه والمَجْنونُ بعدَ أَنْ أَفاقَا أنَّهما طَلَّقا، وقَع الطَّلاقُ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ: هذا فى مَن جُنونُه بذَهابِ مَعرِفَتِه بالكُلِّيَّةِ. فأمَّا المُبَرْسَمُ، ومَن به نِشَافٌ، فلا يقَعُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: المُبَرْسَمُ، والموَسْوَسُ (¬1) إن عَقَلا الطَّلاقَ، لَزِمَهما. قال فى «الفُروعِ»: ويدْخُلُ فى كلامِهم، مَن غَضِبَ حتى أُغْمِىَ عليه، أو غُشِىَ عليه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يَدخُلُ ذلك فى كلامِهم بلا رَيبٍ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: إنْ غَيَّرَه الغَضَبُ ولم يَزُلْ عقْلُه، لم يقَعِ الطَّلاقُ؛ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «المسوس».

فَإِنْ زَالَ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهٍ كَالسَّكْرَانِ، وَمَنْ شَرِبَ مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه ألْجأَه وحمَلَه عليه فأَوْقَعَه وهو يكْرَهُه، ليَسْتَرِيحَ منه، فلم يَبقَ له قَصْدٌ صحيحٌ، فهو كالمُكرَهِ، ولهذا لا يُجابُ دُعاؤُه على نفسِه ومالِه، ولا يَلْزَمُه نَذْرُ الطَّاعَةِ فيه. قوله: وإن زالَ بِسَبَبٍ لا يُعْذَرُ فيه، كالسَّكرانِ، ففى صِحةِ طَلاقِه رِوايَتان.

لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَفِى صِحَّةِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ. وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِى قَتْلِهِ، وَقَذْفِهِ، وَسَرِقَتِهِ، وَزِنَاهُ، وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقهما الخِرَقِىُّ، والحَلْوانِىُّ فى كتابِ «الوَجْهَيْن»، و «الرِّوايتَيْن»، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المَذْهَبِ الأَحمَدِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الزُّبْدَةِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم؛ إحْداهما، يقَعُ. وهو المذهبُ. اختارَه أبو بَكرٍ الخَلَّالُ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «نهايةِ ابنِ رَزِينٍ». وجزَم به فى «الخُلاصةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال فى «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بعدَ المِائةِ»: هذا المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُفْلِح فى «أُصُولِه»: تُعْتَبَرُ أقْوالُه وأَفْعالُه فى الأشْهَرِ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وأكثرِ أصحابِه. وقدَّمه. وقال الطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ مُخْتَصَرِه»: هذا المشْهُورُ بينَ الأصحابِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يقَعُ. اخْتارَه أبو بَكرٍ عبْدُ العَزيزِ فى «الشَّافِى»، و «زادِ المُسافِرِ»، وابنُ عَقِيلٍ. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». واخْتارَه النَّاظِمُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وقدَّمه، وهو منها. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّسْهِيلِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ولا يَخفَى أنَّ أدِلَّةَ هذه الرِّوايةِ أَظْهَرُ. نقَل المَيْمُونِىُّ، كنتُ أقولُ: يَقعُ، حتى تَبَيَّنتُه، فغلَبَ علىَّ أنَّه لا يقَعُ. ونقَل أبو طالِبٍ، الذى لا يَأمُرُ بالطَّلاقَ إنَّما أَتَى خَصْلَةً واحدةً، والذى يَأمُرُ به أَتَى باثْنَتَيْن؛ حرَّمَها عليه، وأباحَها لغيرِه، ولهذا قيلَ: إنَّها آخِرُ الرِّواياتِ. قال الطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ الأُصُولِ»: هذا أشْبَهُ. وعنه، الوَقْفُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفى التَّحْقيقِ لا حاجَةَ إلى ذِكرِ هذه الرِّوايةِ؛ لأَنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، حيثُ تَوقَّفَ فللأصحابِ قولان، وقد نصَّ على القَوْلَيْنِ، واسْتَغْنَى عن ذِكْرِ الرِّوايةِ. قلتُ: ليس الأمْرُ كذلك، بل تَوقُّفُه لقُوَّةِ الأدِلَّةِ مِنَ الجانِبَيْن، فلم يقْطَعْ فيها بشئٍ. وحيثُ قال بقَوْلٍ، فقد ترَجَّح عندَه دَلِيلُه على غيرِه، فقطَع به. قوله: وكذلك يُخَرَّجُ فِى قَتْلِه، وقَذْفِه، وسَرِقَتِه، وزِناه، وظِهارِه، وإيلائِه. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»: وكذا بَيْعُه، وشِراؤُه، ورِدَّتُه، وإقْرارُه، ونَذْرُه، وغيرُها. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. اعلمْ أنَّ فى أَقوالِ السَّكرانِ وأفعالِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِواياتٍ صَرِيحاتٍ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ؛ إحْداهُنَّ، أنَّه مُؤاخَذٌ بها، فهو كالصَّاحِى فيها، وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بعدَ المِائةِ»: السَّكْرانُ يَشْرَبُ الخَمْرَ عمْدًا، فهو كالصَّاحِى فى أقْوالِه وأفْعالِه فيما عليه، فى المَشْهورِ مِنَ المذهبِ، بخِلافِ مَن سَكِرَ ببِنْجٍ، ونحوِه. انتهى. وتقدَّم كلامُ ابنِ مُفْلِحٍ فى «أُصُولِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه ليسَ بمُؤاخَذٍ بهما، فهو كالمَجْنونِ فى أقْوالِه وأفْعالِه. واخْتارَه النَّاظِمُ. وقدَّمه المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى إقْرارِه فى كتابِ الإِقْرارِ، وكذا قدَّمه كثيرٌ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ فى الإِقْرارِ، على ما يأْتِى. قال ابنُ عَقِيلٍ: هو غيرُ مُكَلَّفٍ. والرِّوايةُ الثَّالثةُ، أنَّه كالصَّاحِى فى أفْعالِه، وكالمَجْنونِ فى أقْوالِه. والرِّوايةُ الرَّابعةُ، أنَّه فى الحُدودِ كالصَّاحِى، وفى غيرِها كالمَجْنونِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايةِ المَيْمُونِىِّ: تَلْزَمُه الحُدودُ، ولا تَلْزَمُه الحُقوقُ. وهذا اختِيارُ أبى بَكرٍ فيما حكاه عنه القاضى، نقَله الزَّرْكَشِىُّ. والرِّوايةُ الخامسةُ، أنَّه فيما يسْتَقِلُّ به؛ مثْلُ قَتْلِه وعِتْقِه وغيرِهما، كالصَّاحِى، وفيما لا يسْتَقِلُّ به؛ كبَيْعِه، ونِكاحِه، ومُعاوَضاتِه، كَالمَجْنونِ. حَكَاها ابنُ حامِدٍ. قال القاضى: وقد أَوْمَأَ إليها فى رِوايةِ البِرْزَاطِىِّ، فقال: لا أقولُ فى طَلاقِه شيئًا. قيل له: فبَيْعُه وشِراؤُه؟ فقال: أمَّا بيْعُه وشِراؤُه، فغيرُ جائزٍ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: ونقَل عنه إِسْحاقُ بنُ هانِئٍ ما يحْتَمِلُ عكْسَ الرِّوايةِ الخامسَةِ، فقال: لا أقولُ فى طَلاقِ السَّكْرانِ وعِتْقِه شيئًا، ولكِنْ بيْعُه وشِراؤُه جائزٌ. وعنه، لا تَصِحُّ رِدَّتُه فقط، حَكاها ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه». ويأْتِى الخِلافُ فى قَتْلِه فى بابِ شُروطِ القِصاصِ فى كلامِ المُصَنِّفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، حَدُّ السَّكْرانِ الذى تَتَرتَّبُ عليه هذه الأحْكامُ؛ هو الذى يَخْلِطُ فى كَلامِه وقِراءَتِه، ويَسْقُطُ تَمْيِيزُه بينَ الأعْيانِ، ولا يُشْترَطُ فيه أن يكونَ بحيثُ لا يُمَيِّزُ بينَ السَّماءِ والأرْضِ، ولا بينَ الذَّكَرِ والأُنْثَى. قالَه القاضى وغيرُه، وقد أَوْمَأ إليه فى رِوايَةِ حَنْبَلٍ، فقال: السَّكْرانُ الذى إذا وَضَع ثِيابَه فى ثِيابِ غيرِه، فلم يعْرِفْها، أو وضَعْ نَعْلَه فى نِعالِهم، فلم يعْرِفْه، وإذا هَذَى فى أكثَرِ كلامِه، وكان مَعْروفًا بغيرِ ذلك. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يكفِى تخْلِيطُ كلامِه. ذكَره أكثرُهم فى بابِ حَدِّ السُّكْرِ. وضبَطَه بعضُهم، فقال: هو الذى يَخْتَلُّ فى كلامِه المَنْظُومِ، ويُبِيحُ بسِرِّه المَكْتُوم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وزَعَم طائفةٌ مِن أصحابِ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأحمدَ، رَحِمَهم اللَّهُ، أن النِّزاعَ فى وُقوعِ طَلاقِه إنَّما هو فى النَّشْوانِ، فأمَّا الذى تمَّ سُكْرُه بحيثُ لا يَفْهَمُ ما يقولُ، فإنَّه لا يَقَعُ به، قوْلًا واحدًا. قال: والأئمَّةُ الكِبارُ جعَلُوا النِّزاعَ فى الجميعِ. الثَّانيةُ، قال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: لا تصِحُّ عِبادَةُ السَّكرانِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: ولا تُقْبَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَلاتُه أربَعِين يَوْمًا حتى يتُوبَ. للخَبَرِ (¬1). وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. الثَّالثةُ، محَلُّ الخِلافِ فى السَّكرانِ عندَ جُمهورِ الأصحابِ، إذا كان آثِمًا فى سُكْرِه، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا؛ فإنَّ قوْلَه: فإنْ زالَ عقْلُه بسَبَبٍ لا يُعْذَرُ فيه، يدُلُّ عليه. فأمَّا إنْ أُكْرِهَ على السُّكْرِ، فحُكمُه حُكمُ المَجْنونِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ابنُ مُفلِحٍ فى «أُصولِه»: والمَعْذُورُ بالسُّكرِ كالمُغْمَى عليه. وقال القاضى فى «الجامِعِ الكَبِيرِ» فى كتابِ الطَّلاقِ: فأمَّا إن أُكْرِهَ على شُرْبِها، احتمَلَ أن يكونَ حُكمُه حُكمَ المُختارِ؛ لِمَا فيه مِن اللَّذَّةِ، واحتَمَلَ أن لا يكونَ حُكمُه حُكمَ المُختارِ؛ لسُقوطِ المَأْثَمِ عنه والحَدِّ. قال: وإنَّما يُخَرَّجُ هذا على الرِّوايةِ التى تقولُ: إنَّ الإِكْراهَ يُؤَثِّرُ فى شُرْبِها. فأمَّا إن قُلنا: لا يُؤَثِّرُ الإِكراهُ فى شُرْبِها. فحُكمُه حُكمُ المُختارِ. انتهى. قوله: ومَن شَرِبَ ما يُزيلُ عَقْلَه لغيرِ حاجَةٍ، ففى صِحَّةِ طَلاقِه رِوايَتان. اعلمْ ¬

(¬1) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى شارب الخمر، من أبواب الأشربة. عارضة الأحوذى 8/ 50 - 53. والنسائى، فى باب توبة شارب الخمر، من كتاب الأشربة. المجتبى 8/ 283، 284. وابن ماجه، فى: باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة، من كتاب الأشربة. سنن ابن ماجه 2/ 1120، 1121. والدارمى، فى: باب فى التشديد على شارب الخمر، من كتاب الأشربة. سنن الدارمى 2/ 111. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 189، 197.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ كثيرًا مِنَ الأصحابِ أَلْحقُوا بالسَّكْرانِ مَن شَرِبَ أو أكَلَ ما يُزِيلُ عقْلَه لغيرِ حاجَةٍ؛ كالمُزِيلاتِ للعَقْلِ غيرِ الخَمْرِ مِنَ المُحَرَّماتِ، والبِنْجِ، ونحوِه، فجَعَلُوا فيه الخِلافَ الذى فى السَّكرانِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ هنا، وفى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، والشَّارحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الزُّبْدَةِ». ومَن أَطْلَقَ الخِلافَ فى السَّكرانِ أَطْلَقَه هنا، إلَّا صاحِبَ «الخُلاصةِ» فإنَّه جَزم بالوُقوعِ مِن السَّكرانِ، وأَطْلقَ الخِلافَ هنا. وصحَّح فى «التَّصْحيحِ» الوُقوعَ فيهما. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه كالسَّكْرانِ. قال: لأنَّه قصَد إزالةَ العَقْلِ بسَبَبٍ مُحَرَّمٍ وقال فى «الواضِحِ»: إنْ تداوَى [ببِنْجٍ فسَكِرَ، لم يقَعْ. وصحَّحه فى «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بعدَ المِائَةِ». قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ. قال القاضى فى «الجامعِ الكَبيرِ»: إنْ زالَ عقْلُه بالبِنْجِ، نظَرْتَ، فإنْ تَداوَى] (¬1) به، فهو مَعْذُورٌ، ويكونُ الحُكمُ فيه كالمَجْنونِ، وإنْ تَنَاوَلَ ما يُزِيلُ عقْلَه لغيرِ حاجَةٍ، كان حُكمُه كالسَّكرانِ، والتَّداوِى حاجَةٌ. انتهى. قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا تَناوَلَه لحاجَةٍ، أنَّه لا يقَعُ، وصرَّح به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» وغيرِه. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَناوُلَ البِنْجِ ونحوِه لغيرِ حاجَةٍ إذا زالَ العَقْلُ به، كالمَجْنُونِ؛ لا يقَعُ طَلاقُ مَن تَناوَلَه. نَصَّ عليه؛ لأنَّه لا لَذَّةَ فيه. وفرَّق الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، بينَه وبينَ السَّكرانِ، فأَلحَقَه بالمَجنونِ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، ومالَ إليه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلاقِ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُنَوِّرِ»: لا يقَعُ مِنْ زائلِ العَقلِ إلَّا بمُسْكِرٍ مُحَرَّمٍ. وهو الظَّاهِرُ مِن كلامِ الخِرَقِىِّ، فإنَّه قال: وطَلاقُ الزَّائلِ العَقْلِ بلا سُكْرٍ لا يقَعُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قد يدْخُلُ ذلك فى كلامِ الخِرَقِىِّ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وإنْ أثِمَ بسُكْرٍ ونحوِه فرِوايَتان. ثم ذكَر حُكْمَ البِنْجِ ونحوِه. فائدتان؛ إحْداهما، قال الزَّرْكَشِىُّ: وممَّا يَلْحَقُ بالبِنْجِ الحَشِيشَةُ الخَبِيثَةُ. وأبو العَبَّاسِ يرَى أنَّ حُكمَها حُكمُ الشَّرابِ المُسْكِرِ، حتى فى إيجابِ الحَدِّ. [وهو الصَّحيحُ، إنْ أسْكَرَتْ أو كثِيرُها، وإلَّا حَرُمَتْ، وعُزِّرَ فقط فيها فى الأَظْهَرِ، ولو طَهُرَتْ] (¬1). [فرَّق أبو العبَّاسِ] (¬2) بينَها وبينَ البِنْجِ، بأنَّها تُشْتَهَى وتُطْلَبُ، فهى كالخَمْرِ بخِلافِ البِنْجِ. فالحُكمُ عندَه مَنُوطٌ باشْتِهاءِ النَّفْسِ لها وطَلَبِها. الثَّانيةُ، قال فى «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بعدَ المِائةِ»: لو ضُرِبَ برَأسِه فجُنَّ، لم يقَعْ طَلاقُه على المَنصُوصِ. وعلَّلَه. قوله: ومَن أُكرِهَ على الطَّلاقِ بغيرِ حَقٍّ، لم يقَعْ طَلاقُه. هذا المذهبُ مُطلَقًا. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) فى الأصل، ط: «يفرق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعَةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُشْترَطُ فى الوُقوعِ، أَنْ يكونَ المُكْرِهُ -بكَسْرِ الرَّاءِ- ذا سُلْطانٍ.

وَإِنْ هَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ، قَادِرٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ، فَهُوَ إِكْرَاهٌ. وَعَنْهُ، لَا يَكُونُ مُكْرَهًا، حَتَّى يُنَالَ بِشَىْءٍ مِنَ الْعَذَابِ؛ كَالضَّرْبِ، وَالْخَنْقِ، وَعَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ هَدَّدَه بالقَتلِ أو أخذِ المالِ ونَحوِه، قادِرٌ يغْلِبُ على ظَنِّه وُقُوعُ ما هَدَّدَه به، فهو إكراهٌ. هذا المذهبُ، صحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. واختارَه ابنُ

السَّاقِ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِىُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهما، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وعنه، لا يكونُ مُكْرَهًا حتى يُنالَ بشئٍ مِنَ العَذابِ؛ كالضَّربِ، والخَنْقِ، وعَصْرِ السَّاقِ. نصَّ عليه فى روايةِ الجماعَةِ. واختارَه الخِرَقِىُّ، والقاضى، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرَازِىُّ. وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، وقدَّمه فى «الخُلاصةِ». وهو مِنَ المُفرَداتِ. وأَطْلَقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى تهْديدِه بغيرِ القَتلِ والقَطعِ. وقطَع فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، أنَّ الطَّلاقَ لا يقَعُ إذا هدَّدَه بالقَتلِ أو القَطعِ. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، أنَّه يقَعُ إذا هُدِّدَ بهما. وعنه، إن هدَّدَه بقَتلٍ أو قَطعِ عُضْوٍ، فإكْراهٌ، وإلَّا فلا. قال القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»: التَّهْديدُ بالقَتْلِ إكْراهٌ، روايةً واحدةً. وتبِعَه المَجْدُ فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وزادَ: وقَطْعُ طَرَفٍ. كما تقدَّم عنهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، يُشْتَرَطُ للإِكْراهِ شُروطٌ؛ أحدُها، أن يكونَ المُكْرِهُ -بكَسْرِ الرَّاءِ- قادِرًا بسُلْطانٍ، أو تَغَلُّبٍ كاللِّصِّ ونحوِه. الثَّانى، أن يَغْلِبَ على ظنِّه نزُولُ الوَعيدِ به، إن لم يُجِبْه إلى ما طلَبَه، مع عَجْزِه عن دَفْعِه وهَرَبِه واخْتِفائِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، أن يكونَ ممَّا يَسْتَضِرُّ به ضرَرًا كثيرًا؛ كالقَتلِ، والضَّربِ الشَّديدِ، والحَبسِ والقَيْدِ الطَوِيلَيْن، وأَخْذِ المالِ الكثيرِ. زادَ فى «الكافِى»، والإِخْراجِ مِنَ الدِّيارِ. وأَطْلَقَ جماعةٌ الحَبْسَ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وأمَّا الضَّربُ اليَسِيرُ، فإن كان فى حقِّ مَن لا يُبالِى به، فليس بإكْراهٍ، وإن كان فى ذَوِى المُروءاتِ على وَجْهٍ يكُونُ إخْراقًا بصاحبِه وغَضًّا له وشُهْرَةً له فى حقِّه، فهو كالضَّرْبِ الكثيرِ فى حقِّ غيرِه. انتهيا. فأمَّا السَّبُّ والشَّتْمُ والإِخْراقُ، فلا يكونُ إكراهًا، روايةً واحدةً. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: إخْراقُ مَنْ يُؤْلِمُه ذلك إكراهٌ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الواضِحِ». قال القاضى فى «الجامعِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَبِيرِ»: الإِكراهُ يخْتَلِفُ، فلا يكونُ إكراهًا، رِوايةً واحدةً، فى حقِّ كلِّ أحَدٍ؛ ممَّنْ يتَأَلَّمُ بالشَّتْمِ أو لا يتَأَلَّمُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهو قولٌ حسَنٌ. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «مُخْتَصَرِه»: لا يقَعُ الطَّلاقُ مِن مُكرَهٍ، لا بشَتْمٍ وتوَعُّدٍ لسُوقَةٍ. الثَّانيةُ، ضَرْبُ وَلَدِه وحَبْسُه ونحوُهما إكراهٌ لوالِدِه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. صحَّحه فى «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وغيرِهما. واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، فلا يَقَعُ طَلاقُ الوالِدِ. وقيل: ليس بإكراهٍ له. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ ضَرْبَ والدِه ونحَوَه وحَبْسَه كضَربِ وَلَدِه. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: ويَتَوَجَّهُ تعْدِيَتُه إلى كلِّ مَن يَشُقُّ عليه تَعْذيبُه مشَقَّةً عظيمةً؛ مِن والدٍ وزَوْجَةٍ وصديقٍ. الثَّالثةُ، لو سُحِرَ ليُطَلِّقَ، كان إكراهًا. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. قلتُ: بل هو مِن أَعْظَمِ الإِكْراهاتِ. [ذكرَه ابنُ القَيِّمِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وابنُ نَصْرِ اللَّهِ، وغيرُهم. وهو واضِحٌ، وهو المذهبُ الصَّحيحُ] (¬1). الرَّابعَةُ، يَنْبَغِى للمُكْرَهِ، بفَتْحِ الرَّاءِ، إذا أُكِرهَ على الطَّلاقِ، وطلَّقَ، أن يتَأَوَّلَ، فإنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بلا عُذرٍ، لم يَقَعِ الطَّلاقُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقيل: تَطْلُقُ. وأطْلَقَهما فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: إن نَوَى المُكْرَهُ ظُلْمًا غيرَ الظَّاهرِ، نَفَعَه تأوِيلُه، وإن ترَكَ ذلك جَهْلًا أو دَهْشَةً، لم يَضُرَّه، وإن ترَكَه بلا عُذْرٍ، احْتَمَلَ وجْهَيْن. انتهى. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ولا نِزاعَ عندَ العامَّةِ، أنَّه إذا لم يَنْوِ الطَّلاقَ، ولم يتَأَوَّلْ بلا عُذْرٍ، أنَّه لا يقَعُ. ولابنِ حَمْدانَ احْتِمالٌ بالوُقوعِ، والحَالَةُ هذه. انتهى. وكذا الحُكمُ لو أُكرِهَ على طَلاقِ مُبْهَمَةٍ، فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً. وقال فى «الانْتِصارِ»: هل يقَعُ لَغْوًا، أو يقَعُ بنِيَّةِ الطَّلاقِ؟ فيه رِوايَتان. [يعْنِى أنَّ طَلاقَ المُكْرَهِ، هل هو لَغْوٌ لا حُكْمَ له، أو هو بمَنْزِلَةِ الكِنايةِ إنْ نوَى الطَّلاقَ، وَقَع، وإلَّا فلا؟ وفيه الخِلافُ، كما سيَأْتِى ذلك، فى «الفائدَةِ السَّادِسَةِ والخَمْسِين» صرِيحًا فيهما] (¬1). الخامسةُ، لو قصَدَ إيقاعَ الطَّلاقِ دُونَ دَفْعِ الإِكراهِ، وقَع الطَّلاقُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه القاضى، وجماعَةٌ مِنَ المُتَأَخِّرِين. ويَحْتَمِلُ أن لا يَقَعَ، وهما ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِى النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، كِالنِّكَاحِ بِلَا وَلِىٍّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَاختَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لا يَقعُ حَتَّى يَعْتَقِدَ صِحَّتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمالان فى «الجامعِ الكَبِيرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ لو أُكْرِهَ فطَلَّقَ، ونوَى به الطَّلاقَ، فقيل: لا يقَعُ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقيل: إنْ نَوَى، وقَع، وإلَّا فلا، كالكِنايةِ. حَكاهما فى «الانْتِصارِ». وحكَى شيْخُه، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، ما يدُلُّ على رِوايتَيْن، وجعَل الأَشْبَهَ الوُقوعَ، أوْردَه أبو محمدٍ مذهبًا. السَّادسةُ، الإِكراهُ على العِتْقِ واليَمِينِ ونحوِهما، كالإِكْراهِ على الطَّلاقِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَنْعَقِدُ يَمِينُه. قال فى «الفُروعِ»: ويَتَوَجَّهُ غيرُها مِثْلَها. قوله: ويَقَعُ الطَّلاقُ فى النِّكاحِ المُختَلَفِ فيه، كالنِّكاحِ بلا وَلِىٍّ عِنْدَ أصحابِنَا -قلتُ: ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وهو المذهبُ- واختارَ أبو الخَطَّابِ أنَّه لا يقَعُ حتى يَعْتَقِدَ صِحَّتَه. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «المُذْهَبِ»: وهو الصَّحيحُ عندِى. واختارَه صاحِبُ «التَّلْخيصِ». قال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»: حَمَلَه أصحابُنا على أنَّ طَلاقَه يقَعُ وإنِ اعْتَقَدَ فَسادَ النِّكاحِ. وقال أبو الخَطَّابِ: كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، مَحْمولٌ على مَنِ اعْتَقَدَ صِحَّةَ النِّكاحِ؛ إمَّا باجْتِهادٍ أو تقْليدٍ، فأمَّا مَنِ اعْتَقَدَ بُطْلانَه، فلا يقَعُ طَلاقُه. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا بالوُقوعِ فيه، فإنَّه يكونُ طَلاقًا بائنًا. قالَه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. قلتُ: فيُعايَى بها. الثَّانيةُ، يجوزُ الطَّلاقُ فى النِّكاحِ المُخْتَلَفِ فيه فى الحَيْضِ، ولا يُسَمَّى طَلاقَ بِدْعَةٍ. قلتُ: فيُعايَى بها. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يقَعُ الطَّلاقُ فى نِكاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلانِه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يَقَعُ. اختارَه أبو بَكرٍ فى «التَّنْبِيهِ». فائدة: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقَعُ الطَّلاقُ فى نِكاحِ فُضُولِىٍّ قبلَ إجازَتِه، وإِنْ بَعُدَ بها، وعليه الأصحابُ، وفيه احْتِمالٌ بالوُقُوعِ. ذكَره صاحِبُ «الرِّعايَةِ الكُبْرى» مِن عندِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ طَلاقَ الفُضُولِىِّ كبَيْعهِ. ذكرَه فى «الفُروعِ» فى بابِ أرْكانِ النِّكاحِ.

وَإِذَا وَكَّلَ فِى الطَّلاقِ مَنْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ، صَحَّ طَلَاقُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا وَكَّلَ فى الطَّلاقِ مَن يَصحُّ تَوكِيلُه، صَحَّ طَلاقُه. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ صحَّ طَلاقُ مُمَيِّزٍ، صحَّ تَوْكِيلُه. وذكرَ ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً اختارَها أبو بَكرٍ، يعْنِى ولو صحَّ طَلاقُه، لم يصِحَّ توْكِيلُه [فيه، وإنْ لم يَصحَّ طَلاقُه لم يَصِحَّ تَوكيلُه] (¬1)، نصَّ عليهما. ذكَره فى بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. ¬

(¬1) سقط من: ط، أ.

وَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ، إِلَّا أَنْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله أن يُطَلِّقَ متى شاء، إِلَّا أَنْ يَحُدَّ له حَدًّا. أو يَفْسَخَ، أو يطَأَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الوَطْءَ عَزْلٌ للوَكِيلِ (¬1)، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا ينْعَزِلُ به. وهو رِوايةٌ فى «الفُروعِ»، ذكَرَه فى بابِ الوَكالَةِ، وقال: فى بُطْلانِها بقُبْلَةٍ خِلافٌ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَلَا يُطَلِّقُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ إِلَيْهِ. وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ فِيهِ، فَلَيْسَ لأحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ، إِلَّا بِإِذْنٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُطَلِّقُ أكْثَرَ مِن واحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إليه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». وقيل: له أن يُطَلِّقَ أكثرَ مِن واحدةٍ، إن لم يَحُدَّ له حدًّا. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: فله أن يُطَلِّقَ متى شاءَ وما شاءَ، إلَّا أن يَحُدَّ فى ذلك حدًّا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وأطْلَقَهما فى «النَّظمِ». فائدة: لو وَكَّله فى ثَلاثٍ، فطَلَّقَ واحدةً، أو وَكَّلَه فى واحدةٍ، فطَلَّقَ ثلاثًا، طَلُقَتْ واحدةً، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه. وإنْ خيَّرَه مِن ثلاثٍ، مَلَكَ اثْنَتَيْن فأقَلَّ، ولا يَمْلِكُ بالإِطْلاقِ تعْليقًا. ذكرَه فى «الفُروعِ» فى بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. [ويأْتِى فى آخِرِه أيضًا، هل يقَعُ مِنَ الوَكيلِ بالكِنايَةِ إذا وَكَّلَه بالصَّرِيحِ أمْ لا؟] (¬1). قوله: وإن وكَّلَ اثْنَيْن فيه، فليس لأحَدِهما الانفِرادُ به، إلَّا بإذْنٍ. وهذا بلا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ وَكَّلَهُمَا فِى ثَلَاثٍ، فَطَلَّقَ أحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ، وَقَعَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. قوله: فإنْ وكَّلَهما فى ثَلاثٍ، فطَلَّقَ أحدُهما أكْثَرَ مِن الآخَرِ، وقَعَ ما اجْتَمَعَا عليه. فلو طلَّقَ أحدُهما واحدةً، والآخَرُ أكثرَ، فواحِدَةٌ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفيه نظَرٌ. فائدتان؛ إحْداهما، ليس للوَكيلِ المُطَلِّقِ الطَّلاقُ وَقْتَ بدْعَةٍ، فإنْ فَعَل، حَرُمَ ولم يقَعْ. صحَّحه النَّاظِمُ. وقيل: يَحْرُمُ ويقَعُ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، حيث قال: وله أن يُطَلِّقَ متى شاء. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، كما تقدَّم قريبًا. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». الثَّانيةُ، تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ أنَّه رجع عنِ الوَكالَةِ قبلَ إيقاعِ الوَكِيلِ الطَّلاقَ عندَ أصْحابِنا. قالَه فى

وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِى نَفْسَكِ. فَلَهَا ذَلِكَ، كَالْوَكِيلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكرَ فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ» فى تعْليقِ الوَكالَةِ، أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، نصَّ فى رِوايةِ أبى الحارِثِ، أنَّه لا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وجزَم به فى «التَّرْغيبِ»، والأَزَجِىُّ فى عَزْلِ المُوَكَّلِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. قال: وكذا دَعْوَى عِتْقِه ورَهْنِه، ونحوِه. وعادَةُ كثيرٍ مِنَ المُصَنِّفِينَ ذِكْرُ الوَكالَةِ فى الطَّلاقِ فى آخِرِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه، عندَ قوْلِه: أَمْرُكِ بيَدِكِ. ونحوِه. قوله: وإن قال لامْرأَتِه: طَلِّقِى نَفْسَكِ. فلها ذلك، كالوَكِيلِ. إذا قال لها: طَلِّقِى نَفْسَكِ. صحَّ ذلك، كتَوْكِيلِ الأجْنَبِىِّ فيه، بلا نِزاعٍ. فإن نَوَى عَدَدًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو على ما نَوَى، وإن أَطْلَقَ مِن غيرِ نِيَّةٍ، لم تَمْلِكْ إلَّا واحدةً، على ما يأتِى فى كلام المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ صَرِيحِ. الطَّلاقِ وكِنايَتِه. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ هناك، لو قال لها: طَلِّقِى نفْسَكِ. فقالتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِى. ويأْتِى هناك ما تَمْلِكُ بقَوْلِه لها: طَلاقُكِ بيَدِكِ. أو: وَكَّلْتُكِ فى الطَّلاقِ. وصِفَةُ طَلاقِها، وفُروعٌ أُخَرُ مُسْتَوْفاةٌ مُحَرَّرَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ لها أَنْ تُطَلِّقَ نفْسَها فى مَجْلِسِ الوَكالَةِ وبعدَه ما لم يَبْطُلْ حُكمُ الوَكالَةِ، كالوَكِيلِ الأجْنَبِىِّ، وكـ: أمْرُكِ بيَدِكِ، وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ ما فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. ورَجَّحه فى «الكافِى». قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهو أَوْلَى. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقال القاضى: إذا قال لامْرَأَتِه: طَلِّقِى نفْسَكِ. تقَيَّدَ بالمَجْلِسِ، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويأْتِى فى آخِرِ بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا قال لها: أمْرُكِ

وَإِنْ قَالَ لها: اخْتَارِى مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْتِ. لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بيَدِكِ. أو: اختارِى نفْسَكِ. هل يتَقَيَّدُ بالمَجْلِسِ أَوْ لا؟ وتأْتِى أيضًا هذه المسْألَةُ هناك.

باب سنة الطلاق وبدعته

بَابُ سنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ السُّنَّة فِى الطَّلَاقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، ثمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِىَ عِدَّتهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ سُنَّةِ الطَّلاقِ وبِدْعَتِه قوله: السُّنَّةُ أَنْ يُطَلِّقَها واحِدَةً فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، ثم يَدَعَها حتى تنْقَضِىَ عِدَّتُها. وهذا بلا نِزاعٍ. ولو طلَّقَها ثلاثًا فى ثلاثَةِ أَطْهارٍ، كان حُكمُ ذلك حُكمَ جَمْعِ الثَّلاثِ فى طُهْرٍ واحدٍ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: طَلاقُ السُّنَّةِ واحدةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم يتْرُكُها حتى تَحِيضَ ثلاثَ حِيَضٍ.

وَإِنْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا فِى حَيْضِهَا، أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، وَيَقَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ طَلَّقَ المَدْخُولَ بها فى حَيْضِها، أو طُهْرٍ أصابَها فيه، فهو طلاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ، ويَقَعُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ طَلاقَها فى حَيْضِها أو طُهْرٍ أَصابَها فيه، مُحَرَّمٌ، ويقَعُ. نصَّ عليهما، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ وتِلْمِيذُه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهما اللَّهُ: لا يقَعُ الطَّلاقُ فيهما. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختارَ طائفةٌ مِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، عدَمَ الوُقوعِ فى الطَّلاقِ المُحَرَّمِ. وقال أيضًا: ظاهرُ كلامِ ابنِ أبى مُوسى، أنَّ طَلاقَ المُجامَعَةِ مَكْرُوهٌ، وطَلاقَ الحائضِ مُحَرَّمٌ. تنبيه: مُرادُه بقولِه: أو طُهْرٍ أصابَها فيه. إذا لم يَسْتَبِنْ حمْلُها، فإنِ اسْتَبانَ حمْلُها، فلا سُنَّةَ لطَلاقِها ولا بِدْعَةَ، على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. والعِلَّةُ فى ذلك احتِمالُ أن تكونَ حامِلًا، فيَحْصُلُ النَّدَمُ، فإن كان الحَمْلُ مُسْتَبِينًا، فقد طلَّقَ وهو على بَصِيرَةٍ، فلا يَخافُ أمْرًا يتَجَدَّدُ معه النَّدَمُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، قال فى «المُحَرَّرِ»: وكذا الحُكمُ لو طلَّقها فى آخِرِ طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه. يعْنِى، أنَّه طَلاقُ بِدْعَةٍ ومُحَرَّم، ويقَعُ. وتبِعَه شارِحُه على ذلك، وصاحِبُ «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وسَبَقَهم إليه القاضى فى «المُجَرَّدِ». وجماهيرُ الأصحابِ على أنّه مُباحٌ والحالَةُ هذه، إلَّا على رِوايةِ أنَّ القُروءَ الأَطْهارُ. واختارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ أيضًا. الثَّانيةُ، أكثرُ الأصحابِ على أنَّ العِلَّةَ فى مَنْعِ

وَتُسْتَحَبُّ رَجْعَتُهَا. وَعَنْهُ أَنَّهَا وَاجبَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّلاقِ زَمَنَ الحَيْضِ، هى تَطْويلُ العِدَّةِ. وخالَفَهم أبو الخَطَّابِ، فقال: لكَوْنِه فى زَمَنِ رَغْبَتِه عنها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وقد يقالُ: إنَّ الأَصْلَ فى الطَّلاقِ النَّهْىُ عنه، فلا يُباحُ إلَّا وَقْتَ الحاجَةِ، وهو الطَّلاقُ الذى تَتَعَقَّبُه العِدَّةُ؛ لأنَّه لا بُدَّ مِن عِدَّةٍ. الثَّالثةُ، اختلَفَ الأصحابُ فى الطَّلاقِ فى الحَيضِ، هل هو مُحَرَّمٌ لحَقِّ اللَّهِ فلا يُباحُ وإنْ سأَلَتْه إيَّاه، أو لحَقِّها فيُباحُ بسُؤالِها؟ فيه وَجْهان. قال الزَّرْكَشِىُّ: والأَوَّلُ ظاهرُ إطْلاقِ الكِتابِ والسُّنَّةِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه. لكنِ الذى جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم، أنَّ خُلْعَ الحائضِ -زادَ فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، وطَلاقَها- بسُؤالِها غيرُ مُحَرَّمٍ ولا بِدْعَةٍ. ذكرَه أكثرُهمْ فى كتابِ الخُلْعِ. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولا سُنَّةَ لخُلْعٍ ولا بِدْعَةَ، بل لطَلاقٍ بعِوَضٍ. وتقدَّم ذلك أيضًا فى بابِ الحَيْضِ عندَ قوْلِه: ويَمْنَعُ سُنَّةَ الطَّلاقِ. الرَّابعةُ، العِلَّةُ فى تحْريمِ جَمْعِ الثَّلاثِ، سَدُّ البابِ عليه، وعدَمُ المَخْرَجِ له. وقال بعْضُهم: هل العِلَّةُ فى النَّهْى عن جَمْعِ الثَّلاثِ التَّحْرِيمُ المُسْتَفادُ فها، أو تَضْيِيعُ الطَّلاقِ لا فائدةَ له؟ ويَنْبَنِى على ذلك تحْريمُ جَمْعِ الطَّلْقتَيْن (¬1). الخامسةُ، قال فى «التَّرْغيبِ»: تَحَمُّلُ المرْأَةِ بماءِ الرَّجُلِ فى مَعْنَى الوَطْءِ. قال: وكذا وَطْؤُها فى غيرِ القُبُلِ؛ لوُجوبِ العِدَّةِ. قلتُ: وفيه نظَرٌ ظاهرٌ. قوله: وتُسْتَحَبُّ رَجْعَتُها. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ ¬

(¬1) فى الأصل: «المطلقتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرهم. وعنه، أنَّها واجِبَةٌ. ذكرَها فى «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، وهو قوْلٌ فى «الرِّعايتَيْن»، فيما إذا وطِئَ فى طُهْرٍ طلَّقَها فيه. وعنه، أنَّها واجِبَةٌ فى الحَيْضِ. اختارَها فى «الإِرْشادِ»، و «المُبْهِجِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو علَّق طَلاقَها بقِيامِها، فقامَتْ حائِضًا، فقال فى «الانْتِصارِ»: هو طَلاقٌ مُباحٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هو طَلاقٌ بِدْعِىٌّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وذكرَ المُصَنِّفُ، إن علَّق الطَّلاقَ بقُدومِ زَيْدٍ، فقَدِمَ فى حَيْضِها، فبدْعَةٌ ولا إثْمَ. قلتُ: مُقْتَضَى كلامِ أبى الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، أنَّه مُباحٌ، بل أَوْلَى بالإِباحَةِ، وهو أَوْلَى. وجزَم فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» بأنَّه إذا وقَع ما كان علَّقه وهى حائضٌ، أنَّه يَحْرُمُ ويَقَعُ. الثَّانيةُ، طَلاقُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الطُّهْرِ المُتَعَقِّبِ للرَّجْعَةِ بِدْعَةٌ فى ظاهرِ المذهبِ. واخْتارَه الأكثرُ. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وصحَّحه فى «الرِّعايَةِ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهما. قلتُ: فيُعايَى بها. وعنه، يجوزُ. زادَ فى

وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، كُرِهَ. وَفِى تَحْرِيمِهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»، ويَلْزَمُه وَطْؤُها. قوله: وإن طلَّقَها ثَلاثًا فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، كُرِهَ، وفى تَحْرِيمِه رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»؛ إحْداهما، يَحْرُمُ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايةِ ابنِ هانِئٍ، وأبى داودَ، والمَرُّوذِىِّ، وأبى بَكرِ بنِ صَدَقَةَ، وأبى الحارِثِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، وغيرِهم. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: اختارَه الأكثرُ. قلتُ: منهم أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والقاضى أبو الحُسَيْنِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن أنَّه يَحْرُمُ. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليس بحرامٍ. اختارَها الخِرَقِىُّ، وقدَّمها فى «الرَّوْضَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». قال الطُّوفِىُّ: ظاهرُ المذهبِ أنَّه ليس ببدْعَةٍ. قلتُ: ليس كما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال. وعنه، الجَمْعُ فى الطُّهْرِ بدْعَةٌ، والتَّفْريقُ فى الأَطْهارِ مِن غيرِ مُراجَعَةٍ سُنَّةٌ. فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، يكونُ الطَّلاقُ على هذه الصِّفَةِ مكْروهًا. ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ هنا، وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل أبو طالِبٍ، هو طَلاقُ السُّنَّةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وعلى المذهبِ، ليس له أَنْ يُطَلِّقَ ثانيةً وثالثةً قبلَ الرَّجْعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَها أكثرُ الأصحابِ؛ كأبى بَكرٍ، والقاضى، وأصحابِه. قال: وهو أصحُّ. وعنه، له ذلك قبلَ الرَّجْعَةِ. فائدة: لو طلَّق ثانيةً وثالثةً فى طُهْرٍ واحدٍ، بعدَ رَجْعَةٍ أو عَقْدٍ لم يكُنْ بِدْعَةً بحالٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «الانْتِصارِ» رِوايةَ تحْريمِه حتى تفْرُغَ العِدَّةُ، وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرَّوْضَةِ»، فيما إذا رجَع. قال: لأنَّه طوَّلَ العِدَّةَ، وأنَّه مَعْنَى نَهْيِه تعالَى بقولِه: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (¬1). تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ طَلاقَها اثْنَتَيْن ليس كطَلاقِها ثلاثًا، وهو صحيحٌ، اختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: حُكمُه حُكمُ الطَّلاقِ الثَّلاثِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، ¬

(¬1) سورة البقرة 231.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأَطْلَقَهما فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وقال: وقد يَحْسُنُ بِناءُ رِوايَتَىْ تَحْريمِ الطَّلاقِ مِن غيرِ حاجَةٍ على أصْلٍ. قالَه أبو يَعْلَى فى «تَعْليقِه الصَّغِيرِ»، وأبو الفَتْحِ ابنُ المَنِّىِّ، وهو أنَّ النِّكاحَ لا يقَعُ إلّا فَرْضَ كِفايَةٍ، وإن كان ابْتداءُ الدُّخولِ فيه سُنَّةً. انتهى. وقال بعضُ الأصحابِ: مأْخَذُ الخِلافِ أنَّ العِلَّةَ فى النَّهْى عن جَمْعِ الثَّلاثِ، هل هى التَّحْريمُ المُسْتَفادُ منها، أو تَضْيِيعُ الطَّلاقِ لا فائدةَ له؟ فيَنْبَنِى على ذلك جَمْعُ الطَّلْقَتَيْن. فائدة: إذا طلَّقَها ثلاثًا مُتَفَرِّقَةً بعدَ أن راجَعَها، طَلُقَتْ ثلاثًا، بلا نِزاعٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، منهم الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وإنْ طلَّقَها ثلاثًا مَجْموعَةً أو مُتَفَرِّقَةً قبلَ رَجْعَةٍ واحدةٍ، طَلُقَتْ ثلاثًا [وإنْ لم يَنْوِها] (¬1)، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه مِرارًا، وعليه الأصحابُ، بل الأئمَّةُ الأرْبَعَةُ، رَحِمَهم اللَّهُ، وأصحابُهم فى الجُمْلَةِ. وأوْقَع الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، مِن ثَلاثٍ مَجْمُوعَةٍ أو مُتَفَرِّقَةٍ قبلَ رَجْعَةٍ، طَلْقَةً واحدةً، وقال: لا نعْلَمُ أحدًا فرَّقَ بين الصُّورَتَيْن. وحَكَى عدَمَ وُقوعِ الطَّلاقِ الثَّلاثِ جُمْلَةً، بل واحدةً فى المَجْمُوعَةِ أوِ المُتَفَرِّقَةِ، عنِ جَدِّه المَجْدِ، وأنَّه كان يُفْتِى به أحْيانًا سِرًّا. ذكَرَه عنه فى «الطَّبَقاتِ»؛ لأنَّه مَحْجورٌ عليه، إذَنْ فلا يَصِحُّ، كالعُقودِ المُحَرَّمَةِ لحقِّ اللَّهِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالَى. [وظاهرُه، ولو وَجَبَ عليه فِراقُها؛ لإمْكانِ حُصولِه بخُلْعٍ بعِوَضٍ يُعارِضُ لَفْظَ الطَّلاقِ ونِيَّتِه، فَضْلًا عن حُصولِه بنَفْسِ طَلْقَةٍ واحدةٍ أو طَلَقاتٍ] (¬1). وقال عن قولِ عمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى إيقاعِ الثَّلاثِ: إنَّما جعَله؛ لإِكْثارِهم منه؛ فعاقَبَهم على الإِكْثارِ منه، لمَّا عصَوْا بجَمْعِ الثَّلاثِ، فيكونُ عُقوبَةَ مَن لم يتَّقِ اللَّهَ مِنَ التَّعْزيرِ الذى يُرْجَعُ فيه إلى اجْتِهادِ الأئمَّةِ، كالزِّيادَةِ على الأرْبَعِين فى حَدِّ الخَمْرِ؛ لمَّا أكثرَ النَّاسُ منها وأَظْهَرُوه، ساغَتِ الزِّيادَةُ عُقوبَةً. انتهى. [واخْتارَه الحِلِّىُّ (¬2) وغيرُه مِنَ المالِكِيَّةِ؛ لحديثٍ صحيحٍ فى «مُسْلِمٍ» (¬3) يقْتَضِى أنَّ المُرادَ بالثَّلاثِ فى ذلك ثَلاثُ مرَّاتٍ، لا أنَّ المُرادَ بذلك ثَلاثُ تَطْليقاتٍ. فعليه لو أرادَ به الإِقْرارَ، لَزِمَتْه الثَّلاثُ اتِّفاقًا إنِ امْتَنَعَ صِدْقُه، وإلَّا فظاهِرًا فقط] (¬4). واختارَه أيضًا ابنُ القَيِّمِ وكثيرٌ مِن أتباعِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: هو ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) لم نجده. (¬3) أخرجه مسلم، فى: باب طلاق الثلاث، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم 2/ 1099. (¬4) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مذهبُ أصحاب ابنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، كعَطاءٍ، وطاوُسٍ، وعمرِو بنِ دِينارٍ، رَحِمَهم اللَّهُ. نقَلَه الحافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أحمدُ بنُ حَجَرٍ فى «فَتْحِ البارِى شَرْحِ البُخارِىِّ» (¬1). وحكَى المُصَنِّفُ، عن عطاءٍ، وطاوُسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وأبى الشَّعْثاءِ، وعمرِو بنِ دِينارٍ، أنَّهم كانوا يقُولُون: مَن طلَّقَ البِكْرَ ثلاثًا، فهى واحِدَةٌ. وقال القُرْطُبِىُّ فى «تَفْسيرِه» (¬2)، على قوْلِه تعالَى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (¬3): اتَّفَقَ أئمَّةُ الفَتْوَى على لُزومِ إيقاعِ الثَّلاثِ، وهو قولُ جمهورِ السَّلَفِ، وشَذَّ طاوُسٌ وبعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، فذَهَبُوا إلى أنَّ الطَّلاقَ الثَّلاثَ فى كلمةٍ واحدةٍ يقَعُ واحدةً، ويُرْوَى هذا عن محمدِ بنِ إسْحَاقَ، والحَجَّاجِ بنِ أَرْطاةَ. وقال بعدَ ذلك: ولا فرْقَ بين أن يُوقِعَ ثلاثًا مجْتَمِعَةً فى كلمةٍ، أو مُتَفَرِّقَةً فى كلماتٍ ثلاثٍ (¬4)، وقال بعدَ ذلك: ذكَر أحمدُ بنُ محمدِ بنِ مُغِيثٍ (¬5) ¬

(¬1) فتح البارى 9/ 363، 364. (¬2) 3/ 127 - 133. (¬3) سورة البقرة 229. (¬4) سقط من: الأصل. (¬5) فى النسخ: «محمد بن أحمد بن مغيث». خطأ. وهو أحمد بن محمد بن مغيث الصدفى الطليطلى، أبو =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «وَثائقِه»، أنَّ الطَّلاقَ ينْقَسِمُ إلى طَلاقِ سُنَّةٍ وطَلاقِ بِدْعَةٍ؛ فطَلاقُ البِدْعَةِ، أَنْ يُطَلِّقَها فى حَيْضٍ، أو ثلاثًا فى كلمةٍ واحدةٍ، فإن فَعَلَ، لَزِمَه الطَّلاقُ. ثم ¬

= جعفر كبير طليطلة وفقيهها، كان حافظا، بصيرا بالفتيا والأحكام، صنف كتاب «المقنع فى الوثاق». توفى سنة تسع وخمسين وأربعمائة. ترتيب المدارك 8/ 145، 146.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتَلَفَ أهلُ العِلْمِ -بعدَ إجْماعِهم على أنَّه مُطَلِّقٌ- كم يَلْزَمُه مِنَ الطَّلاقِ؟ فقال علىٌّ، وابنُ مَسْعُودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما: يَلْزَمُه طَلْقةٌ واحدةٌ. وقالَه ابنُ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، وقال: قوْلُه: ثلاثًا. لا مَعْنًى له؛ لأنَّه لم يُطَلِّقْ ثلاثَ مرَّاتٍ. وقالَه الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، ورَوَيْناه عن ابنِ وَضَّاحٍ (¬1). وقال به مِن شُيوخِ قُرْطُبَةَ؛ ابنُ زِنْبَاعٍ (¬2)، وأحمدُ بنُ بَقِىِّ بنِ مَخْلَدٍ (¬3)، ومحمدُ بنُ عَبْدِ السَّلامِ الخُشَنِىُّ (¬4) فقِيهُ عَصْرِه، وأَصْبَغُ بنُ الحُبَابِ (¬5)، وجماعةٌ سِواهم. وقد يُخرَّجُ بقِياسٍ، مِن غيرِ ما مسْأَلَةٍ مِن ¬

(¬1) محمد بن وضاح بن بزيع القرطبى، أبو عبد اللَّه، من العلماء الذين رحلوا وسمعوا، وبه وببقى بن مخلد صارت الأندلس دار حديث، وكان معلما لأهل الأندلس العلم والزهد، ألف كتاب «العباد»، و «القطعان»، وغيرهما. توفى سنة سبع وثمانين ومائتين. ترتيب المدارك 4/ 435 - 440. (¬2) هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن كليب ابن زنباع القرطبى، أبو عبد اللَّه يلقب بغلام اللَّه، كان مشاورا فى الفقه وعقد الوثائق. توفى سنة تسع وثلاثمائة. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضى 2/ 33. (¬3) فى النسخ: «محمد بن بقى». خطأ. وهو أحمد بن بقى بن مخلد الأندلسى، أبو عبد اللَّه، سمع من أبيه خاصة وهو صغير، وكان زاهدا فاضلا، متفننا، وولى القضاء، وكان ذا سيرة حسنة فيه. توفى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ترتيب المدارك 5/ 200 - 209. (¬4) محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشنى القرطبى، أبو عبد اللَّه، سمع من كثير من العلماء، وأدخل الأندلس كثيرا من حديث الأئمة، وكثيرا من اللغة، والشعر الجاهلى رواية، ولم يكن عنده كبير علم بالفقه، إنما كان الغالب عليه حفظ اللغة، ورواية الأحاديث. توفى سنة ست وثمانين ومائتين. تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضى 2/ 16، 17. (¬5) لم نجد له ترجمة، ولعل فى اسمه خطأ.

وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً، أَوْ آيِسَةً، أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، أَوْ حَامِلًا قَدِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، فَلَا سُنَّةَ لطَلاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ إِلَّا فى الْعَدَدِ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. أَوْ قَالَ: لِلْبِدْعَةِ، طَلُقَتْ فِى الْحَال وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُدَوَّنَةِ»، ما يدُلُّ على ذلك. وذكَرَه وعلَّلَ ذك بتَعاليلَ جيِّدَةٍ. انتهى. فوُقوعُ الواحدةِ فى الطَّلاقِ الثَّلاثِ الذى ذكَرْناه هُنا؛ لكَوْنِه طَلاقَ بِدْعَةٍ، لا لكَوْنِ الثَّلاثِ واحدةً. قوله: وإنْ كانتِ المرأةُ صَغِيرَةً، أو آيسَةً، أو غَيْرَ مَدْخُولٍ بها، أو حامِلًا قد اسْتَبان حَمْلُها، فلا سُنَّةَ لطلاقِها ولا بِدْعَةَ إِلَّا فى العَدَدِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: فهؤلاءِ كلُّهُنَّ ليس لطَلاقِهِنَّ سُنَّةٌ ولا بِدْعَةٌ مِن جهَةِ الوَقْتِ، فى قَوْلِ أصحابِنا. انتهى. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وعنه، لا سُنَّةَ لهُنَّ ولا بِدْعَةَ لا فى العَدَدِ ولا فى غيرِه، وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، وصحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، سُنَّةُ الوَقْتِ تَثْبُتُ للحامِلِ. وهو قوْلُ الخِرَقِىِّ. فلو قال لها: أنتِ طالِقٌ للبِدْعَةِ. طَلُقَتْ بالوَضْعِ؛ لأَنَّ النِّفاسَ زَمَنُ بِدْعَةٍ، كالحَيْضِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، ولا يُعْجِبُنى أن يُطَلِّقَ حائضًا لم يدْخُلْ بها. فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ -وهى المذهبُ- لو قال لمَنِ اتَّصَفَتْ ببعضِ هذه الصِّفاتِ: أنتِ طالِق للسُّنَّةِ طَلْقَةً، وللبِدْعَةِ طَلْقَةً. وقَع طَلْقَتان، إلَّا أَنْ ينْوِىَ فى غيرِ الآيِسَةِ إذا صارَتْ مِن أَهْلِ ذلك الوَصْفِ، فيُدَيَّنُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَ فى «الواضِحِ» وَجْهًا، أنَّه لا يُدَيَّنُ. وهل يُقْبَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْن، ذكرَهما القاضى. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

وَإِنْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، طَلُقَتْ فِى الْحَال، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا، طَلُقَتْ إِذَا طَهُرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِى طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، طَلُقَتْ إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وظاهرُ كلامِه فى «المُنَوِّرِ»، أنَّه لا يُقْبَلُ فى الحُكْمِ. والوَجْهُ الثَّانى، يُقْبَلُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أشْبَهُ بمذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ؛ لأنَّه فسَّر كلامَه بما يَحْتَمِلُه. فائدة: لو قالَ لمَن لها سُنَّةٌ وبِدْعَةٌ: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً للسُّنَّةِ، وطَلْقَةً للبِدْعَةِ. طَلُقَتْ طَلْقَةً فى الحالِ، وطَلْقَةً فى ضِدِّ حالِها الرَّاهِنَةِ. قالَه الأصحابُ. قوله: وإن قال لمَن لها سُنَّة وَبِدْعَةٌ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتْ فى الحالِ. بلا نِزاعٍ. وظاهرُ قوْلِه: وإن كانت حائِضًا، طَلُقَتْ إذا طَهُرَتْ. سَواءٌ اغْتَسَلَتْ أَوْ لا، وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «البُلْغَةِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن.

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ. وَهِىَ حَائِضٌ أَوْ فِى طُهْرٍ أَصَابَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، والزَّرْكَشِىُّ، وهو ظاهرُ كلإمِ الخِرَقِىِّ. وقيل: لا تَطْلُقُ حتى تغْتَسِلَ. اختارَه ابنُ أبى مُوسى. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّ مَبْنَى القَوْلَيْن، على أنَّ العِلَّةَ فى المنْعِ مِن طَلاقِ الحائضِ، إنْ قيل: تَطْويلُ العِدَّةِ. وهو المَشْهورُ، أُبِيحَ الطَّلاقُ بمُجرَّدِ الطُّهْرِ، وإنْ قيلَ: الرَّغْبَةُ عنها. لم تُبَحْ رَجْعَتُها (¬1) حتى تغْتَسِلَ؛ لمَنْعِها منها قبلَ الاغْتِسالِ. انتهى. ويأْتِى فى بابِ الرَّجْعَةِ ما يَقْرُبُ مِنْ ذلك، وهو ما إذا طَهُرَتْ مِن الحَيْضَةِ الثَّالثةِ ولم تَغْتَسِلْ، هل له رَجْعَتُها، أمْ لا؟ قوله: وإن قال لها: أنتِ طالِقٌ للبِدْعَةِ. وهى حائِضُ أو فى طُهْرٍ أَصابَها فيه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فِيهِ، طَلُقَتْ فِى الْحَالِ. وَإِنْ كَانَتْ فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ طَلُقَتْ إِذَا أَصَابَهَا أَوْ حَاضَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتْ فى الحالِ. وإنْ كانتْ فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، طَلُقَتْ إذا أَصابَها أو حاضَتْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ يَنْزِعُ فى الحالِ بعدَ إيلاجِ الحَشَفَةِ؛

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاثًا لِلسُّنَّةِ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِى طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الْأُخْرَى، تَطْلُقُ فِيهِ وَاحِدَةً، وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِى طُهْرَيْنِ فِى نِكَاحَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لوُقوعِ طَلاقٍ ثَلاثٍ عَقِيبَ ذلك، فإنِ اسْتَدامَ ذلك؛ حُدَّ العالِمُ، وعُذِرَ الجاهِلُ. قالَه الأصحابُ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وعندِى أنَّها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْن فى الحالِ، إذا كان زَمَنَ السُّنَّةِ، وقُلْنا: الجَمْعُ بِدْعَةٌ؛ بِناءً على اختِيارِه مِن أنَّ جَمْعَ طَلْقَتَيْن بِدْعَةٌ. قوله: وإنْ قال لها: أَنتِ طالِقٌ ثلاثًا للسُّنَّةِ. طَلُقَتْ ثلاثًا فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، فى إحْدى الروايَتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المَنْصوصُ عن الإِمامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وصحَّحهِ فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن». وفى الأُخْرَى، تَطْلُقُ فى الحالِ واحدةً، وتَطْلُقُ الثَّانِيةَ والثَّالثةَ فى طُهْرَيْن فى نِكاحَيْن إن أمْكَنَ، [واخْتارَها جماعةٌ] (¬1) وعنه، تَطْلُقُ ثلاثًا فى ثلاثَةِ أطْهارٍ لم يُصِبْها فِيهِنَّ. [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»] (1). وأطْلقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». تنبيه: قال القاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، والسَّامَرِّىُّ «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم: وُقوعُ الثَّلاثِ فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، مَبْنِىٌّ على الرِّوايةِ التى قال فيها: إنَّ جَمْعَ الثَّلاثِ يكونُ سُنَّةً. فأمَّا على الرِّوايةِ الأُخْرَى، فإذا طَهُرَتْ، طَلُقَتْ واحدةً، وتَطْلُقُ الثَّانيةَ والثَّالثةَ فى نِكاحَيْن آخرَيْن أو بعدَ رَجْعَتَيْن. وقد أَنْكَرَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، هذا القَوْلَ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَقال فى رِوايةِ مُهَنَّا: إذا قال لامْرأَتِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا للسُّنَّةِ. قد اخْتَلَفُوا فيه؛ فمنهم مَن يقولُ: تقَعُ عليها السَّاعَةَ واحدةٌ، فلو راجَعَها تقَعُ عليها تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وتكونُ عندَه على أُخْرَى. وما يُعْجِبُنِى قوْلُهم هذا. قال القاضى، وأبو الخَطَّابِ: فيَحْتَمِلُ أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أوْقَعَ الثَّلاثَ؛ لأَنَّ ذلك عندَه سُنَّةٌ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أوْقَعَها لوَصْفِه الثَّلاثَ بما لا تتَّصِفُ به، فأَلْغِى الصِّفَةَ، وأوْقَع الثَّلاثَ، كما لو قال لحائضٍ: أنتِ طالِقٌ فى الحالِ للسُّنَّةِ. وقال فى رِوايةِ أبى الحارِثِ، ما يدُلُّ على هذا، فإنَّه قال: يقَعُ عليها الثَّلاثُ، ولا مَعْنَى لقوْلِه: للسُّنَّةِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وفى هذا الاحْتِمالِ نظَرٌ؛ لأنَّه لو أَلْغَى قوْلَه: للسُّنَّةِ. وَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ فى الحالِ؛ حائِضًا كانت أو طاهِرًا، مُجامَعَةً أو غيرَ مُجامَعَةٍ؛ لأنَّه إذا أَلْغَى قوْلَه: للسُّنَّةِ. بَقِىَ: أنتِ طالِقٌ. وهو مُوجِبٌ لِمَا ذكَرَه. ولقائلٍ أن يقولَ: إنَّ وُقوعَ الثَّلاثِ يُمْكِنُ تَخْريجُه على غيرِ ذلك، وهو أنَّه لمَّا كانتِ البِدْعَةُ على ضَرْبَيْن؛ أحدُهما، مِن جهَةِ العَدَدِ، والأُخْرَى، مِن جِهَةِ الوَقْتِ، فحيث جَمَع الزَّوْجُ بينَ الثَّلاثِ وبينَ السُّنَّةِ، كان ذلك قرِينَةً فى إرادَتِه السُّنَّةَ مِن حيث الوَقْتِ، لا مِن حيثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَدَدِ، فلا تُلْحَظُ فى الثَّلاثِ السُّنَّةُ؛ لعدَمِ إرادَتِه له، ويصِيرُ كما لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا. وتُلْحَظُ السُّنَّةُ فى الوَقْتِ؛ لإرادَتِه له، فلا تَطْلُقُ إلَّا فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه. انتهى. فائدة: لو قال لمَن لها (¬1) سُنَّةُ وبِدْعَةٌ: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا؛ نِصْفَها للسُّنَّةِ، ونِصْفَها للبِدْعَةِ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْن فى الحالِ، وطَلُقَتِ الثَّالثةَ فى ضِدِّ حالِها الرَّاهِنَةِ، وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اختارَه القاضى. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأصحُّ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال ابنُ أبى مُوسى: تَطْلُقُ الثَّلاثَ فى الخالِ؛ لتَبْعيضِ كلِّ طَلْقَةٍ. انتهى. وكذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا للسُّنَّةِ والبِدْعَةِ. وأَطْلَقَ. ولو قال: طَلْقَتان للسُّنَّةِ، وواحِدَةٌ للبدْعَةِ. أو عَكْسُه، فهو على ما قالَ، فإن أَطْلَقَ، ثم قال: نَوَيْتُ ذلك. إنْ فسَّر نِيَّتَهَ بما يُوقِعُ (¬1) فى الحالِ، طَلُقَتْ، وقُبِلَ قوْلُه؛ لأنَّه يقْتَضِى الإِطْلاقَ، ¬

(¬1) فى أ: «يقع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ فيه، وإنْ فسَّرَها بما يُوقعُ طَلْقة واحدةً، ويُؤَخِّرُ اثْتَنيْن، دُيِّنَ، ويُقْبَلُ فى الحُكمِ، على الصَّحيحِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أَظْهَرُ. وقيل: لا يقبَلُ فى الحُكمِ؛ لأنَّه فسَّر كلامَه بأخَفَّ ممَّا يلْزَمُه حالَةَ الإطْلاقِ. وأطلَقهما فى «الفُروعِ». ولو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا؛ بعْضَهُنَّ للسُّنَّةِ، وبعْضَهُنَّ للبِدْعَةِ. طَلُقَتْ فى الحالِ طَلْقَتَيْن، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ». ويَحْتَمِلُ أن تَقَعَ طَلْقَة، وتتأَخَّرَ اثْنَتانِ إلى الحالِ الأُخْرَى.

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أنْتِ طَالِقٌ فِى كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةً. وَهِىَ مِنَ اللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ، فَتَطْلُقُ فِى كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً. وَإِنْ قُلْنَا: الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ. فَهَلْ تَطْلُقُ طَلْقَةً فِى الْحَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَيَقَعُ بِهَا الْبَاقِى فِى الأَطْهَارِ الْبَاقِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال لها: أنتِ طالِقٌ فى كُل قَرْء طَلْقَةً. وهى من اللَّاِئى لم يَحِضْنَ، لم تَطْلُقْ حتى تَحِيضَ، فتَطْلُقُ فى كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً. بلا نِزاعٍ، لكِنْ تُسْتَثْنَى الحائضُ التى لم يُدْخَلْ بها. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أن القَرْءَ هو الحَيْضُ. على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يأْتِى فى بابِ العِدَدِ. قوله: وإن قلنا: القُرُوءُ الأَطْهارُ. وهى طاهِر طَلُقتْ فى طُهْرِها، هذا بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإن كانتْ مِن اللائى لم يَحِضْنَ وقلنا: القُروءُ الأطْهارُ، وهى مسْألةُ المُصَنِّفِ، فهل تَطْلُقُ فى الحَالِ طَلْقةً؟ أَطْلَق المُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحَدُهما، تَطْلُقُ فى الحالِ طَلْقَةً، وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوك الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا تَطْلُقُ إلَّا فى طُهْرٍ بعدَ حَيْض مُتَجدِّدٍ. فوائد؛ إحْداها، حُكْمُ الحامِلِ كحُكمِ اللَّائِى لم يَحِضْنَ، على ما تقدَّم. وأمَّا الآيِسَةُ، فتَطْلُقُ طَلْقَةً واحدةً على كلِّ حالٍ. قالَه القاضى، واقْتَصَرَ عليه المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما.

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلاقِ -أَوْ- أجْمَلَهُ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قولُه: وإن قال: أنتِ طَالِقٌ أحْسَنَ الطَّلاقِ وأجْمَلَه. فهو كقَوْلِه: أَنْتِ طالِقٌ للسُّنَّةِ. وكذا قوْلُه: أقْرَبَ الطَّلاقَ، وأعْدَلَه، وأكْمَلَه، وأفْضَلَه، وأَتَمَّه، وأسَنَّه. ونحوُه. وكذا قولُه: طَلْقَةً جليلَةً، أو سَنِيَّةً. ونحوُه.

وإنْ قَالَ لَهَا: أَقْبَحَ الطَّلاقِ -أو- أَسْمَجَهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: للْبِدْعَةِ. إِلَّا أَنْ يَنْوِىَ: أَحْسَنُ أَحْوَالِكِ أَوْ أقْبَحُهَا أَنْ تَكُونِى مُطَلَّقَةً، فَيَقَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ قال: أَقْبَحَ الطَّلاقِ وأَسْمَجَه. وكذا: أَفْحَشَ الطَّلاقِ، أو أرْدَأَه، أو أَنْتَنَه. ونحوُه. فهو كقوْلِه: للبِدْعَةِ. إلَّا أَنْ يَنْوىَ أحْسَنَ أحْوالِك أو أقْبَحَها، أَنْ تَكونى مُطَلَّقَةً، فيقَعَ فى الحالِ. بلا

فِى الْحَالِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً. طَلُقَتْ فِى الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. لكِنْ لو نوَى بأَحْسَنِه زَمَنَ البِدْعَةِ؛ لشَبَهِه بخُلُقِها القَبِيحِ، أو بأَقْبَحِه، زَمَنَ السُّنَّةِ؛ لقُبْحِ عِشْرَتِها ونحوِه، ففى الحُكْمِ وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، وأطْلَقَهما أيضًا فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: إنْ قال فى أَحْسَنِ الطَّلاقِ ونحوِه: أرَدْتُ طَلاقَ البِدْعَةِ. وفى أقْبَحِ الطَّلاقِ ونحوِه: أرَدْتُ طَلاقَ السُّنَّةِ. قُبِلَ قوْلُه فى الأَغْلَظِ عليه، ودُيِّنَ فى الأخَفِّ. وهل يُقْبَلُ حُكْمًا؟ خُرِّج فيه وَجْهان. انتهى. الثَّالثةُ، قولُه: وإن قال: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً. طَلُقَتْ فى الحالِ. وكذلك لو قال: أنتِ طالِقٌ فى الحالِ للسُّنَّةِ. وهى حائضٌ، أو قال: أنتِ طالِقٌ للبِدْعَةِ فى الحالِ. وهى فى طُهْر لم يُصِبْها فيه، بلا نِزاعٍ فيهما.

باب صريح الطلاق وكنايته

بابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه فائدة: لو قال: امْرأَتى طالِقٌ. وأَطْلقَ النِّيَّةَ، أو قال: عبْدِى حُرٌّ. أو: أمَتى حُرَّةٌ. وأَطْلقَ النِّيَّةَ، طَلُقَ جميعُ نِسائِه، وعتَقَ جميعُ عَبِيدِه وإمائِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واختارَ المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفائقِ»، أنَّه لا تَطْلُقُ إلَّا واحدةٌ، ولا تَعْتِقُ إلَّا واحدةٌ، وتَخْرُجُ بالقُرْعَةِ. وتقدَّم هذا أيضًا فى أواخِرِ كتابِ العِتْقِ بعدَ قولِه: وإن

وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ، فِى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: صَرِيحُهُ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ؛ الطَّلَاقُ، وَالْفِرَاقُ، وَالسَّرَاحُ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: كلُّ مَمْلُوكٍ لى حُرٌّ. قوله: وصَرِيحُه لَفْظُ الطَّلاقِ، وما تَصَرَّفَ منه. [يعْنِى أنَّ صَريحَ الطَّلاقِ، هو لَفْظُ الطَّلاقِ، وما تصَرَّفَ منه] (¬1)، لا غيرُ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ. واختارَه ابنُ حامِدٍ. قال فى «الهِدايَةِ»: وهو الأَقْوَى عندِى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وقال الخِرَقىُّ: صرِيحُه ثَلَاثَةُ ألْفاظٍ؛ الطَّلاقُ، والفِراقُ، والسَّراحُ، وما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ. وقاله أبو بَكرٍ، ونَصَرَه القاضى، واختارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرازِىٌّ، وابنُ البَنَّا. قال فى «الواضِحِ»: اختارَه الأكثرُ. وجزَم به القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ». وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغةِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ». وأطْلَقَهما فى «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وعنه، أنتِ مُطَلَّقَةٌ. ليست صريحةً فيه. ذكرَها أبو بَكرٍ؛ لاحْتمالِ أن يكونَ طَلاقًا ماضِيًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكشِىُّ: ويَلْزَمُه ذلك فى: طَلَّقْتُكِ. وقيل: طَلَّقْتُكِ ليست صريحةً أيضًا، بل كِنايةٌ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ عليه أنَّه يَحْتَمِلُ الإِنْشاءَ والخَبَرَ، وعلى الأَوَّلِ، هو إنشاءٌ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: هذه الصِّيَغُ إنْشاءٌ؛ مِن حيث إنَّها هى التى أثْبَتَتِ الحُكمَ وبها تَمَّ، وهى إخبارٌ؛ لدَلالَتِها على المَعنَى الذى فى النَّفْس. وفى «الكافِى» احْتِمالٌ فى: أنتِ الطَّلاقُ. أنَّها ليست بصَرِيحةٍ. وقيل: إنَّ لفظَ الإطْلاقِ نحوَ قولِه: أَطْلَقْتُك. صريحٌ. وهو احْتِمالٌ للقاضى، ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقَ فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ» فيه وَجْهَيْن. فوائد؛ إحْداها، لو قال لها: أنتَ طالِقٌ. بفَتْحِ التَّاءِ، طَلُقَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بكرٍ، وابنُ عَقِيلٍ: لا تَطْلُقُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الخِلافُ على المَسْأَلَةِ الآتيةِ. الثَّانيةُ، لو قال لزَوْجَتِه: كلَّما قُلْتِ لى شيئا ولم أَقُلْ لكِ مِثْلَه، فأنتِ طالِقٌ ثلاثًا. فهذه وَقَعَتْ زَمَنَ ابنِ جَرِير الطَّبَرِىِّ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى (¬1) ¬

(¬1) انظر القصة فى: سير أعلام النبلاء 14/ 278.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأفْتَى فيها بأنَّه لا يقَعُ إذا علَّقَه؛ بأنْ قال لها: أنتِ طالِقٌ ثلًاثًا إنْ أنَا طَلَّقْتُكِ. وقال فى «الفُروعِ»: طَلُقَتْ، ولو علَّقَه. وجزَم فى «المُسْتَوْعِبِ»، بأنَّها تَطْلُقُ إذا قالتِ، بكَسْرِ التَّاءِ، وقالَه. وقال فى مَوْضِعٍ: إذا قالَه وعلَّقَه بشَرْطٍ، تَطْلُقُ. وإنْ فتَح التَّاءَ مُذَكّرًا، فحكَى ابنُ عَقِيلٍ عن القاضى، أنَّها تَطْلُقُ؛ لأنَّه واجَهَها بالإشارَةِ والتَّعْيِينِ، فسقَطَ حكْمُ اللَّفْظِ. نقَله فى «المُسْتَوْعِبِ»، وقال: حُكِىَ عن أبى بَكرٍ أنَّه قال فى «التَّنْبِيهِ»: إنّها لا تَطْلُقُ. قال: ولم أجِدْها فى «التَّنْبِيهِ». وذُكِرَ كلامُ ابنِ جَرِيرٍ لابنِ عَقِيل فاستَحْسَنَه، وقال: لو فتَح التَّاءَ، تخَلَّصَ. وقال فى «الفُروعِ»: ولو كسَر التَّاءَ، تخلَّص وبَقِىَ مُعَلَّقًا. ذكرَه ابنُ عَقِيلٍ. قال ابنُ الجَوْزِىِّ: وله التَّمادِى إلى قُبَيْلِ المَوْتِ. وقيل: لا يقَعُ عليه شئٌ؛ لأنَّ اسْتِثناءَ ذلك معْلومٌ بالقَرِينَةِ. قال [ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ] (¬1) فى «بَدائعِ الفَوائدِ»: وفيه وَجْهٌ آخَرُ أحْسَنُ مِن وَجْهَى ابنِ جَرِيرٍ، وابنِ عَقِيلٍ، وهو جارٍ على أُصولِ المذهبِ، وهو تَخْصيصُ اللَّفْظِ العامِّ بالنِّيَّةِ، كما لو حَلَفَ لا يتَغدَّى، ونيَّتُه غداءُ يوْمِه، قَصرَ عليه، ولو حَلَفَ لا يُكَلِّمُه، ونِيَّتُه تَخْصيصُ الكَلامِ بما يَكْرَهُه، لم يَحْنَثْ إذا كلَّمَه بما يُحِبُّه. ونظائِرُه كثيرةٌ، وعلَّلَه بتَعَالِيلَ جيِّدَةٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. الثَّالثةُ، مِن صَرِيحِ الطَّلاقِ أيضًا، إذا قيلَ له: ¬

(¬1) زيادة من: أ.

فَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَقَعَ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أطَلَّقْتَ امْرَأَتَك؟ قال: نعم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. جزَم به فى «الكافِى» هنا وغيرِه، وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. ويَحْتَمِلُ أن لا يكونَ صرِيحًا. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. تنبيه: قولُه: وما تَصَرَّفَ منه. يُسْتَثْنَى من ذلك الأَمْرُ والمُضارِعُ. وقد تقدَّم نظِيرُه فى أوَّلِ كتابِ العِتْقِ والتَّدْبيرِ. [وكذا قولُه: أنتِ مُطَلِّقَةٌ. بكَسْرِ اللَّامِ، اسْمُ فاعِلٍ] (¬1). قوله: فمتى أَتى بصَرِيحِ الطَّلاقِ، وقَع، نواه أو لم ينوِه. أمَّا إذا نواه، فلا نِزاعَ فى الوُقوعِ، وأمَّا إذا لم ينْوِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه الأصحابُ، أنَّه يقَعُ مُطْلَقًا. وعنه، لا يقَعُ إلَّا بنِيَّةٍ، أو قرينَةِ غَضَبٍ، أو سُؤَالِها، ونحوِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. مِنْ وَثَاقٍ. أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: طَاهِرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثير مِنَ الأصحابِ، وُقوعُ الطَّلاق مِنَ الهازِلِ واللَّاعِبِ كالجَادِّ. وهو صحيحٌ، نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه الأصحابُ، وصرَّحُوا به، وكذلك المُخْطِئُ. قالَه النَّاظمُ وغيرُه. فائدة: لا يقَعُ مِنَ النَّائمِ، كما تقدَّم [فى كلامِ المُصَنِّفِ فى كتابِ الطَّلاقِ] (¬1)، ولا مِنَ الحاكِى عن نفْسِه، ولا مِنَ الفَقِيهِ الذى يُكَرِّرُه، ولا مِنَ الزَّائلِ العَقْلِ، إلَّا ما تقدَّمَ مِنَ السَّكْرانِ ونحوِه على الخِلافِ. قوله: وإن نوى بقولِه: أنتِ طالِقٌ. مِن وَثاقٍ. أو أراد أَنْ يقولَ: طاهِرٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَسَبَقَ لِسَانُهُ، أَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مُطَلَّقَة. مِنْ زَوْج كَانَ قَبْلَهُ، لَمْ تَطْلُقْ، وَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَل فِى الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِى حَالِ الْغَضَبِ، أَوْ بَعْدَ سُؤالِهَا الطَّلَاقَ، فَلَا يُقْبَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فسَبَقَ لِسانُه، أو أراد بقولِه: مطَلَّقَةٌ. مِن زَوْجٍ كَان قَبْلَه، لم تَطْلُقْ، وإنِ ادَّعَى ذلِكَ، دُيِّنَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا ادَّعَى ذلك يُدَيَّنُ فيما بينَه وبين اللَّهِ تعالَى، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُدَيَّنُ. حَكاها ابنُ عَقِيلٍ فى بعضِ كُتُبِه، والحَلْوانِىُّ، كالهازِلِ، على أصحِّ الرِّوايتَيْن. قوله: وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ على رِوايتَيْن، إلَّا أَنْ يَكُونَ فى حالِ الغَضَبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعدَ سُؤالِها الطَّلاقَ، فلا يُقبَلُ. قوْلًا واحدًا. وأطْلقَ الرِّوايتَيْن فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛

وَفِيمَا إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِى. وَجْهٌ ثَالِثٌ، أَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ كَانَ وُجِدَ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، يُقْبَلُ، وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى»، إلّا فى قولِه: أَرَدْتُ أنَّها مُطَلَّقَة مِن زَوْجٍ كان قَبْلِى. وكان كذلك، فأَطْلَقَ فيها وَجْهَيْنِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ [فى الأظْهَرِ] (¬1). قال فى «الخُلاصةِ»: لم يُقْبَلْ فى الحُكمِ على الأصحِّ. قال فى «إِدْراكِ الغايةِ»: لم يُقْبَلْ فى الحُكمِ فى الأظهَرِ. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وفيما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَوْ قِيلَ لَهُ. أَطَلَّقْتَ امْرأتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَرَادَ الْكَذِبَ، طَلُقَتْ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرأةٌ؟ قَالَ: لَا. وَأَرَادَ الْكَذِبَ، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا قال: أرَدْتُ أنَّها مُطَلَّقَةٌ مِن زَوْجٍ كان قَبلِى. وَجْهٌ ثالثٌ؛ أنَّه يُقْبَلُ إن كان وُجِدَ، وإلَّا فلا. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. ويأتِى ذلك أيضًا فى أوَّلِ بابِ الطَّلاقِ فى الماضِى والمُسْتَقبَلِ عندَ قولِه: فإنْ قال: أرَدْتُ أنَّ زَوْجًا قَبلِى طَلَّقَها. فائدة: مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: أنتِ طالِقٌ. وأرادَ أَنْ يقولَ: إن قُمْتِ. فتَرَكَ الشَّرْطَ، ولم يُرِدْ به طَلاقًا. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. [ويأتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ فى أوَّلِ بابِ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ] (¬1): إذا قال: أنتِ طالِقٌ. ثم قال: أرَدْتُ إن قُمْت. [وقيل: لا يُقْبَلُ هنا] (¬2). قوله: ولو قِيلَ له: أطَلقْتَ امرَأَتَك؟ قال: نعم. وأراد الكَذِبَ، طَلُقَتْ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ أبى مُوسى: تَطْلُقُ فى الحُكمِ فقط. وتقدَّم احتِمالٌ ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ، أنَّ هذه الصِّيغَةَ ليست بصَريحٍ فى الطَّلاقِ، كما لو قال: كُنْتُ طَلَّقْتُها. وكذا الحُكْمُ لو قيلَ له: امْرَأَتُكَ طالِقٌ؟ فقال: نعم. أو: ألَكَ امْرَأَةٌ؟ فقال: قد طَلَّقْتُها. فلو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أرَدْتُ أنى طَلقْتُها فى نِكاحٍ آخَرَ، دُيِّنَ. وفى الحُكمِ وَجْهان، إنْ كان وُجِدَ. قدَّم فى «الرِّعايَةِ»، أنَّه لا يُقْبَلُ. ولو قيلَ له: أأَخْلَيْتَها؟ فقال: نعم. فكِنايَةٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أُشْهِدَ عليه بطَلاقٍ ثلاثٍ، ثم اسْتَفتَى، فأُفْتِى بأنَّه لا شئَ عليه، لم يُؤاخَذْ بإقْرارِه؛ لمَعْرِفَةِ مُسْتَندِه، ويُقْبَلُ قوْلُه بيَمِينِه؛ لأنَّ مُسْتَندَه فى إقْرارِه ذلك ممَّن يَجْهَلُه مِثْلُه. ذكرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ واقتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك فى آخِرِ بابِ الخُلْعِ أيضًا. الثَّانيةُ، لو قال قائلٌ لعالِمٍ بالنَّحْوِ: ألَمْ تُطَلِّقِ امْرَأتَكَ؟ فقال: نعم. لم تَطْلُقْ، وإنْ قال: بلَى. طَلُقَتْ. ذكرَه النَّاظِمُ وغيرُه. ويأتِى نظِيرُ ذلك فى أوَائلِ بابِ ما يحْصُلُ به الإِقْرارُ. ولم يُفَرِّقُوا هناك بين العالمِ وغيرِه، والصَّوابُ التَّفْرِقةُ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: ولو قيلَ له: ألكَ امرَأَةٌ؟ قال: لا. وأراد الكَذِبَ، لم تَطْلُقْ. أنَّه لو لم يُرِدِ الكَذِبَ، أنَّها تَطْلُقُ. ومِثْلُه قولُه: ليس لى امْرأَةٌ. أو لستِ لى بامْرَأَةٍ. ونوى الطَّلاقَ. وهو صحيحٌ؛ لأنَّه كِنايةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا هو المَشْهورُ مِن الرِّوايةِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وصحَّحه النَّاظِمُ. ونقَل أبو طالِبٍ، إذا قيلَ: ألَكَ امرَأَةٌ؟ فقال: لا. ليس بشئٍ. فأخَذَ المَجْدُ مِن إطْلاقِ هذه الرِّوايةِ أنَّه لا يَلْزَمُه طَلاقٌ، ولو نوى يكونُ لَغْوًا، وحَمَلَها القاضى على أنه لم يَنْوِ الطَّلاقَ. فعلى المذهبِ، لو حَلَفَ باللَّهِ على ذلك، فقد تَوقفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايةِ مُهَنَّا عن الجوابِ، فيَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال: مَبْناهُما على أنَّ الإِنْشاءاتِ، هل تُؤكِّدُ فيقَعُ الطَّلاقُ، أو لا يُؤكِّدُ إلَّا الخَبَرُ، فتَتَعَيَّنُ خَبَرِيَّةُ هذا، فلا يقَعُ الطَّلاقُ؟ قال ابنُ عَبْدُوسٍ: ذلك كِنايةٌ، وإنْ أقْسَمَ باللَّهِ.

وَلَوْ لَطَمَ امْرأَتَهُ، أَوْ أَطْعَمَهَا، أَوْ سَقَاهَا، وَقالَ: هَذَا طَلَاقُكِ. طَلُقَتْ، إِلَّا أَنْ يَنْوِىَ أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لَطَمَ امرَأتَه، أو أطْعَمَها، أو سقاها -وكذا لو ألْبَسَها ثوْبًا، أو أخْرَجَها مِن دارِها، أو قبَّلَها، ونحوَ ذلك- وقال: هذا طَلاقُكِ. طَلُقَتْ، إلَّا أن يَنْوِىَ أنَّ هذا سبَبُ طَلاقِك، أو نحوَ ذلك. اعلمْ أنَّه إذا فعَل ذلك، فلا يخْلُو؛ إمَّا أن ينْوِىَ به طَلاقَها، أو لا، فإن نوى به طَلاقَها طَلُقَتْ، وإن لم يَنْوِه، وقَع أيضًا؛ لأنَّه صريحٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقال فى «الفُروعِ»: فنَصُّه صريحٌ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: فإن فعَل ذلك، وقَع. نصَّ عليه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»: مَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه يقَعُ، نواه أو لم يَنْوِه. [قال فى «الكافِى»: فهو صريحٌ. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ. وذكَر القاضى، أنَّه مَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّه] (¬1). قال الزَّرْكَشِىُّ: كلامُ الخِرَقِىِّ يقْتَضِيه. وقطَع به فى «الخُلاصةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى». واختارَه ابنُ حامِدٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وعنه، أنه كِناية. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه حتى ينْوِيَه. قال القاضى: يَتَوَجَّهُ، أنَّه لا يقَعُ حتى ينْوِيَه. نقَلَه فى «البُلْغَةِ». وقدَّم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّه كِناية، ونَصَرَاه. وهو ظاهرُ كلام أبى الخَطَّابِ فى «الخِلافِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ، ويَكونُ اللَّطْمُ قائمًا مَقامَ النِّيَّةِ، لأنَّه يدُلُّ على الغَضَبِ. فعلى المذهبِ -وهو الوُقوعُ مِن غيرِ نِيَّة- لو فسَّره بمُحْتَمِلٍ (¬1) غيرِه، قُبِلَ. وقالَه [ابنُ حَمْدانَ و] (¬2) الزَّرْكَشِىُّ. وقال: وعلى هذا، فهذا قسَمٌ برأْسِه، ليسَ بصريحٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: لو أطْعَمَها، أو سقَاها، فهل هو كالضَّرْبِ؟ فيه وَجْهان. فعلى المذهبِ، لو نوى أنَّ هذا سبَبُ طَلاقِك، دُيِّنَ فيما بينَه وبين اللَّهِ تعالَى، وهل يُقْبَلُ فى الحُكمِ؟ على وَجْهَيْن، وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، أحدُهما، يُقْبَلُ وهو الصَّحيحُ. اختارَه فى «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «بغير محتمل». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «الخُلاصةِ»، وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ فى الحُكمِ. فائدة: لو طلَّق امْرَأَةً، أو ظاهَرَ منها، أو آلَى، ثم قال سرِيعًا لضَرَّتِها: اشْرَكْتُكِ معها. أو: أنْتِ مِثْلُها. أو: أنْتِ كهِىَ. أو: أنتِ شَرِيكَتُها. فهو صريحٌ، فى الضَّرَّةِ، فى الطَّلاقِ والظِّهارِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى الظِّهارِ، فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فيهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه فيهما كِنايةٌ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وأمَّا الإيلاءُ، فلا يصِيرُ بذلك مُولِيًا مِنَ الضَّرَّةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وجزَم به المُصَنِّفُ فى «المُقْنِعِ» -فى بابِ الإِيلاءِ- وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، فى آخِرِ بابِ الإيلاءِ. وعنه، أنه صريح فى حقِّ الضَّرَّةِ أيضًا، فيكونُ مُولِيًا منها أيضًا. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم، واختارَه القاضى. وعنه، أنَّه كِنايةٌ، فيَكونُ مُولِيًا منها، إنْ نواه، وإلَّا فلا. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وتأتِى مسْألَةُ الإيلاء فى كلام المُصَنِّفِ فى بابِ الإِيلاءِ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَىْءَ. أَوْ: لَيْسَ بِشَىْءٍ. أَوْ: لَا يَلْزَمُكِ شَىْءٌ. طَلُقَتْ، وَإِنْ قَالَ: أنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا؟ أَوْ: طَالِقٌ وَاحِدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ لا شَىْءَ -أو ليس بشَىْءٍ -أو- لا يَلْزَمُكِ شئٌ. طَلُقَتْ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ لا شئَ. وقَع فى الأصحِّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». أعْنِى فى قوْلِه: أنتِ طالِقٌ لا شئَ. فقط، وقيل: لا تَطْلُقُ. فائدة: وكذا الحُكمُ لو قال: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً لا تَقَعُ عليْكِ. أو طالِقٌ طَلْقَةً لا ينْقُصُ بها عَدَدُ الطَّلاقِ. قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ أَوْ لا؟ أو: طالِقٌ واحِدَةً أَوْ لا؟ لم يقَعْ. أمَّا إذا

أَوْ لَا؟ لَمْ يَقَعْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أنتِ طالِقٌ أَوْ لا؟ فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يقَعُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يقَعَ. وأمَّا إذا قال: أنتِ طالِقٌ واحدةٌ أَوْ لا؟ فقدَّم المُصَنِّفُ هنا عدَمَ الوُقوعِ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه، ورَدَّا قوْلَ مَن فرَّقَ بينَهما. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». ويَحْتَمِلُ أَنْ يقَعَ، وهو الوجهُ الثَّانى، وهو ظاهِرُ

وَإِنْ كَتَبَ طَلَاقَ امْرأَتِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ، وَقَعَ، وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ، أَوْ غَمَّ أَهْلِهِ، لَمْ يَقَعْ. وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِى الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما جزَم به فى «الوَجيزِ»؛ فإنَّه ذكرَ عدَمَ الوُقوعِ فى الأُولَى، ولم يَذْكُرْه فى هذه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». قال فى «الخُلاصةِ»: فقيل: تَطْلُقُ واحدةً. واقْتَصَرَ عليه. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم (¬1). قوله: وإنْ كتَب طَلاقَ امرَأَتِه -يعْنِى، صريحَ الطَّلاقِ- ونوَى الطَّلاقَ، وقَع. إذا كتَبَ صريحَ الطَّلاقِ ونوى به الطَّلاقَ، وقع الطَّلاقُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِب» وغيرِهم: وقَع. روايةً واحدةً. وجزَم به المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُ هم؛ لأنَّه إمَّا صَريحٌ، أو كِنايةٌ، وقد نوَى به الطَّلاقَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَخَرَّجُ أنَّه لَغْوٌ. اختارَه بعضُ الأصحابِ؛ بناءً على إقرارِه بخَطِّه، وفيه وَجْهان. قال: ويَتَوَجَّهُ عليها صِحَّةُ الولايةِ بالخَطِّ، وصِحَّةُ الحُكمِ به. انتهى. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويتَخَرَّجُ أنَّه لا يقع بخَطِّه شئ ولو نواه؛ بِناءً على أن الخَطَّ بالحَقِّ ليسَ إقْرارًا شَرْعِيًّا فى الأصحِّ. انتهى. قلتُ: النَّفْسُ تَمِيلُ إلى عَدمِ الوُقوعِ بذلك. واختارَ فى «الرِّعايَةِ الكُبرى» فى حدِّ الإِقْرارِ، أنَّه إظْهارُ الحَقِّ لَفْظًا أو كِنايةً. وفى «تَعْليقِ القاضى»، ما تَقُولُون فى العُقودِ، والحُدودِ، والشَّهاداتِ، هل تَثْبُتُ بالكِتابَةِ؟ قيل: المَنْصوصُ عنه فى الوَصِيَّة تَثْبُتُ. وهى عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلى إيجابٍ وقَبُولٍ. فيَحْتَمِلُ أن تَثْبُتَ جميعُها؛ لأنَّها فى حُكمِ الصَّريحِ، ويَحْتَمِلُ أن لا تَثْبُتَ؛ لأنَّه لا كِنايةَ لها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقَوِيَتْ، وللطَّلاقِ والعِتْق كِنايةٌ، فضَعُفَا. قال المَجْدُ: لا أدْرِى أرادَ صِحَّتَها بالكِنايةِ، أو تثْبِيتَها بالظَّاهرِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه أرادَهما. قوله: وإن نوى تَجوِيدَ خَطِّهِ، أو غَمَّ أهلِه، لم يقَعْ. هذا المذهبُ. يعنِى، أنَّه يُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالَى، وعليه الأصحابُ. وقد روَى أبو طالِبٍ فى مَن كتَبَ طَلاقَ زَوْجَتِه، ونوَى أَنْ يغُمَّ أهْلَه قال: قد عُمِلَ فى ذلك، يعْنِى، أنَّه يُؤاخَذُ به. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فظاهرُ هذا، أنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ. ويَحْتَمِلُ أن لا يقَعَ؛ لأنَّه أرادَ غَمَّ أهْلِه بتَوَهُّمِ الطَّلاقِ، دُونَ حَقِيقَتِه، فلا يكونُ ناوِيًا للطَّلاقِ. قوله: وهل تُقْبَلُ دَعواه فى الحُكمِ؟ يُخَرَّج على رِوايَتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، تُقْبَلُ، وهو المذهبُ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَيْن، وصحَّحه فى

وَإن لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ». قال فى [«المُحَرَّرِ»، و] (¬1) «الفُروعِ»: قُبِل حُكمًا، على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا أجْوَدُ. قال فى «تَجْريد العِنايةِ»: قُبِلَ، على الأَظْهَرِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. قوله: وإنْ لم يَنْوِ شَيْئًا، فهل يَقَعُ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان، خرَّجَهما فى «الإِرْشادِ». واطْلَقهما فى «المغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، هو أيضًا صريحٌ، فيقَعُ مِن غيرِ نِيَّةٍ. وهو الصَّحيحُ ينَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال ناظِمٌ المُفرَداتِ: أدْخَلَه الأصحابُ فى الصَّريحِ، ونَصَره القاضى وأصحابُه، وذكَرَه الحَلْوانِىُّ عنِ الأصحابِ، وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: وقَع، على الأظْهَرِ. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والثَّانى، أنَّه كِنايةٌ، فلا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ كَتَبَهُ بِشَىْءٍ لَا يَبِينُ، لَمْ يَقَعْ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: يَقَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يقَعُ مِن غيرِ نِيَّةٍ، جزَم به فى «الوَجيزِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أَظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم تخْريجٌ بأنَّه لَغْوٌ مع النِّيَّةِ. قوله: وإن كَتَبَه بشَىْءٍ لا يبِينُ، لم يَقَعْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: لم يقَعْ، على الأظْهَرِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال أبو حَفْصٍ: يقَعُ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِب». فوائد؛ الأُولَى، لو كَتَبَه على شئٍ لا يثْبُتُ عليه خَطٌّ، كالكِتابةِ على الماءِ والهَواءِ، لم يقَعْ، بلا خِلافٍ عندَ أَكثرِ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: وذكرَ فى «المُغْنِى» الوَجْهَ لأبى حَفْصٍ، فيما إذا كَتَبَه بشئٍ لا يَبِينُ هنا. فالصُّورَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُولَى، صِفَةُ المَكتُوبِ به، والصُّورَةُ الثَّانيةُ، صِفَةُ المَكتُوبِ عليه. قالَه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. فأجْرَى المُصَنِّفُ الخِلافَ فى المَكتُوبِ عليه، كما هو فى المَكتُوبِ به. قلتُ: الشَّارِحُ مَثَّلَ كلامَ المُصَنِّفِ بصِفَةِ المَكتُوبِ عليه، فقال: مِثْلُ أَنْ يكْتُبَه بإصْبَعِه على وِسادَةٍ، أو فى الهَواءِ. وكذا قال النَّاظِمُ. الثَّانيةُ، لو قرَأَ ما كَتَبَه، وقصَد القِراءةَ، ففى قَبُولِه حُكمًا الخِلافُ المُتقَدِّمُ، فيما إذا قصَدَ تجْوِيدَ خَطِّه، أو غَمَّ أهْلِه. ذكَرَه فى «التَّرْغيبِ». الثَّالثةُ، يقَعُ الطَّلاقُ مِنَ الأَخْرَسِ وحدَه بالإِشارَةِ، فلو فَهِمَها البَعْضُ فكِنايَةٌ، وتأوِيلُه، مع صرِيحٍ، كالنُّطْقِ، وكنايَتُه طَلاقٌ، ولا يقَعُ الطَّلاقُ بغيرِ لَفْظٍ إلَّا فى الكِنايَةِ، والأَخْرَسِ

وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ فِى لِسَانِ الْعَجَمِ بِهِشْتَمْ. فَإِنْ قَالَهُ الْعَرَبِىُّ وَلَا يَفْهَمُهُ، أَوْ نَطَقَ الْعَجَمِىُّ بِلَفْظِ الطَّلَاق وَلَا يَفْهَمُهُ، لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ نَوَى مُوجَبَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالإِشارَةِ، على ما تقدَّم فيهما. قوله: وصرِيحُ الطَّلاقِ فى لِسانِ العَجَمِ «بِهِشْتَمْ» -بكسْرِ الباء والهاءِ وسُكونِ الشِّينِ وفتحِ التَّاءِ- فإنْ قاله العرَبِىُّ، وهو لا يَفْهَمُه، أو نطَقَ الأَعْجَمِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلَفْظِ الطَّلاقٍ وهو لا يَفْهَمُه، لم يَقَعْ -بلا نِزاعٍ- وإن نوَى مُوجِبَه، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»؛ أحدُهما، لا يقَعُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ»، و «المُنَوِّرِ» (¬1). وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ بعدَ المائةِ»: والمَنْصوصُ فى رِوايةِ أبى الحارِثِ، أنَّه لا يَلْزَمُه الطَّلاقُ، وهو قَوْلُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، والأَكْثَرِينَ. انتهى. والوجهُ الثَّانى، يقَعُ. جزَم به فى «المُذْهَبِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال فى «الانْتِصارِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُفْرَداتِ»: مَن لم تَبْلُغْه الدَّعْوَةُ، فهو غيرُ مُكَلَّفٍ، ويقَعُ طَلاقُه. فائدة: لو قالَه العَجَمِىُّ، وقَع ما نواه، فإن زادَ «بِسْيار» بأنْ قال: أنتِ بِهِشْتَم بسْيار. طَلُقَتْ ثلاثًا. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصراه. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم: يقَعُ ما نواه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن». ونقَله ابنُ مَنْصُورٍ، وقال: كلُّ شئٍ بالفارِسِيَّةِ، على ما نواه؛ لأنَّه ليس لِه حَدٌّ، مثْلَ كَلامٍ عرَبِىٍّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ؛ ظَاهِرَةٌ، وَهِىَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والكِناياتُ نَوعان؛ ظاهِرَةٌ، وهى سَبْعَةٌ؛ أنتِ خَلِيَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، وبائِنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وأنْتِ حُرَّةٌ، وأنتِ الحَرَجُ. هذا المذهبُ، أعْنِى أنَّها السَّبْعَةُ. وكذا أَعْتَقْتُكِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: أَبَنْتُكِ، كـ: أنْتِ بائِنٌ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ»؛ فإنَّه قال: فإن قيلَ: أَبَنْتُكِ مثْلُ بائِنٍ، ويَحْتَمِلُ: أَظْهَرْتُكِ، كما يَحْتَمِلُ: خَلِيَّةً مِن حَيزِه. قُلْنا: قد وُجِدَ فى بعْضِ الأَلْفاظِ أَبَنْتُكِ؛ ولأنَّه أظْهَرُ فى الإِبانَةِ مِن خَلِية فاسْتَوَى تَصْرِيفُه. ولأننا قد بيَّنَّا أنّ فى: أطْلَقْتُكِ وَجْهَيْن، للمَعْنَيَيْن المُخْتَلِفَيْن، فإن وُجِدَ مثْلُه، جوَّزْناه. انتهى. وجعَل أبو بَكرٍ: لا حاجَةَ لى فِيكِ، وبابُ الدَّارِ لك مَفْتُوحٌ، كأنْتِ بائنٌ. وجعَل الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ: أنْتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخَلَّاةٌ، كأنْتِ خَلِيَّةٌ. وفرَّق بينَهما ابنُ عَقِيلٍ، فقال: لأنَّ الرَّجْعيةَ يقَعُ عليها اسْمُ مُخَلَّاةٍ بطَلْقَةٍ، ويحْسُنُ أَنْ يُقالَ للزَّوْجِ: خَلِّها بطَلْقَةٍ. وأيضًا، فإن الخَلِيَّةَ هى الخالِيَةُ مِن زَوْحٍ، والرَّجْعِيةُ ليستْ خالِيَة. انتهى. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ قيلَ: مُخَلَّاة، وخَلَّيْتُكِ، وخَلِيَّةٌ بمَعْنًى واحدٍ، فَلِمَ ألْحَقْتُموها بالخَفِيَّةِ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: قد كان القِياسُ بقْتَضِى ذلك مثْلَ: مُطَلَّقَةٌ، وطَلَّقْتُكِ، وطالِقٌ، ولكِنْ ترَكْنَاه للتَّوْقيفِ الذى تقدَّم ذِكرُه، ولم نجِدْهم ذكَرُوا إلَّا خَلِيَّةً. انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ: مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرَةِ، أنت طالِق لا رَجْعَةَ لى عليكِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: هى (¬1) صريحةٌ فى طَلْقَةٍ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِنايَةٌ ظاهِرَةٌ فيما زادَ. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقال: هذه اللَّفْظَةُ صريحة فى الإيقاعِ، كِنايَةٌ فى العدَدِ، فهى مُرَكَّبَة مِن صَرِيح وكِنايَةٍ. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. [وعنه، تقَعُ بها] (¬1) طَلْقَةٌ بائنةٌ. وعنه، أنَّ قوْلَه: أنْتِ حُرَّة. ليستْ مِنَ الكِنايَاتِ الظَّاهرَةِ، بل مِنَ الخَفِيَّةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقهما فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَالْخَفِيَّةُ نَحْوُ: اخْرُجِى، وَاذْهَبِى، وَذُوقِى، وَتَجَرَّعِى، وَخَلَّيْتُكِ، وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَلَسْتِ لِى بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّى، وَاسْتَبْرِى، وَاعْتَزِلِى، وَمَا أَشْبَهَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، أنَّ أَعْتَقْتُكِ ليستْ مِنَ الكِنايَاتِ الظَّاهرَةِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». قوله: وخَفِيَّةٌ نحوُ؛ اخرُجى، واذْهَبِى، وذُوقِى، وتَجَرَّعِى، وخَلَّيْتُكِ، وأنتِ مُخَلَّاةٌ، وأنتِ واحِدَةٌ، ولستِ لى بامرَأةٍ، واعْتَدِّى، واسْتَبْرِئى، واعْتَزِلى، وما أشْبَهَه. كـ: لا حا جَةَ لى فِيكِ. و: ما بَقِىَ شئٌ. و: أَغْناكِ اللَّهُ. و: اللَّهُ قد أَراحَكِ مِنِّى. و: جَرَى القَلَمُ. ونحوِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وتقدَّم اختِيارُ أبى جَعفَرٍ فى: أنْتِ مُخَلَّاةٌ. وعنه، أنَّ اعْتَدِّى واسْتَبْرِئى، ليْستا مِنَ الكِنايَاتِ الخَفِيَّةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إذا قالتْ له: طَلِّقْنِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: إنَّ اللَّهَ قد طَلَّقَكِ. هذا كِنايةٌ خفِيَّةٌ، أُسْنِدَتْ إلى دلالَتَى الحالِ، وهى ذِكْرُ الطَّلاقِ، وسُؤالُها إيَّاه. وقال ابنُ القَيِّمِ: الصَّوابُ أنَّه إن نوَى، وقع الطَّلاقُ، وإلَّا لم يقَعْ؛ لأنَّ قوْلَه: اللَّهُ قد طَلَّقَكِ. إن أرادَ به شرَعَ طَلاقَكِ وأباحَه، لم يقَعْ، وإن أراد أنَّ اللَّهَ أوْقعَ عليكِ الطَّلاقَ، وأرادَه وشاءَه، فهذا يكونُ طَلاقًا، فإذا احْتَمَلَ الأَمْرَيْن، لم يقَعْ إلَّا بالنِّيَّةِ. انتهى. ونقَل أبو داودَ، إذا قال: فرَّق اللَّهُ بينِى وبينَكِ فى الدُّنْيا والآخِرَةِ. قال: إنْ كان يريدُ أنه دُعاء يدعُو به، فأرْجُو أنَّه ليس بشئٍ. فلم يَجْعَلْه شيئًا مع نِيَّةِ الدُّعاءِ. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه أنَّه شئٌ مع

وَاخْتُلِفَ فِى قَوْلِهِ: الْحَقِى بِأَهْلِكِ، وَ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَ: تَزَوَّجِى مَنْ شِئْتِ، وَ: حَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَ: لَا سَبِيلَ لِى عَلَيْكِ، وَ: لَا سُلْطَانَ لِى عَلَيْكِ. هَلْ هِىَ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِيَّةِ الطّلاقِ أو الإطْلاقِ؛ بِناءً على أنَّ الفِراقَ صريحٌ، أو للقَرِينَةِ. قال: ويُوافِقُ هذا ما قالَ شيْخُنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ فى: إنْ أبْرَأْتِنِى، فأَنتِ طالِقٌ. فقالتْ: أَبْرَأَكَ اللَّهُ ممَّا تدَّعِى النِّساءُ على الرِّجالِ. فظَنَّ أنَّه يَبْرَأُ، فطَلَّقَ. فقال: يَبْرأُ. فهذه المَسائلُ الثَّلاثُ، الحُكمُ فيها سواءٌ. وظهَر أنَّ فى كلِّ مسأَلَةٍ قوْلَيْن؛ هل يُعْمَلُ بالإِطْلاقِ للقَرينَةِ، وهى تدُلُّ على النِّيَّةِ، أم تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؟ ونظِيرُ ذلك: إنَّ اللَّه قد باعَكَ، أو: قد أقَالَكَ. ونحوُ ذلك. انتهى. قوله: واخْتُلِفَ فى قَولِه: الْحَقِى بأهلِكِ، و: حبلك على غارِبكِ، و: تَزَوَّجِى مَن شِئْتِ، و: حَلَلتِ للأَزْواجِ، و: لا سَبِيلَ لى عليك. و: لا سُلطانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لى عليك. هل هى ظاهِرَةٌ أو خَفِيّةٌ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِب»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى». وأطْلَقَهما فى الخَمْسَةِ الأَخِيرةِ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». أمَّا: الْحَقِى بأَهْلِكِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: خَفِيَّة على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. [وهو ظاهرُ كلامِه فى «العُمْدَةِ»، فإنَّه لم يذْكُرْها فى الظَّاهِرَةِ] (2). وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ البَغْدادِىِّ». وقيل: هى كِنايةٌ ظاهرةٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به الخِرَقِى. وقطَع به الخِرَقِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشهورُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، والمُختارُ لأكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الزُّبْدَةِ»، وصحَّحه فى «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وأمَّا الخَمْسَةُ الباقِيَةُ، فإحْدَى الرِّوايتَيْن، أنها مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرةِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، [و «الزُّبْدَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (4). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هى خَفِيةْ، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «منْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وقدَّمه فى «إِدْراكِ الغايةِ». واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» أنَّ: حَبْلُك على غَارِبِك. و: تَزَوَّجِى مَن شِئْتِ. و: حَلَلْتِ للأزْواجِ. مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرةِ، وأنَّ قولَه: لا سَبِيلَ لى عليكِ. ولا سُلْطَانَ لى عليك. خَفِيَّةٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكمُ خِلافًا ومذهبًا، فى قولِه: غَطِّ شَعرَكِ. و: تَقَنَّعِى. وفى الفِراقِ والسَّراحِ، وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». يعْنِى، على القولِ بأنَّهما ليسا مِنَ الصَّرِيحِ؛ أحدُهما، هما مِنَ الكِناياتِ الظاهرةِ. جزَم به الزَّرْكَشِىُّ. والثانى، هما مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ، وجزَم به فى «المُغْنِى»،

وَمِنْ شَرْطِ وُقُوع، الطَّلَاقِ أَنْ يَنْوِىَ بِهَا الطَّلَاقَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». قوله: ومِن شَرطِ وقُوعِ الطَّلاق، أَنْ ينْوِىَ بها الطَّلاقَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ مِن شَرْطِ وُقوعِ الطَّلاقِ بالكِناياتِ، أن ينْوِىَ بها الطَّلاقَ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، على ما يأْتِى بعدَ ذلك قريبًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا قولُ جمهورِ الأصحابِ؛ القاضى، وأصحابِه، والشَّيْخَيْن،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم، ونصَّ عليه. انتهى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ الطَّلاقُ بالظَّاهرةِ مِن غيرِ نِيَّةٍ. اختارَه أبو بَكرٍ. وذكَر القاضى، أنَّه ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وفى هذه الرِّوايةِ بُعْدٌ. فعلى المذهبِ، يُشْتَرَطُ أن تكونَ النِّيَّةُ مُقارِنَةً للفْظِ على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، فقال: ولا يقَعُ بكِنايَةٍ إلَّا بِنيَّةٍ مُقارِنَةٍ للَّفْظِ. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وقيل:

إِلَّا أَنْ يَأتِىَ بِهَا فِى حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْتَرَطُ أن يُقارِنَ أوَّلَ اللَّفْظِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: ومِن شَرْطِها مُقارَنَةُ أوَّلِ اللَّفْظِ فى الأصحِّ. وجزَم به الأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: ولا يَقَعُ بكِنايةٍ طَلاق إلَّا بِنيَّةٍ قبْلَه، أو مع أوَّلِ اللَّفْظِ، أو جُزْءٍ غيرِه. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وجزَم به فى «الوَجيزِ». قوله: إلَّا أَنْ يأتِىَ به فى حالِ الخُصُومَةِ والغضَبِ، فعلى روايَتَيْنِ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». إحْداهما، يقَعُ وإن لم يأْتِ بالنِّيَّةِ، وهو المذهبُ. اختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الزَّرْكَشِىُّ: طَلُقَتْ على المَشْهورِ والمُختارِ لكثيرٍ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيَةُ، لا يقَعُ إِلَّا بالنِّيَّةِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «الخُلاصةِ»: لم يقَعْ فى الأصحِّ، وجزَم به أبو الفَرَجِ وغيرُه. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنَّ ما كان مِنَ الكِناياتِ لا يُسْتَعْمَلُ فى غيرِ الفُرْقَةِ إلَّا نادِرًا، نحوَ قولِه: أنتِ حُرَّةٌ لوَجْهِ اللَّهِ. أو: اعْتَدِّى. أو: اسْتَبْرِئى رَحِمَكِ. أو: حَبْلُكِ على غَارِبِك. أو: أنتِ بائِنٌ. وأشْباهُ ذلك، أنَّه يقَعُ فى حالِ الغَضَبِ. وجَوابُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السُّؤالِ مِن غيرِ نِيَّةٍ، وما كَثُرَ استِعْمالُه لغيرِ ذلك، نحوَ: اخْرُجِى. و: اذْهَبِى. و: رُوحِى. و: تَقَنَّعِى. لا يقَعُ الطَّلاقُ به إِلَّا بنيَّةٍ. انتهى.

وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلاقَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ بِهَا الطَّلاقُ. وَالأَوْلَى فِى الأَلفَاظِ الَّتِى يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلاقِ، نَحْوَ: اخْرُجِى، وَاذْهَبِى، وَرُوحِى، أنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن جاءت جَوابا لسُؤَالِها الطَّلاقَ، فقال أصحابُنا: يقعُ بها الطَّلاقُ. وهو المذهبُ مُطلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يقَعُ إلَّا بنِيَّةٍ. واختارَ المُصَنِّفُ الفَرْقَ، فقال: والأَوْلَى فى الأَلفاظِ التى يكثُرُ استِعْمالُها لغيرِ الطَّلاقِ، نحوَ: اخرُجِى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و: اذْهَبِى، و: رُوحِى. أنَّه لا يقَعُ بها طَلاقٌ حتى ينْوِيَه، ومالَ إليه الشَّارِحُ. فائدة: لو ادَّعَى أنَّه ما أراد الطَّلاقَ، أو أراد غيرَه، دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ فى الحُكمِ مع سُؤالِها، أو خُصومَةٍ وغَضَبٍ. على أصحِّ الرِّوايتَيْن. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَمَتَى نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلاقَ، وَقَعَ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى نوَى بالكِنايَةِ الطَّلاقَ، وقَعَ بالظَّاهرَةِ ثَلَاثٌ، وإنْ نوَى واحِدَةً. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم: هذا ظاهرُ المذهبِ. واختاره ابنُ أبى مُوسى، والقاضى، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، والمُختارُ لأكثرِ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، يَقَعُ ما نواه. اختاره أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وجزَم به فى

وَعَنْهُ، يَقَعُ مَا نَوَاهُ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَقَعُ بِهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فيُدَيَّن فيه. فعليها، إن لم ينْوِ شيئًا، وقَع واحدةً، وفى قَبُولِه فى الحُكمِ رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يُقبَلُ فى الحُكمِ، ويكونُ رَجْعِيًّا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ما يدُلُّ على أنَّه يقَعُ بها واحِدَةً بائِنَةً. وهُنَّ أوْجُهٌ مُطْلَقَةٌ فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وتقدَّم رِواية اختارَها أبو بَكرٍ، أنَّه لا تُشْترَطُ النِّيَّةُ فى وُقوعِ الطَّلاقِ بالكِناياتِ الظَّاهرةِ. فوائد؛ الأُولَى، وكذلك الرِّواياتُ الثَّلاثُ فى قولِه: أنْتِ طالِقٌ بائِنٌ. أو: طالِقٌ الْبَتةَ. أو: أنْتِ طالِقٌ بلا رَجْعَة. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وتقدَّم الكلامُ أيضًا على قولِه: أنْتِ طالِقٌ بلا رَجْعَةٍ. فى الكِناياتِ الظاهرةِ. الثَّانيةُ، لو قال: أنْتِ طالِقٌ واحدةً بائنَةً. أو: واحِدَةً بَتَّةً. وقَعَ رَجْعِيًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ طَلْقَةً بائنَةً. وعنه، يقَعُ ثلاثًا. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، أنَّه إذا قال: أنْتِ طالِقٌ طَلْقَةً بائنَةً. أنَّها تقَعُ بائنَةً (¬1)، ثم قال: وعنه، رَجْعِيَّةً. الثَّالثةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ واحدَةً ثلاثًا. وقَع ثلاثًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الفُصولِ» ¬

(¬1) سقط من: ط، أ.

وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ مَا نَوَاهُ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا، وَقَعَ وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أبى بَكْرٍ فى قولِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا واحِدَة. يقَعُ واحدةً؛ لأنَّه وصَفَ الواحِدَةً بالثَّلاثِ. قال فى «الفُروعِ»:، ليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّه إنَّما وصَفَ الثَّلاثَ بالواحدةِ، فوَقعَتِ الثَّلاثُ، ولَغَى الوَصْفُ. وهو أصحُّ. الرَّابِعَةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أَنْ يُفْتِىَ فى الكناياتِ الظاهرةِ، وتوَقَّف؛ وإنَّما توَقَّفَ لاخْتِلافِ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فى ذلك. قوله: ويقَعُ بالخَفِيَّةِ ما نواه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا نِزاعَ عندَهم أنَّ الخَفِيَّةَ يقَعُ بها ما نواه، وليس كما قال. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقال: النَّاظمُ: وتَطْلِيقَةٌ رجْعِيَّةٌ فى المُجَرَّدِ واسْتَثْنَى القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ قوْلَه: أنتِ واحدةٌ. فإنَّه لا يقَعُ بها إِلَّا واحدةً وإنْ نوَى ثلاثًا. وعندَ ابنِ أبى مُوسى، يقَعُ بالخَفِيَّةِ ثلاثًا وإنْ نَوَى واحدةً. ذكَرَه عنه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: قولُه: فإن لم ينْوِ عَدَدًا، وقَعَ واحِدَةً. يعْنِى رَجْعِيَّةً، إنْ كان مدْخُولًا

وَأَمَّا مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ، نَحْوَ: كُلِى، وَ: اشْرَبِى، وَ: اقْعُدِى، وَ: اقْرُبِى، وَ: بَارَكَ اللَّه عَلَيْكِ، وَ: أَنْتِ مَلِيحَةٌ، أَوْ: قَبِيحَة، فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بها، وإلَّا بائنَةً. قوله: فأمَّا ما لا يَدُلُّ على الطَّلاقِ، نحْوَ: كُلِى، و: اشْرَبِى، و: اقْعُدِى، و: اقْرُبى، و: بارَكَ اللَّهُ عليكِ، و: أَنْتِ مَلِيحَةٌ، أو: قَبِيحَةٌ، فلا يقَعُ بها طَلاقٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن نواه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: هو كِنايَةٌ فى كُلِى، واشْرَبِى. وتقدَّم إذا قال لها: لسْتِ لى بامْرَأَةٍ. أو:

وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنَا طَالِقٌ. فَإِنْ قَالَ: أنَا مِنْكِ طَالِقٌ. فَكَذَلِكَ. وَيَحْتَمِل أنَّهُ كِنَايَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليست لى امْرَأَةٌ. عندَ قوْلِه: ولو قيلَ له: أَلَكَ امْرأَةٌ؟ فقال: لا. قوله: وكذا قَوْلُه: أَنا طالِقٌ -يعْنِى، لا يقَعُ به طَلاقٌ، وإن نوَاه- فإن زاد، فقال: أنا منْك طالِقٌ فكذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واختارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. ويَحْتَمِلُ أنَّه كِنايةٌ، وهو لأبى الخَطَّابِ. قال

وَإِنْ قَالَ: أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ. أَوْ: حَرَامٌ. فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ، أَوْ لَا؟ عَلى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايَةِ» عن هذا الاحْتِمالِ: فَيَقَعُ إذَنْ. ثم قال: قلتُ: إن نوى إيقاعَه، وقَع، وإلَّا فلا. قوله: وإن قال: أنا منكِ بائِنٌ. أو: حرامٌ. فهل هو كِنايَةٌ أَوْ لا؟ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَيْن. وكذا قولُه: أنا منكِ بَرِئٌ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «ابنِ رَزِينٍ»؛ أحدُهما، هو لَغْوٌ. صححه فى «التَّصْحيحِ»، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» فى قولِه: أنا مِنْكِ بَرِئٌ. والوجهُ الثَّانى، هو كِنايةٌ. صحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ». وقدَّمه فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى» فى الجميعِ، وقدَّمه فى «الكُبْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، فى الأُولَتَيْنِ. وأصْلُ الخِلافِ فى ذلك، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، سُئِلَ عن ذلك، فتوَقَّفَ. فائدة: لو أسْقَط لَفْظَ «مِنْكِ» فقال: أنا بائِنٌ. أو: حَرامٌ. فخرَّج المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ مِن كلامِ القاضى فيها وَجْهَيْن، هل هما كِنايَةٌ، أو لَغْوٌ؟ قال

فَإنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى. يَنْوِى بهِ الطَّلاقَ، لَمْ يَقَعْ، وَكَانَ ظِهَارًا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ حَرَامٌ. أَوْ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَىَّ حَرَامٌ. فَفِيهِ ثَلَاثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: وكذا مع حَذْفِه «منك» بالنِّيَّةِ فى احْتِمالٍ. ذكَرَه فى «الانْتِصارِ» انتهى. قلتُ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّه لَغْوٌ. قوله: وإنْ قال: أنتِ علىَّ حَرامٌ. أو: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حَرامٌ. فَفِيهِ ثَلاثُ رِواياتٍ. وكذا قوْلُه: الحِلُّ علىَّ حَرامٌ. إحْداهُنَّ، أَنَّه ظِهَارٌ، وهو المذهبُ فى الجُمْلَةِ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»:

رِوَايَاتٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، أَنَّهُ ظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِىُّ. وَالثَّانِيَةُ، كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَالثَّالِثَةُ، هُوَ يَمِينٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ» وغيرُهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفرداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هو كِنايةٌ ظاهرةٌ. حتى نقَل حَنْبَلٌ، والأَثْرَمُ، الحرامُ ثَلاثٌ، حتى لو وجَدْتُ رجُلًا حرَّمَ امْرَأَتَه عليه، وهو يرَى أنَّها واحدةٌ، فرَّقْتُ بينَهما. قال فى «الفُروعِ»: مع أنَّ أكثرَ الرِّواياتِ كراهةُ الفُتْيا بالكِناياتِ الظَّاهرةِ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لاخْتِلافِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، كما تقدَّم. قال الزَّرْكَشِىُّ: الرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه ظاهِرٌ فى الظِّهارِ، فعندَ الإطْلاقِ ينْصَرِفُ إليه، [وإنْ نوى يمينًا، أو طَلاقًا، انْصَرَفَ إليه؛ لاحْتِمالِه لذلك. انتهى. والرِّوايةُ الثَّالِثةُ، هو يَمِينٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: الثَّالثةُ، أنَّه ظاهرٌ فى اليَمِينِ، فعندَ الإِطْلاقِ ينْصَرِفُ إليه] (¬1)، وإن نوى الطَّلاقَ، أو الظِّهارَ، انْصَرَفَ إلى ذلك. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الكافِى». وعنه رِوايَةٌ رابِعَةٌ، أنَّه كِنايَةٌ خَفِيَّةٌ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: إحْداهُنَّ، أَنَّه ظِهَارٌ وإِن نوى الطَّلاق. هذا الأَشْهَرُ فى ¬

(¬1) سقط من الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، ونقَلَه الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم: هذا المَشْهورُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ ما نواه، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». ويأْتِى أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ: إذا قال: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. فى بابِ الظِّهارِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال لها: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. ونوى فى حُرْمَتِكِ على غيرِى، فكطَلاقٍ. قالَه فى «التَّرْغيب» وغيرِه، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو قال: علىَّ الحَرامُ. أو: يَلْزَمُنِى الحَرامُ. أو: الحَرامُ يَلْزَمُنِى. فهو لَغْوٌ، لا شئَ فيه مع الإطْلاقِ. وفيه مع قَرينَةٍ أو نِيَّةٍ وَجْهان. وأَطْلَقهما [فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلت: الصَّوابُ أنَّه مع النِّيَّةِ أو القَرِينَةِ كقوْلِه: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. ثم وَجَدْتُ ابنَ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» قدَّمه. وقال] (¬1) فى «الفُروعِ» (¬2): ويتَوَجَّهُ الوَجْهان، إن نوى به طَلاقًا، وأنَّ العُرْفَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده فى الأصل: «وقال».

وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَىَّ حَرَامٌ، أَعْنِى بِهِ الطَّلاقَ. فَقَالَ أحْمَدُ: تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: أَعْنِى بِهِ طَلَاقًا. طَلُقَتْ وَاحِدَةً. وَعَنْهُ، أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قرِينَةٌ. ذكَره فى أوَّلِ بابِ الظِّهارِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه مع النِّيَّةِ أو القرينَةِ كقوْله: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. قوله: وإنْ قال: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ، أعْنى به الطَّلاقَ. فقال الإِمامُ أحمدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه. اللَّهُ: تَطْلُقُ امْرأَتُه ثَلاثًا. وعنه، أَنَّهُ ظِهارٌ. [الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ ذلك طلاقٌ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ أنَّه طلاقٌ بالإنشاءِ. وعنه، أنَّه ظِهارٌ] (1). فعلى المذهبِ، قطَع المُصَنِّفُ هنا بما قالَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ؛ أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا مُطْلَقًا، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وقال: إنْ حَرُمَتِ الرَّجْعِيَّةُ. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ. ذكرَه عنه فى «المُسْتَوْعِبِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّها تَطْلُقُ واحدةً، إن لم يَنْو أكثرَ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». قوله: وإن قال: أعْنِى به طَلاقًا. طَلُقَتْ واحِدةً. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ أنَّه طَلاقٌ بالإِنْشاءِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، أنَّه ظِهارٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ علىَّ حَرامٌ، أعْنِى به الطَّلاقَ. وقُلْنا: الحَرامُ صريحٌ فى الظِّهارِ. فقال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاِثينَ»: فهل يَلْغُو تفْسِيرُه ويكون ظِهارًا، أو يصِحُّ ويكونُ طَلاقًا؟ على رِوايتَيْن. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّه طلاقٌ؛ قِياسًا على نَطيرَتِها المُتَقَدِّمَةِ. الثَّانيةُ، لو قال: فِراشِى علىَّ حَرامٌ. فإن نوى امْرأتَه، فظِهارٌ، وإن نوى فِراشَه، فيَمِينٌ. نقَله ابنُ هانِئٍ، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ».

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمَ. وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنَ الطَّلاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال: أنتِ علىَّ كالمَيْتَةِ والدَّمَ. وقَعَ ما نواه مِنَ الطَّلاقِ والظِّهارِ واليَمِينِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ ما نواه سِوى الظِّهارِ. جزَم به فى «عُيونِ المَسائلِ». وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: وإنْ نوى به الظِّهارَ، احْتَمَلَ أَنْ يكونَ ظِهارًا، كما قُلْنا فى قولِه: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. واحْتَمَلَ أَنْ لا يكونَ ظِهارًا، كما لو قال: أنْتِ علىَّ كظَهْرِ البَهِيمَةِ. أو: كظَهْرِ أبِى. انتهيا. فائدة: لو نوى الطَّلاقَ، ولم ينْوِ عَدَدًا، وَقَعَتْ واحدَةٌ. قطَع به المُصَنِّفُ، فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وقالا: لأنَّه مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ. قوله: وإنْ لم ينْوِ شَيْئًا، فهل يكونُ ظِهارًا أوَ يمِينًا؟ على وجْهَيْن. وهما رِوايَتانِ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يكونُ ظِهارًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ».

وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ. وَكَذَبَ، لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فِى الْحُكمِ، وَلَا يَلْزَمُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الرِّعايتَيْن»: هذه أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والثَّانى: يكونُ يمِينًا. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الخُلاصةِ». قوله: فإنْ قال: حَلَفْتُ بالطَّلاقِ. وكَذَبَ، لَزِمَه إقْرارُه فى الحُكْمِ. هذا المذهبُ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الفُروعِ»: لَزِمَه حُكْمًا. على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. وعنه، لا يَلْزَمُه إقْرارُه فى الحُكْمِ. ويأْتِى نظيرُ ذلك فى «كتابِ الأَيْمانِ»، قُبَيْلَ حُكْمِ الكفَّارَةِ. قوله: ولَا يَلْزَمُه فيما بيْنَه وبينَ اللَّهِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِامْرأَتِهِ: أمْرُكِ بِيَدِكِ. فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَىَ وَاحِدَةً، وَهُوَ فِى يَدِهَا مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يَلْزَمُه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، وهما وَجْهان فى «الإِرْشادِ». قوله: وإنْ قال لأمْرَأتِه: أمْرُكِ بيَدِكِ. فلها أَنْ تُطَلِّقَ ثَلاثًا، وإِنْ نوَى واحِدَةً. وهذا المذهبُ؛ لأنَّه كِنايةٌ ظاهِرَةٌ، وأَفْتَى به الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، مِرارًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، ليس لها أَنْ تُطَلِّقَ أَكثرَ مِن واحدَةٍ، ما لم ينْوِ أكثرَ. [قالَه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»] (¬1). وقطَع به [أبو الفرَجِ و] (¬2) صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وهو فى يدِها ما لم يفْسَخْ أو يَطأْ. هذا المذهبُ. نَصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا مَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الكافى»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: ط، أ.

وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِى نَفْسَكِ. لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ الَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ إِلَّا مَا دَامَتْ فِى الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ، أنَّه مُقَيَّدٌ بالمَجْلِسِ، كما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. قوله: وإن قال لها: اخْتارِى نَفْسَكِ لم يكُنْ لها أَنْ تُطَلِّقَ أكْثَرَ مِن واحِدَةٍ، إلَّا أن يَجْعَلَ إليها أكْثَرَ مِن ذلك. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه فى: اخْتارِى. غيرَ مُكَرَّرٍ، يقَعُ ثلاثًا. وعنه، إنْ خيَّرَها، فقالتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِى. تَطْلُقُ ثلاثًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كرَّرَ لَفْظَ الخِيارِ بأنْ قال: اخْتارِى، اخْتارِى، اخْتارِى. فإنْ نوَى إفْهامَها، وليس نِيَّتُه ثلاثًا، فواحِدَةٌ. قالَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وإنْ أرادَ ثلاثًا، فثَلاثٌ. قاله الإِمامُ أحمدُ أيضًا. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وإنْ أطْلَقَ، فواحِدَةٌ. اخْتارَه القاضى. وعنه، ثلاثًا. ذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: وليس لها أَنْ تُطَلِّقَ إلَّا ما دامَتْ فى المَجْلِسِ، ولم يتَشاغَلا بما يقْطَعُه، إلا أَنْ يجْعَلَه لها أَكثَرَ مِن ذلك. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا اخْتِيارُ القاضى، والأكْثَرِينَ. وعنه، أنَّه على الفَوْرِ، جَوابًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكلامَيْهما. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقيل: هو على التَّراخِى. ذكرَه فى «الرِّعايَةِ»، وهو تخْريجٌ لأبى الخَطَّابِ، ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ.

فَإِنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ الْيَوْمَ كُلَّهُ، أَوْ جَعَلَ أمْرَهَا بِيَدِهَا فَرَدَّتْهُ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جعَل لها الخِيارَ اليَومَ كلَّه، أو جعَل أمْرَها بيَدِها- فرَدَّتْه، أو رجَعَ فيه، أو وطِئَها، بطَل خِيارُها. هذا المذهبُ -وهو كما قالَ- وعليه الأصحابُ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ فى كلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهًا مِثْلَ حُكْمِ الأُخْرَى.

رَجَعَ فِيهِ، أَوْ وَطِئَهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ فِى كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهًا مِثْلَ حُكْمِ الأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، مِن حيثُ التَّراخِى والفَوْرِيَّةُ، لا مِن حيثُ العَدَدُ. مع أنَّ كلامَ أبى الخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ فى العَدَدِ أيضًا. قال مَعْناه ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه». وقد نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، على التَّفْرِقَةِ بينَهما، فلا يتَّجِهُ التَّخْريجُ. وقيل: الوَطْءُ لا يُبْطِلُ خِيارَها. ذكرَه فى «الرِّعايَةِ».

وَلَفْظَةُ الأَمْرِ والخيَارِ كِنَايَةٌ فِى حَقِّ الزَّوْجِ، تَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولَفْظَةُ الأمْرِ والخِيَارِ كِنايَةٌ فى حَقِّ الزَّوْجِ، تَفْتَقِرُ إلى نِيَّةٍ. لَفْظَةُ الأمْرِ مِنَ الكِناياتِ الظَّاهِرَةِ، ولَفْظَةُ الخِيارِ مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ، تَفْتَقِر (¬1) إلى نِيَّةٍ، ¬

(¬1) فى الأصل: «تفتقران».

فَإِنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ، نَحْوَ: اخْتَرْتُ نَفْسِى. افْتَقَرَ إلَى نِيَّتِهَا أيْضًا، وَإِنْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفسِى. وَقَعَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو كوْنِه بعدَ سُؤالِها الطَّلاقَ ونحوَه. وقد تقدَّم الخِلافُ فى قَدْرِ ما يقَعُ بكُل واحدةٍ فهما. وتقدَّم رِوايةٌ اخْتارَها أبو بَكْرٍ، أنَّ الكِناياتِ الظَّاهرةَ لا يحْتاجُ الوُقوعُ فيها إلى نِيَّةٍ. فكذا لَفْظَةُ الأمْرِ هنا. قوله: فإنْ قَبِلَتْه بلَفْظِ الكِنايَةِ، نحوَ: اخْتَرتُ نَفْسِى. افْتَقَرَ إلَى نِيَّتِها أيْضًا. فإنْ قَبِلَتْه بلَفْظِ الصَّريحِ، بأنْ قالتْ: طَلَّقْتُ نفْسِى. وقَعَ مِن غيرِ نِيَّةٍ. لو جعَل ذلك لها بلَفْظِ الكِنايةِ، كقَوْلِه لها: اخْتارِى نَفْسَكِ. أو: أمْرُكِ بيَدِكِ. فهو توْكيلٌ منه لها، فإنْ أوْقَعَتْه بالصَّريحِ، كقوْلِها: طَلَّقْتُ نَفْسِى. فجزَم المُصَنِّفُ هنا بالوُقوعِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ فهم؛ فهم المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وتقدَّم قريبًا رِوايةُ أنَّه لو خيَّرَها فقالتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِى ثلاثًا. أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا. وحكَى فى «التَّرْغيبِ» فى الوُقوعِ وَجْهَيْن، فيما إذا أتَى الزَّوْجُ بالكِنايةِ، وأوْقَعَتْ هى (¬1) بالصَّريحِ، كعَكْسِها على ما يأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ بعدَ هذا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى نِيَّتِهَا، فَالْقُوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى رُجُوعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد (¬1)؛ إحْداها، يقَعُ الطَّلاقُ بإيقاعِ الوَكِيلِ بصَريحٍ أو كِنايةٍ بنِيَّةٍ، وفى وُقوعِه بكِنايَةٍ بنِيَّةٍ ممَّنْ وُكِّلَ فيه بصَرِيحٍ، وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وكذا عكْسُه فى «التَّرْغيبِ». وتَبِعَه فى «الفُروعِ». وأطْلَقَهما -فى الأُولَى- فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قلتُ: الصَّوابُ الوُقوعُ كالمَرْأةِ. الثَّانية، [تقدَّم أنَّه هل تُقْبَل دَعْوَى المُوَكِّلِ بأنَّه رجَع قبلَ إيقاعِ وَكِيلِه، أمْ لا؟ فى كِتابِ الطَّلاقِ. الثَّالثةُ] (¬2)، لا يقَعُ الطَّلاقُ بقوْلِها: اخْتَرْتُ. ولو نوَتْ، حتى تقولَ: نَفْسِى. أو: أَبَوَىَّ. أو: الأزْواجَ. ونقَل ابنُ مَنصُورٍ: إنِ اخْتارَت زوْجَها، فواحِدَةٌ، وإنِ اخْتارَتْ نفْسَها، فَثَلاثٌ. قوله: لان اخْتَلَفا فى نِيَّتِها، فالقَوْلُ قَوْلُها. وإن اخْتَلَفَا فى رُجُوعِه، فالقَوْلُ ¬

(¬1) فى الأصل: «فائدتان». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُه. لا أعلمُ فى ذلك خِلافًا.

وَإِنْ قَالَ: طَلِّقِى نَفْسَكِ. فَقَالَتِ: اخْتَرْتُ نَفْسِى. وَنَوَتِ الطَّلاقَ، وَقَعَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال: طَلِّقِى نَفْسَك. فقالتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِى. ونَوَتِ الطَّلاقَ،

وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقَعَ. هذا المذهبُ. صحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يقَعَ، وهو لأبى الخَطَّابِ، وهو وَجْهٌ اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وتقدَّم قريبًا عكْسُها. قوله: وليس لها أَنْ تُطَلِّقَ أكْثَرَ مِن واحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إليها أكْثَرَ منها. إمَّا بلَفْظِه أو نِيَّتِه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تَطْلُقُ ثلاثًا، إنْ نَوَاها هو ونوَتْها هى. فوائد؛ الأُولَى، لو قال لها: طَلِّقِى نَفْسَكِ ثلاثًا. طَلُقَتْ ثلاثًا بنِيَّتِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ ثلاثًا، ولو لم تَنْوِها. وقيل: لا تَطْلُقُ إلَّا واحدةً ولو نوَتْ ثلاثًا. الثَّانيةُ، هل قولُه: طَلِّقِى نفْسَكِ. مُخْتَصٌّ بالمَجْلِسِ، كقوْلِه: اخْتارِى نفْسَكِ. أو على التَّراخِى، كـ: أمْرُكِ بيَدِكِ؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يكونُ على التَّراخِى. وهو الصَّحيحُ، رجَّحَه المُصَنِّفُ، و «الكافِى»، و «المُغْنِى». قال فى «الرِّعايتَيْن»: وهو أَوْلَى. والوَجْهُ الثَّانى، يَخْتَصُّ بالمَجْلِسِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» الثَّالثةُ، قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: لو قال ذلك لأجْنَبِىٍّ، كان ذلك على التَّراخِى فى الجميعِ. يعْنِى، فى الأمْرِ والاخْتِيارِ والطَّلاقِ. وحُكْمُ الأَجْنَبِىِّ إذا وُكِّلَ، حُكْمُها فيما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا، إلَّا فى التَّراخِى على ما تقدَّم. وتقدَّمَتْ أحْكامُ تَوْكِيلِ الأجْنَبِىِّ والمرْأةِ فى أوَاخِرِ كتابِ الطَّلاقِ، فليُعاوَدْ. الرَّابعةُ، تَمْلِكُ المرْأَةُ بقولِه: طَلاقُكِ بيَدِكِ. أو: وَكَّلْتُكِ فى

وَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُكِ لِأهْلِكِ، فَإِنْ قَبِلُوهَا فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ رَدُّوهَا فَلَا شَىْءَ. وَعَنْهُ، إِنْ قَبِلُوهَا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ رَدُّوهَا فَوَاحِدَةٌ. وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: وَهَبْتُكِ لِنَفْسِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّلاقِ. ما تَمْلِكُ بقوْلِه لها: أمْرُكِ بيَدِكِ. فلا يقَعُ بقوْلِها: أَنْتَ طالِقٌ. أو: أنْتَ مِنِّى طالِقٌ. أو: طَلَّقْتُكَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وقيل: يقَعُ بالنِّيَّةِ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: صِفَةُ طَلاقِها: طَلَّقْتُ نَفْسِى. أو: أنا مِنْكَ طالِقٌ. وإنْ قالتْ (¬1): أَنا طالِقٌ. لم يقَعْ. قوله: وإن قال: وهَبْتُك لأهْلِك. فإن قَبِلُوها، فواحِدَةٌ -يعْنِى: رَجْعِيَّةً، نصَّ عليه- وإنْ ردُّوها، فلا شَىْءَ. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذه المَشْهورَةُ عنِ الإِمام ¬

(¬1) فى الأصل: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، وجزَم به ناظِمُها. وعنه، إنْ قَبِلُوها، فَثَلاثٌ، وإنْ رَدُّوها، فَواحِدَةٌ. يعْنِى رَجْعِيَّةً. قدَّمه فى «الخُلاصةِ». وعنه، إنْ قَبِلُوها، فَثَلاثٌ، وإنْ ردُّوها، فواحِدَةٌ بائِنَةٌ. وعندَ القاضى، يقَعُ ما نَوَاه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنَ الواهِبِ والمَوْهُوبِ، ويقَعُ أَقَلُّهما إذا اخْتلَفا فى النِّيَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «البُلْغَةِ»: وبكُلِّ حالٍ لابُدَّ مِنَ النِّيَّةِ؛ لأنَّه كِنايَةٌ، فتَقْديرُه مع النِّيَّةِ: أنتِ طالِقٌ إنْ رَضِىَ أهْلُكِ، أو رَضِىَ فُلانٌ. انتهى. وعنه، لا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فى الهِبَةِ. ذكرَه القاضى. الثَّانيةُ، لو باعَها لغيرِه، كان لَغْوًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به الأكثرُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى كوْنِه كِنايةً كالهِبَةِ وَجْهان. الثَّالثةُ، لو نوى بالهِبَةِ، والأمْرِ، والخِيارِ، الطَّلاقَ فى الحالِ، وقَع. قالَه الأصحابُ. الرَّابعةُ، مِن شَرْطِ وُقوعِ الطَّلاقِ مُطْلَقًا التَّلَفُّظُ به، فلو طلَّق فى قَلْبِه، لم يقَعْ، بلا خِلافٍ أعْلَمُه. نقَل ابنُ هانِئٍ، إذا طلَّق فى نفْسِه، لا يَلْزَمُه، ما لم يَتَلَفظْ به، أو يُحَرِّكْ لِسانَه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه ولو لم يَسْمَعْه. قال: ويتَوَجَّهُ كقِراءَةِ صَلاةٍ، على ما تقدَّم فى بابِ صِفَةِ الصَّلاةِ، عندَ قوْلِه: ويُسِرُّ بالقِراءَةِ بقَدْرِ ما يُسْمِعُ نفْسَه. الخامسةُ، قولُه: وكذلك إذا قال: وهَبْتُكِ لنَفْسِكِ. قالَه الأصحابُ، وقال المُصَنِّفُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهما: وكذا الحُكْمُ لو وَهَبَها لأَجْنَبِىٍّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد يُنازَعُ فى ذلك؛ فإنَّ الأجْنَبِىَّ لا حُكْمَ له عليها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بخِلافِ نفْسِها أو أهْلِها. واللَّهُ أعلمُ بالصَّوابِ.

باب ما يختلف به عدد الطلاق

بَابُ مَا يَخْتَلِف بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ يَمْلِكُ الْحُرُّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ، وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ. وَعَنْهُ أَنَّ الطَّلاقَ بِالنِّسَاءِ، فَيَمْلِكُ زَوْجُ ـــــــــــــــــــــــــــــ (¬1) بابُ ما يخْتلِفُ به عَدَدُ الطَّلاقِ قوله: يملِكُ الحُرُّ ثَلاثَ طَلَقَاتٍ، وإن كان تحْتَه أمَةٌ، ويَملِكُ العبدُ اثنتَيْن، وإن كان تَحْتَه حُرَّةٌ -هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا نصُّ الرِّوايتَيْن، وأشْهَرُهما عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه الأصحابُ- وعنه، أنَّ الطَّلاقَ بالنِّساءِ، فيَملِكُ زوْجُ الحُرَّةِ ثلاثًا، وإن كان ¬

(¬1) من هنا سقط من: الأصل.

الْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، وَزَوْجُ الأَمَةِ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدًا، وزوْجُ الأَمَةِ اثْنَتَين، وإن كان حُرًّا. فعليها يُعْتَبَرُ طرَيانُ الرِّقِّ بالمرْأَةِ. وقال الزَّركَشِىُّ: والأحادِيث فى هذا البابِ ضعيفةٌ، والذى يظْهَرُ مِنَ الآيةِ الكريمةِ (¬1)، أنَّ كلَّ زوْجٍ يملِكُ الثَّلاثَ مُطْلَقًا. انتهى. قلتُ: وهو قَوِىٌّ فى ¬

(¬1) سورة البقرة 229.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّظَرِ. وعلى المذهبِ، لو علَّقَ العَبْدُ الثَّلاثَ بشَرْطٍ، فوُجِدَ بعدَ عتْقِه، طَلُقَتْ ثلاثًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ اثْنَتَين ويمْلِكُ الثَّالثةَ. وإن علَّقَ الثَّلاثَ بعِتْقِه، لَغَتِ الثَّالثةُ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». قال فى «الفُروعِ»: لَغَتْ فى الأصحِّ. وقيل: بل تقَعُ. وقيل: إن قُلْنا: يَصِحُّ تعْليقُه على مِلكِه وقَع، وإلَّا فلا. ولو علَّقَ بعدَ طَلْقَةٍ ملَكَ تمامَ الثَّلاثِ. ولو علَّقَ بعدَ طَلْقتَيْن، زادَ فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ» أو عتَقَا معًا، لم يَملِكْ ثالثةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البُلْغَةِ»: لو عَتَقَ بعدَ طَلْقَتَيْن، لم يملِكْ نِكاحَها على الأصحِّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: أظْهَرُ الرِّوايتَيْن المَنْعُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يملِكُ عليها طَلْقَةً ثالثةً، فتَحِلُّ له. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ الرَّجْعَةِ، والكَلامُ عليه مُسْتَوفًى، إن، شاءَ اللَّهُ تعالَى. تنبيه: قد يُقالُ: شمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ ما لو كان حُرًّا حالَ الزواجِ ثم صارَ رقيقًا -بأن تَلْحَقَ الذِّمِّىُّ بدارِ الحَربِ فيُسْتَرَقَّ- وقد كان طلَّق اثْنتَيْن، وقُلْنا: ينْكِحُ عبْدٌ حُرَّةً، نكَحَها هنا وبَقِىَ له طَلْقَةٌ. ذكَره المُصَنِّفُ ومَن تابعَه. وفى «التَّرْغيبِ» وجْهان. قلتُ: ويأتِى عكْسُ ذلك، بأن يَلْحَقَ الذِّمِّيَّةُ بدارِ الحربِ ثم تُسْتَرَقَّ، وكان زوْجُها ممَّن يُباحُ له نِكاحُ الإِماءِ، هل يمْلِكُ عليها ثلاثًا أو طَلْقتَيْن؟

فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ. أَو: الطَّلَاقُ لِى لَازِمٌ. وَنَوَى الثَّلَاثَ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُعْتَقُ بعْضُه كالحُرِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه، وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقال فى «الكافِى»: هو كالقِنِّ. قوله: وإن قال: أنتِ الطَّلاقُ. أو: الطَّلاقُ لى لازِمٌ. وكذا قولُه: الطَّلاقُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُنِى. أو: يَلْزَمُنِى الطَّلاقُ. أو: علَىَّ الطَّلاقُ. ونحْوُه، ونوَى الثَّلاثَ،

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ طلُقَتْ ثلاثًا، وإن لم ينْوِ شيئًا، أو قال: أنتِ طالِقٌ. ونوَى الثَّلاثَ، ففيه

أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَنَوَى الثَّلَاثَ، فَفِيهِ رِوايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَالأُخْرَى، تَطْلُقُ وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَتان. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، أنَّ قولَه: أنتِ الطَّلاقُ. أو: الطَّلاقُ لى لازِمٌ. أو: يَلْزَمُنِى الطَّلاقُ. أو: علَىَّ الطَّلاقُ. ونحوَه، صريحٌ فى الطَّلاقِ؛ مُنْجَزًا كان أو مُعَلَّقًا بشَرطٍ أو محْلُوفًا به. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، لكِنْ هل هو صَرِيحٌ فى الثَّلاثِ، أو فى واحدةٍ؟ يأتِى ذلك. وقيل: ذلك كِنايةٌ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وتبِعَه فى «الأُصولِيَّةِ»: لو نوَى به ما دُونَ الثَّلاثِ، فهل يقَعُ به ما نواه خاصَّةً، أو يقَعُ به الثَّلاثُ، ويكونُ ذلك صرِيحًا فى الثَّلاثِ؟ فيه طرِيقان للأصحابِ. انتهى. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ قولَه: الطَّلاقُ يَلْزَمُنِى. ونحوَه يمِين باتِّفاقِ العُقَلاءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأُمَمِ والفُقَهاءِ. وخرَّجه على نُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو خِلافُ صَرِيحِها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا: إن حلَفَ به نحوَ، الطَّلاقُ لى لازِمٌ، ونوَى النَّذْرَ، كفَّر عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. ذكَرَه عنه فى «الفُروعِ» فى كتابِ الأيْمانِ، ونَصَره فى «إِعْلامِ المُوَقِّعِين» هو والذى قبلَه. وقد ذكَر أنَّ أخَا (¬1) الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، ¬

(¬1) هو عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرانى، زين الدين أبو الفرج، كان مشهورا بالديانة والأمانة وحسن السيرة، وله فضيلة ومعرفة، ولازم أخاه بالإسكندرية ودمشق محبة له وإيثارا لخدمته. توفى سنة سبع وأربعين وسبعمائة. شذرات الذهب 6/ 152.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختارَ عدَمَ الكَفَّارَةِ فيهما، وهو مذهبُ ابنِ حَزْم. فعلى المذهبِ، إذا لم ينْوِ شيئًا، فأَطلقَ المُصَنِّفُ هنا فى وُقوعِ الثَّلاثِ، أو وُقوعِ واحدَةٍ الرِّوايتَيْن، وأطْلَقهما فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»؛ إحْداهما، تَطْلُقُ ثلاثًا. صحَّحها فى «التَّصْحيحِ». قال فى «الرَّوْضَةِ»: وهو قولُ جُمهورِ أصحابنا، ونصَّ عليها الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى روايةِ مُهَنَّا، واختارَها أبو بَكرٍ. والرِّوايةُ الأُخرى، تَطْلُقُ واحدةً، وهو المذهبُ، اختارَه المُصَنِّفُ، وقال: هو الأشْبَهُ. وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ، وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فوائد؛ إحْداها، قال فى «الواضِحِ»: أنتِ طَلاقٌ، كأنْتِ الطَّلاقُ. وقال مَعْناه فى «الانتِصارِ». قالَه فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ (¬1)، سألَ هارُونُ الرَّشِيدُ القاضىَ يعْقُوبَ أبا يُوسُفَ الحَنَفِىَّ، والكِسائِىَّ عن رَفْعِ ثَلاثٌ ونَصْبِه، فى ¬

(¬1) هذه الفائدة بتمامها زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلِه: فإنْ تَرْفُقِى يا هِنْدُ فالرِّفْقُ أَيْمَنُ … وإنْ تَخْرُقِى يا هِنْدُ فالخَرْقُ أشْأَمُ فأنتِ طَلاقٌ والطَّلاقُ عزِيمَةٌ … ثلاثًا ومَنْ يَخْرُقْ أعَقُّ وأَظْلَمُ فبِينى بها إنْ كنتِ غيرَ رَفِيقَةٍ … وما لامْرِئٍ بعدَ الثَّلاثِ مُقَدَّمُ (¬1) فماذا يَلْزَمُه فيهما؟ فقالا: إن رفَعَ «ثلاثًا» الأُولَى، طَلُقَتْ واحدةً فقط؛ لأنَّه قال لها: أنتِ طلاقٌ. وأَطْلقَ، فأقَلُّه واحدةٌ، ثم أخْبَرَ ثانيًا بأنَّ الطَّلاقَ التَّامَّ العَزِيمةِ ثَلاثٌ، وإن نصَبَها، طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأَنَّ معْناه أنتِ طالِقٌ ثلاثًا، وما بينَهما جملةٌ معْتَرِضَةٌ. وقال الجَمالُ ابنُ هِشَامٍ الأَنْصارِىُّ (¬2)، مِن أئمَّتِنا فى «مُغْنِى اللَّبِيبِ» (¬3) ما نصُّه: وأقولُ: إنَّ الصَّوابَ أنَّ كلًّا منهما مُحْتَمِلٌ لُوقوعِ الثَّلاثِ والواحدَةِ؛ أمَّا الرَّفْعُ؛ فلأَنَّ «أل» فى الطَّلاقَ إمَّا لمجازِ الجِنْسِ نحوَ: زَيْدٌ الرَّجُلُ؛ أى هو الرَّجُلُ المُعْتَمَدُ عليه المُعْتَدُّ به فى الرِّجالِ، وإمَّا للعَهْدِ الذِّكْرِىِّ، كمثْلِها فى قوْلِه تعالَى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (¬4). أى، وهذا الطَّلاقُ ¬

(¬1) القصة والأبيات فى: مجالس العلماء، للزجاج 338. وشرح المفصل، لابن يعيش 1/ 12. والأبيات بلا نسبة فيهما. (¬2) جمال الدين أبو محمد، عبد اللَّه بن يوسف بن هشام الأنصارى، الحنبلى النحوى، تفقه للشافعى ثم تحنبل فحفظ «مختصر الخرقى»، وأتقن العربية ففاق أقرانه وشيوخه، وله العديد من المؤلفات والشروح فى النحو وغيره، توفى سنة إحدى وستين وسبعمائة. معجم المؤلفين 6/ 163. (¬3) مغنى اللبيب 1/ 51، 52. (¬4) سورة المزمل 16.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذْكورُ عزيمَتُه ثَلاثٌ، ولا تكونُ للجِنْسِ الحَقِيقِىِّ؛ لأنَّه لا يلْزَمُ منه الإِخبارُ عن العامِّ بالخاصِّ، كـ «الحَيوانُ إنْسانٌ» فهو باطِلٌ، اذْ ليس كلُّ حَيوانٍ إنسانًا، ولا كُلُّ طَلاقٍ عَزِيمَةً أو ثلاثًا، فعلى العَهْدِيَّةِ، تقَعُ الثَّلاثُ، وعلى الجِنْسِيَّةِ، تقَعُ الواحدَةُ. كما قد قالَه الكِسائِىُّ، وأبو يُوسُفَ تَبَعًا له. وأمَّا النَّصْبُ؛ فلِأَنَّه مُحْتَمِلٌ لكَوْنِه (¬1) مَفْعولًا مُطْلَقًا أو مَصْدَرًا، وحِينَئذٍ يقْتَضِى وُقوعَ الثَّلاثِ؛ إذ المَعْنَى، فأنتِ طالِقٌ ثلاثًا، ثم اعْتَرَضَ بينَهما بقَوْلِه: والطَّلاقُ عزيمَةٌ. أو لكَوْنِه حالًا مِنَ الضَّميرِ المُسْتَتِرِ فى عزِيمَةٍ، وحِينَئذٍ فلا يَلْزَمُ منه وُقوعُ الثَّلاثِ؛ لأَنَّ المَعْنَى، والطَّلاقُ عزِيمَةٌ إذا كان ثلاثًا، فإنَّما يقَعُ ما نواه، وهذا ما يقْتَضِيه مَعْنَى هذه اللَّفْظَةِ مع قَطْعِ النَّظرَ عن شئٍ آخرَ. فأمَّا الذى قد نواه هذا الشَّاعِرُ المُعَيَّنُ بقَوْلِه فى شِعْرِه المذْكُورِين فيه، فهو الثَّلاثُ. بدَليلِ البَيْتِ الثَّالثِ مِن قوْلِه فى شعْرِه المذْكُورِين فيه. فإن نوَى واحدةً فى محَلِّ الثَّلاثِ بلا تَزْوِيجٍ، أو كِنايَةٍ ظاهِرَةٍ أو عكسِه، أو لم يَنْوِ شيئًا بل أطْلَقَ، فاحْتِمالان؛ أظْهَرُهما يُعْمَلُ باليَقِينِ -والوَرَعُ الْتِزامُ المَشْكُوكِ فيه بإيقاعِه يقِينًا- والأَصْلُ بَقاءُ النِّكاحِ وتَمامُ الثَّلاثِ، فلا يزُولُ الشَّكُّ فيهما. انتهى. واللَّهُ أعلمُ. الثَّالثةُ، لو قال: الطَّلاقُ يَلْزَمُنِى. ونحوُه، لا أفْعَلُ كذا. وفَعَلَه وله أكثرُ مِن زَوْجَةٍ؛ فإذا كان هناك نِيَّةٌ أو سبَبٌ يقْتَضِى التَّعْمِيمَ أو التَّخْصِيصَ عُمِلَ به، ومع فَقْدِ السَّبَبِ والنِّيَّةِ، خرَّجَها بعضُ الأصحابِ على الرِّوايتَيْن فى وُقوعِ الثَّلاثِ بذلك، على الزَّوْجَةِ الواحدَةِ؛ لأَنَّ الاسْتِغْراقَ فى الطَّلاقِ يكونُ تارَةً فى نفْسِه، وتارَةً فى محَلِّه. وفرَّق بعضُهم بينَهما؛ بأنَّ عُمومَ الطَّلاقِ مِن بابِ عُموم المَصدَرِ لأَفرادِه، وعُمومَ الزَّوْجاتِ يُشْبِهُ عُمومَ المَصدَرِ لمَفعولاتِه، وعُمومُه لَأفرادِه أقْوَى مِن عُمومِه لمَفعولاتِه؛ لأنَّه يدُلُّ على أفْرادِه ¬

(¬1) بعده فى ش، أ: «مفعولا به، أو». والمثبت موافق لمغنى اللبيب 1/ 51.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذاتِه عَقْلًا ولَفْظًا، وإنَّما يدُلُّ على مَفعولاتِه بواسِطَةٍ؛ مِثالُه لفْظُ الأَكْلِ، والشُّرْبِ، فإنَّه يَعُمُّ أنواعَ الأكلِ والشُّربِ، وهو أبْلَغُ مِن عُمومِ المأكولِ إذا كان عامًّا، فلا يَلْزَمُ مِن عُمومِه لأفْرادِه وأنواعِه عُمومُه لمَفعولاتِه. ذكَر مَضمونَ ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقوَّى فى مَوْضِعٍ آخَرَ وُقوعَ الطَّلاقِ بجميعِ الزَّوجاتِ، دُونَ وُقوعِ الثَّلاثِ بالزَّوْجَةِ الواحدةِ، وفرَّق بينَهما بأنَّ وُقوعَ الطَّلاقِ (¬1) الثَّلاثِ بالزَّوجَةِ الواحدةِ مُحَرَّمٌ، بخِلافِ وقُوعِ الطَّلاقِ بالزَّوجاتِ المُتَعَدِّداتِ. انتهى. قال فى «الرَّوْضَةِ»: إن قال: إن فَعَلْتُ كذا فامْرَأتِى طالِقٌ. وقَع بالكُلِّ وبمَن بَقِىَ، وإن قال: علَىَّ الطَّلاقُ لأَفْعَلَنَّ. ولم يذْكُرِ المرأةَ، فالحُكمُ على ما تقدَّم. انتهى. وأمَّا إذا قال: أنتِ طالِقٌ. ونوَى الثَّلاثَ، فأَطلقَ المُصَنِّفُ هنا فى وُقوعِ الثَّلاثِ الرِّوايتَيْن. وأَطلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ إحْداهما، تَطْلُقُ ثلاثًا. وهو المذهبُ على ما اصطَلَحْناه. صحَّحه فى «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ولعَلَّها أَظْهَرُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والأُخْرَى، واحدةً. وهو المذهبُ عندَ أكثرِ المُتَقَدِّمِين، وهى اختِيارُ الْخِرَقِىِّ، والقاضى، وقال: عليها الأصحابُ. واختارَها الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما»، وابنُ عقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرازِىُّ، وغيرُهم. قال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: وقيل: هى أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». فعلى الثَّانيةِ، لو قال: أنتِ طالِقٌ. وصادَفَ قوْلُه ثلاثًا موْتَها، أو قَارَنَه، وقَعَ واحدَةً، وعلي الأُولَى ثلاثًا؛ لوُجودِ المُفَسِّرِ فى ¬

(¬1) سقط من: ط.

وإنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً. وَنَوَى ثَلَاثًا، لَمْ تَطْلُقْ إِلَّا وَاحِدَةً فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحياةِ. قالَه فى «التَّرْغيبِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ طالِقٌ طَلاقًا. أو طالِقٌ الطَّلاقَ. ونوَى ثلاثًا، طلُقَتْ ثلاثًا، بلا خِلافٍ أعْلَمُه، وإن أَطْلَقَ وقَعَ فى الأُولَى طَلْقَةً، وكذا فى الثَّانيةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، بل تطْلُقُ ثلاثًا. الثَّانيةُ، لو أوْقَعَ طَلْقَةً، ثم قال: جَعَلْتُها ثلاثًا. ولم ينْوِ استِئْنافَ طَلاقٍ بعدَها، فواحدَةً. ذكَره فى «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، واقتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قوله: وإن قال: أنتِ طالِقٌ واحِدَةً. ونوَى ثلاثًا، لم تطْلُقْ إلَّا واحِدَةً فى أحَدِ الوجْهَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «الفُروعِ»، فقال: طَلُقَتْ واحِدَةً فى الأصحِّ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، تطْلُقُ ثلاثًا. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ فى هذه المَسْأَلَةِ، إِذا قلنا فى المَسْألَةِ التى قبلها: يقعُ

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا. وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ: أرَدْتُ بِعَدَدِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ. قُبِلَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّلاقُ الثَّلاثُ. فأمَّا إن قلنا: تَطْلُقُ هناك واحدةً. فهنا تَطْلُقُ واحدةً بطرَيقٍ أوْلَى. فائدتان، إحْداهما، قولُه: وإن قال: أنتِ طالِقٌ هكذا. وأَشارَ بأصابِعِه

وَإِنْ قَالَ: أنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، بَلْ هَذِهِ ثَلَاثًا. طَلُقَتِ الأُولَى وَاحِدَةً، وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّلاثِ، طَلُقَت ثلاثًا، وإن قال: أردْتُ بعَدَدِ المقْبُوضَتَيْن، قُبِلَ منه. بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكِنْ إذا لم يقُلْ: هكذا. بل أشارَ فقط، فطَلْقَةً واحدةً. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن». زاد فى «الكُبْرى» ولم يكُنْ له نِيَّةٌ. وتَوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، عنِ الجوابِ، واقْتَصَرَ عليه فى «التَّرْغيبِ»، فقال: تَوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فيها. الثَّانيةُ، قولُه: وإن قال: أنتِ طالِقٌ واحِدَةً، بل هذه ثَلَاثًا، طَلُقَتِ الأُولَى واحِدَةً، والثَّانِيَةُ ثلاثًا. بلا نِزاعٍ، ولو قال: أنتِ طالِقٌ، بل هذه. طَلُقَتا. نصَّ عليه. وإن قال: هذه، أو هذه وهذه طالِقٌ. وقَع بالثَّالثةِ وإحْدَى الأُولَتَيْن، كهذه

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ، أَوْ أَكْثَرَهُ، أَوْ جَمِيعَهُ، أَوْ مُنْتَهَاهُ، أَوْ: طَالِقٌ كَأَلْفٍ، أَوْ بِعَدَدِ الْحَصَى، أَوِ الْقَطْرِ، أَوِ الرِّيحِ، أَوِ الرَّمْلِ، أَوِ التُّرَابِ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ نوَى وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو هذه، بل هذه طالِقٌ. وقيل: يُقْرَعُ بينَ الأُولَى والأُخْرَتَيْن، كهذه بل هذه أو هذه طالِقٌ. وقيل: يُقْرَعُ بينَ الأُولَتَيْن والثَّالثةِ. قوله: وإِنْ قال: أنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلاقِ، أو أكْثَرَه، أو جمِيعَه، أو مُنْتَهَاه، أو: طالقٌ كأَلْفٍ أو بعَدَدِ الحَصى، أوِ القَطْرِ، أوِ الرِّيحِ، أوِ الرَّمْلِ، أوِ التُّرابِ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. أمَّا إذا قال ذلك فى غيرِ أكثرِ الطَّلاقِ، فإنَّها تطْلُقُ ثلاثًا. قطَع به الأصحابُ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى كأَلْفٍ. وقال فى «الانْتِصارِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: يأْثَمُ بالزِّيادَةِ. وأمَّا أكثرُه، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بأنَّها تَطْلُقُ به ثلاثًا. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى» فى مَوْضِعٍ، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: هذا الأَشْهَرُ. وجزَم به الشَّارِحُ فى مَوْضِعٍ تَبَعًا للمُصَنِّفِ. وقيل: تَطْلُقُ واحدةً. وجزَم به فى «المُغْنِى» فى مَوْضِع آخَرَ، فقال: تَطْلُقُ واحدةً فى قِياسِ المذهبِ. واقْتَصَرَ عليه، وتَبِعَه فى «الشَّرْحِ» فى مَوْضِع. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». فوائد؛ إحْداها، لو قال: أنتِ طالِقٌ أقْصى الطَّلاقِ. طَلُقَتْ ثلاثًا، كمُنْتَهاه وغايَتِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: أظْهَرُ الوَجْهَيْن، أنَّها تطْلُقُ ثلاثًا. واخْتارَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: تطْلُقُ واحدةً. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ؛ كأَشَدِّه وأطْوَلِه وأعْرَضِه. اختارَه القاضى. ذكَره عنه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأَطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو نوَى

وَإِنْ قَالَ: أَشَدَّ الطَّلَاقِ، أَوْ أَغْلَظَهُ؛ أَوْ أَطْوَلَهُ، أَوْ أَعْرَضَهُ، أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا. طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنْوِىَ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كأَلْفٍ فى صُعوبَتِها، فهل يُقْبَلُ فى الحُكمِ؟ فيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن» أنَّه لا يُقْبَلُ. الثَّالثةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ إلى مكَّةَ. ولم ينْوِ بلُوغَها، طلُقَتْ فى الحالِ. جزَم به بعْضُ المُتأَخِّرِين. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: ولكِنْ يَنْبَغِى أَنْ يُحْمَلَ الكلامُ على جِهَةٍ صحيحةٍ؛ وهو إمَّا أنَّه يُحْمَلُ على مَعْنَى: أنتِ طالِقٌ إنْ دخَلْتِ إلى مَكَّةَ. أو إذا خَرَجْتِ إلى مَكَّةَ. فإنْ حُمِلَ على الأَوَّلِ، لم تَطْلُقْ إلَّا بالدُّخولِ إليها. وهذا أَوْلَى؛ لبَقَاءِ نَفْىِ النِّكاحِ، وإنْ حُمِلَ على الثَّانِى، كان حُكْمُها حُكْمَ ما لو قال: إنْ خرَجْتِ إلى العُرْسِ، أو إلى الحَمَّامِ بغيرِ إذْنِى، فأَنتِ طالِقٌ. فخرَجَتْ إلى ذلك تقْصِدُه, ولم تصِلْ إليه. ولو قال: أنتِ طالِقٌ بعدَ مَكَّةَ. طلُقَتْ فى الحالِ. ويأْتِى التَّنْبِيهُ على ذلك فى بابِ الطَّلاقِ فى الماضى والمُسْتَقْبَلِ، عندَ قوْلِه: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ إلى شَهْرٍ. قوله: وإنْ قال: أَشَدَّ الطَّلاقِ. طلُقَتْ واحِدَةً. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ» فى آخِرِ المُجَلَّدِ التاسِعَ عَشَرَ، أنَّ بعْضَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِنا قال فى أشَدِّ الطَّلاقِ: كأقْبَحِ الطَّلاقِ، يقَعُ طَلْقَةً فى الحَيْضِ، أو ثلاثًا على احْتِمالِ وجْهَيْن. وقال: كيفَ يُسَوَّى بينَ أشَدِّ الطَّلاقِ وأهْوَنِ الطَّلاقِ؟. قوله: أو أغْلَظَه، أو أطْولَه، أو أعْرَضَه، أو مِلْءَ الدُّنْيا. طَلُقَتْ واحِدَةً، إِلَّا

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ. طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ يَنْوِىَ ثلاثًا. بلا نِزاعٍ. ونقَله ابنُ مَنْصُورٍ. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ مِن واحِدَةٍ إلى ثَلاثٍ. طلُقَتِ اثْنتَيْن. هذا

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فى اثْنَتَيْنِ. وَنَوَى طَلْقَةً مَعَ طَلْقَتَيْنِ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى مُوجَبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْن ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ تطْلُقَ ثَلاثًا. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وخُرِّجَ وَجْهٌ بأنَّها تَطْلُقُ واحدةً ولو لم يقُلْ: نوَيْتُها. مِن مسْألةِ الإِقْرارِ الآتيةِ فى آخِرِ الكِتابِ، إلْغاءً للطَّرَفيْن. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ طلْقَةً فى طلْقَتَيْن، ونوَى طلْقَةً مع طَلْقَتَيْن، طلُقَتْ ثَلاثًا. بلا نِزاعٍ.

حَامِدٍ. وَعِنْدَ الْقَاضِى، تَطْلُقُ وَاحِدَةً. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، وَقَعَ بِامْرَأَةِ الْحَاسِبِ طَلْقَتَانِ، وَبِغَيْرِهَا طَلْقَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نوَى مُوجَبَه عندَ الحِسابِ، وهو يعْرِفُه، طلُقَتْ طلْقَتَيْن -بلا نِزاعٍ- وإنْ لم يعْرِفْه، فكذلك عندَ ابنَ حامِدٍ. يعْنِى، وإنْ لم يعْرِفْ مُوجَبَه عندَ الحِسابِ، ونواه. وهذا المذهبُ. قال النَّاظِمُ: هذا أصحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعندَ القاضِى تطْلُقُ وَاحِدَةً. واقْتَصرَ عليه فى «المُغْنِى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَمْ به فى «الوَجيزِ». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»: وإنْ قال: واحدةً فى اثْنَتَيْن. لَزِمَ الحاسِبَ اثْنَتان، وغيره ثلاثٌ. ولم يُفَصِّلْ. فائدة: لو قال الحاسِبُ أو غيرُه: أَردْتُ واحدةً. قُبِلَ قولُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، ونَصَرُوه. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الفُروعِ». وقال القاضى: تَطْلُقُ امْرأَةُ الحاسبِ اثْنَتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم ينوِ، وَقَعَ بامْرأةِ الحالِسبِ طَلْقتان. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تَطْلُقُ واحدةً. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ». وقيل: تَطْلُقُ ثلاثًا. وتقدَّم كلامُه فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قوله: وبغَيرِها طَلْقَةٌ. يعْنِى، بغيرِ امْرأةِ الحاسِبِ إذا لم ينْوِ شيئًا. وهو الصَّحيحُ. جزَم به فى «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، أنَّ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابَ. ويحْتَمِلُ أَنْ تطْلُقَ ثلاثًا. وتقدَّم كلامُه فى «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقيل: تَطْلُقُ امْرأَةُ العامِّىِّ ثلاثًا دُونَ غيرِه. وقيل: تطْلُقُ اثْنتَيْن. اخْتارَه ابن عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النُّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». فائدة: قال المُصَنِّفُ: ولم يُفَرِّقْ أصحابُنا فى ذلك بينَ أَنْ يكونَ المُتَكَلِّمُ بذلك ممَّنْ له عُرْفٌ بهذا اللَّفْظِ أمْ لا. والظَّاهِرُ، إنْ كان المُتَكَلِّمُ بذلك ممَّنْ عُرْفُهم أنَّ

فصل

فَصْلٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَو نِصْفَىْ طَلْقَةٍ، أَو نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ. طَلُقَتْ طَلْقَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ «فى» ههنا بمَعْنَى «مع» وقَعَتِ الثَّلاثُ؛ لأَنَّ كلامَهم يُحْمَلُ على عُرْفِهم، والظَّاهِرُ إرادَتُه، وهو المُتَبادَرُ إلى الفَهْمِ مِن كلامِه. انتهى. وجزَم بهذا فى «الرِّعايتَيْن». فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ نِصْفَ طلْقَةٍ فى نِصْفِ طلْقَةٍ. طلُقَتْ طَلْقَةً بكُلِّ حالٍ. قالَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». فائدةٌ أُخْرى: لو قال: أنتِ طالِقٌ مثْلَ ما طلَّق زَيْدٌ زوْجتَه. وجَهِلَ عدَدَه، طلُقَتْ واحدةً. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقيل: بل تطْلُقُ بعَدَدِ ما طلَّقَ زَيْدٌ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ». قوله: إذا قال: أنتِ طالِقٌ نِصْفَ طلْقَةٍ، أو نِصْفَىْ طلْقَةٍ، أو نِصْفَ طلْقَتَيْن، طلُقَتْ طَلْقَةً. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قلت: ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْن فى الأخيرةِ -وهو قوْلُه: أنتِ طالِقٌ نِصْفَ طَلْقَتَيْن- لأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ إرادَةَ النِّصْفِ مِن كلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلْقَةٍ منهما. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: إذا قال: أنتِ طالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ. طلُقَتْ طَلْقَةً. جزَم به الأصحابُ، ونصَّ عليه فى روايةِ صالحٍ، والأَثْرَمِ، وأبى الحارِثِ، وأبى داودَ، قال: ولم أجِدْ أحدًا مِنَ الأصحابِ اشْترَطَ فى وُقوعِ الطَّلاقِ بذلك النِّيَّةَ. وفيه نظَرٌ؛ لأَنَّ التَّعْبيرَ بالبَعْضِ عن الكُلِّ مِن صِفاتِ المُتَكَلِّمِ، ويُسْتَدْعَى قصْدُه لذلك المَعْنَى بالضَّرورةِ، وإلّا لم يصِحَّ أَنْ يُعَبَّرَ به عنه. انتهى. ويأْتِى فى البابِ الذى يلِيه، إذا قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ.

وَإِنْ قَالَ: نِصْفَىْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَنْصَافٍ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: نِصْفَى طَلْقَتَيْن، أو ثَلاثَةَ أنْصَافِ طلْقَةٍ. طلُقَتْ طلْقَتَيْن. وإذا قال لها: أنتِ طالِقٌ نِصْفَىْ طلْقَتَيْن. طلُقَتْ طلْقَتَيْن. هذا المذهبُ. وقطَع به الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ولو قال: ثَلاثةَ أنْصافِ طَلْقَةٍ. فثِنْتان. وقيل: واحدةٌ كنِصْفَىْ ثِنْتَيْن، أو نِصْفِ ثِنْتَيْن. فظاهِرُه أنَّه جزَم بوُقوعِ واحدةٍ فى قوْلِه: أنتِ طالِقٌ نِصْفَىْ طلْقَتَيْن. ولم أرَه لغيرِه؛ لأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ فيها، أنَّها تطْلُقُ ثِنْتَيْن، ثم ظهَر لى أنَّ فى الكلامِ تقْديمًا وتأْخِيرًا حصَل ذلك مِنَ النَّاسِخِ، أو مِن تخْريجٍ غَلَطٍ، أو يكونُ على هذا تقْديرُ الكَلامِ، لو قال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثَةَ أنْصافِ طَلْقَةٍ. فثِنْتَان، كنِصْفَىْ ثِنْتَيْن. وقيل: واحدةٌ كنِصْفِ

وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثِنْتَيْن. وأمَّا قوْلُه: ثَلاثةَ أنْصافِ طَلْقَةٍ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تطْلُقُ طَلْقَتَيْن, كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تطْلُقُ واحدةً. فائدة: خمْسَةُ أرْباعِ طلْقَةٍ، أو أرْبَعَةُ أثْلاثِ طلْقَةٍ ونحوُه، كثَلاثَةِ أنْصافِ طلْقَةٍ، على ما تقدَّم خِلافًا ومَذهبًا. قوله: وإن قال: ثَلاثَةَ أنْصَافِ طلْقَتَيْن، طلُقَتْ ثَلاثًا. هذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايةِ مُهَنَّا. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا مَنْصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه الجمهورُ. ويحْتَمِلُ أَنْ تطْلُقَ طَلْقَتَيْن.

وَإِنْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ، ثُلُثَ طَلْقَةٍ، سُدْسَ طَلْقَةٍ، أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ وَسُدْسَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ طَلْقَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قال النَّاظِمُ: وليسَ بمُبْعَدٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ مثْلُها: ثَلاثَةَ أرْباعِ ثِنْتَيْن. وقال فى «الرَّوْضةِ»: يقَعُ ثِنْتان. قوله: وإن قال: نِصْفَ طلْقَةٍ، ثُلُثَ طلْقَةٍ، سُدْسَ طلْقَةٍ، أو نِصْفَ وثُلُثَ

وَإِنْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدْسَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وسُدْسَ طلْقَةٍ. طلُقَتْ طَلْقةً. هذا المذهبُ. جزَم به الأصحابُ فى الأُولَى، وقطَع به أكثرُهم فى الثَّالثةِ. وفى «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، تقَعُ ثلاثًا فى الثَّانيةِ، وفى كلِّ مما لا يزيدُ على واحدةٍ إذا جُمِعَ.

وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً، أو: اثْنَتَيْنِ، أَوْ: ثَلَاثًا، أَوْ: أَرْبَعًا. وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال لأرْبَعٍ: أوْقَعْتُ بيْنَكُنَّ -وكذا قولُه: عليْكُنَّ- طَلْقَةً، أو: اثْنَتَيْن، أو: ثَلاثًا، أو: أرْبعًا. وقَع بكُلِّ واحدَةٍ طلْقَة. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»،

وَعَنْهُ، إِذَا قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثًا: مَا أَرَى إِلَّا قَدْ بِنَّ مِنْهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، إذا قال: أوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثلاثًا. ما أرَى إلَّا قد بِنَّ منه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: وعنه، إنْ أوْقَعَ

وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ خَمْسًا. فَعَلَى الأَوَّلِ، يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثِنْتَيْن، وقَعَ ثِنْتَان، وإنْ أوْقَع ثَلاثًا أو أَربَعًا، فثَلاثٌ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: والأَقْوَى يقَعُ ثَلَاثَةٌ فى غيرِ الأُولَى. قوله: وإنْ قال: أوْقَعْتُ بيْنَكُنَّ خمْسًا. فعلى الأَوَّلِ، يَقَعُ بكلِّ واحِدَةٍ طلْقَتَان. وكذا لو أوْقَعَ سِتًّا أو سَبْعًا، أو ثَمانِيًا. وعلى الثَّانيةِ، يقَعُ ثلاثٌ. وإنْ أوْقَعَ تِسْعًا فأَرْيَدَ، فثلاثٌ على كِلا الرِّوايتَيْن. فائدة: لو قال: أوْقَعْتُ بيْنَكُنَّ طلْقَةً وطَلْقَةً وطَلْقَةً. فثَلاثٌ، على كِلا الرِّوايتَيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: واحدةٌ، على الرِّوايةِ الأُولَى. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: فى هذه المَسْألَةِ طرِيقَان؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، يقَعُ بكُلِّ واحدةٍ ثلاثٌ، على الرِّوايتَيْن. وهو طرِيقُ صاحبِ «التَّرْغيبِ». وقدَّمه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وقالَه فى «المُغْنِى» وغيرِه. والطَّريقُ الثَّانى، حُكْمُها حُكْمُ ما لو قال: بيْنَكُنَّ، أو علَيْكُنَّ ثلاثًا. قال: وهذا الطَّريقُ أقْرَبُ إلى قاعِدَةِ المذهبِ. انتهى.

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: نِصْفُكِ، أَوْ: جُزءٌ مِنْكِ، أَوْ: إِصْبَعُكِ، أَوْ: دَمُكِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإن قال: نِصْفُكِ، أو: جُزْءٌ منكِ، أو: إصْبَعُكِ طالِقٌ. طَلُقَتْ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو قال: إصْبَعُكِ أو يدُكِ طالِقٌ. ولا يدَ لها ولا إصْبَعَ، أو قال: إنْ قُمْتِ فيَمِينُكِ طالِقٌ. فقامَتْ بعدَ قَطْعِها، ففى وُقوعِ الطَّلاقِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وقال: بِناءً على أنَّه هل هو بطَريقِ السِّرايَةِ، أو بطريقِ التَّعْبيرِ بالبَعْضِ عنِ الكُلِّ؟ كذا قال شارِحُ «المُحَرَّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: إذا أضافَ الطَّلاقَ إلى عُضْوٍ، فهل يقَعُ عليها جملةً، تَسْمِيَةً للكُلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باسْمِ البَعْضِ، وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. قالَه القاضى، أو على العُضْوِ، [أو البَعْضِ] (¬1)؛ نظرًا لحقيقَةِ اللَّفْظِ، ثم يَسْرِى تغْلِيبًا للتَّحْريمِ؟ فيه وَجْهان، وبَنَى عليهما المسْأَلَةَ؛ أحدُهما، تَطْلُقُ فيهما (¬2). جزَم به فى «المُنَوِّرِ». والثَّانى، لا تَطْلُقُ بهما. واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، أنَّها تطْلُقُ فى الثَّانيةِ ولا تطْلُقُ فى الأُولَى. قوله: وإِنْ قال: دَمُكِ طالِقٌ. طلُقَتْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «شَرْحِ المُحَرَّرِ»، والشَّارِحُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال النَّاظِمُ: هذا أَوْلَى. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا تَطْلُقُ. وجزَم به فى «التَّرْغيبِ». قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: قال ابنُ البَنَّا: لا تطْلُقُ. واقْتَصَرَ عليه. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: لو قال: لَبَنُكِ أو مَنِيُّكِ طالِقٌ. فقيل: هما كالدَّمِ. اخْتارَه فى ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) زيادة من: ش.

وَإِنْ قَالَ: شَعَرُكِ، أَوْ: ظُفُرُكِ، أَوْ: سِنُّكِ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ». قال فى «الفُروعِ»: ومَنِىٌّ كدَمٍ. وقيل بعدَمِ الوُقوعِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» فى اللَّبَنِ (¬1). قوله: وإن قال: شَعَرُكِ أو: ظُفْرُكِ أو: سِنُّكِ طالِقٌ. لم تطْلُقْ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تطْلُقُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُحَرَّرِ»، ووَجْة فى «المُذْهَبِ». وأَطْلَقهما فيه. فائدة: لو قال: سَوادُكِ أو بَياضُكِ طالِقٌ. لم تطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) بعده فى ش: «نسب تقديمه إلى صاحب «الفروع» فيه. واختاره فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها. وقيل بعدَمِ الوُقوعِ فيهما. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المغنى»، فى موضعين فى اللبن. وينبغى أن يقال عن هذا القول: إنه قدمه فى «الفُروعِ» أيضًا، فإنَّه مدلوله, كما لا يَخْفَى على مَنْ تأَمَّلَه، فإنَّه قال فيه: وقيل: تَطْلُقُ بسِنٍّ وظُفْرٍ وِشَعَرٍ. وقيل: وسَوادٍ، وبَياضٍ، ولَبَنٍ، ومنِىٍّ، كدَمٍ. وفيه وَجْهٌ جزَم به فى «التَّرْغيبِ». انتهى. ففهِمَ بعْضُهم منه أنَّ قوْلَه: ولَبَن ومَنِى. مَرْفُوعان اسْتِئْنافًا، وليس كذلك؛ فإنَّه لم يَسْبِقْ له فى «الفُروعِ» ذِكْرُ حُكْمِ الدَّمِ، بل الظَّاهِرُ جَرُّهما عَطْفًا على ما قبلَهما، وحِينَئذٍ يَسْتَقِيمُ الكَلامُ. ويُؤَيِّدُه الجَزْمُ فى «المُغْنِى» فى بعدَم الوقوعِ فى اللَّبَنِ فى موْضِعَيْن منه, كما نقَلْتُه عنه هنا. وعنه، جزَم «المُسْتَوْعِبِ»؛ حيثُ قاسَ الشَّعَرَ والظُّفْرَ والسِّنَّ والدَّمْعَ والعَرقَ فى عدَمِ الوُقوعِ بها عليها. وإذا كان كذلك فى اللَّبَنِ، ففى المَنِىِّ كذلك أيضًا؛ لاشْتِراكِهما عندَ صاحِبِ «الفُروعِ» فى الحُكْمِ والمَعْنَى أيضًا وإنِ اخْتلَفَ الحُكْمُ؛ نظَرًا للتَّقْدِيرَيْن السَّابِقَيْن فى حلِّ قولِ «الفُروعِ»، فَلْيَتَأَمَّلْ».

وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الرِّيقِ، وَالدَّمْعِ، وَالْعَرَقِ، وَالْحَمْلِ، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. جزَم به فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تَطْلُقُ. قوله: وإن أضافَه إلى الرِّيقِ، والدَّمْعِ، والعَرَقِ، والحَمْلِ، لم تطْلُقْ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقال فى «الانْتِصارِ»: هل يقَعُ ويسْقُطُ القَوْلُ بإضافَتِه إلى صِفَةٍ كسَمْعٍ وبَصَرٍ، ونحوِهما؟ إنْ قُلْنا: تَسْمِيَةُ (¬1) الجزءِ عِبارَةٌ عنِ الجميعِ، [كِنايةً أو مَجازًا] (¬2) - ¬

(¬1) بعده فى ش: «الكل». (¬2) زيادة من: ش.

وَإِنْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهرُ كلامِه [يعْنِى، الإِمامَ أحمدَ] (¬1) - صحَّ، وإنْ قُلْنا بالسِّرايَةِ، فلا. قوله: وإنْ قال: رُوحُكِ طالِقٌ. طلُقَتْ. وهو المذهبُ. قال فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: وإنْ قال: رُوحُكِ طالِقٌ. وقَع الطَّلاقُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا تَطْلُقُ. فقال: لا يخْتَلِفُ قولُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه لا يقَعُ طَلاقٌ ولا ظِهَارٌ ولا عِتْقٌ ولا حَرامٌ بذِكْرِ الشَّعَرِ والظُّفْرِ والسِّنِّ والرُّوحِ، وبذلك أقولُ. انتهى. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وهذا ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، فإنَّه قال وإنْ طلَّقَ جُزْءًا مُبْهَمًا، أو مُشاعًا، أو مُعَيَّنًا، أو عُضْوًا، طَلُقَتْ. نصَّ عليه. وعنه، وكذا الرُّوحَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ. وجزَم به فى «التَّبْصِرَةِ». انتهى. وما ذكَرَه عن أبى بَكْرٍ فيه نظَرٌ، ويرُدُّه ما نقلَه ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [آنِفًا، وما نقَلَه] (1) هو عنه [فى محَلٍّ آخَرَ أيضًا] (¬1). ثم وَجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» نقَل عن القاضِى عَلاءِ الدِّينِ ابن مُغْلىٍّ (¬2)، أنَّه جزَم بأنَّ هذا يغْلِبُ على صاحبِ «الفُروعِ» [فى الكلامِ] (1)، يعْنِى قوْلَه: وكذا الرُّوحَ. وأنَّه معْطوفٌ على قوْلِه: جُزْءًا مُعَيَّنًا. وأنَّ مُرادَه؛ أنَّها تَطْلُقُ بالرُّوحِ على هذه الرِّوايةِ، لكِنَّه وَهِمَ فى عَزْوِها إلى أبى بَكْرٍ. انتهى. وهو كما قال. قال شيْخُنا فى «حَواشِى الفُروعِ»: الظَّاهِرُ أنَّ ذِكْرَ أبى بَكْرٍ سَهْوٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: والنَّصُّ عدَمُ الوُقوعِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فيها. وأَطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». [وهذا بناءً على أنَّ الإِشارَةَ فى قوْلِه فى «الفُروعِ»: وكذا الرُّوحَ إلى آخرِه. إلى الوُقوعِ فى المَسْألَةِ التى قبلَها، وهو الظَّاهِرُ مِنَ العِبارَةِ، وقد أوَّلَه به ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حاشِيَتِه» عليه، فجَعَل مَرْجِعَ الإِشارَةِ فيه هو قوْلُه: بخِلافِ: زَوَّجْتُكَ بَعْضَ وَلِيَّتِى. أىْ؛ فلا تَطْلُقُ فى هذه المَسْألَةِ الأُخْرَى المُشَبَّهَةِ بها فيه لها. فالتَّشْبِيهُ فى أصْلِ انْتِفاءِ الحُكْمِ، وإنِ اخْتلَفَ مَنْطِقُ الانْتِفاءَيْن حِينَئذٍ، فيكونُ المُقَدَّمُ فى «الفُروعِ» هو الوُقوعُ فى الرُّوحِ. وكذا مسْألَةُ الحياةِ الآتيةِ بعدَها، إنْ قيلَ: إنَّ قوْلَه فيه: وكذا الحياةُ. عطفٌ على قوْلِه: وكذا الرُّوحُ. وقيل: إنَّه عَطْفٌ على جملةِ قوْلِه: وكذا الرُّوحُ. فيكونُ قد حكَى] (1) ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) هو على بن محمود بن أبى بكر الحموى المعروف بابن المغلى، علاء الدين، أبو الحسن، القاضى، كان يتوقد ذكاء فحفظ جملة من المختصرات فى العلوم، وكان يحفظ كثيرا من الشروح والقصائد الطوال وينظم الشعر الوسط، ولى قضاء حماة ثم حلب، ثم ولى قضاء الديار المصرية. توفى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. إنباء الغمر 3/ 357, 358.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فيه الخِلافَ فيها. والرَّاجِحُ فيه عدَمُ الوُقوعِ عندَه، كما جعَلَه ابنُ نَصرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه» عليه مُقْتَضَى كلامِه فيها، خِلافًا لِما سيَأْتِى قريبًا مِنَ الجَزْمِ بالوُقوعَ] (¬1). فوائد؛ إحْداها، لو قال: حَياتُكِ طالِقٌ. طَلُقَتْ، [كـ: بقاؤُكِ أو نَفْسُكِ -بسُكونِ الفاء لا بفَتْحِها- فإنَّه كـ: رِيحُكِ وهَواوك ورائحَتُكِ، وظاهِرُ «الفُروعِ»، أَنَّها لا تَطْلُقُ. وجعَله ابنُ نَصرِ اللَّهِ فى «حاشِيَتِه» عليه مُقْتَضَى كلامِه فيه، وكمَسْألَةِ الرُّوحِ والدَّمِ، وإنْ كان المذهبُ فيهما الوُقوعَ، كما ذكَر. والذى يَنْبَغِى أَنْ يقالَ: إنَّ فيها الخِلاف كالرُّوحِ والدَّمِ ونحوِهما. فيَنْبَغِى أَنْ يكونَ المذهبُ فيها كلِّها عدَمَ الوُقوعِ كإضَافَةِ الطَّلاقِ إلى السَّوادِ والبَياضِ ونحوِهما كالرَّائحةِ؛ لكَوْنِها أعْراضًا، والحياةُ عَرَضٌ باتِّفاقِ المُتَكَلِّمِين؛ كالبَقاءِ والرَّوْحِ والرُّوحِ. والرَّائحةُ والرِّيحُ والهَواءُ، بخِلافِ الرُّوحِ. وهذا ما ظهَر لى مِن تحْريرِ هذا المَحَلِّ، وكما هو فى كُتُبِ غيرِنا، كالشَّافِعِيَّةِ وغيرِهم، لكِنَّ الحياةَ عَرَضٌ كالهواءِ، لا يسْتَغْنِى الحَيوانُ عنها، كالرُّوحِ والدَّمِ، والبَقاءِ والنَّفْسِ -بالسُّكونِ لا بالفَتْحِ- بخِلافِ السَّوادِ والبَياضِ ونحوِهما، فإنَّ الحيوانَ يعيشُ بدُونِها، لا بدُونِ جميعِ الأعْراضِ كلِّها، وليسَ الكلامُ فيها جميعًا] (1). الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ» هنا: لو قال: أنتِ طالِقٌ شَهْرًا، أو بهذا البَلَدِ. صحَّ، ويُكَمَّلُ بخِلافِ بقِيَّةِ العُقودِ. انتهى. فالظَّاهِرُ أنَّه وضَع هذه المَسْألَةَ هنا لكوْنِها شَبِيهَةً بتَطْليقِ عُضْوٍ منها، فكما أنَّها تَطْلُقُ كلُّها بتَطْليقِ عُضْوٍ منها، [أو ببَعْضِها] (1)، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكذلك تَطْلُقُ أيضًا فى هذه المَسْألَةِ فى جميعِ الشُّهورِ والبُلْدانِ. فى قوْلِه: بخِلافِ بقِيَّةِ العُقودِ. نظرٌ [ظاهِرٌ كالفُسوخِ] (¬1). الثَّالثةُ، حُكْمُ العِتْقِ فى ذلك كلِّه حُكْمُ الطَّلاقِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

فصل فيما تخالف به المدخول بها غيرها

فَصْلٌ فِيمَا تُخَالِفُ بِهِ الْمَدْخُولُ بِهَا غَيْرَهَا إِذَا قَالَ لمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِىَ بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفِهَامَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا قال لمدْخُولٍ بها: أنتِ طالِقٌ، أنتِ طالِقٌ. طلُقَتْ طلْقَتَيْنِ، إلَّا أَنْ ينْوىَ بالثَّانِيةِ التَّأْكيدَ أو إِفْهامَها. ويُشْتَرَطُ فى التَّأْكيدِ أَنْ يكونَ مُتَّصِلًا. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجهُ مع الإِطْلاقِ وَجْهٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالإِقْرارِ. ونقَل أبو داودَ فى قوْلِه: اعْتَدِّى اعْتَدِّى مرَّتَيْن (¬1)، فأرادَ الطَّلاقَ، هى طَلْقَةٌ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وظاهِرُ هذا النَّصِّ؛ أنَّه لا يتَكَرَّرُ الطَّلاقُ إذا لم ينْوِ التَّكْرارَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى مَن قال: الطَّلاقُ يَلْزَمُه لا فَعَل كذا. وكرَّرَه، لم يقَعْ أكثرُ مِن طَلْقَةٍ إذا لم يَنْوِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ مِثْلُه، إنْ قُمْتِ فأَنْتِ طالِقٌ. وكرَّرَه ثلاثًا. وحكَى الشَّيْخُ -يعْنِى به المُصَنِّفَ- وُقوعَ الثَّلاثِ بذلك إجْماعًا، وكان الفَرْقُ بينَهما أنَّه يَلْزَمُه مِنَ الشَّرْطِ الجزاءُ، فيقَعُ الثَّلاثُ معًا للتَّلازُمِ، ولا رَبْطَ لليَمِينِ. ذكَرَه فى آخِرِ كتابِ الأيْمانِ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو قال: أنتِ طالِقٌ، أنتِ طالِقٌ، أنتِ طالِقٌ. ونوَى بالثَّالثةِ تأْكيدَ الأَوَّلَةِ، لم يُقْبَلْ، ووَقَعَ ثلاثًا، لعَدَمِ اتِّصالِ التَّأْكيدِ، وإنْ أكَّدَ الثَّانيةَ بالثَّالثةِ، صحَّ، وإنْ أَطْلَقَ فطَلْقَةٌ واحِدَةٌ. جزَم به «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: ثَلاثٌ. ذكَره فى «الرِّعايَةِ». الثَّانيةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ طالِقٌ طالِقٌ. طَلُقَتْ واحدةً ما لم يَنْوِ أكثرَ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وظاهرُ ما جزَم به فى «التَّرْغيبِ»، أنَّه إنْ أَطْلَقَ تكَرَّرَ، فإنَّه قال فيه: لو قال: أنتِ طالِقٌ طالِقٌ طالِقٌ. قُبِلَ أيضًا قَصْدُ التَّأْكيدِ. قالَه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». وقال فى «الرِّعايَةِ» بعدَ أَنْ ذكَر أحْكامَ أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ: وكذا التَّفْصِيلُ إنْ قال: أنتِ طالِقٌ طالِقٌ طالِقٌ. أو: أنتِ طالِقٌ طالِقٌ، أنتِ طالِقٌ. وقصَدَ التَّأْكيدَ. الثَّالثةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ. وقال: أرَدْتُ تأْكيدَ الأُولَى بالثَّانيةِ. لم يُقْبَلْ قوْلُه، وإنْ قال: أرَدْتُ تأْكيدَ الثَّانيةِ بالثَّالثةِ. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ فى الحُكْمِ؟ على رِوايتَيْن.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ. أَوْ: ثُمَّ طَالِقٌ. أَوْ: بَلْ طَالِقٌ. أَوْ: طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ. أَوْ: بَلْ طَلْقَةً. أَوْ: طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ. أَوْ: قَبْلَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدخُولٍ بِهَا، بَانَتْ بِالأُولَى، وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قُبِلَ منه لمُطابَقَتِها لها فى لَفْظِها [ومَعْناها معًا] (¬1). وجزَم به. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وكذا الحُكْمُ فى الفَاءِ وثُمَّ، فإنْ غايَرَ بينَ الأحْرُفِ، مثْلَ إنْ قال: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ. أو: ثُمَّ طالِقٌ. أو: فطالِقٌ. لم يُقْبَلْ قولُه فى إرادَةِ التَّأْكيدِ قوْلًا واحِدًا. الرَّابعةُ، لو قال: أنتِ مُطَلَّقَةٌ، أنتِ مُسَرَّحَةٌ، أنتِ مُفارَقَةٌ. وقال: أرَدْتُ تأْكيدَ الأُولَى بالثَّانيةِ والثَّالثةِ. قُبِلَ قوْلُه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»، وغيرِهم. وإنْ أتَى بالواوِ، فقال: أنتِ مُطَلَّقَةٌ، ومُسَرَّحَةٌ، ومُفارَقَةٌ. فهل يُقْبَلُ منه إرادَةُ التَّأْكيدِ؟ فيه احْتِمالَان. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ». وقدَّم ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» عَدَمَ القَبُولِ. قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ فطالِقٌ، أو: ثُمَّ طالِقٌ، أو: بل طالِقٌ، أو: طالِقٌ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلْقةً بل طلقَتَيْن، أو: بل طَلْقَةً، أو: طالِقٌ طلْقَةً بعدَها طَلْقَةٌ، أو: قبْلَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ طلْقَتَيْن. وُقوعُ طَلْقَتَيْن بقوْلِه: أنتِ طالِقٌ فطالِقٌ، أو: ثُمَّ طالِقٌ، أو: بل طالِقٌ. لا أعلمُ فيه خِلافًا، [إلَّا روايةً فى «المُحَرَّرِ» بوُقوعِ طَلْقَةٍ واحدةٍ فى قوْلِه: أنتِ طالِقٌ بل طالِقٌ] (¬1). ووُقوعُ طَلْقَتَيْن بقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً بل طَلْقَتَيْن. هو الصَّحيحُ مِنَ المذَهبِ, كما قطَع به المُصَنِّفُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ: تَطْلُقُ ثلاثًا. ووُقوعُ طَلْقَتَيْن بقوْلِه: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً بل طَلْقَةً. هو الصَّحيحُ مِنَ المذَهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تَطْلُقُ واحِدَةً فقطْ. ووُقوعُ طَلْقتَيْن بقوْلِه: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً قبلَ طَلْقَةٍ، أو بعدَها طَلْقَةٌ. هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ يقَعُ ثِنْتان. وجزَم به لنى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وهو ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ ما جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» فى: بعْدَها طَلْقَةٌ. وقدَّمه أيضًا فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: تَطْلُقُ واحدةً. اخْتارَه القاضى. ويأْتِى قريبًا، إذا قُلْنا: تَطْلُقُ اثْنَتيْن. هل يقَعَان معًا، أو مُتَعاقِبَتان، فيما إذا كانتِ الزَّوْجَةُ غيرَ مَدْخولٍ بها؟ ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى بابِ الإِقْرارِ بالمُجْمَلِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو ادَّعَى أنَّه أراد قبلَها طَلْقَةً فى نِكاحٍ آخَرَ، وزَوْجٍ آخَرَ، دُيِّنَ، وفى الحُكْمِ قيل: يُقْبَلُ. وقيل: لا يُقْبَلُ. وقيل: يُقْبَلُ إنْ وُجدَ ذلك، وإلَّا فلا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: والصَّحيحُ أنَّه لا يُقْبَلُ إذا لم يكُنْ وُجِدَ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». الثَّانيةُ، لوِ ادَّعَى أنَّه أراد بقوْلِه: بعْدَها طَلْقَةٌ. سأُوقِعُها، دُيِّنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفى الحُكْمِ رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وحكاهما وَجْهَيْن. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لا يُقْبَلُ فى الحُكْمِ، وفى قَبُولِه فى الباطِنِ رِوايَتان. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ القَبُولُ.

وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ. فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِى. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ, تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانتْ غيرَ مَدْخُولٍ بها، بانَتْ بالأُولَى، ولم يلْزَمْها ما بعدَها. يعْنِى، فيما تقدَّم مِنَ المَسَائلِ، فدَخَل فى كلامِه، أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً بعدَها طَلْقَةٌ، أو قبلَ طَلْقَةٍ. وكذا حُكْمُ أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً بعدَ طَلْقَةٍ. فلا يقَعُ عندَه بغيرِ المَدْخُولِ بها إلَّا واحدةٌ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. وتوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: يقَعان معًا، فيقَعُ ثِنْتان بالمَدْخولِ بها وغيرِها. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه فى قوْلِه: طَلْقَةً بعدَ طَلْقَةٍ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وزادَ عليها: قبلَ طَلْقَةٍ. وأَطْلَقَها فى «الفُروعِ». قوله: وإنْ قالَ: أنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قبْلَها طَلْقَةٌ. فكذلك عندَ القاضِى. حتى تَبِينَ بطَلْقَةٍ فى غيرِ المَدْخولِ بها. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أَشْهَرُ. وتوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، ونَصَره الشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعندَ أبى الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَطْلُقُ اثْنَتَيْن. واخْتاره أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه المُصَنِّفُ. وظاهِرُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، الإطْلاقُ. وأمَّا المَدْخولُ بها فى هذه المَسْألَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْن. قال فى «الفُروعِ»: الأصحُّ يقَعُ ثِنْتان. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: تَطْلُقُ واحدةً. اخْتارَه القاضى فى «الخِلافِ». نقَله عنه ابنُ البَنَّا، ذكَر ذلك فى «المُسْتَوْعِبِ»، على ما تقدَّم.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ. أَوْ: مَعَ طَلْقَةٍ. أَوْ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنْت، طالِقٌ طَلْقَةً معها طَلْقَةٌ. أو: مع طَلْقَةٍ، أو: طالِقٌ وطالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَيْن. وُقوعُ طَلْقَتَيْن بقوْلِه: أنتِ طالِقٌ طَلْقَةً معها طَلْقَةٌ. أو: مع طَلْقَةٍ. لا نِزاعَ فيه فى المذهبِ، فى المَدْخولِ (¬1) بها وغيرِها، ووُقوعُ طَلْقَتَيْن ¬

(¬1) فى ط: «غير المدخول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ. لغيرِ المَدْخولِ بها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه فى رِوايةِ صالِحٍ، والأثْرَمِ وغيرِهما؛ لأَنَّ الواوَ ليستْ للتَّرْتيبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تَبِينُ غيرُ المَدْخولِ بها فى الأُولَى؛ بِناءً على أنَّ الواوَ للتَّرْتيبِ. قالَه ابنُ أبى مُوسى وغيرُه. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وفى بِناءِ ابنِ أبى مُوسى نظَرٌ، بل الأَوْلَى فى تَعْليلِ أنَّها تَبِينُ بالأُولَى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها إنْشاءٌ، والإنْشاءاتُ يَتَرَتَّبُ مَعْناها على ثُبوتِ لَفْظِها. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ أنَّها تَبِينُ بالأُولَى، ولو لم تكُنِ الواوُ للتَّرْتيبِ.

وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنْجَزِ فى هَذَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمُعَلَّقُ كالمُنْجَزِ فى هذا. وهذا المذهبُ. سواءٌ قدَّم الشَّرْطَ أو أخَّرَه أو

فَلَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ. أو: طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ. أَوْ: مَعَ طَلْقَةٍ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كرَّرَه؛ فلو قال: إنْ دخَلْتِ الدَّارَ، فأنْتِ طالِقٌ، ثُمَّ طالِقٌ، ثُمَّ طالِقٌ. فَدَخَلَتِ الدَّارَ، طَلُقَتْ طَلْقَةً واحدةً إنْ كانتْ غيرَ مدْخولٍ بها، وثلاثًا إنْ كانتْ مَدْخُولًا بها. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: ذهَب القاضى إلى وُقوعِ طَلْقتَيْن فى الحالِ، فى حقِّ المَدْخولِ بها، وتَبْقَى الثَّالثةُ مُعَلَّقَةً بالدُّخولِ. قالا: وهو ظاهِرُ الفَسادِ. وأبْطَلاه، وقالَا أيضًا: ذهَب القاضى فيما إذا قال: إنْ دخَلْتِ الدَّارَ، فأنتِ طالِقٌ فطالِقٌ فطالِقٌ. أو: طالِقٌ، ثُمَّ طالِقٌ، ثُمَّ طالِقٌ. وكذا لو أخَّرَ الشَّرْطَ إلَّا أنَّ غيرَ المدْخولِ بها تَبِينُ بواحدةٍ فى الحالِ مِن غيرِ دُخولِ الدَّارِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال -يعْنِى به المُصَنِّفَ- قال: والذى اخْتارَه القاضى وجماعةٌ، أنَّ «ثُمَّ» كسَكْتَةٍ لتَراخِيها، فيتَعَلَّقُ بالشَّرْطِ معها طَلْقَةٌ، فيقَع بالمَدْخولِ بها إذَنْ ثِنْتان، وطَلْقَةٌ مُعَلَّقَةٌ بالشَّرطِ؛ إنْ تقدَّم فبالأُولَى، وإنْ تأَخَّرَ فبالأَخِيرَةِ، ويقَعُ بغيرِ المَدْخولِ بها الثَّانيةُ مُنْجَزَةٌ (¬1) إنْ قدَّم الشَّرْطَ، والثَّالِثَةُ لَغْوٌ، والأُولَى مُعَلَّقَةٌ، وإنْ أخَّرَه، فطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ والباقى لَغْوٌ؛ لبَيْنُونَتِها بالأُولَى. انتهى. وقال فى «المُذْهَب» فيما إذا قدَّم الشَّرْطَ: إنَّ القاضىَ أوْقَعَ واحدةً فقطْ فى ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ: ثُمَّ طَالِقٌ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً، إِنْ كَانَتْ غَيْئرَ مَدْخُولٍ بِهَا. وَاثْنَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحالِ. وذكَر أبوْ يَعْلَى الصَّغِيرُ، أنَّ المُعَلَّقَ كالمُنْجَزِ؛ لأَنَّ اللُّغَةَ لم تُفَرِّقْ بينَهما (¬1)، وقال: إنْ أخَّرَ الشَّرْطَ، فطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ، وإنْ قدَّم، لم يقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ بالشَّرْطِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إِنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ دخَلْتِ فأنْتِ طالِقٌ، إنْ دخَلْتِ فأنتِ طالِقٌ. فدَخَلَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَتَيْن بكُلِّ حالٍ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعوا به، وحَكاه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ إجْماعًا. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه لا يقَعُ إلَّا واحدةٌ، ولو كرَّرَه ثلاثًا مِن قوْلِه: الطَّلاقُ يَلْزَمه لا فَعَلَ كذا. وكرَّرَه، فإنَّه لا يقَعُ أكثرُ مِن واحدةٍ إذا لم ينْوِ. قالَه الأصحابُ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وفرَّقُوا بينَ اليَمِينِ بالطَّلاقِ والتَّعْليقِ. ذكَره فى «الفُروعِ»، فى آخِرِ كتابِ الأيْمانِ.

باب الاستثناء فى الطلاق

بَابُ الِاستِثْنَاءِ فى الطَّلَاقِ حُكِىَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فى الطَّلَاقِ. وَالمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُون النِّصْفِ، وَلا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَفِى النِّصْفِ وَجْهَانِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً. طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ قوله: حُكِىَ عن أَبى بكْرٍ، أنَّه لا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ فى الطَّلاقِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: قولُ أبى بَكْرٍ رِوايَةٌ مَنْصوصَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، ولكِنَّ أكثرَ أجْوِبَتِه كقَوْلِ الجُمْهورِ، ولا تفْرِيعَ عليه. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وأكثرُ الأصحابِ خصُّوا قولَ أبى بَكْرٍ بالاسْتِثْناءِ فى عَدَدِ الطَّلاقِ، دُونَ عَدَدِ المُطَلَّقاتِ، ومنهم مَنْ حكَى. عنه إبْطالَ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ مُطْلَقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وهو ظاهِرٌ. انتهى. قلتُ: ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، وقطَع فى «الفُروعِ» بالأَوَّلِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو قال: أرْبَعَتُكُنَّ طَوالِقُ إلَّا فُلانةَ. لم يصِحَّ على الأَشْبَهِ؛ لأنَّه صرَّح بالأَرْبَعِ، وأوْقَعَ عليْهِنَّ، ولو قال: أرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فلانَةَ طَوالِقُ. صحَّ الاسْتِثْناءُ. انتهى. قلتُ: وهو ضعيفٌ. قوله: والمذهبُ على أنَّه يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما دُونَ النِّصْفِ. وهو المذهبُ كما قال بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. قوله: ولا يَصِحُّ فيما زاد عليه. وهو المذهبُ أيضًا كما قال المُصَنِّفُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال صاحِبُ «الفُروعِ» فى «أُصُولِه»: واسْتِثْناءُ الأكثرِ باطِلٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وأصحابِه. وقيل: يصِحُّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ. فائدة: يصِحُّ الاسْتِثْناءُ فى الطَّلَقاتِ والمُطَلَّقاتِ، والأَقاريرِ، ونحوِ ذلك، إلَّا ما حُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، وصاحبِ «التَّرْغيبِ» كما تقدَّم قريبًا. قوله: وفى النِّصْفِ وَجْهَان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الإِرْشادِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وهو ظاهِرُ كلام ابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» فى الطَّلاقِ والإِقْرارِ، فإنَّه ذكَر فيهما، لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الأكثرِ. واقْتَصَرَ عليه. والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ، قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ مثلٍ، على الأَظْهَرِ. قال النَّاظِمُ: الفَسادُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أجْوَدُ. ونقَله أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِىُّ (¬1) عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ»: وهو الصَّحيحُ مِن مذهبنا. ونصَرَه شارِحُه الشَّيْخُ عَلاءُ الدِّينِ العَسْقَلانِىُّ (¬2)، و (¬3) مُخْتَصِرُ «مُخْتَصَرِ الطُّوفِىِّ»، وهو صاحِبُ «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى «فُصولِه». ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى بابِ الحُكْمِ فيما إذا وصَلَ بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه. تنبيه: أكثرُ الأصحابِ حكَوُا الخِلافَ وجْهَيْن. وقال أبو الفَرَجِ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، و «الخُلاصَةِ»: هما رِوايَتان. وذكَر أبو الطِّيِّبِ الشَّافِعِىُّ، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، رِوايةً بالمَنْعِ, كما تقدَّم. ¬

(¬1) هو طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر الطبرى الشافعى، القاضى أبو الطيب. شيخ الإسلام، كان ورعا عاقلا عارفا بالأصول والفروع محققا، توفى سنة خمسين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 668. (¬2) هو على بن محمد بن عبد اللَّه بن أبى الفتح الكنانى العسقلانى، علاء الدين قاضى دمشق، كان فاضلا متواضعا عفيفا. توفى سنة ست وسبعين وسبعمائة. إنباء الغمر 1/ 88. (¬3) فى النسخ: «فى». والمثبت من الفروع 5/ 407. وصاحب «التصحيح» هو أحمد بن إبراهيم بن نصر اللَّه ابن أبى الفتح العسقلانى المصرى، عز الدين أبو البركات. الإِمام العالم العامل المحقق، قاضى القضاة، له مختصر «المحرر»، وتصحيحه، ونظمه. توفى سنة ست وسبعين وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 321، 322.

فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا. أَوْ: ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ. أَوْ: خَمْسًا إِلَّا ثَلَاثًا. أَوْ: ثَلَاثًا إِلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنْ قال: أنْتِ طالِقٌ ثَلاثًا إِلَّا اثنَتَيْن. أو: خَمْسًا إلَّا ثَلاثًا. طلُقَتْ ثَلاثًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ بِناءً على عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْناءِ الأكثرِ. وقيل: تَطْلُقُ اثْنَتَيْن؛ بِناءً على القَوْلِ الآخَرِ. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن». قلتُ: لو قيل: تَطْلُقُ ثلاثًا فى قَوْلِه: خَمْسًا إلَّا ثلاثًا. وإنْ أوقَعْنا فى الأُولَى طَلْقَتَيْن، لَكانَ له وَجْهٌ؛ لأَنَّ لنا وَجْهًا أنَّ الاسْتِثْناءَ لا يعودُ إلَّا إلى ما يَمْلِكُه، وهو هنا لا يَمْلِكُ إلَّا ثلاثَ طَلَقاتٍ، وقد اسْتَثْناها، فلا يصِحُّ، فكأنَّه قد اسْتَثْنَى الجميعَ، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلَّا ثلاثًا. بخِلافِ ما إذا اسْتَثْنَى اثْنَتَيْن مِن ثَلاثٍ. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالقٌ ثَلاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ. طلُقَتْ ثلاثًا. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به القاضى فى «الجامِعِ الكَبيرِ»،

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: تطْلُقُ ثلاثًا فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ». وقيل: تَطْلُقُ طَلْقَتَيْن. اخْتارَه القاضى، نقَلَه عنه فى «الفُصولِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ طَلْقَتَيْن إلَّا واحِدَةً. فعلى وجْهَيْن. مَبْنِيَّيْن على

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً. فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةِ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ وعَدَمِه. وقد تقدَّم المذهبُ فى ذلك. قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلَّا اثْنَتَيْن إلَّا واحِدَةً. فهل تطْلُقُ ثَلاثًا أو اثْنَتَيْن؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، أحدُهما، تَطْلُقُ اثْنَتَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم؛ لأَنَّ الاسْتِثْناءَ مِنَ الاسْتِثْناءِ عندَنا صحيحٌ، واسْتِثْناءُ النِّصْفِ صحيحٌ على المذهبِ كما تقدَّم. والوجهُ الثَّانى، تَطْلُقُ ثلاثًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا يصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِنَ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ إلَّا فى هذه المَسْألَةِ، فإنَّه يصِحُّ إذا أجَزْنا النِّصْفَ، وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ. وقَع الثَّلاثُ. فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلَّا واحِدَةً إلَّا واحدةً. طَلُقَتِ اثْنَتَيْن. على

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلاثًا إِلَّا وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى مِنَ الواحدةِ المُسْتَثْناةِ واحدةً؛ فيَلْغُو الاسْتِثْناءُ الثَّانى، ويصِحُّ الأَوَّلُ. جزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقيل: تَطْلُقُ ثلاثًا؛ لأَنَّ الاسْتِثْناءَ الثَّانِىَ مَعْناه إثْباتُ طَلْقَةٍ فى حقِّها؛ لكَوْنِ الاسْتِثْناءِ مِنَ النَّفْى إثْباتًا، فيقَعُ، فيُقْبَلُ ذلك فى إيقاعِ طَلاقِه، وإنْ لم يُقْبَلْ فى نَفْيِه. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإن قال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلَّا ثَلاثًا إلَّا واحِدَةً. أو: طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ

أَوْ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِلَّا وَاحِدَةً. أَوْ: طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إِلَّا وَاحِدَةً. أَوْ: طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إِلَّا وَاحِدَةً. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا واحِدَةً. أو: طلْقَتَيْن وواحِدَةً إلَّا واحِدَةً، أو: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إِلَّا طَلْقَةً. طلُقَتْ ثَلاثًا. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، فى: أنتِ طالِقٌ طلْقَتَيْن وواحدَةً [إلَّا واحدَةً. أو: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إلَّا طَلْقَةً. طَلُقَتْ ثَلاثًا. وهو المذهبُ] (¬1). ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَين. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، فى الجميعِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، لكِنْ صاحِبُ «الرِّعايتَيْن» قدَّم، أنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ بالواوِ يعودُ إلى الكُلِّ. وقطَع فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، أنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ لا يعودُ إلَّا إلى الأخيرَةِ، فإذا قال: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحدةً. طَلُقَتْ ثلاثًا. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، وصحَّحه فى «المُغْنِى». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وما قالَه فى «المُغْنِى» ليسَ بجارٍ على قَواعِدِ المذهبِ. وقطَع القاضى أبو يَعْلَى بوُقوعِ طَلْقَتَيْن فى قوْلِه: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحِدةً. كما قدَّمه ابنُ حَمْدانَ، وقطَع به [ابنُ عَقِيلٍ] (¬1) فى «الفُصولِ» أيضًا. لكِنْ ذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» عن القاضى، أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا فى هذه، وفى الجميعِ. واخْتارَ الشَّارِحُ وُقوعَ الثَّلاثِ فى الأُولَى، وأَطْلقَ الخِلافَ فى الباقِى، وأَطْلَقَ الخِلافَ فى «المُذْهَبِ» فى الأُولَى وفى قوْلِه: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إلَّا طَلْقَةً. فإذا قُلْنا: تَطْلُقُ ثلاثًا فى قوْلِه: طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحِدةً. لو أرادَ اسْتِثْناءً مِنَ المَجْموعِ، دُيِّنَ، وفى الحُكْمِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وظاهِرُ كلامِه فى «المُنَوِّرِ»، أنَّه لا يُقْبَلُ فى الحُكْمِ، فإنَّه قال: دُيِّنَ. واقْتَصَرَ عليه. [قال ابنُ رَزِينٍ فى «التَّهْذيبِ»: كلُّ مَوْضِعٍ فسر قوْلَه فيه بما يَحْتَمِلُه، فإنَّه يُدَينُ فيه فيما بينَه وبينَ اللَّهِ، دُونَ الحُكْمِ. انتهى. ونقَله أيضًا عنه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» وغيرِه] (2). قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُه. [قال الشَّيْخُ فى مُخْتَصَرِه «هِدايَةِ أبى الخَطَّابِ»: فإنْ قال: أرَدْتُ اسْتِثْناءَ الواحِدَةِ مِنَ الثَّلاثِ. قُبِلَ. وهذا الجَزْمُ مِنَ] (¬2) ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [الشَّيْخِ المُوَفَّقِ مع إطْلاقِ أبى الخَطَّابِ للخِلافِ، على ما نقَله المُؤَلِّفُ، أحْسَنُ ما يُسْتَنَدُ إليه فى تَصْحيحِ الوَجْهِ الثَّانى، وهو القَبُولُ. واللَّهُ أعلمُ] (¬1). فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ اثْنَتَيْن واثْنَتَيْن، إلَّا اثْنَتَيْن. طَلُقَتْ ثلاثًا. جزَم به القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ» وغيرُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ اثْنَتَيْن. قال ابنُ رَزِينٍ فى ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: هذا أقْيَسُ. وإنْ قال: اثْنَثَيْن واثْنَتَيْن، إلَّا واحدةً. فالذى جزَم به القاضى فى «الجامِعِ الكَبِيرِ»، أنَّها تَطْلُقُ اثْنَتَيْن؛ بِناءً على قاعِدَتِه. وقاعِدَةُ المذهبِ، أنَّ الاسْتِثْناءَ يرْجِعُ إلى ما يمْلِكُه، وأنَّ العَطْفَ بالواوِ يُصَيِّرُ الجُمْلَتيْن جملةً واحِدةً. وأبْدَى المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» احْتِمالَيْن؛ أحدُهما، ما قالَه القاضى. والثَّانى، لا يصِحُّ الاسْتِثْناءُ. وإنْ فرَّقَ بينَ المُسْتَثْنَى والمُسْتَثْنَى

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِق ثَلاثًا. وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ: إِلَّا وَاحِدَةً. وَقَعَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ منه، فقال: أنتِ طالِقٌ واحِدَةً وواحِدةً وواحِدةً، إلَّا واحِدَةً وواحِدَةً وواحِدَةً. قال فى «التَّرْغيبِ»: وَقَعَتِ الثَّلاثُ على الوَجْهَيْن. قوله: وإن قال: أنت طالِقٌ ثَلاثًا. واسْتَثْنَى بقَلْبِه: إلَّا واحِدَةً، وقَعَتِ الثَّلاثُ. أمَّا فى الحُكْمِ، فلا يُقْبَلُ، قوْلًا واحدًا. وأمَّا فى الباطِنِ، فالصَّحيحُ مِنَ

الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَالَ: نِسَائِى طَوَالِقُ. واسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ أنَّه لا يُدَينُ, كما هو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به السَّامَرِّىُّ فى «فُروقِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه المَجْدُ فى «مُحَرَّرِه» وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ: يُدَيَّنُ. واخْتارَه الحَلْوانِىُّ. قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: لأنَّه لا اعْتِبارَ فى صَريحِ النُّطْقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ قال: نِسائِى طَوالِقُ. واسْتَثْنَى واحِدَةً بقَلْبِه، لم تَطْلُقْ. فيُقْبَلُ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالَى، قوْلًا واحِدًا. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُقْبَلُ فى الحُكْمِ أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن، والمذهبُ منهما. اخْتارَه الشَّارِحُ، وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، واخْتارَه القاضى. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ، و «المُنَوِّرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: نِسائِى الأرْبَعُ طَوالِقُ. واسْتَثْنى واحدةً بقَلْبِه، طَلُقَتْ فى الحُكْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به الأكثرُ. ولم تَطْلُقْ فى الباطِنِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: تَطْلُقُ أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به الزَّرْكَشِىُّ، والخِرَقِىُّ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو قال: أرْبَعَتُكُنَّ طَوالِقُ إلَّا فُلانَةَ. لم يصِحَّ على الأَشْبَهِ؛ لأنَّه صرح وأوْقَعَ. ويصِحُّ: أرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلانَةَ طَوالِقُ. وتقدَّم ذلك فى أوَّلِ البابِ. الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ للاسْتِثْناءِ والشَّرْطِ ونحوِهما، اتِّصالٌ مُعْتادٌ لَفْظًا وحُكْمًا، كانْقِطاعِه بتَنَفُّسٍ ونحوِه. قالَه القاضى وغيرُه. واخْتارَه فى «التَّرْغيبِ». وقطَع به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. ويُعْتَبَرُ أيضًا نِيَّتُه قبلَ تَكْمِيل ما أَلحَقَه به. [قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهو المذهبُ] (¬1). [وقيل: يصِحُّ بعدَ تَكْميلِ ما أَلْحَقَه به] (¬2). قطَع به فى «المُبْهِجِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قال فى «التَّرْغيبِ»: هو ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقال: دَلَّ عليه كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وعليه مُتَقَدِّمُو أصحابِه. وقال: لا يضُرُّ فَصْلٌ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسِيرٌ بالنَّيِّةِ وبالاسْتِثْناءِ. انتهى. وقيل: محَلُّه فى أوَّلِ الكلامِ. قالَه فى «التَّرْغيبِ» توْجِيهًا مِن عندِه. وسألَه أبو داودَ عمَّن تزَوَّجَ امْرَأةً، فقيلَ له: ألَكَ امْرَأَةٌ سِوى هذه؟ فقال: كلُّ امْرأةٍ لى طالِقٌ. فسكَتَ، فقيل: إِلَّا فُلانَةَ؟ قال: إلَّا فُلانَةَ، فإنِّى لم أَعْنِها. فأبَى أَنْ يُفْتِىَ فيه. ويأَتِى فى تَعْليقِ الطَّلاقِ، إذا علَّقَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَشِيئَةِ اللَّهِ تعالَى (¬1). ¬

(¬1) نهاية السقط من: الأصل.

باب الطلاق فى الماضى والمستقبل

بَابُ الطَّلَاقِ فِى الْمَاضِى وَالْمُسْتَقْبَلِ إِذَا قَالَ لِامْرأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. أَوْ: قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. يَنْوِى الْإِيقَاعَ، وَقَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الطَّلاقِ فى الماضِى والمُسْتَقْبَلِ قوله: إذا قال لامْرَأَتِه: أنْتِ طالِقٌ أمْسِ. أو: قبلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. ينْوِى الإِيقاعَ، وقَع. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وحَكاه القاضى عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعٍ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». ووُقوعُ الطَّلاقِ بقَصْدِ وُقوعِه أمسِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وجَعَلَه القاضى وحَفِيدُه كمَسْألَةِ ما إذا لم ينْوِ إلَّا نِيَّةً. وعنه، يقَعُ إنْ كانتْ زوْجَتَه أمسِ. نقَل مُهَنَّا، إذا قال: أنتِ طالِقٌ أمسِ. وإنَّما تَزَوَّجَها اليومَ، فليسَ هذا بشئٍ. فمَفْهومُه أنَّها إنْ كانتْ زوْجَتَه بالأمْسِ،

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، لَمْ يَقَعْ فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يَقَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتْ. قوله: وإنْ لم ينْوِ، لم يقَعْ فى ظاهِرِ كَلامِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: عليه الأكثرُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال القاضى: يقَعُ. وهو

وَحُكِىَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ، لَا يَقَعُ إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. وَيَقَعُ إِذَا قَالَ: قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أنَّ زَوْجًا قَبْلِى طَلَّقَهَا. أَوْ: طَلَّقْتُهَا أَنَا فِى نِكَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمه اللَّهُ؛ فيَلْغُو ذِكْرُ أمسِ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، لا يقَعُ إذا قال: أنتِ طالِقٌ أمسِ. ويقَعُ إذا قال: قبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. قال القاضى: رأَيْتُه بخَطِّ أبى بَكْرٍ فى جُزْءٍ مُفْرَدٍ. وحَمَلِ القاضى قوْلَ أبى بَكْرٍ، رَحِمَه اللَّهُ، على أنَّه يتَزَوَّجُها بعدَ ذلك ثانيًا فْيَبِينُ وُقوعُه الآنٍ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ فى تَعْليلِ قوْلِ أبى بَكْرٍ: لأَنَّ أمسِ لا يُمْكِنُ وُقوعُ الطَّلاقِ فيه، وقبلَ تزَوُّجِها مُتَصوَّرُ الوُجودِ؛ فإنَّه يُمْكِنُ أَنْ يتزَوَّجَها ثانيًا، وهذا الوَقْتُ قبلَه، فوقَعَ فى الحالِ، كما لو قال: أنتِ طالِقٌ قبلَ قدومِ زَيْدٍ. قوله: فإنْ قال: أَرَدْتُ أَنَّ زَوْجًا قبلِى طلَّقَها. أَوْ: طلَّقْتُها أَنَا فى نِكاحٍ قبْلَ هذا. قُبِلَ منه إذا احْتَمَلَ الصِّدْقَ، فى ظاهِرِ كَلامِ الإِمامِ أَحمدَ. أمَّا فيما بينَه وبينَ

قَبْلَ هذَا. قُبِلَ مِنْهُ إِذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهِ تعالَى فيُدَيَّنُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُدَيَّنُ (¬1) باطِنًا. حَكاها الحَلْوانِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وأمَّا فى الحُكْمِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه يُقْبَلُ أيضًا، وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم تُكَذِّبْه قرِينَةٌ؛ مِن غَضَبٍ، أو سُؤالِها الطَّلاقَ، ونحوِه، فلا يُقْبَلُ، قوْلًا واحِدًا. وكلامُ المُصَنِّفِ هو المذهبُ وإحْدَى الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: قُبِلَ حُكْمًا، إلَّا أَنْ يعْلَمَ مِن غيرِ جِهَتِه. ولعَلَّه سَهْوٌ أو نَقْصٌ مِنَ الكاتِبِ، وإنَّما هذا الشَّرْطُ على التَّخْريجِ الآتِى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ إذا قُلْنا: تَطْلُقُ بلا نِيَّةٍ. أَنْ لا يُقْبَلَ منه فى الحُكْمِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مِن غيرِ جِهَتِه. وتَبِعَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وأَطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم نظيرُ ذلك فى أوَّلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه، عندَ قوْلِه: وإنْ نوَى بقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ مِن وَثاقٍ. أو: مُطَلَّقَةٌ مِن زَوْجٍ كان قبْلِى. وتقدَّم تحْريرُ ذلك، فَلْيُعاوَدْ؛ فإنَّ الأصحابَ ذَكَرُوا أنَّ الحُكْمَ فيهما واحدٌ. تنبيه: ظاهِرُ (¬2) قوْلِه: قُبِلَ منه إذا احْتَمَلَ الصِّدْقَ. [أىْ وُجودَه] (¬3)، أنَّه ¬

(¬1) بعده فى أ: «فيهما». (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

فَإنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ، فَهَلْ تَطْلُقُ؟ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ [يُشْترَطُ أنْ يكونَ قد (¬1) وُجِدَ ذلك] (¬2) منه أو مِنَ الزَّوْجِ الذي قبْلَه. هذا المذهبُ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم: إذا أمْكَنَ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: هذا قِياسُ المذهبِ. وقال القاضي: يُقْبَلُ مُطْلقًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». [وقيل: مَحَلُّه إذا وُجِدَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيره] (¬3). [وهل يُشْترَطُ أيضًا ثُبوتُه عندَ الحاكِمِ، أو: إنْ تَداعَيَا عندَه، أوْ: لا مُطْلَقًا؟ أو: يُشْتَرطُ في الحُكْمِ دُونَ التَّدَيُّنِ باطِنًا، وهو الأَظْهَرُ؟ فيه خِلافٌ. لكنْ فَرْقٌ بينَ إمْكانِ الصَّوْتِ ولو لم يكُنْ وُجِدَ شيءٌ مُطْلَقًا، وبينَ الوُجودِ نفْسِه، سواءٌ اشْتُرِطَ ثبُوتُه في نفْسِ الأَمْرِ أو عندَ الحاكمِ للحُكْمِ أو للتَّدَيُّنِ مَثَلًا. فكُلٌّ مِن ذلك مَسْألةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بنَفْسِها، خِلافًا لمَن يجْعَلُ الخُلْفَ لَفظِيًّا في ذلك كلِّه] (¬4). قوله: فإنْ ماتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قبْلَ العِلْمِ بمُرادِه، فهل تَطْلُقُ؟ على وَجْهَين. ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل، ا. (¬4) زيادة من: ش.

وَجْهَينِ. وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيدٍ بِشَهْرٍ. فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا تَطْلُقُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ. والخِلافُ هُنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ في اشْتِراطِ النِّيَّةِ في أصْلِ المَسْألَةِ؛ فإنْ قيلَ: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هناك. وهو المذهبُ، لم تَطْلُقْ هنا؛ لأنَّ شَرْطَ وُقوعِ الطَّلاقِ النِّيَّةُ، ولم يَتَحَقَّقْ وُجودُها، وإنْ قيل: لا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هناك. طَلُقَتْ هنا. قاله الأصحابُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ قبْلَ قُدُومِ زَيدٍ بشَهْرٍ. فقَدِمَ قبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ، لم تَطْلُقْ. وكذا إذا قَدِمَ مع الشَّهْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، حتى قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في المَسْألَةِ الأَولَى: لم تَطْلُقْ بغيرِ اخْتِلافٍ مِن أصحابِنا. وقيل: هما كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ أمسِ. وجزَم به الحَلْوانِيُّ. فائدة: قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» في هذه المَسْألَةِ: جزَم بعضُ أصحابِنا

وَإنْ قَدِمَ بَعدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ يَقَعُ الطَّلاقُ فِيهِ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَحْريمِ وَطْئِها مِن حينِ عَقْدِ الصِّفَةِ [إلى حينِ مَوْتِه] (¬1). وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: قال بعضُ أصحابِنا: يَحْرُمُ عليه وَطْؤُها مِن حينِ عَقْدِ هذه الصِّفَةِ إلى حينِ مَوْتِه؛ لأنَّ كلَّ شَهْرٍ يأْتِي يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ شَهْرَ وُقوعِ الطَّلاقِ فيه. ولم يذْكُرْ خِلافَه. قوله: وإنْ قَدِمَ بعدَ شَهْرٍ وجُزءٍ يقَعُ الطَّلاقُ فيه، تَبيَّنَّا وُقوعَه فيه. بلا نِزاعٍ، وأنَّ وَطْأَة مُحَرَّمٌ، فإنْ كان وَطِيء، لَزِمَه المَهْرُ. فوائد؛ الأُولَى، لها النَّفَقَةُ مِن حينِ التَّعْليقِ إلى أنْ يتَبَيَّنَ وُقوعُ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ خَالعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، ثُمَّ قَدِمَ زَيدٌ بَعْدَ الشَّهْرِ بِيَوْمَينِ، صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ. وَإنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ دُونَ الْخُلْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّلاقِ. قلتُ: فيُعايَى بها. الثَّانيةُ، قوْلُه: وإن خالعَها بعدَ اليَمِينِ بيَوْمٍ، وكان الطَّلاقُ بائِنًا، ثُمَّ قَدِمَ زَيدٌ بعدَ الشَّهْرِ بيَوْمَين، صَحَّ الخُلْعُ وبَطَل الطَّلاقُ. وهذا صحيحٌ لا خِلافَ فيه؛ لأنَّ الطَّلاق لم يُصادِفْها إلّا بائِنًا، والبائِنُ لا يقَعُ عليها الطَّلاقُ. وقوله: وإنْ قَدِمَ بعدَ شَهْرٍ وساعَةٍ، وقَع الطَّلاقُ دُونَ الخُلْعِ. بلا خِلافٍ، لكن إذا لم يقَعِ الخُلْعُ، ترْجِعُ بالعِوَضِ. وقوله: وكان الطَّلاقُ بائِنًا. احْتِرازًا مِنَ الطَّلاقِ الرَّجْعِيِّ؛ فإنَّه يصِحُّ الخُلْعُ

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا. أَعْنِي قبْلَ وُقوعِ الطَّلاقِ وبعدَه، ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُها. الثَّالثةُ، وكذا الحُكْمُ لو قال: أنتِ طالِق قبْلَ مَوْتِي بشَهْرٍ. لكِنْ لا إرْثَ لبائنٍ، لعدَمِ التُّهْمَةِ. ولو قال: إذا مِتُّ، فأَنْتِ طالِقٌ قبْلَه بشَهْرٍ. لم يصِحُّ. ذكَرَه في «الانْتِصار»؛ لأنَّه أوْقَعَه بعدَه، فلا يقَعُ قبْلَه لمُضيِّه. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ قبْلَ مَوْتِي. طَلُقَتْ في الحالِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: تَطْلُقُ في جُزْءٍ يَلِيه مَوْتُه، كقُبَيلِ مَوْتِي.

وَإنْ قَال: بَعْدَ مَوْتِي. أَوْ: مَعَ مَوْتِي. لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ إحْداها، قوْلُه: وإنْ قال: بعدَ مَوْتِي. أَو: مع مَوْتِي. لم تَطْلُقْ. بلا نِزاعٍ عندَ الأصحابِ، ونصَّ عليه. لكِنْ قال في «القَواعِدِ»: يَلْزَمُ على قَوْلِ ابنِ حامدٍ، الوُقوعُ هنا في قوْلِه: مع مَوْتِي. لأنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ مع الحُكْمِ بالبَينُونَةِ، فإيقاعُه مع سَبَبِ الحُكْمِ أوْلَى. انتهى. الثَّانيةُ، لو قال: أنتِ طالِق يَوْمَ مَوْتِي. ففي وُقوعِ الطَّلاقِ وَجْهان. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تَطْلُقُ في أوَّلِه. وهو

وَإذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ، ثُمَّ قَال: إِذَا مَاتَ أَبِي أَو اشْتَرَيتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَاتَ أَبُوهُ أَو اشْتَرَاها لَمْ تَطْلُقْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». والثَّاني، لا تَطْلُقُ. الثَّالثةُ، لو قال: أَطْوَلُكما حَياةً طالِقٌ. فبمَوْتِ إحْداهما يقَعُ الطَّلاقُ بالأُخْرَى إذَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ وَقْتَ يَمِينِه. قوله: وإنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيه، ثمَّ قال: إذا ماتَ أَبِي أَو اشْتَرَيتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. فماتَ أَبُوه أو اشْتَراها لم تَطْلُقْ. وهو أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ. وهو المذهبُ، وهو رِوايَةٌ في «التَّبْصِرَةِ». قال في «الشَّرْحِ»: وهذا أظْهَرُ. قال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: وهذا الصَّحيحُ. قال في «الرِّعايتَين»: طَلُقَتْ في الأصحِّ. واخْتارَه القاضي في «الخِلافِ»، و «الجامعِ»، والشَّرِيفُ، وابنُ عَقِيلٍ في «عُمدِ الأَدِلَّةِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ»،

فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً، فَمَاتَ أَبُوهُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأَطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «قَواعِدِ ابنِ رَجَبٍ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». [وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ] (1). فائدة: لو قال: إذا مَلَكْتُكِ، فأَنْتِ طالِقٌ. فماتَ الأبُ، أو اشْتَراها، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لا تَطْلُقُ في الأصحِّ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِير»: لم تَطْلقْ وَجْهًا واحِدًا. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين»: لو قال زَوْجُ الأمَةِ لها: إنْ مَلَكْتُكِ، فأنتِ طالِقٌ. ثم ملَكَها، لم تَطْلُقْ. قاله الأصحابُ وَجْهًا واحِدًا. ولا يصِحُّ؛ لأنَّ ابنَ حامِدٍ يُلْزِمُه القَوْلَ هنا بالوُقوعِ؛ لاقْتِرانِه بالانْفِساخِ. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ولو كان قال: إذا مَلَكْتُكِ، فأَنْتِ طالِقٌ. وقُلْنا: المِلْكُ في زَمَنِ الخِيارَين للمُشْتَرِي. لم تَطْلُقْ. واقْتَصَرَ عليه. وقيل: تَطْلُقُ. وفي «عُيونِ المَسائلِ» احتِمالٌ، يقَعُ الطَّلاقُ في مَسْألَةِ الشِّراءِ؛ بِناءً على أنَّ المِلْكَ هل ينْتَقِلُ زَمَنَ الخِيارِ؟؛ وفيه رِوايَتان. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: فإنْ كانَتْ مُدَبَّرَةً، فماتَ أَبُوه، وقَع الطَّلاقُ والعِتْقُ مَعًا.

فَصْلٌ: وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي في الْكُوزِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كانتْ تخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طَالِقٌ لأَشْرَبَنَّ الماءَ الَّذِي في الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أَوْ: لأَقْتُلَنَّ فُلانًا المَيِّتَ. أو: لأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. أَوْ: لأَطِيرَنَّ. أوْ: إنْ لم أَصْعَدِ

وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ. أَوْ: لأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. أَوْ: لَأطِيرَنَّ. أَوْ: إِنْ لَمْ أَصْعَدِ السَّمَاءَ. وَنَحْوَهُ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّمَاءَ. ونَحوَه، طَلُقَتْ في الحالِ. هذا تعْليق بعدَمِ وُجودِ المُسْتَحيلِ وعدَمِ فِعْلِه. ومِن جُمْلَةِ أمْثِلَتِه: إنْ لم أَشْرَبْ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه، أو: إنْ لم أَطِرْ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ في مَوْضِعٍ مِن كلامِه: لا تنْعَقِدُ يمِينُه. وحكَى في «الهِدايةِ» عن القاضي، أنَّها لا تَنْعَقِدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يقَعُ به الطَّلاقُ. وقيل: تَطْلُقُ في المُسْتَحيلِ لذاتِه، وفي المُسْتَحيلِ عادَةً، تَطْلُقُ في آخرِ حَياتِه. وقيل: إنْ وَقَّتَه، كقَوْلِه: لأَطِيرَنَّ اليومَ (¬1). ونحوه، طَلُقَتْ في آخِرِ وَقْتِه. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ اتِّفاقًا. وإنْ أَطْلَقَ، طَلُقَتْ في الحالِ. وقيل: إنْ عَلِمَ مَوْتَه، حَنِثَ، وإلَّا فلا؛ لتَوَهُّمِ عَوْدِ الحياة الفانِيَةِ. فائدة: لو قال: لا طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فهو كقَوْلِه: لأَصْعَدَنَّ السَّماءَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ. وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: صَعِدْتِ السَّمَاءَ. أَوْ: شَاءَ الْمَيِّتُ أَو الْبَهِيمَةُ. لَمْ تَطْلُقْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَطْلُقُ فِي الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ شَرِبْتِ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَوْ: صَعِدْتِ السَّماءَ. أَوْ: شاءَ المَيِّتُ أو البَهِيمَةُ. هذا تعْليقٌ بوُجودِ مُسْتَحيلٍ وفِعْلِه، وهو قِسْمان؛ مُسْتَحِيلٌ عادةً، ومُسْتَحِيلٌ لذاتِه؛ فالمُسْتَحِيلُ عادة، كما مثَّل المُصَنِّفُ. ومِن جُمْلَةِ أمْثِلَتِه: أنتِ طالِقٌ لا طِرْتِ. أو: إنْ طِرْتِ. أو: لا شَرِبْتِ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أو: إنْ قَلَبْتِ الحَجَرَ ذهَبًا. ونحوُه. والمُسْتَحِيلُ لذاتِه، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ إنْ رَدَدْتِ أمسِ. أو: جَمَعْتِ بينَ الضِّدَّين. أو:

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ اليَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ. فَعَلَى وَجْهَينِ. وَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ شَرِبْتِ الماءَ الذي في هذا الكُوزِ. ولا ماءَ فيه، ونحوه، فهذان القِسْمان لا تَطْلُقُ بهما في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وتَطْلُقُ في الآخَرِ. وأَطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقيل: تَطْلُقُ في المُسْتَحِيلِ لذاتِه، لا في المُحالِ في العادَةِ. فائدة: حُكْمُ العِتْقِ والحَرامِ والظِّهارِ والنَّذْرِ، حُكْمُ الطَّلاقِ في ذلك، وأمَّا اليَمِينُ باللهِ تعالى فكذلك، على أصحِّ الوَجْهَين. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». ويأَتِي الكلامُ عليه في كلامِ المُصَنِّفِ في كتابِ الأَيمانِ في الفَصْلِ الثَّاني. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ اليَوْمَ إذا جاءَ غَدٌ. فعلى الوَجْهَين. يعْنِي المُتَقَدِّمَين قبْلَه. وأَطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، لا تَطْلُقُ مُطْلَقًا، بل هو لَغْوٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في

الْقَاضِي: لَا تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». والثَّاني، تَطْلُقُ في الحالِ. اخْتارَه القاضي أيضًا، ذكَرَه الشَّارِحُ. قال في «الوَجيزِ»: طَلُقَتْ. انتهى. وقيل: تَطْلُقُ في غَدٍ. تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، فيما حكاه عن القاضي، أنَّ الطَّلاقَ لا يقَعُ هنا، مع قَطْعِ النَّظَرِ عن تخْريجِه على تَعْليقِ الطَّلاقِ بشَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): اخْتِيارُ القاضي أن الطَّلاقَ يقَعُ في الحالِ. انتهى. قلتُ: قد ذكَر الشَّارِحُ عن القاضي قَوْلَين؛ عَدَمُ الطَّلاقِ مُطْلَقًا، ووُقوعُ الطَّلاقِ في الحالِ، كما ذكَرْتُه عنه. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا على مذهبِ السُّنَّةِ، والشِّيعَةِ، واليَهُودِ، والنَّصارَى. فقال القاضي في الدَّعاوَى مِن «حَواشِي التَّعْليقِ»: تَطْلُقُ ¬

(¬1) 10/ 416.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثًا؛ لاسْتِحالةِ الصِّفَةِ؛ لأنَّه لا مذهبَ لهم، ولقَصْدِه التَّأْكِيدَ. انتهى. قلتُ: ويقْرُبُ مِن ذلك قوْلُه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا (¬1) على سائرِ المذاهب. لاسْتِحالةِ الصِّفَةِ. والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ التَّأْكِيدَ، بل هذه أوْلَى مِنَ التي قبلَها، ولم أَرَها للأصحابِ. وقال أبو نَصْرِ بنُ الصَّبَّاغِ (¬2)، والدَّامَغَانِيُّ (¬3) مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: تَطْلُقُ في الحالِ. قال أبو مَنْصُورِ بنُ الصَّبَّاغِ (¬4): وسمِعْتُ مِن رَجُل فقِيهٍ كان يحْضُرُ عندَ أبي الطَّيِّبِ، أنَّ القاضيَ قال: لا يقعُ، لأنَّه لا يكون قد أوْقَع ذلك على المذاهبِ كلِّها. قال أبو مَنْصُورٍ: ولا بَأْسَ بهذا القوْلِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) هو عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد، ابن الصباغ البغدادي، أبو نصر شيخ الشافعية، وكان ثَبْتا حجة دينًا خيرًا، درّس بالنظامية، وكف بصره في آخر عمره، توفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 464. (¬3) هو عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور الرماني الدامغاني، أبو القاسم، الشافعي، كان عالما فاضلا، فقيها، حسن السيرة، تفقه بأبي المعالي الجويني. توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة. التحبير في المعجم الكبير، للسمعاني 1/ 480، 481. (¬4) هو أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد، ابن الصباغ البغدادي، أبو منصور إمام عالم جليل القدر تفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، وروى الحديث عن كثير من العلماء وروى عنه الكثير. وكان ينوب عن القاضي أبي محمد بن الدامغاني في القضاء، وولي الحسبة بالجانب الغربي ببغداد، وله مصنفات ومجموعات حسنة، توفي سنة أربع وتسعين وأربعمائة. طبقات الشافعية 4/ 85، 86.

فصل في الطلاق في زمن مستقبل

فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ إِذَا قَال: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا. أَوْ: يَوْمَ السَّبْتِ. أَوْ: فِي رَجَبٍ. طَلُقَتْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قوْلُه: إذا قال: أَنْتِ طالِقٌ غَدًا. أَوْ: يَوْمَ السَّبْتِ. أَوْ: في رَجَبٍ.

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ. أَوْ: فِي هذَا الشَّهْرِ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَإنْ قَال: أَرَدْتُ فِي آخِرِ هَذِهِ الأَوْقَاتِ. دُيِّنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتْ بأَوَّلِ ذَلِكَ. بلا نِزاعٍ، ويجوزُ له الوَطْءُ قبلَ وُقوعِه. وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ اليَوْمَ. أَو: في هذا الشَّهْرِ. طَلُقَتْ في الحالِ. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وكذا لو قال: أنتِ طالِقٌ في الحَوْلِ. طَلُقَتْ أيضًا بأَوَّلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يقَعُ إلَّا في رَأْسِ الحَوْلِ. اخْتارَه ابن أبي مُوسى. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قوله: وإنْ قال: أرَدْتُ في آخِرِ هذه الأوْقاتِ. دُيِّنَ. إذا قال: أنتِ طالِقٌ غدًا. أو: يوْمَ السِّبْتِ. وقال: أرَدْتُ في آخِرِ ذلك. فقَطَع المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يُدَيَّنُ، وهو أحدُ الوَجْهَين أو الرِّوايتَين. ذكَرهما في «الرِّعايتَين». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال في «الفُروعِ»: والمَنْصوصُ أنَّه لا يُدَيَّنُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، ومال إليه النَّاظِمُ. قلتُ: هذا

وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا ما عدَا هاتَين المَسْألتَين، فقطَع المُصَنِّفُ أيضًا أنَّه يُدَيَّنُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: دُيِّنَ في الأصحِّ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: دُيِّنَ في الأَظْهَرِ. قال في «الحاوي»: دُيِّنَ في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُدَيَّنُ. وقدَّم في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، أنَّه لا يُدَيَّنُ، إذا قال: أنتِ طالِق يومَ كذا. وقال: أرَدْتُ آخِرَه. قوله: وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأَطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، فيما عدا المَسْألتَين الأوَّلتَين، وأَطْلَقَهما في «شَرْحِ ابنِ مُنجَّى» في الجميعِ، وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ» في: أنتِ طالِقٌ اليومَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو غدًا، أو شهْرَ كذا. إحْداهما، يُقْبَلُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وابنُ أبي المَجْدِ في «مُصَنَّفِه». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». والثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. صحَّحه في «الخُلاصةِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال في «الوَجيزِ»: دُيِّنَ فيه. وقدَّم في «الرِّعايتَين»، أنَّه لا يُقْبَلُ، إذا قال: غدًا، أو يومَ كذا. وجزَم به في «الحاوي الصَّغِيرِ». فائدتان، إحْداهما، قال في «بدائعِ الفَوائدِ»: فائدَةٌ: ما يقولُ الفَقِيهُ أيَّدَه اللـ … ـــه وما زال عندَه إحْسانُ في فَتًى علَّق الطَّلاقَ بشَهْرٍ … قبلَ ما قبلَ قبْلِه رَمَضانُ في هذا البيتِ ثمانيةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، هذا. والثَّاني، بعدَ ما بعدَ بعدِه. والثَّالثُ، قبلَ ما بعدَ بعدِه. والرَّابعُ، بعدَ ما قبلَ قبْلِه. فهذه أرْبعَةٌ مُتقابِلَةٌ. الخامِسُ، قبلَ ما بعدَ قبْلِه. السَّادِسُ، بعدَ ما قبلَ بعدِه. السَّابعُ، بعدَ ما بعدَ قبْلِه. الثَّامِنُ، قبلَ ما قبلَ بعدِه. وتَلْخِيصُها، أنَّكَ إنْ قدَّمْتَ لفْظَةَ «بعدَ» جاءَ أرْبعَةٌ؛ أحدُها، أنَّ كلَّها بعدُ. الثَّاني، بعْدَان وقبلُ. الثَّالِثُ، قَبْلان وبعدُ. الرَّابعُ،

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ. أَوْ: فِي الْيَوْمِ وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــ بعْدان بينَهما قبلُ. وإنْ قدَّمْتَ لَفْظَةَ «قبلَ»، فكذلك. وضابِطُ الجوابِ عن الأقْسامِ، أنَّه إذا اتَّفَقَتِ الألْفاظُ، فإنْ كانتْ «قبلَ» وقَع الطَّلاقُ في الشَّهْرِ الذي تقدَّمَه رمَضانُ بثَلاثَةِ شُهور؛ فهو ذو الحِجَّةِ، فكأنَّه قال: أنتِ طالِقٌ في ذِي الحِجَّةِ. لأنَّ المَعْنَى: أنتِ طالِقٌ في شَهرٍ رَمَضانَ قبلَ قبلِ قبْلِه، فلو كان رمَضانُ قبلَه، طَلُقَتْ في شَوَّالٍ. ولو قال: قبلَ قَبْلِه. طَلُقَتْ في ذِي القَعْدَةِ. وإنْ كانتِ الألْفاظُ كلُّها «بعدَ»، طَلُقَتْ في جُمادَى الآخِرَةِ؛ لأنَّ المَعْنَى: أنتِ طالِقٌ في شَهْرٍ يكونُ رمَضانُ بعدَ بعدِ بعدِه، ولو قال: رمَضانُ بعدَه. طَلُقَتْ في شَعْبانَ، ولو قال: بعدَ بعدِه. طَلُقَتْ في رَجَبٍ. وإنِ اخْتَلَفَتِ الألْفاظُ، وهي سِتُّ مَسائِلَ، فضابِطُها أنَّ كلَّ ما اجْتَمَعَ فيه قبلُ، وبعدُ فألْغِهما، نحوَ: قبلَ بعدِه. و: بعدَ قبْلِه. واعْتَبِرِ الثَّالثَ، فإذا قال: قبلَ ما بعدَ بعدِه. أو: بعدَ ما قبلَ قبْلِه. فألْغِ اللَّفْظَين الأوَّلَين، يصيرُ كأنَّه قال أوَّلًا: بعدَه رمَضانُ. فيكونُ شَعْبانَ، وفي الثَّاني كأنَّه قال: قبلَه رمَضانُ. فيكونُ شَوَّالًا. وإنْ توَسّطَتْ لفْظَةٌ بينَ مُضادَّينِ لها نحوَ: قبلَ بعدِ قبْلِه. وبعدَ قبلِ بعدِه. فألْغِ اللَّفْظَين الأوَّلَين، ويكونُ شوَّالًا، في الصُّورَةِ الأُولَى، كأنه قال: في شَهْرٍ قبله رَمَضان. وشَعْبانَ في الثَّانيةِ، كأنَّه قال: بعدَه رمَضانُ. وإذا قال: بعدَ بعدِ قبْلِه. أو: قبلَ قبلِ بعدِه. وهي تَمامُ الثَّمانيةِ، طَلُقَتْ في الأُولَى في شَعْبانَ، كأنَّه قال: بعدَه رمَضانُ، وفي الثَّانيةِ في شَوَّالٍ، كأنَّه قال: قبله رمَضانُ. انتهى. الثَّانية، لو قال: أنتِ طالِقٌ اليومَ أو غدًا. أو: أنتِ طالِقٌ غدًا، أو بعدَ غدٍ. طَلُقَتْ في أسْبَقِ الوَقْتَين. قاله الأصحابُ. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ اليَوْمَ وغَدًا وبَعدَ غَدٍ. أَو: في اليَوْمِ وفي غَدٍ وفي

غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ. فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَقِيلَ: تَطْلُقُ فِي الْأُولَى وَاحِدَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدِه. فهل تَطْلُقُ ثَلاثًا أَوْ واحِدَةً؟ على وَجْهَين. أحدُهما، تَطْلُقُ واحِدةً، كقوْلِه: أنتِ طالِقٌ كلَّ يومٍ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ»، وصحَّح هذا الوَجْهَ في «التَّصْحيحِ». والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ ثلاثًا، كقوْلِه: أنتِ طالِقٌ في كلِّ يومٍ. ذكَرَه أيضًا في «الانْتِصارِ». وقيل: تَطْلُقُ في الأُولَى واحِدةً، وفي الثَّانيةِ ثلاثًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ» في الأُولَى. وقدَّموه في الثَّانيةِ. وأَطْلَقَهُنَّ ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وأَطْلقَ الوَجْهَين فيهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال: ويتَوجَّهُ أنْ يُخَرَّجَ: أنتِ طالِقٌ كلَّ يومٍ، أو في كلِّ يومٍ على هذا الخِلافِ. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ إذا قال: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أنْ يُعَذِّبَكِ اللهُ بالنارِ، فأنتِ طالِقٌ. في تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ، في فَصْلِ تعْليقِه بالمَشِيئَةِ،

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ، طَلُقَتْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّ بعضَهم. ذكَرَها هنا. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ اليومَ إنْ لم أُطَلِّقْكِ اليومَ. طَلُقَتْ في آخِرِ جُزْءٍ منه. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وهو أَظْهَرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّر»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا تَطْلُقُ. قدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». وأَطْلَقَهما في «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فائدة: لو أسْقَطَ اليومَ الأخِيرَ فقطْ، فقال: أنتِ طالِق اليومَ إنْ لم أُطَلِّقْكِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فحُكْمُها حُكْمُ المسْألَةِ التي قبلَها خِلافًا ومذهبًا. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ولو أسْقَطَ اليومَ الأوَّلَ فقطْ، فقال: أنتِ طالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْكِ اليومَ. طَلُقَتْ بلا خِلافٍ. لكِنْ في وَقْتِ وُقوعِه وَجْهان. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، أحدُهما، تَطْلُقُ في آخِرِه. قدَّمه ابنُ رَزينٍ في «شَرْحِه». والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ بعدَ خُروجِه. ولو أسْقَطَ اليوَمَ الأوَّلَ والأخِيرَ، فقال: أنتِ طالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْكِ. فيأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَّلِ البابِ الآتِي بعدَ هذا. فائدة: لو قال لزَوْجاتِه الأرْبَعِ: أَيَّتُكُنَّ لم أَطَأها اللَّيلَةَ، فصَواحِباتُها طَوالِقُ.

وَإنْ قَال أنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيد. فَمَاتَتْ غُدْوَةً، وَقَدِمَ بَعْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يَطَأ تلك اللَّيلَةَ واحدةً مِنْهُنَّ، فالمَشْهورُ عندَ الأصحابِ، أنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ ثلاثًا ثلاثًا. قاله في «القاعِدَةِ السِّتِّينَ بعدَ المِائةِ». وحكَى أبو بكْرٍ وَجْهًا، وجزَم به أوَّلًا، أنَّ إحْداهُن تَطْلُقُ ثلاثًا والبَواقِيَ طَلْقَتَين طَلْقَتَين، وعلَّلَه. فعلى هذا الوَجْهِ، يَنْبَغِي أنْ يُقْرَعَ بَينَهُنَّ، فمَن خرَجَتْ عليها قُرْعَةُ الثَّلاثِ، حَرُمَتْ (¬1) بدُونِ زَوْجٍ وإصابَةٍ. قاله في «القَواعِدِ». قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيدٌ. فماتَتْ غُدْوَةً، وقَدِمَ بعدَ مَوْتِها -يعْنِي في ذلك اليومِ- فهل وقَع بها الطَّلاقُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «النَّاظِمُ»؛ أحدُهما، وقَع بها الطَّلاقُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

مَوْتِهَا، فَهَلْ وَقَعَ بِها الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»،

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ إِذَا قَدِمَ زَيدٌ. فَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يقَعُ بها الطَّلاقُ. وأمّا إذا قَدِمَ ليلًا أو نَهارًا، أو حيًّا أو مَيِّتًا، أو طائِعًا أو مُكْرَهًا، فيأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ البابِ. فعلى المذهبِ، تَطْلُقُ مِن أوَّلِ النَّهارِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي». وقيل: تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدومِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». وكذا الحُكْمُ لو قَدِمَ وهي حَيَّةٌ، في وَقْتِ وُقوعِ الطَّلاقِ الوَجْهان. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ في غَدٍ إذا قَدِمَ زَيدٌ. فماتَتْ قبلَ قُدُومِه، لم تَطْلُقْ. هذا أحدُ الوَجْهَين، وهو احتِمالٌ في «الهِدايةِ». وصحَّحه في «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِب»: ذكَر أصحابُنا أنَّه يُحْكَمُ بطَلاقِها؛ بِناءً. على ما إذا نَذَرَ أنْ يصُومَ غدًا إذا قَدِمَ زَيدٌ، فقَدِمَ وقد أكلَ، فإنَّه يلْزَمُه قَضاؤُه؛ لأنَّ نذْرَه انْعَقَدَ. انتهى. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا. طَلُقَتْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً، إلا أَنْ يُرِيدَ: طَالِقٌ الْيَوْمَ وَطَالِقٌ غَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»؛ فإنَّه قال: إذا قال: أنتِ طالِقٌ في غَدٍ إذا قَدِمَ زَيدٌ. فقَدِمَ فيه، طَلُقَتْ. ولم يُفَرِّقْ بينَ موْتِها وعدَمِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأَطْلَقَهما في «المُذْهبِ». فعلى المذهبِ، يقَعُ الطَّلاقُ عَقِيبَ قُدومِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: تَطْلُقُ مِن أوَّلِ الغَدِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقيل: محَلُّ هذا إذا قَدِمَ والزَّوْجان حيَّان. فائدتان؛ إحْداهما، لو قَدِمَ زَيدٌ والزَّوْجان حيَّان، طَلُقَتْ، قوْلًا واحدًا، لكِنْ في وَقْتِ وُقوعِه الوَجْهان المُتَقَدِّمان. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يكونُ وَقْتَ قُدومِه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما قطَع به الشَّارِحُ في بَحْثِه. والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ مِن أوَّلِ الغَدِ. اخْتارَ أبو الخَطَّابِ كما تقدَّم. الثَّانيةُ، قوْلُه: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ اليَوْمَ غَدًا. طَلُقَتِ اليَوْمَ واحِدَةً، إلَّا أَنْ

أَوْ: نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا غَدًا. فَتَطْلُقُ اثْنَتَينِ. وَإنْ نَوَى: نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَاقِيَهَا غَدًا. احْتَمَلَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُرِيدَ: طالِقٌ اليَوْمَ وطالقٌ غَدًا، فتَطْلُقَ اثْنَتَين -بلا خِلافٍ أعْلَمُه- وإنْ أرادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ اليومَ ونِصْفَها غدًا، طَلُقَتْ طَلْقتَين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما جزَم المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: تَطْلُقُ واحِدةً. وهو احْتمالٌ للقاضي. ولم يذْكُرْ هذه المسْألةَ في «الفُروعِ». قوله: وإنْ نوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ اليَوْمَ وباقِيَها غَدًا. احْتَمَلَ وَجْهَين. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى شَهرٍ. طَلُقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، تَطْلُقُ واحِدةً. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ اثْنَتَين. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ إلى شَهْرٍ -وكذا إلى حَوْلٍ- طلُقَتْ عندَ انْقضائِه. هذا المذهبُ بشَرْطِه، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يقَعُ في الحالِ. وهو

إلا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مذهبُ أبي حنيفةَ. قوله: إلَّا أنْ ينْوِيَ طَلاقَها في الحالِ. يعْنِي فتَطْلُقَ في الحالِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ مع النِّيَّةِ الرِّوايتَين المُتَقَدِّمتَين مع عدَمِ النَّيَّةِ، وكقوْلِه: أنتِ طالِقٌ إلى مَكَّةَ. على ما تقدَّم في بابِ ما

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ الشَّهْرِ. أَوْ: أوَّل آخِرِهِ. طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْم مِنْهُ. وَإنْ قَال: فِي آخِرِ أَوَّلِهِ. طَلُقَتْ فِي آخِرِ يَوْم مِنْ أَوَّلِهِ. وقَال أَبو بَكْرِ: تَطْلُقُ فِي الْمَسْألَتَينِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يخْتَلِفُ به عدَدُ الطلاقِ. وإنْ قال: بعدَ مَكَّةَ. وقَع في الحالِ. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ في آخِرِ الشَّهْرِ. طَلُقَتْ بطلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْم منه. هذا أحدُ الأوْجُهِ، واخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحه. وقيل: تَطْلُقُ بغُروبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَمْسِ الخامِسَ عَشَرَ منه. وقيل: تَطْلُقُ في آخِرِ جُزْء منه. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو الصَّوابُ. قلتُ: وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحناه في الخُطْبَةِ. قوله: أوْ أوَّلِ آخِرِه -يعْنِي لو قال: أنْتِ طالِقٌ في أوَّلِ آخِرِ الشَّهْرِ- طَلُقَتْ بطُلوعِ فَجْرِ آخِرِ يوم منه. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحه في «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الأصولِيَّةِ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أَبُو بَكْرٍ: تَطْلُقُ بغُروبِ شَمْسِ الخامِسَ عَشَرَ منه. قلتُ: وعلى قِياسِ قوْلِه: تَطْلُقُ بالزَّوالِ مِن يومِ الخامِسَ عَشَرَ، إذا تبَيَّنَ أنَّه كان ناقِصًا. فعلى المذهبِ، يحْرُمُ وَطْؤُه في تاسِعٍ وعِشْرِينَ. ذكَرَه ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ، لا يحْرُمُ. قوله: وإنْ قال: في آخِرِ أوَّلِه. طَلُقَتْ في آخِرِ يَوْم مِن أوَّلِه. هذا أحدُ الوُجوهِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرحِه»: هذا المذهبُ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هذا أصحُّ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: تَطْلُقُ بطلُوعِ فَجْرِ أوَّلِ يومٍ منه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: طَلُقَتْ بفَجْرِ أوَّلِ يوم منه في الأصحِّ. وجزَم به في

وَإن قَال: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ إِذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالأَهِلَّةِ، وَيُكَمَّلُ الشَّهْرُ الَّذِي حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وقال أبو بَكْرٍ: تَطْلُقُ بغُروب شَمْسِ الخامِسَ عَشَرَ منه. وقال في «الرِّعايةِ»: إذا قال: أنتِ طالِقٌ في غُرَّةِ الشَّهْرِ، أو أوَّلِه. وأرادَ أحدَهما، دُيِّنَ في الأَظْهَرِ، وفي الحُكْمِ وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: الثَّلاثُ اللَّيالي الأوَلِ تُسَمَّى غُرَرًا. قوله: وإنْ قال: إذا مَضَتْ سَنَةٌ فأَنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ إذا مضَى اثْنا عَشَرَ شَهْرًا بالأَهِلَّةِ -بلا نِزاعٍ- ويُكَمَّلُ الشَّهْرُ الَّذي حلَف في أثْنائِه بالعَدَدِ. هذا المذهبُ،

وَإنْ قَال: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَأنْتِ. طَالِقٌ. طَلُقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وعنه، يُكَمَّلُ الكُلُّ بالعَدَدِ. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، إلى مِثْلِ تلكَ السَّاعَةِ. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في. بابِ الإجارَةِ عندَ قوْلِه: وإذا أجَرَه في أثْناءِ شَهْرٍ سَنَةً. قوله: وإذا قال: إذا مَضَتِ السَّنَةُ فأنْتِ طالِقٌ. طلُقَتْ بانْسِلاخِ ذِي الحِجَّةِ. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قال ابنُ رَزِينٍ: وكذا الحُكْمُ إذا أشارَ، فقال: أنْتِ طالِقٌ في هذه السَّنَةِ. فائدة: لو قال: أرَدْتُ بالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةً. طَلُقَتِ الْاُّولَى فِي الْحَالِ، وَالثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمِ؟ على رِوايتَين. وهما وَجْهان في المذهبِ. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ في كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَة. طَلُقَتِ الأُولَى في الحالِ، والثَّانِيَةَ في أوَّلِ المُحَرَّمِ، وكَذا الثَّالِثَةُ.

فَإِنْ قَال: أَرَدْتُ بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَل فِي ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ قال: أرَدْتُ بالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟

الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. وَإنْ قَال: أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَاءُ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ. دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجِّى في «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهْبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحًّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ في الحُكْمِ على الأصحِّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَل. تنبيه: مَحَلُّ هذا إذا بَقِيَتْ في عِصْمَتِه، أما لو بانَتْ منه، ودامَتْ حتى مَضَتِ السَّنَةُ الثَّالثةُ، ثم تزَوَّجَها، لم يقَعِ الطَّلاقُ، ولو نكَحَها في السَّنَةِ الثَّالثةِ، أو الثَّانيةِ، وقَعَتِ الطَّلْقَةُ عَقِبَ العَقْدِ. جزَم به في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي» (¬1): اقْتَضَى قوْلُ أكثرِ أصحابِنا وُقوعَ الطَّلاقِ عَقِبَ تزْويجِه بها إذا تزَوَّجَها في أثْناءِ السَّنَةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّه جُزْءٌ مِنَ السَّنَةِ الثَّانيةِ التي جْعَلَها ظَرْفًا للطَّلاقِ. قال: وقال القاضي: تَطْلُقُ بدُخولِ السَّنَةِ الثَّالثةِ، وإنْ كان نِكاحُها في السَّنَةِ الثَّالثَةِ، طَلُقَتْ بدُخولِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ. انتهى. ومحَلُّ هذا أيضًا على المذهبِ. فأمَّا على قَوْلِ أبي الحَسَنِ التَّمِيمِيِّ، ومَن وافقَه، فتنْحَلُّ الصِّفَةُ بوُجودِها في حالِ البَينُونَةِ، فلا تعودُ بحالٍ. قوله: وإنْ قال: أرَدْتُ أنْ يكونَ ابْتِداءُ السِّنِينَ المُحَرَّمَ. دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في ¬

(¬1) 10/ 413.

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيدٌ. فَقَدِمَ لَيلًا، لَمْ تَطْلُقْ، إلا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ، فَتَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمِ. وهو المذهبُ. قطَع به القاضي، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1): والأَوْلَى أنْ يُخَرَّجَ فيه رِوايَتان. قال في «المُحَرَّرِ»: ويُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وهما وَجْهان مُطْلَقان في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيدٌ. فقَدِمَ لَيلًا، لم تَطْلُقْ، إلَّا أنْ يُرِيدَ باليَوْم الوَقْتَ، فتَطْلُقُ. بلا خِلافٍ، ومَفْهومُه أنَّه إذا أَطْلَقَ النِّيَّةَ، لا تَطْلُقُ بَقُدومِه ليلًا. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تَطْلُقُ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ»: فكَنِيَّةِ الوَقْتِ. وقيل: كنِيَّةِ النَّهارِ. يعْنونَ أنَّ المُقَدَّمَ أنَّها تَطْلُقُ مع إطْلاقِ النِّيَّةِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». تنبيه: مَفْهومُ قوْلِه: فقَدِمَ لَيلًا. أنَّه لو قَدِمَ نَهارًا طَلُقَتْ، وهو صحيحٌ بلا خِلافٍ إذا قَدِمَ حيًّا عندَ الجُمْهورِ. قال الخَلَّالُ: يقَعُ، قوْلًا واحدًا. وقال ابنُ

وَإنْ قُدِمَ بِهِ مَيَّتًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ: إنْ كان القادِمُ ممَّن لا يمْتَنِعُ مِنَ القُدومِ بيَمِينِه، كالسُّلْطانِ والحاجِّ والأجْنَبِيِّ، حَنِثَ، ولا يُعْتَبَرُ عِلْمُه ولا جَهْلُه، وإنْ كان ممَّنْ يمْتَنِعُ باليمينِ مِنَ القُدومِ؛ كقَرابَةٍ لهما أو لأحَدِهما أو غُلامٍ لأحَدِهما، فَجَهِلَ اليَمِينَ، أو نَسِيَها، فالحُكْمُ فيه كما لو حلَف على فِعْلِ نَفْسِه، ففَعَلَه جاهِلًا أو ناسِيًا، فيه رِوايَتان، كذلك هنا على ما يأتِي آخِرَ البابِ الآتِي. فعلى المذهبِ، في وَقْتِ وُقوعِ الطَّلاقِ وَجْهان، وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تَطْلُقُ مِن أولِ النَّهارِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدومِه. وفائدةُ الخِلافِ، الإرْثُ وعَدمُه. وتقدَّم، إذا قَدِمَ وقد ماتَتْ في ذلك اليومِ. في هذا البابِ، فلْيُعاوَدْ. قوله: وإنْ قُدِمَ به مَيِّتًا أوْ مُكْرَهًا، لم تَطْلُقْ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ المُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»: تَطْلُقُ. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم تَكُنْ نِيَّةٌ، أمَّا مع النِّيَّةِ، فيُحْمَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكلامُ عليها بلا إشْكالٍ.

باب تعليق الطلاق بالشروط

بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنَ الزَّوْجِ، وَلَا يَصِحُّ مِنَ الأَجْنَبِيِّ، فَلَوْ قَال: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ. أَو: تَزَوَّجْتُ امرأَةً، فَهِيَ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ إِذَا تَزَوَّجَهَا. وَعَنْهُ، تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ فائدة: يصِحُّ تعْليقُ الطَّلاقِ مع تقدُّمِ الشَّرْطِ، وكذا إن تأَخَّر. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يتَنَجَّزُ إنْ تأَخَّر الشَّرْطُ. ونقَله ابنُ هانِئٍ في العِتْقِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وتأَخُّرُ القَسَمِ، كـ: أنْتِ طالِقٌ لأَفْعَلَنَّ. كالشَّرْطِ، وأوْلَى بأنْ لا يلْحَقَ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، إذا قال: أنْتِ طالِقٌ. وكرَّرَه أرْبعًا، ثم قال عَقِيبَ الرَّابعةِ: إنْ قُمْتِ. طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأنَّه لا يجوزُ تعْليقُ ما لا يَمْلِكُ بشَرْطٍ. وتقدَّم في آخِرِ بابِ ما يخْتَلِفُ به عَدَدُ الطَّلاقِ، ما يتعَلَّقُ بذلك. قوله: ولا يصِحُّ مِنَ الأجْنَبِيِّ، فلو قال: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ، أوْ: إنْ تَزَوَّجْتُ امْرَأةً، فهي طالِقٌ. لم تَطْلُقْ إذا تَزَوَّجَها -هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه- وعنه، تَطْلُقُ. قال في «الفُروعِ»: وعنه صِحَّةُ قوْلِه لزَوْجَتِه: مَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَزَوَّجْتُ عليكِ، فهي طالِقٌ. أو قوْلِه لعتيقَتِه: إنْ تزَوَّجْتُكِ، فأنتِ طالِقٌ. أو قوْلِه لرَجْعِيَّتِه: إنْ راجَعْتُكِ، فأنتِ طالِقٌ ثلاثًا. وإنْ أرادَ االتَّغْليظَ عليها. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ قال لعَتيقَتِه: إنْ تزَوَّجْتُكِ، فأنتِ طالِقٌ. أو لامْرأَتِه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ تزَوَّجْتُ عليكِ عَمْرَةَ، أو غيرَها، فهي طالِقٌ. فتَزَوَّجَهما، طَلُقَتا. ثم قال. قلتُ: إنْ صحَّ تعْليقُ الطَّلاقِ بالنِّكاحِ، وإلَّا فلا. فجزَم بالوُقوعِ في هاتَين الصُّورَتَين، وفرَّق مِن عندِه. وجزَم بهما غيرُه. وقدَّم في «الفُروعِ»، أنَّ تعْلِيقَه مِن أجْنَبِيٍّ كتَعْلِيقِه عِتْقًا بمِلْكٍ، ثم قال: والمذهبُ لا يصِحُّ مُطْلَقًا.

وَإنْ قَال لِأَجْنِبَيَّةٍ: إِنْ قُمْتِ فَأنْتِ طَالِقٌ. فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَامَتْ، لَمْ تَطْلُقْ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَإنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ، لَمْ تَطْلُقْ قَبْلَ وُجُودِهِ. وَإنْ قَال: عَجَّلْتُ مَا عَلَّقْتُهُ. لَمْ يَتَعَجَّلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ الطَّلاقَ بشَرْطٍ، لم تَطْلُقْ قبْلَ وُجُودِه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، تَطْلُقُ مع تَيَقُّنِ وُجودِ الشَّرْطِ قبلَ وُجودِه. وخصَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، هذه الرِّوايةَ بالثَلاثِ؛ لأنَّه الذي يضُرُّه كمُتْعَةٍ. تنبيه: في قوْلِه: لم تَطْلُقْ قبْلَ وُجودِه. إشْعارٌ بأَنَّ الشَّرْطَ ممْكِنٌ. وهو كذلك. فأما ما يسْتَحِيلُ وُجودُه، فيُذْكَرُ في أماكِنِه، وقد تقدَّم في أثْناءِ البابِ الذي قبْلَه. ومَفْهومُ كلامِه، أنَّ الطَّلاقَ يقَعُ بوُجودِ شَرْطِه. وهو صحيحٌ. نصَّ عليه. وليسَ فيه -بحَمْدِ اللهِ- خِلافٌ. قولُه: فإنْ قال: عَجَّلْتُ ما عَلقْتُه. لم يتَعَجَّلْ. هذا المذهبُ؛ لأنَّه علَّقَه، فلم يمْلِكْ تغْيِيرَه، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَتَعَجَّلُ إذا عجَّلَه. وهو ظاهِرُ بَحْثِ الشَّيخِ تَقِيِّ

وَإنْ قَال: سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ. وَقَعَ فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ؛ فإنه قال: فيما قاله جُمْهورُ الأصحابِ نظَرٌ. وأَطْلَقَهما في «البُلْغةِ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه، دُيِّنَ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا علَّق الطَّلاقَ على شَرْطٍ، لَزِمَ، وليسَ له إبْطالُه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، وقطَعُوا به. وذكَر في «الانْتِصارِ»، و «الوَاضِحِ»، رِوايةً بجَوازِ فَسْخِ العِتْقِ المُعَلَّقِ على شَرْطٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ ذلك في طَلاقٍ. ذكَرَه في بابِ التَّدْبيرِ. قلتُ: وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أيضًا: لو قال: إنْ أَعْطيتِنِي. أو: إذا أَعْطَيتِنِي. أو: متى أَعْطَيتِنِي أَلْفًا، فأنتِ طالِقٌ. أنَّ الشَّرْطَ ليسَ بلازِمٍ مِن جِهَتِه، كالكِتابةِ عندَه. قال في «الفُروعِ»: ووَافقَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، على شَرْطٍ مَحْضٍ، كـ: إنْ قَدِمَ زَيدٌ، فأنتِ طالِقٌ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: التَّعْليقُ الذي يُقْصَدُ به إيقاعُ الجَزَاءِ إنْ كان مُعاوَضَةً، فهو مُعاوَضَةٌ، ثم إنْ كانتْ لازِمَةً، فلازِمٌ، وإلَّا فلا يلْزَمُ الخُلْعُ قبلَ القَبُولِ ولا الكِتابَةُ، وقولُ مَن قال: التَّعْليقُ لازِمٌ. دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ. انتهى. وتقدَّم ذلك أيضًا في أثْناءِ بابِ الخُلْعِ. الثَّانيةُ، لو فصَل بينَ الشَّرْطِ وحُكْمِه بكلامٍ مُنْتَظِمٍ، نحوَ: أنتِ طالِقٌ يا زانِيَةُ إنْ قُمْتِ. لم يَضُرَّ ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يقْطَعُه، كسَكْتَةٍ، وتَسْبِيحَةٍ. وهو احْتِمالٌ للقاضي.

وَإِنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال: أَرَدْتُ إِنْ قُمْتِ. دُيِّنَ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ. ثم قال: أَرَدْتُ إِنْ قُمْتِ. دُيِّنَ، ولم يُقْبَلْ في الحُكْمِ -وهو المذهبُ- نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ». قال في «الهِدايةِ»، و «الكافِي»، و «النَّظْمِ»: يُخرجُ على رِوايتَين. قلتُ: صرَّح

فَصْل: وَأَدوَاتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ (¬1)؛ إِنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَنْ، وَأَيّ، وَكُلَّمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ فيها رِوايتَين. وأَطْلَقَهما هو وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، لكِنْ حكاهما وَجْهَين. وقدَّم هذه الطَّريقَةَ في «الفُروعِ»، وأَطْلَقَ الخِلافَ، وقال: وقيل: لا يُقْبَلُ. انتهى. وهذه طريقةُ المُصَنِّفِ وغيرِه. وتقدَّم نظيرُ ذلك في أوَّلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. إذا قال لها: أنتِ طالِقٌ. ثم قال: أرَدْتُ مِن وَثاقٍ. أو: أنْ أقولَ: طاهِرٌ، فسَبَقَ لسانِي. أو: أنَّها مُطَلَّقَةٌ مِن زَوْجٍ كان قبْلَه. قوله: وأَدَواتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ (1)؛ إنْ، وإذا، ومَتَى، ومَن، وأَيَّ، وكُلَّما. أَدواتُ الشَّرْطِ سِتٌّ لا غيرُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقد تقدَّم، في بابِ الخُلْعِ، أنَّ قوْلَه: أنتِ طالِقٌ، وعليكِ أَلْفٌ. أو: على أَلْفٍ. أو: بأَلْفٍ. أنَّ ذلك كـ: إنْ أعْطَيتِنِي أَلْفًا. عندَ المُصَنِّفِ. وتقدَّم حكمُ ذلك هناك. ¬

(¬1) كذا وقع بخط المؤلف، والوجه: ست. وبمكن تخريجه على الحمل على المعنى على تأويل الأداوات بالألفاظ. المبدع 7/ 326.

وَلَيسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إلا «كُلَّمَا»، وَفِي «مَتَى» وَجْهَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليسَ فيها ما يقْتَضِي التَّكْرارَ إلَّا «كُلَّمَا» -بلا نِزاعٍ- وفي «مَتَى» وَجْهان. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يقْتَضِي التَّكْرارَ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم.

وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ «لَمْ»، فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يقْتَضِي التَّكْرارَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». فائدة: «مَن»، و «أيُّ» المُضافَةُ إلى الشَّخْصِ، يقْتَضِيان عُمومَ ضمِيرِهما، فاعِلًا كان أو مَفْعولًا. قوله: وكُلُّها على التَّراخِي إذا تَجَرَّدَتْ عن «لم». وكذا إذا تجَرَّدَتْ عن نِيَّةِ

صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ، إلا «إِنْ»، وَفِي «إِذَا» وَجْهَانِ. فَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ. أَوْ: إِذَا قُمْتِ. أَوْ: مَنْ قَامَ مِنْكُنَّ. أَوْ: أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ. أَوْ: مَتَى قُمْتِ. أَوْ: كُلَّمَا قُمْتِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَتَى قَامَتْ، طَلُقَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَوْرِيَّةِ أيضًا أو قرِينَةٍ. فأمَّا إذا نوَى الفَوْرِيَّةَ، أو كان هناك قَرِينَةٌ تدُلُّ على الفَوْرِيَّةِ، فإنَّه يقَعُ في الحالِ، ولو تجَرَّدتْ عن «لم». قوله: فإنِ اتَّصَلَ بها، صارَتْ على الفَوْرِ. يعْنِي إذا اتَّصَل بالأَدواتِ «لم»، صارَتْ على الفَوْرِ. وهو مُقَيَّدٌ أيضًا بما إذا لم تكُنْ نِيَّةٌ أو قرِينَةٌ تدُلُّ على التَّراخِي، فإنْ نوَى التَّراخِيَ، أو كان هناك قرينَةٌ تدُلُّ عليه، كانتْ له. قوله: فإنِ اتَّصَلَ بها، صارَتْ على الفَوْرِ، إلَّا «إنْ». هذا المذهبُ في «إنْ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وعنه، يحْنَثُ بعَزْمِه على التَّرْكِ. جزَم به في «الرَّوْضَةِ»؛ لانَّه أمْرٌ مَوْقوفٌ على القَصْدِ، والقَصْدُ هو النِّيَّةُ، ولهذا لو فعَلَه ناسِيًا أو مُكْرَهًا، لم يَحْنَثْ، لعدَمِ القَصْدِ، فأَثَّرَ فيه تعْيِينُ النِّيَّةِ؛ كالعِباداتِ، مِنَ الصَّوْمِ، والصَّلاةِ، إذا نوَى قَطْعَها. ذكَرَه في «الواضِحِ». قوله: وفي «إذا» وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛ أحدُهما، هي على الفَوْرِ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». والثَّاني، أنَّها على التَّراخِي. اخْتارَه القاضي. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» في التَّمْثيلِ: إذا لم أُطَلِّقْكِ، فأنتِ طالِقٌ. كان على التَّراخِي في أصحِّ الرِّوايتَين. فأَطْلَقَا أولًا، وصحَّحا هنا. تنبيه: قطَع المُصَنِّفُ بأنَّ باقِيَ الأَدواتِ غيرَ «إنْ» و «إذا» على الفَوْرِ، إذا اتَّصَلَ بها «لم» وهو المَجْزومُ به عندَ الأصحابِ في «كلَّما» و «متَى»،

وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلَاقُ إلا فِي «كُلَّمَا»، وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــ و «أيِّ» المُضافَةِ إلى الوَقْتِ، وأمَّا «أيُّ» المُضافَةُ إلى الشخْصِ، و «مَن» ففيهما وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّهما على الفَوْرِ إذا اتَّصَلَتْ بهما «مَن»، و «لَم». وهو المذهبُ. جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «العُمْدَةِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّهما على التَّراخِي. نَصَرَه النَّاظِمُ. وَأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال الشَّارِحُ: الذي يظْهَرُ أنّ «مَن» على التَّراخِي إذا اتَّصَلَ بها «لَمْ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهان في «مَهْما»، فإنِ اقْتضَتِ الفَوْرِيَّةَ، فهي كـ «مَتَى». قوله: فإذا قال: إنْ قُمْتِ. أَوْ: إذا قُمْتِ. أَوْ: مَن قامَ مِنْكُنَّ. أَوْ: أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ. أَوْ: مَتَى قُمْتِ. أَوْ: كُلَّما قُمْتِ، فأَنْتِ طالِقٌ. فمَتَى قَامَت، طَلُقَتْ. بلا نِزاعٍ. وإنْ تَكَرَّرَ القِيامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلاقُ إلَّا في «كُلَّما»، وفي «مَتَى» في أَحَدِ

«مَتَى» فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَلَوْ قَال: كُلَّمَا أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكُلَّمَا أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ جَعَلَ مَكَانَ «كُلَّمَا» إِنْ أَكَلْتِ. لَمْ تَطْلُقْ إلا اثْنَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين. المُتَقَدِّمَينِ قرِيبًا، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما. قولُه: ولو قال: كُلَّما أكَلْتِ رُمَّانَةً فأَنْتِ طالِقٌ، وكُلَّما أكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ، فأَنْتِ طالِقٌ. فأَكَلَتْ رُمَّانَةً، طَلُقَتْ ثَلاثًا -بلا نِزاعٍ- ولو جعَل مَكانَ «كُلَّما» إِنْ أَكَلْتِ. لَمْ تَطْلُقْ إلَّا اثْنتَين. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَاتٍ ثَلَاثٍ فَاجْتَمَعْنَ فِي عَينٍ وَاحِدَةٍ، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: إِنْ رَأَيتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأيتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأَيتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا تَطْلُقُ إلَّا واحدةً. قوله: ولو عَلَّقَ طَلاقَها على صِفاتٍ ثَلاثٍ فاجْتَمَعْنَ في عَينٍ واحِدَةٍ، مِثْلَ أنْ يقُولَ: إنْ رَأيتِ رَجُلًا فأنْتِ طالِقٌ، وإن رَأَيتِ أسْودَ فأنْتِ طالِقٌ، وإنْ رَأيتِ فَقِيهًا فأَنْتِ طالِقٌ. فرَأَتْ رَجُلًا أسْوَدَ فَقِيهًا، طَلُقَتْ ثَلاثًا. وهذا المذهبُ، وعليه

وَإِنْ قَال: إِنْ لَمْ أَطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ يُطَلِّقْهَا، لَمْ تَطْلُقْ إلا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا، إلا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ أيضًا. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا تَطْلُقُ إلَّا واحِدةً مع الإِطْلاقِ. ذكَرَه عنه في «القاعِدَةِ التَّاسِعَة عَشرَةَ بعدَ المِائةِ». قوله: وإنْ قال: إنْ لم أُطَلِّقْكِ فأَنْتِ طالِقٌ. ولم يُطَلِّقْها، لَمْ تَطْلُقْ إلَّا في آخِرِ جُزْءٍ مِن حَياةِ أحَدِهما، إلَّا أنْ تَكُونَ له نِيَّةٌ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّه متى عزَم على التَّرْكِ بالكُلِّيَّةِ، حَنِثَ حال عَزْمِه. ذكَرَها الزرْكَشِيُّ وغيرُه. وذكَر في «الإِرْشادِ» روايةً، يقَعُ بعدَ موْتِه. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم ينْو وَقْتًا، فإنْ نوَى وَقْتًا أو قامَتْ قرِينَةٌ بفَوْرِيَّةٍ، تعَلَّقَتِ اليَمِينُ به. وتقدَّم في البابِ الذي قبْلَه، إذا قال لها: أنتِ طالِقٌ اليومَ إنْ لم أُطَلِّقْكِ اليومَ. أو: طالِقٌ اليومَ، إنْ لم أُطَلِّقْكِ. أو: طالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْكِ اليومَ. فَلْيُعاوَدْ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا كان المُعَلَّقُ طلاقًا بائنًا، لم يَرِثْها إذا ماتَتْ، وتَرِثُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هي. نصَّ عليه في رِوايةِ أبي طالِبٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتخَرَّجُ لا تَرِثُه مِن تعْلِيقِه في صِحَّتِه على فِعْلِها، فيُوجَدُ في مرَضِه. قال: والفَرْقُ ظاهِرٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: في إرْثِهما رِوايَتَان؛ لأنَّ الصِّفَةَ في الصِّحَّةِ، والطَّلاقَ في المَرَضِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه رِوايَتان. الثَّانيةُ، لا يُمْنَعُ مِن وَطْئِها قبْلَ فِعْلِ ما حلَف عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يُمْنَعُ.

وَإِنْ قَال: مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا. أَوْ: أَيَّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ، طَلُقَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: مَن لم أُطَلِّقْها. أَوْ: أيَّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْكِ، فأَنْتِ طالِقٌ. فمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلاقُها فيه، طَلُقَتْ. و «متى» مِثْلُ «أيِّ» في ذلك، والمُصَنِّفُ جعَل هنا: «مَن لَمْ أُطَلِّقْها» مِثْلَ قوْلِه: «أيَّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْكِ». وهو أحدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والوَجْهُ الثَّاني، أنَّ «مَن» كـ «إنْ لم أُطَلِّقْكِ». على ما تقدَّم قبلَ هذه المسألةِ. قال الشَّارِحُ: هذا الذي يظْهَرُ لي. وتقدَّم ذلك. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ».

وَإِنْ قَال: إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَهَلْ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. وَإِنْ قَال: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ ثَلَاثًا، وَلَمْ يُطَلِّقهَا، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، إلا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنَّها تَبِينُ بِالْأُولَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال: إذا لم أُطَلِّقْكِ فأَنْتِ طالِقٌ. فهل تَطْلُقُ في الحالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تَطْلُقُ في الحالِ كـ «أيِّ» و «مَتَى». وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّها على التَّراخِي. نصَرَه القاضي. وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وهذان الوَجْهان مَبْنِيَّان على قوْلِنا في «إذا»: هل هي على الفَوْرِ أو التَّراخِي إذا اتَّصَلَتْ بها «لم»، على ما تقدَّم؟.

وَإِنْ قَال الْعَامِّيُّ: أَنْ دَخَلْتِ الدّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ، وَإِنْ قَالهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قال العامِّيُّ: أنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فأَنْتِ طالِقٌ. بفَتْحِ الهمْزَةِ، فهو شَرْطٌ. هذا المذهبُ. كنِيَّتِه. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: يقَعُ في الحالِ، إنْ كان دُخولُ الدارِ قد وُجِدَ قبلَ ذلك. قوله: وإنْ قاله عارِفٌ بمُقْتَضاه، طَلُقَتْ في الحالِ. يعْنِي إنْ كان وُجِدَ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه في «المُغْني»،

وَحُكِيَ عَنِ الْخَلَّالِ، أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْو مُقْتَضَاهُ فَهُوَ شَرْطٌ أَيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وحُكِيَ عن الخَلّالِ، أَنَّهُ إذا لم ينْو مُقْتَضَاه فهو شَرْطٌ أيضًا. وفيه في «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، يقَعُ في الحالِ ولو لم يُوجَدِ الشّرْطُ. وقال القاضي: تَطْلُقُ؛ سواءٌ دَخَلَتْ أو لم تدْخُلْ، مِن عارِفٍ وغيرِه. وقال ابنُ أبي مُوسى: لا تَطْلُقُ إذا لم تَكُنْ دخَلَتْ قبْلَ ذلك؛ لأنَّه إنَّما طَلَّقها لعِلَّةٍ، فلا يثْبُتُ الطَّلاقُ بدُونِها. وكذلك أفْتَى ابنُ عَقِيلٍ في «فُنونِه»

وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الْجَزَاءَ. أَوْ: أرَدْتُ أنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَينِ لِشَيْءٍ، ثُمَّ أَمْسَكْتُ. دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في مَن قيلَ له: زَنَتْ زوْجَتُك. فقال: هي طالِقٌ. ثم تَبَيَّنَ أنَّها لم تَزْنِ؛ أنَّها لا تَطْلُقُ، وجعَل السَّبَبَ كالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وأوْلَى. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الحاديةِ والخَمْسِينَ بعدَ المائةِ». قوله: وإنْ قال: إنْ قُمْتِ وأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ في الحالِ. لأنْ الواوَ ليستْ جَوابًا، وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إنَّ الواوَ كالفاءِ. نقَله في «الفُروعِ»، عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحبِ «الفُروعِ»؛ وهو القاضي أبو الحُسَينِ (¬1). واللهُ أعلمُ. قوله: فإنْ قال: أَرَدْتُ الجَزَاءَ. أَوْ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ قِيامَها وطَلاقَها شَرْطَين لشَيْءٍ، ثُمَّ أَمْسَكْتُ. دُيِّنَ، وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وهما وَجْهان في «الرِّعايتَين». وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وظاهِرُ «المُحَرَّرِ» وغيرِه، القَبُولُ. وكذا الحُكْمُ لو قال: أرَدْتُ إقامةَ الواو مَقامَ الفاءِ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: إنْ قُمْتِ أنتِ طالِقٌ. مِن غيرِ فاءٍ ولا واوٍ، كان كوُجودِ الفاءِ. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: إنْ ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وليس للقاضي أبي الحسين كتابٌ يُسمى «الفروع»، بل «المجموع في الفروع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَوَى الشَّرْطَ، وإلَّا وقَع في الحالِ. الثَّانيةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ وإنْ دخَلْتِ الدَّارَ. وقَع الطَّلاقُ في الحالِ، فإنْ قال: أرَدْتُ الشَّرْطَ. دُيِّنَ، وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ القَبُولِ. وإنْ قال: إنْ دخَلْتِ الدَّارَ، فأنْتِ طالِقٌ، وإنْ دخَلَتِ الأُخْرَى. فمتى دخَلَتِ الأُولَى، طَلُقَتْ؛ سواءٌ دَخَلَتِ الأُخْرَى أَوْ لا، ولا تَطْلُقُ الأُخْرَى، وإنْ قال: أرَدْتُ جْعلَ الثَّاني شَرْطًا لطَلاقِها أيضًا. طَلُقَتْ بكُلِّ واحِدةٍ منهما. فإنْ قال: أرَدْتُ أنَّ دُخولَ الثَّانيةِ شَرْطٌ لدُخولِ الثَّانيةِ. فهو على ما أرادَه. وإنْ قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ دخَلْتِ الدَّارَ، وإنْ دخَلَتِ هذه الأُخْرَى، فأنتِ طالِقٌ. فقال المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشّارِحُ: فقد قيل: لا تَطْلُقُ إلَّا بدُخولِهما. قالا: ويَحْتَمِلُ أنْ تَطْلُقَ بأحَدِهما أيِّهما كان. ولو قال: أنتِ طالِقٌ، لو قُمْتِ. كان ذلك شَرْطًا بمَنْزِلَةِ قوْلِه: إنْ قُمْتِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ». وجزَم به في «الكافِي». وقيل: يقَعُ الطَّلاقُ في الحالِ. وإنْ قال: أرَدْتُ أنْ [أَجْعَلَ لها] (¬1) جَوابًا. دُيِّنَ، وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». [قال في «الكافِي»: فإنْ قال: أرَدْتُ الشَّرْطَ. قُبِلَ منه؛ لأنَّه مُحْتَمِلٌ] (¬2). ¬

(¬1) في ا: «أجعلها». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ فَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ: إِنْ قَعَدْتِ إِذَا قُمْتِ. أَوْ: إِنْ قَعَدْتِ إِنْ قُمْتِ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ قُمْتِ فَقَعَدْتِ فأَنْتِ طالِقٌ. أَوْ: إنْ قَعَدْتِ إذا قُمْتِ. أَوْ: إنْ قَعَدْتِ إنْ قُمْتِ. لم تَطْلُقْ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ. وكذا قوْلُه: إنْ قَعَدْتِ متى قُمْتِ. وهذا المذهبُ. ويُسَمِّيه النُّحِاةُ اعْتِراضَ الشَّرْطِ على الشَّرْطِ، فيقْتَضِي تقْديمَ المُتَأَخِّرِ وتأَخِيرَ المُتَقَدِّمِ؛ لأنَّه جَعَلَ الثَّاني في اللَّفْظِ شَرْطًا للذي قبْلَه، والشَّرْطُ يتَقَدَّمُ المَشْروطَ. فلو قال لامْرأَتِه: إنْ أعْطَيتُكِ، إنْ وعَدْتُكِ، إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سأَلْتِينِي، فأنتِ طالِقٌ. لم تَطْلُقْ حتى تسْألَه، ثم يَعِدَها، ثم يُعْطِيَها؛ لأنَّه شرَط في العَطِيَّةِ الوعْدَ، وفي الوَعْدِ السُّؤال، فكأنَّه قال: إنْ سأَلْتِينِي، فوَعَدْتُكِ، فأَعْطيتُكِ. قاله [في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و] (¬1) ابنُ قاضى الجَبَلِ في «فَوائِدِه» وغيرُهم (¬2). إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذَهبِ في ذلك كلِّه، أنَّها لا تَطْلُقُ حتى تقُومَ ثم تقْعُدَ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَر ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ وَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ بِوُجُودِهِمَا كَيفَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، إنْ كان الشَّرْطُ بـ «إذا»، كان كالأوَّلِ، وإنْ كان بـ «إنْ»، كان كالواو، فيكونُ قوْلُه: إنْ قَعَدْتِ إنْ قُمْتِ. كقوْلِه: إنْ قَعَدْتِ وقُمْتِ. عندَه، على ما يأْتِي بعدَ هذا، فتَطْلُقُ بوُجودِهما كيفَما وُجِدَا. قال: لأنَّ أهْلَ العُرْفِ لا يعْرِفونَ ما يقُولُه أهْلُ العَرَبِيَّةِ. ورَدَّه المُصَنِّفُ. وذكَرَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، في «الفاءِ، وثُمَّ» رِوايةً كالواو؛ فيكونُ قوْلُه: إنْ قُمْتِ فَقَعَدْتِ، أو ثُمَّ قَعَدْتِ. كقوْلِه: إنْ قُمْتِ وقعَدْتِ. على هذه الرِّوايةِ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: ويَتَخَرَّجُ لنا رِوايةٌ أنَّها تَطْلُقُ بوُجودِ أحَدِهما، ولو قُلْنا بالتَّرْتيبِ؛ بِناءً على أنَّ الطَّلاقَ إذا كان مُعَلَّقًا على شَرْطَين، أنَّها تَطْلُقُ بوُجودِ أحَدِهما. قوله: وإنْ قال: إنْ قُمْتِ وقَعَدْتِ فأَنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ بوُجُودِهما كَيفَما

كَانَ. وَعَنْهُ، تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، إلا أنْ يَنْويَ. وَالأوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ» وغيره. وصحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، تَطْلُقُ بوُجُودِ أَحَدِهما، إلَّا أنْ ينْوِيَ. قال الشَّارِحُ: وهذه الرِّوايةُ بعيدةٌ جِدًّا، تُخالِفُ الأُصولَ، ومُقْتَضَى اللُّغةِ والعُرْف، وعامَّةَ أهْلِ العِلْمِ.

وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ فَأنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وخرَّجَه القاضي وَجْهًا؛ بِناءً على إحْدَى الرِّوايتَين في مَن حلَف لا يفْعَلُ شيئًا، ففَعَلَ بعضَه. وخرَّج في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» قوْلًا بعَدَمِ الوُقوعِ حتى تقُومَ ثم تقْعُدَ؛ بناءً على أنَّ الواوَ للتَّرْتيبِ. فائدة: وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: أنتِ طالِقٌ لا قُمْتِ وقَعَدْتِ. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قوله: وإِنْ قال: إنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ فأَنْتِ طالقٌ. طَلُقَتْ بوُجُودِ أَحَدِهما. بلا

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْحَيضِ: إِذَا قَال: إِذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيضِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّ الدَّمَ لَيسَ بِحَيضٍ، لَمْ تَطلُقْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافٍ أعْلَمُه، ولو قال: أنْتِ طالِقٌ، لا قُمْتِ ولا قَعَدْتِ. فالمذهبُ أنَّها تَطْلُقُ بوُجودِ أحَدِهما. قال في «الفُروعِ»: تَطْلُقُ بوُجودِ أحَدِهما في الأصحِّ. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، اتِّفاقًا. وقيل: لا تَطْلُقُ بوُجودِ أحَدِهما. قوله: في تَعْلِيقِه بالحَيضِ، إذا قال: إذا حِضْتِ فَأَنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ بأَوَّلِ

وَإِذَا قَال لِطَاهِرٍ: إِذَا حِضْتِ حَيضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَلَاتَعْتَدُّ بِالْحَيضَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَيضِ. يعْنِي، تَطْلُقُ مِن حينِ ترَى دمَ الحَيضِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ مُهَنَّا. قال في «الوَجيزِ» وغيرِه: طَلُقَتْ بأوَّلِ حَيضٍ مُتَيَقَّنٍ. وجزَم به في «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «المُحَرَّرِ»: طَلُقَتْ بأَوَّلِ الحَيضَةِ المُسْتَقْبَلَةِ. وقال في «الانْتِصارِ»، و «الفُنونِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»: تَطْلُقُ بتَبَيُّنِه بمُضِيِّ أقَلِّه. قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: طَلُقَتْ بأوَّلِ جُزْءٍ تَراه مِنَ الدَّمِ في الظَّاهِرِ، فإذا اتَّصَلَ الدَّمُ أقَلَّ الحَيضِ، اسْتَقَرَّ وُقوعُه. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ قال: إذا حِضْتِ حَيضَةً فَأَنْتِ طالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ. أنَّه لا يُشْتَرَطُ في وُقوعِ الطَّلاقِ غُسْلُها، بل بمُجَرَّدِ ما تَطْهُرُ

وَإِنْ قَال: إِذَا حِضْتِ نِصْفَ حَيضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. احْتَمَلَ أَنْ يُعْتَبَرَ نِصْفُ عَادَتِهَا، وَاحْتَمَلَ أَنَّهَا مَتَى طَهُرَتْ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي نِصْفِهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْغُوَ قَوْلُهُ: نِصْفَ حَيضَةٍ. وَقِيلَ: إِذَا حَاضَتْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا طَلُقَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَطْلُقُ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ روايةً مِن أوَّلِ حَيضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ. قوله: وإِنْ قال: إذا حِضْتِ نِصْفَ حَيضَةٍ فأَنْتِ طالِقٌ. احْتَمَلَ أنْ يُعْتَبرَ نِصْفُ عادَتِها -وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحه- واحْتَمَلَ

وَإِنْ قَال: إِذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ إِذَا انْقَطَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها مَتَى طَهُرَتْ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلاقِ في نِصْفِها -وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ» - واحْتَمَلَ أَنْ يَلْغُوَ قَوْلُه: نِصْفَ حَيضَةٍ. فيَصِيرَ كقَوْلِه: إنْ حِضْتِ. وحُكِيَ هذا عن القاضي، وهو احْتِمالٌ في «الهِدايةِ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ»؛ فيَتَعَلَّقُ طَلاقُها بأوَّلِ الدَّمِ. وقيل: يَلْغُو النِّصْفُ. ويصِيرُ كقَوْلِه: إنْ حِضْتِ حَيضَةً. وقيل: إذا حاضَتْ سَبْعَةَ أيَّامٍ ونِصْفًا، طَلُقَتْ. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، وأَطْلَقَ الأوَّلَ، وهذا في «الفُروعِ»، فقال: إذا قال: إذا حِضْتِ نِصْفَ حَيضَةٍ فأنتِ طالِقٌ. فَمَضَتْ حَيضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وقَع لنِصْفِها. وفي وُقوعِه ظاهِرًا بمُضِيِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ ونِصْفٍ، أو لنِصْفِ العادةِ، فيه وَجْهان. قولُه: وإنْ قال: إذا طَهُرْتِ فأنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ إذا انْقَطَعَ الدَّمُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ إبْراهِيمَ الحَرْبِيِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم

الدَّمُ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ. وَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَر أبو بَكْرٍ في

قَالتْ: حِضْتُ. وَكَذَّبَهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَفْسِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّنْبِيهِ» قوْلًا، لا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ. قوله: وإذا قالتْ: حِضْتُ. وكَذَّبَها، قُبِلَ قَوْلُها في نَفْسِها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وعنه، لا يُقْبَلُ قوْلُها، فتُعْتَبَرُ البَيِّنَةُ، فيَخْتَبِرْنَها بإدْخالِ قُطْنَةٍ في الفَرْجِ زَمَنَ دَعْواها الحَيضَ؛ فإنْ ظَهَر دَمٌ، فهي حائضٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ إنْ أمْكَنَ؛ لأنَّه يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلى معْرِفَتِه مِن غيرِها، فلم يُقْبَلْ فيه مُجَرَّدُ قوْلِها، كدُخولِ الدَّارِ. فعلى المذهبِ، هل تُسْتَحْلَفُ؟ فيه وَجْهان -وأَطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم- يأْتِيان

وَإِنْ قَال: قَدْ حِضْتِ. فَأَنْكَرَتْهُ، طَلُقَتْ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ قَال: إِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ وَضَرَّتُكِ طَالِقَتَانِ. فَقَالتْ: قَدْ حِضْتُ. وَكَذَّبَهَا، طَلُقَتْ دُونَ ضَرَّتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ اليَمِينِ في الدَّعاوَى. قوله: وإنْ قال: إنْ حِضْتِ فأَنْتِ وضَرَّتُكِ طالِقَتَان. فقالتْ. قَدْ حِضْتُ. وكَذَّبَها، طَلُقَتْ دُونَ ضَرَّتِها. هذا المذهبُ. جزَم به في «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقدمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» وغيرِهم. وعنه، لا تَطْلُقُ إلَّا ببَيِّنَةٍ، كالضَّرَّةِ، فتُخْتَبَرُ، كما تقدَّم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وهو المُخْتارُ إنْ أمْكَنَ، لكِنْ قال في «الهِدايةِ»: ولا عمَل عليه. وعنه، إنْ أخْرَجَتْ على خِرْقَةٍ دمًا، طَلُقَتِ الضَّرَّةُ. اخْتارَه في «التَّبْصِرَةِ»، وحكاه عن القاضي. والخِلافُ في يَمِينِها كالخِلافِ المُتَقَدِّمِ في التي قبلَها.

وَإِنْ قَال: إِنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. فَقَالتَا: قَدْ حِضْنَا. فَصَدَّقَهُمَا، طَلُقَتَا، وَإِنْ أكْذَبَهُمَا، لَمْ تَطْلُقَا، وَإِنْ أكْذَبَ إِحْدَاهُمَا، طَلُقَتْ وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: إنْ حِضْتُما حَيضَةً فأَنْتُما طالِقَتان. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما لا تَطْلُقان حتى تحِيضَ كلُّ واحدةٍ منهما حَيضَةً. اخْتارَه المُصَنِّفُ،

وَإِنْ قَال ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ فَقُلْنَ: قَدْ حِضْنَا. فَصَدَّقَهُنَّ، طَلُقْنَ، وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً أَو اثْنَتَينِ، لَمْ يَطْلُقْ مِنْهُنَّ شَيْءٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: تَطْلُقان بحَيضَةٍ واحدةٍ مِن إحْداهما. وقيل: لا تَطْلُقان مُطْلَقًا؛ بِناءً على أنَّه لا يقَعُ الطَّلاقُ (¬1) المُعَلَّقُ على مُسْتَحِيلٍ. وقيل: تَطْلُقان بالشروعِ فيهما. قاله القاضي أبو يَعْلَى وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: والأَشْهَرُ تَطْلُقُ بشُروعِهما. وأَطْلَقَهُنَّ في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». تنبيه: هذه المَسْألَةُ مَبْنِيَّةٌ على قاعِدَةٍ أُصولِيَّةٍ؛ وهي إذا لم يَنْتَظِمِ الكَلامُ إلَّا بارْتكابِ مَجازٍ؛ إمَّا بارْتكابِ مَجازِ الزِّيادةِ أو بارْتِكابِ مَجازِ النُّقْصانِ، فارْتِكابُ مَجازِ النُّقْصانِ أوْلَى؛ لأنَّ الحَذْفَ في كلامِ العَرَبِ أكثرُ مِنَ الزِّيادةِ. كرَّرَه جماعةٌ مِن الأُصُولِيِّين، وهذا مُوافِقٌ للقَوْلِ الأوَّلِ. فتَقْديرُ الكلامِ، على هذا؛ إنْ حاضَتْ كلُّ واحدةٍ منكما حَيضَةً، ويكونُ كقوْلِه تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬2) أي فاجْلِدُوا كلَّ واحدٍ منهم ثَمانِين جَلْدَةً. والقَوْلُ الرَّابعُ في المَسْألَةِ مَبْنِيٌّ على ارْتِكابِ مَجازِ الزِّيادةِ، فيَلْغُو قوْلُه: حَيضَةً ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سورة النور 4.

وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا، طَلُقَتِ الْمُكَذَّبَةُ وَحْدَهَا. وَإِنْ قَال: كُلَّمَا حَاضَتْ إِحْدَاكُنَّ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ. فَقُلْنَ: قَدْ حِضْنَا. فَصَدَّقَهُنَّ، طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ واحِدةً. لأنَّ حَيضَةً واحِدةً مِن امْرأَتَين مُحالٌ، فكأنَّه قال: إنْ حِضْتُما، فَأَنْتُما طالِقَتان. تنبيه: قوْلُه، في آخِرِ الفَصْلِ، فيما إذا قال: كُلَّما حاضَتْ إحْداكُنَّ، فَضَرائرُها طَوالِقُ. فقُلْنَ: قد حِضْنا. وصَدَّقَهُنَّ، طَلُقْنَ ثلاثًا ثلاثًا. وإنْ صدَّق واحِدةً، لم تَطْلُقْ، وطَلُقَتْ ضَرَّاتُها طَلْقَةً طَلْقَةً. وإنْ صدَّق اثْنَتَين، طَلُقَتْ كلُّ واحِدةٍ منهما طَلْقَةً، وطَلُقَتِ المُكَذَّبَتان طَلْقَتَين، بلا نِزاعٍ، وإنْ صدَّق ثلاثًا، طَلُقَتِ المُكَذَّبَةُ ثلاثًا بلا نِزاعٍ أيضًا، وتَطْلُقُ أيضًا كلُّ واحدةٍ مِنَ المُصَدَّقاتِ طَلْقَتَين طَلْقَتَين.

وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ، وَطَلُقَتْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً، وَإِنْ صَدَّقَ اثْنَتَينِ، طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً، وطَلُقَتِ الْمُكَذَّبَتَانِ طَلْقَتَينِ طَلْقَتَينِ، وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا، طَلُقَتِ الْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْحَمْلِ: إِذَا قَال: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلاقِ حِينَ الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله، في تَعْلِيقِه بالحَمْلِ: إذا قال: إنْ كُنْتِ حامِلًا فأَنْتِ طالِقٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّها

وَإِنْ قَال: إِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَهِيَ بِالْعَكْسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كانَتْ حامِلًا -بأنْ تأْتِيَ به لأَقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، إِنْ كانتْ تُوطَأُ، أو لأَقَلَّ مِن أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ، إنْ لم تكُنْ تُوطَأُ- فإنَّا نتَبَيَّنُ وُقوعَ الطَّلاقِ مِن حينِ اليمينِ، إلَّا أنْ يَطَأَهَا بعدَ اليمينِ، وتَلِدَه لسِتَّةِ أشْهُرٍ فصاعِدًا مِن أوَّلِ وَطْئِه، فلا تَطْلُقُ في الأصحِّ عندَ أصحابِنا. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: لم يقَعْ في الأصحِّ. انتهى. وقيل: يقَعُ. وأَطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والمَنْصوصُ عنه؛ أنَّه إنْ ظَهَر الحَمْلُ أو خَفِيَ، فوَلَدَتْ لغالبِ المُدَّةِ تِسْعَةِ أشْهُرٍ فما دُونَ، طَلُقَتْ بكُلِّ حالٍ. صحَّح القاضي، في مَوْضِعٍ مِنَ «الجامِعَ»، هذه الرِّوايةَ. قاله في «القَواعِدِ». قوله: وإنْ قال: إنْ لم تَكُونِي حامِلًا فأَنْتِ طالِقٌ. فهي بالعَكْسِ. فتَطْلُقُ في

وَيَحْرُمُ وَطْؤُها قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَين، إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّ مَوْضِعٍ لا تَطْلُقُ فيه في المَسْألَةِ الأُولَى، ولا تَطْلُقُ في كلِّ مَوْضِعٍ تَطْلُقُ فيه في المَسْأَلَةِ الأُولَى. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «النَّظْمِ». وقال في «المُحَرَّرِ»: وقيل بعَدَم العَكْسِ في الصُّورَةِ المُسْتَثْناةِ، وأنَّها لا تَطْلُقُ؛ لئَلَّا يزُولَ يقِينُ النِّكاحِ بشَكِّ الطَّلاقِ. وقال في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وكلُّ موْضِعٍ يقَعُ الطَّلاقُ في التي قبلَها، لا يقَعُ هنا، وكلُّ موْضِعٍ لا يقَعُ ثَمَّ، يقَعُ هنا؛ لأنَّها ضِدُّها، إلَّا إذا أتَتْ بوَلَدٍ لأكثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ وأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِينَ (¬1)، فهل يقَعُ هنا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، تَطْلُقُ؛ لأنَّ الأصْلَ عدَمُ الحَمْلِ قبلَ الوَطْءِ. والثَّاني، لا تَطْلُقُ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاءُ النِّكاحِ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايةِ». قوله: ويحْرُمُ وَطْؤُها قبلَ اسْتِبْرَائِها، في إحْدَى الرِّوايتَين، إنْ كان الطَّلاقُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بائِنًا. يعْنِي في المَسْألَتَين. أما المسْألَةُ الأُولَى، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحْرُمُ وَطْؤُها منذُ حلَف. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وعنه، لا يحْرُمُ وَطْؤُها عَقِيبَ اليَمِينِ، ما لم يظْهَرْ بها حَمْلٌ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه ما ذكَر التَّحْريمَ إلَّا في المَسْألَةِ الثَّانيةِ. وأما المسْألَةُ الثَّانيةُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحْرُمُ وَطْؤُها. قال في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»: يَحْرُمُ الوَطْءُ على الأصحِّ حتى يظْهَرَ حَمْلٌ، أو تُسْتَبْرَأَ، أو تَزُولَ الرِّيبَةُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يحْرُمُ الوَطْءُ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قولِه: إنْ كان بائِنًا. أنَّه لو كان رَجْعِيًّا، لا يحْرُمُ الوَطْءُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتار القاضي التَّحْريمَ أيضًا، ولو كان رَجْعِيًّا؛ سواءٌ قُلْنا: الرَّجْعِيَّةُ مُباحَةٌ، أو مُحَرَّمَةٌ. الثَّاني، قولُه: ويحْرُمُ وَطْؤُها قبلَ اسْتِبْرائِها. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الاسْتِبْراءَ يحْصُلُ بحَيضَةٍ موْجودَةٍ، أو مُسْتَقْبَلَةٍ، أو ماضِيَةٍ لم يطَأْ بعدَها. صحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وعنه، تُسْتَبْرأُ بثَلاثةِ أقْراءٍ. ذكَرَها القاضي، ومَن بعدَه. وقيل: لا يحْصُلُ الاسْتِبْراءُ بحَيضَةٍ موْجُودَةٍ، ولا ماضِيَةٍ. وذكَره في «التَّرْغيبِ»، عن أصحابِنا. فوائد؛ إحْداها، لو قال: إذا حَمَلْتِ فأنتِ طالِقٌ. لم يقَعْ إلَّا بحَمْلٍ

وَإِنْ قَال: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَإِنْ كُنْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَجدِّدٍ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وجزَمُوا به؛ منهم صاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. واخْتارَه في «المُحَرَّرِ». لكِنْ قدَّم أنَّها إذا بانَتْ حامِلًا، تَطْلُقُ في ظاهِرِ كلامِه، وتَبِعَه في «الحاوي»، ولم يُعَرِّجْ على ذلك الأصحابُ، بل جعَلُوه خطأً. فعلى المذهبِ، لا يطَأُ حتى تحِيضَ، ثم يطَأُ في كلِّ طُهْرٍ مَرَّةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي». وعنه، يجوزُ أكثرُ. وقال في «المُحَرَّرِ»: وعندِي أنَّه لا يُمْنَعُ مِن قُربانِها مَرَّةً في أوَّلِ مَرَّةٍ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: هل يحْرُمُ وَطْؤُها في كلِّ طُهْرٍ أكثرَ مِن مَرَّةٍ؟ على رِوايتَين. الثَّانيةُ، قوُله: وإنْ قال: إنْ كُنْتِ حامِلًا بذَكَرٍ فأَنْتِ طالِقٌ واحِدَةً، وإنْ كُنْتِ حامِلًا بأُنْثَى فأَنْتِ طالِقٌ طَلْقَتَين. فوَلدَتْ ذكَرًا وأُنْثَى، طَلُقَتْ ثلاثًا. بلا نِزاعٍ.

حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَينِ. فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَلَوْ كَانَ مَكَانَ قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا. إِنْ كَانَ حَمْلُكِ. لَمْ تَطْلُقْ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإِنْ وَلدتْ ذكَرًا، فَطَلْقَةٌ، وإنْ وَلَدَتْ ذكَرَين، فقَطَعَ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، وتَبِعَه في «الحاوي الصَّغِير»، أنَّها تَطْلُقُ طَلْقَتَين. وحكَاه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» وَجْهًا. وقيل: تَطْلُقُ طَلْقَةً فقطْ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والقولُ بأنَّها تَطْلُقُ طَلْقَتَين ضعيفٌ جِدًّا. ولو كان مَكانَ قولِه (1): إنْ كُنْتِ حامِلًا (¬1). إنْ كان حَمْلُكِ. لم تَطْلُقْ إذا كانتْ حامِلًا بهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الجمهورُ؛ منهم القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّاب. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قال الأصحابُ: لا تَطْلُقُ. وعَلَّلُوه بأنَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْولَادَةِ: إِذَا قَال: إِذَا وَلَدْتِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَإِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَينِ. فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى، طَلُقَتْ بالْأَوَّلِ، وَبَانَتْ بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: تَطْلُقُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حمْلَها ليس بذَكَرٍ ولا أُنْثَى، بل بعضُه هكذا وبعضُه هكذا. انتهى. وقال القاضي في «الجامعِ»: في وُقوعِ الطَّلاقِ وَجْهان؛ بِناءً على الرِّوايتَين في مَن حلَف، لا يلْبَسُ ثَوْبًا مِن غَزْلِها، فلَبِسَ ثوْبًا فيه مِن غَزْلِها. الثَّالثةُ، يسْتَحِقُّ الذَّكَرُ والأُنْثَى الوَصِيَّةَ في المَسْألَةِ الأُولَى، ولا يَسْتَحِقَّان في المسْألَةِ الثَّانيةِ؛ بأنْ يقولَ في الأُولَى: إنْ كُنْتِ حامِلًا بذَكَرٍ فله مِائَةٌ، وإنْ كُنْتِ حامِلًا بأُنْثَى فلها مِائَتان. فوَلَدَتْ ذكرًا وأُنْثَى، اسْتَحَقَّ كُلُّ واحدٍ وَصِيَّتهَ. ويقولُ في الثَّانيةِ: إنْ كان حَمْلُكِ ذكَرًا، فله مِائَةٌ، وإنْ كان أُنْثَى، فله مِائَتان. فوَلَدَتْ ذكَرًا وأُنْثَى، لم يَسْتَحِقَّا شيئًا مِنَ الوَصِيَّةِ. قوله، في تَعْلِيقِه بالولادَةِ: إِذا قال: إنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا فأَنْتِ طالِقٌ واحِدَةً، وإِنْ وَلدْتِ أُنْثَى فأَنْتِ طالِقٌ اثنَتَين. فوَلدَتْ ذَكَرًا ثم أُنْثَى، طَلُقَتْ بالأَوَّلِ، وبانَتْ بالثَّانِي ولم تَطْلُقْ بِه، ذكَرَه أَبُو بَكْرٍ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهو الصَّحيحُ. قال ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»: وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابُنا. قال في «النُّكَتِ»: وعليه أكثرُ الأصحابِ. قلتُ: منهم أبو بَكْرٍ، وأبو حَفْصٍ، والقاضي، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحّحه في «الخُلاصةِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ حامِدٍ: تَطْلُقُ به. يعْنِي بالثَّاني أيضًا. قال في «مُنْتَخَبِ الشِّيرازِيِّ»: وأوْمأَ إليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». ونقَل أبو بَكْرٍ، هي ولادَةٌ واحِدةٌ. قال أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافِرِ»: وفيها نظَرٌ، ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، هذا على نِيَّةِ الرَّجُلِ إذا أرادَ بذلك تَطْليقةً، وإنَّما أرادَ ولادَةً واحِدةً. وأنْكَرَ قوْلَ سُفْيانَ: إنَّه يقَعُ عليها بالأوَّلِ ما عُلِّقَ به، وتَبِينُ بالثَّاني ولا تَطْلُقُ به. كما قاله الأصحابُ. قال ابنُ رَجَبٍ في «القَواعِدِ»: ورِوايَةُ ابنِ مَنْصُورٍ أصحُّ، وهو المَنْصوصُ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ؛ لأنَّ الحالِفَ إنَّما حلَف على حَمْلٍ واحِدٍ وولادَةٍ واحِدةٍ، والغالِبُ أنْ لا يكونَ إلَّا وَلَدًا واحِدًا، لكِنَّه لمَّا كان ذكَرًا مَرّةً، وأُنْثَى أُخْرَى، نوَّع التَّعْليقَ عليه؛ فإذا وَلَدَتْ هذا الحَمْلَ ذكَرًا وأُنْثَى، لم يقَعْ به المُعَلَّقُ بالذَّكَرِ والأُنْثَى حميعًا، بل المُعَلَّقُ بأحَدِهما فقطْ؛ لأنَّه لم يقْصِدْ إلَّا إيقاعَ أحَدِ الطَّلاقَين، وإنَّما ردَّدَه (¬1) لتَرَدُّدِ كوْنِ الموْلودِ ذكَرًا أو أُنْثَى، ويَنْبَغِي أنْ يقَعَ أكثرُ الطَلاقَين إذا كان القَصْدُ تَطْليقَها بهذا الوَضْعِ؛ سواءٌ كان ذكَرًا أو أُنْثَى، لكِنَّه أوْقَعَ بولادَةِ أحَدِهما ¬

(¬1) في ط: «رده».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرَ مِنَ الآخَرِ، فيقَعُ به أكثرُ المُعَلَّقَين. انتهى. ذكَرَه في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ». تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ ابنِ حامِدٍ، أنَّه لا عِدَّةَ عليها بعدَ وَضْعِ الثّاني. وصرَّح النَّاظِمُ في حِكايةِ قوْلِ ابنِ حامدٍ، أنَّها بوَضْعِ الحَمْلِ الثَّاني تَطْلُقُ، وتَنْقَضِي به العِدَّةُ. وصرَّح به في «الرِّعايتَين» وغيرِهما. وهو يدُلُّ على ضَعْفِ هذا القوْلِ؛ لأنَّ كلَّ طَلاقٍ لا بدَّ له مِن عِدَّةٍ مُتَعَقَّبَةٍ، وعلى هذا يُعايَى بها؛ فيُقالُ، على أصْلِنا: طَلاقٌ بعدَ الدُّخولِ. ولا مانِعَ، والزَّوجان مُكَلَّفان، لا عِدَّةَ فيه. ويُعايَى بها مِن وَجْهٍ آخَرَ؛ فيقالُ: طَلاقٌ بلا عِوَضٍ دُونَ الثَّلاثِ بعدَ الدُّخولِ في نِكاحٍ صحيحٍ، لا رَجْعَةَ فيه. وقد يُقالُ: عِدَّةُ بعدَ الطَّلاقِ تسْبِقُ البَينُونَةَ. فلم تَخْلُ مِن عِدَّةٍ مُتَعَيِّنَةٍ؛ إمَّا حقِيقَةً أو حُكْمًا. وبهذا قال ابنُ الجَوْزِيِّ، في حِكايةِ قوْلِ ابنِ حامِدٍ: تَطْلُقُ الثَّالثةَ لقُرْبِ زَمانِ البَينُونَةِ، والوُقوعِ. فلم يجْعَلْ زَمانَها زَمانَها. ذكَر ذلك في «النُّكَتِ». الثَّاني، قولُه: فوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُم أُنْثَى. احْتِرازًا ممَّا إذا وَلَدَتْهما معًا، فإنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا والحالةُ هذه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه، غيرَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ومَن تَبِعَه. ومُرادُه أيضًا، أنْ لا يكونَ بينَ الوَلَدَين سِتَّةُ أشْهُرٍ فأكثرُ، فإنْ كان بينَهما سِتَّةُ أشْهُرٍ فأكثرُ، فالثَّاني حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ بلا خِلافٍ بينَ الأُمَّةِ، فلا يُمْكِنُ أنْ تحْبَلَ بوَلَدٍ بعدَ وَلَدٍ. قاله القاضي في «الخِلافِ» وغيرِه، في الحامِلِ لا تحِيضُ، وفي الطَّلاقِ به الوَجْهان إلَّا أنْ يقولَ: لا تنْقَضِي به عِدَّةٌ. فيقَعُ الثَّلاثُ. وكذا في أصحِّ الوَجْهَين إنْ ألْحَقْناه به لثُبوتِ وَطْئِه به، فتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ، على أصحِّ الرِّوايتَين فيها.

وَإِنْ أَشْكَلَ كَيفِيَّةُ وَضْعِهِمَا، وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، بِيَقِينٍ، وَلَغَا مَا زَادَ. وَقَال الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرَعَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ في «التَّرْغيبِ» أنَّ الحَمْلَ لا يدُلُّ على الوَطْءِ المُحَصِّلِ للرَّجْعَةِ. قوله: وإنْ أَشْكَلَ كيفِيَّةُ وَضْعِهما، وَقَعَتْ واحِدَةً بيَقِينٍ، وَلَغا ما زادَ. وهو المذهبُ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا أظْهَرُ. قال في «النُّكَتِ»: وهو أصحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: قياسُ المذهبِ أَنْ يُقْرَعَ بينَهما. قال في «مُنْتَخَبِ الشِّيرازِيِّ»: أوْمَأَ إليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. قال في «القَواعِدِ»: ومأْخَذُ الخِلافِ، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُرْعَةَ لا مدْخَلَ لها في إلْحاقِ الطَّلاقِ لأجْلِ الأعْيانِ المُشْتَبِهَةِ، فمَن قال بالقُرْعَةِ هنا، جعَل التَّعْيِينَ إحْدَى الصِّفَتَين، وجعَل وُقوعَ الطَّلاقِ لازِمًا لذلك، ومَن منَعَها نظَرَ إلى أنَّ القَصْدَ بها هنا هو اللَّازِمُ، وهو الوُقوعُ، ولا مدْخَلَ للقُرْعَةِ فيه، وهو الأَظْهَرُ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، إذا قال: إنْ وَلَدْتِ فأنتِ طالِقٌ. فأَلْقَتْ ما تصِيرُ به الأمَةُ أمَّ وَلَدٍ، طَلُقَتْ، وإلَّا فلا. فإنْ قالتْ: قد وَلَدْتُ. فأنْكَرَ، كان القوْلُ قوْلَه. قال القاضي، وأصحابُه: هذا إنْ لم يُقِرَّ بالحَمْلِ. وإنْ شَهِدَ النِّساءُ بما قالتْ، طَلُقَتْ. ذَكَرَه القاضي، وأصحابُه، وقالوا: هذا ظاهِرُ كلامِه. قال في «القَواعِدِ»: المَشْهورُ الوُقوعُ. وجزَم به القاضي في «خِلافِه»، وتَبِعَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو المَواهِبِ العُكْبَرِيُّ (¬1)، وأبو الخَطَّابِ، والأكْثرونَ. وقيلِ: تَطْلُقُ إذا كان مِثْلُها يلِدُ. ذكَره في «الرِّعايةِ». وقال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخرَّجُ أنْ لا تَطْلُقَ حتى يشْهَدَ مَن يثْبُتُ ابْتِداءُ الطَّلاقِ بشَهادَتِه، كمَن حلَف بالطَّلاقِ ما غصَب، أو لا غصَب كذا، ثم ثبَت عليه الغَصْبُ برَجُلٍ وامْرأَتين، أو شاهِدٍ ويَمِينٍ، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه في «الفُصولِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. وقيل: تَطْلُقُ. واخْتارَه ابنُ ¬

(¬1) هو الحسن بن محمد العكبري، أبو المواهب، أحد الفقهاء الأكابر، وله تصانيف في المذهب، وهو من أصحاب القاضي أبي يعلى القدماء، له «رءوس المسائل». انتخبه من كتاب «الخلاف الكبير». توفي سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 171، 172.

وَلَا فَرْقَ بَينَ أَنْ تَلِدَهُ حَيًّا أَوْ ميِّتًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والسَّامَرِّيُّ. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال المَجْدُ في «شَرْحِه»: عندِي أنَّ قِياسَ قوْلِ مَن عفَا عن الجاهِلِ والنَّاسِي في الطَّلاقِ، أنْ لا يُحْكَمَ عليه به ولو ثبَت الغصْبُ برَجُلَين. ذكَره في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والثَّلاثينَ بعدَ المِائَةِ». [وحَكاهما القاضي في «خِلافِه»، في كتابِ القَطْعِ في السَّرِقَةِ، رِوايتَين] (¬1). الثَّانيةُ، لو قال: كلَّما وَلَدْتِ وَلَدًا، فأنتِ طالِقٌ. فوَلَدَتْ ثلاثَةً معًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، وإنْ وَلَدَتْهم مُتَعاقِبينَ، طَلُقَتْ بالأَوَّلِ وانْقَضَتِ العِدَّةُ بالثاني، ولا تَطْلُقُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ حامدٍ: تَطْلُقُ به. كما تقدَّم عنه في قوْلِه: إنْ وَلَدْتِ. ولو قال: أنتِ طالِقٌ مع انْقِضاءِ عِدَّتِكِ. لم تَطْلُقْ، وإنْ لم يقُلْ: وَلَدًا. بل قال: كلَّما وَلَدْتِ فأنتِ طالِقٌ. فكذلك عندَ أبي الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَ في «المُحَرَّرِ» أنَّها تَطْلُقُ واحِدةً. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (1). وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالطَّلَاقِ: إِذَا قَال: إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [قوله: وإذا قال: إذا طَلَّقْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. ثُمَّ قال: إنْ قُمْتِ فأنْتِ طالِقٌ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

ثُمَّ قَال: إِنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَقَامَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَتَينِ. وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال: إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَقَامَتْ، طَلُقَتْ وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ [فقامَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَتَين. بلا نِزاعٍ. وكذا لو نجَزَه بعدَ التَّعْليقِ؛ إذِ التَّعْلِيقُ مع وُجودِ الصِّفَةِ تعْليقٌ في أصحِّ الوَجْهَين. قاله في «الرِّعايَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهما. لكِنْ لو قال: عنَيتُ بقَوْلِي هذا، أنَّكِ تكُونِينَ طالِقًا بما أوْقَعْتُه عليكِ، ولم أُرِدْ إيقاع طَلاقٍ سِوَى ما باشَرْتُكِ به. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ على رِوايتَين. وأَطْلَقهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه خِلافُ الظَّاهِرِ؛ إذِ الظَّاهِرُ أنَّ هذا تعْليقٌ للطَّلاقِ بِشَرْطِ الطَّلاقِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَال: إِنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال: إِنْ وَقَعَ عَلَيكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَقَامَتْ، طَلُقَتْ طَلْقَتَينِ. وَإِنْ قَال: كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ طَلْقَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [ولم يُعَلِّلْ في «الكافِي» بغيرِه] (2). تنبيه: مُرادُه بقَوْلِه، في تعْليقِه بالطَّلاقِ: وإنْ قال: كلَّما طَلَّقْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. [ثم قال: أنتِ طالِقٌ] (¬1). طَلُقَتْ طَلْقتَين. إنْ كانتْ مدْخُولًا بها، وإنْ كانتْ غيرَ مدْخولٍ بها، لم تَطْلُقِ الطَّلْقَةَ المعَلَّقَةَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيكِ طَلَاقِي فَأَنتِ طَالِقٌ. ثُمَّ وَقَعَ عَلَيهَا طَلَاقُهُ بِمُبَاشَرَةٍ أوْ سَبَبٍ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومُرادُه أيضًا بقوْلِه: كلَّما وقَع عليكِ طَلاقِي فأنتِ طالِقٌ. ثم وقَع عليها طَلاقُه بمُباشَرَةٍ أو سَبَبٍ، طَلُقَتْ ثلاثًا. إذا وقَعَتِ الأُولَى والثَّانيةُ رَجْعِيتَّينِ. [ولو قال: كلَّما أوْقَعْتُ عليكِ طَلاقِي فأنْتِ طالِقٌ. فهو كقوْلِه: كلَّما طَلَّقْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. على الصَّحيحِ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضي: إنْ وقَع عليها طَلاقٌ بصِفَةٍ عقَدَها قبلَ هذه اليَمِينِ أو بعدَها، لم تَطلُقْ غيرَه. وعلَّلَ بأنَّه لم] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [يوقِعْه، وإنَّما هو وقَع. وقدَّمه في «الرِّعايةِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وفيه نَظَرٌ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وعندِي أن حُكْمَ ما يقَعُ عليها بصِفَةٍ عقَدَها قبلَ هذه اليَمِينِ، كما قال، وحُكْمَ ما يقَعُ عليها بصِفَةٍ عقَدَها بعدَ هذه اليمينِ، حُكْمُ طَلاقِه المُنْجَزِ. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيكِ طَلَاقِي. أوْ: إِنْ وَقَعَ عَلَيكِ طَلَاقِي، فَأنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا. ثُئم قَال: أَنْتِ طَالِقٌ. فَلَا نَصَّ فِيهَا عَنْ أحْمَدَ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا. وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: تَطْلُقُ بِالطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ وَيَلْغُو مَا قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: كُلَّما وقَع عليك طَلاقِي. أو: إنْ وقَع عليكِ طَلاقِي، فَأنتِ طالِقٌ قبلَه ثَلاثًا. ثُمَّ قَال: أنتِ طالِقٌ. فَلا نَصَّ فيها. وقال أبو بَكْرٍ والقاضي: تَطْلُقُ ثلاثًا. وهو الصَّحيح عندَ أكثر الأصحابِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: قاله أصحابُنا. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: تَطلُقُ بالطَّلاقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُنْجَزِ، ويَلْغُو ما قبلَه. وهو قِياسُ نصِّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وأبي بَكْرٍ، في أن الطلاقَ لا يقَعُ في زَمَنٍ ماضٍ. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». وقيل: لا تَطلُقُ مُطْلَقًا. قاله بعضُ الأصحابِ. واخْتارَه ابنُ سُرَيجٍ وغيرُه مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، ونُسِبَتْ هذه المسْأَلةُ إليه. فعلى الأوَّلِ -وهو وُقوعُ الثَّلاثِ- يقَعُ بالمُنْجَزِ واحِدةٌ، ثم يُتَمَّمُ مِنَ المُعَلَّقِ. على الصَّحيحِ. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. قال في «التَّرْغيبِ»: اخْتارَه الجُمْهورُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: قاله أصحابُنا. فعلى هذا، إنْ كانتْ غيرَ مدْخولٍ بها، لم تَطْلُقْ إلَّا واحِدةً. وقيل: تقَعُ الثَّلاثُ معًا، فتَطْلُقُ المدْخولُ بها وغيرُها ثلاثًا. وقيل: تقَعُ الثَّلاثُ المُعلَّقَةُ، فيقَعُ بالمدْخولِ بها وغيرِها ثلاثًا أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد (¬1)؛ [إحْداها، لو قال: إنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُباحًا، أو إنْ أَبَنْتُكِ، أو فسَخْتُ نِكاحَكِ، أو راجَعْتُكِ، أو إنْ ظاهَرْتُ، أو آليتُ منكِ، أو لَاعَنْتُكِ. فأنتِ طالِقٌ قبلَه ثلاثًا. ففَعَلَ، طَلُقَتْ ثلاثًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الكُبْرى». قال في «التَّرْغيبِ»: تَلْغُو صِفَةُ القَبْلِيَّةِ. وفي إلْغاءِ الطَّلاقِ مِن أصْلِه الوَجْهان في التي قبلَها. قال في «الفُروعِ»؛ ويتَوَجَّهُ الأوْجُهُ. يعْنِي في التي قبلَها. وقال في] (¬2) ¬

(¬1) في الأصل: «فائدتان». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [«الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: لا تطْلُقُ في: أبَنْتُكِ، وفَسَخْتُ نِكاحَكِ. بل تَبِينُ بالإبانَةِ والفَسْخِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يقَعا معًا، ويَحْتَمِلُ أنْ يقَعَ في الظِّهارِ؛ لصِحَّتِه مِنَ الأجْنَبِيَّةِ، فكذا في الإيلاءِ، إذا صحَّ مِنَ الأجْنَبِيَّةِ في وَجْهٍ، وكذا في اللِّعانِ إنْ وَقَعَتِ الفُرْقَةُ على تفريقِ حاكِمٍ. انتهى] (¬1). الثَّانيةُ (¬2): لو قال: كلما طَلقْتُ ضَرَّتَكِ فأنتِ طالِقٌ. ثم قال مِثْلَه للضَّرَّةِ، ثم طلَّق الأوَّلَةَ، طَلُقَتِ الضَّرَّةُ طَلْقَةً بالصِّفَةِ، والأَولَةُ ثِنْتَين، طَلْقَةً بالمُباشَرَةِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «إحداهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووُقوعُه بالضَّرَّةِ تَطْليقٌ؛ لأنَّه أحْدَثَ فيها طَلاقًا بتَعْليقِه طَلاقًا ثانيًا. وإنْ طلَّق الثَّانيةَ فقطْ طَلُقتا طَلْقَةً. ومثْلُ هذه المسْألَةِ قولُه: إنْ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فعَمْرَةُ طالِقٌ. أو: كلَّما طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طالِقٌ. ثم قال: إنْ طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فحفْصَةُ طالِقٌ. أو: كلَّما طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فحَفْصَةُ طالِقٌ. فَحَفْصَةُ كالضَّرَّةِ في المَسْألَةِ التي قبلَها. وعكْسُ المسْألَةِ قوْلُه لعَمْرَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فحفْصَةُ طالِقٌ. ثم قال لحَفْصَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فعَمْرَةُ طَالِقٌ. فحفْصَةُ هنا كعَمْرَةَ هناك. وقال ابنُ عَقِيلٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المسْألَةِ الأُولَى: أَرَى متى طَلُقَتْ عَمْرَةُ طَلْقَة بالمُباشَرَةِ وطَلْقَةً بالصِّفَةِ أنْ يقَعَ على حَفْصَةَ أُخْرَى بالصِّفَةِ في حقِّ عَمْرَةَ، فيقَعَ الثَّلاثُ عليهما، وأنَّ قوْلَ أصحابِنا في: كلَّما وقَع عليكِ طَلاقِي فأنتِ طالِقٌ. ووُجدَ رَجْعِيًّا. يقَعُ الثَّلاثُ، يُعْطِي اسْتِيفاءَ الثَّلاثِ في حقِّ عَمْرَةَ؛ لأنَّها طَلُقَتْ طَلْقةً بالمُباشَرَةِ، وطَلْقَةً بالصِّفَةِ، والثَّالِثَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بوُقوعِ الثانيةِ، وهذا بعَينِه مَوْجودٌ في طَلاقِ عَمْرَةَ المُعَلَّقِ بطَلاقِ حَفْصَةَ. انتهى. الثَّالثة (¬1): لو علق ثلاثًا بتَطْليقٍ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ، ثم طلَّق واحدةً، طَلُقَتْ ثلاثًا، في أصحِّ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وجزَم بمَعْناه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي». وقيل: لا يقَعُ شيءٌ. قال في «الرِّعايةِ»: وهو بعيدٌ. وأمَّا قبلَ الدُّخولِ، فيقَعُ ما نجَّزَه. وأمَّا طَلاقُها ¬

(¬1) في الأصل: «الثانية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعِوَضٍ، فلا يقَعُ غيرُه.

وَإنْ قَال لأرْبَعِ نِسْوَةٍ: أيَّتُكُنَّ وَقَعَ عَلَيهَا طَلَاقِي فَصَوَاحِبُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طَوَالِقُ. ثُمَّ وَقَعَ عَلَى إِحْدَاهُنَّ طَلَاقُهُ، طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَإنْ قَال: كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَكُلَّمَا طَلَّقْتُ اثْنَتَينِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَكُلَّمَا طَلَّقْتُ ثَلَاثًا فَثلَاثَةٌ أَحْرَارٌ، وَكُلَّمَا طَلَّقْتُ أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ أَحْرَارٌ. ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ جَمِيعًا، عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا. وَقِيلَ: عَشَرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: كُلَّما طَلَّقْتُ واحِدَةً منكُنَّ فعَبْدٌ مِن عَبِيدِي حُر، وكُلَّما طَلَّقْتُ اثْنتَين فعَبْدان حُرَّان، وكُلَّما طَلَّقْتُ ثَلاثًا فثلاثَةٌ أحْرارٌ، وكُلَّما طَلَّقْتُ أرْبَعًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأَربَعةٌ أَحْرارٌ. ثُمَّ طلَّقَهُنَّ جَمِيعًا، عتَق خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا. هذا المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقيل: عَشَرَةٌ. وهو احْتِمالٌ لأبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». قال في «المُحَرَّرِ»،

وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَعْتِقَ إلا أرْبَعَةٌ، إلا أنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»: وهو خطَأٌ. قال الشَّارحُ: وهذا غيرُ صحيحٍ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يعْتِقَ غيرُ أرْبعَةٍ. قاله المُصَنِّفُ. وقيل: يعْتِقُ ثَلاثَةَ عَشَرَ. وقيل: يعْتِقُ سَبْعَةَ عَشَرَ. قال الشَّارِحُ: وهو غيرُ سديدٍ. وقيل: يعْتِقُ عِشْرونَ. وهو احْتِمالٌ لأبي الخَطَّابِ أيضًا في «الهِدايةِ». قال الشَّارِحُ أيضًا: وهو غيرُ سديدٍ. تنبيه: قولُه: إلّا أنْ تَكُونَ له نِيَّةٌ. يعْنِي في جميعِ الأوْجُهِ، فيُؤاخَذُ بما نوَى. فائدة: لو جعَل مَكانَ: «كلَّما» «إنْ»، لم يعْتِقْ إلَّا أرْبَعٌ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقيل: يعْتِقُ عَشَرَةٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». وتقدَّم اخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في تَداخُلِ الصِّفاتِ، عندَ قوْلِه: إنْ أكَلْتِ رُمَّانَةً فأنْتِ طالِقٌ، وإنْ أكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فأنْتِ طالِقٌ. وأنَّها لا تَطْلُقُ هناك إلَّا واحِدةً.

وَإنْ قَال لِامْرأتِهِ: إِذَا أتَاكِ طَلَاقِي فَأنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَيهَا: إذَا أتَاكِ كِتَابِي فَأنْتِ طَالِقٌ. فَأتَاهَا الْكِتَابُ، طَلُقَتْ طَلْقَتَينِ. فَإِنْ قَال: أرَدْتُ أَنَّكِ طَالِقٌ بِذَلِكَ الطَّلاقِ الْأَوَّلِ. دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يُخَرَّجُ عَلَى رِوايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ قال لامْرأَتِه: إذا أتاكِ طَلاقِي فأنْتِ طالِقٌ. ثُمَّ كتَب إليها: إذا أتاكِ كِتابِي فأنْتِ طالِقٌ. فأتاها الكِتابُ، طَلُقَتْ طَلْقَتَين. أنَّه لو أَتَى بعضُ الكِتابِ، وفيه الطَّلاقُ، ولم ينْمَحَ ذِكْرُه، أنَّها لا تَطْلُقُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: تَطْلُقُ. قال في «الكافِي»، و «الرِّعايةِ»: فإنْ أتاها وقد ذهَبَتْ حَواشِيه، أو مُحِيَ ما فيه سِوَى الطَّلاقِ، طَلُقَتْ، وإنْ ذهَبَ الكِتابُ إلَّا مَوْضِعَ الطلاقِ، فوَجْهان. قوله: فإنْ قال: أرَدْتُ أَنَّكِ طالِقٌ بذلكَ الطَّلاقِ الأوَّلِ. دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وهما وَجْهان مُطْلَقَان (¬1) في «الرِّعايتَين». وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ: ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، وإليه مَيلُ الشَّارِحِ قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ. قال الأدَمِيُّ في «مُنْتَخبِه»: دُيِّنَ باطِنًا. وقال في «المُنَوِّرِ»: دُيِّنَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو كَتَب إليها: إذا قرَأْتِ كتابِي هذا فأنتِ طالِقٌ. فقُرِئ عليها، وقَع، إنْ كانتْ لا تُحْسِنُ القِراءةَ، وإنْ كانتْ تُحْسِنُ القِراءَةَ، فوَجْهان في «التَّرْغيبِ».

إِذَا قَال إِنْ حَلَفْتُ بِطَلاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ قُمْتِ، أوْ: دَخَلْتِ الدَّارَ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قولُه في تَعْلِيقِه بالحَلِفِ: إذا قال: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكِ فأنْتِ طالِقٌ. ثم

وَإنْ قَال: أَنْت طَالِقٌ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. أوْ: قَدِمَ الْحَاجُّ. فَهَلْ هُوَ حَلِفٌ؛ فِيهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ قُمْتِ. أوْ: دَخَلْتِ الدَّارَ. طَلُقَتْ في الحالِ. اعلمْ أنَّه إذا حلَف بطَلاقِها، ثم أعادَه، أو علَّقه بشَرْطٍ، وفي ذلك الشَّرْطِ حَث أو منْعٌ، والأصحُّ، أو تَصْديقُ خَبَرٍ أو تكْذِيبُه، سِوَى تعْليقِه بمَشِيئَتِها، أو حَيضٍ، أو طُهْرٍ، تَطْلُقُ في الحالِ طَلْقَةً في مَرَّةٍ. ومِنَ الأصحابِ مَن لم يَسْتَثْنِ غيرَ هذه الثَّلاثةِ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، واخْتارَ العَمَلَ بعُرْفِ المُتَكَلِّمِ وقَصْدِه في مُسَمَّى اليمينِ، وأنَّه مُوجَبُ نُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وأُصولِه. قوله في تَعْلِيقِه بالحَلِفِ: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أو: قَدِمَ الحاجُّ. فهل هو حَلِفٌ؟ فيه وَجْهان. يعْنِي، إذا قال: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكِ فأنْتِ طالِقٌ. ثم قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أو قَدِمَ الحاجُّ. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»؛ أحدُهما، ليسَ بحَلِفٍ، فيكونُ شَرْطًا مَحْضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «البُلْغَةِ». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا أصحُّ الوَجْهَين. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، هو حَلِفٌ؛ فتَطْلُقُ في الحالِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»،

وَإنْ قَال: إِنْ حَلَفْتُ بِطَلاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. أوْ قَال: إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأنْتِ طَالِقٌ. وَأَعادَهُ مَرَّةً أُخْرَى، طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وإنْ أَعادَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وأَطْلَقَهما في «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: وإنْ قال: إنْ حَلَفْتُ بِطَلاقِكِ فأنْتِ طالِقٌ. أوْ قال: إنْ

ثَلَاثًا، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَإنْ قَال لَامْرَاتَيهِ: إِنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. وَأَعَادَهُ، طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا غَيرَ مَدْخُولٍ بِهَا، فَأَعَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَلَّمتُكِ فأنْتِ طالِقٌ، وأعادَه مَرةً أُخْرَى، طَلُقَتْ واحِدَةً، وإنْ أعادَه ثَلاثًا، طَلُقَتْ ثَلاثًا. إذا لم يقْصِدْ بإعادَتِه إفْهامَها، فإنْ قصَد بذلك إفْهامَها، لم تَطْلُقْ سِوَى الأُولَى. قاله الأصحابُ. [ويأْتِي الكلامُ على هذه المسْأْلَةِ آخِرَ الفَصْلِ مُسْتَوْفًى لمَعنًى مُناسِبٍ] (¬1). قوله: وإنْ قال لامْرَأَتَيه: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكمَا فأنتُما طالِقتان. وأعادَه، طَلُقَتْ كُل واحِدَةٍ طَلْقَةً، فإنْ كانَتْ إحْداهما غيرَ مَدْخُولٍ بها، فأعادَه بعدَ ذلك ¬

(¬1) سقط من الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي بعدَ وُقوعِ الطَّلْقَةِ الأُولَى- لم تَطْلُقْ واحِدَة منهما. بلا خِلافٍ أعْلَمُه، لكِنْ لو تزَوَّجَ بعدَ ذلك البائِنَ، ثم حَلَف بطَلاقِها، فاخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّها لا تطْلُقُ، وهو مَعْنَى ما جزَم به في «الكافِي» وغيرِه؛ لأنَّه لا يصِحُّ الحَلِفُ بطَلاقِها؛ لأنَّ الصِّفَةَ لم تنْعَقِدْ؛ لأنَّها بائِنٌ. وكذا جزَم في «التَّرْغيبِ»، فيما تُخالِفُ المدْخولُ بها غيرَها، أنَّ التَّعْليقَ بعدَ البَينُونَةِ لا يصِحُّ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ تَطْلُقُ كالأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً. ولو جعَل «كلَّما» بدَلَ «إنْ»، طَلُقَتْ كلُّ واحِدةٍ ثلاثًا ثلاثًا؛ طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِه ثانيًا، وطَلْقَتَين لمَّا نكَح البائِنَ وحلَف بطَلاقِها؛ لأنَّ «كلَّما» للتكْرارِ. قال ذلك في «الفُروعِ». وقال: وفَرَضَ المسألَةَ في «المُغْنِي»، في: «كلما» وقال ما تقدَّم ذِكْرُه في «إنْ». وكذا فرَضَها في «الشَّرْحِ». وقال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين»: لو قال لامْرأَتِيهِ، وإحْداهما غيرُ مدْخولٍ بها: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكما فأنْتُما طالِقَتان. ثم قاله ثانيًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَلُقَتا طَلْقَةً طَلْقَةً، على المذهبِ المشْهورِ، وانْعقَدَتِ اليمينُ مَرّةً ثانيةً في حقِّ المدْخولِ بها، وفي انْعِقادِها في غيرِ المدْخولِ بها وَجْهان؛ أحدُهما، تنْعَقِدُ. وهو قولُ أبي الخَطَّابِ، والمَجْدِ، ومُقْتَضَى ما قاله القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، في مسْألَةِ الكلامِ الآتيةِ. والثَّاني، لا تنْعَقِدُ. اخْتارَه صاحِبُ «المُغْنِي». فإنْ أعادَه ثالثًا قبلَ تجْديدِ نِكاحِ البائنِ، لم تَطْلُقْ واحِدة منهما على كِلا الوَجْهَين، فإنْ تزَوَّجَ البائِنَ، ثُمَّ حلَف بطَلاقِها وحدَها، فعلى الوَجْهِ الثَّاني، لا تَطْلُقُ، وتَطْلُقُ الأُخْرَى طَلْقَةً؛ لوُجودِ الحَلِفِ بطَلاقِها قبلَ نِكاحِ الثَّانيةِ، والحَلِفُ بطَلاقِ البائنَةِ بعدَ طلاقِها، فكَمَلَ الشَّرْطُ في حقِّ الأُولَى. وعلى الوَجْهِ الأَوَّلِ، تَطْلُقُ كلُّ واحِدةٍ منهما طَلْقَةً طَلْقَةً. ذكَره الأصحابُ. فائدة: لو كان له امْرأتان؛ حَفْصَةُ وعَمْرَةُ، فقال: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكما فعَمْرَةُ طالِقٌ. ثم أعادَه، لم تَطْلُقْ واحِدة منهما، وإنْ قال بعدَ ذلك: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكما فَحَفْصَةُ طالِقٌ. طَلُقَتْ عَمْرَةُ، فإنْ قال بعدَ هذا: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكما فعَمْرَةُ طالِقٌ. لم تَطْلُقْ واحِدة منهما، فإن قال بعدَه: إنْ حَلَفْتُ بطَلاقِكما فَحفْصَةُ طالِقٌ. طَلُقَتْ حَفْصَةُ. وعلى هذا فَقِسْ.

وَإنْ قَال لِمَدْخُولٍ بهما: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. وَأَعَادَهُ ثَانِيَةً، طَلُقَتْ كلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَينِ. وَإِنْ قَال: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَهِيَ طَالِقٌ. أَوْ: فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ. وَأعَادَهُ، طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ قَال لإِحْدَاهُمَا: إِذَا حَلَفْتُ بِطَلاقِ ضَرَّتِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَال ذَلِكَ لِلأُخْرَى، طَلُقَتِ الأُولَى، فَإِنْ أَعَادَهُ لِلأُولَى، طَلُقَتِ الْأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْكَلَامِ: إِذَا قَال: إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأنْتِ طَالِقٌ، فَتَحَقَّقِي ذَلِكَ. أوْ زَجَرَهَا فَقَال: تَنَحَّيْ. أو: اسْكُتِي. أوْ قَال: إِنْ قُمْتِ فَأنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتْ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ بِالْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِيَميِنِهِ، لِأنَّ إِتْيَانَهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِ الْكَلَامَ الْمُنْفَصِلَ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في تَعْلِيقِه بالكَلامِ: إذا قال: إنْ كَلَّمْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ، فتَحَقَّقي ذلك. أوْ زجَرَها فقال: تَنَحَّى، أو: اسْكُتِي. أوْ قال: إنْ قُمتِ فأنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ. هذا المذهبُ ما لم يَنْو غيرَه. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». قوله: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يحْنَثَ بالكَلامِ المُتَّصِلِ بيَمِينِه؛ لأنَّ إتْيانَه به يدُلُّ على

وَإنْ قَال: إِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَقَالتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ. انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، إلا أَنْ يَنْويَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْنَثَ بِبِدَايَتِه إيَّاهَا بِالْكَلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أرَادَ ذَلِكَ بِيَمينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إرادَتِه الكَلامَ المُنْفَصِلَ عنها. قلتُ: وهذا هو الصوابُ. [ويأتي آخِرَ الفَصْلِ، إذا قال: إنْ كَلمْتُكِ فأنتِ طالِقٌ. وأعادَه] (¬1). قوله: وإنْ قال: إنْ بَدَأْتُكِ بالكَلامِ فأنْتِ طالِقٌ. فقالتْ: إنْ بَدَأْتُكَ بِه فَعَبْدِي حُرٌّ. انْحَلَّتْ يَمِينُه، إلَّا أنْ يَنْويَ. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: انْحَلَّتْ يمينُه على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هكذا ذكَره أصحابُنا. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ» و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يحْنَثَ بِبدَايَتِه إيَّاها بالكَلامِ في وَقْتٍ آخَرَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه أرادَ ذلك ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ قَال: إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأنْتِ طَالِقٌ. فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ أوْ غَفْلَتِهِ، أَوْ كَاتَبَتْهُ أوْ رَاسَلَتْهُ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بيَمِينِه. وهذا الاحْتِمالُ للمُصَنِّفِ. قلتُ: وهو قَويٌّ جدًّا. قوله: وإنْ قال: إنْ كَلَّمْتِ فُلانًا فأنْتِ طالِقٌ. فكَلَّمَتْه فلَمْ يسْمَعْ لتَشاغُلِه أوْ غَفْلَتِه، أوْ كاتَبَتْه أوْ راسَلَتْه، حَنِثَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه في التشاغُلِ والغفْلَةِ والذُّهولِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «والوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، كتَكْليمِها غيرَه وهو يسْمَعُ تقْصِدُه به. وعنه، لا يَحْنَثُ إذا كاتَبَتْه أو

وَإنْ أشَارَتْ إِلَيهِ، احْتَمَلَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ راسَلَتْه. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، كنِيَّةِ غيرِه. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فائدة: لو أرْسَلَتْ إنْسانًا يسْألُ أهْلَ العِلْمِ عن مسْألَةٍ حَدَثَتْ، فجاءَ الرَّسُولُ فسألَ المحْلُوفَ عليه، لم يَحْنَثْ، قوْلًا واحِدًا. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: وإنْ أشارَتْ إليه، احْتَمَلَ وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع»، وغيرِهم. زادَ في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ»، سواءٌ أشارَت بيَدٍ أو بعَينٍ؛ أحدُهما، لا يحْنَثُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ. قال الشَّارِحُ: وهذا أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. والوَجْهُ الثَّاني، يحْنَثُ. اخْتارَه القاضي. ويأْتِي بعضُ ذلك في بابِ جامِعِ الأيمانِ.

وَإنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَ أَوْ أَصَمَّ بحَيثُ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُكَلِّمُهُ، أَوْ مَجْنُونًا بِحَيثُ يَسْمَعُ كَلَامَهَا، حَنِثَ. وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كَلَّمَتْه سَكْرانَ أو أصَمَّ بحيثُ يعْلَمُ أنّها كَلَّمَتْه، أوْ مَجْنُونًا يسْمَعُ كَلامَها، حَنِثَ. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يحْنَثُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في الأصَمِّ، في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحه في «الخُلاصةِ». وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ». وقيل: لا يَحْنَثُ بتَكْليمِها السَّكْرانَ فقط. وأطْلقَ في السَّكْرانِ وَجْهَين في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ».

وَإنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا، أو غَائِبًا، أو مُغْمًى عَلَيهِ، أو نَائِمًا، لَمْ يَحْنَثْ. وَقَال أَبُو بَكرٍ: يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذلك الحُكْمُ إنْ كلَّمَتْ صَبِيًّا يسْمَعُ ويعْلَمُ أنَّه مُكَلَّمٌ، حَنِثَ. فأمَّا إنْ جُنَّتْ هي وكَلَّمَتْه، لم يحْنَثْ؛ لأنَّ القلَمَ مرْفوعٌ عنها، فلم يَبْقَ لكَلامِها حُكْمٌ، ولو كلَّمَتْه وهي سَكْرَى، حَنِثَ؛ لأن حُكْمَها حُكْمُ الصَّاحِي. وهو ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يحْنَثُ؛ لأنَّه لا عَقْلَ لها. قوله: وإنْ كَلَّمَتْه مَيِّتًا، أو غائِبًا، أو مُغْمًى عليه، أو نائمًا، لم يحْنَثْ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونَصَراه، وفي «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: يحْنَثُ. وذكَرَه رِوايةً عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»،

وَإنْ قَال: لِامْرَأَتيهِ: إِن كَلَّمْتُمَا هَذَينِ فَأنْتُمَا طَالقَتَانِ. فَكَلَّمَتْ كُلّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا، طَلُقَتَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ حَتَّى تُكَلِّمَا جَمِيعًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ قال لامْرَأتَيه: إنْ كَلَّمْتُما هَذَين فأنْتُما طالِقَتان. فكَلَّمَتْ كُلُّ واحِدَةٍ واحِدًا منهما، طَلُقَتا. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يخنَث حتى تُكَلِّما جميعًا كُلَّ وَاحِدٍ منهما. وهو تخْريجٌ لأبي الخَطَّابِ. قال الشارِحُ: وهو أوْلَى. قال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: والأَقْوَى لا يقَعُ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الفُروع». تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم نُحَنِّثْه ببعضِ المَحْلوفِ، فأمَّا إنْ حنَّثْناه ببعضِ المَحْلوفِ، حنَّثْناه هنا قوْلًا واحدًا. فائدة: هذه المسْألَةُ مِن جُملةِ قاعِدَةٍ، وهي إذا وجَدْنا جُمْلَةً ذاتَ أعدادٍ، مُوَزَّعَةً على جُمْلَةٍ أُخْرَى، فهل تَتَوَزَّعُ أفْرادُ الجُمْلَةِ المُوَزَّعَةِ على أفْرادِ الأُخْرَى، أو كُلُّ فَرْدٍ منها على مَجْموعِ الجُمْلَةِ الأُخْرَى؛ وهي على قِسْمَين؛ الأولُ، أنْ تُوجدَ قرينةٌ تدُلُّ على تَعْيينِ أحدِ الأمْرَين، فلا خِلافَ في ذلك، فمِثالُ ما دلَّتِ القَرينَةُ فيه على تَوْزيعِ الجُمْلَةِ على الجُمْلَةِ الأُخْرَى، فيُقابَلُ كل فَرْدٍ كاملٍ بفَرْدٍ يُقابِلُه؛ إمَّا لجرَيانِ العُرْفِ أو دَلالةِ الشَّرْعِ على ذلك، وإما لاسْتِحالةِ ما سِوَاه، أنْ يقولَ لزَوْجَتَيه: إنْ أكَلْتُما هذَين الرَّغِيفَين فأنْتُما طالِقَتان. فإذا أكَلَتْ كل واحِدةٍ

وَإنْ قَال: إِنْ أمَرْتُكِ فَخَالفْتِنِي فَأنْتِ طَالِقٌ. فَنَهَاهَا وَخَالفَتْهُ، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما رغيفًا، طَلُقَتْ؛ لاسْتِحالةِ أكْلِ كُلِّ واحِدةٍ الرَّغِيفَين، أو يقولَ لعَبْدَيه: إنْ رَكِبْتُما دابَّتَيكُما، أو لَبِسْتُما ثَوْبَيكُما، أو تقَلَّدْتُما سَيفَيكُما، أو دخَلْتُما بزَوْجَتَيكُما، فأَنْتُما حُرَّان. فمتى وُجِدَ مِن كلِّ واحِدٍ رُكوبُ دابَّتِه، أو لُبْسُ ثَوْبِه، أو تقَلُّدُ سيفِه، أو الدُّخولُ بزَوْجَتِه، ترَتَّبَ عليه العِتْقُ؛ لأنَّ الانْفِرادَ بهذا عُرْفِيٌّ، وفي بعضِه شَرْعِيٌّ، فيَتَعَيَّنُ صرْفُه إلى توْزيعِ الجُمْلَةِ على الجُمْلَةِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي». ومِثالُ ما دلَّتِ القرِينَةُ فيه على تَوْزيعِ كلِّ فَرْدٍ مِن أفْرادِ الجُمْلَةِ على جميعِ أفْرادِ الجُمْلَةِ الأُخْرَى، أنْ يقولَ رجُلٌ لزَوْجَتَيه: إنْ كَلَّمْتُما زيدًا، وكَلَّمْتُما عَمرًا، فأنْتُما طالِقَتان. فلا تَطْلُقان حتى تُكَلِّمَ كلُّ واحِدةٍ منهما زَيدًا وعَمْرًا. القِسْمُ الثَّاني، أنْ لا يدُلَّ دليلٌ على إرادَةِ أحدِ التَّوْزِيعَين، فهل يُحْمَلُ التَّوْزيعُ عندَ هذا الإطْلاقِ على الأوَّلِ والثَّاني؟ في المَسْألَةِ خِلافٌ. والأشْهَرُ أنْ يُوَزَّعَ كل فَرْدٍ مِن أفْرادِ الجُمْلَةِ على جميعِ أفْرادِ الجُمْلَةِ الأُخْرَى إذا أمْكَنَ. وصرَّح به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ في مسْأَلَةِ الظِّهارِ مِن نِسائِه بكَلِمَةٍ واحِدةٍ. ذكَر ذلك ابنُ رَجَب في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائةِ». وتقدَّم مِن مَسائلِ القاعِدَةِ في بابِ المَسْحِ على الخُفَّين والوَقْفِ والرِّبا والرَّهْنِ وغيرِه، ومَسْألَةُ المُصَنِّفِ هنا مِنَ القاعِدَةِ، لكِنَّ المذهبَ هنا خِلافُ ما قاله في «القَواعِدِ». قوله: وإنْ قال: إنْ أمَرْتُكِ فخالفْتِنِي فأنتِ طالِقٌ. فنَهاها وخالفَتْه، لم

يَحْنَثْ، إلَّا أنْ يَنْويَ مُطْلَقَ الْمُخَالفَةِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَطْلُقَ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْي، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْنَثْ، إلَّا أنْ ينْويَ مُطْلَقَ المُخالفَةِ. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْر وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنتخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِل أنْ تَطْلُقَ مُطْلَقًا. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ لم يَعْرِفْ حقيقَةَ الأَمْرِ والنَّهْي،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنِثَ. قلتُ: وهو قَويٌّ جِدًّا. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: ولعَلَّ هذا أقْرَبُ إلى الفِقْهِ والتَّحْقيقِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، عكْسُ هذه المَسْألَةِ، مِثْلُ قوْلِه: إنْ نَهَيتُكِ فخالفْتِني فأنتِ طالِقٌ. فأمَرَها وخَالفَتْه. لم يذْكُرْها الأصحابُ. وقال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: ويتوَجَّهُ تخْرِبجٌ على هذه المسْألَةِ، إلَّا أَنْ (¬1) يُفَرَّقَ بينَهما بفَرْقٍ مُؤثِّرٍ فيمْتَنِعَ التَّخْريجُ. انتهى. قلتُ: علَّلَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ القولَ بأنَها تَطْلُقُ بكُلِّ حالٍ، بأنَّ الأَمْرَ بالشَّيءِ نَهْىٌ عن ضِدِّه، والنَّهْيَ عنه أمْرٌ بضِدِّه. انتهيا. وقد قال: مَعْنَى ذلك الأُصُولِيُّون. الثَّانيةُ، لو قال: إنْ كَلَّمْتُكِ فأنتِ طالِقٌ. ثم قاله ثانيًا، طَلُقَتْ واحِدةً، وإنْ قاله ثالثًا، طَلُقَتْ ثانيةً، وإنْ قاله رابعًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، وتَبِينُ غيرُ المدْخولِ بها بطَلْقَةٍ، ولم تنْعَقِدْ يمِينُه الثَّانيةُ ولا الثَّالثةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «المُغْنِي» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقال في «المُحَرَّرِ»: وعندِي تنْعَقِدُ الثَّانيةُ بحيثُ إذا تزَوَّجَها وكَلَّمَها، طَلُقَتْ، إلَّا على قَوْلِ التَّمِيمِيِّ: تَنْحَلُّ الصِّفَةُ مع البَينُونَةِ. فإنَّها قد انْحَلَّتْ بالثَّانيةِ؛ لأنَّه قد كَلَّمَها. ولا يجِئُ مثْلُه في الحَلِفِ بالطَّلاقِ؛ لأنَّه لم ينْعَقِدْ لعدَمِ إمْكانِ إيقاعِه. انتهى. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنْه لا فَرْقَ في المَعْنَى بينَها وبينَ مَسْألَةِ الحَلِفِ السَّابقةِ، فإمَّا لا يصِحُّ فيهما -وهو أظْهَرُ- كالأجْنَبِيَّةِ، وإمَّا ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالإذْنِ: إِذَا قَال: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيرِ إِذْنِي. أوْ: إلا بِإِذْنِي. أوْ: حَتَّى آذَنَ لَكِ، فَانْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ أذِنَ لَهَا، فَخَرَجَتْ، ثمَّ خَرَجَتْ بِغَيرِ إِذْنِهِ، طَلُقَتْ. وَعَنْهُ، لَا تَطْلُقُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يصِحَّ فيهما، كما سبَق مِن قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. أمَّا التَّفْرِقَةُ بينَ مَسْألَةِ الحَلِفِ وبينَ مسْألَةِ الكلامِ، كما هو ظاهِرُ كلامِ بعضِهم، فلا وَجْهَ له مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ولا مَعْنًى يقْتَضِيه، ولم أجِدْ مَن صرَّح بالتَّفْرِقَةِ. انتهى. وقال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين»: لو قال لامْرَأتِه التي لم يدْخُلْ بها: إنْ كَلَّمْتُكِ فأنتِ طالِقٌ. ثم أعادَه، طَلُقَتْ بالإعادَةِ؛ لأنَّها كلامٌ في المَشْهورِ عندَ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: قِياسُ المذهبِ عندِي، أنَّه لا يحْنَثُ بهذا الكلامِ. وعلَّلَه. فإذا وقَع الطَّلاقُ بالإعادةِ ثانيًا، فهل تَنْعَقِدُ به يمين ثانيةٌ، أمْ لا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا تَنْعَقِدُ. وهو قولُ القاضي في «الجامعِ»، و «الخِلافِ»، ومَنِ اتَّبَعَه، كالقاضي يَعْقُوبَ، وابنِ عَقِيلٍ، وهو قِياسُ قولِ صاحبِ «المُغْنِي»، وله مأخَذان، وذكَرَهما. والوَجْهُ الثَّاني، تنْعَقِدُ اليَمينُ. وهو اخْتِيارُ صاحبِ «المُحَرَّرِ»؛ بِناءً على أنَّ الطَّلاقَ يقِفُ وُقوعُه على تَمامِ الإِعادَةِ. قوله في تَعْليقِه بالإِذْنِ: إذا قال: إذا خَرَجْتِ بغيرِ إذْنِي. أو: إلَّا بإذْنِي. أو:

أَنْ يَنْويَ الْإِذْنَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. وَإنْ أَذِنَ لَهَا مِنْ حَيثُ لَا تَعْلَمُ، فَخَرَجَتْ، طَلُقَتْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى آذَنَ لكِ. فأنْتِ طالِقٌ. ثم أذِنَ لها، فخرَجَتْ، ثم خرجَتْ بغيرِ إذْنِه، طَلُقَتْ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، والخِرَقِيُّ. وصحَّحه في «الخُلاصةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «الزَّرْكَشِيُّ»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا تَطْلُقُ إلَّا أنْ يَنْويَ الإِذْنَ في كلِّ مَرَّةٍ. قلتُ: وهو قَويٌّ، كإذْنِه في الخُروجِ كلَّما شاءَتْ. نصَّ عليه. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ أذِنَ لها بالخُروجِ مَرَّةً أو مُطْلَقًا، أو أذِنَ بالخُروجِ لكُلِّ مَرَّةٍ، فقال: اخْرُجِي متى شِئْتِ. لم يكُنْ إذنا إلَّا لمَرَّةٍ واحِدةٍ. والمذهبُ أنَّه إذا قال: اخْرُجِي كلَّما شِئْتِ. يكونُ إذْنًا عامًّا. نصَّ عليه. قوله: وإنْ أذِنَ لها مِن حيث لا تَعْلَمُ، فخرَجَتْ، طَلُقَتْ. نصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: هذا أشْهَرُهما.

وَإنْ قَال: إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيرِ الْحَمَّامِ بِغَيرِ إِذْنِي فَأنْتِ طَالِقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَطْلُقَ. وهو لأبي الخَطَّابِ؛ بِناءً على ما قاله في عَزْلِ الوَكيلِ، أنَّه يصِحُّ مِن غيرِ أنْ تعْلَمَ. وقال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والسِّتِّين»: ولأبي الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» طريقةٌ ثانيةٌ؛ وهي أن دَعْواه الإِذْنَ غيرُ مقْبُولَةٍ؛ لوُقوعِ الطَّلاقِ في الظَّاهِرِ، فلو أَشْهَدَ على الإِذْنِ، نفَعَه ذلك ولم تَطْلُقْ. قال صاحِبُ «القَواعِدِ»: وهذا ضعيفٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: إلَّا بإذْنِ زَيدٍ. فماتَ زَيدٌ، لم يَحْنَثْ إذا خَرَجَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحنَّثَه القاضي، وجعَل المُسْتَثْنَى محْلُوفًا عليه. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». الثَّانيةُ، لو أذِنَ لها، فلم تخْرُجْ حتى نَهاها، ثم خرَجَتْ، فعلى وَجْهَين. وأَطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدهما، تَطْلُقُ. صححه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». والثَّاني، لا تَطْلُقُ (¬1). قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: لا يقَعُ إذا أذِنَ لها، ثم نَهَى وجَهِلَتْه. قوله: وإنْ قال: إنْ خَرَجْتِ إلى غيرِ الحَمامِ بغيرِ إذْنِي فأنْتِ ¬

(¬1) بعده في ط، ا: «قال ابن عبدوس في «تذكرته»: لا تطلق».

فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْحَمَّامَ وَغَيرَهُ، طَلُقَتْ. وَإنْ خَرَجَتْ إِلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ عَدَلَتْ إِلَى غَيرِهِ، طَلُقَتْ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا تَطْلُقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ طالِقٌ. فخَرَجَتْ تُرِيدُ الحَمَّامَ وغيرَه، طَلُقَتْ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يحْنَثَ. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». قوله: وإنْ خرَجَتْ إلى الحَمَّامِ ثم عدَلَتْ إلى غيرِه، طَلُقَتْ. هذا المذهبُ. قال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنفُ، والشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في

وَإنْ حَلَفَ لِعَامِلٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلا بِإِذْنِهِ، فَعُزِلَ، فَهَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهما. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَطْلُقَ. وهو لأبي الخَطَّابِ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ: إذَا قَال: أنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ. أوْ: كَيفَ شِئْتِ. أوْ: حَيثُ شِئْتِ. أوْ: مَتَى شئْتِ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُولَ: قَدْ شِئْتُ. سَوَاءٌ شَاءَتْ عَلَى الْفَوْرِ أَو التَّرَاخِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في تَعْلِيقِه بالمَشِيئَةِ: إذا قال: أَنْتِ طالِقٌ إنْ شِئْتِ. أو: كيف شِئْتِ. أو: حيث شِئْتِ. أو: متى شِئْتِ. لم تَطْلُقْ حتى تَقُولَ: قَدْ شِئْتُ. سَواءٌ شَاءَتْ على الفَوْرِ أو التَّراخِي. هذا المذهبُ ولو شاءَتْ مُكْرَهَةً. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يقِفَ على المَجْلسِ، كالاخْتِيارِ. وقيل: تخْتَصُّ «إنْ» بالمَجْلِسِ دُونَ غيرِها. وقيل: تَطْلُقُ وإنْ لم تشَأْ إذا قال: كيفَ شِئْتِ. أو: حيثُ شِئْتِ. دُونَ غيرِهما.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْمَجْلِسِ، كَالاخْتِيَارِ. وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ. فَقَالتْ: قَدْ شِئْتُ إِنْ شِئْتَ. فَقَال: قَدْ شِئْتُ. لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو رجَع قبلَ مَشِيئَتِها، لم يصِحَّ رُجوعُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كبَقِيَّةِ التَّعالِيقِ. وعنه، يصِحُّ؛ كاخْتارِي، وأمْرُكِ بيَدِكِ.

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوكِ. لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَشَاءَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ إن شِئْتِ وشاءَ أَبُوكِ. لم تَطْلُقْ حتى يشَاءا. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تَطْلُقُ بمَشِيئَةِ أحَدِهما. ذكَرَه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو بعيدٌ. والمَشِيئَةُ منهما أو مِن أحَدِهما على التَّراخِي. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَخْتَصُّ بالمَجْلِسِ. فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ، وعَبْدِي حُرٌّ، إنْ شاءَ زَيدٌ. فشاءَهما، ولا نِيَّةَ، وقَعَا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل أبو طالِبٍ، يقَعان ولو تعَذَّرَتِ الإِشاءَةُ بمَوْتٍ ونحوه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ. وحُكِيَ عنه، أو غابَ. وحَكاه في «المُنْتَخَبِ» عن أبي بَكْرٍ.

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ زَيدٌ. فَمَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ، لَمْ تَطْلُقْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ إنْ شاءَ زَيدٌ. فَماتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبلَ المَشِيئَةِ، لم تَطْلُقْ. أمَّا إذا ماتَ أو جُنَّ، فإنَّها لا تَطْلُقُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»: لم يقَعْ في أصحِّ الوَجْهَين. وصحَّحه في «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَ أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ، أنَّها لا (¬1) تَطْلُقُ. حكاه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» عن أبي بَكْرٍ، وحكاه في «الرِّعايةِ» عن ابنِ عَقِيلٍ، ونقَله أبو طالِبٍ. وأمَّا الأَخْرَسُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه إنْ فُهِمَتْ إشارَتُه، فهي كنُطْقِه. قدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو الصَّوابُ. وقيلَ: إنْ خَرِسَ بعدَ يمينِه، لم تَطْلُقْ. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به في «الوَجيزِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ شَاءَ وَهُوَ سَكْرَانُ، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَينِ فِي طَلَاقِهِ، وَإنْ كَانَ صَبِيًّا يَعْقِلُ الْمَشِيئَةَ، فَشَاءَ، طَلُقَتْ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الشَّرْحِ». فائدة: لو غابَ، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحُكِيَ عن ابنِ عَقِيلٍ، تَطْلُقُ، وحكاه في «المُنْتَخَبِ» عن أبي بَكْرٍ، كما تقدَّم. قوله: وإنْ شاءَ وهو سَكْرانُ، خُرِّجَ على الرِّوايتَين المُتَقَدِّمَتَين في طَلاقِه. ذكَرَه الأصحابُ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ هنا، عَدَمَ الوُقوعَ، وإنْ وقَع هناك وفَرَّقَا بينَهما. وصحَّحه في «التَّصحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قوله: وإنْ كان صَبِيًّا يعْقِلُ المَشِيئَةَ، فشاءَ، طَلُقَتْ، وإلَّا فَلا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الصَّبِيَّ المُمَيِّزَ إذا شاءَ، تَطْلُقُ. قال الأصحابُ: هو كطَلاقِه. وتقدَّم في أوائلِ كتابِ الطَّلاقِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ طَلاقَه يقَعُ على زَوْجَتِه. قال في «الفُروع»، و «الرِّعايةِ»: وإنْ شاءَ مُمَيِّرٌ فكطَلاقِه. وجزَم

وَإنْ قَال: أنْتِ طَالِقٌ إلا أنْ يَشَاءَ زَيدٌ. فَمَاتَ أوْ جُنَّ أوْ خَرِسَ، طَلُقَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالوُقوعِ، في «الشَّرْحِ» وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَطْلُقُ، كطَلاقِه في إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ قال: أنْتِ طَالِقٌ إلَّا أنْ يشاءَ زَيدٌ. فماتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ، طَلُقَتْ. إذا ماتَ أو جُنَّ، طَلُقَتْ بلا نِزاعٍ، وفي وَقْتِ الوُقوعِ أوْجُهٌ؛ أحدُها، يقَعُ في الحالِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». الثَّاني، تَطْلُقُ آخِرَ حَياتِه. جزَم به في «المُنَوِّرِ».

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلا أَنْ يَشَاءَ زَيدٌ ثَلَاثًا، فَشَاءَ ثَلَاثًا، طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ، وَفِي الْآخَرِ، لَا تَطْلُقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». الثَّالثُ، يتَبَيَّن حِنْثُه مِن حينَ حلَف. وذكَر القاضي، في: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا وثلاثًا إنْ شاءَ زَيدٌ. يقَعُ الطَّلاقُ، وليسَ اسْتِثْناءً. وأمَّا إذا خَرِسَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إشارَتَه المَفْهُومَةَ كنُطْقِه مُطْلَقًا. وقيل: إنْ حصَل خَرَسُه بعدَ يَمِينِه، فليسَ كنُطْقِه. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، كما تقدَّم. وقال النَّاظِمُ: لو قِيلَ بعدَمِ وُقوعِ الطَّلاقِ إذا خَرِسَ أو جُنَّ إلى حينِ المَوْتِ، لم يكُنْ ببعيدٍ. قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ واحِدَةً إلَّا أنْ يشاءَ زَيدٌ ثَلاثًا، فشاءَ ثَلاثًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصةِ»،

وَإِنْ قَال: أنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. طَلُقَتْ، وَإنْ قَال لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حرَّةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. عَتَقَتْ. وَحُكِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلاقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وفِي الآخَرِ، لا تَطْلُقُ. يعْنِي، لا تَطْلُقُ غيرَ الواحِدةِ المُنْجَزَةِ؛ لأنّ الاسْتِثْناءَ مِنَ الإثْباتِ نَفْيٌ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: أنتِ طالِقٌ واحِدةً إلَّا أنْ (¬1) تَشائِي ثلاثًا. فَشاءَتْ ثلاثًا. ووُقوعُ الثلاثِ هنا مِنَ المُفْرَداتِ. ونصَّ عليه. وكذا عَكْسُ هذه المسْأَلةِ مِثْلُها في الحُكْمِ، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلّا أنْ يشاءَ زَيدٌ، أو تَشائِي واحِدةً. فيشاءُ زَيدٌ، أو هي واحِدةً. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ شاءَ اللهُ. طَلُقَتْ، وإنْ قال لأَمَتِه: أَنْتِ حُرةٌ إنْ شاءَ اللهُ. عتَقَتْ. وكذا لو قام الشَّرْطَ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه في رِوايةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعةِ؛ منهم ابنُ مَنْصُور، وحَنْبَل، والحَسَنُ بنُ ثَوابٍ، وأبو النضْرِ (¬1)، والأثْرَمُ، وأبو طالِب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، ¬

(¬1) هو إسماعيل بن عبد الله بن ميمون ابن أبي الرجال العجلي، أبو النضر، روى عن الإمام أحمد، ونقل عنه مسائل كثيرة. توفي سنة سبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 105، 106.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه الناظِمُ وغيرُه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يصِحُّ الاسْتِثْناءُ فيهما. وقال الخِرَقِيُّ: أكثرُ الرواياتِ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه توَقَّفَ عن الجَوابِ. قلتُ: ممَّن نقلَ ذلك؛ عَبْدُ اللهِ، وصالِح، وإسْحاقُ بنُ هانِيء، وأبو الحارِثِ، والفَضْلُ بنُ زِيادٍ، وإسْماعِيلُ بنُ إسْحَاقَ. وحُكِيَ عنه أنَّه يقَعُ العِتْقُ دُونَ الطَّلاقِ. حكاه عنه بعضُ الشَّافِعِيَّةِ، وهو أبو حامِدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسْفِرايني (¬1)، ومَنْ تَبِعَه. وقطَع المَجْدُ وغيرُه، بأنَّ ذلك غَلَطٌ على الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وكذا قال القاضي في «خِلافِه»، وبَينوا وَجْهَ الغَلَطِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يقَعُ الطَّلاقُ دُونَ العِتْقِ. وعنه، لا يقَعان. اخْتارَه جماعة مِنَ الأصحابِ؛ بِناءً على أنَّهما مِن جُمْلَةِ الأيمانِ. قال الشيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَهُ اللهُ: يكونُ مَعْناه، هي طالِقٌ إنْ شاءَ اللهُ الطَّلاقَ بعدَ هذا، واللهُ لا يشاؤه إلَّا بتَكَلُّمِه بعدِ ذلك. وقال أيضًا: إنْ أرادَ بذلك وُقوعَ الطَّلاقِ عليها بهذا التَّطْليقِ، طَلُقَتْ؛ لأنه كقوْلِه: أنتِ طالِقٌ بمَشِيئَةِ اللهِ. وليسَ قوْلُه: إنْ شاءَ الله. تعْلِيقًا، بل تَوْكِيدٌ للوُقوعِ وتَحْقِيق. وإنْ أرادَ بذلك حَقِيقَةَ التعْليقِ على مَشِيئَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، لم يقَعْ به الطَّلاقُ حتى يُطَلقَ بعدَ ذلك، فإذا طَلَّقَها بعدَ ذلك، فقد شاءَ اللهُ وُقوعَ طَلاقِها ¬

(¬1) أحمد بن محمد بن أحمد الإسفرايني، أبو حامد، الإمام الشافعي شيخ طريقة العراق، وحافظ المذهب وإمامه، وجبل من جبال العلم منيع، وحبر من أحبار الأمة رفيع. توفي سنة ست وأربعمائة. طبقات الشافعية 4/ 61 - 65.

وَإنْ قَال: أنْتِ طَالِقٌ إلا أنْ يَشَاءَ اللهُ. طَلُقَتْ. وَإنْ قَال: إِنْ لَمْ يَشَأَ اللهُ. فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حِينَئذٍ، وكذا إنْ قصَد بقوْلِه: إنْ شاءَ اللهُ. أنْ يقَعَ هذا الطّلاقُ الآنَ، فإنه يكونُ معَلقًا أيضًا على المَشِيئَةِ، فإذا شاءَ اللهُ وُقوعَه، فيقَعُ حِينَئذٍ، ولا يشاءُ اللهُ وُقوعَه حتى يُوقِعَه ثانيًا. انتهى. قال في «الترْغيبِ»: لو قال: يا طالِقُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى. تَطْلُقُ، بل هي أوْلَى بالوُقوعِ مِن قوْلِه: إنْ شاءَ اللهُ. وفي «الرِّعايةِ» في ذلك وَجْهان. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ إلَّا أنْ يشاءَ اللهُ. طَلُقَتْ. وهو المذهبُ. نص عليه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ». وقيل: لا تَطْلُقُ. قوله: وإنْ قال: إنْ لم يشَأ الله. فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»،

وَإنْ قَال: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. فَدَخَلَتْ، فَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّر»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يقَعُ. وهو المذهبُ؛ لتَضادِّ الشَّرْطِ والجَزاءِ، فلَغَى تعْلِيقُه، بخِلافِ المُسْتَحيلِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ». واخْتاره ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يقَعُ. اخْتارَه القاضي. ذكَره في «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: أنتِ طالِق، ما لم يشَأ اللهُ. قوله: وإنْ قال: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فأنْتِ طالِق إنْ شاءَ اللهُ -أو قال: أنتِ طالِق

تَطْلُقُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ إنْ شاءَ اللهُ- فدخَلَتْ، فهل تَطْلُقُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرّر»، و «الشرْح»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي»، إحْداهما، لا تَطْلُقُ. صحّحه في «التَّصْحيحِ»، وقال: لا تَطْلُقُ مِن حيثُ الدليلِ. قال: وهو قولُ مُحَقِّقِي الأصحابِ. وجزَم به في «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ». والرِّوايةُ الثانيةُ، تَطْلُقُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ». [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: أصَحهما تَطْلُقُ] (¬1). وقدمه في «الرِّعايتَين». تنبيه: قال في «المُحَررِ»، و «الرِّعايةِ»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: إنْ نوَى رَدَّ المَشِيئَةِ إلى الفِعْلِ، لم يقَعْ، كقوْلِه: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنتِ طالِقٌ لا فعَلْتُ، أو لأفْعَلَنَّ إنْ شاءَ اللهُ. وإلَّا فرِوايَتان. [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: وفيه نظَرٌ. يعْنِي، في عدَم الوُقوعِ إذا نوَى رَدَّ المَشِيئَةِ إلى الفِعْلِ؛ لأنه علَّقَه على فِعْل يُوجَدُ بمَشِيئَةِ الله، وقد وُجِدَ بمَشِيئَه اللهِ، فما المانِعُ مِن وُقوعِه؟ انتهى] (¬1). وقد حرَّرَ العَلَّامَةُ ابنُ رَجَبٍ، في هذه المَسْألةِ، وفي صِيغَةِ القَسَمِ، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ (¬2) لا تَدْخُلِين الدَّارَ إنْ شاءَ اللهُ. أو: أنتِ طالِق لتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شاءَ اللهُ. ونحوه، للأصحابِ سَبْعُ طُرُقٍ؛ أحدُها، أنَّ الرِّوايتَين في المَسْألةِ مُطْلَقًا؛ سواء كان الحَلِفُ بصِيغَةِ القَسَمِ، أو بصِيغَةِ الجَزاءِ. وهذه الطَّريقَةُ مُقْتَضى (2) كلامِ أكثرِ المُتَقَدِّمِين؛ كأبي بَكْر، والقاضي، وابنِ عَقِيل، وغيرِهم. الطَّريقَةُ الثانيةُ، أنَّ الرِّوايتَين في الحَلِفِ بصِيغَةِ القَسَمِ، وفي التعْليقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ به الحَضُّ (¬3) أو المَنْعُ، دُونَ التعْليقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ به وُقوعُ الطلاقِ بَتَّةً. وهذة الطريقَةُ اخْتِيارُ الشيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وهو مُقْتَضَىَ كلامِ كثير مِنَ الأصحابِ. الطريقةُ الثالثةُ، أن الرِّوايتَين في صِيغَةِ التعْليقِ إذا قصدَ رَد المَشِيئَةِ إلى الطلاقِ، أو أطْلقَ، فأمَّا إنْ ردَّ المَشِيئةَ إلى الفِعْلِ، فإنه ينْفَعُه قوْلًا واحِدًا. وكذا إنْ حلَف بصِيغَةِ القَسَمِ، فإنه ينْفَعُه الاسْتِثْناءُ، قوْلًا واحِدًا. وهي طريقةُ صاحِبِ «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، كما تقدَّم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في: الأصل، ط «الحظ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطرَّيقةُ الرابعةُ، أنَّ الرِّوايتَين في صُورَةِ التعْليقِ بالشَّرْطِ إذا لم يرُدَّ المَشِيئةَ إلى الطلاقِ، فإنْ ردها إلى الطَّلاقِ، فهو كما لو نَجَزَ الطَّلاقَ واسْتَثْنَى فيه. وهي طَرِيقةُ صاحبِ «المُغْنِي». وإنْ أطْلقَ النيةَ، فالظاهِرُ رُجوعُه إلى الفِعْلِ دُونَ الطلاق، ويَحْتَمِلُ عوْدَه إلى الطَّلاقِ، وإنْ رَد المَشِيئةَ إلى الفِعْلِ، نَفَعَه، قوْلًا واحدًا. وهذه الطريقةُ تُوافِقُ طريقةَ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، إلَّا أنَّها مُخالِفَة لها في أنَّه إذا عادَ الاسْتِثْناءُ إلى الطلاق، لم ينْفَعْ، كما لا ينْفَعُ في المُنْجَزِ، وهو الذي ذكَرَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. وهو واضِح. الطَّريقةُ الخامسةُ، أنَّ الرِّوايتَين مَحْمولَتان على اخْتِلافِ حالينِ، فإنْ كان الشَّرْطُ نَفْيا، لم تَطْلُقْ، نحوَ أنْ يقولَ: أنتِ طالِق إنْ لم أفْعَلْ كذا إنْ شاءَ اللهُ. فلم يفْعَلْه، فلا يحْنَثُ. فإنْ كان إثْباتًا، حَنِثَ، نحوَ: إنْ فَعَلْتُ كذا فأنتِ طالِق إنْ شاءَ اللهُ. وهي طَريقَةُ صاحبِ «التلْخيصِ». قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: وهي مُخالِفَة للمذهبِ المَنْصوصِ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. الطريقةُ السادِسَةُ، طرِيقَةُ القاضي في «الجامعِ الكَبِيرِ» فإنَّه قال: عندِي فيها تَفْصِيل. ثم ذكَر ما مَضْمونُه أنه إذا لم تُوجَدِ الصِّفَةُ التي هي الشَّرْطُ المُعَلَّقُ على الطلاق، انْبَنَى الحُكْمُ على عِلَّةِ وُقوعِ الطَّلاقِ المُنْجَزِ المُسْتَثْنَي فيه، فإنْ قُلْنا: العِلَّةُ أنه علقَه بمَشِيئَةٍ لا يتَوَصَّلُ إليها، لم يقَعْ. رِواية واحِدةً؛ لأنه علَّقَه بصِفَتَين؛ إحْداهما، دُخولُ الدارِ مثَلا. والأخْرَى، المَشِيئَةُ. وما وُجِدَتَا فلا يحْنَثُ. وإنْ قُلْنا: العِلَّةُ عِلْمُنا بوُجودِ مَشِيئَةِ اللهِ تعالى لوُجودِ لَفْظِ الطلاقِ. انْبَنَى على أصْل آخَرَ، وهو ما إذا علَّق الطلاقَ بصِفَتَين، مِثْلَ أنْ يقولَ: إنْ دخَلْتِ الدارَ وشاءَ زَيدٌ. فدَخَلَتْ، ولم يشَأ زَيد، فهل يقَعُ الطَّلاقُ؟ على رِوايتَين. كذا هنا يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأمّا إنْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، وهي دُخولُ الدارِ، فإنه يَنْبَنِي على التَّعْلِيلَين

وَإنْ قَال: أنتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيدٍ. أوْ: مَشِيئَتِهِ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. فَإِنْ قَال: أرَدْتُ الشَرْطَ. دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، فإنْ قُلْنا: قد عَلِمْنا مَشِيئَةَ الطَّلاقِ. وقَع رِوايةً واحِدةً؛ لوُجودِ الصفَتَين جميعًا، وإنْ قُلْنا: لم نَعْلَمْ مَشِيئَتَه. انْبَنَى على ما إذا علَّقَه على صِفَتَين، فوُجِدَت إحْداهما، ويُخَرجُ على الروايتَين. الطَّريقةُ السَّابعةُ، طَريقةُ ابنِ عَقِيل في «المُفْرَداتِ» فإنَّه جَعَل الرِّوايتَين في وُقوعِ الطَّلاق بدُونِ وُجودِ الصِّفَةِ، فأمَّا مع وُجودِها، فيقَعُ الطَّلاقُ قوْلًا واحِدًا. قاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وهي أضْعَفُ الطُّرُقِ، وذكَر فَسادَها مِن وَجْهَين. قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِق لرِضا زَيدٍ، أوْ مَشِيئَتِه. طَلُقَتْ في الحالِ -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- فإنْ قال: أرَدْتُ الشَّرْطَ. دُيِّنَ، وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. عندَ الأكثرِ. وهما وَجْهان في «الرِّعايتَين». وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرعايتين»، و «شَرْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ حُكْمًا على الأصحِّ. وصححه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الكافِي»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه الشارِحُ. والرِّوايةُ الثانيةُ، لا يُقْبَلُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». قال الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»: دُيِّنَ باطِنًا. فائدة: لو قال: إنْ رَضِيَ أبوكِ فأنتِ طالِق. فقال: ما رَضِيتُ. ثم قال: رَضِيتُ. طَلُقَتْ؛ لأنه مُعَلّقٌ (¬1)، فكان مُتَراخِيًا. ذكَرَه في «الفُنونِ». وقال: قال قوْم: ينْقَطِعُ بالأولِ. ولو قال: إنْ كانَ أبوكِ يَرْضَى بما فَعَلْتِيه، فأنتِ طالِق. فقال: ما رَضِيتُ. ثم قال: رَضِيتُ. طَلُقَتْ؛ لأنه علَّقه على رِضًا مُسْتَقْبَل وقد وُجِدَ، بخِلافِ: إنْ كانَ أبوكِ راضِيًا به. لأنَّه ماض. ¬

(¬1) في: الأصل، ط: «مطلق».

وَإنْ قَال: إِنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أنْ يُعَذِّبَكِ اللهُ بِالنَّارِ فَأنْتِ طَالِق. أوْ قَال: إِنْ كُنْتِ تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِكِ فَأنْتِ طَالِقٌ. فَقَالتْ: أنا أحِبُّهُ. فَقَدْ تَوَقَّفَ أحْمَدُ عَنْهَا. وَقَال الْقَاضِي: تَطْلُقُ. وَالْأوْلَى أنَّهَا لَا تَطْلُقُ إِذَا كَانَتْ كَاذِبَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أنْ يُعَذِّبَكِ اللهُ بالنَّارِ فأنْتِ طالِق. أوْ قال: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَه بقَلْبِكِ فأنْتِ طالِق. فَقالتْ: أنَا أحبه. فقد توَقَّفَ أحمدُ عنها -وقال: دَعْنا مِن هذه المَسائلِ. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرهما- وقال القاضي: تَطْلُقُ. وذكَره ابنُ عَقِيلٍ مذهبَنا ومذهبَ العُلَمَاءِ كَّافة، سِوَى محمدِ بنِ الحَسَنِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». واقْتَصَرَ عليه في «الخُلاصةِ»، في الأولَى، وصححه في الثَّانيةِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»،

فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ: إِذَا قَال: أنْتِ طَالِقٌ إِذَا رَأيتِ الْهِلَال. طَلُقَتْ إِذَا رُئِيَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». وقال المُصَنِّفُ هنا: والأوْلَى أنّها لا تَطلقُ إذا كانتْ كاذِبَةً. وهو المذهبُ. قدمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «النظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيل، وقال: لاسْتِحالتِه عادةً، كقوْلِه: إنْ كُنْتِ تَعْتَقِدينَ أنَّ الجَمَلَ يدْخُلُ في خُرْمِ الإبرَةِ فأنْت طالِق. فقالتْ: أعْتَقِدُه. فإنَّ عاملا لا يُجَوزُه، فَضْلا عنِ اعْتِقادِه. وقيل: لا تَطْلُقُ مُطْلَقًا. ذكَرَه في «الرعايةِ». وقيل: لا تَطْلُقُ في قولِه: إن كُنْتِ تُحِبِّينَه بقَلْبِك. وإنْ طَلُقَتْ في الأولَى. وهو احْتِمال في «الهِدايةِ». فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: إنْ كُنْتِ تبْغُضِين الجَنةَ فأنْتِ طالِق. فقالت: أنَا أبغَضُها. وكذا لو قال: إنْ كُنْتِ تبْغُضِينَ الحَياةَ. ونحوَ ذلك مما يعْلَمُ أنها تُحِبُّه. قاله في «المُسْتَوْعِبِ». الثانيةُ، لو قالتِ امْرَأته: أريدُ أنْ تُطَلِّقَنِي. فقال: إنْ كُنْتِ تُرِيدِين. أو: إذا أرَدْتِ أنْ أطَلِّقَكِ، فأنْتِ طالِق. ظاهِرُ الكَلامِ يقْتَضِي أنها تَطْلُقُ بإرادَةٍ مستَقْبَلَةٍ، ودَلالةُ الحالِ على أنه أرادَ إيقاعَه، للإرادَةِ التي أخْبَرتْه بها. قاله ابنُ عَقِيل في «الفُنونِ». ونصَر الثاني العَلامَةُ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه الله، في «إعْلامِ الموَقعين». قوله: فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرقَةٍ. إذا قال: أنتِ طالِق إذا رَأيتِ الهِلَال. طلُقَتْ

إلا أن يَنْويَ حَقِيقَةَ رُؤيَتهَا، فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى تَرَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذَا رُئِيَ -أو أكْمَلَتِ العِدَّةَ- إلَّا أن يَنْويَ حَقِيقَةَ رُؤيتها، فَلَا يَحْنَثُ حتى تَرَاهُ. إذا نَوَى حقِيقَةَ رؤيَتها لم يحْنَثْ حتى تَراه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه، ويُدَينُ بلا نِزاعٍ، ويُقْبلُ قولُه في الحُكْمِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. قال في «الفُروعِ»: قُبِلَ حُكْما على الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصححه في «المُذْهَبِ». وعنه: لا يُقْبَلُ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يُقْبَلُ بقَرِينَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهرُ قوْلِه: طَلُقَتْ إذا رُئِيَ الهِلالُ. أنَّها تَطْلُقُ إذا رُئيَ؛ سواء رُئيَ قبلَ الغُروبِ أو بعدَه. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو احْتِمال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». والوَجْهُ الثَّاني، أنها لا تَطْلُقُ إلَّا إذا رُئيَ بعدَ الغُروبِ. وهو الصَّحيح مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». الثَّاني، تقدم في أوَّلِ كتابِ الصِّيامِ، إذا قال: أنتِ طالِق ليلَةَ القَدْرِ. متى تَطْلُقُ. فوائد؛ إحْداها، لو لم يُرَ الهِلالُ حتى أقْمَرَ، لم تَطْلُقْ، وهل يُقْمرُ بعدَ ثالثةٍ -قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» - أو باسْتِدارَته، أو بِبَهْرِ ضَوْئِه؟ فيه ثلاثةُ أقْوالٍ. قال القاضي: لا يَبْهَرُ ضَوْؤه إلا في الليلَةِ السابعَةِ. حَكاه عن أهْلِ اللغَةِ. وأطلَقَهُنَّ في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ». الثانيةُ، لو قال: إنْ رأيتِ فُلانًا فأنتِ طالِق. فرَأته ولو مَيِّتًا، طَلُقَتْ، ولو رَأتْه في ماءٍ أو في زُجاجٍ شفافٍ، طَلُقَتْ، إلَّا مع نِيَّةٍ أو قرينَةٍ، ولو رَأته مُكْرَهَةً، لم تَطْلُقْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ. ولو رَأت خَياله في ماءٍ أو مِرْآةٍ، لم تَطْلُقْ،

وَإنْ قَال: مَن بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أخِي فَهِيَ طَالِقٌ. فَأخْبَرَهُ بِهِ امْرَأَتَاهُ، طَلُقَتِ الأولَى مِنْهُمَا، إِلا أن تَكُونَ الثَّانِيَةُ هِيَ الصادِقَةَ وَحْدَهَا، فَتَطْلُقُ وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو جالسَتْه وهي عَمْياءُ، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ بِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». الثالثةُ، ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ قال: مَنْ بَشّرَتْنِي بقُدومِ أخِي فهِي طَالق. فأخْبَرَتْه به امْرَأتاه، طَلُقَتِ الأولَى منهما، إلا أنْ تَكُونَ الثانية هي الصَّادِقَةَ وَحْدَها، فتَطْلُقَ وَحْدَها. أنه لو أخْبَرَتاه معًا تَطْلُقان. وهو صحِيح، لا أعلمُ فيه خِلافًا.

وإنْ قَال: مَنْ أخْبَرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِق. فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ تَطْلُقَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: مَن أخْبَرَتْنِي بِقُدُومِه فهي طَالِق. فكذلك عندَ القَاضِي. يعْنِي، أنَّ حُكْمَها حُكْمُ المَسْألةِ التي قبلَها مِنَ التَّفْصِيلِ والحُكْمِ. وكذا قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الرعايتَين». وعندَ أبي الخَطَّابِ، إن أخْبَرَتَاه، وقع الطلاقُ بهما على الأحْوالِ الثَّلاثةِ؛ لأن الخَبَرَ يدْخُلُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّدْقُ والكَذِبُ، ويُسَمى خَبَرًا وإنْ تَكَررَ، والبِشارَةُ القَصْدُ بها السُّرورُ، وإنما يكونُ ذلك مع الصِّدْق، ويكونُ مِن الأولَى لا غيرُ. وقيل: تَطْلُقان مع الصدْق فقط. واخْتارَه في «المُحَررِ». [فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: إنْ لَبِسْتِ ثَوْبا فأنْتِ طالِقٌ. ونَوَى مُعَينا] (2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [دُيِّنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال ابنُ البَنَّا: لا يُدَيَّنُ. وقدَّمه في «التبصِرَةِ». وخرجه الحَلْوانِي على رِوايتَين. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والعِشْرِينَ بعدَ المِائةِ»: وشَذَّ طائفة فحَكَوا الخِلافَ في تَدْيينه في الباطِنِ، منهم الحَلْوانِيُّ وابنه. وكذلك وقع في مَوْضِع مِن «مُفْرَداتِ ابنِ عَقِيل» في الأيمانِ، وكذلك وقع للقاضي في «المُجَرَّدِ». قال المَجْدُ: وهو سَهْو. انتهي. ويُقْبَلُ] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [حُكْمًا. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا يُقْبَلُ. وإنْ لم يقلْ: ثَوْبًا. فالحُكْمُ كذلك. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قاله في «القَواعِدِ» وقدمه. وقيل: لا يُقْبَلُ حُكْمًا. واخْتارَه القاضي في كتابِ «الحِيَلِ». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقال في «الترْغيبِ»: وإنْ حَلَفَ: لا لَبِسَ. ونَوَى مُعَيَّنًا، دُينَ، وفي الحُكْمِ رِوايَتان؛ سواء بطَلاقٍ أو غيرِه، على الأصح. انتهى] (¬1). الثانيةُ (¬2)، لو قال: إنْ قَرِبْتِ دارَ أبِيكِ -بكَسْرِ الرَّاءِ مِن قرِبَتْ- فأنتِ طالِق. لم يقَعْ حتى تدْخُلَها، وإنْ قال: إنْ قَرُبْتِ. بضَم الرَّاءِ، طَلًقَتْ بوُقوفِها تحتَ فِنائِها ولُصوقِها بجِدارِها؛ لأن مُقْتَضاها ذلك. قاله في «الروْضَةِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «فائدة».

وَإن حَلَفَ لَا يفعَلُ شَيئًا، فَفَعَلَهُ نَاسِيًا، حَنِثَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلَمْ يَحْنَثْ فِي الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، يَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَلَفَ لا يَفْعَلُ شَيئًا، ففَعَلَه نَاسِيًا -وكذا جاهِلًا- حَنِثَ فِي الطلاق والعَتَاق، ولم يَحْنَثْ فِي اليَمِينِ المُكَفرَةِ، فِي ظَاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ. وقال في «القَواعِدِ الأصُولِ»: هي المذهبُ عندَ الأصْحاب. قال في «المُحَررِ»: وهو الأصحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في

وَعَنْهُ، لَا يَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه، وقال: اخْتارَه الأكثرُ، وذكَرُوه المذهبَ. وعنه، يَحْنَثُ في الجميعِ. قدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي». ذكرُوه في أولِ كتابِ الأيمانِ. وعنه، لا يَحْنَثُ فِي الجَمِيعِ، بل يمِينُه باقِيَة. وقدمه في «الخُلاصةِ». وهو في «الإرْشادِ» عن بعضِ أصْحابِنا. قال في «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. واخْتارَه الشيخُ تَقِيُّ الدينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: إن رُواتَها بقَدْرِ رُواةِ التفْريقِ، وإن هذا يدُل على أن الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، جَعَلَه حالِفًا لا مُعَلِّقًا، والحِنْثُ لا يُوجبُ وُقوعَ المَحْلوفِ به. واخْتارَها ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» أيضًا، ذكَرَه في أَولِ كتابِ الأيمانِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ»: وقال الأصحابُ على هذه الرِّوايَةِ: يمِينُه باقية بحالِها. ويأتِي أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ: إذا حَلَفَ لا يفْعَلُ شيئًا، ففَعَلَه ناسِيًا. في أثْناءِ كتابِ الأيمانِ.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيتًا، أوْ لَا يُكَلِّمُهُ، أوْ لَا يُسَلِّمُ عَلَيهِ، أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ، فَدَخَلَ بَيتًا هُوَ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ، أوْ سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ، أوْ قَضَاهُ حَقَّهُ فَفَارَقَهُ، فَخَرجَ رَدِيًّا، أوْ أحَالهُ بِحَقِّهِ فَفَارَقَهُ، ظَنًّا مِنْهُ أنَّهُ قَدْ بَرَّ، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَينِ فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَلَفَ لا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيتًا، أو لَا يُكَلِّمُه، أوْ لا يُسَلِّمُ عليهِ، أو لا يُفارِقُه حَتى يَقْضِيَه حَقَّهُ، فدَخَلَ بَيتًا هو فيه ولم يَعْلَمْ، أوْ سَلمَ على قَومٍ هو فيهم ولم يَعْلَمْ، أو قَضَاهُ حَقه، ففَارَقَه فَخَرَجَ رَدِيًّا، أوْ أحَالهُ بحَقِّه ففَارَقَه، ظَنًّا أنهُ قدْ بَرَّ، خُرِّجَ على الرِّوايتَين فِي الناسِي والجَاهِلِ. وكذا قال الشارِحُ. وقاله في «المُحَررِ»، في غيرِ الكَلامِ والسلامِ. قال الشارِحُ: وكذلك إنْ حَلَفَ لا يبيعُ لزَيدٍ ثَوْبًا، فوَكلَ زَيد مَن يدْفَعُه إلى مَن يَبِيعُه، فدَفَعَه إلى الحالف، فبَاعَه مِن غيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِلْمِه. فهي كالناسِي. وكذلك إنْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُ فُلانًا، فسلم عليه يحْسَبُه أجْنَبِيًّا. وأطْلَقَ في «الترْغيبِ» الرِّواياتِ الثلاثَ، فيما إذا حَلَفَ أنْ لا يدْخُلَ على فُلانٍ. فدَخَلَ ولم يعْلَمْ، أو لا يُفارِقَه إلَّا بقَبْضِ حقه. فقَبَضَه ففَارَقَه، فخرَجَ رَدِيًّا، أو أحاله ففارَقَه يظُنُّ أنَّه قد بَرئ، أو لا يُكلِّمُه فسلم عليه وجَهِلَه. وجزَم في «الوَجيز» أنه يَحْنَثُ. وجزَم في «المُنْتَخَب»، أنَّه يَحْنَثُ بالحَوالةِ. وذكَر المُصَنفُ، وغيرُه في بابِ الضَّمانِ، أنَّ الحَوالةَ كالقَضاءِ. وقال في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: لو سلَّم على حماعَةٍ وهو فيهم ولم يعْلَمْ، وقُلْنا: يَحْنَثُ كالنَّاسِي، فهل يَحْنَثُ هنا؟ على رِوايتَين؛ أصَحهما، لا. يَحْنَثُ. وإنْ عَلِمَ به فلم يَنْوه ولم يَسْتَثْنِه بقَلْبِه، فرِوايَتان؛ أصَحهما، يَحْنَثُ. وإنْ قصَدَه، حَنِثَ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، لا يَحنَثُ. قال في «الفُروعِ»: وذكَر جماعة مِثلَها الدخولَ كل فُلانٍ. وقال ابنُ منجى في «شَرْحِ»: وإنْ علِمَ به، ونَوَى السَّلامَ على الجميعِ، أو كَلامَهم، حَنِثَ، رِواية واحِدةً، وإن نَوَى السَّلَامَ على غيرِه، أو كلامَ غيرِه، لم يَحْنَثْ، رِوايةً واحِدةً، وإنْ أطْلَقَ، فرِوايَتانِ. فوائد؛ الأولَى، لو حَلَفَ على مَنْ يَمْتَنِعُ بيَمِينه، وقَصَدَ مَنْعَه؛ كالزَّوْجَةِ، والوَلَدِ، ونحوهما، ففَعَلَه ناسِيًا أو جاهِلًا، ففيه الرواياتُ المُتَقَدمَةُ. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي». وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وهو الصحيحُ. وقدمه في «الفُروعِ». وجزَم في «الوَجيزِ» أنه يَحْنَثُ في الطلاق والعَتَاق دُونَ غيرِهما. وهو ماشٍ على المذهبِ في الناسِي والجاهِلِ. وقيل: يَحْنَثُ هنا، وإنْ لم يَحْنَثْ هناك. واخْتارَ في «الترْغيبِ»، إنْ قَصَدَ أنْ لا يُخالِفَه، لم يَحْنَثِ الناسِي. واخْتارَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في مَن حَلَفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على غيرِه لَيَفْعَلنَّه، فخالفَه، لم يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرامَه لا إلْزامَه به؛ لأنه كالأمْرِ ولا يجِبُ، لأمْرِه -عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسلامِ- أبا بَكْر، رَضِيَ الله عُنه، بوُقوفِه في الصف، ولم يقفْ (¬1). ولأن أبا بَكْر أقْسَمَ ليُخْبِرَنه بالصَّوابِ والخَطَأ لمَّا فسَّر الرُّؤيا، فقال: «لأ تُقْسِمْ» (¬2). لأنَّه عَلِمَ أنه لم يقْصِدِ الإقْسامَ عليه مع المَصْلَحَةِ المُقْتَضِيَةِ للكَتْمِ. وقال أيضًا: إنْ لم يعْلَمْ المَحْلوفُ عليه بيَمينِه، فكالنَّاسِي. قال في «الفُروعِ»: وعدَمُ حِنْثِه هنا أظْهَرُ. انتهى. وأنا إنْ قصَدَ بمَنْعِهم أنْ لا يُخالِفُوه، وفَعلُوه كُرْهًا، لم يَحْنَثْ. قاله في «الرعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. الثَّانيةُ، قال في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما: وإنْ كان الحَلِفُ على مَن لا يَمْتَنِعُ بيَمِينه؛ كالسُّلْطانِ، والحاجِّ، اسْتَوَى العَمْدُ والسهْوُ والإكْراهُ وغيرُه. وقاله في «الوَجيزِ»، و «الرعايةِ الكُبْرى»، في السُّلْطانِ. الثالثةُ، لو فَعَلَه في حالِ جُنونِه، لم يَحْنَثْ، كالنّائمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: حُكْمُه حُكْمُ الناسِي. الرابعةُ، لو حَلَفَ لا يفْعَلُ شيئًا، ففَعَلَه مُكْرَهًا، لم يَحْنَثْ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وعنه، يَحْنَثُ. وقيل: هو كالنَّاسِي. قال في «المُحَررِ»: ويتَخَرَّجُ أنْ لا يَحْنَثَ إلا في الطَّلاقِ والعَتاقِ. ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 4/ 377. (¬2) سيأتي تخريجه في كتاب الأيمان.

وَإن حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيئًا، فَفَعَلَ بَعْضَهُ، لَمْ يَحْنَثْ. وَعَنْهُ، يَحْنَثُ، إِلا أنْ يَنْويَ جَمِيعَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويأتِي مَعْنَى ذلك في بابِ جامعِ الأيمانِ. الخامِسةُ، لو حَلَفَ: لا تَأخُذُ حَقَّكَ مِنِّي. فأكرِهَ على دَفْعِه إليه، أو أخَذَه منه قَهْرًا، حَنِثَ. جزَم به المُصَنِّفُ وغيرُه؛ لأن المَحْلوفَ عليه فَعَلَ الأخْذَ مُخْتارًا، وإنْ أكْرِهَ صاحِبُ الحَقِّ على أخْذِه، خُرجَ على الخِلافِ فيما (¬1) إذا حَلَفَ لا يفْعَلُ شيئًا، ففَعَلَه مُكْرَهًا، خرَّجه الأصحابُ على ذلك. قوله: وإنْ حَلَفَ لا يفْعَلُ شَيئًا، ففَعَلَ بعضَه، لم يَحْنَثْ. هذا المذهبُ ما لم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكُنْ له نِيةٌ أو سبَب أو قرِينَة. قال الشارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»،

وَإنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ. وَإذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأدخَلَهَا بَعْض جَسَدِهِ، أو دَخَلَ طَاقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطابِ وغيرُه. قاله المُصَنِّفُ. وعنه، يَحْنَثُ، إلَّا أنْ يَنْويَ جَمِيعَه. اخْتارَه الخِرَقِي، وأبو بَكْر، والقاضي، وأصحابُه، منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ في «خِلَافَيهِما» والشِّيرَازِي، وابنُ البَنا، وابنُ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وغيرُهم. قال في «الخُلاصةِ»: حَنِثَ على الأصحِّ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ حَلَفَ لا يَدْخُلُ دارًا، فأدْخَلَها بعضَ جَسَدِه، أو دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ. أو لا يَلْبَسُ ثَوْبا مِن غَزْلِهَا، فلَبِسَ ثَوْبًا فيه منه. أو لا يَشْرَبُ مَاءَ هذا الإنَاءِ،

الْبَابِ، أو لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أوْ لَا يَضْرَبُ مَاءَ هَذَا الإنَاءِ، فَضَرِبَ بَعْضَهُ، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فشَرِبَ بعضَه، خُرِّجَ على الرِّوَايتَين. وكذا لو حَلَفَ لا يَبِيعُ عَبْدَه ولا يَهَبُه، فباعَ نِصْفَه ووَهَبَ نِصْفَه. وجزَم به الشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما. وقاله المَجْدُ وغيرُه في غيرِ مسْألَةِ الدارِ. قال الزرْكشِي: ومِن صُوَرِ المَسْألةِ -عندَ الأكْثرِين، القاضي وغيرِه- لو حَلَفَ لا يدْخُلُ دارًا، فأدْخَلَها بعضَ جسَدِه. وفيها رِوايَتان مَنْصوصَتان، فالقاضي والأكثرون على التحْنِيثِ كمَسْألةِ الغزْلِ، وأبو بَكْر، وأبو الخَطَّابِ اخْتارا عَدَمَ التحْنِيثِ، واخْتارَ أبو بَكْرٍ، في مسْألةِ الغزْلِ وغيرِها، الحِنْثَ، كالجماعةِ. وأطْلَقَ في «المُحَررِ» في مَسْألةِ الدَّارِ الرِّوايتَين. فائدة: لو حَلَفَ، لا أَلْبس مِن غَزْلِها. ولم يقُلْ: ثَوْبًا. فلَبِسَ ثوْبًا فيه منه، أو: لا آكُلُ طَعامًا اشْتَرَتْه. فأكلَ طعامًا شُورِكَتْ في شِرائِه، فقيلَ: هو على الخِلافِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطابِ. وقيل: يَحْنَثُ هنا قوْلًا واحِدًا. وهو الصحيحُ. قدمه في «الفُروع». واخْتارَه المَجْدُ في «مُحَررِه»، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «المُغنِي».

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ ماءَ هَذَا النَّهْرِ، فَضَرِبَ مِنْهُ، حَنِث. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيد أو نَسَجَهُ، أوْ لَا يَأكلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيد، فَلَبِس ثَوبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيرُهُ، أو اشْتَرَيَاهُ، أوْ أكَلَ مِنْ طَعَام طَبَخَاهُ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَلَفَ لا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاه زَيدٌ أو نَسَجَه، أو لا يَأكلُ طَعامًا طَبَخَه زَيد. فلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَه هو وغيرُه، أو اشْتَرَيَاه، أو أكَلَ مِن طَعَام طَبَخاه، فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتَينِ. وأطْلَقهما في «الشّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجى»؛ إحْداهما، يحنثُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْر. وصححه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجِيزِ». وتقام اخْتِيارُ المَجْدِ في المُشارَكَةِ في الشِّراءِ. واخْتارَه المُصَنفُ أيضًا، واخْتارَه القاضي، والشرِيفُ، وأبو الخَطابِ، وابنُ البَنا، وغيرُهم في الجميعِ. والثانيةُ، لا يَحْنَثُ. وبعضُ الأصحابِ قال: يَحْنَثُ قوْلًا واحِدًا. ولم يَحْكِ فيها خِلافًا، كما حكَى في المَسائِل المُتَقَدمَةِ؛ منهم القاضي، والشرِيفُ، وأبو الخَطابِ، وابنُ البَنّا، وغيرُهم.

وَإنِ اشْتَرَى غَيرُهُ شَيئًا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَأكلَ أكثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ، حَنِثَ، وَإنْ أكلَ مِثْلَهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَى غيرُه شَيئًا فخَلَطَه بما اشْتَراه، فأكَلَ أكثر ممَّا اشْتَراه شَرِيكُه، حَنِثَ، وإنْ أكَلَ مِثْلَه، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهُما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ذَكَرَه في أواخِرِ جامِعِ الأيمانِ؛ أحدُهما، لا يَحْنَثُ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «التصْحِيحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوجِيزِ». والثاني، يَحْنَثُ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه أنه لو أكلَ أقَل منه، أنَّه لا يَحْنَثُ. وهو صحيح. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يحنَثُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو اشْتَراه لغيرِه، أو باعَه، حَنِثَ بأكْلِه منه. على الصَّحَيحِ مِنَ المذهبِ. وفيه احْتِمال. الثانيةُ، الشَّرِكَةُ والتَّوْلِيَةُ والسلَمُ والصلْحُ على مالٍ، شِراء.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب التأويل في الحلف

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ التَّأويلَ فِي الْحَلِفِ وَمَعْنَى التَّأويلِ أنْ يُرِيدَ بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا، لَمْ يَنْفَعْهُ تَأويلُهُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ»، وإنْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا فَلَهُ تَأويلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ التَّأويلَ في الحَلِفِ تنبيه: شَمِلَ قولُه: وإنْ لم يَكُنْ ظالِمًا، فله تَأويلُه. أنه لو لم يَكُنْ ظالِما ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَظْلُومًا، ينْفَعُه تأويلُه. وهو صحيح، وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو ظاهِرُ كلامِ المَجْدِ وغيرِه. وقيل: لا يَنْفَعُه تأويلُه والحالةُ هذه. حَكاه الشَّيخُ تَقِي الدينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، المَنْعُ مِن اليمينِ به (¬1). ويأتي ما يُشْبِهُ هذا قريبًا في التعْريضِ. فوائد؛ الأولَى، قولُه: وإنْ لم يَكُنْ ظالِمًا، فله تأويلُه. فعلى هذا، يَنْوي باللِّباسِ اللَّيلَ، وبالفِراش والبساطِ الأرْضَ، وبالأوْتادِ الجِبال، وبالسَّقْفِ والبِناءِ السماءَ، وبالأخُوةِ أخُوَّةَ الإِسْلام، وما ذكَرْتُ فُلانًا؛ أي ما قَطعْتُ ذَكَرَه، وما رَأيتُه؛ أي ما ضَرَبتُ رِئَتَه، وبـ. نِسائِي طَوالِقُ. أي نِساوه الأقارِبُ منه، وبـ: جَوارِيَّ أحْرارٌ سُفُنَه. وبـ: ما كاتَبْتُ فُلانًا. مُكاتَبَةَ الرَّقيقِ، وبـ: ما عرَّفْتُه. جعَلْتُه عَرِيفًا، و: لا أعْلَمْتُه. أي (¬2) أعلَم الشَّفَةِ (¬3)، و: لا سَألْتُه حاجَةً. وهي الشجَرَةُ الصَّغِيرةُ. ولا أكلْتُ له دَجاجَة. وهي الكُبَّةُ مِن الغَزْلِ، ولا فَرُّوجَةً. وهي الدُّراعَةُ. ولا في بَيتي فَرْش، وهي الصِّغارُ مِن الإِبلِ. ولا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في النسخ: «أو». (¬3) في ط، ا: «السفه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَصِيرٌ. وهو الحَبْسُ. ولا بارِيَّة؛ وهي السكينُ التي يُبْرَى بها. ويقول: والله ما أكَلْتُ مِن هذا شيئًا. ويعْنِي به الباقِيَ، وكذا ما أخَذْتُ منه شيئًا. قال المُصَنفُ، والشارِحُ: فهذا وأشْباهُه ممَّا يَسْبِقُ إلى فَهْمِ السَّامعِ خِلافُه، إذا عَناه بيَمِينه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو تأويل؛ لأنه خِلافُ الظَّاهرِ. ويأتِي آخِرَ البابِ زِيادات على هذا. الثَّانيةُ، يجوزُ التَّعْريضُ في المُخاطَبَةِ لغيرِ ظالم بلا حاجَةٍ. على الصحيح مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لا يجوزُ. ذكَره الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه الله، واخْتارَه؛ لأنه تَدْليس كتَدْليسِ البَيعِ (¬1). وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، التدْليسَ، وقال: لا يُعْجِبُنِي. والمَنْصوصُ: لا يجوزُ التعْريضُ مع اليَمِينِ، ¬

(¬1) في الأصل: «المبيع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقْبَلُ في الحُكْمِ مع قُرْبِ الاحْتِمالِ مِن الظَّاهرِ، ولا يُقْبَلُ مع بُعْدِه، ومع توَسُّطِه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «المذهب»، و «المُسْتَوْعِبِ». يعْنِي، سواءً قَرُبَ الاحْتِمالُ أو توَسَّطَ؛ إحْداهما، يُقْبَلُ. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، في أولِ بابِ جامعِ الأيمانِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزُّبْدَةِ». وصححه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». والثانيةُ، لا يُقْبَلُ.

فَإذَا أكَلَا تَمْرًا، فَحَلَفَ لتخْبِرِنِّي بِعَدَدِ ما أكَلْتُ. أوْ: لتمَيِّزِنَّ نَوَى مَا أكَلْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثالثةُ، قولُه: فإذا أكَلَ تمْرًا، فحَلَفَ: لتُخْبِرِنِّي بعَدَدِ ما أكَلْتُ، أو لتُمَيِّزِنَّ

فَإنَّهَا تُفْرِدُ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا، وَتَعُدُّ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ مَا أكَلَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَوَى ما أكلْتُ، فإنَّها تُفْرِدُ كُل نَواةٍ وَحْدَها وتَعُدُّ مِنْ واحِدٍ إلى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ ما أكَلَ فِيه. قاله كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقدمه في «الرِّعايتَين»: وقال: وقيلَ: إنْ نَوَاه، وإلَّا حَنِثَ. واعلمْ أن غالِبَ هذا البابِ مَبْنِيٌّ على التخَلصِ مما حَلَفَ عليه بالحِيَلِ. والمذهبُ المَنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أن الحِيلَ لا يجوزُ فِعْلُها، ولا يَبَرُّ بها. وقد نص الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، على مَسائِلَ؛ مِن ذلك، أنَّه إذا حَلَفَ ليَطَأنها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في نَهارِ رَمَضانَ، ثم سافَرَ ووَطِئَها، فنَصُّه: لا يُعْجِبُنِي ذلك؛ لأنَّه حِيلَة. وقال أيضًا: مَنِ احْتال بحيلَةٍ فهو حانث. ونقَل عنه المَيمُونِي، نحن لا نَرَى الحِيلَةَ إلَّا بما يجوزُ. فقال له: إنهم يقُولون لمَنْ قال لامْرَأتِه، وهي على درَجَةِ سُلَّم: إنْ صعَدْتِ أو نزَلْتِ فأنتِ طالِق. فقالوا: تُحْمَلُ عنه، أو تَنْتَقِلُ عنه إلى سُلَّم آْخَرَ. فقال: ليسَ هذا حِيلَةً، هذا هو الحِنْثُ بعَينه. وقالوا: إذا حَلَفَ لا يَطَأ بِساطًا، فوَطِيء على اثْنَينِ، وإذا حَلَفَ لا يدْخُلُ دارًا، فحُمِلَ وأُدْخِلَ إليها طائِعًا. قال ابنُ حامدٍ وغيرُه: جملةُ مذهبِه أنَّه لا يجوزُ التحَيُّلُ في اليَمينِ، وأنَّه لا يَخْرُجُ منها إلَّا بما ورَدَ به سمْع؛ كنِسْيانٍ وإكْراهٍ واسْتِثْناءٍ. قاله في «التَّرْغِيبِ». وقال: قال أصحابُنا: لا يجوزُ التَّحَيُّلُ لإسْقاطِ حُكْمِ اليمينِ، ولا يسْقُطُ بذلك. ونقَل المَرُّوذِي، «لعَنَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له» (¬1). وقالتْ عائشَةُ: لَعَنَ الله صاحِبَ المَرَقِ، لقد احْتَال حتى أكَلَ. ونصُّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في مَن حَلَفَ بالطَّلاق الثَّلاثِ ليَطَأنها اليومَ فإذا هي حائض، أو ليَسْقِيَنَّ ابْنَه خَمْرا: لا يَفعَلُ وتَطْلُقُ. فهذه نُصوصُه، وقولُ أصحابِه. وقد ذكَر أبو الخَطّابِ وجماعة كثيرةٌ مِن الأصحابِ جوازَ ذلك، وذكَروا مِن ذلك مَسائِلَ كثيرةً مذْكُورَةً في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهم. وأعْظَمُهم في ذلك صاحِبُ «المُسْتَوعِبِ»، و «الرِّعايتَين» فيهما، وذكَر المُصَنِّفُ هنا بعْضَها. قلتُ: الذي نَقْطَعُ به، أن ذلك ليسَ بمذهبٍ أحمدَ، رَحِمَه الله، مع هذه النُّصوصِ المُصَرِّحَةِ بالحِنْثِ، ولم يردْ عنه ما يُخالِفُها، ولكِنْ ذكَر ذلك بعْضُ الأصحابِ. فنحن نذْكُرُ شيئًا مِن ذلك؛ حتى لا يَخْلُوَ كتابُنا منه، في آخِرِ البابِ، تبَعًا ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 20/ 405.

وَإنْ حَلَفَ لَيَقْعُدَنَّ عَلَى بَارِيَّةٍ فِي بَيتهِ، وَلَا يُدْخِلُهُ بَارِيَّةً، فَإنَّهُ يُدْخِلُ قَصَبًا فَيَنْسِجُهُ فِيهِ. وَإنْ حَلَفَ لَيَطْبُخَن قِدْرًا بِرَطْلِ مِلْح، وَيَأكُلُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ، فَإِنَّهُ يَسْلُقُ بِهِ بَيضًا. وَإن حَلَفَ لَا يَأكُلُ بَيضًا وَلَا تُفَّاحًا، وَلَيَأكُلَنَّ مِمَّا فِي هَذَا الْوعَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ للمُصَنِّفِ؛ فمِن ذلك ما قاله المُصَنفُ هنا: وإنْ حَلَفَ ليَقْعُدَنَّ على بارِيَّةٍ في بَيته ولا يُدْخِلُه بارِيةً، فإنه يُدْخِلُه قَصَبًا فيَنْسِجُه فيه. قاله جماعةٌ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقال: وقيلَ: إنْ أدْخَلَ بَيتَه قصَبًا لذلك، فنُسِجَتْ فيه، حَنِثَ، وإنْ طَرأ قصْدُه وحَلِفُه، والقَصَبُ فيه، فوَجْهانِ. قوله: وإنْ حَلَفَ ليَطبخَنَّ قِدْرًا برَطْلِ مِلْح، ويَأكلُ منه ولا يجِدُ طَعْمَ المِلْحِ، فإَّنه يَسْلُقُ فيه بَيضًا، وإنْ حَلَفَ لا يأكُلُ بَيضًا ولا تُفاحًا، وليَأكُلَنّ ممَّا

فَوَجَدَهُ بَيضًا وَتُفَّاحًا، فَإنهُ يَعْمَلُ مِنَ الْبَيضِ نَاطِفًا، وَمِنَ التُّفَّاحِ شَرَابًا. وَإنْ كَانَ عَلَى سُلَّمٍ، فَحَلَفَ لَا صَعِدْتُ إلَيكِ، وَلَا نَزَلْتُ إلَى هَذِهِ، وَلَا أقَمْتُ مَكَانِي سَاعَةً. فَلْتَنْزِلِ الْعُلْيَا وَتَصْعَدِ السُّفْلَى، فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في هذا الوعاءِ، فوجدَه بَيضًا وتُفَّاحًا، فإنَّه يَعْمَلُ منَ البَيضِ ناطِفًا، ومِنَ التفَّاحِ شَرابًا. قاله جماعة. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: يَحْنَث للتَّعْيِينِ. وإنْ كان على سُلَّم، فحلَفَ، لا صَعِدْتُ إليكِ، ولا نَزَلْتُ إلى هذه، ولا أقَمْتُ مَكانِي ساعةً. فلتَنْزِلِ العُلْيَا، ولتَصْعَدِ السُّفْلَى، فتَنْحَل يَمِينُه.

وإنْ حَلَفَ لَا أقَمْتُ عَلَيهِ، وَلَا نَزَلْتُ مِنْهُ، وَلَا صَعِدْتُ فِيهِ. فَإنهُ يَنْتَقِلُ إلَى سُلم آخَرَ. وإنْ حَلَفَ لَا أقمْتُ فِي هَذَا الْمَاءِ، وَلَا خَرَجْتُ مِنْهُ، فَإن كَانَ جَارِيًا لَمْ يَحْنَثْ، إذَا نَوَى ذَلِكَ المَاءَ بِعَينهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ حَلَفَ لا أقمْتُ عليه، ولا نَزَلْتُ منه، ولا صَعِدْتُ فيه. فإنَّه ينْتَقِلُ إلى سُلَّمٍ آخَرَ. قوله: وإنْ حلَف لا أقَمْتُ في هذا الماءِ، ولا خَرَجْتُ منه. فإنْ كانَ جاريًا لم يحْنَثْ إذا نَوَى ذلك الماءَ بعَينه. قدَّمه الشَّارِحُ، وقال: هذا الذي ذكَرَه القاضي في «المُجَردِ». وقال في «الفُروعِ» في بابِ. جامعِ الأيمانِ: حَنِثَ بقَصْدٍ أو سبَبٍ. انتهى. وقال في «الرِّعايتَين»: إنْ كان في ماءٍ جارٍ، ولا نِيةَ له، لم تَطْلُقْ. وقيل: إنْ نَوَى الماءَ بعَينه، وإلا حَنِثَ، كما لو قصَدَ خرُوجَها مِن النَّهْرِ، أو أفادَتْ قرِينَةٌ. قال القاضي في كتاب آخرَ: قِياسُ المذهبِ، أنه يَحْنَثُ، إلَّا أنْ يَنْويَ عَينَ الماءِ الذي هي فيه؛ لأنَّ إطْلاقَ يمينه يَقْتَضِي خُروجَها مِن النهْرِ

وَإنْ كَانَ وَاقِفًا، حُمِلَ مِنْهُ مُكْرَهًا. وإنِ استَحْلَفَهُ ظَالِم: مَا لِفُلَانٍ عِنْدَكَ وَدِيعَة؟ وَكانَتْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَة، فَإِنَّهُ يَعْنِي بـ «مَا»: الَّذِي، وَيَبَرُّ فِي يَمِينهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو إقامَتَها فيه. قوله: وإنْ كانَ واقِفًا، حُمِلَ منه مُكْرَهًا. هذا قولُ أبي الخَطَّابِ، وجماعةٍ كثيرَةٍ. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه يَحْنَثُ؛ لأنه حِيلَةٌ، كما تقدَّم. وقدمه في «الفُروع». قوله: وإنِ اسْتَحْلَفَه ظَالِمٌ: ما لفُلانٍ عندَك وَديعَة؟ وكانَتْ له عندَه وَدِيعَةٌ، فإنّه يَعْنِي بـ «مَا» الذِي، ويَبَرُّ في يمِينه. ويَبرُّ أيضًا إذا نَوَى غيرَ الوَدِيعَةِ واسْتَثْنَى بقَلْبِه، فإنْ لم يتَأوَّلْ، أثِمَ، وهو دُونَ إثْمِ إقْرارِه بها، ويُكَفرُ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ والروايتَين. ذكَرهما ابنُ الزاغُونِي، وعزَاهما الحارِثِي إلى «فَتاوَى» أبي

وَإنْ حَلَفَ لَهُ مَا فُلَان ههنَا. وَعَنَى مَوْضِعًا مُعَينًا بَرَّ فِي يَمِينهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ. قال في «الفُروعِ»: ولم أرَهما فيها. وذكَر القاضي، أَنه يجوزُ جَحْدُها بخِلافِ اللقَطَةِ. فائدة: لو لم يَحْلِفْ، لم يَضْمَنْ عندَ أبِي الخَطابِ، وعندَ ابنِ عَقِيل، لا يسْقُطُ ضَمانُه، كخوْفِه مِن وُقوعِ طَلاقٍ، بل يَضْمَنُ بدَفْعِها؛ افْتِداءً عن يَمِينه. وفي «فَتاوَى» ابنِ الزَّاغُونِيِّ، إنْ أبى اليَمينَ بطَلاق أو غيرِه، فصارَ ذَرِيعَةً إلى أخْذِها، فكإقْرارِه طائِعًا، وهو تَفْريط عندَ سُلْطانٍ جائر. انتهى. فائدة: قولُه: وإنْ حلَف له ما فلانٌ ها هنا، وعَنَى مَوْضِعًا مُعَيَّنًا، بَرَّ في يَمينه.

وَإنْ حَلَفَ عَلَى امْرأتِهِ: لَا سَرَقْتِ مِنِّي شَيئًا. فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَتِهِ، لَمْ يَحْنَثْ، إلَّا أنْ يَنْويَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد فعَل هذا المَروذِي عندَ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، فلم يُنْكِرْ عليه، بل تَبَسَّمَ. تنبيه: قولُه: وإنْ حلَف على امْرَأتِه: لا سرَقْتِ مني شَيئًا. فخانَتْه في ودِيعَتِهِ، لم يَحْنَثْ، إلا أنْ يَنْويَ. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ بقَصْدٍ أو سَبَب. فوائدُ مما ذكَرَها بعْضُ المُتأخرين زِيادةً على ما تقدَّم: لو كان في فَمِها رُطَبَة، فقال: إنْ أكَلْتها أو ألقَيتها أو أمْسَكْتِها فأنتِ طالِق. فإنها تأكلُ بعْضَها، وتَرْمِي الباقِيَ، ولا تَطْلُقُ في إحْدَى الروايتَين؛ بِناءً على مَنْ حَلَفَ لا يفْعلُ شيئًا، ففَعَلَ بعْضَه، على ما تقدم. وإنْ حَلَفَ لَتَصْدُقِنَّ، هل سَرَقْتِ مِني (¬1) أمْ لا؟ وكانتْ قد سرَقَتْ، فقالتْ: سرَقْتُ منك، ما سرَقْتُ منكَ. لم تَطْلُقْ. فإنْ قال: إنْ قُلْتِ لي شيئًا ولم أقُلْ لك مِثْلَه فأنْتِ طالِق. فقالتْ: أنتِ طالِق. بكسْرِ التاءِ، فقال مِثْلَها وعلّقَه بشَرْطٍ يتَعَذَّرُ، لم تَطْلُقْ. قاله في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وتقدم حُكْمُ ذلك، إذا كسَرَ التاءَ أو فتَحَها أو ما أشْبَهَ ذلك، في أوَّلِ بابِ صَريحِ الطَّلاق وكِناياتِه مُسْتَوْفى، فليُعاوَدْ ذلك. وإنْ قال لها: أنتِ طالِق إنْ سَألتِني الخُلْعَ ولم أخْلَعْك عَقِبَ سُؤالِكِ. فقالتْ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عبْدِى حُرٌّ إنْ لم أسْألكَ الخُلْعَ اليومَ. فخلاصُها أنْ تسْأله (¬1) الخُلْعَ في اليومِ، فيقولَ الزَّوْجُ: قد خَلَعْتُكِ على ما بذَلْتِ إنْ فعَلْتِ اليومَ كذا. فتقولَ الزَّوْجَة: قد قَبِلْتُ. ولا تَفْعَلُ هي ما علَّق خُلْعَها على فِعْلِه، فقد بَر في يمينه. وإنِ اشْتَرَى خِمارَين، وله ثَلاثُ نِسْوَةٍ، فحلَفَ لتَختَمِرَنَّ كلُّ واحدةٍ عِشْرِينَ يومًا مِنَ الشهْرِ. اخْتَمَرِتِ الكُبْرَى والوُسْطى بهما عَشَرَةَ أيام، وأخَذَتْه الصُّغْرَى مِن الكُبْرَى إلى آخرِ الشهْرِ، واخْتَمَرتِ الكُبْرى بخِمارِ الوُسْطى بعدَ العِشْرِينَ إلى آخِرِ الشهْرِ. وكذا رُكُوبُهُنَّ لبَغْلَينِ ثَلاثةَ فَراسِخَ. فإنْ حَلَفَ، لَيقْسِمَنَّ بينَهنَّ ثَلاثين قارُورَة؛ عَشَرَةً ممْلُوءةً، وعَشَرَةً فارِغَةً، وعَشَرَةً مُنَصَّفَةً، قلَبَ كُلَّ مُنَصَّفَةٍ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في أخْرَى. فلكُلِّ واحدةٍ خَمْسَة ممْلُوءَة وخَمْسَة فارغَة. فإنْ كان له ثَلاُثونَ نَعْجَةً؛ عَشْر نتَجَتْ كل واحدةٍ ثَلاثَ سَخْلاتٍ، وعَشْر نتَجَتْ كلُّ واحدةٍ سَخْلَتَين، وعَشْر نتَجَتْ كلُّ واحدةٍ سَخْلَةً، ثم حَلَفَ بالطلاق لَيَقْسِمَنها بينَهُنَّ؛ لكُلِّ واحدةٍ ثَلاُثونَ رأسًا مِن غيرِ أنْ يُفرِّقَ بينَ شيءٍ مِن السِّخالِ وأمهاتِهِن. فإنَّه يُعْطِي إحْداهُنَّ العَشْرَ التي نتَجَتْ كلُّ واحدةٍ سَخْلَتَينِ، ويقسِمُ بينَ الزوْجَتَينِ ما بَقِيَ بالسَّويةِ، لكُلِّ واحدةٍ خَمس مما نِتاجُها ثَلاث، وخَمس ممَّا نِتَاجُها واحدة. وإنْ حَلَف، لا شَرِبْتِ هذا الماءَ ولا أرَقْتِه ولا تَرَكْتِه في الإناءِ ولا فعَلَ ذلك غيرُكِ. فإذا طَرَحَتْ في الإناءِ ثَوْبًا فشَرِبَ الماءَ ثم جفَّفَتْه بالشمْسِ، لم يَحْنَثْ. وإنْ حَلَفَ لَتَقْسِمَنَّ هذا الدهْنَ نِصْفَين، ولا تَسْتَعِيرُ كَيلًا ولا مِيزانًا. وهو ثَمانيةُ أرْطالٍ في ظَرْف، ومعه آخَرُ يسَعُ خَمْسَة، وآخَرُ يسَعُ ثلاثة، أخَذ بظَرْفِ الثَّلاثةِ مرَّتَينِ، وألقاه في ظَرْفِ الخَمْسَةِ، وترَكَ الخَمْسَةَ في ظَرْفِ الثمانيةِ، وما بَقِيَ في الثُّلاثيِّ يضَعُه في الخُماسِي، ثم مَلأ الثُّلاثيَّ مِن الثُّمانِيِّ، والقاهُ في الخُماسِيِّ، فيَصِيرُ فيه أربَعَة، وفي الثُّمانِيِّ أرْبَعَة. وإنْ ورَدَ الشط أرْبَعة فأكثرُ، معهم نِسائهم، والسَّفِينَةُ لا تسَع غيرَ اثْنَينِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فحَلَفَ كل واحدٍ، لا رَكِبَتْ زَوْجَتُه مع رَجُل فأكثرَ إلَّا وأنا معَها. فأنه يعْبُرُ رجل وامْرأته، ثم يصْعَدُ زوْجُها وتعُودُ هي، فتَعْبُرُ أخْرَى، وتَصْعدُ الأولَى إلى زَوْجِها، وتعُودُ الثانيةُ فيَعْبُرُ زوْجها فيَصْعَدُ هو، وتعُودُ امْرأته فتَعْبُرُ الثَّالثةُ، وتصْعَدُ هي إلى زَوْجِها، وتعُودُ الثَّالثةُ فيَعْبُرُ زوْجُها، فيَصْعَدُ هو وتعُودُ هي، فتَعْبُرُ الرابِعَةُ، وتصْعَدُ الثَّالِثَةُ إلى زَوْجِها، وتعُودُ الرَّابعَةُ، فيَعْبُرُ زَوْجُها فيَصْعَدان معًا. وعلى هذِه الطريقةِ يتخلَّصُونَ ولو كانوا ألفًا. وإنْ كانُوا ثلاثة، فحَلَفَ كلُّ واحد، لا قرُبْتِ جانِبَ النهْرِ وفيه رَجُل إلَّا وأنا مَعَك. فتَعْبُرُ امْرأتان، فتَصْعَدُ إحْداهما، وتَرْجِعُ الأخرَى، فتَأخُذُ الثالثةَ وترجِعُ إلى زَوْجِها، وينْزِل زَوْجا المَرْأتين فيَصْعدان إليهما، وينْزِل رَجُل وامْرَأته فيَعْبران، فتَصْعَدُ امْرأته، ويَنْزِلُ الرَّجُلُ مع الرجُلِ فيَعْبُران، وتَنْزِلُ المرْأةُ الثَّالِثَةُ، فتعْبُرُ بالمَرْأتين واحدة واحدة، فيَصْعَدْنَ الثَّلاثُ إلى أزْواجِهِنَّ. قال في «الهِدايَةِ»: ولا تُتَصَوَّرُ (¬1) هذه الطريقةُ في أكثرَ مِن ثَلاثة فإن قال: فإن وَلَدْتِ وَلَدَين ذَكَرَين أو أنثَيَن أو حَيَّين أو مَيتين فأنتِ طالِق. فوَلَدَتِ اثنين ¬

(¬1) في الأصل: «تتصرف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلم تَطْلُقْ، فقد ولَدَتْ ذكرًا وأنثَى، حيا ومَيتا. وإنْ حَلَفَ، لا يُقِر على سارِقِه، وسُئِلَ عن قَوْم فقال: لا. وسُئِلَ عن خَصْمِه فسَكَتَ، وعُلِمَ به، لم يَحْنَثْ. قدمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: يَحْنَثُ إنْ سأله الوالِي عن قَوْم هو فيهم، فبَرأهم، وسَكَتَ يُريدُ التنبِيهَ عليه، إلَّا أنْ يُريدَ حَقِيقَةَ النطْقِ والغَمْزَ. فإنْ حَلَفَ على زَوْجَتِه في شَعْبانَ بالثلاثِ أنْ يُجامِعَها في نَهارِ شَهْرَين مُتَتابِعَين، فدخَلَ رَمَضانُ، فالحِيلَةُ أنْ يُسافِرَ بها. قدمه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». [واخْتارَه المُصَنِّفُ، والعَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ في «إعْلامِ المُوَقِّعِين»] (¬1). فإنْ حاضَتْ، وَطِيء وكفَّرَ بدِينار أو نِصْفِ دِينار. على ما تقدَّم في بابِ الحَيضِ. وتقدم نص الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، في ذلك، أنَّه لا يفْعَلُ، ويُطَلِّقُ. وهو الصَّوابُ. فإنْ حَلَفَ بالطلاقِ: إنِّي أحب الفِتْنَةَ، وأكْرَهُ الحق، وأشْهَدُ بما لم تَرَه عَيني، ولا أخافُ مِن اللهِ ولا مِن رَسُولِه، وأنا عَدْل مُؤمِن مع ذلك. فلم يقَع الطلاقُ؛ فهذا رجل يُحِب المال والوَلَدَ، قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (¬2). ويَكْرَهُ الموْتَ وهو حَق، ويَشْهَدُ بالبَعْثِ والحِسابِ، ولا يَخافُ مِن اللهِ ولا مِن رسُولِه الظُّلْمَ والجَوْرَ. وإنْ حَلَفَ أن امْرأته بعَثَتْ إليه، فقالتْ: قد حَرُمْتُ عليكَ، وتزَوَّجْتُ بغيرِكَ، وأوْجَبْتُ عليكَ أنْ تُنْفِذَ إلي بنَفَقَتِي ونفَقَةِ زَوْجي. وتكونُ على الحقِّ في جميعِ ذلك؛ فهذه امْرأة زوَّجَها أبوها مِن مَمْلُوكِه، ثم بعَثَ المَمْلُوكَ في تجارَةٍ، وماتَ الأبُ، فإن البِنْتَ تَرِثُه، ويَنْفَسِخُ نِكاحُ العَبْدِ، وتَقْضِي العِدَّةَ، وتتَزَوجُ برَجُل فتُنْفِذُ إليه: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سورة التغابن 15.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابْعَثْ لي مِنَ المالِ الذي معكَ، فهو لي. وتقدَّم ذلك في أواخرِ بابِ المُحَرماتِ في النكاح. فإنْ كان له زَوْجَتان إحْداهما في الغُرْفَةِ والأخْرَى في الدارِ، فصَعِدَ في الدَّرَجَةِ، فقالتْ كل واحدةٍ: إلي. فحلَفَ لا صَعِدْتُ إليك، ولا نَزَلْتُ إليك، ولا أقَمْتُ مَقامِي ساعَتِي. فإن التي في الدارِ تَصْعَدُ، والتي في الغُرْفَةِ تَنْزِلُ، وله أنْ يصْعَدَ وينْزِلَ إلى أيهما شاءَ. وتقدم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ. فإنْ حَلَفَ على زوْجَتِه: لا لَبِسْتِ هذا القَمِيصَ، ولا وَطِئْتُك إلَّا فيه. فلَبِسَه ووَطِئَها، لم يَحْنَث. وإنْ حَلَفَ ليجامِعَنها على رَأسِ رُمْح، فنقَبَ السقْفَ وأخْرَجَ منه رأسَ الرمْحِ يسِيرًا وجَامَعَها عليه، بَر. وإنْ حلَف لتُخْبِرنه بشيء رأسُه في عَذاب، وأسْفَلُه في شَراب، ووَسطُه في طَعام، وحوْلَه سَلاسِلُ وأغْلالْ، وحَبْسُه في بَيتِ صُفْر، فهو فَتِيلَةُ القِنْديلِ. وإنْ حَلَفَ أنه يَطأ في يَوْم، ولا يغْتَسِلُ فيه مع قُدْرَته على اسْتِعْمالِ الماءِ، ولا تفُوتُه صلاةُ جماعَةٍ مع الإمامِ، فإنَّه يُصَلِّي معه الفَجْرَ والطهْرَ والعَصْرَ، ويَطَأ بعدَها، ويغْتَسِلُ بعدَ غُروبِ الشمس، ويُصَلِّي معه. فإنْ حَلَفَ في يوم: إن الله فرَضَ عليه فيه خمْسَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وصدَقَ. فهو يَوْمُ الجُمُعَةِ. وإنْ قال: تِسْعَ عَشْرَةَ. فهو يَوْمُ عيدٍ إنْ وَجَبَتْ صَلاتُه. وإنْ حَلَفَ أنه باعَ تَمْرًا، كلُّ رَطْلٍ بنصْفِ دِرْهَم، وتِينًا، كلُّ رَطْل بدِرْهَمَين، وزَبيبًا، كل رَطْل بثَلاثةٍ، فبَلغ الثمَنُ عِشْرِينَ دِرْهما والوَزْنُ عِشْرونَ رَطْلا وبَرَّ، فالتمْرُ أرْبعَةَ عَشَرَ رَطْلا، والتينُ خَمْسَة، والزَّبِيبُ رَطْل. فإنْ حَلَفَ: إنِّي رأيتُ رجُلا يُصَلِّي إمامًا بنَفْسَين وهو صائمٌ، ثم الْتفَتَ عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يمينه فنَظَرَ إلى قوْم يتحَدَّثُون، فحَرُمَتْ عليه امْرَأته، وبطَلَ صَوْمُه وصَلاتُه، ووَجَبَ جَلْدُ المأمُومَين ونَقْضُ المَسْجِدِ وهو صادِق. فهذا رجُل تزَوَّجَ بامْرأة قد غابَ عنها زوْجُها، وشَهِدَ المأمُومان بوَفاتِه، وأنَّه وَصَّى بدَارِه أنْ تُجْعَلَ مسْجِدًا، وكان على طَهارَة صائمًا، فالْتفَتَ فرأى زَوْجَ المرأةِ قد قَدِمَ، والناسُ يقولُونَ: قد خرَجَ يومُ الصَّوْمِ، ودَخَلَ يومُ العيدِ. وهو لم يعْلَمْ بأنَّ هِلال شَوال قد رُئِيَ، ورأى على ثَوْبه نَجاسَةً، أو كان مُتَيَمما فرأى الماءَ بقُرْبِه، فإن المرْأةَ تحْرُمُ بقُدومِ الزّوْجِ، وصَوْمَه يَبْطُلُ برُؤيَةِ هِلالِ شَوَّال، وصَلاته تَبْطُلُ برُؤيَةِ الماءِ [أو النجاسَةِ] (¬1)؛ ويُجْلَدُ الرَّجُلانِ؛ لكَوْنِهما قد شَهِدَا بالزورِ، ويجِبُ نَقْضُ المسجدِ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ ما صحتْ، والدَّارُ لمالِكِها. فإنْ حَلَفَ على زوْجَتِه، لا أبصَرْتُك إلا وأنتِ لابِسَة عاريَة حافِيَة راجِلَة راكِبَة. فأبْصرَها ولم تَطْلُقْ؛ فإنَّها تجِيئُه باللَّيلِ عُرْيانَةً حافِيَة راكبةً في سَفِينَةٍ، فإنَّ اللهَ تعالى قال: {وَجَعَلْنَا اللَّيلَ لِبَاسًا} (¬2)، و {وَقَال ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} (¬3). فإنْ حَلَفَ أنَّه رأى ثلاثةَ إخْوَةٍ لأبوَين؛ أحدُهم عَبْد، والآخَرُ مَوْلى، والآخَرُ عرَبِي وبَرَّ؛ فإن رجُلا تزَوَّجَ أمَةً، فأتَت بابن فهو عَبْد، ثم كُوتِبَت فأدَّت وهي حامِل بابن فتَبِعَها في العِتْقِ، فهو مَوْلى، ثم وَلَدَتْ بعدَ الأداءِ ابْنًا، فهو عرَبِي. وإنْ حَلَفَ أن خَمْسَةً زنَوْا بامْرأةٍ، لَزِمَ الأولَ القَتْلُ والثاني الرَّجْمُ والثَّالِثَ الجَلْدُ والرَّابعَ نِصْفُ الجَلْدِ ولم يَلْزَمِ الخامِسَ شيء، وبر في يمينه؛ فالأولُ ذِمي، والثاني ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سورة النبأ 10. (¬3) سورة هود 41.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحْصَنٌ، والثالِثُ بِكْرٌ، والرَّابعُ عَبْدٌ، والخامِسُ حَرْبِيٌّ. فوائد؛ في المَخارِجِ مِن مَضايقِ الأَيمانِ، وما يجوزُ اسْتِعْمالُه حال عَقْدِ اليمينِ، وما يُتَخَلصُ به مِنَ المَأثَمِ والحِنْثِ. إذا أرادَ تخْويفَ زوْجَتِه بالطَّلاقِ، كمن خرَجَتْ مِن دارِها، فقال لها: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إنْ خرَجْتِ مِن الدَّارِ إلَّا بإذْنِي. ونَوَى بقَلْبِه: طالِقٌ مِن وَثاقٍ، أو مِن العمَلِ الفُلانِيِّ؛ كالخِياطَةِ، والغزْلِ، أو التَّطْريزِ، ونَوَى بقَوْلِه (¬1): ثلاثًا. ثلاثةَ أيَّامٍ، فله نِيَّته، فإنْ خرَجَتْ، لم تَطْلُقْ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، رِوايةً واحدةً، ولا في الحُكْمِ. على إحْدَى الرِّوايتَين. وأطْلَقهما في «المُسْتَوْعِب»، و «الحاوي»، و «الرِّعايتَين». قلتُ: الصَّوابُ وُقوعُ الطَّلاقِ؛ لأنَّ هذا احْتِمالٌ بعيدٌ. وكذلك الحُكْمُ إذا نَوَى بقوْلِه: طالِقٌ. الطَّالِقَ مِنَ الإبلِ؛ وهي النَّاقَةُ التي يُطْلِقُها الرَّاعِي وحدَها أوَّلَ الإبلِ إلى المَرْعَى، ويَحْبِسُ لبَنَها ولايحْلُبُها إلَّا عندَ الوُرودِ، أو نَوَى بالطَّالقِ (¬2) النَّاقَةَ التي يُحَلُّ عِقالُها. وكذا إنْ نوَى: إنْ خرَجَتْ ذلك اليومَ، أو إنْ خرَجَتْ وعليها ثِيابُ خَزٍّ أو إبْرَيسَمٍ، أو غيرِ ذلك، أو إنْ خرَجَتْ عُرْيانَةً، أو راكِبَةً بغْلًا أو حِمارًا، أو إنْ خرَجَتْ ليلًا أو نَهارًا، فله نِيَّتُه. ومتى خرَجَتْ على غيرِ الصِّفَةِ التي نَواها، لم يَحْنَثْ. وكذا الحُكْمُ إذا قال: أنتِ طالِقٌ إنْ لَبِسْتِ. ونَوَى ثَوْبًا دُونَ ثَوْبٍ، فله نِيَّته. وكذا الحُكْمُ إنْ كانتْ يمِينُه (¬3) بعَتاقٍ. وكذا إنْ وضَع يدَه على ضَفِيرَةِ شَعَرِها، وقال: أنتِ طالِقٌ. ونَوَى مُخاطَبَةَ الضَّفِيرَةِ، أو وضَع يدَه على شَعَرِ عَبْدِه، وقال: أنتَ حُرُّ. ونَوَى ¬

(¬1) في الأصل، ط: «بقلبه». (¬2) في الأصل، ط: «الطلاق». (¬3) في الأصل: «نيته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخاطَبَةَ الشَّعَرِ. أو: إنْ خرَجْتِ مِن الدَّارِ. أو: إنْ سرَقْتِ مِنِّي. أو: إنْ خُنْتِنِي في مالٍ. أو: إنْ أفْشَيتِ سِرِّي. أو غيرُ ذلك ممَّا يريدُ مَنْعَها منه، فله نِيَّتُه. كذا إنْ أرادَ ظالِمٌ أنْ يُحَلِّفَه بطَلاقٍ أو عَتاقٍ؛ أنْ لا يفْعَلَ ما يجوزُ له فِعْلُه، أو أنْ يفْعَلَ ما لا يجوزُ له فِعْلُه، أو أنَّه لم يفْعَلْ كذا لشيءٍ لا يَلْزَمُه الإقْرارُ به، فحلَفَ ونوَى شيئًا ممَّا ذكَرْنا، لم يَحْنَثْ. وكذا إنْ قال له: قُلْ: زَوْجَتِي، أو كلُّ زَوْجَةٍ لي طالِقٌ إنْ فعَلْتُ كذا. أو: إنْ كُنْتُ فعَلْتُ كذا. أو: إنْ لم أفْعَلْ كذا. فقال، ونَوَى زوْجَتَه العَمْياءَ، أو اليَهُودِيةَ، أو كلَّ زَوْجَةٍ له عَمْياءَ، أو يَهُودِيةٍ، أو نَصْرانِيَّةٍ، أو عَوْراءَ، [أو خَرْساءَ، أو حَبشِيَّةٍ، أو رُومِيَّةٍ، أو مَكِّيَّةٍ، أو مَدَنِيَّةٍ] (¬1)، أو خُراسانِيَّةٍ، أو نَوَى كلَّ امْرأةٍ تزوَّجْتُها بالصِّينِ، أو بالبَصْرَةِ، أو بغيرِها مِن المَواضعِ، فمتى لم يكُنْ له زوْجَةٌ على الصِّفَةِ التي نَواها، وكانَ له زَوْجاتٌ على غيرها مِن الصِّفاتِ، لم يَحْنَث. وكذا حُكْمُ العتَاقِ. وكذلك إنْ قال: نِساؤُه طَوالِقُ. ونَوَى بنِسائِه بَناتِه، أو عَمَّاتِه، أو خالاتِه؛ للآيَةِ (¬2)، على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وكذا إنْ قال: إنْ كُنْتُ فعَلْتُ كذا. ونَوَى إنْ كُنْتُ فعَلْتُه بالصِّينِ، ونحوه مِن الأماكِنِ التي لم يفْعَلْه فيها، لم يَحْنَثْ. فإنْ أحْلَفَه مع الطلاقِ بصدَقَةِ جميعِ ما يَمْلِكُ، فحلَفَ ونَوَى جِنْسًا مِن الأمْوالِ ليسَ في مِلْكِه منه شيءٌ، لم يَحْنَثْ. وكذا إنْ أحْلَفَه بالمَشْي إلىِ بَيتِ الله الحرامِ الذي بمَكَّةَ، فقال عليه المَشْيُ إلى بَيتِ الله الحرامِ الذي بمَكةَ. ونوَى بقَوْلِه (¬3): بَيتِ اللهِ. مسْجِدَ الجامعِ، وبقَوْلِه: الحرامِ الذي بمَكَّةَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سورة النساء 23. (¬3) في الأصل: «بقلبه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُحْرِمَ الذي بمَكَّةَ لحَجٍّ أو عُمْرَةٍ، ثم وصَلَه بقَوْلِه: يَلْزَمُه إتْمامُ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ. فله نِيته، ولا يَلْزَمُه شيءٌ. فإنِ ابْتدَأ إحْلافَه باللهِ تعالى، فقال له: قُلْ: واللهِ. فالحِيلَةُ أنْ يقولَ: هو الله الذي لا إلهَ إلَّا هو. ويُدْغِمُ الهاءَ في الواو حتى لا يفْهَمَ مُحَلِّفُه ذلك. فإنْ قال له المُحَلِّفُ: أنا أُحَلِّفُكَ بما أُريدُ وقُلْ أنتَ: نعم. كلَّما ذكَرْتُ أنا فَصْلًا ووَقَفْتُ فقُلْ أنتَ: نعم. وكتَبَ له نُسْخَةَ اليمينِ بالطَّلاق والعَتاقِ والمَشْي إلى بَيتِ اللهِ الحرامِ وصدَقَةِ جميعِ ما يَمْلِكُه، فالحِيلَةُ أنْ يَنْويَ بقَوْلِه: نعم. بَهِيمَةَ الأنْعامِ، ولا يَحْنَثُ. فإنْ قال له: اليَمِينُ التي أُحَلِّفُكَ بها لازِمَةٌ لكَ، قلْ: نعم. أو قال له: قُلْ: اليمينُ التي تُحَلِّفُنِي بها لازِمَةٌ لي. فقال، ونوَى باليمين يدَه، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال له: أيمانُ البَيعَةِ لازِمَةٌ لكَ. أو قال له: قُلْ: أيَمانُ البَيعَةِ لازمَةٌ لي. فقال، ونَوَى بالأيمانِ الأيدِيَ التي تَنْبَسِطُ عندَ أخْذِ البَيعَةِ (¬1)، ويُصَفِّقُ بعْضُها على بعْضٍ، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال له: واليمِينُ يَمِيني، والنيةُ نِيتكَ. فقال، ونَوَى بيَمِينه يَدَه، وبالنيةِ البِضْعَةَ مِن اللَّحْمِ، فله نِيَّتُه. فإنْ قال له: قُلْ: إنْ كُنْتُ فعَلْتُ كذا، فامْرَأتِي عليَّ كظَهْرِ أُمِّب. فالحِيلَةُ أنْ يَنْويَ بالظَّهْرِ ما يُرْكَبُ مِنَ الخيلِ والبغالِ والحَمِيرِ والإبلِ، فإذا نَوَى ذلك، لم يَلْزَمْه شيءٌ. ذكَره القاضي في كتابِ «إبْطالِ الحِيَلِ»، وقال: هذا مِن الحِيَلِ المُباحَةِ. قال: وكذلك إنْ قال له: قُلْ: فأنا مُظاهِرٌ مِن زَوْجَتِي. فالحِيلَةُ أنْ يَنْويَ بقَوْلِه: مُظاهِرٌ. مُفاعِلٌ مِن ظَهْرِ الإنْسانِ، كأنَّه يقولُ: ظاهَرْتُها فنَظَرْتُ أيُّنا أشَدُّ ظَهْرًا. قال: والمُظاهِرُ أيضًا؛ الذي قد لَبِسَ حَرِيرَةً بينَ دِرْعَين، وثَوْبًا بينَ ثَوْبَين. فأيَّ ذلك نوَى، فله نِيَّتُه. فإنْ قال له: قلْ: وإلا فقَعِيدَةُ بَيتي التي يجوزُ عليها أمْرِي طالِقٌ. أو: هي حرَامٌ. فقال، ونَوَى بالقَعِيدَةِ نَسيجَةً تُنْسَجُ كهَيئَةِ ¬

(¬1) في ط، ا: «الأيدي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَيبَةِ، فله نِيَّته. فإنْ قال: قُلْ: وإلَّا فما لِي على المَساكينِ صدَقَةٌ. فالحِيلَةُ أنْ ينوِيَ بقوْلِه، ما له على المَساكينِ مِن دَينٍ، ولا دَينَ عليهم، فلا يَلْزَمُه شيءٌ. فإن قال: قُلْ: وإلَّا فكُلُّ مَمْلوكٍ لي حُرٌّ. فالحِيلَةُ أنْ يَنْويَ بالمَمْلوكِ الدَّقِيقَ المَلْتُوتَ بالزَّيتِ والسَّمْنِ. فإنْ قال: قُلْ: وإلَّا فكُل عَبْدٍ لي حُر. فالحِيلَةُ أنْ ينْويَ بالحُرِّ غيرَ ضِدِّ العَبْدِ. وذلك أشْياءُ؛ فالحُرُّ اسمٌ للحَيَّةِ الذَّكَرِ، والحُرُّ أيضًا الفِعْلُ الجميلُ، والحُرُّ أيضًا مِن الرَّمْلِ الذي ما وُطِئَ. فإنْ قال: قُلْ: وإلا فكُلُّ جارِيَةٍ لي حُرَّة. فالحِيلَةُ أنْ يَنْويَ بالجارِيَةِ السَّفِينَةَ، والجارِيَةُ أيضًا الرِّيحُ، والجاريَةُ أيضًا العادَةُ التي جَرَتْ، فأيَّ ذلك نَوَى، فله نِيَّته. وكذلك إنْ نَوَى بالحُرَّةِ الأُذُنَ، فإنَّها تُسَمَّى حُرَّةً، والحُرَّةُ أيضًا السَّحابَةُ الكثيرةُ المَطَرِ، والحُرَّةُ أيضًا الكَرِيمةُ مِن النُّوقِ، فأيَّ ذلك نَوَى، فله نِيَّته. وكذلك إنْ قال: قُلْ: وإلا فعَبِيدِي أحْرارٌ. فقال، ونَوَى بالأحْرارِ البَقْلَ، فله نِيَّته. وكذلك إنْ قال له: قُلْ: وإلَّا فجَوارِيَّ حرائرُ. فقال، ونَوَى بالحَرائرِ الأيَّامَ، فله نِيَّته؛ لأنَّ الأيَّامَ تُسَمَّى حَرائِرَ. وكذلك إنْ قال له: قُلْ: كُلُّ شيءٍ في مِلْكِي صدَقة. فقال، ونَوَى بالمِلْكِ محَجَّةَ الطَّريقِ، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال: قُلْ: جميعُ ما أمْلِكُه؛ مِن عَقارٍ ودَارٍ وضَيعَةٍ فهو وَقْفٌ على المَساكينِ. فقال، ونَوَى بالوَقْفِ السِّوارَ مِن العاجِ، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال: قُلْ: وإلا فعَليَّ الحَجُّ. فقال، ونوَى بالحَجِّ أخْذَ الطَّبيبِ ما حَوْلَ الشَّجَّةِ مِنَ الشَّعَرِ؛ فله نِيَّتُه. وكذا إنْ قال: قُلْ: وإلَّا فأنا مُحْرمٌ بحَجَّةٍ وعُمْرَةٍ. فقال، ونَوَى بالحَجَّةِ القُصَّةَ مِنَ الشَّعَرِ الذي حَوْلَ الشجَّةِ، ونوَى بالعُمْرَةِ أنْ يبنِيَ (¬1) الرَّجُلُ بامْرأةٍ في بَيتِ أهْلِها، فله نِيَّته؛ لأنَّ ذلك يُسَمَّى مُعْتَمِرًا. وكذا إنْ قال: قُلْ: وإلَّا فعَلَيَّ حِجَّةٌ. بكَسْرِ الحاءِ، ونَوَى بها شَحْمَةَ الأُذُنِ، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال: قُلْ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا قَبِلَ اللهُ منه صَوْمًا ولا صلاةً. فقال، ونَوَى بالصَّوْمِ ذَرْقَ (¬1) النَّعامِ، أو النَّوْعَ مِن الشَّجَرِ، ونَوَى بالصَّلاةِ بَيتًا لأهْلِ الكتابِ يُصَلُّونَ فيه، فله نِيَّته. وكذا إنْ قال: قُلْ: وإلا فما صَلَّيتُ لليَهُودِ والنصارَى. فقال، ونَوَى بقولِه: صَلَّيتُ. أي أخَذْتُ بِصَلا الفَرَسِ، وهو ما اتَّصَلَ بخاصِرَتِه إلى فَخِذَيه، أو نوَى بصَلَّيتُ: أي شوَيتُ شيئًا في النَّارِ، فله نِيَّته. قلتُ: أو يَنْوي بـ «ما» النَّافيةَ. وكذا إنْ قال: قُلْ: وإلا فأنا كافِرٌ بكذا وكذا. فقال، ونوَى بالكافرِ المُسْتَتِرَ المُتَغطِّي، أو السَّاتِرَ المُغَطِّيَ، فله نِيَّته. فوائد في الأيمانِ التي يَسْتَحْلِفُ بها النِّساءُ أزواجَهُن: إذا اسْتَحْلَفَتْه زوْجَتُه أنْ لا يتَزَوَّجَ عليها، فحَلَفَ ونَوَى شيئًا مما ذكَرْنا أوَّلًا، فله نِيَّته. فإنْ أرادَتْ إحْلافَه بطَلاقِ كُلِّ امْرأةٍ يتزَوَّجُها عليها، أو إنْ تزَوجَ عليها فُلانَةَ فهي طالِق. وقُلْنا: يصِحُّ. على رِوايةٍ تقدَّمَتْ. أو أرادَتْ إحْلافَه بعِتْقِ كل جاريَةٍ يشْتَرِيها عليها، وقُلْنا: يصِحُّ على رأيٍ. فإذا قال: كُل امْرأةٍ أتزَوجُها عليكِ، وكل جارِيَةٍ أشْتَرِيها. ونَوَى جِنْسًا مِن الأجْناسِ، أو مِن بَلَدٍ بعَينه، أو نَوَى أنْ يكونَ صَداقُها أو ثَمَنُ الجارِيَةِ نَوْعًا مِن أنْواعِ المالِ بعَينه، فمتى تزَوَّجَ أو اشْتَرَى بغيرِ الصفَةِ التي نَوَاها، لم يَحْنَثْ. وكذا إنْ نَوَى، كُلُّ زَوْجَةٍ أتزَوجُها عليكِ. أي على طَلاقك، أو نَوَى بقوْلِه: عليكِ. أي على رَقَبَتِكِ، أي تكونُ رَقَبتُكِ صَداقًا لها، فله نِيَّته فيما بينَه وبينَ الله تعالى، ولا يُقْبَلُ في الحُكْمِ؛ لأنه خِلافُ الظاهِرِ. ذكَره القاضي في كتابِ «إبْطالِ الحِيَلِ». فإنْ أحْلَفتْه بطَلاقِ كُلِّ امْرأةٍ يطَؤها غيرَها، ولم يكُنْ تزَوجَ غيرَها، فأيُّ امْرأةٍ تزَوَّجَها بعدَ ذلك ووَطِئَها، لا تَطْلُقُ. وكذلك إنْ قال: كُلُّ جارِيَةٍ أطَؤها حُرة. ولم يكُنْ في مِلْكِه جارِيَة، ثم اشْتَرَى ¬

(¬1) أي: روث النعام.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جارِيَةً ووَطِئَها، فإنَّها لا تَعْتِقُ؛ سواءٌ قُلْنا: يصِحُّ تعْلِيقُ العَتاقِ والطَّلاق قبلَ المِلْكِ، أوْ لا يصِحُّ. لأن هذه يمينٌ في غيرِ مِلْكٍ، ولا مُضافَة إلى مِلْكٍ، فلا تَنْعَقِدُ؛ لأنه لم يقُلْ: كُل امْرأةٍ أتزَوَّجُها فأطَؤها. أو: كُلُّ جارِيَةٍ أشْتَرِيها فأطَؤها. قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وقد ذكَرْنا أنه لا يخْتَلِفُ المذهبُ، أنَّه إذا قال لأجْنَبِيَّةٍ: إنْ دخَلْتِ دارِى فأنتِ طالِقٌ. ثم تزَوَّجَها ودخَلَتْ دارَه، أنها لا تَطْلُقُ. وكذا إنْ قال لأمَةِ غيرِه: إنْ ضَرَبْتُكِ فأنتِ حُرة. ثم اشْتَراها وضَرَبَها، فإنَّها لا تَعْتِقُ. فأمَّا إنْ كان له وَقْتَ اليَمينِ زَوْجاتٌ أو جَوارٍ، وقالتْ له: قُلْ: كُلُّ امْرأةٍ أطَؤها غيرَكِ طالِقٌ، أو حُرة. وقال ذلك مِن غيرِ نِيَّةٍ، فأيُّ زَوْجَةٍ وَفِي غيرَها مِنْهُنَّ طَلُقَتْ، وأيُّ جارِيَةٍ وَطِئَها مِنْهُنَّ عتَقَتْ. فإنْ نَوَى بقَوْلِه: كُلُّ جارِيَةٍ أطَؤُها، وكُلُّ امْرأةٍ أطَؤها غيرَكِ. برِجْلي، يعْنِي، يطَؤها برِجْلِه، فله نِيَّته، ولا يَحْنَثُ بجماعِ غيرِها؛ زَوْجَةً كانتْ أو سُرِّيَّةً. فإنْ أرادَتِ امْرأته الإشْهادَ عليه بهذه اليَمِينِ التي تَحَلَّفَ بها في جَوارِيه، وخافَ أنْ يُرفَعَ إلى الحاكمِ فلا يُصَدِّقُه فيما نَوَاه، فالحِيلَةُ أنْ يبيعَ جَوارِيَه ممنْ يثقُ به، ويُشْهِدَ على بَيعِهِنَّ شهُودًا عُدولًا مِن حيثُ لا تَعْلَمُ الزَّوْجَةُ، ثم بعدَ ذلك يَحْلِفُ بعِتْقِ كُلِّ جارِيَةٍ يطَؤها مِنْهُنَّ، فيَحْلِفُ، وليسَ في مِلْكِه شيءٌ مِنْهُنَّ، ويُشْهِدُ على وَقتِ اليَمِينِ شُهودَ البَيعِ؛ ليَشْهَدُوا له بالحالينِ جميعًا، فإنْ أشْهَدَ غيرَهم وأرَّخَ الوَقتين، وبينَهما مِنَ الفَصْلِ ما يتَمَيَّزُ كلُّ وَقْتٍ منهما عن الآخَرِ، كَفاه ذلك، ثم بعدَ اليَمِينِ يُقايِلُ مُشتَرِيَ الجَوارِي، أو يعودُ ويَشْتَرِيهِن منه، ويَطؤهُنَّ، ولا يَحْنَثُ. فإنْ رافَعَتْه إلى الحاكمِ، وأقامَتِ البَيِّنَة باليَمِينِ بوَطْئِهِنَّ، أقامَ هو البَيِّنةَ أنه لم يكُنْ وَقْتَ اليَمِينِ في مِلْكِه شيءٌ مِنهُنَّ. فإنْ قالتْ له: قُلْ: كُلُّ جارِيَةٍ أشْتَرِيها فأطَؤها فهي حُرَّة. فلْيَقُلْ ذلك، ويَنْو به الاسْتِفْهامَ، ولا يَنْو به الحَلِفَ، فلا يَحْنَثُ. ذكَر ذلك صاحِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ»، ومَنْ تابعَه. قلتُ: وهذا كله صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليه، إذا كان الحالِفُ مَظْلُومًا، على ما تقدَّم. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وجَدْتُ بخَطِّ شيخِنا أبِي حَكِيمٍ، قال: حُكِيَ أنَّ رَجُلًا سألَ الإِمامَ أحمدَ بنَ حَنبلٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، عن رَجُلٍ حَلَفَ أنْ لا يُفْطِرَ في رَمَضانَ؟ فقال له: اذْهَبْ إلى بِشرِ بنِ الوَليدِ (¬1) فاسْأله، ثم ائتني فأخْبِرنِي. فذهَبَ فسَأله، فقال له بِشْرٌ: إذا أفْطَرَ أهْلُكَ فاقْعُدْ معهم ولا تُفْطِرْ، فإذا كان السَّحَرُ، فكُلْ. واحْتَجَّ بقَوْلِ النّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلُمُّوا إلى الغَدَاءِ المُبارَكِ» (¬2). فاسْتَحْسَنَه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. انتهى. وفيما ذكَرْناه مِن هذه المسَائلِ كِفايَةٌ. واللهُ أعلمُ بالصَّوابِ. ¬

(¬1) بشر بن الوليد بن خالد الكندي، أبو الوليد، الإمام العلامة المحدث الصادق، قاضي العراق، الحنفي، تفقه على أبي يوسف، وسمع من مالك وطبقته، وولي قضاء مدينة المنصور، وكان محمود الأحكام كثير العبادة والنوافل. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين. سير أعلام النبلاء 10/ 673. (¬2) تقدم تخريجه في: 7/ 491.

باب الشك في الطلاق

بَابُ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ إِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أوْ لَا، لَمْ تَطْلُقْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشَّكِّ في الطَّلاق فوائد؛ إحْداها، قولُه: إذا شَكَّ هل طَلَّقَ أم لا؟ لم تَطْلُقْ. بلا نِزاعٍ، لكِنْ قال المُصَنِّفُ، ومَنْ تابعَه: الوَرَعُ الْتِزامُ الطَّلاقِ. فإنْ كان المَشْكُوكُ فيه رَجْعِيًّا، راجَع امْرأته إنْ كانتْ مدْخُولًا بها، وإلَّا جدَّد نِكاحَها إنْ كانتْ غيرَ مدْخولٍ بها، أو قدِ انْقَضَتْ عِدَّتُها. وإنْ شكَّ في طَلاقِ ثَلاثٍ، طلَّقها واحِدَةً وترَكَها حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها، فيجوزُ لغيرِه نِكاحُها. وأمَّا إذا لم يُطَلِّقْها، فيَقِينُ نِكاحِه باقٍ، فلا تَحِلُّ لغيرِه. انتهى. الثَّانيةُ، لو شكَّ في شَرْطِ الطَّلاقِ، لم يَلْزَمْه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَلْزَمُه مع شَرْطٍ عدَمِيٍّ، نحوَ: لقد فَعَلْتُ كذا. أو: إنْ لم أفْعَلْه اليومَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمضَى، وشكَّ في فِعْلِه. وأفْتَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في مَن حَلَفَ ليَفْعَلنَّ شيئًا ثم نَسِيَه، أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه عاجِزٌ عنِ البَرِّ. الثَّالثةُ، لو أوْقَع بزَوْجَتِه كلمةً وجَهِلَها، وشكَّ، هل هي طَلاقٌ، أو ظِهارٌ؟ فقيلَ: يُقْرَعُ بينَهما. قال في «الفُنونِ»: لأنَّ القُرْعَةَ تُخْرِجُ المُطَلَّقَةَ، فيخْرُجُ أحدُ اللَّفْظَين. وقيل: لَغْوٌ. قدَّمه في «الفُنونِ»، كمَنِيٍّ وُجِدَ في ثَوْبٍ لا يَدْرِي مِن أيِّهما هو. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مِثْلُه، مَن حَلَفَ يمينًا ثم جَهِلَها. يُؤَيِّدُ أنَّه لَغْوٌ قوْلُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، لمَّا سألَه رجُلٌ: حَلَفْتُ بيَمِينٍ لا أدْرِي أيُّ شيءٍ هي؟ قال: ليت أنَّكَ إذا دَرَيتَ دَرَيتُ أنا. وقدَّمه في «القاعِدَةِ السِّتينَ بعدَ المِائَةِ»، فقال: والمَنْصوصُ، لا يَلْزَمُه

وَإنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطَّلاقِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَقَال الْخِرَقيُّ: إِذَا طَلَّقَ، فَلَمْ يَدْرِ أواحِدَةً طَلَّقَ أم ثَلَاثًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شيءٌ. قال في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، في رجُلٍ حَلَفَ بيمِينٍ لا يدْرِى ما هي؛ طَلاقٌ أو غيرُه؟ قال: لا يجِبُ عليه الطَّلاقُ حتى يعْلَمَ أو يَسْتَيقِنَ. وتوَقَّف في روايةٍ أُخْرَى. وفي المَسْألَةِ قوْلانِ آخَرانِ؛ أحدُهما، يُقْرَعُ، فما خرَج بالقُرْعَةِ، لَزِمَه. قال: وهو بعيدٌ. والثَّاني، يَلْزَمُه كفَّارَةُ كلِّ يمين شكَّ فيها وجَهِلَها. ذكَرهما ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، وذكَر القاضي في بعضِ تعاليقِه، أنَّه اسْتُفْتِيَ في هذه المَسْألةِ فتوَقَّف فيها، ثم نظَرَ فإذا قِياسُ المذهبِ، أنَّه يُقْرَعُ بينَ الأيمانِ كلِّها؛ الطَّلاقِ، والعَتاقِ، والظهارِ، واليمينِ باللهِ تعالى، فأيُّ يَمينٍ وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ، فهي المَحْلوفُ عليها. قال: ثم وَجَدْتُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ما يقْتَضِي أنَّه لا يَلْزَمُه حُكْمُ هذه اليمينِ. وذكَر رِوايةَ ابنِ مَنْصُورٍ. انتهى. قلتُ: فالمذهبُ المنْصوصُ، أنَّه لا يَلْزَمُه شيءٌ. قال في «الفُروعِ»: وحُكِيَ عن ابنِ عَقِيلٍ أنَّه ذكَر رِوايةً، أنَّه يَلْزَمُه كفَّارَةُ يمين، ورِوايةً، أنَّه لَغْوٌ، يُويِّدُ كفَّارَةَ اليمينِ الرِّوايةُ التي في قوْلِه: أنْتِ عليَّ كالمَيتَةِ والدَّمِ. ولا نِيَّةَ -كما تقدَّم- لأنَّه لفْظٌ مُحْتَمِلٌ، فثبَتَ اليقينُ. قوله: وإنْ شَكَّ في عَدَدِ الطَّلاقِ، بَنَى على اليَقِينِ. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، خَلا الخِرَقيِّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قال المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشارِحُ: وظاهِرُ قولِ أصحابنا، أنَّه إذا راجَعَها، حلَّتْ له. قال في «القَواعِدِ»: تصِحُّ الرَّجْعَةُ عندَ أكثرِ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفروعِ» وغيرِه. وقال الخِرَقِي: إذا طلَّق، فلم يَدْرِ أواحِدَةً طلَّق أم ثلاثًا؟ لا يحِلُّ له وَطْؤها حتى يَتَيقَّنَ. لشَكِّه في حِلِّه بعدَ حُرْمَتِه، فتُباحُ الرَّجْعَةُ، ولم يُبَحِ الوَطْءُ، فتَجِبُ نَفَقَتُها. وهو رِواية عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولضَعْفِ هذا القولِ، لم يَلْتَفِتْ إليه القاضي في «تَعْليقِه»، وحمَل كلامَه على الاسْتِحْبابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسِّتِّين»، في تعْليلِ كلامِ الخِرَقيِّ: لأنَّه قد تَيَقَّنَ سبَبَ التَّحْريمِ، وهو الطلاقُ، فإنَّه إنْ كان ثلاثا، فقد حصَلَ به (1) التحَّريمُ بدُونِ زوجٍ وإصابةٍ، وإنْ كان واحدةً، فقد حصَل به التَّحْريمُ بعدَ البَينُونَةِ بدُونِ عَقْدٍ جديدٍ، فالرجْعَةُ في العِدَّةِ لا يَحْصُلُ بها الحِلُّ إلَّا على هذا التَّقْديرِ فقط، فلا يُزيلُ الشَّكَّ مُطْلَقًا، فلا يصِحُّ؛ لأنَّ تيَقُّنَ سبَبِ وُجُودِ التَّحْريمِ، مع الشَّكِّ في وُجودِ هذا المانعِ منه (¬1)، يقُومُ مَقامَ تحَقُّقِ وُجودِ الحُكْمِ مع الشَّكِّ ووُجودِ المانعِ، فيَسْتَصْحِبُ حُكْمَ السَّبَبِ، كما يُعْمَلُ بالحُكْمِ ويُلْغَى المانِعُ المشْكوكُ فيه، كما يُلْغَى مع تَيقُّنِ وُجودِ حُكْمِه. قال: وقد اسْتَشْكَلَ كثير مِن الأصحابِ كلامَ الخِرَقِيِّ في تعْليله بأنه تيَقَّنَ التَّحْريمَ وشَكّ في التَّحْليلِ، فظنُّوا أنَّه يقولُ بتَحْريم الرَّجْعِةِ، وليسَ بلازِمٍ؛ لِمَا ذكَرْنا. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَكَذَلِكَ قَال فِي مَنْ حَلَف بِالطَّلَاقِ لَا يَأكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً، مُنِعَ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أنَّهَا لَيسَتِ الَّتِي وَقَعَتِ الْيَمِينُ عَلَيهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكذلك قال -يعْنِي الخِرَقِيَّ- في مَن حلَف بالطلاقِ لا يأكلُ تَمْرَةً، فوَقَعَتْ في تَمْرٍ، فأكَلَ منه واحِدَةً، مُنِعَ مِن وَطْءِ امْرَأتِه حتى يَتَيَقَّنَ أنَّها ليسَتِ التي وَقَعَتِ اليَمِينُ عليها، ولا يَتَحَقَّقُ حِنْثه حتى يأكُلَ التمْرَ كُلَّه. وتابعَه على ذلك ابنُ البَنَا. وقال أبو الخَطَّابِ: هي باقِيَةٌ على الحِلِّ إذا لم يتحَقَّقْ أنَّه أكَلَها. وهو ظاهِرُ كلامِ كثير مِن الأصحابِ. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا شَكَّ، هل أكَلْتُ أم لا؟ أمَّا إنْ تحَقَّقَ أنَّه أكَلَها، فإنَّه يَحْنَثُ، وإنْ تحَققَ عدَمَ أكْلِها، لم يَحْنَثْ، قوْلًا واحدًا فيهما. فائدة: لو علَّق الطَّلاقَ على عدَمِ شيءٍ وشَكَّ في وُجودِه، فهل يقَعُ الطلاقُ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يقَعُ. وهو المذهبُ عندَ صاحبِ «المُحَرَّرِ»؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ النِّكاحِ وعدَمُ وُقوعِ الطَّلاقِ. والثَّاني، يقَعُ. ونقَل مُهَنَّا، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ عليه. وجزَم به ابنُ أبِي مُوسى، والشِّيرَازِيُّ، والسَّامَرِّيُّ. ورَجَّحه ابنُ عَقِيلٍ في «فنونِه».

وَإنْ قَال لِامْرَأتيهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ. يَنْوي وَاحِدَةً مُعَينَّةً، طَلُقَتْ وَحْدَهَا، وَإنْ لَمْ يَنْو، أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال لامْرَأتَيه: إحْداكما طالقٌ. يَنْوي واحدَةً مُعَيَّنةً، طَلُقَتْ وَحْدَها -بلا خِلافٍ- وإنْ لم يَنْو، أُخْرِجَتِ المُطَلَّقَةُ بالقُرْعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جماعَةٍ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِي: هذا الأشهَرُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ، حتى إنَّ القاضِيَ في «تَعْليقِه»، وأبا محمدٍ، وجماعَةً لا يذْكُرون خِلافًا. انتهى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُعيِّنُها الزَّوْح. وذكَر هذه الرِّوايةَ ابنُ عَقِيلٍ في «المُفْرَداتِ» وغيرِها، في العِتْقِ أيضًا، وتَوقفَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، مرَّةً فيها، في رِوايةِ أبِي الحارِثِ. فوائد؛ الأولَى، لا يجوزُ له أنْ يَطَأ إحْداهما قبلَ القُرْعَةِ أو التَّعْيِينِ، على الرِّوايةِ الأخْرَى، وليسَ الوَطْءُ تَعْيِينًا لغيرِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي. وقطَع به في «الفُروعِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرُهما. وقال في «الرِّعايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وذكَر في «التّرْغيبِ» وَجْهًا، أنَّ العِتْقَ كذلك، كما ذكَرَه القاضي. الثَّانيةُ، لا يقَعُ الطَّلاقُ بالتعْيِينِ. بل تَبَيَّنَ وُقوعُه به. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: بلَى. الثَّالثةُ، لو ماتَ، أقْرَعَ وارِثُه بينَهما، فمَنْ وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ بالطَّلاقِ، فحُكْمُها في المِيراثِ حُكْمُ ما لو عينَّهَا بالتَّطْليقِ عنهما. قاله الشَّارِحُ. قال في «الفُروعِ»: وإنْ ماتَ، أقْرَعَ وارِثُه. وقال في «الرِّعايةِ»: وإنْ مات، فوَارِثُه كهو في ذلك. وقيل: يَقِفُ الأمْرُ حتى يَصْطَلِحُوا. قال في «القاعِدَةِ السِّتِّين بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِائَةِ»: تُخْرَجُ المُطَلَّقَةُ بالقُرْعَةِ، وتَرِثُ البَواقِي، كما نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في رِوايةِ الجماعَةِ على أن (¬1) الوَرثَةَ يُقْرِعون بينَهُنَّ. والمُصَنِّفُ يُوافِقُ على القُرْعَةِ بعدَ الموتِ، وإنْ لم يَقُلْ بها في المَنْسِيَّةِ. الرَّابعَةُ، إذا ماتَتْ إحْداهما، ثم ماتَ هو قبلَ البَيانِ، فكذلك. قدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي». والإقْراعُ إذا ماتَتْ واحدةٌ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: هل للوَرَثَةِ البَيانُ مُطْلَقًا؟ على وَجْهَين. وإنْ صحَّ بَيانُهم فعَيَّنوا المَيِّتةَ، قُبِلَ قوْلُهم، وإن عيَّنوا الحَيَّةَ، حَلَفُوا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنهم لا يَعْلَمون طَلاقَ المَيِّتةِ. الخامِسةُ، إذا ماتَتِ المرْأتانِ، أو إحْداهما، عيَّن المُطَلِّقُ؛ لأجْلِ الإرْثِ، فإنْ كان نَوَى المُطَلَّقَةَ، حَلَفَ لوَرَثَةِ الأخْرَى أنَّه لم ينْوها، ووَرِثَها، أو الحَيَّةَ، ولم يَرِثِ المَيِّتةَ. وإنْ كان ما نَوَى إحْداهما، أقْرَعَ، على الصَّحيحِ، أو يُعَيِّنُ، على الرِّوايةِ الأخْرَى، فإنْ عيَّن الحَيَّةَ للطَّلاق، صحَّ، وحَلَفَ لورَثَةِ المَيِّتةِ أنَّه لم

وَإن طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَينهَا وَأُنْسِيَهَا، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُطَلِّقْها، ووَرِثَها، وإنْ عيَّنها للطَّلاقِ، لم يَرِثْها، وحَلَفَ للحَيَّةِ. وعنه، [يُعْتَبَرُ لهما] (¬1) ما إذا ماتا حتى يَتبَيَّن الحالُ. السَّادسةُ، لو قال لزَوْجَتَيه، أو أمَتَيه: إحْداكما طالِق أو حُرة غدًا. فماتَتْ إحْداهما قبلَ الغَدِ، طَلُقَتْ وعتَقَتِ الباقِيَةُ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: لا تَطْلُقُ ولا تَعْتِقُ إلا بقُرْعَةٍ تُصِيبُها كمَوْتِهما (¬2)، وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» في مسْألةِ الزوْجتَين. وأطْلَقهما في «الفُروع». قوله: وإنْ طَلَّقَ واحِدَةً بعَينها وأُنسيَها، فكذلك عندَ أصحابِنا. يعْنِي، أنَّ المَنْسِيَّةَ تُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. وهذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه ¬

(¬1) في الأصل: «يعتزلهما». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الله. واخْتارَه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال في «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ، وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مَنْصوصُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وعليه عامَّةُ الأصحابِ؛ الخِرَقِيُّ، والقاضي وأصحابُه، وغيرُهم. وقال المُصَنِّفُ هنا: والصحيحُ أن القُرْعَةَ لا مدْخَلَ لها هنا, ويَحْرُمان عليه جميعًا، كما لو اشْتَبَهتْ أُخْتُه بأجْنَبِيَّةٍ. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الله، واخْتارَها المُصَنِّفُ. وإليه مَيلُ الشَّارِحِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، يحِلُّ له وَطْءُ الباقِي مِن نِسائِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ بعدَ المِائَةِ»: ويحِلُّ له وَطْءُ البواقِي على المذهبِ الصَّحيحِ المَشهورِ. فعلى اخْتِيارِ المُصَنِّفِ، يجِبُ عليه

وَالصَّحِيحُ أنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هاهنَا، وَتَحْرُمَانِ عَلَيهِ جَمِيعًا، كَمَا لَو اشْتَبَهَتِ امْرَأتهُ بِأجْنَبِيَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نفَقَتُهُنَّ. وكذا على المذهبِ قبلَ القُرْعَةِ.

وَإنْ تَبَيَّنَ أنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيرُ الّتِي خَرَجَتْ عَلَيهَا الْقُرْعَةُ، رُدَّتْ إِلَيهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، إلا أن تَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَتْ، أو تَكُونَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَبَيَّنَ أنَّ المُطَلَّقَةَ غيرُ التي خَرَجَتْ عليها القُرْعَةُ، رُدَّتْ إليه في ظاهِرِ كلامِه، إلَّا أنْ تَكُونَ قد تَزَوَّجَتْ، أو تَكُونَ -أي القُرْعَةُ- بحُكْمِ حاكِم.

وَقَال أبو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: تَطْلُقُ الْمَرْأتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ فيهما، وعليه جُمهورُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ: تَطْلُقُ المرْأتان. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. وظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِين، أنَّها تُرَدُّ إليه مُطْلَقًا، فإنَّه قال: إنْ ذكَر المُطَلِّقُ أنَّ المُعَيَّنةَ غيرُ التي وقَعَت عليها القُرْعَةُ، طَلُقَتْ، ورَجَعَتْ إليه التي وقَعَتْ عليها القُرْعَةُ.

وَإنْ طَارَ طَائِرٌ، فَقَال: إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِق. وَلَمْ يَعْلَمْ حَالهُ، فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طارَ طائِرٌ، فقال: إنْ كانَ هذا غُرابًا ففُلانَةُ طَالق، وإنْ لم يَكُنْ غُرابًا ففُلانَةُ طالق. ولم يَعْلَمْ حاله، فهي كالمَنْسِيَّةِ. يعْنِي، في الخِلافِ والمذهبِ. وهو صحيحٌ، وقاله الأصحابُ. فائدة: لو قال: إنْ كانَ غُرابًا فامْرأتِي طالِقٌ. وقال آخَرُ: إنْ لم يكُنْ غُرابًا فامْرَأتِي طالِق. ولم يعْلَمَاه، لم تَطْلُقا، ويَحْرُمُ عليهما الوَطْءُ، إلَّا مع اعْتِقادِ أحَدِهما خَطأ الآخَرِ، في أصحِّ الوَجْهَين فيهما. نقَل ابنُ القاسِمِ، فليَتَّقِيا الشُّبْهَةَ. قاله في «الفُروعِ». قال في «القَواعِدِ»: فيها وَجْهان؛ أحدُهما، يبني كلُّ واحدٍ منهما على يَقِينِ نِكاحِه، ولا يُحْكَمُ عليه بالطلاقِ؛ لأنَّهُ مُتَيَقِّن لحِلِّ زوْجَتِه شَاكٌّ في تحْريمِها. وهذا اخْتِيارُ القاضي، وأبي الخَطَّابِ، وكثير مِن المُتأخِّرِين. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهم: إنِ اعْتقَدَ أحدُهما خطَأ الآخَرِ، فله الوَطْءُ، وإنْ شكَّ ولم يَدْرِ، كَفَّ

وإنْ قَال: إِنْ كَانَ غرَابًا فَفلَانَةُ طَالِقٌ، وَإنْ كَان حَمَامًا فَفُلَانَة طَالِق. لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَتْمًا عندَ القاضي. وقيل: وَرَعًا عندَ ابنِ عَقِيلٍ. وقال في «المُنْتَخَبِ»: إمْساكُه عن تصَرُّفِه في العَبِيدِ كوَطْئِه، ولا حِنْثَ. واخْتارَ أبو الفَرَجِ في «الإيضاحِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والحَلْوانِيُّ، وابْنُه في «التَّبصِرَةِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، وُقوعَ الطلاقِ. وجزَم به في «الروْضَةِ»، فيُقْرَعُ. وذكَره القاضي المَنْصُوصَ، وقال أيضًا: هو قِياسُ المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الرابِعَةَ عَشْرَةَ»: وذكَر بعْضُ الأصحابِ احْتِمالًا يقْتَضِي وُقوعَ الطلاقِ بهما. قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: هو ظاهِرُ كلامِ الأمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وذكَره. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مِثْلُه في العِتْقِ (¬1). يعْنِي في المَسْألةِ الآتيةِ بعدَ ذلك. قوله: وإنْ قال: إنْ كانَ غُرابًا ففُلانَةُ طالق، وإنْ كانَ حَمامًا ففُلانَةُ طالق. لم تَطْلُقْ واحدَةٌ منهما إذا لم يَعْلَمْ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قلتُ: لو قيلَ: إن هذه المَسْألةَ تتَمَشَّى على كلامِ الخِرَقيِّ في مَسْألةِ الشكِّ في عدَد الطلاقِ، وأَكْلِ ¬

(¬1) في ط، ا: «المعتق». وانظر الفروع: 5/ 461.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التمْرَةِ. لَمَا كان بعيدًا.

وَإنْ قَال: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. فَقَال آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. وَلَمْ يَعْلَمَاهُ، لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنِ اشْتَرَى ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ كانَ غُرابًا فعَبْدِي حُر. فقال آخَرُ: إنْ لم يَكُنْ غُرابًا فعَبْدِي حُر. ولم يَعْلَماه، لم يَعْتِقْ عَبْدُ واحِدٍ منهما. قال في «القَواعِدِ»: فالمَشْهورُ أنَّه لا يَعْتِقُ واحدٌ مِنَ العَبْدَين. فدَلَّ على خِلافٍ، والظَّاهِرُ، أن القَوْلَ الآخَرَ هو القَوْلُ بالقُرْعَةِ. وقال في «القاعِدَةِ الرابعَةَ عَشْرَةَ»: لو كانَتا أمَتَينِ، ففيهما الوَجْهان. وقِياسُ المَنْصوصِ هنا، أنْ يَكُفَّ كُلُّ واحِدٍ عن وَطْءِ أمَتِه حتى يتَيَقَّنَ.

أحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ، أُقْرِعَ بَينَهُمَا حِينَئِذٍ. وَقَال الْقَاضِي: يَعْتِقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ اشْتَرَى أحَدُهما عَبْدَ الآخَرِ، أُقْرِعَ بينَهما حينئذٍ. هذا المذهبُ، اخْتارَه أبو الخطابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «القاعِدَةِ الأخيرةِ»: وهذا أصحُّ. وقاله في «الرابِعَةَ عَشْرَةَ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقال القاضي: يَعْتِقُ الذي اشْتَراه مُطْلَقا. وجزَم به في «الوَجيزِ». [وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» -ذكراه في بابِ الوَلاءِ- و «النِّهايَةِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه] (2). وقيل: يعْتِقُ الذي اشْترَاه إنْ كانَا تَكاذَبا قبلَ ذلك. [قال في] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [«المُحَرَّرِ»: وقيلَ: إنَّما يعْتِقُ إذا تَكاذَبا، وإلَّا يعْتِقُ أحدُهما بالقُرْعَةِ. وهو الأصحُّ، وتَبِعَه في «تَجْريدِ العِنايَةِ»] (¬1). وأطْلَقَهن في «الفُروعِ». وذكَر هذه ونَظيرَتَها في الطَّلاقِ، في آخِرِ كتابِ العِتْقِ. فعلى قولِ القاضي، وَلاؤه مَوْقوفٌ حتى يتَصادَقَا على أمْرٍ يتفِقان عليه. وعلى المذهبِ، إنْ وقَعَتِ الحُرِّيَّةُ على المُشْتَرِي، فكذلك، وإنْ وقَعَتْ على عَبْدِه، فوَلاؤه له. قال في «القَواعِدِ»: ويتَوَجَّهُ أنْ يُقال: يُقْرَعُ بينَهما، فمَنْ قَرَعَ، فالوَلاءُ له. كما تقدَّم مِثْلُ ذلك في الوَلَدِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي يدَّعِيه أبَوان، وأوْلَى. فائدة: لو كانَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بينَ مُوسِرَين، فقال أحدُهما: إنْ كان غُرابًا فنَصِيبِي حُرٌّ. وقال الآخَرُ: إنْ لم يَكُنْ غُرابًا فنَصِيبِي حُرٌّ. عَتَقَ على أحَدِهما. فيُمَيَّزُ بالقُرْعَةِ، والوَلاءُ له.

وَإنْ قَال لِامْرأتِهِ وَأجْنَبِيَّةٍ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ. أوْ قَال: سَلْمَى طَالِقٌ. وَاسْمُ امْرَأتِهِ سَلْمَى، طَلُقَت امْرَأتُهُ، فَإِنْ أرَادَ الْأجْنَبِيَّةَ، لَمْ تَطْلُقِ امْرَأتُهُ، وَإنِ ادَّعَى ذَلِكَ دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قال لامْرَأتِه وأجْنَبِيَّةٍ: إحْداكما طالقٌ. أو قال: سَلْمَى طالق. واسْمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ امْرَأتِه سَلْمَى، طَلُقَتِ امْرَأتُه، فإنْ أرادَ الأجْنَبِيَّةَ، لم تَطْلُقِ امْرَأتُه، وإنِ ادَّعَى ذلك دُيِّنَ. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وهما وَجْهان مُخَرَّجان في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ إحْداهما، لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ إلَّا بقَرِينَةٍ. وهو المذهبُ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في رجُلٍ تزَوَّجَ امْرأةً، فقال لحَماتِه: ابْنَتُك طالِق. وقال: أرَدْتُ ابْنَتَكِ الأُخْرَى التي ليستْ بزَوْجَتِي. فلا يُقْبَلُ منه. ونقَل أبو داودَ، في مَن له امْرأتان اسمهما واحدٌ، ماتتْ إحْداهما، فقال: فُلانَةُ طالِق. يَنْوي المَيِّتةَ، فقال: المَيِّتةُ تَطْلُقُ؟! كأنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه الله، أرادَ أنَّه لا يُصدِّقُ حُكْمًا. والرِّوايةُ الثانيةُ،

وَإنْ نَادَى امْرأتَهُ، فَأجَابَتْهُ امْرأةٌ لَهُ أُخْرَى، فَقَال: أنْتِ طَالِقٌ. يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ، طَلُقَتَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ، وَالأُخْرَى، تَطْلُقُ الَّتِي نَادَاهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْبَلُ مُطْلَقًا. وهو تَخْريجٌ في «المُحَرَّرِ»، وقوْلٌ في «الرِّعايَةِ الصُّغرَى». وفي «الانْتِصارِ» خِلافٌ في قوْلِه لها ولرَجُلٍ: أحَدُكما (¬1) طالِقٌ. هل يقَعُ بلا نِيَّةٍ؟ قوله: وإنْ نادَى امْرَأتَه، فأجابَتْه امْرأة له أُخْرَى، فقال: أنتِ طالِق. يَظنُّها المناداةَ، طَلُقَتا في إحدَى الرِّوايتَين. واخْتارَها ابنُ حامِدٍ. قاله الشارِحُ. والأُخْرى، تَطْلُقُ التي نادَاها فقط. نقَلَها مُهَنَّا. وهو المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: ¬

(¬1) في ط، ا: «إحداهما».

وَإنْ قَال: عَلِمْتُ أنَّهَا غَيرُهَا، وَأرَدْتُ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ. طَلُقَتَا مَعًا، وَإنْ قَال: أردْتُ طَلَاقَ الثَّانِيَةِ. طَلُقَتْ وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يخْتَلِفُ كلامُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، أنَّه لا تَطْلُقُ غيرُ المُناداةِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والعِشْرِينَ بعدَ المِائَةِ»: هذا اخْتِيارُ الأكثرينَ؛ أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، والقاضي. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «القَواعِدِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ أحمدَ بن الحُسَينِ، أنَّهما تَطْلُقان جميعًا، ظاهِرًا وباطِنًا. وزَعَم صاحبُ «المُحَررِ» أنَّ المُجِيبَةَ إنما تَطْلُقُ ظاهِرًا. قوله: وإنْ قال: عَلِمْتُ أنها غَيرُها، وَأرَدْتُ طلاقَ المُناداةِ. طَلُقَتا مَعًا، وإنْ قال: أرَدْتُ طَلاقَ الثَّانِيَةِ. طَلُقَتْ وَحْدَها. بلا خِلافٍ أعْلَمُه.

وَإنْ لَقِيَ أجْنَبِيَّةً ظَنَّهَا امْرأتَهُ، فَقَال: فُلَانَةُ، أنْتِ طَالِقٌ. طَلُقَتِ أمْرَأتهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ لَقِيَ أجْنَبِيَّةً فظنَّها امْرَأتَه، فقال: فلانَةُ، أنتِ طالق. طَلُقَتِ امْرَأتُه. إذا لم يُسَمِّها، بل قال: أنتِ طالِق. أنَّها لا تَطْلُقُ. وهو أحدُ الوَجْهَينِ. والصحيحُ مِن المذهبِ أنها لا تَطْلُقُ؛ سواء سماها أوْ لا. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». فائدة: لو لَقِيَ امْرأتَه، فظنَّها أجْنَبِيَّةً -عكْسُ مسْألةِ المُصَنِّفِ- فقال: أنتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طالِقٌ. ففي وُقوعِ الطلاق رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الأصُولِيَّةِ». وهما أصْلُ هذه المَسألةِ وغيرِها، وبَناهما أبو بَكْرٍ على أنَّ الصَّرِيحَ، هل يحْتاجُ إلى نِيَّةٍ أم لا؟ قال القاضي: إنَّما هذا (¬1) الخِلافُ في صُورَةِ الجَهْلِ بأهْلِيَّةِ المَحَلِّ، ولا يطَّرِدُ مع العِلْمِ. إحْداهما، لا يقَعُ (¬2). قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: العَمَلُ على أنّه لا يقَعُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الشَّرحِ»، و «المُغْنِي». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». والرِّوايةُ الثّانيةُ، يقعُ. جزَم به في «تَذكِرَةِ ابنِ عَقِيل»، و «المُنَوِّرِ». قال في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»: دُيِّنَ (¬3)، ولم يُقْبَلْ حُكمًا. وكذا حُكْمُ العِتقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يقَعُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، في من قال: يا غُلامُ، أنْتَ حُرٌّ. يعْتِقُ الذي نَواه. وقال في «المُنْتَخَبِ»: أو (¬4) نَسِيَ أنَّ له عَبْدًا أو (¬5) زَوْجَةً، فَبانَ له. ¬

(¬1) بعده في ط، ا: «على». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: ط. (¬4) في ط، ا: «لو». (¬5) في ط، ا: «و».

كتاب الرجعة

كتابُ الرَّجْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الرَّجْعَةِ

إِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ امْرَأتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا أقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، أو الْعَبْدُ وَاحِدَةً بِغَيرِ عِوَضٍ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، رَضِيَتْ أوْ كَرِهَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إذا طَلَّقَ [الحُرُّ] (¬1) امْرَأتَه بعدَ دُخُولِه بها أقَلَّ مِن ثَلاثٍ، أو العَبْدُ واحِدَةً بغيرِ عِوَضٍ، فله رَجْعَتُها ما دامَتْ في العِدَّةِ، رَضِيَتْ أو كَرِهَتْ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: لا يُمَكَّنُ مِنَ الرَّجْعَةِ إلَّا مَنْ أرادَ إصْلاحًا وأمْسَكَ بمَعْروفٍ. فلو طَّلق إذًا، ففي تحْريمِه الرواياتُ. وقال: القُرآنُ يدُلُّ على أنَّه لا يمْلِكُه، وأنَّه لو أوْقَعَه لم يقَعْ، كما لو طلَّق ¬

(¬1) سقط من: النسخ.

وَألفَاظُ الرَّجْعَةِ: رَاجَعْتُ امْرأتِي. أوْ: رَجَعْتهَا. أو: ارْتَجَعْتهَا. أَوْ: رَدَدْتهَا. أوْ: أمْسَكْتهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ البائِنَ، ومَنْ قال: إن الشَّارِعَ مَلَّكَ الإنْسانَ ما حَرُمَ عليه. فقد تَناقَضَ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: بعدَ دُخولِه بها. أنَّه لو خَلَا بها ثم طلَّقها، يَمْلِكُ عليها الرَّجْعَةَ؛ لأن الخَلْوَةَ بمَنْزِلَةِ الدخولِ. وهو صحيح. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا رَجْعَةَ بالخَلْوَةِ مِن غيرِ دُخولٍ. وأطلَقهما في «الخُلاصةِ». فائدة: الصحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ وَلِيَّ المَجْنونِ يَمْلِكُ عليه (¬1) الرَّجْعَةَ. وقيل: لا يَمْلِكُها. قوله: وألْفاظُ الرَّجْعَةِ: راجَعْتُ امْرَأتِي. أو: رجَعْتُها. أو: ارْتَجَعْتُها. أو: ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَإِنْ قَال: نَكَحْتُهَا. أو: تَزَوَّجْتُهَا. فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَدَدْتُها. أو: أمْسَكْتُها. الصحيحُ مِن المذهبِ أن هذه الألفاظَ الخَمْسَةَ ونحوَها صَرِيحٌ في الرَّجْعَةِ، وعليه الأصحابُ. ولو زادَ بَعْدَ هذه الألفاظِ: للمَحَبَّةِ. أو: للإهانَةِ. ولا نِيَّةَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ» وغيرِهمْ. وقيل: الصَّرِيحُ مِن ذلك لَفْظُ الرَّجْعَةِ. وهو تَخْريجٌ للمُصَنِّفِ، واحْتِمالٌ في «الرِّعايَةِ». قوله: فإنْ قال: نَكَحْتُها. أو: تَزَوَّجْتُها. فعلى وَجهَين. عندَ الأكثرِ، وهما رِوايَتان في «الإيضاحِ». وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الزُّبْدَةِ»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُبْهِجِ»، و «الإيضاحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أحدُهما، لا تَحْصُلُ الرّجْعَةُ بذلك. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي. قاله في «المُبْهِجِ». والوجْهُ الثاني، تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك. أوْمَأ إليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال في «المُوجَزِ»، و «التبصِرَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك مع نِيَّةٍ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «المُنَوِّرِ»: وَ: نَكَحْتُها. و: تَزوَّجْتُها كِنايَة. وقال في «التّرْغِيبِ»: هل تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بكِنايةٍ، نحوَ: أعَدْتُكِ. أو: اسْتَدَمْتُكِ؟ فيه وَجْهان. قال في «الرِّعايتَين»: يَنْوي في قوْلِه: أعَدْتُكِ. أو: اسْتَدَمْتُكِ. فقط. وقال في «القاعِدَةِ التاسِعَةِ والثَّلاثينَ»:

وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا الإشْهَادُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنِ اشْترَطْنا الإشْهادَ في الرَّجْعَةِ، لم تَصِحَّ رجْعَتُها بالكِنايةِ، وإلَّا فوَجْهان. وأطْلقَ صاحِبُ «التَّرْغيبِ» وغيرُه الوَجْهَين، والأوْلَى ما ذَكَرْنا. انتهى. قوله: وهل مِن شَرْطِها الإشْهادُ؟ على رِوَايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ». ويأتي قريبًا الخِلافُ في محَلِّ هاتَين الرِّوايتَين، إحْداهما، لا يُشْترَطُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ ومنهم أبو بَكْرٍ، والقاضي وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطابِ، وابنُ عَقِيل، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. والثَّانِية،

وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّاقُ وَالظِّهَارُ وَالإيلَاءُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْترَطُ. ونصَّ عليها في رِوايةِ مُهَنَّا. وعُزِيَتْ إلى اخْتِيارِ الخِرَقِيِّ، وأبي إسْحاقَ ابنِ شَاقْلَا في «تعَاليقِه». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». فعلى هذه الرِّوايةِ، إنْ أشْهَدَ وأوْصَى الشهودَ بكِتْمانِها، فالرَّجْعَةُ باطِلَةٌ. نصَّ عليه. ويأتِي، إذا ارْتَجعَها في عِدَّتِها، وأشْهَدَ على رَجْعَتِها مِن حيثُ لا تَعْلَمُ، في كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: والرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُها الطلاقُ والظِّهارُ والإيلاءُ. وكذا اللعانُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ الإيلاءُ منها. فعلى المذهبِ، ابْتِداءُ المُدَّةِ مِن حينِ اليَمِينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وأخَذَ المُصَنِّفُ مِن قولِ الخِرَقِيِّ بتَحْريمِ الرجْعِيَّةِ، أن ابْتِداءَ المُدَّة لا يكونُ إلَّا

وَيُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤهَا، وَالْخَلْوَةُ وَالسَّفَرُ بِهَا، وَلَهَا أن تَتَشَرَّفَ لَهُ وَتَتَزَيَّنَ، وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا، نَوَى الرَّجْعَةَ بِهِ أوْ لَمْ يَنْو. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن حينِ الرَّجْعَةِ. قال الزَّرْكَشيُّ: يجِئُ هذا على قَوْلِ أبي محمدٍ: إذا كانَ المانِعُ مِن جِهَتِها، لم يُحْتَسَبْ عِلْمُه بمُدَّتِه. أمَّا على قوْلِ غيرِه بالاحْتِسابِ، فلا يتَمَشَّى. [تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: والرَّجْعِيَّةُ زوْجَةٌ. أنَّ لها القَسْمَ. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وصرَّح المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1)، أنَّه لا قَسْمَ لها. ذكره في الحَضانَةِ، عندَ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: وإذا أُخِذَ الوَلَدُ مِن الأمِّ إذا تزَوَّجَتْ ثم طَلُقَتْ] (¬2). قوله: ويباحُ لزَوْجِها وَطْؤها، والخَلْوَةُ والسَّفَرُ بها، ولها أنْ تَتَشَرَّفَ له وتَتَزَيَّنَ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «إدْراكِ الغايةِ»: هذا أظْهَرُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» أيضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: والمذهبُ المَشْهورُ المَنْصوصُ، حِلُّها. وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، ليستْ مُباحَةً حتى يُراجِعَها بالقَوْلِ. وهو ظاهِرُ ¬

(¬1) 11/ 427. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فعلى هذا، هل مِن شَرْطِها الإشْهادُ؟ على الروايتَين المُتقَدِّمتَين. وبَناهما على هذه الرِّوايةِ في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو واضِحٌ. أمَّا إنْ قُلْنا: تحْصُلُ الرجْعَةُ بالوَطْءِ. فكَلامُ المَجْدِ يقْتَضِي أنَّه لا يُشْتَرَطُ الإشْهادُ. رِوايةً واحدةً. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعامَّةُ الأصحابِ يُطْلِقونَ الخِلافَ، وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «التَّعْلِيقِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وألزَمَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، بإعْلانِ الرَّجْعَةِ، والتَّسْريحِ، والإشْهادِ؛ كالنِّكاحِ والخُلْعِ عندَه، لا على ابْتِداءِ الفُرْقَةِ. قوله: وتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها؛ نَوَى الرَّجْعَةَ به أو لم يَنْو. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ، والقاضي وأصحابُه. قال في «المُذْهَبِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»: تحْصُلُ الرجْعَةُ بوَطْئِها. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ» وغيرِهما. [قال في «الكافِي»: هذا ظاهِرُ المذهبِ] (¬1). وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ». وعنه، لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك إلا مع نِيَّةِ الرَّجْعَةِ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ. قال ابنُ أبِي مُوسى: إذا نَوَى بوَطْئِه الرَّجْعَةَ، كانتْ رَجْعَةً. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. وقيل: لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها مُطْلَقًا. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ لَيسَتْ مُبَاحَةً، وَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا، وَإنْ أَكْرَهَهَا عَلَيهِ، فَلَهَا الْمَهْرُ إِذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا بَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ: واعلمْ أنّ الأصحابَ مُخْتَلِفونَ في حُصولِ الرَّجْعَةِ بالوَطْءِ؛ هل هو مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بحِلِّ الرَّجْعِيّةِ، أم مُطْلَقٌ؟ على طَرِيقَتَين؛ إحْداهما -وهي طريقةُ الأكْثَرِين؛ منهم القاضي في «الرِّوايتَين»، و «الجامِعِ»، وجماعَةٌ- عدَمُ البِناءِ. والطَّريقةُ الثانيةُ -وهو مُقْتَضَى كلامِ أبي البَرَكاتِ، ويَحْتَمِلُها كلامُ القاضي في «التَّعْليقِ» - البِناءُ. فإنْ قلْنا: الرَّجْعِيَّةُ مُباحَةٌ. حصَلَتِ الرّجْعَةُ بالوَطْءِ، وإنْ قُلْنا: غيرُ مُباحَةٍ. لم تحْصُلْ. وهي طَريقةُ أبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»؛ فإنَّه قال: لعَلَّ الخِلافَ مَبْنِيٌّ على حِلِّ الوَطْءِ وعدَمِه. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِين»: وهل تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بوَطْئِها؟ على رِوايتَين؛ مأْخَذُهما عندَ أبِي الخَطَّابِ الخِلافُ في وَطْئِها، هل هو مُباحٌ أو مُحَرمٌ؟ والصَّحيحُ، بِناؤُه على اعْتِبارِ الإِشْهادِ للرَّجْعِيّةِ وعدَمِه؛ وهو البِناءُ المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ولا عِبْرَةَ بحِلِّ الوَطْءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا عدَمِه، فلو وَطِئَها في الحَيضِ أو غيرِه، كان رَجْعَةً. انتهى. فعلى القَوْلِ بأنَّ الرجْعَةَ لا تحْصُلُ بوَطْئِه، وأنَّ وَطْأها غيرُ مُباحٍ، جزَم المُصَنِّفُ بأن لها المَهْرَ إذا أكْرَهَها على الوَطْءِ إنْ لم يَرْتَجِعْها بعدَه. وهو أحدُ الوُجوهِ. وقيل: يجِبُ المَهْرُ؛ سواءٌ ارْتَجَعها أو لم يَرْتَجِعْها. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». قال في «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ»: وهو ضعيفٌ. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يَلْزَمُه مَهْرٌ إذا أكْرَهَها على الوَطْءِ؛ سواءٌ ارْتَجعَها أو لم يَرْتَجِعْها، وسواءٌ قُلْنا: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بوَطْئِها، أو لم تحْصُلْ. اخْتارَه الشارِحُ، والقاضي في «الجامِعِ»، و «التّعْليقِ»، والشَّرِيفُ في «خِلافِه». وصحّحه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ. وقدمه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «الزُّبْدَةِ»،

وَلَا تَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَالنَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا، وَالْخلْوَةِ بِهَا لِشَهْوَةٍ. نَصَّ عَلَيهِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وأَطْلَقَ في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، في وُجوبِ المَهْرِ للمُكْرَهَةِ (¬1) وَجْهَين. قوله: ولا تَحْصُلُ بمُباشَرَتِها، والنَّظَرِ إلى فَرْجِها، والخَلْوَةِ بها لشَهْوَةٍ، نصَّ عليه. في رِوايةِ ابنِ (¬2) القاسِمِ، في المُباشَرَةِ والنَّظَرِ. يعْنِي، إذا قُلْنا: تَحْصُلُ بالوَطْءِ. لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بذلك. أمَّا مُباشَرَتُها والنَّظَرُ إلى فَرْجِها، فلا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بأحَدِهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. وقدَّمه في «المُحَرّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وخرَّجه ابنُ حامِدٍ على وَجْهَين مِن تحْريمِ المُصاهَرَةِ بذلك. قال القاضي: يُخَرَّجُ رِوايةً ¬

(¬1) في ط: «للمكره». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها تحْصُلُ؛ بِناءً على تَحْريمِ المُصاهَرَةِ، وخرَّجه المَجْدُ مِن نصِّه على أن الخَلْوَةَ تحْصُلُ بها الرجْعَةُ، قال: فاللَّمْسُ ونظَرُ الفَرْجِ أوْلَى. انتهى. وأمَّا الخَلْوَةُ؛ فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أَيضًا، أنَّ الرَّجْعَةَ لا تحْصُلُ بها. كما قدَّمه المُصَنِّفُ هنا. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقيل: تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بالخَلْوَةِ. وهو رِوايةٌ نقَلَها ابنُ مَنصُورٍ، وعليه أكثرُ الأصحابُ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما: هذا قولُ أصحابِنا. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها، وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأطْلقَ الخِلافَ في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الخُلاصَةِ». تنبيه: ظاهِرُ قولِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ قوْلَه: نصَّ عليه. يشْمَلُ الخَلْوَةَ. قال

وَلا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِشَرْطٍ، وَلَا الارْتِجَاعُ في الرِّدَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وليس كذلك؛ فإنَّ النَّصّ إنَّما ورَدَ في المُباشَرَةِ والنَّظَرِ فقط. قلتُ: وحكَى في «الرِّعايتَين» في حُصولِ الرَّجْعَةِ بالخَلْوَةِ رِوايتَين. وحكَاهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» وَجْهَين. فائدتان؛ إحْداهما، لا تحْصُلُ الرَّجْعَةُ بإنْكارِ الطَّلاقِ. قاله في «التَّرْغيبِ»، في بابِ التَّدْبيرِ، وقاله في «الرِّعايتَين» وغيرِهما. الثَّانيةُ، قولُه: ولا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بشَرْطٍ. فلو قال: راجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ. أو: كُلَّما طَلَّقْتُكِ فقد راجَعْتُكِ. لم يصِحَّ، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو عكَسَ فقال: كلَّما راجَعْتُكِ فقد طَلّقْتُكِ. صحّ، وطَلُقَتْ. قوله: ولا يَصِحُّ الارْتجاعُ في الرِّدَّةِ. إنْ قُلْنا: تُتَعَجّلُ الفُرْقَةُ بمُجَرّدِ الرِّدَّةِ، لم يصِح الارْتجاعُ؛ لأنَّها قد بانَتْ، وإنْ قُلْنا: لا تُتَعَجَّلُ. فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّ الارْتجاعَ لا يصِحُّ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ. [وأطْلَقهما في «الفُروعِ»] (¬1). وقال ابنُ حامِدٍ والقاضي: إنْ قُلْنا: تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ بالرِّدّةِ. لم تصِح الرَّجْعَةُ، وإنْ قُلْنا: لا تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. فالرَّجْعَةُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ، فَهَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ موْقُوفَةٌ. قال الشَّارِحُ تبَعًا للمُصَنِّفِ: وهذا يَنْبَغِي أنْ يكونَ فيما إذا راجَعَها بعدَ إسْلامِ أحَدِهما. انتهى. وتقدَّم حُكْمُ الرَّجْعَةِ في الإحْرامِ، في بابِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ. قوله: فإنْ طَهُرَتْ مِنَ الحَيضَةِ الثَّالِثَةِ ولمَّا تَغْتَسِلْ، فهل له رَجْعَتُها؟ على رِوايتَين. ذكَرَهما ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، وذكَرَه في العِدَّةِ؛ إحْداهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له رَجْعَتُها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ حَنْبَلٍ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال به كثيرٌ مِن أصحابِنا. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما: قال أصحابُنا: له أنْ يرْتَجِعَها. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واختِيارُ أصحابِه؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي، والشَّرِيفِ، والشِّيرازِيِّ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «الخُلاصَةِ»: له ارْتجاعُها قبلَ أنْ تَغْتَسِلَ، على الأصحِّ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليسَ له رَجْعَتُها، بل تَنْقَضِي العِدّةُ بمُجَرّدِ انْقِطاعِ الدَّمِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: وهو الصَّحيحُ. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في مَسائلَ في الطَّلاقِ. تنبيه: ظاهِرُ الرِّوايَةِ الأُولَى، أنّ له رَجْعَتَها ولو فرَّطَتْ في الغُسْلِ سِنِين، حتَّى قال به شَرِيكٌ القاضي عِشْرِين سنَةً. وذكَرَها ابنُ القَيِّمِ في «الهَدْي» إحْدَى الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وجماعةٍ. ويأْتِي حِكايَتُه عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، بمُضِيِّ وَقْتِ صلاةٍ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ويأْتِي نظِيرُ ذلك عندَ قوْلِه: والقُرْءُ الحَيضُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، محَلُّ الخِلافِ في إباحَتِها للأزْواجِ وحِلِّها لزَوْجِها بالرَّجْعَةِ، أمّا ما عدا ذلك مِن انْقِطاعِ نفَقَتِها، وعدَمِ وُقوعِ الطَّلاقِ بها، وانْتِفاءِ المِيراثِ، وغيرِ ذلك، فيَحْصُلُ بانْقِطاعِ الدَّمِ. رِوايةً واحدةً. قاله القاضي وغيرُه، وذلك قَصْرًا على مَوْرِدِ حُكْمِ الصّحابَةِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وجعَله ابنُ عَقِيلٍ [مَحَلًّا للخِلافِ] (¬1)، وما هو ببعيدٍ. الثَّانيةُ، لو كانتِ العِدّةُ بوَضْعِ الحَمْلِ، فوَضَعَتْ وَلَدًا وبَقِيَ معها آخَرُ، فله رَجْعَتُها قبلَ وَضْعِه. قاله الأصحابُ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهل له رَجْعَتُها بعدَ وَضْعِ الجميعِ وقبلَ أنْ تَغْتَسِلَ مِن النِّفاسِ؟ قال ابنُ عَقِيلٍ: له رَجْعَتُها على ¬

(¬1) في الأصل: «على الخلاف».

وَإنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا، بَانَتْ، وَلَمْ تَحِلَّ إلا بِنِكَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةِ حَنْبَلٍ، والصَّحيحُ أنَّه لا يَمْلِكُ رَجْعَتَها، وتُباحُ (¬1) لغيرِه؛ سواءٌ طَهُرَتْ مِنَ النِّفاسِ أوْ لا، نصَّ عبيه، وذكَرَه القاضي في «المُجَرَّدِ». انتهى. وجزَم بهذا في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». ويأْتِي نظِيرُ ذلك في أوَائلِ العِدَدِ. قوله: وإنِ انْقَضَتْ عِدَّتُها ولم يُراجِعْها، بَانَتْ، ولم تَحِلَّ إلَّا بِنكاحٍ جَدِيدٍ، ¬

(¬1) في الأصل: «تباع».

جَدِيدٍ. وَتَعُودُ إِلَيهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، سَوَاءٌ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيرِهِ أَوْ قَبْلَهُ. وَعَنْهُ، إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيرِهِ، رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتعُودُ إليه على ما بَقِيَ من طَلاقِها؛ سَواءٌ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكاحِ زَوْجٍ غَيرِه أو قَبْلَه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وعنه، إنْ رجَعَتْ بعدَ نِكاحِ زَوْجٍ غيرِه، رجَعَتْ بطَلاقِ ثَلاثٍ. نقَلَها حَنْبَل. وتُلَقَّبُ هذه المَسْألةُ بالهَدْمِ؛ وهو أن نِكاحَ الثَّانِي هل يَهْدِمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِكاحَ الأوَّلِ، أمْ لا؟ قاله الزَّرْكَشِيُّ.

وَإنِ ارْتَجَعَهَا في عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ، وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أصَابَهَا، رُدَّتْ إِلَيهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ارْتَجَعَها في عِدَّتِها، وأشْهَدَ على رَجْعَتِها مِن حيث لا تعْلَمُ، فاعْتَدَّتْ، وتَزَوَّجَتْ مَن أصابَها، رُدت إليه، ولا يَطؤُها حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّها زوْجَةُ الثَّاني إنْ كان أصابَها. نقَلَها الخِرَقِيُّ. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، هل تَضْمَنُ المَرْأةُ لزَوْجِها المَهْرَ، أمْ لا؟ على

وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا, لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأةُ، لَمْ يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا، لَكِنْ مَتَى بَانَتْ مِنْهُ، عَادَتْ إِلَى الأوَّلِ بِغَيرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «القَواعِدِ»؛ أحدُهما، تَضْمَنُ. اخْتارَه القاضي؛ لأنَّ خُروجَ البُضْعِ مُتقَوَّمٌ. والثَّاني، لا تَضْمَنُ. ويأْتِي في بابِ الرَّضاعِ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنَّ خُروجَ البُضْعِ غيرُ مُتَقَوَّمٍ. قوله: فإنْ لم تَكُنْ له بَيِّنةٌ برَجْعَتِها, لم تُقْبَلْ دَعْواه، لكنْ إنْ صَدَّقَه الزَّوْجُ الثَّاني، بانَتْ منه، وإنْ صَدَّقَتْه المَرْأةُ، لم يُقْبَلْ تَصْدِيقُها, لكنْ متى بانَتْ منه، عادَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الأوَّلِ بغيرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الواضِحِ»: إنْ صدَّقَتْه، لم يُقْبَلْ، إلَّا أنْ يُحال بينَهما. فائدة: لا يَلْزَمُها [المهْرُ للأولِ] (¬1) إنْ صدَّقَتْه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يَلْزَمُها. اخْتارَه القاضي. وقال في «الواضِحِ»: إنْ صدَّقَتْه، لَزِمَها للثَّاني ¬

(¬1) في ط، ا: «مهر الأول له».

فَصْلٌ: وَإذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا إِذَا كَانَ مُمْكِنًا، إلا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيضِ في شَهْرٍ، فَلَا يُقْبَلُ إلا بِبَيِّنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَهْرُها أو نِصْفُه، وهل يُؤْمَرُ بطَلاقِها؟ فيه رِوايَتان. انتهى. فإنْ ماتَ الأوَّلُ، والحالةُ هذه، وهي في نِكاحِ الثَّاني، فقال المُصَنِّفُ ومَنْ تَبِعَه: يَنْبَغِي أنْ تَرِثَه؛ لإقْرارِه بزَوْجِيَّتِها وتَصْديقِها له، وإنْ ماتَتْ، لم يرِثْها؛ لتَعلُّقِ حقِّ الثَّاني بالإرْثِ، وإنْ ماتَ الثاني، لم تَرِثْه؛ لإنْكارِها صِحَّةَ نِكاحِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: ولا يُمَكَّنُ مِن تَزْويجِ أُخْتِها ولا أرْبَعٍ سِواها. قوله: وإذا ادَّعتِ المَرْأةُ انْقِضاءَ عِدَّتِها، قُبِلَ قَوْلُها إذا كانَ مُمْكِنًا، إلا أنْ تدَّعِيَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالحَيضِ في شَهْرٍ، فلا يُقْبَلُ إلا ببَيِّنةٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الوَجيزِ»: إذا ادَّعَتْه الحُرَّةُ بالحَيضِ في أقَلَّ مِن تِسْعَةٍ وعِشْرِين يَوْمًا ولَحْظَةٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وجزَم بما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم، كخِلافِ عادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ في أصحِّ الوَجْهَين. وظاهِرُ قولِ الخِرَقِيِّ (¬1) قَبُولُ قَوْلِها مُطْلَقًا إذا كان مُمْكِنًا. واخْتارَه أبو الفَرَجِ. وذكَرَه ابنُ مُنَجَّى [في «شَرْحِه»] (¬2)، و «الفُروعِ» رِوايةً عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، كثَلَاثَةٍ وثلاثين يَوْمًا. ذكرَه في «الواضِحِ». و «الطَّريقِ الأقْرَبِ». ¬

(¬1) بعده في ط: «في». (¬2) زيادة من: ش.

وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدّةِ مِنَ الأقْرَاءِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ إِذَا قُلْنَا: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ. وَأقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ. فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاُثونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه في «الفُروعِ»، في بابِ العِدَدِ. وأقَلُّ ما يُصَدَّقُ في ذلك تِسْعَةٌ وعِشرون يَوْمًا ولَحْظَةٌ. [وهو] (¬1) مِنَ المُفْرَداتِ. قوله: وأقَلُّ ما يُمكِنُ انْقِضاءُ العِدَّةِ به مِنَ الأقْراءِ تِسْعَة وعِشْرُون يَوْمًا ولَحْظَةٌ، إذا قُلْنا: الأقْراءُ الحِيَضُ. وأقَلُّ الطهْرِ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا -ولِلأمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ ولَحْظَةٌ- وإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُّ خَمْسَةَ عَشَرَ. فَثلاثَةٌ وثَلاثُون يَوْمًا ولَحْظَةٌ -وللأمَةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الأطْهَارُ. فَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ. وَإنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبْعَةَ عَشَرَ ولَحْظَةٌ- وإنْ قُلْنا: القُرُوءُ الأطْهارُ. فثمانِيَة وعِشْرُون يَوْمًا ولَحْطان -ولِلأمَةِ أرْبَعَةَ عَشَرَ ولَحْظَتان- وإنْ قُلْنا: أقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فاثْنَان وثَلاثُون يَوْمًا ولَحْظتان- وللأَمةِ سِتَّةَ عَشَرَ ولَحْظَتان. هكذا قال كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال في «الرِّعايَةِ»: يكونُ تِسْعَةً وعِشْرِين يوْمًا ولَحْظَةً، إنْ قُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ، وإنّ أقَلّها يَوْمٌ، وإنّ أقَلَّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي أقَلِّهما مرَّتَين، واللَّحْظَةُ المذكُورةُ بقُرْءٍ لَحْظَةٌ مِن حَيضَةٍ ثالثةٍ في وجْهٍ؛ وذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثمانِيَةٌ وعِشرون ولَحْظَتان. وإنْ طلَّق في سَلْخِ طُهْرٍ، وقُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ. ففي ثَلاثِ حِيَضٍ وطُهْرَين؛ وذلك تِسْعَةٌ وعِشْرون فقط. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي ثَلَاثَةِ أطْهارٍ وثَلاثِ حِيَضٍ ولَحْظَةٍ مِن حَيضَةٍ رابعَةٍ في وَجْهٍ؛ وذلك أحدٌ وأرْبَعُون يوْمًا ولَحْظَةٌ. وإنْ طلَّق في سَلْخِ حَيضَةٍ، وقُلْنا: القُرْءُ حَيضَةٌ. ففي ثَلاثِ حِيَضٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وثَلَاثةِ أطْهارٍ؛ وذلك اثْنان وأرْبَعُون يوْمًا فقط. وإنْ قُلْنا: القُرْءُ طُهْرٌ. ففي ثَلاثَةِ أطْهارٍ وحَيضَتَين ولَحْظَةٍ في وَجْهٍ مِن حَيضَةٍ ثالثَةٍ؛ وذلك أحدٌ وأرْبَعُون يوْمًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولَحْظَةٌ. وأقَلُّ عِدَّةِ الأمَةِ أقَلُّ الحَيضِ مرَّتَينِ، وأقَلُّ الطهْرِ مَرَّةٌ ولَحْظَةٌ مِن طُهْرٍ طلَّقها فيه بلا وَطْءٍ؛ وذلك خَمْسَةَ عَشَرَ يوْمًا ولَحْظَةٌ إنْ قُلْنا: إن القُرْءَ حَيضَةٌ. وإنْ قُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القُرْءُ طُهْرٌ. فَأقَلُّهما ولَحْظَةٌ مِن طُهْرٍ طلَّق فيه بلا وَطْءٍ، ولَحْظَةٌ مِن حَيضَةٍ أخْرَى

وَإذَا قَالتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي. فَقَال: قَدْ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ. فَأنْكَرَتْهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في وَجْهٍ. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». قوله: وإذا قالتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي. فقال: قد كُنتُ راجَعْتُكِ. فأنكَرَتْه،

وَإنْ سَبَقَ فَقَال: ارْتَجَعْتُكِ. فَقَالتْ: قَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالقَوْلُ قَوْلُها. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قوله: وإنْ سَبَقَ، فقال: ارْتَجَعْتُكِ. فقالتْ: قدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي قبلَ رَجْعَتِكَ. فالقَوْلُ قَوْلُه. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، القَوْلُ قوْلُه. قال في «الرِّعايتَين»: قُبِلَ قوْلُه في الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». واخْتارَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

وَإنْ تَدَاعَيَا مَعًا، قُدِّمَ قَوْلُهَا. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ القُرْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال الخِرَقِيُّ: القَوْلُ قوْلُها. قال في «الواضِحَ» في الدَّعاوَى: نصَّ عليه. وجزَم به أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». قال في «الفُروعِ»: جزَم به ابنُ الجَوْزِيِّ. والذي رأَيتُه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ما ذكَرْتُه أوَّلًا، فلعَلَّه اطَّلَع على غيرِ ذلك. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ. قوله: وإنْ تَداعَيا معًا، قُدِّمَ قَوْلُها. هذا المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، [و «المُحَرَّرِ»] (¬1). وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». [قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ] (¬2). وقيل: يُقَدَّمُ قوْلُ مَنْ تقَعُ له القُرْعَةُ. وهو احْتِمالٌ لأبِي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، والزَّرْكَشِيُّ. وقيل: يُقَدَّمُ قوْلُه مُطْلَقًا. ¬

(¬1) زيادة من: ش. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهُنَّ في «الفُروعِ». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا قُلْنا: القَوْلُ قولُه في المَسْألَةِ التي قبلَها. وهو واضِحٌ. فائدة: متى قُلْنا: القَوْلُ قوْلُها. فمع يَمِينِها عندَ الخِرَقِيِّ، والمُصَنِّفِ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقال القاضي: قِياسُ المذهبِ، لا يجِبُ عليها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمِينٌ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، ذكَرَها في «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الحاوي». وكذا لو قُلْنا: القَوْلُ قولُ الزَّوْجِ. فعلى الأوَّلِ، لو نَكَلَتْ، لم يُقْضَ عليها بالنُّكولِ. قاله القاضي، وغيرُه. وللمُصَنِّفِ

فَصْلٌ: وَإنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ، وَيَطَأَها في الْقُبُلِ، وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرجِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمالٌ، يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ إذا نَكَلَتْ وله الرَّجْعَةُ؛ بِناءً على القولِ برَدِّ اليَمِينِ. تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: وإذا طلَّقَها ثَلَاثًا، لم تَحِلَّ له حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غيرَه، ويَطَأ في القُبُلِ. إذا كان مع انْتِشارٍ. قاله الأصحابُ. وظاهرُ قوْلِه: وأدْنَى ما يَكْفِي مِنْ ذلك تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ. ولو كان خَصِيًّا أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نائمًا أو مُغْمًى عليه، وأدْخَلَتْ ذكَرَه في فَرْجِها، أو مَجْنونًا أو ظَنَّها أجْنَبِيَّةً. وهو المذهبُ في ذلك كلِّه. وقيل: يُشْترَطُ في الخَصِيِّ أنْ يكونَ ممَّنْ يُنْزِلُ. وقيل: لا تحِلُّ بوَطْءِ نائمٍ ومُغْمًى عليه ومَجْنُونٍ. وقيل: لا يُحِلُّها وَطْءُ مُغْمًى عليه ومَجْنُونٍ. وقيل: لو وَطِئَها يَظُنُّها أجْنَبِيّةً، لم يُحِلَّها. فالمذهبُ خِلافُه مع الإثْمِ.

فَإِنْ كَانَ مَجْبُوَبًا بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، فَأَوْلَجَهُ، أَوْ وَطِئَهَا زَوْجٌ مُرَاهِقٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ كانَ مَجْبُوبًا، وبَقِيَ مِنْ ذَكَرِه قَدْرُ الحَشَفَةِ، فأوْلَجَه، أحَلَّها. هذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو بَقِيَ أكثرُ مِن قَدْرِ الحَشَفَةِ، فأوْلَجَ قَدْرَها. على

أَوْ ذِمِّيٌّ وهِيَ ذِمِّيَّةٌ، أَحَلَّهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، لا يُحِلها إلَّا بإِيلاجِ كُلِّ البَقِيَّةِ. قوله: أو وَطِئَها مُراهِقٌ، أحَلَّها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» , و «الرعايَةِ الكُبْرَى». وقال القاضي: يُشْترَطُ أنْ يكونَ ابنَ اثْنَتَيْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَشْرَةَ سنَةً. ونقَلَه مُهَنَّا. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، عَشْرِ سِنِينَ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». ويأْتِي في بابِ اللِّعانِ، أقَلُّ سِنٍّ يحْصُلُ به البُلوغُ للغُلامِ. وتقدَّم في بابِ الغُسْلِ.

وَإنْ وَطِئَهَا في الدُّبُرِ، أوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ، لَمْ تَحِلَّ، وَإنْ وُطِئَتْ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لَمْ تَحِلَّ في أصَحِّ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وُطِئَتْ في نِكاح فاسِدٍ، لم تَحِلَّ في أصَحِّ الوَجْهَين. وكذا قال في «المُذْهَبِ»، كالنِّكاحِ الباطِلِ، وفي الرِّدَّةِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: لم يُحِلَّها في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ونَصَره المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: تَحِلُّ. وهو تخْريجٌ لأبي الخَطَّابِ. فيَجِئُ عليه إحْلالُها بِنكاحِ المُحَلِّلِ. ورَدَّه المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ».

وَإنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا في حَيضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أوْ إِحْرَامٍ، أَحَلَّهَا. وَقَال أَصْحَابُنَا: لَا يُحِلُّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئَها زَوْجُها في حَيضٍ، أو نِفاسٍ، أو إحْرامٍ -وكذا في صَوْمِ فَرْضٍ- أحَلَّها -هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحَ. وهو احْتِمالٌ لأبي الخَطَّابِ- وقال أصحابُنا: لا يُحِلُّها. وهو المذهبُ المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وعليه الأصحابُ، كما قال المُصَنِّفُ هنا. وأطْلَقَ وَجْهَين في «الخُلاصَةِ». فائدة: لو وَطِئَها وهي مُحَرَّمَةُ الوَطْءِ؛ لمَرَضٍ، أو ضِيقِ وَقْتِ صلاةٍ، أو في المَسْجِدِ، أو لقَبْضِ مَهْرٍ، ونحوه، أحَلَّها؛ لأنَّ الحُرْمَةَ لا لمَعْنًى فيها، بل (¬1) لحقِّ الله تعالى. وفي «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُفْرَداتِ»: مَنْعٌ وتَسْليمٌ. وقال ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإنْ كَانَتْ أمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا، لَمْ تَحِلَّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بعْضُ أصحابِنا: لا نُسَلِّمُ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، علَّلَه بالتَّحْريمِ، فنَطْرُدُه، وهذا قولُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في جميعِ الأُصولِ؛ كالصَّلاةِ في دارِ غَصْبٍ، وثَوْبِ حَريرٍ. وقال في «القاعِدَةِ السادِسَةِ (¬1) والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: لو نَكَحَتِ المُطَلقَةُ ثلاثًا زَوْجًا آخَرَ فَخَلا بها ثم طلَّقها، وقُلْنا: يجِبُ عليها العِدَّةُ بالخَلْوَةِ وتَثْبُت الرَّجْعَةُ -وهو ظاهِرُ المذهبِ- ثم وَطِئَها في مُدَّةِ العِدَّةِ، فهل يُحِلها لزَوْجِها الأوَّلِ؟ على رِوايتَين. حكَاهما صاحِبُ «التَّرْغيبِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يُحِلُّها. قوله: وإنْ كانت أمَةً، فاشْتَراها مُطَلِّقُها, لم تَحِلَّ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ويحْتَمِلُ أنْ تَحِلَّ. ¬

(¬1) في النسخ: «الخامسة».

وَإنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأتَهُ طَلْقَتَينِ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ، سَوَاءٌ عَتَقَا أَوْ بَقِيَا عَلَى الرِّقِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَ العَبْدُ امْرأَتَه طَلْقَتَين، لم تحِلَّ له حتَّى تَنْكِح زَوْجًا غيرَه؛ سَواءٌ عَتَقا أو بَقِيا على الرِّقِّ. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: وهذا ظاهرُ المذهبِ. قال في «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ»: لم يَمْلِكْ نِكاحَها على الأصحِّ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايَةِ»: لم تَحِلَّ له في أظْهَرِ الرِّوايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وعنه، يمْلِكُ تَتِمَّةَ الثَّلاثِ إذا عَتَقَ بعدَ طَلْقتَين، ككافرٍ طَلَّقَ ثِنْتَينِ ثم اسْتُرِقَّ ثم تزَوَّجَها. وأطْلقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى». وكذا تأْتِي هذه الرِّوايةُ في عِتْقِهما معًا. فعليها، يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. وتقدّم مَعْنَى ذلك في أوَّلِ بابِ ما يَخْتَلِفُ به عدَدُ الطَّلاقِ. فائدة: لو علَّق العَبْدُ طَلاقًا ثلاثًا بشَرْطٍ، فوَجَدَ الشَّرْطَ بعدَ عِتْقِه، لَزِمَتْه الثَّلاثُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يَبْقَى له طَلْقَةٌ، كما لو علَّق الثَّلاثَ بعِتْقِه، على أصحِّ الوَجْهَين. تنبيه: هذه المَسائِلُ كلُّها مَبْنِيَّةٌ على أن الطَّلاقَ بالرِّجال. وتَقدَّم التَّنْبيهُ على ذلك

وَإذَا غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ، فَأَتَتْهُ فَذَكَرَتْ أنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَكَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَلَهُ نِكَاحُهَا، إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في أوَّلِ بابِ ما يَخْتَلِفُ به عَدَدُ الطِّلاقِ، فبَعْضُ الأصحابِ يذْكُرُها هنا، وبعْضُهم يذْكُرُها هناك. قوله: وإذا غابَ عن مُطَلَّقَتِه، فأتَتْه فذَكَرَتْ أنَّها نَكَحَتْ من أصابَها وانْقَضَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عدَّتُها، وكان ذلك مُمْكِنًا، فله نِكاحُبها، إذا غَلَبَ على ظَنِّه صِدْقُها، وإلا فلا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: وقيل: لا يُقْبَلُ قوْلُها، إلَّا أنْ تكونَ مَعْروفَةً بالثِّقَةِ والدِّيانَةِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو كذبَها الزوْجُ الثَّاني في الوَطْءِ، فالقَوْلُ قوله في تَنْصِيفِ المَهْرِ، والقولُ قوْلُها في إباحَتِها للأوَّلِ؛ لأنَّ قوْلَها في الوَطْءِ مَقْبولٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو ادَّعَتْ نِكاحَ حاضِرٍ وإصابَتَه، وأنْكَرَها (¬1) الإصابَةَ، حلَّتْ للأوَّلِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا تحِلُّ (¬2). [قاله في «الفُروعِ». و [قال في] (¬3) «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم: بعدَ ما تقدَّم. وكذا إنْ تزَوَّجَتْ حاضِرًا وفارَقَها، وادَّعَتْ إصابَتَه وهو مُنْكِرُها. انْتَهَوْا] (¬4). قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيّةِ»، في القاعدَةِ الأُولَى: وهَذان الفَرْعان مُشْكِلان جِدًّا. الثَّانيةُ، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو جاءَتِ امْرأةٌ حاكِمًا وادَّعَتْ أنَّ زَوْجَها طلَّقها وانْقَضَتْ عِدَّتُها، كان له تَزْويجُها إنْ ظنَّ صِدْقَها، كمُعامَلَةِ عَبْدٍ لم يثْبُتْ عِتْقُه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، لا سِيّما إن كان الزَّوْجُ لا يُعْرَفُ. ¬

(¬1) في الأصل: «وأنكرها أصل النكاح و» وفي ا: «فأنكر». (¬2) في الأصل: «يصح». (¬3) سقط من: ا. (¬4) سقط من: الأصل.

كتاب الإيلاء

كِتابُ الإِيلَاءِ وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإِيلاءِ فائدة: الإيلاءُ مُحَرَّمٌ في ظاهِرِ كلامِ الأصحابِ، لأنَّه يمينٌ على تَرْكِ واجِبٍ. قاله في «الفُروعِ»، في آخرِ البابِ. تنبيه: المُرادُ بقوْلِه: وهو الحَلِفُ على تَرْكِ الوَطْءِ. امْرَأتُه؛ سواءٌ كانت حُرَّةً

وَيُشْتَرَطُ لَهُ أرْبَعَةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُهَا، الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الْقُبُلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أمَةً، مُسْلِمَةً أو كافِرَةً، عاقِلَةً أو مَجْنونَةً، صغِيرةً أو كبيرةً. وتُطالِبُ الصَّغِيرَةُ والمَجْنونَةُ عندَ تَكْليفِهما. ويأْتِي حُكْمُ الرَّتْقاءِ ونحوها عندَ الجَبِّ. [ومِن شَرْطِ صِحَّتِه، الحَلِفُ على زَوْجَتِه] (¬1)، فلو حَلَفَ أنْ لا يَطَأَ أَمَتَه، أو أجْنَبِيَّةً مُطْلَقًا، أو إنْ تَزَوَّجَها، لم يَكنْ مُوليًا. على المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وغيرُه الصِّحَّةَ مِنَ الظِّهارِ قبلَ النِّكاحِ، وخرَّجها المَجْدُ بشَرْطِ إضافَتِه إلى النِّكاحِ، كالطَّلاقِ في رِوايةٍ. قوله: ويُشْتَرَطُ له أرْبَعَةُ شرُوطٍ؛ أحَدُها، الحَلِفُ على تَرْكِ الوَطْء في القُبُلِ. بلا نِزاعٍ في الجُمْلَةِ. وتقدَّم صِحَّةُ إيلاءِ الرَّجْعِيَّةِ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيرِ يَمِينٍ، لَمْ يَكُن مُولِيًا، لَكِنْ إِنْ تَرَكَهُ مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيرِ عُذْرٍ، فَهَلْ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَيُحْكَمُ عَلَيهِ بِحُكْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ ترَكَه بغيرِ يَمِينٍ، لم يَكُنْ مُوليًا، لَكِنْ إنْ تَرَكَه مُضِرًّا بها مِنْ غيرِ عُذْرٍ، فهل تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإيلاءِ ويُحْكَمُ له بحُكْمِه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»؛ إحْداهما، تُضْرَبُ له مُدَّتُه ويُحْكَمُ له بحُكْمِه. وهو الصَّوابُ. واخْتارَه القاضي في «خِلافِه»، وتَبِعَه جماعةٌ. ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْلَى. قال في «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»: ضُرِبَتْ له مُدَّةُ الإِيلاءِ، في أصحِّ الرِّوايتَين. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإيلاءِ ولا يُحْكَمُ له بحُكْمِه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». فائدة: وكذا حُكْمُ مَنْ ظاهَرَ ولم يُكَفِّرْ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» آخِرَ البابِ: ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، على أنَّه تُضْرَبُ له مُدَّةُ الإِيلاءِ. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في تَزْويجِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه لو ترَكَه مِن غيرِ مُضارَّةٍ، أنَّه لا يُحْكَمُ له بحُكْمِ الإِيلاءِ، مِن غيرِ خِلافٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وقطَع به الأكثرُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، و «المُفْرَداتِ»: عندي إنْ قصَدَ الإضْرارَ، خرَج

وَإنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الدُّبُرِ، أَوْ دُونَ الْفَرْجِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَإِنْ حَلَفَ أنْ لَا يُجَامِعَهَا إلَّا جِمَاعَ سَوْءٍ، يُرِيدُ جِمَاعًا ضَعِيفًا، لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَينِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَخْرَجَ الغالِبِ، وإلَّا فمتى حصَلَ إضْرارُها بامْتِناعِه مِنَ الوَطْءِ -وإنْ كان ذاهِلًا عن قَصْدِ الإِضْرارِ- تُضْرَبُ له المُدَّةُ. وذكرَ في آخِرِ كلامِه، أنَّه إنْ حصَلَ الضَّرَرُ بتَرْكِ الوَطْءِ لعَجْزِه عنه، كان حُكْمُه كالعِنَّينِ. قال ابنُ رَجَبٍ في كتابِ تَزْويجِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ: يُؤْخَذُ مِن كلامِه، أنَّ حُصولَ الضَّرَرِ بتَرْكِ الوَطْءِ مُقْتَضٍ للفَسْخِ بكُلِّ حالٍ؛ سواءٌ كان بقَصْدٍ مِنَ الزَّوْجِ أو بغيرِ قَصْدٍ، وسواءٌ كان مع عَجْزِه أو قُدْرَتِه. وكذا ذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، في العاجِزِ وأَلْحَقَه بمَنْ طرَأَ عليه جَبٌّ أو عُنَّةٌ.

وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ في الدُّبُرِ، أوْ دُونَ الْفَرْجِ، صَارَ مُولِيًا. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيرَهُ، كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَقَوْلِهِ: لَا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. وَلِلْبِكْرِ خَاصَّةً: لَا افْتَضَضْتُكِ. لَمْ يُدَيَّنْ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَلَفَ على تَرْكِ الوَطْءِ في الفَرْجِ بلَفْظٍ لا يحْتَمِلُ غيرَه، كلَفْظِه الصَّرِيحِ، وقَوْلِه: ولا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. لم يُدَيَّنْ فيه. قوله: وللْبِكْرِ خاصَّةً: لا افْتَضَضْتُكِ. لم يُدَيَّنْ فيه. هذ المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه

وَإِنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ وَلَا جَامَعْتُكِ. أوْ: لَا بَاضَعْتُكِ. أَوْ: لَا بَاشَرْتُكِ. أوْ: لَا بَاعَلْتُكِ. أوْ: لَا قَرِبْتُكِ. أَوْ: لَا مَسَسْتُكِ. أَوْ: لَا أَتَيتُكِ. أَوْ: لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ. فَهُو صَرِيحٌ في الْحُكْمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وتخْتَصُّ البِكْرُ بلَفْظَين؛ وهما: واللهِ لا افْتَضَضْتُكِ. أو: لا أبْتَنِي بِكِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهما: يُشْترَطُ في هَذين اللَّفْظَين أنْ يَأْتيَ بهما عرَبِيٌّ، فإنْ أتَى بهما غيرُه، دُيِّنَ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: لعَلَّه مُرادُ مَنْ لم يذْكُرْه. قوله: وإن قال: واللهَ لا وَطِئْتُكِ. أو: لا جامَعْتُكِ. أو: لا باضَعْتُكِ. أو: لا باشَرْتُكِ. أو: لا باعَلْتُكِ. أو: لا قَرِبتُكِ. أو: لا مَسَسْتُكِ. أو: لا أتَيتُكِ.

وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ اللهِ تَعَالى. وَسَائِرُ الأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلا بِالنِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو: لا اغْتَسَلْتُ منكِ. فهو صَرِيحٌ في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تَعالى. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل عبدُ الله في: لا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ، أنَّه كِنايَةٌ. وهو في الحِيلَةِ في اليمينِ. وقال في «الواضِحِ»: الأَبْضَاعُ؛ المَنافِعُ المُباحَةُ بعَقْدِ النِّكاحِ دُونَ عُضْوٍ مَخْصوصٍ؛ [مِن فَرْجٍ مَخْصوصٍ] (¬1) أو غيرِه، على ما يعْتَقِدُه المُتَفَقِّهَةُ. والمُباضَعَةُ مُفاعَلَةٌ مِنَ المُتْعَةِ به، والمُتَفَقِّهَةُ تقولُ: مَنافِعُ البُضْعِ. قوله: وسائِرُ الألفاظِ لا يكُونُ مُولِيًا فيها إلَّا بالنِّيَّةِ. شَمِلَ مَسائلَ؛ منها ما هو صرِيحٌ في الحُكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، ومنها ما هو كِنايَةٌ؛ فمِنَ الأَلْفاظِ الصَّريحَةِ في الحُكْمِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ: واللهِ لا غَشَيتُكِ. فهي صَرِيحَةٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ الله تعالى. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: هي كِنايَةٌ تحْتاجُ إلى نِيّةٍ أو قرِينَةٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. ومنها، قوْلُه: واللهِ لا أفْضَيتُ إليكِ. صَرِيحٌ في الحُكْمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. صحَّحه في «الفُروعِ». وقيل: هي كِنايَةٌ تحْتاجُ إلى نِيّةٍ أو قَرِينَةٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. ومنها: والله لا لَمَسْتُكِ. صَرِيحٌ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ويُدَيَّنُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر القاضي في «الخِلافِ»، أنَّ المُلامَسَةَ اسْمٌ لالْتِقاءِ البَشَرَتَين. وفي «الانْتِصارِ»: لَمَسْتُم. ظاهِرٌ في الجَسِّ باليَدِ، و: لامَسْتُمْ. ظاهِرٌ في الجِماعِ، فيُحْمَلُ الأمْرُ عليهما؛ لأنَّ القَرائِنَ كالآيتَين (¬1). وذكَر القاضي هذا المَعْنَى أَيضًا. ¬

(¬1) سورة النساء 43، وسورة المائدة 6.

فَصْل: الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ بِاللهِ تَعَالى، أوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ. وَإنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ، أَوْ عِتْقٍ، أوْ طَلَاق، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ وَعَنْهُ، يَكُونُ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، ما ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ، أنَّ قوْلَه: واللهِ لا افْتَرَشْتُكِ. صَرِيحٌ في الحُكْمِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه كِنايَة يحْتاجُ إلى نِيَّةٍ أو قرِينَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَررِ». وأمَّا ألفاظُ الكِنايةِ التي لا يكونُ مُولِيًا بها إلَّا بنِيَّةٍ أو قرِينَةٍ، فمِنْها، قولُه: واللهِ لا ضاجَعْتُكِ، واللهِ لا دَخَلْتُ عليكِ، واللهِ لا دَخَلْتِ عليَّ، واللهِ لا قَرَبْتُ فِراشَكِ، واللهِ لا بِتُّ عنْدَكِ. ونحوُها. فائدة: قولُه: الشرْطُ الثَّانِي، أنْ يَحْلِفَ باللهِ تعالى، أو بصِفَةٍ مِن صِفاتِه. وذلك لاخْتِصاصِ الدَّعْوَى بها، واخْتِصاصِها باللِّعانِ، وسواءٌ كان في الرِّضَا أو الغضَبِ. قوله: وإنْ حَلَفَ بنَذْرٍ، أو عِتْقٍ، أو طلَاقٍ، لم يَصِرْ مُوليًا في الظَّاهِرِ عنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبٌ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَشهورُ والمَنْصوصُ والمخْتارُ (¬1) لعامَّةِ الأصحابِ. قال في ¬

(¬1) في ط: «المنصور».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «البُلْغَةِ»: لا يصِح الإيلاءُ بذلك، على المَشْهورِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذه المَشْهورَةُ. قال في «الهِدايةِ»: هذا ظاهِرُ مذهبِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه يكونُ مُولِيًا بذلك، وبتَحْريمِ المُباحِ، ونحوهما. قال في «الفُروعِ» وغيرِه: وبعِتْقٍ وطلاقٍ، فلابُدَّ أنْ يلْزَمَ باليمينِ حَقٌّ. [وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»] (¬1). وعنه، يكونُ مُولِيًا بحَلِفِه بيَمِين مُكَفَّرَةٍ؛ كنَذْرٍ، وظِهارٍ، ونحوهما. اخْتارَه أبو بَكْر في «الشَّافِي». فعلى القولِ بصِحَّةِ الإيلاءِ بالطلاقِ، لو علَّق طَلاقَها ثلاثًا بوَطْئِها، يُؤمَرُ بالطَّلاقِ، ويحْرُمُ الوَطْءُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يَحْرُمُ. ومتى أَولَجَ أو تَمَّمَ أو لَبِثَ، لَحِقَه نسَبُه. وفي المَهْرِ وَجْهان، وأطلَقهما في «الفُروعِ». قال في «المُنْتَخَب»: لا مَهْرَ ولا نَسَبَ. وجزَم في «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، أنَّه (¬2) يجِبُ المَهْرُ. وقدمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ولا يجِبُ عليه الحَدُّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يجِبُ. وجزَم به في «التَّرغيبِ»، وفيه: ويُعَزَّرُ جاهِلٌ. انتهى. وأطْلَقهما في ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده في الأصل: «لا».

وَإنْ قَال: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأنْتِ زَانِيَة. أوْ: فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وإنْ نزَعَ، فلا حَدَّ ولا مَهْرَ؛ لأنَّه تارِكٌ، وإنْ نزَعَ ثم أوْلَجَ، فإنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ، فالمَهْرُ والنَّسَبُ ولا حَدَّ، والعَكْسُ بعَكْسِه، وإنْ عَلِمَه، لَزِمَه المَهْرُ والحَدُّ ولا نَسَبَ. وإنْ عَلِمَتْه، فالحَدُّ والنَّسَبُ ولا مَهْرَ. وكذا إنْ تزَوَّجَتْ في عِدَّتِها. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لها المَهْرُ بما أصابَ منها، ويُؤدَّبان. وقيل: لا حدَّ في التي قبلَها. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ طَرْدُه في الثَّانيةِ، وتَعْزِيرُ جاهِل في نَظائرِه. ونقَل الأثْرَمُ في جاهلَين وَطِئَا أمَتَهما، يَنْبَغِي أنْ يُؤدَّبا. فائدة: لو علَّق طَلاقَ غيرِ مدْخولٍ بها بوَطْئِها، ففي إيلائِه الرِّوايَتان. فلو وَطِئَها، وقَع رَجْعِيًّا. والرِّوايَتان في قوْلِه: إنْ وَطِئْتُكِ فضَرَّتُكِ طالِقٌ. فإنْ صحَّ فأبانَ الضَّرةَ، انْقطَعَ، فإنْ نكَحَها وقُلْنا: تعُودُ الصِّفَةُ. عادَ الإيلاءُ ويَنْبَنِي على المُدَّةِ. [والرِّوايَتان في: إنْ وَطِئْتُ واحدةً فالأخْرَى طالِقٌ. ومتى طلَّق الحاكِمُ هنا، طلَّق على الإبهامِ، ولا مُطالبَةَ] (¬1)، فإذا عُيِّنَتْ بقُرْعَةٍ، [سُمِعَتْ دَعْوَى الأخْرَى] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «سمع دعوى الآخر».

فَصْل: الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أنْ يَحْلِفَ عَلَى أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُر. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ: أنْ يَحْلِفَ على أكْثَرَ مِنْ أرْبَعَةِ أشْهُر. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِي: هذا المَنْصوصُ المُخْتارُ للأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يصِحُّ أيضًا على أرْبَعَةِ أشْهُر فقط.

أوْ يُعَلِّقَهُ عَلَى شَرْطٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي أقَلَّ مِنْهَا، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ. أوْ: يَخْرُجَ الدَّجَّالُ. أوْ: مَا عِشْتُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أوْ يُعَلِّقَه على شَرْط يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه لا يُوجَدُ في أقلَّ منها، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: واللهِ لا وَطِئْتُكِ حتى يَنْزِلَ عِيسَى بنُ مَرْيمَ. أو: يَخْرُجَ الدَّجَّالُ. أو: ما عِشْتُ. فيكونُ مُولِيًا بذلك (¬1)، لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «في ذلك».

أَوْ: حَتَّى تَحْبَلِي؛ لأنَّهَا لَا تَحْبَلُ إِذَا لَمْ يَطَأْهَا. وَقَال الْقَاضِي: اذَا قَال: حَتَّى تَحْبَلِي. وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو يقولَ: واللهِ لا وَطِئْتُكِ حتى تَحْبَلِي؛ لأنَّها لا تَحْبَلُ إذا لم يَطَأْها. فيكونُ مُولِيًا بذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقال القاضي: إذا قال: حتى تَحْبَلِي. وهي ممَّنْ يحْبَلُ مِثْلُها، لم يَكُنْ مُولِيًا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال في «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»: فإنْ قال: حتى تَحْبَلِي. وهي (¬1) ممَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُها، فوَجْهان. وقيل: إنْ لم يَكُنْ وَطِيء، أو وَطِيء وحمَلْنا يَمِينَه (¬2) على حَبَل جديدٍ، صارَ مُولِيًا، وإلَّا فالرِّوايَتان. قال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»: ¬

(¬1) في ط: «هو». (¬2) في الأصل: «نيته».

وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ مُدَّةً. أوْ: لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِكِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَنْويَ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ. وإنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْء حَتَّى يَقْدَمَ زَيدٌ، أَوْ نَحْوهِ مِمَّا لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُهُ فِي أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. أوْ: لَا وَطِئْتُكِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ قال: حتى تَحْبَلِي. ولم يَكُنْ وَطِئَها، أو وَطِئَها، وحمَلْنا يمِينَه على حَبَلٍ مُتَجَدِّدٍ، فهو مُولٍ، وإلَّا فعلى رِوايتَين. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ لم يَكُنْ وَطِئَها، أو وَطِيء ونِيَّتُه حَبَل مُتَجَدِّدٌ، فهو مُولٍ. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ويكونُ مُولِيًا بحَبَلِ مَوْطُوأةٍ قصَدَه بمُتَجَدِّدٍ أو غيرِها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ آلى ممَّنْ تَظاهَرَ منها أو عَكْسُه، لم يصِحَّ منهما في رِوايةٍ.

وَإنْ قَال: إِنْ وَطِئْتُكِ فَوَالله لا وَطِئْتُكِ. أوْ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَوَ اللهِ لَا وَطِئْتُكِ. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: إنْ وَطِئْتُكِ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ. أو: إنْ دَخَلْتِ الدّارَ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ. لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يُوجَدَ الشَّرْطُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا في الحالِ. وهو لأبي الخطَّابِ في «الهِدايةِ». قال في «الفُروعِ»: وإنْ علقَه

وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ في هَذِهِ السَّنَةِ إلا مَرَّةً. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَها وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَربَعَةِ اشْهُر. ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطٍ، صارَ مُولِيًا بوُجودِه. وقيل: تُعْتَبرُ مَشِيئَتُها في الحالِ، نحوَ قوْلِه: واللهِ لا وَطِئْتُكِ إنْ شِئْتِ. أو: دَخَلْتِ الدَّارَ. قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ في السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. لم يَصِرْ مُولِيًا حتَّى يَطَأَها

وَإنْ قَال: إلا يَوْمًا. فَكَذَلِكَ فِي أحَدِ الْوَجْهَين. وَفِي الْآخَرِ، يَصِيرُ مُولِيًا فِي الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد بَقِيَ منها أكثرُ مِن أرْبَعَةِ أشْهُر. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ قال: والله لا وَطِئْتُكِ في السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا. فكذلك في أحَدِ الوَجْهَين. يعْنِي، أنَّه لا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَها وقد بَقِيَ مِن السَّنَةِ أكثرُ مِن أرْبَعةِ أشْهُرٍ. هذا المذهبُ. قدّمه في «الهدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الفُروعِ». وفي الآخَرِ، يصِيرُ مُولِيًا في الحالِ. فائدة: لو قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ سنَةً -بالتَّنْكيرِ- إلَّا يَوْمًا. لم يَصِرْ مُوليًا حتى يَطَأَ، وقد بَقِيَ منها أكثرُ مِن أرْبَعةِ أشْهُرٍ. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يصِيرُ مُولِيًا في الحالِ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضِي وأصْحابُه. قاله في «الفُروعِ». وقيل: لا يَصِيرُ مُولِيًا هنا، وإنْ حكَمْنا بأنَّه مُولٍ في التي قبلَها.

وَإنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَ الله لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ أرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فإذا مَضَتْ فو اللهِ لا وَطِئْتُكِ أَربَعَةَ أشْهُر. لم يَصِرْ مُولِيًا. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

وَإنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ إِنْ شِئْتِ. فَشَاءَتْ، صَارَ مُولِيًا، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَصِيرَ مُولِيًا. وهو لأبي الخَطَّابِ. وصحَّحه الشَّارِحُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الفُروع». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو حَلَفَ على مُدَّةٍ، ثم قال: إذا مَضَتْ، فوَ اللهَ لا وَطِئْتُكِ مُدَّةً. بحيثُ يكونُ مَجْموعُ المُدَّتَين أكثرَ مِن أرْبَعَةِ أشْهُر. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ قال: والله لا وَطِئْتُكِ إنْ شِئْتِ. فشاءَتْ، صارَ مُولِيًا. أنَّه سواءٌ شاءَتْ في المَجْلِسِ أو في غيرِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه

وَإنْ قَال: إلا أنْ تَشَائِي. أَوْ: إلا بِاخْتِيَارِكِ. أَوْ إلا أنْ تَخْتَارِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُها في الحالِ. قوله: وإنْ قال: إلَّا أنْ تشَائِي. أو: إلَّا باخْتِيارِكِ. أو: إلَّا أنْ تَخْتارِي.

لَمْ يَصِرْ مُولِيًا. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: أنْ لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِس صَارَ مُولِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَصِرْ مُوليًا. وهو المَذهبُ مُطْلَقًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمَه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» وغيرِه. ونَصَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ: إنْ لم تشَأْ في المَجْلِسِ، صارَ مُولِيًا. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإِنْ قَال لِنِسَائِهِ: لَا وَطِئْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ. صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَاحِدَةً بعَينهَا. فَيَكُونَ مُولِيًا مِنْهَا وَحْدَهَا. وَإنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً، فَقَال أَبُو بَكْر: تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال لنِسائِه: -واللهِ- لا وَطِئْتُ واحِدَةً مِنْكُنَّ. صارَ مُوليًا منهن. فيَحْنَثُ بوَطْءِ واحدةٍ وتَنْحَلُّ يمِينُه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «القاعِدَةِ التاسِعَةِ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِائَةِ»: إذا قال: لا وَطِئْتُ واحدةً مِنْكُنَّ. فالمذهبُ الصَّحيحُ أنَّه يعُمُّ الجميعَ. وهو قولُ القاضي والأصحابِ، بناءً على أنَّ النَّكِرَةَ في سِياقِ النَّفي تُفِيدُ العُمومَ، وحكَى القاضي عن أبي بَكْر، أنَّه يكونُ مُولِيًا مِن واحِدَةٍ غيرِ مُعَينَّةَ. ورَدة في «القَواعِدِ»، قال: وحكَى صاحِبُ «المُغْنِي» عن القاضي كذلك، والقاضي مُصَرِّحٌ بخِلافِه. انتهى. وقيل: يَبْقَى الإِيلاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الفَيئَةِ وإنْ لم يَحْنَث بوَطْئِهنَّ. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو أصحُّ. وقيل: تتَعَيَّن واحِدَةٌ بقُرْعَةٍ. قوله: إلَّا أنْ يُرِيدَ واحِدَةً بعَينِها، فيَكُونَ مُولِيًا منها وحْدَها. وهذا بلا نِزاعٍ.

وَإنْ قَال: وَاللهِ لَا وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ. كَانَ مُولِيًا مِنْ جَمِيعِهِنَّ، وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ. وَقَال الْقَاضِي: لَا تَنْحَلُّ فِي البَوَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ أرادَ واحدةً مُبْهَمَةً، فقال أبو بَكْرٍ: تُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. واقْتَصَرَ عليه المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» و «الفُروعِ». وقيل: يُعَيِّنُ هو واحدةً. قوله: وإنْ قال: واللهِ لا وَطِئْتُ كلَّ واحِدَةٍ منكنَّ. كانَ مُولِيًا مِن جَمِيعِهِنَّ،

وَإِنْ قَال: وَالله لا أَطَؤكُنَّ. فَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، لَا يَصِيرُ مُوليًا حَتَّى يَطَأَ ثَلاثًا، فَيَصِيرَ مُوليًا مِنَ الرَّابِعَةِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، أَوْ مَاتَتِ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ هَهُنَا. وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، لَا تَنْحَلُّ فِي الْبَوَاقِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَنْحَلُّ يَمِينُه بوَطْءِ واحِدَةٍ. هذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: لا تَنْحَلُّ فِي البَوَاقِي. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: يَبْقَى الإِيلاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الفَيئَةِ وإنْ لم يَحْنَثْ بوَطْئِهِنَّ. قال في «المُحَرَّرِ» أيضًا: وهو أصحُّ. قوله: وإنْ قال: واللهِ لا أَطَؤكُنَّ. فهي كالتي قبلَها في أَحَدِ الوَجْهَينِ، وفي الآخَرِ، لا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلًاثًا، فيَصِيرَ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. صرَّح المُصَنِّفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الوَجْهِ الأوَّلِ، أنَّ حُكْمَ هذه المَسْألَةِ حُكْمُ التي قبلَها؛ وهي قولُه: واللهِ لا وَطِئْتُ كُلَّ واحدَةٍ مِنْكُنَّ. فيَجِئُ على هذا الوَجْهِ الوَجْهان اللَّذانِ في التي قبلَها عندَه. والوَجْهُ الثَّاني مُخالِفٌ للمَسْأَلةِ الأولَى، وهو أنَّه لا يصيرُ مُولِيًا حتى يطَأ ثلاثًا، فيصِيرَ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. هذا ظاهرُ كلامِه، بل هو كالصَّريحِ، وعليه شرَحَ ابنُ مُنَجَّى. والذي قطَع به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أنَّ أصْلَ الوَجْهَين الرِّوايَتان في فِعْلِ بعضِ المَحْلوفِ عليه؛ فإنْ قُلْنا: يَحْنَثُ بفِعْلِ البعضِ. صار مُولِيًا في الحالِ، وانْحَلّتْ يمِينُه بوَطْء واحدةٍ كالأولَى. وإنْ قُلْنا: لا يَحْنَثُ إلَّا بفِعْلِ الجميعِ. لم يصِرْ مُولِيًا حتى يَطأَ ثلاثًا، فحِينَئذ يصيرُ مُولِيًا مِنَ الرَّابعَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل على القَوْلِ بأنَّه لا يَحْنَثُ إلَّا بفِعْلِ الجميعِ: يكونُ مُولِيًا منهن في الحالِ. وأطْلَقَهما في «الْمُحَرَّرِ». وأخَّرَ هذه الطريقَةَ ابنُ مُنَحى في «شَرْحِه»، ولم أرَ ما شرَحَ عليه ابنُ مُنَجَّى، مع أنَّه ظاهِرٌ في كلامِ المُصَنِّفِ. وقال في «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعدَ المِائَةِ»: وإنْ قال لزَوْجاتِه الأرْبَعِ: واللهِ لا وَطِئْتُكُنَّ. وقلْنا: لا يَحْنَث بفِعْلِ البعضِ. فأشْهَرُ الوَجْهَين، أنَّه لا يكونُ مُولِيًا حتى يطَأ ثلاثًا، فيَصِيرَ حِينَئذٍ مُولِيًا مِنَ الرَّابِعَةِ. وهو قولُ القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبي الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّاني،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو مُولٍ في الحالِ مِنَ الجميعِ. وهو قولُ القاضي في «خِلافِه»، وابنِ عَقِيلٍ في «عُمَدِه»، وقالا: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وذكَر مَأْخَذَ

وَإنْ إلى مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَال لِلأُخْرَى: أشْرَكْتُكِ مَعَهَا. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ. وَقَال الْقَاضِي: يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ. قولُه: وإنْ آلى مِن واحِدَةٍ، وقال للأُخْرَى: شَرَكْتُكِ معها. لم يَصِرْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». ذكَرَه في آخِرِ الباب. وقال القاضي: يصِيرُ مُولِيًا منها. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وذكَرَه في بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. وعنه، يَصِيرُ مُولِيًا منها إنْ نَوَاه، وإلَّا فلا. وأَطْلقَهُن في «الفُروعِ»، ذكَرَه في بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه (¬1). ويأْتِي نظيرَيهما في الظِّهارِ. ¬

(¬1) بعده في ط، ا: «وتقدم نظير ذلك في باب صريح الطلاق وكنايته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وإنْ قال: إنْ وَطِئْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. وقال للأخْرَى: شَرَكْتُكِ معَها. ونَوَى، وقُلْنا: يكونُ إيلاءً مِنَ الأُولَى. صارَ مُولِيًا مِنَ الثَّانيةِ.

فَصلٌ: الشَّرْطُ الرَّابعُ، أنْ يَكُونَ مِنْ زَوْج يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، مُسْلِمًا كَانَ أوْ كَافِرًا، حُرًّا أوْ عَبْدًا، سَلِيمًا أَوْ خَصِيًّا، أَوْ مَرِيضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الرَّابعُ، أنْ يَكُونَ مِن زَوْج يُمكِنُه الجِماعُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ومَن تَبِعَه صِحَّةَ إيلاءِ مَن قال لأجْنَبِيَّةٍ: واللهِ لا وَطِئْتُ فُلانَةَ. أو: لا وَطِئْتُها إنْ تزَوَّجْتُها. مع لُزومِ الكفَّارَةِ له بوَطْئِها. وخرَّج أيضًا صِحَّةَ إِيلائِه بشَرْطِ إضافَتِه إلى النِّكاحِ، كالطَّلاقِ في رِوايةٍ، على ما تقدَّم أوَّلَ البابِ. قوله: وتَلْزَمُه الكَفَّارَةُ بالحِنْثِ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، حُرًّا أو عَبْدًا، سَلِيمًا أو خَصِيًّا، أو مَرِيضًا يُرْجَى بُرؤُه. بلا نِزاعٍ.

فَأَمَّا الْعَاجزُ عَنِ الْوَطْءِ بِجَبٍّ أَوْ شَلَلٍ، فَلَا يَصِحُّ إِيلَاؤُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ. وَفَيئَتُهُ أَنْ يَقُولَ: لَوْ قَدَرْتُ لَجَامَعْتُكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا العاجِزُ عَنِ الوَطْءِ بِجَبٍّ أو شَلَلٍ، فلا يَصِحُّ إيلاؤُه. وكذا لو كانتْ رتْقَاءَ، ونحوَها. وهذا المذهبُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرر»، وغيرِهم. وصحَّحه في «البُلْغَةِ». وأوْرَدَه أبو الخَطابِ مَذهبًا. ويحْتَمِلُ أنَّ يَصِح. وهو لأبي الخَطَّابِ، وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. اخْتارَه القاضي وأصحابُه. وقدَّمه الزَّرْكَشِي. وفَيئتُه: لو قَدَرْتُ لجامَعْتُكِ.

وَلَا يَصِحُّ إِيلَاءُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: [على المذهبِ] (1)، لو حلَف ثم جُبَّ، ففي بُطْلانِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، [و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قلتُ: الصَّوابُ البُطْلانُ. ثم وجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ» صححه أيضًا] (¬1). قوله: ولا يَصِحُّ إيلاءُ الصبِيِّ. إنْ كان غيرَ مُمَيِّز لم يصِح إيلاؤُه، وإنْ كان مُمَيِّزًا صح إيلاؤُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم: يصِحُّ مِنْ كلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه لا يصِحُّ إيلاءُ الصَّبِيِّ ولا ظِهارُه. ذكَرَه في هذا الكتابِ، في كتابِ الظِّهارِ، على ما يأْتِي. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، في القاعِدَةِ الثانيةِ: وإذا قُلْنا: يصِحُّ طَلاقُه. فهل يصِحُّ ظِهارُه وإيلاؤُه أمْ لا؟ الأكْثرون مِن أصحابِنا على صِحَّةِ ذلك. وحكَى كلامَ المُصَنِّفِ، ثم قال: قلتُ: وحكَى في «المُذْهَبِ»، في انْعِقادِ يمِينِه وَجْهَين. انتهى. والوَجْهان إنَّما هما مَبْنِيَّان ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَفِي إِيلَاءِ السَّكْرَانِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على صِحَّةِ طَلاقِه وعدَمِها، كما صرَّح بذلك في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، فإنَّهما لمَّا حكَيَا الوَجْهَين، وأطْلَقاهُما قالا: بِناءً على طَلاقِه. وقد حكَى الوَجْهَين في «الخُلاصةِ» مِن غيرِ بِناءٍ، وهو وصاحبُ «المُذْهَبِ» تابِعان لصاحِبِ «الهِدايَةِ». وقدّم الزَّرْكَشِيُّ، أنَّه لا يصِحُّ إيلاؤُه وإنْ صحَّ طَلاقُه. قوله: وفي إيلاءِ السَّكْرانِ وجْهَان. بِناءً على طَلاقِه، على ما مَضَى في بابِه مُحَرَّرًا. قاله الأصحابُ.

وَمُدَّةُ الإِيلَاءِ فِي الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومُدَّةُ الإِيلاءِ في الأحْرارِ والرَّقِيقِ سَواءٌ. هذا المذهبُ. وعليه الجماهيرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّها في العَبْدِ على النِّصْفِ. نقَل أبو طالِبٍ، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، رجَع إليه، وأنَّه قولُ التَّابِعينَ كلِّهم إلَّا الزُّهْرِيَّ وحدَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه أبو بَكْر عَبْدُ العزيزِ. وذكَر في «عُيونِ المَسائلِ» هذه الرِّوايةَ، وقال: لأنَّها لا تخْتَلِفُ متى كانَ أحدُهما رقِيقًا يكونُ على النِّصْفِ فيما إذا كانَا حُرَّينِ.

وَلَا حَقَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي طَلَبِ الْفَيئَةِ وَالْعَفْو عَنْهَا، وَإنَّمَا ذَلِكَ إِلَيهَا. فصلٌ: وإذَا صَحَّ الإيلَاءُ، ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أربَعَةِ أشْهُرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وإذا صَحَّ الإيلاءُ ضُرِبَتْ له مُدَّةُ أرْبَعَةِ أشْهُر. يَعْنِي مِن وَقْتِ اليَمِين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «المُوجَزِ»: تُضْرَبُ لكافرٍ بعدَ إسْلامِه. وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وقال: قاله القاضي في «تَعْليقِه».

فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، احْتُسِبَ عَلَيهِ بِمُدَّتِهِ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا، لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيهِ، وَإنْ طَرأ بِهَا، اسْتُؤنِفَتِ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ بالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، احْتُسبَ عليه بمُدَّتِه -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وإنْ كانَ ذلك بها، لم يُحْتَسَبْ عليه. كصِغَرِها وجُنونِها ونُشوزِها، وإحْرامِها ومرَضِها وحَبْسِها، وصِيامِها واعْتِكافِها المَفْرُوضَين. وهذا المذهبُ.

إلَّا الْحَيضَ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَيهِ بِمُدَّتِهِ. وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: يُحْتَسَبُ عليه، كالحَيضِ. قطَع به القاضي في «تَعْلِيقِه»، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما»، والشيرَازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». قال في «الوَجيزِ»: تُضْرَبُ مُدَّتُه مِنَ اليمينِ؛ سواءٌ كان في المُدَّةِ مانِعٌ مِن قِبَلِها أو مِن قِبَلِه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الزرْكَشِيِّ». وقيل: مَجْنُونَةٌ لها شَهْوَةٌ كعاقِلَةٍ. قوله: وإنْ طَرَأَ بها، اسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ عِنْدَ زَوالِه، إلَّا الحَيضَ، فإنَّه يُحْتَسَبُ بمُدَّتِه. إذا طَرَأَ بها عُذْرٌ، غيرُ الحَيضِ والنِّفاسِ، مِنَ الأَعْذارِ المُتقَدِّمَةِ ونحوها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تَسْتَأْنِفُ المُدَّةَ (¬1) عندَ زَوالِه. جزَم به في «الهِدايَةِ». و «المُذْهَب»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُحْتَسَبُ عليه بمُدَّتِه، فلا تُسْتَأْنَفُ المُدَّةُ. وأما إنْ كان حَيضًا، فإنها تُحْتَسَبُ بمُدَّتِه. بلا نِزاعٍ. وفي النِّفاسِ وَجْهانِ. وأطْلَقَهما ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغةِ»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وهما وَجْهان عندَ الأكثرِ. وفي «البُلْغةِ»، و «الفُروعِ»، رِوايَتان؛ أحدُهما، لا يُحْتَسَبُ عليه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «إدْراكِ الغايةِ». والثَّاني، يُحْتَسَبُ عليه كالحَيضِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «تَجْريدِ العِنايةِ».

وَإنْ طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، انْقَطَعَتْ، وَإنْ رَاجَعَهَا أَوْ نَكَحَهَا إِذَا كانَتْ بَائنًا، اسْتُؤْنِفَتِ الْمُدَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَّقَ في أَثْناءِ المُدَّةِ، انْقَطَعَتْ. إنْ كان طَلاقًا بائِنًا، انْقطعَتِ المُدَّةُ، وإنْ كان طَلاقًا رَجْعِيًّا، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ المُدَّةَ تنْقَطِعُ أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَين. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والوَجْهُ الثَّاني، لا تنْقَطِعُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». قوله: فإنْ راجَعَها، أو نَكَحَها إذا كانَتْ بائِنًا، اسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ. هذا مَبْنِيٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في -الرَّجْعَةِ (¬1) - على ما جزَم به أوَّلًا مِن أنَّ الطَّلاقَ الرَّجْعِيَّ يقْطَعُ المُدَّةَ. وأمَّا على المذهبِ، فلا أثَرَ لرَجْعَتِها قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها. فعلى الأوَّلِ، إنْ بَقِيَ بعدَ اسْتِئْنافِ المُدّةِ أقل مِن مُدَّةِ الإِيلاءِ، سقَطَ الإيلاءُ، وإلَّا ضُرِبَتْ له. وعلى المذهبِ، تُكَمَّلُ المُدَّةُ على ما قبلَ الطَّلاقِ. وقال المُصَنفُ في «المُغْنِي» (¬2): مُقْتَضَى كلامِ ابنِ ¬

(¬1) في الأصل: «الرجعية». (¬2) المغني 11/ 49.

وَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفَيئَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ، أنَّ المُدَّةَ تُسْتَأْنفُ مِن حينِ الطلاقِ. ونازَعَه الزرْكَشِيُّ في ذلك. قوله: وإنِ انْقَضَتِ المُدَّةُ وبها عُذْرٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، لم تَمْلِكْ طَلَبَ الفَيئَةِ. هذا الصحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنِ الْوَطْءِ، أُمِرَ أَنْ يَفِئَ بِلِسَانِهِ فَيَقُولَ: مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لمَن بها مانِعٌ شَرْعِيٌّ طَلَبُ الفَيئَةِ بالقَوْلِ. قوله: وإنْ كانَ العُذْرُ به، وهو مِما يَعْجِزُ به عن الرَطْءِ، أُمِرَ أنْ يَفِئَ بلِسانِه، فيَقُولَ: متى قَدَرْتُ جامَعْتُكِ. فيقُولُ لها ذلك بهذا اللفْظِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشارِح: هذا أحْسَنُ. وقطَع به الخِرَقيُّ. واخْتارَه القاضي في «المُجَردِ». وعنه، أنَّ فَيئَةَ المَعْذُورِ أنْ يقولَ: فِئْتُ إليكِ. وحكَاه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخَطَّاب عن القاضي. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو قولُ عامَّةِ أصحابِه. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، فَيئتَه حَكه حتى يَبْلُغ به الجَهْدُ مِن تَفْتِيرِ الشَّهْوَةِ. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: أُمِرَ أنْ يَفِئَ بلِسَانِهْ. يعْنِي في الحالِ مِن غيرِ مُهْلَةٍ. الثَّاني، قولُه: فيقولَ: متى قَدَرْتُ جامَعْتُكِ. هذا في حقِّ المريضِ ونحوه، فأمَّا المجْبوبُ فإَّنه يقولُ: لو قَدَرْتُ جامَعْتُ. زادَ القاضي في «التَّعْليقِ»، وقد نَدِمْتُ على ما فَعَلْتُ.

ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، أوْ يُطَلِّقُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم متى قدَر على الوَطْءِ، لَزِمَه ذلك، أو يُطَلِّقُ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ». وأوْمَأَ إليه في رِوايةِ حَنْبَل. وقطَع به الخِرَقِي. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وإليه مَيلُ القاضي في «الرِّوايتَين». وهو لازِمُ قوْله في «المُجَرّدِ». وقال أبو بَكْر: إذا فاءَ بلِسانِه، لم يَلْزَمْه، ولم يُطالبْ بالفَيئَةِ مرَّةً أُخْرَى، وخرَج مِنَ الإيلاءِ. واخْتارَه القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّعْليقِ»، وجُمْهورُ أصحابِه؛ كالشَّريفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهِما»، والشِّيرَازيِّ. قال أبو بَكْر، والقاضي: هو ظاهِرُ كلامِه في رِوايةِ مُهَنَّا. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، بل هو كالصَّريحِ في ذلك، أنَّ الخِلافَ السَّابِقَ مَبْنيٌّ على قوْله: متى قَدَرْتُ جامَعْتُ. وقال الزرْكَشيُّ، بعدَ أنْ ذكَر الرِّوايتَين، أعْنِي في صِفَةِ الفَيئَةِ: وانْبَنَى عليه على ذلك إذا قدَر على الوَطْءِ، هل يَلْزَمُه؟ والخِرَقيُّ، وأبو محمدٍ يقُولان: يَلْزَمُه. واخْتارَه القاضي وأصْحابُه. وأبو بَكْر: لا يَلْزَمُه. انتهى. وعندَ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، أنَّ عدَمَ اللُّزومِ مَبْنِيٌّ على رِوايةِ قوْله: قد فِئْتُ إليكِ.

وَإنْ كَانَ مُظَاهِرًا، فَقَألَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي. أُمْهِلَ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِي، ظاهِرُ قوْلِه: وإنْ كانَ مُظَاهِرًا، فقال: أَمْهِلُونِي حتى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُها عن ظِهارِي. أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّام. أنَّه لا يُمْهَلُ لصَوْمِ شَهْرَي الظِّهارِ. وهو صحيحٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُطَلِّقُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: يصُومُ فيَفِئُ، كمَعْذُورٍ. وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ».

وَإنْ قَال: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتي. أَوْ: أَتَغَدَّى. أوْ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ. أَوْ: أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ. أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْر وطَلَبَتِ الْفَيئَةَ -وَهِيَ الْجِمَاعُ- ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَجَامَعَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَعَلَيهِ كَفَّارَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَأدْنَى مَا يَكْفِيهِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرْجِ. وَإنْ وَطِئَهَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ في الدُّبُرِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْفَيئَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ وَطِئَها دُونَ الفَرْجِ، أو في الدُّبرِ، لم يَخْرُجْ مِنَ الفَيئَةِ. بلا نِزاع. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه لا يَحْنَث في يمينه بفِعْلِ ذلك. وقيل: يَحْنَثُ.

وَإنْ وَطِئَهَا في الْفَرْجِ وَطْاءً مُحَرَّمًا، مِثْلَ أَنْ يَطَأهَا حَال الْحَيضِ، أو النِّفَاسِ، أو الْإحْرَامِ، أوْ صِيَام فَرْض مِنْ أحَدِهِمَا، فَقَدْ فَاءَ إِلَيهَا؛ لأنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِهِ. وَقَال أَبو بَكْرٍ: الأصَحُّ أنهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَيئَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئَها في الفَرْجِ وَطْأً مُحَرَّمًا، مثلَ أنْ يَطَأَ في حالِ الحَيضِ، أو النِّفَاسِ، أو الأحْرإمِ، أو صِيامِ فَرْضٍ مِن أحَدِهما، فقد فَاءَ؛ لأن يمِينَه انْحَلتْ به -وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ» - وقال أبو بَكْر: الأصحُّ أنّه لا يخْرُجُ مِنَ الفَيئَةِ. وقال: هو قِياسُ المذهبِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيل رِوايةً. فائدتان؛ إحْداهما، لو اسْتَدْخَلَتْ ذكَرَه وهو نائم، أو وَطِئَها نائمًا، أو ناسِيًا، أو جاهِلًا بها، أو مَجْنونًا -ولم نُحَنِّثِ الثلاثةَ- أو كفّر يَمِينَه بعدَ المُدَّةِ قبلَ الوَطْءِ، ففي خُروجِه مِنَ الفَيئَةِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين» ,

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». قال في «الكافِي»: وإنْ وَطِئَها وهو مَجْنونٌ، لم يَحْنَثْ ويَسْقُطُ الإيلاءُ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يسْقُطَ. وإنْ وَطِئَها ناسِيًا، فأصحُّ الرِّوايَتَين، لا يَحْنَثُ. فعليها، هل يسْقُطُ الإِيلاءُ؟ على وَجْهَين، كالمَجْنونِ. وقال في «المُحَرَّرِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو اسْتَدْخلَتْ ذكَرَه وهو نائمٌ، أو وَطِئَها. ناسِيًا، أو في حالِ جُنونِه -وقُلْنا: لا يَحْنَثُ- خرَج مِن الفَيئَةِ. وقيل: لا يَخْرُجُ. وقدَّم فيما إذا كفَّر بعدَ المُدَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الوَطْءِ، أنَّه لم يخْرُجْ مِنَ الفَيئَةِ. وقال في «المُنَوِّرِ»: ويخْرُجُ بتَغْيِيبِ الحَشَفَةِ في قُبُل مُطْلَقًا. وقال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: ويُكَفِّرُ بوَطْءٍ، ولو مع إكْراهٍ ونِسْيانٍ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ كفَّر بعدَ الأرْبعَةِ أشْهُر وقبلَ الوَقْفِ، صارَ كالحالِفِ على أكثرَ منها إذا مضَتْ يمِينُه قبلَ وَقْفِه. انتهيا. الثانيةُ، لو أكْرِهَ على الوَطْءِ، فوَطِئَ، فقد فاءَ إليها. قال في «التَّرْغيبِ»: إذِ الإكراهُ على الوَطْءِ لا يُتَصَوَّرُ.

وَإنْ لَمْ يَفِئْ وأعْفَتْهُ الْمَرْأةُ، سَقَطَ حَقُّهَا. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَسْقُطَ، وَلَهَا الْمُطَالبَةُ بَعْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَفِئْ وأعْفَتْه المَرْأةُ، سقَط حَقها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يسْقُطَ. وهو لأبِي

وَإنْ لَمْ تُعْفِهِ، أُمِرَ بِالطَّلاقِ، فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، فَلَهُ رَجْعَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، ولها المُطالبَةُ بعدُ، كسُكوتِها. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. قوله: وإنْ لم تُعْفِه، أُمِرَ بالطَّلاقِ، فإنْ طَلَّقَ واحِدَةً، فله رَجْعتُها. هذا

وَعَنْهُ أنَّهَا تكون بَائِنَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وعنه، أنَّها تكونُ بائِنَةً. ويأتِي طَلاقُ الحاكِمِ

وَإنْ لَمْ يُطَلِّقْ، حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيهِ حَتَّى يُطَلِّقَ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَفِي الأخْرَى، يُطَلِّق الْحَاكِمُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا قُلْنا: يُطلِّقُ. هل هو رَجْعِيٌّ، أو بائِنٌ؟ قوله: فإن لم يُطَلِّقْ، حُبِسَ وضُيِّقَ عليه حتى يُطَلِّقَ، في إحْدَى الرِّوَايتَين -وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» - وفي الأخْرَى، يُطَلِّقُ الحاكمُ عليه. وهو المذهبُ. قال الشارِحُ: هذا أصحُّ. قال في «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ»، والشرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «القَواعِدِ». قال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»: وَآبِيها وطلاقٍ، يُحْبَسُ ثم يُطَلِّقُ عليه الحاكمُ. فعلى المذهبِ -وهو أنَّ الحاكِمَ يُطَلِّقُ عليه- فقال المُصَنِّفُ هنا. وإنْ طلَّق واحدةً، فهو كطَلاقِ المُولِىٍ. يَعْنِي، أنَّها هل تقَعُ رَجْعِيَّةً أو بائنةً؟ وأن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّها تقَعُ رَجْعِيَّة. وهذا المذهبُ. وعنه، أنَّ طَلاقَ الحاكِمِ بائِنٌ وإنْ قُلْنا: إن طَلاقَ المُولِي رَجْعِيٌّ. قال القاضي: المَنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ الله، أن فُرْقَةَ الحاكِمِ تكونُ بائِنًا. وعنه، فُرْقَةُ الحاكِمِ كاللعانِ، فتَحْرُمُ على التأبِيدِ. اخْتارَه أبو بَكْر. قاله الزَّرْكَشِي، وقال: امْتنَعَ ابنُ حامِدٍ

وَإنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، فَهِيَ كَطَلَاقِ الْمُولِي، وَإنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أوْ فَسَخَ، صَحَّ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والجُمْهورُ مِن إثْباتِ هذه الرِّوايةِ، وقال: والطرِيقان في كلِّ فُرْقَةٍ مِنَ الحاكِمِ. قوله: وإنْ طَلَّقَ ثَلاثًا أو فسَخ، صَحَّ ذلك. يعْنِي، لو طلّق الحاكِمُ ثلاثًا أو فسَخ، صحّ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثر الأصحابِ. قال القاضي: هذا ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ الله، ونصَّ عليه في الطلاقِ الثَّلاثِ في رِوايةِ أبي طالِبٍ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، ونَصرَاه، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، واختارَه ابْنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّم في «التبصِرَةِ» أنَّه لا يَمْلِكُ ثلاثًا. وعنه، يتَعَيَّنُ الطلاقُ، فلا يَمْلِكُ الفَسْخَ. وعنه، يتَعَيَّنُ الفَسْخُ،

وَإنِ ادَّعَى أنَّ الْمُدَّةَ مَا انْقَضَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يَمْلِكُ الطلاقَ. فائدة: لو قال: فرَّقْتُ بينَكما. فهو فَسْخٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، طَلاق. قوله: وإنِ ادعى أنَّ المُدةَ ما انْقَضَتْ، أو أنَّه وَطِئَها، وكانَتْ ثيِّبًا، فالقَوْلُ

أوْ أنهُ وَطِئَهَا، وَكَانَتْ ثيِّبًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وإنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَادَّعَتْ أنهَا عَذْرَاءُ، فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأة عَدْلٌ، فَالْقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وفي «الترْغيبِ» احْتِمال، أنَّ القَوْلَ قوْلُها في عدَمِ الوَطْءِ؛ بِناءً على رِوايَةٍ في العُنَّةِ. فعلى المذهبِ، لو طلَّقَها، فهل له رَجْعَة أمْ لا؟ لأنَّه ضرُورَة. وفي «التَّرْغيبِ» احْتِمالان في ذلك. قوله: وإنْ كانَتْ بِكْرًا، وادَّعَتْ أنَّها عَذْرَاءُ، فشَهِدَتْ بذلك امْرأةٌ عَدْلٌ،

قَوْلُهَا، وإلا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَهَلْ يَحْلِفُ مَنِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالقَوْلُ قَوْلُها, وإلا فالقَوْلُ قَوْلُه. بلا نِزاع. قوله: وهل يَحْلِفُ مَنَ القَوْلُ قَوْلُه؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وقال في «الرعايتَين»، و «الحاوي»: في الثيبِ رِوايَتان، وفي البِكْرِ وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الزرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، يحْلِفُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ في بعضِ النُّسَخِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». والوَجْهُ الثاني، لا يحْلِفُ. قال في رِوايةِ الأثرَمِ: لو ادعى وَطْءَ الثيبِ، لا يمِينَ عليه. وصحَّحه في «التصْحيح». واخْتارَه أبو بَكْر. قال القاضي: وهو أصحُّ. [وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وقال: نصَّ عليه؛ لأنَّه لا يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ] (¬1). قال في «المُغْنِي» (¬2): وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِي، أنه لا يمِينَ هنا إذا شهِدَ بالبَكارَةِ لقَوْله ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) المغني 11/ 50.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في بابِ العِنِّينِ: فإنْ شَهِدْنَ بما قالتْ، أُجِّلَ (¬1) سنَةً. ولم يذْكُرْ يمينًا، وهذا قولُ أبي بَكْر. وقال النَّاظِمُ: ودَعْواه بُقْيا الوَقْتِ أو وَطْءَ ثيِّب … فَقَلِّدْه ولْيَحْلِفْ على المُتَأكَّدِ وإنْ تَكُ بِكْرًا ثُم تشْهَدُ عَدْلَةٌ … بعُذْرَتها تُقْبَلْ وتَحْلِفْ بمُبْعَدِ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّ الوَجْهَينِ يشْمَلُ البِكْرَ إذا شَهِدَ بأنها بِكْرٌ، وأن فيها وَجْهًا يُحَلِّفُها. وهو صحيح. ذكَر هذا الوَجْهَ في «الشَّرْحِ»، و «الرعايتَين»، و «التَّرْغيبِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النظْمِ»، وغيرِهم. وظاهِرُ كلامِه في «الفُروعِ»، أنَّ حِكايَةَ الوَجْهَينِ فيها لم يذْكُرْه إلَّا في «الترْغِيبِ» فقط؛ فإنَّه قال: إذا شَهِدَ بالبَكارَةِ امْرأةٌ، قُبِلَ. وفي «التَّرْغِيبِ» في يمِينها وَجْهان. ¬

(¬1) في ط، ا: «أجلت».

كتاب الظهار

كتابُ الظِّهَارِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الظِّهارِ

وَهُوَ أنْ يُشَبِّهَ امْرَأتهُ أوْ عُضْوًا مِنْهَا، بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيهِ عَلَى التَّأبِيدِ، أوْ بِهَا أوْ بِعُضْوٍ مِنْهَا، فَيَقُولَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: كَوَجْهِ حَمَاتِي. أوْ: ظَهْرُكِ. أوْ: يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْر أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: خَالتِي. مِنْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو أنْ يُشَبِّهَ امْرَأته أو عُضْوًا منها. الصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ تَشْبِيهَ عُضْوٍ مِنِ امْرَأتِه، كتَشْبِيهِها كلها. وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بمُظاهِرٍ حتى يُشَبِّهَ جُملَةَ امْرَأتِه. قوله: بظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه على التأبِيدِ، أو بها أو بعُضْو منها، فيَقُولَ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. أو: كيَدِ أخْتِي. أو: كوَجْهِ حَماتي. أو: ظَهْرُكِ. أو: يَدُكِ عليَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كظهْرِ أمِّي. أو: كيَدِ أخْتِي. أو: خالتِي. مِن نَسَبٍ أو رَضاع. الصحيحُ مِنَ المذهبِ، أن مَنِ تَحْرُمُ عليه بسَبَبٍ -كالرَّضاعِ ونحوه- حُكْمُها (¬1) حُكْمُ مَن ¬

(¬1) في الأصل، ط: «حكمه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَحْرُمُ عليه بنَسَب. وعليه الأصحابُ، وقطَع به كثير منهم. وعنه، لا يكونُ مُظاهِرًا إذا أضافَه إلى مَن تَحْرُمُ عليه بسَبَبٍ. وقيل: إنْ كان السَّبَبُ مُجْمَعًا عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مُظاهِرٌ، وإلا فلا

وإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَأمِّي. كَانَ مُظَاهِرًا. وَإنْ قَال: أرَدْتُ كَأمِّي في الْكَرَامَةِ، أَوْ نَحْوهِ. دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ؟ يُخَرجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنتِ علي كأمي -وكذا قوْلُه: أنتِ عندِي، أو مِنِّي، أو معِي، كأمِّي أو مِثْلُ أمي- كانَ مُظاهِرًا. إنْ نَوَى به الظِّهارَ، كان ظِهارًا، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أطْلَقَ، فالصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه صَرِيحٌ في الظهارِ أيضًا. نصَّ عليه، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الشَّارِحُ. وجزَم به في «المُحَررِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، ليس بظِهارٍ. اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى في «الإرْشادِ»، فقال: فيه رِوايَتان، أظْهَرُهما أنه ليس بظِهارٍ، حتى ينْويَه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، فقال: والذي يصِحُّ عندِي في قِياسِ المذهبِ، إنْ وُجِدَتْ نِيَّةٌ، أو قرِينة تدُلُّ على الظهارِ، فهو ظِهارٌ، وإلَّا فلا. قوله: وإنْ قال: أرَدْتُ كأمِّي في الكَرامَةِ، أو نحوه. دُيِّنَ -بلا نِزاعٍ- وهل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يُخَرجُ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ». وهما رِوايَتان في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، ووَجْهان في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ في الحُكْمِ. وهو الصحيحُ مِن المذهبِ، اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وصححه في «التَّصْحيحِ». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (¬1). قال في «الإرْشادِ»: أظْهَرُهما، أنه ليس بظِهارٍ حتى يَنْويَه. والروايةُ الثانيةُ، لا يُقْبَلُ. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

وَإنْ قَال: أَنْتِ كَأُمِّي. أَوْ: مِثْلُ أمِّي. فَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ فِيهَا رِوَايَتَينِ. وَالأوْلَى أنَّ هَذَا لَيسَ بِظِهَارٍ، إلا أنْ يَنْويَهُ، أو يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنتِ كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. فذْكَرَ أبو الخطَّابِ فيها رِوايتَين. يعْنِي، يكونُ كقوْلِه: أنتِ عليَّ كأمِّي. هل هو صَرِيحٌ، أو كِنايَة؟ قال المُصَنِّفُ هنا: والأوْلَى. أن هذا ليس بظِهارٍ إلا أنْ يَنْويَه، أو يقْتَرِنَ به ما يدُل على إرادَتِه. وهو المذهبُ، اخْتارَه ابنُ أبِي مُوسى. قال في «المُحَرّرِ»: ولو لم يقُلْ: عليَّ. لم يكُنْ

وَإِنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُظاهِرًا إلَّا بالنيةِ. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ قال: أنتِ أمِّي. أو: كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. وأطْلقَ، فلا ظِهارَ. وقال في «البُلْغَةِ»: أمَّا الكِنايَةُ فنحوُ قوْلِه: أنتِ (¬1) أمِّي. أو: كأمِّي. أو: مِثْلُ أمِّي. لم يكُنْ مُظاهِرًا إلَّا بالنيةِ، أو (¬2) القَرِينَةِ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى». وعنه، أنه يكونُ ظِهارًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال في «التَّرْغِيبِ»: وهو المَنْصوصُ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهادِي»، و «المُسْتَوْعِبِ»: فهو صَرِيحٌ في الظهارِ. نصّ عليه، وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»: وإنْ قال: أنتِ كأمِّي. أو: مِثْلُها. فصَرِيحٌ. نصّ عليه. وقيل: ليس ظِهارًا بلا نِيَّةٍ، ولا قرِينَةٍ. وإنْ قال: نَوَيتُ في الكَرامَةِ. دُيِّنَ، وفي. الحُكْمِ على رِوايتَين. وقيل: هو كِنايَةٌ في الظِّهارِ. وقيل: إنْ قال: أنتِ علي كأمِّي. أو: مِثْلُها. ولم يَنْو الكَرامَةَ، فمُظاهِر، وإنْ نَواها، دُيِّنَ، وفي الحُكْمِ رِوايَتان. وإنْ أسْقَطَ «عليَّ»، فلَغْوٌ، إلَّا أنْ يَنْويَ الظِّهارَ، ومع ذِكْرِ «الظَّهْرِ» لا يُدَيَّنُ. انتهيا. فذَكَر الطرِيقَتَين. قوله: وإنْ قال: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أبي. أو: كظَهْرِ أجْنَبِيَّةٍ. أو: أخْتِ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في الأصل: «و».

أوْ: كَظَهْرِ أجْنَبِيَّةٍ. أوْ: أُخْتِ زَوْجَتِي. أوْ: عَمَّتِهَا. أوْ: خَالتِهَا. فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زَوْجَتِي. أو: عَمَّتِها. أو: خالتِها. فعلَى رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشرْحِ»، وأطْلَقَهما في الأولتين في «الخُلاصَةِ»؛ إحْداهما، هو ظِهارٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَه -فيما إذا قال: كظهْرِ أجْنَبِيةٍ- الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ»، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، على ما حَكاه القاضي. واخْتارَه القاضي أيضًا في مَوْضِع مِن كَلامِه. والروايَةُ الثَّانيةُ، ليس بظِهارٍ. واخْتارَه -فيما إذا قال: كظَهْرِ الأجْنَبِيَّةِ- ابنُ حامِدٍ، والقاضي في «التَّعْليقِ»، والشرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وكذا أبو بَكْر، على ما حَكاه عنه المُصَنفُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفي مَعْنَى مسْألَةِ الخِرَقِيُّ، إذا شَبَّهَ امْرَأتَه

وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهرِ الْبَهِيمَةِ. لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا. وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. فَهُوَ مُظَاهِرٌ، إلا أنْ يَنْويَ طَلَاقًا أو يمِينًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أو مَا نَوَاهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأخْتِ زَوْجَتِه ونحوها؛ لأنَّ تحْرِيمَها تحْريم مُؤقت. وعنه، هو ظِهارٌ، إنْ قال: أنتِ على كظَهْرِ أبِي. أو: كظَهْرِ رَجُل. نصَرَه القاضي، وأصحابُه. قال في «الفُروعِ»: وعكَسَها أبو بَكْرٍ. فعلى الرِّوايةِ الثانيةِ، عليه كفارَةُ يمين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعنه، لَغْوٌ لا شيءَ فيه. وأطْلَقَهما الزرْكَشِيُّ. قوله: وإن قال: أَنتِ عليَّ كظَهْرِ البَهِيمَةِ. لم يَكُنْ مُظاهِرًا. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحّحه في «النظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: يكونُ مُظاهِرًا إذا نَواه. وأطْلَقَهما في «المُحَررِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، [و «المُغْنِي»، وحَكاهما رِوايتَين، والمَعْروفُ وَجْهان] (¬1). قوله: وإنْ قال: أنتِ علي حَرامٌ. فهو مُظاهِر، إلا أنْ يَنْويَ طَلاقًا أو يَمِينًا، فهل يَكُونُ ظِهارًا أو ما نَواه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ» إذا قال: ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنتِ عليَّ حَرامٌ. وأطْلَقَ. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ظِهارٌ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، واخْتارَه الخِرَقِي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، هو يمِين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، هو طَلاق بائِنٌ. حتى نقَل حَنْبَلٌ، والأثْرَمُ، الحَرامُ ثلاث، حتى لو وجَدْتُ رجُلًا حرَّم امْرَأتَه، وهو يرَى أنها واحدة، فرَّقْتُ بينَهما. مع أن أكثرَ الرِّواياتِ عنه كَراهَةُ الفُتْيا في الكِناياتِ الظَّاهِرَةِ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: لاخْتِلافِ الصَّحابَةِ، رَضِيَ اللهُ عنهم. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في بابِ صَرِيحِ الطلاقِ وكِنايته. وأمّا إذا نَوَى بذلك طَلاقًا أو يمِينًا، فعنه، يكونُ ظِهارًا أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ. قال في «الفُروعِ»: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأشْهَرُ. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ». قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الخُلاصةِ» وغيرِها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يقَعُ ما نَواه. جزَم به في «المُنَورِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس. في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الحاوي الصغِيرِ». وأطْلَقَهما في «الرعايتَين»، و «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفى في بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايته. [فائدة: لو قال: أنتِ حَرامٌ إنْ شاءَ اللهُ. فلا ظِهارَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، خِلافًا لابنِ شَاقْلَا، وابنِ بَطَّةَ، وابنِ عَقِيل] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ا.

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِح طَلَاقُهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا. وَالأقْوَى عِنْدِي أنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ ظِهَارٌ وَلَا إِيلَاءٌ؛ لأنهُ يَمِينٌ مُكَفرَةٌ، فَلَم تنْعَقِدْ في حَقهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويصِحُّ مِن كُلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، فيَصِحُّ ظِهارُ الصَّبِيِّ؛ حيثُ صححْنا طَلاقَه. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: سَوى الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، بينَه وبينَ الطّلاقِ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيةِ»: أكثرُ الأصحابِ على صِحةِ ظِهارِه وإيلائه. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا هو المَشْهورُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال المُصَنِّف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا: والأقْوَى عندِي، أنَّه لا يصِحُّ مِنَ الصَّبِي ظِهارٌ ولا إيلاءٌ؛ لأنَّه يمِين مُكَفَّرَة، فلم تَنْعَقِدْ في حقِّه. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ» في بابِ الأيمانِ: وتَنْعَقِدُ يمِينُ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ في أحَدِ الوَجْهَين. وقال في «المُوجَزِ»: يصِحُّ مِن زَوْج مُكَلَّفٍ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يصِحَّ ظِهارُه؛ لأنّه تحْريمٌ مَبْنِي على قَوْلِ الزُّورِ، وحُصولِ التَّكْفِيرِ، والمَأثَمِ، وإيجابِ مالٍ أو صَوْم. قال: وأمَّا الإيلاءُ، فقال بعضُ أصحابِنا: تصِحُّ رِدَّتُه وإسْلامُه. وذلك مُتَعَلق بذِكْرِ اللهِ، وإنْ سلَّمْنا، فإنَّما لم يصِحَّ، لأنَّه ليس مِن أهْلِ اليَمينِ بمَجْلِسِ الحُكْمِ لرَفْعِ الدَّعْوَى. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: مَنْ صَحَّ ظِهارُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صح طَلاقُه إلَّا المُمَيِّزَ في الأصحِّ فيه. وقيل: ظِهارُ المُمَيِّزِ كطَلاقِه. وقال في «التَّرْغيبِ»: يصِحُّ الظِّهارُ مِن مُرْتَدَّةٍ. قوله: مُسْلِمًا كانَ أو ذِمِّيًا. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، صِحَّةُ ظِهارِ الذِّمِّي كالمُسْلِمِ، [وجزاءِ الصيدِ] (¬1). قال في «الفُروعِ»: وعلى الأصح، وكافِرٌ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يصِحُّ ظِهارُه؛ لتَعَقُّبِه كفَارَةً ليسَ مِن أهْلِها. ورُدَّ. فعلى المذهبِ، يُكَفرُ بالمالِ لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ» بصِحَّةِ التَّكْفيرِ بالإطْعام والعِتْق. وإذا لَزِمَتْه الكفَّارَةُ، فهل يَحْتاجُ إلى نِيَّةٍ؟ قال الدِّينَوَريُّ: ويُعْتبَرُ في تكفيرِ الذميِّ بالعِتْقِ والإطْعامِ النيةُ. وقال ابنُ عَقِيل: ويعْتِقُ أيضًا بلا نِيَّةٍ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ عَقِيل أيضًا: يصِحُّ العِتْقُ مِنَ المُرْتَدِّ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: لأن الظِّهارَ مِن فُروعِ النِّكاحِ، أو قوْلٌ مُنْكَر وزورٌ، والذمِّيُّ أهْلٌ لذلك، ويصِحُّ منه ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

وَيَصِح مِن كل زَوْجَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في غيرِ الكفَّارَةِ، فصَحَّ منه فيها، بخِلافِ الصَّوْمِ. وصححه في «الانْتِصارِ» مِن وَكيلٍ فيه. تنبيهان؛ أحدُهما، شمِلَ قوْلُه: يصِحُّ مِن كلِّ زَوْج يصِحُّ طَلاقُه. العَبْدَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الفُروع» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يصِحُّ ظِهارُه. فعلى المذهبِ، يأتِي حُكْمُ تكْفيرِه في آخِرِ كتابِ الأيمانِ. الثَّاني، مَفْهومُ كلامِه، أن مَنْ لا يصِحُّ طَلاقُه لا يصِحُّ ظِهارُه. وهو صحيح؛ كالطِّفْلِ، والزَّائلِ العَقْلِ؛ بجُنونٍ أو إغْماءٍ أو نَوْم أو غيرِه، وكذا المُكْرَهُ إذا لم يُصَحَّحْ طَلاقُه. وحُكْمُ ظِهارِ السكْرانِ مَبْنِي على طَلاقِه.

فَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ أمَتِهِ، أوْ أُمِّ وَلَدِهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَلْزَمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن ظاهَرَ مِن أمتِه، أو أمِّ وَلَدِه، لم يصِحَّ -بلا نِزاعٍ- وعليه كَفَّارَةُ يَمِين. هذا المذهب، نقَلَه الجماعَة. قال الزَّرْكَشِي: وهو المَشْهورُ والمُخْتارُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المًحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه كَفَّارَةُ ظِهارٍ. وهو لأبِي الخَطابِ، وهو رِوايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نقلَها حَنْبَلٌ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «المحَرَّرِ»: نقلَها أبوْ طالِبٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَه شيءٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو تخْريجٌ في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ» مِن رِوايةٍ فيما إذا ظاهَرَتْ هي مِن زوْجِها، الآتِيَةِ. وذكَر في «عُمَدِ الأدِلةِ»، و «التَّرْغيبِ» رِواية بالصِّحَّةِ.

وَإنْ قَالتِ الْمَرأة لِزَوْجِهَا: أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي. لَمْ تَكُنْ مُظَاهِرَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن قالتِ المَرْأةُ لزَوْجِها: أنتَ على كظَهرِ أبي. لم تكُنْ مُظَاهِرَةً. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَعْروفُ والمَشْهورُ والمَجزومُ به عندَ كثير مِنَ الأصحابِ، حتى قال القاضي في «رِوايَتَيه»: لم تَكُنْ مُظاهِرَةً، رِوايةً واحدةً. انتهى. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، أنَّها تَكونُ مُظاهِرَةً. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبي مُوسى، فتُكَفِّرُ إنْ طاوَعَتْه. وإنِ اسْتَمْتَعَتْ به، أو عزَمَتْ، فكمُظاهِرٍ.

وَعَلَيهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ. وَعَنْهُ، كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، لَا شَيْءَ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعليها كَفَّارةُ ظِهارٍ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ»، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. واخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وجماعَةٍ مِن أصحابِه؛ كالشرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، وأبيه أبي الحُسَينِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، عليها كفارَةُ يمين. قال

وَعَلَيهَا التَّمْكِينُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنفُ، والشَّارِحُ: هذا أقيسُ على مذهبِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وأشْبَهُ بأصولِه. وعنه، لا شيءَ عليها. ومنها خرَّج في التي قبلَها، كما تقدّم. قوله: وعليها التَّمْكِينُ قبلَ التَّكْفِيرِ. يعْنِي، إذا قُلْنا: إنّها ليست مُظاهِرَةً وعليها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كفَّارَةُ الظِّهارِ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: وعليها أنْ تُمَكِّنَه قبلَها في الأصحِّ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا تُمَكِّنُه قبلَ التَّكْفيرِ. وحكَى ذلك عن أبي بَكْر، حَكاه عنه في «الهِدايَةِ». قال المُصَنِّفُ: وليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ ظِهارَ الرَّجُلِ صحيح، وظِهارَها غيرُ صحيح. قال الزَّرْكَشِي: قلتُ: قوْلُ أبي بَكْرٍ جارٍ على قوْلِه، مِن أنَّها تكونُ مُظاهِرَة. وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وليس لها ابتِداءُ القُبْلَةِ والاسْتِمْتاعِ. فائدتان: أحْداهما، يجِبُ عليها كفَّارَةُ الظِّهارِ قبلَ التَّمْكينِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: بعدَه. قال ابنُ عَقِيل: رأيتُ بخَطِّ أبي بَكْر «العَوْدُ التَّمْكِينُ». الثَّانيةُ، وكذا الحُكْمُ لو علَّقَتْه المَرْأةُ بتَزْويجِها، مِثْلَ أنْ قالتْ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلانًا فهو عليَّ كظَهْرِ أبي. قال في «الفُروعِ»: فكذلك ذكَره الأكْثرُ، وهو ظاهِرُ نُصوصِه، ولم يُفَرِّقْ بينَهما الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وقال في «المُحَررِ»: فهو ظِهارٌ، وعليها كفَّارَةُ الظِّهارِ. نصَّ عليه في رِوايةِ أبي طالِبٍ. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم، وقالوا: نصَّ عليه. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنَّه لَغْوٌ.

وَإنْ قَال لأجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. لَمْ يَطَأهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا حَتى يُكَفِّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله (¬1): وإنْ قال لأجنَبِيَّةٍ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. لم يَطَأها إنْ تَزَوَّجَها حتَّى يُكَفرَ. يصِحُّ الظِّهارُ مِنَ الأجْنَبِيَّةِ، ولا يَطَؤها إذا تزَوَّجَها حتى يُكَفِّرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: صحَّ في الأشْهَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مَنْصوصُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعليه أصحابُه. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ، كالطَّلاقِ. قال في «الانْتِصارِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا قِياسُ المذهبِ كالطلاقِ. وذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، رِواية. والفَرْقُ أنَّ الظهَارَ يَمينٌ، والطَّلاقَ حَلُّ عَقْدٍ ولم يُوجَدْ. فائدة: وكذا الحُكْمُ إذا علقَه، فتَزَوَّجَها؛ بأنْ قال: إذا تزَوَّجْتُ فُلانَةَ، فهي عليَّ كظَهْرِ أمِّي. خِلافًا ومذهبًا.

وَإنْ قَال: أنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. يُرِيدُ في كُلِّ حَالٍ، فَكَذَلِكَ، وَإنْ أرَادَ في تِلْكَ الْحَالِ فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ؛ لِأنَّهُ صَادِقٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: أنتِ عليَّ حَرامٌ. يُرِيدُ في كُل حالٍ، فكذلك -يعْنِي، إذا قال ذلك للأجْنَبِيَّةِ، وهذا بلا نِزاعٍ- وإنْ أرادَ في تلك الحالِ، فلا شيءَ عليه؛ لأنَّه صادِقٌ. وكذا إذا أطلَقَ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ فيما إذا أطلَقَ، أنَّها كالتي قبلَها في أنَّه يصِحُّ، ولا يطَأ إذا تزَوَّجَها حتى يُكَفِّرَ. وقال في «الرِّعايتَين»: وكذا إنْ قال: أنتِ عليَّ حَرامٌ. ونَوَى أبدًا، وإنْ نَوَى في الحالِ، فَلَغْوٌ، وإنْ أطلَقَ، احْتَمَلَ وَجْهَين. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ على كظَهْرِ أمِّي إنْ شاءَ اللهُ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنّه ليس بظِهارٍ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: هو ظِهارٌ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. الثَّانيةُ، لو ظاهَرَ مِن إحْدَى زَوْجَتَيه، ثم قال للأخْرَى: أشْرَكْتُكِ معها. أو:

وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلًا وَمُعَلَّقًا بشَرْطٍ، وَمُطْلَقًا وَمُؤقَّتًا، نَحْوَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ. أو: أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. فَمَتَى انْقَضَى الْوَقْتُ زَال الظِّهَارُ، وَإنْ أصَابَهَا فِيهِ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنتِ مِثْلُها. فهو صَرِيحٌ في حقِّ الثَّانيةِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدّمه في «الهِدايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنه كِنايَة، وهو رِواية. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، آخِرَ بابِ الإيلاءِ: إذا قال ذلك، فقد صارَ مُظاهِرًا منهما، وفي اعْتِبارِ نِيته وَجْهان. وتقدم ذلك مُسْتَوْفًى في بابِ صَرِيحِ الطلاقِ وكِنايته. فليُعاوَدْ.

فَصْلٌ في حُكْمِ الظِّهَارِ: يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُظَاهَر مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَحْرُمُ وَطْءُ المُظاهَرِ منها قبلَ التَّكْفِيرِ. إنْ كان التَّكْفِيرُ بالعِتْقِ أو الصِّيامِ، حَرُمَ الوَطْءُ إجْماعًا؛ للنَّصِّ، وإنْ كان بالإطْعامِ، حَرُمَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي في «خِلافِه»، و «رِوايَتَيه»، والشَّرِيفُ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَحْرُمُ وَطْؤُها، إذا كان التَّكْفِيرُ بالإطْعامِ. اخْتارَه أبو بَكْر، وأبو إسْحاقَ.

وَهَل يَحْرُمُ الاسْتِمْتَاعُ مِنْهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَينِ. وَعَنْهُ، لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا إِذَا كَانَ التَّكْفِيرُ بِالإِطْعَامِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَحْرُمُ الاسْتِمْتاعُ منها بما دُونَ الفَرْجِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، يَحْرُمُ. وهو المذهبُ، اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابُه؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. وصحَّحها في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال في «القَواعِدِ»: أشْهَرُهما التَّحْريمُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ. نقَلَها الأكْثَرُون (¬1). وذكَر في «التَّرْغيبِ»، أنها أظْهَرُهما عنه. وهو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «الأكثر».

وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ الْوَطْءُ. نَصَّ عَلَيهِ أحْمَدُ، وَأنْكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ. وَقَال الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّاب: هُوَ الْعَزْمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قوله: وتَجِبُ الكَفَّارَةُ بالعَوْدِ، وهو الوَطْءُ. نَصَّ عليه أحمدُ، وأنْكَرَ على مالِكٍ، أنّه العَزْمُ على الوَطْءِ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: هو العَزْمُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وقال القاضي وأصحابُه: العَوْدُ العَزْمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: تطَع به القاضي وأصحابُه، وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ رِوايةً. قال القاضي: نصَّ عليه في رِوايةِ جماعَةٍ، منهم الأثْرَمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «البُلْغَةِ»: وهو العَزْمُ على الأظْهَرِ.

وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أو طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ، فَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو ماتَ أحَدُهما، أو طَلَّقَها قبلَ الوَطْءِ، فلا كَفَّارَةَ عليه. وهذا مَبْنِيٌّ على المذهبِ؛ وهو أنَّ العَوْدَ هو الوَطْءُ. وأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّ العَوْدَ هو العَزْمُ على الوَطْءِ. لو عزَم ثم ماتَ، أو طلَّقَها قبلَ الوَطْءِ، وَجَبَتِ الكفَّارَةُ. فَرَّعه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ» وغيرِه على قوْلِ القاضي وأصحابِه. وعنِ القاضي، لا تجِبُ. قاله في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال القاضي وأصحابُه: العَوْدُ العَزْمُ على الوَطْءِ. إلَّا أنَّهم لم يُوجِبُوا الكفَّارَةَ على العازِمِ على الوَطْءِ إذا ماتَ أحدُهما

وَإنْ وَطِيء قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَثِمَ، وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيهِ الْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو طلَّق قبلَ الوَطْءِ، إلَّا أبا الخَطَّابِ، فإنَّه قال: إذا ماتَ بعدَ العَزْمِ أوطلَّق، فعلية الكَفَّارَةُ. قوله: وإنْ وَطِيء قبلَ التَّكْفِيرِ، أثِمَ، واسْتَقَرَّتْ عليه الكَفَّارَةُ. اعْلَمْ أنَّ الوَطْءَ قبل التَّكْفيرِ مُحَرَّم عليه، ولا تسْقُطُ الكفَّارَةُ بعدَ وَطْئِه بمَوْتٍ ولا طَلاقٍ، ولا غيرِ ذلك، وتحْرِيمُها عليه باقي حتى يُكَفِّرَ، ولو كان مَجْنونًا. نصَّ عليه. قاله في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه تَلْزَمُ مَجْنونًا بوَطْئِه. قلتُ:

وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَة وَاحِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيُعايَى بها. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا يَلْزَمُ المَجْنونَ كفَّارَة بوَطْئِه، وأنَّه كاليمينِ. قال: وهو أظْهَرُ. وفي «التَّرْغيبِ» وَجْهان، كإيلاءٍ.

وَإنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأتِهِ الْأمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ. وقَال أَبُو بَكْرٍ: يَبْطُلُ الظِّهَارُ وَتَحِلُّ لَهُ، فَإِنْ وَطِئَهَا فَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ظاهَرَ مِن امْرَأتِه الأمَةِ ثم اشْتَرَاها، لم تَحِلَّ له حتى يُكَفِّرَ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، وغيرُهم. وجزَم به في «الخُلاصةِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»: يَبْطُلُ الظِّهارُ وتحِلُّ له، فإنْ وَطِئَها فعليه كفَّارَةُ يمينٍ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. ويتَخرجُ أنَّه لا كفَّارَةَ عليه، كظِهارِه مِن أمَتِه.

وَإنْ كَرَّرَ الظِّهَارَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ، إِنْ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِس وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإنْ كَرَّرَه فِي مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كَرَّرَ الظِّهارَ قبلَ التَكْفِيرِ، فكَفَّارَة واحِدَة. هذا المذهبُ، نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَين، والمُخْتارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لعامَّةِ الأصحابِ؛ القاضي، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، إنْ كرَّرَه في مَجْلِسٍ واحدٍ فكفَّارَةٌ واحدة، وإنْ كرَّرَه في مَجالِسَ فكفَّارات. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى أبو محمدٍ في «المُقْنِعِ» رِوايةً؛ إنْ كرَّرَه في مَجالِسَ

وَإنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَكَفَّارَة وَاحِدَة، وَإِنْ كَانَ بِكَلِمَاتٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فكفَّاراتٌ. قال: لا أظُنُّه إلَّا وَهْمًا. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ الشَّارِحَ ذكَرَها، وقال: وهو مذهبُ أصحابِ الرَّأْي. ورُوِيَ عن عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه، وعَمْرِو بنِ دِينارٍ، رَحِمَه اللهُ. وذكرَها في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تتَعَدَّدُ الكفَّارَةُ بتَعَدُّدِ الظِّهارِ ما لم يَنْو التَّأْكِيدَ، أو الإفْهامَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وأبو محمدٍ في «الكافِي» يحْكِي هذه الرِّوايةَ؛ إنْ نوَى الاسْتِئْنافَ، تكَررتْ، وإلَّا لم تُكَرَّرْ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «رِوايَتَيه». وليس بجيِّدٍ؛ فإن مأْخَذَ هذه الرِّوايةِ في الرجُلِ يحْلِفُ على شيءٍ واحدٍ أيمانًا كثيرةً، فإنْ أرادَ تأكيدَ اليمينِ، فكفَّارَة واحدة. انتهى. وعنه، تتعَدَّدُ مُطْلَقًا. قوله: وإنْ ظاهَرَ مِن نِسائِه بكَلِمَةٍ واحِدَةٍ، فكَفَّارَةْ واحِدَة، فإنْ كان بكَلِماتٍ، فلكُلِّ واحِدَةٍ كَفَّارَةٌ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ حامِدٍ: إذا ظاهَرَ بكَلِماتٍ، فلكُلِّ واحدةٍ كفارَة. روايةً واحدةً. قال القاضي: المذهبُ عندِي ما قاله ابْنُ حامِدٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا ظاهَرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بكلِمَةٍ واحدةٍ، فكفَّارَةٌ واحدةٌ. بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، عليه كفَّارَةٌ واحدة؛ سواءٌ كان بكَلِمَةٍ أو بكلماتٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهما. وعنه، عليه كفارات مُطْلَقًا. وعنه، إنْ كان بكَلمات في مَجالِسَ، فكفارات، وألَّا فواحدةٌ.

فصل في كفارة الظهار وما في معناها

فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَجِبُ عَلَيهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَكَفّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ مِثْلُهَا، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قوْلُه في كَفَّارَةِ الظِّهارِ: هي على التَّرْتِيبِ؛ فيجِبُ عليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فإنْ لم يَجِدْ فصِيامُ شَهْرَين مُتَتابِعَين، فإنْ لم يَسْتَطِعْ فإطْعامُ سِتِّين مِسْكِينًا. عدَمُ

وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ مِثْلُهُمَا، إلَّا فِي الْإطْعَامِ، فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتِطاعَةِ الصَّوم؛ إمَّا لكِبَر، أو مرَض مُطْلَقًا. وقال في «الكافِي»: لمرَض لا يُرْجَى زَوالُه، أوَ يُخافُ زِيادَتُه أو تَطاوُلُه. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: أو لشَبَقٍ. واخْتارَ في «التَّرْغيبِ»، أو لضَعْفِه عن مَعِيشَةٍ تَلْزَمُه. وهو خِلافُ ما نقلَه أبو داودَ، رَحِمَه اللهُ، وغيرُه. وفي «الرَّوْضَةِ»، لضعْفٍ عنه، أو كَثْرَةِ شُغْل، أو شِدَّةِ حَرٍّ، أو شَبَقٍ. انتهى. قوله: وكَفَّارَةُ الوَطْءِ في رمضانَ مِثْلُها، في ظاهِرِ المذهبِ. يعْنِي، أنَّها على التَّرْتيبِ، ككَفَّارَةِ الظِّهارِ. وعنه، أنَّ كفَّارَةَ رمضانَ على التَّخْيِيرِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخرِ بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ. قوله: وكَفَّارَةُ القَتْلِ مِثْلُهما -يعني، أنَّها على التَّرْتيبِ في العِتْقِ والصِّيامِ-

وَالاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. فَإِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا في الإطْعامِ، ففي وُجُوبِه رِوايَتان. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «البُلْغَةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ إحْداهما، لا يجِبُ الإطْعامُ في كفَّارَةِ القَتْلِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ أبي الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ في «خِلافَيهما». والرِّوايةُ الثانيةُ، يجِبُ. اخْتارَه في «التَّبصِرَةِ»، و «الطَّريقِ الأقْرَبِ»، وغيرِهما. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». قوله: والاعْتِبارُ في الكَفَّاراتِ بحالِ الوُجُوبِ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وهو المذهبُ كالحَدِّ. نصَّ عليهما،

وَجَبَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَعْسَرَ، لَمْ يُجْزِئْهُ إلا الْعِتْقُ، وَإنْ وَجَبَتْ وَهُوَ مُعْسِر، فَأَيسَرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ، وَلَهُ الانْتِقَالُ إِلَيهِ إنْ شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والقَوَدِ (¬1). وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا مذهبُنا المُخْتارُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو اخْتِيارُ القاضي في «تَعْليقِه»، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، وابنِ شِهَابٍ، وأبي الحُسَينِ، والشِّيرازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. انتهى. وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ؛ حيثُ قال: إذا وَجَبَت وهو عَبْدٌ فلم يُكَفِّرْ حتى عَتَقَ، فعليه كفارَةُ الصوْم، لا يُجْزِئُه غيرُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فعليها، إمْكانُ الأداءِ مَبْنيٌّ على الزكَاةِ، على ما تقدَّم. وعليها، إذا وَجَبَتْ وهو مُوسِرٌ ثم أعْسَرَ، لم يُجْزِئْه إلَّا العِتْقُ، وإنْ وجَبَتْ وهو مُعْسِرٌ ثم أيسَرَ، لم يلْزَمْه العِتْقُ، وله الانْتِقالُ إليه إنْ شاءَ مُطْلَقًا، على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»،

وعنه في الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ، لَا يُجْزِئُهُ غَيرُ الصُّوْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثُّانِيَةُ، الاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأحْوَالِ، فَمَنْ أمْكَنَهُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، لَا يُجْزِئُهُ غَيرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «البُلْغَةِ»: وهو الصَّحيحُ عندِي. [قال في «التَّرْغِيبِ»: العِتْقُ هنا هَدْيُ المُتْعَةِ أوْلَى. وقال في «المُذْهَبِ»: ظاهِرُ المذهبِ، لا يُجْزِئُه عِتْق] (1). وعنه في العَبْدِ إذا عَتَقَ، لا يُجْزِئُه غيرُ الصَّوْمِ. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وتقدُّم لَفْظُه. وخرَّج أبو الخَطَّابِ، في مَن أيسَرَ، لا يُجْزِئُه غيرُ الصَّوْمِ. كالرِّوايةِ التي في العَبْدِ. وهو رِواية في «الانْتِصارِ»، و «التَّرْغيبِ». وعليها أيضًا، وَقْت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوُجوبِ في الظِّهارِ مِن حينِ العَوْدِ لا وَقْتَ المُظاهَرَةِ، ووَقْتُه في اليَمِينِ مِنَ الحِنْثِ لا وَقْتَ اليمينِ، وفي القَتْلِ، زمَنَ الزُّهوقِ لا زَمَنَ الجَرْحِ. وتقْديمُ الكَفَّارَةِ قبلَ الوُجوبِ تَعْجِيلِّ لها قبلَ وُجوبِها لوُجودِ سَبَبِها، كتَعْجِيلِ الزَّكاةِ قبلَ الحَوْلِ بعدَ كَمالِ النِّصابِ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُ هما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ مِن أصْلِ المَسْألَةِ، الاعْتِبارُ بأغْلَظِ الأحْوالِ. اخْتارَها القاضي في «روايَتَيه»، وحَكاها الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ عنِ الخِرَقِيِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وكأنَّهما أخَذا ذلك مِن قوْلِه: ومَنْ دَخَلَ في الصَّوْمِ، ثم أيسَرَ، لم يَكُنْ عليه الخُروجُ مِن الصَّوْمِ إلى العِتْقِ أو الإطْعامِ، إلَّا أنْ يشاءَ (¬1)، إذْ ظاهِرُه أنَّ مَنْ لم يدْخُلْ في الصَّوْمِ، كان عليه الانْتِقالُ. قال: وما تقدَّم أظْهَرُ. انتهى. فمَنْ أمْكَنَه العِتْقُ مِن حينِ الوُجوبِ ¬

(¬1) انظر: المغني 13/ 540.

فَإِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْم، ثُمَّ أيسَرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الانْتِقَالُ عَنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى حينِ التكْفيرِ لا يُجْزِئُه غيرُه. وقيل: إنْ حَنِثَ عَبْدٌ، صامَ. وقيل: أو يُكَفِّرُ بمالٍ. وقيل: إنِ اعْتُبِرَ أغْلَظُ الأحْوالِ. وذكَر الشِّيرازِيُّ في «المُبْهِجِ»، وابنُ عَقِيلٍ رِوايةً، أنَّ الاعْتِبارَ بوَقْتِ الأداءِ. قوله: وإذا شَرَعَ في الصَّوْمِ، ثم أيسَرَ، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ عَنْهُ. هذا المذهبُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَجْزومُ به عندَ عامَّةِ الأصحابِ. قال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ»: لو شَرَعَ في كفَّارَةِ ظِهارٍ أو يمين أو غيرِهما، ثم وَجَدَ الرَّقَبَةَ، فالمذهبُ لا يَلْزَمُه الانْتِقالُ. وصحَّحه في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يَلْزَمَه. تنبيه: قد يُقالُ: إنَّ ظاهِرَ كلامَ المُصَنِّفِ، أنَّ له أنْ يَنتقِلَ إلى العِتْقِ والإطْعامِ. وهو كذلك، وصرَّح به الخِرَقِيُّ وغيرُه. وخرَّج أبو الخَطَّابِ قوْلًا في

فصلٌ: فَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً، أو امكَنَهُ تَحْصِيلُهَا بِمَا هُوَ فَاضِلٌ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ عَلَى الدَّوَامِ، وَغَيرِهَا مِن حَوَائِجِهِ الأصْلِيَّةِ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، لَزِمَهُ الْعِتْقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرِّ المُعْسِرِ، أنَّه كالعَبْدِ لا يُجْزِئُه غيرُ الصَّوْمِ. على ما يأْتِي في آخِرِ كتابِ الأَيمانِ. فائدة: قولُه: فمن مَلَكَ رَقَبَةً، أو أمْكَنَهُ تَحْصِيلُها بما هو فاضِلٌ عن كِفايَتِه وكِفايَةِ مَن يَمُونُه على الدَّوامِ، وغيرِ ما مِنْ حَوائِجِه الأصْلِيَّةِ بثَمَنِ مِثْلِها، لَزِمَه العتْقُ. بلا نِزاعٍ. ويُشْتَرَطُ أيضًا أنْ يكونَ فاضِلًا عن وَفاءِ دَيْنِه. على الصَّحيحِ

وَمَنْ لَهُ خَادِمٌ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، لا يُشْتَرَطُ ذلك. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وأَطْلَقَهما في «الرِّعايتَين». ومحَلُّ الخِلافِ عندَ المُصَنِّفِ وجماعةٍ (4)، إذا لم يَكُنْ مُطالبًا بالدَّينِ، أمَّا إنْ كان مُطالبًا به، فلا تجِبُ. وغيرُهم (¬1) يُطْلِقُ الخِلافَ. تنبيه: قولُه: ومن له خادِمٌ يَحْتاجُ إلى خِدْمَتِه، أو دارٌ يَسْكُنُها، أو دابَّةٌ يَحْتاجُ ¬

(¬1) في الأصل: «وغيره».

أَوْ دَارٌ يَسْكُنُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى رُكُوبِها، أو ثِيابٌ يَتَجَمَّلُ بها، أو كُتُبٌ يَحْتَاجُ إليها. يعْنِي، إذا كان ذلك

أو دابَّةٌ يَحْتَاجُ إِلَى رُكُوبِهَا، أوْ ثِيَاب يَتَجَمَّلُ بِهَا، أوْ كُتُبٌ يَحْتَاجُ إِلَيهَا، أوْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً إلا بِزِيَادَةٍ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا تُجْحِفُ بِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ. وَإنْ وَجَدَهَا بِزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صالِحًا لمِثْلِه، فلو كانَ عندَه خادِمٌ يُمْكِنُ بيعُه ويشْتَرِي به رقَبَتَين يَسْتَغْنِي بخِدْمَةِ أحدهما ويُعْتِقُ الأخْرى، لَزِمَه ذلك. وكذا لو كان عندَه ثِيابٌ فاخِرَةٌ تزِيدُ على مَلابسِ مِثْلِه، أو دارٌ يُمْكِنُه بيعُها وشراءُ ما يَكْفِيه لسُكْنَى مِثْلِه. قال ذلك المُصَنِّفُ والشَّارِحُ وغيرُهما. قال في «الفُروعِ»: فاضِلًا عمّا يحْتاجُ إليه مِن أدْنَى مسْكَن صالحٍ لمِثْلِه. قوله: وإن وجَدَها بزِيادَةٍ لا تُجْحِفُ به، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في

وَإنْ وُهِبَتْ لَهُ رَقَبَةٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجّى»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه. وهو المذهبُ، اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». قال في «البُلْغَةِ»: لا يَلْزَمُه إذا كانتِ الزِّيادَةُ تجْحِفُ بمالِه. [وهو ظاهرُ كلامِه في «الفُروعِ»؛ لأنَّه قاسَ الوَجْهَين على الوَجْهَين في الماءِ، وصحَّح في الماءِ اللزومَ] (¬1). والوجهُ الثَّاني، لا يَلْزَمُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا وَأَمكَنَهُ شِرَاؤُهَا بِنَسِيئَةٍ، لَزِمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن كانَ مالُه غائبًا، وأمْكَنَه شِراؤُها بنَسِيئَةٍ، لَزِمَه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: لَزِمَه في الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وقيل: لا يَلْزَمُه. اخْتارَه الشَّارِحُ. وأطْلَقهما في «الكافِي». قال في «الشَّرْحِ»: إذا كان مالُه غائبًا، وأمْكَنَه شِراؤُها بنَسِيئَةٍ، فقد ذكَرَ شيخُنا -فيما إذا عَدِمَ الماءَ، فبُذِلَ له بثَمَن في الذِّمَّةِ يَقْدِرُ على أدائِه في بَلَدِه- وَجْهَين؛ اللزُّومُ. اخْتارَه القاضي. وعدَمُه. اخْتارَه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ. فيُخَرَّجُ هنا على وَجْهَين، والأوْلَى، إنْ شاءَ اللهُ، أنَّه لا يَلْزَمُه لذلك. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو كان له مالٌ، ولكِنَّه دَين. قاله في «الرِّعايةِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: وحُكْمُ الدينِ المَرْجُوِّ الوَفاءُ حُكْمُ المالِ الغائبِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّ الرَّقَبَةَ إذا لم تُبَعْ بالنَّسِيئَةِ، أنَّه يصومُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال في «الرِّعايتَين»: صامَ في الأصحِّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يجوزُ له الصوْمُ والحالةُ هذه. قال الزَّرْكَشِيُّ في كتاب الكفَاراتِ: وهو مُقتَضَى كلامِ الخِرَقِي، ومُخْتارُ عامَّةِ الأصحابِ، حتى أنَّ أبا محمدٍ، وأبا الخَطَّابِ،

وَلَا يُجْزِئُهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إك رَقَبَة مُومِنَة. وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشِّيرازِي، وغيرَهم جزَمُوا به. وقيل: لا يجوزُ في غيرِ الظِّهارِ للحاجَةِ؛ لتَحْريمِها قبلَ التكْفيرِ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: يصُومُ في الظِّهارِ فقط، إنْ رُجِيَ إتْمامُه قبلَ حصُولِ المالِ. وقيل: أو لم يُرْجَ. قال الشَّارِحُ تَبَعًا للمُصَنِّفِ: وإنْ لم يُمْكِنْه شِراؤُها نَسِيئَةً، فإنْ كان مَرْجُو الحُضورِ قريبًا، لم يَجُزِ الانْتِقالُ إلى الصِّيامِ، وإنْ كان بعيدًا، لم يَجُزِ الانْتِقالُ إلى الصِّيامِ غيرِ كفَّارَةِ الظِّهارِ؛ لأنَّه لا ضرَرَ في الانْتِظارِ. وهل يجوزُ في كفَّارَةِ الظِّهارِ؟ على وَجْهَين. انتهى. قوله: ولا يُجْزِئُه في كَفارَةِ القَتْلِ إلا رَقَبَةٌ مُؤمِنَةٌ -بلا نِزاعٍ؛ للآيَةِ (1) - وكذلك في سائِرِ الكَفَّاراتِ في ظاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةَ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُجزِئُه رقَبَةٌ كافرةٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، هل تُجْزِئُ رقَبَةٌ كافِرَةٌ مُطْلَقًا، أو يُشْترَطُ أنْ تكونَ كِتابِيَّةً، أو

وَلَا يُجْزِئُهُ إلا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذِمِّيَّةً؟ فيه ثلاثَةُ أوْجُهٍ. وأطْلَقَهُن في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وعنه، يُجْزِط عِتْقُ رَقَبَةٍ ذِميةٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: تجْزِء الكافِرَةُ. نصَّ عليها في اليَهُودِيِّ والنَّصْرانِيِّ. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم: إحْدَى الرِّوايتَين، تُجْزِئُ الكافِرَةُ. وقدَّمه في «الرعايتَين». وذكَر أبو الخَطَّابِ وغيرُه، أنَّه لا تُجْزِط الحَرْبِيَّةُ والمُرْتَدَّةُ اتِّفاقًا. تنبيه: ظاهرُ قولِه: ولا يُجْزِئُه إلَّا رَقَبَةٌ سَلِيمَة مِنَ العُيُوبِ المُضِرَّةِ بالعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا، كالعَمَى. أنَّ الأعْوَرَ يُجْزِيء. وهو إحْدَى الرِّوايتَين، وهو المذهبُ.

كَالْعَمَى وَشَلَلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، أوْ قَطْعِهِمَا (¬1)، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُجْزِئُ. قدَّمة في «التَّبْصِرَةِ». وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين». قوله: وشَلَلِ اليَدِ والرِّجْلِ، أو قَطْعِهمَا، أو قَطْعِ إبْهَامِ اليَدِ، أو سَبَّابَتِها، أو الوُسْطَى، أو الخِنْصَرِ، أو البِنْصَرِ مِنْ يَدٍ واحِدَةٍ. يعْنِي، لا يُجْزِيء. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ كانتْ إصْبَعُه مقْطوعَة، فأرْجُو هذا يقْدِرُ على العَمَلِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّه يُجْزِئُ عِتْقُ المَرْهونِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. ¬

(¬1) في النسختين: «قطعها». والمثبت موافق للمبدع 8/ 53.

أَوْ قَطْعِ إِبْهَامِ الْيَدِ، أَوْ سَبَّابَتِهَا، أَو الْوُسْطىَ، أَو الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه في «الرِّعايتَين». وجزَم به في «الفُروعِ». وقيل: لا يُجْزِئُ، ولا يصِحُّ إلَّا مع يَسارِ الرَّاهِنِ. وظاهِرُ كلامِه، أنَّه يُجْزِئُ الجانِي. وهو صحيحٌ، ولو قُتِلَ في الجِنايَةِ. قاله في «الرِّعايتَين» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: يُجْزِئُ إنْ جازَ بيعُه. فائدة: قَطْعُ أُنْمُلَةِ الإبهامِ كقَطْعِ الإبهامِ، وقطْعُ أُنْمُلتَين مِن إصْبَعٍ كقَطْعِها، وقطْعُ أُنْمُلَةٍ مِن غيرِ الإبهامِ لا يَمْنَعُ الإجْزاءَ.

وَلَا يُجْزِئُ الْمَرِيضُ الْمَأْيُوسُ مِنْهُ، وَلَا النَّحِيفُ الْعَاجِزُ عَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، مفْهومُ كلامِه، أنَّه لو قُطِعَ واحدة مِنَ الخِنْصَرِ والبِنْصَرِ، أو قُطِعا مِن يدَين، أنَّه يُجْزِئُه. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، لا أعلمُ فيه خِلافًا. ومَفْهومُ كلامِه أيضًا، أنَّه لو قُطِعَ إبْهامُ الرجْلِ أو سبابَتُها، أنَّه لا يَمْنَعُ الإجْزاءَ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقطَع في «الرعايةِ الكُبْرى»، أنَّه لا يَمْنَعُ الإجْزاءَ قَطْعُ أصابعِ القَدَمِ. والذي قدَّمه في «الفُروعِ»، أنَّ حُكْمَ القَطْعِ مِن الرجْلِ حُكْمُ القَطعِ مِن اليَدِ. الثَّاني، مفْهومُ قوْلِه: ولا يُجْزِيء المَرِيضُ المَأْيوسُ منه. أنَّه لو كان غيرَ

العَمَلِ، وَلَا غَائِبٌ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَأْيوسٍ منه، أنَّه يجْزِئُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ كلامِه، في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُجْزِئُ أيضًا. قال في «الرِّعايتَين»: ولا يُجْزِئُ مرِيضٌ أُيِسَ منه، أو رُجِيَ بُرْؤْه ثم ماتَ، في وَجْهٍ. الثَّالثُ، ظاهِرُ قوْلِه: لا يُجْزِئُه إلَّا رقَبَةٌ سلِيمَةٌ مِنَ العُيوبِ المُضِرَّةِ بالعَمَلِ ضَرَرًا بيِّنًا. أنَّ الزمِنَ والمُقْعَدَ لا يُجْزِئان. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يُجْزِئُ كلُّ واحدٍ منهما. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلهما النَّحِيفُ. قوله: ولا غائبٌ لا يُعْلَمُ خَبَرُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُجْزِئُ مَنْ جُهِلَ خبَرُه في الأصحِّ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: المَشْهورُ عدَمُ الإجْزاءِ. وجزَم به في «المُغنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقيل: يُجْزِئُ. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايةِ». وحَكاه ابنُ أبي مُوسى في «شَرْحِ الخِرَقِيِّ» وَجْهًا. وجزَم القاضي في «الخِلافِ»، أنَّه يُجْزِئُ مَنْ جُهِلَ خبَرُه عن كفارَته. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يُعْلَمْ خَبَرُه مُطلَقًا، أما أنْ أعْتَقَه، ثم تبَيَّنَ بعدَ ذلك

وَلَا مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ، وَلَا أَخْرَسُ لَا تُفْهَمُ إِشَارَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كَوْنُه حيًّا، فإنَّه يُجْزِئُ، قوْلًا واحدًا. قاله الأصحابُ. قوله: ولا أخْرَسُ لا تُفْهَمُ إشارَتُه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفيه وَجْه، يُجْزِء. اخْتارَه القاضي وجماعَة مِن أصحابِه. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وقد أطْلَقَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَوازَه في رِوايةِ أبي طالِبٍ. ويأْتِي قريبًا في كلامِ المُصَنِّفِ، حُكْمُ مَنْ فُهِمَتْ إشارَته. فائدة: لا يُجْزِئ الأخْرَسُ الأصَمُّ، ولو فُهِمَتْ إشارَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ الإجْزاءَ، إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا كانَ أصَمَّ فقط.

وَلَا عِتْقُ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيهِ بِالْقَرَابَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا مَنِ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مَنِ اشْتَرَاه بشَرْطِ العِتْقِ، في ظاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. قال في «المُحَرَّرِ»: ولا يُجْزِئُ على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُجْزِئُ.

وَلَا أُمُّ وَلَدٍ، فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا أُمُّ وَلَدٍ في الصحِيع عنه. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «المُحَررِ»: لا تُجْزِئُ على

وَلَا مُكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيئًا، فِي اخْتِيَارِ شُيُوخِنَا. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُ مُكَاتَبٌ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُجْزِئُ. قلتُ: ويَجِئُ عندَ مَنْ يقولُ بجَوازِ بيعِها الأجْزاءُ. وأطلَقَهما في «الرِّعايتَين». قوله: ولا مُكاتَبٌ قد أدَّى مِن كِتابَتِه شَيئًا، في اخْتِيارِ شُيُوخِنا. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ. قال القاضي: هذا الصَّحيحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ القاضي وأصحابِه. وقطَع به الخِرَقِيُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُجْزِئُ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «النَّظْمِ»: وهو الأوْلَى. وعنه، لا يُجْزِيء مُكاتَبٌ بحالٍ. وأطْلَقَهُن في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وأطْلقَ الثَّانيةَ والثَّالثةَ في «الرِّعايتَين». فائدة: لو أعْتَقَ عن كفَّارَته عَبْدًا لا يُجْزِئُ في الكفَّارَةِ، نفَذ عِتْقُه، ولا يُجْزِئُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ الكفَّارَةِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه.

وَيُجْزِئُ الْأعْرَجُ يَسِيرًا، وَالْمُجَدَّعُ الْأنفِ وَالأذُنِ، وَالْمَجْبُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُجْزِيء الأعْرَجُ يَسِيرًا -بلا نِزاعٍ- والمُجَدَّعُ الأنْفِ والأذُنِ،

وَالْخَصِيُّ، وَمَنْ يُخْنَقُ فِي الأحْيَانِ، وَالْأَصَمُّ وَالأخْرَسُ الَّذِي يَفْهَمُ الْإشَارَةَ وَتُفْهَمُ إِشَارَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْبُوبُ، والخَصِيُّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم؛ منهم (¬1) صاحِبُ «الفُروعِ» وغيرُه (¬2). وصحَّحه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وعنه، لا يُجْزِئُ ذلك. وتقدَّم حُكْمُ الأَعوَرِ. قوله: ومَن يُخْنَقُ في الأحْيانِ. يعْنِي، أنَّه يُجْزِئُ (¬3). اعلمْ أنَّه إنْ كانتْ إفاقَتُه أكثرَ مِن خَنْقِه، فإنه يُجْزِئُ، وإنْ كان خنْقُه أكثرَ، أجْزَأَ أيضًا. على الصَّحيحِ مِن ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) في ا: «لا يجزئ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وجماعَةٍ كثيرةٍ مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقيل: لا يُجْزِئُ. قال في «الفُروع»: وهو أوْلَى. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قوله: والأصَمُّ والأخْرَسُ الذي يَفْهَمُ الإشارَةَ، وتُفْهَمُ إشارَتُه. يُجْزِئُ عِتْقُ الأصَمِّ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الوَجيزِ» (¬1)، و «التبصِرَةِ»: لا يُجْزِئُ. وأمَّا الأخْرَسُ الذي تُفْهَمُ إشارَتُه، ويَفْهَمُ الإشارَةَ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُجْزِئُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «المرجز».

وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي، وجماعَة مِن أصحابِه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وعنه، لا يُجْزِئُ الأخْرَسُ مُطْلَقًا. تنبيه: قولُه: والمُدَبرُ. يعْنِي، أنَّه يُجْزِئُ، ومُرادُه، إذا قُلْنا بجَوازِ بَيعِه. قاله الأصحابُ. قوله: والمُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ. يعْنِي أنَّه يُجْزِئُ. واعلمْ أنَّ المُصَنِّفَ ذكَر قبلَ

وَوَلَدُ الزِّنَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، أنَّه لا يُجْزِئُ عِتْقُ مَن عُلِّقِ عِتْقُه بصِفَةٍ عندَ وُجودِها. وقطَع هنا بإجْزاءِ عِتْقِ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُه بصِفَةٍ. فمُرادُه هنا إذا أعْتَقَه قبلَ وُجودِ الصِّفَةِ. وهو صحيحٌ في المَسْألتَينِ، ولا أعلمُ فيهما (¬1) نِزاعًا. قوله: ووَلَدُ الزِّنَى. يعْنِي أنَّه يُجْزِئُ. وهو المذهبُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ويحْصُلُ له أجْرُه كامِلًا. خِلافًا لمالِكٍ، رَحِمَه ¬

(¬1) في الأصل: «فيها».

وَالصَّغِيرُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: إِذَا صَلَّى. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، فإنَّه يشْفَعُ مع صِغرِه لأُمِّه، [لا أبِيه] (¬1). قوله: والصَّغِيرُ. يعْنِي أنَّه يُجْزِئُ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، ¬

(¬1) في الأصل: «لأبيه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: وقال أبو بَكْرٍ وغيرُه مِنَ الأصحابِ: يجوزُ إعْتاقُ الطِّفْلِ في الكفَّارَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الأكْثَرِينَ، فيَجوزُ عِتْقُ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُعْتَبَرُ أنْ يكونَ له سَبْعُ سِنِينَ إنِ اشْتُرِطَ الإيمانُ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «الوَجيزِ»: ويُجْزِئُ ابنُ سَبْع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الخِرَقِيُّ: يُجْزِئُ إذا صامَ وصلَّى. وقيل: يُجْزِئُ وإنْ لم يَبْلُغْ سبْعًا. ونقَل المَيمُونِيُّ، يُعْتِقُ الصَّغِيرَ إلَّا في قَتْلِ الخَطَأَ، فإنَّه لا يُجْزِئُ إلَّا مُؤْمِنَةٌ. وأرادَ التي قد صلَّتْ. وقال القاضي، في مَوْضِعٍ مِن كلامِه: يُجْزِئُ إعْتاقُ الصَّغِيرِ في جميعِ الكفَّاراتِ إلَّا كَفَّارَةَ القَتْلِ، فإنَّها على رِوايتَين. فائدة: لا يُجْزِئُ إعْتاقُ المَغْصُوبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» في مَوْضِع. وفيه وَجْه آخَرُ، أنَّه يُجْزِئُ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقال في «الفُروعِ»، في مَكانٍ آخَرَ: وفي مَغْصُوبٍ وَجْهان في «التَّرْغيبِ».

وَإنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهُ، فَأَعْتَقَهُ أَجْزأَهُ، إلا عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الاسْتِسْعَاءِ، وَإنْ أَعْتَقَة وَهُوَ مُوسِرٌ، فَسَرَى، لَمْ يُجْزِئْهُ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ وهو مُعْسِرٌ، ثمَّ اشْتَرَى باقيَه، فأعْتَقَه، أجْزَأه، إلَّا على رِوايةِ وُجُوبِ الاسْتِسْعاءِ. وهو صَحيحٌ. وقاله الأصحابُ. واخْتارَ في «الرِّعايتَين» الأجْزاءَ مع القَوْلِ بوُجوبِ الاسْتِسْعاءِ. قوله: وإنْ أعْتَقَه وهو مُوسِرٌ، فسَرَى، لَمْ يُجْزِئْه. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلالُ، وأبو بَكْر عبدُ العزيزِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَه. يعْنِي (¬1)، إذا نَوَى عِتْقَ جَميعِه عن كفَّارَته، كعِتْقِه بعضَ عبدِه ثم بقِيَّتَه. اخْتارَه القاضي، وأصحابُه. قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهو الأقْوَى عندِي. قال القاضي: قال غيرُ الخَلَّالِ، وأبي بَكْرٍ عبدِ العزِيزِ: يُجْزِئه، إذا نَوَى عِتْقَ جمِيعِه عن كفَّارَتِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَهُ. وَإنْ أعْتَقَ نِصْفًا آخَرَ، أجْزأهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعْتَقَ نِصْفًا آخَرَ، أجْزَأه عندَ الخِرَقِيِّ. يعْنِي أنَّه كمَنْ أعْتَقَ نِصْفَيْ عبدَين. وهو المذهبُ. قال في «الرَّوْضَةِ»: هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر: هذا قولُ أكثرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ القاضي في «تَعْليقِه»، وعامَّةِ أصحابِه؛ كالشرِيف، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، وابنِ البَنا، والشِّيرازِيِّ. [وصححه في «الخُلاصَةِ»] (¬1). وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ولم يُجْزِئْه عندَ أبي بَكْرٍ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، فيما حَكاه القاضي في «رِوايَتَيه». وجزَم به في «العُمْدَةِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ» هَذَين القَوْلَين رِوايتَين. وأطْلَقهما في [«الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُحَررِ»] (1)، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». وعندَ القاضي، إنْ كان باقِيهما حُرًّا، أجْزَأَ، وإلا فلا. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقيل: إنْ كان باقِيهما حُرًّا، أو أعْتَقَ كلَّ واحِدٍ منهما عن كفَّارَتَين، أجْزَأَه، وإلَّا فلا. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»: وهذا أصحُّ. وجزَم بالثَّاني ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. وذكَر هذه الأقْوال في «الهَدْي» رِواياتٍ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو أعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَين أو أمَتَين أو أمَةٍ وعَبْدٍ، بل هذه هي الأصْلُ في الخِلافِ. وقيل: إنْ كان باقِيهما حُرًّا، أجْزَأ، وَجْهًا واحدًا؛

فصلٌ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَعَلَيهِ صِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَين كَانَ أوْ عَبْدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لتَكْميلِ الحُرِّيَّةِ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ بعدَ المِائةِ»: وخرَّج الأصحابُ على الوَجْهَين، لو أخْرَجَ في الزكاةِ نِصْفَيْ شاتَين، وزادَ في «التَّلْخيصِ»، لو أهْدَى نِصْفَيْ شاتَين. قال في «القَواعِدِ»: وفيه نظرٌ؛ إذِ المَقْصودُ مِن الهَدْي اللَّحْمُ، ولهذا أجْزَأ فيه شِقْصٌ مِن بَدَنَةٍ، ورُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ على الإجْزاءِ هنا. انتهى. قوله: فمَن لم يَجِدْ رَقَبَةً، فعليه صِيامُ شَهْرَين مُتَتابعَين، حُرًّا كانَ أو عَبْدًا. قال

وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّتَابُعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: يسْتَوي في ذلك الحُرُّ والعَبْدُ عندَ أهْلِ العِلْمِ، لا نعلمُ فيه خِلافًا. قوله: ولا تَجِبُ نِيَّةُ التَّتابُعِ. هذا المذهبُ. جزَم به (¬1) في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَإنْ تَخَلَّلَ صَوْمَهَا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، أوْ فِطْرٌ وَاجِبٌ كَفِطْرِ الْعِيدِ، أَو الْفِطْرِ لِحَيضٍ أوْ نِفَاسٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ. وأطْلَقَهما في «البُلْغةِ»، و «الرِّعايَتين». فعلى القولِ بالوُجوبِ في الاكْتِفاءِ باللَّيلَةِ الأُولَى، والتَّجْديدِ كلَّ ليلةٍ وَجْهان. ذكَرَهما في «التَّرْغيبِ». قلتُ: قواعِدُ المذهبِ تقْتَضِي أنَّه لا يُكْتَفَى باللَّيلَةِ الأُولَى، وأنَّه لا بُدَّ مِن التَّجْديدِ كلَّ ليلَةٍ، ويُبَيِّتُ النِّيَّةَ. وفي تَعْييِنها جِهَةَ الكفَّارَةِ وَجْهان، ذكَرَهما في «التَّرْغيبِ» أيضًا. قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُ التَّعْيينِ. وقد تقدَّم في بابِ النِّيَّةِ، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ وُجوبُ نِيَّةِ القَضاءِ في الفائِتَةِ، ونِيَّةِ الفَرْضِيَّةِ في الفَرْضِ، ونِيَّةِ الأداءِ للحاضِرَةِ، فهنا بطَريقٍ أوْلَى. قوله: فإنْ تَخَلَّلَ صَوْمَها صَوْمُ شَهْرِ رَمَضانَ، أو فِطْرٌ واجِبٌ كفِطر العِيدِ، أو الفِطْرِ لحَيضٍ أوْ نِفاسٍ،

أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَرَضٍ مَخوفٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو جُنونٍ، أو مَرَضٍ مَخُوفٍ،

أَوْ فِطْرِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ؛ لِخَوْفِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، لَمْ يَنْقَطِع التَّتَابُعُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فِطْرِ الحامِلِ والمُرْضِعِ؛ لخَوْفِهما على أنْفُسِهما، لم يَنْقَطِعِ التَّتابُعُ. إذا تَخَلَّلَ صوْمَ الشهْرَين صومُ شَهْرِ رَمضانَ، أو فِطْرُ يَوْمَي (¬1) العِيدَين، أو حَيضٌ، أو جُنونٌ، لم يَقْطَعِ التَّتابُعَ. نصَّ عليه في العِيدِ والحَيضِ، ولم يَلْزَمْه كفَّارَةٌ عندَ الأصحابِ. وكوْنُ الصَّوْمِ لا ينْقَطِعُ إذا تخَلَّلَه رَمضانُ أو يومُ العيدِ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ أفْطَرَ لعُذْرٍ، كمَرَضٍ، وعيدٍ، بَنَى وكفَّر كفَّارَةَ يمين. انتهى. وإذا تخَلَّلَ ذلك مرَضٌ مَخُوفٌ، لم يقْطَعِ التَّتابُعَ، ولم يَلْزَمْه كفَّارَةٌ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: قال جماعة: ومرَضٌ مَخُوفٌ. وتقدَّم قولُ صاحِبِ «الرَّوْضَةِ». ¬

(¬1) في الأصل، ط: «يوم».

وَكَذَلِكَ إِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيهِمَا. وَيَحْتَمِلُ أن يَنْقَطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإذا أفْطَرَتِ الحامِلُ والمُرْضِعُ؛ لخَوْفِهما على أنْفُسِهما، لم ينْقَطِعِ التَّتابُعُ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وإذا أفْطَرَتْ لأجْلِ النِّفاسِ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا ينْقَطِعُ التَّتابُعُ أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَين، والصَّحيحُ مِن المذهب. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، ينْقَطِعُ التَّتابُعُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الخُلاصةِ»؛ فإنَّهما لم يذْكُرَاه فيما لا يَقْطَعُ التَّتابُعَ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروع». قوله: وكذلك إنْ خافَتا على وَلَدَيهما. يعني، إذا أفْطَرَتا لخَوْفِهما على وَلَدَيهما، لم يَقْطَعِ التَّتابُعَ. وهو أحدُ الوَجْهَين، والمذهبُ منهما. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». وصحَّحه في «الخُلاصةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، والمُصَنِّفُ وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ ينْقَطِعَ. وهو للقاضي، واخْتارَه. وهو ظاهرُ ما جزَم به النَّاظِمُ. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

وَإنْ أَفْطَرَ لِغَيرِ عُذْرٍ، أَوْ صَامَ تَطَوُّعًا، أَوْ قَضَاءً، أوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى، لَزِمَهُ الاسْتِئْنَافُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو أفْطَرَ مُكْرَهًا أو ناسِيًا، كمَنْ وَطِئَ كذلك، أو خَطَأً، كمَنْ أكَلَ يظُنُّه ليلًا فبانَ نَهارًا، لم يقْطَعِ التَّتابُعَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، كالجاهِلِ به. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يقْطَعُه. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ. قال المُصَنِّفُ، ومَنْ تَبِعَه: لو أكلَ ناسِيًا لوُجوبِ التَّتابُعِ، أو جاهِلًا به، أو ظَنًّا منه أنَّه قد أتَمَّ الشهْرَين، انقْطَعَ تَتابُعُه. الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ أفْطَرَ لغيرِ عُذْرٍ، أو صامَ تَطوُّعًا، أو قَضاءً، أو عن نَذْرٍ أو

وَإنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ، كَالسَّفَرِ، وَالْمَرَضِ غَيرِ الْمَخُوفِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَفَّارَةٍ أُخْرَى، لَزِمَه الاسْتِئْنافُ. بلا نِزاعٍ. ويقَعُ صوْمُه عما نَواه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: هل يَفْسُدُ، أو ينْقَلِبُ نَفْلًا؟ فيه وفي نَظائرِه وَجْهان. قوله: وإنْ أفْطَرَ لعُذْرٍ يُبيحُ الفِطْرَ؛ كالسَّفَرِ، والمرَضِ غيرِ المخُوفِ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا ينْقَطِعُ التَّتابُعُ به. وهو المذهبُ. قدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»، و «الفُروعِ». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال الشَّارِحُ: لا ينْقَطِعُ التَّتابُعُ بفِطْرِه في السَّفَرِ المُبِيحِ له، على الأظْهَرِ. وأطْلَقَ الوَجْهَين في المَرَضِ. والوَجْهُ الثَّاني، يقْطَعُه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وقيل: يقْطَعُ السَّفَرُ؛ لأنَّه أنْشَأه باخْتِيارِه، ولا يقْطَعُ المرَضُ. اخْتارَه القاضي وجماعَةٌ مِن أصحابِه. وقال القاضي: نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ.

وَإنْ أصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيلًا أوْ نَهَارًا، انْقَطَعَ التَّتَابُعُ. وَعَنْهُ، لَا يَنْقَطِعُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أصابَ المُظاهَرَ منها لَيلًا أو نَهَارًا، انْقَطَعَ التَّتابُعُ. هذا المذهبُ مُطلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويأْتِي كلامُه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال النَّاظِمُ: هذا أوْلَى. وعنه، لا يَنْقَطِعُ بفِعْلِه ناسِيًا فيهما. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: وإنْ وَطِئَ مَنْ ظاهَرَ منها ليلا عَمْدًا -أو نَهارًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَهْوًا- انقْطَعَ على الأصحِّ. وقال في «الكُبْرى»: وإنْ وَطِئَ مَن ظاهَرَ منها ليلًا عَمْدًا. وقيل: أو سَهْوًا، أو نَهارًا سَهْوًا، لم ينْقَطِعِ التَّتابُعُ على الأصحِّ فيهما. فاخْتلَفَ تصْحِيحُه. قال الزَّرْكَشِيُّ، فيما إذا وَطِئَ ليلًا: هذه إحْدَى الرِّوايتَين عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واخْتِيارُ أصحابِه؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وأصْحابِه، والشَّيخَين، وغيرِهم. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا أصابَ المُظاهَرَ منها ليلًا عَمْدًا، أنَّه

وَإنْ أَصَابَ غَيرَهَا لَيلًا لَمْ يَنْقَطِعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ينْقَطِعُ، قوْلًا واحدًا؛ لأنَّه إنَّما حكَى الخِلافَ في النِّسْيانِ. وليسَ الأمْرُ كذلك، بل الخِلافُ جارٍ في العَمْدِ والسَّهْو، بلا نِزاعٍ عندَ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو غَفْلَةٌ مِنَ المُصَنِّفِ. انتهى. قلتُ: الظاهِرُ أن سبَبَ ذلك مُتابعَتُه لظاهرِ كلامِه في «الهِدايةِ»، فإنَّه قال: إذا وَطِئَ المُظاهِرَ منها ليلًا أو نَهارًا ناسِيًا، انْقَطَعَ التَّتابُعُ في إحْدَى الرِّوايتَين، وفي الأُخْرى، لا ينْقَطِعُ. فظاهِرُه أنَّ قوْلَه: ناسِيًا. راجِعٌ إلى اللَّيلِ والنَّهارِ، وإنَّما هو راجِعٌ إلى النَّهارِ. فتابعَه على ذلك، وغَيَّر العِبارَةَ، فحَصَلَ ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: فإنْ أصابَ غيرَها لَيلًا لم يَنْقَطِعْ. وهذا بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وكذا لو أصابَها نَهارًا ناسِيًا، أو لعُذْر يُبِيحُ الفِطْرَ. الثَّانيةُ، لا ينْقَطِعُ بوَطْئِه في أثْناءِ الإطْعامِ والعِتْقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَله ابنُ مَنْصُورٍ في الإطْعامِ، ومَنَعَهما في «الانْتِصارِ»، ثم سلَّم الإطْعامَ، لأنَّه بَدَلٌ والصَّوْمُ مُبْدَلٌ، كوَطْءِ مَنْ لا يطيقُ الصَّوْمَ في الإطْعامِ. وقال في «الرِّعايةِ»: وفي اسْتِمْتاعِه بغيرِه رِوايَتان. وذكَر المُصَنِّفُ أنه يَنْقَطِعُ إنْ أفْطَرَ.

فَصلٌ: فَإِنْ لَم يَسْتَطِعْ، لَزِمَهُ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُسْلِمًا حُرًّا، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، إِذَا أَكلَ الطَّعَامَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يَسْتَطِعْ، لَزِمَه إطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُسْلِمًا. يُشْتَرَطُ الإسْلامُ في المِسْكينِ في دَفْعِ الكفَّارَةِ إليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وخرَّج أبو الخَطَّابِ جوازَ دَفْعِها إلى الذِّمِّيِّ، إذا كان مِسْكينًا، مِن جَوازِ عِتْقِه في الكفَّارَةِ. وخرّج الخَلَّالُ جَوازَ دَفْعِها إلى كافرٍ. قال ابنُ عَقِيل: لعَلَّه أخَذَه مِنَ المُؤلَّفَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وحكَى الخَلَّالُ في «جامِعِه» رِوايةً بالجوازِ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: لعَلَّه بَنَى ذلك على جَوازِ عِتْقِ الذِّمِّيِّ في الكفَّارَةِ. انتهى. واقْتَصَرَ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ في «الهَدْي» على الفُقَراءِ والمَساكينِ؛ لظاهرِ القُرآنِ. قوله: صَغِيرًا كانَ أو كَبِيرًا، إذا أكَلَ الطَّعامَ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. يعْنِي، أنَّه يُشْتَرَطُ في جَوازِ دَفْعِها إلى الصَّغِيرِ أنْ يكونَ ممَّنْ يأْكُلُ الطَّعامَ. وهذه الرِّوايَةُ اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال المَجْدُ: هذه الرِّوايَةُ أشْهَرُ عنه. وجزَم به في «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعدَمُ الإجْزاءِ، فيما إذا لم يأْكُلِ الطَّعامَ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ دَفْعُها إلى الصَّغيرِ؛ سواءٌ كان يأْكُلُ الطَّعامَ، أوْ لا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وتقدَّم نظِيرُه في بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ.

وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى مُكَاتَبٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ دَفْعُها إلى مُكاتَبٍ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين، واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّد»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونصَراه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحَه، و «البُلْغَةِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لقوْلِه: أحْرارٌ (¬1). وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجوزُ دفْعُها إليه. وهو تخْريجٌ في «الهِدايةِ»، وتابعَه جماعَةٌ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ في «خِلافَاتِهم»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في ¬

(¬1) في الأصل: «أجزأه».

وَلَا إِلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإنْ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ يَظُنُّهُ مِسْكِينًا، فَبَانَ غَنِيًّا، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. وَإنْ رَدَّدَهَا عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا، لَمْ يُجْزِئْهُ، إلا أَنْ لَا يَجِدَ غَيرَهُ، فَيُجْزِئُهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ وَإنْ وَجَدَ غَيرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ دَفَعَها إلى مَن يَظُنُّه مِسْكِينًا، فبانَ غَنِيًّا، فعلى رِوايتَين. كالرِّوايتَين اللَّتَين في الزَّكاةِ، حُكْمًا ومذهبًا، على ما تقدَّم في أوَاخرِ بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزَّكاةِ. وتقدَّم أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ الإِجْزاءُ. قوله: وإنْ ردَّدَها على مِسْكِين وَاحِدٍ سِتِّين يَوْمًا، لم يُجْزِئْه، إلَّا أنْ لا يَجِدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَه، فيُجْزِئَه في ظاهِرِ المذهبِ. وإنْ وجَد غيرَه مِن المَساكينِ، لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «المُحَرَّرِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، والقاضي، وأصحابِه، وعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُجْزِئُه. اخْتارَه ابنُ بَطَّةَ، وأبو محمدٍ الجَوْزِي. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتاره أبو البَرَكاتِ. وإنْ لم يجِدْ غيرَه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ الإِجْزاءُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والمَجْدُ وغيرُهما: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه،

وَإِنْ دَفَعَ إِلَى مِسْكِينٍ في يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ كَفَّارَتَينِ، أَجْزأهُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُجْزِئُه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ». وصحَّحها في «عُيونِ المَسائلَ»، وقال: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. قوله: وإنْ دَفَع إلى مِسْكِين في يَوْم واحِدٍ مِن كَفَّارَتَين، أجْزَأه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: هذا اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، وهو أقْيَسُ وأصحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه،

وَالْمُخْرَجُ في الْكَفَّارَةِ مَا يُجْزِئُ في الْفِطْرَةِ. وَفِي الْخُبْزِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُجْزِئُه، فيُجْزِئُ عن واحدةٍ. والأُخْرى، إنْ كان أعْلَمَه أنَّها كفَّارَةٌ، رجَع عليه، وإلَّا فلا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويتَخَرجُ عدَمُ الرُّجوعِ مِنَ الزَّكاةِ. قوله: والمُخْرَجُ في الكَفَّارَةِ ما يُجْزِئُ في الفِطْرَةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. واقْتَصَرَ الخِرَقِيُّ على البُرِّ والشَّعِيرِ والتَّمْرِ. وإخْراجُ السَّويقِ والدَّقيقِ هنا مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وفي الخُبْز رِوايَتان. وكذا السَّويقُ. واطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «البُلْغةِ»، و «الشرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ»؛ إحْداهما، لا يُجْزِئُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ».

وَإنْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ غَيرَ ذَلِكَ، أَجْزَأَهُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ الله تِعَالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. وَقَال الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُجْزِئُ. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ. قال المُصَنِّفُ: وهذه أحْسَنُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وصححه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه القاضي وأصحابُه. ذكَره في بابِ الظِّهارِ. وقال في بابِ الكفَّاراتِ: اخْتارَه القاضي، وعامَّةُ أصحابِه، وقال: يَقْرُبُ مِنَ الإِجْماعِ. وذكَر المُصَنِّفُ على الإجْزاءِ احْتِمالًا، أن الخُبْزَ أفْضَلُ المُخْرَجاتِ. وما هو ببعيدٍ. واخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّ أفْضَلَ المُخْرَجِ هنا البُرُّ، قال: للخُروجِ مِن الخِلافِ. والمذهبُ أنَّ التَّمْرَ أفْضَلُ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: التَّمْرُ أعْجَبُ إليَّ. قوله: وإنْ كانَ قُوتُ بَلَدِه غيرَ ذلك، أجْزَأه منه؛ لقَوْلِ اللهِ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. هذا أحدُ الوَجْهَينِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضي: لا يُجْزِئُه وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ.

وَلَا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ اقَلُّ مِنْ مُدٍّ، وَلَا مِنْ غَيرِهِ أقَلُّ مِنْ مُدَّينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وقدمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». قوله: ولا يُجْزِئُ مِنَ البُرِّ أقَلَّ مِن مُدٍّ، ولا مِن غيرِه أقَلُّ مِن مُدَّين. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وقال في «الإيضاحِ»: يُجْزِئُ مُدٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا مِن غيرِ البُرِّ كالبُرِّ. وذكَره المَجْدُ رِوايةً، ونَقَلَه الأَثْرَمُ.

وَلَا مِنَ الْخُبْزِ أَقلُّ مِنْ رَطْلَينِ بِالْعِرَاقِيِّ، إلَّا أنْ يَعْلَمَ أنَّهُ مُدٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ولا مِنَ الخُبْزِ أقَلُّ مِنْ رَطْلَين بالعِراقِيِّ -يعْنِي، إذا قُلْنا: يُجْزِئُ إخْراجُ الخُبْزِ. وهو واضِحٌ- إلَّا أنْ يَعْلَمَ أنَّه مُدٌّ. فيُجْزِئُ ولو كان أقَلَّ مِن رَطْلَين. وكذا ضِعْفُه مِنَ الشَّعيرِ ونحوه. قاله الأصحابُ.

وَإنْ أُخرَجَ الْقِيمَةَ، أَوْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ أَوْ عَشَّاهُمْ، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أخْرَجَ القِيمَةَ، أوْ غَدَّى المَساكِينَ أوْ عَشَّاهم، لم يُجْزِئْه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُجْزِئُه إذا كان قَدْرَ الواجبِ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، الإجْزاءَ، ولم يَعْتَبِرِ القَدْرَ الواجِبَ. وهو ظاهِرُ نَقْلِ أبي داودَ وغيرِه، فإنَّه قال: أشْبِعْهم. قال: ما أُطْعِمُهم؟ قال: خُبْزًا ولحْمًا، إنْ قَدَرْتَ، أو مِن أوْسَطِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ طَعامِكم.

فَصْلٌ: وَلَا يُجْزِئُ الإخْرَاجُ إلا بِنِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ الإعْتَاقُ وَالصِّيَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُجْزِئُ الإخْراجُ إلَّا بنِيَّةٍ، وكذا الإعْتاقُ والصِّيامُ. واعلمْ أنَّه يُشْتَرَطُ

فَإِنْ كَانَ عَلَيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَنَوَى عَنْ كَفَّارَتِي، أَجْزَأَةُ، وَإنْ كَانَ عَلَيهِ كَفَّارَاتٌ مِنْ جِنْسٍ، فَنَوَى إِحْدَاهَا، أَجْزأَهُ عَنْ وَاحِدَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّيَّةُ في الإطْعامِ والإعْتاقِ والصِّيامِ، ولا يُجْزِئُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فقط. وتقدَّم، هل تجِبُ نِيَّةُ التَّتابُعِ أمْ لا؟ في كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. قوله: وإنْ كانَ عليه كَفَّاراتٌ مِن جِنْس، فنَوَى إحْداها، أجْزَأَه عن واحِدَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يجِبُ تَعْيِينُ سَببِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي. قال في «الفُروعِ»: لم يُشْتَرَطْ تَعْيِينُ سبَبِها في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ سبَبِها.

وَإنْ كَانَتْ مِنْ أجْنَاسٍ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ. وَعِنْدَ الْقَاضِي، لَا تُجْزِئُهُ حَتَّى يُعَيِّنَ سَبَبَهَا. فَإنْ كَانَتْ عَلَيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ نَسِيَ سَبَبَهَا، أَجْزأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الأوَّلِ. وَعَلَى الثَّانِي، يَجِبُ عَلَيهِ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الأسْبَابِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَتْ مِن أجْناسٍ، فكذلك عندَ أبي الخَطَّابِ. يعْنِي، أنَّه لا يجِبُ تَعْيِينُ السَّبَبِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وغيرِه. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، وقال: هو قوْلُ غيرِ القاضي] (¬1). قال ابنُ شِهَابٍ: بناءً على أنَّ الكفاراتِ كلَّها مِن جِنْسٍ. قال: ولأنَّ آحادَها (¬2) لا يفْتَقِرُ إلي تَعْيِينِ النِّيَّةِ، بخِلافِ الصلَواتِ وغيرِها. وعندَ القاضي، لا يُجْزِئُه حتى يُعَيِّنَ سبَبَها؛ كَتَيَمُّمِه، وكوَجْهِ في دَمِ نُسُكٍ، ودَم مَحْظُورٍ، وكعِتْقِ نَذْرٍ، وعِتْقِ كفَّارَة في الأصحِّ. قاله في «التَّرْغيبِ». قوَله: فإنْ كانَتْ عليه كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ نَسِيَ سَبَبَها، أجْزأه كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ، على الوَجْهِ الأوَّلِ -قاله أبو بَكْرٍ، وغيرُه (¬3) - وعلى الوَجْهِ الثَّاني، تجِبُ (3) عليه كفَّاراتٌ بعدَدِ الأسْبابِ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، إنِ اتَّحَدَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «أحدهما». (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّبَبُ، فنَوْعٌ، وإلَّا جِنْسٌ. فائدة: لو كفَّر مُرْتَدٌّ بغيرِ الصَّوْمِ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي: المذهبُ صِحَّتُه. تنبيه: تقدَّم في آخِرِ بابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ، هل تسْقُطُ جميعُ الكفَّاراتِ بالعَجْزِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنها، أمْ لا؟ وحُكْمُ أكْلِه مِن كفَّاراتِه، هل يجوزُ أمْ لا؟

كتاب اللعان

كِتَابُ اللِّعَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتَابُ اللِّعَانِ فوائد؛ الأُولَى، اللِّعانُ مَصْدَرُ لاعَنَ، إذا نعَل ما ذكَر، أو لعَن كلُّ واحدٍ مِنَ الاثْنَين الآخَرَ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قيل (¬1) هو مُشْتَقٌّ مِنَ اللَّعْنِ؛ لأنَّ كلَّ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٍ مِنَ الزَّوْجَين يلْعَنُ نفْسَه في الخامِسَةِ إنْ كان كاذِبًا. وقال القاضي: سُمِّي بذلك؛ لأنَّ الزَّوْجَين لا ينْفَكَّان مِن أنْ يكونَ أحدُهما كاذِبًا، فتَحْصُلُ اللَّعْنَةُ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وأصْلُ اللَّعْنِ، الطَّرْدُ والإِبْعادُ. قاله الأزْهَرِيُّ (¬1). يُقالُ: لعَنَه اللهُ. أي ¬

(¬1) انظر: تهذيب اللغة 2/ 396.

وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرأتَهُ بِالزِّنَى، فَلَهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أَبْعَدَه. الثَّانيةُ، قولُه: وإذا قذَف الرَّجُلُ امْرَأْتَه بالزِّنَى، فله إسْقاطُ الحَدِّ باللِّعانِ. بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. ويسْقُطُ الحَدُّ عنه بلِعانِه وحدَه. ذكَرَه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ». وله إقامَةُ البَيِّنةِ بعدَ اللِّعانِ، ويثْبُتُ مُوجَبُهما. الثَّالثةُ، قولُه: وإذا قذَف الرَّجُلُ امْرَأْتَه بالزِّنَى. يعْنِي، سَواءٌ قذَفَها به في طُهْرٍ أصَابَها فيه أو لا، وسَواءٌ كان في قُبُلٍ أو دُبُرٍ. قوْلُه: فله إسْقاطُ الحَدِّ باللِّعانِ. بلا نِزاعٍ، كما تقدَّم. قال الأصحابُ: وله إسْقاطُ بعضِه به، ولو بَقِيَ منه سَوْطٌ واحدٌ.

وَصِفَتُهُ أنَّ يَبْدَأ الزَّوْجُ، فَيَقُولَ: أشْهَدُ بِالله إنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيتُ بِهِ امْرَأتِي هَذِهِ مِنَ الزِّنَى. وَيُشِيرُ إِلَيهَا، وَإنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً، سَمَّاهَا وَنَسَبَهَا حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولَ في الْخَامِسَةِ: وَأنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيتُهَا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَصِفَتُه أنْ يَبْدَأ الزَّوْجُ، فيَقُولَ: أشْهَدُ باللهِ إنِّي لمِن الصَّادِقِين فيما رَمَيتُ به امْرَأتِي هذه مِنَ الزِّنَى. هذا أحدُ الوُجوهِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يُشْتَرَطُ أنْ يذْكُرَ الرَّمْيَ بالزِّنَى، بل يقولَ، بعدَ: أشْهَدُ باللهِ: لقد زنَتْ زَوْجَتِي هذه. وذكَرَه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: يقولُ بعدَ أشْهَدُ باللهِ: إنِّي لمِنَ

مِنَ الزِّنَى. ثُمَّ تَقُولَ هِيَ: أشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَى. أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَقُولَ في الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّادِقِين. فقط. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». قوله: ثم تقُولَ هي: أشْهَدُ بالله إنَّه لمِنَ الكاذِبينَ فيما رَمانِي به مِنَ الزِّنَى. أرْبَعَ مَراتٍ، ثم تَقُولَ في الخامِسَةِ: وأنَّ غَضَبَ الله عِليها إنْ كان مِنَ الصَّادِقِينَ فيما رَمانِي به مِنَ الزِّنى. فقطَع المُصَنِّفُ هنا أنَّها تقولُ في الخامِسَةِ بعدَ ذلك: فيما رَمانِي به مِنَ الزِّنَى. فظاهِرُه أنه يُشْترَطُ ذِكْرُ ذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين. وهذا ظاهِرُ ما جزَم به في «البُلْغةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»؛ فإنَّ عِباراتِهم كعِبارَةِ المُصَنِّفِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُشْترَطُ ذِكْرُ ذلك. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وأخَذ ابنُ هُبَيرَةَ بالآيَةِ (¬1) في ¬

(¬1) سورة النور 6 - 9.

فَإنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ شَيئًا، أوْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ تَلَاعَنَا بِغَيرِ حَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك كلِّه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، على ما في كِتابِ اللهِ تعالى، يقولُ الرَّجُلُ أرْبَعَ مراتٍ: أشْهَدُ باللهِ إنِّي فيما رَمَيتُها به لمِنَ الصَّادِقِين. ثم يُوقَفُ عندَ الخامِسَةِ، فيقولُ: لَعْنَةُ اللهِ عليه إنْ كان مِنَ الكاذِبِين. والمَرْأَةُ مِثْلَ ذلك.

وَإِنْ أُبْدَلَ لَفْظَةَ: أَشْهَدُ، بـ: أُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإبعَادِ، أو الْغضَبِ بِالسَّخَطِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أبْدَلَ لَفْظَةَ: أشْهَدُ، بـ: أُقْسِمُ، أو أحْلِفُ، أو لَفْظَةَ اللَّعْنةِ بالإبْعادِ، أو الغَضَبِ بالسَّخَطِ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال في «الهِدايَةِ»: أحدُهما، لا يُعْتَدُّ بذلك. وهو الأظْهَرُ. قال في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»: لا يُعْتَدُّ بذلك في أصح الوَجْهَين. قال في «المُسْتَوْعِب»: لا يُعْتَدُّ بذلك في أظْهَرِ

وَمَنْ قَدَرَ عَلَى اللِّعَانِ بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ إلَّا بِهَا، وَإِنْ عَجَزَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين. قال النَّاظِمُ: ويُلْغَى بذلك على المُتَجَوِّدِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ، لا يصِحُّ. قال في «البُلْغةِ»: ويتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهادَةِ، ولا يجوزُ إبْدالُه، وكذلك صِيغَةُ اللَّعْنَةِ، والغَضَبِ، على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّ ما اعْتُبِرَ فيه لَفْظُ الشَّهادَةِ لا يقُومُ غيرُه مَقامَه، كالشَّهاداتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لو أبْدَلَ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بالإبعادِ أو بالغَضَبِ، ففي الإِجْزاءِ ثلاثُةُ أوْجُهٍ؛ ثالِثُها، الإجْزاءُ بالغَضَبِ لا بالإِبْعادِ. وفي إبْدالِ لَفْظَةِ: أشْهَدُ بـ: أُقْسِمُ، أو أحْلِفُ، وَجْهان؛ أصَحُّهما، لا يُجْزِئُ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: ولا يَبْطُلُ بتَبْديلِ لَفْظٍ بمُحَصِّلِ مَعْناه. وأمَّا إذا أبْدَلَتِ الغَضَبَ باللَّعْنَةِ، فإنَّه لا يُجْزِئُ، قوْلًا واحدًا. قوله: ومَن قدَر على اللِّعانِ بالعَرَبِيَّةِ، لم يصِحَّ منه إلَّا بها، وإنْ عجَز عنها، لَزِمَه

عَنْهَا، لَزِمَهُ تَعَلُّمُهَا، في أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، يَصِحُّ بلِسَانِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَعَلُّمُها، في أحَدِ الوَجْهَين. وهما احْتِمالان مُطْلَقان في «الهِدايَةِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، أحدُهما، يصِحُّ بلِسانِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ، ويَلْزَمُه تعَلُّمُها. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في أرْكانِ النِّكاحِ، وصِفَةِ الصَّلاةِ.

وإِذَا فُهِمَتْ إشَارَةُ الْأخْرَسِ أوْ كِتَابَتُهُ، صَحَّ لِعَانُهُ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فُهِمَتْ إشارَةُ الأخْرَسِ أو كِتابَتُه، صَحَّ لعانُه بها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»،

وَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ، وَأُيِسَ مِنْ نُطْقِهِ بِالْإِشَارَةِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وعنه، لا يصِحُّ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». قوله: وهل يصِحُّ لِعانُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسانُه، وأُيِسَ مِن نُطْقِه بالإشارَةِ؟ على

عَلَى وَجْهَينِ. وَهَلْ هُوَ شَهَادَةٌ أوْ يَمِينٌ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال في «الكافِي»: هو كالأخْرَسَ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. قوله: وهل اللِّعانُ شَهادَةٌ أو يَمِينٌ؟ على رِوايَتَين. وهذه المَسْألَةُ مِنَ الزَّوائدِ؛

فَصْلٌ: وَالسُّنَّةُ أنْ يَتَلَاعَنَا قِيَامًا بمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ في الْأوْقَاتِ وَالْأمَاكِنَ الْمُعَظَّمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، هو يمِينٌ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». والثَّانيةُ، هو شَهادَةٌ. قوله: والسُّنَّةُ أنْ يَتَلاعَنا قِيامًا بمَحْضَرِ جَماعَةٍ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: بمَحْضَرِ أرْبعَةٍ فأزْيَدَ. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: يُسَنُّ أنْ يكونَ بمَحْضَرِ جماعةٍ مِنَ المُسْلِمين، ويُسْتَحَبُّ أنْ لا ينْقُصُوا عن أرْبَعَةٍ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: لعَلَّ المسْأَلةَ قولًا واحدًا، وأنَّ بعضَ الأصحابِ قال: جَماعَةٍ. وبعضَهم قال: أرْبعةٍ. ومُرادُ مَن قال: جماعَةٍ. أنْ لا ينْقُصُوا عن أرْبَعَةٍ، ولكِنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» غايَرَ بينَ القَوْلَين، فإنْ كان أحدٌ مِنَ الأصحابِ صرَّح في قوْلِه: جماعَةٍ. أنَّهم أقَلُّ مِن أرْبَعَةٍ، فمُسَلَّمٌ، وإلَّا فالأَولَى أنَّ المَسْأَلةَ قوْلًا واحدًا، كما قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واللهُ أعلمُ. قوله: في الأَوْقاتِ والأماكِنِ المُعَظَّمَةِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لا يُسَنُّ تغْلِيظُه بمَكانٍ ولا زَمانٍ. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ. وقدَّمه في «الكافي». وصحَّحَه في «المُغْنِي». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وخصَّ في «التَّرْغِيبِ» هذين الوَجْهَين بأهْلِ الذِّمَّةِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

وَإِذَا بَلَغ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخَامِسَةَ، أَمَرَ الْحَاكِمُ رَجُلًا فَأَمْسَكَ يَدَهُ عَلَى فِي الرَّجُلِ، وَامْرَاةً تَضعُ يَدَهَا عَلَى في الْمَرْأَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الزَّمان بعدَ العَصْرِ. وقال أبو الخَطَّابِ في مَوْضِعٍ آخَرَ: بينَ الأذانَين. والمَكانُ بمَكَّةَ بينَ الرُّكْنِ والمَقامِ، وبالمَدِينَةِ عندَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفي بَيتِ المَقْدِسِ عند الصَّخْرَةِ، وفي سائرِ البُلْدانِ في جَوامِعِها. ويأْتِي لهذا مزيدُ بَيانٍ، في بَابِ اليمينِ في الدَّعاوَى.

ثُمَّ يَعِظُهُ، فَيَقُولُ: اتَّقِ اللهَ، فَإنَّهَا الْمُوجِبَةُ، وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأنْ يكونَ ذلك بحَضْرَةِ الحاكِمِ. يُشْترَطُ في صِحَّةِ اللِّعانِ، أنْ يكونَ بحَضْرَةِ الحاكمِ أو نائبِه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. لكِنْ ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ هنا أنَّ حُضُورَه مُسْتَحَبُّ. ولم أرَه لغيرِه. وقد يُقالُ: لا يَلْزَمُ مِن كَوْنِ المُصَنِّفِ جعَلَه سُنَّةً انْتِفاءُ الوُجوبِ؛ إذِ السُّنَّةُ في قوْله: والسُّنَّةُ. أعَمُّ مِن أنْ يكونَ مُسْتَحَبًّا أو واجِبًا. فائدة: لو حَكَّما رَجُلًا يَصْلُحُ للقَضاءِ، وتَلاعَنا بحَضْرَتِه، فقال الشَّارِحُ: قد ذكَرْنا أنَّ مِن شَرْطِ صِحَّةِ اللِّعانِ، أنْ يكونَ بحَضْرَةِ الإمامِ أو نائبِه. وحَكَى شيخُنا في آخرِ كتابِ القَضاءِ، يعْنِي في «المُقنِعِ»، إذا تحاكَمَ رجُلان إلى رجُلٍ يصْلُحُ للقَضاءِ، فحَكَّماه بينَهما، نفَذ حُكْمُه في اللِّعانِ، في ظاهِرِ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى، وحَكاه أبو الخَطَّاب. قلتُ: وهو المذهبُ؛ لأنَّه كحاكمِ الإِمامِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، على ما يأْتِي هناك، إنْ شاءَ الله تُعالى. وقال القاضي: لا ينْفُذُ إلا في الأمْوالِ خاصَّةً.

فَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ خَفِرَةً، بَعَثَ مَنْ يُلَاعِنُ بَينَهُمَا. وَإِذَا قَذَفَ رَجُلٌ نِسَاءَهُ، فَعَلَيهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ لِعَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ وحاصِلُه، أنَّهما إذا حكَّما رجُلًا، هل يكونُ كالحاكمِ مِن جميعِ الوُجوهِ أمْ لا؟ على ما يأْتِي بَيانُه. قوله: فإنْ كانَتِ المَرْأَةُ خَفِرَةً، بعَثَ الحاكِمُ مَن يُلاعِنُ بينَهما. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»، في مسْأَلَةِ فَسْخِ الخِيارِ بلا حُضورِ الآخَرِ: للزَّوْجِ أنْ يُلاعِنَ مع غَيبَتِها، وتُلاعِنَ مع غَيبَتِه. قوله: وإذا قذَف الرَّجُلُ نِساءَه، فعليه أنْ يُفْرِدَ كُلَّ واحِدَةٍ بلِعانٍ. هذا المذهبُ.

وَاحِدٌ. فَيَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيتُكُنَّ بِهِ مِنَ الزِّنَى. وَتَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِن الزِّنَى. وَعَنْهُ، إِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أَجْزَأَهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ، وَإنْ قَذَفَهُنّ بِكَلِمَاتٍ، أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإحْدَى الرِّواياتِ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: يُفْرِدُ كُلَّ واحدةٍ منِهُنَّ بلِعانٍ، على ظاهِرِ كلامِ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»،

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ إلا بِشُرُوطٍ ثَلَاثةٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ بَينَ زَوْجَينِ عَاقِلَينِ بَالِغَينِ؛ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَينِ، أَوْ ذِمِّيَّينِ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُجْزِئُه لِعانٌ واحِدٌ. وهو احْتِمال في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «الخُلاصَةِ». وعنه، إنْ كان القَذْفُ بكَلِمَةٍ واحدةٍ، أجْزَأَه لِعانٌ واحدٌ، وإنْ فَذَفَهُنَّ بكَلِماتٍ، أفْرَدَ كلَّ واحدةٍ بلِعانٍ. فعلى القوْلِ بأنَّه يُفرِدُ كلَّ واحدةٍ بلِعانٍ، يَبْدَأُ بلِعانِ التي تَبْدَأُ بالمُطالبَةِ، فإن طالبْنَ جميعًا وتَشاحَحْنَ، بَدَأ بإحْداهُنَّ بالقُرْعَةِ، وإنْ لم يتَشاحَحْنَ، بدَأَ بلِعانِ مَن شاءَ منهن، ولو بدَأ بواحدةٍ منهن بغيرِ قُرْعَةٍ مع المُشاحَّةِ، صحَّ. تنبيه: قولُه في تَتِمَّةِ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: فيَقُولُ: أشْهَدُ بالله إنِّي لمِنَ الصَّادِقِينَ فيما رَمَيتُكُنَّ به مِنَ الزِّنَى. وتقُولُ كُلُّ واحِدَةٍ: أَشْهَدُ بِالله إِنَّه لمِنَ الكاذِبِينَ فيما رَمانِي به مِنَ الزِّنَى. هذه الزِّيادَةُ وهي قولُه: فيما رَمَيتُكُنَّ به مِنَ الزِّنَى. وفيما رَمَانِي به مِنَ الزِّنَى. مَبْنِيَّةٌ على القَوْلِ الَّذي جزَم به في أوَّلِ البابِ، عندَ صِفَةِ ما يقولُ هو وتقولُ. هي. وتقدَّم الخِلافُ هناك، فكذا الحُكْمُ هنا. قوله: ولا يصِحُّ إلَّا بشُرُوط ثَلَاثةٍ؛ أحَدُها، أنْ يكونَ بينَ زَوْجَين عاقِلَين بالِغَين؛ سَواءٌ كانا مُسْلِمَين، أو ذِمِّيِّين، أو رَقِيقَين، أو فاسِقَين، أو كان أحَدُهما كذلك، في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في

رَقِيقَينِ، أَوْ فَاسِقَينِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَالأُخْرَى، لَا يَصِحُّ إلا بَينَ زَوْجَينِ مُسْلِمَينِ حُرَّين عَدْلَينِ، فَإنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا في أَحَدِهِمَا، فَلَا لِعَانَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: نقَلَه واخْتارَه الأَكْثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه اخْتِيارُ القاضي في «تَعْليقِه» وجماعَةٍ مِن أصحابِه؛ كالشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشيرازِيِّ، وابنِ البَنَّا، واخْتِيارُ أبي محمدٍ الجَوْزِيِّ أيضًا وغيرِه. انتهى. وصحَّحَه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الأخْرى، لا يصِحُّ إلا بينَ زَوْجَين مُكَلَّفَين مُسْلِمَين حُرَّين عَدْلَين. اخْتارَه الخِرَقِيُّ. قاله القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم. وعنه، يصِحُّ مِن زَوْج مُكَلَّفٍ وامْرَأةٍ مُحْصَنَةٍ، فإذا بَلَغتْ مَن يُجامَعُ مِثْلُها ثم طَلَبَتْ، حُدَّ إنْ لم يُلاعِنْ، إذَنْ فلا لِعانَ لتَعْزيرٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذه الرِّوايةُ ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه اعْتَبَرَ في الزَّوْجَةِ البُلوغَ والحُرِّيَّةَ والإِسْلامَ، ولم يَعْتَبِرْ ذلك مِنَ الزَّوْجِ. ثم قال: في كلامِ الخِرَقِيِّ تَساهُلٌ. وبيَّنه، وقال: وعنه، لا لِعانَ بقَذْفِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِ مُحْصَنَةٍ إلا لَوَلَدٍ يُرِيدُ نَفْيَه. وذكَر أبو بَكْر، يُلاعِنُ بقَذفِ صَغِيرةٍ، كتَعْزيرٍ. وقال في «المُوجَزِ»: ويتَأَخَّرُ لِعانُها حتَّى تَبْلُغَ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، إذا قذَف زَوْجَةً مُحْصَنَةً بزِنًى، حُدَّ بطَلَبٍ، وعُزِّرَ بتَرْكٍ، ويسْقُطان بلِعانٍ أو بَيِّنَةٍ. وفي «الانْتِصارِ»، في زانِيَةٍ وصغيرَةٍ لا يلْحَقهما (¬1) عارٌ بقوْلِه، فلا حَدَّ ولا لِعانَ. وعنه، يُلاعِنُ بقَذْفِ غيرِ مُحْصَنَةٍ لنَفْي الوَلَدِ فقط. قال ¬

(¬1) في ط، ا: «يلحقها».

وَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، أَوْ قَال لِامْرَأَتِهِ: زَنَيتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وهذا اخْتِيارُ القاضي في «المُجَرَّدِ». وفي «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِيِّ، كلُّ زَوْجٍ صحَّ طَلاقُه، صحَّ لِعانُه في رِوايَةٍ. وعنه، لا يصِحُّ إلا مِن مُسْلِمٍ عَدْلٍ. والمُلاعِنَةُ؛ كلُّ زَوْجَةٍ عاقِلَةٍ بالغةٍ. وعنه، مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَفِيفَةٍ. قوله: وإنْ قذَف أجْنَبِيَّةً، أو قال لامْرأَتِه: زَنَيتِ قبلَ أنْ أنْكِحَكَ. حُدَّ ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُلاعِنْ. إذا قذَفَ الأجْنَبِيَّةَ، حُدَّ ولم يُلاعِنْ. بلا نِزاعٍ. وإذا قال لامْرَأَتِهِ: زَنَيتِ

وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًى فِي النِّكَاحِ، أَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَبَينَهُمَا وَلَدٌ، لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَإِلَّا حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ أنْ أنْكِحَكِ. حُدَّ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ولم يُلاعِنْ. وعنه، أنه يُلاعِنُ مُطْلَقًا. وعنه، يُلاعِنُ لنفْي الوَلَدِ إنْ كان. قوله: وإنْ أبانَ زَوْجَتَه، ثم قذَفَها بزِنًى في النَّكاحِ، أو قذَفَها في نِكاحٍ فاسِدٍ وبينَهما وَلَدٌ، لاعَنَ لِنَفْيِه، وإلِّا حُدَّ ولم يُلاعِنْ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ» وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الانْتِصارِ» عن أصحابِنا: إنْ أبانَها، ثم قذَفَها بزِنًى في الزَّوْجِيَّةِ، لاعَنَ. وفيه أيضًا، لا ينتفِي ولَدٌ بلِعانٍ مِن نِكاحٍ فاسِدٍ، كوَلَدِ أَمَتِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ طلَّقها ثلاثًا، ثم أَنْكَرَ حَمْلَها، لاعَنَها لنَفْي الوَلَدِ، وإنْ قذَفَها بلا وَلَدٍ، لم (¬1) يُلاعِنْها. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ أَبَانَ امْرأَتهُ بَعْدَ قَذْفِهَا، فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، سَوَاءٌ كَانَ بَينَهُمَا وَلَدٌ، أوْ لَمْ يَكُنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ، عُزِّرَ، وَلَا لِعَانَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذَا قذَف زَوْجَتَه الصَّغِيرَةَ أو المجْنُونَةَ، عُزِّرَ ولا لِعانَ بينَهما. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرِّرِ»، و «النظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ اللَّعانُ مِن زَوْج مُكَلَّفٍ وامْرَأَةٍ؛ مُحْصَنَةٍ دُونَ البُلوغِ. كما تقدَّم، فإذا بَلَغتْ مَن يُجامَعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلُها، ثم طَلَبَتْه، حُدَّ إنْ لم يُلاعِنْ. وذكَر أبو بَكْرٍ، يُلاعِنُ صغيرةَ لتَعزيرٍ. وقال في «المُوْجَزِ»: ويتَأْخَّرُ لِعانُها حتَّى تَبْلُغَ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قذَف زَوْجَة مُحْصَنَةً بزِنًى، حُدَّ بطَلَبٍ، وعُزِّرَ بتَرْكٍ، ويَسْقُطان بلِعانٍ أو بَيِّنَةٍ. وفي «الانْتِصارِ»، في زانِيَةٍ وصغيرَةٍ لا يَلْحَقُهما عارٌ بقوْله، فلا حَدَّ ولا لِعانَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم هذا قريبًا بزِيادَةٍ. [وقال في «التَّرْغِيبِ»: لو قذَفَها بزِنًى في جُنونِها أو قبلَه، لم يُحَدَّ، وفي لِعانِه لنَفْي وَلَدٍ وَجْهان. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْل: الشَّرْطُ الثّانِي، أَنْ يَقْذِفَهَا بِزِنًى، فَيَقُولَ: زَنَيتِ. أَوْ: يَا زَانِيَةُ. أوْ: رَأْيتُكِ تَزْنِينَ. سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِالزِّنَى في الْقُبُلِ أو الدُّبُرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ قَال: وُطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، أوْ مُكْرَهَةً. فَلَا لِعَانَ بَينَهُمَا. وَعَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ قال: وُطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، أوْ مُكْرَهَةً. فلا لِعانَ بينَهما. إذا قال لها: وُطِئْتِ بشُبْهَةٍ. فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا لِعانَ بينَهما مُطلقًا. ونص عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «الهِدايَةِ» وغيرِه: اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». والخِرَقيُّ إنَّما قال: إذا جاءَتِ امْرَأَتُه بوَلَدٍ، فقال: لم تَزْنِ،

إِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ، لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولكِنَّ هذا الوَلَدَ ليس مِنِّي. فهو وَلَدُه في الحُكْمِ. انتهى. فظاهِرُه؛ قال في «الهِدايَةِ». وعنه، إنْ كانَ ثَم وَلَدٌ، لاعَنَ لنَفْيِه، وإلَّا فلا، فيَنتفِي بلِعانِ الرَّجُلِ وحْدَه. نصَّ عليه أيضًا. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال في «المُحَرَّرِ»: وهي أصحُّ عندِي. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا اخْتِيارُ أبي بَكْرٍ، وابنِ حامِدٍ، والقاضي في «تَعْليقِه» وفي «رِوايَتَيه»، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيِّ وأبي البَرَكاتِ. انتهى. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وإذا قال لها: وُطِئْتِ مُكْرَهَةً. وكذا: مع نَوْم أو إغْماءٍ أو جُنونٍ. فقام المُضَنِّفُ هنا، أنَّه لا لِعانَ بينَهما. وهو إحدَى الرِّوايتَين، ونصَّ عليه. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وعنه، إنْ كان ثَم وَلَدٌ، لاعَنَ لنَفْيِه، وإلَّا فلا، فيَنْتَفي بلِعانِه وحْدَه. نصَّ عليه. قال في

وَإِنْ قَال: لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ لَيسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي. فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ، وَلَا لِعَانَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ؛ منهم القاضي، وأبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِيُّ، وغيرُهم. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ عندِي. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وهما وَجْهان في «البُلْغَةِ». فائدة لو قال: وَطِئَكِ فُلانٌ بشُبْهَةٍ، وكُنْتِ عالِمَةً. فعندَ القاضي هنا، لا خِلافَ أنَّه لا يُلاعِنُ. واخْتارَ المُصَنِّفُ وغيرُه، أنَّه يُلاعِنُ. وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ قال: لم تَزْنِ، ولكِنْ ليس هذا الوَلَدُ مِنِّي. فهو وَلَدُه في الحُكْمِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا لِعانَ بينَهما. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. ونصَّ عليه. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِيِّ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَه. وعنه، يُلاعِنُ لنَفْي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَلَدِ. نصَّ عليه. اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضي، والشَّريفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ عندِي. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الخُلاصَةِ». واعلمْ أنَّ هذه المَسائِلَ الثَّلاثَ على حدٍّ سَواءٍ.

وَإِنْ قَال ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَبانَهَا، فَشَهِدَتِ امْرَأة مَرْضِيَّةٌ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: ليس هذا الوَلَدُ مِنِّي. وقُلْنا: إنَّه لا قَذْفَ بذلك. أو زادَ عليه: ولا أقْذِفُكِ. قوله: وإنْ قال ذلك بعدَ أنْ أبانها، فشَهِدَتْ - بذلك - امْرَأة مَرْضِيَّة أنَّه وُلِدَ على فِراشِه، لَحِقَه نَسَبُه. يعْنِي، إذا قال لها بعدَ أنْ أبانَها: لم تَزْنِ، ولكِن هذا الوَلَدَ ليس مِنِّي. وكذا لو قال ذلك لزَوْجَتِه التي هي في حِبالِه، أو لسُرِّيَّتِه. فكلامُ المُصَنِّفِ، في المسألةِ التي قبلَها، في اللِّعانِ وعدَمِه، وكلامُه هنا في لُحوقِ نَسَبِ الوَلَدِ به (¬1) وعدَمِه. فإذا قال ذلك لمُطَلَّقَتِه، أو لزَوْجَتِه التي هي في حِبالِه أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ وَلَدَتْ تَوأَمَينِ، فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ، لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا، وَيُلَاعِنُ لِنَفْي الْحَدِّ. وَقَال الْقَاضِي: يُحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لسُرِّيَّتِه، فلا يخْلُو، إمَّا أنْ يُشْهَدَ به أنَّه وُلِدَ علي فِراشِه أوْ لا، فإنْ شُهِدَ به، لَحِقَه نَسَبُه. بلا نِزاعٍ. وتكْفِي امْرأةٌ واحدةٌ مَرْضِيَّةٌ، على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وعليه الأصحابُ. وعنه، امْرَأَتان. ولها نَظائرُ تقدَّم حُكْمُها (¬1). وانْ لم يشْهَدْ به أحدٌ أنَّه وُلِدَ على فِراشِه، فالقَوْلُ قولُ الزَّوْجِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وكلامِ صاحبِ «الوَجيزِ»، و «النظْمِ». وقدَّمه في «المُغنِي»، و «المُحَرِّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: القولُ (¬2) قولُها. ذكَرَه القاضي في مَوضِع مِن كلامِه. وقيل: القولُ (2) قولُ الزَّوجَةِ دُونَ السُّرِّيَّةِ والمُطَلَّقَةِ. قوله: وانْ ولَدَتْ تَوأَمَين، فأَقَرَّ بأحَدِهما ونَفَى الآخَرَ، لَحِقَه نَسَبُهما، ويُلاعِنُ لنَفْي الحَدِّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في ¬

(¬1) بعده في ط، ا: «ويأتي». (¬2) في الأصل: «يقبل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضي: يُحَدُّ، ولا يملِكُ إسقاطَه باللِّعانِ. وهو رِوايَة عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وأطْلَقَهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال في «الانتِصارِ»: إنِ استَلْحَقَ أحدَ تَوْأمَيه ونفَى الآخَرَ ولاعَنَ له، لا يُعْرَفُ فيه رِوايةٌ، وعِلَّةُ مذهَبه جَوازُه، فيجوزُ أنْ يَرْتَكِبَه. فائدة: التَّوْأمان المَنْفِيَّان أخَوانِ لأُمٍّ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وفي

فَصْلٌ: الثَّالِثُ: أن تُكَذِّبَهُ الزَّوْجَةُ وَيَسْتَمِرّ ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ اللِّعَانِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أو سَكَتَتْ، لَحِقَهُ النَّسَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغِيبِ» وَجْهٌ، يتَوارَثان بأُخُوةِ أُبُوَّةٍ (¬1). قوله: فإنْ صَدَّقَتْه أو سكَتَتْ، لَحِقَه النَّسَبُ، ولا لِعانَ في قِياسِ المذهبِ. واقتَصَرَ عليه الشَّارِحُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه فيهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وهو ¬

(¬1) في ط، ا: «أبوية».

وَلَا لِعَانَ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقيل: ينْتَفِي عنه بلِعانِه وحدَه مُطْلَقًا، كدَرْءِ الحدِّ. وقيل: يُلاعِنُ لنَفْي الوَلَدِ. نقَل ابنُ أصْرَمَ (¬1)، في مَن رُمِيَتْ بالزِّنَى فأَقَرَّتْ، ثم ولَدَتْ فطَلَّقها زوْجُها، قال: الوَلَدُ للفِراشِ حتَّى يُلاعِنَ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو عفَتْ عنه، أو شت زِناها بأرْبَعَةٍ سِواه، أو قذَف مَجْنونَةً بزِنًى قبلَه، أو مُحْصَنَةً فجُنَّتْ، أو خَرْساءَ، أو ناطِقَةً ثم خرِستْ. نصَّ ¬

(¬1) هو أحمد بن أصرم بن خزيمة المغفلي المزني، أبو العباس، عمن الإمام أحمد وابن معين، وروى عنه أحمد بن سلمان النجاد، وكان رجلا ثقة ثبتا سنيا شديدا على أصحاب البدع. توفي سنة خمس وثمانين ومائتين. تاريخ بغداد 4/ 44، 45.

وَإنْ مَاتَ أَحدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ، وَرِثَهُ صَاحِبُهُ، وَلَحِقَهُ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَلَا لِعَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على ذلك. نقَل ابنُ مَنْصُور، أو صَمَّاءَ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: لو قذَفَها بزِنًى في جُنونِها أو قبلَه، لم يُحَدَّ، وفي لِعانِه لنَفْي الوَلَدِ وَجْهان.

وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ لِعَانُهَا وَنَفْيُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتِ الزَّوْجَةُ عَنِ اللِّعَانِ، خُلِّيَ سَبِيلُهَا، وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَعَنْ أحْمَدَ أَنَّهَا تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لاعَنَ ونكَلَتِ الزَّوْجَةُ، خُلِّيَ سَبِيلُها ولَحِقَه الوَلَدُ، ذكَرَه الخِرَقِيُّ. إذا لاعَنَ الزَّوْجُ ونَكَلَتِ المرْأَةُ، فلا حدَّ عليها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم، حتَّى قال الزَّرْكَشِيُّ: أمَّا انْتِفاءُ الحدِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنها، فلا نعْلَمُ فيه خِلافًا في مذهبِنا. وقال الجُوزَجانِيُّ، وأبو الفَرَجِ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: عليها الحدُّ. قال في «الفُروعِ»: وهو قَويٌّ. وقدَّم المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يُخَلَّى سَبِيلُها. وهو إحدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». وعنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: تُحْبَسُ حتَّى تُقِرَّ أو تُلاعِنَ. اختارَه القاضي، وابنُ البَنَّا، والشِّيرازِيُّ. وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ». وجزَم به الأدَمِي في «مُنْتَخبِه»، و «المُنَوِّرِ». قلتُ: وهذا المذهبُ؛ لاتِّفاقِ الشَّيخَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ» بعنه وعنه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه في الرِّوايَةِ الثَّانيةِ: تُحْبَسُ حتَّى تُقِرَّ. ويكونُ إقْرارُها بالزِّنَى أرْبَعَ مرَّاتٍ، ولا يُقامُ نُكولُها مَقامَ إقْرارِه مرَّةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو اختِيارُ الخِرَقِيِّ وغيرِه مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ومِنَ الأصحابِ مَن أقامَ النُّكولَ مَقامَ إقْرارِها مرَّةً. وقال: إذا أقرتْ بعدَ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، لَزمَها الحَدُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ أبي بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». قاله في «المُسْتَوْعِبِ». وأَشْكَلَ توْجِيهُ هذا القَوْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الزرْكَشِيِّ، وابنِ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»؛ لأنَّهما لم يطَّلِعا على كلامِه في «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو أَقَرَّتْ دُونَ أرْبَعِ مرَّاتٍ مِن غيرِ تقَدُّمِ نُكُولٍ

وَلَا يُعْرَضُ لِلزَّوْجِ حَتَّى تُطَالِبَهُ الزوْجَةُ. فَإنْ أرَادَ اللِّعَانَ مِنْ غَيرِ طَلَبِهَا، فَإنْ كَانَ بَينَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ منها. قوله: ولا يُعْرَضُ للزَّوْجِ حتَّى تُطالِبَه الزَّوْجَةُ -ولو كانتْ مَجْنونَةً، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحْجورًا عليها، أو صغيرة، أو أَمَةً- فإنْ أرادَ اللِّعانَ مِن غيرِ طَلَبِها، فإنْ كان بينَهما وَلَدٌ يريدُ نفْيَه، فله ذلك، وإلَّا فلا. وإن كان بينَهما وَلَدٌ، فقال القاضي: يُشْرَعُ له أنْ يُلاعِنَ. وجزَم المُصَنِّفُ أن له أنْ يُلاعِنَ. فيحْتَمِلُ ما قاله القاضي. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويحْتَمِلُ أنْ لا يُشْرَعَ اللِّعانُ هنا. قال: وهو المذهبُ. قال في «المُحَرِّرِ» وتَبِعَه الزَّرْكَشِيُّ: لا يُشْرَعُ مع وُجودِ الوَلَدِ -على أكثرِ نُصوصِ الإِمام أحمدَ رَحِمَه اللهُ- لأنَّه أحَدُ مُوجَبَيِ القَذْفِ، فلا يُشْرَعُ مع عدَمِ المُطالبَةِ، كالحدِّ. ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ».

فَصْلٌ: فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَينَهُمَا، ثَبَتَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ؛ أَحَدُهَا، سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ أَو التَّعْزِيرِ. وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُل بِعَينِهِ، سَقَطَ الحَدُّ عَنْهُ لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا تَمْ اللِّعانُ (¬1) بينَهما، ثبَت أرْبَعَةُ أحْكامٍ؛ أحدُها، سقُوطُ الحَدِّ عنه أو التَّعْزِيرِ -بلا نِزاعٍ- ولو قذَفَها برَجُلٍ بعَينِه، سقَط الحَدُّ عنه لهما. هذا ¬

(¬1) في النسخ: «الحدّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّارِحُ: وقال بعضُ أصحابِنا: القَذْفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للزَّوْجَةِ وحدَها، ولا يتعَلَّقُ بغيرِها حقٌّ في المُطالبَةِ ولا الحدِّ.

الثَّانِي، الفُرْقَةُ بَينَهُمَا وَعَنْهُ، لَا تَحْصُلُ حَتَّى يُفَرقَ الْحَاكِمُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّاني، الفُرْقَةُ بينَهما. يعْنِي، تحْصُلُ الفُرْقَةُ بتَمامِ تَلاعُنِهما، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقَعُ (¬1) الطلاقُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في ¬

(¬1) في الأصل: «يقطع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه، فيما حَكاه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، لا تحْصُلُ الفُرْقَةُ حتَّى يُفرِّقَ الحاكِمُ بينَهما. وهو ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافاتِهم»، وابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ، وأبو بكْرٍ، فيما حَكاه القاضي في «تَعْلِيقِه»، وغيرُهم. قال في «الخُلاصَةِ»: فإذا تلاعَنا فَرَّق بينَهما. ويَلْزَمُ الحاكِمَ الفرْقَةُ بلا طَلَبٍ. [قال ابنُ نصرِ اللهِ: فيُعايَى بها، فيُقالُ: حُكْمٌ يَلْزَمُ الحاكِمَ بغيرِ طَلَبٍ. وكذا أحْكامُ الحِسْبَةِ] (¬1). وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ». وعنه، لا تحْصُلُ الفُرقَةُ إلَّا بحُكْمِ الحاكمِ بالفُرْقَةِ، فيَنْتَفِي الوَلَدُ. قال في «الانْتِصارِ»: واخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

الثَّالِثُ، التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ إِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، حَلَّتْ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، التَّحْريمُ المُؤبَّدُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالى. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، وفي «الخُلاصَةِ» هنا. وعنه، إنْ أكْذَبَ نفْسَه، حلَّتْ له. قال ابنُ رَزِينٍ: وهي أظْهَرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَةٌ شاذةٌ، شَذَّ بها حَنْبَلٌ عن أصحابِه. قال أبو بَكْرٍ: لا نعلمُ أحدًا رَواها غيرَه. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ، في بابِ المُحَرماتِ في النِّكاحِ، كما تقدَّم. وعنه، تُباحُ له بعَقْدٍ جديدٍ. حَكاها الشِّيرازِيُّ، والمَجْدُ. تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَلَفَ نقْلُ الأصحابِ في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، فقال القاضي في «الرِّوايتَين»: نقَل حَنْبَلٌ، إن أكْذَبَ نفْسَه، زال تَحْريمُ الفِراشِ، وعادَتْ مُباحَةً؛ كانتْ بالعَقْدِ الأوَّلِ. وقال في «الجامِع»، و «التَّعْليقِ»: إنْ أكْذَبَ نفْسَه، جُلِدَ الحَدِّ، ورُدت إليه. فظاهِرُ هذا، أنَّها تُرَدُّ إليه مِن غيرِ تجْديدِ عَقْدٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ أبي محمدٍ. قال في «الكافِي»، و «المُغْنِي»: نقَل حَنْبَلٌ، إنْ أكْذَبَ نفْسَه، عادَ فِراشُه كما كان. زادَ في «المُغْنِي» (¬1)، وينبغِي أنْ تُحْمَلَ هذه الرِّوايَةُ على ما إذا لم يُفَرِّقِ الحاكِمُ، فأمَّا مع تفْريقِ الحاكمِ بينَهما، فلا وَجْهَ لبَقاءِ النِّكاحِ بحالِه. قال: وفيما قال نظَرٌ؛ فإنه إذا لم يُفَرِّقِ الحاكِمُ، فلا تَحْرِيمَ حتَّى يُقال: حلَّتْ له. انتهى. قلتُ: النَّظَرُ على كلامِه أَوْلَى؛ فإنَّ رِوايةَ حَنْبَلٍ ظاهِرُها؛ سَواءٌ فرَّق الحاكِمُ بينَهما أوْ لا، فإنَّه قال: إنْ أكْذَبَ نفْسَه، حلَّتْ له ¬

(¬1) انظر: المغني 11/ 149.

وَإنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ الأَمَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ، إِلَّا أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ، عَلَى الرِّوَايَةِ الأُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعادَ فِراشُه بحالِه. والصَّحيحُ أنَّ الفُرْقَةَ تحْصُلُ بتَمامِ التَّلاعُنِ مِن غيرِ تَفْريقٍ مِنَ الحاكمِ، كما تقدَّم. وقوْلُه: إنْ أكْذَبَ نفْسَه، حَلَّتْ له. فيه دليل على أنَّها مُحَرَّمَةٌ عليه قبلَ تكْذيبِ نفْسِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: والذي يُقالُ في تَوْجِيهِ هذه الرِّوَايةِ: ظاهِرُ هذا أنَّ الفُرْقَةَ إنَّما اسْتَنَدَتْ للِّعانِ، وإذا أكْذَبَ نفْسَه، كان اللِّعانُ كأنْ لم يُوجَدْ، [وإذَنْ يَزُولُ] (¬1) ما يتَرَتَّبُ عليه؛ وهو الفُرْقَةُ، وما نَشَأَ عنها؛ وهو التَّحْريمُ. قال: وأعْرَضَ أبو البَرَكاتِ عن هذا كلِّه، فقال: إنَّ الفُرْقَةَ تقَعُ فَسْخًا مُتَأَبِّدَ التَّحْريمِ. وعنه، إنْ أَكْذَبَ نفْسَه، حلَّتْ له بنِكاحٍ جديدٍ، أو مِلْكِ يمينٍ إنْ كانتْ أَمَةً. وقد سَبَقَه إلى ذلك الشِّيرازِيُّ، فحكَى الرِّوايةَ بإباحَتِها بِعَقْدٍ جديدٍ. انتهى. قوله: وإنْ لاعَنَ زَوْجَتَه الأَمَةَ، ثم اشْتَراها، لم تحِلَّ له إلا أنْ يُكْذِبَ نفسَه، ¬

(¬1) في ط، ا: «وإن لم يزل».

وَإِذَا قُلْنَا: تَحِلُّ لَهُ الزَّوْجَةُ بِإِكْذَابِ نَفْسِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ مِنْهُ طَلَاقٌ، فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى النِّكَاحِ، وَإنْ وُجِدَ مِنْهُ طَلَاقٌ دُونَ الثَّلَاثِ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا. الرَّابِعُ، انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَيَنْتَفِي عَنْهُ حمْلُهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَا يَنْتَفِي عَنْهُ حَتَّى يَذْكُرَهُ في اللِّعَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الرِّوايَةِ الأُخْرَى. وهي رِوايَةُ حَنْبَلٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تحِلُّ له، كما لو كانتْ حُرَّةَ، كما تقدَّم. قوله: الرَّابِعُ، انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. اعلمْ أنَّ الوَلَدَ يَنْتَفِي بتَمامِ تَلاعُنِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَنْتَفِي إلَّا بحُكْمِ حاكمٍ. وعنه، لا يَنْتَفِي إلَّا بحُكْمِ الحاكمِ بالفُرْقَةِ، فيَنْتَفِي حِينَئذٍ، كما تقدَّم، متى تحْصُلُ الفُرْقَةُ. وقال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ أنْ يَنتَفِيَ نسَبُ الوَلَدِ بمُجَرَّدِ لِعانِ الزَّوْجِ. وقاله في «الانْتِصارِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وكأَنَّه خرَّجه مِن القولِ: إنْ تعَذَّرَ اللِّعانُ مِن جِهَةِ المرْأةِ، يُلاعِنِ الزَّوْجُ وحدَه لنَفْي الوَلَدِ. وأمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذِكْرُ الوَلَدِ في اللعانِ، فاخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ ذِكْرُه في اللِّعانِ، وأنَّه يَنْتَفِي عنه بمُجَرَّدِ اللِّعانِ. وقال القاضي: يُشْتَرَطُ أنْ يقولَ: هذا الوَلَدُ مِن زِنَّى، وليس هو مِنِّي.

فَإِذَا قَال: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ زَنَتْ. يَقُولُ: وَمَا هَذَا الْوَلَدُ وَلَدِي. وَتَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ كَذَبَ، وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الخِرَقِيُّ: لا يَنْتَفِي حتى يذْكُرَه هو في اللِّعانِ. فإذا قال: أشْهَدُ باللهِ لقد زَنَيتِ. يقولُ: وما هذا الوَلَدُ وَلَدِي. وتقول هي: أشْهَدُ باللهِ لقد كَذَبَ، وهذا الوَلَدُ وَلَدُه. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «المُحَررِ»: وإنْ قذَفَها، وانْتَفَى مِن وَلَدِها، لم يَنْتَفِ حتى يتَناوَلَه اللِّعانُ؛ إمَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَرِيحًا، كقَوْله: أشْهَدُ باللهِ لقد زَنَتْ، وما هذا الوَلَدُ وَلَدِي. وتقولُ هي بالعَكْسِ، وإمَّا ضِمْنًا بأنْ يقولَ مَن قَذَفَها بزنى في طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، وادَّعَى أنَّه اعْتَزَلَها حتى وَلَدَتْ: أشْهَدُ بالله إِني لصادِقٌ فيما ادَّعَيتُ عليها. أو: فيما رمَيتُها به مِنَ الزِّنَى. ونحوَه. وقيل: يَنْتَفِي بنَفْيِه في اللِّعانِ مِنَ الزَّوْجِ وإنْ لم تُكَذِّبه المرْأةُ في لِعانِها.

وإِنْ نَفَى الحَمْلَ فِي الْتِعَانِهِ، لَمْ يَنْتَفِ حَتَّى يَنْفِيَهُ عِنْدَ وَضْعِهَا لَهُ وَيُلَاعِنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نَفَى أوْلادًا، كفاه لِعانٌ واحدٌ. قوله: وإنْ نَفَى الحَمْلَ فِي الْتِعانِه، لم يَنْتَفِ حتى يَنْفِيَه عندَ وَضْعِها له، وَيُلاعِنَ. هذا المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ. قال في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّمانِين»: هذا المذهبُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به الخِرقِيُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِير»، و «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل:

فَصْلٌ: وَمِنْ شَرْطِ نَفْي الْوَلَدِ أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ، أَوْ بِتَوأَمِهِ، أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ نَفْيُه قبلَ وَضْعِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. ونَقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ في لِعانِه، وهي في «المُوجَزِ» في نَفْيه أيضًا. قال الخَلالُ عن رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ: هذا قَوْلٌ أولُ. وذكَر النَّجَّادُ، أنَّ رِوايةَ ابنَ مَنْصُورٍ المذهبُ. ويَنْبَنِي على هذا الخِلافِ اسْتِلْحاقُه. فعلى الأوَّلِ، لا يصِحُّ. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ. وعلى الثَّاني، يصِحُّ. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وعلى المذهبِ، يُلاعِنُ لدَرْءِ الحدِّ. علي الصَّحيحِ. وقال في «الانْتِصارِ»: نَفْيُه ليس قَذْفًا بدَليلِ نَفْيِه حَمْلَ أجْنَبِيَّةٍ، فإنَّه لا يُحَدُّ. قوله: ومِن شَرْطِ نَفْي الوَلَدِ أنْ لا يُوجَدَ دَلِيل على الإقْرارِ به، فإنْ أقَرَّ به أو

أَوْ هُنِّيء بِهِ فَسَكَتَ، أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ، أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إِمْكَانِهِ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَلَمْ يَمْلِكْ نَفْيَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَوْأمِه، أو نَفاه وسَكَت عن تَوْأمِه، أو هُنِّيء به فسكَت، أو أمنَ على الدُّعاءِ، أو أخَّرَ نَفْيَه معَ إمكانِه، لَحِقَه نَسَبُه، ولم يمْلِكْ نَفْيَه. اعلمْ أنَّ مِن شَرْطِ صِحةِ نَفْيِه، أنْ ينْفِيَه حالةَ عِلْمِه مِن غيرِ تأْخيرٍ، إذا لم يَكُنْ عُذْرٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: له تأْخِيرُ نَفْيِه ما دامَ في مَجْلِسِ عِلْمِه. وقال في «الانْتِصارِ»، في لُحوقِ الوَلَدِ بواحدٍ فأكثرَ: إنِ اسْتَلْحَقَ أحدَ توْأَمَيه ونَفَى الآخَرَ ولاعَنَ له، لا يُعْرَفُ فيه

وَإِنْ قَال: أَخَّرْتُ نَفْيَهُ رَجَاءَ مَوْتِهِ. لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ. وَإِنْ قَال: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ. أوْ: لَمْ أَعْلَمْ أن لِي نَفْيَهُ. أَوْ: لَمْ أَعْلَمْ أنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ. وَأَمكَنَ صِدْقُهُ، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةٌ، وعِلَّةُ مذهبِه جَوازُه، فيَجُوزُ أنْ يرْتَكِبَه. قوله: وإنْ قال: لم أعْلَمْ به. أو: لم أعْلَمْ أنَّ لِي نَفْيَه. أو: لم أعْلَمْ أن ذلِكَ على الفَوْرِ. وأمْكَنَ صِدْقُه، قُبِلَ قَوْلُه، ولم يَسْقُطْ نَفْيُه. شمِلَ بمَنْطوقِه مسْألتَين؛ إحْداهما، أنْ يكونَ قائلُ ذلك حديثَ عَهْدٍ بالإِسْلامِ، أو مِن أهْلِ البادِيَةِ، فيُقْبَلُ قوْلُه، بلا نِزاعٍ أعلمُه. الثَّانيةُ، أنْ يكونَ عامِّيًا، فلا يُقْبَلُ قوْلُه في ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». وقطَع به القاضي في «المُجَرَّدِ». وقيل: يُقْبَلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا.

وَإِنْ أخَّرَهُ لِحَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أوْ غَيبَةٍ، أوْ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ، لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وأما إذا كان فَقِيهًا وادَّعَى ذلك، فلا يُقْبَلُ قوْلُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. وعليه الأصحابُ. قاله المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقْبَلُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، ويحْتَمِلُه كلامُه هنا. واخْتارَ في «التَّرْغيبِ» القَبُولَ ممَّن يجْهَلُه. قوله: وإنْ أخَّرَه لِحَبْسٍ، أو مَرَضٍ، أو غَيبَةٍ، أو شَيْءٍ يَمْنَعُه ذلك، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْقُطْ نَفْيُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشارِحُ: إنْ كانتْ مدَّةُ ذلك تتَطاوَلُ، وأمْكَنَه التَّنْفيذُ إلى الحاكمِ ليَبْعَثَ إليه مَن يَسْتَوْفِي عليه اللِّعانَ فلم يفْعَلْ، بطَل نفْيُه، وإنْ لم يُمْكِنْه، أشْهَدَ على

وَمَتَى أكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَلَزِمَهُ الْحَدُّ إِنْ كَانَتِ الْمَراةُ مُحْصَنَةً، أَو التَّعْزِيرُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ نفْيِه، فإنْ لم يفْعَلْ، بطل خِيارُه. وقطَعا بذلك. وجزَم به في «الوَجيزِ». قوله: ومتى أكْذَبَ نفْسَه بعدَ نَفْيِه، لَحِقَه نَسَبُه، ولَزِمَه الحَدُّ إنْ كانَتِ المَرْأةُ مُحْصَنَةً، أو التَّعْزِيرُ إنْ لم تكُنْ مُحْصَنَةً. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وينْجَرُّ أيضًا نسَبُه مِن جِهَةِ الأُمِّ إلى جهَةِ الأبِ كالوَلاء، ويتَوارَثان. قال في «الفُروعِ»: ويتوجَّهُ في الإِرْثِ وَجْهٌ، لا يَرِثُه إذا أكْذَبَ نفْسَه. انتهى. [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: هذا كلامٌ لم يظهَرْ مَعْناه. وتوَقَّفَ فيه شيخُنا] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وموْلَانا القاضي علاءُ الدِّينِ بنُ مُغْلِيٍّ، ولعَل «كما» زائدَةٌ، فيصيرُ: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ، لا يَرِثُه إذا أكْذَبَ نفْسَه. وهو ظاهِرٌ] (¬1). وفي «المُسْتَوْعِبِ» رِوايةٌ، لا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُحَدُّ. وسألَه مُهَنَّا، إنْ أكْذَبَ نفْسَه؟ قال: لا حَدَّ ولا لِعانَ؛ لأنَّه قد أبْطَلَ عنه القَذْفَ. انتهى. ولو أنْفَقَتِ المُلاعِنَةُ على الوَلَدِ، ثم اسْتَلْحقَه المُلاعِنُ، رجَعَتْ عليه بالنَّفَقَةِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، قال: لأنَّها إنَّما أنْفقَتْ عليه؛ لظَنِّها أنَّه لا أبَ له. فوائد؛ الأُولَى، لو اسْتَلْحَقَ الوَلَدَ، لم يصِحَّ اسْتِلْحاقُه حتى يقولَ بعدَ الوَضْعِ بضِدِّ ما قاله قبلَ ذلك. قاله ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. الثَّانيةُ، لا يَلْحَقُه نسَبُه باسْتِلْحاقِ وَرَثَتِه له بعدَ موْتِه والْتِعانِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يَلْحَقُه. الثَّالثةُ، لو نَفَى مَن لا يَنْتَفِي، وقال: إنَّه مِن زِنًى. حُدَّ إنْ لم يُلاعِنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، يُحَدُّ وإنْ لاعَنَ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروع».

فَصْلٌ فِيمَا يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ: مَنْ أَتَتِ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا، وَلِأقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا، وَهُوَ مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله فيما يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ: مَن أتَتِ امْرَاته بوَلَدٍ يُمكِنُ كَوْنُه مِنه؛ وهو أنْ تَأْتِيَ به بعدَ سِتةِ أشْهُرٍ منذُ أمْكَنَ اجْتِماعُه بها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. ونقَل حَرْبٌ، في مَن طلَّق قبلَ الدُّخولِ وأتَتْ بوَلَدٍ فأنْكَرَه، يَنْتَفِي بلا لِعانٍ. فأخَذَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، مِن هذه الرِّوايَةِ، أن الزَّوْجَةَ لا تصِيرُ فِراشًا إلَّا بالدُّخولِ. واخْتارَه هو وغيرُه مِنَ المُتأخِّرِين، [منهم والِدُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. قاله ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»] (¬1). وقال في «الانْتِصارِ»: لا يَلْحَقُ بمُطَلِّقٍ، إنِ اتَّفَقا أنَّه لم يمَسَّها. ونقَل مُهَنَّا، لا يَلْحَقُ الوَلَدُ حتى يُوجَدَ الدُّخولُ. وقال في «الإرْشادِ»، في مُسْلِمٍ صائمٍ في رَمَضانَ خَلا بزَوْجَةٍ نَصْرانِيَّةٍ، ثم طلَّق ولم يطَأْ، وأتَتْ بوَلَدٍ لمُمْكِنٍ: لَحِقَه في أظْهَرِ الرِّوايتَين. قوله: ولأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِين منذُ أبانَها، وهو مِمَّن يُولَدُ لمِثْلِه، لَحِقَه نَسَبُه. وهذا بِناءً منه على أنَّ أكثرَ مُدَّةِ الحَمْلِ أرْبَعُ سِنِين. ويأْتِي قريبًا، مَن يصْلُحُ أنْ يُولَدَ له. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ؛ مِثْلَ أن تَأْتِيَ بِهِ لِأقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا، أوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا، أوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ لأكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنْ لم يُمْكِنْ كَوْنُه منه؛ مثلَ أنْ تَأْتِيَ به لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ تزَوَّجَها. وكذا قال غيرُه مِنَ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُهم، وعاشَ، وإلَّا لَحِقَه بالإِمْكانِ كما بعدَها. انتهى. قوله: أو لأكْثَرَ مِن أرْبَعِ سِنِين منذُ أبانَها. لم يَلْحَقْه نسَبُه، بلا نِزاعٍ. ويأْتِي في العِدَدِ، هل تَنْقَضِي به العِدَّةُ؟ قبلَ قوْلِه: وأقَلُّ مدَّةِ الحَمْلِ. قوله: أو أقَرَّتْ بانْقِضاءِ عِدَّتِها بالقَرْءِ، ثم أتَتْ به لأكْثَرَ مِن سِتةِ أشْهُرٍ بعدَها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يلْحَقْه نسَبُه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وذكَر بعضُهم قوْلًا: إنْ أقَرَّتْ بفَراغِ العِدَّةِ، أو الاسْتِبْراءِ مِن عِتْقٍ، ثم وَلَدَتْ بعدَه فوقَ نِصْفِ سَنَةٍ، لَحِقَه نسَبُه. وقال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: إمْكانُ وَطْءٍ في لُحوقِ النَّسَبِ … فعندَنا مُعْتَبرٌ في المذهبِ كامْرَأةٍ تكونُ في شِيرازِ … وزَوْجُها مُقِيمٌ في الحِجازِ فإنْ تَلِدْ لستَّةٍ مِن أشْهُرِ … مِن يومِ عَقْدٍ واضِحًا في النَّظَرِ فمُدَّةُ الحَمْلِ مع المَسِيرِ … لا بدَّ أنْ تمْضِيَ في التَّقْديرِ

أَوْ فَارَقَهَا حَامِلًا، فَوَضَعَتْ، ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، أوْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا، كَالَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِمَحْضَرِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فِي الْمَجْلِسِ، أوْ يَتَزَوَّجُهَا وَبَينَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَصِلُ إِلَيهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ مضَتَا به غَدَا مُلْتَحِقَا … ومالِكٌ والشَّافِعِيُّ وافَقا وعندَنا في صُورَتَين حَقَّقُوا … والمُدَّتان إنْ مضَتْ لا يَلْحَقُ مَنْ كان كالقاضي وكالسُّلْطانِ … وسَيرُه لا يَخْفَ عن عِيانِ أو غاصبٍ صدَّ عن اجْتِماعِ … ونحوه فامْنَعْ ولا تُراعِي تنبيهان؛ أحدُهما، مفْهومُ قولِه: أو تزَوَّجَها وبينَهما مسافَةٌ لا يصِلُ إليها في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَّةِ التي أتَتْ بالوَلَدِ فيها، لم يَلْحَقْه نسَبُه. أنَّه لو أمْكَنَ وُصولُه إليها في المُدَّةِ التي أتَتْ بالوَلَدِ فيها، لَحِقَه نسَبُه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «التَّعْليقِ»، و «الوَسِيلةِ»، و «الانْتِصارِ»: ولو أمْكَنَ، ولا يَخْفَى المَسِيرُ؛ كأمِيرٍ، وتاجرٍ كبيرٍ. ومَثَّل في «عُيونِ المَسائلِ» بالسُّلْطانِ والحاكمِ. نقَل ابنُ مَنْصورٍ، إنْ عَلمَ أنَّه لا يصِلُ مِثْلُه، لم يُقْضَ بالفِراشِ، وهي مِثْلُه. ونقَل حَرْبٌ وغيرُه، في والٍ وقاضٍ، لا يُمْكِنُ أنْ (¬1) يدَعَ عَمَلَه، فلا ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

أَوْ يَكُونُ صَبِيًّا لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ، أوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَينِ، لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، وَإِنْ قُطِعَ أحَدُهُمَا، فَقَال أصْحَابُنَا: يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ. وَفِيهِ بُعْدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُه، فإنْ أمْكَنَ، لَحِقَه. الثَّانِي، مَفْهومُ قولِه: أو يكُونَ صَبِيًّا له دُونَ عَشْرِ سِنِين، لم يَلْحَقْه نَسَبُه. أنَّ ابنَ عَشْرِ سِنِين يُولَدُ لمِثْلِه، ويَلْحَقُه نسَبُه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحاب. وعِبارَتُه في «العُمْدَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» كذلك. قال في «القَواعِدِ الأُصوليَّةِ»: هذا المذهبُ. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»: لا يلْحَقُ النَّسَبُ مِن صَبِيٍّ له تِسْعُ سِنِين فما دُونَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ»، وابنُ تَميمٍ، ذكَرَه في بابِ ما يُوجِبُ الغُسْلَ. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الشرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: يُولَدُ لابنِ تِسْعٍ. جزَم به في «عُيونِ المَسائلِ»، ذكَرَه عنه في «الفُروعِ»، في أثْناءِ كتابِ الإِقْرارِ، في أحْكامِ إقْرارِ الصَّبِيِّ، وقاله القاضي. نقَلَه عنه في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، و «الكافِي». قال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: أو كان الزَّوْجُ صَبِيًّا له دُونَ تِسْعِ سِنِين. وقيل: عَشرِ سِنِين. وقيل: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. انتهى. وقيل: لا يُولَدُ إلَّا لابنِ اثْنتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، لا يَلْحَقُه نسَبُه حتى يُعْلَمَ بُلوغُه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ». فعلى الأول، لا يُحْكَمُ ببُلوغِه إنْ شُكَّ فيه به، ولا يسْتَقِرُّ به مَهْرٌ، ولا تثْبُتُ به عِدَّةٌ ولا رَجْعَةٌ. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ فيه قول، كثُبوتِ الأحْكامِ (¬1) بصَوْمِ يومِ الغَيمِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو مقْطُوعَ الذَّكَرِ والأُنثيَين، لم يلْحَقْه نَسَبُه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونَقَلَ ابنُ هانِئٍ، في مَن قُطِعَ ذكَرُه وأُنْثَياه، قال: إنْ دفَقَ، فقد يكونُ الوَلَدُ مِنَ الماءِ القَليلِ، فإنْ شكَّ في وَلَدِه، أُرِيَ القافَةَ. وسألَه المَروذِيُّ عن خَصِيِّ؟ قال: إنْ كان مجْبُوبًا ليس له شيءٌ؛ فإنْ أنْزَلَ، فإنَّه يكونُ منه الوَلَدُ، وإلَّا فالقافَةُ. قوله: وإن قُطِعَ أحَدُهما، فقال أصحابُنا: يَلْحَقُه نَسَبُه. وفيه بُعْدٌ. شَمِلَ كلامُه مسْأَلتَين؟ إحْداهما، أنْ يكونَ خَصِيًّا بأنْ تُقْطَعَ أُنْثَياه ويَبْقَى ذكَرُه، فقال أكثرُ الأصحابِ: يَلْحَقُه نَسَبُه. قاله في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ هنا: قاله أصحابُنا. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقيل: لا يَلْحَقُه نسَبُه. وقطَع به في «الشَّرْحِ»، وهو عجِيبٌ منه، إلى أنْ تكونَ النسْخَةُ مغْلوطَةً. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُحَررِ»، و «الحاوي» و «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين». والمسْألَةُ الثَّانيةُ، أنْ يكونَ مَجْبُوبًا، بأنْ يُقْطَعَ ذكَرُه وتَبْقَى أُنْثَياه، فقال جماهيرُ الأصحابِ: يَلْحَقُه نسَبُه. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى» بعدَ أنْ أطْلَقَ الخِلافَ: والأصحُّ أنَّه يلْحَقُ المَجْبُوبَ

وَإنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ طَلَّقَهَا، وَلأقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ مُنْذُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ الخَصِيِّ. انتهى. وقيل: لا يلْحَقُه نَسَبُه. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين». وقال النَّاظِمُ: وزَوْجَةُ مَنْ لم ينزِلِ الماءَ عادةً … لجَبِّ الفَتَى أو لاخْتِصاءٍ ليَبْعُدِ وإنْ جُبَّ إحْدَى الأُنْثَيَين مِنَ الفَتَى … فَألْحِقْ لدَى أصحابِنا في مُبَعَّدِ. انتهى. ولم أرَ حُكْمَ جَبِّ إحْدَى الأُنْثَيَين لغيرِه، ولعَلَّه أخذَه مِن قوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ قُطِعَ أحَدُهما. فائدة: قال في «المُوجَزِ»، و «التبصِرَةِ»: لو كان عِنِّينًا، لم يَلْحَقْه نَسَبُه. انتهيا. والصحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَلْحَقُه. وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. قوله: وإنْ طَلَّقَها طَلاقًا رَجْعِيًّا، فوَلَدَتْ لأكْثَرَ مِن أرْبَعِ سِنِين منذُ طلَّقها -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي، وقبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها. صرَّح به في «المُسْتَوْعِبِ». وهو مُرادُ غيرِه -ولأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِين منذُ انْقَضَتْ عِدَّتُها، فهل يلْحَقُه نسَبُه؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يَلْحَقُه نسَبُه. وهو المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَحِقَه نسَبُه في أصحِّ الوَجْهَين. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». والوَجْهُ الثاني، لا يَلْحَقُه نَسَبُه. تنبيه: عِبارَتُه في «الخُلاصَةِ» كعِبارَةِ المُصَنِّفِ، ولم يذْكُرْ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، إلَّا في المَسْألةِ الأُولَى. وعِبارَتُه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»: وإنْ ولَدَتِ الرَّجْعِيَّةُ بعدَ أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ منذُ طلَّقها، ولدُونِ سِتةِ أشْهُرٍ منذُ أخْبَرَتْ بانْقِضاءِ عِدَّتِها، أو لم تُخبِرْ بانْقِضائِها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْلًا، فهل يلْحَقُه نسَبُه؟ ذكَرُوا رِوايتَين.

فَصْلٌ: وَمَنِ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ أَوْ دُونَهُ، فَأتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَإِنِ ادَّعَى الْعَزْلَ، إلا أَنْ يَدَّعِيَ الاسْتِبْرَاءَ. وَهَلْ يَحْلِفُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن اعْتَرَفَ بوَطْءِ أمَتِه في الفَرْجِ أو دونَه، فأتَتْ بوَلَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ، لَحِقَه نَسَبُه وإنِ ادَّعَى العَزْلَ، إلَّا أنْا يَدَّعِي الاسْتِبراءَ. متى اعْتَرَفَ بوَطْءِ أمَتِه في الفَرْجِ، فأتتْ بوَلَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ، لَحِقَه نسَبُه. نَقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، مُطْلَقًا، فلا يَنْتَفِي بلِعانٍ ولا غيرِه، إلَّا أنْ يدَّعِيَ الاسْتِبْراءَ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. قدَّمه في «الفُروعِ» وقال أبو الحُسَينِ: أو يُرَى القافَةَ. نقَلَه الفَضْلُ. وقال في «الانْتِصارِ»: يَنْتَفِي بالقافَةِ لا بدَعْوَى الاسْتِبْراءِ. ونقَل حَنْبَلٌ، يَلْزَمُه الولَدُ إذا نَفَاه وألْحَقَتْه القافَةُ وأقَرَّ بالوَطْءِ. وقال في «الفُصولِ»: إنِ ادَّعَى اسْتِبْراءً، ثم وَلَدَتْ، انْتَفَى عنه، وإنْ أَقَرَّ بالوَطْءِ وولَدَتْ لمُدَّةِ الوَلَدِ، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ادَّعَى اسْتِبْراءً، لم يَنْتَفِ؛ لأنَّه لَزِمَه بإقْرارِه، كما لو أرادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَتِه بلِعانٍ بعدَ إقْرارِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: أو دُونَه. أي (¬1) اعْتَرَفَ بوَطْءِ أَمَتِه دُونَ الفَرْجِ، فهو كوَطْئِه في الفَرْجِ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وقدَّمه في ¬

(¬1) في ط: «أو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليس كوَطْئِه في الفَرْجِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: وإنِ ادَّعى العَزْلَ. يعْنِي، لو اعْتَرَفَ بالوَطْءِ في الفَرْجِ أو دُونَه، وادَّعَى أنَّه عزَل عنها، لا يُقْبَلُ قوْلُه، ويَلْحَقُه نسَبُه، وكذا لو ادَّعَى عدَمَ إنْزالِه. وهذا المذهبُ فيهما. قال في «الفُروعِ»: وعلى الأصحِّ، أو يدَّعِي العَزْلَ، أو عدَمَ إنْزالِه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و. «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» و «الخُلاصَةِ». وعنه، يُقْبَلُ قولُه، ولا يلْحَقُه نسَبُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهما رِوايَتان في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، ووَجْهان في «الرِّعايتَين». فعلى الأوَّلِ، قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: لأنَّ الوَلَدَ يكونُ مِنَ الرِّيحِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وهذا منه يدُلُّ أنَّه أرادَ، ولم يُنْزِلْ في الفَرْجِ؛ لأنَّه لا رِيحَ يُشِيرُ إليها إلَّا رائِحةَ المَنِيِّ، وذلك يكونُ بعدَ إنْزالِه، فتَتَعَدَّى رائِحَتُه إلى ماءِ المَرْأةِ، فيعْلَقُ بها كرِيحِ الكُشِّ المُلَقِّحِ لإِناثِ النَّخْلِ. قال: وهذا مِنَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، عِلْمٌ عظيمٌ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: جعَل في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» محَلَّ الخِلافِ فيما إذا قال ذلك الواطِئُ دُونَ الفَرْجِ. وظاهِرُ كلامِ الشَّارِحِ، أنَّ ذلك فيما إذا كان يطَؤُها في الفَرْجِ. وهو طرِيقَةْ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وظاهِرُ كلام صاحبِ «الفُروعِ»، أن الخِلافَ جارٍ؛ سواءٌ قال: كُنْتُ أطَؤُها في الفَرْجِ وأعْزِلُ عنها. أو: لم أُنْزِلْ. أو: كنتُ أطَأُ دُونَ الفَرْجِ وأفْعَلُ ذلك. وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. قوله: وهل يَحْلِفُ؟ على وَجْهَين. يعْنِي، إذا ادَّعَى الاسْتِبْراءَ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يحْلِفُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وصحَّحه في

فَإن أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فَهُوَ وَلَدُهُ، وَالْبَيعُ بَاطِلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ». [قال ابنُ نَصْرِ اللهِ: وفيما جزَم به في «الوَجيزِ» نظرٌ؛ لأنَّه صحَّح أن الاسْتِيلادَ لا يجِبُ فيه يمِينٌ] (¬1). والوَجْهُ الثَّاني، يُقْبَلُ قولُه مِن غيرِ يمينٍ. فائدة: مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو ادَّعَى عدَمَ إنْزالِه، هل يحْلِفُ أم لا؟ قاله ابنُ عَبْدوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. قوله: فإنْ أعْتَقَها أو باعَها بعدَ اعْتِرافِه بوَطْئِها، فأتَتْ بوَلَدٍ لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَأَتتْ بهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ، فادَّعَى المُشْتَرِي أَنَّهُ مِنْهُ، سَوَاءٌ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو وَلَدُه -بلا نِزاعٍ- والبَيعُ باطِلٌ. قوله: وكذلك إنْ لم يَسْتَبْرِئْها فأتَت به لأكْثَرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، فادَّعَى المُشْتَرِي أنَّه منه -أي مِن البائعِ، فهو وَلَدُ البائعِ- سواءٌ ادَّعاه البائِعُ أو لم يدَّعِه. وهذا بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو ادَّعاه المُشْتَرِي، فقيلَ: يَلْحَقُه. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يُرَى القافَةَ. نقَلَه صالِحٌ، وحَنْبَلٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النظْمِ» (¬1). وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». ونقَل الفَضْلُ، هو له. قلتُ: في نَفْسِه منه شيءٌ؟ قال: فالقافَةُ. وأمَّا إذا ادَّعَى كل واحدٍ منهما أنَّه للآخَرِ، والمُشْتَرِي مُقِر بالوَطْءِ، فقيلَ: يكونُ للبائعِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وقيل: يُرَى القافَةَ. جزَم به في «المُغْنِي». ذكَرَه قبَيلَ قولِ الخِرَقِيِّ: وتجْتَنِبُ الزَّوْجَةُ المُتَوفَّى عنها زوْجُها الطِّيبَ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ اسْتُبْرِئَتْ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لأكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تُسْتَبْرا، وَلَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي لَهُ بِهِ. فَأمَّا إِنْ لَمْ يَكُن الْبَائِعُ أقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ بَيعِهَا، لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ، إلا أنْ يَتَّفِقَا عَلَيهِ، فَيَلْحَقَهُ نَسَبُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اسْتُبرِئَتْ، ثم أتَتْ بوَلَدٍ لأكْثَرَ مِن سِتةِ أشْهُرٍ، لم يَلْحَقْه نَسَبُه، وكذا إنْ لم تُسْتَبْرأْ، ولم يُقِرَّ المُشْتَرِي له به. بلا نِزاعٍ. وإنِ ادَّعاه بعدَ ذلك، وصدَّق المُشْتَرِي، لَحِقَه نَسَبُه، وبَطَلَ البَيعُ. قوله: فأمَّا إنْ لم يَكُنِ البائِعُ أقَرَّ بِوَطْئِها قبلَ بَيعِها، لم يلْحَقْه الوَلَدُ بحالٍ، إلَّا أنْ

وَإنِ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَلْحَقَهُ نَسَبُهُ مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ يتَّفِقا عليه، فيَلْحَقَه نَسَبُه. هذا المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ولو لم يكُنْ أقَر بوَطْئِها حتى باعَ، لم يَلْحَقْه الولَدُ بحالٍ، إلَّا أنْ يدَّعِيَه ويُصدِّقَه المُشْتَرِي. وقيل: يلْحَقُه نسَبُه بدَعْواه في المَسْألتَين، وهو مِلْكُ المُشْتَرِي إنْ لم يَدَّعِه. وكذا ذكَرُوا ذلك في آخِرِ بابِ الاسْتِبْراءِ. قوله: وإنِ ادَّعاه البائِعُ، فلم يُصَدِّقْه المُشْتَرِي، فهو عَبْدٌ للمُشْتَرِي. هذا

وَإِذَا وَطِئَ الْمَجْنُونُ مَنْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيهَا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ، لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّه يكونُ عَبْدًا للمُشْتَرِي مع عدَمِ لُحُوقَ النَّسَبِ بالبائعِ. وهو أَحدُ الوَجْهَين، إنْ لم يدَّعِه المُشْتَرِي وَلَدًا له. والوَجْهُ الثَّاني، وهو الذي ذكَرَه المُصَنِّفُ احْتِمالًا، أنْ يلْحَقَه نَسَبُه مع كَوْنِه عَبْدًا للمُشْتَرِي. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، فيما إذا ادَّعى البائِعُ أنَّه ما باعَ حتى اسْتَبْرَأَ، وحلَف المُشْتَرِي أنَّه ما وَطِئَها، فقال: إنْ أتَتْ به بعدَ الاسْتِبْراءِ لأكثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، فقيلَ: لا يُقْبَلُ قولُه، ويَلْحَقُه النَّسَبُ. قاله القاضي في «تَعْليقِه». وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقيل: يَنْتَفِي النَّسَبُ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهم. فعلى هذا، هل يحْتاجُ إلى اليمينِ على الاسْتِبْراءِ؟ فيه وَجْهان؛ المَشْهورُ، لا يحْلِفُ. انْتَهى كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. فوائد؛ منها، يَلْحَقُه الولَدُ بوَطْءِ الشبْهَةِ كعَقْدٍ. نصَّ عليه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. وذكَرَه الشّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، إجْماعًا. وقال أبو بَكْرٍ: لا يَلْحَقُه. قال القاضي: وجَدْتُ بخَطِّ أبي بَكْرٍ، لا يَلْحَقُ به؛ لأنَّ النَّسَبَ لا يَلْحَقُ إلَّا في نِكاحٍ صحيحٍ أو فاسدٍ، أو مِلْكٍ أو شُبْهَةٍ، ولم يُوجَدْ شيءٌ مِن ذلك. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً. وفي كلِّ نِكاحٍ فاسدٍ فيه شُبْهَةٌ. نَقَلَه الجماعةُ. وقيل: إذا لم يَعْتَقِدْ فَسادَه. وفي كوْنِه كصحيحٍ، أو كمِلْكِ يمينٍ وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». [قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: هل يَلْحَقُ النِّكاحُ الفاسِدُ بالصَّحيحِ، أو بمِلْكِ اليمينِ؟ على وَجْهَين. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه كالنِّكاحِ الصَّحيحِ] (¬1). وقال في «الفُنونِ»: لم يُلْحِقْه أبو بَكْرٍ في نِكاحٍ بلا وَلِيٍّ. ومنها، لو أنْكَرَ ولَدًا بيَدِ زَوْجَتِه أو مُطَلقَتِه أو سُرِّيَّتِه، فشَهِدَتِ امْرأَةٌ بولادَتِه، لَحِقَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: امْرأَتان. وقيل: يُقْبَلُ قَوْلُها (¬2) بولادَتِه. وقيل: يُقْبَلُ قولُ الزَّوْجِ. ثم هل له نفْيُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وعلى الأوَّلِ، نقَل في «المُغْنِي» عنِ القاضي، يُصَدَّقُ فيه؛ لتَنْقَضِيَ عِدَّتُها به. ومنها، أنَّه لا أثَرَ لشُبْهَةٍ مع فِراشٍ. ذكَرَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، تَبْعِيضَ الأحْكامِ؛ لقولِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «واحْتَجِبِي منه يا سَوْدَةُ» (¬3). وعليه نُصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: أمْرُه لسَوْدَةَ، رَضِيَ الله عُنها، بالاحْتِجابِ يَحْتَمِلُ أنَّه رأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ مِنَ الزَّانِي، فأمَرَها بذلك، أو قصَد أنْ يُبَيِّنَ أن للزوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط، ا: «قولهما». (¬3) تقدم تخريجه في 16/ 338.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أخِيها. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إنِ اسْتَلْحَقَ ولَدَه مِنَ الزِّنَى ولا فِراشَ، لَحِقَه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، فيها، لا يَلْحَقُه. وقال في «الانْتِصارِ»، في نِكاحِ الزَّانيةِ: يسُوغُ الاجْتِهادُ فيه. وقال في «الانْتِصارِ» أيضًا: يَلْحَقُه بحُكْمِ حاكمٍ. وذكَر أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وغيرُه مِثْلَ ذلك. ومنها، إذا وُطِئَتِ امْرأَتُه أو أمَتُه بشُبْهَةٍ، وأتَتْ بوَلَدٍ يُمْكِنُ أنْ يكونَ مِنَ الزَّوْجِ والواطِئ، لَحِقَ الزَّوْجَ؛ لأنَّ الوَلَدَ للفِراشِ، وإنِ ادَّعَى الزَّوْجُ أنَّه مِنَ الواطِئ، فقال بعضُ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»: يُعْرَضُ على القافَةِ، فإنْ ألْحَقَتْه بالواطِئَ، لَحِقَه، ولم يَمْلِك نَفْيَه عنه، وانْتَفَى عن الزَّوْجِ بغيرِ لِعانٍ، وإنْ ألْحَقَتْه بالزَّوْجِ، لَحِقَ به، ولم يَمْلِكْ نفْيَه باللِّعانِ، في أصحِّ الرِّوايتَين. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وعنه، يَمْلِكُ نفْيَه باللِّعانِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وتقدَّم بعضُ ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في آخِرِ بابِ اللَّقِيطِ. وإنْ الحَقَتْه بهما، لَحِقَ بهما، ولم يَمْلِكِ الواطِيء نَفْيَه عن نفسِه. وهل يَمْلِكُ الزَّوْجُ نفْيَه باللِّعانِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1416 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب العدد

بسم الله الرحمن الرحيم كِتَابُ الْعِدَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ العِدَدِ

كُلُّ امْرأَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: كلُّ امْرَأَةٍ فارَقَها زَوْجُها في الحَياةِ قبلَ المَسِيسِ والخَلْوَةِ، فلا عِدَّةَ

وَإِنْ خَلَا بِهَا وَهِيَ مُطَاوعَةٌ، فَعَلَيهَا الْعِدَّةُ، سَواءٌ كَانَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ مِنَ الوَطْءِ، كَالْإِحْرَامِ والصِّيامِ والحَيضِ وَالنِّفَاسِ والمَرَضِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها. بلا نِزاعٍ. وقوله: وإنْ خَلا بها وهي مُطاوعَة، فعليها العِدَّةُ، سواءٌ كان بهما أو بأحَدِهما مانِعٌ مِنَ الوَطْءِ؟ كالإِحْرامِ، والصِّيامِ والحَيضِ والنِّفاسِ، والمَرَضِ والجَبِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعُنَّةِ، أو لم يَكُنْ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا بشَرْطِه الآتِي؛ سواءٌ كان المانِعُ شَرْعِيًّا أو حِسِّيًا، كما مثَّلَ المُصَنِّفُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. واخْتارَ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، لا عِدَّةَ بخَلْوَةٍ مُطْلَقًا. وعنه، لا عِدَّةَ بخَلْوَةٍ مع وُجودِ مانعٍ شَرْعِيٍّ؛ كالإِحْرامِ، والصِّيامِ، والحَيضِ، والنِّفاسِ، والظِّهارِ، والإيلاءِ، والاعْتِكافِ. قدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال في «الفُروعِ»: ويتخَرَّجُ في عِدَّةٍ بخَلْوَةٍ، كصَداقٍ. وقد تقدَّم أحْكامُ اسْتِقْرارِ الصَّداقِ كامِلًا بالخَلْوَةِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَوائدِ، في كتابِ الصَّداقِ بعدَ قوْلِه: ولو قَتَلَتْ نفْسَها لاسْتَقَرَّ مَهْرُها. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سَواءٌ كان النِّكاحُ صحيحًا أو فاسِدًا. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا عِدَّةَ بخَلْوَةٍ في النِّكاحِ الفاسدِ، بل بالوَطْءِ، كالنِّكاحِ الباطِلِ إجْماعًا. وعندَ ابنِ حامِدٍ أيضًا، لا عِدَّةَ بالمَوْتِ في النِّكاحِ الفاسدِ. ويأْتِي هذا قريبًا في كلامِ المُصَنِّف، فيما إذا ماتَ عن امْرَأَةٍ نِكاحُها فاسِدٌ. فائدة: لا عِدَّةَ بتَحَمُّلِ المرْأةِ ماءَ الرَّجُلِ، ولا بالقُبْلَةِ، ولا باللَّمْسِ مِن غيرِ خَلْوَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهما. [وصحَّحَه ابنُ نَصرِ اللهِ في «حَواشِيه»] (¬1). وقيل: تجِبُ العِدَّةُ بذلك. وقطَع به القاضي في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

إلا أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهَا، كَالْأَعْمَى وَالطِّفْلِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُجَرَّدِ»، فيما إذا تحَمَّلَتِ الماءَ. وأطلَقهما. في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيّ»، و «الفُروع»، وغيرِهم. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: فإنْ تحَمَّلَتْ ماءَ رَجُلٍ، وقيل: أو قبَّلَها أو لَمَسَها بلا خَلْوةٍ، فوَجْهان. ثم قال: قلتُ: إنْ كان ماءَ زَوْجِها، اعْتَدَّتْ، وإلَّا فلا. قوله: إلا أنْ لا يعْلَمَ بها، كالأعْمَى والطفْلِ، فلا عِدَّةَ عليها. وكذا لو كانتْ طِفْلَةً. وضابِطُ ذلك أنْ يكونَ الطِّفْلُ ممَّنْ لا يُولَدُ له، والطِّفْلَةُ ممَّن لا يُوطَأُ

وَالْمُعْتَدَّاتُ عَلَى سِتَّةِ أَضْرُبٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، أُولَاتُ الأَحْمَالِ، أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، حَرَائِرَ كُنَّ أَوْ إِمَاءً، مِنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ أَو الْمَمَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْلُها تنبيه: ظاهِرُ قولِه: إحْداهُنَّ، أُولَاتُ الأَحْمالِ، أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. أنَّها لا تَنْقَضِي عِدَّتُها إلَّا بوَضْعِ جميعِ ما في بَطْنِها. وهو صحيحٌ، للآيَةِ الكريمَةِ (¬1). وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم؛ ¬

(¬1) سورة الطلاق 4.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لبَقاءِ تبَعِيَّتِه للأُمِّ في الأحْكامِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: وغُسْلُها مِن نِفاسِها، إنِ اعْتُبِرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غُسْلُها مِن حَيضَةٍ ثالثةٍ. وعنه، تَنْقَضِي عِدَّتُها بوَضْعِ الوَلَدِ الأوَّلِ. وذكَرَها ابنُ أبي مُوسى. واحْتَجَّ القاضي وتَبِعَه الأَزَجِيُّ، بأنَّ أوَّلَ النِّفاسِ مِنَ الأوَّلِ وآخِرَه منه؛ فإِنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحْكامَ الولادَةِ تتعَلَّقُ بأحَدِ الولَدَين، لأنَّ انْقِطاعَ الرَّجْعَةِ وانْقِضاءَ العِدَّهِ يتعَلَّقُ بأحَدِهما، لا بكُلِّ واحدٍ منهما، كذلك مُدَّةُ النِّفاسِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في بابِ الرَّجْعَةِ، بعدَ قولِ المُصَنِّفِ: وإنْ طَهُرَتْ مِنَ

وَالْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، ما يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَيضَةِ الثَّالثةِ ولمَّا تغْتَسِلْ. قوله: والحَمْلُ الذي تَنْقَضي به العِدَّةُ، ما يتَبَيَّنُ فيه شَيءٌ مِن خَلْقِ الإِنْسانِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اعلمْ أنَّ ما تَنْقَضِي به العِدَّةُ مِنَ الحَمْلِ هو ما تصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، على ما تقدَّم في أوَّلِ بابِ أحْكامِ أُّمَّهاتِ الأوْلادِ، فما حكَمْنا هناك بأنَّها تصِيرُ به أُمَّ وَلَدٍ، نحْكُمُ هنا بانْقِضاءِ العِدَّةِ به، وما نحْكُمُ به هناك بأنَّها لا تصِيرُ به أمَّ وَلَدٍ، نحْكُمُ هنا بعدَمِ انْقِضاءِ عِدَّتِها به. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصَّحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا تَنْقَضِي العِدَّةُ هنا بالمُضْغَةِ، وإنْ صارَتْ بها هناك أمَّ وَلَدٍ. نقَلَها الأثْرَمُ. قاله المُصَنِّفُ وغيرُه. قوله: فإنْ وضَعَتْ مُضْغَةً لا يتَبَيَّنُ فيها شَيءٌ مِن ذلك، فذكَر ثِقاتٌ مِنَ النِّساءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِي، فهل تَنْقَضِي به العِدَّةُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ»، إحْداهما، لا تَنْقَضِي به العِدَّةُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه في «الكافِي»، وقال: هذا المَنْصوصُ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، تَنْقَضِي به العِدَّةُ. صحَّحَه في «التَّصْحيحَ»، و «نِهايَةِ ابنَ رَزِينٍ». وجزَم به في «الوَجيزِ». فائدة: لو ألْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَبَيَّنْ فيها الخِلْقَةُ، فشَهِدَ ثِقاتٌ مِنَ القَوابِلِ أنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً، بانَ بها أنَّها خِلْقَةُ آدَمِي، انْقَضَتْ به العِدَّةُ. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لو وضَعَتْ مُضْغَةً لا يتَبَيَّنُ فيها شيءٌ مِن خَلْقِ الإِنْسانِ، أنَّها لا تَنْقَضِي عِدَّتُها بها. وهو صحيح. وهو المذهبُ. والمَشْهورُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، تصِيرُ

وَإنْ أتَتْ بِوَلَدٍ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، كَامْرَأةِ الطِّفْلِ، لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِهِ. وَعَنْهُ، تَنْقَضِي بِهِ. وَفِيهِ بُعْدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به أُمَّ وَلَدٍ. فخرَّجَ القاضي وجماعةٌ مِن ذلك انْقِضاءَ العِدَّةِ به، ورَدَّه المُصَنِّفُ. وأمَّا إذا ألقَتْ نُطْفَةً، أو دمًا، أو عَلَقَةً، فإنَّ العِدَّةَ لا تَنْقَضِي به، قوْلًا واحدًا عندَ أكثرِ الأصحابِ. وأجْرَى القاضي الخِلافَ في العَلَقَةِ والمُضْغَةِ التي لم يتَبَيَّنْ أنَّها مَبْدَأُ خَلْقِ الإِنْسانِ. قوله: وإنْ أتَتْ بوَلَدٍ لا يَلْحَقُه نَسَبُه، كامْرَأةِ الطِّفْلِ -وَكذا المُطَلَّقَةُ عَقِبَ العَقْدِ ونحوه- لم تَنْقَضِ عِدَّتُها به. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، تَنْقَضِي به العِدَّةُ. وفيه بُعْدٌ. وتابَع أبا الخَطَّابِ على قوْلِ ذلك، وتابَعَه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه أيضًا. وعنه، تَنْقَضي به إذا كان مِن غيرِ امْرأةِ الطِّفْلِ، للُحَوقِه باسْتِلْحاقِه. قال الزَّرْكَشِي: وأظُنُّ (¬1) هذا اخْتِيارَ القاضي. وقال في «المُنْتَخَبِ»: إنْ أتَتْ به امْرأةٌ بائِن لأكثرَ مِن أرْبَعِ سِنِين، انْقَضتْ عِدَّتُها، كالمُلاعِنَةِ. وقاله القاضي ¬

(¬1) في ط: «وأن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ وَضَعَتْ وَلَدًا بعدَ مُدَّةِ أكثرِ الحَمْلِ، لم يَلْحَقِ الزَّوْجَ إذا كان الطَّلاقُ بائنًا. وهل تَنْقَضِي به العِدَّةُ؟ على وَجْهَين. والمذهبُ أنَّ العِدَّةَ لا تَنْقَضي بذلك. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. قال الزَّرْكَشِي: وهو المذهبُ بلا رَيب.

وَأقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُر، وَغَالِبُهَا تِسْعَة، وَأكْثَرُهَا أرْبَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأقَل مُدَّةِ الحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وقيل: أقَلُّه سِتَةُ أشْهُرٍ ولَحْظَتان.

سِنِينَ. وَعَنْهُ، سَنَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأكْثَرُها أرْبَعُ سِنِين. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، سنَتان. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «نِهايةِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ»، و «شَرْحِه» (¬1). وتقدَّم قريبًا قبلَ ذلك، إذا وَلَدَتْ بعدَ أكثرِ مُدَّةِ الحَمْلِ، هل تنْقَضي به العِدَّةُ أمْ لا؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَأقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْوَلَدُ أَحَدٌ وَثَمانُونَ يَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأقَلُّ ما يتَبَيَّنُ به الوَلَدُ أحدٌ وثمانون يومًا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، وأكثرُهم قطَع به. وقيل: بل ثَمانون ولَحْظتان. ذكَرَه في

فَصلٌ: الثَّانِي، الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، عِدَّتُهَا أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَعَشْرٌ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّام إِنْ كَانَتْ أمَةً، وَسَوَاءٌ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وبَعْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ». وهو إذَنْ مُضْغَةٌ غيرُ مُصَوَّرَةٍ، ويُصَوَّرُ بعدَ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ. على الصَّحيحِ. وقيل: ولَحْظَتَين. وقيل: بل وساعتَين. ذكَرَهما في «الرِّعايَةِ». تنبيه: قولُه: المُتَوفَّى عنها زَوْجُها -يعْنِي غيرَ الحامِلِ منه. قاله في «المُحَررِ» وغيرِه. وهو صحيحٌ- عِدَّتُها أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْر إنْ كانتْ حُرةً، وشَهْران وخَمْسَةُ أيَّام إنْ كانتْ أَمَةً. يعْنِي عَشَرَةَ أيَّامٍ وخَمْسَةَ أيَّامٍ بلَيالِيها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتكونُ عَشْرَ ليالٍ وخَمْس ليالٍ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفروعِ». وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: عِدَّتُها أرْبعَةُ أشْهُرٍ وعَشَرَةُ أيامٍ. وكذا نقَل صالِحٌ وغيرُه: اليَوْمُ مُقَدَّمٌ قبلَ اللَّيلَةِ، لا يُجْزِئُها إلَّا أرْبعَةُ أشْهُرٍ وعَشَرَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مَن نِصْفُها حُرٌّ، عِدَّتُها ثلاثَةُ أشْهُرٍ وثمانيةُ أيَّامٍ.

فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ، اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الوَفَاةِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ، وَسَقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ ماتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ، اسْتَأنفَتْ عِدَّةَ الوَفاةِ مِن حينِ مَوْتِه، وسقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلاقِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تعْتَدُّ بأطْوَلِهما. قال الشَّارِحُ، بعدَ أنْ نقَلَه عن صاحبِ «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قُتِلَ المُرْتَدُّ في عِدَّةِ امْرَأتِهِ، فإنَّها تسْتَأْنِفُ

وإنْ طَلقَهَا في الصِّحَّةِ طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ مَاتَ في عِدَّتِهَا، لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ عِدَّتهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ عِدَّةَ الوَفاةِ. نصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصورٍ؛ لأنَّه كان يُمْكِنُه تَلافِي النِّكاحِ بالإسْلامِ؛ بِناءً على أنَّ الفَسْخَ يقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. الثَّانيةُ، لو أسْلَمتِ امْرأةُ كافرٍ، ثم ماتَ قبلَ انْقِضاءِ العِدَّةِ، فإنَها تنتقِلُ إلى عِدَّةِ الوَفاةِ في قِياسِ التي قبلَها. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ. قوله: وإنْ طلَّقَها في الصِّحَّةِ طَلاقًا بائِنًا، ثم ماتَ في عِدَّتِها، لم تنْتَقِلْ عن

وَإِنْ كَانَ الطَّلاقُ في مَرَضِ مَوْتِه، اعْتَدَّتْ أطْوَلَ الْأجَلَينِ؛ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عِدَّتها -بلا نِزاعٍ- وإنْ كان الطَّلاقُ في مَرَضِ مَوْتِه، اعْتَدَّتْ أطْوَلَ الأجَلَين؛ مِن عِدَّةِ الطَّلاق وعِدَّةِ الوَفاةِ. وهذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ». قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»: وهو الصَّحيحُ. وقوَّاه النَّاظِمُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، تعْتَدُّ للوَفاةِ لا غيرُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، تعْتَدُّ عِدَّةَ الطلاقِ لا غيرُ. ذكَر هاتين الرِّوايتَين في «المُجَرَّدِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا كانتْ تَرِثُه، فأمَّا الأمَةُ والذِّمِّيَّةُ، فلا يَلْزَمُهما غيرُ عِدَّةِ الطَّلاق، قوْلًا واحدًا. فوائد؛ إحْداها، لو ماتَ بعدَ انْقِضاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، أو (¬1) بعدَ انْقِضاءِ عِدَّةِ البائنِ، فلا عِدَّةَ عليهما للوَفاةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، تَعْتَدُّ للوَفاةِ إنْ وَرِثَتْ منه. اخْتارَها جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. الثَّانيةُ، لو طلَّق في مرَضِ الموتِ، ثم انْقَضَتْ عِدَّتُها، ثم ماتَ، لَزِمَها عِدَّةُ الوَفاةِ. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها، وهي بعضُ ما قبلَها فيما يظْهَرُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، لو طلَّق بعضَ نِسائِه؛ مُبْهَمَةً أو مُعَينَّةَ، ثم أُنْسِيَها، ثم ماتَ، اعْتَدَّتْ كل واحدةٍ للأطْوَلِ منهما، ما لم تكُنْ حامِلًا. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم.

وَإنِ ارْتَابَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِظُهُورِ أَمَارَاتِ الْحَمْلِ؛ مِنَ الْحَرَكَةِ، وانْتِفَاخِ الْبَطْنِ، وانْقِطَاعِ الحَيضِ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ، لَمْ تَزَلْ في عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، وإنْ تَزَوَّجتَ قَبْلَ زَوَالِهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَإنْ ظَهَرَ بِهَا ذَلِكَ بَعْدَ نِكَاحِهَا، لَمْ يَفْسُدْ بِهِ، لكنْ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أشْهُرٍ مُنْذُ نَكَحَهَا، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ارْتابَتِ المُتَوَفَّى عنها؛ لظُهُورِ أماراتِ الحَمْلِ، مِنَ الحَرَكَةِ، وانْتِفاخِ البَطْنِ وانْقِطاعِ الحَيضِ قبلَ أنْ تَنْكِحَ، لم تَزَلْ في عِدَّةٍ حتى تَزُول الريبَةُ. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ تزَوَّجَتْ قبلَ زَوالِها، لم يصِحَّ النِّكاحُ. يعْني، إذا تزَوَّجَتِ المُرْتابَةُ قبلَ زَوالِ الرِّيبَةِ، لم يصِحَّ النِّكاحُ مُطْلَقًا. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يصِحَّ في الأصحِّ. قال في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: يصِحُّ إذا كانَ بعدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ظهَر بها ذلك بعدَ نِكاحِها، لم يفْسُدْ. إنْ كان بعدَ الدُّخولِ، لم يفْسُدْ، قوْلًا واحدًا، لكِنْ لا يَحِل لزَوْجِها وَطْوها حتى تَزُولَ الرِّيبَةُ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وإنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ وبعدَ العَقدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهب أنَّ النِّكاخَ لا يفْسُدُ إلَّا أنْ تأتِيَ بوَلَدٍ لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأَصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: فيها وَجْهان،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالتي بعدَها. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين». تنبيه: ظاهِرُ كلامِه أنَّها لو ظهَر بها أماراتُ الحَمْلِ قبلَ نِكاحِها وبعدَ شُهورِ العِدَّةِ، أنَّ نِكاحَها فاسِدٌ بعدَ ذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»، والمَجْدُ في «مُحَرَّرِه»] (1). والوَجْهُ الثَّاني، يحِلُّ لها النِّكاحُ ويصِحُّ؛ لأنَّا حكَمْنا بانْقِضاءِ العِدَّة وحِلِّ النِّكاحِ وسُقوطِ النَّفَقَةِ والسُّكْنَى، [فلا يزُولُ ما حكَمْنا به بالشَّكِّ الطارِئَ] (1).

وَإذَا مَاتَ عَنِ امْرأةٍ نِكَاحُهُا فَاسِدٌ، فَقَال الْقَاضِي: عَلَيهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: لَا عِدَّةَ عَلَيهَا لِلْوَفَاةِ في ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ في التي قبلَها والوَجْهِ الثَّاني في هذه المَسْألةِ، لو وَلَدَتْ بعدَ العَقْدِ لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، تبَيَّنَّا فَسادَ العَقْدِ فيهما. قوله: وإذا ماتَ عَنِ امْرَأةٍ نِكاحُها فاسِدٌ -كالنِّكاحِ المُخْتَلَفِ فيه- فقال

ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَى بُطْلَانِهِ، لَمْ تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ مِنْ أجْلِهِ، وَجْهًا وَاحِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي: عليها عِدَّةُ الوَفاةِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ جَعْفَرِ بنِ محمدٍ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ حامِدٍ: لا عِدَّةَ عليها للوَفاةِ كذلك -وتقدَّمتِ المَسْأَلَةُ في أوَّلِ البابِ بما هو أعَمُّ مِن ذلك- وإنْ كان النِّكاحُ مُجْمَعًا على بُطْلانِه، لم تعْتَدَّ للوَفاةِ مِن أجْلِه، وَجْهًا واحدًا.

فصْلٌ: الثَّالِثُ: ذَاتُ الْقُرُوءِ الَّتِي فَارَقَهَا فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا، وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَقَرْءَانِ إِنْ كَانَتْ أَمَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ: ذاتُ القَرْءِ التي فارَقَها في الحَياةِ بعدَ دُخُولِه بها، وعِدَّتُها ثَلاثةُ قُرُوءٍ إن كانَتْ حُرَّةً، وقَرْءان إنْ كانَتْ أمَةً. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، عِدَّة المُخْتَلِعَةِ حَيضَةٌ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، في بقِيَّةِ الفُسوخَ، وأوْمَأَ إليه في رِوايَةِ صالحٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُعْتَقُ بعضُها كالحُرَّةِ. قطَع به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»،

وَالْقُرُوءُ الحِيَضُ، في أَصَحِّ الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروع»، وغيرِهم. قوله: والقُروءُ الحِيَضُ، في أصَحِّ الرِّوايتَين. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغةِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال القاضي: الصَّحيحُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ الأقْراءَ الحِيَضُ. وإليه ذهَب أصحابُنا، ورجَع عن قوْلِه بالأطْهارِ، فقال في رِوايَةِ النَّيسابُورِيِّ: كنتُ أقولُ: إنَّه الأطْهارُ، وأنا أذْهَبُ اليومَ إلى أنَّ الأقْراءَ الحِيَضُ. وقال في رِوايَةِ الأَثْرَمِ: كنتُ أقولُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأطْهارُ، ثم وقَفْتُ لقَوْلِ الأكابِرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَلَا تَعْتَدُّ بِالْحَيضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِثَلَاثٍ كَامِلَةٍ بَعْدَهَا، فَإِذا انْقَطَعَ دَمُهَا مِنَ الثَّالثَةِ، حَلَّتْ في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالأُخْرَى، لَا تَحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والروايةُ الثَّانيةُ، القُروءُ الأطْهارُ. قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ (¬1): رجَع الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، إلى أن القُروءَ الأطْهارُ. وقال في رِوايَةِ الأثْرَمِ: رأيتُ الأحادِيثَ عمَّن قال: القُروءُ الحِيَضُ. مُخْتَلِفَةً، والأحادِيثَ عمن قال: إنه أحَقُّ بها حتى تَدْخُلَ في الحَيضَةِ (3) الثَّالثةِ. أحادِيثُها صِحاحٌ قَوية. فعلى المذهبِ، لا تعْتَدُّ بالحَيضَةِ التي طلَّقها فيها، بلا نِزاعٍ. وكذا على الرِّوايَةِ الثَّانيةِ بطرَيقٍ أوْلَى وأحْرَى. وعلى المذهبِ، لو انْقطَعَ دمُها مِنَ الحَيضَةِ الثَّالثةِ، حلَّتْ للأزْواجِ قبلَ الاغْتِسالِ، في إحْدَى الرِّوايتَين. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَبْدُوس في ¬

(¬1) انظر: الاستذكار 18/ 33.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه». قال في «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: وهو الصَّحيحُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تحِلُّ للأزْواجِ حتى تَغْتَسِلَ. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِي: هي أنَصُّهما عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واخْتِيارُ أصحابِه؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي، والشَّرِيفِ، والشِّيرازِيِّ، وغيرِهم. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما: قال أصحابُنا: للزَّوْجِ الأوَّلِ ارْتجاعُها. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وصحَّحَه في «الخُلاصَةِ» وغيرِه. قال في «الوَجيزِ»: لا تحِل حتى تَغْتَسِلَ أو يَمْضِيَ وَقْتُ صلاةٍ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك في بابِ الرَّجْعَةِ، في كلامِ المُصَنِّفِ، في قوْلِه: وإنْ طَهُرَتْ مِنَ الحَيضَةِ الثَّالثةِ ولمَّا تغْتَسِلْ، فهل له رَجْعَتُها؟ على رِوايتَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، وهي أنَّها لا تحِلُّ للأزْواجِ إذا انْقطَع دمُها حتى تغْتَسِلَ، أنَّها لا تحِلُّ إذا فرطَتْ في الغُسْلِ سِنِين حتى قال به شَرِيكٌ (¬1) القاضي عِشْرِين سنَةً. وذكَرَه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه الله، في «الهَدْي» إحْدَى الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وجماعةٍ، أنّ العِدَّةَ لا تنْقَضِي ما لم تغْتَسِلْ، وإنْ فرَّطَتْ في الاغْتِسالِ مُدَّةً طويلةً. وقد قيلَ للإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله: فإنْ أخَّرَتِ الغُسْلَ مُتَعَمِّدَةً، فيَنْبَغِي إنْ كان الغُسْلُ مِن أقْرائِها أنْ لا تَبِينَ، وإنْ أخَّرَتْه؟ قال: هكذا كان يقولُ شَرِيكٌ. وظاهِرُ هذا أنَّه أخَذ به. انتهى. وعنه، تحِلُّ بمُضِيِّ وَقتِ صلاةٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» كما تقدَّم. وتقدَّم كلُّ ذلك في بابِ الرجْعَةِ. وأمَّا بقِيَّةُ الأحْكامِ؛ كقَطْعِ الإرْثِ، ووُقوعِ الطَلاقِ، واللِّعانِ، والنَّفَقةِ، وغيرِها، فتَنْقَطِعُ بانْقِطاعِ الدَّمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: رِوايةً واحدةً. وجعَلها ابنُ عَقِيلٍ على ¬

(¬1) في الأصل: «شريح».

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، الْقُرُوءُ الأطْهَارُ. وتَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذي طَلَّقَهَا فِيهِ قَرْءًا، ثُمَّ إِذَا طَعَنَتْ في الْحَيضَةِ الثَّالِثَةِ، حَلَّتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ. انتهى. وتقدَّم ذلك أيضًا هناك. وأمَّا على رِوايَةِ أن القُروءَ الأطْهارُ، فتَعْتَدُّ بالطُّهْرِ الذي طلَّقها فيه قَرْءا، ثم إذا طَعَنَتْ في الحَيضَةِ الثَّالثةِ، [والأمَةُ إذا طَعَنَتْ في الحَيضَةِ الثَّانيةِ] (¬1)، حلَّتْ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا تحِل إلَّا بمُضِيِّ يَوْم وليلةٍ. ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى هذا، ليس اليومُ واللَّيلَة مِنَ العِدَّةِ، في أصحِّ الوَجْهَين. قلتُ: فيُعايىَ بها. وقيل: منها. قلتُ: فيعايىَ بها.

فصْلٌ: الرَّابع، اللَّائِي يَئسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أشْهُرٍ إِنْ كُنَّ حَرَائِر، وَإنْ كُنَّ إِمَاءً فَشَهْرَانِ. وَعَنْهُ، ثَلَاثَة. وَعَنْهُ، شَهْرٌ وَنِصْفٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: الرَّابعُ، اللائي يئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ واللائِي لم يحِضْنَ، فعِدَّتُهُنَّ ثَلاثةُ أشْهُر إنْ كُن حَرائرَ، وإنْ كُن إماءً، فَشهْرانِ. يعْنِي، يكونُ ابْتداءُ العِدَّةِ من حينِ وقَع الطَّلاقُ؛ سواءٌ كان في أوَّلِ اللَّيلِ أو النَّهارِ، أو في أثْنائِهما. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الوَجْهَين. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يُعْتَدُّ به إلَّا مِن أوَّلِ اللَّيلِ أو النَّهارِ. قوله: وإنْ كُنَّ إماءً فشَهران. هذا المذهبُ. نقَلَه الأكثرُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: نقَلَه واخْتارَه الأكثرُ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: أكثرُ الرِّواياتِ عنه، أنَّ عِدَّتَهُنَّ شَهْران. وقطَع به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وأصحابُه، وأبو بَكْر، فيما حَكاه القاضي في «الرِّوايتَين»، وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، ثلاثةُ أشْهُر. قدَّمه في «المُحَرَّرِ». وعنه، شَهْر ونِصْفٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فيما حَكاه عنه المُصَنِّف وغيرُه. وأطلَقَهُنَّ في «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، شَهْرٌ. قال في «الفُروعِ»: وفيه نَظَرٌ.

وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الأَمَةِ، وَعِدَّةُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ مِنْ عِدَّةِ حُرَةٍ وَأَمةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعِدَّةُ المُعْتَقِ بعضُها بالحِسابِ مِن عِدَّةِ حُرةٍ وأمَةٍ. على الرِّواياتِ في الأمَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقدَّم في «التَّرْغِيبِ» أنَّها كحُرَّةٍ.

وَحَدُّ الإياسِ خَمْسُونَ سَنَةً. وَعَنْهُ، أنَّ ذَلِكَ حَدُّهُ في نساءِ الْعَجَمِ، وَحَدُّهُ في نِسَاءِ الْعَرَبِ سِتُّونَ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَحَدُّ الإياسِ خَمْسُون سَنَةً. هذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ»، في بابِ الحَيضِ. وقدَّمُوه هنا. وجزَم به أيضًا في بابِ الحَيضِ في «الطَّريقِ الأقْرَبِ». وجزَم به أيضًا في «نَظْم المُفْرَداتِ» وغيرِه. وقدَّمه هنا في «النَّظْمِ» وغيره. قال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» هنا: وهي بِنْتُ خَمْسِين على الأظْهَرِ. وصحَّحه في «البُلْغةِ» في بابِ الحَيضِ وغيرِه. قال ابنُ الزَّاغُونِيِّ: هذا اخْتِيارُ عامَّةِ المَشايخِ. قال في «مَجْمَعِ البَحْرَين»، في بابِ الحَيضِ: هذا أشْهَرُ الرواياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، أنَّ ذلك حَدُّه في نِساءِ العَجَمِ، وحَدُّه في نِساءِ العَرَبِ سِتُّون سنَةً. قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وعنه، إنْ كانتْ مِنَ العَجَمِ والنَّبَطَ، فإلى الخَمْسِين، والعَرَبُ إلى السِّتِّين. زادَ في «الرِّعايَةِ»، النَّبطَ ونحوُهم، والعَرَبُ ونحوُهم. وعنه، حَدُّه سِتُّون سنَةً مُطْلَقًا. جزَم به في «الإرْشادِ»، و «الإيضاحِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيل»، و «عُمْدَةِ المُصَنِّفِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «التَّسْهيلِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». قال في «النِّهايَةِ»: وهي اخْتِيارُ الخَلَّالِ، والقاضي. وأطْلقَ الأولَى والثَّانيةَ في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ عُبَيدانَ»، و «الفُروعِ». وعنه، بعدَ الخَمْسِين حَيضٌ، إنْ تكَررَ. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وصحَّحه في «الكافِي». وقال في «المُغْنِي» (1): والصَّحيحُ أنَّه متى بَلَغَتْ خَمْسِين سنَةً، فانْقَطَعَ حيضُها عن عادَتِها مرَّاتٍ لغيرِ سبَبٍ، فقد صارَتْ آيِسَةً، وإنْ رأتِ الدَّمَ بعدَ الخَمْسِين على العادَةِ التي كانتْ تراه فيها، فهو حَيضٌ، في الصَّحيحِ؛ لأن دليلَ الحَيضِ الوُجودُ في زَمَنِ الإمْكانِ، وهذا يُمْكِنُ وُجودُ الحَيضِ فيه، وإنْ كان نادِرًا. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ الذي لا شكَّ فيه. وعنه، بعدَ الخَمْسِين مشْكُوكٌ، فيه، فتَصُومُ وتُصَلِّي. اخْتارَه

وَإنْ حَاضَتِ الصَّغِيرَةُ في عِدَّتِهَا، انْتَقَلَتْ إِلَى الْقُرُوءِ، وَيَلْزَمُهَا إِكْمَالُهَا. وَهَلْ يَحْسِبُ مَا قَبْلَ الحَيضِ قَرْءًا إِذَا قُلْنَا: الْقُرُوءُ الْأطْهَارُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِي، وناظِمُه. قال في «الجامعِ الصَّغِيرِ»: هذا أصحُّ الرِّواياتِ، واخْتارَها الخَلَّالُ. فعليها، تصومُ وُجوبًا. قدَّمه في «الرِّعايَةِ»، و «مُخْتَصَرِ ابنِ تميم». وعنه، اسْتِحْبابًا. ذكَرَها ابنُ الجَوْزِيِّ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا حدَّ لأكثرِ سِنِّ الحَيضِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في بابِ الحَيضِ. فللمُصَنِّفِ، رَحِمَه اللهُ، في هذه المَسْألَةِ ثلاثَةُ اخْتِياراتٍ. قوله: وإنْ حاضَتِ الصَّغِيرَةُ في عِدَّتِها، انتقَلَتْ إلى القُروءِ، ويَلْزَمُها إكْمالُها. وهل يَحْسِبُ ما قبلَ الحَيضِ قَرْءًا، إذا قُلْنا: القُروءُ الأطْهارُ؟ على وَجْهَين. وأطلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «الكافي»، و «البُلْغةِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، لا يَحْسِبُ قَرْءًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». قال في «المُنَوِّرِ»: وإنْ حاضتِ الصَّغِيرةُ، ابْتَدَأَتْ. قال ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرتِه»: وتَبْدأُ حائِضٌ في العِدَّةِ بالأقْراءِ. فليس في شيءٍ مِن ذلك

وَإنْ يَئِسَتْ ذَاتُ الْقُرُوءِ في عِدَّتِهَا، انْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْآيِسَاتِ، وَإنْ عَتَقَتِ الأمَةُ الرَّجْعِيَّةُ في عِدَّتِهَا، بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ حُرَّةٍ، وَإنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ دليلٌ على ما قُلْنا؛ لأن عندَ هؤلاءِ أنَّ القَرْءَ الحَيضُ. قال في «إدْراكِ الغايةِ»: والطُّهْرُ الماضي غيرُ مُعْتَبَر به في وَجْهٍ. والوَجْهُ الثَّاني، يَحْسِبُ قَرْءًا. صحَّحه في «التَّصْحيح». [وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»] (¬1). قوله: وإنْ يئِسَتْ ذاتُ القُروءِ في عِدَّتِها، انتقَلَتْ إلى عِدَّةِ الآيساتِ، وإنْ عتَقَتِ الأَمَةُ الرجْعِيَّةُ في عِدَّتِها، بَنَتْ على عِدّةِ حُرةٍ، وإِنْ كانَتْ بائِنًا، بَنَتْ على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

كَانَتْ بَائِنًا، بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ أَمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عِدَّةِ أمَةٍ. بلا نِزاعٍ في ذلك كلِّه.

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، مَنِ ارْتَفَعَ حَيضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، اعْتَدَّتْ سَنَةً؛ تِسْعَةَ أشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَثَلَاثَةً لِلْعِدَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامِسُ، مَنِ ارْتَفَعَ حَيضُها لا تدْرِي ما رفَعَه، اعْتَدَّتْ سَنَةً؛ تِسْعَةَ أشْهُر للحَمْلِ، وثَلاثَة للعِدَّةِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الخِرَقِيِّ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تَعْتَدُّ للحَمْلِ أكثرَ مُدَّتِه. وهو قولُ المُصَنِّفِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تعْتَدَّ للحَمْلِ أرْبَعَ سِنِين. وهو لأبي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا تنْتَقِضُ عِدَّتُها بعَوْدِ الحَيضِ بعدَ السَّنَةِ وقبلَ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: أصحُّ الوَجْهَين، أنَّها لا تَنْتَقِلُ إلى الحَيضِ للحُكْمِ بانْقِضاءِ العِدَّةِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِين»، و] (2) «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: تَنْتَقِضُ، فتَنْتَقِلُ إلى الحَيضِ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ» و «المُسْتَوْعِبِ» (¬1). وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ كَانَتْ أمَةً، اعْتَدَّتْ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَيَحْتَمِلُ أنْ تَقْعُدَ لِلْحَمْلِ أرْبَعَ سِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنْ كانَتْ أمَةً، اعْتَدَّتْ بأحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، مِن أنَّ عِدَّةَ الأمَةِ التي يَئِسَتْ مِنَ الحَيضِ، أو لم تَحِضْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهْرانِ، على ما تقدَّم. وإنْ قُلْنا: عدَّتُها ثلاثةُ أشْهُرٍ. فهي كالحُرَّةِ، وإنْ قُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عِدَّتُها شَهْرٌ ونِصْفٌ. فتَعْتَدُّ بعَشَرَةِ أشْهُرٍ ونِصْفٍ، وإنْ قُلْنا: عِدَّتُها شَهْرٌ. فبعَشَرَةِ أشْهُرٍ. وهذا الأخِيرُ جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها.

وَعِدَّة الْجَارِيَةِ الَّتِي أَدرَكَتْ فَلَمْ تَحِضْ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ، ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَعَنْهُ، سَنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعِدَّةُ الجارِيَةِ التِي أدْرَكَتْ ولم تَحِضْ، والمُسْتَحاضَةِ النَّاسِيَةِ، ثَلاثَةُ أشْهُر. عِدَّةُ الجارِيَةِ الحُرَّةِ التي أدْرَكَتْ ولم تَحِضْ ثلاثَةُ أشْهُر، والأمَةِ شَهْران. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالآيِسَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، عِدَّتُها كعِدَّةِ من ارْتفَعَ حيضُها لا تدْرِي ما رفَعَه، على ما تقدَّم. اخْتارَه القاضي وأصحابُه. قاله في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَها القاضي في «خِلافِه» وفي غيرِه، وعامَّةُ أصحابِه؛ الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، والشِّيرازِيُّ، وابنُ البَنَّا. وهذه الرِّوايةُ نَقَلَها أبو طالبٍ، لكِنْ قال أبو بَكْر: خالفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو طالبٍ أصحابَه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عِدَّةَ المُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ لوَقْتِها، والمُبْتَدَأةِ المُسْتَحاضَةِ، ثَلاثةُ أشْهُر، كالآيِسَةِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تعْتَدُّ سنَةَ، كمَنِ ارْتَفَعَ حيضُها لا تَدْرِي ما رَفَعَه. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ» في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْتَحاضَةِ النَّاسِيَةِ. وهو منها. وقال في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: المُسْتَحاضَةُ النَّاسِيَةُ لوَقْتِ حيضِها تعْتَدُّ بسِتةِ أشْهُر. فائدة: لو كانتِ المُسْتَحاضَةُ لها عادة أو تَمْيِيز، فإنَّها تعْمَلُ بذلك، وإنْ

فَأَمَّا الَّتِي عَرَفَتْ مَا رَفَعَ الْحَيض؛ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ وَنَحْوهِ، فَلَا تَزَالُ في عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيضُ، فَتَعْتَدُّ بِهِ، إلا أنْ تَصِيرَ آيِسَةً، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ آيِسَةٍ حِينَئِذٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلِمَتْ أنَّ لها حَيضَةً في كلِّ شَهْرٍ أو شَهْرَين، أو أرْبَعِين يَوْمًا، ونَسِيَتْ وقْتَها، فعِدَّتُها ثَلاثَةُ أمْثالِ ذلك. نصَّ عليه. وقاله الأصحابُ. قوله: فأمَّا التي عرَفَتْ ما رفَعِ الحَيضَ؛ مِن مَرَض أو رَضاعٍ ونحوه، فلا تزالُ في عِدَّةٍ حتى يعُودَ الحَيضُ، فتعْتَدُّ به، إلا أنْ تصِيرَ آيِسَةً، فتَعْتَدُّ عِدَّةَ آيِسَةٍ حينئِذٍ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايَةِ صالحٍ، وأبي طالِبٍ، وابنِ مَنْصُورٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأثْرَمِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، تَنْتَظِرُ زَواله، ثم إنْ حاضَتِ، اعْتَدَّتْ به، وإلَّا اعْتَدتْ بسَنَةٍ. ذكَرَه محمدُ بنُ نَصْر المَرْوَزِي (¬1)، عن مالك، رَضِيَ اللهُ ¬

(¬1) محمد بن نصر بن الحجاج المروزي، أبو عبد الله، شيخ الإملام الحافظ، إمام عصره بلا مدافعة في الحديث، ومن أعلم أهل زمانه باختلاف الصحابة والتابعين، صنف كتاب «تعظيم قدر الصلاة» و «اختلاف العلماء». توفي سنة أربع وتسعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 14/ 33 - 40.

فَصْلٌ: السَّادِس، امْرأةُ الْمَفْقُودِ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ؛ كَالَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَينِ أهْلِهِ، أوْ فِي مَفَازَةٍ، أوْ بَينَ الصَّفَّينِ إذَا قُتِلَ قَوْمٌ، أوْ مَنْ غَرِقَ مَرْكَبُهُ، وَنَحو ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه، ومَنْ تابَعَه، منهم الإمامُ أحمدُ، رَضِيَ اللهُ عنه. وهو ظاهِرُ «عُيون المَسائلِ»، و «الكافي». قلتُ: وهو الصَّوابُ. ونقَل ابنُ هانئ أنها تعْتَدُّ بسَنَة. ونقَل حَنْبَلٌ، إن كانتْ لا تحِيضُ، أو ارْتَفَعَ حَيضُها، أو صغيرةً، فعِدتُها ثلاثةُ أشْهُر. ونقَل أبو الحارِثِ في أمَة ارْتَفَعَ حيضُها لعارِض، تُسْتَبْرأ، لتسْعَةِ أشْهُر للحَمْلِ، وشَهْر للحَيضِ. واخْتارَ الشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، إنْ عَلِمَتْ عدَمَ عَوْدِه، فكآيِسَة، وإلا اعْتَدتْ سنَة. قوله: السادِسُ، امْرَأةُ المفْقُودِ الذي انْقطَعَ خَبَرُه لغَيبة ظاهرها الهلاكُ؛ كالذي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُفْقَدُ مِن بينِ أهْلِه، أو فِي مَفازَةٍ، أو بينَ الصَّفَّين إذا قُتِلَ قَوْم، أو مَن غرِقَ مَرْكَبُه، ونحو ذلك، فإنها تتَرَبَّصُ أرْبَعَ سِنِين، ثم تَعْتَدُّ للوَفاةِ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. واعلمْ أن الخِلافَ هنا في مِقْدارِ ترَبُّص المراةِ، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اعْتِدادِها فيما ظاهِرُها الهَلاكُ، كالخِلافِ المُتَقَدِّمِ في بابِ مِيراثِ المَفْقودِ، فيما ظاهِرُها الهَلاكُ، حُكْمًا ومذهبًا. قاله الأصحابُ، فليُعاوَدْ ذلك. فائدتان؛ إحْداهما، ترَبُّصُ الأمَةِ كالحُرَّةِ في ذلك. على الصحيحِ مِنَ المذهب، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ أبو بَكْر وغيرُه. وقدمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: تتَرَبَّصُ على النِّصْفِ مِنَ الحُرَّةِ. ورَواه أبو طالب. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرهما. الثانيةُ، هل تجِبُ لها النَّفَقَةُ في مُدةِ العِدةِ أمْ لا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا تجِبُ. وهو الذي ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِيِّ في «الإقْناع». قال المَجْدُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: هو قِياسُ المذهبِ عندِي؛ لأنه حُكْم بوَفاتِه بعدَ مُدةِ الانْتِظارِ، فصارَتْ مُعْتَدة للوَفاةِ. والثاني، يجِبُ. قاله القاضي؛ لأن النفَقَةَ لا تسْقُطُ إلا بيَقِينِ الموتِ، ولم يُوجَدْ هنا. وذكَرَهْ في «المُغْنِي» (¬1)، وزادَ، أنَّ نَفَقَتَها لا ¬

(¬1) المغني 11/ 255.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تسْقط بعدَ العِدةِ؛ لأنها باقِيَة على نِكاحِه، ما لم تتَزَوَّجْ أو يُفرِّقِ الحكمُ بينَهما. قلتُ: فعلى الثاني، يعايَى بها.

وَهَلْ تَفْتَقِرُ إِلَى رَفْعِ الأمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تفْتَقِرُ إلى رَفْعِ الأمْرِ إلى الحاكِمِ ليَحْكُمَ بضَرْب المُدةِ وعِدةِ

الْوَفَاةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَفاةِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرر»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يفْتَقِرُ إلى ذلك، فيكونُ ابتداءُ المُدة مِن حينَ ضَرَبَها الحاكمُ لها، كمُدةِ العُنَّةِ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». والرِّواية الثانيةُ، لا يفْتَقِرُ إلى ذلك. قال الشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا يُعْتَبَرُ الحاكِمُ على الأصحِّ، فلو مَضَتِ المُدةُ والعِدةُ، تزَؤجَتْ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وهو الصوابُ. وقدمه في «الرِّعاية الكُبْرى» في أولِ كلامِه. وعدَمُ افْتِقارِ ضَرْبِ المُدةِ إلى الحاكمِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنه لا يُشترَطُ أنْ يُطَلِّقَها وَلِيُّ زوْجِها بعدَ اعْتِدادِها للوَفاةِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين، والمذهبُ منهما. وهو الصوابُ. قال المُصَنِّفُ،

وَإذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ، نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، فَلَوْ طَلَّقَ الأوَّلُ، صَحَّ طَلَاقهُ. وَيَتَخَرَّجُ أنْ يَنْفُذَ حُكْمُهُ بَاطِنًا، فيَنْفَسِخَ نِكَاحُ الْأوَّلِ، وَلَا يَقَعَ طَلَاقُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشارِحُ: وهو القِياسُ. وقدمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وصححه في «النظْمِ». وقال ابنُ عَقِيل: لا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكاحِ الأوّلِ -على الأصحِّ- كضَرْبِ المُدةِ. انتهى. وعنه، يُعْتَبرُ طَلاقُ وَلِيِّه بعدَ اعْتِدادِها للوَفاةِ، ثم تعْتَدُّ بعدَ طَلاق الوَلِيِّ بثلائةِ قُروءٍ. [وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه»] (¬1). وأطلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإذا حكَم الحاكِمُ بِالفُرْقَةِ، نفَذ حُكْمُه في الظاهِرِ دونَ الباطِنِ، فلو طلقَ الأولُ، صَحّ طَلاقُه. لبَقَاءِ نِكاحِه، وكذا لو ظاهَرَ منها، صحَّ. وهذا المذهب. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهب»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّر»، و «الشَّرْح»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويتَخرجُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الأوَّلُ، رُدَّتْ إِلَيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ ينْفُذَ حُكْمُه باطِنًا، فيَنْفَسِخَ نِكاحُ الأولِ، ولا يقَعَ طَلاقُه ولا ظِهارُه. وهو لأبي الخَطابِ في «الهِدايَةِ». وذكَرَه في «الفُروعِ» وغيرِه رِوايَةً. قلتُ: قد ذكَر المُصَنفُ -في هذا الكِتابِ، في آخِرِ بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه- رِوايةً ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى بأن حُكْمَ الحاكِمِ يُزيلُ الشَّيءَ عن صِفَتِه في الباطنِ مِنَ العُقودِ والفُسوخِ. وقال أبو الخَطَّابِ: القِياسُ أنَّا إذا حكَمْنا بالفُرْقَةِ، نفَذ ظاهِرًا وباطِنًا. وقال في «الفُروعِ»: ويتوَجهُ، الإرْثُ على الخِلافِ. فائدة: لو تزَوَّجَتِ امْرأةُ المَفْقودِ قبلَ الزمانِ المُعْتَبَرِ، ثم تبَيَّنَ أنه كان مَيِّتًا، أو أنه طلقَها قبلَ ذلك بمُدةٍ تنْقَضِي فيها العِدَّةُ، ففي صِحّةِ النكاحِ قوْلان. ذكَرَهما القاضي. الصحيحُ منهما عدَمُ الصِّحةِ. اخْتارَه المُصَنفُ، والشّارِحُ. [وقال في «الفُروعِ»: وإنْ بانَ موْتُه وَقْتَ الفُرْقَةِ ولم يَجُزِ التزْويجُ، ففي صِحّتِه وَجْهان. انتهى] (¬1). قوله: وإذا فعَلَتْ ذلك -يعْنِي، إذا تَرَبَّصَتْ أرْبَعَ سِنِين، واعْتَدتْ للوَفاةِ- ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

إِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم تزَوَّجَتْ، ثم قَدِمَ زوْجُها الأولُ، رُدت إليه إنْ كان قبلَ دُخول الثاني بها. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَر القاضي رِوايَةً، أنه يُخَيرُ. أخذ ذلك مِن قوْلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله: إذا تَزَوَّجَتِ امْرأته، فجاءَ، خُيِّر بينَ الصَّداق وبينَ امْرأتِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والصَّحيح أنَّ عُمومَ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، يُحْمَلُ على خاصِّ كلامِه في رِوايَةِ الأثْرَمِ، وأنه لا تَخْيِيرَ إلَّا بعدَ

وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ، خُيِّرَ الأوَّلُ بَينَ أخْذِهَا وَبَينَ تَرْكِهَا مَعَ الثَّانِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدُّخولِ، فتَكونُ زَوْجَةَ الأوَّلِ، رِوايَةً واحدة. قوله: وإنْ كان بعدَه -يعْنِي بعدَ الدُّخولِ والوَطْءِ- خُيِّرَ الأوَّلُ بينَ أخْذِها وبينَ تَرْكِها مع الثاني. وهو المذهبُ كما قال المُصَنِّف. وقدمه في «الشرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال المُصَنِّفُ هنا: والقِياس أنْ تُرَد إلى الأولِ، ولا خِيارَ، إلَّا أنْ يُفَرِّقَ الحاكِمُ بينَهما ونقُولَ بوُقوعِ الفُرْقَةِ باطِنا، فتكونَ زَوْجَةَ الثاني بكُلِّ حالٍ. وكذا قال في «الهِدايَةِ»، و «المُحَررِ». وحَكاه في «الفُروعِ» عن جماعةٍ مِنَ الأصحابِ. وعنه، التوَقُّفُ في أمْرِه. ونقَل أبو طالِبٍ، لا خِيارَ للأوَّلِ مع مَوْتها، وأن الأمَةَ كنِصْف الحُرةِ، كالعِاةِ. وقال الشيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هي زَوْجَةُ الثاني ظاهِرًا وباطِنًا. وجعَل في «الروْضَةِ» التخْييرَ المذْكورَ إليها، فأيهما اخْتارَتْه، رَدت على الآخَرِ ما أخَذَتْه منه. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِي اللِّينِ، رَحِمَه

وَيَأخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ. وَهَلْ يَأخُذُ صَدَاقَها الَّذِي أعطَاهَا أو الَّذِي أعْطَاهَا الثَّانِي؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ: وتَرِثُ الثاني. ذكَرَه أصحابُنا. وهل تَرِثُ الأوَّلَ؟ قال الشرِيفُ أبو جَعفر: تَرِثُه. [كذا قال في «الفُروعِ». وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه» على «الفُروعِ»: وصَوابُه، وقال أبو حَفْص] (¬1). وخالفَه غيرُه، وأنَّه متى ظهَر الأولُ حيًّا (¬2)، فالفُرْقَةُ ونِكاحُ الثَّاني مَوْقوف، فإنْ أخَذَها، بطَل نِكاحُ الثاني حِينَئذٍ، وإنْ أمْضَى، ثبَت نِكاحُ الثَّاني. فعلى المذهبِ، إنِ اخْتارَ الأولُ أخذَها، فله ذلك بالعَقْدِ الأولِ مِن غيرِ افْتِقار إلى طَلاق الثاني. على الصحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «المُغْنِي»، و «الشرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: والمَنْصوصُ: وإنْ لم يُطَلِّقْ. وقيل: لا بد مِن طَلاق الثاني. قال القاضي: قِياسُ قوْلِه، يحْتاجُ إلى الطَّلاق. انتهى. وإنِ اخْتارَ أنْ يتْرُكَها للثاني، ترَكها له، فتكون زوْجَتَه مِن غيرِ تجديدِ عَقْدٍ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدمه في «الشرْح»، و «الفُروعِ». قلتُ: فيعايَى بها. وقال المُصَنفُ: الصحيحُ أنه يُجَددُ العَقْدَ. قوله: ويَأخُذُ صَداقَها منه. يعْنِي، إذا ترَكَها الأولُ للثاني أخَذ صَداقَها منه وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيل: القِياسُ أنه لا يأخُذُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يأخُذُ صَداقَها الذي أعطاها أو الذي أعْطاها الثاني؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشَرح»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يأخُذُ قَدْرَ صَداقِها الذي أعْطاها هو، لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني. وهو المذهبُ. صححه في «التَّصْحيحِ». قال في «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والخَمْسِينَ بعدَ المِائةِ»: هذا أصحُّ الروايتَين. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». واخْتارَه أبو بَكْر. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «شَرْح ابنِ رَزين». والروايةُ الثانيةُ، يأخُذُ صَداقَها الذي أعْطاها الثَّاني. وعلى كِلا الروايتَين، يرْجِعُ الثاني على الزَّوْجَةِ بما أخَذَه الأوَّلُ منه. على الصحيح. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في

وَالْقِيَاسُ أن تُرَدَّ إِلَى الأوَّلِ وَلَا خِيَارَ، إلا أنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَينَهُمَا، وَنَقُولَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا، فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ فِي أمرِهِ. وَالْمَذْهَبُ الأوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين». وعنه، لا يرجِعُ به عليها. قال في «المُغْنِي» (¬1): وهو أظْهَرُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرح»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ». ¬

(¬1) المغني 11/ 254.

فَأمَّا مَنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ، كَالتَّاجِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا مَن انْقطَعَ خَبَرُه لغيبَةٍ ظاهِرُها السلامَةُ؛ كالتاجِرِ، والسائِحِ، فإن

وَالسَّائِحِ، فَإِنَّ امْرَاتَهُ تَبْقَى أبَدًا إِلَى أنْ يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ. وَعَنْهُ؛ أنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعِينَ عَامًا مَعَ سِنِّهِ يَوْمَ وُلِدَ، ثُمَّ تَحِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ امْرَأته تَبْقَى أبدًا إلى أنْ يُتَيَقَّنَ مَوْتُه. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. قدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنفُ، والشَّارحُ، وقالا (¬1): هذا المذهبُ. ونصَراه. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وعنه، أنَّها تتَرَبَّصُ تِسْعِين عامًا مع سِنِّهِ يومَ وُلِدَ، ثم تَحِلُّ. هذا المذهبُ. جزَم ¬

(¬1) في الأصل: «وقال».

وَكَذَلِكَ امْرَأةُ الْأسِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، والمُصَنفُ في هذا الكتاب، في بابِ مِيراثِ المَفْقودِ، وغيرُهم. وهو مِنْ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، تَنْتَظِرُ أَبدًا. فعليها، يَجْتَهِدُ الحاكمُ فيه، كغَيبَةِ ابنِ تِسْعِين سنَةً. ذكَرَه في «الترْغيبِ». قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ» في هذا البابِ: وإنْ جُهِلَ بغَيبَةٍ ظاهِرُها السَّلامَةُ، ولم يثْبُتْ موْتُه، بَقِيَتْ ما رأى الحاكِمُ، ثم تعْتَدُّ للمَوْتِ. وقدموا هذا. وتقدم الخِلافُ في ذلك مُسْتَوْفى، في بابِ مِيراثِ المَفْقُودِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: وكذلكِ امْرَأةُ الأسِيرِ. وقاله غيرُه مِنَ الأصحابِ أيضًا.

وَمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أوْ مَاتَ عَنْهَا وَهُوَ غَائِب عَنْهَا، فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَ أو طَلَّقَ، وإنْ لَمْ تَجْتَنِبْ مَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ. وَعَنْهُ، إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَينةٍ فَكَذَلِكَ، وَإلَّا فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ بَلَغَهَا الْخَبَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن طَلَّقها زَوْجُها، أو ماتَ عنها وهو غائِب عنها، فعِدَّتُها مِن يَوْمِ ماتَ أو طَلَّقَ، وإنْ لم تجتَنِبْ ما تَجْتَنِبُه المعْتَدَّةُ -وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ- وعنه، إنْ ثبَت ذلك ببَيِّنةٍ -أو كانتْ بوَضْعِ الحَمْلِ- فكذلك، وإلا فعِدَّتُها مِن يومِ بلَغها الخَبَرُ.

وَعِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ، وَكَذَلِكَ عِدَّةُ الْمَزْنِيِّ بِهَا. وَعَنْهُ، أنهَا تُسْتَبْرأُ بِحَيضَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعِدَّةُ المَوْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وحَكاه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ» إجماعًا. وكذا عِدَّةُ مَن نِكاحُها فاسِد. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أن كلَّ واحدةٍ منهما تُسْتَبْرأ بحَيضَةٍ، وأنَّه أحدُ الوَجْهَين في المَوْطُوءَةِ بشُبْهَةٍ. قوله: وكذلك عِدَّةُ المَزْنِيِّ بها. يعْنِي، أنَّ عِدَّتَها كعِدَّةِ المُطَلَّقَةِ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «النَّظمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وعنه، تُسْتَبْرأ بحَيضَةٍ. ذكَرَها ابنُ أبي موسى، كالأمَةِ المَزْنِيِّ بها غيرِ المُزَوَّجَةِ. واخْتارَها الحَلْوانِيُّ، وابنُ رَزِينٍ، والشَّيخُ تَقِي الدِّينِ. واخْتارَه أيضًا في كلِّ فَسْخ وطَلاقٍ ثلاثٍ. وحكَى في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» رِوايَةً ثالثةً، أنَّ المَوْطُوءَةَ بشُبْهَةٍ، والمَزْنِيَّ بها، ومَن نِكاحُها فاسِدٍ، تعْتَدُّ بثَلاثِ حِيَضٍ، فقالا: ومَن وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ، أو زِنى، أو بعَقْدٍ فاسِدٍ، تعْتَدُّ كمُطَلقَةٍ. وعنه، تُسْتَبْرأ الزَّانِيَةُ بحَيضةٍ، كأمَةٍ غيرِ مُزَوَّجَةٍ. وعنه، بثَلاثٍ. فائدة: إذا وُطِئَتِ امْرَأتُه أو سُرِّيَّتُه بشبْهَةٍ أو زِنى، حَرُمَتْ عليه حتى تعْتَدَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيما دُونَ الفَرْجِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «النَّظْمِ»، و «الزرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ» (¬1)؛ أحدُهما، لا تَحْرُمُ عليه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». [وهو الصوابُ. والثاني: تَحْرُمُ] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط ش: الأصل.

فَصْل: وَإذَا وُطِئَتِ الْمُعْتَدَّةُ بِشُبْهَةٍ أوْ غَيرِهَا، أتَمَّتْ عِدَّةَ الْأوّلِ، ثُمّ اسْتَأنَفَتِ الْعِدَّةَ مِنَ الْوَطْءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا وُطِئَتِ المُعْتَدَّةُ بشُبْهَةٍ أو غيرِها -مِثْلَ النِّكاحِ الفاسِدِ- أتَمَّتْ عِدةَ الأوَّلِ. لكِنْ لا يُحْتَسَبُ منها مُدَّةُ مُقامِها عندَ الواطِئ الثاني. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يُحسبُ منها مقُامُها عندَ الثَّاني، في الأصحِّ. وجزَم به المُصَنِّفُ في كُتُبِه، والشارِحُ. وقيل: يُحْسَبُ منها. وجزَم به القاضي،

وَإنْ كَانَتْ بَائِنًا فَأصَابَهَا الْمُطَلِّقُ عَمْدًا، فَكَذَلِكَ، وَإنْ أصَابَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافاتِهم». وأطْلَقهما في «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: ومنذُ وَطِئ لا يُحْتَسَبُ مِن مُدَّةِ الأوَّلِ. وقيل: بلَى. وقال في «الكُبْرى» بعدَ أنْ أطْلقَ الوَجْهَين: قلتُ: منذُ وَطِئ لا يُحْتَسَبُ مِن عِدَّةِ الأوَّلِ، في الأصحِّ. انتهى. وله رَجْعَتُها في مُدَّةِ تَتِمةِ العِدَّةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: وله رَجْعَةُ الرَّجْعِيَّةِ في التّتِمَّةِ، في الأصحِّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقيل: ليس له رَجْعَتُها فيها. وجزَم به القاضي في «خِلافِه». قاله في آخِرِ «الفائِدَةِ الرابِعَةَ عَشْرَةَ»: قلتُ: فيُعايَى بها. قوله: ثم اسْتَأنَفَتِ العِدَّةَ مِنَ الوَطْءِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. لأنَّ العِدَّتَين مِن رجُلَين لا يتَداخَلان. وذكَر أبو بَكْر، إذا وُطِئَتْ زوْجَةُ الطِّفْلِ، ثم ماتَ عنها، ثم وضَعَتْ قبلَ تَمامِ عِدَّةِ الوَفاةِ، أنَّها لا تحِلُّ له حتى تُكْمِلَ عِدَّةَ الوفاةِ. قال المَجْدُ: وظاهِرُ هذا تَداخُلُ العِدَّتَين. ذكَرَه في «القاعِدَة الخامِسَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائةِ». قوله: وإنْ كانتْ بائِنًا فأصابَها المُطَلِّقُ عَمْدًا، فكذلك. يعْنِي، أنها كالمَوْطوءَةِ بشُبْهَةٍ مِنَ الأجْنَبِيِّ في عِدَّتِها. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ

بِشُبْهَةٍ، اسْتَأنَفَتِ الْعِدَّةَ لِلْوَطْءِ، وَدَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الأولَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجعَلها في «الترْغيبِ» كوَطْئِه البائِنَ منه بشُبْهَةٍ، الآتِيَةِ بعدَ هذه. قوله: وإنْ أصابَها بشُبْهَةٍ -يعْنِي المُطَلِّقَ طلاقًا بائنًا- اسْتَأنفَتِ العِدَّةَ للوَطْءِ، ودخَلَتْ فيها بَقِيةُ الأولَى. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: وإنْ كان الواطِئ بشُبْهَةٍ هو الزوْجَ، تداخَلَتِ العِدَّتان؛ لأنَّهما مِن رجُل واحدٍ، إلَّا أنْ تحْمِلَ مِن أحدِ الوَطْئَين، ففي التداخُلِ وَجْهان؛ لكَوْنِ العِدتَين مِن جِنْسَين. فائدتان؛ إحْداهما، لو وُطِئَتِ امْرأته بشُبْهَةٍ، ثم طلقها رَجْعِيًّا (¬1)، اعْتَدَّتْ له أولًا، ثم اعْتَدَّتْ للشبْهَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تَعْتَدُّ للشبْهَةِ أولًا، ثم تعْتَدُّ له ثانِيًا. وهو احْتِمال في «المُحَررِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». [قال في «الرعايةِ الكُبْرى»: وهو أقْيَسُ] (2). وفي رَجْعَتِه قبلَ عِدَّتِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، ليس له ذلك. قدَّمه في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». [وصحَّحه ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه». والوَجْهُ الثَّاني، له ذلك] (¬2). وفي وَطْءِ الزوْجِ إنْ حَمَلَتْ منه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وهما احْتِمالان في «الرِّعايةِ»، و «الحاوي». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». [وقدَّم في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، تَحْريمَ الوَطْءِ. وصحَّح ابنُ نَصْر اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ» عدَمَ التَّحْريمِ] (¬1). الثَّانيةُ، كلُّ مُعْتَدةٍ مِن غيرِ النِّكاحِ الصحيحِ؛ كالزَّانِيَةِ، والمَوْطوءَةِ بشُبْهَةٍ، أو في نِكاح فاسِدٍ، قِياسُ المذهبِ تحْريمُ نِكاحِها على الواطِئ وغيرِه في العِدةِ. قاله الشَّارِحُ، وقال: قال المُصَنِّفُ: والأوْلَى حِلُّ نِكاحِها لمَن هي مُعْتَدَّة منه إنْ كان يَلْحَقُه نسَبُ وَلَدِها؛ لأن العِدَّةَ لحِفْظِ مائِه وصِيانَةِ نسَبِه، ومَن لا يَلْحَقُه نَسَبُ وَلَدِها، كالزَّانِيَةِ لا يحِلُّ له نِكاحُ؛ لأنه يُفْضِي إلى اشْتِباهِ النَّسَبِ. وتقدَّم حُكْمُ ذلك في بابِ المُحَرَّماتِ في النكاحِ بعدَ قولِه: وتحْرُمُ الزَّانِيَةُ حتى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

المقنع وَإنْ تَزَوَّجَتْ فِي عدَّتِهَا، لَمْ تَنْقَطِعْ عِدَّتُهَاحَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، فَتَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تتُوبَ. مُسْتَوْفًى، فلَيُعاوَدْ (¬1). قوله: وإنْ تزوَّجَتْ في عِدَّتِها، لم تَنقَطِعْ عِدَّتُها حتى يدخُلَ بها، فتَنْقَطِعُ ¬

(¬1) انظر ما تقدم في 20/ 335 - 340.

ثُمَّ إِذَا فَارَقَهَا، بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنَ الأوَّلِ، وَاسْتَأنَفَتِ الْعِدَّةَ مِنَ الثَّانِي، ـــــــــــــــــــــــــــــ حِينئذٍ، ثم إذا فارَقَها، بنَتْ على عِدتِها مِنَ الأولى، واسْتأنفَتِ العِدةَ مِنَ الثاني. لا أعلمُ فيه خِلافًا.

وَإنْ أتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ أحَدِهِما، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلآخَرِ أيِّهِمَا كَانَ، وَإنْ أمْكَنَ أنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، أُرِيَ الْقَافَةَ مَعَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أتَتْ بوَلَدٍ مِن أحَدِهما، انْقَضَتْ عِدَّتُها به منه، ثم اعْتَدتْ للآخَرِ

فَأُلحِقَ بِمَنْ ألحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا، وَانْقَضَتْ عِدتُهَا بِهِ مِنْهُ، وَاعْتَدتْ لِلآخرِ، وإن ألحَقتْهُ بِهِمَا، ألحِقَ بِهِمَا، وَانقضَت عِدتهَا بِهِ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيهما كان، وإنْ أمْكَنَ أنْ يكُونَ منهما، أُرِيَ القافَةَ معهما، فألحِقَ بِمَن ألْحَقُوه به منهما، وانْقَضَتْ عِدَّتُها به منه، واعْتَدَّتْ للآخَرِ. لا أعلمُ فيهْ خلافًا أيضًا. قوله: وإنْ ألْحَقَتْه بهما، ألحِقَ بهما، وانْقَضَتْ عِدَّتُها به منهما. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وفي «الانْتِصارِ» احْتِمال، تسْتَأنِفُ عِدةً لآخَرَ، كمَوْطُوءَةٍ لاثنَين. وقيل في المَوطُوءَةِ لاثْنَين بزِنًى: عليها عِدَّة واحدة، فيَتَداخَلان. وتقدم كلامُ المَجْدِ. وعندَ أبي بَكْرٍ، إنْ أتَتْ به لسِتَّةِ أشْهُر مِن نِكاحِ الثَّاني، فهو له. ذكَرَه

وَللثَّانِي أن يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَينِ. وَعَنْهُ، أنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه القاضي، وابنُ عَقِيل في المَفْقُودِ. ونقَل ابنُ مَنْصُور مِثْلَه. وزادَ، فإنِ ادَّعَياه، فألقافَةُ، ولها المَهْرُ بما أصابَها، ويُؤدّبان. قوله: وللثانِي أنْ يَنْكِحَها بعدَ انْقِضاءِ العِدتَين. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وصححه في «النظْمِ». ونَصَره المُصَنِّفُ. وقدمه في

عَلَى التَّأبِيدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرر»، و «النظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقطَع به الخِرَقِيُّ وغيرُه. قال الزرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ، والمُختارُ للأصحابِ. وعنه، أنها تحْرُمُ عليه على التأبِيدِ. وعنه، تحْرُمُ على التأبِيدِ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النِّكاحِ الفاسِدِ. وقال المُصَنِّفُ: له نِكاحُها بعدَ قَضاءِ عِدَّةِ الأوَّلِ، ولا يُمْنَعُ مِن نِكاحِها في عِدتِها منه، كالوَطْءِ في النِّكاحِ. وتقدَّم نظيرُها في الفائِدَةِ قبلَ ذلك، وهي أعَمُّ. وتقدَّم في المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ.

وَإنْ وَطِيء رَجُلَانِ امْرأةً، فَعَلَيهَا عِدَّتَانِ لَهُمَا. فصل: وإذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَانِيَةً، بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْعِدَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِيء رَجُلان امْرَأةً، فعليها عِدَّتان لهما. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ومُرادُه، إذا وَطِئاها بشُبْهَةٍ. إذْ قد تقدَّم غيرُه. وصرَّح به في «الوَجيزِ» وغيرِه. قوله: وإنْ طَلقَها واحِدَةً، فلم تَنْقَضِ عِدَّتُها حتى طَلَّقَها ثانِيَةً، بَنَتْ على ما

وإنْ رَاجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا، اسْتَأنَفَتِ الْعِدَّةَ، وإنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، فَهَلْ تَبْنِي الْعِدَّةَ أوْ تَسْتَأنِفُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَضَى مِنَ العِدَّةِ -بلا نِزاع- وإنْ راجَعَها، ثم طلَّقَها بعدَ دُخُولِه بها، اسْتَأنفَتِ العِدةَ -بلا نِزاع- وإنْ طَلقَها قبلَ دُخُولِه بها، فهل تَبْنِي أو تَسْتَأنِفُ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»؛ إحْداهما، تسْتَأنِفُ العِدةَ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ، كمَن فسَخَتْ بعدَ الرجْعَةِ بعِتْقٍ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». [قال في «المُغنِي»، و «الشرْحِ»: أوْلَى الرِّوايتَين، أنها تسْتَأنِفُ] (2). وقدمه في «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثانيةُ: تَبْنِي. اخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي، وأصحابُه. وقدمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. [وقوْلِي: اخْتارَه الخِرَقِي. هو مِن كلامِ صاحبِ «الفُروعِ». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: ليست هذه المسْألةُ في «الخِرَقِيِّ»، ولا عَزَاها إليه في «المُغنِي»، وإنما ذكَرَها في فَصْل مُفْرَدٍ، ولم يَنْقُلْ عنه فيها قَوْلا. انتهى] (2).

وَإنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا فِيهَا قَبْلَ دُخولِهِ بِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَينِ؛ أوْلَاهُمَا، أنَّهَا تَبْنِي عَلَى مَا مضَى مِنَ الْعِدَّةِ الأولَى، لِأنَّ هَذَا طَلَاق مِنْ نِكَاحٍ لَا دخولَ فِيهِ، فَلَا يوجِبُ عِدَّة. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طلقَها طلاقا بائِنا، ثم نكَحَها في عِدتِها، ثم طلقَها فيها قبلَ دُخُولِه بها، فعلى رِوايتَين؛ أوْلاهما، أنها تَبْنِي على ما مَضَى مِنَ العِدَّةِ الأولَى؛ لأنَّ هذا طَلاق مِن نِكاح لا دُخُولَ فيه، فلا يُوجِبُ عِدَّة. هذا المذهبُ بلا رَيب. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في كتابِ «الرِّوايتَين»: لا يَلْزَمُها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ، رِوايةً واحدةً. وجزَم به في «الوجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْم»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. والروايةُ الثَّانيةُ، تسْتَأنِفُ عِدةً. قال في «القاعدَةِ الخامِسَةِ (¬1) ¬

(¬1) في النسخ «الرابعة».

فَصْلٌ: وَيَجِبُ الإحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ. وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أوْ زِنًى، أوْ فِي نِكَاح فَاسِدٍ، أوْ بِمِلْكِ يَمِين، ـــــــــــــــــــــــــــــ والأرْبَعِين بعدَ المِائةِ»: فيها طَرِيقان؛ أحدُهما، هي على الرِّوايتَين اللَّتَين في الرجْعِيةِ، وهو المذْكورُ في «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، و «المُحَرَّرِ»، والثاني، تَبْنِي هنا، رِوايةً واحدةً، وهو ما في «تَعْليقِ القاضي»، و «عُمَدِ الأدِلةِ»؛ لانْقِطاعِ النِّكاحِ [الثَّاني عنِ الأوَّلِ] (¬1) بالبَينُونَةِ، بخِلافِ الرَّجْعِيةِ. قوله: فَصل: ويَجِبُ الإحْدادُ على المُعْتَدَّةِ مِنَ الوَفاةِ -بلا نِزاع- وهل ¬

(¬1) في ط، ا: «الأول عن الثاني».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَجِبُ على البائِنِ؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يجِبُ الإحْدادُ. وهو المذهبُ، على ما قدَّمْنا في الخُطةِ. اخْتارَه أبو بَكْر في «الخِلافِ»، وابنُ شِهاب، [والمُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ»] (¬1). وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يجِبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه الخِرَقِي، والقاضي، وعامَّة أصحابِه. وجزَم به في [«العُمْدَةِ»، و] (¬2) «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». ونقَل أبو داودَ، يجِبُ على المُتَوَفى عنها، والمُطَلَّقَةِ ثلاثًا، والمُحْرِمَةِ. والأصحابُ يحْكُون الخِلافَ في البائنِ، فيَشْمَلُ المُطَلَّقَةَ واحدةً وثلًاثا، والمُخْتلعَةَ. ونَقْلُ أبي داودَ مَخْصوص بالثَّلاثِ. والخِرَقِي قال: والمُطَلَّقَةِ ثلاثا. قال الزَّرْكَشِي: ويَلْحَقُ بالمُطَلقَةِ ثلاثًا كلُّ بائنٍ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: وفي وُجوبِه على البائنِ بالثَّلاثِ أو خُلْعٍ أو فَسْخٍ أو غيرِ ذلك رِوايَتان. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفي البائنِ بطَلاق ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخُلْع وفَسْخ رِوايَتان. انتهى. وقيل: المُخْتَلِعَةُ كالرَّجْعِيَّةِ. قال الشَّارِحُ: وذكَر شيخُنا في كتابِ «الكافِي» أنَّ المُخْتَلِعَةَ كالبائنِ فيما ذكَرْنا مِن الخِلافِ، والصَّحيحُ أنَّه لا يجِبُ عليها؛ لأنَّها يحِلُّ لزَوْجِها الذي خالعَها أنْ يتَزَوجَها في عِدَّتِها، بخِلافِ البائنِ بالثَّلاثِ. انتهى. فظاهِرُ كلامِه، أنَّ الخِلافَ مَخصوص بالبائنِ بالثلاثِ. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وأكثرُ الأصحابِ أطْلَقوا البائِنَ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الانْتِصارِ» وغيرِه: لا يَلْزَمُ الإحْدادُ بائنا قبلَ الدُّخولِ. تنبيه: حيثُ قُلْنا: لا يجِبُ الإحْدادُ. فإنَّه يجوزُ إجْماعًا، لكِنْ لا يُسَنُّ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». قوله: ولا يجِب في نِكاح فاسِدٍ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ.

وَسَوَاء فِي الإحْدَادِ، الْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ وَالْمُكَلَّفَةُ وَغَيرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال القاضي في «الجامِعِ»: المَنْصوصُ، يَلْزَمُ الإحْدادُ في نِكاح فاسِدٍ. وجزَم به في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، وقال: نصَّ عليه في رِوايَةِ أحمدَ بنِ محمدٍ البراثِي، و (¬1) القاضي، ومحمدِ بنِ موسى بنِ أبي مُوسى (¬2). قوله: وسواءٌ في الإحْدادِ، المُسْلِمَةُ والذميةُ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه ¬

(¬1) سقط من: ط، ا. (¬2) محمد بن موسى بن أبي موسى النهرتيري البغدادي، كان عنده عن أبي عبد الله جزء مسائل كبار جياد، وكان ثقة فاضلا جليلا، ذا قدر كبير، ومحل عظيم. توفي سنة تسع وثمانين ومائتين. تاريخ بغداد 3/ 241، 242، طبقات الحنابلة 1/ 323، 324.

وَالإحْدَادُ اجْتِنَابُ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ وَالتَّحْسِينِ، كَلُبْسِ الْحَلْي، وَالمُلَوَّنِ مِنَ الثيابِ لِلتحْسِينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، وقَطَعُوا به. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه الله، في «الهَدْي»: الذين ألْزَمُوا به الذِّميةَ لا يُلْزِمُونَها به في عِدّتِها مِنَ الذِّمِّيِّ، فصار هذا كعُقُودِهم. قال في «الفُروع»: كذا قال. تنبيهان؛ أحدهما، قولُه: والإحْدادُ اجْتِناب الزِّينَةِ والطِّبِ. فتَجْتَنِبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطِّيبَ، ولو كان في دُهْن. نصَّ عليه؛ كدُهْنِ الوَرْدِ، والبَنَفْسَجِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والياسَمِينِ، والبانِ (¬1)، وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وتَتْرُكُ دُهْنًا مُطيبًا فقط، نص عليه، كدُهْنِ وَرْدٍ، وفي «المُغْنِي»: ودُهْنُ آس (¬2). ولعَلَّه بَانٌ، كما ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط، ا: «رأس». والآس: شجر دائم الخضرة، بيضى الورق، أبيض الزهر أو وَرِديه، عطرى، وثماره لبية سود تؤكل غضة، وتجفف فتكون من التوابل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صرَّح به في «المُغْنِي». وصرَّح أيضًا أنَّه لا بأسَ بالادِّهانِ بالزَّيتِ، والشَّيرَجِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسمْنِ، ولم يَخُص غيرَ الرأسِ، بل أطْلَقَ. قلتُ: وكذا قال الشارِحُ.

كَالأحْمَرِ وَالأصْفَرِ وَالأخْضَرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصَّافِي وَالْأزْرَقِ الصَّافِي، وَاجْتِنَابِ الحِنَّاءِ والخِضَابِ، وَالْكُحْلٍ الْأسْوَدِ وَالْحِفَافِ، وإسْفِيدَاجِ العَرَائِسِ، وَتَحْمِيرِ الْوَجْهِ وَنحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّاني، قولُه: واجْتِنابُ الحِنَّاءِ والخِضابِ، والكُحْلِ الأسْوَدِ. مُرادُه باجْتِنابِ الكُحْلِ الأسْوَدِ، إذا لم تَكُنْ حاجَةٌ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايةِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنِ اضْطُرَّتِ الحادَّةُ إلى الكُحْلِ بالإثْمِدِ للتَّداوي، فلها أنْ تَكْتَحِلَ ليلًا وتمْسَحَه نَهارًا. وقطَعُوا به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأفْتَتْ به أمُّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللهُ عنها. قلتُ: ذلك مُعارَضٌ بما في «الصَّحِيحَين» أنَّ امْرأةً جاءَتْ إلى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسُولَ اللهِ، إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُها، وقد اشْتَكَتْ عَينَهَا، أفَتَكْحُلُها؟ فقال: «لا». مرَّتَين. فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ ذلك منْسُوخًا، ويَحْتَمِلُ أنَّه كان يُمْكِنُها التَّداوي بغيرِه فَمَنَعها منه، ويَحْتَمِلُ أنَّها لم تَكُنْ وصَلَتْ إلى الاضْطِرارِ إلى ذلك. واللهُ أعلمُ. قوله: والحِفافِ. تُمْنَعُ الحادَّةُ مِنَ الحِفافِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وفيه وَجْهُ سَهْو. وقال في «المُطْلِعِ»: والمُحَرَّمُ عليها إنَّما هو نَتْفُ وَجْهِها، فأمَّا حَفُّه وحَلْقُه، فمُباحٌ.

وَلَا يَحْرُمُ عَلَيهَا الْأبْيَضُ مِنَ الثِّيَابِ وَإنْ كَانَ حَسَنًا، وَلَا الْمُلَوَّنُ لِدَفْعِ الْوَسَخِ، كَالْكُحْلِيِّ وَنَحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه أصحابُنا. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّه اشْتَبَه عليه، فجعَل المَمْنُوعَةَ منه في الإحْدادِ وغيرِه -وهو النَّتْفُ- مَمْنُوعَةً منه هنا، وجعَل الذي لا تُمْنَعُ منه الزَّوْجَةُ مع زوْجِها وغيرُ الحادَّةِ -وهو الحَفُّ والحَلْقُ- لا تُمْنَعُ منه الحادَّةُ هنا. والظَّاهِرُ أنَّه سَهْوٌ، ولعَلَّ صاحِبَ «الفُروعِ» عَناه بما قال. فائدة: لا تُمْنَعُ مِن التَّنْيفِ بتَقْليمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبْطِ، وحَلْقِ الشَّعَرِ المَنْدُوبِ إلى حَلْقِه، ولا مِن الاغْتِسالِ بالسِّدْرِ والامْتِشَاطِ. قوله: ولا يَحْرُمُ عليها الأبْيَضُ مِنَ الثِّيابِ وإنْ كان حَسَنًا، ولا المُلَوَّنُ لدَفْعِ

وَقَال الْخِرَقِيُّ: وَتَجْتَنِبُ النقَابَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَسَخِ؛ كالكُحْلِيِّ وَنحوه. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْرُمُ الأبْيَضُ المُعَدُّ للزِّينَةِ. وما هو ببعيدٍ؛ فإنَّ بعضَها أعْظَمُ ممَّا مُنِعَتْ منه مِن غيرِه. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا يَحْرُمُ في الأصحِّ مُلَوَّنٌ لدَفْعِ وَسَخٍ، كأسْوَدَ وكُحْلِيٍّ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». فائدة: هل تُمْنَعُ مِن الذي صُبغ غَزْلُه ثم نُسِجَ أمْ لا؟ فيه احْتِمالان مُطْلَقان ذكَرَهما المُصَنِّفُ، والشَّارِ حُ، والزَّرْكَشِيُّ؛ بِناءً على تَفْسيرِ العَصْبِ المُسْتَثْنَى في الحديثِ بقَوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ». وأطْلَقَ الوَجْهَين في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، فقال القاضي: هو ما صُبغ غَزْلُه قبلَ نَسْجِه، فيُباحُ ذلك. وصحَّح المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، أنَّه نَبْتٌ يَنْبُتُ في اليَمَنِ تُصْبَغُ به الثِّيابُ. ونقَلاه عن صاحبِ «الرَّوْضِ الأُنُفِ»، وصحَّحا أنَّ ما صُبغَ غَزْلُه يَحْرُمُ عليها لُبْسُه، وأنَّه ليس بعَصْبٍ. [والمذهبُ، يَحْرُمُ ما صُبغَ غَزْلُه ثم نُسِجَ. قدَّمه في «الفُروعِ»] (¬1). قوله: قال الخِرَقِيُّ: وتَجْتَنِبُ النِّقابَ. هذا ممَّا انْفَرَدَ به الخِرَقِيُّ، وتابَعَه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وجماعةٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ إلّا الخِرَقِيَّ، ومَن تابعَه، ونصَّ عليه، أنَّ النِّقابَ لا يَحْرُمُ عليها. قال الزَّرْكشِيُّ عندَ كلام الخِرَقِيِّ، وتجْتَنِبُ النِّقابَ: كأنَّه لا نصَّ فيه عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، لَأنَّ كثيرًا مِنَ الأصحابِ عَزا ذلك إلى الخِرَقِيِّ، لأنَّ المُعْتَدَّةَ كالمُحْرِمَةِ، وعلى هذا تُمْنَعُ ممَّا في مَعْنَى ذلك، كالبُرْقُعِ. وقال. فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ البائِنَ التي تَحِدُّ لا تَجْتَنِبُ النِّقابَ. وصرَّح به أبو محمدٍ في «الكتابِ الكَبِيرِ». وظاهِرُ كلامِه في «كِتابِه الصَّغِيرِ»، وكذلك المَجْدُ، مَنْعُها مِن ذلك. قوله: فَصْلٌ: وَتجِبُ عِدَّةُ الوَفاةِ في المنْزِلِ الذي وجَبَتْ فيه،

إلا أن تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إِلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ، بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا فَتَنْتَقِلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إلى خُرُوجِها منه؛ بأنْ يُحَوِّلَها مالِكُه، أوْ تَخْشَى على نفسِها فتَنْتَقِلَ. بلا نِزاعٍ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّها تَنْتَقِلُ حيثُ شاءَتْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أحدُ الوَجْهَين، والمذهبُ منهما، على ما اصْطَلَحْناه. اخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الكافِي». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (1). والوَجْهُ الثَّاني، أنَّها لا تَنتقِلُ إلَّا إلى أقْرَبِ ما يُمْكِنُ مِنَ المَنْزِلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي وَجَبَتْ فيه. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». فائدة: لو بِيعَتِ الدَّارُ التي وَجَبَتْ فيها العِدَّةُ وهي حامِلٌ، فقال المُصَنِّفُ: لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ البَيعُ؛ لأنَّ الباقِيَ مِن مُدَّةِ العِدَّةِ مَجْهولٌ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقال المَجْدُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قِياسُ المذهبِ الصِّحَّةُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم ذلك أيضًا في بابِ الإِجارَةِ عندَ قوْلِه: ويجوزُ بَيعُ العَينِ المُسْتَأْجَرَةِ. تنبيه: قوْلُه: بأنْ يُحَوِّلَها مالِكُه (¬1). صحيحٌ. وقال في «المُغْنِي» (¬2): أو ¬

(¬1) في الأصل، ط: «المالك». (¬2) انظر: المغني 11/ 292.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَطْلُبَ به فَوْقَ أُجْرَتِه. وقال أيضًا هو والشَّارِحُ: أو لم تجِدْ ما تَكْتَرِي به. وقال في «التَّرْغيب»: إنْ قُلْنا: لا سُكْنَى لها. فعليها الأُجْرَةُ، وليس للوَرَثَةِ تحْويلُها منه. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ. قال: وظاهِرُ «المُغْنِي» وغيرِه خِلافُه. وقال الزَّرْكَشِيُّ: ذكَر أبو محمدٍ مِن صُوَرِ الأعْذارِ المُبِيحَةِ للانْتِقالِ، إذا لم تَجِدْ أُجْرَةَ المَنْزِلِ إلَّا مِن مالِها، فلها الانْتِقالُ. وصرَّح أنَّ الواجِبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها فِعْلُ السُّكْنَى لا تحْصِيلُ المَسْكَنِ. وهو مُقْتَضَى قَوْلِ القاضي في «تَعْليقِه» قال: وفيما قالاه نَظَرٌ. وذكَرَه، ثم قال: والذي يظْهَرُ لي أنَّه يجِبُ عليها بَذْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُجْرَةِ مِن مالِها إنْ قَدَرَتْ عليها، وإلَّا فلا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها. فائدة: يجوزُ نقْلُها لأذاها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: ليس لهم ذلك، بل يَنْتَقِلُون عنها. واخْتارَه في «التَّرْغيبِ».

وَلَا تَخْرُجُ لَيلًا، وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: ولا تخْرُجُ لَيلًا. ولو كان لحاجَةٍ. وهو أحدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وجزَم به في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ». وقطَع في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، أنَّه لا يجوزُ لها الخروجُ ليلًا إلا لضَرُورَةٍ. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ لها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخُرُوجُ ليلًا للحاجَةِ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: ولها الخُروجُ ليلًا لحاجَةٍ، في الأشْهَرِ. قال في «الحاوي»، و «الهادِي»: ولها ذلك في أظْهَرِ الوَجْهَين. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وظاهِرُ كلامِه في «الواضِحِ»، أنَّ لها الخُروجَ مُطْلَقًا. قاله في «الفُروعِ». الثَّاني، ظاهِرُ قوْلِه: ولها الخُرُوجُ نَهارًا لحَوائِجِها. أنّه سواءٌ وُجِدَ مَن يقْضِيها الحَوائجَ أوْ لا، وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه، وأطْلَقوا. قال الحَلْوانِيُّ: لها ذلك مع وُجودِ مَن يقْضِيها. فصرَّح وبيَّن المُطْلَقَ مِن كلامِهم. وظاهِرُ قوْلِه أيضًا: لحوائِجِها. أنَّها لا تخْرُجُ لغيرِ حَوائِجها. وهوْ صحيِحٌ. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «تذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: لها الخُروجُ نَهارًا لحوائِجِها وغيرِها. قال في «الوَسِيلَةِ»: نصَّ عليه. نقَل حَنْبَلٌ، تذْهبُ بالنَّهارِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اشْتَرَطَ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ لخُروجِها الحاجَةَ، والإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ، وجماعةٌ لم يشْتَرِطُوا ذلك. ولا حاجَةَ -في التَّحْقيقِ- إلى اشْتِراطِه؛ لأنَّ المرْأةَ، وإنْ لم تكُنْ مُتَوَفًّى عنها، تُمْنَعُ مِن خُروجِها مِن بيتِها لغيرِ حاجَةٍ مُطْلَقًا. فائدة: لو خالفَتْ وفَعَلت ما هي مَمْنوعَةٌ منه، أثِمَتْ وانْقَضَتْ عِدَّتُها بمُضِيِّ

وَإنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي النُّقْلَةِ إِلَى بَلَدٍ لِلسُّكْنَى فِيهِ، فَمَاتَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ، لَزِمَهَا الْعَوْدُ إلَى مَنْزِلِهَا، وَإنْ مَاتَ بَعْدَهُ، فَلَهَا الْخِيَارُ بَينَ الْبَلَدَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زَمَنِها، كالصَّغيرةِ. قوله: وإذا أذِنَ لها فِي النُّقْلَةِ إلى بَلَدٍ للسُّكْنَى فيه، فماتَ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، لَزِمها العَوْدُ إلى مَنْزِلِها -بلا نِزاعٍ أعلَمُه- وإنْ ماتَ بعدَه، فلها الخِيارُ بينَ البَلَدَين. يعْنِي، إذا ماتَ بعدَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُها العِدَّةُ في البلَدِ الثَّاني، كما لو وصَلتْ. قلتُ: لو قيلَ بلُزومِها في أقْرَبِ البَلَدَين إليها، لكانَ مُتَّجِهًا، بل أوْلَى. فائدة: الحُكْمُ في النُّقْلَةِ مِن دارٍ إلى دارٍ كذلك، على ما تقدَّم.

وَإنْ سَافَرَ بِهَا فَمَاتَ فِي الطَرِّيقِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ، لَزِمَهَا الْعَوْدُ، وَإنْ تَبَاعَدَتْ، خُيِّرَتْ بَينَ الْبَلَدَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنْ سافَرَ بها فماتَ في الطَّرِيقِ وهي قَرِيبَةٌ، لَزِمَها العَوْدُ، وإنْ تباعَدَتْ، خُيِّرَتْ بينَ البَلَدَين. مُرادُه، إذا كان سفرُه بها لغيرِ النُّقْلَةِ. [على ما تقدَّم. جزَم به في «الفُروعِ». وإن سافَرَ بها لغَيرِ النُّقْلَةِ] (¬1) -وهو مُرادُ المُصَنِّفِ - فالحُكْمُ كما قال المُصَنِّفُ؛ مِن أنَّها إنْ كانتْ قريبةً -وهو دُونَ مَسافةِ القَصْرِ - لَزِمَها العَوْدُ، وإنْ كانتْ بعيدةً -وهو مَسافَةُ القَصْرِ فأزْيَدُ - خُيِّرَتْ بينَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَلَدَيْن. فائدة: لو أذِنَ لها في السَّفَرِ لغيرِ النُّقْلَةِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها إنْ كانتْ قريبةً وماتَ، يَلْزَمُها العَوْدُ، وإنْ كانتْ بعيدةً، تُخيَّرُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التَّبْصِرَةِ» عن أصحابِنا في مَن سافَرتْ بإذْنٍ: يَلْزَمُها المُضِيُّ مع البُعْدِ، فتَعْتَدُّ فيه. فشَمِلَ كلامُه في «التَّبْصِرَةِ» عنِ الأصحابِ سَفَرَ النُّقْلَةِ وغيرَه.

وَإنْ أذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ، فَأحْرَمَتْ بِهِ، ثُمَّ مَاتَ، فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ، مَضَتْ فِي سَفرِهَا، وَإنْ لَمْ تَخْشَ، وَهِيَ فِي بَلَدِهَا أوْ قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ، أقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا، وَإلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإنْ لَمْ تَكُنْ أحْرَمَتْ بِهِ، أوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تَخْشَ الْفَوَاتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ أذِنَ لها فِي الحَجِّ -أو كانتْ حَجَّةَ الإسْلامِ- فأحْرَمَتْ به، ثم ماتَ، فخَشِيَتْ فَواتَ الحَجِّ، مَضَتْ فِي سَفَرِها، وإنْ لم تَخْشَ، وهي في بَلَدِها أو قَرِيبَةٌ يُمكِنُها العَوْدُ، أقامَتْ لِتَقْضِيَ العِدَّةَ فِي مَنْزِلِها، وإلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِها. قوله: وإنْ لم تَكُنْ أحْرَمَتْ، أو أحْرَمَتْ بعدَ مَوْتِه، فَحُكْمُها حُكْمُ مَن لم تَخْشَ الفَواتَ. في أنَّها تُقيمُ إذا كانتْ في بَلَدِها لم تخْرُجْ، أو خرَجَتْ لكِنَّها قريبةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُمْكِنُها العَوْدُ، وإنْ لم تَكُنْ كذلك، مثْلَ أنْ تكونَ قد تَباعَدَتْ، أو لا يُمْكِنُها العَوْدُ، فإنَّها تَمْضِي. واعلمْ أنَّها إذا أحْرَمَتْ قبلَ مَوْتِه أو بعدَه، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بينَ الإتْيانِ بالعِدَّةِ في مَنْزِلِها أو الحَجِّ أو لا يُمْكِنَ؛ فإنْ كان لا يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ ذلك، فقال في «المُحَرَّرِ»: إنْ لم يُمْكِنِ الجَمْعُ، قدَّمَتْ، مع البُعْدِ، الحَجَّ، فإنْ رجَعَتْ منه، وقد بَقِيَ مِن عِدَّتِها شيءٌ، أتَمَّتْه في مَنْزِلِها، وأمَّا مع القُرْبِ، فهل تُقَدِّمُ العِدَّةَ، أو أسْبَقَهما لُزومًا؟ على رِوايتَين. قال في «الوَجيزِ»: وإنْ لم يُمْكِنِ الجَمْعُ، قَدَّمَتِ الحَجَّ مع البُعْدِ. وقال في «الكافِي»: إنْ أحْرَمَتْ بحَجٍّ أو عُمْرَةٍ في حياةِ زَوْجِها في بَلَدِها، ثم ماتَ وخافَتْ فَواتَه، مَضَتْ فيه؛ لأنَّه أسْبَقُ، فإذا اسْتَوَيا في خَوْفِ الفَواتِ، كان أحَقَّ بالتّقْديمِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ: إنْ كانتْ قريبةً، ولم يُمْكِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّجُوعُ، فهل تُقَدِّمُ العِدَّةَ؟ وهو ظاهِرُ كلامِه في رِوايَةِ حَرْبٍ ويَعْقُوبَ، أو الحَجَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كانتْ قد أحْرَمَتْ به قبلَ العِدَّةَ، وهو اخْتِيارُ القاضي؟ على رِوايتَين. وإنْ كانتْ بعيدةً، مَضَتْ في سفَرِها. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وُجوبُ ذلك، وجَعَلَه أبو محمدٍ مُسْتَحَبًّا، وفصَّل المَجْدُ ما تقدَّم. وقدَّم في «الفُروعِ» أنَّها؛ هل تُقَدِّمُ الحَجَّ مُطْلَقًا، أو أسْبَقَهما؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما بقِيلَ، وقيلَ. وأمَّا إذا أمْكَنَ الجَمْعُ بينَهما، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه يَلْزَمُها العَوْدُ. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وقال في «المُحَرَّرِ»: يَلْزَمُها العَوْدُ مع مَوْتِه بالقُرْبِ، وتُخَيَّرُ مع البُعْدِ. وقال في «الشرْحِ»: إنْ أحْرَمَتْ بحَجِّ الفَرْضِ، أو بحَجٍّ أذِنَ لها فيه، وكان وَقْتُ الحَجِّ

وأمَّا الْمَبْتُوتَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَيهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهِ، وَتَعْتَدُّ حَيثُ شَاءَتْ. نصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُتَّسِعًا لا تَخافُ فوْتَه ولا فوتَ الرُّفْقَةِ، لَزِمَها الاعْتِدادُ في منْزِلِها، وإنْ خَشِيَتْ فَواتَ الحَجِّ، لَزِمَها المُضِيُّ فيه، [وإنْ أحْرَمَتْ بالحَجِّ بعدَ مَوْتِه وخَشِيَتْ فواتَه، احْتَمَلَ أنْ يجوزَ لها المُضِيُّ فيه] (1)، واحْتَمَلَ أنْ تَلْزَمَها العِدَّةُ في منْزِلِها. انتهى. تنبيهان؛ أحدُهما، القَرِيبُ دُونَ مَسافةِ القَصْرِ، والبَعِيدُ عكْسُه. الثَّاني، حيثُ قُلْنا: تُقَدِّمُ العِدَّةَ. فإنَّها تتَحَلَّلُ لفَواتِ الحَجِّ بعُمْرَةٍ، وحُكْمُها في القَضاءِ حُكْمُ مَن فاتَه الحَجُّ، وإنْ لم يُمْكِنْها السَّفَرُ، فهي كالمُحْصَرَةِ التي يَمْنَعُها زوْجُها مِنَ السَّفَرِ، وحُكْمُ الإحْرامِ بالعُمْرَةِ كذلك إذا خِيفَ فواتُ الرُّفْقَةِ أو لم يُخَفْ. قوله: وأمَّا المَبْتُوتَةُ فلا تَجِبُ عليها العِدَّةُ في مَنْزِلِه، وتَعْتَدُّ حيثُ شاءَتْ -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ- نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّها كالمُتَوَفَّى عنها زوْجُها. تنبيه: قولُه: وتَعْتَدُّ حيثُ شاءَتْ. يعْنِي، في بَلَدِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَين. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تَبِيتُ خارِجًا عن مَنْزِلِها. وعنه، يجوزُ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، إذا أرادَ زَوْجُ البائنِ إسْكانَها في منْزِلِه أو غيرِه، ممَّا يصْلُحُ لها تحْصِينًا لِفِراشِه، ولا مَحْذُورَ فيه، لَزِمَها ذلك. ذكَرَه القاضي وغيرُه، ولو لم يلْزَمْه نَفَقَتُها كالمُعْتَدَّةِ بشُبْهَةٍ، أو نِكاحٍ فاسدٍ، أو مُسْتَبْرَأةٍ لعِتْقٍ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلام جماعةٍ، لا يَلْزَمُها ذلك. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقدَّمه في «الرِّعَايتَين». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إنْ أرادَ ذلك، وأنْفَقَ عليها، فله ذلك، وإلَّا فلا. وسوَّى المُصَنِّفُ في «العُمْدَةِ» بينَ مَنْ يُمْكِنُ زوْجَها إمْساكُها والرَّجْعِيَّةِ في نَفَقَةٍ وسُكْنَى. الثَّانيةُ، لو كانتْ دارُ المُطَلِّقِ مُتَّسِعَةً لهما، وأمْكَنَها السُّكْنَى في مَوْضِعٍ مُنْفَرِدٍ؛ كالحُجْرَةِ، وعُلْو الدَّارِ، وبينَهما بابٌ مُغْلَقٌ، جازَ وسكَنَ الزَّوْجُ في الباقي، كما لو كانا حُجْرَتَين مُتَجاورَتَين، وإنْ لم يكُنْ بينَهما بابٌ مُغْلَقٌ، لكِنْ لها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْضِعٌ تَسْتَتِرُ فيه بحيثُ لا يراها، ومعها مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ به، جازَ أيضًا، وَتَرْكُه أوْلَى. الثَّالثةُ، لو غابَ مَن لَزِمَتْه السُّكْنَى لها، أو مَنَعَها مِنَ السُّكْنَى، اكْتَراه الحاكِمُ مِن مالِه، أو اقْتَرَضَ عليه، أو فرَضَ أُجْرَتَه، وإنِ اكْتَرتْه بإذْنِه، أو إذْنِ حاكمٍ، أو بدُونِها للعَجْزِ عن إذْنِه، رَجَعَت، ومع القُدْرَةِ على إذْنِه، فيه الخِلافُ السَّابقُ في أوَائِلِ بابِ الضَّمانِ، ولو سكَنَتْ في مِلْكِها، فلها أُجْرَتُه، ولو سكَنَتْه أو اكْتَرَتْ مع حُضورِه وسُكوتِه، فلا أُجرَةَ لها. الرَّابعةُ، حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ في العِدة حُكْمُ المُتَوَفى عنها زوْجُها. على الصّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايةِ أبي داودَ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقاله القاضي في «خِلافِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: بلْ كالزَّوْجَةِ يجوزُ لها الخُروجُ والتَّجَوُّلُ بإذْنِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا. الخامسةُ، ليس له الخَلْوَةُ [بامْرَأتِه البائِنِ إلَّا] (¬1) مع زَوْجَتِه أو أمَتِه أو مَحْرَمِ أحَدِهما. قدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يجوزُ مع أجْنَبِيَّةٍ فأكثرَ. قال في «التَّرْغيب»: وأصْلُه النِّسْوَةُ المُنْفَرِداتُ، هل لهُنَّ السَّفَرُ مع أمْنٍ بلا مَحْرَمٍ؟ قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهل يجوزُ دُخُولُه على البائنِ منه مع أجْنَبِيَّةٍ ثِقَةٍ؟ فيه وَجْهان. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ويَحْرُمُ سفَرُه بأُخْتِ زوْجَتِه، ولو معَها. وقال في مَيِّتٍ عنِ امْرأةٍ شهِدَ قومٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بطَلاقِه ثلاثًا مع عِلْمِهم عادةً بخَلْوَتِه بها: لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ إقْرارَهم يَقْدَحُ فيهم. ونقَل ابنُ هانِئٍ، يخْلُو إذا لم تُشْتَهَى، ولا يخْلُو أجانِبُ بأجْنَبِيَّةٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ وَجْهٌ؛ لقِصَّةِ أبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، مع زَوْجَتِه أسْماءَ بِنْتِ عُمَيسٍ، رَضِيَ اللهُ عنها، لمَّا رأى جماعةً مِن بَنِي هاشِمٍ عندَها. رواه مُسْلِمٌ، والإمامُ أحمدُ، رَحِمَهما اللهُ (¬1). وقال القاضي: مَن عُرِف بالفِسْقِ، مُنِعَ مِنَ الخَلْوَةِ بالأجْنَبِيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. والأشْهَرُ، تحْرُمُ مُطْلَقًا. وذكَرَه جماعَةٌ إجْماعًا. قال ابنُ عَقِيلٍ: ولو لإزَالةِ شُبْهَةٍ ارْتَدَتْ بها، أو لتَداوٍ. وفي آدابِ «عُيونِ المَسائلِ»: لا يخْلُوَنَّ رجُلٌ بامْرَأةٍ ليست له بمَحْرَمٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثالِثَهما، ولو كانتْ عَجُوزًا شَوْهاءَ. وقال في «المُغْنِي» (¬2)، لمَنِ احْتَجَّ بأن العَبْدَ مَحْرَمٌ لمَوْلاتِه بدَليلِ نظَرِه: لا يَلْزَمُ منه المَحْرَمِيَّةُ؛ بدَليلِ القَواعِدِ مِنَ النِّساءِ، وغيرِ أُولِي الإرْبَةِ. وفي «المُغْنِي» أيضًا (¬3): لا يجوزُ إعارَةُ أمَةٍ جميلةٍ لرَجُلٍ غيرِ مَحْرَمٍ، إنْ كان يخْلُو بها، أو ينْظُرُ إليها؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ عليها. وكذا في «الشَّرْحِ» إلَّا أنَّه اقْتَصَرَ على عِبارَةِ «المُقْنِعِ» بالكراهَةِ. قال في «الفُروعِ»: فحَصَلَ مِنَ النَّظَرِ ما ترَى. وقال الشَّارِحُ، كما هو ظاهِرُ «المُغْنِي»: فإنْ كانتْ شَوْهاءَ أو كبيرةً، فلا بَأْسَ؛ لأنَّها لا يُشْتَهَى مِثْلُها. وهذا إنَّما يكونُ مع الخَلْوَةِ أو النَّظَرِ كما ترَى. قال في «الفُروعِ»: وهذا في الخَلْوَةِ غريبٌ. وفي آدابِ صاحبِ «النَّظْمِ»: تُكْرَهُ الخَلْوَةُ بالعَجُوزِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، وهو غريبٌ، ولم يُغَيِّرْه. قال: وإطْلاقُ كلامِ ¬

(¬1) أخرجه مسلم، في: باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول بها، من كتاب السلام. صحيح مسلم 4/ 1711. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 171، 186، 213. (¬2) انظر: المغني 9/ 495. (¬3) انظر: المغني 7/ 346.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ في تحْريمِ الخَلْوَةِ، والمُرادُ به، مَنْ لعَوْرَته حُكْمٌ. فأمَّا مَن لا عَوْرَةَ له، كدُونِ سَبْعٍ، فلا تحْرِيمَ. وسبَق ذلك في الجَنائزِ، في تغْسِيلِ الأجْنَبِيِّ لأجْنَبِيَّةٍ، وعكْسِه. وتقدَّم في كتابِ النِّكاحِ، هل يجوزُ النَّظَرُ إلى هؤلاءِ أو إلى الأجْنَبِيَّةِ أمْ لا؟ السَّادسةُ، يجوزُ إرْدافُ مَحْرَمٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ في غيرِها، مع الأمْنِ وعدَمِ سُوءِ الظَّنِّ خِلافٌ؛ بِناءً على أنَّ إرادَتَه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، إرْدافَ أسْماءَ، رَضِيَ اللهُ عنها، مُخْتَصٌّ به (¬1). واللهُ أعلمُ. ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في: باب الغيرة، من كتاب النكاح. صحيح البخاري 7/ 45، 46. ومسلم، في: باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق، من كتاب السلام. صحيح مسلم 4/ 1716،

باب في استبراء الإماء

بَابٌ فِي استِبْرَاءِ الْإِمَاءِ وَيَجِبُ الاسْتِبْرَاءُ فِي ثَلَاثةِ مَوَاضِعَ؛ أحَدُهَا، إِذَا مَلَكَ أمَةً، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا الاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِمُبَاشَرَةٍ وَلَا قُبْلَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، إلا المَسْبِيَّةَ، هَلْ لَهُ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابٌ في اسْتِبْراءِ الإِماءِ قوله: وَيجِبُ الاسْتِبْراءُ في ثَلاثَةِ مَواضِعَ؛ أحَدُها، إذا ملَك أمَةً، لم يحِلَّ له وَطْؤُها ولا الاسْتِمْتاعُ بها بِمُباشَرَةٍ أو قُبْلَةٍ حتى يَسْتَبْرِئَها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «العُمْدَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَخْتَصُّ التَّحْريمُ بمَن تحِيضُ، فيجوزُ الاسْتِمْتاعُ والوَطْءُ بمَن لا تحِيضُ. وعنه، يَخْتَصُّ التَّحْريمُ بالوَطْءِ فقط. ذكَرَها في «الإرْشادِ». واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «الهَدْي»، واحْتَجَّ بجَوازِ الخَلْوَةِ والنَّظَرِ، وقال: لا أعلمُ في جَوازِ هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعًا. فعلى هذه الرِّوايةِ؛ يجوزُ الاسْتِمْتاعُ بما دُونَ الفَرْجِ [ممَّن لا تحِيضُ] (¬1). وعنه، لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ في المُسِنَّةِ. ذكَرَها الحَلْوانِيُّ. وذكَر في «التَّرْغيبِ» ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهًا، لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ فيما إذا مَلَكَها بإرْثٍ. وعنه، لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ إذا كان المالِكُ طِفْلًا. وقيل: لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ إذا مَلَكَها مِن مُكاتَبِه، على ما يأْتِي. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، جَوازَ وَطْءِ البِكْرِ، ولو كانتْ كبيرةً، والآيِسَةِ، وإذا أخْبَرَه صادِقٌ أنَّه لم يطَأْ، أو أنَّه اسْتَبْرَأ. ويأْتي بعدَ ذلك الخِلافُ فيما إذا مَلَكَها مِن كبيرٍ أو صغيرٍ، أو ذكَرٍ أو أُنْثَى، ويأْتِي بعدَ ذلك إذا كانتِ الأمَةُ صغيرةً. قوله: إلَّا المَسْبِيَّةَ، هل لَه الاسْتِمْتاعُ بها فيما دُونَ الفَرْجِ؟ على رِوايتَين. يعْنِي، إذا منَعْنا مِنَ الاسْتِمْتاعِ في غيرِ المَسْبِيَّةِ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». إحداهما، لا يَحِلُّ. وهو المذهبُ. [قال الشَّارِحُ] (¬1): وهو الظَّاهِرُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَحِلُّ له ذلك. وجزَم به ابنُ البَنَّا، والشِّيرَازِيُّ. وصحَّحه في «البُلْغَةِ»، والقاضي في «المُجَرَّدِ». قاله في «القَواعِدِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

سَوَاءٌ مَلَكَهَا مِنْ صَغِيرٍ أوْ كَبِيرٍ، أوْ رَجُلٍ أو امْرأةٍ. وَإنْ أعتَقَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: سَواءٌ مَلَكَها مِن صَغِير أو كَبِيرٍ، أو رَجُلٍ أو امْرَأةٍ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَلْزَمُه الاسْتِبْراءُ إذا ملَكَها مِن طِفْلٍ أو امْرَأةٍ. قلتُ: وهو مُقْتَضَى «قَواعِدِ» الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. فائدة: لو مَلَكَتْها امْرَأةٌ مِنِ امْرَأةٍ أُخْرَى، لم يجِبِ اسْتِبْراؤُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد يُقالُ: هذا ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وعنه، يَلْزَمُها اسْتِبْراؤُها، كما لو ملَكَها طِفْلٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيه، كما تقدَّم. قوله: وإنْ أعْتَقَها قبلَ اسْتِبْرائِها، لم يحِلَّ له نِكاحُها حتى يَسْتَبْرِئَها. وهذا

وَلَهَا نِكَاحُ غَيرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعُهَا يطَؤُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يحِلُّ نِكاحُها، ولا يَطَأُ حتى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْتَبْرِئ. فعلى المذهبِ، لو خالفَ وعَقَدَ النِّكاحَ، لم يصِحَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قال أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ»: ظاهِرُ المذهبِ، لا يصِحُّ. وعنه، يصِحُّ النِّكاحُ ولا يطَأُ حتى يَسْتَبْرِئَها. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قوله: ولها نِكاحُ غيرِه إنْ لم يَكُنْ بائِعُها يَطَؤُهَا. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: ولها نِكاحُ غيرِه، على الأصحِّ. وقال في «الكُبْرى»: ولها نِكاحُ غيرِه، على الأقْيَسِ. وقوَّاه النَّاظِمُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، ليس لها

وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، هَلْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. وهو المذهبُ، على ما اصْطَلحْناه في الخُطْبَةِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قلتُ: في النَّفْسِ، مِن كَوْنِ هذا المذهبَ بتَقْديمِ هؤلاءِ، شيءٌ؛ فإنَّ صاحِبَ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وإنْ كانا قد قدَّماه، فقد صحَّحا غيرَه. فائدة: لو أرادَ السَّيِّدُ تزْويجَ أمَتِه قبلَ عِتْقِها، ولم يكُنْ يطَؤُها قبلَ ذلك، فحُكْمُه حكمُ ما لو أعْتَقَها وأرادَ تزْويجَها ولم يكُنْ يطَؤُها، على ما تقدَّم، إلَّا أنَّ المُصَنِّفَ والشَّارِحَ قالا: ليس له نِكاحُها قبلَ اسْتِبْرائِها. قوله: والصَّغِيرَةُ الَّتِي لا يُوطَأُ مِثلُها، هل يَجِبُ اسْتِبْراؤُها؟ على وَجْهَين. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يجِبُ الاسْتِبْراءُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. وصحَّحه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه». ولا يُلْتَفَتُ إلى قولِ ابنِ مُنَجَّى: إنَّ ظاهِرَ كلامِه في «المُغْنِي» ترْجِيحُ الوُجوبِ. وهو قد صحَّح عدَمَه كما حكَيناه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». والثَّاني، يجبُ اسْتِبْراؤُها. قال المُصَنِّفُ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، في أكثرِ الرِّواياتِ عنه، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، والشِّيرَازِيِّ، وابنِ البَنَّا، وغيرِهم. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

وَإنِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، أوْ عَجَزَتْ مُكَاتَبَتُهُ، أوْ فَكَّ أمَتَهُ مِنَ الرَّهْنَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَى زَوْجَتَه، أو عجَزَتْ مُكاتَبَتُه، أو فَكَّ أمَتَه مِنَ الرَّهْنِ، حلَّتْ بغيرِ اسْتِبْراءٍ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. لكِنْ يُسْتَحَبُّ له الاسْتِبْراءُ في الزَّوْجَةِ؛ ليَعْلَمَ هل حمَلَتْ في زَمَنِ المِلْكِ أو غيرِه؟ وأوْجبَه بعضُ

أوْ أسْلَمَتِ الْمَجُوسِيَّةُ، أَو الْمُرْتَدَّةُ، أَو الْوَثَنِيَّةُ الَّتِي حَاضَتْ عِنْدَهُ، أوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ فَأَسْلَمَ، أو اشْتَرَى مُكَاتَبُهُ ذَوَاتِ رَحِمِهِ، فَحِضْنَ عِنْدَهُ، ثُمَّ عَجَزَ، أو اشْتَرَى عَبْدُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ فيما إذا مَلَكَ زوْجَتَه لتَجْديدِ المِلْكِ. قاله في «الرَّوْضَةِ». قوله: أو أسْلَمَتِ المَجُوسِيَّةُ، أو المُرْتَدَّةُ، أو الوَثَنِيَّةُ التي حاضَتْ عندَه، أو اشْتَرَى مُكاتَبُه ذَواتِ رَحِمِه، فحِضْنَ عندَه، ثم عجَز، حلَّتْ بغيرِ اسْتِبْراءٍ. وهذا

التَّاجِرُ أمَةً فَاسْتَبْرأهَا، ثُمَّ أخَذَهَا سَيِّدُهُ، حَلَّتْ بِغَيرِ اسْتِبْرَاءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: وفي الأصحِّ، لا يَلْزَمُه إنْ أسْلمَتْ مَجُوسِيَّةٌ، أو وَثَنِيَّةٌ، أو مُرْتَدَّةٌ، أو رجَع إليه رَحِمُ مُكاتَبِه المَحْرَمِ لعَجْزِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. قال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي» فيما إذا أسْلَمَتِ الكافِرَةُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: يجِبُ الاسْتِبْراءُ في ذلك كلِّه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِه، أنَّ السَّيِّدَ لو أخَذ مِنَ المُكاتَبِ أمَةً مِن ذَواتِ مَحارِمِه بعدَ أنْ حاضَتْ عندَه، أنَّه يَلْزَمُه الاسْتِبْراءُ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لَزِمَه في الأصحِّ. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي».

وَإنْ وُجدَ الاسْتِبْرَاءُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أجْزأَ. وَيَحْتَمِلُ ألا يُجْزِئَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقيل: لا يَلْزَمُه. قوله: وإنْ وُجِدَ الاسْتِبْراءُ في يَدِ البائعِ قبلَ القَبْضِ، أجْزَأه. هذا هو المذهبُ. قاله ابنُ مُنَجَّى وغيرُه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». واخْتارَه القاضي، وجماعةٌ مِن أصحابِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الخُلاصَةِ»: حصَل الاسْتِبْراءُ، على الأصحِّ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْزِئَه. وهو وَجْهٌ في «الكافِي»، [وغيرِه، ورِوايَةٌ عندَ الأكثرِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس، في «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الكافِي»] (¬1)، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». [فوائد؛ إحْداها] (¬2)، وَكِيلُ البائعِ إذا وُجِدَ الاسْتِبْراءُ في يَدِه كالبائعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يجبُ الاسْتِبْراءُ هنا. الثَّانيةُ، قال في «المُحَرَّرِ»: ويُجْزِئُ اسْتِبْراءُ مَن مَلَكَها بشِراءٍ أو وَصِيَّةٍ أو غَنِيمَةٍ أو غيرِها قبلَ القَبْضِ. وعنه، لا يُجْزِئُ. قال في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: والمُوصَى بها والمَوْرُوثَةُ والمَغْنُومَةُ كالمَبِيعَةِ. زادَ في «الرِّعايتَين»، فقال: قلتُ: والموْهُوبَةُ. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وعنه، تُجْزِئُ في المَوْرُوثَةِ دُونَ غيرِها. الثالثةُ، لو حصلَ اسْتِبْراءٌ زَمَنَ الخِيارِ، ففي إجْزائِه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». واخْتارَ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في ط: «فائدتان إحداهما».

وَإنْ بَاعَ أَمتَهُ، ثُمَّ عَادَتْ إلَيهِ بِفَسْخٍ أَوْ غَيرِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه» الإجْزاءَ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». قال في «الخُلاصَةِ»: حصَل الاسْتِبْراءُ، على الأصحِّ. وقيل: إنْ قُلْنا: المِلْكُ للمُشْتَرِي مع الخِيارِ. كفَى، وإلَّا فلا. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ. قال في «المُحَرَّرِ»: ومَنِ اشْتُرِيَتْ بشَرْطِ الخِيارِ، فهل يُجْزِئُ اسْتِبْراؤُها إذا قُلْنا بنَقْلِ المِلْكِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «النَّظْمِ». وقدَّم في «الرِّعايَة الصُّغْرى» عدَمَ الإجْزاءِ مُطْلَقًا. قوله: وإنْ باعَ أمَتَه، ثم عادَتْ إليه بفَسْخٍ أو غيرِه -كالإقالةِ والرُّجوعِ في الهِبَةِ- بعدَ القَبْضِ، وجَب اسْتِبْراؤُها، وإنْ كان قبلَه، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يجبُ اسْتِبْراؤُها. وهو المذهبُ. اخْتارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِيُّ، وغيرُهم. قال في «البُلْغَةِ»: وجَبَ اسْتِبْراؤُها، على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه في «المُحَرّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

وَإنِ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَزِمَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَمْ يَجِبْ فِي أَحدِ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يجِبُ اسْتِبْراؤُها. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». تنبيه: محَلُّ الخِلافِ [في الفَسْخِ] (¬1) حيثُ قُلْنا بانْتِقالِ المِلْكِ إلى المُشْتَرِي، أمَّا إنْ قُلْنا بعدَمِ انْتِقالِه عن البائعِ، ثم عادَ إليه بفَسْخٍ؛ كخِيارِ الشَّرْطِ والمَجْلِسِ، لم يجِبِ اسْتِبْراؤُه، قوْلًا واحدًا. قوله: وَإنِ اشْتَرَى أمَةً مُزَوَّجَةً، فطَلَّقَها الزَّوْجُ قبلَ الدُّخُولِ، لَزِمَ اسْتِبْراؤُها - ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ أعلَمُه، ونصَّ عليه- وإنْ كان بعدَه، لم يَجِبْ فِي أحَدِ الوَجْهَين. اكْتِفاءً بالعِدَّةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». والوَجْهُ الثَّاني، يجِبُ اسْتِبْراؤُها بعدَ العِدَّةِ. اخْتارَه القاضي. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروع».

الثَّانِي، إِذَا وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أرَادَ تَزْويجَهَا، لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَإنْ أَرَادَ بَيعَهَا، فَعَلَى رِوَايَتَينِ. وَإنْ لَمْ يَطَأْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْمَوْضِعَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مثلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو اشْتَرَى أمَةً مُعْتَدَّةً أو مُزَوَّجَةً، فماتَ زوْجُها. قوله: الثَّاني، إذا وَطِئَ أمَتَه ثم أرَادَ تزْويِجَها، لم يجُزْ حتى يسْتَبْرِئَها. ولم يَنْعَقِدِ العَقْدُ. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وعنه، يجوزُ مِن غيرِ اسْتِبْراءٍ، فيَصِحُّ العَقْدُ، ولا يطَأُ الزَّوْجُ حتى يَسْتَبْرِئ. نقَلَه الأثْرَمُ وغيرُه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ أرادَ بَيعَها، فعلى رِوايتَين. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْدَاهما، يلْزَمُه (¬1) اسْتِبْراؤُها. وهو المذهبُ. صحَّحه صاحِبُ «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنتخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه اسْتِبْراؤُها قبلَ ذلك. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». [فعلى الأوَّلِ، لو خالفَ وباعَهَا، صحَّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «المشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»] (¬2). واخْتارَه ¬

(¬1) في الأصل: «لا يلزمها». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وصحَّحَه النّاظِمُ. وعنه، لا يصِحُّ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: خصَّ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ الخِلافَ بما إذا كانتْ تَحْمِلُ، فأمَّا إنْ كانتْ آيِسَةً، لم يَلْزَمْه اسْتِبْراؤُها إذا أرادَ بَيعَها، قوْلًا واحدًا عندَهم (¬1). وأكثرُ الأصحابِ أطْلَقُوا الخِلافَ مِن غيرِ تَفْصيلٍ. قوله: وإنْ لم يطَأْها، لم يلْزَمْه اسْتِبْراؤُها في المَوْضِعَين. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ونَقلَه جماعًةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، ¬

(¬1) في الأصل: «عندهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، وقال: هذا المذهبُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: والمُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَبْرِئَها. وعنه، يَلْزَمُه الاسْتِبْراءُ وإنْ لم يطَأْها. ذكَرَها أبو بَكْر في «مُقْنِعِه»، واخْتارَها. ونقَل حَنْبَلٌ، إنْ كانتِ البالِغَةُ امْرَأَةً، قال: لابُدَّ أنْ يسْتَبْرِئَها، وما يُؤْمَنُ أنْ تكونَ قد جاءتْ بحَمْلٍ؟ وهو ظاهِرُ ما نقَلَه جماعةٌ. قاله في «الفُروعِ». وقال في «الانْتِصارِ»: إنِ اشْتَراها ثم باعَها قبلَ الاسْتِبْراءِ، لم يسْقُطِ الأوَّلُ، في الأصحِّ.

الثَّالِثُ، إِذَا أعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، أوْ أمَةً كَانَ يُصِيبُهَا، أوْ مَاتَ عَنْهَا، لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا، إلا أنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً أوْ مُعْتَدَّةً، فَلَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، إذا أعْتَقَ أُمَّ وَلَدِه، أو أمَةً كان يُصِيبُها، أو ماتَ عنها، لَزِمَها اسْتِبْرَاءُ نفْسِها -بلا نِزاعٍ- إلَّا أنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً أو مُعْتَدَّةً، فلا يلْزَمُها اسْتِبْراءٌ. وكذا لو أرادَ تزْويجَها أو اسْتَبْرأها بعدَ وَطْئِه ثم أعْتقَها، أو باعَها فأعْتَقَها مُشْتَرٍ قبلَ وَطْئِه، بلا نِزاعٍ في ذلك. وإنْ أبانَها قبلَ دُخولِه أو بعدَه، أو ماتَ فاعْتَدَّتْ ثم ماتَ السَّيِّدُ، فلا اسْتِبْراءَ إنْ لم يطَأْ؛ لزَوالِ فِراشِه بتَزْويجِها، كأمَةٍ لم يطَأْها. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وسِنْدِيٌّ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ المُصَنِّفُ وغيرُه وُجوبَه؛ لعَوْدِ فِراشِه. وإنْ باعَ ولم يسْتَبْرِئْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأعْتَقَها مُشْتَرٍ قبلَ وَطْءٍ واسْتِبْراءٍ، اسْتَبْرأتْ، أو تَمَّمَتْ ما وُجِدَ عندَ مُشْتَرٍ.

وَإنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَبَينَ مَوْتِهِمَا أقَلُّ مِنْ شَهْرَينِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ، لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخِرِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنَ الْوَفَاةِ حَسْبُ، وَإنْ كَانَ بَينَهُمَا أكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، أوْ جُهِلَتِ الْمُدَّةُ، لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخِرِ مِنْهُمَا أطْوَلُ الْأَمْرَينِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ أوْ الاسْتِبْرَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ماتَ زَوْجُها وسَيِّدُها، ولم يُعْلَمِ السَّابِقُ منهما، وبينَ مَوْتِهما أقَلُّ مِن شَهْرَين وخَمْسَةِ أَيَّامٍ، لَزِمَها بعدَ مَوْتِ الآخِرِ مِنهما عِدَّةُ الحُرَّةِ مِنَ الوفاةِ حَسْبُ، وإن كان بينهما أكْثَرُ مِن ذلك أوْ جُهِلَتِ المُدَّةُ، لَزِمَها بعدَ مَوْتِ الآخِرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما أطْوَلُ الأمْرَين؛ مِن عِدَّةِ الحُرَّةِ، أوْ الاسْتِبْراءِ. ولا تَرِثُ (¬1) الزَّوْجَ. هذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» (¬2)، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَلْزَمُها سِوَى عِدَّةِ حُرَّةٍ للوَفاةِ فقط مُطْلَقًا. ¬

(¬1) في الأصل: «أثرت». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ادَّعَتْ أمَةٌ مَوْروثَة تحْرِيمَها على وارِثٍ بوَطْءِ مَوْرُوثِه، ففي تَصْديقِها وَجْهانِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أحدُهما، تُصَدَّقُ في ذلك، لأنه لا يُعْرَفُ إلَّا مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جِهَتِها. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. [والثَّاني، لا تُصَدَّقُ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنِ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ أَمَةٍ، لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اشْتَرَكَ رَجُلان في وَطْءِ أمَةٍ، لزِمَها اسْتِبْراءَان. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يكْفِي اسْتِبْراءٌ واحدٌ. اخْتارَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قلتُ: وهو

فَصْلٌ: وَالاسْتِبْرَاءُ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا، أَوْ بِحَيضَةٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. وتقدَّم في آخِرِ اللِّعانِ، إذا اشْتَرَكَ البائِعُ والمُشْتَرِي في وَطْئِها وأتَتْ بوَلَدٍ، هل يكونُ عَبْدًا للمُشْتَرِي، أو يكونُ للبائِعِ؟ وتَفاصِيلُ ذلك. قوله: والاسْتِبْراءُ يحْصُلُ بوَضْعِ الحَمْلِ إنْ كانَتْ حامِلًا. بلا نِزاعٍ. وقوله: أو بحَيضَةٍ إنْ كانَتْ ممَّن تحِيضُ. هو المذهبُ؛ سواءٌ كانت أمَّ وَلَدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو غيرَها. وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الواضِحِ» رِوايةً، تَعْتَدُّ أمُّ الوَلَدِ بعِتْقِها أو بمَوْتِه بثَلاثِ حِيَضٍ. [قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. وذكَر في «التَّرْغِيبِ» رِوايةً، تَعْتَدُّ أمُّ الوَلَدِ بعِتْقِها بثَلاثِ حِيَضٍ] (¬1). وعنه في أُمِّ الوَلَدِ إذا ماتَ سيِّدُها، اعْتَدَّتْ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا. وحكَى أبو الخَطَّابِ رِوايةً ثالثةً، أنَّها ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَعْتَدُّ شَهْرَين وخَمْسَةَ أيَّامٍ، كعِدَّةِ الأمَةِ المُزَوَّجَةِ للوَفاةِ. قال المُصَنِّفُ: ولم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أجِدْ هذه الرِّوايةَ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ في «الجامِعِ» , ولا أظُنُّها صحيحةً عنه. قلتُ: قد أثْبَتَها جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ.

أوْ بِمُضِيِّ شَهْرٍ إِنْ كَانَتْ آيِسَةً أوْ صَغِيرَةً. وَعَنْهُ، بِثَلَاثةِ أشْهُرٍ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو بمُضِيِّ شَهْرٍ إنْ كانَتْ آيِسَةً أو صَغِيرَة. [وكذا لو بَلَغَت ولم تَحِضْ] (¬1). وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، بثَلَاثَةِ أشْهُرٍ. نقَلها الجماعَةُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّركَشِيُّ: هذا هو المَشْهورُ عنِ الإمامِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. وعنه، بشَهْرٍ ونِصْفٍ. نقَلَها حَنْبَل. وعنه، بشَهْرَين. ذكَرَه القاضي، كعِدَّةِ الأمَةِ المُطَلَّقَةِ. قال المُصَنِّفُ: ولم أرَ لذلك وَجْهًا. ولو كان اسْتِبْراؤُها بشَهْرَين (3)، لَكانَ اسْتِبْراءُ ذاتِ القَرْءِ بقَرْأين (¬1)، ولم نعْلَمْ به قائِلًا. فائدة: تُصَدَّقُ في الحَيضِ، فلو أنْكَرَتْه، فقال: أخْبَرَتْنِي به. فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُصَدَّقُ هو. وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ ارْتَفَعَ حَيضُهَا ما تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، فَبِعَشَرَةِ أشْهُرٍ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّاني، تُصَدَّقُ هي. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: وهو أظْهَرُ إلَّا في وَطْئِه أُخْتَها بنِكاحٍ أو مِلْكٍ. انتهى. قوله: وإنِ ارْتَفَعَ حَيضُها لا تدْرِي ما رفَعَه، فبِعَشَرَةِ أشْهُرٍ. نصَّ عليه. تِسْعَةٌ للحَمْلِ، وشَهْرٌ للاسْتِبْراءِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

وَعَنْهُ في أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، اعْتَدّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تُسْتَبْرَأُ بأحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وعنه، بسَنَةٍ. وعنه، بعَشَرَةِ أشْهُرٍ ونِصْفٍ. فالزَّائِدُ عنِ التِّسْعَةِ أشْهُرٍ مَبْنِيٌّ على الخِلافِ في عِدَّتِها، على ما تقدَّم. قال في «الفُروعِ»: فإنِ ارْتَفَعَ حيضُها، فكَعِدَّةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو عَلِمَتْ ما رفَع حيضَها، انْتظَرَتْه حتى يَجِئَ، فتَسْتَبْرِئَ به، أو تَصِيرَ مِنَ الآيِسَاتِ، فتَعْتَدَّ بالشُّهورِ، كالمُعْتَدَّةِ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ الوَطْءُ في الاسْتِبْراءِ، فإنْ فعَل، لم ينْقَطِعْ الاسْتِبْراءُ، وإنْ أحْبَلَها قبلَ الحَيضَةِ، اسْتَبْرَأتْ بوَضْعِه، وإنْ أحْبَلَها في الحَيضَةِ، حلَّتْ في الحالِ لجَعْلِ ما مضَى حَيضَةً. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايَى بها. ونقَل أبو داودَ، مَن وَطِئَ قبلَ الاسْتِبْراءِ يُعْجِبُنِي أنْ يسْتَقْبِلَ بها حَيضَةً. وإنَّما لم يعْتِبَرِ اسْتِبْراءَ الزَّوْجَةِ؛ لأنَّ له نَفْيَ الوَلَدِ باللِّعانِ. ذكَر ابنُ عَقِيلٍ في «المَنْثُورِ» أنَّ هذا الفَرْقَ ذكَرَه له الشّاشِيُّ (¬1)، وقد بَعَثَني شيخُنا لأسْأَلَه عن ذلك. ¬

(¬1) هو محمَّد بن أَحْمد بن الحسين الشاشي التركي، أبو بكر، الإِمام العلامة، شيخ الشافعية، وفقيه عصره، وهو مصنف كتاب «الحلية» في اختلاف العلماء، وهو الكتاب الملقب بالمستظهرى؛ لأنه صنفه للخليفة المستظهر بالله. تُوفي سنة سبع وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 19/ 393، 394.

كتاب الرضاع

كتابُ الرَّضاعِ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ (¬1) الرَّضاع تنبيه: قولُه: يَحْرُمُ مِن الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، وإذا حَمَلَتِ المَرْأةُ مِن ¬

(¬1) في الأصل، ط: «باب».

وَإِذَا حَمَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ رَجُلٍ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ، فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ، فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا، صَارَ وَلَدًا لَهُمَا في تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، وَإبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ، وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَأَوْلَادُهُ وَإنْ سَفَلُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ رَجُلٍ يَثْبُتُ نَسَبُ ولَدِها منه، فثابَ لها لَبَنٌ، فأرْضَعَتْ به طِفْلًا. هكذا عِبارَةُ الأصحابِ، وأطْلَقوا. وزادَ في «المُبْهِجِ» فقال: وأرْضَعَتْ به طِفْلًا ولم يَتَقَيَّأْ. قوله: صارَ ولدًا لهما في تَحْرِيمِ النِّكاحِ، وإباحَةِ النَّظَرِ والخَلْوَةِ، وثُبُوتِ المَحْرَمِيَّةِ، وأوْلادُه وإنْ سَفَلُوا أوْلادَ ولَدِهما، وصارا أبَوَيه، وآباؤُهما أجْدادَه

أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا، وَصَارَا أَبَوَيهِ. وَآبَاوهُمُا أَجْدَادَهُ وَجَدَّاتِهِ، وَإخْوَةُ الْمَرأَةِ وَأَخوَاتُهَا أَخوَالهُ وَخَالاتِهِ، وَإخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتُهُ أَعمَامَهُ وَعَمَّاتِهِ. وَتَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ مِنَ الْمُرْتَضِعِ إِلَى أَوْلَادِهِ وَأَولَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا، فَيَصِيرُونَ أَوْلَادًا لَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَدَّاتِه، وإخْوَةُ المَرْأةِ وأخَواتُها أخْوَاله وخالاتِه، وإخْوَةُ الرَّجُلِ وأخَواتُه أعْمامَه وعَمَّاتِه، وتَنْتَشِرُ حُرْمةُ الرَّضاعِ مِن المُرْتَضِعِ إلى أوْلَادِه وأوْلادِ أوْلادِه وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَفَلُوا، فيَصِيرُونَ أوْلادًا لهما. بلا نِزاعٍ في ذلك.

وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى مَنْ في دَرَجَتِهِ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأخَوَاتِهِ، وَلَا مَنْ هُوَ أعْلَى مِنْهُ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ وَأخْوَالِهِ وَخَالاتِهِ، فَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أبِي الْمُرْتَضِعِ وَلَا أَخِيهِ، وَلَا تَحْرُمُ أُمُّ الْمُرْتَضِع وَلَا أُخْتُهُ عَلَى أُبِيهِ مِنَ الرَّضَاعَ وَلَا أخِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَنْتَشِرُ إلى مَن في دَرَجَتِه مِن إخْوَتِه وأخَواتِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: لو ارْتَضَعَ ذكَرٌ وأُنثَى مِن امْرَأةٍ، صارَتْ أُمًّا لهما، فلا يجوزُ لأحَدِهما أنْ يتَزَوَّجَ بالآخرِ ولا بأَخَواتِه الحادِثاتِ بعدَه، ولا بَأْسَ أنْ يتَزَوجَ بأَخواتِه اللَّاتي وُلِدْنَ قبْلَه، ولكُلٍّ منهما أنْ يتَزَوَّجَ أُخْتَ الآخَرِ. انتهى.

وَإنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ وَلَدِهَا مِنَ الزِّنَى طِفْلًا، صَارَ وَلَدًا لَهَا، وَحَرُمَ عَلَى الزَّانِي تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ، وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ في حَقِّهِ، في ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: تَثْبُتُ. قَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا أعلمُ به قائِلًا غيرَه، ولعَلَّه سَهْوٌ. [ثم وَجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه» قال: هذا خِلافُ الإجْماعِ] (¬1). قوله: ولا تَنْتَشِرُ إلى مَن هو أعلَى منه مِن آبائِه وأُمَّهاتِه وأعْمامِه وعَمَّاتِه وأَخْوالِه وخالاتِه، فلا تَحْرُمُ المُرْضِعَةُ على أبي المُرْتَضِعِ ولا أخِيه، ولا تَحْرُمُ أمُّ المُرتَضِع ولا أخْتُه على أَبِيه مِنَ الرَّضاعَ ولا أخِيه. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ أرْضَعَتْ بلَبَنِ ولَدِها مِن الزِّنَى طِفْلًا، صارَ ولَدًا لها، وحَرُمَ على الزانِي تَحْرِيمَ المُصاهَرَةِ، ولم تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضاعِ في حَقه، في ظاهِرِ قَوْلِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيِّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: تَثْبُتُ. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ».

وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ في حَقِّ الْمُلَاعِنِ بِحَالٍ؛ لأَنَّهُ لَيسَ بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: قال أبو الخَطَّابِ: وكذلك الوَلَدُ المَنْفِيُّ باللِّعانِ. وهو الصَّحيحُ. يعْنِي، أنَّ حُكْمَ لَبَنِ وَلَدِها المَنْفِيِّ باللِّعانِ كحُكْمِ لَبَنِ وَلَدِها مِن الزِّنَى، مِن كوْنِ المُرْتَضِعِ يَحْرُمُ على المُلاعِنِ تحْريمَ المُصاهَرَةِ، ولم تَبْثُتْ حُرْمَةُ الرَّضاعِ في حق المُلاعِنِ على المذهبِ، أو تَثْبُتُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يثْبُتَ حُكْمُ الرَّضاعِ في حق المُلاعِنِ بحالٍ؛ لأنَّه ليسَ بلَبَنِه حَقِيقَةً ولا حُكْمًا، بخِلافِ الزَّانِي. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وَإنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأةً بِشُبْهَةٍ، فَأتَتْ بِوَلَدٍ، فَأرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا، صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ مِنْهُ، وَإنْ أُلْحِقَ بِهِمَا، كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ في حَقِّهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله (¬1): وإنْ وَطِئَ رَجُلان امْرَأةً بشُبْهَةٍ، فأَتَتْ بوَلَدٍ، فأرضَعَتْ بلَبَنِه طِفْلًا، صار ابْنًا لمن ثَبَتَ نَسَبُ المُولودِ منه -بلا نِزاعٍ- وإنْ أُلْحِقَ بهما، كان ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُرْتَضِعُ ابْنًا لهما. بلا خِلافٍ. زادَ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرهم، فقالوا: وكذا الحُكْمُ لو ماتَ ولم يَثْبُتْ نسَبُه، فهو لهما. قلتُ: وهو صحيحٌ. قوله: وإنْ لم يُلْحَقْ بواحِدٍ منهما -إمَّا لعدَمِ القافَةِ، أو لأنَّه أشْكَلَ عليهم- ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بالرَّضاعِ في حَقِّهما. كالنَّسَبِ، وهو أحدُ الوَجْهَين، والمذهبُ منهما. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الآخَرُ، هو لأحَدِهما مُبْهَمًا، فيَحْرُمُ عليهما. اخْتارَه في «التَّرْغيبِ». قال في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وإنْ لم يثْبُت نسَبُه (¬1) منهما -لتَعَذُّرِ القَافَةِ، أو لاشْتِباهِه عليهم، ونحو ذلك- حَرُمَ عليهما؛ تَغْلِيبًا للحَظْرِ. [وجزَم به ابنُ رَزِينٍ، في «شَرْحِه»، وابنُ مُنَجَّى] (1). وأَطْلَقهما ¬

(¬1) في الأصل: «نسبها».

فَإِنْ ثَابَ لِامْرأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ، لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيهِ في لَبَنِ الْبِكْرِ. وَعَنْهُ، يَنْشُرُهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ أبي مُوسَى. وَالظَّاهِرُ أنَّهُ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». قوله: وإنْ ثابَ لامْرَأةٍ لَبَنٌ مِن غَيرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ -قال جماعَةٌ، منهم ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتَيه»: أو مِن وَطْءٍ تقدَّمَ- لم يَنْشُرِ الحُرْمَةَ. نَصَّ عليه في لَبَنِ البِكْرِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: لم يَنْشُرِ الحُرْمَةَ،

وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيرُ لَبَنِ الْمَرأَةِ، فَلَو ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ رَجُلٍ أوْ بَهِيمَةٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ، لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: يُوقَفُ أمْرُ الْخُنْثَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ أمْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في ظاهرِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو المَنْصوصُ، والمُخْتارُ للقاضي وعامَّةِ أصحابِه. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: عليه الأكثرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال جماعَةٌ مِن الأصحاب: لأنَّه ليسَ بلَبَنٍ حقيقَةً، بل رُطُوبَةٌ مُتَوَلَّدَةٌ؛ لأنَّ اللَّبَنَ ما أنْشَزَ العِظامَ وأنْبَتَ اللَّحْمَ، وهذا ليسَ كذلك. وعنه، ينْشُرُها. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. قال المُصَنِّفُ هنا: والظَّاهِرُ أنَّه قولُ ابنَ حامِدٍ. قال الشَّارِحُ: وهو، قولُ ابنِ حامِدٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ. قال في «الرِّعايتَين»: ولا يُحَرمُ لَبَنُ غيرِ حُبْلَى ولا مَوْطُوأَةٍ، على الأصحِّ. فعلى القَوْلِ بأنَّه ينْشُرُ، فلا بُدَّ أنْ تكونَ بِنْتَ تِسْعِ سِنِين فصاعِدًا. صرَّح به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه؛ لقَوْلِه: وإنْ ثابَ لامْرَأةٍ. قوله: ولا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غيرُ لَبَنِ المَرْأَةِ، فلو ارْتَضَعَ طِفْلان مِن بَهِيمةٍ أو (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [رجلٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٍ] (¬1)، لم يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. بلا نِزاعٍ. [إذا ارْتَضَعَ طِفْلانِ مِن بهِيمَةٍ، لم ينْشُرِ الحُرْمَةَ. بلا نِزاعٍ] (3). وإنِ ارْتَضَعا مِن رجُلٍ، لم ينْشُرِ الحُرْمَةَ أَيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وذكَر الحَلْوانِيُّ وابْنُه رِوايةً، بأنَّه ينْشُرُ. وإنِ ارْتَضَعا مِن خُنْثَى مُشْكِلٍ، فإنْ قُلْنا: لا ينْشُرُ لَبَنُ المرْأةِ الذي حدَثَ مِن غيرِ حَمْلٍ. فهُنا لا ينْشُرُ بطَريقٍ أوْلَى وأحْرَى، وقد تقدَّم أنَّه لا ينْشُرُ على الصَّحيحِ المَنْصوصِ. وإنْ قُلْنا هنا: ينْشُرُ. على الرِّوايةِ التي ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى، فهل يَنْشُرُ الحُرْمَةَ هنا لَبَنُ الخُنْثَى المُشْكِلِ؟ فيه وَجْهان. هذه طرِيقَةُ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهي الصَّوابُ. [والصَّوابُ أَيضًا، عدَمُ الانْتِشارِ، ولو قُلْنا بالانْتِشارِ مِن المَرْأةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ] (¬1). وظاهِرُ كلامِه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم، أنَّ الخِلافَ في الخُنْثَى مُطْلَقًا؛ ولذلك ذكَرُوا المَسْألةَ مِن غيرِ بِناءٍ، فقالوا: لو ارْتَضَعَ مِن كذا وكذا ومِن خُنْثَى مُشْكِلٍ، لم ينْشُرِ الحُرْمَةَ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُوقَفُ أمْرُ الخُنْثَى حتَّى يَتَبَيَّنَ أمْرُه. ولهذا قال في «الرِّعايتَين»: ولا تَثْبُتُ حُرْمَةُ لَبَنِ رجُلٍ وخُنْثَى. وقيل: يَقِفُ أمْرُه حتَّى ينْكَشِفَ. وقيل: إنْ حَرَّم لَبَنٌ بغيرِ حَبَلٍ ولا وَطْءٍ، ففي الخُنْثَى المُشْكِلِ وَجْهانِ. انتهى. فعلى قَوْلِ ابنِ حامِدٍ، يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا أنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُه رجُلًا. قاله المُصَنفُ والشَّارِحُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: فيكونُ هذا الوُقوف عنِ الحُكْمِ بالبُنُوَّةِ والأُخُوَّةِ مِن الرَّضاعِ، يُوجبُ تحْرِيمًا في الحالِ مِن حيثُ الشُّبْهَةُ، وإنْ لم تثْبُتِ الأُخُوَّةُ حقيقةً كاشْتِباهِ أُخْتِه بأجانِبَ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: فعلى قوْلِ ابنِ حامِدٍ، لا تحْرِيمَ في الحالِ، وإنْ أَيِسُوا منه بمَوْتٍ أو غيرِه، فلا تحْريمَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

فَصْلٌ: وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلا بِشَرْطَينِ؛ أَحَدُهُمَا، أنْ يَرْتَضِعَ في الْعَامَينِ، فَلَو ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ، لَمْ تَثْبُتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَثْبُتُ الحُرْمَةُ بالرَّضاعِ إلَّا بشَرْطَين؛ أحَدُهما، أنْ يَرْتَضِعَ في العامَين، فلو ارْتَضَعَ بعدَهما بلَحْظَةٍ، لم تَثْبُتْ. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال أبو الخَطَّابِ: لو ارْتَضَعَ بعدَ الحَوْلَين بساعَةٍ، لم يُحَرِّمْ. وقال القاضي وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ»: لو شرَعَ في الخامِسَةِ، فحال الحَوْلُ قبلَ كَمالِها, لم يثْبُتِ التَّحْريمُ. قال المُصَنِّفُ: ولا يصِحُّ هذا؛ لأنَّ ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجِدَ مِن الرَّضْعَةِ في الحَوْلَين لَبَنٌ (¬1) كافٍ في التَّحْريمِ؛ بدَليلِ ما لو انْفَصَلَ ممَّا بعدَه. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ثُبوتَ الحُرْمَةِ بالرَّضاعِ إلى الفِطامِ، ولو بعدَ الحَوْلَين أو قبلَهما. فأناطَ الحُكْمَ بالفِطامِ؛ سواءٌ كان قبلَ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الْحَوْلَين أو بعدَه، واخْتارَ أَيضًا ثُبوتَ الحُرْمَةِ بالرَّضاعِ، ولو كان المُرْتَضِعُ كبيرًا للحاجَةِ، نحوَ كوْنِه مَحْرَمًا؛ لقِصَّةِ سالمٍ مَوْلَى أبي حُذَيفَةَ مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَوْجَةِ أبي حُذَيفَةَ (¬1). فائدة: لو أُكْرِهَتْ على الرِّضاعِ، ثَبَتَ حُكْمُه. ذكَرَه القاضي في ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 20/ 35.

الثَّانِي، أنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، ثَلَاثٌ يُحَرِّمْنَ. وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الجامِعَ» محَل وفاقٍ. قوله: الثَّاني، أنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعاتٍ، في ظاهِرِ المذهبِ. وهذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا رَيبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال المَجْدُ في «مُحَرَّرِه»، وغيرُه: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو مُخْتارُ أصحابِه؛ مُتَقَدِّمِهم ومُتَأخِّرِهم. وجزَم به. في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وعنه، ثَلاثٌ يُحَرِّمْنَ. وعنه، واحِدَةٌ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ».

وَمَتَى أخَذَ الثَّدْيَ، فَامْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، أوْ قُطِعَ عَلَيهِ، فَهِيَ رَضْعَةٌ، فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى، بَعُدَمَا بَينَهُمَا أَوْ قَرُبَ، وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا، أَوْ لأمْرٍ يُلْهِيهِ، أو لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيرِهِ، أوْ مِنَ امْرأةٍ إِلَى غَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهُنَّ في «الهِدايَةِ». قوله: ومتى أخَذَ الثَّدْيَ فامْتَصَّ منه ثم تَرَكَه، أو قُطِعَ عليه، فهي رَضْعَةٌ، فمتى عادَ فهي رَضْعَةٌ أُخْرَى؛ بَعُدَ ما بَينَهما أو قَرُبَ، وسَواءٌ تَرَكَه شِبَعًا، أو لأمْرٍ يُلْهِيه، أو لانْتِقالِه مِن ثَدْيٍ إلى غيرِه، أو مِن امْرَأةٍ إلى غيرِها. وهذا المذهبُ في ذلك

وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ، فَهُمَا رَضْعَةٌ، إلا أنْ يَطُولَ الفَصْلُ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقال ابنُ حامدٍ: إنْ لم يقْطَعْ باخْتِيارِه (¬1)، فهما رَضْعَةٌ، أنْ يطُولَ الفَصْلُ بينَهما. وذكَر الآمِدِيُّ، أنَّه لو قطَع باخْتِيارِه؛ لتَنَفُّسٍ، أو إعْياءٍ يلْحَقُه، ثم عادَ ولم ¬

(¬1) في الأصل: «بغيره».

وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرّضَاعِ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَطُلِ الفَصْلُ، [فهي رَضْعَةٌ واحدةٌ. قال: ولو انْتَقَلَ مِن ثَدْيٍ إلى آخَرَ، ولم يَطُلِ الفَصْلُ] (¬1)، فإنْ كان مِن امْرَأةٍ واحدةٍ، فهي رَضْعَةٌ واحدةٌ، وإنْ كان مِن امرَأتَين، فوَجْهان. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الثَّالثَةِ بعدَ المِائَةِ». وقال ابنُ أبي مُوسى: حَدُّ الرَّضْعَةِ أنْ يمْتَصَّ ثم يُمْسِكَ عن امْتِصاصٍ لتَنَفُّسٍ أو غيرِه؛ سواءٌ خرَج الثَّدْيُ مِن فَمِه، أو لم يخْرُجْ. نقَله الزَّرْكَشِيُّ. وعنه، رَضْعَةٌ إنْ تَرَكَه عن قَهْرٍ، أو لتَنَفُّسٍ أو مَلَلٍ. وقيل: إنِ انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلى ثَدْيٍ آخَرَ، أو إلى مُرْضِعَةٍ أخْرَى، فرَضْعَتان على أصحِّ الرِّوايتَين. قال في «الرِّعايتَين»: فإنْ قطَع المَصةَ للتَّنَفُّسِ أو ما أَلْهاهُ، أو قَطَعَتْ عليه المُرْضِعَةُ قَهْرًا، فرَضْعَةٌ. وعنه، لا. وإذا انْتَقَلَ مِن ثَدْيٍ إلى آخَرَ، أو إلى مُرْضِعَةٍ أُخْرى، فرَضْعَتان على الأصحِّ. قال في «الوَجيزِ»: فإنْ قطَع المَصَّةَ، لتَنَفُّسٍ أو شِبَعٍ أو أمْرٍ أَلْهاه، أو قَطَعَتْ عليه المُرْضِعَةُ قَهْرًا، فرَضْعَةٌ، فإنِ انْتَقَلَ إلى ثَدْيٍ آخَرَ، أو مُرْضِعَةٍ أُخْرَى، فثِنْتان؛ قَرُبَ ما بينَهما أو بَعُدَ. قوله: والسَّعُوطُ والوَجُورُ كالرَّضاعِ، في إحْدَى الرِّوَايتَين. وهو المذهبُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، والقاضي وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال في «الفُروعِ»: والسَّعُوطُ والوَجورُ كالرَّضاعِ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هو كالرَّضاعِ في الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. قال في «الرعايتَين»: فرَضاعٌ على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصغِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يثْبُتُ التَّحْريمُ بهما. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ».

وَيُحَرِّمُ لَبَنُ الْمَيِّتَةَ وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَال أَبُو بَكرٍ: لَا يَثْبُت التّحْرِيمُ بِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُحَرِّمُ لَبَنُ الميِّتةِ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في رِوايةِ إبْراهِيمَ الحَرْبِيِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: عليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضي وأصحابُه، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهما. كحَلْبِه مِن حَيَّةٍ ثم شُرْبِه بعدَ مَوْتِها، بلا خِلافٍ فيه. وقال أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ: لا يُحَرِّمُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «الحاوي»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه رِوايةً. فائدة: لو حَلَفَ، لا شَرِبْتُ مِن لَبَنِ هذه المَرْأةِ، فشَرِبَ مِن لَبَنِها وهي مَيِّتَةٌ، حَنِثَ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ».

وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واللَّبَنُ المَشُوبُ -يعْنِي، يُحَرِّمُ- ذكَرَه الخِرَقِيُّ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: فيُحَرِّمُ لَبَنٌ شِيبَ بغيرِه، على الأصحِّ. واخْتارَه القاضي، والشَّرِيفُ، والشِّيرَازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «الخِرَقِيِّ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُحَرِّمُ. اخْتَارَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين». ويأْتِي بِناءُ هاتَين الرِّوايتَين على ماذا قريبًا. وقال ابنُ حامدٍ: إنْ غلَبَ اللَّبَنُ، حَرَّمَ، وإلَّا فلا. وذكَر في «عُيونِ المَسائِلِ»، أنَّه الصَّحيحُ مِن المذهبِ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ أحدُها، محَلُّ الخِلافِ، عندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، فيما إذا كانتْ صِفاتُ اللَّبَنِ باقِيَةً، فأمَّا إنْ صُبَّ في ماءٍ كثيرٍ لم يتَغَيَّرْ به، لم يثْبُتْ به التَّحْريمُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، فإنَّه قال: وقيل: بل وإنْ لم يُغَيِّرْه. وعندَ القاضي، يَجْرِي الخِلافُ فيه، لكِنْ بشَرْطِ شُرْبِ الماءِ كلِّه ولو في دَفَعاتٍ، وتكونُ رَضْعَةً واحدةً. ذكَرَه في «خِلافِه». وأطْلَقهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» في «القاعدَة الثَّانيةِ والعِشْرِين». الثَّاني، قولُ المُصنِّفِ، بعدَ أنْ ذكَر اللَّبَنَ المَشُوبَ ولَبَنَ المَيِّتَةِ: وقال أبو بَكْرٍ: لا يثْبُتُ التحْريمُ بهما. [ظاهِرٌ أنَّه قولُ أبي بَكْرٍ عَبْدِ العزيزِ غُلامِ الخَلَّالِ، وأنَّه اخْتارَ عدَمَ ثُبوتِ التحْريمِ بهما] (¬1). والحالُ أنَّ الأصحابَ إنَّما حكَوْا عدَمَ تحْريمِ لَبَنِ المَيِّتةِ عن أبي بَكْرٍ الخَلَّالِ، وعدَمَ تحْريمِ اللَّبَنِ المَشُوبِ عن أبي بَكْرٍ عَبْدِ العزيزِ، فظاهِرُه التَّعارُضُ. فيُمْكِنُ أنْ يقال: قدِ اطَّلَع المُصَنِّفُ على نَقْلٍ لأبي بَكْرٍ عَبْدِ العزيزِ في المَسْألتَين. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ قد حصَل وَهْمٌ (¬2) في ذلك، ولم أرَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «هول».

وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: تَنْشُرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن نبَّهَ على ذلك. الثَّالثُ، بَنَى القاضي في «تَعْليقِه»، وصاحبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم الخِلافَ في التَّحْريمِ في اللبَنِ المَشُوبِ على القَوْلِ بالتَّحْريم بالسَّعُوطِ والوَجُورِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ومِن ثَمَّ قال أبو بَكْرٍ: قِياسُ قوْلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ هنا (¬1)، أنَّه لا يُحرِّمُ؛ لأنَّه وَجُورٌ. فائدة: يُحَرِّمُ الجُبْنُ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يُحَرِّمُ. قوله: والحُقْنَةُ لا تَنْشُرُ الحُرْمَةَ. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لأنَّ العِلةَ إنْشازُ العَظْمِ وإنْباتُ اللَّحْمِ لا حُصُولُه في الجَوْفِ، بخِلافِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَإذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَثَلَاثَ صَغَائِرَ، فَأرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ في الْحَوْلَينِ، حَرُمَتِ الْكَبِيرَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَثَبَتَ نِكَاحُ الصُّغْرَى. وَعَنْهُ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُقْنَةِ بالخَمْرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ حَامِدٍ: تَنْشُرُها. وحكاه رِوايةً. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. فائدة: لا أثَرَ للواصِلِ إلى الجَوْفِ الذي لا (1) يُغَذِّي، كالذَّكَرِ والمَثانَةِ. قوله: وإذا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ولم يَدْخُلْ بها، وثلاثَ صَغائرَ، فأرْضَعَتِ الكَبِيرَةُ إحْداهُنَّ في الحَوْلَين، حَرُمَتِ الكَبِيرَةُ على التَأْبِيدِ -لأنَّها صارَتْ مِن أُمَّهاتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّساءِ- وثَبَتَ نِكاحُ الصُّغْرى. لأنَّها رَبِيبَةٌ ولم يدْخُلْ بأُمِّها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذه الرِّوايةُ أصحُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. ونَصَره المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَنْفسِخُ نِكاحُها. يعْنِي الصُّغْرى؛ لأنَّهما صارا أُمًّا وبِنْتًا، واجْتَمَعا في نِكاحِه،

وَإنْ أرْضَعَتِ اثْنَتَينِ مُنْفَرِدَتَينِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، عَلَى الرِّوَايَةِ الأولَى، وَعَلَى الثَّانِيَةِ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الأُولَى، وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والجَمْعُ بينَهما مُحَرَّمٌ، فانْفَسَخَ نِكاحُهما، كما لو كانا أُخْتَين، وكما لو عقَد عليهما بعدَ الرَّضاعِ عقْدًا واحدًا. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ». قوله: وإن أرْضَعَتِ اثْنَتَين مُنْفَرِدَتَين، انْفَسَخَ نِكاحُهما، على الرِّوايَةِ الأُولَى -وهي المذهبُ، كإرْضاعِهما معًا - وعلى الثَّانيةِ، ينْفَسِخُ نِكاحُ

وَإنْ أرْضَعَتِ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَينِ، وَثَبَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُولَى، ويثْبُتُ نِكاحُ الثَّانيةِ. قوله: وإنْ أرْضَعَتِ الثَّلاثَ مُتَفَرِّقاتٍ، انْفَسَخَ نِكاحُ الأُولَيَينِ، وثَبَتَ نِكَاحُ

نِكَاحُ الثَّالِثَةِ، عَلَى الرِّوَايَةِ الأولَى، وَعَلَى الثَّانِيَةِ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ. وَإنْ أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُنَّ مُنْفَرِدَةً، وَاثْنَتَينِ بَعْدَ ذَلِكَ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، عَلَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالِثَةِ، على الرِّوايَةِ الأُولَى، وعلى الثَّانيةِ، يَنْفَسِخُ نِكاحُ الجَمِيعِ. فائدة: لو أرْضَعَتِ الثَّلاثَ أجْنَبِيَّةٌ في حالةٍ واحدةٍ -بأنْ حَلَبَتْه في ثَلاثِ أوانٍ، وأوجَرَتْهُنَّ في حالةٍ واحدَةٍ، ولا يُتَصَوَّرُ في غيرِ ذلك- انْفَسَخَ نِكاحُهُنَّ. وإنْ أرْضَعَتْهُن واحدةً [بعدَ واحدةٍ] (¬1)، انْفَسَخَ نِكاحُ الأوَّلَتَين، ولم ينْفَسِخْ نِكاحُ الثَّالثةِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ مِنَ الأصَاغِرِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكُبْرَى، حَرُمَ الْكُلُّ عَلَيهِ عَلَى الْأَبَدِ. وَكُلُّ امْرأةٍ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا عَلَيهِ؛ كَأُمِّهِ، وَجَدَّتِهِ، وَأُخْتِهِ، وَرَبِيبَتِهِ، إِذَا أرْضَعَتْ طِفْلَةً، حَرَّمَتْهَا عَلَيهِ. وَكُلُّ رَجُلٍ تَحْرُمُ عَلَيهِ ابْنَتُهُ، كَأخِيهِ وَأبِيهِ وابْنِهِ، إِذَا أرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ بِلَبَنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طِفْلَةً، حَرَّمَتْهَا عَلَيهِ وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ إِنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ. فَصْلٌ: وَكُلُّ مَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرأَةٍ بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيهِ بِنِصْفِ مَهْرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وكُلُّ مَن أفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ برَضاعٍ قبْلَ الدُّخُولِ، فإنَّ الزَّوجَ يَرْجِعُ عليه بنِصْفِ مَهْرِها الذي يَلزَمُه لها. بلا نِزاعٍ. قال في «القاعِدَةِ

وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا، سَقَطَ مَهْرُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: وله ثلاثَةُ مآخِذَ؛ أحدُها، أنَّ خُروجَ البُضعِ مِنَ الزَّوْجِ مُتَقَوَّمٌ، فيَتَقَوّمُ بنِصْفِ المُسَمَّى. وقيل: بنِصْفِ مَهْرِ المِثْلِ. والثَّاني، ليسَ بمُتَقَوَّمٍ، لكِنَّ المُفْسِدَ قرَّرَ على الزَّوْجِ هذا النِّصْفَ. والثَّالِثُ، أنَّ المَهْرَ كلَّه يسْقُطُ بالفُرْقَةِ، ويجبُ لها نِصْفُه وُجوبًا مبْتَدَأً بالفُرْقَةِ التي اسْتَقَلَّ بها الأجْنَبِيُّ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه»، وفيه بُعدٌ. انتهى. الثَّانيةُ، قال في أوَّلِ القاعِدَةِ المذْكُورَةِ: خُروجُ البُضعِ مِن الزَّوْجِ، هل هو مُتَقَوَّمٌ أمْ لا؟ بمَعْنَى أنَّه هل يَلْزَمُ (¬1) المُخْرِجَ له قَهْرًا ضَمانُه للزَّوْجِ بالمَهْرِ؟ فيه قوْلان في المذهبِ. ويُذْكَرانِ روايتَين (¬2) عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وأكثرُ الأصحابِ -كالقاضي ومَن بعدَه- يقُولون: ليسَ بمُتَقَوَّمٍ. وخصُّوا هذا الخِلافَ بمَن عَدا الزَّوْجَةِ، فقالوا: لا يضْمَنُ الزَّوْجُ شيئًا بغيرِ خِلافٍ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه مُتَقَوَّمٌ عليها أَيضًا. وحكاه قوْلًا في «المُذْهَبِ». ويتَخَرَّجُ على هذه المسْألَةِ جميعُ المَسائلِ التي يحْصُلُ بها الفَسْخُ. قوله: وإنْ أفْسَدَتْ نِكاحَ نَفْسِها، سَقَطَ مَهْرُها - بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) في الأصل: «يلزمه». وانظر: القواعد الفقهية 355. (¬2) في الأصل: «روايته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: وإنْ أفْسَدَتْ نِكاحَ نفْسِها، سَقَطَ مَهْرُها. إذا كانَ الإفْسادُ قبلَ الدُّخولِ. وهو واضِحٌ. ومُرادُه بقوْلِه بعدَ ذلك: ولو أفْسَدَتْ نِكاحَ نفْسِها, لم يَسْقُطْ مَهْرُها، بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. إذا كانَ الإفْسادُ بعدَ الدُّخولِ؛ بدَليلِ ما قبلَ ذلك وما بعدَه مِن كلامِ المُصَنِّفِ. وهو واضِحٌ.

وَإنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَجَبَ لَهَا مَهْرُهَا، وَلَمْ يَرْجِع بِهِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كانَ بعدَ الدُّخُولِ وجَبَ لها مَهْرُها -يعْنِي، إذا أفْسَدَه غيرُها- ولم يَرْجِعْ به على أحَدٍ. هذا اخْتِيارُ المُصَنِّفِ، والمَجْدِ في «مُحَرَّرِه»،

أَحَدٍ. وَذكرَ القاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيضًا. وَرَوَاهُ عَنْ أَحْمَدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحبِ «الحاوي». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال في «القَواعِدِ»: واخْتارَه طائفةٌ مِن المُتأخرِين. وذكَر القاضي، أنَّه يرْجِعُ به أَيضًا، ورَواه عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». واعْتَبَرَ ابنُ أبي مُوسى

وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا، لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا، بِغَيرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للرُّجوعِ العَمْدَ والعِلْمَ بحُكْمِه. وقاسَ في «الواضِحِ» النَّائمةَ على المُكْرَهَةِ. قوله: ولو أَفْسَدَتْ نِكاحَ نَفْسِها، لم يَسْقُطْ مَهْرُها، بغَيرِ خِلافٍ في المذهبِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ: لا نعلمُ فيه خِلافًا بينَهم في ذلك. قلتُ: لو خُرِّجَ السُّقوطُ مِن المَنْصوصِ في التي قبلَها, لَكانَ مُتَّجِهًا. وحكَى في «الفُروعِ» عن القاضي، أنَّها إذا أفْسَدَتْ نِكاحَ نفْسِها، يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ المُسَمَّى. وهو قولٌ في «الرِّعايَةِ»، ثم رأيتُه في «القَواعِدِ» حكَى أنَّه اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ.

فَإِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى، فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا، فَعَلَيهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى، وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وإن كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَعَلَيهِ صَدَاقُهَا، وَإنْ كَانَتِ الصُّغْرَى هِيَ الَّتِي دَبَّتْ إِلَى الْكُبْرَى وَهِيَ نَائِمَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ أرْضَعَتِ امْرَأَتُه الكُبْرَى الصُّغْرَى، فانْفَسَخَ نِكاحُها، فعليه نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى، يَرْجِعُ به على الكُبْرَى. بلا نِزاعٍ. قوله: ولا مَهْرَ للكُبْرَى إنْ كانَ لم يَدْخُلْ بها -بلا نِزاعٍ- وإنْ كانَ دَخَلَ بها. فعليه صَداقُها. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ويأْتِي هنا ما خرَّجْناه في التي قبلَها. ويأْتي في قوْلِ القاضي، الذي ذكَره قبلُ، مِن وُجوبِ نِصْفِ المُسَمَّى فقطْ هنا. قوله: وإنْ كانَتِ الصُّغْرَى هي التي دَبَّتْ إلى الكُبْرَى وهي نائِمة فارْتَضَعَتْ مِنْها، فلا مَهْرَ لها، ويرْجِعُ عليها بنِصْفِ مَهْرِ الكُبْرَى إِنْ كانَ لم يَدْخُلْ بها، وبجَمِيعِه إنْ كانَ دَخَلَ بها، على قَوْلِ القاضِي -وهو المذهبُ المَنْصُوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ كما تقدَّم. وعلى ما اخْتارَه

فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْكُبْرَى إِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ بِجَمِيعِهِ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي. وَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ، لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الدُّخولِ بِشَيْءٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وغيرُهما- لا يرْجِعُ بعدَ الدُّخولِ بشيءٍ. وتقدَّم أيضًا قولُ ابنِ أبي مُوسى، واشْتِراطُه للرُّجوعِ العَمْدَ والعِلْمَ بحُكْمِه، وتقدَّم أنَّ صاحِبَ «الواضِحِ» قاسَ النَّائمةَ على المُكْرَهَةِ، [في أنَّ] (¬1) الحُكْمَ في هذا كلِّه واحِدٌ. ¬

(¬1) في ط، ا: «فإن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة (¬1): حيثُ أُفْسِدَ نِكاحُ المرْأةِ، فلها الأخْذُ ممَّنْ أفْسَدَه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: متى خرَجَتْ منه ¬

(¬1) في الأصل: «قوله».

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أوْلَادٍ، لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ، فَأَرضَعْنَ امْرَأةً لَهُ صُغْرَى. كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَةً، حَرُمَتْ عَلَيهِ، في أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَلَمْ تَحْرُمْ أُمَّهَاتُ الأوْلَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيرِ اخْتِيارِه بإفْسادِها أَوْ لا، أو بيَمِينِه: لا تَفْعَلْ شيئًا. ففَعَلَتْه، فله مَهْرُه. وذكَره رِوايةً كالمَفْقُودِ؛ لأنَّها اسْتَحَقَّتِ المَهْرَ بسَبَبٍ هو تمْكِينُها مِن وَطْئِها، وضَمِنَتْه بسَبَب هو إفْسادُها. واحْتَجَّ بالمُخْتَلِعَةِ التي تَسَببَّتْ إلى الفُرْقَةِ. قوله: ولو كانَ لرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتُ أوْلادٍ، لهُنَّ لَبَنٌ منهُ، فأرْضَعْنَ امْرَأةً له أُخرَى، كُلُّ واحِدَةٍ منْهُنَّ رَضْعَة، حَرُمَتْ عليه، في أحدِ الوَجْهَين. ولم تَحْرُمْ أُمَّهَاتُ الأَولادِ. وهو المذهبُ. قال النَّاظِمُ: هذا الأقْوَى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ». وصحَّحه في «الخُلاصةِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. والوَجْهُ الثَّاني، لا تَحْرُمُ عليه. قال في «الهِدايةِ»: هو قولُ غيرِ ابنِ حامِدٍ. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ». وأمَّا أُمَّهاتُ الأوْلادِ، فلا يُحَرِّمْنَ إلَّا إذا قُلْنا: تَثْبُتُ الحُرْمَةُ

وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ، فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً لَهُ صُغْرَى، كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَينِ، لَمْ تَحْرُمِ الْمُرْضِعَاتُ. وَهَلْ تَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ برَضْعَةٍ. قوله: ولو كانَ له ثَلاثُ نِسْوَةٍ، لهُنَّ لَبَنٌ منه، فأَرْضَعْنَ امْرَأَةً له صُغْرَى، كُلُّ واحِدَةٍ منهُنَّ رَضْعَتَين، لم تَحْرُمِ المُرْضِعاتُ، وهل تَحْرُمُ الصُّغْرَى؟ على وجْهَين؛ أَصَحُّهُما، تَحْرُمُ. وتثْبُتُ الأُبُوَّةُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي

الصُّغْرَى؟ عَلَى وَجْهَينِ؛ أَصَحُّهُمَا، تَحْرُمُ عَلَيهِ، وَعَلَيهِ نِصْفُ مَهْرِهَا، يَرْجِعُ بِهِ عَلَيهِنَّ عَلَى قَدْرِ رَضَاعِهِنَّ، يُقْسَمُ بَينَهُنَّ أخْمَاسًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تَحْرُمُ عليه، فلا تَثْبُتُ الأُبُوَّةُ؛ لا تثْبُتُ الأُمُومَةُ. تنبيه: قولُه: وعليه نِصْفُ مَهْرِها، يَرْجِعُ به عليهنَّ على قَدْرِ رَضاعِهِن، يُقْسَمُ بَينَهُن أخْماسًا. فيَلْزَمُ الأُولَى خُمْسُ المَهْرِ؛ لأنَّه وُجِدَ منها رَضْعَتان، والثَّانيةُ كذلك، وعلى الثالثةِ نِصْفُ الخُمْسِ؛ لأنَّ التَّحْريمَ كَمَلَ بالرَّضْعَةِ الخامِسَةِ. فوائد؛ الأُولَى، لو أرْضَعَتْ أُمَّهَاتُ أوْلادِه الخَمْسُ طِفْلًا، كلُّ واحدَةٍ رَضْعَةً، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له، وصارَ المَوْلَى أبًا له، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّ الجميعَ لَبَنُه، وهُنَّ كالأوْعِيَةِ. وقيل: لا تثْبُتُ الأُبُوَّةُ أيضًا. الثَّانيةُ، لو كانَ له خُمْسُ بَناتٍ فأرْضَعْنَ طِفْلًا، كلُّ واحِدَةٍ رَضْعَةً، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له، وهل يصِيرُ الرَّجُلُ جَدًّا له وأوْلادُه أخْواله وخالاتِه؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و [«الرِّعايةِ الكُبْرى»] (1)؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، لا يصِيرُ كذلك؛ [لأنَّ ذلك فَرْعُ الأمُومَةِ؛ لأنَّ اللَّبَنَ ليسَ له، والتَّحْريمُ هنا بينَ المُرْضِعَةِ وابْنِها، بخِلافِ الأُولَى؛ لأنَّ التَّحْريمَ فيها بينَ المُرْتَضِعِ وصاحبِ اللَّبَنِ] (1). قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ: وهذا الوَجْهُ يترَجَّحُ في هذه المَسْألةِ؛ لأنَّ الفَرْعِيَّةَ متَحَقِّقَةٌ، بخِلافِ التي قبلَها. [وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»] (1). والوَجْهُ الثَّاني، يصِيرُ جَدًّا له وأوْلادُه أخْواله وخالاتِه، [لوُجودِ الرَّضاع من مِنْهُنَّ، كبِنْتٍ واحدةٍ] (1). فعلى هذا الوَجْهِ -وهو أنَّه يصيرُ أخُوهُنَّ خالًا - لا تثْبُتُ الخُئُولَةُ في حقِّ واحدةٍ مِنْهُنَّ؛ لأنَّه لم يرْتَضِعْ مِن لَبَنِ أخَواتِها خمْسَ رَضَعاتٍ، ولكِنْ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمُ؛ لأنَّه قد اجْتَمَعَ مِن اللَّبَنِ المُحَرِّمِ خمْسُ رَضَعاتٍ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ولو كَمَلَ للطِّفْلَةِ خَمْسُ رضَعاتٍ مِن أمِّ رَجُلٍ وأخْتِه وابْنَتِه وزَوْجَتِه وزَوْجَةِ ابنه، مِن كلِّ واحدةٍ رَضْعَةٌ، خُرِّجَ على الوَجْهَين. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال في «الفُروعِ»: لم تَحْرُمْ على الرَّجُلِ في الأصحِّ؛ لِمَا سَبَق. وهو ظاهرُ ما رجَّحه الشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، فقال: لم تَحْرُمْ إنْ لم تُحَرِّمِ الرضْعَةُ. [وقيل: تَحْرُمُ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى»] (1). الثَّالثةُ، [لو أرْضَعَ زَوْجَتَه الصَّغِيرَةَ خَمْسُ بَناتِ زَوْجَتِه رَضْعَة رَضْعَةً، فلا أُمُومَةَ، وتصِيرُ أُمُّهُنَّ جَدَّةً. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا تصِيرُ جَدَّةً. ورجَّحه في «المُغْنِي». وأطْلَقهما في «الفُروع»] (¬1). ولو كان لامْرأةٍ لبَنٌ مِن زَوْجٍ، فأرْضَعَتْ به طِفْلًا ثلاثَ رَضَعاتٍ، وانْقَطَعَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ امْرَأَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ، فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَهُ صِغَارًا، حَرُمَتِ الْكُبْرَى، وَإنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، حَرُمَ الصِّغَارُ أَيضًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ كَمَلَ رَضَاعُهَا أَوْلًا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لَبَنُها، فتزَوَّجَت آخَرَ، فصارَ لها منه لَبَنٌ، فأرْضَعَتْ منه الطِّفْلَ رَضْعَتَين أُخْرَيَين، صارَتْ أُمًّا له، بلا خِلافٍ عندَ القائِلِين بأنَّ الخَمْسَ مُحَرِّماتٌ، ولم يَصِرْ واحدٌ مِن الزَّوْجَين أبًا له؛ لأنَّه لم يكْمُلْ عدَدُ الرَّضاعِ مِن لَبَنِه، ويَحْرُمُ على الرَّجُلَين؛ لكَوْنِه رَبِيبَهما، لا لكَوْنِه ولَدَهما. قوله: فإِنْ كانَ لرَجُلٍ ثَلاثُ بَناتِ امْرَأةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ، فأرْضَعْنَ ثَلاثَ نِسْوَةٍ له صِغارًا، حَرُمَتِ الكُبْرَى، وإنْ كان دخَل بها، حَرُمَ الصِّغارُ أيضًا. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: وإنْ لم يَدْخُلْ بها، فهل يَنْفَسِخُ نِكاحُ مَن كَمَلَ رَضاعُها أو لا؟ على

وَإنْ أرْضَعْنَ وَاحِدَةً، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَينِ، فَهَلْ تَحْرُمُ الْكُبْرَى بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتَين. بِناءً على الرِّوايتَين اللَّتَين فيما إذا أرْضَعَتْ زوْجَتُه الكُبْرى زوْجَتَه الصُّغرى، فإنَّ الكُبْرى تَحْرُمُ، وهل ينْفَسِخُ نِكاحُ الصُّغْرى؟ على رِوايتَين تقَدَّمَتا. وتقدَّم أنَّ المذهبَ، لا ينْفَسِخُ نِكاحُ الصُّغْرى. وقال في «الرِّعايتَين»: وإنْ لم يدْخُلْ بها، بَطَلَ نِكاحُهُنَّ، على الأصحِّ. وقيل: نِكاحُ مَن كَمَلَ رَضاعُها. قوله: وإنْ أرْضَعْنَ واحِدَةً، كُلُّ واحِدةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَين، فهل تَحْرُمُ الكُبْرَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك؛ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و [«شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»] (¬1)؛ أحدُهما، لا تَحْرُمُ. وهو الصَّحيحُ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬2): والصَّحيحُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) 11/ 335.

فَصْلٌ: إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ، فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ، فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ، وَحَرُمَتْ عَلَيهِ، وَعَلَى الأوَّلِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا صَارَت مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ، وَلوْ تزَوَّجَتِ الصَّبِيَّ أَوَّلًا، ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ لِعَيبٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا، فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ، فَأَرضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ، حَرُمَتْ عَلَيهِمَا عَلَى الأَبَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ الكبيرةَ لا تَحْرُمُ بهذا. قال الشَّارِحُ: وهذا أوْلَى. والوَجْهُ الثَّاني، تَحْرُمُ. قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». قوله: «إذا طَلَّقَ امْرَأَتَه ولها منه لَبَنٌ، فتَزَوَّجَتْ بصَبِيٍّ، فأرْضَعَتْه بلَبَنِه، انْفَسَخَ نِكاحُها منه، وحَرُمَتْ عليه وعلى الأوَّلِ أبدًا؛ لأنَّها صارَتْ مِن حَلائِلِ أَبْنائِه، ولو تزَوَّجَتِ الصَّبِيِّ أَوَّلًا، ثم فَسَخَتْ نِكاحَه لعَيبٍ -وكذا لو طلَّقَ وَلِيُّه، وقُلْنا:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ- ثم تزَوَّجَتْ كبيرًا، فصارَ لها منه لَبَنٌ، فأرْضَعَتْ به الصَّبِيَّ، حَرُمَتْ عليهما على الأبَدِ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. أمَّا الكبيرُ؛ فلأنَّها حَلِيلَةُ ابْنِه مِن الرَّضاعِ، وأمَّا الصَّغِيرُ؛ فلأنَّها أُمُّه مِن الرَّضاعِ، ولأنَّها زَوْجَةُ أبِيه أيضًا. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهي مَسْأَلَةٌ عجِيبَةٌ؛ لأنَّه تحْريمٌ طرَأ لرَضاعِ أجْنَبِيٍّ. قال: وكذلك لو زوَّج أَمَتَه بعَبْدٍ له يَرْضَعُ، ثم أعْتَقَها، فاخْتارَتْ فِراقَه، ثم تَزَوَّجَت بمَنْ أوْلَدَها، فأرْضَعَتْ بلَبَنِ هذا الوَلَدِ زوْجَها المَعْتُوقَ، حَرُمَتْ عليهما جميعًا؛ لما ذكَرْنا. قلتُ: فيُعايَى بها. تنبيه: حكَى في «الرِّعايةِ الصغْرى» مَسْألَةَ المُصَنِّفِ، ثم قال: وكذا إنْ زوَّج أمَّ وَلَدِه -بعدَ اسْتِبْرائِها- بحُرٍّ رَضِيعٍ، فأَرْضَعَتْه، ما حرَّمَها. وحكَاه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكُبْرى» قوْلًا. والذي يظْهَرُ أنَّ ذلك خطَأٌ؛ لأنَّ تزْويجَ الأمَةِ للحُرِّ لا يصِحُّ إلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطَين، كما تقدَّم في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ، وليسا مَوْجُودَين في هذا الطِّفْلِ. واللهُ أعلمُ.

فَصْلٌ: وَإذَا شَكَّ في الرَّضَاعِ أَوْ عَدَدِهِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَإن شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ، ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْضِيَّة اسْتُحْلِفَتْ، فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا، وَذَهَبَ في ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ الله عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا شَكَّ في الرَّضاعِ أو عَدَدِه، بَنَى على اليَقِينِ. بلا نِزاعٍ. وقوله: وإنْ شَهِدَتْ به امْرَأةْ مَرْضِيَّة، ثَبَتَ بشَهادَتِها -هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ- وعنه، أَنَّها إنْ كانَتْ مَرْضِيَّةً

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتُحْلِفَتْ، فإنْ كانَتْ كاذِبةً، لم يَحُلِ الحَوْلُ حتَّى يَبْيَضَّ ثَدْياها، وذَهَبَ في ذلك إلى قَوْلِ ابْنِ عَباسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما. وعنه، لا يُقْبَلُ إلَّا بشَهادَةِ امْرأتَين.

وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرأةً، ثُمَّ قَال قَبْلَ الدُّخُولِ: هِيَ أُخْتِي مِنَ الرَّضَاعِ. انْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ، فَلَا مَهْرَ، وَإنْ أَكْذَبَتْهُ، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا تَزَوَّجَ امْرَأةً، ثم قال قبْلَ الدُّخُول: هي أُخْتِي مِن الرَّضاعِ. انْفَسَخَ النِّكاحُ، فإنْ صَدَّقَتْه، فلا مَهْرَ، وإنْ كَذَّبَتْه، فلها نِصْفُ المَهْرِ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

وَإِنْ قَال ذَلِكُ بَعْدَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُل حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال ذلك بعْدَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. ولها المَهْرُ بكلِّ حالٍ. يعْنِي، إذا تزَوَّجَ امْرأةً، وقال بعدَ الدُّخُولِ: هي أُخْتِى مِن الرَّضاعِ. فإنَّ النِّكاحَ ينْفَسِخُ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ لها المَهْرَ، سواءٌ صدَّقَتْه أو كذَّبَتْه. وهو معْنَى قولِ المُصَنِّفِ: ولها المَهْرُ بكُلِّ حالٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يسْقُطُ بتَصْديقِها له. قال في «الفُروعِ»: ولعَلَّ مُرادَه، يسْقُطُ المُسَمَّى، فيَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ، لكِنْ قال في «الرَّوْضَةِ»: لا مَهْرَ لها عليه. تنبيه: محَلُّ هذا في الحُكْمِ، أمَّا فيما بينَه وبينَ اللهِ، فيَنْبَنِي ذلك على عِلْمِه وتَصْديقِه؛ فإنْ عَلِمَ أنَّ الأمْرَ كما قال، فهي مُحَرَّمَة عليه، وإنْ عَلِمَ كَذِبَ نفسِه، فالنِّكاحُ بحالِه، وإنْ شكَّ في ذلك، لم يَزُلْ عن اليَقينِ بالشَّكِّ. هذا المذهبُ.

وَإنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي قَالتْ: هُوَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعِ. فَأَكْذَبَهَا، فَهِيَ زَوْجَتُهُ في الْحُكْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: في حِلِّها له إذا عَلِمَ كَذِبَ نفْسِه، رِوايَتان. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالا: والصَّحيحُ ما قُلْناه أوَّلًا. قوله: وإنْ كانَتْ هي الَّتِي قالتْ: هو أَخِي مِن الرَّضاعِ. وأَكْذَبَها، فهي زَوْجَتُه في الحُكْمٍ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ كانَ قوْلُها قبلَ الدُّخولِ، فلا مَهْرَ لها، وإنْ كان بعدَ الدُّخولِ؛ فإنْ أقَرَّتْ بأَنَّها كانتْ عالمةً بأَنَّها أُخْتُه وبتَحْريمِها عليه، وطاوَعَتْه في الوَطْءِ، فلا مَهْرَ لها أيضًا، وإنْ أنْكَرَتْ شيئًا مِن ذلك، فلها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَهْرُ؛ لأنَّه وَطْءٌ بشُبْهَةٍ، وهي زوْجَتُه في ظاهرِ الحُكْمِ وفيما بينَه وبينَ اللهِ، فإنْ عَلِمَتْ صِحَّةَ ما أقَرَّتْ به، لم يحِلَّ لها مُساكَنَتُه، ولا تَمْكِينُه مِن وَطْئِها، وعليها أنْ تَفِرَّ منه وتَفْتَدِيَ نفْسَها، كما قُلْنا في التي عَلِمَتْ أنَّ زوْجَها طلَّقها ثلاثًا وأنْكَرَ. ويَنْبَغِي أنْ يكونَ الواجِبُ لها مِن المَهْرِ بعدَ الدُّخولِ أقَلَّ الأمْرَين مِن المُسَمَّى أو مَهْرِ المِثْلِ.

وَلَوْ قَال الزَّوْجُ: هِيَ ابْنَتِي مِنَ الرَّضَاعِ. وَهِيَ في سِنِّهِ أَوْ أَكْبَرُ مِنْهُ، لَمْ تَحْرُمْ؛ لِتَحَقُّقِنَا كَذِبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو قال الزَّوْجُ: هي ابْنَتِي مِن الرَّضاعِ. وهي في سِنِّه أو أكْبَرُ منه، لم تَحْرُمْ؛ لتَحَققِنَا كَذِبَه. بلا نِزاعٍ. وإنِ احْتَمَلَ أنْ تكونَ منه، فكما لو قال: هي أُخْتِي مِن الرَّضاعَةِ. على ما تقدَّم. فائدة: لو ادعى الأخُوَّةَ أو البُنُوَّةَ وكذَّبَتْه، لم تُقْبَلْ شهادَةُ أُمِّه ولا ابْنَتِه، وتُقْبَلُ شهادةُ أُمِّها وابْنَتِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا تُقْبَلُ. وإنِ ادَّعتْ ذلك المرْأةُ وكذَّبَها، فشَهِدَتْ به أُمُّها أو ابْنَتُها، لم تُقْبَلْ، وإنْ شَهِدَتْ أمُّه أو ابْنَتُه، قُبِلَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا تُقْبَلُ. وفي «التَّرْغيبِ»: لو شَهِدَ

وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا، فهُوَ لِلأَوَّلِ، وَإنْ زَادَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا، صَارَ ابْنًا لَهُمَا. وَإنِ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا مِنَ الثَّانِي، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، هُوَ ابْنُ الثَّانِي وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بها أَبُوها، لم يُقْبَلْ، بل أَبُوه. يعْنِي بلا دَعْوى. فائدةٌ أُخْرَى: لو ادَّعَتْ أمَةٌ أُخُوَّةَ سيِّدٍ بعدَ وَطْءٍ، لم تُقْبَلْ، وإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: أظْهَرُهما القَبُولُ في تحْريمِ الوَطْءِ، وعَدَمُه في ثُبوتِ العِتْقِ. وتُشْبِهُ المسْألةَ السَّابِقَةَ في الاسْتِبْراءِ إذا ادَّعَتْ أمَةٌ مَوْروثَةٌ تحْرِيمَها على وارِثٍ. قوله: ولو تَزَوَّجَ امْرَأةً لها لَبَنٌ مِن زَوْجٍ قبْلَه، فحَمَلَتْ منه ولم يَزِدْ لبَنُها، فهو للأَوَّلِ، وإنْ زادَ لَبَنُها فأَرْضَعَتْ به طِفْلًا، صارَ ابْنًا لهما. بلا نِزاعٍ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ أنْ كانتِ الزِّيادَةُ في غيرِ أوَانِها، فهو للأَوَّلِ بلا نِزاعٍ. وكذا لو لم تَحْمِلْ وزادَ بالوَطْءِ. قوله: وَإِنِ انْقَطَعَ لَبَنُ الأَوَّلِ، ثم ثابَ بحَمْلِها مِن الثَّانِي، فكذلك عندَ أَبِي بَكْرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي، إنَّه يَصِيرُ ابْنًا لهما. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وجزَم به أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ»، ونصَرَه. وعندَ أبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»، هو ابنٌ للثاني وحدَه. وهو احْتِمالٌ للقاضي. قلتُ: وهو الصوابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». وأَطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الكافي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوي»، و «المُسْتَوعِبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، متى ولَدَتْ، فاللَّبَنُ للثَّاني وحدَه، إلا إذا لم يَزِدْ لَبَنُها ولم يَنْقُصْ مِن الأوَّلِ حتَّى وَلَدَتْ، فإنَّه يكونُ لهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ونصَّ عليه. وذكَر المُصَنِّفُ أنَّه للثَّاني، كما لو زادَ. جزَم به في «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ». وحكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. الثانيةُ، كَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أنْ يسْتَرْضِعَ الرَّجُلُ لوَلَدِه فاجِرَةً، أو مُشْرِكَةً، وكذا حَمْقاءُ، أو سَيِّئَةُ الخُلُقِ. وفي «المُجَرَّدِ»، وبَهِيمَةٌ. وفي «التَّرْغيبِ»، وعَمْياءُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وحكَى القاضي في «المُجَرَّدِ»، أنَّ مَنِ ارْتَضَعَ مِن أَمَةٍ حَمْقاءَ، خرَج الوَلَدُ أحْمَقَ، ومَنِ ارْتَضَعَ مِن سَيِّئَةِ الخُلُقِ، تعَدَّى إليه، ومَنِ ارْتَضَعَ مِن بَهِيمَةٍ، كان به بَلادَةُ البَهِيمَةِ. انتهى. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: ويَنْبَغِي أنْ يُكْرَهَ مِن جَذْمَاءَ، أو بَرْصاءَ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ المَنْعُ مِن ذلك. وتقَدَّم اسْتِحبابُ إعطاءِ (¬1) الظِّئْرِ عِنْدَ الفِطامِ عبدًا أو أمَةً، إذا كان المُسْتَرْضِعُ موسِرًا، في بابِ الإِجارَةِ في كلامَ المصَنِّفِ (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) تقدم في 14/ 285.

كتاب النفقات

كِتَابُ النَّفَقَاتِ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ مَا لَا غِنىً لَهَا عَنْهُ، وَكُسْوَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَمَسْكَنُهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ النَّفَقاتِ قوله: يجِبُ على الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِه ما لا غِنىً لها عنه، وكُسْوَتُها بالْمَعْرُوفِ، ومَسْكَنُها بما يَصْلُحُ لمثلِها.

وَلَيسَ ذَلِكَ مُقَدَّرًا، لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الزَّوْجَينِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وليس ذلك مُقَدَّرًا، لكِنَّه مُعْتَبَرٌ بحالِ الزَّوْجَين.

فَإِذا تَنازَعا فِيها، رَجَعَ الْأمْرُ إلَى الْحاكِمِ، فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحتَ الْمُوسِرِ قَذرَ كِفايَتها مِنْ أرفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ وأُدْمِهِ الَّذِي جَرَتْ عادَةُ أمْثالِها بِأكْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإنْ تَنازَعا فيها، رجَعَ الأَمْرُ إلى الْحاكِمِ، فيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تحْتَ المُوسِرِ قَدْرَ كِفَايَتِها مِن أَرْفعِ خُبْزِ البَلَدِ وأُدْمِه الذي جَرَتْ عادَةُ أمْثالِها بأَكْلِه،

وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيهِ مِنَ الدُّهْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وما تَحْتاجُ إليه مِن الدُّهْنِ. فظاهِرُه، أنَّه يفْرِضُ لها لَحْمًا بما جرَتْ عادَةُ المُوسِرين بذلك المَوْضِعِ. وهو الصَّوابُ، وبه قطَع ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِهم، وذكَرَه في «الرِّعايةِ» قوْلًا، وقال: هو أظْهَرُ. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: وهو الأظْهَرُ. وجزَم به في «البُلْغَةِ». وقيل: في كلِّ جُمُعَةٍ مرَّتَين. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَجْريدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايةِ». وقال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ العادَةُ، لكِنْ يُخالِفُ في إدْمانِه. قال: ولعَلَّ هذا مُرادُهم. تنبيه: وأُدْمُه الذي جرَتْ عادَةُ أمْثالِها بأَكْلِه. قال في «البُلْغَةِ»،

وَمَا يَكْتَسِي مِثْلُهَا مِنْ جَيِّدِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالْخَزِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهما: ولو تبَرَّمَتْ بأُدْمٍ، نقَلَها إلى أُدْمٍ غيرِه. قوله: وما يَكْتَسِي مثْلُها بِه مِن جَيِّدِ الكَتَّانِ والقُطْنِ والخَزِّ -وهو الذي يُنْسَجُ

وَالْإِبْرِيسَمِ؛ وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ، وَسَرَاويلُ، وَوقَايَةٌ، وَمِقْنَعَةٌ، وَمَدَاسٌ، وَجُبَّةٌ فِي الشِّتَاءِ، وَلِلنَّوْمِ الْفِرَاشُ وَاللِّحَافُ والْمِخَدَّةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الصُّوفِ، أو الوَبَرِ مع الحَريرِ- والإِبْرَيسَمِ -على ما تقدَّم في بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ- وأقَلُّه قَميصٌ، وسِراويلُ، ووقايةٌ، ومِقْنَعَةٌ، ومَداسٌ، وجُبَّةٌ في الشِّتاءِ، وللنَّوْمِ الفِراشُ واللِّحافُ والمِخَدَّةُ. بلا نِزاعٍ. زادَ في «التَّبْصِرَةِ»: والإِزارُ. نقَله عنه في «الفُروعِ». قلتُ: وهو عجيبٌ منه؛ لكونِه خصَّه بصاحبِ «التَّبْصِرَةِ»، فقد قطَع بذلك في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ومُرادُهم بالإِزارِ الإِزارُ للنَّوْمِ؛ ولهذا

وَالزِّلِّيُّ لِلْجُلُوسِ، وَرَفِيعُ الحُصْرِ. وَلِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الْفَقِيرِ قَدْرُ كِفَايَتِهَا مِنْ أَدْنَى خُبْزِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِ وَدُهْنِهِ، وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيهِ مِنَ الْكُسْوَةِ بِمَا يَلْبَسُهُ أَمْثَالُهَا، وَيَنَامُونَ فِيهِ، وَيَجْلِسُونَ عَلَيهِ. وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ، أَوْ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، مَا بَينَ ذَلِكَ، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الرِّعايةِ» وغيره، بعدَ ذلك: ولا يجِبُ لها إزارٌ للخُروجِ. قوله: وللفَقِيرَةِ تحتَ الفَقِيرِ قَدْرُ كِفايَتِها مِن أدْنَى خُبْزِ البَلَدِ وَأُدْمِه ودُهْنِه. بلا نِزاعٍ. قال جماعةٌ مِن الأصحابِ: لا يقْطَعُها اللَّحْمَ فوقَ أرْبَعِين يَوْمًا. قيل للإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: كم يأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ؟ قال: في أرْبَعِين يَوْمًا. وقيل: كلُّ شَهْرٍ مرَّةً. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: يرْجِعُ في ذلك إلى العادَةِ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ الأكثرِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «البُلْغَةِ»: ويفْرِضُ للفَقِيرةِ تحتَ الفَقِيرِ أَدْوَنَ خُبْزِ البَلَدِ، ومِن الأُدْمِ ما يُناسِبُه، وكذلك اللَّحْمُ. انتهى. وأَطْلَقَهُنَّ في «تَجْريدِ العِنايةِ». وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ: عن عُمَرَ بنِ الخَّطابِ، -رَضِيَ اللهُ عنه-، قال: إيَّاكُم واللَّحْمَ فإنَّ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ضَراوَةً كضَراوَةِ الخَمْرِ (¬1). قال إبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ: يعْنِي إذا أكثرَ منه. قوله: وللمُتَوَسِّطَةِ تحتَ المُتَوَسِّطِ، أو إذا كانَ أَحَدُهما مُوسِرًا والآخَرُ مُعْسِرًا، ما بَينَ ذلك، كُلٌّ على حَسَبِ عادَتِه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وكوْنُ نفَقَةِ الزَّوْجاتِ مُعْتَبَرَةً بحالِ الزَّوْجَين مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الواجِبَ عليه أقَلُّ الكِفايَةِ، وأنَّ الاعْتِبارَ بحالِ الزَّوْجِ. وصرَّح به أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وأوْمَأَ إليه في رِوايةِ أحمدَ بنِ سعيدٍ، وأوْمَأَ في رِوايةِ صالحٍ، أنَّ الاعْتِبارَ بحالِها. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّرْغيبِ»: لا يَلْزَمُه خُفٌّ ولا مِلْحَفَةٌ. وقال في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ» عن القاضي: لمُوسِرَةٍ مع فَقِيرٍ أقلُّ كِفايَةٍ، والبَقِيَّةُ في ذِمَّتِه. وهو قولٌ في «الرِّعايةِ» وغيرِها. فوائد؛ الأُولَى، لابُدَّ مِن ماعُونِ الدَّارِ، ويُكْتَفَى بخَزَفٍ وخَشَبٍ، والعَدْلُ ما يليقُ بهما، قال النَّاظِمُ: ومِن خَيرِ ماعُونٍ لحاجَةِ مِثْلِها … لشُرْبٍ وتَطْهيرٍ وأكْلٍ فعَدِّدِ الثَّانيةُ، مَن نِصْفُه حُرٌّ إنْ كانَ مُعْسِرًا، فهو معها كالمُعْسِرِين، وإنْ كانَ مُوسِرًا، فكالمُتوسِّطِين. ذكَرَه في «الرِّعايةِ». وقال: قلتُ: والمُوسِرُ من يقْدِرُ على النَّفَقَةِ بمالِه أو كَسْبِه، والمُعْسِرُ مَن لا يقْدِرُ عليها؛ لا بمَالِه ولا بكَسْبِه. وقيل: بل مَنْ لا شيءَ له، ولا يقْدِرُ عليه. والمُتَوَسِّطُ مَن يقْدِرُ على ¬

(¬1) أخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في أكل اللحم، من كتاب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. الموطأ 2/ 935.

وَعَلَيهِ مَا يَعُودُ بِنَظَافَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الدُّهْنِ، وَالسِّدْرِ، وَثَمَنِ الْمَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضِ النَّفَقَةِ بمالِه أو كَسْبِه. وقال: قلتُ: ومِسْكِينُ الزَّكاةِ مُعْسِرٌ، ومَن فوْقَه إنْ كُلِّفَ أكثرَ مِن نفَقَةِ مِسْكينٍ حتى صارَ مِسْكِينًا، فهو مُتَوسِّطٌ، وإلَّا فهو مُعْسِرٌ. انتهى. الثَّالثةُ، النَّفَقَةُ مُقَدَّرَةٌ بالكِفايةِ، وتخْتَلِفُ باخْتِلافِ مَن تجبُ عليه النَّفَقَةُ في مِقْدارِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي: الواجِبُ مُقَدَّرٌ بمِقْدارٍ لا يخْتَلِفُ في الكَثْرَةِ والقِلَّةِ، فيجِبُ لكُلِّ يَوْمٍ رَطْلان مِن الخُبْزِ، يعْنِي بالعِراقِيِّ، في حَقِّ المُوسِرِ والمُعْسِرِ والمُتَوسِّطِ، اعْتِبارًا بالكفَّاراتِ، وإنَّما تخْتَلِفان في صِفَةِ جوْدَتِه. انتهى. ورَدَّه المُصَنِّفُ وغيرُه. ويجِبُ الدُّهْنُ بحَسَبِ البَلَدِ. قوله: وعليه ما يَعُودُ بنَظافَةِ المَرْأَةِ مِن الدُّهْنِ، والسِّدْرِ، وثَمَنِ الْماءِ. وكذا المِشْطُ، وأُجْرَةُ القَيِّمَةِ ونحوُه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»،

وَلَا تَجِبُ الْأَدْويَةُ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ. فَأَمَّا الطِّيبُ وَالْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ، إلا أَنْ يُرِيدَ مِنْهَا التَّزَيُّنَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» هنا. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، في بابِ عِشْرَةِ النِّساءِ: وإنِ احْتاجَتْ إلى شِراءِ الماءِ، فقِيمَتُه عليه. قال في «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»، في بابِ الغُسْلِ: وثَمَنُ ماءِ الغُسْلِ مِن الحَيضِ والنِّفاسِ والجَنابَةِ على الزَّوْجِ. وقيل: على المرْأَةِ. وفي «الواضِحِ» وَجْهٌ، لا يَلْزَمُه ذلك. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: لأنَّ ما كان مِن تَنْظِيفٍ على مُكْتَرٍ؛ كَرَشٍّ، وكَنْسٍ، وتَنْقِيَةِ الآبارِ، وما كانَ مِن حِفْظِ البِنْيَةِ؛ كبِناءِ حائطٍ، وتَغْيِيرِ الجِذْعِ على مُكْرٍ، فالزَّوْجُ كمُكْرٍ، والزَّوْجَةُ كمُكْتَرٍ، وإنَّما يخْتَلِفان فيما يحْفَظُ البِنْيَةَ دائمًا مِنَ الطَّعامِ، فإنَّه يَلْزَمُ الزَّوْجَ. انتهى. وقال في «الفُروعِ»، في آخِرِ بابِ الغُسْلِ: وهل ثَمَنُ الماءِ على الزَّوْجِ أو عليها، أو ماءُ الجَنابَةِ فقطْ عليه، أو عكْسُه؟ فيه أوْجُهٌ. وماءُ الوُضوءِ كالجَنابَةِ، قاله أبو المَعالِي. قال في «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ شِراءُ ذلك لرَقيقِه، ولا يتَيَمَّمُ في الأصحِّ. قوله: فأَمَّا الطِّيبُ والحِنَّاءُ والخِضابُ ونَحْوُه، فلا يَلْزَمُه. أمَّا الحِنَّاءُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِضابُ ونحوُهما، فلا يَلْزَمُه. بلا خِلافٍ أعلَمُه. وأمَّا الطِّيبُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ -وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم- أنَّه لا يَلْزَمُه أيضًا. وفي «الواضِحِ» وَجْهٌ، يَلْزَمُه. تنبيه: قولُه: إلَّا أنْ يُرِيدَ منها التَّزَيُّنَ. يعْنِي، فيَلْزَمُه. ومفْهومُه، أنَّه لو أرادَ قطْعَ رائحَةٍ كرِيهَةٍ منها، لم يَلْزَمْه. وهو صحيحٌ، وهو ظاهرُ كلامِ الأكثرِ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُغْنِي»، و «التَّرْغيبِ»: يَلْزَمُه. فائدة: يَلْزَمُها ترْكُ حِنَّاءَ وزِينَةٍ نَهاها عنه الزَّوْجُ. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ،

وَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى مَنْ يَخْدِمُهَا؛ لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا، أَوْ لِمَرَضِهَا، لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَهَا خَادِمٌ، وَإِلَّا أَقَامَ لَهَا خَادِمًا، إِمَّا بِشِرَاءٍ، أَوْ كِرَاءٍ، أَوْ عَارِيَّةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ تعالى. قوله: وإنِ احْتاجَتْ إلى مَن يَخْدِمُها؛ لكَوْنِ مِثْلِها لا تَخْدِمُ نَفْسَها، أو لمَرَضِها، لَزمَه ذلك. إذا احْتاجَتْ إلى مَنْ يخْدِمُها؛ لكَوْنِ مِثْلِها لا تخْدِمُ نفْسَها، لَزِمَه ذلك. بلا خِلافٍ أعلَمُه. قلتُ: ويَنْبَغِي أنْ يُحْمَلَ [ذلك على ما إذا كانَ قادِرًا على ذلك؛ إذْ لا يُزالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ. وإنْ كان لمَرَضِها، لَزِمَه] (¬1) ذلك أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ» (¬1)، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا يَلْزَمُه. وقال في «الرِّعايتَين»: وقيل: لا يَلْزَمُه إخْدامُ مرِيضَةٍ ولا أمَةٍ. وقيل: غيرُ جَميلَةٍ. انتهى. فائدة: لا يَلْزَمُه أجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ مرِيضَةً، بخِلافِ رَقيقَةٍ. ذكَرَه أبو المَعالِي. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يجوزُ أنْ تكونَ الخادِمُ كِتابِيَّةً. وهو صحيحٌ وهو المذهبُ، وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِهم. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قال في «الفُروعِ»: وتَجوزُ كِتابِيَّةٌ في الأصحِّ إنْ جازَ نظَرُها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْفَقِيرَينِ، إلا فِي النَّظَافَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُشْتَرَطُ في الخادِمِ الإِسْلامُ. وأَطْلَقهما في «الكافِي»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». فعلى المذهبِ، هل يَلْزَمُها قَبُولُها؟ على وَجْهَين، كالوَجْهَين فيما إذا قال: أَنا أخْدِمُكِ. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». [والصَّوابُ اللُّزومُ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ] (¬1). قوله: وتَلْزَمُه نَفَقَتُه بقَدْرِ نَفَقَةِ الفَقِيرَين. وكذا كُسْوَتُه. قال الأصحابُ: مع خُفٍّ ومِلْحَفَةٍ للخُروجِ. قوله: إلَّا في النَّظافَةِ. لا يَلْزَمُ الزَّوْجَ للخادِمِ ما يعُودُ بنَظافَتِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: والأَشْهَرُ سِوَى النَّظافَةِ. وقيل: يَلْزَمُه أيضًا. فائدة: إنْ كان الخادِمُ له أو لها، فنَفَقَتُه عليه. قال في «الرِّعايةِ»: وكذا نَفَقَةُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُؤْجَرِ والمُعَارِ، في وَجْهٍ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، وهو ظاهرُ كلامِهم، ولم أجِدْه صرِيحًا، وليسَ بمُرادٍ في المُؤْجَرِ، فإنَّ نَفَقَتَه على مالِكِه، وأمَّا في المُعارِ فمُحْتَمَلٌ، وسَبَقَتِ المَسْألَةُ في آخِرِ الإِجارَةِ، وقولُه: في وَجْهٍ. يدُلُّ أنَّ الأَشْهَرَ خِلافُه؛ ولهذا جزَم به في المُعارِ في بابِه. انتهى. قوله: ولا يَلْزَمُه أَكْثَرُ مِن نفقَةِ خادِمٍ واحِدٍ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». واخْتارَ في «الرِّعايةِ»، لا يكْفِي خادِمٌ مع الحاجَةِ إلى أكثرَ منه. انتهى. وقيل: يَلْزَمُه أكثرُ مِن خادِمٍ بقَدْرِ حالِها.

فَإِنْ قالَتْ: أَنَا أَخْدِمُ نَفْسِى، وَآخُذُ ما يَلْزَمُكَ لِخَادِمِى. لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ. وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَخْدِمُكِ. فَهَلْ يَلْزَمُها قَبُولُ ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: إنْ كانَ الخادِمُ مِلْكَها، كان تعْيِينُه إليهما، وإنْ كان مِلْكَه أو اسْتأْجرَه أو اسْتَعارَه، فتَعْيِينُه إليه. قالَه الأصحابُ] (¬1). قوله: وإنْ قال: أنا أَخْدِمُكِ. فهل يَلْزَمُها قَبُولُ ذلك؟ على وجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُها قَبُولُ ذلك. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُها. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «تَجْريدِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَكُسْوَتُهَا، وَمَسْكَنُهَا، كَالزَّوْجَةِ سَوَاءً. وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَلَهَا النَّفَقَةُ والسُّكْنَى، وَإِلَّا فَلَا شَىْءَ لَهَا. وَعَنْهُ، لَهَا السُّكْنَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايةِ». واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ» (¬1)، له ذلك فيما يتَولَّاه مِثْلُه لمَنْ يكْفِيها خادِمٌ واحدٌ. قوله: وعليه نَفَفَةُ المُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وكُسْوَتُها، ومَسْكَنُها، كالزَّوْجَةِ سَواءً. بلا نِزاعٍ. وقوله: وأَمَّا البائنُ بفَسْخٍ أو طَلاقٍ، فإِنْ كانَتْ حامِلًا، فلها النَّفَقَةُ والسُّكْنَى. وكذا الكُسْوَةُ. هذا المذهبُ بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ، وتَسْتَحِقُّ ¬

(¬1) فى الأصل: «الرعايتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّفَقَةَ كلَّ يومٍ تأْخُذُها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «المُذْهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّها إذا وضَعَتْ، اسْتَحَقَّتْ ذلك لجميعِ مُدَّةِ الحَمْلِ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ»، فقال: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يجِبَ عليه تَسْليمُ النَّفَقَةِ حتى تضَعَ الحَمْلَ؛ لأَنَّ مذهبَه أنَّ الحَمْلَ لا يُعْلَمُ، ولهذا لا يصحُّ اللِّعانُ عليه عندَه. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: يَلْزَمُه لبائنٍ حاملٍ نَفَقَةٌ وكُسْوَةٌ (¬1) وسُكْنَى، نصَّ عليه، وعندَ أبى الخَطَّابِ، بوَضْعِه. قال فى «القَواعِدِ»: وهو ضعيفٌ، مُصادِمٌ لقَوْلِه تعالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (1). وقال فى «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً: لا تَلْزَمُه. قال فى «الفُروعِ»: وهى سَهْوٌ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وحكَى الحَلْوَانِىُّ وابْنُه رِوايةً، لا نفَقَةَ لها، كالمُتَوَفَّى عنها. وخصَّها ابْنُه بالمَبْتُوتَةِ بالثَّلاثِ، وبَناها على أنَّ النَّفقةَ للمرْأَةِ، والمَبْتُوتَةُ لا تَسْتَحِقُّ النَّفقَةَ، وإنَّما تسْتَحِقُّ النَّفقَةَ إذا قُلْنا: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هى للحَمْلِ. قال ابنُ رجَبٍ: وهذا مُتوَجِّهٌ فى القِياسِ، إلَّا أنَّه ضعيفٌ مُخالِفٌ للنَّصِّ والإِجْماعِ فيما إذا ظَنَّ، و (2) وُجوبُ النَّفَقَةِ للمَبْتُوتَةِ الحامِلِ يُرَجِّحُ القولَ بأنَّ النَّفقةَ للحامِلِ. انتهى. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: تَلْزَمُه النَّفَقَةُ، وفى السُّكْنَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايَتان. قوله: وإِلَّا فلا شَىْءَ لها. يعْنى، وإنْ لم تَكُنْ حامِلًا، فلا شئَ لها. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ المَعْروفُ، وهو مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لها السُّكْنَى خاصَّةً. اخْتارَها أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقال فى «الانْتِصارِ»: لا تسْقُطُ بتَراضِيهما، كالعِدَّةِ. وعنه، يجِبُ لها أيضًا النَّفقَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والكُسْوَةُ. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ». وعنه، لها النَّفقَةُ والسُّكْنَى. حكَاها ابنُ الزَّاغُونِىِّ وغيرُه. والظَّاهِرُ أنَّها الرِّوايةُ التى فى «الرِّعايَةِ». وقيل: هى كالزَّوْجَةِ يجوزُ لها الخُروجُ والتَّحَوُّلُ بإذْنِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا. ذكَره فى «القاعِدَةِ الخامِسَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأرْبَعِينَ بعدَ المِائَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو نَفَى الحَمْلَ ولاعَنَ، فإنْ صحَّ نفْيُه، فلا نَفَقَةَ عليه، فإنِ اسْتَلْحقَه، لَزِمَه نَفَقَةُ ما مَضَى، وإنْ قُلْنا: لا يَنْتَفِى بنَفْيِه. أو لم يَنْفِه -وقُلْنا: يَلْحَقُه نسَبُه- فلها السُّكْنَى والنَّفَقَةُ.

فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ، فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ لم يُنْفِقْ عليها يَظُنُّها حائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّها حامِلٌ، فعليه نَفَقَةُ ما مَضَى. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: رجَعَتْ عليه على الأصحِّ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قضَى على الأصحِّ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وعنه، لا تَلْزَمُه نفَقَةُ ما مضَى. قوله: وإنْ أَنْفَقَ عليها يَظُنُّها حامِلًا، ثُمَّ بانَتْ حائِلًا، فهل يَرْجِعُ عليها بالنَّفَقَةِ؟ على رِوَايتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، يرْجِعُ عليها. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: رجَعَ عليها على الأصحِّ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: المذهبُ الرُّجوعُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يرْجِعُ عليها. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: إنْ بَقِىَ الحَمْلُ، ففى رُجوعِه رِوايَتان. فائدة: لو ادَّعَتْ أنَّها حامِلٌ، أنْفَقَ عليها ثلاثَةَ أَشْهُرٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُنْفِقُ ذلك إنْ شَهِدَ به النِّساءُ، وإلَّا فلا. وقيل: لا يُنْفِقُ عليها. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، فقالَا: إنِ ادَّعَتْ حَمْلًا ولا أَمارَةَ، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُعْطَ شيئًا. وقيل: بلَى ثلاثَةَ أشْهُرٍ. وعنه، لا تجِبُ حتى تشْهَدَ النِّساءُ. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ، أنَّها لا تُعْطَى بلا أمارَةٍ، وتُعْطَى معها. فعلى الأوَّلَيْن، إنْ مَضَتِ المُدَّةُ ولم يتَبَيَّنْ حَمْلٌ، رجَع عليها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يرْجِعُ، كنِكاحٍ تَبَيَّن فَسادُه لتَفْريطِه، كنَفَقَتِه على أجْنَبِيَّةٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قالوا. قال: ويتوَجَّهُ فيه الخِلافُ. وأَطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وفى رُجوعِه بما أنْفَقَ، وقيل: بعدَ عِدَّتِها. رِوايَتانِ. ثمَّ قال: قلتُ: إنْ قُلْنا: يجِبُ تعْجِيلُ النَّفَقَةِ. رجَع، وإلَّا فلا. وقال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: وإنْ كَتَمَتْ بَراءَتَها منه، فيَنْبَغِى أَنْ يَرْجِعَ، قوْلًا واحدًا. قلتُ: وهذا عَيْنُ الصَّوابِ الذى لا شكَّ فيه، ولعَلَّه مُرادُهم.

وَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ لِحَمْلِهَا، أَوْ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهَا لَهَا، فَتَجِبُ لَهَا إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا. وَلَا تَجِبُ لِلنَّاشِزِ، وَلَا لِلْحَامِلِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، فَتَجِبُ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تَجِبُ النَّفَقَةُ لحَمْلِها، أو لها مِن أَجْلِه؟ على رِوَايتَيْن. وهما وَجْهان فى «الكافِى». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

وَلَا تَجِبُ لَهَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، هى للحَمْلِ. وهى المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أصحُّهما، أنَّها للحَمْلِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُهما. واخْتارَها الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى وأصحابُه. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هى لها مِن أجْلِه. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وأوْجَبَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، له ولها مِن أجْلِه، وجعَلها كمُرْضِعَةٍ له بأُجْرَةٍ. تنبيه: لهذا الخِلافِ فوائدُ كثيرةٌ؛ منها، لو كانَ أحدُ الزَّوْجَيْن رَقِيقًا، فعلى المذهبِ، لا تجِبُ؛ لأنَّه إنْ كان هو الرَّقيقَ، فلا تجِبُ عليه نفَقَةُ أقارِبِه، وإنْ كانتْ هى الرَّقِيقَةَ، فالوَلَدُ ممْلُوكٌ لسَيِّدِ الأمَةِ، فنَفَقَتُه على مالِكِه. وعلى الثَّانيةِ، تجِبُ على العَبْدِ فى كَسْبِه، أو تتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. حكَاه ابنُ المُنْذِرِ إجْماعًا. وقال فى «الهِدايَةِ»: على سيِّدِه. وتابعَه فى «المُذْهَبِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لو نَشَزَتِ المرْأَةُ، فعلى المذهبِ تجِبُ. وعلى الثَّانيةِ لا تجِبُ. ومنها، لو كانتْ حامِلًا مِن وَطْءِ شُبْهَةٍ، أو نِكاحٍ فاسِدٍ، فعلى المذهبِ، تجِبُ. وعلى الثَّانيةِ، لا تجِبُ. قال فى «القَواعِدِ»: إلَّا أَنْ يُسْكِنَها فى مَنْزِلٍ يلِيقُ بها تحْصِينًا لمائِه، فيَلْزَمُها ذلك. ذكَره فى «المُحَرَّرِ»، وتقدَّم ذلك. ويجِبُ لها النَّفَقَةُ حِينَئذٍ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: إذا حمَلَتِ المَوْطوأةُ بشُبْهَةٍ، فالنَّفَقَةُ على الواطِئِ إذا قُلْنا: تجِبُ لحَمْلِ المَبْتُوتَةِ. وهل لها على الزَّوْجِ نَفَقَةٌ؟ يُنْظَرُ؛ فإنْ كانتْ مُكْرَهَةً أوَ نائمةً، فنَعَم، وإنْ طاوَعَتْه تظُنُّه زوْجَها، فلا نَفَقَةَ. فائدة: الفَسْخُ لعَيْبٍ كنِكاحٍ فاسِدٍ. قدَّمه فى «الفُروعِ». [وقالَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ، وقالَه الزَّرْكَشِىُّ. وعندَ القاضى، هو كصَحيحٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. قال فى «الفُروعِ»] (¬1): وهو أظْهَرُ. قال فى «الرِّعايَةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرى»: وإنْ دخَلَ بها وانْفَسَخَ نِكاحُها برَضاعٍ أو عَيْبٍ، فلها السُّكْنَى والنَّفَقَةُ، وإنْ كانتْ حامِلًا حتى تضَعَ، وإلَّا فلا. انتهى. ومنها، ما قالَه فى «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ»، ومُلَخَّصُه؛ إذا وُطِئَتِ الرَّجْعِيَّةُ بشُبْهَةٍ أو نِكاحٍ فاسِدٍ، ثمَّ بانَ بها حَمْلٌ يمْكِنُ أَنْ يكونَ مِن الزَّوْجِ والواطِئَ، فعلى المذهبِ، يَلْزَمُها النَّفَقَةُ حتى تضَعَ، ولا ترْجِعُ المرْأَةُ على الزَّوْجِ. وعلى الثَّانيةِ، لا نفَقَةَ لها على واحدٍ منهما مُدَّةَ الحَمْلِ حتى ينْكَشِفَ الأبُ منهما، وترْجِعُ المرْأَةُ على الزَّوْجِ بعدَ الوَضْعِ بنَفَقَةِ أقْصَرِ المُدَّتَيْن؛ مِن مُدَّةِ الحَمْلِ، أو قَدْرِ ما بَقِىَ مِنَ العِدَّةِ بعدَ الوَطْءِ الفاسِدِ، ثمَّ إذا زالَ الإِشْكالُ، أو ألْحَقَتْه القَافَةُ بأحَدِهما بعَيْنِه، فاعْمَلْ بمُقْتَضَى ذلك، فإنْ كانَ معها وَفْقُ حقِّها مِن النَّفَقَةِ، وإلَّا رَجَعَتْ على الزَّوْجِ بالفَضْلِ. ولو كانَ الطَّلاقُ بائِنًا، فالحُكْمُ كما تقدَّم فى جميعِ ما ذكَرْنا إلَّا فى مَسْألَةٍ واحدةٍ، وهى أنَّها لا ترْجِعُ بعدَ الوَضْعِ بشئٍ على الزَّوْجِ؛ سواءٌ قُلْنا: النَّفقَةُ للحَمْلِ، أَوْ لها مِن أجْلِه. ذكَر ذلك كلَّه فى «المُجَرَّدِ». ومتى ثَبَتَ نسَبُه مِن أحَدِهما، فقال القاضى فى مَوْضِعٍ مِن «المُجَرَّدِ»: يرْجِعُ عليه الآخَرُ بما أنفْقَ؛ لأنَّه لم يُنْفِقُ مُتَبَرِّعًا. قال فى «القَواعِدِ»: وهو الصَّحيحُ. وجعَله فى مَوْضِعٍ آخَرَ مِن «المُجَرَّدِ» كقَضاءِ الدَّيْنِ، على ما مَضَى فى بابِ الضَّمانِ. ومنها، لو كانتْ حامِلًا مِن سيِّدِها فأَعْتقَها، فعلى المذهبِ، يجِبُ. وعلى الثَّانيةِ، لا يجِبُ إلَّا حيثُ تجِبُ نفَقَةُ الرَّقيقِ. ونقَل الكَحَّالُ فى أُمِّ الوَلَدِ، تُنْفِقُ مِن مالِ حَمْلِها. ونقَل جَعْفَرٌ، تُنْفِقُ مِن جميعِ المالِ. ومنها، لو غابَ الزَّوْجُ، فهل تَثْبُتُ النَّفَقَةُ فى ذِمَّتِه؟ فيه طَرِيقان؛ أحدُهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البِنَاءُ. فعلى المذهبِ، لا تثْبُتُ فى ذِمَّتِه وتسْقُطُ بمُضِىِّ الزَّمانِ؛ [لأَنَّ نَفَقَةَ الأقارِبِ لا تثْبُتُ فى الذِّمَّةِ. وعلى الثَّانيةِ، تثْبُتُ فى ذِمَّتِه، ولا تسْقُطُ بمُضِىِّ الزَّمانِ] (¬1). قال فى «القَواعِدِ»: على المَشْهورِ مِن المذهبِ. والطَّريقُ الثَّانى، لا تسْقُطُ بمُضِىِّ الزَّمانِ على كِلا الرِّوايتَيْن. وهى طرِيقَةُ المُصَنِّفِ فى «المُغْنِى». ومنها، لو ماتَ الزَّوْجُ وله حَمْلٌ، فعلى المذهبِ، تَلْزَمُ النَّفَقَةُ الوَرَثَةَ. وعلى الثَّانيةِ، لا تَلْزَمُهم بحالٍ. ومنها، لو كانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا، فعلى المذهبِ، لا تجِبُ؛ لأَنَّ نفَقَةَ الأقارِبِ مَشْروطَةٌ باليَسارِ دُونَ نفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ. وعلى الثَّانيةِ، تجِبُ. ومنها، لو اخْتَلَعَتِ الزَّوْجَةُ بنَفَقَتِها، فهل يصِحُّ جعْلُ النَّفَقَةِ عِوَضًا للخُلْعِ؟ قال الشِّيرَازِىُّ: إنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ لها. يصِحُّ، وإنْ قُلْنا: للحَمْلِ. لم يصِحَّ؛ لأنَّها لا تَمْلِكُها. وقال القاضى والأكْثَرون: يصِحُّ على الرِّوايتَيْن. ومنها، لو كانَ الحَمْلُ مُوسِرًا؛ بأنْ يُوصَى له بشئٍ فيَقْبَلَه الأبُ؛ فإنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ له -وهو المذهبُ- سَقَطَتْ نفَقَتُه عن أبِيه، وإنْ قُلْنا: لأُمِّه -وهى الرِّوايةُ الثَّانيةُ- لم تسْقُطْ. ذكَره القاضى فى «خِلافِه». ومنها، لو دفَع إليها النَّفَقَةَ، فتَلِفَتْ بغيرِ تَفْريطِه، فعلى المذهبِ، يجِبُ بدَلُها؛ لأَنَّ ذلك حُكْمُ نفَقَةِ الأقارِبِ. وعلى الثَّانيةِ، لا يَلْزَمُه بدَلُها. ومنها، فِطْرَةُ المُطَلَّقَةِ، فعلى المذهبِ، فِطْرَةُ الحَمْلِ على أبِيه غيرُ واجِبَةٍ. على الصَّحيحِ. وعلى الثَّانيةِ، يجبُ لها الفِطْرَةُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، هل تجِبُ السُّكْنَى للمُطَلَّقَةِ الحامِلِ؟ فعلى المذهبِ، لا سُكْنَى. ذكَره الحَلْوَانِىُّ فى «التَّبْصِرَةِ». وعلى الثَّانيةِ، لها السُّكْنَى أيضًا. ومنها، لو تزَوَّجَ امْرأَةً على أنَّها حُرَّةٌ، فبانَتْ أمَةً -وهو ممَّنْ يُباحُ له نِكاحُ الإِماءِ- ففَسَخَ بعدَ الدُّخولِ وهى حامِلٌ منه، ففيه طَرِيقان؛ أحدُهما، وُجوبُ النَّفَقَةِ عليه، على كلتا الرِّوايتَيْن. وفى «المُحَرَّرِ» فى كتابِ النَّفَقاتِ ما يدُلُّ عليه. قال ابنُ رَجَبٍ: وهو الصَّحيحُ. والطَّريقُ الثَّانى، إنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ للحَمْلِ. وَجَبَتْ على الزَّوْجِ، وإنْ قُلْنا: للحامِلِ. لم تجِبْ. ذكَره [فى «المُحَرَّرِ»] (¬1)، فى كتابِ النِّكاحِ. ومنها، البائِنُ فى الحياةِ بفَسْخٍ أو طَلاقٍ إذا كانتْ حامِلًا. وقد تقدَّمَتِ المسْألَةُ فى كلامِ المُصَنِّفِ -فى قوْلِه: وأمَّا البائِنُ بفَسْخٍ أو طَلاقٍ، فإنْ كانتْ حامِلًا، فلها النَّفَقَةُ والسُّكْنَى، وإلَّا فلا شئَ لها- وأحْكامُها. ومنها، المُتَوَفَّى عنها زَوْجُها إذا كانتْ حامِلًا. وتأتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ وهى قولُه: وأمَّا المُتَوَفَّى عنْها زَوْجُها؛ فإنْ كانَتْ حائلًا، فلا نَفَقَةَ لها ولا سُكْنَى. هذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذَهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به صاحِبُ «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وقال: وعنه، لها السُّكْنَى. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، فهى كغَرِيمٍ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: حكَى شيْخُنا رِوايَةً، أنَّ لها السُّكْنَى بكُلِّ حالٍ. وقال المُصَنِّفُ أيضًا والشَّارِحُ: إنْ ماتَ وهى فى مَسْكَنِه، قُدِّمَتْ به. قوله: وإنْ كانَتْ حامِلًا، فهل لها ذلك؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ إحْداهما، لا نَفَقَةَ لها ولا كُسْوَةَ ولا سُكْنَى. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». قال القاضى: هذه الرِّوايَةُ أصحُّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لها ذلك. وبَناهُما ابنُ الزَّاغُونِىِّ على أنَّ النَّفَقَةَ، هل هى للحَمْلِ، أو لها مِن أجْلِه؟. فإنْ قُلْنا: للحَمْلِ. وجَبَتْ مِن التَّرِكَةِ، كما لو كانَ الأبُ حَيًّا، وإنْ قُلْنا: لها. لم تجِبْ. قال فى «القَواعِدِ»: وهذا لا يصِحُّ؛ لأَنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نفَقَةَ الأقارِبِ لا تجِبُ بعدَ المَوْتِ. قال: والأَظْهَرُ أنَّ الأمْرَ بالعَكْسِ، وهو أنَّا إنْ قُلْنا: النَّفَقَةُ للحَمْلِ. لم تجِبْ للمُتَوَفَّى عنها لهذا المَعْنَى، وإنْ قُلْنا: لها. وَجَبَتْ؛ لأنَّها محْبوسَةٌ على المَيِّتِ لحَقِّه. فتَجِبُ نَفَقَتُها فى مالِه. انتهى. وعنه، لها السُّكْنَى خاصَّةً. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، فهى كغَريمٍ، فهى عندَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالحائلِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وعنه، لها السُّكْنَى بكُلِّ حالٍ، وتُقَدَّمُ بها على الوَرَثَةِ والغُرماءِ إنْ كان قد فَلَّسَه الحاكِمُ قبلَ مَوْتِه. وقال المُصَنِّفُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى» (¬1) أيضًا: إنْ ماتَ وهى فى مَسْكَنِه، قُدِّمَتْ به. فهى عندَه -والحالَةُ هذه- كالحائلِ، كما تقدَّم قريبًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو بِيعَتِ الدَّارُ التى هى ساكِنَتُها وهى حامِلٌ، لم يصِحَّ البَيْعُ عندَ المُصَنِّفِ؛ لجَهْلِ المُدَّةِ الباقيةِ إلى الوَضْعِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال المَجْدُ: قِياسُ المذهبِ الصِّحَّةُ. وهو الصَّوابُ. وتقدَّمَتِ المسْألَةُ قريبًا فى بابِ الإِجارَةِ. الثَّانيةُ، نقَل الكَحَّالُ فى أمِّ الوَلَدِ الحامِلِ، تُنْفِقُ مِن مالِ حَمْلِها. ونقَل جَعْفَرٌ، تُنْفِقُ مِن جميعِ المالِ. وتقدَّم ذلك أيضًا قريبًا فى الفَوائدِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ومَن أحْبَلَ أمَتَه وماتَ، فهل نَفَقَتُها مِن الكُلِّ، أو مِن حقِّ وَلَدِها؟ على رِوايتَيْن. ¬

(¬1) انظر المغنى 11/ 405.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِين»: فى نَفَقَةِ أمِّ الوَلَدِ الحامِلِ ثَلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداها، لا نفَقَةَ لها، نَقَلها حَرْبٌ (¬1)، وابنُ بَخْتَان، والثَّانيةُ، يُنْفَقُ عليها مِن نَصِيبِ ما فى بَطْنِها، نقَلها الكَحَّالُ، والثَّالثةُ، إنْ لم تَكُنْ وَلَدَتْ مِن سيِّدِها قبلَ ذلك، فَنَفَقَتُها مِن جميعِ المالِ إذا كانتْ حامِلًا، وإنْ كانتْ وَلَدَتْ قبلَ ذلك، فهى فى عِدادِ الأحْرارِ، يُنْفَقُ عليها مِن نَصِيبِ وَلَدِها، نقَلها جَعْفَرُ بنُ محمدٍ، قال: وهى مُشْكِلَةٌ جدًّا. وبيَّن مَعْناها. واسْتَشْكَلَ المَجْدُ الرِّوايةَ الثَّانيةَ، فقال: الحَمْلُ إنَّما يَرِثُ بشَرْطِ خُروجِه حيًّا ويُوقَفُ نَصِيبُه، فكيفَ يُتَصرَّفُ فيه قبلَ تحَقُّقِ ¬

(¬1) فى ط، أ: «حنبل». انظر القواعد الفقهية 192.

فصل

فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ دَفْعُ النَّفَقَةِ إِلَيْهَا فِي صَدْرِ نَهَارِ كُلِّ يَوْمٍ، إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَأْخِيرِهَا أَوْ تَعْجِيلِهَا لِمُدَّةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ، فَيَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّرْطِ؟ ويُجابُ بأنَّ هذا النَّصَّ يشْهَدُ لثُبوتِ مِلْكِه بالإِرْثِ مِن حينِ مَوْتِ مَوْرُوثِه، وإنَّما خُروجُه حيًّا يتَبَيَّنُ به وُجودُ ذلك. فإذا حَكَمْنا له بالمِلْكِ ظاهِرًا، جازَ التَّصَرُّفُ فيه بالنَفَقَةِ الواجِبَةِ عليه وعلى مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه، لا سِيَّما والنَّفَقَةُ على أَمَةٍ يعُودُ نفْعُها إليه، كما يُتَصَرَّفُ فى مالِ المَفْقودِ. قوله: وعليه دَفْعُ النَّفَقَةِ إليها فى صَدْرِ نَهارِ كُلِّ يَوْمٍ، إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا على تَأْخِيرِها أو تَعْجِيلِها مُدَّةً قَلِيلَةً أو كثيرةً، فيَجُوزُ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، لا يَلْزَمُه تَمْلِيكٌ، بل يُنْفِقُ ويكْسُو بحَسَبِ العادَةِ، فإنَّ الإِنْفاقَ بالمَعْروفِ ليسَ هو التَّمْلِيكَ. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ»: لا يسْقُطُ فَرْضُه عن مَن زوْجَتُه صغيرةٌ أو مَجْنونَةٌ إلَّا بتَسْليمِ وَلِىٍّ أو بإذْنِه.

وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دَفْعَ الْقِيمَةِ، لَمْ يَلْزَمِ الْآخَرَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ كُسْوَتُهَا فِي كُلِّ عَامٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَلَبَ أحَدُهما دَفْعَ القِيمَةِ، لم يَلْزَمِ الآخَرَ ذلك. بلا نِزاعٍ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما سَبَق -أو صرِيحُه- أنَّ الحاكِمَ لا يَمْلِكُ فَرْضَ غيرِ الواجِبِ -كدَراهِمَ مثَلًا- إلَّا باتِّفاقِهما، فلا يُجْبَرُ مَنِ امْتَنَعَ، قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»: لا أصْلَ لفَرْضِ الدَّارهمِ فى كتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا نصَّ عليه أحدٌ مِن الأئِمَّةِ؛ لأنَّها مُعاوَضَةٌ بغيرِ الرِّضَى عن غيرِ مُسْتَقِرٍّ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا متَوجِّهٌ مع عدَمِ الشِّقاقِ وعدَمِ الحاجَةِ، فأمَّا مع الشِّقاقِ والحاجَةِ؛ كالغائبِ مثلًا، فيتَوَجَّهُ الفَرْضُ للحاجَةِ إليه على ما لا يخْفَى، ولا يقَعُ الفَرْضُ بدُونِ ذلك بغيرِ الرِّضَى. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويجوزُ التَّعَوُّضُ عن النَّفَقَةِ والكُسْوَةِ بنَقْدٍ وغيرِه عمَّا يجِبُ. تنبيه: قولُه: وعليه كُسْوَتُها فى كُلِّ عامٍ. يعْنِى، عليه كُسْوَتُها مرَّةً. بلا

فَإِذَا قَبَضَتْهَا فَسُرِقَتْ أَوْ تَلِفَتْ، لَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. ومَحِلُّها أوَّلَ كلِّ عامٍ [مِن حينِ الوُجوبِ] (¬1). على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وذكَر الحَلْوانِىُّ وابنُه، أوَّلَ كلِّ (¬2) صَيْفٍ وشِتاءٍ. واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ»، فقال: قلتُ: فى أوَّلِ الشِّتاءِ كُسْوَتُه، وفى أوَّلِ الصَّيْفِ كُسْوَتُه. وقال فى «الواضِحِ»: وعليه كُسْوَتُها كلَّ نِصْفِ سَنَةٍ. قوله: وإِذا قَبَضَتْها، فسُرِقَتْ أو تَلِفَتْ، لم يَلْزَمْه عِوَضُها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ لأنَّها تَمْلِيكٌ. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ سُرِقَتْ أو بَلِيَتْ، فلا بدَلَ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ» (¬3)، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: يَلْزَمُه عِوَضُها. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: هى إمْتاعٌ، فيَلْزَمُه بدَلُها؛ ككُسْوَةِ القَريبِ. وقال فى «الكافِى»: فإنْ بَلِيَتْ فى الوَقْتِ الذى يَبْلَى فيه مثْلُها، لَزِمَه بدَلُها؛ لأَنَّ ذلك مِن تَمامِ كُسْوَتِها، وإنْ تَلِفَتْ قبلَه، لم يَلْزَمْه بدَلُها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: أ. (¬3) بعده فى النسخ: «والنظم».

وَإِنِ انْقَضَتِ السَّنَةُ وَهِىَ صَحِيحَةٌ، فَعَلَيْهِ كُسْوَةُ السَّنَةِ الْأُخْرَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِذا انْقَضَتِ السَّنَةُ وهى صَحِيحَةٌ، فعَليه كُسْوَةُ السَّنَةِ الأُخْرَى. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَلْزَمَه. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». قلتُ: وهو قَوِىٌّ جدًّا. قال فى «الرِّعايَةِ»: إنْ قُلْنا: هى تَمْليكٌ. لَزِمَه، وإنْ قُلْنا: إمْتاعٌ. فلا؛ كالمَسْكَنِ وأوْعِيَةِ الطَّعامِ والمَاعُونِ والمِشْطِ، ونحوِ ذلك. وأَطْلَقهما فى «الشَّرْحِ». وقال فى «الكافِى»: وإنْ مضَى زَمانٌ تَبْلَى فيه ولم تَبْلَ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه بدَلُها؛ لأنَّها غيرُ مُحْتاجَةٍ إلى الكُسْوَةِ. والثَّانى، يجِبُ؛ لأَنَّ الاعْتِبارَ بالمُدَّةِ، بدَليلِ أنَّها لو تَلِفَتْ قبلَ انْقِضاءِ المُدَّةِ، لم يَلْزَمْه

وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِىِّ السَّنَةِ، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِسْطِ بَقِيَّةِ السَّنَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بدَلُها. فائدتان؛ إحْداهما، تَمْلِكُ المرْأَةُ الكُسْوَةَ بقَبْضِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا تَمْلِكُها. والمَسْألَتان المُتَقَدِّمَتان مَبْنِيَّتان على هذا الخِلافِ. الثَّانيةُ، حُكْمُ الغِطاءِ والوِطاءِ ونحوِهما حُكْمُ الكُسْوَةِ فيما تقدَّم، خِلافًا ومذهبًا. واخْتارَ ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه»، أنَّ ذلك يكونُ إمْتاعًا لا تَمْليكًا. قوله: وإن ماتَتْ أو طَلَّقَها قبلَ مُضِىِّ السَّنَةِ، فهل يَرْجِعُ عليها بقِسْطِه؟ على وجْهَيْن. وكذا الحُكْمُ لو تسَلَّفَتِ النَّفَقَةَ فماتَتْ أو طلَّقها. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يرْجِعُ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: رجَع فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»

وَإِذَا قَبَضَتِ النَّفَقَةَ، فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَا يَنْهَكُ بَدَنَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ [وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»] (¬1)، وغيرِهم. وقيل: لا يرْجِعُ. وقيل: يرْجِعُ بالنَّفَقَةِ دُونَ الكُسْوَةِ. وقيل: عكْسُه. وقيل: ذلك كزكاةٍ مُعَجَّلَةٍ. وجزَم به وَلَدُ الشِّيرَازِىِّ فى «المُنْتَخَبِ». وجزَم فى «عُيونِ المَسائلِ» أنَّه لا يرْجِعُ بما وَجَبَ؛ كيَوْمٍ وكُسْوَةِ سَنَةٍ، بل يرْجِعُ بما لم يجِبْ إذا دفعَه. فائدة: لا يرْجِعُ ببَقِيَّةِ اليَوْمِ الذى فارَقَها فيه، ما لم تَكُنْ ناشِزًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»: لا يرْجِعُ، قوْلًا واحدًا. قال فى «الفُروعِ»: ولا يرْجِعُ فى الأصحِّ. قال فى «الوَجيزِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما: وكذا يَوْمُ السَّلَفِ لا يرْجِعُ به. وتقدَّم كلامُه فى «عُيونِ المَسائلِ» (¬2). وقيل: يرْجِعُ به. وأمَّا إذا كانتْ ناشِزًا، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يرْجِعُ عليها بذلك. وقيل: لا يرْجِعُ أيضًا. تنبيه: فى قوْلِ المُصَنِّفِ: إِذا قَبَضَتِ النَّفَقَةَ، فلها التَّصَرُّفُ فيها. إشْعارٌ بأنَّها ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده فى أ: «لا يرجع به».

وَإِنْ غَابَ مُدَّةً وَلَمْ يُنْفِقْ، فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى. وَعَنْهُ، لَا نَفَقَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قَدْ فَرَضَهَا لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَمْلِكُها. وهو صحيحٌ. صرَّح به فى «التَّرْغيبِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وقَطُعوا به كالكُسْوَةِ. قوله: وإن غابَ مُدَّةً ولم يُنْفِقْ، فعليه نَفَقَةُ ما مَضَى -هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وصحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه- وعنه، لا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يكونَ الحاكِمُ قد فرَضَها لها. اخْتارَه فى «الإِرْشادِ»، وهو ضعيفٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يكونَ الحاكِمُ قد فَرَضَها لها، أو فَرَضَها الزَّوْجُ برِضَاها. وقال

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا بَذَلَتِ الْمَرْأَةُ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا إِلَيْهِ، وَهِىَ مِمَّنْ يُوطَأُ ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الانْتِصارِ»: الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أسْقَطَها بالمَوْتِ. وعلَّلَ فى «الفُصولِ» الرِّوايةَ الثَّانيةَ، بأنَّه حقٌّ ثَبَتَ بقَضاءِ القاضى. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ «الكافِى»، فإنَّه فرَّع عليها، لا تَثْبُتُ فى ذِمَّتِه، ولا يصِحُّ ضَمانُها؛ لأنَّه ليس مَآلُها إلى الوُجوبِ. فوائد؛ الأُولَى، لو اسْتَدانَتْ وأنْفقَتْ، رجَعتْ على زوْجِها مُطْلَقًا. نقَلَه أحمدُ ابنُ هاشِمٍ. وذكَره فى «الإِرْشادِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ويتوَجَّهُ الرِّوايَتانِ فى مَن أدَّى عن غيرِه واجِبًا. انتهى. الثَّانيةُ، لو أنْفقَتْ فى غَيْبَتِه مِن مالِه فبانَ مَيِّتًا، رجَع عليها الوارِثُ. على الصَّحيحِ مِن المذهب. قال فى «الفُروعِ»: ويرْجِعُ بنَفَقَتِها مِن مالِ غائبٍ بعدَ مَوْتِه بظُهورِه على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وعنه، لا يرْجِعُ عليها. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». الثَّالثةُ، لو أكلَتْ مع زوْجِها عادَةً، أو كَساها بلا إذْنٍ ولم يتَبَرَّعْ، سَقَطَتْ عنه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، إنْ نَوَى، اعْتَدَّ بها، وإلَّا فلا. قوله: وإذا بَذَلَتِ الْمَرْأَةُ تَسْلِيمَ نَفْسِها، وَهِى مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُها، أو يَتَعَذَّرُ

مِثْلُهَا، أَوْ يَتَعَذَّرُ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ رَتْقٍ، وَنَحْوِهِ، لَزِمَ زَوْجَهَا نَفَقَتُهَا، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ، كَالْعِنِّينِ، وَالْمَجْبُوبِ، وَالْمَرِيضِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وطْؤُها لمَرَضٍ، أو حَيْضٍ، أو رَتْقٍ، وَنحوِه، لَزِمَ زَوْجَها نَفَقَتُها؛ سَواءٌ كانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا أو صَغِيرًا، يُمْكِنُه الوَطْءُ أو لا يُمْكِنُه؛ كالعِنِّينِ، والمجْبُوبِ، والمَرِيضِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا تَلْزَمُه إذا كان صغِيرًا. وعنه، تَلْزَمُه بالعَقْدِ مع عدَمِ مَنْعٍ لمَنْ يَلْزَمُه تسَلُّمُها لو بذَلَته (¬1). وقيل: ولصَغِيرَةٍ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قاله فى ¬

(¬1) فى ط، أ: «بذله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». فعليها، لو تَساكَنا بعدَ العَقْدِ مُدَّةً، لَزِمَه. وقال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: دَفْعُ النَّفَقَةِ لا يَلْزَمُ إلَّا بالتَّمْكينِ؛ سواءٌ قَدَرَ على الوَطْءِ أو عجَزَ عنه. فائدة: مثَّلَ القاضى، والمَجْدُ، وغيرُهما مِن الأصحابِ، بابْنَةِ تِسْعِ سِنِين، وهو مُقْتَضَى نصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايةِ عَبْدِ اللَّهِ وصالحٍ. وأَناطَ الخِرَقِىُّ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمَ بمَنْ يُوطَأُ مِثْلُها، وهو أَقْعَدُ؛ فإنَّ تَمْثِيلَهم بالسِّنِّ فيه نظَرٌ، بل الاعْتِبارُ بالقُدْرَةِ على ذلك أوْلَى أو مُتَعَيّنٌ، وهذا مُخْتَلِفٌ؛ فقد تكونُ ابْنَةُ تِسْعٍ تَقْدِرُ على

وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا، وَلَا تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ إِذَا طَلَبَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَطْءِ، وبِنْتُ عَشْرٍ لا تقْدِرُ عليه باعْتِبارِ كِبَرِها وصِغَرِها؛ مِن نُحُولِها وسِمَنِها، وقُوَّتِها وضَعْفِها، لكِنَّ الذى يظْهَرُ أنَّ مُرادَهم بذلك فى الغالِبِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: وقد يُحْمَلُ إطْلاقُ مَنْ أَطْلقَ مِن الأصحابِ على ذلك. انتهى. قلتُ: وفيه نظَرٌ. قوله: وإِن كانَتْ صَغِيرَةً لا يُمْكِنُ وطْؤُها، لم تَجِبْ نَفَقَتُها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم. وقالَه فى «الفُروعِ». وتقدَّم قولٌ بلُزومِ النَّفَقَةِ للصَّغيرةِ بالعَقْدِ -حكاه فى «الفُروعِ» - فبَعْدَ الدُّخولِ بطَريقٍ أوْلَى. فائدة: لو زُوِّج طِفْلٌ بطِفْلَةٍ، فلا نفَقَةَ لها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ؛ لعَدَمِ

فَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ، لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسِلَهُ الْحَاكِمُ، وَيَمْضِىَ زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يَقْدَمَ فِى مِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُوجِبِ. وقيل: لها النَّفقةُ. [قوله: فإِنْ بَذَلَتْه والزَّوجُ غائِبٌ، لم يُفْرَضْ لها حتَّى يُراسِلَهُ الحاكِمُ، أو يَمْضِىَ زمنٌ يُمْكِنُ أن يَقْدَمَ فى مثْلِه. وهذا بلا نِزاعٍ، ويأْتِى عندَ النُّشوزِ ما يُشابِهُ هذا] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا، أَوْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِها، أو مَنَعَها أهْلُها، فلا نَفَقَةَ لها. إذا منَعَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نفْسَها، فلا نَفَقَةَ لها، بلا نِزاعٍ. وظاهرُ قوْلِه: أو منَعَها أهْلُها. ولو كانتْ باذِلَةً للتَّسْليمِ، ولكِنَّ أهْلَها يمْنَعونَها. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه.

إِلَّا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ، فَلَهَا ذَلِكَ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَره فى «الرَّوْضَةِ»، وقال: ذكَره الخِرَقِىُّ. قال: وفيه نظرٌ. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬1). وقال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، لها النَّفقةُ. قوله: إِلَّا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَها قبلَ الدُّخُولِ حتَّى تَقْبِضَ صَداقَها الحالَّ، فلها ذلك، وتَجِبُ نَفَقَتُها. هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، لا نَفَقَةَ لها. ذكرَه فى كتابِ الصَّداقِ. قوله: وإنْ كانَ بعدَه، فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما المُصَنِّفُ فى هذا الكِتابِ أيضًا، فى آخِرِ كتابِ الصَّداقِ، وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا تَمْلِكُ المَنْعَ، فلا نَفقةَ لها إذا امْتَنَعَتْ.

بِخِلَافَ الْآجِلِ. وَإِنْ سَلَّمَتِ الْأَمَةُ نَفْسَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، فَهِىَ كَالْحُرَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: واخْتارَه الأكثرُ. قلتُ: منهم ابنُ بَطَّةَ، وابنُ شَاقْلَا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، لها ذلك، فتَجِبُ لها النَّفَقَةُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى آخِرِ كتابِ الصَّداقِ. تنبيه: قولُه: بخِلافِ الآجِلِ. يعْنِى، أنَّها لا تَمْلِكُ مَنْعَ نفْسِها إذا كانَ الصَّداقُ مُؤَجَّلًا، فلو فَعَلَتْ، لم يكُنْ لها عليه نَفَقَةٌ. وظاهِرُه، سواءٌ حلَّ الأجَلُ أَوْ لا. واعلمْ أنَّ المُؤَجَّلَ لا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يحِلَّ قبلَ الدُّخولِ، أَوْ لا؛ فإنْ لم يحِلَّ قبلَ الدُّخولِ، فليسَ لها الامْتِناعُ، فلوِ امْتنعَتْ، لم تكُنْ لها نَفَقَةٌ، بلا نِزاعٍ. وإنْ حَلَّ قبلَ الدُّخولِ، لم تَمْلِكْ ذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وقيل: لها الامْتِناعُ، وتجِبُ لها النَّفقةُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وأَطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. قوله: وإنْ سَلَّمَتِ الأَمَةُ نَفْسَها لَيْلًا ونهارًا، فهى كالحُرَّةِ. يعْنِى؛ سواءً رَضِىَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك الزَّوْجُ أو لم يَرْضَ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنَّه إذا حصَل للزَّوْجِ بذلك ضرَرٌ لفَقْرِه، لا يَلْزَمُه.

وَإِنْ كَانَتْ تَأْوِى إِلَيْهِ لَيْلًا، وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مُقَامِهَا عِنْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَتْ تَأْوِى إليه لَيْلًا، وعندَ السَّيِّدِ نَهارًا، فعلى كُلِّ واحِدٍ منهما النَّفَقَةُ مُدَّةَ مُقَامِها عِنْدَه. فيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ اللَّيْلِ مِن العَشاءِ وتَوابعِه؛ كالوطاءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والغِطاءِ ودُهْنِ المِصْباحِ، ونحوِه. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحْاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقيل: تجِبُ عليهما نِصْفَيْن. وكذلك الكُسْوَةُ قَطْعًا للتَّنازُعِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وأَطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. قال الشَّارِحُ بعدَ أَنْ ذكَر الأوَّلَ: فعلى هذا، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُ النَّفقةِ. ففَسَّرَ الأوَّلَ بالقَوْلِ الثَّانى. ووُجوبُ نفَقَةِ اللَّيْلِ على الزَّوْجِ والنَّهارِ على السَّيِّدِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: لو سلَّمها سيِّدُها نَهارًا فقطْ، لم يكُنْ له ذلك.

وَإِذَا نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ، أَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ تَطَوَّعَتْ بِصَوْمٍ أَوْ حَجٍّ، أَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ مَنْذُورٍ فِى الذِّمَّةِ، فَلَا نَفَقَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِذا نَشَزَتِ المَرْأَةُ. فلا نَفَقَةَ لها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ولو بِنكاحٍ فى عِدَّةٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»:

لَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن مَكَّنَتْه مِن الوَطْءِ دُونَ بقِيَّةِ الاسْتِمْتاعِ، فسُقوطُ النَّفقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. فائدتان؛ إحْداهما، تُشْطَرُ النَّفقَةُ لناشِزٍ ليْلًا فقطْ أو نَهارًا فقطْ، لا بقَدْرِ الأزْمِنَةِ. وتُشْطَرُ النَّفَقَةُ لناشِزٍ بعْضَ يَوْمٍ، على الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: تسْقُطُ كلُّ نفقَتِه. الثَّانيةُ، لو نَشَزَتِ المَرْأةُ ثم غابَ الزَّوْجُ فأَطاعَتْ فى غَيْبَتِه فَعَلِمَ بذلك ومَضَى زمَنٌ يقْدَمُ فى مِثْلِه، عادَتْ لها النَّفَقَةُ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: تجِبُ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُراسَلَةِ الحاكم له. انتهى. وكذا الحُكْمُ لو سافرَ قبلَ الزِّفافِ. وكذا لو أسْلَمَتْ مُرْتَدَّةٌ أو مُتَخَلِّفَةٌ عنِ الإِسْلامِ فى غَيْبَتِه، عندَ ابنِ عَقِيلٍ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّها تعُودُ بمُجَرَّدِ إسْلامِها (¬1). قوله: أو سافَرَتْ بغيْرِ إذْنِه. فلا نَفَقَةَ لها. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقيل: لا تسْقُطُ. ذكَره فى «الرِّعايَةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: سفَرُ التَّغْريبِ يَحْتَمِلُ أَنْ تسْقُطَ فيه النَّفَقَةُ. قلتُ: ويُتَصَوَّرُ ذلك فيما إذا كانتْ بالِغَةً عاقلةً، ولم يدْخُلْ بها وهى باذِلَةٌ للتَّسْليمِ، والمَنْعُ مِن الدُّخولِ منه. قوله: أو تَطَوَّعَتْ بصَوْمٍ أو حَجٍّ، فلا نَفَقَةَ لها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا تسْقُطُ النَّفقةُ بصَوْمِ التَّطَوُّعِ. اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ». وقال: إنْ جازَ له إبْطالُه فتَرَكَه. وفى «الواضِحِ»: فى حَجٍّ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «إسلامهما».

وَإِنْ بَعَثَهَا فِى حَاجَةٍ، أَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَلَهَا النَّفَقَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفْلٍ، إنْ لم يَمْلِكْ منْعَها وتَحْلِيلَها، لم تسْقُطْ. فائدتان؛ إحْداهما، لو صامَتْ لكفَّارَةٍ أو نَذْرٍ أو لقَضاءِ رَمَضانَ -ووَقْتُه مُتَّسِعٌ- بلا إذْنِه، فلا نفَقَةَ لها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لها النَّفقةُ فى صَوْمِ قَضاءِ رَمَضانَ. ونقَل أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِىُّ، تصُومُ النَّذْرَ بلا إذْنٍ. وقال فى «الواضِحِ»: فى صلاةٍ وصَوْمٍ واعْتِكافٍ مَنْذُورٍ وَجْهان. الثَّانيةُ، لو حُبِسَتْ بحَقٍّ أو ظُلْمًا، فلا نَفَقَةَ لها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به أكثرُ الأصحابِ. وقيل: لها النَّفقةُ. وهو احْتِمالٌ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وهل له البَيْتُوتَةُ معَها؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّ له البَيْتُوتَةَ معَها. قوله: وإن بَعَثَها فى حاجَةٍ -يعْنِى له- أو أحْرَمَتْ بحَجَّةِ الإِسْلامِ، فلها النَّفَقَةُ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. بشَرْطِ أَنْ تُحْرِمَ فى الوَقْتِ مِن المِيقاتِ.

وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِمَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ فِى وَقْتِهِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: فى حَجِّ فَرْضٍ احتِمالٌ، كنَفَقَةٍ زائدَةٍ على الحضَرِ. فائدة: لو سافَرَتْ لنُزْهَةٍ أو تِجارَةٍ أو زِيارَةِ أهْلِها، فلا نَفَقَةَ لها. وفيه احْتِمالٌ، وهو وَجْهٌ فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. قوله: وإِنْ أحْرَمَتْ بمَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ فى وقْتِه، فعلى وجْهَيْن. وكذلك الصَّوْمُ المَنْذورُ [والمُعَيَّنُ] (¬1). وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لها النَّفقةُ. ذكَره القاضى مُطْلَقًا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا نفَقَةَ لها مُطْلَقًا. وهو الوَجْهُ الثَّانى فى كلامِ المُصَنِّفِ. ذكَره ابنُ مُنَجَّى. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «الوجيزِ» (¬1). وقيل: إنْ كانَ نذْرُها بإذْنِه أو قبلَ النِّكاحِ، لم تسْقُطِ النَّفقَةُ، وإلَّا سقَطَتْ. وجعَله الشَّارِحُ الوَجْهَ الثَّانىَ مِن كلامِ المُصَنِّفِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى نُشُوزِهَا، أَوْ تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ إِلَيْهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى بَذْلِ التَّسْلِيمِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سافَرَتْ لحاجَتِها بإِذْنِه، فلا نَفَقَةَ لها. ذكَرَه الخِرَقِىُّ فى بعْضِ النُّسَخِ. وعليها شرَحَ المُصَنِّفُ. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن». وهو ظاهرُ كلامِه فى «الوَجيزِ». وهو المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أنَّ لها النَّفَقَةَ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى بابِ عِشْرَةِ النِّساءِ. قوله: وإنِ اخْتَلَفا فى نُشُوزِها أو تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ إليها، فالقَوْلُ قَوْلُها مع يَمِينِها. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ»، و «تَذْكِرَةِ

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِنَفَقَتِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا، أَوْ بِالْكُسْوَةِ، خُيِّرَتْ بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِى ذِمَّتِهِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الآمِدِىُّ: إنِ اخْتلَفا فى النُّشوزِ، فإنْ وَجَبَتْ بالتَّمْكينِ، صُدِّقَ وعليها إثْباتُه، وإنْ وجَبَتْ بالعَقْدِ، صُدِّقَتْ وعليه إثْباتُ المَنْعِ، وإنِ اخْتَلَفا بعدَ إِثباتِ (¬1) التَّمْكينِ، لم يُقْبَلْ قوْلُه. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يُقْبَلُ قولُه قبلَ الدُّخولِ وقوْلُها بعدَه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى النَّفَقَةِ، أنَّ القولَ قولُ مَن يَشهَدُ له العُرْفُ. قوله: وإنِ اخْتَلَفا فى بَذْلِ التَّسْلِيمِ، فالقَوْلُ قَوْلُه مع يَمِينِه. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. قوله: وإنْ أعْسَرَ الزَّوْجُ بنَفَقَتِها أو ببَعْضِها، أو بالكُسْوَةِ -وكذا ببَعْضِها- خُيِّرَتْ بيْنَ فَسْخِ النِّكاحِ والمُقامِ، وتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فى ذِمَّتِه. يعْنِى نفَقَةَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَقيرِ؛ ومحَلُّه إذا لم تَمْنَعْ نفْسَها. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ لها الفَسْخَ بذلك مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وفسْخُها للإِعْسارِ بنَفَقَتِها مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، ما يدُلُّ على أنَّها لا تَمْلِكُ الفَسْخَ [بالإِعْسارِ بحالٍ. قال الزَّرْكَشِىُّ: نقَل ابنُ مَنْصُورٍ ما يدُلُّ على أنَّها لا تَمْلِكُ الفَسْخَ] (¬1) به ما لم يُوجَدْ منه غُرورٌ. وذكَر ابنُ البَنَّا وَجْهًا، أنَّه يُؤَجَّلُ ثلاثًا. وقيل: إنْ أعْسَرَ بكُسْوَةِ يَسارٍ، فلا فَسْخَ. فعلى القَوْلِ بعدَمِ الفَسْخِ، يرْفَعُ يَدَه عنها لتَكْتَسِبَ ما تَقْتاتُ به. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: إذا ثَبَتَ إعْسارُه، فللحاكمِ الفَسْخُ بطَلبها. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وغيرُهما، وقالَا فى النَّفَقَةِ: ولا تجِدُ مَن يُدَيِّنُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وذكَره المُصَنِّفُ وغيرُه فى الغائبِ، ولم يذْكُروه فى الحاضِرِ المُوسِرِ المانِعِ. ورَفْعُ النِّكاحِ (¬1) هنا فَسْخٌ (¬2). قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: هو قولُ جُمْهورِ أصحابِنا، فيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلى الحاكمِ، فإذا ثَبَتَ إعْسارُه، فسَخَ بطَلَبِها ¬

(¬1) فى الأصل: «الحاكم». (¬2) بعده فى ش: «بطلبها أو فسخت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فسَخَتْ بأمْرِه، ولا يَنْفُذُ بدُونِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: ظاهِرًا. وفى «التَّرْغيبِ»، يَنْفُذُ مع تعَذُّرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ تعَذَّرَ إذْنُه، نفَذَ (¬1) مُطْلَقًا. وقيل: هذه الفُرْقَةُ طَلاقٌ. فعلى هذا، يأْمُرُه الحاكِمُ -بطَلَبِها- بطَلاقٍ أو نَفَقَةٍ، فإنْ أَبَى، طلَّق عليه الحاكِمُ. جزَم به فى «التَّبْصِرَةِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط، أ.

فَإِنِ اخْتَارَتِ الْمُقَامَ، ثُمَّ بَدَا لَهَا الْفَسْخُ، فَلَهَا ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. فإنْ راجَعَ، فقيلَ: لا يصِحُّ مع عُسْرَتِه. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. فإنْ راجَعَ، طلَّق عليه ثانيةً، فإنْ راجَع، طلَّق عليه ثالثةً. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقيل: إنْ طلَبَ المُهْلَةَ ثلَاثَةَ أيَّامٍ، أُجِيبَ، فلو لم يقْدِرْ، فقيلَ: ثلَاثَةُ أيَّامٍ. وقيل: إلى آخِرِ اليَوْمِ المُتخَلِّفَةِ نفَقَتُه. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): يُفَرَّقُ بينَهما. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». قوله: فإنِ اخْتارَتِ المُقامَ، ثُمَّ بَدا لها الفَسْخُ، فلها ذلك. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لها ذلك فى الأصحِّ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، ليسَ لها ذلك، كما لو رَضِيَت بعُسْرَتِه فى الصَّداقِ. ¬

(¬1) انظر: المغنى 11/ 360، 361.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «المُحَرَّرِ»: فعلى هذا، هل خِيارُها الأَوَّلُ على التَّراخِى أو على الفَوْرِ؟ على رِوايَتَىْ خِيارِ العَيْبِ، على ما تقدَّم فى بابِه. فوائد؛ الأُولَى، لو اخْتارَتِ المُقامَ، جازَ لها أَنْ لا تُمَكِّنَه مِن نفْسِها، وليس له أَنْ يَحْبِسَها. الثَّانيةُ، لو رَضِيَتْ بعُسْرَتِه، أو تَزَوَّجَتْه عالِمَةً بها، فلها الفَسْخُ بعدَ ذلك. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: لها ذلك على الأصحِّ فيهما (¬1). [وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقيل: ليس لها ذلك. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ليس لها ذلك فى الأصحِّ فيهما] (¬2). وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». فعلى هذا القَوْلِ، خِيارُها على الفَوْرِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: على التَّراخِى. [وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»] (¬3). وأَطْلَقهما فى «الحاوِى». وظاهِرُ «المُحَرَّرِ»، أنَّه كخِيارِ العَيْبِ (3). وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: بل بعدَ ثلَاثةِ أيَّامٍ، وهو أَوْلَى؛ فإنْ حصَل فى الرَّابعِ نَفَقَةٌ، فلا فَسْخَ بما مَضَى، وإنْ حصَلَتْ فى الثَّالثِ، فهل يَفْسَخُ فى الخامِسِ أو السَّادِسِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: وإنْ مَضَىَ يَوْمان ووَجَدَ نَفَقَةَ الثَّالثِ ثم أعْسَرَ فى الرَّابعِ، فهل يسْتَأْنِفُ المُدَّةَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ فى «الهَدْى»، أنَّها لو تزَوَّجَتْه عالِمةً بعُسْرَتِه، أو كانَ مُوسِرًا ثم افْتقَرَ، أنَّه لا فَسْخَ لها. قال: ولم يزَلِ النَّاسُ تُصِيبُهمُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، أَوْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ، أَوِ الْمُتَوَسِّطِ، أَوِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاقَةُ بعدَ اليَسارِ، ولم يرْفَعْهم أزْواجُهم إلى الحُكَّامِ ليُفَرِّقوا بينَهم. قال فى «الفُروعِ». كذا قال. الثَّالثةُ، لو قَدَرَ على التَّكَسُّبِ، أُجْبِرَ عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وقطَع به كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: أُجْبِرَ على الأصحِّ. وقال فيه أيضًا: الصَّانِعُ الذى لا يرْجُو عمَلًا أقَلَّ مِن ثلاثَةِ أيَّامٍ، فإذا عمِلَ [دفَع نفَقَةَ ثلَاثَةِ أيَّامٍ، و (¬1) لا فَسْخَ ما لم يَدُمْ. قال فى «الكافِى»: إنْ كانتْ نفَقَتُه عن عَمَلٍ] (¬2)، فمَرِضَ فاقْتَرَضَ، [فلا فَسْخَ] (¬3)، وإنْ عجَزَ عن الاقْتِراضِ، وكان العارِضُ يزُولُ لثَلاثَةِ أيَّامٍ فما دُونَ، فلا فَسْخَ. انتهى. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ تعَذَّرَ عليه الكَسْبُ فى بعْضِ زَمانِه أو تعَذَّرَ البَيْعُ، لم يَثْبُتِ الفَسْخُ؛ لأنَّه يُمْكِنُ الاقْتِراضُ إلى زَوالِ العارِضِ وحُصولِ الاكْتِسابِ، وكذلك إنْ عجَزَ عن الاقْتِراضِ أيَّامًا يَسِيرَةً؛ لأَنَّ ذلك يزُولُ عن قريبٍ، ولا يَكادُ يسْلَمُ منه كثيرٌ مِن النَّاسِ. وقالا أيضًا: إنْ مَرِضَ مرَضًا يُرْجَى زَوالُه فى أيَّامٍ يَسِيرَةٍ، لم يفْسَخْ؛ لما ذكَرْنا، وإنْ كانَ ذلك يطولُ، فلها الفَسْخُ، وكذلك إن كانَ لا يجِدُ النَّفقَةَ إلَّا يَوْمًا دُونَ يومٍ. انتهيا. وتقدَّم كلامُه فى «الرِّعايَةِ». قوله: وإِنْ أَعْسَرَ بالنَّفَقَةِ الماضِيةِ، أو نَفَقَةِ الموسِرِ، أو المُتَوَسِّطِ، أو الأُدْمِ، أو نَفَقَةِ الخادِمِ، فلا فَسْخَ لها. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط، أ. وانظر الفروع 5/ 588. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل: «فالفسخ». وانظر: الكافى 3/ 368.

الْأُدْمَ، أَوْ نَفَقَةِ الْخَادِمِ، فَلَا فَسْخَ لَهَا، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فِى ذِمَّتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: تَسْقُطُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: إنْ كانتْ ممَّنْ جرَتْ عادَتُها بأَكْلِ الطَّيِّبِ ولُبْسِ النَّاعِمِ، لَزِمَه ذلك، فإن كان مُعْسِرًا، مَلَكَتِ الفَسْخَ إذا عجَز عنِ القيامِ به. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنِ اعْتادَتِ الطَّيِّبَ والنَّاعِمَ، فعَجَز عنهما، فلها الفَسْخُ. قلتُ: فالأُدْمُ أَوْلَى. انتهى. وقيل: لها الفَسْخُ إذا أعْسَرَ بالأُدْمِ. وفى «الانْتِصارِ» احْتِمالٌ، لها الفَسْخُ فى ذلك كلِّه مع ضرَرِها. قوله: وتكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا فى ذِمَّتِه. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى أَوِ الْمَهْرِ، فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: تسْقُطُ. أىِ الزِّيادَةُ، عن نفَقَةِ المُعْسِرِ أو المُتَوَسِّطِ؛ لأَنَّ كلامَ المُصَنِّفِ فى ذلك، وصرَّح به الأصحابُ، لا أنَّها تسْقُطُ مُطْلَقًا. وقال فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»: وقال القاضى: تسْقُطُ زِيادَةُ اليَسارِ والتَّوَسُّطِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، وقيل: تسْقُطُ زِيادَةُ اليَسارِ والتَّوَسُّطِ. قلتُ: غيرُ الأُدْمِ. قوله: وإنْ أَعْسَرَ بالسُّكْنَى أو المَهْرِ، فهل لها الفَسْخُ؟ على وَجْهَيْن. إذا أعْسَرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالسُّكْنَى، فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فى جَوازِ الفَسْخِ لها وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لها الفَسْخُ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». والثَّانى، لا فَسْخَ لها. ذكَره القاضى. وجزَم به فى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلقَ فى جَوازِ الفَسْخِ إذا أعْسَرَ بالمَهْرِ وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» (¬1)؛ أحدُهما، لها الفَسْخُ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، ليسَ لها ذلك. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قال المُصَنِّفُ: وهو أصحُّ. ونَصَرَه. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: إنْ أعْسَرَ قبلَ الدُّخولِ، فلها الفَسْخُ، وإنْ كانَ بعدَه، فلا. قال الشَّارِحُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ، فَرَضِيَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَبِعَه فى «التَّصْحيحِ»: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال النَّاظِمُ: هذا أشْهَرُ. ونقَل ابنُ مَنْصورٍ، إنْ تزَوَّجَ مُفْلِسًا، ولم تَعْلَمِ المرْأَةُ، لا يُفَرَّقُ بينَهما، إلَّا أَنْ يكونَ قال: عندِى عَرْضٌ ومالٌ وغيرُه. [وتقدَّم ذلك مُحَرَّرًا بأتَمَّ مِن هذا فى آخِرِ بابِ الصَّداقِ، فَلْيُعاوَدْه] (¬1). قوله: وإنْ أعْسَرَ زَوْجُ الأَمَةِ فرَضِيَتْ، أو زَوْجُ الصَّغِيرَةِ، أو المَجْنُونَةِ، لم ¬

(¬1) سقط من: الأصل. وتقدم فى 21/ 306 - 309.

أَوْ زَوْجُ الصَّغِيرَةِ، أَوِ الْمَجْنُونَةِ، لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَكُنْ لِوَلِيِّهنَّ الْفَسْخُ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لا فَسْخَ فى المَنْصوصِ لوَلِىِّ أمَةٍ راضِيَةٍ وصَغِيرَةٍ ومَجْنونَةٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: فلا فَسْخَ لهم فى الأصحِّ. وقدَّمه فى «الكافِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ». ويَحْتَمِلُ أنَّ له ذلك. وقال فى «الكافِى»: وحُكِىَ عن القاضى، أنَ لسَيِّدِ الأمَةِ الفَسْخَ؛ لأنَّ الضَّرَرَ عليه.

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ مَنَعَ النَّفَقَةَ أَوْ بَعْضَهَا مَعَ الْيَسَارِ، وَقَدَرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ، أَخَذَتْ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِى وَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ مَنَعَ النَّفَقَةَ أو بَعْضَها مع الْيَسار، وقَدَرَتْ له على مالٍ، أخَذَتْ منه ما يَكْفِيها ويَكْفِى ولَدَها بالمَعْرُوفِ بغيرِ إذْنِه. للحَديثِ الذى ذكَره

لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِهِنْدٍ، حِينَ قَالَتْ لَهُ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِى مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِى وَوَلَدِى. قَالَ: «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالْمَعْرُوفِ». ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، وهو فى «الصَّحِيحَيْن». وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: القِياسُ مَنْعُها، ترَكْناه للخَبَرِ. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» وَجْهًا، أنَّها

وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ وَحَبَسَهُ، فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ، دَفَعَ النَّفَقَةَ إِلَيْهَا مِنْ مَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تأْخُذُ لوَلَدِها. ويأْتِى حُكْمُ الحديثِ فى آخِرِ بابِ طريقِ الحُكْمَ وصِفَتِه.

فَإِنْ غَيَّبَهُ، وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ، فَلَهَا الْفَسْخُ. وَقَالَ الْقَاضِى: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ غَيَّبَه وصَبَرَ على الحَبْسِ، فلها الْفَسْخُ. هذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. قال فى «الرِّعايتَيْن»: لها الفَسْخُ فى الأَقْيَسِ. قال فى «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»: فلها الفَسْخُ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: فإنْ أصَرَّ، فارَقَتْه عندَ الأكثرِ. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال النَّاظِمُ: فإنْ منَع الإِنْفاقَ ذُو اليُسْرِ أو يَغِبْ … أو البَعْضَ إنْ تظْفَرْ بمالِ الحَقَلَّدِ (¬1) ¬

(¬1) الحَقَلَّد، كَعَمَلَّس: البخيل. وبعده فى «عقد الفرائد» 2/ 238: لتأخذ بالمعروف منه كفايةً لها ولأولاد الشحيح المعقدِ.

وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَلَمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى مَالٍ، وَلَا الاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ، فَلَهَا الْفَسْخُ، إِلَّا عِنْدَ الْقَاضِى، فِيمَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ يَتَعَذَّرْ يُلْجِه حاكمٌ، فإنْ … أَبَى يعْطِها عنه، ولو قِيمَةَ أعْبُدِ وقالَ القاضِى: ليس لها ذلك. قال فى «التَّرْغيبِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ». وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». قوله: وإنْ غابَ، ولم يَتْرُكْ لها نَفَقَةً، ولم تَقْدِرْ له على مالٍ، ولا الاسْتِدانَةِ

وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ فِى ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، فلها الفَسْخُ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقالَ القاضِى: ليس لها ذلك إذا لم يَثْبُتْ إِعْسارُه. قال فى «التَّرْغيبِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وتقدَّم أنَّ لها أَنْ تَسْتَدِينَ وتنْفِقَ. قوله: ولا يَجُوزُ الفَسْخُ فى ذلك إلَّا بحُكْمِ حاكمٍ. وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وحكَى المُصنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم فى كتابِ الصَّداقِ، لها أَنْ تفْسَخَ بغيرِ حُكْمِ حاكمٍ فيما إذا أعْسَرَ بالمَهْرِ. وتقدَّم ذلك فى آخِرِ كتابِ الصَّداقِ، فَلْيُعاوَدْ.

باب نفقة الأقارب والمماليك

بَابُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ نَفَقَةُ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ، إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، وَلَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ نفَقَةِ الأقارِبِ والمَماليكِ قوله: يَجِبُ على الإِنْسانِ نَفَقَةُ والِدَيْه ووَلَدِه بالمَعْرُوفِ، إِذا كانُوا فُقَراءَ، وله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يُنْفِقُ عليهم فاضِلًا عن نَفَقَةِ نَفْسِه وامْرَأَتِهِ -ورَقيقِه أيضًا- وكذَلك يَلْزَمُه نَفَقَةُ

وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ سائِرِ آبائِه وإِنْ عَلَوْا، وأَوْلادِه وإِنْ سَفَلُوا. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ وُجوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْه وإنْ عَلَوْا، وأوْلادِه وإنْ سَفَلُوا بالمَعْروفِ، أو بعْضِها إنْ كان المُنْفَقُ عليه قادِرًا على البَعْضِ. وكذلك تَلْزَمُه لهم الكُسْوَةُ والسُّكْنَى، مع فَقْرِهم، إذا فضَلَ عن نَفْسِه وامْرأَتِه. وكذا رَقيقُه يوْمَه وليْلَتَه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويأْتِى حُكْمُ اخْتِلافِ الدِّينِ، فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا. وعنه، لا تَلْزَمُه نفَقَتُهم إلَّا بشَرْطِ أَنْ يَرِثَهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بفَرْضٍ أو تعْصِيبٍ، كبَقِيَّةِ الأقارِبِ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، وظاهِرُ ما جزَم به فى «الشَّرْحِ»؛ فإنَّه قال: يُشْتَرَطُ لوُجوبِ الإِنْفاقِ ثَلاثَةُ شُروطٍ؛ الثَّالِثُ، أَنْ يكونَ المُنْفِقُ وارِثًا، فإنْ لم يكُنْ وارِثًا لعدَمِ القَرابَةِ، لم تجِبْ عليه النَّفَقَةُ. والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ أَنْ يكونَ وارِثًا فى الجُمْلَةِ؛ بدَليلِ قوْلِه: فإنْ لم يكُنْ وارِثًا لعدَمِ القَرابَةِ. وعنه، تخْتَصُّ العَصَبَةُ مُطْلَقًا بالوُجوبِ. نقَلَها جماعَةٌ. فيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهم بفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ فى الحالِ، فلا تَلْزَمُ بعيدًا مُوسِرًا يحْجُبُه قرِيبٌ مُعْسِرٌ. وعنه، بل إنْ وَرِثَه وحدَه، لَزِمَتْه مع يَسارِه، ومع فَقْرِه تَلْزَمُ بعيدًا مُعْسِرًا. فلا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مع أبٍ فقيرٍ على الأُولَى، وتَلْزَمُ على الثَّانيةِ، على ما يأْتِى. ويأْتِى أيضًا ذِكْرُ الرِّوايةِ الثَّالثةِ، وما يتَفَرَّعُ عليها فى المَسْألَةِ الآتِيَةِ بعدَ هذه، ويأْتِى تَفارِيعُ هذه الرِّواياتِ وما يَنْبَنِى عليها. تنيهان؛ أحدُهما، شَمِلَ قوْلُه: وأوْلادِه وإنْ سفَلُوا. الأوْلادَ الكِبارَ الأصِحَّاءَ الأقْوِياءَ إذا كانُوا فُقَراءَ. وهو صحيحٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ الذهبِ، ويأْتِى الخِلافُ فى ذلك. الثَّانى، قوْلُه: فاضِلًا عن نفَقَةِ نفْسِه وامْرأَتِه ورَقيقِه. يعْنِى، يَوْمَه وليْلَتَه، كما تقدَّم. صرَّح به الأصحابُ؛ مِن كَسْبِه أو أُجْرَةِ مِلْكِه ونحوِهما، لا مِن أصْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البِضاعَةِ وثَمَنِ المِلْكِ وآلَةِ عمَلِه.

وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ كُلِّ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ؛ سَواءٌ وَرِثَهُ الْآخَرُ أَوْ لَا، كَعَمَّتِهِ، وَعَتِيقِهِ، وَحُكِىَ عَنْهُ، إِنْ لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَلْزَمُه نَفَقَةُ مَن يَرِثُه بفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ مِمَّنْ سِواهم؛ سواءٌ ورِثَه الآخَرُ أو لا؛ كَعَمَّتِه وعَتيقِه. هذا المذهبُ. قطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وصرَّحُوا بالعَتِيقِ. وعنه، أنَّها تخْتَصُّ العَصبَةَ مِن عَمُودَىِ النَّسَبِ، وغيرَهم. نقَلها جماعَةٌ، كما تقدَّم، فلا تجِبُ على العَمَّةِ والخالَةِ ونحوِهما. فعليها، هل يُشْتَرَطُ أن يَرِثَهم بفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ فى الحالِ؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، يُشْتَرَطُ. وهو الصَّحيحُ، فلا نَفَقَةَ على بعيدٍ مُوسِرٍ يحْجُبُه قريبٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُعْسِرٌ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. والأُخْرى، يُشْتَرَطُ ذلك فى الجُملةِ، لكِنْ إنْ كان يَرِثُه فى الحالِ، أُلْزِمَ بها مع اليَسارِ دُونَ الأَبْعَدِ، وإنْ كان فقيرًا، جُعِلَ كالمَعْدومِ ولَزِمَتِ الأبْعَدَ المُوسِرَ. فعلى هذا، مَنْ له ابنٌ فقيرٌ وأخٌ مُوسِرٌ، أو أبٌ فقيرٌ وجَدٌّ مُوسِرٌ، لَزِمَتِ المُوسِرَ منهما النَّفَقَةُ، ولا تَلْزَمُهما على التى قبلَها. وعلى اشْتِراطِ الإِرْثِ فى غيرِ عَمْودَىِ النَّسَبِ خاصَّةً، تَلْزَمُ الجَدَّ دُونَ الأخِ. قال المُصَنِّفُ: وهو الظَّاهِرُ. وقال فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»: لو كان بعْضُهم يُسْقِطُ بعْضًا، لكِنَّ الوارِثَ مُعْسِرٌ وغيرَ الوارِثِ مُوسِرٌ، فهل تجِبُ النَّفَقَةُ على البعيدِ المُوسِرِ؟ فيه ثَلاثَةُ أوْجُهٍ، الثَّالِثُ، إنْ كان مِن عَمُودَىِ النَّسَبِ، وجَبَ، وإلَّا فلا. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُعْتَبَرُ تَوارُثُهما. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. فلا تجِبُ النَّفَقَةُ لعَمَّتِه ولا لعَتِيقِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ». وأَطْلَقَ هذه الرِّوايةَ والرِّوايةَ الأُولَى (¬1) فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: وُجوبُ الإِنْفاقِ على الأقارِبِ غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ مُقَيَّدٌ بالإِرْثِ، لا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالرَّحِمِ. نصَّ عليه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: وعَتِيقِه. لوْ كان العَتِيقُ فقيرًا وله مُعْتِقٌ، أو مَن يَرِثُه بالوَلاءِ. وهو صحيحٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. وممَّنْ صرَّح بعَتِيقِه مع عَمَّتِه؛ صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، و «الرِّعايتَيْن»، وغيرُهم.

فَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ذَكَرَهُ الْقَاضِى. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُخَرَّجُ فِى وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا ذَوُو الأَرْحامِ، فلا نَفَقَةَ له عليهم، رِوايَةً واحِدةً. ذَكَرَه القاضِى. وهو المذهبُ. نقلَه جماعَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصوصُ والمَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ونقَل جماعَةٌ، تجِبُ لكُلِّ وارِثٍ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ؛ لأنَّه مِن صِلَةِ الرَّحِمِ. وهو عامٌّ، كعُمومِ المِيراثِ فى ذَوِى الأرْحام، بل أَوْلَى. وقال أبو الخَطَّابِ، وابن أبى مُوسى: يُخَرَّجُ فى وُجوبِها عليهم رِوَايَتان. قال فى «المُحَرَّرِ»: وخرَّج أبو الخَطَّابِ وُجوبَها على تَوْرِيثِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو قَوِىٌّ. وقال فى «البُلْغَةِ»: وأمَّا ذَوُو الأرْحامِ، فهل تَلْزَمُ بعْضَهم نَفَقَةُ بعْضٍ عندَ عدَمِ ذَوِى الفُروضِ والعَصَباتِ؟ على رِوايتَيْن، وقيل: تَلْزَمُ، روايةً واحدةً. انتهى. ولعَلَّه، وقيل: لا تَلْزَمُ. بِزِيادَةِ لا. تنبيه: قد يُقالُ: عُمومُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ أوْلادَ البَناتِ ونحوَهم لا نفَقَةَ عليهم؛ لأنَّهم مِن ذَوِى الأرْحامِ. وعُمومُ كلامِه فى أوَّلِ البابِ، أنَّ عليهم النَّفَقَةَ، وهو قوْلُه: وكذلك تَلْزَمُه نَفَقَةُ سائرِ آبائِه وإنْ عَلَوْا، وأوْلادِه وإنْ سفَلُوا. والعَمَلُ على هذا الثَّانى، وأنَّ النَّفَقَةَ واجِبَةٌ عليهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم؛ فإنَّهم قالوا: ولا نَفَقَةَ على ذَوِى الأرْحامِ مِن غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ. نصَّ عليه. فعُمومُ كلام المُصَنِّفِ هنا مَخْصُوصٌ بغيرِ مَنْ هو مِن عَمُودَىِ النَّسَبِ مِن ذَوِى الأرْحامِ. وَأدْخَلَهم فى «الفُروعِ» فى الخِلافِ، ثم قال بعدَ ذلك: وأوْجَبَها جماعَةٌ لعَمُودَىْ نسَبِه فقط. يعْنِى، مِن ذَوِى الأرْحامِ. فظاهِرُ ما قدَّمه، أنَّه لا

وَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ وُرَّاثٌ، فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ إِرْثِهِمْ مِنْهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ، فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِى عَلَى الْجَدِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفَقَةَ لهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قوله: وإنْ كانَ للفَقِيرِ وُرَّاثٌ، فنَفَقَتُه عليهم على قَدْرِ إرْثِهِم منه، فإذا كانَ أُمٌّ وجَدٌّ، فعلى الأُمِّ الثُّلُثُ، والباقِى على الجَدِّ. وكذا ابنٌ وبِنْتٌ. فإنْ كانتْ أمٌّ

وَإِنْ كَانَتْ جَدَّةٌ وَأَخٌ، فَعَلَى الْجَدَّةِ السُّدْسُ، وَالْبَاقِى عَلَى الْأَخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبِنْتٌ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّها عليهم أرْباعًا. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَخَرَّجُ وُجوبُ ثُلُثَىِ النَّفَقَةِ عليهم بإرْثِهِما فَرْضًا.

وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى حِسَابُ النَّفَقَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعلى هذا حِسابُ النَّفَقاتِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ له أَبٌ، فتكُونُ النَّفَقَةُ عليه وحْدَه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الواضِحِ»: هذا ما دامَتْ أمُّه أحَقَّ به. وقال القاضى، وأبو الخَطَّابِ: القِياسُ فى أبٍ وابنٍ، يَلْزَمُ الأبَ السُّدْسُ فقط. لكِنْ ترَكَه أصحابُنا لظاهرِ الآيَةِ (¬1). وقال ابنُ عَقيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: الوَلَدُ مثْلُ الأبِ فى ذلك. [وعنه، الجَدُّ والجَدَّةُ كالأبِ فى ذلك. ذكرَهُما ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإقْناعِ»] (2). ¬

(¬1) سورة النساء 11.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ أحدُ الوَرَثَةِ مُوسِرًا، لَزِمَه بقَدْرِ إرْثِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: هذا المذهبُ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن، أنَّه لا يَلْزَمُه أكثرُ مِن مِقْدارِ إرْثِه منه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وهو

إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ، فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، تَلْزَمُه كلُّ النَّفَقَةِ. وأَطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإِقْناعِ»: محَلُّ الخِلافِ فى الجَدِّ والجَدَّة خاصَّةً، وأمَّا سائرُ الأقارِبِ، فلا تَلْزَمُ الغَنِىَّ منهم النَّفَقَةُ إلَّا بالحِصَّةِ، بغيرِ خِلافٍ. [قوله: إلَّا أَنْ يكُونَ له أَبٌ فتكُونُ النَّفَقَةُ عليه وحْدَه. هذا المذهبُ مُطْلقًا. وعليه الأَصحابُ] (¬1). [وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإِقْناعِ»: فى الجَدِّ والجَدَّةِ رِوايَتان، هل يكُونان كالأبِ فى وُجوبِ النَّفَقَةِ كامِلَةً على كلِّ واحدٍ منهما لو انْفَرَدَ، أو كسائرِ الأقارِبِ؟] (¬2) ¬

(¬1) سقط من: ط، أ. (¬2) سقط من: ط.

وَمَنْ لَهُ ابْنٌ فَقِيرٌ وَأَخٌ مُوسِرٌ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا. وَمَنْ لَهُ أُمٌّ فَقِيرَةٌ وَجَدَّةٌ مُوسِرَةٌ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومن له ابنٌ فَقِيرٌ وأَخٌ مُوسِرٌ، فلا نَفَقَةَ له عليهما. هذا المذهبُ. جزَم به القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، كما تقدُّم فى التَّفْريعِ على الرِّوايةِ الثَّانيةِ. قال الشَّارِحُ: هذا الظَّاهِرُ. وعنه، تجِبُ النَّفَقَةُ على الأخِ. وهو تخْرِيجُ وَجْهٍ للمُصَنِّفِ. واخْتارَه فى «المُسْتَوْعِبِ»، وتقدَّم ذلك. قوله: ومَن له أُمٌّ فَقِيرَةٌ وجَدَّةٌ مُوسِرَةٌ، فالنَّفَقَةُ عليها. يعْنِى، على الجَدَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. وذكَره القاضى. وذكَره أيضًا فى أبٍ مُعْسِر وجَدٍّ مُوسِرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». قال فى «الشَّرْحِ»: هذا الظَّاهِرُ. وصرَّح به ابنُ عَقِيلٍ فى «كِفايَةِ المُفْتِى». واخْتارَه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وعنه، لا نَفَقَةَ عليهما. وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ».

وَمَنْ كَانَ صَحِيحًا مُكَلَّفًا لَا حِرْفَةَ لَهُ سِوَى الْوَالِدَيْنِ، فَهَلْ تَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى رِوايةِ اشْتِراطِ الإرْثِ فى عَمُودَىِ النَّسبِ، تَلْزَمُ النَّفَقَةُ الجَدَّ، دُونَ الأخِ. وتقدَّم بِناءُ هذه المَسائلِ على رِواياتٍ تقدَّمَتْ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: ومَن كانَ صَحِيحًا مُكَلَّفًا لا حِرْفَةَ له سِوَى الوالِدَيْن، فهل تَجِبُ نَفَقَتُه؟ على رِوايتَيْن. قال القاضى: كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، يَحْتَمِلُ رِوايتَيْن.

نَفَقَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهما وَجْهان فى «المُذْهَبِ». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ إحْداهما، تجِبُ له لعَجْزِه عن الكَسْبِ. وهو المذهبُ. قال النَّاظِمُ: وهو أَوْلَى. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» فى الأوْلادِ، وهو منها، كما تقدَّم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تجِبُ. تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: سِوَى الوالِدَيْن. أنَّهما إذا كانَا صَحِيحَيْن مُكَلَّفَيْن لا حِرْفَةَ لهما، تجِبُ نفَقَتُهما مِن غيرِ خِلافٍ فيه. وهو أحدُ الطُّرُقِ. وقطَع به جماعَةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، والقاضى. نقَله عنه فى «القَواعِدِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: لا خِلافَ فيهما فيما عَلِمْتُ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاِثِينَ بعدَ المِائَةِ»: وفرَّق القاضى فى زَكاةِ الفِطْرِ، مِن «المُجَرَّدِ»، بينَ الأبِ وغيرِه، وأوْجَبَ النَّفَقَةَ للأبِ بكُلِّ حالٍ، وشرَطَ فى الابنِ وغيرِه الزَّمانَةَ. انتهى. وهى الطَّريقةُ الثَّانيةُ. والطَّريقةُ الثَّالثةُ، فيهما رِوايَتان كغيرِهما. وتقدَّم المذهبُ منهما. الثَّانى، مفْهومُ

وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عِنْدَهُ إلَّا نَفَقَةُ وَاحِدٍ، بَدَأَ بِالْأقْرَبِ فَالأقْرَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِه، أنَّ غيرَ المُكَلَّفِ؛ كالصَّغيرِ، والمَجْنونِ، وغيرِ الصَّحيحِ، تَلْزَمُه نَفَقَتُهما مِن غيرِ خِلافٍ. وهو صحيحٌ. فائدتان؛ إحْداهما، هل يَلْزَمُ المُعْدَمَ الكَسْبُ لنَفَقَةِ قرِيبِه؟ على الرِّوايتَيْن فى المَسْألَةِ الأُولَى. قالَه فى «التَّرْغيبِ». وقال فى «الفُروعِ»: وجزَم جماعَةٌ، يَلْزَمُه، ذكَرُوه فى إجارَةِ المُفْلِسِ واسْتِطاعَةِ الحَجِّ. قال فى «القَواعِدِ»: وأمَّا وُجوبُ النَّفَقَةِ على أقارِبِه مِن الكَسْبِ، فصَرَّح القاضى فى «خِلافِه»، و «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه»، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، والأكْثرونَ، بالوُجوبِ، قال القاضى فى «خِلافِه»: وظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، لا فَرْقَ فى ذلك بينَ الوالِدَيْن والأوْلادِ وغيرِهم مِن الأقارِبِ. وخرَّج صاحِبُ «التَّرْغيبِ» المَسْألَةَ على رِوايتَيْن. انتهى. الثَّانيةُ، القُدْرَةُ على الكَسْبِ بالحِرْفَةِ تَمْنَعُ وُجوبَ نَفَقَتِه على أقارِبِه. صرَّح به القاضى فى «خِلافِه». ذكَره صاحِبُ «الكافِى» وغيرُه، واقْتَصَرَ عليه فى «القَواعِدِ». قوله: فإنْ لم يَفْضُلْ عِنْدَه إلَّا نَفَقَةُ واحِدٍ، بَدَأ بالأَقْرَبِ فالأَقْرَبِ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُقَدَّمُ الأقْرَبُ فالأَقْرَبُ، ثم العصَبَةُ، ثم التَّساوِى. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»،

وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقيل: يُقَدَّمُ وارِثٌ ثم (¬1) التَّساوِى. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وقيل: يُقَدَّ مَنِ امْتازَ بفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ، فإنْ تعارَضَتِ المَرْتَبَتان أو فقِدَتا، فهما سواءٌ. فائدة: لو فَضَلَ عندَه نَفَقَة لا تكْفِى واحِدًا، لَزِمَه دَفْعُها. قوله: فإنْ كانَ له أَبَوان، جَعَلَه بيْنَهُما. هذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه الشَّارِحُ. ¬

(¬1) فى ط، أ: «مع».

فَإِنْ كَانَ مَعَهُما ابْنٌ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوجُهٍ؛ أَحَدُهَا، يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ. وَالثَّانِى، يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِمَا. وَالثَّالِثُ، يُقَدِّمُهُمَا عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ». ومالَ إليه النَّاظِمُ. [وقيل: تُقَدَّمُ الأمُّ. وهو احْتِمالٌ فى «الهِدايَةِ»] (¬1). وقيل: يُقَدَّمُ الأبُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وأَطْلَقَهُنَّ فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قوله: فإنْ كانَ معهُما ابن، ففيه ثَلَاثةُ أوْجُهٍ، أحَدُها، يَقْسِمُه بيْنَهُم. والوَجْهُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَجَدٌّ، أَوِ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ،، فَالأَبُ وَالِابْنُ أَحَقُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِى، يُقدِّمُه عليهما. نقَل أبو طالِبٍ، الابنُ أحَقُّ بالنَّفَقَةِ، وهى أحَقُّ بالبِرِّ. قال فى «الوَجيزِ»: فإن اسْتَوَى اثْنان بالقُرْبِ، قُدِّمَ العَصَبَةُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، [و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»] (1). وقدَّمه فى [«الخُلاصَةِ»، و] (1) «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: يُقَدَّمُ الأبَوان على الابنِ. وأَطْلقَهُنَّ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». [وأَطْلَقَ الخِلافَ بينَ الأبِ والابنِ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»] (¬1). فائدة: وكذا الحُكْمُ والخِلافُ فيما إذا اجْتَمَعَ جَدٌّ وابنُ ابنٍ. وقدَّم الشَّارِحُ أنَّهما سواءٌ. قوله: فإنْ كانَ أَبٌ وجَدٌّ، أو ابنٌ وابنُ ابنٍ، فالْأَبُ والابنُ أَحَقُّ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: الأبُ والجَدُّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سواءٌ. وكذا (¬1) الابنُ وابنُ الابنِ. وهو احْتِمالٌ للقاضى. وهو قَوْلُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لتَساوِيهم فى الوِلايَةِ والتَّعْصِيبِ. قال أبو الخَطَّابِ: هذا سَهْوٌ مِن القاضى؛ لأَنَّ أحدَهما غيرُ وارِثٍ. فوائد؛ الأُولَى، يُقَدَّمُ أبو الأبِ على أبى الأُمِّ، ولو اجْتَمَعَ أبو أبِى الأبِ مع أبِى الأُمِّ، فالصَّحيحُ فِن المذهبِ أنَّهما يسْتَوِيانِ. قال القاضى؛ القِياسُ تَساوِيهما؛ لتَعَارُضِ قُرْبِ الدَّرَجَةِ ومَيْزَةِ العُصُوبَةِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقَدَّمُ أبو الأُمِّ لقُرْبِه. واخْتارَه فى «المُحَرَّرِ». وفى «الفُصولِ»، احْتِمالُ تقْديمِ أبِى أبِى الأبِ. وجزَم به المُصَنِّفُ. الثَّانيةُ، لو اجْتَمَعَ ابن وجَدٌّ، أو (¬2) أبٌ وابنُ ابنٍ، قُدِّمَ الابنُ (¬3) على الجَدِّ، وقُدِّم الأبُ على ابنِ الابنِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه الشَّارِحُ [وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه] (4). ويَحْتَمِلُ التَّساوِىَ. الثَّالثةُ، لو اجْتَمَعَ جَدٌّ وأخٌ، قُدِّم الجَدُّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصحَّحاه. ويَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ. [وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ] (¬4). ¬

(¬1) فى الأصل: «وولد». (¬2) فى الأصل: «و». (¬3) فى الأصل: «الأب». (¬4) سقط من: الأصل.

وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الأَقَارِبِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّين. وَقِيلَ: فِى عَمُودَىِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يُقَدَّمُ الأحْوَجُ ممَّنْ تقدَّم فى هذه المَسائلِ على غيرِه. واعْتُبِرَ فى «التَّرْغيبِ» بإرْثٍ، وأنَّ مع الاجْتِماعِ يُوَزَّعُ لهم بقَدْرٍ إرْثِهم. ونقَل المُصَنِّفُ ومَن تابعَه، عن القاضى، فيما إذا اجْتَمَعَ الأبَوانِ والابنُ، إنْ كانَ الابنُ صغِيرًا أو مَجْنونًا، قُدِّم، وإنْ كان الابنُ كبِيرًا والأبُ زَمِنٌ، فهو أحَقُّ، ويَحْتَمِلُ تقْديمَ الابنِ. قوله: ولا تَجِبُ نَفَقَةُ الأقارِب مع اخْتِلافِ الدِّينِ -هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وهذا تخْصِيصُ كلامِ المُصَنِّفِ

النَّسَبِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلَ البابِ- وقيل: فى عَمُودَىِ النَّسَبِ رِوايَتان. [قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وعنه، تجِبُ فى عَمُودَىِ النَّسَبِ خاصَّةً. قال القاضى: فى عَمُودَىِ النَّسَبِ رِوايَتان] (2). وقيل: تجبُ لهم مع اخْتِلافِ الدِّينَ. ذكَره الآمِدِىُّ رِوايةً. وفى «المُوجَزِ» رِوايةٌ، تجِبُ للوالِدِ دُونَ غيرِه. وقال فى «الوَجيزِ»: ولا تجِبُ

وَإِنْ تَرَكَ الإِنْفَاقَ الْوَاجِبَ مُدَّةً، لَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَفَقَةٌ مع اخْتِلافِ الدِّينِ، إلَّا أَنْ يُلْحِقَه به قَافَةٌ. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ»، وزادَ، ويَرِثُه بالوَلاءِ. قوله: وإنْ تَرَكَ الإنْفاقَ الواجِبَ مُدَّةً، لم يَلْزَمْه عِوَضُه. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: أَطلقَه الأكثرُ. وجزَم به فى «الفُصول». وقال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ: فإنْ كان الحاكِمُ قد فَرَضَها، فيَنْبَغِى أَنْ تَلْزَمَه؛ لأَنَّها تأكَّدَتْ بفَرْضِ الحاكمِ، فلَزِمَتْه، كنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ومَنْ تَرَكَ النَّفقةَ على قرِيبَةٍ مُدَّةً، سقَطَتْ، إلَّا إذا كانَ فرَضَها حاكمٌ، وقيل: ومع فَرْضِها، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الحاكِمُ فى الاسْتِدانة عليه أو القَرْضِ. زادَ فى «الكُبْرى»: أو الإنْفاقِ مِن مالِها لتَرْجِعَ به عليه لغَيْبَتِه أو امْتِناعِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: مَنْ أُنْفِقَ عليه بإذْنِ حاكم، رجَع عليه، وبلا إذْنٍ، فيه خِلافٌ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وأمَّا نفَقَةُ أقارِبِه، فلا تَلْزَمُه لِما مَضَى وإنْ فُرِضَتْ، إلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ عليه بإذْنِ الحاكمِ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ ما اخْتاره شيْخُنا، ويَسْتَدِينُ عليه، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يرْجِعُ إنِ اسْتَغْنَى بكَسْبٍ أو نَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ أصحابِنا، يَأْخُذُ بلا إذْنِه إذا امْتَنَعَ، كالزَّوْجَةِ إذا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِن النَّفَقَةِ عليها. نقلَ صالِحٌ، وعَبْدُ اللَّهِ، والجماعَةُ، يأْخُذُ مِن مالِ والدِه بلا إذْنِه بالمَعْروفِ إذا احْتاجَ، ولا يَتَصَدَّقُ.

وَمَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومن لَزِمَتْه نَفَقَةُ رَجُلٍ، فهل تَلْزَمُه نَفَقَةُ امْرَأَتِه؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِى»؛ إحْداهما، تَلْزَمُه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُغنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تَلْزَمُه. وتأَوَّلَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، تَلْزَمُه فى عَمُودَىِ النَّسَبِ لا غيرُ. وعنه، تَلْزَمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لامْرأَةِ أبِيه لا غيرُ. وهذه مسْألَةُ الإِعْفافِ. فائدة: يجِبُ على الرَّجُلِ إعْفافُ مَنْ وجَبَتْ نفَقَتُه عليه؛ مِنَ الآباءِ، والأجْدادِ، والأبْناءِ، وأبْنائِهم، وغيرِهم ممَّنْ تجِبُ عليه نفَقَتُهم. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ وما يتَفَرَّعُ عليها. وعنه، لا يجبُ عليه ذلك مُطْلَقًا. وقيل: لا يَلْزَمُه إعْفافُ غيرِ عَمُودَىِ النَّسَبِ. فحيثُ قُلْنا: يجِبُ عليه ذلك. لَزِمَه أَنْ يُزَوِّجَه بحُرَّةٍ تُعِفُّه، أو بسُرِّيَّةٍ. وتقدَّم تَعْيِينُ قريبٍ إذا اتَّفَقا على مِقْدارِ المَهْرِ. هذا هو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، أنَّ التَّعْيِينَ للزَّوْجِ، لكِنْ ليسَ له تَعْيِينُ رَقيقِه، ولا للابنِ تَعْيِينُ عجوزٍ قَبِيحَةِ المَنْظَرِ أو مَعِيبَةٍ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يَمْلِكُ اسْتِرْجاعَ أمَةٍ أعَفَّه بها مع غِناه. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: له ذلك. قلتُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُعايَى بها. ويُصَدَّقُ بأنَّه تَائِقٌ بلا يَمينٍ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ووَجْهٌ، أنَّه لا يُصَدَّقُ إلَّا بيَمِينِه. ويُشْتَرَطُ أَنْ يكونَ عاجِزًا عن مَهْرِ زَوْجَةٍ أو ثَمَنِ أمَةٍ. ويكْفِى إعْفافُه بواحِدَةٍ. ويُعَفُّ ثانيًا إنْ ماتَتْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا، كمُطَلِّقٍ لعُذْرٍ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ويَلْزَمُه إعْفافُ أُمِّه كأَبِيه. قال القاضى: ولو سُلِّمَ، فالأبُ آكَدُ، ولأنَّه لا يُتَصَوَّرُ؛ لأَنَّ الإعْفافَ لها بالتَّزْوِيجِ، ونَفَقَتُها على الزَّوْجِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ، تَلْزَمُه نفَقَةٌ إنْ تعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بدُونِها. وهو ظاهِرُ القَوْلِ الأَوَّلِ. وهو ظاهرُ «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَلْزَمُه إعْفافُ كلِّ إنْسانٍ تَلْزَمُه نَفَقَتُه.

فصل

فَصْلٌ: وَتَجِبُ نَفَقَةُ ظِئْرِ الصَّبِىِّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرأَةِ مِنْ وَضَاعِ وَلَدِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس للْأَبِ مَنْعُ المَرْأَةِ مِن رَضاعِ وَلَدِها إذا طَلَبَتْ ذلك. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى فى «الخِلافِ الكَبِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَصحابُه. قالَه ابنُ رَجَبٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلُغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: له ذلك إذا كانتْ فى حِبَالِه بأُجْرَةٍ وبغيرِها. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». نقَله ابنُ رَجَبٍ فى مَسْألةِ مُؤْنَةِ الرَّضاعِ، له كخِدْمَتِه. نصَّ عليه. وتقدَّم ذلك أيضًا فى عِشْرَةِ النِّساءِ عندَ قوْلِه: وله أَنْ يَمْنَعَها مِن رَضاعِ وَلَدِها. وتقدَّم

وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا، وَوُجِدَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ، فَهِىَ أَحَقُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ هناك ما يتَعَلَّقُ بهذا. قوله: وإنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مثلِها، ووُجِدَ مَن يَتَبَرَّعُ برَضَاعِه، فهى أحَقُّ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصِحَّةُ عَقْدِ الإِجارَةِ على رَضاعِ وَلَدِها مِن أبِيه مِن مُفْرَداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وتقدَّم صِحَّةُ ذلك صَرِيحًا فى كلامِ المُصَنِّفِ فى بابِ الإِجارَةِ، حيثُ قال: ويجوزُ اسْتِئْجارُ وَلَدِه لخِدْمَتِه، وامْرأَتِه لرَضاعِ وَلَدِه وحَضانَتِه. وقال فى «المُنْتَخَبِ» للشِّيرَازِىِّ: إنِ اسْتَأْجَرَها مَنْ هى تحتَه لرَضاعِ وَلَدِه، لم يَجُزْ؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ نفعَها، كاسْتِئْجارِها للخِدْمَةِ شَهْرًا، ثم اسْتَأْجرَها فى ذلك الشَّهْرِ للبِنَاءِ. وقال القاضى: لا يصحُّ اسْتِئْجارُها. كما تقدَّم. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، لا أُجْرَةَ لها مُطْلَقًا، فيُحَلِّفُها أنَّها أنْفَقَتْ عليه ما أخَذَت منه. وقال فى «الاخْتِياراتِ»: وإرْضاعُ الطِّفْلِ واجِبٌ على الأُمِّ، بشَرْط أَنْ تكونَ مع الزَّوْجِ، ولا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ المِثْلِ زِيادَةً على نفَقَتِها وكُسْوَتِها. وهو اختِيارُ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وتكونُ النَّفَقَةُ عليها واجِبَةً بشَيْئَيْن، حتى لو سَقَطَ الوُجوبُ بأحَدِهما، ثَبَتَ بالآخَرِ، كما لو نَشَزَتْ وأرْضَعَتْ وَلَدَها، فلها النَّفَقَةُ للإِرْضاعَ لا للزَّوْجِيَّةِ. فوائد؛ الأُولَى، لو طَلَبَتْ أكثرَ مِن أُجْرَةِ مِثْلِها ولو بيَسِيرٍ، لم تكُنْ أحَقَّ به. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال فى «الواضِحِ»: لها أخْذُ فوْقَ أُجْرَةِ المِثْلِ ممَّا يُتَسامَحُ به. الثَّانيةُ، لو طَلَبَتْ أكثرَ مِن أُجْرَةِ مِثْلِها، ولم يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُه إلَّا بمِثْلِ تلك الأُجْرَةِ، فقال المُصَنِّفُ وغيرُه: الأُمُّ أحقُّ؛ لتَساوِيهما فى الأُجْرَةِ، ومُيِّزَتِ الأُمُّ. الثَّالثةُ، لو كانتْ مع زَوْجٍ آخَرَ، وطَلَبَتْ رَضاعَه بأُجْرَةِ مِثْلِها، ووُجِدَ مَنْ

وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ، لَمْ تُجْبَرْ، إِلَّا ان يُضْطرَّ إِلَيْهَا، وَيَخْشَى عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَبَرَّعُ برَضاعِه، كانتْ أحقَّ برَضاعِه إذا رَضِىَ الزَّوْجُ الثَّانى بذلك. الرَّابِعَةُ، للسَّيِّدِ إجْبارُ أُمِّ وَلَدِه على رَضاعِه مجَّانًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. قال ابنُ رَجَبٍ: وعلى قَوْلِ القاضى: له مَنْعُ زوْجَتِه مِن إرْضاعِ وَلَدِها. فأمَتُه أَوْلَى. وصرَّح بذلك فى «المُجَرَّدِ» أيضًا. الخامسةُ، لو عتَقَتْ أُمُّ الوَلَدِ على السَّيِّدِ، فحُكْمُ رَضاعِ وَلَدِها منه حُكْمُ المُطَلَّقَةِ البائنِ. ذكَره ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الإِقْناعِ». واقْتَصَرَ عليه ابنُ رَجَبٍ. ولو باعَها أو وَهَبَها أو زوَّجَها، سقَطَتْ حَضانَتُها، على ظاهرِ ما ذكَره ابنُ عَقِيلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «فُنونِه». وعلى هذا يسْقُطُ حقُّها مِنَ الرَّضاعِ أيضًا. قالَه ابنُ رَجَبٍ.

وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الظِّئْرِ لِمَا زَادَ عَلَى الْحَوْلَيْنِ. وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ، فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا إِلَّا ان يُضْطرَّ إِلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا تَزَوَّجَتِ المَرْأةُ، فلزَوْجِها مَنْعُها مِن رَضاعِ وَلَدِها إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إليها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ونقَل مُهَنَّا، له مَنْعُها، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إليها، أو تكونَ قد شرَطَتْه عليه. وتقدَّم هذا أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ عِشْرَةِ النِّساءِ. فوائد؛ إحْداها، لا يُفْطَمُ قبلَ الحَوْلَيْن إلَّا برِضَى أبَوَيْه ما لم ينْضَرَّ. وقال فى «الرِّعايَةِ» هنا: يحْرُمُ رَضاعُه بعدَهما ولو رَضِيا به. وقال فى «التَّرْغيبِ»: له فِطامُ رَقيقِه قبلَهما ما لم يَنْضَرَّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وبعدَهما ما لم تَنْضَرَّ الأُمُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»، فى بابِ النَّجاسَةِ: اللَّبَنُ طاهِرٌ مُباحٌ مِن رَجُلٍ وامْرَأةٍ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلام بعْضِهم، يُباحُ مِن امْرَأةٍ. وقال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه: القِياسُ، تحْرِيمُه تُرِكَ للضَّرُورَةِ ثم أُبِيحَ بعدَ زَوالِها، وله نَظائِرُ. وظاهرُ كلامِه فى «عُيونِ المَسائلِ»، إباحَتُه مُطْلَقًا. الثَّالثةُ، تَلْزَمُه خِدْمَةُ قرِيبِه عندَ الحاجَةِ، كزَوْجَةٍ.

فصل

فَصْلٌ: وَعَلَى السَّيِّدِ الإِنْفَاقُ عَلَى رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ، وَكُسْوَتُهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعلى السَّيِّدِ الإنْفاقُ على رَقِيقِه قدْرَ كِفايَتِهِم، وكُسْوَتُهُمْ. بلا نِزاعٍ. ولو كان آبِقًا، أو كانتْ ناشِزًا. ذكَره جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». واخْتلَفَ كلامُ أبى يَعْلَى فى المُكاتَبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تَلْزَمُه نَفَقَةُ وَلَدِ أمَتِه دُونَ زَوْجِها. وتَلْزَمُ الحُرَّةَ نفَقَةُ وَلَدِها مِن عَبْدٍ. نصَّ على ذلك. وتَلْزَمُ المُكاتَبَةَ نفَقَةُ وَلَدِها، وكَسْبُه لها. ويُنْفِقُ على مَن بعْضُه حُرٌّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَدْرِ رِقِّه، وبَقِيَّتُه على نفْسِه.

وَتَزْوِيجُهُمْ إِذَا طَلَبُوا ذَلِك، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَزْوِيجُهم إذا طَلَبُوا ذلك، إلَّا الأمَةَ إذا كانَ يَسْتَمْتِعُ بها. بلا نِزاعٍ فيهما. لكِنْ لو قالتْ: إنَّه ما يَطَأُ. صُدِّقَتْ للأَصْلِ. قالَه فى «الفُروعِ». قال

إِلَّا الأَمَةَ إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا، وَلَا يُكَلِّفُهُم مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَيُرِيحُهُمْ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ وَالنَّوْمِ وَأَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «التَّرْغيبِ»: صُدِّقَتْ على الأصحِّ. ووُجوبُ تزْوِيجِ العَبْدِ إذا طَلَبَه لأجْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِعْفافِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذا وُجوبُ بَيْعِه إذا لم يُعِفَّه مِن المُفْرَداتِ. فائدة: قال القاضى: لو كان السَّيِّدُ غائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، وطَلَبَتْ أَمَتُه التَّزْوِيجَ، أو كانَ سيِّدُها صَبِيًّا أو مَجْنونًا، احْتَمَلَ أَنْ يُزَوِّجَها الحاكِمُ. قال ابنُ رَجَبٍ: وهذا المَعْنى لا فَرْقَ فيه بينَ أُمَّهاتِ الأوْلادِ وغيرِهنَّ؛ للاشْتِراكِ فى وُجوبِ الإعْفافِ. وكذا ذكَر القاضى فى «خِلافِه»، أن سيِّدَ الأمَةِ إذا غابَ غَيْبَةً منْقَطِعَةً، وطَلَبَتْ أمتُه التَّزْوِيجَ، زوَّجَها الحاكِمُ، وقال: هذا قِياسُ المذهبِ. ولم يذْكُرْ فيه خِلافًا، ونقَله عنه المَجْدُ فى «شَرْحِه»، ولم يعْتَرِضْ عليه بشئٍ. وكذا ذكَر أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، أنَّ السَّيِّدَ إذا غابَ، زوَّج أمَتَه مَنْ يَلِى مالَه. وقال: أَوْمَأَ إليه فى رِوايةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. انْتهى. ذكَره ابنُ رَجَبٍ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه لو شرَطَ وَطْءَ المُكاتَبَةِ، وطَلَبَتِ التَّزْوِيجَ، لا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إذا كان يطَأُ. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ؛ لِمَا فيه مِن إسْقاطِ حقِّ السَّيِّدِ وإلْغاءِ الشَّرْط. وقال ابنُ البَنَّا: يَلْزَمُه تزْوِيجُها بطَلَبِها ولو كان يطَؤُها، وأُبِيحَ بالشَّرْط. ذكَره فى «المُسْتَوْعِبِ»، واقْتَصَرَ عليه. قال فى «الفُروعِ»: وكأنَّ وجْهَه، لِمَا فيه مِن اكْتِسابِ المَهْرِ، فَمَلَكَتْه كأَنْواعِ التَّكَسُّبِ. قلتُ: الذى يَظْهَرُ أنَّ وَجْهَه أعَمُّ مِن ذلك؛ فإن المُتَرَتِّبَ لها على الزَّوْجِ أكثرُ مِن ذلك. فعلى هذا الوَجْهِ، يُعايَى بها. فائدة: لو غابَ عن أُمِّ وَلَدِه واحْتاجَتْ إلى النَّفَقَةِ، زُوِّجَتْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: زُوِّجَتْ فى الأصحِّ. وقيل: لا تُزَوَّجُ. ولو احْتاجَتْ إلى الوَطْء، لم تُزَوَّجْ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ويتَوَجَّهُ الجوازُ عندَ

وَيُدَاوِيهِمْ إِذَا مَرِضُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْ جَعَلَه كنَفَقَةٍ. قلتُ: وهذا عَيْنُ الصَّوابِ، والضَّرَرُ اللَّاحِقُ بذلك أعْظَمُ مِن الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بسَبَبِ النَّفَقَةِ. واخْتارَه ابنُ رَجَبٍ فى كتابٍ له سمَّاه: «القَوْلُ الصَّوابُ فى تَزْويجِ أُمَّهاتِ أوْلادِ الغُيَّاب»، ذكَر فيه أحْكامَ زوَاجِها وزَواجِ الإِماءِ وامْرأَةِ المَفْقودِ، وأطالَ فى ذلك وَأَجادَ، واسْتدَلَّ لصِحَّةِ نِكاحِها بكَلامِ الأصحابِ ونُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وقال فى «الانْتِصارِ»: إذا عَجَزَ السَّيِّدُ عنِ النَّفَقَةِ على أُمِّ الوَلَدِ، وعجَزَتْ هى أيضًا، لَزِمَه عِتقُها؛ ليُنْفَقَ عليها مِن بَيتِ المالِ. واللَّهُ أعلمُ. قوله: ويُداوِيهم إذا مَرِضُوا. يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه الوُجوبَ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: ويُداوِيه وُجوبًا، قالَه جماعَةٌ. قال ابنُ شِهَابٍ فى كَفَنِ الزَّوْجَةِ. العَبْدُ لا مالَ له، فالسَّيِّدُ أحقُّ بنَفَقَتِه ومُؤْنَتِه؛ ولهذا النَّفَقَةُ المُخْتَصةُ بالمرَضِ، مِن الدَّواءِ وأُجْرَةِ الطيبِ، تَلْزَمُه بخِلافِ الزَّوْجَةِ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مُرادُه بذلك الاسْتِحْبابَ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِ جماعةٍ، يُسْتَحَبُّ، وهو أظْهَرُ. انتهى. قلتُ: المذهبُ أنَّ ترْكَ الدَّواءِ أفْضَلُ. على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الجَنائزِ. ووُجوبُ المُداواةِ قوْلٌ ضعيفٌ.

وَيُرْكِبُهُمْ عُقْبَةً إِذَا سَافَرَ بِهِمْ، وَإِذَا وَلِىَ أَحَدُهُمْ طَعَامَهُ، أَطْعَمَهُ مَعَهُ، فَإِنْ أَبَى، أَطْعَمَهُ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ رَيِّهِ. وَلَاَ يُجْبِرُ الْعَبْدَ عَلَى الْمُخَارَجَةِ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَيْهَا، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُجْبِرُ العَبْدَ على المُخارَجَةِ -بلا نِزاعٍ- وإنِ اتَّفَقا عليها، جازَ. بلا خِلافٍ، لكِنْ يُشْتَرطُ أَنْ يكونَ بقَدْرِ كَسْبِه فأَقَلَّ بعدَ نَفَقَتِه، وإلَّا لم يَجُزْ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ قدَّرَ خَراجًا بقَدْرِ كَسْبِه، لم يُعارَضْ. قلتُ: ولَعَلَّه أرادَ ما قالَه الأَوَّلُون. فائدة: قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: يُؤْخَذُ مِن «المُغْنِى»، أنَّه يجوزُ للعَبْدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُخارِجِ هَدِيَّةُ طَعامٍ، وإعارَةُ مَتاعٍ، وعَمَلُ دَعْوَةٍ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ هذا، أنَّه كعَبْدٍ مَأْذُونٍ له فى التَّصَرُّفِ. قال: وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، لا يَمْلِكُ ذلك، وإنَّما فائدةُ المُخارَجَةِ ترْكُ العَمَلِ بعدَ الضَّرِيبَةِ. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»: له التَّصَرُّفُ فيما زادَ على خَراجِه، ولو مُنِعَ منه، كان كَسْبُه كلُّه خراجًا ولم يكُنْ لتَقْديرِه فائدَةٌ، بل ما زادَ تَمْلِيكٌ مِن سيِّدِه

وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ، لَزِمَهُ بَيْعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له يتَصَرَّفُ فيه كما أرادَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قوله: ومتى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِن الواجِبِ عليه، وطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ، لَزِمَه بَيْعُه. نصَّ عليه، كفُرْقَةِ الزَّوْجَةِ. وقالَه فى «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِه، فى أُمِّ الوَلَدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فال فى «الفُروعِ»: هو ظاهرُ كلامِهم. يعْنِى، فى أمِّ الوَلَدِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ولو لم تُلاِئمْ أخْلاقُ العَبْدِ أخْلاقَ سيِّدِه، لَزِمَه إخْراجُه عن مِلْكِه. وكذا أطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ»، يَلْزَمُه بيْعُه بطَلَبِه.

وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرأَتَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله تَأديبُ رَقِيقِه بما يُؤَدِّبُ به وَلَدَه وامْرَأَته. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قالوا. قال: والأَوْلَى ما روَاه الإِمامُ أحمدُ وأبو داودَ، رَحِمَهما اللَّهُ. وذكَر أحادِيثَ تدُلُّ على أنَّ ضَرْبَ الرَّقيقِ أشَدُّ مِن ضَرْبِ المرْأةِ. ونقَل حَرْبٌ، لا يضْرِ بُه إلَّا فى ذَنْبٍ، بعدَ عَفْوِه مَرَّةً أو مرَّتَيْن، ولا يَضْرِبُه ضَرْبًا (¬1) شديدًا. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يضْرِبُه إلَّا فى ذَنْبٍ عظيمٍ، ويُقَيِّدُه بقَيْدٍ إذا خافَ عليه، ويَضْرِبُه غيرَ مُبَرِّحٍ. ونقَل غيرُه، لا يُقَيِّدُه، ويُباعُ أحَبُّ إلىَّ. ونقَل أبو داودَ، رَحِمَه اللَّهُ، يُؤَدَّب على فَرائضِه. فائدة: لا يَشْتُمُ أبوَيْه الكافِرَيْن، لا يُعَوِّدُ لِسانَه الخَنَا والرَّدَى، وإنْ بعثَه لحاجَةٍ فوَجَدَ مسْجِدًا يُصَلَّى فيه، قَضَى حاجَتَه ثم صلَّى، وإنْ صلَّى، فلا بَأْسَ. نقَله ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَقِيلَ: ذَلِكَ يَنْبَنِى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ صالِحٌ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ عَلِمَ أنَّه لا يجِدُ مسْجِدًا يُصَلَّى فيه، صلَّى، وإلَّا قَضاها. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ جَوازَ تَأْدِيبِ الوَلَدِ والزَّوْجَةِ. وهو صحيحٌ، وقالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، يؤَدَّبُ الوَلَدُ ولو كانَ كبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا فى بَيْتٍ، كفِعْلِ أبى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بعائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنِين، رَضِىَ اللَّهُ عنهما (¬1). قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: الوَلَدُ يضْرِبُه (¬2) ويُعَزِّرُه، وإنَّ مِثْلَه عَبْدٌ وزَوْجَةٌ. قوله: وللعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه. هذا إحْدَى الطَّريقَتَيْن، وهى الصَّحيحةُ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 4/ 271، 272، 275. (¬2) بعده فى أ: «الوالد».

فِى مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَرِّى بِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ. نصَّ عليها فى رِوايةِ الجماعَةِ. وهى طرِيقَةُ الخِرَقِىِّ، وأبى بَكْرٍ، وابنِ أبى مُوسى، وأبِى إسْحَاقَ ابنِ شَاقْلَا. ذكَرَه عنه فى «الواضِحِ». ورجَّحَها المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهى أصحُّ؛ فإنَّ نُصوصَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، لا تخْتَلِفُ فى إباحَةِ التَّسَرِّى له. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ ونَصَرَه. وقيل: يَنْبَنِى على الرِّوايتَيْن فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِلْكِ العَبْدِ بالتَّمْلِيكِ. وهى طريقَةُ القاضى والأصحاب بعدَه. قالَه فى «القَواعِدِ». قال القاضى: يجبُ أَنْ يكونَ فى مذهبِ الإِمامِ أَحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى تسَرِّى العَبْدِ وَجْهانِ مَبْنِيَّان على الرِّوايتَيْن فى ثُبوتِ المِلْكِ بتَمْليكِ سيِّدِه. وقدَّمها فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وهى المذهبُ على ما أسْلَفْناه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الخُطْبَةِ، وتقدَّم ذلك فى أوَائلِ كتاب الزَّكاةِ. فعلى الأُولَى، لا يجوزُ تَسَرِّيه بدُونِ إذْنِ سيِّدِه، كما قالَه المُصَنِّفُ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايةِ جماعَةٍ، كنِكَاحِه. وقدَّمه فى «القَواعِدِ». ونقَل أبو طالِبٍ، وابنُ هانئٍ، يَتَسَرَّى العَبْدُ فى مالِه، كان ابنُ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، يَتَسَرَّى عَبِيدُه فى مالِه، فلا يَعِيبُ عليهم. قال القاضى: ظاهِرُ هذا، أنَّه يجوزُ تَسَرِّيه مِن غيرِ إذْنِ سيِّدِه؛ لأنَّه مالِكٌ له. قال فى «القَواعِدِ»: ويُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ نصُّ اشْتِراطِه على التَّسَرِّى مِن مالِ سيِّدِه إذا كانَ مأْذُونًا له، ونصُّه تقدَّمَ على اشْتِراطِ تَسَرِّيه فى مالِ نفْسِه الذى يَمْلِكُه، وقد أَوْمَأَ إلى هذا فى رِوايةِ جماعَةٍ. قال: وهو الأظْهَرُ. وأطالَ الكَلامَ فى ذلك فى فَوائدِ «القَواعِدِ»، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم فى المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ، بعدَ قوْلِه: ولا يَحِلُّ للعَبْدِ أَنْ يتزَوَّجَ أكثرَ مِن اثْنَتَيْن. هل يجوزُ له التَّسَرِّى بأكثرَ مِن اثْنَتَيْنَ أمْ لا؟. فوائد؛ إحْداها، لو أذِنَ له سيِّدُه فى التَّسَرِّى مرَّةً، فتَسَرَّى، لم يَمْلِكْ سَيِّدُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرُّجوعَ. نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعَةِ. وهو المذهبُ. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِح، والنَّاظِمُ، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالتَّسَرِّى هنا التَّزْوِيجَ، وسمَّاه تَسَرِّيًا مَجازًا، ويكونُ للسَّيِّدِ الرُّجوعُ فيما مَلَّكَ عَبْدَه. ورَدَّه المُصَنِّفُ وغيرُه. الثَّانيةُ، لو تزَوَّجَ بإذْنِ سيِّدِه، وجَبَتْ نفَقَتُه ونَفَقَةُ الزَّوْجَةِ على السَّيِّدِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقد تقدَّم ذلك فى كتابِ الصَّداقِ.

فصل

فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ إِطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَسَقْيُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، قولُه: وعليه إطْعامُ بهائمِه وسَقْيُها. بلا نِزاعٍ. لكِنْ قال الشَّيْخُ عبدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: يُكْرَهُ إطْعامُ الحَيوانِ فوقَ طاقَتِه، وإكْراهُه على الأكْلِ على ما اتَّخذَه النَّاسُ عادَةً لأجْلِ التَّسْمِينِ.

وَأنْ لَا يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ، وَلَا يَحْلِبَ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا، وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الإنْفَاقِ عَلَيْهَا، أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ إِجَارَتِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، قولُه: ولا يُحَمِّلُها ما لا تُطِيقُ. قال أبو المَعالِى، فى سفَرِ النُّزْهَةِ: قال أهْلُ العِلْمِ: لا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبَ دابَّةً، ولا أَنْ يُتْعِبَ نفْسَه بلا غَرَضٍ صحيحٍ. الخامسةُ، يجوزُ الانْتِفاعُ بالبَهائمِ فى غيرِ ما خُلِقَتْ له؛ كالبَقَرِ للحَمْلِ أو الرُّكوبِ، والإِبلِ والحَمِيرِ للحَرْثِ. ذكَره المُصَنِّف وغيرُه فى الإِجارَةِ، لأَنَّ مُقْتَضَى المِلْكِ جَوازُ الانْتِفاعِ به فيما يُمْكِنُ، وهذا مُمْكِنٌ كالذى خُلِقَ له وجرَتْ به عادَةُ بعْضِ النَّاسِ؛ ولهذا يجوزُ أكْلُ الخَيْلِ، واسْتِعْمالُ اللُّؤْلُؤِ وغيرِه فى الأدْوِيَةِ، وإنْ لم يَكُنِ المَقْصودُ منها ذلك. [واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقوْلُه عليه أفْضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، عن البَقَرَةِ لمَّا رُكِبَتْ أنَّها قالَتْ: «لَمْ أُخْلَقْ لهذَا، إنَّما خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ» (¬1). أىْ مُعْظَمِ النَّفْعِ، ولا يَلْزَمُ منه نَفْىُ غيرِه] (¬2). ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى: 14/ 364. (¬2) سقط من الأصل.

أَوْ ذَبْحِهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُبَاحُ أَكْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عَجَزَ عن الإنْفاقِ عليها، أُجْبِرَ على بَيْعِها أو إجارَتِها، أو ذَبْحِها إنْ كانَ مِمَّا يُباحُ أَكْلُه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وفى عدَمِ الإِجْبارِ احْتِمالان لابنَ عَقِيلٍ. فائدة: لو أَبَى ربُّها الواجِبَ عليه، فعَلَ الحاكِمُ الأصْلَحَ، أو اقْتَرَضَ عليه. قال فى «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرِين»: لو امْتَنَعَ مِنَ الإنْفاقِ على بَهائمِه، أُجْبِرَ على الإنْفاقِ أو البَيْعِ. أطْلَقَه كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: إنْ أَبَى، باعَ الحاكِمُ عليه.

باب الحضانة

بَابُ الْحَضَانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الحَضانَةِ فائدتان؛ إحْداهما، حَضانَةُ الطِّفْلِ؛ حِفْظُه عمَّا يضُرُّه، وتَرْبِيَتُه بغَسْلِ رأْسِه وبَدنه وثِيابِه، ودَهْنِه (¬1)، وتكْحِيلِه، ورَبْطِه فى المَهْدِ، وتحْرِيكِه ليَنامَ، ونحوِ ذلك. وقيل: هى حِفْظُ مَنْ لا يسْتَقِلُّ بنَفْسِه، وترْبِيَتُه حتى يسْتَقِلَّ بنَفْسِه. الثَّانيةُ، اعلمْ أنَّ عَقْدَ البابِ فى الحَضانَةِ، أنَّه لا حَضانةَ إلَّا لرَجُلٍ عَصَبَةٍ، أو امْرَأةٍ وارِثَةٍ، أو مُدْلِيَةٍ بوارِثٍ؛ كالخالَةِ وبَناتِ الأَخَواتِ، أو مُدْلِيَةٍ بعَصَبَةٍ، كبناتِ الإخوَةِ والأَعْمامِ والعَمَّةِ. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. فأمَّا ذَوُو الأَرْحامِ، غيرُ مَنْ تقدَّم ذِكْرُه، والحاكِمُ فيَأْتِى حُكْمُهم والخِلافُ فيهم. وقوْلُنا: إلَّا لرَجُلٍ عَصَبَةٍ. قالَه الأصحابُ. لكنْ هل يدْخُلُ فى ذلك المَوْلَى المُعْتَقُ لأنَّه عصَبَةٌ فى المِيراثِ، أَوْ لا يدْخُلُ لأنَّه غيرُ نَسِيبٍ؟ قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لم أجِدْ مَنْ تعرَّض لذلك، وقُوَّةُ كلامِهم تقْتَضِى عدَمَ دُخولِه. وظاهرُ عِبارَيهم دُخولُه، لأنَّه عَصَبَةٌ وارِثٌ ولو كان امْرأَةً؛ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أَحَقُّ النَّاسِ بِحَضَانَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ أُمُّهُ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقرَبُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّها وارِثَةٌ. انتهى. قوله: وأحَقُّ النَّاسِ بحَضانَةِ الطِّفْلِ والمَعْتُوهِ أُمُّه. بلا نِزاعٍ. ولو كان بأُجْرَةِ المِثْلِ، كالرَّضاعِ. قالَه فى «الواضِحِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وهو واضحٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم أُمَّهَاتُها. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، تُقدَّمُ أمُّ الأبِ على أُمِّ الأمِّ. وهو ظاهر كلام الخِرَقِىِّ قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. قال فى «المُغْنِى» (¬1): هو قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وعنه، يُقَدَّمُ الأبُ والجَدُّ على غيرِ الأمِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، بعدَ ذِكرِ رِوايةِ تقْديمِ أمِّ الأبِ على أمِّ الأمِّ: فعلى هذه، يكونُ الأبُ أَوْلَى بالتَّقْديمِ؛ لأنَّهُنَّ يُدْلِين به. فعلى المذهبِ، لو امْتَنَعَتِ الأمُّ، لم تُجْبَرْ، وأمُّها أحقُّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: الأبُ أحقُّ. ويأْتِى ذلك فى كلامَ المُصَنِّفِ. ¬

(¬1) فى المغنى: 11/ 422.

ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلأَبَوَيْنِ، ثُمَّ الْأَخْتُ لِلْأَب، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأمِّ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ، فِى الصَّحِيحِ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم الأَبُ، ثمَّ أُمَّهَاتُه -وكذا- ثمَّ الجَدُّ، ثمَّ أُمَّهَاتُه. وهَلُمَّ جَرًّا. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ، تقْديمُ أمِّ الأبِ على الخالَةِ. انتهى.

وَعَنْهُ، الْأُخْتُ مِنَ الْأُمِّ وَالْخَالَةُ أَحَقُّ مِنَ الْأَبِ، فَتَكُونُ الْأُخْتُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَحَقَّ، وَيَكُونُ هَؤلَاءِ أَحَقَّ مِنَ الْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ، وَمِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، الأُخْتُ مِنَ الأمِّ والخالَةُ أحقُّ مِنَ الأبِ. فعليها، تكونُ الأُخْتُ مِن

جَمِيعَ الْعَصَبَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأبَوَيْن أحقَّ، ويكونُ هؤلاءِ أحَقَّ مِن الأُخْتِ للأبِ، ومِن جميعِ العَصَباتِ. وقيل: هؤلاءِ أحَقُّ مِن جميعِ العَصَباتِ إنْ لم يُدْلِين به، فإنْ أدْلَيْن به، كان أحَقَّ مِنهنَّ. قال فى «المُحَرَّرِ» وتَبِعَه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ تقْديمُ نِساءِ الأُمِّ على الأبِ وأمَّهاتِه وجِهَتِه. وقيل: تُقَدَّمُ العَصَبَةُ على الأُنثَى إنْ كانَ أقْرَبَ منها، فإنْ تَساوَيا، فوَجْهان. ويأْتِى ذلك عندَ ذِكْرِ العَصَباتِ. قوله: ثم الأُخْتُ للأَبَوَيْنِ، ثم للأَبِ، ثم الأُخْتُ لِلأُمِّ، ثم الخَالَةُ، ثم العَمَّةُ، فى الصَّحيحِ عنه. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ الأخَواتِ والخالاتِ والعَمَّاتِ بعدَ الأبِ والجَدِّ وأُمَّهاتِهما، كما تقدَّم. وتقدَّم رِوايةٌ بتَقْديمِ الأُخْتِ مِن الأمِّ والخالَةِ على الأبِ وما يتفَرَّعُ على ذلك. إذا عَلِمْتَ ذلك، فعلى المذهبِ، تُقَدَّمُ الأُخْت مِن الأَبَوَيْن على غيرِها ممَّنْ ذُكِرَ، بلا نِزاعٍ. ثم إن المُصَنِّفَ هنا قدَّم الأُخْتَ للأَبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأُخْتِ للأُمِّ، وقدَّم الخالَةَ على العَمَّةِ، وقال: إنَّه الصَّحيحُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. قال الشَّارِحُ: هذه المَشْهورَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. واخْتارَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. قال بعضُ الأصحابِ: فتَناقَضُوا؛ حيثُ قدَّموا الأُخْتَ للأبِ على الأُخْتِ للأمِّ، ثم قدَّموا الخالةَ على العَمَّةِ. وعنه، تُقَدَّمُ الأُخْتُ مِن الأمِّ على الأُخْتِ مِن الأبِ، والخالَةُ على العَمَّةِ، وخالَةُ الأمِّ على خالَةِ الأبِ، وخالاتُ الأبِ على عمَّاتِه، ومَن يُدْلِى مِن العَمَّاتِ والخالاتِ بأبٍ على مَن يُدْلِى بأُمٍّ. وهو المذهبُ. واخْتارَه القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»؛ فقال: قَرابَةُ الأمِّ مُقَدَّمَةٌ على قَرابةِ الأبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، تُقدَّمُ الأُخْتُ مِن الأبِ على الأُخْتِ مِن الأمِّ، والعَمَّةُ على الخالَةِ، وخالَةُ الأبِ على خالَةِ الأمِّ، وعمَّةُ الأبِ على خالاتِه، ومَن يُدْلِى مِن العَماتِ والخالاتِ بأمٍّ على مَنْ يُدْلِى بأبٍ منهما. عكْسُ الرِّوايةِ التى قبلَها. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو مُقْتَضَى قولِ القاضى فى «تَعْليقِه»، و «جامِعِه الصَّغِيرِ»، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ البَنَّا؛ لتَقْديمِهم الأُخْتَ للأبِ على الأُخْتِ للأُمِّ، وهو مذهبُ الخِرَقِىِّ؛ لأَنَّ الوِلايةَ للأبِ، فكذا قَرابَتُه؛ لقُوَّتِه بها،

قالَ الْخِرَقِىُّ: وَخَالَةُ الْأَبِ أَحَقُّ مِنْ خَالَةِ الْأُمِّ. ثُمَّ تَكُونُ لِلْعَصَبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنَّما قُدِّمَتِ الأمُّ؛ لأنَّه لا يقُومُ مَقامَها هنا أحدٌ فى مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ، وإنَّما قدَّم الشَّارِعُ خالَةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، على عَمَّتِها صَفِيَّةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها؛ لأَنَّ صَفِيَّةَ لم تَطْلُبْ، وجَعْفَرٌ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، طَلَبَ نائِبًا عن خالَتِها، فقَضَى الشَّارِعُ بها لها فى غَيْبَتِها. انتهى. وجزَم فى «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ» بتَقْديمِ الأُخْتِ للأبِ على الأُخْتِ مِن الأُمِّ، وبتَقْديمِ العَمَّةِ على الخالَةِ. قالَ الخِرَقِىُّ: وخَالةُ الأَبِّ أحَقُّ مِن خالَةِ الأُمِّ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، ولم يذْكُروا القَوْلَ الأوَّلَ. فائدة: تَسْتَحِقُّ الحَضانَةَ، بعدَ الأَخَواتِ والعَمَّاتِ والخالاتِ، عَمَّاتُ أبِيه وخالاتُ أبَوَيْه، على التَّفْصِيلِ، ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِه وأخَواتِه، ثُمَّ بَناتُ أعْمامِه، على التَّفْصِيلِ المُتَقَدِّمِ. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: تُقدَّمُ بَناتُ إخْوَتِه وأخَواتِه على العَمَّاتِ والخالاتِ وَمَن بعْدَهُنَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: تحْرِيرُ الصَّحيحِ المَذْهبِ فى تَرْتيبِ مَن يسْتَحِقُّ الحَضانَةَ فى مَن تقدَّم، أنَّ أحقَّهم بالحَضانةِ الأُمُّ، ثم أُمَّهاتُها الأَقْرَبُ فالأَقْرَبُ مِنْهُنَّ، ثم الجَدُّ وإنْ علا، ثُمَّ أمَّهاتُه الأَقْرَبُ فالأقْرَبُ، ثم الأُخْتُ للأبَوَيْن، ثم للأمِّ، ثم للأَبِ، ثم خالاتُه، ثم عمَّاتُه، ثم خالَاتُ أبوَيْه، ثم عَمَّاتُ أبِيه، ثم بَناتُ إخْوَتِه وأخَواِته، ثم بَناتُ أعْمامِه وعَمَّاِته، على ما تقدَّم مِن التَّفْصيلِ، ثم بَناتُ أعْمامِ أبِيه وبَناتُ عَمَّاتِ أبِيه. وهَلُمَّ جَرًّا. قوله: ثم تَكُونُ للعَصَبَةِ. يعْنِى، الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ، غيرَ الأبِ والجَدِّ وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ علا، على ما تقدَّم. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلا تَسْتَحِقُّ العَصَبَةُ الحَضانَةَ إلًا بعدَ مَن تقدَّم ذِكْرُه. وهذا هو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: مَنْ تقدَّم ذِكْرُه أحَقُّ بالحَضانَةِ، بشَرْطِ أَنْ لا يُدْلِين به، فإنْ أدْلَيْن بالعَصَبَةِ، كان أحَقَّ مِنْهُنَّ. وهو احْتِمالٌ فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقيل: تُقدَّمُ العَصَبَةُ على الأُنْثَى إنْ كانَ أقْرَبَ منهما، فإنْ تَساوَيا، فوَجْهان. وتقدَّم ذِكْرُ الخِلافِ وبِناؤُه. فائدة: متى اسْتَحَقَّتِ العَصَبَةُ الحَضانَةَ، فهى للأَقْرَبِ فالأَقْرَبِ مِن

إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ لَيْسَ لِابنِ عَمِّهَا حَضَانَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحارِمِها، فإنْ كانتْ أُنْثَى وكانتْ مِن غيرِ مَحارِمِها، كما مثَّل المُصَنِّفُ بقَوْلِه: إلَّا أنَّ الجاريَةَ ليسَ لابنِ عمِّها حضَانَتُها؛ لأنَّه ليسَ مِن مَحارِمِها. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ليسَ له حَضانتها مُطْلَقًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، أنَّه لا حَضانَةَ له إذا بَلَغَتْ سبْعًا. وقدَّمه فى «تَجْرِيدِ العِنايةِ». وجزَم فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، أنَّه لا حَضانَةَ له إذا كانتْ تُشْتَهَى، فإنْ لم تكُنْ تُشْتَهَى، فله الحَضانَةُ عليها. واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». قلتُ: فلعَلَّه مُرادُ المُصَنِّفِ ومَن تابعَه، إلَّا أنَّ صاحِبَ «الفُروعِ» وغيرَه حكاهما قوْلَيْن. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْىِ»، أنَّ له الحضانَةَ مُطْلَقًا، ويُسَلِّمُها إلى ثِقَةٍ يخْتارُها هو، أَو إلى مَحْرَمِه؛ لأنَّه أوْلى مِنْ أَجْنَبِىٍّ وحاكمٍ. وكذا قال فى مَن تزوَّجتْ وليسَ للوَلدِ غيرُها. قال

وَإِذَا امْتَنَعَتِ الأُمُّ مِنْ حَضَانَتِهَا، انْتَلَقَتْ إلَى أُمِّهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى الْأَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: وهذا متَوَجِّهٌ، وليسَ بمُخالِفٍ للخَبَرِ؛ لعدَمِ عُمومِه. قوله: وإذا امْتَنَعَتِ الأُمُّ مِن حَضانَتِها، انْتَقَلَتْ إلى أُمِّها. وكذلك إنْ لم تكُنْ أهْلًا للحضَانَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلى الأبِ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». ووَجْهٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

فَإنْ عُدِمَ هَولَاءِ كُلُّهُم، فَهَلْ لِلرِّجَالِ مِنْ ذَوِى الْأَرْحَامِ حَضَانَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أحَدُهُمَا؛ لَهُمْ ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مِثْلُ ذلك، خِلافًا ومذْهبًا، كلُّ ذِى حَضانَةٍ إذا امْتَنَعَ مِن الحضانَةِ، أو كانَ غيرَ [أهْلٍ لها] (¬1). قالَه فى «الرِّعَايَةِ» وغيرِه. تنبيه: قال ابنُ نَصْرِ اللَّه فى «حَواشِى الفُروعِ»: كلامُهم يدُلُّ على سُقوطِ حق الأم مِن الحَضانَةِ بإسْقاطِها، وأن ذلك ليسَ محَل خِلافٍ، وإنما محَل النَّظَر لو أرادَتِ العَوْدَ فيها، هل لها ذلك؟ [يَحْتَمِلُ قوْلَيْن، أظْهَرُهما، لها ذلك] (¬2)؛ لأن الحقَّ لها، ولم يتصِلْ تبَرعُها به بالقَبْضِ، فلها العَوْدُ، كما لو أسْقَطَتْ حقَّها مِن القَسْمَ. انتهى. قوله: فإنْ عُدِمَ هؤلاءِ، فهل للرِّجالِ مِن ذَوِى الأَرْحامِ -وكذا النساءُ منهم ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «أهلها». (¬2) سقط من: الأصل.

فَيَكُونُ أَبُو الأُمِّ وَأُمَّهَاتُهُ أَحَقَّ مِنَ الْخَالِ، وَفِى تَقْدِيمِهِمْ عَلَى الأَخِ مِنَ الأُمِّ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَ مَنْ تقدَّمَ- حضَانَةٌ؟ على وَجْهَيْن. وهما احْتِمالان للقاضى، وبعدَه لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، والمُصَنِّفِ فى «الكافِى»، و «الهادِى». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لهم الحَضانَةُ بعدَ عَدَمِ مَن تقدَّم. وهو الصَّحيحُ. مَال فى «المُغْنِى» (¬1): وهو أَوْلَى. وجزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايته»، وصاحِبُ «تَجْريدِ العِنايةِ». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، وقال: هو أقْيَسُ] (¬2). وقدَّمه فى «النَّظْمِ» فى مَوْضِع، وصحَّحه فى آخَرَ، وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» فى أثْناءِ البابِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا حقَّ لهم فى الحَضانَةِ، وينْتَقِلُ إلى الحاكمِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به فى ¬

(¬1) انظر المغنى: 11/ 425. (¬2) سقط من: الأصل.

وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَلَا فَاسِقٍ، وَلَا كَافِر عَلَى مُسْلِمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»؛ فإنَّهم. ذكَرُوا مُسْتَحِقِّى الحَضانَةِ، ولم يذْكُروهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». [وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»] (¬1). وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ» فى أوَّلِ البابِ. ولعَلَّه تَناقضٌ منهم. فعلى المذْهَب (¬2)، يكونُ أبو الأمِّ وأُمَّهاتُه أحقَّ مِن الخالِ. بلا نِزاعٍ. وفى تقْديمِهم على الأخِ مِن الأمِّ وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُقَدَّمُونَ عليه. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثَّانى، يُقَدَّمُ عليهم. [صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»] (1). قوله: ولا حَضانَةَ لرَقِيقٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط، أ: «الأول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأكثرُهم قطَع به. وقال فى «الفُنونِ»: لم يتَعَرَّضُوا لأم الوَلَدِ، فلها حَضانَةُ وَلَدِها مِن سيِّدِها، وعليه نَفَقَتُها؛ لعدَمِ المانِعِ، وهو الاشْتِغالُ بزَوجٍ أو سيِّدٍ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»: لا دَلِيلَ على اشْتِراطِ الحُرِّيَّةِ، وقد قال مالِكٌ، رَحِمَه اللَّهُ، فى حُرٍّ له وَلَدٌ مِن أمَةٍ: هى أحقُّ به، إلا أن تُباعَ فتَنْتَقِلَ، فالأبُ أحَقُّ. قال فى «الهَدْى»: وهذا هو الصَّحيحُ؛ لأحادِيثِ مَنْعِ التَّفْريقِ. قال: ويُقَدَّمُ لحَق حَضانَتِها وَقتَ حاجَةِ الوَلَدِ على السَّيِّدِ، كما فى البَيْعِ سواءً. انتهى. فعلى المذهبِ، لا حَضانَةَ لمَنْ بعْضُه قِنٌّ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: قِياسُ قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، يدْخُلُ فى المُهايَأَةِ. فائدة: حَضانَةُ الرَّقيقِ لسَيِّدِه، فإن كانَ بعْضُ الرَّقيقِ المَحْضُونِ حُرًّا، تَهايأَ فيه سيِّدُه وقرِيبه. ذكَره أبو بَكْرٍ، وتَبِعَه مَنْ بعدَه. قوله: ولا فاسِقٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ،

وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوجَةٍ لأَجْنَبِىٍّ مِنَ الطِّفْلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»، أنَّ له الحَضانَةَ، وقال: لا يُعْرَفُ أنَّ الشَّارِعَ فرَّقَ لذلك، وأقَرَّ النَّاسَ، ولم يُبَيِّنْه بَيانًا واضِحًا عامًّا، ولاحْتِياطِ الفاسِقِ وشَفَقتِه على وَلَدِه. قوله: ولا لامْرَأة مُزَوجَةٍ لأجْنَبِىٍّ مِن الطِّفْلِ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ مُطْلَقًا ولو رَضِىَ الزَّوْجُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِىُّ وغيرُه. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا الصَّحيحُ. وقال ابنُ أبى مُوسى وغيرُه: العَمَلُ عليه. وأطْلَقَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وعنه، لها حَضَانَةُ الجارِيَةِ. وخصَّ النَّاظِمُ وغيرُه هذه الرِّوايةَ بابْنَةِ دُونِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبْعٍ، وهو المَروِىُّ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وقال فى «الرِّعَايَةِ الكُبرى»: وعنه، لها حَضانَةُ الجارِيَةِ الى سَبعِ سِنِين. وعنه، حتى تَبلُغ بحَيْضٍ أو غيرِه. واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»، أن الحَضانةَ لا تسْقُطُ إذا رَضِىَ الزَّوْجُ؛ بِناءً على أنَّ سقُوطَها لمُراعاةِ حقِّ الزَّوْجِ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: مُزَوَّجَةٍ لأجْنَبِىٍّ. أنها لو كانتْ مزَوجَةً لغيرِ أجْنَبِىٍّ، أنَّ لها الحَضانَةَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا حَضانَةَ لها إلا إذا كانتْ مُزَوَّجَةً بجَدِّه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتوَجهُ احْتِمالٌ، إذا كانَ الزَّوْجُ ذا رَحِمٍ، لا يسْقُطُ. وما هو ببعيدٍ. فائدة: حيثُ أسْقَطْنا حَضانَتَها بالنِّكاحِ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ الدُّخولُ، بل يسقُطُ حقُّها بمُجَرَّدِ العَقْدِ. قال المُصَنِّفُ: وهو ظاهرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِىِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِىِّ وعامَّةِ الأصحابِ. وهو كما قال. قال فى «الفُروعِ»: ولا يُعْتَبَرُ الدُّخولُ، فى الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وقيل: يُعْتَبَرُ الدُّخولُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ.

فَإِنْ زَالَتِ الْمَوَانِعُ مِنْهُمْ، رَجَعُوا إِلَى حَقِّهِمْ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه (¬1): فإنْ زالَتِ المَوانِعُ، رَجَعُوا إلى حُقُوقِهم. بلا نِزاعٍ. وقد يُقالُ: شَمِلَ كلامُه ما لو طَلُقَتْ مِن الأَجْنَبِىِّ طَلاقًا رجْعِيًّا ولم تَنْقَضِ العِدَّةُ، فيرْجِعُ إليها حقُّها مِن الحَضانَةِ بمُجَردِ الطَّلاقِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقىِّ. وهو الذى نصَّه القاضى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «تعْليقِه»، وقطع به جُمْهورُ أصحابِه؛ كالشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ البَنَّا، وابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يرْجِعُ إليها حقُّها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها. وهى تخْرِيجٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ووَجْهٌ فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وصحَّحهما فى «التَّرْغيبِ». ومالَ إليه النَّاظِمُ. قال القاضى: هو قِياسُ المذهبِ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. فائدتان؛ إحْداهما، نظِيرُ هذه المَسْألَةِ، لو وَقَفَ على أوْلادَه، وشرَطَ فى وَقْفِه أنَّ مَنْ تزوَّجَ مِن البَناتِ لا حقَّ له، فتَزَوَّجَتْ، ثم طَلُقَتْ. قالَه القاضى، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه» على «الفُروعِ»: وهل مثْلُه، إذا وَقَفَ على زوْجَتِه ما دامَتْ عازِبَةً، فإنْ تزَوَّجَتْ، فلا حقَّ لها؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن؛ لاحْتِمالِ أَنْ يريدَ بِرَّها؛ حيثُ (¬1) ليسَ لها مَن تَلْزَمُه نفَقَتُها، كأوْلادِه، ¬

(¬1) فى الأصل: «حين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ يُريدَ صِلَتَها (¬1)، ما دامَتْ حافِظَةً لحُرْمَةِ فِراشِه عن غيرِه، بخِلافِ الحَضانَةِ والوَقْفِ على الأوْلادِ. انتهى. قلتُ: يُرْجَعُ فى ذلك الى حالِ الزَّوْجِ عندَ الوَقْفِ، فإنْ دلَّتْ قرِينَةٌ على أحَدِهما، عُمِلَ به، وإلَّا فلا شئَ لها. الثَّانيةُ، هل يسقُطُ حقُّها بإسْقاطِها للحَضانَةِ؟ فيه احْتِمالان، ذكَرَهما فى «الانْتِصارِ» فى مسْألَةِ الخِيارِ، هل يُورَثُ أمْ لا؟. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه كإسْقاطِ الأبِ الرُّجوعَ فى الهِبَةِ. وقال ابنُ القَيمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى»: هل الحَضانَةُ حقُّ للحاضِنِ، أو حقٌّ عليه؟ فيه قوْلان فى مذهبِ الإِمامَيْن أحمدَ ومالِك، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، ويَنْبَنِى عليهما؛ هل لمَن له الحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَها ويَنْزِلَ عنها؟ على قوْلَيْن، وأنه لا تجِبُ عليه خِدْمَةُ الوَلَدِ أيَّامَ حَضانَتِه إلا بأْجْرَةٍ إنْ قُلْنا: الحَقُّ له. وإلَّا وجَبَتْ عليه خِدْمَتُه مجَّانًا، وللفَقِيرِ الأُجْرَةُ، على القَوْلَين. قال: وإنْ وهَبَتِ الحَضانَةَ للأبِ، وقلْنا: الحَقُّ لها. لَزِمَتِ الهِبَةُ، ولم ترْجِعْ فيها، وإنْ قلْنا: الحَقُّ عليها. فلها العَوْدُ إلى طَلَبِها. قال ¬

(¬1) فى الأصل: «مثلها».

وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبوَيْنِ النُّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ بَعِيد آمِن لِيَسْكُنَهُ، فَالْأَبُ أحَقُّ بِالْحَضَانَةِ. وَعَنْهُ، الأُمُّ أَحَقُّ. فَإنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ منْ ذَلِكَ، فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: كذا قال. ثم قال فى «الهَدْى»: هذا كلُّه كلامُ أصحابِ الإِمامِ مالكٍ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وتقدَّم كلامُ ابنِ نَصْرِ اللَّهِ قريبًا. قوله: ومتى أَرادَ أحَدُ الأبوين النُّقْلَةَ إلى بَلَد بَعِيدٍ آمِنٍ ليَسْكُنَه، فالأبُ أَحَقُّ بِالْحَضانَةِ. هذا المذهبُ؛ سواءٌ كان المُسافِرُ الأبَ أو الأمَّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، الأمُّ أحقُّ. وقيد هذه الرِّوايةَ فى «المُسْتَوعِبِ»، و «التَّرْغيبِ» بما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كانتْ هى المُقِيمَةَ. قال ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه»: ولابدَّ مِن هذا القَيْدِ. وأكثرُ الأصحاب لم يُقَيِّدُوها (¬1). وقيل: المُقِيمُ منهما أحَقُّ. وقال فى «الهَدْى»: إنْ أرَادَ المُنْتَقِلُ مُضارَّةَ الآخَرِ وانْتِزاعَ الوَلَدِ (2)، لم يُجَبْ إليه، وإلَّا عُمِلَ ما فيه المَصْلَحَةُ للطِّفْلِ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا مُتوَجِّهٌ، ولعَلَّه مُرادُ الأصحابِ، فلا مُخالفَةَ، لا سِيَّما فى صُورَةِ المُضارَّةِ. انتهى. قلتُ: أمَّا صُورَةُ المُضارَّةِ فلا شكَّ فيها، وأنَّه لا يُوافَقُ على ذلك. تنبيه: قولُه: إلى بَلَدٍ بَعِيدٍ. المُرادُ بالبعيدِ هنا مَسافَةُ القَصْرِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقالَه القاضى. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «يقدوها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ». والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه ما لا يُمْكِنُه العَودُ منه (¬1) فى يوْمِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وحَكاهما فى «المُحَرر»، و «الحاوِى» رِوايتَيْن، وأَطْلَقاهما. قوله: فإنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِن ذلك، فالمُقِيمُ مِنْهُما أَحَقُّ. فعلى هذا، لو أرادَ أحَدُ الأبوَيْنِ سفَرًا قريبًا لحاجَةٍ ثم يعودُ، فالمُقِيمُ أَوْلَى بالحَضانَةِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجى». وقدَّمه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وقيل: الأمُّ أوْلَى. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وإنْ أرادَ سفَرًا بعيدًا لحاجَةٍ ثم يعودُ، فالمُقِيمُ أوْلَى أيضًا، على المذهبِ؛ لاخْتِلالِ الشَّرْطِ، وهو السَّكَنُ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: الأمُّ أوْلَى. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». ولو أرادَ سفَرًا قريبًا للسُّكْنَى، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أن المُقِيمَ أحقُّ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. جزَم به ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: الأمُّ أحقُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى

فصل

فَصْلٌ: وإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» (¬1)، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وإذا بَلَغ الْغُلامُ سَبْعَ سِنِين خُيرَ بيْنَ أبَوَيْه، فكانَ مع مَنِ اخْتارَ منهما. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وقال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّة»، وغيرِهم: هذا المذهبُ. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، أبُوه أحقُّ. قدمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، لكِنْ قالَا: المذهبُ الأولُ. وعنه، أمُّه أحقُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أضْعَفُهما. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ». تنبيه: مفْهومُ كلام المُصَنِّفِ، أنه لا يُخَيَّرُ لدُونِ سَبْعِ سِنِين. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأَصحابُ. ونقَل أبو داودَ، رَحِمَه اللَّهُ، يُخَيرُ ابنُ سِتٍّ أو سبْعٍ. قلتُ: الأُوْلَى فى ذلك، أنَّ وَقْتَ الخِيَرَةِ إذا حصَلَ له التَّمْيِيزُ. والظَّاهِرُ أنَّه

فَإِنِ اخْتَارَ أَبَاهُ، كَانَ عِنْدَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهِ، وَلَا تُمْنَعُ هِىَ تَمْرِيضَهُ، وَإِنِ اخْتَارَ أمّهَ، كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا، وَعِنْدَ أَبِيهِ نَهَارًا؛ لِيعَلِّمَهُ الصِّنَاعَةَ وَالْكِتَابَةَ وَيُؤَدِّبَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرادُهم، ولكِنْ ضبَطُوه بالسِّنِّ. وأكثرُ الأصحابِ يقولُ: إنَّ حدَّ سنِّ التَّمْييزِ سَبْعُ سِنِين. كما تقدَّم ذلك فى كِتابِ الصَّلاةِ.

وَإِنْ عَادَ فاخْتَارَ الآخَرَ، نُقِلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إنْ عَادَ فَاخْتَارَ الأوَّلَ، رُدَّ إِليْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عادَ فاخْتارَ الآخَرَ، نُقِلَ إليه، ثم إنِ اخْتارَ الأوَّلَ، رُدَّ إليه. هذا المذهبُ ولو فعَل ذلك أَبَدًا. وعليه الأصحابُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: إنْ أسْرفَ، تَبَيَّنَ قِلةُ تَمْييزِه، فيُقْرَعُ، أو هو للأُمِّ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعَايَةِ»: وقيل: إنْ أسْرَفَ فيه فَبانَ نقْصُه، أخذَتْه أُمُّه. وقيل: مَنْ قَرَعَ منهما (¬1). ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «بينهما».

وَإِنْ لَم يَخْتَرْ أَحَدَهُمَا، أُقْرِع بَيْنَهُمَا. وَإِنِ اسْتَوَى اثْنَانِ فِى الْحَضَانةِ، كَالأخْتَيْنِ، قُدِّمَ أحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَخْتَرْ أحدَهما، أُقْرِعَ بينَهُما. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، كما لو اخْتارَهما معًا. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الرِّعَايَةِ»، وغيرُهم. [وفى «التَّرْغيبِ»] (¬1) احْتِمالٌ؛ أنَّه لأُمِّه، كبُلوغِه غيرَ رشيدٍ. قوله: فإنِ اسْتَوى اثْنان فى الحَضانَةِ، كالأخْتَيْنِ -والأخَوَيْن ونحوِهما- قُدِّمَ أحَدُهما بالْقُرْعَةِ. مُرادُه، إذا كانَ الطِّفْلُ دُونَ السَّبْعِ. فأمَّا إنْ بلَغ صَبْعًا، فإنه يُخَيَّرُ [بينَ الأُخْتَيْن والأخوَيْن ونحوِهما] (2)، سواءٌ كان غُلامًا أو جارِيَةً. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِن ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ.

وَإِنْ بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ سَبْعًا، كَانَتْ عِنْدَ أَبِيهَا، وَلَا تُمْنَعُ الأُمُّ مِنْ زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا بَلَغَتِ الجارِيَةُ سَبْعًا، كانَتْ عِندَ أَبِيها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه، ولو تبَرَّعَتْ يحَضانَتِها. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَعْروفُ فى المذهبِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن (¬1)»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، الأُمُّ أحقُّ حتَّى تحِيضَ. ذكَرها ابنُ أبى مُوسى. قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى ¬

(¬1) فى أ، ط: «الرعاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهَدْى»: هى أشْهَرُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وأصحُّ دَلِيلًا. وقيل: تُخَيَّرُ، ذكَره فى «الهَدْى» رِوايةٌ، وقال: نصَّ عليها. وعنه، تكونُ عندَ أبِيها بعدَ تِسْعٍ، وعندَ أُمِّها قبلَ ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، إذا بَلَغتِ الجارِيَةُ عاقِلَةً، وجَبَ عليها أَنْ تكونَ عِنْدَ أبِيهَا حتى يتَسَلَّمَها زوْجُها. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، عندَ (¬1) الأمِّ. وقيل: عندَ الأمِّ إنْ كانتْ أيِّمًا، أو كان زوْجُها مَحْرَمًا للجارِيَةِ. وهو اخْتِيارُه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وقيل: تكونُ حيثُ شاءَتْ إذا حُكِمَ برُشْدِها، كالغُلامِ. وقالَه فى «الواضِحِ»، وخرَّجه على عدَمِ إجْبارِها. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ، بشَرْطِ كوْنِها مأْمُونَةً. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: إنْ كانتْ ثَيِّبًا أَيِّمًا مأْمُونَةً، وإلَّا فلا. فعلى المذهبِ، للأبِ مَنْعُها مِن الانْفِرادِ، فإنْ لم يكُنْ أبٌ، فأوْلِياؤها يقُومُون مَقامَه. وأمَّا إذا بلَغ الغُلامُ عاقِلًا رشِيدًا، كان عندَ مَنْ شاءَ منهما. الثَّانيةُ، سائرُ العَصَباتِ الأَقْرَبُ فالأَقْرَبُ منهم كالأبِ فى التَّخْيِيرِ، والأحَقِّيَّةِ (2) والإِقَامَةِ، والنُّقْلَةِ بالطِّفْلِ أو الطِّفْلَةِ، إنْ كان مَحْرَمًا لها. قالَه ¬

(¬1) فى الأصل: «عدم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. زادَ فى «الرِّعَايَةِ»، فقال: وقيل: ذَوُو الحَضانَةِ، مِن عصَبَةٍ وذِى رَحِمٍ، فى التَّخْيِيرِ مع الأبِ كالأبِ. وكذا سائرُ النِّساءِ المُسْتَحِقَّاتِ للحَضانَةِ، كالأُمِّ فيما لها. قوله: ولا تُمنَعُ الأُمُّ مِن زِيارَتها وتَمْرِيضِها. هذا صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. لكِنْ قال فى «التَّرْغيبِ»: لا تجِئُ بَيْتَ مُطَلِّقِها، إلَّا مع أُنُوثِيَّةِ الوَلَدِ. فوائد؛ الأُولَى، قال فى «الواضِحِ»: تُمْنَعُ الأُمُّ مِن الخَلْوَةِ بها إذا خِيفَ منها أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَها. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ»، وقال: ويتَوجَّهُ فى الغُلامِ مِثْلُها. قلتُ: وهو الصَّوابُ فيهما. وكذا تُمْنَعُ ولو كانتِ البِنْتُ مُزَوَّجَة، إذا خِيفَ مِن ذلك، مع أنَّ كلامَ صاحِبِ «الواضِحِ»، يَحْتَمِلُ ذلك. الثَّانيةُ، الأمُّ أحقُّ بتَمْريضِها فى بَيْتِها، ولها زِيارَةُ أُمِّها إذا مَرِضَتْ. الثَّالثةُ، غيرُ أَبَوَىِ المَحْضُونِ كأبوَيْهما، فيما تقَدَّم، ولو مع أحَدِ الأَبوَيْنِ. قالَه فى «الفُروعِ». الرَّابعةُ، لا يُقَرُّ الطِّفْلُ بيَدِ مَنْ لا يصُونُه ويُصْلِحُه. واللَّهُ أعلمُ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

كتاب الجنايات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الجِنَايَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الجِناياتِ فائدة: الجِناياتُ جَمْعُ جِنايَةٍ، والجِنايَةُ لها مَعْنَيانِ؛ مَعْنًى فى اللُّغةِ ومَعْنًى فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاصْطِلاحِ؛ فمَعْناها فى اللُّغَةِ، كلُّ فِعْلٍ وقَع على وَجْهِ التَّعَدِّى سواءٌ كانَ فى النَّفْسِ (¬1) أو فى المالِ. ومَعْناها فى عُرْفِ الفُقهاءِ، التَّعَدِّى على الأَبْدانِ. فسَمَّوا ما ¬

(¬1) فى الأصل: «الناس».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانَ على الأبْدانِ جِنايَةً، وسَمَّوا ما كانَ على الأمْوالِ غَصْبًا وإتْلافًا ونَهْبًا وسرِقَةً وخِيانَةً.

الْقَتْلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ؛ عَمْدٌ، وَشِبهُ عَمْدٍ، وَخَطَأٌ، وَمَا أُجْرِىَ مُجْرَى الْخَطَأَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: القَتْلُ على أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ؛ عَمْدٌ، وشِبْهُ عَمْدٍ، وخَطَأٌ، وما أُجْرِىَ مُجْرَى الخَطَأِ. اعلمْ أنَّ المُصَنِّفَ، رَحِمَه اللَّهُ، قسم القَتْلَ إلى أرْبَعَةِ أقْسامٍ. وكذلك فعَل أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وصاحِبُ «المُذهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرُهم، فزادُوا ما أُجْرِىَ مَجْرَى الخَطَأِ؛ كالنَّائمِ ينْقَلِبُ على إنْسانٍ فيَقْتُلُه، أو يَقْتُلُ بالسبَبِ -مثْلَ أَنْ يَحْفِرَ بئْرًا، أو ينْصِبَ سِكينًا أو حجَرًا فيَئُولَ إلى إتْلافِ إنْسانٍ- وعَمْدِ الصَّبِىِّ والمَجْنونِ، وما أشْبَهَ ذلك، كما مثَّلَه المُصَنِّفُ فى آخِرِ الفَصْلِ الثانى مِن هذا الكتابِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذه الصُّوَرُ عندَ الأكْثرينَ مِن قِسْمِ

فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ، عَالِمًا بِكَوْنِهِ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، وَهُوَ تسْعَةُ أَقْسَامٍ، أحَدُهَا، أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ فِى الْبَدَنِ، مِنْ حَدِيدٍ أو غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ بِسِكِّينٍ، أَوْ يَغْرِزَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَأِ، أعْطَوْه حُكْمَه. انتهى. قلتُ: كثيرٌ مِنَ الأصحابِ قسَّمُوا القَتْلَ ثلَاثَةَ أقْسامٍ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «العُمْدَةِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: بعضُ المتأخِّرين -كأبى الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه- زادُوا قِسْمًا رابِعًا. قال: ولا نِزاعَ أنَّه باعْتِبارِ الحُكْمِ الشَّرْعِىِّ لا يزيدُ على ثَلَاثةِ أوْجُهٍ؛ عَمْدٌ، وهو ما فيه القِصاصُ أو الدِّيَةُ، وشِبْهُ العَمْدِ، وهو ما فيه دِيَة مُغَلَّظَة مِن غيرِ قَوَدٍ، وخَطَأٌ، وهو ما فيه دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ. انتهى. ويأْتِى تَفاصِيلُ ذلك فى أولِ كِتابِ الدِّياتِ. قلتُ: الذى نظَر إلى الأحْكامِ المُتَرَتِّبَةِ على القَتْلِ جعَل الأقْسامَ ثلَاثَةً، والذى نظَر إلى الصُّوَرِ، فهى أرْبعَةٌ بلا شكٍّ، وأمَّا الأحْكامُ فمُتَّفَقٌ عليها. تنبيه: ظاهرُ قوْله: أَحَدُها، أَنْ يَجْرَحَه بما له مَوْرٌ -أىْ دخُولٌ وتَرَدُّدٌ- فى

بِمِسَلَّةٍ، فَيَمُوتَ، إِلَّا أَنْ يَغْرِزَه بِإبْرَةٍ، أَوْ شَوْكَةٍ، وَنَحْوِهِمَا فِى غيْرِ مَقْتَلٍ، فيَمُوتَ فِى الْحَالِ، فَفِى كَوْنِهِ عَمْدًا وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ البَدَنِ، مِن حَديدٍ أو غيرِه، مِثْلَ أَنْ يجْرَحَه بسكِّين، أو يَغْرِزَه بمِسَلَّةٍ. ولو لم يُداوِ المَجْروحُ القادِرُ على الدَّواءِ جُرْحَه، حتى ماتَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ، ولو لم يُداوِ مَجْروحٌ قادِرٌ جُرْحَه. وقيل: ليس بعَمْدٍ. نقَل جَعْفَرٌ، الشَّهادَةُ على القَتْلِ أَنْ يَرَوه وَجَأَه، وأنَّه ماتَ مِن ذلك. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لو جَرَحَه فترَك مُداوَاةَ الجُرْحِ، أو فصَدَه فتَرَك شدَّ فِصَادِه، لم يسْقُطِ الضَّمانُ. ذكَرَه فى «المُغْنِى» محَلَّ وِفاقٍ. وذكَر بعضُ المُتأَخِّرين، لا ضَمانَ فى تَرْكِ شدِّ الفِصادِ. ذكَرَه محَلَّ وِفاقٍ. وذكَر فى تَرْكِ تَداوى الجُرْحِ مِن قادِر على التَّداوِى وَجْهَيْن، وصحَّح الضَّمانَ. انتهى. وأرادَ ببعضِ المُتأَخِّرين صاحِبَ «الفُروعِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو طالَ به المَرَضُ، ولا عِلَّةَ به غيرُه. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الواضِحِ»: أو جرَحَه وتعَقَّبَه سِرايَةٌ بمرَضٍ ودامَ جُرْحُه حتى ماتَ، فلا يَعْلَقُ بفِعْلِ اللَّهِ شئ. قوله: إلَّا أَنْ يَغْرِزَه بإِبْرَةٍ، أو شَوْكَةٍ، ونحوِهما فى غيرِ مَقْتَلٍ، فيَمُوتَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحالِ، ففى كَوْنِه عَمْدًا وَجْهَان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يكونُ عَمْدًا. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ فإنَّه لم يُفَرِّقْ بينَ الصَّغيرِ والكَبيرِ. وصحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، إلَّا أَنْ تكونَ النُّسْخَةُ مغْلُوطَةً. قال فى «الهِدايَةِ»: هو قولُ غيرِ ابنِ حامِدٍ. وصحَّحه النَّاظِمُ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يكونُ عَمْدًا، بل شِبْهَ عَمْدٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى

وَإِنْ بَقِىَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنًا حَتَّى مَاتَ، أَوْ كَانَ الْغَرْزُ بِهَا فِى مَقْتَلٍ؛ كَالْفُؤَادِ وَالْخُصْيَتَيْنِ، فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنَوِّرِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قوله: وإنْ بَقِىَ مِن ذلك ضَمِنًا حَتَّى ماتَ، فهو عَمْدٌ مَحْضٌ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. قال المُصَنِّفُ: هذا قولُ أصحابِنا. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ، لا يكونُ عَمْدًا. قوله: أو كانَ الغَرْزُ بها فى مَقْتَلٍ؛ كالفُؤَادِ والخُصْيَتَيْن، فهو عَمْدٌ مَحْضٌ. بلا

وَإِنْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْ أَجْنَبِىٍّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَمَاتَ، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَطَعَهَا حَاكِمٌ مِنْ صَغِيرِ أَوْ وَلِيُّهُ، فَمَاتَ، فَلَا قَوَدَ. الثَّانِى، أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثَقَّلٍ كَبِيرٍ فَوْق عَمُودِ الْفُسْطَاطِ، أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ. قوله: وإنْ قَطَع سلْعَةً مِن أجْنَبِىٍّ بغيرِ إذْنِه، فماتَ، فعليه القَوَدُ. بلا نِزاعٍ. وقوله: فإنْ قطَعَها حاكِمٌ مِن صَغِيرٍ أَو وَليُّه، فلا قَوَدَ. وكذا لو قَطَعَها وَلىٌّ المجْنُونِ منه، فلا قَوَدَ. مُقَيَّدٌ فيهما بما إذا كان ذلك لمصْلَحَةٍ. [والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا قَوَدَ عليهما إذا فَعَلا ذلك لمَصْلَحَةٍ] (¬1)، وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: وقيل: الأُوْلَى لمَصْلَحَةٍ. قوله: الثَّانِى، أَنْ يَضْرِبَه بمُثَقَّلٍ كَبِيرٍ فوقَ عَمُودِ الفُسْطَاطِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُشْتَرَطُ أَنْ يكونَ الذى ضُرِبَ به بما هو فوقَ عَبُودِ الفُسْطاطِ. نصَّ ¬

(¬1) سقط من: ط.

أنَّهُ يَمُوت بِهِ، كَاللُّتِّ، وَالْكُوذَيْنِ، وَالسَّنْدَانِ، أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ، أَوْ يُلْقِىَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا، أَوْ يُلْقِيَه مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ يُعِيدَ الضَّرْبَ بِصَغِيرِ، أَوْ يَضْرِبَهُ بِهِ فِى مَقْتَلٍ، أَوْ فِى حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ؛ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ صِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ نَحْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ مُشَيْش، يجبُ القَوَدُ إذا ضَرَبَه [بما هو فوقَ] (¬1) عَمُودِ الفُسْطاطِ. قوله: أو -يَضْرِبَه- بما يَغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّه يَمُوتُ به؛ كاللُّتِّ، والكُوذَينِ، والسَّنْدَانِ، أو حَجَرٍ كَبِيرٍ، أَو يُلْقِىَ عليه حَائطًا أو سَقْفًا، أَو يُلْقِيَه مِن شَاهِقٍ. فهذا كلُّه عَمْدٌ. بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) فى الأصل: «بمثل»، وفى ط: «فوق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أَو يُعِيدَ الضَّرْبَ بصَغِيرٍ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا أعادَ (¬1) الضَّرْبَ بصَغيرٍ وماتَ، يكونُ عَمْدًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يكونُ عَمْدًا. ذكَرَه فى «الواضِحَ». قال فى «الانْتِصارِ»: وهو ظاهرُ كلامِه. نقَل حَرْبٌ، شِبْهُ العَمْدِ ¬

(¬1) فى الأصل: «كان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ يضْرِبَه بخَشَبَةٍ دُونَ عَمُودِ الفُسطاطِ ونحوِ ذلك حتى يقْتُلَه. قوله: أو يَضْرِ بَه به فى مَقْتَلٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم. وقيل: لا يكونُ عَمْدًا إذا ضرَبَه به مرَّةً واحدةً. ذكَرَه فى «الواضِحَ». فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: أو -يضْرِبَه به- فِى حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ؛ مِنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَرَضٍ، أو صِغَرٍ، أو كِبَرٍ، أو فى حَرٍّ -مُفْرِطٍ- أو بَرْدٍ -مُفْرِطٍ- ونحوِه. وهذا بلا نِزاعٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: ومِثْلُه، أو لَكَمَه. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». لكِنْ لوِ ادّعَى جَهْلَ المرَضِ فى ذلك كلِّه، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقْبَلُ، فيكونُ شِبْهَ عَمْدٍ. وقيل: يُقْبَلُ إذا كان مِثْلُه يجْهَلُه،

الثَّالِثُ، أَلْقَاهُ فِى زُبْيَةِ أَسَدٍ، أَوْ أَنْهَشَهُ كَلْبًا أَوْ سَبُعًا أَوْ حَيَّةً، أَوْ أَلْسَعَهُ عَقْرَبًا مِنَ الْقَوَاتِلِ، ونَحْوَ ذَلِكَ، فَقَتَلَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا. الثَّانيةُ، قولُه: الثَّالِثُ، أَلْقاه فى زُبْيَةِ أَسَدٍ. وكذا لو أَلْقاهُ فى زُبْيَةِ نَمِرٍ، فيكونُ عَمْدًا. بلا نِزاعٍ. وكذا لو أَلْقاهُ مكْتُوفًا بفَضاءٍ بحَضرَةِ سَبُعٍ، فقَتَلَه، أو أَلْقاه بمَضِيقٍ بحَضْرَةِ حَيَّةٍ فقَتَلَتْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: لا يكونُ عَمْدًا فيهما. وقيل: هو يُكَتِّفُه كالمُمْسِكِ (¬1) للقَتْلِ. وهذا الذى جزَم به المُصَنِّفُ فى أوَاخِرِ البابِ، على ما يأْتِى. قوله: أو أنْهَشَه كَلْبًا أَو سَبُعًا أَو حَيَّةً، أَو أَلْسَعَه عَقْرَبًا مِنَ القَواتِلِ، ونحوَ ¬

(¬1) فى الأصل: «على الممسك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك، فقَتَلَه. فهو عَمْدٌ مَحْضٌ. اعلمْ أنَّه إذا أَنْهَشَه كلْبًا، أو أَلْسَعَه شيئًا مِن ذلك، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ ذلك يقْتُلُ غالبًا، [أَوْ لا؛ فإنْ كان يقْتُلُ غالبًا] (¬1)، فهو عَمْدٌ مَحْضٌ، وإنْ كانَ لا يقْتُلُ غالبًا -كثُعْبانِ الحِجَازِ (¬2)، أو سَبُعٍ صغير- وقُتِلَ به، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه يكونُ قَتْلًا عَمْدًا. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. [وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «النَّظْمِ»، وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، لا يكونُ عَمْدًا. قدمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»] (4). وهو ظاهرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ» وغيرِه. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «الحجال».

الرَّابع، أَلْقَاهُ فِى مَاءٍ يُغْرِقُهُ، أَوْ نَارٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَمَاتَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الرَّابعُ، ألْقاه فى ماءٍ يُغْرِقُه، [أَو نارٍ لا يُمْكِنُه التَّخَلُّصُ منها، فماتَ به. إذا أَلْقاه فى ماءٍ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يُمْكِنَه التَّخَلُّصُ منه] (¬1)، أَوْ لا؛ فإنْ كان لا يُمْكِنُه التَّخَلُّصُ منه -وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا- فهو عَمْدٌ، وإنْ أمْكَنَه التَّخَلصُ -كالماءِ اليَسِيرِ- ولم يتَخَلَّصْ حتى ماتَ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ مَوْتَه هَدْرٌ، فلا يضْمَنُ الدِّيَةَ، ولا غيرَها. قال فى «الفُروعِ»: لا يضْمَنُ الدِّيَةَ فى الأصحِّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يضْمَنُ الدِّيَةَ. وإذا أَلْقاه فى نارٍ، فإنْ لم يُمْكِنْه التَّخَلُّصُ منها، فهو عَمْدٌ مَحْضٌ، بلا نِزاعٍ، وإنْ أمْكَنَه التَّخَلُّصُ ولم يتَخَلَّصْ حتى ماتَ، فقيل: دَمُه هَدْرٌ، لا شئَ عليه. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ». وقيل: يضْمَنُ الدِّيَةَ بإلْقائِه. قال فى «الكافِى»: وإنْ كان لا يقْتُلُ غالِبًا أوِ التَّخَلُّصُ منه مُمْكِنًا، فلا قَوَدَ فيه؛ لأنَّه عَمْدُ خَطَأً، وظاهِرُه أنَّ فيه الدِّيَةَ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ».

الْخَامِسُ، خَنَقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ سَدَّ فَمَهُ وَأَنْفَهُ، أَوْ عَصَرَ خُصْيَتَيْهِ حَتَّى مَاتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله. الخامِسُ، خنَقَه بحَبْلٍ أو غيرِه، أَو سَدَّ فَمَه وأَنْفَه، أَو عَصَرَ خُصْيَتَيْه حَتَّى ماتَ. فعَمْدٌ. ظاهِرُه أنَّه يُشْتَرَطُ سَدُّ الفَمِ والأَنْفِ جميعًا. وهو صحيحٌ. وظاهِرُه أنَّه لا فَرْقَ فى السَّدِّ والعَصْرِ بينَ طُولِ المُدَّةِ أو قِصَرها. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ فعَل ذلك فى مُدَّةٍ يموتُ فى مِثْلِها غالبًا فماتَ، فهو عَمْدٌ فيه القِصاصُ. قالَا: ولابد مِن ذلك؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا كانتْ يسيرةٌ، لا يغْلِبُ على الظَّنِّ أنَّ المَوْتَ حصَل به. قال الشَّارحُ وغيرُه: وإذا ماتَ فى مُدةٍ لا يموتُ فى مِثْلِها غالبًا، فهو شِبْهُ عَمْدٍ، إلَّا أَنْ يكوَن يسِيرًا إلى الغايَةِ، بحيثُ لا يُتَوَهَّمُ المَوْتُ منه، فلا يوجِبُ ضَمانًا.

السَّادِسُ، حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أَوِ الشَّرَابَ حَتَّى مَاتَ جُوْعًا أَوْ عَطَشًا فِى مُدَّةٍ يَمُوتُ فِى مِثْلِهَا غَالِبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: السَّادِسُ، حَبَسَه ومَنَعَه الطَّعامَ والشَّرابَ حَتَّى ماتَ جُوعًا وعَطَشًا فى مُدَّةٍ يَمُوتُ فى مثلِها غَالِبًا. مُرادُه، إذا تعَذَّرَ على الجائعِ والعَطْشانِ

السَّابع، سَقَاهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ، أَوْ خَلَطَ سُمًّا بِطَعَامٍ فَأَطْعَمَهُ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِهِ فَأَكَلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ، فَمَاتَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّلَبُ لذلك. فأمَّا إذا لم يتَعَذَّر الطَّلَبُ، أو ترَك الأَكْلَ والشُّرْبَ قادِرًا على الطَّلَبِ أو غيرِه، فلا دِيَةَ له، كتَرْكِه شَدَّ مَوْضِعِ فِصَادِه. قالَه فى «الفُروعِ». وتقدَّم النَّقْلُ فى ذلك أوَّلَ البابِ فى كلامِ صاحبِ «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قوله: السَّابعُ، سَقاه سُمًّا لا يَعْلَمُ به، أو خلَط سُمًّا بطَعَام فأَطعَمَه، أو خلَطَه بطَعَامِه فأَكَلَه ولا يَعْلَمُ به، فماتَ. فهو عَمْدٌ مَحْضٌ. هذا المذهبُ. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وقطَع به الأكْثرون. وأطْلَقَ ابنُ رَزِينٍ، فيما إِذا أَلْقَمَه سُمًّا أو خَلَطَه به قوْلَيْن.

فَإِنْ عَلِمَ آكِلُهُ بِهِ وَهُوَ عَاقِلٌ بَالِغٌ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ، فَأَكَلَهُ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. فَإِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ بِالسُّمِّ: إِنَّنِى ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإن عَلِمَ آكِلُه به وهو بَالِغٌ عَاقِلٌ، أَو خلَطَه بطَعَامِ نَفْسِه، فأكَلَه إنْسَانٌ بغيرِ إذْنِه، فلا ضَمانَ عليه. أنَّ غيرَ البالِغِ لو أكَلَه، كانَ ضامِنًا له إذا ماتَ به. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ: إنْ كان مُمَيِّزًا ففى ضَمانِه نظَرٌ. قوله: فإنِ ادَّعَى القاتِلُ بالسُّمِّ: إنَّنى لم أَعْلَمْ أنَّه سُمٌّ قَاتِلٌ. لم يُقْبَلْ فى أَحَدِ

لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ سُمٌّ قَاتِلٌ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُه، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُقْبَلُ فِى الآخَرِ، وَتَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَيْنِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. ويُقْبَلُ فى الآخَرِ، وتكونُ شِبْهَ عَمْدٍ. وأطلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقْبَلُ إذا كانَ مِثْلُه يجْهَلُه،

الثَّامِنُ، أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا. قوله: الثَّامِنُ، أَنْ يَقْتُلَه بسِحْرٍ يَقْتُلُ غالِبًا. إذا قَتَلَه بسِحْرٍ يقْتُلُ غالِبًا، فإنْ كان يعْلَمُ أنَّه يقْتُلُ، فهو عَمْدٌ مَحْضٌ، وإنْ قال: لم أعْلَمْه قاتِلًا. لم يُقْبَلْ قوْلُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقْبَلُ، ويكونُ شِبْهَ عَمْدٍ. وقيل: يُقْبَلُ إذا كان مِثْلُه يجْهَلُه، وإلَّا فلا، كما تقدَّم فى السُّمِّ سواءً. فائدتان؛ إحْداهما، إذا وجَب قتْلُه بالسِّحْرِ، وقُتِلَ، كانَ قَتْلُه به حدًّا، وتجِبُ دِيَةُ المَقْتولِ فى تَرِكَتِه. على الصَّحيحِ. وقال المَجْدُ فى «شَرْحِه»: وعندِى فى هذا نظَرٌ. ويأتِى بعضُ ذلك فى آخِرِ بابِ المُرْتَدِّ. الثَّانيةُ، قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لم يذْكُرْ أصحابُنا المِعْيانَ، القاتِلَ بعَيْنِه، ويَنْبَغِى أَنْ يُلْحَقَ بالسَّاحِرِ الذى يقْتُلُ بسِحْرِه غالِبًا؛ فإذا كانتْ عَيْنُه يسْتطيعُ القَتْلَ بها ويفْعَلُه باخْتِيارِه، وجَب به القِصاصُ، وإنْ وقَع ذلك منه بغيرِ قَصْدِ الجِنايَةِ، فيَتَوَجَّهُ أنَّه خطَأٌ يجِبُ عليه ما يجِبُ فى قَتْلِ الخَطَأِ. وكذا

التَّاسِعُ، أَنْ يَشْهَدَا عَلَى رَجُل بِقَتْل عَمْدٍ، أَوْ زِنًى، أَوْ رِدَّةٍ فَيُقْتَلَ بِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعَا وَيَقُولَا: عَمَدْنَا قَتْلَهُ. أَوْ يَقُولَ الْحَاكِمُ: عَلِمْتُ كَذِبَهُمَا، وَعَمَدْتُ قَتْلَهُ. أَوْ يَقُولَ ذَلِكَ الْوَلِى. فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ مُوجبٌ لِلْقِصَاصِ إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أَتْلَفَه المِعْيانُ بعَيْنِه، يتَوَجَّهُ فيه القَوْلُ بضَمانِه، إلَّا أَنْ يقَعَ بغيرِ قَصْدِه، فيتَوَجَّهُ عدَمُ الضَّمانِ. انتهى. قلتُ: وهذا الذى قالَه حَسَنٌ، لكِنَّ ظاهِرَ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «التَّرْغيبِ» عدَمُ الضَّمانِ. وكذلك قال القاضى، على ما يأتِى فى آخِرِ بابِ التَّعْزيرِ. قوله: التَّاسِعُ، أَنْ يَشْهَدَا على رَجُلٍ بقَتْل عَمْدٍ، أو رِدَّةٍ، أو زِنًى، فيُقْتَلَ بذلك، ثم يَرْجِعَا ويَقُولَا: عَمدْنا قَتْلَه. هكذا قال أكثرُ الأصحابِ بهذه العِبارَةِ. وقال فى «الكافِى»: وقالَا: عَلِمْنا أنَّه يُقْتَلُ. وقال فى «المُغْنِى»: ولم يَجُزْ جَهْلُهما به. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وكذَّبَتْهما قرِينَةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالأصحابُ مُتفِقُون على أنَّ هذا عَمْدٌ مَحْضٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ذكَر الأصحابُ مِن صُوَرِ القَتْلِ العَمْدِ المُوجِبِ للقَوَدِ، مَن شَهِدَتْ عليه بَيِّنَةٌ بالرِّدَّةِ، فقُتِلَ بذلك، ثم رجَعُوا وقالوا: عَمَدْنا قتْلَه. قال: وفى هذا نظَرٌ؛ لأنَّ المُرْتَدَّ إنَّما يُقْتَلُ إذا لم يَتُبْ، فيُمْكِنُ المَشْهودَ عليه التَّوْبَةُ، كما يُمْكِنُه التَّخَلُّصُ مِنَ النَّارِ إذا أُلْقِىَ فيها. انتهى. قلتُ: يُتَصَوَّرُ عدَمُ قَبُولِ توْبَةِ المُرْتَدِّ فى مَسائِلَ -على رِوايةٍ قَوِيَّةٍ- كمَن سبَّ اللَّهَ أو رَسُولَه، والزِّنْديقِ، ومَن تكَرَّرَتْ رِدَّتُه، والسَّاحِرِ، وغيرِ ذلك على ما يأْتِى فى بابِه، فلو شُهِدَ عليه بذلك، فإنَّه يُقْتَلُ بكلِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حالٍ، ولا تُقْبَلُ توْبَتُه. على إحْدَى الرِّوايتَيْن. فكَلامُ الأصحابِ مَحَلُّه حيثُ امْتَنَعَتِ التَّوْبَةُ، ويكْفِى هذا فى إطْلاقِهم ولو [فى مسْألَةٍ] (¬1) واحدةٍ، لكِنْ ظهَر لى على كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ إشْكَالٌ فى قوْلِهم: لو شَهِدَا على رَجُلٍ بزنًى، فقُتِلَ بذلك. فإنَّ الشَّاهِدَيْن لا يُقْتَلُ الزَّانى بشَهادَتِهما. فهذا فيه نظرٌ ظاهِرٌ؛ ولهذا قال فى «الفُروعِ»: ومَن شَهِدَتْ عليه بَيِّنَةٌ بما يُوجِبُ قَتْلَه. فتخَلَّصَ مِن الإِشْكالِ. قوله: أو يَقُولَ الحاكِمُ: عَلِمْتُ كَذِبَهما، وعَمَدْتُ قَتْلَه. فهذا عَمْدٌ مَحْضٌ، ويجبُ القِصاصُ على الحاكمِ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَرَ ابنُ عَقِيلٍ فى «مُناظَراتِه» أنَّ الحاكِمَ -والحالَةُ هذه- لا قِصاصَ عليه. وقيل: فى قَتْلِ الحاكمِ وَجْهان. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولى، يُقْتَلُ المُزَكِّى، كالشَّاهِدِ. قالَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وعندَ القاضى، لا يُقْتَلُ وإنْ قُتِلَ الشَّاهِدُ. الثَّانيةُ، لا تُقْبَلُ البَيِّنَةُ مع مُباشَرَةِ الوَلِىِّ القَتْلَ وإقْرارِه أنَّه فعَل ذلك عَمْدًا عُدْوانًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وفى «التَّرْغيبِ» وَجْهٌ، البَيِّنَةُ والوَلِىُّ هنا كمُمْسِكٍ مع مُباشِرٍ، فالبَيِّنَةُ هنا كالمُمْسِكِ، والوَلِىُّ هنا كالمُباشِرِ هناك. على ما يأْتِى فى كلام المُصَنِّفِ قريبًا فى هذا البابِ، والخِلافُ فيه. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: إَنْ عَلِمَ الوَلِى والحاكِمُ أنَّه لم يَقْتُلْ، أُقِيدَ الكُلُّ. الثَّالثةُ، يخْتَصُّ المُباشِرَ العالِمَ بالقَوَدِ، ثم الوَلِىَّ، ثم البَيِّنَةَ. والحاكِمَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يخْتَصُّ القَوَدُ بالحاكمِ إذا اشْتَرَكَ هو والبَيِّنَةُ؛ لأَنَّ سَبَبَه أخَصُّ مِن سبَبِهم؛ فإن حُكْمَه واسِطَةٌ بينَ شَهادَتِهم وقتْلِه، فأشْبَهَ المُباشِرَ مع المُتَسَبِّبِ. الرَّابعةُ، لو لَزمَتِ الدِّيَةُ البَيِّنَةَ والحاكِمَ، فقيل: تَلْزَمُهم ثلاثًا؛ على الحاكمِ الثُّلُثُ، وعلى كلِّ شاهدٍ ثُلُث. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: نِصْفَيْن. [قالَ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ» فى بابِ الرُّجوعِ عنِ الشَّهادَةِ] (¬1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل، أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسةُ، لو قال بعضُهم: عَمَدْنا قَتْلَه. وقال بعضُهم: أخْطَأْنا. فلا قَوَدَ على المُتَعَمِّدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ (¬1). قال فى «الفُروعِ»: فلا قَوَدَ على المُتَعَمِّدِ على الأصحِّ. وصحَّحه المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ، فى آخِرِ هذا البابِ. وعنه، عليه القَوَدُ. فعلى المذهبِ، على المُتَعَمِّدِ بحِصَّتِه مِنَ الدِّيَةِ المُغَلَّظَةِ، وعلى المُخْطِئِ بحِصَّتِه مِنَ المُخَفَّفَةِ. وتأْتِى هذه المسْأَلةُ ونَظائِرُها فى آخرِ هذا البابِ بأتَمَّ مِن هذا. السَّادسةُ، لو قال كلُّ واحدٍ منهما: تعَمَّدْتُ وأخْطَأَ شَرِيكِى. فوَجْهان فى القَوَدِ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». قلتً: الصَّوابُ الذى لا شَكَّ فيه وُجوبُ القَوَدِ عليهما؛ لاعْتِرافِهما بالعَمْدِيَّةِ. [وقدَّم فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى»، عدَمَ القَوَدِ. وصحَّحه فى «الكُبْرى»، وقال: الدِّيَةُ عليهما حالَّةٌ] (¬2). ولو قال واحدٌ: عَمَدْنا. وقال الآخَرُ: أَخْطَأْنا. لَزِمَ المُقِرَّ بالعَمْدِ القَوَدُ، ولَزِمَ الآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ. السَّابِعَةُ، لو رجَع الولِىُّ (3) والبَيِّنَةُ، ضَمِنَه الولِىُّ (3) وحدَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى وأصحابُه: يضْمَنُه الولىُّ (3) والبَيِّنَةُ معًا، كمُشْتَرِكٍ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن». واخْتارَ الشِّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ الولِىَّ (¬3) يَلْزَمُه القَوَدُ إنْ تعَمَّدَ، وإلَّا الدِّيَةُ، وأنَّ الآمِرَ لا يرثُ. الثَّامِنَةُ، لو حفَر فى بَيْتِه بِئرًا وستَرَه ليَقَعَ فيه أحدٌ، فوَقَعَ فماتَ، فإنْ كانَ دخَل بإذْنِه، قُتِلَ به، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقل: لا يُقْتَلُ ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «قال فى «الفروع»: فلا قود على المتعمد على الصحيح من المذهب». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى أ: «الوالى».

فصل

فَصْلٌ: وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ الْجِنَايَةَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَيَقْتُلَ؛ إِمَّا لِقَصْدِ الْعُدْوَانِ عَلَيْهِ، أَوْ لِقَصْدِ التَّأْديِبِ لَهُ، فَيُسْرِفَ فِيهِ، نَحْوَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا، أو حَجَر صَغَيرٍ، أَوْ يَلْكُزَهُ، أَوْ يُلْقِيَهُ فِى مَاءٍ قَلِيلٍ، أَوْ يَقْتُلَهُ بِسِحْر لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَسَائِرِ مَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ يَصِيحَ بِصَبِىٍّ أو مَعْتُوهٍ وَهُمَا عَلَى سَطْحٍ فَيَسْقُطَا، أَوْ يَغْتَفِلَ عَاقِلًا فَيَصِيحَ بِهِ فَيَسْقُطَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به، كما لو دخَل بلا إذْنِه، أو كانتْ مكْشُوفَةً، بحيثُ يَراها الدَّاخِلُ. ويأْتِى فى أوَّلِ كتابِ الدِّيَاتِ، إذا حفَر فى فِنائِه بِئْرًا، فتَلِفَ به إنْسانٌ. التَّاسِعَةُ، لو جعَل فى حَلْقِ زَيْدٍ خُراطَةً، وشدَّها فى شئٍ عالٍ، وتَرَكَ تحتَه حجَرًا، فأزالَه آخَرُ عَمْدًا، فماتَ، قُتِلَ مُزِيلُه دُونَ رابِطِه، فإنْ جهِلَ الخُراطَةَ، فلا قَوَدَ على قاتِلِه، وفى مالِه الدِّيَةُ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: الدِّيَةُ على عاقِلَتِه. قدَّمه فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى». وقيل: بل على الأَوَّلِ نِصْفُها. وقيل: بل على عاقِلَتِه. قوله: وشِبْهُ العَمْدِ أَنْ يقصِدَ الجِنايَةَ بما لا يَقْتُلُ غالِبًا فيَقْتُلَ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: ولم يجْرَحْه بذلك. وهذا المذهبُ؛ سواءٌ قصَد قتْلَه أولم يقْصِدْه. وهو ظاهِرُ «المُحَرَّرِ»، وغيرِه مِنَ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ: لا يكونُ شِبْهَ عَمْدٍ إلَّا إذا لم يقْصِدْ قَتْلَه بذلك. قال فى «الرِّعايَةِ»: وشِبْهُ العَمْدِ قتْلُه قَصْدًا بما لا يقْتُلُ غالِبًا. وقيل: قَصْدُ جِنايةٍ، لا قَتْلِه غالِبًا. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أو يَصِيحَ بصَبِىٍّ أو مَعْتُوهٍ وهما على سَطْحٍ، فيَسْقُطا. أنَّه لو صاحَ برَجُلٍ مُكَلَّفٍ، أوِ امْرَأةٍ مُكَلَّفَةٍ، وهما على سَطْحٍ، فسَقَطا، أنَّه لا شئَ عليه فيهما. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلام كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: المُكَلَّفُ كالصَّبِىِّ والمَعْتُوهِ. وأَلْحَقَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الواضِحِ» المَرْأةَ بالصَّبِىِّ والمَعْتُوهِ. فائدة: قولُه: أو يَغْتَفِلَ عاقلاً، فيَصِيحَ به فيَسْقُطَ. وهذا بلا نِزاعٍ. وكذا لو فَعَل ذلك، فذَهَب عقْلُه. تنبيه: يَلْزَمُ فى شِبْهِ العَمْدِ الدِّيَةُ، لكِنْ هل تكونُ على العاقِلَةِ، أو على القاتِلِ؟ فيه خِلافٌ، على ما يأْتِى فى أوَّلِ كتابِ الدِّيَاتِ، وبابِ العاقِلَةِ. ويأْتِى فى وُجوبِ

فصل

فَصْلٌ: وَالْخَطَأُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ أَحَدُهُما، أَنْ يَرْمِىَ الصَّيْدَ، أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، فَيَقْتُلَ إِنْسَانًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفَّارَةِ عليه بذلك الخِلافُ الآتِى فى بابِ كفَّارَةِ القَتْلِ. قوله: والخَطأُ على ضَرْبَيْن، أحَدُهما، أَنْ يَرْمِىَ الصَّيْدَ، أَو يَفْعَلَ ما لَه فِعْلُه فيَقْتُلَ إنْسانًا، فعليه الكَفَّارَةُ، والدِّيَةُ على العاقِلَةِ. بلا نِزاعٍ. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: أو يَفْعَلَ ما لَه فِعْلُه. أنَّه إذا فعَل ما ليس له فِعْلُه -كأنْ

الثَّانِى، أَنْ يَقْتُلَ فِى دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا، وَيَكُونُ مُسْلِمًا، أَو يَرْمِىَ إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ، فَيُصِيبَ مُسْلِمًا، أو يَتَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بمُسْلِمٍ، وَيَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِنْ لَمْ يَرْمِهِمْ، فَيَرْمِيَهُمْ، فَيَقْتُلَ الْمُسْلِمَ. فَهذَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ. وَفِى وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ يقْصِدَ رَمْىَ آدَمِىٍّ معْصُومٍ، أو بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَةٍ، فيُصِيبَ غيرَه- أنَّ ذلك لا يكونُ خطَأً، بل عَمْدًا. وهو مَنْصُوصُ الإِمامِ أحمدَ. قالَه القاضى فى «رِوايَتَيْه»، وهو ظاهِرُ كلامَ الخِرَقِىِّ. وخرَّجه المُصَنِّفُ على قَوْلِ أبى بَكْرٍ فى مَن رَمَى نَصْرانِيًّا فلم يقَعْ به السَّهْمُ حتى أسْلَمَ، أنَّه عَمْدٌ يجبُ به القِصاصُ. وقدَّم فى «المُغْنِى»، أنَّه خطَأٌ. وهو مُقْتَضَى كلامِه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، حيثُ قال فى الخَطَأِ: أَنْ يَرْمِىَ صَيْدًا، أو هدَفًا، أو شَخْصًا، فيُصيبَ إنْسانًا لم يَقْصِدْه. قوله: الثَّانِى، أَنْ يَقْتُلَ فى دارِ الحَرْبِ مَن يَظُنُّه حَرْبِيًّا، ويكونُ مُسْلِمًا، أو

رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَرْمِىَ إلى صَفِّ الكُفَّارِ فيُصِيبَ مُسْلِمًا، أو يَتَتَرَّسَ الكُفَّارُ بمُسْلِمٍ، ويَخافُ على المُسْلِمِين إنْ لم يَرْمِهم، فيَرْمِيَهم، فيقْتُلَ المُسْلِمَ. فهذا فيه الكَفارَةُ -على ما يأْتِى فى بابِها- وفى وُجوبِ الدِّيَةِ على العاقِلَةِ رِوايَتان. إحْداهما، لا تجِبُ الدِّيَةُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الخِرَقِىِّ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قال الشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عن إمامِنا، ومُخْتارُ عامَّةِ أصحابِنا؛ الخِرَقِىُّ، والقاضى، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وأبو محمدٍ، وغيرُهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تجِبُ عليهم. جزَم به فى «الوَجيزِ». تنبيه: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: محَلُّ هذا فى المُسْلِمِ الذى هو بينَ الكُفَّارِ معْذُورٌ؛ كالأسِيرِ، والمُسْلِمِ الذى لا يُمْكِنُه الهِجْرَةُ والخُروجُ مِن صفِّهم، فأمَّا الذى يقِفُ فى صفِّ قِتالِهم باخْتِيارِه، فلا يُضْمَنُ بحالٍ. انتهى. وتقدَّم مَعْنى ذلك فى أثْناءِ كتابِ الجِهَادِ فى قوْلِ المُصَنِّفِ: وإنْ تتَرَّسُوا بمُسْلِمِين. وعنه، تجبُ الدِّيَةُ فى الصُّورَةِ الأخيرَةِ. وفى «عُيونِ المَسائلِ» عكْسُ هذه

وَالَّذِى أُجْرِىَ مُجْرَى الْخَطَأَ، كَالنَّائِمِ يَنْقَلِبُ عَلَى إِنْسَانٍ، فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يَقْتُلُ بِالسَّبَبِ، مِثْلَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا، أَوْ يَنْصِبَ سِكِّينًا أَوْ حَجَرًا فَيَئُولَ إِلَى إِتْلَافِ إِنْسَانٍ، وَعَمْدِ الصَّبِىِّ وَالْمَجْنُونِ، فَهَذَا كُلُّه لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِى مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايةِ؛ لأنَّه فعَل الواجِبَ هنا. قال: وإنَّما وجَبَتِ الكفَّارَةُ، كما لو حلَف لا يصَلى، فيُصَلِّى ويُكَفِّرُ. كذا هُنا. تنبيه: قولُه: وعَمْدِ الصَّبِىِّ والمجْنُونِ. يعْنِى، أنَّ عمْدَهما مِن الذى أُجْرِىَ مُجْرَى الخَطَأِ. وهو كذلك، لكِنْ لو قال: كنتُ حالَ الفِعْلِ صغيرًا، أو مَجْنونًا. صُدِّقَ بيَمِينِه. ويأْتِى فى آخرِ بابِ العاقِلَةِ، هل تتَحَمَّلُ عَمْدَ الصَّبِىِّ، أو تكونُ فى مالِه؟

فصل

فَصْلٌ: وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ. وَعَنْهُ، لَا يُقْتَلُونَ. وَالْمَذْهَبُ الأَوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُقْتَلُ الجَماعَةُ بالواحِدِ. هذا المذهبُ، كما قالَه المُصَنِّفُ هنا بلا رَيْبٍ. وقالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»: عليه عامَّةُ شيوخِنا. وعنه، لا يُقْتَلُونَ به. نقَلَه حَنْبَلٌ. وحسَّنَها ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ». ويأْتِى كلامُه فى «الفُنونِ»، فيما إذا اشْتَرَكَ فى القَتْلِ اثْنان، لا يجِبُ القِصاصُ على أحَدِهما. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ والفَضْلُ، أنَّه إنْ قتَلَه ثلاثَةٌ، فله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَتْلُ أحَدِهم، والعَفْوُ عن آخَرَ، وأخْذُ الدِّيَةِ كامِلَةً مِن أحَدِهم. فعلى المذهبِ، مِن شَرْطِ قَتْلِ الجماعَةِ بالواحدِ، أَنْ يكونَ فِعْلُ كلِّ واحدٍ منهم صالِحًا للقَتْلِ به. قالَه الأصحابُ. وعلى الذهبِ، لو عَفَىَ الوَلىُّ عنهم، سقَط القَوَدُ، ولم يَلْزَمْهم إلَّا دِيَةٌ واحدةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ الذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»

وَإِنْ جَرَحَهُ أحَدُهُمَا جُرْحًا وَالْآخَرُ مِائَةً، فَهُمَا سَوَاءٌ فِى الْقِصَاصَ وَالدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يَلْزَمُهم دِياتٌ. نقَل ابنُ هانِئٍ، يَلْزَمُهم دِياتٌ. واخْتارَها أبو بَكْرٍ. وصحَّحها الشِّيرَازِىُّ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وتقدَّم رِوايَةُ ابنِ مَنْصُورٍ والفَضْلِ. وأمَّا على الرِّوايةِ الثَّانيةِ، فلا يَلْزَمُ إلَّا دِيَةٌ واحدَةٌ، قوْلًا واحدًا. قالَه الأصحابُ. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو فَعَلوا ما يُوجِبُ قِصاصًا فيما دُونَ النَّفْسِ، كالقَطْعِ ونحوِه. قالَه الأصحابُ. ويأْتِى هذا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى آخرِ بابِ ما يُوجِبُ القِصاصَ فيما دُونَ النَّفْسِ. قوله: وإِنْ جرَحَه أحَدُهما جُرْحًا والآخَرُ مِائةً، فهما سَوَاءٌ فى القِصاصِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والدِّيَةِ. وهذا بلا نِزاعٍ بشَرْطِه المُتَقَدِّمِ.

وَإِنْ قَطَعَ أحَدُهُمَا مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَهُ الْآخَرُ مِنَ الْمِرْفَقِ، فَهُمَا قَاتِلَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قطَع أحَدُهما مِنَ الكُوعِ، ثم قطَعَه الآخَرُ مِنَ المِرْفَقِ -يعْنِى، وماتَ- فهما قاتِلان. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: القاتِلُ هو الثَّانى. فيُقْتَلُ به، ويُقادُ مِنَ الأَوَّلِ، بأنْ تُقْطَعَ يَدُه مِن الكُوعِ، كقَطْعِه. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا كان قَطْعُ الثَّانى قبلَ بُرْءِ القَطْعِ الأَوَّلِ. أمَّا إنْ كانَ بعدَ بُرْئِه، فالقاتِلُ هو الثَّانى، قوْلًا واحدًا. قالَه الأصحابُ. وهو واضِحٌ (¬1). ¬

(¬1) فى الأصل: «أصح».

وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، كَقَطْعِ حُشْوَتِهِ، أَوْ مَرِيئِهِ، أَوْ وَدَجَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ [فوائد؛ إحْداها] (¬1)، لوِ ادَّعَى الأَوَّلُ أنَّ جُرْحَه انْدَمَلَ، فصَدَّقَه الوَلِىُّ، سقَط عنه القَتْلُ، ولَزِمَه القِصاصُ فى اليَدِ، أو نِصْفُ الدِّيَةِ، وإنْ كذَّبَه شَرِيكُه، واخْتارَ الوَلِىُّ القِصاصَ، فلا فائدَةَ له فى تكْذيبه؛ لأَنَّ قَتْلَه واجِبٌ. وإنْ عفَا عنه إلى الدِّيَةِ، فالقولُ قولُه معِ يَمِينِه، ولا يَلْزَمُه أكثرُ مِن نِصْفِ الدِّيَةِ، وإنْ كذب الوَلِىُّ الأوَّلَ، حلَف، وكان له قَتْلُه، وإنِ ادَّعَى الثَّانى انْدِمالَ جُرْحِه، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ فى الأَوَّلِ إذا ادَّعَى ذلك. الثَّانيةُ، لوِ انْدمَلَ القَطْعان، أُقِيدَ الأَوَّلُ، بأَنْ يُقْطَعَ مِن الكُوعِ. قال فى «الفُروعِ»: وكذا مِنَ الثَّانى المَقْطُوعِ يدُه مِن كُوعٍ، وإلَّا فحُكُومَةٌ، أو ثلُثُ ديَةٍ، فيه الرِّوايَتان. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وإنِ انْدَمَلا، فعلى الأَوَّلِ القَوَدُ مِن الكُوعِ، وعلى الثَّانى حُكُومَةٌ. وعنه، ثُلُثُ دِيَةِ اليَدِ، ولا قَوَدَ عليه مع كَمالِ يَدِه. [الثَّالثةُ، لو قَتَلُوه بأَفْعالٍ لا يصْلُحُ واحدٌ منها لقَتْلِه، نحوَ أَنْ يضْرِبَه كلُّ واحدٍ سَوْطًا فى حالَةٍ، أو مُتَوالِيًا، فلا قَوَدَ. وفيه -عن تَواطُؤٍ- وَجْهان فى «التَّرْغيبِ»، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ القَوَدُ] (¬2). قوله: وإِنْ فعَل أحَدُهما فِعْلًا لا تَبْقَى الحَياةُ معه، كقَطْعِ حُشْوَتِه، أو مَرِيِئِه، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فائدتان إحداها». (¬2) سقط من: الأصل.

وَيُعَزَّرُ الثَّانِى، وَإِنْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِى عُنُقَهُ، فَالثَّانِى هُوَ الْقَاتِلُ، وَعَلَى الأَوَّلِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ بِالْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو وَدَجَيْه، ثم ضرَب عُنُقَه آخَرُ، فالقاتِلُ هو الأَوَّلُ، ويُعَزرُ الثَّانِى. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: قُتِل الأوَّلُ، وعُزِّرَ الثَّانى. وهو مَعْنَى كلامِه فى «التَّبْصِرَةِ»، كما لو جَنَى على مَيِّتٍ، فلهذا لا يضْمَنُه. قال فى «الفُروعِ»: ودَلَّ هذا على أنَّ التَّصَرُّفَ فيه كمَيِّتٍ، كما (¬1) لو كان عَبْدًا؛ فلا يصِحُّ بَيْعُه. قال: كذا جعَلُوا الضَّابِطَ؛ يعِيشُ مِثْلُه أو لا يَعيشُ. وكذا علَّلَ الخِرَقِىُّ المسْألتَيْن، مع أنَّه قال فى الذى لا يَعِيشُ: خرَق ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بطْنَه، وأَخْرَجَ حُشْوَتَه فَقَطَعَها، فأبانَها منه. قال: وهذا يقْتَضِى أنَّه لو لم يُبِنْها، لم يكُنْ حُكْمُه كذلك، مع أنَّه بقَطْعِها لا يعيشُ. فاعْتَبَرَ الخِرَقِىُّ كوْنَه لا يعيشُ فى مَوْضِعٍ خاصٍّ، فتَعْميمُ الأصحابِ -لاسِيَّما وقد احْتَجَّ غيرُ واحدٍ منهم بكَلامِ الخِرَقِىِّ- فيه نظَرٌ. قال: وهذا مَعْنَى اخْتِيارِ الشَّيْخِ وغيرِه فى كلامِ الخِرَقِىِّ؛ ولهذا احْتَجَّ بوَصِيَّةِ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (¬1)، ووُجوبِ العِبادَةِ عليه فى مَسْأَلَةِ ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 17/ 122.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّكاةِ، كما احْتَج هنا. ولا فَرْقَ. وقد قال ابنُ أبى مُوسى وغيرُه فى الذَّكاةِ، كالقَوْلِ. هنا، فى أنَّه يعيشُ أو لا يعيشُ. ونصَّ عليه أحمدُ أيضًا. قال: فهؤلاءِ أيضًا سَوَّوا بينَهما، وكلامُ الأكْثرِ على التَّفْرِقَةِ. وفيه نظَرٌ. انتهى. فائدة: قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: إنْ فعَل ما يموتُ به يقِينًا، وبَقِيتْ معه حياةٌ مُسْتَقِرةٌ، كما لو خرَق حُشْوَتَه ولم يُبنْها، ثم ضرَب آخَرُ عُنُقَه، كان القاتِل هو الثَّانى؛ لأنَّه فى حُكمِ الحياةِ، لصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ تَخْرِيجُ رِوايةٍ مِن مسْألَةِ الذَّكاةِ؛ أنَّهما قاتِلان. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «الفُروعِ»: ولهذا اعْتَبرُوا إحْداهما بالأُخْرَى. قال: ولو كان فِعْلُ الثَّانى كَلَا فِعْلٍ، لم يُوثِّرْ غرَقُ حَيوانٍ فى ماءٍ يقْتُلُه مِثْلُه بعدَ ذَبْحِه، على إحْدَى الرِّوايتَيْن، ولَما صحَّ القولُ بأنَّ نفْسَه زَهَقَتْ بهما كالمُقارِنِ، ولا يَقَعُ كوْنُ الأَصْلِ الحَظْرَ، ثم الأَصْلُ هنا بَقاءُ عِصْمَةِ الإنْسانِ على ما كان. فإن قيل: زالَ الأصْلُ بالسَّبَبِ. قيل: وفى مَسْأَلَةِ الذَّكاةِ. وقد ظهَر أنَّ الفِعْلَ الطارِئَ له تأْثيرٌ فى التَّحْريمِ فى المَسْألَةِ المذْكورَةِ، وتأْثيرٌ فى الحلِّ (¬1)، فى مسْألَةِ المُنْخَنِقَةِ وأخَواتِها، على ما فيها مِن الخِلافِ. ولم أجِدْ فى كلامِهم دليلًا هنا إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى أنَّه كَمَيِّتٍ، ولا فَرْقًا مُؤثِّرًا بينَه وبينَ الذَّكاةِ. واللَّهُ أعلمُ. انتهى. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «المحل».

وَإِنْ رَمَاهُ مِنْ شَاهِقٍ، فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِى. وَإِنْ رَمَاهُ فِى لُجَّةٍ، فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ، فَالْقَوَدُ عَلَى الرَّامِى فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ رَماه فى لُجَّةٍ، فتَلَقَّاه حُوتٌ فابْتَلَعَه، فالقَوَدُ على الرَّامى، فى أحْدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُغنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»،

وَإِنْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى الْقَتْلِ فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الآخَرُ، لا قَوَدَ عليه، بل يكونُ شِبْهَ عَمْدٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ». وقيل: عليه القَوَدُ إنِ الْتَقَمَه الحُوتُ بعدَ حُصُولِه فيه قبلَ غَرَقِه. فائدة: لو أَلْقاه فى ماءٍ يسيرٍ، فإنْ عَلِمَ به الحُوتَ والْتَقَمَه، فعليه القَوَدُ، وإنْ لم يعْلَمْ به، فعليه الدِّيَةُ. قوله: وإِنْ أَكْرَهَ إنْسانًا على القَتْلِ، فقَتَلَ، فالقِصاصُ عليهما. هذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والعِشْرِين بعدَ المِائَةِ»: المذهبُ، اشْتِراكُ المُكرِهِ والمُكْرَهِ فى القَوَدِ والضَّمانِ. وكذا قال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: قال فى «المُوجَزِ»: هذا إنْ قُلْنا بقَتْلِ الجماعَةِ بالواحدِ.

وَإِنْ أَمَرَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ عَبْدَهُ الَّذِى لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ، بِالقَتْلِ، فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الطُّوفِىُّ فى شَرْحِ «مُخْتَصَرِه» فى الأُصولِ: مذهبُ أحمدَ، يجِبُ القِصاصُ على المُكْرَهِ -بفَتْحِ الرَّاءِ- دُونَ المُكْرِهِ -بكَسْرِها- ولعَلَّه مُرادُ صاحبِ «الفُروعِ» بقوْلِه: وخصَّه بعضُهم بمُكْرَهٍ. قال فى «القَواعِدِ»، وكذا القاضى فى «المُجَردِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى بابِ الرَّهْنِ: إنَّ أبا بَكْرٍ ذكَر أنَّ القَوَدَ على المُكْرَهِ المُباشِرِ، ولم يذْكُرْ على المُكْرِهِ قَوَدًا. قالَا: والمذهبُ وُجوبُه عليهما. وذكَر ابنُ الصَّيْرَفِىِّ، أنَّ أبا بَكْرٍ السَّمَرْقَنْدِى (¬1) -مِن أصحابِنا- خرَّج وَجْهًا؛ أنَّه لا قَوَدَ على واحدٍ منهما، مِن امْتِناعِ (¬2) قَتْلِ الجماعَةِ بالواحدِ، وأَوْلَى. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عكْسُه. يعْنِى أنَّ القَوَدَ يخْتَصُّ المُكْرِهَ -بكَسْرِ الرَّاءِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: لو أُكْرِهَ على القَتْلِ بأَخْذِ المالِ، فالقَوَدُ، ولو أُكْرِهَ بقَتْلِ النَّفْسِ، فلا. فائدة: قولُه: وإنْ أَمَر مَن لا يُميِّزُ، أو مَجْنُونًا، أو عَبْدَه الذى لا يَعْلَمُ أَنَّ القَتْلَ مُحَرَّمٌ، بالقَتْل، فقَتَلَ، فالقِصاصُ على الآمِرِ. وكذا الحُكْمُ لو أمَرَ كبيرًا ¬

(¬1) هو أحمد بن عمر بن الأشعث السمرقندى، أبو بكرٍ، المقرئ، كان يكتب المصاحف من حفظه، وكان لجماعة من أهل دمشق فيه رأى حسن، وكان مزاحا، توفى سنة أربعمائة وتسعة وثمانين. معجم البلدان 3/ 138، غاية النهاية فى طبقات القراء 1/ 92. (¬2) فى أ، ط: «رواية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجْهَلُ تحْرِيمَه. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ أبا الخَطَّابِ قال فى «الانْتِصارِ»: لو أمَرَ صَبِيًّا بالقَتْلِ، فَقَتل هو وآخَرُ، وجَب القِصاصُ على آمِرِه وشَرِيكِه فى رِوايةٍ، وإنْ سَلِمَ، فلعَجْزِه غالِبًا. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنْ أمَرَ مَن لا يُمَيِّزُ بالقَتْلِ، فقَتَلَ، [فالقِصاصُ على الآمِرِ. أنَّه لو أمَرَ مَن يُمَيِّزُ بالقَتْلِ، فقَتَل] (¬1)، أنَّ القِصاصَ على القاتلِ. ومفْهومُ قولِه: وإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عاقِلًا عالمًا بتَحْرِيمِ القَتْلِ به، فقَتَل، فالقِصاصُ على القاتِلِ. أنَّه لا قِصاصَ على غيرِ الكَبيرِ العاقلِ. فشَمِلَ مَن يُمَيِّزُ. فقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: لا قِصاصَ عليه، ولا على الآمِرِ؛ أمَّا الأَوَّلُ، فلأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا الثَّانى، فلأَنَّ تَمْيِيزَه يَمْنَعُ أَنْ يكونَ كالآلةِ، فلا قَوَدَ كل واحدٍ منهما. وقال فى «الفُروعِ»: ومَن أمَرَ صَبِيًّا بالقَتْلِ فقَتَلَ، لَزِمَ الآمِرَ. فظاهِرُه إدْخالُ المُمَيِّزِ

وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِهِ، فَقَتَلَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ. وَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِ إِنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى الْآمِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى ذلك، ويُؤَيِّدُه أنَّه بعدَ ذلك حكَى ما قالَه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قوله: وإنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا عَالِمًا بتَحْرِيمِ القَتْلِ بِهِ، فَقَتَلَ، فالقِصاصُ على القاتِلِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وأما الآمِرُ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُعَزَّرُ لا غيرُ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وعنه، يُحْبَسُ كمُمْسِكِه. وفى «المُبْهِجِ» رِوايةٌ، يُقْتَلُ أيضًا. وعنه، يُقْتَلُ بأمْرِه عَبْدَه، ولو كان كبيرًا عاقِلًا عالمًا بتَحْريمِ القَتْلِ. نقَل أبو طالِب، مَن أَمَرَ عبْدَه أَنْ يقْتُلَ رجُلًا فقَتَلَه، قتِلَ المَوْلَى، وحُبِسَ العَبْدُ حتى يموتَ؛ لأنَّه سَوْطُ المَوْلَى وسيْفُه. كذا قال علىُّ بنُ أبى طالِبٍ، وأبو هُرَيْرَةَ. وأنه لو جَنَى بإذْنِه، لَزِمَ موْلَاه، وإنْ كانتِ الجِنايَةُ أكثرَ مِن ثَمَنِه؛ وحَمَلَها أبو بَكْرٍ على جَهالَةِ العَبْدِ. ونَقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ أَمَرَ عَبْدًا بقَتْلِ سيِّدِه فقَتَل، أثِمَ، وأن فى ضَمانِ قِيمَتِه رِوايتَيْن، ويَحْتَمِلُ إنْ خافَ السُّلْطانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُتِلَا. فوائد؛ لو قال لغيرِه: اقْتُلْنِى. أوِ: اجْرَحْنِى. ففَعَل، فدَمُه وجُرْحُه هَدَرٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعنه، عليه الدِّيَةُ. وقيل: عليه دِيَتُهما. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». وعنه، عليه الدِّيَةَ للنَّفْسِ دُونَ الجُرْحِ. ويَحْتَمِلُ القَوَدَ فيهما. وهو لصاحِبِ «الرِّعايَةِ». ولو قالَه عَبْدٌ، ضَمِنَ الفاعِلُ لسيِّدِه بمالٍ فقط. نصَّ عليه. ولو قال: اقْتُلْنِى، وإلَّا قَتَلْتُكَ. قال فى «الفُروعِ»: فخِلافٌ، كإذْنِه. وقال فى «الانْتِصارِ»: لا إِثْمَ ولا كفَّارَةَ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبرى»: وإنْ قال: اقْتُلْنِى، وإلَّا قتَلْتُكَ. فإكْراهٌ، ولا قَوَدَ إذَنْ. وعنه، ولا دِيَةَ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْتَلَ، أو يَغْرَمَ الدَيةَ، إنْ قُلْنا: هى للوَرَثَةِ. وإنْ قال له القادِرُ عليه: اقْتُلْ نفْسَكَ، وإلَّا قتَلْتُكَ. أو: اقْطَعْ يَدَكَ، وإلَّا قطَعْتُها. فليس إكْراهًا، وفِعْلُه حرامٌ. واخْتارَ فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»، أنَّه إكْراهٌ.

وَإِنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ، فَقَتَلَهُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ، وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالأُخْرَى، يُقْتَلُ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ قال: اقْتُلْ زَيْدًا أو عَمْرًا. فليس إكْراهًا، فإنْ قتَل أحدَهما، قُتِلَ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ الإِكْراهَ. وإن أكْرَهَ سعْدٌ زيْدًا على أَنْ يُكْرِهَ عَمْرًا على قَتْلِ بَكْرٍ، فقَتَلَه، قُتِلَ الثَّلاثَةُ. جزَم به فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». قوله: وإنْ أَمْسَكَ إنْسانًا لآخَرَ ليَقْتُلَه، فقَتَلَه، قُتِلَ القاتِلُ، وحُبِسَ المُمْسِكُ حتى يَمُوتَ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. واخْتِيارُ القاضى، والشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «خِلافَاتِهم»، والشِّيرَازِىِّ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والأُخْرَى، يُقْتَلُ أيضًا المُمْسِكُ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال ابنُ الصَّيْرَفِىِّ فى عُقوبَةِ أصحابِ الجرائمِ، فى المُمْسِكِ للقَتْلِ (¬1): ذهَب بعضُ أصحابنا المُتأَخِّرِين إلى أنَّه تُغَلُّ يَدُ المُمْسِكِ إلى عُنُقِه حتى يموتَ. وهذا لا بَأْسَ به. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى المذهبِ، لو قَتَل الوَلِىُّ المُمْسِكَ، فقال القاضى: يجِبُ عليه القِصاصُ، مع أنَّه فعلٌ مُخْتَلِفٌ. قال المَجْدُ (¬2): وهذا إنْ أرادَ به فى مَن فعَل ذلك مُعْتَقِدًا لجَوازِه ووُجوبِ القِصاصِ له، فليس بصَحيح قَطْعًا، وإنْ أرادَ مُعْتَقِدًا للتَّحْريمِ، فيجبُ أَنْ يكونَ على وَجْهَيْنِ؛ أصَحُّهما، سُقوطُ القِصاصِ بشُبْهَةِ الخِلافِ، كما فى الحُدودِ. تنبيه: شرَطَ فى «المُغْنِى» فى المُمْسِكِ، أَنْ يعْلَمَ أنَّه يقْتُلُه. وتابعَه الشَّارِحُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال القاضى: إذا أمْسَكَه للَّعِبِ أوِ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «القتل». (¬2) فى الأصل، أ: «المجاهد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّرْبِ، وقتَله القاتِلُ، فلا قَوَدَ على الماسِكِ. وذكَرَه محَلَّ وِفاقٍ. وقال فى «مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِىِّ»: لا مازِحًا مُتَلاعِبًا. انتهى. وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ الإِطْلاقُ. فائدة: مِثْلُ هذه المسْأَلَةِ فى الحُكْمِ، لو أمْسَكَه ليَقْطَعَ طَرَفَه. ذكَرَه فى

وَإِنْ كَتَّفَ إِنْسَانًا، وَطَرَحَهُ فِى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ، أَوْ ذَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ». وكذا إنْ فتَح فَمَه، وسقَاه آخَرُ سُمًّا. وكذا لوِ اتَبَعَ رجُلًا ليَقْتُلَه فهَرَبَ، فأدْرَكَه آخَرُ، فقَطَعَ رِجْلَه، ثم أدْرَكَه الثَّانى فقَتَلَه، فإنْ كان الأَوَّلُ حَبَسَه بالقَطْعِ، فعليه القِصاصُ فى القَطْعِ، وحُكْمُه فى القِصاصِ فى النَّفْسِ حُكْمُ المُمْسِكِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ، ليس عليه إلَّا القَطْعُ بكُلِّ حالٍ. قوله: وإِنْ كَتَّفَ إنْسانًا وطَرَحَه فى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ، أَو ذاتِ حَيَّاتٍ فقَتَلَتْه،

فصل

حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُمْسِكِ. فَصْلٌ: وَإِنِ اشْتَرَكَ فِى الْقَتْلِ اثْنَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدِهِمَا، كَالْأَبِ وَأَجْنَبِىٍّ فِى قَتْلِ الْوَلَدِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِى قَتْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــ فحُكْمُه خُكْمُ المُمْسِكِ. ذكَرَه القاضى. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وعنه، يَلْزَمُه القَوَدُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يَلْزَمُه الدِّيَةُ، كغيرِ الأَرْضِ المَسْبَعَةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، عندَ قولِه: الثَّالِثُ، إلْقاؤُه فى زُبْيَةِ أسَدٍ. قوله: وإذا اشْتَرَكَ فى القَتْلِ اثْنان، لا يَجِبُ القِصاصُ على أحَدِهما، كالْأَبِ والأَجْنَبِىِّ فى قَتْلِ الوَلَدِ، والحُرِّ والعَبْدِ فى قَتْلِ العَبْدِ، والخاطِئ والعامدِ، ففى

الْعَبْدِ، وَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ، فَفِى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الشَّرِيكِ رِوَايَتَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا، وُجُوبُهُ عَلَى شَرِيكِ الْأَب وَالْعَبْدِ، وَسُقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجُوبِ القِصاصِ على الشَّرِيكِ رِوايتَان؛ أَظْهَرُهما، وُجُوبُه على شرِيكِ الأبِ والعَبْدِ، وسُقُوطُه عن شَرِيكِ الخاطِئ. وهو المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال فى «الكافِى»: هذا الأظْهَرُ. وصحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى». قال الزَّرْكَشِىُّ: المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن، والمَقْطوعُ به عندَ عامةِ الأصحابِ، قَتْلُ شَرِيكِ الأبِ. وقال فى الخاطِئ: لا قِصاصَ، على المَشْهورِ والمُخْتارِ لجُمْهورِ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وعنه، يُقْتَصُّ مِنَ الشَّريكِ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو محمدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِىُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنتخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، لا يُقْتَصُّ مِنَ الشَّريكِ مُطْلَقًا. قال فى «الفُنونِ»: انا أخْتارُ رِوايةً عن أحمدَ، أنَّ شَرِكَةَ الأجانبِ تَمْنَعُ القَوَدَ؛ لأنَّه لا اطِّلاعَ لنا بظَنٍّ -فضْلًا عن عِلْمٍ- جراحَةِ أيِّهما ماتَ؟ به، أو بهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: أظْهَرُهما، وُجوبُه على شَريكِ الأبِ والعَبْدِ. تقْدِرُه، أظْهَرُهما وُجوبُه على شَرِيكِ الأبِ، ووُجوبُه على العَبْدِ. فالعَبْدُ معْطُوفٌ على لفْظَةِ شَريكٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يجوزُ عطْفُه على لفْظَةِ الأبِ؛ لفَسادِ المَعْنَى. وهو واضِحٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: دِيَةُ الشَّرِيكِ المُخْطِئ فى مالِه دُونَ عاقِلَتِه. على الصَّحيحِ. قال فى «الفُروعِ»: قالَه القاضى. وعنه، على عاقِلَتِه.

وَفِى شَرِيكِ السَّبُعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى شَرِيكِ السَّبُعِ وشَرِيكِ نَفْسِه وَجْهان. ذكَرَهما ابنُ حامِدٍ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يجبُ القَوَدُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا قَوَدَ. وهو المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: إذا جَرَحَه رجُل، ثم جرَح الرَّجُلُ نفْسَه، فماتَ، فعلى شَرِيكِه القِصاصُ. ثم قالَا: فأمَّا إنْ جرَح الرجُلُ نفْسَه خطَأً، مثْلَ إنْ أرادَ ضَرْبَ غيرِه، فأَصابَ نفْسَه، فلا قِصاصَ على شَرِيكِه، فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحِّ الوَجْهَيْن. وفيه وجْهٌ آخَرُ، عليه القِصاصُ؛ بِناءً على الرِّوايتَيْن فى شَرِيكِ الخاطِئِ. انتهيا. فائدة: حيثُ سقَط القِصاصُ عنِ الشَّريكِ، وجَب نِصْفُ الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تجِبُ دِيَةٌ كامِلَةٌ على شَرِيكِ السَّبُعِ. وقيل: تجبُ دِيَةٌ كامِلَةٌ فى شَرِيكِ المُقْتَصِّ. قلتُ: يتَخَرَّجُ وُجوبُ الدِّيَةِ كامِلَة على شَرِيكِ النَّفْسِ، مِن مسْألَةِ المَنْجَنِيقِ إذا قُتِل أحَدُ الرُّماةِ به، أنَّ دِيَتَه على أصحابِه كامِلَةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما يأْتِى فى كتابِ الدِّيَاتِ. فعلى هذا، يكونُ هذا هو الصَّوابُ، إلَّا أَنْ يكونَ بينَهما فَرْقٌ مُؤثِّرٌ.

وَلَوْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ عَمْدًا، فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ، أو خَاطَهُ فِى اللَّحْمِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، أَوِ الإِمَامُ، فَمَاتَ، فَفِى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو جَرَحَه إنْسَانٌ عَمْدًا، فداوَى جُرْحَه بسُمٍّ، ففى وُجوبِ القِصاصِ على الجارِحِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجِّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الهادِى»؛ أحدُهما، يجبُ القِصاصُ على الجارِحِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والوَجْهُ الئافى، لا قِصاصَ عليه. وهو المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ: لو جَرَحَه إنْسانٌ، فتَداوَى بسُمٍّ، وكان سُمَّ ساعَةٍ، يقْتُلُ فى الحالِ، فقد قتَل نفْسَه، وقطَع سِرايَةَ الجُرْحِ، وجَرَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَجْرَى مَن ذبَح نفْسَه بعدَ أَنْ جُرِحَ، ويُنْظَرُ فى الجُرْحِ، فإنْ كان مُوجِبًا للقِصاصِ، فلوَلِيِّه اسْتِيفاؤه، وإلَّا فلوَلِيِّه الأَرْشُ. [وإنْ كانَ السُّمُّ لا يقْتُلُ غالبًا -وقد يقْتُلُ- ففِعْلُ الرَّجُلِ فى نفْسِه عَمْدُ خَطَأ. والحُكْمُ فى شَرِيكِه كالحُكْمِ فى شرِيكِ الخاطِئِ، فإذا لم يجبِ القِصاصُ، فعلى الجارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ] (¬1). وإنْ كان السُّمُّ يقْتُلُ غالبًا بعدَ مُدَّةٍ، احْتَمَلَ أَنْ يكونَ عَمْدَ الخَطَأِ أيضًا، واحْتَمَلَ أَنْ يكونَ فى حُكْمِ العَمْدِ، فيَكونَ فى شَرِيكِه الوَجْهان المذْكُوران فى المسْألَةِ التى قبلَها. انتهيا. قلتُ: قال فى «الهِدايَةِ» وغيرِها: أو داوَاهُ بسُمٍّ يقْتُلُ غالبًا. قوله: أَو خاطَه فى اللَّحْمِ، أو فعَل ذلك وَلِيُّه، أَوِ الإِمامُ، فماتَ، ففى وُجُوبِ القِصاصِ على الجارِحِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يجبُ القِصاصُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا قِصاصَ عليه. وهو المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ».

باب شروط القصاص

بَابُ شرُوطِ الْقِصَاصِ وَهِىَ أرْبَعَةٌ؛ أحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الْجَانِى مُكَلَّفًا، فَأَمَّا الصَّبِىُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ شُرُوطِ القِصاصِ قوله: وهى أرْبَعَةٌ؛ أحَدُها، أَنْ يكونَ الجَانِى مُكَلَّفًا، فأَمَّا الصَّبِىُّ

وَفِى السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ؛ أَصَحُّهُمَا، وُجُوبُهُ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَجْنُونُ، فلا قِصَاصَ عليهما. بلا نِزاعٍ. قوله: وفى السَّكْرَانِ وشِبْهِه رِوايتان؛ أصَحُّهما، وُجُوبُه عليه. وكذا قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وهو المذهبُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقطَع به القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والثَّانيةُ، لا يجِبُ عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» هنا. واخْتارَه النَّاظِمُ فى كتابِ الطَّلاقِ. وذكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّ وُجوبَ القِصاصِ عليه مَبْنِىٌّ على طَلاقِه. وقد تقدَّم ذلك مُحَرَّرًا فى

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ حَرْبِىٍّ، وَلَا مُرْتَدٍّ، وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ، وَإِنْ كَانَ الْقاتِلُ ذِمِّيًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: الثَّانِى، أَنْ يَكونَ المَقْتُولُ مَعْصُومًا؛ فلا يَجِبُ القِصاصُ بقَتْلِ حَرْبىٍّ، ولا مُرْتَدٍّ، ولا زانٍ مُحْصَنٍ، وإِنْ كانَ القاتِلُ ذِمِّيًّا. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ قتْلَ ذِمِّىٍّ، وأشارَ بعضُ أصحابِنا إليه. قالَه فى «التَّرْغيبِ»؛ لأَنَّ الحَدَّ لنا والإِمامَ نائِبٌ. نقلَه فى «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، لا دِيَةَ عليه أيضًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ فاعِلُ ذلك، للافْتِياتِ على وَلِىِّ الأمْرِ، كمَن قتَلَ حَرْبِيًّا. وفى «عُيونِ المَسائلِ»، له تعْزِيرُه. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: فكلُّ مَن قتَل مُرْتَدًّا أو زانِيًا مُحْصَنًا، ولو قبْلَ ثُبُوتِه (¬1) عندَ حاكمٍ، والمُرادُ، قبلَ التَّوْبَةِ -وقالَه صاحِبُ «الرِّعايةِ» - ¬

(¬1) فى النسخ: «توبته». انظر: الفروع 5/ 636.

وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ أَوْ ذمِّىٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِىٍّ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ رَمَى حَرْبِيًّا، فَأَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فهَدَرٌ. وإنْ كان بعدَ التَّوْبَةِ، إنْ قُبِلَتْ ظاهِرًا، فكَإسْلامٍ طارِئٍ. فدَلَّ أنَّ طَرَفَ زانٍ مُحْصَنٍ كمُرْتَدٍّ، لاسِيَّما وقوْلُهم: عُضْوٌ مِن نَفْسٍ وجَب قتْلُها، فهَدَرٌ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ أسْرَعَ وَلِىُّ قَتِيلٍ، أو أَجْنَبِىٌّ، فقَتل قاطِعَ طَريقٍ قبلَ وُصولِه الإِمامَ، فلا قَوَدَ؛ لأنَّه انْهَدَرَ دمُه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُه، ولا دِيَةَ. وليس كذلك. وسيأْتِى فى بابِ قُطَّاعِ الطَّريقِ. قوله: أو قطَع مُسْلِمٌ أو ذِمِّىٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أو حَرْبِىٍّ، فأَسْلَمَ، ثم ماتَ، فلا شئَ عليه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعوا به؛ منهم صاحِبُ «الوَجيزِ» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»؛ لأَنَّ الاعْتِبارَ فى التَّضْمِينِ بحال ابْتِداءِ الجِنايَةِ، ولأنَّه لم يَجْنِ على معْصوم. وجعَله فى «التَّرْغيبِ» كمَن أسْلَمَ قبلَ أَنْ يقَعَ به السَّهْمُ، على الآتِى بعدَه قريبًا. قوله: أَو رَمَى حَرْبِيًّا، فأسْلَمَ قبلَ أَنْ يَقَعَ به السَّهْمُ، فلا شئَ عليه. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ»: هذا أشْهَرُ. وقيل: تجِبُ الدِّيَةُ. اخْتارَه القاضى فى «خِلافِه»،

وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ، فَلَا قِصَاصَ، وَفِى الدِّيَةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى مَوْضِع مِن «الهِدايَةِ». قاله فى «القَواعِدِ». قوله: وإنْ رَمَى مُرْتَدًّا، فأَسْلَمَ قبلَ وُقُوعِ السَّهْمِ به، فلا قِصاصَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقْتَلُ به. قوله: وفى الدِّيَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، لا تجِبُ الدِّيَةُ أيضًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ»: وهو أشْهَرُ. وحَكاه القاضى فى «رِوايَتَيْه» عن أبى بَكْرٍ. والوَجْهُ الثَّانى، تجِبُ الدِّيَةُ. اخْتارَه القاضى فى «خِلافِه»، والآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّاب فى مَوْضِعٍ مِنَ «الهِدايَةِ». وقيل: تجِبُ الدِّيَة هنا، وإنْ لم تجبِ الدِّيَةُ (¬1) [للحَرْبِىِّ؛ لتَفْريطِه] (¬2) إذْ قتْلُه ليس إليه. قال فى «القَواعِدِ»: وأَصْلُ هذا الوَجْهِ، طرِيقَةُ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنِ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ فى مَوْضِعٍ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ، فَارْتَدَّ، وَمَاتَ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الْقَاطِعِ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، يَجِبُ الْقِصَاصُ فِى الطَّرَفِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، أنَّه لا يضْمَنُ الحَرْبِىَّ بغيرِ خِلافٍ، وفى المُرتَدِّ وَجْهان. قوله: وإِنْ قطَع يَدَ مُسْلِم، فارْتَدَّ -أىِ المقْطوعُ- وماتَ، فلا شئَ على القاطِعِ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن، وفى الآخَرِ، يجِبُ القِصاصُ فى الطَّرَفِ، أو نِصْفُ الدِّيَّةِ. إذا قطَع يَدَ مُسْلِمٍ، ثم ارْتَدَّ المَقْطوعُ، وماتَ، لم يجِبِ القَوَدُ [فى النَّفْسِ، بلا نِزاعٍ، ولا يجبُ القَوَدُ] (¬1) فى الطَّرَفِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الصَّحيحُ لا قِصاصَ. قال فى «الفُروعِ»: فلا قَوَدَ فى الأصحِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، عليه القَوَدُ فى الطَّرَفِ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال فى «الفُروعِ»: أصْلُ الوَجْهَيْن، هل يفْعَلُ به كفِعْلِه، أمْ فى النَّفْسِ فقطْ؟ ويأْتِى بَيانُ ذلك فى آخِرِ البابِ الذى بعدَ هذا، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. فعلى الوَجْهِ الثَّانى، وهو وُجوبُ القَوَدِ فى الطَّرَفِ، هل يسْتَوْفِيه الإِمامُ أو قَرِيبُه المُسْلِمُ؟ فيه وَجْهان. قال فى «الفُروعِ»: أصْلُهما، هل مالُه فَىْءٌ أو لوَرَثَتِه؟ وقد تقدَّم المذهبُ مِن ذلك فى بابِ مِيراثِ أَهْلِ المِلَلِ، وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ مالَه فَىْءٌ، فيَسْتَوْفِيه هنا الإِمامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى المذهبِ، وهو عدَمُ وُجوبِ القَوَدِ فى الطَّرَفِ، يجِبُ عليه الأقَلُّ مِن دِيَةِ النَّفْسِ أوِ الطَّرَفِ، ليَسْتَوْفِيَه الإِمامُ. على

وَإِنْ عَادَ إِلَى الإِسْلَامِ، ثُمَّ مَاتَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ فِى النَّفْسِ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: إنْ كَانَ زَمَنُ الرِّدَّةِ مِمَّا تَسْرِى فِيهِ الْجنَايَةُ، فَلَا قِصَاصَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: لا يجبُ عليه إلَّا دِيَةُ الطَّرَفِ فقط. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يجِبُ عليه شئٌ سواءٌ كان عَمْدًا أو خطَأً. ويَحْتَمِلُ دُخولَ هذا القوْلِ فى كلام المُصَنِّفِ. قولهَ: وإنْ عادَ إلى الإِسْلَامِ، ثم ماتَ، وجَب القِصاصُ فى النَّفْسِ، فى ظاهِرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كَلَامِه. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ أبى مُوسى: يتَوَجَّهُ سقُوطُ القَوَدِ بالرِّدَّةِ. وقال القاضى: إنْ كانَ زمَنُ الردَّةِ مِمَّا تَسْرِى فيه الجِنايَةُ، فلا قِصاصَ فيه. واخْتارَه صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». فعلى هذا القوْلِ، لا يجبُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فقطْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: تجِبُ كلها. فائدة: لو رَمَى ذِمِّىٌّ سَهْمًا إلى صَيْدٍ، فأصابَ آدَمِيًّا -وقد أسْلَم الرَّامِى- فقال الآمِدِىُّ: يجِبُ ضَمانه فى مالِه. وبذلك جزَم صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الكافِى»، وغيرُهما. ومثلُه، لو رَمَى ابنُ مُعْتِقِه فلم يُصِب، حتى انْجَرَّ وَلاؤُه إلى مَوالِى أبِيه. ولو

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِىُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِى، وَهُوَ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِى الدِّينِ، وَالْحُرِّيَّةِ أوِ الرِّقِّ، فَيُقْتَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــ رَمَى مُسْلِمٌ سَهْمًا، ثم ارْتَدَّ، ثم أصابَ سَهْمُه فقَتَلَ، فهل تجِبُ الدِّيَةُ فى مالِه، اعْتِبارًا بحالِ الإِصابَةِ، أمْ على عاقِلَتِه اعْتِبارًا بحالِ الرَّمْى؟ على وَجْهَيْن. ذكَرَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». قال فى «القَواعِدِ»: ويُخَرَّجُ منها فى المَسْألتَيْن الأُولَتَيْن وَجْهان أيضًا؛ أحدُهما، الضَّمانُ على أَهْلِ الذِّمَّةِ، ومَوالِى الأُمِّ. والثَّانى، على المُسْلِمِينَ ومَوالِى الأبِ. قوله: الثَّالِثُ، أَنْ يكونَ المَجْنِى عليه مُكافِئًا للجانِى؛ وهو أَنْ يُساوِيَه فى

كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ أوِ الْعَبْدِ، وَالذِّمِّىِّ الْحُرِّ أوِ العَبْدِ بِمِثْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّين، والحُرِّيَّةِ أوِ الرِّقِّ، فيُقْتَلُ كل وَاحِدٍ مِنَ المُسْلِمِ الحُرِّ أوِ العَبْدِ، والذِّمِّىِّ الحُرِّ أَوِ العَبْدِ بمِثلِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، أنَّ العَبْدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْتَلُ بالعَبْدِ؛ سواءٌ كانَ مُكاتَبًا أَوْ لا، وسواءٌ كان يُساوِى قِيمَتَه أَوْ لا. وعنه، لا يُقْتَلُ به إلَّا أَنْ تَسْتَوِىَ قِيمَتُهما. ولا عَمَلَ عليه. ويأْتِى فى أوَّلِ بابِ ما يُوجِبُ القِصاصَ فيما دُونَ النَّفْسِ، مزِيدُ بَيانٍ على ذلك. تنبيه: عُمومُ كلامِه يشْمَلُ لو كان العَبْدُ القاتِلُ والمَقْتولُ لواحِدٍ. وهو أحدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به فى «الرِّعايَةِ» صرِيحًا. وقدَّمه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». [ويؤَيِّدُه ما قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه فى المُكاَتبَةِ] (¬1). وقيل: لا يُقْتَلُ به والحالَة هذه. وهما وَجْهان مُطْلَقان فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ». نَقَلهما فى «الفُروعِ» عنه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ قتَل عَبْدُ زَيْدٍ [عَبْدَه الآخَرَ] (¬2)، قَتْله (5) قَتْلُه، دُونَ العَفْوِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط: «عبد الآخر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على مالٍ. قلتُ: فيُعايَى بها. وعُمومُ كلامِه أيضًا يشْمَلُ لو قتَلَ عَبْدٌ مسْلِمٌ عَبْدًا مُسلِمًا لذِمِّىِّ. وهو صحيحٌ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو الصَّوابُ. وقيل: لا يُقْتَلُ به. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». فائدة: لا يُقْتَلُ مُكاتَبٌ بعَبْدِه. فإنْ كانَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ منه، كأَخِيه ونحوِه، فوَجْهان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُقْتَلُ به. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ». والثَّانِى، يُقْتَلُ به. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: أَنْ يُساوِيَه فى الدِّينِ، والحُرِّيَّةِ أو الرِّقِّ. أنَّه لو قتَل مَن بعضُه حُرٌّ مثْلَه أو أكثرَ منه حُرِّيَّةً، فإنَّه يُقْتَلُ به. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، والصَّحِيحُ مِنَ الوَجْهَيْن. صحَّحه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى، وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ، فِى الصَّحِيحِ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» وغيرِه. وقيل: لا يُقْتَلُ به. قوله: ويُقتَل الذَّكَرُ بالأُنْثَى، والأُنْثَى بالذَّكَرِ؛ فى الصَّحيحِ عنه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُعْطَى الذَّكَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ إذا قُتِلَ بالأُنْثَى. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ جدًّا. وخرَّج فى

وَعَنْهُ، يُعْطَى الذَّكَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ إِذَا قُتِلَ بِالْأُنْثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الواضِحِ» مِن هذه الرِّوايةِ، فيما إذا قتَل عَبْدٌ عَبْدًا، وفى تَفاضُلِ مالٍ فى قَوَدِ طَرَفِه.

وَعَنْهُ، لَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ إِلَّا أَن تَسْتَوِىَ قِيمَتُهُمَا. وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ. وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ، وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَالْمُرْتَدُّ بِالذِّمِّىِّ وَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بكافِرٍ -ولوِ ارْتَدَّ- ولا حُرٌّ بعَبْدٍ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ يُقْتَلُ حُرٌّ بعَبْدٍ، ومُسْلِمٌ بكافِرٍ، وأنَّ الخَبَرَ فى الحَرْبِىِّ، كما يُقْطَعُ بسَرِقَةِ مالِه. قال: وفى كلامِ بعضِهم،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُ المالِ غيرُ حُكْمِ النَّفْسِ؛ بدَليلِ القَطْعِ بسَرِقَةِ مالِ زانٍ وقاتِلٍ فى مُحارَبَةٍ، ولا يُقْتَلُ قاتِلُهما. والفَرْقُ أنَّ مالَهما (¬1) باقٍ على العِصْمَةِ كمالِ غيرِهما، وعِصْمَةُ ¬

(¬1) فى الأصل: «حالهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دَمِهما زالَتْ.

ولا حُرٌّ بِعَبْدٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْتَلُ حُرٌّ بعَبْدٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليس فى العَبْدِ نُصوصٌ صريحةٌ صحيحةٌ تَمْنَعُ قتْلَ الحُرِّ به. وقَوَّى أنَّه يُقْتَلُ

إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ وَهُوَ مِثْلُهُ، أَوْ يَجْرَحَهُ، ثُمَّ يُسْلِمَ الْقَاتِلُ أَوِ الْجَارِحُ، أَوْ يَعْتِقَ وَيَمُوتَ الْمَجْرُوحُ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به، وقال: هذا الرَّاجِحُ، وأَقْوَى على قوْلِ أحمدَ. قوله: ولا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بكافِرٍ، ولا حُرٌّ بعَبْدٍ، إلَّا أَنْ يَقْتُلَه وهو مثلُه، أَو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَجْرَحَه، ثم يُسْلِمَ القاتِلُ أَوِ الجارِحُ، أَو يَعْتِقَ ويَمُوتَ المَجْرُوحُ، فإنَّه يُقْتَلُ به. يعْنِى، إذا قتَل عَبْدٌ عَبْدًا، أو ذِمِّىٌّ أو مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا، أو جرَحَه، ثم أسْلَمَ القاتِلُ أوِ الجارِحُ، أو عتَق، ويموتُ المَجْروحُ، فإنَّه يُقْتَلُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: قُتِلَ به فى المَنْصوصِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ذكَرَه أصحابُنا. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. [وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم] (¬1). وقيل: لا يُقْتَلُ به وهو احْتِمالٌ فى «المُغنِى» وغيرِه. وهو ظاهرُ نقْلِ بَكْرٍ، كإسْلامِ حَرْبِىٍّ قاتَلٍ. فائدة: لو قتَل مَن هو مِثْلُه، ثم جُنَّ، وجَب القَوَدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا قَوَدَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا، أَوْ حُرٌّ عَبْدًا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ، أَوْ عَتَقَ وَمَاتَ، فَلَا قَوَدَ، وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ. فِى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو جرَح مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا، أَو حُرٌّ عَبْدًا، ثم أَسْلَمَ المَجْرُوحُ وعتَق وماتَ، فلا قَوَدَ، وعليه ديَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ. فى قَوْلِ ابنِ حامِدٍ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارَحُ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى، أنَّه نصَّ عليه فى وُجوبِ دِيَةِ المُسْلِمِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَفِى قَوْلِ أَبِى بَكْرٍ: عَلَيْهِ فِى الذِّمِّىِّ دِيَةُ ذِمِّىِّ، وَفِى الْعَبْدِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى قوْلِ أبى بَكْرٍ، عليه فى الذِّمِّىِّ دِيَةُ ذِمِّىٍّ، وفى العَبْدِ قِيمَتُه لسَيِّدِه. واخْتارَه القاضى وأصحابُه. وحكَى القاضى عن ابنِ حامِدٍ، أنَّه يجبُ أقَلُّ الأَمْرَيْن، مِن قِيمَةِ العَبْدِ أو الدِّيَةِ. وحكَى أبو الخَطَّابِ عنِ القاضى، أنَّ ابنَ حامِدٍ أوْجبَ دِيَةَ حُرٍّ؛ للمَوْلَى منها (¬1) أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن نِصْفِ الدِّيَةِ أو نِصْفِ القِيمَةِ، والباقى لوَرَثَتِه. وذكَر القاضى فى «المُجَرَّدِ» احْتِمالًا بوُجوبِ أكثرِ الأمْرَيْنِ مِنَ القِيمَةِ ¬

(¬1) فى الأصل: «منهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو الدِّيَةِ. فعلى المذهبِ، يأْخُذُ سيِّدُه [قِيمَتَه. نَقَلَه حَنْبَلٌ وقْتَ جِنايَتِه. وكذا] (¬1) دِيَتَه إلَّا أَنْ تُجاوِزَ الدِّيَةُ أرْشَ الجِنايَةِ، فالزِّيادَةُ لوَرَثَةِ العَبْدِ. وتقدَّم كلامُ ابنِ حامِدٍ. وكوْنُ قِيمَتِه يومَ الجِنايَةِ للسَّيِّدِ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعلى الثَّانى، جميعُ القِيمَةِ للسِّيِّدِ. ذكَرَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، والأصحابُ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والعِشْرِينَ بعدَ المِائَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو وجَب بهذه الجِنايَةِ قَوَدٌ، فطَلَبُ القَوَدَ للوَرَثَةِ على هذه، وعلى الأُخْرَى للسَّيِّدِ. قاله فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو جرَح عَبْدَ نفْسِه، ثم أعْتَقَه قبلَ مَوْتِه، ثم ماتَ، فلا قَوَدَ عليه، وفى ضَمانِه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى عَتَقَ وَأَسْلَمَ، فَلَا قَوَدَ، وَعَلَيْهِ ديَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إِذَا مَاتَ مِنَ الرَّمْيَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ أَبَو بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا، فلم يَقَعْ به السَّهْمُ حتى عَتَق وأَسْلَمَ، فلا قَوَدَ عليه، وعليه دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إذا ماتَ مِنَ الرَّمْيَةِ. ذكَرَه الخِرَقِىُّ. وهو المذهبُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ أيضًا، والقاضى، واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: عليه القِصاصُ. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ أيضًا. حَكاه عنه ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ». فعلى المذهبِ، تكونُ الدِّيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للوَرَثَةِ لا للسَّيِّدِ.

وَلَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ ذِمِّيًّا عَبْدًا، فَبَانَ أنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا، فَكَذَلِكَ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إِلَّا الدِّيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو قتَل مَن يَعْرِفُه ذِمِّيًّا عَبْدًا، فبانَ أنَّه قد أَسْلَمَ وعَتَق، فعليه القِصاصُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وقيل: لا قِصاصَ عليه. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الأُصولِيَّةِ». فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو قتَل مَن يظُنُّه [قاتِلَ أبِيه] (¬1)، فلم يَكُنْ. قوله: وإِنْ كانَ يَعْرِفُه مُرْتَدًّا، فكذلك. قالَه أَبُو بَكْرٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». قال أبو بَكْرٍ: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَلْزَمَه إلَّا الدِّيَةُ. وهو وَجْهٌ لبعضِ الأصحابِ. قالَه ابنُ مُنَجَّى. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ولو قَتَل مَن يعْرِفُه مُرْتَدًّا، فبانَ أنَّه قد ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: الرَّابعُ، أَنْ لَا يَكُونَ أَبًا لِلْمَقْتُولِ، فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَبُ وَالْأُمُّ فِى ذَلِكَ سَواءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْلَمَ، ففى القَوَدِ -على قوْلِ أبى بَكْرٍ- وَجْهان. يعْنِى، فى مسْأَلَةِ أبى بَكْرٍ، والخِرَقِىِّ، التى قبلَ هذه المَسْألَةِ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»، فيما إذا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا: هل يَلْزَمُه دِيَةُ مُسْلِمٍ، أو كافِرٍ؟ فيه رِوايَتان؛ اعْتِبارًا بحالِ الإِصابَةِ أو الرَّمْيَةِ. ثم بَنَى مسْأَلَةَ العَبْدِ على الرِّوايتَيْن فى ضَمانِه بدِيَةٍ أو قِيمَةٍ، ثم بَنَى عليهما مَن رَمَى مُرْتَدًّا أو حَرْبِيًّا فأَسْلَمَ قبلَ وُقوعِه، هل يَلْزَمُه دِيَةُ مُسْلِمٍ، أو هَدَرٌ؟ انتهى. قوله: الرَّابعُ، أَنْ لا يكونَ أَبًا للمقْتُولِ، فلا يُقْتَلُ الوالِدُ -وإنْ عَلَا- بوَلَدِه وإِنْ سَفَلَ، والأَبُ والأُمُّ فى ذلك سَوَاءٌ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُقْتَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمُّ. حَكاها أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ. ورَدَّها القاضى، وقال: لا تُقْتَلُ الأمُّ رِوايةً واحدةً. وعنه، تُقْتَلُ الأمُّ والأبُ. وعنه، يُقْتَلُ أبو الأمِّ بوَلَدِ بِنْتِه، وعكْسُه. وحَكاهما الزَّرْكَشِىُّ وَجْهَيْن. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: لا تُقْتَلُّ أمٌّ. والأصحُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَدَّةٌ. وقال فى «الانْتِصارِ»: لا يجوزُ للابنِ قَتْلُ أبِيه برِدَّةٍ وكُفْرٍ بدارِ الحَرْبِ، ولا رَجْمُه بزِنًى، ولو قُضِىَ عليه برَجْمٍ. وعنه، لا قَوَدَ بقَتْلٍ مُطْلَقًا فى دارِ الحَرْبِ. فتَجِبُ دِيَةٌ، إلَّا لغيرِ مُهاجِرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، عُمومُ كلامِه، أنَّه لا تأْثِيرَ لاخْتِلافِ الدِّينِ والحُرِّيَّةِ، كاتِّفاقِهما. وهو صحيحٌ، وقالَه الأصحابُ؛ فلو قتَل الكافِرُ وَلَدَه المُسْلِمَ، أو قتَل المُسْلِمُ أبَاه الكافِرَ، أو قتَل العَبْدُ ولَدَه الحُرَّ، أو قَتَل الحُرُّ والِدَه العَبْدَ، لم يجِبِ القِصاصُ؛ لشرَفِ الأبُوَّةِ فيما إذا قتَل وَلَدَه، وانْتِفاءِ المُكافَأَةِ فيما إذا قتَل والِدَه. الثَّانى، مُرادُه بقَوْلِه: فلا يُقْتَلُ الوالِدُ بوَلَدِه. غيرُ وَلَدِه مِنَ الزِّنَى، فإنَّه يُقْتَلُ به. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُقْتلُ به. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. فائدة: يُقْتَلُ الوالِدُ بوَلَدِه مِنَ الرَّضاعِ. قالَه فى «الفُروعِ».

وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فِى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُقْتَلُ الوَلَدُ بكلِّ واحِدٍ منهما، فى أَظْهَرِ الرِّوَايتَيْن. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ، والمُخْتارُ للأَصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: يُقْتَلُ على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْتَلُ بواحدٍ منهما. وتقدَّم قَوْلٌ بقَتْلِ ابنِ بِنْتِه به.

وَمَتَى وَرِثَ وَلَدُهُ الْقِصَاصَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِنْ دَمِهِ، سَقَطَ الْقِصَاصُ، فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى وَرِثَ وَلَدُه القِصاصَ أَو شَيْئًا منه، أَو وَرِثَ القاتِلُ شَيْئًا مِن دَمِه، سقَط القِصاصُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يسْقُطُ بإرْثِ

أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا، فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَوَرِثَهَا وَلَدُهُ، سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَلَدِ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ.

وَلَوْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ، فَوَرِثَهُ أَخَوَاهُ، ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ. وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الابْنَيْنَ أَبَاهُ، وَالْآخَرُ أُمَّهُ، وَهِىَ زَوْجَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو قتَل أَحَدُ الابْنَيْن أَباه، والآخَرُ أُمَّه، وهى زوْجَةُ الأَبِ، سقَط

الْأَبِ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنِ الأَوَّلِ لِذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ أَخِيهِ وَيَرِثَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القِصاصُ عَنِ الأَوَّل لذلك. والقِصاصُ على القاتِلِ الثَّانى؛ لأَنَّ القَتِيلَ الثَّانىَ وَرِثَ جُزْءًا مِن دَمِ الأَوَّلِ، فلمَّا قُتِل وَرِثَه، فصارَ له جُزْءٌ مِن دَمِ نفْسِه، فسَقَط القِصاصُ عنِ الأَوَّلِ، وهو قاتِلُ الأبِ، لإِرْثِه ثُمْنَ أُمِّه، وعليه سَبْعَةُ أَثْمانِ دِيَتِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأخِيه. وله أن يَقْتَصَّ مِن أَخِيهِ ويَرِثَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: ويَرِثُه على الأصحِّ. قال فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما: وله قَتْلُه. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وهى زَوْجَةُ الأبِ. أنَّها لو كانتْ بائِنًا، أنَّ عليهما القَتْلَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ. جزَم به فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وكذا لو قَتَلَاهُما معًا.

وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَادَّعَى كُفْرَهُ، أَوْ رِقَّهُ، أَوْ ضَرَبَ مَلْفُوفًا فَقَدَّهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا، وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ، أَوْ قَتَلَ رَجُلًا فِى دَارِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قتَل مَن لا يَعْرِفُ، وادَّعَى كُفْرَه، أَو رِقَّه، أَو ضرَب مَلْفُوفًا فَقَدَّه، وادَّعَى أَنَّه كانَ مَيِّتًا، وأَنْكَرَ وَليُّه، وجَب القِصاصُ، والقَوْلُ قولُ المُنْكِرِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: فالقَوَدُ أو الدِّيَةُ فى الأصحِّ إنْ أنْكَرَ الوَلِىُّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا قِصاصَ، والقَوْلُ قولُ الجانِى. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ. وأَطْلَقَ ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْتِه وَجْهَيْن. وسألَ ابنُ عَقِيلٍ القاضِىَ، فقال: أفلا يُعْتَبَرُ بالدَّمِ وعدَمِه؟ فقال: لا، لم يعْتَبِرْه الفُقَهاءُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ يُعْتَبَرُ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ عندَ أَهْلِ الخِبْرَةِ بذلك. قوله: أو قتَل رَجُلًا فى دارِه، وادَّعَى أَنَّه دخَل يُكابِرُه على أَهْلِه أَو مالِه، فقَتَلَه

وَادَّعَى أنَّهُ دَخَلَ يُكَابِرُهُ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ، فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ دَفْعًا عن نَفْسِه، وأَنْكَرَ وَلِيُّه، وجَب القِصاصُ، والقَوْلُ قولُ المُنْكِرِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عدَمُه فى مَعْروفٍ بالفَسادِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، ويُعْمَلُ بالقَرائنِ والأحْوالِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لوِ ادَّعَى القاتِلُ أنَّ المَقْتولَ زَنَى وهو مُحْصَنٌ -بشاهِدَيْن. نَقَله ابنُ مَنْصُورٍ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. ونقَل أبو طالِبٍ وغيرُه بأرْبَعَةٍ. اخْتارَه الخَلَّالُ وغيرُه- قُتِلَ، وإلَّا ففيه باطِنًا وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُ قوْلِه فى الباطِنِ. ولا تُقْبَلُ دَعْواه ذلك مِن غيرِ بَيِّنَةٍ فى الظَّاهِرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تُقْبَلُ ظاهِرًا. وقالَه فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ بعدَ كلامِه الأَوَّلِ. وقد روَى عُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ عنه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام: «مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَريمُه، فمَنْ دَخَلَ علَيْكَ حَرِيمَكَ فَاقْتُلْه» (¬1). قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّه لا يُعَزَّرُ. ولهذا ذكَر فى «المُغْنِى» وغيرِه: إنِ اعْتَرَفَ الوَلِىُّ بذلك، فلا قَوَدَ ولا دِيَةَ، واحْتَجَّ بقَوْلِ عُمَرَ. قال فى «الفُروعِ»: وكلامُهم وكلامُ أحمدَ السَّابِقُ يدُلُّ على أنَّه لا فَرْقَ بينَ كوْنِه مُحْصَنًا، أَوْ لا. وكذا ما يُرْوَى عن عُمَرَ، وعلىٍّ. وصرَّح به بعضُ المُتأَخِّرين، كشَيْخِنا وغيرِه؛ لأنَّه ليس بحَدٍّ، وإنَّما هو عُقوبَةٌ على فِعْلِه، وإلَّا لاعْتُبِرَتْ شُروطُ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند 5/ 326. والبيهقى، فى: باب الرجل يدخل دار غيره بغير إذنه، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى 8/ 341. وانظر الإرواء 7/ 285.

أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَدِّ. والأَوَّلُ ذكرَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وسألَه أبو الحارِثِ: وجَدَه يَفْجُرُ بها، له قَتْلُه؟ قال: قد رُوِى عن عُمَرَ، وعُثْمانَ. قوله: أَو تَجارَحَ اثْنان، وادَّعَى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّه جرَحَه دَفْعًا عن نَفْسِه، وجَب القِصاصُ، والقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وفى «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِىِّ، و «الكافِى»، تجِبُ الدِّيَةُ فقطْ. ونقَل أبو الصَّقْرِ وحَنْبَلٌ، فى قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بدارٍ، فجرَح وقَتَل بعضُهم بعضًا، وجُهِلَ الحالُ، أنَّ على عاقِلَةِ المَجْروحِين دِيَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القتْلَى، يسْقُطُ منها أَرْشُ الجِراحِ. قال الإِمامُ أحمدُ: قَضَى به علىٌّ. وهل على مَن ليس به جُرْحٌ مِن دِيَةِ القَتْلَى شئٌ؟ فيه وَجْهان. قالَه ابنُ حامِدٍ. نَقَلَه فى «المُنْتَخَبِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّهم يُشارِكُونهم فى الدِّيَةِ. فائدة: نقَل حَنْبَلٌ فى مَن أُرِيدَ قتْلُه قَوَدًا، فقال رجُلٌ آخَرُ: أنا القاتِلُ، لا هذا. أنَّه لا قَوَدَ، والدِّيَةُ على المُقِرِّ؛ لقَوْلِ علىٍّ: أحْيَا نَفْسًا. ذكَرَه الشِّيرَازِىُّ فى «المُنْتَخَبِ». وحَمَلَه أيضًا على أنَّ الوَلِىَّ صدَّقَه بعدَ قوْلِه: لا قاتِلَ سِوَى الأَوَّلِ. ولَزِمَتْه الدِّيَةُ لصِحَّةِ بذْلِها منه. وذكَر فى «المُنْتَخَبِ» فى القَسامَةِ، لو شَهِدَا عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقَتْلٍ، فأَقَرَّ به غيرُه، فذَكَرَ رِوايةَ حَنْبَلٍ. انتهى. ولو أقرَّ الثَّانى بعدَ إقْرارِ الأَوَّلِ، قُتِلَ الأَوَّلُ؛ لعَدَم. التُّهْمَةِ ومُصادَفَتِه الدَّعْوَى. وقال فى «المُغْنِى» (¬1) فى القَسامَةِ: لا يَلْزَمُ المُقِرَّ الثَّانَى شئٌ، فإنْ صدَّقَه الوَلِىُّ، بَطَلَتْ دَعْواه الأُولَى، ثم هل له طَلَبُه؟ فيه وَجْهان. ثم ذكَر المَنْصوصَ، وهو رِوايَةُ حَنْبَلٍ، وأنَّه أصحُّ؛ ¬

(¬1) انظر: المغنى 12/ 201.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [لِقولِ عُمرَ] (¬1): أحْيَا نفْسًا. وذكَر الخَلَّالُ وصاحِبُه رِوايةَ حَنْبَلٍ، ثم رِوايَةَ مُهَنَّا، ادَّعَى على رجُلٍ أنَّه قتَل أَخَاه، فقدَّمه إلى السُّلْطانِ، فقال: إنَّما قَتَلَة فُلانٌ. فقال فُلانٌ: صدَقَ، أَنا قَتَلْتُه. فإنَّ هذا المُقِرَّ بالقَتْلِ يُؤْخَذُ به. قلتُ: أليس قد ادَّعَى على الأَوَّلِ؟ قال: إنَّما هذا بالظَّنِّ. فأَعَدْتُ عليه، فقال: يُؤْخَذُ الذى أَقَرَّ أنَّه قَتَلَه. ¬

(¬1) فى ط، أ: «لقوله عن من». وانظر تصحيح الفروع 5/ 644، حيث قال: «صوابه، لقوله لعمر، بزيادة لام فى أوله، يعنى لقول على لعمر: أحيا نفسا».

باب استيفاء القصاص

بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَيُشْتَرَطُ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، لَمْ يَجُزِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغ الصَّبِىُّ وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ، فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاؤهُ لَهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اسْتِيفاءِ القِصاصِ قوله: ويُشْتَرَطُ له ثَلَاثةُ شُرُوطٍ؛ أحدُها، أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقُّه مُكَلَّفًا، فإنْ كانَ صَبِيًّا أَو مَجْنُونًا، لم يَجُزِ اسْتِيفاؤُه، ويُحْبَسُ القاتِلُ حتى يَبْلُغ الصَّبِىُّ ويَعْقِلَ المَجْنُونُ. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. قوله: إلَّا أَنْ يَكُونَ لهما أَبٌ، فهل له اسْتِيفَاؤُه لهما؟ على رِوايتَيْن. وحَكاهُما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخَطَّابِ فى بعضِ المَواضعِ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»؛ إحْداهما، ليس له اسْتِيفاؤُه لهما. وهو المذهبُ. نصرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهى أصحُّ. وصحَّحَهما فى «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له اسْتِيفاؤُه. فعلى هذه

فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إِلَى النَّفَقَةِ، فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايةِ، يجوزُ له العَفْوُ على الدِّيَةِ. نصَّ عليه. وكذا الوَصِىُّ، والحاكِمُ، على الرِّوايةِ الآتيةِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّ الوَصِىَّ والحاكِمَ ليس لواحدٍ منهما اسْتيفاؤْه لهما. وهو المذهبُ. وقطَع به كثير مِنَ الأصحابِ. وعنه، يجوزُ لهما اسْتِيفاوه أيضًا كالأبِ. قوله: وإنْ كانَا مُحْتاجَيْن إلى النَّفَقَةِ، فهل لوَلِيِّهما العَفْوُ على الدِّيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له العَفْوُ. وهو الصَّوابُ.

وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا، أَو قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا، احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا فِى مَالِ الْجَانِى، وَتَجِبَ دِيَةُ الْجَانِى عَلَى عَاقِلَتِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». قال القاضى: وهو الصَّحيحُ. وصحَّحه الشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «تَجْريدِ العِنايةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». والثَّانى، ليس له ذلك. وقدَّمه فى «إِدْراكِ الغايةِ». والمَنْصوصُ؛ جَوازُ عَفْوِ وَلِىِّ المَجْنونِ دُونَ الصَّبِىِّ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وأطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ». وعنه، للأب العَفْوُ خاصَّةً. قوله: وإِنْ قَتَلا قاتِلَ أَبِيهما، أَو قطَعا قاطِعَهما قَهْرًا، احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ

فصل

وَإِنِ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ دِيَتَهُ الْعَاقِلَةُ، سَقَطَ حَقُّهُمَا، وَجْهًا وَاحِدًا. فَصْلٌ: الثَّانِى، اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ، وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمُ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ بَعْضٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حقُّهما- وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ وغيرِهم- واحْتَمَلَ أَنْ تجِبَ لهما دِيَةُ أبِيهما فى مالِ الجانِى، وتجِبَ دِيَةُ الجانِى على عاقِلَتِهما. وجزَم به فى «التَّرْغيبِ»، و «عُيونِ المَسائلِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأَطْلَقهما فى «الشَّرْحِ الكبيرِ». قوله: الثَّانى، اتِّفاقُ جَمِيعِ الأَوْلياءِ على اسْتِيفائِه، وليس لبعضِهم اسْتِيفاؤُه

فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ حَقُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ، وَتَسْقُطُ عَنِ الْجَانِى، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، لَهُمْ ذَلِكَ فِى تَرِكَةِ الْجَانِى، وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِى عَلَى قَاتِلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ بعضٍ -بلا نِزاعٍ- فإنْ فعَل، فلا قِصاصَ عليه، وعليه لشُرَكائِه حَقُّهم مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّيَةِ، وتَسْقُطُ عنِ الجانى، فى أَحدِ الوَجْهَيْن -وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» - وفى الآخَرِ، لهم ذلك مِن تَرِكَةِ الجانِى، ويرْجِعُ وَرَثَةُ الجانِى على قاتِلِه. يعْنِى، بما فوقَ حقِّه. وهذا المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وفى «الواضِحِ» احْتِمالٌ، يسْقُطُ حقُّهم، على رِوايةِ

وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ، سَقَطَ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ الْعَافِى زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ وُجوبِ القَوَدِ عَيْنًا. ويأْتِى آخِرَ البابِ، إذا قَتَل جماعَةً، فاسْتَوْفَى بعضُهم مِن غيرِ إذْنِ أوْلياءِ الباقِين. فائدة: قولُه: وإِنْ عفا بعضُهم، سقَط القِصاصُ، وإِنْ كانَ العافِى زَوْجًا أَو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَوْجَةً. ويسْقُطُ القِصاصُ أيضًا بشَهادَةِ بعضِهم ولو مع فِسْقِه؛ لكَوْنِه أقَرَّ بأَنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصِيبَه سقَط مِنَ القَوَدِ. ذكَرَه فى «المُنْتَخَبِ». قلتُ: فيُعايَى بها.

وَلِلْبَاقِينَ حَقُّهُمْ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِى، فَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ بِهِ، فَعَلَيْهِمُ الْقَوَدُ، وَإلَّا فَلَا قَوَدَ، وَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وللباقِين حَقُّهم مِنَ الدِّيَةِ على الجانِى. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال فى «التَّبصِرَةِ»: إنْ عفَا أحدُهم، فللبَقِيَّةِ الدِّيةُ، وهل يَلْزَمُه حقُّهم مِن الدِّيةِ؟ فيه رِوايَتان. انتهى. قوله: فإن قَتَلَه الباقُون عالِمين بالعفْوِ وسُقُوطِ القِصاصِ، فعليهم القَوَدُ، وإلَّا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا قَوَدَ (¬1)، وعليهم دِيَتُه. بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) بعده فى الأصل، أ: «عليهم».

وسَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وسَواءٌ كان الجَمِيعُ حَاضِرِين أَو بعضُهم غائِبًا. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. وحكَى فى «الرِّعايتَيْن» ومَن تابعَه، رِوايةً بأنَّ للحاضِرِ مع عَدَمِ العَفْوِ القِصاصَ، كالرِّوايةِ التى فى الصَّغيرِ والمَجْنونِ الآتيةِ. ولم نرَها لغيرِه.

وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حَتَّى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ، فِى الْمَشهُورِ عَنْهُ. وَعَنْهُ، لَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ بعضُهم صَغِيرًا أَو مَجْنُونًا، فليس للبالغِ العاقِلِ الاسْتِيفَاءُ حتَّى يَصِيرَا مُكَلفَّيْن، فى المشْهُورِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِح: هذا ظاهرُ المذهبِ. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخِرَقِىِّ»، وصاحِبُ «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، له ذلك. فائدة: لو ماتَ الصَّبِىُّ والمَجْنونُ قبلَ البُلوغِ والعَقْلِ، قامَ وارِثُهما مَقامَهما فى القِصاصِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعندَ ابن

وَكُلُّ مَنْ وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ، عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنَ الْمَالِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أبى مُوسى، يسْقُطُ القَوَدُ، وتتَعَيَّنُ الدِّيَةُ. قوله: وكُلُّ مَن وَرِثَ المَالَ وَرِثَ القِصاصَ، على قَدْرِ مِيراثِه مِنَ المَالِ، حتَّى

حتَّى الزَوْجَيْنَ وَذَوِى الْأَرْحَامِ. وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلِيُّهُ الإِمَامُ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّوْجَيْن وذَوِى الأرْحامِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وعنه، يخْتَصُّ العَصَبَةَ. ذكَرَها ابنُ البَنَّا. وخرَّجَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، واخْتارَها. فائدة: هل يسْتَحِقُّ الوارِثُ القِصاصَ ابتداءً، أم يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِه؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و [«القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ»] (2)؛ إحْداهما، يسْتَحِقونَه ابتداءً؛ [لأنَّه يجِبُ بالمَوْتِ] (¬1). [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬2). والثَّانيةُ، ينتقِلُ عن مَوْرُوثِه؛ [لأَنَّ سَبَبَه وُجِدَ فى حَياتِه. وهو الصَّوابُ؛ قِياسًا على الدِّيةِ. وتقدَّم حُكْمُ الدِّيةِ فى بابِ المُوصَى به] (2). قوله: ومَن لا وارِثَ له وَلِيُّه الإِمامُ، إنْ شاءَ اقْتَصَّ. هذا المذهبُ المَشْهورُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَقْطوعُ به عندَ جماهيرِ الأصحاب. وقال فى «الانْتِصارِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»: فى القَوَدِ مَنْعٌ وتَسْلِيمٌ؛ لأَنَّ بنا حاجَة إلى عِصْمَةِ الدِّماءِ، فلو لم يُقْتَلْ لَقُتِلَ كل مَن لا وارِثَ له. قالا: ولا رِوايةَ فيه. وفى «الواضِحِ» وغيرِه، كوالِدٍ لوَلَدِه. قوله: وإنْ شاءَ عَفا عنه. ظاهِرُه شمِلَ مسْألتَيْن؛ إحْداهما، العفوُ إلى الدِّيةِ كامِلَةً. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، جَوازُ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، له أخْذُ الدِّيةِ. قال فى «القَواعِدِ»: قالَه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: ليس له العَفْوُ إلى الدِّيةِ. المسْألَةُ الثَّانيةُ، العَفْوُ مجَّانًا. وظاهرُ كلامِه هنا، جَوازُه. وهو وَجْهٌ لبَعْضِ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ليس له ذلك، ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: قالَه الأصحابُ.

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يُؤْمَنَ فِى الِاستِيفَاءِ التَّعَدِّى إِلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ، فَلَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى حَامِلٍ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ وُجُوبِهِ، لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قوله: الثَّالِثُ، أن يُؤْمَنَ فى الاسْتِيفاءِ التَّعَدِّى إلى غيرِ القاتِلِ، فلو وجَب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِصاصُ على حامِلٍ، أو حَمَلَتْ بعدَ وُجُوبِه، لم تُقْتَلْ حتَّى تَضَعَ الوَلَدَ وتَسْقِيَه

ثُمَّ إِنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ، وَإلَّا تُرِكَتْ حَتَّى تَفْطِمَهُ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِى الطَّرَفِ حَالَ حَمْلِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللِّبَأ -بلا خِلافٍ أعْلَمُه- ثم إنْ وُجدَ مَن يُرْضِعُه، وإلا تُرِكَتْ حتَّى تَفْطِمَه. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى»، و «الهادِى»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: له القَوَدُ إنْ غُذِّىَ بلَبَنِ شاةٍ. فائدة: مُدَّةُ الرَّضاعِ حَوْلان كامِلان. وذكَر فى «التَّرْغيبِ»، أنَّها تُلْزَمُ بأُجْرَةِ رَضاعِه. قوله: ولا يُقْتَصُّ منها فى الطَّرَفِ حالَ حَمْلِها. بلا نِزاع. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقْتَصُّ منها بالوَضْعِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وظاهرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى». وجزَم به فى

وَحُكْمُ الْحَدِّ فِى ذَلِكَ حُكْمُ الْقِصَاصِ، وَإِنِ ادَّعَتِ الْحَمْلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): لا يُقْتَصُّ منها فى الطَّرَفِ حتَّى تَسْقِىَ اللبَأ. وزادَ فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، وتفْرَغَ مِن نِفاسِها. وقال فى «البُلْغَةِ»: هى فيه كمَريض، وأنَّه إنْ تأثَّرَ لبَنُها بالجَلْدِ، ولم يُوجَدْ مُرْضِعٌ، أُخِّرَ القِصاصُ. قوله: وحُكْمُ الحَدِّ فى ذلك حُكْمُ القِصاصِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». واسْتَحَبَّ القاضى تأخِيرَ الرَّجمِ حتَّى تفْطِمَه. وقيل: يجبُ التَّأخِيرُ حتَّى تفْطِمَه. نقَل الجماعَةُ، تُتْرَكُ حتَّى تفْطِمَه. قال فى «البُلْغَةِ»، و «التَّرْغيبِ» بعدَ ذِكْرِ القِصاصِ فى النَّفْسِ منَ الحاملِ: وهذا بخِلافِ المَحْدُودَةِ؛ فإنَّها لا تُرْجَمُ حتَّى تَفْطِمَ، مع وُجودِ المُرْضِعَةِ وعدَمِها؛ لأَنَّ حُقوقَ اللَّهِ أسْهَل، ولذلك تُحْبَسُ فى القِصاصِ، ولا تُحْبَسُ فى الحَدِّ، ولا يتبَعُ الهارِبُ فيه. قوله: وإنِ أدَّعت الحَمْلَ، احْتَمَلَ أن يُقْبَلَ منها، فتُحْبَسَ حتَّى يَتَبيَّنَ أَمْرُها. ¬

(¬1) انظر: المغنى 11/ 567.

احْتَمَلَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهَا، فَتُحْبَسَ حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنةٍ. وَإِنِ اقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ، وَجَبَ ضَمَانُ جَنِينِهَا عَلَى قَاتِلِهَا. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». واحتَمَلَ أن لا يُقْبَلَ إلَّا ببَيِّنةٍ. ويُقْبَلُ قولُ امْرَأةٍ. وعِبارَتُه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ» كعِبارَةِ المُصَنِّفِ. وأطْلَقهما فى «الشَّرْحِ»، و «الخُلاصَةِ». فعلى المذهبِ، قال فى «التَّرْغيبِ»: لا قَوَدَ على مَنْكُوحَةٍ مُخالِطَةٍ لزَوْجِها، وفى حالَةِ الظِّهارِ احْتِمالان. قوله: وإنِ اقْتُصَّ مِن حامِل، وجَب ضَمانُ جَنِينها على قاتِلِها. هذا الصَّحيحُ

أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ الَّذِى مَكَّنَهُ مِنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه فى «الشَّرْحِ»: إنْ كان الإِمامُ والوَلىُّ عالِمَيْن بالحَمْلِ وتحْريمِ الاسْتِيفاءِ، أو جاهِلَيْن بالأمْرَيْن أو بأحَدِهما، أو كان الوَلىُّ عالِمًا بذلك دُونَ الحاكمِ (¬1)، فالضَّمانُ عليه وحدَه؛ لأنَّه مُباشِرٌ والحاكِمُ سبَبٌ، وإنْ عَلِمَ الحاكِمُ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الآمر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ الوَلِىِّ، فالضَّمانُ عليه وحدَه؛ [لأَنَّ المُباشِرَ معْذُورٌ. وقال القاضى: إنْ كانَ أحدُهما عالِمًا وحدَه، فالضَّمانُ عليه وحدَه] (¬1)، وإنْ كانَا عالِمَيْن، فالضَّمانُ على الحاكمِ، وإنْ كانَا جاهِلَيْن، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، الضَّمانُ على الإِمامِ. والثَّانى، على الوَلىِّ. وقال أبو الخَطَّابِ: يجِبُ على السُّلْطانِ الذى مَكَنه مِن ذلك. ولم يُفَرِّقْ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْنْ». وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه إنْ حدَث قبلَ الوَضْعِ. وقال فى «المذْهَبِ»: فى ضَمانِها وَجْهان. فعلى القَوْلِ بأن السُّلطانَ يضْمَنُ، هل تجِبُ الغُرَّةُ فى مالِ الإِمامِ، أو فى بَيْتِ المالِ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، تجِبُ فى بَيْتِ المالِ. جزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». وهذا المذهبُ على ما يأتى فى بابِ العاقِلَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يضْمَنُها فى مالِه. قدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن». وإنْ ألْقَتْه حيًّا ثم ماتَ، وقُلْنا: يضْمَنُه السُّلْطانُ. فهل تجِبُ دِيَتُه على عاقِلَةِ الإِمامِ، [أو فى بَيْتِ المالِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ إحْداهما، تجِبُ على عاقِلَةِ الإِمامِ] (¬1). قدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تجِبُ فى بَيْتِ المالِ؛ لأنَّه مِن خَطَأِ الإِمامِ، على ما يأْتى. قلتُ: وهذا المذهبُ؛ لأَنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ خَطَأ الإِمامِ والحاكِمِ فى بَيْتِ المالِ، على ما يأتى فى كلام المُصَنِّفِ، فى أوائلِ بابِ العاقِلَةِ. قوله: ولا يُسْتَوْفَى القِصاصُ إلّا بحَضْرَةِ السُّلْطانِ. أو نائِبِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّر»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ الاسْتِيفاءُ بغيرِ حُضورِ السُّلْطانِ إذا كانَ القِصاصُ فى النَّفْسِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين. [ويُسْتَحَبُّ أن يُحْضِرَ (¬1) شاهِدَيْن] (¬2). فائدتان؛ إحْداهما، لو خالَفَ، واسْتَوْفَى مِن غيرِ حُضورِه، وقَع مَوْقِعَه، وللسُّلْطانِ تعْزِيرُه. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ويُعَزِّرُه ¬

(¬1) فى أ: «يحضره». (¬2) سقط من: ط.

وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْآلةِ الَّتِى يُسْتَوْفَى بِهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَت كَالَّةً، مَنَعَهُ الاسْتِيفَاءَ بِهَا، وَيَنْظُرُ فِى الْوَلِىِّ، إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، أَمْكَنَهُ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ لافْتِياتِه. فظاهِرُه الوُجوبُ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: لا يعَزِّرُه؛ لأنَّه حقٌّ له كالمالِ. ونقَل صالِحٌ، وابنُ هانِئٍ مثْلَه. الثَّانيةُ، قال فى «النِّهايَةِ»: يُسْتَحَبُّ للسُّلْطانِ أن يُحْضِرَ القِصاصَ عدْلَيْن فَطِنيْن، حتَّى لا يقَعَ حَيْف ولا جُحودٌ. وقالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه.

وإلَّا أَمَرَهُ بِالتَّوْكِيلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى أجْرَةٍ، فَمِنْ مَالِ الْجَانِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ احْتاجَ إلى أُجْرَةٍ، فمِن مالِ الجانِى. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كالحَدِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: مِن مُسْتَحِقِّى الجِنايَةِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يُرْزَقُ مِن بَيْتِ المالِ رجُلٌ يَسْتوْفِى الحُدودَ والقِصاصَ.

وَالْوَلِىُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ، وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِىَ فِى الطَّرَفِ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو بَكْرٍ: يُسْتَأْجَرُ مِن مالِ الفَىْءِ، فإنْ لم يكُنْ، فمِن مالِ الجانِى. قوله: والوَلِىُّ مُخَيَّرٌ بينَ الاسْتِيفاءِ بنَفْسِه إنْ كانَ يُحْسِنُ، وبينَ التَّوْكِيلِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه, جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ليس له أن يَسْتَوْفِىَ فى الطَّرَفِ بنَفْسِه بحال. وهو تخْرِيجٌ للقاضى. وقيل: يَتَعَيَّنُ التَّوْكيلُ فى الطَرَفِ. ذكره فى «الرِّعايَةِ». وقيل: يُوَكِّلُ فيهما، كما لو كانَ يَجْهَلُه.

وَإِنْ تَشَاحَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فِى الِاسْتِيفَاءِ، قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَشاحَّ أَوْلِياءُ المَقْتُولِ فى الاسْتِيفاءِ، قُدِّمَ أحَدُهم بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَشْهورُ. وقيل: يُعَيِّنُ الإِمامُ أحدَهم. واختارَه ابنُ أبى موسى. فعلى المذهبِ، مَن وقَعَتْ له القُرْعَةُ يُوَكِّلُه الباقُون. فائدتان؛ إحْداهما، لو اقْتَصَّ الجانِى مِن نَفْسِه، ففى جَوازِه برِضَا الوَلِىِّ وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، أحدُهما، يجوزُ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّانى، لا يجوزُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وصحح فى «التَّرْغيبِ»، لا يقَعُ ذلك قَوَدًا. وقال فى «البُلْغَةِ»: يقَعُ ذلك قَوَدًا. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ولو أقامَ حَدَّ زِنًى أو قَذْفٍ على نَفْسِه بإذْنٍ، لم يسْقُطْ، بخِلافِ قَطْعِ مَرِقَةٍ. ويأتِى إذا وجَب عليه حَدٌّ، هل يسقُطُ بإقامَتِه على نَفْسِه بإذْنِ الإِمامِ، أمْ لا؟ فى كتابِ الحُدودِ. الثَّانيةُ، يجوزُ له أن يخْتِنَ نفْسَه إنْ قَوِىَ عليه وأحْسَنَه. نصَّ عليه؛ لأنَّه يسِير، وتقدَّم ذلك فى بابِ السِّواكِ. وليس له القَطْعُ فى السَّرِقَةِ لفَواتِ الرَّدْعِ. وقال القاضى: على أنَّه لا يَمْتَنِعُ القَطْعُ بنَفْسِه، وإنْ منَعْناه، فلأنَّه رُبَّما اضْطَرَبَتْ يَدُه فجَنَى على نفْسِه. ولم يَعْتَبِرِ القاضى على جَوازِه إِذْنًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ اعْتِبارُه. قال: وهو مُرادُ القاضى. وهل يقَعُ الموْقِعَ؟ يتوَجَّهُ على الوَجْهَيْن فى القَوَدِ. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالُ تخْرِيجٍ فى حَدِّ زِنًى وقَذْفٍ وشُرْبٍ، كحدِّ سَرِقَةٍ، وبينَهما فَرْقٌ؛ لحُصولِ المَقصودِ فى القَطْعِ فى السَّرِقَةِ، وهو قَطْعُ العُضْوِ الواجِبِ قَطْعُه، وعدَمُ حُصولِ الرَّدْعِ والزَّجْرِ بجَلْدِه نفْسَه. وقد يقالُ: بحُصولِ الرَّدْعَ والزَّجرِ بحُصولِ الألمَ والتَّأذى بذلك. انتهى.

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِى النَّفْسِ إِلَّا بِالسَّيْفِ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الأُخْرَى، يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ. فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، فُعِلَ بِهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِحَجَرِ، أَوْ غَرَّقَهُ، أَوْ غَيْر ذَلِكَ، فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ. وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَوْضَحَهُ فَمَاتَ، فُعِلَ بِهِ كَفِعْلِهِ، فَإِنْ مَاتَ، وَإلَّا ضُرِبت عُنُقُهُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُقْتَلُ، وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَوْفَى القِصاصُ فى النَّفْسِ إلَّا بالسَّيْفِ، فى إحْدَى الرِّوَايتَيْن. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: نصَّ عليه، واخْتارَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهورُ واخْتِيارُ الأكْثرينَ. قال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه، فى قَوَدٍ: وحَقُّ اللَّهِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يجوزُ فى النَّفْسِ إلَّا بسَيْفٍ؛ لأنَّه أوْحَى (¬1)، لا بسِكِّينٍ، ولا فى طَرَفٍ إلَّا بها؛ ¬

(¬1) فى أ: «أزجر». و «أوحى»: أسرع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لِئَلَّا يحِيفَ، وأنَّ الرَّجْمَ بحَجَر، لا يجوزُ بسَيْفٍ. انتهى. وفى الرِّوايةِ الأُخْرَى، يُفْعَلُ به كما فعَل. إلَّا ما اسْتُثْنِىَ، أو يُقْتَلُ بالسَّيْفِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، فقال: هذا أشْبَهُ بالكِتابِ والسُّنةِ والعَدْلِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أوْضَحُ دليلًا. فعليها، لو قطَع يَدَيْه ثم قَتَلَه، فُعِلَ به ذلك، وإنْ قَتَلَه بحَجَر، أو أغْرَقَه، أو غير ذلك، فُعِلَ به مِثْلُ فِعْلِه. قوله: وإنْ قطَع يَدَه مِن مَفْصِل أو غيرِه، أو أَوضَحَه فماتَ، فُعِلَ به كفِعْلِه. فى هذه المَسْألةِ طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّ فيها الرِّوايتَيْن المُتَقَدِّمتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو قولُ غيرِ أبى بَكْرٍ، والقاضى، وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. والطَّريقُ الثَّانى، أنَّه هُنا يُقْتَلُ ولا يُزادُ عليه، رِوايةً واحدةً. وهو قولُ أبى بَكْرٍ، والقاضى. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، وتَبِعَه الشَّارِحُ: وهو الصَّحيحُ منَ المذهبِ. واعلمْ أنَّ محَلَّ ذلك فيما لوِ انْفَرَدَ لم يَكُنْ فيه قِصاصٌ، كما لو أَجافَه أو أَمَّه، أو قطَع يَدَه مِن نِصْفِ ذِراعِه، أو رِجْلَه مِن نِصْفِ ساقِه، أو يَدًا ناقِصَةً، أو شَلَّاءَ أو زائِدَةً، ونحوَه، فسَرَى (¬1). ومثَّل المُصَنِّفُ بما لا يجِبُ فيه قِصاصٌ كالقَطْعِ مِن غيرِ مَفْصِل والمُوضِحَةِ، ومثَّل لِمَا يجبُ فيه القِصاصُ كالقَطْعِ مِنَ المَفْصِلِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «فدى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلمْ أنَّه لو قطَع يدَيْه أو رِجْلَيْه، أو جَرَحَه جُرْحًا يُوجِبُ القِصاصَ لوِ انْفَرَدَ، فسَرَى إلى النَّفْسِ، ففيه طَرِيقان أيضًا. والصَّحيحُ منهما، أنَّه على الرِّوايتَيْن. اخْتارَه القاضى، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. فيَصِحُّ تمْثِيلُ المُصَنِّفِ بقَطْعِ اليَدِ مِنَ المَفْصِلِ. والطَّريقُ الثَّانى، أنَّه لا يقْتَصُّ مِنَ الطَّرَفِ، رِوايةً واحدةً. وهى طريقةُ أبى الخَطَّابِ وجماعَةٍ. ففى كلٍّ مِنَ المَسْألتَيْن طَرِيقان، ولكِن التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ. [وحيثُ قُلْنا: يُفْعَلُ به مِثْلُ ما فعَل. وفُعِلَ] (¬1)، فإن ماتَ وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقه. وفى «الانْتِصارِ» احْتِمالٌ، أوِ الدِّيَة بغيرِ رِضَاه. وقال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: وأطلَقَ جماعَة رِوايةً، يُفْعَل به كفِعْلِه غيرِ المُحَرَّمِ. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وعنه، يُفْعَلُ به كفِعْلِه إنْ كان مُوجِبًا، وإلَّا فلا. وعنه، يُفْعَلُ به كفِعْلِه إنْ كانَ مُوجِبًا، أو مُوجبًا لقَوَدِ طَرَفِه لوِ انْفَرَدَ، وإلَّا فلا. فعلى المذهبِ فى أَصْلِ المَسْألَةِ، لو فعَل به مِثْلَ فِعْلِه، فقد أساءَ ولم يَضْمَنْ، وأنَّه لو قطَع طَرَفَه ثم قَتَلَه قبلَ البُرْءِ، ففى دُخولِ (¬1) قَوَدِ طرَفه فى قَوَدِ نفْسِه -كدُخولِه فى الدِّيةِ- رِوايَتان، وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»؛ إحْداهما، يدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ فى قَوَدِ النَّفْسِ، ويَكْفِى قَتْلُه. صحَّحه فى ¬

(¬1) فى الأصل: «وجوب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وهو ظاهِرُ ما قطَع به الخِرَقىُّ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ فى قَوَدِ النَّفْسِ، فله قَطْعُ طَرَفِه، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قتْلُه. قال فى «التَّرْغيبِ»: فائِدَةُ الرِّوايتَيْن، لو عفَا عنِ النَّفْسِ، سقَط القَوَدُ فى الطَّرَفِ؛ لأَنَّ قطْعَ السِّرايَةِ كانْدِمالِه. وعلى المذهبِ أيضًا، لو قطَع طَرَفًا، ثم عفَا إلى الدِّيَةِ، كان له تَمامُها، وإنْ قطَع ما يُوجِبُ الدِّيةَ ثم عفَا، لم يكُنْ له شئٌ، وإنْ قطَع أكثرَ ممَّا يُوجِبُ به دِيَةً ثم عفَا، فهل يَلْزَمُه ما زادَ على الدِّيَةِ أمْ لا؟ فيه احْتِمالَان. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يلْزَمُه الزَّائدُ. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، الاقْتِصارُ على ضَرْبِ عُنُقِه أفْضَلُ. وإنْ قطَع ما قطَع الجانِى أو بعضَه ثم عفَا مجَّانًا، فله ذلك، وإنْ عفَا إلى الدِّيَةِ، لم يَجُزْ، بل له ما بَقِىَ مِن الدِّيَةِ، فإن لم يَبق شئٌ، سقَط.

وَإِنْ قَتَلَهُ بِمُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ؛ كَتَجْرِيع الْخَمْرِ، وَاللِّوَاطِ، وَنحْوِهِ، قُتِلَ بِالسَّيْفِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَا قَطْعُ شَىْءٍ مِنْ أطْرَافِهِ، فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَتَجِبُ فِيهِ دِيَتُهُ، سَوَاءٌ عَفَا عَنْهُ أو قَتَلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَجُوزُ الزِّيادَةُ على ما أَتَى، رِوايَةً واحِدَةً، ولا قَطْعُ شئٍ مِن أَطْرافِه، فإنْ فعَل، فلا قِصاصَ فيه -عليه بلا خِلافٍ أعْلَمُه- وتَجِبُ فيه دِيَتُه، سَواءٌ عَفا عنه أو قَتَلَه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: تجِبُ فيه دِيَتُه إنْ لم يَسْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَطْعُ. وجَزَمُوا به فى كُتُبِ الخِلافِ، وقالوا: أَوْمَأَ إليه فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يقْتُلُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قطَع يَدَه، فقَطَعَ المَجْنِىُّ عليه رِجْلَ الجانِى، فقيلَ: هو كقَطْعِ يَدِه. وقيل: يَلْزَمُه دِيَةُ رِجْلِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «الفُروعِ».

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً، فَرَضُوا بِقَتْلِهِ، قُتِلَ لَهُمْ، وَلَا شَىْءَ لَهُمْ سِوَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قتَل واحِدٌ جَماعَةَ، فَرَضُوا بقَتْلِه، قُتِلَ لهم، ولا شئَ لهم سِواه.

وَإِنْ تَشَاحُّوا فِى مَنْ يَقْتُلُهُ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ، أُقِيدَ لِلأوَّلِ، وَلِلْبَاقِينَ دِيَةُ قَتِيلهِمْ، وَإِنْ رَضىَ الأَوَّلُ بِالدِّيَةِ، أُعْطِيَهَا، وَقُتِلَ لِلثَّانِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ تَشَاحُّوا فى مَن يَقْتُلُه منهم على الكَمالِ، أُقيدَ للأوَّلِ، ولمَن بَقىَ الدِّيَةُ. هذا أحدُ الوُجوهِ، والمذهبُ منهما. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الخِرَقىِّ». وقال فى «المُغْنِى» (¬1): يُقَامُ الأولُ، وإنْ قَتَلَهم دَفْعَةً واحدةً، أُقْرِعَ بينَهم. انتهى. وقيل: يُقْرَعُ بينَهم. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أقْيَسُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: يُقادُ للكُلِّ؛ اكْتِفاءً مع المَعِيَّةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وقال (¬2) فى «الانْتِصارِ»: إذا طَلبوا القَوَدَ، فقد رَضِىَ كلُّ وِاحدٍ بجُزْءٍ منه، وأنَّه قَوْلُ أحمدَ. قال: ويتَوَجَّهُ أن يُجْبَرَ له باقِى حقِّه بالدِّيَةِ. ويتَخرَّجُ، يقْتَلُ بهم فقطْ، على رِوايةِ وُجوبِ القَوَدِ بقَتْلِ العَمْدِ. ¬

(¬1) انظر: المغنى 11/ 528. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفًا، قُطِعَ طَرَفُهُ، ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِىِّ الْمَقْتُولِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو قَتَلَهم دَفْعَةً واحِدَةً، وتَشاحُّوا فى المُسْتَوْفِى، أُقْرِعَ بينهم، بلا نِزاعٍ. فلو بادَرَ غيرُ مَن وَقَعَتْ له القُرْعَةُ فقَتَلَه، اسْتَوْفَى حقَّه، وسقَط حقُّ الباقِين إلى الدِّيَةِ، وإنْ قَتلَهم مُتَفرقًا وأشْكَلَ الأَوَّلُ، وادَّعَى وَلىُّ كلِّ واحدٍ منهم أنَّه الأَوَّلُ، ولا بَيِّنةَ لهم، فأقَرَّ القاتِلُ لأحَدِهم، قُدِّمَ بإقْرارِه. وهذا على القَوْلِ الأَوَّلِ. وإنْ لم يُقِرَّ، أقْرَعْنا بينَهم، بلا خِلافٍ. الثَّانيةُ، لو عفَا الأَوَّلُ عنِ القَوَدِ، فهل يُقْرَعُ بينَ الباقِين، أو يُقَدَّمُ وَلِىُّ المَقْتولِ الأَوَّلِ، أو يُقادُ للكُلِّ؟ مَبْنِىٌّ على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. الثَّالثةُ، قولُه: وإنْ قتَل وقطَع طَرَفًا، قُطِعَ طَرَفُه، ثم قُتِلَ لوَلِىِّ المَقْتُولِ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لا قَوَدَ حتَّى يَنْدَمِلَ. ولو قطَع يَدَ رَجُلٍ، وإصْبَعَ آخَرَ، قُدِّمَ رَبُّ اليَدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كانَ أوَّلًا، وللآخَرِ دِيَةُ إصْبَعِه، وإنْ كانَ آخِرًا، قُدِّم ربُّ الإصْبَعِ، ثم يَقْتَصُّ رَبُّ اليَدِ، وفى أخْذِه دِيَةَ الإصْبَعِ الخِلافُ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ» وغيرِها، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له دِيَةَ الإِصْبَعِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وَإِنْ قَطَعَ أيْدِى جَمَاعَةٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وإنْ قطَع أَيْدِى جَماعَةٍ، فحُكْمُه حُكْمُ القَتْلِ. فيما تقدَّم خِلافًا ومذهبًا. قالَه الأصحابُ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»، كما فى تَيَمُّمِ مَن لم يجدْ إلَّا ماءً لبعضِ بدَنِه: ولو قطَع يُمْنَى رَجُلَيْن، فقُطِعَتْ يمِينُه لهما، أُخِذَ منه نِصْفُ دِيَةِ اليَدِ لكُلٍّ منهما، فيُجْمَعُ بينَ البَدَلِ وبعضِ المُبْدَلِ. فائدة: لو بادَرَ بعضُهم فاقْتَصَّ بجِنايته فى النَّفْسِ، أو فى الطَرَفِ، فلمَن بَقِىَ الدِّيَةُ على الجانِى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وفى «كتاب الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، ويرْجِعُ ورَثته على المُقْتَصِّ. وقدَّم الحَلْواني فى «التَّبصِرَةِ»، وابنُ رَزِينٍ، يرْجِعُ على قاتِلِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»، بعدَ أن قدَّم الأوَّلَ: وقيل: بل على قاتِلِ الجانِى. وقيل: إنْ سقَط القَوَدُ، لاخْتِلافِ العُلَماءِ فى جَوازِ اسْتِيفاءِ أحَدِهم، فعلى الجانِى، وإنْ سقَط للشَّرِكَةِ، فعلى المُسْتَوْفى. وتقدَّم إذا اسْتَوْفَى بعضُ الأوْلياءِ القِصاصَ مِن غيرِ إذْنِ شُرَكائِه فى كلامِ المُصَنِّفِ فى البابِ؛ حيثُ قال: وليس لبعضِهم اسْتِيفاؤُه.

باب العفو عن القصاص

بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ العَفْوِ عنِ القِصاصِ

وَالْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أحَدُ شَيْئَيْنِ؛ الْقِصَاصُ أوِ الدِّيَةُ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالْخِيَرَةُ فِيهِ إِلَى الْوَلِىِّ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ أخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا إِلَى غَيْرِ شَىْءٍ، وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والواجِبُ بقَتْلِ العَمْدِ أحَدُ شَيْئَيْن؛ القِصاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فى ظاهِرِ المذهبِ -هذا المذهبُ المَشْهورُ، المَعْمولُ به فى المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، أن الواجبَ القِصاصُ عَينًا. فعلى المذهبِ-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِيَرَةُ فيه إلى الوَلىِّ؛ فإن شاءَ اقْتَصَّ، وإنْ شاءَ أخَذ الدِّيَةَ، وإنْ شاءَ عفَا إلى غيرِ شئٍ، والعَفْوُ أفْضَلُ. بلا نِزاعٍ فى الجملةِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اسْتِيفاءُ الإنْسانِ حقَّه مِنَ الدَّمِ عَدْلٌ، والعَفْوُ إحْسانٌ، والإحْسانُ هنا أفْضَلُ، لكِنَّ هذا الإِحْسانَ لا يكونُ إحْسانًا إلَّا بعدَ العَدْلِ، وهو أن لا يحْصُلَ بالعَفْوِ ضرَرٌ، فإذا حصَل به ضرَرٌ كان ظُلْمًا مِنَ العافِى، إمَّا لنَفْسِه وإما لغيرِه، فلا يُشْرَعُ. قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا عَيْنُ الصَّوابِ. ويأتِى بعضُ ذلك فى آخِرِ المُحارِبين. وقال فى «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ»: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: مُطالبَةُ المَقْتولِ بالقِصاصِ تُوجِبُ تَحَتُّمَه، فلا يُمَكَّنُ الوَرَثَةُ بعدَ ذلك مِنَ العَفْوِ.

فَإِنِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ، فَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى المذهبِ، إنِ اخْتارَ القِصاصَ، فله العَفْوُ على الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأَنَّ القِصاصَ أعْلَى، فكانَ له الانْتِقالُ إلى الأدْنَى، ويكونُ بَدلًا عن القِصاصِ، وليستْ هذه الدِّيَةُ هى التى وَجَبَتْ بالقَتْلِ. وعلى هذا أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: فله ذلك فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وهو قوْلُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهما. وقيل:

وَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس له ذلك؛ لأنَّه أسْقَطَها باخْتِيارِه القِصاصَ، فلم يَعُدْ إليها. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وهو وَجْهٌ فى «التَّرْغيبِ». [وعلى المذهبِ أيضًا، إن اخْتارَ الدِّيَةَ سقَط القِصاصُ، ولم يَمْلِكْ طلَبَه. كما قال المُصَنِّفُ] (5). وعلى المذهبِ أيضًا، لوِ اخْتارَ القِصاصَ كانَ له الصُّلْحُ على أكثرَ مِنَ الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لِمَا تقدَّم، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقيل: ليس له ذلك. واخْتارَه فى «الانْتِصارِ». وبعضُ المُتَأخِّرِين مِنَ الأَصحابِ. وتقدّم ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الصُّلْحِ، حيثُ قال: ويصِحُّ الصُّلْحُ

وَعَنْهُ، أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَينًا، وَلَهُ الْعَفْوُ الَى الدِّيَةِ وَإِنْ سَخِطَ الْجَانِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ القِصاصِ بدِياتٍ وبكُلِّ ما يثْبُتُ مَهْرًا، واسْتَوْفَيْنا الكلامَ هناك، فلْيُعاوَدْ. قوله: وله العَفْوُ إلى الدِّيَةِ وإنْ سَخِطَ الجانِى. يعْنِى إذا قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. وهذا هو الصَّحيحُ على هذه الرِّوايةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وعنه، مُوجِبُه القَوَدُ [عَينًا، مع التَّخْيِيرِ بينَهما. وعنه، أنَّ مُوجِبَه القَوَدُ عَينًا، وأنَّه ليس له العَفْوُ على الدِّيَةِ بدُونِ رِضَا الجانِى، فيكونُ قَوَدُه بحالِه] (¬1). انتهى. فعلى هذه الرِّوايةِ، إذا لم يرْضَ الجانِى، فقَوَدُه باقٍ، ويجوزُ له ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ عَفَا مُطلَقًا، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ أحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَهُ الدِّيَةُ. وإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا. فَلَا شَىْءَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّلْحُ بأكثرَ مِنَ الدِّيَةِ. وقال الشِّيرَازِىُّ: لا شئَ له، ولو رَضِىَ. وشذَّذَه الزَّرْكَشِىُّ. قوله: فإن عَفا مُطْلَقًا، وقُلْنا: الواجبُ أحَدُ شَيْئَيْن. فله الدِّيَةُ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ عَفا مُطْلَقًا، أَو على غيرِ مالٍ؛ أو عنِ القَوَدٍ مُطْلَقًا، ولو عن يَدِه، فله الدِّيَةُ على الأصحِّ، على الرِّوايةِ الأُولَى خاصَّة. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وإنْ عَفا مُطْلَقًا، وقلنا: يجِبُ بالعَمْدِ قَوَدٌ أو دِيَةٌ. وجبَتْ على الأصحِّ، وإنْ قُلْنا: القَوَدُ فقطْ. سقَطا. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، ليس له شئٌ. وقال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثَّلاِثين بعدَ المِائَةِ»: لو عَفا عنِ القِصاصِ، ولم يذْكُرْ مالًا، فإن قُلْنا: مُوجِبُه القِصاصُ عَيْنًا. فلا شئَ له، وإنْ قُلْنا: أحدُ شَيْئَيْن. ثبَت المالُ. وخرَّج ابنُ عَقِيلٍ، أَنَّه إذا عَفا عنِ القَوَدِ، سقَط، ولا شئَ له بكُلِّ حالٍ، على كلِّ قولٍ. قال صاحِبُ «القَواعِدِ»: وهذا ضعيفٌ. انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ومَن قال لمَن عليه قودٌ فى نَفْسٍ أو طَرَفٍ: قد عفَوْتُ عنك، أبى عن جنايتك. فقد بَرِئَ مِن قَوَدِ ذلك ودِيَتِه. نصَّ عليه. وقيل: لا يَبْرَأُ مِنَ الدِّيَةِ، إلا أَنْ يُقِرَّ العَافِى إنّه أرادَها بلَفْظِه. وقيل: يَبْرأُ منها، إلَّا أن يقولَ: إنَّما أرَدْتُ القَوَدَ دُونَ الدِّيَةِ. فيُقْبَلُ منه مع يَمِينِه. انتهى. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ قُلْنا: الواجِبُ القَوَدُ وحدَه. سقَط ولا دِيَةَ، وإنْ قُلْنا: أحدُ شَيْئَيْن. انْصرَفَ العَفْوُ إلى القِصاصِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن، والأُخْرى؛ يسْقُطان جميعًا. ذكَرَه فى «القَواعِدِ». فائدة: لو عَفا عنِ القَوَدِ إلى غيرِ مالٍ مُصَرِّحًا بذلك، فإن قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. فلا مالَ له فى نفْسِ الأمْرِ، وقوْلُه هذا لَغوٌ، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شَيْئَيْن. سقَط القِصاصُ والمالُ جميعًا. فإن كان ممَّن لا تَبَرُّعَ له؛ كالمَحْجورِ عليه لفَلَس، والمُكاتَبِ، والمَرِيضِ فيما زادَ على الثُّلُثِ، والوَرَثَةِ

وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِى تَرِكَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مع اسْتِغْراق الدُّيونِ للتَّرِكَةِ، فوَجْهان؛ أحدُهما، لا يسْقُطُ المالُ. وهو المَشْهورُ، قالَه فى «القَواعِدِ». والثَّانى، يسْقُطُ. وفى «المُحَرَّرِ»، أنَّه المَنْصوصُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أن العَفْوَ لا يصِح فى قَتْلِ الغِيلَةِ؛ لتعَذُّر الاحْتِرازِ، كالقَتْلِ مُكابَرَةً. وذكَر القاضى وَجْهًا فى قاتلِ الأئِمَّةِ، يُقْتَلُ حدًّا؛ لأَنَّ فَسادَه عامٌّ أَعْظَمُ مِنَ المُحارِبِ. قوله: وإنْ ماتَ القاتِلُ، وجَبَتِ الدِّيَةُ فى تَرِكَتِه. وكذا لو قُتِلَ. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصححه فى «النَّظْمِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى» فى الموتِ، وقدَّماه فى القَتْلِ. وقيل: تسْقُطُ بمَوْتِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّها تسْقُطُ بمَوْتِه وقَتْلِه. وخرَّجه وَجْهًا؛ وسواءٌ كان مُعْسِرًا، أو مُوسِرًا، وسواءٌ قُلْنا: [الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا، أو] (¬1) الواجِبُ أحدُ شَيْئَيْن. وعنه، يَنْتَقِلُ الحقُّ إذا قُتِلَ إلى القاتلِ الثَّانى، فيُخَيَّرُ أوْلياءُ القَتِيلِ الأَوَّلِ بينَ قتْلِه، أوِ العَفْوِ عنه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. وجَبَتِ الدِّيَةُ فى تَرِكَتِه، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وذكَر فى «القَواعِدِ» النَّصَّ عن أحمدَ، وقال: وعلَّلَ بأن الواجِبَ بقَتْلِ العَمْدِ أحدُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِذَا قَطَعَ إِصْبَعًا عَمْدًا، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى الْكَفِّ أَوِ النَّفْسِ، وَكَانَ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، فَلَهُ تَمَامُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَلَا شَىْءَ لَهُ، عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنَّ لَهُ تَمَامَ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، انْبَنَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِى مُوجَبِ الْعَمْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شيْئَيْن، وقد فاتَ أحدُهما، فتَعَيَّنَ الآخَرُ. قال: وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يجِبُ شئٌ إذا قُلْنا: الواجِبُ القَوَدُ عَيْنًا. وقال القاضى: يجبُ مُطْلَقًا. قوله: وإذا قطَع إصْبَعًا عَمْدًا، فعَفا عنه، ثم سَرَتْ إلى الكَفِّ أو النَّفْس، وكان العَفْوُ على مالٍ، فله تمامُ الدِّيَةِ. يعْنِى، تمامَ دِيَةِ ما سرَتْ إليه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ قطَع إصْبَعًا عَمْدًا، فعَفا عنها، فسَرَتْ إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَفِّ، فقال: لم أعف عنِ السِّرايَةِ، ولا عنِ الدِّيَةِ. صُدِّقَ أَنْ حَلَفَ، وله دِيَةُ كفِّه. وقيل: دُونَ إصْبَع. وقيل: تُهْدَر كفُّه بعَفْوِه. وإنْ سرَتْ إلى نفسِه، وجبَتِ الدِّيَةُ فقط. وقيل: إنْ كانَ العَفْوُ إلى مالٍ، وإلا فلا. وقيل: يجبُ نِصْفُها. وقيل: الكُلُّ هَدَرٌ. قوله: وإنْ عَفا على غيرِ مالٍ، فلا شئَ له، فى ظاهِرِ كَلَامِه -وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» - ويَحْتَمِلُ أنَّ له تَمامَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: يجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ. وقال القاضى: القِياسُ أن يرْجِعَ الوَلىُّ بنصْفِ الدِّيَةِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأَنَّ المَجْنِىَّ عليه إنَّما عَفا عن نِصْفِها. قوله: وإنْ عَفا مُطْلَقًا، انْبَنى على الرِّوَايتَيْن فى مُوجِبِ العَمْدِ. فإن قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. فهو كما لو عَفا على مالٍ، وإنْ قيل: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. فهو كما لو عَفا إلى غيرِ مالٍ. وقطَع به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال فى «الفُروعِ»: فله الدِّيَةُ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ، على الأُولَى خاصَّةً. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: له نِصْفُ الدِّيَةِ. وقيل: تسْقُطُ الدِّيَةُ كلُّها. كما فى ذكَرَهما فى «الرِّعايَةِ».

وَإِنْ قَالَ الْجَانِى: عَفَوْتَ مُطْلَقًا. أَوْ: عَفَوْتَ عَنْهَا وَعَنْ سِرَايَتِهَا. قَالَ: بَلْ عَفَوْتُ إِلَى مَالٍ. أَوْ: عَفَوْتُ عَنْهَا دُونَ سِرَايَتِهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِى الْعَافِىَ، فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَقَالَ الْقَاضِى: لَهُ الْقِصَاصُ أَوْ تَمَامُ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ليانْ قتَل الجانِى العافِىَ -عنِ القَطْعِ- فلوَلِيِّه القِصاصُ أوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقال القاضى: ليس له إلَّا القِصاصُ أو تَمامُ الدِّيَةِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فائدة: إذا قال لمَن عليه قَوَدٌ: عفَوْتُ عنك، أو عن جِنايَتِك. بَرِئَ مِنَ الدِّيَةِ، كالقَوَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يَبْرأُ مِنَ الدِّيَةِ إذا

وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِى الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ حَتَّى اقْتَصَّ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِى؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَيَتَخرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ، وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِى ـــــــــــــــــــــــــــــ قصَدَها بقَوْلِه. وقيل: إنِ ادَّعَى قصدَ القَوَدِ فقطْ، قُبِلَ، وإلَّا برِئَ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ قُلْنا: مُوجِبُه أحدُ شيْئَيْن. بَقِيَتِ الدِّيَةُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قوله: وإذا وكَّلَ رَجُلًا فى القِصاصِ ثم عَفا، ولم يَعْلَمِ الوَكيلُ حتى اقْتَصَّ، فلا شئَ عليه. يعْنِى، على الوَكيلِ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ

أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَالْآخَرُ، لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ حَالًّا فِى مَالِهِ. وَقَاَل أَبُو الْخَطَّابِ: يَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَكِيلُ. وهو وَجْهٌ. قال فى «الشَّرْحِ» وغيرِه: وقال غيرُ أبى بَكْرٍ: يُخرَّجُ فى صحَّةِ العَفْوِ وَجْهان؛ بِناءً على الرِّوايتَيْن فى الوَكيلِ، هل ينْعَزِلُ بعَزْلِ المُوَكِّلِ قبلَ عِلْمِه (¬1)، أمْ لا؟ قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ينْعَزِلُ. والصَّوابُ أنَّه لا ينْعَزِلُ، كما تقدَّم. فعلى القوْلِ بأنَّ الوَكيلَ يضْمَنُ، فيرْجِعُ به على المُوَكِّلِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأَنَّه غَرَّهُ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الآخَرُ، لا يرْجِعُ به. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى هذا الوَجْهِ -وهو أنَّه لا يرْجعُ به- يكونُ فى مالِه حالًّا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. وقدَّمه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يكونُ على عاقِلَتِه. اخْتارَه فى ¬

(¬1) فى الأصل: «فعله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ». فعليهما؛ إنْ كانَ عَفا إلى الدِّيَةِ، فهى للعافِى على الجانِى. قوله: وهل يَضْمَنُ العافى؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. يعْنِى إذا قُلْنا: إن الوَكيلَ لا شئَ عليه. ذكَرَها أبو بَكْرٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»؛ أحدُهما، لا يضْمَنُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». [والوَجْهُ الثَّانى، يضْمَنُ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِذَا عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ بَعْدَ الجُرْحِ، صَحّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنْ عَفا عن قاتلِه بعدَ الجُرْحِ، صَحَّ. سواءٌ كان بلَفْظِ العَفْوِ أوِ الوَصِيَّةِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه فى القَوَدِ، إنْ كان الجُرْحُ لا قَوَدَ مه إذا بَرِئَ، صحَّ، وإلَّا فلا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: عَفَوْتُ عنِ الجِنايَةِ وما يحْدُثُ منها. صحَّ، [ولم يَضْمَنِ] (¬1) السِّرايَةَ، فإنْ كانَ عَمْدًا، لم يضْمَنْ شيئًا، وإنْ كان خطَأً، اعْتُبِرَ خُروجُها مِن الثُّلُثِ. قالَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ»، السُّقوطُ مُطْلَقًا، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ». وإنْ قال: عفَوْتُ عن هذا الجُرْحِ، أو هذه الضَّرْبَةِ. فعنه، يضْمَنُ السِّرايَةَ بقِسْطِها مِنَ الدِّيَةِ. وعنه، لا يضْمَنُ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». وإنْ قال: عفَوْتُ عن هذه الجِنايَةِ. وأطْلَقَ، لم يضْمَنِ السِّرايَةَ، وإنْ قصَد بالجِنايَةِ الجُرْحَ، ففيه على المذهبِ فى أصْلِ المَسْألَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قدَّم فى «النَّظْمِ» عدَمَ الضَّمانِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» على الرِّوايَةِ الأُولَى فى التى ¬

(¬1) فى الأصل: «وإن لم يضمن».

وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا، فَهِىَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، هَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا، تَصِحُّ، وَتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ، وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ وَلَا غَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَها. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ أَبْرَأَه مِنَ الدِّيَةِ أَو وَصَّى له بها، فهى وَصِيَّةٌ لقاتِلٍ، هل تَصِحُّ؟ على رِوايتَيْن -وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» - إحْداهما، تصِحُّ -وهى المذهبُ- وتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». قال الشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه فى كتابِ «المُقْنِعِ»، ولم يُفَرِّق بينَ العَمْدِ والخَطَأ. والذى ذكَرَه فى «المُغْنِى»، إنْ كان خطَأً، اعْتُبِرَتْ مِنَ الثُّلُثِ، وإلَّا فلا. وقيل: تصِحُّ مِن كلِّ مالِه. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تصِحُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وتقدَّم ما يُشابِهُ ذلك فى بابِ المُوصَى له عندَ قوْلِه: إذا جرَحَه ثم أوْصَى له، فماتَ مِنَ الجُرْحِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يصِحَّ عفْوُه عنِ المالِ، ولا وَصِيَّتُه به لقاتِلٍ ولا غيرِه، إذا قُلْنا:

إِذَا قُلْنا: إِنَّهُ يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ. وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوِ الْعَبْدَ مِنْ جِنَايَتِهِ الَّتِى يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْدُثُ على مِلْكِ الوَرَثَةِ. وقد تقدَّم أيضًا، فى بابِ المُوصَى به، فيما إذا قُتِلَ وأُخِذَتِ الدِّيَةُ، هل يدْخُلُ فى الوَصِيَّةِ أمْ لا؟ فلْيُراجَعْ. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» وَجْهًا، يصِحُّ بلَفْظِ الإِبْراءِ لا (¬1) الوَصِيَّةِ. وقال فى «التَّرْغيبِ» أيضًا: تُخَرَّجُ فى السِّرايَةِ فى النَّفْسِ رِواياتٌ؛ الصِّحَّةُ، وعدَمُها. والثَّالثةُ، يجِبُ النِّصْفُ؛ بِناءً على أنَّ صِحةَ العَفْوِ ليس بوَصِيَّةٍ، ويَبْقَى ما قابلَ السِّرايَةَ، لا يصِحُّ الإبْراءُ عنها. قال: وذهبَ ابنُ أبى مُوسى إلى صِحَّتِه فى العَمْدِ وفى الخَطَأ مِن ثُلُثِه. قلتُ: وذكَر أيضًا هذا المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ. قوله: وإِنْ أَبْرَأَ القاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الواجِبَةِ على عاقِلَتِه، أو العَبْدَ مِن جنَايَتِه التى يتَعَلَّقُ أَرْشُها برَقَبَتِة، لم يَصِحَّ. فى الأُولَى، قوْلًا واحِدًا، ولا يصِحُّ فى الثَّانيةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم يصِحَّ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ إبْراءُ العَبْدِ مِن جِنايَتِه التى يتَعَلَّقُ أرْشُها برَقَبَتِه. ¬

(¬1) فى الأصل: «إلَّا».

لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ أَوِ السَّيِّدَ، صَحَّ. وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ، أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ، فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ أَبْرَأَ العاقِلَةَ أوِ السَّيِّدَ، صَحَّ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. ويتخَرَّجُ أَنْ لا يصِحَّ الإِبْراءُ منه بحالٍ على الرِّوايةِ التى تقولُ: تجِبُ الدِّيَةُ للوَرَثَةِ لا للمَقْتولِ. قاله فى «الهِدايَةِ». [قال: وفيه بُعْدٌ] (¬1). قوله: وإنْ وجَب لعَبْدٍ قِصاصٌ، أو تَعْزِيرُ قَذْفٍ، فله طَلَبُه والعَفْوُ عنه، وليس ذلك للسَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ العَبْدُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى حدِّ القَذْفِ: ليس للسَّيِّدِ المُطالبَةُ به والعَفْوُ عنه؛ لأَنَّ السَّيِّدَ إنَّما يَمْلِكُ ما كانَ مالًا (¬2) [أو طلَبَ بدَلٍ هو مالٌ] (¬3) كالقِصاصِ، فأمَّا ما لم يكُنْ مالًا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل، ط: «أو طلبه بدل مال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا له بدَلٌ هو مالٌ، فلا يَمْلِكُ المُطالَبَةَ به؛ كالقَسْمِ وخِيارِ العَيْبِ والعُنَّةِ. وقال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ: إذا قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. يَحْتَمِلُ أنَّ للسَّيِّدِ المُطالَبَةَ بالدِّيَةِ ما لم يَعْفُ العَبْدُ. والقولُ بأنَّ للسَّيِّدِ المُطالَبَةَ بالدِّيَةِ، فيه إسْقاطُ حقِّ العَبْدِ ممَّا جعَله الشَّارعُ مُخَيَّرًا فيه، فيكونُ منْفِيًّا. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قلتُ: ويتخَرَّجُ لنا فى عِتْقِ العَبْدِ مُطْلَقًا فى جِنايَةِ العَمْدِ وَجْهان مِن مَسْألَةِ المُفْلِسِ، وهنا أوْلَى بعَدَمِ السُّقُوطِ؛ إذْ ذاتُ العَبْدِ مِلْكٌ للسَّيِّدِ، بخِلافِ المُفْلِسِ. انتهى.

باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كُلُّ مَنْ أُقِيدَ بِغَيْرِهِ فى النَّفْسِ، أُقِيدَ بِهِ فِيما دُونهَا، وَمَنْ لَا فَلَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يُوجِبُ القِصاصَ فيما دُونَ النَّفْسِ قوله: كلُّ مَن أُقِيدَ بغيرِه فى النَّفْسِ، أُقِيدَ به فيما دُونَها، ومَن لا فلا. يعْنِى، ومَن لا يُقادُ بغيرِه فى النَّفْسِ، لا يُقادُ به فيما دُونَها. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا قَوَدَ بينَ العَبِيدِ مُطْلَقًا. نَقَلَها الأَثْرَمُ، ومُهَنَّا. وعنه، لا قَوَدَ بينَهم فيما دُونَ النَّفْسِ. وعنه، لا قَوَدَ بينَهم فى النَّفْسِ والطَّرَفِ، حتى تسْتَوِىَ القِيمَةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه فى «الانْتِصارِ». قال حَرْبٌ فى الطَّرَفِ: كأنَّه مالٌ، إذا اسْتَوَتِ القِيمَةُ. وتقدَّم بعضُ ذلك فى بابِ شروطِ القِصاصِ.

وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجِبِ فِى النَّفْسِ، وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يجِبُ إلَّا بمثلِ المُوجِبِ فى النَّفْسِ، وهو العَمْدُ المَحْضُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى، والشِّيرَازِىُّ، يجِبُ القِصاصُ أيضًا فى شِبْهِ العَمْدِ. وذكَرَه القاضى رِوايةً.

وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، فِى الأَطْرَافِ، فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ بالْعَيْنِ، وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، والأُذُنُ بِالأُذُنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ، والْجَفْنُ بِالْجَفْنِ، وَالشَّفَةُ بِالشَّفَةِ، وَالْيَدُ بِالْيَدِ، والرِّجْلُ بالرِّجْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدتان؛ إحْداهما] (¬1)، قولُه: ويُقْتَصُّ مِنَ المَنْكِبِ إذا لم يَخَفْ جائفَةً. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ خِيفَ، هل له أَنْ يقْتَصَّ مِن مَرْفِقِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»؛ أحدُهما، له ذلك. وهو الصَّحيحُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وصحَّحه فى «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّانى، ليس له ذلك. ¬

(¬1) فى الأصل: «فائدة».

ويُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصَابِعِ، والْكَفِّ، وَالْمَرْفِقِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ بِمِثْلِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ [الثَّانيةُ، لو خالَفَ واقْتَصَّ مع خَشْيَةِ الحَيْفِ، أو مِن مأْمُومَةٍ، أو جائِفَةٍ، أو نِصْفِ ذِراعً، ونحوِه، أجْزَأَه. بلا نِزاعٍ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَهَلْ يَجْرِى الْقِصَاصُ فى الْأَلْيَةِ وَالشَّفْرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَجْرِى القِصاصُ فى الأَلْيَةِ والشَّفْرِ؟ على وَجْهَيْن. أطْلَقَ فى إجْراءِ القِصاصِ فى الأَلْيَةِ وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحَدُهما، يجْرِى القِصاصُ فيها. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الكافِى»، و «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يجْرِى القِصاصُ فيها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وأطْلَقَ المُصَنِّفُ فى إجْراءِ القِصاصِ فى الشَّفْرِ وَجْهَيْن، وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

فصل

فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فى الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، الْأَمْنُ مِنَ الْحَيْفِ، بأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ، أَوْ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِى إِلَيْهِ، كَمَارِنِ الْأَنْفِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ، فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ، أَو قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ أوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فى أَحدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الْآخَرِ، يَقْتَصُّ حَدِّ الْمَارِنِ، وَمِنَ الْكُوعِ وَالْكَعْبِ. وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يجْرِى القِصاصُ فيه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجْرِى القِصاصُ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال فى «الخُلاصَةِ»: فلا قِصاصَ فيه فى الأَظْهَرِ. واخْتارَه القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويُشْتَرَطُ للقِصاصِ فى الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أحدُها، الأمْنُ مِنَ الحَيْفِ. أنَّه لا يجِبُ القِصاصُ فى اللَّطْمَةِ ونحوها؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ فى ذلك

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الحَيْفِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، والشَّالَنْجِىُّ، القَوَدُ فى اللَّطْمَةِ ونحوِها. ونقَل حَنْبلٌ، قال الإِمامُ أحمدُ: الشَّعْبِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، قالوا: ما أصابَ بسَوْطٍ أو عصًا، وكانَ دُونَ النَّفْسِ، ففيه القِصاصُ (¬1). قال أحمدُ: وكذا أرَى. ونقَل أبو طالِبٍ، لا قِصاصَ بينَ المرْأةِ وزَوْجِها فى أدَبٍ يُؤَدِّبُها به، فإنِ اعْتَدَى، أو جرَح، أو كسَر، يُقْتَصُّ لها منه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا قَتَلَه بعَصًا، أو خَنَقَه، أو شدَخ رأَسَه بحَجَرٍ، يُقْتَلُ بمِثْلِ ¬

(¬1) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب شبه العمد على من يكون، من كتاب الديات. المصنف 9/ 281. وانظر: نصب الراية 4/ 332.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذى قتَل به؛ لأَنَّ الجُروحَ قِصاصٌ. ونقَل أيضًا، كلُّ شئٍ مِنَ الجِراحِ والكَسْرِ، يُقْدَرُ على الاقْتِصاصِ، يُقْتَصُّ منه؛ للأَخْبارِ. واخْتارَ ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: ثَبَتَ ذلك عنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِين، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنهم. تنبيهان؛ أحدُهما، تقدَّم فى أَثْناءِ الغَصْبِ (¬1)، قُبَيْلَ قوْلِه: فإنْ كانَ مَصُوغًا أو ¬

(¬1) فى: 15/ 266.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تِبْرًا، هل يُقْتَصُّ فى المالِ، مِثْلُ شَقِّ ثوْبِه ونحوِه؟ الثَّانى، قوْلُه: ويُشْتَرَطُ للقِصاصِ فى الطَّرَفِ الأَمنُ مِنَ الحَيْفِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: واعلمْ أنَّ ظاهِرَ كلامِ ابنِ حَمْدانَ -تَبَعًا لأبى محمدٍ- أنَّ المُشْتَرَطَ لوُجوبِ القِصاصِ، أمْنُ الحَيْفِ، وهو أخصُّ مِن إمْكانِ الاسْتِيفاءِ [بلا حَيْفٍ، والخِرَقِىُّ إنَّما اشْتَرَطَ إمْكانَ الاسْتِيفاءِ بلا حَيْفٍ، وتَبِعَه أبو محمدٍ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ، وجعَل المَجْدُ أمْنَ الحَيْفِ شَرْطًا لجوازِ الاسْتِيفاءِ] (¬1). وهو التَّحْقيقُ. وعليه، لو أقْدَمَ واسْتَوْفَى ولم يَتَعَدَّ، وقَع المَوْقِعَ، ولا شئَ عليه. وكذا صرَّح المَجْدُ. وعلى مُقْتَضَى قولِ ابنِ حَمْدانَ وما فى «المُقْنِعِ»، تكونُ جِنايَةً مُبْتَدَأَةً، يتَرَتَّبُ عليها مُقْتَضَاها. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه لا يَلْزَمُ ما قالَه عن ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنَ حَمْدانَ، والمُصَنِّفِ، إذا أقْدَمَ واسْتَوْفَى. أكثرُ ما فيه، أنَّا إذا خِفْنَا الحَيْفَ، منَعْناه مِنَ الاسْتِيفاءِ، فلو أقْدَمَ وفعَل، ولم يحْصُلْ حَيْفٌ، فليس فى كلامِهما ما يقْتَضِى الضَّمانَ بذلك. قوله: فإنْ قطَع القَصَبَةَ، أو قطَع مِن نِصْفِ السَّاعِدِ أوِ السَّاقِ -وكذا لو قطَع مِنَ العَضُدِ، أوِ الوَرِكِ- فلا قِصاصَ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعليه الأصحابُ. قال فى «الهِدايَةِ»: هو المَنْصوصُ واخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والأصحابِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، وغيرِهم: قال أصحابُنا: لا قِصاصَ. وفى الوَجْهِ (¬1) الآخَرِ، يُقْتَصُّ مِن حدِّ المارِنِ، ومِنَ الكُوعِ، والمَرْفِقِ، [والرُّكْبَةِ، والكَعْبِ] (¬2). وهو احْتِمالَ فى «الهِدايَةِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ فيما قُطِعَ مِن نِصْفِ الكَفِّ، أو زادَ قطْعَ الأصابِعِ. ذَكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فعلى ¬

(¬1) فى الأصل: «الوجيز». (¬2) بياض فى: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، لو قطَع يَدَه مِنَ الكُوعِ، ثم تآكَلَتْ إلى نِصْفِ الذِّراعِ، فلا قَوَدَ له أيضًا؛ اعْتِبارًا بالاسْتِقْرارِ. قالَه القاضى، وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقال المَجْدُ: يُقْتَصُّ هنا مِنَ الكُوعِ أوِ الكَعْبِ. قوله: وهل يَجِبُ له أَرْشُ الباقى؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

فَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا، فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا يجِبُ له أَرْشٌ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَيْن. والوَجْهُ الثَّانى، له الأَرْشُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قدَّم فى «المُغْنِى»، فى قَصَبَةِ الأَنْفِ حُكُومَةٌ مع القِصاصِ. وقال فى مَن قُطِعَ مِن نِصْفِ الذِّراعِ: ليس له القَطْعُ مِن ذلك المَوْضِعِ، وله نِصْفُ الدِّيَةِ، وحُكُومَةٌ فى المَقْطُوعِ مِنَ الذِّراعِ، وهل له أَنْ يقْطَعَ مِنَ الكُوعِ؟ فيه وَجْهان. ومَن جوَّزَ له القَطْعَ مِنَ الكُوعِ، فعندَه فى وُجوبِ الحُكُومَةِ لِمَا قُطِعَ مِن الذِّراعِ وَجْهان. تنبيه: الخِلافُ هنا يعُودُ على كِلا الوَجْهَيْن، يعْنِى، سواءٌ قُلْنا: يُقْتَصُّ، أو لا يُقْتَصُّ. قال فى «الفُروعِ»: وعليهما فى أرْشِ الباقِى، ولو خَطَأً، وَجْهان. وصاحِبُ «الوَجيزِ»، إنَّما حكَى ذلك على القَوْلِ بأنَّه لا قِصاصَ، مع أنَّ ظاهِرَ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفِ هنا، أنَّ الخِلافَ على الوَجْهِ الثَّانى، وهو القَوْلُ بالقِصاصِ. وعلى كلِّ حالٍ، الخِلافُ جارٍ فى المَسْألتَيْن. قوله: وإذا أَوْضَحَ إنْسانًا، فذَهَب ضَوْءُ عيْنِه، أَو سَمْعُه، أَو شَمُّه، فإنَّه يُوضِحُه، فإنْ ذهَب ذلك، وإلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُذْهِبُه مِن غَيْرِ أَنْ يَجْنِىَ على

يُوضِحُه، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ، وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِىَ عَلَى حَدَقَتهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ حَدَقَتِه، أو أُذُنِه، أو أَنْفِه. هذا المذهبُ، أعْنِى اسْتِعْمالَ ما يُذْهِبُ ذلك. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم، منهم صاحِبُ «المُنَوِّرِ». قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: يَلْزَمُه دِيَتُه مِن غيرِ اسْتِعْمالِ ما يُذْهِبُه. وهل يَلْزَمُه فى مالِه أو على عاقِلَتِه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُها عليه. ولو أذْهَبَ ذلك عَمْدًا بشَحةٍ لا قَوَدَ فيها، أو لَطْمَةٍ، فهل يُقْتَصُّ منه بالدَّواءِ، أو تَتَعَيَّنُ دِيَتُه مِن الابْتِداءِ؟ على الوَجْهَيْن المُتَقَدِّمَيْن.

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَقَطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: وكذا الحُكْمُ فيما إذا لَطَمَه، فأَذْهَبَ ضَوْءَ عيْنِه (¬1) أو غيرَها] (¬2). تنبيهان، أحدُهما، قوْلُه: وإنْ لم يُمْكِنْ إلَّا بالجِنايَةِ على هذه الأعْضاءِ، ¬

(¬1) فى أ: «عينيه». (¬2) سقط من: ط.

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، الْمُمَاثَلَةُ فِى الْمَوْضِعِ، فَتُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، والْعُلْيَا والسُّفْلَى، مِنَ الشَّفَتَيْنِ والأَجْفَانِ بِمِثْلِهَا. والْإِصْبَعُ والسِّنُّ والأُنْمَلةُ بِمِثْلِهَا فِى المَوْضِعِ وَالاسْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سقَط. يعْنِى القَوَدَ، وأُخِذَتِ الدِّيَةُ.

وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، وَقَطَعَ الْوُسْطَى مِنْ تِلْكَ الإِصْبَعِ مِنْ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُلْيَا، فَصَاحِبُ الُوسْطَى مُخَيَّرٌ بَيْنُ أَخْذِ عَقْلِ أُنْمُلَتِهِ، وبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْطَعَ الْعُلْيَا، ثُمَّ يَقْتَصَّ مِنَ الْوُسْطى، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يُؤْخَذُ شَىْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمَا يُخَالِفُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلا تُؤْخَذُ أَصْلِيَّة بِزَائِدَةٍ، وَلَا زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، مفْهومُ قولِه: ولا تُؤْخَذُ أصْلِيَّةٌ بزائِدَةٍ، ولا زَائِدَةٌ بِأصْلِيَّةٍ. أنَّ الزَّائِدَةَ [تُؤْخَذُ بالزَّائِدَةِ] (¬1). وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، بشَرْطِ أَنْ يسْتَوِيَا مَحَلًّا وخِلْقَةً، ولو تَفاوَتا قَدْرًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُؤْخَذُ بها أيضًا. فإنِ اخْتَلَفا، لم تُؤْخَذْ بها، قوْلًا واحِدًا. فائدة: تُؤْخَذُ كامِلَةُ الأصابِعِ بزائِدَةٍ إصْبَعًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا تُؤْخَذُ بها. فإنْ ذهَبَتِ الإصْبَعُ الزَّائِدَةُ، فله الأَخْذُ. قوله: وإنْ تَراضَيا عليه، لم يَجُزْ -يعْنِى: إذا تَراضَيا على أَنْ يأْخُذَ الأصْلِيَّةَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ فَعَلَا، أَوْ قَطَعَهَا تَعَدِّيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالزَّائِدةِ، أو عكْسِه، وهذا بلا نِزاعٍ- فإنْ فَعَلا، أو قَطَعَها تعَدِّيًا، أو قال:

أَوْ قَالَ: أَخرِجْ يَمِينَكَ. فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ، فَقَطَعَهَا، أجْزَأَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ أخْرَجَهَا عَمْدًا، لَمْ يُجْزِ، ويُسْتَوْفَى مِنْ يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَخْرِجْ يَمِينَكَ. فأخْرَجَ يَسارَه، فقَطَعَها، أَجْزَأَتْ على كلِّ حالٍ، وسقَط القِصاصُ -هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ» - وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ أخْرَجَها عَمْدًا، لم يُجْزِ، ويُسْتَوْفَى مِن يَمِينِه بعدَ اندِمالِ

وَإِنْ أخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَعَلَى الْقَاطِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ اليَسارِ. قوله: وإنْ أَخْرَجَها دَهْشَةً، أو ظَنًّا أَنَّها تُجْزِءُ، فعلى القاطِعِ دِيَتُها. هذا

دِيَتُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلام ابنِ حامِدٍ واخْتِيارُه. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». قال الشَّارِحُ وغيرُه: فعلى القاطِعِ دِيَتُها إنْ عَلِمَ أنَّها يَسارٌ، وأنَّها لا تُجْزِئُ، ويُعَزَّرُ. وجزَم به. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ أيضًا، أنَّه إنْ أخْرَجَها عَمْدًا، وقَطَعَها، أنَّها تذْهَبُ هَدْرًا. انتهى. وقولُ ابنِ حامِدٍ: ويُسْتَوْفَى مِن يَمِينِه بعدَ انْدِمالِ اليَسارِ. يعْنِى، إذا لم يتَراضَيَا، فأمَّا إنْ تَرَاضَيَا، ففى سُقوطِه إلى الدِّيَةِ وَجْهان. وقال فى «التَّرْغيبِ»

وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَجْنُونًا، فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وإنْ جَهِلَ أحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وإنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا، وَالْآخَرُ غَاقِلًا، ذَهَبَتْ هَدْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى أصْلِ المَسْألَةِ: إذا ادَّعَى كلٌّ منهما أنَّه دُهِشَ، اقْتُصَّ مِن يَسارِ القاطِعِ؛ لأنَّه مأْمورٌ بالتَّثَبُّتِ. وقال: إنْ قَطَعَها عالِمًا عَمْدًا، فالقَوَدُ. وقيل: الدِّيَةُ، ويُقْتَصُّ مِن يُمْناه بعدَ الانْدِمالِ.

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، اسْتِوَاؤُهُمَا فِى الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ، فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشلَّاءَ، وَلَا كَامِلَةُ الأَصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ، وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ، وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثالثُ، اسْتِواؤُهما فى الصِّحَّةِ والكَمالِ، فلا يُؤْخَذُ لِسانٌ ناطِقٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأَخْرَسَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: لا نعلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا عن داودَ بنِ علىٍّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى لِسانِ النَّاطِقِ بأَخْرَسَ وَجْهان.

وَلَا ذَكَرٌ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ، وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِىٍّ وَلَا عِنِّينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا ذَكَرُ فَحْلٍ بذَكَرِ خَصِىٍّ ولا عِنِّينٍ. وهو المذهبُ فيهما. اخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: واخْتارَها أبو بَكْرٍ، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرازِىُّ، وغيرُهم. وصحَّحه المُصَنِّفُ،

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِما، ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أن يُؤْخَذَ بهما. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، واخْتارَها أبو بَكرٍ، وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن». وعنه، يُؤْخَذُ ذَكَرُ الفَحْلِ بذَكَرِ العِنِّينِ خاصَّةً. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وأطلَقَهُن فى

إِلَّا مَارِنَ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ، يُؤْخَذُ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ وَالْمَخْرُومِ وَالْمُسْتَحْشِفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال القاضى، وتبِعَه فى «الخُلاصَةِ»: ولا يُؤْخَذُ ذَكَرُ الفَحْلِ بالخَصِىِّ، وفى ذَكَرِ العِنِّينِ وَجْهان. قال القاضى فى «الجامِعِ»، وتَبعَه فى «الهِدايَةِ»: وأصْلُ الوَجْهَيْن، هل فى ذَكَرِ الخَصِىَّ والعِنِّينِ دِيَة كامِلَةَ، أو حُكُومَةٌ؟ على رِوايتَيْن. قوله: إلَّا مارِنَ الأشَمِّ الصَّحِيحِ، يُؤْخَذُ بمَارِنِ الأخْشَمِ -وهو الذى لا يَشُمُّ به (¬1) - والمَخْرُومِ، والمُسْتَحْشِفِ، وأُذُنُ السَّمِيعِ بأُذُنِ الأَصَمِّ الشَّلَّاءِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «فيه».

وَأُذُنَ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ الشَّلَّاءِ فى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، فى أخْذِ الصَّحيحِ بالمُسْتَحْشِفِ الوَجْهَيْن؛ أحدُهما، يُؤْخَذُ. وهو المذهبُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». [وجزَم به فى «الوَجيزِ»] (1). وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَ القاضى أخْذَ الأُذُنِ الصَّحيحَةِ والأَنْفِ الشَّامِّ بالأَنْفِ الأَخْشَمِ وبالأُذُنِ الأصَمِّ، واخْتارَ القاضى، والمُصَنِّفُ عدَمَ أخْذِ الأُذُنِ الصَّحيحَةِ والأَنْفِ الصَّحيحَةِ بالأذُنِ والأَنْفِ المَخْرومَتَيْن. واخْتارَ القاضى أخْذَ الأُذُنِ الصَّحيحَةِ بالأُذُنِ الشَّلَّاءِ. والوَجْهُ الثَّانِى، لا يُؤْخَذُ به فى الجميعِ. [قال الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه»: لا يُؤْخَذُ عُضْوٌ صحيحٌ بأشَلَّ] (¬1). قال فى «المُحَرَّرِ»: وقال القاضى: يُؤْخَذُ فى الجميعِ إلَّا فى المَخْرُومِ خاصَّةً. تنبيه: ذكَرَ المُصَنِّفُ أخْذَ أُذُنِ السَّمِيعِ بأُذُنِ الأصَمِّ الشَّلَّاءِ، على أحَدِ الوَجْهَيْن، ولم أرَ الأصحابَ ذكَرُوا إلَّا الصَّمَمَ مُنْفَرِدًا، والشَّلَلَ كذلك مِن غيرِ جَمْعٍ، فلعَلَّ سقَط مِن هنا واوٌ. ويكونُ تقْديرُه: بأُذُنِ الأَصَمِّ والشَّلَّاءِ، مُوافقَةً ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالصَّحِيحِ، وَبِمِثْلِهِ إِذَا أُمِنَ مِنْ قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ لكلامِ الأصحابِ، مع أنَّه لا يمْتَنِعُ وُجودُ الخِلافِ فى صُورَةِ المُصَنِّفِ. واللَّهُ أعلمُ. قوله: ويُؤْخَذُ المَعِيبُ مِن ذلك كُلِّه بالصَّحِيحِ، وبمِثلِه إذا أُمِنَ مِن قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ. بلا نزاعٍ.

وَلَا يَجِبُ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ أَرْشٌ، فى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الْآخَرِ، لَهُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ، وَلَا شَىْءَ لَهُ مِنْ أَجْلِ الشَّلَلِ. وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ أنَّ لَهُ أَرْشَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجِبُ مع القِصاصِ أَرْشٌ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وفى الوَجْهِ الآخَرِ، له دِيَةُ الأصابعِ النَّاقِصَةِ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى. قوله: ولا شئَ له مِن أجْلِ الشَّلَلِ. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكشِىُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو قوْلُ القاضى وشيْخِه. وقيل: الشَّلَلُ موْتٌ. قال فى «الفُنونِ»: سَمِعْتُه مِن جماعَةٍ مِنَ اللَّهِ المُدَّعِينَ للفِقْهِ. قال: وهو بعيدٌ، وإلَّا لأَنتَنَ واسْتَحالَ كالحَيوانِ. وقال فى «الواضِحِ»: إنْ ثبَت، فلا قَوَدَ فى مَيِّتٍ. واخْتارَ أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، أنَّ له أرْشَه مُطْلَقًا؛ قِياسًا على قوْلِه فى عَيْنِ الأعْوَرِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»: وهو أشْبَهُ بكلامِ أحمدَ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ».

فصل

وَإِنِ اخْتَلَفَا فى شَلَلِ الْعُضْوِ وَصِحَّتِهِ، فَأَيُّهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ، أَوْ مَارِنِهِ، أَوْ شَفَتِهِ، أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفا فى شَلَلِ العُضْوِ وصِحَّتِه، فأَيُّهما يُقْبَلُ قَوْلُه؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»؛ أحدُهما، القَوْلُ قولُ وَلِىِّ الجِنايَةِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، القولُ قولُ [الجانِى. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ» عكْسَ قولِ ابنِ حامِدٍ، فى أعْضاءَ باطِنَةٍ؛ لتَعَذُّرِ البَيِّنَةِ. وقيل: القَوْلُ قولُ] (¬1) وَلِىِّ الجِنايَةِ إنِ اتَّفَقَا على صِحَّةِ العُضْوِ. قوله: وإنْ قطَع بعضَ لِسانِه، أو مارنِه، أَو شَفَتِه، أَو حَشَفَتِه، أَو أُذُنِه، أُخِذَ مثلُه، يُقَدَّرُ بالأجْزاءِ، كالنِّصْفِ والثُّلُثِ والرُّبْعِ. هذا المذهبُ. وقطَع به ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

حَشَفَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أُخِذَ مِثْلُهُ، يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ، كَالنِّصْفِ والثُّلُثِ والرُّبْعِ. وَإِنْ كَسَرَ بَعْضَ سِنِّهِ، بُرِدَ مِنْ سِنِّ الْجَانِى مِثْلُهُ، إِذَا أُمِنَ قَلْعُهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ فى غيرِ قَطْعِ بعضِ اللِّسانِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه كذلك. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا قَوَدَ ببعضِ اللِّسانِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُنَوِّرِ». قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِير»: وهو الأصحُّ.

وَلَا يُقْتَصُّ مِنَ السِّنِّ حَتَّى يُيْأَس مِنْ عَوْدِهَا، فَإنِ اخْتَلَفَا فِى ذَلِكَ، رُجِعَ إِلَى قَوْلِ أَهْلَ الْخِبْرَةِ. فَإنْ مَاتَ قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهَا، فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَلَا قِصَاصَ فِيها. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْتَصُّ مِنَ السِّنِّ حتى يُيْأَسَ مِن عَوْدِها بقَوْلِ أَهْلِ الخِبْرَةِ. هذا المذهبُ المَجْزومُ به عندَ الأصحابِ، إلَّا أنَّ المُصَنِّفَ اخْتارَ فى سِنِّ الكَبيرِ ونحوِها القَوَدَ فى الحال. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولعَله مُرادُ الأصحابِ، فإنَّ سِنَّ الكَبيرِ إذا قُلِعَتْ، يُيْأَسُ مِن عَوْدِها غالِبًا. قوله: فإنْ ماتَ قبلَ اليَأْسِ مِن عَوْدِها، فعليه دِيَتُها، ولا قِصاصَ فيها. تجِبُ

وَإِنِ اقْتَصَّ مِنْ سِنٍّ فَعَادَتْ، غَرِمَ سِنَّ الْجَانِى، ـــــــــــــــــــــــــــــ دِيَتُها إذا ماتَ قبلَ اليَأْسِ مِن عوْدِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقيل: لا شئَ عليه، بل تذْهَبُ هَدْرًا، كنَبْتِ شئٍ فيه. قالَه فى «المُنْتَخَبِ». فائدة: الظُّفْرُ كالسِّنِّ فى ذلك، وله فى غيرِهما الدِّيَةُ، وفى القَوَدِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، له القَوَدُ حيثُ شُرِعَ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، ليس له القَوَدُ. قوله: وإنِ اقْتَصَّ مِن سِنٍّ فعادَتْ، غَرِمَ سِنَّ الجانِى، ثم إنْ عادَتْ سِنُّ الجانِى،

ثُمَّ إِنْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِى، رَدَّ مَا أَخَذَ، وَإِنْ عَادَتْ سِنُّ الْمَجْنِىِّ عَلَيْهِ قَصِيرَةً أَوْ مَعِيبَةً، فَعَلَى الْجَانِى أَرْشُ نَقْصِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَدَّ ما أَخَذَ. هذا المذهبُ المَقْطُوعُ به عندَ جماهيرِ الأصحاب. ونقَل ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، فى مَن قلَع سِنَّ كبير ثم نَبَتَتْ، أنَّه لا يَرُدُّ ما أخَذ. قال: ذَكَرَه أبو بَكْرٍ. ويأْتِى ذلك أيضًا فى بابِ دِيَاتِ الأعْضاءِ ومَنافِعِها فى أوَّلِ الفَصْلَ الثَّانى. فائدة: حيثُ قُلْنا: يَرُدُّ ما أخَذَ. فإنَّه لا زَكاةَ فيه، كمالٍ ضالٍّ. ذكَرَه أبو المَعالِى.

فصل

فَصْلٌ: النَّوْعُ الثَّانِى، الْجُرُوحُ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ فى كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إِلَى عَظْمٍ؛ كَالْمُوضِحَةِ، وَجُرْحِ الْعَضُدِ، وَالْفَخِذِ، وَالسَّاقِ، وَالْقَدَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: النَّوْعُ الثَّانى، الجُرُوحُ، فيَجِبُ القِصاصُ فى كلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ؛ كالمُوضِحَةِ، وجُرْحِ العَضُدِ والسَّاعِدِ، والفَخِذِ، والسَّاقِ، والقَدَمِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقَطَعُوا به. وقيل له فى رِوايَةِ أبى داودَ: المُوضِحَةُ يُقْتَصُّ منها؟ قال: المُوضِحَةُ كيفَ يُحِيطُ بها.

وَلَا يَجِبُ فِى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجِبُ فى غيرِ ذلك مِنَ الشِّجاجِ والجُرُوحِ. كما دُونَ المُوضِحَةِ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَعْظَمَ منها.

إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْمُوضِحَةِ، كَالْهَاشِمَةِ والْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ، فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً، وَلَا شَىْءَ لَهُ، عَلَى قَوْلِ أَبِى بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ المُوضِحَةِ؛ كالهاشِمَةِ والمُنَقِّلَةِ والمأْمُومَةِ، فله أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً. بلا نِزاعٍ. قوله: ولا شئَ له، على قَوْلِ أَبِى بَكْرٍ -وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه».

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَهُ مَا بَيْنَ دِيَةِ مُوضِحَةٍ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ. فَيأْخُذُ فِى الْهَاشِمَةِ خَمْسًا مِنَ الإبلِ، وَفِى الْمُنَقِّلَةِ عَشْرًا، وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ، فَلَوْ أَوْضَحَ إِنْسَانًا فى بَعْضِ رَأْسِهِ، مِقْدَارُ ذَلِكَ الْبَعْضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وَزِيَادَةٌ، كَانَ لَهُ أَنْ يُوضِحَهُ فى جَمِيعِ رَأْسِهِ، وفى الْأَرْشِ لِلْزَّائِدِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الحاوِى» - وقال ابنُ حامِدٍ: له ما بينَ دِيَةِ مُوضِحَةٍ ودِيَةِ تلك الشَّجَّةِ، فيأْخُذُ فى الهاشِمَةِ خَمْسًا مِنَ الإبِلِ، وفى المُنَقِّلَةِ عَشْرًا. وفى المَأْمُومَةِ ثَمانِيَةً وعِشْرِين وثُلُثًا. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن». وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ». قوله: ويُعْتَبَرُ قَدْرُ الجُرْحِ بالمِساحَةِ، فلو أَوْضَحَ إنْسانًا فى بعضِ رَأْسِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِقْدارُ ذلك البعضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وزِيادَةٌ، كانَ لة أَنْ يُوضِحَه فى جَمِيعِ رَأْسِه -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وفى الأَرْشِ للزَّائِدِ وَجْهَان. قال فى «المُوجَزِ»: وفى بعضِ إصْبَعٍ رِوايَتان. وأَطْلَقَ الوَجْهَيْن فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه أَرْشُ الزَّائدِ. صحَّحه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». قال القاضى: هذا ظاهِرُ كلامِ أبى بَكْرٍ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما: لا يَلْزَمُه أَرْشُ الزَّائدِ على قوْلِ أبى بَكْرٍ. والوَجْهُ الثَّانى، له الأَرْشُ للزَّائدِ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وبعضُ الأصحابِ. قالَه الشَّارِحُ. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». فائدة: لو كانتِ الصِّفَةُ بالعَكْسِ، بأنْ أوْضَحَ كلَّ رأْسِه، وكان رأْسُ الجانِى أكبرَ منه، فله قَدْرُ شَجَتِه مِن أىِّ الجانِبَيْن شاءَ فقط. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: ومِنَ الجانِبَيْن أيضًا. وأمَّا إذا كانتِ الشجةُ بقَدرِ بعضِ الرَّأْسِ منهما، لم يعدِلْ عن جانِبِها إلى غيرِه، بلا نِزاعٍ.

فصل

فَصْلٌ: وَإِنِ اشْتَرَكَ الْجَمَاعَةُ فِى قَطعِ طَرَفٍ، أَوْ جُرجٍ مُوجاٍ لِلْقِصَاصِ وَتَسَاوتْ أفْعَالُهُم، مِثْلَ أَنْ يَضَعُوا الْحَدِيدَةَ عَلَى يَدِهِ وَيَتَحَامَلُوا عَلَيْها جَمِيعًا حَتَّى تَبِينَ، فَعَلَى جَمِيعِهِمُ الْقِصَاصُ، فى إحدَى الرِّوَايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنِ اشْتَرَكَ جَماعَة فى قَطْعِ طَرَفٍ، أَو جُرْحٍ مُوجِبٍ للقِصاصِ وتساوَتْ أفْعالُهم، مِثلَ أَنْ يَضَعُوا الحَدِيدَةَ على يَدِه ويَتَحامَلُوا عليها جَمِيعًا حتى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَبِينَ، فعلى جَمِيعِهم القِصاصُ، فى إحدَى الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وهو الذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، وغيرِ هما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا قِصاصَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهم. والحُكْمُ هنا كالحُكْمِ فى قَتْلِ الجماعَةِ بالواحِدِ، على ما تقدَّم فى كتابِ الجِنايَاتِ، وشَرْطه، كما قال المُصَنِّفُ.

وَإِنْ تَفَرَّقَتْ أَفْعَالُهُم، أَوْ قَطَعَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَانِبٍ، فَلَا قِصَاصَ، رِوايةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا لو تفَرَّقَتْ أفْعالُهم، أو قطَع كلُّ إنْسانٍ مِن جانِبٍ، فلا قِصاصَ، رِوايةً واحدةً كما قالَ. فائدة: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: لو حلَف كل واحدٍ منهم أنَّه لا يقْطَعُ يدًا، حَنِثَ بهذا الفعلِ. [وكذا قال أبو الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»] (¬1). وقال أبو البَقَاءِ: إنَّ كلًّا منهم قاطعٌ لجميعِ اليَدِ (¬2). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَة بِالْقِصَاصِ أوِ الدِّيَةِ، فَلَوْ قَطَعَ إصبَعًا فَتَآكَلَتْ أُخْرَى إلى جَانِبها وَسَقَطَتْ مِنْ مَفْصِل، أَوْ تَآكَلَتِ الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنَ الْكُوعِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ فِى ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وسِرايَةُ الجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بالقِصَاصِ والدِّيَةِ؛ فلو قطَع إصْبَعًا فتآكَلَتْ أُخْرَى إلى جانِبها وسقَطَتْ مِن مَفْصِلٍ، أَوْ تَآكَلَتْ اليَدُ وسقَطَتْ منَ الكُوعِ، وجَب القِصاصُ فى ذلك -بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب- وإنْ شَلَّ، ففيه دِيَتُه دُونَ القِصاصِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى

وَإِنْ شَلَّ، فَفِيهِ دِيَتُهُ دُونَ الْقِصَاصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ أبى مُوسى: لا قَوَدَ بنَقْصِه بعدَ بُرئِه.

وَسِرَايةُ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ قِصَاصًا، فَسَرَى إِلَى النَّفْسِ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الْقَاطِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وسِرايةُ القَوَدِ غيرُ مَضْمُونَةٍ، فلو قطَع اليَدَ قِصاصًا، فسَرَى إلى النَّفْسِ، فلا شئَ على القاطِعِ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لوِ اقْتَص قَهْرًا مع حَرٍّ أو بَرْدٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بآلةٍ كالَّةٍ أو مَسْمُومَةٍ ونحوِه، لَزِمَه بَقِيَّةُ الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وصحَّحه فى «الرِّعايَتَيْن». وعندَ القاضى، يَلْزَمُه نِصف الدِّيَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: مَن له قَوَد فى نَفْسٍ وطَرَفٍ فقَطَعَ طَرَفَه، فسَرَى، أو صَالَ مَن عليه الدِّيَةُ، فَدَفَعَه دَفْعًا جائرًا، فقَتَلَه، هل يكونُ مُسْتَوْفِيًا لحَقِّه، كما يُجْزئُ إطْعامُ مُضْطَرٍّ عن كفَّارَةٍ قد وجَب عليه بدَلُه له.

وَلا يَقْتَصُّ مِنَ الطَّرَفِ إلَّا بَعدَ بُرْئِهِ، فإنِ اقْتَصَّ قَبْلَ ذَلِكَ، بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ سِرَايَةِ جُرْحِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا مَن دخَل مسْجِدًا، وصلَّى قَضاءً ونَوَى، كفاه عن تحِيَّةِ المَسْجِدِ؟ فيه احتِمالان. قوله: ولا يَقْتَصُّ مِنَ الطَّرَفِ إلا بعدَ بُرْئِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَحرُمُ عليه أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الطَّرَفِ قبلَ بُرْئِه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، بل وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: ويَحرُمُ القَوَدُ قبلَ بُرْئِه على الأصحِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يَحْرُمُ. وهو تخْرِيجٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، مِن قوْلِنا: إنَّه إذا سَرَى إلى النَّفْسِ (¬1) يُفْعَلُ به كما فعَل. ¬

(¬1) فى ط: «السن».

فَلَو سَرَى إِلَى نَفْسِهِ، كَانَ هَدْرًا، وَإِنْ سَرَى الْقِصَاصُ إِلَى نَفْسِ الْجَانِى، كَانَ هَدْرًا أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: فإنِ اقْتَصَّ قبلَ ذلك، بَطَلَ حقُّه مِن سِرايَةِ جُرْحِه، فلو سَرَى إلى نَفْسِه، كانَ هَدْرًا. قال الإِمامُ أحمدُ: لأنَّه قد دخَلَه العَفْوُ بالقِصاصِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ.

كتاب الديات

كِتَابُ الدِّيَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الدِّيَاتِ

كُلُّ مَنْ أَتْلفَ إِنْسَانًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ، بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا مَحْضًا، فَهِىَ فى مَالِ الْجَانِى حَالَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: كلُّ مَن أَتْلَفَ إنْسَانًا، أو جُزْءًا منه بمُباشَرَةٍ أَو سَبَبٍ، فعليه دِيَتُه، فإنْ كان عَمْدًا مَحْضًا، فهى فى مالِ الجانِى حَالَّة. بلا نِزاعٍ. ويأْتِى ذلك فيما لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَحْمِلُه العاقِلَةُ فى بابِ العاقِلَةِ.

وَإِنْ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ، أو خَطَأً، أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وِإنْ كانَ شِبْهَ عَمْدٍ، أَو خطَأً، أو مما جَرَى مَجْراه، فعلى عاقِلَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أمَّا الخَطأُ وما جرَى مَجْراه، فتَحْمِلُه العاقِلَةُ، وأمَّا شِبْهُ العَمْدِ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، بأنَّها تحْمِلُه. وهو المذهبُ. وقال أبو بَكْرٍ: لا تحْمِلُه. ويأْتِى ذِكْرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافُ قَرِييًا فى كلامِ المُصَنِّفِ فى بابِ العاقِلَةِ.

وَلَوْ أَلْقَى عَلَى إِنْسَانٍ أَفْعًى، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْها، فَقَتَلَتْهُ، أَوْ طَلَبَ إِنْسَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو أَلْقَى على إنْسانٍ أَفْعًى، أو أَلْقاهُ عليها فقَتَلَتْه، أَو طلَب إنْسانًا بِسَيْفٍ

بِسَيْفٍ مُجَرَّدٍ فَهَرَبَ، فَوَقَعَ فِى شَىْءٍ تَلِفَ به، بَصِيرًا كَانَ أَوْ ضَرِيرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فى فِنَائِهِ، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا، أَوْ صَبَّ مَاءً فِى طَرِيقٍ، أَوْ بَالَتْ فِيها دَابَّتُهُ وَيَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ رَمَى قِشْرَ بِطِّيخٍ فِيها، فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُجَرَّدٍ فهَرَب، فوَقَع فى شئٍ تَلِفَ به، بَصِيرًا كانَ أَو ضَرِيرًا، وجَبَتْ عليه دِيَتُه. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: وعندِى أنَّه كذلك إذا انْدَهَشَ، أو لم يعْلَمْ بالبِئْرِ، أمَّا إذا تعَمَّدَ إلْقاءَ نفْسِه مع القَطْعِ بالهَلاكِ، فلا خَلاصَ مِنَ الهَلاكِ، فيكونُ كالمُباشِرِ مِنَ التَّسَبُّبِ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ إنَّه مُرادُ غيرِه. قلتُ: الذى يَنْبَغِى أَنْ يُجْزَمَ به، أنَّه مُرادُ الأصحابِ، وكلامُهم يدُلُّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: أَو حفَر بِئْرًا فى فِنائِه، فتَلِفَ به إنْسَانٌ، وجَبَتْ عليه دِيَتُه. مُرادُه، إذا كانَ الحَفْرُ مُحَرَّمًا (¬1)؛ وسواءٌ كان فى فِنائِه أو غيرِه، فمُرادُه ضَرْبُ مِثَالٍ لا حَصْرُ المَسْألَةِ فى ذلك. وتقدَّم فى كتابِ الجِنايَاتِ قُبَيْلَ قوْلِه: وشِبْهُ العَمْدِ. فى «الفائِدَةِ الثَّامِنَةِ»: إذا حفَر فى بَيْتِه بِئْرًا وستَرَه ليَقَعَ فيه أحدٌ. وتقدَّم فى أواخِرِ الغَصْبِ فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا حفَرَ فى فِنائِه بِئْرًا لنَفْسِه، أو حفَرَها فى سابِلَةٍ لنَفْعِ المُسْلِمين، ووَقعَ فيها شئٌ، ما حُكْمُه؟ فليُراجَعْ. قوله: أَو صَبَّ مَاءً فى طَرِيقٍ، فتَلِفَ به إنْسَانٌ، وجَبَتْ عليه دِيَتُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ رَشَّه لذَهابِ الغُبارِ، فمَصْلَحَةٌ عامَّةٌ، كحَفْرِ بِئْرٍ فى سابِلَةٍ، وفيه رِوايَتان. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ أَلْقَى كِيسًا فيه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا، وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا، فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ، فَوَقَعَ فى الْبِئْرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ دَراهِمَ فى الطَّريقِ، فكإلْقاءِ الحَجَرِ، وأنَّ كلَّ مَن فَعَل فيها شيئًا ليس مَنْفَعَةً، ضَمِنَ. وتقدَّم فى أواخِرِ الغَصْبِ، لو تَرَكَ طِينًا فى الطَّرِيقِ، أو خَشَبَةً، أو عَمُودًا، أو حَجَرًا، ونحوَ ذلك، فتَلِفَ به شئٌ. فليُراجَعْ. قوله: أَو بالَتْ فيها دابَّتُه ويَدُه عليها، فتَلِفَ به إنْسَانٌ، وجَبَتْ عليه دِيَتُه. وهذا المذهبُ؛ سواءٌ كان راكِبًا أو قائِدًا أو سائِقًا، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: وقِياسُ المذهبِ [لا يضْمَنُه] (¬1)؛ كمَن سلَّم على غيرِه، أو أمْسَكَ يَدَه، فماتَ، ونحوُه؛ لعدَمِ تأْثِيرِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: وإنْ حفَر بِئْرًا، ووضَع آخَرُ حَجَرًا، فعثَر به إنْسانٌ، فوَقَع فى البِئْرِ - ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقد اجْتَمَعَ سبَبان مُخْتَلِفان- فالضَّمانُ على واضِعِ الحَجَرِ. وهذا المذهبُ المَشْهورُ. وقال فى «الفُروعِ»: وهو أشْهَرُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، الضَّمانُ عليهما. قال فى «الفُروعِ»: فيَتَخَرَّجُ منه ضَمانُ المُتَسَبِّبِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وجعَله أبو بَكْرٍ كقاتِل ومُمْسِكٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا تعَدَّيا بفِعْلِ ذلك، أمَّا إنْ تعَدَّى أحدُهما، فالضَّمانُ عليه وحدَه. قالَه الأصحابُ. وتقدَّم أحْكامُ البِئْرِ فى آخِرِ الغَصْبِ.

وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا، فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ، فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ بِمَرَضٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ غصَب صَغِيرًا، فنَهَشَتْه حَيَّةٌ، أو أصابَتْه صاعِقَةٌ، ففيه الدِّيَةُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، ولكِنْ شرَط ابنُ عَقِيلٍ فى ضَمانِه كوْنَ أرْضِه تُعْرَفُ بذلك. وحكَى صاحِبُ «النَّظْمِ» فى الغَصْبِ، أنَّ ابنَ عَقِيلٍ قال: لا يضْمَنُه. فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: مِثْلُ الحَيَّةِ والصَّاعِقَةِ كلُّ سَبَبٍ يخْتَصُّ البُقْعَةَ؛ كالوَباءِ وانْهِدام سَقْفٍ عليه، ونحوِهما. قوله: وإنْ مَاتَ بمَرَضٍ، فعلى وَجْهَيْن. وكذا لو ماتَ فَجْأَةً. وهما رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

وَإِنِ اصْطَدَمَ نَفْسَانِ، فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، تجِبُ عليه الدِّيَةُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». والوَجْهُ الثَّانى، لا تجِبُ. نَقَلَه أبو الصَّقْرِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». قال الحارِثِىُّ فى الغَصْبِ: وعن ابنِ عَقِيلٍ، لا يضْمَنُ، ولم يُفَرِّقْ بينَ الصَّاعِقَةِ والمَرَضِ، وهو الحَقُّ. انتهى. وتقدَّم فى أوَائلِ الغَصْبِ، إذا غصَب صغِيرًا، هل يضْمَنُه بذلك؟ فى كلامِ المُصَنِّفِ. فائدة: لو قيَّد حُرًّا مُكَلَّفًا وغَلَّه، فتَلِفَ بصاعِقَةٍ أو حَيَّةٍ، ففيه الدِّيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ». وقيل: لا تجِبُ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنِ اصْطَدَمَ نَفْسان -قال فى «الرَّوْضَةِ»: بصِيرانِ، أو ضَرِيران، أو أحدُهما. قلتُ: وكذا قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ- فماتا، فعلى عاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ منهما دِيَةُ الآخَرِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الخِرَقِىِّ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»،

وَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ، فَمَاتَتِ الدَّابَّتَانِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ على عاقِلَةِ كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُ الدِّيَةِ. وهو تخْرِيجٌ لبعضِهم. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سواءٌ كانَ تَصادُمُهما عَمْدًا أو خطَأً. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: إذا كانَ عَمْدًا، يضْمَنانِ دُونَ عاقِلَتِهما. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وهو أظْهَرُ. قوله: وإنْ كانا راكِبَيْن، فماتَتِ الدَّابَّتان، فعلى كلِّ واحِدٍ منهما قِيمَةُ دَابَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرِ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلِ: على كل واحدٍ منهما نِصْفُ قِيمَةِ دابَّةِ الآخَرِ. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، إنْ غلَبَتِ الدَّابَّةُ راكِبَها بلا تَفريطٍ، لم

وَإِنْ كَانَ أحَدُهُمَا يَسِيرُ، وَالْآخَرُ واقِفًا، فَعَلَى السَّائِرِ ضَمَانُ الْوَاقِفِ وَدَابَّتِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِى طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، قَاعِدًا أَوْ وَاقِفًا، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يضْمَنْ. وجزَم به فى «التَّرْغيبِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ كانَ أَحَدُهما يَسِيرُ، والآخَرُ واقِفًا، فعلى السَّائِرِ ضَمانُ الواقِفِ وَدَابَّتِه، إلَّا أَنْ يكون فى طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، قاعِدًا أَو واقِفًا، فلا ضَمانَ فيه، وعليه ضَمانُ ما تَلِفَ به. ذكَر المُصَنِّفُ هنا مسْألَتَيْن؛ إحْداهما، ما يُتْلِفُه السَّائِرُ إذا كانَ الآخَرُ واقِفًا [أو قاعِدًا؛ فقطع بضَمانِ الواقِفِ ودابَّتِه على السَّائرِ، إلَّا أَنْ يكونَ فى طَريقٍ ضَيِّقٍ، قاعِدًا أو واقِفًا] (¬1)، فلا ضَمانَ عليه. وهو أحدُ الوَجْهَيْن، وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ منهما، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى». وقيل: يضْمَنُه السَّائِرُ؛ سواءٌ كانَ الواقِفُ فى طَريقٍ ضَيِّقٍ، أو واسِعٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». المَسْأَلةُ الثَّانيةُ، ما يُتْلِفُه الواقِفُ أو القاعِدُ للسَّائِرِ فى الطَّريقِ الضَّيِّقِ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يضْمَنُه. وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، واخْتارَه المُصَنِّفُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه لا يضْمَنُ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وأمَّا ما يتْلَفُ للسَّائِرِ إذا كانتِ الطريقُ وَاسِعَةً، فلا ضَمانَ على الواقِفِ والقاعِدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يضْمَنُه. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: فعلى السَّائِرِ ضَمانُ الواقِفِ ودابَّتِه. ضَمانُ الواقفِ يكونُ على عاقِلَةِ السَّائِرِ، وضَمانُ دابةِ الواقِفِ على نفْسِ السَّائِرِ. صرَّح به الأصحابُ. فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ غيرُ مُرادٍ. الثَّانى، قوْلُه: إلَّا أَنْ يكونَ فى طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، قاعِدًا أَو واقِفًا. قال ابنُ مُنَجَّى: لا بُدَّ أَنْ يلْحَظَ أنَّ الطَّريقَ الضَّيِّقَ غيرُ مَمْلوكٍ للواقِفِ، أوِ القاعِدِ؛ لأنَّه إذا كانَ

وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ لَا وِلَايةَ لَهُ عَلَيْهِمَا، فَاصْطَدَمَا، فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَمْلوكًا، لم يكُنْ مُتَعَدِّيًا بوُقوفِه فيه، بلِ السَّائِرُ هو المُتَعَدِّى بسُلوكِه مِلْكَ غيرِه بغيرِ إذْنِه. انتهى. فائدة: لوِ اصْطَدَمَ عَبْدان ماشِيان، فَماتا، فهَدْرٌ. وإنْ ماتَ أحدُهما، فقِيمَتُه فى رَقَبَةِ الآخَرِ كسائِرِ جِنايَتِه. وإنِ اصْطَدَمَ حُرٌّ وعَبْدٌ، فماتا، ضُمِنَتْ قِيمَةُ العَبْدِ فى تَرِكَةِ الحُرِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: نِصْفُها. وتجِبُ دِيَةُ الحُرِّ كامِلَة فى تلك القِيمَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ الوَجْهُ أو نِصْفُها. وما هو ببعيدٍ. قوله: وإنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْن لا وِلايَةَ له عليهما، فاصْطَدَما، فماتا، فعلى عاقِلَتِه دِيتُهما. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. جزَم به فى «التَّرْغيبِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الضَّمانَ على الذى أرْكَبَهما. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذكِرَتِه». وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ». تنبيهان؛ أحْدُهما، محَلُّ الخِلافِ فى نَفْسِ الدِّيَةِ، على مَن تجِبُ؟ أمَّا إنْ كانَ التَّالِفُ مالًا، فإنَّ الذى أرْكَبَهما يضْمَنُه، قوْلًا واحِدًا.

وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ، فَقَتَلَ الْحَجَرُ إنْسَانًا، فعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّه لو أرْكَبَهما مَن له وِلايَةٌ عليهما، أنَّه لا شئَ عليه. وتحْريرُ ذلك أنَّه لو أرْكَبَهما لمَصْلَحَةٍ، فهما كما لو رَكِبَا وكانا بالِغَيْن عاقِلَيْن، على ما تقدَّم. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اختارَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «الكافِى» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنَّما ذلك إذا أَرْكَبَهما ليُمَرِّنَهما على الرُّكوبِ إذا كانا يَثْبُتان بأَنفُسِهما، فأمَّا إنْ كانا لا يَثْبُتان بأنْفُسِهما، فالضَّمانُ عليه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ صَلَحَا للرُّكوبِ وأرْكَبَهما ما يصْلُحُ لرُكوبِ مِثْلِهما، لم يَضْمَنْ، وإلَّا ضَمِنَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولعلَّه مُرادُ مَن أَطْلَقَ. فوائد؛ الأُولَى، لو رَكِبَ الصَّغِيران مِن عندِ أنْفُسِهما، فهما كالبالِغَيْن فيما تقدَّم. الثَّانيةُ، لوِ اصْطَدَمَ كبيرٌ وصغيرٌ، فإنْ ماتَ الصَّغيرُ، ضَمِنَه الكبيرُ، وإنْ ماتَ الكبيرُ، ضَمِنَه الذى أرْكَبَ الصَّغيرَ. الثَّالثةُ، لو تَجاذَبَ اثْنان حَبْلًا أو نحوَه، فانْقَطَع فسَقَطا فماتا، فهما كالمُتَصادِمَيْن؛ سواءٌ انْكَبَّا أوِ اسْتَلْقَيَا، أو انْكَبَّ أحدُهما واسْتَلْقَى الآخَرُ، لكِنَّ نِصْفَ دِيَةِ المُنْكَبِّ على عاقِلَةِ المُسْتَلْقِى مُغَلَّظَةٌ، ونِصْفَ دِيَةِ المُسْتَلْقِى على عاقِلَةِ المُنْكَبِّ مُخَفَّفَةٌ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». تنبيه: تقدَّم فى أواخِرِ بابِ الغصْبِ أحْكامُ ما إذا اصْطدَمَ سَفِينَتان، فليُعاوَدْ. قوله: وإنْ رمَى ثَلَاثةٌ بمَنْجَنِيقٍ، فقَتَل الحَجَرُ إنْسانًا، فعلى عاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ منهم ثُلُثُ دِيَتِه. ولا قَوَدَ؛ لعدَمِ إمْكانِ القَصْدِ غالِبًا. وهذا المذهبُ. وعليه

وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا؛ يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه: وقيل: تجِبُ الدِّيَةُ فى بَيْتِ المالِ، فإنْ تعَذَّرَ، فعلى العاقِلَةِ. وفى «الفُصولِ» احْتِمالٌ، أنَّه كرَمْيِه عن قَوْسٍ ومِقْلاعٍ، وحَجَر عن يَدٍ. ونقَل المَرُّوذِىُّ، يفْدِيه الإِمامُ، فإنْ لم يكُنْ، فعليهم. واخْتارَ فى «الرِّعايَةِ» أنَّ ذلك عَمْدٌ إذا كانَ الغالِبُ الإِصابةَ. قلتُ: إن قصَدُوا رَمْيَه، كان عَمْدًا، وإلَّا فلا. قوله: وإنْ قُتِلَ أحَدُهم، ففيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُها، يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِه، وعلى عاقِلَةِ صاحِبَيْه ثُلُثا الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به القاضى فى «المُجَرَّدِ»،

والثَّانِى، عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ. والثَّالِثُ، عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ، وَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُصَنِّفُ فى «العُمْدَةِ»، والأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وقال فى «المُغْنِى» (¬1): هذا [أحْسَنُ وأصحُّ] (¬2) فى النَّظَرِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «إدراكِ الغايةِ». والثَّانى، عليهما كَمالُ الدِّيَةِ. قال أبو الخَطَّابِ، وتَبِعَه صاحِبُ «الخُلاصَةِ»: هذا قِياسُ المذهبِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) انظر: المغنى 12/ 83. (¬2) فى ط: «حسن واضح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ». والثَّالثُ، على عاقِلَتِه ثُلُثُ الدِّيَةِ لوَرَثَتِه، وثُلُثاها على عاقِلَةِ الآخَرَيْن ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقىِّ. وهذا الوَجْهُ مَبْنِىٌّ على إحْدَى الرِّوايتَيْن الآتِيتَيْن فى أنَّ جِنايَتَه على نفْسِه تجِبُ على عاقِلَتِه. وأطْلَقَهُنَّ فى «الشَّرْحِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: تكونُ عليه، يدْفَعُها إلى وَرَثَتِه. تنبيه: قولُه: أحدُها؛ يُلْغَى فِعْلُ نفْسِه، وعلى عاقِلَةِ صاحِبَيْه ثُلُثا الدِّيَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِى، يُلْغَى فِعْلُ نفْسِه وما يَتَرَتَّبُ عليه. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وأمَّا كَوْنُ أحدِهم، إذا قَتَلَه الحَجَرُ، يُلْغى فِعْلُ نفْسِه فى وَجْهٍ، فقِياسٌ على المُتَصادِمَيْن. وقد تقدَّم. فعلى هذا، يجِبُ كَمالُ -الدِّيَةِ على عاقِلَةِ صاحِبَيْه. صرَّح بذلك المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». ولم يُرَتِّبِ المُصَنِّفُ هنا على إلْغاءِ فِعْلِ نفْسِه كمالَ الدِّيَةِ، بل رَتَّبَ عليه وُجوبَ ثُلُثَى الدِّيَةِ على عاقِلَةِ صاحِبَيْه، قال: ولا أعْلَمُ له وَجْهًا، بل وَجْهُ إيجابِ ثُلُثَى الدِّيَةِ على عاقِلَةِ صاحِبَيْه، أَنْ يجْعَلَ ما قابَلَ فِعْلَ المَقْتولِ ساقِطًا لا يضْمَنُه أحَدٌ؛ لأنَّه شارَكَ فى إتْلافِ نفْسِه، فلم يضْمَنْ ما قابَلَ فِعْلَه، كما لو شارَكَ فى قَتْلِ بهِيمَتِه أو عَبْدِه. وهذا صرَّح به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، ونَسَبَه إلى القاضى. انْتَهى كلامُ ابنِ مُنَجَّى. وليس فيه كبيرُ جَدْوَى، ولا يرُدُّ على المُصَنِّفِ ما قال، فإنَّ مُرادَه بقَوْلِه: يُلْغى فِعْلُ نفْسِه. أنَّه يسْقُطُ فِعْلُ نفْسِه، وما يتَرَتَّبُ عليه، بدَليلِ قوْله: وعلى عاقِلَةِ صاحِبَيْه ثُلُثَا الدِّيَةِ. ولا يَلْزَمُ مِن إلْغاءِ فِعْلِ نفسِه وُجوبُ كَمالِ الدِّيَةِ، وعلى تقْديرِ أَنْ يلْزَمَ ذلك، فمَحَلُّه إذا لم يذْكرِ الحُكْمَ. واللَّهُ أعلمُ. فائدة: لو قَتَل الحَجَرُ الثَّلَاثةَ، فعلى قوْلِ القاضى، على عاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ ثُلُثًا

وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَالدِّيَةُ حَالَّة فى أَمْوَالِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّيَةِ. وثُلُثُها هَدَرٌ، وعلى قولِ أبى الخَطَّابِ، على عاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ كَمالُ الدِّيَةِ للآخَرَيْنَ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قوله: وإنْ كانُوا أكْثَرَ مِن ثَلَاثةٍ، فالدِّيَةُ حَالَّةٌ فى أمْوالِهم. هذا المذهبُ. وعليه جماهِيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا هو المذهبُ المُخْتارُ للأصحابِ. قال الشَّارحُ: فإنْ كانُوا أكثرَ مِن ثلَاثةٍ، فالدِّيَةُ حالَّةٌ (¬1) فى أمْوالِهم، فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، إلَّا على الوجهِ الذى اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، فإنَّهم إذا كانُوا أرْبَعَةً، فقَتَلَ الحَجَرُ أحدَهم، فإنَّه يجِبُ على عاقِلَةِ كلِّ واحِدٍ مِنَ الثَّلَاثةِ الباقِين ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ لأنَّهم تحَمَّلُوها كلَّها. انتهى. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»: وإنْ زادُوا على ثلَاثةٍ، فالدِّيَةُ فى أمْوالِهم. وعنه، على العاقِلَةِ؛ لاتِّحادِ فِعْلِهم. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وإنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانُوا أرْبعَةً، فالدِّيَةُ عليهم كالخَمْسَةِ. زادَ فى «الكُبْرى»، فى الأصحِّ. [وعنه، على عَواقِلِهم. انتهى] (2). فائدة: لا يضْمَنُ مَن وضَع الحَجَرَ، وأمْسَكَ الكِفَّةَ، كَمَن أوْتَرَ القَوْسَ، وقَرَّبَ السَّهْمَ. هذا المذهبُ. وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: يتَوَجَّهُ رِوايَتا مُمْسِكٍ.

وَإِنْ جَنَى إنْسَانٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ طَرَفِهِ خَطَأً، فَلَا دِيَةَ لَهُ. وَعَنْهُ، عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَدِيَةُ طَرَفِهِ لِنَفْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنْ جنَى إنْسانٌ على نَفْسِه أو طَرَفِه خَطَأً، فلا دِيَةَ له. هذا المذهبُ. [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ] (¬1). وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: وهو القِياسُ. [وعنه، على عاقِلَتِه دِيَتُه لوَرَثَتِه، ودِيَةُ طَرَفِه لنَفْسِه. وقدَّمه فى «الهادِى»] (2)، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وهو منها. ونصَّ عليه فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وأبى طالِبٍ. قال فى «الفُروعِ»: وعنه، دِيَةُ ذلك على عاقِلَتِه، له أو لوَرَثَتِه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، وأصحابُه. انتهى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. ذكَرَه فيما إذا رَمَى ثلَاثةٌ بمَنْجَنِيقٍ، فرَجَعَ الحَجَرُ فقَتَلَ أحَدَهم. قال فى «الفُروعِ»:

وَإِنْ نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ، فَمَاتَ الْأَوَّلُ مِن سَقْطَتِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا نُحَمِّلُه دُونَ الثُّلُثِ فى الأصحِّ. قالَه فى «التَّرْغيبِ». نقَل حَربٌ، فى مَن قتَل نفْسَه، لا يُودَى مِن بَيْتِ المالِ. قوله: وإنْ نزَل رَجُلٌ بِئرًا، فَخَرَّ عليه آخَرُ، فماتَ الأَوَّلُ مِن سَقْطِه، فعلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عاقِلَتِه دِيَتُه.

وَإِنْ سَقَطَ ثَالِثٌ، فَمَاتَ الثَّانِى بِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِمَا، فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ سقَط ثالِثٌ، فماتَ الثَّانِى، فعلى عاقِلَتِه دِيتُه، وإنْ ماتَ الأَوَّلُ مِن سَقْطتِهما، فَدِيَتُه على عاقِلَتِهما. ودَمُ الثَّالثِ هَدْرٌ. لا أعلمُ فى ذلك خِلافًا. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وإنْ ماتُوا كلُّهم، فدِيَةُ الأَوَّلِ على عاقِلَةِ الآخَرَيْنِ نِصْفَيْن، ودِيَة الثَّانى على عاقِلَةِ الثَّالثِ، والثَّالِثُ هَدْرٌ. فائدة: لو تعَمَّدَ ذلك واحِدٌ منهم، أو كلُّهم، وكانَ ذلك يقْتُلُ غالِبًا، وجَبَ

وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِىَ، وَجَذَبَ الثَّانِى الثَّالِثَ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الثَّالِثِ، وَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِى فى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الثَّانِى، عَلَى الأَوَّلِ وَالثَّانِى نِصْفيْنِ، وَدِيَةُ الثَّانِى عَلَى الْأوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ هَلَكَ مِنْ وَقْعَةِ الثَّالِثِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانهُ عَلَى الثَّانِى، واحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا عَلَى الثَّانِى، وفى نِصْفِهَا الْآخَرِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه القَوَدُ، وإلَّا فهو عَمْدُ خَطَأ، فيه الدِّيَةُ المُغَلَّظَةُ، فإنْ كانَ الوُقوعُ خَطَأً، فعلى عاقِلَتِهما الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً. قوله: وإنْ كانَ الأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِى، وجذَب الثَّانى الثَّالِثَ، فلا شئَ على الثَّالِثِ، ودِيَتُه على الثَّانِى، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى الوَجْهِ الثَّانى، ديَتُه على الأولِ والثَّانى نِصْفَيْن. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وأطْلَقَهما فَى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». لكِنْ إنَّما محَلُّ ذلك على العاقِلَةِ عندَهم. وقيل: يسْقُطُ ثُلُثُها. وقيل: يجِبُ على عاقِلَتِه إرْثًا. وقيل: على عاقِلَةِ الثَّانى نِصْفُها، والباقِى هَدْرٌ. وقيل: دَمُه كلُّه هَدْرٌ. ذكَر هذه الأَوجُهَ الأخِيرةَ فى «الرِّعايتَيْن». قال بعضُهم: وفيه نظَرٌ، بل حِكايَةُ ذلك فى هذه المَسْأَلةِ غَلَطٌ، وإنَّما هذه الأوْجُهُ، فيما إذا جذَب الثَّالِثُ رابعًا، وقد أخَذَ هذه المَسْأَلةَ مِنَ «المُحَرَّرِ»، وأسْقَطَ منها الرَّابعَ، فَفَسَدَتِ الأَوْجُهُ. انتهى. قوله: ودِيَةُ الثَّانِى على الأَوَّلِ. وهو أحدُ الوُجوهِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن». والوَجْهُ الثَّانى، يجِبُ على الأَوَّلِ نِصْفُ دِيَتِه، ويُهْدَرُ نِصْفُها فى مُقابَلَةِ فِعْلِ نفْسِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». والوَجْهُ الثَّالثُ، وُجوبُ نِصْفِ دِيَتِه على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه، كما قُلْنا: إذا رَمَى ثَلَاثة بمَنْجَنِيقٍ، فقَتَلَ الحَجَرُ أحدَهم. وهو تخْرِيجٌ فى «الشَّرْحِ». وقيل: دَمُه هَدْرٌ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: فإنْ قيلَ: ظاهِرُ كلام المُصَنِّفِ، أنَّ الدِّيَةَ على مَن ذكَر، لا على عاقِلَتِهم، وصرَّح فى «المُغْنِى»، أنَّ دِيَةَ الثَّالثِ على عاقِلَةِ الثَّانى، أو على عاقِلَتِه وعاقِلَةِ الأَوَّلِ نِصْفَيْن، وأنَّ دِيَةَ الثَّانى على عاقِلَةِ الأَوَّلِ. قيل: قال فى «النِّهايَةِ» بعدَ ذِكْرِ المَسْألةِ: هذا عَمْدُ خطَأٍ، وهل يجِبُ فى مالِ الجانِى أو على العاقِلَةِ؛ فيه خِلافٌ بينَ الأصحابِ. فلعلَّ المُصَنِّفَ ذكَر أحدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَيْنِ هُنا، والآخَرَ فى «المُغنِى» انتهى. وقد حكَى الخِلافَ فى «الرِّعايتَيْن». فائدتان؛ إحْداهما، دِيَةُ الأَوَّلِ، قيل: تجِبُ كلُّها على عاقِلَةِ الثَّانى، ويُلْغَى فِعْلُ نفْسِه. وقيل: يجِبُ نِصْفُها على الثَّانى، ويُهْدَرُ نِصْفُ دِيَةِ القاتلِ؛ لفِعْلِ نفسِه. وقيل: يجِبُ نِصْفُها على نفْسِه لوَرَثَتِه. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الشَّرْحِ». الثَّانيةُ: لو كانوا أرْبَعَةً؛ فجذَب الأَوَّلُ الثَّانِىَ، والثَّانى الثالِثَ، والثَّالِثُ الرَّابعَ، فدِيَةُ الرَّابعِ على الثَّالثِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: علىَ الثَّلَاثَةِ أثْلاثًا. وأمَّا دِيَةُ الثَّالثِ، فعلى الثَّانى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى

وَإِنْ خَرَّ رَجُلٌ فى زُبْيَةِ أَسَدٍ فَجَذَبَ آخَرَ، وَجَذَبَ الثَّانِى ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: نِصْفُها على الثَّانى. وقيل: على الأَوَّلَيْنِ. وقيل: ثُلُثَاها. وقيل: دَمُه هَدْرٌ. واخْتارَه فى «المُحَرَّرِ». وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وأمَّا دِيَةُ الثَّانى، فعلى الأوَّلِ والثَّالثِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقيل: ثُلُثَاها عليهما. [وقيل: على الثَّالثِ. قال المَجْدُ: لا شئَ على الأَوَّلِ، بل على الثَّالثِ كلُّها أو نِصْفُها. وقيل: نِصْفُها. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الوَجْهِ الأَوَّلِ فى ديَةِ الثَّالثِ أنَّها على الأَوَّلِ، وأمَّا دِيَةُ الأَوَّلِ، فعلى الثَّانِى والثَّالثِ نِصْفان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: ثُلُثَاها عليهما] (¬1). تنبيه: تَتِمَّةُ الدِّيَةِ فى جميعِ الصُّوَرِ، فيه الرِّوايَتان فيما إذا جنَى على نفْسِه. قوله: وإنْ كانَ الأَوَّلُ هلَك مِن وَقْعَةِ الثَّالِثِ، احْتَمَلَ أَنْ يكونَ ضَمانُه على الثَّانِى -وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» - واحْتَمَلَ أَنْ يكوِنَ نِصْفُها على الثَّانى -وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» - وفى نِصْفِها الآخرِ وَجْهان. مَبْنِيَّان على الخِلافِ فى جِنايَةِ الإنْسانِ على نفْسِه، على ما تقدَّم مِرارًا. قوله: وَإِنْ خَرَّ رَجُلٌ فى زُبْيَةِ أَسَدٍ فجَذَب آخَرَ، وجذَب الثَّانى ثالِثًا، وجذَب الثَّالِثُ رابِعًا، فقَتَلَهم الأسَدُ، فالقِياسُ أنَّ دَمَ الأَوَّلِ هَدْرٌ، وعلى عاقِلَتِه دِيَةُ الثَّانِى، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

ثَالِثًا، وَجَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا، فَقَتَلَهُمُ الأَسَدُ، فَالْقِيَاسُ أنَّ دَمَ الأَوَّلِ هَدْرٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِى، وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِى دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابعِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ دِيَةَ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الأَوَّلِ وَالثَّانِى نِصْفيْنَ، وَدِيَةَ الرَّابعِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّلَاثَةِ أثْلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى عاقِلَةِ الثَّانِى دِيَةُ الثَّالِثِ، وعلى عاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابعِ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، وِ «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ دِيَةَ الثَّالثِ على عاقِلَةِ الأَوَّلِ والثَّانى نِصْفِيْن، ودِيَةَ الرَّابعِ على عاقِلَةِ الثَّلَاثَةِ أثْلاثًا. وقيل: دِيَةُ الثَّالثِ على الثَّانى خاصَّةً. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»: مُقْتَضَى القِياسِ، أَنْ تَجِبَ لكُلِّ واحدٍ دِيَةُ نفْسِه، إلَّا أن دِيَةَ الأولِ تجِبُ على الثَّانِى والثَّالثِ؛ لأنَّه ماتَ مِن جَذْبَتِه وجَذْبِ الثَّانِى الثَّالِثَ، وجَذْبِ الثَّالثِ الرَّابعَ، فسقَط فِعْلُ نفْسِه.

وَرُوِىَ عَنْ عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّهُ قضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَلِلثَّانِى بِثُلُثِهَا، وَلِلثَّالِثِ بِنِصْفِهَا، وَلِلرَّابعِ بِكَمَالِهَا، عَلَى مَنْ حَضَرَهُمْ، ثمَّ رُفِعَ إلَى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَجَازَ قَضَاءَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمَّا دِيَةُ الثَّانى، فتَجِبُ على الثَّالثِ والأوَّلِ نِصْفَيْن، وأمَّا دِيَةُ الثَّالثِ، فتَجِبُ على الثَّانى خاصَّةً، وقيل: بل على الأَوَّلِ والثَّانى. وأمَّا دِيَةُ الرَّابِعِ، فهى على الثَّالثِ، فى أحدِ الوَجْهَيْن، وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وفى الآخرِ، تجِبُ على الثَّلَاثَةِ أثْلاثًا. انتهَوا. قال فى «الرِّعايَةِ»: هذا القِياسُ. قال فى «المُذْهَبِ»: لما قدَّم ما قالَه علىٌّ، رَضِى اللَّهُ تعالَى عنه، قال: والقِياسُ غيرُ ذلك. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قضَى للأوَّلِ برُبْعِ الدِّيَةِ، وللثَّانِى بثُلُثِها، وللثالثِ بنِصْفِها، وللرَّابعِ بكَمالِها، على مَن حضَر، ثم رُفِعَ إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأجازَ

فَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَيْهِ تَوْقِيفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَضاءَه. فذَهَب أحمدُ إليه تَوْقِيفًا. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم فى خَبَرِ علىٍّ: وجَعَلَه على قَبائلِ الذينَ ازْدَحَمُوا. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: قضَى للأوَّلِ برُبْعِ الدِّيَةِ؛ لأنَّه هلَك فوقَه ثلَاثةٌ، وللثَّانى بثُلُثِها؛ لأنَّه هلَك فوقَه اثْنان، وللثَّالثِ بنِصفها؛ لأنَّه هلَك فوقَه واحِدٌ، وللرَّابعِ بكَمالِها. تنبيه: حكَى المُصَنِّفُ هنا ما رُوِى عن علىٍّ، فيما إذا خَرَّ رجُلٌ فى زُبْيَةِ أسَدٍ، فجذَبَ آخِرَ، إلى آخرِه. وكذا قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وجماعَةٌ. وذكَر فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم هذه المَسْألةَ، ثم قالوا: ولو (¬1) تَدافَعَ وتَزاحَمَ عندَ الحُفْرَةِ جماعَةٌ، فسَقَط منهم أرْبَعَةٌ ¬

(¬1) فى الأصل: «لقد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها مُتَجاذِبِينَ، كما وصَفْنا، فهى الصُّورَةُ التى قَضَى فيها علىٌّ، فصُورَةُ علىٍّ التى حكَاها هؤلاءِ، جزَم بها وبحُكْمِها فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، مع حِكايَتهما الخِلافَ فى مَسْأَلةِ المُصَنِّفِ. وقدَّم ما جزَمَا به فى «الرِّعايتَيْن» وغيره. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فإنَّه ذكر المَسْأَلة الأولى، وهى مَسْأَلةُ المُصَنِّفِ، وذكَر الخِلافَ فيها. ثم قال: وكذا إنِ ازْدَحَمْ وتَدافَعَ جماعَةٌ عندَ الحُفْرَةِ، فَوَقَعَ أرْبعَةٌ مُتَجاذِبينَ، فظاهِرُه إجْراءُ الخِلافِ فى المَسْألَتَيْن، وأنَّهما فى الحُكْمِ (¬1) سواءٌ. وهو أوْلَى. ويَدُلُّ عليه كلامُ المُصَنِّفِ، وصاحِبِ «الهِدايَةِ»، وغيرِهما؛ لكَوْنِهم جعَلُوا ما رُوِى عن علىٍّ فى ذلك. واللَّهُ أعلمُ. [فائدة (¬2): ونقَل جماعَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، أنَّ سِتَّةً تَغَاطُّوا (¬3) فى الفُراتِ، فماتَ واحدٌ، فرُفِعَ إلى علىٍّ، فشَهِدَ رَجُلان على ثَلَاثةٍ، وثَلَاثةٌ على اثْنَيْن، فَقَضَى بخُمُسَى الدِّيَةِ على الثَّلَاثَةِ، وبثَلَاثَةِ أخْماسِها على الاثْنَيْن. ذكَرَه الخَلَّالُ وصاحِبُه] (¬4). فائدة: ذكَر ابنُ عَقِيلٍ، إنْ نامَ على سَطْحِه، فَهَوى سَقْفه مِن تحتِه على قومٍ، لَزِمَه المُكْثُ، كما قالَه المُحَقِّقُونَ فى مَن أُلْقِىَ فى مَرْكَبِه نارٌ، ولا يضْمَنُ ما تَلِفَ بسُقوطِه؛ لأنَّه مُلْجَأٌ لم يَتَسَبَّبْ، وإنْ تَلِفَ شئٌ بدَوامِ مُكْثِه أو بانْتقالِه، ضمِنَه. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ فى التَّائبِ العاجِزِ عن مُفارَقَةِ المَعْصِيَةِ فى الحالِ، أوِ العاجزِ عن إزالَةِ أثَرِها؛ كمُتَوَسِّطِ المَكانِ المَغْصوبِ، ومُتَوَسِّطِ الجَرْحَى، تصِحُّ تَوْبَتُه مع العَزْمِ والنَّدَمِ، وأنَّه ليس عاصِيًا بخُروجِه مِنَ الغَصْبِ. ¬

(¬1) فى أ، ط: «الخلاف». (¬2) زيادة من: أ. (¬3) فى ط: «تغاطسوا». (¬4) سقط من: ط.

وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى طَعَامِ إِنْسَانٍ أَوْ شَرَابِهِ، وَلَيْسَ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ، فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ، ضَمِنَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: ومنه تَوْبَتُه بعدَ رَمْى السَّهْمِ أوِ الجُرْحِ، وتخْلِيصُه صَيْدَ الحَرَمِ مِنَ الشَّرَكِ، وحَمْلُه المَغْصُوبَ لرَبِّه، يَرْتَفِعُ الإثْمُ بالتَّوْبَةِ، والضَّمانُ باقٍ، بخِلافِ ما لو كانَ ابْتِداءُ الفِعْلِ غيرَ مُحَرَّمٍ؛ كخُروجِ مُسْتَعِيرٍ مِن دارٍ انْتَقَلَت عن المُعِيرِ، وخُروجِ مَن أجْنَبَ مِن مَسْجِدٍ، ونَزْعِ مُجامِعٍ طلَع عليه الفَجْرُ، فإنَّه غيرُ آثِمٍ اتِّفاتًا. ونطرُ المَسْأَلةِ، تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لم يَتُبْ مِن أصْلِه، تصِحُّ. وعنه، لا تصِحُّ. اخْتارَه ابنُ شَاقْلَا. وكذا تَوْبَةُ القاتلِ قد تُشْبهُ هذا، وتصِحُّ على أصحِّ الرِّوايتَيْن. وعليه الأصحابُ. وحقُّ الآدَمِىِّ لا يسْقُطُ إلَّا بالأَداءِ إليه. وكلامُ ابنِ عَقِيلٍ يقْتَضِى ذلك. وأبو الخَطَّابِ مَغ أنَّ حَركاتِ الغاصِبِ للخُروجِ طاعَةٌ، بل مَعْصِيَةٌ فَعَلَها لدَفْعِ أكثرِ المَعْصِيَتَيْن بأقَلِّهما، والكَذِبَ لدَفْعِ [قَتْلِ إنْسانٍ] (¬1). قال فى «الفُروعِ»: والقَوْلُ الثَّالثُ هو الوَسَطُ. وذكَر المَجْدُ، أنَّ الخارِجَ مِنَ الغَصْبِ مُمْتَثِلٌ مِن كلِّ وَجْهٍ، إنْ جازَ الوَطْءُ لمَن قال: إنْ وَطِئْتُكِ فأنتِ طالِقٌ ثلائًا. وفيها رِوايَتان، وإلَّا توَجَّهَ لنا أنَّه عاصٍ مُطْلَقًا، أو عاصٍ مِن وَجْهٍ، مُمْتَثِلٌ مِن وَجْهٍ. انتهى. قوله: ومَنِ اضْطُرَّ إلى طَعامِ إنْسانٍ أو شَرابِه، وليس به مثلُ ضَرُورَتِه، فمَنَعه حتى ماتَ، ضَمِنَه. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «الإنسان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعندَ القاضى، على عاقِلَتِه. ويأْتِى فى أوَاخِرِ الأطْعِمَةِ: إذا اضْطُرَّ إلى طَعامِ غيرِه. فائدة: مثلُ المَسْألَةِ فى الحُكْمِ، لو أخَذ منه تُرْسًا كان يدْفَعُ به عن نفْسِه ضَرْبًا. ذكَره فى «الانْتِصارِ».

وَخَرَّجَ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ كُلَّ مَنْ أمْكَنَهُ إِنْجَاءُ إِنْسَانٍ مِنْ هَلَكَةٍ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وخَرَّج عليه أَبُو الخَطَّابِ كلَّ مَن أَمْكَنَه إنْجاءُ إنْسانٍ مِن هَلَكَةٍ، فلم يَفْعَلْ. ووَافقَ أبو الخَطَّابِ وجُمْهورُ الأصحابِ على هذا التَّخْريجِ. قال فى «الفُروعِ»: وخرَّج الأصحابُ ضَمانَه على المَسْألَةِ التى قبلَها، فدَلَّ على أنَّه مع الطَلَبِ. انتهى. قال فى «المُحَرَّرِ»: والحَقَ القاضى، وأبو الخَطَّابِ كلَّ مَن أمْكَنَه إنْجاءُ شَخْصٍ مِن هَلَكَةٍ، فلم يفْعَلْ، وفرَّق غيرُهما (¬1) بينَهما. انتهى. قال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، وغيرُه: وليس ذلك مِثْلَه. وفرَّقُوا بأنَّ الهَلاكَ فى مَن أمْكَنَه إنْجاءُ إنْسانٍ مِن هَلَكَةٍ، فلم يفْعَلْ، لم يكُنْ بسَبَبٍ منه، فلم يضمَنْه، كما لو لم يَعلَمْ بحالِه. وأمَّا فى مسْألَةِ الطَّعام، فإنَّه منَعَه منه مَنْعًا كان سبَبًا فى هَلاكِه، فافْتَرَقا. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أَنَّ كلامَ الأصحابِ عندَ المُصَنِّفِ، ولو لم يَطْلُبْه، فإنْ كانَ ذلك مُرادَهم، فالفَرْقُ ظاهِرٌ. ونقَل محمدُ بنُ يَحْيى، فى مَن ماتَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ أَفْزَعَ إِنْسَانًا، فَأحْدَثَ بِغَائِطٍ، فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ. وَعَنْهُ، لَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فرَسُه فى غَزاةٍ، لم يَلْزَمْ مَن معه فَضْلٌ حَمْلُهُ. ونقَل أبو طالِبٍ، يُذكِّرُ الناسَ، فإنْ حمَلُوه، وإلَّا مَضَى معهم. فائدة: مَن أَمْكَنَه إنْجاءُ شَخْصٍ مِن هَلَكَةٍ، فلم يفْعَلْ، ففى ضَمانِه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ»؛ أحدُهما، يضْمَنُه. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وجزَم به فى «الخُلاصةِ»، و «المُنَوِّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يضْمَنُه. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارحُ. وقيل: الوَجْهان أيضًا فى وُجوبِ إنْجائِه. قلتُ: جزَم ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «فَتاوِيه» باللُّزومِ. وتقدَّم ما يتَعَلَّقُ بذلك فى كتابِ الصِّيامِ. تنبيه: قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» لمَّا حكَى الخِلافَ: هكذا ذكَرَه فى مَن وقَفْتُ على كلامِه، وخَصُّوا الحُكْمَ بالإنْسانِ، ويَحْتَمِلُ أَنْ يتَعدَّى إلى كلِّ مَضْمُونٍ إذا أمْكَنَه تخْلِيصُه، فلم يفْعَل حتى تَلِفَ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يخْتَصَّ الخِلاف بالإنْسانِ دُونَ غيرِه؛ لأنَّه أعْظَمُ حُرْمَةً مِن غيرِه، ويَحْتَمِلُ أَنْ يتعَدَّى إلى كلِّ ذِى رُوحٍ، كما اتَّفَقَ الأصحابُ على بَذْلِ فَضْلِ الماءِ للبَهَائمِ، وحكَوا فى الزَّرْعِ رِوايتَيْن. وذكَر أبو محمدٍ، إذا اضْطُرَّتْ بهِيمَةُ الأَجْنَبِىِّ إلى طَعامِه، ولا ضَرَرَ يَلْحَقُه ببَذْلِه، فلم يبْذُلْه حتى ماتَتْ، فإنَّه يضْمَنُها. وجعَلَها كالآدَمِىِّ. انتهى. قوله: ومَن أفْزَعَ إنْسانًا، فأحْدَثَ بغائِطٍ، فعليه ثُلُثُ دِيَتِه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وهو أصحُّ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخبِه»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. وعنه، لا شئَ عليه. جزَم به فى «الوَجيزِ». ومالَ إليه الشَّارِحُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، ذكَرَه فى آخِرِ بابِ أَرْشِ الشِّجاجِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو أحْدَثَ ببَوْلٍ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، الإِحْداثُ بالرِّيح كما لإِحْداثِ بالبَوْلِ والغائِطِ. وهذا المذهبُ. ذكَره القاضى، وأصحابُه. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والأَوْلَى التَّفْريقُ بينَ البَوْلِ والرِّيحِ؛ لأَنَّ البَوْلَ والغائِطَ أفْحَشُ، لا يُقاسُ الرِّيحُ عليهما. وهو ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ مِنَ الأصحابِ. واقْتَصَرَ النَّاظِمُ على الغائِطِ، وقال: هذا الأَقْوَى. ووُجوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ على العاقِلَةِ بالإِحْداثِ، جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا لم يَسْتَمِرَّ. [قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: فأحْدَثَ. وقيل: مرَّةً] (¬1). أمَّا إنِ اسْتَمَرَّ الإِحْداثُ بالبَوْلِ أوِ الغائِطِ، فيأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا لم يسْتَمْسِكِ الغائِطُ أوِ البَوْلُ، فى بابِ دِياتِ الأعْضاءِ ومَنافِعها، فى الفَصْلِ الأَوَّلِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو ماتَ مِنَ الإِفْزاعِ، فعلى الذى أفْزَعَه الضَّمانُ، تحْمِلُه العاقِلَةُ بشَرْطِه، وكذا لو جنَى الفَزْعانُ على نفْسِه أو غيرِه. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ». وهو منها.

فصل

فَصْلٌ: وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ، أوِ امْرَأتَهُ فى النُّشُوزِ، أوِ الْمُعَلِّمُ صَبِيَّةُ، أَوِ السُّلْطَان رَعِيَّتَهُ، وَلَمْ يُسْرِفْ، فأَفْضَى إِلَى تَلَفِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ، وَيَتَخَرَّجُ وجُوبُ الضَّمَانِ، عَلَى مَا قَالَهُ فِيمَا إِذَا أرْسَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أَدَّبَ وَلَدَه، أو امْرَأَتَه فى النُّشُوزِ، أو المُعَلِّمُ صَبِيَّه، أو السُّلْطانُ رَعِيَّتَه، ولم يُسْرِفْ، فأَفْضَى إلى تَلَفِه، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ» فى أواخِرِ بابِ الإِجارَةِ: لم يضْمَنْه فى ذلك كلِّه فى المَنْصوصِ. نقَلَه أبو طالِبٍ، وبَكْرٌ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» فى الأُولَى والأخيرةِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ويتَخَرَّجُ وُجوبُ الضَّمانِ، على ما قالَه فيما إذا أرْسَلَ السُّلْطانُ إلى امْرَأةٍ

السُّلْطَانُ إِلَى امْرَأةٍ لِيُحْضِرَهَا، فَأجْهَضَت جَنِينَهَا، أَوْ مَاتَتْ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليُحْضِرَها، فأجْهَضَتْ جَنِينَها، أو ماتَتْ، فعلى عاقِلَتِه الدِّيَةُ. وهذا التَّخْرِيجُ لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقيل: إنْ أدَّبَ وَلَدَه، فقَلَع عيْنَه، ففيه وَجْهان. تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، أنَّ السُّلْطانَ إذا أرْسَلَ إلى امْرَأةٍ ليُحْضِرَها، فأجْهَضَتْ جَنِينَها، أو ماتَتْ، أنَّه يضمَنُ، أمَّا إذا أجْهَضَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَنِينَها، فإنَّه يضْمَنُه، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قال فى «الفُروعِ»: ومَن أسْقَطَتْ بِطَلَبِ سُلْطانٍ، أو تَهْديدِه لحَقِّ اللَّهِ تعالَى، أو غيرِه، أو ماتَتْ بوَضْعِها، أو ذهَب عقْلُها، أوِ اسْتَعْدَى السُّلْطانَ، ضَمِنَ السُّلْطانُ والمُسْتَعْدِى فى الأخِيرَةِ، فى المَنْصوصِ فيهما، كإسْقاطِها بتَأْديبٍ أو قَطْعِ يَدٍ لم يأْذَنْ سيِّدٌ فيها، أو شُرْبِ دَواءٍ لمرَضٍ، وأمَّا إذا ماتَتْ فزَعًا مِن إرْسالِ السُّلْطانِ إليها، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه يضْمَنُها أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَيْن والمذهبُ منهما. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه فى مَوْضِعٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يضْمَنُها. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الكافِى». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، فى [مَواضِعَ: إنْ أحْضَرَ] (¬1) الخَصْمُ ظالِمَةً عندَ السُّلْطانِ، لم يضْمَنْها، بل جَنِينَها. وفى «المُنْتَخَبِ»: وكذا رجُلٌ مُسْتَعْدًى عليه. قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ أفْزَعَها سُلْطانٌ بطَلَبِها، وقيل: إلى مَجلِسِ الحُكْمِ بحَقِّ اللَّه تعالَى أو غيرِه، أو تَهَدَّدَها فوَضَعَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أو ذهَب عقْلُها، أو ماتتْ، فالدِّيَة على العاقِلَةِ. وقيلَ: بل عليه. وقيل: مِن بَيْتِ المالِ. وقيل: تُهْدَرُ. وإنْ هلَكَتْ برَفْعِها، ضَمِنَها. وإنْ أسْقَطَتْ باسْتِعْداءِ أحَدٍ إلى السُّلْطانِ، ضَمِنَ المُسْتَعْدِى ذلك. نصَّ عليه. وقيل: لا. وإنْ فَزِعَتْ فماتَتْ، فوَجْهان. فائدتان؛ إحْداهما، لو أذِنَ السَّيِّدُ فى ضَرْبِ عَبْدِه، فضَرَبَه المَأْذُونُ له، ففى ضَمانِه وَجْهان. وأَطلَقهما فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهل يسْقُطُ بإذْنِ سيِّدِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يسْقُطُ. ولو أذِنَ الوالِدُ فى ضَرْبِ وَلَدِه، فضَرَ بَه المَأْذُونُ له، ضَمِنَه. جزَم به فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». الثَّانيةُ، قال فى «الفُنونِ»: إنْ شَمَّتْ حامِلٌ رِيحَ طَبيخٍ، فاضْطَرَبَ جَنِينُها، فماتَتْ هى، أو ماتَ جَنِينُها، فقال حَنْبَلِىٌّ وشافِعِيَّان: إنْ لم يعْلَمُوا بها، فلا إثْمِ ولا ضَمانَ، وإنْ عَلِمُوا، وكانتْ عادَةً مُسْتَمِرَّةً أنَّ الرَّائِحَةَ تقْتُلُ، احْتَمَلَ الضَّمان للإِضْرارِ، واحْتَمَلَ عدَمَه؛ لعدَمِ تضرُّرِ بعضِ النِّساءِ، وكرِيحِ الدُّخَانِ يتَضَرَّرُ ¬

(¬1) فى الأصل: «ترافع أحد».

وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلَى السَّابِحِ؛ لِيُعَلِّمَهُ، فَغَرِقَ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَضْمَنَهُ الْعَاقِلَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بها صاحِبُ السُّعالِ وضِيقِ النَّفَسِ، لا ضَمانَ ولا إثْمَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. والفَرْقُ واضِحٌ. قوله: وإنْ سَلَّمَ وَلَدَه إلى السَّابِحِ -يعْنِى الحاذِقَ- ليُعَلِّمَه، فغَرِقَ، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لم يضْمَنْه فى الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى وغيرُه. ويَحْتَمِلُ أَنْ تضْمَنَه العاقِلَةُ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وأَطلَقَ وَجْهَيْن فى «المُذْهَبِ». قال الشَّارِحُ: إذا سلَّم وَلَدَه الصَّغيرَ إلى سابِحٍ ليُعَلِّمَه، فغَرِقَ، فالضَّمانُ على عاقِلَةِ السَّابِحِ. وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ أنَّه لا يضْمَنُه. انتهى.

وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً، فَهَلَكَ، لَمْ يَضْمَنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو سلَّم البالِغ العاقِلُ نفْسَه إلى السَّابِحِ ليُعَلِّمَه فغَرِقَ، لم يضْمَنْه، قوْلًا واحِدًا. قوله: وإنْ أَمَرَ عاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أو يَصْعَدُ شَجَرَةً، فهلَك -بذلك- لم يَضْمَنْه -كما لوِ اسْتَأْجَرَه لذلك- إلَّا أَنْ يكونَ الآمِرُ السُّلْطانَ فهل يَضمَنُه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يضْمَنُه، كما لوِ اسْتَأْجَرَه لذلك. وهو المذهبُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّانى، يضْمَنُه. وهو مِن خَطَأَ الإِمامِ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ». فائدة: لو أَمَرَ مَن لا يُمَيِّزُ بذلك. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه، وذكَر الأكْثَرُ، وجزَم

وَإِنْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ، فَرَمَتْهَا الرِّيحُ عَلَى إِنْسَانٍ، فَتَلِفَ، لَمْ يَضْمَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ به فى «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ»؛ لو أمرَ غيرَ المُكَلَّفِ بذلك، ضَمِنَه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَل مُرادَ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، ما جَرَى به عُرْفٌ وعادةٌ؛ كقَرابَةٍ، وصُحْبَةٍ، وتَعْليمٍ، ونحوِه، فهذا مُتَّجِهٌ، وإلَّا ضَمِنَه. قوله: وإنْ وضَع جَرةً على سَطْحٍ، فرَمَتْها الرِّيحُ على إنْسانٍ، فتَلِفَ، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقيل: يضْمَنُ إذا كانتْ مُتَطرِّفَةً. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال النَّاظِمُ: إنْ لم يُفَرِّطْ، لم يضْمَنْ، وإنْ فرَّطَ، ضَمِنَ فى وَجْهٍ، كمَن بَنَى حائِطًا مُمالًا، أو مِيزَابًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو دفَع الجَرَّةَ حالَ نُزولِها عن وُصُولِها إليه، لم يضْمَنْ. وكذا لو تدَحْرَجَ فدَفَعَه. ذكَرَه فى «الانْتِصارِ». وذكَرَ فى «التَّرْغيبِ» فيها وَجْهان. الثَّانيةُ، لو حالَتْ بهِيمَةٌ بينَ المُضْطَرِّ وبينَ طَعامِه، ولا تنْدَفِعُ إلَّا بقَتْلِها، فَقَتَلها مع أنَّه يجوزُ، فهل يضْمَنُها؟ على وَجْهَيْن فى «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: قد تقدَّم نظِيرُها فى آخِرِ بابِ الغَصْبِ، فيما إذا حالَتِ البَهِيمَةُ بينَه وبينَ مالِه، فقَتَلها. فذَكَر الحارِثِىُّ فى الضَّمانِ احْتِمالَيْن، واخْتَرْنا هناك عَدَمَ الضَّمانِ، وظهَر لنا هناك أنَّها كالجَرادِ إذا انْفَرَشَ فى طَريقِ المُحْرِمِ، بحيثُ إنَّه لا يقْدِرُ على المُرورِ إلَّا بقَتْلِه.

باب مقادير ديات النفس

بَابُ مَقَادِير دِيَاتِ النَّفْسِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ، أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ، أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَهَذِهِ الْخَمْسُ أُصُولٌ فى الدِّيَةِ، إِذَا أحْضَرَ مَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ شَيْئًا مِنْهَا، لَزِمَهُ قَبُولُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ مَقادِير دِيَاتِ النَّفْسِ قوله: دِيَةُ الحُرِّ المُسْلِمِ مائةٌ مِنَ الإِبِلِ، أو مِائتَا بَقرَةٍ، أو أَلْفَا شاةٍ، أو أَلْف مِثْقَالٍ، أو اثْنا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَم. فهذه الخَمْسُ أُصُولٌ فى الدِّيَةِ، اذَا أَحْضَرَ مَن عليه الدِّيَةُ شيئًا منها، لَزِمَه قَبُولُه. هذا المذهبُ. قال القاضى: لا يخْتَلِفُ المذهبُ أنَّ أُصولَ الدِّيَةِ هذه الخَمْسُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه الرِّوايةُ هى الصَّحيحَةُ مِنَ المذهبِ. قال النَّاظِمُ: هذا المَشْهورُ مِن نصِّ أحمدَ. وصحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكَوْنُ البَقَرِ والغَنَمِ مِن أُصولِ الدِّيَةِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، أنَّ الإِبِلَ هى الأصْلُ خاصَّة، وهذه أبْدالٌ عنها، فإنْ قدَر على الإبِلِ أخْرَجَها، وإلَّا انْتَقَلَ إليها. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه الرِّوايةُ هى الصَّحيحةُ مِن حيثُ الدَّليلُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ؛ هى أظْهَرُ دَلِيلًا. ونَصَره. وهى ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ حيثُ لم يذْكُرْ غيرَها. وقال جماعَة مِنَ الأصحابِ، على هذه الروايةِ: إذا لم يقدِرْ على الإبِلِ، انْتَقَلَ إليها، وكذا لو زادَ ثَمَنُها. وقال فى «العُمْدَةِ»: دِيَةُ الحُر المُسْلِمِ أَلْفُ

وَفِى الْحُلَلِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، لَيْسَتْ أصْلًا فى الدِّيَةِ. وَفِى الْأُخْرَى، أنَّها أَصْلٌ. وَقَدْرُهَا مِائَتَا حُلّةٍ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنَ، كُلُّ حُلَّةٍ بُرْدَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِثْقالٍ، أو اثْنَا عشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أو مِائَة مِنَ الإبِلِ. ولم أَرَه لغيرِه. قوله: وفى الحُلَلِ رِوايَتان -وأطْلَقهما ناظِمُ «المُفْرَداتِ» - إحْداهما، ليستْ أصْلًا فى الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هى أصْل أيضًا. نَصَرَها القاضى وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هى اخْتِيارُ الماضى وكثير مِن أصحابِه؛ الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. وجزَم فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم، أنَّ الحُلَلَ كغيرِ الإِبِلِ مِنَ الأصولِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قوله: وقَدْرُها مِائتَا حُلَّةٍ -يعْنِى، على القَوْلِ بأنَّها أصْلٌ- كلُّ حُلَّةٍ بُرْدان. هكذا أَطْلقَ أكثرُ الأصحابِ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»: كلُّ حُلَّةٍ بُرْدان

وَعَنْهُ، أَنَّ الإبِلَ هِىَ الأصْلُ خَاصَّةً، وَهَذِهِ أَبْدَالٌ عَنْهَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الإِبِلِ، وَإِلَّا انْتَقَلَ إلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ جَدِيدان مِن جِنْسٍ. وقال أيضًا فى «كَشْفِ المُشْكِلِ»: الحُلَّةُ لا تكونُ إلَّا ثوْبَيْن. قال الخَطَابِىُّ: الحُلَّةُ ثَوْبان؛ إزارٌ ورِداءٌ، ولا تُسَمَى حُلَّةً حتى تكونَ جديدةً تُحَلَّ عن طَيِّها. هذا كَلامُه، ولم يَقُلْ: مِن جِنْسٍ.

فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَجَبَتْ أرْبَاعًا؛ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. وَعَنْهُ، أنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فى بُطُونِهَا أوْلَادُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ القَتْلُ عَمْدًا، أو شِبْهَ عَمْدٍ، وجَبَتْ أرْباعًا؛ خَمْسٌ وعِشْرُون بِنْتَ مَخاضٍ، وخَمْسٌ وعِشْرُون بِنْتَ لَبُونٍ، وخَمْسٌ وعِشْرُون حِقَّةً، وخَمْسٌ وعِشْرُون جَذعَةً. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم؛ أبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وجزَم به الخِرَقِىُّ، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّها ثَلاثُون حِقَّةً، وثَلاثُونَ جَذَعَةً، وأرْبَعُونَ خَلِفَةً. رجَّحَها أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ». وجزَم به فى «العُمْدَةِ». واخْتارَه الزَّرْكَشِىُّ.

وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثَنَايَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وذكَر فى «الرَّوْضَةِ» رِوايةً، العَمْدُ أثْلاثًا، وشِبْهُ العَمْدِ أرْباعًا. على صِفَةِ ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تخْرِيجٌ مِنْ حَمْلِ العاقِلَةِ، أنَّ العَمْدَ وشِبْهَه كالخَطَأ فى قَدْرِ الأعْيانِ، على ما يأْتِى. قولُه فى صِفَةِ الخَلِفَةِ: فى بُطُونِها أوْلادُها، وهل يُعتْبَرُ كَوْنُها ثَنايا؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، لا يُعْتَبَرُ ذلك. وهو المذهبُ. وهو الذى ذكَرَه القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُعْتَبَرُ؛ وهى ما لَها خَمْسُ سِنِينَ ودخَلَتْ فى السَّادِسَةِ، على ما تقدَّم فى الأُضْحِيَةِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وبه قطَع القاضى فى «الجامِعِ». وقيل: يُعْتَبَرُ كوْنُها ثَنايا، إلى بازِلِ عامٍ، وله سَبْعُ سِنينَ.

وَإِنْ كَانَ خَطَأً، وَجَبَتْ أخْمَاسًا؛ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ كانَ خَطَأً وجَبَتْ أخْمَاسًا؛ عِشْرُون بِنْتَ مَخاضٍ، وعِشْرُون ابنَ مَخاضٍ، وعِشْرُون بِنْتَ لبونٍ، وعِشْرُون حِقَّةً، وعِشْرُون جَذَعَةً. هذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. وكلامُ المُصَنِّفِ يشْمَلُ الرَّجُلَ والمَرْأةَ والذِّمِّىَّ والجَنِينَ، وهو قولُ القاضى فى «الخِلافِ»، و «الجامِعِ».

وَيُؤْخَذُ فى الْبَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ، وَالنِّصْفُ أتْبِعَةً، وَفِى الْغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايَا، وَالنِّصْفُ أَجْذِعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُؤْخَذُ مِنَ البَقَرِ النِّصْفُ مُسِنِّاتٍ، والنِّصْفُ أتْبِعَةً، وفى الغَنَمِ النِّصْفُ

وَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فى شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أن يَكُونَ سَلِيمًا مِنٍ الْعُيُوبِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. فَظَاهِرُ هَذَا أنَّهُ يُعْتَبَرُ فى الأُصُولِ كُلِّهَا أن تَبْلُغَ دِيَةً مِنَ الْأَثْمَانِ. وَالأوَّلُ أَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَنَايا، والنِّصْفُ أَجَذِعَةً. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال فى «الوَجيزِ»: ويُؤْخَذُ فى العَمْدِ وشِبْهِه مِنَ البَقَرِ، النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ، والنِّصْفُ أتْبِعَةً، ومِنَ الغَنَمِ، النِّصْفُ ثَنايَا، والنِّصْفُ أجْذِعَةً، وفى الخَطَأ يجِبُ مِن البَقَرِ مُسِنَّاتٌ، وتَبِعَاتٌ، وأتْبِعَة أثْلاثًا، ومِنَ الغَنَمِ والمَعْزِ أثْلاثًا، ثُلُثٌ مِنَ المَعْزِ ثَنِيَّات، وثُلُثان مِنَ الغَنَمِ؛ ثُلُث أجْذاعٌ، وثُلُثٌ جَذعاتٌ. ذكَرَه القاضى فى «خِلافِه»، واقْتَصَرَ عليه، وهو احْتِمالٌ فى «جامِعِه». ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه يُجْزِئُ، وإنْ كانَ أحدُهما أكثَر مِنَ الآخَرِ، وأنَّه كَزَكاةٍ. قوله: ولا تُعْتَبَرُ القِيمَة فى ذلك بعدَ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِنَ العُيُوبِ. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهذا أوْلَى. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. [قال فى «النَّظْمِ»: هذا المَنْصورُ مِن نصِّ أحمدَ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم] (¬1). وقال أبو الخَطَّابِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يكونَ قِيمَةُ كلِّ بعيرٍ مِائَةً وعِشْرِين دِرْهَمًا. قال المُصَنِّفُ هنا: فظاهِرُ هذا، أنَّه يُعْتَبَرُ فى الأصولِ كلِّها أَنْ تبْلُغَ دِيَة مِنَ الأَثْمانِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، ذكَرَها فى «الكافِى» وغيرِه، وعليها أكْثَرُ الأصحابِ؛ فهم القاضى، وأصحابُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، وغيرِهما. واعْتَبَرُوا جنْسَ ماشِيَتِه فى بَلَدِه. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: وذكَر أصحابُنا أنَّ مذهبَ أحمدَ، أَنْ يُؤْخَذَ مِائَةٌ مِن الإِبِل، قِيْمَةُ كلِّ بعير مِائَةٌ وعِشرونَ دِرْهَمًا، فإنْ لم يقْدِرْ على ذلك، أوفَى اثْنَىْ عَشَرَ ألْف دِرْهَمٍ، أو ألْفَ مِثْقالٍ. وَردَّاه (¬1). قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوى»: ولا يُجْزِئُ مَعِيبٌ، ولا دُونَ دِيَةِ الأَثْمانِ، على الأصحِّ؛ مِن إبِلٍ وبَقَرٍ وغنَمٍ وحُلَلٍ. وقال فى «الصُّغْرى»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: أدْنَى قِيمَةِ كلِّ بَعير مِائَةٌ وعِشْرونَ دِرْهَمًا، [وكلِّ بقَرَةٍ أو حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا] (7)، وكلِّ شاةٍ سِتَّةُ دَراهِمَ. وحَكاه فى «الكُبْرى» رِوايةً. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وعنه، يُعْتَبَرُ أَنْ لا تَنْقُصَ قِيمَتُها عن دِيَةِ الأثْمانِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهذه الرِّوايةُ مُخالِفَةٌ للرِّوايةِ التى ذكَرَها فى «الكافِى» وغيرِه.

وَيُؤْخَذُ فى الْحُلَلِ الْمُتَعارَفُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهَا، جُعِلَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُؤْخَذُ مِنَ الحُلَلِ المتَعارَفُ -أىْ باليَمَنِ- فإنْ تَنازَعا، جُعِلَتْ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ سِتينَ دِرْهَمًا. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: فعلى الرِّوايةِ التى اخْتارَها القاضى وأصحابُه، يُؤْخَذُ مِنَ الحُلَلِ المُتَعَارَف باليَمَنِ، فإن تَنازَعا، فقِيمَةُ كلِّ حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا. وتقدَّم نقْلُ الرِّوايةِ التى ذكَرَها فى «الرِّعايتَيْن». قلتُ: قد يسْتَشْكِلُ ما قالَه المُصَنِّفُ، فإنَّ صاحِبَ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ» بنَيَا ذلك على الرِّوايةِ الثَّانيةِ، وهو ظاهِرٌ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والنَّاظِمِ، أنَّ هذا مَبْنىٌّ على المذهبِ الذى اخْتارَه. فعلى هذا، يَنْبَغِى أَنْ يُؤْخَذَ المُتَعارَفُ، بشَرْطِ أَنْ تكونَ صحيحةً سَلِيمَةً مِن العُيوبِ، مِن غيرِ نظَرٍ إلى قِيمَةٍ

فصل

فَصْلٌ: وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أَلْبَتَّةَ، كما فى غيرِها. وحكَى الزَّرْكَشِىُّ كلامَ المُصَنِّفِ هنا، ثم قال: وهو ذُهُولٌ منه، بل عندَ التَّنازُعِ يُقْضَى بالمُتَعارَفِ على المُخْتارِ. قوله: ودِيَةُ المَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ. بلا نِزاعٍ.

وَيُسَاوِى جِرَاحُهَا جِرَاحَهُ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، فَإِذَا زَادَتْ، صَارَتْ عَلَى النِّصْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُساوِى جِراحُها جِرَاحَه إلى ثُلُثِ الدِّيَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، المَرْأَةُ فى الجِراحِ على النَّصْفِ مِن جِراحِ الرَّجُلِ مُطْلَقًا، كالزَّائدِ على الثُّلُثِ. تنبيه: يَحْتَمِلُ قولُه: إلى ثُلُثِ الدِّيَةِ. عدَمَ المُساواةِ فى الثُّلُثِ، فلا بُدَّ أَنْ تكونَ أقَلَّ منه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وهو المذهبُ، والصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» وقدَّمه فى «الرَّعايتَيْن». ويَحْتَمِلُ المُساواةَ، وهو الرِّوايةُ الأُخْرى، وهو أوْلَى، كما لو كانَ دُونَه. واخْتارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهِما»، والشِّيرَازِىُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال ابنُ مُنَجَّى: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه: فإذا زادَتْ، صارَتْ على النِّصْفِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ».

وَدِيَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِل نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى، وَكَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: ودِيةُ الخُنْثَى المُشْكِلِ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ ونِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى. وهو

فصل

أَرْشُ جِرَاحِهِ. فَصْلٌ: وَدِيَةُ الْكِتَابِىِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَعَنْهُ، ثُلُثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. جزَم به ناظِمُها فى كتابِ الفَرائضِ. قلتُ: هذا بعيدٌ أَنْ يكونَ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، فيما يظْهَرُ. وكذلك أَرْشُ جِراحِه. قوله: ودِيةُ الكِتابىِّ نِصْفُ دِيَةِ المُسْلِمِ. [سواءٌ كان ذِمِّيًّا، أو مُسْتَأْمَنًا، أو مُعاهَدًا] (¬1). هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

دِيَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، ثُلُثُ دِيته. اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، وقال: إنْ قَتَلَه عَمْدًا، فدِيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُسْلِمِ. قلتُ: خالَفَ المذهبَ فى صُورَةٍ، ووافَقَه فى أُخْرَى. لكِنَّ أحمدَ رجَع عن هذه الروايةِ فى رِوايةِ أبى الحارِثِ. وكذلك قال أبو بَكْرٍ: المَسْألة رِواية واحدةً، أنَّها على النِّصْفِ.

وَكَذَلِكَ جِرَاحُهُمْ، وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَاتِهِمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وكذلِك جِراحُهم ونِساؤُهم على النِّصْفِ مِن دِياتِهم. يعْنِى،

وَدِيَةُ المَجُوسِىِّ وَالْوَثَنِىِّ ثَمَانُمِائةِ دِرْهَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّها مَبْنِيَّةٌ كل الخِلافِ الذى ذكَرَه فيهما. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: ودِيَةُ المَجُوسِىِّ -الذِّمِّىُّ [والمُسْتَأْمِنُ منهم- ثمانُمائةِ دِرْهَمٍ. بلا نِزاعٍ. وكذلك] (¬1) الوَثَنِىُّ، [وكذا مَن ليسَ له كِتابٌ كالتُّرْكِ] (¬2)، ومَن عَبَدَ ما اسْتَحْسَنَ (¬3) [كالشَّمْسِ والقَمَرِ والكَواكِبِ، ونحوِهم] (3). وكذلك المُعاهَدُ منهم والمُسْتَأْمِنُ بدارِنا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) بعده فى الأصل: «يعنى المجوسى الذمى والمستأمن من غير المجوسى ثمانمائة درهم. بلا نزاع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المُعاهَدِ. قال فى «التَّرْغيبِ»، فى المُسْتَأْمِنِ: لو قتَل منهم مَنْ أمَّنُوه بدَارِهم. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): دِيَةُ المُعاهَدِ قَدْرُ دِيَةِ أَهْلِ دِينِه. الثَّانيةُ، جِراحُهم تُقَدَّرُ بالنِّسْبَةِ إلى دِيَاتِهم. ¬

(¬1) انظر: المغنى 12/ 52.

وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، فَلا ضمَانَ فِيهِ. وَعِنْدَ أبى الْخَطَّابِ، إِنْ كَانَ ذَا دِينٍ، فَفِيهِ دِيَةُ أَهْلَ دِينهِ، وَإِلَّا فَلا شَىْءَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن لم تَبْلُغْه الدَّعْوَةُ، فلا ضَمَانَ فيه. هذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «المُنَوِّرِة»، وغيرِهم. وقدَّمه الشَّارِحُ، وقال: هذا أوْلَى. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعندَ أبى الخَطَّابِ، إنْ كانَ ذا دِينٍ، ففِيه دِيَةُ أَهْلِ دِينِه، وإلَّا فلا شئَ فيه. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». وذكَر أبو الفَرَجِ، أنَّها كدِيَةِ المُسْلِمِ؛ لأنَّه ليس له

فصل

فَصْلٌ: وَدِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. وَعَنْهُ، لا يُبْلَغُ بِهَا دِيَةُ الْحُرِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن يَتْبَعُه. تنبيه: فعلى المذهبِ، قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: لابدَّ أَنْ يُلْحَظَ أنَّه لا أَمانَ له، فإنْ كانَ له أَمانٌ، فدِيَتُه دِيَةُ أَهْلِ دِينِه، وإنْ لم يُعْرَفْ له دِينٌ، ففيه دِيَةُ مَجُوسِىٍّ؛ لأنَّه اليَقِينُ. انتهى. وهذا بعَيْنه ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: ودِيَةُ العَبْدِ والأَمَةِ قِيمَتُهما بالِغَةً ما بَلَغَتْ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المَشْهورُ عن أحمدَ. قال فى «الفُروعِ»، فى كتابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الغَصْبِ فى أوَّل فَصْلٍ: هذا المذهبُ. وكذا قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» هنا. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «البُلْغَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم، بل عليه الأصحابُ. وعنه، لا يُبْلَغُ بها دِيَةُ الحُرِّ. نَقَلَها حَنْبَلٌ. وقيل: يضْمَنُه بأكْثَرِهما، إذا كانَ غاصِبًا له.

وَفِي جِرَاحِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا مِنَ الْحُرِّ، مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا فى الْحُرِّ، فَهُوَ مُقَدَّرٌ فى الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ. اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى جِراحِه إِنْ لم يَكُنْ مُقَدَّرًا مِنَ الحُرِّ ما نَقَصَه، وإن كان مُقَدَّرًا مِنَ الحُرِّ، فهو مُقَدَّرٌ مِنَ العَبْدِ مِن قِيمَتِه، ففى يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِه، وفى مُوضِحَتِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه -سَواء- نَقَصَتْه الجِنَايَةُ أَقَلَّ مِن ذلك أَو أَكْثَرَ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطبةِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، فى أوَّلِ كتابِ الغَصْبِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، وغيرِهم. واخْتارَه الخِرَقِىِّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّه يضْمَنُ بما نقَص مُطْلَقًا. اخْتارَه الخَلالُ، والمُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَّرْغيبِ»، والشَّارِحُ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وقال: إلَّا أَنْ يكونَ مغْصوبًا. وقد تقدَّم هناك. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وصحَّحه فى الغَصْبِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن». وأطلَقهما فى «المُذْهَبِ». وتقدَّم فى أثْناءِ الغَصْبِ شئٌ مِن ذلك. وعنه، إنْ كانتْ جِراحُه عن إتْلافٍ، ضمِنَتْ بالتَّقْديرِ، وإنْ كانتْ عن تَلَفٍ تحتَ اليَدِ العادِيَةِ، ضُمِنَتْ بما نَقَصَ. فعلى هذه، متى قطَع الغاصِبُ يَدَ العَبْدِ المَغْصوبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَزِمَه أكثر الأَمْرَيْن، وإنْ قَطَعَها أجْنَبِىٌّ، ضَمَّنَ المالِكُ مَن شاءَ منهما نِصْفَ قِيمَتِه، والقَرارُ على الجانِى، وما بَقِىَ مِن نَقْص، ضَمَّنَه الغاصِبَ خاصَّةً. وأطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ» فى بابِ مَقادِيرِ الدِّيَاتِ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فعلى المذهبِ، لو جَنَى عليه جِنايَةً لا مُقَدَّرَ فيها فى الحُر، إلَّا أنها فى شئٍ فيه مُقَدَّرٌ، كما لو جَنَى على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَأْسِه أو وَجْهِه دُونَ المُوضِحَةِ، ضَمِنَ بما نقَصَ، على الصَّحيحِ. وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ رَزِينٍ. وقيل: إنْ نقَص أكثرُ مِن أَرْشِها، وجَب

مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَهَكَذَا فِى جِرَاحِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. قوله: ومَن نِصْفُه حُرُّ، ففيه نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ، ونِصْفُ قِيمَتِه، وهكذا فى جِراحه. وهذا مَبْنِىٌّ على المذهبِ مِن أنَّ العَبْدَ يُضْمَنُ بالمُقَدَّرِ. أمَّا على الرِّوايةِ

وَإِذَا قَطَعَ خُصْيَتَىْ عَبْدٍ، أَوْ أَنْفَهُ، أَوْ أذُنَيْهِ، لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ، وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَإِنْ قَطَع ذَكَرَهُ، ثُمَّ خَصَاهُ، لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِقَطْعِ الذَّكَرِ، وَقِيمَتُهُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ، وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأُخْرَى، ففى لِسانِه نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ، ونِصْفُ ما نقَص. وتقدَّم حُكْمُ القَوَدِ بقَتْلِه، فى بابِ شُروطِ القِصاصِ. قوله: وإِذا قطَع خُصْيَتَى عَبْدٍ، أَو أَنْفَه، أَو أُذُنَيْه، لَزِمَته قِيمَتُه للسَّيِّدِ، ولم يَزُلْ مِلْكُه عنه. هذا مَبْنِىٌّ على الرِّوايةِ الأُولَى التى قدَّمها المُصَنِّفُ فى جِراحِ العَبْدِ، وأمَّا على الرِّوايةِ الثَّانيةِ، فإنَّه يَلْزَمُ ما نقَصَ. قوله: وإنْ قطَع ذَكَرَه، ثم خَصاهُ، لَزِمَتْه قِيمَتُه لقَطْعِ الذَّكَرِ، وقِيمَتُه مَقْطُوعَ الذَّكَرِ، ومِلْكُ سَيِّدِه باقٍ عليه. وهذا أَيضًا مَبْنِىٌّ على الرِّوايةِ الأُولَى، وعلى

فصل

فَصْلٌ: وَدِيَةُ الجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إِذَا سَقَطَ مَيِّتًا غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ، كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةِ، يَلْزَمُه ما نقَص. فائدة: الأمَةُ كالعَبْدِ، لكِنْ إذا بلَغَتْ جِراحُها ثُلُثَ قِيمَتِها، فقال المُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدَّ جِنايَتُها إلى النِّصْفِ، فيكونُ فى ثلاثِ أصابعَ ثلاثَةُ أعْشارِ قِيمَتِها، وفى الأَرْبَعِ خُمْسُ قِيمَتِها كالحُرَّةِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدَّ إلى النِّصْفِ؛ لأنَّ ذلك فى الحُرَّةِ على خِلافِ الأَصْلِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. تنبيهات؛ الأَوَّلُ، قولُه: ودِيَةُ الجَنِينِ الحُرِّ المُسْلِمِ إِذَا سقَط مَيِّتًا غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أَمَةٌ. بلا نِزاعٍ. ولو كانَ مِن فِعْلِ الأُمِّ، [أو كانتْ أمَةً وهو حُرٌّ مُسْلِمٌ، فتُقَدَّرُ حُرَّةً، أو ذِمِّيَّةً حامِلَةً مِن مُسْلِمٍ، أو ذِمِّىٍّ وماتَ على أصْلِنا، فتُقَدَّرُ مُسْلِمَةً] (¬1). لكِنْ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يكونَ مُصَوَّرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: الولَد الذى تجِبُ فيه الغُرَّةُ، هو ما تَصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وما لا فلا. وقيل: تجِبُ الغُرَّةُ ولو أَلْقَتْ مُضْغَة لم تَتَصَوَّرْ. قال فى «النَّظْمِ»: ووَجْهان فى المَبْدا بإشْهادِ (¬1) خُرَّدِ (¬2) وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: فإنْ كانَ الحُرُّ (¬3) مَبْدَأَ خَلْقِ آدَمِىٍّ ¬

(¬1) فى ط، أ: «بإرشاد». (¬2) الخرد: جمع خريدة؛ وهى البكر التى لم تمسس قط. (¬3) فى الأصل: «الجزء».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَهادَةِ القَوابلِ، ضُمِنَ بغُرَّةٍ. وقيل: يُهْدَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانى، ظاهِرُ قوْلِه: قِيمَتُها خَمسٌ مِنَ الإِبِلِ. أنَّ ذلك يُعْتَبَرُ؛ سواءٌ قُلْنا: إنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِبِلَ هى الأصْلُ خاصَّةً، أمْ هى وغيرُها مِنَ الأُصُولِ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: والخِرَقِىُّ قال: قِيمَتُها خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ؛ بِناءً عندَه على الأَصْلِ فى الدِّيَةِ. فجعَل التَّقْوِيمَ بها. وغيرُه مِنَ الأصحابِ مُقْتَضَى كلامِه، أنَّ التَّقْوِيمَ بواحِدٍ مِنَ الخَمْسَةِ أوِ السِّتَّةِ، وأنَّ ذلك راجِعٌ إلى اخْتيارِ الجانِى، كما له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاخْتِيارُ فى دَفْعِ أىِّ الأُصولِ شاءَ، إذا كانَ مُوجِبُ جِنايتُه دِيَةً كامِلَةً. انتهى. قلتُ: ليس الأمْرُ كما قال؛ فإنَّ كثيرًا مِنَ الأصحابِ يَحْكِى الخِلافَ فى الأُصولِ، وتقدَّم أنَّها خَمْسَةٌ، كما تقدَّم، ويذْكُرونَ هنا فى الغُرَّةِ، أنَّ قِيمَتَها خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، قولُه: مَوْرُوثَةٌ عنه، كأنَّه خرَج حيًّا. فيَرِثُ الغُرَّةَ والدِّيَةَ مَن يَرِثُه، كأنَّه خَرَجَ حيًّا, ولا يَرِثُ قاتِلٌ، ولا رَقيقٌ، ولا كافِرٌ، وتَرِثُ عَصبَةُ سيِّدٍ قاتلٍ جَنِينَ أمَتِه.

وَلا يُقْبَلُ فى الْغُرَّةِ خُنْثَى، وَلا مَعِيبٌ، وَلا مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعُ، قوْلُه: وَلا يُقْبَلُ فى الغُرَّةٍ خُنْثَى ولا مَعِيبٌ. مُرادُه بالمَعِيبِ، أَنْ يكونَ عَيْبًا يُرَدُّ به فى البَيْعِ. ولا يُقْبَلُ خصِىٌّ ونحوُه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: وهل المَرْعِىُّ فى القَدْرِ بوَقْتِ الجِنايَةِ، أوِ الإِسْقاطِ؟ فيه وَجْهان. ومع سلامَتِه وعَيْبِها، هل تُعْتَبَرُ سلِيمَةً، أو مَعِيبَةً؟ فى «الانْتِصارِ» احْتِمالان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مَن له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا قولُ جُمْهورِ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ،

وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ مَمْلُوكًا، فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّةِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضِع: قلتُ: والغُرَّةُ مَن له سَبْعُ سِنِينَ إلى عَشْر. وقيل: يُقْبَلُ مَن له دُونَ سَبْعٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: فى جَنِينِ الحُرَّةِ غُرَّة سالِمَة، لها سَبْعُ سِنِين. وعنه، بل نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيه، أو عُشْرُ دِيَةِ أُمِّه. قوله: وإنْ كانَ الجَنِينُ مَمْلُوكًا، ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه؛ ذَكَرًا كانَ أو أُنثَى. هذا المذهبُ، نقَلَه جَماعَةٌ عن أحمدَ، وعليه الأصحابُ. نقَل حَرْبٌ، فيه نِصْفُ عُشْرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أُمِّه يومَ جِنايتُه. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، وابنُ الزَّاغُونىِّ فى «الواضِحِ»، وابنُ عَقِيلٍ. وخرَّج المَجْدُ، أنَّ جَنِينَ الأَمَةِ يُضْمَنُ بما نَقَصَتْ أُمُّه لا غيرُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُضْمَنُ إلَّا الجَنِينُ فقط. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «القَواعِدِ»: ولم يذْكُرِ القاضى سِواه. وقيل: يجِبُ معه ضَمانُ نقْصِها. وقيل: يجِبُ ضَمانُ أكثرِ الأَمْرَيْن. وهُنَّ احْتِمالاتٌ فى «المُغْنِى». فائدة: قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الواجِبُ مِن ذلك يكونُ نَقْدًا. وقيل (¬1): قِيمَةُ أمه مُعْتَبَرَة يومَ الجِنايَةِ عليها. وقدَّماه، ونَصَراه. وجزَم به فى «الفُروعِ». وخرَّج المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وَجْهًا، تكونُ قِيمَةُ الأمِّ يومَ الإسْقاطِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «يكون».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: قولُه: ففيه عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ. يعْنِى، إذا تَساوَتا (¬1) فى الحُرِّيَّةِ والرِّقِّ، وإلَّا فبالحِسابِ، إلَّا أَنْ تكونَ دِيَةُ أَبِيه أو هو أَعْلَى منها دِيَةً، فيجِبُ عُشْرُ دِيَتِها لو كانتْ على ذلك الدِّينِ، كمَجُوسِيَّةٍ تحتَ نَصْرانِىٍّ، أو ذِمِّيّةٍ ماتَ زوْجُها الذِّمِّىُّ على أصْلِنا، أو جَنِينٍ مُسْلِمٍ مِن كِتابِيَّةٍ زَوْجُها مجوسىٌّ (¬2)، فيُعْتَبَرُ عُشْرُ الأمِّ لو كانت على ذلك الدِّينِ. وقد صرَّح بذلك المُصَنِّفُ بعدَ هذا بقَوْلِه: وإنْ كانَ أَحَدُ أبَوَيْه كِتابِيًّا، والآخَرُ مَجُوسِيًّا اعْتُبِرَ أَكْثَرُهما دِيَةً] (¬3). ¬

(¬1) فى الأصل: «تساوتها». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: ط.

وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ، فَعَتَقَتْ، ثُمَّ أَسْقَطَتِ الْجَنِينَ، فَفِيهِ غُرَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ضرَب بَطْنَ أَمَةٍ، فعَتَقَتْ -وكذا لو أُعْتِقَ وأَعْتَقْناه بذلك- ثم أَسْقَطَتِ الجَنِينَ، ففيه غُرَّةٌ. هذا المذهبُ، وإحْدَى الرِّواياتِ. اختارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و [«مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»] (¬1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ». وعنه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُه حُكْمُ الجَنِينِ المَمْلوكِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وأبو الخَطّابِ. [قال فى «الهِدايَةِ»: هو أصحُّ فى المذهبِ] (¬1). وعنه، فيه غُرَّةٌ (¬2) مع سبْقِ العِتْقِ الجِنايَةَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «غيره»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». ونقَل حَنْبَلٌ (¬1) التَّوَقُّفَ. ¬

(¬1) فى الأصل: «حرب».

وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ، فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا، وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، اعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ الجَنِينُ مَحْكُومًا بكُفْرِه، ففيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّه. يعْنِى فيه غُرَّةٌ، قِيمَتُها عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: وإنْ كانَ أَحَدُ أبَوَيْهِ كِتَابِيًّا، والآخَرُ مَجُوسِيًّا، اعْتُبِرَ أَكْثَرُهما. دِيَةً، مِن

وَإِنْ سَقَطَ الْجَنِينُ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ، فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ إِنْ كَانَ حُرًّا، أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، إِذَا كَانَ سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أبٍ، أو أمٍّ، فتَجِبُ الغُرَّةُ قِيمَتُها عُشْرُ أكْثَرهما دِيَةً، فتُقَدر الأُمُّ إنْ كانتْ أقَلَّ دِيَةً كذلك. وهذا المذهبُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: وإنْ سقَط الجَنِينُ حَيًّا، ثم ماتَ، ففيه دِيةُ حُرٍّ إنْ كانَ حُرًّا، أو قِيمَتُه إنْ كانَ مَمْلُوكًا، إذا كانَ سُقُوطُه لوَقْتٍ يَعِيشُ فى مثلِه، وهو أَنْ تَضَعَه لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فصاعِدًا. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، يُشْتَرَطُ -مع ما تقدَّم- أن

مِثْلُهُ، وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرِ فَصَاعِدًا، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْتَهِلَّ صارِخًا. قال فى «الرَّوْضَةِ»، وغيرِها: كحَياةِ مَذْبُوحٍ، فإنَّه لا حُكْمَ لها. قال الزَّرْكَشِىُّ: تُعْلَمُ حَياتُه باسْتِهْلالِه، بلا رَيْبٍ. وهل تُعْلَمُ بارْتِضاعِه، أو تَنَفُّسِه، أو عُطاسِه، ونحوِه ممَّا يدُلُّ على الحياةِ؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا. والثَّانيةُ، نعم. وهى ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتيارُ أبى محمدٍ. أمَّا مُجَرَّدُ الحَرَكَةِ والاخْتِلاجِ، فلا يدُلَّانِ على الحياةِ. انتهى. والذى يظْهَرُ، أنَّ هذا يَنْزِعُ إلى ما قاله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ فى مِيراثِ الحَمْلِ، على ما تقدَّم، فحيثُ حَكَمْنا هناك أنَّه يَرِثُ ويُورَثُ، ففيه هنا الدِّيَةُ، وإلَّا وَجَبَتِ الغُرَّةُ. قوله: وإلَّا فحُكْمُه حُكْم المَيِّتِ. يعْنِى، إنْ سَقَطَ حيًّا لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

وَإِنِ اخْتَلَفَا فى حَيَاتِهِ وَلا بَيِّنَةَ، فَفِى أيِّهِمَا يُقَدَّمُ قَوْلُهُ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اخْتَلَفَا فى حَيَاتِه ولا بَيِّنَةَ، ففى أَيِّهما يُقَدَّمُ قَوْلُه وَجْهَان. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنَ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، القَوْلُ قولُ الجانِى. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وجزَم به فى «الشَّرْحِ» فى مَكانَيْن، وهو عجِيبٌ، إلَّا أَنْ يكون فى النُّسْخَةِ سَقْطٌ. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، القَوْلُ قولُ المَجْنِىِّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان، إحْداهما، قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لو خرَج بعْضُه حيًّا، وبعْضُه مَيِّتًا، ففيه رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، يجِبُ فى جَنِينِ الدَّابَّةِ ما نقَص أُمَّه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وعليه الأصحابُ. قالَه فى «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِينَ». وقال أبو بَكْرٍ: هو كجَنِينِ الأَمَةِ، فيَجِبُ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّه. قال فى «القَواعِدِ»: وقياسُه جَنِينُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّيْدِ فى الحَرَمِ والإِحْرامِ. قال: والمَشْهورُ أنَّه يُضْمَنُ بما نقَص أُمَّه أَيضًا. وتقدَّم ذلك فى أوائلِ الغَصْبِ.

فصل

فَصْلٌ: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُهُ بِالْحَرَمِ، وَالإِحْرَامِ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْحُرُمَاتُ الْأَرْبَعُ، وَجَبَ دِيَتَانِ وَثُلُثٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَصْلٌ: وذكَر أَصحابُنا أنَّ القَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُه فى الحَرَمِ، والإِحْرَامِ، والأَشْهُرِ الحُرُمِ، والرَّحِمِ المَحْرَمِ، فيُزادُ لِكُلِّ واحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فإذا اجْتَمَع الحُرُماتُ الأَرْبَعُ، وجَبَتْ دِيَتَان وثُلُثٌ. اعلمْ أنَّ المُصَنِّفَ حكَى هنا عنِ الأصحابِ أنَّهم قالوا: تُغَليظُ الدِّيَةُ فى أرْبَعِ جِهَاتٍ. فذَكَرَ منها الحَرَمَ. قال فى «الفُروعِ»: جزَم به جماعةٌ. قلتُ: منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. تنبيه: يَحْتَمِلُ قولُه: الحَرَمِ. أنَّ المُرادَ به حَرَمُ مَكَّةَ، فتَكون الأَلِفُ واللَّامُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للعَهْدِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثر الأصحابِ. [وقيل: تُغَلَّظُ أَيضًا فى حَرَم المَدِينَةِ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه بعضُ الأصحاب] (¬1). ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وأَطْلَقهما فى «الحاوِى». قال فى «الرِّعايَتَيْن»: وخُرَّجَ فى حَرَمِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَدينَةِ وَجْهان. زادَ فى «الكُبْرى»، على الرِّوايتَيْن فى صَيْدِه. وذكَر منها الإِحْرامَ والأَشْهُرَ الحُرُمَ. وهو المذهبُ. وعليه جماهير الأصحابِ. ونَقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا (¬1) تُغَلَّظُ بالإِحْرامِ. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ». وذكَر منها الرَّحِمَ المَحْرَمَ، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، ونَقَلَه المُصَنِّفُ هنا عن الأصحابِ. قلتُ: منهم أبو بَكْرٍ، والقاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «إِدْراكِ الغايةِ». وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا تُغَلَّظُ به. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَظَاهِرُ كَلامِ الْخِرَقِىِّ، أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ بِذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرُ الآيَةِ وَالْأَخْبَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. جزَم به الأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّ الرَّحِمَ غيرَ المَحْرَمِ لا تُغَلَّظُ به الدِّيَةُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. ولم يُقَيِّدِ الرَّحِمَ بالمَحْرَمِ فى «التَّبْصِرَةِ»، و «الطَّريقِ الأَقْرَبِ»، وغيرِهما. ولم يحْتَجَّ فى «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِها للرَّحِمِ إلَّا بسُقوطِ القَوَدِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلّ على أنَّه يخْتصُّ بعَمُودَى النَّسَبِ. قوله: وظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّها لا تُغَلَّظُ بذلك -قال المُصَنِّفُ هنا-: وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِر الآيَةِ والأخْبارِ. فاخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ، أنَّه أظْهَرُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ»؛ فإنَّه لم يذكُرِ التَّغْلِيظَ أَلْبَتَّةً. [واعلم أَنَّ] (¬1) الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّها تُغَلَّظُ فى الجُمْلَةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وفيما يُغَلَّظُ فيه تقدَّم تَفاصِيلُه والخِلافُ فيه. فعلى المذهبِ، محَلُّ التَّغْلِيظِ فى قَتْل الخَطَأ لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ أنَّها تُغَلَّظُ فى العَمْدِ. قال فى «الانْتِصارِ»: تُغَلَّظُ فيه، كما ¬

(¬1) فى الأصل: «على».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجِب بوَطْءِ صائمةٍ مُحْرِمَةٍ كفَّارَتان. ثم قال: تُغَلَّظُ إذا كانَ مُوجِبُه الدِّيَةَ. وجزَم بما قالَه القاضى، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَر فى المُفْرَداتِ، تُغَلَّظُ عندَنا فى الجميعِ. ثم دِيَةُ الخَطَأ لا تغْلِيظَ فيها. وقدَّم فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»، أنَّها تُغلَّظُ فى العَمْدِ والخَطَأ وشِبْهِهما. وجزَم به فى «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ التَّغْلِيظَ لا يكونُ إلَّا فى نَفْسِ القَتْلِ.

وَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا عَمْدًا، أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ؛ لإِزَالَةِ القَوَدِ، كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقال فى «المُغْنِى»، و «التَّرْغيبِ»، و «الشَّرْحِ»: تُغَلَّظُ أَيضًا فى الطَّرَفِ. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قوله: وإنْ قتَل المُسْلِمُ كافِرًا عَمْدًا -سواء كان كِتابِيًا أو مَجُوسيًا- أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ؛ لإِزَالَةِ الْقَوَدِ، كما حكَم عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وهذا المذهبُ.

حَكَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وعليه جاهير الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا تُضَعَّفُ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، تُغَلَّظُ بثُلُثِ الدِّيَةِ. فائدة: لو قَتَل كافِرٌ (3) كافِرًا عَمْدًا، وأُخِذَتِ الدِّيَةُ، لم تُضَعَّفْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقدَّم فى «الانْتِصارِ»، أنَّها تُضَعَّفُ، وجعَلَه ظاهِرَ كلامِه.

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً، فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فِدَائهِ بِالأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِه، أَوْ تَسْلِيمِهِ ليُبَاعَ فى الْجِنَايَةِ. وَعَنْهُ، إِنْ أَبَى تَسْلِيمَهُ، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ جَنَى العَبْدُ خَطَأٌ، فسَيِّدُه بالخِيارِ بَينَ فِدائِه بالأَقَلِّ مِن قِيمَتِه أَو أَرْشِ جنَايَتِه، أَو تَسْلِيمِه ليُبَاعَ فى الجِنَايَةِ -هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه الأصحابُ. وِّجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه- وعنه، إنْ أَبَى تَسْلِيمَه، فعليه فِداؤُه بأَرْشِ الجِنايَةِ كلِّه. وتقدَّمَتْ هذه الرِّوايةُ أَيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ فى بابِ الرَّهْنِ. وعنه، يُخَيَّرُ سيِّدُه بينَ فِدائه بأَرْشِ الجنايَةِ كلِّه وبينَ بَيْعِه وبينَ تسْلِيمِه، فيُخَيَّرُ بينَ الثَّلاثةِ. وتقدَّم ذلك مُحَرَّرًا فى بابِ الرَّهْنِ. قال الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه: وعنه، يُخَيَّرُ بينَ فِدائِه وبَيْعِه فى الجِنايَةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوْلُه: فسَيِّدُه بالخِيارِ بينَ فِدائِه بالأقَلِّ مِن قِيمَتِه، أو أَرْشِ جِنايَتِه. [الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ السَّيِّدَ إذا اخْتارَ الفِداءَ، لا يَلْزَمُه فِداؤُه إلَّا بالأَقَلِّ مِن قِيمَتِه، أو أَرْشِ جِنايَتِه] (¬1). قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ». وعنه، إنِ اخْتارَ فِداءَه، فَدَاه بكُلِّ الأَرْشِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، كأَمْرِه بالجِنايَةِ أو إذْنِه فيها. نصَّ عليهما. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». وعنه رِوايَةٌ ثالِثَةٌ فيما فيه القَوَدُ خاصَّةً، يَلْزَمُه فِداؤُه بجميعِ قِيمَتِه وإنْ جاوَزَتْ دِيَة المَقْتولِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، إنْ أعْتَقَه بعدَ عِلْمِه بالجِنايَةِ، لَزِمَه جميعُ أَرْشِها بخِلافِ ما إذا لم يَعْلَمْ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وصحَّحه النَّاظِمُ. ونقَل حَرْبٌ، لا يَلْزَمُه سِوَى الأَقَلِّ أيضًا. وقيل: يَلْزَمُه جميعُ أَرْشِها، ولو كان غيرَ عالِمٍ. وقيل: يَلْزَمُه جميعُ أَرْشِها ولو كانَ قبلَ العِتْقِ. فائدة: لو قَتل العَبْدَ أَجْنَبِىٌّ، فقال القاضى فى «الخِلافِ الكَبيرِ»: يسْقُطُ الحَقُّ, كما لو ماتَ. وحكَى القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»، والآمِدِىُّ رِوايتَيْن؛ إحْداهما، يسْقُطُ الحَقُّ. قال القاضى: نقَلَها مُهَنَّا؛ لفَواتِ محَلِّ الجِنايَةِ. والثَّانيةُ، لا يسْقُطُ. نَقَلَها حَرْبٌ، واخْتارَها أبو بَكْرٍ. وجزَم به القاضى فى «المُجَرَّدِ»، فيتَعَلَّقُ الحقُّ بقِيمَتِه لأنَّها بدَلُه. وجَعَل القاضى المُطالَبَةَ، على هذه الرِّوايةِ، للسَّيِّدِ، والسَّيِّدُ يُطالِبُ الجانِىَ بالقِيمَةِ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاِثِينَ بعدَ المِائَةِ».

فَإِنْ سَلَّمَهُ وَأَبَى وَلِىُّ الْجِنَايَةِ قَبُولَهُ، وَقَالَ: بِعْهُ أَنْتَ. فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَإنْ سَلَّمَه فأَبَى وَلِىُّ الجِنَايَةِ قُبُولَه، وقالَ: بِعْهُ أَنْتَ. فهل يَلْزَمُه ذلك؟ على رِوَايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه، فيَبِيعُه الحكمُ. قال فى «الخُلاصَةِ»: لم يَلْزَمْه، على الأصحِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه. قال فى «الرِّعايتَيْن»: يَلْزَمُه على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الحاوِيَيْن»، و «الفائقِ»، فى الرَّهْنِ. وتقدَّم ذلك فى أواخِرِ الرَّهْنَ. فائدة: حُكْمُ جِنايَةِ العَبْدِ عَمْدًا، إذا اخْتِيرَ المالُ، أو أَتْلَفَ مالًا، حُكْمُ جِنايَتِه

وَإِنْ جَنَى عَمْدًا، فَعَفَا الْوَلِىُّ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَا السَّيِّدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ خَطَأً، خِلافًا ومذهَبًا، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ جَنَى عَمْدًا، فعَفا الوَلِىُّ عنِ القِصاصِ على رَقَبَتِه، فهل يَمْلِكُه بغيرِ رِضَا السَّيِّدِ؟ على رِوَايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، لا يَمْلِكُه بغيرِ رِضَاه. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه أصحُّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَمْلِكُه بغيرِ رِضَاه. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وصاحِبُ «الوَسِيلَةِ» روايةً بجِنايَةِ عَمْدٍ، وله قَتْلُه ورِقُّه وعِتْقُه، ويَنْبَنى عليه، لو

وَإِنْ جَنَى عَلَى اثْنَيْنِ خَطَأً، اشْتَرَكَا فِيهِ بِالْحِصَصِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وَطِئَ الأمَةَ. ونقَل مُهَنَّا، لا شئَ عليه، وهى له ووَلَدُها. فعلى المذهبِ، فى قَدْرِ ما يرْجِعُ به، الرِّواياتُ الثَّلاثُ المُتَقَدِّمات. ذكَرَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قوله: وإنْ جَنَى على اثْنَيْن خَطَأَ، اشْتَرَكا فيه بالحِصَصِ. نصَّ عليه.

فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا، أَو مَاتَ الْمَجْنِىُّ عَلَيْهِ، فَعَفَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْبَاقِينَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ أَو بِحِصَّتِهِمْ مِنْهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَإنْ عَفا أَحَدُهما، أَو ماتَ المَجْنِىُّ عليه، فعَفا بعضُ الوَرَثَةِ، فهل يتَعَلَّقُ حقُّ الباقِين بجميعِ العَبْدِ أَو بحِصَّتِهم منه؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»،

وَإِنْ جَرَحَ حُرًّا، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ مَاتَ مِنَ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عُشْرُ دِيَتهِ، وَاخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ، وَقُلْنَا: يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يتَعَلَّقُ حقُّ الباقِينَ بجميعِ العَبْدِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَتَعَلَّقُ حقُّ الباقِين بقَدْرِ حِصَّتِهم, كما لو لم يُعْفَ عنه.

صَحَّ الْعَفْوُ فى ثُلُثِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَفْدِيهِ بالدِّيَةِ. صَحَّ الْعَفْوُ فى خَمْسَةِ أسْدَاسِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ سُدْسُهُ؛ لأَنَّ الْعَفْوَ صَحَّ فى شَئٍ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَهُ بِزِيَادَةِ الْفِدَاءِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ، بَقِىَ لِلْوَرَثَةِ أَلْفٌ إِلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ، تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، اجْبُرْ وَقَابِلْ، يَخْرُجِ الشَّىْءُ نِصْفَ سُدْس الدِّيَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ، فَتَعْدِلُ السُّدْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب ديات الأعضاء ومنافعها

بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فى الإِنْسَانِ مِنْهُ شَىْءٌ وَاحِدٌ، فَفِيهِ الدِّيَةُ؛ وَهُوَ الذَّكَرُ، وَالْأَنْفُ، وَاللِّسَانُ النَّاطِقُ، وَلِسَانُ الصَّبِىِّ الَّذِى يُحَرِّكُهُ بِالْبُكَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ دِياتِ الأعْضاءِ ومَنافِعِها

وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِى أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا؛ كَالْعَيْنَيْنِ، وَالأُذُنَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَاللَّحْيَيْنِ، وَثَدْيَىِ الْمَرْأَةِ, وَثَنْدُوَتَىِ الرَّجُلِ, وَالْيَدَيْنِ, وَالرِّجْلَيْنِ, وَالْأَلْيَتَيْنِ, وَالأُنْثَيَيْنِ، وَإِسْكَتَى الْمَرْأَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وما فيه منه شَيْئانِ، ففيهما الدِّيَةُ، وفى أَحَدِهما نِصْفُها؛ كالعَيْنَيْن. بلا نِزاعٍ. لكِنْ [لو كانَ] (¬1) فى العَيْنَينِ بيَاضٌ، نقَص مِنَ الدِّيَةِ بقَدْرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، تجِبُ الدِّيَةُ كامِلَةً. جزَم به فى «التَّرْغيبِ» , كما لو كانتْ حَوْلَاءَ وعَمْشاءَ، مع رَدِّ المَبِيعِ بهما. الثَّانيةُ، قوْلُه: والأُذُنَيْن. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ، بلا نِزاعٍ. وقال فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، فى الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَفِى الْعُلْيَا ثُلُثُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَسِيلَةِ»: فى أَشْرافِ الأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ، وهو جِلْدٌ بينَ العِذارِ والبَياضِ الذى حوْلَهما. نصَّ عليه. وقال فى «الواضِحِ»: فى أَصْدافِ الأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ. قوله: والشَّفَتَيْن. يعْنِى, فى كلِّ واحدةٍ منهما نِصْفُ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، فى الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّيَةِ، وفى العُلْيَا ثُلُثُها. فوائد؛ إحْداها، قوْلُه: وثَنْدُوَتَىِ الرَّجُلِ. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ كثَنْدُوَتَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرْأَةِ. وهو صحيحٌ. وهو مِنْ مُفرَداتِ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: واليَدَيْن. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ، أنَّ المُرْتَعِشَ كالصَّحيحِ، وأنَّ فى يَدَيْه (¬1) الدِّيَةَ كالصَّحِيحَتَيْن. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو صحيحٌ. وقد صرَّح به أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ»، وابنُ عَقِيلٍ. الثَّانيةُ، قوْلُه: واليَدَيْن، والرِّجْلَيْن. يعْنِى، فى كلَّ منهما الدِّيَةُ. وهذا بلا نِزاعٍ. ولو كانَ قَدَمُ أعْرَجَ، ويَدُ أَعْسَمَ -وهو عِوَجٌ فى الرُّسْغِ (¬2) - وجَبَتِ الدِّيَةُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه فى ¬

(¬1) فى الأصل: «يده». (¬2) فى الأصل، ط: «الرصغ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: فيه حُكُومَةٌ. الثَّالثةُ، قوْلُه: والأَلْيَتَيْن. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ. وهذا بلا نِزاعٍ، وهما ما عَلَا وأَشْرَفَ على الظَّهْرِ وعن اسْتِواءِ الفَخِذَيْن، وإنْ لم يَصِل العَظْمَ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، ذكَرَه جماعةٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل ابنُ منصورٍ، فيهما الدِّيَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا قُطِعَتا حتى يبلغَ العَظْمَ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقوله: والأُنثَيَيْن. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ فقطْ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر فى «الانْتِصارِ» احْتِمالًا، يجِبُ (¬1) فيهما دِيَةٌ وحُكُومَةٌ؛ ¬

(¬1) فى الأصل: «لا يجب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لنُقْصانِ الذَّكرِ بقَطْعِهما. وما هو ببعيدٍ. فائدة: قولُه: وإِسْكَتَى المرْأَةِ. إِسْكَتَا المَرْأةِ؛ هما شَفْراها. يعْنِى، فيهما الدِّيَةُ لو قَطعهما، وكذا لو أَشَلَّهما. وفى رَكَبِ المَرْأةِ حُكُومَةٌ [وهو عانَتُها. وكذلك فى عانَةِ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ] (¬1). ¬

(¬1) سقط: الأصل.

وَفِى الْمَنْخَرَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَفِى الْحَاجِزِ ثُلُثُهَا. وَعَنْهُ، فى الْمَنْخَرَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِى الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى المَنْخَرَيْن ثُلُثا الدِّيَةِ، وفى الحاجِزِ ثُلُثُها. هذا المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. واختارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه فى المَنْخَرَيْن الدِّيَةُ، وفى الحاجِزِ حُكومَةٌ. قال الرَّزْكشِىُّ: هذه

وَفِى الْأَجْفَانِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ، وَفِى كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُهَا، وَفِى أَصَابعِ الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِى أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِى كُلِّ إِصْبَعٍ عُشْرُهَا، وَفِى كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ عَقْلِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهورةُ مِنَ الرِّوايتَيْن.

إِلَّا الْإِبْهَامَ، فَإِنَّهَا مَفْصِلَانِ، فَفِى كُلِّ مَفْصِلٍ نِصْفُ عَقْلِهَا، وَفِى الظُّفْرِ خُمْسُ دِيَةِ الإِصْبَعِ، وَفِى كُلِّ سِنٍّ خمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، إِذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قَدْ ثُغِرَ، وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ كَالْأَسْنَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ فى جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وفى الظُّفْرِ خُمْسُ دِيَةِ الإِصْبَعِ. وهو بَعِيران. وهو صحيحٌ، لا نِزاعَ فيه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وسَواءٌ كانتْ مِن يَدٍ أو رِجْلٍ. قوله: وفى كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ، إذا قُلِعَتْ مِمَّن قد ثُغِرَ. يعْنِى، إذا لم تَعُدْ لكَوْنِه بَدَّلَها، وسواءٌ قَلَعها بسِنْخِها (¬1)، أو قلَع الظَّاهِرَ فقطْ. وهذا المذهبُ. ¬

(¬1) السنخ: هو أصل كل شئ، ومن الأسنان: مغارزها فى الفك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ مُنَجَّى، والزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ لم يكُنْ بدَّلَها، فحُكُومَةٌ. اخْتارَه القاضى. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ فى جَميعِها دِيَةٌ واحدةٌ. وهو لأبى الخَطَّاب، وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. فعليها، فى كلِّ ضِرْسٍ بعيرانِ؛ لأنَّ المَوْجودَ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوقٍ ثَنِيَّتان، ورَباعِيَّتان (¬1)، ونَابَان، وضاحِكان، وناجِذَان، وسِتَّةُ طَواحِينَ، ومِن أسَفْلَ مِثْلُها. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ: يتَعَيَّنُ حَمْلُ هذه الرِّوايَةِ على مِثْلِ قولِ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ؛ للإِجْماعِ على أنَّ فى كُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنَ الإِبلِ، وورَدَ الحدِيثُ بذلك، فيَكونُ فى الأسْنانِ والأَنْيابِ سِتُّون بعيرًا؛ لأَنَّ فيه أرْبَعَ ثَنايَا، وأرْبَعَ رَباعِيَّاتٍ، وأرْبعَةَ أنْيابٍ، فيها خَمْسٌ خَمْسٌ، ¬

(¬1) الرباعية: السن بين الثنية والناب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه عِشْرُونَ ضِرْسًا، فى كلِّ جانبٍ عَشَرَةٌ؛ خَمْسَةٌ مِن فوقٍ، وخَمْسَةٌ مِن أسْفَلَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيكونُ فيها (¬1) أرْبَعُونَ بعيرًا، فى كلِّ ضِرْسٍ بعيرانِ، فتَكْمُلُ الدِّيَةُ. انتهى. وقال أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ: إِنْ قلَع أسْنانَه دَفْعَةً واحدةً، وجَبَتْ دِيَةٌ واحدَةٌ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى»: وإنْ قلَع الكُلَّ أو فوقَ العِشْرِينَ، دَفْعَةً واحدةً، وجَبَتْ دِيَةٌ وثَلَاثَةُ أخْماسِها. وقيل: دِيَةٌ فقطْ. قلتُ: وفى القَوْلِ ¬

(¬1) فى الأصل: «فيهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَوَّلِ سَهْوٌ فيما يظْهَرُ؛ لأنَّهم حكَمُوا أنَّ فى قَلْعِ ما فوقَ العِشْرِينَ دِيَةً وثَلَاثَةَ أخْماسِها، وذلك لا يَتَأَتَّى إلَّا فى قَلْعِ الجميعِ، وهو اثْنانِ وثَلاثُونَ، لا فيما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَها. والصَّوابُ ما قالَه فى «المُحَرَّرِ» وهو: وقيل: إنْ قلَع الكُلَّ أو فوقَ العِشْرِينَ، دَفْعَةً، لم يجِبْ سِوَى الدِّيَةِ. فهذا وَجْهُه ظاهِرٌ. فائدة: لو قلَع مِنَ السِّنِّ ما بَطَنَ منه فى اللَّحْمِ، وهو السِّنخُ -بالنُونِ والخَاءِ المُعْجَمَةِ- ففيه حُكُومَةٌ. قالَه الأصحابُ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»،

وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ والرِّجْلِ فى قَطْعِهِمَا مِنَ الْكُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى سِنْخِه حُكُومَةٌ، ولا تَدْخُلُ فى حِسابِ النِّسْبَةِ. قوله: وتَجِبُ دِيَةُ اليَدِ والرِّجْلِ فى قَطْعِهما مِنَ الكُوعِ والكَعْبِ، فإنْ قَطَعَهما

وَالْكَعْبِ، فَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ، لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ فى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَاَل الْقَاضِى: فى الزَّائِدِ حُكُومَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن فوقِ ذلك، لم يَزِدْ على الدِّيَةِ فى ظاهِرِ كلامِه. وهو المذهبُ، نصَّ عليه فى رِوايةِ أبى طالِبٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضى: فى الزَّائدِ حُكومَةٌ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ.

وَفِى مَارِنِ الأَنْفِ، وَحَشَفَةِ الذَّكَرِ، وَحَلَمَتَىِ الثَّدْيَيْن، وَكَسْرِ ظَاهِرِ السِّنِّ، دِيَةُ الْعُضْوِ كَامِلَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفِى مارِنِ الأَنْفِ، دِيَةُ العُضْوِ كَامِلَةً. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. لكِنْ لو قُطِعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مع قصَبَتِه، ففى الجميعِ الدِّيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ».

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ مَنِ اسْتَوْعَبَ الأَنْفَ جَدْعًا دِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ فى الْقَصَبَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ مَنِ اسْتَوْعَبَ الأَنْفَ جَدْعًا دِيَةٌ وحُكومَةٌ فى القَصَبَةِ.

وَفِى قَطْعِ بَعْضِ الْمَارِنِ، وَالْأُذُنِ، وَالْحَلَمَةِ، وَاللِّسَانِ، وَالشَّفَةِ، وَالْحَشَفَةِ، وَالأُنْمُلَةِ، وَالسِّنِّ، وَشَقِّ الْحَشَفَةِ طُولًا، بالْحِسَابِ مِنْ دِيَتِهِ، يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى قَطْعِ بعضِ المارِنِ، والأُذُنِ، والحَلَمَةِ، واللِّسَانِ، والشَّفَةِ، والحَشَفَةِ، والأُنْمُلَةِ، والسِّنِّ، وشَقِّ الحَشَفَةِ طُولًا، بالحِسابِ مِن دِيَتِه يُقدَّرُ بالأَجْزاءِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ولم يذكُرْ فى «المُحَرَّرِ»،

وَفِى شَلَلِ الْعُضْوِ، أَوْ إِذْهَابِ نَفْعِهِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى الشَّفْتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَنْطَبِقَانِ عَلَى الْأَسْنَانِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم هنا شَقَّ الحَشَفَةِ طُولًا. وذكَر فى «التَّرْغيبِ»، فى شَحْمَةِ الأُذُنِ رِوايةً، أنَّ فيها ثُلُثَ الدِّيَةِ، وذكَر فى «الواضِحِ»، فيما بَقِىَ مِنَ الأُذُنِ بلا نَفْعٍ الدِّيَةُ، وإلَّا فحُكومَةٌ. قوله: وفى شَلَلِ العُضْوِ، أو ذهابِ نَفْعِه، والجنايَةِ على الشَّفَتَيْن بحيثُ لا يَنْطبِقان على الأَسْنَانِ -قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: أو اسْتَرْخَتَا-

وَتَسْوِيدِ السِّنِّ، وَالظُّفْرِ، بِحَيْثُ لَا يَزُولُ دِيَتُهُ. وَعَنْهُ فى تَسْوِيدِ السِّنِّ، ثُلُثُ دِيَيهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهَا حُكُومَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دِيَتُه. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»: فى التَّقَلُّصِ حُكومَةٌ. قوله: وفى تَسْوِيدِ السِّنِّ، والظُّفْرِ، بحيثُ لا يَزُولُ، دِيتُه. إذا اسْوَدَّ الظُّفْرُ بحيثُ لا يزولُ، وجَبَتْ دِيَتُه بلا خِلافٍ أعْلَمُه. وإنِ اسْوَدَّ السِّنُّ بحيثُ لا يزولُ سَوادُه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ فيه دِيَتَه. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، فى تَسْويدِ السِّنِّ، ثُلُثُ دِيَتِها -كتَسْويدِ أنْفِه مع بَقاءِ نَفْعِه- وقال أبو بَكْرٍ: فى تَسْويدِ السِّنِّ حُكومَةٌ. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، كما لوِ

وَفِى الْعُضْوِ الْأَشَلِّ مِنَ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ، وَالذَّكَرِ، وَالثَّدْىِ، وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ، وَشَحْمَةِ الأُذُنِ، وَذَكَرِ الْخَصِىِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ احْمَرَّتْ، أوِ اصْفَرَّتْ، أو كَلَّتْ. وعنه، إنْ ذهَب نفْعُها، وجَبَتْ دِيَتُها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدة: لوِ اخْضَرَّتْ سِنُّه بجِنايَةٍ عليها، ففيها حُكومَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: والأَشْهَرُ فى المذهبِ، فيها حُكومَةٌ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ» وغيرِه: فإنْ تغَيَّرَتْ أو تحَرَّكَتْ، وجَبَتْ حُكومَةٌ. انتهوا. وعنه، حُكْمُها حُكْمُ تَسْوِيدِها. جزَم به وَلَدُ (¬1) الشِّيرَازِىِّ فى «مُنْتَخَبِه». وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وفى العُضْوِ الأشَلِّ، مِنَ اليَدِ، والرِّجْلِ، والذَّكَرِ، والثَّدْىِ، ولِسانِ ¬

(¬1) الأصل: «وكذا».

وَالْعِنِّينِ، وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ، وَالثَّدْى دُونَ حَلَمَتِهِ، وَالذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ، وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ، وَالْيَدِ وَالإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ، حُكُومَةٌ. وَعَنْهُ، ثُلُثُ دِيَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَخْرَسِ، والعَيْنِ القَائمَةِ، وشَحْمَةِ الأُذُنِ، وذَكَرِ الخَصِىِّ والعِنِّينِ، والسِّنِّ السَّوْداءِ، والثَّدْىِ دونَ حَلَمَتِه، والذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِه، وقَصَبَةِ الأَنْفِ، واليَدِ والإِصْبَعِ الزَّاِئدَتَيْن، حُكُومَةٌ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَ المُصَنِّفُ والمَجْدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكومَةَ فى اليَدِ والإِصْبَعِ الزَّائدَتَيْن. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارحُ فى قَطْعِ الذَّكَرِ دُونَ حشَفَتِه، والثَّدْىِ دُونَ حَلَمَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجِبُ فى ذلك كلِّه ثُلُثُ دِيَةِ كلِّ عُضْوٍ مِن ذلك. واخْتارَه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه»، فى شلَلِ اليَدِ فقطْ. وقال القاضى: الرِّوايَتان فى السِّنِّ السَّوْداءِ التى ذهَب نفْعُها، أمّا إنْ لم يذْهَبْ نفْعُها بالكُلِّيَّةِ، ففيها دِيَتُها كامِلَةً. وخالَفَه المُصَنِّفُ وغيرُه. ووُجوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ فى اليَدِ الشَّلَّاءِ، والذَّكَرِ الأشَلِّ، والعَيْنِ القائمَةِ، والسِّنِّ السَّوْدَاءِ، وذَكَرِ الخَصِىِّ والعِنِّينِ، ولِسانِ الأَخْرَسِ، مِن مُفْرَداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. [وجزَم به ناظِمُها. وكذا وُجوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ فى اليَدِ والإِصْبَعِ الزَّائدَتَيْن، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ] (2).

وَعَنْهُ فى ذَكَرِ الْخَصِىِّ وَالْعِنِّينِ، كَمَالُ دِيَتِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه فى ذَكَرِ الخَصِىِّ والعِنِّينِ، كَمالُ دِيَتِهما. وعنه فى ذَكَرِ العِنِّينِ، كَمالُ دِيَتِه. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلت: وهو الصَّوابُ. [وجزَم به] (¬1) فى «الانْتِصارِ»، فى لِسانِ الأَخْرَسِ. وقدَّم فى «الرَّوْضَةِ»، فى ذَكَرِ الخَصِىِّ -إنْ لم يُجامِعْ بمِثْلِه- ثُلُثُ الدِّيَةِ، وإلَّا دِيَةٌ. وقال: فى العَيْنِ القائِمَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ. ¬

(¬1) فى ط: «خرج منه».

فَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالذَّكَرَ مَعًا، أَوِ الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ، لَزِمَهُ دِيَتَانِ. وَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ قَطَعَ الذَّكَرَ، وَجَبَتْ دِيَةُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَفِى الذَّكَرِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، دِيَةٌ. وَالْأُخْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قطَع نِصْفَ الذَّكَرِ بالطُّولِ، فقال [المُصَنِّفُ: قال] (¬1) أصحابُنا: فيه نِصْفُ الدِّيَةِ. قال هو، والشَّارِحُ: والأَوْلَى وُجوبُ الدِّيَةِ كامِلَةً؛ لأنَّه ذهَب بمَنْفَعَةِ الجِماعِ، فوَجَبَتِ الدِّيَةُ كامِلَةً؛ كما لو أشَلَّه أو كسَر صُلْبَه فذَهَب جِماعُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قوله: فلو قطَع الأُنثَيَيْن والذَّكَرَ مَعًا، أَوِ الذَّكَرَ ثم الأُنثَيَيْن، لَزِمَه دِيَتَان. ولو قطَع الأُنثَيَيْن، ثم قطَع الذَّكَرَ، وَجَبَتْ دِيَةُ الأُنثَيَيْن، وفى الذَّكَرِ رِوَايَتان. وهما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

حُكُومَةٌ أَوْ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَإِنْ أَشَلَّ الْأَنْفَ، أَوِ الْأُذُنَ، أَوْ عَوَّجَهُمَا، فَفِيهِ حُكُومَةٌ. وَفِى قَطْعِ الْأَشَلِّ مِنْهُمَا كَمَالُ دِيَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايتَان المُتَقَدِّمَتان فى ذَكَرِ الخَصِىِّ؛ لأنَّه بقَطْعِ أُنْثَيَيْه صارَ خَصِيًّا. وقد ذكَرْنا المذهبَ والخِلافَ فيه. وتقدَّم أنَّ فيه أرْبعَةَ أقْوالٍ، فى المَسْألَةِ التى قبلَها. قوله: وإنْ أَشَلَّ الأَنْفَ، أَوِ الأُذُنَ، أو عَوَّجَهما، ففيه حُكُومَةٌ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: فى شَلَلِهما الدِّيَةُ، كشَلَلِ اليَدِ والمَثانَةِ، ونحوِهما. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»: وإنْ أشَلَّ المارِنَ وعَوَّجَه، فدِيَةٌ وحُكومَةٌ، ويَحْتَمِلُ دِيَةٌ. قوله: وفى قَطْعِ الأَشَلِّ منهما كَمالُ دِيَتِه. يعْنِى دِيَةً كامِلَةً. صرَّح به الأصحابُ، وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، [و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه] (¬1). وقال فى «المُحَرَّرِ»: فى كلِّ منها كَمالُ دِيَتِه، إذا قُلْنا: يُؤْخَذُ به السَّالِمُ مِن ذلك ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَتَجِبُ الدِّيَةُ فى أَنْفِ الْأَخْشَمِ وَالْمَخْزُومِ وَأُذُنَىِ الْأَصَمِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فى العَمْدِ. وإلَّا ففيه حُكومَةٌ. وقالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى أُذُنٍ مُسْتَحْشفَةٍ -وهى الشَّلَّاءُ- رِوايَتان؛ ثُلُثُ دِيَتِه، أو حُكومَةٌ. وكذا فى «التَّرْغيبِ» أيضًا فى أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لم تجِبِ الدِّيَةُ. قوله: وتَجِبُ الدِّيَةُ فى أَنْفِ الأخْشَمِ والمَخْزُومِ وأُذُنَىِ الأصَمِّ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُحَرَّرِ»: فى كلٍّ مِن ذلك كَمالُ دِيَتِه، إذا قُلْنا: يؤْخَذُ به السَّالِمُ مِن ذلك فى العَمْدِ. وإلَّا ففيه حُكومَةٌ كما تقدَّم. وقالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»،

وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ، فَذَهَبَ شَمُّهُ، أَوْ أُذُنَيْهِ، مذهَبَ سَمْعُهُ، وَجَبَتْ دِيَتَانِ. وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ إِذَا أذْهَبَهَا بِنَفْعِهَا، لَمْ تَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: وإنْ قطَع أَنْفَه، فذهَب شَمُّه، أَو أُذُنَيْه، فذهَب سَمْعُه، وَجَبَتْ دِيَتَان، وساِئِرُ الأَعْضَاءِ إذا أَذْهَبَها بنَفْعِها، لم تَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ، ولا أعْلَمُ فيه خِلافًا. وفرَّقوا بينَهما بفُروقٍ جِيِّدةٍ؛ منها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ تفْوِيتَ نَفْعِ سِائرِ الأعْضاءِ وقَع ضِمْنًا للعُضْوِ، والفائِتُ ضِمْنًا لا شئَ فيه، دلِيلُه القَتْلُ، فإنَّه يُوجِبُ دِيَةً واحدةً، وإنْ أتْلَفَ أشياءَ تجبُ بكُلِّ واحدٍ منها الدِّيَةُ، بخِلافِ مَنْفَعَةِ الأَنْفِ والأُذُنِ، [إذا ذَهَبَا بقَطْعِ الأَنْفِ والأُذُنِ] (¬1)؛ لأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ المَنْفَعَتَيْن فى غيرِ الأَنْفِ والأُذُنِ، فذَهابُ أحَدِهما مع الآخَرِ ذَهابٌ لمَا ليس أحدُهما تَبَعًا للآخَرِ. فائدة: مَن له يَدان على كُوعَيْه، أو يَدان وذِراعَان على مَرْفِقَيْه، وتَساوَيَا فى البَطْشِ، فهما يَدٌ واحدةٌ، وللزِّيادَةِ حُكومَةٌ، على الصَّحيحِ، وفى أحَدِهما نِصْفُ دِيَتِهما وحُكومَةٌ، وفى قطْعِ إصْبَعٍ مِن أحَدِهما خَمْسَةُ أبْعِرَةٍ. فإنْ قطَع يدًا، لم يُقْطَعَا للزِّيادَةِ ولا أحدُهما -على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ- لعَدَمِ مَعْرِفَةِ الأصْلِيَّةِ. قطَع به فى «الفُروعِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِى». وقال ابنُ حامِدٍ: يجِبُ القِصاصُ فيهما؛ لأَنَّ هذا نَقْصٌ لا يَمْنَعُ القِصاصَ، كالسِّلْعَةِ فى اليَدِ. انتهى. وإنْ كانتْ إحْداهما باطِشَةً دُونَ الأُخْرَى، أو إحْداهما أكثرَ بَطْشًا، أو فى سَمْتِ الذِّراعِ والأُخْرَى زائدَةً، ففى الأَصْلِيَّةِ دِيَتُها، والقِصاصُ بقَطْعِها عَمْدًا، وفى الزَّائدَةِ حُكومَةٌ، سواءٌ قَطَعَها مُنْفَرِدَةً، أو مع ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل فى دية المنافع

فَصْلٌ فى دِيَةِ الْمَنَافِعِ: وَفِى كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ وَهِىَ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، والذَّوْقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَصْلِيَّةِ. وعلى قَوْلِ ابنِ حامِدٍ، لا شئَ فيها؛ لأنَّها عَيْبٌ، فهى كالسِّلْعَةِ فى اليَدِ. وإنِ اسْتَوَيَا مِن كُلِّ الوُجوهِ، وكانَا غيرَ باطِشَتَيْن، ففيهما ثُلُثُ دِيَةِ اليَدِ أو حُكومَةٌ، ولا تجِبُ دِيَةُ اليَدِ كامِلَةً؛ لأنَّهما لا نفْعَ فيهما، فهما كاليَدِ الشَّلَّاءِ. والحُكْمُ فى القَدَمَيْنِ على ساقٍ، كالحُكْمِ فى الكَفَّيْنِ على ذِراعٍ واحدٍ، وإنْ كانتْ إحْدَاهما أَطْوَلَ مِنَ الأُخْرَى، فقطَع الطُّولَى، وأمْكَنَه المَشْىُ على القَصِيرَةِ، فهى الأَصْلِيَّةُ، وإلَّا فهى زائِدَةٌ. قال ذلك فى «الكافِى». قوله: فَصْلٌ فى دِيَةِ المَنافعِ: فى كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كامِلَةٌ؛ وهى السَّمْعُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والبَصَرُ، والشَّمُّ، والذَّوْقُ. فى كلِّ واحدٍ مِنَ السَّمْعِ والبَصَرِ والشَّمِّ دِيَةٌ كامِلَةٌ، بلا نِزاعٍ. وفى ذَهابِ الذَّوْقِ دِيَةٌ كامِلَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: فيه حُكومَةٌ. واخْتارَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». قال الشَّارِحُ: القِياسُ لا ديَةَ فيه.

وَكَذَلِكَ تَجِبُ فى الْكَلَامِ، وَالْعَقْلِ، وَالْمَشْىِ، وَالأَكْلِ، وَالنِّكَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَتَجِبُ فى الْحَدَبِ، وَالصَّعَرِ، وَهُوَ أَنْ يَضْرِبَهُ فَيَصِيرَ الْوَجْهُ فى ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجِبُ فى الحَدَبِ، دِيَةٌ كامِلَةٌ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُصولِ»:

جَانِبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَطْلَقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى الحَدَبِ الدِّيَةَ، ولم يُفَصِّلْ، وهذا مَحْمولٌ على أنَّه يَمْنَعُه مِنَ المَشْى. وأجْرَاه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» على ظاهِرِه، فقالوا: يجبُ فى الحَدَبِ الدِّيَةُ. وكذا المُصَنِّفُ هنا وغيرُه. وجزَم بوُجوبِ الدِّيَةِ فيه، فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال القاضى وغيرُه: لا تجِبُ فيه الدِّيَةُ. قال ابنُ الجَوْزِىِّ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. و [ظاهِرُ «الفُروعِ» الإِطْلاقُ] (¬1). قوله: ويَجِبُ فى الصَّعَرِ؛ وهو أَنْ يَضْرِبَه فيَصِيرَ الوَجْهُ فى جانِب، دِيَةٌ كامِلَةٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَفِي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ إِذَا لَمْ يَزلْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. لكِنْ قال فى «المُغْنِى»، و «التَّرْغيبِ»: وكذا إذا لم يَبْلَعْ رِيقَه. فائدة: قولُه: وفى تَسْوِيدِ الوَجْهِ إذا لم يَزُلْ، دِيَةٌ كامِلَةٌ. وهذا بلا نِزاعٍ.

وَإِذَا لَمْ يَسْتَمْسِكِ الْغَائِطُ أوِ الْبَوْلُ، فَفِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «المُبْهِجِ»، و «التَّرْغيبِ»: وكذا لو أَزَالَ (¬1) لَوْنَ الوَجْهِ، كان فيه الدِّيَةُ. قوله. وإذا لم يَسْتَمْسِكِ الغائِطُ والبَوْلُ -يعْنِى، إذا ضرَبَه- ففى كلِّ واحِدٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «زال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن ذلك دِيَةٌ كامِلَةٌ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وكذا قدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ذكَرُوه فى أوَّلِ كتابِ الدِّياتِ. وعنه، يجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ». وخصَّ الرِّوايةَ، فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، بما إذا لم يَسْتَمْسِكِ البَوْلُ. وتقدَّم، إذا أفْزَعَه، فأحْدَثَ بغائطٍ أو بَوْلٍ أو رِيحٍ، فى كتابِ الدِّيَاتِ، قيلَ الفَصْلِ. فائدة: تجِبُ الدِّيَةُ فى إذْهابِ مَنْفَعَةِ الصَّوْتِ، وكذا فى إذهابِ منْفعَةِ البَطْشِ. وقال فى «الفُنونِ»: لو سقَاه ذَرْقَ الحَمَامِ، فذَهَب صَوْتُه، لَزِمَه حُكومَةٌ فى إذْهابِ الصَّوْتِ.

وَفِي نَقْصِ شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِنْ عُلِمَ، بِقَدْرِهِ، مِثْلَ نَقْصِ الْعَقْلِ، بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا، أَوْ ذَهَابَ بَصَرِ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَمْعِ إِحْدَى الأُذُنَيْنِ. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ، يُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى نَقْصِ شئٍ مِن ذلك إنْ عُلِمَ، بقَدْرِه، مثلَ نَقْصِ العَقْلِ، بأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا ويُفِيقَ يَوْمًا، أو ذَهابِ بَصَرِ إحدَى العَيْنَيْن، أو سَمْعِ إحدَى الأُذُنَيْن. بلا نِزاعٍ فى ذلك. قوله: وفى الكَلَامِ، بالحِسابِ؛ يُقْسَمُ عَلَى ثَمانِيَةٍ وعِشْرِينَ حَرْفًا. هذا

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ علَى الْحُرُوفِ الَّتِى لِلِّسَانِ فِيهَا عَمَلٌ دُونَ الشَّفَوِيَّةِ؛ كَالْبَاءِ، وَالْفَاءِ، والْمِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ على الحُروفِ التى للِّسانِ فيها عَمَل دُونَ الشَّفَوِيَّةِ؛ كالباءِ، والفاءِ، والمِيمِ. وكذا الواوُ. قالَه الأصحابُ. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: وقيل: سِوى الشَّفَوِيَّةِ والحَلْقِيَّةِ، وسواءٌ ذهَب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَرْفٌ بمَعْنَى كلمةٍ، كجَعْلِه أحمدَ أَمَدَ، أَوْ لا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. فائدة: لو كانَ أَلْثَغَ مِن غيرِ جِنايَةٍ، فأَذْهبَ إنْسانٌ كلامَه كلَّه، فإنْ كانَ مَأْيُوسًا مِن ذَهابِ لُثْغَتِه، ففيه بقِسْطِ ما ذهَب مِنَ الحُروفِ، وإنْ كان غيرَ مَأْيُوسٍ مِن زَوالِها -كالصَّبِىِّ- ففيه دِيَةٌ كامِلَةٌ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: وكذلك الكبيرُ إذا أمْكَنَ إزَالَةُ لُثْغَتِه بالتَّعْليمِ.

وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ، مِثْلَ أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا، أَوْ نَقَصَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ، أو شَمُّهُ، أو حَصَلَ فى كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ عَجَلَةٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ لم يُعْلَمْ قَدْرُه، مثلَ أَنْ صارَ مَدْهُوشًا، أَو نقَص سَمْعُه، أَو بَصَرُه،

أَوْ نَقَصَ مَشْيُهُ، أَوِ انْحَنَى قَلِيلًا، أَوْ تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ، أَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ، أَوْ ذَهَبَ اللَّبَنُ مِنْ ثَدْىِ المَرأةِ، ونَحْوُ ذَلِكَ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو شَمُّه، أو حصَل فَى كَلَامِه تَمْتَمَةٌ، أو عَجَلَةٌ، أو نقَص مَشْيُه، أَوْ انْحَنَى قَلِيلًا، أو تَقَلَّصَت (¬1) شَفَتُه بعضَ التَّقَلُّصِ (¬2)، أو تَحَركَتْ سِنُّهُ -بعضَ التَّحَرُّكِ- أو ذهَب اللَّبَنُ مِن ثَدْىِ المرْأَةِ ونحوُ ذلك، ففيه حُكُومَةٌ. هذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وقطَع بأكثَرِه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم بالجميعِ فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ولم يذْكُرْ فى «الفُروعِ» التَّقَلُّصَ. وقيل: إنْ ذهَب اللَّبَنُ، ففيه الدِّيَةُ. [وذكَر جماعَةٌ فى البَصَرِ، نزِنُه بالمَسافَةِ، فلو نظَر الشَّخْصَ على مِائَتَىْ ذِراعٍ، فنَظَرَه على مِائَةٍ، فنِصْفُ الدِّيَةِ] (¬3). وذكَر فى «الوَسِيلَةِ»: لو لَطَمَه، فذَهَب بعضُ بصَرِه، وجَبَتِ الدِّيَةُ فى ظاهرِ كلامِه. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو جَعَلَه لا يلْتَفِتُ إلَّا بشِدَّةٍ، أو لا يبلَعُ رِيقَه إلَّا بشِدَّةٍ، أوِ اسْوَدَّ بَياضُ عَيْنَيْه، أوِ احْمَرَّ. الثَّانيةُ، لو صارَ أَلْثَغَ بذلك، فقيل: تجِبُ دِيَةُ الحَرْفِ الذى امْتَنَعَ مِن ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «تفلست»، وتقلص الشفة؛ انزواؤها. (¬2) فى الأصل، ط: «التقلس». (¬3) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ، اعْتُبرَ أكْثَرُهُمَا؛ فَلَوْ ذَهَبَ رُبْعُ اللِّسَانِ وَنِصْفُ الْكَلَامِ، أَوْ رُبْعُ الْكَلَامِ وَنِصْفُ اللِّسَانِ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ خُروجِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: فيه حُكومَةٌ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ قطَع بعضَ اللِّسانِ فذَهَب بعضُ الكَلامِ، اعْتُبرَ أكْثَرُهما؛ فلو ذهَب رُبْعُ اللِّسَانِ ونِصْفُ الكَلامِ، أو رُبْعُ الكَلامِ ونِصْفُ اللِّسانِ، وجَب نِصْفُ

فَإِنْ قَطَعَ رُبْعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ، فَعَلَى الأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الثَّانِى نِصْفُهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَحُكومَةٌ لِرُبْعِ اللِّسَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّيَةِ -بلا نِزاعٍ- فإنْ قطع رُبْعَ اللِّسانِ، فذَهَب نِصْفُ الكَلامِ، ثم قطَع آخَرُ بَقِيَّتَه، فعلى الأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وعلى الثَّانِى نِصْفُها -فقطْ. وهذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه القاضى. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يجبُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ، وحُكومَةٌ لرُبْعِ اللسانِ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ هنا. وهو المذهبُ. قطَع به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الأَشْهَرُ. والوَجْهُ الثَّالِثُ، يجبُ عليه ثلاثَةُ أرْباعِ الدِّيَةِ. وأطْلَقَهُنَّ فى «الشَّرْحِ». فائدة: عَكْسُ المَسْألَةِ، لو قطَع نِصْفَ اللِّسانِ، فذَهَب رُبْعُ الكَلامِ، ثم قطَع آخَرُ بقِيَتّهَ، كان على الأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، ويجبُ على الثَّانى ثلَاثةُ أرْباعِها. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: نِصْفُها لا غيرُ.

وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا دِيَةٌ، وَإِنْ ذَهَبَا مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ، فَفِيهِ دِيَتانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قطَع لِسانَه فذَهَب نُطْقُه وذَوْقُه، لم يَجِبْ إلَّا دِيَة، وإنْ ذَهَبا مع بقَاءِ اللِّسانِ، ففيه دِيَتان. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الواضِحِ»: إنْ قطَع لِسانَه، فدِيَةٌ أزالَ نُطْقَه أو لم يُزِلْه، فإنْ عَدِمَ الكَلامَ بقَطْعِه، وجَب لعدَمِه أيضًا دِيَةٌ كامِلَةٌ. قال فى «الفُروعِ»: كذا وجَدْتُه. و (¬1) فى «مُختَصَرِ ¬

(¬1) سقط من: ط، أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ رَزِينٍ»، لو ذهَبِ شَمُّه وسَمْعُه ومَشْيُه وكلامُه تبَعًا، فدِيَتان. فائدة: لا يدْخُلُ أَرْشُ جِنايَةٍ أذْهَبَتْ عقْلَه فى دِيَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقيل: يدْخُلُ.

وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ، فَفِيهِ دِيَتَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فى نَقْصِ بَصَرِهِ، أَوْ سَمْعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمجَنِىِّ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كسَر صُلْبَه فذَهَب مَشْيُه ونِكاحُه، ففيه دِيَتَان. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ تجِبَ دِيَةٌ واحدةٌ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، كبَقِيَّةِ الأعْضاءِ. [فائدة: لو قطَع أنْفَه، أو أُذُنَه، فذَهَب شَمُّه، أو سَمْعُه، فعليه دِيَتان، قوْلًا واحدًا] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِذَا اخْتَلَفَا فى ذَهَابِ بَصَرِهِ، أُرِى أَهْلَ الْخِبْرَةِ، وَقُرِّبَ الشَّىْءُ إِلَى عَيْنهِ فى وَقْتِ غَفْلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنِ اخْتَلَفَا فى ذَهَابِ سَمْعِهِ، أَوْ شَمِّهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصل

أَوْ ذَوْقِهِ، صِيحَ بِهِ فى أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ، وَتُتُبِّعَ بِالرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ، وَأُطْعِمَ الْأَشْيَاءَ الْمُرَّةَ، فَإِنْ فَزِعَ فَمَّا يَدْنُو مِنْ بَصَرِهِ، أَوِ انْزَعَجَ لِلصَّوْتِ، أَوْ عَبَسَ لِلرَّائِحَةِ، أَوِ الطَّعْمِ الْمُرِّ، سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَصْلٌ: وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه؛ قولُه: ولا تَجِبُ دِيَةُ الجُرْحِ حتى يَنْدَمِلَ. فيَسْتَقِرَّ بالانْدِمالِ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. لكِنْ قال فى «الرَّوْضَةِ»: لو قطَع كلٌّ منهما يَدًا،

وَلَا دِيَةُ سِنٍّ، وَلَا ظُفْرِ، وَلَا مَنْفَعَةٍ، حَتَّى يُيْأَسَ مِنْ عَوْدِهَا. وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ أَوْ ظُفْرَهُ ثُمَّ نَبَتَ، أَوْ رَدَّهُ فَالْتَحَمَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فله أخْذُ دِيَةِ كلٍّ منهما فى الحالِ قبلَ الانْدِمالِ وبعدَه، لا القَوَدُ قبلَه (¬1). ولو زادَ أَرْشُ جُروح على الدِّيَةِ، فَعَفَا عنِ القَوَدِ إلى الدِّيَةِ، وأحَبَّ أخْذَ المالِ قبلَ الانْدِمالِ، فقيل: يأْخُذُ دِيَةً فقط؛ لاحْتِمالِ السِّرايَةِ. وقيل: لا، لاحْتِمالِ جُروحٍ تطْرَأُ. قالَه فى «الفُروعِ». [قلتُ: الصَّوابُ الأَوَّلُ. تنبيه] (¬2): قولُه: ولا دِيَةُ سِنٍّ، ولا ظُفْرٍ، ولا مَنْفَعَةٍ، حتى يُيْأَسَ مِن عَوْدِها. وهو صحيحٌ. لكِنْ لو ماتَ فى المُدَّةِ، فلِوَليِّه دِيَةُ سِنٍّ وظُفرٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هَدْرٌ، كما لو نبَت شئٌ فيه. قالَه فى «مُنْتَخبِ وَلَدِ الشِّيرَازِىِّ». وله فى غيرِهما الدِّيَةُ، وفى القَوَدِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وخصَّ المُصَنِّف الخِلافَ بسِنِّ الصَّغيرِ. وتقدَّم ذلك فى أواخِرِ بابِ ما يُوجِبُ القِصاصَ. قوله: ولو قلَع سِنَّ كَبيرٍ أَو ظُفْرَه، ثم نبَت، سقَطَتْ دِيَتُه، وإنْ كانَ قد ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخَذَها، ردَّها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ وغيرُه، ونصَّ عليه فى السِّنِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال القاضى: [تجِبُ دِيَتُها. وقال ابنُ الجوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ»، فى مَن قلَع سِنَّ كَبيرٍ، ثم نبَت: لم يَرُدَّ ما أخَذ، وقال: ذكَرَه أبو بَكْرٍ] (¬1). وتقدَّم ذلك فى بابِ ما يُوجِبُ القِصاص فيما دُونَ النَّفْسِ، فى أثْناءِ الفَصْلِ الرَّابعِ. فعلى المذهبِ، تجِبُ عليه حُكومَةٌ لنَقْصِها إنْ نقَصَتْ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وضَعْفِها إنْ ضَعُفَتْ، وإنْ قَلَعَها قالِع بعدَ ذلك، وجَبَتْ دِيَتُها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى قَوْلِ القاضى، يَنْبَنِى حُكْمُها على وُجوب قَلْعِها؛ فإنْ قُلْنا: يجبُ. فلا شئَ على قالِعِها، وإنْ قُلْنا: لا يجبُ قَلْعُها، احْتَمَلَ أن يُؤْخَذَ بدِيَتِها، واحْتَمَلَ أَنْ لا يؤْخَذَ، ولكِنْ فيها حُكومَة. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال فى «الفُروعِ»: وإنْ أبانَ سِنًّا وُضِعَ محَلَّه والْتَحَمَ، ففى الحُكومَةِ وَجْهانِ. انتهى. وإنْ جَعَل مكانَ السِّنِّ سِنًّا أُخْرَى، أو سِنَّ حَيوانٍ أو عَظْمًا، فنَبَت، وجَبَتْ دِيَةُ المَقْلُوعَةِ، وَجْهًا واحدًا، فإنْ قُلِعَتْ هذه الثَّانيةُ، لم تجِبْ دِيَتُها، وفيها حُكومَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يجِبَ فيها شئٌ. قوله: أو ردَّه -يعْنِى الظُّفْرَ- فالْتَحَمَ، سَقَطَتْ دِيَتُه. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقال القاضى: تجِبُ دِيَتُها. ذكَرَه عنه الشَّارِحُ. فائدة (¬1): لو قطَع طرَفَه، فرَدَّه فالْتَحَمَ، فحَقه باقٍ بحالِه، ويُبيِّنُه إنْ قِيلَ ¬

(¬1) فى الأصل: «قوله»، وفى أ: «فائدة قوله».

أَوْ ذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ، أَوْ شَمُّهُ، أَوْ ذَوْقُهُ، أَوْ عَقْلُهُ، ثُمَّ عَادَ، سَقَطَتْ دِيَتُهُ, وَإِنْ كَانَ قَدْ أخَذَهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا، أَوْ عَادَتِ السِّنُّ أَوِ الظُّفْرُ قَصِيرًا أَوْ مُتَغَيِّرًا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بنَجاسَتِه، وإلَّا فله أَرْشُ نَقْصِه خَاصَّةً. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَ القاضى بَقاءَ حقِّه. ثم إنْ أبانَه أجْنَبِىٌّ، وقيل بطَهارَتِه، ففى دِيَتِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». ولو ردَّ المُلْتَحِمَ الجانِى، أُقِيدَ به ثانيةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: لا يُقادُ به. فائدة: لوِ الْتَحَمَتِ الجائفَةُ أوِ المُوضِحَةُ وما فوْقَها على غيرِ شَيْنٍ، لم يسْقُطْ مُوجَبُها، روايةً واحدةً. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قوله: وإنْ عادَ ناقِصًا، أو عادَتِ السِّنُّ أوِ الظُّفْرُ قَصِيرًا أو مُتَغَيِّرًا، عليه (¬1) أَرْشُ نَقْصِه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، ¬

(¬1) فى النسخ: «فله».

وَعَنْهُ فى قَطْعِ الظُّفْرِ إِذَا نَبَتَ عَلَى صِفَتِهِ، خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ، فَفِيهِ عَشَرَةٌ. وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ وَيُئسَ مِنْ عَوْدِهَا، وَجَبَتْ دِيَتُهَا. وَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، ذكَرَه فى باب القَوَدِ فيما دُونَ النَّفْسِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وعنه فى قَلْعِ الظُّفْرِ إذا نبَت على صِفَتِه، خَمْسَةُ دَنانِيرَ، وإنْ نبَت أَسْوَدَ، ففيه عَشَرَةٌ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقالَا: التَّقْدِيراتُ بابُها التَّوْقيفُ، ولا نَعْلَمُ فيه تَوْقيفًا، والقِياسُ لا شئَ عليه إذا عادَ على صِفَتِه. وإنْ نبَت صَغِيرًا، ففيه حُكومَةٌ. قوله: وإنْ قلَع سِنَّ صَغِير ويُئِسَ مِن عَوْدِها، وجَبَتْ دِيَتُها. هذا المذهبُ.

الْقَاضِى: فِيهَا حُكُومَةٌ. وَإِنْ مَاتَ الْمَجْنِىُّ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْجَانِى عَوْدَ مَا أذْهَبَهُ، فَأنْكَرَ الْوَلِىُّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِىِّ. وَإِنْ جَنَى عَلَى سِنِّهِ اثْنَانِ وَاخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِىِّ عَلَيْهِ فى قَدْرِ مَا أَتْلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ» (¬1)، وغيرِهم. وقال القاضى: فيها حُكومَةٌ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. قوله: وإِنْ ماتَ المَجْنِىُّ عليه وادعَى الجانِى عَوْدَ ما أذْهَبَه، فأنْكَرَه الوَلِىُّ، ¬

(¬1) فى ط، أ: «الحاوى»

فصل

فَصْلٌ: وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ؛ وَهِىَ، شَعَرُ الرَّأْسِ، واللِّحْيَةِ، وَالْحَاجِبَيْنِ، وَأهْدَابُ الْعَيْنَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فالقَوْلُ قَوْلُ الوَلِىِّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «المُنْتَخَبِ»: إنِ ادَّعى انْدِمالَه ومَوْتَه بغيرِ جُرْحِه، وأمْكَنَ، قُبِلَ قَوْلُه. قوله: وفى كلِّ واحِدٍ مِنَ الشُّعُورِ الأرْبَعَةِ الدِّيَةُ؛ وهو، شَعَرُ الرَّأْسِ, واللِّحْيَةِ، والحاجِبَيْن، وأهْدَابُ العَيْنَيْن. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، فى كُلِّ شعَرٍ مِن ذلك حُكُومَة، كالشَّارِبِ. نصَّ عليه. فائدتان؛ إحْداهما، لا قِصاصَ فى ذلك؛ لعدَمِ إمْكانِ المُساواةِ. الثَّانيةُ، نقَل حَنْبَلٌ، كلُّ شئٍ مِنَ الإنْسانِ فيه أرْبَعَةٌ، ففى كلِّ واحدٍ رُبْعُ الدِّيَةِ. وطَرَدَه القاضى فى جِلْدَةِ وَجْهٍ.

وَفِى كُلِّ حَاجِبٍ نِصْفُهَا، وَفِى كُلِّ هُدْبٍ رُبْعُهَا، وَفِى بَعْضِ ذَلِكَ بِقِسْطِهِ مِنَ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى بعضِ ذلك بقِسْطِه مِنَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ، [وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ فى بَحْثِهما] (¬1)، [وعليه الأصحابُ. وذكَر أبو الخَطَّابِ احْتِمالًا، يجبُ فيه حُكومَةٌ] (¬2) ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنَّما تَجِبُ دِيَتُهُ إِذَا أزَالَهُ عَلَى وَجْه لَا يَعُودُ، فَإِنْ عَادَ، سَقَطَتِ الدِّيَةُ، وَإِنْ أَبقَى مِنْ لِحْيَتِه مَا لَا جَمَالَ فِيهِ، احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [قوله: فإِنْ بَقِىَ مِن لِحْيَته ما لا جَمالَ فيه، احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَه بقِسْطِه. جزَم به فى «الوَجيزِ». ونَصَرَه النَّاظِمُ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «المُذْهَبِ». واحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَه كَمالُ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ، وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ فى بَحْثِهما] (¬1). وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَلَعَ الْجَفْنَ بِهدْبِهِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا دِيَة الْجَفْنِ، وَإِنْ قَلَعَ اللَّحْيَيْنِ بِمَا عَلَيْهِمَا مِنَ الأسْنَانِ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهُمَا وَدِيَة الأَسْنَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: فيه حُكومَةٌ. وهو قَوِىٌّ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «المُحَرَّرِ».

وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا دِيَةُ الْأَصَابعِ. وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصَابعِ، دَخَلَ مَا حَاذَى الْأَصَابعَ فى دِيَتِهَا، وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَاقِى الْكَفِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: وإنْ قطَع كَفًّا بأَصابِعِه, لم يَجِبْ إلَّا دِيَةُ الأصابعِ. أنَّ الدِّيَةَ للأَصابعِ لا غيرُ، وذلك يقْتَضِى سُقوطَ ما يجبُ فى مُقابلَةِ الكَفِّ، وليس ذلك بمُرادٍ، ولكِنْ لمَّا كانتْ دِيَةُ الأصابعِ كدِيَةِ اليَدِ، أطْلَقَ هذا اللَّفْظَ نظَرًا إلى المَعْنَى، والأَحْسَنُ أَنْ يقولَ: لم يجِبْ إلَّا دِيَةُ اليَدِ. قوله: وإنْ قطَع كَفًّا عليه بعضُ الأَصَابعِ، دخَل ما حاذَى الأَصابعَ فى دِيتِها، وعليه أَرْشُ باقِى الكَفِّ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُه

فصل

وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً بِظُفْرِهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِيَتُهَا. فَصْلٌ: وَفِى عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الأصابعِ. فائدة: يجِبُ فى كفٍّ بلا أصابعَ، وذِراعٍ بلا كَفٍّ، ثُلُثُ دِيَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقد شبَّه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ذلك بعَيْنٍ قائمةٍ. وعنه، يجبُ فيه حُكومَةٌ. ذكَرَهما فى «المُنْتَخَبِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، و «مُذْهَبِ ابنِ الجَوْزِىِّ»، وغيرِهم. وكذا العَضُدُ، وحُكْمُ الرجْلِ حُكْمُ اليَدِ فى ذلك. قوله: وفى عَيْنِ الأَعْوَرِ دِيَةٌ كامِلَةٌ. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعُمومُ كلامِ الخِرَقِىِّ يقْتَضِى أنَّ فيها نِصْفَ الدِّيَةِ. وهو مُقْتَضَى حَديثِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ.

وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ مُمَاثِلَةً لِعَيْنهِ الصَّحِيحَةِ عَمْدًا، فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا قِصَاصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ قلَع الأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيح مُماثِلَةً لعَيْنِه الصَّحيحَةِ عَمْدًا، فعليه دِيَةٌ كامِلَةٌ، ولا قِصاصَ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يقْلَعُ عَيْنَه، كقَتْلِ رجُلٍ بامْرأةٍ. وهو احْتِمالٌ للمُصنِّفِ هنا، ويأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ. قال فى «الفُروعِ»: وأخْذُ نِصْفِ الدِّيَةِ مع القَلْعِ أشْهَرُ. يعْنِى على هذا القَوْلِ. وخرَّجه فى «التَّعْليقِ»، و «الانْتِصارِ» مِن قَتْلِ رَجُلٍ

وَيَحْتَمِل أَنْ تقْلَعَ عَيْنُهُ وَيُعْطَى نِصْفَ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بامْرَأةٍ. وقد جزَم به المُصَنِّفُ هنا على هذا الاحْتِمالِ، وجزَم به غيرُه أيضًا. وقيل: لا يأْخُذُ منه شيئًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَىْ صَحِيحٍ عَمْدًا، خُيِّرَ بَيْنَ قَلْعِ عَيْنهِ وَلَا شَىْءَ لَهُ غَيْرُهَا، وبَيْنَ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قلَع عَيْنَىْ صَحِيحٍ عَمْدًا، خُيِّرَ بينَ قَلْعِ عَيْنِه، ولا شئَ له غيرُها، وبينَ الدِّيَةِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وكوْنُه يسْتَحِقُّ قلْعَ عَيْنِه فقطْ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ دِيَتان. وهذا أيضًا مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: عَيْنُ الأعْوَرِ كغيرِه، وكسَمْع وأُذُنٍ. قال فى «الفُروعِ»:

وَفِى يَدِ الأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ فى رِجْلِهِ. وَعَنْهُ، فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَتَوَجَّهُ فيه احْتِمالٌ وتخْرِيجٌ مِن جَعْلِه كالبَصَرِ فى مَسْألَةِ النَّظَرِ فى بَيْته مِن خَصاصِ البابِ. قوله: وفى يَدِ الأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وكذلك فى رجلِه -وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه، وعنه، فيها دِيَةٌ كامِلَةٌ. وهى مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، فيها دِيَةٌ كامِلَةٌ إنْ ذَهَبَتِ الأُولَى هَدَرًا. وهو منَ المُفْرَداتِ أيضًا. قال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذهَبَتْ فى حدٍّ، فنِصْفُ دِيَةٍ، وإنْ كان فى جِهَادٍ، فرِوايَتان. فائدة: لو قطَع يَدَ صحيحٍ، لم تُقْطَعْ يَدُه إنْ قُلْنا: فيها الدِّيَةُ كامِلَةً. وإلَّا قُطِعَتْ. واللَّهُ أعلمُ.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب الشجاج وكسر العظام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ الشِّجَاجِ وَكسْرِ الْعِظَامِ الشَّجَّةُ اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً؛ وَهِىَ عَشْرٌ؛ خَمْسٌ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا؛ أَوَّلُهَا، الْحَارِصَةُ الَّتِى تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَىْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا ولا تُدْمِيهِ، ثُمَّ الْبَازِلَةُ الَّتِى يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ الَّتِى تَبْضِعُ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الَّتِى أَخَذَتْ فى اللَّحْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشِّجاجِ وكسْر العِظامِ قوله: الشَّجَّةُ اسمٌ لجُرْحِ الرَّأْسِ والوَجْهِ خَاصَّةً -قالَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد تُسْتَعْمَلُ لغيرِهما- وهى عَشْرٌ؛ خَمْسٌ لا مُقَدَّرَ فِيهَا؛ أوَّلُها، الخارِصَة، [بإعْجامِ الخاءِ وإهْمالِها مع إهْمالِ الصَّادِ فِيها، وهى] (1) التى تَخْرِصُ الجِلْدَ، أيْ تشُقه قليلًا ولا تُدْمِيه -وتُسَمَّى الخَرِصَةَ والقاشِرَةَ والقَشِرَةَ، [بإعْجامِ الشِّينِ مع القافِ] (1) - ثم البَازِلَةُ، [بمُوَحَّدَةٍ وزاىٍ مُعْجَمَةٍ مكْسُورَةٍ] (¬1)، التى يسِيلُ منها الدَّمُ. وتُسَمَّى الدَّامِيَةَ، والدَّامِعَةَ، بعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، ¬

(¬1) زيادة من: أ.

ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِى بَيْنَهَا وَبَينَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ. فَهَذِهِ الْخَمْسُ فِيهَا حُكومَةٌ فى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، فى الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِى ـــــــــــــــــــــــــــــ وهى التى تُدْمِى ولا تَشُقُّ اللَّحْمَ. وقيل: الدَّامِعَةُ؛ ما ظهَر دَمُها ولم يَسِلْ. ثم البَاضِعَةُ التى تبْضِعُ اللَّحْمَ. وقيل: ما تَشُقه بعدَ الجِلْدِ ولم يَسِلْ دَمُها. ثم المُتَلاحِمَةُ التى أَخَذَتْ فى اللَّحْمِ. وقيل: ما الْتَحَمَ أعْلاها واتَّسَعَ أسْفَلُها ولم تَبْلُغْ جِلْدَةً تَلِى العَظْمَ. ثم السِّمْحَاقُ التى بَيْنَها وبينَ العَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ. هذا المذهبُ، على هذا

الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِى الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَة، وَفِى السِّمْحَاقِ أربَعَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّرْتيبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ الخِرَقِىِّ، البَاضِعَةُ بينَ الخَارِصَةِ والبَازِلَةِ، تَشُقُّ اللَّحْمَ ولا تدْمِيه. وتَبِعَه ابنُ البَنَّا. قال الزَّرْكَشِىُّ: البَازِلَةُ التى تشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجِلْدِ، يعْنِى ولا يسِيلُ منها دَمٌ. قالَه الجَوْهَرِىُّ (¬1)، وابنُ فارِسٍ (¬2). وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬3): لعَلَّ ما فى نُسَخِ الخِرَقِىِّ غلَطٌ مِنَ الكُتَّابِ؛ لأَنَّ البَاضِعَةَ التى تَشُقُّ اللَّحْمَ بعدَ الجِلْدِ يسِيلُ منها دَمٌ كثيرٌ فى الغالِبِ، بخِلافِ البَازِلَةِ، فإنَّها الدَّامِعَةُ -بالمُهْمَلَةِ- لقِلَّةِ سيَلَانِ دَمِها، فالبَاضِعَةُ أشَدُّ. انتهى. وهو قولُ الأَصْمَعِىِّ، والأزْهَرِىِّ (¬4). ¬

(¬1) انظر: صحاح اللغة 4/ 1633. (¬2) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 244. (¬3) المغنى 12/ 175. (¬4) انظر: تهذيب اللغة 1/ 488، 13/ 217.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فهذه الخَمْسَةُ فيها حُكُومَةٌ فى ظاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ، والمُخْتارُ للأَصحابِ مِنَ الرِّوايتَيْن. وعنه، فى البازِلَةِ بعيرٌ، وفى الباضِعَةِ بعيرانِ، وفى المُتَلاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ، وفى السِّمْحاقِ أرْبَعَة. اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وحكَى الشِّيرَازِىُّ، عن ابنِ أبى مُوسى، أنَّه اخْتارَ ذلك فى السِّمْحَاقِ. وعنِ القاضى، أنَّه قال: متَى أمْكَنَ اعْتِبارُ الجِرَاحاتِ مِنَ المُوضِحَةِ، مثْلَ أَنْ يكونَ فى رأْسِ المَجْنِىِّ عليه مُوضِحَة إلى جانِبِها، قُدِّرَتْ هذه الجِرَاحاتُ منها؛ فإنْ كانتْ بقَدْرِ النِّصْفِ، وجَب نِصْفُ أَرْشِ المُوضِحَةِ،

فصل

فَصْلٌ: وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ؛ أَوَّلُهَا، الْمُوضِحَةُ الَّتِى تُوضِحُ الْعَظْمَ، أَىْ تُبْرِزُهُ، وَفِيهَا خَمْسَةُ أبْعِرَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كانتْ بقَدْرِ الثُّلُثِ، وجَب ثُلُثُ الأَرْشِ. وعلى هذا إلَّا أَنْ تزِيدَ الحُكومَةُ على ذلك، فيجِبُ ما تُخرِجُه الحُكومَةُ. ومُلَخَّصُه، أنَّه يُوجِبُ الأكثرَ ممَّا تُخْرِجُه الحُكومَةُ أو قَدْرَها مِنَ المُوضِحَةِ. قال المُصَنِّفُ: وهذا لا نعْلَمُه مذهبًا لأحمدَ، ولا يقْتَضِيه. انتهى. قوله: وخَمسٌ فيها مُقَدَّرٌ؛ أوَّلُها، المُوضِحَةُ التى تُوضِحُ العَظْمَ، أىْ تُبْرِزُه.

وَعَنْهُ، فى مُوضِحَةِ الْوَجْهِ عَشَرَةٌ. وَالأَوَّلُ الْمَذْهَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ففيها خَمْسَةُ أبْعِرَةٍ -هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ- وعنه، فى مُوضِحَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهِ عَشَرَةٌ. نقَلَها حَنْبَلٌ. واخْتارَها الزَّرْكَشِىُّ. وأولَها المُصنِّفُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجبُ أَرْشُ المُوضِحَةِ فى الصَّغِيرَةِ والكَبيرَةِ، والبارِزَةِ والمَسْتُورَةِ بالشَّعَرِ. وحَدُّ المُوضِحَةِ، ما أَفْضَى إلى العَظْمِ، ولو بقَدْرِ إبْرَةٍ. ذكَرَه ابنُ القاسِمِ، والقاضى. واقْتَصَرَ عليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: المُوضِحَةُ ما كشَف عَظْمَ رَأْسٍ أو وَجْهٍ أو غيرِهما. وقيل: ولو بقَدْرِ رَأْس إبْرَةٍ. انتهى.

فَإِنْ عَمَّتِ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إِلَى الْوَجْهِ، فَهَلْ هِىَ مُوضِحَةٌ أَوْ مُوضِحَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عَمَّتِ الرَّأْسَ ونَزَلَتْ إلى الوَجْهِ، فهل هى مُوضِحَةٌ أو مُوضِحَتان؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، هى مُوضِحَتَان. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثانى، هى مُوضِحَةٌ واحِدَةٌ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ

وَإِنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ، فَإِنْ خَرَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال فى «إِدْراكِ الغايةِ»: ولو عَمَّتْهما فَثِنْتَان فى وَجْهٍ. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم، إذا عَمَّتِ الرَّأْسَ ونزَلَتْ إلى الوَجْهِ. قال الشَّارِحُ: ولم يذْكُرِ المُصَنِّفُ ذلك فى كِتابَيْهِ «المُغْنِى»، و «الكافِى»، بل أَطْلَقَ القَوْلَ فيما إذا كانَ بعضُها فى الرَّأْسِ وبعضها فى الوَجْهِ، فإنْ لم تَعُمَّ الرَّأْسَ، ففيها الوَجْهان. قال: وهو الذى يقْتَضِيه الدَّلِيلُ. انتهى. قلتُ: قدَّم ما قالَه النَّاظِمُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»؛ فإنَّهما قالا: وإنْ نزَلَتْ إلى الوَجْهِ، فمُوضِحَةٌ. قوله: وإِنْ أَوْضَحَه مُوضِحَتَيْن بينَهما حَاجِزٌ، فعليه عَشَرَةٌ، فإِنْ خرَق ما

مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ ذَهَبَ بالسِّرَايةِ، صَارَا مُوضِحَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِىُّ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِىٌّ، فَهِىَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بينَهما، أو ذهَب بالسِّرايَةِ، صارا مُوضِحَةً واحِدَةً، وِإنْ خرَقَه المَجْنِى عليه، أو أَجْنَبِىٌّ، فهى ثَلاثُ مَواضِحَ. بلا نِزاعٍ فى ذلك.

وَإِنِ اخْتَلَفَا فى مَنْ خَرَقَهُ، فَالْقولُ قَوْلُ الْمَجْنِىِّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ ثَلَاثَ أصَابعِ امْرَأَةٍ، فَعَلَيْهِ ثَلَاثُونَ مِنَ الإبِلِ، فَإِنْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ، عَادَ إِلَى عِشْرِينَ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فى قَاطِعِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِىِّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وِإنِ اخْتَلَفَا فى مَن خرَقَه، فالقَوْلُ قَوْلُ المَجْنِىِّ عليه. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وأكثرُهم قطَع به؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، وقال: مع بَقاءِ التَّلابُسِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُصَدَّقُ مَن يُصَدِّقُه الظَّاهِرُ بقُرْبِ زَمَنٍ وبُعْدِه، فإنْ تَساوَيَا، فالمجْروحُ. قال: وله أَرْشان، وفى ثَالِثٍ وَجْهان. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ قال المَجْروحُ: خَرَقْتُه بعدَ البُرْءِ. صُدِّقَ مع طُولِ الزَّمَنِ، وله أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ فقطْ. وقيل: والخَرْقُ بينَهما. وقيل:

وَإِنْ خَرَقَ مَا بَيْنَ المُوضِحَتَيْنِ فى الْبَاطِن، فَهَلْ هِىَ مُوضِحَةٌ أَوْ مُوضِحَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُنْسَبُ مِنَ المُوضِحَةِ إنْ أمْكَنَ. قوله: وِإنْ خرَق ما بينَ المُوضِحَتَيْن فى الباطِن -يعْنِى الجانِى- فهل هى مُوضِحَة أو مُوضِحَتان؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم؛ أحدُهما، هى مُوضِحَةٌ واحِدَةٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى

وَإِنْ شَجَّ جَمِيعَ رَأْسِهِ سِمْحَاقًا إِلَّا مَوْضِعًا مِنْهُ أَوْضَحَهُ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ. ثُمَّ الْهَاشِمَةُ؛ وَهِىَ الَّتِى تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ، فَفِيهَا عَشْرٌ مِنَ الإِبِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، هما مُوضِحَتان. اخْتارَه النَّاظِمُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو خَرَقَه ظاهِرًا لا باطِنًا، فمُوضِحَتان، على أصحِّ الوَجْهَيْن، والمذهبِ منهما. وقيل: مُوضِحَةٌ واحدةٌ. الثَّانيةُ، لو أوْضَحَه جماعةٌ مُوضِحَةً، فهل يُوضَحُ مِن كلِّ واحدٍ بقَدْرِها، أم يُوَزعُ؟ فيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. قوله: ثم الهاشِمَةُ؛ وهى التى تُوضِحُ العَظْمَ وتَهْشِمُه، ففيها عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ ضَرَبَهُ بِمُثَقَّلٍ فَهَشَمَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوضِحَهُ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ ضرَبَه بمُثَقَّلٍ فهَشَمَه مِن غيرِ أَنْ يُوضِحَه، ففيه حُكومَةٌ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ؛ وَهِىَ الَّتِى تُوضِحُ وَتَهْشِمُ وَتَنْقُلُ عِظَامَهَا، فَفِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَلْزَمُه خَمسٌ مِنَ الإِبِلِ؛ كهَشمِه على مُوضِحَةٍ. وأَطْلَقهما فى «الكافِى»، و «الشَّرْحِ».

ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ؛ وَهِىَ الَّتِى تَصِلُ إِلَى جِلْدَةِ الدِّمَاغِ، وَتُسَمَّى أُمَّ الدِّماغِ. وَتُسَمَّى الْمَأْمُومَةُ آمَّةَ، فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ثم المأمُومَةُ؛ وهى التى تَصِلُ إلى جِلْدَةِ الدِّمَاغِ، وتُسَمَّى أُمَّ الدِّماغِ، وتُسَمَّى المَأْمُومَةُ آمَّةً، ففيها ثُلُثُ الدِّيَةِ. بلا نِزاعٍ.

فصل

ثُمَّ الدَّامِغَةُ؛ وَهِىَ الَّتِى تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ، فَفِيهَا مَا فى الْمَأْمُومَةِ. فَصْلٌ: وَفِى الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ وَهِىَ الَّتِى تَصِلُ إِلَى بَاطِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ثم الدَّامِغَةُ -بالغَينِ المُعْجَمَةِ- وهى التى تَخْرِقُ الجِلْدَةَ، ففيها ما فى المَأْمُومَةِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: فيها مع ذلك حُكومَةٌ لخَرْقِ الجِلْدَةِ. قال القاضى: ولم يَذْكُرْها أصحابُنا لمُساواتِها المَأْمُومَةَ فى أَرْشِها. قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُ أنَّهم تَركُوا ذكْرَها لكَوْنِ صاحبِها لا يسْلَمُ غالِبًا. انتهى. قوله: وفى الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وهى التى تَصِلُ إِلى باطِنِ الجَوْفِ، مِن

الْجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرِ، أَوْ صَدْرٍ، أَوْ نَحْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَطْنٍ، أو ظَهْرٍ، أو صَدْرٍ، أو نَحْرٍ. بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ خَرَقَهُ مِنْ جَانِبٍ فَخَرَجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ، فَهِىَ جَائِفَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإنْ خَرَقَه مِن جانِبٍ فخَرَج مِن جانِبٍ آخَرَ، فهى جائِفَتان. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: جائِفَةٌ واحدةٌ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقيل: فيه رِوايَتان. ذكره فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى».

وَإِنْ طَعَنَهُ فى خَدِّه فَوَصَلَ إِلَى فَمِهِ، فَفِيهِ حُكُومَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ جَائِفَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ طَعَنَه فى خَدِّه فوَصَل إلى فَمِه، ففيه حُكُومَةٌ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»،

فَإِنْ جَرَحَهُ فى وَرِكِهِ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إِلَى جَوْفِهِ، أَوْ أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إِلَى قَفَاهُ، فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ، وَحُكُومَةٌ لِجُرْحِ الْقَفَا وَالْوَرِكِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ تكونَ جائفَةً. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وأطْلقَ وَجْهَيْن فى «المُذْهَبِ». فائدة: وكذا الحُكْمُ لو أنْفَذَ أنْفًا أو ذَكَرًا أو جَفْنًا إلى بَيْضَةِ العَيْنِ، خِلافًا ومذهَبًا. قوله: وإنْ جَرَحَه فى وَرِكِه فوَصَل الجُرْحُ إِلى جَوْفِه، أَو أَوْضَحَه فوَصَل الجُرْحُ إلى قَفاه، فعليه دِيَةُ جائِفَةٍ ومُوضِحَةٍ، وحُكُومَةٌ لجُرْحِ القَفا والوَرِكِ. بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ أَجَافَهُ وَوَسَّعَ آخَرُ الْجُرْحَ، فَهِىَ جَائِفَتَانِ، وَإِنْ وَسَّعَ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ، أَوْ بَاطِنَهُ دُونَ ظَاهِرِهِ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ أَجَافَه ووَسَّعَ آخَرُ الجُرْحَ، فهى جائِفَتان. بلا نِزاعٍ أيضًا. قوله: وإنْ وَسَّعَ ظاهِرَه دُونَ باطِنِه، أَو باطِنَه دُونَ ظَاهِرِه، فعليه حُكُومَةٌ. هذا

وَإِنِ الْتَحَمَتِ الْجَائِفَةُ فَفَتَحَهَا آخَرُ، فَهِىَ جَائِفَةٌ أُخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» وَجْهًا، أنَّها جائفَةٌ. فائدة: لو وَطِئَ زوْجَتَه وهى صغيرةٌ، أَوْ نَحِيفَةٌ لا يُوطَأُ مِثْلُها لمِثْلِه، ففَتَقَها، لَزِمَه ثُلُثُ الدِّيَةِ. ومَعْنَى الفَتْقِ: خَرْقُ ما بينَ مَسْلَكِ البَوْلِ والمَنِىِّ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى». وقيل: بل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَعْناه خَرْقُ ما بينَ الدُّبُرِ والقُبُلِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إلَّا أنَّ هذا بعيدٌ؛ لأنَّه يبْعُدُ أَنْ يذْهَبَ بالوَطْءِ ما بينَهما مِنَ الحاجزِ؛ لأنَّه غلِيظٌ قَوِىٌّ. انتهيا. قال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»: وإنْ وَطِئ امْرَأتَه، فخَرَقَ مخرَجَ البَوْلِ والمَنِىِّ، أوِ القُبُلِ والدُّبُرِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، ولكِنَّ الواقِعَ فى الغالبِ الأَوَّلُ. وجزَم بوُجوبِ ثُلُثِ الدِّية الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ، وغيرُهم. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ كانَ البَوْلُ يسْتَمْسِكُ، فعليه ثُلُثُ الدِّيَةِ، وإنْ كان لا يسْتَمْسِكُ، فعليه كَمالُ دِيَتها. وكذا قال فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. [وقال فى «الفُنونِ»، فى مَن لا يُوطَأُ مِثْلُها: القَوَدُ واجِبٌ؛ [لأنَّه قَتْلٌ] (¬1) بفِعْلٍ يقْتلُ مِثْلُه] (¬2). وقال فى «الفُروعِ» وغيرِه: ومَن وَطِئَ أجْنَبِيَّةً كبيرةً مُطاوِعَةً بلا شُبْهَةٍ، أوِ امْرَأَته -ومِثْلُها يُوطَأُ لمِثْلِه- فأَفْضَاها، فهَدْرٌ؛ لعدَمِ تَصَوُّرِ الزيادَةِ، وهو حقٌّ له، وإلَّا فالدِّيَةُ، فإنْ ثَبَتَ البَوْلُ، فجائِفَةٌ. ولا ينْدَرِجُ أَرْشُ البَكارَةِ فى دِيَةِ إفْضاءٍ، على الأصحِّ. وقال فى «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ»: ولو وَطِئَ زوْجَتَه الكَبيرَةَ المُحْتَمِلَةَ للوَطْءِ وفَتَقَها، لم يضْمَنْها. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرِهم. وجزَم بوُجوبِ أَرْشِ البَكارَةِ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «قد يفعله». (¬2) هكذا فى: ط، أ. وهى مخالفة لترتيب الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وأَطْلَقَ وَجْهَيْن فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وللمَوْطوءَةِ بشُبْهَةٍ أو إكْراهٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنِ استَمْسَكَ البَوْلُ مع مَهْرِ مِثْلِها، وإنْ لم يسْتَمْسِكْ، فالدِّيَةُ كامِلَةً. فائدة: لو أدْخَلَ إصْبَعَه فى فَرْجِ بِكْرٍ، فأذهبَ بَكارَتَها، فليس بجائِفَةٍ. ذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما.

فصل

فَصْلٌ: وَفِى الضِّلَعِ بَعِيرٌ، وَفِى التَّرْقُوَتَيْنِ بَعِيرَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى الضِّلَعِ بَعِيرٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر ابنُ عَقِيل رِوايَةً، فيه حُكومَةٌ. تنبيه: قولُه: وفى الضِّلَعِ بعيرٌ. كذا قال أكثرُ الأصحابِ، وأطْلَقُوا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيَّده فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم، بما إذا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا، فقالوا: وفى الضِّلَعِ بعيرٌ إذا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا. والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ، [ولكِنَّ صاحِبَ «الرِّعايَتَيْن» غايَرَ، فالظَّاهِرُ أنَّه لمَّا رأى مَن أَطْلَقَ] (¬1) وقيَّد (¬2)، حكَاهُما قَوْلَيْن. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ولم أرَ هذا الشَّرْطَ لغيرِ صاحبِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «قيل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ». وقد أطْلَقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، بأنَّ فى الضِّلَعِ بعيرًا مِن غيرِ قيْدٍ. قوله: وفى التَّرْقُوَتَيْن بَعِيران. هذا المذهبُ. قالَه [القاضى وأصحابُه] (¬1). وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّ فيهما أرْبَعَةَ أبعِرَةٍ (¬2)، فإنَّه قال: وفى التَّرْقُوَةِ بعِيران. وقال فى «الإِرْشادِ»: فى كلِّ تَرْقُوَةٍ بعِيران. فهو أصْرَحُ مِن كلامِ الخِرَقِىِّ. وصرَف القاضى كلامَ الخِرَقِىِّ إلى المذهبِ، فقال: المُرادُ ¬

(¬1) فى الأصل: «الأصحاب». (¬2) سقط من: الأصل.

وَفِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الذِّرَاعَ، والزَّنْدِ، وَالْعَضُدِ، وَالْفَخِذِ، وَالسَّاقِ، بَعِيرَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّرْقُوَةِ التَّرْقُوَتان، اكْتَفَى بلَفْظِ الواحِدِ لإِدْخالِ الألِفِ واللَّامِ المُقْتَضِيَةِ للاسْتِغْراقِ. قوله: وفى كلِّ واحِدٍ مِنَ الذِّراعِ، والزَّنْدِ، والعَضُدِ، والفَخِذِ، والسَّاقِ، بَعِيران. وهو المذهبُ، نصَّ عليه فى رِوايةِ أبى طالِبٍ. [وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقطَع به فى «الشَّرْحِ»، فى الزَّنْدِ. واخْتارَه القاضى فى عَظْمِ] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [السَّاقِ والفَخِذِ. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ فى الفَخِذِ والسَّاقِ والزَّنْدِ. وعنه، فى كُلِّ واحدٍ مِن ذلك بعيرٌ. نصَّ عليه فى رِوايةِ صالحٍ] (¬1). جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَا عَدَا مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْجُرُوحِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ، مِثْلَ خَرَزَةِ الصُّلْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقالَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، وجماعَةٌ مِن أصحابِ القاضى. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّه لا تقْدِيرَ فى غيرِ الخَمْسَةِ؛ وهى الضِّلَعُ والتَّرْقُوَتان والزَّنْدان. وجزَم أنَّ فى الزَّنْدِ بعيرَيْن. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى ذلك رِوايةً، أنَّ فيه حُكومَةً. نقَل حَنْبَلٌ، فى مَن كُسِرَت يَدُه أو رِجْلُه، فيها حُكومَةٌ وإنِ انْجَبَرَتْ. وتَرْجَمَه أبو بَكْرٍ بنَقْصِ العُضْوِ بجِنايَةٍ. وعنه، فى الزَّنْدِ الواحِدِ أرْبَعَةُ أبْعِرَةٍ؛ لأنَّه عَظْمان، وفيما سِوَاه بعِيران. واخْتارَه القاضى. واخْتارَ المُصَنِّف، أنَّ فيما سِوَى الزَّنْدِ حُكومَةً، كما تقدم، كبَقِيَّةِ الجُروحِ. وكَسْرِ العِظامِ، كخَرَزَةِ صُلْبٍ وعُصْعُصٍ وعانَةٍ. قالَه فى «الإِرْشادِ» فى غيرِ ضِلَعٍ.

وَالْعُصْعُص، فَفِيه حُكُومَةٌ؛ وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِىُّ عَلَيْهِ كَأنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِىَ بِهِ قَدْ بَرَأَتْ، فَمَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ، فَلَهُ مِثْلُهُ مِنَ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ المجْنِىُّ عليهِ كأنَّه عَبْدٌ لا جِنايَةَ به، ثم يُقَوَّمَ وهى به قد بَرَأَتْ، فما نقَص مِنَ القِيمَةِ، فله مِثْلُه مِنَ الدِّيَةِ، فإِنْ كَانَ قِيمَتُه وهو صَحِيحٌ عِشْرين، وقِيمَتُه وبه الجِنايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ، ففيه نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِه. بلا نِزاعٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجُمْلَةِ.

إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ فى شَىْءٍ فِيهِ مُقَدَّرٌ، فَلَا يُبْلَغُ بِهِ أَرْشُ الْمُقَدَّرِ، فَإِذَا كَانَتْ فى الشِّجَاجِ الَّتِى دُونَ الْمُوضِحَةِ، لَمْ يُبْلَغْ بِهَا أَرْشُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوِله: إِلَّا أَنْ تَكُونَ الحُكُومَةُ فى شئٍ فيه مُقَدَّرٌ، فلا يُبْلغُ به أَرْشُ المُقَدَّرِ، فإنْ كانتْ فى الشِّجَاجِ التى دُونَ المُوضِحَةِ، لَمْ يُبْلَغْ بها أَرْشُ المُوضِحَةِ، وَإِنْ

الْمُوضِحَةِ، وَإِنْ كَانت فِى إِصْبَعٍ، لَمْ يَبْلُغْ بِهَا دِيَةَ الإِصْبَعِ، وَإِنْ كَانَتْ فى أُنْمُلَةٍ، لَمْ يَبْلُغْ بِهَا دِيَتَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كانَتْ فى إصبَعٍ، لم يُبْلَغْ بها دِيَةُ الإِصْبَعِ، إن كانَتْ فى أُنمُلَةٍ، لم يُبْلَغ بها دِيَتُها. هذا المذهبُ المَشْهورُ، والصَّحيحُ مِن الرِّوايَتَيْن. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يُبْلَغُ بحُكومَةٍ محَلٌّ له مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَه، على الأصحِّ، كمُجاوَزَتِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». واخْتارَه الشَّرِيفُ، وابنُ عَقِيلٍ. قال القاضى فى «الجامعِ»: هذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُبْلَغُ به أَرْشُ المُقَدَّرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: هو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وإليه مَيْلُ أبى محمدٍ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وحكَاهُما فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ كلام الخِرَقِىِّ، أَنْ يُخَصَّصَ امْتِناعُ الزِّيادَةِ بالرَّأْسِ والوَجْهِ؛ لقوْلِه: إلَّا أَنْ تكونَ الجِنايَةُ فى وَجْهٍ أو رَأْسِ، فلا

وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تَنْقُصُ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ، قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجاوَزُ به أَرْشُ المُوَقَّتِ. قوله: فإنْ كانَت ممَّا لا تَنْقُصُ شيئًا بعدَ الانْدِمالِ، قُوِّمَتْ حالَ جَرَيانِ الدَّمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقَوَّمُ قُبَيْلَ الانْدِمالِ التَّامِّ. وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. تنبيه: أَفادَنا المُصَنِّفُ بقَوْلِه: قُوِّمَتْ حالَ جَرَيانِ الدَّمِ. أنَّ ذلك لا يكونُ هَدْرًا، وأنَّ عليه فيه حُكومَةً. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ [القاضى وغيرُه] (¬1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى ¬

(¬1) سقط من: أ.

فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ شَيْئًا بِحَالٍ أَوْ زَادَتْهُ حُسْنًا، فَلا شَىْءَ فِيهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا شئَ فيها والحالَةُ هذه. اخْتارَه المُصنِّفُ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. قوله: فإنْ لم تَنْقُصْه شَيْئًا بحالٍ، أو زَادَتْه حُسْنًا -كإزالَةِ لحْيَةِ امْرَأةٍ، أو إصْبَع زائدةٍ، ونحوِه- فلا شئَ فيها. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: فلا شئَ فيها على الأصحِّ. قال فى «الفُروعِ»: فلا شئَ فيها فى الأصحِّ. وكذا قال النَّاظِمُ. وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقيل: بلَى. قال القاضى: نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، على هذا. قال المُصَنِّفُ: فعلى هذا يُقَوَّمُ فى أقْرَبِ الأحْوالِ إلى البُرْءِ، فإنْ لم يَنْقصْ فى ذلك الحالِ، قُوِّمَ حالَ جَرَيانِ الدَّمِ؛ لأنَّه لابدَّ مِن نَقْصٍ للخَوْفِ عليه. ذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى. وتُقَوَّمُ لِحْيَةُ المَرْأَةِ كأنَّها لِحْيَةُ رَجُلٍ فى حالٍ ينْقُصُه ذَهابُ لحْيَتِه. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. وجزَم بهذا القَوْتِ فى «الهدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ».

باب العاقلة وما تحمله

بَابُ الْعَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ عَاقِلَةُ الإِنْسَانِ عَصَبَاتُهُ كُلّهُمْ؛ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ مِنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، إِلَّا عَمُودَىْ نَسَبِهِ، آبَاؤُهُ وَأبنَاؤُهُ. وَعَنْهُ، أَنَّهُمْ مِنَ الْعَاقِلَةِ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ العاقِلَةِ وما تحْمِلُه فائدة: سُمِّيَتْ عاقِلَةً؛ لأنَّهم يعْقِلُونَ. نقَلَه حَرْبٌ. وجزَم به فى «الفُروعِ». وقيل: لأنَّهم يَمْنَعُونَ عنِ القاتلِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لأَنَّ الإِبِلَ تُجْمَعُ فتُعْقَلُ بفِناءِ أوْلِياءِ المَقْتولِ. أىْ تُشَدُّ عُقُلُها لتُسَلَّمَ إليهم، ولذلك سُمِّيَتِ الدِّيَةُ عَقْلًا. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لإِعْطائِهم العَقْلَ الذى هو الدِّيَةُ. قوله: عاقِلَةُ الإِنْسَانِ عَصَبَاتُه كلّهم؛ قَرِيبُهم وبَعِيدُهم مِنَ النَّسَبِ والوَلاءِ، إلَّا عَمُودَىْ نَسَبِه؛ آباؤُه وأَبْناؤُه. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. قال القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»، وصاحِبُ «الفُروعِ»: هذا اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. قلتُ: ليس كما قال، فإنَّه قال: والعاقِلَةُ العُمومَةُ وأَوْلادُهم وإنْ سفَلُوا. فى إحْدَى الرِّوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الأُخْرى، الأبُ والابنُ والإِخوَة، [وكلُّ العَصَبَةِ منِ العاقِلَةِ. انتهى] (1) وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: إلَّا أَنْ يكونَ الابنُ مِن عَضبَةِ أُمِّه. وسَبَقَه إلى ذلك السَّامَرِّىُّ فى «مُسْتَوْعِبِه». وعنه، أنَّهم مِن العاقِلَةِ أيضًا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلَافَيْهما»، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَجْريدِ العِنايةِ»: عاقِلَةُ الإِنْسانِ ذُكورُ عصَبَتِه، ولو عَمُودَىْ نَسَبِه على الأظْهَرِ. قال فى «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الأكثرُ. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»، و «المحَرَّرِ»، «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطلَقَهما فى «الهِدايةِ» (¬1)، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم. وعنه، الجميعُ عاقِلَتُه إلَّا أبناءَه إذا كانَ امْرأةً. قال فى «المُحَرَّرِ»: ¬

(¬1) فى الأصل: «الرعاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهى أصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعليها يقُومُ الدَّليلُ. نقَل حَرْبٌ، الابنُ لا يَعْقِلُ عن أمِّه؛ لأنَّه مِن قَوْمٍ آخَرِين. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهرُ كلام [ابنَ أبى مُوسى، وابنِ أبى المَجْدِ، و] (¬1) أبى بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، أنَّ العاقِلَةَ كلُّ العَصَبَةِ إلَّا الأبناءَ، ولعَلَّه يقِيسُ أبناءَ الرَّجُلِ على أبْناءٍ المَرْأَة، وليس بشئٍ. انتهى. وعنه، الجميعُ عاقِلته، إلَّا عَمُودَىْ نسَبِه وإخْوَته. وهى ظاهرُ كلامِ الخِرَقىِّ. وتقدَّم لَفْظُه، ويأتِى التَّرْتيبُ فى ذلك. وتقدَّم فى بابِ الوَلاءِ، أنَّ عاقِلَةَ العَبْدِ المُعْتَقِ عَصَباتُ سيِّدِه. فكلامُه هنا مُقَيَّدٌ بذلك. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَلَيْسَ عَلَى فَقِيرٍ، وَلَا صَبِىٍّ، وَلَا زَائِلِ الْعَقْلِ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَلَا رَقِيقٍ، وَلَا مُخَالفٍ لِدِينِ الْجَانِى، حَمْلُ شَىْءٍ. وَعَنْهُ، أَنَّ الْفَقِيرَ يَحْمِلُ مِنَ الْعَقْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وليس على فَقِير، ولَا صَبِىٍّ، ولا زائِلِ العَقْلِ، ولا امْرَأَةٍ، ولا خُنْثَى مُشْكِلٍ، ولا رَقِيقٍ، ولا مُخالِفٍ لدينِ الجانِى، حَمْلُ شئٍ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّ الفَقِيرَ يحْمِلُ مِنَ العَقْلِ. وأطلَقَهما المُصَنِّفُ وغيرُه. وقيَّده المَجْدُ وغيرُه بالمُعْتَمِلِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو حسَنٌ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وعنه، تحْمِلُ الخُنْثَى والمَرْأَةُ بالوَلاءِ. وعنه، المُمَيِّزُ مِنَ العاقِلَةِ. وظاهرُ كلامِه فى «العُمْدَةِ»، أنَّ المرْأَة والخُنْثَى يحْمِلان مِنَ العَقْلِ، فإنَّه ما ذكَر إلَّا الصَّبِىَّ والمَجْنونَ والفَقِيرَ ومَن يُخالِف دِينَه. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الهَرِمَ والزَّمِنَ والأَعْمَى يحْمِلُ مِنَ العَقْلِ بشَرْطِه. وهو اْحدُ الوَجْهَيْن، وهو ظاهرُ كلامِ الأكْثَرِ. وجزَم به فى «البُلْغَةِ».

وَيَحْمِلُ الْغَائِبُ كَمَا يَحْمِلُ الْحَاضِرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. [قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: ويَعْقِلُ الزَّمِنُ والشَّيْخُ والضَّعِيفُ] (3). والوَجْهُ الثَّانى، لا يحْمِلُونَ. [قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (3). وأَطلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». [وأطْلَقَهما فى الهَرِمِ والزَّمِنِ فى «الكُبْرى»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَخَطَأُ الإِمَامِ وَالْحَاكِمِ فى أَحكَامِهِ فى بَيْتِ الْمَالِ. وَعَنْهُ، عَلَى عَاقِلَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وخَطَأُ الإمام والحاكِم فى أَحْكامِه فى بَيْتِ المال. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، كخَطَأ الوَكيلِ. وعنه، على عاقِلَتِهما. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». المُرادُ، فيما تحْمِلُه العاقِلَةُ. نقَلَه فى «الفُروِع» عن صاحبِ «الرَّوضَةِ»، كخَطَئِهما فى غيرِ الحُكْمِ. وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ». فعلى المذهبِ، لإِمام عَزلُ نفْسِه. ذكره القاضى وغيرُه. فائدة: وكذا الحُكْمُ إن زادَ سَوْطًا، كخَطَأ فى حَدٍّ أو تَعْزيرٍ، أو جَهِلَا حمْلًا، أو بانَ من حَكَما بشَهادَتِه غيرَ أهل. [ويأتِى الخطَأُ فى الحدِّ فى كتابِ الحُدودِ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَهَلْ يَتَعَاقَلُ أَهْلُ الذِّمَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَتَعَاقَلُ أَهلُ الذِّمَّةِ؟ على رِوَايتَيْن. وأَطلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى»، إحْداهما، يتَعاقَلُون. وهو المذهبُ. قال فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»: وأهْلُ الذِّمَّةِ يتَعاقَلُون على الأصحِّ. قال فى «المُحَرَّرِ»: يتَعاقَلُون. وهو الأصحُّ. قال النَّاظِمُ: يتَعاقَلُون فى الأظْهَرِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»،

وَلَا يَعْقِلُ ذِمِّىٌّ عَنْ حَرْبِىٍّ، وَلَا حَرْبِىٌّ عَنْ ذِمِّىٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الكافِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يتَعاقَلُون. فعلى المذهبِ، فيه، مغ اخْتِلافِ مِلَلِهم، وَجْهان، هما رِوايَتان فى «التَّرْغيبِ». وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ». وذكَرَهما فى «الكافِى» وَجْهَيْن، وقال: بِناءً على الرِّوايتَيْن فى تَوْريثهم؛ أحدُهما، يتَعاقَلُون أيضًا. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثير مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والثَّانى، لا يتَعاقَلُون. قوله: ولا يَعْقِلُ ذِمِّىٌّ عن حَرْبِىٍّ، ولا حَرْبِىٌّ عن ذِمِّىٍّ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقيل: يتَعاقَلان إنْ قُلْنا: يتَوارَثانِ. وإلَّا فلا. وهو تخْرِيجٌ فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم.

وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ الْجَمِيعَ، فَالدِّيَةُ أَوْ بَاقِيهَا كَلَيْهِ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن لا عاقِلَةَ له، أو لم تَكُنْ له عاقِلَةٌ تَحْمِلُ الجَمِيعَ، فالدِّيَةُ أَو باقِيها عليه إنْ كانَ ذِمِّيًّا. هذا المذهبُ. جزَم به القاضى فى كُتُبِه. وجزَم به فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقيل: كمُسْلِمٍ. وأجْرَى فى «المُحَرَّرِ» الرِّوايتَيْن اللَّتَيْن فى المُسْلِمِ هنا. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قوله: وِإنْ كانَ مُسْلِمًا أَخَذ مِن بَيْتِ المَالِ. هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقدَّمه فى

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الْقَاتِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يَحْمِلُه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ». وظاهرُ ما جزَم به فى «العُمْدَةِ»، أنَّ ذلك على الجانِى. فعلى المذهبِ، يكون حالًا فى بَيْتِ المال. على الصَّحيحِ من المذهبِ. صحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفروِع» وغيرِه. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ العاقِلَةِ. قوله: فإِنْ لم يُمْكِنْ -يعْنِى أخْذَها من بَيْتِ المال- فلا شئَ على القاتِلِ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ فى مَالِ الْقَاتِلِ. وَهُوَ أَوْلَى، كَمَا قَالُوا فى ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَعْروفُ عندَ الأصحابِ؛ بِناءً على أنَّ الدِّيَةَ وجبَتْ على العاقِلَةِ ابْتِداءً. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ تجِبَ فى مالِ القاتلِ. قال المُصَنِّف هنا: وهو أوْلَى. فاخْتارَه، [ثم قال: كما لو قالُوا فى فِطْرَةِ زَوْجَةِ المُعْسِرِ، وضَيْفِه، فإنَّه عليهما دُونَه؛ لأنَّهما مُحْتَمِلان لا أصْلِيَّان، وكقِراءَةِ المَأمُومِ بمَن لا يرَى تحَمُّلَها عنه، ونحوِ ذلك، وهو كلُّ من تَحْمِلُ عنه شيئًا مَغْرَمًا أو مَغْنَمًا باخْتِيارِه له لتَسَبُّبِه فيه، أو قَهْرًا عنه بأصْلِ الشَّرْعِ، ونحوِ ذلك] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

الْمُرْتَدِّ: يجبُ أَرْشُ خَطَئِهِ فى مَالِهِ. وَلَوْ رَمَى وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: كما قالُوا فى المُرْتَدَّ: يجبُ أَرْشُ خَطَه فى مالِه. ولو رَمَى وهو مُسْلِمٌ، فلم يُصِبِ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ، كانَ عليه فى مالِه. ولو رَمَى الكافِرُ سَهْمًا، ثم أسْلَمَ، ثم قَتَل السَّهْمُ إنْسانًا، فدِيَتُه فى مالِه، ولو جَنَى ابنُ المُعْتَقَةِ، ثم انجَرَّ وَلاؤُه، ثم سرَتْ جِنايَتُه، فأرْشُ الجِنايةِ فى مالِه؛ لتعَذر حَمْلِ العاقِلَةِ له. قال: فكذا هذا. فاسْتَشْهَدَ المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعالَى، على صحَّةِ ما اخْتارَه بهذه المَسائِلِ. وذكَر أنَّ الأصحابَ قالُوا بها، فنَذْكُرُ كلَّ مسْألَةٍ مِنَ المُسْتَشْهِدِ بها، وما فيها مِنَ الخِلافِ؛ فمنها قولُه: يجبُ أَرْشُ خَطَأَ المُرْتَدِّ فى مالِه. وهذا المذهبُ. ونسَبَه المُصَنِّفُ هنا إلى الأصحابِ، ولاشَكَّ أنَّ عليه جماهيرَ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وحُكِىَ وَجْهٌ، لا شئَ عليه، كالمُسْلِمَ. ومنها قوْلُه: ولو رَمَى وهو مُسْلِمٌ، فلم يُصِبِ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ، كان عليه فى

يُصِبِ السَّهْمُ حَتَّى ارْتَدَّ، كَانَ عَلَيْهِ فى مَالِهِ. ولَوْ رَمَى الْكَافِرُ سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إِنْسَانًا، فَدِيَتُهُ فى مَالِهِ، وَلَوْ جَنَى ابْنُ الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ، فَأرْشُ الْجِنَايَةِ فى مَالِهِ؛ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ. فَكَذا هَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مالِه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا شئ عليه. ومنها، قوْلُه: ولو رَمَى الكافِرُ سَهْمًا، ثم أسْلَمَ، ثم قَتَل السَّهْمُ إنْسانًا، فدِيَتُه فى مالِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا شئَ عليه. ومنها، قوْلُه: ولو جَنَى ابنُ المُعْتَقَةِ، ثم انْجَرَّ وَلاؤُه، ثم سَرَتْ جِنايَتُه، فأرْشُ الجِنايَةِ فى مالِه؛ لتعَذُّرِ حَمْلِ العاقِلَةِ. وهو المذهبُ.

فصل

فَصْلٌ: وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فى مَالِ الْجَانِى ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ تغَيَّرَ دِينُ جارِحٍ حالَتَىْ جَرْحٍ وزُهوقٍ، عقَلَتْ عاقِلَتُه حالَ الجَرْحِ. وقيل: أَرشُه. وقيل: الكُلُّ فى مالِه. وإنِ انْجَرَّ وَلاءُ ابنِ مُعْتَقَةٍ بينَ جَرْحٍ أو رَمْى وتَلَفٍ، فكَتَغَيُّرِ دِين. وقالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. فائدة: قولُه: ولا تَحْمِلُ العَاقِلَةُ عَمْدًا، ولا عَبْدًا، ولا صُلْحًا. فسَّر القاضى وغيرُه الصُّلْحَ بالصُّلْحِ عن دَمِ العَمْدِ. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: يُغْنِى عن ذلك ذِكْرُ

حَالًّا، إِلَّا غُرَّةَ الْجَنِينِ إِذَا مَاتَ مَعَ أُمِّهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا مَعَ دِيَةِ أُمِّهِ، وَإِنْ مَاتَا مُنْفَرِدَيْنِ، لَمْ تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ؛ لِنَقْصِهَا عَنِ الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَمْدِ، بل مَعْناه، صالَحَ عنه صُلْحَ إنْكارٍ. وجزَم به فى «الرَّوْضَة». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ: وهو أوْلَى. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الصَّوابُ. تنبيه: قولُه: ولا اعْتِرَافًا. ومَعْناه؛ أَنْ يُقِرَّ على نفْسِه أنَّه قتَل خطَأً، أو شِبْهَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَمْدٍ، أو جَنَى جنايَةً خطَأً، أو شِبْهَ عَمْدٍ، تُوجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فأَكْثَرَ، فلا تحْمِلُه العاقِلَةُ، لكِنَّ مُرادَهم، إذا لم تُصَدِّقْه العاقِلَةُ به، وتعْلِيلُهم يدُلُّ عليه. [بل وصرَّح به ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حاشِيَتِه» على شَرْحِ «الزَّرْكَشِىِّ» لـ «الخِرَقِىِّ». لكِنْ لو سكَتَتْ فلم تتَكَلَّمْ، أو قالَتْ: لا نُصَدِّقُه ولا نُكَذِّبُه. أو قالتْ: لا عِلْمَ لَنا بذلك. فهل هو كقَوْلِ المُدَّعِى: لا أُقِرُّ ولا أُنْكِرُ. أو: لا أعلمُ قَدْرَ حقِّه. أو كسُكُوتِه؟ وهو الأظْهَرُ، إنْ كان ذلك فى جَوابِ دَعْوَى، فنُكُولُهم كنُكُولِه. وإنْ لم يَكُنْ فى جَواب دَعْوَى، لم يَلْزَمْهم شئٌ، ولم يصِحَّ الحُكْمُ بنُكُولِهم. وصرَّح به أيضًا فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، فقال فيها: ولا اعْتِرافًا تُنْكِرُه. انتهى] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: ش.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا ما دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا شَرِبَتْ دَواءً عَمْدًا، فأسْقَطَتْ جَنِينًا، فالدِّيَةُ على العاقِلَةِ. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ منه احْتِمالٌ، تحْمِلُ العاقِلَةُ القَلِيلَ. ونقَل أبو طالِبٍ، ما أصَابَ الصَّبِىُّ مِن شئٍ، فعلى الأبِ إلى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ، فإذا جاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فعلى العاقِلَةِ. فهذه رِوايةٌ لا تحْمِلُ الثُّلُثَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: ولا ما دُوْنَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، ويَكُونُ ذلك فى مالِ الجانِى حَالًّا، إلَّا غُرَّةَ الجَنِينِ إذا ماتَ مع أُمِّه، فإنَّ العاقِلَةَ تَحْمِلُها مع دِيَةِ أُمِّهِ. يعْنِى، وهى أقَلُّ مِن ثُلُثِ الدِّيَةِ بانْفِرادِها، لكِنْ لمَّا وجَبَتْ مع الأُمِّ فى حالَةٍ واحِدَةٍ، بجِنايَةٍ واحِدَةٍ، مع زِيادَتِهما على الثُّلُثِ، حَمَلَتْها العاقِلَةُ، كالدِّيَةِ الواحِدَةِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: خَبَرُ المَرْأةِ التى قتلَتِ المرْأةَ وجَنِينَها، وَجْهُ الدَّليلِ، أنَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قضَى بدِيَةِ الجَنِينِ على الجانِيَةِ، حيثُ لم تَبْلُغِ الثلُثَ (¬1). قوله: وإِنْ ماتا مُنْفَرِدَيْنِ، لم تَحْمِلْها العاقِلَةُ؛ لنَقْصِها عن الثُّلُثِ. إنْ ماتَ، ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 25/ 18.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم تَمُتِ الأُمُّ، لم تحْمِلْها العاقِلَةُ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا شَرِبَتْ دَواءً، فأسْقَطَتْ جَنِينَها، فالدِّيَةُ على العاقِلَةِ. وتقدَّم ذلك قريبًا. وإنْ ماتَا مِنَ الضَّرْبَةِ، فإنْ ماتَا معًا، حَمَلَتْها، بلا نِزاعٍ. وإنْ ماتَ بعدَ مَوْتِ أُمِّه، حَمَلَتْها أيضًا. على المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». ومُقْتَضَى كلامِه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، أنَّها لا تحْمِلُها، فإنَّهما قالَا: إذا ماتَ قبلَ مَوْتِ أُمِّه، لم تحْمِلْها. نصَّ عليه. وإنْ ماتَ مع أُمِّه، حَمَلَتْها. نصَّ عليه. انتهيا. وهو مُقْتَضَى كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وإنْ ماتَ قبلَ موتِ أُمِّه، لم تحْمِلْها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وهو مُقْتَضَى

وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الْخَطَأَ عَلَى الْحُرِّ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَتَكُونُ فِى مَالِ الْقَاتِلِ فِى ثَلَاثِ سِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامِه هنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ»، بأنَّها تحْمِلُها. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: مِن قِبَلِ أنَّهما نَفْسٌ واحدةٌ. وقال أيضًا: الجِنايَةُ عليهما واحدَةٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الصَّوابُ. وهو كما قال. قوله: وتَحْمِلُ جِنَايَةَ الخَطَأ على الحُرِّ إذا بَلَغَتِ الثُّلُثَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم قريبًا رِوايةُ أبى طالِبٍ. وقوله: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ولا تَحْمِلُ شِبْهَ العَمْدِ، ويَكُونُ فى مالِ القاتِلِ فى ثَلاثِ

وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سِنِينَ. اعلمْ أنَّ الأصحابَ اخْتَلَفُوا فى شِبْهِ العَمْدِ، هل تحْمِلُه العاقِلَةُ، أمْ لا؟ والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها تحْمِلُه. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ مِنَ الرِّوايتَيْن، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، والمُصَنِّفُ فى «المُقْنِعِ» فى أوَّلِ كتابِ الدِّياتِ، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» وصحَّحه، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ: لا تحْمِلُ شِبْهَ العَمْدِ، ويكونُ فى مالِ القاتِلِ فى ثَلاثِ سِنِينَ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: ولا تحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ فى الأصحِّ. [إذا عَلِمْتَ ذلك، فكانَ الأَوْلَى أَنْ يأْتِىَ المُصَنِّفُ بالواوِ قبلُ. قال أبو بَكْرٍ: لتَظْهَرَ المُغايَرَةُ] (¬1). وأَطْلَقهما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال أبو بَكْرٍ مَرَّةً: يكونُ فى مالِ القاتِلِ حالًّا. وقدَّمه فى «التَّبْصِرَةِ» كغيرِه. وذكَر أبو الفَرَجِ تحْمِلُه العاقِلَةُ حالًّا. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: لا تحْمِلُ عَمْدًا ولا صُلْحًا، ولا اعْتِرافًا، ولا ما دُونَ الثُّلُثِ، وجميعُ ذلك فى مالِ الجانِى، فى ثَلاثِ سِنِينَ.

وَمَا يَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، لَكِنْ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، فَيُحَمِّلُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا يَسْهُلُ وَلَا يَشُقُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما يَحْمِلُه كلُّ واحِدٍ مِنَ العاقِلَةِ غيرُ مُقَدرٍ، لكِنْ يُرْجَعُ فيه إلى اجْتِهادِ الحاكِمِ، فيُحَمِّلُ كل إنْسَانٍ منهم ما يَسْهُلُ ولا يَشُقُّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجْعَلُ عَلَى الْمُوسِرِ نِصْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعًا. وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ فى الأحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو بَكْرٍ: يجْعَلُ على المُوسِرِ نِصْفَ دِينارٍ، وعلى المُتَوَسِّطِ رُبْعًا. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. فائدة: المُوسِرُ هنا مَن مَلَكَ نِصابًا عندَ حُلولِ الحَوْلِ، فاضِلًا عنه؛ كالحَجِّ وكفَّارَةِ الظِّهارِ. قولهَ: وهل يَتَكَرَّرُ ذلك فى الأَحْوالِ الثَّلَاثَةِ أَم لا؟ على وَجْهَيْنِ. يعْنِى، على قَوْلِ أبى بَكْرٍ. وأَطلَقَهما فى «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يتَكَرَّرُ، فيَكونُ الواجِبُ على الغنِىِّ فى الأحْوالِ الثَّلَاثَةِ دِينارًا ونِصْفَ دِينارٍ، وعلى المُتَوَسِّطِ ثَلَاثةَ أرْباعِ دِينارٍ. قال فى «الكافِى»: لأنَّه قَدْرٌ يتعَلَّقُ بالحَوْلِ على سَبِيلِ المُواسَاةِ، فيتَكَرَّرُ بالحَوْلِ، كالزَّكاةِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يتَكَرَّرُ، فيَكونُ على الغَنِىِّ نِصْفُ دِينارٍ فى الحَوْلِ الأَوَّلِ لا غيرُ، وعلى المُتَوَسِّطِ رُبْعُ دِينارٍ لا غيرُ. قالَه ابنُ مُنَجَّى وغيرُه. قال فى «الكافِى»: لو قُلْنا: يتَكَرَّرُ. لأفْضَى إلى إيجابٍ [أكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ] (¬1) الزَّكاةِ (¬2)، فيَكونُ مُضِرًّا. انتهى. قلتُ: إنْ بَقِىَ الغَنِىُّ فى الحَوْلِ الثَّانى والثَّالثِ غَنِيًّا، تكَرَّرَ، وكذا إنْ بَقِىَ مُتَوَسِّطًا فى الحَوْلِ الثَّانى والثَّالثِ، تكَرَّرَ، وإلَّا فلا. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬3). ¬

(¬1) سقط من: الأصل. وفى ط، أ: «إيجاب أقل من الزكاة». والمثبت من: الكافى 4/ 127. (¬2) فى ط: «الركاز». (¬3) سقط من: الأصل.

وَيَبْدأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، فَمَتَى اتَّسَعَتْ أمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لَهَا، لَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ، وَإِلَّا انْتَقَلَ إِلَى مَنْ يَلِيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَبْدَأُ بالأَقْرَبِ فالأَقْرَبِ. كالعَصَباتِ فى المِيراثِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقال فى «الواضِحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّرْغيبِ»: يَبْدَأُ بالآباءِ، ثم بالأَبْناءِ. وقيلَ: مُدْلٍ بأبٍ؛ كالإِخْوَةِ وأبْنائِهم، والأعْمامِ وأبْنائِهم، كمُذْلٍ بأَبوَيْن. قدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، ذكَرَه فى كنابِ النِّكاحِ. وأطْلَقهما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، الأخُ للأبِ، هل يُساوِى الأخَ للأَبوَيْن؟ على رِوايتَيْن. وخرَّج منها مُساواةَ بعيدٍ لقريبٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لا يُضْرَبُ على عاقِلَةِ مُعْتَقَةٍ فى حياةِ مُعْتِقَةٍ، بخِلافِ عصَبَةِ النَّسَبِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. ونقَل حَرْبٌ، والمَوْلَى يعْقِلُ عنه عصَبَةُ المُعْتِقِ.

فَإِنْ تَسَاوَى جَمَاعَةٌ فِى الْقُرْبِ، وَزَّعَ الْقَدْرَ الَّذِى يَلْزَمُهُمْ بَيْنَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُؤْخَذُ مِنَ البَعِيدِ لغَيْبَةِ القَريبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُبْعَثُ إليه.

فصل

فَصْلٌ: وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فى ثَلَاثِ سِنِينَ، فِى كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهُ إنْ كَانَ دِيَةً كَامِلَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَما تَحْملُه العاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فى ثَلَاثِ سِنِينَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: دِيَةُ الخطَأَ فى

وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، كَأَرْشِ الْجَائِفَةِ، وَجَبَ فِى رَأْسِ ـــــــــــــــــــــــــــــ خَمْسِ سِنِينَ؛ فى كُلِّ سَنَةٍ خُمْسُها. وذكَر أبو الفَرَجِ، ما تحْمِلُه العاقِلَةُ يكونُ حالًّا. وتقدَّم ذلك. قوله: وما تَحْمِلُه العاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا فى ثلاثِ سِنِينَ، فى كلِّ سَنَةٍ ثُلُثُه إنْ كان دِيَةً كامِلَةً. هذا بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ كان الواجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ، كَأَرْشِ الجائِفَةِ، وجَب فى رَأْسِ الحَوْلِ، وإنْ كَانَ نِصْفَها، كَدِيَةِ اليَدِ، وجَب فى رَأْسِ الحَوْلِ الأَوَّلِ الثُّلُثُ،

الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفَهَا، كَدِيَةِ الْيَدِ، وَجَبَ فِى رَأْسِ الْحَوْلِ الأَوَّلِ الثُّلُثُ، وَبَاقِيهِ فى رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانى، وَإِنْ كَانَ دِيَةَ امْرَأَةٍ أَوْ كِتَابِىٍّ، فَكَذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ فِى ثَلَاثِ سِنِينَ وإنْ كَانَ أكْثَرَ مِنْ دِيَةٍ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، لَمْ يَزِدْ فِى كُلِّ حَوْلٍ عَلَى الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وباقِيه فى رَأْسِ الحَوْلِ الثَّانِى. وهذا بلا نِزاع عندَ القائلِين بالتَّأْجِيلِ. وإنْ كانَ الواجِبُ أكثرَ مِنَ الثُّلُثَيْنِ، وجَب الثُّلُثان فى السَّنَتَيْن، والباقِى فى آخِرِ الثَّالِثَةِ. قوله: وِإنْ كانَ دِيَةَ امْرَأةٍ أو كِتَابِىٍّ، فكذلك. يعْنِى، يجبُ ثُلُثاها فى رأْسِ الحَوْلِ (¬1) الأَوَّلِ، وهو قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الحُرِّ المُسْلِمِ، وباقِيها فى رَأْسِ الحَوْلِ الثَّانِى. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ فى ثَلَاثِ سِنِينَ. لكَوْنِها دِيَةَ نَفْسٍ وإنْ كانتْ أقَلَّ مِن دِيَةِ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «المال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجُلِ الحُرِّ (¬1) المُسْلِمِ. واخْتارَه القاضى فى «خِلافِه» وأصحابُه. قوله: وإِنْ كانَ أَكْثَرَ مِن دِيَةٍ، كما لو جَنَى عليه فأَذْهَبَ سَمْعَه وبَصَرَه، لم يَزِدْ فى كلِّ حَوْلٍ على الثُّلُثِ. وكذا لو قَتَلَتِ الضَّرْبَةُ الأُمَّ وجَنِينَها بعدَ ما اسْتَهَلَّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُؤْخَذُ الكُلُّ فى ثَلاثِ سِنِينَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: لو قتَل شَخْصٌ اثْنَيْنِ، لَزِمَ عاقِلَتَه فى كُلِّ حَوْلٍ مِن كلِّ دِيَةٍ ثُلُثُها، فيَلْزَمُهم دِيَتُهما فى ثَلاثِ سِنِينَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما لو أذْهَبَ بجنايتَيْن سَمْعَه وبَصَرَه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يجبُ دِيَةُ الاثْنَيْنِ فى سِتِّ سِنِينَ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ فِى الْجُرْحِ مِنْ حِينِ الانْدِمَالِ، وَفِى الْقَتْلِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ. وَقَالَ الْقَاضِى: إِنْ لَمْ يَسْرِ الْجُرْحُ. إِلَى شَىْءٍ، فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ الْقَطْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وابْتِدَاءُ الحَوْلِ فى الجُرْحِ مِن حينِ الانْدِمالِ، وفى القَتْلِ مِن حينِ المَوْتِ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَمَنْ مَاتَ مِنَ الْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوِ افْتَقَرَ، سَقَطَ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ، لَمْ يَسْقُطْ مَا عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضى: إنْ لم يَسْرِ الجُرْحُ إلى شئ، فحَوْلُه مِن حينِ القَطْعِ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: وقال القاضى: ابْتِداؤُه فى القَتْلِ المُوحِى والجُرْحِ، إنْ لم يَسْرِ عن محَلِّه، مِن حينِ الجِنايَةِ. فائدة: مَن صارَ أهْلًا عندَ الحَوْلِ، لَزِمَه ما تحْمِلُه العاقِلَةُ، على أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَعَمْدُ الصَّبِىِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَعَنْهُ فِى الصَّبِىِّ الْعَاقِلِ، أنَّ عَمْدَهُ فِى مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعَمْدُ الصَّبِىِّ والمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُه العاقِلَةُ. عَمْدُ المَجْنونِ خطَأٌ تحْمِلُه العاقِلَةُ، بلا نِزاعٍ. وكذلك الصَّبِىُّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، فى الصَّبِىِّ العاقِلِ، أنَّ عَمْدَه فى مَالِه. قال ابنُ عَقِيلٍ، والحَلْوانِىُّ: وتكونُ مُغَلَّظَةً. وذكَر فى «الواضِحِ» رِوايةً، تكونُ فى مالِه بعدَ عَشْرِ سِنِينَ. ونقَل أبو طالِبٍ، ما أصابَ الصَّبِىُّ مِن شئٍ، فعلى الأبِ إلى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ، فإذا جاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فعلى العاقِلَةِ. قال فى «الفُروعِ»: فهذه رِوايَةٌ لا تُحَمِّلُ العاقِلَةَ الثُّلُثَ. وتقدَّم ذلك أيضًا.

باب كفارة القتل

بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً، أَوْ مَا أُجْرِىَ مُجْرَاهُ، أَوْ شَارَكَ فِيهَا، أَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرأةٍ فَألْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ كفَّارَةِ القَتْلِ قوله: ومَن قتَل نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً، أو ما أُجْرِىَ مُجْرَاه، أو شارَكَ فيها، فعليه الكَفَّارَةُ. هذا المذهبُ؛ سواءٌ قتَلَ نفْسَه أو غيرَها، وسواءٌ كان القاتِلُ مُسْلِمًا أو كافِرًا. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ

وَعَنْهُ، أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، لا تَلْزَمُ [قاتِلَ نفْسِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه نظَرٌ. وعنه، لا تَلْزَمُ قاتِلَ نفْسِه ولا كافِرًا؛ بِناءً على كفَّارَةِ الظِّهَارِ. قالَه فى «الواضِحِ». وعنه، على المُشتَركِين كفَّارَةٌ واحدةٌ] (¬1). قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أظْهَرُ مِن ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جِهَةِ الدَّليلِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». وتقدَّم حُكْمُ كفَّارَةِ القَتْلِ عندَ كفَّارَةِ الظِّهارِ. قوله: أَو ضرَب بَطْنَ امْرَأةٍ فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أو حَيًّا ثم ماتَ، فعليه الكَفَّارَةُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى

مُسْلِمًا كَانَ الْمَقْتُولُ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال فى «الإِرْشادِ»: إنْ جَنَى عليها، فأَلْقَتْ جَنِينَيْن فأكثرَ، فقيل: كفَّارَةٌ واحدةٌ. وقيل: تتَعَدَّدُ. قال فى «الفُروعِ»: فيُخَرجُ مِثْلُه فى جَنِينٍ وأُمِّه.

وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ كَبِيرًا عَاقِلًا، أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: فأَلْقَتْ جَنِينًا. أنَّها لو ألْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَصَوَّرْ، لا كفَّارَةَ فيها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقيل: فيه الكفَّارَةُ. قوله: وسَوَاءٌ كانَ القاتِلُ كَبِيرًا عاقِلًا، أو صَبِيًّا أو مَجْنُونًا، حُرًّا أو عَبْدًا. بلا

وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالصِّيَامِ. فَأَمَّا الْقَتْلُ الْمُبَاحُ، كَالْقِصَاصِ، وَالْحَدِّ، وَقَتْلِ الْبَاغِى وَالصَّائِلِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ فى ذلك إلَّا المَجْنونَ، فإنَّه قال فى «الانْتِصارِ»: لا كفَّارَةَ عليه. قوله: ويُكَفِّرُ العَبْدُ بالصِّيَامِ. يأْتِى حُكْمُ العَبْدِ فى التَّكْفيرِ فى آخِرِ كتابِ الأَيْمانِ، فيما إذا عتَق أو لم يعْتِقْ قبلَ التَّكْفيرِ، فَلْيُعاوَدْ هناك، وتقدَّم أيضًا فى أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: فأمَّا القَتْلُ المُبَاحُ؛ كالقِصاصِ والحُدودِ، وقَتْلِ الباغِى والصَّائِلِ، فلا كَفارَةَ فيه. بلا نِزاعٍ، إلَّا فى البَاغِى إذا قَتَلَه العادِلُ، فإنَّه حكَى فى «التَّرْغيبِ» فيه وَجْهَيْن، على رِوايَةِ أنَّه لا يضْمَنُ.

وَفِى قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِ العَمْدِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، لَا كَفَّارَةَ فِيهِ. اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِى. وَالأُخْرَى، فِيهِ الْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وفى قَتْلِ العَمْدِ وشِبْهِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» فيهما. أمَّا العَمْدُ، فلا تجبُ فيه الكفَّارَةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم أَبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى ووَلَدُه أبو الحُسَيْنِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والمَشْهورُ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّه لا كفَّارَةَ فى قَتْلِ العَمْدِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وعنه، تجِبُ. اخْتارَها أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وزَعَم القاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلَافَيْهِما»، أنَّ هذه الرِّوايةَ اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. قال: وليس فى كلامِه ما يدُلُّ على ذلك. وكذا قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «الفُروعِ»: إنَّه اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ». [وأمَّا شِبْهُ العَمْدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ الكفَّارَةِ به. نصَّ عليه. واخْتارَه الشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»] (¬1)، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: يَلْزَمُ على الأصحِّ. قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ: لا أعلمُ لأَصحابِنا فى شِبْهِ العَمْدِ فى وُجوبِ الكفَّارَةِ قَوْلًا، ومُقْتَضَى الدَّليلِ وُجوبُ الكفَّارَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تجِبُ، كالعَمْدِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والقاضى. وكذا قال ابنُ مُنَجَّى. والذى حَكاه الأصحابُ فيها، إنَّما هو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ فقط، فلعَلَّ المُصَنِّفَ اطَّلعَ على أنَّه اخْتِيارُ القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه. تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد وقَع لأبى محمدٍ فى «المُقْنِعِ» إجْراءُ الرِّوايتَيْن فى شِبْهِ العَمْدِ، وهو ذُهولٌ، فقد قال فى «المُغْنِى» (¬1): لا أعلمُ لأصحابِنا فيه قَوْلًا. قال ابنُ مُنَجَّى، بعدَ حِكايَةِ كلامِه فى «المُغْنِى»: فحِكايَتُه الرِّوايَةَ فى شِبْهِ العَمْدِ وَقعَتْ هُنا سَهْوًا. قال الشَّارِحُ، بعدَ حِكايَةِ كلامِه فى «المُغْنِى»: وقد ذكَر شيْخُنا فى الكتابِ المَشْروحِ رِوايةً، أنَّه كالعَمْدِ؛ لأَنَّ دِيَتَه مُغَلَّظَةٌ، فظاهِرُه أنَّه ما اطَّلعَ عليها إلَّا فى هذا الكتابِ. انتهى. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وقد ذكَر هذه ¬

(¬1) انظر المغنى 12/ 227.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايةَ النَّاظِمُ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتَيْه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم، ولم يتعَرَّضُوا للنَّقْلِ فيها، لكِنْ قال النَّاظِمُ: هى بعيدةٌ. وقد علَّلَها الشَّارِحُ، فقال: لأَنَّ دِيَتَه مُغَلَّظَةٌ، فكانَتْ كالعَمْدِ. فائدتان؛ إحْداهما، مَن لَزِمَتْه كفَّارَةٌ، ففى مالِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ما جَمَلَه بَيْتُ المالِ مِن خَطَأ إمامٍ وحاكِمٍ، ففى بَيْتِ المالِ، ويُكَفِّرُ الوَلِىُّ عن غيرِ مُكَلَّفٍ مِن مالِه. الثَّانيةُ، نقَل مُهَنَّا، القَتْلُ له كفَّارَةٌ، والزِّنَى له كفَّارَةٌ. ونقَل المَيْمُونِىُّ، ليس بعدَ القَتْلِ شئٌ أشَدَّ مِنَ الزِّنَى.

باب القسامة

بَابُ الْقَسَامَةِ وَهِىَ الأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ فِى دَعْوَى الْقَتْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَسامَةِ قوله: وهى الأَيْمَانُ المُكَرَّرَةُ فى دَعْوَى القَتْلِ. مُرادُه، قَتْلُ معْصُومٍ. وظاهِرُه؛ سواءٌ كان القَتْلُ عَمْدًا أو خَطَأً، مَّا العَمْدُ، فلا نِزاعَ فيه بشُروطِه، وأمَّا الخطَأُ، فيَأْتى فى كلامَ المُصَنِّفِ كلامُ الخِرَقِىِّ وغيرِه.

وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ؛ أحَدُهَا، دَعْوَى الْقَتْلِ، ذَكَرًا كَانَ الْمَقْتُولُ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا. وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَثْبُتُ إلَّا بشُرُوطٍ أرْبَعَةٍ؛ أَحدُها، دَعْوَى القَتْلِ، ذَكَرًا كانَ المَقْتُولُ أو أُنْثَى، حُرًّا أو عَبْدًا، مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا قَسامَةَ فى عَبْدٍ وكافرٍ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّها عندَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا تُشْرَعُ إلَّا فيما يُوجِبُ القِصاصَ. كذا فَهِمَ المُصَنِّفُ منه، واخْتارَه، ويأْتِى قريبًا.

الثَّانِى، اللَّوْثُ؛ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ، كَنَحْوِ مَا كَانَ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ، وَكَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ الَّتِى يَطْلُبُ بَعْضُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّانِى، اللَّوْثُ؛ وهو العَداوَةُ الظَّاهِرَةُ، كنحوِ ما كانَ بينَ الأَنْصارِ وأهْلِ خَيْبَرَ، وكَما بينَ القَبائِلِ التى يَطْلُبُ بعضُها بعضًا بثَأْرٍ، فى ظاهِرِ المذهبِ. وهو المذهبُ كما قال. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

بَعْضًا بِثَأْرٍ، فِى ظَاهِرِ المَذْهَبِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ، كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ، وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ، وَشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، ونَحْوِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ»: هذا اخْتِيارُ عامَّةِ شُيوخِنا. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويدْخُلُ فى ذلك، لو حصل عَداوَةٌ مع سيِّدِ عَبْدٍ وعصَبَتِه، فلو وُجِدَ قتيلٌ فى صَحْراءَ وليس معه غيرُ عبْدِه، كانَ ذلك لَوْثًا فى حقِّ العَبْدِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولوَرَثَةِ سيِّدِه القَسامَة. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، ما يدُلُّ على أنَّه ما يغْلِبُ على الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى به، كَتَفَرُّقِ جَماعةٍ عن قَتيلٍ، ووُجودِ قَتِيلٍ عندَ مَن معه سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بدَمٍ، وشَهادَةِ جماعَةٍ ممَّن لا يثْبُتُ القَتْلُ بشَهادَتِهم، كالنِّساءِ، والصِّبْيان، وعَدْلٍ واحدٍ، وفَسَقَةٍ، ونحوِ ذلك. واخْتارَ هذه الرِّوايةَ أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، وابنُ رَزِينٍ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عليهم، وغيرُهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وعنه، إذا كانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَداوَةٌ أو عصَبِيَّةٌ. نقَلَها علىُّ بنُ سعيدٍ. وعنه، يُشْتَرَطُ مع العَداوَةِ أَثَرُ القَتْلِ فى المَقْتولِ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، كدَمٍ مِن أُذُنِه. وفيه مِن أنْفِه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: ويتَوَجَّهُ، أو مِن شَفَتِه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهل يقْدَحُ فيه فَقْدُ أثَرِ القَتْلِ؟ على رِوايتَيْن. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ليس ذلك أثَرًا. واشْترَطَ القاضى، أَنْ لا يخْتَلِطَ بالعَدُوِّ غيرُه. والمَنْصوصُ عدَمُ الاشْتِراطِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنِ ادَّعَى قَتِيلٌ على مَحَلَّةِ بَلَدٍ كَبيرٍ يَطْرُقُه غيرُ أهْلِه، ثَبَتَتِ القَسامَةُ فى رِوايةٍ.

فَأمَّا قَوْلُ الْقَتِيلِ: فُلَانٌ قَتَلَنِى. فَلَيْسَ بِلَوْثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأَمَّا قَوْلُ القَتِيلِ: فُلَانٌ قَتَلَنِى. فليس بلَوْثٍ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل المَيْمُونِىُّ، أذْهَبُ إلى القَسامَةِ إذا كانَ ثَمّ لَطْخٌ، إذا كانَ ثَمَّ سبَبٌ بَيِّنٌ، إذا كان ثَمَّ عداوَةٌ، إذا كانَ مِثْلُ المُدَّعَى عليه يفْعَلُ مِثْلَ هذا.

وَمَتَى ادَّعَى الْقَتْلَ مَعَ عَدَمِ اللَّوْثِ عَمْدًا، فَقَالَ الْخِرَقِىُّ: لَا يُحْكَمُ لَهُ بيَمِينٍ وَلَا غَيْرِهَا. وَعَنْ أَحْمَدَ أنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً. وَهِىَ الْأَولَى. وَإِنْ كَانَ خَطَأً، حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى ادَّعَى القَتْلَ مع عَدَمِ اللَّوْثِ عَمْدًا، فقالَ الخِرَقِىُّ: لا يُحْكمُ له بِيَمِينٍ ولا بغيْرِها. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. قال فى «الفُروعِ»: وهى أشْهَرُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه يحْلِفُ يمينًا واحِدَةً. وهى الأَوْلَى. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: والقَوْلُ بالحَلِفِ هو الحَقُّ. وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، يحْلِفُ خَمْسِينَ يمينًا. فائدة: حيثُ حلَف المُدَّعَى عليه (¬1)، فلا كلامَ، وحيثُ امْتَنَعَ، لم يُقْضَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه بالقَوَدِ. بلا نِزاعٍ. وهل يُقْضى عليه بالدِّيَةِ؟ فيه رِوايَتان. وأَطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ، [وصاحِبُ] (¬1) «الرِّعايتَيْن». ¬

(¬1) فى الأصل: «فى»، وفى ط: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وأمَّا الدِّيَةُ فتَثْبُتُ بالنُّكولِ عندَ مَن يُثْبِتُ المالَ به،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو تُرَدُّ اليمينُ على المُدَّعِى فيَحْلِفُ يمينًا واحدةً. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، بعدَ أَنْ أَطلَقَ الوَجْهَيْن: قلتُ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يَحْلِفَ المُدَّعِى، إنْ قُلْنا برَدِّ اليمينِ، ويأْخُذَ الدِّيَةَ. انتهى. وإذا لم يُقْضَ عليه، فهل يُخَلَّى سَبِيلُه، أو يُحْبَسُ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. قلتُ: الصَّوابُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِه، على ما يأْتِى. قوله: وإِنْ كانَ خَطَأً، حلَف يَمِينًا واحِدَةً. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى».

الثَّالِثُ، اتِّفَاقُ الأَوْلِيَاءِ فِى الدَّعْوَى. فَإِنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ، لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يحْلِفُ خَمْسِينَ يمينًا. وعنه، تَلْزَمُه الدِّيَةُ. قوله: الثَّالِثُ، اتِّفاقُ الأَوْلِياءِ فى الدَّعْوَى. فإِنِ ادَّعَى بعضُهم وأنْكَرَ بعضٌ، لم تَثْبُتِ القَسامَةُ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إنْ لم يُكَذِّبْ بعضُهم بعضًا، لم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْدَحْ.

الرَّابِعُ، أن يَكُونَ فِى الْمُدَّعِينَ رِجَالٌ عُقَلَاءُ. وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ فِى الْقَسَامَةِ، عَمدًا كَانَ الْقَتْلُ أو خَطَأً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الرَّابعُ، أَنْ يَكُونَ فى المُدَّعِين رِجَالٌ عُقَلَاءُ، ولا مَدخَلَ للنِّسَاءِ والصِّبْيانِ والمجَانِينِ فى القَسامَةِ، عمدًا كانَ أو خَطَأً. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقَطَعُوا به. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ، للنِّساءِ مَدخَلٌ فى القَسامَةِ فى قَتْلِ الخَطأ. فعلى المذهبِ، إنْ كانَ فى الأوْلياءِ نِسَاءٌ، أقْسَمَ الرِّجالُ فقط، وإنْ كانَ الجميعُ نِساءً،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو كما لو نكَل الوَرَثَةُ. فائدة: لا مَدخَلَ للخُنْثَى فى القَسامَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذْهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّر». وصحَّحه فى

فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائب أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَخلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ. وهلْ يَحْلِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: بلَى. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: فإنْ كانا اثْنَيْن أَحَدُهما غائِبٌ أو غيرُ مُكَلَّفٍ، فللحاضِرِ المُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ ويَسْتَحِقَّ نَصِيبَه مِنَ الدِّيَةِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»،

خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ؛ عَلَى وَجْهيْنِ. وَإِذَا قَدِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ». قال فى «الفُروعِ»: حلَف على الأصحِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ هنا: والأَوْلَى عندِى، أنَّه لا يسْتَحِقُّ شيئًا حتى يَحْلِفَ الآخرُ، فلا قَسامَةَ إلَّا بعدَ أهْلِيَّةِ الآخَرِ. ومحَلُّ الخِلافِ، فى غيرِ العَمْدِ. قالَه فى «الهِدايَةِ» وغيرِه. قوله: وهل يَحْلِفُ خَمسِين يَمِينًا أو خَمْسًا وعِشْرِين؟ على وَجْهَيْن. يعْنِى إذا

الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِىُّ، حَلَفَ خَمسًا وَعِشْرِينَ، وَلَهُ بَقِيَّتُهَا. وَالْأوْلَى عِنْدِى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى يَخلِفَ الآخَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قُلْنا: يحْلِفُ ويَسْتَحِقُّ نَصيبَه. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يحلِفُ خَمْسِين. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «الخِلافِ»، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّانى، يحْلِفُ خَمسًا وعِشْرِينَ. [اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». قوله: وإذا قَدِمَ الغائِبُ، أو بلَغ الصَّبِىُّ، حلَف خَمْسًا وعِشْرِين] (¬1)، وله بَقِيَّتُها. سواء قُلْنا: يحلِف الأَوَّلُ خَمسِينَ، أو خَمسًا وعِشْرِين. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَذَكَرَ الْخِرَقِىُّ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ، أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمدًا تُوجِبُ الْقِصَاصَ إِذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ، وَأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعَايَةِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقيل: يحلِفُ خَمسِينَ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، والقاضى. وعلى هذا إنِ اخْتَلَف التَّعْيِينُ، أقْسَمَ كلُّ واحدٍ على مَن عَيَّنَه. قوله: وذكَر الخِرَقِىُّ مِن شُرُوطِ القَسامَةِ؛ أَنْ تَكُونَ الدعوَى عَمدًا تُوجِبُ القِصاصَ إِذا ثبَت القَتْلُ، وأنْ تَكُونَ الدَّعْوَى على واحِدٍ. ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ فى القَسامَةِ، أَنْ تكونَ الدَّعْوَى عَمدًا. ومالَ إليه المُصَنِّفُ. وعلَّلَه الزَّرْكَشِىُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: هذا نَظَرٌ حسَنٌ. وليس كلامُ الخِرَقِىِّ [بالبَيِّنِ فى] (¬1) ذلك. ¬

(¬1) فى الأصل: «بأبين من».

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ. لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا، لَمْ يُقْسِمُوا إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ، وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال غيرُه: ليس بشَرْطٍ. وهو المذهبُ. قال الزَّركَشِىُّ: لم أرَ الأصحابَ عرَّجُوا على كلامِ الخِرَقِىِّ. قال الشَّارِحُ: وعندَ غيرِ الخِرَقِىِّ مِن أصحابِنا؛ تَجْرِى القَسامَةُ فيما لا قَوَدَ فيه.؛ قالَ المُصَنِّفُ هنا. وفى «التَّرْغيبِ»، عنه عَمدًا، والنَّصُّ: أو خَطَأً. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأمَّا الدَّعْوَى على واحِدٍ؛ فإنْ كانتِ الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا، لم يُقْسِمُوا إلَّا على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدٍ مُعَيَّنٍ ويسْتَحِقُّونَ دَمَه. وهذا بلا نِزاعٍ. وإنْ كانتْ خطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، ليس لهم القَسامَةُ، ولا تُشْرَعُ على أكثرَ مِن واحدٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى، وجماعَةٌ مِن أصحابِه، كالشَّرِيف أبى جعفَر، وأبى الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ البَنَّا، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لهم القَسامَةُ على جماعَةٍ مُعَيَّنين، ويسْتَحِقُّون الدِّيَةَ. وهو الذى قالَه

فصل

فَصْلٌ: وَيُبْدَأُ فِى الْقَسَامَةِ بأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ، فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ غيرَ الخِرَقِىِّ قال ذلك. وتابعَه على ذلك الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وليس الأمْرُ كذلك، فقد ذكَرنا عن غيرِ الخِرَقِىِّ مَن اخْتارَ ذلك. فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، هل يحْلِفُ كلُّ واحدٍ مِنَ المُدَّعَى عليهم خَمْسِين يمينًا، أو قِسْطَه منها؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يحلِفُ كلُّ واحدٍ منهم خَمْسِينَ يمينًا. قدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّانى، يحلِفُ كلُّ واحدٍ بقِسْطِه. قوله: ويُبْدَأُ فى القَسامَةِ بأَيْمانِ المُدَّعِين؛ فيَحْلِفُون خَمْسِين يَمِينًا، ويَخْتَصُّ ذلك بالوارِثِ. يعنِى العَصَبَةَ، على ما تقدَّم. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه

يَميِنًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى

وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَارِثِ، فَتُقْسَمُ الأَيْمَانُ بَيْنَ الرِّجَالِ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا، حَلَفَهَا، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً، قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدرِ مِيرَاثِهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيها كَسْرٌ، جُبِرَ عَلَيْهِمْ، مِثْلَ زَوْجٍ وَابْنٍ، يَحْلِف الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَمِينًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»،

وَالِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثينَ. وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَعَنْهُ، يَحْلِفُ مِنَ الْعَصَبَةِ الْوَارِثُ مِنْهُمْ وَغَيْرُ الْوَارِثِ، خَمْسُونَ رَجُلًا، كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يحْلِفُ مِنَ العَصَبَةِ الوارِثُ [منهم وغيرُ الوارِثِ] (¬1). نَصَرَها جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلَافَيْهما»، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا. قال الزَّركَشِىُّ: والقاضى، فيما أُظُنُّ. فيُقْسِمُ مَن عُرِفَ وَجْهُ نِسْبَتِه مِنَ المَقْتولِ، لا أنَّه مِنَ القَبِيلَةِ فقط. ذكَرَه جماعَةٌ. وسألَه المَيْمُونِىُّ، رَحِمَه اللَّهُ: إنْ لم يكُنْ أَوْلياءُ؟ قال: فقَبِيلَتُه التى هو فيها، أو (¬2) أَقْرَبُهم منه. وظاهرُ كلامِ أبى ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»، أنَّهم العَصَبَةُ الوارِثُون. قوله: فإنْ كان الوارِثُ واحِدًا، حلَفَها. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل المَيْمُونِىُّ، لا أَجْتَرِئُ عليه. وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ

فَإنْ لَمْ يَحْلِفُوا، حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَزِينٍ»: يخلِفُ وَلىٌّ يمينًا. وعنه، خَمْسُون. فوائد؛ إحْداها، فى اعْتِبارِ كَوْنِ الأَيْمانِ الخَمْسِين فى مَجْلِسٍ واحدٍ وَجْهان، أصْلُهما المُوالَاةُ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُعتَبَرُ كَوْنُ ذلك فى مَجْلِس واحدٍ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثَّانى، يُعْتَبَرُ. فلو حلَف ثم جُنَّ ثم أَفاقَ، أو عُزِلَ الحاكِمُ، بَنَى، لا وارِثُه. الثَّانيةُ، وارِثُ المُسْتَحِقِّ كالمُستَحِقِّ بالأَصالَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «المُنْتَخَبِ»: إنْ لم يكُنْ طالِبٌ، فله الحَقُّ ابْتداءً، ولابدَّ مِن تَفْصِيل الدَّعْوَى فى يمينِ المُدَّعِى. الثَّالثةُ، متى حلَف الذُّكُورُ، فالحَقُّ للجميعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: العَمْدُ لذُّكورِ العَصَبَةِ. الرَّابِعَةُ، يُشْتَرَطُ حُضورُ المُدَّعَى عليه وَقْتَ يمينِه، كالبَيِّنَةِ عليه، وحُضورُ المُدَّعِى. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قوله: فإنْ لم يَحلِفُوا، حلَف المُدَّعَى عليه خَمْسِين يَمِينًا وبَرِئَ. وكذلك إنْ كانُوا نِساءً. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا هو المذهبُ المَعْروفُ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وعنه، يحلِف المُدَّعَى عليه فى الخَطَأ، ويَغْرَمُ الدِّيَةَ. وعنه، يُؤْخَذُ مِن بَيْتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّم فى «المُوجَزِ»، يحْلِفُ يمينًا واحدةً. وهو رِوايَةٌ فى «التَّبْصِرَةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لا يصِحُّ يمينُه إلَّا بقوْلِه: ما قَتَلْتُه، ولا أَعَنْتُ عليه، ولا تَسَبَّبْتُ. لئَلا يتَأَوَّلَ. انتهى. وقد تقدَّم إذا قُلْنا: تَصِحُّ الدَّعْوى

وَإِنْ لَمْ يَحْلِف الْمُدَّعُونَ وَلَم يَرْضَوْا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَدَاهُ الإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الخَطَأ وشِبْهِه على جَماعَةٍ. هل يحْلِفُ كلُّ واحدٍ خَمْسِين يمينًا أو قِسْطَه منها. فَلْيُراجَعْ. قوله: فإنْ لم يحلِفِ المُدَّعون ولم يَرْضَوا بيَمِينِ المُدَّعَى عليه، فَدَاه الإِمَامُ مِن

وَإِنْ طَلَبُوا أَيْمَانَهُم فَنَكَلُوا، لَمْ يُحْبَسُوا. وَهَلْ تَلْزَمُهُمُ الدِّيَةُ أَوْ تَكُونُ فِى بَيْتِ الْمَالِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيْتِ المَالِ. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ طلبوا أَيْمَانَهم فَنَكَلُوا، لم يُحْبَسُوا. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، [يُحْبَسُون حتى يُقِرُّوا أو يحْلِفُوا] (¬1). وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قوله: وهل تَلْزَمُهُم الدِّيَةُ أَو تَكُونُ فى بَيْتِ المالِ؟ على رِوَايتَين. يعْنِى، إذا نَكَلُوا وقُلْنا: إنَّهم لا يُحْبَسُون. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، تَلْزَمُهم الدِّيَةُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وصحَّحه الشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال فى «الفُروعِ»: وهى أظْهَرُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تكونُ فى بَيْتِ المالِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وبَنَى الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه رِوايَتَىِ الحَبْسِ وعدَمِه على هذه الرِّوايَةِ. وهو واضِحٌ. ¬

(¬1) فى الأصل: «يحبس حتى يقر أو يحلف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو ردَّ المُدَّعَى عليه اليَمِينَ على المُدَّعِى، فليس للمُدَّعِى أَنْ يَحْلِفَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: على ردِّ اليَمِينِ وَجْهان، وأنَّهما فى كُلِّ نُكُولٍ عن يمينٍ، مع العَوْدِ إليها فى مَقامٍ آخَرَ، هل له ذلك لتعَدُّدِ المَقامِ أمْ لا؛ لنُكُولِه مرَّةً؟ الثَّانيةُ، يُفْدَى مَيِّتٌ فى زَحْمَةٍ، كجُمُعَةٍ وطَوافٍ، مِن بَيْتِ المالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، هَدْرٌ. وعنه، هَدْرٌ فى صَلاةٍ لا حَجٍّ؛ لإمْكانِ صَلاِته فى غيرِ زِحَامٍ خالِيًا.

كتاب الحدود

كِتَابُ الْحُدُودِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الحُدودِ فائدة: الحُدودُ جَمْعُ حدٍّ، وهو فى الأَصْلِ المَنْعُ، وهو فى الشَّرْعِ؛ عُقُوبَةٌ تَمْنَعُ مِنَ الوُقوعِ فى مِثْلِه. قوله: لا يَجِبُ الحَدُّ إلَّا على بالغٍ عاقِلٍ عالمٍ بالتَّحْرِيمِ. هكذا قال كثيرٌ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال فى «الوَجيزِ»، تبَعًا «للرِّعايةِ الكُبْرى»: مُلْتَزِمٍ. ليَدْخُلَ الذِّمِّى دُونَ الحَرْبِىِّ. قلتُ: هذا الحُكْمُ لا خِلافَ فيه.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الحَدَّ إلَّا الإِمَامُ أَو نائِبُه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وعليه الأصحابُ. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه، أنَّه لا يجوزُ إلا لقَرِينَةٍ، كتَطَلُّبِ الإِمامِ له ليَقْتُلَه، فيجوزُ لغيرِ الإِمامِ ونائبِه

إلَّا السَّيِّدَ، فَإِنَّ لَهُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً عَلَى رَقِيقِهِ الْقِنِّ. وَهَلْ لَهُ الْقَتْلُ فِى الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِى السَّرِقَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَتلُه. [وقيل: يُقِيمُ الحدَّ وَلىُّ المَرْأَةِ] (¬1). فعلى المذهبِ، لو خالَفَ وفَعَل، لم يَضْمَنْه. نصَّ عليه. قولُه: إلَّا السَّيِّدَ -يعْنِى المُكَلَّفَ- فإنَّ له إقامَةَ الحَدِّ بالجَلْدِ خاصَّةً على رَقِيقِهِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القِنِّ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: ولسَيِّدٍ إقامَتُه، على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، ليس له ذلك. وقيل: ليس له إقامَةُ الحدِّ على أمَتِه المَرْهُونَةِ والمُسْتَأْجَرَةِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّه: إنْ عَصَى الرَّقيقُ علانِيَةً، أقامَ السَّيِّدُ عليه الحدَّ، وإنْ عَصَى سِرًّا، فيَنْبَغِى أَنْ لا يجِبَ عليه إقامَتُه، بل يُخَيَّرُ بينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَتْرِه واسْتِتابَتِه بحَسَبِ المَصلَحَةِ فى ذلك. تنبيهان؛ أحدُهما، قد يقالُ: إنَّ ظاهِرَ قوْلِه: رَقِيقِه القِنٍّ. أنَّه لو كان رَقِيقًا مُشْتَرَكًا لا يُقِيمُه إلَّا الإِمامُ أو نائِبُه. [وهو صحيحٌ. صرَّح به ابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه الكُبْرى»] (3). الثَّانى، مفْهومُ كلامِه، أنَّه ليس لغيرِ السَّيِّدِ إقامَةُ الحَدِّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: للوَصِىِّ إقامَتُه على رَقيقِ مُولِيه. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى». قوله: وهل له القَتْلُ فى الرِّدَّةِ، والقَطْعُ فى السَّرِقَةِ؟ على رِوَايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، [و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»] (3)، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى [الصَّغِيرِ] (3)»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، ليس له ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، ونَصَروه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». [وقدَّمه فى «الكافِى»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له ذلك. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ».

وَلَا يَمْلِكُ إِقَامَتَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ، وَلَا عَلَى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَلَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَمْلِكُ إقامَتَه على مُكاتَبِه. هذا أحدُ الوَجْهَيْن، واخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، [و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»] (¬1)، وقدَّمه فى «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانى، له إقامَتُه عليه. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وأَطلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، [و «النَّظْمِ»] (3)، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وجزَم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، أنَّه لا يُقيمُ الحَدَّ على مُكاتَبَتِه. قوله: ولا أمَتِه المُزَوَّجَةِ. يعْنِى، لا يَمْلِكُ إقامَةَ الحدِّ عليها. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: له إقامَتُه عليها. صحَّحه الحَلْوانِىُّ. ونقَل مُهَنَّا، إنْ كانتْ ثَيِّبًا. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ كانتْ مُحْصَنَةً، فالسُّلْطانُ، وأنَّه لا يَبِيعُها حتى تُحَدَّ.

وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ فَاسِقًا أَوْ امرأَةً، فَلَهُ إِقَامَتُهُ فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ السَّيِّدُ فاسِقًا، أوِ امرَأَةً، فله إقامَتُه فى ظاهِرِ كَلامِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يملِكَه. وهو للقاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» (¬1). وأطلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّر»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: يُقِيمُ وَلِىُّ المَرْأَةِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يملِكُهُ الْمُكَاتَبُ. وَيَحتَمِلُ أَنْ يملِكَهُ. وَسَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يملِكُه المُكاتَبُ. هذا المذهبُ. صحَّحه فى «الهِدايَةِ»؛ و «الفُروعِ». [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، فى بابِ المُكاتَبِ] (¬1). وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و [«الكافِى» فى الكِتابة] (1)، و «الشَّرحِ»، و [«شرحِ ابنِ رَزِينٍ»] (1). وهو ظاهِرُ ما جزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». ويحتَمِلُ أَنْ يَملِكَه. وهو وَجْه ورِوايةٌ فى «الخُلاصَةِ». وأطلَقَهما فى «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، [و «الكافِى» هنا] (1)، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وسَوَاءٌ ثبَت ببَيِّنَةٍ أو إقْرَارٍ. حيثُ قُلْنا: للسَّيِّدِ إقامَتُه. فله إقامَتُه بالإِقْرارِ، بلا نِزاعٍ، إذا عَلِمَ شُروطَه. وأمَّا البَيِّنَةُ، فإنْ لم يعلم شُروطَها، فليس له إقامَتُه، قوْلًا واحدًا، وإنْ عَلِمَ شُروطَ سَماعِها، فله إقامَتُه. وهو أحدُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ ثَبَتَ بِعِلْمِهِ، فَلَهُ إِقَامَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَملِكَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهيْن. جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». واخْتارَه القاضى يَعقُوبُ. وقيل: لا يجوزُ له ذلك. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». فائدة: قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: قلتُ: ومَن أقامَ على نفْسِه ما يَلْزَمُه، مِن حَدِّ زِنًى أو قَذْفٍ، بإذْنِ الإِمامِ أو نائبِه، لم يسْقُطْ، بخِلافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ. ويأْتِى اسْتِيفاؤُه حَدَّ قَذْفٍ مِن نفْسِه فى بابِه بأتَمَّ مِن هذا. [وتقدَّم فى بابِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ، لوِ اقْتَصَّ الجانِى مِن نفْسِه برِضَى الوَلِىِّ، هل يجوزُ، أَوْ لا؟] (¬1). قوله: وإنْ ثبَت بعِلْمِه، فله إقامَته. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: ط.

كَالإِمَامِ. وَلَا يُقِيمُ الإِمَامُ الْحَدَّ بِعِلْمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. ويَحتَمِلُ أَنْ لا يَملِكَه، كالإِمامِ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. اخْتارَها القاضى. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ». [وقدَّمَه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬1). قوله: ولا يُقِيمُ الإِمَامُ الحَدَّ بعِلْمِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِى الْمَسَاجِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ» تخْرِيجًا مِن كلامِ الشَيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، جوازَ إقامَتِه بعِلْمِه. قوله: ولا تُقَامُ الحُدُودُ فى المَساجِدِ. يَحْتَمِلُ أنّه أرادَ التَّحريمَ. قلتُ: وهو

وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِى الْحَدِّ قَائِمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّوابُ. وجزَم به ابنُ تَمِيمٍ وغيرُه. [وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» وغيرُه] (2). وقيل: لا يَحرُمُ، بل يُكْرَهُ. [قطَع به فى «الرِّعايتَيْن»، فى بابِ مَواضِعِ الصَّلاةِ] (2). وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» فى آخِرِ الوَقْفِ. قوله: ويُضْرَبُ الرَّجُلُ فى الحَدِّ قائمًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلَقٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، قاعِدًا. فعليها، يُضْرَبُ الظَّهْرُ وما قارَبَه. قوله: بسَوْطٍ لا جَدِيدٍ ولا خَلَقٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ الخِرَقِىِّ، سَوْطُ العَبْدِ دُونَ سَوْطِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُرِّ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وجعَلُوا الأوَّلَ احْتِمالًا، ونسَبَه الزَّرْكَشِىُّ إلى المُصَنِّفِ فقطْ. قال فى «البُلْغَةِ»: وَلْتَكُنِ الحِجارَةُ مُتَوَسِّطَةً كالكَفِّيَّةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ» مِن عندِه: حَجمُ السَّوْطِ بينَ

وَلَا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ، وَلَا يُجَرَّدُ، بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَمِيصُ والْقَمِيصَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القَضِيبِ والعَصا، أو بقَضِيبٍ بينَ اليابِسِ والرَّطْبِ. قوله: ولا يُمَدُّ، ولا يُرْبَطُ، ولا يُجَرَّدُ، بل يَكُونُ عليه القَمِيصُ والقَمِيصان. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ تجْرِيدُه. نَقَلَه عَبْدُ اللَّه،

وَلَا يُبَالَغُ فِى ضَرْبِهِ بِحَيْثُ يُشَقُّ الْجِلْدُ، وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى أعضَائِهِ، إِلَّا الرّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وَمَوْضِعَ الْمَقْتَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَيْمُونِىُّ. قوله: ويُفَرَّقُ الضَّرْبُ على أَعْضائِه، إلَّا الرَّأْسَ والوَجْهَ والفَرْجَ ومَوْضِعَ المَقْتَلِ. تفْرِيقُ الضَّرْبِ مُسْتَحَب غيرُ واجبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: يجبُ. فائدتان؛ إحْداهما، لا تُعْتَبَرُ المُوالَاةُ فى الحُدودِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ذكَرَه القاضى وغيرُه فى مُوالَاةِ الوُضوءِ؛ لزِيادَةِ العُقوبَةِ، ولسُقوطِه بالشُّبْهةِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وفيه نظَر. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وما قالَه شيْخُنا أظْهرُ. الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ للجَلْدِ النِّيَّةُ، فلو جَلَدَه للتَّشَفِّى، أَثِمَ، ويُعِيدُه. ذكَرَه فى

وَالْمَرأةُ كَذَلِكَ، إِلَّا أنَّها تُضْرَبُ جَالِسَةً، وَتُشَدُّ عَلَيْها ثِيَابُهَا، وَتُمسَكُ يَدَاها لِئَلَّا تَنْكَشِفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المَنْثُورِ» عنِ القاضى. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِه، لا يُعتَبَرُ. وهو أظْهَرُ. قال: ولم يَعتَبِرُوا نِيَّةَ مَن يُقِيمُه أنَّه حَدٌّ، مع أنَّ ظاهِرَ كلامِهم -يُقِيمُه الإِمامُ أو نائِبُه- لا يُعتَبَرُ، وفى «الفُصولِ» -قُبَيْلَ فصولِ التَّعزيرِ- يحْتاجُ عندَ إقامَتِه إلى نِيَّةِ الإمام، أنَّه يَضْرِبُ للَّهِ ولِمَا وضَع اللَّهُ ذلك. وكذلك الحدَّادُ، إلَّا أنَّ الإمامَ إذا توَلَّى، وَأمَرَ عَبْدًا أعجَمِيًّا يضْرِبُ، لا عِلْمَ له بالنِّيَّةِ، أَجْزَأَتْ نِيَّتُه، والعَبْدُ كالآلَةِ. قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهما، كما نقولُ فى غُسْلِ المَيِّتِ: تُعتَبرُ نِيَّةً غاسِلِه. واحتَجَّ فى «مُنْتَهى الغايَةِ» لاعتِبارِ نِيَّةِ الزَّكاةِ بأنَّ الصَّرفَ إلى الفَقِيرِ له جِهاتٌ، فلابُدَّ مِن نِيَّةِ التَّمْيِيزِ، كالجَلْدِ فى الحُدودِ. قال ذلك فى «الفُروعِ». قوله: والمَرْأَةُ كذلك، إلَّا أَنَّها تُضْرَبُ جالِسَةً، وتُشَدُّ عليها ثِيابُها -نصَّ عليه- وتُمْسَكُ يَداها؛ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ. وقال فى «الواضِحِ»: أَسْواطُها

وَالْجَلْدُ فى الزِّنَى أَشَدُّ الْجَلْدِ، ثُمَّ جَلْدُ الْقَذْفِ، ثُمَّ الشُّرْبِ، ثُمَّ التَّعْزِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كذلك. قوله: والجَلْدُ فى الزِّنَى أَشَدُّ الجَلْدِ، ثم جَلْدُ القَذْفِ، ثم الشُّرْبِ، ثم التَّعْزِيرِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: أخَفُّها حدُّ الشُّرْبِ إنْ قُلْنا: هو أرْبَعُونَ جلْدَةً. ثم حدُّ القَذْفِ. وإنْ قُلْنا: حدُّه.

وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الضَّرْبَ فِى حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، فَلَهُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمانُون. بُدِئَ بحَدِّ القَذْفِ، ثم بحَدِّ الشُّرْبِ، ثم بحَدِّ الزِّنَى، ثم بحَدِّ السَّرِقَةِ. قوله: وإنْ رَأَى الإِمَامُ الضَّرْبَ فى حَدِّ الخَمْرِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ، فله ذلك. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وزادَ فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم، وبالأَيْدِى أيضًا؛ وهو مذْكُورٌ فى الحديثِ، وكذلك اسْتَدَلَّ الشَّارحُ (¬1) بذلك. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: لا يُجْزِئُ بطَرَفِ ثَوْبٍ ونَعْلٍ. وفى «المُوجَزِ»: لا يُجْزئُ بيَدٍ وطَرَفِ ثَوْبٍ. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: يُسْتَوْفَى بالسَّوْطِ فى ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، ¬

(¬1) فى ط، أ: «الشراح».

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُؤَخَّرُ الْحَدُّ لِلْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ جَلْدًا، وَخُشِىَ عَلَيْهِ مِنَ السَّوْطِ، أُقِيمَ بِأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَالْعُثْكُولِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ فى الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ونَصَرَه. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الكافِى»، وكلامِ القاضى فى «الجامِعِ»، والشَّرِيفِ أبى جَعْفَرِ، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم؛ حيثُ قالوا: يُضْرَبُ بسَوْطٍ. فائدة: يحْرُمُ حَبْسُه بعدَ الحَدِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَقَلَه حَنْبَلٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: مَن لم يَنْزَجِرْ بالحَدِّ وضَرْبِ النَّاسِ، فلِلْوالِى، لا القاضى، حَبْسُه حتى يتُوبَ. وفى بعضِ النُّسَخِ: حتى يمُوتَ. قوله: قالَ أَصحابُنا: ولا يُؤَخَّرُ الحَدُّ للمَرَضِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ كما قال المُصَنِّفُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ فى المرَضِ المَرْجُوِّ زَوالُه. يعْنِى إذا كان جَلْدًا. فأمَّا الرَّجْمُ، فلا يُؤَخَّرُ، فلو خالَفَ -على هذا الاحْتِمالِ- وفَعَل، ضَمِنَ. وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ». قال القاضى: ظاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ تأْخِيرُه، لقَوْلِه: مَن يجبُ عليه الحدُّ وهو صحيحٌ عاقِلٌ. قوله: فإنْ كانَ جَلْدًا وخُشِىَ عليه مِنَ السَّوْطِ، أُقِيمَ بأَطْرافِ الثِّيابِ والعُثْكُولِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ خِيف مِنَ السَّوْطِ، لم يَتَعَيَّنْ، على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرُهم مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وعنه، يتَعَيَّنُ الجَلْدُ بالسَّوْطِ. وقيلَ: يُضْرَبُ بمِائَةِ شِمْراخٍ (¬1). قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايتَيْن»: فإنْ خِيفَ عليه السَّوْطُ، جَلَدَه بطَرَفِ ثَوْبٍ أو عُثْكُولِ نَخْلٍ فيه مِائَةُ شِمْراخٍ، يضْرِبُه به ضَرْبَةً واحدةً. ¬

(¬1) الشمراخ: غصن دقيق رخص ينبت فى أعلى الغصن الغليظ عليه بُسْر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُؤَخَّرُ شارِبُ الخَمْرِ حتى يصْحُوَ. نصَّ عليه، وقالَه الأصحابُ، لكِنْ لو وُجِدَ فى حالِ سُكْرِه، فقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: الظَّاهِرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه يُجْزِئُ ويسْقُطُ الحدُّ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه إن حصَلَ به أَلَمٌ يوجِبُ الزَّجْرَ، سقَطَ وإلَّا فلا. انتهى. وقال أيضًا: الأَشْبَهُ أنّه لو تَلِفَ -والحالَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه- لا يضْمَنُه. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يضْمَنُه إذا قُلْنا: لا يسْقُطُ به. ويُؤخَّرُ قَطْعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّارِقِ خَوْفَ التَّلَفِ.

وَإِذَا مَاتَ الْمَحْدُودُ فِى الْجَلْدِ، فَالْحَقُّ قَتَلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإذا ماتَ المحْدُودُ فى الجَلْدِ، فالحَقُّ قَتَلَه. وكذا فى التَّعْزيرِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ جَلَدَه الإِمامُ فى حَرٍّ أو بَرْدٍ أو مرَضٍ وتَلِفَ، فَهَدْرٌ فى

وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أَوْ أَكْثَرَ، فَتَلِفَ بِهِ، ضَمِنَهُ. وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. ومُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه، إذا لم يَلْزَمِ التَّأْخِيرُ، فأمَّا إذا قُلُنا: يَلْزَمُه التَّأْخِيرُ. وجَلَدَه فماتَ، ضَمِنَه كما تقدَّم. قوله: وإنْ زادَ سَوْطًا أو أَكْثَرَ، فتَلِفَ، ضَمِنَه، وهل يَضْمَنُ جَمِيعَه أَو نِصْفَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّيَةِ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. أحدُهما، يضْمَنُ جميعَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والعِشْرِينَ»: هذا المَشْهورُ، وعليه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثانى، يضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ. وقيل: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ على الأَسْواطِ إنْ زادَ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَرْبَعِينَ. وفى «واضِحِ ابنِ عَقِيلٍ»: إنْ وَضَع فى سَفِينَةٍ كُرًّا (¬1) فلم تَغْرَقْ، ثم وضَع قَفِيزًا فغَرِقَتْ، فَغَرَقُها بهما فى أقْوَى الوَجْهَيْنِ. والثَّانى، بالقَفِيزِ. وكذلك الشَّبَع والرِّىُّ، والسَّيْرُ بالدَّابَّةِ فَرْسَخًا، والسُّكْرُ بالقَدَحِ والأَقداحِ، وذكَرَه عنِ المُحَقِّقِينَ كما تَنْشَأ الغَضْبَةُ بكَلِمَةٍ بعدَ كلمةٍ، ويَمْتَلِئُ الإِناءُ بقَطْرَةٍ بعدَ قَطْرَةٍ، ويحْصُلُ العِلْمُ بواحدٍ بعدَ واحدٍ. وجزَم أيضًا فى السَّفِينَةِ، أنَّ القَفِيزَ هو المُغْرِقُ لها. وتقدَّم ذلك فى آخِرِ الغَصْبِ (¬2)، وتقدَّم نَظِيرَتُها فى الإِجارَةِ (¬3). [فائدتان؛ إحْداهما] (¬4)، لو أُمِرَ بزِيادَةٍ فى الحَدِّ، فزادَ جاهِلًا، ضَمِنَه الآمِرُ، وإنْ كانَ عالِمًا، ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يضْمَنُ الآمِرُ. قدَّمه فى [«الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»] (¬5). والثَّانى، يضْمَنُ الضَّارِبُ. قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: وهو أوْلَى. ¬

(¬1) الكر: هو مكيال بالعراق، وهو ستون قفيزا، أو أربعون إردبًّا. (¬2) انظر ما تقدم فى 15/ 348. (¬3) انظر ما تقدم فى 14/ 417. (¬4) فى الأصل: «فائدة». (¬5) فى الأصل: «الرعاية».

وَإِذَا كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا، لَمْ يُحْفَرْ لَهُ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [الثَّانيةُ، لو تعَمَّدَ العَادُّ الزِّيادَةَ دُونَ الضّارِبِ أو أخْطَأ وادَّعَى ضارِبٌ الجَهْلَ، ضَمِنَه العادُّ، وتَعَمُّدُ الإِمامِ الزِّيادَةَ يَلْزَمُه فى الأَقْيَسِ؛ لأنَّه شِبْهُ عَمْدٍ. وقيل: كخَطَأ فيه الرِّوايَتان. قدَّمه المُصَنِّفُ وغيرُه. نقَلَه صاحِبُ «الفُروعِ»] (¬1). قوله: وإنْ كانَ الحَدُّ رَجْمًا، لم يُحْفَرْ له، رَجُلًا كانَ أوِ امْرَأةً، فى أَحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وصحَّحه فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وفِى الآخَرِ، إِنْ ثَبَتَ عَلَى الْمَرْأَةِ بِإِقْرَارِهَا، لَمْ يُحْفَرْ لَهَا، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ حُفِرَ لَهَا إِلَى الصَّدْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «الخِلافِ». وفى الآخَرِ، إنْ ثبَت على المَرْأةِ بإِقْرارِها، لم يُحْفَرْ لها، وإنْ ثبَت ببَيِّنَةٍ، حُفِرَ لها إلى الصَّدْرِ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وحكَاهُما فى «الخُلاصَةِ» رِوايتَيْن. وأطْلَقَ فى «عُيونِ المَسائلِ»، وابنُ رَزِينٍ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، الحَفْرَ لها. يَعْنُون (¬1) سواءٌ ثَبَتَ بإقْرارِها أو ببَيِّنَةٍ؛ لأنّها عَوْرَةٌ فهو أسْتَرُ لها، بخِلافِ الرَّجُلَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأ الشُّهُودُ بِالرَّجْمِ. وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الإِمَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ ثبَت بالإِقْرارِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأ الإِمَامُ. بلا نِزاعٍ، ويجبُ حُضورُه هو أو مَن يُقِيمُه مُقامَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا يجبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، وأبْطَلَا غيرَه. [ونقَل أبو داودَ، يَجِئُ النَّاسُ صُفوفًا لا يخْتَلِطُون، ثم يَمْضُوَن صَفًّا صَفًّا] (¬1). فائدة: يجبُ حُضورُ طائفَةٍ فى حدِّ الزِّنَى، والطائفَةُ واحدٌ فأكثرُ. على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ فِى أَثْنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا قوْلُ أصحابِنا. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والظاهِرُ أنَّهم أرادُوا واحِدًا مع الذى يُقِيمُ الحدَّ؛ لأن الذى يُقِيمُ الحدَّ حاصِلٌ ضرُورَةً، فتعَيَّن صَرْفُ الأمْرِ إلى غيرِه. قال فى «الكافِى»: وقال أصحابُنا: أقَلُّ ذلك واحِدٌ مع الذى يُقيمُ الحدَّ. واخْتارَ فى «البُلْغَةِ»: اثْنانِ فما فوْقَهما؛ لأن الطائفةَ الجماعَةُ، وأقَلُّها اثْنان. قال القاضى: الطَّائفَةُ اسْم للجماعَةِ لقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} (1) ولو كانتِ الطَّائفَةُ واحدًا، لم يقُلْ: {فَلْيُصَلُّوا} (¬1). وهذا مَعْنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ. وقال فى «الفُصولِ» فى صَلاةِ الخَوفِ: الطَّائفَةُ اسْمُ جماعَةٍ، وأقَل اسْمِ الجماعَةِ مِنَ العَدَدِ ثَلَاثَةٌ، ولو قال: جماعَةٌ. لَكانَ كذلك، فكذا إذا قال: طائِفَةٌ. وسَبَق فى الوَقْفِ أنَّ الجماعَةَ ثَلَاثَةٌ. قلتُ: كلامُ القاضى فى اسْتِدْلالِه بقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا} غيرُ قَوِىٍّ؛ لأَنَّ القائلَ بالأوَّلِ يقولُ بهذا أيضًا ولا يَمْنَعُه، لأن الطَّائِفَةَ عندَه تشْمَلُ الجماعَةَ وتَشْمَلُ الواحِدَ، فهذه الآيَةُ شَمِلَتِ الجماعَةَ، لكِنْ ما نفَتْ أنَّها تشْمَلُ الواحِدَ. وذكَر أبو المَعالِى، أن الطَّائفَةَ تُطْلَقُ علىِ الأَرْبَعَةِ فى قوْله تعالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} (¬2) لأنَّه أوَّلُ شُهودِ الزِّنَى. قوله: ومتى رجَع المُقِرُّ بالحَدِّ عن إقْرَارِه، قُبِلَ منه، وإنْ رجَع فى أَثْناءِ الحَدِّ، ¬

(¬1) سورة النساء: 102. (¬2) سورة النور: 2.

الْحَدِّ، لَمْ يُتَمَّمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يُتَمَّمْ. هذا المذهبُ فى جميعِ الحُدودِ، أعْنِى حدَّ الزِّنَى والسَّرِقَةِ والشُّرْبِ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يُقْبَلُ رُجوعُه فى الزِّنَى فقط. وقال فى «الانْتِصارِ»: فى الزِّنى يسْقُطُ برُجوعِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بكِنايَةٍ؛ نحوَ: مزَحْتُ. أو: ما (¬1) عَرَفْتُ ما قُلْتُ. أو: كُنْتُ ناعِسًا. وقال فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ، لَمْ يُتْرَكْ، وَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارٍ، تُرِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ» أيضًا، فى سارِقِ بارِيَّةِ المَسْجِدِ ونحوِها: لا يُقْبَلُ رُجوعُه. فعلى المذهبِ، إنْ تَمَّمَ الحَدَّ إذَنْ، ضَمِنَ الرَّاجِعَ (¬1) [فقط بالمالِ، ولا قَوَدَ. قالَه فى «الفُروعِ». وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم] (¬2). قوله: وإنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فهَرَب، لم يُتْرَكْ. بلا نِزاعٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وإنْ كانَ بإقْرارٍ، تُرِكَ. يعْنِى، إذا رُجِمَ بإقْرارٍ فهَرَبَ. وهذا ¬

(¬1) بعده فى الأصل، أ: «لا الهارب». (¬2) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فِيهَا قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُتْرَكُ، فلا يسْقُطُ عنه الحدُّ بالهَرَبِ. فعلى المذهبِ، [لو تَمَّمَ] (¬1) الحَدَّ بعدَ الهَرَبِ، [لم يضْمَنْه] (¬2). على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. [وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم] (¬3). وقيلَ: يضْمَنُ (¬4). [وتقدَّم كلامُ صاحبِ «الرِّعايَةِ»] (¬5). فائدة: لو أَقَرَّ، ثم رجَع، ثم أقَرَّ، حُدَّ، ولو أنْكَرَه بعدَ الشَّهادَةِ على إقرارِه، فقد رجَع على أصحِّ الرِّوايتَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يُتْرَكُ، فيُحَدُّ. وقيل: يُقْبَلُ رُجوعُ مُقِرٍّ بمالٍ. قالَه فى «الفُروعِ». قوله: وإذا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فيها قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وسْقَط سائِرُها. بلا خِلافٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «لم يتم». (¬2) فى الأصل: «ضمن الهارب». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) فى الأصل: «لا يضمن». (¬5) سقط من: ط.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيها قَتْلٌ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ مِثْلَ أَنْ زَنَى، أَوْ سَرَقَ، أَوْ شَرِبَ مِرَارًا، أَجْزَأَ حَدٌّ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أعْلَمُه. وقوله: وِإنْ لم يَكُنْ فيها قَتْلٌ، فإنْ كانَتْ مِن جِنْسٍ، مثلَ أَنْ زَنَى أو سرَق أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَرِبَ مِرَارًا، أَجْزَأَ حَدٌّ واحِدٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا تَداخُلَ فى السَّرِقَةِ. قال فى «البُلْغَةِ»: فقَطْعٌ واحدٌ على الأصحِّ. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» رِوايةً، إنْ طالَبُوا متَفَرِّقِينَ، قُطِعَ لكلِّ واحدٍ. قال أبو بَكْرٍ: هذه رِوايةُ صالحٍ، والعَمَلُ على خِلافِها.

وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ، اسْتُوفِيَتْ كُلُّهَا، وَيُبْدَأُ بِالْأَخَفِّ فَالأَخَفِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ كانَتْ مِن أَجْنَاسٍ، اسْتُوفِيَتْ كُلُّها، ويُبْدَأُ بالأَخَفِّ فالأَخَفِّ. وهذا على سَبِيلِ الوُجوبِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ، فلو بُدِئَ بغيرِ الأخَفِّ، جازَ. وقَطَعا به.

وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأَمَّا حُقُوقُ الآدَمِيِّين، فَتُسْتَوْفَى كُلُّها، سَواءٌ كانَ فيها قَتْلٌ، أو لم يَكُنْ، ويُبْدَأُ بغيرِ القَتْلِ. وِإنِ اجْتَمَعَتْ مع حُدُودِ اللَّهِ، بَدَأَ بها. وبالأَخَفِّ وُجوبًا. قدَّمه فى «الفُروعِ». وفى «المُغْنِى»، إنْ بدَأَ بغيرِه، جازَ.

وَإِنِ اجْتَمَعَتْ مَعَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، بُدِئَ بِهَا، فَإِذَا زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا، قُطِعَتْ يَدُهُ أوَّلًا، ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ، ثُمَّ لِلشُّرْبِ، ثُمَّ لِلزِّنَى. وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مِنَ الَّذِى قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا زَنَى وشَرِبَ وقَذَفَ وقطَع يَدًا، قُطِعتْ يَدُه أوَّلًا، ثم حُدَّ للقَذْفِ، ثم للشُرْبِ، ثم للزِّنَى. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصْحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُؤخَّرُ القَطْعُ، ويُؤخَّرُ حدُّ الشُّرْبِ عن حدِّ القَذْفِ إنْ قيل: هو أرْبَعُونَ. اخْتارَه القاضى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُسْتَوفَى حَدٌّ حتى يَبْرَأ مِنَ الذِى قبلَه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إن طَلَب صاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَه قبلَ بُرْئِه مِن قَطْعٍ، فوَجْهان. فائدة: لو قَتَل وارْتَدَّ (¬1)، أو سرَق وقطَع يَدًا، قُتِلَ وقُطِعَ لهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقْتَلُ ويُقْطَع للقَوَدِ فقط. جزَم به فى «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى». قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ ¬

(¬1) فى الأصل: «وارثه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَنْ يظْهَرَ لهذا الخِلافِ فائدَةٌ فى جَوازِ الخِلافِ فى اسْتِيفائِه بغيرِ حَضْرَةِ وَلىِّ الأمْرِ، وأنَّ على المَنْعِ هل يُعَزَّرُ أمْ لا؟. وأنَّ الأُجْرَةَ منه أو مِنَ المَقْتولِ؟ وأنَّه هل يسْتَقِلُّ بالاسْتِيفاءِ أو يكونُ كَمَن قتَل جماعَةً، فيُقْرَعُ، أو يُعَيِّنُ الإِمامُ؟ وأنَّه هل يأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ، كما قيلَ فى مَن قَتَل الرَّجُلَيْن؟ وغيرُ ذلك. انتهى. وقال الشَّارِحُ: إذا اتَّفَقَ الحَقَّان فى محَلٍّ واحدٍ؛ كالقَتْلِ والقَطْعِ قِصاصًا وحَدًّا (¬1)، فأمَّا القَتْلُ، فإنْ كانَ فيه ما هو خالِصٌ لحقِّ اللَّهِ، كالرَّجْمِ فى الزِّنَى، وما هو حقٌّ لآدَمِىٍّ، كالقِصاصِ، قُدِّمَ القِصاصُ؛ لتأكُّدِ حقِّ الآدَمِىِّ. وإنِ اجْتَمَعَ القَتْلُ، كالقَتْلِ فى المُحارَبَةِ، والقِصاصُ، بُدِئ بأَسْبَقِهما؛ لأَنَّ القَتْلَ فى المحارَبَةِ فيه حقٌّ لآدَمِىٍّ، فإنْ سبَق القَتْلُ فى المُحارَبَةِ، اسْتُوفِىَ ووَجَب لوَلِىِّ ¬

(¬1) بعده فى أ: «صار حدا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَقْتولِ الآخَرِ دِيَتُه مِن مالِ الجانِى، وإنْ سَبَق القِصاصُ، قُتِلَ قِصاصًا ولم يُصْلَبْ، ووَجَب لوَلىِّ المَقْتولِ فى المُحارَبَةِ دِيَتُه وكذا لو ماتَ القاتِلُ فى المُحارَبَةِ، ولو كانَ القِصاصُ سابِقًا وعَفَا وَلىُّ المَقْتول، اسْتُوفِىَ القَتْلُ للمُحارَبَةِ، سواءٌ عفَا مُطْلَقًا أو إلى الدِّيَةِ، وإنِ اجْتَمَعَ وُجوبُ القَطْعِ فى يَدٍ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِجْلٍ قِصاصًا وحدًّا، قُدِّمَ القِصاصُ على الحَدِّ المُتَمَحِّضِ للَّهِ، وإنْ عفَا وَلىُّ الجِنايَةِ، اسْتُوفِىَ الحدُّ، فإذا قطَع يَدًا وأخَذ المالَ فى المُحارَبَةِ، قُطِعَتْ يدُه قِصاصًا، ويُنْتَظَرُ بُرْؤُه، فإذا بَرِئ قُطِعَتْ رِجْلُه للمُحارَبَةِ. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: لو أخذَ الدِّيَةَ، اسْتُوفِىَ الحدُّ، وذكَر ابنُ البَنَّا، مَن قَتَلَ

فصل

فَصْلٌ: وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أتَى حَدًّا خَارِجَ الْحرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بسِحْرٍ قُتِلَ حدًّا، وللمَسْحورِ مِن مالِه دِيَتُه، فيُقَدَّمُ حقُّ اللَّهِ. قوله: ومَن قَتَل أَوْ أَتَى حَدًّا خارِجَ الحَرَمِ، ثم لَجَأ إِليه، لم يُسْتَوْفَ منه فيه.

لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى حَتَّى يَخْرُجَ فَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك لو لجَأَ إليه حَرْبِىٌّ أو مُرْتَدٌّ. وهذا المذهب فى ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ، كحيوانٍ صائل مأكُولٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فى الحُدودِ. ووَافقَ أبو حَنِيفَةَ فى القَتْلِ. ونقَل حَنْبَل، يُؤْخَذُ بدُونِ القَتْلِ. هكذا قال فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»، فى مَن لجَأَ إلى الحَرَمِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن قاتِلٍ وآتٍ حدًّا: لا يُسْتَوْفَى منه. وعنه، يُسْتَوْفَى فيه كلُّ حدٍّ وقَوَدٍ مُطْلَقًا غيرَ القَتْلِ. قال: وكذا الخِلافُ فى الحَرْبِىِّ المُلْتَجِئ إليه، والمُرْتَدِّ ولو ارْتَدَّ فيه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم لا يعْنِى أنَّ المُرْتَدَّ فيه يُقْتَلُ فيه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنيهان؛ الأَوَّلُ، ظاهرُ قوْلِه: ولكِنْ لا يُبايَعُ ولا يُشَارَى. أنَّه [يُكَلَّمُ ويُؤَاكَلُ ويُشارَبُ] (¬1). وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ»: ولا يُكَلَّمُ أيضًا. ونَقَلَه أبو طالِبٍ. وزادَ فى «الرَّوْضَةِ»، لا يُؤَاكَلُ ولا يُشارَبُ. الثَّانى، الألِفُ واللَّامُ فى «الحَرَمِ» للعَهْدِ؛ وهو حَرَمُ مَكَّةَ، فأمَّا حَرَمُ المَدِينَةِ فليس كذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «التَّعْليقِ» وَجْهًا، أنَّ ¬

(¬1) فى أ: «لا يكلم ولا يؤاكل ولا يشارب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حرَمَها كحَرَمِ مَكَّةَ.

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِى الْحَرَمِ، اسْتُوفِىَ مِنْهُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فعَل ذلك فى الحَرَمِ، اسْتُوفِىَ منه فيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وذكَر جماعَةٌ، فى مَن لجَأَ إلى دارِه، حُكْمُه حُكْمُ مَن لجَأَ إلى الحَرَم مِن خارِجِه. فوائد؛ إحْداها، الأَشْهُرُ الحُرُمُ لا تعْصِمُ مِن شئٍ مِنَ الحُدودِ والجِنايَاتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وتَرَدَّدَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ، فى ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، تعْصِمُ (¬1). واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى «الهَدْى». ¬

(¬1) فى الأصل: «بعضهم».

وَإِنْ أَتَى حَدًّا فِى الْغَزْوِ، لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فى أرضِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ، فَيُقَامَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو قُوتِلُوا فى الحَرَمِ، دَفَعوا عن أنْفُسِهم فقطْ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: هذا ظاهرُ ما ذكَرُوه فى بَحْثِ المَسْألَةِ. وصحَّحه ابنُ الجَوْزِىِّ. و [قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ] (¬1) فى «الهَدْى»: الطَّائفَةُ المُمْتَنِعَةُ بالحَرَم مِن مُبايعَةِ الإِمام لا تُقاتَلُ، لاسِيَّما إنْ كانَ لها تأوِيلٌ. وفى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُقاتَلُ البُغَاةُ إذا لم يَنْدَفِعْ بَغْيُهم (¬2) إلَّا به. وفى «الخِلافِ»، و «عُيونِ المَسائلِ»، وغيرِهما، اتَّفقَ الجميعُ على جَوازِ القِتالِ فيها متى عرَضَتْ تلك الحالُ. ورَدَّه فى «الفُروعِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: إنْ تعَدَّى أهْلُ مَكَّةَ أو غيرُهم على الرَّكْبِ (¬3)، دفَع الرَّكْبُ (3) كما يدْفَعُ الصَّائِلَ، وللإِنْسانِ أَنْ يدْفَعَ مع الرَّكْبِ (3)، بل قد يجبُ إِنِ احْتِيجَ إليه. الثَّالثةُ، قوْلُه: ومَن أَتَى حَدًّا فى الغَزْوِ، لم يُسْتَوْفَ منه فى أَرْضِ العَدُوِّ حتى يَرْجِعَ إِلى دارِ الإِسْلامِ، فيُقامَ عليه. وهو صحيحٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذلك لو أَتَى بما يُوجِبُ قِصاصًا. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وظاهرُ كلامِهم، أنَّه لو ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) فى الأصل: «بعضهم». (¬3) فى الأصل: «الراكب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أتَى بشئٍ مِن ذلك فى الثُّغُورِ، أنَّه يُقامُ عليه فيه. وهو صحيحٌ. صرَّح به الأصحابُ. الرَّابِعَةُ، لو أتى حدًّا فى دارِ الإِسْلامِ، ثم دخَل دارَ الحَرْبِ أو أُسِرَ، يُقامُ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحدُّ إذا خرَج. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا قَتَل وزَنَى، ودخَل دارَ الحَرْبِ فقَتَل أو زَنَى أو سَرَق، لا يُعْجِبُنِى أَنْ يُقامَ عليه ما أصابَ هناك. ونقَل صالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، إنْ زَنَى الأسِيرُ أو قتَل مُسْلِمًا، ما أعْلَمُه إلَّا أَنْ يُقامَ عليه الحدُّ إذا خرَج. ونقَل أبو طالبٍ، لا يُقْتَلُ إذا قتَل فى غيرِ دارِ (¬1) الإِسْلامِ، لم يجبْ عليه هناك حُكْمٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

باب حد الزنى

بَابُ حَدِّ الزِّنَى ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حَدِّ الزِّنَى

إِذَا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ، فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ. وَهَلْ يُجْلَدُ قَبْلَ الرَّجْمَ؟ عَلَى رِوَايَتَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا زنَى الحُرُّ المُحْصَنُ، فحَدُّه الرَّجْمُ حتى يَمُوتَ، وهل يُجْلَدُ قَبْلَ الرَّجْمِ؟ على رِوَايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «الإِيضاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ «الفُروعِ»؛ إحْداهما، لا يجْلَدُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: نَقَلَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «التَّسْهيلِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأَثْرَمُ، والجُوزْجَانِىُّ، وابنُ حامِدٍ، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ شِهَابٍ. انتهى. واخْتارَه أيضًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُجْلَدُ قبلَ الرَّجْمِ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ عَبْدُ العزِيزِ، والقاضى. ونَصَرَها الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما». وصحَّحَها الشِّيرَازِىُّ. وقال أبو يَعْلَى الصَّغيرُ: اخْتارَها شُيوخُ المذهبِ. قال ابنُ شِهَابٍ: اخْتارَها الأكثرُ. وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وهو منها. وقدَّمه فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «نهايَتِه».

وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِى قُبُلِهَا، فِى نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فِى أحَدِهِمَا، فَلَا إِحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَا يَثْبُتُ الإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا فِى نِكَاحٍ فَاسِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والمُحْصَنُ مَن وَطِئَ امْرَأتَه فى قُبُلِها فى نِكاحٍ صَحِيحٍ -ويكْفِى تغيِيبُ الحَشَفَةِ أو قَدْرِها- وهما بالِغان عاقِلان حُرَّان. هذا المذهبُ بهذه الشُّروطِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الصَّحيحُ المَعْروفُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخِرَقِىِّ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَر القاضى، أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، نصَّ على أنَّه لا يحْصُلُ الإِحْصانُ بالوَطْءِ فى الحَيْضِ والصَّوْمِ والإحْرامِ ونحوِه. وذكَر فى «الإِرْشادِ»، أنَّ المُراهِقَ يُحَصِّنُ غيرَه، وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، رِوايةً. قال فى «المُحَرَّرِ»: ومتى اخْتَلَّ شئٌ ممَّا ذكَرْنا، فلا إحْصانَ لواحدٍ منهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا فى تحْصينِ البالغِ بوَطْءِ المُراهِقَةِ، وتحْصِينِ البالِغَةِ بوَطْءِ المُراهِقِ، فإنَّهما على وَجْهَيْن. وكذا قال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى». وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ كان أحدُهما صَبِيًّا أو مجْنونًا أو رَقِيقًا، فلا إحْصانَ لواحدٍ منهما، على الأصحِّ، ونقَلَه الجماعةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قولِه: فى نِكاحٍ صحيحٍ. أنَّه لا يُحَصِّنُ النِّكاحُ الفاسِدُ. وهو صحيحٌ. صرَّح به الأصحابُ. فائدة: جزَم فى «الرَّوْضَةِ» أنَّه إذا زَنَى ابنُ عَشْرٍ أو بِنْتُ تِسْعٍ، لا بأْسَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّعْزيرِ. ذكَرَه عنه فى «الفُروعِ»، فى أثْناءِ بابِ المُرْتَدِّ، ويأتِى فى التَّعْزيرِ.

وَيَثْبُتُ الإحْصَانُ لِلذِّمِّيِّيَّن. وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَثْبُتُ الإِحْصانُ للذِّمِّيَّيْن. وكذا للمُسْتَأْمِنَيْن؛ فلو زَنَى أحدُهما، وجَب الحدُّ، بلا نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، ويلْزَمُ الإِمامَ إقامَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، إنْ شاءَ لم يُقِمْ حدَّ بعضِهم ببعضٍ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. ومثْلُه القَطْعُ بسرِقَةِ بعضِهم مِن بعضٍ، ولا يسْقُطُ بإسْلامِه. قال فى «المُحَرَّرِ»: نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: شَمِلَ كلامُه كلَّ ذِمِّىٍّ، فدَخَل المَجُوسُ فى ذلك. وتَبِعَه المَجْدُ وغيرُه على ذلك. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لا يصيرُ المَجُوسِىُّ مُحْصَنًا بنِكاحِ ذِى رَحِمٍ مَحْرَمٍ. قوله: وهل تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الخُلاصَةِ»؛ إحْداهما، تُحْصِنُه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرِهم. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُحْصِنُه. فائدة: لو زَنَى مُحْصَنٌ ببِكْرٍ، فعلى كلِّ واحدٍ منهما حدُّه. نصَّ عليه.

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَلَدٌ مِنَ امْرأتِهِ فَقَالَ: مَا وَطِئْتُهَا. لَمْ يَثْبُتْ إِحْصَانُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو كانَ لرَجُلٍ وَلَدٌ مِنِ امْرأتِه فقالَ: ما وَطِئْتُها. لم يَثْبُتْ إحْصَانُه بمُجَرَّدِ ذلك، بلا نِزاعٍ. ويثْبُتُ إحْصانُه بقولِه: وَطِئْتُها. أو: جامَعْتُها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبقولِه أيضًا: دخَلْتُ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يثْبُتُ بذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «المُحَرَّرِ».

وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَغُرِّبَ عَامًا إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ زَنَى الحُرُّ غيرُ المُحْصَنِ، جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وغُرِّبَ عامًا إلى مَسافَةِ القَصْرِ. وهذا المذهبُ؛ سواءٌ كان المُغَرَّبُ رجُلًا أوِ امْرأةً. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم.

وَعَنْهُ، أنَّ الْمَراة تُنْفَى إِلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، أنَّ المرْأةَ تُنْفَى إلى دُونِ مسافةِ القَصْرِ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، تُغَرَّبُ المرأةُ مع مَحْرَمِها لمَسافةِ القَصْرِ، ومع تعَذُّرِه لدُونِها. وعنه، يُغَرَّبان أقلَّ مِن مَسافةِ القَصْرِ. وعنه، لا يجبُ غيرُ الجَلْدِ. نقَلَه أبو الحارِثِ، والمَيْمُونِىُّ. قالَه فى «الانْتِصارِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «عُيونِ المسائلِ»، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لا يُجْمَعُ بينَهما، إلَّا أَنْ يَرَاه الإِمامُ تعْزِيرًا. قال الزَّرْكَشِىُّ:

وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا، فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً، بُذِلَتْ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ تُنْفَى المرْأةُ إلى مَسافَةِ القَصْرِ مع وُجودِ المَحْرَمِ، ومع تعَذُّرِه هل تُنْفَى كذلك، أو إلى ما دُونَها؟ فيه رِوايَتان. هذه طريقةُ القاضى، وأبى محمدٍ فى «المُغْنِى»، وجعَل أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» الرِّوايتَيْن فيها مُطْلَقًا، وتبِعَه أبو محمدٍ فى «الكافِى»، و «المُقْنِعِ». وعكَس المَجْدُ طريقةَ «المُغْنِى»، فجعَل الرِّوايتَيْن فيما إذا نُفِيَتْ مع مَحْرَمِها، أمَّا بدُونِه فإلى ما دُونَها، قوْلًا واحدًا، كما اقْتَضاه كلامُه. انتهى. فائدة: لو زَنَى حالَ التَّغْريبِ، غُرِّبَ مِن بلَدِ الزِّنَى، قإنْ عادَ إليه قبلَ الحَوْلِ، مُنِعَ، وإنْ زَنَى فى الآخَرِ، غُرِّبَ إلى غيرِه. قوله: ويَخرُجُ معها مَحْرَمُها. لا تُغَرَّبُ المرْأةُ إلَّا مع مَحْرَم إنْ تيَسَّرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. وتقدَّم رِوايةٌ أنَّها تُغَرَّبُ بدُونِ

تَعَذَّرَ، فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ أبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا، اسْتُؤْجِرَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَحْرَمٍ إلى دُونِ مَسافةِ القَصْرِ. قوله: فإنْ أَرادَ أُجْرَةً، بُذِلَتْ مِن مالِها، فإِنْ تَعَذَّرَ، فمِن بَيْتِ المالِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: مِن بَيْتِ المالِ مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، ومالَ إليه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قوله: فإنْ أَبَى الخُرُوجَ معها، اسْتُؤْجِرَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و [«المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى] (¬1) «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، [و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، تُغَرَّبُ بلا امْرَأةٍ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»] (1)، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْىُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَة وقال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: تُغَرَّبُ بلا امْرَأةٍ مع الأَمْنِ. وعنه، تُغَرَّبُ بلا مَحْرَم، تعَذَّرَ أو لم يتَعذَّرْ، لأنَّه عقُوبَةٌ لها. ذكَرَه ابنُ شِهَابٍ فى الحَجِّ بمَحْرَمٍ. قلتُ: وهذه الرِّوايةُ بعيدةٌ جدًّا، وقد يُخافُ عليها أكثرَ مِن قُعُودِها. قوله: فإنْ تَعَذَّرَ، نُفِيَتْ بغيرِ مَحْرَمٍ. وهو المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: تُنْفَى بغيرِ مَحْرَمٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْىُ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ.

وإِنْ كَانَ الزَّانِى رَقِيقًا، فَحَدُّهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً بِكُلِّ حَالٍ، وَلَا يُغَرَّبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ الزَّانِى رَقِيقًا، فحَدُّه خَمْسُون جَلْدَةً بكلِّ حَالٍ -بلا نِزاعٍ- ولا يُغَرَّبُ. هذا المذهبُ. جزَم به الأصحابُ. وأَبدَى بعضُ المتأخِّرين احْتِمالًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بنَفْيِه؛ لأنَّ عُمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، نَفَاه. وأوَّلَه ابنُ الجَوْزِىِّ على إبْعادِه.

وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا، فَحَدُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ جَلْدَةً، وَتَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُغَرَّبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا، فَحَدُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ جَلْدَةً، -بلا نِزاعٍ- وتَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويُغَرَّبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المَنْصوصِ بحِسابه، نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يُغَرَّبَ، وهو وَجْهٌ. وأطلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ».

وَحَدُّ اللُّوطِىِّ كَحَدِّ الزَّانِى سَوَاءً. وَعَنْهُ، حَدُّهُ الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَحَدُّ اللُّوطِىِّ -[يعنِى، الفاعلَ والمفعُولَ به. قاله فى «الفُروعِ»] (¬1) - كحدِّ الزَّانِى سواءً. هذا المذهبُ. جزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، حدُّه الرَّجْمُ بكلِّ حالٍ. اخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وابنُ القَيِّمِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَهُ اللَّهُ، فى كتابِ «الدَّاءِ وِالدَّواءِ»، وغيرُهما. وقدَّمه الخِرَقِىُّ. [قال ابنُ رَجَبٍ فى كلام له على ما إذا زَنى عبْدُه بابْنَتِه (¬1): الصَّحيحُ، قتْلُ اللُّوطِىِّ، سواءٌ كان مُحْصَنًا أو غيرَ مُحْصَنٍ] (¬2). وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لو ¬

(¬1) كذا بالنسخ، وفى تصحيح الفروع: «أمته». ولعله الصحيح. انظر الفروع 6/ 71. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُتِل بلا اسْتِتابَةٍ، لم أرَ به بأْسًا. [ونقَل ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى «السِّياسَةِ الشَّرْعِيَّةِ»، أن الأصحابَ قالوا: لو رأَى الإِمامُ تحْريقَ اللُّوطِىِّ، فله ذلك. وهو مَرْوِى عن أبى بَكْرٍ الصِّدِّيق وجاعةٍ مِنَ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم] (¬1). فوائد؛ إحْداها، قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى ردِّه على الرَّافِضِىِّ: إذا قُتِلَ الفاعِلُ كزانٍ، فقيل: يُقْتَلُ المَفْعولُ به مُطْلَقًا. وقيل: لا يُقْتَلُ. وقيل: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالفَرْقِ، كفاعلٍ. الثَّانيةُ، قال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»: دُبُرُ الأجْنَبِيَّةِ كاللِّواطِ. وقيلِ: كالزِّنَى، وأنَّه لا حدَّ بدُبُرِ أمَتِه، ولو كانتْ مُحَرَّمَةً برَضاعٍ. قلتُ: قد يُسْتَأْنَسُ له بما فى «المُحَرَّرِ» فى قوْلِه: والزَّانِى مَن غَيَّبَ الحشَفَةَ فى قُبُل أو دُبُرٍ حَرامًا مُحْصَنًا. فسَمَّى الواطِئَ فى الدُّبُرِ زانِيًا. الثَّالثةُ، الزَّانِى بذَاتِ مَحْرَمِه كاللِّواطِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ليجزَم ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، أنَّ حدَّه الرَّجْمُ مُطْلَقًا حَتْمًا. وهو منها. ونقَل جماعَةٌ عنِ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ: ويُؤْخَذُ مالُه أيضًا، لخَبَرِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (¬1)، وأَوَّلَه الأَكثرُ على عدَمِ وارِثٍ. وقد قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: يُقْتَلُ ويُؤْخَذُ مالُه، على خَبَرِ ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 20/ 281، 282.

وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِىِّ عِنْدَ الْقَاضِى. وَاخْتَارَ الْخِرَقِىُّ وَأَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ يُعَزَّرُ. وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ البَرَاءِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، إلَّا رجُلًا يَراه مُباحًا، فيُجْلَدُ. قلتُ: فالمرْأةُ؟ قال: كِلاهُما فى مَعْنًى واحدٍ. وعندَ أبى بَكْرٍ، أنَّ خبرَ البَرَاءِ عندَ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، على المُسْتَحِلِّ، وأنَّ غيرَ المُسْتَحِلِّ كَزَانٍ. نقَل صالِحٌ، وعَبْدُ اللَّهِ، أنَّه على المُسْتَحِلِّ. قوله: ومَن أَتَى بَهِيمَةً، فعليه حَدُّ اللُّوطِىِّ عِنْدَ القاضِى. وهو رِوايةٌ مَنْصوصَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» وهو منها. واخْتارَه الشِّيرَازِىُّ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخطَّابِ فى «خِلافَيْهما». واخْتارَ الخِرَقِىُّ، وأبو بَكْرٍ أنَّه يُعَزَّرُ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: نَقَلَه واخْتارَه أكثرُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَهما فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ» (1). قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يجِبُ الحدُّ فى روايةٍ، وإنْ سلَّمْنا فى روايةٍ، فلِأنَّه لا يجِبُ بمُجَرَّدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِيلاجِ فيه غُسْلٌ ولا فِطْرٌ ولا كفَّارَةٌ، بخِلافِ اللِّواطِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال: وظاهِرُه لا يجِبُ ذلك ولو وجَب الحدُّ، مع أنَّه احْتَجَّ لوُجوبِ الحدِّ باللِّواطِ بوُجوبِ ذلك به، وظاهِرُه، يجِبُ ذلك وإنْ لم يجِبِ الحدُّ. قال فى «الفُروعِ»: وهذا هو المَشْهورُ، والتَّسْوِيَةُ أوْلَى، مع أنَّ ما ذكَرَه مِن عدَمِ وُجوبِ ذلك غرِيبٌ. انتهى. قوله: وتُقْتَلُ البَهِيمَةُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: وتُقْتَلُ البهِيمَةُ على الأصحِّ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. واخْتارَه الشرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. قال أبو بَكْرٍ: الاخْتِيارُ قتْلُها، فإنْ تُرِكَتْ فلا بأْسَ. انتهى. وعنه، لا تُقْتَلُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ». وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: إنْ كانتْ تُؤْكَلُ، ذُبِحَتْ، وإلَّا فلا. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ عندَ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم، إذا قُلْنا: إنَّه يُعَزَّرُ. فأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّ حدَّه كحَدِّ اللُّوطِىِّ. فإنَّها تُقْتَلُ، قوْلًا واحدًا، واقْتصرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ. وظاهرُ كلام الشَّارِحِ، وجماعةٍ، أنَّ الخِلافَ جارٍ؛ سواءٌ قُلْنا: إنَّه يعَزَّرُ، أو حدُّه كحَدِّ اللُّوطِىِّ. فائدتان؛ إحْداهما، لا تُقْتَلُ البهِيمَةُ إلَّا بالشَّهادَةِ على فِعْلِه بها، أو بإقْرارِه إنْ كانتْ مِلْكَه. الثَّانيةُ، قيلَ فى تعْليلِ قتْلِ البهِيمَةِ: لِئَلَّا يُعَيَّرَ فاعِلُها لذِكْرِه برُؤْيَتِها. وروَى ابنُ بَطَّةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام، قال: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ على بَهِيمَةٍ، فَاقْتُلُوه، واقْتُلُوا البَهِيمَةَ». قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ، ما بالُ البهِيمَةِ؟ قال:

وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ لَحْمِهَا. وَهَلْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «لِئَلَّا يُقَالَ: هذِه هذِه». وقيل فى التَّعْليلِ: لِئَلَّا تَلِدَ خَلْقًا مُشَوَّهًا. وبه علَّل ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ». وقيل: لئَلَّا تُؤْكَلَ. أشارَ إليه ابنُ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، فى تعْليلِه. قوله: وكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ لَحْمِها، وهل يَحْرُمُ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتَان فى «الخُلَاصَةِ». وأَطلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يَحْرُمُ أكْلُها. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى فى «الجامِعِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، والشِّيرَازِىُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقيل: يُكْرَهُ ولا يَحْرُمُ، فيُضمَنُ النَّقْصُ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». قال فى «المُحَرَّرِ»: وقيل: إنْ كانتْ ممَّا يُؤْكَلُ، ذُبِحَتْ، وحلَّتْ مع الكَراهَةِ. فعلى المذهبِ، يَضْمَنُها

فصل

فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ ثَلاثَةٍ؛ أحَدُهَا، أَنْ يَطَأَ فِى الْفَرْجِ، سَوَاءٌ كَانَ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لصاحبِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «الانْتِصارِ» احْتِمالًا، أنَّها لا تُضْمَنُ. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، يُضْمَنُ النَّقْصُ، كما تقدَّم. قوله: فَصْلٌ: ولا يَجِبُ الحَدُّ إلَّا بثَلاثَةِ شُرُوطٍ؛ أَحَدُها، أَنْ يَطَأَ فى الفَرْجِ؛

وَأَقَلُّ ذَلِكَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فى الْفَرْجِ، فَإِنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ سَوَاءٌ كانَ قُبُلًا أو دُبُرًا. وأَقَلُّ ذلك تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ فى الفَرْجِ. مُرادُه بالحَشَفَةِ الحَشَفَةُ الأصْلِيَّةُ مِن فَحْلٍ أو خَصِىٍّ، أو قَدْرُها عندَ العَدَمِ. ومُرادُه بالفَرْجِ الفَرْجُ الأَصْلِىُّ. قوله: فإِنْ وَطِئَ دونَ الفَرْجِ، أَو أَتَتِ المَرْأَةُ المَرْأةَ -أى تَساحَقَتَا- فلا حَدَّ

أَوْ أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهما. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ، فى إتْيانِ المَرْأَةِ المرْأَةَ: يَحْتَمِلُ وُجوبَ الحدِّ للخَبَرِ.

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ، فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، أَوْ جَارِيَةً لَهُ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ لِوَلَدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَصْلٌ: الثَّانى، انْتِقَاءُ الشُّبْهَةِ، فإنْ وَطِئَ جارِيَةَ وَلَدِه، فلا حدَّ عليه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، عليه الحدُّ. قال جماعة مِنَ الأصحاب: ما لم يَنْوِ تَمَلُّكَها. تنبيه: محَل هذا، إذا لم يكُنْ الابنُ يطَؤُها، فإنْ كان الابنُ يطَؤُها، ففى وُجوبِ الحدِّ رِوايَتان مَنْصُوصَتان تقَدَّمَتا فى بابِ الهِبَةِ، فلْيُعاوَدْ. قوله: أو وَطِئَ جارِيَةً له فيها شِرْكٌ، أو لوَلَدِه.

أَوْ وَجَدَ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ، ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ، أَوْ دَعَا الضَّرِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو وجَد امْرَأَةً على فِراشِه ظنَّها امْرَأَتَه أو جارِيَتَه، أَو دَعَا الضَّرِيرُ امْرَأَتَه أَوْ

امْرَأتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ، فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا، فَوَطِئَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ جارِيَتَه، فأَجابَه غيرُها، فوَطِئَها.

أَوْ وَطِئَ فِى نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فى صِحَّتِهِ، أو وَطِئَ امْرَأَتَهُ فى دُبُرِهَا، أَوْ حَيْضِهَا، أَوْ نِفَاسِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو وَطِئَ امْرَأَتَهُ فى دُبُرِهَا، أَوْ حَيْضِهَا، أَوْ نِفَاسِهَا. وقوله: أو وَطِئَ فى نِكاحٍ مُخْتَلَفٍ فى صِحَّتِه، فلا حدَّ عليه. كنِكاحِ مُتْعَةٍ، ونِكاحٍ بلا وَلِىٍّ. وهذا المذهبُ؛ سواءٌ اعْتَقَدَ تحْرِيمَه أَوْ لا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، عليه الحدُّ إذا اعْتَقَدَ تحْرِيمَه. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. ويُفرَّقُ بينَهما فى هذا النِّكاحِ. قال فى «الفُروعِ»: فلو حَكم بصِحَّتِه حاكِمْ، توَجَّهَ الخِلافُ. قال: وظاهرُ كلامِهم مُخْتَلِفٌ. انتهى. ويأْتِى قريبًا، إذا وَطِئَ فى نِكاح مُجْمَع على بُطْلانِه؛ عالِمًا، أوِ ادَّعَى الجَهْلَ، أو وَطِئَ فى مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ

أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّحْرِيمِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالإِسْلَامِ، أَوْ نُشُوئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: أو وَطِئَ جارِيَةَ وَلَدِه، فلا حدَّ عليه. أنَّه لو وَطِئَ جارِيَةَ والِدِه، أنَّ عليه الحدَّ. وهو صحيحٌ. فلو وَطِئَ جارِيَةَ أحَدِ أَبَوَيْه، كانَ عليه الحدُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُحَدُّ، بل يُعَزَّرُ بمِائَةِ جَلْدَةٍ. أو لم يَعْلَمْ بالتَّحْرِيمِ لحَداثَةِ عَهْدِهِ بالإِسْلَامِ، أَو نُشُوئِه بِبادِيَةٍ بَعِيدَةٍ، فلا حَدَّ عليه. بلا نِزاعٍ فى ذلك.

أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَى، فَلَا حَدَّ فِيهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى، حُدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو أُكْرِهَ على الزِّنَى، فلا حَدَّ عليه. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن مُطْلَقًا عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وقال أصحابُنا: إنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فزَنَى، حُدَّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: لو أُكْرِهَتِ المَرْأَةُ أوِ الغُلامُ على الزِّنَى بإلْجاءٍ أو تهْديدٍ، أو مَنْعِ طَعامٍ مع الاضطِرارِ إليه، ونحوِه، فلا حدَّ عليهما مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وعنه، تُحَدُّ المرأةُ. ذكَرَها فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». وعنه فيهما، لا حدَّ بتَهْديدٍ ونحوِه. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وقال: بِناءً على أنَّه لا يُباحُ الفِعْلُ بالإِكْراهِ، بل القَوْلُ. قال القاضى وغيرُه: وإنْ خافتْ على نفْسِها القَتْلَ، سقَط عنها الدَّفْعُ، كسُقوطِ الأمْرِ بالمَعْروفِ بالخَوْفِ.

وَإِنْ وَطِئَ مَيِّتَةً، أو مَلَكَ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعِ، فَوَطِئَهَا، فَهَلْ يُحَدُّ أَوْ يُعَزَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَطِئَ مَيِّتَةً، أَو ملَك أُمَّه أو أُخْتَه مِنَ الرَّضاعِ، فوَطِئَها، فهل يُحَدُّ أو يُعَزَّرُ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان، وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، إذا وَطِئَ مَيِّتَةً، فلا حدَّ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يجبُ عليه الحدُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والنَّاظِمُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ونقَل عَبْدُ اللَّهِ، بعضُ النَّاسِ يقولُ: عليه حدَّان. فَظَنَنْتُه يعْنِى نفْسَه. قال أبو بَكْرٍ: هو قولُ الأَوْزَاعِىِّ، وأظُن أبا عَبْدِ اللَّه أشارَ إليه. وأَثبَتَ ابنُ الصَّيْرَفِىِّ فيه رِوايةً، فى مَن وَطِئَ مَيِّتَةً، أنَّ عليه حدَّيْن؛ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وقيل: بل يُحَدُّ حدَّيْن، للزِّنى، والمَوْتِ. وأمَّا إذا ملَك أُمَّه أو أُخْتَه مِنَ الرَّضاعِ، ووَطِئَها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا حدَّ عليه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، عليه الحدُّ. قال القاضى: قال أصحابُنا: عليه الحدُّ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. واخْتارَه جماعة؛ منهم النَّاظِمُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» (1)، وناظمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «إِدْراكِ الغايَةِ». وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، أنَّه يُحَدُّ ولا يُرْجَمُ. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فعلى المذهبِ، يُعَزرُ. ومِقْدارُه يأْتِى الخِلافُ فيه فى بابِ التَّعْزيرِ.

وَإِنْ وَطِئَ فِى نِكَاحٍ مُجْمَعٍ عَلَى بُطلانِهِ، كَنِكَاحِ الْمُزَوَّجَةِ، وَالْمُعْتَدَّةِ، وَالْخَامِسَةِ، وَذَوَاتِ الْمَحارِمِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو وَطِئَ أمَتَه المُزَوَّجَةَ، لم يُحَدَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، بل يُعَزَّرُ. قال فى «الفُروعِ»: قال أكثرُ أصحابِنا: يُعَزَّرُ. قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: يُعَزَّرُ، ولا يُرْجَمُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وحَرْبٌ: يُحَدُّ، ولا يُرْجَمُ. ويأتِى فى باب التَّعْزيرِ، مِقْدارُ ما يُعَزَّرُه فى ذلك، والخِلافُ فيه. وقيل: حُكْمُه حكمُ وَطْئِه لأَمَتِه المُحَرَّمَةِ أَبدًا برَضاع وغيرِه وعِلْمِه، على ما تقدَّم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» (¬1). وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن». وقام أنَّه يُحَدُّ ولا يُرْجَمُ فى التى قبلَها، فكذا فى هذه. وكذلك الحُكْمُ فى أمَتِه المُعْتَدَّةِ إذا وَطِئَها، فإنْ كانتْ مُرْتَدّةً أو مَجُوسِيَّةً، فلا حدَّ. تنبيهان؛ أحدُهما، يأْتِى فى التَّعْزِيرِ: إذا وَطِئَ أمَةَ امْرَأَتِه بإباحَتِها له. الثَّانى، قولُه: أو وَطِئَ فى نِكاحٍ مُجْمَع على بُطلانِه، فعليه الحَدُّ. بلا ¬

(¬1) فى الأصل: «الرِّعايتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ، إذا كانَ عالِمًا، وأمَّا إذا كان جاهِلًا تحْرِيمَ ذلك، [فقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: إنْ كان يجْهَلُه مِثْلُه، فلا حدَّ عليه. وأَطْلقَ جماعةٌ -يعْنِى، أنَّه حيث ادَّعَى الجَهْلَ بتَحْريمِ ذلك] (¬1)، لا حدَّ عليه. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى». وجزَم به فى «الشَّرْحِ». وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أوِ ادَّعَى أنَّه عقَد عليها، فلا حدَّ. نقَل مُهَنَّا، لا حدَّ ولا مَهْرَ بقوْلِه: إنَّها امْرَأَتُه. وأنْكَرَتْ هى، وقد أقَرَّتْ على نفْسِها بالزِّنَى، فلا تُحَدُّ حتَّى تُقِرَّ أرْبَعًا. فائدة: لو وَطِئَ فى ملكٍ مُخْتَلَفٍ فى صِحَّتِه، كوَطْءِ البائعِ بشَرْطِ الخِيارِ فى مُدَّتِه، فعليه الحدُّ بشَرْطِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وقال المُصَنِّفُ فى باب الخِيارِ فى البَيْعِ: قالَه أَصحابُنا. وعنه، لا حدَّ عليه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ، والنَّاظِمُ (¬1)، وصاحِبُ «الحاوِى». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْنِ»، و «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك فى كلامَ المُصَنفِ، فى خِيارِ الشَّرْطِ مُسْتَوْفى، فَلْيُعاوَدْ. ولو وَطِئَ أيضًا فى مِلْكٍ مُخْتَلفٍ فيه، كشِراءٍ فاسدٍ بعدَ قَبْضِه، فلا حدَّ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «النظم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وعنه، عليه الحدُّ. وإنْ كانَ قبلَ القَبْضِ، فعليه الحدُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُحَدُّ بحالٍ. وكذا الحُكْمُ فى حدِّ مَن وَطِئَ فى عَقْدِ فُضُولِىٍّ. وعنه، يُحَدُّ إنْ وَطِئَ قبلَ الإِجازَةِ. واخْتارَ المَجْدُ أنَّه يُحَدُّ قبلَ الإِجازَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنِ اعْتَقَد أنَّه لا ينْفُذُ بها. وحُكِىَ روايةً. فائدة: لو وَطِئَ حالَ سُكْرِه، لم يُحَدَّ. قال النَّاظِمُ: لم يُحَدَّ فى الأَقْوَى مُطْلَقًا، مثْلَ الرَّاقدِ. وقيل: يُحَدُّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وتقدَّم فى أوَّلِ

أَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِلزِّنَى، أَوْ لِغَيْرِهِ وَزَنَى بِهَا، أَوْ زَنَى بِامْرأَةٍ لَهُ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ، أَوْ بِصَغِيرَةٍ، أَوْ مَجْنُونَةٍ، أَوْ زَنى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، أَوْ بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، أَوْ أَمْكَنَتِ الْعَاقِلَةُ مِنْ نَفْسِهَا مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا فَوَطِئَهَا، فَعَلَيْهِمُ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابِ الطَّلاقِ، أحْكامُ أقْوالِ السَّكرانِ وأفْعالِه. قوله: أَوْ زَنَى بامْرَأَة له عليها القِصَاصُ، فعليه الحدُّ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وصاحبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا حدَّ عليه، بل يُعَزَّرُ. قوله: أَوْ زَنَى بصَغِيرَةٍ -إنْ كانَ يُوطَأُ مِثْلُها- فعليه الحدُّ، بلا نِزاعٍ. ونقَلَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجماعَةُ عنِ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وإنْ كان لا (¬1) يُوطَأُ مِثْلُها، فظاهرُ كلامِه هنا، أنَّه يُحَدُّ. وهو أحدُ الوُجوهِ. وقيل: لا يُحَدُّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال القاضى: لا حَدَّ على مَن وَطِئَ صغيرةً لم تبْلُغْ تِسْعًا. وكذلك لوِ اسْتَدْخَلَتِ المرْأَةُ ذكَرَ صَبِىٍّ لم يبْلُغْ عَشْرًا، فلا حدَّ عليها. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّه متى وَطِئَ مَن أمْكَنَ وطْؤُها، أَوْ أمْكَنَتِ المرأةُ مَن يُمْكِنُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَطْءُ، فوَطِئَها، أنَّ الحدَّ يَجِبُ على المُكَلَّفِ منهما، ولا يصِحُّ تحْديدُ ذلك بتِسْعٍ ولا بعَشْرٍ، لأَنَّ التَّحْديدَ إنَّما يكونُ بالتَّوْقيفِ، ولا تَوْقيفَ فى هذا، وكَونُ التِّسْعِ وَقْتًا لإمْكانِ الاسْتِمْتاعِ غالبًا، لا يَمْنَعُ وُجودَه قبلَه، كما أنَّ البُلوغَ يُوجَدُ فى خَمْسَةَ عَشَرَ عامًا غالِبًا، ولا يمْنَعُ مِن وُجودِه قبلَه. انتهى. قولهْ: أَوْ أَمْكَنَتِ العَاقِلَةُ مِن نَفْسِها مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا فَوَطِئَها، فعليها الحَدُّ.

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَثْبُتَ الزِّنَى، وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَيْئَيْنِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ تُحَدُّ العاقِلَةُ بتَمْكِينِها المَجْنونَ مِن وَطْئِها، بلا نِزاعٍ. وإنْ مكَّنَتْ صغيرًا، بحيثُ لا يُحَدُّ لعَدَمِ تكْليفِه، فعليها الحدُّ. على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقيل: إنْ كانَ ابنَ عَشْرٍ حُدَّتْ، وإلَّا فلا. اخْتارَه القاضى. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وتقدَّم ما اخْتارَه المُصَنِّفُ أيضًا. فائدة: لو مكَّنَتْ مَن لا يُحَدُّ لجَهْلِه، أَوْ مكَّنَتْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمِنًا، أوِ اسْتَدْخَلَتْ ذكَرَ نائمٍ، فعليها الحدُّ. قوله: ولا يَثْبُتُ إلَّا بشَيْئَيْن -أىْ بأحَدِ شيْئَيْن- أَحَدُهما، أَنْ يُقِرَّ به أرْبَعَ مَرَّاتٍ، فى مَجْلِسٍ أَوْ مَجالِسَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به فى

أحَدُهمَا، أَنْ يُقِرَّ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، فى مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، وَيُصَرِّحَ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ، وَلَا يَنْزِعَ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «إِدْراكِ الغايَةِ» (1)، و «تَجْريدِ العنايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقِرُّ بمَجْلِسٍ واحِدٍ. وسألَه الأَثْرَمُ: بمَجْلِسٍ أَوْ مَجالِسَ؟. قال: الأحادِيثُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ليستْ تدُلُّ إلَّا على مَجْلِسٍ، إلَّا عن ذلك الشَّيْخِ بَشِيرِ بنِ المُهاجِرِ، عن ابنِ بُرَيْدَةَ، عن أبِيه، وذلك مُنْكَرُ الحديثِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهو بالِغٌ عاقِلٌ. فلا يصِحُّ إقْرارُ الصَّبِىِّ والمَجْنونِ. وفى مَعْناهما مَن زالَ عقْلُه بنَوْمٍ أَوْ إغْماءٍ، أَوْ شُرْبِ دَواءٍ، وكذا بمُسْكِر. قطَع به المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وغيرُهما. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. ومُقْتضَى كلامِ المَجْدِ وغيرِه جَريانُ الخِلافِ فيه. ويأْتِى حُكْمُ إقْرارِه بما هو أعَمُّ مِن ذلك، فى كتابِ الإِقْرارِ. ويُلْحَقُ أيضًا بهما الأَخْرَسُ فى الجُمْلَةِ. فإنْ لم تُفْهَمْ إشارَتُه، لم يصِحَّ إقْرارُه، وإنْ فُهِمَتْ إشارَتُه، فقطَع القاضى بالصِّحَّةِ. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وذكَر المُصَنِّفُ احْتِمالًا بعدَمِها. ويلْحَقُ أيضًا بهما المُكْرَهُ، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ إقْرارُه، قوْلًا واحدًا. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ويُصَرِّحُ بذِكْرِ حَقِيقَةِ الوَطْءِ. أنَّه لا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَن زَنَى بها. وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وعنه، يُشْترَطُ أَنْ يَذْكُرَ مَن زَنَى بها. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهى أظْهَرُ. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأَطْلقَ فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه رِوايتَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». وصاحبُ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى» إنَّما حكَيَا الخِلافَ فيما إذا شَهِدَ على إقْرارِه أرْبعَةُ رِجالٍ، هل يُشْترَطُ أَنْ يُعَيِّنَ مَن زَنَى بها أم لا؟ وصاحبُ «الفُروعِ» حكَى كما ذكَرْتُه أوَّلًا. فائدة: لو شَهِدَ أرْبعَةٌ على إقْرارِه أرْبَعًا بالزِّنَى، ثَبَتَ الزِّنَى، بلا نِزاعٍ. ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَثْبُتُ بدُونِ أرْبَعَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يثْبُتُ باثْنَيْن. ويأْتِى هذا فى أقْسامِ [المَشْهودِ به] (5). ولو شَهِدَ أرْبَعَةٌ [على إقْرارِه أرْبَعًا] (¬1)، فأنْكَرَ، أَوْ صدَّقَهم مبرَّةً، فلا حدَّ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو رُجوعٌ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرهم. وعنه، يُحَدُّ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو صدَّقَهم، لم يُقْبَلْ رُجوعُه. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». تنبيه: قَوْلِى: وصدَّقَهم مرَّةً. هكذا قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال النَّاظِمُ: إذا صدَّقَهم دُونَ (¬1) أرْبَعِ مَرَّاتٍ. وهو مُرادُ غيرِه، ولذلك قالوا: لو صدَّقَهم أرْبَعًا، حُدَّ. فعلى المذهبِ، لا يُحَدُّ الشُّهودُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر فى «التَّرْغيبِ» رِوايَةً إنْ أنْكرُوا، أنَّه لو ¬

(¬1) فى الأصل: «دفع».

الثَّانِى، أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ يَصِفُونَ الزِّنَى، وَيَجِيئُونَ فى مَجْلسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ مُجْتَمِعِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدَّقَهم، لم يُقْبَلْ رُجوعُه. قوله: الثَّانِى، أَنْ يَشْهَدَ عليه أربَعَةُ رِجالٍ أَحْرارٍ عُدُولٍ. هذا بِناءً منه على أنَّ شَهادةَ العَبْدِ لا تُقْبَلُ فى الحُدودِ. وهو المَشْهورُ عنِ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، تُقْبَلُ. وهو المذهبُ، على ما يأْتِى فى بابِ شُروطِ مَن تُقْبَلُ شَهادَتُه، مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِفُونَ الزِّنَى. يقُولون: رأَيْناه غَيَّبَ ذكَرَه، أَوْ حَشَفَتَه، أَوْ قَدْرَها فى فَرْجِها. ولا يُعْتَبَرُ مع ذلك أَنْ يذْكُروا المَكانَ، ولا المَزْنِىَّ بها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه ابنُ حامدٍ وغيرُه. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذلك. اخْتارَه القاضى. وأَطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْترَطُ ذِكْرُ الزَّمانِ، قوْلًا واحدًا عندَ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وغيرِهما. وقال الزَّرْكَشِىُّ: وأجْرَى المَجْدُ الخِلافَ فى الزَّمانِ أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِيئُون فى مَجْلِس واحِدٍ، سَوَاء جاءُوا مُتَفَرِّقِين أو مُجْتَمِعِين. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم، سواءٌ صدَّقَهم أو لا. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُشْترَطُ أَنْ يجِيئُوا فى مَجْلِسٍ واحدٍ.

فَإِنْ جَاءَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْحَاكِمُ، أَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَامْتَنَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ جاءَ بعضُهم بعدَ أَنْ قامَ الحاكِمُ، أو شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وامْتَنَعَ الرَّابع مِنَ

الرَّابعُ مِنَ الشَّهَادَةِ، أَوْ لَمْ يُكْمِلْهَا، فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَعَلَيْهِم الْحَدُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّهَادَةِ، أو لم يُكْمِلْها، فهم قَذَفَةٌ، وعليهم الحَدُّ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا جاءَ بعضُهمِ بعدَ أَنْ قامَ الحاكِمُ وشَهِدَ فى مَجْلِس آخَرَ، حتى كمَل النِّصابُ به، أنَّهم قَذَفةٌ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ». وقدَّمه وصحَّحه فى «النَّظْمِ». وعنه، لا يُحَدُّونَ؛ لكَوْنِهم أرْبَعَةً. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ، ومَن بعدَه. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

وَإِنْ كَانُوا فُسَّاقًا، أَوْ عُمْيَانًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، فَعَلَيْهِمُ الْحَدُّ. وَعَنْهُ، لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانُوا فُسَّاقًا، أو عُمْيَانًا، أو بعضُهم، فعليهم الحَدُّ. هذا المذهبُ. قال القاضى: هذا الصَّحيحُ. قال فى «الكافِى»: هذا أصحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ زَوْجًا، حُدَّ الثَّلاثَةُ، وَلَاعَنَ الزَّوجُ إِنْ شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا حدَّ عليهم، كمَسْتُورِ الحالِ. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وكمَوْتِ أحَدِ الأرْبَعَةِ قبلَ وَصْفِه الزِّنَى. وأَطلَقَهما فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، يُحَدُّ العُمْيانُ خاصَّةً. وأَطْلَقَهُنَّ الشَّارِح. ونقَل مُهَنَّا، إنْ شَهِدَ أرْبَعَة على رَجُل بالزِّنَى، أحدُهم فاسِق، فصدَّقَهم، أُقِيمَ عليه الحدُّ. تنبيه: قولُه: وإنْ كانَ أحَدُهم زَوْجًا، حُدَّ الثَّلاثَةُ، ولَاعَنَ الزَّوْجُ إنْ شاءَ. هذا مَبْنِىٌّ على المذهبِ فى المَسْأَلَةِ التى قبلَها، فأمَّا على الرِّوايةِ الأخرَى، فلا حدَّ،

وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أنَّهُ زَنَى بِهَا فى بَيْتٍ أَوْ بَلَدٍ، وَاثنَانِ أنَّه زَنى بِهَا فى بَيْتٍ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ، فَهُمْ قَذَفَةٌ عَلَيْهِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا لِعانَ بحالٍ. فائدة: لو شَهِدَ أرْبَعَةٌ، فإذا المَشْهودُ عليه مَجْبُوبٌ أو رَتْقاءُ، حُدُّوا للقَذْفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَّ عليه. ونقَل أبو النَّضْرِ، الشُّهودُ قَذَفَةٌ، وقد أحْرَزُوا ظُهورَهم. وإنْ شَهِدُوا عليها فثَبَتَ أنَّها عَذْراءُ، لم تُحَدَّ هى ولا هم ولا الرَّجُلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال فى «الواضِحِ»: تزولُ حَصانَتُها بهذه الشَّهادَةِ. وأطْلقَ ابنُ رَزِينٍ فى مَجْبوب ونحوِه، قَوْلَيْن، بخِلافِ العَذْراءِ. قوله: وإنْ شَهِدَ اثْنَان أنَّه زَنَى بها فى بَيْتٍ أو بَلَدٍ -أو يَوْمٍ- وشَهِدَ اثْنَان أَنَّهُ زَنَى بها فى بَيْتٍ أو بَلَدٍ -أو يَوْم- آخَرَ، فهم قَذَفَةٌ، وعليهم الحَدُّ. هذا

الْحَدُّ. وَعَنْهُ، يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ. وَهُوَ بَعِيدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: حُدُّوا للقَذْفِ، على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وغيرُه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُحَدُّونَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. [وأَطلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال المَجْدُ: ونقَل مُهَنَّا عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الرِّوايةَ التى اخْتارَها أبو بَكْرٍ] (¬1)، واسْتَبْعدَها القاضى، ثم تأَوَّلَها تَأْويلًا حسَنًا، فقال: هذا مَحْمولٌ عندِى على أنَّ الأرْبعَةَ اتَّفَقُوا على أنَّهم شاهَدُوا زِنَاهُ بهذه المرْأَةِ مرَّةً واحدةً وهم مُجْتَمِعُون، ولم يُشاهِدُوا غيرَها، ثم اخْتلَفُوا فى الزَّمانِ والمَكانِ، فهذا لا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَقْدَحُ فى أصْلِ الشَّهادَةِ بالفِعْلِ، ويكونُ حصَل فى التَّأْوِيلِ سَهْوٌ أو غلَطٌ فى الصِّفَةِ، وهذا التَّأْويلُ ليس فى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّه، ما يَمْنَعُه، لكنْ فى كلامِ أبى بَكْرٍ ما يَمْنَعُه، وبالجُمْلَةِ، فهو قولٌ جيِّدٌ فى نِهايَةِ الحُسْنِ، وهو عندِى يُشْبِهُ قولَ البَيِّنَتَيْنِ المُتَعارِضتَيْن [فى اسْتِعْمالِهما] (¬1) فى الجملةِ، فيما اتَّفقَا عليه، دُونَ ما اخْتلَفا فيه. انتهى. تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ: محَل الخِلافِ، إذا شَهِدُوا بزِنًى واحدٍ، فأمَّا إنْ شَهِدُوا بزِناءَيْنِ، لم تَكْمُلْ، وهم قَذَفَةٌ. حقَّقَه أبو البَرَكاتِ. ومُقْتَضَى كلامِ أبى محمدٍ جرَيانُ الخِلافِ. وليس بشئٍ. قلتُ: وجزَم بما قال المَجْدُ كثيرٌ مِنَ الأصحابِ. وقالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما: ظاهرُ الرِّوايةِ الثَّانيةِ الاكتِفاءُ بشَهادَتِهم بكوْنِها زانِيَةً، وأنَّه لا اعْتِبارَ بالفِعْلِ الواحدِ. وأمَّا المَشْهودُ عليه، فلا يُحَدُّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُحَدُّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. قال المُصَنِّفُ هنا: وهو بعيدٌ. قال فى «الهِدايَةِ»: والرِّوايةُ الأُخْرى، يلْزَمُ المَشْهودَ عليهما الحدُّ، وهى اخْتِيارُ أبى ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «به فى استعمالها».

وَإِنْ شَهِدَا أَنَّه زَنَى بِهَا فى زَاوِيةِ بَيْتٍ، وَشَهِدَ الآخَرَانِ أنَّه زَنَى بهَا فى زَاوِيَتِهِ الأُخْرَى، ـــــــــــــــــــــــــــــ بَكْرٍ. قال: وظاهِرُ هذه الرِّوايةِ، أنَّه لا تُعْتبَرُ شَهادَةُ الأرْبَعَةِ على فِعْلٍ واحدٍ، وإنَّما يُعْتَبَرُ عدَدُ الشُّهودِ فى كوْنِها زانِيَةً، وفيها بُعْدٌ. انتهى. قال فى «التَّبْصِرَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهما: ظاهرُ هذه الرِّوايةِ الاكتِفاءُ بشَهادَتِهم بكوْنِها زانيةً، وأنَّه لا اعْتِبارَ بالفِعْلِ الواحدِ. قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّه زَنَى بها فى زَاوِيَةِ بَيْتٍ، وشَهِدَ الآخَران أنَّه زَنَى بها فى زَاوِيته الأُخرَى،

أَوْ شَهِدَا أنَّه زَنَى بهَا فى قَمِيصٍ أَبْيَضَ، وَشَهِدَ الآخرَانِ أنَّه زَنَى بِهَا فى قَمِيصٍ أَحْمَرَ، كَمَلَتْ شَهَادَتُهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَكْمُلَ، كَالَّتى قَبْلَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو شَهِدَا أَنَّه زَنَى بها فى قَمِيص أَبْيَضَ، وشَهِدَ الآخَرَان أنَّه زَنَى بها فى قَمِيصٍ أَحْمَرَ، كَمَلَتْ شَهَادَتُهم. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، والقاضى. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَإِنْ شَهِدَا أنَّه زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً، وَشَهِدَ الآخَرَانِ أنَّهُ زَنَى بِهَا مُكْرَهَةً، لَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ لا تَكْمُلَ، كالتى قبلَها. وهو تخْرِيجٌ فى «الهِدايَةِ»، وهو وَجْهٌ لبعضِهم. فعليه، هل يُحَدُّونَ للقَذْفِ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وظاهرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، أنَّهم يُحَدُّونَ على الصَّحيحِ؛ فإنَّه قال: وقيل: هى كالتى قبلَها. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّف. تنبيه: مُرادُه بالبَيْتِ هنا البَيْتُ الصَّغيرُ عُرْفًا. فأمَّا إنْ كان كبيرًا، كان كالبَيْتَيْن، على ما تقدَّم. قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّه زَنَى بها مُطاوِعَةً، وَشَهِدَ آخَرَانِ أنَّه زَنَى بها مُكْرَهَةً، لم تَكْمُلْ شَهادَتُهم، ولم تُقْبَلْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، وأكثرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ أَوْ شَاهِدَا الْمُطَاوِعَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: ويَقْوَى عندِى أنَّه يُحَدُّ الرَّجُلُ المَشْهودُ عليه، ولا حدَّ على المَرْأَةِ والشُّهودِ. واخْتارَه فى «التَّبْصِرَةِ». وذكَر فى «التَّرْغيبِ»، أنَّها لا تُحَدُّ، وفى الزَّانِى وَجْهان. وقال فى «الواضِحِ»: لا يُحَدُّ واحدٌ منهم. أمَّا الشُّهودُ، فلأَنَّه كَمَلَ عدَدُهم علىِ الفِعْلِ، كما لوِ اجْتَمعوا على وَصْفِ الوَطْءِ، والمشْهودُ عليه لم تَكْمُلْ شهادةُ الزِّنَى فى حقِّه، كدُونِ أرْبَعَةٍ. قوله: وهل يُحَدُّ الجَمِيعُ أَو شاهِدَا المُطاوِعَةِ؟ على وَجْهَيْن. يعْنى، على القَوْلِ بعدَمِ تكْميلِ شَهادَتِهم، وعدَمِ قَبُولِها. وهو المذهبُ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم (¬1)؛ [أحدُهما، يُحَدُّ شاهِدَا المُطاوِعَةِ فقطْ، لقَذْفِها. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»] (¬2). ¬

(¬1) بعده فى ط، أ: «أما شاهدا المطاوعة، فإنهما يحدان فى قذف المرأة بلا نزاع بين الأصحاب، على القول بعدم القبول والتكميل». (¬2) سقط من: ط.

وَعِنْدَ أَبى الْخَطَّاب، يُحَدُّ الزَّانى المَشْهُودُ عَلَيْهِ دُونَ الْمَرْأَةِ والشُّهُودُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُحَدُّ الجميعُ لقَذْفِ الرَّجُلِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» أيضًا، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّم فى «الخُلاصَةِ»، أنَّ الجميعَ يُحَدُّونَ لقَذْفِ الرَّجُلِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وأطْلَقَ فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، فى وُجوبِ الحدِّ فى قَذْفِ الرَّجُلِ الوَجْهَيْن] (¬1). [وهل يُحَدُّ الجميعُ لقَذْفِ الرَّجُلِ، أو لا يُحَدُّون؛ فيه وَجْهان. وأطلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ» وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يُحَدون. صحَّحَه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». والثَّانى، يُحَدُّون. جزَم به فى «المُنَوِّر»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬2). وتقدَّم قولُ أبى الخَطَّابِ، وصاحبِ «التَّبْصِرَةِ»، و «الواضِحِ». [تنبيه: تابعَ المُصَنِّفُ فى عِبارَتِه أبا الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، فيكونُ تقْديرُ الكلامِ: فهل يُحَدُّ الجميعُ لقَذْفِ الرَّجُلِ، أَوْ لا يُحَدُّونَ له؛ أو يُحَدُّ شاهِدَا المُطاوِعةِ لقَذْفِ المرأةِ فقطْ؟ فيه وَجْهان. وفى العِبارَةِ نَوْعُ قَلَقٍ] (2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ شَهِدَ أَربَعَةٌ فَرَجَعَ أَحدُهُم قَبْلَ الْحَدِّ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الرَّاجِعِ، وَيُحَدُّ الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْحَدِّ فَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ، ويَغْرَمُ الرَّاجِعُ رُبْعَ مَا أَتْلَفُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ أرْبَعَةٌ فرَجَعَ أحَدُهم قبلَ الحدِّ، فلا شئَ على الرَّاجِعِ ويُحَدُّ الثَّلَاثَةُ. فقطْ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن، اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ حامدٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». [وقدَّمه فى «إِدْراكِ الغايَةِ»] (1). والروايةُ الثَّانية، يُحَدُّ الرَّاجِعُ معهم أيضًا. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الكافِى». [قال ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»: حُدَّ الأرْبَعَةُ فى الأظْهَرِ. وصحَّحه فى «المُغْنِى»] (¬1). قلتُ: هذا المذهبُ، لاتِّفاقِ الشَّيْخَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وخرَّجوا، لا يُحَدُّ سِوَى الرَّاجِعِ، إذا رجَع بعدَ الحُكْمِ وقبلَ الحدِّ. وهو قول فى «النَّظْمِ». قال فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ»، يُحَدُّ الراجِعُ بعدَ الحُكْمِ وحدَه؛ لأنَّه لا يمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وظاهرُ «المُنْتَخَبِ»، لا يُحَدُّ أحدٌ لِتَمامِها بالحدِّ. فائدة: قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ رجَع الأرْبعَةُ، حُدُّوا فى الأَظْهَرِ، كما لوِ اخْتَلَفوا فى زَمانٍ، أو مَكانٍ، أو مَجْلِسٍ، أو صِفَةِ الزِّنَى. قوله: وإنْ كانَ رُجُوعُه بعدَ الحَدِّ، فلا حَدَّ على الثَّلَاثةِ، ويَغْرَمُ الرَّاجِعُ رُبْعَ مَا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أَتْلَفُوهُ. ويُحَدُّ وَحْدَه. يعْنِى، إنْ وُرِثَ حدُّ القَذْفِ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الرَّاجِعَ يُحَدُّ، إنْ قُلْنا: يُورَثُ حدُّ القَذْفِ. على ما تقدَّم فى آخِرِ خِيارِ الشَّرْطِ فى البَيْعِ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». ونقَل أبو النَّضْرِ، عنِ الإِمامِ

وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى بِامرَأة، فَشَهدَ ثِقَاتٌ مِنَ النِّسَاءِ أنَّها عَذْرَاءُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى الشُّهُودِ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لا يُحَدُّ؛ لأنَّه ثابِتٌ.

وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِامرَأَةٍ، فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ عَلَى الشُّهُودِ أنَّهُمْ هُمُ الزُّنَاةُ بِهَا، لَمْ يُحَدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن شَهِدَ أرْبعَةٌ على رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بامْرَأَةٍ، فشَهِدَ أربَعَةٌ آخَرُون على الشُّهُودِ أَنَّهم هم الزُّناةُ بها، لم يُحَدَّ المَشْهُودُ عليه. وهل يُحَدُّ الشُّهُودُ الأوَّلُون حَدَّ الزِّنَى؟ على رِوَايَتَيْنِ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ. وَهَلْ يُحَدُّ الشُّهُودُ الأَوَّلُونَ حَدَّ الزِّنَى؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يُحَدُّ الشُّهودُ الأوَّلون للزِّنَى. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال النَّاظِمُ: هذا الأشْهَرُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُسْتَوْعِبِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُحَدُّون للزِّنَى. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعلى كلا الرِّوايتَيْن، يُحَدُّون للقَذْفِ، على إحْدَى الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُحَدُّون للقَذْفِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. قدَّمه ابنُ رَزينٍ فى «شَرْحِه». وأَطلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ».

وَإِنْ حَمَلَتِ امْرأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلا سَيِّدَ، لَمْ تُحَدَّ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَمَلَتْ مَن لا زَوْجَ لها ولا سَيِّدَ، لم تُحَدَّ بذلك بمُجَرَّدِه. هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تُحَدُّ إذا لم تدَّعِ شُبْهَةً. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهرُ قِصةِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عنه. وذكَر فى «الوَسيلَةِ»، و «المَجْموعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً، أنَّها تُحَدُّ ولو ادَّعَتْ شُبْهَة.

باب حد القذف

بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ الرَّمْىُ بِالزِّنَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَذْفِ

وَمَنْ قَذَفَ حُرًّا مُحْصَنًا، فَعَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً إِنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا، أَو أَرْبَعِينَ إِنْ كَانَ عَبْدًا. وَهَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ للَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلآدَمِيِّينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظَاهِرُ قوْلِه: ومَن قذَف مُحْصَنًا فعليه جَلْدُ ثَمَانِين جَلْدَةً إنْ كانَ القاذِفُ حُرًّا، وأَرْبَعِين إن كانَ عَبْدًا. أن هذا الحُكْمَ جارٍ ولو عتَقَ قبلَ الحدِّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهٌ ثانٍ: يُشْترَطُ فى صِحَّةِ قَذْفِ القاذِفِ أَنْ يكونَ مُكَلَّفًا؛ وهو العاقِلُ البالِغُ، فلا حدَّ على مَجْنونٍ، ولا مُبَرْسَمٍ، ولا نائمٍ، ولا صَبِىٍّ. وتقدَّم حكمُ قَذْفِ السَّكْرانِ فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ. ويصِحُّ قَذْفُ الأَخْرَسِ إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. جزَم به فى «الرِّعَايَةِ». وفى اللِّعانِ ما يدُلُّ على ذلك. فائدة: لو كانَ القاذِفُ مُعْتَقًا بعضُه، حُدَّ بحِسَابِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كعَبْدٍ. قال الزَّركشِىُّ: لو قيل بالعَكسِ لاتَّجهَ. يعْنِى أنَّه كالحُرِّ. [انتهى. قلتُ: وهو ضعيفٌ، لأَنَّ الحدَّ يُدْرَأُ بالشُّبْهَةِ] (¬1). قوله: وهل حَدُّ القَذْفِ حَقٌّ للَّهِ، أو للآدَمِىِّ؟ على رِوَايَتَيْن. [وهذه المَسْألَةُ مِن جملةِ ما زِيدَ فى الكتابِ] (2)؛ إحْداهما، هو حقٌّ للآدَمِىِّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» و «الكافِى»، وغيرِهما. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصوصُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقال: هو مُقْتَضَى ما جزَم به المَجْدُ، وهو الصَّوابُ. انتهى. والثَّانيةُ، هو حقٌّ للَّهِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فعلى المذهبِ، يسْقُطُ الحدُّ بعَفْوِه عنه بعدَ طَلَبِه. وقال القاضى وأصحابُه: يسْقُطُ بعَفْوِه عنه، لا عن بعضِه. وعلى الثَّانيةِ، لا يسْقُطُ. وعليهما، لا يُحَدُّ، ولا يجوزُ أَنْ يَعْرِضَ له إلا بطَلَبٍ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إجْماعًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الثَّانيةِ، وبدُونِه. ؤلو قال: اقْذِفْنِى. فقَذَفَه، عُزِّرَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

والْمُحْصَنُ؛ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِى يُجَامِعُ مِثْلُهُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على المذهبِ، ويُحَدُّ على الثَّانيةِ. وصحَّح فى «التَّرْغيبِ»، وعلى الأوَّلَةِ أيضًا. ويأْتى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ. فائدة: ليس للمَقْذُوفِ اسْتِيفاوه بنَفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ إجْماعًا، وأنَّه لو فعَل، لم يُعْتَد به. وعلَّلَه القاضى بأنه يُعْتَبَرُ نِيَّةُ الإِمامِ أنَّه حَدٌّ. وقال أبو الخَطَّابِ: له اسْتِيفاوه بنَفْسِه. وقال فى «البُلْغَةِ»: لا يسْتَوْفِيه بدُونِ الإِمامِ، فإنْ فعَل، فوَجْهان. وقال: هذا فى القَذْفِ الصَّريحِ، وأنَّ غيرَه يبرأُ به سِرًّا، على خِلافٍ فى المذهبِ. وذكَر جماعةٌ -على الرِّوايةِ الثَّانيةِ- لا يسْتَوْفِيه إِلَّا الإِمامُ. وتقدم فى كتابِ الحُدودِ، هل يسْتَوْفِى حدَّ الزِّنَى مِن نفْسِه؟ قوله: والمُحْصَنُ، هو الحُرُّ المُسْلِمُ العاقِلُ العَفِيفُ الذى يُجامِعُ مثلُه. زادَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايَةِ»، و «الوَجيزِ»، المُلْتَزِمُ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال فى «المُبْهِجِ»: لا مُبْتَدِعٌ. وقال فى «الإِيضاحِ»: لا مُبْتَدِعٌ، ولا فاسِقٌ ظَهَر فِسْقُه. وقال فى «الانْتِصارِ»: لا يُحَدُّ بقَذْفِ فاسِقٍ. تنبيهات؛ أحدُها، مفْهومُ قوْلِه: والمُحْصَنُ؛ هو الحُرُّ المُسْلمُ. أنَّ الرَّقيقَ والكافِرَ غيرُ مُحْصَنٍ؛ فلا يُحَدُّ بقَذْفِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «عُمُدِ الأَدِلَّةِ»: عندِى يُحَدُّ بقَذْفِ العَبْدِ، وهو أشْبَهُ بالمذهبِ لعَدالَتِه، فهو أحْسَنُ حالا مِنَ الفاسِقِ بغيرِ الزِّنَى. انتهى. وعنه، يُحَدُّ بقَذْفِ أُمِّ الوَلَدِ. قطَع به الشِّيرَازِىُّ. وعنه، يُحَدُّ بقَذْفِ أتَى وذِميةٍ لها وَلَا أو زَوْجٌ مُسْلِمٌ، كما تقدَّم قريبًا. وقيل: يُحَدُّ العَبْدُ بقَذْفِ العَبْدِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا عمَلَ عليه. فعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ القاذِفُ على المذهبِ مُطْلَقًا. وعنه، لا يُعَزَّرُ لقذْفِ كافرٍ. الثَّانى، شَمِلَ كلامُه الخَصِىَّ والمَجْبوبَ. وهو صحيح. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. الثَّالثُ، مُرادُه بالعَفيفِ هنا العَفِيف عنِ الزِّنَى ظاهِرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: وقاذِفُ المُحْصَنِ فيما يبْدُو … وإنْ زَنَى فقاذِفٌ يُحَدُّ وقيل: هو العفيفُ عن الزِّنى ووَطْء لا يُحَدُّ به لمِلْكٍ أو شُبْهَةٍ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. وقال: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على أن وَطْءَ الشُّبْهَةِ، هل يُوصَفُ بالتَّحْريمِ أمْ لا؟ قلتُ: تقدَّم الخِلافُ فى ذلك فى بابِ المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ. وقيل: يجبُ البَحْثُ عن باطنِ عِفَّةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لا يخْتَلُّ إحْصانُه بوَطْئِه فى حَيْضٍ وصَوْمٍ وإحْرامٍ. قالَه فى «التَّرْغيبِ». قوله: وهل يُشْتَرَطُ البُلُوغُ؟ على رِوَايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُشْترَطُ بُلوغُه، بل بكَوْنِ مِثْلِه يطَأْ أو يُوطَأُ. وهو المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: لا يخْتَلِفُ (¬1) قولُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أنَّه يُحَدُّ قاذِفُه إذا كانَ ابنَ عَشَرَةٍ، أوِ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ سنَةً. قال فى «التَّرْغيبِ»: هذه أشْهَرُهما. قال فى «القَواعِد الأُصولِيَّةِ»: أظْهَرُهما، يجبُ الحدُّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَاتِهم»، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ». وهو مُقْتَضى كلامِ الخِرَقىِّ. وقدَّمه فى «الهادِى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْترَطُ البُلوغُ. قال فى «العُمْدَةِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «يجب».

وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»: والمُحْصَنُ؛ هو الحُرُّ المُسْلِمُ البالغُ العَفِيفُ. وقيل: إنَّ هذه الرِّوايةَ مُخَرَّجة لا مَنْصوصَةٌ. فعلى المذهبِ، لا يُقامُ الحدُّ على القاذِفِ حتى يبْلُغَ المَقْذُوفُ، ويُطالِبَ به بعدَه. وعلى المذهبِ أيضًا، يُشْترَطُ أَنْ يكونَ الغُلامُ ابنَ عَشْرٍ، والجارِيَةُ بِنْتَ تِسْعٍ، كما قالَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، وقالَه الأصحابُ. فائدة: لو قذَف عاقِلًا فجُنَّ، أو أُغْمِىَ عليه قبل الطَّلَبِ، لم يُقَمْ عليه الحدُّ حتى يُفيقَ ويُطالِبَ، فإنْ كانَ قد طالَبَ ثم جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه، جازَتْ إقامَتُه، ولو قذَف غائِبًا، اعْتُبِرَ قُدومُه [وطَلَبُه، إلَّا أَنْ] (¬1) يثْبُتَ أنَّه طالَبَ به (¬2) فى غَيْبَتِه، فيُقامُ. على المذهبِ. وقيل: لا يُقامُ؛ لاحْتِمالِ عَفْوِه. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قوله: وقَذْفُ غيرِ المُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) فى الأصل: «وطلب أن لا». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يُحَدُّ قاذِفُ أمِّ الوَلَدِ، كالمُلاعِنَةِ. وعنه، يُحَدُّ قاذِفُ أمَةٍ أو ذِمِّيةٍ لها وَلَدٌ أو زَوْجٌ مُسْلِمان. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ قذَف كافِرًا لا وَلَدَ له مُسْلِمٌ، لم يُحَدَّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصحِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لا يُحَدُّ والِدٌ لوَلَدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وجزَم به ابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، والشَّارِحُ، ونَصَراه. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. ونصَّ عليه فى الوالدِ (¬1)، فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وأبى طالِبٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم: لا يُحَدُّ أبٌ، وفى أُمٍّ وَجْهان. انتهَوا. والجَدُّ ¬

(¬1) فى ط، أ: «الولد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والجَدَّةُ -وإنْ عَلَوْا- كالأبوَيْن. ذكَرَه ابنُ البَنَّا. ويُحَدُّ الابنُ بقَذْفِ كلِّ واحدٍ منهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُحَدُّ بقَذْفِه أباهُ أو أخَاهُ. الثَّانيةُ، يُحَدُّ بقَذْفٍ على وَجْهِ الغَيْرَةِ -بفَتْحِ الغينِ المُعْجَمَةِ- على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجهُ احْتِمالٌ؛ لا يُحَدُّ، وِفاقًا لمالِكٍ، رَحِمَه اللَّهُ، وأنَّها عُذْرٌ فى غَيْبَةٍ ونحوِها. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَقِيلٍ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَهُما اللَّه.

وَإِنْ قَالَ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ. وَفَسَّرَهُ بِصِغَرٍ عَنْ تِسْعِ سِنِينَ، لَمْ يُحَدَّ، وَإِلَّا خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: زَنَيْتِ وأَنتِ صَغِيرَةٌ. وفَسَّرَه بصِغَرٍ عن تِسْعِ سِنِينَ، لم يُحَدَّ. ولكِنْ يُعَزَّرُ. زادَ المُصَنِّفُ، إذا رَآه الإِمامُ، وأَنَّه لا يحْتاجُ إلى طلَبٍ؛ لأنَّه لتأْدِيبِه. فائدة: لو أنْكَرَ المقْذوفُ الصِّغَرَ (¬1) حالَ القَذْفِ، فقال القاضى: يُقْبَلُ قولُ القاذِفِ، فإنْ أقامَا بيِّنتَيْن، وكانَتَا مُطْلقتَيْن، أو مؤَرَّختَيْن [تَارِيخيْن مُخْتَلِفَيْن] (¬2)، فهما قذفانِ؛ مُوجَبُ أحدِهما التَّعْزيرُ، والآخَرِ الحدُّ، وإنْ بَيَّنَتَا تارِيخًا واحدًا، وقالتْ إحْداهما: وهو صغيرٌ. وقالتِ الأُخْرَى: وهو كبيرٌ. تَعارَضَتا وسقَطَتَا. وكذلك لو كان تَاريخُ بَيِّنَةِ المقْذوفِ قبلَ تَاريخِ بَيِّنَةِ القاذِفِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «الصغبر». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ. أَوْ: أَمَةٌ. وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وِإنْ كَانتْ كَذَلِكَ، وَقَالَتْ: أَرَدْتَ قَذْفِى ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قوله: وإن خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْن. يعْنِى المُتَقَدِّمتَيْن فى اشْتِراطِ البُلوغِ وعدَمِه. قوله: وإنْ قالَ لحُرةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وأنْتِ نَصْرانِيَّةٌ. أو: أمَةٌ. ولم تَكُنْ

فى الْحَالِ. فَأَنْكَرَهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كذلك، فعليه الحَدُّ. وإنْ لم يَثْبُتْ وأمْكَنَ، فرِوايَتان. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يُحَدُّ. وهو الصَّحيحُ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: حُدَّ، على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». [وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»] (¬1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُحَدُّ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنْ لم يثْبُتْ وأمْكَنَ (¬2). أنَّه إذا ثبَت، لا يُحَدُّ. وهو صحيحٌ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وإنْ لم يَثْبُتَا (¬3)، لم يُحَدَّ، على الأصحِّ. وكذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) هذا القول ليس من متن المقنع. (¬3) فى الأصل: «ثبتا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، يُحَدُّ. فوائد؛ إحْداها، وكذا الحُكْمُ لو قذَف مجْهولَةَ النَّسَبِ، وادَّعَى رِقَّها، وأنْكَرَتْه ولا بَيِّنَةَ، خِلافًا ومذهبًا. قالَه المَجْدُ، والنَّاظِمُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وقدَّم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ هنا، أنَّه يُحَدُّ. [وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وقدَّمه فى «الحاوِى». وهو المذهبُ] (1). واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنه لا يُحَدُّ. الثَّانيةُ، لو قال: زَنَيْتِ وأنتِ مُشْرِكَةٌ. فقالتْ: أرَدْتَ قَذْفِى بالزِّنَى والشِّرْكِ معًا. فقال: بل أرَدْتُ قَذْفَكِ بالزِّنَى إذْ كُنْتِ مُشْرِكَةً. فالقولُ قولُ القاذِفِ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن وأنَصُّهما. وعنه، يُحَدُّ. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وأَطلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». الثَّالثةُ، لو قال لها: يا زانِيَةُ. ثم ثبَت زِنَاها فى حالِ كُفْرِها، لم يُحَدَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كثُبوتِه فى إسْلامٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ قَذَفَه بما أتَى فى الكُفْرِ، حُد؛ لحُرْمَةِ الإِسْلامِ. وسألَه ابنُ مَنْصُورٍ، رجُلٌ رَمَى امْرَأةً بما فَعَلَتْ فى الجاهِلِيَّةِ؟ قال: يُحَدُّ. قوله: وِإنْ كانَتْ كذلك، وقالَتْ: أرَدْتَ قَذْفِى فى الحالِ. فَأَنْكَرَها، فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»،

وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا، فَزَالَ إِحْصَانُهُ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»؛ أحدُهما، لا يُحدُّ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، وابنُ البَنَّا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، يُحَدُّ. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». [قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: اخْتارَه الْخِرَقِىُّ] (¬1). وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه إنْ أضافَه إلى جُنونٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ كانَ ممن يُجَنُّ، لم يَقْذِفْه (¬2). وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: إنِ ادَّعَى أنَّه كان مَجْنونًا حينَ قذَفَه، فأَنْكَرَ وعُرِفَ له حالَةُ جُنونٍ وإِفاقَةٍ، فَوَجْهان. فائدة: لو قذَف ابنَ المُلاعِنَةِ، حُدَّ. نصَّ عليه. وكذا لو قذَف المُلاعِنَةَ نفْسَها ووَلَدَ الزِّنَى. قالَه الأصحابُ. قوله: ومَن قذَف مُحْصَنًا، فزالَ إحْصَانُه قبلَ إقامَةِ الحَدِّ، لم يَسْقُطِ الحَدُّ عَنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى أ: «يحد بقذفه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاذِفِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ؛ حَكَمَ حاكِمٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بوُجوبِه أَوْ لا. قالَه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا.

فصل

فَصْلٌ: وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ، إلَّا فى مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا، أَنْ يَرَى امْرأَتَهُ تَزْنِى فى طُهْرِ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فَيَعْتَزِلُهَا، وَتَأْتِى بوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الزَّانِى، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَذْفُهَا وَنَفْىُ وَلَدِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والقَذْفُ مُحرَّمٌ، إلَّا فى مَوْضِعَيْن؛ أَحدُهما، أَنْ يَرَى امْرَأتَه تَزْنِى فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه. زادَ فى «التَّرْغيبِ»، ولو دُونَ الفَرْجِ. وقال فى «المُغْنِى» وغيرِه: أو تُقِرَّ به، فيُصَدِّقُها. قوله: فيَعْتزِ لُها، وتَأتى بوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الزَّانِى، فيَجِبُ عليه قَذْفُها ونَفْىُ وَلَدِها. بلا نِزاعٍ. وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وكذا لو وَطِئَها فى طُهْرٍ زَنَتْ فيه، وظَنَّ الوَلَدَ مِنَ الزَّانِى. وقال فى «التَّرْغيبِ»: نفْيُه مُحَرَّم مع التَّرَدُّدِ،

والثَّانِى، أَنْ لَا تَأْتِىَ بِوَلَدٍ يَجب نَفْيُهُ، أَوِ اسْتَفَاضَ زِنَاهَا فى النَّاسِ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ ثِقَةٌ، وَرَأى رَجُلًا يُغرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إِلَيْهَا، فَيُبَاحُ قَذْفُهَا، وَلَا يَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ ترَجَّحَ النَّفْىُ، بأنِ اسْتَبْرَأَ بحَيْضَةٍ، فوَجْهان. واخْتارَ جوازَه مع أمارَةِ الزِّنَى ولا وُجوبَ، ولو رآها تَزْنِى واحْتَمَلَ أَنْ يكونَ مِنَ الزِّنَى، حَرُمَ نَفْيُه، ولو نَفَاه ولَاعَنَ، انْتَفَى (¬1). قوله: والثَّانِى، أَنْ لا تأتِىَ بوَلَدٍ يَجِبُ نَفْيُه -يعْنِى، يَرَاها تَزْنِى ولا تأْتِى بوَلَدٍ ¬

(¬1) فى ط، أ: «انتفيا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجبُ نَفْيُه- أَوِ اسْتَفاضَ زِناها فى النَّاسِ، أَو أَخْبَرَه به ثِقَةً، أَو رأَى رَجُلًا يُعْرَفُ بالفُجُورِ يَدْخُلُ إليها. زادَ فى «التَّرْغيبِ»، فقال: يدْخل إليها خَلوةً. واعْتَبَرَ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» هنا اسْتِفاضَةَ زِنَاها، وقدَّما أنه لا يَكْفِى اسْتِفاضَةٌ بلا قَرِينَةٍ. وقوله: فيُباحُ قذْفُها، ولا يَجِبُ. قال الأصحابُ: فِراقُها أوْلَى مِن قذْفِها. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، أن القَذْفَ المُباحَ، أَنْ يَرَاها تَزْنِى أو يظُنَّه، ولا وَلَدَ. وتقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ، مَن يُسْتَحَبُّ طَلاقُها وبَن يُكْرَهُ ومَن يُباحُ.

وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُخَالف لَوْنُهُ لَوْنَهُمَا، لَمْ يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ إِبَاحَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَتَتْ بوَلَدٍ يُخالِفُ لَوْنُه لَوْنَهما، لم يُبَحْ نَفْيُه بذلك -هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ- وقال أبو الخَطَّابِ: ظاهرُ كلامِه إباحَتُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: محَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَكُنْ ثَمَّ قَرِينَةٌ، فإنْ كانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ، فإنَّه يُباحُ نَفْيُه.

فصل

فَصْلٌ: وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: يَا زَانى، يَا عَاهِرُ، زَنَى فَرْجُكَ. وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقَذْفِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمَا يُحِيلُهُ. وَإِنْ قَالَ يَالُوطِىُّ، أَوْ: يَا مَعْفُوجُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَصْلٌ: وألفاظُ القَذْفِ تَنْقَسِمُ إلى صَرِيحٍ وكِنَايَةٍ؛ فالصَّرِيحُ قَوْلُه: يا زانِى، يا عاهِرُ. هذا المذهبُ. عليه الأصحابُ. ولا يُقْبَلُ قوْلُه: أَرَدْتُ يا زَانِىَ العَيْنِ. ولا: يا عاهِرَ اليَدِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: لم يُقْبَلْ مع سَبْقِه ما يدُل على قَذْفٍ صَرِيح، وإلَّا قُبِلَ. قوله: وإنْ قَالَ: يا لُوطِىُّ، أو: يا مَعْفُوجُ. فهو صَرِيحٌ. إذا قال له: يا

فَهُوَ صَرِيحٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لُوطِىُّ. فهو صَرِيحٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعةِ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. قال فى «الفُروعِ»: نقَلَه واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه عامَّةُ الَأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى

وَقَالَ الْخِرَقِىُّ: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أنَّكَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ. فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، وغيرُه. وعنه، صَرِيحٌ مع الغضَبِ ونحوِه دُونَ غيرِه. وقال الخِرَقِىُّ: إذا قال: أرَدْتُ أنَّكَ مِن قَوْمِ لُوطٍ. [فلا حَدَّ عليه. قال المُصَنِّفُ: وهو بعيدٌ. قال فى «الهِدايَةِ»: إذا قال: أرَدْتُ أنك مِن قَوْمِ لُوطٍ] (¬1). هذا لا يُعْرَفُ. انتهى. وكذا لو قال: نَوَيْتُ أنَّ دِينَه دِينُ قَوْمِ لُوطٍ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وإذا قال: يا مَعْفُوجُ. فهو صَرِيحٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أنَّكَ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ غَيْرَ إِتْيَانِ الرَّجُلِ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: يُحَدُّ به. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إنَّه كِنايَةٌ. ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِىِّ. وعليه جَرَى المُصَنِّفُ، والمَجْدُ. قوله: وإنْ قالَ: أرَدْتُ أنَّكَ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، غيْرَ إتْيانِ الرِّجالِ. احْتَمَلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَيْن. بِناءً على الرِّوايتَيْن المَنْصوصتَيْن المُتَقَدِّمتَيْن قبلَ ذلك؛ فإنْ قُلْنا: هو هناك صَرِيحٌ. لم يُقْبَلْ قوْلُه فى تفْسيرِه هنا، وإلَّا قُبِلَ. وهذه طَرِيقَةُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وقيل: الوَجْهان على غيرِ قولِ الخِرَقِىِّ. أمّا على قولِ الخِرَقِىِّ، فيُقْبَلُ منه بطَريقٍ أوْلَى. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا هو التَّحْقيقُ، تَبَعًا لأبى البَرَكاتِ، يعْنِى المَجْدَ، فى «المُحَرَّرِ». فائدة: ومِنَ الأَلْفاظِ الصَّريحَةِ، قولُه: يا مَنْيُوكُ، أو يا مَنْيُوكَةُ. لكِنْ لو فسَّر قوْلَه: يا مَنْيُوكَةُ. بفِعْلِ الزَّوْجِ. لم يكُنْ قَذْفًا. ذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ»، و «الرِّعايَةِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: لو قيل: إنَّه قَذْفٌ بقَرِينَةِ غَضَبٍ وخُصومَةٍ ونحوِهما؛ لَكانَ مُتَّجِهًا.

وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِ فُلَانٍ. فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: لستَ بوَلَدِ فُلَانٍ. فقد قذَفَ أُمَّه. إلَّا أَنْ يكونَ مَنْفِيًّا بلِعَانٍ لم يَسْتَلْحِقْه (¬1) أبوهُ، ولم يُفَسِّرْه بزِنَى أمِّه. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: ليس بقَذْفٍ لأمِّه. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ، خِلافًا ومذهبًا، لو نَفَاه مِن قَبِيلَتِه. وقال المُصَنِّفُ: القِياسُ يقْتَضِى أَنْ لا يجبَ الحدُّ بنَفْى الرَّجُلِ عن قَبِيلَتِه. ¬

(¬1) فى الأصل: «يستحلفه»، وفى أ: «يستحلقه».

وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِى. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو قذَف ابنَ المُلاعِنَةِ، حُدَّ. نصَّ عليه، وتقدَّم ذلك قريبًا. قوله: وإنْ قالَ: لستَ بوَلَدِى. فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، ليس بقَذْفٍ إذا فسَّره بما يَحْتَمِلُه، فيكونُ كِنايَةً. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»،

وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ أَزْنَى النَّاسَ. أَوْ: أَزْنَى مِنْ فُلَانَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، هو قذْفٌ بكُلِّ حالٍ، [فيكونُ صرِيحًا. قوله: وإنْ قالَ: أنْتَ أَزْنَى النَّاسَ. أو: أزْنَى مِن فُلانَةَ. أَو قالَ لرَجُلٍ: يا] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِيَةُ. أَوْ لِامْرأةٍ: يَا زَانِى. أَوْ قَالَ: زَنَتْ يَدَاكَ وَرِجْلَاكَ. فَهُوَ صَرِيحٌ فى الْقَذْفِ فى قَوْلِ أبى بَكْرٍ. وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ عِنْدَ ابْنِ حَامَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [زانِيَةُ. أو لامْرَأةٍ: يَا زَانِى. أو قالَ: زَنَتْ يَداكَ] (¬1) أو رِجْلاكَ. فهو صَرِيحٌ فى القَذْفِ، [فى قَوْلِ أبى بَكْرٍ. إذا قال: أنْت أزْنَى النَّاسِ. أو: مِن فُلانَةَ. أو قال له: يا زانِيَةُ. أو لها: يا زانِى. فهو صريحٌ فى القَذْفِ] (1). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وقيل: ليس بصريحٍ عندَ ابنِ حامدٍ. فعلى الأوَّلِ، فى قَذْفِ فُلانةَ وَجْهان. وَأطْلَقَهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، ليس بقاذِفٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لها. قدَّمه فى «الكافِى». قال فى «الرِّعايةِ»: وهو أقْيَسُ. والثَّانى، هو قَذْفٌ أيضًا لها. قدَّمه فى «الرِّعَايةِ». وإذا قال: زَنَتْ يدَاكَ أو رِجْلَاكَ. فهو صرِيحٌ فى القَذْفِ، فى قولِ أبى بَكْرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وليس بصرِيحٍ عندَ ابنِ حامدٍ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. واخْتارَاه. قال فى «الخُلاصَةِ»: لم يكُنْ قَذْفًا فى الأصَحِّ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، وبَناهُما على أنَّ قوْلَه للرجُلِ: يا زانِيَةُ. وللمَرْأةِ: يا زانِى. صرِيحٌ.

وَإِنْ قَالَ زَنَأْتَ فى الْجَبَلِ. مَهْمُوزًا، فَهُوَ صَرِيحٌ عِنْدَ أبى بَكْرٍ. وَقَالَ ابَنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا. وَإِنْ لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: زَنَتْ يَدُكِ. أو: رِجْلُكِ. وكذا قولُه: زَنَى بَدَنُكِ (¬1). قالَه فى «الرِّعايَةِ». وكذا قولُه: زَنَتْ عَيْنُكِ. قالَه فى «التَّرْغيبِ». وقال فى «المُغْنِى» وغيرِه: لا شئَ عليه بقَوْلِه: زَنَتْ عَيْنُكِ. [وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والصَّوابُ] (¬2). قوله: وإنْ قالَ: زَنَأْتَ فى الجَبَلِ. مَهْمُوزًا، فهو صَرِيحٌ عندَ أَبِى بَكْرٍ -وهو ¬

(¬1) فى الأصل: «يدك». (¬2) سقط من: الأصل.

يَقُلْ: فى الْجَبَلِ. فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أوْ كَالَّتِى قَبْلَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» -وقال ابنُ حامدٍ: إنْ كان يَعْرِفُ العرَبِيَّةَ لم يكُنْ صرِيحًا. ويُقْبَلُ منه قولُه: أرَدْتُ صُعودَ الجَبَلِ. قال فى «الهِدايَةِ»: وهو قِياسُ قولِ إمامِنا: إذا قال لزَوْجَتِه: بِهِشْتَمَ. إنْ كان لا يَعْرِفُ أنَّه طلاقٌ، لم يَلْزَمْه الطَّلاقُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ لم يَقُلْ: فى الْجَبَلِ. فهل هُوَ صَرِيحٌ أَو كالتى قبلَها؟ على وَجْهَيْن. يعْنِى على قولِ ابنِ حامدٍ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، هو صرِيحٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». والوَجْهُ الثانى، حُكْمُها حُكْمُ التى قبلَها. وقيل: لا قَذْفَ هنا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُها لَفْظَةُ «عِلْقٌ». ذكَرَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، صريحة. ومَعْناه، قولُ ابنِ رَزِينٍ: كلُّ ما يدُلُّ عليه عُرْفًا.

وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ قَوْلِهِ لِامْرأَتِهِ: قَدْ فَضَحْتِهِ، وَغَطَّيْتِ، أَوْ: نَكَسْتِ رَأْسَهُ، وَجَعَلْتِ لَهُ قُرُونًا، وَعَلَّقْتِ عَلَيْهِ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ. أَوْ يَقُولُ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: يَا حَلَالُ ابنَ الْحَلَالِ، مَا يَعْرِفُكَ النَّاسُ بِالزِّنَى وَالفُجورِ يَا عَفيفُ، أَوْ: يَا فَاجِرَةُ، يَا قَحْبَةُ، يَا خَبِيثَةُ. أَوْ يَقَولُ لِعَرَبِىٍّ: يَا نَبَطِىُّ، يَا فَارِسِىُّ، يَا رُومِىُّ. أو يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فَيَقُولُ: صَدَقْتَ. أَوْ: أَخْبَرَنِى فُلَان أنَّكَ زَنَيْتَ. وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَهَذَا كِنَايَةٌ، إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُ الْقَذْفِ، قُبِلَ قَوْلُهُ فى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وفى الْآخَرِ، جَمِيعُهُ صَرِيحٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والكنايَةُ نحوُ قَوْلِه لامْرَأتِه: قدْ فَضَحْتِيهِ، وغَطَّيْتِ، أو: نَكَسْتِ رأْسَه، وجَعَلْتِ له قُرُونًا، وعَلَّقْتِ عليه أوْلَادًا مِن غيرِه، وأفْسَدْتِ فِراشَه. أَو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَقُولُ لمَن يُخاصِمُه: يا حَلَالُ ابنُ الحَلالِ، ما يَعْرِفُكَ النَّاسُ بالزِّنَى، يا عَفِيفُ، أَو: يا فاجِرَةُ يا قَحْبَةُ يا خَبِيثَةُ. وكذا قولُه: يا نَظيفُ، يا خِنِّيثُ. بالنُّونِ، وذكَرَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضُهم بالباءِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يقولُ لعرَبِىٍّ: يا نَبَطِى، يا فارِسِىُّ، يا رُومِىُّ. أو يقولُ لأحَدِهم: يا عَرَبِىُّ. أو: ما أنا بزَانٍ. أو: ما أُمِّى بزانِيَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يسْمَعُ رجُلًا يقْذِفُ رجُلًا، فيقولُ: صدَقْتَ. أو: أخْبَرَنى فُلانٌ أنَّكَ زَنَيْتَ. أو: أَشْهَدَنِى فُلان أَنَّكَ زَنَيْتَ. وكذَّبَه الآخَرُ. فهذا كِنايَةٌ، إنْ فسَّره بما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْتَمِلُه غيرَ القَذْفِ، قُبِلَ قولُه فى أحَدِ الوَجْهَيْن، وهما رِوايَتانِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُقْبَلُ قولُه بقَرِينَةٍ ظاهرةٍ. وفى الآخَرِ: جميعُه صريحٌ. اخْتارَه القاضى وجماعةٌ كثيرة مِن أصحابِه. وذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ» عنِ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وعنه، لا يُحَدُّ إلّا بنِيَّتِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وذكَر فى «الانْتِصارِ» رِوايةً، أنَّه لا يُحَدُّ إلَّا بالصَّريحِ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ أَلْفاظَ الكِناياتِ مع دَلالَةِ الحالِ صَرائحُ. فوائد؛ الأُولَى، وكذا الحُكْمُ والخِلافُ لو سَمِعَ رجُلًا يقْذِفُ، فقال: صدَقْتَ. كما تقدَّم. لكِنْ لو زادَ على ذلك فقال: صدَقْتَ فيما قُلْتَ. فقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حُكْمُه حكمُ الأولِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: يُحَدُّ بكلِّ حالٍ. وجزَم به فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، القَرينةُ هنا، ككِنايَةِ الطلاق. قال فى «الفُروعِ»: ذكَرَه جماعةٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هو قذْفٌ بنِيَّةٍ، ولا يُحَلَّفُ مُنْكِرُها (¬1). وفى قِيام قَرينَةٍ مَقامَ النِّيَّةِ ما تقدَّم؛ فيَلْزَمُه الحدُّ باطِنًا بالنِّيَّةِ، وفى لُزومِ إظْهارِها وَجْهان, وَأنَّ على القولِ بأنَّه صريحٌ، يُقْبَلُ تأْوِيلُه. وقال فى «الانْتِصارِ»: لو قال: أحدُكما زانٍ. فقال أحدُهما: أنا. فقال: لا. أنَّه قذْفٌ للآخَرِ. وذكَرَه فى «المُفْرَداتِ» أيضًا. الثَّالِثةُ، لو قال لامْرَأتِه فى غَضَبٍ: اعْتَدِّى. وظهرَتْ منه قَرائنُ تدُلُّ على إرادَتِه التَّعْريضَ بالقَذْفِ، أو فسَّره به، وقع الطَّلاقُ، وهل يُحَدُّ؟ ذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ» وَجْهَيْن. وجزَم فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ» أنَّه يُحَدُّ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ». الرَّابِعةُ، حيثُ قُلْنا: لا يُحدُّ بالتَّعْريضِ. فإنَّه يُعَزَّرُ. نقَلَه حَنْبَلٌ. وذكَرَه جماعةٌ؛ منهم أبو الخَطَّابِ، وأبو يَعْلَى. الخامسة، يُعَزَّرُ بقولِه: يا كافِرُ، يا فاجِرُ، يا حِمارُ، يا تَيْسُ، يا رافِضِىُّ، يا خَبِيثَ البَطْنِ، أوِ الفَرْجِ، يا عَدُوَّ اللَّهِ، يا ظالِمُ، يا كذَّابُ، يا خائنُ، يا شارِبَ ¬

(¬1) فى الأصل: «مكرها».

وإنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أَوْ جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَى مِنْ جَمِيعِهِمْ، عُزِّرَ، وَلَمْ يُحَدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَمْرِ، يا مُخَنَّثُ. نصَّ على ذلك. وقيل: يا فاسِقُ. كِنايَةٌ، و: يا مُخَنَّثُ. تعْرِيضٌ. ويُعَزرُ أيضًا بقوْلِه: يا قَرْنانُ، يا قوَّادُ. ونحوُها. وسأله حَرْبٌ عن دَيُّوثٍ؟ فقال: يُعَزَّرُ. قلتُ: هذا عندَ النَّاسِ أقْبَحُ مِنَ الفِرْيَةِ؟ فسَكَتَ. وقال فى «المُبْهِجِ»: يا دَيُّوثُ. قَذْفٌ لامْرَأتِه. قال إبْراهيمُ الحَرْبِىُّ: الدَّيُّوثُ هو الذى يُدْخِلُ الرِّجالَ على امْرَأتِه. ومثْلُه: كَشْخَانُ وقَرْطَبَانُ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فى مأْبُونٍ كمُخَنَّثٍ. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إنَّ قولَه: يا عِلْقُ. تعْريضٌ. وتقدَّم أنه قال: إنَّها صَريحَةٌ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قولُه: لم أجِدْكِ عَذْراءَ. كِنايةٌ. تنبيه: قولُه: وإنْ قذَف أهْلَ بَلْدَةٍ أو جَماعَةً لا يُتَصَوَّرُ الزِّنَى مِن جَمِيعِهم، عُزِّرَ، ولم يُحَدَّ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. قال أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ: ليس ذلك بقَذْفٍ؛ لأنهم لا عارَ عليهم بذلك، ويُعَزَّرُ، كسَبِّهم بغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُه، ولو لم يَطْلُبْه أحدٌ، يُؤيدُه أنَّ فى «المُغْنِى» جعَل هذه المسْألةَ أصْلًا لقَذْفِ الصَّغيرةِ، مع أنَّه قال: لا يحْتاجُ فى التَّعْزيرِ إلى مُطالَبَةٍ. وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، ويُعَزَّرُ حيثُ لا حَدَّ.

وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِى. فَقَذَفَهُ، فَهَلْ يُحَدَّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ لِامْرأَتِهِ: يَا زَانِيَةُ. قَالَتْ: بِكَ زَنَيْتُ. لَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِتَصْدِيقِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ لرَجُلٍ: اقْذِفْنِى. فقَذَفَه، فهل يُحَدُّ؟ على وَجْهَيْن. مَبْنِيَّيْن على الخِلافِ فى حدِّ القَذْفِ، هل هو حقٌّ للَّهِ أو للآدَمِىِّ؟ وقد تقدَّم المذهبُ فى ذلك؛ فإنْ قُلْنا: هو حقٌّ للآدَمِىِّ. لم يُحَدَّ ههُنا، وإنْ قُلْنا: هو حقٌّ للَّهِ. حُدَّ. وصحَّحَ فى «التَّرْغيبِ»، أنه يُحَدُّ أيضًا على قوْلنا: إنه حقٌّ للآدَمِىِّ. قوله: وإنْ قالَ لامْرَأتِه: يا زَانِيَةُ. قالَتْ: بكَ زَنَيْتُ. لم تَكُنْ قَاذِفَةً، ويَسْقُطُ عنه الحَدُّ بتَصْدِيقِها. نصَّ عليه. ولو قال: زَنَى بكِ فُلانٌ. كان قَذْفًا لهما. نصَّ عليه فيهما. وهذا المذهبُ فيهما. وخرَّجَ فى كلِّ واحدٍ منهما حُكْمَ الأُخْرَى. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وقال أبو الخَطَّابِ فى «هِدايَتِه»: يكونُ الرَّجُلُ قاذِفًا

وَإِذَا قُذِفَتِ الْمَرأةُ، لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ، إِذَا كَانَتِ الأُمُّ فى الحياةِ، وَإِنْ قُذِفَتْ وَهىَ مَيِّتَةٌ؛ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً، حُدَّ الْقَاذِفُ إِذَا طَالَبَ الْابْنُ، وَكَانَ حُرًّا مُسْلِمًا. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِ مَيِّتَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لها فى المَسْألَةِ الأُولَى؛ لأنَّه نَسَبَها إلى الزِّنَى، وتصْدِيقُها لم ترِدْ به حقِيقَةَ الفِعْلِ؛ بدَليلِ أنه لو أُرِيدَ به ذلك، لوَجَبَ كوْنها قاذِفَة. انتهى. والذى قالَه فى «الهِدايةِ» (¬1)، أنَّ المرْأةَ لا تكونُ قاذِفَة، واقْتَصَرَ عليه. [فلعَلَّه: قال أبو الخَطَّابِ فى غيرِ «هِدايَتِه». فسَقَطَ لفْظَةُ «غيرِ»] (2). قوله: وإذا قُذِفَتِ المَرْأَةُ، لم يَكنْ لولَدِها المُطالَبَةُ، إذا كانَتِ الأُمُّ فى الحَياةِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». ¬

(¬1) فى الأصل: «النهاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ قُذِفَتْ وهى مَيِّتَةٌ؛ مُسْلِمَةً كانَتْ أو كافِرَةً، حُرَّةً أو أمَةً، حُدَّ القاذِفُ إذا طالَبَ الابنُ، وكانَ مُسْلِمًا حُرًّا. ذكَرَه الخِرَقِىُّ. وهو المذهبُ. وصحَّحه فى «المُحَرَّرِ». ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا يجبُ الحدُّ بقَذْفِ ميِّتةٍ. وذكَرَه المُصَنِّفُ ظاهِرَ المذهبِ، فى غيرِ أُمَّهاتِه. وقطَع به فى «المُبْهِجِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِه أنَّه لو قذَف أمَّه بعدَ مَوْتِها، والابنُ مُشْرِكٌ أو عَبْدٌ، أنَّه لا حدَّ على قاذِفِها. وهو صحيحٌ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقىِّ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونصَرَاه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو قذَف جَدَّتَه وهى مَيِّتَةٌ، فقِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّه كقَذفِ أُمِّه فى الحياةِ والموتِ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، واقْتَصَرَا عليه. الثَّانيةُ، لو قذَف أباه أو جَدَّه، أو (¬1) كان واحِدًا مِن أقارِبِه غيرَ أُمَّهاتِه [بعدَ مَوْتِه] (¬2)، لم يُحَدَّ بقَذْفِه فى ظاهرِ كَلامَ الخِرَقِىِّ، والمُصَنِّفِ، وغيرِهما. واقْتَصَر عليه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وهو قولُ أبى بَكْرٍ. وظاهرُ كلامِه فى ¬

(¬1) فى الأصل: «وإن». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ، سَقَطَ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، أنَّ حدَّ قَذْفِ المَيِّتِ لجميعِ الوَرَثَةِ، حتى الزَّوْجَيْنِ، وقال: نصَّ عليه. والصَّحيحُ أنَّ النَّصَّ إنَّما هو فى القَذْفِ المَوْرُوثِ لا غيرُ. قوله: وإنْ ماتَ المَقْذُوفُ، سقَط الحَدُّ. إذا قُذِفَ قبلَ مَوْتِه، ثم ماتَ، فلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ قد طالَبَ، أَوْ لا؛ فإنْ ماتَ ولم يُطالِبْ، سقَط الحدُّ بلا إشْكالٍ. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه. وخرَّج أبو الخَطَّابِ وَجْهًا بالإِرْثِ والمُطالَبَةِ. وإنْ كان طالَبَ به، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لا يسْقُطُ، وللوَرَثَةِ طَلبه. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «المُحَرَّرِ»: ومَن قُذِفَ له مَوْروثٌ حَىٌّ، لم يكُنْ له أَنْ يُطالِبَ فى حياتِه بمُوجِبِ قَذْفِه، فإن ماتَ وقد طالَبَ، أو قُلْنا: يُورَثُ مُطْلَقًا. صار للوارِثِ بصِفَةِ ما كانَ للمَوْرُوثِ؛ اعْتِبارًا بإحْصانِه. انتهى. وقال فى «القَواعِدِ»: ويَسْتَوْفِيه الوَرَثَةُ بحُكْمِ الإرْثِ عندَ القاضى. وقال ابنُ عَقِيلٍ فيما قَرَأْتُه بخَطِّه: إنَّما يُسْتَوْفَى للمَيِّتِ بمُطالَبَتِه منه، ولا ينْتَقِلُ، وكذا الشُّفْعَةُ فيه، فإنَّ مِلْكَ الوارِثِ وإنْ كان طارِئًا على البَيْعِ إلَّا أنَّه مَبْنِىٌّ على مِلْكِ مَوْرُوثِه. انتهى. وذكَر فى «الانْتِصارِ» رِواية، أنَّه لا يُوَرَّثُ حدُّ قَذْفٍ ولو طلَبَه مقْذُوفٌ، كحَدِّ الزِّنَى. وتقدَّم ذلك آخِرَ خِيارِ الشَّرْطِ. فائدتان؛ إحْداهما، حقُّ القَذْفِ لجميعِ الوَرَثَةِ، حتى أحَدِ الزَّوْجَيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقيل: لهم سِوَى الزَّوْجَيْن. وهو قولُ القاضى فى موْضعٍ مِن كلامِه. وقال فى «المُغْنِى»: هو للعَصَبَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِ الأَدِلَّةِ»: يرِثُه الإِمامُ أيضًا فى قِياسِ المذهبِ، عندَ عدَم الوارِثِ. وتقدَّم نطرُه فى مَن ماتَ وعليه صَوْمٌ أو غيرُه فى بابِ ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ، وحُكْمُ القَضاءِ.

وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُتِلَ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو عَفَا بعضُهم، حُدَّ للباقى كامِلًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وقيل: يَسْقُطُ. قالَه فى «الفُروعِ» ولم أرَهُ لغيرِه. وقال ابنُ نَصْر اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لعَلَّه. وقيل: بقِسْطِه. انتهى. قلتُ: ويدُلُّ ما يأْتى قريبًا عليه. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ ماتَ بعدَ طلَبِه، مَلَكَه وارِثُه، فإنْ عَفَا بعضُهم، حُدَّ لمَن طلَب بقِسْطِه، وسقَط قِسْطُ مَن عفَا، بخِلافِ القَذْفِ إذا عفَا بعضُ الوَرَثَةِ، لأَنَّ القَذْفَ لا يتَبَعَّضُ، وهذا يتَبَعَّضُ. قوله: ومَن قذَف أُمَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُتِلَ، مُسْلِمًا كانَ أَو كافِرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. ويكْفُرُ المُسْلِمُ بذلك. وعليه الأصحابُ. وعنه، إنْ تابَ لم يُقْتَلْ. وعنه، لا يُقْتَلُ الكافِرُ إذا أسْلَمَ. وهى مُخَرَّجةٌ مِن نصِّه فى التَّفْرِقَةِ بينَ السَّاحِرِ المُسْلِمِ والسَّاحِرِ الذِّمِّىِّ، على ما يأتِى. قال فى «المَنْثُورِ»: وهذا كافِرٌ قُتِلَ مِن سَبِّه، فيُعايَى بها. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعَايةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قذْفُه، عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، كقَذْفِ أُمِّه، ويسْقُطُ سبُّه بالإِسْلامِ، كسَبِّ اللَّهِ تعالَى. وفيه خِلافٌ فى المُرْتَدِّ. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وكذا مَن سبَّ نِساءَه؛ لقَدْحِه [فى دِينه] (¬1)، وإنَّما لم يقْتُلْهم لأنهم تكلَّمُوا قبلَ عِلْمِه ببرَاءَتها (¬2)، وأنَّها مِن أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عَنْهُنَّ؛ لإمْكانِ المُفارَقَةِ، فتَخْرُجُ بالمُفارَقَةِ مِن أُمَّهاتِ المُؤمِنِينَ، وتحِلُّ لغيرِه فى وَجْهٍ. وقيل: لا. وقيل: فى غيرِ مدْخُولٍ بها. الثَّانيةُ، اخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» كُفْرَ مَن سبَّ أُمَّ نَبِىٍّ مِنَ الأنْبِياءِ أيضًا غيرِ نَبِيِّنا، صلَواتُ اللَّه وسلامُه عليهم أجْمَعِين، كأمِّ نَبِيِّنا سواءً عندَه. قلتُ: وهو عَيْنُ الصَّوابِ الذى لا شكَّ فيه، ولعَلَّه مُرادُهم، وتعْلِيلُهم يدُلُّ عليه، ولم يذْكُرُوا ما يُنافِيه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) يعنى عائشة رضى اللَّه عنها التى أنزل اللَّه براءتها من حديث الإفك.

وَإِنْ قَذَفَ الْجَمَاعَةَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدةٍ، فَحَدٌّ وَاحِدٌ إِذَا طَالَبوا أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ، إِنْ طَالَبوا مُتَفَرِّقِينَ، حُدَّ لكل وَاحِدٍ حدًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قذَف الجَمَاعَةَ بكَلِمَةٍ واحِدَةٍ، فحَدٌّ واحِدٌ إذا طالبُوا، أَو واحِدٌ منهم. فيُحَدُّ لمَن طلَب، ثم لا حَدَّ بعدَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمهُ اللَّهُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

وإنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ، حُدَّ لِكُلِّ واحِدٍ حدًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، إنْ طالَبُوا مُتفَرِّقِينَ، حُدَّ لكُلِّ واحدٍ حدًّا، وإلَّا حَدٌّ واحِدٌ. وعنه، يُحَدُّ لكُلِّ واحدٍ حدًّا مُطْلَقًا. وعنه، إنْ قذَف امْرَأتَه وأجْنَبِيَّةً، تعَدَّدَ الواجِبُ هنا. اخْتارَه القاضى وغيرُه، كما لو لاعَنَ امْرَأتَه. قوله: وإنْ قَذَفَهم بكَلِماتٍ، حُدَّ لكلِّ واحِدٍ حَدًّا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قال فى «الفُروعِ»: تعَدَّدَ الحَدُّ على الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، حَدٌّ واحِدٌ. وعنه، إنْ تعَدَّدَ الطَّلَبُ، تعَدَّدَ الحدُّ، وإلَّا فلا. تنبيه: محَلُّ ذلك إذا كانُوا جَماعةً يُتَصَوَّرُ [منهم الزِّنَى، أمَّا إنْ كان لا يُتَصَوَّرُ] (2) مِن جميعِهم، فقد تقدَّم ذلك.

وِإنْ حُدَّ لِلْقَذْفِ، فَأَعَادَهُ، لم يُعَدْ عَلَيْهِ الْحَدُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وِإنْ حُدَّ للقَذْفِ، فأعَادَه، لم يُعَدْ عليه الحَدُّ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ولو بعدَ لِعانِه زَوْجَتَه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يتعَدَّدُ مُطْلَقًا. وقيل: يُحَدُّ إنْ كانَ حدًّا، أو لَاعَنَ. نقَلَه حَنْبَلٌ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فوائد؛ الأُولَى، متى قُلْنا: لا يُحَدُّ هنا. فإنَّه يُعَزَّرُ، وعلى كِلا الرِّوايتَيْن لا لِعانَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُلاعِنُ، إلَّا أَنْ يَقْذِفَها بزِنًى لَاعنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه مرًّةً، واعْترَفَ، أو قامَتِ البَيِّنَةُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُلاعِنُ لنَفْى التَّعْزيرِ. الثَّانية، لو قذَفَه بزِنًى آخَرَ بعدَ حدِّه، فعنه، يُحَدُّ. وعنه، لا يُحَدُّ. وعنه، يُحَدُّ مع طُولِ الزَّمنِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به فى «الكافِى»، و [«المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و] (4) «النَّظْمِ». وقال: يُحَدُّ مع قُرْبِ الزَّمانِ فى الأُولَى. [وأَطْلَقَ الأخِيرتَيْن فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»] (¬1). وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ قذَفَه بزِنًى آخَرَ عَقِيبَ حَدِّه، فرِوايَتان؛ إحْداهما، يجبُ حدَّان. والثَّانيةُ، حَدٌّ وتعْزِيرٌ. وإنْ قَذَفَه بعدَ مُدَّةٍ، حُدَّ على الأصحِّ. قال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ قذف أجْنَبِيَّةً ثم نكَحَها قبلَ حدِّه، فقذَفَها؛ فإنْ طالبَتْ بأَوَّلِهما فحُدَّ، ففى الثَّانى رِوايَتان، وإنْ طالبَتْ بالثَّانى، فثَبَتَ ببَيِّنَةٍ، أو لاعَنَ، لم يُحَدَّ للأوَّلِ. الثَّالثةُ، مَن تابَ مِنَ الزِّنَى ثم قُذِفَ، حُدَّ قاذِفُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُعَزَّرُ فقط. واخْتارَ فى «التَّرْغيبِ»: يُحَدُّ بقَذْفِه بزِنى جديدٍ لكَذِبِه يقِينًا. الرَّابعةُ، لو قذَف مَن أقَرَّتْ بالزِّنَى مَرةً -وفى «المُبْهِجِ» (1) أرْبَعًا- أو شَهدَ به اثْنان، أو شَهِدَ أرْبَعَةٌ بالزِّنى، فلا لِعانَ، ويُعَزَّرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لا يُعَزَّرُ. الخامسةُ، لا يُشْتَرَطُ لصِحَّةِ تَوْبَةٍ مِن قَذْفٍ وغِيبَةٍ ونحوِهما إعْلامُه والتَّحَلُّلُ منه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ] (¬1). وقال القاضى، والشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ: يَحْرُمُ إعْلامُه. ونقَل مُهَنَّا، لا يَنْبَغِى أَنْ يُعْلِمَه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: والأَشْبَهُ أنه يخْتلفُ. وعنه، يُشْتَرَطُ لصِحَّتِها إعْلامُه. قلتُ: وهى بعيدَةٌ على إطْلاقِها. وقيل: إنْ عَلِمَ به المَظْلومُ، وإلا دعَا له واسْتَغْفَرَ ولم يُعْلِمْه. وذَكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عن أكثرِ العُلَماءِ، قال: وعلى الصَّحيحِ مِنَ الرِّوايتَيْن، لا يجبُ الاعْتِرافُ لو سألَه، فيُعَرِّضُ ولو مع اسْتِحْلافِه؛ لأنَّه مَظْلومٌ لصِحَّةِ تَوْبَتِه، ومَن جوَّزَ التَّصْرِيحَ فى الكَذِبِ المُباحِ، فهُنا فيه نظَرٌ، ومع عدَمِ التَّوْبَةِ والإِحْسانِ، تعْرِيضُه كَذِبٌ، ويَمِينُه غَمُوسٌ. قال: واخْتِيارُ أصحابِنا لا يُعْلِمُه، بل يدْعُو له فى مُقابلَةِ مظْلَمَتِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا: وزِنَاه بزَوْجَةِ غيرِه كالغِيبَةِ. قلتُ: بل أوْلَى بكثيرٍ. والذى لا شكَّ فيه، أنَّه يتعَيَّنُ عليه أَنْ لا يُعْلِمَه، وإنْ أعْلَمَه بالغِيبَةِ، فإنَّ ذلك يُفْضِى فى الغالبِ إلى أمْرٍ عظيمٍ، ورُبَّما أفْضَى إلى القَتْلِ. وذكَر الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: إنْ تأذَّى بمَعْرِفَتِه، كزِنَاه بجارِيتِه وأهْلِه وغِيبَتِه بعَيْبٍ خفِىٍّ يعْظُمُ أذاه به، فهُنا لا طَرِيقَ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّه، ويَبْقَى عليه مَظْلِمَةٌ ما، فيَجْبُرُه بالحَسَناتِ، كما تُجْبَرُ مظْلِمَةُ المَيِّتِ والغائبِ. انتهى. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى زِناه بزَوْجَةِ غيرِه احْتِمالًا لبَعْضِهم، لا يصِحُّ إحْلالُه منه؛ لأنَّه ممَّا لا يُسْتباحُ بإباحَتِه ابْتِداءً. قلتُ: وعندِى أنَّه يَبْرَأُ وإنْ لم يمْلِكْ إباحَتَها ابْتِداءً؛ كالذَّمِّ والقَذْفِ. قال: ويَنْبَغِى اسْتِحْلالُه؛ فإنَّه حقُّ آدَمِىٍّ. قال، فى «الفُروعِ»: فدَلَّ كلامُه أنَّه لو أصْبَحَ فتصَدَّقَ بعِرْضِه على النَّاسِ، لم يَمْلِكْه، ولم يُبَحْ، وإسْقاطُ الحقِّ قبلَ وُجودِ سبَبِه لا يصِحُّ، وإذنُه فى عِرْضِه كإذْنِه فى قَذْفِه، و (¬1) هى كإذْنِه فى دَمِه ومالِه. وفى طريقَةِ بعضِ أصحابِنا: ليس له إباحَةُ المُحَرَّمِ، ولهذا لو رَضِىَ بأنْ يُشْتَمَ أو يُغْتابَ، لم يُبَحْ ذلك. انتهى. فإنْ أعْلَمَه بما فَعَل، ولم يُبيِّنْه , فحَلَّلَه، فهو كإبْراءٍ مِن مَجْهولٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: لا يكْفِى الاسْتِحْلالُ المُبْهَمُ؛ لجَوازِ أنه لو عرَفَ قَدْرَ ظُلْمِه، لم تَطِبْ نفْسُه بالإِحْلالِ. إلى أَنْ قال: فإنْ تعَذَّرَ، فيُكْثِرُ الحَسَناتِ، فإنَّ اللَّهَ يحْكُمُ عليه ويُلْزِمُه قَبُولَ حَسَناتِه مُقابلَةً لجِنايَتِه عليه، كمَن أتْلَفَ مالًا، فجاءَ بمِثْلِه، فأبَى (¬2) قَبُولَه وأَبْرَأَه، حَكَمَ الحاكِمُ عليه بقَبْضِه. ¬

(¬1) زيادة من: الفروع 6/ 98. (¬2) فى ط، أ: «وأبى».

باب حد المسكر

بَابُ حَدِّ المُسْكِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حدِّ المُسْكِرِ

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ، مِنْ أَىِّ شَىْءٍ كَانَ، وَيُسَمَّى خَمْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: كلُّ شَرابٍ أسْكَرَ كَثيرُه، فقَليلُه حَرامٌ، مِن أَىِّ شئٍ كان، ويُسَمَّى خَمْرًا. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعَةِ. وعليه الأصحابُ. وأباحَ إبْراهِيمُ الحَرْبِىُّ، مِن نَقِيعِ التَّمْرِ إذا طُبِخَ ما دُونَ السُّكْرِ. قال الخَلَّالُ: فُتْيَاه على قولِ أبى حَنِيفَةَ. وذكَر أبو الخَطَّابِ فى ضِمْنِ مسْألَةِ جَوازِ التَّعَبُّدِ بالقِياسِ، أنَّ الخَمْرَ إذا طُبِخَ، لم يُسَم خَمْرًا، ويَحْرُمُ إذا حدَثَتْ فيه الشِّدَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُطْرِبَةُ. ثم صرَّح فى مَنْعِ ثُبوتِ الأسْماءِ بالقِياسِ، أنَّ الخَمْرَ إنَّما سُمِّىَ خَمْرًا؛ لأنَّه عَصِيرُ العِنَبِ المُشْتَدُّ، ولهذا يقولُ القائلُ: أمَعَكَ نَبِيذٌ، أم خَمْرٌ؟ قال: وقولُه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «الخَمْرُ مِن هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ» (¬1). وقولُ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عنه: الخَمْرُ ما خَامَرَ العَقْلَ. مَجازٌ؛ لأنَّه يعْمَلُ عمَلَها مِن ¬

(¬1) أخرجه مسلم، فى: باب بيان أن جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخلة والعنب يسمى خمرًا، من كتاب الأشربة صحيح مسلم 3/ 1573. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الحبوب التى يتخذ منها الخمر، من أبواب الأشربة. عارضة الأحوذى 8/ 65. والنسائى، فى: باب تأويل قول اللَّه تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}، من كتاب الأشربة. المجتبى 8/ 261. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 279، 408، 409، 474، 496، 518، 526.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهٍ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: إنْ قصَد بذلك نَفْىَ الاسْمِ فى الحَقيقَةِ اللُّغَوِيةِ دُونَ الشَّرْعِيَّةِ، فله مَساغٌ، فإنَّ مقْصُودَنا يحْصُلُ بأنْ يكونَ اسْمُ الخَمْرِ فى الشَّرْعِ يعُمُّ الأشْرِبَةَ المُسْكِرَةَ، وإنْ كانتْ فى اللُّغَةِ أخَصَّ، وإنِ ادَّعَى أنَّ الاسْمَ الحقِيقِىَّ مسْلوبٌ مُطْلَقًا، فهذا -مع مُخالَفَتِه لنَصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ- خِلافُ الكتابِ والسُّنَّةِ، وهو تأْسيسٌ لمذهبِ الكُوفِيِّين، ويترَتَّبُ عليه، إذا حلَف أَنْ لا يشْرَبَ خَمْرًا. انتهى.

وَلَا يَحِلُّ شُرْبُهُ لِلَذَّةٍ، وَلَا لِلتَّدَاوِى، وَلَا لِعَطَشٍ، وَلَا غَيْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُحَدُّ باليَسِيرِ المُخْتَلَفِ فيه. ذكَرَها ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الوَاضِحِ». نقَلَها ابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه» عنه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وُجوبَ الحدِّ بأكْلِ الحَشِيشَةِ القِنَّبيَّةِ. وقال: هى حرامٌ؛ سواءٌ سَكِرَ منها، أو لم يسْكَرْ، والسُّكْرُ منها حَرامٌ باتفاقِ المُسْلِمينَ، وضرَرُها مِن بعضِ الوُجوهِ أعْظَمُ مِن ضرَرِ الخَمْرِ. قال: ولهذا أوْجَبَ الفُقَهاءُ بها الحدَّ، كالخَمْرِ. وتوَقَّفَ بعضُ المُتأَخِّرينَ فى الحدِّ بها، وأنَّ أكْلَها يُوجبُ التَّعْزِيرَ بما دُونَ الحدِّ فيه نظَرٌ؛ إذ هى داخِلَةٌ فى عُمومِ ما حرَّم اللَّهُ، وأكَلَتُهاَ ينْتَشُونَ عنها ويشْتَهُونَها كشَرابِ الخَمْرِ وأكثرَ، وتصُدُّهم عن ذِكْرِ اللَّهِ، وإنَّما لم يتَكَلَّمِ المُتَقَدِّمُونَ فى خُصوصِها؛ لأَنَّ أكْلَها إنَّما حدَث فى أوَاخِرِ المِائَةِ السَّادِسَةِ، أو قريبًا مِن ذلك، فكان ظُهورُها مع ظُهورِ سَيْفِ جَنْكِيزخَان. انتهى. قوله: ولا يَحِلُّ شُرْبُه للَذَّةٍ، ولا للتَّداوِى، ولا لعَطَش، ولا غيرِه، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْه لدَفْعِ لُقمَةٍ غُصَّ بها، فيَجُوزُ. يعْنِى، إذا لم يجِدْ غيرَه؛ بدَليلِ قولِه:

إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ، لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا، فَيَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إليه. قال فى «الفُروعِ»: وخافَ تَلَفًا.

وَمَنْ شَرِبَهُ مُخْتَارًا عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو وجَد بَوْلًا، والحالَةُ هذه، قُدِّمَ على الخَمْرِ؛ لوجوبِ الحدِّ بشُرْبِه دون البَوْلِ، فهو أخَفُّ تحْريمًا. [وقطَع به صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهما] (¬1). ولو وجدَ ماءً نَجِسًا، قُدِّم عليهما. قوله: ومَن شَرِبَه مُخْتَارًا عَالِمًا أنَّ كَثِيرَه يُسْكِرُ، قَلَيلًا كان أو كَثِيرًا، فعليه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً. وَعَنْهُ، أَرْبَعُونَ إِنْ كَاْنَ حُرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَدُّ ثَمَانُون جَلْدَةً. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرازِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَجْريدِ العنايةِ»، وغيرِهم. وعنه، أرْبَعُون. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «التَّسْهيلِ». وأَطلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المَذْهَبِ الأحمدِ». وجوَّز الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، الثَّمانِينَ للمَصْلَحَةِ، وقال: هى الرِّوايَةُ الثَّانيةُ. فالزِّيادَةُ عندَه (¬1) على الأرْبَعِين إلى الثَّمانِين ليستْ واجِبَةً على الإِطْلاقِ، ولا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُحَرَّمَةً على الإِطْلاقِ، بل يُرْجَعُ فيها إلى اجْتِهادِ الإِمامِ، كما جوَّزْنا له الاجْتِهادَ فى صِفَةِ الضَّرْبِ فيه بالجَرِيدِ، والنِّعالِ، وأطْرافِ الثِّيابِ، بخِلافِ بقِيَّةِ الحُدودِ. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: وهذا القولُ هو الذى يقُومُ عليه الدَّليلُ. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا، يُقْتَلُ شارِبُ الخَمْرِ فى الرَّابِعَةِ عندَ الحاجَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى قَتْلِه، إذا لم يَنْتَهِ النَّاسُ بدُونِه. انتهى. وتقدَّم فى كتابِ الحُدودِ، أنَّه لا يُحَدُّ حتى يصْحُوَ. تنبيه: مفْهومُ قولِه: مخْتارًا. أنَّ غيرَ المُخْتارِ لشُربِها لا يُحَدُّ؛ وهو المُكْرَهُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ منهم. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. وعنه، عليه الحَدُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ». وظاهرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، أنَّ مَحَلَّ الخِلافِ إذا قُلْنا: [يَحْرُمُ شُرْبُهَا] (¬1). فوائد؛ الأُولَى، إذا أُكْرِهَ على شُرْبِها، حلَّ شُرْبُها. على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، وفى ط: «يحرم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، لا يحِلُّ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. ذكَرَهما القاضى فى «التَّعْليقِ»، وقال: كما لا يُباحُ لمُضْطَرٍّ. الثَّانيةُ، الصَّبْرُ على الأذَى أفْضَلُ مِن شُرْبها. نصَّ عليه. وكذا كلُّ ما جازَ فِعْلُه للمُكْرَهِ. ذكَرَه القاضى وغيرُه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: رخَّصَ أكثرُ العُلَماءِ فيما يُكْرَهُ عليه مِنَ المُحَرَّماتِ لحقِّ اللَّهِ، كأَكْلِ المَيْتَةِ، وشُرْبِ الخَمْرِ. وهو ظاهرُ مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. الثَّالثةُ، قولُه: عالِمًا. بلا نِزاع. لكِنْ لو ادَّعَى أنَّه جاهِلٌ بالتَّحْريمِ، مع نُشوئِه بينَ المُسْلِمِين، لم يُقْبَلْ، وإلَّا قُبِلَ. ولا تُقْبَلُ دَعْوَى الجَهْلِ بالحَدِّ. قالَه ابنُ حَمْدانَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابِعَةُ، لو سَكِرَ فى شهرِ رمَضانَ، جُلِدَ ثَمانِين حدًّا، وعِشْرِينَ تعْزِيرًا. نقَلَه صالِحٌ. ونقَل حَنْبَلٌ، يُغَلَّظُ عليه، كمَن قَتَل فى الحَرَمِ. واخْتارَه بعضُ الأصحابِ. ذكَرَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: إذا سَكِرَ فى رَمضانَ، غُلِّظَ حدُّه. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، يُعَزَّرُ بعشَرَةٍ فأَقَلَّ. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): عُزِّرَ بعِشْرِين لفِطْرِه. الخامسةُ، يُحَدُّ مَن احْتَقَنَ بها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه، كما لو استَعطَ بها، أو عَجَنَ بها (¬2) دَقِيقًا فأكَلَه. وقيل: لا يُحَدُّ مَنِ احْتَقَنَ بها. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، واخْتارَاه. واخْتارَ أيضًا، أنَّه لا يُحَدُّ إذا عجَن به دقيقًا وأكَلَه. وقال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والعِشْرِين»: لو خلَط خَمْرًا بماءٍ، واسْتُهْلِكَ فيه، ثم شَرِبَه، لم يُحَدَّ على المَشْهورِ؛ وسواءٌ قيلَ بنَجاسَةِ الماءِ، أَوْ لا. وفى «التَّنْبِيهِ» لأبى بَكْرٍ، مَن لَتَّ بالخَمْرِ سَوِيقًا، أو صَبَّها فى لَبَنٍ أو ماءٍ جارٍ، ثم شَرِبَها، فعليه الحدُّ. ولم يُفَرقْ بينَ الاسْتِهْلاكِ وعدَمِه. انتهى. وأمَّا إذا خَبَزَ العَجِينَ، فإنَّه لا يُحَدُّ بأَكْلِ الخُبْزِ؛ لأَنَّ النَّارَ أكَلَتْ أجْزاءَ الخَمْرِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. ونقَل حَنْبَلٌ، يُحَدُّ إنْ تَمَضْمَضَ به. وكذا روَاه بَكْرُ بنُ محمدٍ، عن أبِيه (¬3)، فى الرَّجُلِ يَسْتَعطُ بالخَمْرِ، أو يحْتَقِنُ به، أو يتَمَضْمَضُ به، أَرَى، عليه الحدُّ. ذكَرَه القاضى فى «التَّعْليقِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو مَحْمولٌ على أنَّ المَضْمَضَةَ وصلَتْ إلى حَلْقِه. وذكَر ما نقَله حَنْبَلٍ فى «الرِّعَايةِ» قوْلًا، ثم قال: ¬

(¬1) انظر: المغنى 12/ 525. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) لعله محمد بن العباس بن الوليد النسائى، أبو العباس، صاحب أبى ثور الفقيه، روى عن الإمام أحمد، وعنه محمد بن جعفر الأدمى، وكان ثقة. تاريخ بغداد 3/ 110، 111.

وَالرَّقِيقُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا الذِّمِّىَّ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِشُرْبِهِ، فى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو بعيدٌ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: إنْ وصَلَ جَوْفَه، حُدَّ. قوله: إِلَّا الذِّمِّىَّ، فإنه لا يُحَدُّ بشُرْبِه، فى الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ». وكذا الحَرْبِىُّ المُسْتَأْمِنُ. وهذا المذهبُ كما قال، وعليه جماهيرُ

وَهَلْ يَجِبُ الْحَدُّ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: المذهبُ، لا يُحَدُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال فى «البُلْغَةِ»: ولو رَضِىَ بحُكْمِنا؛ لأنَّه لم يلْتَزِمْ الانْقِيادَ فى مُخالفَةِ دِينه. وعنه، يُحَدُّ الذِّمِّىُّ دُونَ الحَرْبِىِّ. وعنه، يُحَدُّ إنْ سَكِرَ. واخْتارَه فى «المُحَرَّرِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وكلامُ طائفةٍ مِنَ الأصحابِ يُشْعِرُ ببِناءِ هذه المسْألَةِ على أنَّ الكُفَّارَ، هل هم مُخاطَبُون بفُروعِ الإِسْلامِ أمْ لا؟ فقال الزَّرْكَشِىُّ: وقد تُبْنَى الرِّوايَتان على تكْليفِهم بالفُروعِ، لكِنَّ المذهبَ ثَمَّ -قطْعًا- تَكْلِيفُهم بها. قوله: وهل يُحَدُّ بوُجُودِ الرائِحَةِ؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «مَسْبوكٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»؛ إحْداهما، لا يُحَدُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ»، و «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الفُصولِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُحَدُّ إذا لم يدَّعِ شُبْهَةً. قال ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ»: هذه أظْهَرُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. واخْتارَها ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وقدَّمها فى «المُسْتَوْعِبِ». وعنه، يُحَدُّ وإنِ ادَّعَى شُبْهَةً. ذكَرَها فى «الفُروعِ». وذكَر هذه المَسْأَلَةَ فى آخرِ بابِ حدِّ الزِّنى. وأطْلقَهُنَّ فى «تجْريدِ العنايةِ». ونقَل الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ: يُؤدَّبُ برائِحَتِه. واخْتارَه الخَلَّالُ، كالحاضِرِ مع مَن يشْرَبُه. نقَلَه أبو طالِبٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو وُجِدَ سَكْرَانَ، أو (¬1) قد تقَيَّأَ الخَمْرَ، فقيلَ: حُكْمُه ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حكمُ الرَّائحَةِ. قدَّمه فى «الفُصولِ» وجزَم به فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يُحَدُّ هنا وإنْ لم نَحُدَّه بالرَّائحَةِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الإِرْشادِ». وهذا المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه فى الخُطْبَةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، يثْبُتُ شُرْبُه للخَمْرِ بإقْرارِه مرَّةً، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كحدِّ القَذْفِ. جزَم به فى «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعنه، مرَّتَيْن. اخْتارَه القاضى وأصحابُه. وصحَّحه النَّاظِمُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وجعَل أبو الخَطَّابِ، أنَّ بقِيَّةَ الحُدودِ لا تثْبُتُ إلَّا بإقْرِارِه مرتَيْن. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»، فى حدِّ الخَمْرِ بمَرَّتَيْن: وإنْ سلَّمْناه فلأنه لا يتَضَمَّنُ إتْلافًا، بخِلافِ حدِّ السَّرِقَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم يُفَرِّقُوا بينَ حدِّ القَذْفِ وغيرِه، إلَّا بأنَّه حقُّ آدَمِى كالقَوَدِ. فدَلَّ على رِوايةٍ فيه، قال: وهذا مُتَّجِهٌ. ويثْبُتُ أيضًا شُرْبُها بشَهادَةِ عدْلَيْن مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ويُعْتَبَرُ قوْلُهما: عالِمًا بتَحْريمِه مُخْتارًا. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايةِ الكُبْرى».

وَالْعَصِيرُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، حَرُمَ، إِلَّا أَنْ يَغْلِىَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَحْرُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والعَصِيرُ إذا أَتَتْ عليه ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، حَرُمَ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصْحابُ. وبيَّن ذلك فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فقالوا: بلَيالِيهِنَّ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يَحْرُمُ ما لم يُغْلَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وحمَل كلامَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، على ذلك؛ فقال فى «الهِدايَةِ»: وعندِى أنَّ كلامَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، مَحْمولٌ على عَصِيرٍ يتَخَمَّرُ فى ثلاثٍ غالِبًا. فائدة: لو طُبِخَ قبلَ التَّحْريمِ، حَلَّ إنْ ذهَب ثُلُثاه وبَقِىَ ثُلُثُه. وهذا المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وقطَع به أكثرُ. قال أبو بَكْرٍ: هو إجْماعٌ مِنَ المُسْلِمِين. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغْنِى»، [والشَّارِحُ، وغيرُهما: الاعْتِبارُ فى حِلِّه عدَمُ الاسْكارِ؛ سواءٌ ذهَب بطَبْخِه ثُلُثَاه أو أقَلُّ أو أكثرُ] (¬1)، [أو لم يُسْكِرْ] (¬2). قوله (¬3): إلَّا أَنْ يغْلِىَ قبلَ ذلك، فيَحْرُمُ. نصَّ عليه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، إذا غَلَى اكْرَهُه وإنْ لم يُسْكِرْ، فإذا أسْكَرَ فحرامٌ. وعنه، الوَقْفُ فيما نَشَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَصِيرٍ يَتَخَمَّرُ فى ثَلَاثٍ غَالِبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَتْرُكَ فى الْمَاءِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَنَحْوَهُ، لِيَأَخُذَ مُلُوحَتَهُ، مَا لَمْ يَشْتَدَّ، أَوْ يَأْتِىَ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ. وَلَا يُكْرَهُ الْانْتِبَاذُ فى الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُكْرَهُ أَنْ يَتْرُكَ فى الماءِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا ونحوَه؛ ليأخُذَ مُلُوحَتَه، ما لم يشْتَدَّ، أو يأْتِىَ عليه ثَلَاثٌ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، إذا نقَع زَبِيبًا أو تَمْرَ هِنْدِىٍّ أو عُنَّابًا ونحوَه؛ لدَواءٍ، غَدْوَةً ويَشْرَبُه عَشِيَّةً، أو عَشِيَّةً ويشْرَبُه غَدْوَةً، هذا نَبِيذٌ أكْرَهُه، ولكِنْ يطْبُخُه ويشْرَبُه على المَكانِ، فهذا ليس نبيذًا. فائدة: لو غَلَى العِنَبَ، وهو عِنَبٌ على حالِه، فلا بأْسَ به. نقَلَه أبو داودَ، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قوله: ولا يُكْرَهُ الانْتِباذُ فى الدُّبَّاءِ، والحَنْتَمِ، والنَّقِيرِ، والمُزَفَّتِ. هذا

وَعَنْهُ، يُكْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ بلا رَيْب. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَبِذَ شَيْئَيْنِ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وعنه، يُكْرَهُ. قال الخَلَّالُ: عليه العَمَلُ. وذكَر ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «الهَدْى» رِوايةً، أنَّه يَحْرُمُ. وعنه، يُكْرَهُ فى هذه الأوْعِيَةِ وفى غيرِها، إلَّا سِقاءً يُوكَى (¬1) حيثُ بَلَغَ الشَّرابُ، ولا يُتْرَكُ يتَنَفَّسُ. نقَله جماعَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. ونقَل أبو داودَ، ولا يُعْجِبُنِى إلَّا هو. ونقَل جماعةٌ، أنَّه كَرِه السِّقَاءَ الغَلِيظَ. قوله: ويُكْرَهُ الخَلِيطان، وهو أَنْ يَنْتَبِذَ شَيئَيْن، كالتَّمْرِ والزَّبِيبِ. وكذا البُسْرُ والتَّمْرُ ونحوُه. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ ¬

(¬1) الوكاء: الخيط الذى تشد به السرة أو الكيس وغيره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وعنه، يَحْرُمُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ». قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: الخَلِيطان حَرامٌ. قال القاضى: يعْنِى أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، بقوْلِه: حرامٌ. إذا اشْتَدَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأسْكَرَ، وإذا لم يُسْكِرْ، لم يحْرُمْ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: وهذا هو الصَّحيحُ. وعنه، لا يُكْرَهُ. اخْتارَه فى «التَّرْغيبِ». قال فى «المُغْنِى»،

وَلَا بَأْسَ بِالْفُقَّاعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»: لا يُكْرَهُ ما كان فى المُدَّةِ اليسِيرَةِ، ويُكْرَهُ ما كان فى مدَّةٍ يَحْتَمِلُ إفْضاؤُه [فيها إلى الإِسْكارِ] (¬1). ولا يَثْبُتُ التَّحْريمُ ما لم يُغْلَ، أو تَمْضِ عليه ثلاثةُ أَيَّامٍ. فائدة: يُكْرهُ انْتِباذُ المُذَنِّبِ (¬2) وحدَه. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: ولا بَأْسَ بالفُقَّاعِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابِ، لأنَّه لا يُسْكِرُ، ويفْسُدُ إذا بَقِىَ. وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ. ذكَرَها فى «الوَسِيلَةِ». قال فى «تَجْريدِ العنايةِ»: وشَذَّ مَن نَقَل تحْرِيمَه. ¬

(¬1) فى الأصل: «إلا الإشكال». (¬2) المُذَنِّبِ: الذى بدأ فيه الإرطاب من قبل طرفه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: جعَل الإِمامُ أحْمَدُ، رَحِمَه اللَّهُ، وَضعَ زَبِيب فى خَرْدَلٍ كعَصِير، وأنَّه إنْ صُبَّ فيه خَلٌّ أُكِلَ.

باب التعزير

بَابُ التَّعْزِيرِ وَهُوَ التَّأْدِيبُ، وَهُوَ وَاجِبٌ فِى كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، كَالْاسْتِمْتَاعِ الَّذِى لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإتْيَانِ الْمَرأَةِ الْمَرأَةِ، وَسَرِقَةِ مَا لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّاسِ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَى وَنَحْوِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ التَّعْزيرِ قوله: وهو واجِبٌ فى كلِّ مَعْصيةٍ لا حَدَّ فيها ولا كَفَّارَةَ، كالاسْتِمْتاعِ الذِى لا يُوجِت الحَدَّ، وإتْيانِ المَرْأَةِ المَرْأَةَ، وسَرِقَةِ ما لا يُوجِبُ القَطْعَ، والجِنايَةِ على النَّاسِ بما لا قِصاصَ فيه، والقَذْفِ بغيرِ الزِّنَى، وَنَحوِه. إذا كانتِ المعْصِيةُ لا حدَّ فيها ولا كفَّارةَ -كما مثَّل المُصَنِّفُ- وفَعَلَها، فإنَّه يُعَزَّرُ. وقد يفْعَلُ معْصِيةً لا كفَّارةَ فيها ولا حدَّ ولا تَعْزيرَ أيضًا، كما لو شتَم نفْسَه أو سبَّها. قالَه القاضى. ومالَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، إلى وُجوبِ التَّعْزيرِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه. وإنْ كان فيها حدٌّ، فقد يُعَزَّرُ معه. وقد تقدَّم بعضُ ذلك، فى مَسائِلَ متفَرِّقَةٍ؛ منها، الزِّيادةُ على الحدِّ إذا شَرِبَ الخَمْرَ فى رَمَضانَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: ولا يُشْرَعُ التَّعْزيرُ فيما فيه حدٌّ، إلَّا على ما قالَه أبو العَبَّاسِ ابنُ تَيْمِيَّةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى شارِبِ الخمرِ، يعْنِى فى جَوازِ قَتْلِه، وفيما إذا أَتَى حدًّا فى الحَرَمِ، فإنَّ بعضَ الأصحابِ قال: يُغَلَّظُ. وهو نَظيرُ تغْليظِ الدِّيَةِ بالقَتْلِ فى ذلك. انتهى. وإنْ كانتِ المَعْصِيةُ فيها كفَّارَةٌ، كالظِّهارِ، وقَتْلِ شِبْهِ العَمْدِ ونحوِه، كالفِطْرِ فى رَمَضانَ بالجِماعِ، فهذا لا تعْزِيرَ فيه مع الكفَّارةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وصاحبِ «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: وهو الأَشْهَرُ. واخْتارَه القاضى، ذَكَرَه عنه فى «النُّكَتِ». وقيل: يُعَزَّرُ أيضًا. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، [و «الزَّرْكَشِىِّ». قال فى «الفُروعِ»] (1): وقوْلُنا: لا كفَّارَةَ. فائدَتُه فى الظِّهارِ، وشِبْهِ العَمْدِ، ونحوِهما، لا فى اليَمِينِ الغَمُوسِ إنْ وجبَتِ الكفَّارةُ، لاخْتِلافِ سبَبِها وسَبَبِ التَّعْزيرِ، فيَجِبُ التَّعْزيرُ مع الكفَّارةِ فيها. قوله: وهو واجِبٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه فى سبِّ الصَّحابِىِّ، كحدٍّ، وكحَقِّ آدَمِىِّ طلَبَه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، منْدوبٌ. نصَّ عليه فى تَعْزيرِ رَقِيقِه على مَعْصِيَةٍ، وشاهِدِ زُورٍ. وفى «الواضحِ»: فى وُجوبِ التَّعْزيرِ رِوايَتانِ. وفى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: إنْ تَشاتَمَ والِدٌ ووَلَدُه، لم يُعَزَّرِ الوالِدُ [لحقِّ وَلَدِه، ويُعَزَّرُ الوَلَدُ لحقِّ والِدِه، ولا يجوزُ تعْزِيرُه إلَّا بمُطالَبَةِ الوالِدِ] (¬1). وفى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» فى قَذْفِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرَةِ: لا يحْتاجُ فى التَّعْزيرِ إلى مُطالَبَةٍ؛ لأنَّه مشْروعٌ لتأْديبِه، فللإمامِ تعْزِيرُه إذا رَآه. قال فى «الفُروعِ»: يُؤيِّدُه نصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى مَن سبَّ صَحابِيًّا؛ يجبُ على السُّلْطانِ تأْدِيبُه. ولم يُقَيِّدْه بطَلَبِ وارِثٍ، مع أنَّ أَكْثَرَهم أو كثيرًا منهم له وارِثٌ. وقد نصَّ فى مَواضِعَ على التَّعْزِيرِ، ولم يُقَيِّدْه. وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، إلا ما تقدَّم فى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ». ويأتِى فى أوَّل بابِ أدَبِ القاضى، إذا افْتاتَ خَصْمٌ على الحاكِمِ، له تعْزِيرُه، مع أنَّه [لا يحْكُمُ] (¬1) لنَفْسِه إجْماعًا، فدَلَّ أنَّه ليس كحَقٍّ آدَمِىٍّ، المُفْتَقِرُ جوازُ إقامَتِه إلى طلَبٍ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارحُ: إنْ كانَ التَّعْزيرُ منْصوصًا عليه، كوَطْءِ جارِيَةِ امْرَأتِه، أوِ المُشْترَكَةِ، وتجب، وإنْ كان غيرَ منْصوصٍ عليه، وجَب إذا رَأى المصْلَحَةَ فيه، أو عَلِمَ أنَّه لا ينْزَجِرُ إلَّا به، وإنْ رأى العَفْوَ عنه، جازَ. ويجِبُ إذا طالَبَ الآدَمِىُّ بحَقِّه. وقال فى «الكافِى»: يجِبُ فى مَوْضعَيْن فيهما الخَبَرُ، إِلَّا إنْ جاءَ تائِبًا، فله تَرْكُه. قال المَجْدُ: فإنْ جاءَ مَن يَسْتَوْجِبُ التَّعْزيرَ تائِبًا، لم يُعَزَّرْ عندِى. انتهى. وإنْ لم يَجِئْ تائِبًا، وجَب. وهو مَعْنَى كلامِه فى «الرِّعايَةِ»، مع أنَّ فيها: له العَفْوُ عن حقِّ اللَّهِ. وقال: إنْ تَشَاتَمَ اثْنانِ عُزِّرَا، ويَحْتَمِلُ عدَمُه. وفى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، يسْقُطُ بعَفْوِ آدَمِىِّ حقُّه وحقُّ السَّلْطَنَةِ. وفيه احْتِمالٌ، لا يسْقُطُ؛ للتَّهْذيبِ (¬2) والتَّقْويمِ. وقال فى «الانْتِصارِ»: وِلو قذَف مُسْلِمٌ كافرًا، التَّعْزيرُ للَّهِ، فلا يسْقُطُ بإسْقاطِه. نقَل المَيْمُونِىُّ فى مَن زَنى صغِيرًا، لم نرَ عليه شيئًا. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ فى صَبِىٍّ قال لرَجُلٍ: يا زانِى. ليس قوْلُه شيئًا. وكذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى أ: «للتهديد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «التَّبْصِرَةِ» أنَّه لا يُعَزَّرُ. وكذا فى «المُغْنِى» وزادَ، ولا لِعانَ، وأنَّه قولُ الأئمَّةِ الثَّلَاثَةِ، رَحِمَهُم اللَّهُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ «فى الرَّدِّ على الرَّافِضِىِّ»: لا نِزاعَ بينَ العُلَماءِ أنَّ غيرَ المُكَلَّفِ، كالصَّبِى المُمَيِّزِ، يُعاقَبُ على الفاحِشَةِ تعْزِيرًا بَلِيغًا. وكذا المَجْنونُ يُضْرَبُ على ما فعَل ليُزْجَرَ، لكِنْ لا عُقوبَةَ بقَتْلٍ أو قَطْعٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وما أوْجَبَ حدًّا على مُكَلَّفٍ، عُزِّرَ به المُمَيِّزُ، كالقَذْفِ. قال فى «الواضِحِ»: مَن شرَع فى عَشْرٍ صَلَحَ تأْدِيبُه فى تَعْزِيرٍ على طَهارَةٍ وصلاةٍ، فكذا مِثْلُه زِنًى. وهو مَعْنَى كلامِ القاضى. وذكَر ما نَقَلَه الشَّالَنْجِىُّ فى الغِلْمانِ يتَمَرَّدُونَ، لا بأْسَ بضَرْبِهم. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما ذكَرَه الشَّيْخُ وغيرُه عنِ القاضى: يجبُ ضَرْبُه على صلاةٍ. وظاهِرُ كلامِهم فى تأْدِيبِه فى الإِجارَةِ والدِّياتِ، أنَّه جائِزٌ. وأمَّا القِصاصُ؛ مثْلَ أَنْ يظْلِمَ صَبِىٍّ صَبِيًّا، أو مَجْنونٌ مجْنونًا، أو بهِيمَةٌ بهِيمَةً، فيقْتَصُّ المَظْلُومُ مِنَ الظَّالِمِ، وإنْ لم يكُنْ فى ذلك زَجْرٌ، لكِنْ لاسْتِيفاءِ المَظْلومِ وأخْذِ حقِّه. وجزَم فى «الرَّوْضَةِ»، إذا زَنَى ابنُ عَشْر، أو بِنْتُ تِسْعٍ، لا بأْسَ بالتَّعْزِيرِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» فى أثْناءِ بابِ المُرْتَدِّ. فائدة: فى جَوازِ عَفْوِ وَلىِّ الأمْرِ عنِ التَّعْزيرِ الرِّوايَتان المُتَقَدِّمَتان فى وُجوبِ التَّعْزيرِ ونَدْبِه. تنبيه: قولُه: كالاسْتِمْتاعِ الَّذى لا يُوجِبُ الحدَّ. قال الأصحابُ: يُعَزَّرُ على ذلك. وقال فى «الرِّعايَةِ»: هل حدُّ القَذْفِ حقٌّ للَّهِ، أو لآدَمِىٍّ؟ وأنَّ التَّعْزِيرَ لِمَا دُونَ الفَرْجِ مثْلُه؟

وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَيُجْلَدُ مِائَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن وَطِئَ أمَةَ امْرَأَتِه، فعليه الحَدُّ -بلا نِزاعٍ فى الجُملةِ- إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَحلَّتْها له، فَيُجْلَدُ مِائَةً. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «العُمْدَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ.

وَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يجْلَدُ مِائَةً إلَّا سَوْطًا. وعنه، يُضْرَبُ عشَرَةَ أسْواطٍ. وهما مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا. قوله: وهل يَلْحَقُه نَسَبُ وَلَدِها؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»،

وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِالإِبَاحَةِ فى غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، يَلْحَقُه نسَبُه (¬1). صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يلْحَقُه نسَبُه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال أبو بَكْرٍ: عليه العَمَلُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: لِمَا لَزِمَه مِنَ الجَلْدِ أوِ الرَّجْمِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: إنْ ظنَّ جوازَه، لَحِقَه، وإلَّا فرِوايَتان فيه، فى حدِّه. وعنه، يُحَدُّ، فلا يلْحَقُه نسَبُه، كما لو لم نُحِلَّها له، ولو مع ظَنِّ حِلِّها. نقَلَه مُهَنَّا. وعنه، فى مَن وَطِئَ أمَةَ امْرَأتِه، إنْ أكْرَهَها، عتَقَتْ وغَرِمَ مثْلَها، وإلَّا مَلَكَها. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وليس ببعيدٍ مِنَ الأُصولِ. وهذه الرِّوايةُ ذكَرَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. ¬

(¬1) زيادة من: أ.

وَلَا يُزَادُ فى التَّعْزِيرِ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، فى عيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «ولَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ، إِلَّا فى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ». وَعَنْهُ، مَا كَانَ سبَبُهُ الْوَطْءَ، كَوَطْءِ جَارِيَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ والْمُزَوَّجَةِ وَنَحْوِهِ، ضَرْبُ مِائَةٍ، ويَسْقُطُ عَنْهُ النَّفْىُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُزَادُ فى التَّعْزِيرِ على عَشْرِ جَلَدَاتٍ، فى غيرِ هذا الموضِعِ. هذا إحْدَى الرِّواياتِ. نقَلَه ابنُ مَنْصورٍ. قال ابنُ مُنجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، إلَّا فى وَطْءِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ، [على ما يأْتِى. قال القاضى فى كتابِ «الرِّوايتَيْن»: المذهبُ عندِى، أنَّه لا يُزادُ على عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلَّا فى وَطْءِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ] (¬1)، وجارِيَةِ زوْجَتِه إذا أحَلَّتْها له. انتهى. قال الشَّارِحُ: وهو حسنٌ. وعنه، لا يُزادُ على تِسْعِ جَلَداتٍ. نقَلَها أبو الخَطَّابِ ومَن بعدَه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولا يظْهَرُ لى وَجْهُها. وذكَر ابنُ الصَّيْرَفِىِّ فى عُقوبَةِ أصحابِ الجرائمِ، أنَّ مَن صلَّى فى الأوْقاتِ المَنْهِىِّ عنها، ضُرِبَ ثلاثَ ضَرَباتٍ، منْقولٌ عنِ الصَّحابَةِ، رَضىَ اللَّهُ عنهم. وذكَر ابنُ بَطَّةَ فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابِ الحَمَّامِ، أنَّ عُقوبَةَ مَن دَخَلَها بغيرِ مِئْزَرٍ، يُجْلَدُ خَمْسَ عَشْرَةَ جَلْدَةً. انتهى. وعنه، ما كان سَبَبُه الوَطْءَ، كوَطْءِ جارِيَتِه المُشْتَرَكَةِ والمُزَوَّجَةِ ونحوِه،

وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ فى مَن أَتَى بَهِيمَةً. وَغَيْرُ الْوَطْءِ لَا يُبْلَغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ضُرِبَ مِائَةً، ويسْقُطُ عنه النَّفْىُ. وهى الرِّوايةُ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا. قال: وكذلك تُخَرَّجُ فى مَن أَتَى بهِيمَةً. يعْنِى إذا قُلْنا: إنَّه لا يُحَدُّ. وهذا التَّخْرِيجُ لأبى الخَطَّابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اعلمْ أنَّه إذا وَطِئَ جارِيَتَه المُشْتَرَكَةَ، يُعَزَّرُ بضَرْبِ مِائَةٍ إلَّا سَوْطًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ الجماعةِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُضْرَبُ مِائَةً، ويسْقُطُ عنه النَّفْىُ، وله نقْصُه. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، أنَّه يُجْلَدُ مِائَةً. قال فى «الخُلاصَةِ»: فما كان سَبَبُه الوَطْءَ، يُضْرَبُ فيه مِائَةً، ويسْقُطُ النَّفْىُ. وقيل: عَشْرُ جَلَداتٍ. انتهى. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وعنه، لا يُزادُ على عَشْرِ جَلَداتٍ. وهو الَّذى قدَّمه المُصَنِّفُ هنا. وأمَّا إذا وَطِئَ جارِيَتَه المُزَوَّجِةَ، أوِ المُحَرَّمَةَ برَضاعٍ -إذا قُلْنا: لا يُحَدُّ بذلك. على ما تقدَّم فى بابِ حدِّ الزِّنى- فعنه، أنَّ حُكْمَه حكمُ وَطْءِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ، على ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: وهى أشْهَرُ عندَ جماعَةٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ هنا، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُزادُ على عَشَرَةِ أسْواطٍ، وإنْ زِدْنا عليها فى وَطْءِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال القاضى: هذا المذهبُ. كما تقدَّم عنه. وأمَّا إذا وَطِئَ فيما دُونَ الفَرْجِ، فنقَل يَعْقُوبُ، أنَّ حُكْمَه حُكمُ الوَطْءِ فى الفَرْجِ، على ما تقدَّم. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم، على ما قدَّمُوه. وعنه، لا يُزادُ فيه على عَشَرَةِ أسْواطٍ، وإنْ زِدْنا فى الوَطْءِ فى الفَرْجِ. قال القاضى: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو المذهبُ على المُصْطَلَحِ، كما تقدَّم. فائدة: لو وَطِئَ ميِّتَةٍ، وقُلْنا: لا يُحَدُّ. على ما تقدَّم، عُزِّرَ بمِائَةِ جَلْدَةٍ، وإنْ وَطِئَ جاريَةَ ولَدِه، عُزِّر. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ويكونُ مِائَةً. وقيل: لا يُعَزَّرُ. وقيل: إنْ حمَلَتْ منه، مَلَكَها، وإلَّا عُزِّرَ. وإنْ وَطِئَ أمَةَ أحدِ أبوَيْه، عالِمًا بتَحْريمِه، وقُلْنا: لا يُحَدُّ. عُزِّرَ بمِائَةِ سَوْطٍ. وكذا لو وجَد مع امْرَأتِه رجُلًا، فإنَّه يُعَزَّرُ بمِائَةِ [جَلْدَةٍ. قال ذلك فى «الرِّعايتَيْن» وغيره. ويأْتِى فيه مِنَ الخِلافِ ما فى نظائرِه. وأمَّا العَبْدُ -على القولِ بأنَّ الحُرَّ يُعَزَّرُ بمِائةٍ] (2)، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِائَةٍ إلَّا سَوْطًا- فإنَّه يُجْلَدُ خَمْسِين إلَّا سَوْطًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: خَمْسونَ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقولُ المُصَنِّفِ: وغيرُ الوَطْءِ لا يُبْلغُ به أدْنَى الحُدودِ. مِن تَتِمَّةِ الرِّوايَةِ، أو رِوايَةٌ برَأْسِها. وجزَم بهذا الخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم، إلَّا ما اسْتَثْنُوه ممَّا سبَبُه الوَطْءُ. فعلى هذه الرِّوايةِ، وهى اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ، لا يُبْلَغُ به (¬1) أدْنَى الحُدودِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: كذا فَهِمَ عنه القاضى وغيرُه. وقالَه فى «الفُصولِ». وقال فى «الفُروعِ»: فعلى قولِ الخِرَقِىِّ، رُوِى عنه أدْنَى حدٍّ عليه، وهو أشْهَرُ. ونصَرَه أبو الخَطَّابِ وجماعةٌ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو قولُ أكثرِ الأصحابِ. فعلى هذا، لا يُبْلَغُ بالحُرِّ أدْنَى حدِّه، وهو الأرْبَعُون أو الثَّمانُون، ولا بالعَبْدِ أدْنَى حدِّه، وهو العِشْرون أوِ (¬2) الأرْبَعُون. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ كلامُ الإِمامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، رَحِمَهُما اللَّهُ، أَنْ لا يبلَغَ بكُلِّ جِنايَةٍ حدًّا مشْروعًا مِن جِنْسِها، ويجوزُ أَنْ يَزيدَ على حدٍّ مِن غيرِ جِنْسِها. فعلى هذا، ما كان سبَبُه الوَطْءَ، يجوزُ أَنْ ¬

(¬1) فى الأصل: «بالحد». (¬2) فى الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْلَدَ مِائَةً إلَّا سَوْطًا؛ لينْقُصَ عن حدِّ الزِّنَى، وما كان سَبَبُه غيرَ الوَطْءِ، لم يُبْلَغْ به أدْنَى الحُدودِ. وإليه مَيْلُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أقْعَدُ مِن جِهَةِ الدَّليلِ. زادَ فى «الفُروعِ» فقال: ويكونُ ما لم يَرِدْ به نصٌّ بحَبْسٍ وتَوْبِيخٍ. وقيل: فى حقِّ اللَّهِ الحَبْسُ والتَّوْبِيخُ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا عزَّره الحاكِمُ، أشْهَرَه لمَصْلَحَةٍ. نقَلَه عَبْدُ اللَّهِ فى شاهِدِ الزُّورِ. ويأتِى ذلك فى آخِرِ بابِ الشَّهادَةِ على الشَّهادَةِ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ التَّعْزيرُ بحَلْقِ لِحْيَتِه، وفى تسْوِيدِ وَجْهِه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الجوازُ. وقد توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى تسْويدِ الوَجْهِ. وسُئِلَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى رِوايةِ مُهَنَّا عن تَسْويدِ الوَجْهِ؟ قال مُهَنَّا: فرَأيْتُ كأنَّه كَرِهَ تسْوِيدَ الوَجْهِ. قالَه فى «النُّكَتِ» فى شَهادَةِ الزُّورِ. وذكَر فى «الإِرْشادِ»، و «التَّرْغيبِ»، أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، حلَق رأْسَ شاهِدِ الزُّورِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، عن أصحابِنا: لا يُرَكَّبُ، ولا يُحْلَقُ رأْسُه، ولا يُمَثَّلُ به، ثم جوَّزَه هو لمَن تكرَّرَ منه؛ للرَّدْعِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: ورَد فيه عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُضْرَبُ ظَهْرُه، ويُحْلَقُ رأْسُه، ويُسَخَّمُ وَجْهُه، ويُطافُ به، ويُطالُ حَبْسُه (¬1). وقال فى «الأَحْكام السُّلْطانِيَّةِ»: له التَّعْزيرُ بحَلْقِ شَعَرِه لا لحْيَتِه، وبصَلْبِه حيًّا، ولا يُمْنَعُ مِن أكْلٍ ووُضوءٍ، ويُصَلِّى بالإِيماءِ ولا يُعِيدُ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ويتوَجَّهُ، لا يُمْنَعُ مِن صلاةٍ. ¬

(¬1) أخرجه عبد الرزاق، فى: المصنف 8/ 326، 327. وابن أبى شيبة، فى: المصنف 10/ 41، 58. والبيهقى، فى: السنن الكبرى 10/ 142.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضى أيضًا: هل يُجَرَّدُ فى التَّعْزيرِ مِن ثِيَابِه إلَّا ما يَسْتُرُ عوْرَتَه؟ اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عنه فى الحدِّ. قال: ويجوزُ أَنْ يُنادَى عليه بذَنْبِه إذا تكَرَّرَ منه ولم يُقْلِعْ. ثم ذكَر كلامَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فى شاهِدِ الزُّورِ، وقال: فنَصَّ أنَّه يُنادَى عليه بذَنْبِه، ويُطافُ به، ويُضْرَبُ مع ذلك. قال فى «الفُصولِ»: يُعَزَّرُ بقَدْرِ رُتْبَةِ المَرْمِىِّ، فإنَّ المَعَرَّةَ (¬1) تلْحَقُ بقَدْرِ مَرْتَبَتِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يُعَزِّرُه بما يرْدَعُه، كعَزْلِ مُتَولٍّ. وقال: لا يتَقَدَّرُ، لكِنْ ما فيه مُقَدَّرٌ لا يبْلُغُه، فلا يُقْطَعُ بسَرِقَةٍ دُونَ نِصابٍ، ولا يُحدُّ حدَّ الشُّرْبِ بمَضْمَضَةِ خَمْرٍ، ونحوِه. وقال: هو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، واخْتِيارُ طائفَةٍ مِن أصحابِه، وقد يُقالُ بقَتْلِه للحاجَةِ. وقال: يُقْتَلُ مُبْتَدِعٌ داعِيَةٌ. وذكَرَه وَجْهًا وِفاقًا لمالِكٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. ونقَلَه إبْراهِيمُ بنُ سعيدٍ الأطْروشُ (¬2)، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى الدُّعَاةِ مِن الجَهْمِيَّةِ. وقال ¬

(¬1) فى النسخ: «المعيرة». وانظر: «الفروع» 6/ 109. (¬2) ذكره ابن أبى يعلى فى طبقات الحنابلة 1/ 95، وقال: روى عن إمامنا أشياء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى الخَلْوَةِ بأجْنَبِيَّةٍ، واتِّخاذِ الطَّوافِ بالصَّخْرَةِ دِينًا، وفى قَوْلِ الشَّيْخِ: انْذِرُوا لى، واسْتَعِينُوا بى: إنْ أصَرَّ ولم يَتُبْ، قُتِلَ. وكذا مَن تكرَّرَ شُرْبُه للخَمْرِ ما لم يَنْتَهِ بدُونِه؛ للأَخْبارِ فيه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى المُبْتَدِعِ الدَّاعِيَةِ، يُحْبَسُ حتَّى يَكُفَّ عنها. وقال فى «الرِّعايَةِ»: مَن عُرِفَ بأَذَى النَّاسِ ومالِهم، حتَّى بعَيْنِه، ولم يَكُفَّ، حُبِسَ حتَّى يموتَ. وقال فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: للوَالِى فِعْلُه لا للقاضى. ونَفَقَتُه مِن بَيْتِ المالِ لدَفْعِ ضرَرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: للإِمامِ حَبْسُ العائِنِ. وتقدَّم فى أوائلِ كتابِ الجِنايَاتِ، إذا قتَل العائِنُ، ماذا يجِبُ عليه؟ قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ إنْ كَثُرَ مَجْزُومونَ ونحْوُهم، لَزِمَهُم التَّنَحِّى ناحِيَةً. وظاهرُ كلامِهم، لا يَلْزَمُهم، فللإِمامِ فِعْلُه. وجوَّز ابنُ عَقِيلٍ قَتْلَ مُسْلِمٍ جاسُوسٍ للكُفَّارِ. وزادَ ابنُ الجَوْزِىِّ، إنْ خِيفَ دَوامُه. وتوَقَّفَ فيه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقال ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِىِّ فى «كَشْفِ المُشْكِلِ»: دلَّ حدِيثُ حاطِبٍ (¬1) رَضىَ اللَّهُ عنه، على أنَّ الجاسُوسَ المُسْلِمَ لا يُقْتَلُ. ورَدَّه فى «الفُروعِ»، وهو كما قال. وعندَ القاضى: يُعَنَّفُ ذُو الهَيْئَةِ، وغيرُه يُعَزَّرُ. وقال الأصحابُ: ولا يجوزُ قَطعُ شئٍ منه، ولا جَرْحُه، ولا أخْذُ شئٍ مِن مالِه. قال فى «الفُروعِ»: فيتَوجَّهُ أن إتْلافَه أوْلَى، مع أنَّ ظاهِرَ كلامِهم، لا يجوزُ. وجوَّزَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، التَّعْزيرَ بقَطْعِ الخُبْزِ، والعَزْلِ عنِ الوِلَاياتِ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا نَفْىَ إلَّا للزَّانِى والمُخَنَّثِ. وقال القاضى: نَفْيُه دُونَ سنَةٍ. واحْتَجَّ به الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وبنَفْىِ عمرَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، نَصْرَ بنَ حَجَّاجٍ (¬2). وقال فى «الفُنونِ»: للسُّلْطانِ سُلوكُ السِّياسَةِ، وهو الحَزْمُ عندَنا، ولا تَقِفُ السِّياسَةُ على ما نطَق به الشَّرْعُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمهُ اللَّهُ: وقولُه: اللَّهُ أكبرُ علَيْك. كالدُّعاءِ عليه وشَتْمِه ¬

(¬1) أخرجه البخارى، فى: باب الجاسوس وقول اللَّه تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}، وباب إذا اضطر الرجل إلى النظر فى شعور أهل الذمة إذا عصين اللَّه وتجريدهن، من كتاب الجهاد والسير، وباب فضل من شهد بدرًا، وباب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة. . .، من كتاب المغازى، وباب {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}، من كتاب التفسير، و: باب من نظر فى كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره، من كتاب الاستئذان، وباب ما جاء فى المتأولين، من كتاب استتابة المرتدين. صحيح البخارى 4/ 72، 73، 92، 93، 5/ 99، 184، 185، 6/ 185، 186، 8/ 71، 72، 9/ 23، 24. ومسلم، فى: باب من فضل أهل بدر. . . وقصة حاطب بن أبى بلتعة، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم 3/ 1782. وأبو داود، فى: باب فى حكم الجاسوس إذا كان مسلم، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 44. والترمذى، فى: باب تفسير سورة الممتحنة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 12/ 191. والإمام أحمد فى: المسند 1/ 79، 105، 2/ 109. (¬2) هو نصر بن حجاج بن علاط السلمى. انظر قصته فى: الطبقات الكبرى، لابن سعد 3/ 285. والإصابة 6/ 485، 486.

وَمَنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، عُزِّرَ، وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا مِنَ الزِّنَى، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيرِ فِرْيَةٍ، نحوَ: يا كَلْبُ. فله قوْلُه له، أو تعْزِيرُه. ولو لعَنَه فهل له أَنْ يلْعَنَه؟ ينْبَنِى على جَوازِ لَعْنَةِ المُعَيَّنِ. ومَن لَعَن نَصْرانِيًّا، أُدِّبَ أدبًا خفِيفًا، إلَّا أَنْ يكونَ قد صدَر مِنَ النَّصْرانِىِّ ما يقْتَضِى ذلك. وقال أيضًا: ومَن دُعِىَ عليه ظُلْمًا، فله أَنْ يدْعُوَ على ظالِمه [بمِثْلِ ما دَعَا به عليه، نحوَ: أخْزاكَ اللَّهُ. أو: لَعَنَكَ اللَّهُ. أو يشْتُمَه بغيرِ فِرْيَةٍ، نحوَ: يا كَلْبُ، يا خِنْزِيرُ. فله أَنْ يقُولَ له مِثْلَ ذلك. وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: الدُّعاءُ قِصاصٌ، ومَن دعَا على ظَالِمه] (¬1) فما صَبَر. انتهى. قوله: ومَن اسْتَمْنَى بيَدِه لغيرِ حاجَةٍ، عُزِّرَ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ؛ لفِعْلِه مُحَرَّمًا. واجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُكْرَهُ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يُعْجِبُنِى بلا ضَرُورَةٍ. قوله: وِإنْ فعَلَه خَوْفًا مِنَ الزِّنَى، فلا شئَ عليه. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لإِباحَتِه إذَنْ. قال فى «الوَجيزِ»: وإنْ فَعَلَه خَوفًا مِنَ الزِّنَى، ولم يجِدْ طَوْلًا لحُرَّةٍ، ولا ثَمَنَ أمَةٍ، فلا شئَ عليه. وجزَم بأنَّه لا شئَ عليه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قلتُ: لو قيلَ بوُجوبِه فى هذه الحالَةِ، لكانَ له وَجْهٌ، كالمُضْطَرِّ، بل أوْلَى، لأنَّه أخَفُّ. [ثم وجَدْتُ ابنَ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ» ذكَر ذلك] (¬1). وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يَحْرُمُ، ولو خافَ الزِّنَى. ذكَرَها فى «الفُنونِ»، وأنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَها، لأَنَّ (¬2) الفَرْجَ -مع إباحَتِه بالعَقْدِ- لم يُبَحْ بالضَّرُورَةِ، فهُنا أوْلَى، وقد جَعَل الشَّارِعُ الصَّوْمَ بدَلًا مِنَ النِّكاحِ، والاحْتِلامُ مُزِيلٌ لشِدَّةِ الشَّبَقِ مُفتِّرٌ للشَّهْوَةِ. فائدتان، إحْداهما، لا يُباحُ الاسْتِمْناءُ إلَّا عندَ الضَّرُورَةِ، ولا يُباحُ نِكاحُ الإِماءِ إلَّا عنْدَ الضَّرُورَةِ، فإذا حصَلَتِ الضَّرورَةُ، قُدِّم نِكاحُ الإِماءِ، ولا يحِلَّ الاسْتِمْناءُ، كما قطَع به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ. وقدَّمه فى «القاعِدَةِ الثَّانيةَ عَشْرَةَ بعدَ المِائَةِ». وقال ابن عَقِيلٍ فى «مُفْرَداتِه»: الاسْتِمْناءُ أحبُّ إلَىَّ مِن نِكاحِ الأمَةِ. قال فى «القواعِدِ»: وفيه نظَرٌ. وهو كما قال. الثَّانيةُ، حُكْمُ المرأةِ فى ذلك كلِّه حُكْمُ الرَّجُلِ، فتَسْتَعْمِلُ شيئًا مِثْلَ الذَّكَرِ عندَ الخَوْفِ مِنَ الزِّنَى. وهذا الصَّحيحُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: ويَحْتَمِلُ المَنْعَ وعَدَمَ القِياسِ. وقال القاضى فى ضِمْنِ المسْألَةِ، لمَّا ذكرَ المرْأةَ: قال بعضُ أصحابِنا: لا بأْسَ به إذا قَصَدَتْ به إطْفاءَ الشَّهْوَةِ والتَّعَفّفَ عنِ الزِّنَى. قال: والصَّحيحُ عندِى أنَّه لا يُباحُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «لأبى».

باب القطع فى السرقة

بَابُ الْقَطْعِ فى السَّرِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القَطْعِ فى السَّرِقَةِ

وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ؛ أَحَدُهَا، السَّرِقَةُ؛ وَهِىَ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الاخْتِفَاءِ. وَلَا قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه (¬1): ولا يجِبُ إلَّا بسَبْعَةِ أشْياءَ، أحَدُها، السَّرِقَةُ، وهى أخْذُ المالِ على وَجْهِ الاخْتِفاءِ. يُشْتَرَطُ فى السَّارِقِ أَنْ يكونَ مُكَلَّفًا، بلا نِزاعٍ. وأنْ يكونَ مُخْتارًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، أو مُكْرَهٌ. وعنه، أو سَكْرانُ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قلتُ: تَقَدَّمَ أحْكامُ السَّكْرانِ فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ. قوله: فلا قَطْعَ على مُنْتَهِبٍ، ولا مُخْتَلِسٍ، ولا غاصِبٍ، ولا خائِنٍ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

غَاصِبٍ، وَلَا خَائِنٍ، وَلَا جَاحِدِ وَدِيعَةٍ وَلَا عَارِيَّةٍ. وَعَنْهُ، يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا جاحِدِ وَديعَةٍ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: ولا عارِيَّةٍ -هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ شَاقْلَا، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» - وعنه، يُقْطَعُ جاحِدُ العارِيَّةِ. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الفُروعِ»: نقَلَه، واخْتارَه الجماعَةُ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ فى «خِلافَيْهما»، وابنُ عَقِيلٍ فى «المُفْرَداتِ»، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلَقهما فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَتيْن».

وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ، وَهُوَ الَّذِى يَبُطُّ الجَيْبَ وَغَيْرَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ. وَعَنْهُ، لَا يُقْطَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُقْطَعُ الطَّرَّارُ؛ وهو الَّذى يَبُطُّ الجَيْبَ وغيرَه، ويأْخُذُ منه. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: ويُقْطَعُ الطَّرَّارُ، على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»،

فصل

فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالًا مُحْتَرَمًا، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، كَالْفَاكِهَةِ، وَالْبِطِّيخِ أَوْ لَا، وَسَواءٌ كَانَ ثَمِينًا، كَالْمَتَاعِ وَالذَّهَبِ، أَوْ غَيْرَ ثَمِينٍ، كَالْخَشَبِ وَالْقَصَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، لا يُقْطَعُ. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن». وبنَى القاضى فى كتَابِه «الرِّوايتَيْن» الخِلافَ على أنَّ الجَيبَ والكُمَّ، هل هما حِرْزٌ مُطْلَقًا، بشَرْطِ أَنْ يقْبِضَ على كُمِّه ويَزِرَّ جَيْبَه ونحوِ ذلك، أمْ لا؟ فائدة: يُقْطَعُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ والرِّوايتَيْن، إذا أخَذَه بعدَ سُقوطِه، وكان نِصابًا، مع أنَّ ذلك جِرْزٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: حِرْزٌ، على الأصحِّ. وبنَى فى «التَّرْغيبِ» القَطْعَ على الرِّوايتَيْن، فى كَوْنِه حِرْزًا. تنبيه: دخَل فى قوْلِه: الثَّانى، أَنْ يكونَ المَسْروقُ مالًا مُحْتَرمًا. المِلْحُ. وهو صحيحٌ، فلو سرَق مِنَ المِلْحِ ما قِيمَتُه نِصابٌ، قُطِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لا يُقْطَعُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وَغَيرُه. وأَطْلَقهما فى «المُحَرِّرِ»؛ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وهل يُقْطَعُ بسَرِقَةِ تُرابٍ وكَلَأً وسِرْجِينَ (¬1) طاهِرٍ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وأَطلقَ فى «المُذْهَبِ»، و «النَّظْمِ» فى الكَلَإِ الوَجْهَيْن؛ أحدُهما، يُقْطَعُ بذلك. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». واخْتارَه أبو إسْحَاقَ، وابنُ ¬

(¬1) السرجين والسرقين بكسرهما: الزِّبْلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْطَعُ به. اخْتارَه النَّاظِمُ فى السِّرْجِينِ، والتُّرابِ. قال أبو بَكرٍ: لا قَطْعَ بسَرِقَةِ كَلَأ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى» فى السِّرْجِينِ الطَّاهرِ. وقال فى التُّرابِ الَّذى له قِيمَةٌ، كالأَرمَنِىِّ، والذي يُعَدُّ للغَسْلِ (¬1) به: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وتَبِعَه الشَّارِحُ فى ذلك كلِّه، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأمَّا السِّرْجِينُ النَّجِسُ، فالصَّحيحُ عِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُقْطَعُ به. ¬

(¬1) فى الأصل: «النعل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، وغيرِه. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقيل: يُقْطَعُ به. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وقال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ فى الثَّلجِ وَجْهانِ. انتهى. وظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، أنَّه يُقْطَعُ به؛ فإنَّه قال: وما أصْلُه الإِباحَةُ كغيرِه. واخْتارَ القاضى عدَمَ القَطْعِ بسَرِقَتِه. وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): الأَشْبَهُ أنَّه كالمِلْحِ (¬2). ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ الماءِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وقالَا: لا نعلمُ فيه خِلافًا: وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «الفُروعِ». واخْتارَه النَّاظِمُ، وأبو بَكْرٍ، وابنُ شَاقْلَا. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يُقْطَعُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». [وجزَم به ابنُ هُبَيْرَةَ. قالَه فى «تَصْحيح المُحَرَّرِ»] (¬3). وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ لم يُتَمَوَّلْ عادَةً؛ كماءٍ وكَلَأً مُحْرَزٍ، فلا قَطْعَ فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. انتهى. ويُقْطَعُ بسَرِقَةِ الصَّيْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) المغنى: 12/ 423. (¬2) فى الأصل: «كالثلج». (¬3) سقط من: الأصل.

وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وفى «الواضحِ» فى صَيْدٍ مَمْلُوكٍ مُحْرَزٍ، رِوايَتان. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا قَطْعَ فى طَيْرٍ؛ لإِبَاحَتِه أصْلًا. ويأتِى، إذا سرَق الذِّمِّىُّ أو المُسْتَأْمِنُ، أو سُرِقَ منهما. قوله: ويُقْطَعُ بسَرِقَةِ العَبْدِ الصَّغِيرِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، وغيرُهم: لا قَطْعَ بسَرِقَةِ عَبْدٍ مُمَيِّزٍ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا. يعْنِى، أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرادَه غيرُ المُمَيِّزِ. تنبيه: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّه لا قَطْعَ بسَرِقَةِ عَبْدٍ كبيرٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ أَكْثرِ الأصحابِ. وقال فى «الكافِى»: لا قَطْعَ بسَرِقَةِ عَبْدٍ كبيرٍ أكْرَهَهُ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: فى العَبْدِ الكبيرِ وَجْهان. فائدتان؛ إحداهما، يُقْطَعُ بسَرِقَة العبدِ المَجْنونِ والنَّائمِ والأَعْجَمِىِّ (¬1) الَّذى لا يُمَيِّزُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى سَرِقَةِ نائمٍ وسَكْرانَ وَجْهان. ¬

(¬1) فى الأصل: «الأعمى».

وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا. وَعَنْهُ، أنَّه يُقْطعُ بِسَرِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ مُكاتَبٍ، ولا بسَرِقَةِ أُمِّ الوَلَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» فى المُكاتَبِ. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى المُكاتَبِ وأُمِّ الوَلَدِ. وقال فى المُكاتَبِ: يَنْبَغِى أَنْ يُقْطَعَ إنْ قُلْنا بجَوازِ بَيْعِه] (¬1). وقيل: يُقْطَعُ إذا كانا نائمَيْن، أو مَجْنُونَيْن. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ سرَق أُمَّ وَلَدٍ مَجْنونَةً أو نائمةً، قُطِعَ، وإنْ سرَقَها كَرْهًا، فوَجْهان. وأطْلَقهما فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، فى أُمِّ الوَلَدِ. قوله: ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ حُرٍّ وإنْ كان صَغِيرًا. هذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

الصَّغِيرِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقْطَعُ. فَسَرَقَهُ وَعَلَيْهِ حَلْىٌ، فَهَلْ يُقْطَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وعنه، يُقْطَعُ بسَرِقَةِ الحُرِّ الصَّغِيرِ والمَجْنونِ الكَبيرِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قوله: فإنْ قُلْنَا: لا يُقْطَعُ. فسَرَقَه وعليه حَلْىٌ، فهل يُقْطَعُ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «الكافِى»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُرُوعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُقْطَعُ. وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقدَّماه. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقطَع به فى «الفصولِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُقْطَعُ. قال فى «المُذهَبِ»: قطِعَ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وأبو الخَطَّابِ فى «رُءوسِ المسائلِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحْرَّرِ». تنبيه: أَطْلقَ أكثرُ الأصحابِ المَسْأَلَةَ، وقيَّدها جماعَةٌ بعَدَمِ العِلْمِ بالحَلْىِ،

وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مُصْحَفٍ. وَعِنْدَ أبِى الْخَطَّابِ، يُقْطَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قوله: ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ مُصْحَفٍ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. جزَم به ابنُ هُبَيْرَةَ فى «الإِفصاحِ»، والقاضى أبو الحُسَيْنِ فى «فُروعِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ». قال النَّاظِمُ: وهو الأقْوَى. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «الهادِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وعندَ أبِى الخَطَّابِ، يُقْطَعُ. وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه فى «الفُصولِ»، ورَدَّ قوْلَ أبِى بَكْرٍ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «تَجْريدِ العنايَةِ». وقال فى «الفُروعِ» فى كِتابِ البَيْعِ: إنْ حَرُمَ بَيْعُه، قُطِعَ بسَرِقَتِه. قال ابنُ مِغلى الحَمَوىُّ فى حاشِيَةٍ له على هذا المَكانِ: هذا عندِى سَهْوٌ، وصَوابُه؛ إنْ جازَ بَيْعُه، قُطِعَ بسَرِقَتِه، وإلَّا فلا. انتهى. وهو كما قال. فعلى الأَوَّلِ، وهو عَدمُ القَطْعِ لو كان عليه حِلْيَةٌ، قُطِعَ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. صحَّحه النَّاظِمُ. [قال فى «الفُصولِ»: هو قوْلُ أصحابِنا] (2). والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْطَعُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ». [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬1). وأطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وقال فى «البُلْغَةِ»: هل يُقْطَعُ بسَرِقَةِ المُصْحَفِ؟ فيه وَجْهانِ، وسواءٌ كان عليه حِلْيَةٌ، أو لا. انتهى. قلتُ: هذه المَسْأَلَةُ تُشْبِهُ سَرِقَةَ الحُرِّ الصَّغِيرِ، إذا كان عليه حِلْيَةٌ، كما تقدَّم. ثم وَجَدْتُه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» نقَلَ مِثْلَ ذلك عن القاضى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سَائِرِ كُتُبِ الْعِلْمِ، وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ آلةِ لَهْوٍ، وَلَا مُحَرَّمٍ، كَالْخَمْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ آلةِ لَهْوٍ، ولا مُحَرَّمٍ، كَالخَمْرِ. وكذا كُتُبُ بِدَعٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَصاوِيرُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ولا يُقْطَعُ بذلك. وعنه، ولم يَقْصِدْ سَرِقَة. وقال فى «المُذْهَبِ»: ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ آلةِ لَهْوٍ، فإنْ كان عليها حِلْيَةٌ، قُطِعَ. وقال ابنُ (¬1) عَقِيلٍ: لا يُقْطَعُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ومِثْلُه فى إناءِ نَقْدٍ. وفى «الفُصولِ»، فى قُضْبانِ الخَيْزَرانِ ومخادِّ الجُلودِ المُعَاةِ لتَغْبِيرِ الصُّوفِيَّةِ، يحْتَمِلُ أنَّها كآلَةِ لَهْوٍ، ويحْتَمِلُ القَطْعُ وضَمانُها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ سَرَقَ آنِيَةً فِيهَا الْخَمْرُ، أَوْ صَلِيبًا، أَوْ صَنَمَ ذَهَبٍ، لَمْ يُقْطَعْ. وَعِنْدَ أبى الْخَطَّابِ، يُقْطَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سرَق آنِيَةً فيها الخَمْرُ، أو صَلِيبًا، أو صَنَمَ ذَهَبٍ، لم يُقْطَعْ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال النَّاظِمُ: هذا أظْهَرُ الوَجْهَيْن. قال فى «الخُلاصَةِ»: لم يُقْطَعْ فى الأظْهَرِ إذا سَرَق آنِيَةً فيها خَمْرٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الشَّارِحُ: إذا سرَق إناءً فيه خَمْرٌ، لم يُقْطَعْ عندَ غيرِ أبى الخَطَّابِ مِن أصحابِنا، وإنْ سرَق صَلِيبًا أو صَنَمًا مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، فقال القاضى: لا قَطْعَ فيه. وكذا قال المُصَنِّفُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وجزَم بعدَم القَطْعِ فى الكُلِّ فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهَم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

فصل

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ قِيمَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وعندَ أبى الخَطَّابِ، يُقْطَعُ. قال فى «المُذْهَبِ»: إذا سرَق صَلِيبَ ذَهَبٍ، قُطِعَ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وأطْلَقهما فى «الخُلاصَةِ»، فيما إذا سرَق صَلِيبًا أو صَنَمَ ذَهَبٍ. فائدة: يُقْطَعُ بسَرِقَةِ إناءِ نَقْدٍ، أو دَراهِمَ فيها تَماثيلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقْطَعُ إذا لم يَقْصِدْ إنْكارًا، فإنْ قصَد الإِنْكارَ، لم يُقْطَعْ. قوله: الثَّالِثُ، أَنْ يَسْرِقَ نِصابًا؛ وهو ثلاثَةُ دَراهمَ، أو قِيمَةُ ذلك مِنَ الذَّهَبِ

ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْعُرُوضِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ، لَا تُقَوَّمُ الْعُرُوضُ إِلَّا بِالدَّرَاهِمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والعُرُوضِ. [هذا إحْدَى الرِّواياتِ. أعْنِى أنَّ الأَصْلَ هو الدَّراهِمُ لا غيرُ، والذَّهَبُ والعُروضُ] (¬1) تُقَوَّمان بها. قال فى «المُبْهِجِ»: هذا الصَّحيحُ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ؛ الخِرَقِىُّ، والقاضى، وأصحابُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتِيارُ أكثرِ أصحابِ القاضى، والشِّيرازِىِّ، والشَّرِيفِ، وأبى الخَطّابِ فى «خِلافَيْهما»، وابنِ البَنَّا. وقدَّمه فى «إِدْراكِ الغايَةِ». وعنه، أنَّه ثلَاثَةُ دَراهِمَ، أو رُبْعُ دِينارٍ، أو ما يَبْلُغُ قِيمَةَ أحَدِهما مِن غيرِهما. يعْنِى أنَّ كُلًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ أَصْل بنَفْسِه. وهذه الرِّوايةُ هى المذهبُ. قال فى «الكافِى»: هذا أوْلَى. وجزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «عُمْدَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ»، و «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «الطَّريقِ الأقْرَبِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وأطْلَقهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُذْهَبِ». وعنه، لا تُقَوَّمُ العُرُوضُ إلَّا بالدَّراهمِ، فتكونُ الدَّراهِمُ أصْلًا للعُروضِ، ويكونُ الذَّهَبُ أصْلًا بنَفْسِه لنَفْسِه لا غيرُ. وَأطْلَقهُنَّ فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الكافِى»، وغيرِهم. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلو سرَق ثلَاثةَ دَراهِمَ لا تُساوِى رُبْعَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دِينارٍ، قُطِعَ، على الرِّواياتِ الثَّلاثِ. ولو سرَق دُونَ رُبْعِ مِثْقالٍ، يُساوِى ثلَاثَةَ دَراهِمَ، قُطِعَ، على الرِّوايَةِ الأُولَى. فوائد (¬1)؛ إحداها، يكْمُلُ النَّصابُ بضَمِّ أحَدِ النَّقْدَيْن إلى الآخَرِ، إنْ جُعِلا ¬

(¬1) فى الأصل: «فائدتان».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْلَيْن فى أحَدِ الوَجْهَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». [وصحَّحه فى «تَصحيح المُحَرَّرِ». قال شارِحُ «المُحَرَّرِ»: أصْلُ الخِلافِ الخِلافُ فى الضَّمِّ فى الزَّكاةِ. انتهى] (¬1). والوَجْهُ الثَّانى، لا يكْمُلُ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». الثَّانيةُ، يكْفِى وَزْنُ التِّبْرِ الخالِصِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» ونصرَاه، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَكْفِى، بل تُعْتبَرُ قِيمَتُه بالمَضْرُوبِ. وهو احْتِمالٌ للقاضى. الثَّالثةُ، لو أخْرَجَ بعضَ النِّصابِ، ثم أخْرَجَ باقِيَه، ولم يَطُلِ الفَصْلُ، قُطِعَ، وإنْ طالَ الفَصْلُ، ففيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضى. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يُقْطَعُ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، وصحَّحه فى «النَّظْمِ». والثَّانى، يُقْطَعُ. قدَّمه فى «التَّرْغِيبِ». وقال: اخْتارَه بعضُ شُيوخِى. وقال أيضًا: وإنْ عَلِمَ المالِكُ به وأهْمَله، فلا قَطْعَ. قال القاضى: قِياسُ قوْلِ أصحابِنا؛ يُبْنَى على فِعْلِه كما يُبْنَى على فِعْلِ غيرِه. واخْتارَه فى «الانْتِصارِ»، إنْ عادَ غدًا، ولم يكُنْ ردَّ الجِرْزَ، فأخذَ بقِيَّتَه. وسلَّمَه القاضى؛ لكَوْنِ سَرِقَتِه الثَّانيةِ مِن غيرِ حِرْزٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، بعدَ أَنْ ذكَر الوَجْهَيْن. وقال: إنْ كان فى ليْلَةٍ، قُطِعَ.

وَإِذَا سَرَقَ نِصَابًا، ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ، أو مَلَكَهُ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سرَق نِصابًا، ثم نقَصَتْ قِيمَتُه، أو مَلَكَه ببَيْعٍ، أو هِبَةٍ، أو غيرِهما، لم يَسْقُطِ القَطْعُ. إذا سرَق نِصابًا ثم نَقَصَتْ قِيمَتُه عنِ النِّصابِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ نقْصُها قبلَ إخْراجِه مِنَ الحِرْزِ، أو بعدَ إخْراجِه، فإنْ نقَصَتْ بعدَ إخْراجِه، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، قُطِعَ، بلا نِزاعٍ أعلَمُه، وإنْ نقَصَت قبلَ إخْراجِه مِنَ الحِرْزِ، كما مثَّل المُصَنِّفُ بعدَ ذلك: إذا دخَل الحِرْزَ فذَبحَ شاةً قِيمَتُها نِصابٌ، فنَقصَتْ، أو قُلْنا: هى مَيْتَةٌ. ثم أخْرَجَها، أو دخَل الحِرْزَ فأَتْلفَها فيه بأَكْلٍ أو غيرِه. لم يُقْطَعْ، بلا نزاعٍ أعلَمُه. واعْلَمْ أنَّ السَّارِقَ إذا ذبَح المَسْروقَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحِلُّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وحُكِىَ رِوايةٌ، أنَّه مَيْتَةٌ لا يحِلُّ أكْلُه مُطْلَقًا. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وتقدَّم مِثْلُ ذلك فى الغَصْبِ. ويأْتِى أيضا فى الذَّكاةِ، وهو مَحَلُّها، وأمَّا إذا ملَكَه السَّارِقُ ببَيْعٍ. أو هِبَةٍ أو غيرِهما، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ ذلك بعدَ التَّرافُعِ إلى الحاكِمِ، أو قبلَه؛ فإن كان بعدَ التَّرافُعِ إلى الحاكِمِ، لم يسْقُطِ القَطْعُ. قوْلًا واحدًا، ولير له العَفْوُ عنه. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. لكِنْ ظاهِرُ كلامِه فى «الواضِحِ» وغيرِه، للمَسْروقِ منه العَفْوُ عنه قبلَ الحُكْمِ. وحمَل ابنُ مُنَجَّى كلامَ المُصَنِّفِ عليه. أعْنِى على ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ التَّرافُعِ إلى الحاكِمِ. وقال: فى كلامِه ما يُشْعِرُ بالرَّفْعِ؛ لأنَّه قال: لم يسْقُطْ. والسُّقوطُ يسْتَدْعِى وُجوبَ القَطْعِ، ومِن شَرْطِ وُجوبِ القَطْعِ مُطالبَةُ المالكِ، وذلك يعْتَمِدُ الرَّفْعَ إلى الحاكمِ. انتهى. وعِبارتُه فى «الهِدايَةِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، مثْلُ عِبارَةِ المُصَنِّفِ. وإنْ كان قبلَ التَّرافُعِ إلى الحاكِمِ، لم يسْقُطِ القَطْعُ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به جماعَةٌ. وذكَرَه ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، والشَّارِحُ: يسْقُطُ قبلَ التَّرافُعِ إلى الحاكِمِ والمُطالَبَةِ بها عندَه. وقالَا: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، والمُصنِّفِ هنا، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به فى «الإِيضاحِ»، و «العُمْدَةِ»، و «النَّظْمِ». فيُعايَى بها. قال فى «الفُروعِ»: وفى «الخِرَقِىِّ»، و «الإِيضاحِ»، و «المُغْنِى»، يسْقُطُ قبلَ التَّرافُعِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: تُدْرَأُ الحدودُ بالشُّبُهاتِ. انتهى. قلتُ: ليسَ كما قال عنِ الخِرَقِىِّ، فإنَّ كلامَه مُحْتَمَلٌ كغيرِه؛

وَإِنْ دَخَلَ الْحِرْزَ، فَذَبَحَ شَاةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ، فَنَقَصَتْ عَنِ النِّصَابِ، ثُمَّ أَخرَجَهَا، لَمْ يُقْطَعْ. وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ، قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ، وَقِيمَتُهُ مَعَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ، لَمْ يُقْطَعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنَّه قال: ويُقْطَعُ السَّارِقُ، وإنْ وُهِبَتْ له السَّرِقةُ بعدَ إخْراجِه. بل ظاهِرُ كلامِه، القَطْعُ؛ سواءٌ كان قبلَ التَّرافُعِ أو بعدَه، كما ترَى. فائدة: قولُه: وإنْ سرَق فَرْدَ خُفٍّ قيمَتُه مُنْفَرِدًا دِرْهَمان، وقِيمَتُه وحدَه مع الآخَرِ أَرْبَعَةٌ، لم يُقْطَعْ. بلا خِلافٍ. لكِنْ لو أتْلفَه، لَزِمَه سِتَّةٌ (¬1)، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب، قِيمَةُ المُتْلَفِ ونَقْصِ التَّفْرِقَةِ (¬2). قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. فيُعايَى بها. وقيل: يَلْزَمُه دِرْهَمان (¬3). ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «أربعة». (¬2) فى ط: «القيمة». (¬3) فى ط: «أربعة».

وَإِنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِى سَرِقَةِ نِصَابٍ، قُطِعُوا، سَواءٌ أَخْرَجُوهُ جُمْلَةً، أَوْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك الحُكْمُ لو سرَق جُزْءًا مِن كتابٍ. ذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ»، ونَظائِرَه. قال فى «الفُروعِ»: وضَمانُ ما فى وَثِيقَةٍ أتْلفَها إنْ تعَذَّرَ، يتوَجَّهُ تخْرِيجُه على هذين الوَجْهَيْن. وتقدَّم ذلك فى كتابِ الغَصْبِ بعدَ قولِه: ومَن أتْلَفَ مالًا مُحْترَمًا لغيرِه، ضَمِنَه. بأَتَمَّ مِن هذا. وذكَرْنا كلامَ صاحبِ «الفائقِ»، فى هذه المَسْأَلَةِ. قوله: وإنِ اشْتَرَكَ جماعَةٌ فى سَرِقَةِ نِصابٍ، قُطِعُوا؛ سَواءٌ أَخْرَجُوه جُمْلَةً، أو أخْرَجَ كلُّ واحِدٍ جُزْءًا. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا قولُ أصحابِنا. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، يُقْطَعُ مَن أخْرَجَ منهم نِصابًا منه، وإلَّا فلا. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وإليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ. فائدتان؛ إحْداهما، لو اشْتَركَ جماعَةٌ فى سَرِقَةِ نِصابٍ، لم يُقْطَعْ بعضُهم بشُبْهَةٍ أو غيرِها، [كما لو كان أحدُا الشَّريكَيْن لا قَطْعَ عليه، كأبِى المَسْروقِ منه] (¬1)، فهل ¬

(¬1) زيادة من: ش.

وَإِنْ هَتَكَ اثْنَانِ حِرْزًا، وَدَخَلَاهُ، فَأَخْرَجَ أحَدُهُمَا نِصَابًا وَحْدَهُ، أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَقَدَّمَهُ إِلَى بَابِ النَّقْبِ، وَأَدْخَلَ الْآخَرُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، قُطِعَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْطَعُ الباقى أمْ لا؟ فيه قوْلان؛ أحدُهما، يُقْطَعُ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الكافِى». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبَرى»: قُطِعَ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» و «المُنَوِّرِ». وقيل: لا يُقْطَعُ. قال الشَّارِحُ: وهو أصحُّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. قلتُ: وهى شَبِيهَةٌ بمسْأَلَةِ ما إذا اشْترَكَ فى القَتْلِ اثْنان، لايجِبُ القِصاصُ على أحدِهما، على ما تقدَّم فى أواخِرِ كتابِ الجِناياتِ. الثَّانيةُ، لو سرَق لجماعةٍ نِصابًا، قُطِعَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يُقْطَعُ.

وَإِنْ رَمَاهُ الدَّاخِلُ إِلَى خَارِجٍ فَأَخَذَهُ آخَرُ، فَالْقَطْعُ عَلَى الدَّاخِلَ وَحْدَهُ. وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا، وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْطَعَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رَماه الدَّاخِلُ إلى خارجٍ، فأخَذَه الآخَرُ، فالقَطْعُ على الدَّاخِلِ وحدَه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» وَجْهًا بأنَّهما يُقْطعان. قوله: وإنْ نقَبَ أحَدُهما، ودخَل الآخَرُ فأخْرَجَه، فلا قَطْعَ عليهما. إذا لم

إِلَّا أَنْ يَنْقُبَ وَيَذْهَبَ، فَيَأْتِىَ الْآخَرُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَيَسْرِقَ، فَلَا قَطْعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَواطَآ، فلا قَطْعَ على واحدٍ منهما. وصرَّح به المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، بقوْلِه: إلَّا أَنْ يَنْقُبَ أحَدُهما ويَذْهَبَ، فيأْتىَ الآخَرُ مِن غيرِ عِلْمٍ، فيَسْرِقَ، فلا قَطْعَ عليه. وإنْ تَواطَآ على ذلك. فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه لا قَطْعَ عليهما. وهو أحدُ الوَجْهَيْن، والمذهبُ منهما. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الشَّرحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْطَعا. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وهو الوَجْهُ الثَّانى. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، وصحَّحه النَّاظِمُ. [قلت: وهو الصَّوابُ] (¬1). وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: الرَّابِعُ، أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْحِرْزِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ. أَوْ دَخَلَ الْحِرْزَ فَأَتْلَفَهُ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْه، وَإِنِ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا، أَوْ ذَهَبًا وَخَرَجَ بِهِ، أَوْ نَقَبَ وَدَخَلَ، فَتَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَخَرَجَتْ بِهِ، أَوْ فِى مَاءٍ جَارٍ، فَأَخْرَجَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً، أو ذَهَبًا وخرَج به، فعليه القَطْعُ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن، والمذهبُ منهما. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

أَو قَالَ لِصَغِيرِ أَوْ مَعْتُوهٍ: ادْخلْ فَأَخْرِجْهُ. فَفَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا قَطْعَ عليه مُطْلَقًا. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يُقْطَعُ إنْ خرَجتْ، وإلَّا فلا؛ لأنَّه أتْلفَه فى الحِرْزِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِح (¬1)، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قلتُ: إتْلافُه فى الحِرْزِ غيرُ مُحَقَّقٍ، بل فِعْلٌ (¬2)، فيه ما هو سبَبٌ فى الإِتْلافِ إنْ وُجِدَ. وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «فعله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ:. فإنْ لم يخْرُجْ، فلا قَطْعَ عليه، وإنْ خرَج، ففيه وَجْهان. قوله: أو نقَب ودخَل، فترَك المتَاعَ على بَهِيمَةٍ، فخرَجَتْ به، فعليه القَطْعُ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا قَطْعَ عليه إلَّا إذا ساقَها. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: أو ترَكَه فى ماءٍ جارٍ، فأخْرَجَه. أنَّه لو ترَكَه فى ماءٍ راكدٍ، ثم انْفتَحَ بعدَ ذلك، أنَّه لا يُقْطَعُ. وهو صحيح. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقْطَعُ أيضًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو علَّم قِرْدًا السَّرِقَةَ، فسرَق، لم يُقْطَعِ المُعَلِّمُ، لكِنْ يضْمَنُه. ذكَرَه أبو الوَفَاءِ ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ.

وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَالْبُلْدَانِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحِرْزُ المالِ ما جرَتِ العادَةُ بحِفْظِه فيه، ويخْتَلِفُ باخْتِلافِ الأمْوالِ، والبُلْدانِ، وعَدْلِ السُّلْطانِ وجَوْرِه، وقُوَّتِه وضَعْفِه. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ والْقُمَاشِ فِى الدُّورِ، وَالدَّكَاكِينِ فِى الْعُمْرَانِ، وَرَاءَ الْأَبْوابِ وَالْأَغْلاقِ الْوَثِيقَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ: ما كان حِرْزًا لمالٍ، فهو حِرْزٌ لمالٍ آخَرَ. ورَدَّه النَّاظِمُ، وحمَلَه أبو الخَطَّابِ على مَعْنَيَيْن، فقال فى «الهِدايَةِ»: وعندِى أنَّ قوْلَهما يرْجِعُ إلى اخْتِلافِ حالَيْن، فما قالَه أبو بَكْر يرْجِعُ إلى قُوَّةِ السُّلْطانِ وعَدْلِه وبَسْطِ الأمْنِ، وما قالَه ابنُ حامِدٍ يرْجعُ إلى ضَعْفِ السُّلْطانِ وعادَةِ البلَدِ مع الدُّعّارِ (¬1) فيه. انتهى. والتَّفْريعُ على الأوَّلِ. قوله: فحِرْزُ الأثْمانِ والجَواهِرِ والقماشِ فى الدُّورِ، والدَّكاكِينِ فى العُمْرانِ، وَراءَ الأبْواب والأغْلاقِ الوَثِيقَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: فى قُماشٍ غليظٍ، وَراءَ غَلْقٍ. وقال ابنُ الجَوْزِىِّ فى «تفْسيرِه»: ما جُعِلَ للسُّكْنَى وحِفْظِ المَتاعِ؛ كالدُّورِ والخِيامِ، حِرْزٌ، ¬

(¬1) الدُّعّار: جع داعر، وهو الرجل المفسد الخبيث الفاجر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سواءٌ سرَق مِن ذلك وهو مفْتوحُ البابِ، أو لا بابَ له، إلَّا أنَّه [له حارِسٌ] (¬1) [مُحَجَّرٌ بالبِناءِ] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَحِرْزُ الْبَقْلِ، وَالْبَاقِلَّاءِ، وَنَحْوِهِ، وَقُدُورِهِ وَرَاءَ الشَّرَائِجِ، إِذَا كَانَ فِى السُّوقِ حَارِسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الصُّنْدوقُ فى السُّوقِ حِرْزٌ إذا كان له حارِسٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: أو لم يكُنْ له حارِسٌ.

وَحِرْزُ الْخَشَبِ وَالْحَطَبِ الْحَظَائِرُ. وَحِرْزُ الْمَوَاشِى الصِّيَرُ، وَحِرْزُهَا فِى الْمَرْعَى بالرَّاعِى، وَنَظَرِهِ إِلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحِرْزُ الخَشَبِ والحَطَبِ الحَظائِرُ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: حِرْزُ الحَطَبِ تعْبِئَتُه ورَبْطُه بالحِبالِ. وكذا ذكَرَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وحِرْزُ الخشَبِ والحَطَبِ تعْبِئَتُه ورَبْطُه فى حظِيرَةٍ، أو فُنْدُقٍ مُغْلَقٍ أو فيه حافِظٌ يقْظانُ. تنبيه: قولُه: وحِرْزُها فى المرْعَى بالرَّاعِى، ونَظَرِه إليها. يعنى، إذا كانَ يراها فى الغالبِ.

وَحِرْزُ حَمُولَةِ الإِبِلِ بِتَقْطِيرِهَا، وَقَائِدِهَا وَسَائِقِهَا، إِذَا كَانَ يَرَاهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحِرْزُ حَمُولَةِ الإِبِلِ بتَقْطِيرِها، وسائِقِها وقائِدِها، إِذا كان يراها. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: حِرْزُها بقائدٍ يُكْثِرُ الالْتِفاتَ إليها ويراها إذَنْ، إلَّا الأَوَّلَ مُحْرَزٌ بقَوْدِه، والحافِظُ الرَّاكبُ فيما وراءَه كقائدٍ.

وَحِرْزُ الثِّيَابِ فِى الْحَمَّامِ بِالْحَافِظِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحِرْزُ الثِّيابِ فى الحَمَّامِ بالحَافِظِ. فيُقْطَعُ مَن سرَق منه مع وُجودِ الحافِظِ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وحِرْزُ الثِّيابِ فى الحمَّامِ بحافِظٍ، على الأصحِّ. وعنه، لا يُقْطَعُ سارِقُها. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. ومالَ إليه الشَّارِحُ وقدَّمه. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: ليس الحَمَّامِىُّ حافِظًا بجُلوسِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا الذى يُدْخِلُ الطَّاساتِ. فائدة: مثْلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، الثِّيابُ فى الأعْدالِ (¬1)، والغَزْلُ فى السُّوق والخَانِ، إذا كان مُشْتَرِكًا فى الدُّخولِ إليه بالحافِظِ، على ما يأْتى فى كلامَ المُصَنِّفِ. ¬

(¬1) يقال: عدل الأمتعة إذا سواها لتحمل.

وَحِرْزُ الْكَفَنِ فِى الْقَبْرِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَوْ نَبَشَ قَبْرًا وَأَخَذَ الْكَفَنَ، قُطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحِرْزُ الكَفَنِ فى القَبْرِ على المَيِّتِ، فلو نبَش قَبْرًا وأخَذ الكَفَنَ، قُطِعَ. يعْنِى، إذا كان كَفَنًا مَشْروعًا. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»: قُطِعَ على الأصحِّ. وجزَم به فى «الخِرَقِىِّ»، وصاحبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، والزَّرْكَشِىُّ، و «الوَجيزِ» وقال: بعدَ تسْوِيَةِ (¬1) القَبْرِ، وغيرُهم. وعنه، لا يُقْطَعُ. وقال فى «الواضِحِ»: إذا أخَذَه مِن مَقْبرَةٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «توبة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَصُونَةٍ بقُرْبِ البَلَدِ. ولم يقُلْ فى «التَّبْصِرَةِ»: مَصُونَةٍ. قال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»: وحِرْزُ كَفَنِ المَيِّتِ قَبْرُه قريبَ العُمْرانِ. قال فى «الكُبْرَى»: قلتُ: قريبَ العُمْرانِ. وقيل: مُطْلَقًا. انتهى. قلتُ: جُمْهورُ الأصحابِ أطْلَقُوا أنَّ حِرْزَ كَفَنِ المَيِّتِ القَبْرُ. وهو المذهبُ. فائدة: الكَفَنُ مِلْكُ المَيِّتِ. على الصَّحيحِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفائقِ»، فى الجَنائزِ، فقال: لو كُفِّنَ، فعُدِمَ المَيِّتُ، فالكَفَنُ باقٍ على مِلْكِه تُقْضَى منه دُيونُه. وقيل: مِلْكُ الوَرَثَةِ. قال فى «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُبْرَى»: وإنْ أكَلَه ضَبُعٌ، فكَفَنُه إرْثٌ. وقالَه ابنُ تَمِيمٍ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قلتُ: فيُعايَى بها على كلٍّ مِنَ الوَجْهَيْن. وعلى كِلا الوَجْهَيْن، الخَصْمُ فى ذلك الوَرَثَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: نائِبُ الإِمامِ، كما لو عُدِمُوا. ولو كفَّنَه أجْنَبِىٌّ، فكذلك. وقيل: هو له. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى كتابِ الفَرائضِ، وابنُ تَمِيمٍ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على بعضِ ذلك فى أحْكامِ الكَفَنِ مِن كِتابِ الجَنائزِ (¬1). قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهل يُفْتَقَرُ فى قَطْعِ النَّبَّاشِ إلى المُطالَبَةِ؟ يحْتَمِلُ وَجْهَيْن؛ أحدُهما، يَفْتَقِرُ إلى ذلك، فيكونُ المُطالِبُ الوارِثَ. والثَّانى، لا يَفْتَقِرُ. ¬

(¬1) تقدم فى: 6/ 117.

وَحِرْزُ الْبَابِ تَرْكِيبُهُ فِى مَوْضِعِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أظْهَرُ. وقال أبو المَعالِى: وقيل: لمَّا لم يكُنِ المَيِّتُ أهْلًا للمِلْكِ، ووارِثُه لا يَمْلِكُ إبْدالَه والتَّصَرُّفَ فيه، إذا لم يخْلُفْ غيرَه، أو عيَّنَهَ بوَصِيَّةٍ، تعيَّن كوْنُه حقًّا للَّهِ. انتهى. وهو الصَّوابُ. وقال فى «الانْتِصارِ»: وثَوْبٌ رابعٌ وخامِسٌ مثْلُه، كطِيبٍ. قالَه فى «التَّرْغِيبِ». وفى الطِّيبِ والثَّوْبِ الرَّابعِ والخامِسِ وَجْهان. قوله: وحِرْزُ البابِ تَرْكِيبُه فى مَوْضِعِه، فلو سرَق رِتاجَ الكَعْبَةِ -وهو البابُ

فَلَوْ سَرَقَ رِتَاجَ الْكَعْبَةِ، أَوْ بَابَ مَسْجِدٍ، أَوْ تَأْزِيرَهُ، قُطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَبيرُ- أو بابَ مَسْجِدٍ، أو تَأْزِيرَه، قُطِعَ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ بسَرقَةِ بابِ المَسْجِدِ. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ».

وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتَارَتِهَا، وَقَالَ الْقَاضِى: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمَخِيطَةِ عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ ستائرِها. [إذا لم تكُنْ ستائِرُها] (¬1) مخِيطَةً عليها، لم يُقْطَعْ. وإنْ كانتْ مَخِيطَةً عليها، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّه لا يُقْطَعُ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ. قال فى «المُذْهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقال القاضى: يُقْطَعُ بسَرِقَةِ المَخِيطَةِ عليها. وهو رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وأَطْلَقهما فى «الخُلاصَةِ»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ سَرَقَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ، أَوْ حُصُرَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ سرَق قَنادِيلَ المَسْجِدِ، أو حُصُرَه، فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما (¬1)، لا يُقْطَعُ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لا يُقْطَعُ فى الأصحِّ. وصحَّحه فى «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُقْطَعُ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ». تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ؛ إذا كان السَّارِقُ مُسْلِمًا، فإنْ كان كافِرًا، قُطِعَ. قال فى «المُحَرَّرِ»: قَوْلًا واحدًا. وظاهِرُ كلامِه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، إجْراءُ الخِلافِ فيه؛ فإنَّه قال: وفى قَنادِيِله التى تنْفَعُ المُصَلِّين وبَوارِيه وحُصُرِه وبُسُطِه، وَجْهان. وقيل: لا يُقْطَعُ المُسْلِمُ. انتهى. ¬

(¬1) فى الأصل: «إحداهما».

وَإِنْ نَامَ إِنْسَانٌ عَلَى رِدَائِهِ فِى الْمَسْجِدِ، فَسَرَقَهُ سَارِقٌ، قُطِعَ. وَإِنْ مَالَ رَأْسُهُ عَنْهُ، لَم يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ. وَإِنْ سَرَقَ مِنَ السُّوقِ غزْلًا، وَثَمَّ حَافِظٌ، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نامَ إنْسانٌ على رِدائِه فى المسْجِدِ، فسرَقَه سارِقٌ، قُطِعَ. وكذا إنْ نامَ على مَجَرِّ فَرَسِه ولم يَزُلْ عنه، أو نَعْلُه فى رِجْلِه. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: لو سُرِقَ مَرْكُوبُهْ مِن تحتِه، فلا قَطْعَ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ القَطْعَ. قوله: وإنْ سرَق مِنَ السُّوقِ غَزْلًا، وثَمَّ حَافِظٌ، قُطِعَ، وإلَّا فلا. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وعنه، لا يُقْطَعُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ، وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وحُكْمُ هذه المسْألَةِ، حُكْمُ الثِّيابِ فى الحمَّامِ بالحافِظِ. وقد تقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك هناك.

وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ، أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: ومَن سرَق مِنَ النَّخْلِ، أو الشَّجَرِ مِن غيرِ حِرْزٍ، فلا قَطْعَ عليه، ويَضْمَنُ عِوَضَها مَرَّتَيْن. بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذا على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، لو سرَق ماشِيَةً مِن غيرِ حِرْزٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قالَه أصحابُنا. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنْ مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يضْمَنُ عِوَضَها مرَّتَيْن، بل مرَّةً واحدةً. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأمَّا غيرُ الشَّجَرِ والنَّخْلِ والماشِيَةِ، إذا سرَقَه مِن غيرِ حِرْزٍ، فلا يضْمَنُ عِوَضَها إلَّا مرَّةً واحدةً. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا قولُ أصحابِنا، إلَّا أبا بَكْرٍ. [وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونصَراه، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَةِ». وعنه، أنَّ ذلك كالثَّمَرِ والماشِيَةِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»] (¬1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، وقالوا: نصَّ عليه. وهو مِن مُفْرداتِ المذهبِ أيضًا. وجزَم به ناظِمُها فى الزَّرْعِ، وهو منها. وقال فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: وكذا لو سرَق دُونَ نِصابٍ مِن حِرْزٍ. يعْنِى، أنَّها تُضَعَّفُ قِيمَتُها. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أظْهَرُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: أطْلقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّه لا قَطْعَ على سارِقٍ فى عامِ مَجَّاعَةٍ، وأنَّه يُرْوَى عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (¬1). وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحاب: ما لم يبْذُلْه له ولو بثَمَنٍ غالٍ. قال فى «التَّرْغِيبِ»: ما يُحْيِى به نفْسَه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، عن كلام الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ: يعْنِى أنَّ المُحْتاجَ إذا سرَق ما يأْكُلُه، لا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه كالمُضْطرِّ. قالَا: وهو مَحْمولٌ على مَن لا يجِدُ ما يشْتَرِيه، أو لا يجِدُ ما يشْتَرِى به، فأمَّا الواجدُ لما يأكُلُه، أو لِمَا يَشْتَرِى به، وما يَشْتَرِيه، فعليه القَطْعُ، وإنْ كان بالثَّمَنِ الغَالى. ذكَرَه القاضى، واقْتصَر ¬

(¬1) سيأتى بنصه قريبا فى الشرح فى صفحة 554.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ حِرْزًا لِمَالٍ، فَهُوَ حِرْزٌ لِمَالٍ آخَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصل

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ؛ فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا الْوَلَدُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامسُ، انْتِفاءُ الشُّبْهَةِ؛ فلا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ ابنِه وإنْ سَفَلَ،

وَالْأُمُّ فى هَذَا سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا الوَلَدُ مِن مالِ أبيه وإِنْ عَلا، والأَبُ والأُمُّ فى هذا سَواءٌ. وهذا المذهبُ مُطلَقًا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به القاضى، والمُصَنِّفُ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَخْتَصُّ عدَمُ

وَلَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القَطْعِ بالأبوَيْن، وإنْ عَلَوْا. وهو ظاهِرُ ما قطَع به الخِرَقِىُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو مُقْتَضَى ظواهِرِ النُّصوصِ. وظاهِرُ كلامِه فى «الواضحِ»، قَطْعُ الكُلِّ غيرَ الأَبِ. فائدة: قوله: ولا العَبْدُ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ سيِّدِه. وكذا لا يُقْطَعُ السَّيِّدُ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ عَبْدِه، ولو كان مُكاتَبًا. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ مَلَكَ وَفاءً، فيتوجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافُ. وقال فى «الانْتِصارِ»، فى مَن وارِثُه حُرٌّ: يُقْطَعُ ولا يُقْتَلُ به.

وَلَا مُسْلِمٌ بِالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مُسْلِمٌ بالسَّرِقَةِ مِن بَيْتِ المالِ، ولا مِن مالٍ له فيه شَرِكَةٌ، أو لأَحَدٍ

وَلَا مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ، أَو لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ممَّن لا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ منه. لا خِلافَ فى ذلك، إذا كان حُرًّا. وأمَّا إذا سرَق العَبْدُ المُسْلِمُ من بَيْتِ المالِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لا يُقْطَعُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الشَّرْحِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ قبلَ ذلك، وهو قولُه: ولا العَبْدُ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ سيِّدِه. أنَّه يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ مِن غيرِ مالِ سيِّدِه، فدخَل فيه بَيْتُ المالِ. [أو يُقالُ: للسَّيِّدِ شُبْهَةٌ فى بَيْتِ المالِ، وهذا عَبْدُه] (¬1). وقد قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: يُقْطَعُ عَبْدٌ مسْلِمٌ بسَرِقَتِه مِن بَيْتِ المالِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «القَواعِدِ الأُصولِيَّةِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: عبْدٌ مُسلمٌ سرَق مِن بَيْتِ المالِ، يَنْبَغِى أَنْ لا يجِبَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ سَرَقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، أَو لِوَلَدِهِ، أَوْ لِسَيِّدِهِ، لَمْ يُقْطَعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه القَطْعُ؛ لأَنَّ عَبْدَ المسلمِ له شُبْهَةٌ؛ وهو أنَّ سيِّدَه لو افْتقَرَ عن نفَقَتِه، ولم يكُنْ للعَبْدِ كمسَبٌ فى نفْسِه، كانتْ نفقَتُه فى بَيْتِ المالِ. انتهى. وجعَل فى «المُحَرَّرِ»، ومَن تَبِعَه، سَرِقَةَ عَبْدِ الوالدِ والوَلَدِ، ونحوِهما، مِثْلَ سِرقَةِ العَبْدِ مِن بَيْتِ المالِ فى وُجوبِ القَطْعِ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وكلامُ غيرِه مُخالِفٌ. تنبيه: دخَل فى كلامِه، لو سرَق مِن مالِ وَقْفٍ له فيه اسْتِحْقاقٌ. [وهو صحيحٌ، فلا قَطْعَ بذلك، بلا نِزاعٍ. ولو سرَق مِن غَلَّةِ وَقْفٍ ليسَ له فيه اسْتِحْقاقٌ] (¬1)، قُطِعَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا قَطْعَ عليه بذلك. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْن بالسَّرِقَةِ مِن مالِ الآخَرِ المُحْرَزِ عنه؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُقْطَعُ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، منهم أبو بَكْرٍ وغيرُه. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُقْطَعُ. فائدة: لو مَنعَها نفَقَتَها، أو نفَقَةَ وَلَدِها، فأخَذَتْها، لم تُقْطَعْ، قوْلًا واحدًا.

وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ أَقَارِبِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه فى «التَّرْغِيبِ» وغيرِه. وقال فى «المُغْنِى» وغيرِه: وكذا لو أخَذَتْ أكثرَ منها. وأمَّا إذا سرَق أحدُهما مِن حِرْزٍ مُفْرَدٍ، فإنَّه يُقْطَعُ. قالَه فى «التَّبْصِرَةِ». قوله: ويُقْطَعُ سائِرُ الأقارِبِ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ أقَارِبِهم. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُقْطَعُ ذو الرَّحِمِ المَحْرَمِ.

وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الذِّمِّىِّ وَالْمُسْتَأْمِنِ، ويُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ مَالِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُقْطَعُ المُسْلِمُ بالسَّرِقَةِ مِن مالِ الذِّمِّىِّ والمُسْتَأْمِنِ، ويُقْطَعان بسَرِقَةِ مالِه. هذا المذهبُ، كقَوَدٍ وحدِّ قَذْفٍ. نصَّ عليهما، وضَمانِ مُتْلَفٍ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «الوَجيزِ»،

وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا، وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ، لَمْ يُقْطَعْ. وَعَنْهُ، يُقْطَعُ. وَعَنْهُ، لَا يُقْطَعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، و «الفُروعِ»، وِ «الزَّرْكشِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُقْطَعُ مُسْتَأْمِنٌ. اخْتارَه ابنُ حامدٍ، كحدِّ خَمْرٍ وزِنًى. نصَّ عليه بغيرِ مُسْلِمَةٍ. وقال فى «المُنْتَخَبِ» للشِّيرَازِىِّ: لا يُقْطَعان بسَرِقَةِ مالِ مُسْلِمٍ. قوله: ومَن سرَق عَيْنًا، وادَّعَى أنَّها مِلْكُه، لم يُقْطَعْ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا أوْلَى. واخْتارَه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ، فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به فى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يُقْطَعُ بحَلِفِ المَسْروقِ منه. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يكونَ معْروفًا بالسَّرقَةِ. اخْتارَه فى «التَّرْغِيبِ». وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، وأَطْلَقَهُنَّ فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». فائدة: مثلُ ذلك، خِلافًا ومذهبًا، لو ادَّعَى أنَّه أَذِنَ له فى دُخولِه. وقطَع فى «المُحَرَّرِ» هنا بالقَطْعِ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لو شَهِدَ عليه، فقال: أمَرَنِى رَبُّ

وَإِذَا سَرَقَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَال السَّارِقِ، أَو الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ مِنَ الْحِرْزِ الَّذِى فِيهِ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أَوِ الْمَغْصُوبَةُ، لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْحِرْزِ، أَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، قُطِعَ، إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَيَسْرِقَ قَدْرَ حَقِّهِ، فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُقْطَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّارِ أَنْ أُخْرِجَه. لم يُقْبَلْ منه. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مثْلُه حدُّ زِنًى. وذكرَ القاضى وغيرُه، لا يُحَدُّ. قوله: وإذا سرَق المَسْرُوقُ منه مالَ السَّارِقِ، أو المَغْصُوبُ منه مالَ الغاصِب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ الحِرْزِ الذى فيه العَيْنُ المَسْرُوقَةُ أو المَغْصُوبَةُ، لم يُقْطَعْ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقْطَعُ إنْ تمَيَّزَ المَسْروقُ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قوله: وإنْ سرَق مِن غيرِ ذلك الحِرْزِ، أو سرَق مِن مالِ مَن له عليه دَيْنٌ، قُطِعَ، إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَن أخْذِه منه، فيَسْرِقَ قَدْرَ حَقِّه، فلا يُقْطَعُ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه، وقدَّمه أيضا فى «الفُروعِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال القاضى: يُقْطَعُ مُطْلَقًا؛ بِناءً على أنَّه ليسَ له أخْذُ قَدْرِ دَيْنِه إذا عجَز عن أخْذِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وأَطْلَقهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». فائدة: لو سرَق المالَ المَسْروقَ أو المغْصوبَ أجْنَبِىٌّ، لم يُقْطَعْ. على الصَّحيحِ

وَمَنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا، قُطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقْطَعُ.

وَمَنْ أَجَرَ دَارَهُ، أَوْ أَعَارَهَا، ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَعِيرِ أَوِ الْمُسْتأْجِرِ، قُطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أَجَرَ دارَه، أو أعارَها، ثم سرَق منها مالَ المُسْتَعِيرِ أَوِ المُسْتَأْجِرِ، قُطِعَ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وفى «التَّرْغِيبِ»، احْتِمالُ إنْ قصَد بدُخولِه الرُّجوعَ فى العارِيَّةِ، لم يُقْطَعْ. وفى «الفُنونِ»، له الرُّجوعُ بقَوْلِه لا بسَرِقَتِه. على أنَّه يبْطُلُ بما إذا أعارَه ثَوْبًا وسرَق ضِمْنَه شيئًا، ولا فَرْقَ.

فصل

فَصْلٌ: السَّادِسُ، ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: السَّادِسُ، ثُبُوتُ السرِقَةِ بشَهادَةِ عَدْلَيْن. بلا نِزاعٍ. لكِنْ مِن شَرْطِ قَبُولِ شهادَتِهما، أَنْ يصِفَا السَّرِقَةَ. والصَّحيحُ مِنَ المَذْهَبِ، أنَّه لا تُسْمَعُ البَيِّنَةُ قبلَ الدَّعْوَى. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ لا تُسْمَعُ قبلَ الدَّعْوَى. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [ولا تُسْمَعُ البَيِّنَةُ قبلَ الدَّعْوَى] (¬1)، فى الأصحِّ. وقيل: تُسْمَعُ. تنبيه: اشْتِراطُ شَهادةِ العَدْلَيْن لأجْلِ القَطْعِ. أمَّا ثُبوتُ المالِ، فإنَّه يثْبُتُ بشاهِدٍ ويَمِين، وبإقْرارِه مرَّةً. على ما يأتِى. ¬

(¬1) فى الأصل: «ولا تسمع الدعوى قبل البينة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: أو إِقْرارُه مَرَّتَيْن. ووَصْفُ السِّرِقَةِ، بخِلافِ إقْرارِه بالزنَى، فإنَّ فى اعْتِبارِ التَّفْصِيل وَجْهَيْن. قالَه فى «التَّرْغيبِ»، بخِلافِ القَذْفِ لحُصولِ التَّعْييرِ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. أعْنِى أنَّه يُشْترَطُ إقْرارُه مرَّتَيْن، ويُكْتَفَى بذلك، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، فى إقْرارِ عَبْدٍ أرَبْعَ مرَّاتٍ، نقَلَه مُهَنَّا، لا يكونُ المَتاعُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَه. نصَّ عليه.

وَلَا يَنْزِعُ عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَنْزِعُ عن إِقْرارِه حتى يُقْطَعَ. فإنْ رجَع، قُبِلَ، بلا نِزاعٍ، كحدِّ الزِّنَى، بخِلافِ ما لو ثبَت ببَيِّنَةٍ، فإنَّ رُجوعَه لا يُقْبَل. أمَّا لو شَهِدَت على إقْرارِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالسَّرِقَةِ، ثم جحَد فقامَتِ البَيِّنَةُ بذلك، فهل يُقْطَع نظرًا للبَيِّنَةِ، أو لا يُقْطَعُ نظرًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للإِقْرارِ؟ على رِوايتَيْن. حَكاهما الشِّيرَازِىُّ. واقْتَصرَ عليهما الزَّرْكَشِىُّ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يُقْطَعُ؛ لأن الإِقْرارَ أقْوَى مِنَ البَيِّنَةِ عليه، ومع هذا يُقْبَلُ إقْرارُه عليه.

السَّابعُ، مُطَالَبَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِمَالِهِ. وَقَالَ أبو بَكْرٍ: لَيْس ذَلِكَ بِشَرْطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: السَّابعُ، مُطالَبَةُ المسْرُوقِ منه بمالِه. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم الخِرَقِىُّ وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المُخْتارُ للخِرَقِىِّ، والقاضى، وأصحابِه. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وطَلَبُ رَبِّه أو وَكِيله شَرْطٌ، فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ فى «الخَلافِ»: ليسَ ذلك بشَرْطٍ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى. واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو قَوِىٌّ؛ عمَلًا بإطْلاقِ الآيَةِ الكَريمَةِ والأحاديثِ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، بعدَ حِكايةِ الخِلافِ: وإنْ قُطِعَ دُونَ المُطالبَةِ، أجْزَأَ. وتقدَّم فى كتابِ الحُدودِ، ولو قطَع يدَ نفْسِه بإذْنِ المَسْروقِ منه. فائدة: وَكيل المَسْروقِ منه كهو، وكذا وَليُّه. وتقدَّم قريبًا حكمُ سَرِقَةِ الكَفَنَ.

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ، قُطعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، وَحُسِمتْ؛ وَهُوَ أَنْ تُغْمَسَ فى زَيْتٍ مَغْلِىٍّ، فَإِنْ عَاَد، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا وجَب القَطْعُ، قُطِعَتْ يَدُه اليُمْنَى مِن مَفْصِلِ الكَفِّ،

قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ، وَحُسِمَتْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وحُسِمَتْ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحَسْمَ واجبٌ. قدَّمه فى «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّ الحَسْمَ مُسْتَحَب. ويأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ قريبًا: هل الزَّيْتُ مِن بَيْتِ المالِ، أو مِن مالِ السَّارِقِ (¬1)؟ ¬

(¬1) فى الأصل: «المسروق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُسْتَحَبُّ تعْليقُ يَدِه فى عُنُقِه. زادَ فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»: ثلَاثَةَ أَيَّامٍ، إنْ رآه الإِمامُ.

فَإِنْ عَادَ، حُبِسَ، وَلَمْ يُقْطَعْ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فى الثَّالِثَةِ، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى فى الرَّابِعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عادَ، حُبِسَ ولم يُقْطَعْ. يعْنِى، بعدَ قَطْعِ يَدِه اليُمْنىَ ورِجْلِه اليُسْرَى. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال فى «الفُروعِ»: هذا المذهبُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والخِرَقِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه»، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِىُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُغنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، تُقْطَعُ يَدُه اليُسْرَى فى الثَّالثةِ، والرِّجْلُ اليُمْنَى فى الرَّابعةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: والذى يظْهَرُ؛ الرِّوايةُ الثَّانيةُ، إنْ ثَبتَتِ الأحاديثُ، ولا تفْرِيعَ عليها. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وقِياسُ قولِ شيْخِنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ ابنَ تَيْمِيَّةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أنَّ السَّارِقَ كالشَّارِبِ فى الرَّابِعَةِ، يُقْتَلُ عندَه إذا لم يَتُبْ بدُونِه. انتهى. قلتُ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بل هذا أوْلَى عندَه، وضَرَرُه أعْظَمُ. فعلى المذهبِ، يُحْبَسُ فى الثَّالثةِ حتى يَتُوبَ، كالمَرَّةِ الخامِسَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. وأطْلقَ المُصَنِّفُ

وَمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ لَهُ يَدٌ يُمْنَى، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَإِنْ سَرَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــ وجماعَةٌ الحَبْسَ، ومُرادُهم الأَوَّلُ. وقال فى «الإِيضاحِ»: يُحْبَسُ ويُعَذَّبُ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يُحْبَسُ أو يُغَرَّبُ. قلتُ: التَّغْرِيبُ بعيد. وقال فى «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ»: يُعَزَّرُ ويُحْبَس حتى يتُوبَ. فائدة: قولُه: ومَن سرَق وليس له يَد يُمْنَى، قُطِعَتْ رِجْلُه اليُسْرَى.

وَلَهُ يُمْنَى فَذَهَبَتْ، سَقَطَ الْقَطْعُ، وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، لَمْ تُقْطَعِ الْيُمْنَى، عَلَى الرِّوَايَةِ الأُولَى، وَتُقْطعُ عَلَى الأُخرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. وكذا لو سرَق وله يُمْنَى، لكِنْ لا رِجْلَ له يُسْرَى، فإنَّ يدَه اليُمْنَى تُقْطَعُ، بلا نِزاع، بخِلافِ ما لو كان الذَّاهِبُ يدَه اليُسْرَى و (¬1) رِجْلَه اليُمْنَى، فإنَّه لا يُقْطَعُ، لتَعْطلِ مَنْفَعَةِ الجِنْسِ، وذَهابِ عُضْوَيْن مِن شِقٍّ. ولو كان الذَّاهِبُ يَدَه اليُسْرَى فقط، أو يدَيْه، ففى قَطْعِ رِجْلِه اليُسْرَى وَجْهان. قال فى «الفُروعِ»: بِناءً على العِلَّتَيْن. قال فى «المُغْنِى» (¬2): أصحُّهما لا يجِبُ القَطْعُ. ولو كان الذَّاهبُ رِجْلَيْه، أو يُمْناهما، قُطِعَتْ يُمْنَى يدَيْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: قُطِعَتْ فى الأصحِّ. وقيل: لا تُقْطَعُ. ¬

(¬1) فى ط: «أو». (¬2) المغنى: 12/ 448.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وِإنْ سرَق، وله يُمْنَى، فذهَبَتْ، سقَط القَطْعُ، وإنْ ذهَبَتْ يَدُه اليُسْرَى، لم تُقْطَعْ يَدُه اليُمْنَى، على الرِّوايَةِ الأُولَى، وتُقْطَعُ على الأُخْرَى. قال فى «الفُروعِ»، تفْرِيعًا على الأُولَى: ومَن سرَق وله يدٌ يُمْنَى، فذَهَبتْ هى أو يُسْرَى يدَيْه فقط، أوِ مع رِجْلَيْه، أو إحْداهما، فلا قَطعَ؛ لتعَلُّقِ القَطْعِ بها لوُجودِها، كجِنايةٍ تعَلَّقَتْ برَقَبَتِه فماتَ، وإنْ ذهَبَتْ رِجْلَاه، أو يُمْناهما، فقيل: يُقْطَعُ، كذَهابِ يُسْراهما. وقيل: لا؛ لذَهابِ منْفَعَةِ المَشْى. وأَطْلَقهما فى

وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ، فَقَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ كان أقْطَعَ الرِّجْلَيْن، أو يُمْناهما فقط، قُطِعَتْ يُمْنَى يدَيْه، عليهما. يعْنِى، على الرِّوايتَيْن. وقيل: بل على الثَّانيةِ. قوله: وإنْ وجَب قَطْعُ يُمْناه، فقطَع القاطِع يُسْراه عَمْدًا، فعليه القَوَدُ. وإنْ قطَعَها خَطأً، فعليه دِيَتُها. وفى قَطْعِ يَمِينِ السَّارِقِ وَجْهان، وهما رِوايَتان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يُقْطَعُ. جزَم به فى «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». والثَّانى، لا يُقْطَعُ. صحَّحه

وَإِنْ قَطَعَهَا خَطَأ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا. وَفِى قَطْعِ يَمِين السَّارِقِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». قلتُ: قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»: إذا قطَع القاطِع يُسْراه عَمْدًا، أُقِيدَ مِنَ القاطِعِ. وهل تُقْطَعُ

وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ، فَتُرَدُّ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ إِلَى مَالِكِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمِينُه، أمْ لا؟ على وَجْهَيْن، أصْلُه، هل يُقْطَعُ أرْبَعَتُه، أمْ لا؟ على رِوايتَيْن؛ فإنْ قطَعَها خطأ، أُخِذَ مِنَ القاطِعِ الدِّيَةُ. وهل تُقْطَعُ يَمِينُه؟ على الوَجْهَيْن. انتهيا. فظاهِرُ هذا، أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّها لا تُقْطَعُ؛ لأَنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ أنَّه لو سرَق مَرَّةً ثالثةً، أنَّ يُسْرَى يدَيْه لا تُقْطَعُ، كما تقدَّم. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وقيل: إنْ قطَعَها مع دَهْشَةٍ، أو ظَنِّه أنَّها تُجْزِئُ، كَفَتْ. وجزَم به فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»، إلَّا أَنْ يكونَ فيه سَقْطٌ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّ القَطْعَ يُجْزِئُ، ولا ضَمانَ. وهو احْتِمال فى «الانْتصارِ»، وأنَّه يَحْتَمِلُ تضْمِينُه نِصْف دِيَةٍ. قوله: ويجْتَمِعُ القَطْعُ والضَّمانُ، فَتُرَدُّ العَيْنُ المسْرُوقَةَ إلى مالكِها، وإنْ كانَتْ

وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً، غَرِمَ قِيمَتَهَا وَقُطِعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تالِفَةً، غَرِمَ قِيمَتَها وقُطِعَ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وفى «الانْتِصارِ»: لا غُرْمَ لهتْكِ حِرْزٍ وتخْرِيبِه.

وَهَلْ يَجِبُ الزَّيْتُ الَّذِى يُحْسَمُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ مَالِ السَّارِقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يجبُ الزَّيْتُ الذى يُحْسَمُ به -وكذا أجْرَةُ القَطْعِ- مِن بَيْتِ المالِ، أو مِن مالِ السَّارقِ؟ على وَجْهَيْن. وأطلقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»؛ أحدُهما، يجبُ مِن مالِ السَّارِقِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: يجبُ مِن مالِ السَّارِقِ، إنْ قُلْنا: هو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِياطٌ له. والوَجْهُ الثَّانى، يحب مِن بَيْتِ المالِ. قدَّمه فى «الخُلاصَةِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»: وجزَم فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، أنَّ الزَّيْت مِن بَيْتِ المالِ. وقيل: مِن بَيْتِ المالِ إنْ قُلْنا: هو مِن تَتِمَّةِ الحدِّ. فائدة: لو كانتِ اليَدُ التى وجَب قطْعُها شَلَّاءَ، فهى كالمَعْدُومَةِ -على ما تقدَّم على إحْدَى الرِّوايتَيْن- فيُنْتَقَلُ. قدَّمه النَّاظِمُ، و «الكافِى»، وقال: نصَّ عليه. وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وعنه (¬1)، يُجْزِئُ، مع أمْنِ تَلَفِه بقَطْعِها. صحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وكذا الحُكْمُ لو ذهَب مُعْظَمُ نَفْعِ اليَدِ (¬2)، كقَطْعِ الأصابعِ كُلِّها، أو أرْبَع منها، فإنْ ذهَبَتِ الخِنْصَرُ والبِنْصَرُ، أو واحدَةٌ غيرُهما، أَجْزَأَتْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقيل: لا تُجْزِئُ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وقيل: لا تُجْزِئُ إذا قُطِعَ الإِبْهامُ، وتُجْزِئُ إذا قُطِعَتِ السَّبَّابَةُ والوُسْطَى، فإنْ بَقِىَ إصْبَعان، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُجْزِئُ قَطْعُهما. صَحَّحه فى «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: لا يُجْزِئُ. ¬

(¬1) فى الأصل: «عندى». (¬2) سقط من: الأصل.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب حد المحاربين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ حَدِّ الْمُحَاربِينَ وَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حدِّ المُحارِبينَ

وَهُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاس بِالسِّلَاحِ فِى الصَّحْرَاءِ، فَيَغْصِبُونَهُمُ الْمَالَ مُجَاهَرَةً، فَأمَّا مَنْ يَأخُذُهُ سَرِقَةً، فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يَحْتَمِلُ قولُه: وهم الذين يَعْرِضُون للنَّاسِ بالسِّلاحِ فى الصَّحْراءِ، فيغْصبُونَهم المالَ مُجَاهَرَةً. ولو كانَ سِلاحُهم العِصِىَّ والحِجارَةَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ، وعَصًى وحَجَرٌ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: وهو الأظْهَرُ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لا يُعْطَون حُكْمَ قُطَّاعِ الطَّريقِ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: والأَيْدِى، والعِصِىُّ، والأحْجارُ كالسِّلاحِ فى وَجْهٍ. وقال فى «البُلْغَةِ» وغيرِها: لو غصبُوهم بأَيْدِيهم مِن غيرِ سِلاحٍ، كانُوا مِن قُطَّاعِ الطَّريقِ. فائدة: مِن شَرْطِه أَنْ يكونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا؛ ليَخْرُجَ الحَرْبِىُّ. تنبيه: قولُه: فى الصَّحْراءِ. كذا قال الأكثرُ. وقال فى «الرِّعايَتَيْن»: فى صَحْراءَ بعيدَةٍ.

وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِى الْبُنْيَانِ، لَمْ يَكُونُوا مُحَارِبِينَ فِى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكْمُهُمْ فِى الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فَعَلوا ذلك فى البُنْيانِ، لم يَكُونُوا مُحارِبِين، فى قَوْلِ الخِرَقِىِّ. وهو ظاهِرُ كلامِه. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: هو الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إِدْراكِ الغايةِ»، وغيرهم. وقال أبو بَكْرٍ: حُكْمُهم فى المِصْرِ والصَّحْراءِ واحدٌ. وهو المذهبُ، وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو قولُ أبِى بَكْرٍ وكثيرٍ مِن أصحابِنا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدَّيْنِ، رَحِمَه اللَّهُ: هو قولُ الأكْثَرِين. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قلتُ: منهم؛ أبو بَكْرٍ، والقاضى، والشَّرِيف، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلَافَيْهما»، والشِّيرازِىُّ. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: حُكْمُ المِصْرِ حُكْمُ الصَّحْراءِ، إنْ لم يُغَثْ. وقالَه القاضى فى «المُجَرَّدِ»، و «الشَّرْحِ الصَّغِيرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه».

وَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ، قُتِلَ حَتْمًا، وَصُلِبَ حَتَّى يُشْتَهَرَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصْلَبُ قَدْرَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلْبِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُقْطَعُ مَعَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ تعْليلِ الشَّرِيفِ أبى جَعْفَرٍ. ذكَرَه فى «الطَّبَقاتِ». تنبيه: مَنْشَأُ الخِلافِ، أنَّ الإِمامَ أحمدَ سُئِلَ عن ذلك، فتوَقَّفَ فيهم. قوله: وإذا قُدِرَ عليهم، فمَن كان منهم قد قتَل مَن يُكافِئُه وأخَذ المالَ، قُتِلَ حَتْمًا. بلا نِزاعٍ. ولا يُزادُ على القَتْلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه يُقْطَعُ مع ذلك (¬1). اخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وقيل: ويُصْلَبُون بحيثُ لا يمُوتون. قوله: وصُلِبَ حتى يُشْتَهَرَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى فى «جامِعِه»، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وجزَم به فى ¬

(¬1) بعده فى ط، أ: «أولا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِى»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. وقال أبو بَكْرٍ: [يُصْلَبُ قَدْرَ ما يقَعُ عليه اسمُ الصَّلْبِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»] (¬1): يُصْلَبُ قَدْرَ ما يُتَمَثَّلُ به ويُعْتَبَرُ (¬2). قلتُ: وهو أوْلَى، وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل، ط: «يتغير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قريبٌ مِنَ المذهبِ. وعندَ ابنِ رَزِينٍ، يُصْلَبُ ثلَاثَةَ أيَّامٍ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ الصَّلْبَ بعدَ قَتْلِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقيل: يُصْلَبُ أولًا. وتقدَّم فى كتابِ الجَنائزِ -عندَ قوْلِه: ولا يُصَلِّى الإِمامُ على الغَالِّ- أنَّه هل يُقْتَلُ أوْلا؟ ثم يُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه، ثم يُصْلَبُ، أو يُصْلَبُ عَقِبَ القَتْلِ. فائدة: لو ماتَ أو قُتِلَ قبلَ قَتْلِه للمُحارَبَةِ، لم يُصْلَبْ. على الصَّحيحِ مِنَ

وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ، فَهَلْ يُقْتَلُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقيل: يُصْلَبُ. قوله: وإنْ قتَل مَن لا يُكافِئُه -يعْنِى، كوَلَدِه والعَبْدِ والذِّمِّىِّ- فهل يُقتَلُ؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ إحْداهما، يُقْتَلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ»: يُقْتَلُ على الأظْهَرِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُقْتَلُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أمْشَى على قاعِدَةِ المذهبِ. واخْتارَها الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرازِىُّ. وهو

وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْس، فَهَلْ يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». قوله: وإنْ جنَى جنايَةً تُوجِبُ القِصاصَ فيما دُونَ النَّفْسِ، فهَلُ يتَحَتَّمُ اسْتِيفَاوه؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقهما فى «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِى»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ إحْداهما، لا يتَحَتَّمُ اسْتِيفاؤُه. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «تَجْريدِ العِنايَةِ». والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يتحَتَّمُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وهما وَجْهان فى «الكافِى»، و «البُلْغَةِ». فائدتان؛ إحْداهما، لا يسْقُطُ تحَتُّمُ القَتْلِ على كِلا الرِّوايتَيْن، ولا يسْقُطُ تحَتُّمُ القَوَدِ فى الطَّرَفِ، إذا كان قد قتَل. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ويَحْتَمِلُ عندِى أَنْ يسْقُطَ تحُتُّمُ قوَدِ طَرَفٍ بتَحَتُّمِ قَتْلِه.

وَحُكْمُ الرِّدْءِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: وذكَر بعضُهم هذا الاحْتِمالَ، فقال: يَحْتَمِلُ أَنْ تسْقُطَ الجِنايَةُ، إنْ قُلْنا: يتَحَتَّمُ اسْتِيفاؤها. وذكَرَه بعضُهم، فقال: يحْتَمِلُ أَنْ يسْقُطَ تحَتُّمُ القَتْلِ، إنْ قُلْنا: يتَحَتَّمُ فى الطَرَفِ، وهذا وَهْمٌ. وهو كما قال. الثَّانيةُ: قولُه: وحُكْمُ الرِّدْءِ حُكْمُ المُباشِرِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وكذلك الطَّلِيعُ (¬1). وذكَر أبو الفَرَجِ، السَّرِقَةُ كذلك، فرِدْءُ غيرِ مُكَلَّفٍ كهو. وقيل: يضْمَنُ المالَ آخِذُه. وقيل: قَرارُه عليه. وقال فى «الإِرْشادِ»: مَن قاتلَ اللُّصوصَ وقُتِلَ، قُتِلَ القاتِلُ فقط. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ ¬

(¬1) الرجل يبعث لمطالعة أمر العدو وغيره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحمَه اللَّه، يُقْتَلُ الآمِرُ كرِدْءٍ، وأنَّه فى السَّرِقَةِ كذلك. وفى السَّرِقَةِ فى «الانْتِصارِ»: الشَّرِكَةُ تُلْحِقُ غيرَ الفاعلِ به، كرِدْءٍ مع مُباشِرٍ. وقال فى «المُفْرَداتِ»: إنَّما قُطِعَ جماعَةٌ بسَرِقَةِ نِصابٍ للسَّعْىِ بالفَسادِ، والغالِبُ مِنَ السُّعاةِ قَطْعُ الطَّريقِ والتَّلَصُّصُ باللَّيْلِ والمُشارَكَةُ بأعْوانٍ؛ بعضُهم يُقاتِلُ أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْمِلُ، أو يُكَثرُ، أو يَنْقُلُ، فَقَتَلْنَا الكُلَّ أو قطَعْناهم حَسْمًا للفَسادِ. انتهى.

وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ، قُتِلَ. وَهَلْ يُصْلَبُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن قتَل ولم يأْخُذِ المالَ، قُتِل. يعْنِى، حَتْمًا مُطلَقًا. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقْتَلُ حَتْمًا، إنْ قتَلَه لقَصْدِ مالِه، وإلَّا فلا. وقيل: فى غيرِ مُكافِى. فعلى المذهبِ، لا أثَرَ لعَفْوِ وَلِىٍّ. فيُعايَى بها. قوله: وهل يُصْلَبُ؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»؛ إحْداهما، لا يُصْلَبُ. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»،

وَمَنْ أخذَ المالَ وَلَمْ يَقْتُلْ، قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فِى مَقَام وَاحِدٍ، وَحُسِمَتَا، وَخُلِّىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُصْلَبُ. تنبيه: قولُه: ومَن أخَذ المالَ ولم يَقْتُلْ، قُطِعَتْ يَدُه اليُمْنَى ورِجْلُه اليُسْرَى فى مَقام واحِد، وحُسِمَتا، وخُلِّىَ. يعْنِى، يكونُ ذلك حَتْمًا. قال ابنُ شِهابٍ، وغيرُه: يجِبُ أَنْ يكونَ ذلك مُرَتَّبًا، بأنْ تُقْطَعَ يَدُه اليُمْنَى أولًا، ثم رِجْلُه اليُسْرِى. وجوَّزَه أبو الخَطَّابِ، ثم أوْجَبَه، لكِنْ لا يُمْكِنُ تَدارُكُه.

وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ أَخَذَ مَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِى مِثْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقْطَعُ منهم إلَّا مَن أخَذ ما يُقْطَعُ السَّارِقُ فى مثْلِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَع به أكثرُهم. وخُرجَ عَدمُ القَطْعِ مِن عدَمِ اعْتِبارِ المُكافأَةِ. فائدة: مِن شَرْطِ قَطْعِه، أَنْ يأخُذَ مِن حِرْزٍ، فإنْ أخَذ مِن مُنْفَرِدٍ عنِ القافِلَةِ ونحوِه، لم يُقْطَعْ. ومِن شَرْطِه أيضًا، انْتِفاءُ الشُّبْهَةِ فى المالِ المأْخُوذِ.

فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مَقْطُوعَةً، أَوْ مُسْتَحَقَّةً فِى قِصَاصٍ، أَوْ شَلَّاءَ، قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَهَلْ تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْهِ؟ يَنْبَنِى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِى قَطْعِ يُسْرَى السَّارِقِ، فِى المَرَّةِ الثَّالِثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانتْ يَمِينُه مَقْطُوعَةً، أو مُسْتَحَقَّةً فى قِصاص، أو شَلَّاءَ، قُطِعَتْ رِجْلُه اليُسْرَى، وهل تقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْهِ؟ ينْبَنِى على الرِّوايتَيْن فى قَطْعِ يُسْرَى السَّارِقِ، فى المرَّةِ الثَّالِثَةِ. وهو بناءٌ صحيحٌ، فالمذهبُ هناك عدَمُ القَطْعِ، فكذا هنا. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الفُروعِ» هنا بعدَ أَنْ قدَّم أنَّه لا يُقْطَعُ: وقيلَ: يُقْطَعُ المَوْجودُ مع يَدِه اليُسْرَى. وقال فى «البُلْغَةِ» وغيرِه: إنْ قُطِعَتْ يَمِينُه قَوَدًا، واكْتفَى برِجْلِه اليُسْرَى، ففى إمْهالِه وَجْهان. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لو قُطِعَتْ يُسْراه قَوَدًا، وقُلْنا: تُقْطَعُ يُمْناه كسَرِقَةٍ،

وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أخَذَ الْمَالَ، نُفِىَ وَشُرِّدَ، فَلَا يُتْرَكُ يَأْوِى إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ أُمْهِلَ، وإنْ عدِمَ يُسْرَى يدَيْه، قُطِعَت يُسْرَى رِجْلَيْه. ويتخَرجُ لا تُقْطَعُ، كيُمْنَى يدَيْه، فى الأصحِّ مِنَ الوَجْهَيْن. الثَّانيةُ، لو حارَبَ مَرَّةً ثانيةً، لم تُقْطَعْ أرْبَعَتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: بلَى. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». وهذا الخِلافُ مَبْنِىُّ على الخِلافِ فى السَّارِقِ، إذا سرَق مَرَّةً ثالثةً، على ما تقدَّم. قوله: ومَن لم يَقْتُلْ، ولا أخَذ المالَ، نُفِىَ وشُردَ، فلا يُتْرَكُ يأْوِى إلى بَلَدٍ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال

بَلَدٍ. وَعَنْهُ، أنَّ نَفْيَهُ تَعْزِيرُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّركَشِىُّ: هذا المذهبُ المَجزومُ به عندَ القاضى، وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، أنَّ نفْيَه تعْزِيرُه بما يرْدَعُه. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يُعَزَّرُ، ثم يُنْفَى ويُشَرَّدُ. وعنه، أنَّ نفْيَه حَبْسُه. وفى «الواضِحِ» وغيرِه رِوايةٌ، نفْيُه طلَبُه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وكثيرٍ مِنَ الأصحاب، دُخولُ العَبْدِ فى ذلك، وأنَّه يُنْفَى. وقد قال القاضى فى «التَّعْليقِ»: لا تُعْرَفُ الرِّوايَةُ عن أصحابِنا فى ذلك، وإنْ سلَّمْناه، فالقَصْدُ مِن ذلك كَفُّه عنِ الفَسادِ، وهذا يَشْتَرِكُ فيه الحُرُّ والعَبْدُ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، تُنْفَى الجماعَةُ مُتَفَرِّقِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، خِلافًا لصاحِب «التَّبْصِرَةِ». الثَّانيةُ، لا يزالُ مَنْفِيًّا حتى تظْهَرَ توْبتُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُنْفَى عامًا. وذكَرهما المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ احْتِمالَيْن، وقالا: لم يذْكُرْ أصحابُنا قَدْرَ مُدَّةِ نَفْيِهم.

وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ عَنْهُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِنَ الصَّلْبِ، وَالْقَطْعِ، وَالنَّفْىِ، وَانْحِتَامِ الْقَتْلِ، وَأُخِذَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّيِنَ، مِنَ الْأَنْفُسِ، وَالْجِرَاحِ، وَالْأَمْوَالِ، إِلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن تابَ منهم قبلَ القُدْرَةِ عليه، سقَطَتْ عنه حُدودُ اللَّهِ، مِنَ الصَّلْبِ، والقَطْعِ، والنَّفْىِ، وانْحِتامِ القَتْلِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وأَطْلَقَ فى «المُبْهِجِ»، فى حقِّ اللَّهِ رِوايتَيْن، فى أوَّلِ البابِ، وقطَع فى آخِرِه بالقَبُولِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأُخِذَ بحُقُوقِ الآدَميِّين؛ مِنَ الأَنْفُسِ، والجِراحِ، والأمْوالِ، إِلَّا أَنْ يُعْفَى له عنها. قال فى «الفُروعِ»، بعدَ أَنْ ذكَر حُقوقَ الآدَمِيِّين وحُقوقَ اللَّهِ فى مَن تابَ قبل القُدْرَةِ عليه: هذا فى مَن تحتَ حُكْمِنا. ثم قال: وفى خارِجِىٍّ وباغٍ ومُرْتَدٍّ ومُحارِبٍ، الخِلافُ فى ظاهرِ كلامِه. وقالَه شيْخُنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وقيل: تُقْبَلُ تَوْبَتُه ببَيِّنَةٍ. وقيل: وقَرِينَةٍ. وأمَّا الحَرْبِىُّ الكافِرُ، فلا يُؤْخَذُ بشئٍ فى كُفْرِه إجْماعًا.

وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ للَّه تِعَالَى سِوَى ذَلِكَ، فَتَابَ قَبْلَ إِقَامَتِهِ عليه، لم يَسْقُطْ. وَعَنْهُ، أنَّهُ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قَبْلَ إِصْلَاحِ الْعَمَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن وجَب عليه حَدٌّ للَّهِ سِوى ذلك -مثلُ الشُّرْبِ، والزِّنَى، والسَّرِقَةِ، ونحوِها- فتابَ قبلَ إقامَتِه، لم يَسْقُطْ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. وذكَرَه أبو بَكْرٍ المذهبَ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه». وعنه، أنَّه يسْقُطُ بمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قبلَ إصْلاحِ العَمَلِ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ». و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ ثبَت الحدُّ ببَيِّنَةٍ، لم يسْقُطْ بالتَّوْبَةِ. ذكَرَها ابنُ حامِدٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، وغيرُهما. وجزَم يه فى «المُحَرَّرِ»، ولكِنْ أطْلقَ الثُّبوتَ. ويأْتِى فى أوَاخرِ بابِ الشَّهادَةِ على الشَّهادَةِ، إذا تابَ شاهِدُ (¬1) الزُّورِ قبلَ التَّعْزيرِ، هل يسْقُطُ عنه، أمْ لا؟ فعلى هذه الرِّوايَةِ والرِّوايةِ الأُولَى، يسْقُطُ فى حقِّ مُحارِبٍ تابَ قبلَ القُدْرَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويحْتَمِلُ أَنْ لا يسْقُطَ كما قبلَ المُحارَبَةِ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: لا يسْقُطُ بإسْلامِ ذِمِّىٍّ ومُسْتَأْمِنٍ. نصَّ عليه. وذَكَرَه ابنُ أبى مُوسى فى الذِّمِّىِّ، ونقَل فيه أبو داودَ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، أنَّ فيه الخِلافَ. ونقَل أبو الحارِثِ، إنْ أَكْرَهَ ذِمِّىٌّ مُسْلِمةً، فوَطِئَها، قُتِلَ -ليسَ على هذا صُولحُوا- ولو أسْلَمَ، هذا حَدٌّ وجَب عليه. فدَلَّ أنَّهُ لو سقَط بالتَّوْبَةِ، سقَط بالإِسْلامِ؛ لأَنَّ التَّائبَ وجَب عليه أيضًا، وأنَّه أوْجَبَه؛ بِناءً على أنَّه لا يسْقُطُ بالتَّوْبَةِ، فإنَّه لم يُصرِّحْ بتَفْرِقَةٍ بينَ إسْلامٍ وتَوْبَةٍ. ويتَوَجَّهُ رِواية مُخَرَّجَةٌ مِن قَذْفِ أمِّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّه حَدٌّ سقَط بالإِسْلامِ. واخْتارَ صاحبُ «الرِّعايَةِ»، يسْقُطُ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ» فى سُقوطِ الجِزْيَةِ بإسْلامٍ: إذا أسْلَمَ، سقَطَتْ عنه العُقوباتُ الواجِبَةُ بالكُفْرِ؛ ¬

(¬1) فى أ: «شاهدا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالقَتلِ وغيرِه مِنَ الحُدودِ. وفى «المُبْهِجِ» احْتِمالٌ، يسْقُطُ حدُّ زِنَى ذِمِّىٍّ، ويُسْتَوْفَى حدُّ قَذْفٍ. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وفى «الرِّعايَةِ» الخِلافُ. وهو مَعْنَى ما أخَذَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما مِن عدَمِ إعْلامِه، وصِحَّةِ تَوْبَتِه، أنَّه حقٌّ للَّهِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: يسْقُطُ حقُّ آدَمِىٍّ لا يُوجبُ مالًا، وإلَّا سقَط إلى مالٍ. وقال فى «البُلْغَةِ»: فى إسْقاطِ التَّوْبَةِ فى غيرِ المُحارَبَةِ قبلَ القُدْرَةِ وبعدَها رِوايَتان. قولُه فى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ التى هى المذهبُ: وعنه، أنَّه يسْقُطُ بمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قبلَ إصْلاحِ العَمَلِ. فلا يُشْترَطُ إصْلاحُ العَمَلِ مع التَّوْبَةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بل يسْقُطُ بمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ. وهذا الصَّحيحُ على هذه الرِّوايَةِ. قال الشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ قولِ أصحابِنا. قال فى «الكافِى»: قال أصحابُنا: ولا يُعْتَبَرُ إصْلاحُ العَمَلِ مع التَّوْبَةِ فى إسْقاطِ الحدِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ». وقيل: ويُعْتَبَرُ أيضًا صَلاحُ عَمَلِه مُدَّةً. وعلى المذهبِ أيضًا، وهو سُقوطُ الحدِّ بالتَّوْبَةِ، فقيلَ: يسْقُطُ بها قبلَ توْبَتِه (¬1). جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: قبلَ القُدْرَةِ. وقيل: قبلَ إقامَتِه. [وأَطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». وقال فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبرَ إصْلاحُ العَمَلِ مُدَّةً يُتَبَيَّنُ فيها صِحَّةُ توْبَتِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى»: فى سُقوطِ حدِّ الزَّانِى، والشَّارِبِ، والسَّارِقِ، والقاذِفِ بالتَّوْبَةِ قبلَ إقامَةِ الحدِّ، وقيل: قبلَ توْبِتَه. رِوايَتان] (¬2). [وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، والمُصَنِّفِ هنا، وغيرِهم. بل هو ظاهِرُ كلام الأصحابِ، كما قال فى «المُغْنِى». وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى». وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»] (¬3). وفى بحْثِ القاضى، التَّفْرِقَةُ بينَ عِلْمِ الإِمامِ بهم أوَّلًا. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، تُقْبَلُ ولو فى الحدِّ، فلا يكْمُلُ، وأنَّ هرَبَه فيه تَوْبَةٌ. ¬

(¬1) فى ط: «ثبوته». (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

فصل

وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَدٌّ، سَقَطَ عَنْهُ. فَصْلٌ: وَمَنْ أُرِيدَتْ نَفْسُهُ أَوْ حُرمَتُهُ أَوْ مَالُهُ، فَلَهُ الدَّفْعُ عِنْ ذَلِكَ بِأَسْهلِ مَا يَعْلَمُ دَفْعَهُ بهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصلْ إِلَّا بِالْقَتْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُتِلَ كَانَ شَهِيدًا. وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ عِنْ نَفْسِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّائِلُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً. وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مُتَلَصِّصًا أَوْ صَائِلًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرْنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أُرِيدَتْ نفْسُه أو حُرْمَتُه أو مالُه، فله الدَّفْعُ عن ذلك بأسْهَلِ ما يَعْلَمُ دَفْعَه به. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. واخْتارَه صاحبُ «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: له الدَّفْعُ عن ذلك بأسْهَلِ ما يغْلِبُ على ظَنِّه أنَّه ينْدَفِعُ به. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. وقالَه فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليس له ذلك إذا أمْكَنَه هَرَبٌ أو احْتِماءٌ ونحوُه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ». وقيل. له المُناشَدَةُ. وذكَرَ جماعَةٌ، منهم المُصَنِّفُ، له دَفْعُه بغيرِ الأسْهَلِ ابْتِداءً، إنْ خافَ أَنْ يُبَدِّدَه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال، بعضُهم: أو يجْهَلَه. قوله: فإنْ لم يحْصُلْ إلَّا بالقَتْلِ، فله ذلك ولا شئَ عليه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وخرَّج الحارِثِىُّ قوْلًا بالضَّمانِ، مِن ضَمانِ الصَّائلِ فى الإِحْرامِ، على قوْلِ أبى بَكْرٍ. وفى «عُيونِ المَسائلِ»، فى الغَصْبِ: لو قتَل دَفْعًا عن مالِه، قُتِلَ، ولو قتَل دَفْعًا عن نفْسِه، لم يُقْتَلْ. نقَلَه عنه فى «الفُروعِ». وفى «الفُصولِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يضْمَنُ مَن قتَلَه دَفْعًا عن نَفْسِ غيرِه ومالِ غيرِه. قوله: وهل يجِبُ عليه الدَّفْعُ عن نفْسِه؟ على رِوايتَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». الدَّفْعُ عن نفْسِه لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ في فِتْنَةٍ، أو في غيرِها، فإنْ كانَ في غيرِ فِتْنَةٍ، ففيه رِوايَتان؛ إحْداهما، يَلْزَمُه الدَّفْعُ عن نفْسِه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ويلْزَمُه الدَّفْعُ عن نفْسِه، على الأصحِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «التبصِرَةِ»: يلْزَمه، في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ. قدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «نهايَةِ المُبْتَدِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وإنْ كان في فِتْنَةٍ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ عنها. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الفُروع». وعنه، يَلْزَمُه. وعنه، يَلْزَمُه إنْ دخَل عليه منْزِلَه. وعنه، يَحْرُمُ والحالةُ هذه. فوائد؛ منها، يَلْزَمُه الدَّفْعُ عن حُرْمَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». وقيل: لا يَلْزَمُه. قدَّمه في «نِهايَةِ المُبْتَدِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لا يَلْزَمُه الدَّفْعُ عن مالِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَلْزَمُه عن مالِه، في الأصح. واخْتارَه المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «نِهايةِ المُبْتَدِي»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، يَلْزَمُه. قال في «التَّبصِرَةِ»: يَلْزَمُه، في الأصحِّ. ومنها، لا يلْزَمُه حِفْظُ مالِه عنِ الضَّياعِ والهَلاكِ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «التَّبصِرَةِ»: يلْزَمُه، على الأصحِّ. وقال في «نِهايَةِ المُبْتَدِي»: يجوزُ دفْعُه عن نفسِه، وحُرْمَتِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومالِه، وعِرْضِه. وقيل: يجبُ. ومنها، له بذْلُ المالِ. وذكَر القاضي أنَّه أفْضَلُ، [وأنَّ حَنْبلًا نقَلَه. وقال في «التَّرْغيبِ»: المَنْصوصُ عنه، أنَّ ترْكَ قِتالِه عنه أفْضَلُ] (¬1). وأطْلقَ رِوايتَي الوُجوبِ في الكُلِّ، ثم قال: عندِي ينْتَقِضُ عَهْدُ الذِّمِّيِّ. قال في «الفُروعِ»: وما قاله في الذِّمِّيِّ مُرادُ غيرِه. ونقَل حَنْبَل في مَن يريدُ المال، أَرَى دفْعَه إليه، ولا يأْتِي على نفْسِه، لأنَّها لا عِوَضَ لها. ونقَل أبو الحارِثِ، لا بأْسَ. ومنها، أنَّه يلْزَمُه الدَّفْعُ عن نفْسِ غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي، وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وكإحْيائِه ببَذْلِ طعامِه. ذكَرَه القاضي، وغيرُه أيضًا. واخْتارَ صاحبُ «الرِّعايةِ»، يلْزَمُه مع ظَنِّ سلامةِ الدَّافِعِ، وكذا مالُه مع ظَن سَلامَتِهما. وذكَر جماعَةٌ: يجوزُ مع ظن سلامَتِهما، وإلَّا حَرُمَ. وقيل: في جوازِه عنهما وعن حُرْمَتِه رِوايَتان. نقَل حَرْبٌ الوَقْفَ في مالٍ غيرِه. ونقَل أحمدُ الترْمِذِيُّ وغيرُه (¬1)، لا يُقاتِلُه؛ لأنَّه لم يُبَحْ له قتْلُه لمالِ غيرِه. وأطْلقَ صاحبُ «التبصِرَةِ»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لُزومَه عن مالِ غيرِه. قال في «التبصِرَةِ»: فإنْ أَبَى، أعلَمَ مالِكَه، فإنْ عجَز، لزِمَتْه إعانته. وتقدَّم كلامُه ¬

(¬1) في الأصل: «وعنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُصولِ». [وجزَم أبو المَعالِي بلُزومِ دَفْعِ حَرْبِيٍّ وذِمِّيٍّ عن نفْسِه، وبإباحَتِه عن مالِه وحُرْمَتِه وعَبْدِ غيرِه وحُرْمَتِه، وأنَّ في إباحَتِه عن مالِ غيرِه وصلاةِ خوْفٍ لأجْلِه رِوايتَين. ذكَرَهما ابنُ عَقِيلٍ] (¬1). وقال في «المُذْهَبِ»: وهل يجوزُ لغيرِ المَطْلوبِ أنْ يدْفَعَ عنه مَن أرادَ نفْسَه، أو يجِبُ؟ على وَجْهَين. أمَّا دفْعُ الانْسانِ عن مالِ غيرِه فيجوزُ، ما لم يُفْضِ إلى الجِنايَةِ على نفْسِ الطَّالبِ أو شيء مِن أعْضائِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. ومنها، لو ظُلِمَ ظالِمٌ، فنقَل ابنُ أبي حَرْبٍ، لا يُعِينُه حتى يرْجِعَ عن ظُلْمِه. ونقَل الأثْرَمُ، لا يُعْجِبُنِي أنْ يُعِينُوه، أخشَى أنْ يجْتَرِئ، يَدَعُوه حتى ينْكَسِرَ. واقْتَصرَ عليهما الخَلًالُ وصاحِبُه. وسألَه صالِحٌ، في مَن يسْتَغِيثُ به جارُه؟ قال: يُكْرَهُ أنْ يخْرُجَ إلى صَيحَةٍ باللَّيلِ؛ لأنه لا يدْرِي ما يكونُ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِرُ كلامِ الأصحابِ فيهما خِلافُه، وهو أظْهَرُ في الثَّانيةِ. انتهى. قوله: وسَواء كان الصَّائِلُ آدَمِيًّا أو بَهِيمَةً. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الأوْلَى مِنَ الرِّوايتَين في البَهِيمَةِ وُجوبُ الدَّفْعِ إذا أمْكَنَه، كما لو خافَ مِن سَيلٍ أو نارٍ، وأمْكَنَه أنْ يتَنَحَّى عن ذلك، وإنْ أمْكَنَه الهَرَبُ، فالأوْلَى يَلْزَمه. وقال في «التّرْغيبِ»: البَهِيمَةُ لا حُرْمَةَ لها، فيجبُ. قال في «الفُروعِ»: وما قاله في البَهِيمَةِ مُتَّجِهٌ. فائدة: لو قتَل البَهِيمَةَ؛ حيثُ قُلْنا: له قتْلُها. فلا ضَمانَ عليه. على الصَّحيحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم ذلك في أواخِرِ الغَصْبِ في كلامِ المُصَنِّفِ. قال في «القَواعِدِ الأصولِيَّةِ»: هكذا جزَم به الأصحابُ في بابِ الصَّائلِ، فيما وقَفْتُ عليه مِن كُتُبِهم. وقال أبو بَكْر عَبْدُ العزِيزِ في «التَّنْبِيهِ»: إذا قتَل صَيدًا صائِلًا عليه، فعليه الجَزاءُ. وذكَر صاحِبُ «التَّرْغيبِ» فرْعَين؛ أحدُهما، لو حال بينَ المُضْطَرِّ وبينَ الطَّعامِ بهِيمَةٌ لا تنْدَفِعُ إلَّا بالقَتْلِ، جازَ له قتْلُها، وهل يضْمَنُها؟ على وَجْهَين. الفَرْعُ الثَّاني، لو تدَحْرَجَ إناءٌ مِن عُلْوٍ على رَأسِ إنْسانٍ، فكَسَره دَفْعًا عن نفْسِه بشيء الْتَقاه به، فهل يضْمَنُه؟ على وَجْهَين مع جَوازِ دَفْعِه. وذكَر في «التَّرْغيبِ» في بابِ الأطْعِمَةِ أنَّ المُضْطَرَّ إلى طَعامِ الغيرِ، وصاحِبُه مُسْتَغْنٍ عنه، إذا قتَلَه المُضْطَرُّ، فلا ضَمانَ عليه، إذا قُلْنا بجَوازِ مُقاتَلَتِه. ويأْتِي في كلام المُصَنِّفِ، في آخرِ بابِ الأطْعِمَةِ، جوازُ قِتالِه. وخرَّج الحارثِيُّ في كتابِ الغَصْبِ ضَمانَ الصَّائلِ، على قوْلِ أبي بَكْر في ضَمانِ الصَّيدِ الصَّائَل على المُحْرِمِ. قوله: فإذا دخَل رَجُلٌ مَنْزِلَه مُتَلَصِّصًا أو صائِلًا فحُكْمُه حُكْمُ ما ذكَرْنا. فيما تقدَّم.

وَإنْ عَضَّ إِنْسَانٌ إِنْسَانًا، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، فَسَقَطَتْ ثَنَاياهُ، ذَهَبَتْ هَدْرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَضَّ إنْسانٌ إنْسانًا، فانتَزَعَ يَدَه مِن فِيه، فسقَطَتْ ثَنَاياه، ذهَبَتْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هَدْرًا. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: ينْتَزِعُها بالأسْهَلِ فالأسْهَلِ، كالصَّائلِ.

وَإنْ نَظَرَ في بَيتِهِ مِنْ خَصاصِ الْبَابِ، أَوْ نَحْوهِ، فَحَذَفَ عَينَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ [تنبيه: مَحَلُّ ذلك إذا كان العَضُّ مُحَرَّمًا. قوله: وإنْ نظَر في بَيتِه من خَصَاصِ البابِ، أو نحوه، فحذَف عَينَه ففقَأَها] (¬1)، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَفَقَأَهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [فلا شيْءَ عليه. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال ابنُ حامِدٍ: يدْفَعُه بالأسْهَلِ فالأسْهَلِ، كالصَّائلِ] (¬1)، فيُنْذِرُه أوَّلًا، كمَنِ اسْتَرقَ السَّمْعَ، لا يقْصِدُ أُذُنَه بلا إنْذارٍ. قاله في «التَّرغيبِ». تنبيهان؛ الأوَّلُ، ظاهِرُ كلامِه، أنَّه سواءٌ تعَمَّدَ النَّاظِرُ، أوْ لا. وهو صحيحٌ، إذا ظنَّه صاحبُ البَيتِ مُتعَمِّدًا. وقال في «التَّرْغيبِ»: أو صادَفَ النَّاظِرُ عَوْرَة مِن مَحارِمِه. وقال في «المُغْنِي» (¬2) في هذه الصُّورَةِ: ولو خلَتْ مِن نِساءٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انظر: المغني 12/ 540.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِي، مفْهومُ كلامِه، أنَّ البابَ لو كان مفْتوحًا، ونظَر إلى مَن فيه، ليسَ له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَمْيُه. وهو صحيح. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقاله في «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: هو كالنَّظَرِ مِن خَصاصِ البابِ. جزَم به بعضُهم. فائدة: لو تسَمَّعَ الأعْمَى على مَن في البَيتِ، لم يَجُزْ طَعْنُ أُذُنِه. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ طَعْنَ أُذُنِه، وقال: لا ضَمانَ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ»: هكذا ذكَرَه الأصحابُ، الأعْمَى إذا تسَمَّعَ، وحَكَوا فيه القَوْلَين. قال: والذي يظْهَرُ أنَّ تَسَمُّعَ البصيرِ يلْحَقُ بالأعْمَى، على قولِ ابنِ عَقِيلٍ؛ سواءٌ كان أعْمَى، أو بَصيرًا. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والذي يظْهَرُ، أنَّه مُرادُهم، وإنَّما لم يذْكُرُوه حَمْلًا على الغالبِ؛ لأنَّ الغالِبَ مِنَ البَصيرِ ينْظُرُ لا يتَسَمَّعُ، [والعِلَّةُ جامِعَة لهما] (¬1). واللهُ أعلمُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

باب قتال أهل البغي

بَابُ قِتَالِ أهْلِ الْبَغْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ قِتالِ أهْلَ البَغْي فائدتان؛ إحْداهما، نَصْبُ الإِمام (¬1) فَرْضُ كِفايَةٍ. قال في «الفُروعِ»: فَرْضُ كِفايَةٍ، على الأصحِّ. فمَن ثبَتَتْ إمامَتُه بإجْماعٍ، أو بنَصٍّ، أو باجْتِهادٍ، أو بنَصِّ مَن قبلَه عليه، وبخَبَرٍ مُتَعَيَّنٍ لها، حَرُمَ قِتالُه. وكذا لو قَهَر النَّاسَ بسَيفِه، حتى أذْعَنُوا له ودَعَوه إمامًا. قاله في «الكافِي» وغيرِه. وذكَرَه في «الرِّعايَةِ» رِوايةً، وقدَّم أنَّه لا يكونُ إمامًا بذلك، وقُدِّمَ رِوايَتان في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»؛ ¬

(¬1) في الأصل: «الإمامة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فإنْ بُويِعَ لاثْنَينِ] (¬1)، فالإِمامُ الأوَّلُ. قاله في «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، و «تَجريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهما. ويُعْتَبَرُ كوْنُه قُرَشِيًّا حُرًّا ذكَرًا عدْلًا عالِمًا كافِيًا، ابْتِداءً ودَوامًا. قاله في «نِهايةِ ابنِ رَزِين» وغيرُه. ولو تنازَعَها اثْنان مُتَكافِئان في صِفاتِ التَّرْجيحِ، قُدِّمَ أحدُهما بالقُرْعَةِ. قال القاضي: هذا قِياسُ المذهبِ، كالأذَانِ. ¬

(¬1) في الأصل: «تفريع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، هل تصَرفُ الإِمامِ عنِ النَّاسِ بطَريقِ الوَكالةِ لهم، أمْ بطَريقِ الولايةِ؟ فيه وَجْهان. وخرَّج الآمِدِيُّ رِوايتَين؛ بِناءً على أنَّ خطَأه، هل هو في بَيتِ المالِ، أو على عاقِلَتِه؟ واخْتارَ القاضي في «خِلافِه»، أنَّه مُتَصَرِّفٌ بالوَكالةِ لعُمومِهم. وذكَر في «الأَحْكامِ السُّلْطَانِيَّةِ» رِوايتَين في انْعِقادِ إمَامَتِه بمُجَرَّدِ القَهْرِ. قال في

وَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى الإمَامِ بِتَأْويلٍ سَائِغٍ، وَلَهُمْ مَنَعَة وَشوْكة، ـــــــــــــــــــــــــــــ «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسِّتِّين»: وهذا يحْسُنُ أنْ يكونَ أصْلًا للخِلافِ في الولايةِ والوَكالةِ أيضًا، وينْبَنِي على هذا الخِلافِ انْعِزالُه بالعَزْلِ. ذكَرَه الآمِدِيُّ. فإنْ قُلْنا: هو وَكِيلٌ. فله عَزْلُ نفْسِه، وإنْ قُلْنا: هو وَالٍ. لم ينْعزِلْ بالعَزْلِ، ولا ينْعزِلُ بموتِ مَنْ تابعَه. وهل لهم عَزْلُه؟ إنْ كان بسُؤالِه، [فحكْمُه حكمُ عَزْلِ نفْسِه] (3)، وإنْ كان بغير سُؤالِه، لم يَجُزْ، بغيرِ خِلافٍ. ذكَرَه القاضي وغيرُه. تنبيهات؛ أحدُها، ظاهِرُ قوْلِه: وهم الذين يَخْرُجُون على الإِمام بتَأْويل سَائغٍ. أنَّه سواءٌ كان الإِمامُ عادِلًا [أوْ لا] (¬1). وهو المذهبُ. وعليَه جماهيرُ الأصحابِ. وجوَّز ابنُ عَقِيلٍ وابنُ الجَوْزِيِّ الخُروجَ على إمام غيرِ عادِلٍ، وذكَرَا خُروجَ الحُسَينِ على يَزِيدَ لإِقامَةِ الحقِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ رَزِينٍ، على ما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدَّم. قال في «الفُروعِ»: ونُصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ؛ أنَّ ذلك لا يحِلُّ، وأنَّه بِدْعَةٌ مُخالِفٌ للسُّنَّةِ، وآمُرُه بالصَّبْرِ، وأنَّ السَّيفَ إذا وقَع، عمَّتِ الفِتْنةُ وانْقَطَعتِ السُّبُلُ، فتُسْفَكُ الدِّماءُ، وتُسْتَباحُ الأمْوالُ، وتُنْتَهَكُ المَحارِمُ. الثاني، مفْهومُ قوْلِه: ولهم مَنَعَةٌ وشَوْكَةٌ. أنَّهم لو كانوا جَمْعًا يسِيرًا، أنَّهم لا يُعْطَوْن حُكْمَ البُغاةِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. بل حُكْمُهم حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. وقال أبو بَكْر: هم بُغاةٌ أيضًا. وهو رِوايَة ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. الثَّالثُ، ظاهِرُ كلامِ المُصنِّفِ أيضًا، أنَّه سواءٌ كان فيهم واحِدٌ مُطاعٌ، أوْ لا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنَّهم سواءٌ كانوا في طَرَفِ ولايَتِه أو وَسَطِها. وهو صحيح. وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا تَتِمُّ شَوْكَتُهم إلَّا وفيهم واحِدٌ مُطاعٌ، وأنَّه يُعْتَبرُ كوْنُهم في طَرَفِ ولايتِه. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: تدْعُو إلى نفْسِها، أو إلى إمام غيرِه.

وَعَلَى الإمَامِ أَنْ يُرَاسِلَهُمْ، وَيَسْأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ مِنْهُ، وَيُزِيلَ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ، وَيَكْشِفَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ شُبْهَةٍ، فَإِنْ فَاءُوا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وعلى الإِمامِ أنْ يُراسِلَهم، ويَسْأَلهم ما يَنْقِمُون منه، ويُزِيلَ ما يَذْكُرُونه مِن مَظْلِمَةٍ، ويكْشِفَ ما يَدَّعُونه مِن شُبْهَةٍ. بلا نِزاعٍ.

وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإنْ فاءُوا وإلَّا قاتَلَهم. يعْنِي، إذا كان يقْدِرُ على قِتالِهم. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللهُ: له قَتْلُ الخَوارِجِ ابْتِداءً، وتَتِمَّةُ الجَرِيحِ. قال في «الفُروعِ»: وهو خِلافُ ظاهرِ رِوايَةِ عَبْدُوسَ بنَ مالِكٍ (¬1). وقال المُصَنفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، في الخَوارجِ: ظاهِرُ قولِ المُتأخرينَ مِن أصحابِنا، أنَّهم بُغاةٌ، لهم حُكْمُهم، وأنَّه قولُ جمهورِ العُلَماءِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، وليسَ بمُرادِهم، لذِكْرِهم كُفْرَهم وفِسْقَهم، بخِلافِ البُغاةِ. قال في «الكافِي»: ذهبَ فُقَهاءُ أصحابنا إلى أنَّ حُكْمَ الخَوارجِ حكمُ البُغاةِ، وذهبَتْ طائفةٌ مِن أهْلِ الحديثِ إلى أنَّهم كفَّارٌ، حُكْمُهم حكمُ المُرْتَدِّين. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: يُفَرِّقُ جُمْهورُ العُلَماءِ بينَ الخَوارجِ والبُغاةِ المُتأوِّلينَ، وهو المَعْروفُ عنِ الصَّحابَةِ، ¬

(¬1) عبدوس بن مالك العطار، أبو محمد. كانت له عند أبي عبد الله منزلة في هدايا وغير ذلك، وله به أنس شديد، وكان يقدمه، وقد روى عنه مسائل لم يروها غيره. طبقات الحنابلة 1/ 241 - 246.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَضِيَ الله عنهم، وعليه عامَّةُ أهْلِ الحديثِ، والفُقَهاءِ، والمُتَكلِّمين، ونصوصِ أكثرِ الأئمَّةِ وأتْباعِهم. قال في «الفُروعِ»: واخْتِيارُ شيخِنا يُخَرَّجُ على وَجْهِ مَن صوَّب غيرَ مُعَيِّن، أو وقَف؛ لأنَّ عَلِيًّا، رَضِيَ اللهُ عنه، هو المُصِيبُ. وهي أقْوالٌ في مذهبِنا. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: الخَوارِجُ بُغاةٌ مبْتَدِعَةٌ، يُكَفِّرون مَن أتَى كبيرَةً، ولذلك طعَنُوا على الأئمَّةِ، وفارَقُوا الجماعَةَ، وترَكُوا الجُمُعَةَ، ومنهم مَنْ كفَّر الصَّحابةَ، رَضِيَ اللهُ عنهم، وسائرَ أهْلِ الحقِّ، واسْتَحلَّ دِماءَ المُسْلِمينَ وأمْوالهم. وقيل: هؤلاءِ كُفَّارٌ كالمُرْتَدِّين، فيجوزُ قَتْلُهم ابْتِداءً وقَتْلُ أسِيرِهم، واتِّباعُ مُدْبِرِهم، ومَن قُدِرَ عليه منهم اسْتُتِيبَ، فإنْ تابَ، وإلَّا قُتِلَ.

وَعَلَى رَعِيَّتِهِ مَعُونَتُهُ عَلَى حَرْبِهِمْ، فَإِنِ اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً، رَجَاءَ رُجُوعِهِمْ فِيهَا، أَنْظَرَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أوْلَى. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال الزَّرْكَشيُّ: الخَوارجُ الذين يُكفِّرون بالذَّنْبِ، ويكفِّرون عُثْمانَ، وَعَلِيًّا، وطَلْحَةَ، والزُّبَيرَ، رَضِيَ اللهُ عنهم، ويَسْتَحِلُّون دِماءَ المُسْلِمين وأمْوالهم، فيهم رِوايَتان. حَكاهما القاضي في «تَعْليقِه»؛ إحْداهما، هم كفَّارٌ. والثَّانية، لا يُحْكَمُ بكُفْرِهم. تنبيه: قولُه: فإنْ فاءُوا، وإلَّا قاتلَهم. يعْنِي وُجوبًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، والقاضي، وغيِرُهم. قال الزَّرْكَشيّ: وظاهِرُ قِصَّةِ الحُسَينِ بن عليٍّ، رَضِيَ الله عنهما، وقوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام: «ستَكُونُ فِتْنَةٌ» (¬1). يقْتَضِي أنَّ القِتال لا يجبُ. ومال إليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في: باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، من كتاب الفتن. صحيح البخاري 9/ 64. ومسلم، في: باب نزول الفتن كمواقع القطر، من كتاب الفتن وأشراط الساعة. صحيح مسلم 4/ 2211 - 2213. والترمذي، في: باب ما جاء تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، من أبواب الفتن. =

وَإنْ ظَنَّ أَنَّهَا مَكِيدَةٌ، لَمْ يُنْظِرْهُمْ وَقَاتَلَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= عارضة الأحوذي 9/ 47، 48. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 169، 185، 2/ 282، 4/ 106، 110، 5/ 110.

وَلَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ، وَالنَّارِ، إلا لِضَرُورَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَا يَسْتَعِينُ في حَرْبِهِمْ بِكَافِرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيهِمْ بِسِلَاحِهمْ وَكُرَاعِهِمْ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يجوزُ أنْ يَسْتَعِينَ عليهم بسِلاحِهم وكُرَاعِهم؟ على وجْهَين. يعْنِي، بسِلاحِ البُغاةِ وكُراعِهم. صرَّح به الأصحابُ، وهما رِوايَتان. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوي»؛ أحدُهما، لا يجوزُ إلَّا عندَ الضَّرورةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين». وقدَّمه في «الفُروعِ». والثَّاني، يجوزُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ».

وَلَا يُتْبَعُ لَهُمْ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجَازُ عَلَى جَرِيحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: المُراهِقُ منهم والعَبْدُ كالخَيلِ. قاله في «التَّرْغِيبِ». قوله: ولا يُتْبَعُ لهم مُدْبِرٌ، ولا يُجازُ على جَرِيحٍ. اعلمْ أنَّه يَحْرُمُ قتْلُ مُدْبرِهم وجَريحِهم. بلا نِزاعٍ. ولا يُتْبَعُ مُدْبِرُهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. وقيل: في آخِرِ القِتالِ. ذكَرَه في «الرعايتَين». قلتُ: يتَوجَّهُ أنْ يُقال: إنْ خِيفَ مِن اجْتِماعِهم ورُجوعِهم، تَبِعَهم. فعلى المذهب، إنْ فعَل، ففي القَوَدِ وَجْهان. وأَطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُقادُ به. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآتِي. وقدَّمه ابنُ رَزِين في «شرْحِه». والثَّاني، لا يُقادُ به. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لاخْتِلافِ العُلَماءِ في ذلك، فأَنتجَ شْبُهَةً. فائدة: قال في «المُسْتَوْعِبِ»: المُدْبِرُ مَنِ انْكسَرتْ شَوْكتُه، لا المُتَحَرِّفُ

وَلَا يُغْنَمُ لَهُمْ مَالٌ، وَلَا تُسْبَى لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى مَوْضِعٍ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يَحْرُمُ قتْلُ مَنْ ترَك القِتال.

وَمَنْ أُسِرَ مِنْ رِجَالِهِمْ، حُبِسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، ثُمَّ يُرْسَلُ. وَإنْ أُسِرَ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَة، فَهَلْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ يُخَلَّى في الْحَالِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن أُسِرَ مِن رِجالِهم، حُبِسَ حتى تَنْقَضِيَ الحَرْبُ، ثم يُرسَلُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُخَلَّى إنْ أُمِنَ عَوْدُه. وقال في «التَّرغْيبِ»: لا يُرْسَلُ مع بَقاءِ شوْكَتِهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولعَلَّه مُرادُ مَن أَطلقَ. فعلى هذا، لو بطَلَتْ شَوْكتُهم، ولكِنْ يُتوَقَّعُ اجْتماعُهم في الحالِ، ففْى إرْسالِه وَجْهان. وأَطلَقهما في «الرِّعايتَينِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ إرْسالِه. وقيل: يجوزُ حَبْسُه ليُخَلَّى أسيرُنا. قوله: فإنْ أُسِرَ صَبِيٌّ أو امْرَأةٌ، فهل يُفْعَلُ به ذلك، أو يُخَلَّى في الحَالِ؟ يحْتَمِلُ

يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يُفْعَلُ به كما يُفْعَلُ بالرَّجُلِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يُخَلَّى في الحالِ. صحَّحه المُصَنِّفُ،

وَإذَا انْقَضَى الْحَرْبُ، فَمَن وَجَدَ مِنْهُمْ مَالهُ في يَدِ إِنْسَانٍ أَخَذَهُ، وَلَا يَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ مَا أتْلَفُوهُ عَلَيهِمْ حَال الْحَرْبِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. وَهَلْ يَضْمَنُ الْبُغَاةُ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ في الْحَرْبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ. قلتُ: الصَّوابُ النَّظَرُ إلى ما هو أصْلَحُ مِنَ الإِمْساكِ والإِرْسالِ. ولعَلَّ الوَجْهَين مَبْنِيَّان على ذلك. قوله: ولا يضْمَنُ أهْلُ العَدْلِ ما أتْلَفُوه عليهم حال الحَرْبِ، مِن نَفْس أو مالٍ. بلا نِزاعٍ. وتقدَّم في كفَّارَةِ القَتْلِ، هل يجبُ على القاتِلِ كفَّارَةٌ، أمْ لا؟ قوله: وهل يَضمَنُ البُغاةُ ما أتْلَفُوه على أهْلِ العَدْلِ في الحَرْبِ؟ على رِوايَتَين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، لا يضْمَنُون. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قلتُ: فيُعايَىَ بها.

وَمَنْ أتْلَفَ في غَيرِ حَالِ الْحَرْبِ شَيئًا، ضَمِنَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يضْمَنُون. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». فعلى الروايَةِ الثَانيةِ، في القَوَدِ وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروع». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: إنْ ضُمِنَ المالُ، احْتَملَ القَوَدُ وَجْهَين. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُ القَوَدِ. والوَجْهان أيضًا في تحَتُّم القَتْلِ بعدَها. قاله في «الفُروع».

وَمَا أَخَذُوا في حَالِ امْتِنَاعِهِمْ، مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ خَرَاجٍ، أَوْ جِزْيَةٍ، لَمْ يُعَدْ عَلَيهِمْ وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قولُه: وما أَخَذُوا في حالِ امْتِناعِهم، مِن زَكاةٍ، أو خَراجٍ، أو جِزْيَةٍ، لم يُعَدْ عليهم ولا على صاحِبِه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهُ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكاةِ إلى الخَوارجِ والبُغاةِ. نصَّ عليه في الخَوارجِ إذا غَلَبُوا على بَلَدٍ، وأخَذُوا منه العُشْرَ، وقَع مَوْقِعَه. قال القاضي في «الشَّرْحِ»: هذا مَحْمولٌ على أنَّهم خرَجُوا بتَأويلٍ. وقال في مَوْضِعٍ: إنَّما يُجْزِئُ أخْذُهم، إذا نصَّبُوا لهم إمامًا. قال في «الفُروعِ»:

وَمَنِ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاتِهِ إِلَيهِمْ، قُبِلَ بِغَيرِ يَمِينٍ. وَإنِ ادَّعَى ذِمِّيٌّ دَفْعَ جِزْيَتهِ إِلَيهِمْ، لَمْ يُقْبَلْ إلا بِبَيِّنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِرُ كلامِه في مَوْضِع مِن «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»، أنَّه لا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إليهم اخْتِيارًا. وعنَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، التَّوَقُّفُ فيما أخَذَه الخَوارِجُ مِنَ الزَّكاةِ. وقال القاضي: وقد قيل: تجوزُ الصَّلاةُ خَلْفَ الأئمَّةِ الفُسَّاقِ، ولا يجوزُ دَفْعُ الأعْشارِ والصَّدَقاتِ إليهم، ولا إقامَةُ الحُدودِ. وعنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، نحوُه. قوله: وإنِ ادَّعَى ذِمِّيٌّ دَفْعَ جِزْيَتِه إليهم، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيَّنَةٍ. هذا المذهبُ. وعليه

وَإنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ دَفْعَ خَرَاجِهِ إِلَيهِمْ، فَهَلْ يُقْبَلُ بِغَيرِ بَيَّنَةٍ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وفيه احْتِمالٌ تُقْبَلُ بلا بَيِّنَةٍ، إذا كان بعدَ الحَوْلِ. قوله: وإنِ ادَّعَى إِنْسانٌ دَفْعَ خَراجِه إليهم، فهل يُقْبَلُ بغيرِ بَيِّنَةٍ؟ على وَجْهَين. عِبارَتُه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم كذلك، فقد يُقالُ: شملَ كلامُه مسْألتَين؛ إحْداهما، إذا كانَ مُسْلِمًا وادَّعَى ذلك، فأطْلقَ في قَبْولِ قولِه بلا بَيِّنَةٍ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، أحدُهما، لا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنَةٍ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيز»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُقْبَلُ مع يَمِينهِ. صحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «المُنَورِ». والمَسألةُ الثَّانيةُ، إذا كان ذِمِّيًّا، وأطْلقَ في قَبُولِ قولِه بلا بَيِّنَةٍ وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». أحدُهما، لا يُقْبَلُ. وهو

وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ. وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ، إلا ما يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّاني، يُقْبَلُ قولُه مع يَمِينِه. جزَم به في «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ ما صحَّحه في «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقيل: يُقْبَلُ بعدَ مُضيِّ الحَوْلِ. قوله: وتجوزُ شَهادَتُهم، ولا يُنْقَضُ مِن حُكْمِ حاكِمِهم إلا ما يُنْقَضُ مِن حُكْمِ غيرِه. هذا المذهبُ فيهما. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيل: تُقْبَلُ شَهادَتُهم، ويُؤخَذُ عنهم العِلْمُ، ما لم يكُونُوا دُعاةً. ذكَرَه أبو بَكْر. وذكَر في «المُغْنِي»، و «التَّرْغِيب»، و «الشَّرْحِ»، أن الأولَى ردُّ كِتابِه قبلَ الحُكْم به. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنّ ابنَ عَقِيلٍ وغيرَه فسَّقوا البُغاةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو وَلَّى الخوارِجُ قاضِيًا، لم يَجُزْ قَضاؤُه عندَ الأصحابِ. وفي «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، احْتِمال بصِحَّةِ قَضاءِ الخارِجِيِّ، دَفْعًا للضَرَرِ، لو أقامَ الحدَّ، أو أخَذ جِزْيَةً وخَراجًا وزَكاةً.

وَإنِ اسْتَعَانُوا بِأهْلِ الذِّمَّةِ، فَأعَانُوهُمْ، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، إلا أنْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيهِمْ مَعُونَةُ مَنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ اسْتعانُوا بأهْلِ الذِّمَّةِ، فأعانُوهم، انتْقَضَ عَهْدُهم، إلا أنْ يدَّعُوا أنَّهم ظَنُّوا أنَّه يجِبُ عليهم مَعُونَةُ مَنِ اسْتَعانَ بهم مِنَ المُسْلِمِين، ونحوَ ذلك، فلا ينْتَقِضُ عَهْدُهم. إذا قاتلَ أهْلُ الذِّمَّةِ مع البُغاةِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يدَّعُوا شُبْهَةً أوْ لا، فإنْ لم يدَّعُوا شُبْهَةً -ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه- انْتقَضَ عهْدُهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَة»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

وَيُغَرَّمُونَ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». وقيل: لا ينْتَقِضُ. فعلى المذهبِ، يصِيرون كأهْلِ الحَرْبِ. وعلى الثَّاني، يكونُ حكْمُهم حكمَ البُغاةِ. وعلى الثَّاني أيضًا، في أهْلِ عَدْلٍ وَجْهانِ. [قال في «الفُروعِ»: وقيل: لا ينْتَقِضُ عَهْدُهم، ففي أهْلِ عَدْلٍ وَجْهان] (¬1). انتهى. قلتُ: الذي يظْهَرُ أنَّ العَكْسَ أوْلَى؛ وهو أنَّهم إذا قاتَلُوا [مع البُغاةِ؛ وقُلْنا: ينْتَقِضُ عَهْدُهم، فهل ينْتَقِضُ عَهْدُهم إذا قاتَلُوا] (2) مع أهْلِ العَدْلِ؟ هذا ما يظْهَرُ. وإنِ ادَّعَوا شُبْهَةً، كظَنِّهم وُجوبَه عليهم، ونحوه، لم ينْتَقِضْ عَهْدُهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّرْغِيبِ»: في نقْضِ عَهْدِهم وَجْهان. قوله: ويُغَرَّمُون ما أَتلَفُوه مِن نَفْس ومالٍ. يعْنِي أهْلَ الذِّمَّةِ إذا قاتَلُوا. وهذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَأَمَّنُوهُمْ، لَمْ يَصِحَّ أَمَانُهُم، وَأُبِيحَ قَتْلُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقطَع به أكثرُهم؟ منهم صاحبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْم»، و «الرعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: ويُغَرَّمُون ما أتْلَفُوه، في الأصحِّ. وقدَّمه في «الرعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: لا يَضْمَنُون. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: قلتُ: إنِ انْتقَضَ عهْدُهم، فلا يضْمَنُ. تنبيه: قولُه: وإنِ اسْتَعانُوا بأهْلِ الحَرْبِ وأمَّنُوهم، لم يصِحَّ أمانُهم، وأُبِيحَ قَتْلُهم. يعْنِي، لغيرِ الذين أَمَّنُوهم، فأمَّا الذين أمَّنُوهم، فلا يُباحُ لهم ذلك. وهو ظاهِرٌ.

وَإنْ أظْهَرَ قَوْمٌ رَأيَ الْخوَارِجِ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ، لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوارِجِ، ولم يجْتَمِعُوا لحَرْبٍ، لم يُتَعَرضْ لهم. بل تجْرِي الأحْكامُ عليهم كأهْلِ العَدْلِ. قال في «الفُروعِ»: ذكَرَه جماعَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: منهم، أبو بَكْرٍ، وصاحبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «إدْراكِ الغايَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تجْريدِ العِنايَةِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وسأله المَرُّوذِيُّ عن قَوْمٍ مِن أهْلِ البِدَعِ يتَعرَّضُون ويُكفِّرون، قال: لا تَعْرِضُوا لهم. قلتُ: وأيُّ شيءٍ تكْرَهُ أنْ يُحْبَسُوا؟ قال: لهم وَالِداتٌ وأخَواتٌ. وقال في رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: الحَرُورِيَّةُ إذا دَعَوا إلى ما هم عليه، إلى دِيِنهم، فقاتِلْهم، وإلَّا فلا يُقاتَلُون. وسألَه إبْراهِيمُ الأُطْروشُ عن قَتْلِ الجَهْمِيِّ؟ قال: أرَى قَتْلَ الدُّعاةِ منهم. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، أنَّ مالِكًا، رَحِمَه اللهُ، قال: عَمْرُو بنُ عُبَيدٍ (¬1)، يُسْتَتابُ، فإنْ تابُ، وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُه. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: أرَى ذلك إذا جحَد العِلْمَ. وذكَر له المَرُّوذِيُّ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ، قال: كان لا يُقِرُّ بالعِلْمِ، وهذا كافِرٌ. وقال له ¬

(¬1) هو عمرو بن عبيد بن ثوبان، ويقال: كيسان التيمي البصري و، أبو عمان، شيخ القدرية والمعتزلة. قال الإمام أحمد: ليس بأهل أن يحدث عنه، وكان قد جالس الحسن البصري واشتهر بصحبته ثم اعتزله وانضم إلى واصل بن عطاء شيخ المعتزلة، وقال بالقدر ودعا إليه. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة. البداية النهاية 10/ 76 - 80.

فَإِنْ سَبُّوا الإمَامَ عَزَّرَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرُّوذِيُّ: الكرابِيسِيُّ (¬1) يقولُ: مَن لم يقُلْ لفْظُه بالقُرْآنِ مَخْلوقٌ، فهو كافِرٌ. فقال: هو الكافِرُ. فوائد؛ الأولَى، قولُه: فإنْ سَبُّوا الإِمامَ، عزَّرَهم. وكذا لو سبُّوا عدْلًا، ¬

(¬1) هو الوليد بن أبان الكرابيسي المتكلم، كان أحد المتكلمين في الأصول على مذاهب أهل الحق، وكان أعرف الناس بالكلام، وله في الاعتزال مقالات معروفة يقوى بها مذاهب الاعتزال. توفي سنة أربعة عشر ومائتين. النجوم الزاهرة 2/ 210.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فلو عرَضُوا للإِمامِ، أو للعَدْلِ بالسَّبِّ، ففي تعْزِيرِهم وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الكافِي»، أحدُهما، يُعَزَّرُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُعَزَّرُ. قال في «المُذْهَبِ»: فإنْ صرَّحُوا بسَبِّ الإِمامِ، عزَّرَهم. الثَّانيةُ، قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في مُبْتَدِعٍ داعِيَةٍ له دُعاةٌ: أرَى حَبْسَه. وكذا قال في «التَّبْصِرَةِ»: على الإِمام مَنْعُهم ورَدْعُهم، ولا يُقاتِلُهم، إلا أنْ يجْتَمِعُوا لحَرْبِه، فكَبُغاةٍ. وقال الإِمامُ أَحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أيضًا في الحَرُورِيَّةِ: الدَّاعِيَةُ يُقاتَلُ كبُغاةٍ. ونَقَل ابنُ مَنْصُورٍ، يُقاتَلُ مَن منَع الزَّكاةَ، وكلّ مَن منَع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرِيضَةً، فعلى المُسْلِمين قِتالُه حتى يأخُذُوها منه. واخْتارَه أبو الفَرَجِ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: أجْمَعُوا أنَّ كلَّ طائفةٍ مُمْتَنِعَةٍ عن شَرِيعَةٍ مُتَواتِرَةٍ مِن شَرائعِ الإِسْلامِ، يجبُ قِتالُها حتى يكونَ الدِّينُ كلُّه للهِ، كالمُحارِبِين، وأوْلَى. وقال في الرَّافِضَةِ: شَرٌّ مِنَ الخَوارجِ اتِّفاقًا. قال: وفي قَتْلِ الواحدِ منهما ونحوهما، وكُفْرِه، رِوايَتان. والصَّحيحُ جوازُ قَتْلِه، كالدَّاعِيَةِ، ونحوه. الثالثةُ، مَن كَفَّر أهْلَ الحقِّ والصَّحابَةَ، رَضِيَ اللهُ عنهمْ، واسْتَحَلَّ دماءَ المُسْلِمين بتَأويلٍ، فهم خَوارِجُ بُغاةٌ فَسَقَةٌ. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، هم كفَّارٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ والذي نَدِينُ اللهَ به. قال في «التَّرْغِيبِ»، و «الرِّعايَةِ»: وهي أشْهَرُ. وذكرَ ابنُ حامِدٍ، أنَّه لا خِلافَ فيه. وذكَر ابنُ عَقِيل في «الإرْشادِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عن أصحابِنا، تَكْفِيرَ مَن خالفَ في أصْلٍ؛ كخَوارجَ ورَوافِضَ ومُرْجِئَةٍ. وذكَر غيرُه رِوايتَين في مَن قال: لم يخْلُقِ اللهُ المَعاصِيَ، أو وَقَف في مَن حكَمْنا بكُفْرِه، وفي مَن سبَّ صحابِيًّا غيرَ مُسْتَحِلٍّ، وأنَّ مُسْتَحِلَّه كافِرٌ. وقال في «المُغْنِي»: يُخَرَّجُ في كلِّ مُحَرَّم اسْتُحِلَّ بتَأْويلٍ؛ كالخَوارِجِ ومَن كفَّرَهم، فحُكْمُهم عندَه كمُرْتَدِّين. قال في «المُغْنِي»: هذا مُقْتَضَى قوْلِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: نُصوصُه صَريحةٌ على عدَمِ كُفْرِ الخَوارِجِ والقدَرِيَّةِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُرْجِئَةِ، وغيرِهم، وإنَّما كفَّر الجهْمِيَّةَ، لا أعْيانَهم. قال: وطائفةٌ تحْكِي عنه رِوايتَين في تكْفيرِ أهْلِ البِدَعِ مُطْلَقًا، حتى المُرْجِئَةِ، والشِّيعَةِ المُفَضَلَةِ لعليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه. قال: ومذاهِبُ الأئمَّةِ، الإِمامَ أحمدَ وغيرِه، رَحِمَهم اللهُ، مَبْنِيَّةٌ على التَّفْضيلِ بينَ النَّوْعِ والعَينِ. ونقَل محمدُ بنُ عَوْفٍ الحِمْصِيُّ (¬1)، مِن أهْلِ البِدَعِ الذين أخْرَجَهم النَّبِيُّ، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، مِنَ الإِسْلامِ، القَدَرِيَّةُ، والمُرْجِئَةُ، والرَّافِضَةُ، والجَهْمِيَّةُ، فقال: لا تُصَلُّوا معهم، ولا تُصَلُّوا عليهم. ونقَل محمدُ بنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ (¬2)؛ مَن زعَم أنَّ في الصَّحَابَةِ خَيرًا مِن أبي بَكْرِ، رَضِيَ اللهُ عنه، فوَلَّاه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقد افْتَرَى عليه وكفَر، فإنْ زعمَ بأنَّ اللهَ يُقِرُّ المُنْكَرَ بينَ أنْبِيائِه في النَّاسِ، فيكونُ ذلك سبَبَ ضلالتِهم. ونقَل الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، مَن قال: عِلْمُ الله مِخْلوقٌ. كفَر. ونقَل المَرُّوذِيُّ، القَدَرِيُّ لا نُخْرِجُه عنِ الإِسْلامِ. وقال في «نِهايَةِ المُبْتَدِي»: مَنْ سبَّ صَحابِيًّا مُسْتَحِلًّا، كفَر، ¬

(¬1) محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي، أبو جعفر، إمام حافظ في زمانه، معروف بالتقدم في العلم والمعرفة على أصحابه، سمع منه أبو عبد الله، وسمع هو منه، وعنده عنه مسائل صالحة في العلل وغيرها، ويغرب فيها بأشياء لم يأت بها غيره، وكان عالما بحديث الشام صحيحا وضعيفا. توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 613 - 616. طبقات الحنابلة 1/ 310 - 313. (¬2) محمد بن منصور بن داود الطوسي، أبو جعفر، الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام، حدث عن الإمام أحمد أشياء لم يروها غيره. توفي سنة أربع وخمسين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 212 - 214. طبقات الحنابلة 1/ 318 - 320.

وَإِنْ جَنَوْا جِنَايَةً، أوْ أتَوْا حَدًّا، أقامَهُ عَلَيهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فسَق. وقيل: وعنه، يكْفُرُ. نقَل عَبْدُ اللهِ في مَن شتَم صحابِيًّا، القَتْلُ أجْبُنُ عنه، ويُضْرَبُ، ما أرَاه على الإِسْلامِ. وذكَر ابنُ حامِدٍ في «أُصولِه» كُفرَ الخَوارِجِ والرَّافِضَةِ والقَدَرِيَّةِ والمُرْجِئَةِ. وقال: مَن لم يُكَفِّرْ مَن كفَّرْناه، فسَق وهُجِرَ، وفي كُفْرِه وَجْهان. والذي ذكَرَه هو وغيرُه مِن رِوايةِ المَروذِيِّ، وأبي طالبٍ، ويَعْقُوبَ، وغيرِهم، أنَّه لا يكْفُرُ. وقال: مَن رَدَّ مُوجِباتِ القُرَآنِ، كفَر، ومَنْ ردَّ ما تعَلَّقَ بالأخْبارِ والآحادِ الثَابِتَةِ، فوَجْهان، وأنَّ غالِبَ أصحابِنا على كُفْرِه فيما يتعَلَّقُ بالصِّفاتِ. وذكرَ ابنُ حامدٍ في مَكانٍ آخَرَ، إنْ جحَد [أخْبارَ الآحادِ، كفَر، كالمُتَواترِ عندَنا يُوجِبُ العِلْمَ والعَملَ، فأمَّا مَن جحَد] (¬1) العِلْمَ بها، فالأشْبَهُ لا يكْفُرُ، ويكْفُرُ في نحو الإِسْراءِ والنُّزولِ ونحوه مِنَ الصِّفاتِ. وقال في إنْكارِ المُعْتَزِلَةِ اسْتِخْراجَ قَلْبِه - صلى الله عليه وسلم - لَيلةَ الإِسْراءِ وإعادَتَه: في كُفْرِهم به وَجْهان، بناءً على أصْلِه في القدَرِيَّةِ الذين يُنْكِرُون عِلْمَ اللهِ وأنَّه صِفَةٌ له، وعلى مَن قال: لا أُكَفِّرُ مَن لا يُكَفِّرُ الجَهْمِيَّةَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ، أوْ طَلَب رِيَاسَةٍ، فَهُمَا ظَالِمَتَانِ، وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أتْلَفَتْ عَلَى الأخْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، قولُه: وإنِ اقْتَتَلَتْ طائفَتان لعَصَبيَّةٍ، أو طَلَبِ رِياسَةٍ، فهما ظالِمَتان، وتضْمَنُ كُل واحِدةٍ ما أتْلَفَتْ على الأخْرَى. وهذا بلا خِلافٍ أعْلَمُه. لكِنْ قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إنْ جُهِلَ قَدْرُ ما نَهبَتْه كلُّ طائفةٍ مِن الأخْرَى، تَساوَتا، كمَن جَهِلَ قَدْرَ المُحَرَّمِ مِن مالِه، أخْرَجَ نِصْفَه، والباقي له. وقال أيضًا: أوْجَبَ الأصحابُ الضَّمانَ على مَجْموعِ الطَّائفةِ، وإنْ لم يُعْلَمْ عَينُ المُتْلِفِ. وقال أيضًا: وإنْ تقاتَلا تقَاصَّا؛ لأنَّ المُباشِرَ والمُعِينَ سَواءٌ عندَ الجمهورِ. الخامسةُ، لو دخَل أحدٌ فيهما ليُصْلِحَ بينَهما، فقُتِلَ وجُهِلَ قاتِلُه، ضَمِنَتْه الطَّائِفَتان.

باب حكم المرتد

بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَهُوَ الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ. فَمَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ، أَوْ جَحَدَ رُبُوبيَّتَهُ، أَوْ وَحْدَانِيَّتَهُ، أو صِفَةً مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكْمِ المُرْتَدِّ فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: فمَن أشْرَكَ باللهِ، أو جَحَدَ رُبُوبيَّتَه، أو وَحْدانيَّته أو صِفَةً مِن صِفاتِه، كَفَرَ. قال ابنُ عَقِيل في «الفُصولِ»: أَو جَحَدَ صِفَةً مِن صِفاتِه المُتَّفَقِ على إثْباتِها.

صِفَاتِهِ، أو اتَّخَذَ للهِ صَاحِبَةً، أَوْ وَلَدًا، أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا، أوْ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الله تِعَالى، أَوْ شَيئًا مِنْهُ، أوْ سَبَّ اللهَ تعالى، أوْ رَسُولَهُ، كَفَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ: قولُه: أو سَبَّ اللهَ تعالى، أو رَسُولَه - صلى الله عليه وسلم -، كَفَرَ. قال الشَّيخ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا لو كان مُبْغِضًا لرَسُولِه - صلى الله عليه وسلم -، أو لِمَا جاءَ به اتفاقًا. تنبيه: قولُه: فمَن أشْرَكَ باللهِ، أو جَحَدَ رُبُوبِيَّته، أو وَحْدانِيَته، أو صِفَةً مِن صِفاتِه، أو اتَّخَذَ للهِ صاحِبَةً، أو ولَدًا، أو جَحَدَ نَبِيًّا، أو كتَابًا مِن كُتُبِ اللهِ، أو شيئًا منه، أو سَبَّ اللهَ، أو رَسُولَه، كَفَرَ. بلا نِزاعٍ في الجملةِ. ومُرادُه، إذا أتَى بذلك طَوْعًا، ولو هازِلًا، وكان ذلك بعِدَ أن أسْلَمَ طَوعًا. وقيل: وكَرْهًا. [قلتُ: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّ هذه الأحْكامَ مُتَرتبَةٌ عليه حيثُ حكَمْنا بإسْلامِه طَوْعًا أو كَرْهًا] (¬1). وأطْلَقهما في «الفُروع». وقال: والأصحُّ بحَقٍّ. يعنِي، إذا أُكْرِهَ على الإِسْلامِ لا بُدَّ أنْ يكونَ بحَقٍّ، على الأصحِّ. فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا الحُكْمُ لو جعَل بينَه وبينَ اللهِ وسائِطَ يتوَكَّلُ عليهم ويدْعُوهم ويسْألُهم إجْماعًا. قال جماعةٌ مِن الأصحابِ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ أوْ شَيئًا مِنْهَا، أوْ أَحَلَّ الزِّنَى، أَو الْخَمْرَ، أو شَيئًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيهَا لِجَهْلٍ، عُرِّفَ ذَلِكَ، وَإنْ كَانَ مِمَّن لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَفَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو سجَد لشَمْسٍ أو قَمَرٍ. قال في «التَّرْغِيبِ»: أو أتَى بقَوْلٍ أو فِعْل صريحٍ في الاسْتِهْزاءِ بالدِّينِ. وقيل: أو كذَب على نَبِيٍّ، أو أصَرَّ في دارِنا على خَمْر أو خِنْزِير غيرَ مُسْتَحِلٍّ. وقال القاضي: رأَيتُ بعْضَ أصحابِنا يُكَفِّرُ جاحِدَ تحْريمِ النَّبِيذِ، والمُسْكِرُ كلُّه كالخَمْرِ، ولا يُكَفِّرُ بجَحْدِ قِياس اتفِّاقًا، للخِلافِ، بل سُنَّةٍ ثابتةٍ. قال: [ومَن أظْهَر الإِسْلامَ وأسَرَّ الكُفْرَ، فَمُنافِقٌ، وإنْ أظْهَرَ أنَّه قائمٌ بالواجِبِ وفي قَلْبِه أنْ لا يفْعلَ، فنِفاقٌ، وهل يكْفُرُ؟ على وَجْهَين] (¬1). وظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابِ، لا يكْفُرُ إلَّا مُنافِقٌ أسَرَّ الكُفْرَ. قال: ومِن أصحابِنا مَن أخْرَج الحَجَّاحَ بنَ يُوسُفَ عن الإِسْلامِ، لأنَّه أخافَ أهْلَ المَدِينَةِ، وانْتَهَكَ حَرَمَ الله وحرَمَ رسُولِه - صلى الله عليه وسلم -. قال في «الفُروعِ»: فيتَوَجَّهُ عليه يزيدُ بنُ مُعاويَةَ، ونحوُه. ونصُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، بخِلافِ ذلك، وعليه الأصحابُ، وأنَّه لا يجوزُ التَّخْصِيصُ باللَّعْنَةِ، خِلافًا لأبي الحسَينِ وابنِ الجَوْزِيِّ، وغيرِهما. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: ظاهِرُ كلامِه الكَراهَةُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ تَرَكَ شَيئًا مِنَ الْعِبَادَاتِ الخَمْسِ تَهَاوُنًا، لَمْ يَكْفُرْ. وَعَنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَرَكَ شَيئًا مِن العِبادَاتِ الخَمْسِ تَهاوُنًا، لم يَكْفُرْ. يعْنِي، إذا عزَم

يَكْفُرُ إلا الْحَجَّ لَا يَكْفُرُ بِتَأْخِيرِهِ بِحَالٍ. فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإسْلَامِ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــ على أنْ لا يفْعلَه أبدًا، اسْتُتِيبَ وُجوبًا، كالمُرْتَدِّ، فإنْ أصَرَّ، لم يكْفُرْ، ويُقْتَلُ حدًّا. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يكْفُرُ إلَّا بالحَجِّ لا يكْفُرُ بتَأخيرِه بحالٍ. وعنه، يكْفُرُ بالجميعِ. نقَلها أبو بَكْرٍ. واخْتارَها هو وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وعنه، يخْتَصُّ الكُفْرُ بالصَّلاةِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال ابنُ شِهابٍ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وعنه، يخْتَصُّ بالصَّلاةِ والزَّكاةِ. وعنه، يخْتَصُّ الكُفْرُ بالصَّلاةِ والزَّكاةِ، إذا قاتَل عليهما الإِمامَ. وجزَم به بعْضُ الأصحابِ. وعنه، لا يكْفُرُ ولا يُقْتَلُ بتَرْكِ الصَّوْمِ والحَجِّ خاصَّةً. وتقدَّم ذلك في أوَّلِ كتابِ الصَّلاةِ، وبابِ إخْراجِ الزَّ كاةِ مُسْتَوْفًى بأتَمَّ مِن هذا. قوله: فمَنِ ارْتَدَّ عن الإسْلامِ مِن الرجالِ والنِّسَاءِ، وهو بالغٌ عاقِلٌ -مُخْتارٌ

دُعِيَ إِلَيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَضُيِّقَ عَلَيهِ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ، قُتِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا- دُعِيَ إليه ثَلاثَةَ أيامٍ -يعْنِي وُجوبًا- وضُيِّقَ عليه، فإنْ لم يَتُبْ، قُتِلَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. قال في «النَّظمِ»: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ الأصحابِ.

وَعَنْهُ، لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَيَجُوزُ قَتْلُهُ في الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا تجِبُ الاسْتِتابةُ، بل تُسْتَحَبُّ، ويجوزُ قَتْلُه في الحالِ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، لا تجِبُ اسْتِتابَتُه. وعنه، ولا تأْجِيلُه. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُسْتَثْنَى مِن ذلك رسُولُ الكفَّارِ إذا كان مُرْتَدًّا؛ بدَليلِ رَسُولَيْ مُسَيلمَةَ. ذكرَه ابنُ القَيَّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «الهَدْي». قلتُ: فيُعايَى بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال ابنُ عَقِيلٍ في «الفُنونِ»، في مَن وُلِدَ برأْسَين، فلَمَّا بلَغ نطَقَ أحدُ الرَّأسَين بالكُفْرِ، والآخَرُ بالإسْلامِ: إنْ نطَقا معًا، ففي أيُّهما يغلِبُ؟ احْتِمالان.

وَيُقْتَلُ بِالسَّيفِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: والصَّحيحُ، إنْ تقدَّم الإسْلامُ، فمُرْتَدٌّ.

وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا الإمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، فَإنْ قَتَلَهُ غَيرُهُ بِغَيرِ إِذْنِهِ، أسَاءَ، وَعُزِّرَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيهِ، سَواءٌ قَتَلَهُ قَبْلَ الْاسْتِتَابَةِ أوْ بَعْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ عَقَلَ الصَّبِيُّ الإسْلَامَ، صَحَّ إِسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ. وَعَنْهُ، يَصِحُّ إِسْلَامُهُ دُونَ رِدَّتِهِ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ. وَالْمَذْهَبُ الْأوَّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ عَقَلَ الصَّبِيُّ الإسْلامَ، صَحَّ إسْلامُه ورِدَّتُه. يعْنِي، إذا كانَ مُمَيِّزًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ كما قال المُصَنِّفُ هنا، وقاله الشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّلْخيص» في بابِ اللُّقَطَةِ، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقد أسْلَمَ الزُّبيرُ بنُ العَوَّامِ، رَضِيَ اللهُ عنه، وهو ابنُ ثَمانِ سنِينَ، وكذلك علي بنُ أبي طالب، رَضِيَ اللهُ عنه. حكاه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّلْخيصِ»، في بابِ اللُّقَطَةِ، وقاله عُرْوَةُ (¬1). ¬

(¬1) انظر. الطبقات الكبرى، لابن سعد 3/ 21، 22، 102. والذي فيه أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشرة سنة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، يصِحُّ إسْلامُه دُونَ رِدَّتِه. قال في «الفُروعِ»: وهي أظْهَرُ. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ. وعنه، لا يصِحُّ شيءٌ منهما حتى يبْلُغ. وعنه، يصِحُّ ممَّنْ بلَغ عَشْرًا. وجزَم به في «الوَجيزِ». واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والقاضي في «المُجَرَّدِ»، في صِحَّةِ إسْلامِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المذهبُ المَعْروفُ، والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ، حتى إنَّ جماعَةً -منهم أبو محمدٍ، في

وَإنْ أسْلَمَ ثُمَّ قَال: لَمْ أَدرِ مَا قُلْتُ. لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ، وَأُجْبِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الكافِي» - جزَمُوا بذلك. انتهى. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». وعنه، يصِحُّ ممَّنْ بلَغ سَبْعًا. فعلى هذه الرِّواياتِ كلِّها، يُحالُ بينَه وبينَ الكفَّارِ. قال في «الانْتِصارِ»: ويتَوَلَّاه المُسْلِمون، ويُدْفَن في مَقابرِهم، وأنَّ فرِيضَتَه مُتَرَتِّبَةٌ على صِحَّتِه، كصِحَّتِه تَبَعًا، وكصَوْمِ مَريض ومُسافِرٍ رَمَضانَ. قوله: وإنْ أسْلَمَ -يعْنِي الكافِرَ؛ صِغيرًا كان أو كبيرًا، وإنْ كان ظاهِرُه في

عَلَى الإسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ- ثُم قَال: لم أدْرِ ما قُلْتُ. لم يُلْتَفَتْ إلى قَوْلِه، وأُجْبِرَ على الإِسْلامِ. وهذا المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: والعمَلُ عليه. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يُقْبَلُ منه. وعنه، يُقْبَلُ منه إنْ ظهَرَ صِدْقُه، وإلَّا فلا. ورُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه يُقْبَلُ مِن الصَّبِيِّ، ولا يُجْبَرُ على الإِسْلامِ. قال أبو بَكْرٍ: هذا قولٌ مُحْتَمِلٌ؛ لأنَّ الصَّبِيَّ في مَظنَّةِ النَّقْصِ، فيجوزُ أنْ يكونَ صادِقًا. قال: والعمَلُ على الأوَّلِ.

وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُجَاوزَ ثَلَاثَةَ أَيامٍ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ قُتِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في مَن قال لكافرٍ: أسْلِمْ وخُذْ أَلْفًا. فأسْلَمَ ولم يُعْطِه، فأبَى الإِسْلامَ: يُقْتَلُ، ويَنْبَغِي أنْ يَفِيَ. قال: وإنْ أسْلَمَ على صلاتين، قُبِلَ منه، وأُمِرَ بالخَمْسِ. قوله: ولا يُقْتَلُ حتَّى يبْلُغَ ويُجاوزَ ثَلاثةَ أيامٍ مِن وقْتِ بُلُوغِه. وهذا المذهبُ. وعليه عامَّةُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقال في «الرَّوْضَةِ»: تصحُّ رِدَّةُ

وَمَنِ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، وَتَتِمَّ لَهُ ثَلَاثةُ أيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ في سُكْرِهِ، مَاتَ كَافِرًا. وَعَنْهُ، لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُمَيِّز، فيُسْتَتابُ، فإنْ تابَ، وإلَّا قُتِلَ، وتجْرِي عليه أحْكامُ البُلَّغِ. وغيرُ المُمَيِّزِ يُنْتَظَرُ بلُوغُه، فإنْ بلَغ مُرْتَدًّا، قُتِلَ بعدَ الاسْتِتابَةِ. وقيل: لا يُقْتَلُ حتَّى يبْلُغَ مُكَلَّفًا. انتهى. قوله: ومَنِ ارْتَدَّ وهو سَكْرانُ، لم يُقْتَلْ حتَّى يَصْحُوَ، وتَتِمَّ له ثَلاثَةُ أيامٍ مِن وقْتِ رِدَّتِه. تصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرانِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»: هذا أظْهَرُ الرِّوايَتَين، واخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. قال النَّاظِمُ: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أظْهَرُ قوْلَي الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وصحَّحه في «تجْريدِ العِنايةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» في كتابِ الطَّلاقِ. [وعنه، لا تصِحُّ رِدَّتُه. اخْتارَه النَّاظِمُ، في كتابِ الطَّلاقِ] (¬1)، وتقدَّم ذلك ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَوْفًى في كتابِ الطَّلاقِ. وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ». قوله: لم يُقْتَلْ حَتَّى يصْحُوَ، وتَتِمَّ له ثَلاثَةُ أيامٍ مِن وقْتِ رِدَّتِه. وهو أحدُ القَوْلَين. اخْتارَه الخِرَقِيُّ. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. والصَّحيحُ مِن المذهب أنَّ ابْتِداءَ الأيَّامِ الثَّلاثةِ مِن حينِ

وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ، وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، أوْ مَنْ سَبَّ اللهَ تَعَالى أوْ رَسُولَهُ، وَالسَّاحِرِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ؛ إِحْدَاهُمَا، لَا تقْبَل تَوْبَتُهُ، وَيُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ. وَالأخْرَى، تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، كَغَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صَحْوه. وجزَم به في «الوَجيز»، و «تجْريدِ العِنايَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وهل تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْذِيقِ، ومَن تَكَررَتْ رِدَّتُه، أو مَن سَبَّ اللهَ أو رَسُولَه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّاحِرِ؟ -يعْنِي، الذي يُكَفَّرُ بسِحْرِه- على رِوايتَين. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِيُّ؛ إحْداهما، لا تُقْبَلُ توْبَتُه، ويُقْتَلُ بكُلِّ حالٍ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وهو اخْتِيارُ أبي بَكْرٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، وابنِ البَنَّا، والشِّيرَازِيِّ، في الزِّنْديقِ. قال القاضي في «التَّعْليقِ»: هذا الذي نصَره الأصحابُ. وهو اخْتِيارُ أبِي الخَطَّابِ -في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «خِلافِه»، في السَّاحرِ. وقطَع به القاضي في «تَعْليقِه»، والشِّيرَازِيُّ، في سابِّ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، والخِرَقِيُّ، في قوْلِه: مَن قذَف أُمَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قُتِلَ. والأُخْرَى: تُقْبَلُ توْبَتُه، كغيرِه. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى (¬1)»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقيِّ. وهو اخْتِيارُ الخَلَّالِ، في السَّاحرِ، ومَن تكَرَّرَتْ رِدَّتُه، والزِّنْدِيقِ، وآخِرُ قَوْلَي الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. وهو اخْتِيارُ ¬

(¬1) في الأصل: «الكبرى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي في «رِوايتَيه»، في مَن تكَرَّرَتْ رِدَّتُه. وظاهرُ كلامِه في «تَعْليقِه»، في سابِّ اللهِ تعالى. وعنه، لا تُقْبَلُ إنْ تكَرَّرَتْ رِدَّتُه ثلاثًا فأكثرَ، وإلَّا قُبِلَتْ. وقال في «الفُصولِ» عن أصحابِنا: لا تُقْبَلُ توْبَتُه إنْ سبَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّه حقُّ آدَمِيٍّ لا يُعْلَمُ إسْقاطُه، وأنَّها تُقْبَلُ إنْ سبَّ اللهَ تعالى؛ لأنَّه يقْبَلُ التَّوْبَةَ في خالِصِ حقِّه. وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِها؛ لأنَّ الخالِقَ مُنَزَّهٌ عن النَّقائصِ، فلا يَلْحَقُ به، بخِلافِ المَخْلوقِ، فإنَّه مَحَلٌّ لها؛ ولهذا افْتَرقا. وعنه، مِثْلُهم في من وُلِدَ على الفِطْرَةِ ثم ارْتَدَّ. ذكرَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. تنبيه: مَحَل الخِلافِ في السَّاحِرِ، حيثُ يُحْكَمُ بقَتْلِه بذلك. على ما يأتِي في آخرِ البابِ. فوائد؛ الأُولَى، حُكْمُ مَنْ تَنقَّصَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، حُكْمُ مَنْ سبَّه صلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ونقَله حَنْبَلٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: ولو تعْرِيضًا. نقَل حَنْبَلٌ، مَنْ عرَّضَ بشيءٍ مِن ذِكْرِ الرَّبِّ، فعليه القَتْلُ، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، وأنَّه مذهَبُ أهْلِ المَدِينَةِ. وسألَه ابنُ مَنْصُورٍ، ما الشَّتِيمَةُ التي يُقْتَلُ بها؟. قال: نحنُ نرَى في التَّعْريضِ الحدَّ. قال: فكانَ مذهَبُه فيما يجِبُ فيه الحدُّ مِن الشَّتِيمَةِ التَّعْريضَ. الثَّانيةُ، محَلُّ الخِلافِ المُتقَدِّمِ، في عدَمِ قَبُولِ توْبَتِهم وقَبُولِها، في أحْكامِ الدُّنْيا؛ مِن تَرْكِ قَتْلِهم، وثُبوتِ أحْكامِ الإِسْلامِ، فأمَّا في الآخِرَةِ، فإنْ صدَقَتْ توْبَتُه، قُبِلَتْ، بلا خِلافٍ. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، والشَارِحُ، وجماعَةٌ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وفي «إرْشادِ ابنِ عَقِيلٍ» رِوايةٌ، لا تُقْبَلٍ توْبَةُ الزِّنْديقِ باطِنًا. وضعَّفَها، وقال: كمَن تَظاهرَ بالصَّلاحِ، إذا أتَى مَعْصِيَة وتابَ منها. وذكَر القاضي، وأصحابُه رِوايةً، لا تُقْبَلُ توْبَةُ داعِيَةٍ إلى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ. اخْتارَها أبو إسْحَاقَ بنُ شَاقْلا. وقال ابنُ عَقِيل في «إرْشادِه»: نحنُ لا نَمْنَعُ أنْ يكونَ مُطالبًا بمَن أضَلَّ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ غيرِه، لا مُطالبَةَ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قد بيَّن اللهُ أنَّه يتُوبُ على أئمَّةِ الكُفْرِ الَّذينَ هم أعْظَمُ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أئمَّةِ البِدَعِ. وقال في «الرَّعايةِ»: مَن كفَر ببِدْعَتِه، قُبِلَتْ توْبَتُه، على الأصحِّ. وقيل: إنِ اعْترَفَ بها. وقيل: لا تُقْبَلُ مِن داعِيَةٍ. الثَّالثةُ، الزِّنْديقُ هو الذي يُظْهِرُ الإسْلامَ ويُخْفِي الكُفْرَ، ويُسَمَّى مُنافِقًا في الصَّدْرِ الأولِ. وأمَّا مَنْ أظْهَرَ الخَيرَ، وأَبْطَنَ الفِسْقَ، فكَالزِّنْديقِ في توْبَتِه، في قِياسِ المذهبِ. قاله في «الفُروعِ». وذكَره ابنُ عَقِيلٍ، وحمَل رِوايةَ قَبُولِ تَوْبَةِ السَّاحرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على المُتَظاهرِ، وعَكْسُه بعَكْسِه. قال في «الفُروعِ»: يُؤيِّدُه تعْلِيلُهم للرِّوايةِ المَشْهورةِ، بأنَّه لم يُوجَدْ بالتَّوْبَةِ سِوَى ما يُظْهِرُه. قال: وظاهرُ كلامِ غيرِه، تُقْبَلُ، وهو أوْلَى في الكُلِّ. انتهى. الرَّابعةُ، تُقْبَلُ تَوْبَةُ القاتلِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ قاطِبَةً. وذكَر القاضي وأصحابُه رِوايةً، لا تُقْبَلُ توْبَتُه. فعلى المذهبِ، لو اقْتُصَّ مِن القاتلِ، أو عُفِيَ عنه، هل يُطالِبُه المَقْتولُ في الآخِرَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال الإِمامُ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «الدَّاءِ والدَّواءِ» وغيرِه،

وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ إِسْلَامُهُ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللهُ، وَأَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. إلا أَنْ تَكُونَ رِدَّتُهُ بِإِنْكَارِ فَرْضٍ، أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ أو جَحْدِ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ، أَوْ انْتَقَلَ إِلَى دِينِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ ذِكْرِ الرِّوايتَين: والتَّحْقيقُ في المَسْألَةِ، أنَّ القَتْلَ يتعَلَّقُ به ثَلاثةُ حُقوقٍ؛ حقٌّ للهِ، وحقٌّ للمَقْتولِ، وحقٌّ للوَليِّ، فإذا أسْلَمَ القاتِلُ نفْسَه طَوْعًا واخْتِيارًا إلى الوَليِّ؛ نَدَمًا على ما فعَل، وخَوْفًا مِن اللهِ، وتوْبَةً نصُوحًا، سقَط حقُّ اللهِ بالتَّوْبَةِ، وحقُّ الأوْلياءِ بالاسْتِيفاءِ، أو الصُّلْحِ، أو العَفْو، وبَقِيَ حقُّ المَقْتولِ، يُعَوِّضُه اللهُ تعالى عنه يومَ القِيامَةِ عن عَبْدِه التَّائبِ المُحْسِنِ، ويصْلِحُ بينَه وبينَه، فلا يذهبُ حقُّ هذا، ولا تَبْطُلُ تَوْبَةُ هذا. انتهى. [وهو الصَّوابُ] (¬1). قوله: وتَوْبَةُ المُرْتَدِّ إسْلامُه؛ وهو أنْ يَشْهَدَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

- صلى الله عليه وسلم - بُعِثَ إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، فَلَا يَصِحُّ إِسْلَامُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ، وَيَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بُعِثَ إِلَى الْعَالمِينَ، أَوْ يَقُولَ: أنَا بَرِئٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الإسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ورَسُولُه. إلَّا أنْ تكُونَ رِدَّتُه بإنْكارِ فَرْضٍ، أو إحْلالِ مُحَرَّم، أو جَحْدِ نَبيٍّ، أو كِتابٍ، أو انتَقَلَ إلى دِينِ مَن يَعْتَقِدُ أنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إلى العرَبِ خاصَّةً، فلا يَصِحُّ إسْلامُه حتَّى يُقِرَّ بما جَحَدَه، ويَشْهَدَ أنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إلَى الْعالمِينَ، أوْ يَقُولَ: أنا بَرِئُ مِن كُلِّ دِينٍ يُخالِفُ دينَ الاسْلامِ. يعْنِي، يأْتِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك مع الإتْيانِ بالشَّهادَتَين، إذا كانَ ارْتِدادُه بهذه الصِّفَةِ وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يُغْنِي قوْلُه: محمدٌ رَسُولُ اللهِ. عن كَلِمَةِ التَّوْحيدِ. وعنه، يُغْنِي ذلك عن مُقِرٍّ بالتَّوْحيدِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. قال في «الفُروع»: ويتوَجَّهُ احْتِمالٌ، يكفِي التَّوْحيدُ ممَّنْ لايُقِرُّ به، كالوَثَنِيِّ؛ لظاهرِ الأخْبارِ، ولخَبَرِ أُسامَةَ بنِ زَيدٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما، وقَتْلِه الكافِرَ الحَرْبيِّ، بعدَ قوْلِه: لا إلَهَ إلَّا اللهُ (¬1). لأنِّه ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في: باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرُقات من جهينة، من كتاب المغازي، وباب قول الله تعالى {ومن أحياها}، من كتاب الديات. صحيح البخاري 5/ 183، 9/ 4. ومسلم، في: كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 96. وأبو داود، في: باب على ما يقاتل المشركون، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 41. وابن ماجه، في: باب الكف عمن قال لا اله إلا الله، من كتاب الفتن. سنن أبن ماجه 2/ 1296. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 439، 5/ 207.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مصْحُوبٌ بما يتَوقَّفُ على الإسْلامِ، ومُسْتَلْزِمٌ له. وذكرَ ابنُ هُبَيرَةَ في «الإفْصاحِ»، يكْفِي التَّوْحيدُ مُطْلَقًا. ذكَره في حديثِ جُنْدَبٍ وأُسامَةَ، قال فيه: إنَّ الإِنْسانَ إذا قال: لا إلَهَ إلَّا اللهُ. عصَم بها دَمَه، ولو ظَنَّ السَّامِعُ أنَّه قالها فَرَقًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن السَّيفِ بعدَ أنْ يكونَ مُطْلَقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، نقَل أبو طالبٍ، في اليَهُودِي إذا قال: قد أسْلَمْتُ. أو: أنا مُسْلِمٌ. وكذا قولُه: أنَا مُؤْمِنٌ. يُجْبَرُ على الإِسْلامِ، قد علِم ما يُرادُ منه. وقاله القاضي أبو يَعْلَى، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما مِن الأصحابِ. وذكرَ في «المُغْنِي» احْتِمالًا، أنَّ هذا في الكافرِ الأصْلِيِّ ومَن جحَدَ الوَحْدانِيَّةَ، أمَّا مَن كفَر بجَحْدِ نَبِيٍّ أو كتابٍ أو فريضَةٍ أو نحو هذا، فإنَّه لا يضُرُّ مُسْلِمًا بذلك. وفي مُفْرَداتِ أبي يَعْلَى الصَّغيرِ: لا خِلافَ أنَّ الكافِرَ لو قال: أنا مُسْلِمٌ ولا أنْطِقُ بالشَّهادَةِ. يُقْبَلُ منه ولا يُحْكَمُ بإسْلامِه. الثَّانيةُ، لو أُكْرِهَ ذمِّيٌّ على إقْرارِه به، لم يصِحَّ؛ لأنَّه ظُلْمٌ. وفي «الانْتِصارِ» احْتِمالٌ، يصِحُّ. وفيَه أيضًا، يصِيرُ مُسْلِمًا بكِتابَةِ الشَّهادَةِ. الثَّالثةُ، لا يُعْتَبَرُ، في أصحِّ الوَجْهَين، إقْرارُ مُرْتَدٍّ بما جحَدَه، لصِحَّةِ الشَّهادَتَين مِن مُسْلِم ومنه، بخِلافِ التَّوْبَةِ مِن البِدْعَةِ. ذكرَه فيها جماعَةٌ. ونقَل المَرُّوذِيُّ، في الرَّجُلِ يُشْهَدُ عليه بالبِدْعَةِ، فيَجْحَدُ، ليستْ له تَوْبَةٌ، إنما التَّوْبَةُ لمَنِ اعْتَرفَ، فأمَّا مَن جحَدَ، فلا. الرَّابعَةُ، يكْفِي جَحْدُه لرِدَّتِه بعدَ إقْرارِه بها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. كرُجوعِه عن حدٍّ، لا بعد بَيِّنَةٍ، بل يُجدِّدُ إسْلامَه. قال جماعة: يأْتِي بالشَّهادَتَين. وفي «المُنْتخَبِ» الخِلافُ. [نقَل ابنُ الحَكَمِ] (¬1) في مَن أسْلَمَ، ثم تهَوَّدَ أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإذَا مَاتَ الْمُرْتَدُّ، فَأَقامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الرِّدَّةِ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنَصَّرَ، فشَهِدَ عليه عُدُولٌ، فقال: لم أفْعَلْ وأنا مُسْلِمٌ. قُبلَ قوْلُه، هو أبَرُّ عندِي مِنَ الشُّهودِ. قوله: وإنْ ماتَ المُرْتَدُّ، فأقامَ وارِثُه بَيِّنَةً أَنَّه صَلَّى بَعْدَ الرِّدَّةِ، حُكِمَ بإسْلامه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفِّى، في كتابِ الصَّلاةِ] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَبْطُلُ إِحْصَانُ الْمُسْلِمِ بِرِدَّتِهِ، وَلَا عِبَادَاتُهُ الَّتى فَعَلَهَا في إِسْلَامِهِ إِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَبْطُلُ إحْصانُ الْمُسْلِمِ برِدَّتِه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: ويُؤْخَذُ بحَدٍّ فعَلَه في رِدَّتِه. نصَّ عليه، كقَبْلِ رِدَّتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وظاهرُ ما نقَله مُهَنَّا، واخْتارَه جماعةٌ، أنَّه إنْ أسْلَمَ لا يُؤْخَذ به، كعِبادَتِه. وعنه، الوَقْفُ. وقال في «الفُروعِ» أيضًا: ولا يبْطُلُ إحْصانُ قَذْفٍ ورَجْمٍ برِدَّةٍ، فإذا أتَى بهما بعدَ إسْلامِه، حُدَّ، خِلافًا لـ «كتابِ» ابنِ رَزِينٍ في إحْصانِ رَجْمٍ. قوله: ولا عِباداتُه الَّتِي فَعَلَها في إسْلامِه -يعْنِي، لا تَبْطُلُ- إذا عادَ إلى الإِسْلامِ. العِباداتُ التي فعَلَها قبلَ رِدَّتِه، لا تخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ حَجًّا، أو صلاةً في وَقْتِها، أو غيرَ ذلك، فإنْ كانتْ حَجًّا، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه لا يَلْزَمُه قَضاؤُه، بل يُجْزِيء الحَجُّ الذي فعلَه قبلَ رِدَّتِه. نصَّ عليه. قال المَجْدُ في

فَصْل: وَمَنِ ارْتَدَّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ، بَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَتَصَرُّفَاتُهُ مَوْقُوفَةً، فَإنْ أسْلَمَ، ثَبَتَ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ، وَإلَّا بَطَلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «شَرْحِه»: هذا الصُّحيحُ مِن المذَهبِ. وقدَّمه الإِمامُ ابنُ القَيِّمِ، وابنُ عُبَيدانَ، وصاحِبُ «الحاوي الكَبيرِ»، وغيرُهم. وجزَم به الشَّارِحُ هنا. وعنه، يَلْزَمُه. اخْتارَه القاضي. وجزَم به ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، في كتابِ الحَجِّ. وجزَم به في «الإِفَاداتِ» لابنِ حَمْدانَ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه»، وذكرَه في الحَجِّ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأمَّا الصَّلاةُ إذا أسْلَمَ بعدَها في وَقْتِها، فحكْمُها حكمُ الحَجِّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، خِلافًا ومذهبًا. وقال القاضي: لا يُعِيدُ الصَّلاةَ، وإنْ أعادَ الحَجَّ؛ لفِعْلِها في إسْلامِه الثَّاني، وأمَّا غيرُهما مِن العِبادات، فقال الأصحابُ: لا تَبْطُلُ عِبادَة فعَلَها في الإِسْلامِ إذا عادَ إلى الإِسْلامِ، ولا قَضاءَ عليه، إلَّا ما تقدَّم مِنَ الحَجِّ والصَّلاةِ. قال في «الرِّعايَةِ»: إنْ صامَ قبلَ الرِّدَّةِ، ففي القَضاءِ وَجْهان. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في كتابِ الصَّلاةِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: ومَن ارْتَدَّ عَن الإِسْلامِ، لم يَزُلْ مِلْكُه، بل يَكُونُ مَوْقُوفًا، وتَصَرُّفَاتُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَوْقُوفَةً؛ فإنْ أسْلَمَ، ثَبَتَ مِلْكُه وتَصَرُّفاتُه، وإلَّا بَطَلَتْ. [الظَّاهِرُ أنَّ هذا بِناءٌ منه على ما قدَّمه، في بابِ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ، مِن أنَّ يِراثَ المُرْتَدِّ فَىْءٌ] (¬1). واعلمْ أنَّ مال المُرْتَدِّ إذا ماتَ مُرْتَدًّا، لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ نقولَ: يَرِثُه ورَثَتُه مِن المُسْلِمين، أو وَرثته مِن دِينِه الذي اخْتارَه، أو يكونَ فَيئًا. على ما تقدَّم في بابِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ. فإنْ قُلْنا: يَرِثُه ورَثتُه مِن المُسْلِمين، أو مِن الدِّينِ الذي اخْتارَه. فإنَّ تصَرُّفَه في مِلْكِه في حالِ ردَّتِه كالمُسْلمِ، ويُقَرُّ بيَدِه. وهذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال أبوالخَطًّابِ في «الانْتِصارِ»: لا قَطْعَ بسَرِقَةِ مالِ مُرْتَدٍّ؛ لعدَمِ عِصْمَتِه، وإنْ قُلْنا: يكونُ فَيئًا. ففي وَقْتِ مَصِيرِه فَيئًا ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، يكونُ فَيئًا من حينِ مَوْتِه مُرْتَدًّا. وهذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قاله في «الفُروعِ»، وقدَّمه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ ما قدَّمه المُصَنِّفُ، في بابِ مِيراثِ أهْلِ المِلَلِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَصِيرُ فَيئًا بمُجَردِ رِدَّتِه. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وأبو إسْحاقَ، وابنُ أبِي مُوسى، وصاحِبُ «التَّبصِرَةِ»، و «الطَّريقِ الأقْرَبِ»، وهو قولُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ. وقال أبو بَكْرٍ: يزُولُ مِلْكُه بِرِدَّتِه، ولا يصحُّ تصَرُّفُه، فإنْ أسْلَمَ، رُدَّ إليه تَمْليكًا مُسْتَأْنَفًا. والرِّوايةُ الثَّالثةُ، يتَبَيَّنُ بمَوْتِه مُرْتَدًّا كوْنُه فَيئًا مِن حينِ الرِّدَّةِ. فعلى الصَّحيحِ مِن المذهبِ، يُمْنَعُ مِن التَّصَرُّفِ فيه. قاله القاضي وأصحابُه؛ منهم أبو الخَطَّابِ، وأبو الحُسَينِ، وأبو الفَرَجِ. قال في «الوَسيلَةِ»: نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل ابنُ هانِئٍ، يُمْنَعُ منه، فإذا قُتِلَ مُرْتَدًّا، صارَ ما لُه في بَيتِ المالِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما، على هذه الرِّوايةِ، أنَّ تصَرُّفَه يُوقَفُ ويُتْرَكُ عندَ ثِقَةٍ، كالرِّوايةِ الثَّالِثَةِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: المذهبُ لا يزُولُ مِلْكُه برِدَّتِه، ويكونُ مِلْكُه مَوْقُوفًا، وكذلك تصَرُّفاتُه، على المذهبِ. انتهى. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وجعَل في «التَّرْغيبِ» كلامَ القاضي وأصحابِه، وكلامَ المُصَنِّفِ، واحِدًا. وكذا ذكَره القاضي في «الخِلافِ». وتَبِعَه ابنُ البَنَّا، وغيرُه على ذلك. وذكَر أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، نصَّ عليه. لكِنْ لم يقُولُوا: إنَّه يُتْرَكُ عندَ ثِقَةٍ، بل قالوا: يُمْنَعُ منه. وهذا مَعْنَى كلامِ ابنِ الجَوْزِيِّ؛ فإنَّه ذكَر أنَّهُ يُوقَفُ تَصرُّفُه؛ فإنْ أسْلَم بعدَ ذلك، وإلَّا بَطَلَ، وأنَّ الحاكِمَ يحْفَظُ بقِيَّةَ مالِه. قالوا: فإنْ ماتَ، بَطَلَتْ تصَرفاتُه تغْلِيظًا عليه بقَطْعِ ثَوابِه، بخِلافِ المَرِيضِ. وقيل: إنْ لم يبْلُغْ تصَرُّفُه الثُّلُثَ، صحَّ. وقال في «المُحَرَّرِ»، ومَنْ تَبِعَه، على الرِّوايةِ الأُولَى التي [قدَّمها، وهي المذهبُ: يُقَر بيَدِه، وتَنْفُذُ فيه معاوضاتُه، وتُوقَفُ تبَرُّعاتُه، وتُرَدُّ] (¬1) بمَوْتِه مُرْتَدًّا، لأنَّ حُكْمَ الردَّةِ حُكْمُ المَرَضِ المَخُوفِ. وإنَّما لم ينْفُذْ مِن ثُلُثِه؛ لأنَّ ماله يصِيرُ فَيئًا بمَوْتِه مُرْتَدًا، ولو كانَ قد باعَ شِقْصًا أُخِذَ بالشُّفْعَةِ. وقيل: يصِحُّ تبَرُّعُه المُنْجَزُ، وبَيعُ الشِّقْصِ المَشْفُوعِ. واخْتارَه في «الرِّعايتَين». زادَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَتُقْضَى دُيُونُهُ، وَأُرُوشُ جِنَايَاتِهِ، وَيُنْفَقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكُبْرَى»، فإنْ أسْلَمَ، اعْتُبِرَ مِن الثلُثِ. وعلى الثَّانيةِ، يُجْعَلُ في بيتِ المالِ، ولا يصحُّ تصَرُّفُه فيه، لكِنْ إنْ أسْلَم، رُدَّ إليه مِلْكًا جديدًا. وعليها أيضًا، لا نفَقَةَ لأحَدٍ في الرِّدَّةِ (¬1)، ولا يُقْضَى دَينٌ تجَدَّدَ فيها، فإنْ أسْلَم، مَلَكَه إذَنْ، وإلَّا بَقِيَ فَيئًا. وعلى الثَّالثَةِ، يحْفَظُه الحاكِمُ، وتُوقَفُ تصَرُّفاتُه كلُّها. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا؛ فإنْ أسْلَم، أُمْضِيَتْ، وإلَّا تبَيِّنَّا فَسادَها. وعلى الأُولَى والثَّالثةِ، يُنْفَقُ منه على مَنْ تَلْزَمُه نفَقَتُه، وتُقْضَى دُيونُه؛ فإنْ أسْلَم، أخَذَه أو بَقِيَّتَه، ونفَذ تصَرُّفُه، وإلَّا بَطَلَ. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وعلى الرِّواياتِ الثَّلاثِ، يُقْضَى منه ما لَزِمَه قبلَ رِدَّتِه، مِن دَينٍ ونحوه، ويُنْفَقُ عليه منه مُدَّةَ الردَّةِ. وقاله غيرُه. فائدة: إنَّما يَبْطُلُ تصَرُّفُه لنفْسِه، فلو تصَرَّفَ لغيرِه بالوَكالةِ، صحَّ. ذكرَه القاضي، وابنُ عَقِيلٍ. قوله: وتُقْضَى دُيُونُه، وأُرُوشُ جناياتِه، ويُنفَقُ على مَن تَلْزَمُه مُؤْنَتُه. قد تقدَّم ¬

(¬1) في الأصل: «الزيادة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك بِناءً على بَعْضِ الرِّواياتِ دُونَ بعْضٍ.

وَمَا أَتْلَفَ مِنْ شَيْءٍ، ضَمِنَهُ، وَيَتَخَرَّجُ في الْجَمَاعَةِ الْمُمْتَنِعَةِ أَنْ لَا تَضْمَنَ مَا أَتْلَفَتْهُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَزُولُ مِلْكُهُ بِرِدَّتِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَإنْ أَسْلَمَ رُدَّ إِلَيهِ تَمْلِيكًا مُسْتَأْنَفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما أَتْلَفَ مِن شَيءٍ، ضَمِنَه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويتَخَرَّجُ في الجماعَةِ المُمْتَنِعَةِ (¬1) المُرْتَدَّةِ أنْ لا تضْمَنَ ما أتْلَفَتْه. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايَةِ». وعنه، إنْ فعَلَه في دارِ الحَرْبِ، أو في جماعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ، لا يضْمَنُ. اخْتارَه الخَلالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وغيرُهم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإذَا أسْلَمَ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا أَسْلَمَ، فهل يَلْزَمُه قَضاءُ ما تَرَكَ مِن العِباداتِ في رِدَّتِه؟ على رِوايَتَين. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه. وهو المذهبُ. قاله القاضي، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: هذا أصحُّ الرِّوايتَين. وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»، وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «ابنِ تَمِيمٍ»، و «الحاوي». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وجزَم به في «الإِفاداتِ»، في الصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصَّوْمِ، والحَجِّ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «الفُروعِ»، لكِنْ قال: المذهبُ عدَمُ اللُّزومِ. فعلى هذه، لو جُنَّ بعدَ رِدَّتِه، لَزِمَه قَضاءُ العِبادَةِ زمَنَ جُنونِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قلتُ: فيُعايَى بها. وقيل: لا يَلْزَمُه. وأمَّا إذا حاضَتِ المُرْتَدَّةُ، فإنَّ الوُجوبَ يسْقُطُ عنها، قوْلًا واحدًا. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفِّى، في كتابِ الصَّلاةِ، عندَ قوْلِه: ولا تجِبُ على كافِرٍ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّه يَلْزَمُه قَضاءُ ما تَركَ مِن العِباداتِ قبلَ رِدَّتِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قاله في «الفُروعِ». وجزَم به في «الإِفاداتِ»، في كتابِ الصَّلاةِ. وقدَّمه ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه الكُبْرَى»، وابنُ تَميمٍ. وعنه، لا يلْزَمُه. اخْتارَه في «الفائقِ». قال في «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: هذا أصحُّ

وَإذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ، وَلَحِقَا بدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ قُدِرَ عَلَيهِمَا، لَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُمَا، وَلَا اسْتِرْقَاقُ أَولَادِهِمَا الَّذِينَ وُلِدُوا في دَارِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ قُتِلَ. وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ مَنْ وُلِدَ مِنْهُمْ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَهَلْ يُقَرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الروايتَين. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في كتابِ الصَّلاةِ، ونَقْضُ الوُضوءِ تقدَّم في بابِ نواقِضِ الوُضوءِ. [قوله: وإِذا ارْتَدَّ الزَّوْجان، ولَحِقَا بِدارِ الحَرْبِ، ثم قُدِرَ عليهما، لم يَجُزِ اسْتِرْقاقُهُما، ولا اسْتِرْقاقُ أوْلادِهِما الَّذِين وُلِدُوا في دارِ الإِسْلامِ -بلا نِزاعٍ- ومَن لم يُسْلِمْ منهم، قُتِلَ. بلا نِزاعٍ. فائدة: لو لَحِقَ مُرْتَدٌّ بدارِ الحَرْبِ، فهو وما معه كجَرْبِيِّ. والمذهبُ المَنْصوصُ، لا يَتنَجَّزُ جَعْلُ ما بدارِنا فَيئًا، إنْ لم يَصِرْ فَيئًا برِدَّتِه. وقيل: يَتنَجَّزُ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجُوزُ اسْتِرْقاقُ مَن وُلِدَ بعدَ الرِّدَّةِ. وهذا المذهبُ، سواءٌ وُلِدَ في دارِ الإِسْلامِ أو دارِ الحَرْبِ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الْخِرَقِيِّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ في «الخِلافِ»، والقاضي، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ، وابنُ البَنَّا، والشِّيرَازِيُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذكِرَتِه»، وغيرُههم. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْريدِ العِنايَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا يجوزُ اسْتِرْقاقُهم. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي» وغيرِه. وذكَره ابنُ عَقِيلٍ رِوايةً، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه لو كان قبلَ الردَّةِ حَمْلٌ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ ما لو حمَلَتْ به بعدَ الردَّةِ. وهو أحدُ الوَجْهَين، وظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يُسْتَرَقُّ وإنِ اسْتُرِقَّ مَن حمَلَتْ به بعدَ الرِّدَّةِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ»، فإنَّه قال: ومَن لم يُسْلِمْ منهم، قُتِلَ، إلَّا مَن عَلِقَتْ به أُمُّه في الرِّدَّةِ، فيجوزُ أنْ يُسْتَرَقَّ. وجزَم به في «الكافِي». فوائد؛ الأُولَى، لو مات أبو الطِّفْلِ أو الحَمْلِ، أو أبو المُمَيِّزِ، أو مات أحدُهما في دارِنا، فهو مُسْلِمٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعةِ. وقطَع به الأصحابُ، إلَّا صاحِبَ «المُحَرَّرِ» ومَن تَبِعَه. وهو مِن مُفْرَداتِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وعنه، لا يُحْكَمُ بإسْلامِه. قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في [أحْكامِ الذمَّةِ] (¬1): وهو قولُ الجُمْهورِ، ورُبَّما ادُّعِيَ فيه إجْماعٌ معْلومٌ متَيقَّنٌ. واخْتارَه شيخُنا تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. انتهى. وذكَر في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً، لا يُحْكَمُ بإسْلامِه بموتِ أحَدِهما. نقَل أبو طالِبٍ في يَهُودِيٍّ أو نَصْرانِيٍّ ماتَ وله ولَدٌ صغيرٌ، فهو مُسْلِمٌ إذا ماتَ أبُوه، ويَرِثُه أبواه، ويرِثُ أبوَيه. ونقَل جماعَةٌ، إنْ كفَلَه المُسْلِمون، فمُسْلِمٌ، ويرِثُ الوَلدُ المَيِّتَ؛ لعدَمِ تقَدُّمِ الإِسْلامِ، واخْتِلافُ الدِّينِ ليسَ مِن جِهَتِه. وقيل: لا يحْكَمُ بإسْلامِه إذا كان مُمَيِّزًا، والمَنْصوصُ خِلافه. الثَّانيةُ، مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو عُدِمَ الأبَوان أو أحَدُهما بلا مَوْتٍ، كزِنَى ذِمِّيَّةٍ ولو بكافِر، أو اشْتِباهِ وَلَدِ مُسْلِمٍ بوَلَدِ كافرٍ. نصَّ عليهما. وهذا المذهبُ. [وقال القاضي] (¬2): أو وُجِدَ بدارِ حَرْبٍ. قلتُ: يُعايَى بذلك. وقيل للإِمامِ ¬

(¬1) هكذا في النسخ، والصواب: «أحكام أهل الذمة». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في مَسْألَةِ الاشْتِباهِ: تكونُ القافَةُ في هذا؟ قال: ما أحْسَنَه. وإنْ لم يُكَفِّرا ولَدَهما، وماتَ طِفْلًا، دُفِنَ في مَقابرِنا. نصَّ عليه، واحْتَجَّ بقَوْلِه - صلى الله عليه وسلم -: «فأبَواهُ يُهَوِّدانِه» (¬1). قال النَّاظِمُ: كلَقِيطٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ كالتي قبلَها. ورَدَّ الأوَّلَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: المُرادُ به يُحْكَمُ بإسْلامِه، ما لم يُعْلَمْ له أبَوان كافِران، ولا يتَناوَلُ مَن وُلِدَ بينَ كافِرَين؛ لأنَّه انْعَقدَ كافِرًا. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ويدُلُّ على خِلافِ النَّصِّ الحَديثُ. وفسَّر الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، الفِطْرَةَ فقال: التي فَطَر اللهُ النَّاسَ عْليها؛ شَقِيٌّ أو سعيدٌ. قال القاضي: المُرادُ به الدِّين، مِن كُفْرٍ أو إسْلامٍ. قال: وقد فسَّر الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، هذا في غيرِ مَوْضعٍ. وذكرَ الأثْرَمُ مَعْناه على الإِقْرارِ بالوَحْدانيَّةِ حينَ أخذَهم ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 10/ 94.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن صُلْبِ آدَمَ، وأشْهَدَهم على أنْفُسِهم، وبأنَّ له (¬1) صانعًا ومُدَبرًا وإنْ عبَد شَيئًا غيرَه وسمَّاه بغيرِ اسْمِه، وأنَّه ليسَ المُرادَ على الإِسْلامِ؛ لأنَّ اليَهُودِيَّ يَرِثُه ولَدُه الطِّفْلُ إجْماعًا. ونقَل يُوسُفُ، الفِطْرَةُ التي فطَر اللهُ العِبادَ عليها. وقيلَ له، في رِوايَةِ المَيمُونِيِّ: هي التي فطَر اللهُ النَّاسَ عليها، الفِطْرَةُ الأُولَى؟ قال: نعم. وأمَّا إذا ماتَ أبُو واحدٍ ممَّنْ تقدَّم في دارِ الحَرْبِ، فإنَّا لا نحْكُمُ بإسْلامِه. على الصَّحيحِ ¬

(¬1) أي لآدم - عليه السلام -.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن المذهبِ. وقيل: حُكْمُه حُكْمُ دارِنا. قال في «المُحَرَّرِ»: وفيه بُعْدٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، لو أسْلَم أَبَوا مَن تقدَّم، أو أحدُهما، لا جَدُّه ولا جَدَّتُه، حكَمْنا بإسْلامِه أيضًا. وتقدَّم إذا سُبِيَ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا، أو مع أحَدِ أبوَيه، أو معهما، في كلامِ المُصَنِّفِ، في أثْناءِ كتاب الجِهَادِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: وهل يُقَرُّون على كُفْرِهم؟ على رِوايتَين. يعْنِي، مَن وُلِدَ بعدَ الرِّدَّةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: وهل يُقَرُّون بجزْيَةٍ أمِ الإِسْلامِ ويَرِقُّ، أم القتْلِ؟ فيه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الحاوي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجِّى»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يُقَرُّون. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، واخْتارَه القاضي في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «رِوايتَيه». وصحَّحه في «التَّصحيحِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقَرُّونَ، [فلا يُقْبَلُ] (¬1) منهم إلَّا الإِسْلامُ أو السَّيفُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهدايةِ»، و «الكافِي»، لاقْتِصارِهما على حِكايةِ هذه الرِّوايةِ، وهي رِوايَةُ الفَضْلِ بنِ زِيادٍ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال في «المُغْنِي» (¬2)، وتبِعَه في «الشَّرْحِ» -مع حِكايَةِ الرِّوايتَين: إذا وقَع أبو الوَلَدِ في الأَسْرِ بعدَ لُحُوقِه بدار الحَرْبِ، فحُكْمُه حكمُ أهْلِ الحَرْبِ، وإنْ بذَلَ الجِزْيَةَ وهو في دارِ الحَرْبِ، أو وهو في دارِ الإِسْلامِ، لم نُقرَّها (¬3)، لانْتِقالِه إلى الكُفْرِ بعدَ نزُولِ القُرْآنِ. انتهيا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهذه طريقَة لم نَرَها لغيرِه. فائدتان؛ إحْداهما، أطْفالُ الكفَّارِ في النَّارِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انظر المغني: 12/ 283. (¬3) في الأصل: «نقف بها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [نصَّ عليه مِرارًا. و] (¬1) قدَّمه في «الفُروعِ». [واخْتارَه القاضي، وغيرُه] (2). وعنه، الوَقْفُ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِي، أنَّهم في الجَنَّةِ كأَطْفالِ المُسْلِمين، ومَن بلَغَ منهم مَجْنونًا. [نقل ذلك في «الفُروعِ». وقال ابنُ حَمْدانَ في «نِهايَةِ المُبْتَدِئينَ»: وعنه، الوَقْفُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ، وأبو محمدٍ المَقْدِسِي. انتهى. قلتُ: الذي ذكرَه في «المُغْنِي»، أنَّه نقَل رِوايةَ الوَقْفِ، واقْتَصرَ عليها] (2). واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، تكْلِيفَهم في القِيامَةِ؛ للأخْبارِ. ومِثْلُهم مَن بلَغ منهم مَجْنونًا، فإنْ جُنَّ بعدَ بلُوغِه، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». قال: وظاهِرُه يتْبَعُ أبوَيه بالإِسْلامِ كصغيرٍ. فيُعايَى بها. نقَل ابنُ مَنْصورٍ في مَن وُلِدَ أعْمَى أبْكَمَ أصَمَّ، وصارَ رجُلًا، هو بمَنْزِلَةِ المَيِّتِ، هو مع أبوَيه، وإنْ كانا مُشْرِكَين ثم أسْلَما بعدَما صارَ رجُلًا، قال: هو معهُما. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ مثْلُهما في مَن لم تَبْلُغْه الدَّعْوَةُ. وقاله شيخُنا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر في «الفُنونِ» عن أصحابِنا، لا يُعاقَبُ. وفي «نِهايَةِ المُبْتَدِي»، لا يُعاقَبُ. وقيل: بلَى، إنْ قيلَ بحَظْرِ الأفْعالِ قبلَ الشَّرْعِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُعاقَبُ مُطْلَقًا. ورَدَّه في «الفُروع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو ارْتَدَّ أهلُ بَلَدٍ، وجرَى فيه حُكْمُهم، فهي دارُ حَرْبٍ؛ فيُغْنَمُ مالُهم وأوْلادُهم الَّذِين حدَثُوا بعدَ الرِّدَّةِ.

فَصْل: والسَّاحِرُ الَّذِي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ، فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوهِ، يَكْفُرُ وَيُقْتَلُ، فَأَمَّا الَّذِي يَسْحَرُ بالْأَدْويَةِ، وَالتَّدْخِينِ، وَسَقْي شَيْءٍ يَضُرُّ، فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ. وَيُقْتَصُّ مِنْهُ إِنْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والسَّاحِرُ الَّذِي يَرْكَبُ المِكْنَسَةَ، فَتَسِيرُ به في الهَواءِ ونحْوه -كالذي يدَّعِي أنَّ الكواكِبَ تُخاطِبُه- يَكْفُرُ ويُقْتَلُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قاله أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يكْفُرُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ». وكفَّرَه أبو بَكْرٍ بعمَلِه. قال في «التَّرْغيبِ»: عمَلُه أشدُّ تحْريمًا. وحمَل ابنُ عَقِيلٍ كلامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في كُفْرِه على مُعْتَقِدِه، وأنَّ فاعِلَه يفْسُقُ، ويُقْتَلُ حدًّا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مَن اعْتقَدَ أنَّ السِّحْرَ حَلالٌ كفَر، قوْلًا واحدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا الَّذِي يَسْحَرُ بالأَدويَةِ، والتَّدْخِينِ، وسَقْيِ شَيْءٍ يَضُرُّ، فلا يَكْفُرُ ولا يُقْتَلُ، ولَكِنْ يُعَزَّرُ. هذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضي، والحَلْوانِيُّ: إنْ قال: سِحْرِي ينْفَعُ، وأقْدِرُ على القَتْلِ به. قُتِلَ ولو لم يَقْتُلْ به. فعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ تعْزِيرًا بَليغًا بحيثُ لا يبْلُغُ به القَتْلَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: له تعْزِيرُه بالقَتْلِ. قوله: ويُقْتَصُّ منه إنْ فَعَلَ ما يُوجِبُ الْقِصاصَ. وكذا قال كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»: ويُقادُ منه إنْ قتَلَ غالِبًا، وإلَّا الدِّيةُ. وكذا قال المُصَنِّفُ، وغيرُه، في كتابِ الجِناياتِ. وتقدَّم ذلك مُحَرَّرًا هناك في القِسْمِ الثَّامِنِ.

وَأَمَّا الَّذِي يَعْزِمُ عَلَى الْجَنِّ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا فَتُطِيعُهُ، فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ، وَذَكَرهُ أبو الْخَطَّابِ فِي السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأمَّا الذي يعزِمُ على الْجِنِّ، ويَزْعُمُ أنَّه يَجْمَعُها فَتُطِيعُه، فلا يَكْفُرُ ولا يُقتَلُ. ولَكِنْ يُعَزرُ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (1). وذكَر ابنُ مُنَجَّى، أنَّه قولُ غيرِ أبي الخَطَّابِ. [وذكرَه أبو الخَطَّابِ] (¬1)، في السَّحَرَةِ الذين يُقْتَلُون. وكذلك القاضي. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ تعْزيرًا بَلِيغًا لا يبْلغُ به القَتْلَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يبْلغُ بتَعْزيرِه القَتْلَ. فوائد؛ الأُولَى، حُكْمُ الكاهِنِ والعَرَّافِ كذلك، خِلافًا ومذهبًا. قاله في «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فالكاهِنُ هو الذي له رِئِيٌّ مِن الجِنِّ يأْتِيه بالأخْبارِ. والعَرَّافُ، هو الذي يَحْدِسُ ويتَحَرَّصُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «التَّرْغيبِ»: الكاهِنُ والمُنَجِّمُ كالسَّاحرِ عندَ أصحابِنا، وأنَّ ابنَ عَقِيلٍ فسَّقَه فقطْ، إنْ قال: أصَبْتُ بحَدْسِي وفَراهَتِي (¬1). الثَّانيةُ، لو أوْهَم قوْمًا بطَرِيقَتِه أنَّه يعْلَمُ الغَيبَ، فلِلْإِمامِ قَتْلُه؛ لسَعْيِه بالفَسادِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: التَّنْجِيمُ كالاسْتِدْلالِ بالأَحْوالِ الفَلَكيَّةِ (¬2) على الحَوادِثِ الأرْضِيَّةِ، مِن السِّحْرِ. قال: ويَحْرُمُ إجْماعًا، وأقَرَّ ¬

(¬1) فَرُهَ، فَرَاهةً: حَذِق ومهر. (¬2) في الأصل: «العلوية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوَّلُهم وآخِرُهم، أنَّ اللهَ يَدْفَعُ عن أهْلِ العِبادَةِ والدُّعاءِ (¬1) ببرَكَتِه ما زعَمُوا أنَّ الأفْلاكَ تُوجِبُه، وأنَّ لهم مِن ثَوابِ الدَّارَين ما لا تَقْوَى الأفْلاكُ على أنْ تَجْلِبَه. الثَّالثةُ، المُشَعْبِذُ (¬2)، والقائِلُ بزجْرِ (¬3) الطَّيرِ، والضَّارِبُ بحَصًى، وشَعِيرٍ، وقِداحٍ -زادَ في «الرِّعايَةِ»، والنَّظَرُ في أَلْواحِ الأكْتافِ- إنْ لم يكُنْ يعْتَقِدُ إباحتَه، وأنَّه يَعْلَمُ به، يُعزَّرُ، ويَكُفُّ عنه، وإلَّا كفَرَ. الرَّابعَةُ، يَحْرُمُ طِلَسْمٌ ورُقْيَةٌ بغيرِ عَرَبِيٍّ. وقيل: يكَفَّرُ. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»: ويَحْرُمُ الرَّقْىُ والتَّعْويذُ بطِلَسْمٍ وعَزِيمَةٍ، واسْمِ كَوْكَبٍ، وخَرَزٍ، وما وُضِعَ على نَجْمٍ مِن صُورةٍ أو غيرِها. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده في ا: «الظاهر أنه هو». (¬3) في الأصل: «بضرب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسةُ، توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في حَل المَسْحُورِ بسِحْرٍ، وفيه وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في الحَلِّ، وهو إلى الجوازِ أمْيَلُ. وسألَه مُهَنَّا عمَّنْ تأْتِيه مَسْحُورَةٌ، فيُطْلِقُه عنها؟ قال: لا بأْسَ. قال الخَلَّالُ: إنَّما كَرِهَ فِعاله، ولا يرَى به بأْسًا، كما بيَّنه مُهَنَّا. وهذا مِنَ الضَّرُورَةِ التي تُبِيحُ فِعْلَها. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»: ويَحْرُمُ العَطْفُ والرَّبْطُ، وكذا الحَلُّ بسِحْرٍ. وقيل: يُكْرَهُ الحَلُّ. وقيل: يُباحُ بكلامٍ مُباحٍ. السَّادِسَةُ، قال في «عُيونِ المَسائلِ»: ومِن السِّحْرِ السَّعْيُ بالنَّمِيمَةِ والإِفْسادِ بينَ النَّاسِ، وذلك شائِعٌ عامٌّ في النَّاسِ. وذكَر في ذلك حِكاياتٍ حصَل بها القَتْلُ. قال في «الفُروعِ»: وما قاله غريبٌ، ووَجْهُه أنَّه يقْصِدُ الأذَى بكلامِه وعَملِه، على وَجْهِ المَكْرِ والحِيلَةِ، فأشْبَهَ السِّحْرَ، وهذا يُعْلَمُ بالعادَةِ والعُرْفِ، أنَّه يُؤثِّرُ ويُنْتِجُ ما يعْمَلُه السِّحْرُ، أو أكثرَ، فيُعْطَى حُكْمَه، تَسْويَةً بينَ المُتماثِلَين، أو ¬

(¬1) انظر المغني: 12/ 304.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُتَقارِبَين، لاسِيَّما إنْ قُلْنا: يُقتَلُ الآمِرُ بالقَتْلِ. على رِوايَةٍ سبَقَتْ، فهنا أوْلَى، أو المُمْسِكُ لمَن يقْتُلُ، فهذا مثْلُه. انتهى. السَّابعةُ، هذه الأحْكامُ كلُّها في السَّاحِرِ المُسْلِمِ، فأمَّا السَّاحِرُ الكِتابِيُّ، فلا يُقْتَلُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال في «الهِدايَةِ»: قال أصحابُنا: لا يُقْتَلُ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُقْتَلُ. قال في «المُحَرَّرِ»: وعنه، ما يدُل على قَتْلِه. قال في «الهِدايَةِ»: ويتَخَرَّجُ مِن عُمومِ قوْلِه في رِوايَةِ يَعْقُوبَ بنِ بخْتانَ: الزِّنْدِيقُ والسَّاحِرُ، كيفَ تُقْبَلُ توْبَتُهما؟ أنْ يُقْتَلا. وقال في «الرِّعايتَين»: وقيل: لا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ. وقال في «الكُبْرَى»، وقيل: يُقتَلُ لنَقْضِه العَهْدَ.

كتاب الأطعمة

كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحِلُّ، فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ مِنَ الْحُبُوبِ والثِّمَارِ وَغَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الأطْعِمَةِ قوله: والأصْلُ فيها الْحِلُّ، فيَحِلُّ كُلُّ طَعامٍ طاهِرٍ لا مَضَرَّةَ فيه مِن الحُبُوبِ والثمارِ وغَيرِها. حتى المِسْكِ. وقد سألَه الشَّالنْجِيُّ عنِ المِسْكِ، يُجْعَلُ في الدَّواءِ ويشْرَبُه؟ قال: لا بأْسَ. وهذا المذهبُ. وقال في «الانْتِصارِ»: حتى شَعْر. وقال في «الفُنونِ»: الصَّحناءُ سَحِيقُ السَّمَكِ (¬1)، مُنْتِنٌ في غايةِ الخُبْثِ. تنبيه: دخَل في كلام المُصَنِّفِ حِلُّ أكْلِ الفاكهةِ المُسَوَّسَةِ والمُدَوَّدَةِ، وهو كذلك. ويُباحُ أيضًا أكْلُ دُودِها معَها. قال في «الرِّعايةِ»: يُباحُ أكْلُ فاكهةٍ ¬

(¬1) في النسخ: «المسك». انظر: الفروع 6/ 294. والسان (ص ح ن).

فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ؛ كَالْمَيتَةِ، وَالدَّمِ، وَغَيرِهِمَا، وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنَ السُّمُومِ وَنَحْوهِا، فَمُحَرَّمَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسَوَّسَةٍ ومُدَوَّدَةٍ بدُودِها، أو باقِلَّاءَ بذُبابِه، وخِيارٍ وقِثَّاءَ وحُبوبٍ وخَلٍّ بما فيه. وهو مَعْنَى كلامِه في «التَّلْخيصِ». قال في «الآدابِ»: وظاهِرُ هذا، أنَّه لا يُباحُ أكْلُه منْفَرِدًا. وذكَر بعْضُهم فيه وَجْهَين، وذكَر أبو الخَطَّابِ، في بحْثِ مسْألَةِ ما لا نَفْسَ له سائلةً، لا يحِلُّ أكْلُه، وإنْ كان طاهِرًا مِن غيرِ تفْصيلٍ. قوله: فأمَّا النَّجاساتُ، كالمَيتَةِ، والدَّمِ، وغيرِهما، وما فيه مَضَرَّةٌ مِن السُّمُومِ ونَحْوها، فمُحَرَّمَةٌ. ويأْتِي مَيتَةُ السَّمَكِ ونحوه، في أوَّل بابِ الذَّكاةِ. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً، أنَّ السُّمُومَ نَجِسَةٌ محَرَّمَةٌ، وكذا ما فيه مَضَرَّةٌ. وقال في «الواضِحِ»: والمَشْهورُ أنَّ السَّمَّ نجِسٌ. وفيه احْتِمالٌ، لأكْلِ رَسُولِ اللهِ عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، مِنَ الذِّراعِ المَسْمُومَةِ (¬1). وقال ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 25/ 27.

وَالْحَيَوانَاتُ مُبَاحَةٌ، إلا الْحُمُرَ الْأهْلِيَّةَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ في «التَّبْصِرَةِ»: ما يضُرُّ كثيرُه يحِلُّ يسِيرُه. قوله: والحَيَواناتُ مُباحَةٌ، إلا الحُمُرَ الأَهلِيَّةَ، وما له نابٌ يَفْرِسُ به -سِوَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الضَّبُعِ- مُحَرَّمٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، سواءٌ بدَأَ بالعُدْوانِ، أوْ لا. نصَّ

وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْرِسُ بِهِ؛ كَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَابْنِ آوَى، وَالسِّنَّوْرِ، وَابْنِ عِرْسٍ، وَالنِّمْسِ، وَالْقِرْدِ، إلا الضَّبُعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يَحْرُمُ إلَّا إذا بَدَأَ بالعُدْوانِ. قوله: كالأَسَدِ، والنَّمِرِ، والذِّئْبِ، والفَهْدِ، والكَلْبِ، والخِنْزِيرِ، وابنِ آوَى، والسِّنَّوْرِ، وابْنِ عِرْسٍ، والنِّمْسِ، والقِرْدِ. مُرادُه هنا بالسِّنَّوْرِ، السِّنَّوْرُ الأهْلِيُّ، بدَليلِ ما يأْتِي في كلامِه. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه مُحَرَّمٌ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: ليسَ يُشْبِهُ السِّباعَ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ليسَ في كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ تعالى، إلا الكَراهَةُ. وجعَله الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، قِياسًا، وأنَّه قد يقالُ: يعُمُّها اللَّفْظُ. تنبيه: شمِلَ قولُه: فيما له نابٌ يَفْرِسُ به. الدُّبَّ. وهو مُحَرَّمٌ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ رَزِينٍ في مُخْتَصَرِه «النِّهايَةِ»: لا يَحْرُمُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ويَحْرُمُ دُبٌّ. وقيل: كبيرٌ له نابٌ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ، قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: إنْ لم يكُنْ له نابٌ، فلا بأْسَ به. يعني، إنْ لم يكُنْ له نابٌ في أصْلِ خِلْقَتِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فظَنَّ أنَّه إنْ لم يكُنْ له نابٌ في الحالِ لصِغَرِه، وإنْ كان يحْصُلُ له نابٌ بعدَ ذلك. وليسَ الأمْرُ كذلك. وقال في «الحاوي»: ويَحْرُمُ دُبٌّ. وقال ابنُ أبِي مُوسى:

وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنَ الطَّيرِ يَصِيدُ بِهِ؛ كَالْعُقَابِ، وَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالْحِدَأةِ، وَالْبُومَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كبيرٌ. فظاهِرُ هذا مُوافِق لِمَا قاله في «الرِّعايَةِ»، إلَّا أنَّ قوْلَه: «نصَّ عليه». سَهْوٌ. وشَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ أيضًا، الفِيلَ. وهو كذلك، فيَحْرُمُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، هو سَبُعٌ، ويعْمَلُ بأنْيابِه كالسَّبُعِ. ونقَل عنه جماعَةٌ، يُكْرَهُ.

وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ؛ كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ، وَغُرَابِ الْبَين وَالْأَبْقَعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وما يأْكلُ الجِيَفَ. يعْنِي يَحْرُمُ، وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، وغيرُه، يُكْرَهُ. وجعَل فيه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، رِوايَتِي الجَلَّالةِ. وقال: عامَّةُ أجْوبَةِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ليسَ فيها تحْريمٌ. وقال: إذا كان ما يأْكُلُها مِن الدَّوابِّ السِّباعَ، فيه نِزاعٌ، أو لم يُحَرمُوه، والخَبرُ في الصَّحِيحِ (¬1)، فمِن الطَّيرِ أوْلَى. قوله: كالنَّسْرِ، والرَّخَمِ، واللَّقْلَقِ -وكذا العَقْعَقِ- وغُرابِ الْبَينِ، ¬

(¬1) في ط، ا: «الصحيحين». والحديث أخرجه البخاري عن كعب بن مالك، في: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، و: باب ذبيحة المرأة والأمة، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 7/ 119. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 3/ 454. وأخرجه عن زيد بن ثابت، ابن ماجه، في: باب ما يذكى به، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1060. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 184.

وَمَا يُسْتَخْبَثُ؛ كَالْقُنْفُذِ، وَالْفَأْرِ، وَالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ، وَالْحَشَرَاتِ كُلِّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأَبقَعِ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، تحْريمُ غُرابِ البَينِ، والأَبْقَعِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. ونقَل حَرْبٌ في الغُرابِ، لا بأْسَ به إنْ لم يأْكُلِ الجِيَفَ. وقيل: لا يَحْرُمان إنْ لم يأْكُلَا الجِيَفَ. [قال الخَلَّالُ: الغُرابُ الأَسْوَدُ والأَبْقَعُ مُباحان، إذا لم يأْكُلَا الجِيَفَ] (¬1). قال: وهذا معْنَى قولِ أبي عَبْدِ اللهِ. قوله: وما يُسْتَخْبَثُ. أي تسْتَخْبِثُه العَرَبُ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وعندَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقُدَماءِ أصحابِه، لا أثَرَ لاسْتِخْباثِ العرَبِ، وإنْ لم يُحَرِّمْه الشَّرْعُ، حَلَّ. واخْتارَه، وقال: أوَّلُ مَن قال: يَحْرُمُ. الْخِرَقِيُّ. وأنَّ مُرادَه ما يأْكلُ الجِيَفَ؛ لأنَّه تَبعَ الشَّافِعِيَّ، رَحِمَه اللهُ، وهو حرَّمَه بهذه العِلَّةِ. فعلى المذهبِ، الاعْتِبارُ بما ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يسْتَخْبِثُه ذَوُو اليَسارِ [مِن العرَبِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: والأصحُّ ذَوُو اليَسارِ] (1). وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقيل: ما كانَ يُسْتَخْبَثُ على عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. جزَم به في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن». وقالوا: في القُرَى، والأمْصارِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، [في القُرَى] (¬1). وقيل: ما يُسْتَخْبَثُ مُطْلَقًا. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: ما يسْتَخْبِثُه ذَوُو اليسَارِ والمُروءَةِ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: كالقُنْفُذِ. نصَّ عليه. وعلَّل الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، القُنْفُذَ بأنَّه بلَغَه بأنَّه مَسْخٌ. أي لمَّا مُسِخَ على صُورَتِه، دلَّ على خُبْثِه. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. قوله: والفَأْرِ -لكَوْنِها فُوَيسِقَةً. نصَّ عليه- والحَيَّاتِ -لأنَّ لها نابًا مِن السِّباعِ. نصَّ عليه- والعَقَارِبِ. نَصَّ عليه. ومِن المُحَرَّمِ أيضًا الوَطْواطُ. نصَّ عليه؛ وهو الخُشَّافُ، والخُفَّاشُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويحْرُمُ خُفَّاشٌ، ويقالُ: خُشَّافٌ؛ وهو الوَطْواطُ. وقيل: بل غيرُه. وقيل: الخُفَّاشُ صغيرٌ، والوَطْواطُ كبيرٌ، رأْسُه كرأْسِ الفأْرَةِ، وأُذُناه أَطْوَلُ مِن أُذُنَيها، وبينَ جَناحَيه في ظَهْرِه مِثْلُ كيسٍ يحْمِلُ فيه تَمرًا كثيرًا- وطَبُّوعٌ (¬1)، وقُرادٌ (¬2). انتهى. قال في «الحاوي»: والخُشَافُ هو الوَطْواطُ. وكذلك يَحْرُمُ الزُّنبُورُ والنَّحْلُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الإرْشادِ» رِوايةً، لايحْرُمُ الزُّنْبُورُ والنَّحْلُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُكْرَهُ الزُّنْبورُ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: في خُفَّاشٍ وخُطَّافٍ وَجْهان. وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، الخُشَّافَ. قال ¬

(¬1) الطبوع: هو من جنس القردان إلا أن لعضته ألما شديدا. (¬2) القراد: دويبة متطفلة من المفصليات، ذات أربعة أزواج من الأرجل، تعيش على الدواب والطيور، تمتص دمها.

وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيرِهِ؛ كَالْبَغْلِ وَالسِّمْعِ؛ وَلَدِ الضَّبُعِ مِنَ الذِّئْبِ، والعِسْبَارِ؛ وَلَدِ الذِّئْبةِ مِنَ الذِّيخِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هل هي للتَّحْريمِ؟ فيه وَجْهان. تنبيه: دخَل في قوْلِه: والحَشَراتِ. الذُّبابُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: يُكْرَهُ. وهو رِوايةٌ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقد تقدَّم أكْلُ دُودِ الفاكِهَةِ ونَحْوها قريبًا. فائدة: لو اشْتَبَه مُباحٌ ومُحَرَّمٌ، غَلَبَ التَّحْريمُ. قاله في «التَّبْصِرَةِ». قوله: وما تَوَلَّدَ مِن مأْكُولٍ وغيرِه، كالبَغْلِ، والسِّمْعِ؛ وَلَدِ الضَّبُعِ مِنَ الذِّئْبِ، والعِسْبارِ؛ وَلَدِ الذِّئْبَةِ مِن الذِّيخِ؛ وهو ذكَرُ الضِّبْعان الكثيرُ الشَّعَرِ. وهذا بلا نِزاعٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ولو تمَيَّزَ كحيوانٍ مِن نعْجَةٍ؛ نِصْفُه خَرُوفٌ، ونِصْفُه كَلْبٌ. تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّ المُتَولِّدَ مِن المَأْكُولَين مُباحٌ. وهو صحيحٌ، كبَغْلٍ مِن وَحْشٍ وخَيلٍ. لكِن ما توَلَّدَ مِن مأْكُولٍ طاهرٍ، كذُبابِ الباقِلَّاءِ، فإنَّه يُؤْكَلُ تبَعًا لا أصْلًا، في أصحِّ الوَجْهَين فيهما. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يحِلُّ بمَوْتِه. قال: ويَحْتَمِلُ كوْنُه كذُبابٍ، وفيه رِوايَتان. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في الباقِلَّاءِ

وَفِي الثَّعْلَبِ، وَالْوَبْرِ، وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْيَرْبُوعِ، رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَوَّدِ: يجْتَنِبُه أحَبُّ إلَيَّ، وإنْ لم يتَقذَّرْه، فأرْجُو. وقال -عن تَفْتِيشِ التَّمْرِ المُدَوَّدِ: لا بأْسَ به إذا عَلِمَه. والمذهبُ تحْريمُ لذُّبابِ. جزَم به في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: لا يَحْرُمُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، وغيرِه، وتقدَّم مَعْناه. قوله: وفي الثَّعْلَبِ، والوَبْرِ، وسِنَوْرِ البَرِّ، واليَرْبُوعِ، رِوايتَان. وأطْلَقهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «تجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. أمَّا الثَّعْلَبُ، فيَحْرُمُ. على الصّحيحِ مِن المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أكثرُ الرِّواياتِ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، تحْرِيمُ الثَّعْلَبِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، رَحِمَه الله: لا أعْلَمُ أحدًا أَرْخَصَ فيه إلَّا عَطاءً (¬1)، وكلُّ شيءٍ اشْتَبَهَ عليك، فدَعْهُ. قال النَّاظمُ: ¬

(¬1) بل أرخص فيه أيضًا طاووس. انظر ما أخرجه عبد الرزاق، في باب الثعلب والقرد، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 529.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا أوْلَى. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُباحُ. قال ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»: والثَّعْلَبُ مُباحٌ في أصحِّ الرِّوايتَين. واخْتارَها الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والْخِرَقِيُّ. وأَطْلَقهما في «الكافِي». وأمَّا سِنَّوْرُ البَرِّ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّه مُحَرَّمٌ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال النَّاظِمُ: هذا أَوْلَى. قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ سِنَّوْرُ بَرٍّ، على الأصحِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو ظاهِرُ ماجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُباحُ. وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «الإِشارَةِ»، للشِّيرَازِيِّ، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». وأمَّا الوَبْرُ واليَرْبُوعُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّهما مُباحان. قال في «الفُروعِ»: لا يَحْرُمُ وَبْرٌ ويَرْبُوعٌ (¬1) على الأصحِّ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، ¬

(¬1) الوبر: دويبة أصغر من السنور. واليربوع: حيوان طويل الرجلين قصير اليدين جدا وله ذنب كذنب الجرذ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «الكافِي». قال ابنُ رَزِينٍ في «نِهايتِه»: يُباحُ اليَرْبُوعُ. والرِّوايةُ الثانيةُ، يحْرُمان. وجزَم في «الوَجيزِ» بتَحْريمِ اليَرْبُوعِ. وقال القاضي: يحْرُمُ الوَبْرُ. وأَطْلقَ الخِلافَ في «المُحَرَّرِ». فوائد؛ الأولى، في هُدْهُدٍ وصُرَدٍ، رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي» (¬1)، و «الفُروعِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛ إحْداهما، يحْرُمان. قال النَّاظِمُ: هذه الرِّوايَةُ أوْلَى. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وجزَم به في «المُنْتَخَبِ»، في الأُولَى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَحْرُمُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». الثَّانيةُ، في الغُدافِ (¬2) والسِّنْجابِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ ¬

(¬1) في الأصل: «الحاويين». (¬2) الغداف: طائر مثل الغراب ضخم الجناحين، يقال إنه غراب القيظ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدُهما، يحْرُمان. صحَّحه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم في «الوَجيزِ» بتَحْريمِ الغُدافِ. قال أبو بَكْرٍ في «زادِ المُسافرِ»: لا يؤْكَلُ الغُدافُ. [وقال الخَلَّالُ: الغُدافُ مُحَرَّمٌ. ونسَبَه إلى الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. والوَجْهُ الثَّاني، لايحْرُمان. وجزَم في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ» بأنَّ الغُدافَ] (¬1) لا يَحْرُمُ. وقال القاضي: يَحْرُمُ السِّنْجابُ. ومال المُصَنِّفُ، والشًارِحُ إلى إباحَةِ السِّنْجابِ. الثَّالثةُ، قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: في السِّنَّوْرِ والفَنَكِ (¬2) وَجْهان؛ أصحُّهما، يَحْرُمُ. الرَّابعةُ، في الخُطَّافِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «التَّبْصِرَةِ»، و «الرّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «المُحَرَّرِ». وجزَم في «النَّظْمِ»، في مَوْضِع بالتَّحْريمِ، وقال في مَوْضعٍ آخَرَ: الأَوْلَى التَّحْريمُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) وهو ضرب من الثعالب، فروته أجود أنواع الفراء.

وَمَا عَدَا هَذَا مُبَاحٌ؛ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْخَيلِ، وَالدَّجَاجِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ على الأصحِّ. وقيل: لا يحْرُمُ. الخامسةُ، قال جماعةٌ مِن الأصحابِ، منهم صاحبُ «المُسْتَوْعِبِ»: وما لم يكُنْ ذُكِرَ في نصِّ الشَّرْعِ، ولا في عُرْفِ العرَبِ، يُرَدُّ إلى أقْرَبِ الأشْياءِ شبَهًا به؛ فإنْ كان بالمُسْتَطابِ أشْبَهَ، ألْحَقْناه به، وإنْ كان بالمُسْتَخْبَثِ أشْبَهَ، أَلْحَقْناه. وقال في «التَّبْصِرَةِ»، و «الرِّعايَةِ»: أو مُسَمًّى باسْمِ حيَوانٍ خَبِيثٍ. قوله: وما عَدا هذا مُباحٌ، كبَهِيمَةِ الأَنْعامِ، والخَيلِ. الخَيلُ مُباحَةٌ مُطَلقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وفي البِرْذَوْنِ رِوايَةٌ بالوَقْفِ.

وَالْوَحْشِيِّ مِنَ الْبَقَرِ، وَالظِّبَاءِ، وَالْحُمُرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَالزَّرَافَةِ، وَالنَّعَامَةِ، وَالْأَرْنَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والزَّرافَةِ. يعْنِي، أنَّها مُباحَةٌ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. قال في «الفُروعِ»: وتُباحُ في المَنْصوصِ. وجزَم به في «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» (1)، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هذا أصحُّ. وقيل: لا يُباحُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قال في «المُسْتَوْعِبِ»: وهو سَهْوٌ. قَال في «المُحَرَّرِ»: وحرَّمها أبو الخَطَّابِ، وأَباحَها الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، الوَقْفُ. قوله: والأَرْنَبِ. يعْنِي، أنَّه مُباحٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُباحُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم.

وَسَائِرِ الْوَحْشِ، وَالضَّبُعِ، والضَّبِّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والضَّبُعِ. أعْنِي أنَّه مُباحٌ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «تجْريدِ العِنايةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، لا يُباحُ. ذكرَها ابنُ البَنَّا. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ عُرِفَ بأَكْلِ المَيتَةِ، فكالجَلَّالةِ. قلتُ: وهو أقْرَبُ إلى الصَّوابِ.

وَالزَّاغِ، وَغُرَابِ الزَّرْعِ، وَسَائِرِ الطَّيرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والزَّاغَ، وغُرابِ الزَّرْعِ؛ يعْنِي أنَّهما مُباحان. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابِ.

وَجَمِيعِ حَيَوَانِ الْبَحْرِ، إلا الضِّفْدِعَ، وَالْحَيَّةَ، وَالتِّمْسَاحَ. وَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: غُرابُ الزَّرْعِ، أحْمَرُ المِنْقارِ والرِّجْلِ. وقيل: غُرابُ الزَّرْعِ والزَّاغُ شيءٌ واحدٌ. وقيل: غُرابُ الزَّرْعِ أسْوَدُ كبيرٌ. تنبيهٌ آخَرُ: دخَل في قولِ المُصَنِّفِ: وسائرِ الطَّيرِ. الطَّاووسُ، وهو مُباحٌ، لا أعلمُ فيه خِلافًا. ودخَل أيضًا البَبْغاءُ، وهي مُباحَةٌ. صرَّح بذلك في «الرِّعايَةِ». قوله: وجَمِيعِ حَيَواناتِ البَحْرِ -يعْنِي مُباحَةً- إلا الضِّفْدِعَ، والحَيَّةَ، والتِّمْساحَ. وأمَّا الضِّفْدِعَ، فمُحَرَّمَةٌ بلا خِلافٍ أعْلَمه، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ،

ابْنُ حَامِدٍ: وَإِلَّا الْكَوْسَجَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ. وأمَّا الحَيَّةُ، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّها محَرَّمَةٌ. وهو المذهبُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النُّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ». وقيل: يُباحُ. قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»: ويُباحُ حيوانُ البَحْرِ جميعُه، إلَّا الضِّفْدِعَ [والتِّمْساحَ، فظاهرُ كلامِهم إباحَةُ الحيَّةِ. قال في «المُحَرَّرِ»: ويُباحُ حيوانُ البَحْرِ كلُّه إلَّا الضِّفْدِعَ، وفي التِّمْساحِ رِوايَتان] (¬1). فظاهِرُه الإِباحَةُ، وهو ظاهرُ «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وأمَّا التِّمْساحُ، فجزَم المُصنِّفُ هنا، أنَّه مُحَرَّمٌ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال في «الفُروعِ» في المُسْتَثْنَى مِن المُباحِ مِن حَيوانِ البَحْرِ: والتِّمْساحُ على الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به القاضي في «خِصالِه»، و «ورُءوسِ المَسائلِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يُباحُ. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن» (¬1)، وغيرِهم. وما عدَا هذه الثَّلاثَةَ، فمباحٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوَّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ حامدٍ: وإلَّا الكَوْسَجَ. وهو رِواية عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. ذكَرَها في «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما. واخْتارَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ مع ابنِ حامِدٍ. وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. ¬

(¬1) في الأصل: «الحاوي».

وَقَال أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ: لَا يُبَاحُ مِنَ الْبَحْرِيِّ مَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ؛ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ، وَإنْسَانِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو عليٍّ النَّجَادُ: لا يُباحُ مِن البَحْرِيِّ ما يحْرُمُ نِظيرُه من البَرِّ؛ كخِنْزِيرِ

وَتَحْرُمُ الْجَلَّالةُ الَّتي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ، وَلَبَنُهَا، وَبَيضُهَا، حَتَّى تُحْبَسَ. وَعَنْهُ، تُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الماءِ، وإنْسانِه. وكذا كلْبُه، وبَغْلُه، وحِمارُه ونحوُها. وحكاه ابنُ عَقِيلٍ، عن أبي بَكْرٍ النَّجَّادِ، وحكاه في «التَّبْصِرَةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما، رِوايةً. قال في «الفُروعِ»: وذكَر في «المُذْهَبِ» رِوايتَين. ولم أَرَه فيه، فلعَلَّ النسْخَةَ مغْلوطَةٌ. قوله: وتَحْرُمُ الجَلَّالةُ التي أكثَرُ عَلَفِها النَّجاسَةُ، ولَبَنُها، وبَيضُها، حتى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُحْبَسَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلقَ في «الرَّوْضَةِ» وغيرِها تحْريمَ الجَلَّالةِ، وأنَّ مثْلَها خَروفٌ ارْتَضعَ مِن كَلْبَةٍ، ثم شرِبَ

وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لبَنًا طاهرًا. قال في «الفُروعِ»: وهو معْنَى كلامِ غيرِه. وعنه، تُكْرَهُ، ولا تَحْرُمُ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قوله: وتُحْبسُ ثَلاثًا. حتَّى (¬1) تُطْعَمَ الطَّاهرَ وتُمْنَعَ مِنَ النَّجاسَةِ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) في ط، ا: «يعني».

وَعَنْهُ، يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا، وَالشَّاةُ سَبْعًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُحْبَسُ الطَائِرُ ثلاثًا، والشَّاةُ سبْعًا، وما عدا ذلك أرْبَعِين يَوْمًا. وحكَى في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم، رِوايةً. أنَّ ما عدَا الطَّائرَ يُحْبَسُ أرْبَعِين يومًا. وعنه، تُحْبَسُ البَقرَةُ ثلاثين يومًا. ذكَره في «الواضِحِ». قال في «الفُروعِ»: وهو وَهْمٌ. وقاله ابنُ بَطَّةَ. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ». وقيل:

وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ مِنَ الزَّرْعِ والثَّمَرِ مُحَرَّمٌ، فَإِنْ سُقِيَ بِالطَّاهِرِ، طَهُرَ وَحَلَّ. وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: لَيسَ بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ، بَلْ يَطْهُرُ بِالاسْتِحَالةِ، كَالدَّمِ يَسْتَحِيلُ لَبَنًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُحْبَسُ الكُلُّ أرْبَعِين. وهو ظاهِرُ روايةِ الشَّالنْجِيِّ. فائدتان؛ إحْداهما، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله، رُكوبَها. وعنه، يحْرُمُ. الثَّانيةُ، يجوزُ له أنْ يعْلِفَ النَّجاسَةَ الحَيوانَ الذي لا يُذْبَحُ، أو لا يُحْلَبُ قرِيبًا. نقَله عَبْدُ اللهِ، وابنُ الحَكَمِ، واحْتَجَّ بكَسْبِ الحَجَّامِ، وبالَّذين عجَنُوا مِن آبارِ ثَمُودَ. ونقَل جماعَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، تحْريمَ عَلْفِها مأْكُولًا. وقيل: يجوزُ مُطْلَقًا، كغيرِ مأْكُولٍ، على الأصحِّ. وخصَّهما في «التَّرْغيبِ» بطاهِرٍ مُحَرَّمٍ، كهِرٍّ. قوله: وما سُقِيَ بالماءِ النَّجِسِ من الزَّرْعِ والثَّمَرِ مُحَرَّمٌ. وينْجُسُ بذلك. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الكبيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقيلٍ: ليسَ بنَجِسٍ ولا مُحَرَّمٍ، بل يطْهُرُ بالاسْتِحالةِ، كالدَّمِ يسْتَحِيلُ لبَنًا. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ». فوائد؛ منها، يُكْرَهُ أكْلُ التُّرابِ والفَحْمِ. جزَم به في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. ومنها، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أكْلَ الطِّينِ لضرَرِه. ونقَل جَعْفِرٌ، كأَنَّه لم يكْرَهْه. وذكَر بعْضهم أنَّ أكْلَه عَيبٌ في المَبِيعِ. نقَله ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّه لا يطْلُبُه

فَصْلٌ: وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، حَلَّ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا مَن به مرَضٌ. ومنها، ما تقدَّم في بابِ الوَليمةِ، كَراهَةُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، للخُبْزِ الكِبارِ (¬1)، ووَضْعُه تحتَ القَصْعَةِ، والخِلافُ في ذلك. ومنها، لا بأْسَ بأَكْلِ اللَّحْمِ النِّىْءِ. نقَله مُهَنَّا. وكذا اللَّحْمُ المُنْتِنُ. نقَله أبو الحارِثِ. وذكَر جماعَةٌ فيهما، يُكْرَهُ. وجعَله في «الانْتِصارِ»، في الثَّانيةِ، اتفاقًا. قلتُ: الكراهَةُ في اللَّحْمِ المُنْتِنِ أشَدُّ. ومنها، يُكْرَهُ أكْلُ الغُدَّةِ وأذُنِ القَلْبِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وقال أبو بَكْرٍ، وأبو الفَرَجِ: يَحْرُمُ. ونقَل أبو طالِبٍ: نَهَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، عن أُذُنِ القَلْبِ. وهو هكذا. وقال في رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ: كَرِهَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أكْلَ الغُدَّةِ. ومنها، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، حبًّا دِيسَ بالحُمُرِ، وقال: لا يَنْبَغِي وإنْ يَدُوسُوه بها. وقال حَرْبٌ: كرِهَه كراهِيَةً شديدةً. وهذا الحبُّ كطَعامِ لكافِرِ ومَتاعِه، على ما ذكرَه المَجْدُ. ونقَل أبو طالِبٍ، لا يُباعُ، ولا يُشْتَرَى، ولا يُؤْكَلُ حتى يُغْسَلَ. ومنها، كرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أكْلَ ثُومٍ وبصَلٍ وكُرَّاثٍ ونحوه، ما لم ينْضَجْ، وقال: لا يُعْجِبُنِي. وصرَّح بأنَّه كرِهَه لمَكانِ الصَّلاةِ في وَقْتِ الصَّلاةِ. ومنها، يُكْرَهُ مُداوَمةُ أكلِ اللَّحْمِ. قاله الأصحابُ. قوله: ومَن اضْطرَّ إِلى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنا، حَلَّ له منه ما يَسُدُّ رَمَقَه. يجوزُ له ¬

(¬1) تقدم في 21/ 357.

رَمَقَهُ. وَهَلْ لَهُ الشِّبَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكْلُ مِنَ المُحَرَّمِ مُطْلَقًا إذا اضْطُرَّ إلى أكلِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: يحْرُمُ عليه المَيتَةُ في الحَضَرِ. ذكَره في «الرِّعايَةِ». وذكَره الزَّرْكَشِيُّ رِوايَةً. وعنه، إنْ خافَ في السَّفَرِ، أكَل، وإلَّا فلا. اخْتارَه الخَلَّالُ. تنبيهان؛ أحدُهما، الاضْطِرارُ هنا أنْ يخافَ التَّلَفَ فقطْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نقَل حَنْبَلٌ، إذا عَلِمَ أنَّ النَّفْسَ تَكادُ تَتْلَفُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه. وقيل: أو خافَ ضرَرًا. وقال في «المُنْتَخَبِ»: أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مرَضًا، أو انْقِطاعًا عن الرُّفْقَةِ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه ينقَطِعُ فيَهْلَكُ، كما ذكَره في «الرِّعايَةِ». وذكَر أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، أو زِيادَةَ مرَضٍ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»: إنْ خافَ طُولَ مرَضِه، فوَجْهان. الثَّاني، قولُه: حَلَّ له منه ما يسُدُّ رمَقَه. يعْنِي، ويجبُ عليه أكْلُ ذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وذكَره الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وفاقًا. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «القَواعِدِ الأُصوليَّةِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الوَجْهَين. وقيل: يُسْتَحَبُّ الأكْلُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. قال في «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»: وقيل: يُباحُ. وأَطلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: وهل له الشِّبَعُ؟ على رِوايتَين. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْداهما، ليسَ له ذلك، ولا يحِلُّ له إلَّا ما يَسُدُّ رَمَقَه. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ عامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له الأَكْلُ حتى يشْبَعَ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيل: له الشِّبَعُ إنْ دامَ خوْفُه. وهو قَويٌّ. وفرَّق المُصَنِّفُ، وتبِعَه جماعةٌ، بينَ ما إذا كانتِ الضَّرورةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَمِرَّةً، فيجوزُ له الشِّبَعُ، وبينَ ما إذا لم تكُنْ مسْتَمِرَّةً، فلا يجوزُ. فوائد؛ إحْداها، هل له أنْ يتَزَوَّدَ منه؟ مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين في جَوازِ شِبَعِه. قاله في «التَّرْغِيبِ». وجوَّز جماعَةٌ التَّزَوُّدَ منه مُطْلَقًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وليسَ في ذلك ضَرَرٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أصحُّ الرِّوايتَين، يجوزُ له التَّزَوُّدُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، والفَضلُ بنُ زِيادٍ، يتَزَوَّدُ إنْ خافَ الحاجَةَ. جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو الصَّوابُ أيضًا. الثَّانيةُ، يجبُ تقْديمُ (¬1) السُّؤالِ على أكْلِ المُحَرَّمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ نُقَله أبو الحارِثِ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إنَّه لا يجِبُ ¬

(¬1) بعده في الأصل، ا: «أكل».

فَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَمَيتَةً، أَوْ صَيدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَال أَصْحَابُنَا: يَأْكُلُ الْمَيتَةَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ لَهُ الطَّعَامُ وَالصَّيدُ، إِذَا لَمْ تَقْبَلْ نَفْسُهُ الْمَيتَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يأْثَمُ، وأنَّه ظاهِرُ المذهبِ. الثَّالثةُ، ليسَ للمُضْطَرِّ في سَفَرِ المَعْصِيَةِ الأَكْلُ مِن المَيتَةِ؛ كقاطِعِ الطَّريقِ والآبِقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال صاحبُ «التَّلْخيصِ»: له ذلك. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وجماعةٍ. الرَّابعَةُ، حكمُ المُحَرَّماتِ حكمُ المَيتَةِ فيما تقدَّم. قوله: فإن وجَدَ طَعامًا لا يَعْرِفُ مالِكَه، ومَيتَةً، أو صَيدًا، وهو مُحْرِمٌ، فقال أصحابُنا: يَأْكُلُ المَيتَةَ. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّ في أكْلِ الصَّيدِ ثَلاثَ جِنايَاتٍ؛ صَيدُه، وذَبْحُه، وأَكْلُه، وأَكْلُ المَيتَةِ فيه جِنايَةٌ واحدةٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ يحِلَّ له الطَّعامُ والصَّيدُ، إذا لم تَقْبَلْ نفْسُه المَيتَةَ. قال في «الفُنونِ»: قال حَنْبَلِيٌّ: الذي يقْتَضِيه مذهبُنا، خِلافَ ماقاله الأصحابُ. وقال في «الكافِي»: المَيتَةُ أوْلَى، إنْ طابَتْ نفْسُه، وإلَّا أكَل الطَّعامَ؛ لأنَّه مُضطَرٌّ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»: يُقَدِّمُ الطَّعامَ ولو بقِتالِه، ثم الصَّيدَ، ثم المَيتَةَ. فوائد؛ الأُولَى، لو وجَد لَحْمَ صَيدٍ ذبَحَه مُحْرِمٌ، ومَيتَةً، أكَل لَحْمَ الصَّيدِ، قاله القاضي في «خِلافِه»؛ لأنَّ كلُّا منهما فيه جِنايَةٌ واحدةٌ، ويتَميَّزُ الصَّيدُ بالاخْتلافِ في كَوْنِه مُذَكًّى. قال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عشْرَةَ بعدَ المِائةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيما قاله القاضي نظَرٌ. وعلَّلَه، ثم قال: وجَدْتُ أبا الخَطَّابِ في «انْتِصارِه»، اخْتارَ أكْلَ المَيتَةِ، وعلَّلَه بما قاله. ولو وجَدَ بَيضَ صَيدٍ، فظاهِرُ كلامِ القاضي، أنَّه يأْكُلُ المَيتَةَ، ولا يكْسرُه ويأْكلُه؛ لأنَّ كسْرَه جِنايةٌ (¬1)، كذَبْحِ الصَّيدِ. الثَّانيةُ، لو وجَد المُحْرِمُ صَيدًا وطَعامًا لا يعْرِفُ مالِكَه، ولم يجِدْ مَيتَةً، أكَلَ الطَّعامَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» (2)، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُخَيَّرُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو احْتِمالٌ في «المُحَرَّرِ». قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يأْكُلَ الصَّيدَ، لأنَّ حقَّ اللهِ مَبْنِيٌّ على المُسامَحَةِ، بخِلافِ حقِّ الآدَمِيِّ، كما في نَظائرِه. الثَّالثةُ، لو اشْتبَهتْ مسْلُوخَتان؛ مَيتَةٌ ومُذَكَّاةٌ، ولم يجِدْ غيرَهما، تحرَّى المُضْطَرُّ فيهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: له الأكْلُ بلا تَحَرٍّ.

وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا طَعَامًا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إِلَيهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ أَبَى، فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا، وَيُعْطِيهِ قِيمَتَه، فَإِن مَنَعَه، فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ، أَوْ قَدْرِ شِبَعِهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَينِ. فَإِنْ قُتِلَ صَاحِبُ الطَّعَامِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ، وَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ، فَعَلَيهِ ضَمَانُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، لو وجَد ميتَتَين، مُخْتَلَفٌ في إحْداهما، أكلَها دُونَ المُجْمَعِ عليها. قوله: وإنْ لم يَجِدْ إلا طَعامًا لم يَبْذُلْه مالِكُه، فإن كانَ صاحِبُه مُضْطرًّا إليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو أَحَقُّ به. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو خافَ في المُستَقْبَلِ، فهل هو أحقُّ به، أمْ لا؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قلت: الأَوْلَى النَّظرُ إلى ما هو أصْلَحُ. [وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أظْهَرُهما إمْساكُه] (¬1). فائدة: حيثُ قُلْنا: إنَّ مالِكَه أحقُّ. فهل له إيِثارُه؟ قال في «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِهم أنَّه لا يجوزُ. وذكَر صاحبُ «الهَدْي»، في غَزْوَةِ الطَّائفِ، أنَّه يجوزُ، وأنَّه غايَةُ الجُودِ. قوله: وإلَّا لَزِمَه بَذْلُه بقِيمَتِه. نصَّ عليه. ولو كان المُضْطَرُّ معْسِرًا وفيه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ احْتِمالٌ لابنِ عَقِيلٍ. تنبيهان؛ أحَدُهما، ظاهِرُ قولِه: وإلَّا لَزِمَه بذْلُه بقِيمَتِه. أنَّه لو طلَبَ زِيادَةً لا تُجْحِفُ، ليسَ له ذلك. وهو أحدُ الوَجْهَين، وهو الصَّحيحُ منهما. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به الشَّارِحُ في موْضِعَين. والوَجْهُ الآخَرُ، له ذلك. اخْتارَه القاضي. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وعلى كِلَا القَوْلَين، لا يلْزَمُه أكثرُ مِن ثَمَنِ مثْلِه. وقال في «عيُونِ المَسائلِ»، و «الانْتِصارِ»: قَرْضًا بعِوَضِه. وقيل: مجَّانًا. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، كالمَنْفَعَةِ في الأَشْهَرِ. الثَّاني، قولُه: فإنْ أبَى، فللمُضْطَرِّ أَخْذُه قَهْرًا، ويُعْطِيه قِيمَتَه. كذا قال جماعَةٌ. وقال جماعةٌ: ويُعْطِيه ثَمنَه. وقال في «المُغْنِي» (¬1): ويُعْطِيه عِوَضَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو أجْوَدُ. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ أَبى أخَذَه بالأَسْهَلِ، ¬

(¬1) انظر المغني: 13/ 339.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمَّ قَهْرًا. وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، وغيرِه. قوله: فإِن مَنَعَه، فله قِتالُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: في قِتالِه وَجْهان. ونقَل عَبْدُ اللَّهِ، أكْرَهُ مُقاتلَتَه. وقال في «الإِرْشادِ»: فإنْ لم يقْدِرْ على أخْذِه منه إلَّا بمُقاتلَتِه، لم يُقاتِلْه، فإنَّ اللهَ يرْزُقُه. فوائد؛ الأُولَى، لو بادرَ صاحِبُ الطَّعامِ فباعَه، أو رَهَنَه، فقال أبو الخَطَّابِ في «الانتِصارِ»، في الرَّهْنِ: يصِحُّ، ويسْتَحِقُّ أخْذُه مِن المُرْتَهِنِ، والبائعُ مثْلِّه. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةِ والخَمْسِين»: ولم يُفرِّقْ بينَ ما قبلَ الطَّلَبِ وبعدَه. قال: والأظْهَرُ أنَّه لا يصِحُّ البَيعُ بعدَ الطَّلَبِ؛ لوُجوبِ الدَّفْعِ، بل لو قيل: لا يصِحُّ بيعُه مُطلَقًا، مع عِلْمِه باضْطِرارِه. لم يَبْعُدْ وأوْلَى؛ لأنَّ هذا يجِبُ بذْلُه ابْتِداءً لإِحْياءِ النَّفْسِ. انتهى. الثَّانيةُ، لو بذَلَه بأكْثَرِ ما يَلْزَمُه، أخَذَه وأَعْطاه قِيمَتَه، يعْنِي مِن غيرِ مُقاتَلةٍ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقاتِلُه. الثَّالثةُ، لو بذَلَه بثَمَنِ مِثْلِه، لَزِمَه قَبُولُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال ابنُ

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ؛ كَالْحَرْبِيِّ، وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ: لا يَلْزَمُ معْسِرًا على احْتِمالٍ. الرَّابعَةُ، لو امْتنَعَ المالِكُ مِن البَيعِ إلَّا بعَقْدِ رِبًا، فظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وجماعةٍ، أنَّه يجوزُ أخْذُه منه قَهْرًا. ونصَّ عليه بعْضُ الأصحابِ. قاله الزَّرْكَشِيُّ، وقال: نعَمْ إنْ لم يقْدِرْ على قَهْرِه، دخَل في العَقْدِ، وعزَم على أنْ لا يُتِمَّ عَقْدَ الرِّبا، فإنْ كان البَيعُ نَساءً، عزَم على أنَّ العِوَضَ الثَّابتَ في الذِّمَّةِ قرْضٌ. وقال بعْضُ المُتأَخِّرين: لو قيلَ: إنَّ له أنْ يُظهِرَ صُورَةَ الرِّبا ولا يُقاتِلُه، ويكونَ كالمُكْرَهِ، فيُعْطِيَه مِن عَقْدِ الرِّبا صُورَتَه لا حقِيقَتَه، لَكانَ أقْوَى. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قوله: فإنْ لم يَجِدْ إلا آدَمِيًّا مُباحَ الدَّمِ؛ كالحَرْبِيِّ، والزَّانِي المُحْصَنِ، حَلَّ قَتْلُه وأَكْلُه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «التَّرْغِيبِ»: يَحْرُمُ أكْلُه. وما هو ببعيدٍ.

وَإِنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا، فَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا، ففي جَوازِ أَكْلِه وجْهان. وأَطلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه الأكثرُ. وكذا قال في «الفُروعِ». وجزَم به في «الإِفْصاحِ». وغيرِه. قال في «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: لم يأْكُلْه في الأصحِّ. قال في «الكافِي»: هذا اخْتِيارُ غيرِ أبي الخَطَّابِ. قال في «المُغْنِي» (1): اخْتارَه الأصحابُ. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ أكْلُه. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «الكافِي»: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقَّدمه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، يَحْرُمُ عليه أكْلُ عُضْوٍ مِن أعْضائِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقال في «الفُنونِ»، عن حَنْبَليٍّ: إنَّه لا يَحْرُمُ. الثَّانيةُ، مَنِ اضْطُرَّ إلى نَفْعِ مالِ الغَيرِ، مع بَقاءِ عَينِه، لدَفْعِ بَرْدٍ أو حَرٍّ، أو اسْتقاءِ ماءٍ ونحوه، وجَب بذْلُه مجَّانًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. صحَّحه في

فَصْلٌ: وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرٍ في شَجَرٍ لَا حَائِطَ عَلَيهِ وَلَا نَاظِرَ، فَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقيل: يجبُ له العِوَضُ كالأَعْيانِ. وقال في «الفُصولِ»، في الجنائزِ: يُقَدَّمُ حَيٌّ اضْطُرَّ إلى سُتْرَةٍ لبَرْدٍ أو مَطَرٍ على تكْفِينِ مَيِّتٍ، فإنْ كانتِ السُّتْرَةُ للمَيِّتِ، احْتَمَلَ أنْ يُقَدَّمَ الحَيُّ أيضًا، ولم يذْكُرْ غيرَه. قوله: ومَن مَرَّ بثَمَرٍ على شَجَرٍ لا حائطَ عليه -نَصَ عليه- ولا ناظِرَ عليه،

أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَا يَحْمِلُ. وعَنْهُ، لَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلا لِحَاجَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فله أَنْ يَأْكُلَ منه، ولا يَحْمِلُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المَشْهورُ في المذهبِ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والسَّبْعِين»: هذا الصَّحيحُ المَشْهورُ مِن المذهبِ. قال في «الهِدايَةِ»: اخْتارَه عامَّةُ شيُوخِنا. وقال في «خِلافِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»: اخْتارَه عامَّةُ أصحابِنا. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ولم يذْكُرْ في «المُوجَزِ»: لا حائِطَ عليه. ولم يذْكُرْ في «الوَسيلَةِ»: لا ناظِرَ عليه. وعنه، لا يحِلُّ له ذلك إلَّا لحاجَةٍ. وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ». وعنه، يأْكُلُ المُتَساقِطَ. ولا يَرْمِي بحَجَرٍ. ولم يُثْبِتْها القاضي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يحِلُّ ذلك مُطْلَقًا إلَّا بإذْنِ المالكِ. حكاها ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». وعنه، لا يحِلُّ له ذلك إلَّا لضرُورَةٍ. ذكَرها جماعةٌ، كالمَجْموعِ المَجْنِيِّ. وعنه، يُباحُ في السَّفَرِ دُونَ الحَضَرِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد تُحْمَلُ على رِوايةِ اشْتِراطِ الحاجَةِ. وجوَّزَه في «التَّرْغيبِ» لمُسْتَأْذِنٍ ثلاثًا؛ للخَبَرِ (4).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، ليسَ له رَمْيُ الشَّجَرِ بشيءٍ، ولا يضرِ بُه ولا يحْمِلُ. نصَّ عليه. الثَّانيةُ، حيثُ جوَّزْنا له الأَكْلَ، فإنَّه لا يضْمَنُ ما أكَلَه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، يضْمَنُه. اخْتارَه في «المُبْهِجِ».

وَفي الزَّرْعِ وَشُرْبِ لَبَنِ الْمَاشيَةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحيثُ جوَّزْنا الأَكْلَ، فالأَوْلَى تَرْكُه إلَّا بإذْنٍ. قاله المُصَنِّفُ، وغيرُه. قوله: وفي الزَّرْعِ وشُرْبِ لَبَنِ الماشِيةِ رِوايتَان. يعْنِي، إذا أبَحْنا الأَكْلَ مِن الثِّمارِ. وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاويَيْن»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»؛ إحْداهما، له ذلك، كالثَّمرَةِ. وهو المذهبُ. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأَشْهَرُ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهما. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، في لَبَنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الماشِيَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، ليسَ له ذلك. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ» (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «إدْراكِ الغايةِ»، و «تجْريدِ العِنايةِ»: له ذلك في رِوايةٍ. فائدة: قال المُصَنِّفُ، ومَن تابعَه: يَلْحَقُ بالزَّرْعِ الباقِلَّاءُ والحِمَّصُ وشِبْهُهما ممَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا، بخِلافِ الشَّعِيرِ ونحوه ممَّا لم تَجْرِ العادَةُ بأكْلِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو حسنٌ. وقال: ولهذه المسْألَةِ الْتِفاتٌ إلى ما تقدَّم مِن الزَّكاةِ، مِن الوَضْعِ لرَبِّ المالِ عندَ خَرْصِ الثَّمرَةِ الثُّلُثَ أو الرُّبْعَ ولا يُتْرَكُ له مِن الزَّرْعِ إلَّا ما العادَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْلُه فَرِيكًا.

وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ يَوْمًا وَلَيلَةً، فَإِنْ أَبَى، فَلِلضَّيفِ طَلَبُهُ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجِبُ على المُسْلِمِ ضِيافَةُ المُسْلِمِ المُجْتازِ به يَوْمًا ولَيلةً. هذا المذهبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطِه الآتِي، ونصَّ عليه في رِوايةِ الجماعَةِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: لَيلَةً. والأَشْهَرُ، ويَوْمًا. نقَله الجماعَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: الواجِبُ ليلَةٌ فقطْ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، لكِنْ قال: الأوَّلُ الأَشْهَرُ. وهو أيضًا مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: ثَلاثةُ أيَّامٍ، فما زادَ فهو صدَقَةٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُوسى. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. ونقَل عليُّ بنُ سَعِيدٍ، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ على وُجوبِ الضِّيافَةِ للغُزاةِ خاصَّةً، على مَن يمُرُّونَ بهم ثَلاثةَ أيَّام. ذكَره ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ الأرْبَعِين النَّواويَّةِ»، وصاحِبُ «الفُروعِ»؛ وهو مِنِ مُفْرَداتِ المذهِبِ أيضًا. وتقدَّم في أواخرِ بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، هل يجبُ عليهم ضِيافَةُ مَن يمُرُّ بهم مِن المُسْلِمين مُطْلَقًا، أو بالشَّرْطِ؟ تنبيه: في قوْلِه: المُجتازِ به. إشْعارٌ بأنْ يكونَ مُسافِرًا. وهو صحيحٌ، [فلا حقَّ لحاضِرٍ] (¬1). وهو أحدُ الوَجْهَين. وهو ظاهِرُ كلامِه في ¬

(¬1) في الأصل: «هو الحق الحاضر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، فإنَّ عِبارَتَهم مثْلُ عِبارَةِ المُصَنِّفِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والوَجْهُ الثَّاني، هو كالمُسافرِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ نُصوصِه، وحاضِرٌ، وفيه وَجْهان للأصحابِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُشْترَطُ للوُجوبِ أيضًا، أنْ يكونَ المُجْتازُ في القُرَى، فإنْ كانَ في الأمْصارِ، لم تجِبِ الضِّيافَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وعنه، الأمْصارُ كالقُرَى. قال في «الفُروعِ»: وفي مِصرٍ رِوايَتان مَنْصوصَتان. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: ويجِبُ على المُسْلِمِ ضِيافَةُ المُسْلِمِ المُجتْازِ به. أنَّها لا تجِبُ للذِّمِّي إذا اجْتازَ بالمُسْلِمِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، وغيرِه مِن الأصحابِ. قال ابنُ رجَب في «شَرْحِ النَّواويَّةِ»: وخَصَّ كثيرٌ مِن الأصحابِ الوُجوبَ بالمُسْلمِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ». وعنه، هو كالمُسْلمِ في ذلك. نقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وهو قولٌ في «النَّظْمِ». وقدَّمه ابنُ رَجَبٍ في «شَرْحِ النَّواويَّةِ»، وقال: هو المَنْصوصُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قوله: فإنْ أَبَى، فللضَّيفِ طَلَبُه به عندَ الحاكمِ. بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فائدة: إذا امْتَنعَ مِن الضيافَةِ الواجبةِ عليه، جازَ له الأخْذُ مِن مالِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، ولا يُعْتَبرُ إذْنُه. قال في «القَواعِدِ»: ولا يُعْتَبرُ إذْنُه في

وَتُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحِّ الرِّوايتَين. نقَلها عليُّ بنُ سَعِيدٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يأْخُذُ إلَّا بعِلْمِهم، يُطالِبُهم بقَدْرِ حقِّه. قلتُ: النَّفْسُ تميلُ إلى ذلك. وقدَّمه في «الشَّرْحِ». قوله: وتُسْتَحَبُّ ضِيافَتُه ثَلاثَةَ أَيامٍ، فما زادَ فهو صَدَقَةٌ. وهذا المذهبُ، وعليه

وَلَا يَجِبُ عَلَيهِ إِنْزَالُهُ في بَيتِهِ، إلا أنْ لَا يَجِدَ مَسْجِدًا، أوْ رِبَاطًا يَبِيتُ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جماهيرُ الأصحابِ. وتقدَّم قول: أنَّها تجِبُ ثلاثَةَ أيَّامٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبِي مُوسى. قوله: ولا يَجِبُ عليه إنْزالُه في بَيتِه، إلا أنْ لا يَجِدَ مَسْجِدًا، أو رِباطًا يَبيتُ فيه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وأوْجبَ ابنُ عَقِيلٍ. في «مُفْرَداتِه»، إنْزاله في بَيتِه مُطْلَقًا، كالنَّفَقَةِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فوائد؛ الأُولَى، الضِّيافةُ قَدْرُ كِفايَتِه مع الأُدْمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وأوْجبَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ تعالى، المَعْروفَ عادَةً، قال: كزَوْجَةٍ وقَريبٍ ورَقيقٍ. وفي «الواضِحِ»: ولفَرَسِه أيضًا تِبْنٌ لا شَعِيرٌ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ وَجْهٌ، يعْنِي، ويِجبُ شَعِيرٌ كالتِّبْنِ، كأهْلِ الذِّمَّةِ في ضِيافَتِهم المُسْلِمين. الثَّانيةُ، مَنْ قدَّم لضِيفانِه طَعامًا، لم يَجُزْ لهم قَسْمُه؛ لأنَّه إباحَةٌ. ذكَره في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ» وغيرِه. واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وتقدَّم في الوَليمَةِ أنَّه يحْرُمُ أخْذُ الطعامِ بلا إذْنٍ. على الصَّحيحِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: مَن امْتنَعَ مِن أكْلِ الطيِّباتِ بلا سبَب شَرْعِيٍّ، فهو مذْمومٌ مُبْتَدِعٌ، وما نُقِلَ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه امْتنَعَ مِن أكْلِ البِطِّيخِ لعدَمِ عِلْمِه بكَيفِيَّةِ أكْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - له، فكَذِبٌ.

باب الذكاة

بَابُ الذَّكَاةِ وَلَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيهِ بِغَيرِ ذَكَاةٍ إلا الْجَرَادَ وَشِبْهَهُ، وَالسَّمَكَ، وَسَائِرَ مَا لَا يَعِيشُ إلا في الْمَاءِ، فَلَا ذَكَاةَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الذَّكاةِ قوله: لا يُباحُ شَيْءٌ مِن الحَيوانِ المقْدُورِ عليه بغيرِ ذَكاةٍ. إنْ كان ممَّا لا يَعِيشُ إلَّا في البَرِّ، فهذا لا نِزاعَ في وُجوبِ تذْكِيَةِ المَتْدورِ عليه منه، إلَّا ما اسْتَثْنَى. وإنْ كانَ مأْواه البَحْرَ، ويعيشُ في البَرِّ -ككَلْبِ الماءِ وطَيرِه، والسُّلَحْفاةِ ونحو ذلك- فهذا أيضًا لا يُباحُ المَقْدورُ عليه منه إلَّا بالتَّذْكِيَةِ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، إلَّا ما اسْتَثْنَى، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا إحْدَى الرِّوايتَين، [واخْتِيارُ عامَّةِ الأصحابِ. والرِّوايةُ الثانيةُ -وعن بعْضِ الأصحابِ أنَّه صحَّحَها- تَحِلُّ مَيتَةُ كلِّ بَحْرِيٍّ. انتهى] (¬1). وقال ابنُ عَقِيلٍ في البَحْرِيِّ: يحِلُّ (¬2) بذَكاةٍ أو عَقْرٍ؛ لأنَّه مُمْتَنِعٌ، كحيوانِ البَرِّ. وجزَم المُصَنِّفُ وغيرُه، بأنَّ الطَّيرَ يُشْتَرَطُ ذَبْحُه. قوله: إلَّا الجَرادَ وشِبْهَه، والسَّمَكَ وسائرَ ما لا يَعِيشُ إلَّا في الماءِ، فَلا ذَكاةَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، في السَّرَطَانِ وَسَائِرِ الْبَحْرِيِّ أنَّه يَحِلُّ بِلَا ذَكَاةٍ. وَعَنْهُ، فِي الْجَرَادِ لَا يُؤْكَلُ إلا أنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ كَكَبْسِهِ وَتَغْرِيقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ولو كانَ طافِيًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه في السَّرَطانِ وسائرِ البَحْرِيِّ، أنَّه يَحِل بلا ذَكاةٍ. وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ في «المُغْنِي»، أنَّه لا يُباحُ بلا ذَكاةٍ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [قال الزَّرْكِشَيُّ: وعنه، في غيرِ السَّمَكِ لا يُبَاحُ إلا بالذَّكاةِ، وهو ظاهِرُ اخْتِيارِ جَماعةٍ] (¬1). ¬

(¬1) زيادة من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، في الجَرادِ لا يُؤْكَلُ إلَّا أنْ يموتَ بسَبَبٍ، ككَبْسِه وتغْريقِه. وعنه، يحْرُمُ السَّمَكُ الطَّافِي. ونُصوصُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: لا بَأْسَ به ما لم يتَقَذَّرْه. وهذه الروايةُ تخريجٌ في «المُحَرَّرِ». وعنه، لا تُباحُ مَيتَةُ بَحْرِيٍّ سِوَى السَّمَكِ. [قال الزَّرْكَشِي: وهو ظاهرُ اخْتِيارِ جماعَةٍ] (¬1). وعنه، يَحْرُمُ سمَكٌ وجَرادٌ صادَه مَجُوسِيٌّ ونحوُه. صحَّحه ابنُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيلٍ. وتقدَّم ذلك. وأَطْلَقَهما في «المُحَررِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: ما لا نَفْسَ له سائِلَةً يَجْرِي مَجْرَى دِيدانِ الخَلِّ والبَاقِلَّاءِ، فيَحِلُّ بمَوْتِه. قال: ويَحْتَمِلُ أنَّه كالذُّبابِ، وفيه رِوايَتان. فوائد؛ الأُولَى، حيثُ قُلْنا بالتَّحْريمِ، لم يكُنْ نَجِسًا. على الصَّحيحِ مِن الذهبِ. وعنه، بلَى. وعنه، نَجِسٌ مع دَمٍ. الثَّانيةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ، شَيَّ السَّمَكِ الحَيِّ، إلَّا (¬1) الجَرادِ. ¬

(¬1) في ط، ا: «لا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابنُ عَقِيلٍ فيهما: يُكْرَهُ على الأصحِّ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، في الجَرادِ، لا بأْسَ به، ما أعلمُ له ولا للسَّمَكِ ذَكاةً. الثَّالثةُ، يحْرُمُ بَلْعُه حيًّا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه في «الفروعِ» وذكَرَه ابنُ حَزْم إجْماعًا. وقال المُصَنِّفُ: يُكْرَهُ.

وَيُشْتَرَطُ للِذَّكَاةِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ؛ أَحَدُهَا، أَهْلِيَّةُ الذَّابِحِ، وَهُوَ أنْ يَكُونَ عَاقِلًا، مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا، فَتُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَعَنْهُ، لَا تُبَاحُ ذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَلَا مَنْ أَحَدُ أَبوَيهِ غَيرُ كِتَابِيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُشْترَطُ للذَّكاةِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ؛ أَحدُها، أَهْلِيَّةُ الذَّابحِ، وهو أنْ يَكُونَ عاقِلًا. ليصِحَّ (¬1) قَصْدُ التَّذْكِيَةِ ولو كان مُكْرَهًا. ذكَره في «الانْتِصارِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه كذْبحِ مغْصوبٍ. وقد دخَل في كلامِ المُصَنِّف، رَحِمَه اللهُ، الأقْلَفُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جَماهِيرُ الأصحابُ. وعنه، لا تصِحُّ ذَكاتُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال في «الفُروعِ»: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ هنا، لا يُعْتَبرُ قَصْدُ الأكْلِ. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»: لو تَلاعَبَ بسِكِّينٍ على حَلْقِ شاةٍ، فصارَ ذَبْحًا، ولمِ يقْصِدْ حِلَّ أكْلِها، لم تُبَحْ. وعلَّل ابنُ عَقِيلٍ تحْريمَ ما قتَلَه مُحْرِمٌ لصَوْلِه؛ بأنَّه لم يقْصِدْ أكلَه، كما لو وَطِئَه آدَمِيٌّ إذا قُتِلَ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: كذَبْحِه. وذكَر الأزَجِيُّ، عن أصحابِنا: إذا ذبَحَه ليُخَلِّصَ مال غيرِه منه بقَصْدِ الأكْلِ، لا التَّخَلُّصِ؛ للنَّهْي عن ذَبْحِه لغيرِ مأْكَلَةٍ. وذكرَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في بُطْلانِ التَّحْليلِ: لو لم يقْصِدِ الأَكْلَ، أو قصَد حِلَّ يَمِينِه، لم يُبَحْ. ونقَل صالِحٌ، وجماعةٌ، اعْتبارَ إرادَةِ التَّذْكِيَةِ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه، يكْفِي. وقال في «التَّرْغيبِ»: هل يكْفِي قصْدُ الذَّبْحِ، أمْ لا بدَّ مِن قَصْدِ الإِحْلالِ؟ فيه وَجْهان. قوله: مُسْلِمًا، أو كِتابِيًّا، ولو حَرْبِيًّا، فتُباحُ ذَبِيحَتُه، ذَكَرًا كانَ أو أُنْثَى -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ في الجُمْلَةِ. وعليه جَماهيرُ الأصحابِ- وعنه، لا تُباحُ ذَبِيحَةُ بَنِي تَغْلِبَ، وَلا مَن أحَدُ أبَوَيه غَيرُ كِتابِيٍّ. وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى» فيهما. أمَّا ذَبِيحَةُ بَنِي تَغْلِبَ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ إباحَتُها، وعليه الأكثرُ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. قال الشَّارِحُ: وهو الضَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»، في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ: وتحِل مُناكَحَةُ وذَبِيحَةُ نَصارَى بَنِي تَغْلِبَ على الأصحِّ. وقيل: هما في بَقِيَّةِ اليَهُودِ والنَّصارَى مِن العَرَبِ. انتهى. واخْتارَ المُصَنِّفُ وغيرُه إباحَةَ ذَبِيحَةِ بَنِي تَغْلِبَ. وعنه، لا تُباحُ. قال الزَّرْكَشِي: وهي المَشْهورَةُ عندَ الأصحابِ. وأطْلَقهما الخِرَقِيُّ، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وتقدَّم نظِيرُ ذلك فيهم، في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ. وقال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم: وفي نَصارَى العَرَبِ رِوايَتانِ. وأطْلَقُوهما. وأمَّا مَن أحَدُ أَبوَيه غيرُ كِتابِيٍّ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه قدَّم إباحَةَ ذَبْحِه. وهو إحْدَى الروايات. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، كالمُصَنِّفِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وابنُ القَيِّمِ، رَحِمَهما اللهُ. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ ذَبِيحَتَه لا تُباحُ. [قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: قال أصحابُنا: لا تحِلُّ ذَبِيحَتُه] (¬1). قال في «الفُروعِ»، في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ: ومَن أحَدُ أبوَيه كِتابِيٌّ، فاخْتارَ دِينَه، فالأشْهَرُ تحْريمُ مُناكَحَتِه وذَبِيحَتِه. وقال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: ولا تحِلُّ ذَكاةُ مَن أحدُ أبوَيه الكافِرَين مَجُوسِيٌّ، أو وَثَنِيٌّ، أو كتابِيٌّ لم يخْتَرْ دِينَه. وعنه، أو اخْتارَ. قال في «الرِّعايتَين»: قلتُ: إنْ أقرَّ، حَلَّ ذَبْحُه، وإلَّا فلا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: فإنِ انْتقَلَ كِتابِيٌّ أو غيرُه إلى دِينٍ، يُقَرُّ أهْلُه بكِتابٍ وجِزْيَةٍ، وأُقِرَّ عليه، حلَّتْ ذَكاتُه، وإلَّا فلا. وقال في «المُحَرَّرِ»، في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ وأخْذِ الجِزْيَةِ، ومَن أقْرَرْناه على تَهَوُّدٍ أو تنَصُّرٍ متَجَدِّدٍ، أبَحْنا ذِبيحَتَه ومُناكَحَتَه، وإذا لم نُقِرَّه عليه بعدَ المَبْعَثِ، وشكَكْنا، هل كانَ منه قبلَه أو بعدَه؟ قُبِلَتْ جزْيَتُه، وحَرُمَتْ مُناكَحَتُه وذَبِيحَتُه. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: كل مَن تدَيَّنَ بدِينِ أهْلِ الكِتابِ، فهو منهم، سواءٌ كان أبُوه أو جَدُّه قد دخَل في دِينِهم أو لم يدْخُلْ، وسواءٌ كان دخُولُه بعدَ النَّسْخِ والتَّبْديلِ، أو قبلَ ذلك، وهو المَنْصوصُ الصَّريحُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وإنْ كانَ بينَ أصحابِه خِلافٌ معْروفٌ، وهو الثَّابِتُ عن الصَّحابَةِ، رَضِيَ الله عُنهم، بلا نِزاعٍ بينَهم. وذكَر الطَّحاويُّ، أنَّه إجْماعٌ قديمٌ. انتهى. وجزَم في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرهم، أنَّ ذَبِيحَةَ مَنْ أحدُ أبوَيه غيرُ كِتابِيٍّ، غيرُ مُباحَةٍ. قال الشَّارِحُ: قال أصحابُنا: لا تحِل ذَبِيحَةُ مَنْ أحدُ أبوَيه غيرُ كِتابِيٍّ. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وكذلك صَيدُه. وقال في «التَّرْغيبِ»: في الصَّابِئَةِ رِوايَتان، مأْخَذُهما، هل هم فِرْقَةٌ مِن النَّصارَى، أمْ لا؟ ونقَل حَنْبَلٌ، مَن ذهَب مذهبَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عنه، فإنَّه قال: هم يَسْبِتُون. جعَلَهم، رَضِيَ اللهُ عنه، بمَنْزِلَةِ اليَهُودِ. وكلُّ مَن يصِيرُ إلى كتابٍ، فلا بأْسَ بذَبِيحَتِه. وقيل: لا يصِحُّ أنْ يذْبحَ اليَهودِيُّ الإِبِلَ في الأصحِّ. وعنه، لا تصِحُ ذَبِيحَةُ الأقْلَفِ الذي لا يُخافُ بخِتَانِه. ونقَل حَنْبَلٌ في الأقْلَفِ،

وَلَا تُبَاحُ ذَكَاةُ مَجْنُونٍ، وَلَا سَكْرَانَ، وَلَا طِفْلٍ غَيرِ مُمَيِّزِ، وَلَا وَثَنِيٍّ، وَلَا مَجُوسِيٍّ، وَلَا مُرْتَدٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا صلاةَ له ولا حجَّ، وهي مِن تَمامَ الإِسْلامَ. ونقَل فيه الجماعَةُ، لا بأْسَ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: يُكْرَهُ مِن جُنُب ونحوه. ونقل صالِحٌ وغيرُه، لا بَأْسَ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يَذْبَحُ الجُنُبُ. ونقَل أيضًا في الحائضِ، لا بأْسَ. وقال في «الرِّعايةِ»: وعنه، تُكْرَهُ ذَبِيحَةُ الأقْلَفِ والجُنُبِ والحائضِ والنُّفَساءِ. قوله: ولا تُباحُ ذَكاةُ مَجْنُونٍ، ولا سَكْرانَ. أمَّا المَجْنونُ، فلا تُباحُ ذكاتُه بلا نِزاعٍ. وأمَّا السَّكْرانُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ ذَبِيحَتَه لا تُباحُ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تُباحُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في أوَّلِ كِتابِ الطَّلاقِ. قوله: ولا طِفْلٍ غَيرِ مُمَيِّزٍ. إنْ كان غيرَ مُمَيِّزٍ، فلا تُباحُ ذَبِيحَتُه، فإنْ كان مُمَيِّزًا، أُبِيحَتْ ذَبِيحَتُه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. فأناطَ أكثرُ الأصحابِ الإِباحَةَ بالتَّمْييزِ. وفال في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»: لا تُباحُ ذبِيحَةُ ابنِ دُونِ عَشْرٍ. وقال في «الوَجيزِ»: تُباحُ إنْ كان مُراهِقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مُرْتَدٍّ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، تحِلُّ ذَكاةُ مُرْتَدٍّ إلى أحَدِ الكِتابَين.

فَصْلٌ: الثَّاني، الْآلةُ، وَهُوَ أَنْ يَذْبَحَ بِمُحَدَّدٍ، سَواءٌ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ حَجَرٍ، أوْ قَصَبٍ، أَوْ غَيرِهِ، إلا السِّنَّ وَالظُّفُرَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَكُلْ، لَيسَ السِّنَّ والظّفُرَ». ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّانِي، الآلةُ؛ وهو أَنْ يَذْبَحَ بمُحَدَّدٍ، سَواءٌ كانَ مِن حَدِيدٍ، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَجَرٍ، أو قَصَبٍ أو غَيرِه، إلَّا السِّنَّ والظُّفُرَ. بلا نِزاعٍ.

فَإِنْ ذَبَحَ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، حَلَّ، في أَصَحِّ الْوَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن ذَبَحَ بآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، حَلَّ، في أَصحِّ الوَجْهَين. وهما رِوايَتان. والصَّحيحُ مِن المذهبِ الحِلُّ. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «النَّظْمِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قال القاضي، وغيرُه: يُباحُ، لأنَّه يُباحُ الذَّبْحُ بها للضَّرورَةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». والوجهُ الثَّاني، لا تحِلُّ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروع». فوائد؛ الأُولَى، مِثْلُ الآلةِ المغْصوبَةِ سِكِّينُ ذَهَبٍ ونحوُها. ذكَره في «الانْتِصارِ»، و «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، يُباحُ المَغْصوبُ لرَبِّه وغيرِه، إذا ذَكَّاه غاصِبُه أو غيرُه، سَهْوًا أو عَمْدًا، طَوْعًا أو كرْهًا، بغيرِ إِذْنِ ربِّه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، يَحْرُمُ عليه، فغيرُه أوْلَى، كغاصِبِه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقيل: إنَّه مَيتَةٌ. حكَاه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» بعدَ الرِّوايتَين، والذي يظْهَرُ، أنَّه عَينُ الرِّوايةِ الثَّانيةِ. الثَّالثةُ، لو أُكْرِهَ على ذَكاةِ مِلْكِه، ففَعَلَ، حلَّ أكْلُه له ولغيرِه.

فَصْلٌ. الثَّالِثُ، أَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِئَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعَةُ، لو أكْرَهَه ربُّه على ذَبْحِه، فذَبَحَه، حَلَّ مُطْلَقًا. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: إلَّا السِّنَّ. أنَّه يُباحُ الذَّبْحُ بالعَظْمِ. وهو إحْدَى الرِّوايتَين، والمذهبُ منهما. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): مقْتَضَى إطْلاقِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إباحَةُ الذَّبْحِ به، قال: وهو أصحُّ. وصحَّحه الشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ». قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم: وتجوزُ الذَّكاةُ بكُلِّ آلةٍ لها حدٌّ يقْطَعُ ويُنْهِرُ الدَّمَ، إلَّا السِّنَّ والظُّفْرَ. قدَّمه في «الكافِي»، وقال: هو ظاهرُ كلامِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُباحُ الذَّبْحُ به. قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «إعْلامِ المُوَقِّعِينَ»، في الفائِدَةِ السَّادِسَةِ، بعدَ ذِكْرِ الحديثِ (¬2)، وهذا تَنْبِيهٌ على عدَمِ التَّذْكِيَةِ بالعِظامِ؛ إمَّا لنَجاسَةِ بعْضِها، وإمَّا لتَنْجِيسِه على مُؤْمِنِي الجِنِّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (¬3). قال في «التَرْغيبِ»: يَحْرُمُ بعَظْمٍ، ولو بسَهْمٍ نَصلُه عَظْمٌ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ» (¬4). قوله: الثَّالِثُ، أنْ يَقْطَعَ الحُلْقُومَ والمَرِىْءَ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، ¬

(¬1) انظر المغني 13/ 302. (¬2) تقدم تخريجه في 1/ 224. (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ قَطْعُ الْوَدَجَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، في «خِلافِه». وعنه، يُشْتَرَطُ مع ذلك قَطْعُ الودَجَين. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ البَنَّا. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرَّوْضَةِ». واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. قال في «الكافِي»: الأَوْلَى قطْعُ الجميعِ. وعنه، يُشْترَطُ، مع قَطْعِ الحُلْقومِ والمَرِئِ، قطْعُ أحَدِ الوَدَجَين. وقال في «الإيضاحِ»: الحُلْقوم والوَدَجَين. وقال في «الإشْارَةِ» (¬1): المَرِئِ والوَدَجَين. وقال في «الرِّعايةِ»، و «الكافِي» أيضًا: يكْفِي قَطْعُ الأوْداجِ، فقَطْعُ أحَدِهما مع الحُلْقومِ، أو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرِئِ، أوْلَى بالحِلِّ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وذكَره في الأُولَى رِوايةً. وذكَر وَجْهًا، يكْفِي قَطْعُ ثَلاثٍ مِن الأرْبَعَةِ، وقال: إنَّه الأقوَى. وسُئل عمَّنْ ذبَح شاةً، فقطَعَ الحُلْقومَ والوَدَجَين، لكِنْ فوقَ الجَوْزَةِ؟ فأجابَ، هذه المسْأَلةُ فيها نِزاعٌ (¬1)، والصَّحيحُ أنَّها تحِلُّ. [قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ الأصحابِ؛ حيثُ أطْلَقوا الإِباحَةَ بقَطْعِ ذلك مِن غيرِ تفْصِيلٍ] (¬2). فائدة: قال في «الفُروعِ»: وكلامُ الأصحابِ في اعْتِبارِ إبانَةِ ذلك بالقَطْعِ مَحْتَمَلٌ. قال: ويقْوَى عدَمُه. وظاهِرُه، لا يضُرُّ رفْعُ يَدِه إنْ أتَمَّ الذَّكاةَ على الفَوْرِ. واعْتَبَرَ في «التَّرْغيبِ»، قَطْعًا تامًّا، فلو بَقِيَ مِن الحُلْقومِ جِلْدَةٌ، ولم ينْفُذِ القَطْعُ، وانْتَهَى الحيوانُ إلى حَرَكَةِ المذْبوحِ، ثم قطَع الجِلْدَةَ، لم يحِلَّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنْ نَحَرَهُ، أَجْزَأَ، وَهُوَ أَنْ يَطْعَنَهُ بِمُحَدَّدٍ في لُبَّتِهِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْحَرَ الْبَعِيرَ، وَيَذْبَحَ مَا سِوَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَحَرَه، أجْزأَه. بلا نِزاعٍ. قوله: والمُسْتَحَبُّ أنْ يَنْحَرَ البَعِيرَ، ويَذْبَحَ ما سِواه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه الجمهورُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا خِلافَ بينَ أهْلِ العِلْمِ في اسْتِحْبابِ ذلك. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر في «التَّرْغيبِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً، أنَّ البَقَرَ تُنْحَرُ أيضًا. وعندَ ابنِ عَقِيلٍ: يُنْحَرُ ما صَعُبَ وَضْعُه بالأرْضِ أيضًا. وعنه، يُكرَهُ ذَبْحُ الإِبِلِ. وعنه، لا يُؤْكَلُ.

فَإِنْ عَجَزَ عِنْ ذَلِكَ، مِثْلَ أَن يَنِدَّ الْبَعِيرُ، أَوْ يَتَرَدَّى في بِئْرٍ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ، صَارَ كَالصَّيدِ، إِذَا جَرَحَهُ في أَيِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ فَقَتَلَهُ، حَلَّ أَكْلُهُ، إلا أَنْ يَمُوتَ بِغَيرِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ في الْمَاءِ، فَلَا يُبَاحُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ عَجَزَ عَن ذلك، مِثْلَ أنْ يَنِدَّ البَعِيرُ، أو يَتَرَدَّى في بئْرٍ، فلا يَقْدِرُ على ذَبحِه، صارَ كالصَّيدِ، إذا جَرَحَه في أَيِّ مَوْضِعٍ أمْكَنَه فقَتَلَه، حَلَّ أكْلُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وذكَر أبو الفَرَجِ، أنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يَقْتُلَ مِثْلُه غالِبًا. قوله: إلا أنْ يمُوتَ بغَيرِه، مِثْلَ أنْ يَكونَ رَأْسُه في الماءِ، فلا يُباحُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

وَإنْ ذَبَحَهَا مِنْ قَفَاهَأ وَهُوَ مُخْطِئٌ، فَأَتَتِ السِّكِّينُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُباحُ إذا كان الجُرْحُ مُوجِبًا. قوله: وإنْ ذَبَحَها مِن قَفاها، وهو مُخْطِئٌ، فأَتَتِ السِّكِّينُ على مَوْضِعِ

مَوْضِعِ ذَبْحِهَا وَهِيَ في الْحَيَاةِ، أُكِلَتْ، وَإنْ فَعَلَهُ عَمْدًا، فَعَلَى وَجْهَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذَبْحِها وهي في الحَياةِ -يعْنِي الحياةَ المُسْتَقِرَّةَ، أُكِلَتْ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وصاحبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرُهم. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يُؤْكَلُ، وإنْ لم يكُنْ فيه حياةٌ مسْتَقِرةٌ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصنِّفِ هنا. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ كان الغالِبُ نَفاذَ ذلك لحِدَّةِ الآلةِ وسُرْعَةِ القَطْرِ، فالأَوْلَى إباحَتُه، وإلَّا فلا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر في «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايتَين» رِوايةً، يَحْرُمُ مع حَياةٍ مسْتَقِرَّةٍ. وقال في «الفُروعِ»؛ وهو ظاهرُ ما رَواه الجماعَة. فائدة: قال القاضي: مَعْنَى الخَطَأَ، أنْ تَلْتَويَ الذَّبِيحَةُ عليه، فتَأْتِيَ السِّكِّينُ على القَفَا، لأنَّها مع التِوائِها مَعْجُوزٌ عن ذَبْحِها في محَلِّ الذَّبْح،، فسَقَطَ اعْتِبارُ المَحَلِّ، كالمُتَرَدِّيَةِ في بِئْرٍ، فأمَّا مع عدَمِ الْتِوائِها، فلا يُباحُ ذلك. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ الخَطَأ أعَمُّ مِن ذلك. قاله المَجْدُ ومَن بعدَه. قوله: وإنْ فَعَلَه عَمْدًا، فعلى وجْهَين. وهما رِوايَتان. وأَطلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، تُباحُ إذا أتَتِ السِّكِّينُ على الحُلْقومِ والمَرِئِ، بشَرْطِ أنْ تَبْقَى فيها حياةٌ مسْتَقِرَّةٌ قبلَ قَطْعِهما. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي، والشِّيرَازِي، وغيرُهما. وصحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّصْحيحِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الكافِي»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تُباحُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وقال: هو مَنْصوصُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو مفْهومُ كلامِ الخِرَقِيِّ. تنبيه: شَرْطُ الحِلِّ، حيثُ قُلْنا به، أنْ تكونَ الحياةُ مسْتَقِرَّةً حالةَ وُصولِ

وكُلُّ، مَا وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ الْمَوْتِ؛ كَالْمُنْخَنِقَةِ، وَالْمُتَرَدِّيَةِ، وَالنَّطيحَةِ، وَأَكيلَةِ السَّبُعِ، إِذَا أدْرَكَ ذَكَاتَهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ السِّكِّينِ إلى مَوْضِعِ الذَّبْحِ، ويُعْلَمُ ذلك بوُجودِ الحرَكَةِ القَويَّةِ. قاله القاضي. ولم يعْتَبِرِ المَجْدُ وغيرُه القُوَّةَ. قال الزَّرْكَشِي: وقُوَّةُ كلامِ الخِرَقِيِّ وغيرِه، تقْتَضِي أنَّه لا بدَّ مِن عِلْمِ ذلك. وقال [أبو محمدٍ: إنْ لم يعْلَمْ ذلك] (¬1)؛ فإنْ كان الغالِبُ البَقاءَ لحِدَّةِ الآلةِ، وسُرْعَةِ القَطْعَ، فالأَوْلَى الإِباحَةُ، وإنْ كانتِ الآلةُ كالَّةً، وأبْطَأَ القَطْعُ، لم تُبَحْ. وتقدَّم قريبًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو الْتَوَى عُنُقه، كان كَمَعْجُوزٍ عنه. قاله القاضي، كما تقدَّم. وقيل: هو كالذَّبْحِ مِن قَفاه. الثَّانيةُ، لو أَبانَ الرَّأْسَ بالذَّبْحِ، لم يَحْرُمْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وحكَى أبو بَكْر رِوايةً بتَحْرِيمِه. قوله: وكلُّ ما وُجدَ فيه سَبَبُ المَوْتِ، كالمُنْخَنِقَةِ، والمُتَرَدِّيَةِ، والنَّطِيحَةِ، وأَكِيلَةِ السَّبُعِ، إِذا أَدْرَكَ ذَكاتَها، وفيها حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَكْثَرُ مِن حَرَكَةِ المذْبُوحِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أكْثَرُ مِنْ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، حَلَّتْ، وَإنْ صَارَتْ حَرَكَتُها كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لَمْ تَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَلَّتْ، وإنْ صارَتْ حَرَكَتُها كحَرَكَةِ المذْبُوحِ، لم تَحِلَّ. هكذا قال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وقيلَ: تزِيدُ على حرَكَةِ المذْبوحِ. وقال في «الفُروعِ»: وما أصابَه سبَبُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَوْت؛ من مُنْخَنِقَةٍ، ومَوْقُوذَةٍ، ومُتَرَدِّيةٍ ونَطيحَةٍ، وأكِيلَةِ سَبُعٍ، فذَكَّاه -وحياتُه يُمْكِنُ زِيادَتُها- حلَّ. وقِيل: بشَرْطِ تحَرُّكِه بيَدٍ أو طَرْفِ عَينٍ، ونحوه. وقيل: أوْ لا. انتهى. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم: إذا أدْرَكَ ذَكاةَ ذلك، وفيه حياةٌ يُمْكِنُ أنْ تزيدَ على حرَكَةِ المذْبوحِ، حلَّ، بشَرْطِ أنْ يتَحَرَّكَ عِندَ الذَّبْحِ ولو بيَدٍ، أو رِجْلٍ، أو طَرْفِ عَينٍ، أو مَصْعِ ذَنبٍ، ونحوه. فهذا مُوافِقٌ للقَوْلِ الأوَّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي ذكَره في «الفُروعِ». وقيل: لا يُشْتَرَطُ تحرُّكُه إذا كانتْ فيه حياةٌ مسْتَقِرَّةٌ أكثرَ مِن حرَكَةِ المذْبوحِ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنَفِ، وكثيرٍ مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ». وقال في «المُغْنِي» (¬1): والصَّحيحُ أنَّها إذا كانت تعِيشُ ¬

(¬1) انظر المغني 13/ 315.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَمَنًا يكونُ الموتُ بالذَّبْحِ أسْرَعَ منه، حلَّتْ بالذَّبْحِ، وأنَّها متى كانتْ ممَّا لا يُتَيَقَّنُ موْتُها، كالمرِيضَةِ، أنَّها متى تحَرَّكَتْ، وسال دَمُها، حلَّت. انتهى. ونقَل الأَثْرَمُ، وجماعةٌ، ما عُلِمَ موْتُه بالسَّبَبِ، لم يحِلَّ. وعنه، ما يُمْكِنُ أنْ يَبْقَى مُعْظَمَ اليومِ، يحِلُّ، وما يعلَمُ موْتُه لأَقلَّ منه، فهو في حُكْمِ المَيِّتِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصة». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الكبيرِ». ذكَرُوه في بابِ الصَّيدِ. وعنه، يحِلُّ إذا ذُكِّيَ قبلَ موْتِه. ذكَره أبو الحُسَينِ، واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وفي «كِتاب» الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ، يُشْتَرَطُ حياةٌ يُذْهِبُها الذَّبْحُ. جزَم به في «مُنْتَخَبِه». واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وعنه، إنْ تحَرَّكَ. ذكَرها في «المُبْهِجِ». ونقَله عَبْدُ اللهِ، والمَرُّوذِيُّ، وأبو طالِبٍ. وعنه، ما يُتَيَقَّنُ أنَّه يموتُ مِن السَّبَبِ، حُكْمُه حُكْمُ المَيتَةِ مُطْلَقًا. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى. قاله الزَّرْكَشِيُّ. وقال في «التَّرْغيبِ»: لو ذبَحَ وشَكَّ في الحياةِ المُسْتَقِرَّةِ، ووجَد ما يُقارِبُ الحرَكَةَ المعْهودَةَ في التَّذْكِيَةِ المعْتادَةِ، حَل في المَنْصوصِ. قال: وأصحابُنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قالوا: الحياةُ المسْتَقِرَّةُ ما جازَ بقاؤُها أكثرَ اليومِ. وقالوا: إذا لم يَبْقَ فيه إلَّا حرَكَةُ المذْبوحِ، [لم يحِلَّ. فإنْ كان التَّقيِيدُ بأكثرِ اليوم صَحِيحًا، فلا معْنَى للتَّقْيِيدِ بحرَكَةِ المذْبوحِ] (¬1)؛ للحَظْرِ، وكذا بعَكْسِه، فإنَّ بينَهما أمَدًا بعيدًا. قال: وعندِي أنَّ الحياةَ المسْتَقِرَّةَ، ما ظُنَّ بقاؤُها زِيادَةً على أمَدِ حرَكَةِ المذْبوحِ لمِثْلِه، سِوَى أمَدِ الذَّبْحِ. قال: وما هو في حُكْمِ المَيِّتِ؛ كمَقْطوعِ الحُلْقومِ، ومُبانِ الحُشْوَةِ، فوُجودُها كعَدَم على الأصحِّ. انتهى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الأظْهَرُ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ شيءٌ مِن هذه الأقْوالِ المُتَقَدِّمَةِ، بل متى ذُبِحَ، فخرَجَ منه الدَّمُ الأحْمَرُ، الذي يخْرُجُ مِنَ المُذَكَّى المذْبوحِ في العادَةِ، ليسَ دَمَ المَيِّتِ، فإنَّه يحِلُّ أكْلُه، وإنْ لم يتَحَرَّكْ. انتهى. فائدة: حُكْمُ المرِيضَةِ حكمُ المُنْخَنِقَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، [خِلافًا ومذهبًا] (1). وقيل: لا تُعْتَبَرُ حرَكَةُ المرِيضَةِ، وإنِ اعْتَبَرْناها في غيرِها. [وتقدَّم كلامُه في «المُغْنِي» صريحًا] (1)، وحُكْمُ ما صادَه بشَبَكَةٍ، أو شَرَكٍ، أو أُحْبُولَةٍ، أو فَخٍّ، أو أنْقذَه مِن مَهْلَكَةٍ كذلك. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصلٌ: الرَّابعُ، أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالى عِنْدَ الذَّبْحِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللهِ. لَا يَقُومُ غَيرُهَا مَقَامَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الرَّابعُ، أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعالى عِنْدَ الذّبحِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنَّ ذِكْرَ اسمِ اللهِ يكونُ عندَ حَرَكَةِ يَدِه. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: يكونُ عندَ الذَّبْحِ أو قبلَه قريبًا، فصَل بكَلام أوْ لا. واخْتارُوه. وعنه، يُجْزِئُ إذا فعَل ذلك، إذا كان الذَّابِحُ مُسْلِمًا. وذكَر حَنْبَلٌ عكْسَ هذه الرِّوايةِ؛ لأنَّ المُسْلِمَ فيه اسْمُ اللهِ تعالى. تنبيه: ذكَر المُصَنِّفُ أنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللهِ عندَ الذَّبْحِ شَرْطٌ. وهو المذهبُ في الجُملَةِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ. نقَل المَيمُونِي الآيَةَ (¬1) في المَيتَةِ، وقد رخَّصَ أصحابُ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في أكْلِ ما لم يُسَمَّ عليه. وتأْتِي هذه الرِّوايةُ في كلامَ المُصَنفِ قريبًا. قوله: وهو أن يَقُولَ: باسْمِ اللهِ. لا يَقُومُ غَيرُها مَقامَها. وهذا المذهبُ، ¬

(¬1) سورة الأنعام 121.

إلا الأَخْرَسَ فَإِنَّهُ يُومِئُ إِلَى السَّمَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه، في رِوايةِ أبي طالبٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يكْفِي تكْبِيرُ الله تعالى ونحوُه؛ كالتَّسْبِيحِ والتَّحْميدِ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، والمَجْدِ. تنبيه: قوْلُه: لا يقُومُ غيرُها مَقامَها. يَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ الإِتْيانَ بها بأيِّ لُغَةٍ كانتْ مع القُدْرَةِ على الإتْيانِ بها بالعَرَبِيَّةِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. قدَّمه في «الفُروعِ». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْزِئَه إلَّا التَّسْمِيَةُ بالعرَبِيَّة مع القُدْرَةِ عليها. وصحَّحه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وقطَع به القاضي، وقال: هو المَنْصوصُ. قوله: إلا الأَخْرَسَ، فَإِنَّه يُومِئُ إلى السَّماءِ. تُباحُ ذَبِيحَةُ الأخْرسَ إجْماعًا. وقال الأصحاب: يشيرُ عندَ الذَّبْحِ إلى السَّماءِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، وغيرِه، أنَّه لا بدَّ مِن الإشارَةِ إلى السَّماءِ؛ لأنَّها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلَمٌ على قصْدِه التَّسْمِيَةَ. [وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): ولو أشارَ إشارَةً تدُلُّ على التَّسْمِيَةِ] (¬2)، وعُلِمَ ذلك، كان كافِيًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ¬

(¬1) المغني 13/ 313. (¬2) سقط من: الأصل.

فَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، لَمْ تُبَحْ، وَإنْ تَرَكَهَا سَاهِيًا، أُبِيحَتْ. وَعَنْهُ، تُبَاحُ في الْحَالينِ. وَعَنْهُ، لَا تُبَاحُ فِيهمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، لم تُبَحْ، وإنْ تَرَكَها سَهْوًا، أُبِيحَتْ. هذا المذهب فيهما. وذكَره ابن جَرِيرٍ إجْماعًا في سقوطِها سَهْوًا. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الأكثرُ. قال النَّاظِمُ: هذا الأشْهَرُ. قال في «الهِدايةِ»: إنْ ترَكَها عمْدًا، فأكثرُ الرِّواياتِ، أنَّها لا تحِلُّ، وإنْ ترَكَها سهْوًا، فأكترُ الرِّواياتِ، أنَّها تحِلُّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا قولُ الأكْثرين؛ الخِرَقِيِّ، والقاضي في «رِوايَتَيه»، وأبي محمدٍ، وغيرِهم. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قال في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»: لا يُباحُ إلَّا بالتَّسْمِيَةِ، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ (¬1)، فإنْ تركَها سهْوًا، أُبِيحتْ، على الصَّحيحِ مِن الرِّوايتَين. وعنه، تُباحُ في الحالينِ. يعْنِي، أنَّها سُنَّةٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله الزَّرْكَشِيُّ وتقدَّم ذِكْرُ هذه الرِّوايةِ ولفْظُها. وعنه، لا تُباحُ فيهما. قدَّمه في «الفُروعِ». ¬

(¬1) في ط، ا: «الروايتين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه». قال في «إدْراكِ الغايةِ»: والتَّسْمِيَةُ شرْطٌ في الأظْهَرِ. وعنه، مع الذِّكْرِ. فوائد؛ إحْداها، يُشْتَرَطُ قَصْدُ (¬1) التَّسْمِيَةِ على ما يذْبَحُه؛ فلو سمَّى على شاةٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذبَح غيرَها بتلك التَّسْمِيَةِ، لم تُبَحْ. وكذا لو رأى قطِيعًا فسمَّى وأخذَ شاةً، فذَبَحَها بالتَّسْمِيَةِ الأُولَى، لم يُجْزِئْه. ويأْتِي عكْسُه في الصَّيدِ. الثَّانيةُ، ليسَ الجاهِلُ هنا كالنَّاسِي، كالصَّوْمِ. ذكَره وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في «مُنْتَخَبِه». وقطَع به الزَّرْكَشِيُّ. الثَّالثةُ، يضْمَنُ أجِيرٌ ترَكَ التَّسْمِيَةَ إنْ حَرُمَتْ بتَرْكِها. واخْتارَ في «النَّوادِرِ» الضَّمانَ لغيرِ شافِعِيٍّ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تضْمِينُه النَّقْصَ إنْ حلَّتْ. الرَّابعةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يُكبِّرَ مع التَّسْمِيَةِ، فيقولَ: باسْمِ اللهِ، واللهُ أكبرُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، ونصَّ عليه. وقيل: لا يُسْتَحَبُّ، كالصَّلاةِ على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ فيها، نصَّ عليه. وقيل: تُسْتَحَبُّ الصَّلاةُ عليه

وَتَحْصُلُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا، أَوْ مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَإنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لَمْ يُبَحْ إلا بِذَبْحِهِ، وسَوَاءٌ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. وقال في «المُنْتَخَبِ»: لا يجوزُ ذِكْرُه مع التَّسْمِيَةِ شيئًا. قوله: وتَحْصُلُ ذَكاةُ الجَنِينِ بذَكاةِ أُمِّه إذا خَرَجَ مَيِّتًا، أو مُتَحَرِّكًا كحَرَكَةِ المذْبُوحِ، وسَواء أَشْعَرَ أَو لم يُشْعِرْ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ في «الواضِحِ»: في القِياسِ ما قاله أبو حَنِيفَةَ، رَحِمَه اللهُ: لا يحِلُّ جَنِينٌ بتَذْكِيَةِ أُمِّه. أشْبَهُ؛ لأنَّ الأصْلَ الحَظْرُ. وقال في «فُنونِه»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُحْكَمُ بذَكاتِه إلَّا بعدَ الانْفِصالِ. ذكَره في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والثَّمانِين». ونقَل المَيمُونِيُّ، إنْ خرَج حيًّا، فلا بُدَّ مِن ذَبْحِه. وعنه، يحِلُّ بمَوْتِه قريبًا: تنبيه: حيثُ قُلْنا: يحِلُّ. فيُسْتَحَبُّ ذَبْحُه. قاله الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وعنه، لا بأْسَ. قوله: وإنْ كانَ فيه حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لم يُبَحْ إلا بذَبْحِه. وهذا المذهبُ، أشْعَرَ أو لم يُشْعِرْ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: هو كالمُنْخَنِقَةِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وعنه، إنْ ماتَ قريبًا، حَلَّ. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَقِيلٍ في «واضحِه»، و «فُنونِه».

فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ تَوْجيهُ الذَّبِيحَةِ إلَى غَيرِ الْقِبْلَةِ، وَالذَّبْحُ بِآلَةٍ كَالَّةٍ، وَأنْ يُحِدَّ السِّكِّينَ وَالْحَيَوانُ يُبْصِرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ الجنينُ مُحَرمًا، مثْلَ الذي لم يُؤْكَلْ أَبُوه، لم يُقْدَحْ في ذَكاةِ الأُمِّ. ولو وُجِئَ بَطْنُ أُمِّه، فأَصابَ مَذْبَحَ الجَنينِ، تَذَكَّى، والأُمُّ مَيتَةٌ. ذكَرَه الأصحابُ. نقَله عنهم في «الانْتِصارِ». قوله: ويُكْرَهُ تَوْجيهُ الذَّبِيحَةِ إلى غَيرِ القِبْلَةِ. ويُسَنُ توْجِيهُها إلى القِبْلَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأَصحابُ. ونقَل محمدٌ الكَحَّالُ، يجوزُ لغيرِ القِبْلَةِ إذا لم

وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَ الْحَيَوانِ، أَوْ يَسْلُخَهُ حَتَّى يَبْرُدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَعَمَّدْه. فائدة: يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ المذْبوحُ على شِقِّه الأيسَرِ، ورِفْقُه به، ويحْمِلُ على الآلةِ بالقُوَّةِ، وإسْراعُه بالشَّحْطِ (¬1). وفي كلامِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهٌ، وغيرِه إيماءٌ إلى وُجوبِ ذلك، وما هو ببعيدٍ. قولة: وأنْ يَكْسِرَ عُنُقَ الحَيَوانِ، أو يَسْلُخَه حَتَّى يَبْرُدَ. وكذا لا يَقْطَعُ عُضْوًا منه حتى تَزْهَقَ نفْسُه. يعْنِي، يُكْرَهُ ذلك. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وكَرِهَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. نقَل حَنْبَل، لا يَفْعَلُ. وقال القاضي وغيرُه: يَحْرُمُ فِعْلُ ذلك. وما هو ببعيدٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الإِحْسانُ ¬

(¬1) الشحط: الذبح.

فَإنْ فَعَلَ، أَسَاءَ، وَأُكِلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واجِبٌ على كل حالٍ، حتى في حالِ إزْهاقِ النُّفوسِ؛ ناطِقِها وبَهِيمِها، فعليه أنْ يُحْسِنَ القِتْلَةَ للآدَميِّينَ والذَّبْحَةَ للبهائمِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ قطعُ رأْسِه قبلَ سلْخِه. ونقَل حَنْبَلٌ أيضًا، لا يَفْعَلُ. قال في «الرعايةِ»: وعنه، لا يحِل. فائدة: نقَل ابنُ مَنْصُورٍ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أكْرَهُ نفْخَ اللَّحْمِ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): مُرادُه الذي للبَيعِ، لأنَّه غِشٌّ. وتقدَّم حُكْمُ أكْلِ أُذُنِ القَلْبِ والغُدَّةِ في بابِ الأطْعِمَةِ. ¬

(¬1) انظر: المغني 13/ 310.

وَإذَا ذَبَحَ الْحَيَوانَ، ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ، أَوْ وَطِئَ عَلَيهِ شَيْءٌ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ، فَهَلْ يَحِلُّ؟ على رَوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا ذَبَحَ حَيَوانًا، ثُمَّ غَرِقَ في ماءٍ، أو وَطِئَ عليه شَيْءٌ يَقْتُلُه مِثْلُه، فهل يَحِلُّ؟ على رِوايَتَين. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «المُحَررِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ إحْداهما، لا يحِلُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ: هذا المَشْهورُ. قال في «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ. قال في «الكافِي»: وهو المَنْصوصُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ».

وَإِذَا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ مَا يَحْرُمُ عَلَيهِ، كَذِي الظُّفْرِ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَينَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به الشِّيرَازِيُّ، وصاحبُ «الوَجيزِ»، والأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهب. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يحِل. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وبه قال أكثرُ أصحابِنا المُتَأَخِّرين. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». والحُكْمُ فيما إذا رَمَاه فوقَعَ في ماءٍ -الآتِي في بابِ الصَّيدِ- كهذه المسْأَلَةِ، إذا كانَ الجُرْحُ مُوجِبًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قوله: وإذا ذَبَحَ الكِتابِيُّ ما يَحْرُمُ عليه -يعْنِي، يقينًا- كَذِي الظُّفْرِ -مثْلَ الإِبِلِ والنَّعامَةِ والبَطِّ، وما ليسَ بمَشْقُوقِ الأصابعِ- لم يَحْرُمْ علينا. هذا أحدُ

وَإِنْ ذَبَحَ حَيَوانًا غَيرَهُ، لَمْ تَحْرُمْ عَلَينَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيهِمْ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهَين، أو الرِّوايتَين. جزَم به الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال (¬1) في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: [وهي أظهرُ. قال في «الحاويَيْن»: وهو الصَّحيحُ. والروايَةُ الثَّانيةُ، يَحْرُمُ علينا. قال في «الحاوي الكَبِيرِ»] (¬2): لفَقْدِ قَصْدِ الذَّكاةِ منه. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وحُكِيَ عن الخِرَقِيِّ في كلام مُفْرَدٍ، وهو سَهْوٌ، إنَّما المَحْكِي عنه في المسْأْلَةِ الآتيةِ، اللَّهُمَ إلَّا أنْ يكونَ قد حُكِيَ عنه في المَكانَين، أو تكونَ النُّسْخَةُ مغْلُوطَةً، وهو الظَّاهِرُ. وأَطْلَقهما في «الفُروع». فائدة: قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»: ولو ذبَح الكِتابِيُّ ما ظَنَّه حرامًا عليه ولم يكُنْ، حَلَّ أكْلُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ ذبَح شيئًا يزْعُمُ أنَّه يحْرُمُ عليه، ولم يثْبُتْ أنَّه مُحَرَّمٌ عليه، حَلَّ. قال في «المُحَرَّرِ»: لا يحْرُمُ مِنْ ذبْحِه ما نَتَبَيَّنُه مُحَرَّمًا عليه، كحالِ الرِّئَةِ ونحوها. ومعْنَى المسْألَةِ، أنَّ اليهودَ إذا وجَدُوا الرِّئَةَ لاصِقَةً بالأضْلاعِ، امْتَنَعُوا مِن أكْلِها، زاعِمِين تحْرِيمَها، ويُسَمُّونها: اللَّازِقَةَ، وإنْ وجَدُوها غيرَ لازِقَةٍ بالأضْلاعِ، أكَلُوها. قوله: وإذا ذَبَحَ حَيَوْانًا غَيرَه، لم تَحْرُمْ علينا الشُّحُومُ المُحَرَّمَةُ عليهم، وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَهُوَ شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَينِ، في ظَاهرِ كَلَامِ أحْمَدَ، رَحِمَهُ اللهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَحَكَاهُ عنِ الْخِرَقِيِّ في كَلَام مُفْرَدٍ. وَاخْتَارَ أَبوْ الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، وَالْقَاضِي تَحْرِيمَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَحْمُ الثَّرْبِ والكُلْيَتَين، وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وحكَاه عن الخِرَقِيِّ في كلام مُفْرَدٍ. وهو المذهبُ، اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الحاويَيْن». وصحَّحه في «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». واخْتارَ أبو الحسَنِ التَّمِيمِيُّ، والقاضي تحْرِيمَه. قال في «الواضِحِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال في «المُنْتَخَبِ»: وهو ظاهرُ المذهبِ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: هو الصَّحيحُ مِن مذهبِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وقطَع في «الفُروعِ»، أنَّهما رِوايتَان. وأطلقهم في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فعلى القولِ بعدَمِ التَّحْريمِ، لَنا أنْ نتَمَلَّكَها منهم. فائدتان؛ إحْداهما، لا يحِل لمُسْلِم أنْ يُطعِمَهم شَحْمًا مِن ذَبْحِنا. نصَّ عليه؛ لبَقاءِ تحْريمِه. جزَم به المَجْدُ وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ، في كتابِ «الرِّوايتَين»: نُسِخَ في حقِّهم أيضًا. [انتهى. وتحِلُّ ذَبِيحَتُنا لهم، مع اعْتِقادِهم تحْرِيمَها؛ لأن الحُكْمَ لاعْتِقادِنا] (¬1). الثَّانيةُ، في بَقاءِ تحْريمِ يَوْمِ السَّبْتِ عليهم وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِه»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط م: الأصل.

وَإنْ ذَبَحَ لِعِيدِهِ، أَوْ لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى شَيءٍ مِمَّا يُعَظِّمُونَهُ، لَمْ يَحْرُمْ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاويَيْن»، ذكَرُوه في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وفائِدَتُهما حِلُّ صيدِهم فيه وعدَمُه. قاله النَّاظِمُ. قلتُ: وظاهرُ ما تقدَّم في بابِ أحْكامِ الذِّمَّةِ (¬1)، أنَّ مِن فَوائدِ الخِلافِ، لو شكَى عليهم، لا يحْضُروا يومَ السَّبْتِ، إذا قُلْنا ببَقاءِ التَّحْريمِ. [وقد قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُحْضِرُ يهُودِيًّا يومَ سَبْتٍ، لبَقاءِ تحْريمِه عليهم] (¬2). قوله: وإنْ ذَبَحَ لعيدِه، أو ليتَقَرَّبَ به إلى شَيءٍ مِمَّا يُعَطمُونَه، لم يَحْرُمْ. نصَّ ¬

(¬1) تقدم في 10/ 492. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقال الزَّرْكَشِيُّ: هذا مذهبُنا. وعنه، يَحْرُمُ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وقال ابنُ عَقِيلٍ في «فُصولِه»: عندِي أنَّه يكونُ مَيتَةً، لقوْلِه تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} (1). تنبيه: محَلُّ ما تقدَّم، إذا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليه، فأمَّا إذا ذُكِرَ اسْمُ غيرِ اللهِ عليه، فقال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الكَبِيرِ»: فيه رِوايَتانِ منْصوصَتان، أصحُّهما عندِي تحْريمُه. قال في «الفُروعِ»: ويَحْرُمُ على الأصحِّ أنْ يُذْكَرَ غيرُ اسْمِ الله تعالى. وقطَع به المُصَنِّفُ وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا يَحْرُمُ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، لا يُعْجِبُنِي ما ذُبِحَ للزُّهَرَةِ،

وَمَنْ ذَبَحَ حَيَوَانًا، فَوَجَدَ في بَطْنِهِ جَرَادًا، أَوْ طَائِرًا، فَوَجَدَ في ـــــــــــــــــــــــــــــ والكَواكِبِ، والكَنِيسَةِ، وكلُّ شيءٍ ذُبِحَ لغيرِ اللهِ. وذكَر الآيَةَ. قوله: ومن ذَبَحَ حَيَوانًا، فوَجَدَ في بَطْنِه جَرادًا، أو طائِرًا، فوَجَدَ في حَوْصَلَتِه

حَوْصَلَتِهِ حَبًّا، أَوْ وَجَدَ الْحَبَّ في بَعْرِ الْجَمَلِ، لَمْ يَحْرُمْ. وَعَنْهُ، يَحْرُمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَبًّا، أو وَجَدَ الحَبَّ في بَعْرِ الجَمَلِ، لم يَحْرُمْ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. نقَل أبو الصَّقْرِ، الطَّافِي أشدُّ مِن هذا، وقد رخَّص فيه أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ الله عنه. قال المُصَنِّفُ: هذا هو الصَّحيحُ. قال في «الفُروعِ»: لم يحْرُمْ على الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، والأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه»، وغيرُهما. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وعنه، يَحْرُمُ. صحَّحه في «النَّظْمِ» وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: يَحْرُمُ جَرادٌ في بَطْنِ سمَكٍ؛ لأنَّه مِن صَيدِ البَرِّ، ومَيتَتُه حرامٌ، لا العَكْسُ؛ لحِلِّ مَيتَةِ صَيدِ البَحْرِ. فوائد؛ إحْداها، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو وَجَدَ سمَكَةً في بَطْنِ سمَكَةٍ. الثَّانيةُ، يَحْرُمُ بوْلُ طاهرٍ كرَوْثِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وأباحَه القاضي، في كتابِ الطب، وذكَر رِوايةً في بَوْلِ الإِبلِ. ونقَل الجماعَةُ فيه، لا يُباحُ. وكلامُ القاضي في «الخِلافِ» يدُل على حِل بوْلِه ورَوْثِه. قاله في «الفروعِ». وقال في «المُغْنِي» (¬1): يُباحُ رَجِيعُ السَّمَكِ، ونحوُه. الثَّالثةُ، يحِلُّ مذْبوحٌ منْبوذٌ بمَوْضِعٍ يحِلُّ ذبْحُ أكثرِ أهْلِه، ولو جُهِلَتْ تَسْمِيَةُ الذَّابحِ. الرَّابعةُ، الذبِيحُ إسْماعِيلُ، عليه السَّلامُ، على أصحِّ الرِّوايتَين. ¬

(¬1) انظر: المغني 13/ 347.

كتاب الصيد

كِتَابُ الصَّيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الصَّيدِ فوائد؛ إحْداها، حدُّ الصَّيدِ ما كانَ مُمْتَنِعًا حلالًا، لا مالِكَ له. قاله ابنُ أبي الفَتْحِ في «مُطْلِعِه». وقيل: ما كان مُتَوَحِّشًا طَبْعًا، غيرَ مقْدورٍ عليه، مأْكُولًا بنَوْعِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الحدُّ أجْوَدُ. الثَّانيةُ، الصَّيدُ مُباحٌ لقاصِدِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. واسْتَحَبَّه ابنُ أبي مُوسى. ويُكْرَهُ لَهْوًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالِثَةُ، الصَّيدُ أطْيَبُ المأْكُولِ. قاله في «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال الأَزَجِيُّ في «نِهايَتِه»: الزِّراعَةُ أفْضَلُ المَكاسِبِ. وقال في «الفُروعِ»، في بابِ مَنْ تُقْبَلُ شهادَتُه: قال بعْضُهم: وأفْضَلُ المَعايشِ التِّجارةُ. قلتُ: قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: أفْضَلُ المَعايِشِ التِّجارَةُ، وأَفْضَلُها في البَرِّ، والعِطْرِ، والزَّرْعِ، والغَرْسِ، والماشِيَةِ، وأبْغَضُها التِّجارَةُ في الرَّقيقِ والصَّرْفِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ قول، الصَّنْعَةُ باليَدِ أفْضَلُ. قال المَرُّوذِيُّ: سَمِعْتُ

وَمَنْ صَادَ صَيدًا، فَأدْرَكَهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، لَمْ يَحِلَّ إلا بِالذَّكَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ -وذكَر المَطاعِمَ- يُفَضِّلُ عمَلَ اليَدِ. وقال في «الرِّعايةِ» أيضًا: أفْضَلُ الصَّنائعِ الخِياطَةُ، وأدْناها الحِياكَةُ، والحِجَامَةُ ونحوُهما، وأشدُّها كراهَةً، الصِّبْغُ، والصِّياغَةُ، والحِدادَةُ، ونحوُها. انتهى. ونقَل ابنُ هانِئٍ، أنَّه سُئِل عن الخِياطَةِ، وعَمَلِ الخُوصِ، أيُّهما أفْضَلُ؟ قال: كلُّ ما نصَح فيه فهو حسَنٌ. قال المَروذِيُّ: حَثَّنِي أبو عَبْدِ اللهِ على لُزومِ الصَّنْعَةِ، للخَبَرِ (¬1). الرَّابعةُ، يُسْتَحَبُّ الغَرْسُ والحَرْثُ. ذكرَه أبو حَفْصٍ، والقاضي، قال: واتِّخاذُ الغَنَمِ. قوله: ومن صادَ صَيدًا، فأَدْرَكَه حَيًّا حَياةً مُسْتَقِرَّةً، لم يَحِلَّ إلَّا بالذَّكاةِ. ¬

(¬1) يقصد الحديث الذي رواه المقدام بن معدي كرب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: «ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده. . . .». أخرجه البخاري، في: باب كسب الرجل وعمله بيده، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 74.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرادُه بالاسْتِقْرارِ، بأَنْ تكونَ حرَكَتُه فوقَ حرَكَةِ المذْبوحِ مُطْلَقًا، وأنْ يتَّسِعَ الوقْتُ لتَذْكِيَتِه؛ فإذا كانتْ حرَكَتُه فوقَ حرَكَةِ المذْبوحِ، واتَّسَعَ الوقتُ لتَذْكِيَتِه، لم يُبَحْ إلَّا بالذَّكاةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به الخِرَقِيُّ، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وعنه، يحِلُّ بمَوْتِه قريبًا. اخْتارَه القاضي. وعنه، دُونَ مُعْظَمِ يومٍ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وفي «التَّبْصِرَةِ»، دُونَ نِصْفِ يومٍ. وأمَّا إذا أدْرَكَ حرَكَتَه كحرَكَةِ المذْبوحِ، أو وجَدَه مَيَّتًا، فيأتي في كلامِ المُصَنِّفِ.

فَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ، أَرْسَلَ الصَّائِدُ لَهُ عَلَيهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو اصْطادَ بآلَةٍ مغْصوبَةٍ، كان الصَّيدُ للمالِكِ. جزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. [وتقدَّيم ذلك مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا، في بابِ الغَصْبِ] (¬1). قوله: فإِنْ خَشِيَ مَوْتَه ولم يَجِدْ ما يُذَكِّيه به، أرْسَلَ الصَّائدُ له عليه حَتَّى يَقْتُلَه، في إحْدَى الرِّوايتَين -كالمُتَرَدِّيَةِ في بِئْرٍ- واخْتارَه الْخِرَقِيُّ. قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: فإنْ لم يجِدْ ما يذْبَحُه به، فأشْلَى (¬2) الجارِحَ عليه فقتلَه، حَلَّ أكْلُه في أصحِّ الرِّوايتَين. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» أيضًا. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قال في «التَّبْصِرَةِ»: أباحَه القاضي، وعامَّةُ أصحابِنا. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) أشْلَى الكلبَ: دعاه باسمه، وأشلاه على الصيد: أغْرَاه.

فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ، لَمْ يَحِلَّ. وَقَال الْقَاضِي: يَحِلُّ. وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى، لَا يَحِلُّ إلا أنْ يُذَكِّيَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والرِّوايةُ الأُخْرى، لا يحِلُّ حتى يُزَكِّيَه. وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ عَقِيلٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو الراجِحُ؛ لظاهرِ حديثِ [عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ] (¬1)، وأبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ (¬2)، رَضِيَ اللهُ عنهما. قوله: فإنْ لم يَفْعَلْ وتَرَكَه حَتَّى ماتَ، لم يَحِلَّ. وهذا مَبْنِيٌّ على الرِّوايةِ التي اخْتارَها الْخِرَقِيُّ. وهو الصَّحيحُ عليها. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وأبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقال القاضي: يحِلُّ. قال الشَارِحُ: وحُكِيَ عن القاضي أنَّه قال في هذا: يتْرُكُه حتى ¬

(¬1) في الأصل: «على». وتقدم تخريجه في 11/ 85. (¬2) سقط من: الأصل، ط. وتقدم تخريجه في صفحة 346.

وَإِنْ رَمَى صَيدًا فَأَثْبَتَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ، لَمْ يَحِلَّ، وَلِمَن أَثْبَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ يموتَ، فيَحِلَّ. انتهى. قال في «الهِدايةِ»: فقال شيخُنا: يحِل أكْلُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: أظُنُّ اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وأَطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». فائدة: لو امْتَنَعَ الصَّيدُ على الصائدِ مِن الذَّبْحِ، بأنْ جعل يعْدُو منه يوْمَه حتى ماتَ تَعَبًا ونَصبًا، فذكَر القاضي، أنَّه يحِلُّ. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا يحِلُّ؛ لأنَّ الإِتعابَ يُعِينُه على الموتِ، فصارَ كالماءِ. [وظاهرُ «الفُروعِ»، الإطْلاقُ] (¬1). قوله: وإنْ رَمَى صَيدًا فأثْبَتَه، ثم رَماه آخَرُ فقَتَلَه، لم يَحِلَّ، ولمَن أثْبَتَه قِيمَتُه مَجْرُوحًا على قاتِلِه، إلَّا أن يُصِيبَ الأوَّلُ مَقْتَلَه دُون الثَّاني، أو يُصِيبَ الثَّاني ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا عَلَى قَاتِلِه، إلا أنْ يُصِيبَ الْأوَّلُ مَقْتَلَهُ دُونَ الثَّانِي، أوْ يُصِيبَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ، فَيَحِلُّ، وَعَلَى الثَّانِي مَا خَرَقَ مِنْ جِلْدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَذْبَحَه، فَيَحِلُّ، وعلى الثاني ما خَرَقَ مِن جِلْدِه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ يحِلَّ مُطْلَقًا. ذكرَه في «الواضِحِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ أصابَ مذْبَحَه، ولم يقْصدِ الذَّبْحَ، لم يحِلَّ، وإنْ قصدَه، فهو ذَبْحُ مِلْكِ غيرِه بلا إذْنِه، يحِلُّ. على الصَّحيحِ. مأْخذُهما هل يكْفِي قصْدُ الذَّبْحِ أمْ لا بُدَّ مِن قَصْدِ الإِحْلالِ؟.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: وعلى الثَّاني ما خرَقَ مِن جِلْدِه. يعْنِي، إذا أصابَ الأوَّلُ مقْتَلَه، أو كان جُرْحُه مُوجِبًا، أو أصابَ الثَّاني مذْبَحَه. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُغْنِي» (¬1)، فيما إذا أصابَ الثَّاني مذْبَحَه: عليه أرْشُ ذبْحِه، كما لو ذبَح شاةً لغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو أصْوَبُ في النَّظَرِ. قال في «المُنْتَخَبِ»: على الثَّاني ما نقَصَ بذَبْحِه، كشَاةِ الغيرِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: وعلى الثَّاني ما بينَ كوْنِه حيًّا مجْروحًا، وبينَ كوْنِه مذْبوحًا، وإلَّا قِيمَتُه بجَرْحِ الأوَّلِ. فوائد؛ الأُولَى، لو أدْرَكَ الأوَّلُ ذَكاتَه فلم يُذَكِّه حتى ماتَ، فقيل: يَضْمَنُه. ¬

(¬1) المغني: 13/ 283.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالأُولَى. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَ المَجْدُ في «مُحَرَّرِه»، يضمَنُ نِصْفَ قيمَتِه مجْروحًا بالجُرْحِ الأوَّلِ، لا غيرُ. قال في «الفُروعِ»: وهو أوْلَى. وقال القاضي: يضْمَنُ نِصْفَ قيمَتِه مجْروحًا بالجُرْحَين، مع أَرْشِ (¬1) ما نَقَصَه بجَرْحِه. وأطْلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ» (¬2)، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فلو كانتْ قيمتُه عشَرَةً، فنَقَصَه كلُّ جُرْحٍ عشَرَةً، لَزِمَه على الأوَّلِ تِسْعَةٌ، وعلى الثَّاني أرْبَعَةٌ ونِصْفٌ، وعلى الثَّالثِ خَمْسَةٌ. فلو كانَ عَبْدٌ أو شاةٌ للغيرِ، ولم يُوحِياه وسَرَيا، ¬

(¬1) في الأصل: «الأرش». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعَيَّنَ الأخِيران، ولَزِمَ الثاني عليهما ذلك. وكذا الأوَّلُ على الثَالثِ، وعلى الثَّاني بقِيَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قيمَتِه سَلِيمًا. الثَّانيةُ، لو أَصاباه معًا، حَلَّ بينَهما، وهو بينهما، كذبْحِه مُشْتَرِكَين. وكذا لو أصابَه واحدٌ بعدَ واحدٍ، ووَجداه مَيِّتًا، وجُهِلَ قاتِلُه، فإنْ قال الأوَّلُ: أَنا أثْبَتُّه، ثم قَتَلْتَه أنتَ فتَضْمَنُه. لم يحِلَّ، لاتِّفاقِهما على تحْريمِه، ويتَحالفان، ولا ضَمانَ، فإنْ قال: لم تُثْبِتْه. قُبِلَ قوْلُه، لأنَّ الأصْلَ الامْتِناعُ. ذكَر ذلك في «المُنْتَخَب». وقال في «التَّرْغيبِ»: متى تَشاقَّا في إصابَتِه [وصِفَتِها، أو احْتَمَلَ] (¬1) أنَّ إثْباتَه بهما أو بأحَدِهما لا بدنِه، فهو بينَهما، ولو أنَّ رَمْيَ أحدِهما لو انْفَرَدَ أثْبَتَه وحدَه، فهو له، ولا يضْمَنُ الآخَرُ، ولو أنَّ رَمْىَ أحدِهما مُوحٍ، ¬

(¬1) في الأصل: «وصفته واحتمل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحْتَمَلَ الآخَرُ، احْتَمَلَ أنَّه بينَهما، واحْتَمَلَ أنَّ نِصْفَه للمُوحِي، ونِصْفَه الآخَرَ بينَهما. ولو وُجِدَ مَيِّتًا مُوحِيًا وتَرَتَّبا، وجُهِلَ السَّابِقُ، حَرُمَ، وإنْ ثَبَتَ بهما، لكِنْ عَقِبَ الثَّاني، وترَتَّبا، فهل هو للثَّاني، أو بينَهما؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، إنْ أصاباه جميعًا، فذَكَّيَاه جميعًا، حَلَّ، وإنْ ذكَّاه أحدُهما، فلا.

وَإِنْ أَدرَكَ الصَّيدَ مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَهُوَ كَالْمَيِّتِ، وَمَتَى ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، لو رمَاه فأثْبَتَه، مَلَكَه، كما تقدَّم، ولو رمَاه مَرَّةً أُخْرَى فقَتَلَه، حَرُمَ؛ لأنَّه مقْدورٌ. عليه. وهو المذهبُ بالشُّروطِ المُتَقَدِّمَةِ في أصْلِ المسْألَةِ. وقال القاضي في «الخِلافِ»: يحِلُّ. وذكرَه رِوايةً. وكذا لو أَوْحاه الثَّاني بعدَ إِيحاءِ الأوَّلِ، فيه الرِّوايَتانِ. قوله: ومَتَى أَدْرَكَ الصَّيدَ مُتَحَرِّكًا كحَرَكَةِ المذْبُوحِ، فهو كالميِّتِ -وكذا لو كان فوقَ حرَكةِ المذْبوحِ، ولكِنْ لم يتَّسِعِ الوقْتُ (¬1) لتَذْكِيَتِه- ومَتَى أَدْرَكَهُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

أَدْرَكَهُ مَيِّتًا، حَلَّ بِشُرُوطٍ أرْبَعَةٍ؛ أحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلَ الذَّكَاةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ مَيِّتًا، حَلَّ بِشُروطٍ أرْبَعَةٍ؛ أحَدُها، أن يَكُونَ الصائِدُ مِن أهْلِ الذَّكاةِ. شمِلَ كلامُه البَصِيرَ والأَعْمَى. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلامِه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقطَع كثيرٌ مِن الأصحابِ بصِحَّةِ ذَكاتِه؛ منهم صاحبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وقالا: مَن حلَّ ذَبْحُه، حلَّ صيدُه. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ في صَيدِ الأعْمَى المَنْعُ. وقيل: يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ الصَّائدُ بصِيرًا. وجزَم به في

فَإنْ رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ صيدًا، أوْ أَرْسَلا عَلَيهِ جَارِحًا، أوْ شَارَكَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ في قَتْلِهِ، لَمْ يَحِلَّ، وَإنْ أصَابَ سَهْمُ أحَدِهِمَا الْمَقْتَلَ دُونَ الْآخرِ، فَالْحُكْمُ لَهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». قوله: فإنْ رَمَى مُسْلِمٌ ومَجُوسِيٌّ صيدًا، أو أرْسَلا عليه جارِحًا، أو شارَكَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ في قَتْلِه، لم يَحِلَّ. بلا نِزاعٍ. فائدة: لو وجَدَ مع كَلْبِه كلْبًا آخَرَ، وجَهِلَ حاله، هل سمَّى عليه، أمْ لا؟ وهل اسْتَرْسَلَ بنفْسِه، أمْ لا؟ أو جَهِلَ حالةَ مُرْسِلِه؟ هل هو مِنَ أهْلِ الصَّيدِ، أمْ لا؟ ولا يَعْلَمُ أيُّهما قتلَه، أو يَعْلَمُ (¬1) أنَّهما قَتَلاه معًا، أو علِمَ أنَّ المَجْهولَ هو ¬

(¬1) في ا، ط: «لم يعلم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاتِلُ، لم يُبَحْ، قوْلًا واحدًا. وإنْ علِمَ حال الكَلْبِ الذي وجَدَه مع كلْبِه، وأنَّ الشَّرائِطَ المُعْتَبَرَةَ قد وُجِدَتْ فيه، حَلَّ، ثم إنْ كان الكَلْبان قتلاه معًا، فهو لصاحِبِهما (¬1)، وإنْ عُلِمَ أنَّ أحدَهما قتلَه، فهو لصاحبِه، وإنْ جُهِلَ الحالُ، فإنْ كانَ الكَلْبان مُتعَلِّقان به، فهو بينَهما، وإنْ كانَ أحدُهما مُتَعَلِّقًا به، فهو لصاحبِه، وعلى مَنْ حُكِمَ له به اليَمِينُ، وإنْ كانَ الكَلْبان ناحِيَةً، فقال المُصَنِّفُ وغيرُه: يقِفُ الأمْرُ حتى يصْطَلِحا. وحكَى احْتِمالًا بالقُرْعَةِ، فمَنْ قَرَعَ، حَلَفَ. وهو قِياسُ المذهبِ، فيما إذا تَداعَيا عَيْنًا ليستْ في يَدِ أحدٍ. فعلى الأوَّلِ، إنْ خِيفَ فَسادُه، بِيعَ، واصْطَلحا على ثَمَنِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أصابَ سَهْمُ أحَدِهما -يعْنِي المُسْلِمَ والمَجُوسِيَّ- المَقْتَلَ دُونَ الآخَرِ، فالْحُكْمُ له. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي» (¬1)، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يحِلَّ، وهو رِوايةٌ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. جزَم به في «الرَّوْضَةِ»، كإسْلامِه بعدَ إرْسالِه. قال الشًّارِحُ: ويجِئُ على قولِ الْخِرَقِيِّ؛ أنَّه لا يُباحُ، فإنَّه قال: إذا ذبَح فأتَى على المَقاتِلِ، فلم تخْرُجِ الرُّوحُ حتى وقَعَتْ في الماءِ، لم تُؤْكَلْ. فائدة: هل الاعْتِبارُ في حالةِ الصَّيدِ بأهْلِيَّةِ الرَّامِي، وفي سائرِ الشُّروطِ حال الرَّمْي، أو حال الإصابَةِ؛ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، الاعْتِبارُ بحالِ الإصابَةِ. وبه جزَم القاضي في «خِلافِه»، في كتابِ الجِناياتِ، وأبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وإنْ رَدَّ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ الصَّيدَ عَلَى كَلْبِ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ، حَلَّ. وَإِنْ صَادَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ، حَلَّ. وَعَنْهُ، لَا يَحِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسائلِ»، فلو رمَى سَهْمًا وهو مُحْرِمٌ أو مُرْتَدٌّ أو مَجُوسِيٌّ، ثم وقَع السَّهْمُ بالصَّيدِ، وقد حَلَّ أو أسْلَمَ، حلَّ أكلُه، ولو كان بالعَكْسِ، لم يحِلَّ. الوَجْهُ الثَّاني، الاعْتِبارُ بحالِ الرَّمْي (¬1). قاله القاضي في كتابِ الصَّيدِ، وذكرَه في «القاعِدَةِ التَّاسعةِ والعِشْرين بعدَ المِائَةِ». قوله: وإنْ صادَ المسْلِمُ بكَلْبِ المَجُوسِيِّ، حَلَّ. ولم يُكْرَه. وهو المذهبُ. ¬

(¬1) في الأصل: «الرامي».

وَإِنْ صَادَ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ مُسْلِمٍ، لَمْ يَحِلَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكرَه أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، وابنُ الزَّاغُونِيِّ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الْخُلاصةِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وعنه، لا يحِلُّ.

وَإِنْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبًا، فَزَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ، حَلَّ صَيدُهُ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ، فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ، لَمْ يَحِلَّ. فَصْلٌ: الثَّاني، الْآلَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ؛ مُحَدَّدٌ، فَيُشْتَرَطُ لَهُ مَا يُشْتَرَطُ لِآلَةِ الذَّكَاةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ جَرْحِهِ بِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقْلِهِ، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ أرْسَله المجُوسي، فزَجَرَه مُسْلِمٌ، لم يَحِلَّ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ» (¬1)، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إنْ زادَ عَدْوُه حلَّ، وإلَّا فلا. قوله: الثَّاني، الآلَةُ، وهي نَوْعان؛ مُحَدَّدٌ، فَيُشْتَرَطُ له ما يُشْتَرطُ لآلَةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

يُبَحْ، وَإنْ صَادَ بِالْمِعْرَاضِ، أَكَلَ ما قَتَلَ بِحَدِّهِ دُونَ عَرْضِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّكاةِ، ولا بدَّ مِن جَرْحِه به، فإنْ قَتَلَه بثِقْلِه، لم يُبَحْ. كشَبَكَةٍ، وفَخٌّ وبُنْدُقَةٍ، ولو شَدَخَه. نقَله المَيمُونِيُّ، ولو قَطَعَتْ حُلْقُومَه ومَرِيئَه. قوله: وإنْ صادَ بالمِعْراضِ، أكَلَ ما قَتَلَ بحَدِّه دُونَ عَرْضِه. إذا قتَله بحَدِّه، أُبِيحَ، بلا نِزاعٍ، وإنْ قتلَه بعَرْضِه، لم يُبَحْ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»

وَإِنْ نَصَبَ مَنَاجِلَ أَوْ سَكَاكِينَ، وَسَمَّى عِنْدَ نَصْبِهَا، فَقَتَلَتْ صَيدًا، أُبِيحَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغيبِ»: ولم يجْرَحْه، لم يُبَحْ. فظاهِرُ كلامِهما، أنَّه إذا جَرَحَه بعَرْضِه يُباحُ. قال في «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ نصوصِه. قوله: وإنْ نَصَبَ مَناجِلَ، أو سَكاكِينَ، وسَمَّى عنْدَ نَصْبِها، فَقَتَلَتْ صَيدًا، أُبِيحَ. إذا سمَّى عندَ نصْبِها وقَتَلَتْ صيدًا، فلا يخْلُو، إمَّا أنْ يجْرَحَه، أو لا؛ فإنْ

وَإنْ قَتَلَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ، لَمْ يُبَحْ، إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ السَّمَّ أَعانَ عَلَى قَتْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جرَحه، حلَّ بلا نِزاعٍ. أعْلَمُه، وإنْ لم يجْرَحْه، لم يحِلَّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُذْهَبِ»، والمُصَنِّفُ هنا، وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يحِلُّ مُطْلَقًا. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. قال في «الفُروع»: ويتوَجَّهُ عليه حِلُّ ما قبلَها. تنبيه: حيثُ قلْنا: يحِلُّ. فظاهِرُه، ولو ارْتَدَّ النَّاصِبُ أو ماتَ. قال في «الفُروعِ»: وهو كقَوْلِهم: إذا ارْتَدَّ أو ماتَ بينَ رمْيِه وإصابَتِه. قوله: وإِنْ قَتَلَ بسَهْمٍ مَسْمُومٍ، لم يُبَحْ، إذا غَلَبَ على الظَّنِّ أنَّ السَّمَّ أَعانَ على قَتْلِه. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن» (¬1)، و «إدْراكِ الغايةِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ قتَلَه بسَهْمٍ فيه سَمٌّ -قال جماعَةٌ: وظَنَّ أنَّه أعانَه- حَرُمَ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا عَلِمَ أنَّه أعانَ، لم يُأْكَلْ. قال: وليسَ مثْلُ هذا مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، بمُرادٍ. وفي «الفُصولِ»، إذا رمَى بسَهْمٍ مَسْمومٍ، لم يُبَحْ، لعَلَّ السَّمَّ أعانَ عليه؛ فهو كما لو شارَكَ السَّهْمَ تغْرِيقٌ بالماءِ. ومَن أتَى بلَفْظِ الظَنِّ - «كالهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُقْنِعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم- فَمُرادُه احْتِمالُ الموتِ به، ولهذا علَّلَه مَن علَّله منهم -كالشَّيخِ وغيرِه- باجْتِماعِ المُبِيحِ والمُحَرِّمِ، كسَهْمَيْ مُسْلِمٍ ومَجُوسِيٍّ، وقالوا: فا ما إنْ عَلِمَ أنَّ السَّمَّ (¬1) [لم يُعِنْ على قَتْلِه؛ لكَوْنِ] (¬2) السَّهْمِ أوْحَى منه، فمُباحٌ، ولو كان الظَّنُّ بمُرادٍ، لَكانَ الأَولَى. فأمَّا إنْ لم يغْلِبْ على الظَنِّ أنَّ السَّمَّ أعانَ، فمُباحٌ. ونظِيرُ هذا مِن كلامِهم، في شُروطِ البَيعِ، فإنْ رأَياه ثم عقَدا بعدَ ذلك بزَمَنٍ لا يتَغَيَّرُ فيه ظاهِرًا. وقوْلُهم في العَينِ المُوجَرَةِ: يغْلِبُ على الظَّن بَقاءُ العَينِ فيها. وقد سبَق ذلك. وقال في «الكافِي» وغيرِه: إذا اجْتمَعَ في الصَّيدِ مُبِيحٌ ومُحَرِّمٌ؛ مثْلَ أنْ يقْتُلَه بمُثَقَّلٍ ومُحَدَّدٍ، أو بسَهْمٍ مسْمومٍ، أو بسَهْمِ مُسْلِمٍ ومَجُوسِيٍّ، أو سَهْم غيرِ مُسَمًّى عليه، [أو كَلْبِ مُسْلِم وكلبِ مَجُوسِيٍّ، أو غيرِ مُسَمًّى عليه، أو غيرِ مُعَلَّمٍ، أو اشْتَرَكا في إرْسالِ الجارِحَةِ عليه] (2)، أو وَجَدَ مع (¬3) كَلْبِه كلْبًا لا يعْرِفُ ¬

(¬1) في الأصل: «السهم». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل.

وَلَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ، أوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ، أوْ وَطِئَ عَلَيهِ شَيْءٌ فَقَتَلَهُ، لَمْ يَحِلَّ، إلا أن يَكُونَ الْجُرْحُ مُوحِيًا كَالذَّكَاةِ، فَهَلْ يَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُرْسِلَه، أو لا يعْرِفُ حاله، أو مع سَهْمِه سَهْمًا كذلك، لم يُبَحْ، واحْتَجَّ بالخَبَرِ: «وَإنْ وَجَدْتَ معَه غيرَه، فلا تَأْكُلْ». وبان الأصْلَ الحَظْرُ (¬1)، وإذا شكَكْنا في المُبِيحِ، رُدَّ إلى أصْلِه. انتهى. وقال في «التَّرْغيبِ»: يَحْرُمُ، ولو مع جُرْحٍ مُوحٍ لا عمَلَ للسَّمِّ معه؛ لخَوْفِ التَّضَرُّرِ به. وكذا قال في «الفُصولِ»، وقال: لا نأْمَنُ أن السَّمَّ تمَكَّنَ مِن بَدَنِه بحَرارَةِ الحياةِ فيقْتُلَ، أو يَضُرَّ آكِلَه، وهما حَرامٌ، وما يؤَدِّي إليهما حَرامٌ. انتهى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ»، ونَقْلُه. وقد قال في «الخُلاصةِ»: فإنْ رمَى بسَهْمٍ مَسْمومٍ، لم يحِلَّ. قوله: ولو رَماه فوَقَعَ في ماءٍ، أو تَرَدَّى مِن جَبَلٍ، أو وَطِئَ عليه شَيْءٌ فَقَتَلَه، لم يَحِلَّ، إلَّا أن يَكُونَ الجُرْحُ مُوحِيًا كالذَّكاةِ، فهل يَحِلُّ؟ على رِوايتَين. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛ إحْداهما، لا يحِلُّ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «خِصالِ ابنِ البَنَّا»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1). قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الفُروعِ»: هذا الأشهرُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو الذي ذكَرَه الْخِرَقِيُّ، والشِّيرَازِيُّ، واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به في «الكافِي»، وجزَم به في «الوَجيزِ»، في بابِ الذَّكاةِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «إدْراكِ الغايةِ». والثانيةُ، يحِلُّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وبه قال أكثرُ أصحابِنا المُتأخِّرين. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصوابُ. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ»، وصاحِبُ «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الوَجيزِ»، [في هذا البابِ، فناقَضَ. وتقدَّمِ نظِيرُ ذلك، في أواخِرِ بابِ الذَّكاةِ، في قولِ المُصَنِّفِ: وإذا ذبَح الحيوانَ ثم غَرِق في ماءٍ. وقال في «الوَجيزِ»] (¬1)، فيما إذا رماه في الهواءِ، فوقَع في ماءٍ، أو ترَدَّى مِن جبَلٍ، أو وَطِئَ عليه شيءٌ: لم يُبَحْ، إلَّا أنْ يكونَ الجُرْحُ مُوحِيًا، فيُباحُ. وذكرَ في بابِ الذَّكاةِ، إذا ذبَح الحيوانَ، ثم غَرِقَ في ماءٍ، أو وَطِئَ عليه ما يقْتُلُه مِثْلُه، حَرُمَ. قال: وكذا في الصَّيدِ. فالذي يظْهَرُ أنَّه سهَا (¬2) في ذلك، فإنَّ الأصْحابَ سَوَّوا بينَ المسْألتَين، ولاسِيَّما وصاحِبُ «الوَجيزِ» يقولُ في بابِ الذَّكاةِ: وكذا الصَّيدُ. تنبيه: محَلُّ الخِلافِ إذا كانَ الماءُ أو التَّرَدِّي يقْتُلُه مثْلُه، فلو لم يكُنْ يقْتُلُه مثْلُه، أُبِيحَ بلا نِزاعٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «ينهى».

وَإنْ رَمَاهُ في الْهَواءِ، فَوَقَعَ عَلَى الْأرْضِ، فَمَاتَ، حَلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قطَع المُصنِّفُ، أنَّ الجُرْحَ إذا لم يكُنْ مُوحِيًا، ووَقَعَ في ماءٍ، أنَّه لا يُباحُ. وهو صحيحٌ؛ خَشْيَةَ أنَّ الماءَ أعانَ على قتْلِه. ولا يُحكمُ بنَجاسَةِ الماءِ لحُكْمِنا على كل واحدٍ بأصْلِه. ذكرَه ابنُ عَقِيلٍ في «فُصولِه» (¬1). قاله في «القاعِدَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ». قوله: وإنْ رَماه في الْهَواءِ، فوَقَعَ على الأَرْضِ، فَماتَ، حَلَّ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ رَمَى صَيدًا، فَغَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيرَ سَهْمِهِ، حَلَّ. وَعَنْهُ، إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ مُوحِيَةً، حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْهُ، إنْ وَجَدَهُ في يَوْمِهِ، حَلَّ، وَإلَّا فَلَا. وَإنْ وَجَدَ بِهِ غَيرَ أَثَرِ سَهْمِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أعَانَ عَلَى قَتْلِهِ، لَمْ يُبَحْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يحِلُّ إلَّا إذا كان الجُرْحُ مُوحِيًا. جزَم به في «الرَّوْضَةِ». قوله: وإنْ رَمَى صَيدًا، فَغابَ عنه، ثم وجَدَه مَيِّتًا لا آثَرَ به غيرَ سَهْمِه، حَلَّ. وكذا لو رماه على شجَرَةٍ، أو جبَلٍ، فَوَقَعَ على الأرْضِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: حلَّ على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا المَشْهورُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُه: هذا المذهبُ. قال في «القاعِدَةِ الثَّالثةَ عَشْرَةَ»: هذا أصحُّ الرِّواياتِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّواياتِ. واخْتِيارُ الْخِرَقِيِّ، والقاضي، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، وأبي محمدٍ، وغيرِهم. وقال بعدَ ذلك: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ كانتِ الجِراحَةُ مُوحِيَةً، حَلَّ، وإلَّا فلا. [وعنه، إنْ وجدَه في يوْمِه، حَلَّ، وإلَّا فلا] (¬1). وعنه، إنْ وجدَه في مُدَّةٍ قريبةٍ، حَلَّ، وإلَّا فلا (¬2). وعنه، لا يحِلُّ مُطْلَقًا. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ غابَ نَهارًا، حلَّ، وإنْ غابَ ليلًا، لم يحِلَّ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: لأنَّ الغالِبَ مِن حالِ الليلِ تخَطُّفُ الهَوامِّ. قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِيُّ: وعنه (¬1) رِوايةٌ خامسةٌ: كراهةُ ما غابَ مُطْلَقًا. فائدة: مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو عقَر الكَلْبُ الصَّيدَ، ثم غابَ عنه، ثم وجَدَه وحدَه، أمَّا لو وجَدَه بفَمِ كَلْبِه، أو وهو يَعْبَثُ به، أو وسَهْمُه فيه، حَلَّ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) في الأصل: «هي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: وإنْ وجَدَ به غيرَ أثَرِ سَهْمِه مِمَّا يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ أعانَ على قَتْلِه، لم يُبَحْ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ولم يَقُولُوا: ظَنٌّ، كسَهْمٍ مسْمومٍ. قال: ويتوَجَّهُ التَّسْويَةُ لعدَمِ الفَرْقِ، وأنَّ المُرادَ بالظَّنِّ الاحْتِمالُ. فائدة: لو غابَ قبلَ عَقْرِه، ثم وجدَه وسَهْمُه أو كَلْبُه عليه، فقال في «المُنْتَخَبِ»: الحُكْمُ كذلك. وهو معْنَى ما في «المُغْنِي» وغيرِه. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنْتَخَبِ» أيضًا: وعنه، يَحْرُمُ. وذكرَها في «الفُصولِ»، كما لو وجَدَ سهْمَه أو كَلْبَه ناحِيَةً. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، وتَبِعَه في «المُحَرَّرِ». وقال في

وَإنْ ضَرَبَهُ، فَأبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّةٌ، لَمْ يُبَحْ ما أَبَانَ مِنْهُ، وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدِهِ، حَلَّ، وَإنْ أَبَانهُ وَمَاتَ في الْحَالِ، حَلَّ الْجَمِيعُ. وَعَنْهُ، لَا يُبَاحُ مَا أَبَانَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وفيه نظرٌ، على ما ذكَر هو وغيرُه من التَّسْويَةِ بينَها وبينَ التي قبلَها على الخِلافِ. وظاهرُ روايةِ الأثْرَمِ، وحَنْبَلٍ، حِلُّه. وهو معْنَى ما جزَم به في «الرَّوْضَةِ». قوله: وإنْ ضَرَبَه، فأَبانَ منه عُضْوًا، وبَقِيَتْ فيه حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لَم يُبَحْ ما أَبانَ منه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الفُصولِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، إنْ ذُكِّيَ، حَلَّ كبَقِيَّتِه. قوله: وإنْ بَقِيَ مُعَلقًا بجِلْدِه، حَلَّ -بلا نِزاعٍ- وإنْ أَبانَه وماتَ في الْحَالِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَلَّ الْجَمِيعُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَشْهورُ والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ؛ أبي بَكْرٍ، والقاضي، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرَازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ البَنَّا. وعنه، لا يُباحُ ما أبانَ منه. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الْخِرَقِيِّ».

وَإِنْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ حُوتٍ، وَأَفْلَتَ حَيًّا، أُبِيحَ مَا أَخذَ مِنْهُ. وَأَمَّا مَا لَيسَ بِمُحَدَّدٍ؛ كَالْبُنْدُقِ، وَالْحَجَرِ، وَالْعَصَا، وَالشَّبَكَةِ، وَالْفَخِّ، فَلَا يُبَاحُ مَا قْتِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقِيذٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه. قولُه: وأمَّا ما ليس بمُحَدَّدٍ، كالبُنْدُقِ، والْحَجَرِ، والعَصا، والشَّبَكَةِ، والفَخِّ، فلا يُباحُ ما قُتِلَ بِه، لأَنَّهُ وقِيذٌ. قال الأصحابُ: ولو شدَخَه. ونقَله المَيمُونِيُّ. ولو قَطَعَتْ حُلْقومَه ومَرِيئَه، ولو خرَقَه، لم يحِلَّ. نقَله حَرْبٌ. فأمَّا إنْ كانَ له حدٌّ، كصَوَّانٍ، فهو كالمِعْراضِ. قاله في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروع»، وغيرِهم.

النَّوْعُ الثَّانِي؛ الْجَارِحَةُ، فَيُبَاحُ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً، إلا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، فَلَا يُبَاحُ صَيدُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: النَّوْعُ الثَّانِي، الجَارِحَةُ، فيُباحُ ما قَتَلَتْه إِذا كانَتْ مُعَلَّمَةً، إلَّا الْكَلْبَ الأسْوَدَ البَهِيمَ. فالأَسْوَدُ البَهِيمُ، هو الذي لا بَياضَ فيه. على الصَّحيحِ مِن المذهب. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الرِّعايةِ» هنا: وهو ما لا بَياضَ فيه في الأشْهَرِ. قال المُصَنِّفُ، وغيرُه: هو الذي لا يُخالِطُ لوْنَه لَوْن سِواه. وقال أيضًا: لو كان بينَ عَينَيه نُكْتَتان تُخالِفان لوْنَه، لم يَخْرُجْ بهما عن البَهِيمِ وأحْكامِه. قال الشَّارِحُ: هو الذي لا لَوْنَ فيه سِوَى السَّوادِ. وحكاه في «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ» قوْلًا غيرَ الأوَّلِ. وعنه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ كانَ بينَ عَينَيه بَياضٌ، لم يخْرُجْ بذلك عن كوْنِه بهِيمًا. [ويأْتِي كلامُه في «المُغْنِي»] (¬1). واخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِه». وصحَّحه ابنُ تَميمٍ. وتقدَّم ذلك في أواخِرِ بابِ صِفَةِ الصَّلاةِ. فائدة: قولُه: فلا يُباحُ صَيدُه. نصَّ عليه؛ لأنَّه شيطان، فهو العِلَّةُ، والسَوادُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَلامَةٌ، كما يقال: إذا رأَيتَ صاحِبَ السِّلاحِ فاقْتُلْه، فإنَّه مُرْتَدٌّ. فالعِلَّةُ الرِّدَّةُ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ صيدَه مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه، وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ونقَل إسْماعيلُ بنُ سعيدٍ الكَراهَةَ. وعنه، ومثْلُه ما بينَ عَينَيه بَياضٌ. جزَم به المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» هنا. واخْتارَه المَجْدُ كما تقدَّم. ذكرَه في «الفُروعِ». وظاهِرُ كلامِه، أنَّ ما بينَ عَينَيه بَياضٌ لا يُسَمَّى بهِيمًا، قوْلًا واحدًا، ولكِنْ هل يَلْحَقُ في الحُكْمِ به، أَوْ لا؟ وكثيرٌ مِن الأَصحابِ يحْكِي الخِلافَ في البَهِيمِ، ويذْكُرُ الرِّوايةَ الثَّانيةَ، كما تقدَّم. فائدة: يَحْرُمُ اقْتِناؤُه، قوْلًا واحدًا. قاله جماعةٌ مِن الأصحابِ؛ للأَمْرِ بقَتْلِه. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ على وُجوبِه. وذكَره الشَّيخُ هنا. وذكَر الأكثرُ إباحتَه، يعْنِي، إباحَةَ. قَتْلِه. ونقَل مُوسى بنُ سَعِيدٍ، لا بأْسَ عليه. وقد قال الأصحابُ: يَحْرُمُ اقْتِناءُ الخِنْزِيرِ والانْتِفاعُ به. قال: ولم أجِدْ أحدًا صرَّح بوُجوبِ قتْلِه. نقَل أبو طالِبٍ، لا بَأْسَ. ويؤْخَذُ مِن كلامِ أبي الخَطَّابِ وغيرِه، أنَّ الكَلْبَ العَقُورَ مثْلُ الكَلْبِ الأسْوَدِ البَهِيمِ، إلَّا في قَطْعِ الصَّلاةِ. وهو مُتَّجِهٌ وأَوْلَى؛ لقَتْلِه في الحَرَمِ. قال في «الغُنْيَةِ»: يَحْرُمُ ترْكُه، قوْلًا واحدًا، ويجِبُ قتْلُه لدَفْعِ شرِّه عن النَّاسِ، ودَعْوَى نَسْخِ القَتْلِ مُطْلَقًا -إلَّا المُؤْذِيَ- دَعْوَى بلا بُرْهانٍ،

وَالْجَوَارِحُ نَوْعَانِ؛ مَا يَصِيدُ بِنَابهِ، كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ، فَتَعْلِيمُهُ بثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ أَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرسِلَ، وَيَنْزَجِرَ إِذَا زُجِرَ، وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقابِلُه قَتْلُ الكُلِّ. انتهى كلامُ صاحبِ «الفُروعِ». وأمَّا ما لا يُباحُ اقْتِناؤُه ولا أَذًى فيه، فقال المُصَنِّفُ: لا يُباحُ قَتْلُه. وقيل: يُكْرَهُ فقطْ. اخْتارَه المَجْدُ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وتقدَّم المُباحُ مِنَ الكِلابِ، في بابِ المُوصَى به. قوله: والْجَوَارِحُ نَوْعان؛ ما يَصِيدُ بِنابِه، كالْكَلْبِ والْفَهْدِ. كثيرٌ مِن الأصحابِ اقْتَصَرَ على ذِكْرِ هذَين. وزادَ في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم، النَّمِرَ. وظاهرُ «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِ ذلك. فتعْلِيمُه بثَلاثةِ أشْياءَ؛ أنْ يسْتَرْسِلَ إذا أُرْسِلَ، ويَنْزَجِرَ إذا زُجِرَ. قال في «المُغْنِي» (¬1): لا في وَقْتِ رُؤْيَةِ الصَّيدِ. قال في «الوَجيزِ»: بأنْ يسْتَرْسِلَ إذا ¬

(¬1) انظر: المغني 13/ 263.

وَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أُرْسِلَ، وينْزَجِرَ إذا زُجِرَ، لا في حالِ مُشاهدَتِه للصِّيدِ. قوله: وإذا أَمْسَكَ لم يَأْكُلْ، ولا يُعْتَبَرُ تَكْرارُ ذَلكَ منه. وهو المذهبُ. اخْتارَه الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وغيرُه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، [و «الخِلافِ» له] (¬1)، و «المُذْهَبِ»، و [«مَسْبوكِ الذَّهَبِ»] (¬2)، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُعْتَبَرُ التَّكْرارُ. وهو ظاهِرُ ما قطَع به في «الحاويَيْن». فعلى هذا، هل يُعْتَبَرُ تَكْرارُه ثَلاثًا، فيُباحُ في الرَّابعةِ؟ وهو الصَّحيحُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ في ¬

(¬1) في الأصل: «الجلاله». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، والقاضي، وغيرُهم. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ» (¬1). أو يكْفِي التَّكْرارُ مرَّتَين، فيُباح في الثَّالثةِ؟ وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ»؛ فإنَّه قال: ويُعْتَبَرُ تَكْرارُه منه. وأَطْلَقهما في «الحاويَيْن». أو المَرْجِعُ في ذلك إلى العُرْفِ مِن غيرِ تقْديرٍ بمَرَّةٍ أو مَرَّاتٍ؟ وهو قولُ ابنِ البَنَّا في «الخِصالِ»، فيه ثَلاثةُ أقْوالٍ. وأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ. وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»: لا أحْسَبُ هذه الخِصال تُعْتَبَرُ في غيرِ الكَلْبِ، فإنَّه الذي يُجيبُ صاحِبَه إذا دعَاه، ويَنْزَجِرُ إذا زَجَرَه، والفَهْدُ لا يُجيبُ داعِيًا، وإنْ عُدَّ مُتَعَلِّمًا، فيَكونُ التَّعْليمُ في حقِّه تَرْكَ الأَكْلِ خاصَّةً، أو ما يعُدُّه به أهْلُ العُرْفِ مُعَلَّمًا. ولم يذْكُرِ الأدَمِيُّ البَغْدادِيُّ في «مُنْتَخَبِه» تَرْكَ الأكْلِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ، لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيدِهِ، وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَلَ مِنْهُ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينَ. وَالْأُخْرَى، يَحِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعْلِيمِه، لم يَحْرُمْ ما تقدَّمَ مِن صَيدِه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. قال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»: لم يَحْرُمْ على الأصحِّ. قال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ»: لا يَحْرُمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، يَحْرُمُ. واخْتارَه بعْضُهم. قلتُ: وهو بعيدٌ. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وحكيَاهُما وَجْهَين. قوله: ولم يُبَحْ ما أَكَلَ منه، في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: فالمذهبُ يَحْرُمُ. قال في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم: هذا الأصحُّ. قال في «الكافِي»: هذا أوْلَى. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»: حَرُمَ على الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». والرِّوايةُ الأُخْرَى، يحِلُّ مع الكراهَةِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ». وعنه، يُباحُ. وقيل: يَحْرُمُ إذا أكلَ منه حينَ الصَّيدِ. جزَم به ابنُ عَقِيلٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَحْرُمُ إذا أكلَ منه قبلَ مُضِيِّه. فائدتان؛ إحْداهما، لو شَرِبَ مِن دمِه، لم يَحْرُمْ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقال في «الانْتِصارِ»: مِن دَمِه الذي جرَى. الثَّانيةُ، لا يخْرُجُ بأَكْلِه عن كوْنِه مُعَلَّمًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وفيه احْتِمالٌ، لا يَبْقَى مُعَلَّمًا بأَكْلِه. ويَحْتَمِلُه كلامُ الْخِرَقِيِّ.

وَالثَّانِي، ذُو الْمِخْلَبِ؛ كَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالْعُقَابِ، وَالشَّاهِينِ، فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَرْكُ الْأَكْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والثَّانِي، ذُو المِخْلَبِ، كالْبازِي والصَّقْرِ، والْعُقَابِ، والشَّاهِينِ، فتَعْلِيمُه بأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذا أُرْسِلَ، ويُجِيبَ إِذا دُعِيَ، ولا يُعْتَبَرُ تَرْكُ الأَكْلِ. بلا نِزاعٍ. قال في «الرِّعايةِ»: يحِلُّ الصَّيدُ بكُلِّ حيوانٍ مُعَلَّمٍ.

وَلَابُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيدَ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِه، أَوْ خَنْقِهِ، لَمْ يُبَحْ. وَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولابُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَيدَ، فإِنْ قَتَلَه بصَدْمَتِه، أو خَنْقِه، لم يُبَحْ. وهذا

ابنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ. وَمَا أَصَابَه فَمُ الْكَلْبِ، هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به القاضي في «الجامِعِ»، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، والشِّيرَازِيُّ، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، وصاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فيهما. وجزَم به في «النَّظْمِ»، في الصَّدْمِ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الخُلاصةِ»: لم يحِلَّ في الأصحِّ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُباحُ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. واخْتارَه أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، وأطْلَقهما في «النَّظْمِ»، في الخَنْقِ. قوله: وما أَصابَ فَمُ الكَلْبِ، هل يَجِبُ غَسْلُه؟ على وجْهَين. وهما روايَتان.

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، إِرْسَالُ الْآلةِ قَاصِدًا لِلصَّيدِ، فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ أَوْ غَيرُهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُبَحْ صَيدُهُ وَإِنْ زَجَرَهُ، إلا أَنْ يَزيدَ عَدْوُهُ بِزَجْرِهِ، فَيَحِلُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يجِبُ غَسْلُه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الكافِي»، و «الرِّعايتَينِ»، و «الحاويَيْن»، و «الخُلاصةِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يجِبُ غَسْلُه، بل يُعْفَى عنه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: فيُعايَى بها. قوله: فإنِ اسْتَرْسَلَ الكَلْبُ أو غَيرُه بنَفْسِه، لم يُبَحْ صَيدُه وإِنْ زَجَرَه. هذا المذهبُ، رِوايةً واحدةً، عندَ أكثرِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنِ اسْتَرْسَلَ بنَفْسِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فزَجَرَه، فرِوايَتان. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إذا اسْتَرْسَلَ الطَّائرُ بنَفْسِه، فصادَ وقتَل حَلَّ، أكَلَ منه أو لا، بخِلافِ الكَلْبِ. قوله: إلَّا أنْ يَزِيدَ في عَدْوه بزَجْرِه، فَيَحِلَّ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَقِيلٍ، إذا اسْتَرْسَلَ بنَفْسِه، فزَجَرَه.

وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ سَهْمَهُ إِلَى هَدَفٍ فَقَتَلَ صَيدًا، أَوْ أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيدَ وَلَا يَرَى صَيدًا، لَمْ يَحِلَّ صَيدُهُ إِذَا قَتَلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَرْسَلَ كَلْبَه أو سَهْمَه إلى هَدَفٍ فقَتَلَ صَيدًا، أو أرْسَلَه يُرِيدُ الصَّيدَ ولا يَرَى صَيدًا، لم يَحِلَّ صَيدُه إذا قَتَلَه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يحِلُّ. وهو احْتِمالٌ في «الهِدايةِ».

وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيدًا، فَأَصَابَ صَيدًا، لَمْ يَحِلَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّه صَيدًا، فأَصابَ صَيدًا، لم يَحِلَّ. وهو أحَدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يحِلَّ. وهو لأبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ».

وَإِنْ رَمَى صَيدًا فأَصَابَ غَيرَهُ، أَوْ رَمَى صَيدًا فَقَتَلَ جَمَاعَةً، حَلَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو رمَى ما ظَنَّه [أو عَلِمَه] (¬1) غيرَ صَيدٍ، فأَصابَ صَيدًا، لم يحِلَّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقيل: يحِلُّ. وهو احْتِمالٌ في «الكافِي». وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ ظَنَّه آدَمِيًّا، أو صَيدًا مُحَرَّمًا، لم يُبَحْ. قوله: وإنْ رَمَى صَيدًا فأَصابَ غَيرَه، أو رَمَى صَيدًا فَقَتَلَ جَماعَةً، حَلَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَمِيعُ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. لكِنْ لو أرْسلَ كَلْبَه إلى صَيدٍ، فصادَ غيرَه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يحِلُّ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. قال

وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ عَلَى صَيدٍ، فَأَعَانَتْهُ الرِّيحُ، فَقَتَلَهُ، وَلَوْلَاهَا مَا وَصَلَ، حَلَّ. وَإِنْ رَمَى صَيدًا فَأَثْبَتَهُ، مَلَكَهُ، فَإِنْ تَحَامَلَ فَأَخَذَهُ غَيرُهُ، لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ، فَدَخَلَ خَيمَةَ إِنْسَانٍ فَأَخَذَهُ، فَهُوَ لِآخِذِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»: إنَّه يحِلُّ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ» يَحْرُمُ ما قتلَه الكَلْبُ لا السَّهْمُ. تنبيه: قولُه: وإِنْ رَمَى صَيدًا فأَثْبَتَه، مَلَكَه. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وتقدَّم في أوَّلِ البابِ، ما إذا رمَاه بعدَه آخَرُ، أو رمَاه هو أيضًا، وأحْكامُهما. قوله: وإنْ لم يُثْبِتْه، فَدَخَلَ خَيمَةَ إنْسَانٍ فأَخَذَه، فهو لآخِذِه. فظاهِرُه، أنَّه لا يَمْلِكُه مَن دَخَلَ في خَيمَتِه إلَّا بأَخْذِهِ. وهو أحَدُ الوُجوهِ، والمذهبُ منها. وهو

وَلَوْ وَقَعَ في شَبَكَتِهِ صَيدٌ فَخَرَقَهَا وَذَهَبَ بِهَا، فَصَادَهُ آخَرُ، فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ ما جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: يَمْلِكُه بمُجَرَّدِ دُخولِ الخَيمَةِ. قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»: فهو لصاحِبِ الخَيمَةِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». قال في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: هذا المذهبُ. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ دخَلَ الصَّيدُ دارَه، فأَغْلَقَ بابَه، أو دخَلَ بُرْجَه، فسَدَّ المَنافِذَ، أو حصَلَتْ سمَكَةٌ في بِرْكَتِه، فسَدَّ مَجْرَى الماءِ، فقيلَ: يَمْلِكُه. وقيل: إنْ سَهُلَ تَناوُلُه منه، وإلَّا فكَمُتَحَجِّرٍ للإِحْياءِ. قال في «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ اعْتِبارُ قصْدِ التَّمَلُّكِ بغَلْقٍ وسَدٍّ. والظَّاهِرُ، أنَّ هذا الاحْتِمال مِن كلامِ صاحبِ «التَّرْغيبِ». فعلى الأوَّلِ، ما يَبْنِيه النَّاسُ مِن الأبْرِجَةِ فيُعَشِّشُ بها الطُّيورُ، يمْلِكُون الفِراخَ، إلَّا أنْ تكونَ الأُمَّهاتُ مَمْلُوكةً، فهي لأَرْبابِها. نصَّ عليه. فائدتان؛ الأُولَى، مثْلُ هذه المسْألَةِ في الحُكْمِ، لو دخَلَتْ ظَبْيَةٌ دارَه، فأَغْلَقَ بابَه، وجَهِلَها، أو لم يقْصِدْ تَمَلُّكَها. ومثْلُها أيضًا إحْياءُ أرْضٍ بها كَنْزٌ. قاله في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، قولُه: ولو وَقَعَ في شَبَكَتِه صَيدٌ فَخَرَقَها وذَهَبَ بها، فَصادَه آخَرُ، فهو لِلثَّانِي. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه.

لِلثَّانى. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإِنْ كَانَ في سَفِينَةٍ، فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ في حِجْرِهِ، فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ كانَ في سَفِينَةٍ، فوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ في حِجْرِه، فهي له دُونَ صاحِبِ السَّفِينَةِ. هذا المذهبُ، كمَن فتَح حِجْرَه للأَخْذِ. جزَم به الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي» (¬1)، و «الهادِي»، [و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬2)، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «شَرْحِ ابنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ صَنَعَ بِرْكَةً لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ، فَمَا حَصَلَ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، وغيرِهم. وقيل: لا يَمْلِكُها إلَّا بأخْذِها، فهي قبلَه مُباحَةٌ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا: إنْ كانتْ وَثَبَتْ بفِعْلِ إنْسانٍ لقَصْدِ الصَّيدِ (¬1)، فهي للصَّائدِ دُونَ مَن وقَعَتْ في حِجْرِه. وقَطَعا به وبالأوَّلِ أيضًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو وقَعَتِ السَّمَكَةُ في السَّفِينَةِ، فهي لصاحبِ السَّفِينَةِ. ذكرَه ابنُ أبي مُوسى. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واقْتَصَرَ عليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقِياسُ القولِ الآخَرِ، أنَّها تكونُ قبلَ الأَخْذِ على الإِباحَةِ. وهو كما قال. الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ صَنَعَ بِرْكَةً ليَصِيدَ بها السَّمَكَ، فما حَصَلَ فيها مَلَكَةُ. بلا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ذَلِكَ، لَمْ يَمْلِكْهُ. وَكَذَلِكَ إِنْ حَصَلَ في أَرْضِهِ سَمَكٌ، أَوْ عَشَّشَ فِيهَا طَائِرٌ، لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلِغيرِهِ أَخْذُه. ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ أعْلَمُه. ونصَّ عليه. وكذا لو نصَبَ خَيمَةً لذلك، أو فتَح حِجْرَه للأَخْذِ، أو نصَبَ شبَكَةً، أو شَرَكًا -نصَّ عليه- أو فَخًّا، أو مِنْجَلًا، أو حَبَسَه (¬1) جارِحٌ له، أو بإلْجائِه لمَضيقٍ لا يُفْلِتُ منه. قوله: وإنْ لم يَقْصِدْ بها ذلك، لم يَمْلِكْه. بلا نِزاعٍ. قوله: وكذلكَ إنْ حَصَلَ في أَرْضِه سَمَكٌ، أو عَشَّشَ فيها طائِرٌ، لم يَمْلِكْه، ولغَيرِه أَخْذُه. [هذا المذهبُ. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ولغيرِه أَخْذُه] (¬2)، على الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاويَيْن»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». ونقَل صالِحٌ، وحَنْبَلٌ، في مَن صادَ مِن نَخْلَةٍ بدارِ قومٍ، فهو له، فإنْ رَمَاه ببُنْدُقَةٍ فوَقَعَ فيها، فهو لأهْلِها. قال في «الفُروعِ»: كذا قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه ¬

(¬1) في الأصل، ط: «حبس». (¬2) سقط من: الأصل.

وَيُكْرَهُ صَيدُ السَّمَكِ بِالنَّجَاسَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: ظاهِرُ كلامِه، يَمْلِكُه بالتَّوَحُّلِ، ويَمْلِكُ الفِراخَ. ونقَل صالِحٌ، في مَن صادَ مِن نخْلَةٍ بدارِ قومٍ، هو للصَّيَّادِ. فخرَّجَ في المسْألَةِ وَجْهان؛ أصحُّهما، يَمْلِكُه، وإنَّما لم يضْمَنْه في الأَوَّلَةِ في الإِحْرامِ؛ لأنَّه لم يُوجَدْ منه فِعْلٌ يُوجِبُ ضَمانًا، لا لأنَّه ما مَلَكَه. وكذا قال في «عُيونِ المَسائلِ»: مَن رمَى صَيدًا على شَجَرَةٍ في دارِ قومٍ، فحَمَلَ نفْسَه، فسقَطَ خارِجَ الدَّارِ، فهو له، وإنْ سقَطَ في دارِهم، فهو لهم؛ لأنَّه حرِيمُهم. وقال في «الرِّعايةِ»: لغيرِه أخْذُه، على الأصحِّ. والمَنْصوصُ، أنَّه للمُؤْجِرِ. وذكرَ أبو المَعالِي، إنْ عشَّشَ بأَرْضِه نَحْلٌ، ملَكَه؛ لأنَّها مُعَدَّةٌ لذلك. وفي «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ»، إلَّا أنْ يُعِدَّ حِجْرَه وبِرْكَتَه وأرْضَه له. وسَبَق كلامُهم في زَكاةِ ما يأخُذُه مِن المُباحِ، أو مِن أرْضِه، وقُلْنا: لا يَمْلِكُه. أنَّه يُزَكِّيه؛ اكْتِفاءٌ بمِلْكِه وَقْتَ الأخْذِ، كالعسَلِ. قال في «الفُروعِ»: وهو كالصَّريحِ في أنَّ النَّحْلَ لا يُمْلَكُ بمِلْكِ الأرْضِ، وإلَّا لمُلِكَ العسَلُ. ولهذا قال في «الرِّعايةِ» في الزَّكاةِ: وسواءٌ أخذَه مِن أرْضٍ مَواتٍ، أو مَمْلُوكَةٍ، أو لغيرِه. قوله: ويُكْرَهُ صَيدُ السَّمكِ بالنَّجاسَةِ. هذا إحْدَى الرِّوايتين، واخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن». وعنه، يَحْرُمُ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. نقَله الأكثرُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُبْهِجِ»: في الصَّيدِ بالنَّجاسَةِ وبمُحَرَّمٍ، رِوايَتان. فوائد؛ الأُولَى، لو منَعه الماءَ حتى صادَه، حلَّ أكْلُه. نقَله أبو داودَ. وقال في «الرِّعايةِ»: ويَحْرُمُ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يُصادُ الحمَامُ إلَّا أنْ يكونَ وَحْشِيًّا. الثَّانيةُ، تحِلُّ الطَّريدَةُ؛ وهي الصَّيدُ بينَ قومٍ يأْخُذونَه قطْعًا، وكذلك النَّادُّ (¬1). ونصَّ عليه. ويُكْرَهُ الصَّيدُ مِن وَكْرِه، ولا يُكْرَهُ الصَّيدُ بليلٍ، ولا صَيدُ فَرْخٍ مِن وَكْرِه، ولا بما يُسْكِرُ. نصَّ على ذلك. وظاهِرُ رِوايةِ ابنِ القاسِمِ، لا يُكْرَهُ الصَّيدُ مِن وَكْرِه. وأَطْلَقَ في «التَّرْغيبِ» وغيرِه كراهَتَه. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، يُكْرَهُ الصَّيدُ ليلًا. الثَّالثةُ، لا بأْسَ بشَبَكَةٍ، وفَخٍّ، ودِبْقٍ (¬2). قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: وكلِّ حِيلَةٍ. وذكرَ جماعةٌ، يُكْرَهُ بمُثَقَّلٍ، كبُنْدُقٍ. وكذا كَرِهَ الشَّيخُ تَقِيُّ ¬

(¬1) أي الصيد النافر والشارد. (¬2) الدبق أو الدابوق: كل شيء لزج يصاد به الطير وغيره.

وَصَيدُ الطَّيرِ بِالشِّبَاشِ. وَإِذَا أَرْسَلَ صَيدًا، وَقَال: أَعْتَقْتُكَ. لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ؛ وَيَمْلِكَهُ مَنْ أَخَذَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، الرَّمْيَ بالبُنْدُقِ مُطْلَقًا؛ لنَهْي عُثْمانَ بنِ عفَّانَ، رَضِيَ اللهُ عنه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ وغيرُه، لا بأْسَ ببَيعِ البُنْدُقِ، ويرْمِي بها الصَّيدَ لا للعَبَثِ. وأطْلَقَ ابنُ هُبَيرَةَ، أنَّه معْصِيَةٌ. قوله: وإِذا أرْسَلَ صَيدًا، وقال: أَعْتَقْتُكَ. لم يَزُلْ مِلْكُه عنه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ظاهِرُ المذهبِ،

فَصْلٌ: الرَّابعُ، التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَو الْجَارِحَةِ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يزُولُ مِلْكُه عنه. قاله أصحابُنا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و [«مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم] (¬1). وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتمِلُ أنْ يزولَ مِلْكُه عنه. وإليهِ مَيلُ الشَّارِحِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ولا يجوزُ: أَعْتَقْتُكَ. في حَيوانٍ مأْكُولٍ؛ لأنَّه فِعْلُ الجاهلِيَّةِ. فعلى المذهبِ، لو اصْطادَ صَيدًا، فوَجَدَ عليه علامَةً؛ مثْلَ قِلادَةٍ في عُنُقِه، أو وجدَ في أُذُنِه قَطْعًا، لم يَمْلِكْه؛ لأنَّ الذي صادَه أوَّلًا مَلَكَه. وكذلك إنْ وجدَ طائِرًا مقْصُوصَ الجَناحِ، ويكونُ لُقَطَةً. قوله: الرَّابعُ، التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إِرْسالِ السَّهْمِ أو الجَارِحَةِ، فإِنْ تَرَكَها، لم يُبَحْ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

تَرَكَهَا، لَمْ يُبَحْ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، إِنْ نَسِيَهَا عَلَى السَّهْمِ، أُبِيحَ، وَإِنْ نَسِيَهَا عَلَى الْجَارِحَةِ، لَمْ يُبَحْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَواءٌ تَرَكَها عَمْدًا أو سَهْوًا، في ظاهِرِ المذهَبِ. وهو المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ، والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ» (¬1)، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاويَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، إنْ نَسِيَها على السَّهْمِ، أُبِيحَ، وإنْ نَسِيَها على الجارِحَةِ، لم يُبَحْ. وعنه، تُشْتَرَطُ مع الذِّكرِ دُونَ السَّهْو. وذكرَه ابنُ جَرِيرٍ إجْماعًا. نقَلها حَنْبَلٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الخَلَّالُ: سَها حَنْبَلٌ في نقْلِه. وعنه، تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ مِن مُسْلِمٍ لا مِن كافرٍ. ونقَل حَنْبَلٌ، عكْسَها. وعنه، أنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُشْتَرَطُ أنْ يُسَمِّيَ بالعرَبِيَّةِ، على الصَّحيحِ مِن المذَهبِ. وعنه، يُشْترَطُ إنْ كان يُحْسِنُها. وذكرَ بعْضُ الحَنَفِيَّةِ خِلافَه إجْماعًا. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في الذَّكاةِ. الثَّانيةُ، لو سمَّى على صَيدٍ فأصابَ غيرَه، حَلَّ، وإنْ سمَّى على سَهْمٍ، ثم ألْقاه، وأخذَ غيرَه فرَمَى به، لم يُبَحْ. قاله المُصَنِّفُ، في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقدَّماه، وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». ويَحْتَمِلُ أنْ يُباحَ؛ قِياسًا على ما لو سمَّى على سِكِّينٍ ثم ألْقاها وأخذَ غيرَها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: عِندَ إرْسالِ السَّهْمِ أو الجارِحَةِ. هذا بلا نِزاعٍ. ولا يضُرُّ التَّقَدُّمُ اليسِيرُ، كالتَّقَدُّمِ في العِباداتِ، وكذلك التَّأْخيرُ اليسيرُ على إطْلاقِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به أبو بَكْرٍ في «التَّنْبِيهِ». وكذلك في التَّأْخيرِ الكثيرِ، بشَرْطِ أنْ يزْجُرَه فيَنْزَجِرَ، كما دلَّ عليه كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والشِّيرَازِيُّ، وغيرُهم.

كتاب الأيمان

كِتَابُ الْأَيْمَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الأَيمانِ فائدة: الحَلِفُ على المُسْتقبَلِ، إرادةُ تحْقيقِ خَبَرٍ في المُسْتَقْبلِ مُمْكِنٍ بقَوْلٍ يُقْصَدُ به الحَثُّ على فِعْلِ المُمْكِنِ أو ترْكِه. والحَلِفُ على الماضي؛ إمَّا بِرٌّ وهو الصَّادِقُ، أو غَموسٌ وهو الكاذِبُ، أو لَغْوٌ. قال صاحِبُ «الرِّعايَةِ»: وهو ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا أجْرَ له فيه ولا إثْمَ عليه ولا كفَّارَةَ. وقيل: اليمينُ جملةٌ خَبرِيَّةٌ تُؤكَّدُ بها أُخْرَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خبَرِيَّةٌ، وهما كَشْرطٍ وجزاءٍ. ويأْتي ذلك في الفَصْلِ الثَّاني.

وَالْيَمِينُ الَّتى تَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَةُ، هِيَ الْيَمِينُ بالله تِعَالى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: واليَمِينُ التي تَجبُ بها الكفَّارَةُ، هي اليَمِينُ باللهِ تَعالى، أو صِفَةٍ مِن صِفاتِه. كوَجْهِ اللهِ -نصَّ عليه- وعظمَتِه وعِزَّتِه وإرادَتِه وقُدْرَتِه وعِلْمِه؛ فتَنْعَقِدُ بذلك اليمينُ، وتجبُ الكفَّارَةُ، ولو نَوَى مقْدورَه أو معْلومَه أو مُرادَه. على

وَأَسْماءُ اللهِ تَعَالى قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا، مَا لَا يُسَمَّى بِهِ غَيرُهُ، نَحْوَ: واللهِ، وَالْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ، وَالْأَوَّلِ الَّذِي لَيسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَالْآخِرِ الَّذِي لَيسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، وَخَالِقِ الْخَلْقِ، وَرَازِقِ الْعَالمِينَ. فَهَذَا الْقَسَمُ بِهِ يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ. والثَّاني، مَا يُسَمَّى به غَيرُهُ، وَإِطْلَاقُهُ يَنْصَرِفُ إِلَى اللهِ تعالى؛ كَالرَّحْمَنِ، وَالرَّحِيمِ، وَالْعَظِيمِ، وَالْقَادِرِ، وَالرَّبِّ، وَالْمَوْلَى، وَالرَّزَّاقِ وَنَحْوهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهب المَنْصوصِ عنه. وقيل: لا تجِبُ الكفَّارَةُ إذا نَوَى بقُدْرَةِ اللهِ مقْدُورَه، وبعِلْمِ اللهِ معْلومَه وبإرادَةِ اللهِ مُرادَه. ويأْتي أيضًا ذلك قريبًا. قوله: الثَّانِي، ما يُسَمَّى به غَيرُه، وإِطْلاقُه يَنْصَرِفُ إليه سُبْحانَه؛

فَهَذَا إِنْ نَوَى بِالْقَسَمِ بِهِ اسْمَ اللهِ تَعَالى، أَوْ أَطْلَقَ، فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ نوَى غَيرَه، فَلَيسَ بِيَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالرَّحْمنِ، والرَّحِيمِ، والعَظِيمِ والقادِرِ، والرَّبِّ، والمَوْلَى، والرَّزَّاقِ ونحوه، فهذا إنْ نوَى بالقَسَمِ به اسْمَ اللهِ تعالى، أو أَطْلَقَ، فهو يَمِينٌ، وإنْ نَوَى غيرَه، فليس بيَمِينٍ. هذا الذي ذَكَرَه في الرَّحْمنِ مِن أنَّه يُسَمَّى به غيرُه، وأنَّه إنْ نَوَى به غيرَه ليس بيَمِينٍ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الرَّحْمَنَ مِن أسْماءِ اللهِ الخاصَّةِ به التي لا يُسَمَّى بها (¬1) غيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال في «الفُروعِ»: والرَّحْمنِ، يمينٌ مُطْلَقًا على الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا الصَّحيحُ. وجزَم به في «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ». وأمَّا الرَّبّ، والخالِقُ، والرَّازِقُ، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، ما قاله المُصَنِّفُ مِن أنَّها مِنَ الأسْماءِ المُشْتَرَكَةِ، وأنَّه إذا نَوَى بها القَسَمَ، أو (¬2) أَطْلَقَ، انْعَقَدَتْ به اليمينُ، وإنْ نَوَى غيرَه، فليس بيَمِينٍ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي»، في الرَّبِّ والرَّازِقِ. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، في الرَّبِّ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، في الرَّبِّ والرَّازِقِ، وقدَّمه في «الفُروعِ» في الجميعِ. وخرَّجها في «التَّعْليقِ» على رِوايةِ: أُقْسِمُ. وقال طَلْحَةُ العاقُولِيُّ: إنْ أتَى بذلك مُعَرَّفًا، نحوَ: والخالِقِ، والرَّازِقِ، كان يمينًا مُطْلَقًا؛ لأنَّه لا يُسْتَعْمَلُ في التَّعْريفِ إلَّا في اسْمِ اللهِ تعالى. وقيل: يمينٌ مُطْلَقًا. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وقيل: والخالِقِ والرَّازِقِ، يمينٌ بكُلِّ حالٍ. ¬

(¬1) في الأصل، ط: «به». (¬2) في الأصل، ا: «و».

وَأَمَّا مَا لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْمَائِهِ، كَالشَّيْءِ، وَالْمَوْجُودِ، فَإِنْ لَمْ يَنْو بِهِ اللهَ تَعَالى، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَإِنْ نَوَاهُ، كَانَ يَمِينًا. وَقَال الْقَاضِي: لَا يَكُونُ يَمِينًا أَيضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فَأَمَّا ما لا يُعَدُّ مِن أَسْمائِه، كالشَّيْءِ، والمَوْجُودِ -وكذا الحَيُّ، والواحِدُ، والكريمُ- فإنْ لم يَنْو بِهِ اللهَ تعالى، فليسَ بيَمِينٍ، وإنْ نَواه، كانَ يَمِينًا. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم.

وَإِنْ قَال: وَحَقِّ اللهِ، وَعَهْدِ اللهِ، وَايمُ اللهِ، وَأَمَانَةِ اللهِ، وَمِيثَاقِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَعَظَمَتِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَجَلَالِهِ، وَعِزَّتِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ يَمِينٌ. وَإِنْ قَال: وَالْعَهْدِ، وَالْمِيثَاقِ، وَسَائِرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُضِفْهُ إِلَى اللهِ تَعَالى، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، إلا أَنْ يَنْويَ صِفَةَ اللهِ تَعَالى. وَعَنْهُ، يَكُونُ يَمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي وابنُ البَنَّا: لا يكونُ يمينًا أيضًا. وأَطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وإنْ قال: وحَقِّ اللهِ، وعَهْدِ اللهِ، وايمُ اللهِ، وَأَمانَةِ اللهِ، ومِيثاقِه وقُدْرَتِه، وعَظَمَتِه، وكِبْرِيائِه، وجَلالِه، وعِزَّتِه، ونَحْوَه -كإرادَتِه، وعِلْمِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَبَرُوتِه- فهي يمينٌ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، في: أَيْمُ اللهِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقطَع به جميعُ الأصحابِ، في غيرِ ايمُ اللهِ، وقُدْرَتِه. وجُمْهورُهم قطَع به في غيرِ ايمُ اللهِ. وعنه، لا يكونُ ايمُ اللهِ يمينًا إلَّا بالنِّيَّةِ. وقيل: إنْ نوَى بقُدْرَتِه مقْدُورَه، وبعِلْمِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معْلُومَه، وبإرادَتِه مُرادَه، لم يكُنْ يمينًا. كما تقدَّم. وجزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». والمَنْصوصُ خِلافُه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ الرِّوايتَين في قَوْلِه: علَيَّ عَهْدُ اللهِ ومِيثاقُه. والمذهبُ أنَّه يمينٌ مُطْلَقًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يُكْرَهُ الحَلِفُ بالأَمانَةِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وفيه حديث مرْفوعٌ، رواه أبو داودَ (¬1). قال الزَّرْكَشِيُّ: قلتُ: وظاهِرُ رِوايةِ الأَثَرِ والحديثِ التَّحْريمُ. ¬

(¬1) سيأتي تخريجه في صفحة 441.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: والعَهْدِ والمِيثَاقِ، وسَائِرَ ذلك -كالأَمانَةِ، والقُدْرَةِ، والعَظَمَةِ، والكِبْرِياءِ، والجَلالِ، والعِزَّةِ- ولم يُضِفْه إلى اللهِ تعالى، لم يَكُنْ يَمِينًا، إلَّا أَنْ يَنْويَ صِفَةَ اللهِ تَعالى. إذا نَوَى بذلك صِفَتَه تعالى، كانَ يَمِينًا، قوْلًا واحدًا. وإنْ أطْلَقَ، لم يكُنْ يمِينًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ

وَإِنْ قَال: لَعَمْرُ اللهِ. كَانَ يَمِينًا. وَقَال أبُو بَكْرٍ: لَا يَكُونُ يَمِينًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. وعنه، لا يكونُ يمِينًا إلَّا إذا نَوَى. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. قاله في «الهِدايَةِ». وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. قوله: وإنْ قال: لعَمْرُ اللهِ. كانَ يَمِينًا. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ

إلا أَنْ يَنْويَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقال أَبُو بكْرٍ: لا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْويَ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ.

وَإِنْ حَلَفَ بِكَلامِ اللهَ، أَوْ بِالْمُصْحَفِ، أَوْ بِالْقُرْآنِ، فَهُوَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ، عَلَيهِ بِكُل آيَةٍ كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف بكَلامِ اللهِ، أو بالمُصْحَفِ، أو بالقُرْآنِ، فهي يَمِينٌ، فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وكذا لو حلَف بسُورَةٍ منه، أو آيَةٍ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، عليه بكُلِّ آيَةٍ كفَّارَةٍ. وهو الذي ذكَرَه الخِرَقِيُّ. قال في «الفُروعِ»: ومَنْصوصُه، بكُلِّ آيَةٍ كفَّارَةٌ إنْ قَدَرَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ عليه في رِوايةِ حَرْبٍ وغيرِه. وحَمَلَه المُصَنِّفُ على الاسْتِحْبابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقولُ الإِمامِ أحمدَ للوُجوبِ أَقْرَبُ؛ لأنَّ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إنَما نقَلَه لكفَّارَةٍ واحدةٍ عندَ العَجْزِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، عليه بكُلِّ آيَةٍ كفَّارَةٌ وإنْ لم يقْدِرْ. وذكَر في «الفُصولِ» وَجْهًا، عليه

وَإنْ قَال: احلِفُ بِاللهِ أَوْ: أَشْهَدُ باللهِ. أَوْ: أُقْسِمُ باللهِ. أَوْ: أَعْزِمُ باللهِ. كَانَ يَمِينًا. وَإنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، إلا أَنْ يَنْويَ. وَعَنْهُ، يَكُونُ يَمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بكُل حَرْفٍ كفَّارَة. وقال في «الرَّوْضَةِ»: أمَّا إذا حلَف بالمُصْحَفِ، فعليه كفَّارَةٌ واحدةٌ، رِوايَةً واحدةً. فائدة: قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه»: لو حَلَفَ بالتَّوْراةِ والإِنْجِيلِ، ونحوهما مِن كُتُبِ اللهِ، فلا نَقْلَ فيها، والظَّاهِرُ أنَّها يمينٌ. انتهى. قوله: وإنْ قال: أحْلِفُ باللهِ. أو: أَشْهَدُ باللهِ. أو: أُقْسِمُ باللهِ. كانَ يَمِينًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وعنه، لا يكونُ يمِينًا إلَّا بالنِّيَّةِ (¬1). واخْتارَه أبو بَكْرٍ. فائدة: لو قال: حَلَفْتُ باللهِ، أو: أَقْسَمْتُ باللهِ، أو: آليتُ باللهِ، أو: شَهِدْتُ ¬

(¬1) في الأصل: «بالله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باللهِ. فهو كقوْلِه: أحْلِفُ باللهِ، أو: أُقْسِمُ باللهِ، أو: أَشْهَدُ باللهِ. خِلافًا ومذهبًا. لكِنْ لو قال: نوَيتُ بـ: أَقْسمْتُ باللهِ. الخَبَرَ عن قَسَم ماضٍ، أو بـ: أُقْسِمُ. الخَبَرَ عن قَسَم يأْتِي. دُيِّنَ، ويُقْبَلُ في الحُكْمِ في أحدِ الوَجْهَين. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو الصَّحيحُ. والوَجْهُ الثَّانِي، لا يُقْبَلُ. اخْتارَه القاضي. [وأطْلَقَهما الزَّرْكَشِيُّ] (¬1). قوله: وإنْ قال: أعْزِمُ باللهِ. كانَ يَمِينًا. وهو أحدُ الوَجْهَين. قال في «الفُروعِ»: قال جماعة: والعَزْمُ. وهو المذهبُ. ومال إليه الشَّارِحُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَذْكِرَةِ بنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو قولُ الجُمْهورِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وذكَر أبو بَكْرٍ، في قوْلِه: أعْزِمُ باللهِ. ليسَ بيَمِينٍ مع الإطْلاقِ؛ لأنَّه لم يثْبُتُ له عُرْفُ الشَّرْعِ، ولا الاسْتِعْمالُ، فظاهِرُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه غيرُ يمينٍ؛ لأنَّ مَعْناه، أقْصِدُ باللهِ لأَفعَلَنَّ. قوله: وإنْ لم يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ -يعْنِي فيما تقدَّم، كقَوْلِه: أحْلِفُ، أو: أشْهَدُ، أو: أُقْسِمُ. أو: حَلَفْتُ، أو: أَقْسَمْتُ، أو: شَهِدْتُ- لم يكُنْ يمينًا، إلَّا أنْ يَنْويَ. إذا لم يذْكُرِ اسْمَ اللهِ ونَوَى بِه اليمينَ، كان يمينًا، بلا نِزاعٍ. وإنْ لم يَنْو، فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه لا يكونُ يمينًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. واخْتارَه أبو بَكْر. قاله الزَّرْكَشِيُّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وعنه، يكونُ يمينًا. نَصَرَه القاضي وغيرُه. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، وأبو بَكْرٍ. قاله في «الهِدايَةِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصحابِ؛ الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما»، وابنُ عَقِيلٍ، والشِّيرَازِيُّ، وغيرُهم. وصحَّحه في «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». وأَطلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: عزَمْتُ، واعزِمُ، ليسَ يمينًا ولو نَوَى؛ لأنَّه لا شَرْعَ ولا لُغَةَ، ولا فيه دِلالة عليه ولو نَوَى. قال ابنُ عَقِيلٍ: رِوايةً واحدَةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: ظاهرُ كلامِ المُصنِّفِ هنا، أنَّ فيها الرِّوايتَين، لكِنَّ أكْثَرَهم لم يذْكُرْ ذلك (¬1). فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: قَسَمًا باللهِ لَأفْعَلَنَّ. كان يمينًا، وتقْديرُه، أقْسَمْتُ قَسَمًا باللهِ، وكذا قولُه: أَلِيَّةً باللهِ. بلا نِزاعٍ في ذلك. ويأْتي في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا قال: علَيَّ يمينٌ أو نَذْرٌ. هل يَلْزَمُه الكفَّارَةُ أُمْ لا؟ الثَّانيةُ، لو قال: آليتُ باللهِ، أو: آلِي باللهِ، أو: ألِيَّةً باللهِ، أو: حَلِفًا باللهِ، أو: قَسَمًا باللهِ. فهو حَلِفٌ؛ سواءٌ نَوَى به اليمينَ أو أطْلَقَ، كما لو قال: أُقْسِمُ باللهِ. وحُكْمُه حُكْمُ ذلك في تَفْصِيلِه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. ¬

(¬1) في الأصل: «رواية».

فَصْلٌ: وَحُرُوفُ الْقَسَم؛ الْبَاءُ، وَالْواوُ، وَالتَّاءُ فِي اسْمِ اللهِ تَعَالى خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحُرُوفُ القَسَمِ، الباءُ، والواوُ، والتَّاءُ. فالباءُ يَلِيها مُظْهَرٌ ومُضْمَرٌ. والواوُ يلِيها مُظْهَرٌ فقطْ. والتَاءُ في اللهِ خاصَّة. على ما يأْتِي. وظاهرُ كلامِ المُصنِّفِ، أنَّ هذه حُروفُ القَسَمِ لا غيرُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ها اللهِ، حَرْفُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَسَم. والصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها يمينٌ بالنِّيَّةِ. قوله: والتَّاءُ في اسْمِ اللهِ تَعالى خاصَّةً. بلا نِزاعٍ، وهو يمينٌ مُطْلَقًا. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وفي «المُغْنِي» احْتِمالٌ في: تاللهِ لأَقُومَنَّ. يُقْبَلُ قوْلُه بنِيَّةِ أنَّ قِيامَه بمَعُونَةِ اللهِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ نَوَى: باللهِ أَثِقُ، ثم

وَيَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيرِ حَرْفِ الْقَسَمِ، فَيَقُولُ: اللهَ لأَفْعَلَنَّ. بالْجَرِّ والنَّصْبِ، فَإِنْ قَال: اللهُ لأَفْعَلَنَّ. مَرْفُوعًا، كَانَ يَمِينًا، إلا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَنْويَ الْيَمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابْتدَأَ: لأفْعَلَنَّ. احْتَمَلَ وَجْهَين باطِنًا. قال في «الفُروعِ»: وهو كطَلاقٍ. قوله: ويَجُوزُ القَسَمُ بغيرِ. حُرُوفِ القَسَمِ، فيَقُولُ: اللهَ لأفْعَلَنَّ. بالجَرِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَالنَّصْبِ -بلا نِزاعٍ- فإن قال: اللهُ لأفْعَلَنَّ. مرْفُوعًا، كانَ يمينًا، إلا أنْ يَكُونَ مِن أهْلِ العَرَبِيَّةِ، ولا يَنْويَ به اليَمِينَ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»: فإنْ نصَبَه بواوٍ، أو رفَعه معها، أو دُونَها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيَمِينٌ، إلَّا أنْ يُريدَها عرَبِي. وقيل: أو عامِّيٌّ. وجزَم به في «التَّرْغيبِ»، مع رَفْعِه. وقال القاضي في القَسامَةِ: ولو تعَمَّدَه لم يَضُرَّ؛ لأنَّه لا يُحِيلُ المعْنَى. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الأحْكامُ تتعَلَّقُ بما أرادَه النَّاسُ بالأَلْفاظِ الملْحُونَةِ، كقوْلِه: حَلَفْتُ باللهُ. رَفْعًا أو نصْبًا، واللهِ باصوم وباصلى ونحوه. وكقَوْلِ الكافر: أشْهَدُ أنَّ محمدٌ رسُولُ اللهِ. برَفْعِ الأوَّلِ ونَصْبِ الثَّاني، وأَوْصَيت لزَيدًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِائَةٍ. وأعْتَقْتُ سالِم. ونحو ذلك. وهو الصَّوابُ. وقال أيضًا: مَن رامَ جعْلَ جميعِ النَّاسِ في لَفْظٍ واحدٍ -بحسَبِ عادَةِ قَوْم بعَينِهم- فقد رامَ ما لا يُمْكِنُ عَقْلًا، ولا يصْلُحُ شَرْعًا. فائدة: يجابُ في الإيجابِ بـ: إن. خفِيفَةً وثقيلةً، وباللَّامِ، وبنُونَي التَّوْكيدِ المُخَفَّفَةِ والمُثَقَّلَةِ، وبقَدْ. والنَّفْي بـ: ما وإنْ في مَعْناها وبـ: لا، وتُحْذَفُ لا

وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيرِ اللهِ تَعَالى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ لَفْظًا، ونحو: واللهِ أفْعَلُ. وغالِبُ الجَواباتِ ورَدَتْ في الكتابِ العزيزِ. قوله: ويُكْرَهُ الحَلِفُ بغيرِ اللهِ تعالى. هذا أحدُ الوَجْهَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به أبو عَليٍّ، وابنُ البَنَّا، وصاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُحَرَّمًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وعنه، يجوزُ. ذكَرَها في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَرَها في «الشَّرْحِ» قوْلًا. فائدة: تنْقسِمُ الأَيمانُ إلى خمْسَةِ أقْسام، وهي أحْكامُ التَّكْليفِ، كالطَّلاقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما تقدَّم؛ أحدُها، واجِبٌ، كالذي يُنَجِّي بها إنْسانًا معْصُومًا مِن هَلَكَةٍ، وكذا إنْجاءُ نفْسِه، مثلُ الَّذي تتوَجَّهُ عليه أَيمانُ القَسامَةِ في دَعْوَى القَتْلِ عليه، وهو برِئٌ، ونحوُه. الثَّاني، منْدوبٌ وهو الَّذي تتعَلَّقُ به مصْلَحَةٌ؛ مِن الإِصْلاحِ بينَ المُتَخاصِمين، أو إزالَةِ حِقْدٍ مِن قَلْبِ مُسْلِمٍ عنِ الحالِفِ أو غيرِه، أو دَفْعِ شَرٍّ. فإنْ حَلَفَ على فِعْلِ طاعَةٍ، أو تَرْكِ معْصِيَةٍ، فوَجْهان. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وشارِحُ «الوَجيزِ»؛ أحدُهما، ليس بمَنْدوبٍ. صحَّحه في «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّواب. وإليه مَيلُ شارِحِ «الوَجيزِ». والوَجْهُ الثَّاني، منْدوبٌ. اخْتارَه بعضُ الأصحابِ. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِهِ»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ بِهِ، سَواءٌ أَضَافَهُ إِلَى اللهِ تَعَالى، مِثْلَ قَوْلِهِ: ومَعْلُومِ اللهِ، وَخَلْقِهِ، وَرِزْقِهِ، وَبَيتِهِ. أَوْ لَمْ يُضِفْهُ، مِثْلَ: وَالْكَعْبَةِ، وَأَبى. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثالثُ، مُباحٌ، كالحَلِفِ على فِعْلِ مُباحٍ أو تَرْكِ مُباحٍ، والحَلِفِ على الخبَرِ بشيءٍ هو صادِفٌ فيه، أو يظُن أنَّه صادِقٌ. الرابعُ، مكْروهٌ. وهو الحَلِفُ على مكْرُوهٍ، أو تَرْكِ مَنْدوب. ويأْتِي حَلِفُه عندَ الحاكمِ. الخامسُ، مُحَرَّمٌ. وهو الحَلِفُ كاذِبًا عالِمًا. ومنهْ، الحَلِفُ على فِعْلِ معْصِيَةٍ، أو ترْكِ واجبٍ. قوله: ولا تَجِبُ الكَفَّارَةُ باليَمِينِ بهِ، سَواءٌ أضافَه إلى اللهِ، مِثْلَ قَوْلِه: ومَعْلُوم اللهِ، وخَلْقِه، ورِزْقِه، وبَيتِه. أو لم يُضِفْهُ، مِثْلَ: وَالكَعْبَةِ، وأبِي (¬1) اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنَّ الكفَّارةَ لا تجبُ بالحَلِفِ بغيرِ الله تعالى، إذا كانتْ بغيرِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: الحَلِفُ بخَلْقِ الله ورِزْقِه يمينٌ، فنيَّةُ مخْلوقِه ومرْزوقِه ¬

(¬1) في ط: «والنبي»، وهو موافق لما في المبدع 9/ 263.

وقَال أَصْحَابُنَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ كمَقْدورِه، على ما تقدَّم. والتزَمَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّ «معْلُومَ اللهِ» يمينٌ، لدُخولِ صِفاتِه. وأمَّا الحَلِفُ برَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، عدَمَ وُجوبِ الكفَّارَةِ، وهو اخْتِيارُه. واخْتارَه أيضًا الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال أصحابُنا: تجبُ الكفَارَةُ بالحَلِفِ برَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خاصَّةً. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكْثَرُ، وقدَّمه. ورُويَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، مِثْلُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وحمَل المُصَنِّفُ ما رُويَ عن الإِمَامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، على الاسْتِحْبابِ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: خاصَّةً. أنَّ الحَلِفَ بغيرِه مِنَ الأنْبِياءِ لا تجِبُ به الكفَّارَةُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. والتزَمَ ابنُ عَقِيلٍ وُجوبَ الكفَّارَةِ بكُلِّ نَبِيٍّ. قلتُ: وهو قَويٌّ في الإلْحاقِ. فائدة: نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحِمَه اللهُ، على كراهةِ الحَلِفِ بالعِتْقِ والطَّلاقِ.

فَصْلٌ: وَيُشَتَرَطُ لِوجُوب الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدةً، وَهِيَ الًّتى يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ، وَذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي تحْريمِه وَجْهان. واطلقَهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يَحْرُمُ. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهَ، وقال: ويُعَزَّ وفاقًا لمالِكٍ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَحْرُمُ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا، في مَوْضعٍ آخَرَ، بل ولا يُكْرَهُ. قال: وهو قولُ غيرِ واحدٍ مِن أصحابِنا. قوله: ويُشْتَرَطُ لوجُوبِ الكَفَّارَةِ ثَلَاثةُ شُرُوطٍ؛ أَحدُها، أن تَكُونَ اليَمِينُ مُنْعَقِدَةً، وهي اليَمِينُ التي يُمْكِنُ فيها البِرُّ والحِنْثُ، وذلك الحَلِفُ على مُسْتَقْبَلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُمْكِنٍ. بلا نِزاعٍ في ذلك في الجُمْلَةِ. فائدة: لا تنْعَقِدُ يمينُ النَّائمِ، والطِّفْلِ، والمَجْنونِ ونحوهم. وفي معْناهم السَّكْرانُ. وحكَى المُصَنِّفُ فيه قوْلَين. ولا تنْعَقِدُ يمينُ (¬1) الصَّبِيِّ قبلَ ¬

(¬1) في الأصل: «بيمين».

فَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي، فَلَيسَتْ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ نَوْعَانِ، يَمِينُ الغَمُوسِ، وَهِيَ الَّتي يَحْلِفُ بِهَا كَاذِبًا عَالِمًا ـــــــــــــــــــــــــــــ البُلوغِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به الزَّرْكَشِيُّ، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم قلتُ: ويتَخَرَّجُ انْعِقادُها مِن مُمَيِّز. ويأْتِي حُكْمُ المُكْرَهِ. وأمَّا الكافِرُ، فتنْعَقِدُ يمِينُه وتَلْزَمُه الكفَّارَةُ وإنْ حَنِثَ في كُفْرِه. وقوله: فأمَّا اليَمِينُ على الماضِي، فليسَتْ مُنْعَقِدَةً، وهي نَوْعان؛ يَمِينُ

بِكَذِبِهِ. وَعَنْهُ، فِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَمِثْلُهَا الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، كَقَتْلِ الْمَيِّتِ وَإِحْيَائِهِ، وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاء فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الغَمُوسِ؛ وهي التي يَحْلِفُ بها كاذِبًا عالمًا بكَذبه. يَمِينُ الغَمُوسِ لا تنْعَقِدُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ظاهِرُ المذهبِ، لا كفَّارَةَ فيها. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، فيها الكفَّارَةُ. ويأْثَمُ، كما يَلْزَمُه عِتْقٌ، وطَلاقُ، وظِهارٌ، وحَرامٌ، ونَذرٌ. قاله الأصحابُ، فيُكَفِّرُ كاذِبٌ في لِعانِه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». وأَطْلقَهما في «الهِدايَةِ». قوله: ومِثْلُه الحَلِفُ علي مُسْتَحِيلٍ، كقَتْلِ المَيِّتِ وإحْيائِه، وشُرْبِ ماءِ الْكُوزِ ولا مَاءَ فيه. اعلَمْ أنَّه إذا علَّق اليمينَ على مُسْتَحِيلٍ، فلا يخْلُو، إمَّا أنْ يُعَلِّقَها بفِعْلِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يُعَلِّقَها بعدَمِ فِعْلِه؛ فإنْ علَّقَها بِفِعْل مُسْتَحيلٍ؛ سواءٌ كانَ مُسْتَحِيلًا لذاتِه أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في العادَةِ، مِثْلَ أنْ يقولَ: واللهِ إِنْ طِرْتُ. أو: لا طِرْتُ. أو: صَعِدْتُ السَّماءَ. أو: شاءَ المَيِّتُ. أو: قلَبْتُ الحَجَرَ ذهبًا. أو: جَمَعْتُ بينَ الضِّدَّين. أو: رَدَدْتُ أمْسِ. أو: ثَرِبْتُ ماءَ الكُوزِ ولا ماءَ فيه، ونحوُه. فقال في «الفُروعِ»: هذا لَغْوٌ. وقطَع به. ذكَرَه في الطَّلاقِ في الماضِي والمُسْتَقْبَلِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ» (1) في تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ. وإنْ علَّق يمِينَه على عدَمِ فِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ، سواءٌ كان مُسْتَحِيلًا لذاتِه، أو في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العادَةِ، نحوَ: واللهِ لأصْعَدَنَّ السَّماءَ، و (¬1) إنْ لم أصْعَدْ، أو: لأشْرَبَنَّ (¬2) ماءَ الكُوزِ ولا ماءَ فيه، و (3) إنْ لم أشْرَبْه، أو: لأقْتُلَنَّه فإذا هو مَيِّتٌ، عَلِمَه أو لم يعْلَمْ، ونحوَ ذلك، ففيه طَريقان؛ أحدُهما، فيه ثلَاثَةُ أوْجُهٍ، كالحَلِفِ بالطَّلاقِ على ذلك؛ أحدُها، وهو الصَّحيحُ منها، تنْعَقِدُ وعليه الكفَّارَةُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». ذكَرُوه في تَعْلِيقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ. والثَّانِي، لا تنْعَقِدُ ولا كفَّارَةَ عليه. والثَّالِثُ، لا تنْعَقِدُ في المُسْتَحيلِ لذاتِه ولا كفَّارَةَ عليه فيه، وتَنْعَقِدُ في المُسْتَحيلِ عادَةً في آخِرِ حَياتِه. وقيل: إنْ وَقَّتَه، ففي آخِرِ وَقْتِه. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ اتِّفاقًا في الطَّلاقِ. والطَّريقُ الثَّاني، لا كفَّارَةَ عليه [بذلك مُطْلَقًا] (¬3). وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وأَطْلقَ الطَّريقَين في «الفُروعِ» في ¬

(¬1) في ط، ا: «أو». (¬2) في ط، ا: «لا شربت». (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بابِ الطَلاقِ في الماضِي والمُسْتَقْبَلِ. والذي قدَّمه في «المُحَررِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، أنَّ حُكْمَ اليَمِينِ بذلك حُكْمُ اليمينِ بالطَّلاقِ، على ما تقدَّم في بابِ الطَلاقِ في الماضِي والمُسْتَقْبَلِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في المُسْتَحيلِ عقْلًا؛ كقَتْلِ المَيِّتِ وإحْيائِه، وشُرْبِ ماءِ الكُوزِ ولا ماءَ فيه: وقال أبو الخَطَّابِ: لا تنْعَقِدُ يمينُه، ولا تجبُ بها (¬1) كفَارَةٌ. وقال القاضي: تَنْعَقِدُ مُوجِبَةً للكفَّارَةِ في الحالِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في المُسْتَحيلِ عادةً؛ كصُعودِ السَّماءِ، ¬

(¬1) في ط: «لها».

الثَّانِي، لَغْوُ الْيَمِينِ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينَ بِخِلَافِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والطَّيرانِ، وقَطْعِ المسافةِ البعيدةِ في المُدَّةِ القليلةِ: إذا حَلَفَ على فِعْلِه، انْعَقَدَتْ يمينُه، ووجَبَتِ الكفَّارَةُ. ذكَرَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، واقْتَصرا عليه. انتهيا. قوله: والثَّانِي، لَغْوُ اليَمِين، وهو أنْ يحْلِفَ على شيءٍ يَظُنُّه فيَبِينَ بخِلافِه، فلا كَفَّارَةَ فيها. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، فيه الكفَّارَةُ، وليس مِنْ لَغْو اليمينِ، على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يأْتِي. و (¬1) قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم (¬2): وإنْ عقَدَها يظُنُّ صِدْقَ نفْسِه، فبانَ بخِلافِه، فهو كمَن حلَف على مُسْتَقْبَلٍ وفعَلَه ¬

(¬1) في ط، ا: «فائدة». (¬2) في الأصل: «جماعة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ناسِيًا. [قال في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: قال جماعَةٌ مِن أصحابِنا: مَحَلُّ الرِّوايتَين في غيرِ الطَّلاقِ والعَتاقِ، أمَّا الطَّلاقُ والعَتاقُ، فيَحْنَثُ جَزْمًا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الخِلافُ في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، في الجميعِ. وقال في «الفُروعِ»: وقطَع جماعَةٌ -فيما إذا عقَدَها يَظُنُّ صِدْقَ نفْسِه فبانَ بخِلافِه- بحِنْثِه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هذا ذُهولٌ؛ لأنَّ أبا حَنِيفَةَ ومالِكًا، رَحِمَهُما اللهُ، يُحنِّثان النَّاسِيَ ولا يُحَنِّثان هذا؛ لأنَّ تلك اليَمِينَ انْعقَدَتْ، وهذه لم تنْعَقِدْ] (¬1). [وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب. فيَدْخُلُ في ذلك الطَّلاقُ والعَتاقُ واليمينُ المُكَفَّرَةُ. وتقدَّم ذلك في آخِرِ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ، فيما إذا حلَف على شيءٍ وفعَله ناسِيًا، أنَّ المذهبَ الحِنْثُ في الطَّلاقِ والعَتاقِ، وعَدَمُه في غيرِهما، فكذا هنا. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه إذا حلَف يظُنُّ صِدْقَ نفسِه فبانَ بخِلافِه، يَحْنَثُ في طَلاقٍ وعَتاقٍ، ولا يَحْنَثُ في غيرِهما. وقال في «الفُروعِ» وغيرِه: وقطَع جماعَة بحِنْثِه هنا في طَلاقٍ وعِتْقٍ. زادَ في «التَّبْصرَةِ»، مثْلُه في المَسْأَلَةِ بعدَها، وكُلُّ يمينٍ مُكَفَّرَةٍ، كاليمينِ باللهِ تعالى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: حتَّى عِتْقٍ وطَلاقٍ، وهل فيهما لَغْوٌ؟ على قوْلَين في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في «الفُروعِ»: ومُرادُه ما سبَق. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، عن قولِ مَن قطَع بحِنْثِه في الطَّلاقِ والعَتاقِ هنا: هو ذُهولٌ، بل فيه الرِّوايَتان] (¬2). ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ ذلك إذا عقَد اليمينَ على (¬1) زَمَنٍ ماضٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا لو عقَدَها على (¬2) مُسْتَقبَلٍ ظانًّا صِدْقَه، فلم يَكُنْ، كمَن حَلَفَ على غيرِه يَظُنُّ أنَّه يُطِيعُه، فلم يفْعَلْ، أو ظَنَّ المَحْلوفُ عليه خِلافَ نِيَّةِ الحالِفِ، ونحو ذلك. وقال: إنَّ المَسْأَلةَ على رِوايتَين، كمَنْ ظنَّ امْرَأَةً أجْنَبِيَّةً، فطَلَّقها، فبانَتِ امْرَأَتَه ونحوَها ممَّا يتعَارَضُ فيه التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ والقَصْدُ؛ فلو كانت يمِينُه بطَلاقٍ ثَلاثٍ، ثم قال: أنتِ طالِقٌ. مُقِرًّا بها أو مؤَكدًا له (¬3)، لم يقَعْ، وإنْ كان مُنْشِئًا، فقد أوْقعَه بمَن يظُنُّها أجْنَبِيَّةً، ففيها الخِلافُ. انتهى. ومِثْلُه في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه بحَلِفِه أنَّ المُقْبِلَ (¬4) زيدٌ، أو ما كانَ كذا، وكان كذا، [فكمَنْ فعَل مُسْتَقْبَلًا ناسِيًا] (¬5). ¬

(¬1) في ط، ا: «في». (¬2) في ط، ا: «في زمن». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) في النسخ: «المستقبل». وانظر الفروع 6/ 345. (¬5) سقط من: ط، وبعده في الأصل: «قال في «الفروع» وقطع جماعة بحنثه في عتق وطلاق. زاد في «التبصرة» مثله في المسألة التي بحدها، وكل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى. قال الشيخ تقي الدين: حتَّى عتق وطلاق، وأن هل فيهما لغو على قولين في مذهب الإمام أحمد. قال في «الفروع» ومراده ما سبق».

فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهًا، لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّانِي، أنْ يحْلِفَ مُخْتارًا، فإنْ حَلَفَ مُكْرَهًا، لم تَنْعَقِدْ يَمِينُه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». قال النَّاظِمُ: هذا المَنْصورُ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، تَنْعَقِدُ. ذكَرَها أبو الخَطَّابِ. نقَلَه عنه الشَّارِحُ. وقال في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والعِشْرِين»: لو أُكْرِهَ على الحَلِفِ بيَمِين لحَقِّ نفْسِه، فحلَفَ دَفْعًا للظُّلْمِ عنه، لم تَنْعَقِدْ يمينُه، ولو أُكْرِهَ على الحَلِفِ لدَفْعِ الظُّلْمِ عن غيرِه فحلَفَ، انْعقَدَتْ يمينُه، ذكَرَه القاضي في «شَرْحِ المُذْهَبِ»، وفي «الفَتاوَى الرَّجَبِيَّاتِ»، عن أبي الخطَّابِ، لا تنْعَقِدُ. وهو الأظْهَرُ. انتهى.

وَإِنْ سَبَقَتِ الْيَمِينُ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيرِ قَصْدٍ إِلَيهَا، كَقَوْلِهِ: لَا وَاللهِ. وَبَلَى وَاللهِ. في عُرْضِ حَدِيثِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا وغيرِه. قوله: وإنْ سَبَقَتِ اليَمِينُ على لِسانِه مِن غيرِ قَصْدٍ إِليها، كَقَوْلِه: لا واللهِ. وبلى واللهِ. في عُرْضِ حَدِيثه، [فلا كَفَّارَةَ عليه. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»] (¬1): فلا كفَّارَةَ على الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «النَظْمِ». قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فلا كفَّارَةَ في الأشْهَرِ. وعنه، عليه الكفَارَةُ مُطْلَقًا. وعنه، لا كفَّارَةَ في الماضِي. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقال في «الرِّعايَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرَى»: فلا كفَّارَةَ في الأشْهَرِ، وفي المُسْتَقْبَلِ رِوايَتان. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»: لا كفَّارَةَ فيه إنْ كانَ في الماضِي، وإنْ كانَ في المُسْتَقْبَلِ، فرِوايَتان. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ هذا ليس مِن لَغْو اليَمينِ، بل لَغْوُ اليمينِ أنْ يحْلِفَ على شيءٍ يظُنُّه، فيَبِينَ بخِلافِه. كما قاله قبلَ ذلك. وهو إحْدَى الرِّوايتَين. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّ هذا لَغْوُ اليَمِينِ فقط. [وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ] (¬1). وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «العُمْدَةِ»، مع أنَّ كلامَه يَحْتَمِلُ أنْ يشْمَلَ الشَّيئَين. وأَطْلقَهما في «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وقيل: كِلاهُما (¬2) لَغْوُ اليمينِ. [وقطَع الشَّارِحُ أنَّ قوْلَه: لا واللهِ، وبلَى واللهِ. في عُرْضِ حديثه مِن غيرِ قَصْدٍ، مِن لَغْو اليَمينِ] (¬3)، وقدَّم فيما إذا حَلَفَ على شيءٍ يظُنُه، فتبين خِلافَه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «كلامه». (¬3) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، الْحِنْثُ في يَمِينهِ، بَأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، أَوْ يَتْرُكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، مُخْتَارًا ذَاكِرًا، وَإِنْ فَعَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه مِن لَغْو اليمينِ أيضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: الخِرَقِيّ يجْعَلُ لَغْوَ اليمينِ شيئَينِ؛ أحدُهما، أنْ لا يقْصِدَ عَقْدَ اليمينِ، كقَوْلِه: لا واللهِ، وبلَى واللهِ. وسواءٌ كانَ في الماضي أو المُسْتَقْبَلِ. والثَّاني، أنْ يحْلِفَ على شيءٍ، فيَبِينَ بخِلافِه. وهي طريقَةُ. ابنِ أبي مُوسى وغيرِه. وهي في الجُمْلَةِ ظاهِرُ المذهبِ. والقاضي يجْعَلُ الماضيَ لَغْوًا، قوْلًا واحدًا، وفي سَبْقِ اللِّسانِ في المُستَقْبَلِ رِوايتَين، وأبو محمدٍ عَكَسَه، فجعَل سبْقَ اللِّسانِ لغْوًا، قوْلًا واحدًا، وفي الماضِي رِوايَتين. ومِنَ الأصحابِ مَن يحْكِي رِوايتَين في الصُّورَتَين، ويجْعَلُ اللَّغْوَ في إحْدَى الرِّوايتَين هذا دُونَ هذا، وفي الأُخْرَى عكْسَه. وجمَع أبو البَرَكاتِ بينَ طرِيقَتَيِ القاضي وأبي محمدٍ، فحكَى في المسْأَلةِ ثلاثَ رواياتٍ؛ فإذا سبَق على لِسانِه في الماضي، لا واللهِ، وبلَى واللهِ، في اليمينِ، مُعْتَقِدًا أنَّ الأمْرَ؛ حَلَفَ عليه، فهو لَغْوٌ اتِّفاقًا. وإنْ سبَقَ على لِسانِه اليمينُ في المُسْتَقْبَلِ، أو تعَمَّدَ اليمينَ على أمْرٍ يظُنُّه؛ حَلَفَ عليه فتَبَيَّنَ بخِلافِه، فثَلاثُ رِواياتٍ، كِلاهما لَغْوٌ، وهو المذهبُ؛ الحِنْثُ في الماضِي دُونَ ما سبَق على لِسانِه، وعكْسُه. وقد تلَخَّصَ في المسْأَلةِ خَمْسُ طُرُقٍ. والمذهبُ منها (¬1) -في الجُملةِ- قَوْلُ الخِرَقِيِّ. انتهى. تنبيه: شمِلَ قولُه: الثَالِثُ، الحِنْثُ في يَمِينِه، بأَن يَفْعَلَ ما حلَف على تَرْكِه، ¬

(¬1) في الأصل: «فيها».

مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ. وَعَنْهُ، عَلَى النَّاسِي كَفَّارَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو يَتْرُكَ ما خلَف على فِعْلِه، مُخْتَارًا ذَاكِرًا. ما لو كانَ فِعْلُه معْصِيَةً أو غيرَها؛ فلو حَلَفَ على فِعْلِ معْصِيَةٍ، فلم يفْعَلْها، فعليه الكفَّارَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا قولُ العامَّةِ. وقيل: لا كفَّارَةَ في ذلك. ويأْتِي عندَ قوْلِه: وإنْ حلَفَ على يمينٍ، فرأَى غيرَها خيرًا منها. تحْريمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فِعْلِه، [وأنَّه لا كفَّارَةَ مع فِعْلِه] (¬1). على الصَّحيحِ، وفُروعٌ أُخَرُ. قوله: وإِنْ فَعَلَه مُكْرَهًا، أو ناسيًا، فلا كَفَّارَةَ عليه. إذا حلَف لا يفْعَلُ شيئًا، ففعَلَه مُكْرَهًا، فلا كفَارَةَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم، لعدَمِ إضافَةِ الفِعْلِ إليه، بخِلافِ النَّاسِي. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال النَّاظِمُ: هذا المَنْصورُ. وعنه، عليه الكفَّارَةُ. وقيل: هو كالنَّاسِي. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ أنْ لا يحْنَثَ إلَّا في الطَّلاقِ والعِتْقِ. وقال الشَّارِحُ: والمُكْرَهُ على الفِعْلِ ينْقَسِمُ قِسْمَين، أحدُهما، أنْ يُلْجَأْ إليه، مثْلَ مَن حلَف لا يدْخلُ دارًا، فحُمِلَ فأُدْخِلَها، أو لا يخْرُجُ منها، فأُخْرِجَ محْمولًا، ولم يُمْكِنْه الامْتِناعُ، فلا يَحْنَثُ. الثَّاني، أنْ يُكْرَهَ بالضَّرْبِ، والتَّهْديدِ، والقَتْلِ، ونحوه؛ فقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوايَتانِ، كالنَّاسِي. انتهى. [قال الزَّرْكَشِيُّ: في المُكْرَهِ بغيرِ الإِلْجاءِ رِوايَتان. والذي نصَرَه أبو محمدٍ، عدَمُ الحِنْثِ. وإنْ كان الإِكْراهُ بالإِلْجاءِ، لم يَحْنَثْ إذا لم يقْدِرْ على الامْتِناعِ، وإنْ قَدَرَ، فوَجْهانِ، الحِنْثُ، وعدَمُه] (¬1). وأمَّا إذا فعَلَه ناسِيًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا كفَّارَةَ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَله الجماعَةُ عنَ الإِمامَ أحمدَ، رحِمَه اللهُ. قال في «الهِدايَةِ»: اخْتارَه أكثرُ شُيوخِنا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ، وذكَرُوه المذهبَ. قال الزَّرْكَشِيُّ، وصاحِبُ «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: وهو المذهبُ عندَ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، عليه الكفَّارَةُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وعنه، لا حِنْثَ بفِعْلِه ناسِيًا، ويمِينُه باقِيَةٌ. قال في «الفُروعِ»: وهذا أظْهَرُ. وقدَّمه في «الخُلاصَةِ». وهو في «الإرْشادِ» عن بعضِ أصحابِنا. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، ذكَرَه في أَوَّلِ كتابِ الأَيمانِ. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: إنَّ رُواتَها بقَدْرِ رِوايةِ التَّفَرُّقِ، وأنَّ هذا يَدُلُّ على أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، جعَلَه حالِفًا لا مُعَلِّقًا، والحِنْثُ لا يُوجبُ وُقوعَ المَحْلوفِ به. قال في «القوَاعِدِ الأُصُولِيَّةِ» على هذه الرِّوايَةِ: قال الأصحابُ: يمِينُه باقِيَةٌ بحالِها. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في آخِرِ بابِ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ، في فصْلِ مَسائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ.

وَإنْ حَلَفَ فَقَال: إِنْ شاءَ اللهُ. لَمْ يَحْنَثْ، فَعَلَ أَوْ تَرَكَ، إِذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: حُكْمُ الجاهلِ المَحْلوفِ عليه حُكْمُ النَّاسِي، على ما تقدَّم. والفاعِلُ في حالِ الجُنونِ، قيل: كالنَّاسِي. والمذهبُ عدَمُ حِنْثِه مُطْلَقًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الأصحُّ. قوله: وإنْ حلَفَ فقال: إِنْ شاءَ اللهُ. لم يَحْنَثْ، فعَل أو ترَك، إِذا كانَ مُتَّصِلًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باليمينِ. يعْني بذلك في اليمينِ المُكَفَّرَةِ؛ كاليمينِ باللهِ والنَّذْرِ والظِّهارِ، ونحوه، لا غيرُ. وهذا المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ المَعْروفُ، ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «أصُولِ ابنِ مُفْلِح»، وقال: عندَ الأئمَّةِ الأرْبَعةِ. وقال: ويُشْترَطُ الاتِّصالُ لَفْظًا أو حُكْمًا؛ كانْقِطاعِه بتَنَفُّسٍ أو سُعالٍ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوه. وعنه، لا يحْنَثُ إذا قال: إنْ شاءَ اللهُ. مع فَصْلٍ يسير ولم يتَكَلَّمْ. وجزَم به في «عُيونِ المَسائلِ» (1)، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعمه، لا يَحْنَثُ إذا اسْتَثْنَى في المَجْلِسِ. وهو في «الإِرْشادِ» عندَ بعضِ أصحابِنا. قال في «المُبْهِجِ»: ولو تكَلَّمَ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ومَن حلَف قائلًا: إنْ شاءَ اللهُ. قصدًا، فخالفَ، [لم يَحْنَثْ] (¬1)، وإنْ قالها في المَجْلِسِ، فرِوايَتان. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ومَن حلَف بيمينٍ وقال معها: إنْ شاءَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ. مع قصْدِه له في الأصحِّ، ولم يفْصلْ بينَهما بكَلام آخَرَ، أو سُكوتٍ يُمْكِنُه الكَلامُ فيه، فخالفَ، لم يَحْنَثْ، وإنْ قالها في المَجْلِسِ، فرِوايَتان. وعنه، يُقْبَلُ إلْحاقُه بها قبلَ طُولِ الفَصْلِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قال في «الفُروع»: وكلام الأصحابِ يقْتَضِي، إنْ ردَّه إِلَى يَمِينِه، لم ينْفَعْه؛ لوُقوعِها وَتبَيُّنِ مشِيئَةِ اللهِ، واحْتَجَّ به المُوقِعُ في: أنتِ طالِقٌ إنْ شاء اللهُ. قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ، في اليمينِ باللهِ ومَشِيئَةِ اللهِ: تحْقيقُ مذهبِنا، أنَّه يقِفُ على إيجادِ فِعْل أو ترْكِه، فالمَشِيئَةُ مُتعَلِّقَةٌ على الفِعْلِ، فإذا وُجِدَ، تَبيَّنَّا أنَّه شاءَه، وإلَّا فلا. وفي الطَّلاقِ، المَشِيئَةُ انْطبَقَتْ على اللَّفْظِ بحُكْمِه المَوْضُوعِ له، وهو الوُقوعُ. الثَّانيةُ، يُعْتَبرُ نُطْقُه بالاسْتِثْناءِ، إلَّا مِن خائِفٍ. نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله ولَم يقُلْ في «المُسْتَوْعِبِ»: خائِفٌ. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُعْتَبرُ قَصدُ الاسْتِثْناءِ، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وصاحبِ «المُحَررِ»، وجماعَةٍ، وهو أحدُ الوَجْهَين. ذكَرَه ابنُ البَنَّا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبَناه على أنَّ لَغْوَ اليمينِ عندَنا صحيحٌ، وهو ما كانَ على الماضِي وإنْ لم يقْصِدْه. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ، ولو أرادَ تحْقيقًا لإِرادَتِه ونحوَه؛ لعُمومِ المَشيئَةِ. والوَجْهُ الثَّاني، يُعْتَبَرُ قَصْدُ الاسْتِتْناءِ. اخْتارَه القاضِي. وجزَم به في «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ». وصحَّحه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وتقدَّم لفْظُه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: واشْترَطَ القاضي، وأبو البَرَكاتِ، وغيرُهما -مع فَصلِ الاتِّصالِ- أنْ يَنْويَ الاسْتِثْناءَ قبلَ تَمامِ المُسْتَثْنَى منه. وظاهِرُ بَحْثِ أبي محمدٍ، أنَّ المُشْترَطَ قَصْدُ الاسْتِثْناءِ فقطْ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حتَّى لو نَوَى عندَ تَمامِ يمينِه، صحَّ اسْتِثْناؤُه. قال: وفيه نظَرٌ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وذكَر في «التَّرْغِيبِ» وَجْهًا، اعْتِبارُ قَصْدِ الاسْتِثْناءِ أَوَّلَ الكَلامِ. فائدتان؛ إحْداهما، مثْلُ ذلك في الحُكْمَ، لو حلَف وقال: إنْ أرادَ اللهُ. وقصَد بالإِرادَةِ المَشِيئَةَ، لا إنْ أرادَ محَبَّتَه وأمْرَه. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. الثَّانيةُ، لو شَكَّ في الاسْتِثْناءِ، فالأَصْلُ عدَمُه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: الأصْلُ عدَمُه ممَّن عادَتُه الاسْتِثْناءُ. واحْتَجَّ بالمُسْتَحاضَةِ؛ تعْمَلُ بالعادَةِ والتَّمْيِيزِ، ولم تجْلِسْ أقَلَّ الحَيضِ، والأصْلُ وُجوبُ العِبادَةِ.

وَإذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيئًا، وَنَوَى وَقْتًا بِعَينِهِ، تَقَيَّدَ بِهِ، وَإنْ لَمْ يَنْو، لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَيأَسَ مِنْ فِعْلِهِ، إِمَّا بِتَلَفِ الْمَحْلُوفِ عَلَيهِ، أَوْ مَوْتِ الْحَالِفِ، وَنَحْو ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، اسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا حلَف على يَمِينٍ، فرَأى غَيرَها خَيرا منها، اسْتُحِبَّ له الحِنْثُ والتَّكْفِيرُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّم في «التَّرْغيبِ»، أنَّ بِرَّه وإقامَتَه على يَمِينِه أوْلَى. قلتُ: وهو ضعيفٌ مُصادِمٌ للأحاديثِ والآثارِ الوارِدَة في ذلك. فائدة: يَحْرُمُ الحِنْثُ إنْ كان مَعْصِيَةً، بلا نِزاعٍ. وإنْ حلَف ليَفْعَلَنَّ شَيئًا

وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَرامًا، أو مُحَرَّمًا، وجَب أنْ يحْنَثَ ويُكَفِّرَ. على ما تقدَّم قريبًا، وإنْ فعَلَه أَثِمَ بلا كفَّارَةٍ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وقيل: بلَى. ولا يجوزُ تكْفِيرُه قبلَ حِنْثِه المُحَرَّمِ، على ما يأْتِي. قدَّمه في «الرِّعايَةِ». وقيل: بلَى. والبِرُّ في النَّدبِ أوْلَى، وكذا الحِنْثُ في المَكْروهِ مع الكفَّارَةِ يتخَيَّرُ في المُباحِ قبلَها، وحِفْظُ اليمينَ أوْلَى. قاله في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». قال النَّاظِمُ: ولا نَدْبَ في الإِيلَا ليَفْعَلَ طاعَةً … ولا تَرْكَ عِصْيانٍ على المُتَجَوَّدِ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: ولو حلَف لا يغْدِرُ، كفَّر للقَسَمِ، لا لغَدْرِه، مع أنَّ الكفَّارَةَ لا ترْفَعُ إثْمَه. قوله: ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُ الحَلِفِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ. وقطَعُوا به. وقال في «الفُروعِ»: ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُ حَلِفِه، فقيلَ: يُكْرَهُ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يُكْثِرُ الحَلِفَ؛ فإنَّه مَكْروهٌ. لكنْ يُشْتَرطُ فيه أنْ لا يبْلُغَ حدَّ الإِفْراطِ، فإنْ بلَغ ذلك، كُرِهَ قَطْعًا.

وَإنْ دُعِيَ إِلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ مُحِقٌّ، اسْتُحِبَّ افْتِدَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا دُعِيَ إلى الحَلِفِ عندَ الحاكمِ وهو مُحِقٌّ، اسْتُحِبَّ له افْتِداءُ يَمِينِه،

يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ، فَلَا بَأْسَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ حلَف، فلا بَأْسَ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: فالأَوْلَى افْتِداءُ يمينِه. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يُكْرَهُ حَلِفُه. ذكَرَه في «الفُروع». قال المُصَنَفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: ترْكُه أَوْلَى. فيَكونُ مَكْروهًا. انتهى. وقيل: يُباحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونقَلَه حَنْبَلٌ، كعنْدِ غيرِ الحاكمِ. وأطْلَقهما شارِحُ «الوَجيزِ». قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ فيه، يُسْتَحَبُّ لمَصْلحَةٍ، كزِيادَةِ طُمَأْنِينَةٍ وتوْكيدِ الأمْرِ وغيرِه، ومنه قوْلُه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ لعُمَرَ عن صلاةِ العَصْرِ: «واللهِ مَا صَلَّيتُهَا» (¬1). تَطييبًا منه لقَلْبِه. وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «الهَدْي»، عن قِصَّةِ الحُدَيبِيَةِ: فيها جوازُ الحَلِفِ، [بل اسْتِحْبابُه، على الخَبَرِ الدِّينِيِّ الَّذي يريدُ تأْكِيدَه، وقد حُفِظ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الحَلِفُ] (¬2) في أكثرَ مِن ثَمانِين موْضِعًا، وأمَرَه اللهُ بالحَلِفِ على تَصْديقِ ما أخْبَرَ به في ثَلاثةِ مَواضِعَ مِنَ القُرْآنِ، في سُورَةِ ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 5/ 116. (¬2) سقط من: الأصل.

فصْلٌ: فإِنْ حَرَّمَ أمَتَهُ أَوْ شَيئًا مِنَ الْحَلَالِ، لَمْ يُحَرَّمْ، وَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحَرَّمَ تَحْرِيمًا تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُونُس (¬1)، وَسَبأ (¬2)، والتَّغابُن (¬3). قوله: وإنْ حَرَّمَ أمَتَه، أو شَيئًا مِنَ الحَلالِ -غيرَ زَوجَتِه؛ كالطَّعامِ واللِّباسِ وغيرِهما، أو قال: ما أحَلَّ اللهُ عليَّ حَرامٌ. أو لا زَوْجَةَ له- لم يُحَرَّمْ، وعليه كَفَّارَةُ ¬

(¬1) سورة يونس 53. (¬2) سورة سبأ 3. (¬3) سورة التغابن 7.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمينٍ إنْ فَعَلَه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَن يُحَرَّمَ تَحْرِيمًا تُزِيلُه الكَفَّارَةُ. وهو لأبي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وتقدَّم، إذا حرَّم زوْجَتَه، في بابِ صَريحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه، فَلْيُعاوَدْ. فائدتان، إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو علَّقَه بشَرْطٍ، نحوَ: إنْ أَكَلْتُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو علَيَّ حَرامٌ. جزَم به في «الرِّعايَةِ» وغيرِه. ونقَلَه أبو طالِبٍ. قال في «الانْتِصارِ»: وكذا طَعامِي علَيَّ كالمَيتَةِ والدَّمِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وإنْ قال: هذا الطَّعامُ عليَّ حَرامٌ. فهو كالحَلِفِ على ترْكِه. الثَّانيةُ، لا يُغَيِّرُ اليمينُ حُكْمَ المَحْلوفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ»: يَحْرُمُ حِنْثُه وقَصْدُه، لا المَحْلوفُ في نفْسِه، ولا ما رآه خَيرًا. وقال في «الإفْصاحِ»: يَلْزَمُ الوَفاءُ بالطَّاعَةِ، وأنَّه عندَ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، لا يجوزُ عُدولُ القادِرِ إلى الكفَّارَةِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لم يقلْ أحدٌ: إنَّها تُوجِبُ إيجابًا، أو تُحَرِّمُ تحْرِيمًا لا تَرْفَعُه الكفَّارَةُ. قال: والعُقودُ والعُهُودُ مُتَقارِبَةُ المَعْنَى أو مُتَّفِقَةٌ؛ فإذا قال: [أُعاهِدُ اللهَ أَنِّى أَحُجُّ العامَ. فهو نَذْرٌ وعَهْدٌ ويمينٌ. ولو قال] (¬1): أُعاهِدُ اللهَ أنْ لا أُكَلِّمَ زَيدًا. فيَمِينٌ وعَهْدٌ، لا نَذْرٌ؛ فالأَيمانُ إنْ تضَمَّنَتْ معْنَى النَّذرِ -وهو أنْ يلْتَزمَ للهِ قُرْبَةً- لَزِمَه (¬2) الوَفاءُ، وهي عَقْدٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإنْ قَال: هُوَ يَهُودِيٌّ. أوْ: كَافِرٌ. أوْ: بَرِئٌ مِنَ اللهِ تَعَالى، أوْ: مِنَ الإسْلَامِ، أو: الْقُرْآنِ، أو: النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وعَهْدٌ ومُعَاهَدَةٌ للهِ؛ لأنَّه الْتَزَمَ للهِ ما يَطْلُبُه اللهُ منه. وإنْ تضَمَّنَتْ معْنَى العُقودِ التي بينَ النَّاسِ -وهو أنْ يلْتَزِمَ كُلّ مِن المُتعاقِدَين للآخَرِ ما اتَّفقَا عليه- فمُعاقَدَةٌ ومُعاهدَةٌ يَلْزَمُ الوَفاءُ بها. ثم إنْ كان العَقْدُ لازِمًا، لم يَجُزْ نَقْضُه، وإنْ لم يكُنْ لازِمًا، خُيِّرَ، ولا كفارَةَ في ذلك لعِظَمِه. ولو حلَف لا يَغْدِرُ، كفَّر للقَسَمِ لا لغَدْرِه، مع أنَّ الكفارَةَ لا تَرْفَعُ إثْمَه، بل يتَقَرَّبُ بالطاعاتِ. انتهى. قوله: فإنْ قال: هو يَهُودِيٌّ، أو: كافِرٌ -أو: مَجُوسِيٌّ، أو: هو يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، أو: يَعْبُدُ غَيرَ اللهِ- أو: بَرِئٌ مِن الله تعالى، أو: مِنَ الإسْلامِ، أو:

وَعَلَيهِ كَفَّارَةٌ إِنْ فَعَلَ، في إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القُرْآنِ، أو: النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، إنْ فعَل ذلك، فقد فعَل مُحَرَّمًا -بلا نِزاع- وعليه كَفَّارَةٌ إِنْ فعَلَ، في إحْدَى الرِّوايتَين. وهو المذهبُ، سواءٌ كان مُنْجَزًا أو مُعَلَّقًا. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا أشْهَرُ الرِّوايتَين عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واخْتِيارُ جمهورِ الأصحابِ، والقاضي، والشَّرِيفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرَازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرِهم. والأُخْرَى: لا كفَّارَةَ عليه. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ. وأطْلقَهما

وَإنْ قَال: أَنَا أَسْتَحِلُّ الزِّنَى. أَوْ نَحْوَهُ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». ونقَل حَرْبٌ التَّوَقُّفَ. فائدة: مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: أكْفُرُ باللهِ، أو لا يرَاهُ اللهُ في مَوْضِعِ كذا إنْ فعَل كذا. ففعَلَه، ونحوُ ذلك. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، أنَّه لا كفَّارَةَ عليه بقوْلِه: لا يراه اللهُ في مَوْضِعِ كذا. وقال القاضي، والمَجْدُ، وغيرُهما: عليه الكفَّارَةُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وحكَى الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، عن جَدِّه المَجْدِ، أنَّه كان يقولُ: إذا حلَف بالإلْزاماتِ؛ كالكُفْرِ واليَمينِ بالحَجِّ والصِّيامِ ونحو ذلك منَ الإلْزاماتِ، كانْت يمِينُه غَمُوسًا، ويَلْزَمُه ما حلَف عليه. ذكَرَه في «طَبقاتِ ابنِ رَجَبٍ». وقال في «الانْتِصارِ»: وكذا الحكْمُ لو قال: والطَّاغُوتِ لأَفْعَلَنَّه. لتَعْظيمِه له؛ مَعْناه عظَّمْتُه إنْ فعَلْتُه. وفعَلَه لم يَكْفُرْ، ويَلْزَمُه كفَّارَة بخَلافِ، هو فاسِقٌ إنْ فعَلَه؛ لإباحَتِه في حالٍ. قوله: وإنْ قال: أَنا أسْتَحِلُّ الزِّنَى. أو نحوَه -كقَوْلِه: أَنا أسْتَحِلُّ شُرْبَ

وَإنْ قَال: عَصَيتُ اللهَ. أوْ: أَنا أَعْصِي اللهَ في كُلِّ مَا أَمَرَنِي بِهِ. أوْ: مَحَوْتُ الْمُصْحَفَ إِنْ فَعَلْتُ. فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الْخَمرِ، وأكْلَ لَحْمِ الخِنْزيرِ، وأسْتَحِلُّ تَرْكَ الصَّلاةِ أو الزَّكاةِ أو الصِّيامِ- فعلى وَجْهَين. بِناءً على الرِّوايتَين في التي قبلَها، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما. وأجْرَى في «الفُروعِ» وغيرِه الرِّوايتَين في ذلك، وهما مُخَرَّجَتان. قوله: وإنْ قال: عَصَيتُ اللهَ. أو: أنا أَعْصِي اللهَ في كل ما أَمَرَنِي به. أو: مَحَوْتُ المُصْحَفَ إنْ فَعَلْتُ. فلا كَفَّارَةَ فيه. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأجْرَى ابنُ عَقِيلٍ الرِّوايتَين في قوْلِه: مَحَوْتُ المُصْحَفَ. لإِسْقاطِه حُرْمَتَه، و: عصَيتُ اللهَ في كلِّ ما أمَرَنِي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به. واخْتارَ وُجوبَ الكفَّارَةِ في قوْلِه: مَحَوْتُ المُصْحَفَ. واخْتارَ في «المُحَرَّرِ» في قوْلِه: مَحَوْتُ المُصْحَفَ، و: عَصَيتُ اللهَ في كلِّ ما أمَرَنِي به. أنَّه يمين، يَلْزَمُه فيه الكفَّارَةُ إنْ حَنِثَ، لدُخولِ التَّوْحيدِ فيه. فوائد؛ إحْداها، لو قال: لعَمْرِي لأفْعَلَنَّ، أو: لا فَعَلْتُ، أو: قطَع اللهُ يدَيه ورِجْلَيه، أو: أدْخلَه اللهُ النَّارَ. فهو لَغْوٌ. نصَّ عليه. الثَّانيةُ: لا يَلْزَمُه إبْرارُ القَسَمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كإجابَةِ سُؤَّالٍ باللهِ تعالى. وقيل: يَلْزَمُه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إنَّما تجِبُ على مُعَيَّنٍ، فلا تجِبُ إجابَةُ سائلٍ يُقْسِمُ على النَّاسِ. انتهى. الثَّالثةُ، لو قال: باللهِ لَتَفْعَلَنَّ كذا. فيَمِينٌ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: هي يمينٌ، إلَّا أنْ يَنْويَ. و: أسْأَلُكَ باللهِ لِتَفْعَلَنَّ. يُعْمَلُ بنِيَّتِه. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ في إطْلاقِه وَجْهان. انتهى. والكفَّارَةُ على الحالِفِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وحُكِيَ عنه، أنَّها تجبُ على الذي حَنَّثَه. حَكاه سُلَيمٌ الشَّافِعِيُّ (¬1). قال في «الفُروعِ»: ورُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - ما يدُلُّ على إجابَةِ مَن سألَ باللهِ (¬2). وذكَرَه ¬

(¬1) لم نجده. (¬2) أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يستعيذ من الرجل، من كتاب الآداب، وباب عطية من سأل بالله، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود 1/ 389، 2/ 627. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 68، 96، 99.

وَإنْ قَال: عَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ لأفْعَلَنَّ. فَلَيسَ بِشَيْءٍ؛ وَعَنْهُ، عَلَيهِ كَفَّارَة إِنْ حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: عَبْدُ فُلانٍ حُرٌّ لأفْعَلَنَّ. فليس بِشيءٍ. وكذا قولُه: [مالُ فُلانٍ] (¬1) صدَقَةٌ. ونحوُه: لأَفْعَلَنَّ. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ¬

(¬1) في الأصل: «ما لفلان».

وَإنْ قَال: أَيمَانُ الْبَيعَةِ تَلْزَمُنِي. فَهِيَ يَمِينٌ، رَتَّبَها الْحَجَّاجُ، تَشْتَمِلُ عَلَى الْيَمِينِ باللهِ تَعَالى، والطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَصَدَقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وعنه، عليه كفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ، كنَذْرِ المَعْصِيَةِ. وأطْلقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». قوله: وإنْ قال: أَيمانُ البَيعَةِ تَلْزَمُنِي. فهي يَمِينٌ، رَتَّبَها الحَجَّاجُ. قال ابنُ

الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَعْرِفُهَا وَنَوَاهَا، انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فِيهَا، وَإلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ بِحَالٍ، إلا في الطَّلَاقِ والْعَتَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَطَّةَ: ورَتَّبَها أيضًا المُعْتَمِدُ على اللهِ (¬1) مِنَ الخُلفَاءِ العَبَّاسِيِّينَ لأخِيه المُوَفَّقِ باللهِ (¬2)، ¬

(¬1) الخليفة أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم الهاشمي العباسي، أبو العباس، استخلف بعد المهتدي بالله سنة ست وخمسين ومائتين، وتوفي سنة تسع وسبعين ومائتين ببغداد. سير أعلام النبلاء 12/ 540. (¬2) أبو أحمد، ابن المتوكل على الله الهاشمي العباسي أخو المعتمد وولي عهده، توفي سنة ثمان وسبعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 13/ 169.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لما جعَلَه وَلِيَّ عهْدِه. تَشْتَمِلُ على اليمينِ باللهِ تعالى، والطَّلاقِ، والعَتاقِ، وصَدَقَةِ المالِ. لا تشْمَلُ أَيمانُ البَيعَةِ إلَّا ما ذكَرَه المُصَنِّفُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَررِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذكِرةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: وتَشْتَمِلُ أيضًا على الحَجِّ. وجزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِي»، و «النَّظْمِ». قوله: فإنْ كانَ الحالِفُ يَعْرِفُها ونَواها، انْعَقَدَتْ يَمِينُه بما فيها، وإلَّا فلا شيءَ عليه. إذا كانَ يعْرِفُها الحالِفُ ونوَاها، انْعَقَدَتْ يِمينُه بما فيها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا تنْعَقِدَ بحالٍ، إلَّا في الطَّلاقِ والعَتاقِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ عَلِمَها لَزِمَه عِتْقٌ وطَلاقٌ. وقيل: تَنْعَقِدُ في الطَّلاقِ والعَتاقِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّدَقَةِ، ولا تنْعَقِدُ اليمين. وجزَم به في «الوَجيزِ». قوله: وإلَّا فلا شيءَ عليه. يعْنِي، إذا لم يعْرِفْها، بأنْ كان يجْهَلُها ولم يَنْوها. وهذا المذهبُ. أوْمَأ إليه الْخِرَقِيُّ. وذكَرَه القاضي وغيرُه. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وفيه وَجْهٌ، يَلْزَمُه مُوجِبُها؛ نَواها أو لم يَنْوها. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضي في «خِلافِه». وصرَّح به القاضي في بعضِ تَعاليقِه، وقال: لأنَّ مِن أصْلِنا وُقوعَ الطَّلاقِ والعَتاقِ بالكِتابَةِ بالخَطِّ وإنْ لم يَنْوه. نقَلَه في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ بعدَ المِائةِ». وإنْ نَواها وجَهِلَها، فلا شيءَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ينْعَقِدُ بما فيها إذا نَواها جاهِلًا لها. وأطلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فوائد؛ الأُولَى، قال في «المُسْتَوْعِب»: وقد توَقَّفَ شُيُوخُنا القُدَماءُ عنِ الجوابِ في هذه المسْألَةِ؛ فقال ابنُ بَطَّةَ: كنت عندَ الخِرَقِيِّ، وسألَه رجلٌ عن مَن قال: أيمانُ البَيعَةِ تَلْزَمُنِي؟ فقال: لسْتُ أُفْتِي فيها بشيءٍ، ولا رأيتُ أحدًا مِن شُيُوخِنا أفْتَى في هذه اليمينِ، وكان أبِي -يعْنِي الحُسَينَ الخِرَقِيَّ (¬1) - يَهابُ (¬2) ¬

(¬1) الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي، أبو علي والد أبي القاسم الخرقي صاحب «المختصر»، صحب جماعة من أصحاب أحمد منهم حرب، وأكثر من صحبة المروذي، وروى عنه ابنه، وكان رجلا صالحا، وكان يلقب بخليفة المروذي، وكتب الناس عنه. توفي سنة تسع وتسعين ومائتين. طبقات الحنابلة 2/ 45 - 47. (¬2) في الأصل: «بهذا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَلامَ فيها. ثم قال أبو القاسِمِ: إلَّا أنْ يَلْتَزِمَ الحالِفُ بها بجميعِ ما فيها مِنَ الأيمانِ. فقال له السَّائلُ: عرَفَها أو لم يعْرِفْها؟ قال: نعم، عرَفَها أو لم يعْرِفْها. انتهي. وقال القاضي: إذا قال: أيمانُ البَيعَةِ تَلْزَمُنِي. إنْ لم يَلْزَمْه في (¬1) الأيمانِ المُتَرَتِّبَةِ المذْكُورَةِ، كان لاغِيًا ولا شيءَ عليه، وإنْ نوَى بذلك الأيمانَ، انْعقَدَتْ. الثَّانيةُ، لو قال: أيمانُ المُسْلِمين تَلْزَمُنِي إنْ فعَلْتُ ذلك. وفعَلَه، لَزِمَتْه يمينُ الظِّهارِ والطَّلاقِ والعَتاقِ والنَّذْرِ إذا نوَى ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. [ويَلْزَمُه حكْمُ اليمينِ باللهِ تعالى أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ] (¬2). قدَّمه في «الفُروعِ». قال المَجْدُ: وقِياسُ المَشْهورِ عن أصحابِنا في يَمِينِ البَيعَةِ، أنَّه لا يَلْزَمُه شيءٌ حتى ينْويَه ويَلْتَزِمَه، أو لا يَلْزَمُه شيءٌ بالكُلِّيَّةِ حتى يعْلَمَه، [أو يُفَرِّقَ] (¬3) بينَ اليمينِ بالله وغيرِها. ذكَرَه في «القاعِدَةِ الرابعَةِ بعدَ المِائَةِ». وألْزَمَ القاضي في «الخِلافِ» الحالِفَ بكُلِّ ذلك ولو لم يَنْوه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به في «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا تَشْمَلُ اليمينَ باللهِ تعالى وإنْ نَوَى. قال المَجْدُ: ذِكْرُ القاضِي ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في النسخ: «والفرق». وانظر القواعد 249.

وَإنْ قَال: عَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ: يَمِين إِنْ فعَلْتُ كَذَا. وَفَعَلَهُ، فَقَال أصْحَابُنَا: عَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اليمينَ باللهِ تعالى والنَّذْرَ مَبْنِيٌّ على قوْلِنا بعدَمِ تَداخُلِ كفَّارَتِهما، فأمَّا على قوْلِنا بالتَّداخُلِ، فيُجْزِئُه لهما كفَارَة يمين. ذكَرَه عنه في «القَواعِدِ». الثَّالثةُ، لو حلَف بشيءٍ من هذه الخَمْسَةِ، فقال له آخَرُ: يَمِينِي مع يَمِينِكَ. أو (¬1): أنَا على مِثْلِ يَمِينكَ. يريدُ الْتِزامَ مثْلِ يمينِه، لَزِمَه ذلك إلَّا في اليَمِينِ باللهِ تعالى فإنَّه على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه حُكْمُها. [قاله القاضي، واقْتَصرَ عليه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الكافِي». والثَّاني، يَلْزَمُه حُكْمُها] (¬2). صحَّحه في «النَّظْمِ»، و «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يَلْزَمُهْ حُكْمُ كلِّ يمين مُكَفَّرَةٍ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا قولُه: أنا معَكَ. ينْوي في يمينِه. انتهى. وإنْ لم يَنْو شيئًا، لم تَنْعَقِدْ يمِينُه. جزَم به المُصَنفُ، والشَّارِحُ. قوله: وإنْ قال: عليَّ نَذْرٌ، أو يَمِينٌ إنْ فَعَلْتُ كذا. وفعَلَه، فقال أصحابُنا: عَليه كَفَّارَةُ يَمِين. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، ¬

(¬1) في الأصل: «و». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. وقيل: في قوْلِه: عليَّ يمينٌ. يكونُ يمينًا بالنِّيَّةِ. جزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه في «الكُبْرى». واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه لا يكونُ يمينًا مُطْلَقًا، [فقال في «المُغْنِي»، و «الكافِي»: وإنْ قال: عليَّ يمين. ونوَى الخَبَرَ، فليس بيَمِينٍ، على أصحِّ الرِّوايتَين، وإنْ نوَى القَسَمَ، فقال أبو الخَطَّابِ: هي يمين. وقال الشَّافِعِي، رَحِمَه اللهُ: ليس بيَمِينٍ. وهذا أصحُّ. وجزَم بهذا الأخيرِ في «الكافِي»] (¬1). وأطْلقَهُنَّ في «الفُروعِ». وقال: ويتوَجَّهُ على القَوْلَين تخْرِيجٌ، إنْ أرادَ إنْ فعَلْتُ كذا، وفعَلَه. وتخْرِيجٌ، لأفْعَلَنَّ. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهذه لامُ القَسَمِ، فلا تُذْكَرُ إلَّا معه، مُظْهَرًا أو مقَدَّرًا. وتقدَّم إذا قال: قسَمًا باللهِ. أو ألِيَّةً باللهِ. فائدتان؛ إحْداهما؛ إذا قال: حَلَفْتُ. ولم يكُنْ حَلَفَ، فقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: هي كَذِبَةٌ، ليس عليه يمينٌ (¬2). قال المُصَنِّفُ، [في «المُغْنِي»، و] (2) ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده في الأصل: «وهذا المذهب».

فَصْلٌ في كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: وَهِيَ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا، فَيُخَيَّرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي» (¬1) والشَّارِحُ: هذا المذهبُ. وقدَّمه في [«الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و] (¬2) «الرِّعايتَين»، وغيرِهم [واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه] (4). وعنه، عليه الكَفَّارَةُ؛ لأنَّه أقَر على نفْسِه. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في الطَّلاقِ، في بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. الثانيةُ، تقَدَّمَ انعِقادُ يمينِ الكافرِ، ويأْتي في آخِرَ البابِ بما يُكَفِّرُ به. قوله: فَصْلٌ في كفَّارَةِ اليَمِينِ: وهي تَجْمَعُ تَخْييرًا وتَرْتِيبًا، فَيُخَيَّرُ فيها بينَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

فِيهَا بَينَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أوْ كُسْوَتُهُمْ، أوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. والْكُسْوَةُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ أنْ يُصَلِّيَ فيهِ، وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَلاثَةِ أشْياءَ؛ إطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ -وسواءٌ كان جِنْسًا أو أكثرَ- أو كُسْوَتُهم. ويجوزُ أنْ يُطْعِمَ بعضًا ويَكْسُوَ بعضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وفيه قولٌ قاله أبو المَعالِي: لا يجوزُ ذلك، كبَقِيَّةِ الكفَّاراتِ مِن جِنْسَين، وكعِتْقٍ مع غيرِه، أو إطْعامٍ وصَوْمٍ. قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ بعدَ المِائَةِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه وَجْهٌ، لا يُجْزِئُ، ذكَرَه المُجْدُ في شَرْحِ «الهِدايةِ» في بابِ زكاةِ الفِطْرِ. قوله: والْكُسْوَةُ للرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُه أنْ يُصَلِّيَ فيه، ولِلْمَرْأةِ دِرْعٌ وخِمَارٌ. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يلْزَمُه مِنَ الكُسْوَةِ ما يُجْزِئُ صَلاةَ الآخِذِ فيه مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعُوا به. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: ما يُجْزِئُ صلاةَ الفَرْضِ فيه. وكذا نقَل حَرْثٌ، يجوزُ فيه الفَرْضُ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، إجْزاءُ ما يُسَمَّى كُسْوَةً، ولو كان عَتِيقًا. وهو صحيحٌ، إذا لم تذْهَبْ قُوَّتُه. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يُجْزِئُ الحريرُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يُجْزِء ما يجوزُ للآخِذِ لُبْسُه. فائدة: لو أطْعَمَ خمْسَةً، وكسَى خمْسَة أجْزأَه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وخُرِّج عدَمُ الإجْزاء، كإعْطائِه في الجُبْرانِ شاةً وعَشَرَةَ دَراهِمَ. وتقدَّم ذلك قريبًا. ولو أطْعمَه بعْضَ الطَّعامِ، وكَساه بعْضَ الكُسْوَةِ، لم يُجْزِئْه، وإنْ أعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ وأطْعَم خمْسَةَ مَساكِينَ أو كَساهم، لم يُجْزِئْه، ولو أتَى ببَعْضِ واحدٍ من الثلاثَةِ، ثم عجَزَ عن تَمامِه، فقال المُصَنِّفُ وجماعةٌ: ليس له التَّتْمِيمُ بالصَّوْمِ. قال الزَّرْكَشيُّ: وقد يقالُ بذلك، كما في الغُسْلِ والوُضوءِ مع التَّيَمُّمِ. وأجابَ عنه المُصَنِّفُ. وردَّه الزَّرْكَشِيُّ. وتقدَّم في الظَّهارِ، إذا أعْتَقَ نصْفَيْ عَبْدَين.

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّام مُتَتَابِعَةٍ، إِنْ شَاءَ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإنْ شَاءَ بَعْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْيَمِينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فمَن لم يَجِدْ، فَصِيامُ ثَلاثةِ أيَّامٍ. لا ينْتَقِلُ إلى الصَّوْمِ إلا إذا عجَزَ عجْزًا كعَجْزِه عن زكاةِ الفِطْرِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به الخِرَقِيُّ، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهما. وقيل: كعَجْزِه عن الرَّقَبَةِ في الظِّهارِ. على ما تقدَّم في كتابِ الظِّهارِ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الشَّرْحِ». وتقدَّم هناك أيضًا، هل الاعْتِبارُ في الكفَّارَةِ بحالةِ الوُجوبِ أو بأغْلَظِ الأحْوالِ؟ في كلامِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفِ. قوله: مُتَتابِعَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. والمَنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وُجوبُ التَّتابُعِ في الصِّيامِ إذا لم يكُنْ عُذْرٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، له تفْرِيقُها. فائدة: لو كانَ مالُه غائبًا، ويقْدِرُ على الشِّراءِ بنَسِيئَةٍ، لم يُجْزِئْه الصَّوْمُ. على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقطَع به الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِي: بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وقيل: يُجْزِئُه فِعْلُ الصَّوْمِ. وتقذَم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في الظِّهارِ. وإنْ لم يقْدِرْ على الشِّراءِ مع غَيبَةِ مالِه، أجْزأَه الصَّوْمُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «الرِّعايتَين». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يُجْزِئُه الصَّوْمُ. قدَّمه الزَّرْكَشِيُّ، وقال: هو مقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، ومُخْتارُ عامَّةِ الأصحابِ، حتى إنَّ أبا محمدٍ، وأبا الخَطَّابِ، والشِّيرَازِيَّ، وغيرَهم، جزَمُوا بذلك. وتقدَّم ذلك وغيرُه مُسْتَوْفًى في كفَّارَةِ الظِّهارِ، وتقدَّم هناك، إذا شرَع في الصَّوْمِ، ثم قدَرَ على العِتْقِ، هل يَلْزَمُه الانْتِقالُ أمْ لا؟ قوله: إنْ شاءَ قبْلَ الحِنْثِ، وإنْ شاءَ بعْدَه. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الواضِحِ»، على رِوايةِ حِنْثِه بعَزْمِه على مُخالفَةِ يمينِه بنِيَّتِه: لا يجوزُ، بل لا يصِحُّ. وفيه رِوايةٌ، لا يجوزُ التَّكْفِيرُ قبلَ الحِنْثِ بالصَّوْمِ، لأنَّه تقْديمُ عِبادَةٍ، كالصَّلاةِ. واخْتارَ ابنُ الجَوْزِيِّ في «التَّحْقيقِ» أنَّه لا يجوزُ، كحِنْثٍ مُحَرمٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهٍ. وأمَّا الظِّهارُ وما في حُكْمِه، فلا يجوزُ له فِعْلُ ذلك إلَّا بعدَ الكفَّارَةِ، على ما مضَى في بابِه. فوائد؛ إحْداها، حيثُ قُلنا بالجوازِ، فالتَّقْديمُ والتَّأْخِيرُ سَواءٌ في الفَضِيلَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ» وغيره: هذا المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وعنه، التَّكْفِيرُ بعدَ الحِنْثِ أفْضَلُ. وقاله ابنُ أبِي مُوسى. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ للخُروجِ مِنَ الخِلافِ. وعُورِضَ بتَعْجيلِ النَّفْعِ للفُقَراءِ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، قبلَه أفْضَلُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ تُقدَّمُ الكفَّارَةُ، وأُحِبُّه، فلَه أنْ يُقَدِّمَها قبلَ الحِنْثِ، لا تكونُ أكثرَ مِنَ الزَّكاةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ التَّخْيِيرَ جارٍ، وإنْ كان الحِنْثُ حرامًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وكثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو أحدُ الوَجْهَين. والوَجْهُ الثاني، لا يُجْزِئُه التَّكْفِيرُ قبلَ الحِنْثِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرَى». وأطْلقَهما الزَّرْكَشِيُّ، وتقدَّم قريبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، الكفَارَةُ قبلَ الحِنْثِ مُحَلِّلةٌ لليَمِينِ؛ للنَّصِّ. الرَّابعَةُ، لو كفَّر بالصَّوْمِ قبلَ الحِنْثِ لفَقْرِه، ثم حَنِثَ وهو مُوسِرٌ، فقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا يُجْزِئُه؛ لأنَّا تَبَيَّنَّا أنَّ الواجِبَ غيرُ ما أتَى به. قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ»: وإطْلاقُ الأكثرِ مُخالِفٌ لذلك؛ لأنَّه كان فَرْضَه في الظَّاهرِ.

وَمَنْ كَرَّرَ أَيمَانًا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَعَلَيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ، لِكُلِّ يَمِين كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامِسَةُ، نصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، على وُجوبِ كفَّارَةِ اليَمِينِ والنَّذْرِ على الفَوْرِ إذا حَنِثَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يجِبان على الفَوْرِ. قال ذلك ابنُ تَميمٍ، و «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»، وغيرُهما. وتقدَّم ذلك في أوَّلِ بابِ إخْراجِ الزَّكاةِ. قوله: ومَن كَررَ أيمانًا قبلَ التَّكْفِيرِ، فعليه كَفَارَةٌ واحِدَةٌ. يعْنِي، إذا كان مُوجبُها واحِدًا. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم القاضي. وذكَر أبو بكْرٍ، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، رجَع عن غيرِه. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: هذا الأشْهَرُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لكُل يمينٍ كفَّارَةٌ. كما لو اخْتلَفَ مُوجِبُها. ومَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم

وَالظَّاهِرُ أَنَّها إِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكَفِّرْ. أمَّا إنْ كفَّر بحِنْثِه في أحَدِها، ثم حَنِثَ في غيرِها، فعليه كفَّارَةٌ ثانيةٌ بلا رَيبٍ. قوله: والظَّاهِرُ أَنَّها إنْ كانَتْ على فِعْلٍ واحِدٍ، فكَفَّارَةٌ واحِدَةٌ، وإنْ كانَتْ

كَانَتْ عَلَى أَفْعَالٍ، فَعَلَيهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على أفْعَالٍ، فعليه لكلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ. وهو رِواية عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. حكَاها في «الفُروعِ» وغيرِه. فالذي على فِعْلٍ واحدٍ؛ نحوَ: واللهِ لا قُمْتُ، [واللهِ لا قُمْتُ] (¬1). وما أشْبَهَهُ، والذي على أفْعالٍ؛ نحوَ: واللهِ لا قُمْتُ، واللهِ لا قَعَدْتُ. وما أَشْبهَهُ. واخْتارَه في «العُمْدَةِ». ونقَل عَبْدُ اللهِ، أَعجَبُ إليَّ أنْ يُغَلِّظَ على نفْسِه إذا كرَّرَ الأَيمانَ، أنْ يُعْتِقَ رَقبَةً، فإنْ لم يُمْكِنْه، أطْعَمَ. فائدتان؛ إحْداهما، مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، الحَلِفُ بنُذورٍ مُكَرَّرَةٍ، أو بطَلاقٍ مُكَفَّرٍ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. نقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في مَن حَلَفَ نُذُورًا كثيرةً مُسَمَّاةً إلى بَيتِ اللهِ، أنْ لا يُكَلِّمَ اباه أو أخَاه، فعليه كفَّارَةُ يمينٍ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في مَن قال: الطَّلاقُ يَلْزَمُه لا فَعَلَ كذا. وكرَّرَه، لم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقَعْ أكثرُ مِن طَلْقَةٍ إذا لم يَنْو. انتهى. الثَّانيةُ، لو حلَف يمِينًا على أجْناسٍ مُخْتَلِفَةٍ، فعليه كفَّارَةٌ واحدةٌ؛ حَنِثَ في

وَإنْ كَانَتِ الأيمَانُ مُخْتَلِفَةَ الْكَفَّارَةِ، كَالظِّهَارِ وَالْيَمِين باللهِ تَعَالى، فَلِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَتُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجميعِ، أو في واحدٍ، وتَنْحَلُّ يمينُه في البَقِيَّةِ. قوله: وإنْ كانَتِ الأيمانُ مُخْتَلِفَةَ الكفَّارَةِ، كالظِّهارِ واليَمِينِ بالله تعالى، فلكلِّ يَمِينٍ كَفَّارَتُها. بلا نِزاعٍ، لانْتِفاءِ التَّداخُلِ لعدَمِ الاتِّحادِ.

وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ الصِّيَامُ، وَلَيسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وكَفَارَةُ العَبْدِ الصيامُ، وليس لسيِّدِه مَنْعُه منه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقيل: إنْ حلَف بإذْنِه، فليس له منْعُه، وإلَّا كان له مَنْعُه. وكذا الحُكْمُ في نَذْرِه. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. فائدة: اعلَمْ أنَّ تكْفِيرَ العَبْدِ بالمالِ في الحَجِّ والظِّهارِ والأَيمانِ ونحوها، للأصحابِ فيها طُرُقٌ؛ أحدُها، البِناءُ على مِلْكِه وعدَمِه؛ فإنْ قُلْنا: يَمْلِكُ. فله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّكْفِيرُ بالمالِ في الجملةِ، وإلَّا فلا. وهي طريقَةُ القاضي، وأبي الخَطَّابِ، وابنِ عَقِيل، وأكثرِ المُتَأخِّرين؛ لأنَّ التَّكْفِيرَ بالمالِ يسْتَدْعِي مِلْكَ المالِ، فإذا كانَ هذا غيرَ قابِل للمِلْكِ بالكُلِّيَّةِ، ففَرْضُه الصِّيامُ خاصَّةً. وعلى القَوْلِ بالمِلكِ، فإنَّه يُكفِّرُ بالإطْعامِ. وهل يُكَفِّرُ بالعِتْقِ؟ على رِوايَتَين. وهل يَلْزَمُه التَّكْفِيرُ بالمالِ أو يجوزُ له مع إجْزاءٍ الصِّيامِ؟ قال ابنُ رَجَبٍ في «الفَوائِدِ»: المُتَوجِّهُ، إنْ كان في مِلْكِه مالٌ، فأذِن له السَّيِّدُ بالتَّكْفيرِ منه، لَزِمَه ذلك، وإنْ لم يَكُنْ في مِلْكِه، بل أرادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّيِّدُ أنْ يُمَلِّكَه ليُكَفِّرَ، لم يَلْزَمْه؛ كالحُرِّ المُعْسِرِ إذا بُذِلَ له مالٌ. قال: وعلى هذا، يتَنَزَّلُ ما ذكَرَه صاحِبُ «المُغْنِي» مِن لُزومِ التَّكْفِيرِ بالمالِ في الحَجِّ، ونَفْي اللُّزومِ في الظِّهارِ. الطَّريقَةُ الثَّانيةُ، في تَكْفيرِه بالمالِ بإِذنِ السَّيِّدِ رِوايَتان مُطْلَقتان، سواءٌ قُلْنا: يُمَلَّكُ أوْ لا يُمَلَّكُ. حَكاها القاضي في «المُجَرَّدِ» عن شيخِه ابنِ حامِدٍ وغيرِه مِنَ الأصحابِ. وهي طريقَةُ أبي بَكْرٍ. فوَجْهُ عدَمِ تَكْفيرِه بالمالِ مع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القَوْلِ بالمِلْكِ، أنَّ تَمَلُّكَه ضَعِيفٌ لا يَحْتَمِلُ المُواساةَ، ووَجْهُ تَكْفيرِه بالمالِ مع القولِ بانْتِفاءِ مِلْكِه، له مأْخَذان؛ أحدُهما، أنَّ تكْفِيرَه بالمالِ إنَّما هو تبَرُّعٌ له مِن السَّيِّدِ وإباحَة، والتَّكْفِيرُ عن الغيرِ لا يُشْترَطُ دخُولُه في مِلْكِ المُكَفَّرِ عنه، كما نقولُ في رِوايةٍ في كفَّارَةِ المُجامِعِ في رَمَضانَ إذا عَجزَ عنها -وقُلْنا: لا يَسْقُطُ تكْفِيرُ غيرِه عنه إلَّا بإذْنِه- جازَ أنْ يدْفعَها إليه، وكذلك في سائرِ الكفَّاراتِ، عِلى إحْدَى الرِّوايتَين. ولو كانتْ قد دخَلَتْ في مِلْكِه، لم يَجُزْ أنْ يأْخُذَها هو؛ لأنَّه لا يكونُ حِينَئذٍ إخْراجًا للكفَّارَةِ. والمأْخَذُ الثَّاني، أنَّ العبدَ ثبَت له مِلْكٌ قاصِرٌ بحسَبِ حاجَتِه إليه، وإنْ لم يثْبُتْ له المِلْكُ المُطْلَقُ التَّامُّ، فيَجوزُ أنْ يثْبُتَ له في المالِ المُكَفَّرِ به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِلْكٌ يُبِيحُ له التَّكْفيرَ بالمالِ، دُونَ بَيعِه وهِبَتِه، كما أثْبتْنَا له في الأمَةِ مِلْكًا قاصِرًا أُبِيحَ [له به] (4) التَّسَرِّي بها دُونَ بَيعِها وهِبَتِها. وهذا اخْتِيارُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وقال الزَّرْكَشِيُّ في بابِ الفِدْيَةِ: ذهَب كثيرٌ مِن مُتَقدِّمِي الأصحابِ [إلى أن] (¬1) له التَّكْفِيرَ بإذْنِ السَّيِّدِ، وإنْ لم نَقُلْ بمِلْكِه؛ بِناءً على أحدِ القَوْلَين، مِن أنَّ الكفَّارَةَ لا يُشْترَطُ دخُولُها في مِلْكِ المُكَفَّرِ عنه، وأنَّه يثْبُتُ له مِلْكٌ خاصٌّ بقَدْرِ ما يُكَفِّرُ. انتهى. وقال في كتابِ الظِّهارِ: ظاهرُ كلامِ أبي بَكْرٍ، وطائفَةٍ مِن مُتَقَدِّمِي الأصحابِ، وإليه مَيلُ أبي محمدٍ، جَوازُ تكْفيرِه بالمالِ بإذنِ السَّيِّدِ، وإنْ لم نَقُلْ: إنَّه يملِكُ. ولهم مُدْرَكان؛ أحدُهما، أنَّه يملكُ القَدْرَ المُكَفَّرِ به مِلْكًا خاصًّا. والثَّاني، أنَّ الكفَّارَةَ لا يَلْزَمُ أنْ تدْخُلَ في مِلْكٌ المُكَفِّرِ. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ووَجْهُ التَّفْريقِ بينَ العِتْقِ والإطْعامِ، أنَّ التَّكْفِيرَ بالعِتْقِ يحْتاجُ إلى مِلْكٍ، بخِلافِ الإطْعام. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى. ولهذا لو أمَرَ مَن عليه الكفَّارَةُ رجُلًا أنْ يُطْعِمَ عنه ففَعَل، أَجْزَأَ، ولو أمَرَه أنْ يُعْتِقَ عنه، ففي إجْزائِه عنه رِوايَتان. ولو تبَرَّع الوارِثُ بالإطْعامِ الواجبِ [عن موْرُوثِه، صحَّ، ولو تبَرَّع عنه بالعِتْقِ، لم يصِحَّ. ولو أعْتَقَ الأجْنَبِيُّ] (¬1) عن المَوْرُوثِ، لم يصِحَّ، ولو أطْعَمَ عنه، فوَجْهان. وقال في «الفُروعِ»: ويُكفَرُ العَبْدُ بالإطْعامِ بإذْنِه. وقيل: ولو لم يملِكْ. وفيه، بعِتْقٍ رِوايَتان. اخْتارَ أبو بَكْرٍ -ومال إليه المُصَنِّفُ وغيرُه- جَوازَ تكْفيرِه بالعِتْقِ. قال في «الفُروعِ»: فإنْ جازَ وأعْتَق (¬2)، ففي عِتْقِه نفْسَه وَجْهان. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط، ا: «أطلق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ». قلتُ: الصَّوابُ الجوازُ والإجْزاءُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: جازَ ذلك على مُقْتَضَى قولِ أبي بَكْرٍ. تنبيه: حيثُ جازَ له التَّكْفِيرُ بإذْنِ السَّيِّدِ، فقال القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم: يَلْزَمُه التَّكْفيرُ. وقال المُصَنِّفُ في الكفَّاراتِ: لا يلْزَمُه على كِلْتا الرِّوايتَين وإنْ أذِنَ له سيِّدُه. وقال الزَّرْكَشِيُّ في الظِّهارِ: ترَدَّدَ الأصحابُ في الوُجوبِ والجوازِ. [وتقدَّم مَعْناه قريبًا] (¬1) الطَّريقَةُ الثَّالثةُ، أنَّه لا يُجْزِئُ التَّكْفيرُ بغيرِ الصِّيامِ بحالٍ، على كلا الطَّرِيقَين. وهو ظاهرُ كلامِ أبي الخَطَّابِ في كتابِ الظِّهارِ، وصاحبِ «التَّلْخيصِ»، وغيرُهما؛ لأنَّه وإنْ قُلْنا: يملِكُ. فمِلْكُه ضعيفٌ، فلا يكونُ مُخاطَبًا بالتَّكْفيرِ بالمال بالكُلِّيَّةِ، فلا يكونُ فرْضُه غيرَ الصِّيامِ بالأَصالةِ، بخِلافِ الحُرِّ العاجزِ، فإنَّه قابِلٌ للتَّمْليكِ التَّامِّ. قال ابنُ رَجَبٍ: ومِن هنا، واللهُ أعلمُ، قال الخِرَقِيُّ في العَبْدِ إذا حَنِثَ ثم عتَقَ: لا يُجْزِئُه التَّكْفيرُ بغيرِ الصَّوْمِ، بخِلافِ الحُرِّ المُعْسِرِ إذا حَنِثَ ثم أَيسَر. وقال أيضًا في العَبْدِ إذا ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، فَحُكْمُهُ في الْكَفَّارَةِ حُكْمُ الْأَحْرارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فاتَه الحَجُّ: يصُومُ عن كلِّ مُدٍّ مِن قِيمَةِ الشَّاةِ يَوْمًا. وقال في الحُرِّ المُعْسِرِ: يصُومُ في الإِحْصارِ صِيامَ التَّمَتُّعِ. قوله: ومَن نِصْفُه حُرٌّ، فحُكْمُه في الكفَّارَةِ حُكْمُ الأحْرارِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصراه، و «الوَجيزِ»، وغيرهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيره. وقيل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُكَفِّرُ بالمالِ. فائدة: يُكَفِّرُ الكافِرُ -ولو كانَ مُرْتَدًّا- بغيرِ الصَّوْمِ؛ لانَ يَمِينَه تنْعَقِدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمُسْلِمِ، كما تقدَّم.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب جامع الأيمان

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ جَامِعِ الْأَيمَانِ وَيُرْجَعُ في الأَيمَانِ إلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، رُجِعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ جامِعَ الأيمانِ قوله: يُرْجَعُ في الأيمانِ إلى النِّيَّةِ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقال القاضي: يُقدَّمُ عمُومُ لفْظِه على النِّيَّةِ احْتِياطًا. تنبيه: قولُه: يُرْجَعُ في الأيمانِ إلى النِّيَّةِ. مُقَيَّدٌ بأنْ يكونَ الحالِفُ بها غيرَ ظالمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه، على ما تقدَّم، وأنْ يَحْتَمِلَها لفْظُه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايتَين». وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ. وصحَّحه في «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وقال في «المُحَرَّرِ»، وجماعةٌ: ويُقْبَلُ منه في الحُكْمِ إذا قَرُبَ الاحْتِمالُ، وإنْ قَوىَ بُعْدُه منه، لم يُقْبَلْ، وإنْ توَسَّطَ فرِوايَتانِ. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». وتقدَّم ذلك في أوَّلِ بابِ التَّأْويلِ في الحَلِفِ، وتقدَّم تصْويرُ بعْضِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسائِلَ مِن ذلك، وذِكْرُ الخُروجِ مِن مَضايقِ الأَيمانِ مُسْتَوْفًى في بابِ التَّأْويل في الحَلِفِ في أوَّلِه وآخِرِه، فليُراجَعْ. قوله: فإنْ لم تَكُنْ له نِيَّةٌ، رُجِعَ إلى سَبَبِ اليَمِينِ وما هَيَّجَها. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: وقدَّم السَّبَبَ على النِّيَّةِ الخِرَقِيُّ، و «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ»، وحُكِيَ رِوايةً. وقدَّمه القاضي بمُوافقَتِه للوَضْعِ، وعنه، يُقدَّمُ عُمومُ لَفْظِه على سَبَبِ اليَمِينِ احْتِياطًا. وذكَر القاضي، وعلى النِّيَّةِ أيضًا. انتهى. وقال الزَّرْكَشِيُّ: اعْتَمَدَ عامّةُ الأصحابِ تقْدِيمَ النِّيَّةِ على السَّبَبِ، وعكَس ذلك الشِّيرَازِيُّ، فقدَّم السَّبَبَ على النِّيَّةِ. انتهى. قلتُ: وقطَع به في «الإرْشادِ». وقولُ صاحبِ «الفُروعِ»: وقدَّم الخِرَقِي السَّبَبَ على النِّيَّةِ. غيرُ مُسَلَّم. وقال الزَّرْكَشِيُّ أيضًا، لمَّا تكَلَّم على كلامِ الخِرَقِيِّ: إذا لم يَنْو شيئًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا ظاهِرَ اللَّفْظِ ولا غيرَ ظاهرِه، رُجِعَ إلى سبَبِ اليمينِ وما هَيَّجَها، أي أثارَها، فإذا حَلَفَ، لا يَأْوي مع امْرَأتِه في هذه الدَّارِ. وكان سبَبُ يمينِه غَيظًا مِن جِهَةِ الدَّارِ؛ لضَرَرٍ لَحِقَه مِن جِيرَانِها، أو (¬1) مِنَّةٍ حصَلَتْ عليه بها ونحو ذلك، اخْتَصَّتْ يمِينُه بها؛ هو مُقْتَضَى اللَّفْظِ. وإنْ كان لغَيظٍ مِنَ المرْأةِ يقْتَضِي جَفاءَها، ولا أثَرَ للدَّارِ فيه، تعَدَّى ذلك إلى كلِّ دارٍ (¬2)؛ المَحْلُوفِ عليها بالنَّصِّ، وما عداها بعِلةِ الجَفاءِ التي اقْتَضَاها السَّبَبُ. وكذلك إذا حَلَفَ لا يَدْخُلُ بَلَدًا لظُلْمٍ رَآه فيه، ولا يُكَلِّمُ زَيدًا لشُرْبِه الخَمْرَ، فزال الظُّلْمُ وترَكَ زَيدٌ شُرْبَ الخَمْرِ، جازَ له الدُّخولُ والكلامُ؛ لزَوالِ العِلَّةِ المُقْتَضِيَةِ لليَمِينِ. وكلامُ الخِرَقِيِّ يشْمَلُ ما إذا كان اللَّفْظُ خاصًّا والسَّبَبُ يقْتَضِي التَّعْمِيمَ، كما مثلْناه أوَّلًا، أو كان اللَّفْظُ عامًّا والسَّبَبُ يقْتَضِي التَّخْصِيصَ، كما مثَّلْناه ثانِيًا. ولا نِزاعَ بينَ الأصحابِ، فيما عَلِمْتُ، في الرُّجوعِ إلى السَّبَبِ المُقْتَضِي للتَّعْميمِ، واخْتُلِفَ في عِكْسِه، فقيل: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وبالجُمْلَةِ، فيه قَوْلان أو ثَلاثَةٌ؛ أحدُها -وهو المَعْروفُ عنِ القاضي في «التَّعْليقِ» وفي غيرِه، واخْتِيارُ عامَّةِ أصحابِه، الشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» - يؤْخَذُ بعُمومِ اللَّفْظِ. وهو مُقْتَضَى نصِّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وذكَرَه. والقولُ الثَّاني -وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ أبي محمدٍ، وحُكِيَ عنِ القاضي في مَوْضِع- يُحْمَلُ اللَّفْظُ العامُّ ¬

(¬1) في الأصل: «و». (¬2) في الأصل: «من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على السَّبَبِ، ويكونُ ذلك السَّبَبُ مَبْنِيًّا على أنَّ العامَّ أُرِيدَ به خاصٌّ. والقولُ الثَّالثُ، لا يقْتَضِي التخْصِيصَ فيما إذا حلَف لا يدْخُلُ البَلَدَ لظُلْمٍ رَآه فيه، ويقْتَضِي التَّخْصِيصَ فيما إذا دُعِيَ إلى غَداءٍ فحَلَف لا يتَغَدَّى، أو حلَف لا يخْرُجُ عَبْدُه ولا زوْجَتُه إلا بإذْنِه. والحالُ يقْتَضِي ما داما كذلك. وقد أشارَ القاضي إلى هذا في «التَّعْليقِ». انتهى كلامُ الزَّرْكَشِيِّ. وقال في «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والعِشْرِين بعدَ المائَةِ»، وتَبِعَه في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: هل يُخَصُّ اللَّفْظُ العام بسَبَبِه الخاصِّ إذا كان السَّبَبُ هو المُقْتَضِي له، أمْ يُقْضَى (¬1) بعُمومِ اللَّفْظِ؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدُهما؛ العِبْرَةُ بعُموم اللَّفْظِ. اخْتارَه القاضي في «الخِلافِ»، والآمِدِيُّ، وأبو الفَتْحِ الحَلْوانِيُّ، وَأبو الخَطَّابِ، وغيرُهم، وأخَذُوه مِن نصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ عليِّ بنِ سعيدٍ، في مَن حلَف لا يصْطادُ مِن نَهْرٍ لظُلْمٍ رَآه فيه ثم زال الظُّلْمُ، قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: النَّذْرُ يُوَفَّى به. والوَجْهُ الثَّاني، العِبْرَةُ بخُصوصِ السَّبَبِ لا بعُمومِ اللَّفْظِ. وهو الصَّحيحُ عندَ صاحبِ «المُغْنِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ». لكِنَّ المَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وما أشْبَهَها، كمَن حلَف لا يدْخُلُ بَلَدًا لظُلْم رَآه فيه ثم زال الظُّلْمُ. فجعَل العِبْرَةَ في ذلك بعُمومِ اللَّفْظِ، وعزَى المُصَنفُ الخِلافَ إليها، ورَجَّحَه ابنُ عَقِيلٍ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ»، وقال: هو قِياسُ (¬2) المذهبِ. وجزَم به القاضي في مَوْضعٍ مِن «المُجَرَّدِ». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وفرَّق بينَه وبينَ مسْألَةِ النَّهْرِ المَنْصُوصَةِ، ¬

(¬1) في الأصل: «يقتضي». (¬2) سقط من: الأصل.

فَإذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا، فَقَضَاهُ قَبْلَهُ، لَمْ يَحْنَثْ إِذَا قَصَدَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهُ، أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَرَه. قال في «القَواعِدِ»: وهذا أحْسَنُ، وقد يكونُ لَحَظ هذا جَدُّه. قوله: وإنْ حلَف ليَقْضِيَنَّه حَقَّه غَدًا، فقَضاه قبلَه، لم يَحْنَثْ إذا قصَد أنْ لا يُجاوزَه. قوْلًا واحدًا. وكذا لا يحْنَثُ أيضًا إذا كان السَّبَبُ يقْتَضِيه، وإلَّا حَنِثَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ القاضي، [وأصحابِه، لا يَحْنَثُ ولو كانَ السَّبَبُ لا يقْتَضِيه أيضًا. وتقدَّم كلامُ الزَّرْكَشِيِّ ونقْلُه] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [فائدة: مثْلُ ذلك في الحُكمِ] (¬1)، لو حلَف لآكُلَنَّ شيئًا غَدًا، أو لأَبِيعَنَّه، أو لأفْعَلنَّه. فأمَّا إنْ حلَف لأقْضِيَنَّه حقَّه غَدًا. وقصَدَ مَطْلَه، فقَضاه قبلَه، حَنِثَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ إلَّا بِمِائَةٍ، فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَإنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، وَنَوَى الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ في غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخُلُ دارًا، ونَوَى اليَوْمَ، لم يَحْنَثْ بالدُّخُولِ في غيرِه. [ويُقْبَلُ قولُه في الحُكْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ دُعِيَ إِلَى غَداءٍ، فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ إِذَا قَصَدَهُ، وَإن حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَش، يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةِ، حَنِث بِأَكْلِ خُبْزِهِ، وَاسْتِعَارَةِ دَابَّتِهِ، وَكُلِّ مَا فِيهِ الْمِنَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُقْبَلُ في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى. قوله: وإنْ دُعِيَ إلى غَداءٍ، فحَلَف لا يتَغَدَّى، اخْتُصَّتْ يَمِينُه به إذا قصَده. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَحْنَثْ بغيرِه، على الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، والمَجْدُ، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابن مُنَجَّى»، وغيرِهم. وجزَم به القاضي في «الكِفايَةِ». وعنه، يَحْنَث. قوله: وإنْ حلَف لا يَشْرَبُ له المْاءَ مِنَ العَطَشِ، يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةِ -أو كانَ السَّبَبُ قَطْعَ المِنَّةِ- حَنِثَ بأَكْلِ خُبْزِه، واسْتِعارَةِ دابَّتِه وكل ما فيه المِنَّةُ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ: لا أقَلَّ، كقُعودِه في ضَوْءِ

وَإنْ حَلَفَ لا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا، فَبَاعَهُ واشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، حَنِثَ، وَكَذِلَكَ إنِ انْتَفَعَ بِثَمَنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نارِه. تنبيه: قولُه: وإنْ حلَف لا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِن غَزْلِها، يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِها، فباعَه واشْتَرَى بثَمَنِه ثَوْبًا، حَنِثَ، وكذا إنِ انْتفَعَ بثَمَنِه. ومَفْهومُه، أنَّه لو انْتَفعَ بشيءٍ مِن مالِها غيرَ الغَزْلِ وثَمَنِه، أنَّه لا يَحْنَثُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَحْنَثُ بقَدْرِ مِنَّتِه فأزْيَدَ. جزَم به في «التَّرْغيبِ». وفي «التَّعْليقِ»، و «المُفْرَداتِ»، وغيرِهما، يَحْنَثُ بشيءٍ منها؛ لأنَّه لا يمْحُو مِنتَّهَا إلَّا بالامْتِناعِ مما يصْدُرُ عنها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ممَّا يتضَمَّنُ مِنَّةً، ليَخْرُجَ مجْرَى الوَضْعِ العُرْفِيِّ،. وكذا سوَّى الأدَميُّ البَغْدادِيُّ في «مُنْتَخَبِه» بينَها وبينَ التي قبلَها، وأنَّه يَحنَثُ بكُلِّ ما فيه مِنَّةٌ. وقال في «الرَّوْضَةِ»: إنْ حلَف لا يأكلُ له خُبْزًا، والسَّببُ المِنَّةُ، حَنِثَ بأَكْلِ غيرِه كائنًا ما كانَ، وأَنه إنْ حلَف لا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِن غزْلِها، فلَبِسَ عِمامَةً، أو

وَإِنْ حَلَفَ لا يَأْوي مَعَهَا في دَارٍ، يُرِيدُ جَفَاءَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ، فَأوَى مَعَها في غَيرِهَا، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عكْسَه، إنْ كانتِ امْتَنَّتْ بغَزْلِها، حَنِثَ بكلِّ ما يَلْبَسُه منه. انتهى. وكذا منَع ابنُ عَقِيلٍ الحالِفَ على خُبْزِ غيرِه مِن لَحْمِه ومائِه. قوله: وإنْ حَلَفَ لا يَأَوي مَعَها في دارٍ، يُريدُ جَفاءَها، ولم يَكُنْ للدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَه، فأوَى مَعَها في غَيرِها، حَنِثَ. وكذا لو حَلَفَ، فقال: لا عُدْتُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رأيتُكِ تدْخُلِينَها. ينْوي منْعَها، حَنِثَ ولو لم يرَها. ونقَل ابنُ هانِئٍ، أقَلُّ الإيواءِ ساعَةٌ. وجزَم به في «التّرْغيبِ».

وَإنْ حَلَفَ لِعَامِلٍ أنْ لَا يَخْرُجَ إلا بِإِذْنِهِ فَعُزِلَ، أوْ عَلَى زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا، أوْ عَلَى عَبْدِهِ فَأعْتَقَهُ، وَنَحْوه، يُرِيدُ مَا دَامَ كَذَلِكَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ. وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، انْحَلتْ أيضًا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأنَّ الْحَال تَصْرِفُ الْيَمِينَ إِلَيهِ. وَذَكَرَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أنَّ السَّبَبَ إِذَا كَانَ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، عَمَّمْنَاهَا بِهِ، وَإِنِ اقْتَضَى الْخُصُوصَ، مِثْلَ مَنْ نَذَرَ لَا يدخلُ بَلَدًا؛ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ، فَزَال الظُّلْمُ، فَقَال ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حَلَفَ لعامِلٍ لا يَخْرُجُ إلَّا بإذْنِه فعُزِلَ، أو على زَوْجَتِه فطَلَّقَها، أو على عَبْدِه فأعْتَقَه ونحوه، يِريدُ ما دامَ كذلك، انْحَلتْ يَمِينُه، وإِنْ لم تَكُنْ له نِيَّةٌ،

أحْمَدُ: النَّذْرُ يُوفَى بِهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ، فَصَارَ كَالْمَنْويِّ سَواءً. وَإنْ حَلَفَ: لَا رَأيتُ مُنْكَرًا إلا رَفَعْتُهُ إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي. فَعُزِلَ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، إِنْ نَوَى مَا دَام قَاضِيًا، وَإن لَمْ يَنْو، احْتَمَلَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انْحَلَّتْ -يَمِينُه- أيضًا، ذكَرَه القاضي؛ لأنَّ الحال تَصْرِفُ الْيَمِينَ إليه. وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ». قال المُصَنِّفُ هنا: وهذا أوْلَى؛ لأنَّ السَّبَبَ يدُلُّ على النِّيَّةِ، فصارَ كالمَنْويِّ سَواءً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَرَ -القاضي- في مَوْضِعٍ آخَرَ، أنَّ السَّبَبَ إذا كان يقْتَضِي التَّعْمِيمَ، عَمَّمْناها به، وإنِ اقْتَضَى الخُصوصَ، مثْلَ مَن نذَر لا يدْخُلُ بلَدًا؛ لظُلْمٍ رَآه فيه، فزال الظُّلْمُ، فقال الإِمامُ أحمدُ: النَّذْرُ يُوفَى به. قال في «الفُروعِ»: ومع السَّبَبِ فيه رِوايَتان. ونصُّه: يَحْنَثُ. وتقدَّم كلامُ الزَّرْكَشِيِّ، وصاحبِ «القَواعِدِ». وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ لم يكُنْ له فيه نِيّةٌ، فكَلامُ الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، يقْتَضِي رِوايتَين. وذكَرَاه. قوله: وإنْ حلَف: لَا رَأيتُ مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُه إلى فُلانٍ القاضِي. فعُزِلَ، انْحَلَّتْ يَمِينُه إنْ نَوَى، ما دامَ قاضِيًا. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حواشي الفُرُوعِ»: قولُه: انحَلَّتْ يمينُه. فيه نظَرٌ؛ لأنَّ المذهبَ عَوْدُ الصِّفَةِ، فيُحْمَلُ على أنَّه نوَى تلك الولايةَ وذلك النِّكاحَ ونحوَه. انتهى. قوله: وإنْ لم يَنْو، احْتَمَلَ وَجْهَين. وهما رِوايَتان، وهما كالوَجْهَين المُتَقَدِّمَين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في المَسْألَةِ التي قبلَها؛ أحدُهما، تنْحَلُّ يمينُه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ». وظاهرُ ما اخْتارَه المُصَنِّفُ أوّلًا. والوَجْهُ الثَّاني، لا تنْحَلُّ يمينُه. قال في «الفُروعِ»: ونصُّه: يحْنَثُ. قال القاضي: قِياسُ المذهبِ، لا تَنْحَلُّ يمينُه. وتقدَّم كلامُ الزَّرْكَشِيِّ، وصاحبِ «القَواعِدِ»؛ لأنَّ هذه المسائلَ مِن جُمْلَةِ القاعِدَةِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ كان السَّبَبُ أو القَرائِنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقْتَضِي حالةَ الولايةِ، اخْتُصَّ بها، وإنْ كانتْ تقْتَضِي الرَّفْعَ إليه بعَينِه -مثْلَ أنْ يكونَ مُرْتَكِبُ المُنْكَرِ قَرابةَ الوالِي مثَلًا، وقصَد إعْلامَه بذلك لأجْلِ قرابَتِه- تَناوَلَ اليمينُ حال الولايةِ والعَزْلِ، وإلَّا فوَجْهان. فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، لو رأى المُنْكَرَ في ولايَتِه، فأمْكَنَه رَفْعُه، فلم يرْفَعْه إليه حتَّى عُزِلَ، لم يبَرَّ برَفْعِه إليه في حالِ عَزْلِه. وهل يَحْنَثُ بعَزْلِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يَحْنَثُ بعَزْلِه. قلتُ: وهو أوْلَى. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَحْنَثُ بعَزْلِه. وإنْ ماتَ قبلَ إمْكانِ رَفْعِه إليه، حَنِثَ أَيضًا على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يَحْنَثُ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشّرْحِ». قلتُ: وهو أوْلَى. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». وأمَّا على الوَجْهِ الثَّاني -وهو كوْنُ يمينِه لا تنْحَلُّ في أصْلِ المسْأَلةِ- لو رَفَعَه إليه بعدَ عَزْلِه، بَرَّ بذلك. فائدة: إذا لم يُعَيِّنِ الوالِيَ إذَنْ، ففي تَعْيِيِنه وَجْهان في «التَّرْغيبِ»؛ للتَّرَدُّدِ بينَ تَعْيِينِ العَهْدِ والجِنْسِ، وتابعَه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ» أَيضًا: لو عَلِمَ به بعدَ عِلْمِه، فقيلَ: فاتَ البِرُّ، كما لو رَآه معه. وقيل: لا (¬1)؛ لإمْكانِ صُورَةِ الرَّفْعِ. فعلى الأوَّلِ، هو كإبْرائِه مِن دَينٍ بعدَ حَلِفِه ليَقْضِيَنَّه. وفيه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ، رُجِعَ إلَى التَّعْيِينِ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يدخلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ، فَدَخَلَهَا وَقَدْ صَارَتْ فَضَاءً أوْ حَمَّامًا أوْ مَسْجِدًا، أوْ بَاعَهَا فُلَانٌ. أوْ: لَا لَبسْتُ هَذَا الْقَمِيصَ. فَجَعَلَهُ سَرَاويلَ أوْ رِدَاءً أوْ عِمَامَةً، وَلَبِسَهُ. أَوْ: لَا كَلَّمْتُ هَذَا الصَّبِيَّ. فَصَارَ شَيخًا. أو: امْرأةَ فُلَانٍ. أوْ: صَدِيقَهُ فُلَانًا. أوْ: ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وكذا قولُه جوابًا لقوْلِها: «تزَوَّجْتَ عليَّ؟»: كُلُّ امْرأةٍ لي طالِقٌ. تَطْلُقُ على نصِّه. وقطَع به جماعةٌ، أخْذًا بالأعَمِّ مِن لَفْظٍ وسبَبٍ. قوله: فإنْ عُدِمَ ذلك -يعْنِي النِّيَّةَ وسبَبَ اليَمِينِ وما هيَّجَها- رُجِعِ إلى التَّعْيِينِ. هذا المذهبُ. جزَم به هنا في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقدَّمُ الاسْمُ شَرْعًا أو عُرْفًا أو لُغَةً على التَّعْيِينِ. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»: فإنْ عُدِمَ النِّيَّةُ والسَّبَبُ، رجَعْنا إلى ما يَتَناوَلُه الاسْمُ؛ فإنِ اجْتَمَعَ الاسْمُ والتَّعْيِينُ، أو الصِّفَةُ والتَّعْيِينُ، غلَّبْنا التَّعْيِينَ.

غُلَامَهُ سَعْدًا. فَطَلُقَتِ الزَّوْجَةُ، وَزَالتِ الصَّدَاقَةُ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَكَلَّمَهُمْ. أوْ: لَا أكَلْتُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ. فَصَارَ كَبْشًا. أوْ: لَا أَكَلْتُ هَذَا الرُّطَبَ. فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا أَوْ خَلًّا. أَوْ: لَا أَكَلْتُ هَذَا اللَّبَنَ. فَتَغَيَّرَ. أو عُمِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَأكَلَهُ، حَنِثَ في ذَلِكَ كُلِّهِ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنِ اجْتَمَعَ الاسْمُ والعُرْفُ، فقال في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»: فأيُّهما يُغلَّبُ؟ فيه وَجْهان. قال في «الهِدايَةِ»: فقد اخْتَلَفَ أصحابُنا؛ فتارَةً غلَّبُوا الاسْمَ، وتارَةً غلَّبُوا العُرْفَ. قال في «الفُروعِ»: وذكَر يُوسُفُ ابنُ الجَوْزِيِّ النِّيَّةَ ثم السَّبَبَ ثم مُقْتَضَى لَفْظِه عُرْفًا ثم لُغَةً. انتهى. وقال في «المَذْهَبِ الأحمدِ»: النِّيَّةُ ثم السَّبَبُ ثم التَّعْيِينُ ثم إلى ما يَتَناوَلُه الاسْمُ، وإنْ كانَ للَّفْظِ (¬1) عُرْفٌ غالِبٌ؛ حُمِلَ كلامُ الحالِفِ عليه. ¬

(¬1) في الأصل: «اللفظ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإذا حلَف لَا يدخلُ دارَ فُلانٍ هَذه، فدَخَلَها وقد صارَتْ فَضاءً أو حَمَّامًا أو مَسْجِدًا أو باعَها، أو لا لَبِسْتُ هذا القَمِيصَ، فجَعَلَه سَراويلَ أو رِداءً أو عِمامَة ولَبِسَه، أو: لا كَلَّمْتُ هذا الصَّبيَّ، فصارَ شَيخًا، أو: امْرَأةَ فُلانٍ. أو:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صَدِيقَه فُلانًا. أو: غُلامَه سَعْدًا. فطُلِّقَتِ الزَّوْجَةُ وزَالتِ الصَّداقةُ وعَتَق العَبْدُ وكَلَّمَهم، أو: لا أكَلْتُ لَحْمَ هذا الحَمَلِ. فصارَ كَبْشًا. أو: لا أكَلْتُ هذا الرُّطَبَ. فَصارَ تَمْرًا أو دِبْسًا -نصَّ عليه- أو خَلًّا، أو: لا أكَلْتُ هذا اللَّبَنَ. فَتَغَيَّرَ أو عُمِلَ منه شَيْءٌ فأكَلَه، حَنِثَ في ذلك كُلِّه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: اخْتارَه عامَّةُ الأصْحابِ، منهم ابنُ عَقِيلٍ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّذْكِرَةِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، وهو أصحُّ. قال في «الفُروعِ» بعدَ أنْ ذكَر ذلك كلَّه وغيرُه: إذا فعَل ذلك، ولا نِيَّةَ ولا سبَبَ، حَنِثَ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. [وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم] (¬1). ويَحْتَمِلُ أنْ لا (¬2) يَحْنَثَ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. [واخْتارَ القاضي] (1)، والمُصَنِّفُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، أنَّه لو حلَف لا أَكَلْتُ هذه البَيضَةَ، فصارَتْ فرْخًا، أو لا أكَلْتُ هذه الحِنْطَةَ، فصارَتْ زَرْعًا فأكلَه، أنَّه لا يَحْنَثُ. قالا: وعلى قِياسِه، لو حلَف لا شَرِبْتُ هذا الخَمْرَ، فصارَ خَلًّا. فاسْتَثْنَوا هذه المَسائلَ مِن أصْلِ هذه القاعِدَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وعن ابنِ عَقِيلٍ، أنَّه طرَد القَوْلَ حتَّى في البَيضَةِ والزَّرْعِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّه أظْهَرُ. قلتُ: وهو المذهبُ كما تقدّم. فائدة: لو حلَف لا يدْخُلُ دارَ فُلانٍ، ولم يقُلْ: هذه. أو لا أكلْتُ التَّمْرَ الحديثَ، فعَتَقَ، أو الرَّجُلَ الصَّحيحَ، فمَرِضَ، أو لا دخَلْتُ هذه السَّفِينَةَ،

فَصْلٌ: فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ، رَجَعْنَا إِلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الاسْمُ. وَالْأَسْمَاءُ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أقْسَامٍ؛ شَرْعِيَّةٌ، وَحَقِيقِيَّةٌ، وَعُرْفِيَّةٌ. فَأمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ فنُقِضَتْ ثم أُعِيدَتْ ففَعَلَ، حَنِثَ بلا نِزاعٍ في ذلك، إلَّا أنَّ في السَّفِينَةِ احْتِمالًا بعدَمِ الحِنْثِ. قوله: فإنْ عُدِمَ ذلك -يعْنِي النِّيَّةَ وسبَبَ اليمينِ وما هيَّجَها والتَّعْيِينَ- رَجَعْنا إلى ما يَتَناوَلُه الاسْمُ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ» وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقيل: يُقدَّمُ ما يَتَناوَلُه الاسْمُ على التَّعْيِينِ. وتقدَّم ذلك، وتقدَّم كلامُ يُوسُفَ ابنِ

الشَّرْعِيَّةُ؛ فَهِيَ أَسْمَاءٌ لَهَا مَوْضُوعٌ في الشَّرْعِ وَمَوْضُوعٌ في اللُّغَةِ، كالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالزكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَنَحْوهِ، فَالْيَمِينُ الْمُطلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ، وَتَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِيِّ، فإنَّه يُقدِّمُ النِّيَّةَ ثم السَّبَبَ ثم مُقْتَضَى لَفْظِه عُرْفًا ثم لُغَةً. فائدة: الاسْمُ يتَناوَلُ العُرْفِيَّ والشَّرْعِيَّ واللُّغَويَّ، فيُقدَّمُ اللَّفْظُ الشَّرْعِيُّ والعُرْفِيُّ على اللُّغَويِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: عكْسُه. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: يُقَدَّمُ الاسْمُ عُرْفًا ثم شَرْعًا ثم لُغةً.

فإذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، فَبَاعَ بَيعًا فَاسِدًا، أَوْ لَا يَنْكِحُ, فَنَكَحَ نِكَاحًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فأفادَنا تقْدِيمَ العُرْفِيِّ على الشَّرْعِيِّ. وقدَّم وَلَدُ ابنِ (¬1) الجَوْزِيِّ العُرْفَ ثم اللُّغَةَ، كما تقدَّم. قوله: واليَمِينُ المُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلى المَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ، وتَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ منه؛ فإذا حلَف لا يَبِيعُ، فباعَ بَيعًا فاسِدًا، أو لا يَنْكِحُ، فنَكَحَ نِكاحًا فاسِدًا، لم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَاسِدًا، لَمْ يَحْنَثْ، إلا أَنْ يُضِيفَ الْيَمِينَ إلَى شَيْءٍ لَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الصِّحَّةُ، مِثْلَ أنْ يَحْلِفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ أو الْحُرَّ، فَيَحْنَثُ بِصُورِةِ الْبَيعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْنَثْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به الخِرَقِيُّ، وفي «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ مِنَ الأوْجُهِ. وعنه، يَحْنَثُ في البَيعِ وحدَه. وقيل: يَحْنَثُ ببَيعٍ ونِكاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه. واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه يَحْنَثُ إذا باعَ بَيعًا صحيحًا بشَرْطِ الخِيارِ. وهو كذلك، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وقال القاضي في «الخِلافِ»: لو باعَ بشَرْطِ الخِيارِ، هل يَحْنَثُ؟ يَنْبَنِي على نَقْلِ المِلْكِ وعَدَمِه. وأنْكَرَ ذلك المَجْدُ عليه. ذكَرَه في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين». فائدة: لو حلَف لا يَحُجُّ، فحَجَّ حَجًّا فاسِدًا، حَنِثَ. قاله في «الفُروعِ»، [و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم] (1).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا أنْ يُضِيفَ اليَمِينَ إلَى شيءٍ لا يُتَصَوَّرُ فيه الصِّحَّةُ، مثلَ أنْ يَحْلِفَ لا يَبِيع الخَمْرَ أو الحُرَّ، فيَحْنَثُ بصُورَةِ البَيعِ. هذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا أَوْلَى. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. وصحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقيل: لا يَحْنَثُ مُطْلَقًا. وهو احْتِمالٌ في «المُغْني»، و «الشَّرْحِ».

وَذَكَر الْقَاضِي فِي مَنْ قَال لامْرأَتهِ: إِنْ سَرَقْتِ مِنِّي شَيئًا وَبِعْتِنِيهِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَفَعَلَتْ، لَمْ تَطْلُقْ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضي في مَن قال لامْرَأتِه: إنْ سرَقْتِ مِنِّي شيئًا وبِعْتِنِيهِ، فأنْتِ طالقٌ. ففَعَلَتْ، لم تَطْلُقْ. وقال القاضي أَيضًا: لو قال: إنْ طَلقْتُ فُلانَةَ الأجْنَبِيَّةَ، فأَنْتِ طالِقٌ. فَوُجِدَ، لم تَطْلُقْ. فائدتان؛ إحْداهما، الشِّراءُ مثْلُ البَيعِ في ذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وخالفَ في «عُيونِ المَسائلِ» في، سَرَقْتِ مِنِّي شيئًا وبِعْتِنِيهِ، كما لو حلَف لا يَبِيعُ، فَباعَ بَيعًا فاسِدًا. الثَّانيةُ، لو حلَف: لا تَسَرَّبْتُ. فوَطِئَ جارِيَتَه، حَنِثَ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ، كحَلِفِه لا يَطَأُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وقال القاضي: لا يَحْنَثُ حتَّى يُنْزِلَ؛ فَحْلًا كان أو خَصِيًّا. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ حَلَفَ وليستْ في مِلْكِه، حَنِثَ بالوَطْءِ، وإنْ حَلَفَ وقد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَلَكَها، حَنِثَ بالوَطْءِ، بشَرْطِ أنْ لا يَعْزِلَ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه،

وَإنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ، لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ عَزَلَ، لم يَحْنَثْ. وعنه، في مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِه. انتهى. قوله: وإِنْ حلَف لا يَصُومُ، لم يَحْنَثْ حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا. هذا أحدُ الوُجوهِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «الرِّعايتَين». واخْتارَه المَجْدُ في «مُحَررِه». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ». وقيل: يَحْنَثُ بالشُّروعِ الصَّحيحِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. وجنرَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وقال: قاله الأصحابُ. وقيل: يَحْنَثُ بالشُّروعِ

وَإنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي، لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ إنْ قُلْنا: يَحْنَثُ بفِعْلِ بعضِ المَحْلُوفِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو حلَف لا يصُومُ صَوْمًا، لم يَحْنَثْ حتَّى يصُومَ يَوْمًا. بلا نِزاعٍ. الثَّانيةُ، لو حلَف لا يحُجُّ، حَنِثَ بإحْرامِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَحْنَثُ إلَّا بفَراغِه مِن أرْكانِه. قوله: وإنْ حلَف لا يُصَلِّي، لم يَحْنَثْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَةً. يعْنِي، بسَجْدَتَيها. هذا أحدُ الوُجوهِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا أصحُّ. وقال القاضي: إنْ حلَف لا صَلَّيتُ صلاةً، لم يَحْنَثْ حتَّى يفْرَغَ مما يقَعُ عليه اسْمًا اصلاةِ، وإنْ حَلَف لا يصَلِّي، حَنِثَ بالتَّكْبيرِ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وقيل: يَحْنَثُ إنْ قُلْنا: حَنِثَ بفِعْلِ بعضِ المَحْلوفِ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. وقيل: لا يَحْنَثُ حتَّى تَفْرَغَ الصلاةُ، كقَوْلِه: صلاةً أو (¬1) صَوْمًا. وكحَلِفِه ليَفْعَلَنَّه. اخْتارَه في «المُحَررِ». وقيل: يَحْنَثُ بصَلاةِ رَكْعَتَين. وهو رِوايةٌ في «الشَّرْحِ»؛ لأنَّه أقَلُّ ما يقَعُ عليه اسْمُ الصَّلاةِ على ¬

(¬1) في الأصل: «و».

وَقَال الْقَاضِي: إِنْ حَلَفَ: لَا صَلَّيتُ صَلَاةً. لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيهِ اسْمُ الصَّلَاةِ، وَإنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي، حَنِثَ بالتَّكْبِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةٍ. وقال في «التَّرْغيبِ»: على الأولِ والثَّاني يُخَرَّجُ إذا أفْسَدَه. فوائد؛ الأولَى، لو كانَ حال حَلِفِه صائمًا أو حاجًّا، ففي حِنْثِه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الرِّعايةِ». قال في «الفُروعِ»: وفي حِنْثِه باسْتِدامَةِ الثَّلَاثةِ وَجْهان. يعْنِي الصَّلاةَ والصَّوْمَ والحَجَّ. الثَّانيةُ، شمِلَ قولُه: لا يُصَلِّي. صَلاةَ الجِنازَةِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قال المَجْدُ وغيرُه: والطَّوافُ ليس بصَلاةٍ مُطْلَقَةٍ ولا مُضافَةٍ، فلا يقالُ: صَلاةُ الطَّوافِ. وفي كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، الطَّوافُ صَلاةٌ. وقال أبو الحُسَينِ وغيرُه، عن قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ

وَإنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ زَيدًا شَيئًا، وَلَا يُوصِي لَهُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ عَلَيهِ، فَفَعَلَ وَلَمْ يَقْبَلْ زَيدٌ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّلامِ: «الطَّوَافُ بالبَيتِ صَلاةٌ» (¬1). يُوجِبُ أنْ يكونَ الطَّوافُ بمَنْزِلَةِ الصَّلاةِ في جميعِ الأحْكامِ إلَّا فيما اسْتَثْناه؛ وهو النُّطْقُ. وقال القاضي وغيرُه: الطَّوافُ ليس بصَلاةٍ في الحقِيقَةِ؛ لأنَّه أُبِيحَ فيه الكَلامُ والأَكْلُ، وهو مَبْنِيٌّ على المَشْي، فهو كالسَّعْي. الثَّالثةُ، قولُه (¬2): وإِنْ حلَف لا يَهَبُ زَيدًا شَيئًا ولا يُوصِي له ولا يتَصَدَّقُ عليه، ففَعَلَ ولم يقْبَلْ زَيدٌ، حَنِثَ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. لكِنْ قال في «المُوجَزِ»، ¬

(¬1) تقدم تخريجه في: 2/ 71. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّبْصِرَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ» مثْلَه في البَيعِ. قاله في «الفُروعِ». والذي رأيتُه في «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ حلَف لا يَبيعُ، فباعَ ولم يَقْبَلِ المُشْتَرِي، لم يَحْنَثْ. وقال القاضي مثْلَ قولِ صاحبِ «المُوجَزِ»، و «التَّبصِرَةِ» في: إنْ بِعْتُكَ فأَنْتَ حُرٌّ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ قال الآخَرُ: إنِ اشْتَرَيتُه فهو حُرٌّ. فاشْتَراه، عَتَقَ مِن بائِعِه سابِقًا للقَبُولِ. وجزَم في «النَّظْم» وغيرِه، أنَّه إذا حلَف لا يبيعُ ولا يُؤْجِرُ ولا يُزَوِّجُ، فأوْجَبَ ولم يقْبَلِ الآخَرُ، أنَّه لا يَحْنَثُ.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيهِ، فَوَهَبَهُ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإنْ حَلَفَ لَاَ هَبُهُ، فَتَصَدَّقَ عَلَيهِ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حلَف لا يَتَصَدَّقُ عليه، فوَهَبَه، لم يَحْنَثْ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْنَثُ. قوله: وإنْ حلَف لا يَهَبُه فتَصَدَّقَ عليه، حَنِثَ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وقدَّماه. وصححه (¬1) في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَقَال أبو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: هذا المذهبُ. وقيل: لا يَحْنَثُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ»، وقال (¬1): هو ظاهرُ كلامِ الأمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايةِ حَنْبَلٍ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وأطْلَقَهما في «المُذْهَب»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين». تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ في صدَقَةِ التَّطَوُّعِ. أمَّا الصَّدَقةُ الواجِبَةُ والنَّذْرُ والكفَّارَةُ والضِّيافَةُ الواجِبَةُ فلا يَحْنَثُ، قوْلًا واحدًا. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ أعَارَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا عِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أعارَه لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ؛ منهم القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «الكافِي» وغيرِه. وصحَّحه في «المُغْنِي» وغيرِه. وقيل: يَحْنَثُ. قدَّمه في «الهِدايَةِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «المُحَرَّرِ». وصحَّحه في «الخُلاصَةِ». وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الحاوي»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ».

وَإِنْ وَقَفَ عَلَيهِ، حَنِثَ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ بَاعَهُ وَحَابَاهُ، حَنِثَ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ وتَف عليه، حَنِثَ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ» وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا يَحْنَثُ؛ كصدقَةٍ واجبةٍ ونَذْرٍ وكفَّارَةٍ وتضْيِيفِه وإبْرائِه. قوله: وَإِنْ وَصَّى له، لم يَحْنَثْ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قوله: وإنْ باعَه وحابَاه، حَنِثَ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ». ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ. وهو لأبي الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ». واخْتارَه

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي؛ الْأَسْمَاءُ الْحَقِيقِيّةُ، إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، فَأَكَلَ الشَّحْمَ، أو الْمُخَّ، أو الْكَبدَ، أَو الطِّحَال، أَو الْقَلْبَ، أَوْ الْكَرِشَ، أَو الْمُصْرَانَ، أو الْأَلْيَةَ، أَو الدِّمَاغَ، أو ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». فائدة: لو أهْدَى إليه، حَنِثَ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يَحْنَثُ. قوله: إذا حلَف لا يأكلُ اللَّحْمَ، فأَكَلَ الشَّحْمَ أو المُخَّ أو الكَبِدَ أو الطَّحَال أو القَلْبَ أو الكَرِشَ أو المُصْرانَ أو الأَلْيَةَ أو الدِّماغَ أو القانِصَةَ، لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضي: يَحْنَثُ بأكْلِ الشَّحْمِ الذي على الظَّهْرِ والجَنْبِ وفي تَضاعيفِ اللَّحْمِ وهو لَحْمٌ، ولا يَحْنَثُ بأكْلِه مَن حلَف لا يأكلُ شَحْمًا، على ما يَأْتِي. وكذلك الحُكْمُ في أنَّه لا يَحْنَثُ بأكْلِه الكُلْيَةَ والكارِعَ، فلا يَحْنَثُ في ذلك كلِّه، إلَّا أنْ ينْويَ اجْتِنابَ الدَّسَمِ، فإذا نَوَى ذلك

الْقَانِصَةَ، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنِثَ. تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه لو أكَل لَحْمَ الرَّأْسِ، أو لحْمًا لا يؤْكَلُ، أنَّه يَحْنَثُ. وهو أحدُ الوَجْهَين. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». قال أبو الخَطَّابِ: يَحْنَثُ بأكْلِ لَحْمِ الخَدِّ. قال الزرْكَشِيُّ: وهو مُناقِضٌ لاخْتِيارِه في «الهِدايَةِ»، فيما إذا حلَف لا يأكلُ رأْسًا، لم يَحْنَثْ إلَّا (¬1) بأكْلِ رَأْسٍ جَرَتِ العادَةُ بأكْلِه مُنْفَرِدًا. فغَلَّب العُرْفَ. قال في ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»: يَحْنَثُ بأكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ في الأصحِّ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي» في أكْلِ لَحْمٍ لا يُؤْكَلُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه يحْنَثُ بأكْلِ كلِّ (¬1) لَحْمٍ، فتَدْخُلُ اللُّحومُ المُحَرَّمَةُ، كلَحْمِ الخِنْزيرِ ونحوه. وهو أشْهَرُ الوَجْهَين، وبه قطَع أبو محمدٍ. انتهى. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، أنَّه يَحْنَثُ بلَحْمِ الرَّأْسِ وبلَحْمٍ غيرِ مأْكُولٍ. قال في «المُذْهَبِ»: حَنِثَ بأكْلِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّأْسِ في ظاهرِ المذهبِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يَحْنَثُ حتَّى ينْويَه. [قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، واخْتِيارُ القاضي، أنَّه لا يَحْنَثُ بأكْلِ خَدِّ الرَّأْسِ] (¬1). وحُكِيَ عن ابنِ أبي مُوسى في ذلك كلِّه. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقالا: لو أَكَل اللِّسانَ، احْتَمَلَ وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: لا يَحْنَثُ بأكْلِ اللِّسانِ على أظْهَرِ الاحْتِمالين. وقال في «الكافِي»: لو حلَف لا يَأْكُلُ لحْمًا، تَناولَتْ يمِينُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ أكَلَ الْمَرَقَ، لَمْ يَحْنَثْ. وَقَدْ قَال أحْمَدُ: لا يُعْجِبُنِي. قَال أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْلَ اللَّحْمِ المُحَرَّمِ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يَحْنَثُ بأكْلِ رَأْسٍ تَجْرِ العادَةُ بأكْلِه مُنْفَرِدًا. وقال في «المُغْنِي» (¬1): إنْ أكلَ رَأْسًا أو كارِعًا، فقد رُوِيَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، ما يدُلُّ على أنَّه لا يَحْنَثُ. وقدَّمه في «الشرْحِ». قال القاضي: لأنَّ اسْمَ اللَّحْمِ لا يتَناولُ الرُّءوسَ والكَوارِعَ. ويأْتي في كلامِ المُصَنِّفِ في الفَصْلِ الآتِي: إذا حلَف لا يَأْكُلُ لحْمًا، فأكلَ سَمَكًا. قوله: وإنْ أكَلَ المَرَقَ، لم يَحْنَثْ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال (¬2) في «الفُروعِ»: لم يَحْنَثْ في الأصحِّ. وصحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». ونَصَرَه ¬

(¬1) في المغني 13/ 600. (¬2) في الأصل: «قاله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قال في «المُذْهَبِ»: هذا ظاهرُ المذهب. وقد قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في روايةِ صالحٍ: لا يُعْجِبُنِي؛ لأن طَعْمَ اللَّحْمِ قد يُوجَدُ في المَرَقِ. قال أبو الخَطَّابِ: هذا عَلَى سَبِيلِ الوَرَعِ. قال: والأقوَى أنَّه لا يَحْنَثُ. انتهى. وقال ابنُ أبي مُوسى، والقاضي: يَحْنَثُ.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ، فَأكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: فنَاقَضَ القاضي. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». قوله: وإنْ حلَف لا يَأكُلُ الشَّحْمَ فأكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ، حَنِثَ. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلامَ الخِرَقِيِّ، وأبي الخَطَّابِ. ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو اخْتِيارُ أكثرِ الأصحابِ؛ القاضي، والشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ، والشِّيرَازِيِّ، وابنِ عَقِيلٍ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَحْنَثُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضي، وقال: الشَّحْمُ هو الذي يكونُ في الجَوْفِ؛ مِن شَحْمِ الكُلَى أو غيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضي أَيضًا: وإنْ أَكَلَ مِن كلِّ شيءٍ مِن الشَّاةِ؛ مِن لَحْمِها الأحْمَرِ والأبيَضِ والأَلْيَةِ والكَبِدِ والطِّحالِ والقَلْبِ، فقال شيخُنا -يعْنِي به ابنَ حامدٍ: لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ اسْمَ الشَّحْمِ لا يقَعُ عليه. قال في «الفُروعِ»: وهل بَياضُ لَحْمٍ- كسَمِينِ ظَهْرٍ وجَنْبٍ وسَنامٍ- لَحْمٌ أو شَحْمٌ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقَ الوَجْهَين في أصْلِ المسْألَةِ في «النَّظْمِ».

وَإنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأكَلَ زُبْدًا، أوْ سَمْنًا، أو كَشْكًا، أوْ مَصْلًا، أو جُبْنًا، لَمْ يَحْنَثْ. وَإنْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ والسَّمْنِ فَأكَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو حلَف لا يَأْكُلُ شَحْمًا، حَنِثَ بأكْل الأَلْيَةِ لا اللَّحْمِ الأحْمَرِ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال القاضي ومَن وافَقَه: ليستِ الأَلْيَةُ شَحْمًا ولا لَحْمًا. وقال الخِرَقِيُّ: يحْنَثُ بأكْلِ اللَّحْمِ الأحْمَرِ. وقال غيرُه مِنَ الأصحابِ: لا يحْنَثُ. وهو المذهبُ كما تقدَّم. وتأْتِي مسْأَلةُ الخِرَقِيِّ في كلام المُصَنِّفِ. قوله: وإنْ حلَف لَا يَأْكلُ لَبَنًا، فأكَلَ زُبْدًا أو سَمْنًا أو كَشْكًا أو مَصْلًا أو جُبْنًا،

لَبَنًا، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يَحْنَثْ. وكذا لو أكلَ أقِطًا. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه في أكْلِ الزُّبْدِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِي»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وقال القاضي: يَحْتَمِلُ أنْ يُقال في الزُّبْدِ: إنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظَهَر فيه لَبَنٌ حَنِثَ بأكْلِه، وإلَّا فلا، كما لو حلَف لا يأكلُ [سَمْنًا فأكَل خَبِيصًا فيه سَمْنٌ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به المُصَنِّفُ، وغيرُه في قوْلِه: إذا حلَف لا يأكلُ] (¬1) فأكلَه مُسْتَهْلَكًا في غيرِه. وقال في «الرِّعايتَين»: وعنه، إنْ أكَلَ الجُبْنَ، أو الأقِطَ، أو الزُّبْدَ، حَنِثَ. قوله: وإنْ حلَف على الزُّبْدِ والسَّمْنِ، فأكَلَ لَبَنًا، لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أكَلَ لَبَنًا لم يظْهَرْ فيه الزُّبْدُ، لم يَحْنَثْ، وإنْ كان الزُّبْدُ فيه ظاهِرًا، حَنِثَ. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: فأكَلَ حَلِيبًا أو مَخِيضًا أو جامِدًا لم يظْهَرْ زُبْدُه، لم يَحْنَث. فائدة: لو حلَف لا يأكُلُ زُبْدًا، فأكلَ سَمْنًا، لم يَحْنَثْ، وفي عكْسِه ¬

(¬1) سقط من الأصل.

وَإنْ حَلَفَ عَلَى الْفَاكِهَةِ، فَأكَلَ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ؛ كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالتَّمْرِ، وَالرُّمَّانِ، حَنِثَ، وَإنْ أكَلَ الْبِطِّيخَ، حَنِثَ. وَيَحْتَمِلُ أن لَا يَحْنَثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. قاله في «الرِّعايتَين». وجزَم في «الكافِي»، أنَّه لا يَحْنَثُ أَيضًا. قوله: وإنْ حلَف على الفاكِهَةِ، فأكَل مِن ثَمَرِ الشَّجَرِ؛ كالْجَوْزِ واللَّوْزِ والرُّمَّانِ، حَنِثَ. إنْ أكَلَ مِن ثَمَرِ الشَّجَرِ رَطْبًا، حَنِثَ بلا نِزاعٍ. وإنْ أكَلَ منه يابِسًا؛ كحَب الصَّنَوْبَرِ والعُنَّابِ والزَّبِيبِ والتَّمْرِ والتِّينِ والمِشْمِشِ اليابسِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والإجَّاصِ ونحوه، حَنِثَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: هذا الأصحُّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي»، و «الرِّعايتَين»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». [وقيل: لا يَحْنَثُ بأكْلِ ذلك. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»] (¬1)، كالحُبوبِ. فائدتان؛ إحداهما، الزَّيتونُ ليس مِنَ الفاكِهَةِ، وكذلك البَلُّوطُ وسائرُ ثَمَرِ الشَّجَرِ البَرِّيِّ الذي لا يُسْتَطابُ؛ كالزُّعْرورِ الأحْمَرِ وثَمَرِ القَيقَبِ والعَفصِ وحبِّ الآسِ ونحوه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» وجْهًا في الزَّيتونِ والبَلوطِ والزُّعْرورِ، أنَّه فاكهةٌ. قلتُ: وحبُّ الآسِ والقَيقَبِ كذلك. والبُطْمُ ليس بفاكهةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه منها. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. الثَّانيةُ، الثَّمَرَةُ تطْلَقُ على الرَّطْبَةِ واليابِسَةِ شَرْعًا ولُغَةً. قاله في «الفُروعِ». قال: وهذا معْنَى قوْلِهم في السَّرِقةِ منها وغيرِه. وفي طريقه بعضِ الأصحابِ في السَّلَمِ، اسمُ الثَّمَرةِ إذا أُطْلِقَ، «للرَّطْبَةِ»، ولهذا لو أمَرَ وَكِيلَه بشِراءِ ثَمَرَةٍ، فاشْتَرَى ثَمَرَة يابسَةً، لم تَلْزَمْه. وكذا في «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِها، الثَّمَرُ اسْمٌ للرَّطْبِ. قوله: وإِنْ أكَلَ البِطِّيخَ، حَنِثَ. هذا المذهبُ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. فائدة: قولُه: ولا يَحْنَثُ بأكْلِ القِثَّاءِ والخِيارِ. بلا نِزاعٍ. وكذا لا يَحْنَثُ بأكْلِ القَرْعِ والبَاذِنْجانِ؛ لأنَهما مِن الخُضَرِ. وكذا لا يحْنَثُ بأكْلِ [ما يكونُ في الأرْض؛ كالجَزَرِ] (¬1) واللِّفْتِ والفُجْلِ والقُلْقاسِ والسَّوطَلِ ونحوه. ¬

(¬1) في الأصل: «الجزر».

وَإنْ حَلَفَ لَا يَأْكلُ رُطَبًا، فَأكَلَ مُذَنَّبًا، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لا يأْكُلُ رُطَبًا، فأكَل مُذَنَّبًا -وهو الذي بدَأ فيه الإرْطابُ مِن ذَنَبِه وباقِيه بُسْرٌ- حَنِثَ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي» , و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرهم. وقيل: لا يحْنَثُ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ.

وَإِنْ أكَلَ تَمْرًا أوْ بُسْرًا، أو حَلَفَ لَا يَأْكلُ تَمْرًا، فَأكَلَ رُطَبًا أوْ دِبْسًا أوْ نَاطِفًا، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أكَلَ تَمْرًا أو بُسْرًا، أو حلَف إلَّا يأْكُلُ تَمْرًا، فأكَلَ رُطَبًا أو دِبْسًا أو ناطِفًا، لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وذكَر في «المُبْهِجِ» رِوايةً

وَإنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدْمًا، حَنِثَ بأَكْلِ الْبَيضِ، وَالشِّوَاءِ، وَالْجُبْنِ، وَالْمِلْحِ، وَالزَّيتُونِ، وَاللَّبَنِ، وَسَائِرِ مَا يُصْطبَغُ بِهِ. وفي التَّمْرِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنه يَحْنَثُ فيما إذا حلَف لا يأْكُلُ رُطَبًا، فأكَلَ تَمْرًا. قوله: وإِنْ حلَف لا يأْكُلُ أُدْمًا، حَنِثَ بأكْلِ البَيضِ والشِّواءِ والجُبْنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمِلْحِ والزَّيتُونِ واللَّبَنِ وسائرِ ما يُصْطَبَغُ به. فإنَّه يحْنَثُ به. وكذا إذا أكَلَ المِلْحَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهب. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، ومِلْحٍ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». وقيل: المِلْحُ ليس بأُدْمٍ. وما هو ببعيدٍ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: وفي التَّمْرِ وجْهان. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، هو مِنَ الأُدْمِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، ليس مِن الأُدْم، فلا يَحْنَثُ بأكْلِه. جزَمْ به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهو ظاهرُ كلامِ الأدَمِيِّ في «مُنْتَخَبِه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ على هذَين الوَجْهَين الزَّبِيبُ ونحوُه. قال: وهو ظاهرُ كلامِ جماعَةٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وأنَّ ذلك ممَّا يُؤْتَدَمُ به. وجزَم في «المُغْنِي» و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ» وغيرُهما، أنَّه لا يَحْنَثُ بأكْلِ الزَّبِيبِ، قالوا: لأنَّه مِنَ الفاكِهَةِ. فوائد؛ الأولَى، لو حلَف لا يأْكُلُ طَعامًا، حَنِثَ بأكْلِ كلِّ ما يُسَمَّى طَعامًا؛ مِن قُوتٍ وأُدْمٍ وحَلْواءَ وجامِدٍ ومائعٍ. وفي ماءٍ ودَواءٍ ووَرَقِ شجَرٍ وتُرابٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوها وَجْهان (¬1). وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ»: وفي الماءِ والدَّواءِ وَجْهان. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يَحْنَثُ بأكْلِ شيءٍ مِن ذلك، ولا يُسَمى شيءٌ مِن ذلك طَعامًا في العُرْفِ. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: لا يُسَمَّى ذلك طَعامًا في الأظْهَرِ. وصحَّحه النَّاظِمُ. الثَّانيةُ، لو حلَف لا يأْكُلُ قُوتًا، حَنِثَ بأكْلِ خُبْزٍ وتَمْرٍ وتِينٍ ولَحْمٍ ولَبَنٍ ونحوه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: والقُوتُ ما تَبْقَى معه البِنْيَةُ؛ كخُبْزٍ وتَمْرٍ وزَبِيبٍ ولَبَنٍ ونحو ذلك. وكذا قال في «النَّظْمِ». قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «تَجْريدِ العِنايةِ»: لا يَخْتَصُّ بقُوتِ بَلَدِه في الأظْهَرِ. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ لا

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيئًا، فَلَبِسَ ثَوْبًا، أَوْ دِرْعًا، أَوْ جَوْشَنًا، أو خُفًّا، أو نَعْلًا، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْنَثَ إلَّا بما يقْتاتُه أهْلُ بَلَدِه. وإنْ أكَلَ سَويقًا أو اسْتَفَّ دَقِيقًا، أو حبًّا يُقْتاتُ خُبْزُه، حَنِثَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ بأَكْلِ الحَبِّ. وإنْ أكَلَ عِنَبًا أو حُصْرُمًا أو خلًّا، لم يَحْنَثْ. الثَّالثةُ، قال في «الفُروعِ»: والعَيشُ يتَوَجَّهُ فيه عُرْفًا الخُبْزُ، وفي اللُّغَةِ، العَيشُ: الحَياةُ (¬1). فيَتَوَجَّهُ ما يعِيشُ به، فيكونُ كالطَّعامِ. انتهى. الرَّابعةُ، [قولُه: وإنْ حلَف لا يَلْبَسُ شَيئًا، فلَبِسَ ثَوْبًا أو دِرْعًا أو جَوْشَنًا أو خُفًّا أو نَعْلًا، حَنِثَ. بلا نِزاعٍ. وإنْ حلَف لا يَلْبَسُ ثَوْبًا، حَنِثَ كيفما لَبِسَه، ولو تعَمَّمَ به، ولو ارْتَدَى بسَراويلَ أو ائْتَرَرَ بقَمِيصٍ، لا بطَيِّه وتَرْكِه على رأْسِه، ولا] (¬2) ¬

(¬1) في النسخ: «للحياة» والمثبت هو الصواب. انظر: الفروع 6/ 375. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [بنَوْمِه عليه. وإنْ تدَثَّرَ به، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». جزَم ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» بعَدَمِ الحِنْثِ. وإنْ قال: قَمِيصًا. فائْتَزَرَ، لم يَحْنَثْ، وإنِ ارْتدَى، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». جزَم في «المُغْنِي» أنَّه يَحْنَثُ. وهو ظاهرُ «الرِّعايةِ». وإنْ حَلَفَ لا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَة، فَلَبِسَها في رِجْلِه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه عَبَثٌ وسَفَهٌ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حَلْيًا، فَلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو جَوْهَرٍ، حَنِثَ، وَإنْ لَبِسَ عَقِيقًا أو سَبَجًا، لَمْ يَحْنَثْ، وَإن لَبِسَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسةُ (¬1)، قولُه: وإنْ حلَف لا يَلْبَسُ حَلْيًا، فلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو جَوْهَرٍ، حَنِثَ. بلا نِزاعٍ. ويَحْنَثُ أَيضًا بلُبْسِ خاتَمٍ في غيرِ الخِنْصَرِ، وَجْهًا واحدًا. ووَجَّهَ في «الفُروعِ» عدَمَ الحِنْثِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ في لُبْسِ الوُسْطَى والسَّبَّابَةِ والإبهامِ، فأمَّا في الخِنْصَرِ، فلا نِزاعَ فيه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ السَّادِسَةُ (¬1)، قولُه: وإنْ لَبِسَ عَقِيقًا أو سَبَجًا، لم يَحْنَثْ. بلا نِزاعٍ. قلتُ: لو قيلَ بحِنْثِه بلُبْسِه العَقِيقَ، لما كان بعيدًا. ولا يَحْنَثُ أَيضًا بلُبْسِ الحرِيرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال في «الوَسيلَةِ»: تحْنَثُ المرأةُ بلُبْسِ الحَرِيرِ. قوله: وإنْ لَبِسَ الدَّراهِمَ والدَّنانيرَ في مُرْسَلَةٍ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «الخامسة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُغْنِي»، و «البُلْغةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» , و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يَحْنَثُ بلُبْسِه. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الكافِي»، فإنَّه ذكَر ما يَحْنَثُ [به مِن ذلك، ولم يذْكُرْهُما، وصحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». والثَّاني، يَحْنَثُ] (¬1) بلُبْسِه، وهو مِنَ الحَلْي. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُنَوَّرِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «الإِرْشادِ»: لو لَبِسَ ذهبًا أو لُؤْلُؤًا وحدَه، حَنِثَ. وقال بعضُ الأصحابِ: مَحَلُّ الخِلافِ إذا كانَا مُفْرَدَين. فوائد؛ الأُولَى، في لُبْسِه مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغنِي»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ، وَلَا يَدْخُلُ دَارَهُ، فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ، وَلَبِسَ ثَوْبَهُ، وَدَخَلَ دَارَهُ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فُلَانٌ، حَنِثَ، وَإِنْ رَكِبَ دَّابةً اسْتَعَارَهَا، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، هي مِنَ الحَلْي. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». قلتُ: وهو الصوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، ليستْ مِن الحَلْي، فلا يَحْنَثُ بلُبْسِها. قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى العُرْفِ وعادَةِ مَن يلْبَسُها هي والدَّراهِمَ والدَّنانِيرَ. الثَّانيةُ: قولُه: وإنْ حلَف لا يَرْكَبُ دابَّةَ فُلانٍ ولا يَلْبَسُ ثَوْبَه ولا يَدْخُلُ دارَهُ، فرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِه وَلَبِسَ ثَوْبَه ودخَل دارَه، أو فعَل ذلك فيما اسْتَأْجَرَه فُلانٌ، حَنِثَ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو دخَل دارًا اسْتَعارَها السَّيِّدُ، لم يَحْنَثْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، يَحْنَثُ بدُخولِ الدَّارِ المُسْتَعارَةِ. ولو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَكِبَ دابةً اسْتَعارَها، لم يَحْنَثْ، قوْلًا واحدًا، كما قاله المُصَنِّفُ. الثَّالثةُ، لو حلَف لا يدْخُلُ مسْكَنَه، حَنِثَ بدُخولِ ما اسْتَأْجَرَه أو اسْتَعارَه للسُّكْنَى، وفي حِنْثِه بدُخولِ مغْصُوبٍ أو في دارٍ له لكِنَّها لغيرِ السُّكْنَى وَجْهان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يَحْنَثُ بدُخولِ الدَّارِ المغْصوبَةِ. وقال في «التَّرْغيبِ»، و «البُلْغَةِ»: والأقْوَى، إنْ كانتْ سَكَنَه مَرَّةً، حَنِثَ. وظاهرُ «المُغْنِي» أنَّه يَحْنَثُ بدُخولِه الدَّارِ المغصُوبَةَ. وجزَم به النَّاظِمُ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وإنْ قال: لا أسْكُنُ مَسْكَنَه. ففيما لا يسْكُنُه مِن مِلْكِه أو يسْكُنُه بغَصْبٍ وَجْهان، ويَحْنَثُ بسُكْنَى ما سكَنَه منه بغصْبٍ. الرَّابعةُ، لو حلَف لا يدْخُلُ مِلْكَ فُلانٍ، فدَخَل ما اسْتَأْجَرَه، فهل يَحْنَثُ؟ فيه وَجْهان في «الانْتِصارِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يَحْنَثُ. وهو المُتَعارَفُ بينَ

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ عَبْدِهِ، فَرَكِبَ دَابَّةً جُعِلَتْ بِرَسْمِهِ، حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَدَخَلَ سَطْحَهَا، حَنِثَ، وَإِنْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ، احْتَمَلَ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاسِ، وإنْ كان مالِكَ المَنافعِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخلُ دارًا، فدَخَلَ سَطْحَها، حَنِثَ. هذا المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقيل: إنْ رَقِيَ السَّطْحَ أو نزَلَها منه أو مِن نَقْبٍ، فوَجْهان. قوله: وإنْ دخَل طاقَ البابِ، احْتَملَ وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وهي مِن جُمْلَةِ مَسائلِ: مَن حَلَف على فِعْلِ شيءٍ فَفَعَل بعْضَه. على ما تقدَّم في آخِرِ تعْليقِ الطَّلاقِ (¬1) بالشُّروطِ. وقد صرَّح المُصَنِّفُ بهذه المَسْألَةِ هناك؛ أحدُهما، يَحْنَثُ بذلك مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ ما اخْتارَه الأكثرُ، على ما تقدَّم هناك: والوجهُ الثَّاني، لا يَحْنَثُ بهُ مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ كلامِه في «مُنْتَخَبِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِيِّ». وهذا المذهبُ على ما تقدَّم. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (¬1). وقال القاضي: [لا يَحْنَثُ] (2)، إذا كانَ بحيثُ إذا أُغْلِقَ البابُ كان خارِجًا. وهو الصَّوابُ. صحَّحه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»: وإنْ دخَل طاقَ البابِ بحيثُ إذا أُغْلِقَ كان خارِجًا منها، فوَجْهان. اخْتارَ القاضي الحِنْثَ. ذكَرَه عنه في «المُسْتَوْعِبِ». فائدة: لو وقَف على الحائطِ، فعلى وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». قلتُ: الصوابُ عدَمُ الحِنْثِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وقدَّم ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه» الحِنْثَ] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِنْسَانًا، حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إِنْسَانٍ. وَإِنْ زَجَرَهُ فَقَال: تَنَحَّ، أَو: اسْكُتْ. حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لا يُكَلِّمُ انْسَانًا، حَنِثَ بكلامِ كُلِّ إِنْسانٍ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. ولو صلَّى به إمامًا ثم سلَّم مِنَ الصَّلاةِ لم يَحْنَثْ. نصَّ عليه. وان أُرْتِجَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه في الصَّلاةِ، ففَتَحَ عليه الحالِفُ، لم يَحْنَثْ بذلك. فائدة: لو كاتَبَه أو أرْسَلَ إليه رسُولًا، حَنِثَ، إلَّا أنْ يكونَ أرادَ أنْ لا يُشافِهَه. ورَوَى الأَثرَمُ عنه ما يدُلُّ على أَنَّه لا يَحْنَثُ بالمُكاتَبَةِ، إلَّا أنْ تكونَ نِيَّتُه أو سبَبُ يَمِينِه يقْتَضِي هِجْرانَه وتَرْكَ صِلَتِه. واخْتارَه المُصَنِّفُ والشَّارِحُ. والأوَّلُ عليه الأصحابُ. وإنْ أشارَ إليه، ففيه وجهان؛ أحدُهما، يَحْنَثُ. اخْتارَه القاضي. والثَّاني، لا يَحْنَثُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ والشَّارِحِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». فإنْ ناداه بحيثُ يسْمَعُ، فلم يسْمَعْ لتَشاغُلِه وغَفْلَتِه، حَنِثَ. نصَّ عليه. وإنْ سلَّم على المَحْلُوْفِ عليه، حَنِثَ. وتقدَّم الكلامُ على هذا والذي قبلَه في كلامِ المُصَنِّفِ في تعْليقِ الطَّلاقِ بالكَلامِ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: وإنْ زجَرَه فقال: تَنَحَّ أو اسْكُتْ. حَنِثَ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال المُصَنِّفُ: قِياسُ المذهبِ، أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ قرِينَةَ صِلَتِه هذا الكلامَ بيَمِينِه تدُلُّ على إرادَةِ كلامٍ يسْتَأنِفُه بعدَ انْقِضاءِ هذا الكلامِ المُتَّصِلِ، كما لو وُجِدَتِ النِّيَّةُ حقيقةً.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبْتَدِئُهُ بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو حلَف لا يُسَلِّمُ عليه، فسلَّم على جماعَةٍ هو فيهم وهو لا يعْلَمُ به ولم يُرِدْه بالسَّلامِ، فحكَى الأصحابُ في حِنْثِه رِوايَتَين. والمَنْصوصُ في رِوايةِ مُهَنَّا الحِنْثُ. قال في «القَواعِدِ»: ويُشْبِهُ تخْرِيجَ الرِّوايتَين على مسْأَلَةِ: مَن حلَف لا يفْعَلُ شيئًا ففَعَلَه جاهِلًا بأَنَّه المَحْلوفُ عليه. قوله: وإنْ حلَف لا يَبْتَدِئُه بكَلامٍ، فتَكَلَّما مَعًا، حَنِثَ. هذا أحدُ الوَجْهَينِ، والمذهبُ منهما. [وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخبِ الأدَمِيِّ». وقيل: لا يَحْنَثُ] (¬1). وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «الرِّعايتَين». وصحَّحه النَّاظِمُ. وأطْلَقهما في «الفُروع». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو حلَف: لا كلَّمْتُه حتى يُكَلِّمَنِي، أو يَبْدَأَنِي بالكَلامِ. فتَكَلَّما معًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنِثَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ» , و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لا يَحْنَثُ. واخْتارَه في «الرِّعايتَين».

وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا، فَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لَا يُكَلِّمُه حِينًا، فذلك سِتَّةُ أَشْهُرٍ، نَصَّ عليه. وهو المذهب مُطْلَقًا. نصَّ عليه. جزَم به الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الإِرْشادِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»،

وَإِنْ قَال: زَمَنًا، أَوْ: دَهْرًا، أَوْ: بَعِيدًا، أو: مَليًّا، أَو: الزَّمَانَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرُهم. قال الزَّرْكَشِيُّ: نصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابُ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وقيل: إنْ عَرَّفَه فللأبَدِ؛ كالدَّهْرِ والعُمْرِ. وقال في «الفُروع»: ويتَوَجَّهُ أقَلُّ زَمَنٍ. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا أطْلَقَ ولم يَنْو شيئًا. قوله: وإنْ قال: زَمَنًا، أو دَهْرًا، أو بَعِيدًا، أو مَلِيًّا. رُجِع إلى أَقلِّ ما يتناوَلُه

رُجِعَ إِلَى أَقَلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّفْظُ. وكذا طويلًا. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وجزَم به في «الوَجِيزِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». [وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» في بعيدٍ ومَليٍّ وطَويلٍ] (¬1). وقال القاضي: هذه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَال: عُمْرًا. احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ. وَاحتَمَلَ أَنْ يَكونَ أَرْبَعِينَ عَامًا. وَقَال الْقَاضِي: هَذهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا مِثْلُ الْحِينِ، إلا بَعِيدًا وَمَلِيًّا، فَإِنَّهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَلْفاظُ كلُّها مثْلُ الحِينِ إلَّا بعِيدًا ومَلِيًّا، فإنَّه على أكْثَرَ مِن شَهْرٍ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين» في زَمَنٍ ودَهْرٍ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وعندَ ابنِ أبي مُوسى، إذا حلَف لا يُكَلِّمُه زَمانًا، لم يكَلِّمْه ثلاثةَ أشْهُرٍ. قوله: وإنْ قال: عُمْرًا. احْتَمَلَ ذلك -يعْنِي أنَّه كزَمَنٍ، ودَهْرٍ، و (¬1) بعيدٍ، ومَلِيٍّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهب. قدمه في «الفُروعِ». وجزَم به ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَال: الْأَبَدَ، وَالدَّهْرَ، فَذَلِكَ عَلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ. وَالْحُقْبُ ثَمَانُونَ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» - واحْتَمَلَ أنْ يكونَ أرْبَعِينَ عامًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا قولٌ حسنٌ. وقال القاضي: هو مِثْلُ حينٍ. كما تقدم. وجزَم به في «الوَجيزِ». قوله: وإنْ قال: الأَبَدَ، والدَّهْرَ -يعْنِي، مُعَرَّفًا بالأَلِفِ واللَّامِ- فذلك على الزَّمانِ كلِّه. وكذا: العُمْرَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: إنَّ العُمْرَ كالحِينِ. وقيل: أرْبَعون سنَةً. فائدة: الزَّمانُ كحِين. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». واخْتارَ جماعةٌ أنَّه على الزَّمانِ كلِّه؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والمَجْدُ في «مُحُرَّرِه». وحُكِيَ عن ابن أبي مُوسى أنَّه ثلاثةُ أشْهُرٍ. وأمَّا الذي قاله في «الإِرْشادِ» فإنَّما هو فيما إذا حلَف لَا يكَلِّمُه زَمانًا، فإنَّه لا يكَلِّمُه ثلاثَةَ أشْهُرٍ. قوله: والحُقْبُ ثَمَانُون سَنةً. وجزَم به في «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وصحَّحه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». قال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»: وأمَّا الحُقْبُ فقيل: ثَمانُون سنَةً. واقْتَصرا عليه. وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقال القاضي: هو أدْنَى زَمانٍ. وقدَّم في «الفُروعِ» أنَّ حُقْبًا أقَلُّ زَمانٍ. وقيل: الحُقْبُ أرْبَعُون سنَةً. قال في «الرِّعايتَين»: قلتُ: ويَحْتَمِلُ أنَّه كالعُمْرِ. وقيل: الحُقْبُ للأَبَدِ. فائدة: لو قال: إلى الحَوْلِ. فحَوْلٌ كامِلٌ لا تَتِمَّتُه. أوْمَأ إليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. ذكَرَه في «الانْتِصارِ».

وَالشُّهُورُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عِنْدَ الْقَاضِي. وَعنْدَ أَبي الْخَطَّابِ ثَلَاثةٌ، كَالْأَشْهُرِ. وَالْأيَّامُ ثَلَاثَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والشُّهُورُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا عندَ القاضِي. قال الشَّارِحُ: عندَ القاضي وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «تَجْريدِ العِنايَةِ». وعندَ أبي الخَطَّابِ ثَلاثَةُ أشْهُرٍ كـ «الأشْهُرِ»، و «الأيَّامِ». وهو المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايتَين». وجزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخبِه»: قوله: والأَيَّامُ ثَلاثَةٌ. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل للقاضي في مسْألَةِ أكثرِ الحَيضِ: اسْمُ الأيَّامِ يَلْزَمُ الثَّلاثَةَ إلى العَشَرَةِ؛ لأنَّك تقولُ: أحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. ولا تقولُ أيَّامًا، فلو تَناوَلَ اسْمُ الأيَّامِ ما زادَ على العَشَرَةِ حقيقَةً، لما جازَ نفْيُه. فقال: قد بَيَّنَّا أنَّ اسْمَ الأيَّامِ يقَعُ على ذلك، والأصْلُ الحقِيقَةُ. يعْنِي قوْلَه تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَينَ النَّاسِ} (¬1). {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (¬2)، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3). وقال زُفَرُ بنُ الحارِثِ (¬4): ¬

(¬1) سورة آل عمران: 140. (¬2) سورة الحاقة: 24. (¬3) سورة البقرة: 184، 185. (¬4) البيت في معجم شواهد العربية في 1/ 139. وفي شرح التصريح على التوضيح في 1/ 248.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ، فَحُوِّلَ وَدَخَلَهُ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكنَّا حَسِبْنَا كلَّ سَوْداءَ تَمْرَةً … ليالِيَ لاقَينَا جُذامًا وحِمْيَرَا قال القاضي: فدَلَّ أنَّ الأيَّامَ واللَّيالِيَ لا تخْتَصُّ بالعَشَرَةِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخُلُ بابَ هذه الدُّارِ، فَحُوِّلَ ودَخَلَه، حَنِثَ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقيل: إنْ رَقِيَ السَّطْحَ أو نزَلَها منه أو مِن نَقْبٍ، فوَجْهان. كما تقدَّم. فائدة: لو حلَف لا يدْخُلُ هذه الدَّارِ مِن بابِها، فدَخَلَها مِن غيرِ البابِ، لم يَحْنَثْ. ويتخَرَّجُ أنْ يَحْنَثَ إذا أرادَ بيَمِينِه اجْتِنابَ الدَّارِ، ولم يكُنْ للبابِ سبَبٌ

وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَى حِينِ الْحَصادِ، انْتَهَتْ يَمِينُهُ بِأَوَّلِهِ. وَيَحْتَملُ أَنْ يَتَنَاوَلَ جَمِيعَ مُدَّتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هَيَّجَ يمِينَه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وهو قَويٌّ. قوله: وإنْ حلَف لا يُكَلِّمُه إلى حِينِ الحَصادِ، انْتَهَتْ يَمِينُه بأَوَّلِه. هذا المذهبُ بلا رَيب. وعليه الأصحابُ. قال ابنُ مُنَجَّى وغيرُه: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَتَنَاوَلَ جَمِيعَ مُدَّتِه. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وتقدَّم ما يُشابِهُ ذلك في الخِيارِ في البَيعِ، ويأْتي نظِيرُه في الإِقْرارِ. وهي قاعِدَة كُلِّيَّةٌ. ذكَرَها الأصحابُ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا مَال لَهُ، وَلَهُ مَالٌ غَيرُ زَكَويٍّ، أَوْ دَينٌ عَلَى النَّاسِ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حلَف لا مال له، وله مالٌ غيرُ زَكَويٍّ أو دَينٌ على النَّاسِ، حَنِثَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قال في «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والعِشْرِين بعدَ المِائَةِ»: قال الأصحابُ: يَحْنَثُ. وعنه، لا يَحْنَثُ إلَّا بالنَّقْدِ. وعنه، إذا نذَر الصَّدقَةَ بجميعِ مالِه، إنَّما يتَناوَلُ نذْرُه الصَّامِتَ مِن مالِه. ذكَرَها ابنُ أبي مُوسى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الواضِحِ»: المالُ ما تَناوَلَه النَّاسُ عادةً بعَقْدٍ شرْعِيٍّ لطَلَبِ الرِّبْحِ، مأْخُوذٌ مِنَ المَيلِ مِن يَدٍ إلى يَدٍ، ومِن جانِبٍ إلى جانِبٍ. قال: والمِلْكُ يخْتَصُّ الأعْيانَ مِنَ الأمْوالِ، ولا يَعُمُّ الدَّينَ. فعلى المذهبِ، لا يَحْنَثُ باسْتِئْجارِه عَقارًا أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرَه. وفي مَغْصُوبٍ عاجزٍ عنه وضائعٍ أيِسَ منه وَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كانَ له مالٌ مَغْصوبٌ، حَنِثَ، وإنْ كان له مالٌ ضائعٌ، ففيه وَجْهان؛ الحِنْثُ وعدَمُه. فإنْ ضاعَ على وَجْهٍ قد أيِسَ مِن عَوْدِه، كالذي سقَط في بَحْرٍ، لم يَحْنَثْ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ في كلِّ مَوْضِعٍ لا يقْدِرُ على أخْذِ مالِه؛ كالمَجْحُودِ والمَغصوبِ والدَّينِ الذي على غيرِ مَلِئٍ. انتهيا.

وَإِذَا حَلَفَ لَا يَفعَلُ شَيئًا، فَوَكَّلَ منْ يَفْعَلُهُ، حَنِثَ، إلا أَنْ يَنْويَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو تزَوَّجَ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ ما تَمَلَّكَه ليس بمالٍ. وكذلك إنْ وجَب له حَقُّ شُفْعَةٍ. قوله: وإنْ حلَف لا يَفْعَلُ شَيئًا، فوَكَّلَ مَن يَفْعَلُه، حَنِثَ، إلَّا أنْ يَنْويَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به أكثرُهم؛ منهم الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارحُ، والنَّاظِمُ، وابنُ مُنَجَّى، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنْتَخَبِ»، والزَّرْكَشِيُّ، وغيرُهم.

فَصْلٌ: فَأمَّا الْأَسْمَاءُ الْعُرْفِيَّةُ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ اشْتَهَرَ مَجَازُهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ كَالرَّاويَةِ، وَالظَّعِينَةِ، وَالدَّابَّةِ، وَالْغَائِطِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الانْتِصارِ» وغيرِه: أقامَ الشَّرْعُ أقْوال الوَكيلِ وأفْعاله مَقامَ المُوَكِّلِ في العُقودِ وغيرِها. [قال في «التَّرْغيبِ»: فلو حلَف لا يُكَلِّمُ مَنِ اشْتَرَاه أو تزَوَّجَه زَيدٌ، حَنِثَ بفِعْلِ وَكِيلِه. نقَل ابنُ الحَكَمِ: إنْ حلَف لا يَبِيعُه شيئًا، فباعَ ممَّن يعْلَمُ أنَّه يشْتَرِيه للذِى حلَف عليه، حَنِثَ] (1). وقال في «الإِرْشادِ»: وإنْ حلَف لا يفْعَلُ شيئًا، فأَمَرَ غيرَه بفِعْلِه، حَنِثَ، إلَّا أنْ تكونَ عادَتُه جاريَةً بمُباشَرَةِ ذلك الفِعْلِ بنَفْسِه، ويقْصِدُ بيَمِينِه أنْ لا يتَوَلَّى هو فِعْلَه بنَفْسِه، فأَمَرَ غيرَه بفِعْلِه، لم يَحْنَثْ. قال في «المُفْرَداتِ»: إنْ حلَف ليَفْعَلَنَّه فوَكَّلَ -وعادَتُه فِعْلُه بنَفْسِه- حَنِثَ، وإلَّا فلا. فائدة: لو توَكَّلَ الحالِفُ فيما حلَف أنْ لا يفْعَلَه، وكان عَقْدًا، فإنْ أَضافَه إلى مُوَكِّلِه، لم يَحْنَثْ. ولابُدَّ في النِّكاحِ مِن الإِضافَةِ, كما تقدَّم في الوَكالةِ والنِّكاحِ، وإنْ أطْلَقَ في ذلك كلِّه، فوَجْهان. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». [وإنْ حلَف لا يَكْفُلُ مالًا، فكَفَلَ بُدْنًا وشرَط البَرَاءَةَ -وعندَ المُصَنِّفِ: أَوْ لا- لم يَحْنَثْ. قاله في «الفُروعِ»] (¬1). ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَالْعَذِرَةِ، ونَحْوها، فَتَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِالْعُرْفِ دُونَ الْحَقِيقةِ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن حلَف على وطْءِ امْرَأَتِه، تَعَلَّقَتْ يَمِينُه بجِماعِها، وإنْ حلَف على

وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْءِ دَارٍ، تَعَلَّقَتْ بدُخُولِهَا، رَاكبًا أَوْ مَاشِيًا، أَوْ حَافِيًا أَوْ مُنْتَعِلًا. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشَمُّ الرَّيحَانَ، فَشَمَّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ وَالْيَاسَمِينَ، أَوْ لَا يَشَمُّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ، فَشَمَّ دُهْنَهُمَا، أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وطْءِ دارٍ، تَعَلَّقَتْ يَمِينُه بدُخُولِها راكبًا أو ماشِيًا أو حافِيًا أو مُنْتَعِلًا. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: وإنْ حلَف لا يَشَمُّ الرَّيحانَ، فشَمَّ الوَرْدَ والبَنَفْسَجَ والياسَمينَ، أو لا يَشَمُّ الوَرْدَ والبَنَفْسَجَ، فَشَمَّ دُهْنَهما أو ماءَ الوَرْدِ، فالْقِياسُ أَنَّه لا يَحْنَث. ولا يَحْنَثُ إلَّا بشَمِّ الرَّيحانِ الفارِسِيِّ. واخْتارَه القاضي، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ». وقال بعضُ أصحابِنا: يَحْنَثُ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»،

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا، فَأَكَلَ سَمَكًا، حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسى. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». قوله: وإِنْ حلَف لا يَأْكُلُ لَحْمًا، فأَكَلَ سَمَكًا، حَنِثَ عندَ الخِرَقِيِّ. وهو المذهبُ؛ تقْدِيمًا للشَّرْعِ واللُّغَةِ. قال في «المُذْهَبِ»: حَنِثَ في ظاهرِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال في «الخُلاصةِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ. وهو اخْتِيارُ الْخِرَقِيُّ، والقاضي وعامَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحابِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي» , و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. وقدَّمه في «الفُروعِ». ولَم يَحْنَثْ عندَ ابنِ أبي مُوسى، إلَّا أنْ يَنْويَ. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولعَلَّه الظَّاهِرُ. قال في «القَواعِدِ»: ولعلَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ».

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا وَلَا بَيضًا، حَنِثَ بِأَكْلِ رُءُوسِ الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ، وَبَيضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، عِنْدَ الْقَاضِي. وَعنْدَ أَبي الْخَطَّابِ، لَا يَحْنَثُ إلا بِأَكْلِ رَأْسٍ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ بَيضٍ يُزَايِلُ بَائِضَهُ حَال الْحَيَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لا يَأْكُلُ رَأسًا ولا بَيضًا، حَنِثَ بأَكْلِ رُءُوسِ الطُّيُورِ والسَّمَكِ وبَيضِ السَّمَكِ والجَرَادِ، عندَ الْقاضِي. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». و [هو ظاهرُ ما] (¬1) قدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الخُلاصَةِ»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنِثَ بأكْلِ السَّمَكِ والطَّيرِ في الأصحِّ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، لا يَحْنَثُ إلَّا بأَكْلِ رَأْسٍ جرَتِ العادةُ بأكْلِه مُنْفَرِدًا، أو بَيضٍ يُزايِلُ بائضَه حال الحياةِ. وكذا ذكَر القاضي في موضِعٍ مِن «خِلافِه»، أنَّ يمينَه تخْتَصُّ بما يُسَمَّى رأْسًا عُرْفًا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في البَيضِ. وقال في «الوَاضِحِ»، و «الإِقْناعَ» في الرُّءُوسَ: هل يَخنَثُ بأكْلِ كلِّ رَأْسٍ -اخْتارَه الخِرَقِيُّ- أمْ برُءُوسِ بهِيمَةِ الأنْعامِ؟ فيه رِوايَتان. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ كان بمَكانٍ العادَةُ إفْرادُه بالبَيعِ فَيه، حَنِثَ فيه، وفي غيرِ مَكانِه

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيتًا، فَدَخَلَ مَسْجِدًا، أَوْ حَمَّامًا، أَوْ بَيتَ شَعْرٍ، أَوْ أَدَم، أَوْ لَا يَرْكَبُ، فَرَكبَ سَفِينَةً، حَنِثَ عنْدَ أَصْحَابِنَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان، نظَرًا إلى أصْلِ العادةِ أو عادَةِ الحالفِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخُلُ بَيتًا، فدَخَلَ مَسْجِدًا أو حَمَّامًا أو بَيتَ شَعَرٍ أو أَدَمٍ، أو لا يَرْكَبُ، فرَكِبَ سَفِينَةً، حَنِثَ عندَ أَصحَابِنا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه؛ تقْدِيمًا للشَّرْعِ واللُّغَةِ. قال الشَّارِحُ: هذا المذهبُ فيما إذا دخَل مَسْجِدًا أو حمامًا. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: فالمَنْصوصُ في رِوايةِ مُهَنَّا، أنَّه يَحْنَثُ، وأنَّه لا يُرْجَعُ في ذلك إلى نِيَّتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وحِنْثُه بدُخولِ المَسْجِدِ والحَمَّامِ والكَعْبَةِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ. وقال الشَّارِحُ والأَوْلَى أنَّه لا يَحْنَثُ إذا دخَل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لا يُسَمَّى بَيتًا في العُرفِ، كالخَيمَةِ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَرَأَ، أو سَبَّحَ، أو ذَكَرَ اللهَ تَعَالى، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف لا يتَكَلَّمُ، فقَرَأَ أو سَبَّحَ أَوْ ذكَر اللهَ، لم يَحْنَثْ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال في «القَواعِدِ»: المَشْهورُ أنَّه لا يَحْنَثُ. وتوَقَّفَ في رِوايةٍ.

يَحْنَثْ. وَإِنْ دَقَّ عَلَيهِ إِنْسَانٌ، فَقَال: ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ دَقَّ عليه إنْسَانٌ، فقال: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}. يَقْصِدُ

يَقْصِدُ تَنْبِيهَهُ، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَنْبيهَه -يعْنِي، يقْصِدُ بذلك القُرْآنَ- لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. وعليه الأَصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وذكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ» وَجْهَين في حِنْثِه. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يقْصِدْ تَنْبِيهَه -أعْنِي إنْ لم يقْصِدْ بذلك القُرْآنَ- يَحْنَثُ. وهو صحيحٌ؛ لأنَّه مِن كلامِ النَّاسِ. وقد صرَّح به جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فائدة: حقيقَةُ الذِّكْرِ ما نطَقَ به، فتُحْمَلُ يمِينُه عليه. ذكَرَه في «الانْتِصارِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الكلامُ يتَضَمَّنُ فِعْلًا كالحرَكَةِ، ويتضَمَّنُ ما يقْتَرِنُ بالفِعْلِ مِنَ الحُروفِ والمَعانِي، فلهذا (¬1) يُجعَلُ القولُ قَسِيمًا للفِعْلِ تارَةً، وقِسْمًا منه تارَةً أُخْرَى. ويَنْبَنِي عليه، مَن حلَف لا يعْمَلُ عَمَلًا، فقال قوْلًا؛ كالقِراءَةِ ونحوها، هل يَحْنَثُ؟ فيه وَجْهان في مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وغيرِه. قال ابنُ [أبي المَجْدِ] (¬2) في «مُصَنَّفِه»: لو حلَف لا يعْمَلُ عمَلًا، فتَكَلَّمَ، حَنِثَ. وقيلَ: لا. وقال القاضي في «الخِلافِ» في المُسِئِ (¬3) في صلاته، في قوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «افْعَلْ ¬

(¬1) في الأصل: «فهذا». (¬2) في الأصل: «المنجا». (¬3) في النسخ: «المشي». انظر: الفروع 6/ 381.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرأَتَهُ، فَخَنَقَهَا، أَوْ نَتَفَ شَعَرَهَا، أَوْ عَضَّهَا، حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَجَمَعَهَا، فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَبَرَّ في يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذَلِكَ» (¬1): يُرْجَعُ إلى القَوْلِ والفِعْلِ؛ لأنَّ القِراءَةَ فِعْلٌ في الحَقِيقَةِ، وليس إذا كانَ لها اسْمٌ أخَصُّ به مِنَ الفِعْلِ يمْتنِعُ أنْ تُسَمَّى فِعْلًا. قال أبو الوَفاءِ: وإنْ حَلَفَ لا يَسْمَعُ كلامَ اللهِ، فسَمِعَ (¬2) القُرْآنَ، حَنِثَ إجْماعًا. قوله: وإنْ حلَف لَيَضْرِبَنَّه مِائَةَ سَوْطٍ، فجَمَعَها فضَرَبَه بها ضَرْبَةً واحِدَةً، لم يَبَرَّ ¬

(¬1) تقدم تخريجه في 3/ 439. (¬2) في ط، ا: «فقرًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في يَمِينِه. وهو المذهبُ. [وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ في «التبصِرَةِ»: اخْتارَه أصحابُنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ] (¬1) المَشْهورُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» ونَصَراه، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وعنه، يبَرُّ. اخْتارَه ابنُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حامِدٍ، كحَلِفِه ليَضْرِبَنَّه بمِائَةِ سَوْطٍ.

فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيئًا، فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا في غَيرِهِ، مِثْلَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَبَنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ لَا يَأْكُلَ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ، لَا يَظْهَرُ فيه طَعْمُهُ، أَوْ لَا يَأْكُلَ بَيضًا، فَأَكَلَ نَاطِفًا، أو لَا يَأْكُلَ شَحْمًا، فَأَكَلَ اللَّحْمَ الأَحْمَرَ، أو لَا يَأْكُلَ شَعِيرًا، فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُ السَّمْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حلَف لا يَأْكُلُ شَيئًا، فأَكَلَه مُسْتَهْلَكًا في غيرِه، مثلَ أنْ -حلَف- لا يَأْكُلَ لَبَنًا، فأَكَلَ زُبْدًا، أو لَا يَأْكُلَ سَمْنًا، فأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لا يَظْهَرُ فيه طَعْمُه، أو لا يَأْكُلَ بَيضًا، فأَكَلَ ناطِفًا، أو لا يَأْكُلَ شَحْمًا، فأَكَلَ اللَّحْمَ الأَحْمَرَ، أو لا يَأْكُلَ شَعِيرًا، فأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لم يَحْنَثْ. اشتَمل كلامُ المَصَنِّفِ هنا على مَسائِلَ؛

أَوْ طَعْمُ شَيْءٍ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيهِ، حَنِثَ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ ـــــــــــــــــــــــــــــ منها، لو حلَف لا يأْكُلُ لَبَنًا، فإنَّه يَحْنَثُ بأكْلِ كلِّ لَبَنٍ ولو مِن صَيدٍ وآدَمِيَّةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ فيهما ما تقدَّم في مَسْألَةِ الخُبْزِ والماءِ. وإنْ أكَلَ زُبْدًا، لم يَحْنَث. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. كما قطَع به المُصَنِّفُ هنا، إذا لم يظْهَرْ فيه طَعْمُه. ونصَّ عليه. وجزَم به في «مُنتَخَبِ الأدَمِيِّ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم المُصَنِّفُ قبلَ ذلك بأنَّه لا يَحْنَثُ مُطلَقًا. وذكَر الذي ذكَرَه هنا احْتِمالًا للقاضي. ولعَلَّ كلامَ الأصحابِ في تلك المَسْألَةِ مَحْمولٌ على ما إذا لم يَظْهَرْ فيه طَعْمُه, كما صرَّحُوا به هنا، أو يقالُ: الزُّبْدُ ليس فيه شيءٌ مِنَ اللَّبَنِ مُسْتَهْلَكًا. ولذلك لم يذْكُرْ هذه [الصُّورَةَ في «الوَجيزِ» هنا، ولا جماعَةٌ غيرُه. وقال في «التَّرْغيبِ»: وعنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في حِنْثِه بزُبْدٍ وأَقِطٍ وجُبْنٍ رِوايَتان. وأمَّا إذا ظَهَر طَعْمُه فيه، فإنَّه يَحْنَثُ. ومنها، لو حلَف] (¬1) لا يأْكُلُ سَمْنًا، فأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لا يظْهَرُ فيه طَعْمُه، لم يَحْنَثْ، وإنْ ظهَرَ فيه طَعْمُه، حَنِثَ بلا خِلافٍ أعْلَمُه. ومنها، لو حلَف لا يأْكُلُ بَيضًا، فأَكَلَ ناطِفًا، لم يَحْنَثْ. قوْلًا واحدًا. وقال في «القاعِدَةِ الثَّانِيَةِ والعِشْرِين»: لو حلَف لا يَأْكُلُ شيئًا، فاسْتُهْلِكَ في غيرِه ثم أكَلَه، قال الأصحابُ: لا يَحْنَثُ. ولم يُخَرِّجُوا فيه خِلافًا. وقد يُخَرَّجُ فيه وَجْهٌ بالحِنْثِ. وقد أشارَ إليه أبو الخَطَّابِ. ومنها، لو حلَف لا يأْكُلُ شَحْمًا، فأَكلَ اللَّحْمَ الأحْمَرَ، لم يَحْنَث. على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْأَحْمَرِ وَحْدَهُ. وَقَال غَيرُهُ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ حِنْطَةٍ فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: لا يَحْنَثُ بأَكْلِ اللَّحْمِ الأحْمَرِ، على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ: وهو الصَّحيحُ. قال الشَّارِحُ: وهو قولُ غيرِ الخِرَقِيِّ مِن أصحابِنا. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقال عامَّةُ الأصحابِ: لا يَحْنَث. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال الخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ بأَكْلِ اللَّحْمِ الأحْمَرِ وحْدَه. وهو ظاهرُ كلامِ أبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». وتقدَّم، إذا حلَف لا يأْكُلُ اللَّحْمَ، فأكلَ الشَّحْمَ أو غيرَه، أو لا يأْكُلُ الشَّحْمَ، فأكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ ونحوَ ذلك. ومنها، لو حلَف لا يأْكُلُ شَعِيرًا، فأكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لم يَحْنَثْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَحْنَثْ على الأصحِّ. قال الشَّارِحُ: والأَوْلَى أنَّه لا يَحْنَثُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» , وغيرِهم. وهو تخْرِيجٌ في «الهِدايَةِ». وقال غيرُ الخِرَقِيِّ: يَحْنَثُ بأكْلِ حِنْطَةٍ فيها حبَّاتُ شَعِيرٍ. قال في «الخُلاصَةِ»، و «التَّرْغيبِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وأطْلَقَ وَجْهَين في «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروعِ»: وذكَر أبو الخَطَّابِ وغيرُه في حِنْثِه وَجْهَين.

فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَويقًا، فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ، فَقَال الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ. وقال أَحْمَدُ في مَن حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا، فَثَرَدَ فِيهِ، وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ. فَيُخَرَّجُ في كُلِّ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «التَّرْغيبِ»: يَحْنَثُ بلا خِلافٍ إنْ كان غيرَ مطْحُونٍ، وغَلِطَ مَن نقَل وَجْهَين مُطْلَقَين (¬1)، وإنْ كان مطْحُونًا، لم يَحْنَثْ. نقَلَه في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال في «الفُروعِ»: وفي «التَّرْغيبِ» إنْ طحَنَه لم يَحْنَثْ، وإلَّا حَنِثَ في الأصحِّ. انتى. قلتُ: قطَع ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، أنَّه لا يَحْنَثُ إذا أكَل ذلك غيرَ مَطْحُونٍ، ويَحْنَثُ إذا أكلَه دَقِيقًا أو سَويقًا. فقال: لو حلَف لا آكُلُ شَعِيرًا، فأكَلَ حِنْطَةً فيها حبَّاتُ شَعِيرٍ، لم يَحْنَثْ، بل بدَقِيقِه وسَويقِه وشُرْبِهما، أو بالعَكْسِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَأْكُلُ سَويقًا، فشَرِبَه، أو لا يَشْرَبُه، فأَكَلَه، فقال الخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ، فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ، وَجْهَانِ. وَقَال الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيهِ، حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصَةِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ في «شَرحِه»] (¬1) وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ -في رِوايةِ مُهَنَّا- في مَن حلَف لا يشْرَبُ نَبِيذًا، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فثَرَدَ فيه وأكَلَه: لا يَحْنَثُ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: روَى مُهَنَّا: [لا يَحْنَثُ] (¬1). وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ». قال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ هنا: فيُخَرَّجُ في كلَّ ما حلَف لا يأْكُلُه فشَرِبَه، أو لا يشْرَبُه فأكَلَه، وَجْهان. وأطْلَقَهما في «المُذْهَبِ». وقال القاضي: إنْ عيَّن المَحْلوفَ عليه يَحْنَثُ، وإنْ لم يُعَيِّنْه لم يَحْنَثْ. قاله في «المُجَرَّدِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وأطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ، و «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) في الأصل: «يحنث».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». وقال القاضي في كتابِ «الرِّوايتين»: مَحَلُّ الخِلافِ مع التَّعْيِينِ، أمَّا مع عدَمِه، فلا يَحْنَثُ، قوْلًا واحدًا. وقال في «التَّرْغيبِ»: مَحَلُّ الخِلافِ مع ذِكْرِ المأْكُولِ والمَشْرُوبِ، وإلَّا حَنِثَ. فائدة: لو حلَف لا يشْرَبُ، فمَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ أو الرُّمَّانَ، لم يَحْنَثْ. نصَّ عليه. وكذا لو حلَف لا يأْكُلُ، فمَصَّه. وهذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ أبي مُوسى وغيرُه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «النَّظْمِ» وغيرِه. [واقْتَصَرَ عليه ابنُ رَزِينٍ في «شَرْحِه»] (¬1). ويَجِئُ على قولِ الخِرَقِيِّ، أنَّه يَحْنَثُ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وأطْلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطعَمُهُ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، وَإِنْ ذَاقَهُ، وَلَمْ يَبْلَعْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا الحُكْمُ: لو حلَف لا يأْكُلُ سُكَّرًا، فترَكَه في فِيهِ حتى ذابَ وابْتَلَعَه. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. قوله: وإِنْ حلَف لا يَطْعَمُه، حَنِثَ بأَكْلِه وشُرْبِه، وإِنْ ذاقَه ولم يَبْلَعْه، لم

لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا، فَأَكَلَة بِالْخبْزِ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ [يَحْنَثْ -بلا نِزاعٍ. وإنْ حلَف لا ذاتَه، حَنِثَ بأَكْلِه وشُرْبِه] (¬1). قال في «الرِّعايَةِ»: وفي مَن لا ذَوقَ له نظَرٌ- وإنْ حلَف لا يأْكُلُ مائِعًا، فأكَلَه بالخُبْزِ، حَنِثَ. بلا نِزاعٍ في ذلك. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَلَا يَتَطَيَّبُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإِنْ حلَف لا يَتَزَوَّجُ، ولا يَتَطَهَّرُ، ولا يَتَطَيَّبُ، فاسْتَدامَ ذلك، لم يَحْنَثْ. وقطَع به [الأصحابُ. قال] (¬1) المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لأنَّه لا يُطْلَقُ اسْمُ الفِعْلِ على مُسْتَديمِ هذه الثَّلاثَةِ، فلا يقالُ: تزَوَّجْتُ شَهْرًا، ولا تَطَهَّرْتُ شَهْرًا، ولا تَطَيَّبتُ شَهْرًا. وإنَّما يُقالُ: منذُ شَهْرٍ. ولم يُنَزِّلِ الشَّارِعُ اسْتِدامَةَ التَّزَوُّجِ والتَّطَيُّبِ منْزِلَةَ ابْتِدائِهما في تحْرِيمِه في الإِحْرامِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَرْكَبُ ولا يَلْبَسُ، فاسْتَدام ذلك، حَنِثَ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»؛ قال أبو محمدٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الجَوْزِيُّ في اللُّبْسِ: إنِ اسْتَدامَه، حَنِثَ إنْ قدَر على نَزْعِه. قال القاضي، وابنُ شِهَابٍ، وغيرُهما: الخُروجُ والنَّزْعُ لا يُسَمَّى سَكَنًا ولا لُبْسًا ولا فيه مَعْناه. وتقدَّم إذا حلَف لا يصُومُ وكان صائمًا، أو لا يحُجُّ في حالِ حَجِّه، أو حلَف على غيرِه لا يُصَلِّي وهو في الصَّلاةِ. فائدة: وكذا الحُكْمُ لو حلَف لا يَلْبَسُ مِن غَزْلِها، وعليه منه شيءٌ. نصَّ عليه. وكذا لو حلَف لا يقُومُ وهو قائمٌ، ولا يقْعُدُ وهو قاعِدٌ، ولا يُسافِرُ وهو مُسافِرٌ. وكذا لو حلَف لا يَطَأُ -ذكَرَه في «الانْتِصارِ» - ولا يُمْسكُ -ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ» - أو حلَف أنْ لا يُضاجِعَها على فِراشٍ، فَضَاجَعَتْه ودامَ. نصَّ عليه. أو حلَف أنْ لا يُشارِكَه، فَدامَ. ذكَرَه في «الرَّوْضَةِ». قال في

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا هُوَ دَاخِلُهَا، فَأَقَامَ فِيهَا، حَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفروعِ»، [عن القاضي وابنِ شِهَابٍ وغيرِهما] (¬1): والنَّزْعُ جِماعٌ؛ لاشْتِمالِه على إِيلاجٍ وإخْراجٍ، فهو شَطْرُه. وجزَم المَجْدُ في «مُنْتَهَى الغايةِ»، لا يَحْنَثُ المُجامِعُ إنْ نزَعَ في الحالِ. وجعَلَه مَحَلَّ وفاقٍ في مسْألَةِ الصَّوْمِ؛ لأن اليمينَ أوْجَبَتِ الكَفَّ في المُسْتَقْبَلِ، فتَعَلَّقَ الحُكْمُ بأَوَّلِ أسْبابِ الإِمْكانِ بعدَها. وجزَم به القاضي؛ لأنَّ مَفْهومَ يَمِينِه: لا اسْتَدَمْتُ الجِماعَ. انتهى. وتقدَّم في بابِ تعْليقِ الطَّلاقِ مسَائِلُ كثيرةٌ قريبةٌ مِن هذا. قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخُلُ دارًا وهو داخِلُها، فأَقامَ فيها، حَنِثَ عِنْدَ القاضِي. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». ولم يَحْنَثْ عندَ أبي الخَطَّابِ. وأَطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى».

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيتًا، فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيهِ، فَأَقَامَ مَعَهُ، فَعَلى الْوَجْهَينِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارًا، أَوْ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ مُسَاكِنُهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ في الْحَالِ، حَنِثَ، إِلَّا أنْ يُقِيمَ لِنَقْل مَتَاعِهِ، أَوْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْخُرُوجَ فَيُقِيمَ إِلَى أنْ يُمْكِنَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حلَف لا يَدْخُلُ على فُلانٍ بَيتًا، فدَخَلَ فُلانٌ عليه، فأَقامَ معه، فعلى وجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يَحْنَثُ. قال في «الفُروعِ»: حَنِثَ في الأصحِّ. وصححه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». والوَجْهُ الثَّاني، لا يَحْنَثُ. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ في المَسْألتَين، إذا لم يكُنْ له نِيَّةٌ. قاله في «الوَجيزِ» وغيرِه. قوله: وإنْ حلَف لا يَسْكُنُ دارًا، أو لا يُساكِنُ فُلانًا وهو مُساكِنُه، ولم يَخْرُجْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحالِ، حَنِثَ، إِلَّا أنْ يُقِيمَ لنَقْلِ مَتاعِه، أو يَخْشَى على نَفْسِه الخُرُوجَ، فيُقِيمَ

وإنْ خَرَجَ دُونَ مَتَاعِهِ وَأهْلِهِ، حَنِثَ، إلا أنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ أوْ يُعِيرَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أنْ يُمْكِنَه وإنْ خرَج دُونَ مَتاعِه وأَهْلِه، حَنِثَ، إلا أنْ يُودِعَ مَتاعَه، أو

وَتَأْبَى امْرَأَتُه الْخُرُوجَ مَعَهُ، وَلَا يُمْكِنَهُ إِكْرَاهُهَا، فَيَخْرُجَ وَحْدَهُ، فَلَا يَحْنَث. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُعِيرَه -أو يزُولَ مِلْكُه عنه- وتَأْبَى امْرَأَتُه الخُرُوجَ معه، ولا يُمكِنَه إكْراهُها، فيَخْرُجَ وحْدَه، فلا يَحْنَثُ. هذا المذهبُ في ذلك كله. قال في «الفُروعِ»: فإنْ أقامَ السَّاكِنُ، أو المُساكِنُ حتى يُمْكِنَه الخُروجُ بحسَبِ العادَةِ، لا ليلًا. ذكَرَه في «التَّبصِرَةِ»، والشَّيخُ -يعْنِي به المُصَنِّفَ- بنَفْسِه وبأهْلِه ومَتاعِه المقْصودِ، لم يَحْنَثْ. وجزَمٍ به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال المُصَنِّفُ: يَحْنَثُ إنْ لم يَنْو النُّقْلَةَ. وظاهرُ نَقْلِ ابنِ هانِئٍ وغيرِه، وهو ظاهرُ «الواضِحِ» وغيرِه، أو ترَكَ له بها شيئًا، حَنِثَ. وقيل: إنْ خرَج بأهْلِه فقط، فسَكَنَ بمَوْضِعٍ آخَرَ، لم يَحْنَثْ. قال الشَّارِحُ: والأوْلَى، إنْ شاءَ الله تُعالى، أنَّه إذا انْتَقَلَ بأهْلِه فسَكَنَ في مَوْضِع آخرَ، أنَّه لا يَحْنَثُ وإن بَقِيَ مَتاعُه في الدَّار الأُولَى؛ لأنَّ مَسْكَنَه حيثُ حَلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أهْلُه به ونوَى الإِقامَةَ. انتهى. واخْتارَه المُصَنفُ. وقيل: أو خرَج وحدَه بما يتَأَثَّثُ به، فلا يَحْنَثُ. اخْتارَه القاضي.

وَإنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا، فَبَنَيَا بَينَهُمَا حَائِطًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ، حَنِثَ، وَإنْ كَانَ في الدَّارِ حُجْرَتَانِ، كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا، فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً، لَمْ يَحْنَث. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإن حلَف لا يُساكِنُ فُلانًا فبَنَيَا بَينَهما حائِطًا وهما مُتَساكِنان، حَنِثَ. هذا المذهبُ. صحَّحه في «النَّظْمِ»، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وجزَم به في «الشرْحِ»، وقال: لا نعْلَمُ فيه خِلافًا. وقيل: لا يَحْنَث. قال في «المُحَررِ»: وإنْ تَشاغَلَ هو وفُلانٌ ببِناءِ الحاجِزِ بينَهما، وهما مُتَساكِنان،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَنِثَ. وقيل: لا يَحْنَثُ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». فائدة: لو حلَف لا سَاكَنَه في هذه الدَّارِ وهما غيرُ مُتَساكِنَين، فبنَيا بينَهما حائطًا، وفتَح كلُّ واحدٍ منهما بابًا لنَفْسِه وسَكَناها، لم يَحْنَثْ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وصحَّحاه، وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يَحْنَثُ. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُه قِياسُ المذهبُ. لكَوْنِه عَيَّنَ الدَّارَ. قوله: وإنْ كانَ في الدَّارِ حُجْرَتان، كُلُّ حُجْرَةِ تَختَصُّ ببابِها ومَرافِقِها، فسَكَن كل واحِدٍ حُجْرَةَ، لم يَحْنَثْ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وقال: إذا لم تكُنْ نِيَّةٌ ولا سبَبٌ. قال في «الفُنونِ» في مَن قال: أنتِ طالِقٌ [ثلاثًا] (¬1) إنْ دخَلْتِ عليَّ البَيتَ، ولا كُنْتِ لي زَوْجَةَ إنْ لم تَكْتُبِي لي نِصْفَ مالِكِ. فكَتَبَتْه له بعدَ سِتَّةَ عشَرَ ¬

(¬1) سقط من النسخ. انظر: الفروع 6/ 386، والمبدع 9/ 319.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَوْمًا: يقَعُ الثَّلاثُ وإنْ كتَبَتْ له؛ لأنَّه يقَعُ باسْتِدامَةِ المُقامِ، فكذا استِدامَةُ الزَّوْجِيَّةِ.

وَإنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، فَخَرَجَ وَحْدَهُ دُونَ أهْلِهِ، بَرَّ، وَإنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنَ الدَّارِ، فَخَرَجَ دُونَ أهْلِهِ، لَمْ يَبَرَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف ليَخْرُجَنَّ مِن هذه البَلْدَةِ فخَرَج وحْدَه دُونَ أهْلِه، بَرَّ. وهو المذهبُ المَشْهورُ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ يبَرُّ بخُروجِه وحدَه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ». قال في «الرِّعايةِ»: يَبَرُّ بخُروجِه بمَتَاعِه المَقْصُودِ. وقيل: لا يبَرُّ بخُروجِه وحدَه. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّها كحَلِفِه لا يسْكُنُ الدَّارَ. قوله: وإنْ حلَف ليَخْرُجَنَّ مِن هذه الدَّارِ، فخَرَجَ دُونَ أهْلِه، لم يَبَرَّ. هذا

وَإنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أو لَيَرْحَلَنَّ عَنْ هذِهِ الدَّارِ، فَفَعَلَ، فَهَلْ لَهُ الْعَوْدُ إِلَيهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». قال في «الفُروعِ»: فهو كحَلِفِه لا يسْكُنُ الدَّارَ. على ما تقدَّم. فائدة: مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو حَلَفَ لا ينْزِلُ في هذه الدَّارِ، ولا يأْويها. نصَّ عليهما، وكذا لو حَلَفَ لَيَرْحَلَنَّ مِنَ البَلَدِ. قوله: وإنْ حلَف لَيَخْرُجَنَّ مِن هذه البَلْدَةِ، أو ليَرْحَلَنَّ عن هذه الدَّارِ، ففَعَل، فهل له العَوْدُ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقَهما في «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِي»،

فَصْلٌ: وإنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا، وَيُمْكِنُهُ الامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعْ، أوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فَخَدَمَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقَال الْقَاضِي: يَحْنَثُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشرْحِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحرَّرِ»، و «النظْمِ»؛ إحْداهما، له العَوْدُ، ولم يَحْنَثْ، إذا لم تكُنْ نِيَّةٌ ولا سبَبٌ. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: لم يَحْنَثْ بِالعَوْدِ إذا لم تكُنْ نِيَّةٌ ولا سبَبٌ، على الأصحِّ. قال في «المُذْهَب»: لم يَحنَثْ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الخُلاصَةِ»: إذا رحَل انْحَلَّتِ اليمينُ، على الأصحِّ. وصححه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَحْنَث بالعَوْدِ. قوله: وإنْ حلَف لا يَدْخُلُ دارًا، فحُمِلَ فأُدْخِلَها، وأمْكَنَه الامْتِناعُ فلم يَمْتَنِعْ، أو حلَف لا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فخَدَمَه وهو ساكِتٌ، فقال القاضِي: يَحْنَثُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ نصَّ عليه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ». وجزَم به الأدَميُّ في «مُنْتَخَبِه»، و «الخُلاصةِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَحْنَثَ. وهما وَجْهان مُطْلَقان في «المُذْهَبِ». وأطْلَقهما في الأولَى في «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرهم. وقدَّم في «المُحَرَّرِ»، أنَّه يَحْنَثُ في الثَّانِيَةِ. وقال الشَّارِحُ: إنْ كان الخادِمُ عَبْدَه، حَنِثَ، وإن كان عَبْدَ غيرِه، لم يَحْنَثْ. وجزَم به النَّاظِمُ. تنبيه: مَفْهومُ كلامِه؛ أنَّه إذا لم يُمْكِنْه الامْتِناعُ، أنَّه لا يَحْنَثُ. وهو صحيحٌ؛

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [وهو المُكْرَهُ] (¬1)، وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، أنَّه يَحْنَثُ، وهو وَجْهٌ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فعلى المذهبِ، يَحْنَث بالاسْتِدامَةِ. على الصَّحيحِ. وقيل: لا يَحْنَثُ. وتقدَّم بعضُ أحْكامِ المُكْرَهِ في آخِرِ بابِ تعْليقِ الطلاقِ بالشُّروطِ. فعلى الوَجْهِ الثَّاني في المَسْألةِ الأُولَى -وهو احْتِمالُ المُصَنِّف- لو اسْتَدامَ، ففي حِنْثِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ، أو لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا، فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيهِ قَبْلَ الْغَدِ، حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ. وإنْ مَاتَ الْحَالِفُ، لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الزَّرْكَشِيِّ»؛ أحدُهما، يَحْنَثُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ»، وهو الصَّوابُ. والثَّاني، لا يَحْنَثُ. قوله: وإنْ حلَف لَيَشْرَبَنَّ الماءَ، أو لَيَضْرِبَنَّ غُلامَه غَدًا، فتَلِفَ المحْلُوفُ عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبلَ الغَدِ، حَنِثَ عندَ الخِرَقِيِّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» ونَصَراه، و «الفُروعِ»، و «الزرْكَشِيِّ». وقال: هذا المذهبُ المَنْصوصُ. وهو مِن مُفْرَدات المذهبِ. وقيل: لا يَحْنَثُ. وهو تخْرِيجٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا يَحْنَثُ على قولِ أبي الخَطَّابِ. فعلى المذهبِ، يَحْنَثُ حال تَلَفِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يَحْنَثُ في آخِرِ الغدِ. وهو أيضًا تَخْرِيجٌ في «المُغنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَحْنَثُ إذا جاءَ الغدُ. ذكَرَه الزَّرْكَشِيُّ وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مَحَلُّ الخِلافِ في أصْلِ المَسْألةِ، إذا تَلِفَ بغيرِ اخْتِيارِ الحالِفِ، فأمَّا أنْ تَلِفَ باخْتِيارِه -كما إذا قَتَلَه ونحوُه- فإنَّه يَحْنَثُ، قوْلًا واحدًا. وفي وَقْتِ حِنْثِه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. الثَّاني، مَفْهومُ كلامِه؛ أنَّه لو تَلِفَ في الغَدِ ولم يَضْرِبْه، أنَّه يَحْنَثُ، وشَمِلَ صُورَتَين؛ إحْداهما، أنْ لا يتَمَكَّنَ مِن ضَرْبِه في الغَدِ، فهو كما لو ماتَ مِن يَوْمِه. على ما تقدَّم. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. الثَّانيةُ، أنْ يتَمَكَّنَ مِن ضَرْبِه ولم يَضْرِبْه، فهذا يَحْنَثُ، قوْلا واحدًا. فوائد؛ منها، لو ضَرَبَه قبلَ الغَدِ، لم يَبَرَّ. على الصحيحِ مِنَ المذهب. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، ونَصَراه. وقال القاضي: يَبَرُّ؛ لأَنَّ يمِينَه للحِنثِ على ضَرْبِه؛ فإذا ضرَبَه اليَوْمَ، فقد فَعَل المَحْلوفَ عليه وزِيادَةً. قلتُ: قرِيبٌ مِن ذلك، إذا حلَف ليَقْضِيَنَّه غدًا، فقَضاه قبلَه. على ما تقدَّم في أولِ البابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومَنها، لو ضرَبَه بعدَ مَوْتِه، لم يَبَرَّ. ومنها، لو ضرَبَه ضَرْبًا لا يُؤْلِمُه، لم يَبَرَّ أيضًا. ومنها، لو جُنَّ الغُلامُ وضرَبَه، بَرَّ. قوله: وإنْ ماتَ الحالِفُ، لم يَحْنَثْ. إذا ماتَ الحالِفُ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ موْتُه قبلَ الغَدِ، أو في الغَدِ؛ فإنْ ماتَ (¬1) قبلَ الغدِ، لم يَحْنَثْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لم يَحْنَثْ في الأصحِّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، والخِرَقِيُّ، والزَّ ركَشِيُّ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقيل: يَحْنَثُ. وكذا الحُكْمُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو جُنَّ الحالِفُ فلم يَفِقْ إلا بعدَ خُروجِ الغدِ، وإنْ ماتَ في الغَدِ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يَحْنَثُ. نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىيُّ (¬1): المذهبُ أنَّه يَحْنَثُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يَحْنَثُ مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. وقيل: إنْ تمَكنَ مِن ضَرْبِه، حَنِثَ، وإلَّا فلا. قال الزَّرْكَشِي: ولم أرَ هذه ¬

(¬1) في الأصل: «في الفروع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأقْوال مُصَرَّحًا بها في هذه المَسْألةِ بعَينِها، لكِنَّها تُؤْخَذُ مِن مَجْموعِ كلامِ أبي البَرَكاتِ. انتهى. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ ماتَ الحالِفُ في الغدِ بعدَ التَّمَكُّنِ مِن ضرْبِه، حَنِثَ، وَجْهًا واحدًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو حلَف ليَضْرِبَنَّ هذا الغُلامَ اليَوْمَ، أو ليَأكُلَنَّ هذا الرَّغيفَ اليَوْمَ، فماتَ الغُلامُ، أو تَلِفَ الرَّغيفُ فيه، حَنِثَ عَقِبَ تَلَفِهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْنَثُ في آخِرِه. وأمَّا إذا لم يَمُتِ الغُلامُ، ولا تَلِفَ الرَّغِيف، لكِنْ ماتَ الحالِفُ، فإنَّه يَحْنَثُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في

وإنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ، فَأبْرأهُ، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: ويَحْنَثُ بمَوْتِه في الأصحِّ، بآخِرِ حَياتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقيل: لا يَحْنَثُ بمَوْتِه. فعلى المذهبِ، وَقْتُ حِنْثِه آخرُ حَياتِه. الثَّانيةُ، لو حلَف ليَفْعَلَنَّ شيئًا وعيَّن وَقْتًا أو أطْلَقَ، فَماتَ الحالِفُ، أو تَلِفَ المَحْلُوفُ عليه قبكَ أن يمْضِيَ وَقْتٌ يُمْكِن فِعْلُه فيه، حَنِثَ. نصَّ عليه، كإمْكانِه. وهذه المَسْألهٌ أعَمُّ مِن المسْألةِ الأُولَى. قوله: وإنْ حلَف لَيَقْضِيَنَّه حَقَّه فأَبْرَأَه، فهل يَحْنَثُ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يَحْنَثُ. صححه في «التصْحيحِ». وجزَم به في

وَإنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فَقَضَى وَرَثَتَهُ، لَمْ يَحْنَثْ. وَقَال الْقَاضِي: يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، يَحْنَثُ. قال في «الهِدايةِ»: بِناءً على ما إذا أُكْرِهَ، ومُنِعَ مِنَ القَضاءِ في الغَدِ، هل يَحْنَثُ؟ على رِوايتَين. قال الشَّارِحُ: وهذَان الوَجْهان مَبْنِيَّان على ما إذا حلَف على فِعْلِ شيءٍ، فتَلِفَ قبلَ فِعْلِه. قال في «الفُروعِ»: وإنْ حلَف لَيَقْضِيَنَّه حقه في غَدٍ، فأَبْرَأَه اليومَ، وقيل: مُطْلَقًا. فقيلَ: كمَسْألَةِ التَّلَفِ. وقيل: لا يَحْنَثُ في الأصحِّ. وقال في «التَّرْغيبِ»: أصْلُهما إذا مُنِعَ مِن الإيفاءِ في الغَدِ كَرْهًا، لا يَحْنَث على الأصحِّ. وأطْلَقَ في «التَّبصِرَةِ» فيهما الخِلافَ. قوله: وإنْ ماتَ المُسْتَحِقُّ فقَضَى ورَثَتَه، لم يَحْنَثْ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ.

وَإنْ بَاعَهُ بِحَقِّهِ عَرْضًا، لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ، وَحَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقال القاضي: يَحْنَثُ؛ لأنَّه تعَذَّرَ قَضاؤُه، فأشْبَهَ ما لو حلَف ليَضْرِبَنَّه غدًا، فماتَ اليومَ. وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروعِ» بعدَ مسْألةِ البَراءَةِ: وكذا إنْ ماتَ رُّبه فقَضَى لوَرَثَتِه. وكذا قال في «الرعايتَين»، و «الحاوي». قوله: وإنْ باعَه بحَقِّهِ عَرْضًا، لم يَحْنَثْ عندَ ابنِ حامِدٍ وهو المذهبُ. قال

وإنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنهُ حَقَّهُ عِنْدَ رَأسِ الْهِلَالِ، فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أوَّل الشَّهْرِ، بَرَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ»: وإنْ أخَذَ عنه عَرْضًا، لم يَحْنَثْ في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنتخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ». وحَنِثَ عندَ القاضِي. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». فائدة: لو حلَف ليَقْضِيَنَّه حقَّه في غَدٍ، فأبْرَأه اليومَ، أو قبلَ مُضِيِّه، أو ماتَ ربُّه، فقَضاه لوَرَثَتِه، لم يَحْنَثْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقيل: يَحْنَثُ. وقيل: لا يَحْنَثُ إلَّا مع البَرَاءَةِ، أو المَوْتِ قبلَ الغَدِ. قال في «الفُروعِ»: لو حَلَفَ ليَقْضِيَنَّه حقَّه في غَدٍ، فأَبْرَأَه اليومَ، وقيلَ: مُطْلَقًا. فقيل: كمَسْألةِ التَّلَفِ. وقيل: لا يَحْنَثُ في الأصح. انتهى. تنبيه: قولُه: وإنْ حلَف لَيَقْضِيَنه حَقَّهُ عندَ رَأْسِ الهِلالِ فقَضَاه عندَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أولِ الشَّهْرِ، بَرَّ بلا نِزاعٍ. وكذا الحُكْمُ لو قال: مع رَأْسِ الهلالِ. أو: إلى رَأْسِ الهلالِ. أو: إلى اسْتِهْلالِه. أو: عندَ رَأسِ الشَّهْرِ. أو: مع رَأسِه. قاله الشَّارِحُ. قال المُصَنفُ، والشارِحُ: لو شرَع في عَدِّه، أو كَيلِه، أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَزْنِه، فتَأخَّرَ القَضاءُ، لم يَحْنَثْ؛ لأنه لم يتْرُكِ القَضاءَ. قالا: وكذلك لو حلَف ليَأكُلَنَّ هذا الطَّعامَ في هذا الوَقْتِ، فشرَع في أكْلِه فيه، وتأخَّرَ الفَراغُ لكَثْرَتِه، لم يَحْنَثْ. تنبيه: قولُه: فقَضاه عِنْدَ غُروبِ الشَّمسِ في أوَّلِ الشَّهْرِ. هكذا قال الشَّارِحُ وغيرُه. وجُمْهورُ الأصحابِ قالوا: فقَضاه عندَ غُروب الشَّمْسِ مِن آخِرِ الشَّهْرِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: فقَضاه قبلَ الغُروبِ في آخِرِه، بَرَّ. وقيل: بل في أولِه. فَجَعَلَهما قوْلَين. والذي يظْهَرُ أنَّه لا تَنافِيَ بينَهما، وأنه قولٌ واحدٌ، لكِنَّ العِبارَةَ مُخْتَلِفَة. فائدة: لو أخَّرَ ذلك مع إمْكانِه، حَنِثَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشارحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا تُعْتَبَرُ المُقارَنةُ، فتَكْفِي حالةُ الغُروبِ، وإن قَضاه بعدَه، حَنِث.

وَإنْ حَلَفَ: لَا فَارَقْتُهُ حَتَّى أَستَوْفِيَ حَقِّي. فَهَرَبَ مِنْهُ، حَنِثَ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَا يحْنثُ. وَإنْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَحَكَمَ عَلَيهِ بِفِرَاقِهِ، خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حلَف، لا فارَقْتُكَ حَتَّى أسْتَوْفِيَ حَقِّي، فهَرَبَ منه، حَنِثَ، نَصَّ عليه. في رِوايةِ جَعْفَرِ بنِ محمدِ بنِ شاكر (¬1). وهو المذهبُ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، ¬

(¬1) جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، أبو محمد، سمع الإمام أحمد، وروى عنه مسائل كثيرة، وكان يحضر مجلسه ويسمع فتاويه، كان عابدًا زاهدًا ثقة صادقًا متقنًا ضابطًا. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 124، 125.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال الخِرَقِيُّ: لا يَحْنَثُ. قال في «الرِّعايتَين»: وهو أصحُّ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ». وأطْلَقَهما في «الخُلاصَةِ». وجزَم في «الكافِي» بأنَّه إذا فارَقَه الغَرِيمُ بإذْنِه، أو قدَر على مَنْعِه مِنَ الهرَبِ فلم يفْعَلْ، حَنِثَ. ومَعْناه في «المُسْتَوْعِبِ». واخْتارَه في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي». وجَعَله مَفْهومَ كلامِ الخِرَقِيِّ. يعْنِي في الإذْنِ له. وقال في «الوَجيزِ»: وإنْ حلَف: لَا فَارَقْتُكَ حتى أسْتَوْفِيَ حقي مِنْكَ. فهَرَب منه، وأمْكَنَه مُتابعَتُه وإمْساكُه فلم يفْعَلْ، حَنِثَ. قوله: وإنْ فلَّسَه الحاكِمُ، وحكَم عليه بفِراقِه، خُرجَ على الرِّوايتَين. في الإكراهِ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم: فهو كالمُكْرَهِ. وجزَم في «الوَجِيزِ»، بأنَّه لا يَحنَث. تنبيه: مَفْهومُ كلامِه، أنه إذا فلَّسَه ولم يحْكُمْ عليه بفِراقِه، وفارَقَه لعِلْمِه بوُجوبِ مُفارَقَتِه، أنَّه يَحْنَث. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: هو كالمُكْرَهِ. وما هو ببعيدٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال الشَّارِحُ وغيرُه: إذا حلَف: لا فَارَقْتُكَ حتى أسْتَوْفِيَ حقِّي. ففيه عَشْرُ مَسائِلَ؛ إحْداها، أنْ يُفارِقَه مُخْتارًا، فيَحْنَثَ؛ سواءٌ أبرَأَه مِنَ الحق، أو بَقِيَ عليه. الثَّانيةُ، أنْ يُفارِقَه مُكْرَهًا، فإنْ فارَقَه بكَوْنِه حُمِلَ مُكْرَهًا، لم يَحْنَثْ، وإنْ أُكْرِهَ بالضَّرْبِ والتَّهْديدِ، لم يَحْنَثْ. وفي قولِ أبي بَكْرٍ: يَحْنَثُ. وفي النَّاسِي تفْصِيلٌ ذُكِرَ فيما مضَى. الثَّالثةُ، أنْ يهْرُبَ منه بغيرِ اخْتِيارِه، فلا يَحْنَث. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، يَحْنَثُ. الرَّابعَةُ، أذِنَ له الحالِفُ في المُفارَقَةِ، فَمَفْهومُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه يَحْنَثُ. وقيل: لا يَحْنَثُ. قال القاضي: وهو قولُ الخِرَقِيِّ. ورَدَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. الخامسةُ، فارَقَه مِن غيرِ إذْنٍ ولا هَرَبٍ، على وَجْهٍ يُمْكنُه مُلازَمَتُه والمَشْيُ معه، أو إمْساكُه، فهي كالتيِ قبلَها. السَّادِسَةُ، قَضاه قَدْرَ حقِّه، فَفَارَقَه ظَنًّا أنَّه قد وَفَّاه، فخَرَجَ رَدِيئًا، فيُخَرَّجُ في حِنْثِه رِوايَتا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاسِي. وكذا إنْ وَجدَها مُسْتَحَقَةً، فأخَذَها رَبُّها. وإنْ عَلِمَ بالحالِ، حَنِثَ. السَّابِعَةُ، تَفْلِيسُ الحاكمِ له. على ما تقدَّم مُفَصَّلًا. الثَّامِنَةُ، أحاله الغَرِيمُ بحَقِّه، فَفارَقَه، حَنِثَ؛ فإنْ ظَنَّ أنَّه قد يريدُ بذلك مُفارَقَتَه، فَفَارَقَه، خُرِّجَ على الرِّوايتَين. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ. قال المُصَنِّفُ: والصَّحيحُ أنَّه يَحْنَثُ هنا. فأمَّا إنْ كانتْ يمينُه: لا فَارَقْتُكَ ولِيَ قِبَلَكَ حَقُّ. فأحاله به، فَفارَقَه، لم يَحْنَثْ. وإنْ أخَذَ به ضَمِينًا، أو كَفِيلًا، أو رَهْنًا، فَفارَقَه، حَنِثَ بلا إشْكالٍ. التَّاسِعَةُ، قَضاه عن حقِّه عَرْضًا، ثم فارَقَه، فقال ابنُ حامِدٍ: لا يَحْنَثُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أوْلَى. وقال القاضي: يَحْنَثُ. فلو كانتْ يمِينُه: لا فَارَقْتُكَ حتى تَبْرَأ مِن حَقِّي. أو: ولِيَ قِبَلَكَ حَقُّ. لم يَحْنَثْ، وَجْهًا واحدًا. العاشِرَةُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَكَّلَ في اسْتِيفاءِ حقِّه، فإنْ فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ الوَكيلِ، حَنِثَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: لا فارَقْتَنِي حتى أسْتَوْفِيَ حقي مِنْكَ. فَفارَقَه المَحْلُوفُ عليه مُخْتارًا، حَنِثَ، وإنْ أُكْرِهَ على فِراقِه، لم يَحْنَثْ. وإنْ فارَقَه الحالِفُ مُخْتارًا، حَنِثَ، إلَّا على ما ذكَرَه القاضي في تأْويلِ كلامِ الخِرَقِيِّ.

وَإنْ حَلَفَ: لَا افْتَرَقْنَا. فَهَرَبَ مِنْهُ، حَنِثَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانِيَةُ، لو حلف: لا فارَقْتُكَ حتى أُوَفِّيَكَ حَقَّكَ. فأَبْرَأَه الغَرِيمُ مِنْه، فهل يَحْنَثُ؟ على وَجْهَين؛ بِناءً على المُكْرَهِ. وإنْ كانَ الحَقُّ عَينًا، فوَهَبَها له الغَرِيمُ، فقَبِلَها (¬1)، حَنِثَ، وإنْ قَبَضَها مِنْه، ثم وَهَبَها إيَّاه، لم يَحْنَثْ. وإنْ كانتْ يَمِينُه: لا أُفَارِقُكَ وَلكَ في قِبَلِي حَقٌّ. [لم يَحْنَثْ] (¬2) إذا أَبْرأَه، أو وَهَبَ العَينَ له. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عَدَّهُ النَّاسُ فِرَاقًا، كفُرْقَةِ الْبَيعِ. وَاللهُ أعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

باب النذر

بابُ النَّذرِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ النَّذْرِ فائدتان؛ إحْداهما، لا نِزاعَ في صِحَّةِ النَّذْرِ ولُزومِ (¬1) الوَفاءِ به في الجُمْلَةِ. ¬

(¬1) في الأصل: «لزومه».

وَهُوَ أنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ لِلّهِ تَعَالى شَيئًا. وَلَا يَصِحُّ إلا مِنْ مُكَلَّفٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو عِبارَةٌ عمَّا قال المُصَنفُ: وهو أنْ يُلْزِمَ نفْسَه لله تعالى شيئًا. يعْنِي، إذا كان مُكَلَّفًا مُخْتارًا. الثَّانيةُ، النَّذْرُ مَكْرُوهٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ؛ لقَوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ

مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّلامِ: «النَّذْرُ لا يَأتِي بخَيرٍ» (¬1). قال ابنُ حامِدٍ: لا يَرُدُّ قَضَاءً ولا يَمْلِكُ به شيئًا مُحْدَثًا (¬2). وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال النَّاظِمُ: وليسَ بسُنَّةٍ ولا مُحَرَّم. وتوَقَّفَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في تحْرِيمِه. ونقَل عَبْدُ اللهِ، نَهَى عنه (3)، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. وقال ابنُ حامِدٍ: المذهبُ أنَّه مُباح. وحرَّمه طائفَة مِن أهْلِ الحديثِ. قوله: ولا يَصِحُّ إلَّا مِن مُكَلَّفٍ؛ مُسْلِمًا كانَ أو كافِرًا. يصِحُّ النَّذْرُ مِن المُسْلِمِ مُطْلَقًا، بلا نِزاعٍ. ويصِحُّ مِن الكافرِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهب. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ» (¬3)، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الهادِي»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي ¬

(¬1) تقدم في الصفحة السابقة. (¬2) في الأصل: «محدوثًا». (¬3) سقط من: الأصل.

وَلَا يَصِحُّ إلا بِالْقَوْلِ، فَإِنْ نَوَاهُ مِنْ غَيرِ قَوْلٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. ونصَّ عليه في العِبادَةِ. وقال في «الفُروعِ»: ولا يصِحُّ إلَّا مِن مُكَلَّفٍ -ولو كان (¬1) كافِرًا- بعِبادَةٍ، نصَّ عليه، وقيل: منه بغيرِها. مَأخَذُه؛ أنَّ نَذْرَه (¬2) لها كالعِبادَةِ لا اليمينِ. قال في «الرِّعايتَين»: ويصِحُّ مِن كلِّ كافِرٍ. وقيل: بغيرِ (¬3) عِبادَةٍ. فعلى (¬4) القَوْلِ: يصِحُّ منه بعِبادَةٍ. قال في «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ»: يَحْسُنُ بِناؤُه على أنَّهم مُخاطَبُون بفروعِ الإسْلامِ، وعلى القَوْلِ الآخرِ، إنَّ نَذْرَه للعِبادَةِ عِبادَةٌ، وليسَ مِن أهْلِ العِبادَةِ. تنبيه: قولُه: ولا يَصِحُّ إلَّا بالقَوْلِ، فإنْ نَواهُ مِن غَيرِ قَولٍ، لم يَصِحَّ. بلا نِزاعٍ. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه لا تُعْتَبَرُ صِيغَةٌ خاصَّةٌ. يؤيِّدُه ما يأتِي في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ في مَن قال: أنا أُهْدِي جارِيتي أو دارِي. فكفَّارَةُ يمين إنْ أرادَ اليَمِينَ. قال: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ أو الأكثرِ، يُعْتَبَرُ قوْلُه: للهِ عليَّ كذا. أو: عليَّ كذا. ويأتِي كلامُ ابنِ عَقِيل، إلَّا مع دَلالةِ حالٍ. وقال في «المُذْهَبِ»: بشَرْطِ إضافَتِه، فيقولُ: للهِ عليَّ. وقد قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» وغيره: وهو قولٌ يَلْتَزِمُ به المُكَلَّفُ المُخْتارُ للهِ حقًّا بـ: عليَّ لله. أو: نَذَرْتُ للهِ. ¬

(¬1) سقط من: ط، ا. (¬2) في الأصل: «دره». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) بعده في ا: «هذا».

وَلَا يَصِحُّ في مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ، فَلَوْ قَال: لِلّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ. أو: صَوْمُ رَمَضَانَ. لَمْ يَنْعَقِدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَصِحُّ في مُحالٍ ولا واجِبٍ، فلو قال: للهِ عليَّ صَوْمُ أمْسِ، أو صَوْمُ رَمَضانَ. لم يَنْعَقِدْ. لا يصِحُّ النَّذْرُ في مُحالٍ ولا واجِبٍ. على الصَّحيحِ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. قاله المُصِّنفُ وغيرُه. وحَكَى في «المُغْنِي» احْتِمالًا، وجعَلَه في «الكافِي» قِياسَ المذهبِ؛ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ في الواجِبِ، وتجِبُ الكفّارَةُ إنْ لم يفْعَلْه. وقال في «المُغْنِي» (¬1) في مَوْضِعٍ: قِياسُ قولِ الخِرَقِيِّ الانْعِقادُ، وقولِ القاضي عدَمُه. انتهى. وذكَر قى «الكافِي» احْتِمالًا بوُجوبِ الكفّارَةِ في نَذْرِ المُحالِ، كيَمِينِ الغَمُوسِ. ويأْتِي، إذا نذَر صَوْمَ (¬2) نِصْفِ يومٍ. ¬

(¬1) انظر المغني 13/ 645. (¬2) زيادة من: ا.

وَالنَّذْرُ الْمُنْعَقِدُ عَلَى خَمْسَةِ أقْسَامٍ؛ أحَدُهَا، النَّذْرُ الْمُطْلَقُ؛ وَهُوَ أنْ يَقُولَ: لِلهِ عَلَيَّ نَذْرٌ. فَتَجِبُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والنَّذْرُ المُنْعَقِدُ على خَمْسَةِ أقْسامٍ؛ أحَدُها، النَّذرُ المُطْلَقُ؛ وهو أنْ يَقُولَ: للهِ عليَّ نَذْرٌ. فتَجِبُ -فيه- كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وكذا قولُه: للهِ عليَّ نَذْرٌ إنْ فَعلْتُ كذا. ولا نِيَّةَ له.

الثَّانِي، نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، وَهُوَ مَا يَقْصِدُ بِهِ الْمَنْعَ مِنْ شَيْءٍ، أو الْحَمْلَ عَلَيهِ، كَقَوْلِهِ: إِنْ كَلَّمْتُكَ فَلِلّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ. أوْ: صَوْمُ سَنَةٍ. أوْ: عِتْقُ عَبْدِي. أو: الصَّدَقَةُ بِمَالِي. فَهَذَا يَمِين، يُخَيَّرُ بَينَ فِعْلِهِ وَالتَّكْفِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّانِي، نَذْرُ اللَّجاجِ والغَضَبِ، وهو ما يَقْصِدُ به المَنْعَ مِن شَيْءٍ -غَيرَه- أو الحَمْلَ عليه، كقَوْلِه: إنْ كَلَّمْتُكَ، فلِلَّهِ عليَّ الحَجُّ. أو: صَوْمُ سَنَةٍ. أو: عِتْقُ عَبْدِي. أو: الصَّدَقَةُ بمالِي. فهذا يَمِين يَتَخَيَّرُ بَينَ فعْلِه والتَّكْفِيرِ. يعْنِي، إذا وُجِدَ الشَّرْطُ. وهذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. نقَل صالِحٌ، إذا فعَل المَحْلُوفَ عليه، فلا كفَّارَةَ، بلا خِلافٍ. وجزَم به في «الوَجزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين». وعنه، يتَعَيَّنُ كفَّارَةُ يمينٍ. وقال في «الواضِحِ»: إذا وُجِدَ الشَّرْطُ، لَزِمَه. وظاهرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ. فائدتان؛ إحْداهما، لا يضُرُّ قولُه: على مذهبِ مَن يُلْزِمُ بذلك. أو: لا أُقلِّدُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن يَرَى الكفَّارَةَ. ونحوُه. ذكَرَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ؛ لأنَّ الشَّرْعَ لا يتَغَيَّرُ بتَوْكيدٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه، كأنْتِ طالِقٌ بَتَّةً. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: [وإنْ قصَد] (¬1) لُزومَ الجزاءِ عندَ حُصولِ (¬2) الشَّرْطِ، لَزِمَه مُطْلَقًا عندَ الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ. نقَل الجماعَةُ في مَن حَلَفَ بحَجَّةٍ أو بالمَشْي إلى بَيتِ اللهِ، إنْ أرادَ يمينًا كفَرَ يمِينَه، وإنْ أرادَ نَذْرًا فعلى حدِيثِ عُقْبَةَ (¬3). ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، في (¬4) مَن قال: انا أُهْدِي جارِيتي أو دَارِي. فكَفارَةُ يمين إنْ أرادَ اليمينَ. وقال في امْرَأةٍ حَلَفَتْ، إنْ لَبِسْتُ قَمِيصِي هذا فهو مُهْدًى: تُكَفِّرُ بإطْعامِ عَشَرَةِ مَساكِينَ؛ لكُلِّ مِسْكِين مُدٌّ. ونقَل مُهَنَّا، إنْ قال: غَنَمِي صدَقَة. وله غَنَمٌ شَرِكَةٌ؛ إنْ نَوَى يمينًا، فكفَّارَةُ يمينٍ. الثَّانيةُ، لو علَّق الصَّدقَةَ به ببَيعِه، والمُشْتَرى علَّق الصَّدقَةَ به بشِرائِه فاشْتَراه، كفَّرَ كلٌّ فهما كفَّارَةً، نصَّ عليه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إذا حَلَفَ بمُباحٍ أو معْصِيَةٍ، لا شيْءَ عليه كنَذْرِهما، فإنَّ ما لم يَلْزَمْ بنَذْرِه، لا يَلْزَمُ به شيءٌ (¬5) إذا حَلَفَ به، فمَنْ يقولُ: لا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شيءٌ. لا يَلْزَمُ الحالِفَ بالأوْلَى، فإن إيجابَ النَّذْرِ أقْوَى مِن إيجابِ اليمينِ. ¬

(¬1) في الأصل: «ولأن الشرع». (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) تقدم تخريجه في صفحة 171. (¬4) سقط من: الأصل، ا. (¬5) سقط من: الأصل.

الثَّالِثُ، نَذْرُ الْمُبَاحِ، كَقَوْلِهِ: للهِ عَلَيَّ أنْ ألْبَسَ ثَوْبِي. أوْ: أرْكَبَ دَابَّتِي. فَهَذَا كَالْيَمِينِ، يَتَخَيَّرُ بَينَ فِعْلِهِ وَبَينَ كَفَّارَةِ يمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثَّالِثُ، نَذْرُ الْمُبَاحِ، كقَوْلِه: للهِ عليَّ أنْ أَلبَسَ ثَوْبِي. أوْ: أرْكَبَ دابَّتي. فهذا كاليَمِينِ، يَتَخَيَّرُ بينَ فِعْلِه وبينَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: عليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهادِي»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا ينْعَقِدَ نَذْرُ المُباحِ ولا (¬1) المَعْصِيَةِ، على ما يأْتِي، ولا تجِبُ به كفَّارَة. وهو رِوايةٌ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخَرَّجَةٌ. وجزَم به في «العُمْدَةِ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، في نَذْرِ المُباحِ.

فَإِنْ نَذَرَ مَكرُوهًا، كَالطَّلاقِ، اسْتُحِبَّ أنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَهُ. الرَّابعُ، نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَصَوْمِ يَوْمِ الْحَيضِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيُكَفِّرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه الله، بقوْلِه: فإنْ نَذَرَ مَكْرُوهًا كالطَّلاقِ، اسْتُحِبَّ له أنْ يُكفِّرَ ولا يَفْعَلَه. أنَّه (¬1) إذا لم يَفْعَلْه، عليه الكفَّارَةُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» وغيرِهم. وعنه: لا كفَّارَةَ عليه. وهو داخِلٌ في احْتِمالِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّه إذا لم ينْعَقِدْ نَذْرُ المُباحِ، فنَذْرُ المَكْرُوهِ أوْلَى. والمذهبُ انْعِقادُه، وعليه الأصحابُ. وتقدَّم في كتابِ الطَّلاقِ، أنَّه ينْقَسِمُ إلى خَمْسَةِ أقْسامٍ. قوله: الرَّابعُ، نَذْرُ المَعْصِيَةِ، كشُرْبِ الخَمْرِ، وصَوْمِ يَوْمِ الحَيضِ، ويَوْمِ النَّحْرِ، فلا يَجُوزُ الوَفاءُ به -بلا نِزاعٍ- ويُكَفِّرُ. إذا نذَرَ شُرْبَ الخَمْرِ، ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو صَوْمَ يومِ الحَيضِ، فالصَّحِيحُ مِن المذهبِ أنَّه ينْعَقِدُ. نصَّ عليه. ويُكَفِّرُ. قال في «الفُروعِ»، و «المُذْهَبِ»: يُكَفِّرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الرِّعايتَين». قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ (¬1) المَعْروفُ عندَ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَنْعَقِدَ نَذْرُ المُباحِ ولا المَعْصِيَةِ، ولا تَجِبَ به كَفَّارَةٌ. كما تقدَّم: وهو روايةٌ مخَرَّجَةٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ: في نَذْرِ المَعْصِيَةِ رِوايَتان؛ إحْداهما، هو لاغٍ لا شيءَ فيه. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، في مَن نذَر ليَهْدِمَنَّ دارَ غيرِه لَبنَةً لَبِنَةً: لا كفَّارَةَ عليه. وجزَم به في «العُمْدَةِ». ولهذا قال أصحَابُنا: لو نذَر الصَّلاةَ أو الاعْتِكافَ في مَكانٍ مُعَيَّن، فله فِعْلُه في غيرِه ولا كَفَّارَةَ عليه. وتقدَّم كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، إذا حلَف بمُباحٍ أو معْصِيَةٍ. وذكَر الأدَمِيُّ البَغْدادِيُّ، أنَّ نذْرَ شُرْبِ الخَمْرِ لَغْوٌ، ونذْرَ ذَبْحِ وَلَدِه يُكَفَّرُ. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ أنَّ نَذْرَ المَعْصِيَةِ لَغْوٌ. وفي نَذْرِ صومِ يومِ الحَيضِ وَجْهٌ، أَنه كنَذْرِ صومِ يومِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العيدِ، على ما يأْتِي. وجزَم به في «التَّرْغيبِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فعلى المذهبِ، إنْ فعَل ما نذَرَه، أَثِمَ ولا شيءَ علية. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ويَحْتَمِلُ وُجوبَ الكفَّارَةِ مُطْلَقًا. وهو للمُصَنِّفِ. وأمَّا إذا نذَرَ صَوْمَ يومِ النَّحْرِ، فالصَّحِيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ صَوْمُه ويقْضِيه. نصَرَه القاضي وأصحابُه. قاله في «الفُروعِ»، وقدَّمه هو وصاحِبُ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وعنه، لا يقْضِي. نَقَلَها حَنْبَلٌ. قال في «الشَّرْحِ»: وهي الصَّحِيحَةُ. قاله القاضي، وصحَّحه النَّاظِمُ. وعلى كِلا الرِّوايتَين، يُكَفِّرُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، كما قال المُصَنِّفُ هنا. قال في «الفُروعِ»: والمذهبُ يُكَفِّرُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا يُكَفِّرُ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وعنه، لا ينْعَقِدُ نَذْرُه، فلا قَضاءَ ولا كفَّارَةَ. وعنه، يصِحُّ صوْمُه ويأْثَمُ. وقال ابنُ شِهَابٍ: ينْعَقِدُ نَذْرُ (¬1) صَومِ يومِ العيدِ ولا يصُومُه ويقْضِي. فتَصِحُّ منه القُرْبَةُ ويَلْغُو تعْيِينُه؛ لكَوْنِه معْصِيَةً، كنَذْرِ مريضٍ صَوْمَ يومٍ يُخافُ عليه فيه، يَنْعَقِدُ نذْرُه ويَحْرُمُ صوْمُه، وكذا الصَّلاةُ في ثَوْبٍ حريرٍ. والطَّلاقُ زَمَنَ الحَيضِ صِادَفَ التَّحْرِيمَ، ينْعَقِدُ على قوْلِهم ورِوايةٍ لنا (¬2)، كذا هنا. ونَذْرُ صومِ لَيلَةٍ لا ينْعَقِدُ ولا كفَّارَةَ؛ لأنَّه ليس بزَمَنِ صَوْمٍ. وعلى قِياسِ ذلك، إذا نذَرَتْ صَوْمَ يومِ (¬3) الحَيضِ، وصَوْمَ يومِ يَقْدَمُ فُلانٌ وقد أكَل. انتهى. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال: والظَّاهِرُ أنَّه، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «بنذر». (¬2) في الأصل: «كذا». (¬3) سقط من: الأصل.

إلا أنْ يَنْذِرَ نَحْرَ وَلَدِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، أنَّهُ كَذَلِكَ. وَالثَّانِيَةُ، يَلْزَمُهُ ذَبْحُ كَبْشٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والصَّلاةً زَمَنَ الحَيضِ. [قال في «الفُروعِ»: ونَذْرُ صَوْمِ اللَّيلِ مُنْعَقِدٌ في «النَّوادِرِ»، وفي «عُيونِ المَسائلِ»، و «الانْتِصارِ»، لا؛ لأنَّه ليسَ بزَمَنِ الصَّوْمِ. وفي «الخِلافِ»، و «مُفْرَداتِ ابنِ عَقِيلٍ»، مَنْعٌ وتَسْلِيمٌ] (¬1). فائدة: نَذْرُ صوْمِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ كنَذْرِ صومِ يومِ العيدِ إذا لم يَجُزْ صوْمُها عن الفَرْضِ، وإنْ أجَزْنا صوْمَها عن الفَرْضِ، فهو كنَذْرِ سائرِ الأيَّامِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ أنْ يكونَ كنَذْرِ العيدِ أيضًا. قوله: إلَّا أنْ يَنْذِرَ ذَبْحَ وَلَدِه -وكذا نَذْرُ ذَبْحِ نفْسِه- ففيه رِوايَتان - ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الخِرَقِيِّ» - إحْداهما، هو كذلك. يعْنِي، أنَّ عليه الكفَّارَةَ لا غيرَ. وهو المذهبُ. قال الشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. ونصَرَه، ومال إليه المُصَنِّفُ. قال أبو الخَطَّابِ في «خِلافِه»: وهو الأقْوَى. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وصححه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه ذَبْحُ كَبْشٍ. نصَّ عليه (¬1). قال الزَّرْكَشِيُّ: هي ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَصُّهما (¬1). وجزَم به في «الوَجيزِ»، واخْتارَه القاضي. ونصَرَها (¬2) الشَّرِيفُ، ¬

(¬1) في ط: «أنصها». (¬2) في الأصل، ط: «نصبها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». وعنه، إنْ قال: إنْ فَعَلْتُه فعليَّ كذا. أو نحوَه، وقصَد اليمِينَ فيَمِينٌ، وإلَّا فنَذْرُ معْصِيَةٍ، فيَذْبَحُ في مسْأَلةِ الذَّبْحِ كَبْشًا. اخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، وقال: عليه أكثرُ نُصوصِه. قال: وهو مَبْنِيٌّ على الفَرْقِ بينَ النَّذْرِ واليَمِينِ. قال: ولو نذَر طاعَةً حالِفًا بها، أجْزَأ كفَّارَةُ يمينٍ، بلا خِلافٍ عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، فكيفَ لا يُجْزِئُه إذا نذَرَ معْصِيَةً حالِفًا بها؟! قال في «الفُروعِ»: فعلى هذا، على رِوايةِ حَنْبَلٍ الآتيةِ، يَلْزَمان النَّاذِرَ، والحالِفُ يُجْزِئُه كفَّارَةُ يمينٍ. تنبيه: قال المُصَنِّفُ، والخِرَقِيُّ، وجماعَةٌ: ذبَح كَبْشًا. وقال جماعَةٌ: ذبَح (¬1) شاةً. والإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، تارَةً قال هذا وتارَةً قال هذا. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك لو نذَرَ ذَبْحَ أبِيه وكُلِّ مَعْصُومٍ (¬2). ذكَرَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الشَّارِحُ: فإنْ نذَرَ ذبْحَ نفْسِه أو ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في ط: «معلوم».

وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَعْصِيَةِ، وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ، وَلِهَذَا قَال أصْحَابُنَا: لَوْ نذَرَ الصَّلَاةَ أوْ الاعْتِكَافَ في مَكَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ أجْنَبِيّ، ففيه أيضًا عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، رِوايَتان. واقْتَصَرَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه على الوَلَدِ. واخْتارَه في «الانْتِصارِ»، وقال: ما لم نَقِسْ. وقال في «عُيونِ المَسائل»: وعلى قِياسِه العَمُّ والأخُ في ظاهِرِ المذهبِ؛ لأنَّ بينَهم ولاية. الثَّانيةُ، لو كان له أكثرُ مِن وَلَدٍ ولم يُعَيِّنْ واحِدًا منهم، لَزِمَه بعدَدِهم كفَّاراتٌ أو كِباشٍ. ذكره المُصَنِّفُ ومَن تَبِعَه، وعَزَاه إلى نَصِّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وهو مُخالِفٌ لِمَا اخْتارَه في الطَّلاقِ والعِتْقِ، على ما تقدَّم. تنبيه: على القَوْلِ بلُزومِ ذَبْحِ كَبْشٍ، قيل: يذْبَحُه مَكانَ نَذْرِه. قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وعنه، بل يذْبَحُ كَبْشًا حيثُ هو، ويُفَرِّقُه على المَساكِينِ. فقطَعَ بذلك. وقيل: هو كالهَدْي. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». ونقَل حَنْبَلٌ، يَلْزَمانِه.

مُعَيَّنٍ، فَلَهُ فِعْلُهُ في غَيرِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ، فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بكلِّ مالِه، فله الصَّدَقَةُ بثُلُثِه ولا كفَّارَةَ. قال في «الفُروعِ»: وإنْ نذَرَ مَن تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ الصَّدَقَةَ بمالِه بقَصْدِ القُرْبَةِ -نصَّ عليه [أجْزَأه ثلُثُه، وعنه، كلُّه] (¬1). وقولُه: مَن تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ. يَحْتَرِزُ به (¬2) عن نَذْر اللَّجَاجِ والغَضَبِ. قال في «الرَّوْضَةِ»: ليسَ لنا في نَذْرِ الطَّاعَةِ ما يَفِي ببَعْضِه إلَّا هذا الموْضِعُ. قلتُ: فيُعايىَ بها. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحِيحُ مِن المذهبِ، إجْزاءُ الصَّدقَةِ بثُلُثِ مالِه ولا كفَّارَةَ عليه. نصَّ عليه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» وغيرِهم. وصحَّحه في ¬

(¬1) زيادة من الفروع. انظر الفروع 6/ 398. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ»، وغيرِهما. قال في «القَواعِدِ»: يتَصدَّقُ بثُلُثِ مالِه عندَ الأصحابِ، ويُعايَى بها أيضًا. وعنه، تَلْزَمُه الصَّدقَةُ بمالِه كلِّه. وقال الزَّرْكَشِي: ويُحْكَى رِوايةً عن الإمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ الواجِبَ في ذلك كفَّارَةُ يمين. وعنه: يشْمَلُ النقْدَ (¬1) فقطْ: وقال في «الرِّعايتين»، و «الحاوي»: وهل يخْتَصُّ ذلك ¬

(¬1) في الأصل: «العقد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالصَّامِتِ أو يَعُمُّ غيرَه بلا نِيَّةٍ؟ على رِوايتَين. قال الزَّرْكَشِيُّ: ظاهرُ كلامِ الأكثرِ، أنَّه يعُمُّ كلَّ مالٍ إنْ لم يَكُنْ له نِيَّةٌ. قال في «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ على اخْتِيارِ شيخِنا كلُّ أحَدٍ بحسَبِ عزْمِه. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. فنقَل الأثْرَمُ في مَن نذَرَ ماله في المَساكِينِ، أيكُونُ الثُّلُثُ مِن الصَّامِتِ أو مِن جميع ما يَمْلِكُ؟ قال: إنَّما يكونُ هذا علَى قَدْرِ ما نَوَى، أو على قَدْرِ مَخرَجِ يَمِينِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأمْوالُ تَخْتَلِفُ عندَ النَّاسِ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، إنْ نذَرَ الصَّدقَةَ بمالِه أو ببَعْضِه وعليه دَين أكثرُ ممَّا يمْلِكُه، أجْزَأه الثُّلُثُ؛ لأنَّه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أمرَ أبا لُبابَةَ بالثُّلُثِ. فإنْ نفَدَ هذا المالُ وأنْشَأ غيرَه، وقضَى دَينَه، فإنَّما يجِبُ إخْراجُ ثُلُثِ مالِه يَوْمَ حِنْثِه. قال في «الهَدْي»: يريدُ بيَوْمِ حِنْثِه يَوْمَ نذْرِه، وهذا صحيحٌ. قال: فيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذلك اليومَ، فيُخْرِجُه بعدَ قَضاءِ دَينِه. قال في «الفُروع»: كذا قال، وإنَّما نصُّه، أنّه يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يومَ نَذْرِه ولا يسْقُطُ عنه قَدْرُ دَينِه. وهذا -على أصْلِ الأمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ- صحيحٌ

وإنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِأَلفٍ، لَزِمَهُ جَمِيعُهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ ثُلُثُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في صِحةِ تصَرُّفِ المَدِينِ، وعلى قولٍ سبَقَ، أنَّه لا يصِحُّ بكَوْنِ قَدْرِ الدَّينِ مُسْتَثْنًى بالشَّرْعِ مِن النَّذْرِ. انتهى. قوله: وإنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بألفٍ، لَزِمَه جَمِيعُه. هذا المذهبُ. قال الشَّارِحُ، والمُصَنِّف: هذا الصَّحِيحُ مِن المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ». وعنه، يُجْزِئُه ثُلُثُه. قطَع به القاضي في «الجامِعِ». وقدَّمه في «الرعايتَين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». وعنه، إنْ زادَ المَنْذُورُ على ثُلُثِ المالِ، أجْزَأه قَدْرُ الثُّلُثِ، وإلا لَزِمَه كل المُسَمَّى. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: وهو الأصحُّ. وصحَّحه ابنُ رَزِين في «شَرْحِهْ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّر»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. فوائد؛ الأُولَى، لو نذَرَ الصَّدَقَةَ بقَدْرٍ مِن المالِ، فأَبْرَأَ غَرِيمَه مِن قَدْرِه يقْصِدُ به وَفاءَ النَّذْرِ، لم يُجْزِئْه وإنْ كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى: لا يُجْزِئُه حتى يقْبِضَه.

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، نَذْرُ التَّبَرُّرِ، كَنَذْرِ الصَّلَاةِ، والصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَنَحْوهَا مِنَ الْقُرَبِ، عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ، سَواءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا، أوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يَرْجُوهُ، فَقَال: إِنْ شَفَى الله مَرِيضِي، أوْ: سَلَّمَ الله تَعَالى مَالِي، فَلِلّهِ عَلَيَّ كَذَا. فَمَتَى وُجِدَ شَرْطُهُ، انْعَقَدَ نَذْرُهُ، ولَزِمَهُ فِعْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قولُه: الخَامِسُ، نَذْرُ التَّبَرُّرِ؛ كنَذْرِ الصَّلاةِ، والصِّيامِ، والصَّدَقَةِ، والاعْتِكافِ، والحَجِّ، والعُمْرَةِ، ونحْوها مِن القُرَبِ على وجْهِ التَّقَرُّبِ؛ سَواءٌ نَذَرَه مُطْلَقًا أو مُعَلَّقا بشَرْطٍ يَرْجُوه، فقال: إنْ شَفَى اللهُ مَرِيضِي، أو: إنْ سَلَّمَ اللهُ مالِي، فلِلهِ علي كذا. قال في «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ: بشَرْطِ تجَدُّدِ نِعْمَةٍ، أو دَفْعِ نِقْمَةٍ. قال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: كطُلوعِ الشَّمْس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، لو نذَرَ صِيامَ نِصْفِ يوم، لَزِمَه يَوْمٌ كامِلٌ. ذكَرَه المَجْدُ في «المُسَوَّدَةِ» قِياسَ المذهبِ. قال في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ»: وفيه نَظر. [وجزَم بالأوَّلِ في «الفُروع»، وقال: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ] (¬1). الرَّابعةُ، مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو حَلَفَ بقَصْدِ التَّقَرُّبِ، مثْلَ ما لو قال: واللهِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لَئِنْ سَلِمَ مالِي لأتصَدَّقَنَّ بكذا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. قال في «الفُروع»، بعدَ تعَدُّدِ نَذْرِ التَّبرُّرِ: والمَنْصُوصُ، أو حَلَفَ بقَصْدِ التبَّرُّرِ. وقيل: ليسَ هذا بنَذْرٍ. الخامسةُ، ما قاله المُصَنِّفُ: متى وُجِدَ شَرْطُه، انْعَقَدَ نَذْرُه ولَزِمَه فِعْلُه. بلا نِزاعٍ. ويجوزُ فِعْلُه قبلَه -ذكَرَه في «التبصِرَةِ»، و «الفُنونِ» - لوُجودِ أحَدِ سَبَبَيه، والنذْرُ كاليمينِ. واقْتَصَرَ عليه في «القَواعِدِ». وقدَّمه في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنَعه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ تعْلِيقَه منَع كوْنَه سبَبًا. وقال القاضي في «الخِلافِ»: لأَنَّه لم يَلْزَمْه فلا يُجْزِئُه عنِ الواجبِ. ذكَرَاه (¬1) في جَوازِ صَوْمِ المُتَمَتِّعِ السَّبْعَةَ قبلَ رُجوعِه إلى أهْلِه. وقال القاضي في «الخِلافِ» أيضًا، في مَن نذَرَ صَوْمَ يَوْمِ (¬2) يَقْدَمُ فُلانٌ: لم يجِبْ؛ لأنَّ سبَبَ الوُجوبِ القُدومُ، وما وُجِدَ. وتقدَّم في أواخِرِ كتابِ الأيمانِ، وُجوبُ كفَّارَةِ اليمينِ والنَّذْرِ على الفَوْرِ. السَّادِسَةُ، لو نذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّن فماتَ قبلَ عِتْقِه، لم يَلْزَمْه عِتْقُ غيرِه، ولَزِمَه كفَّارَةُ يمين، نصَّ عليه؛ لعَجْزِه عن المَنْذُورِ. وإنْ قتَله (¬3) السَّيِّدُ، فهل يَلْزَمُه ضَمانُه؛ على وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه. قاله القاضي، وأبو الخَطَّابِ. ¬

(¬1) في الأصل: «ذكره». (¬2) سقط من. الأصل. (¬3) في الأصل: «قبله».

وَإنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ، لَمْ يَدْخُلْ في نَذْرِهِ رَمَضَانُ وَيَوْمَا الْعِيدَينِ. وَفِي أيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ. وعنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّه يَقْضِي يَوْمَيِ الْعِيدَينِ وَأيَّامَ التَّشْرِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والثَّاني، يَلْزَمُه. قاله ابنُ عَقِيل. فيَجِبُ صَرْفُ قِيمَتِه في الرِّقابِ. ولو أتْلَفَه أجْنَبِي، فقال أبو الخَطَّابِ: لسَيِّدِه القِيمَةُ، ولا يَلْزَمُه صَرْفُها في العِتْقِ. وخرَّج بعضُ الأصحابِ وَجْهًا بوُجوبِه، وهو قِياسُ قولِ ابنِ عَقِيل؛ لأنَّ البَدَلَ قائمْ مَقامَ المُبْدَلِ، ولهذا لو وَصَّى له (¬1) بعبْدٍ، [فقُتِلَ قبلَ قَبُولِه] (¬2)، كان له قِيمَتُه. قال ذلك في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثينَ بعدَ المِائةِ». قوله: وإنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ، لم يَدْخلْ في نَذْرِه رَمَضانُ ويَوْما العِيدَينِ. وفي أيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوايَتَان. واطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». إذا نذَرَ صَوْمَ سنَةٍ، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُطْلِقَ السَّنَةَ أو يُعَيِّنها، فإن عيَّنَها، لم يدْخُلْ في نَذْرِه رَمَضانُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وصحَّحه في ¬

(¬1) سقط من ت الأصل. (¬2) في القواعد الفقهية: «فقبل قوله». انظر القواعد صفحة 335.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وعنه، يدْخُلُ في نَذْرِه فيَقْضِي ويُكَفِّرُ أيضًا، على الصَّحيحِ. وفيه وَجْه، أنَّه لا يُكَفِّرُ. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». ولا يدْخُلُ في نَذْرِه أيضًا يَوْما (¬1) العِيدَين، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه ما يدُلُّ على أنَّه يقضِي يَوْمَيِ العِيدَين، فيَدْخُلان في نَذْرِه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». والحُكْمُ في القَضاءِ والكفَّارَةِ كرَمَضانَ، على ما تقدَّم. ولا يدْخُلُ في نَذْرِه أيضًا أيَّامُ التَّشْرِيقِ -على الصَّحيحِ مِن المذهبِ- إذا قُلْنا: لا يُجْزِئُ عن صَوْمِ الفَرْضِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَدْخُلْنَ (¬2) في نذْرهِ. قال المُصَنفُ هنا: وعنه، ما يدُلُّ على أنَّه يقْضِي يوْمَيِ العِيدَينِ وأيَّامَ التَّشْرِيقِ. [قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وعنه، يتَناوَلُ النَّذْرُ أيَّامَ] (¬3) ¬

(¬1) في الأصل: «يوم». (¬2) في الأصل: «يدخل». (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [النَّهْي دُونَ أيَّامِ رَمَضَانَ] (¬1). وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، القَضاءُ لا بدَّ منه، ويَلْزَمُه التَّكْفِيرُ على الصَّحيحِ، كما تقدَّم. وفيه وَجْه آخَرُ، أنَّه لا يَلْزَمُه التَّكْفِيرُ. وأمَّا إذا نذَرَ صَوْمَ سنَةٍ وأطْلَقَ، ففي لُزومِ التَّتابُعِ فيها، ما في نَذْرِ صَوْمِ شَهْر مُطْلَقٍ، على ما يأتي. إذا عَلِمْتَ ذلك، فيَلْزَمُه صِيامُ اثْنَيْ عشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضانَ وأيَّامِ النَّهْي، وإنْ شرَطَ التَّتابُعَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «التَّرْغيبِ»: يصُومُ مع التَّفَرق ثَلاثمِائَةٍ وسِتِّين يَوْمًا. ذكَرَه القاضي. وعندَ ابنِ عَقِيل، أن صِيامَها مُتَتابِعَة، وهي على ما بها مِن نُقْصانٍ أو تَمام. وقال في «التَّبصِرَةِ»: لا يَعُمُّ العِيدَ ورَمَضانَ، وفي التَّشْرِيقِ رِوايَتان. وعنه، يقْضِي العِيدَ والتَّشْرِيقَ إنْ أفَطَرَها. وقال في «الكافِي»: إنْ لَزِمَ التَّتابُعُ فكمُعَيَّنةٍ. قال في «المُحَرَّرِ»: وقال صاحِبُ «المُغْنِي»: متى شرَطَ التَّتابُعَ، فهو كنَذْرِه المُعَينَّةً. فائدتان؛ إحْداهما، لو نَذَر صَوْمَ سنَةٍ مِن الآنَ أو مِن وَقْتِ كذا، فهي كالمُعَينَّةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقيل: كمُطْلَقَةٍ في لُزومِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا للنَّذْرِ. واخْتارَه في «المُحَرَّرِ». الثَّانيةُ، لو نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ، لَزِمَه صَوْمُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ لُزومُه إنِ اسْتَحَبَّ (¬2) صَوْمَه. وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل، ا: «استصحب».

وَإذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْم الْخَمِيس، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ أوْ حَيض، أفْطَرَ، وَقَضَى وَكَفَّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، مَن نَذَرَ صَوْمَ الدَّهرِ، كان له صِيامُ يَوْم وإفْطارُ يَوْم. انتهى. وحُكْمُه كما في دُخولِ رَمَضانَ والعِيدَين والتَّشْرِيقِ حُكْمُ (¬1) السَّنَةِ المُعَيَّنَةِ، على ما تقدَّم. فعلى المذهبِ، إنْ أفْطَرَ كَفَّرَ فقطْ؛ فإن كفَّر -لتَرْكِه صِيامَ يوم أو أكثرَ- بصِيام، فاحْتِمالان. وأطْلَقَهما في «المُغْنِي» (¬2)، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: فعلى الصِّحَّةِ، يُعايىَ بها. وقال في «الرِّعايةِ»: وهل يدْخُلُ تحتَ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ مِن قادِرٍ، ومَن قضَى ما يجبُ فِطْرُه، كيَوْمِ عيدٍ ونحوه، وقَضاءُ ما أفْطَرَه مِن رَمَضان لعُذْرٍ، وصَوْمُ كفَّارَةِ الظِّهارِ ونحوُ ذلك لعُذْر؟ على وَجْهَين. فإن دخَلَ، ففي الكفَّارَةِ -لكُلِّ يَوْم فَقِير- وَجْهان، أظْهَرُهما عدَمُها مع القَضاءِ؛ لأنَّ النَّذْرَ سقَطَ لقَضاءِ ما أوْجبَه الشَّارِعُ ابْتِداءً، ووُجوبُها مع صَوْمِ الظِّهارِ؛ لأنَّه سبَبُه. انتهى. وقال في «الفُروعِ» وغيرِه: ولا يدْخُلُ رَمَضانُ، وقيل: بل قَضاءُ فِطْرِه منه لعُذْرٍ، ويَوْمُ نَهْي، وصَوْمُ ظِهارٍ ونحوُه، ففي الكفارَةِ وَجْهان، أظْهَرُهما وُجوبُها مع صَوْمِ ظِهارٍ؛ لأنَّه سبَبُه. انتهى. قوله: وإن نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الخَمِيسِ فوافَقَ يَوْمَ عِيدٍ أو حَيض، أفْطَرَ، وقَضَى ¬

(¬1) في الأصل: «وحكم». (¬2) سقط من: الأصل.

وَعَنْهُ، يُكَفِّرُ مِنْ غَيرِ قَضَاءٍ. وَنُقِلَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّهُ إِنْ صَامَ يَوْمَ الْعِيدِ، صَحَّ صَوْمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكَفرَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه (¬1). وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وعنه، يُكَفِّرُ مِن غيرِ قَضاء، ونُقِلَ عنه ما يدُل على إنَّه إنْ صامَ يومَ العِيدِ صحَّ صَوْمُهُ. وعنه، لا كفارَةَ عليه مع القَضاءِ. وقيل: عكْسُه. وقال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»: ومَن ابْتَدَأ بنَذْرِ صَوْمِ كل أثنَين أو خَمِيس، أو علقَه بشَرْط مُمْكِن فوُجِدَ، لَزِمَه، فإن صادَفَ مرَضًا أو حَيضًا غيرَ مُعْتاب، قَضَى. وقيل: وكفَّرَ، كما لو صادَفَ عِيدًا. وعنه، تكْفِي الكفارَةُ فيهما. وقيل: لا قَضاءَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ وَافَقَ أيامَ التَّشْرِيقِ، فَهَلْ يَصُومُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَين. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا كفارَةَ مع حَيض وعِيدٍ. وقيل: إنْ صامَ العِيدَ، صحَّ. زادَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، وقيلَ: يقْضِي العِيدَ. وفي الكفَّارَةِ رِوايَتان. انتهى. ذكَرَهما (¬1) في «الرعايةِ الكُبْرى» في بابِ صَوْمِ النذْرِ والتَّطَوُّعِ، وفي «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ» في بابِ النذْرِ. فائدة: لو نَذَرَ أن يصُومَ يومًا مُعَيَّنًا أبدًا ثم جَهِلَه، فأفْتَى بعْضُ العُلَماءِ بصِيامِ الأسْبُوعِ، كصَلاةٍ مِن خَمْس. وقال الشَّيخُ تَقِيِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: بل يصُومُ يومًا مِن الأيامِ مُطْلَقًا أيَّ يَوْم كانَ. وهل عليه كفَّارَة لفَواتِ التعْيِينِ؟ يُخَرَّجُ على رِوايتَين بخِلافِ الصَّلَواتِ الخَمْس، فإنَّها لا تُجْزِئ إلَّا بتَعْيِينِ النِّيَّةِ على المَشْهورِ، والتعْيِينُ يسْقُط بالعُذْرِ. قوله: وإنْ وافَقَ أيامَ التَّشْرِيقِ فهل يَصُومُه؟ عَلَى رِوايَتَين. وهما مَبْنِيَّتان على جَوازِ. صوْمِها فرْضًا وعدَمِه، على ما تقدَّم في بابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وقد تقدَّم المذهبُ منهما (¬2) هناك، فالمذهبُ هنا مِثْلُه. ¬

(¬1) في الأصل: «ذكرها». (¬2) في الأصل، ا: «فيهما».

وإذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَان، فَقَدِمَ لَيلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ، وَإنْ قَدِمَ نَهَارًا، فَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّه لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إِتْمَامُ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أفْطَرَ. وَعَنْهُ، أنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ، سَواء قَدِمَ وَهُوَ مُفْطِر أَوْ صَائِمٌ. وإنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَقَال الْخِرَقِيُّ: يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ. وَقَال غَيرُهُ: عَلَيهِ الْقَضَاءُ. وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلان، نقَدِمَ ليلًا، فلا شيء عليه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ قال في «مُنْتَخبِ وَلَدِ الشِّيرازِيِّ»: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يومِ صَبِيحَتِه. وجزَم به في «الوَجيزِ». قوله: وإنْ قدِمَ نَهارًا، فعنه ما يَدُلُّ على إنَّه لا يَنْعَقِدُ نَذْرُه ولا يَلْزَمُه إلَّا إتْمامُ صِيامِ ذلك اليَوْمِ إنْ لم يَكُنْ أفْطَرَ، وعنه، أنَّه يَقْضِي ويُكَفِّرُ؛ سَواءٌ قدِمَ وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْطِرٌ أو صائِمٌ. إذا نذَر صَوْم يومِ يَقْدَمُ فُلان، وقَدِمَ نَهارًا، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يقْدَمَ وهو صائمٌ أو يقْدَمَ وهو مُفْطِر، فإن قَدِمَ وهو مُفْطِر، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يقْضِي ويُكَفِّرُ. قدمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ». وقال عن التَّكْفيرِ: اخْتارَه أكثرُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو قَدِمَ يَوْمَ فِطْر أو أضْحَى، فعنه، لا يصِحُّ ويقْضِي ويُكَفِّرُ، وهو قولُ أكثرِ أصحابِنا. وأطْلَقا فيما إذا كان مُفْطِرًا في غيرِهما الرِّوايتَين. وعنهِ، لا يَلْزَمُه مع القَضاءِ كفارَة. وأطْلَقَ في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» في وُجوبِ الكفارَةِ مع القَضاءِ الرِّوايتَين، وقدَّما وُجوبَ القَضاءِ. وعنه، لا يَلْزَمُ القَضاءُ أصلًا ولا كفارَةَ. قال في «الوَجيزِ»: فلا شيءَ عليه. وإنْ قَدِمَ وهو صائمٌ تَطَوُّعًا؛ فإن كانَ قد بَيَّتَ النِّيَّة للصَّوْمِ بخَبَر سَمِعَه، صحّ صَوْمُه وأجْزَأه، وإنْ نَوَى حينَ قَدِمَ، أجْزَأه أيضًا، على إحْدَى الرِّوايتَين. اخْتارَه القاضي. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وعنه، لا يُجْزِئُه الصَّوْمُ والحالةُ هذه وعليه القَضاءُ. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». ومحَلُّ الرِّوايتَين، إذا قَدِمَ قبلَ الزَّوالِ أو بعدَه وقُلْنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بصِحَّتِه، على ما تقدَّم في كتابِ الصَّوْمِ. وإنْ قُلْنا: لم يصِحَّ بعدَ الزَّوالِ. وقَدِمَ (¬1) بعدَه، فلَغْوٌ. قال في «الرِّعايتَين»: مَبْنِيٌّ على الرِّوايتَين على أنَّ مُوجِبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ مِن قُدومِه أو كلُّ اليَوْمِ. فعلى المذهبِ -وهو وُجوبُ القَضاءِ- تَلْزَمُه كفَّارَةٌ أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه أكثرُ. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه [في «النَّظْمِ»] (¬2). وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا تَلْزَمُه مع القَضاءِ كفَّارَة. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». وعلى المذهبِ ¬

(¬1) في الأصل: «قدومه»، وفي ا: «قدمه». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، لو نذَرَ صَوْمَ يوم (¬1) أكَل فيه، قضَى في أحَدِ الوَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ في هذا أَنَّه لَغْوٌ، أشْبَهَ ما لو نذَرَ صَوْمَ أمْسِ. وقال في «الانْتِصارِ»: يقْضِي ويُكَفِّرُ. وفي «الانْتِصارِ» أيضًا، لا يصِحُّ كحَيضٍ، وأنَّ في إمْساكِه أوْجُهًا. الثَّالثُ، يَلْزَمُ في الثَّانيةِ. قوله: وإنْ وافَقَ قُدُومُه يَوْمًا مِن رَمَضَانَ، فقال الْخِرَقِيُّ: يُجْزِئُه صِيامُه لرَمَضَانَ ونَذْرِه. وهو رِواية عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. نَقَلَها المَروذِيُّ. وجزَم به ابنُ عَقِيل في «تَذْكِرَتِه». قال في «الوَجيزِ»: وإنْ وافقَ قُدومُه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَمَضانَ، لم يَقْضِ ولم يُكفِّرْ. قال في «القَواعِدِ»: حَمَلِ هذه الرِّوايةَ المُتَأخِّرون على أنَّ نذْرَه لم ينْعَقِدْ لمُصادَفَتِه رَمَضانَ. قال: ولا يخْفى فَسادُ هذا التَّأويلِ. وقال غيرُه: عليه القَضاءُ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو رِواية عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هي أنَصُّهما. واخْتارَه أبو بَكْر، والقاضي، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيهما». قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عشْرَةَ»: هذا الأشْهَرُ عندَ الأصحابِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقال في «الفُصولِ»: لا يَلْزَمُه صومٌ آخَرُ، لا لأنَّ صَوْمَه أغْنَى عنهما، بل لتعَذُّرِه فيه. نصَّ عليه. وقال فيه أيضًا: إذا نَوَى صوْمَه (¬1) عنهما، فقيل: لَغْوٌ. وقيل: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُجْزِئُه عن رَمَضانَ. انتهى. وعنه، لا ينْعَقِدُ نذْرُه إذا قَدِمَ في نَهارِ يوم مِن رَمَضانَ. والمذهبُ انْعِقادُه. وعليه الأصحابُ. فعلى المذهبِ -وهو وُجوبُ القَضاءِ- في وُجوبِ الكفَّارَةِ معه رِوايَتان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ إحْداهما، عليه الكفَّارَةُ أيضًا. قدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». وصحَّحه في «تَصْحيح المحَرَّرِ». واخْتارَه أبو بَكْر. قاله المُصَنِّفُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا كفَّارَةَ عليه. اخْتارَه المَجْدُ في «شَرْحِ الهِدايةِ». قاله في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وعلى قولِ الْخِرَقِيِّ، في نِيَّةِ نذْرِه أيضًا وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا بدَّ أن ينْويَه عن فَرْضِه ونذْرِه. قاله المُصَنفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «القَواعِدِ». وقال المَجْدُ: لا يحْتاجُ إلى نِيَّةِ النَّذْرِ. قال: وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ، والإِمامِ أحمدَ، رحِمَه الله. قال في «القَواعِدِ»: وفي تعْلِيله بُعْدٌ. وتقدّم كلامُ صاحبِ «الفُصولِ».

وَإنْ وَافَقَ يَوْمَ نَذْرِهِ وَهُوَ مَجْنُونٌ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيهِ وَلَا كَفَّارَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو وافقَ قُدومُه وهو صائمٌ عن نذرٍ مُعَيَّن، فالصَّحيحُ أنَّه يُتمُّه، ولا يَلْزَمُه قَضاؤه، بل يقْضِي نَذْرَ القُدومِ؛ كصَوْم في قَضاءِ رَمَضانَ، أو كفَّارَةٍ، أو نَذْرٍ مُطْلَقٍ. قاله في «الفُروعِ». وعنه، يكْفِيه لهما. الثَّانيةُ، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو نذَرَ صِيامَ شَهْر مِن يَوْمِ يَقْدَمُ فُلان، فقَدِمَ في أوَّلِ شَهْرِ رَمَضانَ. قوله: وإنْ وافَقَ يَوْمَ نَذْرِه وهو مَجْنُون، فلا قَضاءَ عليه ولا كَفَارَةَ. قال في

وَإنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْر مُعَيَّن، فَلَمْ يَصُمْهُ لِغَيرِ عُذْرٍ، فَعَلَيهِ الْقَضَاءُ وَكَفَّارَةُ يَمِين، وَإنْ لَمْ يَصُمْهُ لِعُذْرٍ، فَعَلَيهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، [عن مَن] (¬1) نذَرَ صَوْمَ شَهْر بعَينِه وجُنَّ كلَّ الشَّهْرِ: لم يَقْضِ، على الأصحِّ. وكذا قال في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» (¬2)، وغيرِهم. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم، و «الرِّعايةِ الكُبْرى» في مَوْضِعٍ. وعنه، يقضِي. قوله: وإنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْر مُعَيَّن، فلم يَصُمْهُ لغَيرِ عُذْرٍ، فعليه الْقَضاءُ وكفَّارَةُ يمِين -بلا نِزاعٍ- وإنْ لم يَصُمْه لعُذْرٍ، فعليه الْقَضاءُ -بلا نِزاع- وفِي ¬

(¬1) في الأصل: «كمن». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكَفَّارَةِ رِوَايتَان. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، عليه الكفَّارَةُ أيضًا. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهما. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا كفَّارَةَ عليه. وعنه في المَعْذُورِ، يَفْدِي فقط. ذكَرَه الحَلْوانِيُّ. فوائد؛ الأولَى، صوْمُه في كفَّارَةِ الظِّهارِ في الشَّهْرِ المنْذُورِ، كفِطْرِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، لا يَلْزَمُه كفَّارَة هنا. الثَّانيةُ، لو جُنَّ في الشَّهْرِ كلِّه، لم يقْضِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، يقْضِيه. الثَّالثةُ، إذا لم يَصُمْه لعُذْرٍ أو غيرِه وقَضاه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يَلْزَمُه القَضاءُ مُتَتابِعًا مُواصِلًا لتَتِمَّتِه. وعنه، له تفْريقُه. وعنه، وتَرْكُ مُواصَلَتِه أيضًا.

وَإنْ صَامَ قَبْلَهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ. وإنْ أفْطَرَ في بَعْضِهِ لِغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَيُكَفِّرُ. وَيَحْتَمِلُ أن يُتمَّ بَاقِيَهُ، وَيَقْضِيَ وَيُكَفِّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرابِعَةُ، يَبْنِي مَنْ لا يقْطَعُ عذْرُه تَتابُعَ صَوْمِ الكفَّارَةِ. الخامسةُ، قولُه: وإنْ صامَ قَبْلَه، لم يُجْزِئْه. بلا نِزاع، كالصَّلاةِ، لكِنْ لو كان نذْرُه بصَدَقَةِ مالٍ، جازَ إخْراجُها قبلَ الوَقْتِ الذي عَيَّنَه؛ للنَّفْعِ كالزَّكاةِ. قاله الأصحابُ. قال النَّاظِمُ: ويُجْزِيهِ فيما فيه نَفْعُ سِوَاه كالزَّ … كاةِ لنَفْعِ الخَلْقِ لا المُتَعَبَّدِ قوله: وإنْ أفْطَرَ في بَعْضِه لغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَه اسْتِئْنافُه ويُكَفِّرُ. وهو المذهبُ. وجزَم به الْخِرَقِي، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذكِرَتِه». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذه هي المَشْهورَةُ واخْتِيارُ الْخِرَقِي، وأبي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»، وابنِ البَنَّا. فعلى هذا، يَلْزَمُه الاسْتِئْنافُ عَقِبَ الأيَّامِ التي أفْطَرَ فيها، ولا يجوزُ تأخِيرُه، ويَحْتَمِلُ أن يُتِمَّ باقِيَه ويقْضِيَ. ويُكَفِّرَ. وهو رِواية عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذه الروايَةُ أقْيَسُ وأصحُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وأطْلَقهما في «الحاوي». تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ: أصْلُ الخِلافِ أنَّ التَّتابُعَ في الشَّهْرِ المُعَيَّنِ هل وَجَبَ لضَرُورَةِ الزَّمَنِ؟ وإليه مَيلُ أبي محمدٍ، أو لإطْلاقِ النَّذْرِ؟ وإليه مَيلُ الْخِرَقِي، والجماعَةِ؛ ولهذا لو شرَط التَّتابُعَ بلَفْظِه أو نَواه، لَزِمَه الاسْتِئْنافُ، قوْلًا واحدًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وممَّا يَنْبَنِي على ذلك أيضًا، إذا تَرَكَ صَوْمَ الشَّهْرِ كلِّه فهل يَلْزَمُه شَهْر مُتَتابعٌ أو يُجْزِئُه مُتَفرقًا؟ على الرِّوايتَين. ولهاتَينِ الرِّوايتَين أيضًا الْتِفات إلى ما إذا نَوَى صَوْمَ شَهْر وأطْلَقَ، هل يَلْزَمُه مُتَتابِعًا أمْ لا؟ وقد تقدَّم أنَّ كلامَ الْخِرَقِيِّ يُشْعِرُ بعَدَمِ التَّتابُعِ. وقَضِيَّةُ البِناءِ هنا تقْتَضِي اشْتِراطَ التَّتابُعِ، كما هو المَشْهورُ عندَ الأصحابِ ثَمَّ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لو قيَّد (¬1) الشَّهْرَ المُعَيَّنَ بالتَّتابُعِ، فأفْطَرَ يوْمًا بلا عُذْرٍ، ابْتَدَأ وكفَّر. الثَّانيةُ، لو أفْطَرَ في بعْضِه لعُذْرٍ، بَنَى على ما مضَى مِن صِيامِه وكفَّر. على ¬

(¬1) في الأصل: «قيل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». ونَصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعنه، لا يُكَفِّرُ. وأطلَقَهما في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي».

وَإذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْر، لَزِمَهُ التَّتَابُعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا نَذَرَ صَوْمَ شَهْر، لَزِمَه التَّتَابُعُ. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ». وقدَّمه في «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وصحّحه النَّاظِمُ، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وهو مِن مُفْرَداتِ المذْهبِ. وعنه، لا يَلْزَمُه التَّتابُعُ إلَّا بشَرْطٍ أو نيَّةٍ، وفاقًا للأئمَّة الثَّلاثةِ. وفي إجْزاءِ صَوْمِ رَمَضانَ عنهما رِوايَتا حَجٍّ. قاله في «الواضِحِ». فائدة: لو قطَع تَتابُعَه بلا عُذْرٍ استَأنفَه، ومع عُذْرٍ يُخَيَّرُ بينَه بلا كفَّارَةٍ أو يبنِي. قال في «الفُروعِ»: فهل يُتمُّ ثلاثين أو الأيَّامَ الفائتة؟ فيه وَجْهان. قلتُ: يَقْرُبُ مِن ذلك، إذا ابْتَدَأ صَوْمَ شَهْرَيِ الكفَارَةِ في أثْناءِ شَهْر. على ما تقدَّم في بابِ الإجارَةِ. وتقدَّم، إذا فاتَه رَمَضانُ هل [يقْضِي شَهْرًا] (¬1) أو ثَلاثينَ يَوْمًا ويُكَفِّرُ؟ [على كِلا الوَجْهَين] (¬2). وفيهما رِواية كشَهْرَيِ الكفَّارَةِ. ذكَرَه غيرُ واحدٍ. وتقدَّم كلامُه في «الرَّوْضَةِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ أفْطَرَه بلا عُذْرٍ كفَّر، وهل ينْقَطِعُ فيَسْتَأنِفَه، أم لا فيَقْضِيَ ما ترَكَه؟ فيه رِوايَتان. وكذا قال في «التَّبصِرَةِ». وهل يُتمُّه أو يَسْتَأنِفُه؟ فيه رِوايَتان. واخْتارَ أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ، ¬

(¬1) في الأصل: «يجزئ قضاء شهر». (¬2) سقط من: الأصل.

وإنْ نَذَرَ صِيَامَ أيَّام مَعْدُودَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتابُعُ، إلَّا أَنْ يَشتَرِطَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكَفِّرُ ويَسْتَأنِفُه. قوله: وإنْ نَذَرَ صِيامَ أيَّام مَعْدُودَةٍ، لم يَلْزَمْه التَّتَابُعُ، إلَّا أن يَشْتَرِطَه. يعْنِي أو ينْويَه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وعنه، يَلْزَمُه التَّتابُعُ مُطْلَقًا. اخْتارَه القاضي. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». تنبيه: دخَلَ في قوْلِه: وإنْ نذَرَ صِيامَ أيَّام معْدُودَةٍ. لو كانتْ ثَلَاثين يَوْمًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو كذلك، فلا يَلْزَمُه التَّتابُعُ فيها إلَّا بشَرْطٍ أو نِيَّةٍ، كما لو قال: عِشْرِين. ونحوَها، وهو إحْدَى الرِّوايتَين. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ» (¬1)، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وهو وَجْهٌ في «الرِّعايتَين». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَلْزَمُه التَّتابُعُ فيها وإنْ لَزِمَه في غيرِها. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمهِ في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ لأنَّه لو أرادَ التَّتابُعَ لقال: شَهْرًا. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا، فَأفطَرَ لِمَرض أو حَيض، قَضَى لا غَيرُ، وَإنْ أفْطَرَ لِغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ الاسْتِئْنَافُ، وَإنْ أفْطَرَ لِسَفَر أوْ مَا يُبِيحُ الْفِطْرَ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَذَرَ صِيامًا مُتَتابِعًا -يعْنِي غيرَ مُعَيَّن- فأفْطَرَ لِمَرَض -يعْنِي يجِبُ معه الفِطْرُ- أو حَيض، قَضَى، لا غَيرُ. هذا إحْدَى الرِّوايتَين. قدَّمه ابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى [في «شَرْحِه»] (¬1). وعنه، يُخَيَّرُ بينَ أن يسْتَأنِفَ، ولا شيءَ عليه، وبينَ أن يَبْنِيَ على صِيامِه ويُكَفرَ. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الوجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي»، و «الْخِرَقِي». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قوله: وإنْ أفطَرَ لغَيرِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ الاسْتِئْنَافُ -بلا نِزاع. بلا كفَّارَةٍ- وَإن أفطَرَ لسَفَر أو ما يُبِيحُ الْفِطْرَ-[مع القُدْرةِ على الصَّوْمِ] (¬1) - فعلى وَجْهَين. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الزَّرْكَشيِّ»؛ أحدُهما، لا ينْقَطِعُ التَّتابُعُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. صحَّحه. في «التَّصْحيحِ». وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. والثَّاني، ينْقَطِعُ التَّتابُعُ بذلك. قال ابنُ مُنَجَّى: ويجئُ على قولِ الْخِرَقِيِّ: يُخَيَّرُ بينَ الاسْتِئْنافِ، وبينَ ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البناءِ والقَضاء والكفَّارَةِ. كما تقدَّم. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ [الْخِرَقِي، و] (¬1) أكثرِ (¬2) الأَصحابِ؛ لعدَمِ تَفْريقِهم في ذلك. قال الزَّرْكَشِيُّ: ولَنا وَجْه ثالث، يُفرَّقُ بينَ المرَضِ والسَّفَرِ، ففي المَرَضِ يُخَيَّرُ، وفي السَّفَرِ يَتَعَيَّنُ الاسْتِئْنافُ. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: دخَلَ في قوْلِه: ما يُبِيحُ الفِطْرَ. المرَضُ [أيضًا، لكِنَّ مُرادَه بالمرَضِ هُنا المرَضُ غيرُ المَخُوفِ، ومُرادُه بالمَرَضِ في المَسْألةِ الأولَى المَرَضُ] (¬1) المَخُوفُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ نَذَرَ صِيَامًا، فَعَجَزَ عَنْهُ لِكِبَر، أوْ مَرَض لَا يُرْجَى بُرْؤهُ، أطعَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُوجِبُ للفِطْرِ. ذكَرَه ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». قوله: وإنْ نَذَرَ صِيامًا، فعَجَزَ عنه لكِبَر أو مَرَض لا يُرْجَى بُرْؤه، أطْعَمَ عنه

عَنْهُ لكُلِّ يَوْم مِسْكِينًا. وَيَحْتَمِلُ أن يُكَفِّرَ ولَا شَيْءَ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لكل يَوْم مِسْكِينًا. يعْنِي، يُطْعِمُ ولا يُكَفِّرُ. وهذا إحْدَى الرِّواياتِ. ويَحْتَمِلُ أن يُكَفِّرَ ولا شيءَ عليه. وذكَرَه ابنُ عَقِيل رِوايةً كغيرِ الصَّوْمِ. قال في «الحاوي»: وهو أصحُّ عندِي. ومال إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». وعنه، أنَّه يُطْعِمُ لكُل يَوْم مسْكِينًا ويُكَفرُ كفَّارَةَ يمين. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال القاضي: وهو أصحُّ. قال في «المُحَرَّرِ»: والمَنْصوصُ عنه وُجوبُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُجْزِئُ عن كلِّه فقير واحدٌ. ويتَخَرَّجُ أن لا يلْزَمَه كفَّارَة. وفي «النَّوادِرِ» احْتِمال، يُصامُ عنه. وسَبَقَ في فِعْلِ الوَلِيِّ عنه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ». فائدتان: إحْداهما، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو نذَرَه (¬1) في حالِ عَجْزِه عنه. قاله الأصحابُ. وقيل: لا يصِحُّ نذْرُه. نقَل أبو طالِبٍ، ما كانَ نذْرَ معْصِيَةٍ أو لا يقْدِرُ عليه، ففيه كفَّارَةُ يمين. وتقدَّمَتْ رِوايةُ الشَّالنْجِيِّ. قال في «الفُروع»: ومُرادُهم غيرُ الحَجِّ عنه. قال: والمُرادُ، ولا يُطِيقُه ولا شيئًا منه، وإلَّا أتى بما يُطِيقُه منه وكفَّر للباقِي. قال: وكذا أطْلَقَ شَيخُنا. يعْنِي به الشَّيخَ تقِيَّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، فقال: القادِرُ (¬2) على فِعْلِ المَنْذُورِ يَلْزَمُه، وإلَّا فله أن يُكَفِّرَ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل: «نذر». (¬2) في الأصل: «القاضي».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فأمَّا إنْ نذَرَ مَن لا يجِدُ زادًا وراحِلَةً الحَجَّ؛ فإن وجدَهما بعدَ ذلك، لَزِمَه بالنَّذْرِ السَّابقِ، وإلَّا لم يَلْزَمْه، كالحَجِّ الواجِبِ بأصْلِ الشَّرْعِ. ذكَرَه القاضي في «الخِلافِ» في فِعْلِ الوَلِي عنه. وقال في «عُيونِ المَسائلِ» في ضَمانِ المَجْهولِ: أكثرُ ما فيه أن يظْهَرَ مِن الدَّينِ ما يَعْجزُ عن أدائِه، وذلك لا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمانِ، كما لو نذَرَ ألفَ حَجَّةٍ والصَّدَقةَ بمِائَةِ أَلْفِ دِينارٍ ولا يَمْلِكُ قِيراطًا، فإنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يصِحُّ؛ لأنَّه وَرطَ نفْسَه في ذلك برِضاه. انتهى. وقيل: لا ينْعَقِدُ نَذْرُ العاجِزِ. الثَّانيةُ، لو نذَرَ غيرَ الصِّيامِ؛ كالصّلاةِ ونحوها، وعَجَزَ عنه، فليسَ عليه إلَّا (¬1) الكفَّارَةُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيتِ اللهِ الحَرَامِ، أو مَوْضِع مِنَ الْحَرَمِ، لَمْ يُجْزِئْهُ إلا أن يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أو غَيرِهِ، فَعَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِين. وَعَنْهُ، عَلَيهِ دَمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيتِ الله تعالى أو مَوْضِع مِن الْحَرَمِ -أو مكَّةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَ- لم يُجْزِئْه إلَّا أن يمشِيَ في حَجٍّ أو عُمْرَةٍ لأنَّه مَشْى إلى عِبادَةٍ، والمَشْيُ إلى العِبادَةِ أفْضَلُ. ومُرادُه ومُرادُ غيرِه، يَلْزَمُه المَشْيُ ما لم يَنْو إتْيانَه، لا حَقِيقَةَ المَشْي. صرَّح به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. فائدة: حيثُ لَزِمَه المَشْيُ أو غيرُه، فيَكونُ ابْتِداؤه مِن مَكانِه، إلّا أن يَنْويَ مَوْضِعًا بعَينِه. نصّ عليه. وقطَع به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْح»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وذكَرَه القاضي إجْماعًا، مُحْتَجًّا به وبما لو نَذرَه مِن مَحَلِّه لم يَجُزْ مِن مِيقَاتِه؛ على قَضاءِ الحَجِّ الفاسِدِ مِن الأبعَدِ مِن إحْرامِه أو مِيقاتِه. وقيل هنا: أو (¬1) مِن إحْرامِه إلى أمْنِه فَسادَه بوَطْئِه. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا رَمَى الجَمْرَةَ فقد فَرَغَ. وقال أيضًا: يرْكَبُ في الحَج إذا رَمَى، وفي العُمْرَةِ إذا سَعَى. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا يرْكَبُ حتَّى يأتِيَ بالتَّحْلِيلَين على الأصحِّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مفْهومُ قولِه: أو مَوْضِع مِن الحَرَمِ. لو نذَرَ المَشْيَ إلى غيرِ الحَرَمِ؛ كعَرَفَةَ ومَواقِيتِ الإحْرامِ وغيرِ ذلك، لم يَلْزَمْه ذلك ويكونُ كنَذْرِ المُباحِ، وهو كذلك. قاله المُصَنِّف، والشَّارِحُ. فائدة: لو نذَرَ الإتْيانَ إلى بَيتِ اللهِ غيرَ حاجٍّ ولا مُعْتَمِر، لَغا قوْلُه: غيرَ حاجٍّ ولا مُعْتَمِر. ولَزِمَه إتْيانُه حاجًّا أو مُعْتَمِرًا. ذكَرَه القاضي أبو الحُسَينِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن تَرَكَ الْمَشْيَ لعَجْز أو غَيرِه، فعليه كَفارَةُ يَمِين. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وهو أصحُّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وعنه، عليه دَمٌ. ووُجوبُ كفارَةِ اليمينِ أو الدَّمِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، لا

وَإنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ، فَمَشَى، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كفَّارَةَ عليه. ذكَرَها ابنُ رَزِين. وقال في «المُغْنِي» (¬1): قِياسُ المذهبِ (¬2)، يسْتَأنِفُه ماشِيًا؛ لتَرْكِه صِفَةَ المَنْذُورِ، كتَفْرِيقِه صَوْمًا مُتَتابِعًا. قوله: وإنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فمَشَى، ففيه الرِّوايَتانِ. يعْنِي: المُتَقَدِّمَتان. وهما؛ هل عليه كفَّارَةُ يمين أو دَمٌ (¬3)؟ وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما؛ ¬

(¬1) انظر المغني 13/ 637. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في الأصل: «ندم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّ الرُّكوبَ في نَفْسِه غيرُ طاعَةٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو أفْسَدَ الحَجَّ المَنْذُورَ ماشِيًا، وَجَبَ القَضاءُ ماشِيًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا إنْ فاتَه الحَجُّ، سقَطَ تَوابع الوُقوفِ والمَبِيتُ بمُزْدَلِفَةَ ومِنًى والرَّمْيُ، وتَحَلَّلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعُمْرَةٍ، ويَمْضِي في الحَجِّ الفاسِدِ ماشِيًا حتَّى يُحِل منه. الثَّانيةُ، لو نذَرَ المَشْيَ إلى مَسْجِدِ المَدِينَةِ أو الأقْصَى، لَزِمَه ذلك والصلاةُ فيه. قاله الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّ مُرادَهم لغيرِ (¬1) المَرْأةِ؛ لأفْضَلِيَّةِ بَيتها، وإنْ عيَّنَ مَسْجِدًا غيرَ حَرَم، لَزِمَه عندَ وُصولِه رَكْعَتَان، ذكَرَه في «الواضِحِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قال المُصَنِّف، والشَّارِحُ: لو نذَرَ ¬

(¬1) في الأصل: «غير».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إتْيانَ مَسْجِدٍ سِوَى المَساجِدِ الثَّلاثةِ، لم يَلْزَمْه إتْيانُه، وإنْ نذَرَ الصَّلاةَ فيه، لَزِمَتْه

وَإنْ نَذَرَ رَقَبَةً، فَهِيَ الَّتِي تُجْزِئُهُ عَنِ الْوَاجِبِ، إلَّا أن يَنْويَ رَقَبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةُ دُونَ المَشْي، ففي أيِّ مَوْضِعٍ صلَّى أجْزَأه. قالا: ولا نعلمُ فيه خِلافًا. قوله: فإن نَذَرَ رَقَبَةً، فهي الَّتِي تُجْزِئ عَن الواجِبِ -على ما تقدَّم تَبْيِينُه في كتابِ الظِّهارِ- إلَّا أن ينْويَ رَقَبَةً بعَينها. فيُجْزِئُه ما عيَّنَه، بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو

بِعَينهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ماتَ المَنْذُورُ (¬1) قبلَ أن يُعْتِقَه، لَزِمَه كفارَةُ يمين، ولا يَلْزَمُه عِتْقُ عَبْدٍ. نصَّ على ذلك، وقاله الأصحابُ. ولو أتْلَفَ العَبْدَ المَنْذُورَ عِتْقُه، لَزِمَه كفَّارَةُ يمين. على ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحِ مِن المذهب. قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: [قِيمَتُها تُصْرَفُ في] (¬1) الرِّقابِ. ¬

(¬1) في ط، ا: «يلزمه قيمتها يصرفها إلى».

وَإنْ نَذَرَ الطَّوافَ عَلَى أرْبَع، طَافَ طَوَافَينِ. نَصَّ عَلَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ نَذَرَ الطَّوافَ على أرْبَع، طافَ طَوافَينِ، نصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «النَّظم»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هذا بدَلَّ واجِبٌ. وعنه، يُجْزِئُ طَوافٌ واحدٌ على رِجْلَيه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والقِياسُ أن يَلْزَمَه طَوافٌ واحدٌ على رِجْلَيه، ولا يَلْزَمُه على يدَيه. وفي الكفَّارَةِ على هذه الرِّوايَةِ وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»، و «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: بِناءً على ما تقدَّم. وقالا: قِياسُ المذهبِ، لُزومُ الكفَّارَةِ؛ لإخْلالِه بصِفةِ نَذْرِه وإنْ كان غيرَ مَشْرُوع. فوائد؛ الأولَى، مِثْلُ المَسْألةِ في الحُكْمِ، لو نَذَرَ السَّعْيَ على أرْبَع. ذكَرَه في «المبْهِجِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال في «الفُروعِ»: [وكذا] (¬1) لو نذَرَ طاعَةً على وَجْهٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْهِيٍّ عنه؛ كنَذْرِه صَلاةً عُرْيانًا، أو الحَجّ حافِيًا حاسِرًا، أو نذَرَتِ المرْأةُ الحَج حاسِرَةً وَفاءً بالطاعَةِ. قال في «القَواعِدِ الأصُوليَّةِ»: قِياسُ المذهبِ، الوَفاءُ بالطَّاعَةِ على الوَجْهِ المَشْروعِ، وفي الكفَّارَةِ لتَرْكِه المَنْهِيَّ وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وهما كالوَجْهَين المُتَقَدِّمَين قبلَ ذلك. قال في «الرِّعايةِ»: فإن قال: حافِيًا حاسِرًا. كفَّر ولم يفْعَلِ الصِّفَةَ، وقيل: يَمْشِي منذُ أحْرَمَ. انتهي. الثَّانيةُ، لو نذَرَ الطَّوافَ، فأقَلُّه أسْبوعٌ، ولو نذَرَ صَوْمًا، فأقَلُّه يَوْمٌ، ولو نذَرَ صَلاةً لم يُجْزِئْه أقلُّ مِن رَكْعَتَينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُجْزِئُه رَكْعَة. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ». الثَّالثةُ، قال في «الفُروعِ»: لو نذَرَ الحَجَّ العامَ فلم يَحُجَّ، ثم نذَرَ أخْرَى في العامِ الثَّاني، فيَتَوَجَّهُ أنَّه يصِحُّ، ويَبْدأ بالثَّانِيَةِ لفَوْتِها، ويُكَفِّرُ لتَأخِيرِ الأولَى، وفي المَعْذُورِ الخِلافُ. انتهى. الرابِعَةُ، لا يَلْزَمُ الوفاءُ بالوَعْدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ؛ لأنَّه يَحْرُمُ (¬1) بلا اسْتِثْناءٍ، لقَوْلِه تَعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (¬2). ولأنَّه في مَعْنَى الهِبَةِ قبلَ القَبْض. ذكَرَه ¬

(¬1) في الأصل، ا: «لا يحرم». (¬2) سورة الكهف 23، 24.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفُروعِ». وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله، وَجْهًا، أنَّه يَلْزَمُه. واخْتارَه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه رِوايَةٌ مِن تأجيلِ العارِيَّةِ والصُّلْحِ عن عِوَضِ المُتْلَفِ بمُؤجَّل. ولمَّا قيلَ للإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: بِمَ يُعْرَف الكذَّابُون؟ قال: بخُلْفِ المَواعيدِ. قال في «الفُروعِ»: وهذا مُتَّجِه. وتقدَّم الخُلْفُ بالعَهْدِ في أوَّلِ كتابِ الأيمانِ. الخامسةُ، لم يزَلِ العُلَماءُ يسْتَدِلُّون بهذِه الآيَةِ على الاسْتِثْناءِ. وفي الدَّلالةِ بها غُموضٌ، فلهذا قال القرَافِيُّ في «قَواعِدِه»: اتَّفَقَ العُلَماءُ (¬1) على الاسْتِدْلالِ بقَوْلِه تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، وَوجْهُ الدَّليلِ منه في غايَةِ الإشْكالِ؛ فإن {إلا} ليستْ للتَّعْليقِ، و {أَنْ} المَفْتوحةَ ليستْ للتَّعْليقِ، فما بَقِيَ في الآيَةِ شيءٌ يدُلُّ على التَّعْليقِ [مُطابَقَةً ولا الْتِزامًا] (¬2)، فكيفَ يصِحُّ الاسْتِدْلالُ بشيء لا يدُلُّ على ذلك؟ وطولَ الأيَّامِ يُحاولُون الاسْتِدْلال بهذه الآيَةِ، ولا يكادُ يُتَفَطَّنُ لوَجْهِ الدَّليلِ منها، وليسَ فيها إلَّا الاسْتِثْناءُ و {أَنْ} النَّاصِبَةُ لا الشَّرْطِيَّةُ، ولا يَفْطُنون لهذا الاسْتِثْناء مِن أيِّ شيءٍ هو؟ وما هو المُسْتَثْنَى منه؟ فتأمَّلْه فهو في غايةِ الإشْكالِ، وهو أصْل في اشْتِراطِ المَشِيئَةِ عندَ النُّطْقِ بالأفْعالِ، والجوابُ، أنا نقولُ: هذا اسْتِثْناءٌ مِن الأحْوالِ، والمُسْتَثْنَى حالةٌ مِن الأحْوالِ، وهي مَحْذوفَةٌ قبلَ «أن» النَّاصِبَةِ وعامِلَة فيها؛ أعْنِي الحال عامِلَةً في «أن» النَّاصِبَةِ، وتقْرِيرُه، ولا تقُولَنَّ لشيءٍ: إنِّي فاعِل ذلك غدًا في حالةٍ مِن الأحْوالِ إلا مُعَلِّقًا بأنْ يَشاءَ الله، ثم حُذِفَتْ ¬

(¬1) في ط، ا: «الفقهاء». (¬2) في الأصل: «والالتزام». وفي ط؛ «مطابقة ولا التزام».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «مُعَلقًا» والباءُ مِن «أن» فيَكونُ النَّهْي المُتَقَدِّمُ مع «إلا» المُتَأخرَةِ قد حصَرَتِ القَوْلَ في هذه الحالِ دُونَ سائرِ الأحْوالِ، فتَخْتَص هذه الحالُ (¬1) بالإباحَةِ وغيرُها بالتَّحْريمِ، وتَرْكُ المُحَرَّمِ واجِب، وليسَ شيء هناك يُتْرَكُ به الحَرامُ إلَّا هذه، فتَكونُ واجِبَةً، فهذا مُدْرَكُ الوُجوبِ، وأمَّا مُدْرَكُ التَّعْليقِ فهو قوْلُنا (¬2): مُعَلِّقًا. فإنَّه يدُلُّ على أنَّه تعْليق (¬3) في تلك الحالةِ، كما إذا قال: لا تخْرُجْ إلَّا ضاحِكًا. فإنَّه يفيدُ الأمْرَ بالضَّحِكِ للخُروجِ، وانْتَظَمَ «مُعَلِّقًا» مع «أن» بالباءِ المَحْذُوفَةِ، واتجَهَ الأمْرُ بالتَّعْليقِ على المَشِيئَةِ مِن هذه الصِّيغَةِ عندَ الوَعْدِ بالأفْعالِ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل: «الأحوال». (¬2) في الأصل: «كقولنا». (¬3) في الأصل، ط: «تعلق».

كتاب القضاء

كتاب القضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ القَضاءِ فائدة: القَضاءُ واحِدُ الأقْضِيَةِ. والقَضاءُ يُعَبَّرُ به عن مَعانٍ كثيرةٍ، والأصْلُ فيه

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايةٍ. قَال أحْمَدُ، رَحِمَهُ اللهُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِم، أتذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ! ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَتمُ، والفَراغُ مِن الأمْرِ. ويَجْرِي على هذا جميع ما في القُرْآنِ من لَفْظِ القَضاءِ. والمُرادُ به في الشَّرْعِ الإلْزامُ. وولايةُ القَضاءِ رُتْبَة دِينيَّة ونَصْبَة شَرْعِيَّة. قوله: وهو فَرْضٌ كِفايَةٍ. هذا المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «المُنْتَخَبِ»، و «تَذكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وصحّحه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وعنه، سُنَّة. نصَرَه القاضي وأصحابُه. وقدَّمه ناظِمُ «المُفْرَداتِ» وهو منها. وعنه، لا يُسَنُّ دُخولُه فيه. نقَل عَبْدُ اللهِ، لا يُعْجِبُنِي، هو أسْلَمُ. فائدة: نَصْبُ الإمامَةِ (¬1) فَرْضٌ على الكِفايَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ¬

(¬1) في ا: «الإمام».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. بشُروطِه المُتَقَدِّمَةِ في أوَّلِ بابِ قِتالِ أهْلِ البَغْي. وذكَرَ في «الفُروعِ» رِوايةً، أنَّه ليس فَرْضَ كِفايةٍ. وهو ضعيفٌ جِدًّا، ولم أرَه لغيرِه.

فَيَجِبُ عَلَى الْإمَامِ أنْ يُنَصِّبَ في كُلِّ إقْلِيم قَاضِيًا، وَيَخْتَارَ لِذَلِكَ أَفْضَلَ مَنْ يجِدُ وَأَوْرَعَهُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فيَجِبُ -يعْنِي على القَوْلِ بأنَّه فَرْضُ كِفايَةٍ- على الإِمامِ أنْ يُنَصِّبَ في كُل إقلِيم قاضِيًا. وقال في «الرِّعايةِ»: يَلْزَمُه على الأصحِّ. والظَّاهِرُ أنَّه مَبْنِيٌّ على الوُجوبِ والسُّنِّيَّةِ.

وَيَأْمُرَهُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَإيثارِ طَاعَتِهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتهِ، وَتَحَرِّي الْعَدْلِ، والْاجْتِهَادِ في إِقَامَةِ الْحَقِّ، وَأنْ يَسْتَخْلِفَ في كُلِّ صُقعٍ أصْلَحَ مَن يَقْدِرُ عَلَيهِ لَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَخْتارَ لذلِكَ أفْضَلَ مَن يَجِدُ وأوْرَعَهم. قاله الأصحابُ. وفي «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ البَغْدادِيِّ»، على الإمامِ نَصْبُ مَنْ يُكْتَفَى به. قال في

وَيَجبُ على مَنْ يَصْلُحُ لَهُ، إِذَا طُلِبَ وَلَمْ يُوجَدْ غَيرُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ، الدُّخُولُ فِيهِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَأْثَمُ الْقَاضِي بِالامْتِنَاعِ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيرُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بهِ؛ قَال: لَا يَأْثَمُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ليسَ بِوَاجِبٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ»: يَلْزَمُه أنْ يُوَلِّيَ قاضِيًا مِن أفْضَلِ وأصْلَحِ مَنْ يجدُ عِلْمًا ودِينًا. وعنه، ووَرَعًا ونَزاهَةً وصِيانَةً وأمانَةً. قوله: ويَجِبُ على مَن يَصلُحُ له، إذا طُلِبَ ولم يُوجَدْ غَيرُه مِمَّن يُوثَقُ به، الدُّخُولُ فيه. يعْنِي على القَوْلِ بأنه فَرْضُ كِفايَةٍ. ومُرادُه، إذا لم يَشْغَلْه عمَّا هو أهَمُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منه. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايتَين»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، أنَّه سُئِلَ، هل يأْثَمُ القاضي بالامْتِناعِ إذا لم يُوجَدْ غيرُه ممَّنْ يُوثَقُ به؟ قال: لا يأْثَمُ. وهذا يدُلُّ على أنَّه ليسَ بواجِبٍ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُسَنُّ دُخولُه فيه. نقَل عَبْدُ اللهِ، لا يُعْجِبُنِي، هو أسْلَمُ. وذكَر ما رَواه عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها، مَرْفُوعًا: «لَيَأتِيَنَّ على القاضي العَدْلِ سَاعَةٌ يتَمَنَّى أنَّه لم يَقْضِ بينَ اثْنَين في تَمْرَةٍ» (¬1). قال في «الحاوي» عن الرِّوايةِ الثَّانيةِ: هذه الروايةُ مَحْمُولَة على مَن لا يأْمَنُ على نفْسِه الضَّعْفَ فيه، أو على أنَّ ذلك الزَّمانَ كان الحُكَّامُ يُحْمَلُون فيه (¬2) على ما لا يَحِل (¬3)، ولم يُمْكِنْهم الحُكْمُ بالحَقِّ. انتهى. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ويجِبُ على مَن يصْلُحُ له إذا طُلِبَ. أنَّه لا يجِبُ عليه الطَّلَبُ. وهو صحيح. وهو المذهبُ. قدَّمه في «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُه الطَّلَبُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الشَّارِحِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 75. (¬2) بعده في ا: «القضاة». (¬3) في الأصل: «يحمل».

فَإِنْ وُجِدَ غَيرُهُ، كُرِهَ لَهُ طَلبهُ، بِغَيرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يَحْرُمُ الطَّلَبُ (¬1)؛ لخَوْفِه مَيلًا. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وإنْ وُثِقَ بغيرِه، فيَتَوَجَّهُ أنَّه كالشَّهادَةِ، وظاهرُ كلامِهم مُخْتَلِفٌ. قوله: فإِنْ وُجِدَ غَيرُه، كُرِهَ له طَلبه، بِغَيرِ خِلافٍ في المذهبِ. يعني، فيما ¬

(¬1) في الأصل: «المطلب».

وَإِنْ طُلِبَ، فَالأفْضَلُ أنْ لَا يُجيبَ إِلَيهِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: الأَفْضَلُ الإجَابَةُ إلَيهِ إِذَا أَمِنَ نَفْسَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا اطَّلَعَ عليه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثير منهم. وعنه، لا يُكْرَهُ طَلَبُه لقَصْدِ الحقِّ ودَفْعِ غيرِ المُسْتَحِقِّ. وقيل: يُكْرَهُ مع وُجودِ أصْلَحَ منه، أو غِنَاه عنه، أو شُهْرَتِه. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ». قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وجْهٌ، بل يُسْتَحَبُّ طَلَبُه لقَصْدِ الحقِّ ودَفْعِ غيرِ المُسْتَحِقِّ، وقال (¬1) الماوَرْدِي: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ، يَحْرُمُ بدُونِه. قوله: وإنْ طُلِبَ، فالأَفْضَلُ أنْ لا يُجِيبَ إليه، في ظاهِرِ كلامِ أحْمَدَ. ¬

(¬1) في الأصل: «قاله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْنِي، إذا وُجِدَ غيرُه وطُلِبَ هو. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقال ابنُ حامِدٍ: الأفْضَلُ الإجابَةُ إذا أمِنَ نَفْسَه. ذكَرَه المُصَنِّفُ هنا. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ». وقيل: الأفضَلُ الإجابَةُ إليه مع خُمولِه. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والشَّارِحُ: وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ كان رَجُلًا خامِلًا لا يُرْجَعُ إليه في الأحْكام، فالأوْلَى له التَّوْلِيَةُ ليُرْجَعَ إليه في ذلك، ويقُومَ الحَقُّ به، ويَنتفِعَ به المُسْلِمُون، وإنْ كان مَشْهورًا في النَّاسِ بالعِلْمِ، ويُرْجَعُ إليه في تَعْليمِ العِلْمِ والفَتْوَى، فالأوْلَى (¬1) له الاشْتِغالُ بذلك. انتهيا. فلعَلَّ ابنَ حامِدٍ له قوْلان. وقد حكاهُما في «الفُروعِ» وغيرِه قَوْلَين. وقيل: ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

وَلَا تَثْبُتُ ولَايةُ الْقَضَاءِ إلَّا بِتَوْلِيَةِ الإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ الْمُوَلِّى كَوْنَ الْمُوَلَّى عَلَى صِفَةٍ تَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإجابَةُ أفْضَلُ مع خُمولِه وفَقْرِه. فائدتان؛ إحْداهما، يَحْرُمُ بَذْلُ المالِ في ذلك، ويَحْرُمُ أخْذُه وطَلَبُه وفيه مُباشِرٌ أهْل له. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ تَخْصِيصِهم (¬1) الكَراهَةَ بالطلَبِ، أنَّه لا يُكْرَهُ توْلِيَةُ الحَريصِ، ولا ينْفِي أنَّ غيرَه أوْلَى. قال: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. قلتُ: هذا التَّوْجِيهُ هو الصَّوابُ. الثَّانيةُ، تَصِحُّ ولايةُ المفْضُولِ مع وجُودِ الأَفْضَلِ. على الصَّحيحِ مِن المذهَبِ. وقيل: لا تصِحُّ إلَّا لمَصْلَحَةٍ. قوله: ومِن شَرْطِ صِحَّتِها مَعْرِفَةُ الْمُوَلِّي كَوْنَ المُوَلَّى على صِفَةٍ تصْلُحُ ¬

(¬1) في ط: «كلامهم».

وَتَعْيِينُ مَا يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِيهِ مِنَ الْأعْمَالِ وَالبُلْدَانِ، وَمُشَافَهَتُهُ بِالْولَايةِ أَوْ مُكَاتَبَتُهُ بِهَا، وَإشْهَادُ شَاهِدَينِ على تَوْلِيَتهِ. وَقَال الْقَاضِي: تَثْبُتُ بِالاسْتِفَاضَةِ، إِذَا كَانَ بَلَدُهُ قَرِيبًا تَسْتَفِيضُ فِيهِ أخْبَارُ بَلَدِ الْإِمَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للْقَضَاءِ، وتَعْيِينُ ما يُوَلِّيهِ الحُكْمَ فِيه مِن الأَعْمالِ والْبُلْدانِ، ومُشافَهَتُه بالْولايةِ أو مُكاتَبَتُه بها، واسْتِشْهادُ شاهِدَين على تَوْلِيَته. قدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه يُشْتَرَطُ في ولايته؛ إمَّا المُكاتَبَةُ، وإمَّا المُشافَهَةُ، واسْتِشْهادُ شاهِدَين على ذلك فقطْ. وهذا أحدُ الوَجْهَين. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقال القاضي: تَثْبُتُ بالاسْتِفاضَةِ إذا كان بَلَدُه قرِيبًا فتَسْتَفِيضُ فيه أخْبارُ بَلَدِ الإمامِ. وهذا المذهبُ. قال في «الفروعِ»: والأصحُّ، وتَثْبُت بالاسْتِفاضَةِ. وجزَم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «المُحَرَّرِ»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَب الأدَمِيِّ»، و «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ». وهو عجِيب منه، إلَّا أنْ تكونَ النُّسخَةُ مغْلُوطَةً. وجزَم به المُصَنِّفُ في أوَّلِ كتابِ الشَّهاداتِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، حَدَّ الأصحابُ البَلَدَ القرِيبَ بخَمْسَةِ أيَّامٍ فما دُونَ. وأطْلَقَ الأدَمِيُّ الاسْتِفاضَةَ، وظاهِرُه مع البُعْدِ. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، والعَمَلُ عليه في الغالبِ، وهو قولُ أصحابِ أبي حَنِيفَةَ. الثَّاني، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه لا تصِحُّ الولايَةُ بمُجَرَّدِ الكِتابَةِ إليه بذلك (¬1) مِن غيرِ إشْهادٍ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقال في «الفُروعِ»: وتَتَوَجَّهُ صِحَّتُها بِناءً على صِحَّةِ الإقْرارِ بالخَطِّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي في «التَّعْليقِ». ذكَرَه في بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايته. ¬

(¬1) في الأصل: «من ذلك».

وَهَلْ تُشْتَرَطُ عَدَالةُ الْمُوَلِّي؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل تُشْتَرَطُ عَدالةُ المُوَلِّي؟ -بكَسْرِ اللَّامِ، اسْمُ فاعِلٍ- على رِوايَتَينِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، في نائبِ الإمامِ. قال في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي» بعدَ أنْ أطْلَقُوا الخِلافَ: وقيل: الرِّوايَتَان في نائبِ الإمامِ دُونَه. إحْداهما، لا تُشْتَرَطُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهما. وَقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وهو ظاهرُ ما جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ» في الإمامِ. وصححه في «النَّظْمِ» وغيرِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ (¬1)، تُشْترَطُ. وعنه، تُشْترَطُ العَدالةُ في سِوَى الإمامِ. وتقدَّم كلامُه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي». ثم قال في «الرِّعايةِ»: إنْ قُلْنا: الحاكِمُ نائِبُ الشَّرْعِ. صَحَّتْ منهما، وإلَّا فلا. قلتُ: في الإمامِ وَجْهان، هل تَصَرُّفُه بطَريقِ الوَكالةِ أو الولايَةِ؟ اخْتارَ القاضي الأوَّلَ. وقال في «الوَجيزِ»: وإذا كان المُوَلِّي نائِبَ الإمامِ، لم تُشْتَرَطْ عَدَالتُه. ¬

(¬1) بعده في الأصل، ا: «لا».

وَأَلفَاظُ التَّوْلِيَةِ الصَّرِيحَةِ سَبْعَةٌ: وَلَّيتُكَ الْحُكْمَ، وَقَلَّدْتُكَ، وَاسْتَنَبْتُكَ، وَاسْتَخْلَفْتُكَ، وَرَدَدْتُ إِلَيكَ، وَفَوَّضْتُ إِلَيكَ، وَجَعَلْتُ لَكَ الْحُكْمَ. فَإِذَا وُجِدَ لَفْظٌ مِنْهَا وَالْقَبُولُ مِنَ الْمُوَلَّى، انْعَقَدَتِ الْولَايةُ. وَالْكِنَايةُ نَحْوُ: اعْتَمَدْتُ عَلَيكَ، وَعَوَّلْتُ عَلَيكَ، وَوَكَّلْتُ إِلَيكَ، وَأسْنَدْتُ إِلَيكَ الْحُكْمَ. فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وأَلفَاظُ التوْلِيَةِ الصَّرِيحَةِ سَبْعَة: وَليتُكَ الْحُكْمَ، وقَلَّدْتُكَ، واسْتَنَبْتُكَ، واسْتَخْلَفْتُكَ، ورَدَدْتُ إليكَ، وفوضْتُ إليكَ، وجَعَلْتُ إليكَ الحُكْمَ. زاد في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، واسْتَكْفَيتُكَ. وذكَرَها في «الخُلاصةِ»، ولم يذْكُرِ، اسْتَنَبْتُكَ. وقيل: ردَدْتُه و (¬1) فوضْتُه وجعَلْتُه إليكَ كِناية. قوله: فإذا وُجِدَ لَفْظٌ منها والْقَبُولُ مِن المُوَلَّى، انْعَقَدَتِ الْولايَةُ. وكذا قال في ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ا.

حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهَا قَرِينَةٌ، نَحْوُ: فَاحْكُمْ، أو فَتَوَلَّ مَا عَوَّلْتُ عَلَيكَ فِيهِ. وَمَا أَشْبَهَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ». وقال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»: فإذا وُجِدَ أحدُ هذه الأَلْفاظِ وجَوابُها مِن المُوَلَّى بالقَبُولِ، انْعَقَدَتِ الولايةُ. وهو قريبٌ مِن الأوَّلِ. وفي «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم، فإذا وُجِدَ لَفْظٌ منها، وقَبُولُ المُوَلَّى في المَجْلِسِ إن كان حاضِرًا، أو فيما بعدَه إنْ كانَ غائبًا، انْعَقَدَتِ الولايةُ. وفي «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، فإذا أَتَى بواحِدٍ منها واتَّصَلَ القَبُولُ، انْعَقَدَتِ الولايةُ. زادَ في «الشرْحِ»، كالبَيعِ والنِّكاحِ وغيرِ ذلك. وفي «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، تُشْتَرَطُ فَوْرِيَّةُ القَبُولِ مع الحُضورِ. وفي «المُنَوِّرِ»، وفَوْرِيَّةُ القَبُولِ. هذه عِباراتُهم. فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُ صاحبِ «الهِدايةِ»، ومَن تابعَه، ما قاله صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، ومَن تابعَه، أنَّه يُشْتَرَطُ للحاضِرِ القَبُولُ في المَجْلِسِ. وأنَّ مُرادَه -في «الكافِي»، و «الشرْحِ» - بالاتصالِ المَجْلِسُ، بدَليلِ قوْلِه: كالبَيعِ والنِّكاحِ. وأمَّا «المُنْتَخَبِ»، و «المُنَورِ» فمُخالِفٌ لهم، وكلامُه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ» يَقْرُبُ مِن ذلك. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ كلامُ صاحبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، ومَن تابعَه على ظاهِرِه، وأنَّه لا يُشْتَرَطُ للقَبُولِ المَجْلِسُ، ولم نَرَه صَرِيحًا، فيَكونُ في المَسْأَلَةِ وَجْهان، وكلامُه في «المُنْتَخَبِ»، و «المُنَوِّرِ» وَجْهٌ ثالثٌ، وقد قال كثير مِن الأصحابِ: هلِ القُضاةُ نُوَّابُ الإمامِ أو نُوَّابُ المُسْلِمِين؟ فيه وَجْهان. وقد قال القاضي: عَزْلُ القاضي نفْسَه يتَخَرجُ على رِوايتَين؛ بِناءً (¬1) على أنَّه، هل هو وَكِيل للمُسْلِمِين أمْ لا؟ فيه رِوايَتان. وقال كثيرٌ مِن الأصحابِ: هل ينْعَزِلُ قبلَ عِلْمِه بالعَزْلِ؟ على وَجْهَين؛ بِناءً على الوَكيلِ. وقد قال الأصحابُ: لا يُشْتَرَطُ للوَكِيلِ القَبُولُ في المَجْلِسِ. واللهُ أعلمُ. تنبيه: قولُه: والْقَبُولُ مِن الْمُوَلَّى. إنْ قَبِلَ باللَّفْظِ، فلا نِزاعَ في انْعِقادِ ما، وإنْ قَبِلَ بالشُّروعِ في العَمَلِ إنْ كانَ غائبًا، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، انْعِقادُ الولايَةِ بذلك. قال في «الفُروعِ»: والأصح، أو شَرَعَ غائِبٌ في العَمَلِ [انْعَقَدَتْ] (¬2). وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقيل: لا يَنْعَقِدُ بذلك. وقال في «الرِّعايتَين»: قلتُ: وإنْ قُلْنا: هو نائِبُ الشَرْعِ. كَفَى الشُّروعُ في العَمَلِ، وإنْ قُلْنا: هو نائبُ مَن وَلَّاهُ. فلا. وحكَى القاضي في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» في ذلك احْتِمالين وجعَل مأَخْذَهما، هل يَجْرِي الفِعْلُ مَجْرَى النُّطْقِ لدَلالتِه عليه؟ قال في «القاعِدَةِ الخامِسَةِ والخَمْسِينَ»: ويَحْسُنُ بِناؤهما على أنَّ ولايَةَ القَضاءِ عَقْدٌ جائزٌ أو لازِمٌ. قوله: والْكِنايَةُ نَحْوُ، اعْتَمَدْتُ عليكَ، وعَوَّلْتُ عليكَ، ووَكَّلْتُ اليكَ، ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) زيادة من: «الفروع».

فصلٌ: وَإذَا ثَبَتَتِ الْولَايةُ وَكَانَتْ عَامَّةً، اسْتَفَادَ بِهَا النَّظَرَ في عَشَرَةِ أَشْيَاءَ؛ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ، وَاسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيهِ وَدَفْعُهُ إلَى رَبِّهِ، والنَّظَرُ في أَمْوَالِ الْيَتَامَى والْمَجَانِينِ والسُّفَهَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى مَنْ يَرَى الْحَجْرَ عَلَيهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ في عَمَلِهِ، بِإجْرَائِهَا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَتزْويجُ النِّسَاءِ اللَّاتي لَا وَلِيَّ لَهُنَّ، وَإقَامَةُ الْحُدُودِ، وَإقَامَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَسْنَدْتُ إليكَ الْحُكْمَ. فلا ينْعَقِدُ بها حَتَّى يَقْتَرِنَ بها قَرِينَة نَحْوُ، فاحْكُمْ، أو فتَوَلَّ ما عَوَّلْتُ عليكَ، وما أشْبَهَه. وتقدَّم قولٌ) (¬1): إنَّ في: رَدَدْتُه، وفَوضْتُه، وجعَلْتُه إليكَ، كِنايَة. فلابُدَّ أيضًا مِن القَرِينَةِ على هذا القولِ. قوله: وإذا ثَبَتَتِ الْولايةُ وكانَتْ عامَّة، اسْتَفادَ بها النَّظَرَ في عَشَرَةِ أَشْياءَ؛ فَصْلُ الْخُصُوماتِ، واسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ هو عليه ودَفْعُه إلى رَبِّه، والنَظَرُ في أمْوالِ اليَتامَى والمَجانِينِ والسُّفَهاءِ، والْحَجْرُ على مَن يَرَى الْحَجْرَ عليه لِسَفَهٍ أو فَلَس، والنَّظَرُ ¬

(¬1) في الأصل: «قوله».

الْجُمُعَةِ، والنَّظَرُ في مَصَالِحِ عَمَلِهِ، بِكَفِّ الأذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَفْنِيَتهِمْ، وَتَصَفُّحُ حَالِ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ، والْاسْتِبدَالُ بِمَنْ ثَبَتَ جَرْحُهُ مِنْهُمْ. فَأَمَّا جِبَايةُ الْخَرَاجِ، وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الْوُقُوفِ في عَمَلِه، بإجْرَائِها على شَرْط الْواقِفِ، وتَنْفِيذُ الْوَصايا، وتزْويجُ النِّساءِ الَّلاتِيَ لا وَلِي لَهُنَّ، وإقامَةُ الْحُدُودِ، وإقامَةُ الْجُمُعَةِ. وكذا إقامَةُ العيدِ. وهذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه الأصحابُ. وقَطَعُوا به في الْجُمْلَةِ. وقال النَّاظِمُ: وقَبْضُ خَراجٍ والزَّكاةِ أجِزْ (¬1) وأنْ … يَلِي جُمْعَة والعِيدَ في المُتَجَوِّدِ فظاهِرُه إجْراءُ الخِلافِ في الجُمُعَةِ والعيدِ، ولم أرَه لغيرِه، ولعَلَّ الخِلافَ عائدٌ إلى قَبْضِ الخَراجِ والزَّكاةِ. ¬

(¬1) في ا: «أجرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهان؛ أحدُهما، مَحَلُّ ذلك إذا لم يُخَصَّا بإمامٍ. الثَّاني، قوْلُه: وإقامَةُ الجُمُعَةِ. وتَبِعَه على ذلك ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحِبُ «المَذْهَبِ الأحْمَدِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «المُنَوِّرِ». وقال القاضي: وإمامَةُ الجُمُعَةِ. بالمِيمِ بدَلَ القافِ. وتَبِعَه صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم. وتَقَدَّمَ عِبارَةُ النَّاظِمِ. قال الحارِثِيُّ: قال الشَّيخُ: وإقامَةُ الجُمُعَةِ. بالقَافِ، وعلَّلَ بأنَّ الأئمَّةَ كانُوا يُقِيمُونَها والقاضي يَنُوبُ عنهم (¬1)، والإقامَةُ قد يُرادُ بها ولايةُ الإذْنِ في إقامَتِها، ومُباشَرةُ الإمامَةِ فيها، وقد يُرادُ بها (¬2) نَصْبُ الأئمَّةِ مع عدَمِ ولايةِ أصْلِ الإذْنِ، وقال في «المُغْنِي» إمامَةٌ -بالميمِ- كقَوْلِ أبي الخَطَّابِ وغيرِه، وكذا القاضي، فيَحْتَمِلُ إرادَةَ نَصْبِ الأئمَّةِ، وهذا أظْهَرُ، وفيه جَمْعٌ بينَ العِبارَتَين؛ فإن النَّصْبَ فيهما إقامَةٌ لهما، وعلى هذا نَصْبُ أئمَّةِ المَساجدِ، ويَحْتَمِلُ إرادَةَ فصلِ الإمامَةِ، كما صرَّح به بعْضُ شُيوخِنا في مُصَنَّفِه. قال: وأنَّ يَومَّ في الجُمُعَةِ والعيدِ مع عدَمِ إمامٍ خاصٍّ لهما، إلَّا أنَّ الحَمْلَ على هذا يَلْزَمُ مَنه أنْ لا يكونَ له الإقامَةُ أو (¬3) الإمامَةُ إلَّا في بُقْعَةٍ مِن عَمَلِه لا في جميعِ عَمَلِه؛ إذْ لا يُمْكِنُ منه الفِعْلُ إلا في بُقعَةٍ واحدةٍ منه، وهو خِلافُ الظَّاهِرِ مِن إطْلاقِ أنَّ له فِعْل ذلك في عَمَلِه. انتهى. قلتُ: عِبارَتُه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وأنْ يَؤمَّ في الجُمُعَةِ والعيدِ. كما نَقَلَه الحارِثِيُّ عن ¬

(¬1) في الأصل: «عنها»، وفي ط: «عنه». (¬2) زيادة من: ا. (¬3) في الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعْضِ مَشايخِه. فائدة: مِن جُمْلَةِ ما نسْتَفِيدُه ممَّا (¬1) ذكَرَه المُصَنفُ هنا، النَّظَرُ في عمَلِ مصالحِ عمَلِه، بكَفى الأذَى عن طُرُقاتِ المُسْلِمين وأفْنِيَتهم، وتَصَفحُ حالِ شُهودِه وأُمَنائِه والاسْتِبْدالُ ممَّنْ ثَبَتَ جَرْحُه منهم. ويَنْظُرُ أيضًا في أمْوالِ الغائِبِين. على ما يأْتِي في أواخِرِ بابِ أدبِ القاضي. قوله: فأمَّا جِبايَةُ الخَراجِ وأخْذُ الصَّدَقَةِ، فعلى وَجْهَين. ومحَلُّهما، إذا لم يُخَصَّا بعامِلٍ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الهادِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، يُسْتَفادان بالولايةِ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، كما تقدَّم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وتدَّمه في «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُسْتَفادان بها. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي». وقيل: لا يُسْتَفادُ الخَراجُ فقطْ. تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: اسْتَفادَ بها النَّظَرَ في عَشَرَةِ أشْياءَ. أنَّه لا يسْتَفِيدُ غيرَها. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال في «التَّبصِرَةِ»: ويسْتَفِيدُ أيضًا الاحْتِسابَ على الباعَةِ والمُشْتَرِين، وإلْزامَهم بالشَّرْعِ (¬2). وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ما يسْتَفِيدُه بالولايةِ لا حدَّ له شَرْعًا، بل يُتَلَقَّى مِن الأَلْفاظِ والأحْوالِ والعُرْفِ. ونقَل أبو طالِبٍ، أمِيرُ البَلَدِ إنَّما هو مُسَلَّطٌ على الأدَبِ، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ما». (¬2) في ا: «باتباع الشرع».

وَلَهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَعَ الْحَاجَةِ. فَأمَّا مَعَ عَدَمِهَا، فَعَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وليسَ المَوارِيثُ والوَصايا والفُروجُ والحُدودُ، والرَّجْمُ (¬1)، إنَّما يكونُ هذا إلى القاضي. قوله: وله طَلَبُ الرِّزْقِ لنَفْسِه وأُمَنائِه وَخُلفائِه مع الْحاجَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ¬

(¬1) سقط من: ط، ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «الحاوي». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يجوزُ مع الحاجَةِ بقَدْرِ عَمَلِه. قوله: فأمَّا مع عَدَمِها، فعلى وجْهَين. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «الكافِي»، و «المُحَررِ»؛ أحدُهما، له ذلك وأخْذُه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغير. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروع»: واخْتارَ جماعَةٌ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبدُونِ حاجَةٍ. والوَجْهُ الثَّاني، ليسَ له ذلك، ولا أخْذُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: له الأخْذُ إنْ لم يَتَعَيَّنْ عليه. وعنه، لا يأْخُذُ أُجْرَةً على أعْمالِ البِرِّ. فائدتان؛ إحْداهما، إذا لم يَكُنْ له ما يكْفِيه، ففي جَوازِ أخْذه مِن الخَصْمَينِ وَجْهان. وأطلَقَهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يجوزُ. قال في «الكافِي»: وإذا قُلْنا بجَوازِ أخْذِ الرِّزْقِ، فلم يُجْعَلْ له شيءٌ، فقال: لا أقْضِي بينَكما إلَّا بجُعْلٍ. جازَ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: فإنْ لم يكُنْ للقاضي رِزْقٌ، فقال للخَصْمَين (¬1): لا أقْضِي بينَكما حتى تجْعَلا لي عليه جُعْلًا. جازَ، ويَحْتَمِلُ أنَّ لا يجوزَ. انتهيا. والوَجْهُ الثَّاني، لا يجوزُ. اخْتارَه في «الرِّعايتَين»، و «النَّظْمِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. ويأْتِي حُكْمُ الهَدِيَّةِ في البابِ الذي يَليه. الثَّانيةُ، لو تعَيَّنَ عليه أنْ يُفْتِيَ وله كِفايَةٌ، فهل يجوزُ له الأخْذُ؛ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «آدابِ المُفْتِي»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «أُصُولِ ابنِ مُفلِحٍ»، و «فُروعِه». واخْتارَ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «إعْلامِ المُوَقعِين» عدَمَ الجوازِ. ومَن أخَذ رِزْقًا مِن بَيتِ المالِ (¬2)، لم يَأْخُذْ أُجْرَةً لفُتْياه. وفي أُجْرَةِ خَطِّه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يجوزُ. قدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ في «أُصُولِه». واخْتارَه الشيخُ ابنُ القيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في «إعْلام المُوَقِّعِينَ». والثَّاني، يجوزُ (¬3). ونقَل المَرُّوذيُّ في من يُسْألُ عن العِلْمِ، فرُبَّما أُهْدِي له؟ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في ا: «لا يجوز».

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ الْعَمَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا في أَحَدِهمَا أو فِيهِمَا، فيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ، فَيَنْفُذَ قَضَاؤهُ في أَهْلِهِ وَمَنْ طَرأَ إِلَيهِ، أَوْ يَجْعَلَ إليهِ الْحُكْمَ في الْمُدَايَنَاتِ خَاصَّةً، أَوْ فِي قَدْرٍ مِنَ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ، أَوْ يُفَوِّضَ إِلَيهِ عُقُودَ الأَنْكِحَةِ دُونَ غَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: لا يَقْبَلُ، إلَّا أنْ يُكافَأَ. ويأْتِي أيضًا حُكْمُ هَدِيةِ المُفْتِي عندَ ذِكْرِ هَدِيَّةِ القاضي. قوله: ويَجُوزُ أنْ يُوَليِّهَ عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ العَمَلِ، ويَجُوزُ أنْ يُوَلِّيَه خاصًّا في أَحَدِهما أو فيهما، فيُوَلِّيَه عُمُومَ النظَرِ في بَلَدٍ أو مَحَلَّةٍ خاصَّةٍ. بلا نِزاعٍ. قوله: فَيَنْفُذَ قَضاؤه في أهْلِه ومَن طَرَأ إليه. بلا نِزاع أيضًا. لكِنْ لا يسْمَعُ بَينة في غيرِ عَمَلِه، وهو محَلُّ حُكْمِه، وتجِبُ إعادَةُ الشهادَةِ. ذكَرَه القاضي، وأبو

وَيَجُوزُ أنْ يَوَلِّيَ قَاضِيَينِ أَوْ أَكْثَرَ في بَلَدٍ وَاحِدٍ؛ يَجْعَلُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَمَلًا، فَيَجْعَلُ إلَى أحَدِهِمَا الْحُكْمَ بَينَ النَّاسِ، لَيالى الْآخَرِ عُقُودَ الْأنْكِحَةِ دُونَ غَيرِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، وغيرُهما كتَعْدِيلِها (¬1). قاله في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ»: يَحْتَمِلُ وَجْهَين. ويأْتِي في آخرِ البابِ الذي لَلِيه، إخبْارُ الحاكمِ لحاكِم آخَرَ بحُكْم أو ثُبوتٍ في عَمَلِهما أو في غيرِه. قوله: ويَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ قاضِيَين أو أكثر في بَلَدٍ واحِدٍ، يَجْعَلُ إلى كُلِّ واحِدٍ -مِنْهُما- عَمَلًا، فيَجْعَلُ إلى أَحَدِهما الحكْمَ بَينَ النَّاسِ، وإلى الآخَرِ عُقُودَ الأنْكِحَةِ دُوْنَ غَيرِها. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقيل: إنِ اتَّحَدَ الزَّمَنُ أو المَحَلُّ، لم يَجُزْ توْلِيَةُ قاضِيَين فأكثرَ، وإلَّا جازَ. ¬

(¬1) في ا: «لتعديلها».

فَإِنْ جَعَلَ إِلَيهِمَا عَمَلًا وَاحِدًا، جَازَ. وَعِنْدَ أَبِي الْخطَّابِ لَا يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإن جعَلَ إليهما عَمَلًا واحِدًا، جازَ. هذا المذهبُ. صحَّحه المصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»: والأقْوَى عندِي، أنَّه لا يجوزُ. وصحَّحه في «الخُلاصَةِ». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ». وقيل: إنِ اتَّحَدَ عمَلُهما، أو الزَّمَنُ، أو المَحَلُّ، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ. وأطْلَقهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى». فوائد؛ الأولَى، حيثُ جوَّزْنا جعْلَ قاضِيَين فأكثرَ في عمَلٍ واحدٍ، لو تَنازَع الخَصْمان في الحُكْمِ عندَ أحَدِهم، قُدِّمَ قولُ صاحبِ الحقِّ؛ وهو الطَّالِبُ، ولو طَلَبَ حُكْمَ النَّائبِ، أُجِيبَ؛ فلو كانَا مُدَّعِيَين اخْتلَفا في ثَمَن مَبِيع باقٍ، اعْتُبِرَ أقْرَبُ الحَكَمَين ثم القُرْعَةُ. وقيل: يُعْتَبَرُ اتِّفاقُهما. وقال في «الرِّعايةِ»: يُقَدَّمُ منهما مَن طَلَبَ حُكْمَ المُسْتَنِيبِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ تَنازَعا، أُقْرِعَ. قال في «القاعِدَةِ الأخِيرَةِ»: لو اخْتَلَفَ خَصْمانِ في مَن يحْتَكِمان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه، قُامَ المُدَّعِي، فإنْ تَساويا في الدَّعْوَى، اعْتُبِرَ أقْرَبُ الحاكِمَين (¬1) إليهما، فإنِ اسْتَويا، أُقْرِعَ بينَهما. وقيل: يُمْنَعان مِن التَّخاصُمِ حتى يتَّفِقا على أحَدِهما. قال القاضي: والأوَّلُ أشْبَهُ بقَوْلِنا. الثَّانيةُ، قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ويجوزُ لكُل ذِي مَذهَبٍ أنْ يُوَلِّيَ مِن غيرِ مذهَبِه. ذكَرَه في مَكانَين مِن هذا البابِ. وقال: فإنْ نَهاه عن الحُكْمِ في مَسْألَةٍ، احْتَمَلَ وَجْهَين. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ الجوازُ. وقال ذلك في «الرِّعايةِ ¬

(¬1) في الأصل: «الحالين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّغْرى» أيضًا، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال النَّاظِمُ: وتَوْليَةَ المَرْءِ المُخالفِ مذْهَبَ الـ … ـمُوَلِّي أجِزْ مِن غيرِ شَرْطٍ مُقَيِّدِ وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: ومتى اسْتَنابَ الحاكِمُ مِن غيرِ أهْلِ مذْهَبِه؛ إنْ كان لكَوْنِه أرْجَحَ، فقد أحْسَنَ مع صِحَّةِ ذلك، وإلَّا لم يصِحَّ. قال في «الفُروعِ»، في بابِ الوَكالةِ: ويتَوَجَّهُ جَوازُها إذا جازَ له الحُكْمُ ولم يَمْنَعْ منه مانِعٌ، وذلك مَبْنِيٌّ على جَوازِ تقْلِيدِ غيرِ إمامِه، وإلَّا انْبَنَى على أنَّه، هل يسْتَنِيبُ فيما لا يَمْلِكُه، كتَوْكِيلِ مُسْلِم ذِمِّيًّا في شراءِ خَمْر ونحوه؟ انتهى. وقال القاضي جمالُ الدِّينِ المَرْدَاويُّ، صاحِبُ «الانْتِصارِ»، في الحديثِ في الرَّدِّ على مَن جوَّزَ المُناقَلَةَ: لا يجوزُ أنْ يسْتَنِيبَ مِن غيرِ أهلِ مذْهَبِه. قال: ولم يَقُلْ بجَوازِ ذلك مِن الأصحابِ إلَّا ابنُ حَمْدانَ في «رِعايَتِه». انتهى. الثَّالِثَةُ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا يجوزُ أنْ يُقَلِّدَ القَضاءَ لواحدٍ على أنْ يحْكُمَ بمَذهَب بعَينه. قالا: وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَه اللهُ، ولا نعلمُ فيه خِلافًا. وقال الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: مَن أوْجَبَ تقْلِيدَ إمامٍ بعَينه

وَإِنْ مَاتَ الْمُوَلِّي، أَوْ عُزِلَ الْمُوَلَّى مَعَ صَلَاحِيَتهِ، لَمْ تَبْطُلْ ولَايتُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَبْطُلُ في الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسْتُتِيبَ، فإنْ تابَ، وإلا قُتِلَ. قال: وإنْ قال: يَنْبَغِي. كان جاهِلًا ضالًّا. قال: ومَنْ كان مُتَّبِعًا لإمام، فخالفَه في بعْضِ المَسائلِ لقُوَّةِ الدَّليلِ، أو لكَوْنِ أحدِهما أعْلَمَ أو أتْقَى، فقد أحْسَنَ، ولم يُقْدَحْ في عدالتِه، بلا نِزاع. قال: وهذه الحالُ تجوزُ عندَ أئمَّةِ الإسْلام. وقال أيضًا: بل تجِبُ، وإن الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللةُ، نصَّ عليه. انتهى. ويأْتِي قريبًا في أحْكامِ المُفْتِي والمُسْتَفْتِي. قوله: فإنْ ماتَ المُوَلى -بكَسْرِ اللامِ- أو عُزِلَ المُوَلَّى -بفَتْحِها- مع صَلاحِيَته، لم تَبْطُلْ ولايتُه في أَحَدِ الْوَجْهَين. إذا ماتَ المُوَلى -بكَسْرِ اللامِ-

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهل ينْعَزِلُ المُوَلَّى؟ فيه وَجْهان. أطْلَقهما المُصَنِّفُ هنا، وأطْلَقهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»؛ أحدُهما، لا ينْعَزِلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّرْغيبِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرِّرِ»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: والأولَى، إنْ شاءَ اللهُ تعالى، أنَّه لا ينْعَزِلُ، قوْلًا واحدًا. انتهى. قال الزَّرْكَشِيُّ في بابِ نِكاحِ أهْلِ الشِّرْكِ، في مَسْألَةِ نِكاحِ المُحْرِمِ: المَشْهورُ لا ينْعَزِلُ بمَوْتِه. والوَجْهُ الثَّاني، ينْعَزِلُ، كما لو كان المَيِّتُ أو العازِلُ قاضِيًا. وقال في «الرِّعايةِ»: إنْ قُلْنا: الحاكِمُ نائِبُ الشَّرْعِ. لم ينْعَزِلْ، وإنْ قُلْنا: هو نائِبُ مَن وَلَّاه. انْعَزَلَ. وأمَّا إذا عزَلَ الإِمامُ أو نائِبُه القاضِي المُوَلَّى مع صلاحِيَته، فهل ينْعَزِلُ وتَبْطُلُ ولايَتُه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، لا تَبْطُلُ ولايتُه ولا ينْعَزِلُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. جزَم به الأدَمِيُّ في «مُنْتَخَبِه». وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ». واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. والوَجْهُ الثَّاني، تَبْطُلُ ولايتُه وينْعَزِلُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ». وإليه مَيلُ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ ما جزَم. به في «المُنَوِّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «الفُروع»: واخْتارَه جماعة. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1): كالوَلِيِّ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: كعَقْدِ وَصِيٍّ وناظِر عَقْدًا جائزًا؛ كوَكالةٍ، وشَرِكَةٍ، ومُضارَبَةٍ. انتهى. ومَنْشَأُ الخِلافِ، أنَّ القُضاةَ، هل هم نُوَّابُ الإمامِ أو المُسْلِمين؟ فيه وَجْهان معْروفان، ذكَرَهما في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» وغيرُه؛ أحدُهما، هم نُوَّابُ المُسْلِمين. فعليه، لا ينْعَزِلُون بالعَزْلِ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. والثَّاني، هم نُوَّابُ الإمامِ، فيَنْعَزِلُون بالعَزْلِ. فوائد؛ الأولَى، مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ كل عَقْدٍ لمَصْلَحَةِ المُسْلِمين؛ كوالٍ، ومَن يُنَصَّبُ (¬2) لجِبايَةِ مالٍ وصَرْفِه، وأميرِ الجِهَادِ، ووَكيلِ بَيتِ المالِ، ¬

(¬1) انظر: المغني 14/ 84. (¬2) في ط: «ينصبه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمُحْتَسِبِ. ذكَرَه الشَّيخ تَقِيُّ الذين، رَحِمَه اللهُ. وقال في «الفُروعِ»: وهو ظاهرُ كلامِ غيرِه. وقال أيضًا في الكُلِّ: لا ينْعَزِلُ بانْعِزالِ المُسْتَنِيبِ ومَوْتِه حتى يقُومَ غيرُه مَقامَه. وقال في «الرِّعايةِ»: في نائبِه في الحُكْمِ، وقَيِّمِ الأيتامِ، وناظِرِ الوَقْفِ، ونحوهم أوْجُهٌ؛ ثالِثُها، إنِ اسْتَخْلَفَهم بإذْنِ مَن وَلَّاه، وقيل: وقال: اسْتَخْلِفْ عنكَ. انْعَزَلُوا. انتهى. ولا يَبْطُلُ ما فَرَضَه فارِضٌ في المُسْتَقْبَلِ، وفيه احْتِمالٌ. الثَّانيةُ، لو كانَ المُسْتَنِيبُ قاضِيًا، فزالتْ ولايتُه بمَوْتٍ أو عَزْلٍ أو غيرِه، كما لو اخْتَلَّ فيه بعْضُ شُروطِه، انْعَزَلَ نائِبُه، وإنْ لم ينْعَزِلْ في المسائلِ التي قبلَها. هذا الصَّحيحُ مِن المذهب. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وكلُّ قاضٍ ماتَ أو عَزَلَ نفْسَه -وصحَّ عَزْلُه في الأصحِّ- أو عَزَلَه (¬1) مَن وَلّاه -وصحَّ عَزْلُه- أو انْعزَلَ بفِسْقٍ أو غيره، انْعَزَلَ نائِبُه في شُغْل مُعَيَّن؛ كسَماعِ بَيِّنَةٍ خاصَّةٍ، وبَيعِ ترِكَةِ مَيِّتٍ خاصٍّ (¬2). وقال: وفي خُلَفائِه ونائبِه في الحُكْمِ في كلِّ ناحِيَةٍ وبَلَدٍ وقَرْيَةٍ، وقيمِ الأيتام، وناظِرِ الوُقوفِ، ونحوهم أوْجُهٌ؛ العَزْلُ وعدَمُه، وهو بعيدٌ، والثَّالِثُ، إنِ اسْتَخْلَفَهم بإذْنِ مَن وَلَّاه انْعَزَلُوا، والرَّابعُ، إنْ قال للمُوَلِّي: اسْتَخْلِفْ عنكَ. انْعَزَلُوا (¬3)، وإنْ قال: اسْتَخْلِفْ عنِّي. فلا، كما تقدَّم. انتهى. وحكَى ابنُ عَقِيلٍ عن الأصحابِ، ينْعَزِلُ نُوَّابُ القاضي؛ لأنَّهم نُوَّابُه، ولا ينْعَزِلُ القُضاةُ؛ لأنَّهم ¬

(¬1) في ط، ا: «عزل». (¬2) في ا: «خاصة». (¬3) سقط من: الأصل.

وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ؟ عَلَى وَجْهَينِ، بِنَاءً عَلَى الْوَكِيلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نُوَّابُ المُسْلِمين. وفي «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: لا ينْعَزِلُ نُوَّابُ القُضاةِ. واخْتارَه في «التَّرْغيبِ». وجزَم في «التَّرْغيبِ» أيضًا، أنَّه ينْعَزِلُ نائِبُه في أمْرٍ مُعَيَّن؛ مِن سَماعِ شَهادَةٍ مُعَيَّنَةَ، وإحْضارِ مُسْتَعْدًى عليه. وقاله في «الرِّعايةِ». فعلى هذا الوَجْهِ؛ لو عزَلَه في حَياتِه، لم ينْعَزِلْ. قاله في «الفُروعِ». الثَّالثةُ، له عَزْلُ نفْسِه في أصحِّ الوَجْهَين. قاله في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وقدَّمه في [«الرِّعايةِ الصُّغْرى». وقال في] (¬1) «الرِّعايةِ الكُبْرى»، مِن عنْدِه: ومَن لَزِمَه قَبُولُ توْليَةِ القَضاءِ، ليسَ له عزْلُ نفْسِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال في «الرِّعايةِ» أيضًا: له عزْلُ نائبِه بأفْضَلَ منه. وقيل: بمِثْلِه. وقيل: بدُونِه لمَصْلَحَةِ الدِّينِ. وقال القاضي: عزْلُ نفسِه يتَخَرَّجُ على رِوايتَين؛ بِناءً على أنَّه، هل هو وَكِيلٌ للمُسْلِمين أمْ لا؛ فيه رِوايَتان. نصَّ عليهما في خَطَأَ الإمامِ. فإنْ قيل: في بَيتِ المالِ. فهو وَكيل، فله عَزْلُ نفْسِه، وإنْ قُلْنا: على عاقِلَتِه. فلا. وذكَر القاضي، هل لمَن وَلَّاه عزْلُه؛ فيه الخِلافُ السَّالِفُ. وقال في «الفُروعِ» في بابِ العاقِلَةِ: وخطَأُ إمام وحاكِم في حُكْم في بَيتِ المالِ، وعليها، للإمامِ عزْلُ نفْسِه. ذكَرَه القاضي وغيرُه. انتهى. وتقدَّم في أوَّلِ بابِ قِتالِ أهْلِ البَغْي الخِلافُ في تصَرُّفِ الإمامِ على النَّاسِ، هل هو بطَرِيقِ الوَكالةِ أو الولايةِ؟ فَلْيُعاوَدْ. قوله: وهل يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِه بالْعَزْلِ؟ على وَجْهَين، بِناءً على الْوَكِيلِ. وبِناءُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافِ هنا على رِوايَتَيْ عَزْلِ الوَكيلِ قبلَ عِلْمِه بانْعِزالِه. قاله القاضي. وقاله (¬1) ¬

(¬1) في ط: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. فيَكونُ المُرَجَّحُ [على قولِ] (¬1) هؤلاءِ عَزْلَه، على ما تقدَّم في بابِ الوَكالةِ. وذكَرَهما مِن غيرِ بناءٍ في «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطْلَقَ الخِلافَ في «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرَ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، ينْعَزِلُ قبلَ عِلْمِه. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وهو المذهبُ على المُصْطَلَحِ في الخُطْبَةِ. والوَجْهُ الثَّاني، لا ينْعَزِلُ قبلَ عِلْمِه. صحَّحه في «الرِّعايةِ»، وهو الصوابُ الذي لا يسَعُ الناسَ غيرُه. وقال في «التَّلْخيصِ»: لا ينْعَزِلُ قبلَ العِلْمِ بغيرِ خِلافٍ وإنِ انْعَزَلَ الوَكِيلُ. ورَجَّحَه الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: هو المَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال: لأنَّ في ولايَته حقًّا للهِ تعالى، وإنْ قيلَ: إنَّه وَكيل، فهو شَبِيهٌ بنَسْخِ الأحْكامِ، لا تثْبُتُ قبلَ بلُوغِ النَّاسِخِ، على الصَّحيحِ، ¬

(¬1) في الأصل: «عند».

وَإذَا قَال الْمُوَلِّي: مَنْ نَظَرَ في الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَهُوَ خَلِيفَتِي، أَوْ: قَدْ وَلَّيتُهُ. لَمْ تَنْعَقِدِ الْولَايةُ لِمَنْ يَنْظُرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بخِلافِ الوَكالةِ المَحْضَةِ، وأيضًا فإنَّ ولايةَ القاضي العُقودُ والفُسوخُ، فتَعْظُمُ البَلْوَى بإبْطالِها قبلَ العِلْمِ، بخِلافِ الوَكالةِ. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. قال في «الرِّعايةِ»، بعدَ أنْ أطْلَقَ الوَجْهَين: أصحُّهما بَقاؤُه حتى يعْلَمَ به. فائدة: لو أُخْبِرَ بمَوْتِ قاضي بَلَدٍ، فوَلَّى غيرَه، فَبَانَ حيًّا، لم ينْعَزِلْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: ينْعَزِلُ. قوله: وإذا قال المُوَلِّي: مَن نَظَرَ في الحُكْمِ في الْبَلَدِ الْفُلانِيِّ مِن فُلانٍ وفُلانٍ،

وَإِنْ قَال: وَلَّيتُ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَمَنَ نَظرَ مِنْهُمَا، فَهُوَ خَلِيفَتِي. انْعَقَدَتِ الْولَايةُ. فَصْلٌ: وَيُشْتَرَط في الْقَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ؛ أنْ يَكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو خَلِيفَتِي. أو: قَدْ وَلَّيتُه. لم تَنْعَقِدِ الْولايةُ لِمَن يَنْظُرُ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وذلك لجَهالةِ المُوَلَّى منهما. ذكَرَه القاضي وغيرُه. وعلَّلَه المُصَنِّفُ، وتَبعَه الشَّارِحُ بأنَّه علَّق الولايةَ بشَرْطٍ، ثم ذكَر احْتِمالًا بالجَوازِ؛ للخَبَرِ (¬1): «أمِيرُكُمْ زَيدٌ». قال في «الفُروعِ»: والمَعْروفُ صِحَّةُ الولايَةِ بشَرْطٍ. وهو كما قال، وعليه الأصحابُ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ويصِحُّ تعْليقُ القَضاءِ والإمارَةِ بالشَّرْطِ. وأمَّا إذا وُجِدَ الشرْطُ بعدَ مَوْتِه، فسبَق ذلك في بابِ المُوصَى إليه. تنبيه: قوْلُه: وإنْ قال: وَلَّيتُ فُلانًا وفلانًا، فَمَن نَظَرَ منهما، فهو خَلِيفَتِي. انْعَقَدَتِ الولايَةُ. لأنَّه وَلَّاهما، ثم عيَّن مَنْ سَبَقَ، فَتَعَيَّنَ. قوله: ويُشْتَرَطُ في القاضِي عَشْرُ صِفاتٍ؛ أَنْ يَكُونَ بالِغًا. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم، وقدَّمه في «الفُروعِ». ولم يذْكُرْ ¬

(¬1) في ط: «لخبر».

بَالِغًا، عَاقِلًا، ذَكَرًا، حُرًّا، مُسْلِمًا، عَدْلًا، سَمِيعًا، بَصِيرًا، مُتَكَلِّمًا، مُجْتَهِدًا. وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في كتُبِه «بالِغًا». فظَاهِرُه عدَمُ اشْتِراطِه. قوله: حُرًّا. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به أكثرُهم. وقيل: لا تُشْتَرَطُ الحُرِّيّةُ، فيَجوزُ أنْ يكونَ عَبْدًا. قاله ابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ. وقال أيضًا: يجوزُ بإذْنِ السَّيِّدِ. فائدة: تصِحُّ ولايةُ العَبْدِ إمارةَ السَّرايا، وقَسْمَ الصَّدَقاتِ والفَىْءِ، وإمامَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّلاةِ. ذكَرَه القاضي محَلَّ وفاقٍ. قوله: مُسْلِمًا. هذا المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. وقال في «الانْتِصارِ» في صِحَّةِ إسْلامِه: لا نعْرِفُ فيه رِوايَةَ: فإن سَلِمَ. وقال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «عُيونِ المَسائلِ»: يَحْتَمِلُ المَنْعَ وإنْ سَلِمَ. قوله: عَدْلًا. هذا المذهبُ، ولو كان تائِبًا مِن قَذْفٍ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إن فُسِّقَ بشُبْهَةٍ، فوَجْهان. ويأْتي بَيانُ العَدالةِ في بابِ شُروطِ مَن تُقْبَلُ شهادَتُه. وقد قال الزَّرْكَشِيُّ: العَدالةُ المُشْتَرَطَةُ هنا؛ هل هي العَدالةُ ظاهِرًا وباطِنًا، كما في الحُدودِ، أو ظاهِرًا فقطْ، كما في إمامَةِ الصَّلاةِ والحاضِنِ ووَلِيِّ اليَتِيمِ ونحو ذلك؟ وفيها الخِلافُ، كما في العَدالةِ في الأمْوالِ، ظاهِرُ إطْلاقاتِ الأصحابِ، أنَّها كالذي في الأَمْوالِ. وقد يُقال: إنَّها كالذي في الحُدودِ. انتهى. قوله: سَمِيعًا، بَصِيرًا. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: لا يُشْتَرَطان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: مُجْتَهِدًا. هذا المذهبُ المَشْهورُ. وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال ابنُ حَزْم: يُشْتَرَطُ كوْنُه مُجْتَهِدًا إجْماعًا. وقال: أجْمَعُوا أنَّه لا يحِلُّ لحاكم ولا لمُفْتٍ تقْليدُ رجُل، فلا يحْكُمُ ولا يُفْتِي إلَّا بقَوْلِه. وقال في «الإِفْصاحِ»: الإِجْماعُ انْعَقَدَ على تقْليدِ كل مِن المذاهبِ الأرْبَعَةِ، وأنَّ الحقَّ لا يخْرُجُ عنهم. قال المُصَنِّفُ في خُطبةِ «المُغْنِي» (¬1): النِّسْبَةُ إلي إمامٍ في الفُروعِ، كالأئمَّةِ الأرْبعَةِ ليستْ بمَذْمُومَةٍ، فإنَّ اخْتلافَهم رَحْمَة، واتِّفاقَهم حُجَّةٌ قاطِعَةٌ. قال بعْضُ الحَنَفِيَّةِ: وفيه نَظَر؛ فإنَّ الإجْماعَ ليسَ عِبارَةً عنِ الأئمَّةِ الأرْبَعَةِ وأصحابِهم. قال في «الفُروعِ»: وليسَ في كلامِ الشَّيخِ ما فَهِمَه هذا الحَنَفِيُّ. انتهى. واخْتارَ في ¬

(¬1) انظر: المغني 1/ 4.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»: ومُجْتَهِدًا في مذهبِ إمامِه للضَّرُورَةِ. واخْتارَ في «الإفْصاحِ»، و «الرِّعايةِ»: أو مُقَلِّدًا. قلتُ: وعليه العَمَلُ مِن مُدَّةٍ طويلةٍ، وإلَّا تعَطَّلَتْ أحْكامُ النَّاسِ. وقيلَ في المُقَلِّدِ: يُفْتِي ضَرُورَةً. وذكَر القاضي، أنَّ ابنَ شَاقْلا اعْتَرَضَ عليه بقولِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: لا يكونُ فَقِيهًا حتى يَحْفَظَ أرْبَعَمِائَةِ ألْفِ حديثٍ. فقال: إنْ كنتُ لا أحْفَظُه، فإنِّي أُفْتِي بقولِ مَن يَحْفَظ أكثرَ منه. قال القاضي: لا يقْتَضِي هذا أنَّه كان يُقَلِّدُ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، لمَنْعِه الفُتْيَا بلا عِلْمٍ. قال بعْضُ الأصحابِ: ظاهِرُه تقْلِيدُه، إلَّا أنْ يُحْمَلَ على أخْذِه طُرُقَ العِلْمِ عنه (¬1). وقال ابنُ بَشَّارٍ، مِن الأصحابِ: ما أعِيبُ (¬2) على مَن يَحْفَظُ خَمْسَ ¬

(¬1) في ط: «منه». (¬2) في الأصل: «أعتب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسائِلَ للإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، يُفْتِي بها. قال القاضي: هذا مِنْه مُبالغَةٌ في فَضْلِه. وظاهرُ نَقْلِ عَبْدِ اللهِ، يُفْتِي غيرُ مُجْتَهِدٍ. ذكَرَه القاضي. وحَمَله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، على الحاجَةِ. فعلى هذا، يُراعِي أَلْفاظَ إمامِه ومُتَأخِّرَها، ويُقَلِّدُ كِبارَ مذهَبِه في ذلك. قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُه أنَّه يحْكُمُ ولو اعْتَقَدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خِلافَه؛ لأنَّه مُقَلِّدٌ، وأنَّه لا يخْرُجُ عن الظَّاهرِ عنه، فيَتَوَجَّهُ، مع الاسْتِواءِ، الخِلافُ في مُجْتَهِدٍ. انتهى. وقال في «أُصُولِه»: قال بعْضُ أصحابِنا: مُخالفَةُ المُفْتِي نصَّ إمامِه الذي قلَّدَه كمُخالفَةِ المُفْتِي نصَّ الشَّارِعِ. فائدة: يَحْرُمُ الحُكْمُ والفُتْيَا بالهَوَى إجْماعًا، وبقَوْلٍ أو وَجْهٍ مِن غيرِ نظَر في التَّرْجيحِ إجْماعًا، ويجِبُ أنْ يعملَ بمُوجِبِ اعْتِقادِه فيما له أو عليه إجْماعًا. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. ويأْتِي قريبًا شيءٌ مِن أحْكامِ المُفْتِي. قوله: وهل يُشْتَرَطُ كَوْنُه كاتِبًا؟ على وَجْهَينِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِي»، و «المُحَررِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «الزَّرْكَشِىيِّ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يُشْتَرَطُ ذلك. وهو المذهبُ؛ صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرِّرِ»، وغيرِهم. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»؛ لكَوْنِهم لم يذْكُروه في الشووطِ. قال ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»: والكاتِبُ أوْلَى. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»] (¬1)، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يُشْتَرَطُ. قدَّمه في ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، لكِنْ صحَّحَ الأوَّلَ. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، أنَّه لا يُشْتَرَطُ فيه غيرُ ما تقدَّم. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ؛ لكَوْنِهم لم يذْكُرُوه. وقال الْخِرَقِيُّ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، والحَلْوانِيُّ، وابنُ رَزِينٍ، والشَّيخُ تَقِيُّ الذينِ، رَحِمَهُم اللهُ: يُشْتَرَطُ كوْنُه وَرِعًا. وهو الصَّوابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، على ما حَكاه أبو بَكْرٍ في «التنبِيهِ». وقيل: يُشْتَرَطُ كوْنُه وَرِعًا زاهِدًا. وأطلَقَ في «التَّرْغيبِ»، و «تَجْرِيدِ العِنايةِ» فيهما وَجْهَين. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا مُغَفَّلًا. قال مَشايخِنا: الذي يظْهَرُ الجَزْمُ به. وهو كما قال. والذي يظْهَرُ، أنَّه مُرادُ الأصحابِ، وأنه يُخَرجُ مِن كلامِهم. وقال القاضي في مَوْضِعٍ: لا بَلِيدًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضي أيضًا: لا نافِيًا للقِياسِ. وجعَله ظاهِرَ كلامِ الإمامِ أحمدَ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الولايةُ لها رُكْنان؛ القُوَّةُ، والأمانَةُ؛ فالقُوَّةُ في الحُكْمِ ترْجِعُ إلى العِلْمِ بالعَدْلِ وتَنْفيذِ الحُكْمِ، والأمانَةُ ترْجِعُ إلى خَشْيَةِ اللهِ عز وجَلَّ. قال: وهذه الشروطُ تُعْتبَرُ حسَبَ الإمْكانِ، وتَجِبُ توْلِيَةُ الأمْثَلِ فالأمْثَلِ. وقال: على هذا يدُلُّ كلامُ الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، وغيرِه؛ فيُوَلَّى للعَدَمِ أنْفَعُ الفاسِقَين، وأَقلُّهما شرًّا، وأعْدَلُ المُقَلِّدَين وأعْرَفُهما بالتَّقْليدِ. قال في «الفُروعِ»: وهو كما قال؛ فإن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرُّوذِيَّ نقَل في مَن قال: لا أسْتَطِيعُ الحُكْمَ بالعَدْلِ. يصِيرُ الحُكْمُ إلى أعْدَلَ منه. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قال بعْضُ العُلَماءِ: إذا لم يُوجَدْ إلَّا فاسِقٌ عالِمٌ و (¬1) جاهِلٌ دَيِّنٌ، قُدِّمَ ما الحاجَةُ إليه أكثرُ إذَنْ. انتهى. تنبيه: لا يُشْتَرَطُ غيرُ ما تقدَّم، ولا كراهَةَ فيه، فالشَّابُّ المُتَّصِفُ بالصِّفاتِ المُعْتَبَرَةِ كغيرِه، لكِنَّ الأَسَنَّ أوْلَى مع التَّساوي، ويُرَجَّحُ أيضًا بحُسْنِ الخُلُقِ وغيرِ ذلك، ومَن كانَ أكمَلَ (¬2) في الصفاتِ، ويوَلَّى المُوَلى مع أهْلِيَّته. فائدتان؛ إحْداهما، كل ما يمنعُ مِن توْليَةِ القَضاءِ ابْتِداءً يَمْنَعُها دَوامًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فيَنْعَزِلُ إذا طَرَأ ذلك عليه مُطْلَقًا. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به في «الرِّعايةِ» وغيرِه. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، و «الوَجيزِ»، ومَن تابعَهم: ما فُقِدَ مِن الشُّروطِ في الدَّوامِ أزال الولايةَ، إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ والبَصَرِ فيما يثْبُتُ عندَه ولم يحْكُمْ به؛ فإنَّ ولايةَ حُكْمِه باقِيَةٌ فيه. وقاله في «الانْتِصارِ» في فَقْدِ البَصَرِ فقطْ. وقيل: إنْ تابَ فاسِقٌ، أو أفاقَ مَن جُنَّ أو أُغْمِيَ عليه، وقُلْنا: يَنْعَزِلُ بالإِغْماءِ، فولايَتُه باقِيَةٌ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ جُنَّ، ثم أفاقَ، احْتَمَلَ وَجْهَين. وقال في «المُعْتَمَدِ»: إنْ طرَأ جُنون، فقيل: إنْ لم يكُنْ مُطْبقًا، لم يُعْزَلْ، كالإغْماء، وإنْ أطْبَقَ به، وَجَبَ عَزْلُه. وقال: الأثْمبَهُ بقوْلِنا: يُعْزَلُ. إنْ أطْبَقَ شَهْرًا؛ لَأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحِمَه اللهُ تعالى، أجازَ شهادَةَ مَن يُخْنَقُ في الأحْيانِ، وقال: في الشهْرِ مَرَّةً. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «أو». (¬2) في الأصل: «أجمل».

وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ كِتَابِ الله تِعَالى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيهِ السَّلَامُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ، وَالأمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ، وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ، وَالْخَاصَّ وَالْعَامَّ، وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ، وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيَعْرِفُ مِنَ السُّنَّةِ صَحِيحَهَا مِنْ سَقِيمِهَا، وَتَوَاتُرَهَا مِنْ آحَادِهَا، وَمُرْسَلَهَا وَمُتَّصِلَهَا، وَمُسْنَدَهَا وَمُنْقَطِعَهَا، مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالأحْكَامِ خَاصَّةً، ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو مَرِضَ مرَضا يَمْنَعُ القَضاءَ، تعيَّن عزْلُه. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ، والشُّارِحُ: ينْعَزِلُ. قوله: والمُجْتَهِدُ مَن يَعْرِفُ مِن كِتابِ اللهِ تَعالى وسُنَّةِ رَسُولِه عليه الصلاةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والسَّلامُ الْحَقِيقَةَ والْمَجازَ، والأَمْرَ والنَّهْيَ، والمُجْمَلَ والمُبَيَّنَ، والمُحْكَمَ والمُتَشابِهَ، والْخاصَّ والعامَّ، والمُطْلَقَ والمُقَيَّدَ، والنَّاسِخَ والمنْسُوخَ، والمُسْتَثْنَى والمسْتَثْنَى منه، ويَعْرِفُ مِن السُّنَّةِ صَحِيحَها مِن سَقِيمِها، وتَواتُرَها مِن آحادِها، ومُرْسَلَها ومُتَّصِلَها، ومُسْنَدَها ومُنْقَطِعَها، ممَّا له تَعَلُّقٌ بالأحْكامِ خاصَّةٌ، ويَعْرِفُ ما أُجْمِعَ عليه ممَّا اخْتُلِفَ فيه، والقِياسَ وحُدُودَه وشُرُوطَه

ويَعْرِفُ مَا أُجْمِعَ عَلَيهِ ممَّا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْقِيَاسَ وَحُدُودَهُ وَشُرُوطَهُ وَكَيفِيَّةَ اسْتِنْبَاطِهِ، وَالْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمَا يُوَالِيهِمْ. وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ في أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيهِ وَرُزِقَ فَهْمَهُ، صَلُحَ لِلْقَضَاءِ، وَالْفُتْيَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكَيفِيَّةَ اسْتِنْباطِه، والْعَرَبِيَّةَ المُتَداوَلَةَ بالْحِجازِ والشَامِ والْعِراقِ وما يُوالِيهِمْ، وكُلُّ ذلك مَذْكُورٌ في أُصُولِ الفِقْهِ وفُرُوعِه، فمَن وَقَفَ عليه ورُزِقَ فهْمَه، صَلُحَ للْفُتْيا والْقَضاءِ، وباللهِ التَّوْفِيقُ. وكذا قال كثير مِن الأصحابِ. وقال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فمَن عَرَفَ أكثره، صَلُحَ للفُتْيا والقَضاءِ. وقال في «الوَجيزِ»: فمَن وَقَفَ على أكْثَرِ ذلك وفَهِمَه، صَلُحَ للفُتْيا والقَضاءِ. وقال في «المُحَرَّرِ»: فمَن وَقَفَ عليه أو على أكْثَرِه، ورُزِقَ فهْمَه، صَلُحَ للفُتْيا والقَضاءِ. انتهى. وقيل: يُشْتَرَطُ أنْ يعْرِفَ أكْثَرَ الفِقْهِ. وقال في «الواضِحِ»: يجِبُ معْرِفَةُ جميعِ أُصُولِ الفِقْهِ، وأدَلّةِ الأحْكامِ. وقال أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ: مَن حصَّلَ أُصُولَ الفِقْهِ وفرُوعَه، فمُجْتَهِدٌ. انتهى. وقال ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه»: والمُفْتِي؛ العالِمُ بأُصُولِ الفِقْهِ وما يُسْتَمَدُّ منه، والأدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ مُفَصَّلَةً، واخْتِلافِ مَراتِبِها غالِبًا، واعْتَبَرَ بعْضُ أصحابِنا معْرِفَةَ أكْثَرَ الفِقْهِ، والأشْهَرُ، لا. انتهى. وقال في «آدابِ المُفْتِي»: لا يضُرُّ جَهْلُه ببَعْضِ ذلك لشُبْهَةٍ أو إشْكالٍ، لكِنْ يكْفِيه معْرِفَةُ وُجوهِ دَلالةِ الأدِلَّةِ، ويكْفِيه أخْذُ الأحْكامِ مِن لَفْظِها ومَعْناها. زادَ ابنُ عَقِيلٍ في «التّذْكِرَةِ»، ويعْرِفُ الاسْتِدْلال، واسْتِصْحابَ الحالِ، والقُدْرَةَ على إبْطالِ شُبْهَةِ المُخالِفِ، وإقامَةَ الدَّلائِلِ على مذهَبِه. انتهى. وقال في «آدابِ المُفْتِي» أيضًا: وهل يُشْتَرَطُ معْرِفَةُ الحِسابِ ونحوه مِن المَسائلِ المُتَوَقِّفَةِ عليه؟ فيه خِلافٌ. ويأْتي -بعدَ فَراغِ الكتابِ- أقْسامُ المُجْتَهِدِين، وتقدَّم قريبًا عندَ قوْلِه: مُجْتَهِدًا. أنَّه لا يُفْتِي إلَّا مُجْتَهِدٌ، على الصَّحيحِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو أدَّاه اجْتِهادُه إلى حُكْم، لم يَجُزْ له تقْلِيدُ غيرِه إجْماعًا. ويأْتي هذا في كلامِ المُصَنِّفِ في أوَّلِ الباب الذي يَلِيه، في قوْلِه: ولا يُقَلِّدُ غيرَه وإنْ كان أعْلَمَ منه. وإنْ لم يَجْتَهِدْ، لم يَجُزْ. أَنْ يُقَفد غيرَه أيضًا مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه في رِوايةِ الفَضْلِ بنِ زِيادٍ. قال ابنُ مُفْلِحٍ في «أُصُولِه»: قاله أحمدُ وأكثرُ أصحابِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يجوزُ. اخْتارَه الشِّيرَازِي فقال: مذهَبُنا جوازُ تقْليدِ العالِم للعالِمِ. قال أبو الخَطَّابِ: وهذا لا نعْرِفُه (¬1) عن أصحابِنا. نقَلَه في «الحاوي الكَبِيرِ» في الخُطْبَةِ. وعنه، يجوزُ مع ضِيقِ الوَقْتِ. وقيل: يجوزُ لأعلَمَ منه. وذكَر أبو المَعالِي، عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ: يُقَلِّدُ صحابِيًّا، ويُخَيَّرُ فيهم، ¬

(¬1) في ط: «يعرف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومِن التَّابعِين عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ فقطْ. وفي هذه المَسْألَةِ للعُلَماءِ عِدَّةُ (¬1) أقْوالٍ غيرِ ذلك. وتقدَّم نظِيرُها في بابِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ. وقال في «الرِّعايةِ»: يجوزُ له التقْلِيدُ؛ لخَوْفِه على خُصوم مُسافِرين فَوْتَ رُفْقَتِهم، في الأصحِّ. ومنها، يتَحَرَّى الاجْتِهادَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقال ابنُ مُفْلِحٍ في «أُصُولِه»: قاله أصحابُنا. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقطَع به المُصَنِّفُ في «الرَّوْضَةِ» وغيرُه. وقيل: لا يتَحَرَّى. وقيل: يتَحَرَّى في بابٍ، لا (¬2) في مسْألَةٍ. ومنها، وتَشْتَمِلُ على مَسائِلَ كثيرةٍ في أحْكامِ المُفْتِي والمُسْتَفْتِي؛ تقدَّم قريبًا ¬

(¬1) في هامش الأصل: «عشرة». (¬2) في الأصل: «الآنية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تحْريمُ الحُكْمِ والفُتْيا بالهَوَى، وبقَوْلٍ أو وَجْهٍ مِن غيرِ نظَو في التَّرْجيحِ إجْماعًا. واعلمْ أنَّ السَّلَف الصَّالِحَ، رَحِمَهُم اللهُ، كانُوا يَهابُون الفُتْيا، ويُشَدِّدُونَ فيها، ويتَدافَعُونَها، وأنْكَرَ الإِمامُ أحمدُ، رحِمَه اللهُ، وغيرُه على مَنْ تهَجَّمَ في الجَوابِ. وقال: لا يَنْبَغِي أنْ يُجيبَ في كل ما يُسْتَفْتَى. وقال: إذا هابَ الرَّجُلُ شيئًا، لا ينْبَغِي أنْ يُحْمَلَ على أَنْ يقولَ. إذا عَلِمْتَ ذلك، ففي وُجوبِ تقْديمِ معْرِفَةِ الفِقْهِ (¬1) على أصُولِه وَجهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يجِبُ تقْديمُ معْرِفَةِ (¬2) الفِقْهِ. اخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «آدابِ المُفْتِي»: وهو أوْلَى. والثَّاني، يجِبُ تقْديمُ معْرِفَةِ أُصُولِ الفِقْهِ. اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. قال في «آدابِ المُفْتِي»: وقد أوْجَبَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه، تقْدِيمَ معْرِفَةِ أُصُولِ الفِقْهِ على فُروعِه؛ ولهذا ذكَرَه أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي مُوسى، والقاضي، وابنُ البَنَّا في أوَائلِ كُتُبِهم الفُرُوعِيَّةِ، وقال أبو البَقَاءِ العُكْبَرِيُّ: أبْلَغُ ما تُوُصِّلَ به إلى إحْكامِ الأحْكامِ، إتْقانُ أُصُولِ الفِقْهِ، وطَرَفٍ مِن أُصُولِ الدِّينِ. انتهى. وقال ¬

(¬1) في ا: «فروع الفقه». (¬2) بعده في الأصل: «أصول»، وفي ا: «فروع». وانظر الفروع 6/ 427.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنُ قاضِي الجَبَلِ في «أُصُولِه»، تبَعًا لـ «مُسَوَّدَةِ ابنِ (¬1) تَيمِيَّةَ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»: تقْدِيمُ معْرِفَتِها أوْلَى مِن الفُروعِ عندَ ابنِ عَقِيلٍ وغيرِه. قلتُ: في غيرِ فَرْضِ العَينِ. وعندَ القاضي عكْسُه. انتهى (¬2). فظاهِرُ كلامِهم، أنَّ الخِلافَ في الأوْلَويَّةِ، ولعَلَّه أولَى (¬3)، وكلامُ غيرِهم في الوُجوبِ. وتقدَّم: هل للمُفْتِي الأخْذُ مِن المُسْتَفْتِي إذا كان له كِفايَة، أمْ لا؟ ويأْتي: هل له أَخْذُ الهَدِيَّةِ، أمْ لا؟ عندَ أحْكام هَدِيَّةِ الحاكِمِ. والمُفْتِي؛ مَن يُبَيِّنُ الحُكْمَ الشَّرْعِيَّ، ويُخْبِرُ به مِن غيرِ إلْزامٍ. والحاكِمُ؛ مَن يُبَيِّنُه ويُلْزِمُ به. قاله شيخُنا في «حَواشِي الفُروعِ». ولا يُفْتِي في حالٍ لا يُحْكَمُ فيها، كغَضَبٍ ونحوه، على ما يأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ. قال ابنُ مُفْلِحٍ في ¬

(¬1) في النسخ: «بنى». وانظر حاشية الفروع 6/ 427. (¬2) سقط من: ط، ا. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «أُصُولِه»: فظاهِرُه، يَحْرُمُ كالحُكْمِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: لا يُفْتِي في هذه الحالِ، فإنْ أَفْتَى وأصابَ، صح وكُرِهَ. وقيل: لا يصِحُّ. ويأْتِي نظِيرُه في قَضاءِ الغَضْبانِ ونحوه. وتصِحُّ فَتْوَى العَبْدِ والمَرْأةِ والقَريبِ ويأْتِي والأخْرَسِ المَفْهُومِ الإشارَةِ أو الكِتابَةِ، وتصِحُّ مع جَرِّ النفْعِ ودَفْعِ الضرَرِ، وتصِحُّ مِن العَدُوِّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ»، و «آدابِ المُفْتِي»، و «الفُروعِ» في بابِ أدَبِ القاضي. وقيل: لا تصِحُّ، كالحاكِمِ والشَاهِدِ. ولا تصِحُّ مِن فاسِقٍ لغيرِه وإنْ كان مُجْتَهِدًا، لكِنْ يُفْتِي نفْسَه، ولا يسْألُ غيرَه. وقال الطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه» وغيرُه: لا تُشْتَرَطُ عَدالته في اجْتِهادِه، بل في قَبُولِ فُتْياه وخَبَرِه. وقال ابنُ القَيِّمِ، رحِمَه اللهُ في «إعْلامِ المُوَقعينَ»: قلتُ: الصَّوابُ جوازُ اسْتِفْتاءِ الفاسِقِ، إلا أنْ يكونَ مُعْلِنًا بفِسْقِه، داعِيًا إلى بدْعَتِه، فحُكْمُ اسْتِفْتائِه حكمُ إمامَتِه وشَهادَتِه. ولا تصِحُّ مِن مَسْتُورِ الحالِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ»، وغيره مِن الأصُولِيِّينَ. وقيل: تصِحُّ. قدَّمه في «آدابِ المُفْتِي». وعملُ النَّاسِ عليه. وصححه في «الرِّعايَةِ الكُبْرى». [واخْتارَه في «إعْلامِ المُوَقعينَ»] (¬1). وقيل: تصِحُّ إنِ اكْتَفَينا بالعَدالةِ الظاهِرَةِ، وإلَّا فلا. والحاكِمُ كغيرِه في الفُتْيا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تُكْرَهُ له (¬2) مُطْلَقًا. وقيل: تُكْرَهُ في مَسائِلِ الأحْكامِ المُتَعَلِّقَةِ به، دُونَ الطَّهارَةِ والصَّلاةِ ونحوهما. ويَحْرُمُ تَساهُلُ مُفْتٍ، وتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ به. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا يجوزُ اسْتِفْتاءُ إلا مَن يُفْتِي بعِلْم وعَدْلٍ. ونقَل المَروذِيُّ، لا يَنْبَغِي أنْ يُجِيبَ في كُل ما يُسْتَفْتَى فيه. ويأْتِي: هل له قَبُولُ الهَدِيَّةِ، أمْ لا؟ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وليسَ لمَنِ انْتَسَبَ إلى مذهبِ إمام في مسْألَةٍ ذاتِ قوْلَين أو وَجْهَين أنْ يتَخَيَّرَ، فَيَعْمَلَ أو يُفتِيَ بأيِّهما شاءَ، بل إنْ عَلِمَ تارِيخَ القَوْلَين، عَمِلَ بالمُتَأَخِّرِ إنْ صرَّح برُجُوعِه عن الأوَّلِ، وكذا إنْ أطْلَقَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ فيهما. وقيل (¬1): يجوزُ العَمَلُ بأحَدِهما إذا ترَجَّحَ أنَّه مذَهبٌ لقائِلِهما. وقال في «آدابِ المُفْتِي»: إذا وَجَدَ مَن ليسَ أهْلًا للتَّخْريجِ والتَّرْجيحِ بالدَّليلِ، اخْتِلافًا بينَ أئمَّةِ المذاهبِ، في الأصحِّ مِن القَوْلَينِ أو الوَجْهَين، فيَنْبَغِي أنْ يرْجِعَ في التَّرْجيحِ إلى صِفَاتِهم المُوجِبَةِ لزِيادَةِ الثِّقَةِ بآرَائِهم، فيَعْمَلَ بقَوْلِ الأكثرِ، والأعْلَمِ، والأوْرَعِ، فإنِ اخْتُصَّ أحدُهما بصِفَةٍ منها، والآخَرُ بصِفَةٍ أُخْرَى، قدَّم الذي هو أحْرَى منهما بالصَّوابِ، فالأعْلَمُ الوَرِعُ (¬2)، مُقَدَّئم على الأوْرَعِ العالِمِ. وكذلك إذا وَجَد قوْلَين أو وَجْهَين. لم يَبْلُغْه عن أحدٍ مِن أئمَّتِه بَيانُ الأصحِّ منهما، اعْتَبَرَ أوْصافَ [ناقِلِيهما وقابِلِيهما] (¬3)، ويُرَجِّحُ ما وافَقَ منهما أئمَّةَ أكثرِ المذاهبِ المَتْبُوعَةِ، أو أكثر العُلَماءِ. انتهى. قلتُ: وفيما قاله نظر. وتقدَّم في آخِرِ الخُطْبَةِ تحْريرُ ذلك. وإذا اعْتَدَلَ عندَه قوْلان -وقُلْنا: يجوزُ- أفْتَى بأَيِّهما شاءَ. قاله القاضي في «الكِفايةِ»، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. كما يجوزُ للمُفْتِي أنْ يعْمَلَ بأيِّ القَوْلَين شاءَ. وقيلَ: يُخَيَّرُ المُسْتَفْتِي، وإلَّا تعَيَّنَ الأحْوَطُ. ويَلْزَمُ المُفْتِيَ تَكْرِيرُ النَّظرَ عندَ تكَرُّرِ (¬4) الواقِعَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وقال: وإلَّا كان مُقَلِّدًا لنَفْسِه؛ ¬

(¬1) في ط، ا: «هل». (¬2) في الأصل، ا: «الأورع». (¬3) في الأصل: «ناقلهما وقابلهما». (¬4) في ط: «تكرار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لاحْتِمالِ تغَيُّرِ اجْتِهادِه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه». وقيل: لا (¬1) يَلْزَمُه؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ ما اطَّلَعَ عليه وعدَمُ غيرِه. ولُزومُ السُّؤالِ ثانيًا فيه الخِلافُ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، والآمِدِي، إنْ ذكَر المفْتِي طرِيقَ الاجْتِهادِ، لم يَلْزَمْه، وإلَّا لَزِمَه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وإنْ حَدَثَ ما لا قَوْلَ فيه، تكَلَّم فيه حاكِمٌ ومُجْتَهِدٌ ومُفْتٍ. وقيل: لا يَجوزُ. وقيل: لا يجوزُ في أُصُولِ الدِّينِ. قال في «آدابِ المُفْتِي»: ليسَ له أنْ يُفْتِيَ في شيءٍ مِن مَسائلِ الكَلامِ مُفَصِّلًا، بل يَمْنَعُ السَّائِلَ وسائِرَ العامَّةِ مِن الخَوْضِ في ذلك أصْلًا. وقدَّمه في «مُقْنِعِه». [وجزَم به في «الرِّعايةِ الكُبْرى»] (¬2). وقدَّم (¬3) ابنُ مُفْلِح في «أُصُولِه»، أنَّ مَحَلَّ الخِلافِ في الأَفْضَلِيَّةِ، لا في الجوازِ وعدَمِه. وأطْلَقَ الخِلافَ. وقال في خُطْبَةِ «الإرْشادِ»: لابُدَّ مِن الجوابِ. وقال في «إعْلامِ المُوَقعينَ»، بعدَ أنْ حكَى الأقْوال: والحقُّ التَّفْصِيلُ، وأنَّ ذلك يجوزُ بل يُسْتَحَبُّ، أو يجِبُ عندَ الحاجَةِ وأهْلِيَّةِ المُفْتِي والحاكمِ، فإنْ عُدِمَ الأمْران، لم يَجُزْ، وإنْ وُجِدَ أحدُهما، احْتَمَلَ الجوازَ والمَنْعَ، والجَوازُ عندَ الحاجَةِ دُونَ عدَمِها. انتهى. وله تخْيِيرُ مَنِ اسْتَفْتاه بينَ قوْلِه وقول مُخالِفِه. رُوِيَ ذلك عن الإمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقيل: يأْخُذُ به إنْ لم يَجدْ غيرَه، [أو كان] (¬4) أرْجَحَ، وسأَلَه [أبو داودَ] (¬5)، الرجُل يسْأَلُ عن المَسْأَلَةِ، أدُلُّه على إنْسانٍ يسْأَلُه؟ قال: إذا كان الذي أرْشَدَ إليه يتَّبعُ ويُفْتِي بالسُّنَّةِ. فقيلَ له: إنَّه يريدُ الاتِّباعَ، وليسَ كل قوْلِه يُصِيبُ. قال: ومَنْ يُصِيبُ في كل شيءٍ؟! ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «واختاره في رعايته الكبرى». (¬3) في الأصل: «قدمه». (¬4) في الأصل: «وإن كان». (¬5) في الأصل: «داود».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم في آخِرِ الخُلْعِ التنبِيهُ على ذلك. ولا يَلْزَمُ جَوابُ ما لم يقَعْ، لكِنْ تُسْتَحبُّ إجابَتُه. وقيل: تُكْرَهُ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. ولا يجبُ جَوابُ ما لا يَحْتَمِلُه كلامُ (¬1) السَّائلِ، ولا ما لا نَفْعَ فيه. ومَن عَدِمَ مُفْتِيًا في بَلَدِه وغيرِه، فحُكْمُه حُكْمُ ما قبلَ الشَّرْعِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «آدابِ المُفْتِي»: وهو أقْيَسُ. وقيل: متى خَلَتِ البَلْدَةُ مِن مُفْتٍ، حَرُمَتِ (¬2) السكْنَى فيها. ذكَرَه في «آدابِ المُفْتِي». وله ردُّ الفُتْيا إنْ كان في البَلَدِ مَنْ يقُومُ مَقامَه، وإلَّا لم يَجُزْ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيل، وغيرُهما. وقطَع به مَنْ بعدَهم. وإنْ كان مَعْروفًا عندَ العامَّةِ بفُتْيا، وهو جاهِل، تعَين الجوابُ على العالمِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: الأظْهَرُ، لا يجوزُ في التي قبلَها، كسُؤالِ عامِّيّ عمَّا لم يقَعْ. قال، في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه، حاكم في البَلَدِ غيرُه، لا يَلْزَمُه الحُكْمُ، وإلَّا لَزِمَه. وقال في «عُيونِ المَسائلِ» في شَهادَةِ العَبْدِ: الحُكْمُ يتَعَينُ بولايته؛ حتى لا يُمْكِنَه ردُّ مُحْتَكِمَينِ إليه، ويُمْكِنَه ردُّ مَن يسْتَشْهِدُه، وإنْ كان مُتَحَمِّلًا لشَهادَةٍ، فنادِر أنْ لا يكونَ سِواه، وفي الحُكْمِ لا ينُوبُ البَعْضُ عنِ البَعْضِ، ولا يقولُ لمَنِ ارْتَفَعَ إليه: امْضِ إلى غيرِي مِن الحُكامِ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ تخْرِيج مِن الوَجْهِ، في إثْمِ مَن دُعِيَ لشهادَةٍ، قالوا: لأنه تعَيَّنَ عليه بدُعائِه. لكِنْ يَلْزَمُ عليه إثْمُ مَن عُينَ في كل فَرْضِ كِفايةٍ فامْتَنَعَ. قال: وكلامُهم في الحاكمِ، ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في الأصل: «حرم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ودَعْوَةِ الوَلِيمَةِ، وصَلاةِ الجِنازَةِ، خِلافُه. انتهى. ومَن قَوِيَ عندَه مذهَبُ غيرِ إمامِه، أفْتَى به وأعْلَمَ السَّائِلَ. ومَن أرادَ كتابَةً على فُتْيا أو شَهادَةٍ، لم يَجُزْ أنْ يُكَبِّرَ خَطَّه؛ لتَصرُّفِه في مِلْكِ غيرِه بلا إذْنِه ولا حاجَةَ، كما لو أباحَه قَمِيصَه، فاسْتَعْملَه فيما يُخْرِجُه عن العادَةِ بلا حاجَةٍ. ذكَرَه ابنُ عَقِيل في «المَنْثُورِ» (¬1) وغيرِه. وكذا قال في «عُيونِ المَسائلِ»: إذا أرادَ أنْ يُفْتِيَ أو يكْتُبَ شَهادةً، لم يَجُزْ أنْ يُوسِّعَ الأسْطُرَ، ولا يُكْثِرَ إذا أمْكَنَ الاخْتِصارُ؛ لأنه تَصَرُّف في مِلْكِ غيرِه بلا إذْنِه، ولم تَدْعُ الحاجَةُ إليه. واقْتَصَرَ على ذلك في «الفُروعِ». وقال في «أصُولِه»: ويتَوَجَّهُ مع قَرِينَةٍ خِلاف، ولا يجوزُ إطْلاقُه في الفُتْيا في اسْم مُشْتَرَكٍ إجْماعًا، بل عليه التَّفْصِيلُ؛ فلو سُئِلَ: هل له الأكْلُ بعدَ طُلوعِ الفَجْرِ؛ فلابُدَّ أنْ يقولَ: يجوزُ بعدَ الفَجْرِ الأوَّلِ، لا الثَّاني. ومسْألةُ أبي حَنِيفَةَ مع أبي يُوسُفَ وأبي الطَّيِّبِ مع قَوْم معْلُومَة. واعلمْ أنَّه قد تقدَّم، أنَّه لا يُفْتِي إلَّا مُجْتَهِد. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وتقدَّم هناك قولٌ بالجَوازِ؛ فيُراعِي ألفاظَ إمامِه ومُتَأخِّرَها، ويُقَلِّدُ كِبارَ أئمَّةِ مذهَبِه. والعامِّيُّ يُخْبِرُ (¬2) في فَتْواه فقطْ، فيقولُ: مذهَبُ فُلانٍ كذا. ذكرَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. وكذا قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: النَّاظِرُ المُجَرَّدُ يكونُ حاكِيًا، لا مُفْتِيًا. وقال في «آدابِ عُيونِ المسَائلِ»: إنْ كان الفَقِيهُ مُجْتَهِدًا، يعْرِفُ صِحةَ الدَّليلِ، كتَب الجوابَ عن نفْسِه، وإنْ كان ممَّن (¬3) لا يعْرِفُ الدليلَ، قال: مذهبُ أحمدَ كذا، مذهَبُ الشَّافِعِي كذا. فيَكونُ ¬

(¬1) في الأصل: «المنور»، وفي ا: «الفنون». (¬2) في ط، 1: «يخير». (¬3) في الأصل، ط: «مما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخْبِرًا (¬1)، لا مُفْتِيًا. ويُقَلِّدُ العامي مَن عرَفَه عالِمًا عدْلًا، أو رَآه مُنْتَصِبًا مُعَظَّمًا، ولا يُقَلِّدُ مَن عَرَفَه جاهِلًا عندَ العُلَماءِ. قال المُصَنفُ في «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: يكْفِيه قولُ عدْلٍ. ومُرادُه خَبِيرٌ. واعْتَبَرَ بعْضُ الأصحابِ الاسْتِفاضَةَ بكَوْنِه عالِمًا، لا مُجَرَّدَ اعْتِزائِه إلى العِلْمِ ولو بمَنْصِبِ تَدْرِيس. قلتُ: وهو الصّوابُ. وقال ابنُ عَقِيل: يجِبُ سُؤالُ أهْلِ الثقَةِ والخَيرِ. قال الطُّوفِيُّ في «مخْتَصَرِه»: يُقَلِّدُ مَن عَلِمَه أو ظَنَّه أهْلًا بطرَيق ما اتِّفاقًا، فإنْ جَهِلَ عدالتَه، ففي جَوازِ تقْلِيدِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، عدَمُ الجوازِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. نَصَرَه المُصَنِّفُ في «الرَّوْضَةِ». وقدَّمه ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»، والطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه»، وغيرُهما. والثَّاني، الجوازُ. قدَّمه في «آدابِ المُفْتِي». وتقدَّم: هل تصِحُّ فُتْيا فاسِقٍ أو مَسْتُورِ الحال، أمْ لا؟ ويُقَلِّدُ مَيِّتًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وهو كالإجماعِ في هذه الأعْصارِ. وقيل: لا يُقَلَّدُ مَيِّتٌ. وهو ضعيفٌ. واخْتارَه في «التَّمْهِيدِ»، في أن عُثْمانَ، رَضِيَ اللهُ عنه، لم يُشْتَرَطْ عليه (¬2) تقْلِيدُ أبي بَكْر وعمرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما؛ لمَوْتِهما. ويَنْبَغِي للمُسْتَفْتِي أنْ يحْفَظَ الأدبَ مع المُفْتِي ويُجِلَّه، فلا يقولُ أو يفْعَلُ ما جرَتْ عادَةُ العَوام به؛ كإيماء بيَدِه في وَجْهِه، أو: ما مذهَبُ إمامِكَ في كذا؛ أو: ما تحْفَظُ في كذا؛ أو: أفْتاني غيرُك -أو فلانٌ- بكذا أو كذا. قلتُ أنا: أو: وَقِّعْ لي. أو: إنْ كانَ جوابُك مُوافِقًا فاكْتُبْ. لكِنْ إنْ عَلِمَ غرَضَ السَّائلِ في شيء، لم يَجُزْ أنْ يكْتُبَ بغيرِه، أو يسْألهُ [في حالِ] (¬3) ضَجَر، أو هَمٍّ، أو قِيامِه، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «مميزا». وانظر الفروع 6/ 428. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في الأصل: «بحال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوه، ولا يُطالِبُه بالحُجَّةِ. ويجوزُ تقْلِيدُ المَفْضولِ مِن المُجْتَهِدينَ. على الصحيحِ مِن المذهب. قال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: قاله أكثرُ أصحابِنا؛ القاضي، وأبي الخَطَّابِ، وصاحِبِ «الرَّوْضَةِ»، وغيرِ هم (¬1). وقدَّمه هو وغيرُه. قال في «فُروعِه»، في اسْتِقْبال القِبْلَةِ: لا يجِبُ تقْليدُ الأوْثَقِ، على الأصح. قال في «الرعايةِ»: على الأقيَسِ. وعنه، يجِبُ عليه. قال ابنُ عَقِيل: يَلْزَمُه الاجْتِهادُ فيهما، فيُقَدمُ الأرْجَحَ. ومَعْناه قولُ الْخِرَقِيِّ: كالقِبْلَةِ في الأعْمَى والعامِّيِّ. قال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: أمَّا لو بانَ للعاميِّ الأرْجَحُ منهما، لَزِمَه تقْلِيدُه. زادَ بعْضُ أصحابِنا، في الأظْهَرِ. قلتُ: ظاهرُ كلامِ كثير مِن الأصحابِ مُخالفِ لذلك. وقال في «التَّمْهِيدِ»: إنْ رجحَ دِينَ واحدٍ، قدمه في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، لا؛ لأنَّ العُلَماءَ لا تُنْكِرُ على العامي ترْكَه. وقال أيضًا: في تقْديمِ الأدينِ على الأعْلَمِ وعكْسِه وَجْهان. قلتُ.: ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، تقْدِيمُ الأدينِ؛ حيثُ قيلَ له: مَن نسْألُ بعدَك؟ قال: عَبْدَ الوَهَّابِ الوَرَّاقَ؛ فإنَّه صالِح، مِثْلُه يُوَفَّقُ للحَق. قال في «الرعايةِ»: ولا يكْفِيهِ مَن لم تسْكُنْ نفْسُه إليه، وقدَّم الأعْلَمَ على الأوْرَعِ. انتهى. فإنِ اسْتَوَى مُجْتَهِدان، تَخَيَّرَ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه مِن الأصحابِ. وقال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: وقال بعْضُ الأصحابِ: هل يَلْزَمُ المُقَلِّدَ التَّمَذْهُبُ (¬2) بمَذهَبٍ، والأخْذُ برُخَصِه وعَزائمِه؟ فيه وَجْهان. قلتُ: قال في «الفُروعِ»، في أثْناءِ بابِ شُروطِ من تُقْبَلُ شهادَتُه: وأمَّا لُزومُ التَّمَذْهُبِ بمَذْهَب، وامْتِناعُ الانْتِقالِ إلى غيرِه في مَسْألةٍ، ففيه وَجْهان، وِفاقًا لمالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُما اللهُ، وعَدَمُه أشْهَرُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في الأصل: «المتمذهب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. قال في «إعْلامِ المُوَقِّعِينَ»: وهو الصَّوابُ المَقْطُوعُ به. وقال في «أصُولِه»: عدَمُ اللُّزومِ قولُ جُمْهورِ العُلَماءِ، فَيَتَخَيَّرُ. وقال في «الرِّعايةِ الكبرى»: يَلْزَمُ كلَّ مُقَلِّدٍ أنْ يَلْتَزِمَ بمَذهَبٍ مُعَين في الأشْهَرِ، فلا يُقَلِّدُ غيرَ أهْلِه. وقيلَ: بلَى. وقيل: ضَرُورَةً. فإنِ الْتَزَمَ فيما يُفْتِي به، أو عَمِلَ (¬1) به، أو ظَنَّه حقَّا، أو لم يجِدْ مُفْتِيًا آخَرَ، لَزِمَ قَبُولُه، وإلَّا فلا. انتهى. واخْتارَ الآمِدِي مَنْعَ الانْتِقالِ فيما عَمِلَ به. وعندَ بعْضِ الأصحابِ، يَجْتَهِدُ في أصحِّ المذاهبِ فيَتَبِعُه. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الذينِ، رَحِمَه اللهُ: في الأخْذِ برُخَصِه وعَزائِمِه طاعَةُ غيرِ الرَّسُولِ، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، في كلِّ أمْرِه ونَهْيِه، وهو خِلافُ الإجْماعِ. وتوَقَّفَ أيضًا في جَوازِه، وقال أيضًا: إنْ خالفَه لقُوَّةِ دَليل، أو زِيادَةِ عِلْمٍ أو تَقْوَى، فقد أحْسَنَ، ولا يَقْدَحُ في عَدالتِه، بلا نِزاع. وقال أيضًا: بل يجِبُ في هذه الحالِ، وأنَّه نصُّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ هُبَيرَةَ. وقال في «آدابِ المُفْتِي»: هل للعاميِّ أنْ يتَخَيَّرَ ويُقَلِّدَ أيَّ مَذهبٍ شاءَ، أم لا؟ فإنْ كان مُنْتَسِبًا إلى مذهبٍ مُعَيَّن، بنَينَا ذلك على أنَّ العامِّيَّ هل له مذهب، أمْ لا؟ وفيه مذهَبان، أحدُهما، لا مذهبَ له، فله أنْ يسْتَفْتِيَ مَن شاءَ مِن أرْبابِ المذاهب، سِيَّما إنْ قُلْنا: كلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ. والوَجْهُ الثَّاني، له مذَهب؛ لأنه اعْتَقَدَ أنَّ المذهبَ الذي انْتَسَبَ إليه هو الحقُّ، فعليه الوَفاءُ بمُوجَبِ اعْتِقادِه، فلا يسْتَفْتِي مَن يُخالِفُ مذهبَه. وإنْ لم يكُن انْتَسَبَ إلى مذهبٍ مُعَيَّن، انْبَنَى على أنَّ العامِّيَّ، هل يَلْزَمُه أنْ يتَمَذْهَبَ بمَذْهَبٍ مُعَيَّن يأخُذُ برُخَصِه وعَزائمِه؟ وفيه مذهَبان؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه، كما لم يَلْزَمْ في عَصْرِ أوائلِ الأمَّةِ أنْ ¬

(¬1) في الأصل: «علم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَخُصَّ العامِّي (¬1) عالِمًا مُعَيَّنًا يُقَلِّدُه، سِيَّما إنْ قُلْنا: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصيبٌ. فعلى هذا، هل له أنْ يسْتَفْتِيَ على أيِّ مذهَبٍ شاءَ، أم يَلْزَمُه أنْ يبْحَثَ حتى يعْلَمَ -عِلْمَ مِثْلِه- أسَدَّ المَذاهبِ، وأصَحَّها أصْلًا؟ فيه مَذهبان. والثَّاني، يَلْزَمُه (¬2) ذلك، وهو جارٍ في كل مَن لم يبلُغ درَجَةَ الاجْتِهادِ مِنَ الفُقَهاءِ وأرْبابِ سائرِ العُلومِ. فعلى هذا الوَجْهِ، يَلْزَمُه أنْ يَجْتَهِدَ في اخْتِيارِ مذهَبٍ يُقَلدُه على التَّعْيِينِ، وهذا أوْلَى بإلْحاقِ الاجْتِهادِ فيه على العامي ممَّا سَبَقَ في الاسْتِفْتاءِ. انتهى. ولا يجوزُ للعامِّي تَتَبُّعُ الرُّخَصِ. ذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَر إجْماعًا. ويَفْسُقُ عندَ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وغيرِه. وحَمَلَه القاضي على مُتَأوِّلٍ أو مقَلِّدٍ. قال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: وفيه نظر. قال: وذكَر بعْضُ أصحابِنا في فِسْقِ مَن أخَذَ بالرُّخَصِ رِوايتَين، وإنْ قَوِيَ دَليلٌ أو كان عاميًّا، فلا. كذا قال. انتهى. وإذا اسْتَفْتَى واحِدًا أخَذ بقَوْلِه. ذكَرَه ابنُ البَنَّا وغيرُه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه». وقال: والأشْهَرُ، يَلْزَمُه (¬3) بالْتِزامِه. وقيل: وبظَنِّه حقا. وقيل: وبعَمَل (¬4) به. وقيل: يَلْزَمُه إنْ ظنَّه حقا. وإنْ لم يجِدْ مُفْتِيًا آخَرَ، لَزِمَه، كما لو حكَمَ به حاكِم. وقال بعْضهم: لا يَلْزَمُه مُطْلَقًا إلَّا مع عدَمِ غيرِه. ولو سألَ مُفْتِيَين، واخْتَلفا عليه، تَخَيَّرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال أبو الخَطَّابِ: هو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وذكَر (¬5) ابنُ البَنَّا وَجْهًا، أنَّه يأخُذُ بقَوْلِ الأرْجَحِ. واخْتارَه بعْضُ الأصحابِ. وقدَّم في «الرَّوْضَةِ»، أنه ¬

(¬1) في الأصل: «الأمي»، وفي ا: «الأمي العامي». (¬2) في الأصل: «يلزم». (¬3) في ط، ا: «يلزم». (¬4) في الأصل: «نعمل»، وفي ط: «يعمل». (¬5) في الأصل: «ذكره».

فَصْل: وَإنْ تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُل يَصْلُحُ للقَضَاءِ، فَحَكَّمَاهُ بَينَهُمَا، فَحَكَمَ، نَفَذَ حُكمُهُ في الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْزَمُه الأخْذُ بقوْلِ الأفْضَلِ في عِلْمِه ودِينه. قال الطوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه»: وهو الظاهِرُ (¬1). وذكَر [ابنُ البَنَّا أيضًا] (¬2) وَجْهًا آخَرَ، يأخُذُ بأغْلَظِهما. وقيل: يأخُذ بالأخَفِّ. وقيل: يسْألُ مُفْتِيًا آخَرَ. وقيل: يأخُذُ بأرْجَحِهما دَلِيلًا. وقال في «الفُروعِ»، في باب. اسْتِقْبال القِبْلَةِ: ولو سألَ مُفْتِيَين، فاخْتَلَفا، فهل يأخُذُ بالأرْجَحِ، أو الأخَفِّ، أو الأشدّ، أو يُخيَّرُ؟ فيه أوْجُهٌ في المذهبِ، وأطْلَقَهُن. وإنْ سألَ، فلم تسْكُنْ نفْسُه، ففي تَكْرارِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ» في بابِ اسْتِقْبالِ القِبْلةِ. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ»: أظْهَرُهما، لا يَلْزَمُه. فهذه جملة صالحة نافعةٌ إنْ شاءَ اللهُ تعالى. قوله: وإنْ تَحاكَمَ رَجُلان إلى رَجُل يَصْلُحُ للْقَضاءِ، فحَكَّماه بينَهُما، ¬

(¬1) في الأصل: «ظاهر». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فحَكَمَ، نَفَذَ حُكْمُه في المالِ، ويَنْفُذُ في الْقِصاصِ والْحَدِّ، والنِّكاحِ، واللِّعانِ في

ويَنْفُذُ في الْقِصَاصِ، والْحَدِّ، وَالنِّكَاحِ، واللِّعَانِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ. وَقَال الْقَاضِي: لا يَنْفُذُ إلا في الاموالِ خَاصَّةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرِ كلامِه، ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ -في «الهِدايةِ». وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» - وقال القاضي: لا ينْفُذُ إلَّا في الأمْوالِ خاصَّةً. وقدَّمه في «النَّظْمِ». وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: وعنه، لا ينْفُذُ في قَوَدٍ، وحَدِّ قَذْفٍ، ولِعانٍ، ونِكاح. وأطْلَقَ الرِّوايتَين في «المُحَرَّرِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطلَقَ الخِلافَ في «الكافِي». وقال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِه، ينْفُذُ في غيرِ فَرْجٍ، كتَصَرُّفِه ضَرُورَةً في تَرِكَةِ مَيِّتٍ [في غيرِ فَرْجٍ] (¬1). ذكَرَه ابنُ عَقِيل في «عُمدِ الأدِلَّةِ». واخْتارَ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، نُفُوذَ حُكْمِه بعدَ حُكْمِ حاكم، لا إمام. وقال: إنْ حَكَّم أحدُهما خَصْمَه، أو حكَّما مُفْتِيًا في مسْألَةٍ اجْتِهادِيَّةٍ، جازَ. وقال: يكْفِي وَصْفُ القِصَّةِ له. قال في «الفُروعِ»: يُؤيِّدُه قولُ أبي طالِب: نازَعَنِي ابنُ عَمِّي الأذانَ، فتَحاكَمْنا إلى أبي عَبْدِ الله، قال: اقْتَرِعا. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: خَصُّوا اللِّعانَ؛ لأنَّ فيه دَعْوَى وإنْكارًا، وبَقِيَّةُ الفُسوخِ كإعْسارٍ قد يتَصادَقَان، فيَكونُ الحُكْمُ إنْشاءً لا إبْدَاءً (¬2)، ونظيرُه، لو حكَّماه في التَّداعِي بدَين وأقَرَّ به الوَرَثَةُ. انتهى. فعلى المذهبِ، يَلْزَمُ مَنْ يكْتُبُ إليه بحُكْمِه القَبُولُ وتنْفِيذُه، كحاكِمِ الإمامِ، وليسَ له حَبْسٌ في عُقُوبَةٍ، ولا اسْتِيفاءُ قَوَدٍ، ولا ضَرْبُ دِيَةِ الخَطَأ على عاقِلَةِ مَنْ رَضِيَ (¬3) بحُكْمِه. قاله في «الرعايتَين». وزادَ في «الصُّغْرى»: وليسَ له أنْ يُحِدَّ. فائدتان؛ إحْداهما، لو رجَعَ أحدُ الخَصْمَينِ قبلَ شُروعِه في الحُكْمِ، فله ذلك، وإنْ رجَعَ بعدَ شُروعِه، وقبلَ تَمامِه، ففيه وَجْهان. وأطْلَقهما في ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في الأصل: «بداء»، وفي ا: «ابتداء». (¬3) في ط، ا: «وصى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايةِ الكُبْرى»؛ أحدُهما، له ذلك. [الثاني، ليسَ له ذلك. انتهى] (¬1). قلتُ: وهو الصوابُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ». واخْتارَ في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: إنْ أشْهَدا عليهما بالرضا بحُكْمِه قبلَ الدخولِ في الحُكْمِ، فليسَ لأحَدِهما الرجوعُ. الثَّانيةُ، قال في «عُمدِ الأدِلَّةِ» -بعدَ ذِكْرِ التَّحْكيمِ-: وكذا يجوزُ أنْ يتَولَّى مُتَقَدِّمُو الأسْواقِ والمَساجدِ الوَساطاتِ، والصُّلْحَ عندَ الفَوْرَةِ والمُخاصَمَةِ، وصلاةَ الجِنازَةِ، وتفْويضَ الأمْوالِ إلى الأوْصِياءِ، وتفْرِقَةَ زَكاتِه بنَفْسه، وإقامَةَ الحُدودِ على رَقيقِه، وخُروجَ طائفَةٍ إلى الجِهادِ تَلَصُّصًا وبَياتًا، وعِمارَةَ المساجدِ، والأمْرَ بالمَعْروفِ والنَّهْيَ عن المُنْكَرِ، والتَّعْزِيرَ لعَبِيدٍ وإماءٍ، وأشْباهَ ذلك. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

باب أدب القاضي

بَابُ أدبِ الْقَاضِي يَنْبَغِي أن يَكُونَ قَويًّا مِنْ غَيرِ عُنْفٍ، صليَنا مِنْ غَيرِ ضَعْفٍ، حَلِيمًا، ذَا أنَاةٍ وَفِطْنَةٍ، بَصِيرًا بِأحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ، وَرِعًا، عَفِيفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أدَبِ القاضي قوله: يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ قَويا مِن غَيرِ عُنْفٍ، ليِّنًا من غَيرِ ضَعْفٍ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال في «الفُروعِ»: وظاهرُ «الفُصولِ»، يجِبُ ذلك. قوله: حَلِيمًا، ذا أناةٍ وفِطةٍ. قد تقدَّم أنَّ القاضيَ قال في مَوْضِع مِن كلامِه: إنَّه يُشْترَطُ في الحاكمِ أنْ لا يَكونَ بَلِيدًا. وهو الضوابُ. قوله: بَصِيرًا بأحْكامِ الحُكَّامِ قَبْلَه. بلا نِزاع. وقوله: ورِعًا، عَفِيفًا. هذا مِنه بِناءً على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، مِن أنه لا يُشْتَرَطُ في القاضي أنْ يكونَ وَرِعًا، وإنما يُسْتَحَبُّ ذلك فيه (¬1). وتقدَّمَ أن ¬

(¬1) في الأصل: «منه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِرَقِيَّ وجماعَةً مِن الأصحابِ اشْتَرَطُوا ذلك فيه. وهو الصوابُ. فائدتان؛ إحْداهما، لو افْتاتَ عليه خَصْمٌ، فقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: له تأدِيبُه والعَفْوُ عنه. وقال في «الفُصولِ»: يزبُرُه (¬1)، فإنْ عادَ، عزَّرَه واعْتَبَرَه بدَفْعِ الصائلِ والنُّشوزِ. وقال في «الرِّعايةِ»: ويَنْتَهِرُه، ويَصِيحُ عليه قبلَ ¬

(¬1) يزبر فلانًا: «يمنعه وينهاه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. قال في «الفُروعِ»، بعدَ أنْ ذكَر ذلك: وظاهِرُه، ولو لم يثْبُتْ ببَينةٍ، لكِنْ هل (¬1) ظاهِرُه يخْتَصُّ بمَجْلِسِ الحُكْمِ؛ فيه نظَر، كالإقْرارِ فيه وفي غيرِه، أو لأنَّ الحاجَةَ داعِيَة إلى ذلك؛ لِكَثْرَةِ المُتَظَلِّمِين على الحُكامِ وأعْدائِهم، فجازَ فيه وفي غيرِه، ولهذا شَقَّ رَفْعُه (¬2) إلى غيرِه، فأدَّبه بنَفْسِه، حتى إنه حق له. قلتُ: فيُعايَى بها. وقد ذكر ابنُ عَقِيلٍ في «أغْصانِ الشَّجَرَةِ»، عن أصحابِنا: [إنَّ ما] (¬3) يشُقُّ رَفْعُه إلى الحاكمِ، لا يُرْفعُ. الثَّانيةُ، قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: له أنْ ينْتَهِرَ الخَصْمَ إذا الْتَوَى، ويَصِيحَ عليه، وإنِ استَحَق التعْزِير، عزَّرَه بما يرَى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «دفعه». (¬3) في ط: «أنه».

وَإذَا وُلِّيَ فِي غَيرِ بَلَدِهِ، سَألَ عَمَّنْ فِيهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْفُضَلَاءِ والْعُدُولِ. وَيُنْفِذُ عِنْدَ مَسِيرِهِ مَنْ يُعْلِمُهُمْ يَوْمَ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ. وَيَدْخُلُ الْبَلَدَ يَوْمَ الْاثْنَينِ أو الْخَمِيسِ أو السَّبْتِ لَابِسًا أجْمَلَ ثِيَابِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويُنْفِذُ عِنْدَ مَسِيرِه مَن يُعْلِمُهُم يَوْمَ دُخُولِه ليَتَلَقَّوْه. هذا المذهبُ. أعْنِي أنَّه يُرْسِلُ إليهم يُعْلِمُهم بدُخولِه مِن غيرِ أنْ يأمُرَهم بتَلَقيه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال جماعَة مِن الأصحابِ: يأمُرُهم بتَلَقِّيه. قلتُ: منهم صاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». قوله: ويَدْخُلُ البَلَدَ يَوْمَ الاثْنَين أو الخَمِيسِ أو السبْتِ. وهو المذهبُ. يعْنِي

فَيَأتِي الْجَامِعَ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَينِ، وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه بالخِيَرَةِ في الدُّخولِ في هذه الأيَّامِ. وجزَم به في «المُحَرُّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر جماعَةٌ مِن الأصحابِ، يدْخُلُ يَوْمَ الاثْنَينِ، فإنْ لم يقْدِرْ، فيَوْمَ الخميسِ، منهم صاحِبُ «المُذْهَبِ». وقال في «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم: فإنْ لم يقدرْ أنْ يدْخُلَ يَوْمَ الاثْنَينِ، فيَوْمَ الخميس أو السَّبْتِ. قال في «التبصِرَةِ»: يدْخُلُ ضَحْوَة، لاسْتِقْبالِ الشهْرِ. قال في «الفُروعِ»: وكانَ استِقْبالُ الشَّهْرِ تفَاؤلًا، كأوَّلِ النَّهارِ، ولم يَذْكُرْهما (¬1) الأصحابُ. قوله: لابِسًا أجْمَلَ ثِيابِه. قال في «التبصِرَةِ»: وكذا أصحابُه. وقال أيضًا: ¬

(¬1) في ا: «ينكرهما».

فَإِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أمر بِعَهْدِهِ فَقُرِئَ عَلَيهِمْ، وَأمرَ مَنْ يُنَادِي: مَنْ لَهُ حَاجَة، فَلْيَحْضُرْ يَوْمَ كَذَا. ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلِهِ، ويُنْفِذ فَيَتَسَلَّمُ دِيوَانَ الحُكْمِ مِنَ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تكونُ ثِيابُهم كلُّها سُودًا، وإلَّا فالعِمامَةُ. وقال في «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، غيرُ السوادِ أوْلَى؛ للأخْبارِ (¬1). فوائد؛ الأولَى، لا يَتَطيَّرُ بشيء، وإنْ تَفَاءَلَ فحَسَنٌ. الثانيةُ، قولُه: ويَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فإذا اجْتَمَعَ الناسُ، أمَرَ بعَهْدِه فقُرِئ عليهم. بلا نِزاعٍ. قال في «التبصِرَةِ»: وَلْيُقِلَّ مِن كلامِه إلَّا لحاجَة. الثَّالثةُ، قولُه: ويُنْفِذُ فيَتَسَلَّمُ دِيوانَ الحُكْمِ مِن الَّذِي كانَ قَبْلَه. بلا نِزاع. قال في «التبصِرَةِ»: وَلْيَأمُرْ كاتِبًا ثِقَة يُثْبِتُ ما تَسَلَّمَه بمَحْضَرِ عَدْلَين. ¬

(¬1) ما جاء في استحباب لبس البياض.

ثُمَّ يَخْرُجُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَعَدَ بِالْجُلُوسِ فِيهِ، عَلَى أعدَلِ أحْوَالِهِ، غيرَ غَضْبَانَ، وَلَا جَائِعٍ، وَلَا شَبْعَان، وَلَا حَاقِنٍ، وَلَا مَهْمُوم بِأمْر يَشْغَلُهُ عَنِ الفَهْمِ، فَيُسَلِّمُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ الرابعةُ، دِيوانُ الحُكْمِ؛ هو ما فيه محاضِرُ وسِجِلات وحُجَج وكُتُبُ وَقْفٍ، ونحوُ ذلك ممَّا يتعَلقُ بالحُكْمِ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ويُسَلِّمُ على مَن يمُرُّ به. ولو كانُوا صِبْيانًا. وهو صحيحٌ. صرَّح به الأصحابُ.

مَنْ يَمُرُّ بِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ، وَيُصَلِّي تَحِيَّةَ المَسْجِدِ إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ، وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: ويُصَلي تَحِيةَ المسْجِدِ إنْ كانَ في مَسْجِدٍ. بلا نِزاع. فإنْ كانَ في غيرِه خُيِّرَ، والأفْضَلُ الصَّلاةُ. الثانيةُ، أفادَنا المُصَنفُ أنه يجوزُ القَضاءُ في الجَوامِعِ والمَساجِدِ. وهو صحيحٌ، ولا يُكْرَهُ. قاله الأصحابُ. قوله: ويَجْلِسُ على بِساطٍ. ونحوه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، ويجْلِسُ على بِساطٍ ونحوه. وجزَم به في «الرعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقال في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهما: على

وَيَسْتَعِينُ بِاللهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيهِ، وَيَدْعُوهُ سِرًّا أن يَعْصِمَهُ مِنَ الزَّلَلِ، وَيُوَفِّقَهُ لِلصَّوَابِ، ولِمَا يُرْضِيهِ مِنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، وَيَجْعَلُ مَجْلِسَهُ فِي مَكَانٍ فسِيحٍ؛ كَالْجَامِعِ، وَالْفَضَاءِ، وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ إنْ أمْكَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بِساطٍ. وقال في «الهِدايَةِ» وغيره: على بِساطٍ أو لِبْدٍ (¬1) أو حَصِيرٍ. فائدة: قولُه: ويَجْعَلُ مَجْلِسَه في مَكانٍ فَسِيحٍ؛ كالجامِعِ، والفَضاءِ، ¬

(¬1) اللبد: ضرب من البُسُط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والدَّارِ الواسِعَةِ. بلا نِزاع، ولكِنْ يصُونُه عمَّا يُكْرَهُ فيه. ذكَره في «المُوجَزِ» (¬1)، وهو كما قال. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا، إلَّا فِي غَيرِ مَجْلِس الحُكْمِ إن شَاءَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَتخِذُ حاجِبًا ولا بَوابًا، إلا في غيرِ مَجْلِس الحُكْمِ إنْ شاءَ. مُرادُه، إذا لم يكُنْ عُذْرٌ، فإنْ كانَ ثَمَّ عُذْرٌ، جازَ اتخاذُهما. إذا عَلِمْتَ

وَيَعْرِضُ الْقَصَصَ، فَيَبْدأ بِالأوَّلِ فَالأوَّلِ، وَلَا يُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي أكْثَرَ مِنْ حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ حَضَروا دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا، قَدَّمَ أحدَهُمْ بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك (¬1)، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنه لا يتَّخِذُهما في مَجْلِسِ الحُكْمِ مِن غيرِ عُذْرٍ. قال ابنُ الجَوْزِيِّ في «المُذْهَبِ»: يتْرُكُهما نَدْبًا. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: ليسَ له تأخِيرُ الحُضورِ إذا تَنازَعُوا إليه بلا عُذْر، ولا له أنْ يحْتَجِبَ إلا في أوْقاتِ الاسْتِراحَةِ. فائدة: قولُه: ويَعْرِضُ القَصَصَ، فيَبْدَأ بالأوَّلِ فالأوَّلِ. قال في «المُسْتَوعِبِ»: يَنْبَغِي أنْ يكونَ على رَأسِه مَن يُرَتِّبُ النَّاسَ. فائدة: قولُه: ولا يُقَدِّمُ السَّابِقَ في أكْثَرَ مِن حُكُومَةٍ واحِدَةٍ. واعلمْ أنَّ تقْدِيمَ السَّابِقِ على غيرِه واجِبٌ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. ليقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم في «عُيونِ المَسائلِ» بتَقْديم مَنْ له بَينة، لِئَلا تُضْجَرَ بَيِّنتُه. وجَعَله في «الفُروعِ» توْجِيهًا. وقال في «الرّعايةِ»: ويُكْرَهُ تقْديمُ مُتَأخّر. قوله: فإنْ حَضَرُوا دَفْعَة واحِدَة وتَشاحُّوا، قَدمَ أحَدَهم بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَيَعْدِلُ بَينَ الْخَصْمَينِ فِي لَحْظِهِ، وَلَفْظِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَالدُّخُولِ عَلَيهِ، إلَّا أنْ يَكُونَ أحَدُهُمَا كَافِرًا، فَيُقَدِّمُ الْمُسْلِمَ عَلَيهِ فِي الدُّخُولِ، وَيَرْفَعُهُ فِي الجُلُوسِ. وَقِيلَ: يُسَوِّي القُرْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُطْلَقًا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِي». وقدَّمه في «الفُروعِ». وذكَر حماعَة مِن الأصحابِ، يُقَدِّمُ المُسافِرَ المُرْتَحِلَ. قلتُ: منهم صاحِبُ «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقال ذلك في «الكافِي»، مع قِلتِهم. زادَ في «الرِّعايةِ»، والمَرْأةَ لمَصْلَحَةٍ. قوله: ويَعْدِلُ بينَ الخَصْمَين في لَحْظِه، ولَفْظِه، ومَجْلِسِه، والدُّخُولِ عليه. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مُرادُه أنَّ ذلك واجِبٌ عليه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَلْزَمُه، في الأصح، العَدْلُ بينَهما في لَحْظِه، ولَفْظِه، ومَجْلِسِه والدُّخولِ عليه. وجزَم به في «الشرْحِ». وقيلَ: لا يَلْزَمُه، بل يُسْتَحَبُّ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنفِ. وقدَّمه في «الرعايةِ الكُبْرى». قوله: إلَّا أنْ يَكُونَ أحَدُهما كافِرًا، فيُقَامُ المُسْلِمَ في الدُّخُولِ، ويَرْفَعُه في الجُلُوسِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»: والأشْهَرُ، يُقَدم مُسْلِمٌ على كافر، دُخُولًا وجُلُوسًا. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا أوْلَى. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «المُنَورِ» في الدُّخولِ. وجزَم به في «الخُلاصةِ»، في المَجْلِس، وصحَّحَه في الرَّفْعِ. وقدَّمه فيهما في «الشَّرْحِ». وصححه في «النَّظْمِ». وقدَّمه في الدُّخولِ فقطْ في «الرعايةِ الصُّغْرى». وقيل: يُسَوي بينَهما في ذلك أيضًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» في الجُلُوسِ. وأطْلَقَهما في رَفْعِه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»،

بَينَهُمَا. وَلَا يُسَارُّ أحَدَهُمَا، وَلَا يُلَقِّنُهُ حُجَّتَهُ، وَلَا يُضِيفُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأطْلَقَهما فيهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». وقال في «المُغْنِي» (¬1): يجوزُ تقْدِيمُ المُسْلِمِ على الكافِرِ في الجُلُوسِ. وظاهِرُ كلامِه، أنَّه يُسَوِّي بينَهما في الدُّخولِ. وفي «الرِّعايةِ» قولٌ عكْسُه. قالي ابنُ رَزِين في «مُخْتَصَرِه»: يُسَوِّي بينَ الخَصْمَينِ في مَجْلِسِه ولَحْظِه ولَفْظِه ولو ذِمِّي، في وَجْهٍ. فظاهِرُه دُخولُ اللَّحْظِ واللَّفْظِ في الخِلافِ. فتلَخَّصَ لنا في المَسْألةِ ثَلاثة أقْوالٍ؛ التقْدِيمُ مُطْلَقًا، ومَنْعُه مُطْلَقًا، والتَّقْدِيمُ في الدخولِ دُونَ الرَّفْعِ. وظاهِرُ «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي» قَوْلٌ رابعٌ، وهو التَّقْديمُ في الرَّفْعِ دُونَ الدُّخولِ. فائدة: لو سلم أحَدُ الخَصْمَين على القاضي، رَدَّ عليه. وقال في «التَّرْغيبِ»: يصْبِرُ حتى يُسلمَ الآخَرُ ليَرُدَّ عليهما معًا، إلى أنْ يتَمادى عُرْفًا. وقال في «الرعايةِ»: وإنْ سلَّما معًا، رَدَّ عليهما معًا، وإنْ سلَّم أحَدُهما قبلَ دُخولِ خَصْمِه أو معه، فهل يَرُدُّ عليه قبلَه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. انتهى. وله القِيامُ السَّائِغُ وتَرْكُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُكْرَهُ القِيامُ لهما، فإنْ قامَ لأحَدِهما، قامَ للآخَرِ، أو اعْتَذَرَ إليه. قاله في «الرعايةِ». تنبيه: قولُه: ولا يُسَارُّ أحَدَهما، ولا يُلَقنُه حُجَّتَه، ولا يُضِيفُه. يعْنِي، يَحْرُمُ ¬

(¬1) انظر: المغني 14/ 64.

وَلَا يُعَلِّمُهُ كَيفَ يَدَّعِي، فِي أحدِ الوَجْهَينِ. وَفِي الآخَرِ، يَجُوزُ لَهُ تَحْرِيرُ الدَّعْوَى لَهُ، إِذَا لَمْ يُحْسِنْ تَحْرِيرَهَا. وَلَهُ أنْ يَشْفَعَ إلَى خَصْمِهِ لِيُنْظِرَهُ، أوْ لِيَضَعَ عَنْهُ، وَيَزِنَ عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه ذلك. قاله الأصحابُ. قوله: ولا يُعَلمُه كَيفَ يدعِي، في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «الحاوي». وفي الآخَرِ، يجوزُ له تحْرِيرُ الدَّعْوَى إذا لم يُحْسِنْها. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشرْحِ»، و «النظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى».

وَيَنْبَغِي أنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه:. مَحَل الخِلافِ، إذا لم يَلْزَمْ ذِكْرُه، فأمَّا إنْ لَزِمَ ذِكْرُه في الدَّعاوَى -كشَرْطِ عَقْدٍ، أو سبَب ونحوه- ولم يذْكُرْه المُدَّعِي، فله أنْ يسْألَ عنه ليَتَحَرَّزَ عنه. قوله: وله أنْ يَشْفَعَ إلى خَصْمِه ليُنْظِرَه، أو يَضَعَ عَنْه، ويَزِنَ عنه. يجوزُ للقاضي أنْ يشْفَعَ إلى خَصْمِ المُدَّعَى عليه لينظِرَه، بلا خِلافٍ أعْلَمُه، ويجوزُ له أنْ يشْفَعَ ليَضَعَ عنه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال في «الفُروع»: له ذلك على الأصحِّ. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: له ذلك على الأظْهَرِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «شرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الشَّرْحِ»، و «لهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وعنه، ليسَ له ذلك. وأطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الكافِي». ويجوزُ له أنْ يَزِنَ عنه أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثير منهم. وفيه احْتِمال لصاحبِ «الرِّعايةِ الكُبْرى»، لا يجوزُ ذلك. وما هو ببَعيدٍ. قوله: ويَنْبَغِي أنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَه الفُقَهاءَ مِن كُلِّ مذهب، إنْ أمْكَنَ، ويُشاورَهم فِيما يُشْكِلُ عليه -لاستِخْراجِ الأدِلَّةِ، وتعَرُّفِ الحقِّ بالاجْتِهادِ. قال

إنْ أمْكَنَ، وَيُشَاورَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمامُ أحمدُ: ما أحْسَنَه لو فعَلَه الحُكَّامُ، يُشاورُونَ وينْتَظِرونَ -فإنِ اتَّضَحَ له،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَكَمَ، وإلَّا أخَّرَه.

فَإن اتَّضَحَ لَهُ، حَكَمَ، وَإلَّا أخَّرَهُ. وَلَا يُقَلِّدُ غَيرَهُ وإنْ كَانَ أعلَمَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يُقَلدُ غيرَه وإنْ كانَ أعْلَمَ منه. يَحْرُمُ عليه أنْ يقَلِّدَ غيرَه -على الصحيحِ مِن المذهبِ- وإنْ كان أعْلَمَ منه. نقَل ابنُ الحَكَمِ، عليه أنْ يَجْتَهِدَ. ونقَل أبو الحارِثِ، لا تُقَلِّدْ أمْرَكَ أحدًا، وعليكَ بالأثرِ. وقال الفَضْلُ بنُ زِيادٍ: لا تقَلدْ دِينَكَ الرِّجال؛ فإنهم لنْ يسْلَمُوا أنْ يغْلَطُوا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «االوَجيزِ»، و «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، و «تَذْكِرَةِ

وَلَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبانُ، ولَا حَاقِن، وَلَا فِي شِدَّةِ الْجُوعِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ عَبْدُوس»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، يجوزُ. قال أبو الخَطَّابِ: وحكَى أبو إسْحَاقَ الشِّيرازِيُّ: إنَّ مذهَبَنا جَوازُ تقْليدِ العالِمِ للعالِمِ (¬1). قال: وهذا لا نعْرِفُه عن أصحابِنا. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ، إنْ كانتِ العِبادَةُ ممَّا لا يجوزُ تأخِيرُها -كالصَّلاةِ- فَعَلَها بحسَبِ حالِه، ويُعيدُ إذا قَدَرَ، كمَنْ عَدِمَ الماءَ والتُّرابَ، فلا ضَرُورَةَ إلى التَّقْليدِ. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وإنْ كان الخَصْمُ مُسافِرًا يَخافُ فَوْتَ رُفْقَتِه، احْتَمَلَ وَجْهَين. وتقدَّم ذلك في أوائلِ أحْكامِ المُفْتِي، في البابِ الذي قبلَه. فائدة: لو حَكَمَ ولم يجْتَهِدْ، ثم بانَ أنَّه حَكَمَ بالحقِّ، لم يصِحَّ. ذكَرَه ابنُ عَقِيل في القَصْرِ مِنَ «الفُصولِ». قلتُ: لو خرَّج الصِّحةَ على قولِ القاضي أبي الحُسَينِ، فيما إذا اشْتَبَهَ الطاهِرُ بالطَّهُورِ، وتوَضأ مِن واحدٍ فقطْ، فظَهَرَ أنه الطهُورُ، لَكانَ له وَجْه. تنبيه: قولُه: ولا يَقْضِي وهو غَضْبانُ، ولا حاقِنٌ -وكذا أو حاقِبٌ (¬2) - ولا ¬

(¬1) سقط من النسخ، وانظر الفروع 6/ 445، المبدع 10/ 38. (¬2) الحاقب: هو الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز وحصر غائطه.

وَالْعَطَشِ، وَالْهَمِّ، وَالْوَجَعِ، والنُّعَاسِ، وَالبَردِ المُؤلِمِ، وَالحَرِّ المُزْعِجِ. فَإِنْ خَالفَ، وَحَكَمَ فَوَافَقَ الْحَق، نفَذَ حُكْمُهُ. وَقَال القَاضِي: لَا يَنْفُذُ. وَقِيلَ: إِنْ عَرَضَ ذَلِكَ بَعْدَ فَهْمِ الْحُكْمِ، جَازَ، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ في شِدةِ الجُوعِ، والعَطَشِ، والهَمِّ، والوَجَعِ، والنُّعاسِ، والبَرْدِ المُؤلِمِ، والحَرِّ المُزْعِجِ. وكذا في شِدةِ المرَضِ والخَوْفِ، والفَرَحِ الغالبِ، والمَلَلِ، والكَسَلِ، ونحوه. ومُرادُه بالغَضَبِ، الغضَبُ الكثيرُ. وكلامُ الأصحابِ في ذلك مُحْتَمِل للكراهَةِ والتَّحْريمِ. وصرح أبو الخَطَّابِ في «انْتِصارِه» بالتَّحْريمِ. قلتُ: والدَّليلُ في ذلك يقْتضِيه، وكلامُهم إليه أقْرَبُ. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِي: وظاهرُ كلامِ الخِرَقِي وعامَّةِ الأصحابِ، أنَّ المَنْعَ مِن ذلك على سَبِيلِ التَّحْريمِ. وذكَر ابنُ البَنا في «الخِصَالِ» الكراهَةَ، فقال: إنْ كان غَضْبانَ، أو جائِعًا، كُرِهَ له القَضاءُ. وقال في «المُغْنِي» (¬1): لا خِلافَ نَعْلَمُه (¬2)، أنَّ القاضيَ لا يَنْبَغِي له أنْ يقْضِيَ وهو غَضْبانُ. ¬

(¬1) انظر المغني 14/ 25. (¬2) في الأصل: «يحلم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: كانَ للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يقْضِيَ في حالِ الغضَبِ دُونَ غيرِه. ذكَره ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِي الفُروعِ» في كتابِ الطلاقِ. قوله: فإنْ خالفَ وحَكَمَ فوافَقَ الحَقَّ، نَفَذَ حُكْمُه. وهذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: نفَذَ في الأصحِّ. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: نفَذَ في الأظْهَرِ. واخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ»، جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ» (1)، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ» ونَصَراه، و «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجى»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقال القاضي: لا ينْفُذُ -وهذا ممَّا يُقَوِّي التَّحْرِيمَ- وقيل:. إنْ عرَض له بعدَ أنْ فَهِمَ الحُكْمَ، نفَذ، وإلَّا فلا. وتقدَّم نظِيرُ ذلك في المُفْتِي، في البابِ الذي قبلَه، في أوائلِ (¬1) أحْكامِ المُفْتِي. ¬

(¬1) في ط: «آداب».

وَلَا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَرْتَشيَ، وَلَا يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ إلا مِمَّنْ كَانَ يُهْدِي إلَيهِ قَبْلَ ولايتهِ، بِشرْطِ أنْ لَا يَكُونَ لَهُ حُكُومَة. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ إلا مِمَّنْ كانَ يُهْدِي إليه قَبْلَ ولايته، بشَرْطِ أنْ لا يكُونَ له حُكُومَة. وهذا المذهبُ. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال في «القاعِدَةِ الخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: منَع الأصحابُ مِن قَبُولِ القاضي (¬1) الهَدِيّةَ (¬2). وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرّعايةِ الكُبْرى». وقيل: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «هدية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ له أنْ يقْبَلَها ممَّنْ كان يُهْدِي إليه قبلَ ولايته، ولو كان له حُكُومَة. قلتُ: وهو بعيدٌ جِدًّا. وقال أبو بَكْر في «التنبِيهِ»: لا يقْبَلُ الهَدِيَّةَ (¬1). وأطْلَقَ. وذكَر جماعَة مِن الأصحابِ، لا يقْبَلُ الهَدِيَّةَ ممنْ كانَ يُهْدِي إليه قبلَ ولايته إذا أحَسَّ أنَّ له حُكُومَةً. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرعايةِ»، وغيرِهم. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يقْبَلُ الهَدِيَّةَ إلا مِن ذِي رَحِم مَحْرَم منه. وما هو ببَعِيدٍ. وقال القاضي في «الجامِعِ الصغِيرِ»: يَنْبَغِي أنْ لا يقْبَلَ هَدِيَّةً إلَّا مِن صَديق كانَ يُلاطِفُه قبلَ ولايته، أو ذِي رَحِم مَحْرَم منه، [بعدَ أنْ لا] (¬2) يكونَ له (3) خَصْم. انتهى. وعِبارَتُه في «المُسْتَوْعِبِ» قرِيبة مِن هذه. وذكَر في «الفُصولِ» احْتِمالًا، أن القاضيَ في غيرِ عَمَلِه كالعادَةِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) في ط: «نفد إلا أن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولى، حيثُ قُلْنا بجَوازِ قبولِها، فرَدُّها أوْلَى، بل يُسْتَحَبُّ. صرَّح به القاضي وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: ردُّها أوْلَى. وقال ابنُ حَمْدانَ: يُكْرَهُ أخْذُها. الثانيةُ، لَا يَحْرُمُ على المُفْتِي أخْذُ الهَدِيَّةِ. جزَم به في «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال في «آدابِ المُفْتِي»: وأمَّا الهَدِيَّةُ، فله قَبُولُها. وقيلَ: يَحْرُمُ إذا كانتْ رِشْوَةً على أنْ يُفْتِيَه بما يريدُ. قلتُ: أو يكونُ له فيه نَفْعٌ، مِن جَاهٍ أو مالٍ، فيُفْتِيه لذلك بما لا يُفْتِي به غيرَه ممَّنْ لا ينْتَفِعُ به كنَفْعِ الأوَّلِ. انتهى. وقال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: وله قَبُولُ هَدِيةٍ. والمُرادُ، لا ليُفْتِيَه بما يريدُه، وإلا حَرُمَتْ. زادَ بَعْضُهم: أو لنَفْعِه بجَاهِه أو مالِه. وفيه نظَرٌ. ونقَل المَرُّوذِي، لا يقْبَلُ هَدِيةً إلَّا أنْ يُكافِئ. وقال: لو جعَل للمُفْتِي أهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا ليَتَفَرَّغَ لهم، جازَ. وقال في «الرِّعايةِ»: هو بعيدٌ، وله أخْذُ الرزْقِ مِن بَيتِ المالِ. وتقدَّم أن للحاكمِ طَلَبَ الرِّزْقِ له ولأمَنائِه، وهل يجوزُ له الأخْذُ، إذا لم يَكُنْ له ما يكْفِيه، أم لا؟ وكذلك المُفْتِي، في أوائلِ بابِ القَضاءِ. الثَّالثةُ، الرشْوَةُ؛ ما يُعْطَى بعدَ طَلَبِه، والهَدِيَّةُ؛ الدَّفْع إليه ابْتِداءً. قاله في «التَّرْغيبِ». ذكَرَه عنه في «الفُروعِ» في بابِ حُكْمِ الأرَضِين المَغْنُومَةِ. الرَّابعةُ، حيثُ قُلْنا: لا يقْبَلُ الهَدِيَّةَ. وخالفَ وفَعَل، أخِذَتْ منه لبَيتِ المالِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على قولٍ؛ لخَبَرِ ابنِ اللُّتْبِيَّةِ. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: تُرَدُّ إلى صاحِبِها، كمَقْبُوض بعَقْدٍ فاسدٍ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَمْلِكُها (¬1) إنْ عجَّلَ مُكافَأتها. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». فعلى الوَجْهِ الأوَّلِ، تُؤخَذُ هَدِيَّةُ العامِلِ للصدَقاتِ. ذكَرَه القاضي. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ»، وقال: فدَل أنَّ في انْتِقالِ المِلْكِ في الرشْوَةِ والهَدِيَّةِ وَجْهَين. قال: ويتَوَجَّهُ، أنَّ ما في «الرعايةِ»، أنَّ الساعِيَ يعْتَد لرَب المالِ بما أهْدَاه إليه، نصَّ عليه. وعنه، لا. مأخَذُه ذلك: ونقَل مُهَنَّا في مَن اشْتَرَى مِن وَكيل، فوَهَبَه شيئًا، أنَّه للمُوَكلِ. وهذا يدُلُّ لكلامِ القاضي المُتَقَدمِ، ويتَوَجهُ فيه، في نَقْلِ المِلْك الخِلافُ. وجزَم به ابنُ تَمِيم في عامِلِ الزَّكاةِ، إذا ظَهَرَتْ خِيانته برِشْوَةٍ أو هَدِيةٍ، أخَذَها الإمامُ [لا أرْبابُ] (¬2) الأمْوالِ. وتَبِعَه في «الرعايَةِ»، ثم قال: قلتُ: إنْ عُرِفُوا، رُدَّ إليهم. قال الإمامُ ¬

(¬1) في ا: «لا يملكها». (¬2) في الأصل: «لأرباب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدُ، في مَن وَلِيَ شيئًا مِن أمْرِ السُّلْطانِ: لا أحِبُّ له أنْ يقْبَلَ شيئًا؛ يُرْوَى: «هَدَايا الأمَراء غُلُول» (¬1). والحاكِمُ خاصَّةً لا أُحِبُّه له، إلَّا ممَّنْ كانَ له به خُلْطَة ووُصْلَةٌ ومُكافَأَة قبلَ أنْ يلِيَ. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحِمَه اللهُ، في مَن كسَبَ مالًا مُحَرَّمًا برِضَى الدَّافِعِ، ثم تابَ؛ كثَمَنِ خمْر ومَهْرِ بَغِيّ، وحُلْوانِ كاهِن، أنَّ له ما سَلَفَ. وقال أيضًا: لا ينْتَفِعُ به ولا يرُدُّه، لقَبْضِه عِوَضَه، ويتَصَدَّقُ به، كما نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رحِمَه اللهُ، في حامِلِ الخَمْرِ. وقال في مالٍ مُكْتَسَبٍ مِن خمْر ونحوه: يتَصَدَّقُ به، فإذا تصَدَّقَ به، فلِلْفَقِيرِ أكلُه، ولوَلِيِّ الأمْرِ أنْ يُعْطِيَه لأعْوانِه. وقال أيضًا في مَن تابَ: إنْ عَلِمَ صاحِبَه، دفَعَه إليه، وإلَّا دفَعَه في مَصالحِ المُسْلِمين، وله -مع حاجَتِه- أخْذُ كِفايته. وقال في الرَّدُّ على الرَّافِضِي، في بَيع سَلاح في فِتْنَةٍ وعِنَبٍ لخَمْرٍ: يتَصَدَّق بثَمَنِه. وقال: هو قولُ مُحَققِي الفُقَهاءِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال، وقوْلُه مع الجماعَةِ أوْلَى. وتقدَّم ما يقْرُبُ مِن ذلك في بابِ الغصْبِ، عندَ قوْلِه: وإنْ بَقِيَتْ في يَدِه غُصُوب لا يعْرِفُ أرْبابَها. الخامسةُ، لا يجوزُ إعْطاءُ الهَدِيَّةِ لمَن يشْفَعُ عندَ السُّلْطانِ ونحوه. ذكَرَه القاضي، وأوْمَأ إليه؛ لأنها كالأجْرَةِ، والشَّفاعَةُ مِن (¬2) المَصالحِ العامَّةِ، فلا يجوزُ أخْذُ الأجْرَةِ عليها (¬3)، وفيه حدِيث صَرِيحٌ في السُّنَنِ (¬4). ونصُّ الإمامُ أحمدُ، ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد، في: المسند من حديث أبي حميد الساعدي مرفوعًا، بلفظ «هدايا العمال». المسند 5/ 424. وبلفظه أخرجه البيهقي، في: باب هدايا الأمراء غلول، من كتاب آداب القاضي. السنن الكبرى 10/ 138. وانظر تلخيص الحبير 4/ 189، 190. (¬2) في الأصل: «على». (¬3) في الأصل، ط: «عليه». (¬4) وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابًا عظيما من أبواب الربا». أخرجه أبو داود، في: باب في الهدية لقضاء الحاجة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 261.

وَيُكْرَهُ أنْ يَتَوَلَّى الْبَيعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ، وَيُستَحَبُّ أنْ يُوَكِّلَ فِي ذلِكَ مَنْ لَا يُعْرَفُ أنَّهُ وَكِيلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رحِمَه اللهُ، في مَن عندَه وَدِيعَة فأدَّاها فأهْدِيَتْ إليه هَدِّيةٌ، أَنه لا يقْبَلُها إلَّا بنِيَّةِ المكافَأةِ. وحُكْمُ الهَديةِ عندَ سائرِ الأماناتِ كحُكْمِ الوَدِيعَةِ. قاله في «القاعِدَةِ الخَمْسِين بعدَ المِائَةِ». قوله: ويُكْرَهُ أنْ يَتَوَلَّى الْبَيعَ والشراءَ بنَفْسِه، ويُسْتَحَبُّ أنْ يُوكِّلَ في ذلكَ مَن لا يُعْرَفُ أنه وَكِيلُه. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْح»، و «الوَجيزِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وقدمه في «الفُروعِ». وجعَلَها الشَّرِيفُ وأبو الخَطَّابِ كالهَدِيَّةِ. وجزَم به في

وَيُسْتَحَبُّ لَهُ عِيَادَةُ المَرضَى، وَشُهودُ الجَنَائِزِ، مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنَ الحُكْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ»، كالوَالِي. وسأله حَرْبٌ: هل للقاضي والوالِي أنْ يَتَّجِرَ؟ قال: لا. إلَّا أنَّه شدَّدَ في الوالِي. فائدة: قولُه: ويُسْتَحَبُّ له عِيادَةُ المَرْضَى، وشُهُودُ الجَنائزِ، ما لم يَشْغَلْه عن الحُكْمِ. بلا نزاعٍ. وذكَر في «التَّرْغيبِ»، ويُوَدِّعُ الغازِيَ، والحاجَّ. قاله في «الرِّعايةِ». وزادَ، وله زِيارَةُ أهْلِه وإخْوانِه الصُّلَحاءِ، ما لم يشْتَغِلْ عن الحُكم.

وَلَه حُضُورُ الوَلَائِم، فَإِنْ كَثُرَتْ، تَرَكَهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْض. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وله حُضُورُ الوَلائِمِ. يعْنِي، مِن غيرِ كراهَةٍ. وهو المذهبُ. قال في «المُحَرر»، و «الفروعِ»، وغيرِهما: هو في الدَّعَواتِ كغيرِه. وقال أبو الخَطَّابِ: تُكْرَهُ له المُسارَعَةُ إلى غيرِ وَلِيمَةِ عُرْس، ويجوزُ له ذلك. وقال في «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ. قال في «الرِّعايةِ»: كما لو قصد رِياءً، أو كانتْ لخَصْمٍ. وقدَّم في «التَّرْغيبِ»، لا يَلْزَمُه حُضورُ وَليمَةِ العُرْسِ. قوله: فإنْ كَثُرَتْ، ترَكَها كلَّها، ولم يُجِبْ بَعْضَهم دُونَ بعض. قال القاضي وغيرُه: لا يُجِبْ بعْضَهم دُونَ بعْض بلا عُذْرٍ. وهو صحيحٌ. وذكَر المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «التَرْغيبِ»، وجماعَة: إنْ كَثُرَتِ الوَلائِمُ، صانَ نفسَه

وَيُوصِي الوُكَلَاءَ وَالْأعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالخُصُومِ، وَقِلَّةِ الطَّمَعِ، وَيَجْتَهِدُ أن يَكُونُوا شُيُوخًا أوْ كُهُولًا، مِنْ أهْلِ الدِّينِ والعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ. وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا مُسْلِمًا، مُكَلَّفًا، عَدْلًا، حَافِظًا، عَالِمًا، يُجْلِسُهُ بِحَيثُ يُشَاهِدُ مَا يَكتُبُهُ، وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ مَخْتُومًا بَينَ يَدَيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وترَكَها. قال في «الفُروعِ»: ولم يذْكُروا، لو تَضَيَّفَ رَجُلًا. قال: ولعَل كلامَهم يجوزُ، ويتَوَجَّهُ، كالمُقْرِضِ، ولعَلَّه أوْلَى. قوله: ويتخِذُ كاتِبًا مُسْلِمًا مُكَلفًا، عَدْلًا، حافِظًا، عالمًا. ولم يذْكُرْ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»، مُكَلَّفًا. وقال: ويتَوَجَّهُ فيه ما (¬1) في عامِلِ الزَّكاةِ. وقال في «الكافِي»: عارِفًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويَنْبَغِي أنْ يكونَ وافِرَ العَقْلِ، وَرِعًا، نزِهًا، ويُسْتَحَبُّ أن يكونَ فَقِيهًا، جَيِّدَ الخَطِّ، حُرا، وإن كانَ عَبْدًا، جازَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: اتِّخاذُ الكاتِبِ على سَبِيلِ الإباحَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصنفِ هنا. واخْتارَ

وَيُسْتَحَبُّ أنْ لَا يَحْكُمَ إلا بحَضْرَةِ الشهُودِ. وَلَا يَحكُمُ لِنَفْسِهِ، وَلا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَيَحْكُمُ بَينَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ. وَقَال أبو بَكْر: يَجُوزُ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أن ذلك مُسْتَحَب. وجزَم به الزَّرْكَشِي. قَوله: ولا يَحْكُمُ لنَفْسِه، ولا لمَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، ويَحْكُمُ بَينَهُمْ بَعْضُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خُلَفائِه. حُكْمُه لنَفْسِه لا يجوزُ ولا يصِحُّ، بلا نِزاع. وحُكْمُه لمَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له لا يجوزُ أيضًا، ولا ينْفُذُ. على الصّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وحكَاه القاضي عِيَاض (¬1) إجماغا. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْر: يجوزُ له ذلك. وهو رِوائة عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ. ذكَرها في «المُبْهِجِ». وقيل: يجوزُ بينَ والِدَيه ووَلَدَيه. وما هو ببَعيد. وأطْلَقَ في «المُحَررِ» في جَوازِ حُكْمِه لمَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له وَجْهَين. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْل: وَأوَّلُ مَا يَنظُرُ فِيهِ أمْرُ الْمُحْبَسِينَ، فَيَبْعَثُ ثِقَةً إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، يَحْكُمُ ليَتيمِه، على قَوْلِ أبي بَكْر. قاله في «التَّرْغيبِ». وقيل: وعلى قَوْلِ غيرِه أيضًا. قال في «الرِّعايةِ»: فإنْ صارَ وَصِيُّ اليَتيمِ حاكِمًا، حَكَمَ له بشُروطِه. وقيل: لا. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يسْتَخْلِفَ والِدَه ووَلَدَه، كحُكْمِه لغيرِه بشَهادَتِهما. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ، وابنُ الراغُونِيِّ، وأبو الوَفاءِ. وزادَ، إذا لم يتَعَلَّقْ عليهما مِن ذلك تُهْمَة، ولم يُوجِبْ لهما بقَبُولِ شَهادَتِهما رِيبَة، ولم يثْبُتْ بطَريقِ التَّزْكِيَةِ. وقيل: ليسَ له اسْتِخْلافُهما. قال في «الرِّعايةِ»: قلتُ: إنْ جازَتْ شَهادَته لهما وتزْكِيَتُهما، جازَ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، ليسَ له الحُكْمُ على عَدُوِّه، قوْلًا واحدًا، وله أنْ يُفْتِيَ عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيلَ: ليسَ له ذلك. كما تقدَّم في أحْكامِ المُفْتِي.

الْحَبْسِ، فَيَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوس، وَمَنْ حَبَسَهُ، وَفِيمَ حَبَسَهُ، فِي رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، ثُمَّ يُنَادِي فِي البلَدِ: إِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي أمرِ الْمُحْبَسِينَ غَدًا، فَمَنْ لَهُ مِنْهُمْ خَصْمٌ فَلْيَحْضُرْ. فَإذا كَانَ الغَدُ، وَحَضَرَ القَاضِي، أحضَرَ رُقْعَةً، فَقَال: هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ خَصْمُهُ؟ فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ، نَظَرَ بَينَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرّابعةُ، قولُهْ: فإنْ حَضَرَ خَصْمُه، نَظَرَ بَينَهما. بلا نِزاع. فإنْ كانَ حُبِسَ لتُعَدَّلَ البَينةُ، فإعادَتُه مَبْنِيَّة على حَبْسِه في ذلك. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إعادَتُه. وقال في «الرعايةِ»: تُعادُ (¬1) إنْ كانَ الأوَّلُ حَكَمَ به، مع أنَّه ذكَر أنَّ إطْلاقَ المَحْبُوسِ حُكْمٌ. قال في «الفروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه كفِعْلِه، وأنَّ مِثْلَه ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تقْدِيرُ مُدَّةِ حَبسه ونحوُه. قال: والمُرادُ، إذا لم يأمُرْ ولم يأذَنْ بحَبْسِه وإطْلاقِه، وإلَّا فأمْرُه وإذنهْ حُكْم يرْفَعُ الخِلافَ. كما يأتِي.

وَإنْ كَانَ حُبِسَ فِي تُهْمَةٍ، أو افْتِيَاتٍ عَلَى القَاضِي قَبْلَهُ، خَلَّى سَبِيلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ حُبِس في تُهْمَةٍ، أو افْتِياتٍ على القاضِي قَبْلَه، خلَّى سَبِيلَه.

وَإنْ لَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْم، وَقَال: حُبِسْتُ ظُلْمًا، وَلَا حَقَّ عَلَيَّ، وَلَا خَصْمَ لِي. نَادَى بِذَلِكَ ثَلَاثًا، فَإنْ حَضَرَ لَهُ خَصْم وإلَّا احْلَفَهُ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشارِحُ: لأنَّ المَقْصُودَ بحَبْسِه التأدِيبُ، وقد حصَل. وقال ابنُ مُنَحى: لأنَّ بَقاءَه في الحَبْس ظُلْم. قلتُ: في هذا نظَر. وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: وإنْ حَبَسه تَعْزيرًا أو تُهمَةً، خَلَّاه، أو بَقاه بقَدْرِ ما يرَى. وكذا قال في «الفُروعِ» وغيرِه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ولعَلَّه مُرادُ مَن أطْلَقَ، وتعْلِيلُ الشارِحِ يدُلُّ عليه. قوله: وإنْ لم يَحْضُرْ له خَصْم، وقال: حُبِسْتُ ظُلْمًا، ولا حَقَّ عليَّ، ولا خَصْمَ لي. نادَى بذلك ثَلًالا، فإنْ حضَر له خَصْم وإلَّا أحلَفَه، وخَلَّى سَبِيلَه. وكذا قال في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي»، وغيرهم. وأقَره الشارحُ، وابنُ مُنَجَّى على ذلك. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نُودِيَ بذلك. ولم يذْكُروا ثَلًاثًا. قلتُ: يَحْتَمِلُ أن مُرادَ مَن قيد بالثلاثِ، أنه يَشْتَهِرُ بذلك، ويظْهَرُ له (¬1) غَرِيمٌ -أنْ كانَ- في الغالِبِ. ومُرادُ مَن لم يُقَيِّدْ، أنه يُنادَى عليه حتى يغْلِبَ على الظنِّ أنه ليسَ له غَرِيم، ويحْصُلُ ذلك في الغالِبِ في ثَلاثٍ، فيَكونُ المَعْنَى في الحَقِيقَةِ واحِدًا، وكَلامُهم (¬2) مُتفِق. لكِنْ حكَى في «الرِّعايتَين» القَوْلَين، وقام عدَمَ التَّقْيِيدِ بالثلاثِ، فظاهِرُه التنافِي بينَهما. فوائد؛ الأولَى، لو كان خَصْمُه غائِبًا، أبْقاهُ حتى يَبْعَثَ إليه. على الصحيحِ مِن المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقيل: يُخَلِّي سَبِيلَه، كما لو جَهِلَ مَكانَه، أو تَأخرَ بلا عُذْر. قلتُ: وهو ضعيفٌ. وقال في «الفُروعِ»: والأوْلَى أنْ لا يُطْلِقَه إلا بكَفِيلٍ. واخْتارَه في «الرِّعايَةِ». قلتُ: وهو عَينُ الصوابِ، إذا قُلْنا: يُطْلَقُ. الثانيةُ، لو حُبِسَ بقِيمَةِ كَلْبٍ، أو خَمْرِ ذِمِّيٍّ، فقيلَ: يُخَلَّى سَبِيلُه. وقدمه في «الرعايةِ الكُبْرى»، وقال: إنْ صدَّقَه غَرِيمُه. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وقدَّمه الشارِحُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «المُغْنِي». وقيل: يُبَقَّى. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقيل: يَقِفُ ليَصْطَلِحا على شيءٍ. وجزَم في «الفُصولِ»، أنَّه يرْجِعُ إلى رَأيِ الحاكمِ الجديدِ. الثالثةُ، إطْلاقُ الحاكمِ المحْبوسَ مِن الحَبْسِ أو غيرِه حُكْم. جزَم به في «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ». وكذا أمْرُه بإراقَةِ نَبِيذٍ. ذكَرَه في «الأحْكامِ السُّلْطانِيةِ»، في المُحْتَسِبِ. وتقدَّم في بابِ الصُّلْعِ، أن إذنه في مِيزابٍ وبِناءٍ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) بعده في ط: «في الرعاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه يمْنَعُ الضَّمانَ؛ لأنه كإذْنِ الجميعِ. ومَن منَع؛ فلأنه ليسَ له عندَه أنْ يأذَنَ، لا لأنَّ إذنه لا يرْفَعُ الخِلافَ، ولهذا يرْجِعُ بإذْنِه في قَضاءِ دَين ونفَقَةٍ، وغيرِ ذلك، ولا يضْمَنُ بإذْنِه في النَّفَقَةِ على لَقِيطٍ وغيرِه، بلا خِلافٍ، وإنْ ضَمِنَ لعدَمِها؛ ولهذا إذْنُ الحاكمِ في أمْر مُخْتَلَفٍ فيه، كافٍ بلا خِلاف. وسَبَق كلامُ الشَّيخِ تَقِيِّ الدينِ، رحِمَه اللهُ، أنَّ الحاكِمَ ليسَ هو الفاسِخَ، وإنَّما يأذَنُ له، ويحْكُمُ به، فمتَى أذِنَ أو حكَمَ لأحَد باسْتِحْقاقِ عَقْدٍ أو فَسْخ، فعَقَدَ أو فَسَخَ، لم يحْتَجْ بعدَ ذلك إلى حُكْم بصِحَّتِه، بلا نِزاعٍ، لكِنْ لو عقَدْ هو أو فسَخَ، فهو فِعْلُه. وهل فِعْلُه حُكْم؟ فيه الخِلافُ المَشْهورُ. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ»: وإنْ ثَبَتَ عليه قَوَدٌ لزَيدٍ، فأمَر بقَتْلِه، ولم يقُلْ: حَكَمْتُ به. أو أمَر رَبَّ الدَّينِ الثابتِ أنْ يأخُذَه مِن مالِ المَدْيونِ، ولم يقُلْ: حكَمْتُ به. احْتَمَلَ وَجْهَين. وكذا حَبْسُه، وإذنه في القَتْلِ وأخْذِ الدَّينِ. انتهى. الرابعةُ، فِعْلُه حُكْم. قاله في «الفُروعِ» وغيرِه. وقد ذكَر الأصحابُ في حِمَى الأئمةِ، أن اجْتِهادَ الإمامِ لا يجوزُ [نقْضُه، كما لا يجوزُ] (¬1) نقْضُ حُكْمِه. وذَكروا -خَلا (¬2) المُصَنِّفِ- أن المِيزابَ ونحوَه يجوزُ بإذْن، واحْتَجُّوا بنَصْبِه -عليه أفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ- مِيزابَ العَبَّاسِ، رَضِيَ الله عنْه (¬3). وقال المُصَنفُ في «المُغْنِي» (¬4) وغيرِه، في بَيعِ ما فُتِحَ عَنْوَة: إنْ باعَه الإمامُ لمَصْلَحَة رَآها، صحَّ؛ لأنَّ فِعْلَ الإمامِ كحُكْمِ الحاكمِ. وقال في ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في ا: «خلاف». (¬3) تقدم تخريجه في 13/ 186. (¬4) انظر المغني 4/ 195.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِي» (¬1) أيضًا: لا شُفْعَةَ فيها، إلا أنْ يحْكُمَ ببَيعِها حاكِم، أو يفْعَلَه الإمامُ أو نائبُه. وقال في «المُغْنِي» (1) أيضًا: إنَّ ترْكَها بلا قِسْمَةٍ وَقْفٌ لها، وأنَّ ما فَعَلَه الأئِمَّةُ ليس لأحَدٍ نقْضُه. واخْتارَ أبو الخَطابِ رِوايةً، أن الكافِرَ لا يَمْلِكُ مال مُسْلِم بالقَهْرِ. وقال: إنَّما منْعُه منه بعدَ القِسْمَةِ؛ لأنَّ قِسْمَةَ الإمامِ تجْرِي مَجْرَى الحُكْمِ. انتهى. وفِعْلُه حُكْم؛ كتَزْويجِ يَتيمَةٍ، وشِراءِ عَين غائبَةٍ، وعَقْدِ نِكاحٍ بلا وَلِيٍّ. وذكَرَه المُصَنِّفُ في عَقْدِ النِّكاح بلا وَلِيٍّ، وغيرُه. وذكَرَه الشيخُ تَقِي الدينِ، رحِمَه اللهُ، أصحَّ الوَجْهَين. وذكَر الأزَجِيُّ -في مَن أقَر لزَيدٍ، فلم يُصَدِّقْه، وقُلْنا: يأخُذُه الحاكِمُ. ثم ادَّعَاه المُقِرُّ- لم يصِح؛ لأنَّ قَبْضَ الحاكمِ بمَنْزِلَةِ الحُكْمِ بزَوالِ مِلْكِه عنه. وذكَر الأصحابُ في القِسْمَةِ المُطْلَقَةِ المَنْسِيةِ، أنَّ قُرْعَةَ الحاكِمِ كحُكْمِه لا سَبِيلَ إلى نقْضِه. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»، والمَجْدُ في «المُحَررِ»: فِعْلُه حُكْم -إنْ حكَم به هو أو غيرُه وفاقًا- كفُتْيَاه. فإذا قال: حَكَمْتُ بصِحَّتِه. نفَذَ حُكْمُه باتِّفاقِ الأئِمةِ. قاله الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ. وقال [ابنُ القَيِّمِ] (¬2) في «إعْلامِ المُوَقِّعِينَ»: فُتْيا الحاكِمِ ليستْ حُكْمًا منه، فلو حكَم غيرُه بغيرِ ما أفْتَى، لم يكُنْ نقْضًا لحُكْمِه، ولا هي كالحُكْمِ، ولهذا يجوزُ لنْ يُفْتِيَ للحاضِرِ والغائبِ، ومَن يجوزُ حُكْمُه له ومَن لا يجوزُ. انتهى. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: حُكْمُه يَلْزَمُ بأحَدِ ثلاثةِ ألْفاظٍ: ألزَمْتُكَ. أو: قَضَيتُ له به عليكَ. أو: أخْرِجْ إليه منه. وإقْرارُه ليسَ كحُكْمِه. ¬

(¬1) انظر المغني 4/ 189 - 191. (¬2) سقط من: الأصل.

ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الأَيتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالوُقُوفِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخامسةُ، قولُه: ثم يَنْظُرُ في أَمْرِ الأَيتامِ والمَجانِينِ والوُقُوفِ. بلا نِزاعٍ، وكذا الوَصايا. فلو نفَّذَ الأَوَّلُ وَصِيَّتَه، لم يَعْزِلْه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معْرِفَةُ أهْلِيَّتِه، لكِنْ يُراعِيه. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ إثْباتَ ضِفَةٍ؛ كعَدالةٍ وجَرْحٍ وأهْلِيَّةِ وَصِيَّةٍ وغيرِها، حُكْمٌ -خِلافًا لمالِكٍ، رحِمَه اللهُ- يقْبَلُه حاكمٌ خِلافًا لمالِكٍ، وأنَّ له إثْباتَ خِلافِه. وقد ذكَر الأصحابُ أنَّه إذا بانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ، يعْمَلُ بعِلْمِه في عَدالتِه، أو يحْكُمُ. وقال في «الرِّعايتَين» هنا: وينْظُرُ في أمْوالِ الغُيَّابِ. زادَ في «الكُبْرى»، وكُلِّ ضالَّةٍ ولُقَطَةٍ، حتى الإِبِلِ ونحوها. انتهى. وقد ذكَرَ الأصحابُ -منهم المُصَنِّفُ في هذا الكِتابِ، في أواخِرِ البابِ الذي بعدَ هذا- إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ادَّعَى أنَّ أباه ماتَ عنه، وعن أَخٍ له غائبٍ، وله مالٌ في ذِمَّةِ فُلانٍ، أو دَينٌ عليه، وثَبَتَ ذلك، أنَّه يأْخُذُ مال الغائبِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ويدْفَعُ إلى الأخِ الحاضِرِ نَصِيبَه. وتقدَّم في بابِ مِيراثِ المَفْقودِ، أنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، قال: إذا حصَل لأَسِيرٍ مِن وَقْفٍ شيءٌ، تَسَلَّمَه وحَفِظَه وَكِيلُه ومَن ينْتَقِلُ إليه جميعًا. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». السَّادِسَةُ، مَن كانَ مِن أُمَناءِ الحاكمِ للأَطْفالِ، أو الوَصايا التي لا وَصِيَّ لها، ونحوه بحالِه، أقَرَّه؛ لأنَّ الذي قبْلَه وَلَّاه، ومَن فسَقَ، عزَلَه، ويضُمُّ إلى الضَّعِيفِ

ثُمَّ حَال القَاضِي قَبْلَهُ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، لَمْ يَنْقُضْ مِنْ أَحْكَامِهِ إلا مَا خَالفَ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمِينًا. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّها مسْأَلَةُ النَّائبِ. وجعَل في «التَّرْغيبِ» أُمَناءَ الأَطْفالِ كنائبِه في الخِلافِ، وأنَّه يضُمُّ إلى وَصِيٍّ فاسِقٍ أو ضَعِيفٍ أمينًا، وله إبدْالُه. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: ثم -يَنْظُرُ في- حالِ القاضِي قبلَه. وُجوبُ النَّظَرِ في أحْكامِ مَن قبْلَه؛ لأنَّه عطَفَه على النَّظَرِ في أمْرِ الأَيتامِ والمَجانِينِ والوُقوفِ، وتابَع في ذلك صاحِبَ «الهِدايةِ» فيها وغيرَه. وهو ظاهِرُ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: له النَّظَرُ في ذلك مِن غيرِ وُجوبٍ. وهو المذهبُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في «الفُروعِ»: وله -في الأصحِّ- النَّظَرُ في حالِ مَن قبْلَه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقُوَّةُ كلامِ الخِرَقِيِّ تقْتَضِي أنَّه لا يجِبُ عليه تتَبُّعُ قَضايا مَن قبْلَه. وهو ظاهرُ «المُحَرَّرِ». وقدَّمه الزَّرْكَشِيُّ. وجزَم به في «الشَّرْحِ». وقيل: ليسَ له النَّظَرُ في حالِ مَن قبْلَه ألْبَتَّةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ مِمَّن يَصْلُحُ للقَضاءِ، لم يَنْقُضْ مِن أَحْكامِه إلا ما خالفَ نَصَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابٍ أو سُنَّةً. كقَتْلِ المُسْلِمِ بالكافِرِ. نصَّ عليه. فيَلْزَمُه نقْضُه. نصَّ عليه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه ينْقُضُ حُكْمَه إذا خالفَ سُنَّةً، سواءٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانتْ مُتَواتِرَةً أو آحادًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا ينْقُضُ حُكْمَه إذا خالفَ سُنَّةً غيرَ مُتَواتِرَةٍ. قوله: أو إِجْمَاعًا. الإِجْماعُ إجْماعَان؛ إجْماعٌ قَطْعِيٌّ، وإجْماعٌ ظَنِّيٌّ؛ فإذا خالفَ حُكْمُه إجْماعًا قَطْعِيًّا، نقَضَ حُكْمَه قَطْعًا، وإنْ [كان ظَنِّيًّا] (¬1)، لم يَنْقُضْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». وقيل: يَنْقُضُ. وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، وكلامِ «الوَجيزِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم مِن الأصحابِ. تنبيه: صرَّح المُصَنِّفُ، أنَّه لا يُنْقَضُ الحُكْمُ إذا خالفَ القِياسَ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقيل: يُنْقَضُ إذا خالفَ قِياسًا جَلِيًّا. وفاتًا لمالِكٍ والشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُما اللهُ. واخْتارَه في «الرِّعايتَين». وقال: أو خالفَ حُكْمَ غيرِه قبْلَه. قال: وكذا يُنْقَضُ مَن حَكَّمَ نَفْسَه (¬2)، وحاكم مُتَوَلٍّ غيرَه. وقيل: إنْ خالفَ قِياسًا، أو سُنَّةً، أو ¬

(¬1) في ط، ا: «لم يكن قطعيًّا». (¬2) في ا: «يفسقه».

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ، نَقَضَ أَحْكَامَهُ وَإِنْ وَافَقَتِ الصَّحِيحَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَنْقُضَ الصَّوَابَ مِنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إجْماعًا في حُقوقِ اللهِ تعالى -كطَلاقٍ وعِتْقٍ- نقَضَه. وإنْ كانَ في حقِّ آدَمِيٍّ، لم ينْقُضْه إلَّا بطَلَبِ رَبِّه. وجزَم به في «المُجَرَّدِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». فائدة: لو حكَمَ بشاهِدٍ ويَمِينٍ، لم يُنْقَضْ. وذكَرَه القَرَافِيُّ إجْماعًا. ويُنْقَضُ حُكْمُه بما لم يعْتَقِدْه، وفاقًا للأئمَّةِ الأرْبَعَةِ. وحكاه القَرَافِيُّ أيضًا إجْماعًا. وقال في «الإِرْشادِ»: وهل يُنْقَضُ بمُخالفَةِ قوْلِ صَحابِيٍّ (¬1)؟ يتَوَجَّهُ نقْضُه إنْ جُعِلَ حُجَّةً كالنَّصِّ، وإلَّا فلا؟ قال في «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والسِّتِّين»: لو حكَم في مسْألَةٍ مُخْتَلَفٍ فيها بما يرَى أنَّ الحقَّ في غيرِه، أَثِمَ وعَصَى بذلك، ولم يُنْقَضْ حُكْمُه، إلَّا أنْ يكونَ مُخالِفًا لنَصٍّ صَريحٍ. ذكَرَه ابنُ أبي مُوسى. وقال السَّامَرِّيُّ: يُنْقَضُ حُكْمُه. نقَل ابنُ الحَكَمِ، إنْ أخَذ بقَوْلِ صَحابِيٍّ، وأخَذَ آخَرُ بقَوْلِ تابِعِيٍّ، فهذا يُرَدُّ حُكْمُه؛ لأنَّه حُكْمٌ تجَوَّزَ وتأَوَّلَ الخَطَأَ. ونقَل أبو طالِبٍ، فأمَّا إذا أخْطَأَ بلا تأْويلٍ، فليَرُدَّه، ويَطْلُبْ صاحِبَه حتى يَرُدَّه فيَقْضِيَ بحقٍّ. قوله: وإِنْ كانَ مِمَّن لا يَصْلُحُ، نَقَضَ أَحْكامَه. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ ¬

(¬1) في النسخ: «صاحب». وانظر الفروع 6/ 457، والمبدع 10/ 50.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. نقَل عَبْدُ اللهِ، إنْ لم يكُنْ عَدْلًا، لم يُجِزْ حُكْمَه. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: هذا الأشْهَرُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَنْقُضَ الصَّوابَ منها. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «التَّرْغيبِ». وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وأبي بَكْرٍ، وابنِ عَقِيلٍ، وابنِ البَنَّا، حيثُ أَطْلَقوا أنَّه لا يَنْقُضُ مِن الحُكْمِ إلَّا ما خالفَ كِتابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وعليه عَمَلُ النَّاسِ مِن مُدَدٍ، ولا يسَعُ النَّاسَ غيرُه. وهو قولُ أبي حَنِيفَةَ، ومالِكٍ، رحِمَهُما اللهُ. وأمَّا إذا خالفَتِ الصَّوابَ، فإنَّها تُنْقَضُ بلا نِزاعٍ. قال في «الرِّعايةِ»: ولو ساغَ فيها الاجْتِهادُ. فائدتان؛ إحْداهما، حُكْمُه بالشَّيءِ حُكْمٌ بلازِمِه. ذكَرَه الأصحابُ في المَفْقُودِ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. يعْنِي؛ أنَّ الحُكْمَ بالشَّيءِ لا يكونُ حُكْمًا بلازِمِه. وقال في «الانْتِصارِ»، في لِعانِ عَبْدٍ: في إعادَةِ فاسِقٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهادَتُه لا تُقْبَلُ؛ لأنَّ رَدَّه لها حُكْمٌ بالرَّدِّ، فقَبُولُها نقْضٌ له فلا يجوزُ، بخِلافِ رَدِّ صَبِيٍّ وعَبْدٍ، لإِلْغاءِ قوْلِهما. وقال في «الانْتِصارِ» أيضًا في شَهادَةٍ في نِكاحٍ: لو قُبِلَتْ، لم يكُنْ نَقْضًا للأَوَّلِ، فإنَّ سَبَبَ الأَوَّلِ الفِسْقُ، وزال ظاهِرًا، لقَبُولِ سائرِ شَهاداتِه. وإذا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الواقِعَةِ فتَغَيَّرَ القَضاءُ بها، لم يكُنْ نقْضًا للقَضاءِ الأوَّلِ، بل رُدَّتْ للتُّهْمَةِ؛ لأنَّه صارَ خَصْمًا فيه، فكأَنَّه شَهِدَ لنَفْسِه، أو لوَلِيَّه. وقال في «المُغْنِي»: ردُّ شهادةِ الفاسقِ باجتهادِه. فقبولُها نقضٌ له. وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، في رَدِّ عَبْدٍ: لأنَّ الحُكْمَ قد مضَى، والمُخالفَةُ في قَضِيَّةٍ واحدَةٍ نقْضٌ مع العِلْمِ. وإنْ حكَم ببَيِّنَةِ خارِجٍ، أو جَهِلَ عِلْمَه ببَيِّنَةِ داخِلٍ، لم يُنْقَضْ؛ لأنَّ الأَصْلَ جَرْيُه على العَدْلِ والصِّحَّةِ. ذكَرَه المُصنِّفُ في «المُغْنِي» في آخِرِ فُصولِ مَنِ ادَّعَى شيئًا في يَدِ غيرِه (¬1). قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. يعْنِي بنَقْضِه. الثَّانيةُ، ثُبوتُ الشيءِ عندَ الحاكمِ ليسَ حُكْمًا به. على ما ذكَرُوه في صِفَةِ السِّجِلِّ، وفي كتابِ القاضي، على ما يأْتِي. وكلامُ القاضي هناك يُخالِفُه. قال ذلك في «الفُروعِ» وقد دلَّ كلامُه في «الفُروعِ» في بابِ كتابِ القاضِي إلى القاضِي، أنَّ في الثُّبوتِ خِلافًا؛ هل هو حُكْمٌ، أمْ لا؟ بقَوْلِه في أوائلِ البابِ: فإنْ حكَم المالِكِيُّ للخِلافِ في العَمَلِ بالخَطِّ، فلحَنْبَلِيٍّ تنْفِيذُه، وإنْ لم يحْكُمِ ¬

(¬1) انظر المغني 14/ 297.

وَإِنِ اسْتَعْدَاهُ عَلَى القَاضِي خَصْمٌ لَهُ، أَحْضَرَهُ. وَعَنْهُ، لَا يُحْضِرُهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِكِيُّ، بل قال: ثَبَتَ كذا. فكذلك؛ لأنَّ الثُّبوتَ عندَ المالِكِيِّ حُكْمٌ. ثُمَّ إنْ رأَى الحَنْبَلِيُّ الثُّبوتَ حُكْمًا، نفَّذَه، وإلَّا فالخِلافُ. ويأْتِي في آخرِ البابِ الذي يَلِيه، هل تنْفِيذُ الحاكمِ حُكْمٌ، أمْ لا؟. قوله: وإِذا اسْتَعْداه أَحَدٌ على خَصْمٍ له، أَحْضَرَه. يعْنِي، يَلْزَمُه إحْضارُه. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايةِ»: هذا اخْتِيارُ عامَّةِ شُيوخِنا. قال في «الخُلاصةِ»: وهو الأصحُّ. قال النَّاظِمُ: وهو الأَقْوَى. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: وهو المذهبُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، لا يُحْضِرُه حتى يعْلَمَ أنَّ لِما ادَّعاه أصْلًا. وقدَّمه في «الحاوي». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغرى». وصحَّحه في «النَّظْمِ». وأَطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «المُحَرَّرِ». فلو كان لِما ادَّعاه أصْلٌ، بأَنْ كانَ بينَهما مُعامَلَةٌ، أحْضَره. وفي اعْتِبارِ تحْريرِ الدَّعْوَى لذلك قبلَ إحْضارِه وَجْهان. وأَطْلَقهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». قال في «الفُروعِ»: ومَنِ اسْتَعْداهُ على خَصْمٍ في البَلَدِ، لَزِمَه إحْضارُه. وقيل: إنْ حرَّر دَعْواه. وقال في «المُحَرَّرِ»: ومَن اسْتَعْداهُ على خَصْمٍ حاضرٍ في البَلَدِ، أحْضَرَه، لكِنْ في اعْتِبارِ تحْريرِ الدَّعْوى وَجْهان. فظاهِرُ كلامِ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، أنَّ المَسْألتَين مسْألَةٌ واحدةٌ، وجَعَلا الخِلافَ فيها وَجْهَين. وحكَى صاحِبُ «الهِدايَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم، هل يُشْتَرَطُ في حُضورِ الخَصْمِ أنْ يعْلَمَ أنَّ لِما ادَّعاه الشَّاكِي أصْلًا، أمْ لا؟ ولم يَذْكُروا تحْرِيرَ الدَّعْوَى، فالظَّاهِرُ أنَّ هذه مسْألَةٌ وهذه مسْأَلَةٌ. فعلى القَوْلِ بأنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يعْلَمَ أنَّ لِما ادَّعاه أصْلًا، يُحْضِرُه، لكِنَّ في اعْتِبارِ تحْرِيرِ الدَّعْوى قبلَ إحْضارِه الوَجْهَين. وذكَرهما في «الرِّعايةِ الكُبْرى» مسْأَلَتَين، فقال: وإنِ ادَّعَى على حاضِرٍ في البَلَدِ، فهل له أنْ يُحْضِرَه قبلَ أنْ يعْلَمَ أنَّ بينَهما مُعامَلَةً فيما ادَّعاه؟ على رِوايتَين، وإنْ كان بينَهما مُعامَلَةٌ، أحْضَرَه أو وَكِيلَه. وفي اعْتِبارِ تحْريرِ الدَّعْوى لذلك قبلَ إحْضارِه وَجْهان. انتهى. وهو الصَّوابُ. وذكَرَ في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» و «الحاوي الصَّغِيرِ» المَسْألَةَ الثَّانيةَ طريقَةً. فائدتان؛ إحْداهما، لا يُعْدَى حاكمٌ في مِثْلِ ما لا تَتْبَعُه الهِمَّةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: ولا يَنْبَغِي للحاكمِ أنْ يسْمَعَ شَكِيَّةَ أحَدٍ إلَّا ومعه خَصْمُه، هكذا وَرَدَ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

(¬1) وهو ما جاء في حديث علي - رضي الله عنه - عندما بعثه النبي إلى اليمن فقال له: «إذا جلس بين يديك خصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء». أخرجه أبو داود، في: باب كيف القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود 2/ 270. والترمذي، في: باب ما جاء في القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما، كتاب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 72. وابن ماجه، في: باب ذكر القضاء، من كتاب الأقضية. سنن ابن ماجه 2/ 774. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 90.

وَإِنِ اسْتَعْدَاهُ عَلَى القَاضِي قَبْلَهُ، سَأَلَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ، فَإِنْ قَال: لِي عَلَيهِ دَينٌ مِنْ مُعَامَلَةٍ، أَوْ رِشْوَةٌ. رَاسَلَهُ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ، أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ، وَقَال: إِنَّمَا يُرِيدُ تَبْذِيلِي. فَإِنْ عَرَفَ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا، أَحْضَرَه، وَإِلَّا فَهَلْ يُحْضِرُه؟ عَلَى رِوَايَتَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، متى لم يَحْضُرْ، لم يُرَخِّصْ له في تَخَلُّفِه، وإلَّا أعْلَمَ به الوالِيَ، ومتى حضَرَ، فله تأْدِيبُه بما يراه. تنبيه: مُرادُ المُصَنِّفِ هُنا وغيرِه، إذا اسْتَعْداه على حاضِرٍ في البَلَدِ. أمَّا إنْ كانَ المُدَّعَى عليه غائبًا، فيَأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَّلِ الفَصْلِ الثَّالثِ مِن البابِ الآتِي بعدَ هذا. وكذا إذا كان غائبًا عنِ المَجْلِسِ، ويأْتِي هناك أيضًا. قوله: وإِنِ اسْتَعْداه على الْقاضِي قَبْلَه، سَأَلَه عَمَّا يَدَّعِيه، فإِنْ قال: لي عليه دَينٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن مُعامَلَةٍ، أو رِشْوَةٍ. راسَلَه، فإنِ اعْتَرَفَ بذلكَ، أَمَرَه بالخُرُوجِ منه، وإِنْ أَنْكَرَه، وقال: إنَّما يُرِيدُ -بذلك- تَبْذِيلي. فإن عَرَفَ لِما ادَّعاه أَصْلًا، أَحْضَرَه، وإِلَّا فهل يُحْضِرُه؟ على رِوايتَين. يعْنِي، وإنْ لم يَعْرِفْ لِمَا ادَّعاه أصْلًا. واعلمْ أنَّه إذا ادَّعى على القاضِي المَعْزُولِ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه يُعْتَبَرُ تحْرِيرُ الدَّعْوَى في حقِّه. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «الرِّعايتَين». قال في «الفُروعِ»: ويُعْتَبَرُ تحْرِيرُها في حاكمٍ مَعْزُولٍ في الأصحِّ. وقيلَ: هو كغيرِه. قال في «الشَّرْحِ»: وإنِ ادَّعَى عليه الجَوْرَ في الحُكْمِ، وكان للمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، أحْضَرَه وحكَم بالبَيِّنَةِ، وإنْ لم يكُنْ معه بَيِّنَةٌ، ففي إحْضارِه وَجْهان. انتهى. وعنه، متى بَعُدَتِ الدَّعْوَى عُرْفًا، لم يُحْضِرْه حتى يُحَرِّرَها، ويتَبَيَّنَ (¬1) أَصْلَها. وزاد في «المُحَرَّرِ» في هذه الرِّوايةِ فقال: وعنه، كلُّ مَن يُخْشَى بإحْضارِه ابْتِذَالُه إذا بَعُدَتِ الدَّعْوى عليه في العُرْفِ، لم يُحْضِرْه، حتى يُحَرِّرَ ويُبَيِّنَ أصْلَها. وعنه، متى تَبَيَّنَ، أحْضَرَه، وإلَّا فلا. تنبيه: لابُدَّ مِن مُراسَلَتِه قبلَ إحْضارِه على كلِّ قَوْلٍ. على الصَّحيحِ مِن ¬

(¬1) في الأصل: «يتبين».

وَإِنْ قَال: حَكَمَ عَلَيَّ بِشَهَادَةِ فَاسِقَينِ. فَأَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيرِ يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. صحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». قال في «الفُروعِ»: ويُراسِلُه في الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: ومُراسَلَتُه أظْهَرُ. قال النَّاظِمُ: وراسِلْ (¬1) في الاقْوَى. وجزَم به كثيرٌ مِن الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقيل: يُحْضِرُه مِنْ غير مُراسَلَةٍ. وهو رِوايةٌ في «الرِّعايةِ»، وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، فإنَّه لم يذْكُر المُراسَلَةَ، بل قال: إنْ ذكَر المُسْتَعْدِي (¬2) أنَّه يدَّعِي عليه حقًّا مِن دَينٍ أو غَصْبٍ، أعْداه عليه، كغيرِ القاضِي. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قوله: فإنْ قال: حَكَمَ عليَّ بشَهادَةِ فاسِقَين. فأَنْكَرَ، فالقَوْلُ قَوْلُه بغَيرِ ¬

(¬1) في الأصل: «أرسل». (¬2) في الأصل: «المتعدى».

وَإِنْ قَال الحَاكِمُ الْمَعْزُولُ: كُنْتُ حَكَمْتُ فِي ولَايَتِي لِفُلَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ يَمِينٍ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُقْبَلُ قولُه إلَّا بيَمِينِه. فائدة: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: تخْصِيصُ الحاكمِ المَعْزولِ بتَحْريرِ الدَّعْوَى في حقِّه لا مَعْنَى له، فإنَّ الخَلِيفَةَ ونحوَه في مَعْناه، وكذلك العالِمُ الكَبِيرُ والشَّيخُ المَتْبوعُ. قلتُ: وهذا عَينُ الصَّوابِ. وكلامُهم لا يُخالِفُ ذلك، والتَّعْلِيلُ يدُلُّ على ذلك. وقد قال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: وكذلك الخِلافُ والحُكْمُ في كلِّ مَن خِيفَ تَبْذِيلُه، ونَقْصُ حُرْمَتِه بإحْضارِه، إذا بَعُدَتِ الدَّعْوى عليه عُرْفًا. قال (¬1): كَسُوقِيٍّ ادَّعَى أنَّه تزَوَّجَ بِنْتَ سُلْطانٍ كبيرٍ، أو اسْتَأْجرَه لخِدْمَتِه. وتقدَّم أنَّ ذلك رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ. قال في «الخُلاصةِ»، بعدَ أنْ ذكَر حُكْمَ القاضي المَعْزولِ: وكذلك ذَوُو الأَقْدارِ. قوله: وإنْ قَال الحاكِمُ المعْزُولُ: كُنْتُ حَكَمْتُ في ولايَتِي لفُلانٍ بحَقٍّ. قُبِلَ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

عَلَى فُلَانٍ بِحَقٍّ. قُبِلَ قَوْلُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ، سواءٌ ذكَر مُسْتَنَدَه، أوْ لا. جزَم به القاضي في «جامِعِه»، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيه» (¬1) الكبيرِ والصَّغيرِ، وابنُ عَقِيلٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، وغيرُهم. واخْتارَه الخِرَقِيُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال في «تَجْريِدِ العِنايةِ»: وكذا يُقْبَلُ بعدَ عَزْلِه، في الأَظْهَرِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. [وقيَّده في «الفُروعِ» بالعَدْلِ. وهو أَوْلَى. وأَطْلَقَ أكثرُهم] (¬2). ¬

(¬1) في الأصل، ط: «خلافه». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يُقْبَلَ. وهو لأبي الخَطَّابِ. قال المُصَنِّفُ: وقولُ القاضي في فُروعِ هذه المَسْأَلَةِ يقْتَضِي أنْ لا يُقْبَلَ قوْلُه هنا. فعلى هذا الاحْتِمالِ، هو كالشَّاهِدِ. قال في «المُحَرَّرِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ إلَّا على وَجْهِ الشَّهادَةِ إذا كان عن إقْرارٍ. وقال في «الرِّعايةِ»: ويَحْتَمِلُ ردُّه، إلَّا إذا اسْتَشْهَدَ مع عَدْلٍ آخَرَ عندَ حاكمٍ غيرِه، أنَّ حاكِمًا حكَمَ به، أو أنَّه حُكْمُ حاكمٍ جائزِ الحُكْمِ، ولم يذْكُرْ نفْسَه. ثم حكَى احْتِمال «المُحَرَّرِ» قوْلًا. انتهى. وقيل: ليسَ هو كشَاهِدٍ. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ»، فلابُدَّ مِن شاهِدَين سِواه. ويأْتِي في كلامِ المُصَنِّفِ، إذا أخْبَرَ الحاكِمُ في حالِ ولايَتِه أنَّه حكَمَ لفُلانٍ بكذا، في آخِرِ البابِ الآتِي بعدَ هذا؛ وهو قوْلُه: وإنِ ادَّعَى إنْسانٌ أنَّ الحاكِمَ حكَمَ له، فصَدَّقَه، قُبِلَ قولُ الحاكمِ. فعلى المذهبِ، مِن شَرْطِ قَبُولِ قَوْلِه أنْ لا يُتَّهَمَ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. نقَله الزَّرْكَشِيُّ. تنبيه: قال القاضي مَجْدُ الدِّينِ: قَبُولُ قوْلِه مُقَيَّدٌ بما إذا لم يشْتَمِلْ على إبْطالِ حُكْمِ حاكمٍ آخَرَ، فلو حَكَمَ حَنَفِيٌّ برُجوعِ واقِفٍ على نفْسِه، فأَخْبَرَ حاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ أنَّه كان حَكَمَ قبلَ حُكْمِ الحَنَفِيِّ بصِحَّةِ الوَقْفِ المَذْكورِ، لم يُقْبَلْ. نقَله القاضي مُحِبُّ الدِّينِ في «حَواشِي الفُروعِ»، وقال: هذا تقْيِيدٌ حسَنٌ يَنْبَغِي اعْتِمادُه. وقال القاضي مُحِبُّ الدِّينِ: ومُقْتَضَى إطْلاقِ الفُقَهاءِ قَبُولُ قوْلِه، ولو كانَتِ العادَةُ تَسْجِيلَ أحْكامِه وضَبْطَها بشُهودٍ، ولو قيَّد ذلك بما إذا لم يكُنْ عادَةً، كان مُتَّجِهًا؛ لوُقوعِ الرِّيبَةِ، لمُخالفَتِه للعادَةِ. انتهى. قلتُ: ليسَ الأمْرُ كذلك، بل يُرْجَعُ إلى صِفَةِ الحاكمِ. ويدُلُّ عليه ما قاله أبو الخَطَّابِ وغيرُه، على ما تقدَّم. فوائد؛ الأُولَى، قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ تعالى: كِتابُه في غيرِ عَمَلِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعدَ عَزْلِه، كخَبَرِه. ويأْتِي ذلك أيضًا. الثَّانيةُ، نَظِيرُ مسْألَةِ إخْبارِ الحاكمِ في حالِ الولايَةِ والعَزْلِ، أمِيرُ الجِهادِ وأمِينُ الصَّدَقَةِ وناظِرُ الوَقْفِ. قاله الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قال في «الانْتِصارِ»: كلُّ مَن صحَّ منه إنْشاءُ أمْرٍ، صحَّ إقْرارُه به. الثَّالثةُ، لو أخْبَرَه حاكِمٌ آخَرُ بحُكْمٍ أو ثُبوتٍ في عَمَلِهما، عَمِلَ به في غَيبَةِ المُخْبِرِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ»: عَمِلَ به مع غَيبَةِ المُخْبِرِ عن المَجْلِسِ. الرَّابعةُ، يُقْبَلُ خَبَرُ الحاكمِ لحاكمٍ آخَرَ في غيرِ عَمَلِهما، وفي عَمَلِ أحَدِهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتارَه ابنُ حَمْدانَ، وصحَّحه في «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِيُّ: وإليه مَيلُ أبي محمدٍ. وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وابنُ رَزِينٍ، والزَّرْكَشِيُّ. وعندَ القاضي لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُقْبَلُ في ذلك كلِّه إلَّا أنْ يُخْبِرَ في عَمَلِه حاكِمًا في غيرِ عَمَلِه، فيَعْمَلَ به إذا بلَغ عَمَلَه وجازَ حُكْمُه بعِلْمِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «التَّرْغيبِ». ثمَّ قال: وإنْ كانَا في ولايةِ المُخْبِرِ، فوَجْهان. وفيه أيضًا، إذا قال: سَمِعْتَ البَيِّنَةَ فاحْكُمْ. لا فائدَةَ له مع حَياةِ البَيِّنَةِ، بل عندَ العَجْزِ عنها. فعلى قولِ القاضي ومَن تابَعَه، يفَرَّقُ بينَ هذه المَسْألَةِ وبينَ ما إذا قال الحاكِمُ المَعْزولُ: كنتُ حَكَمْتُ في ولايَتِي لفُلانٍ بكذا. أنَّه يُقْبَلُ هناك، ولا يُقْبَلُ هنا. فقال الزَّرْكَشِيُّ: وكأَنَّ الفَرْقَ ما يحْصُلُ مِن الضَّرَرِ

وَإِنِ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ غَيرِ بَرْزَةٍ، لَمْ يُحْضِرْهَا، وَأَمَرَهَا بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيهَا اليَمِينُ، أَرْسَلَ إِلَيهَا مَنْ يُحْلِفُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بتَرْكِ قَبُولِ قولِ المَعْزُولِ، بخِلافِ هذا. قوله: وإِنِ ادَّعَى على امْرَأَةٍ غيرِ بَرْزَةٍ، لم يُحْضِرْها، وأَمَرَها بالتَّوْكِيلِ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به الأكثرُ. وأَطْلَقَ ابنُ شِهَابٍ وغيرُه إحْضارَها؛ لأنَّ حقَّ الآدَمِيِّ مَبْناه على الشُّحِّ والضِّيقِ، ولأنَّ مَعَها أمِينَ الحاكِمِ، فلا يحْصُلُ معه خِيفَةُ الفُجورِ، والمُدَّةُ يسِيرَةٌ، كسَفَرِها مِن مَحَلَّةٍ إلى مَجَلَّةٍ، ولأنَّها لم تُنْشِئْ هي إنَّما أُنْشِئَ بها. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ، إنْ تعَذَّرَ حُصولُ الحقِّ بدُونِ إحْضارِها، أحْضَرها. وذكَر القاضي أنَّ الحاكِمَ يَبْعَثُ مَن يقْضِي بينَها وبينَ خَصْمِها. فوائد؛ الأُولَى، لا يُعْتَبَرُ لامْرَأَةٍ بَرْزَةٍ في حُضورِها مَحْرَمٌ. نصَّ عليه. وجزَم به الأصحابُ. وغيرُها تُوَكِّلُ، كما تقدَّم. وأَطْلَقَ في «الانْتِصارِ» النَّصَّ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَرْأَةِ، واخْتارَه إنْ تعَذَّرَ الحقُّ بدُونِ حُضورِها، كما تقدَّم. الثَّانيةُ، البَرْزَةُ؛ هي التي تَبْرُزُ لحَوائِجِها. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال في «المُطْلِعِ»: هي الكَهْلَةُ التي لا تحْتَجِبُ احْتِجَابَ الشَّوَابِّ. والمُخْدَرَةُ بخِلافِها. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ خَرَجَتْ للعَزاءِ والزِّياراتِ (¬1) ولم تُكْثِرْ، فهي مُخْدَرَةٌ. الثَّالثةُ، المَرِيضُ يُوَكِّلُ كالمُخْدَرَةِ. ¬

(¬1) في ط: «الرزايا».

وَإِنِ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ عَنِ البَلَدِ فِي مَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ، كَتَبَ إِلَى ثِقَاتٍ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَتَوَسَّطُوا بَينَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوا، قِيلَ لِلْخَصْمِ: حَقِّقْ مَا تَدَّعِيهِ. ثُمَّ يُحْضِرُهُ وَإِنْ بَعُدَتِ الْمَسَافَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى على غائِبٍ عن البَلَدِ في مَوْضِعٍ لا حاكِمَ فيه، كَتَبَ إلى ثِقَاتٍ مِن أَهْلِ ذلك الْمَوْضِعِ، ليَتَوَسَّطُوا بَينَهُما، فإِنْ لم يَقْبَلُوا، قِيلَ للخَصْمِ: حَقِّقْ ما تَدَّعِيه. ثُمَّ يُحْضِرُه، وإنْ بَعُدَتِ المَسافَةُ. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» -ونَصَرَاه- و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يُحْضِرُه مِن مَسافَةِ قَصْرٍ فأَقَلَّ. وقيل: لا يُحْضِرُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا إذا كانَ لدُونِ مَسَافَةِ القَصْرِ. وعنه، لدُونِ يومٍ. جزَم به في «التَّبْصِرَةِ»، وزادَ، بلا مُؤْنَةٍ ولا مَشَقَّةٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيل: إنْ جاءَ وعادَ في يومٍ، أُحْضِرَ ولو قبلَ تحْرِيرِ الدَّعْوى. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا يُحْضِرُه مع البُعْدِ حتى تَتَحَرَّرَ دَعْواه. وفي «التَّرْغيبِ» أيضًا: يَتَوَقَّفُ إحْضارُه على سَماعِ البَيِّنَةِ إن كان ممَّا لا يُقْضَى فيه بالنُّكولِ. قال: وذكَر بعْضُ أصحابِنا، لا يُحْضِرُه مع البُعْدِ، حتى يصِحَّ عندَه ما ادَّعاه. وجزَم به في «التَّبْصِرَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ هذا إذا كانَ الغائِبُ في مَحَلِّ ولايَتِه. فائدتان؛ إحْداهما، لو ادَّعَى قبلَه شَهادَةً، لم تُسْمَعْ دَعْواه، ولم يُعْدَ عليه، ولم يُحَلَّفْ عندَ الأصحابِ. خِلافًا للشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ، في ذلك. قال: وهو ظاهرُ نَقْلِ صالحٍ، وحَنْبَلٍ. وقال: لو قال: أَنا أَعْلَمُها (¬1) ولا أُؤَدِّيها. فظاهِرٌ، ولو نَكَلَ، لَزِمَه ما ادَّعَى به إنْ قيلَ: كِتْمانُها مُوجِبٌ لضَمانِ ما تَلِفَ. ولا يَبْعُدُ، كما يضْمَنُ في تَرْكِ الإِطْعامِ الواجِبِ. الثَّانيةُ، لو طَلَبَه خَصْمُه، أو حاكمٌ ليَحْضُرَ مَجْلِسَ الحُكْمِ، لَزِمَه الحُضورُ، حيثُ يَلْزَمُ إحْضارُه بطَلَبِه منه. ¬

(¬1) في الأصل: «أعملها».

باب طريق الحكم وصفته

بَابُ طَرِيقِ الحُكْمِ وَصِفَتِهِ إِذَا جَلَسَ إِلَيهِ خَصْمَانِ، فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: مَنِ المُدَّعِي مِنْكُمَا؟ وَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَا، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى، قَدَّمَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه قوله: إذا جَلَسَ إليه خَصْمان، فله أَنْ يَقُولَ: مَن المُدَّعِي مِنْكما؟ وله أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئا. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه إذا جلَسَ إليه خَصْمان (¬1)، فله (¬2) أنْ يقولَ: مَن المُدَّعِي مِنْكما؟ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: وله ¬

(¬1) في الأصل، م: «الخصمان». (¬2) في الأصل: «له»، وفي ا: «أن له».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يسْكُتَ حتى يَبْدَآ، والأَشْهَرُ، وأنْ يقولَ: أيُّكُما المُدَّعِي؟ وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقيلَ: لا يقُولُه حتى يَبْتَدِآ بأَنْفُسِهما، فإنْ سكَتا، أو سكَتَ الحاكِمُ، قال القائِمُ على رَأْسِ القاضِي: مَن المُدَّعِي مِنْكُما؟. فائدتان؛ الأُولَى، لا يقُولُ الحاكِمُ ولا القائمُ على رَأْسِه لأحَدِهما: تَكَلَّمْ. لأنَّ في إفْرادِه بذلك تَفْضِيلًا له وتَرْكًا للإِنْصافِ. الثَّانيةُ، لو بدَأَ أحدُهما فادَّعَى، فقال خَصْمُه: أَنا المُدَّعِي. لم يُلْتَفَتْ إليه،

وَإِنِ ادَّعَيَا مَعًا، قَدَّمَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرْعَةِ. فَإِذَا انْقَضَتْ حُكُومَتُهُ، سَمِعَ دَعْوَى الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُقالُ له: أَجِبْ عن دَعْواه، ثم ادَّعِ بما شِئْتَ. قوله: وإنِ ادَّعَيا مَعًا، قَدَّمَ أَحَدَهما بالْقُرْعَةِ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الشَّارِحُ: قِياسُ المذهبِ، أنْ يُقْرِعَ بينَهما. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقَدِّمُ الحاكِمُ مَن شاءَ منهما. فائدتان؛ إحْداهما، لا تُسْمَعُ الدَّعْوَى المَقْلُوبَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقدَّمه في «الفُروعِ»، وقال: وسَمِعَها بعْضُهم واسْتَنْبَطَها. قلتُ: الذي يظْهَرُ، أنَّه اسْتَنْبَطَها مِن الشُّفْعَةِ؛ فيما إذا ادَّعَى الشَّفِيعُ على شَخْصٍ أنَّه اشْتَرَى الشِّقْصَ، وقال: بلِ اتَّهَبْتُه. أو: وَرِثْتُه. فإنَّ القولَ قولُه مع يَمِينِه، فلو نَكَلَ عنِ اليَمِينِ، أو قامَتْ للشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ بالشِّراءِ، فله أخْذُه ودَفْعُ ثَمَنِه. فإنْ قال: لا أَسْتَحِقُّه. قيل له: إمَّا أنْ تقْبَلَ، وإمَّا أنْ تُبْرِئَه. على أحَدِ الوُجوهِ. وقطَع به المُصَنِّفُ هناك. فلو ادَّعَى الشَّفِيعُ عليه ذلك، ساغَ، وكانتْ شَبِيهَةً بالدَّعْوَى المَقْلُوبَةِ. ومِثْلُه في الشُّفْعَةِ أيضًا، لو أقرَّ البائعُ بالبَيعِ وأنْكَرَ المُشْتَرِي -وقُلْنا: تجِبُ الشُّفْعَةُ- وكان البائعُ مُقِرًّا بقَبْضِ الثَّمَنِ مِن المُشْتَرِي، فإنَّ الثَّمَنَ الذي في يَدِ الشَّفيعِ لا يدَّعِيه أحدٌ، فيُقالُ للمُشْتَرِي: إمَّا أنْ تقْبِضَ، وإمَّا أنْ تُبْرِئَ. على أحَدِ الوُجوهِ. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ. وقال الأصحابُ -ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: لو جاءَه بالسَّلَمِ قبلَ مَحِلِّه، ولا ضرَر في قَبْضِه، لَزِمَه ذلك، فإنِ امْتَنَعَ مِن القَبْضِ، قيلَ له: إمَّا أنْ تقْبِضَ حقَّكَ، أو تُبْرِئَ منه. فإنْ

ثُمَّ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: مَا تَقُولُ فِيمَا ادَّعَاهُ؟ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ سُؤَالهُ حَتَّى يَقُولَ المُدَّعِي: اسْأَلْ سُؤَالهُ عَنْ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبَى، رُفِعَ الأمْرُ إلى الحاكِمِ، على ما تقدَّم في بابِ السَّلَمِ. وكذا في الكِتابةِ. فيُسْتَنْبَطُ مِن ذلك كلِّه صِحَّةُ الدَّعْوَى المَقْلُوبَةِ. الثَّانيَةُ، لا تصِحُّ الدَّعْوى والإِنْكارُ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ. وقد صرَّح به المُصَنِّفُ في أوَّلِ بابِ الدَّعاوَى والبَيِّناتِ في قوْلِه: ولا تصِحُّ الدَّعْوَى والإِنْكارُ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ. انتهى. وتصِحُّ الدَّعْوَى على السَّفِيهِ فيما يُؤْخَذُ به في (¬1) حالِ حَجْرِه (¬2) لسَفَهٍ، وبعْدَ فَكِّ حَجْرِه، ويُحلَّفُ إذا أنْكَرَ. قوله: ثمَّ يَقُولُ للْخَصْمِ: ما تَقُولُ فيما ادَّعاه؟ هذا المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: هذا أصحُّ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» ونصَراه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَمْلِكَ سُؤاله حتى يقولَ المُدَّعِي: واسْأَلْ سُؤاله عن ذلك. وفي ¬

(¬1) في الأصل: «على». (¬2) في الأصل، ا: «عجزه».

فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ، لَمْ يَحْكُمْ لَهُ حَتَّى يُطَالِبَهُ المُدَّعِي بِالْحُكْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وَجْهان. تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّ الدَّعْوى تُسْمَعُ في القَليلِ والكثيرِ. وهو كذلك، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ»: لا تُسْمَعُ في مِثْلِ ما لا تَتْبَعُه الهِمَّةُ، ولا يُعْدَى حاكِمٌ في مِثْلِ ذلك. قوله: فإنْ أَقَرَّ له، لم يَحْكُمْ له حَتَّى يُطالِبَه المدَّعِي بالْحُكْمِ. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: ولا يَحْكُمُ له إلَّا بسُؤالِه، في الأصحِّ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم.

وَإِنْ أَنْكَرَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ المُدَّعِي: أَقْرَضْتُهُ أَلْفًا. أَوْ: بِعْتُهُ. فَيَقُولَ: مَا أَقْرَضَنِي وَلَا بَاعَنِي. أَوْ: مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَاهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال المُصَنِّفُ: هكذا ذكَرَه أصحابُنا. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يجوزَ (¬1) له الحُكْمُ قبلَ مَسْألَةِ المُدَّعِي؛ لأنَّ الحال يدُلُّ على إرَادَتِه ذلك، فاكْتَفى بها كما اكْتَفَى في مسْألَةِ المُدَّعَى عليه الجَوابَ؛ ولأنَّ كثيرًا مِن النَّاسِ لا (¬2) يعْرِفُ مُطالبَةَ الحاكِمِ (¬3) بذلك. انتهى. ومال إليه في «الكافِي». وقال في «الفُروعِ» أيضًا: فإنْ أقَرَّ، حَكَمَ. قاله جماعَةٌ. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ أقَرَّ، فقد ثَبَتَ، ولا يَفْتَقِرُ إلى قولِه: قَضَيتُ. في أحَدِ الوَجْهَين، بخِلافِ قِيامِ البَيِّنَةِ؛ لأنَّه يتعَلَّقُ باجْتِهادِه. قال في «الرِّعايةِ»: وقيلَ: يَثْبُتُ الحقُّ بإقْرارِه وبدُونِ حُكْمٍ. فائدة: لو قال الحاكِمُ للخَصْمِ: يَسْتَحِقُّ عليك كذا؟ فقال: نعمْ. لَزِمَه. ذكَرَه في «الواضِحِ» في قولِ الخاطِبِ للوَلِيِّ: أزَوَّجْتَ؟ قال: نعم. قوله: وإنْ أَنْكَرَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ المُدَّعِي: أَقْرَضْتُه أَلْفًا. أو: بِعْتُه. فَيَقُولَ: ¬

(¬1) في الأصل، ا: «لا يجوز». (¬2) في الأصل، ط: «ما». (¬3) في الأصل: «الحكم».

وَلَا شَيئًا مِنْهُ. أَوْ: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ. صَحَّ الجَوَابُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما أَقْرَضَنِي ولا باعَنِي. أو: ما يَسْتَحِقُّ عليَّ ما ادّعاه، ولا شَيئًا منه. أَو: لا حَقَّ له عليَّ. صَحَّ الْجَوَابُ. مُرادُه، ما لم يعْتَرِفْ بسَبَبِ الحقِّ، فلو اعْتَرَفَ بسَبَبِ الحقِّ، مِثْلَ ما لو ادَّعَتْ مَن تعْتَرِفُ بأَنَّها زَوْجَتُه المَهْرَ، فقال: لا تَسْتَحِقُّ عليَّ شيئًا. لم يصِحَّ الجوابُ، ويَلْزَمُه المَهْرُ، إنْ لم [يُقِمْ بَيِّنَةً] (¬1) بإسْقاطِه، كجَوابِه في دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ به، لا يَسْتَحِقُّ عليَّ شيئًا. ولهذا لو أقَرَّتْ في مرَضِها، لا مَهْرَ لها عليه، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ أنَّها أخَذَتْه. نقَله مُهَنَّا. قال في «الفُروعِ»: والمُرادُ، أو (¬2) أنَّها أسْقَطَتْه في الصِّحَّةِ. وهو كما قال. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال لمُدَّعٍ (¬3) دِينارًا: لا تَسْتَحِقُّ عليَّ حَبَّةً. فعندَ ابنِ عَقِيلٍ، أنَّ هذا ليسَ بجَوابٍ؛ لأنَّه لا يُكْتَفَى في دَفْعِ الدَّعْوَى إلَّا بنَصٍّ، ولا يُكْتَفَى بالظَّاهِرِ، ولهذا لو حلَفَ: واللهِ إنِّي لَصادِقٌ فيما ادَّعَيتُه عليه. أو حَلَفَ المُنْكِرُ: إنَّه لَكاذِبٌ فيما ادَّعاه عليَّ. لم يُقْبَلْ. وعندَ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ، يَعُمُّ الحَبَّاتِ، وما لم ينْدَرِجْ في لَفْظِ حَبَّةٍ، مِن بابِ الفَحْوَى، إلَّا أنْ يُقال: يعُمُّ حقِيقَةً عُرْفِيَّةً. وقد تقدَّم في اللِّعانِ وَجْهان؛ هل يُشْترَطُ قوْلُه: فيما رَمَيتُها به؟. الثَّانيةُ، لو قال: لِي عليكَ مِائَةٌ. فقال: ليسَ لكَ عليَّ مِائَةٌ. فلا بُدَّ أنْ يقُولَ: ولا شيءٌ منها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، كاليَمِينِ. وقيل: لا يُعْتَبَرُ. فعلى ¬

(¬1) في الأصل: «تقم بينته». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في الأصل: «المدعى».

وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ. فَإِنْ لَمْ يَقُلْ، قَال الْحَاكِمُ: أَلَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَوَّلِ، لو نَكَلَ عمَّا دُونَ المِائَةِ، حكَمَ عليه بمِائَةٍ إلَّا جُزْءًا. وإنْ قُلْنا برَدِّ اليَمِينِ، حَلَفَ المُدَّعِي على ما دُونَ المِائَةِ، إذا لم يُسْنِدِ المِائَةَ إلى عَقدٍ؛ لكَوْنِ اليَمِينِ (¬1) لا تَقَعُ إلَّا مع ذِكْرِ النِّسْبَةِ، لتُطابِقَ الدَّعْوَى. ذكَره في «التَّرْغيبِ». وإنْ أجابَ مُشْتَرٍ لمَن يسْتَحِقُّ المَبيعَ بمُجَرَّدِ الإِنْكارِ: رجَعَ عليَّ البائعُ بالثَّمَنِ. وإنْ قال: هو مِلْكِي اشْتَرَيتُه مِن فُلانٍ، وهو مِلْكُه. ففي الرُّجوعِ وَجْهان. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». وإنِ انْتُزِعَ المَبِيعُ مِن يَدِ مُشْتَرٍ ببَيِّنَةِ مِلْكٍ مُطْلَقٍ، رجَع على البائعِ، في ظاهرِ كلامِهم. قاله في «الفُروعِ»، كما يرْجِعُ في بَيِّنَةِ مِلْكٍ سابِقٍ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يَحْتَمِلُ عندِي أنْ لا يرْجِعَ؛ لأنَّ المُطْلَقَةَ تقْتَضِي الزَّوال مِن وَقْتِه، لأنَّ ما قبلَه غيرُ مَشْهُودٍ به. قال الأَزَجِيُّ: ولو قال: لكَ عليَّ شيءٌ. فقال: ليسَ لي عليكَ شيءٌ، إنَّما لِي عليكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. لم تُقْبَلْ منه دَعْوَى الأَلْفِ؛ لأنَّه نَفَاها بنَفْيِ الشَّيْءِ. ولو قال: لك عليَّ دِرْهَمٌ. فقال: ليسَ لي (¬2) عليك في دِرْهَمٌ ولا دانِقٌ، إنَّما لي عليكَ أَلْفٌ. قُبِلَ منه دَعْوَى الأَلْفِ؛ لأنَّ معْنَى نفْيِه. ليسَ حقِّي هذا القَدْرَ. قال: ولو قال: ليسَ لكَ عليَّ شيءٌ إلَّا دِرْهَمٌ. صحَّ ذلك. ولو قال: ليسَ له عليَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ. فقِيلَ: لا يَلْزَمُه شيءٌ؛ لتَخَبُّطِ اللَّفْظِ. والصَّحيحُ أنَّه (¬3) يَلْزَمُه ما أَثْبَتَه، وهي الخَمْسَةُ؛ لأنَّ التَّقْدِيرَ، ليسَ له عليَّ عَشَرَةٌ، لكِنْ خَمْسَةٌ. ولأنَّه اسْتِثْناءٌ مِن النَّفْي، فيَكونُ إثْباتًا. قوله: وللْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ: لِي بَيِّنَةٌ. وإنْ لم يَقُلْ، قال الحاكِمُ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ ¬

(¬1) في النسخ: «الثمن». وانظر الفروع 6/ 467، والمبدع 10/ 59. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) سقط من: ط.

بَيِّنَةٌ؟ فَإِنْ قَال: لِي بَيِّنَةٌ. أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وله قولُ ذلك قبلَ أنْ يقُولَ المُدَّعِي: لي بَيِّنَةٌ. فإنْ قال: لي بَيِّنَةٌ. أمَرَه بإحْضارِها. ومَعْناه، إنْ شِئْتَ فأَحْضِرْها. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الهِدايةِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهما: وإنْ أنْكَرَ، سأَلَ المُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ وقال في «المُحَرَّرِ»: لا يقولُ الحاكِمُ للمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ إلَّا إذا لم يَعْرِفْ (¬1) أنَّ هذا مَوْضِعُ البَيِّنَةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال في «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»: فإنْ قال المُدَّعِي: لي بَيِّنَةٌ. ¬

(¬1) في الأصل: «يعلم».

فَإِنْ أَحْضَرَهَا، سَمِعَهَا الحَاكِمُ، وَحَكَمَ بِهَا إِذَا سَأَلَهُ المُدَّعِي. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأحْضَرَها، حكَمَ بها، وإنْ جَهِلَ أنَّه مَوْضِعُها، قال له: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ فإنْ قال: نعم. طَلَبَها، وحكَمَ بها. وكذا إنْ قال: إنْ كانتْ لكَ بَيِّنَةٌ فأَحْضِرْها إنْ شِئْتَ. فَفَعَلَ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِي»: لا يأْمُرُه بإحْضارِها؛ لأنَّ ذلك حقٌّ له، فله أنْ يفْعَلَ ما يَرَى. قوله: فإذا أَحْضَرَها، سَمِعَها الحاكِمُ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لا يسْأَلُها الحاكِمُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقال: ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ. فائدة: لا يقُولُ الحاكِمُ لهما: اشْهَدا. وليسَ له أنْ يُلَقِّنَهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال في «المُسْتَوْعِبِ»: ولا يَنْبَغِي ذلك. وقال في «المُوجَزِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرَهُ ذلك، كتَعَنُّتِهما (¬1) وانْتِهارِهما. وظاهِرُ «الكافِي» في التَّعَنُّتِ والانْتِهارِ، يَحْرُمُ. قوله: فإذا أَحْضَرَها، سَمِعَها الْحاكِمُ، وحَكَمَ بها إِذا سَأَلَه الْمُدَّعِي. الصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يحْكُمُ إلَّا بسُؤالِ المُدَّعِي، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: له الحُكْمُ قبْلَ سُؤالِه. وهي شَبِيهَةٌ بما إذا أَقَرَّ له، على ما تقدَّم. فائدة: إذا شَهِدَتِ البَيِّنَةُ، لم يَجُزْ له تَرْدِيدُها، ويَحْكُمُ في الحالِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرِّعايةِ»: إنْ ظَنَّ الصُّلْحَ، أَخَّرَ الحُكْمَ. وقال في «الفُصولِ»: وأَحْبَبْنا له أمْرَهما بالصُّلْحِ، ويُؤَخِّرُه، فإنْ أبَيا، حَكَمَ. وقال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: يقولُ له الحاكِمُ: قد شَهِدا عليكَ، فإنْ كانَ قادِحٌ فبَيِّنْه عندِي. يعْنِي، يُسْتَحَبُّ ذلك. وذكَره غيرُهما، وذكَره (¬2) في «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، فيما إذا ارْتَابَ فيهما. قال في «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ له الحُكْمَ مع الرِّيبَةِ (¬3). [قلتُ: الحُكْمُ مع الرِّيبَةِ] (¬4) فيه نَظَرٌ بَيِّنٌ. وقال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لا يجوزُ الحُكْمُ (¬5) بضِدِّ ما يعْلَمُه، بل يتَوَقَّفُ، ومع اللُّبْسِ يأْمُرُ بالصُّلْحِ، فإنْ عجِلَ فحكَمَ قبلَ البَيانِ، ¬

(¬1) في الأصل: «كتعنفهما»، وفي ا: «كتعنيفهما». (¬2) في ط: «ذكر». (¬3) في الأصل: «الرتبة». (¬4) سقط من: الأصل. (¬5) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حَرُمَ، ولم يصِحَّ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: فإذا أحْضَرَها، سَمِعَها الحاكِمُ وحكَمَ. أنَّ الشَّهادَةَ لا تُسْمَعُ قبلَ الدَّعْوَى (¬1). واعلمْ أنَّ الحقَّ حقَّان؛ حقٌّ لآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، وحقٌّ للهِ، فإنْ كان الحقُّ لآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّها لا تُسْمَعُ قبلَ الدَّعْوَى. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ذكَراه في أثْناءِ كِتابِ الشَّهاداتِ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وسَمِعَها القاضي في «التَّعْليقِ»، وأبو الخَطَّابِ في «الانْتِصارِ»، والمُصَنِّفُ في «المُغْنِي»، إنْ لم يعلَمْ به. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وهو غَرِيبٌ. وذكَر الأصحابُ أنَّها تُسْمَعُ بالوَكالةِ مِن غيرِ خَصْمٍ. ونقَله مُهَنَّا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: تُسْمَعُ ولو كان في البَلَدِ. وبَناه القاضي، وغيرُه، على جَوازِ القَضاءِ على الغائبِ. انتهى. والوَصِيَّةُ مثْلُ الوَكالةِ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: الوَكالةُ إنَّما تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ حقٍّ أو إبْقاءَه، وهو ممَّا لا حَقَّ للمُدَّعَى عليه فيه (¬2)، فإنَّ دفْعَه إلى الوَكيلِ وإلى غيرِه سَواءٌ، ولهذا لم يشْتَرِطْ فيها رِضاه. وإنْ كانَ الحقُّ للهِ تعالى؛ كالعِباداتِ، والحُدودِ، والصَّدَقَةِ، والكفَّارَةِ، لم تصِحَّ به الدَّعْوى، بل ولا تُسْمَعُ. وتُسْمَعُ البَيِّنَةُ مِن غيرِ تقدُّمِ دَعْوَى. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. قال في «التَّعْليقِ»: شَهادَةُ الشُّهودِ دَعْوَى. قيل للإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، في بَيِّنَةِ الزِّنى: تحْتاجُ إلى مُدَّعٍ؟ فذَكَرَ خَبَرَ أبي بَكْرَةَ (¬3)، - رَضِيَ اللهُ عنه-، وقال: لم يكُنْ مُدَّعٍ. وقال في «الرِّعايةِ»: تصِحُّ دَعْوَى حِسْبَةٍ ¬

(¬1) بعده بهامش ط: «إذا كان الحق لمعين لا تسمع البينة قبل الدعوى». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) تقدم تخريجه في 26/ 318، 320.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن كلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ في حقِّ اللهِ تعالى؛ كعِدَّةٍ، وحَدٍّ، ورِدَّةٍ، وعِتْقٍ، واسْتِيلادٍ، وطَلاقٍ، وكفَّارَةٍ، ونحو ذلك، وبكُلِّ حقٍّ لآدَمِيٍّ غيرِ مُعَيَّنٍ، وإنْ لم يَطْلُبْه مُسْتَحِقُّه. وذكَر أبو المَعالِي، لنائبِ الإِمامِ مُطالبَةُ رَبِّ مالٍ باطِنٍ بزَكاةٍ، إذا ظَهَرَ له تقْصِيرٌ. وفيما أوْجَبَه مِن نَذْرٍ وكفَّارَةٍ ونحوه، وَجْهان. وقال القاضي في «الخِلافِ» في مَن تَرَكَ الزَّكاةَ: هي آكَدُ؛ لأنَّ للإِمامِ أنْ يُطالِبَ (¬1) بها، بخِلافِ الكفَّارَةِ والنَّذْرِ. وقال في «الانْتِصارِ» في حَجْرِه على مُفْلِسٍ: الزَّكاةُ، كَمَسْألَتِنا، إذا ثَبَتَ وُجوبُها عليه، لا الكفَّارَةُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: ما شَمِلَه حقُّ اللهِ والآدَمِيِّ، كسَرِقَةٍ، تُسْمَعُ الدَّعْوَى في المالِ، ويُحَلَّفُ مُنْكِرٌ. ولو عادَ إلى مالِكِه، أو مَلَكَه سارِقُه، لم تُسْمَعْ؛ لتَمَحُّضِ حقِّ اللهِ. وقال في السَّرِقَةِ: إنْ شَهِدَتْ بسَرِقَةٍ قبلَ الدَّعْوى، فأصحُّ الوَجْهَين، لا تُسْمَعُ، وتُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ أنَّه أباعَه فُلانٌ. وقال في «المُغْنِي»: كسَرِقَةٍ، وزِناه بأَمَتِه لمَهْرِها، تُسْمَعُ، ويُقْضَى على ناكِلٍ بمالٍ. وقاله ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. فائدة: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ عِتْقٍ ولو أنْكَرَ العَبْدُ. نقَله المَيمُونِيُّ. وذكَرَه في «المُوجَزِ»، و «التَّبْصِرَةِ»، واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». تنبيه: وكذا الحُكْمُ في أنَّ الدَّعْوى لا تصِحُّ ولا تُسْمَعُ، وتُسْمَعُ البَيِّنَةُ قبلَ الدَّعْوَى في كلِّ حَقٍّ لآدَمِيٍّ غيرِ مُعَيَّنِ؛ كالوَقْفِ على الفُقَراءِ، أو على مَسْجِدٍ، أو رِباطٍ، أو وَصِيَّةٍ لأحَدِهما. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكذا عُقوبَةُ كذَّابٍ مُفْتَرٍ على النَّاسِ، والمُتَكَلِّمِ فيهم. وتقدَّم في التَّعْزِيرِ كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابِ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في حِفْظِ ¬

(¬1) في الأصل: «يطلب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْفٍ وغيرِه بالثَّباتِ عن خَصْمٍ مُقَدَّرٍ: تُسْمَعُ الدَّعْوى والشَّهادَةُ فيه بلا خَصْمٍ. وهذا قد يدْخُلُ في كتابِ القاضي، وفائِدَتُه كفائِدَةِ الشَّهادَةِ، وهو مثْلُ كتابِ القاضي إذا كان فيه ثُبوتٌ مَحْضٌ، فإنَّه هناك يكونُ مُدَّعٍ فقط بلا مُدَّعىً عليه حاضِرٍ. لكِنْ هنا المُدَّعَى عليه مُتَخَوِّفٌ، وإنَّما المُدَّعِي يَطْلُبُ مِن القاضي سَماعَ البَيِّنَةِ أو الإِقْرارِ، كما يسْمَعُ ذلك شُهودُ الفَرْعِ، فيقولُ القاضِي: ثَبَتَ ذلك عندِي، بلا مُدَّعىً عليه. قال: وقد ذكَره قومٌ مِن الفُقَهاءِ، وفَعَله طائفَةٌ مِن القُضاةِ (¬1)، ولم يَسْمَعْها طَوائِفُ (¬2) مِن الحَنَفِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ؛ لأنَّ القَصْدَ بالحُكْمِ فَصْلُ الخُصُومَةِ. ومَنْ قال بالخَصْمِ المُسَخَّرِ، نصَبَ الشَّرَّ، ثم قطَعَه. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ما ذكَره القاضي، مِن احْتِيالِ (¬3) الحَنَفِيَّةِ على سَماعِ البَيِّنَةِ مِن غيرِ وُجودِ مُدَّعىً عليه؛ فإنَّ المُشْتَرِيَ المُقَرَّ له بالبَيعِ قد قَبَضَ المَبِيعَ وسلَّم الثَّمَنَ، فهو لا يدَّعِي شيئًا، ولا يُدَّعَى عليه شيءٌ، وإنَّما غرَضُه تَثْبِيتُ الإِقْرارِ والعَقْدِ، والمَقْصودُ سَماعُ القاضي البَيِّنَةَ، وحُكْمُه بمُوجَبِها مِن غيرِ وُجودِ مُدَّعىً عليه، ومِن غيرِ مُدَّعٍ على أحَدٍ، لكِنْ خَوْفًا مِن حُدوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ، فيكونُ هذا الثُّبوتُ حُجَّةً بمَنْزِلَةِ الشَّهادَةِ، فإنْ لم يكُنِ القاضي يسْمَعُ البَيِّنَةَ بلا هذه الدَّعْوَى، وإلَّا امْتَنَعَ مِن سَماعِها مُطْلَقًا، وعطَّل هذا (¬4) المَقْصودَ الذي احْتَالُوا له. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكلامُه يقْتَضِي أنَّه هو لا يحْتاجُ إلى هذا الاحْتِيالِ، مع أنَّ جَماعَاتٍ مِن القُضَاةِ [المُتأَخِّرين مِن] (¬5) الشَّافِعِيَّةِ ¬

(¬1) في ط: «الفقهاء». (¬2) في الأصل: «طائفة». (¬3) في الأصل: «اختيار». (¬4) سقط من: الأصل. (¬5) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والحَنابِلَةِ دَخلُوا مع الحَنَفِيَّةِ في ذلك، وسَمَّوْه الخَصْمَ المُسَخَّرَ. قال: وأمَّا على أصْلِنا الصَّحيحِ، وأصْلِ مالِكٍ، رَحِمَه اللهُ؛ فإمَّا أنْ نمْنَعَ الدَّعْوى على غيرِ خَصْمٍ مُنازِعٍ، فتَثْبُتُ الحُقوقُ بالشَّهاداتِ على الشَّهاداتِ، كما ذكَره مَن ذكَره مِن أصحابِنا، وإمَّا أنْ نسْمَعَ الدَّعْوَى والبَيِّنَةَ بلا خَصْمٍ، كما ذكَره طائِفَةٌ مِن المالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ. وهو مُقْتَضَى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وأصحابِنا في مَواضِعَ؛ لأنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى والبَيِّنَةَ على الغائبِ والمُمْتَنِعِ، وكذا على الحاضِرِ في البَلَدِ في المَنْصوصِ، فمع عدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى. قال: وقال أصحابُنا: كِتابُ الحاكِمِ كشُهودِ الفَرْعِ. قالوا: لأنَّ المَكْتُوبَ إليه يحْكُمُ بما قامَ مَقامَه غيرُه؛ لأنَّ إعْلامَ القاضِي للقاضِى قائِمٌ مَقامَ الشَّاهِدَين. فجعَلُوا كلَّ واحدٍ مِن كتابِ الحاكِمِ، وشُهودِ الفَرْعِ قائِمًا مَقامَ غيرِه، وهو بَدَلٌ عن شُهودِ الأَصْلِ، وجعَلُوا كِتابَ القاضِي كخِطابِه. وإنَّما خَصُّوه بالكِتابِ؛ لأنَّ العادَةَ تَباعُدُ الحاكِمَين، وإلَّا فلو كانا في مَحَلٍّ واحدٍ، كانَ مُخاطَبَةُ أحَدِهما للآخَرِ أبْلَغَ مِن الكِتابِ. وبنَوْا ذلك على أنَّ الحاكِمَ ثَبَت عندَه بالشَّهادَةِ ما لم يحْكُمْ به، وأنَّه يُعْلِمُ به حاكِمًا آخَرَ ليَحْكُمَ به، كما يُعْلِمُ الفُروعَ بشَهادَةِ الأُصُولِ. قال: وهذا كلُّه إنَّما يصِحُّ إذا سُمِعَتِ الدَّعْوى والبَيِّنَةُ في غيرِ وَجْهِ خَصْمٍ. وهو يُفيدُ أنَّ كُلَّ ما يثْبُتُ بالشَّهادَةِ على الشَّهادَةِ، يُثْبِتُه القاضِي بكِتابِه. قال: ولأَنَّ النَّاسَ بهم حاجَةٌ إلى إثْباتِ حُقوقِهم بإثْباتِ القُضاةِ، كإثْبَاتِها بشَهادَةِ الفُروعِ، وإثْباتُ القُضاةِ أنْفَعُ؛ لكَوْنِه كَفَى مُؤْنَةَ النَّظَرِ في الشُّهودِ، وبهم حاجَةٌ إلى الحُكْمِ فيما فيه شُبْهَةٌ أو خِلافٌ لرَفْعٍ (¬1)، وإنَّما يخافُون مِن خَصْمٍ حادِثٍ. ¬

(¬1) في الأصل: «لدفع».

وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فِي مَجْلِسِهِ، إِذَا سَمِعَهُ مَعَهُ شَاهِدَانِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ أَحَدٌ، أَوْ سَمِعَهُ معه شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ، نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال القَاضِي: لَا يَحْكُمُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا خِلافَ في أَنَّه يَجُوزُ له الْحُكْمُ بالإِقْرارِ والْبَيِّنَةِ في مَجْلِسِه، إذا سَمِعَه معه شاهِدان -بلا نِزاعٍ- فإنْ لم يَسْمَعْه معه أَحَدٌ، أو سَمِعَه معه شاهِدٌ واحِدٌ، فله الْحُكْمُ به، نَصَّ عليه. في رِوايةِ حَرْبٍ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ»، وغيرِهم. وقال القاضِي: لا يَحْكُمُ به. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ». قال في «الخُلاصةِ»: لم يحْكُمْ به، في الأصحِّ. وقال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: والأظْهَرُ عنْدي، إنْ سَمِعَه معه (¬1) شاهِدٌ واحدٌ، حكَم به، وإلَّا فلا. ¬

(¬1) في ط: «منه».

وَلَيسَ لَهُ الحُكْمُ بِعِلْمِهِ، مِمَّا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ. نَصَّ عَلَيهِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الأَصْحَابِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي حَدٍّ أَوْ غَيرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولَيسَ له الحُكْمُ بعِلْمِه، مِمَّا رآه أو سَمِعَه -[يَعْنِي في غيرِ مَجْلِسِه] (1) - نصَّ عليه، وهو اخْتِيارُ الأصحابِ. وهو المذهبُ بلا رَيبٍ. وعليه الأصحابُ. قال في «الهِدايةِ»: اخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. قال في «الفُروعِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه: هذا المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ»: فلا يجوزُ في الأَشْهَرِ عنه. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ [المَشْهورُ المَنْصوصُ] (¬1) والمُخْتارُ لعامَّةِ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وعنه ما يَدُلُّ عَلى جوازِ ذلك، سَواءٌ كانَ في حَدٍّ أو غيرِه. وعنه، يجوزُ في غيرِ ¬

(¬1) في الأصل: «المشهور»، وفي ط: «المنصوص».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُدودِ. ونقَل حَنْبَلٌ، إذا رآه على حدٍّ، لم يكُنْ له أنْ يُقِيمَه إلَّا بشَهادَةِ مَن شَهِدَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معه؛ لأنَّ شَهادَتَه شَهادَةُ رَجُلٍ. ونقَل حَرْبٌ، فيَذْهَبان إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاكِمٍ، فأمَّا إنْ شَهِدَ عندَ نفْسِه، فلا.

وَإِنْ قَال المُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، فَيُعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ اليَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ، وإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَهُ، أَحْلَفَهُ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قَال: ما لِي بَيِّنَةٌ. فالْقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ مع يَمِينِه، فَيُعْلِمُه أَنَّ له الْيَمِينَ على خَصْمِه، وإِنْ سأَلَ إِحْلافَه، أَحْلَفَه، وخَلَّى سَبِيلَه. وليسَ له اسْتِحْلافُه قبلَ سُؤالِ المُدَّعِي؛ لأنَّ اليمينَ حقٌّ له. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ قال المُدَّعِي: ما لِي بَيِّنَةٌ. أعْلَمَه الحاكِمُ بأنَّ له اليمينَ على خَصْمِه. قال: وله تحْلِيفُه مع عِلْمِه قُدْرَتَه على حقِّه. نصَّ عليه. نقَل ابنُ هانِئٍ، إنْ عَلِمَ عندَه مالًا لا يُؤَدِّي إليه حقَّه، أرْجُو أنْ لا يأْثَمَ. وظاهِرُ رِوايةِ أبي طالِبٍ، يُكْرَهُ. وقاله شيخُنا، ونقَله مِن «حَواشِي تعْليقِ القاضي». وهذا يدُلُّ على تحْريمِ تَحْليفِ البَرِئِ دُونَ الظَّالمِ. انتهى. فائدة: يكونُ تَحْلِيفُه على صِفَةِ جَوابِه لخَصْمِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نصَّ عليه. وجزَم به في «الرِّعايةِ»، و «الوَجيزِ»، و [«المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». ذكَراه في آخِرِ بابِ اليمينِ في الدَّعاوَى] (¬1). وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه (¬2). وعنه، يحلِفُ على صِفَةِ الدَّعْوى. وعنه، يَكْفِي تحْلِيفُه: لا حَقَّ لكَ عليَّ. تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: أَحْلَفَه وخَلَّى سَبِيلَه. أنَّه لا يُحَلِّفُه ثانيًا بدَعْوى أُخْرى. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا؛ فَيَحْرُمُ تحْلِيفُه. أَطْلَقَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما (¬3). وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايةِ»: له تحْلِيفُه عندَ مَن جَهِلَ حَلِفَه عندَ غيرِه؛ لبَقاءِ الحقِّ، بدَلِيلِ أخْذِه ببَيِّنَةٍ. فائدتان؛ إحْداهما، لو أمْسَكَ عن تحْلِيفِه، وأرادَ تحْلِيفَه بعدَ ذلك بدَعْواه المُتَقَدِّمَةِ، كانَ له ذلك. ولو أَبْرَأَه مِن يَمِينِه، بَرِئَ منها في هذه الدَّعْوى، فلو جدَّد الدَّعْوى وطَلَبَ اليَمِينَ، كان له ذلك. جزَم به في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم (3). الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ يَمِينٌ في حقِّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ إلَّا بعدَ الدَّعْوى عليه وشَهادَةِ الشَّاهِدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايةِ»: إلَّا بعدَ الدَّعْوى، وشَهادَةِ الشَّاهِدِ، والتَّزْكِيَةِ. وقال في ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) في النسخ: «غيرهم».

وَإِنْ أَحْلَفَهُ، أَوْ حَلَفَ هُوَ مِنْ غَيرِ سُؤَالِ المُدَّعِي، لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»: يَنْبَغِي أنْ تتَقدَّمَ شَهادَةُ الشَّاهِدِ، وتَزْكِيَتُه (¬1) اليَمِينَ. قوله: وإِنْ أَحْلَفَه، أو حَلَفَ مِن غَيرِ سُؤَالِ الْمدَّعِي، لم يُعْتَدَّ بيَمِينِه. وهو المذهبُ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وعنه، يَبْرَأُ بتَحْليفِ المُدَّعِي، وعنه، يَبْرَأُ بتَحْليفِ المُدَّعِي وحَلِفِهِ له أيضًا وإنْ لم يُحَلِّفْه. ذكَرَهُما الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ مِن رِوايةِ مُهَنَّا، أنَّ رَجُلًا اتَّهَمَ رجُلًا بشيءٍ، فحَلَفَ له، ثم قال: لا أَرْضَى إلَّا أنْ تحْلِفَ لي عندَ السُّلْطانِ. أَلَه ذلك؟ قال: لا، قد ظَلَمَه وتعَنَّتَه. واخْتارَ أبو حَفْصٍ تَحْلِيفَه، واحْتَجَّ برِوايةِ مُهَنَّا. فوائد؛ الأُولَى، يُشْتَرَطُ في اليَمِينِ أنْ لا يَصِلَها باسْتِثْناءٍ. وقال في «المُغنِي»: وكذا بما لا يُفْهَمُ؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ يُزيلُ حُكْمَ اليمينِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: هي يَمِينٌ كاذِبَةٌ. وقال في «الرِّعايةِ»: لا ينْفَعُه الاسْتِثْناءُ إذا لم يَسْمَعْه الحاكِمُ المُحَلِّفُ له. ¬

(¬1) في الأصل، ا: «تزكية».

وَإِنْ نَكَلَ، قَضَى عَلَيهِ بِالنُّكُولِ. نَصَّ عَلَيهِ. وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا. فَيَقُولُ لَهُ: إِنْ حَلَفْتَ، وَإِلَّا قَضَيتُ عَلَيكَ. ثَلَاثًا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا يجوزُ التَّوْرِيَةُ والتَّأْويلُ إلَّا لمَظْلومٍ. وقال في «التَّرْغيبِ»: ظُلْمًا ليسَ بجارٍ في مَحَلِّ الاجْتِهادِ. فالنِّيَّةُ على نِيَّةِ الحاكمِ المُحَلِّفِ، واعْتِقادِه؛ فالتَّأْويلُ على خِلافِه لا ينْفَعُ. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ، في أوَّلِ بابِ التَّأْويلِ في الحَلِفِ. الثَّالثةُ، لا يجوزُ أنْ يحْلِفَ المُعْسِرُ: لا حَقَّ له عليَّ. ولو نَوَى السَّاعَةَ، سواءٌ خافَ أنْ يُحْبَسَ أوْ لا. نقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وجوَّزَه صاحِبُ «الرِّعايةِ» بالنِّيَّةِ. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِهٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ إنْ خافَ حَبْسًا. ولا يجوزُ أيضًا أنْ يحْلِفَ مَن عليه دَينٌ مُؤَجَّلٌ، إذا أرادَ غَرِيمُه مَنْعَه مِن سَفَرٍ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ كالتي قبلَها. قوله: وإِنْ نَكَلَ، قَضَى عليه بالنُّكُولِ، نَصَّ عليه، واخْتارَه عامَّةُ شُيُوخِنا.

لَمْ يَحْلِفْ، قَضَى عَلَيهِ إِذَا سَأَلَ المُدَّعِي ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. نقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، مَرِيضًا كان أو غيرَه. قال في «الفُروعِ»: نقَله واخْتارَه الجماعَةُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال في «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ حَبْسُه، ليُقِرَّ أو يحْلِفَ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي، وقال: قد صوَّبَه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ. وقال (¬1): ما هو ببعيدٍ، يحْلِفُ ويأْخُذُ. نقَل أبو طالِبٍ، ليسَ له أنْ يَرُدَّها. ثم قال بعدَ ذلك: وما هو ببعيدٍ، يُقالُ له: احْلِفْ وخُذْ. قال في «الفُروعِ»: يجوزُ رَدُّها. وذكَرها جماعَةٌ، فقالوا: وعنه، تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِي. قال: ولعَلَّ ظاهِرَه يجِبُ. ولهذا (¬2) قال الشَّيخُ -يَعْنِي المُصَنِّفَ- واخْتارَه أبو الخَطَّابِ: إنَّه لا يحْكُمُ بالنُّكُولِ، ولكِنْ يَرُدُّ اليَمِينَ على خَصْمِه. وقال: قد صوَّبَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، وقال: ما هو ببعيدٍ، يَحْلِفُ ويَسْتَحِقُّ. وهي رِوايةُ أبي طالِبٍ المذْكُورَةُ، وظاهِرُها جَوازُ الرَّدِّ. واخْتارَ المُصَنِّفُ، في «العُمْدَةِ» ردَّها، واختارَه في «الهِدايةِ»، وزادَ، بإِذْنِ النّاكِلِ فيه. واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) في الأصل: «لأجل هذا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللهُ، في «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: مع عِلْمِ مُدَّعٍ وحدَه بالمُدَّعَى به، لهم ردُّها، وإذا لم يَحْلِفْ لم يأْخُذْ، كالدَّعْوَى على وَرَثَةِ مَيِّتٍ حقًّا عليه يَتَعَلَّقُ بتَرِكَتِه. وإنْ كان المُدَّعَى عليه هو العالِمَ بالمُدَّعَى به دُونَ المُدَّعِي، مثْلَ أنْ يدَّعِيَ الوَرَثَةُ أو الوَصِيُّ على غريمٍ للمَيِّتِ، فيُنْكِرَ، فلا يحلِفُ المُدَّعِي. قال: وأمَّا إنْ كان المُدَّعِي يدَّعِي العِلْمَ، والمُنْكِرُ يدَّعِي العِلْمَ، فهُنا يتَوَجَّهُ القَوْلان. يعْنِي الرِّوايتَين. فائدتان؛ إحْداهما، إذا رُدَّتِ اليَمِينُ على المُدَّعِي، فهل تكونُ يَمِينُه كالبَيِّنَةِ، أمْ كإقْرارِ المُدَّعَى عليه؟ فيه قوْلان. قال ابنُ القَيِّمِ في «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ»: أَظْهَرُهما عندَ أصحابِنا، أنَّها كإقْرارٍ. فعلَى هذا، لو أقامَ المُدَّعَى عليه بَيِّنَةً بالأَداءِ أو الإِبْراءِ بعدَ حَلِفِ المُدَّعِي، فإنْ قيلَ: يَمِينُه كالبَيِّنَةِ. سُمِعَتْ للمُدَّعَى عليه. وإنْ قيلَ: هي كالإِقْرارِ. لم يُسْمَعْ؛ لكَوْنِه مُكَذِّبًا للبَيِّنَةِ بالإِقْرارِ. الثَّانيةُ، إذا قَضَى بالنُّكولِ، فهل يكونُ كالإِقْرارِ، أو (¬1) كالبَذْلِ؟ فيه وَجْهان. قال أبو بَكْرٍ في «الجامِعِ»: النُّكُولُ إقْرارٌ. وقاله في «التَّرْغيبِ» في القَسامَةِ، على ما يأْتِي. ويَنْبَنِي عليهما ما إذا ادَّعَى نِكاحَ امْرَأَةٍ، واسْتَحْلَفْناها، فنَكَلَتْ (¬2)، فهل يُقْضَى عليها بالنُّكول، وتُجعَلُ زوْجَتَه؟ إذا قُلْنا: هو إقْرارٌ. حُكِمَ عليها بذلك، وإنْ قُلْنا: بَذْلٌ. لم يُحْكَمْ بذلك؛ لأنَّ الزَّوْجِيَّةَ لا تُسْتَباحُ بالبَذْلِ. وكذلك لو ادَّعَى رِقَّ مَجْهولِ النَّسَبِ، وقُلْنا: يُسْتَحْلَفُ. فنَكَلَ عنِ اليَمِينِ. وكذلك لو ادَّعَى قَذْفَه، واسْتَحْلَفْناه، فنَكَلَ، فهل يُحَدُّ للقَذْفِ؟ يَنْبَنِي على ¬

(¬1) في الأصل: «و». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك. ثم قال ابنُ القَيِّمِ في «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ»: والصَّحيحُ، أنَّ النُّكُولَ يقُومُ مَقامَ الشَّاهِدِ والبَيِّنَةِ، لا مَقامَ الإِقْرارِ والبَذْلِ؛ لأنَّ النَّاكِلَ قد صرَّحَ بالإِنْكارِ، وأنَّه لا يَسْتَحِقُّ المُدَّعَى به، وهو يُصِرُّ على ذلك، فتَوَرَّعَ عنِ اليَمِينِ، فكيفَ يقالُ: إنَّه مُقِرٌّ مع إصْرارِه على الإِنْكارِ، ويُجْعَلُ مُكَذِّبًا لنَفْسِه؟ وأيضًا؛ لو كانَ مُقِرًّا، لم يُسْمَعْ منه (¬1) نُكُولُه بالإِبْراءِ والأَداءِ، فإنَّه يكونُ مُكَذِّبًا لنَفْسِه. وأيضًا؛ فإنَّ الإِقْرارَ إخْبارٌ، وشَهادَةُ المَرْءِ على نفْسِه، فكيفَ يُجْعَلُ مُقِرًّا شاهِدًا على نفْسِه بسُكُوتِه؟ والبَذْلُ إباحَةٌ وتَبَرُّعٌ، وهو لم يقْصِدْ ذلك، ولم يَخْطُرْ على قَلْبِه، وقد يكونُ المُدَّعَى عليه مَرِيضًا مرَضَ المَوْتِ، فلو كانَ النُّكُولُ بَذْلًا وإباحَةً، اعْتُبِرَ خُروجُ المُدَّعَى به (¬2) مِن الثُّلُثِ. قال، رَحِمَه اللهُ: فتَبَيَّنَ أنَّه لا إقْرارَ ولا إباحَةَ، بل هو جارٍ مَجْرَى الشَّاهِدِ والبَيِّنَةِ. انتهى. قوله: فيَقُولُ: إنْ حَلَفْتَ وإِلَّا قَضَيتُ عليكَ. ثَلاثًا. يُسْتَحَبُّ أنْ يقولَ ذلك له (2) ثَلاثًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يقُولُه مَرَّةً. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»: ثَلاثًا، أو مَرَّةً. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: مَرَّةً. وقيلَ: ثَلاثًا. انتهى. والذي قاله ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ط.

وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، تُرَدُّ اليَمِينُ عَلَى المُدَّعِي. وَقَال: قَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ، وَقَال: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ. فَيُقَالُ لِلنَّاكِلِ: لَكَ رَدُّ اليَمِينِ عَلَى المُدَّعِي. فَإِنْ رَدَّهَا، حَلَفَ المُدَّعِي، وَحَكَمَ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: إذا نَكَلَ، لَزِمَه الحقُّ. قوله: فإنْ لم يَحْلِفْ، قَضَى عليه، إِذا سأَلَه المدَّعِي ذلك. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْكُمُ له قبلَ سُؤالِه. وتقدَّم نَظِيرُ ذلك أيضًا. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: فيُقالُ للنَّاكِلِ: لَكَ رَدُّ الْيَمِينِ على المدَّعِي. فإنْ رَدَّها، حَلَفَ المدَّعِي وحَكَم له. أنَّه يُشْتَرَطُ إذْنُ النَّاكِلِ في ردِّ اليَمِينِ. وهو قولُ أبي

وَإِنْ نَكَلَ أَيضًا صَرَفَهُمَا، فَإِنْ عَادَ أَحَدُهُمَا فَبَذَلَ الْيَمِينَ، لَمْ يَسْمَعْهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، حَتَّى يَحْتَكِمَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ، كما تقدَّم عنه في «الهِدايةِ». والصَّحيحُ أنَّه لا يُشْتَرَطُ -على القَوْلِ بالرَّدِّ- إذْنُ النَّاكِلِ في الرَّدِّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قوله: وإِنْ نَكَلَ أَيضًا صَرَفَهُما، فإنْ عادَ أَحَدُهُما فبَذَلَ الْيَمِينَ، لم يَسْمَعْها في ذلك المَجْلِسِ، حَتَّى يَحْتَكِما في مَجْلِسٍ آخَرَ. قال في «المُحَرَّرِ»: ومَن بذَلَ منهما اليَمِينَ بعدَ نُكُولِه، لم تُسْمَعْ منه (¬1) إلَّا في مَجْلِسٍ آخَرَ، بشَرْطِ عدَمِ الحُكْمِ. وكذا قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: والأشْهَرُ، قبلَ الحُكْمِ بالنُّكُولِ. وقيل: تُسْمَعُ ولو بعدَ الحُكْمِ. ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. قال ابن نَصْرِ الله في «حَواشِي الفُروعِ»: وهو بعيد. ولم يذْكُرْه في «الرِّعايةِ». انتهى. وقال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: إذا نَكَلَ المُدَّعِي، سُئِلَ عن سبَبِ نُكولِه؛ فإنْ قال: امْتَنَعْتُ لأنَّ لي بَينةً أقِيمُها. أو: حِسَابًا أنْظُرُ فيه. فهو على حقه مِن اليَمِينِ، ولا يُضَيَّقُ عليه في اليَمِينِ؛ بخِلافِ المُدَّعَى عليه، وإنْ قال: لا أرِيدُ أنْ أحْلِفَ. فهو ناكِل. وقيل: يُمْهَلُ ثلاثَةَ أيام في المالِ. ذكَره في «الرعايةِ». فوائد؛ متى تعَذَّرَ ردُّ اليَمِينِ، فهل يُقْضَى بنُكُولِه، أو يَحْلِفُ وَلِيٌّ، أو إنْ باشَرَ ما ادَّعاه، أو لا يَحْلِفُ حاكِم؟ فيه أوْجُة. وأطْلَقَهُنَّ في «الفُروعِ». قطَع في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، بأنَّ الأبَ، والوَصِيَّ، والأمِينَ، لا يحْلِفُون. وقال في «الحاوي الصَّغِيرِ»: وكل مالٍ لا تُرَدُّ فيه اليَمِينُ، يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ، كالإمامِ إذا ادَّعَى لبَيتِ المالِ، أو وَكيلِ الفُقَراءِ، ونحو ذلك. انتهى. وقَدَّمه (¬1) في «الرعايةِ الصُّغْرى»، وقال: وكذا الأبُ، ووَصِيُّه، وأمِينُ الحاكِمِ، إذا ادَّعَوا حقا لصَغِير، أو مَجْنُونٍ، وناظِرُ الوَقْفِ، وقَيمُ المَسْجِدِ. وقال في «الكُبْرى»: قُضِيَ بالنُّكُولِ، في الأصح. وقيل: على الأصح. وقيل: يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ، أو يَحْلِفَ. وقيل: بل يَحْلِفُ المُدَّعِي منهم، ويأخُذُ ما ادَّعاه. وقيل: إنْ كانَ قد باشَرَ ما ادَّعاه، حَلَفَ عليه، وإلَّا فلا. قلتُ: لا يَحْلِفُ إمام ولا حاكِم. انتهى. وقطَع المُصَنِّفُ، أنَّة يحْلِفُ إذا عَقَلَ وبَلَغَ، ويكْتُبُ الحاكِمُ مَحْضَرًا بنُكُولِه. فإنْ قُلْنا: يحْلِفُ. حَلَفَ لنَفْيِه، إنِ ادَّعَى عليه وُجوبَ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «قاله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَسْليمِه مِن مُوَلِّيه، فإنْ أبَى، حَلَفَ المُدَّعِي وأخَذَه، إنْ جُعِلَ النُّكُولُ مع يَمِين المُدَّعِي كَبَينةٍ، لا كإقْرارِ خَصْمِه، على ما تقدَّم. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا خِلافَ بينَنا، أنَّ ما لا يُمْكِنُ ردُّها يُقْضَى بنُكُولِه؛ بأنْ يكونَ صاحِبُ الدَّعْوى غيرَ مُعَيَّن، كالفُقَراءِ، أو يكونَ الإِمامَ، بأن يدَّعِيَ لبَيتِ المالِ دَينًا، ونحوَ ذلك. وقال في «الرِّعايةِ»، في صُورَةِ الحاكِمِ: يُحْبَسُ حتى يُقِر أو يحْلِفَ. وقيل: يُحْكَمُ عليه. وقيل: أو يحْلِفُ الحاكِمُ. وقال في «الانْتِصارِ»: نَزَّلَ أصحابُنا نُكولَه منْزِلَةً بينَ مَنْزِلَتَين، فقالوا: لا يُقْضَى به في قَوَدٍ وحد. وحَكَمُوا به في حق مَرِيض، وعَبْدٍ وصَبِي مأذُونٍ لهما. وقال في «التَّرْغيبِ» في القسامَةِ: مَن قُضِيَ عليه بنُكُولِه بالديةِ، ففي مالِه؛ لأنَّه كإقْرارٍ. وفيها قال أبو بَكْر في «الجامِعِ»: لأنَّ النُّكولَ إقْرار. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ المُدَّعِيَ يحْلِفُ (¬1) ابْتِداءً مع اللَّوْثِ، وأنَّ الدَّعْوَى في التُّهْمَةِ كبسَرِقَةٍ، يُعاقَبُ المُدَّعَى عليه الفاجِرُ، وأنَّه لا يجوزُ إطْلاقُه، ويُحْبَسُ المَسْتُورُ، ليَبِينَ أمْرُه ولو ثلاثًا، على وَجْهَين. نقَل حَنْبَل، حتى يبينَ أمْرُه. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، ومُحَقِّقُو أصحابِه على حَبْسِه. وقال: إن تَحْلِيفَ كل مُدَّعًى عليه، وإرْساله مَجَّانًا، ليسَ مذهبَ الإمامِ. واحْتَجَّ في مَبهانٍ آخَرَ بأنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا ناسًا في سَرِقَةٍ، فَرَفَعُوهم إلى النُّعْمانِ بنِ بَشِير، رَضِيَ اللهُ عنهما، فحَبَسَهم أيامًا، ثم أطْلَقهم، فقالوا له: خَلَّيتَ سَبيلَهم بغيرِ ضَرْبٍ لي لا امْتِحانٍ؟ فقال: إنْ شِئْتُم ضَرَبْتُهم، فإنْ ظَهَرَ مالُكم، وإلا ضَرَبْتُكُم مِثْلَه. فقالوا: هذا حُكْمُكَ؟ فقال: حُكْمُ الله ورسُولِه (¬2). قال في ¬

(¬1) بعده في الأصل: «عليه بحلف». (¬2) أخرجه أبو داود، في: باب في الامتحان بالضرب، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 448. والنسائي، في: باب امتحان السارقة بالضرب والحبس، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 59.

وَإنْ قَال المُدَّعِي: لِي بَيَنةٌ. بَعدَ قَوْلِهِ: مَا لِي بَيَنةٌ. لَمْ تُسْمَعْ. ذَكَرَهُ الخِرَقِيّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُسْمَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وظاهِرُه أنَّه قال به، وقال به شيخُنا الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقال في «الأحْكامِ السُّلطانِيَّةِ»: يَحْبِسُه وَالٍ. قال: وظاهِرُ كلامِ الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقاض أيضًا، وأنه يَشْهَدُ له: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (¬1). حَمَلْنا على الحَبْسِ؛ لقُوَّةِ التُّهْمَةِ. وذكَر الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، الأوَّلُ قولُ أمصرِ العُلَماءِ. واخْتارَ تعْزِيرَ مدعٍ بسَرِقَةٍ ونحوها على مَن يعْلَمُ براءَتَه، واخْتارَ أنَّ خَبَرَ مَنِ [له رَئِيٌّ جِنِّيٌّ] (¬2) بأن فلانًا سَرَقَ كذا، كخَبَرِ إنْسِيٍّ مَجْهُولٍ، فيُفِيدُ تُهْمَةً، كما تقدَّم. وقال في «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يضْرِبُه الوَالِي مع قُوَّةِ التُّهْمَةِ تعْزِيرًا، فإنْ ضُرِبَ ليُقِرَّ، لم يصِح، وإنْ ضُرِبَ ليَصْدُقَ عن حالِه، فأقَرَّ تحتَ الضرْبِ، قُطِعَ ضَرْبُه، وأعِيدَ إقْرارُه، ليُؤخَذَ به، ويُكْرَهُ الاكتِفاءُ بالأوَّلِ. قال في «الفُروعِ»: كذا قال. قال الشَّيخ تَقِيُّ الذينِ، رَحِمَه الله: إذا كانَ مَعْروفًا بالفُجورِ المُناسِبِ للتُهْمَةِ، فقالتْ طائفَة: يضْرِبُه الوَالِي والقاضِي. وقالت طائفَة: يضْرِبُه الوَالِي عندَ القاضِي. وذكَر ذلك طوائِفُ مِن أصحابِ مالِكٍ، والشافِعِيِّ، وأحمدَ، رَحِمَهُم اللهُ. قوله: وإنْ قال المُدَّعِي: لي بَينة. بَعْدَ قَوْلِه: ما لي بَينة. لم تُسْمَعْ، ذَكَرَه ¬

(¬1) سورة النور 8. (¬2) في ا: «ادعى بحق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الْخِرَقِيُّ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «التَّرْغيبِ»، و «الوَجيز»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ أنْ تُسْمَعَ. وهو وَجْه اخْتارَه ابنُ عَقِيل وغيرُه. قال في «الفُروعِ»: وهو مُتَّجِه، حَلَّفَه أوْ لا. وجزَم في «التَّرْغيبِ» بالأوَّلِ. وقال: وكذا قولُه: كَذَبَ شُهودِي. وأوْلَى، ولا تَبْطُلُ دَعْواه بذلك، في الأصحِّ، ولا تُرَدُّ بذِكْرِ السَّبَبِ، بل [بذِكْرِ سبَبِ] (¬1) المُدَّعِي غيرَه. وقال في «التَّرْغيبِ»: إنِ ادَّعَى مِلْكا مُطْلَقا، فشَهِدَتْ به وبسَبَبِه، وقُلْنا: تُرَجَّحُ بذِكْرِ السَّبَبِ. لم تُفِدْه إلَّا أنْ تُعادَ بعدَ الدَّعْوى. فوائد؛ إحْداها، لو ادَّعَى شيئًا، فشَهِدَتْ له البَينةُ بغيرِه، فهو مُكَذِّبٌ لهم. قاله الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، وأبَو بَكْر. وقدَّمه في «الفُروعِ». واخْتارَ في «المُسْتَوْعِبِ»، تُقْبَلُ البَيَنةُ، فيَدَّعِيه ثم يُقِيمُها. وفي «المُسْتَوْعِبِ» أيضًا، و «الرِّعايةِ»، إنْ قال: أسْتَحِقُّه وما شَهِدَتْ به، وإنَّما ادَّعَيتُ بأحَدِهما، لأدَّعِيَ الآخَرَ وَقْتًا آخَرَ. ثم شَهِدَتْ به، قُبِلَتْ. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى شيئًا، فأقَرَّ له بغيرِه، لَزِمَه إذا صدَّقَه المُقَر له، والدَّعْوى ¬

(¬1) في الأصل: «بسبب».

وَإنْ قَال: مَا أعْلَمُ لِي بَينةً. ثُمَّ قَال: قَدْ عَلِمتُ لِي بَيَنةً. سُمِعَتْ. وإنْ قَال شَاهِدَانِ: نَحْنُ نَشْهَدُ لَكَ. فَقَال: هَذَانِ بَيِّنتِي. سُمِعَتْ. وَإنْ قَال: مَا أرِيدُ أن تَشْهَدَا لِي. لَمْ يُكَلَّفْ إِقَامَةَ البَينةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بحالِها. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، لو سألَ مُلازَمَتَه حتى يُقِيضها، أجِيبَ في المَجْلِسِ، على الأصحِّ من الرِّوايتَين. فإنْ لم يُحْضِرْها في المَجْلِسِ، صَرَفَه. وقيل: يُنْظَرُ ثَلاثا. وذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، ويُجابُ مع قُرْبِها. وعنه، وبُعْدِها، ككَفِيل. فيما ذكَر في «الإرْشادِ»، و «المُبْهِج»، و «التَّرْغيبِ»، وأنَّه يَضْرِبُ له أجَلًا، متى مَضَى، فلا كَفالةَ. ونَصُّه: لا يُجابُ إلى كَفِيل (¬1)، كحَبْسِه. وفي مُلازَمَتِه حتى يَفْرَغَ له الحاكِمُ مِن شُغْلِه، مع غَيبَة ببَينة وبُعْدِها، يَحْتَمِلُ وَجْهَين. قاله في «الفُروعِ». قال المَيمُونِي: لم أرَهُ يذهبُ إلى المُلازَمَةِ إلى أنْ يُعَطِّلَه مِن عَمَلِه، ولا يُمَكِّنُ أحدًا مِن عَنَتِ خَصْمِه. ¬

(¬1) في الأصل: «كفالة».

وَإنْ قَال: لِي بَيَنةٌ وَأرِيدُ يَمِينَهُ. فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً، فَلَهُ إحْلَافُهُ. وَإنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَينِ. فَإن حَلَفَ المُنْكِرُ ثُمَّ أحْضَرَ المُدَّعِي بَيَنةً، حُكِمَ بِهَا، وَلَمْ تَكُنِ اليَمِينُ مُزيلَةً لِلْحَقِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: لي بَينة وأرِيدُ يَمِينَه. فإنْ كانَتْ غائِبَةً -يعْنِي، عنِ المَجْلِسِ- فله إحْلافُه. وهذا المذهبُ، سواءٌ كانتْ قريبةً أو بعيدةً. وجزَم به في الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاص»، و «الكافِي»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَورِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِي»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: القَرِيبَةُ كالحاضرَةِ في المَجْلِسِ. قال في «المُحَررِ»: وقيلَ: لا يَمْلِكُها إلا إذا كانتْ غائبةً عن البَلَدِ. وقيل: ليس له إحلافُه مُطْلَقًا، بل يُقِيمُ البَينةَ فقطْ. وقَطَعُوا به في كُتُبِ الخِلافِ. قوله: وإنْ كانَتْ حاضرَةً، فهل له ذلك؟ على وجْهَين. وأطْلَقهما في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، له إقامَةُ البَيِّنَةَ، أو تحْلِيفُه إذا كانتْ حاضِرَةً في المَجْلِسِ. وهو المذهبُ. نَصَرَه المُصَنفُ، والشارِحُ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثاني، يَمْلِكُهما، فيُحَلِّفُه ويُقِيمُ البَينةَ بعدَه. وقيل: لا يَمْلِكُ إلَّا إقامَةَ البَينةِ فقطْ. قال في «الفُروعِ»: قَطَعُوا به في كتُبِ الخِلافِ. كما تقدَّم.

وَإنْ سَكَتَ المُدَّعَى عَلَيهِ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، قَال لَهُ الْقَاضِي: إِنْ أَجَبْتَ، وَإلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيتُ عَلَيكَ. وَقِيلَ: يَحْبِسُه حَتَّى يُجِيبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو سألَ تحْلِيفَه ولا يُقِيمُ البَينةَ، فَحَلَفَ، ففي جَوازِ إقامَتِها بعدَ ذلك وَجْهان. قاله القاضي. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَين»، و «الزَّرْكَشي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أحدُهما، ليسَ له إقامَتُها بعدَ تَحْليفِه. صحَّحه النَّاظِمُ. والثَّاني، له إقامَتُها. قدَّمه ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». قوله: وإنْ سَكَتَ المُدَّعَى عليه فلم يُقِرَّ ولم يُنْكِرْ، قال له الْقاضِي: إنْ أجَبْتَ، وإلَّا جَعَلْتُك ناكِلًا، وقَضَيتُ عليك. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وغيرُه. وقيل: يَحْبِسُه حتى يُجِيبَ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ». وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الشَّرْحِ». وذكَره في «التَّرْغيب» عن الأصحابِ. ومُرادُهم بهذا الوَجْهِ، إذا لم يَكُنْ للمُدَّعِي بَيِّنة، فإنْ كانَ له بيِّنة، قَضَى بها، وَجْهًا واحدًا. فائدتان؛ إحْداهما، مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو قال: لا أعْلَمُ قَدْرَ حقِّه. ذكَره في «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُنْتَخَبِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، قولُه: يقولُ له القاضي: إنْ أجَبْتَ، وإلَّا جَعَلْتُكَ ناكِلًا. ثَلاثَ مرَّاتٍ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم.

وَإنْ قَال: لِي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ. لَمْ يَكُنْ مُجِيبًا. وَإنْ قَال: لِي حِسَابٌ أرِيدُ أن أنْظُرَ فِيهِ. لَمْ يَلْزَمِ المُدَّعِيَ إِنْظَارُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: لِي حِساب أرِيدُ أنْ أنْظُرَ فيه. لم يَلْزَمِ الْمُدَّعِيَ إنْظارُه. هذا أحدُ الوَجْهَين. جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ». وقدمه في «الرعايتَين»،

وَإنْ قَال: قَدْ قَضَيتُهُ. أوْ: أبْرَأَنِي، وَلِي بَيَنةٌ بِالقَضَاءِ. أَو: الإبْرَاءِ. وَسَألَ الإِنْظَارَ، أنْظِرَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُه، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوي». وقيل: يَلْزَمُه (¬1) إنْظارُه ثَلاثًا. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». قال في «الفُروعِ»: لَزِمَ إنْظارُه -في الأصحِّ- ثَلاثَةَ أيام. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «الكافِي»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ». فائدة: لو قال: إنِ ادَّعَيتَ ألفًا برَهْنِ كذا لي بيَدِكَ، أجَبْتُ. أو: وإنِ ادَّعَيتَ هذا ثَمَنَ كذا بِعْتَنِيه ولم تُقْبِضْنيه، فَنَعم، وإلَّا فلا حقَّ لكَ عليَّ. فهو جَوابٌ صحيحٌ. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قوله: وإنْ قال: قَدْ قَضَيتُه. أوْ -قَدْ- أبْرأنِي، ولِي بَينة بالْقَضاءِ. أوْ: بِالإبراءِ. وسَألَ الإنْظَارَ، انْظِرَ ثَلاثًا، ولِلْمُدَّعِي مُلازَمَتُه. وهو المذهبُ. جزَم به ¬

(¬1) في ط: «يلزم».

فَإِنْ عَجَزَ، حَلَفَ المُدَّعِي عَلَى نَفْي مَا ادَّعَاهُ، وَاسْتَحَقَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشّرْح»، و «الوَجيزِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: لا يُنْظَرُ، كقَوْلِه: لي بَينةٌ تدْفَعُ دَعْواه. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم يَكُنِ الخَصْمُ أنْكَرَ أوَّلًا سَبَبَ الحق، أمَّا إنْ كانَ أنْكَرَ أوَّلًا سبَبَ الحقِّ، ثم ثَبَتَ، فادَّعَى قَضاءً أو إبْراء سابِقًا، لم تُسْمَعْ منه وإنْ أتَى ببَينةٍ. نصّ عليه. ونقَله ابنُ مَنْصُور. وقدَّمه في «المُحَرّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وقيل: تُسْمَعُ بالبَينةِ. وتقدَّم نَظِيرُه في أواخِرِ بابِ الوَدِيعَةِ. فائدة: مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو ادَّعَى القَضاءَ أو الإبراءَ، وجعَلْناه مُقِرا بذلك. قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. قوله: فإنْ عَجَزَ -يعْنِي (¬1)، عن إقامَةِ البَينةِ بالقَضاءِ أو الإبراءِ- حَلَفَ الْمُدَّعِي على نَفْي ما ادَّعاه، واسْتَحَقَّ. بلا نِزاع. لكِنْ لو نَكَلَ المُدَّعِي، حُكِمَ عليه. وإنْ قيلَ برَدِّ اليَمِينِ، فله تحْليفُ خَصْمِه، فإنْ أبَى حُكِمَ عليه. فائدة: لو ادَّعَى أنَّه أقاله في بَيع، فله تَحْليفُه، ولو قال: أبْرَأنِي مِنَ الدعْوى. ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَإِن ادَّعَى عَلَيهِ عَينًا فِي يَدِهِ، فَأقَرَّ بِهَا لِغَيرِهِ، جُعِلَ الخَصْمَ فِيهَا، وَهَلْ يَحْلِفُ المُدَّعَى عَلَيهِ؟ عَلَى وَجْهَينِ. فَإِنْ كَانَ المُقَرّ لَهُ وَأخَذَهَا، وَإنْ أقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي، سُلِّمَتْ إِلَيهِ، وَإنْ قَال: لَيسَتْ لِي، وَلَا أعْلَمُ لِمَنْ هِيَ. سُلمَتْ إِلَى المُدَّعِي، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الآخَرِ، لَا تُسَلَّمُ إِلَيهِ إلا بِبَيِّنَةٍ، وَيَجْعَلُهَا الحَاكِمُ عِنْدَ أمين. وَإنْ أقرَّ بِهَا لِغَائِبٍ، أو صَبِيٍّ، أوْ مَجْنُونٍ، سَقَطَتْ عَنْهُ الدَّعْوَى، ثُمَّ إِنْ كَإنَ لِلْمُدَّعِي بَيَنةٌ، سُلِّمتْ إِلَيهِ، وَهَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال في «التَّرْغيبِ»: انْبَنَى على الصلْحِ على الإِنْكارِ، والمذهبُ صِحتُه. وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ. لم تُسْمَعْ. قوله: وإنِ ادَّعَى عليه عَينًا في يَدِه، فأقَرَّ بها لغَيرِه، جُعِلَ الخَصْمَ فيها، وهل يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عليه؟ -وهو المُقِر- على وجْهَين. وأطْلَقهما في «الرعايتَين»،

يَحْلِفُ؟ عَلَى وَجْهَينِ. وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيَنةٌ، حَلَفَ المُدَّعَى عَلَيهِ أنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا إِلَيهِ، وَأُقِرَّتْ فِي يَدِهِ، إلا أنْ يُقِيمَ بَيِّنةً أنَّهَا لِمَنْ سَمَّى، فَلَا يَحْلِفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يحْلِف. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّاني، لا يحْلِف. فعلى المذهبِ، إن نَكَلَ، أخِذَ منه بدَلُها. قوله: فإنْ كانَ المُقَرُّ له حاضِرًا مُكَلَّفًا، سُئِلَ، فإنِ ادَّعاها لنَفْسِه ولم تَكُنْ -له- بَيِّنة، حَلَفَ وأخذها. فإذا أخَذَها وأقامَ الآخَرُ بَينةً، أخذَها منه. قال في «الرَّوْضَةِ»: وللمُقَرِّ له قِيمَتُها على المُقِرِّ. قوله: وإنْ قال: لَيسَتْ لي، ولا أعْلَمُ لمَنْ هي. سُلِّمَتْ إلى المدَّعِي، في أحَدِ الْوَجْهَين. وإنْ كانا اثْنَين، اقْتَرَعا عليها. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. وفي الآخَرِ: لَا تُسَلَّمُ إليه إلَّا ببَينةٍ، ويَجْعَلُها الْحاكِمُ عِنْدَ أمين. ذكَره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضي. وقيل: تُقَر بيَدِ رَبِّ اليَدِ. وذكَره في «المُحَرَّرِ»، و «المُذْهَبِ». وضعَّفَه في «التَّرْغيبِ». ولم يذْكُرْه في «المُغْنِي». فعلى الوَجْهَين الآخَرَين، يحْلِفُ للمُدَّعِي، وعلى الوَجْهِ الأوَّل، يحْلِفُ إنْ قُلْنا: تُرَدُّ اليَمِينُ. جزَم به في «الفُروعِ». وقال المُصَنفُ، والشّارِحُ: ويتَخَرَّجُ لنا وَجْه، أنَّ المُدَّعِيَ يحْلِفُ أنها له، وتُسَلَّمُ إليه، بِناءً على القَوْلِ برَدِّ اليَمِينِ إذا نَكَلَ المُدَّعَى عليه. فتَلَخصَ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ؛ تُسَلمُ للمُدعِي، أو ببَينة، أو تُقَرُّ بيَدِ رَبِّ اليَدِ، أو يأخُذُها المُدعِي ويحْلِفُ إنْ قُلْنا: تُرَدُّ اليَمِينُ. فائدتان؛ إحْداهما، وكذا الحُكْمُ لو كذَّبَه المُقَرُّ له، وجُهِلَ لمَنْ هي. الثَّانيةُ، لو عادَ فادَّعاها لنَفْسِه أو لثالِثٍ، لم يُقْبَلْ. على ظاهرِ ما في «المُغْنِي» وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «المُحَرَّرِ» وغيرِه: تُقْبَلُ على الوَجة الثَّالِثِ، وهو الذي قال: إنَّه المذهبُ. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. ثم إنْ عادَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُقَرُّ له أوَّلًا إلى دَعْواه، لم تُقْبَلْ، وإنْ عادَ قبلَ ذلك، فوَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وإنْ أقَرَّتْ برِقِّها لشَخْص، و (¬1) كان المُقَرُّ به عَبْدًا، فهو كَمالِ غيرِه. وعلى الذي قبلَه، يَعْتِقَان. وذكَر الأزَجِيُّ في أصْلِ المَسْألَةِ، أنَّ القاضيَ قال: تَبْقَى على مِلْكِ المُقِرّ. فتَصِيرُ وَجْهًا خامِسًا. قوله: وإنْ أقَرَّ بها لغائبٍ، أو صَبِي، أو مَجْنُونٍ، سَقَطَتْ عنه الدَّعْوَى، ثم إِنْ كانَ للْمُدَّعِي بَيَنةٌ، سُلمَتْ إليه، وهل يَحْلِفُ؟ على وَجْهَين. وذكَرَهما في «الرِّعايتَين» رِوايتَين. وأطلَقهما في «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرعايتَين»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»؟ أحدُهما، لا يحْلِفُ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. والثَّاني، يحْلِفُ مع البَيِّنةِ. قال ابنُ رَزِين في «مُخْتَصَرِه»: ويَحْلِفُ معها، على رَأيٍ. وقيل: إنْ جعَل قَضاءً على ¬

(¬1) في الأصل: «أو كان المقر له أو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غائبٍ، حَلَفَ، وإلَّا فلا. قاله في «الرِّعايةِ». قوله: وإنْ لم يَكُنْ له بَيِّنَةٌ، حَلَفَ المُدَّعَى عليه أنَّه لا يَلْزَمُه تَسْلِيمُها إليه، وأُقِرت في يَدِه. وهو صحيحٌ. لكِنْ لو نَكَلَ، غَرِمَ بدَلَها. فإنْ كان المُدَّعِي اثْنَين، لَزِمَه لهما عِوَضان. قوله: إلَّا أنْ يُقِيمَ بَينةً أنها لمَنْ سَمى، فلا يَحْلِفُ. وتُسْمَعُ البَيَنةُ؛ لفائِدَةِ زَوالِ التُهْمَةِ وسُقوطِ اليَمِينِ عنه، ويُقْضى بالمِلْكِ إِنْ قُدِّمَتْ بَينةُ داخِل، وكان (¬1) للمُودِعِ والمُسْتَأجِرِ والمُسْتَعِيرِ المُحاكَمَةُ. قدمه في «الفُروعِ». ¬

(¬1) بعده في الأصل، ا: «لو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: وخُرِّجَ (¬1) القَضاءُ بالمِلْكِ، بِناءً على أنَّ للمُودِعِ ونحوه المُخاصَمَةَ فيما في يَدِه. وقدَّم المُصَنفُ، أنَّه لا يُقْضَى بالمِلْكِ؛ لأنَّه لم يَدَّعها الغائِبُ ولا وَكِيلُه. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. تنبيهان؛ أحدُهما، قال في «الفُروعِ»: وتقدَّم أنَّ الدَّعْوَى للغائبِ لا تصِح إلَّا تَبَعًا. وذكَرُوا أنَّ الحاكِمَ يقْضِي عنه، ويَبِيعُ ماله، فلابُدَّ مِن معْرِفَتِه أنَّه للغائبِ، وأعْلَى طَرِيقَةٍ البَينةُ، فتَكونُ مِنَ المُدَّعِي (¬2) للغائبِ تَبَعًا أو مُطْلَقًا؛ للحاجَةِ إلى ¬

(¬1) بعده في ا: «القاضي». (¬2) في ط: «الدعوى».

وَإنْ أقَرَّ بِهَا لمَجْهُولٍ، قِيلَ لَهُ: إِمَّا أنْ تُعَرِّفَهُ، أوْ نَجْعَلَكَ نَاكِلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ إيفاءِ الحاضِرِ وبَراءَةِ ذِمَّةِ الغائبِ. الثَّاني، تولُه: وإنْ أقر بها لمجْهُول، قيلَ له: إمَّا أن تُعَرفَه، أو نَجْعَلَكَ ناكِلًا. وهذا بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو عادَ فادَّعَاها لنَفْسِه، فقيلَ: تُسْمَعُ؛ لعدَمِ صِحَّةِ قوْلِه. قال في «الرعايةِ الكبْرى»: قُبِلَ قولُه، في الأشْهَرِ. وقيل: لا تُسْمَعُ؛ لاعْتِرافِه أنَّه لا يَمْلِكُها. صحَّحه في «تَصْحبحِ المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ» في هذا البابِ. وأطلَقهما في بابِ الدَّعاوَى، وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الزَّرْكَشِي». وقال في «التَّرْغيبِ»: إنْ أصَرَّ حُكِمَ عليه بنُكُولِه، فإن قال بعدَ ذلك: هي لي. لم يُقْبَلْ، في الأصح. قال: وكذا تُخَرَّجُ إذا أكْذَبَه المُقَرُّ له، ثم ادَّعاها لنَفْسِه، وقال: غَلِطْتُ. ويَدُه باقِيَة. تنبيه: بعْضُ الأصحابِ يذْكُرُ هذه المَسائِلَ في بابِ الدَّعاوَى، وبعْضُهم يذْكُرُها هنا، وذكَر المُصَنفُ هناك ما يتَعَلَّقُ بذلك.

فَصْل: وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يُعْلَمُ بِهِ المُدَّعَى، إلا فِي الوَصِيَّةِ وَالإِقْرَارِ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِالْمَجْهُولِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً تَحْرِيرًا يُعْلَمُ به المدَّعَى. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. إلَّا ما اسْتَثْنى. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ مسْألةَ الدَّعْوَى وفُروعَها ضَعِيفَة؛ لحَدِيثِ الحَضْرَمِيِّ (¬1)، وٍ أنَّ الثُّبوتَ المَحْضَ يصِحُّ بلا مُدَّعى عليه. وقال: إذا قيلَ: لا تُسْمَعُ إلَّا مُحَرَّرَة، فالواجِبُ أنَّ مَن ادَّعَى مُجْمَلًا، اسْتَفْصَلَه الحاكِمُ. وقال: المُدَّعَى عليه قد يكونُ مُبْهَمًا، كدَعْوَى الأنْصارِ قَتْلَ صاحِبِهم (¬2)، ودَعْوَى المَسْرُوقِ منه على بَنِي أبَيرقٍ (3). ثم المَجْهول قد يكونُ مُطْلَقًا، وقد يَنْحَصِرُ في قَوْم؛ كقَوْلِها: نَكَحَنِي أحدُهما. وقو لِه: زَوْجَتِي (¬3) إحْدَاهما. انتهى. والتَّفْرِيعُ على الأوَّلِ. فعلى المذهبِ، يُعْتَبَرُ التَّصْرِيحُ بالدَّعْوى، فلا يكْفِي قوْلُه: لي عِندَ فُلانٍ كذا. حتى يقولَ: وأنا الآنَ مُطالِب له به. ذكَره في «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايةِ»، ¬

(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 416. (¬2) تقدم تخريجه في 25/ 378. (¬3) أخرجه الترمذي، عارضة الأحوذي 11/ 164 - 167. وانظر الدر المنثور 2/ 217، 218.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهما. وقدَّمه في الفُروعِ، وقال: وظاهرُ كلامِ جماعَةٍ، يَكْفِي الظَّاهِرُ. قلتُ: وهو أظْهَرُ. فائدتان؛ إحْداهما، قال في «الرعايةِ»: لو كان المُدَّعَى به مُتَمَيِّزًا، مَشْهورًا عندَ الخَصْمَين والحاكمِ، كَفَتْ شُهْرَتُه عن تحْديدِه. وقال في «الفُروعِ»: وتَكْفِي شُهْرَتُه عِندَهما، و (¬1) عندَ الحاكمِ عن تحْديدِه؛ لحَدِيثِ الحَضْرَمِي، والكِنْدِي. قال: وظاهِرُه عَمَلُه بعِلْمِه أنَّ مَوْرُوثَه (¬2) ماتَ ولا وارِثَ له سِواه. انتهى. الثَّانيةُ، لو قال: غَصَبْتَ ثَوْبِيَ؛ فإنْ كان باقِيًا فلِي رَدُّه، وإلَّا فقِيمَتُه (¬3). صحَّ اصْطِلاحًا. وقيلَ: يدَّعِيه، فإنْ خَفِيَ (¬4)، ادَّعَى قِيمَتَه. وقال في ¬

(¬1) في الأصل: «أو». (¬2) في الأصل، ا: «مورثه». وانظر الفروع 6/ 463. (¬3) في الأصل، ا: «قيمته». (¬4) في ط: «حلف».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ»: لو أعْطىَ دَلَّالًا ثَوْبًا قِيمَتُه عَشَرَة ليَبِيعَه بعِشْرِين، فجَحَدَه، فقال: أدَّعِي ثَوْبًا، إنْ كانَ باعَه فلِي عِشْرُون، وإنْ كان باقِيًا، فلي عَينُه، وإنْ كانَ تالِفًا فلِي عشَرَة. قال في «الفُروعِ»: فقد اصْطَلَحَ القُضاةُ على قَبُولِ هذه الدَّعْوَى المُرَدَّدَةِ (¬1) للحاجَةِ. قال في «الرِّعايةِ»: صحَّ اصْطِلاحًا (¬2). انتهى. وإنِ ادَّعَى أنَّه (¬3) له الآنَ، لم تُسْمَعْ بَينتُه أنَّه (¬4) كانَ له أمْسِ، أو في يَدِه، في الأصح من الوَجْهَين، حتى يبيِّنَ سبَبَ يَدِ الثَّاني نحوَ غاصِبِه، بخِلافِ ما لو شَهِدَتْ أنَّه كان مِلْكَه بالأمْسِ، اشْتَرَاه مِن رَبِّ اليَدِ، فإنَّه يُقْبَلُ. وقال الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، إنْ قال: ولا أعْلَمُ له مُزِيلًا. قُبِلَ كعِلْمِ الحاكمِ أنَّة يُلمسُ عليه. وقال أيضًا: لا يُعْتَبَرُ في أداءِ الشَّهادَةِ قوْلُه: وأنَّ الدَّينَ باقٍ في ذِمَّةِ الغَريمِ إلى الآنَ. بل يَحْكُمُ الحاكِمُ باستِصْحابِ الحال، إذا ثَبَتَ عِندَه سبْقُ الحقِّ إجْماعًا. وقال أيضًا في مَن بيَدِه عَقار، فادَّعَى رجُل بمَثْبُوتٍ عندَ الحاكمِ، أنَّه كانَ لجَده إلى مَوْتِه، ثم لوَرَثَتِه، و [لم يثبِ] (¬5) أنَّه مُخَلَّف عن مَوْرُوثِه: لا يُنْزَعُ منه بذلك؛ لأنَّ أصْلَين تَعارَضا، وأسْبابَ انْتِقالِه أكثرُ مِن الإرْثِ، ولم تَجْرِ العادَةُ بسُكُوتِهم المُدَّةَ الطَّويلَةَ، ولو فُتِحَ هذا لانْتُزِعَ كثير مِن عَقَارِ النَّاسِ بهذه الطَّريقِ. وقال في مَن بيَدِه عَقارٌ، فادَّعَي آخَرُ أنه كانَ مِلْكًا لأبِيه، فهل يُسْمَعُ مِن غيرِ بَينةٍ؟ قال: لا يُسْمَعُ إلَّا بحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، أو إقْرارِ مَنْ هو في يَدِه، أو تحتَ حُكْمِه. وقال في بَينةٍ شَهِدَتْ له بمِلْكِه إلى حينِ وَقْفِه، وأقامَ الوارِثُ بَينةً، أن مَوْرُوثَه اشْتَراه مِن الواقِفِ قبلَ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «المردودة». وانظر الفروع 6/ 462. (¬2) بعده في ا: «وقيل بلى». (¬3) في الأصل، ا: «أن». (¬4) في ط: «أن». (¬5) في الأصل: «لمن ثبت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَقْفِه: قدِّمَتْ بَينةُ وارِثٍ؛ لأنَّ معها مَزِيدَ عِلْم؛ لتَقْديمِ (¬1) مَنْ شَهِدَ بأنه وَرِثَه مِن أبِيه، وآخَرَ أنه باعَه. انتهى. قوله: إلا في الوَصِيةِ والإقْرارِ، فإنَّها تَجُوزُ بالْمَجْهُولِ. وكذلك في العَبْدِ المُطْلَقِ في المَهْرِ، إذا قُلْنا: يصِحُّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايتَين»: كوَصِيَّةٍ، وعَبْدٍ مُطْلَقٍ في مَهْر، أو نحوه. وقيل: أو إقْرار. وقال في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»: ولا تصِحُّ إلَّا مُحَررَةً، يُعْلَمُ بها المُدَّعَى، إلَّا في الْوَصِيَّةِ خاصَّةً، فإنَّها تصِحُّ بالمَجْهولِ. وقاله غيرُهم. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: يصِحُّ الإقْرارُ بالمَجْهولِ؛ لِئَلَّا يسْقُطَ حقُّ المقَرِّ له، ولا تصِحُّ الدَّعْوى؛ لأنَّها حق له، فإذا رُدَّتْ عليه عُدِلَ إلى مَعْلوم. واخْتارَ في «التَّرْغيبِ» أنَّ دَعْوى الإقْرارِ بالمَعْلومِ لا تصِحُّ؛ لأنَّه ليسَ بالحقِّ ولا مُوجبِه، فكيفَ بالمَجْهولِ؟ وقال في «التَّرْغيبِ» أيضًا: لو ادَّعَى دِرْهَمًا، وشَهِدَ الشُّهودُ على إقْرارِه، قُبِلَ، ولا يدعِي الإقْرارَ، لموافَقَتِه لَفْظَ الشُّهودِ، بل لو ادَّعَى لم تُسْمَعْ: وفي «التَّرْغيب»، في اللُّقَطَةِ: لا تُسْمَعُ. وقال الآمِدِيّ: لو ادَّعَتِ امْرَأة أنَّ زوْجَها أقَرَّ أنَّها اخْتُه مِن الرَّضاعِ، أو ابْنَتُه، وأنْكَرَ الزَّوْجُ، فأقامَتْ بَينةً على إقْرارِه بذلك، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّها شهادَة على الإقْرارِ على الرَّضاعِ. قال الشَّيخُ تَقِي الدينِ، رَحِمَه الله تُعالى: لعَل مأخَذَه أنَّها ادعَتْ بالإقْرارِ لا بالمُقَر به. ولكِنَّ هذه الشَّهادَةَ تُسْمَعُ (¬2) بغيرِ دَعْوى؛ لِمَا فيها مِن حق اللهِ، على أنَّ الدَّعْوى بالإقْرارِ ¬

(¬1) في الأصل: «في التقديم». (¬2) في الأصل: «لم تسمع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها نظَرٌ، فإنَّ الدعْوى بها تصْدِيقُ المُقِرِّ. فوائد؛ الأولَى، مِن شَرْطِ صِحةِ الدَّعْوى، أنْ تكونَ مُتَعَلقَةً بالحالِّ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدمه في «الفُروعِ». وقيل: تُسْمَعُ بدَين مُؤجل؛ لإِثْباتِه. قال في «التَّرْغيبِ»: الصحيحُ أنَّها تُسْمَعُ، فيَثْبُتُ أصْلُ الحق لِلُّزُومِ في المُسْتَقْبَلِ، كدَعْوَى تَدْبِير، وأنَّه يَحْتَمِلُ في قوْلِه: قَتَلَ أبي أحدُ هؤلاءِ الخَمْسَةِ. أنَّها تُسْمَعُ للحاجَةِ؛ لوُقِوعِه كثيرًا، ويحْلِفُ كلّ منهم. وكذا دَعْوَى غَصْبٍ وإتْلافٍ وسَرِقَةٍ، لا إقْرارٍ وبَيع، إذا قال: نَسِيتُ. لأنَّه مُقَصرٌ. وقال في «الرعايةِ الكُبْرى»: تُسْمَعُ الدَعْوى بدَين مُؤجل؛ لإثْباتِه، إذا خافَ سفَرَ الشُّهودِ أو (¬1) المَدْيُونِ مُدَةً بغيرِ أجَل (¬2). الثَّانيةُ، يُشْترَطُ في الدعْوى انْفِكاكُها عمَّا يُكَذِّبُها؛ فلو ادعَى عليه أنَّه قتَل أبَاه مُنْفَرِدًا، ثم ادَّعَى على آخَرَ المُشارَكَةَ فيه، تُسْمَعِ الثَّانيةُ ولو أقَر الثَّاني، إلَّا أنْ يقولَ: غَلِطْتُ. أو: كَذَبْتُ في الأولَى. فالأظْهَرُ، تُقْبَلُ. قاله في «التَّرْغيبِ». وقدَّمه في «الفُروعِ»؛ لإِمْكانِه، والحقُّ لا يَعْدُوهما. وقال في «الرعايةِ»: مَنْ أقَرَّ لزَيدٍ بشيءٍ، ثم ادَّعاه، وذكَرَ تَلَقِّيَه منه، سُمِعَ، وإلا فلا، وإنْ أخِذَ منه بِبَينةٍ، ثم ادعاه، فهل يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين. الثَّالثةُ، لو قال: كان بيَدِكَ. أو: لكَ أمْسِ، وهو مِلْكِي الآنَ. لَزِمَه سبَبُ زَوالِ يَدِه. على أصح الوَجْهَين. والوَجْهُ الثاني، لا يَلْزَمُه. وقيل: يَلْزَمُه في الثانيةِ دُونَ الأولَى. قال في «الفُروعِ»: فيَتَوَجهُ على الوَجْهَين، لو أقامَ المُقِر بَينةً أنَّه ¬

(¬1) في الأصل: «و». (¬2) في الأصل، ط: «أجله».

فَإِنْ كَانَ المُدَّعَى عَينًا حَاضِرَةً، عَيَّنَهَا، وَإنْ كَانَتْ غَائِبَةً، ذَكَرَ صِفَاتِهَا، إِنْ كَانتْ تَنْضَبِطُ بهَا، وَالأوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ له، ولم يُبَيِّنْ سبَبًا، هل تُقْبَلُ؟. وتقدَّم الكِفايَةُ بشُهْرَتِه عندَ الخَصْمَين و (¬1) الحاكمَ قريبًا. الرَّابعةُ، لو أحْضَرَ ورَقَةً فيها دَعْوَى مُحَررَة، وقال: أدَّعِي بما فيها. مع حُضورِ خَصْمِه، لم تُسْمَعْ. قاله في «الرِّعايةِ». وقال في «الفُروعِ»: لا يَكْفِي قوْلُه عن دَعْوَى في ورَقَةٍ: أدَّعِي بما فيها. الخامسةُ، تُسْمَعُ دَعْوَى اسْتِيلادٍ وكِتابَةٍ وتَدْبِير. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تُسْمَعُ في التَّدْبِيرِ إنْ جُعِلَ عِتْقًا بصِفَةٍ. وقال في «الفُصولِ»: دَعْواه سبَبًا قد يُوجِبُ مالًا -كضَرْبِ عَبْدِه ظُلْمًا- يَحْتَمِلُ أنْ لا تُسْمَعَ حتى يجبَ المالُ. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا تُسْمَعُ [إلا دَعْوَي] (¬2) مُسْتَلْزِمَة، لا كَبَيعِ خِيارٍ ونحوه، وأنَّه لو ادعى بَيعًا أو هِبَةً، لم تُسْمَعْ إلَّا أنْ يقولَ: ويَلْزَمُه التَّسْلِيمُ إليَّ. لاحْتِمالِ كوْنِه قبلَ اللُّزومِ. ولو قال: بَيعًا لازِمًا. أو: هِبَةً مَقْبُوضَة. فوَجْهان؛ لعدَمِ تَعَرضِه للتَّسْليمِ. قوله: وإنْ كانَ الْمُدَّعَى عَينًا حاضِرَةً، عَيَنها، وإنْ كانتْ غائِبَةً، ذَكَرَ صِفاتِها، إنْ كانَتْ تَنْضَبِطُ بها، والأوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِها. وجزَم به الشَّارِحُ، وابنُ ¬

(¬1) في الأصل، ا: «أو». (¬2) في الأصل، ا: «الدعوى».

وَإنْ كَانَتْ تَالِفَةً مِنْ ذَوَاتِ الأمْثَالِ، ذَكَرَ قَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا، وَإنْ ذَكَرَ قِيمَتَهَا كَانَ أوْلَى، وَإنْ لَمْ تَنْضَبِطْ بِالصِّفَاتِ، فَلابُدَّ مِنْ ذِكْرِ قِيمَتِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُنَجَّى، و [«الفُروعِ»، وغيرُهم] (¬1). قوله: وإنْ كانَتْ تالِفَةً مِن ذَواتِ الأمْثالِ -أو في الذِّمَّةِ- ذَكَرَ قَدْرَها وجنْسَها وصِفَتَها. فيَذْكُرُ هنا ما يذكُرُ في صِفَةِ السلَمِ، وإنْ ذكرَ قِيمَتَها، كان أولَى. يعْنِي، الأوْلَى أنْ يذْكُرَ قِيمَتَها مع ذِكْرِ صِفَةِ السلَمِ. قاله الأصحابُ؛ لأنه ¬

(¬1) في الأصل: «غيرهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أضْبَطُ. وكذا إنْ كانَ غيرَ مِثْلِي. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنفِ، وغيرِه. وقال في «التَّرْغيبِ»: يَكْفِي ذِكْرُ قِيمَةِ غيرِ المِثْلِيِّ. فائدة: قولُه: وإنْ لم تَنْضَبِطْ بالصِّفاتِ، فلا بُد مِن ذِكْرِ قِيمَتِها. كالجَواهِرِ ونحوها، بلا نِزاعٍ. لكِنْ يكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ (¬1) البَلَدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه في «المُحَررِ»، و «النظْمِ»، و «الرعايتَين»، و «الحاوي ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإنِ ادَّعَى نِكَاحًا، فَلَابُدَّ مِنْ ذِكْرِ المَرأةِ بِعَينها إِنْ حَضَرَتْ، وَإلَّا ذَكَرَ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا، وَذَكَرَ شُرُوطَ النِّكَاحِ، وَأنَهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَرِضَاهَا، فِي الصَّحِيحِ مِنَ المَذْهَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: ويَصِفُه أيضًا. قوله: وإنِ ادَّعَى نِكاحًا، فلابُدَّ مِن ذِكْرِ الْمَرْأةِ بعَينها إنْ حَضَرَتْ، وإلَّا ذَكَرَ اسْمَها ونَسَبَها، وَذَكَرَ شُرُوطَ النِّكاحِ، وأنه تَزَوَّجَها بوَلِي مُرْشِدٍ وشاهِدَيْ عَدْلي، وبرِضاها، في الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو المذهبُ، كما قال. يعْنِي، يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الدَّعْوى بالنِّكاحِ، ذِكْرُ شُروطِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه في «الفُروعِ» وغيرِه، فقال: يُعْتَبَرُ ذِكْرُ شُروطِه، في الأصح. واخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه في «الرعايةِ» وغيرِه. وقال في «التَّرْغيبِ»: يُعْتَبَرُ في النكاحِ وَصْفُه بالصحَّةِ. انتهى. وقيل: لا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ شُروطِه. فعلى المذهبِ، لو ادَّعَى اسْتِدامَةَ الزَّوْجِيةِ، ولم يَدَّعِ العَقْدَ، فهل يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُروطِه في صِحَّةِ الدَّعْوى، أمْ لا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُشْترَطُ. وهو الصَّحيحُ. صحَّحه في «البُلْغَةِ»، و «الرعايتَين». وإليه مَيلُ

وَإنِ ادَّعَى بَيعًا، أو عَقْدًا سِوَاهُ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنفِ، والشارِحِ. وهو ظاهرُ كلامِه في «الوَجيزِ». والثاني، يُشْترَطُ. فائدتان؛ إحْداهما، قال المُصَنفُ، والشَّارِحُ: لو كانتِ المَرْأةُ أمَةً، والزَّوْجُ حُرًّا، فَقِياسُ ما ذكَرْنا، أنَّه يحْتاجُ إلى ذِكْرِ عدَمِ الطَّوْلِ وخَوْفِ العَنَتِ. الثَّانيةُ، لو ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأةٍ، فأقَرَّتْ، فهل يُسْمَعُ إقْرارُها -وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وصحَّحه المَجْدُ -أو لا يُسْمَعُ؟ وإنِ ادَّعَى زَوْجِيتَّهَا واحِد، قُبِلَ، وإنِ ادعاها (¬1) اثْنان، لم يُقْبَلْ. قطع به المُصَنفُ في «المُغْنِي». فيه ثلاثُ رِوَاياتٍ. قوله: وإنِ ادَّعَى بَيعًا، أو عَقْدًا سِواه، فهل يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِه؟ يَحْتَمِلُ ¬

(¬1) في الأصل، ط: «ادعاه».

يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجهين. وكذا في «التَّرْغيبِ». يعْنِي، إذا اشْترَطْنا ذِكْرَ ذلك في النِّكاحِ. وأطْلَقهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى»؛ أحدُهما، يُشْترَطُ ذِكْرُ شُروطِه. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: اعْتُبِرَ ذِكْرُ شُروطِه، في الأصحِّ. قال في «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: ذِكْرُ شُروطِ صِحتِه، في الأصحِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الحاوي الصغِيرِ»، و «تَجْريدِ

وَإنِ ادَّعَتِ امْرأة نِكَاحًا عَلَى رَجُل، وَادَّعَتْ مَعَهُ نَفَقَةً أو مَهْرًا، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا، وَإنْ لَمْ تَدَّعِ سِوَى النِّكَاحِ، فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا؟ عَلَى وَجْهَينِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العِنايةِ»، و «النّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يُشْترَطُ. اخْتارَه المُصَنفُ، والشَّارِحُ. وقيل: يُشْترَطُ ذِكْرُه في مِلْكِ الإماءِ والنِّكاحِ، ولا يُشْترَطُ ذِكْرُه في غيرِهما. قوله: وإنِ ادَّعَتِ المَرْأةُ نِكاحًا على رَجُل، وادَّعَتْ معه نَفَقَةً أو مَهْرًا، سُمِعَتْ دَعْواها -بلا نِزاع- وإنْ لم تَدَّعِ سِوَى النكاحِ، فهل تُسْمَعُ دَعْواها؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على وجْهَين. وأطلَقهما في «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا تُسْمَعُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وصحَّحه في «التصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «النّظْمِ». والوَجْهُ الثَّاني، تُسْمَعُ. جزَم به القاضي. فعليه، هي في الدَّعْوَى كالزَّوْجِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو نَوَى بجُحودِه الطَّلاقَ، لم تَطْلُقْ. على الصحيحَ مِن المذهبِ، خِلافًا للمُصَنِّفِ في «المُغْنِي». واخْتارَه في «التَّرْغيبِ». وقال: المَسْألةُ مَبْنِيَّة على رِوايةِ صِحَّةِ إقْرارِها به إذا ادَّعاه واحدٌ. قاله في «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قلتُ: قد تقدَّم في كتابِ الطَّلاقِ، في قوْلِه: ليسَ لِي امْرَأة. أو: ليستْ لي بامْرَأةٍ. رِوايَةُ أنَّه لَغْوٌ. قال في «الفُروع»: والأصحُّ، كِنايَةٌ. وقال في «المُحَررِ» هناك: إذا نَوَى الطَلاقَ بذلك، وقَعَ. وعنه، لا يقَعُ شيء. فالجُحُودُ هنا لعَقْدِ النكاحِ، لا لكَوْنِها امْرَأته. الثَّانيةُ، لو عَلِمَ أنَّها ليستِ امْرَأته، وأقامَتْ بَينةً أنها امْرَأته، فهل يُمَكَّنُ منها ظاهِرًا؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلتُ: الذي يُقْطَعُ به، أنَّه لا يُمَكنُ منها، وكيفَ يُمَكَنُ منها

وَإنِ ادَّعَى قَتْلَ مَوْرُوثِهِ، ذَكَرَ الْقَاتِلَ، وَأنَهُ انْفَرَدَ بِهِ، أوْ شَارَكَ غَيرَهُ، وَأنَهُ قَتَلَهُ عَمْدًا، أوْ خَطَأً، أوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَيَصِفُهُ. وإنِ ادَّعَى الإرْثَ، ذَكَرَ سبَبَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو يعْلَمُ مِن نفْسِه ويتَحَققُ أنَّها ليستْ له بزَوْجَةٍ، حتى ولو حَكَمَ به حاكِم؛ لأنَّ حُكْمَه لا يُحِلُّ حَرامًا. قوله: وإنِ ادعَى قَتْلَ مَوْرُوثِه، ذَكَرَ القاتِلَ، وأنَّه انْفَرَدَ به، أو شارَكَ غَيرَه، وأنه قَتَلَه عَمْدًا، أو خَطَأ، أو شِبْهَ عَمْدٍ، ويَصِفُه. وهذا بلا. نزاع. وإنْ لم يذْكُرِ الحياةَ في ذلك، فوَجْهان. وأطلَقهما في «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». قلتُ: الأوْلَى عدَمُ اشْتِراطِ ذِكْرِ الحَياةِ. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وإنِ ادعَى الإرْثَ، ذَكَرَ سَبَبَه. بلا نِزاع. ولو ادعَى دَينًا على أبِيه، ذكَرَ مَوْتَ أبِيه، وحَرَّرَ الدينَ والترِكَةَ. على الصحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي [وغيرُه] (¬1). وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنِ ادَّعَى شَيئًا مُحَلًّى، قَوَّمَهُ بِغَيرِ جِنْسِ حِلْيَتهِ، فَإِنْ كَانَ مُحَلًّى بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، قَوَّمَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا لِلْحَاجَةِ. فَصْلٌ: وَتُعْتَبَرُ فِي البَينةِ العَدَالةُ ظَاهِرًا وبَاطِنًا، فِي اخْتِيَارِ أبي بَكْرِ وَالقَاضِي. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ مُسْلِم لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه يكْفِي (¬1) [أنْ يقولَ] (¬2): إنَّه وصَلَ إليه مِن تَرِكَةِ أبِيهِ ما يَفِي بدَينه. الثَّانيةُ، قولُه: وإنِ ادَّعَى شَيئًا مُحَلًّى، قوَّمَه بغَيرِ جِنْسِ حِلْيَته، فَإنْ كانَ مُحَلًّى بذَهَبٍ وفِضَّةٍ، قوَّمَهَ بما شاءَ مِنْهُما للْحاجَةِ. بلا نِزاعٍ. ولو ادَّعَى دَينًا أو عَينًا، لم يُشْتَرَطْ ذِكْرُ سبَبِه، وَجْهًا واحدًا؛ لكَثْرَةِ سَبَبِه، وقد يَخفى على المُدَّعِي. قوله: وتُعْتَبَرُ في الْبَينةِ الْعَدالةُ ظاهِرًا وباطِنًا، في اخْتِيارِ أبِي بَكْر والقاضِي. وهو المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: تُعْتَبَرُ عَدالةُ البَينةِ ظاهِرًا وباطِنًا، أطْلَقَه الإمامُ ¬

(¬1) بعده في ط: «أيضًا». (¬2) سقط من: ط.

اخْتارَهَا الخِرَقِيُّ. وإنْ جَهِلَ إِسْلَامَهُ، رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ. والْعَمَلُ عَلَى الأوَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصحابُ. قال الزَّرْكَشِي: هذا المذهبُ عندَ أكثرِ الأصحابِ؛ القاضي وأصحابِه، وأبي محمدٍ، والْخِرَقِيِّ، فيما قاله أبو البَرَكاتِ. انتهى. قلتُ: وحكاه في «الهِدايةِ» عن الْخِرَقِيِّ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدمه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال في «المُحَرَّرِ»: واخْتارَه الْخِرَقِيُّ. وأخذَه مِن قوله: وإذا شَهِدَ عندَه مَن لا يعْرِفُه، سألَ عنه. وفي «الواضِحِ»، و «المُوجَزِ»: كَبَيِّنةِ حدٍّ وقَوَدٍ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: العَدالةُ المُعْتبَرةُ في شُهودِ الزِّنَى، هي العَدالةُ المُعْتَبَرَةُ ظاهِرًا وباطِنًا، وَجْهًا واحدًا، وإنِ اخْتُلِفَ في ذلك في الأمْوالِ؛ لتَأكُّدِ الزِّنَى. انتهى. وعنه، تُقْبَلُ شَهادَةُ كُل مُسْلِم لم تظْهَرْ منه رِيبَة، اخْتارَها الْخِرَقِي. قاله المُصنِّفُ في هذا الكتابِ هُنا، وأخذَها مِن قوْلِه: والعَدْلُ؛ مَنْ لم تظْهَرْ منه رِيبة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا قال القاضي وغيرُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وليسَ بالبَيِّن؛ لِما تقَدَّم له مِن أنَّه إذا شَهِدَ عندَه مَن لا يعْرِفُ حاله، سألَ عنه. فدَلَّ على أن كلامَه هنا في مَن عرَفَ حاله. انتهى. واخْتارَ هذه الروايةَ أبو بَكْر، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ». قاله في «الفُروعِ». فعليها، إنْ جَهِلَ إسْلامَه، رجَعَ إلى قوْلِه. وفي جَهْلِ حُريته -حيثُ اعْتَبَرْناها- وَجْهان؛ أحدُهما، لا يرجِعُ إليه. وهو المذهبُ. صحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقال: جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأوْرَدَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «النَّظْمِ» مذهبًا. والثَّاني، يرجِعُ إليه. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَين»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وإنْ جَهِلَ عَدالتَه، لم يَسْأل عنه، إلَّا أنْ يَجْرَحَه الخَصْم. وقال في «الانْتِصارِ»: يُقْبَلُ مِن الغَريبِ قولُه: أنا حُر عَدْل. للحاجَةِ، كما قَبِلْنا قولَ المَرْأةِ، أنَّها ليستْ مُزَوَّجَةً، ولا مُعْتَدة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة جليلَة: وهي أنَّ المُسْلِمَ، هل الأصْلُ فيه العَدالةُ، أو الفِسْقُ؟ اخْتُلِفَ فيها في زَمَنِنا، فأحبَبْتُ أنْ أنْقُلَ ما اطلَعْتُ عليه فيها مِن كُتُبِ الأصحابِ، فأقولُ، وباللهِ التَّوْفيقُ: قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (¬1) عندَ قوْلِ الْخِرَقِيِّ: وإذا شَهِدَ عندَه مَن لا يعْرِفُه، سأل عنه. وتابعَه الشَارِحُ عندَ قولِ المُصَنِّفِ: وتُعْتَبَرُ في البَينةِ ¬

(¬1) انظر المغني 14/ 43.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَدالةُ ظاهِرًا وباطِنًا. لمَّا نَصَرَا (¬1) أنَّ العَدالةَ تُعْتَبَرُ ظاهِرًا وباطِنًا، وحكَيَا (¬2) القولَ بأنه لا تُعْتَبَرُ العَدالةُ إلّا ظاهِرًا، وعللاه بأنْ قالا: ظاهِرُ حالِ المُسْلِمِين العَدالةُ. ¬

(¬1) في الأصل: «نص». (¬2) في الأصل: «حكينا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحْتَجَّا له بشَهادَةِ الأعْرابِي برُؤيَةِ الهِلالِ وقَبُولِها، وبقَوْلِ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه: المُسْلِمُون عُدول بعْضُهم على بَعْض. ولمَّا نصَرا (¬1) الأوَّلَ قالا: العَدالةُ شَرْط، فَوَجَبَ العِلْمُ بها كالإسْلامِ. وذكَرا (¬2) الأدِلةَ، وقالا: وأمَّا قولُ عمرَ، رَضِيَ اللهُ ¬

(¬1) في الأصل: «نصر». (¬2) في الأصل، ط: «ذكر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى عنه، فالمُرادُ به ظاهِرُ العَدالةِ. وقَالا: هذا بَحْث يدُل على أنَّه لا يُكْتَفَى بدُونِه. فظاهِرُ كلامِهما، أنَّهما سلَّما أنَّه ظاهِرُ العَدالةِ، ولكِنْ تُعْتَبَرُ معْرِفَتُها باطِنًا. وقالا في الكَلامِ على أنه لا يُسْمَعُ الجَرْحُ إلا مُفَسَّرًا: لأنَّ الجَرْحَ ينْقُلُ عن الأصْل؛ فإنَّ الأصْلَ في المُسْلِمين العَدالةُ، والجَرْحُ ينْقُلُ عنها. فصَرحا هنا بأن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْلَ في المُسْلِمين العَدالةُ. وقال ابنُ مُنَجى في «شَرْحِه»، لمَّا نَصَرَ أنَّه تُعْتَبَرُ العَدالةُ ظاهِرًا وباطِنًا: وأمَّا دَعْوَى أنَّ ظاهِرَ (¬1) حالِ المُسْلِمين (¬2) ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) في الأصل: «المسلم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَدالةُ، فَممْنُوعَةٌ، بلِ الظَّاهِرُ عكْسُ ذلك. فصَرّحَ أنّ الأصْلَ في ظاهرِ حالِ المُسْلِمِ عَكْسُ العَدالةِ. وقال في قولِه: ولا يُسْمَعُ الجَرْحُ إلَّا مُفَسرًا. والفَرْقُ بينَ التَّعْديلِ وبينَ الجَرْحِ، أنَّ التعْدِيلَ إذا قال: هو عَدْل. يُوافِقُ الظَّاهِرَ، فحَكَم بأنه عَدْل في الظَّاهِرِ، فخالفَ ما قال أوَّلًا. وقال ابنُ رَزِين في «شرحه» في أولَ كتابِ النِّكاحِ: وتصِحُّ الشَّهادَةُ مِن مَسْتُورِي الحالِ، رِوايةً واحدةً؛ لأن الأصْلَ العَدالةُ. وقال الطوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه» في الأصولِ، في أواخِرِ التَّقْليدِ: والعَدالةُ أصْلِيَّة في كل مُسْلِم. وتابعَ ذلك في «شَرْحِه» على ذلك. فظاهِرُ كلامِه، أنَّ الأصْلَ العَدالةُ. وقال في «الرَّوْضَةِ»، في هذا المَكانِ: لأنَّ الظَّاهِرَ مِن حالِ العالِمِ العَدالةُ. وقال الزرْكَشِي عندَ قولِ الْخِرَقِي: وإذا شَهِدَ عندَه مَن لا يعْرِفُه، سألَ عنه: ومنْشَأ الخِلافِ أن العَدالةَ، هل هي شَرْط لقَبولِ الشَّهادَةِ -والشَّرْطُ لا بد مِن تَحَقُّقِ وُجودِه، وإذَنْ لا يُقْبَلُ مَسْتُورُ الحالِ، لعدَمِ تحَققِ الشَّرْطِ فيه- أو (¬1) الفِسْقُ مانِعٌ؟ فيُقْبَلُ مَسْتُوري الحالِ، إذِ الأصْلُ عدَمُ الفِسْقِ. ثم قال بعدَ ذلك بأسْطُر: فإنْ قيلَ بأنَّ الأصْلَ في المُسْلِمين العَدالةُ. قيلَ: لا نُسَلِّمُ هذا، إذِ العَدالةُ أمْر زائدٌ على الإسْلامِ، ولو سُلمَ هذا فُمعارَض بأن الغالِبَ -ولاسِيَّما ¬

(¬1) في الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في زَمَنِنا هذا- الخُروجُ عنها. وقد يَلْزَمُ أنَّ الفِسْقَ مانِع، ويقالُ: المانِعُ لا بدَّ مِن تحَقُّقِ ظَنِّ عدَمِه، كالصبِيِّ والكُفْرِ. وقال الشّيخُ تَقِيّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: مَنْ قال: إنّ الأصْلَ في الإنْسانِ العَدالةُ. فقد أخْطَأ، وإنما الأصْلُ فيه الجَهْلُ والظُّلْمُ؛ قال اللهُ تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (¬1). وقال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ، في أواخِرِ «بَدائِع الفَوائدِ»: إذا شكَّ في الشاهِدِ، هل هو عَدْلٌ أم لا؟ لم يحْكُمْ بشَهادَتِه (¬2)؛ إذِ الغالِبُ في النَّاسِ عدَمُ العَدالةِ، وقولُ مَن قال: الأصْلُ في النّاسِ العَدالةُ. كَلام مُسْتَدْرَك، بلِ العَدالةُ حادِثَة تتَجَدَّدُ، والأصْلُ عدَمُها، فإنَّ خِلافَ العَدالةِ مُسْتَنَدُه جَهْلُ الإنْسانِ وظُلْمُه، والإنْسانُ جَهُول ظَلُوم، فالمُؤمِنُ يَكْمُلُ بالعِلْمِ والعَدالةِ، وهما جِماعُ الخَيرِ، وغيرُه يَبْقَى على الأصْلِ. وقال بعْضُهم: العَدالةُ والفِسْقُ مَبْنِيَّان على قَهُولِ شَهادَتِه، فإنْ قُلْنا: تُقْبَلُ شَهادَةُ مَسْتُورِ (¬3) الحالِ. فالأصْلُ فيه العَدالةُ، ؤإنْ قُلْنا: لا تُقْبَلُ. فالأصْلُ فيه الفِسقُ. قلتُ: الذي يَظْهَرُ أن المُسْلِمَ ليسَ الأصْلُ فيه الفِسْقَ، لأن الفِسْقَ قَطْعًا يَطْرأ، والعَدالةُ أيضًا -ظاهِرًا وباطِنًا- تَطْرأ، لكِن الظَّنَّ في المُسْلِمِ العَدالةَ أوْلَى مِن الظَّنِّ به الفِسْقَ. وممَّا يُسْتَأنَسُ به -على القَوْلِ بأنَّ الأصْلَ في المُسْلِمِ العَدالةُ- قوْلُه عليه أفْضَلُ الصِّلاةِ والسّلام: «ما مِنْ مَوْلُود يُولَدُ إلَّا على الفِطْرَةِ، فأبَواهُ يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرَانِه أو يُمَجِّسانِه» (¬4). ¬

(¬1) سورة الأحزاب 72. (¬2) في الأصل: «بشهادة». (¬3) في الأصل، ا: «مستوري». (¬4) تقدم تخريجه في 10/ 94.

وَإذَا عَلِمَ الحَاكِمُ عَدَالتَهُمَا، عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا عَلِمَ الْحاكِمُ عَدالتَهُما، عَمِلَ بعِلْمِه. هكذا عِبارَةُ غالبِ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: وفي عِبارَةِ غيرِ واحدٍ، ويَحْكُمُ بعلْمِه في عَدالةِ الشَّاهِدِ وجَرْحِه للتَّسَلْسُلِ. قال في «عُيونِ المَسائلِ»: ولأنه يُشْرِكُه فيه غيرُه، فلا تُهْمَةَ. وقال هو والقاضي وغيرُهما: هذا ليسَ بحُكْم؛ لأنه يُعَدلُ هو ويَجْرَحُ غيرُه، ويَجْرَحُ هو ويُعَدِّلُ غيرُه، ولو كان حُكْمًا، لم يَكُنْ لغيرِه نقْضُه. قال في «التَّرْغيبِ»: إنَّما الحُكْمُ بالشَّهادَةِ، لا بِهما. إذا عَلِمْتَ ذلك، فَعَمَلُ الحاكِمِ بعِلْمِه في الشهودِ، وحُكْمُه بعِلْمِه في العَدالةِ والجَرْحِ هو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يعْمَلُ في جَرْحِه بعِلْمِه فقطْ. وعنه، لا يعْمَلُ بعِلْمِه فيهما، كالشَّاهِدِ، على أصح الوَجْهَين فيه. قال الزَّرْكَشِي: وحكَى ابنُ حَمْدانَ في «رِعايته» قوْلًا بالمَنْعِ. وهو مَرْدود، إنْ صحَّ ما حَكاه القُرْطُبِيُّ؛ فإنَّه حكَى اتفاقَ الكُلِّ على الجَوازِ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، لا يجوزُ الاعْتِراضُ عليه لتَرْكِه تَسْمِيَة الشُّهودِ. ذكَرَه

إِلَّا أَنْ يَرْتَابَ بِهِمَا، فَيُفَرقَهُمَاْ وَيَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ: كَيْفَ تَحَمَّلْتَ الشَّهَادَةَ؟ وَمَتَى؟ وَفِى أَيَّ مَوْضِعٍ؟ وَهَلْ كُنْتَ وَحْدَكَ أَوْ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنِ اخْتَلَفَا، لَمْ يَقْبَلْهَا، وَإِنِ اتَّفَقَا، وَعَظَهُمَا وَخَوَّفَهُمَا، فَإِنْ ثَبَتَا، حَكَمَ بِهِمَا إِذَا سَأَلَهُ المُدَّعِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى وغيرُه فى مَسْألَةِ المُرْسلِ، وابنُ عَقِيل. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ له طَلَبَ تَسْمِيَةِ البَينةِ، ليَتَمَكَّنَ مِن القَدْحِ، بالاتِّفاقِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ مِثْلُه لو قال: حكَمْتُ بكذا. ولم يذْكُرْ مُسْتَنَدَه. الثَّانيةُ، قال فى «الرِّعايةِ»: لو شَهِدَ أحدُ الشَّاهِدَيْن ببَعْضِ الدَّعْوى، قال: شَهِدَ عنْدِى بما وضَعَ به خَطُّه فيه، أو عادةَ حُكَّامِ بلَدِه. وإنْ كانَ الشَّاهِدُ عدْلاً، كتَب تحتَ خطِّه: شَهِدَ عنْدِى بذلك. وإنْ قَبِلَه كتَب: شَهِدَ بذلك عنْدِى. وإنْ قَبِلَه غيرُه أو أخْبَرَه بذلك، كتَبَ: وهو مَقْبولٌ. وإنْ لم يَكُنْ مَقْبُولًا، كتَبَ: شَهِدَ بذلك. وقال للمُدَّعِى: زِدْنِى شُهودًا. أو: زَكِّ شاهِدَيْكَ. وقيل: إنْ طلَبَ خَصْمُه التَّزْكِيَةَ، وإلَّا فلا. انتهى. قوله: إلَّا أنْ يَرْتابَ بهما، فيُفَرِّقَهُما ويَسْأَلَ كُلَّ واحِدٍ: كَيْفَ تَحَمَّلْتَ الشَّهادَةَ؟ ومَتَى؟ وفى أىِّ مَوْضِعٍ؟ وهل كُنْتَ وحْدَكَ أو أنْتَ وصاحِبُكَ؟ فإنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتَلَفا، لم يَقْبَلْهُما، وإِنِ اتَّفَقا، وعَظَهُما وخَوَّفَهُما، فإنْ ثَبَتا، حَكَمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بهما إذا سَأَلَه المُدَّعِى. يَلْزَمُ الحاكمَ سُؤالُ الشُّهودِ، والبَحْثُ عن صِفَةِ تَحَمُّلِهما، وغيرُه، إذا ارْتابَ فيهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزٍ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وظاهرُ كلام القاضى فى «الخِلافِ»، وُجوبُ التوَقفِ حتى يَبِينَ وَجْهُ الطعْنِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لوِ ادَّعَى جَرْحَ البَيَّنَةِ، فليسَ له تحْليفُ المُدَّعِى، فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. وقال فى «الرَّعايةِ»: إنِ اخْتَلَفَا، توَقَّفَ فيها. وقيل: تسْقُطُ شَهادَتُهما.

وَإِنْ جَرَحَهُمَا المَشْهُودُ عَلَيْهِ، كُلِّفَ البَيَّنَةَ بِالْجَرْحِ، فَإنْ سَأَلَ الْإنْظَارَ، أُنْظِرَ ثَلَاثًا. وَلِلْمُدَّعِى مُلَازَمَتُهُ، فَان لَمْ يُقِمْ بَينّةَ، حُكِمَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ جَرَحَهُما المشْهُودُ عليه، كُلِّفَ- إقامَةَ- الْبَيِّنَةِ بالجَرْحِ، فإنْ سألَ الإنْظارَ، أنْظِرَ ثَلاثًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الرِّعايةِ»: يُمْهَلُ الجارِحُ ثَلاَثةَ أيَّامٍ- فى الأصحِّ- إنْ طَلَبَه. وجزَم به كثيرٌ مِن الأصحابِ. وقيل:

وَلَا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إِلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ فِى العَدَالَةِ، إِمَّا أَنْ يَرَاهُ، أَوْ يَسْتَفِيضَ عَنْهُ. وعنه، [332 و] أَنَّهُ يَكْفِى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فَاسِقٌ، وَلَيْسَ بِعَدْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُمْهَلُ. قوله: ولا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إلا مُفَسَّرًا بما يَقْدَحُ فى العَدالَةِ، إمَّا أَنْ يَراه، أو يَسْتَفِيضَ عنه. فلا يَكْفِى مُطْلَقُ الجَرْحِ، وهذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ»، و «الزرْكَشِىِّ»، وغيرِهما (¬1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى ¬

(¬1) فى الأصل: «غيره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقيل: يُقْبَلُ الجَرْحُ مِن غيرِ تَبْيِينِ سبَبِه. وعنه، يَكْفِى أنْ يَشْهَدَ أَنَّه فاسِقٌ ولَيْسَ بعَدْلٍ. كالتَّعْديلِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن فيه. وقيل: إنِ اتَّحَدَ مذِهبُ الجارِحِ والحاكمِ، أو عرَفَ الجارِحُ أسْبابَ الجَرْحِ، قُبِلَ إجْمالُه، وإلَّا فلا. قال الزرْكَشِىُّ: وهو حسَنٌ. وقيل: يَكْفِى قوْلُه: اللهُ أعلمُ به. ونحوُه. ذكَرَهما فى «الرِّعايةِ». تنبيه: قولُه: أو يَسْتَفِيضَ عنه. اعلمْ أنَّ له أنْ يشْهَدَ بجَرْحِه بما يقْدَحُ فى العَدالَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [باسْتِفاضَةِ ذلك عنهْ] (¬1). على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جاهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليسَ له ذلك، كالتَّزْكِيَةِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن فيها. وفى التَّزْكِيَةِ وَجْهٌ، اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: المُسْلِمُون يشْهَدُون (¬2) فى مِثْلِ عمرَ بنِ عَبْدِ العَزيزِ، والحَسَنِ [البَصْرِىِّ، رَضِىَ اللهُ تعالَى عنهما] (¬3)، بما لا (¬4) يعْلَمُونَه إلاَّ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «بالاستفاضة عنه ذلك». (¬2) فى ط: «لايشهدون». (¬3) زيادة من: ا. (¬4) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالاسْتِفاضَةِ. وقال: لا نعْلَمُ فى الجَرْحِ بالاسْتِفاضَةِ نِزاعًا بينَ النَّاسِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لا يجوزُ الجَرْحُ بالتَّسَامُعِ. نَعَم، لو زُكِّيَ جازَ التَّوَقُّفُ بتَسامُعِ الفِسْقِ. فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «المُحَرَّرِ»: الجَرْحُ المُبَيِّنُ؛ أنْ يذْكُرَ ما يقْدَحُ

وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ يَعْرِفُ حَالَهُ، قَالَ لِلْمُدَّعِى: زِدْنِى شُهُودًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى العَدالَةِ، عن رُؤْيَةٍ أو (¬1) اسْتِفاضَةٍ. والمُطْلَقُ؛ أنْ يقولَ: هو فاسِقٌ. أو (5): ليسَ بعَدْلٍ. قال الزرْكَشِىُّ: هذا هو المَشْهورُ. وقال القاضى فى «خِلافِه»: هذا هو المُبَيِّنُ، والمُطْلَقُ أنْ يقولَ: اللهُ أعلمُ. ونحوُه. الثَّانيةُ، يُعَرِّضُ الجارِحُ بالزِّنَى، فإنْ صرَّح ولم يأْتِ بتَمامِ أرْبَعَةِ شُهودٍ (¬2)، ¬

(¬1) فى ط: «و». (¬2) زيادة من: ا.

وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ، طَالَبَ المُدَّعِىَ بِتَزْكِيَتَهِ. وَيَكْفِى فِى التَّزْكِيَةِ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا، وَلَا يَحْتَاجُ أنْ يَقُولَ: عَلَىَّ وَلِىَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حُدَّ، خِلافًا للشَّافِعِىِّ. تنبيه: قولُه (¬1): وِإنْ جَهِلَ حالَه، طالَبَ المدَّعِىَ بتَزْكِيَتَه. بِناءً على اعْتِبارِ العَدالَةِ ظاهِرًا وباطِنًا. وهو المذهبُ، كما تقدَّم. فائدة: التَّزْكِيَةُ حقٌّ للشَّرْعِ، يَطْلُبُها الحاكِمُ وإنْ سكَتَ عنها الخَصْمُ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وقيل: بل هى حقٌ للخَصْمِ، فلو أقَرَّ بها، حكمَ عليه بدُونِها. وعلى الأوَّلِ، لا بُدَّ منها. ويأْتِى بأعَمَّ مِن هذا قريبًا. قوله: ويَكْفِى فى التَّزْكِيةِ شاهِدان يَشْهَدان أنَّه عَدْلٌ رِضًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُشْتَرَطُ فى قَبُولِ المُزَكِّيَيْن، مَعْرِفَةُ الحاكمِ خِبْرَتَهما الباطِنَةَ بصُحْبَةٍ ومُعامَلَةٍ، ونحوِهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قطَع به فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقْبَلان مع جَهْلِ الحاكمِ خِبْرَتَهما الباطِنَةَ. وقال فى «الرِّعايةِ»، وغيرِها: ولا يُتَّهَمُ بعَصَبِيَّةٍ أو غيرِها. قولُه: يَشْهَدان أَنَّه عَدْلٌ رِضًا. وكذا لو شَهِدا أنَّه عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهادَةِ. بلا نِزاعٍ. ويكْفِى قَوْلُهما (4): عَدْلٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهِرُ كلامِ أبى محمدٍ، الجَوَازُ، وظاهِرُ كلامِ أبى البَرَكاتِ، المَنْعُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هل يكْفِى قوْلُهما (¬1): عَدْلٌ؟ فيه ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «قوله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايةِ». فوائد؛ الأُولَى، لا يكْفِى قوْلُهما: لا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا. الثَّانيةُ، قال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: لا يَلْزَمُ المُزَكِّىَ الحُضُورُ للتَّزْكِيَةِ. وجزَم به فى «الرَّعايةِ» [وغيرِه] (¬1). وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ وَجْةٌ. الثَّالثةُ، لا تجوزُ التَّزْكِيَةُ إلَّا لمَنْ له خِبْرَةٌ باطِنَةٌ. قطَع به الأصحابُ. وزادَ فى «التَّرْغيبِ»، ومَعْرِفَةُ الجَرْحِ والتَّعْديلِ. الرَّابعةُ، هل تَعْدِيلُ المَشْهُودِ عليه وحدَه تعْديلٌ فى حقِّه، وتَصْديقُ الشُّهودِ تعْديلٌ؟ وهل تصِحُّ التَّزْكِيَةُ فى واقِعَةٍ واحدَةٍ؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، [و «الرِّعايةِ»] (3). قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: لا يُعْجِبُنِى أنْ يُعَدَّلَ؛ إنَّ النَّاسَ يتَغَيَّرُون. وقال: قيلَ لشُرَيْحٍ: قد أحْدَثْتَ فى قَضائِكَ؟ فقال: إنَّهم أحْدَثُوا، فأَحْدَثْنا. قال فى «الرِّعايةِ الكُبْري»: وإنْ أقَرَّ الخَصْمُ بالعَدالَةِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَحَهُ اثْنَانِ، فَالجَرْحُ أوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال: هما عَدْلان فيما شَهِدَا به علىَّ. أو: صادِقان. حَكَمَ عليه بلا تَزْكِيَةٍ. وقيل: لا. وقال: هل تصْديقُ الشُّهودِ تَعْديلٌ لهم؟ فيه وَجْهان. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: والتَّزْكِيَةُ حقٌّ للهِ، فتُطْلَبُ وإنْ سكَتَ الخَصْمُ، فإنْ أقَرَّ بالعَدالَةِ، حَكَمَ عليه. وقيل: لا يحكُمُ. وأَطْلَقَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ- فيما إذا عدَّلَ المَشْهودُ عليه الشَّاهِدَ- الوَجْهَيْن-. وأَطْلَقَ فى «الرِّعايةِ» - فى صِحَّةِ التَّزْكِيَةِ فى واقِعَةٍ واحدَةٍ - الوَجْهَيْن، وقال: وقيل: إنْ تَبَعَّضَتْ، جازَ، وإلَّا فلا تَزْكِيَةَ. تنييه: قولُه: وإنْ عَدَّلَه اثْنان، وجَرَحَه اثْنان، فالجَرْحُ أَوْلَى. بلا نِزاعٍ. وإذا قُلْنا: يُقْبَلُ جَرْحُ واحدٍ. فجَرَحَه واحدٌ، وزَكَّاه اثْنان، فالتَّزْكِيَةُ أوْلَى، على أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «المُنَوِّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقيلَ: الجَرْحُ

وَإنْ سَأَلَ المُدَّعِى حَبْسَ المَشْهُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يُزَكِّىَ شُهُودَهُ، فَهَلْ يُحْبَس؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أَوْلَى. وهو أوْلَى. وقال الزَّرْكَشِىُّ: ولو عدَّلَه ثَلاَثَةٌ، وجَرَحَه اثْنان، وبَيَّنا السَّبَبَ، [فالجَرْحُ أَوْلَى، وإنْ لم يُبَيِّنا السَّبَبَ] (¬1)، فالتَّعْدِيلُ أَوْلَى. قوله: وإنْ سأَلَ المُدَّعِى حَبْسَ المشْهُودِ عليه حَتَّى يُزَكِّىَ شُهُودَه، فهل يُحْبَسُ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يُجابُ ويُحْبَسُ. وهو المذهبُ. صحَّحه. فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»: احْتَمَلَ أنْ يَحْبِسَه. واقْتَصَرَا عليه. قال فى «الخُلاصةِ»: وفى حَبْسِه احْتِمالٌ. واقْتَصَرَ عليه. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُحْبَسُ. وقيلَ: لا يُحْبَسُ إلَّا فى المالِ. ذكرَه فى «الرِّعايةِ». فائدتان؛ إحْداهما، مُدَّةُ حَبْسِه ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَسَأَلَ حَبْسَهُ حَتَّى يُقِيمَ الآخَرَ، حَبَسَهُ إِنْ كَانَ فِى المَالِ، وَإنْ كَانَ فِى غَيْرِهِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُحْبَسُ إلى أنْ يُزَكِّىَ شُهودَه. وقدَّمه فى «الرِّعايةِ». وقيلَ: القَوْلُ بإطْلاقِ ذلك ظاهِرُ الفَسادِ. وهو كما قالَ. وقطَع (¬1) جماعَةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم، المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، بأَنَّه يُحالُ فى قِنٍّ أو امْرَأَةٍ، ادَّعَى عِتْقًا، أو طَلاقًا بينَهما بشاهِدَيْن. وفيه بواحِدٍ فى قِنٍّ وَجْهان. الثَّانيةُ، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو سأَلَ كَفِيلًا به، أو تَعْدِيلَ عَيْنٍ مُدَّعاةٍ قبلَ التَّزْكِيَةِ. قالَه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعَ»، وغيرِهم. قوله: وإِنْ أَقَامَ شاهِدًا وسَأَلَ حَبْسَه حتى يُقِيمَ الآخَرَ، حَبَسَه إنْ كانَ فِى ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الْمالِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يُحْبَسُ. قوله: وإنْ كانَ فى غَيْرِه، فعلى وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّي»؛ أحدُهما، لا يُحْبَسُ. وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». والوَجْهُ الثَّاني، يُحْبَسُ. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

وَإِنْ حَاكَمَ إلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُ، تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ لِسَانَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «النَّظْمَ».

وَلَا يَقْبَلُ فِى التَّرْجَمَةِ، وَالجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ، وَالتَّعْرِيفِ، وَالرِّسَالَةِ، إِلَّا قَوْلَ عَدْلَيْنِ. وعنه، يَقْبَلُ قَوْلَ وَاحِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَقْبَلُ فى التَّرْجَمَةِ، والْجَرْحِ، والتَّعْدِيلِ، والتَّعْرِيفِ، والرِّسالَةِ، إلَّا قَوْلَ عَدْلَيْن. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به الْخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وعنه، يَقْبَلُ قوْلَ واحدٍ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». فعلى المذهبِ، يكونُ ذلك شَهادَةً تفْتَقِرُ إلى العدَدِ والعَدالَةِ، ويُعْتَبَرُ فيها مِن الشُّروطِ ما يُعْتَبَرُ فى الشهادَةِ على الإِقْرارِ بذلك الحقِّ؛ فإنْ كانَ ممَّا يتَعَلقُ بالحُدودِ والقِصاصِ، اعْتُبِرَ فيه الحُرِّيَّةُ، ولم يَكْفِ إلَّا شاهِدان ذكَران، وإن كان مالًا، كَفَى فيه رجُلٌ وامْرَأَتان، ولم تُعْتَبَرِ الحُرِّيَّةُ، وإنْ كان فى حدِّ زِنى، فالأَصَحُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أرْبَعَةٌ. وقيلَ: يكْفِى اثْنان؛ بِناءً (¬1) على الرِّوايتَيْن فى الشَّهادَةِ على الإقْرارِ بالزِّنَى على ما تقدَّمَ. ويعْتَبَرُ فيه لَفْظُ الشهادَةِ. وعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، يصِحُّ بدُونِ لَفْظِ الشَّهادَةِ، ولو كانَ امْرَأَةً، أو والِدًا، أو وَلَدًا، أو أعْمَى لمَن خَبَرُه بعدَ عَماه. ويُقْبَلُ مِن العَبْدِ أيضًا. ويُكْتَفَى بالرُّقْعَةِ مع الرَّسُولِ، ولا بُدَّ مِن عَدالَتِه. وعلى المذهبِ، تجِبُ المُشافَهَةُ. قال القاضى: تَعْدِيلُ المَرْأةِ، هل هو مَقْبولٌ؛ مَبْنيٌّ على أصْلٍ؛ وهو، هل الجَرْحُ والتَّعْديلُ شَهادَةٌ أو خَبَرٌ؟ على قَوْلَيْن؛ فإنْ قُلْنا: هو خَبَرٌ. قُبِلَ تعْدِيلُهُنَّ. وإنْ قُلْنا بقَوْلِ الْخِرَقِىِّ، وأَنَّه شَهادَةٌ، فهل يُقْبَلُ تعْدِيلُهُنَّ؟ مَبْنِىٍّ على أصْلٍ آخَرَ؛ وهو، هل تُقْبَلُ شَهادَتُهُنَّ فيما لا يُقْصَدُ به المالُ ويَطَّلِعُ عليه ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّجالُ، كالنِّكاحِ؟ وفيه رِوايَتان؛ إحْداهما، تُقْبَلُ، فيُقْبَلُ تَعْدِيلُهُن. والثَّانيةُ، لا تُقْبَلُ. وهذا الصَّحيحُ، فلا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُنَّ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، مَن رَتَّبَه الحاكِمُ يَسْأَلُ سِرًّا عن الشُّهودِ لتَزْكِيَةٍ أو جَرْحٍ، فقيلَ: تُعْتَبَرُ شروطُ الشَّهادَةِ فيهم. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، فَقالا: ويُقْبَلُ قولُ أصحابِ (¬1) المَسائلِ. قال فى «الكافِي»: ويجِبُ أن يكونُوا عُدُولًا، ولا يَسْأَلُوا عَدُوًّا ولا صَدِيقًا. وهذا ظاهِرُ ما جزَم به في «المُسْتَوْعِبِ». ¬

(¬1) فى الأصل: «صاحب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: تُشْتَرَطُ شُروطُ الشَّهادةِ فى المَسْئُولين، لا فى مَن رَتَّبَهم الحاكمُ. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفروعِ» و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: وعلى قَوْلِنا: التَّزْكِيَةُ ليستْ شَهادَةً. لا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشّهادَةِ والعدَدُ [فى الجميعِ] (¬1). الثَّانيةُ، مَن سأَلَه حاكمٌ عن تَزْكِيَةِ مَن شَهِدَ عندَه، أَخبَرَه، وإلَّا لم يجِبْ. الثَّالثةُ، مَن نُصِبَ للحُكْمِ بجَرْحٍ وتَعْديلٍ، وسَماعِ بَيِّنةٍ، قَنِعَ الحاكمُ بقَوْلِه وحدَه، إذا قامَتِ البَيِّنَةُ عندَه. الرَّابعةُ، قال فى «المُطْلِعِ»: المُرادُ بالتَّعْريفِ تَعْريفُ الحاكمِ، لا تَعْريفُ الشَّاهدِ المَشْهُودَ عليه. قال أحمدُ: لا يجوزُ أنْ يقولَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ: أَنا أَشْهَدُ أنَّ هذه فُلانَةُ. ويَشْهَدَ على شَهادَتِه. قال: والفَرْقُ بينَ الشُّهودِ والحاكمِ مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّ [الحاجَةَ للحاكِمِ] (¬2) أكثرُ مِن الشُّهودِ. والثَّانى، أنَّ الحاكِمَ يحْكُمُ (¬3) بغَلَبَةِ الظَّنِّ، والشَّاهِدَ لا يجوزُ له أنْ يشْهَدَ غالِبًا إلَّا على العِلْمِ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»، فى كتابِ الشَّهاداتِ: ومَن جَهِلَ رَجُلًا حاضِرًا، شَهِدَ فى حَضْرَتِه لمَعْرِفَةِ عَيْنِه، وإنْ كان غائِبًا، فَعَرَّفَه به مَن يَسْكُنُ إليه- وعنه (¬4)، اثْنانِ. وعنه، جماعَةٌ - شَهِدَ، وإلَّا فلا. وعنه، المَنْعُ. وحَمَلَها القاضى على الاسْتِحْبابِ. والمَرْأَة كالرَّجُلِ. وعنه، إنْ عرَفَها كما يعْرِفُ نفْسَه. وعنه، أو نظَرَ إليها، شَهِدَ، وإلَّا فلا. ونقَل حَنْبَلٌ، يَشْهَدُ بإذْنِ زَوْجٍ. وعلَّلَه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط، ا: «حاجة الحاكم إلى ذلك». (¬3) فى الأصل: «حكم». (¬4) سقط من: الأصل.

وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً، فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَي تَجْدِيدِ البَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِ مَرَّةً أُخْرَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنَّه أمْلَكُ بعِصْمَتِها. وقطَع به في «المُبْهِجِ»؛ للخَبَرِ. وعلَّله بَعْضُهم بأنَّ النَّظَرَ حقُّه. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. ويأْتِى ذلك أيضًا فى كتابِ الشَّهاداتِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: التَّعْريفُ يتَضَمَّنُ تَعْريفَ عَيْنِ المَشْهودِ عليه، والمَشْهودِ له، والمَشْهودِ به، إذا وَقَعَتْ على الأسْماءِ، وتعْرِيفَ المَحْكُومِ له والمَحْكُومِ عليه، والمَحْكُومِ به، وتَعْرِيفَ المُثْبَتِ عليه، والمُثْبَتِ له، ونفْسِ المُثْبَتِ فى كتابِ القاضِى إلى القاضِى، والتَّعْريفُ مثْلُ التَّرْجَمَةِ سواءً، فإنَّه بَيانُ مُسَمَّى هذا الاسْمِ، كما أنَّ التَّرْجَمَةَ كذلك؛ لأنَّ التَّعْرِيفَ قد يكونُ فى أسْماءِ الأَعْلامِ، والتَّرْجَمَةَ فى أسْماءِ الأجْناسِ. وهذا التَّفْسِيرُ لا يَختَصُّ بشَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ. انتهى. ذكرَه فى «شَرْحِ المُحَرَّرِ» عندَ قوْلِه: ولا يُقْبَلُ فى التَّرْجَمَةِ وغيرِها إلَّا عَدْلان. قوله: ومَن ثَبَتَتْ عَدالَتُه مَرةً، فهل يَحْتاجُ الى تَجْدِيدِ البَحْثِ عَن عَدالَتِه مَرةً أُخْرَى؟ على وجْهَيْن. يعْنِى، مع تَطاوُلِ المُدَدِ. وهما رِوايَتان. قال فى

فَصْلٌ: وَإِنِ ادَّعَى عَلَى غائِبٍ، أَوْ مُسْتَتِرٍ فِى البَلَدِ، أَوْ مَيِّتٍ، أوْ صَبِىٍّ، [332 ظ] أَوْ مَجْنُونٍ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ، سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرِّعايةِ»: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايةِ الكُبْري»؛ أحدُهما، يُحْتاجُ إلى تجْديدِ البَحْثِ عن عَدالَتِه مع تَطاوُلِ المُدَدِ، ويجِبُ. وهو المذهبُ. قال في «المُحَرَّرِ»: وهو المَنْصوصُ. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَ البَحْثُ عنها، على الأصحِّ، مع طُولِ المُدَّةِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». والوَجْهُ الثَّاني، لا يجِبُ، بل يُسْتَحَبُّ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغرى»، [و «الحاوِى الصَّغِيرِ»] (¬1). قوله: وإِنِ ادَّعَى على غائبٍ، أو مُسْتَتِر فى البَلَدِ، أو مَيِّتٍ، أو صَبِيٍّ، أو مَجْنُونٍ، وله بَيِّنَةٌ، سَمِعَها الْحاكِمُ وحَكَمَ بها وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وليس تقَدُّمُ الإِنْكارِ هُنا شَرْطًا، ولو فُرِضَ إقْرارُه، فهو تَقْوِيةٌ (¬2)؛ لثُبوتِه بالبَيِّنةِ. قال في «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لا تفْتَقِرُ البَيِّنَةُ إلى جُحُودٍ؛ إذِ الغَيْبَةُ كالسُّكُوتِ، والبَيِّنَةُ تُسْمَعُ على ساكتٍ. وكذا جعَل فى «عُيونِ المَسائلِ» ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) فى الأصل: «مقر به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها هذه المَسْأَلةَ أصْلًا على الخَصْمِ. وعنه، لا يحْكُمُ على غائبٍ، كحَقِّ اللهِ تعالَى. فيَقْضِى فى السَّرقَةِ بالغُرْمِ فقطْ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. قالَه (¬1) فى «الكافِى». وعنه، يحكُمُ على الغائبِ تَبَعًا، كشَرِيكٍ حاضِرٍ. ¬

(¬1) فى الأصل: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيهات؛ الأَوَّلُ، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، أنَّه إذا حكمَ له، أنَّه يُعْطَى العَيْنَ المُدَّعَاةَ مُطْلَقًا. وهو ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أَشْهَرُ الوَجْهَيْن. وقيل: يُعْطَى بكَفِيلٍ. وما هو ببعيدٍ. وأَطْلَقَهما في «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن». الثَّانى، مُرادُه بالمُسْتَتِرِ هنا، المُمْتَنِعُ مِن الحُضورِ، على ما يأْتِي بعدَ ذلك قريبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، الغَيْبَةُ هنا، مَسافَةُ القَصْرِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: ومَسِيرَةُ يومٍ أيضًا. وقيل: أو فوقَ نِصْفِ يومٍ. قالَه فى «الرِّعايةِ الكُبْري». الرَّابعُ، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، صِحَّةُ الدَّعْوى على الغائبِ فى جميعِ الحُقوقِ. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، وأبى الخَطَّابِ، والمَجدِ، وغيرِهم. وقال ابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم: إنَّما يُقْضَى على الغائبِ فى

وَهَلْ يَحْلِفُ المُدَّعِى أَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَا مِنْ شَىْءٍ مِنْهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حُقوقِ الآدَمِيِّينَ، لا فى حُقوقِ اللهِ، كالزِّنَى والسَّرِقَةِ. نَعَمْ، فى السَّرِقَةِ يُقْضَى بالمالِ فقطْ، وفى حدِّ القذْفِ وَجْهان؛ بِناءً على أنَّه حَقٍّ للهِ، أو لآدَمِىٍّ، على ما تقدَّم فى أوَّلِ بابِ القَذْفِ. قوله: وهل يَحْلِفُ المُدَّعِى أَنَّه لم يَبْرَأْ إليه منه، ولا مِن شَىْءٍ منه؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهادِى»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يَحْلِفُ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لم يُسْتَحْلَفْ فى أشْهَرِ الرِّوايتَيْن. وقالَا: هى ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «الفُروعِ»، و «خِلافِ أبى الخَطَّابِ»، [ونَصَرَه] (¬1). قال الزَّرْكَشِىُّ: هى اخْتِيارُ أبى الخَطَّابِ، والشَّرِيفِ، والشِّيرَازِىِّ، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يسْتَحْلِفُه على بَقاءِ حقِّه. قال فى «الخُلاصةِ»: حَلَف مع بَيِّنَتِه، على الأصحِّ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وحلَفَ معها، على الأصحِّ، على بَقاءِ حقِّه. وجزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وهو ظاهرُ كلامِه فى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، فى «تَذْكِرَتِه»، وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». ومالَ إليه المُصَنفُ. ذكَرَه عنه الشَّارِحُ فى بابِ الدَّعاوَى، عندَ قولِه: وإنْ كانَ لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، حكمَ له بها. فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، لا يَتَعَرَّضُ فى يَمِينِه لصِدْقِ البَيِّنةِ، على الصَّحيحِ [مِن المذهبِ] (¬1). وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: لا يَتَعَرَّضُ فى يَمِينِه؛ لصِدْقِ البَيِّنَةِ إنْ كانتْ كامِلَةً، ويجبُ تعَرُّضُه إذا أقامَ شاهِدًا وحَلَفَ معه. فوائد؛ الأُولَى، لا يَمِينَ مع بَيِّنَةٍ كامِلَةٍ - كمُقِرٍّ له- إلَّا هنا. وعنه، بلَى، فعلَه علىُّ بنُ أبى طالِبٍ، رَضِىَ اللهُ عنه. وعنه-، يَحْلِفُ مع رِيبَةٍ فى البَيِّنَةِ. وتقدَّم فى بابِ الحَجْرِ أنَّه إذا شَهِدَتْ بَيِّنَة بنَفادِ مالِه، أنَّه يَحْلِفُ معها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وإذا شَهِدَتْ بإعْسارِه، أنَّه لا يَحْلِفُ معها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ولَنا وَجْهٌ، أنَّه يَحْلِفُ معها أيضًا. الثَّانيةُ، قال فى «المُحَرَّرِ»: ويخْتَصُّ اليَمِينُ بالمُدَّعَى عليه دُونَ المُدَّعِى، إلَّا فى القَسامَةِ ودَعاوَى الأُمَناءِ المَقْبولَةِ، وحيثُ يُحْكَمُ باليمينِ مع الشَّاهِدِ، أوِ نقولُ برَدِّها. وقالَه فى «الرِّعايةِ»، وغيرِه، وقالَه كثيرٌ مِن الأصحابِ، مُفرَّقًا فى أَماكِنِه. وتقدَّم بعْضُ ذلك. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينٍ، رَحِمَه اللهُ: أمَّا دَعْوَى الأُمَناءِ المَقْبولَةُ، فغيرُ مُسْتَثْناةٍ، فيَحْلِفُون؛ وذلك لأَنَّهم أُمَناءُ لا ضَمانَ عليهم إلَّا بتَفْرِيطٍ أو عُدْوانٍ، فإذا ادُّعِىَ عليهم ذلك فأَنْكَرُوه، فهم مُدَّعًى عليهم، واليمينُ على المُدَّعَى عليهم. انتهى. قلتُ: صرَّح المُصَنِّفُ وغيرُه فى بابِ الوَكالَةِ، أنَّه لو ادَّعَى الوَكيلُ الهَلاكَ ونَفَى التَّفْرِيطَ، قُبِلَ قولُه مع يَمِينِه. وكذا فى المُضارَبَةِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

ثُمَّ إِذَا قَدِمَ الغَائِبُ، أَوْ بَلَغَ الصَّبِىُّ، أوْ أفَاقَ المَجْنُونُ، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِه. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَدِيعَةِ، وغيرِهما. الثَّالثةُ، قولُه: ثم إذا قَدِمَ الغائبُ، أو بَلَغ الصَّبِىُّ- يعْنِى، رَشِيدًا- أوْ أفَاقَ المجْنُونُ، فهو على حُجَّتِه. وهو صحيحٌ، لكِنْ لو جرَحَ البَيِّنَةَ بأَمْرٍ بعدَ أداءِ الشَّهادَةِ أو مُطْلَقًا، لم تُقْبَلْ؛ لجَوازِ كوْنِه بعدَ الحُكْمِ، فلا يقْدَحُ فيه، وإلَّا قُبِلَ.

وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ فِى البَلَد غَائِبًا عَنِ المَجْلِسِ، لَمْ تُسْمَعِ الْبَيِّنَةُ حَتَّى يَحْضُرَ، فَإنِ امْتَنَعَ عَنِ الحُضُورِ، سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ وَحُكِمَ بِهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ الْخَصْمُ فى البَلَدِ غائبًا عَن المجَلِسِ، لم تُسْمَعِ البَيِّنَةُ حتى

فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن. وَفِي الأُخْرَى، لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَحْضُرَ، فَإِنْ أَبَى، بَعَثَ إِلَى صَاجِبِ الشُّرَطَةِ لِيُحْضِرَهُ، فَإِن تَكَرَّرَ مِنْهُ الاسْتِتَارُ، أَقْعَدَ عَلَى بَابِهِ مَنْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِى دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ حَتَّى يَحْضُرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْضُرَ. ولا تُسْمَعُ أيضًا الدَّعْوى. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريد العِنايةِ»، وغيرِهم. وقيل: يُسْمَعانِ، ويحْكُمُ عليه. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، في سَماعِ البَيِّنَةِ. ونقَل أبو طالِبٍ، يُسْمَعان، ولا يحْكُمُ عليه حتى يَحْضُرَ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ. واخْتارَه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «المُنَورِ». وأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِىُّ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ امْتَنَعَ مِن الْحُضُورِ، سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ وحُكِمَ بها، فى إِحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والشُّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الرَّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والأُخْرى: لا تُسْمَعُ حتى يَحْضُرَ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجُّى فى «شَرْحِه». فعلى الرِّوايةِ الثَّانيةِ، إنْ أَبَى مِن الحُضورِ، بعَثَ إلى صاحبِ الشُّرَطَةِ ليُحْضِرَه، فإنْ تكَرَّرَ منه الاسْتِتارُ، أقْعَدَ على بابِه مَن يُضَيِّقُ عليه فى دُخولِه وخُروجِه حتى يَحْضُرَ. كما قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما، وليسَ له دُخولُ بَيْتِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدُّمه في «الفُروعِ». وقال فى «التَّبصِرَةِ»: إنْ صحَّ

وَإِنَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ، وَلَهُ مَالٌ فِى يَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ الحاكمِ أنَّه فى مَنْزِلِه، أَمَرَ بالهُجومِ عليه وإخْراجِه. فعلى الأوَّلِ، إنْ أصَرَّ على الاسْتِتارِ، حكَمَ عليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «المُحَرَّرِ»: فإنْ أصَرَّ على التَّغَيُّبِ، سُمِعَتِ البَيِّنَةُ، وحَكَم بها عليه، قوْلًا واحدًا. وقالَه غيرُه مِن الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو مُرادُ المُصَنِّفِ بقَوْلِه قبلَ ذلك بيَسِيرٍ: وإنِ ادَّعى على مُسْتَتِرٍ وله بَيِّنَةٌ، سَمِعَها الحاكِمُ، وحَكَمَ بها. قال فى «الفُروعِ»: ونصُّه: يَحْكُمُ عليه بعدَ ثَلَاَثةِ أيَّامٍ. وجزَم به فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وظاهِرُ نَقْلِ الأَثْرَمِ، يحْكُمُ عليه إذا خرَجَ. قال: لأنَّه صارَ فى حُرْمَةٍ، كمَنْ لَجَأَ إلى الحَرَمِ. انتهى. وحكَى الزَّرْكَشِىُّ كلامَه فى «المُحَرَّرِ»، وقال: وفى «المُقْنِعِ» إذا امْتَنَعَ مِن الحُضورِ، هل تُسْمَعُ البَيِّنَةُ، ويحْكُمُ بها عليه؟ على رِوايتَيْن. مع أنَّه قطَع بجَوازِ الحُكْمِ على الغائبِ، وفيه نظَرٌ؛ فكَلامُه مُخالِفٌ لكَلامِ أبى البَرَكاتِ. فعلى المذهبِ، إنْ وَجدَ له مالًا، وَفَّاه الحاكِمُ منه، وإلَّا قال للمُدَّعِى: إنْ عرَفْتَ له مالًا، وثَبَتَ عنْدِى، وَفَّيْتُكَ منه. قوله: وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ أَباه ماتَ عنه وعَن أَخٍ له غائبٍ، وله مالٌ فى يَدِ فُلانٍ، أو

فُلَانٍ، أَوْ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَأَقَرَّ المُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، سُلِّمَ إِلَى المُدَّعِى نَصِيبُهُ، وَأَخَذَ الحَاكِمُ نَصِيبَ الغَائِبِ فَيَحْفَظُهُ لَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ المَالُ دَيْنًا، أَنْ يُتْرَكَ نَصِيبُ الغَائِبِ فِى ذِمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ دَيْنٌ عليه، فأَقَرَّ المدَّعَى عليه، أو ثَبَت ببَيِّنَةٍ، سُلِّمَ إلَى المدَّعِى نَصِيبُه، وأخَذَ الْحاكِمُ نَصِيبَ الغائبِ يَحْفَظُه له. اعلمْ أنَّ الحُكْمَ للغائبِ مُمْتَنِعٌ. قال فى «التَّرْغيبِ»: لامْتِناعِ سَماعِ البَيِّنَةِ له والكِتابةِ له إلى قاضٍ آخَرَ ليَحْكُمَ له بكِتابِه، بخِلافِ الحُكْمِ عليه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فيُتَصَوَّرُ الحُكْمُ له لكن على سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ، كما مثَّل المُصَنِّفُ هنا. وكذا لو كانَ الأخُ الآخَرُ غيرَ رَشِيدٍ. فإذا حكَم (¬1) في هذه المَسْألَةِ وأشْباهِها، وأخذَ الحاضِرُ حِصَّتَه، فالحاكِمُ يأْخُذُ نَصِيبَ الغائبِ، وغيرِ الرَّشِيدِ يَحْفَظُه له. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروع وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا كانَ المالُ دَيْنًا، أنْ يتْرُكَ نَصِيبَ الغائبِ فى ذِمَّةِ الغَريمِ، حتى يقْدَمَ الغائِبُ، ويَرْشُدَ السَّفِيةُ (¬2). وهو وَجْهٌ لبعْضِ الأصحابِ. قلتُ: ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «هو». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

الغَرِيمَ حَتَّى يَقْدَمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أنَّه (¬1) يُتْرَكُ إذا كان مَلِيًّا. فائدة: تُعادُ البَيِّنَةُ فى غيرِ الإِرْثِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وذكرَه فى «الرِّعايةِ»، وزادَ، ولو أقامَ الوارِثُ البَيِّنَةَ- نقَله عنه فى «الفُروعِ». ولم أرَ هذه الزِّيادةَ فى «الرِّعايةِ» - وبَقِيَّةُ الوَرَثَةِ غيْرُ رَشِيدٍ، انْتُزِعَ المالُ مِن يدِ المُدَّعَى عليه لهما، بخِلافِ الغائبِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وفى الآخَرِ، يُنْتَزَعُ أيضًا. وقال ¬

(¬1) فى ط: «أن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِى» (¬1): إنِ ادَّعَى أحدُ الوَكِيلَيْن الوَكالَةَ، والآخَرُ غائبٌ، وثَمَّ بَيِّنَة، حكَمَ لهما، فإنْ حضَرَ، لم تُعَدِ البَيِّنَةُ، كالحُكْمِ بوَقْفٍ ثبَتَ لمَن لم يُخْلَقْ، تَبَعًا لمُسْتَحِقه الآنَ. وتقدَّم أن سُؤالَ بعْضِ الغُرَماءِ الحَجْرَ كالكُل. قال فى «الفُروعِ»: فيَتَوَجَّهُ أنْ يفيدَ أنَّ القَضِيَّةَ الواحِدَةَ المُشْتَمِلَةَ على عدَدٍ أو (¬2) أَعْيانٍ - كَوَلَدِ الأبوَيْن فى المشَرَّكَةِ- أنَّ الحُكْمَ على واحدٍ أوْ لَه، يعُمُّه وغيرَه. ¬

(¬1) المغنى 7/ 260، 261. (¬2) فى الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، المَسْألَةَ، وأخذَها مِن دَعْوى مَوْتِ مَوْرُوثِه وحُكْمِه بأنَّ هذا يَسْتَحِقُّ هذا، أو لأن مَن وَقَفَ بشَرْطٍ شامِلٍ يَعُمُّ. وهل حُكْمُه لطبَقَةٍ حُكْمٌ للثَّانيةِ والشَّرْطُ واحدٌ؛ رُدِّدَ النَّظَرُ على وَجْهَيْن، ثمَّ مَن أبْدَى ما يجوزُ أنْ يَمْنَعَ الأوَّلَ مِن الحُكْمِ عليه لو عَلِمَه، فَلِثانٍ الدَّفْعُ به، وهل هو نَقْضٌ للأوَّلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كحُكْمٍ مُغَيًّى بغايَةٍ هل هو فَسْخٌ؟.

وَإذَا ادَّعَى إنْسَانٌ أنَّ الحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ، فَصَدَّقَهُ، قُبِلَ قَوْلُ الْحَاكِمٍ وَحْدَهُ، وَإنْ لَمْ يَذْكُرِ الْحَاكِمُ ذَلِكَ، [333 و] فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأمْضَى القَضَاءَ. وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَكَ بِكَذَا، قَبِلَ شَهَادَتَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنِ ادَّعَى إنسانٌ أنَّ الْحاكِمَ حَكَمَ له بِحَقٍّ، فَصدَّقَه، قُبِلَ قَوْلُ الحاكِمِ وَحْدَه. إذا قال الحاكمُ المَنْصوبُ: حَكَمْتُ لفُلانٍ على فلانٍ بكَذا. ونحوُه، وليسَ أباه ولا ابْنَه، قُبِلَ قولُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقَطَعُوا به. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، وسَواءٌ ذكرَ مُسْتَندَه، أوْ لا. وقيل: لا يُقْبَلُ قِوْلُه. وقال الشيْخُ تَقِى الذينِ، رَحِمَه اللهُ: قولُهم فى كتابِ القاضى: إخْبارُه بما ثَبَتَ بمَنْزِلَةِ شُهودِ الفَرْعِ. يُوجِبُ أنْ لا يُقْبَلَ قولُه فى الثُّبوتِ المُجَرَّدِ؛ إذ لو قُبِلَ خبَرُه لقُبِلَ كِتابُه، وأوْلَى. قال: ويجِبُ أنْ يقالَ: إنْ قال: ثَبَتَ عنْدِى. فهو كقَوْلِه: حَكَمْتُ فى الإِخْبارِ والكِتابِ. وإنْ قال: شَهِدَ. أو: أقَرَّ عنْدِى فُلانٌ. فكالشَّاهِدَيْن سَواءٌ. انتهى. وتقدَّم ما إذا أخْبَرَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدَ عَزْلِه، أنَّه كانَ حكَمَ لفُلانٍ بكذا فى وِلاِيَتِه، فى آخِرِ بابِ أدَبِ القاضى. وهناك بعْضُ فُروعٍ تتعَلَّقُ بهذا. قوله: وإِنْ لم يَذْكُرِ الْحاكِمُ ذلك، فَشَهِدَ عَدْلان أَنَّه حَكَمَ له به، قَبِلَ شَهادَتَهُما، وأمْضَى القَضاءَ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعُوا به؛ منهم صاحِبُ «الوَجيزِ» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، أنَّ الحاكِمَ إذا شَهِدَ عندَه اثْنان أنه حَكَمَ لفُلانٍ، أنَّه لا يقْبَلُهما. تنبيه: مُرادُ الأصحابِ على الأوَّلِ، إذا لم يتَيَقَّنْ صَوابَ نفْسِه، فإنْ تيَقَّنَ صَوابَ نَفْسِه، لم يقْبَلْهُما، ولم يُمْضِه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال: لأنَّهم احْتَجُّوا بقِصَّةِ ذِى اليَدَيْن (¬1)، وذكَرُوا هناك؛ لو تيَقَّنَ صَوابَ نفْسِه، لم يقْبَلْهما. واحْتَجُّوا أيضًا بقَوْلِ الأصْلِ المُحَدِّثِ للرَّاوِى (¬2) عنه: لا أدْرِى. وذكَرُوا هناك، لو كذَّبَه، لم يقْدَحْ فى عَدالَتِه، ولم يعْمَلْ به. ودلَّ أنَّ قولَ ابنِ عَقِيلٍ هنا (¬3)، قِياسُ الرِّوايَةِ المذْكُورَةِ فى الدَّلِيلَيْنِ. قوْله: وكذلِكَ إنْ شَهِدَا أنَّ فُلانًا وفُلانًا شَهِدا عنْدَكَ بكذا- وكذا- قَبِلَ ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 4/ 26. (¬2) فى الأصل: «الراوى». (¬3) سقط من: الأصل.

وَإنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ، لكِنْ وَجَدَهُ فِى قِمَطْرِهِ فِى صَحِيفَةٍ تَحْتَ خَتْمِهِ بِخَطِّهِ، فَهَلْ يُنْفِذُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهادَتَهُما- بلا نِزاعٍ- وإِنْ لم يَشْهَدْ به أحَدٌ، لَكِنْ وَجَدَه فى قِمَطْرِه فى صَحِيفَةٍ تَحْتَ خَتْمِه بخَطِّه، فهل يُنْفِذُه؟ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»؛ إحْداهما، ليسَ له تنْفِيذُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. ذكره القاضى وأصحابُه، وذكَر فى «التَّرْغيبِ»، أنَّه الأَشْهَرُ، كخَطِّ أبِيه بحُكْمٍ أو شَهادَةٍ، لم يشْهَدْ ولم يحْكُمْ بها إجْماعًا. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُنْفِذُه. وعنه، يُنْفِذُه سواءٌ كان فى قِمَطْرِه، أوْ لا. اخْتارَه فى «التَّرْغيبِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ (4)»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى

وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ إِذَا رَأَى خَطَّهُ فِى كِتَابٍ بِشَهَادَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا، فَهَلْ لَهُ أنْ يَشْهَدَ بِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». قلتُ: وعليه العَمَلُ. قوله؛ وكذلكَ الشَّاهِدُ إذا رأى خَطَّه فى كِتابٍ بشَهَادَةٍ، ولم يَذْكُرْها، فهل له أنْ يَشْهَدَ بها؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»؛ إحْداهما، ليسَ له أنْ يشْهَدَ. وهو الصَّحيح مِن المذهبِ. وذكَره القاضى وأصحابُه، المذهبَ. وذكَرَ فى «التَّرْغيبِ»، أنَّه الأَشْهَرُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له أنْ يشْهَدَ إذا حرَّرَه، وإلَّا فلا. وعنه، له أنْ يشْهَدَ مُطْلَقًا، اخْتارَه فى «التَّرْغيبِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ». فائدة: مَن علِمَ الحاكمُ منه أنَّه لا يُفَرقُ بمنَ أنْ يُذَكَّرَ، أو يعْتَمِدَ على معْرِفَةِ الخَطِّ، يتَجَوَّزُ ذلك (¬1)، لم يَجُزْ قَبُولُ شَهادَتِه، ولهما حُكْمُ المُغَفَّلِ، أو (¬2) المُخْرَقِ، وإنْ لم يتَحَقَّقْ، لم يَجُزْ أنْ يسْأَلَه عنه، ولا يجِبُ أنْ يُخْبِرَه بالصِّفَةِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «بذلك». (¬2) فى ط: «و».

فَصْلٌ: وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ حَقٌّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ أخْذُهُ بِالْحَاكِمِ، وَقَدَرَ عَلَى مَالٍ لَهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَره ابنُ الزَّاغُونِىِّ، وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ: لا يَلْزَمُ الحاكِمَ سُؤالُهما عن ذلك، ولا يَلْزَمُهما جَوابُه. وقال أبو الوَفَاءِ: إذا علِمَ تجَوُّزَهما، فهما كمُغَفَّلٍ، ولم يَجُزْ قَبُولُهما. قوله: ومَن كانَ له على إنسانٍ حَقٌّ، ولم يُمْكِنْه أخْذُه بالْحاكمِ، وقَدَرَ له على مالٍ، لم يَجُزْ له أنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّه. نَصَّ عليه. واخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. وهو

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ مِنَ المُحْدَثِينَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ، أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَإلَّا قَوَّمَهُ وَأَخَذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ، مُتَحَرِّيًا ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. نقَله الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ المَشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، والخِرَقِىُّ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذهَبَ بعْضُهم مِن المُحْدِّثِين إلى جَوازِ ذلك. وحكاه ابنُ عَقِيلٍ عن المُحْدَثِين مِن الأصحابِ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وخرَّجه أبو الخَطَّابِ-

لِلْعَدْلِ فِى ذَلِكَ؛ لحَدِيثِ هِنْدٍ: «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَلِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ». ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَبِعَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ- مِن قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالَى، فى المُرْتَهِنِ: يرْكَبُ ويحْلِبُ بقَدْرِ ما يُنْفِقُ، والمَرْأةُ تأْخُذُ مُؤْنَتَها، والبائعُ للسِّلْعَةِ يأْخُذُها (¬1) مِن مالِ المُفْلِسِ بغيرِ رِضاه. وخرَّجه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، مِن تَنْفيذِ الوَصِىِّ الوَصِيَّةَ ممَّا فى يَدِه إذا كتَمَ الوَرَثَةُ بعْضَ التَّرِكَةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو أظْهَرُ فى التَّخْريجِ. فعلى هذا، إنْ قَدَرَ على جِنْسِ حقِّه، أخَذَ بقَدْرِه، وإلَّا قوَّمَه وأخذَ بقَدْرِه مُتَحَرِّيًا للعَدْلِ فى ذلك، لحديثِ [رسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم لهِنْدٍ زَوْجِ أبى سُفْيانَ، رَضِىَ اللهُ عنهما] (¬2): «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمَعْرُوفِ»؛ ولقَوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلُوبٌ» (¬3). وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما. وذكَرَ فى ¬

(¬1) فى الأصل: «يأخذ». (¬2) فى الأصل، ط: «هند». (¬3) أخرجه الحاكم، فى: المستدرك 2/ 58. والدارقطنى فى: سننه 3/ 34. والبيهقى، فى: السنن الكبرى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الواضِحِ»، أنَّه لا يأْخُذُ إلَّا مِن جِنْسِ حقِّه. وهما احْتِمالان فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، مُطْلَقانِ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وخرَّج بعْضُ أصحابِنا الجوازَ، رِوايةً عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، مِن جَوازِ أخْذِ الزَّوْجَةِ مِن مالِ زوْجِها نَفَقَتَها ونَفَقَةَ وَلَدِهَا بالمَعْروفِ، وقد نصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، على ¬

= 6/ 38. وأبو نعيم، فى: حلية الأولياء 5/ 45.كلهم من حديث أبى هريرة مرفوعا. وقال البيهقى: ورواه الجماعة عن الأعمش موقوفا على أبى هريرة. وانظر: فتح البارى 5/ 143. وأخرجه عبد الرزاق، فى: المصنف 8/ 244. موقوفا على أبى هريرة. وانظر ما تقدم تخريجه فى 12/ 491.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّفْريقِ بينَهما، فلا يصِحُّ التَّخْريجُ. وأشارَ إلى الفَرْقِ بأنَّ المَرْأة تأْخُذُ مِن بَيْتِ زَوْجِها. يعْنِى، أنَ لها يَدًا وسُلْطانًا على ذلك، وسبَبُ النَّفَقَةِ ثابِتٌ وهو الزَّوْجِيَّةُ، فلا تُنْسَبُ بالأَخْذِ إلى خِيانَةٍ؛ ولذلك أباحَ فى رِوايةٍ عنه أخْذَ الضَّيْفِ مِن مالِ مَن نزَلَ به ولم يَقْرِه بقَدْرِ قِراه. ومتى ظَهَرَ السَّبَبُ، لم يُنْسَبِ الآخِذُ إلى خِيانَةٍ. وعكَسَ ذلك بعْضُ الأصحابِ، وقال: إذا ظَهَرَ السَّبَبُ، لم يَجُزِ الأخْذُ بغيرِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذْنٍ؛ لإِمْكانِ إقامَةِ البَيِّنَةِ عليه، بخِلافِ ما إذا خَفِىَ. وقد ذكَرَ المُصَنِّف، والشَّارِحُ فى ذلك أرْبَعَةَ فُروقٍ. فائدة: قال القاضى أبو يَعْلَى، فى قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لهِنْدٍ (¬1): «خُذِى ما يَكْفِيكِ ووَلَدِكِ بالمَعْرُوفِ»: هو حُكْمٌ لا فُتْيا. واخْتَلَفَ كلامُ المُصَنِّفِ فيه؛ فَتارَةً قطَع بأنَّه حُكْمٌ، وتارَةً قطَع بأَنَّه فُتْيا. قال الزَّرْكَشِىُّ: والصَّوابُ أنَّه فُتْيا. تنبيهات؛ أحدُها، حيثُ جوَّزْنا الأخْذَ بغيرِ إذْنٍ، فيَكونُ فى الباطِنِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، جَوازُ الأخْذِ ظاهِرًا وباطِنًا. والأصولُ التى خرَّج عليها أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما، مِن حديثِ هِنْدٍ، وحَلْبِ الرَّهْنِ ورُكُوبِه، تَشْهَدُ لذلك، والأُصولُ التى خرَّج عليها صاحِبُ «المُحَرَّرِ» تقتَضِى ما قالَه. الثَّانى، مفْهومُ قولِه: ولم يُمْكِنْه أخْذُه بالْحاكمِ. أنَّه إذا قَدَرَ على أخْذِه بالحاكمِ، لم يَجُزْ له أخْذُ قَدْرِ حقِّه إذا قَدَرَ عليه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعنه، فى الضَّيْفِ، يأْخُذُ وإنْ قَدَرَ على أخْذِه بالحاكمِ. [وظاهِرُ «الواضِحِ»، يأْخُذُ الضَّيْفُ وغيرُه وإنْ قَدَرَ على أخْذِه بالحاكمِ] (¬2). قال فى ¬

(¬1) زيادة من: ا. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: [وهو] (¬1) ظاهِرُ ما خرَّجه أبو الخَطَّابِ فى نفَقَةِ الزَّوْجَةِ، «والرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلُوبٌ»، وأخْذِ سِلْعَتِه مِن المُفْلِسِ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، جَوازَ الأخْذِ ولو قَدَرَ على أخْذِه بالحاكمِ، فى الحق الثَّابِتِ بإقْرار أو بَيِّنَةٍ، أو كان سَبَبُ الحقِّ ظاهِرًا. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرُ كلامِ ابنِ شِهَابٍ وغيرِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، مَحَلُّ الخِلافِ فى هذه المَسْألَةِ، إذا لم يَكُنِ الحقُّ الذى (¬1) فى ذِمَّتِه قد أخَذَه قَهْرًا، فأمَّا إنْ كانَ قد غصَبَ مالَه، فيَجُوزُ له الأخْذُ بقَدْرِ حقِّه. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وغيرُه. وقال: ليسَ هذا مِن هذا البابِ. وقال فى «الفُنونِ»: مَن شَهِدَتْ له بَيِّنَةٌ بمالٍ - لا عندَ حاكمٍ- أخَذَه. وقيلَ: لا، كقَوَدٍ، فى الأصحِّ. ومَحَل الخِلافِ أيضًا، إذا كانَ عَيْنُ مالِه قد تعَذَّرَ أخْذُه، فأمَّا إنْ قَدَرَ على عَيْنِ مالِه، أخَذَه قَهْرًا. زادَ فى «التَّرْغيبِ»، ما لم يُفْضِ إلى فِتْنَةٍ. قال: ولو كانَ لكُلِّ واحدٍ منهما على الآخَرِ دَيْنٌ مِن غيرِ جنْسِه، فجَحَدَ أحدُهما، فليسَ للآخَرِ أنْ يَجْحَدَ، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّهَ كَبَيْعِ دَيْنٍ بدَيْنٍ؛ لا يجوزُ، ولو رَضِيا. انتهى. [فائدة: لو كانَ له دَيْنٌ على شَخصٍ، فجَحَدَه، جازَ له أخْذُ قَدْرِ حقِّه، ولو مِن غيرِ جِنْسِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وهو مِن «المُفْرَداتِ». قال ناظِمُها: ومعْ جُحُودِ الدَّيْنِ لا بالظَّفَرِ … يُؤْخَذُ مِن جِنْسِه فى الأشْهَرِ] (¬2) ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط.

وَحُكْمُ الحَاكِمِ لا يُزِيلُ الشَّىْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِى البَاطِنِ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِى مُوسَى عَنْهُ رِوَايَةً، أَنَّهُ يُزِيلُ العُقُودَ وَالفُسُوخَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وحُكْمُ الْحَاكِمِ لا يُزِيلُ الشَّىْءَ عَن صِفَتِه فى الباطِنِ- وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ- وذكَرَ ابْنُ أبِى مُوسَى رِوايَةً عنه، أنَّه يُزِيلُ الْعُقُودَ وَالْفُسُوخَ. وذكَرَها أبو الخَطَّابِ. قال فى «الفُروعِ»: وحُكِىَ عنه، يُحِيلُه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقْدٍ وفَسْخٍ مُطْلَقًا. وأطْلَقَهما فى «الوَسِيلَةِ». قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: الأَهْلُ أكثرُ مِن المالِ. وقال فى «الفُنونِ»: إنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَها، فاعْتَبَرَها باللِّعانِ. وعنه، يُزِيلُه (¬1) فى مُخْتَلَفٍ فيه قبلَ الحُكْمِ. قطَع به فى «الواضِحِ» وغيرِه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وحُكْمُ الحاكمِ لا يُحِيلُ الشَّئَ عن صِفَتِه فى الباطِنِ، إلَّا فى أَمْرٍ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «يرسله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُخْتَلَفٍ فيه قبلَ الحُكْمِ؛ فإنَّه على رِوايتَيْن. قال فى «الرِّعايتَيْن»، بعدَ أنْ حكَى الرِّوايتَيْن فى (¬1) الأولِ: وقيلَ: هما فى أمْرٍ مُخْتَلَفٍ فيه قبلَ الحُكْمِ. فعلى هذه الرِّوايةِ، لو حَكَمَ حَنَفِىٌّ لحَنْبَلِىٍّ أو لشافِعِىٍّ بشُفْعَةِ جِوارٍ، فَوَجهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». ومَن حكَمَ لمُجْتَهِدٍ، أو عليه بما يُخالِفُ اجْتِهادَه، عَمِلَ باطِنًا بالحُكْمِ. ذكَره القاضى. وقيلَ: باجْتِهادِه. وإنْ باعَ حَنْبَلِىٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ، فحكَمَ بِصحَّتِه شافِعِىٌّ، نَفَذَ عندَ أصحابِنا خِلافًا لأبى الخَطَّابِ. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِيه»: قولُ أبى الخَطَّابِ أَظْهَرُ؛ إذْ كيفَ يحكُمُ له بما لا يَسْتَحِلُّه، فإنَّه إنْ كانَ مُجْتَهِدًا، لَزِمَه العَمَلُ باجْتِهادِه، وإنْ كانَ مُقَلِّدًا، لَزِمَه العَمَلُ بقَوْلِ مَن قلَّده؛ فكيفَ يَلْزَمُه شئٌ ولا يلْتَزِمُه، فيَجْتَمِعَ الضِّدَّان، إلَّا أنْ يُرادَ، يَلْزَمُه الانْقِيادُ للحُكْمِ ظاهِرًا، والعَمَلُ بضِدِّه باطِنًا، كالمَرْأةِ التى تَعْتَقِدُ أنَّها مُحَرَّمَة على زَوْجِها، وهو يُنْكِرُ ذلك. لكِنْ فى جَوازِ إقْدامِ الحاكمِ على الحُكْمِ بذلك، لمَن ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْتَقِدُ تحْرِيمَه، نظَرٌ؛ لأنَّه إلْزامٌ له بفِعْلٍ مُحَرَّمٍ، لاسِيَّما على قَوْلِ مَن يقولُ: كلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، قال فى «الانْتِصارِ»: متى عَلِمَ البَيِّنَةَ كاذِبَةً، لم يُنْفِذْ. وإنْ باعَ مالَه فى دَيْن ثَبَتَ ببَيِّنَةِ زُورٍ، ففى نُفُوذِه مَنْعٌ وتَسْلِيمٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هل يُباحُ له بالحُكْمِ ما اعْتَقَدَ تحْرِيمَه قبلَ الحُكْمِ؟ فيه رِوايَتان. وفى حِلِّ ما أخَذَه وغيرِه بتَأْوِيلٍ، أو مع جَهْلِه، رِوايَتان (¬1). وإنْ رجَع المُتَأَوِّلُ، فاعْتَقَدَ التَّحْريمَ، رِوايَتان؛ بِناءً على ثُبوتِ الحُكْمِ قبلَ بُلوغِ الخِطابِ. قال: أصَحُّهما حِلُّه، كالحَرْبِىِّ بعدَ إسْلامِه وأوْلَى. وجعَل مِن ذلك، وَضْعَ طاهِرٍ فى اعْتِقادِه فى مائعٍ لغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: وفيه نظَرٌ. وذكَر جماعَةٌ، إنْ أسْلَمَ بدارِ الحَرْبِ، وعامَلَ برِبًا جاهِلًا، ردَّه. وقال فى «الانْتِصارِ»: ويُحَدُّ لِزِنًى. الثَّانيةُ، مَن حُكِمَ له- ببَيِّنَةِ زُورٍ- بزَوْجِيَّةِ امْرَأةٍ، حلَّتْ له حُكْمًا، فإنْ وَطِئَ مع العِلْمِ، فكَزِنًى. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا حَدَّ. ويصِحُّ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِكاحُها لغيرِه، خِلافًا للمُصَنِّفِ. وإنْ حكَمَ بطَلاقِها ثَلاثًا بشُهودِ زُورٍ، فهى زَوْجَتُه باطِنًا، ويُكْرَهُ له اجْتِماعُه بها ظاهِرًا، خَوْفًا مِن مَكْرُوهٍ يَنالُه، ولا يصِحُّ نِكاحُها غيرَه ممَّن يعْلَمُ الحالَ. ذكَره الأصحابُ، ونَقَلَه أحمدُ بنُ الحَسَنِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): إنِ انْفَسَخ باطِنًا، جازَ. وكذا قال فى «عُيونِ المَسائلِ»، على الرِّوايةِ الثَّالثةِ: تَحِلُّ للزوْجِ الثانى، وتَحْرُمُ على الأوَّلِ بهذا الحُكْمِ ظاهِرًا وباطِنًا. الثَّالثةُ، لو رَدَّ الحاكِمُ شَهَادَةَ واحِدٍ برَمَضَانَ، لم يُؤَثِّرْ، كمِلْكٍ مُطْلَقٍ، وأَوْلَى؛ لأنَّه لا مَدْخَلَ لحُكْمِه فى عِبادَةٍ ووَقْتٍ، وإنَّما هو فَتْوَى، فلا يقالُ: حكَمَ بكَذِبِه، أو بأنَّه لم يَرَه. ولو سلَّمَ أنَّ له مَدْخَلًا، فهو مَحْكُومٌ به فى حقِّه مِن رَمَضَانَ، فلم يُغَيِّرْه حُكْمٌ، ولم تُؤَثِّرْ شُبْهَةٌ؛ لأنَّ الحُكْمَ يُغيِّرُ إذا اعْتَقَدَ المَحْكومُ عليه أنَّه حُكْمٌ، وهذا يُعْتَقَدُ خَطَؤُه؛ كمُنْكِرَةٍ نِكاحَ مُدَّعٍ تتَيَقَّنُه، فشَهِدَ له فاسِقان، فرُدَّا. ذكَره فى «الانْتِصارِ». وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬2): رَدُّه ليسَ بحُكْم هنا؛ لتَوقفِه فى العَدالَةِ. ولهذا لو ثَبَتَ، حَكَمَ. قال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: أُمورُ الدِّينِ والعِباداتِ المُشْتَرَكَةِ بين المُسْلِمين لا يحْكُمُ فيها إلَّا اللهُ ورَسُولُه إجْماعًا. وذكَرَه القرافِىُّ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ إثْباتَ ¬

(¬1) انظر المغنى 14/ 37. (¬2) انظر المغنى 14/ 258.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سبَبِ الحُكْمِ كرُؤْيَةِ الهلالِ، والزَّوالِ، ليسَ بحُكْمٍ، فمَن لم يَرَه سَبَبًا، لم يَلْزَمْه شئٌ. وعلى ما ذكَرَ الشَيْخُ [تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ] (¬1)، وغيرُه فى رُؤْيَةِ الهِلالِ، أنَّه حُكْمٌ. وقال القاضى فى «الخِلافِ»: يجوزُ أنْ يَختَصَّ الواحِدُ برُؤْيَةٍ، كالبَعْضَ. الرَّابعةُ، لو رُفِعَ إليه حُكْمٌ فى مُخْتَلَفٍ فيه، لا يَلْزَمُه نَقْضُه ليُنْفِذَه، لَزِمَه تَنْفِيذُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَه فى الأصحِّ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرى»: لَزِمَه ذلك. قلتُ: مع عدَمِ نَصَّ يُعَارِضُه. وقيل: لا يَلْزَمُه. وقيل: يَحْرُمُ تنْفِيذُه إنْ لم يَرَه. وكذا الحُكْمُ لو كان نفْسُ الحُكْمِ مُخْتَلَفًا فيه، كحُكْمِه بعِلْمِه، ونُكُولِه، وشاهِدٍ ويَمِينٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»: فإنْ كانَ المُخْتَلَفُ فيه نفْسَ الحُكْمِ، لم يَلْزَمْه تنْفِيذُه، إلَّا أنْ يحْكُمَ به حاكِمٌ آخَرُ قبلَه. وجزَم به فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: الحُكْمُ بالنُّكولِ، والشَّاهدِ واليَمينِ هو المذهبُ، فكيفَ لا يَلْزَمُه تنْفِيذُه على قولِ «المُحَرَّرِ»؟ إذْ لو كان أصْلُ الدَّعْوى عندَه، لَزِمَه الحكْمُ بها، وإنَّما يتوَجَّهُ ذلك- وهو عدَمُ لُزومِ التَّنْفيذِ لحُكْم مُخْتَلَفٍ فيه-[إذا كانَ الحاكمُ الذى رُفِعَ إليه الحُكْمُ المُخْتَلَفُ فيه] (¬2) لا ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يرَى صِحَّةَ الحكْمِ، كالحُكْمِ بعِلْمِه؛ لأنَّ التَّنْفيذَ يتَضَمَّنُ الحُكْمَ بصِحَّةِ الحكْمِ المُنَفَّذِ؛ وإذا كانَ لا يرَى صِحَّتَه، لم يَلْزَمْه (¬1) الحكْمُ بصِحَّتِه. انتهى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إذا صادَفَ حُكْمُه مُخْتَلَفًا فيه لم يعْلَمْه، ولم يَحْكُمْ فيه، جازَ نقْضُه. الخامسةُ، قال شارِحُ «المُحَرَّرِ» هنا: نفْسُ الحُكْمِ فى شئٍ لا يكونُ حُكْمًا بصِحَّةِ الحُكْمِ فيه، لكِنْ لو نفَّذَه حاكِمٌ آخَرُ، لَزِمَه إنْفاذُه؛ لأنَّ الحُكْمَ المُخْتَلَفَ فيه صارَ محْكومًا به، فلَزِمَ تنْفِيذُه كغيرِه. قال شيْخُنا الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ ابنُ قندسٍ البَعْلِىُّ، رَحِمَه اللهُ: قد فُهِمَ مِن كلامِ الشَّارِحِ أنَّ الإِنْفَاذَ حُكْمٌ؛ لأنَّه قال: لو نفَّذَه حاكمٌ آخَرُ، لَزِمَه (¬2) تنْفيذُه؛ لأنَّ الحُكْمَ المُخْتَلَفَ فيه صارَ محْكومًا به، وإنَّما صارَ محْكومًا به بالتَّنْفيذِ؛ لأنَّه لم يحْكُمْ به، وإنَّما نفَّذَه. فَجَعَلَ التَّنْفيذَ حُكْمًا. وكذلك فسَّر التَّنْفيذَ بالحُكْمِ فى «شَرْحِ المُقْنِعِ الكَبِير»؛ فإنَّه قال عندَ قولِ المُصَنِّفِ: فهل يُنْفِذُه؛ على رِوايتَيْن؛ إحْداهما، يُنْفِذُه. وعللَه بأنَّه حُكْمُ حاكمٍ لم يعْلَمْه، فلم يَجُزْ إنْفاذُه إلَّا ببيِّنَةٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يحْكُمُ به. ففَسَّرَ رِوايةَ التَّنْفيذِ بالحُكْمِ. لكِنْ قال فى مسْأَلَةِ ما إذا ادَّعَى أنَّ الحاكِمَ حكَمَ له بحقٍّ، فذَكَرَ الحاكمُ حُكْمَه: أَمْضاه، وأَلْزَمَ خَصْمَه بما حكَمَ به عليه. وليسَ هذا حُكْمًا بالعِلْمِ، وإنَّما هو إمْضاءٌ لحُكْمِه السَّابقِ. فصرَّح أنَّه ليسَ حُكْمًا، مع أنَّ رِوايةَ التَّنْفيذِ المُتَقَدِّمَةَ التى فسَّرها بالحُكْمِ، إنَّما هى إمْضاءٌ ¬

(¬1) فى الأصل: «يلزم». (¬2) فى ط: «لزم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لحُكْمِه الذى وجَدَه فى قِمَطْرِه، فهما بمَعْنًى واحدٍ. وقد ذكَرُوا فى السِّجِلِّ أنَّه لإِنْفاذِ ما ثَبَتَ عندَه والحُكْم به، وأنَّه (¬1) يكْتُبُ: وإنَّ القاضىَ أمْضاه وحكَمَ به على ما هو الواجِبُ فى مِثْلِه، ونفَّذَه، وأشْهَدَ القاضى فُلانٌ على إنْفاذِه وحُكْمِه وإمْضائِه مَن حضَرَه مِن الشُّهودِ. فذَكَرُوا الإِنْفاذَ والحُكْمَ والإِمْضاءَ، وذكَرُوا أنَّه يكْتُبُ على كلِّ نُسْخَةٍ مِن النُّسْخَتَيْن، أنَّها حُجَّةٌ فيما أنْفَذَه فيهما. فدَلَّ على أنَّ الإِنْفاذَ حُكْمٌ؛ لأنَّهم اكْتَفَوْا به عن الحُكْمِ والإِمْضاءِ، والمُرادُ الكُلُّ. انْتَهى كلامُ شيْخِنا. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لم يتَعَرَّضِ الأصحابُ للتَّنْفيذِ، هل هو حُكْمٌ، أمْ لا؟ والظَّاهِرُ، أنَّه ليسَ بحُكْمٍ؛ لأنَّ الحُكْمَ بالمَحْكُومِ به تحْصِيلُ الحاصِلِ، وهو مُحالٌ، وإنَّما هو عمَلٌ بالحُكْمِ وإمْضاءٌ له، كَتَنْفيذِ الوَصِيَّةِ، وإجازَةٌ له، فكأَنَّه يُجيزُ هذا المَحْكومَ به بعَيْنِه لحُرْمَةِ الحُكْمِ، وإنْ كانَ [ذلك المَحْكومُ به مِن] (¬2) جِنْسٍ غيرِ جائزٍ عندَه. انتهى. وقال فى مَوْضِعٍ آخَرَ: لأنَّ التَّنْفيذَ يَتَضَمَّنُ الحُكْمَ بصِحَّةِ الحُكْمِ (¬3) المُنَفَّذِ. انتهى. وتقدَّم فى آخِرِ البابِ الذى قبلَه، هل الثُّبوتُ حُكْمٌ، أمْ لا؟. السَّادسةُ، لو رفَع إليه خَصْمان عَقْدًا فاسِدًا عندَه فقطْ، وأقَرَّا بأنَّ نافِذَ الحُكْمِ حكَم بصِحَّتِه، فله إلْزامُهما ذلك ورَدُّه، والحُكْمُ بمَذْهَبِه. ذكَرَه القاضى. واقْتَصَرَ عليه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قد يقالُ: قِياسُ المذهبِ، أنَّه كالبَيِّنَةِ. ثم ذكَر أنَّه كالبَيِّنَةِ إنْ ¬

(¬1) فى ط، ا: «إنما». (¬2) سقط من: ط. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عيَّنا الحاكِمَ. السَّابعةُ، لو قلَّد (¬1) فى صِحَّةِ نِكاحٍ، لم يُفارِقْ بتَغيُّرِ اجْتِهادِه، كحُكْمٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: بلَى، كمُجْتَهِدٍ نكَحَ ثم رأَى بُطْلانَه، فى أصحِّ الوَجْهَيْن فيه. وقيل: ما لم يحْكُمْ به حاكِمٌ. ولا يَلْزَمُه إعْلامُه بتَغَيُّرِه، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. الثَّامنةُ، لو بانَ خطَؤُه فى إتْلافٍ بمُخالَفَةِ دَليلٍ قاطِعٍ، ضَمِنَ، لا مُسْتَفْتِيه. وفى تَضْمِينِ مُفْتٍ ليسَ أهْلًا وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». واخْتارَ ابنُ حَمْدانَ، فى كتابه «أدَبِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»، أنَّه لا ضَمانَ عليه. قال ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، فى «إعْلامِ المُوَقِّعِين» فى الجزء الأخيرِ: ولم أعْرِفْ هذا القَوْلَ لأحَدٍ قبلَ ابنِ حَمْدان. ثم قال: قلتُ: خطَأُ المُفْتِى كخَطَأ الحاكمِ أو الشَّاهدِ. التَّاسِعَةُ، لو بانَ بعدَ الحُكْمِ كُفْرُ الشُّهودِ أو فِسْقُهم، لَزِمَه نقْضُه، ويرجِعُ بالمالِ أو (¬2) بدَلِه، وبدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى على المَحْكُومِ له، وإنْ كانَ الحُكْمُ للهِ بإتْلافٍ حِسِّىٍّ، أو بما سَرَى إليه، ضَمِنَه مُزَكُّون. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقال القاضى وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»: يضمَنُه ¬

(¬1) فى الأصل: «قلده». (¬2) فى الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاكِمُ، كعَدَمِ مُزَكٍّ وفِسْقِه. وقيل: يضْمَنُ أيَّهما شاءَ، وقَرَارُه على مُزَكٍّ. وعندَ أبى الخَطَّاب؛ يَضْمَنُه الشُّهودُ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِى، أنَّه لا يجوزُ له نقْضُ حُكْمِه بفِسْقِهما إلًّا بثبوتِه ببَيِّنَةٍ، إلَّا أنْ يكونَ حكَمَ بعِلْمِه فى عَدالَتِهما، أو بظاهرِ عَدالَةِ الإِسْلامِ. ويمَنْعُ ذلك فى المَسْألتَيْن فى إحْدَى الرِّوايتَيْن، وإنْ جازَ فى الثَّانيةِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْن؛ فإنْ وافَقَه المَشْهودُ له على ما ذكَرَ، ردَّ مالًا أخَذَه، ونقَضَ الحُكْمَ بنَفْسِه دُونَ الحاكمِ، وإنْ خالَفَه فيه، غَرِمَ الحاكمُ. وأجابَ أبو الخَطَّابِ، إذا بانَ له فِسْقُهما وَقْتَ الشَّهادَةِ، أو (¬1) أنَّهما كانا كاذِبَيْن، نقَضَ الحُكْمَ الأوَّلَ، ولم يَجُزْ له تَنْفِيذُه. وأجابَ أبو الوَفَاءِ، لا يُقْبَلُ قولُه بعدَ الحُكْمِ. وعنه، لا يُنْقَضُ بفِسْقِهم. وذكَر ابنُ رَزِينٍ [فى «شَرْحِه»] (¬2)، أنَّه الأَظْهَرُ، فلا ضَمانَ. وفى «المُسْتَوْعِب» وغيرِه، يضْمَنُ الشُّهودُ. انتهى. وإنْ بانُوا عَبِيدًا، أو والِدًا، أو وَلَدًا، أو عَدُوًّا؛ فإنْ كانَ الحاكِمُ الذى حكَمَ به يرَى الحُكْمَ به، لم ينْقُضْ حُكْمَه، وإنْ كانَ لا يرَى الحُكْمَ به، نقَضَه، ولم يُنْفِذْ؛ لأنَّ الحاكمَ يعْتَقِدُ بُطْلانَه. قالَه فى «الفُروعِ». وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِيه»: إذا حَكَمَ بشَهادَةِ شاهدٍ، ثم ارْتابَ فى شَهادَتِه، لم يَجُزْ له الرُّجوعُ فى حُكْمِه. وقال فى مَوْضِعٍ آخَرَ: تحَرَّرَ فيما إذا كانَ لا يرَى الحُكْمَ به ثَلاَثَةُ أقوالٍ؛ لُزومُ النَّقْضِ، وجَوازُه، وعدَمُ جَوازِ نقْضِه، كما هو مُقتَضَى ما فى «الإرْشادِ». انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ»: مَن حكَمَ بقَوَدٍ، أو حَدٍّ ببَيِّنَةٍ، ثم بانُوا عَبيدًا، فله نقْضُه إذا كانَ لا يرَى قَبُولَهم فيه. قال: وكذا مُخْتَلَفٌ فيه صادَف مَا حكَمَ فيه وجَهِلَه. وتقدَّم كلامُه فى «الإِرْشادِ»، أنَّه إذا حكَمَ فى مُخْتَلَفٍ فيه ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «و». (¬2) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بما لا يرَاه مع عِلْمِه، لا ينْقُضُ. فعلى الأوَّلِ، إنْ شكَّ فى رَأْىِ الحاكمِ، فقد تقدَّم، إذا شكَّ هل علِمَ الحاكِمُ بالمُعارِضِ، كمَن حكَمَ ببَيِّنَةِ خارِجٍ، وجَهِلَ عِلْمَه ببَيِّنَةِ داخِلٍ، لم ينْقُضْ. قال فى «الفُروعِ»: وقد عُلِمَ ممَّا تقدَّم وممَّا ذكَرُوا فى نقْضِ حُكْمِ الحاكمِ، أنَّهَ لا يُعْتَبَرُ فى نَقْضِ حُكْمِ الحاكمِ عِلْمُ الحاكمِ بالخِلافِ، خِلافًا لمالِكٍ، رَحِمَه اللهُ تعالَى. وإنْ قال: عَلِمْتُ وَقْتَ الحُكمِ أنَّهما فَسَقَةٌ، أو زُورٌ، وأكْرَهَنِى السُّلْطانُ على الحُكْمِ بهما. فقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ: إنْ أضافَ فِسْقَهما إلى عِلْمِه، لم يَجُزْ له نَقْضُه، وإنْ أضافَه إلى غيرِ عِلْمِه، افْتَقَرَ إلى بَيِّنَةٍ بالإِكْراهِ، ويَحْتَمِلُ، لا. وقال أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ: إنْ قال: كُنْتُ عالِمًا بفِسْقِهما. يُقْبَلُ قولُه. قال فى «الفروعِ»: كذا وَجَدْتُه.

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب حكم كتاب القاضى إلى القاضى

بسم الله الرحمن الرحيم [333 ظ] بَابُ حُكْمِ كِتَابِ القَاضِى إِلَى القَاضِى ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ حُكْمِ كِتابِ القاضى إلى القاضى

يُقْبَلُ كِتَابُ القَاضِى إلَى القَاضِى فِى المَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: يُقْبَلُ كِتابُ القاضِى إلَى القاضِى فى المالِ، وما يُقْصَدُ به المالُ؛

المَالُ؛ كَالْقَرْضِ، وَالْغَصْبِ، وَالْبَيْعِ، وَالإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالصُّلْحِ، وَالوَصِيَّةِ لَهُ، وَالجِنَايَةِ المُوجِبَةِ لِلْمَالِ، وَلَا يُقْبَلُ فِى حَدٍّ للهِ تَعَالَى. وَهَلْ يُقْبَلُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ؛ مِثْلَ القِصَاصِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالخُلْعِ، وَالعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالكِتَابَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَالوَصِيَّةِ إلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَأَمّا حَدُّ القَذْفِ، فَان قُلْنَا: هُوَ لِلهِ تَعَالَى. فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ. وَإنْ قُلْنَا: لِلْآدَمِىِّ. فَهُوَ كَالْقِصَاصَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالْقَرْضِ، والْغَصْبِ، والْبَيْعِ، والْإِجارَةِ، والرَّهْنِ، والصُّلْحِ، والْوصِيَّةِ له، والْجِنايَةِ المُوجِبَةِ للْمالِ. بلا نِزاعٍ. قوله: ولا يُقْبَلُ فى حَدٍّ للهِ تعالَى. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. وذكَر فى «الرِّعايةِ» رِوايةً، يُقْبَلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يُقْبَلُ فِيما عَدا ذلك؛ مِثْلَ القِصاصِ، والنِّكاحِ، والطَّلاقِ، والخُلْعِ، والْعِتْقِ، والنَّسَبِ، والْكِتابَةِ، والتَّوْكِيلِ، والْوَصِيَّةِ إليه؟ على رِوايتَيْن. قال فى «الهِدايةِ»: يُخَرّجُ على رِوايتَيْن. وقال فى «الخُلاصةِ»: فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: يَحْتَمِلُه كلامُ الْخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». نقَل جماعَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، يُقْبَلُ حتى فى قَوَدٍ. ونَصَرَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الرَّوْضَةِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ فى ذلك. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو مُخْتارُ كثيرٍ مِن أصحابِ القاضى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والمذهبُ، أنَّها لا تُقْبَلُ فى القِصاص،. قال فى «العُمْدَةِ»: ويُقْبَلُ فى كل حقٍّ، إلاَّ فى الحُدودِ والقِصاصِ. وقال ابنُ حامِدٍ: لا يُقْبَلُ فى النِّكاحِ. ونحوُه قولُ أبى بَكْرٍ. وعنه ما يدُلُّ على

وَيَجُوزُ كِتَابُ القَاضِى فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنْفِذَهُ فِى المَسَافَةِ القَرِيبَةِ وَمَسَافَةِ القَصْرِ، وَيَجُوزُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ ليَحْكُمَ بِهِ فِى الْمَسَافَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قبولِه، إلَّا فى الدِّماءِ والحُدودِ. قال فى «الفُروعِ» وغيرِه: وعنه، لا يُقْبَلُ فيما لا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجلان. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: وفى هذه المَسْألَةِ ذكَرُوا، أنَّ كِتابَ القاضى [إلى القاضى] (¬1)، حُكْمُه كالشَّهادَةِ على الشَّهادَةِ؛ لأنَّه (¬2) شَهادَةٌ على شهادةٍ. وذكَرُوا، فيما إذا تغَيَّرَتْ حالُه، أنَّه أصْل، ومَن شَهِدَ عليه فَرْعٌ- وجزَم به ابنُ (¬3) الزَّاغُونِىِّ وغيرُه- فلا يجوزُ نقْضُ الحُكْمِ بإنْكارِ القاضى الكاتِبِ، ولا يقْدَحُ فى عَدَالَةِ البَيِّنَةِ، بل يمْنَعُ إنْكارُه الحُكْمَ، كما يَمْنَعُ رُجوعُ شُهودِ الأَصْلِ الحُكْمَ. فدَلَّ ذلك على أنه فَرْعٌ لمَنِ شَهِدَ عندَه، وهو أصْل لمَن شَهِدَ عليه، ودلَّ ذلك، أنَّه يجوزُ أنْ يكونَ شُهودُ فرْعٍ فَرْعًا لأَصْل، يؤَيِّدُه قولُهم فى التَّعْليلِ: إنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إلى ذلك. وهذا المَعْنَى مَوْجُودٌ فى فَرْعِ الفَرْعِ. انتهى. قوله: ويَجُوزُ كِتابُ الْقَاضِى فيما حَكَمَ به ليُنْفِذَه فى المسافَةِ القَرِيبَةِ ومَسَافَةِ القَصْرِ. ولو كانا ببَلَدٍ واحدٍ، بلا نِزاعٍ. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «لأنها». (¬3) سقط من: الأصل.

البَعِيدَةِ دُونَ الْقَرِيبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى حقِّ اللهِ تعالَى أيضًا. وتقدَّم قريبًا، هل التَّنْفِيذُ حُكْمٌ، أمْ لا؟.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَجُوزُ فيما ثَبَتَ عِنْدَه ليَحْكُمَ به فى المسافَةِ الْبَعِيدَةِ، دُونَ الْقَرِيبَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعنه، فوقَ يَوم. وهو قولٌ فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: خرَّجْتُه فى المذهبِ، وأقَلُّ مِن يومٍ، كخَبَرٍ. انتهى يعْنِى، إذا أَخْبَرَ حاكِمٌ لآخَرَ بحُكْمِه، يجبُ العمَلُ به. فلَوْلَا أنّ حُكْمَ الحاكمِ كالخَبَرِ، لَما اكْتَفَى فيه بخَبَرِه، ولَما جازَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للحاكم الآخر العَمَلُ به حتى يشْهَدَ به شاهِدان. قالَه ابنُ نَصْرِ اللهِ. وقال القاضى: ويكونُ فى كتابه «شَهِدا عنْدِى بكذا» ولا يكْتُبُ «ثَبَتَ عنْدِى» لأنَّه حُكْمٌ بشَهادَتِهما، كبَقِيَّةِ الأحْكامِ. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: والأَوَّلُ أشْهَرُ- أنَّه (¬1) خَبَرٌ بالثُّبوتِ، كشُهودِ الفَرْعِ- لأنَّ الحُكْمَ أمْرٌ ونَهْىٌ يتَضَمَّنُ إلْزامًا. انتهى. فعليه، لا يمْتَنِعُ كِتابَتُه «ثَبَتَ عنْدِى» قال فى «الفُروعِ»: فيَتَوَجَّهُ، لو أَثْبَتَ حاكِمٌ مالِكِىٌّ وقْفًا لا يراه- كوَقْفِ الإِنْسانِ على نفْسِه- بالشَّهادَةِ. على الخَطِّ، فإنْ (¬2) حَكَمَ للخِلافِ فى العَمَلِ بالخَط، كما هو المُعْتادُ، فلحاكمٍ حَنْبَلِىٍّ يرَى صِحَّةَ الحُكْمِ، أنْ ينفِذَه فى مَسافَةٍ قَرِيبَةٍ، وإنْ لم يَحْكُمِ المالِكِىُّ، بل قال: ثَبَتَ كذا. فكذلك؛ لأنَّ الثُّبوتَ عندَ المالِكِىِّ حُكْمٌ. ثم إنْ رأَى الحَنْبَلِىُّ الثُّبوتَ حُكْمًا، أنْفَذَه (¬3)، وإلَّا فالخِلافُ فى قُرْبِ المَسافَةِ، ولُزومِ الحَنْبَلِىِّ تَنْفِيذُه، يَنْبَنِى على لُزومِ تَنْفيذِ الحُكْمِ المُخْتَلَفِ فيه، على ما تقدَّم. وحُكْمُ المالِكِىِّ، مع عِلْمِه باخْتِلافِ العُلَماءِ فى الخَطِّ، لا يمْنَعُ كوْنَه مُخْتَلَفًا فيه، ولهذا لا يُنْفِذُه الحَنَفِيَّةُ حتى يُنْفِذَه حاكِمٌ. وللحَنْبَلِىِّ الحُكْمُ بصِحَّةِ الوَقْفِ المذْكورِ مع بُعْدِ المَسافَةِ، ومع قُرْبِها الخِلافُ؛ لأنَّه نَقَلَ إليه ثُبوتَه مُجَرَّدًا. قالَه ابنُ نَصْرِ اللهِ. وقال: ومِثْلُ ذلك، لو ثَبَتَ عندَ حَنْبَلِىٍّ وَقْفٌ على النَّفْسِ، ولم يحْكُمْ به، ونَقَلَ الثُّبوتَ إلى حاكمٍ شافِعِىٍّ، فله الحُكْمُ وبُطْلانُ الوَقْفِ. وأمْثِلتُه كثيرةٌ. فائدة: لو سَمِعَ البَيِّنَةَ، ولم يُعَدِّلْها، وجعَلَه إلى الآخَرِ، جازَ مع بُعْدِ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «لأنه». (¬2) فى الأصل، ا: «فإنه». (¬3) فى النسخ: «نفذه».

وَيَجُوزُ أنْ يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَإلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِى هَذَا مِنْ قُضَاةِ المُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ. وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ، يُحْضِرُهُمَا القَاضِى الكَاتِبُ فَيَقْرَؤُهُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَقُولُ: أُشْهِدُكُمَا أن هَذَا كِتَابِى إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسافَةِ. قالَه فى «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». تنبيه: قولُه: ويَجُوزُ أن يَكْتُبَ إلى قاضٍ مُعَيَّنٍ، وإلى مَن يَصِلُ إليه كِتابِى هذا مِن قُضاةِ المسْلِمِين وحُكَّامِهِمْ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وتَعْيِينُ القاضى الكاتِبِ، كشُهودِ الأَصْلِ، وقد يُخْبِرُ (¬1) المَكْتُوبَ إليه. قال الأصحابُ فى شُهودِ الأصْلِ: يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهم لهم (¬2). قال القاضى: حتى لو قال تابِعِيَّان: أَشْهَدَنا صَحابِيَّان. لم يَجُزْ حتى يُعَيِّناهُما. ¬

(¬1) فى الأصل: «يجيز». (¬2) فى الأصل: «له».

فُلانِ بْنِ فُلانٍ. وَيَدْفَعُهُ [334 و] إلَيْهِمَا، فَإذَا وَصَلَا إلَى المَكْتُوبِ إلَيْهِ، دَفَعَا إِلَيْهِ الكِتَابَ وَقَالَا: نَشْهَدُ أنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْكَ، كَتَبَهُ مِنْ عَمَلِهِ، وَأشْهَدَنَا عَلَيْهِ. وَالاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ، وَيَخْتِمَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ خَتْمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فاذا وصلا إلى الْمكْتُوبِ إِليه، دَفَعا إليهِ الكِتابَ، وقالا: نَشْهَدُ أنَّ هذا كِتابُ فُلانٍ إليْكَ، كَتَبَه مِن عَمَلِه، وأشْهَدَنا عليه. والاحْتِياطُ أنْ يَشْهَدا بما فيه. فيَقُولَان (¬1): وأشْهَدَنا عليه. قالَه الْخِرَقِىُّ وجماعَةٌ واعْتَبَر الْخِرَقِىُّ أيضًا، وجماعةٌ، قوْلَهما: قُرِئ علينا. وقولَ الكاتبِ: اشْهَدا عَلَىَّ. والذى قدَّمه فى «الفُروعِ»، أنَّهما إذا وَصَلا، قالا: نَشْهَدُ أنَه كِتابُ فُلانٍ إليكَ، كَتَبَه بعَمَلِه (¬2). مِن غيرِ زِيادَةٍ على ذلك. قال الزَّرْكَشِىُّ: الذى يَنْبَغِى قَبُولُ شَهادَةِ مَن شَهِدَ، أنَ هذا كِتابُ فُلانٍ إليكَ، كَتَبَه مِن عَمَلِه، إذا جَهِلا ما فيه، قوْلًا واحدًا؛ لانتِفاءِ الجَهالَةِ. انتهى. وفى كلامِ أبى الخَطَّابِ، كَتَبَه بحَضْرَتِنا، وقال لنا: اشْهَدا علَىَّ أَنِّى (¬3) كَتَبْتُه فى عَمَلِى بما ثَبَتَ عندِى، وحَكَمْتُ به مِن كذا وكذا. فيَشْهَدان بذلك. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقال القاضى: يكْفِى أنْ يقولَ: هذا كِتابِى إلى فُلانٍ. مِن غيرِ أنْ يقولَ: اشْهَدا علىَّ. انتهى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: كِتابُه فى غيرِ عَمَلِه أو بعدَ عَزْلِه، كخَبَرِه. على ما تقدَّم. ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «فيقول». (¬2) فى الأصل: «بعلمه». (¬3) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِى إِلَى ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: قال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: هل يجوزُ أنْ يشْهَدَ على القاضى- فيما أَثْبَتَه وحَكَمَ به- الشاهِدان اللَّذان شَهِدا عندَه بالحقِّ المَحْكُومِ به؟ لم أجِدْ لأصحابِنا فيها نصًّا، ومُقْتَضَى قاعِدَةِ المذهبِ، أنَّها لا (¬1) تُقْبَلُ؛ لأنَّها تَتَضَمَّنُ الشَّهادةَ عليه بقَبُولِه شَهادَتَهما، وإثْباتِه بها الحَقَّ والحُكْمَ؛ فالثُّبوتُ والحُكْمُ مَبْنِيَّان على قَبُولِ شَهادَتِهما، وشَهادَتُهما عليه (¬2) بقَبُولِه شَهادَتَهما نَفْعٌ لهما، فلا يجوزُ قبولُها، وإذا بَطَلَتْ بعْضُ الشَّهادَةِ، بَطَلَتْ؛ لأنَّها لا تَتَجَزَّأُ. وفى «رَوْضَةِ الشَّافِعِيَّةِ» عن أبى طاهِرٍ، يجوزُ أنْ يكونَ الشَّاهِدان بحُكْمِ القاضى هما اللَّذانِ شَهِدا عندَه وحكَم بشَهادَتِهما؛ لأنَّهما الآنَ يشْهَدان على فِعْلِ القاضى. قال أبو طاهِرٍ: وعلى هذا تَفَقَّهْتُ، وأدْرَكْتُ القُضاةَ. انتهى. وهذا فيما إذا كانتْ شَهادَتُهما على الحُكْمِ رُبَّما تَحْتَمِلُ قَبُولَه على ما فيه، وأما على الثُّبوتِ، فهذا فى غايَةِ البُعْدِ. وقد أَفْتَى بالمَنْعِ قاضِى القُضاةِ بَدْرُ الدِّينِ العَيْنِىُّ الحَنَفِىُّ (¬3)، وقاضى القُضاةِ البِساطِىُّ المالِكِىُّ. ويأْتِى التَّنْبِيهُ على ذلك فى مَوانِعِ الشَّهادَةِ. قوله: وإنْ كَتَبَ كِتابًا، وأدْرَجَه وخَتَمَه، وقالَ: هذا كِتابِى إلى فُلانٍ (¬4)، اشْهَدا عَلَىَّ بما فيه. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ أحمدَ- رَحِمَه اللهُ- قال فى مَن كَتَبَ وَصِيَّةً ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد، بدر الدين العينى، أبو محمد الحنفى، وحيد دهره وعمدة المؤرخين، قاضى القضاة الحنفية بالديار المصرية، برع فى الفقه والتفسير والحديث واللغة والتاريخ، وله مصنفات عدة. توفى سنة خمس وخمسين وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 262. الأعلام للزركلى 8/ 38. (¬4) بعده فى الأصل: «من غير أن يقول».

فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَىَّ بِمَا فِيهِ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأنَّ أحْمَدَ قَالَ فِى مَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً وَخَتَمَهَا، ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا: فَلَا، حَتَّى يُعْلِمَهُ مَا فِيهَا. وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ: اذَا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْدَ رَأْسِهِ، مِنْ غَيْرِ أنْ يَكُونَ أشْهَدَ، أوْ أعْلَمَ بِهَا أحَدًا عِنْدَ مَوْتِهِ، وَعُرِفَ خَطُّهُ وَكَانَ مَشْهورًا، فَإنَّهُ يَنْفُذُ مَا فِيهَا. وَعَلَى هَذَا، إذَا عَرَفَ المَكْتُوبُ الَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ القَاضِى الكَاتِبِ وَخَتْمُهُ، جَازَ قَبُولُهُ. وَالعَمَلُ عَلَى الأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وخَتَمَها، ثُمَّ أَشْهَد على ما فيها: فلا، حَتَّى يُعْلِمَ ما فيها. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ هنا: والعَمَلُ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّركَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ. وهو مُقْتَضَى قولِ الْخِرَقِىِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَتَخَرَّجُ الْجَوازُ لقَوْلِه: إذا وُجِدَتْ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةً عِنْد رَأْسِه، مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ أَشْهَدَ، أو أَعْلَمَ بها أحَدًا عِنْدَ مَوْتِه، وعُرِفَ خَطُّه وكَانَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَشْهُورًا، فإنَّه يَنْفُذُ ما فيها. وهذا روايةٌ مخرِّجةٌ، خرَّجَها الأصحابُ. واخْتارَ هذه الرِّوايةَ المُخَرِّجةَ فى الوَصِيَّةِ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. على ما تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الوَصايَا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى هذا، إذا عَرَفَ الْمَكْتُوبُ إليه أَنه خَطُّ الْقاضِى الْكاتِبِ وخَتْمُه، جازَ قَبُولُه. على الصَّحيحِ، على هذا التَّخْريجِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايةِ». وقيل: لا يقْبَلُه. ذكَرَه فى «الرِّعايةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ظاهرُ هذا، أنَّ على هذه الرِّوايةِ، يُشْتَرَطُ لقَبُولِ الكتابِ أنْ يعْرِفَ المكْتُوبُ إليه أنَّه خَطُّ القاضِى الكاتِبِ وخَتْمُه. وفيه نظَرٌ. وأشْكَلُ منه حِكايَةُ ابنِ حَمْدانَ قَوْلًا بالمَنْعِ؛ فإنَّه إذَنْ تَذْهبُ فائدةُ الرِّوايةِ. والذى يَنْبَغِى على هذه الرِّوايةِ، أنْ لا يشْتَرِطَ شيئًا مِن ذلك. وهو ظاهرُ كلامِ أبى البَرَكاتِ، وأبى محمدٍ فى «المُغْنى». نعم، إذا قيلَ بهذه (¬1) الرِّوايةِ، فهل يُكْتَفَى بالخَطِّ المُجَرَّدِ مِن غيرِ شهادَةٍ؟ فيه وَجْهان، حكاهُما أبو البَرَكاتِ. وعلى هذا يُحْمَلُ كلامُ ابنِ حَمْدانَ وغيرِه. انتهى. وعندَ الشيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، مَن عُرِفَ خطُّه بإقْراِر، أو إنْشاءٍ، أو عَقْدٍ أو شَهادَةٍ؛، عُمِلَ به كَمَيِّتٍ، فإنْ حضَر وأنْكَرَ مضْمُونه، فكاعْتِرافِه بالصَّوْتِ وإنْكارِ مضْمُونِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، فى كتابٍ ¬

(¬1) فى ط: «هذه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أصْدَرَه الى السُّلْطانِ، فى مَسْأَلَةِ الزِّيارَةِ (¬1): وقد تَنازَعَ الفُقَهاءُ فى كتابِ الحاكمِ، هل يحْتاجُ الى شاهِدَيْنِ على لَفْظِه، أم واحدٍ؟ أو (¬2) يُكْتَفَى بالكِتابِ المَخْتومِ، أم يُقْبَلُ الكِتابُ بلا ختْمٍ ولا شاهِدٍ؟ على أرْبَعَةِ أقْوالٍ معْروفَةٍ فى مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وغيرِه. نقَله ابنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فى «تَعْلِيقِه» (¬3). وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، قوْلًا فى المذهبِ، أنَّه يَحْكُمُ بخَطِّ شاهدٍ مَيِّتٍ، وقال: الخَطُّ كاللَّفْظِ، إذا عرَفَ أنَّه خطُّه. وقال: أنَّه مذهبُ جُمْهورِ العُلَماءِ، وهو يعْرفُ أنَّ هذا خطُّه، كما يعْرِفُ أنَّ هذا صَوْتُه. واتَّفَقَ العُلَماءُ على أنَّه يشْهَدُ على الشَّخْصِ إذا عرَفَ صَوْتَه مع إمْكانِ الاشْتِباهِ، وجوَّزَ الجُمْهورُ، كالإِمامِ مالِكٍ والإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُما اللهُ تعالَى، الشَّهادَةَ على الصَّوْتِ مِن غيرِ رُؤْيَةِ المَشْهودِ عليه، والشَّهادَةُ على الخَطِّ أضْعَفُ، لكِنَّ جَوازَه قَوِىٌّ، أَقْوَى مِن مَنْعِه. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، قال فى «الرَّوْضَةِ»: لو كَتَبَ (¬4) شاهِدان الى شاهِدَيْن مِن بَلَدِ المَكْتُوبِ إليه بإِقامَةِ الشَّهادَةِ عندَه عنهما، لم يَجُزْ؛ لأنَّ الشَّاهِدَ إنَّما يصِحُّ أنْ ¬

(¬1) وهى مسألة شد الرحال لزيارة القبور، التى كانت مثار خصومة عنيفة على شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، من المقلدين عباد القبور والموتى. (¬2) فى الأصل: «و». وفى ا: «أم». (¬3) فى ط.، ا: «تعليقته». (¬4) فى الأصل: «كاتب».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يشْهَدَ على غيرِه إذا سمِعَ منه لَفْظَ الشهادَةِ، وقال: اشْهَدْ علَىَّ. فأمَّا أنْ يشْهَدَ عليه بخَطِّه، فلا؛ لأنَّ الخُطُوطَ يدْخُلُ عليها العِلَلُ، فإنْ قامَ بخطِّ كلِّ واحدٍ مِن الشاهِدَيْن شاهِدان، ساغَ له الحُكْمُ به. الثَّانيةُ، يُقْبَلُ كتابُ القاضِى فى الحَيوانِ بالصِّفَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال فى «الفُروعِ»: ويُقْبَلُ كِتابُه فى حَيوانٍ فى الأصحِّ. وقيل: لا يُقْبَلُ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فعلى المذهبِ، لو كتَبَ القاضِى كِتابًا فى عَبْدٍ، أو حَيوانٍ بالصِّفَةِ، ولم يَثْبُتْ له مُشارِكٌ فى صِفَتِه، سُلِّمَ إلى المُدَّعِى، فإنْ كانَ غيرَ عَبْدٍ وأمَةٍ، سُلِّمَ إليه مَخْتومًا، وإنْ كان عَبْدًا أو أمَةً، سُلِّمَ إليه مَخْتومَ العُنُقِ بخَيْطٍ لا يخْرُجُ مِن رَأْسِه، وأُخِذَ منه كَفِيلٌ؛

فَإِذَا وَصَلَ الكِتَابُ، فَأَحضَرَ المَكْتُوبُ الَيْهِ الْخَصْمَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِى الْكِتَابِ، فَقَالَ: لَسْتُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَإنْ ثَبَتَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ ليَأْتِىَ به إلى الحاكمِ الكاتِبِ، ليَشْهَدَ الشُّهودُ عندَه على عَيْنِه دُون حِلْيَتِه، ويقْضِى له به، ويكْتُبُ له بذلك كِتابًا آخَرَ إلى مَن أنْفَذَ (¬1) العَيْنَ المُدَّعاةَ إليه، ليَبْرَأَ كَفِيلُه. وإنْ كانَ المُدَّعَى (¬2) جارِيَةً، سُلمَتْ إلى أمِينٍ يُوَصِّلُها. وإنْ لم يَثْبُتْ له ما ادَّعاه، لَزِمَه ردُّه ومُؤْنته منذُ تَسَلمَه، فهو فيه كالغاصِبِ سَواءٌ، فى ضَمانِه، وضَمانِ نَقْصِه، ومَنفَعَتِه. قال فى «الفُروعِ»: فَكَمَغْصُوبٍ؛ لأنَّه أخَذه بلا حَقٍّ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايةِ»: لا يرُدُّ نفْعَه. قال فى «الفُروعِ»: ولم يَتَعَرضُوا لهذا فى المَشْهودِ عليه، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُه، فالمُدَّعَى عليه ولا بَيِّنَةَ أَوْلَى. انتهى. وهذا كلُّه على المذهبِ، وعليه الأكْثَرُ. وقيل: يحْكُمُ القاضِى الكاتِبُ بالعَيْنِ الغائِبَةِ بالصِّفَةِ المُعْتَبَرَةِ إذا ثَبَتَتْ هذه الصِّفَةُ التَّامَّةُ؛ فإذا وصَلَ الكِتابُ إلى القاضِى المَكْتُوبِ إليه، سلَّمَها إلى المُدَّعِى، ولا ينفِذْها إلى الكاتِبِ لتَقُومَ البَيِّنَةُ على عَيْنِها. وقال فى «الرِّعايةِ»: وتَكْفِى الدَّعْوى بالقِيمَةِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»، على الأوَّلِ: لو ادَّعَى على رَجُلٍ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «نفذ». (¬2) بعده فى الأصل: «عليه».

فَقَالَ: المَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِى. [334 ظ] لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةَ تَشْهَدُ أَنّ فِى الْبَلَدِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِيمَا سُمِّىَ وَوُصِفَ بِهِ، فَيَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ دَيْنًا صِفَتُه كذا، ولم يذْكُرِ اسْمَه ونَسَبَه، لم يحْكُمْ- عليه، بل يكْتُبُ إلى قاضِى البَلَدِ الذى فيه المُدَّعَى عليه-كما قُلْنا فى المُدَّعَى به- ليَشْهَدَ على عَيْنِه. وكذا قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ تعالَى فيه: هل يحْضُرُ ليَشْهَدَ الشُّهودُ على عَيْنِه، كما فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المَشْهُودِ به؟ قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): إنْ كتَبَ بثُبوتٍ، أو إقْرارٍ بدَيْنٍ، جازَ، وحَكَمَ به المَكْتُوبُ إليه، وأخَذَ به المَحْكُومُ عليه، وكذا عَيْنًا، كَعَقارٍ مَحْدُودٍ، أو عَيْنٍ مَشْهورَةٍ لا تَشْتَبِهُ، وإنْ كان غيرَ ذلك، فالوَجْهان. وقالَه الشَّارِحُ أيضًا. الثَّالثةُ، قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُ كلامِهم، أنَّه لا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الجَدِّ فى ¬

(¬1) انظر المغنى 14/ 76.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسَبِ بلا حاجَةٍ. قال فى «المُنْتَقَى» فى صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ: فيه أنَّ المَشْهودَ عليه إذا عُرِفَ باسْمِه واسْمِ أبِيه، أَغْنَى عن ذِكْرِ الجَدِّ. وكذا ذكَرَه غيرُه. وقال فى «الرِّعايةِ»: ويكْتُبُ فى الكِتابِ اسْمَ الخَصْمَيْن واسْمَ أبوَيْهِما وجدَّيْهما وحِلْيَتَيهما. قال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: ولو لم يُعْرَفْ

وَإنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ القَاضِى الكَاتِبِ بِعَزْلٍ، أوْ مَوْتٍ، لَمْ يَقْدَحْ فى كِتَابِهِ، وَإنْ تَغَيَّرَتْ بِفِسْقٍ، لَمْ يَقْدَحْ فِيمَا حَكَمَ بِهِ، وَبَطَلَ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بهِ، وَإنْ تَغَيَّرَتْ حَالُ المَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَلِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ قَبُولُ اَلكِتَابِ، وَالعَمَلُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بذِكْرِ جَدِّه، ذُكِرَ مَن يُعْرَفُ به، أو ذُكِرَ له مِن الصِّفاتِ ما يَتَمَيَّزُ به عمَّنْ يُشارِكُه فى اسْمَ جَدِّه. قوله: وإنْ تَغيَّرَتْ حالُ الْقاضِى الْكاتِبِ بعَزْلٍ، أو مَوْتٍ، لم يَقْدَحْ فِى كِتابِه. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» - ونَصراه- و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظمِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ». وقيل: حُكْمُه كما لو فسَقَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فَيَقْدَحُ خاصَّةً فيما ثَبَتَ عندَه ليَحْكُمَ به، فأمَّا ما حَكَمَ به، فلا يقْدَحُ فيه. قوْلًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدًا، كما قال المُصَنِّفُ.

فَصْلٌ: وَإذَا حَكَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ إلَى الحَاكِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا حَكَمَ عليه، فَقال لَه: اكْتُبْ - لى - إلى الحاكمِ الْكاتِبِ أَنَّكَ حَكَمْتَ علىَّ، حَتَّى لا يَحْكُمَ علىَّ ثَانِيًا. لم يَلْزَمْه ذلكَ، ولَكِنَّه يَكْتُبُ له مَحْضَرًا

الْكَاتِبِ أَنَّكَ حَكَمْتَ عَلَيَّ، حَتَّى لَا يَحْكُمَ عَلَيَّ ثَانِيًا. لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ مَحْضَرًا بِالْقَضِيَّةِ. وَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ حَقٌّ، أَوْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ، مِثْلَ أَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ الحَاكِمُ، فَسَأَلَ الحَاكِمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقَضِيَّةِ (¬1). فيَلْزَمُه أنْ يُشْهِدَ عليه بما جَرَى؛ لِئَلَّا يحْكُمَ عليه الكاتِبُ. قوله: وكُلُّ مَن ثَبَتَ له عِنْدَ حاكِمٍ حَقٌّ، أو ثَبَتَتْ بَراءَتُه، مِثْلَ أنْ أنْكَرَ وحَلَّفَه الْحاكِمُ، فَسَأَلَ الْحاكِمَ أنْ يَكْتُبَ له مَحْضَرًا بما جَرَى؛ ليُثْبِتَ حَقَّهُ أو بَرَاءَتَه، ¬

(¬1) في النسخ: «بالقصة».

بِمَا جَرَى، لِيُثْبِتَ حَقَّهُ أَوْ بَرَاءَتَهُ، لَزِمَهُ إجَابَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لَزِمَه إِجابَتُه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال في «الرِّعايتَيْن»: وإنْ قال: أشْهِدْ لى عليكَ بما جرَى لى عنْدَك في ذلك وفى غيرِه؛ مِن حقٍّ، وإقْرَارٍ، وإنْكارٍ، ونُكُولٍ، ويَمِينٍ ورَدِّها، وإبْراءٍ، ووَفاء، وثُبوتٍ، وحُكْمٍ، وتنْفِيذٍ، وجَرْحٍ، وتَعْدِيلٍ، وغيرِ ذلك. أو: احْكُمْ (¬1) بما ثَبَتَ عنْدَك. لَزِمَه. انتهى. وقيل: إنْ ثَبَتَ حقُّه ¬

(¬1) في ط، ا: «حكم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بِبَيِّنَةٍ، لم يَلْزَمْه ذلك. وأطلَقهما في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو سأَلَه، مع الإشْهادِ، كِتابَةَ ما جرَى، وأتاه بوَرَقَةٍ، إمَّا مِن عنْدِه أو مِن بَيْتِ المالِ، لَزِمَه ذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهب. قال في «الفُروعِ»: لَزِمَه ذلك في الأصحِّ. وصحُّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَرْحِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرِّرِ». وقدَّمه في «النَّظْمِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وأَطْلَقَهما في «المُحَرِّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وعنْدَ الشَيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، يَلْزَمُه إنْ تضَرَّرَ بتَرْكِه. الثَّانيةُ، ما تَضَمَّنَ الحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ يُسَمَّى سِجِلًّا، وغيرُه يُسَمَى مَحْضَرًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»،

وَإنْ سَأَلَ مَنْ ثَبَتَ مَحْضَرُهُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أَنْ يُسَجِّلَ بِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ نُسْخَتَيْنِ؛ نُسْخَةً يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، وَالأُخْرَى يَحْبِسُهَا عِنْدَهُ، وَالْوَرَقُ مِنْ بَيْتِ المَالِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ، فَمِنْ مَالِ المَكْتُوبِ لَهُ. وَصِفَةُ المَحْضَرِ: بِسْمِ الله اِلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ هنا: وأمَّا السِّجِلُّ، فهو لأنْفاذِ ما ثَبَتَ عندَه والحُكْمِ به. وقال في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «التَّرْغيبِ»: المَحْضَرُ شَرْحُ ثُبوتِ الحَقِّ عندَه، لا الحُكْمُ بثُبوتِه. قال في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وما تضَمَّنَ الحُكْمَ بِبَيِّنَةٍ، سِجِلٌ - وقيل: هو إنْفاذُ ما ثَبَتَ عندَه والحُكْمُ به - وما سِوَاه مَحْضَرٌ، وهو شَرْحُ ثُبوتِ الحقِّ عندَ الحاكمِ بدُونِ حُكْمٍ.

حَضَرَ [335 و] القَاضِىَ فُلَانَ بْنَ فُلانٍ الفُلَانِىَّ، قَاضِىَ عَبْدِ اللهِ الإِمَامِ، عَلَى كَذَا وَكَذَا. وَإِنْ كَانَ نَائِبًا، كَتَبَ: خَلِيفَةُ القَاضِى فُلانٍ، قَاضِى عَبْدِ اللهِ الإِمَامِ، في مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ، بِمَوْضِعِ كَذَا، مُدَّعٍ، ذَكَرَ أنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَأحْضَرَ مَعَهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ، ذَكَرَ أنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا، فَأقَرَّ لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله في صِفَةِ المَحْضَرِ: في مَجْلِسِ حُكْمِه. هذا إذا ثَبَتَ الحقُّ بغيرِ إقْرارٍ،

أو فَأَنْكَرَ، فَقَالَ القَاضِى لِلْمُدَّعِى: أَلَكَ بَيِّنَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَحْضَرَهَا، وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا، فَفَعَلَ، أَوْ فَأَنكَرَ، وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَسَأَلَ إِحْلَافَهُ، فَأَحْلَفَهُ. وَإنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، ذَكَرَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ بِنُكولِهِ. وَإِن رَدَّ اليَمِينَ فحَلَّفَهُ، حَكَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فأمَّا إنْ ثَبَتَ الحقُّ بالإقْرارِ، لم يَذْكُرْ «في مَجْلِسِ حُكْمِه».

وَسَأَلهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ، في يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا. وَيُعْلِمُ فِي الإِقْرَارِ وَالإِحْلَافِ: جَرَى الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. وَفِى الْبَيِّنَةِ: شَهِدَ عِنْدِى بذَلِكَ. وَأمَّا السِّجِلُّ، فَهُوَ لانْفَاذِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالْحُكْمِ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَصِفَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ: هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْه القَاضِى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - وَيَذْكُرُ مَا تَقَدَّمَ - مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الشُّهُودِ، [335 ظ] أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا رَأى مَعَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا، بِمَحْضَر مِنْ خَصْمَيْنِ. ويَذْكُرُهُمَا إِنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ، وَإلَّا قَالَ: مُدَّع وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، جَازَ حُضُورُهُمَا، وَسَمَاعُ الدَّعْوَى مِنْ أحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ، مَعْرِفَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. وَيَذْكُرُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، وَإقْرَارَهُ طَوْعًا في صِحَّةٍ مِنْهُ، وَسَلَامَةٍ، وَجَوَازِ أمْرٍ بِجَمِيعِ مَا سُمَىَ وَوُصِفَ بِهِ، في كِتَابٍ نسَخْتُهُ. وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ المُثْبَتَ، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقولُه في صِفَةِ السِّجِلِّ: بمَحْضَرٍ مِنْ خَصْمَيْن. يفْتَقِرُ الأمْرُ إلى حُضُورِهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأَصْحابُ. وقَطَعُوا به. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ

أَوِ الْمَحْضَرَ جَمِيعَهُ، حَرْفًا بِحَرْفٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قال: وَإنَّ القَاضِىَ أَمْضَاهُ، وَحَكَمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الوَاجِبُ عَلَيْهِ في مِثْلِهِ، بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ وَالإِشْهَادَ بِهِ، الْخَصْمُ المُدَّعِى - وَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ - وَلَمْ يَدْفَعْهُ الْخَصْمُ الحَاضِرُ مَعَهُ بِحُجَّةٍ، وَجَعَلَ كُلَّ ذِى حجَّةٍ عَلَى حجَّتِهِ، وَأَشْهَدَ القَاضِى فُلَانٌ عَلَى إِنْفَاذِهِ وَحُكْمِهِ وَإمْضَائِهِ، مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الشُّهُودِ في مَجْلِسِ حُكْمِهِ، في الْيَوْمِ المُؤَرَّخِ في أعْلَاهُ، وَأَمَرَ بِكَتْبِ. هَذَا السِّجلِّ نُسْختَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ. يُخَلِّدُ نُسْخَةً مِنْهُمَا دِيوانَ الْحُكْمِ، وَيَدْفَعُ الأُخْرَى إِلَى مَنْ كَتَبَهَا لَهُ، وَكُلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ: الثُّبوتُ المُجَرَّدُ لا يفْتَقِرُ إلى حُضُورِهما، بل إلى دَعْواهما، لكِنْ قد تَكونُ الباءُ باءَ السَّبَبِ لا الظَّرْفِ، كالأُولَى. وهذا يَنْبَنِى على أنَّ الشُّهادةَ، هل تفْتَقِرُ إلى حُضورِ الخَصْمَيْن؟ فأمَّا التَّزْكِيَةُ، فلا. قال: وظاهِرُه أنْ لا حُكْمَ فيه بإقْرارٍ ولا

وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ وَوَثِيقَة فِيمَا أَنْفَذَهُ فِيهِمَا. وَهَذَا يُذْكَرُ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ. وَلَوْ قَالَ: إِنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَا في كِتَابٍ نُسْخَتُه كَذَا. وَلَمْ يَذْكُرْ: بِمَحْضَرٍ مِنَ الخَصْمَيْنِ، سَاغَ ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ القَضَاءِ عَلَى الغَائِبِ. وَمَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ الْمَحَاضِرِ والسِّجِلَّاتِ في كُلِّ أُسْبُوعٍ، أَوْ شَهْرٍ، عَلَى قِلَّتِهَا وَكَثْرتِهَا، يَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا: مَحَاضِرُ وَقْتِ كَذَا، في سَنَةِ كَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ نُكُولٍ ولا رَدٌّ، وليسَ كذلك. قالَه في «الفُروعِ».

باب القسمة

بَابُ القِسْمَةِ وَقِسْمَةُ الأَمْلَاكِ جَائِزَةٌ. وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ القِسْمَةِ قوله: وقِسْمَةُ الأمْلاكِ جائِزَةٌ. وهي نَوْعان؛ قِسْمَةُ تَراضٍ، وهي ما فيها ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِن أحَدِهِما، كالدُّورِ الصِّغَارِ، والْحَمَّامِ، والْعَضائِدِ

وَهِىَ نَوْعَانِ؛ قِسْمَةُ تَرَاضٍ، وَهِىَ مَا فِيهَا ضَرَرٌ، أَوْ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أحَدِهِمَا؛ كَالدُّورِ الصِّغَارِ، وَالحَمَّامِ، والعَضَائِدِ المُتَلَاصِقَةِ اللَّاتِى لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ، والأرْضِ الَّتِى في بَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ، لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِالأَجْزَاءِ وَالتَّعْدِيلِ، إِذَا رَضُوا بِقِسْمَتِها أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ، جَازَ. وَهَذِهِ جَارِيَةٌ مَجْرَى البَيْعِ، فِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا المُمْتَنِعُ مِنْهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي البَيْعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الْمتَلاصِقَةِ اللَّاِتى لا يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلٍّ عَيْنٍ مُفْرَدَةٍ. والأَرْضِ الَّتى في بَعْضِها بِئْرٌ أو بِناءٌ ونَحْوُه، ولا يُمْكِنُ قِسْمَتُه بالأَجْزاءِ والتَّعْدِيلِ، إذا رَضُوا بقِسْمَتِها أَعْيانًا بالْقِيمَةِ، جازَ. بلا نِزاعٍ. وقوله: وهذه جارِيَةٌ مَجْرَى الْبَيْعِ، لا يُجْبَرُ عليها الْمُمْتَنِعُ منها، ولا يَجُوزُ فيها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا ما يَجُوزُ في الْبَيْعِ. فلو قال أحدُهما: أَنا آخُذُ الأدْنَى، ويَبْقَى لى في الأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِى. فلا إجْبارَ. قالَه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال في «الرَّوْضَةِ»: إذا كانَ بينَهم مَواضِعُ مُخْتَلِفَةٌ، إذا أخَذَ أحدُهم مِن كلِّ مَوْضِعٍ منها حقَّه لم ينْتَفِعْ به، جُمِعَ له حقُّه مِن كل مَكانٍ، وأخَذَه (¬1)، فإذا كان له سَهْمٌ ¬

(¬1) في الأصل: «واحد»، وفى ط: «وأخذ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسِيرٌ لا يمْكِنُه الانْتِفاعُ به إلَّا بإدْخالِ الضَّرَرِ على شُرَكائِه وافْتِياتِه عليهم، مُنِعَ مِن التَّصَرُّفِ فيه، وأُجْبِرَ على بَيْعِه. قال في «الفُروعِ»: كذا قالَ. وقال القاضي في «التَّعْليقِ»، وصاحِبُ «المُبْهِجِ»، والمُصَنِّفُ فِي «الكافِى»: البَيْعُ ما فيه رَدُّ عِوَضٍ، وإنْ لم يَكُنْ فيها (¬1) رَدُّ عِوَضٍ، فهي إفْرازُ النَّصِيبَيْن، وتَمَيُّزُ الحَقَّيْن، وليستْ بَيْعًا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. فائدة: مَن دَعا شَرِيكَه إلى البَيْعِ في قِسْمَةِ التَّراضِى، أُجْبِرَ، فإنْ أَبَى، بِيعَ عليهما وقُسِمَ الثَّمَنُ. نقَله المَيْمُونِىُّ، وحَنْبَلٌ. وذكرَه القاضي وأصحابُه. وذكَرَه في «الإِرْشادِ»، و «الفُصولِ»، و «الإِيضاحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرِها. وجزَم به في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِين»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقدَّمه في «الفُروعِ». قال في «الفُروعِ»: وكلامُ الشَّيْخِ - يعْنِى به المُصَنِّفَ - والمَجْدِ، يقْتَضِى المَنْعَ، وكذا حُكْمُ الإِجارَةِ، ولو في وَقْفٍ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في الوَقْفِ. ¬

(¬1) في ط، ا: «فيه».

وَالضَّرَرُ المَانِعُ مِنَ الْقِسْمَةِ، هُوَ نَقْصُ القِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: والضَّرَرُ المانِعُ مِن الْقِسْمَةِ - يعْنِى قِسْمَةَ الإجْبارِ - هو نَقْصُ القِيمَةِ

بِالْقَسْمِ، في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. أَوْ لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا، فِي ظَاهِرِ كَلَامَ الخِرَقِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقِسْمَةِ في ظاهِرِ كلامِه. يعْنِى (¬1)، في رِوايَةِ المَيْمُونِيِّ. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُحَرِّرِ»، وغيرِهما. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. أو لا يَنْتَفِعان به مَقْسُومًا في ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِيِّ. وهو رِوايَةٌ عن الإمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، اخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وأطْلَقَهُما في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وقال: ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في رِوايَةِ حَنْبَلٍ، اعْتِبارُ النَّفْعِ، وعدَمُ نَقْصِ قِيمَتِه ولو انْتَفَعَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَإنْ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْنِ لِأحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ، وَلِلآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ به. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على بعْضِ ذلك، في بابِ الشُّفْعَةِ. قوله: فإنْ كانَ الضَّرَرُ على أحَدِهِما دُونَ الآخَرِ، كَرَجُلَيْن لأحَدِهِما الثُّلُثان،

بِقَسْمِهَا، وَيَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَنْ لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. وَقَالَ القَاضِى: إنْ طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَإِنْ طَلَبَهُ المَضْرُورُ لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وللآخَرِ الثُّلُثُ، يَنْتَفِعُ صاحبُ الثُّلُثَيْنِ يِقَسْمِها، ويَتَضَرَّرُ الآخَرُ، فَطَلَبَ مَن لا يَتَضَرَّرُ الْقَسْمَ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ عليه، وإنْ طَلَبَهُ الآخَرُ، أُجْبِرَ الأوَّلُ. هذا اخْتِيارُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جماعَةٍ مِن الأصحابِ؛ منهم أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ونَصراه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَهِ ابنِ عَبْدُوسٍ» وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن». قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّركَشِىُّ: وإليه مَيْلُ الشَّيْخَيْن. وقال القاضي؛ إنْ طَلَبَه الأوَّلُ، أُجْبِرَ الآخَرُ، وإنْ طَلَبَه المَضْرُورُ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. وهو رِوايَةٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه بُعْدٌ. وأَطْلَقَهما في «الحاوِى». والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا إجْبارَ على المُمْتَنِعِ مِن القِسمَةِ منهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وحكاه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ من الأصحابِ، وقالُوا: هو المذهبُ. وقدَّمه في «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: جزَم به القاضي في «الجامعِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خَلافَيْهما»،

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ، أَوْ بَهَائِمْ، أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا، فَطَلَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــ والشيرَازِيُّ. وهو ظاهرُ روايةِ حَنْبَلٍ. قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما عَبِيدٌ، أو بَهائمُ، أو ثِيابٌ ونَحْوُها، فَطَلَبَ أَحَدُهُما

أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا أَعْيَانًا بِالقِيمَةِ، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُجْبَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قَسْمَها أعْيانًا بالْقِيمَةِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ - هذا أحدُ الوُجوهِ، وإليه مَيْلُ أبى الخَطَّابِ، وهو احْتِمالٌ له في «الهِدايةِ» - وقال القاضي: يُجْبَرُ. وظاهِرُه، أنَّه سواءٌ تَساوَتِ القِيمَةُ أمْ لا. وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الخُلاصةِ»، وظاهرُ كلامِه في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. والمذهبُ، إنْ تَساوَتِ القِيمَةُ، أُجْبِرَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا فلا. نصَّ عليه. قال في «الفُروعَ»: أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ في المَنْصوصَ إنْ تَساوَتِ القِيمَةُ. ويَحْتَمِلُه كلامُ القاضي ومَن تابعَه. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا كانتْ مِن جِنْسٍ وَاحدٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إذا كانت مِن نوْعٍ واحدٍ.

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، لَمْ يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَتِهِ، وَإِنِ اسْتهْدمَ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَسْمِ عَرْصَتِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: الآجُرُّ واللَّبِنُ المُتَساوِى القَوالِبِ مِن قِسْمَةِ الأَجْزاءِ، والمُتَفَاوِتُ من قِسْمَةِ التَّعْديلِ. قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما حائطٌ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِن قِسْمَتِه، فَإِنِ اسْتَهْدَمَ - يعْنى حتَّى بَقِىَ عَرْصَةٌ - لم يُجْبَرْ على قَسْمِ عَرْصَتِه. هذا أحدُ الوَجْهَيْن، والمذهبُ منهما. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وصحَّحه في

طَلَبَ قَسْمَهُ طُولًا، بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ العَرْضِ، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وَإنْ طَلَبَ قَسْمَهُ عَرْضًا، وَكَانَت تَسَعُ حَائِطَيْنِ، أُجْبِرَ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الشَّرْحَ»، و «الرِّعايتَيْن». [واخْتارَه المُصَنِّفُ] (¬1). وقال أصحابُنا: إنْ طَلَبَ قِسْمَتَه طُولًا، بحيثُ يكونُ له نِصْفُ الطُّولِ في كَمالِ العَرْضِ، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وإنْ طَلَبَ قَسْمَه عَرْضًا، وكانتْ تَسَعُ حائِطَيْن، أُجْبِرَ، وإلَّا فلا. ونسَبَه في «الفُروعِ» إلى القاضِى فقطْ. وجزَم به في «الوَجيزِ». قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِىُّ في «مُنْتَخَبِه»: ولا إجْبارَ في حائطٍ، إِلَّا أنْ يتَسِعَ لحائِطيْن. وقال أبو الخَطَّابِ في الحائطِ: لا يُجْبَرُ على قَسْمِها بحالٍ. وقال في العَرْصَةِ كقَوْلِ الأصحابِ. وقالَه في «المُذْهَبِ». وقيل: لا إجْبارَ في الحائطِ والعَرْصَةِ، إِلَّا في قِسْمَةِ العَرْصَةِ طُولًا في كَمالِ العَرْضِ خاصَّةً. وأطْلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ قُلْنا بجَوازِ القِسْمَةِ في هذا، فقيلَ: لكُلِّ واحدٍ ما يَلِيه. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن». قال في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: وإنْ حصَلَ له ما يُمْكِنُ بناءُ حائطٍ فيه (¬1)، أُجْبِرَ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يُجْبَرَ؛ لأنَّه لا تدْخُلُه ¬

(¬1) فى الأصل: «به».

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا، لأَحَدِهِمَا [337 و] العُلْوُ وَلِلآخَرِ السُّفْلُ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنَافِعُ، لَم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِهَا، وَإِن تَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهَا كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى قَسْمِ المنَافِعِ بالمُهَايَأَةِ، جَازَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ القُرْعَةُ، خَوْفًا مِن أنْ يحْصُلَ لكُلِّ واحدٍ منهما ما يَلى مِلْكَ الآخَرِ. انتهيا. وقيل: بالقُرْعَةِ. قلتُ: وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ وأطْلَقهمَا في «الفُروعِ». الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ كانَ بَيْنَهُما دارٌ لها عُلْوٌ وسُفْلٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُما قَسْمَها؛ لأحَدِهِما الْعُلْوُ، و [للآخَرِ السُّفْلُ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِنْ قَسْمِها. بلا نِزاعٍ وكذا لو طلَبَ قِسْمَةَ] (¬1) السُّفْلِ دُونَ العُلْوِ، أو العَكْسَ، أو قِسْمَةَ كلِّ واحدٍ على حِدَةٍ. ولو طلَبَ أحدُهما قِسْمَتَها معًا ولا ضَرَرَ، وَجَبَ، وعدَّلَ بالقِيمَةِ، لا ذِراعَ سُفْلٍ بذِرَاعَىْ عُلْوٍ، ولا ذِراعٌ بذِراعٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ بيْنَهما مَنافِعُ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ مِن قَسْمِها. هذا المذهبُ مُطْلَقا. وجزَم به في «المُذْهَبِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوَّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسَّبْعِين»: هذا المَشْهورُ، ولم يذْكُرِ القاضي وأصحابُه في المذهبِ سِواه. وفرَّقُوا بينَ المُهايَأَةِ [والقِسْمَةِ] (¬1)، بأْنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ أحَدِ المِلْكَيْن مِن الآخَرِ، والمُهايَأَةَ مُعاوَضَةٌ، حيثُ كانتِ اسْتِيفاءً للمَنْفَعَةِ مِن مِثْلِها في زَمَنٍ آخَرَ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيها تأْخِيرُ أحَدِهما عنِ اسْتِيفاءِ حقِّه، بخِلافِ قِسْمَةِ الأَعْيانِ. وعنه، يُجْبَرُ. واخْتارَ في «المُحَرَّرِ»، يُجْبَرُ في القِسْمَةِ بالمَكانِ إذا لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ، ولا يُجْبَرُ بقِسْمَةِ الزَّمانِ. قوله: وإنْ تَراضَيا على قَسْمِها كَذَلِكَ، أو على قَسْمِ الْمنافعِ بالْمُهَايأةِ، جازَ. إذا اقْتَسَما المَنافِعَ بالزَّمانِ أو المَكانِ، صحَّ، وكانَ ذلك جائزًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «التَّرْغيبِ». وقدَّمه في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَ فى «المُحَرَّرِ» لُزومَه إنْ تَعَاقَدا مُدَّةً معْلومَةً. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وذكَر ابنُ البَنَّا في «الخِصالِ»، أنَّ الشُّرَكاءَ إذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتَلَفُوا. في مَنافِعِ دارٍ بينَهما، أنَّ الحاكِمَ يُجْبِرُهم على قَسْمِها بالمُهَايَأَةِ، أو يُؤْجِرُها عليهم. قال في «الفُروعِ»: وقيل: لازِمًا بالمكانِ مُطْلَقًا. فعلى المذهبِ، لو رجَع أحدُهما قبلَ اسْتِيفاءِ نَوْبَتِه، فله ذلك، وإنْ رجَع بعدَ الاسْتِيفاءِ، غَرِمَ (¬1) ما انْفَرَدَ به. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: لا تَنْفسِخُ حتَّى يَنْقَضِىَ الدُّوْرُ، ويَسْتَوْفِىَ كلُّ واحدٍ حقَّه. انتهى. ولوِ اسْتَوْفَى أحدُهما نوْبَتَه، ثم تَلِفَتِ المَنافِعُ في مُدَّةِ الآخَرِ قَبْلَ تَمَكُّنِه مِن القَبْضِ، فأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، بأَنَّه يرْجِعُ على الأَوَّلِ ببَدَلِ حِصَّتِه مِن تلك المُدَّةِ، ما لم يَكُنْ رَضِىَ بمَنْفَعَةِ (¬2) الزَّمَنِ المُتَأخِّرِ على أيِّ حالٍ كانَ. فائدتان؛ إحْداهما، لو انْتَقَلَتْ، كانْتِقالِ (¬3) وَقْفٍ، فهل تَنْتَقِلُ مقْسُومَةً، أمْ لا؟ فيه نظرٌ. فإنْ كانتْ إلى مُدَّةٍ، لَزِمَتِ الوَرَثَةَ والمُشْتَرِىُ. قال ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وقال أيضًا: معْنَى القِسْمَةِ هنا قَرِيبٌ من مَعْنَى البَيْعِ. فقد يقالُ: يجوزُ التَّبْديلُ، كالحَبِيسِ والهَدْىِ. وقال أيضًا: صرَّح الأصحابُ بأَنَّ الوَقْفَ إنَّما تجوزُ قِسْمَتُه إذا كان على جِهَتَيْن، فأمَّا الوَقْفُ على جِهَةٍ واحِدَةٍ، فلا ¬

(¬1) بعده في الأصل: «على». (¬2) في ط: «بمنفعته». (¬3) بعده في الأصل، ا: «ملك».

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قَسْمَهَا دُونَ الزَّرْعَ، قُسِمَت. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُقْسَمُ عَيْنُه قِسْمَةً لازِمَةً اتِّفاقًا؛ لتعَلُّقِ حقِّ الطَّبقَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ، لكِنْ تجوزُ المُهَايَأةُ، وهى قِسْمَةُ المَنافعِ، ولا فرْقَ في ذلك بينَ مُناقَلَةِ المَنافعِ وبينَ تَرْكِها على المُهَايَأةِ بلا مُناقَلَةٍ. انتهى. قال في «الفُروعِ»: والظَّاهِرُ، أن ما ذكَر شيْخُنا عن الأصحابِ وَجْهٌ. وظاهِرُ كلامِهم، لا فَرْق، وهو أظْهَرُ. وفى «المُبْهِجِ»، لُزومُها إذا اقْتَسَمُوا بأَنْفُسِهم. قال: وكذا إنْ تَهايَئُوا. ونقَل أبو الصَّقْرِ في مَن وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِه، فأَرادَ بعْضُ الوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِه، كيفَ يبيعُ؟ قال: يُفْرِزُ الثَّلُثَ ممَّا للوَرَثَةِ؛ فإنْ شاءُوا باعُوا، أو ترَكُوا. الثَّانيةُ، نفَقَةُ الحَيوانِ؛ مُدَّةُ كلٌ واحدٍ عليه، وإنْ نقَصَ الحادِثُ عن العادَةِ، فلِلآخَرِ الفَسْخُ. قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما أرْضٌ ذَاتُ زَرْعٍ، فطَلَبَ أحَدُهُما قَسْمَها دُونَ

وَإِنْ طَلَبَ قَسْمَهَا مَعَ الزَّرْعِ، أَوْ قَسْمَ الزَّرْعِ مُفْرَدًا، لَمْ يُجْبَرِ الْآخَرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْعِ، قُسِمَتْ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. قال في «الرِّعايتَيْن»: قُسِمَتْ في الأصحِّ. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ في «الكافِى»: والأوْلَى أنْ لا يجبَ. قوله: وإنْ طَلَبَ قَسْمَها مع الزَّرْعِ، لم يُجْبَرِ الآخَرُ. هذا المذهبُ. وجزَم به فِى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الهادِى»، و «الوَجيزِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ

وَإنْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَالزَّرْعُ قَصِيلٌ أَوْ قُطْنٌ، جَازَ، وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقال المُصَنِّفُ في «المُغْنِى»، و «الكافِى»: يُجْبَرُ، سواءٌ اشْتَدَّ حَبُّه أو كانَ قَصِيلًا؛ لأنَّ الزَّرْعَ كالشَّجَرِ في الأرْضِ، والقِسْمَةُ إفْرازُ حَقٍّ، وليستْ بَيْعًا، وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ، لم يَجُزْ ولو اشْتَدَّ الحَبُّ؛ لتَضَمُّنِه بَيْعَ السُّنْبُلِ بعْضِه ببَعْضٍ. ويَحْتَمِلُ الجوازَ إذا اشْتَدَّ الحَبُّ؛ لأنَّ السَّنابِلَ هنا دخَلَتْ تَبَعًا للأرْضِ، وليستِ المَقْصُودَ، فأَشْبَهَ بَيْعَ (¬1) النَّخْلَةِ المُثْمِرَةِ بمِثْلِها. قوله: فإنْ تَراضَوْا عليه والزَّرْعُ قَصِيلٌ، أَوْ قُطْنٌ، جازَ، وإِنْ كانَ بَذْرًا أو ¬

(¬1) بعده في الأصل، ا: «قال في الفروع».

بَذْرًا أَوْ سَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّها، فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يَجُوزُ في السَّنَابِلِ، وَلَا يَجُوزُ في الْبَذْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ سَنَابِلَ قَدِ اشْتَدَّ حَبُّها، فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وأطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُذْهَبِ» أحدُهما، لا يجوزُ. وهو المذهبُ. قال في «الخُلاصةِ»: لم يَجُزْ، في الأصَحِّ. وصححه في «النَّظْمِ». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعَ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ مع تَراضِيهما. وقال القاضي: يجوزُ في السَّنابِلِ، ولا يجوزُ في البَذْرِ. وجزَم به في «الكافِى» في السَّنابِلِ، وقدَّم في البَذْرِ، لا يجوزُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: مأْخَذُ الخِلافِ، هل هي إفْرازٌ، أو بَيْعٌ؟.

وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، أَوْ قَناةٌ، أَوْ عَيْنٌ يَنْبُعُ مَاؤُهَا، فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى قَسْمِهِ بِالمُهَايَأْةِ، جَازَ. وَإِنْ أرَادَا قَسْمَ ذَلِكَ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ، أَوْ حَجَر مُسْتَوٍ في مَصْدَمِ المَاءِ، فيه ثُقْبَانِ عَلَى قَدْرِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ بَيْنَهُما نَهْرٌ، أو قَناةٌ، أو عَيْنٌ يَنْبُعُ ماؤُها، فالْماءُ بَيْنَهُما على ما اشْتَرَطاه عِنْدَ اسْتِخْراجِ ذلك، فإنِ اتَّفَقا على قَسْمِه بالْمُهايأَةِ - بزَمَنٍ - جازَ، وإنْ أَرادا قَسْمَ ذلك بنَصْبِ خَشَبَةٍ، أو حَجَرٍ مُسْتَوٍ في مَصْدَم الْماءِ، فيه ثُقْبان على قَدْرِ حَقِّ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُما، جازَ. بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. وتقدَّم هذا وغيرُه في بابِ

جَازَ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِىَ بِنَصِيبهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ، جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجوزَ. وَيَجِئُ عَلَى [337 ظ] أَصْلِنَا، أَنَّ المَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَيَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ إحْياءِ المَواتِ، فَلْيُراجَعْ. قوله: فإنْ أَرادَ أَحَدُهُما أَنْ يَسْقِىَ بنَصِيبِه أرْضًا ليس لها رَسْمُ شِرْبٍ مِن هذا النَّهْرِ، جازَ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يجوزَ، وهو وَجْهٌ اخْتارَه القاضي. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقال المُصَنِّفُ هنا: ويَجِئُ على أصْلِنا، أنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ، ويَنْتَفِعُ كلُّ واحدٍ

مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. فَصْلٌ: النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبَارِ، وَهِىَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا رَدَّ عِوَضٍ، كَالْأرْضِ الْوَاسِعَةِ، وَالقُرَى، وَالبَسَاتِينِ، والدُّورِ الكِبَارِ، وَالدَّكَاكِينِ الوَاسِعَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ وَالمَوْزُونَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، كَالدِّبْسِ وَخَلِّ التَّمْرِ، أَوْ لَمْ تَمَسَّهُ، كَخَلِّ العِنَب وَالأَدْهَانِ وَالأَلبَانِ، فَإذَا طَلَبَ أحَدُهُمَا قَسْمَهُ وَأَبَى ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما على قَدْرِ حاجَتِه. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». قال في «الفُروعِ»: وقيلَ: له ذلك (¬1)، إذا قُلْنا: لا يُمْلَكُ الماءُ بمِلْكِ الأرْضِ. فلِكُلِّ منهما أنْ ينْتَفِعَ بقَدْرِ حاجَتِه. وتقدَّم ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في كِتابِ البَيْعَ. وذكَرْنا ما فيه مِن الخِلافِ، وتقدَّم أيضًا هذا في بابِ إحْياءِ المَواتِ، وفُروعٌ أُخَرُ كثيرةٌ، فَلْيُعاوَدْ. قوله: النَّوْعُ الثَّانِى، قِسْمَةُ الإِجْبارِ؛ وهي ما لا ضَرَرَ فيها، ولا رَدَّ عِوَضٍ؛ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

الْآخَرُ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالأرْضِ الْواسِعَةِ، والْقُرَى، والْبَساتِينِ، والدُّورِ الْكِبارِ، والدَّكاكِينِ الْواسِعَةِ، والْمَكِيلاتِ والْموْزُوناتِ مِن جِنْسٍ واحِدٍ، سَواء كانَ مِمَّا مَسَّتْه النَّارُ، كالدِّبْسِ وخَلِّ التَّمْرِ، أو لم تَمَسُّه، كَخَلِّ العِنَبِ، والأَدْهانِ، والأَلبانِ. ونَحْوِها. بلا نِزاعٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: فإذا طَلَبَ أحَدُهُما قَسْمَه وأبَى الآخَرُ، أُجْبِرَ عليه. بلا نِزاعٍ. وكذا يُجْبَرُ وَلِىُّ مَن ليسَ أهْلًا للقِسْمَةِ، لكِنْ مع غَيْبَةِ الوَلِىِّ، هل يقْسِمُ الحاكمُ عليه؟ فيه وَجْهان. ذكرهما في «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليهما مُطْلَقَيْن في «الفُروعِ»؛ أحدُهما: يقْسِمُه الحاكِمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه يقُومُ مَقامَ الوَلىِّ. قال في «المُحَرَّرِ»: ويَقْسِمُ الحاكِمُ على الغائبِ في قِسْمَةِ الإِجْبارِ. وكذا في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقال في «الرِّعايةِ»: ويَقْسِمُ الحاكِمُ على الغائبِ في قِسْمَةِ الإِجْبارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: إنْ كانَ له وَكِيلٌ حاضِرٌ (¬1)، جازَ، وإلَّا فلا. وقال: ووَلِىُّ المُوَلَّى عليه في قِسْمَةِ الإِجْبارِ كَهُوَ. وهذا يدُلُّ على أنَّ الحاكِمَ يقْسِمُ (¬2) مع غَيْبَةِ الوَلىِّ. وقال في «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والعِشْرِين»: فإنْ كانَ المُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا في قِسْمَةِ الإِجْبارِ، وهو المَكِيلُ والمَوْزُونُ، فهل يجوزُ للشَّرِيكِ أخْذُ قَدْرِ حقِّه [بدُونِ إذْنِ الحاكِمِ] (¬3)، إذا امْتَنَعَ الآخَرُ أو غابَ؟ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، الجوازُ. وهو قولُ أبى الخَطابِ. والثَّانى، المَنْعُ. وهو قولُ القاضِى؛ لأنَّ القِسْمَةَ مُخْتَلَفٌ في كَوْنِها بَيْعًا، وإذْنُ الحاكمَ يرْفَعُ النِّزاعَ، والثانى لا يقْسِمُه. فائدة: قال جماعَةٌ، عن قَسْمِ الإِجْبارِ: يقْسِمُ الحاكِمُ إنْ ثَبَتَ مِلْكُهما عندَه. ¬

(¬1) في الأصل: «خاصة». (¬2) في الأصل، ا: «يقسمه». (¬3) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم الْخِرِقِى، وأقَرَّه المُصَنِّفُ عليه. وقالَه في «الرِّعايةِ الكُبْرى» بخَطِّه مُلْحَقًا. ولم يذْكُرْه آخَرُون؛ منهم أبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الرَّوْضَةِ». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، كَبَيْعِ مَرْهُونٍ، وعَبْدٍ جانٍ. وقال: كلامُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في بَيْعِ ما لا يُقْسَمُ، وقَسْمِ ثَمَنِه عام فيما ثَبَتَ أنَّه مِلْكُهما، وما لم يَثْبُتْ، كجَمِيعَ الأمْوالِ التي تُباعُ. قال: ومِثْلُ ذلك، لو جاءَتْه امْرَأَةٌ، فَزَعَمَتْ أنَّها خَلِيَّة لا وَلِىَّ لها، هل يُزَوِّجُها بلا بَيِّنَةٍ؟ ونقَل حَرْبٌ، في مَنْ أقامَ بَيِّنَةً بسَهْمٍ مِن ضَيْعَةٍ بيَدِ قَوْمٍ فهَرَبُوا منه، يَقْسِمُ عليهم، ويَدْفَعُ إليه حقَّه. قال الشَّيْخُ تقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وإنْ لم يَثْبُتْ مِلْكُ الغائبِ. قال في «الفُروعِ»: فَدَلَّ أنَّه يجوزُ ثُبوتُه، وأنَّه أوْلَى. وهو مُوافِق لما يأْتِى في الدَّعْوى. قال في «المُحَرَّرِ»:

وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقِّ أحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ فِي ظَاهِرِ المَذْهَبِ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا، فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ العَقَارِ طِلْقًا وَنِصْفُهُ وَقْفًا، جَازَتْ قِسْمَتُه، وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الثِّمَارِ خَرْصًا، وَقِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَزْنًا، وَمَا يُوزَنُ كَيْلًا، وَالتَّفَرُّقُ فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ قَبْلَ القَبْضِ، وَإذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ، فقَسَمَ، لَم يَحْنَثْ. وَحُكِىَ عَنْ أَبِى عَبْدِ اللهِ ابْنِ بَطَّةَ مَا يَدُلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ ويقْسِمُ حاكِمٌ على غائب قِسْمَةَ إِجْبارٍ. وقال في «المُبْهِجِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: بل مع وَكِيلِه فيها الحاضِرِ. واخْتارَه في «الرِّعايةِ» في عَقارٍ بيَدِ غائبٍ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في قَرْيَةٍ مُشاعَةٍ قَسَمَهَا فلَّاحُوها، هل يصِحُّ؟ قال: إذا تَهايَئُوها، وزَرَعَ كلٌّ منهم حِصَّتَه، فالزَّرْعُ له، ولرَبِّ الأرْضِ نَصِيبُه، إِلَّا أنَّ مَن تَرَكَ نَصِيبَ مالِكِه، فله أخْذُ أُجْرَةِ الفَضْلَةِ أو مُقاسَمَتُها. قوله: وهذه الْقِسْمَةُ إفْرازُ حَقِّ أَحدِهِما مِن الآخَرِ، في ظاهِرِ المذهبِ، ولَيْسَتْ بَيْعًا. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». وهو المذهبُ، كما قالَ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم.، وقدَّمه في

أَنَّهَا كَالْبَيْعِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ، بَعْضُهَا يُسْقَى [338 و] سَيحًا، وَبَعْضُهَا بَعْلًا، أَوْ في بَعْضِهَا نَخْلٌ، وَفِى بَعْضِهَا شَجَرٌ، فَطَلبَ أحَدُهُمَا قَسْمَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ، وَطَلَبَ الْآخَرُ قَسْمَهَا أَعْيَانًا بِالقِيمَةِ، قُسِمَتْ كُلُّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ إذَا أَمْكَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِي»، و «الهادِى»، و «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن» و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «إدْراكَ الغايةِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذْهبُ المَشْهورُ المُخْتارُ لعامةِ الأصحابِ. وحُكِىَ عن أبى عَبْدِ اللهِ ابن بَطَّةَ ما يدُلُّ على أنها بَيْعٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقَع في تَعاليقِ أبى حَفْصٍ العُكْبَرِى، عن شيْخِه ابنِ بَطَّةَ، أنَّه منَع قِسْمَةَ الثِّمارِ التي يَجْرِى فيها الرِّبا خَرْصًا، وأخَذَ مِن هذا، أنَّها عندَه بَيْعٌ. انتهى. وحكَى الآمِدِيُّ فيه رِوايتَيْن. قال الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: الَّذي تحَرَّرَ عنْدِى فيما فيه ردٌّ، أنَّه بَيْعٌ فيما يُقابِلُ الرَّدِّ، وإفْرازٌ في الباقِى؛ لأنَّ أصحابَنا قالُوا في قِسْمَةِ الطِّلْقِ، عن الوَقْفِ: إذا كانَ فيها رَدٌّ مِن جِهَةِ صاحبِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَقْفِ، جازَ؛ لأنَّه يشْتَرِى به الطِّلْقَ، وإنْ كانَ مِن صاحبِ الطِّلْقِ، لم يَجُزْ. انتهى. ويَنْبَنِى على هذا الخِلافِ فَوائدُ كثيرَةٌ، ذكَر المُصَنِّفُ بعْضَها هنا، وذكَره غيرُه، وذكَرُوا فَوائِدَ أُخَرَ؛ فمنها، أنَّه يجوزُ قَسْمُ الوَقْفِ، على المذهبِ. أعْنِى، بلا رَدِّ عِوَضٍ. وعلى الثانى، لا يجوزُ. وجزَم به في «الفُروعِ». وقال في «القَواعِدِ»: هل يجوزُ قِسْمَتُه؟ فيه طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّه كإفْراز الطِّلْقِ مِن الوَقْفِ. وهو المَجْزومُ به في «المُحَرَّرِ». قلتُ: وفى غيرِه. والطريقُ الثَّانى، أنَّه لا يصِحُّ قِسْمَتُه على الوَجْهَيْن جميعًا، على الأصحِّ. وهي طرِيقَةُ صاحبِ «التَّرْغيبِ». وعلى القَوْلِ بالجَوازِ، فهو مُخْتَصُّ بما إذا كانَ وَقْفًا على جِهَتَيْن، لا على جِهَةٍ واحِدَةٍ. صرَّح به الأصحابُ. نقَله الشيْخُ تَقِى الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. انتهى. قلتُ: تقَدّمَ لَفْظُه قبلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك في الفائِدَةِ الأُولَى، بعدَ قوْلِه: وإنْ تَراضَيا على قَسْمِها كذلك. فَلْيُراجَعْ. وكلامُ صاحِبِ «الفُروعِ» هناك أيضًا. ومنها، إذا كانَ نِصْفُ العَقارِ طِلْقًا ونِصْفُه وَقْفًا، جازَتْ قِسْمَتُه، على المذهبِ، لكِنْ بلا رَدٍّ مِن ربِّ الطَّلْقِ. وقال في «المُحَرَّرِ» عليهما: إنْ كانَ الرَّدُّ مِن ربِّ الوَقْفِ لرَبِّ الطِّلْقِ، جازَتْ قِسْمَتُه بالرِّضَا، في الأصحِّ. انتهى. وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. لم يَجُزْ. ومنها، جَوازُ قِسْمَةِ الثِّمارِ خَرْصًا، وقِسْمَةِ ما يُكالُ وَزْنًا، وما يُوزَنُ كَيْلًا، وتَفَرُّقِهما قبلَ القَبْضِ فيهما، على المذهبِ. وقطَع به أكثرُهم. ونصَّ عليه في رِوايةِ الأَثْرَمِ، في جَوازِ القِسْمَةِ بالخَرْصِ. وقال في «التَّرْغيبِ»: يجوزُ في الأصحِّ فيهما. وقال في «القَواعِدِ»: وكذلك لو تَقاسَمُوا التَّمَرَ على الشَّجَرِ قبلَ صَلاحِه، بشَرْطِ التَّبْقِيَةِ. انتهى. وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. لم يصِحَّ في ذلك كلِّه. ومنها، إذا حَلَفَ لا يَبِيعُ، فَقَاسَم، لم يَحْنَثْ على المذهبِ. ويَحْنَثُ إنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. قال في «القَواعِدِ»: وقد يُقالُ: الأيْمانُ مَحْمولَةٌ على العُرْفِ، ولا تُسَمى القِسْمَةُ بَيْعًا في العُرْفِ؛ فلا يَحْنَثُ بها ولا بالحَوالَةِ والإِقَالَةِ، وإنْ قيلَ: هي بُيوعٌ. ومنها ما قالَه في «القَواعِدِ»: لو حَلَفَ لا يَأَكُلُ مما اشْتَراه زَيْدٌ، فاشْتَرَى زَيْدٌ وعَمْرٌو طَعامًا مُشاعًا - وقُلْنا: يَحْنَثُ بالأكْلِ منه - فتَقاسَماه، ثم أكَلَ الحالِفُ مِن نَصِيبِ عَمْرٍو، فذَكَرَ الآمِدِيُّ أنَّه لا يَحْنَثُ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازُ حقٍّ لا بَيْعٌ. وهذا يقْتَضِى أنَّه يَحْنَثُ إذا قُلْنا: هي بَيْعٌ. وقال القاضي: المذهبُ أنَّه يَحْنَثُ مُطْلَقًا؛ لأنَّ القِسْمَةَ لا تُخْرِجُه عن أنْ يكونَ زَيْدٌ اشْتَراه، ويَحْنَثُ عندَ أصحابِنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بأكْلِ ما اشْتَرَاه زَيْدٌ، ولو انْتَقَلَ المِلْكُ عنه إلى غيرِه. وفى «المُغْنِى» احْتِمالٌ، لا يَحْنَثُ هنا. وعليه يتَخَرَّجُ، أنَّه لا يَحْنَثُ إذا قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ. ومنها، لو كانَ بينَهما ماشِيَةٌ مُشْترَكَةٌ، فاقْتَسَماها في أثْناءِ الحَوْلِ، واسْتَدَاما خُلْطَةَ الأوْصافِ، فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. لم ينْقَطِعِ الحَوْلُ بغيرِ خِلافٍ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. خُرِّجَ على بَيْعِ الماشِيَةِ بجِنْسِها في أثْناءِ الحَوْلِ، هل يقْطَعُه أمْ لا؟ ومنها، إذا تَقَاسَما وصرَّحا بالتَّراضِى، واقْتَصَرَا على ذلك، إنْ قُلْنا: إفْرازٌ. صحَّتْ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. فوَجْهان في «التَّرْغيبِ». وكأنَ ماْخَذَهما الخِلافُ في اشْتِراطِ الإِيجابِ والقَبُولِ. وظاهرُ كلامِه، أنَّها تصِحُّ بلَفْظِ القِسْمَةِ على الوَجْهَيْن. ويتَخَرَّجُ أنْ لا تصِحَّ مِن الرِّوايةِ التي حكاها في «التَّلْخيصِ» باشْتِراطِ لَفْظِ البَيْعِ والشِّراءِ. ومنها، قِسْمَةُ المَرْهُونِ، كلِّه أو نِصْفِه، مُشاعًا، إنْ قُلْنا: هي إفْرازٌ. صحَّتْ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم تصِحَّ. ولو اسْتَقَرَّ بها المُرْتَهَنُ، بأنْ رهَنَه أحدُ الشَّرِيكَيْن حِصَّتَه مِن حقٍّ مُعَيَّنٍ مِن دارٍ ثم اقْتَسَمَا، فحَصَلَ البَيْتُ في حِصَّةِ شَرِيكِه، فظاهرُ كلامِ القاضي، لا يُمْنَعُ منه على القَوْلِ بالإِقْرارِ. وقال صاحِبُ «المُغْنِى»: يُمْنَعُ منه. ومنها، ثُبوتُ الخِيارِ. وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، بِناؤُه على الخِلافِ. فإنْ قُلْنا: إفْرازٌ. لم يثْبُتْ فيها خِيارٌ. وإنْ قُلْنا: [بَيْعٌ. ثَبَتَ] (¬1). وهو المذْكُورُ فِي «الفُصولِ»، و «التَّلْخيصِ». وفيه ما يُوهِمُ اخْتِصاصَ الخِلافِ في خِيارِ المَجْلِسِ. فأمَّا خِيارُ الشَّرْطِ، فلا يَثْبُتُ فيها على الوَجْهَيْن. والطَّريقُ الثَّانى، ¬

(¬1) في الأصل: «يثبت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَثْبُتُ فيها خِيارُ المَجْلِسِ وخِيارُ الشَّرْطِ، على الوَجْهَيْن. قالَه القاضي في «خِلافِه». ومنها، ثُبوتُ الشُّفْعَةِ بالقِسْمَةِ. وفيه طَرِيقان؛ أحدُهما، بِناؤُه على الخِلافِ. إنْ قُلْنا: إفْرازٌ. لم يثْبُتْ، وإلَّا ثَبَتَ. وهو الَّذي ذكَره في «المُسْتَوْعِبِ»، في بابِ الرِّبا. والطَّرِيقُ الثَّانى، لا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ على الوَجْهَيْن. قالَه القاضي، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ». وقدَّمها في «الفُروعِ»؛ لأنَّه لو ثَبَتَ لأحَدِهما على الآخَرِ لَثَبَتَ لِلْآخَرِ عليه، فيَتنافَيان. قلتُ: وهذه الطَّرِيقَةُ هي الصَّوابُ. ومنها، قِسْمَةُ المُتَشارِكَين في الهَدْىِ والأَضاحِى اللَّحْمَ. فإنْ قُلْنا: إفْرازُ حَقٍّ. جازَ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم يَجُزْ. وهو ظاهِرُ كلام الأصحاب. قلتُ: لو قيلَ بالجَوازِ على القَوْلَيْن، لَكانَ أَوْلَى. والذي يظهَرُ، أنَّه مُرادُهم. ومنها، لو ظَهَرَ في القِسْمَةِ غَبْنٌ فاحِشٌ. فإنْ قُلْنا: هي إفْرازٌ. لم تَصِحَّ؛ لتَبَيُّنِ فَسادِ الإِفْرازِ، وإنْ قُلْنا: هي بَيْعٌ. صحَّتْ، وثَبَتَ خِيارُ الغَبْنِ. ذكَرَه في «التَّرْغيبِ» (¬1)، و «المُسْتَوْعِبِ» (¬2)، و «البُلْغَةِ». ومنها، إذا ماتَ رَجُلٌ وزَوْجَتُه حامِلٌ، وقُلْنا: لها السُّكْنَى. فأَرادَ الوَرَثَةُ قِسْمَةَ المَسْكَنِ قبلَ انْقِضاءِ العِدَّةِ مِن غيرِ إضْرارٍ بها، بأنْ يُعَلِّمُوا الحُدودَ بخَطٍّ أو نحوِه مِن بناءٍ، فقال في «المُغْنِى» (¬3): يجوزُ ذلك. ولم يَبْنِه على الخِلافِ في القِسْمَةِ، مع أَنه قال: لا يصِحُّ بَيْعُ المَسْكَنِ في هذه الحالِ؛ لجَهالَةِ مدَّةِ الحَمْلِ المُسْتَثْناةِ فيه حُكْمًا. وهذا يدُلُّ على أن هذا يُغتَفَرُ في القِسْمَةِ على الوَجْهَيْن. ويَحْتَمِلُ أنْ يقالَ: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط. (¬3) انظر المغنى 11/ 296.

فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَنْصِبُوا قَاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَسْأَلُوا الْحَاكِمَ نَصْبَ قَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ. وَمِنْ شَرْطِ ـــــــــــــــــــــــــــــ متى قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ، وأنَّ بَيْعَ هذا المَسْكَنِ يصِحُّ. لم تصِحَّ القِسْمَة. قالَه في «الفَوائِدِ». ومنها، قِسْمَةُ الدَّيْنِ في ذِمَمِ الغُرَماءِ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى في أوَائلِ كتابِ الشَّرِكَةِ، في أثْناءِ شَرِكَةِ العِنَانِ، عندَ قوْلِه: وإنْ تَقَاسَما الدِّينَ في الذِّمَّةِ. ومنها، قَبْضُ أحَدِ الشَّرِيكَيْن نَصِيبَه مِن المالِ المُشْتَرَكِ المِثْلِىِّ مع غَيْبَةِ الآخَرِ، أو امْتِناعِه مِن الإِذْنِ بدُونِ إذْنِ حاكمٍ، وفيه وَجْهان. وهما على قَولِنا: هي إفْرازٌ. وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم يَجُزْ، وَجْهًا واحدًا. فأمَّا غيرُ المِثْلِىِّ، فلا يُقْسَمُ إلَّا مع الشَّرِيكِ، أو مَن يقُومُ مَقامَه. ومنها، لو اقْتَسَمَا أرْضًا، أو دارَيْن، ثم اسْتُحِقَّتِ الأرْضُ، أو أَحَدُ الدَّارَيْن بعدَ البِناءِ. ويأْتِى ذلك في كلامِ المُصَنِّفِ في آخِرِ البابِ. ومنها، لو اقْتَسَمَ الوَرَثَةُ العَقارَ، ثم ظهَر على المَيِّتِ دَيْنٌ أو وَصيَّةٌ. ويأتِى في كلام المُصَنِّفِ أيضًا في آخِرِ البابِ. ومَنها، لو اقْتَسَمَا دَارًا، فحَصَلَ الطَّرِيقُ في نَصِيبِ أحَدِهما، ولم يَكُنْ للْآخَرِ مَنْفَذٌ. ويأتِى ذلك أيضًا في كلامِ المُصَنِّفِ فى آخِرِ البابِ. قوله: ويَجُوزُ للشُّرَكاءِ أنْ يَنْصِبُوا قاسِمًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، وأنْ يَسْأَلُوا الْحاكِمَ

مَنْ يُنْصَبُ أنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ نَصْبَ قاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ. بلا نِزاعٍ. قوله: ومِن شَرْطِ مَن يُنْصَبُ، أنْ يَكُونَ عَدْلًا عارِفًا بالْقِسْمَةِ. وكذا يُشْترَطُ إسْلامُه. وهذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكشِىُّ: يعْرِفُ الحِسابَ؛ لأنَّه كالخَطِّ للكاتِبِ. وقال في «الكافِى»، و «التَّرْغيبِ»: تُشْترَطُ عَدالَةُ قَاسِمِهم، لِلُّزومِ. وقال في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: تُشْترَطُ عَدالَةُ قاسِمِهم ومَعْرِفَتُه، لِلُّزومِ. وقيلَ: إنْ نصَبُوا غيرَ عَدْلٍ، صحَّ.

فَمَتَى عُدِّلَتِ السِّهَامُ وَأُخْرِجَتِ القُرْعَةُ، لَزِمَتِ القِسْمَةُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَلْزَمَ فِيمَا فِيهِ رَدٌّ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ حَتَّى يَرْضَيَا بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فمتى عُدِّلَتِ السِّهامُ وخَرَجَتِ الْقُرعَةُ، لَزِمَتِ الْقِسْمَةُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه في «النَّظْمِ» وغيرِه. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَلْزَمَ فيما فيه ردٌّ بخُروجِ القُرْعَةِ حتَّى يَرْضَيا بذلك. وهو لأبى الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». وقيل: لا تَلْزَمُ فيما فيه رَدُّ حقٍّ (¬1) أو ضرَرٌ، إِلَّا بالرضا بعدَها. وقيل: لا تَلْزَمُ إلَّا بالرضا بعدَ القِسْمَةِ. وقال في «المُغْنِى»، و «الكافِى»: لا تَلْزَمُ إِلَّا بالرِّضا بعدَ القِسْمَةِ، إنِ اقْتَسَمَا بأنْفُسِهما. وقال في «الرِّعايةِ»: وللشُّرَكاءِ القِسْمَةُ بأَنْفُسِهم، ولا تَلْزَمُ بدُونِ رِضاهم، ويُقاسِمُ عالِمٌ بها ينْصِبُونَه، فإنْ كانَ عدْلًا، لَزِمَتْ قِسْمَتُه بدُونِ رِضَاهم، وإلَّا فلا، أو بعَدْلٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِذَا كَانَ في القِسْمَةِ تَقْويمٌ، لَمْ يَجُزْ أَقَلُّ مِنْ قَاسِمَيْنِ وَإِنْ خَلَتْ مِنْ تَقْوِيم، أَجْزَاَ قَاسِمٌ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عارِفٍ بالقِسْمَةِ ينْصِبُه حاكِمٌ بطَلَبِهم، وتَلْزَمُ قِسْمَتُه وإنْ كان عَبْدًا، ومع الرَّدِّ فيها وَجْهان. انتهى. فائدة: لو خيَّر أحدُهما الآخَرَ، لَزِمَ برِضاهما وتفَرُّقِهما. ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». قوله: وإذا كانَ في الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ، لم يَجُزْ أقَلُّ مِن قاسِمَيْن. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُرُوعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُجْزِئ قاسِمٌ واحِدٌ، كما لو خَلَتْ مِن تَقْويمٍ. فائدتان؛ إحْداهما، تُباحُ أُجْرَةُ القاسِمِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعنه، هي كقُرْبَةٍ. نقَل صالِحٌ، أكْرَهُه. ونقَل عَبْدُ اللهِ، أتَوَقَّاه. والأُجْرَةُ على قَدْرِ

وَإذَا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ، قَسَمَهُ، وَذَكَرَ في كِتَابِ القِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمْ بِمِلْكِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى طَلَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمْلاكِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقطَع به كثيرٌ منهم. زادَ في «التَّرْغيبِ»، إذا أطْلَقَ الشُّرَكاءُ العَقْدَ، وأنَّه لا ينْفَرِدُ واحِدٌ بالاسْتِئْجارِ بلا إذْنٍ. وقيلَ: بعَدَدِ المُلَّاكِ. وقال في «الكافِى»: هي على ما شَرَطاه. فعلى المذهبِ المَنْصوصِ، أُجْرَةُ شاهِدٍ يخْرُجُ لقَسْمِ البِلادِ، ووَكِيلٍ، وأَمِينٍ للحِفْظِ، على مالِكٍ، وفَلَّاحً كأمْلاكٍ. ذكَره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. قال: فإذا مانَهم الفَلَّاحُ بقَدْرِ ما عليه أو يسْتَحِقُّه الضَّيْفُ، حلَّ لهم. قال: وإنْ لم يأْخُذِ الوَكيلُ لنَفْسِه إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عمَلِه بالمَعْروفِ، والزِّيادَةُ يأْخذُها المُقْطِعُ، فالمُقْطِعُ هو الَّذي ظلَم الفَلَّاحِين، فإذا أَعْطَى الوَكيلُ المُقْطِعَ مِن الضَّرِيبةِ ما يزيدُ على أُجْرَةِ مِثْلِه، ولم يأْخُذْ لنَفْسِه إلَّا أُجْرَةِ عَمَلِه، جازَ له ذلك. وقال ابنُ هُبَيْرَةَ في «شَرْحِ البُخَارِىِّ»: اخْتَلَفَ الفُقَهاءُ في أجْرِ القَسَّامِ؛ فقال قومٌ: على المُزارِعِ. وقال قومٌ: على بَيْتِ المالِ. وقال قومٌ: عليهما. الثَّانيةُ: قولُه: وَإذَا سَأَلُوا الْحَاكِمَ قِسْمَةَ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ، قَسَمَهُ، وَذَكَرَ في كِتَابِ القِسْمَةِ أَنَّ قَسْمَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمْ، لَا عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُمْ

الْقِسْمَةِ، لَمْ يَقْسِمْهُ. فَصْلٌ. وَيُعَدِّلُ القَاسِمُ السِّهَامَ بِالْأَجْزَاءِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً، وَبِالقِيمَةِ إِنْ كَانتْ مُخْتَلِفَةً، وَبِالرَّدِّ إِنْ كَانَتْ تَقْتَضِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِلْكِهِمْ. هذا بلا نِزاعٍ. قال القاضِى: عليهما بإقْرارِهما، لا على غيرِهما. قوله: ويُعَدِّلُ الْقاسِمُ السِّهامَ بالأجْزاءِ إنْ كانَتْ مُتَساوِيَةً، وبالْقِيمَةِ إِنْ كانَتْ مُخْتَلِفَةً، وبالرَّدِّ إنْ كانَتْ تَقْتَضِيه، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُم، فَمَن خَرَجَ له سَهْمٌ، صارَ

ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ [338 ظ] لَهُ سَهْمٌ، صَارَ لَهُ، وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ، جَازَ، إِلَّا أَنَّ الأَحْوَطَ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ في رُقْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِجَها في بَنَادِقِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ، وتُطْرَحَ في حِجْرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ له. بلا نِزاعٍ فِي الجُمْلَةِ. قوله: وكَيْفَما أقْرَعَ، جازَ، إلَّا أَنَّ الأَحْوَطَ أنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ واحِدٍ مِن

فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ، كَانَ لَهُ، ثُمَّ الثَّانِى كَذَلِكَ، وَالسَّهْمُ البَاقِى لِلثَّالِثِ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاويَةً. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ في رُقْعَةٍ، وَقَالَ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً بِاسْمِ فُلَانٍ، وَأَخْرِجِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الشُّرَكاءِ في رُقْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِجَها في بَنادِقِ شَمْعٍ أو طِينٍ مُتَساوِيَةِ الْقَدْرِ والْوَزْنِ، وتُطْرَحَ في حِجْرِ مَن لم يَحْضُرْ ذلكَ، ويُقالُ له: أخْرِجْ بندُقَةً على هذا السَّهْمِ. فمن خرَجَ اسْمُه، كانَ له، ثُمَّ الثَّانِى كذلكَ، والسَّهْمُ الْباقِى للثَّالِثِ إذا كانُوا ثَلَاثَةً وسِهامُهُمْ مُتَساوِيَةً. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ في رُقْعَةٍ، وقالَ: أخْرِجْ بُنْدُقَةً باسْمِ فُلانٍ وأَخْرِجِ الثَّانِيَةَ باسْمِ الثَّانى، والثَّالِثَةَ للثَّالِثِ. جازَ. والأَوَّلُ أحْوَطُ. وهذا المذهبُ في ذلك كلِّه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُخَيَّرُ في هاتَيْن الصِّفَتَيْن. وهو ظاهرُ كلامِه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: واخْتارَ أصحابُنا في القُرْعَةِ، أنْ يكْتُبَ رِقاعًا (¬1) مُتَساوِيَةً بعَدَدِ السِّهامِ، وهو ههُنا مُخَيَّر بينَ أنْ يُخْرِجَ السِّهامِ على الأسْماءِ، أو يُخْرِجَ الأَسْماءَ على السِّهامِ. انتهى. وذكَرَ أبو بَكْرٍ، أنَّ البَنادِقَ تُجْعَلُ طِينًا، وتُطْرَحُ في ماءٍ، ويُعيِّنُ واحِدًا، فأىُّ البَنادِقِ انْحَلَّ الطِّينُ عنها، وخَرَجَتْ رُقْعَتُها على الماءِ، فهي له، وكذلك الثَّانى والثَّالثُ ومْا بعدَه، فإنْ خرَج اثْنان معًا، اُعِيدَ الإقْراعُ. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل: «رقاعه».

الثَّانِيَةَ بِاسْمِ الثَّانِى، وَالثَّالِثَةَ لِلثَّالِثِ، جَازَ. وَإِن كَانَتِ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً كثَلَاثَةٍ، لأَحَدِهِمُ النِّصْفُ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَلِلْآخَرِ السُّدْسُ؛ فَإنَّه يُجَزِّئُهَا سِتَّةَ أجْزَاءٍ، وَيُخْرِجُ الأَسْمَاءَ عَلَى السِّهَامِ لَا غَيْرُ، فَيَكْتُبُ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَتِ السِّهَامُ مُخْتَلِفَةً، كَثَلَاثَةٍ، لأَحَدِهم النِّصْفُ، وللآخَرِ

وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَتَيْنِ، وَبِاسْمِ صَاحِبِ السُّدْسِ وَاحِدَةً، وَيُخْرِجُ بُنْدُقَةً عَلَى السَّهْمِ الأَوَّلِ، فَإنْ خَرَجَ اسْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثُّلُثُ، وللآخَرِ السُّدْسُ؛ فإِنَّه يُجَزِّئُها سِتّةَ أجْزاءٍ، ويُخْرِجُ الأَسْمَاءَ على السِّهَامِ لا غيرُ، فيَكْتُبُ باسْمِ صاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةً، وباسْمِ صاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَيْن،

صَاحِبِ النِّصْفِ، أَخَذَهُ وَالثَّانِىَ وَالثَّالِثَ، وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ، أخَذَهُ [339 و] وَالثَّانِىَ، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الآخَرَيْنِ، وَالبَاقِى لِلثَّالِثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وباسْمِ صاحِب السُّدْسِ واحِدَةً، ويُخْرِجُ بُنْدُقَةً على السَّهْمِ الأوَّلِ، فإنْ خَرَجَ اسْمُ صاحِبِ النِّصفِ، أخَذَه، والثَّانِىَ والثَّالِثَ، وإِنْ خَرَجَ اسْمُ صاحِبِ الثُّلُثِ، أخَذه والثانِيَ، ثُم يُقْرِعُ بَيْنَ الآخَرَيْن، والباقِى للثَّالِثِ. اعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، أنه يكْتُبُ باسْمِ صاحبِ النِّصْفِ ثَلاَثةً، وباسْمِ صاحبِ الثُّلُثِ اثنَيْن، وباسْمِ صاحبِ السُّدْسِ واحِدَةً. كما قالَ المُصَنِّفُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، [و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الوَجيزِ»] (¬1)، وغيرِهم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقدَّم فى «المُغْنِى»، أنْ يكْتُبَ باسْم كلِّ واحدٍ رُقْعَةً؛ لحُصُولِ المَقْصودِ. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» أيضًا. واخْتارَ الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّه لا قُرْعَةَ فى مَكِيلٍ ومَوْزُونٍ، إلَّا (¬1) لِلابْتداءِ، فإنْ خَرَجَتْ لرَبِّ ¬

(¬1) فى ط، ا: «لا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأكثرِ، أخَذَ كلَّ حَقِّه. فإنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقاقِه، توَجَّهَ وَجْهان. فائدة: قِسْمَةُ الإجْبارِ تنْقَسِمُ أرْبَعَةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُتَساوِيَةً. وهى مسْألةُ المُصَنِّفِ الأُولَى. الثَّاني، أنْ تكونَ السِّهامُ مُخْتَلِفَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُتَساوِيَةً. وهى مَسْألَةُ المُصَنِّفِ الثَّانيةُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثُ، أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً، وقِيمَةُ الأجْزاءِ مُخْتَلِفَةً. الرابعُ، أنْ تكونَ السِّهامُ مُخْتَلِفَةً، والقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً. فأَمَّا الأوَّلُ والثَّانِى، فقد ذكَرْنا حُكْمَهما فى كلامِ المُصَنِّفِ، وأما القِسْمُ الثَّالِثُ- وهو أنْ تكونَ السِّهامُ مُتَساوِيَةً والقِيمَةُ مُخْتَلِفَةً- فإنَّ الأَرْضَ تُعَدَّلُ بالقِيمَةِ، وتُجْعَلُ سِتَّةَ أَسْهُم مُتَساوِيَةِ القِيمَةِ، ويُفْعَلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى إخْراجِ السِّهامِ مِثْلُ الأوَّلِ. وأمَّا القِسْمُ الرَّابعُ -[وهو ما] (¬1) إذا اخْتَلَفَتِ السَّهامُ والقِيمَةُ- فإنَّ القاسِمَ يُعْدِّلُ السِّهامَ بالقِيمَةِ، ويجْعَلُها سِتَّةَ أسْهُمٍ مُتَساوِيَةِ القِيَمِ، ثم يُخْرِجُ الرِّقاعَ فيها الأسْماءُ على السِّهامِ، كالقِسْمِ الثَّالثِ سَواءً، إلَّا أنَّ ¬

(¬1) سقط من: ط. وفى الأصل: «ما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّعْديلَ هنا بالقِيَمِ، وهناك بالمِسَاحَةِ.

فَصْلٌ: فَإنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَشْهَدُوا عَلَى تَرَاضِيهِمْ بِهِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: [3/ 238 و] فإنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ غَلَطًا فِيما تَقاسَمُوه بأَنْفُسِهِمْ، وأشْهَدُوا

قَسَمَهُ قَاسِمُ الْحَاكِمِ، فَعَلَى المُدَّعِى البَيِّنَةُ، وَإلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَسَمَهُ قَاسِمُهُمْ الَّذِى نَصَبُوهُ، وَكَانَ فِيمَا اعْتَبَرْنَا فِيهِ الرِّضَا بَعْدَ القُرْعَةِ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَإلَّا فَهوَ كَقَاسِمِ الْحَاكِمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على تَراضِيهِمْ به، لَمْ يُلْتَفَتْ إليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُقْبَلُ قوْلُه [مع التَّنْبِيهِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: لم يُقْبَلْ قوْلُه و] (¬1) إنْ أقامَ بَيِّنةً، إلَّا أنْ يكونَ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُسْتَرْسِلًا. زادَ فى «الكُبْرى»: أو مَغْبُونًا بما لا يُسامَحُ به عادَةً، أو بالثُّلُثِ أو بالسُّدْسِ، كما سَبَق. قوله: وإنْ كانَ فيما قَسَمَه قاسِمُ الْحاكِمِ، فعلى الْمُدَّعِى الْبَيِّنَةُ، وإلَّا فالْقَوْلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مع يَمِينِه، وإنْ كانَ فيما قَسَمَه قاسمُهُم الَّذِى نَصَبُوه، وكانَ فيما اعْتَبَرْنا فيه الرِّضا بَعْدَ القُرْعَةِ، لم تُسْمَعْ دعْواه، وإلَّا فهو كَقاسِمِ الْحاكِمِ. بلا نِزاعٍ.

وَإِنْ تَقَاسَمُوا ثُمَّ اسْتُحِقَّ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا شَىْءٌ مُعَيَّنٌ، بَطَلَتْ. وَإنْ كَانَ شَائِعًا فِيهِمَا، فَهَلْ تَبْطُلُ القِسْمَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَقَاسَمُوا ثُم اسْتُحِقَّ مِن حِصَّةِ أحَدِهِما شَئٌ مُعَيَّنٌ، بَطَلَتْ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقال فى «القَواعِدِ»: ومِن الفَوائدِ، لو اقْتَسَمَا دارًا نِصْفَيْن، ظهَر بعْضُها مُسْتَحَقًّا؛ فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازٌ. انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ لفَسادِ الإفْرازِ، وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. لم تنْتَقِضْ، ويرْجِعُ على شَريكِه بقَدْرِ حقِّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى المُسْتَحَقِّ،؛ إذا قُلْنا بذلك [فى تفْريقِ] (¬1) الصَّفْقَةِ، كما لو اشْتَرَى دارًا، فبانَ بعْضُها مُسْتَحَقَّا. ذكَره الآمِدِىُّ. وحكَى فى «الفوائدِ»، عن صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، أنَّه حكَى فيه فى هذه المَسْأَلةِ ثلاَثَةَ أوْجُهٍ، وظاهِرُ ما فى «المُحَرَّرِ» يُخالِفُ ذلك. فائدة: لو كانَ المُسْتَحَقُّ مِن الحِصَّتَيْن، وكان مُعَينًا، لم تَبْطُلِ القِسْمَةُ فيما بَقِىَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ». وقيل: تَبْطُلُ. وهو احْتِمالٌ فى «الكافِى»، بِناءً على عدَمِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ، إذا قُلْنا: هى بَيْعٌ. قوله: وإِنْ كانَ شائِعًا فيهما، فهل تَبْطُلُ القِسْمَةُ؟ على وجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ أحدُهما، تَبْطُلُ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضى، وابنُ عَقِيلٍ. قال في «الخُلاصةِ»: بَطَلَتْ فى الأصحِّ. وصحَّحه في ¬

(¬1) فى الأصل: «بتفريق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، لا تَبْطُلُ فى غيرِ المُسْتَحَقِّ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». فائدتان؛ إحْداهما، لو كانَ المُسْتَحَقُّ مُشاعًا فى أحَدِهما، فهى كالتى قبلَها، خِلافًا ومذهبًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَررِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيلَ: تبْطُلُ هنا وإنْ لم تَبْطُلْ فى التى قبلَها. وظاهرُ كلامِه فى «القَواعِدِ»، أنَّ ذلك كلَّه مَبْنِىٌّ على أنَّ القِسْمَةَ إفْرازٌ أو (¬1) بَيْعٌ. وتقدَّم لَفْظُه. الثَّانيةُ، قال المَجْدُ: الوَجْهان الأَوَّلان فَرْعٌ على قَوْلِنا بصِحَّةِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ فى المبَيعِ. وهو المذهبُ، على ما تقدَّم. فأمَّا إنْ قُلْنا: لا تَتَفَرَّقُ هناك. بَطَلَتْ هُنا وَجْهًا واحِدًا. وقال فى «البُلْغَةِ»: إذا ظَهَرَ بعْضُ حِصَّة أحَدِهما مُسْتَحَقًّا، انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ، وإنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهما على اسْتِواءِ النِّسْبَةِ، وكان مُعَيَّنًا، لم تَنْتَقِصْ إذا علَّلْنا بفَسادِ تفْريقِ الصَّفْقَةِ بالجَهالَةِ، وإنْ علَّلْناه باشْتِمالِها على ما لا يجوزُ، بَطَلَتْ، وإنْ كان المُسْتَحَقُّ مُشاعًا، انْتَقَضَتِ القِسْمَةُ فى الجميعِ، على ¬

(¬1) فى الأصل، 1: «و».

وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارَيْنِ قِسْمَةَ تَرَاضٍ، فَبَنَى أَحدُهُمَا فِى نَصِيبِهِ، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً، وَنُقِضَ بِنَاؤُهُ، رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أصحِّ الوَجْهَيْن. قوله: وإذا اقْتَسَما دارَيْن قِسْمَةَ تَراضٍ، فبَنَى أحَدُهُما فى نَصِيبِه، ثُمَّ خَرَجَتِ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً، ونُقِضَ بِناؤُه، رَجَعَ بنِصْفِ قِيمَتِه على شَرِيكِه. وقال فى «الهِدايةِ»: فقال شيْخُنا: يرْجِعُ على شرِيكِه بنِصْفِ قِيمَةِ البِناءِ. واقْتَصَرَ عليه. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصغِيرِ»، و «مُنتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قال الشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه الشَّرِيفُ أبو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ جَعْفَرٍ، وحكاه أبو الخَطَّاب عن القاضى. وجزَم به الشَّارِحُ ونَصَرَه، وقال: هذه قِسْمَة بمَنْزِلَةِ البَيْعِ؛ فإنًّ الدَّارَيْن لا يُقْسَمان قِسْمَةَ إجْبارٍ، وإنَّما يُقْسَمان بالتَّراضِى، فتكونُ جارِيَةً مَجْرَى البَيْعِ. قال: وكذلك يُخَرَّجُ فى كلِّ قِسْمَةٍ جارِيَةٍ مَجْرَى البَيْعِ، وهى قِسْمَةُ التَّراضِى كالذى (¬1) فيه رَدُّ عِوَضٍ، وما لا يُجْبَرُ على قِسْمَتِه لضَرَرٍ فيه، فأمَّا قِسْمَةُ الإجْبارِ، إذا ظَهَرَ نصِيبُ أحَدِهما مُسْتَحَقًّا بعدَ البناءِ والغِراسِ فيه، فنُقِضَ البِناءُ، وقُلِعَ الغِراسُ، فإنْ قُلْنا: القِسْمَةُ بَيْعٌ. فكَذلك. وإنْ قُلْنا: ليستْ بَيْعًا. لم يرْجِعْ به، هذا الذى يقْتَضِيهَ قولُ الأصحابِ. انتهى. وقال فى «القَواعِدِ»: إذا اقْتَسَما أرْضًا، فَبَنَى أحدُهما فى نَصِيبِه وغرَسَ، ثم اسْتَحِقَّتِ الأرْضُ، فَقَلَعَ غرْسَه وبِناءَه، فإنْ قُلْنا: هى إفْرازُ حقٍّ. لم يرْجِعْ على شَريكِه. وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. رجَع عليه بقِيمَةِ النَّقْصِ، إذا كانَ ¬

(¬1) فى النسخ: «كالتى» والمثبت من الشرح.

وَإنْ خَرَجَ فِى نَصِيبِ أحَدِهِمَا عَيْبٌ، فَلَهُ فَسْخُ القِسْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عالِمًا بالحالِ دُونَه. وقال: ذكَرَه فى «المُغْنِى». ثم ذكَرَ قولَ القاضِى المُتَقَدِّمَ. وقال فى «الفُروعِ»: وإنْ بنَى أو غَرَسَ، فخرَج مُسْتَحَقًّا، فقلَع، رجَع على شَريكِه بنِصْفِ قِيمَتِه فى قِسْمَةِ الإِجْبارِ إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. كقِسْمَةِ تَراضٍ، وإلَّا فلا. وأَطْلقَ فى «التَّبْصِرَةِ» رُجوعَه، وفيه احْتِمالٌ. انتهى. قال النَّاظِمُ: وإنْ بانَ فى الإجْبارِ لم يَغْرَمِ البِنَا … ولا الغَرْسَ إذْ هى مَيْزُ حقٍّ بأجْوَدِ وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: إذا لم يرْجِعْ، حيثُ لا يكونُ بَيْعًا، فلا يرْجِعُ بالأُجْرَةِ، ولا بنِصْفِ قِيمَةِ الوَلَدِ فى الغُرورِ، إذا اقْتَسَمَا الجَوارِىَ أعْيانًا، وعلى هذا، فالذى لم يسْتَحِق شيئًا مِن نَصِيبِه يرْجِعُ الآخَرُ عليه بما فوَّتَه (¬1) مِن المَنْفَعَةِ هذه المُدَّةَ، وهنا احْتِمالَاتٌ؛ أحدُها، التَّسْوِيَة بينَ القِسْمَةِ والبَيْعِ. والثاني، الفَرْقُ مُطْلَقًا. والثَّالثُ، إلْحاقُ ما كانَ مِن القِسْمَةِ بَيْعًا بالبَيْعِ. قوله: وإِنْ خَرَجَ فى نَصِيبِ أحَدِهِما عَيْبٌ، فله فَسْخُ الْقِسْمَةِ. [يعْنِى، إذا كانَ جاهِلًا به، وله الإِمْساكُ مع الأرْشِ] (¬2). هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «فاته». (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِذَا اقْتَسَمَ الوَرَثَةُ الْعَقَارَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى المَيِّت دَيْنٌ، فَإِنْ قُلْنَا: هِىَ إفْرَازُ حَقٍّ. لَمْ تَبْطُلِ القِسْمَةُ. وَإِنْ قُلْنَا: هِىَ بَيْعٌ. انْبَنَى عَلَى بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، هَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. [وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم] (¬1). ويَحْتَمِلُ أنْ تَبْطُلَ القِسْمَةُ؛ لأنَّ التَّعْديلَ فيها شَرْطٌ، ولم يُوجَدْ (¬2)، بخِلافِ البَيْعِ. قوله: وإِذا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقارَ، ثُمَّ ظَهَرَ على الْميِّتِ دَيْنٌ، فإنْ قُلْنَا: هى إفْرازُ حَقٍّ. لم تَبْطُلِ الْقِسْمَةُ، وإنْ قُلْنَا: هى بَيْعٌ. انْبنَى على بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «يؤخر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّيْنِ، هل يَجُوزُ؟ على وجْهَيْن. اعلمْ أنَّه إذا قُلْنا: القِسْمَةُ إفْرازُ حقٍّ. فإنَّها لا تَبْطُلُ، ولا تفْرِيعَ عليه. وإنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. انْبَنَى على صِحَّةِ بَيْعِ التَّرِكَةِ قبلَ قَضاءِ الدَّيْنِ، هل يصِحُّ أمْ لا؟ فأطْلَقَ المُصَنِّفُ هنا وَجْهَيْن، وهما رِوايَتان، وأطْلَقهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ بَيْعُها قبلَ قَضاءِ الدَّيْنِ. وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا المذهبُ، وهو أوْلَى. قال فى «الفُروعِ»: ويصِحُّ البَيْعُ، على الأصحِّ، إنْ قُضِىَ. قال فى «المُحَرَّرِ»: أصحُّ الرِّوايتَيْن الصِّحَّةُ. وصحَّحَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاظِمُ (¬1)، وصاحِبُ «التَّصْحيحِ». قال فى «القاعِدَةِ الثَّالِثَةِ والخَمْسِينَ»: أصحُّهما، يصِحُّ. والوَجْهُ الثَّاني، لا يصِحُّ. فعليه، يصِحُّ العِتْقُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «القَواعِدِ». واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ فى «نَظَرِيَّاتِه»، لا ينْفُذُ إلَّا مع يَسارِ الوَرَثَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ تَصَرُّفهم تبَعٌ لتَصَرُّفِ المَوْرُوَثِ ¬

(¬1) بعده فى ا: «وصاحب المبهج».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى مرَضِه. وهذا مُتَوَجِّهٌ على قوْلِنا: إنَّ حقَّ الغُرَماءِ مُتعَلِّقٌ (¬1) بالتَّرِكَةِ في المَرَضِ. وعلى المذهبِ، النَّماءُ للوارِثِ، كنَماءِ جَانٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، لا كَمَرْهُونٍ. قال فى «التَّرْغيب» وغيرِه: هو المَشْهورُ. وقيلَ: النَّماءُ تَرِكَةٌ. وقال فى «الانْتِصارِ»: مَن أدَّى نَصِيبَه مِنَ الدَّيْنِ، انْفَكَّ نَصِيبُه منها، كجَانٍ. فائدة: لا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الذى على المَيِّتِ نَقْلَ تَرِكَتِه إلى الوَرَثَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم، أبو بَكْر، والقاضى، وأصحابُه. قال ابنُ عَقِيل: هى المذهبُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَنْصوصُ المَشْهورُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ المُفْلِسَ [إذا ماتَ] (¬2) سقَطَ حقُّ البائعِ مِن عَيْنِ مالِه؛ لأنَّ المالَ انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. قال فى «القَواعِدِ ¬

(¬1) فى ط: «تعلق». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الرِّوايتَيْن الانْتِقالُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه رِوايَةٌ ثانيةٌ، يَمْنَعُ الدَّيْنُ نقْلَها بقَدْرِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يَرِثُون شيئًا حتى يؤدُّوه. وذكَرَها جماعَةٌ، وصحَّح النَّاظِمُ المَنْعَ، ونَصَرَه فى «الانْتِصارِ». وتقدَّم فوائدُ الخِلافِ فى بابِ الحَجْرِ بعدَ قوْلِه: ومَن ماتَ وعليه دَيْنٌ مُؤجَّلٌ. وهى فوائدُ جليلَة، فَلْتُراجَعْ. قال فى «الفُروعِ»: والرِّوايَتَان فى وَصِيَّةٍ بمُعَيَّنٍ. ونصَر في «الانْتِصارِ» المَنْعَ، وذكَر عليه، إذا لم يَسْتَغْرِقِ التَّرِكَةَ، أو كانتِ الوَصِيَّةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمَجْهُولٍ مَنْعًا، ثم سلَّم لتَعَلُّقِ الإرْثِ بكُلِّ التَّرِكَةِ، بخِلَافِهما، فلا مُزاحَمَةَ. وذكَرَ مَنْعًا وتَسْلِيمًا، هل للوَارِثِ- والدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ - الإيفاءُ مِن غيرِها؟ وقال فى «الرَّوْضَةِ»: الدَّيْنُ على المَيِّتِ لا يَتَعَلَّقُ بتَرِكَتِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وفائِدَتُه، أنَّ لهم أداءَه وقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بينَهم. قال: وكذا حُكْمُ مالِ المُفْلِسِ. وقال فى «القَواعِدِ»: ظاهرُ كلامِ طائفةٍ مِن الأصحابِ، اعْتِبارُ كوْنِ الدَّيْن مُحِيطًا بالتَّرِكَةِ، حيثُ فرَضُوا المَسْألةَ فى الدَّيْنِ المُسْتَغْرِقِ، ومنهم مَن صرَّح بالمَنْعِ مِن الانْتِقالِ، وإنْ لم يكَنْ مُسْتَغْرِقًا. ذكَره فى مَسائلِ الشُّفْعَةِ. وقال فى «القَواعِدِ» أيضًا: تعَلُّقُ حقِّ الغُرَماءِ بالتَّرِكَةِ، هل يَمْنَعُ انْتِقالَها؟ على رِوايتَيْن. وهل هو كَتَعَلُّقِ الجِنايَةِ أو الرَّهْنِ؟ اخْتَلَفَ كلامُ الأصحابِ فى ذلك، وصرَّح الأكْثَرون، أنَّه كتعَلُّقِ الرَّهْنِ. قال: ويُفَسَّرُ بثَلاَثَةِ أشْياءَ؛ أحدُها، أنَّ تعَلُّقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدَّيْنِ بالتَّرِكَةِ وبكُلِّ جُزْءٍ مِن أجْزائِها، فلا يُنْقَلُ منها شئٌ حتى يُوَفَّى الدَّيْنُ كلُّه. وصرَّح بذلك القاضى فى «خِلافِه» إذا كانَ الوارِثُ واحِدًا. قال: وإنْ كانُوا جماعةً، انْقَسَمَ عليهم بالحِصَصِ، وتتَعَلَّقُ كل حِصَّةٍ مِن الدَّيْنِ بنَظِيرِها مِن التَّرِكَةِ وبكُلِّ جُزْءٍ منها، فلا ينْفُذُ منها شئٌ حتى يُوَفَّى جميعُ تلك الحِصَّةِ، ولا فَرْقَ فى ذلك بينَ أنْ يكونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا للتَّركَةِ، أمْ لا. صرَّحِ به جماعَةٌ، منهم صاحِبُ «التَّرْغيبِ» فى المُفْلِسِ. الثَّاني، أنَّ الدَّيْنَ فى الذِّمَّةِ ويتَعَلَّقُ

وَإنِ اقْتَسَمَا [339 ظ] فَحَصَلَتِ الطرِيقُ فِى نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ، بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتَّرِكَةِ، وهل هو باقٍ فى ذِمَّةِ المَيِّتِ، أو انْتَقَلَ إلى ذِمَمِ الوَرَثَةِ، أو هو مُتعَلِّقٌ بأعْيانِ التَّرِكَةِ لا غيرُ؟ فيه ثَلاَثَةُ أوْجُهٍ؛ الأوَّلُ، قوْلُ الآمِدِىِّ (¬1)، وابنِ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ». والثَّاني، قولُ القاضى فى «خِلافِه»، وأبي الخَطَّابِ فى «انْتِصارِه»، وابنِ عَقِيلٍ فى مَوْضِعٍ آخَرَ، وكذلك القاضى فى «المُجَرَّدِ»، لكِنَّه خصَّه بحالَةِ تأْجِيلِ الدَّيْنِ لمُطالَبَةِ الوَرَثَةِ بالتَّوْثِقَةِ. والثَّالثُ، قولُ ابنِ أبي مُوسَى. التَّفْسِيرُ الثَّالثُ مِن تَفْسيرِ تعَلُّقِ حقِّ الغُرَماءِكتعَلُّقِ الرَّهْنِ، أنَّه يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ، وفيه وَجْهان. وهل تعَلُّقُ حقِّهم بالمالِ مِن حينِ المَرَضِ أمْ لا؟ ترَدَّد الأصحابُ فى ذلك. انتهى. وتقدَّم بعْضُ ذلك فى بابِ الحَجْرِ. قوله: وإذا اقْتَسَما، فحَصَلَتِ الطرِيقُ فى نَصِيبِ أَحَدِهِما، ولا مَنْفَذَ للآخَرِ، بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ. لعدَمِ التَّعْديلِ والنَّفْعِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «الأدمى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وخرَّج المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» وَجْهًا، أنَّها تصِحُّ، ويَشتَرِكانِ فى الطَّريقِ، مِن نَصِّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، على اشْتِراكِهما فى مَسيلِ (¬1) الماءِ. قال فى «القَواعِدِ»: ويتَوَجَّهُ إنْ قُلْنا: القِسْمَةُ إِفْرازٌ. بَطَلَتْ. وإنْ قُلْنا: بَيْعٌ. صَحَّتْ، ولَزِمَ الشَّرِيكَ تَمْكِينُه مِن الاسْتِطْراقِ، بِناءً على قولِ الأصحابِ: إذا باعَه (¬2) بَيْتًا فى وَسَطِ دارِه ولم يذْكُرْ طَرِيقًا، صحَّ البَيْعُ، واسْتَتْبَعَ طرِيقَه.؛ ذكَرَه القاضى فى «خِلافِه»، لو اشْتَرَطَ عليه الاسْتِطراقَ فى القِسْمَةِ، صحَّ. قال المَجْدُ: هذا قِياسُ مذهبِنا فى جَوازِ بَيْعٍ. وفى «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، يَفْسَخُ بعَيْبٍ. وسَدُّ المَنْفَذِ عَيْبٌ. فوائد؛ الأُولَى، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو حصَل طَرِيقُ الماءِ فى نَصِيبِ أحَدِهما. قالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. وقال فى «الفُروعِ»: ونصُّه، هو لهما ما لم يَشْتَرِطا ردَّه. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». والمُصَنَّفُ قاسَ المَسْأَلةَ الأُولَى على هذه، كما تقدَّم فى التَّخْريجِ. ونقَل أبو طالِبٍ فى مَجْرَى الماءِ، لا يُغَيِّرُ مَجْرَى الماءِ ولا يضُرُّ بهذا، إلَّا أنْ يَتَكَلَّفَ له النَّفَقَةَ حتى يُصْلِحَ ¬

(¬1) فى الأصل: «سبيل». (¬2) سقط من: ط.

وَيَجُوزُ لِلْأَب وَالْوَصِىِّ قَسْمُ مَالِ الْمُولَّى عَلَيْهِ مَعَ شَرِيكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَسِيلَه (¬1). الثَّانيةُ، لو كانَ للدَّارِ ظُلَّةٌ، فَوَقَعَتْ فى حقِّ أحَدِهما، فهى له بمُطْلَقِ العَقدِ. قالَه الأصحابُ. الثَّالثةُ، لو ادَّعَى كلُّ واحدٍ أنَّ هذا البَيْتَ مِن سَهْمِى، تَحالَفا [ونُقِضَتِ القِسْمَةُ] (¬2). الرَّابعَةُ، قولُه: ويَجُوزُ للْأبِ والْوَصِىِّ قَسْمُ مالِ الْمُوَلَّى عليه مع شَرِيكِه. بلا نِزاعٍ. ويُجْبَران فى قِسْمَةِ الإجْبارِ، ولهما أنْ يُقاسِما فى قِسْمَةِ التَّراضِى إنْ رأيَا المصْلَحَةَ. وتقدُّم حُكْمُ ما إذا غابَ الوَلِىُّ فى قِسْمَةِ الإجْبارِ، هل يقْسِمُ الحاكِمُ؟ وتقدَّم، إذا غابَ أحدُ الشَّرِيكَيْن. فى فصْلِ قِسْمَةِ الإجْبارِ. واللهُ أعلَمُ. ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «له المسيل». (¬2) فى ط: «ونقصت القيمة».

باب الدعاوى والبينات

بَابُ الدَّعَاوَى وَالبيِّنَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الدَّعاوَى والبَيِّناتِ فائدة: واحِدُ الدَّعاوَى: دَعْوَى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: مَعْناها فى اللُّغَةِ إضافَةُ الإنْسانِ إلى نفْسِه شيئًا؛ مِلْكًا، أو اسْتِحْقاقًا، أو صِفَةً، ونحوَه، وفى الشَّرْعِ، إضافَتُه إلى نفْسِه اسْتِحْقاقَ شئٍ فى يَدِ غيرِه، أو فى ذِمَّتِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الدَّعْوَى الطَّلَبُ؛ لقوْلِه تعالَى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} (2). زادَ ابنُ أبي الفَتْحِ، زاعِمًا مِلْكَه. انتهى. وقيلَ: هى طَلَبُ حقٍّ مِن خَصْمٍ عندَ حاكمٍ، وإخْبارُه (¬1) باسْتِحْقاقِه، وطَلَبُه منه. وقال فى «الرِّعايةِ»: قلتُ: هى إخْبارُ (¬2) خَصْمٍ باسْتِحْقاقِ شئٍ مُعَيَّنٍ أو مَجْهولٍ؛ كوَصِيَّةٍ وإقْرارٍ عليه، أو عندَه له، أو ¬

(¬1) فى الأصل: «إجباره». (¬2) فى الأصل: «إجباره».

المُدَّعِى مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ، وَالمُنْكِرُ مَنْ إذَا سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لمُوَكِّلِه، أو توْكيلِه، أو للهِ حِسْبَةً، يطْلُبُه منه عندَ حاكمٍ. قوله: المُدَّعِى مَن إِذا سكَت تُرِكَ، والمُنْكِرُ مَن إذا سكَت لم يُتْرَكْ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيلَ: المُدَّعِى مَن يدَّعِى خِلافَ الظَّاهرِ، وعكْسُه المُنْكِرُ. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِبِ». وقال الشَّارِحُ: وقيل: المُدَّعِى مَن يلْتَمِسُ بقَوْلِه أخْذَ شئٍ مِن يَدِ غيرِه، وإثْباتَ حَقٍّ فى ذِمَّتِه، والمُدَّعَى عليه مَن يُنْكِرُ ذلك. وقدَّم هو أيضًا والمُصَنِّفُ، أنَّ المُدَّعَى عليه مَن يُضافُ إليه اسْتِحْقاق شئٍ عليه. وقد يكونُ كلُّ واحدٍ منهما مُدَّعيًا ومُدَّعًى عليه؛ بأنْ يخْتَلِفا فى العَقْدِ، فيَدَّعِى كلُّ واحدٍ منهما أنَّ الثَّمَنَ غيرُ الذى ذكَرَه صاحِبُه. انتهى. وقيل: هو مَن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا سكَت تُرِكَ مع إمْكانِ صِدْقِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولا بُدَّ مِن هذا القَيْدِ. وقيل: المُدَّعِى هو الطَّالِبُ، والمُنْكِرُ هو المَطْلوبُ. وقيل: المُدَّعِى مَن يدَّعِى أمْرًا باطِنًا خَفِيًّا، والمُنْكِرُ مَن يدَّعِى أمْرًا ظاهِرًا جَلِيًّا. ذكَرَها فى «الرِّعايةِ»، وذكَر أقْوالًا أُخَرَ، وأكْثَرُها يعُودُ إلى الأَوَّلِ. ومِن فَوائدِ الخِلافِ، لو قال الزَّوْجُ: أسْلَمْنا معًا. فالنِّكاحُ باقٍ. وادَّعَتِ الزَّوْجَةُ أنَّها أسْلَمَتْ قبلَه، فلا نِكاحَ. فالمُدَّعِى هى الزَّوْجَةُ. على المذهبِ. وعلى القولِ الثَّاني، المُدَّعِى هو الزَّوْجُ. تنبيه: قال بعْضُهم: الحَدُّ الأوَّلُ فيه نظَرٌ؛ لأنَّ كُلَّ ساكِتٍ لا يُطالِبُ بشئٍ فإنَّه مَتْروك»، وهذا أعَمُّ مِن أنْ يكونَ مُدَّعِيًا أو مُدَّعًى عليه، فيُتْرَكُ مع قِيامِ الدَّعْوَى، فتَعْرِيفُه بالسُّكوتِ وعَدَمِه ليس بشئٍ، والأَوْلَى أنْ يُقالَ: المُدَّعِى مَن يُطالِبُ غيرَه بحَقٍّ يذْكُرُ اسْتِحْقاقَه عليه، والمُدَّعَى عليه المُطالَبُ؛ بدَليلِ قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «البَيِّنَةُ علَى المُدَّعِى» (¬1). وإنَّما تكونُ البَيِّنَةُ مع المُطالَبَةِ، وأمَّا مع عَدَمِها، فلا. انتهى. ويُمْكِنُ أنْ يُجابَ بأنْ يُقالَ: المُرادُ بتَعْريفِ المُدَّعِى والمُدَّعَى عليه حالُ المُطالَبَةِ؛ لأنَّهم ذكَروا ذلك ليُعْرفَ (¬2) مَن عليه البَيِّنَةُ ممَّنْ عليه اليَمِينُ، وإنَّما يُعْرَفُ ذلك بعدَ المُطالَبَةِ. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: قوْلُهم: المُدَّعِى مَن إذا سكَت تُرِكَ. يَنْبَغِى أنْ يُقَيَّدَ ذلك إنْ لم تَتَضَمنْ دَعْواه شيئًا إنْ لم يُثْبتْه، لَزمَه حدٌّ أو تَعْزيزٌ، كَمَنِ ادَّعَى على إنْسانٍ أنَّه زَنَى بابْنَتِه، أو أنَّه سرَق له شيَئًا، فإنَّه قاذِفٌ فى الأُولَى، ثَالِبٌ (¬3) لعِرْضِه فى الثَّانيةِ؛ فإنْ لم تثْبُتْ دَعْواه، لَزِمَهُ حدُّ القَذْفِ فى الأُولَى، والتَّعْزِيرُ فى الثَّانيةِ. ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى 16/ 252. (¬2) فى الأصل: «لتعريف». (¬3) ثلَب فلانًا: عابه وتنقَّصه.

وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالإنْكَارُ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. وَإذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا، لَمْ تَخْلُ مِنْ ثَلَاَثةِ أقْسَام؛ أحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَهِىَ لَهُ مَعَ يَمِينهِ أَنَّهَا لَهُ، لاَ حَقَّ لِلْاَخَرِ فِيهَا، إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يُجابُ بأنَّه مَتْروكٌ مِن حيثُ الدَّعْوَى، مَطْلوبٌ بما تَضَمَّنَتْه، فهو مَتْروكٌ مُطابقةً، مَطْلوبٌ تَضَمُّنًا. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: ولا تَصِحُّ الدَّعْوَى والإنْكارُ إلَّا مِن جائزِ التَّصَرُّفِ. وهو صحيحٌ، ولكِنْ تصِحُّ على السَّفيهِ فيما يُؤْخَذُ به حالَ سَفَهِه وبعدَ فَكِّ حَجْرِه، ويحْلِفُ إذا أنْكَرَ. وتقدَّم ذلك أيضًا في أوَّلِ بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. وقال في «الرِّعايةِ»: وكل منهما رَشِيدٌ يصِح تَبَرعُه وجَوابُه بإقْرارٍ أو إنْكارٍ، وغيرِهما. الثَّانيةُ، قولُه (¬1): وإذا تَداعَيا عَينًا، لم تَخْلُ مِن أقْسام ثَلاَثةٍ؛ أحدُها، أنْ تكُونَ في يَدِ أحَدِهما، فهي له مع يَمِينِه أَنَّها له، لا حَق للآخَرِ فيها، إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً، أحَدُهُمَا رَاكِبُهَا، أوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالْآخَرُ آخِذٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا نِزاعٍ. لكِنْ لا يثْبُتُ المِلْكُ له بذلك كثُبوتِه بالبَيِّنَةِ، فلا شُفْعَةَ له بمُجَردِ اليَدِ. ولا تضْمَنُ عاقِلَةُ صاحبِ الحائطِ المائلِ بمُجَردِ اليَدِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ لا تثْبُتُ به الحُقوقُ، وإنَّما تُرَجحُ به الدَّعْوَى. ثم في كلامِ القاضى، في مَسْأَلةِ النَّافِى للحُكْمِ، يَمِينُ المُدَّعَي عليه دَليلٌ. وكذا قال فى «الرَّوْضَةِ». وفيها أيضًا، إنَّما لم يَحْتَجْ إلى دَليلٍ؛ لأنَّ اليَدَ دَليلُ المِلْكِ. وقال فى «التَّمْهيدِ»: يَدُه بَيَّنَةٌ. وإنْ كان المُدَّعَى عليه دَيِّنًا، فَدَليلُ العَقْلِ على بَراءةِ ذِمَّتِه بَيِّنَةٌ؛ حتى يجُوزَ له أنْ يَدعُوَ الحاكِمَ إلى الحُكْمِ بثُبوتِ العَيْنِ له دُونَ المُدَّعِى وبَراءَةِ ذِمَّتِه مِن الدَّيْنِ: قال في «الفُروعِ»: كذا قالَ. ثم قال: ويَنْبَغِى، على هذا، أنْ يحْكِىَ في الحُكْمِ صُورَةَ الحالِ، كما قالَه أصحابُنا في قِسْمَةِ عَقارٍ لم يثْبُتْ عندَه المِلْكُ، وعلى كلامِ أبي الخَطابِ، يُصَرِّحُ في القِسْمَةِ بالحُكْم، وأما على كلامِ غيرِه، فلا حُكْمَ، وإنْ سأَلَه المُدَّعَى عليه مَحْضرًا بما جرَى، أَجابَه، ويذْكُرُ فيه أن الحاكِمَ بَقَّى العَيْنَ بيَدِه؛ لأنَّه لم يثْبُتْ ما يرْفَعُها ويزيلُها. قوله: وإنْ تَنازَعا دابَّةً؛ أحَدُهَما راكِبُها، أو له عليها حِمْلٌ، والآخَرُ آخِذٌ بزِمامِها، فهي للأَوَّلِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأَصحابِ. وجزَم به

بِزِمَامِهَا، فَهِىَ لِلْأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ» و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هي للثَّانِي إذا كانَ مُكارِيًا. فائدتان؛ إحْداهما، لو كانَ لأحَدِهما عليها حِمْلٌ، والآخَرُ راكِبَها، فهي للرَّاكِبِ. قالَه المُصَنفُ والشارِحُ. فإنِ اخْتلَفا في الحِمْلِ، فادَّعاه الرَّاكِبُ وصاحِبُ الدَّابَّةِ، فهي للرَّاكِبِ، وإنْ تَنازَعا قَمِيصًا؛ أحدُهما لابِسُه، والآخَرُ آخِذٌ بكُمِّه، فهو للابسِه، بلا نِزاعٍ. كما قالَ المُصَنفُ هنا. فإنْ كان كُمُّه في يَدِ أحَدِهما وباقِيه مع الآخَرِ، أو تَنازَعا عِمامَة، طَرَفُها في يَدِ أحَدِهما، وباقِيها في يَدِ

وَإنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا، أحَدُهُمَا لَابِسُهُ، وَالْآخَرُ آخِذ بِكُمِّهِ، فَهُوَ لِلَابِسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرِ، فهما فيها سَواءٌ. ولو كانتْ دارٌ فيها أرْبَعُ بُيوتٍ، في أحَدِها ساكِنٌ وفي الثلاَثةِ ساكِنٌ، واختَلَفا، فلِكُل واحدٍ منهما ما هو ساكِنٌ فيه. وإنْ تَنازَعا السَّاحَةَ التي يُتَطَرَّقُ منها إلى البُيوتِ، فهي بينَهما نِصْفان. الثانيةُ، لو ادَّعَيَا شاةً مسْلُوخَةً؛ بيَدِ أحَدِهما جِلْدُها ورَأسُها وسَواقِطُها، وبيَدِ الآخَرِ بَقِيَّتُها، وادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما كلَّها، وأقاما بينتَيْن بدَعْواهما؛ فلكُلِّ واحدٍ منهما ما بيَدِ صاحبِه.

وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْخَيَّاطُ الإبرَةَ وَالمِقَصَّ، فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ، وإنْ تَنَازَعَ هُوَ وَالقَرَّابُ القِرْبَةَ، فَهِىَ لِلْقَرَّابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَنازَعَ صاحِبُ الدّارِ والخَيَّاطُ الإبرَةَ والمِقَصَّ، فهما للخَيَّاطِ، وإنْ تَنازَعَ هو والْقَرابُ القِرْبَةَ، فهي للقَرَّابِ. بلا نِزاعٍ فيهما.

وَإنْ تَنَازَعَا عَرْصَةً فِيهَا شَجَرٌ، أَوْ بِنَاءٌ لأَحَدِهِمَا، فَهِىَ لَهُ. وإنْ تَنَازَعَا حَائِطًا مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أحَدِهِمَا وَحْدَهُ، أوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ، أوْ لَهُ عَلَيْهِ أزَجٌ، فَهُوَ لَهُ، وَإنْ كَانَ [340 و] مَحْلُولًا مِنْ بِنَائِهِمَا، أَوْ مَعْقُودًا بِهِمَا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ تَنازَعا عَرْصَةً فيها شَجَرٌ، أو بِناءٌ لأحَدِهما، فهي لهُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «المُحَررِ»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا تكونُ له إلَّا ببَينةٍ. قوله: وإنْ تَنازَعا حائِطًا مَعْقُودًا ببِناءِ أحَدِهما وحْدَه، أو مُتَّصِلًا به اتِّصَالًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يُمْكِنُ إحْدَاثُه، أوله عليه أزَجٌ -وهو ضَرْب مِن البِناءِ، ويُقالُ له: طَاقٌ- فهو له. يعْنِي، بِيَمِينه. وهذا المذهبُ (¬1) بهذا الشَّرْطِ. أعْنِي، إذا كان مُتَّصِلًا اتِّصَالًا لا يُمْكِنُ إحْداثُه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وكذا لو كان له عليه سُتْرَةٌ، لكِنْ لو كانَ مُتَّصِلًا ببِناءِ أحَدِهما اتِّصالًا (¬2) يُمْكِنُ إحْداثُه، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه لا يُرَجَّحُ بذلك. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وهو صحيح. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هو كما لو لم يُمْكِنْ إحْداثُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ في آخِرِ بابِ الصُّلْحِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده في الأصل: «لا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كان له عليه جُذُوعٌ، لم يُرَجَّحْ بذلك. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدمه في «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن» , و «الحاوِى»، وغيرِهم. ذكَرَه في «المُحَرَّرِ» وغيرِه في بابِ أحْكامِ الجوارِ. قال في «عُيونِ المَسائِلِ»: لا يُقَدَّمُ صاحِبُ الجُذوعِ، ويُحْكَم لصاحبِ الأزَجِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ حُدوثُه بعدَ كَمَالِ البِناءِ، ولأَنَّا قُلْنا: له وَضْعُ خَشَبه على حائطِ جارِه ما لم يَضُرَّ؛ فلِهَذَا لم يَكُنْ دَلالَةً على اليَدِ، بخِلافِ الأزَجِ لا يجوزُ عمَلُه على حائطِ جارِه. انتهى. وقيل: يُرَجَّحُ بذلك أيضًا. وتأْتِى المَسْأَلَةُ قريبًا بأعَمَّ مِن هذا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ مَحْلُولًا مِن بِنائِهِما -أيْ غيرَ مُتَّصِل ببِنائِهما- أو مَعْقُودًا بهما، فهو بينَهما. بلا نِزاعٍ. ويتَحالَفَان، فيَحْلِفُ كلُّ واحد منهما للآخَرِ أن نِصْفَه له. على الصّحيحِ مِن المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعَ». وقال المُصَنفُ، والشَّارِحُ، والزركَشِىُّ: وإن حَلَفَ كلُّ واحدٍ منهما على جميعِ الحائطِ أنَّه له، جازَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: قلتُ: والذي يَنْبَغِى، أنْ

وَلَا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَا بِوُجُوهِ الآجُرِّ، وَالتَّزْوِيقِ، وَالتَّجْصِيصِ، وَمَعَاقِدِ الْقِمْطِ في الخُصِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تجِبَ اليمِينُ على حَسَبِ الجوابِ. قوله: ولا تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهما عليه، ولا بوُجُوهِ الآجُرِّ، والتَّزْوِيقِ، والتَّجْصِيصِ، ومَعاقِدِ القِمْطِ في الْخُصِّ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه الأصحابُ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهمِ. قال المُصَنفُ والشارِحُ: قال أصحابُنا: لا تُرَجَّحُ دَعْوَى أحَدِهما بوَضْعِ خشَبِه على الحائطِ. وقَطَعا بذلك في وُجُوهِ الآجُرِّ، والتَّزْويقِ، والتَّجْصِيصِ، ومَعاقِدِ القِمْطِ في الخُصِّ (¬1)، ¬

(¬1) في الأصل، ا: «الجص».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونحوِها. ويَحْتَمِلُ أنْ تُرَجحَ الدَّعْوَى بوَضْعِ خَشَبِ أحَدِهما عليه. وإليه مَيْلُ المُصَنِّفِ والشَّارِحِ. وتقدَّم كلامُه في «عُيونِ المَسائلِ» في الجُذوعِ.

وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ في سُلَّمٍ مَنْصُوبٍ، أوْ دَرَجَةٍ، فَهِىَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ، إلَّا أنْ يَكُونَ تَحْتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ تَنَازَعَا في السَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَنازَعَ صاحِبُ العُلْوِ والسُّفْلِ في سُلَّم مَنْصُوبٍ، أو دَرَجَةٍ، فهي لصاحِبِ العُلْوِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ تحتَ الدَّرَجَةِ مَسْكَنٌ لصاحِبِ السُّفْلِ، فيَكُونُ بينَهما. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو كان في الدَّرَجَةِ طاقَةٌ ونحوُها ممَّا يُرْتَفَقُ به، لم يَكُنْ ذلك له. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقدَّمه في «المُغْنِي» , و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وقيل: متى كانَ له في الدَّرَجَةِ طاقَةٌ أو نحوُها، كانت بينَهما. وهو احْتِمالٌ في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وأطْلَقَ وَجْهَيْنِ في «المُحَرَّرِ» في بابِ أحْكامِ الجِوارِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَنازَعا في السَّقْفِ الَّذِى بينَهما، فهو بينَهما. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِي»، و «الشَرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» , وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هو لرَبِّ العُلْوِ. فائدة: لو تَنازَعا الصَّحْنَ والدَّرَجَةُ في الصَّدْرِ، فبينَهما. وإنْ كانتْ في الوَسَطِ، فما إليها بينَهما، وما وَراءَه لرَبِّ السُّفْلِ. على الصَحَّيحِ مِن المذهبِ.

وَإِنْ تَنَازَعَ الْمُؤجِرُ وَالمُسْتَأجِرُ في رَفٍّ مَقْلُوعٍ أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ، فَهُوَ لِصَاحِبِهَا، وَإِلاَّ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: بينَهما. والوَجْهان؛ إنْ تَنازَعَ رَبُّ بابٍ بصَدْرِ الدَّرْبِ، ورَبُّ بابٍ بوَسَطِه في صَدْرِ البابِ. قالَه في «التَّرْغيبِ» وغيرِه في الصُّلْحِ. قوله: وإنْ تَنازَعَ المُوجِرُ والمُسْتَأجِرُ في رَفٍّ مَقْلُوعٍ أو مِصْراعٍ له شكْلٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُوبٌ في الدَّارِ، فهو لصاحِبِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: فهو للمُؤْجِرِ، في الأصحِّ، والاَّ فهو بينَهما. يعْنى، وإنْ لم يَكُنْ له شَكْلٌ منْصوبٌ، فهو بينَهما. وهذا المذهبُ. جزَم به في «المُحَرَّرِ» و «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدَّمه في «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الفُروعِ». والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ،

وَإِنْ تَنَازَعَا دَارًا فِي أَيْدِيهِمَا، فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا، وَادَّعَى الآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللهُ، أنَّه لرَبِّ الدَّارِ مُطْلَقًا. وهو المُؤْجِرُ. كما يدْخُلُ في البَيْعِ عندَ الإطْلاقِ. ولعَلَّه المذهبُ. وقيل: هو بينَهما مُطْلَقًا. وهو ضَعيفٌ جِدًّا. وقدَّم في «الرِّعايةِ الكُبْرى»، أنَّه بينَهما نِصْفان ويَحْلِفان. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ: وقيل: ما يدْخُلُ في مُطْلَقِ البَيْعِ لِلْمُؤْجِرِ، وما لا يدْخُلُ فيه ولا جَرتْ به العادَةُ فلِلْمُسْتَأْجِرِ، وفيما جَرَتْ به العادَةُ ولا يدْخُلُ في البَيْعِ أوْجُهٌ؛ الثَّالثُ، أنَّه مع شَكْلٍ له مَنْصُوبٍ في المَكانِ للمُؤْجِرِ، وإلَّا فلِلْمُسْتَأْجِرِ. انتهى. قوله: وإنْ تَنازَعا دَارًا في أَيْدِيهِما، فادَّعاها أَحَدُهُما، وادَّعَى الآخَرُ نِصْفَها،

نِصْفَهَا، جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْيَمِينُ عَلَى مُدَّعِى النِّصْفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ جُعِلَتْ بَيْنَهُما نِصْفَيْنِ، والْيَمِينُ على مُدَّعِى النِّصْفِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «المُغْنِي»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وذكَر أبو بَكْرٍ، وابنُ أبي مُوسى، وأبو الفَرَجِ، أنَّهما يتَحالَفان. وكذا الحُكْمُ لو ادَّعَى أقَلَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن نِصْفِها، وادَّعَى الآخَرُ كلَّها أو أكثرَ ممَّا بَقِىَ. وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهما إنَّما فرَضُوا المسْألةَ في ذلك.

وَإِنْ تَنَازَعِ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثتهُمَا في قُمَاشِ البَيْتِ، فَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فهُوَ لِلرَّجُلِ، وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَراةِ، وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ تَنازَعَ الزَّوْجان أو وَرَثَتُهما في قُماشِ البَيْتِ، فما كانَ يَصْلُحُ للرِّجالِ فهُو للرَّجُلِ، وما يَصْلُحُ للنساءِ فهو للْمَرْأةِ، وما كان يَصْلُحُ لهما فهو بينَهما. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به في «الشَّرْحِ»، و «الْخِرَقِىِّ»، و «الوَجيزِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، مع أنَّ كلامَهم مُحْتَمِلْ للخِلافِ. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقيل: الحُكْمُ كذلك إنْ لم تَكُنْ عادَةٌ. فإنْ كانَ ثَمَّ عادَةٌ، عُمِلَ بها. نقَل الأَثْرَمُ، المُصْحَفُ لهما، فإنْ كانت (¬1) لا تَقْرَأ أو لا تُعْرَفُ بذلك، فهو له. وجزَم به الزَّرْكَشِيُّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال القاضى: إن كان بيَدِهما ¬

(¬1) بعده في ا: «المرأة».

وَإِنِ اخْتَلَفَ صَانِعَانِ في قُمَاشِ دُكَّانٍ لَهُمَا، حُكِمَ بِآلةِ كُلِّ صِنَاعَةٍ لِصَاحِبِهَا، في ظَاهِرِ كَلَامِ [340 ظ] أحْمَدَ وَالْخِرَقِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُشاهَدَةِ، فبينَهما، وإن كانَ بيَدِ أحَدِهما المُشاهَدَةِ، فهو له. كما يأْتِى عنه في المَسْألَةِ التي بعدَها. قوله: وإنِ اخْتَلَفَ صانِعان في قُماشِ دُكًانٍ لهما، حُكِمَ بآلةِ كل صِناعَةٍ لصاحِبِها، في ظاهِرِ كَلامِ الإمامِ أحْمَدَ -رَحِمَه اللهُ- والْخِرَقِىِّ. وهو

وَقَالَ القَاضِى: إنْ كَانَتْ أيْدِيهِمَا عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الحُكْمِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طَرِيقِ المُشَاهَدَةِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: إنْ كانتْ أيدِيهما عليه مِن طَريقِ الحُكْمِ، فكذلك، وإنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كانتْ مِن طَريقِ المُشاهَدَةِ، فهو بينَهما على كلِّ حالٍ. وتقدَّم كلامُه في المَسْألةِ التي قبلَها. قلتُ: يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ حِكايَةُ المُصَنِّفِ عن القاضِى راجِعَةً (¬1) إلى المَسْألتَيْنْ. وهو أوْلَى. لكِن الشارِحَ لم يذْكُرْه إلَّا في هذه المَسْأَلَةِ. وتَنَبَّهَ ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» لذلك، فقال: الخِلافُ عائدٌ إلى المَسْألتَيْن. وصرَّح به المُصَنَّفُ فى «المُغْنِي». وكذا فى «الفُروعِ». قلتُ: وكلامُه في «الهِدايةِ»، ¬

(¬1) في الأصل، ط: «راجع».

وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا: هُوَ لَهُ. فَهُوَ مَعَ يَمِينِهِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى» مُحْتَمِلٌ أيضًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وكلامُ القاضى فى «التَّعْليقِ» يقْتَضِى أنَّ المُدَّعَى به متى كان بيَدَيْهما، مثْلَ أنْ يكُونَا بدُكانٍ، فكالزَّوْجَيْنِ.

وَإنْ كَانَ لِأحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان لأحَدِهما بَيِّنَة، حُكِمَ له بها. إن كانتِ البَيِّنَةُ للمُدَّعِى وحدَه، و (¬1) كانتِ العَيْنُ في يَدِ المُدَّعَى عليه، فإنَّه يُحْكَمُ له بها مِن غيرِ يَمِينٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. قال المُصَنِّفُ: بغيرِ خِلافٍ في المذهبِ. ثم قال: قال الأصحابُ: لا فَرْقَ بينَ الحاضِرِ والغائبِ، والحَىِّ ¬

(¬1) بعده في الأصل: «إن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والمَيِّتِ، والعاقِلِ والمَجْنونِ، والصَّغِيرِ والكَبِرِ. وقال الشَّافِعِيُّ، رَحِمَه اللهُ: إذا كانَ المَشْهودُ عليه لا يُعَبِّرُ عن نفْسِه، أحْلِفَ المَشْهودُ له؛ لأنَّه يُعَبِّرُ عن نفْسِه في دَعْوَى القَضاءِ والإِبْراءِ، فَيَقُومُ الحاكِمُ مَقامَه. قال المُصَنِّفُ: وهذا حسَنٌ. ومالَ إليه. قلتُ: قد تقدَّمَتِ المَسْألَةُ بأعَمَّ مِن هذا في قوْلِ المُصَنفِ في بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه: وإنِ ادَّعَى على غائبٍ، أو مُسْتَتِرٍ في البَلَدِ، أو مَيِّتٍ، أوِ صَبِىٍّ، أو مَجْنُونٍ، وله بَيِّنَة، سَمِعَها الحاكِمُ وحكَم بها، وهل يحْلِفُ المُدَّعِى أنَّه لم يَبْرَأْ إليه منه ولا مِن شئٍ منه؟ على رِوايتَيْن. وذكَرْنا الصَّحيحَ من المذهبِ منهما هناك،

وَإنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَنةٌ، حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِى، في ظَاهِرِ المَذْهَبِ. وَعَنْهُ، إِنْ شَهِدَتْ بَيَنةُ المُدَّعَى عَلَيْهِ أنَهَا لَه، نُتِجَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم رأيْتُ الزرْكَشِى حكَى كلامَه في «المُغْنِي»، وقال: هذا عَجِيبٌ منه؛ فإنَّه ذكَر في «مُخْتَصَرِه» و «مُخْتَصَرِ» غيرِه، أن الدَّعْوى إذا كانتْ على غائبٍ أو غيرِ مُكَلَّفٍ، فهل يحْلِفُ مع البَينةِ؟ على رِوايتَيْن. انتهى. وإن كانتِ البَيِّنَةُ للمُدَّعَى عليه وحدَه، فلا يَمِينَ عليه. على المذهبِ. وفيه احْتِمالٌ، ذكَرَه المُصَنِّفُ. قوله: وإنْ كان لكلِّ واحِدٍ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها للْمُدعى، في ظَاهِرِ الْمذهَبِ. يعْنِي تُقدَّمُ بَيِّنَةُ الخارِجِ؛ وهو المُدَّعِى. وهو المذهبُ كما قال. وعليه جماهيرُ

في مِلْكِهِ، أوْ قَطِيعَة مِنَ الإمَامِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وإلَّا فَهِىَ لِلْمُدَّعِى بِبَينتِهِ. وقَالَ الْقَاضِى فِيهِمَا: إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ بَيِّنةِ الدَّاخِلِ تَرْجِيحٌ، لَمْ يُحْكَمْ بِهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ أبُو الخَطَّابِ: فِيهِ رِوَايَةٌ أخْرَى، أنَهَا مُقَدَّمَة بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ، وسَواءٌ كانَ بعدَ زَوال يَدِه أو لا. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: البَيِّنَةُ للمُدَّعِى، ليس لصاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَة. قال فى «الانْتِصارِ»: كما لا تُسْمَع بَيِّنَةُ منكِرٍ أوَّلا. قال الشارحُ: هذا المَشْهورُ. قال الزرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّواياتِ، والمُختارُ للأَصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه. وقال هو وغيرُه: هذا المذهبُ. وهو مِن المُفْرَداتِ. وعنه، إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ المُدَّعَى عليه أنَّها له، نُتِجَتْ في مِلْكِه، أو قَطِيعَةٌ مِنَ الإمامِ، قُدِّمَتْ بَيِّنتُه، وإلَّا فهي للمُدَّعِى ببَينتِه. قال القاضى فيهما: إذا لم يَكُنْ مع بَيِّنةِ الدَّاخِلِ ترْجِيحٌ، لم يُحْكَمْ بها، رِوايَةً واحِدَةً. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوايَةٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أخرَى، أنَّها مُقَدَّمَة بكُلِّ حالٍ. يعْنِي، تُقَدَّمُ بَيِّنةُ الدَّاخِلِ بكُل حالٍ. واخْتارَها أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وعنه، يُحْكَمُ بها للمُدَّعِى إنِ اخْتَصَّتْ بَيِّنتُه بسَبَبٍ أو سَبْقٍ. فعلى هذه الرِّوايةِ والرِّوايةِ الثَّانيةِ، يَكفِى سَبَبٌ مُطْلَقٌ، على الصَّحيحِ. قدَّمه في «الفُروعِ». وعنه، تُعْتَبَرُ إفادَتُه للسَّبْقِ. وأطلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». ويأْتِى نقْلُه في «الوَسِيلَةِ». فائدة: لو أقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيِّنةً أنَها نُتِجَتْ في مِلْكِه، تَعارَضَتَا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقدَّم في «الإرْشادِ»، أنَّ بَيِّنَةَ

فَإِنْ أقامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْخَارِجِ، وَأَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقَالَ القَاضِى: تُقَدُّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَينّةَ الْخَارِجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المُدَّعِى تُقَدَّمُ. قوله: فإنْ أقامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةَ أنَّهُ اشْتَراها مِن الخَارِجِ، وأقامَ الخارِجُ بَيِّنَةَ أنَّه اشْتَراها مِن الدَّاخِلِ، فقال القاضِى: تُقَدَّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ. كذا قال المُصَنِّفُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقدَّمه في «الرَّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وجزَم به في «الوَجيزِ»، و «تَسْهِيلِ الحَلْوانِيِّ». قالَه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقيل: تُقدَّمُ بَيِّنةُ الخارِجِ. وقيل: يتَعارَضَان. وأطْلَقَهُنَّ في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، لو كانتْ في يَدِ أحَدِهما، وأقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيِّنَةً أنَّه اشْتَرَاها مِن زَيْدٍ، أو (¬1) نَهَبَها منه، فعنه، أنَّه كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ على ما سَبَق. وهي المذهبُ عندَ القاضِى. وعنه، يتَعارَضان؛ لأنَّ سبَبَ اليَدِ نفْسُ المُتَنازَعِ فيه فلا تَبْقَى مُؤثِّرَةً، لأنَّهما اتَّفَقَا على أنَّ مِلْكَ هذه الدَّارِ لزَيْدٍ. وهذه الرِّوايةُ اخْتِيارُ أبي بَكْرٍ، وابنِ أبي مُوسى، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو المذهبُ. ويأتِى معْنَى ذلك في أثْناءِ القِسْمِ الثَّالثِ. واخْتارَ أبو بَكْر هنا وابنُ أبي مُوسى، أنَّه يُرَجَّحُ بالقُرْعَةِ. ونصَّ عليه في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. واطْلَقَهما في «الفُروعِ». ¬

(¬1) في الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ قبلَ بَيِّنَةِ الخارِجِ وتعْدِيلِها. على الصّحيحِ مِن المذهبِ. وفيه احْتِمالٌ، وتُسْمَعُ بعدَ التَّعْديلِ قبلَ الحُكْمِ، وبعدَه قبلَ التَّسْليمِ، وأيُّهما (¬1) تُقَدِّمُ؟ فيه الرِّواياتُ. وإن كانتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما غائبةً حينَ رَفَعْنا يدَه، ¬

(¬1) في ط، 1: «أيها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فجاءَتْ وقد ادَّعَى المُدَّعِى مِلْكًا مُطْلَقًا، فهي بَيِّنَةُ خارِجٍ. وإنِ ادَّعاه مُسْتَنِدًا إلى ما قبلَ يَدِه، فهي بَيِّنَةُ داخِلٍ، كما لو أحْضَرَها بعدَ الحُكْمِ وقبلَ التسْليمِ.

فَصْل: الْقِسْمُ الثَّانِي، أنْ تَكُونَ العَيْنُ في يَدَيْهِمَا، فَيَتَحَالَفَانِ، وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: القِسْمُ الثَّانِي، أنْ تَكُونَ العَيْنُ في أيْدِيهما، فيتَحالَفان، وتُقْسَمُ بَيْنَهُما. لأنَّ يَدَ كلِّ واحدٍ منهما على نِصْفِها، والقَوْلُ قولُ صاحِبِ اليَدِ مع يَمِينِه، فيَمِينُ كلِّ واحدٍ منهما على النِّصْفِ الذي بيَدِه. وهذا هو المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

وإنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بَيْنَ نَهْرِ أحَدِهِمَا وَأرْضِ الْآخَرِ، [341 و] تَحَالَفَا، وَهِيَ بَيْنَهُمَا. وإنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا في يَدَيْهِمَا، فَكَذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقطَع به أكثرُهم. وقال في «التَّرْغيبِ»: وعنه، يُقْرَعُ، فمَن قَرَع، أخَذَه بيَمِينِه. فائدة: لو نَكَلا عن اليَمِينِ، فالحُكْمُ كذلك. قوله: وإنْ تَنازَعا مُسَنَّاةً بَيْنَ نَهْرِ أحَدِهما وأرْضِ الآخَرِ، تَحالَفا، وهي بَيْنَهُما. هذا المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النظْمِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرَّعايةِ الصُّغْرَى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ» , وغيرِهم. وقيل: هي لرَبِّ النهْرِ. وقيل: هي لرَبُّ الأرْضِ. قوله: وإنْ تَنازَعا صَبِيًّا في أيْدِيهِما، فكذلك. [يعْنِي، صَبيًّا] (¬1) دُونَ التَّمْييزِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا، فَقَالَ: إنِّي حُرُّ. فَهُوَ حُرُّ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَة بِرِقِّهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيتَحالَفَانِ، وهو بينَهما رَقِيقٌ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». قوله: وإنْ كانَ مُمَيِّزًا، فَقالَ: إنِّي حُرٌّ. فهو حُرٌّ، إلَّا أنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ برِقِّه. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجِيزِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، ونَصَرَاه. وقدَّمه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ كالطِّفْلِ. وهو لأبِى الخَطَّابِ في «الهِدايةِ».

فَإنْ كَانَ لِأحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ، قُدِّمَ أسْبَقُهُمَا تَارِيخًا، فَإنْ وُقِّتَتْ إحْدَاهُمَا، وَأطْلِقَتِ الأخْرَى، فَهُمَا سَوَاءٌ. ويَحْتَمِلُ تَقْدِيمُ المُطْلَقَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كانَ لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بها -بلا نِزاعٍ- وإنْ كان لكلِّ واحدٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيِّنَة، قُدِّمَ أسْبَقُهمَا تارِيخًا. مثْلَ أنْ [تَشْهَدَ إحْداهما] (¬1) أنَّها له منذُ سنَةٍ، وتَشْهَدَ الأخْرَى أنَّها للآخَرِ منذُ سَنَتَيْنِ، فتُقَدم أسْبَقُهما تارِيخًا. وهذه رِوايَة عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. نَصَرَها القاضى وأصحابُه. وقال: هذا قِياسُ المذهبِ. وقطَع به في «الوَسِيلَةِ» وإذا كانتِ العَيْنُ بيَدِ ثالثٍ. جزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الشرْحِ». وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِى التَسْوِيَةُ بينَهما. وهو المذهبُ. وإليه مَيْلُ المُصَنفِ والشَّارِح. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعَايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروع». قلتُ: وجزَم به في «الوَجيزِ» أيضًا، فقال أولًا: وإنْ كان لكِّل واحدٍ بَيِّنَةٌ، قُدِّم أسْبَقُهما تارِيخًا. وقال ثانيًا: فإنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةَ أحدِهما بالمِلْكِ له منذُ سنَةٍ، وبَينةُ الآخَرِ بالمِلْكِ له منذُ شَهْر، فهما سَواءٌ. ولا يظْهَرُ الفَرْقُ بينَ المَسْألتَيْن، والذي يظْهَرُ، أنَه تابَعَ المُصَنَّفَ في المَسْأَلَةِ الأولَى ¬

(¬1) في الأصل: «يشهد أحدهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتابعَ «المُحَرَّرَ» في الثَّانيةِ، فحصَل الخَلَلُ والتَّناقُضُ بسبَبِ ذلك؛ لأنَّ المُصَنِّفَ لم يذْكُرِ الثانيةَ لأنَّها عَيْنُ الأولَى، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» لم يذْكُرِ الأولَى؛ لأنها عَيْنُ الثَّانيةِ، وصاحبُ «الوَجِيزِ» جَمَع بينَهما. وحصَل له نظِيرُ ذلك في كتابِ الصيْدِ، وبابِ الذَّكاةِ، فيما إذا رَماه فوَقَعَ في ماءٍ، أو ذَبَحَه ثم غَرِقَ في ماءٍ، كما تقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك هناك. فائدة: مثْلُ ذلك في الحُكْمِ، لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ باليَدِ مِن سنَةٍ، وبَينةً باليَدِ مِن سَنَتَيْن. قالَه في «الانْتِصارِ». قوله: فإنْ وُقِّتَتْ إحْداهُما وأطْلِقَتِ الأخْرَى، فهما سَواءً. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وجزَم به في «الوَجِيزِ». ونَصَره المُصَنِّفُ والشَّارِحُ. وهذا بِناءً مِن المُصَنِّفِ على ما قالَه قبلَ ذلك مِن تقْديمِ أسْبَقِهما تارِيخًا. والصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّهما سَواءٌ، على ما تقدَّم في التي قبلَها، بل هنا أوْلَى. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»،

وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ، وَالأخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتاَجِ أَوْ سَبَبٍ مِنْ أسْبَابِ الْمِلْكِ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْن. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعَايةِ»، و «النَّظْمِ». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». واخْتارَه القاضى وغيرُه. ويَحْتَمِلُ تقْديمَ المُطْلَقَةِ. قالَه أبو الخَطَابِ. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ». وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِين»، تُقَدَّمُ المُؤقَّتَةُ. قوله: وإنْ شَهِدَتْ إحْداهُما بالمِلْكِ، والأخْرَى بالمِلْك وَالنِّتاجِ، أو سَبَبٍ مِن أسْبابِ المِلكِ، فهل تُقَدَّمُ بِذلك؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما في «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، لا تُقدَّمُ بذلك، بل هما سَواءٌ. وهو المذهبُ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ». وجزَم به الخِرَقِى، وصاحِبُ «الوَجيزِ». وقامه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الخُلاصةِ».

وَلَا تُقَدَّمُ إِحْدَاهُما بكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَلَا اشْتِهَارِ العَدَالَةِ، وَلَا الرَّجُلَانِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، في أحَدِ الْوَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَجْهُ الثَّانى، تُقَدَّمُ بذلك. وهو قولُ القاضى وجماعَةٍ مِن أصحابِه، فيما إذا كانتِ العَيْنُ في يَدِ غيرِهما. وعنه، تقَدَّمُ بسَبَبٍ مُفيدٍ للسَّبْقِ؛ كالنتاجِ والإقْطاعِ. قال في «المُحَررِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: فعليها والتي قبلَها المُؤقتَةُ والمُطْلَقَةُ سَواءٌ. وقيل: تُقَامُ المُطْلَقَةُ. فجَعَل الخِلافَ المُتَقدِّمَ في المَسْألةِ التي قبلَ هذه مَبْنِيًّا على هاتَيْن الروايتَيْن. وفى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْداديِّ»، تُقَدمُ ذاتُ السبَبَيْن على ذاتِ السبَبِ، وشُهودُ العَيْنِ على الإقْرارِ. قوله: ولا تُقَدَّم إحْداهُما بكَثْرَةِ العَدَدِ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»: هذا الأشْهَرُ. ويتَخَرَّجُ تقْديمُ أكْثَرِهما عَدَدًا. قوله: ولا اشْتِهارِ الْعَدالَةِ. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُنَوِّرِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وعنه، تُقَّدم مَن اشْتَهَرَتْ عَدالَتُه. جزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه ابنُ أبي مُوسى، وأبو الخَطَّابِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، وقال: ويتَخَرجُ منه الترْجِيحُ بالعَدْلِ. وحكاهُما في «المُحَررِ» وَجْهَيْن وأطْلَقَهما. قوله: ولا الرَّجُلان على الرَّجُلِ من المَرْأتَينِ. هذا المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقامه في «المُحَرَّرِ»، و «المُغْنِي»، و «الشرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقيل: يُقَدَّمُ الرجُلان على الرَّجُلِ والمَرْأتَيْن. قال الشارِحُ بعدَ ذِكْرِ هذه المَسائلِ الثَّلاَثةِ، وقدَّم أنَّه لا تَرْجِيحَ بذلك: ويتَخَرَّجُ أنْ يُرَجَّحَ بذلك، مَأخوذًا مِن قولِ الْخِرَقِى: ويُقَدِّمُ الأعْمَى أوْثَقَهما في نفْسِه. وقالَه أبو الخَطابِ في «الهِدايةِ»؛ لأنَّ أحَدَ الخَبَرْين يُرَجَّحُ بذلك، فكذلك الشَّهادَةُ، ولأنَّها خبَرٌ، ولأنَّ الشَّهادةَ إنَّما اعْتُبِرَتْ لغَلَبَةِ الظَّنِّ بالمَشْهودِ، وإذا كثرُ العَدَدُ أو قَوِيَتِ العَدَالَةُ، كان الظنُّ أقْوَى. قالَه الشَّارِحُ. قوله: ويُقَدَّمُ الشَّاهِدان على الشَّاهِدِ واليَمِينِ، في أحَدِ الوَجْهَين. وأطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ». وهما احْتِمالَانِ مُطْلَقَان في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». أحدُهما، لا يُقَدَّمُ الشَّاهِدان على الشَّاهدِ

وَإذاَ تًسَاوَتَا، تَعَارَضَتَا، وَقُسِمَتِ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَعَنْهُ، أنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. وَعَنْهُ، أنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ، حَلَفَ وَأخَذَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ واليَمينِ. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. جزَم به في «المُنَورِ». وصحَّحه في «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثاني، يُقَدَّمان على الشاهدِ واليَمينِ. اخْتارَه المُصَنفُ، والشارِحُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ»، و «الخُلاصَةِ». وجزَم به في «الوَجيزِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو المذهبُ. قوله: وإذا تَساوَتا، تَعارَضَتا. بلا نِزاعٍ. وقوله: وقُسِمَتِ العَيْنُ بينَهما بغيرِ يَمِينٍ. يعْنِي، إذا كانتِ العَيْنُ في أيْدِيهما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا إحْدَى الرِّواياتِ؛ فتُستَعْمَلُ البَيِّنَتان بقِسْمَةِ العَيْن بينَهما بغيرِ يَمِينٍ. وجزَم به في «الوَجيزِ». وصحّحه في «المُغْنِي»، و «الشَرْحِ». وعنه، أنَّهما يتَحالَفَان، كَمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما. فيَسْقُطان بالتَّعارُضِ. وهذه الرِّوايةُ هي المذهبُ. وجزَم به في «العُمْدَةِ». وعليها جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ، وهو الذي ذكَرَه الْخِرَقِىُّ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِى: اخْتارَه كثيرٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِن الأصحابِ. وقال: ولعَل مَنْشَأ الخِلافِ إذا تَعارضَ الدَّلِيلان، هل يَتَوَقفُ المُجْتَهِدُ أو يَتَخَيَّرُ في العَمَلِ بأحَدِهما؟ فيه خِلافٌ. انتهى. ويحْلِفُ كلُّ واحدٍ منهما على النِّصْفِ المَحْكُومِ له به. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. وقال الزَّرْكَشِيُّ في الصُّلْحِ، عندَ قَوْلِ الْخِرَقِى: وكذلك إنْ كان مَحْلولاً مِن بِناءَيْهما: وصِفَةُ اليَمِينِ، قال أبو محمدٍ: أنْ يحْلِفَ كلُّ واحدٍ منهما على نِصفِ الحائطِ أنَّه له، ولو حلَف كلُّ واحدٍ منهما على جميعِ الحائطِ أنَّه له دُونَ صاحبِه، جازَ، وكان بينَهما. قال الزرْكَشِى: [قلتُ: الذي] (¬1) يَنْبَغِي أنْ تجِبَ اليَمِينُ على حسَبِ الجَوابِ. [انتهى. وتقدَّم هذا أيضًا] (1). وعنه، أنَّه يُقْرَعُ بينَهما، فَمَنْ قرَع صاحِبَه، حلَف وأخذَها. فتُسْتَعْمَلُ البَيِّنَتَان بالقُرْعَةِ. ونصَر فى «عُيونِ المسائلِ»، أنهما يَسْتَهِمان على مَن [يَحْلِفُ و] (¬2) تكونُ العَيْنُ له. ونقَلَه صالِحٌ عن الإِمام أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. قال الزَّرْكَشِى، ورَدَّ رِواية بالقرْعَةِ: فيَحْتَمِل أنها بينَ البَيِّنَتَيْن. وهو ظاهرُ ما في «الروايتَيْن» للقاضِي، ويَحْتَمِلُ أنها بينَ المُتَداعِيَيْن. وهو الذي حَكاه الشرِيفُ، فقال: وعنه، يُقْرَعُ بينَهما (¬3). إلَّا أن شيْخَنا كان يقولُ: يُقْرَعُ بينَ المُتَداعِيَيْن لا البَيِّنَتَيْن. انتهى. وحكَى ابنُ شِهَاب في «عُيونِ المَسائل» رِوايةً، إنّه يُوقَفُ الأمْرُ حتى ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ا. (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَتَبَيَّنَ أو يصْطَلِحا عليه. وذكَر في «الوَسِيلَةِ» الروايةَ الأولَى والثَّانيةَ، فيما إذا كانتِ العَيْنُ بيَدِ أحَدِهما. وقال في «الفُروعِ»: وعلى الروايةِ الأولَى والثَّالثةِ، هل يحْلِفُ كل واحدٍ منهما للآخَرِ؟ فيه رِوايَتان. قال شيْخُنا في «حَواشِيه» على «الفُروع»: أمَّا على رِوايَةِ القُرْعَةِ، فلا يظْهَرُ حَلِفُ كل واحدٍ منهما للآخَرِ، بل الذي يحْلِفُ، هو الذي تخْرُجُ له القُرْعَةُ، وهكذا ذكَرَها في «المُقْنِعِ»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرعايةِ»، فلَعلَّ كلامَ المُصَنفِ وَهْمٌ. انتهى. تنبيه: قولُه في الرِّوايةِ الأولَى: قُسِمَتِ العَيْنُ بينَهما بغيرِ يَمِينٍ. وهو الصَّحيحُ على هذه الرِّوايةِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهيَّةِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وصححه المُصَنفُ في «المُغْنِي»، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الرِّعايةِ» في مَوْضِعٍ. وعنه، يحْلِفُ كل واحدٍ منهما للآخَرِ. اخْتارَه الْخِرَقِى وغيرُه. وأطْلَقَهما في «الفُروعِ»، كما تقدَّم. وقولُه في الرِّوايةِ الثَّانيةِ: كَمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما. تقَدَّم حُكْمُ ذلك في أوَّلِ هذا القِسْمِ، فَلْيُعاوَدْ (¬1). ¬

(¬1) تقدم في صفحة 164.

فَإنِ ادَّعَى أحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، لَمْ تُسْمَعِ البَينةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ: وَهِيَ مِلْكُهُ. وَتَشْهَدَ [341 ظ] البَيِّنَةُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنِ ادَّعَى أحَدُهما أنَّه اشْتَراها مِن زَيْدٍ، لم تُسْمَعِ البَيِّنَةُ على ذلك حتى يَقُولَ: وهي في مِلْكِه. وتَشْهَدَ البَيِّنَةُ به. فإذا قالَه وشَهِدَتِ البَيِّنَةُ به، حُكِمَ له بها، وكذا، إنْ شَهِدَتْ أنَّه باعَه إيَّاها وسلَّمَها إليه، حُكِمَ له بها، فإنْ لم يذْكُرْ إلاَّ التَّسْلِيمَ، لم يُحْكَمْ. وقال في «الكافِى»: إذا كانتْ في يَدِ زَيْدٍ دارٌ، فادَّعَى آخَرُ أنَّه ابْتاعَها مِن غيرِه وهي مِلْكُه، وأقامَ بذلك بَيِّنةً، حُكِمَ له بها، وإنْ شَهِدَتْ أنَّه باعَه إيَّاها وسَلَّمَها إليه، حُكِمَ له بها, لأنَّه لم يُسَلِّمْها إليه إلَّا وهي في يَدِه، وإنْ لم يذْكُرِ المِلْكَ ولا التَّسْلِيمَ، لم يُحْكَمْ له بها؛ لأنَّه يُمْكِنُ أنْ يَبِيعَه ما لا يَمْلِكُه، فلا يُزالُ به صاحِبُ اليَدِ. فظاهِرُ كلامِه، أنَّ الشهادةَ بالتَّسْليمِ كافِيَة في الحُكْمِ له بها. وقال في «الفُروعِ»: وإنْ أقامَ كلُّ واحدٍ بَيِّنةً بشِرائِها مِن زَيْدٍ بكذا، وقيل أو لم يُقَلْ: وهي مِلْكُه، بل تحتَ يدِه وَقْتَ البَيْعِ. فظاهِرُ ما قدَّمه اشْتِراطُ الشَّهادَةِ بالمِلْكِ، كما هو ظاهِرُ «المُقْنِعِ». والقولُ الثَّانى مُوافِق لظاهِرِ «الكافِى». واعلمْ أنَّ فَرْضَ هذه المَسْألَةِ فيما إذا كانتِ العَيْنُ في يَدِ غيرِ البائعِ، كما صرَّح به

فَإنِ ادَّعَىِ أحَدُهُمَا انَهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهِيَ مِلْكُهُ، وَادَّعَى الآخَرُ أنهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو، وَهِيَ مِلْكُهُ، وَأقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الكافِى» وغيرِه. تنبيهات؛ أحدُها، قولُه: فإنِ ادَّعَى أحَدُهما أنَّه اشْتَراها مِن زَيْدٍ، وهي مِلْكُه، وادَّعَى الآخَرُ أنَّهُ اشْتراها مِن عَمْرو، وهي مِلْكُه، وأقاما بذلك بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا. مُرادُه، إذا لم يُؤَرَّخا. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. فإنْ كانتْ في يَدِ أحَدِهما، انْبَنَى ذلك على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ، على ما تقدَّم.

وَإِنْ أَقَامَ أحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأقَامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ، أَوْ اعْتَقَهُ، قُدِّمَتْ بَيِّنتُهُ. وَلَوْ أقامَ رَجُل بَيِّنَةً أنَّ هَذِهِ الدَّارَ لأبِى، خَلَّفَهَا تَرِكَةً، وَأقَامَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانى، قولُه: وإنْ أقامَ أحَدُهما بَيِّنَةً أنها مِلْكُه، وأقامَ الآخَرُ بَيِّنَةً أنَّه اشْتَراها منه، أو وَقَفَها عليه، أو أعْتَقَه، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُه. بلا نِزاع. قال في «المُحَررِ»، و «الرِّعايةِ»، وغيرِهما: قُدِّمَتْ بَينتُه؛ داخِلًا كانَ أو خارِجًا. قال في «الفُروعِ»: قُامَتِ الثانيةُ. ولم يرْفَعْ يدَه، كقَوْلِه: أبْرَأنِي مِن الدَّيْنِ. الثَّالثُ، قولُه: ولَو أقامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أن هذه الدَّارَ لأبِى، خَلفَها تَرِكَة، وأقامَتِ امْرَأته بَيِّنَةً أنَّ أباه أصْدَقَها إيَّاهَا، فهي للْمَرْأةِ. سواءٌ كانتْ داخِلَةً أو خارِجَةً.

امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إِيَّاهَا، فَهِىَ لِلْمَرْأَةِ. فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ، تَدَاعَيَا عَيْنًا فِى يَدِ غَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، حَلَفَ وَأَخَذَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: القِسْمُ الثَّالِثُ، تَدَاعَيا عَيْنًا فى يَدِ غَيْرِهما. اعلمْ أنَّهما إذا تَداعَيَا عَيْنًا فى يَدِ غيرِهما فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُقِرَّ بها لهما، أو يُنْكِرَهما ولم يُنازِعْ فيها، أو يدَّعِيَها لنَفْسِه، أو يُقِرَّ بها لأحَدِهما بعَيْنِه، أو يُقِرَّ بها لأحَدِهما لا بعَيْنِه، فيقولَ: لا أعْلَمُ عَيْنَه منهما. أو يُقِرَّ بها لغيرِهما؛ فإنْ أقَرَّ بها فما، [فهى لهما] (¬1)؛ لكُلِّ واحدٍ منهما الجُزْءُ الذى أقَرَّ به. جزَم به فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وإنْ أقَرَّ بها لأحَدِهما وقال: لا أعْرِفُ عَيْنَه منهما. فَتَارَةً يُصَدِّقانِه وتارَةً يُكَذِّبانِه، أو أحَدُهما. فإَنْ صدَّقاه، لم يحْلِفْ، وإنْ كذَّباه أو أحدُهما، حلَف يَمِينًا واحدةً ويُقْرَعُ بينَهما، فَمَنْ قرَع، حلَف وهى له. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وفيه وَجْةٌ آخَرُ، أنَّه لا يَحْلِفُ. ذكَرَه فى «القاعِدَةِ الأخِيرَةِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم يتَعرَّضِ الْخِرَقِىُّ لوُجوبِ اليَمِينِ على المُقِرِّ. وكذلك الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، فى رِوايةِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ مَنْصُورٍ، إذا قال: أَوْدَعَنِى أحدُهما لا أعْرِفُه عَيْنًا. أُقْرِعَ بينَهما. وحَمَلَه القاضى على ما إذا صدَّقاه فى عدَمِ العِلْمِ. فعلى الأوَّلِ، إنْ عادَ بَيِّنَهُ. فقِيلَ: كَتَبْييِنه ابْتِداءً. ونقَل المَيْمُونِىُّ، إنْ أبَى اليَمِينَ مَن قرَع، أخَذَها أيضًا. وقيلَ لجماعَةٍ مِن الأصحاب: لا يجوزُ أنْ يُقالَ: ثبَت الحقُّ لأحَدِهما لا بعَيْنِه بإقْرارِه. وإلَّا لصَحَّتِ الشَّهادَةُ لأَحَدِهما لا بعَيْنِه. فقالوا: الشَّهادَةُ لا تصِحُّ لمَجْهولٍ ولا به، ولهما القُرْعَةُ بعدَ تحْلِيفِة الواجِبِ وقبلَه. فإنْ نَكَل، قُدِّمَتْ، ويحْلِفُ للمَقْروعِ إنْ كذَّبه، فإنْ نَكَل أخَذ منه بدَلَها، وإنْ أقَرَّ بها لأحَدِهما بعَيْنِه، حلَف وهى له، ويَحْلِفُ أيضًا المُقِرُّ للآخَرِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يحْلِفُ له. فعلى المذهبِ، إنْ نَكَلَ، أخَذ منه بدَلَها، وإذا أخَذَها (¬1) المُقَرُّ له، فأقامَ الآخَرُ بَيِّنَةً، أخَذَها منه. قال فى «الرَّوْضَةِ»: وللمُقَرِّ له قِيمَتُها على المُقِرِّ. وإنْ أنْكَرَهما ولم يُنازِعْ، فقال فى «الفُروعِ»: نقَل الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ- وجزَم به الأكثرُ- يُقْرَعُ بينَهما، كإقْرارِه لأحَدِهما لا بعَيْنِه. وقال فى «الواضِحِ»: وحكَى أصحابُنا، لا يُقْرَعُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ لهما حقٌّ، كشَهادَةِ ¬

(¬1) فى الأصل: «أخذه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَيِّنَةِ بها لغيرِهما، وتُقَرُّ بيَدِه حتى يظْهَرَ ربُّها. وكذا فى «التَّعْليقِ» مَنْعًا. أوْمَأَ إليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، ثم تَسْلِيمًا. فعلى الأوَّلِ، إنْ أخَذَها مَن قرَع، ثم عَلِمَ أنَّها للآخَرِ، فقد مَضَى الحُكْمُ. نَقَلَه المَرُّوذِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»، فى التى بيَدِ ثالثٍ غيرِ مُنازِعٍ ولا بَيِّنَةَ: كالتى بيَدَيْهما. وذكَرَه ابنُ رَزِينٍ وغيرُه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ولو ادَّعى أحدُهما الكُلَّ، والآخَرُ النِّصْفَ، فكالتى بيَدَيْهما؛ إذِ اليَدُ المُسْتَحِقَّةُ الوَضْعَ (¬1) كَمَوْضوعَةٍ. وفى «التَّرْغيبِ» أيضًا، لو ادَّعى كلُّ واحدٍ نِصْفَها، فصَدَّقَ أحدَهما وكذَّب الآخَرَ ولم يُنازِعْ، فقيل: يُسَلِّمُ إليه. وقيل: يحْفَظُه حاكِمٌ. وقيل: يَبْقَى بحالِه. ونقَل حَنْبَلٌ، وابنُ مَنْصُورٍ فى التى قبلَها، لمُدَّعِى كلِّها نِصْفُها، ومَنْ قرَع فى النِّصْفِ الآخَرِ، حلَف وأخذَه. قال فى «القاعِدَةِ الأخيرةِ»: وإنْ قالَ مَنْ هى فى يَدِه: ليستْ لِى، ولا أعْلَمُ لمَنْ هى. ففيها ثَلاَثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، يقْتَرِعان عليها، كما لو أقَرَّ بها لأحَدِهما مُبْهَمًا. والثَّانى، تُجْعَلُ عندَ أمِينِ الحاكمِ. والثَّالثُ، تُقَرُّ فى يَدِ مَنْ هى فى يَدِه. والأوَّلُ ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، فى رِوايةِ صالحٍ، وأبى طالب، وأبى النَّضْرِ، وغيرِهم. والوَجْهان الأخِيران مُخَّرجان مِن مسْألةِ مَنْ فى يَدِه شئٌ مُعْتَرِفٌ بأنَّه ليسَ له ولا يَعْرِفُ مالِكَه، فادَّعاه مُعَيَّنٌ، فهل يُدْفَعُ إليه أمْ لا؟ وهل يُقَرُّ فى يَدِ مَنْ هو فى يَدِه أمْ ينْتَزِعُه الحاكِمُ؟ فيه خِلافٌ. انتهى. وإنِ ادَّعاها لنَفْسِه، وهو قولُ المُصَنِّفِ: وإنِ ادَّعاها صاحِبُ اليَدِ لنَفْسِه. فقال ¬

(¬1) فى الأصل: «الموضع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى: يحْلِفُ لكُلِّ واحدٍ منهما، وهى له. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجيزِ». وقال أبو بَكْرٍ: بل يُقْرَعُ بينَ المُدَّعِيَيْن، فتكونُ لمَنْ تخْرجُ له القُرْعَةُ. قال الشَّارِحُ: يَنْبَنِى على أنَّ البَيِّنَتَيْن إذا تعَارَضَتا لا تسْقُطان، فرُجِّحَت إحْدَى البَيِّنَتَيْن بالقُرْعَةِ. فعلى المذهبِ، إنْ نَكَلَ، أخَذَها منه وبَدَلها، واقْتَرَعا عليها. على الصَّحيح مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يقتَسِماها، كما لو أقَرَّ بها لهما ونَكَل عن اليَمِينِ. قال فى «الوَجيزِ»: وإنْ نَكَلَ، لَزِمَ لهما العَيْنُ أو عِوَضُها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: قد يقالُ: تُجْزِئْ يمينٌ واحدةٌ. ويقالُ: إنَّما تجِبُ العَيْنُ، يقْتَرِعان عليها. ويقالُ: إذا اقْتَرَعا على العَيْنِ، فَمَنْ قرَع، فللآخَرِ أنْ يدَّعِىَ عليه بها. ويقالُ: إنَّ القارِعَ هنا يحْلِفُ ثم يأْخُذُها؛ لأنَّ النُّكُولَ غايَتُه أنَّه بَدَلٌ (1)، والمَطْلوبُ ليس له هنا بَدَلُ (¬1) العَيْنِ، فيُجْعَل كالمُقِرِّ، فيَحْلِفُ المُقَرُّ له. وإنْ أقَرَّ لغيرِهما، فقد تقدَّم حُكْمُه مُسْتَوْفًى فى أثْناءِ بابِ طَريقِ الحُكمِ وصِفَتِه. فائدة: لو لم تَكُنْ بيَدِ أحدٍ، فَنَقَلَ صالِحٌ، وحَنْبَلٌ، هى لأحَدِهما بقُرْعَةٍ، كالتى بيَدِ ثالثٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر جماعةٌ، تُقسَمُ بينَهما، كما لو كانتْ بيَدَيْهما. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وأَطْلَقَهما فى «القاعِدَةِ الأَخيرةِ». ¬

(¬1) فى ط، ا: «بذل».

فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَبْدًا، فَأَقَرَّ لأَحَدِهِمَا، لَمْ يُرَجَّحْ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَة، تَعَارَضَتَا، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ كان الْمُدَّعَى عَبْدًا، فأَقَر لأحَدِهما، لم يُرَجَّحْ بإقْرارِه، وإنْ كان لأحَدِهما بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له بها. وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقال فى «الفُروعِ»: وإنِ ادَّعَيا رِقَّ بالغٍ ولا بَيِّنَةَ، فصَدَّقَهُما، فهو لهما، وإنْ صدَّق أحدَهما، فهو له، كمُدَّعٍ واحدٍ، وفيه رِوايَةٌ ذكَرَها القاضى، وجماعَةٌ، وعنه، لا يصِحُّ إقْرارُه؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ. نَصَرَه القاضى وأصحابُه. وإنْ جحَد، قُبِلَ قولُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وحُكِىَ، لا يُقْبَلُ قولُه. انتهى. قوله: وإنْ كان لكُلِّ واحِدٍ بَيِّنَةٌ، تَعارَضَتا، والحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ. وكذا قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». وقال فى «الفُروعِ»، فيما إذا ادَّعَيا رِقَّ بالغٍ: وإنْ أَقاما بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا، ثم إنْ أَقَرَّ لأحَدِهما، لم تُرَجَّحْ به على رِوايةِ اسْتِعْمالِها، وظاهِرُ «المُنْتَخَبِ» مُطْلَقًا. فائدة: لو أقامَ بَيِّنَةً برِقِّه وأَقامَ بَيِّنَةً بحُرِّيَّتِه، تَعارَضَتَا. على الصَّحيحِ مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةَ الحُرِّيَّةِ. وقيلَ عكْسُه. فائدة: لو كانتِ العَيْنُ بيَدِ ثالثٍ أقَرَّ بها لهما أو لأَحدِهما لا بعَيْنِه، أو ليستْ بيَدِ أحدٍ وأَقامَا بَيِّنَتَيْن، ففيها رِواياتُ التَّعارُضِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ تَكاذَبا فلم يُمْكِنِ الجَمْعُ، فلا، كشَهادَةِ بَيِّنَةٍ بقَتْلٍ فى وَقْتٍ بعَيْنِه، وأُخْرَى بالحياةِ فيه. ونقَل جماعةٌ، القُرْعَةُ

فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يَتَرَجَّحْ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا، والقِسْمَةُ فيما بأَيْدِيهما. واخْتارَه جماعةٌ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ تَداعَيا عَيْنًا بيَدِ ثالثٍ، وأَقامَ كلُّ واحدٍ البَيِّنَةَ أنَّها له، سقَطَتا واسْتَهَما على مَنْ يحْلِفُ، وتكونُ العَيْنُ له. والثَّانيةُ، يَقِفُ الحُكْمُ حتى يأْتِيا [بأمْرٍ بَيِّنٍ] (¬1)، قال: لأنَّ إحْداهما كاذِبَةٌ فَسَقَطَا، كما لو ادَّعَيا زَوْجِيَّةَ امْرَأةٍ، وأقامَ كلُّ واحدٍ البَيِّنَةَ، وليستْ بيَدِ أحَدِهما، فإنَّهما يسْقُطان، كذا هنا. قوله: وإنْ أقَرَّ صَاحِبُ اليَدِ لأحَدِهما، لم يُرَجَّحْ بذلك. يعْنِى، إذا أقاما بَيِّنَتَيْن بعدَ أنْ أنْكَرَهما. وإقامَةُ البَيِّنَتَيْن؛ تارَةً تكونُ قبلَ إقْرارِه لأحَدِهما، وتارَةً تكونُ بعدَ إقْرارِه؛ فإنْ أَقاماهُما قبْلَ إقْرارِه- وهو مُرادُ المُصَنِّفِ هنا- فحُكْمُ التَّعارُضِ بحالِه، وإقْرارُه باطِلٌ على رِوايَتَىْ الِاسْتِعْمالِ: وهو صحيحٌ مَسْمُوعٌ على رِوايةِ ¬

(¬1) فى الأصل: «بامرأتين»، وفى ا: «بأمارتين».

وَإِنِ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ القَاضِى: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِىَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ المُدَّعِيَيْنِ، فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّساقُطِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، وغيْرُهم مِن الأصحابِ. وإنْ كان إقْرارُه قبلَ إقامَةِ البَيِّنَتَيْن، فالمُقَدَّمةُ كبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، والمُؤَخَّرَةُ كَبَيِّنَةِ الخارِجِ فيما ذكَرَه. قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعَ»، وغيرِهم. فائدة: لو ادَّعاها أحدُهما وادَّعَى (¬1) الآخَرُ نِصْفَها وأَقاما بَيِّنَتَيْن، فهى لمُدَّعِى الكُلِّ إنْ قَدَّمْنا بَيِّنَةَ الخارِجِ، وإلَّا فهى لهما. وإنْ كانتْ بيَدِ ثالثٍ، فقد ثَبَتَ أحدُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِصْفَيْها لمُدَّعِى الكُلِّ، وأمَّا الآخَرُ، فهل (¬1) يقْتَسِمانِه، أو يقْتَرِعان عليه، أو ¬

(¬1) فى الأصل: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ للثَّالثِ مع يَمِينِه، على رِواياتِ التَّعارُضِ؟ قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروعِ»: فلمُدَّعِى كلِّها نِصْفٌ، والآخَرُ للثَّالثِ بيَمِينِه، وعلى اسْتِعْمالِهما، يقْتَسِمانِه أو يقْتَرِعان.

وَإنْ كَانَ فِى يَدِ رَجُلٍ [342 و] عَبْدٌ، فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً، انْبَنَى عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، وَإنْ كَانَ الْعَبْدُ فِى يَدِ زَيْدٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إِذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِى يَدِ غَيْرِهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كان فى يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ، فادَّعَى أنَّه اشْتَرَاه مِن زَيْدٍ، وادَّعَى العَبْدُ أنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زَيْدًا أعْتَقَه، وأقامَ كُلُّ واحِدٍ بَيِّنَة، انْبَنَى على بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ. مُرادُه، إذا كانتِ البَيِّنَتَان مُؤرَّخَتَيْن بتاريخٍ واحدٍ، أو مُطْلقَتَيْن، أو إحْداهما مُطْلَقَةً. ونَقولُ: هما سَواءٌ. قالَه الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. فإنْ كانَ فى يَدِ المُشْتَرِى، فالمُشْتَرِى داخِلٌ والعَبْدُ خارِجٌ. هذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. وجزَم به ابنُ مُنَجَّىِ فى «شَرْحِه». قال فى «المُحَرَّرَ»: ولو كانَ العَبْدُ بيَدِ أحَدِ المُتَدَاعِيَيْن، أو يَدِ نفْسِه وادَّعى عِتْقَ نفْسِه، وأَقَامَا بَيِّنَتَيْن بذلك، صحَّحْنا أسْبَقَ التَّصَرُّفَيْن إنْ عُلِمَ التَّاريخُ، وإلَّا تَعارَضَتَا. نصَّ عليه؛ إلْغاءً لهذه اليَدِ للعِلْمِ بمُسْتَنَدِها. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، أنَّها يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ، فلا تَعارُضَ، بلِ الحُكْمُ على الخِلافِ فى الدَّاخِلِ والخارِجِ. وهذه الرِّوايةُ هى التى جزَم بها المُصَنفُ هنا. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وتَقدَّم فى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ والخارِجِ شئٌ مِن ذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ العَبْدُ فى يَدِ زَيْدٍ - يعْنِى البائعَ- فالحُكْمُ فيه حُكْمُ ما إذا ادَّعيا عَيْنًا فى يَدِ غيْرِهما. على ما تَقدَّم قريبًا. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما: ومَن ادَّعى أنَّه اشْتَرَى أو اتَّهَبَ مِن زَيْدٍ عَبْدَه، وادَّعَى آخَرُ كذلك، أو ادَّعَى العَبْدُ العِتْقَ، وأَقاما بَيِّنَتَيْن بذلك، صحَّحْنا أسْبَقَ التَّصَرُّفَيْن إنْ عُلِمَ التَّاريخُ،

وَإِنْ كَانَ فِى يَدِهِ عَبْدٌ، فَادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلَانِ؛ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشتَرَاهُ مِنِّى بِثَمَنٍ سَمَّاهُ، فَصَدَّقَهُمَا، لَزِمَهُ الثَّمَنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإنْ أَنكَرَهُمَا، حَلَفَ لَهُمَا، وَبَرِئَ، فَإنْ صَدَّقَ أَحدَهُمَا، لَزِمَهُ مَا ادَّعَاهُ، وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةَ، فَلَهُ الثَّمَنُ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَأَمكَنَ صِدْقُهُمَا؛ لِاخْتِلَافِ تَارِيخِهِمَا، أَو إِطْلَاقِهِمَا، أَوْ إِطْلَاقِ إِحْدَاهُمَا وَتَأْرِيخِ الأُخْرَى، عُمِلَ بِهِمَا، وَإِنِ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا، تَعَارَضَتَا، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلَّا تَعارَضَتا، فَيَسْقُطان أو يُقْسَمُ؛ فيَكونُ نِصْفُه مَبِيعًا ونِضفُه حُرًّا، ويَسْرِى العِتْقُ إلى جَمِيعِه إنْ كان البائِعُ مُوسِرًا، ويُقْرَعُ كما سَبَق. وعنه، تُقدَّمُ بَيِّنَةُ العِتْقِ؛ لإمْكانِ الجَمْعِ. قوله: وإنْ كان فى يَدِه عَبْدٌ، فادَّعَى عليه رَجُلان، كُلُّ وَاحِدٍ منهما أنَّه اشْتَراه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مِنِّى بثَمَنٍ سَمَّاه، فصَدَّقَهما، لَزِمَه الثَّمَنُ لكُلِّ واحِدٍ منهما، وإنْ أنْكَرَهما، حَلَفَ لهما وبَرِئَ، وإنْ صَدَّقَ أحَدَهما، لَزِمَه ما ادَّعاهُ، وحَلَفَ للآخَرِ، وإنْ كانَ لأحَدِهما بَيِّنَة، فله الثَّمَنُ، ويَحْلِفُ للآخَرِ- بلا نِزاعٍ أعْلَمُه- وإنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً، فأَمْكَنَ صِدْقُهما؛ لاخْتِلافِ تارِيخِهما، أَو إطْلاقِهما، أو إطْلاقِ إحْداهُما وتَأْرِيخِ الأُخْرَى، عُمِلَ بهما. وهذا هو المذهبُ. جزَم به فى «الشرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وقيلَ: إنْ لم يُؤَرَّخا أو إحْداهما، تَعَارَضَتَا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وَإنِ اتَّفَقَ تارِيخُهما، - تَعَارَضَتا، والحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ. فى تَعارُضِ البَيِّنَتَيْن. وهذا بلا نِزاعٍ.

وَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَنِى إِيَّاهُ بِأَلْفٍ، وَأَقامَ بَيِّنَةً، قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا. وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إِحْدَاهُمَا، تَعَارَضَتَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى كُلُّ واحِدٍ منهما أنَّه باعَنِى إيَّاه بألْفٍ، وأقامَ بَيِّنَةً، قُدِّمَ أسْبَقُهما تارِيخًا. بلا نِزاعٍ، وهى له. قال فى «الفُروعِ»: وللثَّانِى الثَّمَنُ. فإنْ لم تَسْبِقْ إحْداهما، تَعارَضَتا. يعْنِى، فيها رِواياتُ التَّعارُضِ، بلا نِزاعٍ. فعلى رِوايةِ القِسْمَةِ، يتَحالَفان ويرْجِعُ كل واحدٍ منهما على البائعِ بنِصْفِ الثَّمَنِ، وله الفَسْخُ، فإنْ فسَخَ، رجَع بكُلِّ الثَّمَنِ، فلو فسَخ أحدُهما، فلِلْآخَرِ أخذُه كلِّه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «المُغنِى» (¬1): هذا إذا لم يَكُنْ حُكِمَ له بنِصْفِها ونِصْفِ الثَّمَنِ. وعلى رِوايةِ القُرْعَةِ، هى لمَنْ قرَع، وعلى رِوايةِ التَّساقُطِ، يُعْمَلُ كما سَبَق. ¬

(¬1) انظر: المغنى 14/ 298.

وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِى إيَّاهُ. وَقَالَ الْآخَرُ: مَلَّكَنِيهِ. أَوْ: أَقَرَّ لِى بِهِ. وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ [342 ظ] بَيِّنَةً، فَهُوَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَغرَمُ لِلْآخَر شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: يُشْترَطُ أنْ يقولَ عندَ قوْلِه: باعَنِى إيَّاه بأَلْفٍ. فيقولَ: وهو مِلْكُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيلَ: يصِحُّ ولو لم يقُلْ ذلك، بل قال: وهى تحتَ يَدِه وَقْتَ البَيْعِ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك عندَ قوْلِه: فإنِ ادَّعَى أحدُهما أنَّه اشْتَرَاها مِن زَيْدٍ، لم تُسْمَعِ البَيِّنَةُ حتى يقولَ: وهى مِلْكُه. فائدة: لو أُطْلِقَتِ البَيِّنَتَان أو إحْداهُما فى هذه المَسْأَلَةِ، تَعَارَضَتا فى المِلْكِ إذَنْ لا فى الشِّراءِ؛ لجوازِ تعَدُّدِه، وإنِ ادَّعاه البائعُ إذَنْ لنَفْسِه، قُبِلَ إنْ سقَطَتا، فيَحْلِفُ يَمِينًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيلَ: يَمِينَيْنِ. وإنْ قُلْنا: لا تَسْقُطان. عُمِلَ بها بقُرْعَةٍ، أو يُقْسَمُ لكلِّ واحدٍ نِصْفُها بنِصْفِ الثَّمَنِ، على رِوايَتَىِ القُرْعَةِ والقِسْمَةِ. قوله: وإنْ قال أحَدُهما: غَصَبَنِىٍ إيَّاه. وقال الآخَرُ: مَلَّكَنِيه. أَوْ: أقَرَّ لِى به. وأَقامَ كُل واحِدٍ بَيِّنَة، فهو (¬1) للْمَغْصُوبِ منه، ولا يَغْرَمُ للْآخَرِ شَيْئًا. بلا نِزاع. لأنَّه لا تَعارُضَ بينَهما؛ لجوازِ أنْ يكونَ غَصَبَه مِن هذا، ثم مَلَّكَه ¬

(¬1) فى النسخ: «فهى». والمثبت من المقنع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الآخَرَ. فائدة: لو ادَّعَى أنَّه أَجَرَه البَيْتَ بعَشَرَةٍ، فقال المُسْتَأْجِرُ: بل كلُّ الدَّارِ. وأَقاما بَيِّنَتَيْن.، فقيل: تُقدَّمُ بَيِّنَةُ المُسْتَأْجِرِ للزِّيادَةِ. وقيل: يتَعارَضانِ ولا قِسْمَةَ هنا (¬1). وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايةِ الكُبْرى». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وتقدَّم فى أوائلِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه، [ما يصِحُّ] (¬2) ¬

(¬1) فى الأصل: «بينهما». (¬2) فى الأصل: «فالصحيح».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَماعُ البَيِّنَةِ فيه قبلَ الدَّعْوَى وما لا يصِحُّ.

باب فى تعارض البينتين

بَابٌ فِى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتيْن إِذَا قَالَ لِعَبْدِه: مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ قُتِلَ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ، فَيَعْتِقُ، أَوْ يَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى عَلَى الرِّقِّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ تَعارُضِ البَيِّنَتَيْن قوله: إذا قال لعَبْدِه: متى قُتِلْتُ فأنتَ حُرٌّ. فادَّعَى العَبْدُ أَنَّه قُتِلَ، فأنْكَرَ الوَرَثَةُ، فالقَوْلُ قَوْلُهم- بلا نِزاعٍ- وإنْ أقامَ كُلُّ واحدٍ منهم بَيِّنَةً بما ادَّعاه، فهل تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ العَبْدِ، فيَعْتِقُ، أو يَتَعَارَضان ويَبْقَى على الرِّقِّ؟ فيه وجْهان. وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وهما احْتِمالان مُطْلَقان فى «الهِدايةِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ أحدُهما، تُقدَّمُ بَيِّنَةُ

وَإنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِى الْمُحَرَّمِ، فَسَالِمٌ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ فِى صَفَرٍ، فَغَانِمٌ حُرٌّ. فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمُوجبِ عِتْقِهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَبْدِ ويَعْتِقُ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يتَعارَضان ويَبْقَى على الرِّقِّ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وقيل: يتَعارَضَان؛ فيُقْضَى بالتَّساقُطِ أو القُرْعَةِ أو القِسْمَةِ. قوله: وإنْ قال: إِنْ مِتُّ فى المُحَرَّمِ، فسالِمٌ حُرٌّ، وإنْ مِتُّ فى صَفَرٍ، فغانِمٌ حُرٌّ. وأقامَ كُلُّ واحِدٍ بَيِّنَةً بمُوجِبِ عِتْقِه، قُدِّمَت بَيِّنَةُ سالِمٍ. هذا أحدُ الوُجوهِ فى المَسْألَةِ. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». والوَجْهُ الثَّانى، تتَعارَضان وتسْقُطان ويَبْقَى العَبْدُ على الرِّقِّ ويَصِيرُ

وَإنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ فِى مَرَضِى هَذَا، فَسَالِمٌ حُرٌّ. وَإنْ بَرِئْت، فَغَانِمٌ حُرٌّ. وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا، وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ. ذَكَرَة أَصْحَابُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كَمَنْ لا بَيِّنَةَ لهما. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، [وهو ظاهرُ ما قطَع به فى «الفُروعِ»] (¬1). قال فى «المُحَرَّرِ»: وإنْ أقامَ كلُّ واحدٍ بَيِّنَة بمُوجِبِ عِتْقِه، تَعارَضَتا وكانا كَمَنْ لا بَيِّنَةَ له فى رِوايةٍ، أو يُقْرَعُ بينَهما فى الأُخْرَى، وقيل: تُقدَّمُ بيِّنَةُ المُحَرَّمِ بكُلِّ حالٍ. انتهى. والوَجْهُ الثَّالثُ، يُقْرَعُ بينَهما، فمَن قرَع، عتَق. وهو رِوايةٌ. عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وأَطْلَقَهُنَّ فى «الشرْحِ». فائدة: لو لم تَقُمْ بَيِّنَة وجُهِلَ وَقْتُ مَوْتِه، رَقَّا معًا، بلا نِزاعٍ. وإنْ عُلِمَ موْتُه فى أحَدِ الشَّهْرَيْن، أُقْرِعَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وقيل: يُعْمَلُ فيهما بأَصْلِ الحياةِ. فعلى هذا، يَعْتِقُ غانِمٌ. قوله: وإنْ قال: إنْ مِتُّ فى مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ، فغانِمٌ حُرٌّ. وأقاما بَيِّنَتَيْن، تَعارَضَتا، وبَقِيا على الرِّقِّ. ذكَرَه أصحابُنا. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ غَانِمُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ منهما. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قال المُصَنِّفُ هنا: والقِياسُ أنْ يَعْتِقَ أحدُهما بالقُرْعَةِ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أيضًا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». ويَحْتَمِلُ أنْ يَعْتِقَ غانِمٌ وحدَه؛ لأنَّ بَيِّنَتَه تَشْهَدُ بزِيادَةٍ. وهو قَوِىٌّ. وقيلَ:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَعْتِقُ سالِمٌ وحدَه. فوائد؛ الأُولَى، لو قال: إنْ مِتُّ مِن مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ، فغانِمٌ حُرٌّ. وأَقامَا بَيِّنَتَيْن، فحُكْمُها حُكْمُ التى قبلَها، عندَ جماهيرِ الأصحابِ. وقال فى «التَّرْغيبِ» هنا: يَرِقَّان وَجْهًا واحدًا. يعْنِى؛ لتَكاذُبِهما. على كلامِه المُتَقَدِّمِ. الثَّانيةُ، لو قال: إنْ مِتُّ فى مَرَضِى هذا، فسالِمٌ حُرٌّ. وإنْ بَرِئْتُ فغانِمٌ حُرٌّ. وجُهِلَ ممَّا ماتَ، أُقْرِعَ بينَهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرِّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: يَعْتِقُ سالِمٌ. وقيل: يَعْتِقُ غانِمٌ. الثَّالثةُ، لو قال: إنْ مِتُّ مِن مَرَضِى. بَدَلَ: فى مَرَضِى. وجُهِلَ ممَّا ماتَ،

وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ، لَزِمَهُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقيلَ برِقِّهما؛ لاحْتِمالِ مَوْتِه فى المَرَضِ بحادِثٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ». وقيلَ: بالقُرْعَةِ؛ إذِ الأصْلُ عدَمُ الحادِثِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى». وقيلَ: يَعْتِقُ سالِمٌ؛ لأنَّ الأَصْلَ دَوامُ المَرَضِ وعدَمُ البَرْءِ. وقيلَ: يعْتِقُ غانمٌ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وأَطْلَقَ الثَّلاثَةَ الأُوَلَ فى «القَواعِدِ». قوله: وإنْ أتْلَفَ ثَوْبًا، فشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَه عِشْرُون، وشَهِدَتْ أُخْرَى أنَّ قِيمَتَه ثَلاثُون، لَزِمَه أقَلُّ القِيمَتَيْن. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به في «الوَجيزِ» ,و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» , و «النَّظْمِ» , و «الرِّعايتَيْن» , و «الحاوِى الصَّغِيرِ» , و «الفُروعِ» , والمُصَنِّفُ, والشَّارِحُ ونَصَرَاه, وغيرُهم. وقيلَ: تسِقُطان لتَعَارُضِهما. وقيلَ: يُقْرَعُ. وقيلَ: يَلْزَمُه ثلاثُون. وقالَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ, رَحِمَه الله, في نَظيرِها في مَن أجَرَ حِصَّةَ مُوَلِّيه, فقالتْ بَيِّنَةٌ: أجَرَها بأُجْرَةِ مِثْلِها. وقالتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى: أجَرَها بِنصْفِ أُجْرَةِ المِثْلِ.

وَلَوْ مَاتَتِ امْرأَةٌ وَابْنُهَا، فَقَالَ زَوْجُهَا: [343 و] مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِى فَوَرِثْتُهُ. وَقَالَ أَخوهَا: مَاتَ ابْنُهَا. فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا. وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ مِيرَاثُ الابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرأَة لأَخِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانَ بكُلِّ قِيمَةٍ شاهِدٌ، ثَبَتَ الأقَلُّ بهما، على المذهبِ، لا (¬1) على رِوايةِ التَّعارُضِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقال فى «الفُروعِ»: ثبَت الأقَلُّ بهما على الأَوَّلَةِ، وعلى الثَّانيةِ، يحْلِفُ مع أحَدِهما، ولا تَعارُضَ. وقال الشَّارِحُ: لو شَهِدَ شاهِدٌ أنَّه غصَب ثَوْبًا قِيمَتُه دِرْهمان، وشاهِدٌ أنَّ قِيمَتَه ثَلَاَثةٌ، ثبَت ما اتَّفَقَا عليه- وهو دِرْهَمان- وله أنْ يحْلِفَ مع الآخَرِ على دِرْهَمٍ؛ لأنَّهما اتَّفَقَا على دِرْهَمَيْن، وانْفَرَدَ أحدُهما بدِرْهَمٍ، فأَشْبَهَ ما لو شَهِدَ أحدُهما بأَلْفٍ والآخَرُ بخَمْسِمِائَةٍ. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: لو اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَان فى قِيمَة عَيْنٍ قائمة ليَتِيمٍ يريدُ الوَصِىُّ بَيْعَها، أُخِذَ بَيِّنَةِ الأكْثَرِ فيما يظْهَرُ. قوله: ولو ماتتِ امْرَأةٌ وابْنُها، فقال زَوْجُها: ماتَتْ فوَرِثْناها، ثُمَّ ماتَ ابْنِى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وَإنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا. وَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْغَرْقَى، أَنْ يُجْعَلَ لِلْأَخِ سُدْسُ مَالِ الابْنِ، وَالبَاقِى لِلزَّوْجِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوَرِثْتُه. وقال أخُوها: ماتَ ابْنُها فوَرِثَتْه، ثم ماتَتْ فوَرِثْناها. ولا بَيِّنَةَ، حلَف كلُّ واحِدٍ منهما على إبْطالِ دَعْوَى صاحِبِه، وكانَ ميِراثُ الابنِ لأبِيه، ومِيراثُ المَرْأةِ لأخِيها وزَوْجِها نِصْفَيْن. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ» فى بابِ مِيراثِ الغرْقَى: اخْتارَه الأكْثَرُ. قال المُصَنِّفُ فى هذا الكتابِ فى بابِ مِيراثِ الغرْقَى: هذا أحْسَنُ إنْ شاءَ الل تُعالَى. وقطَع به الْخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّر»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. وقال ابنُ أبى مُوسى: يُعَيَّنُ السَّابِقُ بالقُرْعَةِ، كما لو قال: أوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَه حُرٌّ. فوَلَدَتْ وَلَدَيْن وأَشْكَلَ السَّابِقُ منهما. وقال أبو الخَطَّابِ ومَن تَبِعَه: يَرِثُ كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبِه مِن تِلادِ مالِه دُونَ ما وَرِثَه عن المَيِّتِ معه، كما لو جَهِلَ الوَرَثَةُ مَوْتَهما. على ما تقدَّم فى بابِ مِيراثِ الغَرْقَى. قال المُصَنِّفُ هناك: هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ المذهبِ. وقال المُصَنِّف هنا: وقِياسُ مَسائلِ الغَرْقَى، أنْ يُجْعَلَ للأَخِ السُّدْسُ مِن مالِ الابنِ، والباقِى للزَّوْجِ. وقال أبو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ أنَّ المالَ بينَهما نِصْفان. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): وهذا لا يُدْرَى ما أرادَ به؛ إنْ أرادَ أنَّ مالَ [الابنِ و] (¬2) المَرْأةِ بينَهما نِصْفان، لم يصِحَّ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى إعْطاءِ الأَخِ ما لا يدَّعِيه ولا يسْتَحِقه يَقِينًا، لأنَّه لا يدَّعِى مِن مالِ الابنِ أكثرَ مِن السُّدْسِ، ولا يُمْكِنُ أنْ يسْتَحِقَّ أكثرَ منه، وإنْ أرادَ أنَّ ثُلُثَ مالِ الابنِ يُضَمُّ إلى مالِ المَرْأةِ فيَقْتَسِمانِه نِصْفَيْن، لم يصِحَّ، لأنَّ نِصْفَ ذلك للزَّوْجِ باتِّفاقٍ منهما (¬3)، لا يُنازِعُه ¬

(¬1) انظر: المغنى 14/ 327. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل، ا: «فيهما».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخُ فيه، وإنَّما النِّزاعُ بينَهما فى نِصْفِه. قال: ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ هذا مُرادَه، كما لو تَنازَعَ رَجُلان دارًا فى أيْدِيهما وادَّعاها أحدُهما كلها والآخَرُ نِصْفَها، فإنَّها تُقْسَمُ بينَهما نِصْفَين، ثم فَرَّقَ بينَهما. قوله: وإنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً بدَعْواه، تَعارَضَتا، وسَقَطَا. ويُعْمَلُ فيها كما تقدَّم مِن اخْتِلافِهما فى السَّابقِ وعدَمِ البَيِّنَةِ، على الصَّحيحِ. وقال جماعَةٌ مِن الأصحابِ: إنْ تَعَارَضَتْ وقُفنا بالقِسْمَةِ، قُسِمَ بينَهما ما اخْتلَفا فيه نِصْفَيْن.

فَصْلٌ: إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، عَتَقَ دُونَ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم ذلك كلُّه فى بابِ مِيراثِ الغَرْقَى، فَلْيُعاوَدْ (¬1). قوله: وإذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ على مَيِّتٍ أنَّه وَصَّى بعِتْقِ سالِمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، وشَهِدَتْ أُخْرَى أنَّه وَصَّى بعِتْقِ غانِمٍ، وهو ثُلُثُ مالِه، أُقْرِعَ بينَهما، فمَن تَقَعُ له القُرْعَةُ، عَتَقَ دُونَ صاحِبِه، إلَّا أنْ يُجِيزَ الوَرَثَةُ. وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، ¬

(¬1) تقدم فى 18/ 260.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِى مُوسَى: يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنتخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: يَعْتِقُ مِن كلِّ واحدٍ نِصْفُه بغيرِ قُرْعَةٍ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ على المذهبِ.

وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّه رَجَعَ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ، عَتَقَ غانِمٌ وَحْدَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ وَارِثَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ غَانِمٍ سُدْسَ الْمَالِ، وَبَيِّنَتَهُ أَجْنَبِيَّةً، قُبِلَتْ، وَإِنْ كَانَتْ وَارِثَةً، عَتَقَ الْعَبْدَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غانِمٍ أنَّه رَجَعَ عن عِتْقِ سالِمٍ، عَتَقَ غانِمٌ وَحْدَه، سَواءٌ كانَتْ وَارِثةً أو لمْ تَكُنْ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. قوله: وإنْ كانَتْ قِيمَةُ غانِمٍ سُدْسَ المالِ، وبَيِّنَتُه أجْنَبِيَّةً، قُبِلَتْ، وإنْ كانَتْ وارِثةٌ، عَتَقَ العَبْدان. يعْنِى، إن شهِدَتِ الوارِثَةُ بأنَّه رجَع عن عِتْقِ سالِمٍ، عَتَقَ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: [343 ظ] يَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا؛ فَإنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ، عَتَقَ وَحْدَهُ، وَإنْ خَرَجَتْ لِغانِمٍ، عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ سَالِمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ العَبْدان ولم تُقْبَلْ شهادَتُهما. وهذا المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «الشَّرْحٍ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتْين»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكرٍ: يَحْتَمِل أنْ يُقْرَعَ بينَهما؛ فإنْ خرَجَتِ القُرْعَةُ لسالِمٍ، عَتَقَ وحدَه، وإنْ خرَجَت لغانِمٍ، عَتَقَ هو ونِصْفُ سالِمٍ. قال فى «المُحَرَّرِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَتَقَ أسْبَقُهما تارِيخًا، وكذلك إنْ كانتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما وارِثَةً، على أصحٍّ الرِّوايتَيْن.

وَإِنْ شَهِدَت بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِى مَرَضِهِ، وَشهِدَتِ الْأُخرَى أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ المَالِ، عَتَقَ سَالِمٌ وَحْدَهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِى مَرَضِهِ أَيْضًا، عَتَقَ أَقْدَمُهُمَا تَارِيخًا، فَإنْ جُهِلَ السَّابِقُ، عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهما: وقَبِلَها أبو بَكْرٍ بالعِتْقِ لا الرُّجوعِ؛ فيَعْتِقُ نِصْفُ سالِمٍ ويقرَعُ بينَ بقِيِّتِه والآخَرِ. قوله: وإنْ شَهدَتْ بَيِّنَةْ أنَّه أعْتَقَ سالِمًا فى مَرَضِه، وشَهِدَتْ أخْرى أنَّه أوْصَى بعِتْقِ غانِمٍ، وكُلُّ واحِدٍ منهما ثُلُثُ المالِ، عَتَقَ سالِمٌ وَحْدَه، وإنْ شَهِدَت بَيِّنَةَ غانِمٍ أنَّه أعْتَقَه فى مَرَضِه أيضًا، عَتَقَ أقْدَمُهما تارِيخًا. إنْ كانتِ البَيِّنَتَان أجْنَبِيَّتان،

فَإنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً، وَلَمْ تُكَذِّبِ الْأَجْنَبِيِّةَ، فَكَذَلِكَ. وَإنْ قَالَتْ: مَا أَعْتَقَ سَالِمًا، إنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا. عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ. وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لَوْ لَمْ يُطْعَنْ فِى بَيِّنَتِهِ، فِى أَنَّهُ يَعْتِقُ إِنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ، أَوْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَإلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَتِ الوَارِثَةُ فَاسِقَةً، وَلَمْ تَطْعَنْ فِى بَيِّنَةِ سَالِمٍ، عَتَقَ سَالِمٌ كُلُّهُ، وَيُنظَرُ فِى غَانِمٍ، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قالَه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم به المُصَنِّفُ هنا؛ وهو قولُه: فإنْ كانتْ بَيِّنَةُ أحَدِهما وارِثَةً ولم تُكَذَّبِ الأجْنَبِيَّةَ، فكذلك. وجزَم به الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وغيرُهما.

كَانَ تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا، أَوْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ، عَتَقَ كُلُّهُ. وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا، أَوْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ القَاضِى: يَعْتِقُ مِنْ غَانِمٍ نِصْفُهُ. وَإِنْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةَ [344 و] سَالِمٍ، عَتَقَ العَبْدَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو كانتْ ذَاتُ السَّبْقِ الأجْنَبِيَّةَ، فكذَّبتْها الوارِثَةُ، أو كانتْ ذاتُ السَّبْقِ الوارِثَةَ وهى فاسِقَةٌ، عَتَقَ العَبْدان. قوله: فإنْ جُهِلَ السَّابِقُ، عَتَقَ أحَدُهما بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ. قاله المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِهِ»، وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَررِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يَعْتِقُ مِن كلِّ عَبْدٍ نِصْفُه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ على المذهبِ. قال فى «المُنْتَخَبِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كدَلالَةِ كلامِه على تَبْعِيضِ الحُرِّيَّةِ فيهما، نحوَ: اعْتِقُوا إنْ خرَج مِن الثُّلُثِ. قوله: وإنْ قالَتْ- أى، البَيِّنَةُ الوارِثَةُ: ما أعْتَقَ سالِمًا، وإنَّما أعْتَقَ غانِمًا. عَتَقَ غانِمٌ كُلَّه، وحُكْمُ سالِمٍ كَحُكْمِه لو لم يُطْعَنْ فى بَيِّنَتِه، فى أنَّه يَعْتِقُ إنْ تَقَدَّمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تارِيخُ عِتْقِه، أو خَرَجَتْ له القُرْعَةُ، وإلَّا فلا. الصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ غانِمًا يَعْتِقُ كلُّه. قاله القاضى وغيرُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو أصحُّ. وقيلَ: يَعْتِقُ ثُلُثاه إنْ حُكِمَ بعِتْقِ سالِمٍ، وهو ثُلُثُ الباقِى؛ لأنَّ العَبْدَ الذى شَهِدَ به الأجْنَبِيَّان كالمَغْصوبِ مِنَ التَّرِكَةِ. وردَّه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قوله: وإنْ كانَتِ الوارِثَةُ فاسِقَةً، ولم تَطْعَنْ فى بَيِّنَةِ سالِمٍ، عَتَقَ سالِمٌ كُلُّه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويُنْظَرُ فى غانِمٍ، فإنْ كان تارِيخُ عِتْقِه سابِقًا، أو خَرَجَتِ القُرْعَةُ له، عَتَقَ كُلُّه. وإنْ كان مُتَأخِّرًا، أو خَرَجَتِ القُرْعَةُ لسالِمٍ، لم يَعْتِقْ منه شَىْءٌ. وهذا المذهبُ. قدَّمه فى «المُغنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضى: يَعْتِقُ مِن غانِمٍ نِصْفُه. وردَّه المُصَنِّفُ. قوله: وإنْ كَذَّبتْ بَيِّنَةَ سالِمٍ، عَتَقَ العَبْدان. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الشَّرْحِ»، ونَصَراه. وقيلَ: يَعْتِقُ مِن غانِمٍ ثُلُثاه. كما تقدَّم نَظِيرُه. قالَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّارِحُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: التَّدْبِيرُ مع التَّنْجيزِ كآخِرِ التَّنْجِيزَيْن مع أوَّلِهما، فى كلِّ ما تقدَّم. قدَّمه (¬1) فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرهم. ¬

(¬1) فى الأصل: «قاله».

فَصْلٌ: إِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ؛ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ، فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، فَالْمِيرَاثُ لِلْكَافِرِ؛ لِأَنَّ المُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ عَلَى الكُفْرِ فِى دَارِ الإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا ماتَ رَجُلٌ وخَلَّفَ وَلَدَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرًا، فادَّعَى كُلُّ واحِدٍ منهما أنَّه ماتَ على دِينِه، فإنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِه، فالقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ، وإن لم يُعْرَف،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالمِراثُ للكافِرِ؛ لأنَّ المُسْلِمَ لا يُقِرُّ ولَدَه على الكُفْرِ فى دارِ الإِسْلامِ. وهو المذهبُ؛ بشَرْطِ أنْ يعْتَرِفَ المُسْلِمُ أنَّ الكافِرَ أَخُوه. وهو الذى قالَه الْخِرَقِىُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى رِوايَةً عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّهما فى الدَّعْوَى سواءٌ، فيَكونُ المِيراثُ بينَهما نِصْفَيْن. وهو ظاهرُ كلامِ القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما». قالَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزَّرْكَشِىُّ. ونقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ؛ سواءٌ اعْتَرَفَ بالأُخُوَّةِ أوْ لا. وهو مِن المُفْرَداتِ أيضًا. وقيلَ: بالقُرْعَةِ. وقيل: المالُ للمُسْلِمِ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وجزَم به فى «العُمْدَةِ». وقيلَ: بالوَقْفِ. وهو احتْمِالٌ لأبى

وَإنْ لَمْ يَعْتَرِفِ المُسْلِمُ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَلَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَّابِ. وقال القاضِى: إنْ كانتِ التَّرِكَةُ بأيْدِيهما، تَحالَفَا وقُسِمَتْ بينَهما. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ؛ لاعْتِرافِهما أنَّه إرْثٌ. قال المُصَنِّفُ: ومُقتَضَى كلامِه أنَّها له مع يَمِينِه، ولا يصِحُّ؛ لاعْتِرافِهما بأنَّ التَّرِكَةَ للمَيِّتِ، وأنَّ اسْتِحْقاقَها بالإرْثِ، فلا حُكْمَ لليَدِ. انتهى. قلتُ: قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: وإنْ كانتْ بيَدَيْهما، حَلَفَا وتَناصَفاها؛ اعْتَرَفَا بالأُخْوَّةِ أوْ لا. وفى «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، إنْ عُرِفَ ولا بَيِّنَةَ، فالقولُ قولُ المُدَّعِى. وقيلَ: يُقْرَعُ أو يُوقَفُ. قوله: وإنْ لم يَعْتَرِفِ المُسْلِمُ أنَّه أَخُوه، ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ، فالمِيراثُ بينَهما. وهو المذهبُ. جزَم. به فى «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»،

لِأنَّ حُكْمَ المَيِّتِ حُكْمُ المُسْلِمِينَ، فِى غَسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ القَاضِى: القِيَاسُ أَن يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَظْهَرَ أَصْلُ دِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وقال: هذا المَشْهورُ. وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ للمُسْلِمِ؛ لأنَّ حُكمَ المَيِّتِ حُكْمُ المُسْلِمين، فى غَسْلِه والصَّلاةِ عليه. وقال القاضى: القِياسُ أن يُقْرَعَ بينَهما. قال فى «المُغْنِى» (¬1) و (¬2) هنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يَقِفَ الأمْرُ حتى يظْهَرَ أصْل دِينِه. فائدة: هذه الأحْكامُ إذا لم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه، فإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، فالمذهبُ كما قال المُصَنِّفُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به القاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، والمَجْدُ. وقال رِوايةً واحدةً: إنَّ القَوْلَ قولُ ¬

(¬1) انظر: المغنى 14/ 323. (¬2) سقط من: ط، ا.

وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينهِ، تَعَارَضَتَا، وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا. وَقَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَافِرًا. فَالْمِيرَاث لِلْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يُؤَرِّخِ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن يدَّعِيه. وأَجْرَى ابنُ عَقِيلٍ كلامَ الخِرَقِىِّ على إطْلاقِه، فحكَى عنه أنَّ المِيراثَ للكافِرِ والحالَةُ هذه. وقدَّمه كما تقُولُه الجماعَةُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وشَذَّ الشِّيرَازِىُّ، فحكَى فيه الرِّوايتَيْن اللَّتَيْن فيما إذا اعْتَرَفَ بالأُخُوَّةِ ولم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه. قوله: وإنْ أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً أنَّه ماتَ على دِينِه، تَعارَضَتا. إذا شَهِدَتِ البَيِّنَتَان بذلك، فلا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا؛ فإنْ لم يُعْرَفْ أصْلُ دِينِه، فجزَم المُصَنِّفُ هنا بالتَّعارُضِ. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى وجماعَةٌ؛ منهم الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى». وجزَم به فى «الشَّرْح»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشِّيرَازِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وعنه، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الإِسْلامِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «العُمْدَةِ». وهو ظاهرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». وإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدِّمَتِ البَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ عنه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقالَه القاضى وجماعَةٌ. نَقَلَه الزَّرْكَشِىُّ. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ التَّعْارُضُ؛ لأنَّه لم يُفَرِّقْ بينَ مَن عُرِفَ أصْلُ دِينِه وبينَ مَن لم يُعْرَفْ [أصْلُ دِينِه] (¬1). وقال الشَّارِحُ: إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، نظَرْنا فى لَفْظِ الشَّهادَةِ؛ فإنْ شَهِدَتْ كلُّ واحِدَةٍ منهما أنَّه كان آخِرُ كلامِه التَّلَفُّظَ بما شَهِدَتْ به، فهما مُتَعارِضَتان، وإن شَهِدَتْ إحْداهما أنَّه ماتَ على دِينِ الإسْلامِ، وشَهِدَتِ الأُخْرَى أنَّه ماتَ على دِينِ الكُفْرِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مَن يدَّعِى انْتِقالَه عن دِينِه. انتهى. وقال فى «الرِّعايةِ»: وإنْ قالتْ بَيِّنَةُ المُسْلِمِ: ماتَ مُسْلِمًا. وبَيِّنَةُ الكافِرِ: ماتَ كافِرًا. ¬

(¬1) زيادة عن: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الإِسْلامِ. وقيلَ: إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدِّمَتِ النَّاقِلَةُ عنه. وقيلَ: بالتَّعارُضِ مُطْلَقًا كما لو جُهِلَ. وقيلَ: تُقَدَّمُ إحْداهما بقُرْعَةٍ. وقيلَ: يَرِثانِه نِصْفَيْن. قوله: وإنْ قال شاهِدان: نَعْرِفُه مُسْلِمًا. وقال شاهِدان: نَعْرِفُه كافِرًا. فالمِيرَاثُ للمُسْلِمِ إذا لم يُؤَرِّخِ الشُّهُودُ مَعْرِفَتَهُم. إذا شَهِدَتِ الشُّهودُ بهذه الصِّفَةِ، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يُعْرَفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا؟ فإنْ [لم يُعْرَفْ بل] (¬1) جُهِلَ أصْلُ دِينِه، فالمِيراثُ للمُسْلِمِ إذا لم يُؤرِّخِ الشهودُ، كما هو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ. وهو المذهبُ. اخْتارَ الْخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى»، والشِّيرَازِىُّ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «العُمْدَةِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وعنه، يتَعَارَضَان. وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. اخْتارَه جماعَةُ، منهم القاضِى. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». واخْتارَه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». ولوِ اتَّفَقَ تارِيخُهما، وهو ظاهرُ كلامِه فى «منُتْخَبِ الشِّيرَازِىِّ». وإنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُدَّمَتِ البَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ. وهو المذهبُ. وعليه الأكثرُ. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن» أنَّ بَيِّنَةَ الإسْلامِ تُقَدَّمُ. وذكَر قَوْلًا بالتَّعارُضِ، وقوْلًا: تُقَدَّمُ إحْداهما بقُرْعَةٍ. وقوْلًا: يَرِثانِه نِصْفَيْن. فائدة: لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ ناطِقًا بكَلِمَةِ الإِسْلامِ، وبَيِّنَةٌ بأنَّه ماتَ ناطِقًا بكَلِمَةِ الكُفْرِ، تَعارَضَتا؛ سواءٌ عُرِفَ أصْلُ دِينِه أوْ لا. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغْرَى»: وإنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ لمَّا نطَق بالإِسْلامِ، وبَيِّنَةٌ أنَّه ماتَ لمَّا نَطَقَ بالكُفْرِ، وعُرِفَ أصْلُ دِينِه أو جُهِلَ، سَقَطَا، والحُكْمُ كما سبق. وعنه، لا سُقوطَ ويَرِثُه مَن قرَع. وعنه، بل هما.

وَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِى دِينِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ القَوْلَ قَوْل الِابْنَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ»: إنْ عُرِفَ أصْلُ دِينِه، قُبِلَ قولُ مَن يدَّعِى نَفْيَه. وشَذَّذَه الزَّرْكَشِىُّ. قوله: وإنْ خَلَّفَ أبَوَيْن كافِرَيْن وابنَيْن مُسْلمَيْن، فاخْتَلَفُوا فى دِينِ، فالقَوْلُ قَوْلُ الأبَوَيْن. كما لو عُرِفَ أصْلُ دِينِه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايةِ». ويَحْتَمِلُ أنَّ القَوْلَ قولُ الابْنَيْن. لأنَّ كُفْرَ أبوَيْه يدُلُّ على أصْلِ دِينِه فى صِغَرِه، وإسْلامُ ابْنَيْه يدُلُّ على إسْلامِه فى كِبَرِه، فيُعْمَلُ بهما جميعًا. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايةِ». قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى»: وهو أَوْلَى. والذى قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، أنَّ حُكْمَهم كحُكْمِ الابنِ المُسْلمِ والابنِ الكافِرِ.

وإنْ خَلفَ ابْنًا كَافِرًا [344 ظ] وَأخًا وَامْراةً مُسْلِمَيْنِ، فَاخْتَلَفُوا فِى دِينهِ، فَالْقَوْل قَوْلُ الِابنِ، عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ القَاضِى: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ أبو بَكْر: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ تُعْطَى الْمَرأَةُ الرُّبْعَ، وَيُقْسَمَ الْبَاقِى بَيْنَ الِابنِ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على ما تقدَّم مِن التَّفْصيلِ والخِلافِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قوله: وإنْ خَلَّفَ ابنًا كافِرًا وأخًا وامْرَأةً مُسْلِمَيْن، واخْتَلَفُوا فى دِينِه، فالقَولُ قَوْلُ الابنِ، على قَوْلِ الخِرقِىِّ - وجزَم به فى «الوَجِيزِ» - وقال القاضِى: يُقْرَعُ بينَهما. والذى قدَّمه فى «المُحرَّرِ»، و «الرِّعايةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، أنَّ حُكْمَهم حكمُ الإبنِ المُسْلِمِ مع الابْنِ الكافِرِ، على ما تقدَّم مِنَ التَّفْصِيلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والخِلافِ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقال أبوِ بَكْر: قِياسُ المذهبِ، أنْ تُعطَى المَرْأةُ الرُّبْعَ، ويُقْسَمَ الباقِى بينَ الابْنِ والأخِ نِصْفيْن. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو بعيدٌ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، أنَّ المَرأةَ تعطَى الثُّمْنَ، والباقِى للابْنِ والأخ نِصْفَيْن. قال فى «المُحَرَّرِ» أيضًا: وهو بعيدٌ. وقال فى «الفُروعِ»، فى المسأَلةِ الأُولَى: ومتى نَصَّفْنا المالَ، فنِصْفُه للأبَوَيْن على ثَلاَثةِ. وقال فى الثَّانيةِ: متى نصَّفْناه، فنصفُه للزَّوْجَةِ والأخِ على أربَعَةٍ.

وَلَوْ مَاتَ مُسلِم وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ؛ مُسْلِمًا وَكَافِرًا، فَأسْلَمَ الكَافِرُ، وَقَالَ: أسلَمتُ قَبْلَ مَوْتِ أَبِى. وَقَالَ أخُوهُ: بَلْ بَعدَهُ. فَلَا مِيرَاثَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو ماتَ مُسْلِم وخَلفَ وَلَدَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرا، فأسْلَمَ الكافِرُ، وقال: أيسَلمتُ قبْلَ مَوْتِ أَبِى. وقال أخُوه: بل بعدَه. فلا مِيراثَ له، فإنْ قال:

لَهُ، فَإنْ قَالَ: أسْلَمتُ فِى الْمُحَرَّم، وَمَاتَ أبِى فِى صَفَرٍ. وَقَالَ أخُوهُ: بَلْ مَاتَ فِى ذِى الْحِجَّةِ. فَلَهُ الْمِيرَاثُ مَعَ أَخِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أسْلمتُ فى المُحَرَّمِ، وماتَ أبِى فى صفَر. وقال أخُوه: بلْ ماتَ فى ذِى الحِجَّةِ. فله المِيرَاثُ مع أخِيه. وهذا المذهبُ. وقطَع به الأصحابُ فى الثَّانيةِ. وعليه الأكثرُ فى الأولَى. وجزَم به فى «المُحَرَّر»، و «الشَّرحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الحاوِى»، و «النظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، المِيراثُ بينَهما. قدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الرعايتَيْن». فوائد؛ الأولَى، لو أقامَ كلُّ واحدٍ بَينةً بذلك، فهل يتَعارَضان أو تُقدَّمُ بَيِّنَةُ مُدَّعِى تَقْديمِ مَوْتِه؟ على وَجْهيْن. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو خَلَّفَ كافِرٌ ابْنَيْن؛ مُسْلِمًا وكافِرًا، فقال المُسْلِمُ: أسْلَمتُ أنا عَقِبَ مَوْتِ أبِى وقبلَ قَسْمِ تَرِكَتِه - على رِوايةٍ - فإرثُه لى [ولك] (¬1). وقال الآخَرُ: بل أسْلمتَ قبلَ مَوْتِه، فلا إرثَ لك. صُدقَ المُسْلِمُ بيَمِينه، وإنْ أقاما بَيِّنَتَيْن بما قالا، ¬

(¬1) سقط من: ط، 1.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدمَتْ بَيِّنَةَ الكافِرِ؛ سواء اتَّفَقَا على وقْتِ (¬1) مَوْتِ أبِيهما أوْ لا؛ فإنِ اتَّفَقا أنَّ المُسْلِمَ أسْلَم فى رَمَضَانَ، فقال: ماتَ أبى فى شَعْبانَ (¬2)، فأرِثُه أنا وأنتَ. وقال الكافِرُ: بل ماتَ فى شَوَّالٍ. صُدِّق الكافِرُ، وإنْ أقاما بَيِّنَتَيْن، صُدِّقَتْ بَيِّنَةَ المُسْلِمَ. الثَّالِثَة، لو خلف حُرٌّ ابنا حُرًّا وابْنًا كان عَبْدًا، فادَّعَى أنَّه عَتَقَ وأبوه حىٍّ ولا بَيِّنَةَ، صُدِّق أخُوه فى عدَمِ ذلك، وإنْ ثَبَتَ عِتْقُه فى رَمَضَانَ، فقال الحُرُّ: ماتَ أبِى فى شَعْبانَ. وقال العَتِيقُ: بل فى شَوَّالٍ. صُدق العَتِيقُ، وتُقدَّمُ بَيِّنَةَ الحُرِّ مع التَّعارُضِ. الرَّابعةُ، لو شَهِدا على، اثَنين بقَتلٍ، فشَهِدا علي الشَّاهِدَين به (¬3)، فصَدَّق الوَلِيُّ الكُلَّ أو الآخَرَيْن، أو كَذَّب الكُلَّ أو الأوَّلَيْن فقطْ، فلا قَتْلَ ولا دِيَةَ، وإنْ صدَّق الأَوْلَيْن فقطْ، حَكَمَ بشَهادَتِهما وقَتَلَ مَن شَهِدَا عليه. واللهُ أعلمُ بالصَّوابِ. ¬

(¬1) سقط من: 1. (¬2) في الأصل، ا: «شوال». (¬3) سقط من: الأصل.

كتاب الشهادات

كِتَابُ الشَّهادَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كتابُ الشَّهاداتِ فائدة: الشَّهادةُ حُجَّةٌ شرعيَّةٌ، تُظْهِرُ الحقَّ المُدَّعَى به، ولا تُوجِبُه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى».

تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وَأدَاؤها فرض عَلَى الْكِفَايَةِ، إذَا قَامَ بِها مَن يَكْفِىِ، سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وإنْ لَمْ يَقُف بِها مَنْ يَكْفِى، تَعَيَّنَتْ عَلى مَنْ وُجِدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: تَحَمُّلُ الشَّهادَةِ وأداؤُها فَرْضٌ على الكِفايَةِ. تحمُّلُ الشهادَةِ لا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ فى حقِّ اللهِ تعالَى، أو فى حقِّ غيرِ الله؛ فإنْ كان فى حقِّ غيرِ اللهِ، كحقِّ الآدَمِىِّ، والمالِ، وهو مُرادُ المُصَنِّفِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، أنَّ تحَمُّلَها فرضُ كِفايةٍ، كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا. وجزَم به فى «الهدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبِوك الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، [و «الخُلاصَةِ»] (¬1)، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقال في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»: فى إثْمِه بامتِناعِه مع وُجودِ غيرِه وَجْهان. وذكَر الوَجْهيْن فى «البُلْغَةِ»، وأطْلَقهما. وإنْ كان فى حُقوقِ اللهِ تعالى، فليس تحَمُّلُها فرضَ كِفايةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الفُروعِ»، و «تَجْرِيدِ العِناية»، وغيرِهم. وقيلَ: بل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هو فرضُ كِفايَةٍ. وقدَّمه فى «الرعايتَيْن». ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا. وقيل: إنْ قَلَّ الشهودُ وكَثُرَ أهْلُ البلدِ، فهى فيه فرضُ عَيْنٍ. ذكَرَه فى «الرِّعايةِ». فائدة: حيثُ وجَب تَحَمُّلُها، ففى وُجوبِ كتابتها لتُخفَظَ وَجْهان. وأطْلَقَهُما فى «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ الوجوبُ؛ للاحْتِياطِ. ثم وجَدتُ صاحِبَ «الرِّعايةِ الكُبْرى» قدَّمه، ذكَرَه فى أوائل بقِيةِ الشَّهاداتِ. في نقَل المُصَنِّفُ عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، إنّه قال: يكْتُبُها إذا كان رَدِئَ الحِفظِ. فظاهِرُه الوُجوب. وأمَّا أداءُ الشَّهادَةِ، فقدّم المُصَنِّفُ هنا، إنّه فرضُ كفايةٍ. واخْتارَه جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. قال فى «المُسْتوعِب»: ذكَر أصْحابُنا أنَّه فرْضُ

قَالَ الخِرَقِىُّ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ، فَعَلَيْهِ أنْ يَقُومَ بِها عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، لَا يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عَنْ إِقَامَتِها وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كِفاية. قال فى «التَّرْغيبِ»: هو أشْهرُ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الكافِى»، و «المُغْنِى». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وذكَرَه ابنُ مُنَحى فى «شَرْحِه» رِوايةً. وقال الخِرَقِىُّ: ومَن لَزِمَتْه الشَّهادةُ، فعليه أنْ يَقُومَ بها على القَرِيبِ والبعيدِ، لا يَسَعُه التخَلُّفُ عن إقامَتِها وهو قادِر على ذلك. فظاهِرُه أنَّ أداءَها فرضُ عَيْنٍ. قلتُ: وهو المذهبُ. نَصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ الله. قال فى «الفُروعِ»: ونصُّه أنَّه فرضُ عَيْنٍ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ الله، أنها فرضُ عَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ». وصحَّحه النَّاظِمُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، يُشْتَرَطُ فى وُجوبِ التَّحَمُّلِ والأداءِ أنْ يُدعَى إليهما، ويقْدِرَ عليهما بلا ضرَر يَلْحَقُه. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونصَّ عليه. وقال فى «المُغْنِى»، و «الشّرح»: ولا تَبَذُّلَ فى التَّزْكِيَةِ. قال فى «الرِّعايةِ»: ومَن تضرَّرَ بتحَمُّلِ شَهادةٍ أو أدائِها فى بَدَنِه، أو عِرضِه، أو مالِه، أو أهْلِه، لم يَلْزَمه. الثَّانيةُ، يخْتَصُّ الأداءُ بمَجْلِسِ الحُكْمِ، ومَن تحمَّلَها أو رأى فِعلًا أو سَمِعَ قوْلًا بحق، لَزِمَه أداؤُها على القريبِ والبعيدِ والنَّسِيبِ وغيرِه سواءً، فيما دُونَ مَسافةِ القَصرِ. وقيل: أو ما يرجِعُ فيه إلى مَنْزِلِه ليَوْمِه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهما. قال فى «الفُروعِ»: تجِبُ فى مَسافَةِ كتاب القاضى عندَ سُلْطانٍ لا يُخافُ تعَدِّيِه - نقَله مُثَنَّى - أو حاكَم عَدلٍ. نَقَل ابنُ الحَكَمِ، كيف أشْهدُ عندَ رَجُلٍ ليس عَدلًا؟ قال: لا تَشْهَدْ. وقال فى رِوايةِ عَبْدِ اللهِ: أخافُ أنْ يَسَعَه أنْ لا يشْهدَ عندَ الجَهْمِيَّةِ. وقيلَ: أو لا ينْعَزِلُ بفِسْقِه. وقيل: لا أميرَ البلَدِ ووَزِيرَه. الثَّالثةُ، لو أدَّى شاهِدٌ وأبَى الشَّاهِدُ الآخَرُ، وقال: اخلِفْ أنتَ بدَلِى. أَثِمَ اتفاقا. قالَه فى «الترغيبِ» وقدَّم فى «الرِّعايةِ» أنَّه لا يأثَمُ إنْ قُلْنا:

وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أخْذُ الأجْرَةِ عَلَيْها، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ، [345 و] فِى أصَحِّ الْوَجْهيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فَرضُ كِفايةٍ. الرَّابعةُ، لو دُعِىَ فاسِقٌ إلى شهادةٍ، فله الحُضورُ مع عدمِ غيرِه. ذكَرَه فى «الرِّعاية». قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه، لتَحَمُّلِها. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنى» (¬1) وغيرِه: لا تُعتَبَرُ له العَدالَةُ. قال فى «الفُروع»: فظاهِرُه، مُطقًا، ولهذا لو لم يُؤَدِّ حتى صارَ عدلاً، قُبِلَتْ، ولم يذْكُروا تَوْبَة لتَحَمُّلِها، ولم يُعللوا رَدَّ (¬2) مَنِ ادَّعاها بعدَ أنْ رُدَّ إِلَّا بالتُّهْمَةِ، وذكَرُوا، إنْ شَهِدَ عندَه فاسِقٌ يعرِفُ حالَه، قال للمُدَّعِى: زِدنى شُهودًا. لِئلا يفضَحَه. وقال فى «المُغْنِى»: إنَّ مَن شَهِدَ مع ظُهورِ فِسْقِه، لم يُعَزَّرْ؛ لأنّه لا يمنَعُ صدقَه. فدل إنّه لا يحرُمُ أداءُ الفاسِقِ، وإلَّا لَعُزِّرَ. يؤَيِّدُه أن الأشهرَ، لا يضْمَنُ مَن بانَ فِسْقُه. ويتَوَجَّهُ التَّحْريمُ عندَ مَن ضَمَّنَه، ويكونُ عِلةً لتَضْمينِه. وفى ذلك نظرٌ؛ لأنَّه لا تَلازُمَ بينَ الضَّمانِ والتَّحْريمَ. قوله: ولا يَجُوزُ لمَن تَعَيَّنَتْ عليه أخْذُ الأجْرَةِ عليها. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. قال ¬

(¬1) انظر المغنى 14/ 197. (¬2) فى ا، ط: «أن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الفُروع»: ويحرُمُ فى الأصحِّ أخْذُ أجْرَةٍ وجُعل. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «الهِداية»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيلَ: لا يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ إنْ تعَينتْ عليه إذا كان غيرَ مُحتاجٍ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِى الدينِ، رحِمَهُ اللهُ، وجْهًا بجوازِ الأخْذِ لحاجَةٍ، تَعَيَّنَتْ أوْ لا، واخْتارَه. وقيلَ: يجوزُ الأخْذُ مع التَّحَمُّلِ. وقيلَ: أُجْرَتُه مِن بَيْتِ المالِ. قوله: ولا يَجُوزُ ذلك لمَن لم تَتَعَيَّنْ عليه، فى أصَح الوَجْهيْن. وكذا قال فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». وصحَّحه فى «الفُروعِ»،؛ تقدَّم. وجزَم به فى «الوَجيز»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّاني، يجوزُ. واخْتارَ الشيْخُ تَقِى الدينِ، رَحِمَه اللهُ، يجوزُ لحاجَةٍ. كما تقدَّم عنه. وقيلَ: يجوزُ الأخْذُ مع التَّحَمُّلِ. تنبيه: حيثُ قُلْنا بعَدَمِ الأخْذِ، فلو عجَز عن المَشْىِ، أو تأذَّى به، فأجْرَةُ المَركوبِ [على رب الشَّهادَةِ. قالَه فى «التَّرغيبِ» وغيرِه. واقتَصَرَ عليه فى «الفُروع». قال فى «الرِّعايةِ»: وأجْرَةُ المركوبِ] (¬1) والنَّفَقَةُ على ربِّها. ثم ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهادَة فِى حَد لِلّهِ تَعَالَى، أبِيحَ إِقامَتُها، وَلَم يُسْتَحَبَّ، وَلِلْحَاكِمِ أن يُعَرِّضَ لَهُم بِالْوُقُوفِ عَنْها، فِى أحدِ الْوَجْهيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: قلتُ: هذا إنْ تعَذَّر حُضورُ المَشْهودِ عليه إلى مَحَلِّ الشَّاهِدِ، لمرَضٍ، أو كِبَرٍ، أو حَبْس، أو جاهٍ، أو خَفَرٍ. وقال أيضًا: وكذا حُكْمُ مُزَكٍّ، ومُعَرِّفٍ، ومُتَرْجِم، ومُفْتٍ، ومُقِيمِ حدٍّ وقَوَدٍ، وحافِظِ مالِ بَيْتِ المالِ، ومُحْتَسِب (¬1)، والخَليفَةِ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». فائدة: لا يُقِيمُ الشهادةَ على مُسْلم بقَتْلِ كافر، وكِتابةٌ كشَهادةٍ، فى ظاهرِ كلامِ المُصَنِّفِ والشَّيْخِ تَقِى الدِّينِ. قالَه فى «الفُروعِ». قوله: ومَن كانتْ عندَه شَهادَة فى حَدٍّ لله تِعالى، أُبِيحَ له إقامَتُها، ولم يُسْتَحَبَّ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبً. جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى وأصحابُه، وأبو الفَرَجِ، والمصَنِّفْ، وغيرهم: يًسْتَحَبُّ تركً ذلك؛ للتَّرْغيبِ فى السَّتْرِ. قال النَّاظِمُ، وابن عَبْدوس فى «تَذْكِرَتِه»، وصاحِب «الرِّعايَةِ»: تركُها أوْلَى. قال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وهذا يُخالِفُ ما جزَم به فى آخِرِ «الرِّعايةِ» مِن وُجوبِ الإعْضاءِ عمَّن سَتَرَ المَعصِيَةَ؛ فإنَّهم لم يُفَرِّقُوا. وهو ظاهِرُ كلامِ الخَلَّالِ. قال: ويتوَجَّهُ فى مَن عُرِفَ بالشَّرِّ والفَسادِ، أنْ لا يُسْتَرَ عليه. وهو يُشبِهُ قولَ القاضى المُتَقَدِّمَ فى المُقِرِّ بالحدِّ. وسَبق قولُ شيْخِنا فى إقامةِ الحدِّ. انتهى. قلتُ: وهو الصَّوابُ، بل لو قيلَ بالتَّرَقِّى إلى الوُجوبِ لاتَّجَة، خُصوصًا إنْ كان ينْزَجِرُ به. قوله: وللحاكِمِ أنْ يُعَرضَ لهم بالوُقُوفِ عنها، فِى أحَدِ الوَجْهيْنِ. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وللحاكمِ، فى الأصحِّ، أنْ يُعَرِّضَ له بالتَّوَقُّفِ عنها. قال الشَّارِحُ: وللحاكمِ أنْ يُعَرِّضَ للشَّاهدِ بالوُقوفِ عنها فى أظْهَرِ الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، [و «الحاوِى»] (¬1)، وغيرِهم. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. والثَّانى، ليس له ذلك. فائدتان؛ إحداهما، قال فى «الرِّعايةِ»: هل تُقْبَلُ الشَّهادةُ بحَدٌّ قديمٍ؟ على وَجْهيْن. انتهى. والصَّحيحُ مِنَ المذهب القَبُولُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تُقْبَلُ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. وقدمه فى «الرِّعاية» فى مَوْضعٍ. الثَّانيةُ، للحاكمِ أنْ يُعَرِّضَ للمُقِرِّ بحدٍّ أنْ يرجِعَ عن إقْرارِه. وقال فى «الانْتِصارِ»: تلْقِينُه الرُّجوعَ مشْروعٌ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهادَةُ لآدَمِىٍّ يَعلَمُها، لَمْ يُقِمها حَتَّى يَسْألهُ، فَإنْ لَم يَعلَمها، اسْتُحِبَّ لَهُ إعلَامُه بِها، وَلَهُ إقَامَتُها قَبْلَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَن كانتْ عندَه شَهادَةٌ لآدَمِىّ يعلَمُها، لم يُقِمها حتى يَسْأَلَه، فإنْ لم يَعلَمها، اسْتُحِبَّ له إعلامُه بها. هذا المذهبُ. وقطَع به الأكثرُ، وأطْلَقوا. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: الطَّلَبُ العرفِىُّ أو الحالِىُّ كاللفْظِىِّ، عَلِمَها أوْ لا. قلتُ: هذا عَيْنُ الصَّوابِ. ويجِبُ عليه إعلامُه إذا لم يَعلَم بها. وهذا ممَّا لا شكَّ فيه. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الذينِ، رَحِمَه الله، فى رده على الرَّافِضِىِّ: إذا أدّاها قبلَ طَلَبِه، قامَ بالواجبِ وكان أفْضَلَ، كمَن عندَه أمانةٌ أدّاها عندَ الحاجَةِ، وأنَّ المسْأَلَةَ

وَلَا يَجُوزُ ان يَشْهدَ إلَّا بِمَا يَعلَمُهُ بِرُويَةٍ أَوْ سَمَاعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تُشْبِهُ الخِلافَ في الحُكْمِ قبلَ الطلَبِ. قوله: ولا يَجُوزُ أنْ يَشْهدَ إلَّا بِما يَعلَمُه برُؤْيَةٍ أو سَماع. بلا نِزاعٍ في الجُملةِ. لكِنْ لو جَهِلَ رجُلًا حاضِرًا، جازَ له أنْ يَشْهَدَ فى حضْرَتِه؛ لمعرِفَةِ عَيْنِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ كان غائبًا، فعرفَه مَن يسْكُنُ إليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وعندَ جماعةٍ، جازَ له أنْ يشْهَدَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، المَنْعُ مِن الشَّهادَةِ بالتَّعْريفِ. وحَمَلها القاضى على الاسْتِحبابِ. وأطْلَقَهما فى «النَّظْمِ». والمرأةُ كالرَّجُلِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وعنه، إنْ عَرَفَها كنَفْسِه، شَهِدَ، وإلا فلا. وعنه، أو نظَر إليها، شَهِدَ. ونقَل حَنْبَلٌ، لا يشْهدُ عليها إلَّا بإذْنِ زوْجِها. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهو مُحتَمِلٌ أنْ لا يدخُلَ عليها بَيْتَها إلَّا بإذْنِ زوْجِها. وعلَّل رِوايةَ حَنْبَل، بأنَّه أملَكُ بعصمَتِها. وقطَع به فى «المُبْهِجِ»؛ للخَبَرِ. وعلَّله بعضُهم بأن النَّظَرَ حقه. قال فى «الفُروعِ»: وهو سَهْوٌ. وتقام هذا أيضًا، فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصفَتِه، عندَ التَّعريف، وذكَرنا هناك كلامَ صاحبِ

وَالرُّويَةُ تَخْتَصُّ بِالأفْعَالِ؛ كَالْقَتْلِ، وَالْغصبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشربِ الْخَمرِ، وَالرضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَغَيْرِها. وَالسمَاعُ عَلَى ضَربَيْنِ؛ سَمَاع مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نحوَ الإقْرَارِ، وَالْعُقُودِ، وَالطَلاقِ، وَالعَتَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُطْلِعِ»، فَلْيُراجَع. قوله: والسماعُ على ضَربَيْن؛ سماع مِنَ المَشْهُودِ عليه، نحوَ الإقْرارِ، والعُقُودِ، والطَّلاقِ، والعَتَاقِ. ونحوِه. وكذا حُكْمُ الحاكمِ، فَيَلْزَمُ الشَّاهِدَ الشَّهادةُ بما سَمِعِ، لا بأنَّه عليه. وهذا المذهبُ. وعنه، لا يَلْزَمُه، فيُخَيرُ. وتَأْتى تَتِمَّةُ ذلك مُسْتَوْفى، عندَ قوله: وتجوزُ شَهادَةُ المُسْتَخْفِى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو شَهِدَ اثْنانِ فى مَحفلٍ على واحدٍ منهم أنَّه طلَّق، أو أعْتَقَ (¬1)، قُبِلَ، ولو أنَّ الشَّاهِدَيْن مِن أهْلِ الجُمُعَةِ، فشَهِدَا على الخَطيِبِ أنَّه قال، أو فعَل على ¬

(¬1) فى ط: «عتق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المِنْبَرِ فى الخُطةِ شيئًا يشْهد به غيرُهما فى المسْألتَيْن، قُبِل مع المُشارَكَةِ فى سَمعٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبصَر. ذكَره في «المُغْنِى»، فى شَهادةِ واحد [برَمَضانَ] (¬1). قال فى ¬

(¬1) فى الأصل: «فى رمضان».

وَسَمَاعٌ مِنْ جِهةِ الاسْتِفَاضَةِ، فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ فِى الغَالِبِ إِلَّا بِذلِكَ؛ كَالنَّسبِ، وَالْمَوْت، وَالْمِلْكِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، وَالوَقْفِ وَمصرِفِهِ، وَالْعِتْقِ، وَالوَلَاءِ، وَالْوِلَايةِ، وَالْعَزْلِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروع»: ولا يُعارِضُه قولُهم: إذا انْفَرَدَ واحدٌ فيما تَتَوَفرُ الدَّواعِى على نقْلِه مع مُشارَكَةِ خلقٍ، رُدَّ. قوله: وسَماعٌ مِن جِهةِ الاسْتِفاضَةِ، فيما يَتَعَذر عِلْمُه فى الغالِبِ إلَّا بذلك؛ كالنَّسَبِ، والموْتِ، والمِلْك، والنكاحِ، والخُلْعِ، والوَقف، ومَصْرِفِه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعتقِ، والوَلاءِ، وَالولايةِ، والعَزْلِ، وما أشْبَهَ ذلك. كالطَّلاقِ ونحوِه. هذا المذهبُ. أغنى، أنْ يشْهدَ بالاسْتِفاضَةِ فى ذلك كله. وعليه جماهيرُ الأصحابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الوَجِيز» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا يشْهدُ بالاسْتِفاضَةِ فى الوَقْفِ. وحكَى فى «الرعايةِ» خِلافًا فى مِلْكٍ مُطْلَقٍ، ومَصْرِفِ وَقْفٍ. وقال فى «العُمدَة»: ولا يجوزُ ذلك فى حدٍّ ولا قِصاصٍ. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه الاقْتِصارُ عليهما. وهو أظْهرُ. انتهى. وسألَه الشَّالَنْجِىُّ عن شَهادةِ الأعمَى، فقال: يجوزُ فى كلِّ ما ظَنَّه، مِثْلَ النَّسَبِ، ولا يجوزُ فى الحدِّ. وظاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ، وابنِ حامدٍ، وغيرِ هما، أنَّه يثْبُتُ فيهما أيضًا؛ لأنَّهم أطْلَقُوا الشَّهادةَ بما تَظاهرَتْ به الأخْبارُ. وقال فى «التَرغيبِ»: تُسْمَعُ شَهادةُ الاسْتِفاضَةِ فيما تسْتَقِرُّ معرِفَتُه بالتَّسامُعِ، لا فى عَقْدٍ. واقْتَصَرَ جماعةٌ مِن الأصحابِ - منهم، القاضى فى «الجامعِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما»، وابنُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَقِيل فى «التَّذْكِرَةِ»، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا - على النَّسَبِ، والموتِ، والمِلْكِ المُطْلَقِ، والنِّكاحِ، والوَقْفِ، والعِتْقِ، والوَلاءِ. قال فى «الفُروعِ»: ولعله أشْهرُ. قال فى «المُغْنِى» (¬1): وزادَ الأصحابُ على ذلك، مصرِفَ الوَقْفِ، والوِلايةَ، والعَزْلَ. وقال نحوَه فى «الكافِى». وقال فى «الروْضَة»: لا تُقْبَلُ إلَّا فى نَسَبٍ، وموتٍ، ومِلْك مُطْلَقٍ، ووَقفٍ، ووَلاءٍ، ونِكاحٍ. وأسْقطَ جماعة مِن الأصحابِ الخُلْعَ والطَّلاقَ، وأسْقَطَهما آخرون، وزادُوا الوَلاءَ. وقال الشَّارِحُ: لم يَذْكُرِ المُصَنِّف الخُلْعَ فى «المُغْنِى»، ولا فى «الكافِى». قال: ولا رأيْتُه فى كتابٍ غيرِه، ولعَلَّه قاسَه على النِّكاحِ. قال: والأوْلَى أنْ لا يثْبُتَ، قِياسًا على النِّكاحِ والطَّلاقِ. انتهى. قلتُ: نَصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، على ثُبوتِ الشَّهادةِ بالاسْتِفاضَةِ فى الخُلْعِ والطلاقِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصغيرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّ عايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. لكِنَّ العُذْرَ للشَّارِحِ أنَّه لم يطَّلِع على ذلك، مع كَثْرَةِ نقْلِه. وقال فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: تعْليلُ أصحابنا بأنَّ جِهاتِ المِلْكِ تخْتَلِفُ تعليل يُوجَدُ فى الدَّيْنِ، فقِياسُ قوْلِهم، يقْتَضِى أَنْ يثْبُتَ الدَّيْنُ بالاسْتِفاضَةِ. قلتُ: وليس ببعيدٍ. تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: والنِّكاحِ. يشْمَلُ العَقْدَ والدَّوامَ. وهو صحيحٌ. وهو ¬

(¬1) انظر المغنى 14/ 142.

وَلَا تُقْبَلُ الاسْتِفَاضَةُ إلَّا مِنْ عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِىِّ. وَقَالَ القَاضِى: تُسْمَعُ مِنْ عَدلَيْنِ فَصَاعِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ طاهِرُ كلامِ غيرِه، وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال جماعةٌ مِن الأصحابِ: يَشهدُ بالاسْتِفاضَةِ فى دَوامِ النِّكاح، لا فى عَقْدِه. مهم، ابنُ عَبْدُوس فى «تَذكِرَتِه». قوله: ولا تُقْبَلُ الاسْتِفاضَةُ إلَّا مِن عَدَدٍ يَقَعُ العِلْمُ بِخَبَرِهم، فى ظاهِرِ كلامِ أحمَدَ، وَالخِرَقى. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ»، و «المُنور»، و «مُنتخَبِ الأدَمِى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِداية»، و «المُذْهَبِ»، و «المُستَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: تُسْمَعُ مِن عَدْلَيْن. وقيلَ: تُقْبَلُ أيضًا ممَّن تَسْكُنُ النَّفْسُ إليه،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو كان واحِدًا. واخْتارَه المَجْدُ وحفيدُه. فائدتان؛ إحداهما، يَلْزَمُ الحُكْمُ بشَهادَةٍ لم يُعلَم تَلَقِّيها مِن الاسْتِفاضَةِ. ومَن قال: شَهدتُ بها. ففَرع. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): شهادةُ أصحابِ المَسائلِ شهادَةُ اسْتِفاضَةٍ، لا شَهادَة على شَهادَةٍ، فيُكْتَفَى بمَن شَهِدَ بها، كبَقِيةِ شَهادةِ الاسْتِفاضَةِ. وقال فى «التَّزغيبِ»: ليس فها فرع. وقال القاضى فى «التعليقِ» وغيرِه: الشهادَةُ بالاسْتِفاضَةِ خَبَرٌ، لا شَهادة. وقال: تحْصُلُ بالنِّساءِ والعَبِيدِ. وقال الشيْخُ تَقِى الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هى نظيرُ أصحابِ المَسائلِ عن الشهودِ على الخِلافِ. وذكَر ابنُ الزاغُونِىِّ، إنْ شَهِدَ أن جماعَةً يثِقُ بهم أخْبَرُوه بمَوْتِ فُلانٍ، أو أنَّه ابنُه، أو أنَّها زَوْجَتُه، فهى شَهادَةُ الاسْتِفاضَةِ، وهى صحيحةٌ. وكذا أجابَ أبو الخَطَّابِ، يُقْبَلُ فى ذلك، ويُحكَمُ فيه بشَهادَةِ الاسْتِفاضَةِ. وأجابَ أبو الوَفاءِ، إنْ صرَّحا بالاسْتِفاضَةِ، أو اسْتَفاضَ بينَ النَّاسِ، قُبِلَتْ فى الوَفاةِ والنَّسَبِ جميعًا. ونقَل الحَسَنُ بنُ محمدٍ، لا يشْهد إذا ثبَت ¬

(¬1) انظر المغنى 14/ 143.

[345 ظ] وإنْ سَمِعَ إنْسَانًا يُقِرُّ بِنَسَبِ أبٍ، او ابْنٍ، فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، جَازَ انْ يَشْهَدَ بِهِ، وَإنْ كَذَّبَهُ، لَمْ يَشْهَدْ، وَإنْ سَكَتَ، جَازَ أنْ يَشْهَدَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ حَتَّى يَتَكَرَّرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَه بعدَ مَوْتِه. ونقَل مَعْناه جَعْفَر. قال فى «الفُروعِ»: وهو غريبٌ. الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: وإذا شَهِدَ بالأمْلاكِ بتَظاهُرِ الأخْبارِ، فعمَلُ وُلاةِ المظالمِ بذلك أحقُّ. ذكَره فى «الأحْكامِ السلْطانِيةِ». وذكَر القاضى أنَّ الحاكِمَ يحْكُمُ بالتَّواتُرِ. قوله: وإنْ سَمِعَ إنْسَانًا يُقِر بنَسَبِ أبٍ، أو ابن، فَصَدَّقَه المُقَر له، جازَ أنْ يَشْهَدَ - له - به، وإنْ كَذبَه، لم يَشْهَدْ - بلا نِزاع أعْلَمُه - وإنْ سَكَتَ، جازَ أنْ يَشْهَدَ. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. من عليه. قال ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوس فى «تَذْكِرَتِه». [وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «الهِدايةِ»] (¬1)، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الخُلاصةِ»، و «النظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ حتى يتَكَرَّرَ. وهو لأبي الخَطابِ فى «الهِدايةِ». وعلَّله ابنُ مُنجى فى «شرحِه»، فقال (¬1): لأنَّه لو أكْذَبَه، لم تَجُزِ الشَّهادةُ، وسُكوتُه يَحتَمِلُ التَّصْدِيقَ والتكْذيبَ. ثم قال: واعلم أنَّ هذا تِعليلُ كلامِ المُصَنِّفِ. قال: وعندِى فيه نظرٌ؛ وذلك أن الاخْتِلافَ المذْكورَ فى الصُّورَةِ المذْكُورة يَنْبَغِى أنْ تكونَ فى دَعوَى الأبُوَّةِ، مثلَ أنْ يدَّعِىَ شخْصٌ أنَّه ابنُ فُلانٍ، وفُلانٌ يسْمَعُ فيَسْكُتُ، فإن السُّكوتَ إذا نُزِّلَ هنا مَنْزِلَةَ الإِقْرارِ، صارَ كما لو أقَرَّ الأبُ أنَّ فُلانًا ابْنُه. قال: ويُقَوِّى ما ذَكَرتُه، أنَّ المُصَنِّفَ حكَى فى «المُغْنِى»، إذا سَمِعَ رجُلًا يقولُ لصَبِىّ: هذا ابْنِي. جازَ أنْ يشْهدَ، وإذا سَمِعَ الصَّبِىَّ يقولُ: هذا أبِى. والرَّجُلُ يسْمَعُه، فسَكَت، جازَ أنْ يشْهدَ؛ لأنَّ سُكوتَ الأبِ إقْرارٌ، والإقْرارُ يُثْبتُ النَّسَبَ، فَجَازَتِ الشَّهادَةُ به. ثم قال فى «المُغْنِى» (3): وإنَّما أُقِيمَ السُّكوتُ مُقامَ النُّطْقِ؛ لأنَّ الإقْرارَ على الانْتِساب الفاسِدِ لا يجوزُ، بخِلافِ سائرِ الدَّعاوَى، ولأنَّ النَّسَبَ يغْلِبُ فيه الإثْباتُ، إلَّا أنَّه يَلْحَقُ بالإمكانِ فى النِّكاحِ. ثم قال في «المُغْنِى» (¬2): وذكَر أبو الخَطَّابِ أنَّه يَحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ به مع السُّكوتِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انظر المغنى 14/ 144.

وإنْ رَأَى شَيْئًا فِى يَدِ إنْسَانٍ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرفَ المُلَّاكِ؛ مِنَ النقْضِ، وَالْبِنَاءِ، وَالإجَارَةِ، وَالإعَارَةِ، وَنَحْوِها، جَازَ أنْ يَشْهدَ بالْمِلْكِ لَهُ. وَيَحتَمِلُ أنْ لَا يَشْهدَ إلأ بَالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يتَكَرَّرَ. قال ابنُ منُجى: والعَجَبُ مِن المُصَنِّفِ، رحِمَهُ اللهُ تعالَى، حيثُ نقَل فى «المُغْنِى» الاحتِمالَ المذْكورَ فى هذه الصُّورَةِ عن أبى الخَطَّابِ، وإنَّما ذكَر أبو الخَطَّابِ الاحتِمالَ فى هذه الصُّورَةِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا. قال: وفى الجُملَةِ خُروجُ الخِلافِ فيه، فيما إذا ادَّعَى شَخْص أنَّه ابنُ آخَرَ بحُضورِ الآخَرِ، فَيَسْكُتُ، ظاهِر. وفى الصُّورَةِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ هنا، الخِلافُ فيها بعيدٌ. انتهى. قوله: وإذا رَأى شَيْئًا فى يَدِ إنْسان، يَتَصَرفُ فيه تَصَرُّفَ المُلاكِ؛ مِنَ النَّقْضِ، والبِناءِ، والإجارَةِ، والإعارَةِ، وَنَحوِها، جازَ أنْ يَشْهدَ بالْمِلْكِ له. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم، ابنُ حامدٍ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهب»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «المُحررِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويحتَمِلُ أنْ لا يشْهدَ إلَّا باليَدِ والتصَرُّفِ. واخْتارَه السَّامَرِّيُّ فى «المُسْتَوْعِبِ»، والنَّاظِمُ. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ خُصوصًا فى هذه الأزْمِنَةِ، ومع القولِ بجوازِ الإجارَةِ مُدَّةً طويلةً. وهذا الاحتِمالُ للقاضى. وفى «نِهايةِ ابنِ رَزِين»، يَشْهدُ بالمِلْكِ بتَصَرُّفِه. وعنه، مع يَدِه. وفى «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ»، إنْ رأى مُتَصَرفًا فى شئٍ تَصَرُّفَ مالكٍ، شَهِدَ له بمِلْكِه. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: يتَصَرَّفُ فيه تصرُّفَ المُلاكِ. سواءٌ رأى ذلك مُدَّةً طويلةً

فصل: وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ، فَلَا بدَّ مِنْ ذِكْر شُرُوطِهِ، وأنَّهُ تزَوّجَها بِوَلِى مرشِدٍ، وَشاهِدَىْ عَدلٍ، وَرِضَاهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو قصِيرةً. وهو ظاهِرُ ما ذكَرَه ابنُ هُبَيْرَةَ، عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وقالَه الأصحابُ فى كُتُبِ الخِلافِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. واقْتَصَرَ على المُدَّةِ الطويلةِ القاضى فى «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيل فى «الفُصولِ»، والفَخْرُ فى «الترغيبِ»، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى»، والمَجْدُ فى «المُحَرَّر»، وابنُ حمدانَ فى «الرِّعايةِ»، وصاحبُ «الوجِيزِ»، وغيرُهم. قوله: ومَن شَهِدَ بالنِّكاحِ، فلا بُدَّ مِن ذِكْرِ شُرُوطِه، وأنَّه تَزَوَّجَها بوَلِىِّ مُرْشِدٍ، وشاهِدَىْ عَدلٍ، ورِضاها. يعْنى، إنْ لم تكُنْ مُجْبَرَةً. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وعلَّله المُصَنِّفُ وغيرُه؛ لِئَلا يعتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَه وهو فاسِد. قال فى «الفُروعِ»: ولعَل ظاهِرَه، إذا اتَّحَدَ مذهبُ الشَّاهدِ وِالحاكمِ لا يجِبُ التَّبْيِينُ. ونقَل عَبْدُ اللهِ، فى مَن ادَّعَى أن هذه المَيِّتَةَ امْرأتُه وهذا ابْنُه منها، فإنْ أقامَها بأصل النِّكاحِ ويصلُحُ ابنُه، فهو على أصْلِ النِّكاحِ، والفِراشُ ثابت يَلْحَقُه. وإنِ ادعَتْ أنَّ هذا المَيِّتَ زوْجُها، لم يُقْبَلْ، إلَّا أنْ تُقِيمَ بَينةً بأصلِ النِّكاحِ، وتُعطَى المِيراثَ، والبَيِّنَةُ، أنّه تزَوَّجَها بوَلِىٍّ مُرشِدٍ، وشُهودٍ، فى صِحَّةِ بدَنِه وجَوازٍ مِن أمرِه. ويأتِى فى أداءِ الشَّهادةِ، ولا يُعتَبَرُ قولُه فى صحَّتِه

وَإن شَهِدَ بِالرَّضَاعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكرِ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ، وَأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وجَوازِ أمرِه. ومُرادُه هنا؛ إمَّا لأنَّ المَهْرَ فوقَ مَهْر المِثْلِ، أو رِواية كمذهبِ مالك، أو احْتِياطًا لنَفْىِ الاحتِمالِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ». فائدتان؛ إحداهما، لو شَهِدَ ببَيْع ونحوِه، فهل يُشترَطُ ذِكْرُ شُروطِه؟ فيه خِلافْ كالخِلافِ الذى فى اشْتِراطِ (¬1) صِحَّةِ دَعواه به، على ما سبَق فى بابِ طريق الحُكْمِ وصِفَتِه. [والمذهبُ هناك، يُشْترَطُ ذِكْرُ الشُّروطِ. فكذا هنا] (¬2). فكُلُّ ما صحتِ الدعوى به صحتِ الشهادَةُ به (¬3)، وما لا فَلا. نقَل مُثَنَّى، فى مَن شَهِدَ على رجُلٍ أنَّه أقَر لأخٍ له (¬4) بسَهْمَيْن مِن هذه الدَّارِ مِن كذا وكذا سَهمًا، ولى يُحِدها، فيَشْهدُ كما سَمِعَ، أو يتَعَرفُ حدَّها؟ فَرَأى أنْ يشْهدَ على حدُودِها، فيتَعَرفَها. وقال الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: الشّاهِدُ يشْهدُ بما سَمِعَ، وإذا قامتْ بَينة بتَعَيُّنِ ما دخَل فى اللفْظِ قُبِلَ (5)، كما لو أقر، لفُلانٍ عندِى كذا، وأنَّ دارِى الفُلانيةَ أو المَحدودَةَ بكذا لفُلانٍ. ثم قامتْ بَيِّنةٌ بأنَّ هذا المُعَيَّنَ هو المُسَمَّى و (¬5) المَوْصوفُ، أو المَحدودُ، فإنَّه يجوزُ باتِّفاقِ الأئمَّةِ. انتهى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) زيادة من: 1. (¬4) سقط من: ط. (¬5) في الأصل، ا: «أو».

شَرِبَ مِنْ ثَديها، أوْ مِنْ لَبَنٍ حُلِبَ مِنْهُ. وإنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ، احتَاجَ أنْ يَقُولَ: ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ. أوْ: جَرَحَهُ فَقَتَلَهُ. أَوْ: مَاتَ مِنْ ذَلِكَ. فَإنْ قَالَ: جَرَحَهُ فَمَاتَ. لَمْ يحكم بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لم (¬1) يذْكر لِرضاع، وقَتل، وسَرِقَة، وشُرْب، وقَذْفٍ، ونَجاسَةِ ماءٍ - قال ابنُ الزاغُونِى: وإكْراهٍ - ما يُشترَطُ لذلك، ويخْتَلِفُ به الحُكْمُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وإنْ شَهِدَ بِالزِّنَى، فَلَا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ بِمَنْ زَنَى، وَأيْنَ زَنَى، وَكَيْفَ زَنَى، وَأنهُ رأى ذَكَرَهُ فِى فَرْجِهَا. وَمِن أصحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا يُحتَاجُ الَى ذِكْرِ الْمَزْنِىِّ بِها، وَلَا ذِكْرِ الْمَكَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ بِالزِّنَى فلا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ بمَن زَنَى، وأين زَنَى، وكيف زَنَى، وأنه رَأى ذَكَرَه فى فرجِها. هذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشارِحُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّر»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». ومِن أصحابِنا مَن قال: لا يحتاجُ إلى ذِكْرِ المزْنِىِّ بها، ولا ذِكْرِ المَكانِ. زادَ

[416 و] وَمَنْ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَالنِّصَابِ، وَالْحِرزِ، وَصِفَةِ السرِقَةِ. وَإنْ شَهِدَ بِالْقَذْفِ، ذَكَرَ المَقْذُوفَ وَصِفَةَ الْقَذْفِ. وَإنْ شَهِدَا أنَّ هذَا العَبْدَ ابنُ أَمَةِ فُلَانٍ، لَمْ يُحكم لَهُ بِهِ حَتَّى يَقُولَا: وَلَدَتْهُ فِى مِلْكه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، والزمانِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأطْلَقَهما فى «المُحَررِ». وتقدم فى أولِ البابِ، هل تُقْبَلُ الشهادةُ بحدٍّ قديمٍ، أم لا؟ قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّ هذا العَبْدَ ابنُ أمَةِ فُلانٍ، لم يُحْكَمْ له به حتى يَقُولَا: وَلَدَتْه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى مِلْكِه. هذا المذهبُ. وقيلَ: يكْفِى بأنَّ أمَتَه وَلَدَتْه. وتقام ذلك فى بابِ اللَّقيطِ مُحَرَّرا عندَ قوْلِه: وإنِ ادَّعَى إنْسانٌ أنه مَملوكُه. فَلْيُعاوَدْ.

وإنْ شَهِدَا أنَّهُ اشْتَرَاها مِنْ فُلَانٍ، او وَقَفَها عَلَيْهِ، او أعتَقَها، لَمْ يحكَم لَهُ بِها حَتَّى يَقُولَا: وَهِىَ فِى مِلْكِهِ. وإنْ شَهِدَا أنَّ هذَا الغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ، أوِ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضَتِهِ، وَالدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، حُكِمَ لَهُ بِها. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، قولُه: وإنْ شَهِدَا أنَّ هذا الغزْلَ مِن قُطنه، أوِ الطَّيْرَ مِن بَيْضَتِه، أو الدَّقِيقَ مِن حِنْطتَه، حُكِمَ له بها. بلا نِزاعٍ. لكِن لو شَهِدَا (¬1) أنَّ هذه البَيْضَةَ مِن طَيْرِه، لم يُحْكَمْ له بها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُحكَمُ له بها. ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «شهد».

وإذَا مَاتَ رَجُلٌ، فَادعَى آخَرُ أنهُ وَارِثُهُ، فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أنَّهُ وَارِثُهُ، لَا يَعلَمَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، سُلِّمَ الْمَالُ إلَيْهِ، سَوَاء كَانَا مِنْ أهْلِ الخِبْرَةِ البَاطِنَةِ أوْ لَمْ يَكُونَا. وإنْ قَالَا: لَا نعلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فِى هذَا الْبَلَدِ. احتَمَلَ أنْ يُسَلمَ الْمَالُ إلَيْهِ، وَاحتَمَلَ أنْ لَا يُسَلَّمَ إلَيْهِ، حَتَّى يَسْتَكْشِفَ القَاضِى عَنْ خبَرِهِ فِى الْبُلْدَانِ الَّتِى سَافَرَ إلَيْها. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانيةُ، قولُه: وإذا ماتَ رَجُلٌ، فَادعى آخَرُ أنَّهُ وارِثُه، فَشَهِدَ له شاهِدانِ أنَّه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وارِثُه، لا يعلَمانِ له وارِثًا سِواه، سُلِّمَ المالُ إليه، سَواءٌ كانا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ أو لم يَكُونا. هذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشّرحِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: ويحتَمِلُ أنْ لا يُقْبَلَ، إلَّا أنْ يكونا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، لأنَّ عَدَمَ عِلْمِهم بوارِثٍ آخَرَ ليس بدَليل على عَدَمِه، بخِلافِ أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لو كانَ له وارِثٌ آخَرُ، لم يَخْفَ عليهم. انتهى. وصحَّحه النّاظِمُ. وقال فى «الفُروعِ»: وقيل: يجِبُ الاسْتِكْشافُ مع فَقدِ خِبْرَةٍ باطِنَةٍ، فَيَأمُرُ مَن يُنادِى بمَوْتِه، وَلْيَحضُر وارِثُه، فإذا ظَنَّ أنَّه لا وارِثَ، سَلَّمَه مِن غيرِ كَفِيلٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يُسَلِّمُه إلَّا بكَفيلٍ. قال فى «المُحَرَّرِ»: حَكَمَ له بتَرِكَتِه إنْ كان الشَّاهِدَان مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، وإلَّا ففى الاسْتِكْشافِ معها وَجْهانِ. انتهى. فعلى المذهبِ، يُكْمِلُ لذِى الفَرْضِ فرضَه. وعلى الثَّاني - وجزَم به فى «الترغيب» - يأخُذُ اليقينَ - وهو رُبْعُ ثمن للزَّوْجَةِ عائلًا، وسُدس للأمِّ عائلًا - مِن كلِّ ذِى فرضٍ لا حَجْبَ فيه، ولا يَقِينَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى غيرِه. وقال الشَيْخُ تَقِى الدينِ، رَحِمَه الله: لا بُدَّ أنْ تُقَيدَ المَسْألةُ بأنْ لا يكونَ المَيِّتُ ابنَ سَبِيل ولا غَرِيبًا. قوله: وإنْ قال: لا نَعلَمُ له وارِثًا غيرَه فى هذا البَلَدِ. احتَمَلَ أنْ يُسَلَمَ المَالُ إليه. وهو المذَهبُ. جزَم به فى «الوَجِيز»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِى». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». قال الشَّارِحُ: وذُكِرَ ذلك مذَهبًا للإمام أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. واحتَمَلَ أنْ لا يُسَلَمَ إليه، حتى يَسْتَكْشِفَ القاضى عن خَبَرِه فى البُلْدانِ التى سافَرَ إليها. قال الشَّارِحُ: وهو أوْلَى إنْ شاءَ الله تَعالَى. وأطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه»، والنَّاظِمُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: حُكِمَ له بالتَّرِكَةِ إنْ كانَا مِن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، وفى الاسْتِكْشافِ معها وَجْهان. وقال فى «الانْتِصار»، و «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ شَهِدَا بإرثة فقط، أخَذها بكَفيلٍ. وقال فى «الترغيب» وغيرِه، وهو ظاهِرُ «المُغْنِى»: فى كَفِيل بالقدرِ المُشْتَرَكِ وَجْهان. واسْتِكْشافُه كما تقدَّم. فعلى المذهبِ، لو شَهِدَ الشّاهِدان الأولانِ أنَّ هذا وارِثُه، شارَك الأوَّلَ. ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ. وهو معنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ، وأبي الوَفاءِ. واقتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». فائدة: لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أنَّ هذا ابْنُه لا وارِثَ له غيرُه، وشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أخْرى أنَّ هذا ابْنُه لا وارِثَ له غيرُه، قُسِمَ المالُ بينَهما؛ لأنَّه لا تَنافِىَ. ذكَرَه فى «عُيونِ المَسائلِ»، و «المُغنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النّظمِ»، وغيرِهم. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قال المُصَنِّفُ فى «فَتايه»: إنما احتاجَ إلى إثْباتِ أنَّه (¬1) لا وارِثَ له سِواه؛ [لأنَّه يُعلَمُ ظاهِرًا] (¬2)، فإن بحُكْمِ العادَةِ (¬3) يعلَمُه جارُه، ومَن يعْرِفُ باطِنَ أمرِه، بخِلافِ دينه على المَيِّتِ، لا يختاجُ الى إثْباتِ أنَّه (2) لا دَيْنَ عليه سِواه؛ لخَفَاءِ الدَّيْنِ، ولأنَّ جِهاتَ الإرثِ يُمكِنُ الاطِّلاعُ على تعَيُّنِ انتِقالِها، ولا ¬

(¬1) زيادة من: 1. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) بعده فى الأصل: «به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَرِدُ الشَّهادةُ على النَّفْىِ مُطْلَقًا؛ بدَليلِ المَسْألةِ المذْكورةِ، والإعسارُ والبَيِّنَةُ فيه تُثْبتُ ما يظْهرُ ويُشاهدُ، بخِلافِ شَهادَتِهما أنَّه (¬1) لا حقَّ له عليه. قال فى «الفُروعِ»: ويدخلُ فى كلامِهم قَبُولُها إذا كان النَّفْىُ محصورًا، كقولِ الصَّحابِىِّ، رَضِىَ اللهُ عنه: دُعِى - صلى الله عليه وسلم - إلى الصَّلاةِ، فَقامَ وطَرَحَ السِّكِّينَ وصلَّى، ولم يتَوَضَّأ (¬2). ولهذا قيلَ للقاضى: أخْبارُ الصَّلاةِ على شُهداءِ أحُدٍ مُثْبِتَة وفيها زِيادَةٌ، وأخْبارُكم نافِيَةٌ وفيها نُقْصان، والمُثْبِتُ أوْلَى. فقال: الزِّيادةُ هنا مع النَّافِى؛ لأنَّ الأصلَ فى المَوْتَى الغُسْلُ والصَّلاةُ، ولأنَّ العِلْمَ بالتركِ والعِلْمَ بالفِعلِ سَواءٌ فى هذا المَعنَى؛ ولهذا نقولُ: إنَّ مَن قال: صَحِبْتُ فُلانًا فى يومِ كذا، فلم يَقْذِفْ فُلانًا. تُقْبَلُ شَهادَتُه، كما تُقْبَلُ فى الإثْباتِ، وذكَر القاضى أيضًا، أنه لا تُسْمَعُ بَينةُ المُدَّعَى عليه بعَيْن فى يَدِه، كما لا تُسْمَعُ بأنه لا (¬3) حقَّ عليه فى دَيْنٍ ينكِرُه، فقيلَ له: لا سَبِيلَ للشَّاهِدِ إلى معرِفَتِه. فقال: لهما سَبِيلٌ؛ وهو إذا كانتِ الدَّعوى ثَمَنَ مَبِيع فأنكَرَه، وأقامَ البينةَ على ذلك، فإنَّ للشَّاهِدِ سَبِيلًا إلى معرِفَةِ ذلك؛ بأنْ شاهدَه (¬4) أْبرَأه مِن الثَّمَنِ، أو أقْبَضَه إيَّاه، فكانَ يجبُ أنْ يقْبَلَ. الهى. وفى «الرَّوْضَةِ» فى مسْألةِ النافِى، لا سَبِيلَ إلى إقامَةِ دليل على النَّفْىِ؛ فإنَّ ذلك إنَّما يعرَفُ بأنْ يُلازِمَه الشَّاهِدُ مِن أوَّلي وُجودِه إلى وَقْتِ الدَّعوَى، فَيَعلَمَ سَبَبَ اللُّزومِ قوْلًا وفعلًا، وهو مُحالٌ. انتهى. وفى «الواضِحِ»: العَدالَةُ، بجَمعِ (¬5) كلِّ فَرض، وتَركِ كلِّ محظور، ومَن يُحيطُ به علْمًا، والتَّركُ نَفْىٌ، والشَّاهِدُ (¬6) ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «به». (¬2) تقدم تخريجه فى 2/ 61، 21/ 360. (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) فى ط: «يشاهده». (¬5) فى ط، ا: «تجمع». (¬6) كذا بالنسخ، ولعلها «الشهادة»، كما فى الفروع 6/ 558.

وَتَجُوزُ شَهادَةُ الْمُسْتَخْفِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنَّفْىِ لا يَصِحُّ. انتهى. قوله: وتَجُوزُ شَهادَةُ المُسْتَخْفِى، ومَن سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ بحَق، أوْ يُشْهِدُ

وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُقِرُّ بِحَق، أوْ يُشْهِدُ شَاهِدًا بِحَقٍّ، أوْ سَمِعَ الْحَاكِمَ يَحكُمُ، أوْ يُشْهِدُ عَلَى حُكْمِهِ وَإنْفَاذِهِ، فِى [346 ظ] إحدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ فِى الأخْرَى حَتَّى يُشهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شاهِدًا بحَقٍّ، أو سَمِعَ الحاكِمَ يَحكُمُ، أو يُشْهِدُ على حُكْمِه ووإنْفاذِه، فِى إحدَى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرِّوايَتَيْن. وكذا لو سَمِعَ رجُلًا يُعتِقُ، أو يُطَلِّقُ، أو يُقِر بعَقْدٍ ونحوِه. يعنِى أنَّ شَهادَتَه عليه جائزةٌ، ويَلْزَمُه أنْ يَشْهدَ بما سَمِعَ. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه. وقطَع به الخِرَقِىُّ وغيرُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال المُصنفُ، والشَّارِحُ عن شَهادةِ المُسْتَخْفِى: تجوزُ على الرِّوايةِ الصَّحيحةِ. وقالا عن الإقْرارِ: المذهب أنَّه يَجُوزُ أنْ يَشْهدَ عليه، وإنْ لم يقُلْ: اشْهد علىَّ. انتهيا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يجوزُ فى الأخْرى حتى يُشْهِدَه على ذلك. اخْتارَه أبو بَكْر. وتَبِعَه ابنُ أبى مُوسى فى عدَمِ صِحَّةِ شَهادَةِ المُسْتَخْفِى. وعنه، لا يجوزُ أنْ يشهدَ عليه بالإقْرارِ والحُكْمِ حتى يُشْهِدَه على ذلك. وعنه، إنْ أقَرَّ بحق فى الحالِ، شَهِدَ به، وإنْ أقرَّ بسابِقَةِ الحق، لم يَشْهد به. نقَلها أبو طالِبٍ، واخْتارَها المَجْدُ. وعنه، لا يَلْزَمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يشْهدَ فى ذلك كلِّه، بل يُخَيَّرُ. نقَلها أحمدُ بنُ سعيدٍ. وتورَّع ابنُ أبى مُوسى، فقال فى القرضِ ونحوِه: لا يَشْهدُ به. وفى الإقْرارِ بحَق فى الحالِ يقولُ: حضَرْتُ إقْرارَ فُلانٍ بكذا. ولا يقولُ: أشْهدُ على إقْرارِه. وقال أبو الوَفاءِ: ولا يجوزُ أنْ يَشهدَ على المَشْهودِ عليه، إلَّا أنْ يَقْرَأ عليه الكِتابَ، أو يقولَ المَشْهودُ عليه: قُرئَ على. أو: فَهِمْتُ جميعَ ما فيه. فإذا أقَرَّ بذلك، شَهِدَ عليه. وهذا معنَى كلامِ أبى الخَطابِ. وحِينَئذٍ لا يُقْبَلُ قولُه: ما عَلِمتُ ما فيه. فى الظاهرِ. قالَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ». فعلى المذهبِ، إذا قال المُتَحَاسِبانِ لا تشْهدُوا علينا بما يجْرِى بيْنَنا. لم يمْنَعْ ذلك الشَّهادةَ، ولُزومَ إقامَتِها. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّر»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشّارِحُ، وصاحِبُ «الوَجِيزِ»، وغيرُهم. وعنه، يمنَعُ. وأطْلَقهما الزَّركَشِىُّ. فائدة: قال في «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم أن الحاكِمَ إذا شَهِدَ عليه، شَهِدَ، سواءٌ كان وَقْتَ الحُكْمِ أوْ لا، وتقدَّم فى كتابِ القاضِى، وقيلَ لابنِ الزاغُونِى: إذا قال القاضى للشاهِدَيْن: أعلِمُكُما أني حَكَمتُ بكذا. هل يصِحُّ أنْ يقولَا (¬1): أشْهدَنا على نفْسِه أنّه حكَم بكذا؟ فقال: الشَّهادةُ على الحُكْمِ تكونُ فى وَقْتِ حُكْمِه، فأمَّا بعدَ ذلك، فإنَّه مُخْبر لهما بحُكْمِه، فيقولُ الشاهِدُ: أخْبَرني، أو أعلَمَنِى، أنه حكَمَ بكذا، فى وَقْتِ كذا وكذا. قال ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «يقول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخطَّابِ، وأبو الوَفَاءِ: لا يجوزُ لهما أنْ يقُولَا: أشْهدَنا. وإنَّما يخْبِران بقَوْلِه.

فَصْلٌ: وإذَا شَهدَ أحَدُهُمَا أنَّهُ غَصَبَهُ ثَوْبًا أحْمَرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أنَّهُ غصَبَهُ ثَوْبًا أَبْيَضَ، أوْ شَهدَ أحَدُهُمَا أنَّهُ غَصَبَهُ الْيَوْمَ، وَشهِدَ آخرُ أنَّهُ غصَبَهُ أمسِ، لَمْ تَكمُلِ الْبَيِّنَةُ. وَكذلِكَ كُلُّ شَهادَةٍ عَلَى الْفعلِ، إِذَا اخْتَلَفَا فِى الْوَقْتِ، لَمْ تَكْمُل الْبَيِّنَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فصلٌ: وإذا شَهِدَ أحَدُهما أنَّه غَصَبَه ثَوْبًا أحمَرَ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه غَصَبَه ثَوْبًا ابيَضَ، أوْ شَهِدَ أحَدُهما أنَّه غَصَبَه اليومَ، وشَهِدَ آخَرُ أنه غَصَبَه أمسِ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنتخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِ هم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرح»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: قالَه أكثرُ أصحابِنا. وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ البَيِّنَةُ. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطابِ، وغيرُهما. قوله: وكذلك كلُّ شَهادَةٍ على الفِعلِ، إذا اخْتَلَفَا فِى الوَقْتِ، لم تَكْمُل البَيِّنَةُ. وكذا لو اخْتَلَفَا فى المكانِ، أو فى الصِّفَةِ بما يَدُلُّ على تَغايُرِ الفِعلَيْن. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «شرحِ ابن مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «النظْمِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ البينةُ ولو فى قَوَدٍ وقَطْعٍ. وذكَرَه القاضى أيضًا فى القَطْعَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو اخْتَلَفا فى صِفَةِ الفعلِ، فشَهِدَ أحدُهما أنَّه سرَق مع الزوالِ كِيسًا أبيَضَ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه سرَق مع الزَّوالِ كِيسًا أسْوَدَ، أو شَهِدَ أحدُهما أنَّه سرَق هذا الكِيسَ غُدوَةً، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه سرَقَه عَشِيَّةً، لم تَكْمُلِ الشَّهادَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشرحِ»، وصحَّحاه. وجزَم به فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْر: تَكْمُلُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو شَهِدَ بكُلِّ فِعل شاهِدان، واخْتَلَفَا فى المَكانِ أو الزَّمانِ أو الصفَةِ، ثَبَتَا جميعًا إنِ ادعاهما، وإلَّا ثبَت ما ادَّعاه، إلَّا أنْ يكونَ الفِعلُ ممَّا لا يمكِنُ تَكْرارُه - كقَتْلِ رَجُل بعَيْنه - تَعَارَضَتا. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقال فى «الفُروعِ»: تعارَضَتا، إلَّا على قوْلِ أبى بَكْرٍ. وهو مُرادُهما. ولو شَهِدَ شاهِدان أنَّه سرَق بع الزَّوالِ كِيسًا أبيَضَ، وشَهِدَ آخَرانِ أنَّه سرَق مع الزَّوال كِيسًا أسْودَ، أو شَهِدَا أنه سرَق هذا الكِيسَ غُدوَةً، وشَهِدَ آخَران

وَإِنْ شَهِدَ احَدهمَا أنَّه أَقَرَّ له بِألْفٍ أمْسِ، وَشهِدَ آخر أنَّه أقَرَّ لَهُ بألْفٍ اليَوْمَ، أَوْ شَهِدَ أحَدهُمَا أنَّهُ بَاعَه دَارَهُ أمْسِ، وَشَهِدَ آخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه سرَقَه عَشِيةً، تعارَضَتا. قالَه القاضِى وغيرُه. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: تَعَارَضَتا وسَقَطَتا، ولم يثْبُتْ قَطْع ولا مال. قال المُصَنِّفُ: والصَحيحُ أنَّ هذا لا تَعارُضَ فيه لإمكانِ صِدْقِهما، بأنْ يسْرِقَه بُكْرَةً، ثم يعودَ إلى صاحبِه أو غيرِه، فيَسْرِقَه عَشِيَّةً، فيَثْبُتَ له الكِيسُ المَشْهودُ به حَسْبُ، فإنَّ المَشْهودَ به، وإنْ كانَا فِعْلَيْن، لكِنَهما فى مَحَلٍّ واحد، فلا يجبُ أكثرُ مِن ضَمانِه. انتهى. قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّه أقَرَّ له بألفٍ أمْسَ، وشَهِد آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بها اليومَ،

أنَّه بَاعَهُ إيَّاها الْيَوْمَ، كَمَلَتِ الْبَيِّنَةَ، وَثَبَتَ الْبَيْع وَالإقْرَارُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ شَهادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو شَهِدَ أحدُهما إنّه باعَه دارَه أمسِ، وشَهِدَ آخَرُ أنه باعَه إيَّاها اليَوْمَ، كَمَلَتِ البَيِّنَةُ، وثبَت البَيْعُ والإقْرارُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. جزَمُوا به. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وفى «الكافِى» احتِمال، أنَّها لا تَكْمُلُ. وفى «التَّرْغيب» وَجْهٌ، كل العُقودِ، كالنِّكاحِ. على ما يأتِى. قوله: وكذلك كلُّ شَهادَةٍ على القَوْلِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وتقدَّمَ احتِمالُ صاحبِ «الكافِى»، ووَجْهُ صاحبِ «التَّرْغيبِ».

الَّا النِّكَاحَ، إِذَا شَهِدَ أحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أمْسِ، وَشَهِدَ الآخَرُ أَنَّهُ تزَوَّجَهَا اليَوْمَ، لَمْ تَكمُلِ الْبَيِّنَةَ. وَكذلِكَ الْقَذْفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: إلَّا النِّكاحَ، إذا شَهِدَ أحدُهما أَنَّهُ تَزَوَّجَها أمْسِ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه تَزَوَّجَها الْيومَ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: أكثرُ أصحابِنا قال: لا يُجْمَعُ؛ للتَّنافِى. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: يُجْمَعُ وتكْمُلُ. قوله: وكَذلك القَذْفُ. يعْنِى أنَّ البَيِّنَةَ لا تَكْمُلُ إذا اخْتَلَفَ الشَّاهِدان فى وَقْتِ قَذْفِه. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: حُكْمُه حكمُ النِّكاحِ عندَ أكثرِ أصحابِنا. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَثْبُتُ الْقَذْفُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال أبو بَكْرٍ: يَثْبُتُ القَذْفُ. فوائد؛ الأُولَى، لو كانتِ الشَّهادةُ على الإقْرارِ بفِعْل أو غيرِه، ولو نِكاحًا أو قَذْفًا، جُمِعَتْ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الوَجِيزِ»، وغيرُهم. الثَّانِيةُ، لو شَهِدَ واحدٌ بالفِعْلِ، وآخَرُ على إقْرارِه، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ أنَّ البَيِّنَةَ تُجْمَعُ. نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، فى القَسامَةِ، والشَّارِحُ فى أقْسامِ المَشْهودِ به، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وغيرُهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال فى «الفُروعِ»: فنَصُّه، تُجْمَعُ. وقال القاضى: لا تُجْمَعُ. وقالَه غيرُه. وذكَرَه فى «المُحَرَّرِ» عن الأكْثَرَين. الثَّالثةُ، لو شَهِدَ واحدٌ بعَقْدِ نِكاحٍ، أو قَتْل خَطَأٍ، وآخَرُ على إقْرارِه، لم تُجْمَعْ، وَلمُدَّعِى القَتْلِ أنْ يحْلِفَ مع أحَدِهما، ويأْخُذَ الدِّيَةَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، متى جمَعْنا البَيِّنةَ، مع اخْتِلافِ زمَن فى قَتْلٍ (¬1) أو طَلاقٍ، فالعِدَّةُ، والإرْثُ تَلِى آخِرَ المُدَّتَيْن. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) فى ط: «طلاق».

وَإنْ شهِدَ شاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لهُ بِأَلْفٍ، وَشهِدَ آخرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفيْنِ، ثَبَتَ الْأَلْفُ، وَيَحْلِفُ عَلَى الآخَرِ مَعَ [347 و] شَاهِدِهِ إِنْ أَحَبَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ شاهدٌ أنَّه أقَرَّ له بألْفٍ، وشَهِدَ آخَرُ أنَّه أقَرَّ له بألْفَيْن، ثَبَتَتِ الأَلْفُ، ويَحْلِفُ على الآخَرِ مع شاهدِه إنْ أحَبَّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَحْلِفُ مع كلِّ شاهدٍ؛ لأنَّها لم تَثْبُت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو شَهِدَ شاهِدان بأَلْفٍ، وشاهِدان بخَمْسِمِائَةٍ، ولم تخْتَلِفِ الأسْبابُ والصِّفاتُ، دخلَتِ الخَمْسُمِائَة فى الأَلْفِ، ووَجَبَتِ الألْفُ، وإنِ اخْتَلَفَتِ الأسْبابُ والصِّفاتُ، وَجَبَتْ له الأَلْفُ والخَمْسُمِائَة. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.

وِإنْ شَهِدَ أحَدُهُمَا أنَّ لَهُ أَلْفًا، وَشَهِدَ آخَرُ أنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ، فَهَلْ تَكْمُلُ الْبَيِّنةُ عَلَى أَلْفٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ قَرْضٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَ له عليه ألْفًا، وشَهِدَ آخَرُ أن له عليه ألْفَيْن، فهلْ تَكْمُلُ البَيِّنَةُ على ألْفٍ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، تَكْمُلُ البَيِّنَةُ فى الأَلْفِ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. والثَّاني، لا تَكْمُلُ، فَيَحْلِفُ مع كلِّ شاهدٍ. قوله: وإنْ شَهِدَ أحدُهما أنَّ له عليه ألْفًا مِن قَرْضٍ، وشَهِدَ آخَرُ أن له عليه ألْفًا مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ». وقدَّمه

وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْفًا، وَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَاهُ بَعْضَهُ. بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَاهُ نِصْفَهُ. صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تَكْمُلُ إنْ شَهِدَا على إقْرارِه، وإلَّا فلا. فائدةٌ: لو شَهِدَ شاهدٌ بأَلْفٍ، وآخَرُ بأَلْفٍ مِن قَرْضٍ، جُمِعَتْ شَهادَتُهما. قوله: وإنْ شَهِدَ شاهِدان أنَّ له عليه ألْفًا، وقالَ أحَدُهما: قَضاه بَعْضَه - مثلَ أنْ يقولَ: قَضَى منه مِائَةً - بَطَلَتْ شَهادَتُه - هذا المذهبُ - نصَّ عليه. جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. ونَقَل الأَثْرَمُ، تفْسُدُ فى المِائَةِ كرُجوعِه. قال الشَّارِحُ (¬1): والمَنْصوصُ عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، أنها تُقْبَلُ فيما بَقِىَ. قال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله: ولو جاءَ بعدَ المَجْلِسِ، فقال: أشْهَدُ أنه قَضاه بعْضَه. لم يُقْبَلْ منه. قال الشَّارِحُ: فهذا يَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، إذا جاءَ بعدَ الحُكْمِ، فيَحْتاجُ قَضاءُ المِائَةِ إلى شاهِدٍ آخَرَ، أو يَمِينٍ. ¬

(¬1) فى حاشية ط: «وقاله المصنف أيضا فى «المغنى»، أعنى قوله: والمنصوص عن أحمد. إلى آخره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَا أنَّه أقْرَضَه ألفًا، ثم قالَ أحَدُهما: قَضاه نِصْفَه. صَحَّتْ شَهادَتُهما. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم؛ منهم (¬1)، صاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ». وجزَم به الشَّارِحُ، وقال: وَجْهًا واحدًا. وكذلك قال (¬2) ابنُ مُنَجَّى. وقال فى «الفُروعِ»: لو شَهِدَا (¬3) أنَّه أقْرَضَه ألْفًا، ثم قال أحدُهما: قَضاه خَمْسَمِائَةٍ (¬4). صحَّ. نصَّ عليه. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ونصَّ فيما إذا شَهِدَا (¬5) أنَّه أقْرَضَه ألْفًا، ثم قال أحدُهما: قَضاه خَمْسَمِائَةٍ، فشَهادَتُهما صحيحةٌ بالأَلْفِ، ويحْتاجُ قَضاءُ الخَمْسِمِائَة إلى شاهدٍ آخَرَ، أو يَمِينٍ. ويتَخرَّجُ مِثْلُه فى التى قبلَها، ويتخَرَّجُ فيهما أنْ لا تَثْبُتَ بشَهادَتِهما سِوَى خَمْسِمِائَةٍ. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: ويتخَرَّجُ بُطْلانُ شَهادَتِه، كرِوايةِ الأَثْرَمِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ا. (¬3) فى الأصل، ط: «شهد». (¬4) فى الأصل، ط: «خمسين». وكذا فى الفروع 6/ 546. (¬5) فى الأصل: «شهد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، لو شَهِدَ عندَ الشَّاهدِ عَدْلانِ أو عَدْلٌ أنَّه اقْتَضاه ذلك الحَقَّ، أو قد باعَ ما اشْتَرَاه، لم يشْهَدْ له. نقَله ابنُ الحَكَمِ. وسألَه ابنُ هانِئٍ، لو قَضاه نِصْفَه، ثم جَحَدَه بقِيَّتَه، ألَه أنْ يدَّعِيَه، أو بقِيَّتَه؟ قال: يدَّعِيه كلَّه، وتَقُومُ (¬1) البَيِّنَةُ، فَتَشْهَدُ (¬2) على حقِّه كلِّه، ثم يقولُ للحاكمِ: قَضانِى نِصْفَه. الثَّانيةُ، لو علَّق طَلاقًا، إنْ كانَ لزَيْدٍ عليه شئٌ (¬3)، فشَهِدَ شاهِدان أنَّه أقْرَضَه، لم يَحْنَثْ، بل إنْ شَهِدَا أنَّ له عليه، فحكمَ بهما. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُهم، فى صادِقٍ ظاهرٍ. ولهذا قال فى «الرِّعايةِ»: مَن حَلَفَ بالطَّلاقِ لا حَقَّ عليه لزَيْدٍ، فقامَتْ عليه بَيِّنَةٌ تامَّةٌ بحَقٍّ لزَيْدٍ، حَنِثَ حُكْمًا. الثَّالثةُ، لو شَهِدَا على رَجُلٍ أنَّه طلَّق مِن نِسائِه، أو أعْتَقَ مِن أمائِه، أو أبْطَلَ مِن وَصاياه واحِدَةً بعَيْنِها، وقالَا (¬4): نَسِينا عَيْنَها. لم تُقْبَلْ هذه الشَّهادَةُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تُقْبَلُ. وجزَم به فى «المُبْهِجِ» فى صُورَةِ الوَصِيَّةِ. وفيها قال فى «التَّرْغيبِ»: قال أصحابُنا: يقْرَعُ بينَ الوَصِيَّتيْن، فمَن خَرَجَتْ قُرْعَتُها فهى الصَّحِيحَةُ. الرَّابعَةُ، هل يَشْهَدُ عقْدًا فاسِدًا مُخْتَلَفًا فيه، ويشْهَدُ به؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوَجَّهُ دخُولُها فى مَن أتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فيه. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: يَشْهَدُ. ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «يقيم». (¬2) فى الأصل: «فشهدا». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) فى الأصل: «قال».

وَإذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَا لِى بِخَمْسِمِائَةٍ. لَمْ يَجُزْ. وَعِنْدَ أَبِى الْخَطَّابِ، يَجُوزُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»: لو رَهَنَ الرَّهْنَ بحَقٍّ [ثانٍ، كان رَهْنًا] (¬1) بالأَوَّلِ فقطْ، فإنْ شَهِدَ بذلك شاهِدان؛ فإنِ اعْتَقَدَا فَسادَه، لم يَكُنْ لهما، وإنِ اعْتَقَدَا صِحَّتَه، جازَ أنْ يَشْهَدَا بكَيْفِيَّةِ الحالِ فقطْ. ومَنَعَه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ، فى رِوايةِ الجماعَةِ إذا عَلِمَه بتَخْصِيصِ بعْضِ وَلَدِه أو تفْضِيلِه. وذكَره فيه الحارِثِىُّ عن الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يُكْرَهُ ما ظَنَّ فَسادَه، ويتَوَجَّهُ وَجْهٌ، يَحْرُمُ. انتهى. قوله: وإذا كانتْ له بَيِّنَة بألْفٍ، فقال: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَا لى بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ - وهو المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ - وعندَ ¬

(¬1) فى الأصل: «بأن كان أرهن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي الخَطَّابِ، يَجُوزُ. فقال فى «الهِدايةِ»: ولو كانَا شَهِدَا على رَجُلٍ بأَلْفٍ، فقال صاحِبُ الدَّيْنِ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى (¬1) مِنَ الأَلْفِ بخَمْسمِائَةٍ. فإنْ كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ مِن ذلك، لم يَجُزْ لهما أنْ يشْهَدَا بخَمْسِمِائَةٍ. قال: وعنْدى، يجوزُ أنْ يشْهَدَا بذلك. انتهى. وقال فى «المُحَررِ»: إذا قال مَن له بَيِّنَة بأَلْفٍ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ ذلك إذا كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وأجازَه أبو الخَطَّابِ. انتهى. وتَبِعَه فى «الفُروعِ»، فقال: ومَن قال لبَيِّنَةٍ ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِائَةٍ: اشْهَدَا لى بخَمْسِينَ. لم يَجُزْ إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ فوْقَها. نصَّ عليه. وأجازَه أبو الخَطَّابِ. انتهى. وقال فى «الوَجِيزِ»: وإذا قال مَن له بَيِّنَةٌ بأَلْفٍ: أُرِيدُ أنْ تشْهَدَا لى (¬1) بخَمْسِمِائَةٍ. لم يَجُزْ ذلك إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وإلَّا جازَ. انتهى. فظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّرِ» ومَن تَبِعَه، أنَّ الحاكِمَ إذا كانَ مُوَلَّى بأكْثَرَ منها، أنَّه يجوزُ. وصرح بذلك فى «الوَجِيزِ»، فقال: لم يَجُزْ ذلك إذا كانَ الحاكِمُ لم يوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وإلا جازَ. فظاهِرُ هذا أنَّه إنْ وُلِّىَ بأكْثَرَ منها، جازَ على القَوْلَيْن. قال شيْخُنا فى حَواشِيه على «المُحَرَّرِ»: وهذا مُشْكِلٌ مِن جِهَةِ المَعْنَى والنَّقْلِ؛ أمَّا مِن جِهَةِ المَعْنَى، فإنَّه إذا كان قد وُلِّىَ بأكْثَرَ منها، فليس معَتا حاجَة داعِيَةٌ إلى الشهادَةِ بالبَعْضِ، بخِلافِ العَكْسِ؛ فإنَّه إذا لم يُوَلَّ الحُكْمَ (¬2) بأكْثَرَ منها، فالحاجَةُ داعِيَةٌ إلى الشَّهادَةِ بالبَعْضِ، وهو المِقْدارُ الذى يحْكُمُ به، ولهذا لم يَذْكُرِ الشَّيْخُ فى «المُقْنِعِ» هذا القَيْدَ، ولا «الكافِى»؛ لأنَّه، واللهُ أعلمُ، فَهِمَ أنَّه ليس بقَيْدٍ يُحْتَرَزُ به. ولا يقالُ: إنه لم يطَّلِعْ عليه؛ لأنَّه فى كلامِ أبي الخَطَّابِ، وهو قد نقَل كلامَه. وأمَّا [مِن جِهةِ] (¬3) النَّقْلِ، فقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ تعالَى: إذا قال: اشْهَدْ علىَّ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمِائَةِ درْهَمٍ، ومِائَةِ درْهَمٍ، [ومِائَةِ درْهَمٍ] (¬1). فشَهِدَ على مِائَةٍ دُونَ مِائَةٍ، كُرِهَ، إَلَّا أنْ يقولَ: أشهَدُونِى على مِائَةٍ ومِائَةٍ ومِائَةٍ. يَحْكِيه كلَّه للحاكمِ كما كانَ. وقال الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ: إذا شَهِدَ (¬2) على أَلْفٍ، وكان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال صاحِبُ الحقِّ: أُرِيدُ أنْ تَشْهَدَ لى على مِائَةٍ. لم يَشْهَدْ إلَّا بالأَلْفِ. قال القاضى: وذلك أنَّ على الشَّاهدِ نَقْلَ الشَّهادَةِ على ما شَهِدَ. فقَوْلُ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ: إذا شَهِدَ على أَلْفٍ، وكان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ إلَّا على مِائَةٍ ومِائتَيْن. يَرُدُّ ما قالُوه؛ فإنَّه ذكَر فى الروايَةِ، إذا كان يَحْكُمُ على مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال صاحِبُ الحقِّ: أُيدُ أنْ تَشْهَدَ لى على مِائَةٍ. لم يَشْهَدْ إلَّا بالأَلْفِ. فَمَنَعَه، مع أنَّه ذكَر أنَّه يَحْكُمُ بمِائتَيْن، فإذا (¬3) منَعه مِن الشَّهادَةِ بمِائَةٍ، وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «شهدا». (¬3) فى الأصل: «فقد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَحْكُمُ بمِائتَيْن، فقد منَعَه فى صُورَةِ ما إذا وُلِّىَ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، وتَعْليلُ المسْألَةِ لا يحْتاجُ معه إلى تطْويلٍ. وأمَّا تقْييدُ الحاكمِ، فهو لبيانِ الواقعِ؛ فإنَّ الواقِعَ فى هذه الصُّورَةِ لا يكونُ فى العُرْفِ، إلًّا إذا كان الحاكِمُ لا يَحْكُمُ بأكْثَرَ؛ لأنَّ صاحِبَ الحقِّ لا يَطْلُبُ إلَّا فى هذه الصُّورَةِ، أو نحوِها مِن الصُّوَرِ التى تمْنَعُه مِن طَلَبِ الحقِّ كامِلًا. وأمَّا كلامُ أبي الخَطَّابِ، وصاحِبِ «المُحَرَّرِ»، فى القَيْدِ المذْكورِ، فيَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لأجْلِ الخِلافِ، أىْ أنَّ أبا الخَطَّابِ لا يُجِيزُه إلَّا إذا كان الحاكِمُ لم يُوَلَّ بأكْثَرَ، فيَكُونُ التَّقْدِيرُ، لا يجوزُ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، يجوزُ إذا كانَ لم يُوَلَّ الحُكْمَ (¬1) بأكْثَرَ منها. وأمَّا إذا كانَ قد وُلِّىَ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، لم يَجُزْ، بلا خِلافٍ؛ لعدَمِ العُذْرِ، لكِنْ تَعْلِيلُ قولِ أبي الخَطَّابِ الذى علَّل به المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» - وهو أنَّه مَن شَهِدَ بألْفٍ، فقد شَهدَ بالخَمْسِمِائَة، وليس كاذِبًا - يَدُلُّ على أنَّ أبا الخَطَّابِ يُجِيزُه مُطْلَقًا، وأبو الخَطَّابِ لم يُعَلِّلْ قولَه فى «الهِدايةِ»، فإنْ كان رأى تَعْلِيلَه فى كلامِه فى غيرِ «الهِدايةِ»، فلا كلامَ، وإنْ كان علَّلَه مِن عنْدِه، فيَحْتَمِلُ أنَّ أبا الخَطَّابِ قصَد ما فَهِمَه الشَّيْخُ، وأرادَ الجوازَ مُطْلَقًا. ويَحْتَمِلُ أنَّ مُرادَه الجوازُ فى صُورَةِ ما إذا لم يُوَلَّ بأكْثَرَ منها، ويكونُ كوْنُه ليس كاذِبًا فى شَهادَةٍ يَمْنَعُ (¬2) الاحْتِياجَ إلى ذلك لأجْلِ الحُكْمِ؛ لكَوْنِه لا يَحْكُمُ بأكْثَرَ منها، فتَكونُ العِلَّةُ المَجْموعَ، مع أنَّ كلامَ أبي الخَطابِ يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ بالباءِ المُوَحَّدَةِ مِن تحتَ؛ أىْ قال صاحِبُ الحقِّ ذلك، بأنْ كان الحاكِمُ [لم يُوَلَّ] (¬3) بأكْثَرَ منها، لكِنَّ النُّسْخَةَ بالفاءِ، فيَحْتَمِلُ أنَّه مِن الكاتبِ، وإنْ كان بعيدًا. وأمَّا ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) فى الأصل: «مع». (¬3) فى الأصل: «مول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صاحِبُ «الوَجِيزِ»، فَيَحْتَمِلُ أنَّه ظَنّ المَفْهومَ مَقْصُودًا، فصرَّح به، وإنْ كان بعيدًا، ولكِنِ ارْتَكَبْناه لِما دلَّ عليه كلامُ الإمام أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، ولِما عَلَّلَه الجماعةُ. انتهى كلامُ شيْخِنا. قال: وقد ذكَر الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ بنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِيه»، أنَّ الشُّهودَ إذا شَهِدُوا بالخَمْسِمِائَة، وكانَ أصْلُها بأَلْفٍ، وأعْلَمُوا الحاكِمَ بذلك، يكونُ حُكْمُه بالخَمْسِمِائَة حُكْمًا بالأَلْفِ؛ لأنَّ الحُكْمَ ببَعْضِ الجُمْلَةِ حُكْمٌ بالجُمْلَةِ، فإذا كان لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأَلْفٍ، يكونُ قد حكَم بما لم يُوَلَّ فيه، وهو مُمْتَنِعٌ، بخِلافِ ما إذا كان وُلِّىَ الحُكْمَ بأَلْفٍ، فإنَّه يكونُ (¬1) قد حكَم بما وُلِّىَ فيه. هذا مَعْنَى ما رأيْتُه مِن كلامِه. قال: وفيه نظَرٌ؛ لأنَّ الذينَ ذكَرُوا المَنْعَ مِن ذلك إنَّما علَّلُوه بأنَّ الشَّاهِدَ لم يَشْهَدْ كما سَمِعَ. وهذا يَدُلُّ على أنَّ المَنْعَ لأمْرٍ يَرْجِعُ إلى الشَّاهِدِ، لا لأمْرٍ يَرْجِعُ إلى حُكْمِ الحاكمِ، ولأنَّه قد يُقالُ: لا نُسَلِّمُ فى مِثْلِ هذه الصُّورَةِ أنَّ الحُكْمَ بالبَعْضِ المَشْهودِ به يكونُ حُكْمًا بالجُمْلَةِ، بل إنَّما يكونُ حُكْمًا بما ادُّعِى به وشُهِدَ به. وقد يُقالُ: الذينَ علَّلُوا المَنْعَ بأنَّ الشَّهادةَ لم تُؤدَّ كما سُمِعَتْ، كلامُهم يقْتَضِى المَنْعَ مُطْلَقًا. وأمَّا مَن قَيَّدَ المَنْعَ بما إذا كانَ الحاكِمُ لم يُوَلَّ الحُكْمَ بأكْثَرَ منها، يكونُ تَوْجِيهُه ما ذُكِرَ، ويَدُلُّ عليه ذِكْرُ هذا القَيْدِ؛ لأنَّهم لم يَمْنَعُوا إلَّا بهذا الشَّرْطِ، لكِنْ يَحْتاجُ إلى إثْباتِ أنَّ الحُكْمَ بالبَعْضِ مِن الجُمْلةِ حُكْمٌ بكُلِّها. وقد ذكَرَ القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ» ما يُخالِفُ ذلك؛ فإنَّه ذكَر فى أوائلِ الكُرَّاسِ الرَّابعِ - فيما إذا كانت وِلايةُ القاضِى خاصَّةً - وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ، على صِحَّتِها فى قَدْرٍ مِن المالِ، فقال فى رِوايةِ أحمدَ بنِ نصْرٍ، فى رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفِ دِرْهَمٍ، وكان الحاكمُ لا يحْكُمُ إلَّا فى مِائَةٍ ومِائتَيْن، فقال: لا تشْهَدْ إلَّا بما أُشْهِدْت عليه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذلك (¬1) قال في رِوايةِ الحَسَنِ بنِ محمدٍ، في رَجُلٍ أُشْهِدَ على أَلْفٍ، ولا يُحْكَمُ في البِلادِ إلَّا على مِائَةٍ: لا يشْهَدُ إلَّا بالأَلْفِ (¬2). فقد نصَّ على جَوازِ القَضاءِ فى قَدْرٍ مِن المالِ. ووَجْهُه ما ذكَرْنا. ومنَع مِن تَبْعِيضِ الشَّهادَةِ إذا كانت بقَدْرٍ يَزِيدُ على ما جَعَل له فيه، بل يَشْهَدُ بذلك، ويَحْكُمُ الحاكِمُ مِن ذلك بما جعَل له؛ لأنَّه إذا شَهِدَ بخَمْسِمِائَةٍ عندَ هذا القاضى، وشَهِدَ بالخَمْسِمِائَةٍ الأُخْرَى عندَ قاضٍ آخَرَ، ربَّما ادَّعَى المُقِرُّ أنَّ هذه الخَمْسَمِائَةٍ الثَّانيةَ هى التى شَهِدَ بها [أوَّلًا، وتَسْقُطُ إحْداهما] (¬3) على قولِ مَن يَحْمِلُ تَكْرارَ الإقْرارِ فى مَجْلِسَيْنِ بأَلْفٍ واحدةٍ، وقد يَشْهَدُ لذلك قولُه تعالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} (¬4). وإذا بَعَّضَها، فلم يأْتِ بها على وَجْهِها. انْتَهَى كلامُ القاضِى في «الأحْكامَ السُّلْطانِيَّةِ». ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «لو». (¬2) فى الأصل، ا: «بألف». (¬3) فى الأصل: «وإلا تسقط إحداهم»، وفى ط: «أو لا فسقط أحدهما». (¬4) سورة المائدة 108.

باب شروط من تقبل شهادته

بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَهِىَ سِتَّةٌ؛ أَحَدُهَا، الْبُلُوغُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ مِمَّن هُوَ فِى حَالِ الْعَدَالَةِ. وَعَنْهُ، لَا تُقْبَلُ إلَّا فِى الْجِرَاحِ، إذَا شَهِدُوا قَبْلَ الافْتِرَاقِ عَنِ الْحَالِ الَّتِى تَجَارَحُوا عَلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قوله: وهى سِتَّةٌ؛ أحَدُها، البُلُوغُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الصِّبْيانِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وغيرِهم: لا تُقْبَلُ شَهادةُ الصِّبْيانِ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّواياتِ، والمُخْتارُ للأصحابِ؛ مُتَقَدِّمِهم ومُتأخِّرِهم. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تُقْبَلُ ممَّن هو فى حالِ العَدالَةِ. فتَصِحُّ مِن مُمَيِّزٍ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، ابنِ عَشْرٍ. واسْتَثْنَى ابنُ حامِدٍ على هاتَيْن الرِّوايتَيْن، الحُدودَ والقِصاصَ. وعنه، لا تُقْبَلُ إلَّا فى الجِراحِ، إذا شَهِدُوا قبلَ الافْتِراقِ عن الحالَةِ التى تجارَحُوا عليها. ذكَرها أبو الخَطَّابِ وغيرُه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ». وعنه، تُقْبَلُ فى الجِراحِ والقَتْلِ. ذكَرها فى «الواضحِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». قال القاضى،

الثَّانِي، الْعَقْلُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَعْتُوهٍ وَلَا مَجْنُونٍ، إِلَّا مَنْ يُخْنَقُ فِى الأَحْيَانِ، إذَا شَهِدَ فِى إِفَاقَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وجماعَةٌ مِن الأصحابِ: يُشْترَطُ أنْ يؤدُّوها أو يَشْهَدُوا على شهادَتِهم قبلَ تَفَرُّقِهم، ثم لا يُؤَثِّرُ رجُوعُهم. وقيل: تُقْبَلُ شَهادَتُهم على مِثْلِهم. وسأله عَبْدُ اللهِ، فقال: عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أجازَ (¬1) شَهادةَ بعْضِهم على بعْضٍ. فائدة: ذكَر القاضى أنَّ الخِلافَ عندَ الأصحابِ فى الشَّهادَةِ على الجِراحِ المُوجِبَةِ للقِصاصِ، فأمَّا الشَّهادَةُ بالمالِ، فلا تُقْبَلُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: وهذا عَجَبٌ مِن القاضى؛ فإن الصِّبْيانَ لا قَوَدَ بينَهم، وإنَّما الشهادَةُ بما يُوجِبُ المالَ. ذكَرَه فى «القَواعِد الأُصُولِيَّةِ». قوله: الثَّاني، العَقْلُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ مَعْتُوهٍ ولا مَجْنُونٍ، إلَّا مَن يُخْنَقُ فى الأحْيانِ، إذا شَهِدَ فى إفاقَتِه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «إجازة».

الثالثُ، الْكَلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: نصَّ عليه. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم: وتُقْبَلُ شَهادةُ مَن يُصْرَعُ فى الشَّهْرِ مَرَّةً أو مرَّتَيْن. وقال فى «الرِّعايتَيْن» (¬1)، و «الحاوِى»، وغيرِهم: وتُقْبَلُ شَهادةُ مَن يُصْرَعُ فى الشَّهْرِ مرَّتَيْن. وقيل: مَن يُفِيقُ أحْيانًا، حالَ إفاقَتِه. قوله: الثَّالثُ، الكَلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الأخْرَسِ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. نصَّ عليه. قال الشَّارِحُ: هذا أوْلَى. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَنْصوصُ المَجْزومُ به ¬

(¬1) فى الأصل: «الرعاية».

[347 ظ] وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فِيمَا طَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ، إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عندَ الأكْثَرِينَ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ فيما طَرِيقُه الرُّؤْيةُ، إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. واخْتارَه بعْضُهم. قلتُ: وهو قَوِىٌّ جِدًّا. وقد أوْمَأَ إليه الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ.

الرَّابعُ، الإِسْلَامُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ، إِلَّا أَهْلَ الْكِتَابِ فِى الْوَصِيَّةِ فِى السَّفَرِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ، وَحَضَرَ الْمُوصِىَ الْمَوْتُ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَلِّفُهُمُ الْحَاكِمُ بَعْدَ العَصْرِ: لَا نَشْتَرِى بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ، وَإِنَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أدَّاها بخَطِّه، فقد توَقَّفً الإمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ. ومَنَعَها أبو بَكْرٍ. وهو احْتِمالٌ للقاضِى. وخالَفَه فى «المُحَرَّرِ»، فاخْتارَ فيه قَبُولَها. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال فى «النُّكَتِ»: وكأنَّ وَجْهَ الخِلافِ بينَهما، أنَّ الكِتابةَ هل هى صَرِيحٌ أمْ لا؟ ويأْتِى فى أثْناءِ البابِ شَهادَةُ الأصَمِّ والأَعْمَى، وأحْكامُهما. قوله: الرَّابعُ، الإسْلامُ، فلا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كافِرٍ، إلَّا أهْلَ الكِتابِ فى الوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ، إذا لم يُوجَدْ غَيْرُهم، وحضَر المُوصِىَ المَوْتُ، فتُقْبَلُ شَهادَتُهم. يعْنِى إذا كانوا رِجالًا. الصَّحيحُ مِن المذَهبِ قَبُولُ شَهادَةِ أهْلِ الكِتابِ بالوَصِيَّةِ فى السَّفَرِ بشَرْطِه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به كثيرٌ منهم. ونقَله الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، حتى قال المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ»، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: إنَّه نصَّ القُرْآنِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: رَواه نحوُ العِشْرِينَ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ» رِوايةً بعَدَمِ القَبُولِ. وقيل: يُشْتَرَطُ فيه أنْ يكونَ ذِمِّيًّا. وهو ظاهرُ

لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، قَامَ آخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِى فَحَلَفَا بِاللهِ: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا. وَيَقْضِى لَهُمْ. وَعَنْهُ، أَنَّ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ تُقْبَلُ عَلَى بَعْضٍ. وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما جزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النظْمِ»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وليس بشىْءٍ. تنبيهات؛ أحدُها، مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ غيرَ الكِتابِىِّ لا تُقْبَلُ شَهادَتُهم فيها. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الكافى»، و «الشَّرْحِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجِيزِ»، و «الهِدايةِ»، [و «المُذْهَبِ»] (¬1)، وغيرِهم. وصحَّحه النّاظِمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المَشْهورُ مِن الرِّوايتَيْن. وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّر». وعنه، تُقْبَلُ مِن الكافرِ مُطْلَقًا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وأطلَقهما فى «الفُروعَ»، و «المُحَرَّرِ». الثَّاني، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه سواءٌ كان المُوصِى مُسْلِمًا أو كافِرًا. وهو ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ. نقَله الجماعَةُ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزرْكَشِىِّ»، وغيرِهم. الثَّالثُ، صرَّح المُصَنِّفُ أنَّ شَهادةَ الكافرِ لا تُقْبَلُ فى غيرِ هذه المَسْأَلَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَرْطِهِا، وقال: هو المذهبُ. وهو كما قال. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ نحْوٍ مِن عِشرِينَ مِن أصحابِه، فى أنَّها لا تُقْبَلُ شَهادَةُ بعضِهم على بعضٍ. وعنه، تُقْبَلُ شَهادَتُهم للحَمِيلِ. وعنه، تُقْبَلُ للحَمِيلِ (¬1)، ومَوْضِعِ ضَرُورَةٍ. وعنه، تُقْبَلُ سَفَرًا. ذكَرَهما الشيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ، وقال: كما تُقْبَلُ شَهادَةُ النِّساءِ فى الحُدودِ إذا اجْتَمَعْنَ فى العُرْسِ والحَمَّامِ. انتهى. وعنه، إنَّ شَهادَةَ بعْضِ أهْلِ الذِّمةِ تُقْبَلُ على بعْضٍ. نقَلها حَنبلٌ، وخطَّأَه الخَلَّالُ فى نقْلِه. ¬

(¬1) الحميل: المسبى يحمل من بلد إلى بلد.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزيزِ: هذا غَلَطٌ لا شكَّ فيه. قال أبو حَفْصٍ البَرْمَكِىُّ: تُقْبَلُ شَهادَةُ السَّبْىِ بعْضِهم على بعْضٍ، إذا ادَّعَى أحدُهم أنَّ الآخَرَ أخُوه. والمذهبُ الأوَّلُ، والظَّاهِرُ غَلَطُ مَن روَى خِلافَ ذلك. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. واخْتارَ رِوايةَ قَبُولِ شَهادَةِ بعضِهم على بعْضٍ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ، وابنُ رَزِينٍ، وصاحِبُ «عُيونِ المَسائلِ»، ونَصَرُوه. واحْتَجَّ فى «عُيونِ المَسائلِ» بأنَّه أهْلٌ للوِلايَةِ على أوْلادِه، فشَهادَتُه عليهم أَوْلَى. ونَصَره أيضاً فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ». وفى «الانتِصار» أيضًا: لا مِن حَرْبِىٍّ. وفيه أيضًا: بل على مِثْلِه. وقال هو وغيرُه: لا مُرْتَدٍّ، لأنَّه ليس أهْلًا للوِلاَيةِ فلا يُقَرُّ، ولا فاسِقٍ منهم؛ لأنَّه لا يجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِه، وتَلْحَقُه التُّهْمَةُ. وفى اعْتِبارِ اتِّحادِ المِلَّةِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، لا يُعْتَبَرُ اتِّحادُ المِلَّةِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُعْتَبَرُ اتِّحادُها. صحَّحه فى «النَّظْمِ»، و [«تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»] (¬1). ¬

(¬1) فى الأصل: «التصحيح والمحرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنييه: يحْتَمِلُ قولُه: ويُحَلِّفُهم الحاكِمُ بعدَ العَصْرِ: لا نَشتَرِى به ثَمَنًا ولو كان ذا قُرْبَى، ولا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ، وإنَّها لوَصِيَّةُ الرَّجُلِ. أنَّ تحْلِيفَهم على سَبِيلِ الوُجوبِ (¬1). وهو الظَّاهِرُ، وهو ظاهِرُ كلام أكْثَرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو الأشْهَرُ، وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى «الرِّعايةِ الكُبْرَى». والوَجْهُ الثَّانى، يُحَلِّفُهم على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وأطْلَقهما في «الفُروعِ». وقال فى «الواضحِ»: يُحَلِّفُهم مع الريِّبَةِ، وإلّا فلا. ¬

(¬1) فى ط: «الواجب».

الْخَامِسُ، أنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ، وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخَامِسُ، أنْ يكونَ مِمَّن يَحْفَظُ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ مُغفَّلٍ، ولا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ الْغلَطِ والنِّسْيانِ. لا تُقْبَلُ شَهادةُ المَعْروفِ بكَثْرَةِ الغلَطِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وكذا المَعْروفُ بكَثْرَةِ النِّسْيانِ. ذكَرَه جماعَةٌ مِن الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، وابنُ حَمْدانَ، والنّاظِمُ، وصاحِبُ «الوَجِيزِ»، و «الحاوِى»، والزَّرْكَشِىُّ، والخِرَقِىُّ، وغيرُهم. وقال فى «التَّرْغيبِ»: هذا الصَّحيحُ، إلَّا فى أمْرٍ جَلِىٍّ يَكْشِفُه الحاكِمُ ويُراجِعُه فيه

فَصْلٌ: السَّادِسُ، الْعَدَالَةُ، وَهِىَ اسْتِوَاءُ أحْوَالِهِ فِى دِيِنهِ، وَاعْتِدَالُ أقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَقِيلَ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ؛ الصَّلَاحُ فِى الدِّينِ، وَهُوَ أدَاءُ الفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى يعْلَمَ تَثَبُّته، وأنَّه لا سَهْوَ ولا غَلَطَ فيه. وجزَم به فى «الرَّعايتَيْن» (¬1)، و «الحاوِى». قوله: السَّادِسُ، العَدالَةُ، وهى اسْتِواءُ أحْوالِه فى دِينِه، واعْتِدالُ أقْوالِه وأفْعالِه. تقدَّم فى بابِ طَريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه، أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ، اعْتِبارُ ¬

(¬1) فى ط: «الرعاية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَدالَةِ فى البَيِّنةِ ظاهِرًا وباطِنًا، فيُعْتَبَرُ اسْتِواءُ أحْوالِه فى دِينِه، واعْتدالُ (¬1) أقْوالِه وأفْعالِه. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وقيل: العَدْلُ مَن لم تَظْهَرْ منه رِيبَةٌ. وهو رِوايةٌ عن الإمام أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، واخْتِيارُ الخِرَقِىِّ عندَ القاضى وجماعَةٍ، وتقدَّم ذلك. وذكَرَ أَبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى العَدالَةِ اجْتِنابَ الرِّيبَةِ، وانْتِفاءَ التُّهْمَةِ. زاد فى «الرِّعايةِ»، وفِعْلُ ما يُسْتَحَبُّ، وتَرْكُ ما يُكْرَهُ. ¬

(¬1) فى ط: «اعتبار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: العاقِلُ مَن عَرَف الواجِبَ عَقْلًا، الضرورِىَّ وغيرَه، والمُمْتَنِعَ والمُمْكِنَ، وما يضُرُّه وينْفَعُه غالِبًا. والعَقْلُ نَوْعُ عِلْمٍ ضَرورِىٍّ إنْسانِّىٍ، ومَحَلُّ ذلك الأُصولُ. والإسْلامُ الشَّهادَتان، نُطْقاً أو حُكْمًا، تَبَعًا أو بِدارٍ مع الْتِزامِ أحْكامِ الدِّينَ. قالَه الأصحابُ. تنبيه: ظاهرُ قولِه: ويُعْتَبَرُ لها شَيْئان؛ الصَّلاحُ فى الدِّينِ، وهو أداءُ الفَرائِضِ. أنَّ أداءَ الفَرائضِ وحدَها يَكْفِى ولولم يُصَلِّ سُنَنَها. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُذْهَبِ». وذكَر القاضى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وصاحِبُ «التبصِرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرُهم، أداءَ الفَرائِضِ بسُنَنِها الرَّاتِبَةِ. وقال فى «الهِدايةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»: بسُنَنِها. ولم يذْكُرِ الرَّاتِبَةَ. وقد أوْمَأ الإمامُ أحمدُ، رحِمَهُ اللهُ، إلى ما ذكَرَه القاضى، والجماعَةُ، لقَوْلِه (¬1)، فى مَن يُواظِبُ على تَرْكِ سُنَنِ الصَّلاةِ: رجُلُ سَوْءٍ. ونقَل أبو طالِبٍ، ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «كقوله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [والوِتْرُ] (¬1) سُنَّةٌ سنَّها النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فمَن تَرَكَ سُنَّةً مِن سُنَنِه، فهو رجُلُ سَوْءٍ. وقال القاضى: يأْثَمُ. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُه، لأنَّه لا يَسْلَمُ مِن تَرْكِ فرْضٍ، وإلَّا فلا يأْثَمُ بتَرْكِ سُنَّةٍ، وإنَّما قال هذا الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، فى مَن ترَكَه طُولَ عُمْرِه أو أكْثَرَه، فإنَّه يفْسُقُ بذلك، وكذلك جميعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذا داوَمَ على تَرْكِها؛ لأنَّه بالمُداوَمَةِ يكونُ راغِبًا عنِ السُّنَّةِ، وتلْحَقُه التُّهْمَةُ بأنَّه غيرُ مُعْتَقِدٍ لكَوْنِها سُنَّةً. وكلامُ الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، خُرِّجَ على هذا. وكذا قال فى «الفُصولِ»: الإدْمانُ على تَرْكِ هذه السُّنَنِ غيرُ جائزٍ. واحْتَجَّ بقَوْلِ الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، فى الوِتْرِ. وقال بعدَ قولِ الإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ تعالَى، فى الوِتْرِ: وهذا يقْتَضِى أنَّه حُكْمٌ (¬2) بفِسْقِه. قلتُ: فيُعايىَ بها على قولِ القاضِى، وابنِ عَقِيلٍ. ونقَل جماعةٌ، مَن ترَكَ الوِتْرَ فليس بعَدْلٍ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ، فى الجماعَةِ، على أنَّها سُنَّةٌ؛ لأنَّه [يُسَمَّى ناقِصَ الإيمانِ] (¬3). وقال فى «الرعايةِ»: وتُرَدُّ شَهادَةُ مَن أكْثَرَ مِن تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ. قوله: واجْتِنابُ المَحارِمِ، وهوأن لا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، ولا يُدْمِنَ على صَغِيرَةٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ». ¬

(¬1) فى النسخ: «لو ترك». والمثبت من الفروع 6/ 560، والمبدع 10/ 220. (¬2) فى الأصل: «يحكم». (¬3) فى الأصل: «كمسمى ناقض للإيمان».

وَقِيلَ: أنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ إِلَّا الْخَيْرُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيلَ: أنْ لا يظْهَرَ منه إلَّا الخَيْرُ. وقيل: أنْ لا يتَكَرَّرَ منه صَغِيرَةٌ. وقيل: ثلاثاً. وقطَع به فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». وأطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّرْغيبِ»: بأنْ لا يُكْثِرَ مِن الصَّغائرِ، ولا يُصِرَّ على واحدَةٍ منها. وعنه، تُرَدُّ الشهادَةُ بكَذِبَةٍ واحدَةٍ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُغْنِى». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَهُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: اخْتارَه بعضُهم. وقاسَ عليه بقِيَّةَ الصَّغائرِ، وهو بعيدٌ؛ لأنَّ الكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فيما تحْصُلُ به الشهادَةُ، وهو الخَبَرُ. قالَه فى «الفُروعِ». وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». وأخذَ القاضى، وأبو الخَطَّابِ مِن هذه الرِّوايةِ، أنَّ الكَذِبَ كبيرةٌ. وجعَل ابنُ حَمْدانَ فى «الرِّعايةِ» الرِّوايتَيْن فى الكَذِبِ، وأوْرَدَ ذلك مذهبًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه نظَرٌ. وقال أيضًا: ولعَلَّ الخِلافَ فى الكَذِبَةِ للتَّرَدُّدِ فيها، هل هى كبيرةٌ أو صَغِيرةٌ؟ وأَطْلقَ فى «المُحَرَّرِ» الرِّوايتَيْن فى رَدِّ الشَّهادَةِ بالكَذِبَةِ الواحدةِ. وظاهِرُ «الكافِى»، أنَّ العَدْلَ مَن رَجَحَ خَيْرُه، ولم يأْتِ كبيرةً؛ لأنَّ الصَّغائرَ تَقَعُ مُكَفَّرَةً أولًا فأوَّلًا، فلا تجْتَمِعُ. قال ابنُ عَقِيلٍ: لوْلا الإجْماعُ لقُلْنا به. وظاهِرُ كلامِ القاضى فى «العُمْدَةِ» (¬1)، أنَّه عَدْلٌ ولو أَتَى كبيرةً. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحِمَهُ الله: صرَّح به فى قِياسِ الشُّبَهِ. وعنه، فى مَن أكَلَ الرِّبا، إنْ أكْثَرً، لم يُصَلَّ خلفَه. قال القاضىٍ، وابنُ عَقِيلٍ: فاعْتَبَرَ الكَثْرَةَ. قال فى «المُغْنِى» (¬2): إنْ أخَذ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وتكَرَّرَ، رُدَّتْ ¬

(¬1) فى الأصل: «العدة». (¬2) انظر: المغنى 14/ 169، 170.

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهادَتُه. وعنه فى مَن وَرِثَ ما أخَذَه موْرُوثُه مِن الطَريقِ، هذا أهْوَنُ، ليس هو أخْرَجَه، وأعْجَبُ إلىَّ أنْ يرُدَّة. وعنه أيضًا، لا يكونُ عَدْلًا حتى يَرُدَّ ما أخَذَ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحِمَهُ الله: مَن شَهِدَ على إقْرارِ كَذِبٍ مع عِلْمِه بالحالِ، أو تكَرَّرَ نظَرُه إلى الأجْنَبِيَّاتِ والقُعودُ له بلا حاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ، قُدِحَ فى عَدالَتِه. قال: ولا يَسْتَرِيبُ أحدٌ فى مَن صلَّى مُحْدِثًا، أو لغيرِ القِبْلَةِ، أو بعدَ الوَقْتِ، أو بلا قِراءَةٍ، أنَّه كبيرةٌ. فائدة: الكَبِيرَةُ؛ ما فيه حدٌّ أو وَعِيدٌ. نصَّ عليه. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحِمَهُ اللهُ: هى ما فيه حَدٌّ، أو وَعِيدٌ، أو غَضَبٌ، أو لَعْنَةٌ، أو نَفْىُ الإيمانِ. وقال فى «الفُصولِ»، و «الغُنْيَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»: الغِيبَةُ والنَّمِيمَةُ مِن الصَّغائرِ. وقال القاضى فى «مُعْتَمَدِه»: معْنَى الكبيرةِ أنَّ عِقابَها أعْظَمُ، والصَّغِيرةُ أقَلُّ، ولا يُعْلَمانِ إلَّا بتَوْقيفٍ. وقال ابنُ حامِدٍ: إنْ تكَرَّرَتِ الصَّغائرُ مِن نَوْعٍ أو أنْواعٍ، فظاهرُ المذهبِ، تجْتَمِعُ وتكونُ كبيرةً. ومِن أصحابِنا مَن قال: لا تجْتَمِعُ. وهو شَبِيهُ مَقالَةِ المُعْتَزِلَةِ. قوله: وَلا تُقْبَلُ شَهادَةُ فاسِقٍ. سَواءٌ كان فِسْقُه مِن جِهَةِ الأفْعالِ، أوْ الِاعْتِقَادِ.

سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الأفْعَالِ، أَوْ الِاعْتِقَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ.

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهادَةِ الفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ المُتَدَيِّنِ بِهِ، إِذَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ويتَخَرَّجُ على قَبُولِ شَهادَةِ أهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهادَةِ الفاسِقِ مِن جِهَةِ الاعْتقادِ المتَدَيِّن به، إذا لم يَتَدَيَّنْ بالشَّهادةِ لِمُوافِقِه على مُخالِفِه. كالخَطَّابِيَّةِ. وكذا قال أبو الخَطَّابِ. فائدة: مَن قلَّد فى خَلْقِ القُرْآنِ، ونَفَى الرُّؤْيَةَ ونحوَهما، فَسَقَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جاهيرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ، قالَه فى «الواضِحِ». وعنه، يَكْفُرُ كمُجْتَهِدٍ. وعنه فيه، لا يَكْفُرُ. اخْتارَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ فى رِسالَتِه إلى صاحبِ «التَّلْخيصِ»؛ لقولِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، للمُعْتَصِمِ (¬1): يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ. ونقَل يعْقُوبُ الدَّوْرَقِىُّ، [فى مَن يقولُ: القُرْآنُ مخْلوقٌ] (¬2): كنتُ لا أُكَفِّرُه حتى قَرَأْتُ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} (¬3) وغيرَها، فمَنْ زَعَم أنَّه لا يدْرِى، عِلْمُ اللهِ مخْلوقٌ أوْ لا؟ كَفَرَ. وقال فى «الفُصولِ» فى الكَفاءَةِ، فى جَهْمِيَّةٍ وواقِفِيَّةٍ وحَرُورِيَّةٍ وقَدَرِيًةٍ ورافِضَةٍ (¬4): إنْ ناظَرَ ودَعَا، كفَر، وإلاَّ لم يُفَسَّقْ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، قال: يُسْمَعُ حدِيثُه ويُصَلَّى خلْفَه. قال: وعنْدى أنَّ عامَّةَ المُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ، كعامَّةِ أهْلِ الكِتابَيْن كُفَّارٌ مع جَهْلِهِم. قال: والصَّحيحُ، لا كُفْرَ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، أجازَ الرِّوايَةَ عن الحَرُورِيَّةِ والخَوارِجِ. وذكَر ابنُ حامِدٍ أنَّ قَدَرِيَّةَ أهْلِ الأَثَرِ - كسعيدِ بنِ أبى عَرُوبةَ، والأصَمِّ - مُبْتَدِعَةٌ، وفى شَهادَتِهم وَجْهانِ، وأنَّ الأوْلَى أنْ لا تُقْبَلَ؛ لأنَّ أقَلِّ ما فيه الفِسْقُ. وذكَر جماعَةٌ فى خَبَرِ غيرِ الدَّاعِيَةِ رِواياتٍ؛ الثَّالثَةُ، إنْ كانتْ مُفسِّقَةً، قُبِلَ، وإنْ كانت مُكَفِّرَةً، رُدَّ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ، لا يُفَسَّقُ أحدٌ. وقالَه القاضى فى «شَرْحِ الْخِرَقِىِّ» فى المُقَلِّدِ، كالفُروعِ. وعنه، الدَّاعِيَةُ، كَتَفْضِيلِ علىَّ على الثَّلاثَةِ أو أحدِهم، ¬

(¬1) الخليفة أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدى بن المنصور العباسى، ولد سنة ثمانين ومائة، بويع بعهد من المأمون فى رابع عشر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، كان ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة، لكنه نزر العلم، وامتحن الناس بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الأمصار، وأخذ بذلك المؤذنين وفقهاء المكاتب، ودام ذلك حتى أزاله المتوكل. توفى سنة سبع وعشرين ومائتين وله سبع وأربعون سنة. سير أعلام النبلاء 10/ 290 - 306. شذرات الذهب 2/ 63، 64. (¬2) سقط من: ط. (¬3) سورة النساء 166. (¬4) فى الأصل، ا: «رافضية».

وَأمَّا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ وَلِىٍّ، أوْ شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ، أوْ أخَّرَ الْحَجَّ الوَاجِبَ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــ رَضِىَ اللهُ عنهم، أو لم يَرَ مَسْحَ الخُفِّ، أو غَسْلَ الرِّجْلِ. وعنه، لا يُفَسَّقُ مَن فضَّل علِيًّا على عُثْمانَ، رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعِين. قال فى «الفُروع»: ويَتَوَجَّهُ فيه، وفى مَن رأى المَاءَ مِنَ المَاءِ ونحوِه، التَّسْوِيَةُ. نقَل ابنُ هانِئٍ فى الصَّلاةِ خَلْفَ مَن يُقَدِّمُ عَلِيَّا على أبى بَكْرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، إنْ كان جاهِلًا لا عِلْمَ له، أرْجُو أنْ لا يكونَ به بأْسٌ. وقال المَجْدُ: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ لا تُوجِبُ الكُفْرَ، لا نُفَسِّقُ المُقَلِّدَ فيها؛ لخِفَّتِها، مِثْلَ مَن يُفَضِّلُ عليًّا على سائرِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم، ونَقِفُ عن تكْفِيرِ مَن كفَّرْناه مِن المُبْتَدِعَةِ. وقال المَجْدُ أيضًا: الصَّحيحُ أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ كفَّرْنا فيها الدَّاعِيَةَ، فإنَّا نُفَسِّقُ المُقَلِّدَ فيها، كمَن يقولُ بخَلْقِ القُرْآنِ، أو بأنَّ ألْفاظَنَا به مَخْلوقَةٌ، أو أنَّ عِلْمَ اللهِ مخْلوقٌ، أو أنَّ أسْماءَه تعالَى مخْلوقَةٌ، أوأنَّه لا يُرَى فى الآخِرَةِ، أو يَسُبُّ الصَّحابَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، تدَيُّنًا، أو (¬1)، أنَّ الإيمانَ مُجَرَّدُ الاعْتقادِ، وما أشْبَهَ ذلك، فمَن كان عالِمًا فى شئٍ مِن هذه البِدَعِ، يدْعُو إليه ويُناظِرُ عليه، فهو محْكومٌ بكُفْرِه. نصَّ الإمامُ أحمدُ، رحِمَهُ اللهُ، صَرِيحًا على ذلك فى مَواضِعَ. قال: واخْتُلِفَ عنه فى تَكْفيرِ القَدَرِيَّةِ بنَفْىِ خَلْقِ المَعاصِى، على رِوايتَيْن. وله فى الخَوارِجِ كلامٌ يقْتَضِى فى تكْفيرِهم رِوايتَيْن. نقَل حَرْبٌ، لا تجوزُ شَهادةُ صاحبِ بِدْعَةٍ. قوله: وأمَّا مَن فعَلَ شَيْئًا من الفُرُوعِ المُخْتَلَفِ. فيها، فتَزَوَّجَ بغَيْرِ وَلىٍّ، أو ¬

(¬1) فى الأصل: «و». وبعده فى ا: «يقول».

إِمْكَانِهِ، وَنَحْوَهُ، متَأوِّلًا، فَلَا ترَدُّ شَهَادَتُةُ، وَإنْ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا تُرَدَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شَرِبَ مِن النَّبِيذِ ما لَا يُسْكِرُ، أو أخَّرَ الحَجَّ الواجِبَ مع إمْكانِه، ونحوَه، مُتَأوِّلًا، فَلَا تُرَدُّ شَهادَتُه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه فى رِوايةِ صالحٍ. وعليه جاهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الإرْشادِ»: تُقْبَلُ شَهادَتُه، الاَّ أنْ يُجِيزَ رِبا الفَضْلِ، أو يَرَى الماءَ مِن الماءِ؛ لتَحْرِيمِهما الآنَ. وذكَرَهُما الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، ممَّا خالفَ النَّصَّ مِن جِنْسِ ما يُنْقضُ فيه حُكْمُ الحاكمِ. وذكَر فى «التَّبْصِرَةِ» - فى مَن تزَوَّجَ بلا وَلِىّ، أو أكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ، أو تَزَوَّجَ بِنْتَه مِن الزِّنَى، أو أُمَّ مَن زَنَى بها - احْتِمالاً، تُرَدُّ. وعنه، يُفَسَّقُ مُتَأوِّلٌ لم يسْكَرْ مِن نَبِيذٍ. اخْتارَه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الإرْشادِ»، و «المُبْهِجِ». قال الزَّرْكَشِىُّ، وأبو بَكْرٍ: كحدِّه؛ لأنَّه يدْعُو إلى المُجْمَعِ عليه، وللسُّنَّةِ المُسْتَفِيضَةِ. وعلَّله ابنُ الزَّاغُونِىِّ بأنَّه إلى الحاكمِ، لاإلى فاعلِه، كبَقِيَّةِ الأحْكامِ. وفيه، فى «الواضِحِ»، رِوايَتانِ، كذِمِّىٍّ شَرِبَ خَمْرًا. وهو ظاهِرُ «المُوجَزِ». واخْتلفَ فيه كلامُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ. نقَل مُهَنَّا، مَن أرادَ شُرْبَه يَتْبَعُ فيه مَن شَرِ بَه، فَلْيَشْرَبْه. وعنه، أُجيزُ شَهادَتَه ولا أُصَلِّى خلْفَه، وأحُدُّه (¬1). وعنه، ومَن أخَّرَ الحج قادِرًا، كمَن لم يُؤَدِّ الزَّكاةَ. نقَله صالِحٌ، والمَرُّوذِىُّ. قال فى «الفُروعِ»: وقِياسُ الأوَّلَةِ، مَن لَعِبَ بشِطْرَنْجٍ، وتَسَمَّعَ غِناءً بلا آلةٍ. قالَه فى «الوَسِيلةِ»، لا باعْتِقادِ إباحَتِه. فائدة: قال الشَّيْخُ تقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فى دُخولِ الفُقَهاءِ فى أهْلِ الأهْواءِ، فأدْخَلَهم القاضى وغيرُه (¬2)، وأخْرَجَهم ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. قوله: وإنْ فَعَلَه مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَه، رُدَّتْ شَهادَتُه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمَ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الزَّرْكَشِى»، و «الحاوِى»، و «الفُروعَ»، ¬

(¬1) فى النسخ: «وحده»، والمثبت من الفروع 6/ 570. (¬2) فى الأصل: «غيرهم».

الثَّانِى، اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَتَرْكُ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَافِعِ، وَالْمُتَمَسْخِرِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» ونَصَراه، وغيرِ هم. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تُرَدَّ. وهو لأبى الخَطَّابِ. فائدة: مَن تَتَبَّعَ الرُّخَصَ فأخَذَ بها، فُسِّقَ. نصَّ عليه. وذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: كَرِهَه أهلُ العِلْمِ. وذكَر القاضى، غيرَ مُتَأوِّلٍ أو مُقَلِّدٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ تخْرِيجٌ مِمَّن تَرَكَ شَرْطاً أو رُكْنًا مُخْتَلَفًا فيه، لا يُعِيدُ فى رِوايةٍ. ويتَوَجَّهُ تقْيِيدُه بما لم يُنْقَضْ فيه حُكْمُ حاكمٍ. وقيل: لا يُفَسَّقُ إلَّاالعالِمُ. ومع ضَعْفِ الدَّليلِ، فرِوايَتان. تنبيه: تقدَّم فى أواخر كتابِ القَضاءِ، هل يَلْزَمُ التَّمَذْهُبُ بمَذْهبٍ، أوْ لا؟ فَلْيُعاوَدْ. قوله: الثانِى، اسْتِعْمالُ المُرُوُءَةِ، وهو فِعْلُ ما يُجَمِّلُه ويُزَيِّنُهُ، وتَرْكُ ما يُدَنِّسُه ويَشِينُه، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ المُصافِعِ، والمُتَمَسْخِرِ، والمُغَنِّى. قال فى «الرِّعايةِ»: ويُكْرَهُ سَماعُ الغِناءِ والنَّوْحِ بلا آلةِ لَهْوٍ، ويَحْرُمُ معها. وقيل: وبدُونِها، مِن رَجُلٍ وامْرَأةٍ. وقيل: يُباحُ، ما لم يَكُنْ معه مُنْكَرٌ آخَرُ. وإنْ داوَمَه

وَالمُغَنىِّ، وَالرَّقَّاصِ، واللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ، وَالنَّرْدِ، والْحَمَامِ، وَالَّذِى يَتَغَدَّى فِى السُّوقِ، وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ فِى مَجْمَعِ النَّاسِ، وَيُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِهِ أهْلَهُ أوْ أمَتَهُ، وَيَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو اتَّخذَه صِناعَةً يُقْصَدُ له، أو اتَّخذَ غُلامًا أو جارِيَةً مُغَنِّييْن يجْمَعُ عليهما النًاسَ، رُدًتْ شَهادَتُه، وإنِ اسْتَتَرَ به وأكْثَرَ منه، ردَّها مَن حرَّمه أو كَرِهَه. وقيل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ : أو أَباحَه؛ لأنَّه سَفَهٌ ودناءَةٌ يُسْقِطُ المُروءَةَ. وقيل: الحُداءُ ونشِيدُ الأعْرابِ كالغِناءِ فى ذلك. وقيل: يُباحُ سَماعُها. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: يُكْرَهُ غِناءٌ. وقال جماعَةٌ: يَحْرُمُ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى الوَصِىِّ: يَبِيعُ أمَةً للصَّبِىِّ على أنَّها غيرُ مُغَنِّيَةٍ، وعلى أنَّها لا تقْرَأُ بالألْحانِ. وقيل: يُباحُ الغِناءُ والنَّوْحُ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه أبو بَكْرٍ. وكذا اسْتِماعُه. وفى «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّرْغيبِ»، وغيرِهما: يَحْرُمُ مع آلةِ لَهْوٍ، بلا خِلافٍ بَيْنَنا. وكذا قالوا هم وابنُ عَقِيلٍ، إنْ كان المُغَنِّى امْرأةً أجْنَبِيَّةً. ونقَل المَرُّوذِىُّ، ويَعْقُوبُ، أنَّ الإمامَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، سُئِلَ عنِ الدُّفِّ في العُرْسِ بلا غِناءٍ؟ فلم يَكْرَهْهُ. فوائد؛ منها، يُكْرَهُ بِناءُ الحَمَّامِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. على ما تقدَّم فى أواخرِ بابِ الغُسْلِ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، لا تجوزُ شَهادَةُ مَن بَناه للنِّساءِ. وتقدَّم أحْكامُ الحَمَّامِ، فى آخِرِ بابِ الغُسْلِ. ومنها، الشَّعْرُ كالكَلامِ. سألَه ابنُ مَنْصُورٍ: مايُكْرَهُ منه؟ قال: الِهجاءُ، والرَّقيقُ الذى يُشَبِّبُ بالنِّساءِ. واخْتارَ جماعَةٌ قوْلَ أبى عُبَيْدٍ: أنْ يغْلِبَ عليه الشِّعْرُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. ومنها، لو أفْرَطَ شاعِرٌ بالمِدْحَةِ بإعْطائِه، وعكْسُه بعكْسِه، أو شبَّبَ بمَدْحِ خَمْرٍ، أو بمُرْدٍ - وفيه احْتِمالٌ - أو بامْرَأةٍ مُعَيَّنةٍ مُحَرَّمَةٍ، فُسِّقَ، لا إنْ شبَّبَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بامْرأتِه أو أمَتِه. ذكَره القاضى. واخْتارَ فى «الفُصولِ»، و «التَّرْغيبِ»، تُرَدُّ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كدَيُّوثٍ. قوله: واللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ فى الجُملةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكَر القاضى، وصاحِبُ «الترْغيبِ»، لا تُقْبَلُ شَهادَةُ اللَّاعبِ به، ولو كان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مُقَلِّدًا. قوله: واللَّاعِبِ بالحَمَامِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم: الطَّيَّارَةِ. ونقَل بَكْرٌ عن الإمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أو يسْتَرْعِيه مِنَ المَزارِعِ. قال فى «الرِّعايةِ»: وكذا تسْرِيحُها فى مَواضِعَ يُراهِنُ بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: اللَّعِبُ بالشِّطْرَنْجِ حَرامٌ. على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه. وعليه الأصحابُ، كمَعَ عِوَضٍ، أو تَرْكِ واجِبٍ، أو فِعْلِ مُحَرَّم، إجْماعًا فى المَقِيسِ عليه. قال فى «الرِّعايةِ»: فإنْ داومَ عليه، فُسِّقَ. وقيل: لا يَحْرُمُ إذا خَلَا مِن ذلك، بل يُكْرَهُ. ويَحْرُمُ النرْدُ، بلا خِلافٍ فى المذهبِ. ونصَّ عليه. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحِمَهُ اللهُ، الشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ. وكَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رحِمَهُ اللهُ، اللَّعِبَ بالحَمامِ. ويَحْرُمُ ليَصِيدَ به حَمامَ غيرِه (¬1)، ويجوزُ للأُنْسِ بصَوْتِها واسْتِفْراخِها، وكذا لحَمْلِ الكُتُبِ مِن غيرِ أَذًى يتَعَدَّى إلى ¬

(¬1) فى الأصل: «لصيد حمام وغيره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّاسِ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُكْرَهُ. وفى ردِّ الشَّهادَةِ باسْتِدامَتِه وَجْهان. ويُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لنَغَمَتِه، ففى ردِّ شَهادَتِه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وهما احْتِمالَانِ فى «الفُصولِ». وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، والشَّارِحِ المُتَقَدِّمِ، أنَّها لا تُرَدُّ بذلك. وقيل: يَحْرُمُ، كمُخاطَرَتِه بنَفْسِه فى رَفْعِ الأعْمِدَةِ والأحْجارِ الثَّقِيلَةِ والثِّقافِ (¬1). قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: ويَحْرُمُ مُحاكَاةُ النَّاسِ للضِّحِكِ (¬2) ويُعَزَّرُ هو ومَن يأْمُرُه به. قوله: والَّذِى يَتَغَدَّى فى السُّوقِ. يعْنِى بحَضْرَةِ النَّاسِ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: أو يتَغَدَّى على الطَّريقِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: كالذى ينْصِبُ مائدةً ويأْكُلُ عليها. ولا يضُرُّ أكْلُ اليَسيرِ كالكِسْرَةِ ونحوِها (¬3). قوله: ويَمُدُّ رِجْلَيْه فى مَجْمَعِ النَّاسِ. وكذا لو كَشَفَ مِن بدَنِه ما العادَةُ تغْطِيَتُه. ونوْمُه بينَ الجالسِينَ، وخُروجُه عن مُسْتَوَى الجُلوسِ بلا عُذْرٍ. فائدة: لا تُقْبَلُ شَهادةُ الطفَيْلىِّ. قطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، وغيرُهم. قوله: ويُحَدِّثُ بِمُبَاضَعَتِه أهْلَه وأمَتَه. وكذا مُخاطَبَتُهما بخِطابٍ فاحِشٍ بينَ النَّاسِ. وحَاكِى المُضْحِكاتِ، ونحوُه. قال فى «الفُنونِ» (¬4): والقَهْقَهَةُ. قال ¬

(¬1) الثقاف: أداة من خشب أو حديد تثقف بها الرماح لتستوى وتعتدل. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) حاشية فى ط نصها: «وقاله المصنف فى المغنى والشارح». (¬4) فى الأصل: «الفروع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «الغُنيةِ»: يُكْرَهُ تشَدُّقُه بالضَّحِكِ وقَهْقَهَتُه، ورَفْعُ صوْتِه بلا حاجَةٍ. وقال: ومَضْغ العِلْكِ؛ لأنَّه دَناءَةٌ، وإزالَةُ دَرَنِه بحَضْرَةِ ناسٍ، وكلامٌ بمَوْضِعٍ قَذِرٍ، كَحَمَّام وخَلاءٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ومُصارِعٌ، وبوْلُه فى شارِعٍ. ونقَل ابنُ الحَكَمِ، ومَن بنَى حمَّامًا للنِّساءِ. وقال فى «الرِّعايةِ»: ودَوامُ اللَّعِبِ، وإنْ لم يتَكَرَّرْ أو اختَفَى بما حَرُمَ منه (¬1)، قُبِلَت. ¬

(¬1) فى النسخ: «واختفى بمأمنه» والمثبت كما فى الفروع. انظر: الفروع 6/ 573.

فَأمَّ الشَّيْنُ فِى الصِّنَاعَةِ؛ كَالحَجَّامِ، وَالْحَائِكِ، وَالنَّخَّالِ، وَالنَّفَّاطِ، وَالْقَمَّامِ، والزَّبَّالِ، وَالْمُشَعْوِذِ، وَالدَّبَّاغِ، وَالْحَارِسِ، وَالْقَرَّادِ، والْكَبَّاشِ، فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا حَسُنَتْ طَرَائِقُهُمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فأَمَّا الشَّيْنُ فى الصّناعَةِ؛ كالحَجَّامِ، والحَائِكِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ وَالقَمَّامِ، والزَّبّالِ، والمُشَعْوِذِ، والدَّبّاغِ، والحَارِسِ، والقَرّادِ، والكَبَّاشِ، فهل تُقبَلُ شَهادَتُهم إذاحَسُنَتْ طَرائِقُهم؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»؛ أحدُهما، تُقْبَلُ إذا حسُنَت طرِيقَتُهم. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: تُقْبَلُ شَهادتُهم على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا تقْبَلُ مُطْلَقًا. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ولا يُقْبَلُ مسْتورُ الحالِ منهم، وإنْ قبِلْناه مِن غيرِ هم. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: المَشْهورُ مِنَ الوَجْهَيْن، لا يُقْبَلُ مسْتورُ الحالِ منهم (¬1)، وإنْ قُبِلَ مِن غيرِهم. واخْتارَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «التَّرْغيبِ»، قَبُولَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهادةِ الحائِكِ، والحارِسَ، والدَّبَّاغَ. واخْتارَه (¬1) النَّاظِمُ وزادَ النَّفَّاطَ، والصَّبَّاغَ. واخْتارَ عَدَمَ قَبُولِ شَهادَةِ الكبَّاشِ (¬2)، والكاسِحِ (¬3)، والقَرَّادِ، والقَمَّامِ، والحَجَّامِ، والزَّبَّالِ، والمُشَعْوذِ، ونخَّالِ التُّرابِ، والمُحَرِّشِ بينَ البَهائمِ. واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» قَبُولَ شَهادةِ الحائِكِ، والحَجَّامِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ، والحارِسِ، والصَّبَّاغِ، والدَّبَّاغِ، والقَمَّامِ، والزبَّالِ، والوَقَّادِ (¬4) والكَبَّاشِ (3)، والكَسَّاحِ، والقَيِّمِ، والجَصَّاصِ، ونحوِهم. واخْتارَ الأدَمِىَّ فى «مُنتَخَبِه» قَبُولَ شَهادَةِ الحَجَّامِ، والحائِكِ، والنَّخَّالِ، والنَّفَّاطِ، والقَمَّامِ، والمُشَعْوذِ، والدَّبَّاغِ، والحارسِ. واخْتارَ فى ¬

(¬1) فى الأصل: «اختارهم». (¬2) فى ط: «الكناس». (¬3) فى الأصل: «الكاشح». (¬4) فى الأصل، ا: «القراد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنَوِّرِ» قَبُولَ شَهادةِ الحارِسَ، والحائِكِ، والنَّخَّالِ (¬1) والصَّبَّاغَ، والحاجِمِ، [والكَسَّاحِ، والزَّبَّالِ، والدَّبَّاغِ] (¬2)، والنَّفَّاطِ. وقال صاحبُ «التَّرْغيبِ»: أو نقولُ بردِّ شَهادةِ الحائكِ، والحارسِ، والدَّبَّاغِ، ببَلَدٍ يُسْتَزْرَى فيه بهم. وجزَم الشَّارِحُ بعَدَمِ قَبُولِ شَهادَةِ الكَسَّاحِ، والكَنَّاسِ. وأَطْلَقَ فى الزَّبَّالِ، والحَجَّامِ، ونحوِهم، وَجْهَيْن. قلتُ: ليس الحائكُ والنَّخَّالُ والدَّبَّاغُ والحارِسُ، كالقَرَّادِ والكَبَّاشِ (¬3) والمُشَعْوِذِ ونحوِهم. ¬

(¬1) فى ط: «النجار». (¬2) سقط من: ط. (¬3) فى ط: «الكناس».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ الدَّبَّابُ، والصَّبَّاغُ، والكَنَّاسُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وصانعٍ، ومُكَارٍ، وجمَّالٍ، وجزَّارٍ، ومُصارِعٍ، ومَن لَبِسَ غيرَ زِىِّ بَلَدٍ يسْكُنُه، أو (¬1) زِيِّه المُعْتَادِ بلا عُذْرٍ، والقَيِّمِ. وقال غيرُه: وجرَّارٍ. وفى «الفُنونِ»: وكذا خيَّاطٌ. قال فى «الفُروعِ»: وهو غريبٌ. قلتُ: هذا ضعيفٌ جِدُّا. ومثْلُ ذلك الصَّيْرَفِىُّ ونحوُه إنْ لم يتَّقِ الرِّبا. ذكَرَه المُصَنِّفُ. قال الإمامُ أحمدُ، رحِمَهُ اللهُ: أكْرَهُ الصَّرْفَ. قال القاضى: يُكرَهُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى الصَّائغِ، والصَّبَّاغِ: إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ والثَّقَةَ، فلا مَطْعَنَ عليه. ¬

(¬1) فى الأصل: «و».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، يُكْرَهُ كَسْبُ مَن صَنْعَتُه دَنِيَّةٌ. قال فى «الفُروعِ»: والمُرادُ مع إمْكانِ أصْلَحَ منها. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ. ومَن يُباشِرُ النَّجاسَةَ، والجزَّارُ. ذكَرَه فيه القاضى، وابنُ الجَوْزِىِّ؛ للخَبَرِ، ولأنه يُوجِبُ قَساوَةَ قلْبِه. وفاصِدٌ، ومُزَيِّنٌ، وجَرائِحِىٌّ، ونحوُهم. قال بعضُهم: وبَيْطارٌ. وظاهِرُ «المُغْنِى»: لا يُكْرَهُ كَسْبُ فاصِدٍ. وقال فى «النهايَةِ»: الظَّاهِرُ، يُكرَهُ. قال: وكذا الخَتَّانُ، بل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أوْلَى. قال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِ الأكثرِ، لا يُكْرَهُ فى الرَّقيقِ، وكَرِهَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى. تنبيه: تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ الصَّيْدِ، أىُّ المَكاسِبِ أفْضَلُ.

فَصْلٌ: وَمَتَى زَالتِ المَوَانِعُ مِنْهُمْ، فَبَلَغ الصَّبِىُّ، وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَأسْلَمَ الْكَافِرُ، وتَابَ الْفَاسِقُ، قُبلَتْ شَهَادَتُهُمْ بمُجَرَّدِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومتى زالَتِ المَوانِعُ منهم، فبَلَغ الصَّبِىُّ، وعَقَلَ المَجْنُونُ، وأسْلَمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكافِرُ، وتابَ الفاسِقُ، قُبِلَتْ شَهادَتُهم بمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ. وَعَنْهُ، يُعْتَبَرُ فِى التَّائِبِ إصْلَاحُ العَمَلِ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يُعْتَبَرُ إصْلاحُ العَمَلِ. وهذا المذهبُ. وعليه اكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: يُعْتَبَرُ فى التَّائبِ إصْلاحُ العَمَلِ سَنَةً. وقيل: ذلك فى مَن فِسْقُه بفِعْلٍ. وذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً. وعنه، ذلك فى مُبْتَدِعٍ. جزَم به القاضى، والحَلْوانِّىَّ؛ لتَأجيلِ عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، صَبِيغاً. وقيل: يُعْتَبَرُ فى قاذِفٍ وفاسقٍ مُدَّةٌ يُعْلَمُ حالُهما. وهو احْتِمالٌ فى «الكافِى». وقال ابنُ حامِدٍ فى «كِتابِه»: يجئُ على مَقالةِ بعْضِ أصْحابِنا: مِن شَرْطِ صِحَّتِها وُجودُ أعْمالٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صالحةٍ؛ لظاهرِ الآيَةِ: {إلَّا مَن تَابَ. . . .} (¬1). فائدتان؛ الأُولَى، تَوْبَةُ غيرِ القاذِفِ النَّدَمُ، والإقْلاعُ، والعَزْمُ أنْ لا يعودَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فلو كانَ فِسْقُه بتَرْكِ واجب؛ كصَلاةٍ، وصَوْمٍ، ¬

(¬1) سورة مريم 60. وسورة الفرقان 70.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وزكاةٍ، ونحوِها، فلابُدَّ مِن فِعْلِها. وقيل: يُشْترَطُ مع ذلك قولُه: إنِّى تائِبٌ. ونحوُه. وعنه: يُشْتَرَطُ مع ذلك أيضًا مُجانَبَةُ قَرِينِه فيه. الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ فى صِحَّةِ التَّوْبَةِ ردُّ المَظْلِمَةِ إلى ربِّها، وأنْ يسْتَحِلَّه، أو يسْتَمْهِلَه مُعْسِرٌ، ومُبادرَتُه إلى حق اللهِ تِعالَى حَسَبَ إمْكانِه. ذكَره فى «التَّرْغيب» وغيرِه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وذكَر المُصَنِّفُ وغيرُه، يُعْتَبَرُ ردُّ المَظْلِمَةِ أو بَدَلُها (¬1)، أو نِيَّةُ الرَّدِّ متى قَدَر. وتقدَّم فى آخِرِ القَذْفِ، إذا كانَ عليه حقٌّ غيرُ مالِىّ لحىٍّ. وَأمَّا إنْ كانتِ المَظْلِمَةُ لمَيَّتٍ فى مالٍ، ردَّه إلى قَرِيبه (¬2)، فإنْ لم يَكُنْ له وارِثٌ، فإلى بَيْتِ المالِ، وإنْ كانتْ للمَيَّتِ فى عِرْضِه، كسَبِّه وقَذْفِه، فيَنْوِى اسْتِحْلالَه إنْ قَدَرَ فى الآخِرَةِ، أو يَسْتَغْفِرُ اللهَ له (¬3) حتى يُرْضِيَه عنه. والظَّاهِرُ صِحَّةُ توْبَتِه فى الدُّنْيا، مع (¬4) بَقاءِ حقِّ المَظْلومِ عليه؛ لعَجْزِه عن الخَلاصِ منه، ¬

(¬1) فى الأصل: «بذلها». (¬2) فى ا: «ذريته». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) سقط من: الأصل.

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ القَاذِفِ حَتَّى يَتُوبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالدَّيْنِ، فتُقْبَلُ شَهادَتُه، وتصِحُّ إمامَتُه. قالَه ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ». وعنه، لا تُقْبَلُ توْبَةُ مُبْتَدِعٍ. اخْتارَه أبو إسْحاق. قوله: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ القاذِفِ حتى يَتُوبَ. هذا المذهبُ. وقطَع به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابُ، وسَواءٌ حُدَّ أوْ لا. ومالَ صاحِبُ «الفُروعِ» إلى قَبُولِ شَهادَتِه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: ويتَوَجَّهُ تخْريجُ رِوايةِ بَقاءِ عَدالَتِه مِن رِوايةِ أنَّه لا يُحَدُّ.

وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ صِدْقَ نَفْسِهِ، فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا قُلْتُ، وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ، وَأَنَا تَائِبٌ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَوْبَتُه أنْ يُكْذِبَ نَفْسَه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه، لكَذِبِه حُكْمًا. وجزَم به القاضي في «الجامعِ الصَّغِيرِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «خِلَافَيْهما»، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ»، وصاحِبُ «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ: إنْ عَلِمَ صِدْقَ نفْسِه، فتَوْبَتُه أنْ يقولَ: نَدِمْتُ على ما قُلْتُ، ولن أعودَ إلى مِثْلِه، وأنا تائِبٌ إلى الله تِعالَى منه. قلتُ: وهو الصَّوابُ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الزَّرْكَشِيُّ: وهو حسَنٌ. وقال: واخْتارَ أبو محمدٍ في «المُغْنِي»، أنَّه إنْ لم يَعْلَمْ صِدْقَ نفْسِه، فكالأَوَّلِ، وإنْ عَلِمَ صِدْقَه، فتَوْبَتُه الاسْتِغْفارُ، والإِقْرارُ ببُطْلانِ ما قالَه، وتحْرِيمُه، وأنْ لا يعودَ إلى مِثْلِه. وقال القاضي، وصاحبُ «التَّرْغيبِ»: إنْ كانَ القَذْفُ شَهادةً، قال: القَذْفُ حَرامٌ باطِلٌ، ولن أعودَ إلى ما قُلْتُ. وإنْ كانَ سبًّا، فكَالمذهبِ. وقطَع في «الكافِي»، أنَّ الصَّادِقَ يقولُ: قَذْفِى لفُلانٍ باطِلٌ، نَدِمْتُ عليه. فائدة: القاذِفُ بالشَّتْمِ تُرَدُّ شَهادَتُه ورِوايتُه. قال الزَّرْكَشِيُّ: وفُتْياه، حتى يتُوبَ. والشَّاهِدُ بالزِّنَى إذا لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ تُقْبَلُ رِوايتُه، دُونَ شَهادَتِه.

فَصْلٌ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِى الشَّهَادَةِ الْحُرِّيَّةُ، بَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ فِى كُلِّ شَىْءٍ، إِلَّا فِى الْحُدُودِ وَالقِصَاصِ، عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَمَةِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا تُعْتَبَرُ في الشَّهادَةِ الحُرِّيَّةُ، بل تَجُوزُ شَهادَةُ العَبْدِ في كُلِّ شَىْءٍ، إلَّا في الحُدُودِ والْقِصاصِ، على إحْدَى الرِّوايتَيْن. شَهادَةُ العَبْدِ لا تخْلُو؛ إمَّا أنْ تكونَ في الحُدودِ والقِصاصِ، أو في غيرِهما؛ فإنْ كانتْ في غيرِهما، قُبِلَتْ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. ونقَل أبو الخَطَّابِ رِوايةً، يُشْترَطُ في الشَّهادَةِ الحُرِّيَّةُ. ذكَرَه الخَلَّالُ في أنَّ الحُرَّ لا يُقْتَلُ بالعبدِ. وفي «مُخْتَصَرِ ابنِ رَزِينٍ»، في شَهادةِ العَبْدِ خِلافٌ. وإنْ كانتْ في الحُدودِ والقِصاصِ، قُبِلَتْ أيضًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه ابنُ حامدٍ، وأبو الخَطّابِ في «الانْتِصارِ»، وابنُ عَقِيلٍ، والقاضى يعْقُوبُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. واخْتارَه في «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، لا تُقْبَلُ فيهما. قال في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: وهى أشْهَرُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هذا (¬1) المشْهورُ مِن مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وقطَع به القاضي في «التَّعْليقِ»، وتابعَه جماعةٌ. وقدَّمه في «الخُلاصةِ». وجزَم به في «العُمْدَةِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلَقهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ». وقال الخِرَقِيُّ، وأبو الفَرَجِ، وصاحبُ «الرَّوْضَةِ»: لا تُقْبَلُ في الحُدودِ خاصَّةً. وهو رِوايةٌ في «التَّرْغيبِ». وهو ظاهِرُ رِوايةِ المَيْمُونِيِّ. وهو أحدُ الاحْتِمالَيْن في ¬

(¬1) في الأصل، ا: «هو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الكافِي»، و «المُغْنِي». فائدتان؛ إحْداهما، حيثُ تعَيَّنتْ عليه، حَرُمَ على سيِّدِه مَنْعُه. ونقَل المَرُّوذِيُّ، مَن أجازَ شَهادَتَه، لم يَجُزْ لسيِّدِه مَنْعُه مِن قِيامِها (¬1). الثَّانيةُ، لو عتَق بمَجْلِسِ الحُكْمِ، فشَهِدَ، حَرُمَ ردُّه. قال في «الانْتِصارِ»، و «المُفْرَداتِ»: فلو ردَّه الحاكِمُ، مع ثُبوتِ عَدالَتِه، فسَقَ. ¬

(¬1) في ا: «قيامه بها».

وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الأَصَمِّ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَعَلَى المَسْمُوعَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ صَمَمِهِ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي المَسْمُوعَاتِ، إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ، وَبِالِاسْتِفَاضَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتَجُوزُ شَهادَةُ الأعْمَى في المَسْمُوعاتِ، إذا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبالاسْتِفاضَةِ.

وَتَجُوزُ فِى الْمَرْئِيَّاتِ الَّتِى تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الْعَمَى، إِذَا عَرَفَ الفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتَجُوزُ في المَرْئيَّاتِ الَّتِى تَحَمَّلَهَا قبلَ العَمَى، إذا عرَفَ الفاعِلَ باسْمِه ونَسَبِه، وما يَتَمَيَّزُ بِه. بلا نِزاعٍ.

فَإنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا، وَيَصِفُهُ لِلْحَاكِمِ بمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنْ لم يَعْرِفْه إلَّا بعَيْنِه، فقال القاضِي: تُقْبَلُ شَهادَتُه أيْضًا، ويَصِفُه لِلْحاكِمِ بما يتَمَيَّزُ بِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. قال في «تَجْريدِ العِنايةِ»: وهو الأظْهَرُ. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، [و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وصحَّحه في «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه في «الشَّرْحِ»] (¬1). ويَحْتَمِلُ أنْ لا تجوزَ؛ لأنَّ هذا ممَّا لا ينْضَبِطُ غالبًا. وهو وَجْهٌ في «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ عَمِىَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَشَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى جَائِزَةٌ فِى الزِّنَى وَغَيْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ» - وقال: ونصُّه يُقبَلُ - و «الزَّرْكَشِيُّ». وقال: ولعَلَّ لهما الْتِفاتًا إلى القَوْلَيْن في السَّلَمِ في الحَيوانِ. انتهى. قلتُ: الصَّحيحُ مِن المذهبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فيه. فعلى هذا تِصحُّ الشَّهادةُ به. وكذا الحُكْمُ لو عَرَفَه يقِينًا بصَوْتِه. وجزَم في «المُغْنِي» هنا بالقَوْلَيْن (¬1). وقال في «الرِّعايتَيْن»: وإنْ عرَفَه بعَيْنِه فقطْ - وقيلَ: أو بصَوْتِه - فَوَصَفَه للحاكمِ بما يُمَيِّزُه، فوَجْهان. فائدة: قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللهُ: وكذا الحُكْمُ إنْ تعَذَّرَ (¬2) رُؤْيَةُ ¬

(¬1) في الأصل: «بالقبول». (¬2) في ا: «تعذرت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَيْنِ المَشْهودِ لها أو عليها أو بها، لموْتٍ أو غَيْبَةٍ،

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ؛ كَالْمُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعِ، وَالْقَاسِمِ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَالْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُقْبَلُ شَهَادَةُ الإِنْسانِ على فِعْلِ نَفْسِه؛ كالمُرْضِعَةِ على الرَّضاعِ، والقاسِمِ على القِسْمَةِ، والحاكمِ على حُكْمِه بعدَ العَزْلِ. أمَّا المُرْضِعُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ شَهادَتَها تُقْبَلُ على رَضاعِ نفْسِها مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهما (¬1). وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال بعضُ الأصحابِ: لا تُقْبَلُ إنْ كان (¬2) بأُجْرَةٍ، وإلَّا قُبِلَت. وهو ظاهِرُ ما جزَم به في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»؛ فإنَّهم قالوا: تُقْبَلُ شَهادَةُ الإنْسانِ على فِعْلِ نفْسِه؛ كالمُرْضِعَةِ ¬

(¬1) في الأصل: «غيرهم». (¬2) في ا: «كانت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الرَّضاعِ، والقاسِمِ على القِسْمَةِ بعدَ فراغِه إن كان (¬1) بغيرِ عِوَض. وأمَّا القاسِمُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، قبولُ شَهادَتِه على قَسْمِ نفْسِه مُطْلَقًا. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهما (¬2). وقدَّمه في (¬3) «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقال القاضي، وأصحابُه: لا تُقْبَلُ. وقال صاحبُ «التَّبْصرَةِ»، و «التَّرْغيبِ»: لا تُقْبَلُ مِن غيرِ مُتَبَرِّعٍ، للتُّهْمَةِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ». وقد تقدَّم لَفْظُهم. وقال في «المُغْنِي» (¬4): وتُقْبَلُ شَهادَةُ القاسِمِ بالقِسْمَةِ إذا كان مُتَبَرِّعًا، ولا تُقْبَلُ اذا كان بأُجْرَةٍ. انتهى. وذكَرَه في «الرِّعايةِ» قوْلًا، وقطَع به في مَوْضِعٍ آخَرَ. وكذا قال في «المُسْتَوْعِبِ»، إلَّا أنَّه قال: إذا شَهِدَ قاسِمُ الحاكمِ. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: تُقْبَلُ شَهادَةُ القاسِمِ بعدَ فراغِه، إذا كان بغيرِ عِوَضٍ. وعِبارَتُه الأُولَى هى المشْهورَةُ في كلامِ القاضي وغيرِه. قالَه في «الفُروعِ». قلتُ: وعِبارَتُه الثَّانيةُ تابعَ فيها أبا الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». قال القاضي: اذا شَهِدَ قاسِمَا الحاكمِ على قِسْمَةٍ، قسَماها بأَمْرِه، أنَّ فُلانًا اسْتَوْفَى نَصِيبَه. جازَت شَهادَتُهما إذا كانتِ القِسْمَةُ بغيرِ أجْرٍ، وإنْ كانتْ بأجْرٍ لم تَجُزْ شَهادَتُهما. وتقدَّم في بابِ جَزاءِ الصَّيْدِ، أنَّه يجوزُ ¬

(¬1) في ا: «كانت». (¬2) في الأصل: «غيرهم». (¬3) بعده في الأصل، ا: «المغني و». (¬4) المغني: 14/ 101.

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِىِّ، وَالْقَرَوِىِّ عَلَى الْبَدَوِىِّ. وَعَنْهُ، فِى شَهَادَةِ البَدَوِىِّ عَلَى الْقَرَوِىِّ: أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ. فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنْ يكونَ القاِتلُ أحدَ الشَّاهِدَيْن إذا قَتَلَ صيْدًا، ولم تقْضِ فيه الصَّحابَةُ في قِيمَتِه. وهو يُشابِهُ هذه المسْألةَ. وأمَّا شَهادَةُ الحاكمِ على حُكْمِ نفْسِه بعدَ عزْلِه، فَمَقْبولَةٌ. وقد تقدَّم في آخِرِ بابِ أدَبِ القاضي، إذا أخْبَرَ بعدَ عزْلِه أنَّه كان حكَمَ بكذا. قوله: وتُقْبَلُ شَهادَةُ البَدَوِيِّ على القَرَوِيِّ، والقَرَوِيِّ على البَدَوِىِّ. تُقْبَلُ شَهادةُ القَرَوِىِّ على البَدَوِىِّ. بلا نِزاعٍ. وأمَّا شَهادةُ البَدَوِيِّ على القَرَوِىِّ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا قَبُولَها. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ في «الهِدايةِ»، والمُصَنِّفُ، وغيرُهما. وصحَّحه في «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ». وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه، في شَهادةِ البَدَوِىِّ على القَرَوِىِّ: أخْشَى أنْ لا تُقْبَلَ. فيَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. أحدُهما، تُقْبَلُ. كما تقدَّم. والآخر، لا تقْبَلُ. قال في «الفُروعِ»: وهو المَنْصوصُ. قال الشَّارِحُ: وهو قولُ جماعةٍ مِن الأصحابِ. قلتُ: منهم القاضي في «الجامعِ»، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ في «خِلافَيْهما»، والشِّيرَازِىُّ. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ».

باب موانع الشهادة

بَابُ مَوَانِع الشَّهَادَةِ وَيَمْنعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ؛ أَحدُهَا، قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَالِدٍ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلَ، وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ، وَإِنْ عَلَا، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا غَالِبًا، نَحْوَ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ، أَوْ قَذْفٍ. وَعَنْهُ، تُقْبَلُ شَهَادَةُ الوَلَدِ لِوَالِدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ موانِعِ الشَّهادَةِ قوله: وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهادَةِ خَمْسَةُ أشْياءَ؛ أحدُها، قَرابَةُ الوِلادَةِ، فلا تُقْبَلُ شَهادَةُ الوالدِ لوَلَدِه، وإنْ سَفُلَ، ولا وَلَدٍ لوالِدِه، وإنْ عَلا، في أَصَحِّ الرِّوَاياتِ. وسواءٌ في ذلك وَلَدُ البَنِينَ ووَلَدُ البَناتِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، ونقَله الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ تعالَى. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ المذهبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: لا شَكَّ أنَّ هذا المذهبُ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، تُقْبَلُ فيما لا يَجُرُّ به نفْعًا غالِبًا، نحوَ أنْ يَشْهدَ أحدُهما لصاحبِه بعَقْدِ نِكاحٍ، أو قَذْفٍ. قال (¬1) في «المُغْنِي»، والقاضي، وأصحابُه، و «الفُروعِ»، وغيرُهم: وعنه، تُقْبَلُ ما لم يَجُر نَفْعًا غالبًا، كشَهادَتِه له بمالٍ، وكلٌّ منهما غَنِيٌّ. قال في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»: كالنِّكاحِ، والطَّلاقِ، والقِصاصِ، والمالِ إذا كان مُسْتَغْنًى عنه. وأَطْلقَ رِوايةَ القَبُولِ في «الكافِي»، فقال: وعنه تُقْبَلُ شَهادَتُهما، لأنَّهما عَدْلانِ مِن رِجالِنا، فَيَدْخُلانِ في عُمومِ الآياتِ والأَخْبارِ. انتهى. وعنه، تُقْبَلُ شَهادةُ الوَلَدِ لوالدِه، ولا تُقْبَلُ شَهادةُ الوالِدِ لوَلَدِه. ¬

(¬1) في ا: «قاله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال القاضي، وأصحابُه، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّرْغيبِ»، والزَّرْكَشِي، وغيرُهم: تُقْبَلُ شَهادَتُه لوالدِه ووَلَدِه مِن زِنًى أو

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رَضاعٍ. وفي «المُبْهِجِ»، و «الواضِحِ» رِوايةٌ، لا تُقْبَلُ. ونقَلَه حَنْبَلٌ. قوله: وتُقْبَلُ شهادَةُ بَعْضِهم على بَعْضٍ، في أَصَحِّ الرِّوايتَيْن. وكذا قال في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ». وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. ونصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: [نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ] (¬1): ولم أَجِدْ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، في «الجامعِ» عنه اخْتِلافًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وجزَم به في «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ» الأدَمِيِّ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي الصَّغيرِ». فوائد؛ إحداها، قال ابنُ نَصْرِ اللهِ في «حَواشِيه» على «الفُروعِ»: لو شَهِدَ [عندَ حاكمٍ مَنْ لا تُقْبَلُ شَهادَةُ] (¬1) الحاكمِ له، فهل له الحُكْمُ بشَهادَتِه؛ كَشَهادَةِ وَلَدِ الحاكمِ عندَه لأَجْنَبِيٍّ، أو والِدِه، أو زوْجَتِه فيما تُقْبَلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ؟ يتَوَجَّهُ عَدَمُ قبولِه؛ لأنَّ قَبُولَه تزْكِيَة له، وهى شَهادَةٌ له. انتهى. ¬

(¬1) في الأصل: «الحاكم من لا يقبل شهادته».

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، قال ابنُ نَصْرِ الله أِيضًا في «الحَواشِي»: لو شَهِدَ على الحاكم بحُكْمِه مَنْ شَهِدَ عندَه بالمَحْكومِ فيه، فهل تُقْبَلُ شَهادَتُه؟ الأظْهَرُ، لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه يشْهَدُ عليه (¬1) أنَّه قبِلَ شَهادَتَه، وحكَمَ فيما ثَبَتَ عندَه بشَهادَتِه بكذا، فيكونُ قد شَهِدَ لنَفْسِه بأنَّ الحاكِمَ قَبِلَه. وقال أيضًا: تَزْكِيَةُ الشَّاهدِ رَفِيقَه في الشَّهادةِ لا تُقْبَلُ؛ لإِفْضائِه إلى انْحِصارِ الشَّهادةِ في أحَدِهما. الثَّالثةُ، لو شَهِدَ ابْنانِ على أبِيهما بقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهما، وهي تحتَه، أو طَلاقِها، فاحْتِمالان في «مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِىِّ»، قطَع الشَّارِحُ بقَبُولِها فيهما، وقطَع النَّاظِمُ بقَبُولِها في الثَّانيةِ، وفي «المُغْنِي»، في الثَّانيةِ وَجْهانِ. قالَه في «الفُروعِ». قلتُ: قطَع في «المُغْنِي» بالقَبُولِ، في كتابِ الشَّهاداتِ، عندَ قولِ الخِرَقِيِّ: ولا تجوزُ شَهادةُ الوالِدَيْن وإنْ عَلَوا، ولا شَهادةُ الولَدِ وإنْ سَفُلَ. قوله: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ أحَدِ الزَّوْجَيْن لصاحِبِه، في إحْدَى الرِّوايتَيْن. وهي المذهبُ. نقَلها الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ ¬

(¬1) في الأصل: «على».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منهم، الخِرَقِيُّ، والقاضي في «التَّعْليقِ»، وأبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ في «رُءوسِ المَسائلِ»، وابنُ هُبَيْرَةَ، وغيرُهم، وقطَعُوا به. قال في «الفُروعِ»: نقَله الجماعةُ، واخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هذا هو المذهبُ المَشْهورُ المَجْزومُ به عندَ الأكْثَرِين. انتهى. وصحَّحه النَّاظِمُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، و «إدْراكِ الغايةِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِيِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الكافِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ: تُقْبَلُ. قال بعضُ الأصحابِ: والقَبُولُ ليس بمَنْصوصٍ، ولا اخْتارَه أحدٌ مِنَ الأصحابِ. وأَطْلَقَهما في «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. فوائد؛ الأُولَى، قال الزَّرْكَشِيُّ: وقد خُرِّجَ مِن كلامِ الخِرَقِيِّ شَهادَةُ أحدِهما على صاحبِه، فتُقْبَلُ بلا خِلافٍ، وهو أَمْثَل الطَّرِيقَتَيْن، والطَّرِيقةُ الثَّانيةُ، فيه ذلك

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافُ. قلتُ: هذه الطَّرِيقَةُ أصْوَبُ، وقد رُوِى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، رِوايةٌ بعَدَمِ القَبُولِ، وعلى كلِّ حالٍ، المذهبُ القَبُولُ. الثَّانيةُ، قولُه: ولا تُقْبَلُ شَهادَةُ السَّيِّدِ لعبدِه، ولا العَبْدِ لسَيِّدِه. بلا نِزاعٍ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لا تُقْبَلُ شَهادَةُ العَبْدِ لسيِّدِه. وهو المذهبُ عندَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. وقال: وفى المَنْعِ (¬1) نظَرٌ، وبالغَ ابنُ عَقِيلٍ فقال: لا تُقبَلُ شَهادتُه لمُكاتَبِ سيِّدِه. قال: ويَحْتَمِلُ على قِياسِ ما (¬2) ذكَرْناه، أنَّ شَهادَتَه لا تصِحُّ لزَوْجِ مَوْلاتِه. انتهى. فعلى المذهبِ.، لو أَعْتَقَ عبدَيْن، فادَّعَى رَجُلٌ أنَّ المُعْتِقَ غَصَبَهما منه، فشَهِدَ العَتِيقان بصِدْقِ المُدَّعِى، وأنَّ المُعْتِقَ غصَبَهما، لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما؛ لعَوْدِهما إلى الرِّقِّ. ذكَرَه القاضى وغيرُه. وكذا لو شَهِدَا بعدَ عِتْقِهما، أنَّ مُعْتِقَهما كان غيرَ بالغٍ حالَ العِتْقِ، أو جَرَحا (¬3) الشَّاهِدَيْن بحُرِّيَّتِهما. ولو عتَقا بتَدْبيرٍ أو وَصِيَّةٍ، فشَهِدَا بدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ للتَّرِكَةِ، أو وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ في الرِّقِّ، لم تُقْبَلْ؛ لإِقْرارِهما بعدَ الحُرِّيَّةِ برِقِّهما لغيرِ السَّيِّدِ، ولا يجوزُ. قلتُ: فيُعايَي بذلك كلِّه. ¬

(¬1) في ط، ا: «المقنع». (¬2) سقط من: ط. (¬3) في النسخ: «يخرج». وانظر المبدع 10/ 245.

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الأخِ لِأَخِيهِ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَالصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ، وَالْمَوْلَى لِعَتِيقِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وتُقْبَلُ شَهادَةُ الصَّدِيقِ لصَديقِه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ ابنَ عَقِيلٍ قال: تُرَدُّ شَهادةُ الصَّديقِ بصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ، والعاشِقِ لمَعْشُوقِه؛ لأنَّ العِشْقَ يُطِيشُ. فائدتان؛ إحداهما، قال في «التَّرْغيبِ»: ومِن مَوانعِ الشَّهادَةِ الحِرْصُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أدائِها قبلَ اسْتِشْهادِ مَنْ يَعْلَمُ بها، قبلَ الدَّعْوى أو بعدَها، فتُرَدُّ. وهل يصِيرُ مَجْروحًا بذلك؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ومِن مَوانِعِها العَصَبِيَّةُ، فلا شَهادةَ لمَنْ عُرِفَ بها، وبالإِفْراطِ في الحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ على قِبيلَةٍ، وإنْ لم تَبْلُغْ رُتْبَةَ العَداوَةِ. انتهى. واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». وقال في «التَّرْغيبِ» (¬1)، و «الحاوِى»: ومَنْ حَرَصَ على شَهادةٍ لم (¬2) يعْلَمْها، وأَدَّاها قبلَ سُؤالِه، رُدَّتْ، إلَّا في عِتْقٍ وطَلاقٍ ونحوِهما مِن شَهادةِ الحِسْبَةِ. قلتُ: والصَّوابُ عدَمُ قَبُولِها مع العَصَبِيَّةِ، ¬

(¬1) في الأصل: «الرعايتين». (¬2) في ط، ا: «ولم».

فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ، كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ، وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قَبْلَ الانْدِمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ خُصوصًا في هذه الأزْمِنَةِ. وهو في بعضِ كلامِ ابنِ عَقِيلٍ، لكِنَّه قال: في حيِّزِ العَداوَةِ. الثَّانيةُ، قال في «الفُروعِ»: ومَنْ حَلَفَ مع شَهادَتِه، لم تُرَدَّ، في ظاهرِ كلامِهم، ومع النَّهْىِ عنه. قال: ويتَوَجَّهُ، على كلامِه في «التَّرْغيبِ»، تُرَدُّ، أو وَجْهٌ. قوله: الثَّاني، أنْ يَجُرَّ إلى نَفْسِه نَفْعًا بشَهادَتِه. هذا المذهبُ. وقالَه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابُ. قال في «التَّبْصِرَةِ»: وأنْ لا يَدْخُلَ مَداخِلَ السُّوءِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: أكْرَهُه. انتهى. و (¬1) مِن أمْثِلَةِ ما يَجُرُّ إلى نفْسِه نفْعًا ¬

(¬1) بعده في الأصل: «هو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بشَهادَتِه (¬1)، ما مثَّلَه المُصَنِّفُ وغيرُه؛ كشَهادةِ السَّيِّدِ لمُكاتَبِه، والوارِثِ لمَوْرُوثِه بالجُرْحِ قبلَ الانْدِمالِ. لأنَّه قَدْ يسْرِى الجُرْحُ إلى نفْسِه، فتَجِبُ الدِّيَةُ لهم. ¬

(¬1) في الأصل: «شهادته».

وَالْوَصِىِّ لِلْمَيِّتِ، وَالوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ، وَالغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ بِالْمَالِ، وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عَنْ شُفْعَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والوَصِىِّ للمَيِّتِ، والوَكيلِ لمُوَكِّلِه بما هو وَكيلٌ فيه، والشَّرِيكِ لشَرِيكِه - يَعْنِي بما هو شَرِيكٌ فيه - والغُرماءِ للمُفْلِس - يعْنى المَحْجُورَ عليه - وأحَدِ الشَّفِيعَين بِعَفْوِ الآخرِ عن شُفْعَتِه. وكذا الحاكمُ لمَنْ هو في حِجْرِه. قالَه في «الإِرْشادِ»، و «الرَّوْضَةِ». واقْتَصَرَ عليه في «الفُروعِ». وكذا أجِيرٌ لمُسْتَأْجِرٍ. نصَّ عليه. وقال في «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: فيما إذا اسْتَأْجَرَه فقط. قال في «التَّرْغيبِ»: قيَّدَه جماعةٌ. وقال المَيْمُونِيُّ: رأيْتُ الإِمامَ أحمدَ، رحِمَه اللهُ، يَغْلِبُ على قلْبِه جَوازُه. ولو شَهِدَ أحدُ الغانِمِين بشئٍ مِنَ المَغْنَمِ قبلَ القِسْمَةِ؛ فإنْ قُلْنا: قد ملَكُوه. لم تُقْبَلْ شَهادَتُه، كشَهادَةِ أحدِ الشَّرِيكَيْن للآخَرِ، وإنْ قُلْنا: لم تُمْلَكْ. قُبِلَتْ. ذكَرَه القاضي في «خِلافِه». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: وفي قَبُولِها نظَرٌ، وإنْ قُلْنا: لم تُمْلَكْ. لأنَّها شَهادَةٌ تَجُرُّ نفْعًا. قال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في «الفائِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ»: قلتُ: ذكَرَه القاضي في مسْأَلَةِ ما إذا وَطِيَ أحدُ الغانِمِين جارِيَةً مِنَ المَغْنَمِ، وذكَرَ في مسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِن بَيْتِ المالِ والغنِيمَةِ (¬1)، أنَّها لا تُقْبَلُ شَهادةُ أحَدِ الغانِمِين بمالِ الغنِيمَةِ مُطْلَقًا، وهو الأظْهَرُ. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، تُرَدُّ الشَّهادَةُ مِن وَصِيٍّ ووَكيلٍ بعدَ العَزْلِ لمُوَلِّيه ومُوَكِّلِه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تُرَدُّ إنْ كان خاصَمَ فيه، وإلَّا فلا. وأَطْلَقَ في «المُغْنِي» وغيرِه القَبُولَ بعدَ عزْلِه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ خاصَمَ في خصومَةٍ مرَّةً، ثم نَزَعَ، ثم شَهِدَ، لم تُقْبَلْ. الثَّانِيَةُ، تُقْبَلُ شَهادةُ الوَصِيِّ على المَيِّتِ، والحاكمِ على مَنْ هو في حِجْرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا تُقْبَلُ. ¬

(¬1) في ط: «القسمة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّالثةُ، تُقْبَلُ الشَّهادةُ لمَوْروثِه في مرَضِه بدَيْنٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «الفُروعِ». [وقطَع به المُصَنِّفُ وغيرُه] (¬1). وقيل: لا تُقْبَلُ. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي»، و «الزَّرْكَشِيِّ». فعلى القولِ بعدَمِ القَبُولِ، لو شَهِدَ غيرُ وارِثٍ، فصارَ عندَ المَوْتِ وارِثًا، سُمِعَتْ، دُونَ عكْسِه. وعلى المذهبِ، لو حُكِمَ بهذه الشَّهادَةِ، لم يتَغَيَّرِ الحُكْمُ بعدَ الموتِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَصْلٌ: الثَّالِثُ، أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا، كَشَهَادَةِ العَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَالغُرَمَاءِ بِجَرْحِ شُهُودِ الدَّيْنِ عَلَى المُفْلِسِ، وَالسَّيِّدِ بِجَرْحِ مَنْ شَهِدَ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ بِدَيْنٍ، وَالْوَصِيِّ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَى الأَيْتَامِ، وَالشَّرِيكِ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَسَائِرِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإنْسَانٍ، إِذَا شَهِدَ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قطَع به في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». الرَّابعةُ، قال في «الفُروعِ»: ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ، عَدَمُ القَبُول ممَّنْ له الكَلامُ في شئٍ، أو يَسْتَحِقُّ منه وإنْ قلُّ، نحوَ مدْرَسَةٍ ورِباطٍ، قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، في قوْمٍ في دِيوانٍ أَجَرُوا شيئًا: لا تُقْبَلُ شَهادَةُ أحدٍ منهم على مُسْتَأْجِرِه؛ لأنَّهم وُكلاءُ أو وُلاةٌ. قال: ولا شَهادَةُ دِيوانِ الأمْوالِ السُّلْطانِيَّةِ على الخُصومِ. قوله: الثَّالِثُ، أنْ يَدْفَعَ عن نَفْسِه ضَرَرًا، كشَهادَةِ العاقِلَةِ بجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَطَأْ. وكشَهادَةِ مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه لإنْسانٍ بجَرْحِ الشَّاهدِ عليه، وكزَوْجٍ في زِنًى، بخِلافِ قَتْلٍ وغيرِه. وقال في «الرِّعايتَيْن»: لا تُقْبَلُ على زَوجَتِه بزِني. وقيل: مع ثَلاثَةٍ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالمذهبُ أنَّها لا تُقْبَلُ ممَّنْ يَدْفعُ عن نفْسِه ضرَرًا مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. ونصَّ عليه. وقال في «مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِىِّ»: البعيدُ ليس مِن عاقِلَتِه حالًّا، بل الفَقِيرُ المُعْسِرُ وإنِ احْتاجَ صفةَ اليَسارِ. قال في «الفُروعِ»: وسَوَّى غيرُه بينَهما، وفيهما احْتِمالان. قال الزَّرْكَشِيُّ: وقيلَ: إنْ كان الشَّاهِدُ مِنَ العاقِلَةِ فقِيرًا أو بعيدًا، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لانْتِفاءِ التُّهْمَةِ في الحالِ الرَّاهِنَةِ. وأَطْلَقَ الاحْتِمالَيْن في «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايةِ الكُبرى»، وغيرِهم. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ القَبُولِ.

فَصْلٌ: الرَّابعُ، الْعَدَاوَةُ، كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ عَلَىْ قَاذِفِهِ، وَالمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ عَلَى قَاطِعِهِ، وَالزَّوْجِ بِالزِّنَى عَلَى امْرَأَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: تُقْبَلُ فُتْيا مَنْ يَدْفَعُ عن نفْسِه ضرَرًا بها. قوله: والرَّابعُ: العَداوَةُ، كشَهادَةِ المَقْذُوفِ على قاذِفِه، والمقطُوعِ عليه الطَّرِيقُ على قاطِعِه. بلا نِزاعٍ. فلو شَهِدُوا أنَّ هؤلاءِ قَطَعُوا الطَّريقَ علينا، أو على القافِلَةِ، لم تُقْبَلْ، ولو شهِدُوا أنَّ هؤلاءِ قطَعُوا الطَّريقَ على هؤلاءِ، قُبِلوا. وليس للحاكمِ أنْ يَسْألَ: هل قطَعُوها عليْكم معهم؟ لأنَّه لا بَيْحَثُ عمَّا شَهِدَ به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشُّهودُ. ولو شَهِدوا أنَّهم عرَضُوا لَنا، وقَطَعُوا الطَّريقَ على غيرِنا، فقال في «الفُصولِ»: تُقْبَلُ. قال: وعنْدِى، لا تُقْبَلُ. فوائد؛ الأُولَى، يُعْتَبَرُ في عدَمِ قَبُولِ الشَّهادَةِ بالعَداوَةِ كوْنُها لغيرِ الله تِعالَى؛ سَواءٌ كانتْ موْرُوثَةً أو مُكْتَسَبَةً. وِقال في «التَّرغيبِ»: تكونُ ظاهِرَةً، بحيثُ يُعْلَمُ أنَّ كُلًّا منهما يُسَرُّ بمَساءَةِ الآخرِ، ويَغْتَمُّ بفرَحِه، ويَطْلُبُ له الشَّرَّ. قلتُ: قال في «الرِّعايتَيْن»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِي»، و «الوَجيزِ»: ومَنْ سَرَّه مَساءَةُ أحدٍ، وغَمَّه فَرَحُه، فهو عَدُوٌّ. وقال في «الرِّعايةِ (¬1) الكُبْرَى»: قلتُ: أو حاسِدُه. الثَّانيةُ، تُقْبَلُ شَهادةُ العَدُوِّ لعَدُوِّه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا تُقْبَلُ. الثَّالثةُ، لو شَهِدَ بحقٍّ مُشْتَرَكٍ بينَ مَنْ تُرَدُّ شَهادَتُه له وبينَ مَنْ لا تُرَدُّ شَهادتُه له، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم تُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه؛ لأنَّها لا تتَبَعَّضُ في نفْسِها. وقيل: تصِحُّ لمَنْ لا تُرَدُّ شَهادَتُه له. وذكرَ جماعةٌ، تصِحُّ إنْ شَهِدَ أنَّهم قَطَعُوا الطَّريقَ على القافِلَةِ، لا عليْنا. الرَّابعَةُ (¬1)، لو شَهِدَ عندَه، ثم حدَث مانِعٌ، لم يَمْنَعِ الحُكْمَ، إلَّا فِسْقٌ أو كُفْرٌ أو تُهْمَةٌ، فيَمْنَعُ (¬2) الحُكْمَ، إلَّا عداوةً ابْتدأَها المشْهودُ عليه (¬3)، كقَذْفِه (¬4) ¬

(¬1) في الأصل: «قوله: الرابعة». (¬2) في الأصل: «فمنع». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) في الأصل: «على القذفة». وفى ط: «القذفة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ البَيِّنَةً. وكذا مُقاوَلَتُه وقْتَ غضَبٍ ومُحاكَمَة بدُونِ عَداوَةٍ ظاهرةٍ سابقَةٍ. قال في «التَّرْغيبِ»: ما لم يصِلْ إلى حدِّ العَداوَةِ أو الفِسْقِ. وحُدوثُ مانعٍ في شاهِدِ أصْلٍ كحُدوثِه في مَن أقامَ الشَّهادَةَ. وفي «التَّرْغيبِ»: إنْ كانَ بعدَ الحُكْمِ لم يُؤَثِّرْ، وإنْ حدَث مانِعٌ بعدَ الحُكْمِ، لم يُسْتَوْفَ حدٌّ، بل مالٌ. وفى قَوَدٍ وحدِّ قَذْفٍ وَجْهان. وأَطْلَقهما في «الفُروعِ» و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «المُغْنِي» في مَوْضِعٍ. وقطَع في مَوْضعٍ (¬1) آخَرَ، أنَّه لا يُسْتَوْفَى الحدُّ والقِصاصُ. وصحَّحه النَّاظِمُ في القِصاصِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ¬

(¬1) سقط من: ط.

فَصْلٌ: الْخَامِسُ، أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثُمَّ يَتُوبَ، فَيُعِيدَهَا، فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِلتُّهْمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الخامِسُ: أنْ يَشْهَدَ الفاسِقُ بشَهادَةٍ، فَتُرَدَّ، ثَمَّ يَتُوبَ، ويُعِيدَها، فإنَّها لا تُقْبَلُ؛ لِلتُّهْمَةِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقَطعُوا به. وذَكَرَ في «الرِّعايةِ» رِوايةً، تُقْبَلُ.

وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ حَتَّى صَارَ عَدْلًا، قُبِلَتْ. وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ، أوْ صَبِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولو شَهِدَ كافِرٌ، أو صَبِيٌّ، أو عَبْدٌ، فَرُدَّتْ شَهادَتُهم، ثُمَّ أعادُوها بعدَ

بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ والصِّبَا، قُبِلَتْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ زَوالِ الكُفْرِ والرِّقِّ والصِّبا، قُبلَتْ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهب. قال في «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»: قُبِلَتْ على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ، والزَّرْكَشِيُّ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّي»، و «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي»، وغيرِهم. وعنه، لا تُقْبَلُ أبدًا. فائدة: مِثْلُ ذلك في الحُكْمِ والخِلافِ والمذهبِ، لو ردَّه لجُنونه ثم عَقَلَ، أو لخَرَسِه ثم نطَقَ.

وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ، أوْ لِمَوْرُوثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ بُرْثِهِ، فَرُدَّتْ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وبُرْءِ الْجُرْحِ، فَفِى رَدِّهَا وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ لمُكاتَبِه، أولمَوْرُوثِه بجُرْحٍ قبلَ بُرْئِه، فَرُدَّتْ، ثم أعادَها بعدَ عِتْقِ المكَاتَبِ وبُرْءِ الجُرْحِ، ففى رَدِّها وَجْهَان. وأَطْلَقهما في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وظاهرُ «الفُروعِ»، إدْخالُ ذلك في إطْلاقِ الخِلافِ. أحدُهما، تُقْبَلُ. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وصاحبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ

وَإِنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ فِى الشُّفْعَةِ عَنْهَا فَرُدَّتْ، ثُمَّ عَفَا الشَّاهِدُ عَنْ شُفْعَتِهِ، وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ، لَمْ تُقْبَلْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأدَمِيٌ». والوَجْهُ الثَّاني، لا تُقْبَلُ. وقيل: إنْ زالَ المانِعُ باخْتِيارِ الشَّاهدِ، رُدَّتْ، وإلَّا فلا. فائدة: لو رُدَّتْ لدَفْعِ ضَرَرٍ، أو جَلْبِ نَفْعٍ، أو عَداوَةٍ، أو رَحِمٍ (¬1)، أو زَوْجِيَّةٍ، فزالَ المانِعُ، ثم أعادَها، لم تُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «الوَجِيزِ». قال في «المُحَرَّرِ»: لم تُقْبَلْ على الأصحِّ. صحَّحه في «النَّظْمِ». قال في «الكافِي»: هذا الأَوْلَى (¬2). وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِي». وقيل: تُقْبَلُ. قال في «المُغنِي» (¬3). والقَبُولُ أشْبَهُ بالصِّحَّةِ. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ». وقيل: تُرَدُّ مع مانعٍ زالَ باخْتِيارِ الشَّاهِدِ، كتَطْليقِ الزَّوْجَةِ، وإعْتاقِ القِنِّ، وتُقْبَلُ في غيرِ ذلك. قوله: وإنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بعَفْوِ شَرِيكِه في الشُّفْعَةِ عنها فرُدَّتْ، ثم ¬

(¬1) في الأصل: «رجم». (¬2) في الأصل: «أولى». (¬3) انظر: المغنى 14/ 197.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عَفا الشَّاهِدُ عن شُفْعَتِه، وأعادَ تلك الشَّهادَة، لم تُقْبَلْ، ذَكَرَه الْقَاضِي. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجِيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ». وَيَحْتَمِلُ أنْ تُقْبَلَ. قال الشَّارِحُ: والأَوْلَى أنْ تُخَرَّجَ على الوَجْهَيْن؛ لأنَّها إنَّما رُدَّتْ لكَوْنِه يَجُرُّ إلى نفْسِه بها (¬1) نَفْعًا، وقد زالَ ذلك بعَفْوِه. والظَّاهِرُ أنَّ هذا الاحْتِمالَ مِن زِياداتِ الشَّارحِ في «المُقْنِعِ». وأَطْلَقهما في «الفُروعِ». ¬

(¬1) في الأصل: «به».

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1417 هـ - 1996 م المكتب: 4 ش ترعة الزمر- المهندسين - جيزة تليفون: 3452579 - فاكس: 3451756 المطبعة: 2، 6 ش عبد الفتاح الطويل أرض اللواء - تليفون: 3452963 ص. ب: 63 إمبابة

يوزع على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خدمة للعلم وطلابه أجزل الله مثوبته .. ووفقه لمرضاته

باب أقسام المشهود به

بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ أَقْسَامِ المَشْهُودِ بِهِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ، أَحَدُهَا، الزِّنَى وَمَا يُوجِبُ حَدَّهُ، فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ أقْسامِ المَشْهودِ به قوله: والمَشْهُودُ به يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ؛ أحدُها، الزِّنَى وما يُوجِبُ حَدَّه - كاللِّواطِ، وإتْيانِ البَهِيمَةِ، إذا قُلْنا: يجِبُ به الحدُّ - فلا تُقْبَلُ فيه إلَّا شَهادَةُ أرْبَعَةِ رجالٍ أحْرارٍ. بلا نِزاعٍ.

وَهَلْ يَثْبُتُ الإقْرَارُ بِالزِّنَى بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وهل يَثْبُتُ الإقْرارُ بالزِّنى بشاهِدَيْن، أوْ لا يَثْبُتُ إلَّا بأرْبَعَةٍ؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ

الثَّانِى، الْقِصَاصُ، وَسَائِرُ الْحُدُودِ، فَلَا يُقبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ حُرَّانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنِ مُنَجَّى»، وغيرِهم؛ إحداهما (¬1)، لا يَثْبُتُ إلَّا بأرْبَعَةٍ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَثْبُتُ الإقْرارُ بشاهِدَيْن. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا شَهِدُوا بأنَّ إقْرارَه به تَكَرَّرَ أرْبَعًا. وهو واضِحٌ. وقد تقدَّم ذلك في الفَصْلِ الثَّالثِ مِن بابِ حدِّ الزِّنَى. فائدتان؛ إحداهما، قال في «الرِّعايةِ»: لو كان المُقِرُّ به (¬2) أعْجَمِيًّا، قُبِلَ فيه تُرْجُمانان. وقيل: بل أرْبَعَةٌ (¬3). الثَّانيةُ، حيثُ قُلْنا: يُعَزَّرُ بوَطْءِ فَرْجٍ. فإنَّه يثْبُتُ برَجُلَيْن. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: لا يَثْبُتُ إلَّا بأَرْبَعَةٍ. واخْتارَ في «الرِّعايةِ»: يَثْبُتُ باثنَيْن مع الإِقرارِ، وبأَرْبَعَةٍ مع البَيِّنَةِ. قوله: الثَّاني، القِصاصُ، وسائِرُ الحُدُودِ، فلا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلان حُرَّان. ¬

(¬1) في ط، ا: «أحدهما». (¬2) حاشية بهامش ط نصها: «قوله: المقر به. أي بالزنى». (¬3) حاشية بهامش ط نصها: «وهذا الذى قاله في الرعاية قاله في الكافي أيضا، وعبارته: وإن كان المقر أعجميا، ففى الترجمة وجهان، كالشهادة على الإقرار».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يُقْبَلُ في القِصاصِ وسائرِ الحُدودِ رَجُلان. وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُقْبَلُ في القِصاصِ إلَّا أرْبَعَةٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قولُه: حُرَّان. مَبْنِىٌّ على ما تقَدَّم، مِن أنَّ شَهادَةَ العَبْدِ لا تُقْبَلُ في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُدودِ والقِصاصِ. وتقَدَّم أنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ تُقْبَلُ (¬1) فيهما. ¬

(¬1) في ط: «يثبت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يَثْبُتُ القَوَدُ بإقْرارِه مَرَّة. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، أرْبَعٌ. نقَل حَنبل، يُرَدِّدُه، ويَسْألُ عنه، لعَل به جُنونا أو غيرَ ذلك، على ما ردد النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

(¬1) على ماعز الأسلمى حين أقر بالزنى. وقد تقدم تخريجه فى 26/ 304.

الثّالِثُ، مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ المَالُ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِى غَالِبِ الأحْوَالِ، غَيْرُ الْحُدُودِ والْقِصَاصِ؛ كَالطَّلَاقِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ، وَالْوَكَالَةِ فِى غَيْرِ الْمَالِ، وَالوَصِيَّةِ الَيْهِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ. وَعَنْهُ فِى النِّكَاحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: الثالِثُ، ما ليس بمالٍ، ولا يُقْصَدُ به المالُ، ويَطلِعُ عليه الرِّجالُ فى غالِبِ الأحْوالِ، غيرُ الحُدُودِ والقِصاصِ؛ كالطَّلاقِ، والنَّسَبِ، والوَلاءِ، والوَكالَةِ

وَالرَّجْعَةِ، وَاِلْعِتْقِ، أنَهُ يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُل وَامْرأتيْنِ. وَعَنْهُ فِى الْعِتْقِ، أنَهُ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينُ المُدَّعِى. وَقَالَ القَاضِى: النِّكَاحُ وَحُقُوقُهُ؛ مِنَ الطَّلَاقِ، وَالْحُلْعِ، وَالرَّجْعَةِ، لَا يَثْبُتُ [351 و] إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَالْوَكَالَةُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَنَحْوُهَا، تُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى غيرِ المَالِ، والوصِيَّةِ إليهِ، وما أشْبَهَ ذلك - كالنِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، والخُلْعِ، والعِتْقِ، والكِتابَةِ، والتَّدْبيرِ - فلا يُقْبَلُ فيه إلَّا رجلانِ. وهو الصحيحُ مِن المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس»، وغيرِهم. قال القاضى: هذا المُعَوَّلُ عليه فى المذهبِ. واقْتَصَرَ عليه فى «المُغْنِى». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ؛ قال الخِرَقِىُّ. واخْتارَه الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما» فى العِتْقِ. قال ابنُ عَقِيل فيه: هو ظاهِرُ المذهبِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم، إلَّا فى العِتْقِ والكتابةِ والتَّدْبيرِ. وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه [فى غيرِها] (¬1). وعنه فى النِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، والعِتْقِ، أنَّه يُقْبَلُ فيه شَهادَةُ رجُل وامْرَأتَيْن. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

قَالَ أحمَدُ فِى الرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا، وَيُشْهدُ عَلَى نَفْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأتيْنِ: إِنْ كَانَتْ فِى الْمُطَالَبَةِ بِدَيْن، فَأما غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وعنه فى العِتْقِ، أنَّه يُقْبَلُ فيه شاهد ويَمِينُ المُدَّعِى. وجزَم به الخِرَقِىُّ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ، وابنُ بَكْروسٍ. قالَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. واخْتَلَفَ اخْتِيارُ القاضى؛ فَتَارَةً اخْتارَ الأوَّلَ، وتارةً اخْتارَ الثَّانِىَ. قال القاضى فى «التَّعْليقِ»: يَثْبُتُ العِتْقُ بشاهدٍ ويَمِينٍ فى أصحٍّ الرِّوايتَيْن. وعلى قِياسِه الكِتابَةُ والوَلاءُ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ مُهَنَّا. قال الزَّرْكَشِىُّ: ومنْشَأ الخِلافِ، أنَّ مَنْ نظَرَ إلى أنَّ العِتْقَ إتْلافُ مالٍ فى الحَقِيقَةِ، قال بالثَّانى، كبَقِيَّةِ الإتْلافاتِ، ومَنْ نظَرَ إلى أنَّ العِتْقَ نفْسَه ليسَ بمالٍ، وإنَّما المَقْصودُ منه تكْمِيلُ الأحْكامِ، قال بالأوَّلِ، وصارَ ذلك كالطَلاقِ والقِصاصِ ونحوِهما. انتهى. وأطْلَقَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخِلافَ فى العِتْقِ والكتابَةِ والتَّدْبيرِ فى (¬1) «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وأَطلَقهما فى «المُحَرَّرِ» فى العِتْقِ. وقال القاضى: النِّكاحُ وحقُوقُه؛ مِنَ الطلاق، والخُلْعِ، والرجْعَةِ، لا يَثْبُتُ إلا بشاهِدَيْن، رِوايةً واحدةً، والوَصِيَّةُ، والكِتابَةُ، ونحوُهما، تُخَرَّجُ على رِوايتَيْن. ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «المحرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمامُ أحمدُ، رحِمَه الله تُعالَى، فى الرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا، ويُشْهِدُ على نفْسِه رجُلًا وامْرَأتَيْن: إنْ كانَ فى المُطالَبَةِ بدَيْن، فأمَّا غيرُ ذلك، فلا (¬1). وعنه، يُقْبَلُ فيه رجُلٌ ويمينٌ. ذكَرَها (¬2) المُصَنِّفُ وغيرُه. واخْتارَها الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله. قال فى «الفُروعِ»: ولم أرَ مُسْتَندَها عندَ الإمامِ اْحمدَ، رحِمَه الله. وجزَم ناظِمُ «المُفْرَداتِ» بأنَّ الوَكالةَ تَثْبُتُ بشاهد مع يَمِين. وهو منها. وجزَم به فى «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، فى آخِرِ الوَكالَةِ. وقيل: هاتَانِ الرِّوايَتَان فى غيرِ النِّكاحِ والرَّجْعَةِ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ» فى النِّكاحِ: لا يَسُوغُ ¬

(¬1) بعده فى الأصل، ا: «وعنه، يقبل فى ذلك كله رجل وامرأتان». (¬2) فى الأصل: «ذكره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه الاجْتِهادُ بشاهدٍ ويَمِين. وقال فى «الانْتِصارِ»: يَثْبُتُ إحْصانُه برَجُلٍ وامْرَأتَيْن. وعنه، فى الإعْسارِ ثلاَثةً. وتقدم ذلك فى أوائلِ بابِ الحَجْرِ. وتقدَّم فى بابِ ذِكْرِ أهْلِ الزكاةِ، أن مَنِ ادَّعَى الفَقرَ، وكان معروفًا بالغِنَى، لا يجوزُ له أخْذُ الزَّكاةِ إلا ببَيِّنَةِ ثلاَثةِ رِجالٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فائدتان؛ إحْداهما، يُقْبَلُ قولُ طَبِيبٍ واحدٍ وبَيْطارٍ؛ لعدَمِ غيرِه (¬1)، فى معْرِفَةِ داءِ دابَّةٍ ومُوضحَةٍ ونحوِه. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. [وعليه] (¬2) الأصحابُ. ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «و». (¬2) فى الأصل: «عامة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الكافِى»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «النُّكَتِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. ولا يُقْبَلُ مع عدَمِ التعَذُّرِ إلَّا اثْنانِ (¬1)، ¬

(¬1) فى الأصل: «الاثنان».

الرَّابع، الْمَالُ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ؛ كَالْبَيْعِ، وَالقَرْضِ، وَالرهْنِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَجِنَايَةِ الْخَطَأَ، تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرأتَيْنِ، وَشَاهِدٌ وَيَمِينُ المُدَّعِى. وَهَلْ تُقْبَلُ فِى جِنَايَةِ الْعَمْدِ المُوجِبَةِ لِلْمَالِ دُونَ القِصَاصِ، كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ، شَهَادَةُ رَجُل وَامْرَأتَيْنِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعُوا به. وأطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» قَبُولَ قولِ الواحدِ. وظاهِرُه، سواءٌ وُجِدَ غيرُه أمْ (¬1) لا. الثَّانيةُ، لو اخْتَلَفَ الأطِباءُ أو (¬2) البَياطِرَةُ، قدِّمَ قولُ المُثْبِتِ. قوله: الرَّابعُ، المالُ، وما يُقْصَدُ به المالُ؛ كالبَيْعِ، والقَرْضِ، والرَّهْنِ، والوَصِيةِ له، وجِنايَةِ الخَطَأ. وكذا الخِيارُ فى البَيْعِ وأجَلِه، والإجارَةُ، والشَّرِكَةُ، والشفْعَةُ، والحَوالَةُ، والغصْبُ، والصلْح، والمَهْرُ وتسْمِيَتُه، وإتلافُ المالِ وضَمانُه، وفسْخُ عقدِ مُعاوَضَةٍ، ووَقْف على مُعَيَّنٍ، ودَعْوى ¬

(¬1) فى ط: «أو». (¬2) سقط من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على (¬1) رِقِّ مجْهولِ النَّسَبِ صادِقٍ، ودَعْوى قَتْلِ كافر لاسْتِحْقاق سَلَبِه، وهِبَةٌ. قال فى «الرعايَةِ»: ووَصِيَّةُ مالٍ (¬2). وقيل: لمُعَيَّن. فهذا وشِبْهُه يُقْبَلُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده فى الأصل: «معين».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه شهادَةُ رَجُل وامْرَأتَيْنِ، وشاهِدٌ ويَمِينُ المُدَّعِى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما، فى غيرِ ما يأتِى إطْلاقُهم الخِلافَ فيه. وقيل: لا يُقْبَلُ ذلك فى الوَقْفِ، إلَّا إذا قُلْنا: يَمْلِكُ المَوْقوفُ عليه الوَقْفَ. وقيل: يُقْبَلُ فى ذلك كلِّه امْرأتان ويَمِينٌ. وهذا احْتِمالٌ ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُقْنِعِ»، فئ بابِ اليمِينِ فى الدَّعاوَى. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: لو قيلَ: يُقْبَلُ امْرأة ويمِين. تَوَجَّهَ؛ لأنهما إنَّما أقِيما مُقامَ رجُل فى التَّحَمُّلِ، وكَخَبَرِ الدِّيانةِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ونقَل أبو طالبٍ فى مسْألةِ الأسيرِ، تُقْبَلُ امْرأة ويَمِينُه. اخْتارَه أبو بَكْر. وذكَرَ فى «المُغْنِى» قوْلًا فى دَعْوَى قَتْلِ كافرٍ لأخْذِ سَلَبِه، أنه يَكْفِى واحِدٌ. وعنه، فى الوَصِيةِ (¬1) يكْفِى واحدٌ. وعنه، إنْ لم يَحْضُرْه إلا النِّساءُ، فامْرأةٌ واحدَةٌ. وسأله ابنُ صَدَقةَ: الرَّجُلُ يُوصِى ويُعْتِقُ، ولا يَحْضُرُه إلَّا النِّساءُ، تجوزُ شَهادَتُهُنَّ؟ قال: نعم، فى الحُقوقِ. انتهى. قلتُ: وهذا ليسَ ببعيدٍ. ونَقَلَ الشَّالَنْجِىُّ (¬2)، الشاهِدُ واليمينُ فى الحُقوقِ، فأما المَوارِيثُ، فيُقْرَعُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، ¬

(¬1) فى الأصل: «الروضة». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»: وفى قَبُولِ رجُلٍ وامْرأتيْن، أو رَجُلٍ ويمينٍ، فى إيصاءٍ إليه بمالٍ وتوْكيل فيه، ودَعْوى أسير تَقَدَّمَ إسْلامُه لمَنْعِ رِقه، و (¬1) دَعْوَى قَتْلِ كافر لأخْذِ سَلَبِه، وعِتْقٍ وتَدْبير، وكِتابةٍ، رِوايَتانِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِى»، فى غيرِ التَّدْبيرِ والكتابةِ. وقدَّم ابنُ رَزِين فى «شَرْحِه» فى بابِ الوَكَالَةِ، قَبُولَ شاهدٍ ويمين فى ثُبُوتِ الوَكَالَةِ بالمالِ. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ» هناك. وذكَرَ جماعة، يُقْبَلُ ذلك فى كِتابةٍ، ونَجْم أخير، كعِتْق، وقَتْل. وجزَم ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، أنَّه لا يُسْتَرَق إذا ادَّعَى الأسيرُ إسْلامًا سابقًا، وأقامَ بذلك شاهِدًا، أو حَلَفَ معه. وجزَم به النَّاظِمُ أيضًا. وتقدَّم ذلك فى الجِهادِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأولَى، حيثُ قُلْنا: يُقْبَلُ شاهِدٌ واحدٌ ويَمِينُ المُدَّعِى. فلا يُشترطُ فى يَمِينه، إذا شَهِدَ الشاهِدُ، أنْ يقولَ: وأن شاهِدِى صادِق فى شَهادَتِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثر الأصحابِ. وقيل: يُشْتَرَطُ. جزَم به فى «الترغيب». الثَّانيةُ، لو نَكَلَ عنِ اليمين مَنْ له شاهِد واحد، حَلَفَ المُدَّعَى عليه، وسَقَطَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحقُّ، وإنْ نَكَلَ، حُكِمَ عليه. على الصَّحبحِ مِن المذهبِ. نصَّ على ذلك. وقيل: تُرَدُّ اليمين أيضًا هنا، على رِوايةِ الرَّدِّ؛ لأنَّ سَبَبَها نُكُولُ المُدعَى عليه. الثَّالثةُ، لو كان لجماعَةٍ حق بشاهِدٍ، فأقامُوه، فمَنْ حَلَفَ منهم، أخَذَ نَصِيبَه، ولا يُشارِكُه ناكِلٌ. ولا يحْلِفُ وَرَثَةُ ناكِلٍ، إلَّا أنْ يموتَ قبلَ نُكُولِه. قوله: وهل تُقْبَلُ فى جِنايَةِ العَمْدِ المُوجِبَةِ للمالِ دُونَ القِصاصِ، كالهاشِمَةِ والمُنَقلَةِ - وكذا (¬1) العَمْدُ الذى (¬2) لا قَوَدَ فيه بحالٍ - شَهادَةُ رجُل وامْرأَتيْن؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»؛ إحْداهما، تُقْبَلُ. وهو المذهبُ. صححه المُصَنِّفُ، ¬

(¬1) بعده فى ا: «جناية». (¬2) فى الأصل، ا: «التى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ». قال المُصَنِّفُ فى «الكافِى» وغيرِه، وصاحِبُ «الترْغيبِ»: هذا ظاهرُ المذهبِ. قال ابن مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ، قالَه صاحِبُ «المُغْنِى». انتهى. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وهو قولُ الخِرَقِىِّ. وقطَع به القاضى فى غير مَوْضِعٍ. قال فى «النُّكَتِ»: وقدَّمه غيرُ واحدٍ. واخْتارَه الشيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا. والروايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ إلَّا رجُلانِ. اخْتارَه أبو بَكْر، وابنُ أبى مُوسى وصحَّحه فى «النَّظْمِ». فعلى المذهبِ، لو وَجَبَ القَوَدُ فى بعضِها؛ كَمَأمُومَةٍ، ومُنَقلَةٍ، وهاشِمَةٍ؛ لأنَّ القَوَدَ لا يجبُ فيها - بلْ (¬1) إنْ أرادَ القَوَدَ بمُوضِحَةٍ (¬2)، فله ذلك، على ما تقدَّم فى بابِ ما يُوجِبُ ¬

(¬1) فى الأصل، ا: «لكن». (¬2) فى الأصل: «موضح».

الخَامِسُ، مَا لَا يَطلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثيّاَبِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ القِصاصَ فيما دُونَ النفْسِ - فهذه له (¬1) القَوَدُ فى بعضِها إنْ أحبَّ، ففى قبولِ رجُل وامْرَاتيْن فى ثُبوتِ المالِ رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الزَّرْكَشِى»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ ويَثْبُتُ المالُ (¬2). قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به غيرُ واحدٍ. وصحَّحَه فى «تَصْحيح المُحَرَّرِ». وقدمه فى «الكافِى». وقال أيضًا: هذا ظاهرُ (3) المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. صححه فى «النَّظْمِ». ثم (3) قال فى «الرعايةِ»: فلو شَهِدَ رجُل وامْرَأتانِ بهاشِمَةٍ مسْبُوقَةٍ بمُوضِحَة، لم يَثْبُتْ أرْشُ الهَشمِ، فى الأقيَسِ، ولا الإيضاحِ. قوله: الخَامِسُ، ما لا يَطلِعُ عليه الرجالُ؛ كعُيُوبِ النساءِ تحتَ الثيابِ، والرِّضاعِ، والاسْتِهْلالِ، والبَكارَةِ، والثُّيُوبَةِ، والحَيْضِ، ونحوِهِ، فيُقْبَلُ فيه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط: «بالمال».

وَالرَّضَاعِ، وَالاسْتِهْلَالِ، وَالْبَكَارَةِ، والثُّيُوبَةِ، وَالْحَيْضِ، ونَحْوِهِ، فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعَنْهُ، لَا يُقْبَلُ فِيهِ أقَلُّ مِنَ امْرأتَيْنِ. وإنْ شَهِدَ بِهِ الرَّجُلُ كَانَ أوْلَى بِثُبُوتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شهادَةُ امْرَأةٍ واحِدَةٍ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا بلا رَيْبٍ. ونصٌ عليه فى رِوايةِ الجماعةِ. وعليه الأصحابُ. وقَبُولُ شَهادَتِها مُنْفَرِدَةً فى الاسْتِهْلالِ والرّضاعِ مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، تَحْلِفُ الشَّاهِدَةُ فى الرَّضاعِ. وتقدَّم ذلك فى بابِه. وعنه، لا يُقْبَلُ فيه أقل مِنَ امْرَأتَيْن. وعنه ما يُدلُّ على التّوَقفِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: قال أصحابُنا: والاثْنَتَانِ أحْوَطُ مِنَ المرْأةِ الواحدَةِ (¬1). وجعَله القاضى مَحَلَّ وِفاقٍ. قال أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وابنُ الجَوْزِىِّ، ¬

(¬1) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وابنُ حَمْدانَ، والناظِمُ، وغيرُهم: الرجُلُ أوْلَى لكَمالِه. انتهوا. وقيل: لا يُقْبَلُ فى الوِلادَةِ مَنْ حضَرَها غيرُ القابِلَةِ. قالَه فى «الرِّعايةِ». وقال: يُقْبَلُ قولُ امْرأَةٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى فَراغِ عِدَّةٍ بحَيْضٍ. وقيل: فى شَهْرٍ. ويُقْبَلُ قوْلُها فى عُيوبِ النِّساءِ. وقيل: الغامِضَةِ تحتَ الثِّيابِ. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: وممَّا يُقْبَلُ فيه امرَأة واحدَة، الجِراحَةُ، وغيرُها فى الحَمَّامِ، والعُرْسِ، ونحوهما ممَّا لا يَحْضُرُه رِجال. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وخالفَ ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه.

فصلٌ: وَإذَا شَهِدَ بِقَتْلِ العَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأتانِ، لَمْ يَثبُتْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ. وَإنْ شَهِدُوا [351 ظ] بِالسرِقَةِ، ثبَتَ المَالُ دُونَ الْقَطْعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإذا شَهِدَ بقَتْلِ العَمْدِ رَجُلٌ وامْرَأتانِ، لم يَثْبُتْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وعنه، يثبُتُ المالُ إنْ كان المَجْنِىُّ عليه عَبْدًا. نقَلها ابنُ مَنْصُورٍ. قال فى «الرِّعايةِ»: أو حُرًّا، فلا قَوَدَ فيه، وثَبَتَ المالُ. قوله: وَإنْ شَهِدُوا بالسرقةِ، ثَبَتَ المالُ دُونَ القَطْعِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «النظْمِ» وغيرِه. واخْتارَ فى «الإرْشادِ»، و «المُبْهِج»، أنه لا يثبُتُ المالُ كالقَطْعِ. وبَنَى فى «التَّرْغيبِ» على القَولَيْن القَضاءَ بالغُرْمِ (¬1) على نَاكِلٍ. ¬

(¬1) فى ا: «بالغرة».

وَإنِ ادَّعَى رَجُلٌ الْخُلْعَ، قُبِلَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. وإنِ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ، لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى رَجُل الخُلْعَ، قبِلَ فيهِ رَجُل وَامْرَأتانِ. فَيَثْبُتُ العِوَضُ، وتَبِينُ بدَعْواه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به الأكثرُ. وقال فى «الرِّعايةِ»: وقيلَ: بل بذلك (¬1). وإنِ ادَّعَتْهُ المَرْأَةُ، لم يُقْبَلْ فيه إلَّا رَجُلانِ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو أتَتِ المرْأَةُ برَجُلٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «ذلك».

وَإذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرأتَانِ لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ أنَهَا أُمُّ وَلَدِهِ، وَوَلَدُهَا مِنْهُ، قُضِىَ لَهُ بِالْجَارِيَةِ أُمُّ وَلَدٍ. وَهَلْ تَثْبتُ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَنَسَبُهُ مِنْ مُدَّعِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وامْرَأتَيْن (¬1) أنَّه تزَوَّجَها بمَهْرٍ، ثَبَتَ المَهْرُ؛ لأنَّ النِّكاحَ حقٌّ له. قوله: وإذَا شَهِدَ رَجُلٌ وامْرَأتانِ لرَجُلٍ بجارِيَةٍ أنَّها أُمُّ وَلَدِه، ووَلدُها منهُ، قُضِىَ له بالجارِيَةِ أُمُّ وَلَدٍ. وهل تَثْبُتُ حريَّةُ الْوَلَدِ وَنَسَبُه مِنْ مُدَّعِيهِ؟ على رِوايَتَين. وأطْلَقهما فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، ¬

(¬1) بعده فى ا: «شهدا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «النُّكَتِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا تَثْبُتُ حُرِّيته ولا نسَبُه مِن مُدَّعِيه. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَاظِمُ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَثْبُتان. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقيل: يَثْبُتُ نسَبُه فقطْ بدَعْواه. تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: فإنْ قيلَ: إنَّ (¬1) ظاهرَ كلامِ ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنفِ، أنَّ ذلك حصَلَ بقَوْلِ البَيِّنَةِ. قيل: ليس مُرادُه ذلك، بل مُرادُه الحُكْمُ بأنَّها أمُّ وَلَدِه، مع قَطْعِ النَّظَر عن عِلَّةِ ذلك، وعِلته أنَّ المُدَّعِىَ (¬1) مُقِر بأن وطْأها كان فى مِلْكِه. وقطَع بذلك فى «المُغْنِى». وقال فى «النُّكَتِ»: وظاهرُ كلامِ غيرِ واحدٍ، أنَّه حصَلَ بقَوْلِ البَيِّنَةِ. وتقدم فى بابِ تعْليقِ الطَّلاقِ بالشُّروطِ، فى فصْل فى تعْليقِه بالوِلادَةِ، إذا حَلَفَ بالطَّلاقِ ما غَصَبَ، أو لا غَصَبَ كذا، ثم ثَبَتَ عليه الغَصْبُ برَجُلٍ وامْرَأتَيْن، أو شاهدٍ ويمينٍ، هل تَطْلُقُ زوْجَتُه، أم لا؟ والله أعلمُ. ¬

(¬1) فى الأصل: «المقر».

باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة

بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِى، وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الشَّهادَةِ على الشَّهادةِ والرُّجوعِ عنِ الشَّهادةِ تنبيه: قولُه: تُقْبَلُ الشَّهادَةُ على الشَّهادَةِ فيما يُقْبَلُ فيه كِتابُ القَاضِى، وتُردُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فِيما يُرَدُّ فيه. وهذا المذهبُ بلا رَيْب. وقالَه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَعُوا به. وقال فى «الرِّعايةِ»: تُقْبَلُ شَهادَةُ الفُروْعِ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِى يتَعَلَّقُ بمالٍ، ويَثْبُتُ بشاهِدٍ وامْرَأتَيْن، ولا تُقْبَلُ فى حقٍّ خالص للهِ تعالَى. وفى القَوَدِ، وحدِّ القَذْفِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والنِّكاحِ، والطلاقِ، والرَّجْعَةِ، والتَّوْكيلِ، والوَصِيَّةِ بالنَّظَرِ، والنَّسَبِ، والعِتْقِ، والكِتابةِ على كذا (¬1) ونحوِها ممَّا ليسَ مالًا ولا يُقْصَدُ به المالُ ¬

(¬1) بياض فى: الأصل.

وَلَا تُقْبَلُ إلَّا أنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأصْلِ؛ بمَوْتٍ، أوْ مَرَضٍ, أوْ غَيْبَةٍ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إلًّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ غالِبًا، رِوايَتان. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رحِمَهُ اللهُ، على قَبُولِه فى الطَّلاقِ. وقيلَ: تُقْبَلُ فى غيرِ حدٍّ وقَوَدٍ. نصَّ عليه. وقيل: تُقْبَلُ فيما يُقْبَلُ فيه كِتابُ القاضِى، وتُرَدُّ فيما يُرَدُّ فيه. انتهى. وهذا الأخِيرُ مَيْلُ المُصَنِّفِ إليه. قوله: ولا تُقْبَلُ إلا أنْ تتَعَذر شَهادَةُ شُهُودِ الأصْلِ؛ بمَوْتٍ -بلا نِزاع فيه- أو مَرَضٍ، أو غَيْبَةٍ إلى مَسافَةِ القَصْرِ. وهذا المذْهبُ. وعليه جماهيرُ الأصْحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» [ومخيرِه] (¬1). وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وقيل: لا تُقْبَلُ إلَّا بعدَ مَوْتِهم. وهو رِوايَةْ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ. نصَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه فى رِوايةِ جَعْفَرِ بنِ محمدٍ وغيرِه. وقيل: تُقْبَلُ فى غيْبَةٍ فوقَ يوم. ذكَرَه القاضى فى مَوْضِعٍ. وتقدَّم نظيرُه فى كتابِ القاضِى إلى القاضِى. فعلى المذهبِ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَلْتَحِقُ بالمرَضِ والغَيْبَةِ الخَوْفُ مِن سُلْطانٍ أو غيرِه. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. زادَ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والحَبْسُ. وقال ابنُ عَبْدِ القوِىِّ: وفى مَعْناه الجَهْلُ بمَكانِهم، ولو فى المِصْرِ.

وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأصْلِ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادتِى أَنِّى أشْهَدُ أنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَقَدْ عَرَفْتُهُ بِعَيْنهِ، وَاسْمِهِ، وَنَسَبِهِ، أقَرَّ عِنْدِى، وَأشْهَدَنِى عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا. أوْ: شَهِدْتُ عَلَيْهِ. أوْ: أقَرَّ عِنْدِى بكَذَا. فإنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: أشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. لَمْ يَجُزْ أنْ يَشْهَدَ، إَلَّا أنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ [352 و] الْحَاكِمِ، أوْ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يَعْزِيهِ إلَى سَبَب؛ مِنْ بَيْع، أوْ إجَارَةٍ، أوْ قَرْض، فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا يَجُوزُ لشاهِدِ الفَرْعِ أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ. هذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. ونص عليه فى رِوايةِ مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ وغيرِه. وذكرَ ابنُ عَقِيل [وغيرُه رِوايةً، يجوزُ أنْ يشْهدَ؛ سواءٌ اشتَرْعاه، أوْ لا. وقدَّمه فى «التَّبْصِرَةِ». وخرَّج ابنُ عَقِيل] (¬1) فى «الفُصولِ» هذه المسْألةَ على شَهادَةِ المُسْتَخْفِى. تنبيه: مفْهومُ قولِه: إلَّا أنْ يسْتَرْعِيَه شاهِدُ الأصْلِ. أنَّه لو اسْتَرْعاه غيرُه، لا يجوزُ أنْ يشْهدَ. وهو أحدُ الوَجْهَيْن. وهو ظاهرُ «الوَجِيزِ» وغيرِه. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى». والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ أنْ يَشْهدَ، فيكونَ شاهِدَ فَرْعٍ. وهو الصَّحيحُ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، [و «المُحَرَّرِ»] (¬1)، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «النَّظْمِ». وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قوله: فيَقُولَ: اشْهَدْ على شَهادَتِى أنِّى أشْهَدُ أن فُلانَ بْنَ فُلانٍ، وقدْ عَرَفْتُه بعَيْيه، واسْمِه، ونَسَبِه، أقَرَّ عَنْدِى، وأشْهَدَنِى على نَفْسِه طَوْعًا بكَذا. أوْ: شَهِدْتُ علَيْهِ. أوْ: أقَرَّ عنْدِى بكَذا. قال المُصَنِّفُ (¬2) فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: الأشْبَهُ أنَّه يجوزُ إنْ قال: اشْهَدْ أنِّى أشْهَدُ على فُلانٍ بكذا. وقالوا: ولو قال: اشْهَدْ على شَهادَتِى بكذا. صحَّ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهما. فائدة: قال فى «الفُروعِ»: ويُؤديها الفَرْعُ بصِفَةِ تَحَمُّلِه، ذكَرَه جماعَةٌ. قال فى «المُنْتَخَبِ» وغيرِه: وإنْ لم يُؤَدِّها بصِفَةِ ما تَحَمَّلَها، لم يُحْكَمْ بها. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يَنْبَغِى ذلك. وقال فى «الكافِى»: ويُؤَدِّى الشَّهادَةَ على الصِّفَةِ التى تحَمَّلَها، فيقولُ: أشْهَدُ أنَّ فُلانًا يشْهَدُ أنَّ لفُلانٍ على فُلانٍ كذا. أو: ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) زيادة من: ا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْهَدَنِى على شَهادَتِه. وإنْ سَمِعَه يَشْهَدُ عندَ حاكم، أو يَعْزِى الحقَّ إلى سَبَبِه، ذكَرَه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»، فى الصُّورَتَيْن الأخِيرَتَيْن: فيقولُ: أشْهَدُ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شَهادَةِ فُلانٍ عندَ الحاكمِ بكذا. أو يقولُ: أشْهَدُ على شَهادَتِه بكذا، وأنَّه عزَاه إلى واجِبٍ. فيُؤدِّى على حسَبِ ما تَحَمَّلَ، فإنْ لم يُؤدِّها على ذلك، لم يحْكُمْ بها الحاكمُ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» أيضًا فى المَسْألةِ الأولَى: ويُشْترَطُ أنْ يُؤَدِّىَ شاهِدُ الفَرْعِ إلى الحاكمِ ما تَحَمَّلَه على صِفَتِه وكيْفِيَّتِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ: الفَرْعُ يقولُ: أشْهَدُ على فُلانٍ أنَّه يَشْهَدُ له. أو: أشْهَدُ على شَهادَةِ فُلانٍ بكذا. فإنْ ذكَرَ لَفْظَ المُسْتَرْعِى، فقال: أشْهَدُ على فُلانٍ أنَه قال: إنِّى أشْهَدُ. فهو أوْضَحُ. فالحاصِلُ أنَّ الشَاهدَ بما سمِعَ تارَةً يُؤدِّى اللَّفْظَ، وتارةً يؤدِّى المَعْنَى. وقال أيضًا: والفَرْعُ يقولُ: أشْهَدُ أنَّ فُلانًا يشْهَدُ. أو: [بأنَّ فُلانًا يشْهَدُ. فهو أوَّلُ رُتْبَةٍ. والثَّانيةُ، أشْهَدُ عليه أنَّه يشْهَدُ. أو] (¬1): بأنه يشْهَدُ. والثالثةُ، أشْهَدُ على شَهادَتِه. انتهى. وقال فى «الرِّعايةِ»: ويَحْكِى الفَرْعُ صُورةَ الجملةِ، ويكْفِى العارِفَ: أشْهَدُ على شَهادَةِ فُلانٍ بكذا. والأوْلَى أنْ يحْكِىَ ما ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سمِعَه، أو يقولَ: شَهِدَ فُلان عندَ الحاكمِ بكذا. أو: أشْهَدُ أن فُلانًا أشهَدَ على شَهادَتِه بكذا. انتهى. قوله: وإنْ سَمِعَه يقُولُ: أشْهَدُ على فُلانٍ بكَذا. لم يَجُزْ له أنْ يَشْهَدَ، إلَّا أنْ يَسْمَعَه يَشْهَدُ عِنْدَ الحَاكِمِ، أو يَشْهَدُ بحَقٍّ يَعْزيه إلى سبَب؛ مِن بَيْع، أو إجارَةٍ، أو قَرْض، فهلْ يَشْهَدُ به؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»؛ أحدُهما، يجوزُ أنْ يشْهَدَ به إذا سَمِعَه يشْهَدُ عندَ الحاكمِ، أو يَسْمَعُه يَشْهَدُ بحقٍّ

وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَىِ الأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا، سَوَاءٌ شَهِدَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أوْ شَهِدَ عَلَى كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــ يعْزيه إلى سبَبٍ. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيرُه. واخْتارَه أيضًا القاضى، وابنُ البَنَّا. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الرِّعايةِ»: وهو أشْهَرُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْنِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجوزُ أنْ يَشْهَدَ إلا أنْ يَسْتَرْعِيَه. نَصَرَه القاضى وغيرُه؛ بِناءً منهم على (¬1) اعْتِبارِ الاسْتِرْعاءِ، على ما تقدَّم. قوله: وتَثْبُتُ شَهادَةُ شاهِدَىِ الأصْلِ بشَهادَةِ شاهِدَيْنِ يَشْهَدان عليهما، سَواءٌ شَهِدا على كُلِّ واحِدٍ منهما، أو شَهِدَ على كلِّ واحدٍ. منهما شَاهِدٌ مِنْ شُهُودِ ¬

(¬1) بعده فى ا: «أن».

وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ مِنْ شُهُودِ الْفَرْعِ. وَقَالَ أبو عَبْدِ الله ابْنُ بَطَّةَ: لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَشْهَدَ أرْبَعَة؛ عَلَى كُلِّ شَاهِدِ أصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفَرْعِ. وهذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه الله: لم يَزَلِ النَّاسُ على هذا. قال الزَّرْكَشىُّ: هذا المذهبُ المَنْصوصُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وثُبوتُ شهادَةِ شاهِدٍ على شاهدٍ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال أبو عَبْدِ الله ابنُ بَطَّةَ: لا تَثْبُتُ حتى يَشْهَدَ أرْبعَةٌ؛ على كلِّ شاهدِ أصْلٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاهِدَا فَرْع. وحكَاه فى «الخُلاصَةِ» رِوايةً. وعنه، يكْفِى شاهِدان يشْهَدان على كلِّ واحدٍ منهما. وهو تخْريج فى «المُحَررِ» وغيرِه. وقطَع به ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الِإمامِ أحمدَ، رحِمَهُ الله. وهو ظاهرُ ما ذكَره فى «المُغْنِى»، و «الكافِى» عن ابنِ بَطَةَ. وعنه، يكْفِى شَهادَةُ رجُل على اثْنَيْن. ذكَرَه القاضى وغيرُه؛ لأنَّه خَبَرٌ. وذكَرَ الخَلَّالُ جَوازَ شَهادَةِ امْرأة على شهادَةِ امْرأةٍ. وسأله حَرْبٌ عن شَهادَةِ امْرَأتَيْن على شَهادَةِ امْرَأتَيْن. قال: يجوزُ. ذكَرَه فى «الفُروعِ» فى البابِ الذى قبلَ هذا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: يجوزُ أنْ يتَحَمَّلَ فَرْعٌ على أصْلٍ. وهل يتَحَمَّلُ فَرْعٌ على فَرْعٍ؟ تقدَّم فى أوَّلِ كتابِ القاضِى الى القاضِى.

وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِى شَهَادَةِ الْفَرْعِ. وَعَنْهُ، لَهُنَّ مَدْخَل. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ولا مَدْخَلَ للنِّساءِ فى شهادَةِ الفَرْعِ. ومفْهومُه، أنَّ لهُنَّ مدْخَلًا فى شَهادَةِ الأصْلِ. واعلمْ أنَّ فى المسْألَةِ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، صرِيحُ المُصَنِّفِ ومفْهومُه، وهو أنَّه لا مدْخلَ لهُنَّ فى شَهادَةِ الفَرْعِ، ولهُنَّ مدْخَلٌ فى شَهادَةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصْلِ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»: وهو الأصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وهى طرِيقَتُه فى «الكافِى» وغيرِه. وقال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: المَشْهورُ أنَّه لا مدْخلَ لهُنَّ فى الأصْلِ، وفى الفَرْعِ رِوايَتَانِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا مدْخلَ لهُنَّ فى الأصْلِ ولا فى الفَرْعِ. نصَرَه القاضى فى «التَّعْليقِ» وأصحابُه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى». وهو مِن

فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأتيْنِ، أو رَجُلٌ وَامْرَأتانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّالثةُ (¬1)، لهُنَّ مدْخل فيهما. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وتقدَّم ما ذكَرَه الخَلالُ قريبًا. قال فى «النُّكَتِ»: وقيَّد (¬2) جماعة هذه الرِّوايةَ فيما تُقْبَلُ فيه شهادَتُهُنَّ مع الرِّجالِ أو مُنْفَرِداتٍ. وحَكاه فى «الرِّعايةِ» قوْلًا، قال (¬3): وليسَ كذلك. قوله: فيَشْهَدُ رَجُلانِ على رَجُلٍ وامْرَأتيْن. يعْنِى على الرِّوايةِ الأُولَى ¬

(¬1) فى ط: الثانية. (¬2) فى الأصل: «قبل». (¬3) سقط من: ط.

وَفَالَ الْقَاضِى: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأخيرةِ. وهو الصَّحيحُ. وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه فيهما. قوله: أو رَجُلٌ وامْرَأتان على رَجُلٍ وامْرَأتَيْن. وعلى رَجُلَيْن أيضًا. يعْنى على الرِّوايةِ الأخيرَةِ. وهو صحيحٌ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: الشَّهادَةُ على رجُلٍ وامْرَأتَيْن كالشَّهادَةِ على ثلاثَةٍ؛ لتَعَدُّدِهم. فائدتان؛ إحْداهما، لا يَجِبُ على الفُروعِ تعْدِيلُ أصُولِهم، ولو عدَّلُوهم، قبِلَ، ويُعْتبَرُ تعْيِينُهم لهم. الثَّانيةُ، لو شَهِدَ شاهِدَا فَرْع على أصْلٍ، وتَعَذرتِ (¬1) الشَّهادَةُ على الآخَرِ، حَلَفَ واسْتَحَقَّ. ذكَرَه فى «التَّبْصِرَةِ». واقْتصَرَ عليه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: لا تجوز شَهادةُ رجُلَيْن على رجُلٍ وامْرَأتيْن. نصَّ عليه. قال ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «تعذر».

نَصَّ عَلَيْهِ احْمَدُ. قَالَ أبو الْخَطَّابِ: وَفِى هَذِهِ الرِّوَايَةِ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهَا. وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَىِ الْفَرْعِ، حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ عَدَالتهُمَا، وَعَدَالَةُ شَاهِدَىِ الْأصْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو الخَطَّاب: وفى هذه الرِّوايةِ سَهْوٌ مِن ناقِيها. قال فى «الهِدايةِ»: وقال شيْخُنا: لا يجوزُ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، قال فى رِوايةِ حَرْبٍ: لا تجوزُ شَهادةُ رجُلٍ على شَهادَةِ امْرَأةٍ. قال: وهذه الرِّوايةُ إنْ صحَّتْ عن حَرْبٍ، فهى سَهْوٌ منه، فإنَّا إذا قُلْنا: شَهادَةُ امْرَأةٍ على شَهادَةِ امْرَأةٍ تُقْبَلُ. فأوْلَى أنْ تُقْبَلَ شَهادةُ رجُلٍ على شَهادَتِهما؛ فإنَّ شَهادَةَ الرَّجُلِ أقْوَى بكلِّ حالٍ؛ ولأنَّ فى هذه الرِّوايةِ أنَّه قال: أقْبَلُ شَهادةَ رجُلٍ على شهادةِ رجُلَيْن. وهذا مما لا وَجْهَ له؛ فإنَّ رجُلًا واحدًا لو كان أصْلًا، فشَهِدَ فى القَتْلِ العَمْدِ، ومعه ألْفُ امْرَأةٍ، لا تُقْبَلُ هذه الشَّهادَةُ، فإذا شَهِدَ بها وحدَه وهو فَرْعٌ، يُقْبَلُ ويُحْكَمُ بها! هذا مُحالٌ، ولو ثَبَتَ أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحِمَهُ اللهُ، قال ذلك، فيَحْتَمِلُ أنُّه أرادَ، لا تُقْبَلُ شَهادَةُ الرَّجُلِ حتى يَنْضَمَّ معه غيرُه، فيُخَرَّجُ مِن هذه، أنَّه لا يكْفِى شَهادَةُ واحدٍ على واحدٍ, كما يقولُ أكثرُ الفُقَهاءِ. انتهى.

وَإنْ شَهِدَا عِنْدَهُ، فَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى حَضَرَ شُهُودُ الأصْلِ، وَقَفَ الْحُكْمُ عَلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإنْ حَدَثَ مِنْهُمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ. [352 ظ] وَإنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ، لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ. وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأصْلِ، لَمْ يَضْمَنُوا. وَيَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَكَمَ بشَهادَتِهما، ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الفَرْعِ، لَزِمَهم الضَّمانُ. بلا نِزاعٍ. وقوله: وإنْ رَجَعَ شُهُودُ الأصْلِ، لم يَضْمَنُوا. يعْنِى شُهودَ الأصْلِ. وهو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. [اخْتارَه القاضى وغيرُه. و] (¬1) قدمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، [و «الحاوِى»] (¬2)، [وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وقال: هذا المذهبُ] (2). وَيَحْتَمِلُ أنْ يَضْمَنُوا. وقطَع به القاضى. قالَه فى «النُّكَتِ». [وقدَّمه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، ونَصَرَه. وهو الصَّوابُ] (2). فائدتان؛ إحداهما، لو قال شُهودُ الأصْلِ: كذَبْنا. أو: غَلِطْا. ضَمِنُوا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن». وقيل: لا يضْمَنُونَ. وحكَى هذه الصُّورَةَ ومَسْألةَ المُصَنِّف ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط، ا.

فَصْلٌ: وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ، لَزِمَهُمُ الضمَانُ، وَلَمْ يُنْقَضِ الْحُكْمُ، سَوَاء مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا أوْ تَالِفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مسألَتَيْن فى «الرِّعايتَيْن» (¬1). وحكَاها بعضُهم مسْأَلَةً واحدةً؛ [وهو المَجْدُ وجماعةٌ] (¬2). الثَّانيةُ، قال فى «الفُروعِ»: أطْلَقَ جماعَةٌ مِن الأصْحابِ، أنَّه إذا أنْكَرَ الأصْلُ شَهادَةَ الفَرْعِ، لم يُعْمَلْ بها؛ لتأَكُّدِ الشهادَةِ، بخِلافِ الرِّوايةِ. قال فى «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم: لو قال شُهودُ الأصْلِ: ما أشْهَدْناهُما بشئ. لم يضْمَنِ الفَرِيقانِ شيئًا. قوله: ومتى رَجَعَ شُهودُ المالِ بعدَ الحُكْمِ، لَزِمَهم الضمانُ، ولم يُنْقَضِ ¬

(¬1) في الأصل: «الرعاية». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمُ، سواءٌ كان قبلَ القَبْضِ أو بعدَه، وسواءٌ كان المالُ قائِمًا أو تألِفًا، وإنْ رَجَعَ

وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الْعِتْقِ، غَرِمُوا الْقِيمَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ شُهُودُ العِتْقِ، غَرِمُوا القِيمَةَ. بلا نِزاعٍ نَعْلَمُه. لكِنَّه مُقَيَّدٌ بما إذا لم يُصَدِّقْهم المَشْهودُ له. وهو واضِحٌ. وأما المُزَكُّونَ، فإنَّهم لا يَضْمَنُونَ شيئًا. تنبيه: مَحَلُّ الضَّمانِ إذا لم يُصَدِّقْه المَشْهودُ له، فإنْ صدَّقَ الرَّاجِعِينَ، لم

وَإنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، غَرِمُوا نِصْفَ الْمُسَمَّى، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَم يَغْرَمُوا شَيْئًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يضْمَنِ الشُّهودُ شيئًا (¬1). ويُسْتَثْنَى مِنَ الضَّمانِ، لو شَهِدَا بدَيْن، فأبْرَأ منه مُسْتَحِقُّه، ثم رَجَعَا، فإنهما لا يغْرَمانِ شيئًا للمَشْهُود عليه. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» فى كتابِ الصَّداقِ، فى مسْألةِ تنْصِيفِ الصداقِ بعدَ هِبَتِها للزَّوْجِ. قال: ولو قَبَضَه المَشْهودُ له، ثم وَهَبَه المَشْهُودَ عليه، ثم رَجَعَا، غَرِمَا. انتهى. قوله: وإنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلاقِ قبْلَ الدُّخُولِ، غَرِمُوا نِصْفَ المُسَمَّى -أو بدَلَه، بلا نِزاع- وإنْ كان بعدَهُ، لم يَغْرَمُوا شَيْئًا. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايةِ»: لم يَغْرَمُوا شيئًا فى الأشْهَرِ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا هو الرَّاجِحُ فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) سقط عن: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى وغيرُه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، يَغْرَمُونَ كلَّ المَهْرِ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، يَغْرَمُون مَهْرَ المِثْلِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّهم يَغْرَمُونَ. قال فى

وإنْ رَجَعَ شُهُودُ القِصَاصِ أوِ الْحَدِّ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، لَمْ يُسْتَوْفَ، وإنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَالُوا: أخْطَأْنَا. فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ مَا تَلِفَ، وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَإن رَجَعَ أحَدُهُمْ وَحْدَهُ، غَرِمَ بِقِسْطِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «النُّكَتِ»: وهذه الرِّوايةُ تدُلُّ على أن المُسَمى لا يَتَقَرًرُ بالدخولِ، فيَرْجِعُ الزَّوْجُ على مَنْ فوتَ عليه نِكاحَها برَضاعٍ أو غيرِه. قوله: وإنْ رجَع شُهُودُ القِصَاصِ أوِ الحَدِّ قبلَ الاسْتِيفاءِ، لم يُسْتَوْفَ. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ مِن المذهبِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: هذا المشْهورُ. وقطَع به غيرُ واحدٍ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ». وصحَّحه فى «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُسْتَوْفَى إنْ كان لآدَمِيٍّ، كما لو طَرَأَ فِسْقُهم. وقال فى «الرِّعايةِ الصُّغرى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وإنْ رَجَعَ شاهدَا حَدٍّ بعدَ الحُكْمِ، وقبلَ الاسْتِيفاءِ، لم يُسْتَوْفَ. وفى القَوَدِ وحدِّ القَذْفِ وَجْهان. فعلى المذهبِ، يجِبُ دِيَةُ القَوَدِ، فإنْ وَجَبَ عَيْنًا، فلا. قالَه فى «الفُروعِ». قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الواضحِ»: للمَشْهودِ له الدِّيَةُ، إلَّا أنْ نقولَ (¬1): الواجِبُ القِصاصُ حَسْبُ. فلا يجبُ شئٌ. ¬

(¬1) فى الأصل: «يقول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ كانَ بعدَه -يعْنِى بعدَ الاسْتِيفاءِ- وقالُوا: أَخْطَأْنا. فعليهم دِيَةُ ما تَلِفَ. بلا نِزاعٍ، أو أَرْشُ الضَّرْبِ. قوله: ويتَقَسَّطُ الغُرْمُ على عَدَدِهم -بلا نِزاعٍ- فإنْ رَجَعَ أحَدُهم، غَرِمَ بقِسْطِه. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةً. ونصَّ عليه الإمامُ أحمدُ، رحِمَه اللهُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَغْرَمُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكُلَّ. وهو احْتِمالٌ ذكَرَه ابنُ الزَّاغُونِىِّ.

وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ سِتَّةٌ بِالزِّنَى فَرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمُ اثْنَانِ، غَرِ مَا ثُلُثَ الدِّيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ عليه سِتَّةٌ بالزِّنَى، فرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ منهم اثْنان، غَرِما ثُلُثَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه.

وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ، لَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. وقيل: لا يَغْرَمانِ شيئًا. قال صاحبُ «الرِّعايةِ»: وهو أقْيَسُ. فعلى المذهبِ، يُحَدُّ الرَّاجِعُ؛ لقَذْفِه. على الصَّحيح مِن المذهبِ. وفيه فى «الواضحِ» احْتِمالٌ؛ لقَذْفِه مَنْ ثَبَتَ زِنَاه. فائدة: لو شهِدَ عليه خمْسَةٌ بالزِّنَى، فرَجَع نهم اثْنانِ، فهل عليهما خُمْسَا الدِّيَةِ، أو رُبْعُها؟ أو رَجَعَ اثْنانِ مِن ثلاَثةِ شُهودِ قَتْلٍ، فهل عليهما الثُّلُثان أو النِّصْفُ؟ فيه الخِلافُ السَّابِقُ. ولو رجَعَ واحدٌ مِن ثلاَثةٍ بعدَ الحُكْمِ، ضَمِنَ الثُّلُثَ. ولو رَجَعَ واحدٌ مِن خَمْسَةٍ فى الزِّنَى، ضَمِنَ خُمْسَ الدِّيَةِ. وهما مِنَ المُفْرَداتِ. ولو رَجَعَ رجُلٌ وعشْرُ نِسْوَةٍ فى مالٍ، غَرِمَ الرَّجُلُ سُدْسًا. على الصَّحيحِ مِن المذْهبِ. وقيل: نِصْفًا. وقيل: هو كأْنْثَى، فيَغْرَمْنَ البَقِيَّةَ.

وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَاثْنَانِ بِالإِحْصَانِ، فَرُجِمَ، ثُم رَجَعَ الْجَمِيعُ، لَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، عَلَى شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وعَلَى شُهُودِ الإِحْصَانِ [353 و] النِّصْفُ. وَإنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِالإِحْصَانِ، صَحَّتِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ شَهِدَ أرْبَعَةٌ بالزِّنَى، واثْنان بالإِحْصانِ، فرُجِمَ، ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ، لَزِمَهم الدِّيَةُ أَسْدَاسًا، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهما رِوايَتانِ عندَ ابنِ هُبَيْرَةَ وغيرِه. وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»،

فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِى، يَلْزَمُهُمْ ثَلَاَثةُ أَرْبَاعِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، وغيرِهم. قال النَّاظِمُ: تَساوَوْا فى الضَّمانِ فى الأَقْوَى. وفى -الوَجْهِ- الآخَرِ، على شُهودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وعَلَى شُهُودِ الإِحْصَانِ النِّصْفُ. وأَطْلَقَهماَ ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا يَضْمَنُ شُهودُ الإِحْصانِ شيئًا؛ لأنَّهم شُهودٌ بالشَّرْطِ لا بالسَّبَبِ المُوجِبِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو رَجَعَ شُهودُ الإِحْصانِ كلُّهم، أو شُهودُ الزِّنَى كلُّهم، غَرِمُوا الدِّيَةَ كامِلَةً. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يغْرَمُونَ النِّصْفَ فقط. اخْتارَه ابنُ حَمْدانَ. قوله: وإنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بالزِّنَى، واثْنان منهم بالإِحْصانِ، صَحَّتِ الشَّهادَةُ، فإن رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهادَةِ، فعلى مَنْ شَهِدَ بالإِحْصانِ ثُلُثا الدِّيَةِ، على الوَجْهِ الأَوَّلِ. وعلى الوَجْهِ الثَّانِى، يَلْزَمُهم ثَلاَثةُ أَرْباعِها. وهو تفْريعٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ. وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما. فوائد؛ منها، لو شَهِدَ قومٌ بتَعْليقِ عِتْقٍ، أو طَلاقٍ، وقَوْمٌ بوُجودِ شَرْطِه، ثم رَجَعَ الكُلُّ، فالغُرْمُ على عدَدِهم. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: تَغْرَمُ كلُّ جِهَةٍ النِّصْفَ. وقيل: يَغْرَمُ شُهودُ التَّعْليقِ الكُلَّ. ومنها، لو رجَعَ شُهودُ كتابةٍ، غَرِمُوا ما بينَ قِيمَتِه سَلِيمًا ومُكاتَبًا، فإنْ عَتَقَ، غَرِمُوا ما بينَ قِيمَتِه ومالِ الكِتابَةِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يَغْرَمُونَ كلَّ قِيمَتِه. وإنْ لم يَعْتِقْ، فلا غُرْمَ. ومنها، لو رَجَعَ شُهودٌ باسْتِيلادِ أَمَةٍ، فهو كرُجوعِ شُهودِ كِتابَةٍ، فيَضْمَنُونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نقْصَ قِيمَتِها. فإنْ عتَقَتْ بالمَوْتِ، فَتَمامُ قِيمَتِها. قال بعْضُهم، فى طرِيقَتِه فى بَيْعِ وَكيلٍ بدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ: لو شَهِدَ بتَأْجيلٍ، وحكَم الحاكِمُ ثم رَجَعُوا، غَرِمَا ما تَفاوَتَ ما بينَ الحالِّ والمُؤَجَّلِ.

وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَرَجَعَ الشَّاهِدُ، غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَغْرَمَ النِّصْفَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ حَكَمَ بشاهِدٍ ويَمِينٍ، فرَجَعَ الشَّاهِدُ، غَرِمَ المالَ كُلَّه. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ. ونصَّ عليه فى رِوايةِ جَماعةٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَتَخَرَّجُ أنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايةِ»، خرَّجه مِن ردِّ اليَمِينِ على المُدَّعِى. فوائد؛ الأُولَى، يجِبُ تقْديمُ الشَّاهدِ على اليَمِينِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «عُمَدِ الأدِلَّةِ»: يجوزُ أنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يَسْمَعَ يمينَ المُدَّعِى قبلَ الشَّاهدِ فى أحَدِ الاحْتِمالَيْن. وحكَى [ابنُ القَيِّمِ، رحِمَهُ اللهُ] (¬1)، فى «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ» وَجْهَيْن فى ذلك. الثَّانيةُ، لو رَجَعَ شُهودُ تَزْكِيَةٍ، فحُكْمُهم حكمُ رُجوعِ مَنْ زَكُّوهم. الثَّالثةُ، لا ضَمانَ برُجوعٍ عن شَهادَةٍ بكَفالَةٍ عن نَفْسٍ، أو بَراءَةٍ منها، أو أنَّها زوْجَتُه، أو أنَّه عفَا عن دَمِ عَمْدٍ؛ لعدَمِ تضَمُّنِه مالًا. وقال فى «المُبْهِجِ»: قال القاضى: وهذا لا يصِحُّ؛ لأنَّ الكَفالَةَ تتَضَمَّنُه بهَرَبِ المَكْفُولِ، والقَوَدُ قد يجِبُ به مال. ¬

(¬1) زيادة من: ا.

فَإِن بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الرَّابعةُ، لو شَهِدَ بعدَ الحُكْمِ بمُنافٍ للشَّهادةِ الأُولَى، فكَرُجوعِه وأَوْلَى. قالَه الشَّيْخُ تَقِىٌّ الدِّينِ، رحِمَه اللهُ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». الخامسةُ، لو زادَ فى شَهادَتِه أو نقَصَ قبلَ الحُكْمِ، أو أدَّى بعدَ إنْكارِها، قُبل. نصَّ عليهما، كقَوْلِه: لا أعْرِفُ الشَّهادَةَ. وقيل: لا يُقْبَلُ، كبَعدِ الحُكْمِ. وقيل: يُؤْخَذُ بقوْلِه المُتَقَدِّمِ. وإنْ رَجَعَ، لَغَتْ ولا حُكْمَ، ولم يضْمَنْ. وإنْ لم يصَرِّحْ بالرُّجوعِ، بل قال للحاكمِ: تَوَقَّفْ. فتَوَقَّفَ، ثم عادَ إليها، قُبِلَتْ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. ففى وُجوبِ إعادَتِها احْتِمالَان. قلتُ: الأَوْلَى عدَمُ الإعادَةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعَ». قوله: وإنْ بَانَ بعدَ الحُكْمِ أنَّ الشَّاهِدَيْن كانَا كافِرَيْن، أو فاسِقَيْن، نُقِضَ -

نُقِضَ، وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أَوْ بِبَدَلِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ إِتْلَافًا، فَالضَّمَانُ عَلَى المُزَكِّينَ. فَان لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فَعَلَى الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ، لَا يُنْقَضُ إِذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحُكْمُ - ويُرْجَعُ بالمالِ أو ببَدَلِه على المَحْكُومِ له وإنْ كانَ المَحْكُومُ به إتْلَافًا، فالضَّمانُ على المُزَكِّين. فإنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فعلى الحاكِمِ. إذا بانَ بعدَ الحُكْمِ أنَّ الشَّاهِدَيْن كانَا كافِرَيْن، نُقِضَ الحُكْمُ، بلا خِلافٍ. وكذا إنْ كانَا فاسِقَيْن. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «القَواعِدِ»: هذا المشْهورُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «نِهايَةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعَ»، وغيرِهم. وعَنهُ، لا يُنْقَضُ إذا كانا فاسِقَيْن. قالَ فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ»، وتبِعَه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: رجَّح ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ» عدَمَ النَّقْضِ، وجزَم به القاضى، فى كتابِ الصَّيْدِ مِن «خِلافِه»، والآمِدِىُّ؛ لِئَلَّا يُنْقَضَ الاجْتِهادُ بالاجْتِهادِ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»، أنَّه الأَظْهَرُ. فعليها، لا ضَمانَ. وفى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يَضْمَنُ الشُّهودُ. وقالَه الشَّارِحُ. وذكَرَ ابنُ الزَّاغُونِىِّ، أنَّه لا يجوزُ له نَقْضُ حُكْمِه بفِسْقِهما، إلَّا بثُبوتِه ببَيِّنَةٍ، إلَّا أنْ يكونَ حَكَمَ بعِلْمِه فى عَدالَتِهما، أو بظاهرِ عَدالَةِ الإِسْلامِ. ونَمْنَعُ ذلك فى المَسْألتَيْن، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن، وإنْ جازَ فى الثَّانيةِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْن؛ فإنْ وافَقَه المَشْهودُ له على ما ذكَرَ، ردَّ مالًا أخَذَه، ونقَضَ الحُكْمَ بنَفْسِه دُونَ الحاكمِ، وإنْ خالَفَه فيه، غَرِمَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاكمُ. انتهى. وأجابَ أبو الخَطَّابِ: إذا بانَ له فِسْقُهما وقْتَ الشَّهادَةِ، أو أنَّهما كانَا كاذِبَيْن، نقَضَ الحُكْمَ الأَوَّلَ، ولم يَجُزْ له تنْفِيذُه. وأجابَ أبو الوَفاءِ: لا يُقْبَلُ قوْلُه بعدَ الحُكْمِ. انتهى. فعلى المذهبِ، يَرْجِعُ بالمالِ أو ببَدَلِه على المَحْكُومِ له،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما قال المُصنِّفُ، ويَرْجِعُ عليه أيضًا ببَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى، وإنْ كان الحُكْمُ للهِ تِعالَى بإتْلافٍ حِسِّىٍّ، أو بما سَرَى إليه الإِتْلافُ، فالضَّمانُ على المُزَكِّيَيْن (¬1)، فإنْ لم، يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ، فعلى الحاكمِ. كما قال المُصَنِّفُ. وهو المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر القاضى، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّ الضَّمانَ على الحاكمِ، ولو كان ثَمَّ مُزَكُّونَ، كما لو كانَ فاسِقًا. وقيل: له تَضْمِينُ أيِّهما شاءَ، والقَرارُ على المُزَكِّينَ (¬2). وعندَ أبى الخَطَّابِ، يَضْمَنُه الشُّهودُ. ذكَرَه (¬3) فى «خِلافِه الصَّغِيرِ». ¬

(¬1) فى ا: «المزكين». (¬2) فى الأصل: «المزكيين». (¬3) بعده فى الأصل: «القاضى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لو بانُوا عَبِيدًا، أو والِدًا، أو ولَدًا، أو عَدُوًّا، فإنْ كان الحاكِمُ الذى حَكَمَ به يَرَى الحُكْمَ به، لم يُنْقَضْ حُكْمُه (¬1)، وإنْ كان لا يرَى الحُكْمَ به، نقَضَه ولم ينْفُذْ. وهذا المذهبُ. وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: مَنْ ¬

(¬1) سقط من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حكَمَ بقَوَدٍ أو حدٍّ ببَيِّنَةٍ، ثم بانُوا عَبِيدًا، فله نقْضُه إذا كان لا يَرى قَبُولَهم فيه.

وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ، ثُمَّ مَاتُوا، حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ، إِذَا ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: وكذا مُخْتَلَفٌ فيه صادَفَ (¬1) ما حكَم فيه وجَهِلَه. وتقدَّم كلامُه فى «الإِرْشادِ» فيما إذا حكَم فى مُخْتَلَفٍ فيه بما لا يَراه، مع عِلْمِه أنَّه لا يُنْقَضُ. فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. الثَّانيةُ، قولُه: وإنْ شَهِدُوا عندَ الحَاكِمِ بحَقٍّ، ثُمَّ ماتُوا، حكَم بشَهادَتِهِمْ، إذا ¬

(¬1) فى أ: «صادق».

ثَبَتَتْ عَدَالتهُمْ. وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ، عَزَّرَهُ، وَطَافَ بِهِ فِى الْمَوَاضِعِ الَّتِى يَشْتَهِرُ فِيهَا، فَيُقَالُ: إِنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهم. بلا نِزاعٍ. وكذا لو جُنُّوا. قوله: وإِذا عَلِم الحَاكِمُ بشاهِدِ الزُّورِ -إمَّا بإِقْرارِه، أَوْ عَلِمَ كَذِبَه، وتَعَمُّدَه- عَزَّرَه، وطافَ به فى المواضِعِ التى يَشْتَهِرُ فيها، فيُقالُ: إنَّا وَجَدْنا هَذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شاهِدَ زُورٍ، فَاجْتَنِبُوه. بلا نِزاعٍ. وللحاكمِ فِعْلُ ما يَرَاه مِن أنْواعِ التَّعْزيرِ به. نقَل حَنْبَلٌ، ما لم يُخالِفْ نَصًّا. وقال المُصَنِّفُ: أو يُخالِفْ مَعْنَى نصٍّ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: وله أَنْ يَجْمَعَ بينَ عُقُوباتٍ، إنْ لم يرْتَدِعْ إلَّا به. ونَقَل مُهَنَّا كَراهَةَ تسْوِيدِ الوَجْهِ. وتقدَّم فى بابِ التَّعْزيرِ، أشْياءُ مِن ذلك، فَلْيُراجَعْ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدتان؛ إحداهما، لا يُعَزَّرُ بتَعارُضِ البَيِّنَةِ، ولا بغَلَطِه (¬1) فى شَهادَتِه، ولا برُجوعِه عنها. ذكَرَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إذا ادَّعَى شُهودُ القَوَدِ الخَطَأ، عُزِّرُوا. ¬

(¬1) فى أ: «بخلطه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو تابَ شاهِدُ الزُّورِ قبلَ التَّعْزيرِ، فهل يَسْقُطُ التَّعْزيرُ عنه؟ فيه وَجْهان. ذكَرَهما القاضى فى «تَعْليقِه». وتَبِعَه فى «الفُروعِ»، وأَطْلَقهما،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: فيَتَوَجَّهانِ فى كلِّ تائبٍ بعدَ وُجوبِ التَّعْزيرِ، وكأَنَّهما مَبْنِيَّانِ على التَّوْبَةِ مِن

وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إِلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ قَالَ: أَعْلَمُ. أَوْ: أُحِقُّ. لَمْ يُحْكَمْ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحدِّ، على ما مَرَّ فى أواخِرِ بابِ حدِّ المُحارِبينَ. قلتُ: الصَّوابُ عدَمُ السُّقوطِ هنا. قوله: ولا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بلَفْظِ الشَّهادَةِ، فإنْ قالَ: أَعْلَمُ. أَوْ: أُحِقُّ. لَمْ يُحْكَمْ به. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم (¬1)؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّر»، و «الوَجِيزِ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يصِحُّ، ويُحْكَمُ بها. اخْتارَها أبو الخَطَّابِ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللَّهُ، وقال: لا يُعْرَفُ عن صَحابِىٍّ ولا تابِعِىٍّ اشْتِراطُ لَفْظِ الشَّهادَةِ، [وفى الكتابِ والسُّنَّةِ، إطْلاقُ لَفْظِ الشَّهادَةِ على الخَبَرِ المُجَرَّدِ عن لَفْظِ الشَّهادَةِ] (¬1). واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا. فائدتان؛ إحداهما، لو شَهِدَ على إقْرارٍ (¬2)، لم يُشْتَرَطْ قولُه: طَوْعًا، فى صِحَّتِه، مُكَلَّفًا. عمَلًا بالظَّاهرِ، ولا يُشْترَطُ إشارَتُه إلى المَشْهودِ عليه إذا كان ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) فى الأصل، أ: «إقراره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ حاضِرًا، مع نَسَبِه ووَصْفِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ولا يُعْتَبَرُ قولُه: إنَّ الدَّيْنَ باقٍ فى ذِمَّتِه إلى الآنَ. بل يَحْكُمُ الحاكمُ باسْتِصحابِ الحالِ إذا ثَبَتَ عندَه سبَبُ الحُكْمِ إجْماعًا. وتقدَّم ذلك عنه (¬1)، فى أوَائلِ بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. الثَّانيةُ، لو شَهِدَ شاهِدٌ عندَ حاكمٍ، فقال آخَرُ: أشْهَدُ بمِثْلِ ما شَهِدَ به. أو: بما وَضَعْتُ به خَطِّى. أو: وبذلك أشْهَدُ. أو: وكذلك أشْهَدُ. فقال فى «الرِّعايَةِ»: يَحْتَمِلُ أوْجُهًا؛ الصِّحَّةَ، وعَدَمَها، والثَّالِثَ، يصِحُّ فى قوْلِه: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وبذلك أشْهَدُ. و: كذلك أشْهَدُ. قال: وهو أشْهَرُ وأظْهَرُ. انتهى. وقال فى «النُّكَتِ»: والقَوْلُ بالصِّحَّةِ فى الجميعِ أَوْلَى. واقْتَصَرَ فى «الفُروعِ» على حِكايةِ ما فى «الرِّعايةِ».

باب اليمين فى الدعاوى

بَابُ الْيَمِينِ فِى الدَّعَاوَى وَهِىَ مَشْرُوعَةٌ فِى حَقِّ المُنْكِرِ فِى كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِىِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ اليَمِينِ فى الدَّعاوَى قوله: وهى مَشْرُوعَةً فى حَقِّ المُنْكِرِ -للرَّدْعِ والزَّجْرِ- فِى كُلِّ حَقٍّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لآدَمِىٍّ. هذا على إطْلاقِه رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ؛ للخَبَرِ. اخْتارَها المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى «الطَّريقِ الأَقْرَبِ». وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. قال فى «العُمْدَةِ»: وتُشْرَعُ اليمينُ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِىٍّ، ولا تُشْرَعُ فى حُقوقِ اللَّهِ تعالَى، مِنَ الحُدودِ، والعِباداتِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا احْتِمالٌ فى المذهبِ، وظاهرُ المذهبِ، لا تُشْرَعُ فى كلِّ حقِّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ آدَمِىٍّ. انتهى. والذى قالَه المُصَنِّفُ تخْريجٌ فى «الهِدايَةِ»، وكلامُ المُصَنِّفِ لا يَدُلُّ على أنَّه قدَّم ذلك، وإنَّما قَصْدُه، أنَّها تُشْرَعُ فى حقِّ الآدَمِىِّ فى الجملةِ، بدَليلِ قوْلِه: قالَ أَبُو بكْرٍ -بلا وَاوٍ: تُشْرعُ فى كلِّ حَقٍّ لآدَمِىٍّ- إلا فى النِّكاحِ والطَّلاقِ -جزَم به فى «التَّنْبِيهِ».

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِلَّا فِى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ؛ النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرِّقِّ، وَالْوَلَاءِ، وَالاسْتِيلَادِ، وَالنَّسَبِ، وَالْقَذْفِ، وَالْقِصَاصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال أبو الخَطَّابِ: إلَّا فى تِسْعَةِ أَشْيَاءَ؛ النِّكَاحِ، والرَّجْعَةِ، والطَّلاقِ، والرِّقِّ -يعْنِى أصْلَ الرِّقِّ- والوَلَاءِ، والاسْتِيلادِ، والنَّسَبِ، والقَذْفِ، والقِصَاصِ. وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وصحَّحه فى «إِدْراكِ الغايةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: يُسْتَحْلَفُ فى كلِّ حقٍّ لآدَمِىٍّ، إلَّا فيما لا يجوزُ بَذْلُه، وهو أحَدَ عَشَرَ. فذكَرَ التِّسْعَةَ، وزادَ العِتْقَ، وبَقاءَ الرَّجْعَةِ. وقدَّم فى «المُحَرَّرِ» قولَ أبى الخَطَّابِ، وزادَ على التِّسْعَةِ الإِيلاءَ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ». وصحَّحه فى «تَجْريدِ العِنايةِ». وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ولا تُشْرَعُ فى مُتَعَذَّرٍ بذْلُه؛ كطَلاقٍ، وإيلاءٍ وبَقاءِ مُدَّتِه، [ونِكاحٍ، ورَجْعَةٍ وبَقائِها، ونَسَبٍ، واسْتِيلادٍ، وقَذْفٍ، وأصْلِ رِقٍّ، ووَلاءٍ] (¬1)، وقَوَدٍ إلَّا فى قَسامَةٍ، ولا فى تَوْكيلٍ، وإيصَاءٍ إليه، وعِتْقٍ مع ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَقَالَ الْقَاضِى: فِى الطَّلَاقِ وَالقِصَاصِ وَالْقَذْفِ رِوَايَتَانِ، وَسَائِرُ السِّتَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ الخِرَقِىُّ: لَا يُحَلَّفُ فِى القِصَاصِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِذَا أَنْكَرَتِ النِّكَاحَ، وَتُحَلَّفُ إِذَا ادَّعَتِ ـــــــــــــــــــــــــــــ اعْتِبارِ شاهِدَيْن فيها، بل فى ما يكْفِيه شاهِدٌ وامْرَأتانِ سِوَى نِكاحٍ ورَجْعَةٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال القاضى فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ»: ما لا يجوزُ بذْلُه؛ وهو ما ثَبَتَ بشاهِدَيْن، لا يُسْتَحْلَفُ فيه. انتهى. وعنه، يُسْتَحْلَفُ فى الطَّلاقِ، والإِيلاءِ، والقَوَدِ، والقَذْفِ، دُونَ السِّتَّةِ الباقِيَةِ. وقال القاضى: فى الطَّلاقِ والقِصاصِ والقَذْفِ رِوايَتَان، وسائِرُ السِّتَّةِ لا يُسْتَحْلَفُ فِيها، رَوايةً وَاحِدةً. وفسَّر القاضى الاسْتِيلادَ، بأنْ يدَّعِىَ اسْتِيلادَ أمَةٍ، فتُنْكِرَه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: بل هى المُدَّعِيَةُ. وقال الخِرَقِىُّ: لا يُحَلَّفُ فِى القِصاصِ، ولا المرْأَةُ إذا أنْكَرَتِ النِّكاحَ، وتُحَلَّفُ إذا ادَّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها. وقيل: يُسْتَحْلَفُ فى غيرِ حدٍّ، ونِكاحٍ، وطَلاقٍ. وعنه، يُسْتَحْلَفُ فيما يُقْضَى فيه بالنُّكُولِ فقطْ.

انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُولِى مُضِىَّ الأرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، حَلَفَ. وَإِذَا أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا بِعِتْقِهِ، حَلَفَ مَعَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ الأُولَى، الذى يُقْضَى فيه بالنُّكولِ هو المالُ، أو ما مقْصُودُه المالُ، هذا المذهبُ. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه النَّاظِمُ. وعنه، هو المالُ، أو ما مقْصودُه المالُ، وغيرُ ذلك، إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «النَّظْمِ»، وبَعَّدَه. وعنه، إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ وطَرَفِها. صحَّحه فى «الرِّعايَةِ». وقيل: فى كَفالَةٍ وَجْهانِ. الثَّانيةُ، كل جِنايَةٍ لم يثْبُتْ قَوَدُها بالنُّكولِ، فهل يَلْزَمُ النَّاكِلَ دِيَتُها؛ على رِوايتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»؛ إحْداهما، لا يَلْزَمُه دِيَتُها. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: يَلْزَمُه دِيَتُها فى رِوايةٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يَلْزَمُه دِيَتُها. وكلُّ ناكِلٍ (¬1) لا يُقْضَى عليه بالنُّكولِ، كاللِّعانِ ونحوِه، فهل يُخَلَّى سَبِيلُه، أو يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يحْلِفَ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يُخَلَّى سَبِيلُه. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»، والنَّاظِمُ. وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». والوَجْهُ الثَّانى، يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يحْلِفَ. قدَّمه فى «تجْرِيدِ العِنايةِ». قلتُ: هذا المذهبُ فى اللِّعانِ. وقد تقدَّم فى بابِه مُحَرَّرًا. ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «قلنا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى بابِ طريقِ الحُكْمِ وصِفَتِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: إذا قُلْنا: يُحْبَسُ. فيَنْبَغِى جوازُ ضَرْبِه، كما يُضْرَبُ المُمْتَنِعُ مِن اخْتِيارِ إِحْدَى نِسائِه إذا أسْلَمَ، والمُمْتَنِعُ مِن قَضاءِ الدَّيْنِ، كما يُضْرَبُ المُقِرُّ بالمَجْهولِ حتى يُفَسِّرَ (¬1). الثَّالثةُ، قال فى «التَّرْغيبِ» وغيرِه: لا يحْلِفُ شاهدٌ، ولا (¬2) حاكمٌ، ولا وَصِىٌّ على نَفْىِ دَيْنٍ على المُوصِى، ولا مُنْكِرُ وَكالَةِ وَكيلٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لا يحْلِفُ مُدَّعًى عليه بقوْلِ مُدَّعٍ: ليَحْلِفْ أنَّه ما أحْلَفَنِى أَنِّى ما أُحَلِّفُه. وقال فى «التَّرْغيبِ»: ولا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِه، فقال: ليَحْلِفْ أنَّه ما أحْلَفَنِى. فى الأصحِّ. وإنِ ادَّعَى وصِىٌّ وَصِيَّةً للفُقَراءِ، فأنْكَرَ [الوَرَثَةُ، حُبِسُوا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُحْكَمُ بذلك. قوله: وإن أَنْكَرَ المُولِى مُضِىَّ الأرْبَعَةِ الأشْهُرِ] (¬3)، حَلَفَ. هذا أحدُ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، وأبو محمدٍ الجَوْزِىٌّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، كما تقدَّم أوَّلَ البابِ. وقيل: لا يَحْلِفُ. جزَم به ¬

(¬1) فى الأصل: «يقر». (¬2) زيادة من: أ. (¬3) سقط من: الأصل.

وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَالحُدُودِ، وَالْعِبَادَاتِ، وَنَحْوِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «المُنْتَخَبِ» للأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم، كما تقدَّم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه (¬1). قوله: وإذا أقامَ العَبْدُ شَاهِدًا بعِتْقِه، حَلَفَ معَه. وعَتَقَ. وهذا إحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به الخِرَقِىُّ، وناظِمُ «المُفْرَداتِ». وقطَع به ابنُ مُنَجَّى هنا. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والقاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُسْتَحْلَفُ ولا يَعْتِقُ إلَّا بشَهادَةِ رجُلَيْن، أو رجُلٍ وامْرَأتَيْن، على رِوايةٍ أُخْرى. على ما تقدَّم فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به. ومُرادُ المُصَنِّفِ هنا دُخولُ اليمينِ فى العِتْقِ، إذا قُلْنا: تُقْبَلُ فيه شَهادةُ رجُلٍ واحدٍ. ويأْتى قريبًا بعدَ هذا، هل يَثْبُتُ بشاهدٍ ويَمِينٍ؟ وتقدَّم فى أوَّلِ هذا البابِ مِن الخِلافِ فى اليمينِ ما يدْخُلُ العِتْقُ فيه، ومَنْ قال بالعِتْقِ وعدَمِه. فائدة: قولُه: ولا يُسْتَحْلَفُ فى حُقُوقِ اللَّهِ تَعالَى؛ كالحُدُودِ، والعِبَاداتِ. وكذا الصَّدَقَةُ، والكفَّارَةُ، والنَّذْرُ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقَطَعُوا ¬

(¬1) فى الأصل: «غيرهم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ به. وقال فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: للوَالِى إحْلافُ المَتْهُومِ؛ اسْتِبْراءً وتغْلِيظًا

وَيَجُوزُ الْحُكْمُ فِى الْمَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِى، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى الكَشْفِ فى حقِّ اللَّهِ، وليسَ للقاضى ذلك. ويأْتِى آخِرَ البابِ بأَعَمَّ مِن هذا. قوله: ويَجُوزُ الحُكْمُ فى المالِ، وما يُقْصَدُ به المالُ بِشَاهِدٍ ويَمِينِ المدَّعِى. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. وتقدَّم ذَلك مُسْتَوْفًى بفُروعِه، والخِلافُ فيه، فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به، عندَ قوْلِه: الرَّابعُ، المالُ وما يُقْصَدُ به المالُ. قوله: ولا تُقْبَلُ فيه شَهادَةُ امْرَأَتَيْن ويمينٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ. وتقدَّم ذلك أيضًا هناك مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا، فَلْيُعاوَدْ. وتقدَّم هناك أيضًا، هل تُقْبَلُ شَهادَةُ امْرَأةٍ ويَمِينٌ، أمْ لا؟.

وَهَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَلَا يُقْبَلُ فِى النِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ، وَسَائِرِ مَا لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ شَاهِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وهل يَثْبُتُ العِتْقُ بِشاهِدٍ ويَمِينٍ؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، يَثْبُتُ. اخْتارَه الْخِرَقىُّ، وأبو بَكْرٍ، والقاضى فى بعضِ كُتُبِه. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ»، وهو منها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَثْبُتُ بذلك، ولا يَعْتِقُ إلَّا بشاهِدَيْن ذَكَرَيْن. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى فى بعضِ كُتُبِه أيضًا، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَيْهما». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وتقدَّم ذلك فى بابِ أقْسامِ المَشْهودِ به مُسْتَوْفًى، وكذلك الكِتابَةُ، والتَّدْبيرُ. وتقدَّم فى أواخِرِ بابِ التَّدْبيرِ، هل يثْبُتُ التَّدبيرُ برَجُلٍ وامْرَأتَيْن، أو برَجُلٍ ويمينٍ؟ قوله: ولا يُقْبَلُ فى النِّكاحِ، والرَّجْعَةِ، وسائرِ ما لا يُسْتَحْلَفُ فيه شاهدٌ ويَمِينٌ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال القاضى: لا يُقْبَلُ فيهما إلَّا

وَيَمِينٌ. وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، أَوْ دَعْوَى عَلَيْهِ فِى الإِثْبَاتِ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى النَّفْى، حَلَفَ عَلَى نَفْى عِلْمِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ رجُلان، رِوايةً واحدةً. وعنه، يُقْبَلُ فيه رجُلٌ وامْرَأتان، أو رَجُلٌ ويمينٌ. وتقدَّم أيضًا هذا فى ذلك البابِ. قوله: ومَنْ حلَفَ على فِعْلِ نَفْسِه، أو دَعْوَى عليه، حَلَفَ على البَتِّ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وسواءٌ النَّفْىُ، والإِثْباتُ. وجَزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجِيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه فى البائعِ، يَحْلِفُ لنَفْىِ عَيْبِ السِّلْعَةِ على نَفْى العِلْمِ به. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وحُكِىَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحِمَه اللَّهُ تعالَى، رِوايةٌ، أنَّ اليمينَ فى ذلك كبِّه على نَفْى العِلْمِ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحِمَه اللَّهُ، اسْتَشْهَدَ له بقوْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «لا تضْطَرُّوا النَّاسَ فى أَيْمانِهِم أَنْ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحْلِفُوا علَى ما لَا يعْلَمُونَ». قالَه الزَّرْكَشِىُّ. قال: وأبو البَرَكاتِ خصَّ هذه الرِّوايةَ بما إذا كانتِ الدَّعْوى على النَّفْى. قال: وهو أقْرَبُ. واخْتارَها أيضًا أبو بَكْرٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ومَنْ حَلَفَ على فِعْلِ غيرِه، أو دَعْوَى عليه -أىْ، دعْوَى على الغيرِ- فى الإِثْباتِ، حَلَفَ على البَتِّ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه»: يمينُه بَتٌّ على فِعْلِه، ونَفْىٌ على فِعْلِ غيرِه. فائدة: مِثالُ فِعْلِ الغيرِ فى الإِثْباتِ، أَنْ يدَّعِىَ أنَّ ذلك الغيرَ أقْرَضَ، أو اسْتَأْجَرَ، ونحوَه، ويُقِيمَ بذلك شاهِدًا، فإنَّه يحْلِفُ مع الشَّاهِدِ على البَتِّ؛ لكَوْنِه إثْباتًا. قالَه شيْخُنا فى «حَواشِيه» على «الفُروعِ». ومِثالُ الدَّعْوى على الغيرِ فى الإِثْباتِ، إذا ادَّعَى على شَخْصٍ أنَّه ادَّعَى على أبِيه ألْفًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإِنْ حَلَفَ على النَّفْى، حَلَفَ على نَفْى عِلْمِه. يعْنِى، إذا حَلَفَ على نَفْى (¬1) فِعْلِ غيرِه، أو نَفْى دَعْوَى على ذلك الغيرِ. أمَّا الأُولَى، فلا خِلافَ أنَّه يحْلِفُ على نَفْى العِلْمِ. وأمَّا الثَّانيةُ، فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم، أنَّه يحْلِفُ فيها أيضًا على نَفْى العِلْمِ. وقال فى «مُنْتَخَبِ الشِّيرازِىِّ»: يحْلِفُ على البَتِّ فى نَفْى الدَّعْوى على غيرِه. وقال فى «العُمْدَةِ»: والأَيمانُ كلُّها على البَتِّ، إلَّا اليمينَ على نَفْى فِعْلِ غيرِه، فإنَّها على نَفْى العِلْمِ. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، مِثالُ نَفْى الدَّعْوى على الغيرِ، إذا ادَّعَى عليه أنَّه ادَّعَى على أبِيه ألْفًا، فأَقَرَّ له بشئٍ، فأنْكَرَ الدَّعْوى، ونحو ذلك؛ فإن يمِينَه على النَفْى، على ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: أَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً لَهُمْ. فَرَضُوا، جَازَ، وَإِنْ أَبَوْا، حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. ومِثالُ نَفْى فِعْلِ الغيرِ، أَنْ يَنْفِىَ ما ادَّعَى عليه، مِن أنَّه غصَبَ، أو (¬1) جَنَى، ونحوه. قالَه شيْخُنا فى «حَواشِيه». الثَّانيةُ، عَبْدُ الإِنْسانِ كالأَجْنَبِىِّ، فأمَّا البَهِيمَةُ فيما يُنْسَبُ إلى تَفْريطٍ وتَقْصيرٍ، فيَحْلِفُ على البَتِّ، وإلَّا فعلَى نَفْى العِلْمِ. قوله: ومَنْ تَوجَّهَتْ عليه يَمينٌ لجَماعَةٍ، فقالَ: أَحْلِفُ يَمِينًا واحِدَةً لهم. فَرَضُوا، جازَ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «العُمْدَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغرى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يَلْزَمُه أَنْ يحْلِفَ لكُلِّ واحدٍ يمينًا ولو رَضُوا بواحِدَةٍ. تنبيه: تقدَّم أنَّ اليمِينَ تقْطَعُ الخُصومَةَ فى الحالِ، ولا تُسْقِطُ الحقَّ، فلِلْمُدَّعِى ¬

(¬1) فى الأصل: «و».

فصل

فَصْلٌ: وَالْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ هِىَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ، تَعَالَى اسْمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ إقامَةُ البَيِّنَةِ بعدَ ذلك. قال فى «الرِّعايَةِ»: وتحْلِيفُه عندَ حاكمٍ آخَرَ. قوله: وإِنْ أَبَوْا، حَلَفَ لكُلِّ واحِدٍ يَمِينًا. بلا نِزاعٍ. فائدة: لو ادَّعَى واحدٌ حُقوقًا على واحدٍ، فعليه فى كلِّ حقٍّ يمِينٌ. قوله: واليَمِينُ المَشْرُوعَةُ هى اليَمِينُ باللَّهِ، تعالَى اسْمُهُ. فتُجْزِئُ اليمينُ بها، بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ.

وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَغلِيظَهَا بِلَفْظٍ، أَوْ زَمَنٍ، أَوْ مَكَانٍ، جَازَ، فَفِى اللَّفْظِ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الطَّالِبِ الْغَالِبِ، الضَّارِّ النَّافِعِ، الَّذِى يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ. وَالْيَهُودِىُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ، وَأَنْجَاهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ. وَالنَّصْرَانِىُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ الإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَجَعَلَهُ يُحْيِى الْمَوْتَى، وَيُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ. وَالْمَجُوسِىُّ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِى خَلَقَنِى وَصَوَّرَنِى وَرَزَقَنِى. وَالزَّمَانِ، يُحَلِّفُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوله: وإنْ رَأَى الحَاكِمُ تَغْلِيظَها بلَفْظٍ، أو زَمَنٍ، أو مَكانٍ،

بَعْدَ الْعَصْرِ، أَوْ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ. وَالْمَكَانِ، يُحَلِّفُهُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَفِى الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِى سَائِرِ البُلْدَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَيُحَلِّفُ أَهْلَ الذِّمَّةِ فِى الْمَوَاضِعِ الَّتِى يُعَظِّمُونَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ جازَ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «التَّرْغِيبِ»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، واخْتارَه القاضى وغيرُه. انتهى. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: يُكْرَهُ تغْلِيظُها. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». واخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّ ترْكَه أَوْلَى، إلَّا فى مَوْضِعٍ ورَدَ الشَّرْعُ به وصَحَّ. وذكَر فى «التَّبْصِرَةِ» رِوايةً، لا يجوزُ تغْليظُها. واخْتارَه أبو بَكْرٍ، والحَلْوانِىُّ. قالَه فى «الفُروعِ». ونصَرَ القاضى وجماعَةٌ، أنَّها لا تُغَلَّظُ؛ لأنَّها حُجَّةُ أحَدِهما، فوَجَبَتْ مَوْضِعَ الدَّعْوَى، كالبَيِّنَةِ. وعنه، يُسْتَحَبُّ تغْلِيظُها مُطْلَقًا. قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيِّةِ فى «نُكَتِه»: اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. وقال الشَّيْخُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: أحدُ الأقْسامِ، معْنَى الأَقْوَالِ أنَّه يُسْتَحَبُّ إذا رآه الإِمامُ مصْلَحَةً. ومالَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحِمَه اللَّهُ، وصاحِبُ «النُّكَتِ» إلى وُجوبِ التَّغْليظِ إذا رَآه الحاكِمُ وطَلَبَه، على ما يأْتِى فى كلامِهما. وقيل: يُسْتَحَبُّ تغْلِيظُها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باللَّفْظِ فقط. وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو (¬1) ظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضًا. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ تغْلِيظُها فى حقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ خاصَّةً. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وإليه مَيْلُ أبى محمدٍ. قال الشَّارِحُ وغيرُه: وبه قال أبو بَكْرٍ. قوله: وَالنَّصْرانِىُّ يَقُولُ: واللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ الإِنْجِيلَ على عِيسَى، وجَعَلَه يُحْيِى المَوْتَى، ويُبْرِئُ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ. هكذا قال جماهيرُ الأصحابِ. وقال بعضُهم: ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى (¬1) تَغْليظِ اليمينِ بذلك فى حقِّهم نظَرٌ؛ لأنَّ أكْثَرَهم إنَّما يعْتَقِدُ أنَّ عيسى ابنٌ للَّهِ. قوله: والمَجُوسِىُّ يَقُولُ: واللَّهِ الَّذِى خَلَقَنِى ورَزَقَنِى. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وذكَر ابنُ أبى مُوسى، أنه يَحْلِفُ، مع ذلك، بما يُعَظِّمُه مِنَ الأَنْوارِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِها. وفى «تَعْليقِ» أبى إسْحاقَ ابنِ شَاقْلَا، عن أبى بَكْرِ بنِ جَعْفَرٍ، أنَّه قال: ويحْلِفُ المَجُوسِىُّ، فيقالُ له: قُلْ: والنُّورِ والظُّلْمَةِ. قال القاضى: هذا غيرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَحْلِفُوا، وإنْ كانتْ مخْلوقَةً،؛ يحْلِفُونَ فى المواضِعِ التى يُعَظِّمُونَها، وإنْ كانتْ مَواضِعَ يُعْصَى اللَّهُ فيها. قالَه فى «النُّكَتِ». ونقَل المَجْدُ مِن «تَعْليقِ» القاضى، تُغلَّظُ اليمِينُ على المَجُوسِىِّ باللَّهِ الذى بَعَثَ إدْرِيسَ رسُولًا؛ لأنَّهم يعْتَقِدونَ أنَّه الذى جاءَ بالنُّجومِ التى يعْتَقِدُونَ تعْظِيمَها، ويُغَلَّظُ على الصَّابِئِ باللَّهِ الذى خلَق النَّارَ؛ لأنَّهم يعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَ النَّارِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رحِمَه اللَّهُ: هذا بالعَكْسِ؛ لأنَّ المَجُوسَ تُعَظِّمُ النَّارَ، والصَّابِئَةَ تُعَظِّمُ النُّجومَ. فائدة: لو أبَى مَنْ وَجَبَتْ عليه اليمينُ التَّغْلِيظَ، لم يَصِرْ ناكِلًا. وحُكِىَ إجْماعًا. وقطَع به الأصحابُ. قال فى «النُّكَتِ»: لأنَّه قد بذَل الواجِبَ عليه، فيجِبُ الاكْتِفاءُ به، ويَحْرُمُ التَّعَرُّضُ له. قال: وفيه نظَرٌ؛ لجَوازِ أن يُقالَ: يجبُ التَّغْليظُ إذا رَآه الحاكمُ وطَلَبَه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: قِصَّةُ مَرْوانَ مع زَيْدٍ تدُلُّ على أن القاضِىَ إذا رَأَى التَّغْليظَ، فامْتَنَعَ مِن الإِجابَةِ، أَدَّى (¬1) ما ادُّعِىَ به، ولو لم يكُن كذلك، ما كان فى التَّغْليظِ زَجْرٌ قَطُّ. قال فى «النُّكَتِ»: وهذا ¬

(¬1) فى الأصل: «ادعى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الذى قالَه صحيحٌ، والرَّدْعُ والزجْرُ علةُ التَّغْليظِ، فلو لم يجِبْ برأىِ الإِمامِ، لتَمَكَّنَ كلُّ أحَدٍ مِنَ الامتِناعِ منه؛ لعدَمِ الضَّرَرِ عليه فى ذلك، وانْتفَتْ فائِدَته. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أيضا: متى قُلْنا: هو مُسْتَحَب. فيَنْبَغِى أنّه إذا امتَنَعَ منه الخَصمُ، يصِيرُ ناكِلًا. قوله: وفى الصخْرَةِ ببَيْتِ المَقْدسِ. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقطَعُوا به. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّها لا تُغلظُ عندَ الصَّخْرَةِ، بل عندَ المِنْبَرِ، كسائرِ المساجدِ، وقال عن الأَوَّلِ: ليس له أصل فى كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، ولا غيرِه مِنَ الأئمةِ. وإليه مَيْلُ صاحِبِ «النُّكَت» فيها. قوله: وفى سائرِ البُلْدَانِ عندَ المِنْبَرِ. وهذا المذهبُ مُطْلَقا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقال فى «الواضِحِ»: هل يَرقَى مُتَلاعِنان المِنْبَر؟ الجوازُ وعدَمُه. وقيل: أَنْ قل النَّاس، لم يَجُزْ. وقال أبو الفَرَجِ: يرقَيانِه. وقال فى «الانْتِصارِ»: يُشْتَرَطُ أَنْ يرقَيا (¬1) عليه. قوله: ويُحَلِّفُ أهلَ الذِّمَّةِ فى المَواضِعِ التى يُعَظِّمُونها. بلا نِزاعٍ. وقال فى ¬

(¬1) فى الأصل: «يرتقيا». وانظر الفروع 6/ 533، والمبدع 10/ 291.

وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إلَّا فِيمَا لَهُ خَطَر؛ كَالْجِنَايَاتِ، وَالْعَتَاقِ، وَالطَّلاقِ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ الزكَاةُ مِنَ الْمَالِ. وَقِيلَ: مَا يُقْطَعُ بِهِ السَّارِقُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الواضحِ»: ويحْلِفُونَ أيضًا فى الأزْمِنَةِ التى يُعَظمُونَها، كيومِ السَّبت والأحدِ. قوله: ولا تُغَلَّظُ اليَمِينُ إلَّا فيما له خَطَر -يعنِى حيثُ قُلْنا: يَجُوزُ التَّغْلِيظُ-

وَإِنْ رَأى الْحَاكِمُ تَركَ التَّغْلِيظِ فَتَرَكَهُ، كَانَ مُصِيبًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالجِناياتِ، والطَّلاقِ، والعَتاقِ، وما تَجِبُ فيه الزَّكاةُ مِنَ المالِ. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «النَّظْم»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: تُغلَّظُ فى قَدرِ نِصابِ السرِقَةِ فأَزْيدَ. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِى، والمَجْدِ فى «مُحَررِه» التَّغْليظُ مُطْلَقًا. فائدة: لا يُحَلَّفُ بطَلاقٍ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، رَحِمَه اللَّهُ، وِفاقًا للأئمَّةِ الأربَعَةِ، رَحِمَهم اللَّه تُعالَى. وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَر، رَحِمَه اللَّهُ، إجْماعًا. قال فى «الأحكامِ السلْطانِيَّةِ»: للوالِى إحْلافُ المَتْهومِ؛ اسْتِبراءً وتغْلِيظًا فى الكَشْفِ فى حقِّ اللَّهِ تعالَى، وحق آدَمِى، وتحلِيفُه بطَلاقٍ، وعِتْقٍ، وصَدَقَةٍ، ونحوِه، وسَماعُ شَهادَةِ أَهْلِ المِهَنِ إذا كثروا، وليس للقاضِى ذلك، ولا إحْلافُ أحدٍ إلَّا باللَّهِ، ولا على غيرِ حق. انتهى.

كتاب الإقرار

كِتَابُ الْإِقْرَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــ كِتابُ الإِقْرارِ فائدة: قال فى «الرِّعايةِ الكُبْرى»، ومَعْناه فى «الصُّغْرى»، و «الحاوِى»: الإقرارُ الاعتِرافُ، وهو إظْهارُ الحقِّ لَفْظًا. وقيل: تَصْدِيقُ

يَصِحُّ الإِقْرَارُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. فَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــ المدَّعِى حقيقةً أو تقْديرًا. وتيل: هو صِيغَةُ صادِرَةُ مِن مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ رَشِيدٍ لمَنْ هو أهْلٌ لاسْتِحقاقِ ما أقَرَّ به، غيرُ مُكَذِّبٍ للمُقِرِّ، وما أقَرَّ به تحتَ حُكْمِه غيرُ مُمْلوكٍ له وَقْتَ الإِقْرارِ به. ثم قال: قلتُ: هو إظْهارُ المُكَلَّفِ الرَّشيدِ المُخْتارِ ما عليه لَفْظًا، أو كِتابةً فى الأَقْيَسِ، أو إشارَة، أو على مُوَكِّلِه، أو مُوَلِّيه، أو مَوْرُوثِه، بما يُمْكِنُ صِدقُه فيه. انتهى. قال فى «النُّكَتِ»: قولُه: أو كتابَةً فى الأَقْيَس. ذكَر فى كتابِ الطَّلاقِ أنَّ الكِتابةَ للحَقِّ ليستْ إقْرارًا شرعِيًّا، فى الأصحِّ. وقوْلُه: أو إشارَة. مُرادُه، مِنَ الأَخْرَسِ ونحوِه، أمَّا مِن غيرِه فلا أجِدُ فيه خِلافًا. انتهى. وذكَرَ فى «الفُروعِ»، فى كِناياتِ الطَّلاقِ، أنَّ فى إقْرارِه بالكِتابَةِ وَجْهَيْن. وتقدَّم هذا هناك. قال الزَّركَشِىُّ: هو الإِظْهارُ لأمْرٍ مُتقَدِّمٍ، وليسَ بإنْشاءٍ. قوله: يَصِحُّ الإِقْرارُ مِن كُلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ غيرِ محجُورٍ عليه. هذا المذهبُ مِن حيثُ الجملةُ. وقطَع به أكثرُ الأصحابِ. وقال فى «الفُروعِ»: يصِحُّ مِن

الصَّبِىُّ، وَالْمَجْنُونُ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِىُّ ـــــــــــــــــــــــــــــ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ بما يُتَصَوَّرُ منه الْتِزامُه، بشَرطِ كوْنِه بيَدِه ووِلاِيته واخْتِصاصِه، لا معْلُومًا. قال: وظاهِرُه، ولو على مُوَكِّلِه أو موْرُوثِه أو مُوَلِّيه. انتهى. وتقدَّم كلامُ صاحبِ «الرِّعَايَةِ». وقال فى «الفُروعِ»، فى كتابِ الحُدودِ: وقيل: يُقْبَلُ رُجوعُ مُقِر بمالٍ. وفى طرِيقَةِ بعضِ الأصحاب فى مسْأَلَةِ إقْرارِ الوَكيلِ، لو أقَرَّ الوَصِىُّ والقَيِّمُ فى مالِ الصَّبِىِّ على الصَّبِىِّ بحَقٍّ فى مالِه، لم يصِحَّ، وأنَّ الأبَ لو أقرَّ [على ابْنِه] (¬1) إذا كان وَصِيًّا، صحَّ. قال فى «الفُروعِ»: وقد ذكَرُوا، إذا اشْتَرَى شِقْصًا، فادَّعَى عليه الشُّفْعَةَ، فقال: اشْتَرَيْتُه لأبْنى. أو: لهذا الطِّفْلِ المُولَّى عليه، فقيل: لا شُفْعَةَ؛ لأنَّه إيجابُ حقٍّ فى مالِ صَغِير بإقْرارِ وَلِيِّه. وقيل: بلَى؛ ¬

(¬1) فى ط: «بابنه».

مَأْذُونًا لَهُ فِى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ فِى قَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ دُونَ مَا زَادَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنَّه يَمْلِكُ الشِّراءَ، فصَحَّ إقْرارُه فيه، كعَيْبٍ فى مَبِيعِه. وذكَرُوا، لو ادَّعَى الشَّريكُ على حاضِرٍ بيَدِه نصيبُ شَرِيكِه الغائبِ بإذْنِه، أنَّه اشْتَرَاه منه، وأنَّه يَسْتَحِقُّه بالشُّفْعَةِ، فصَدَّقَه، أخَذَه بالشُّفْعَةِ، لأن (¬1) مَنْ بيَدِه العَيْنُ يُصَدَّقُ فى تصَرُّفِه فيما بيَدِه، كإقْرارِه بأصْلِ مِلْكِه. وكذا لو ادَّعَى أنَّك بِعْتَ نَصِيبَ الغائبِ بإذْنِه، فقال: نعم. فإذا قدِمَ الغائبُ فأنْكَرَ، صُدِّقَ بيَمِينِه، ويسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الشَّفيعِ. وقال الأزَجِىُّ: ليس إقْرارُه على مِلْكِ الغيرِ إقْرارًا، بل دَعْوَى، أو شَهادَةً يُؤَاخَذُ بها إنِ ارتَبَطَ بها الحُكْمُ. ثم ذكَرَ ما ذكَرَه غيرُه، لو شَهِدَا (¬2) بحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فرُدَّتْ، ثم اشْتَرَياه (¬3)، صحَّ (¬4) -كاسْتِنْقاذِ الأسيرِ- لعدَمِ ثُبوتِ مِلْكٍ لهما، بل للبائعِ. وقيل فيه: لا يصِحُّ؛ لأنَّه لا بَيْعَ فى الطَّرَفِ الآخَرِ. ولو مَلَكَاه ¬

(¬1) فى الأصل: «لا». (¬2) فى الأصل، أ: «شهد». (¬3) فى الأصل: «استرقاه». (¬4) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بإرْثٍ أو غيرِه، عَتَقَ، وإنْ ماتَ العَتِيقُ، وَرِثَه مَنْ رجَعَ عن قوْلِه الأولِ وإنْ كان البائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ. وإنْ رجَعَا احتَمَلَ أَنْ يُوقَفَ حتى يصْطَلِحَا، واحتَمَلَ أَنْ يأْخُذَه مَنْ هو فى يَدِه بيَمِينِه. وإنْ لم يرجِع واحدٌ منهما، فقيل: يُقَرُّ بيَدِ مَنْ هو بيَدِه، وإلَّا لبيتِ المالِ. [وقيل: لبَيْتِ المالِ] (¬1) مُطْلَقًا. وقال القاضى: للمُشْتَرِى الأقَلُّ مِن ثَمَنِه، أو التَّرِكَةُ؛ لأنَّه مع صِدقِهما الترِكَةُ للسيدِ، وثَمَنُه ظُلْم فيَتَقاصَّان، ومع كَذِبِهما هى لهما. ولو شَهِدَا بطَلاقِها، فرُدت، فبَذَلَا مالًا ليَخْلَعَها، صحَّ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، رَحِمَه اللَّهُ: وإنْ لم يذْكُر فى كتابِ الإِقْرارِ أن المُقَرَّ به كان بيَدِ المُقِرِّ، وأنَّ الإِقْرارَ قد يكونُ إنْشاءً؛ [كقَوْلِه تعالَى: {قَالُوا أَقْرَرْنَا} (¬2). فلو أقرَّ به، وأرادَ إنْشاءَ] (1) تملِيكِه (¬3)، صحَّ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وهو كما قال. تنبيه: قولُه: غيْرِ محجُورٍ عليه. شَمِلَ المَفْهومُ مَسائِلَ؛ منها ما صرَّح به المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، ومنها ما لم يُصَرِّح به؛ فأمَّا الذى لم يُصَرِّحْ به، فهو السَّفِيهُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، صِحَّةُ إقْرارِه بمالٍ؛ سواءٌ لَزِمَه باخْتِيارِه أَوْ لا. قال فى «الفُروعِ»: والأصحُّ، صِحتُه مِن سَفِيه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سورة آل عمران 81. (¬3) فى أ: «تمليك».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمهُ فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. وهو احتِمال ذكَرَه المُصَنِّفُ فى بابِ الحَجْرِ. واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى بابِ الحَجْرِ، عندَ كلامِ المُصَنِّفِ فيه. فعلى المذهبِ، يُتْبَعُ به بعدَ فَكِّ حَجْرِه، كما صرَّح به المُصَنِّفُ هناك. فائدة: مِثْلُ إقْراره بالمالِ إقْرارُة بنَذْرِ صدَقَتِه بمالٍ، فيُكَفِّرُ بالصَّوْمِ إنْ لم نَقُلْ بالصِّحَّةِ. وأمَّا غيرُ المالِ؛ كالحَدِّ، والقِصاصِ، والنَّسَبِ، والطَّلاقِ، ونحوِه، فيَصِحُّ، ويتبَعُ به فى الحالِ. وتقدَّم ذلك أيضا فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الحَجْرِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، وبنِكاح إنْ صحَّ. وقال الأَزَجِىُّ: يَنْبَغِى أَنْ لا يُقْبَلَ، كإنْشائِه. قال: ولا يصِحُّ مِنَ السَّفيهِ، إلَّا أنَّ فيه احتِمالًا؛ لضَعفِ قوْلِهما (¬1) انتهى. فجميعُ مفْهومِ كلامِ (1) المُصَنِّفِ هنا غيرُ مُرادٍ، أو نقولُ، وهو أوْلَى: مفْهومُ كلامِه مَخْصوصٌ بما صرَّح به هناك. قوله: فأمَّا الصَّبِىُّ، والمَجْنُونُ، فلا يَصِحُّ إقْرَارُهما، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِىُّ مَأْذُونًا له فى البَيْعِ والشِّراءِ، فيَصِحُّ إقْرارُه فى قَدْرِ ما أُذِنَ. له دونَ ما زادَ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا قُلْنا بصِحَّةِ تصَرُّفِه بإذْنِ وَلِيِّه، على ما مَرَّ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «قولها».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى كتابِ البَيْعِ. وقال أبو بَكْرٍ، وابنُ أبى مُوسى: لا يصِحُّ إقْرارُ المأْذُونِ له إلَّا فى الشَّئِ اليسيرِ. وأَطْلَقَ فى «الرَّوْضَةِ» صِحَّةَ إِقْرارِ مُمَيِّزٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: فى إقْرارِه رِوايَتان؛ أصحُّهما، يصِحُّ. نصَّ عليه إذا أقَرَّ فى قَدرِ إذْنِه. وحَمَل القاضى إطْلاقَ ما نَقَلَه الأَثْرَمُ -أنّه لا يصِحُّ حتى يَبْلُغ- على غيرِ المَأْذُونِ. قال الأَزَجِىُّ: هو حَمْلٌ بلا دليلٍ، ولا يَمتَنِعُ أَنْ يكونَ فى المَسْألَةِ رِوايَتان؛ الصِّحَّةُ، وعَدَمُها. وذكَر الأَدَمِىُّ البَغْدادِىُّ، أنَّ السَّفِيهَ والمُمَيِّزَ إنْ أقَرَّا بحدٍّ، أو قَوَدٍ، أو نَسَبٍ، أو طَلاقٍ، لَزِمَ، وإنْ أقرَّا بمالٍ، أُخِذَ بعدَ الحَجْرِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال، وإنَّما ذلك فى السَّفِيهِ. وهو كما قال. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهو غَلَط. وتقدَّم بعْضُ ذلك فى كلامَ المُصَنِّفِ، فى آخِرِ بابِ الحَجْرِ. فائدة: لو قال بعدَ بُلُوغِه: لم أكُنْ -حالَ إقْرارِى، أو بَيْعِى، أو شِرائِى، ونحوِه- بالِغًا. فقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: لو أقرَّ مُراهِقٌ [غيرُ] (¬1) مَأْذُونٍ له، ثم اخْتلَفَ هو والمُقَرُّ له فى بُلُوغِه، فالقَوْلُ قولُه، إلَّا أَنْ تقُومَ بَيِّنَةٌ ببُلوغِه، ولا يحْلِفُ إلَّا أَنْ يخْتَلِفَا بعدَ ثُبوتِ بُلوغِه، فعليه اليَمينُ، أنَّه حينَ أقَرَّ لم يكُنْ بالِغًا. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: ويتوَجَّهُ وُجوبُ اليَمينِ عليه. وقال فى «الكافِى»: فإنْ قال: أقْرَرْتُ قبلَ البُلوغِ. فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، إذا كان اخْتِلافُهما بعدَ بُلوغِه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ بلَغ، وقال: أقْرَرتُ وأنا ¬

(¬1) سقط من النسخ. والمثبت من المغنى 7/ 263.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُ مُمَيِّز. صُدِّقَ إنْ حَلَفَ. وقيل: لا (¬1). فجزَم المُصَنِّفُ فى «كِتابَيْه» بأنَّ القولَ قولُ الصَّبِىِّ فى عدَمِ البُلوغِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والصَّوابُ أنه لا يُقْبَلُ قولُه. وتقدَّم نَظيرُ ذلك فى الخِيارِ عندَ قولِه: وإنِ اخْتلَفا فى أجَل أو شَرطٍ، فالقولُ قولُ مَنْ كنْفِيه. و [قدَّم فى «الفُروعِ» هناك، أنَّه لا يُقْبَلُ قولُه فى دَعوَى ذلك. واللَّهُ أَعلمُ. وأطلَقَ الخِلافَ هناك. وتقدَّم نظيرُ ذلك] (¬2) فى الضَّمانِ أيضًا، إذا ادَّعَى أنَّه ضَمِنَ قبلَ بُلوغِه. قال ابنُ رَجَبٍ فى «قَواعِدِه»: لو ادَّعَى البالِغُ أنَّه كان صَبيًّا حينَ البَيْعِ، أو غيرَ مَأْذُونٍ له، أو غيرَ ذلك، وأنْكَرَ المُشْتَرِى، فالقوْلُ قولُ المُشْتَرِى. على المذهبِ. ونص عليه الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى صُورَةِ دعوى الصَّغِيرِ، فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ وُقوعُ العُقودِ على وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الفَسادِ، وإنْ كان الأصْلُ عدَمَ البُلوغِ والإِذْنِ. قال: وذكَرَ الأصحابُ وَجْهًا آخَرَ فى دَعوى الصَّغِيرِ، أنَّه يُقْبَلُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ تكْلِيفُه، والأصلُ عدَمُه، بخِلافِ دَعوى عدَمِ الإِذْنِ مِن المُكَلَّفِ؛ فإنَّ المُكَلَّفَ لا يتَعَاطَى فى الظَّاهِرِ إلَّا الصَّحيحَ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وهكذا يجِئُ فى الإِقْرارِ وسائرِ التَّصَرُّفاتِ إذا اخْتلَفا، هل وَقعَتْ قبلَ البُلُوغِ، أو بعدَه؟ وقد سئِل عمَّن أسْلَمَ أَبُوه، فادَّعَى أنَّه بالِغٌ؟ فأَفْتَى بعْضُهم بأَنَّ القولَ قوْلُه، وأفْتَى الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، بأنه إذا كان لم يُقِرَّ بالبُلوغِ إلى حينِ الإِسْلامِ، فقد حُكِمَ بإِسْلامِه قبلَ الإِقْرارِ بالبُلُوغِ، بمَنْزِلَةِ ما إذا ادعتِ انْقِضاءَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العِدَّةِ بعدَ أنِ ارْتَجَعَها. قال: وهذا يجِئُ فى كلِّ مَنْ أقَرَّ بالبُلوغِ بعدَ حقٍّ ثبَتَ فى حقِّ الصَّبِىِّ، مثْلَ الإِسْلامِ، وثُبوتِ أحكامِ الذِّمَّةِ تَبَعًا لأبِيه، أو لوِ ادَّعَى البُلُوغَ بعدَ تصَرُّفِ الوَلِىِّ وكان رشِيدًا، أو بعدَ تزْوِيجِ وَلِىٍّ أبعدَ منه. انتهى. وقال فى «الفُروعِ»: وإنْ قال: لم أكُنْ بالِغًا. فوَجْهان. وإنْ أقَرَّ وشَكَّ فى بُلوغِه، فأنْكَرَه، صُدِّقَ بلا يَمين. قالَه فى «المُغْنِى»، و «نِهايةِ الأَزَجِىِّ»، و «المُحَرَّر»؛ لحُكْمِنا بعدَمِه بيَمِينه. ولو ادَّعَاه بالسِّنِّ، قُبِلَ ببَيِّنَةٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: يُصَدَّقُ صَبِىٌّ ادَّعَى البُلوغَ بلا يَمينٍ، ولو قال: أنا صَبِىٌّ. لم يحْلِفْ، ويُنْتَظَرُ بُلوغُه. وقال فى «الرِّعَايَةِ»: مَنْ أنْكَرَه، ولو كان أقَرَّ، أوِ ادَّعاه وأمْكَنا، حَلَفَ إذا بلَغ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يُصَدَّقُ فى سِنٍّ يبْلُغُ فى مِثْلِه، وهو تِسْعُ سِنِينَ، ويَلْزَمُه بهذا البُلُوغِ ما أقر به. قال: وعلى قِياسِه الجارِيَةُ. وإنِ ادَّعَى أنَّه أنْبَتَ بعِلاج ودَواءٍ لا بالبُلوغِ، لم يُقْبَلْ. ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «فَتاوِيه». انتهى ما نَقَلَه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: ويصِحُّ إقْرارُ المُمَيزِ بأنه قد بلغ بعدَ تِسْعِ سِنِينَ، ومِثْله ييْلغُ لذلك. وقيل: بل بعدَ عَشْرٍ. وقيل: بل بعدَ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ سَنَةً. وقيل: بل بالاحتِلامِ فقط. وقال فى «التَّلْخيصِ»: وإنِ ادَّعَى أنّه بلَغ (¬1) بالاحتِلامِ فى وَقتِ إمكانِه، صُدِّقَ. ذكَرَه القاضى. إذْ لا يُعلَمُ إلَّا مِن جِهتِه. وإنِ ادَّعاه بالسِّنِّ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. وقال النَّاظِمُ: يُقْبَلُ إقْرارُه أنَّه بلَغ إذا أمكَنَ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ أقَرَّ ببُلوغِه، وهو ممَّنْ يبْلُغُ مِثْلُه، كابنِ تِسْعِ سِنِينَ فصاعِدًا، صحَّ إقْرارُه، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمأْذُونُ لَهُ فِى التِّجَارَةِ. وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّكْرَانِ. وَتَتَخَرَّجُ صِحَّتُهُ، بِنَاءً عَلَى طَلَاقهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحكَمنا ببُلوغِه. ذكَرَه القاضى، واقْتَصَرَ عليه. قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُ قولِه فى الاحتِلامِ إذا أمكَنَ. والصَّحيحُ، أنَّ أقلَّ إمْكانِه عَشْرُ سِنِين، على ما تقدَّم فيما يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ وعدَمِ قَبُولِ قولِه فى السِّنِّ إلا ببَيِّنَةٍ. وأمَّا نَباتُ الشَّعَرِ، فبِشاهِدٍ. فائدة: لوِ ادعى أنَّه كان مجْنونًا، يُقْبَلْ إلا ببَيِّنَةٍ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وذكَرَ الأَزَجِىُّ، يُقْبَلُ أيضًا إنْ عُهِدَ منه جُنون فى بعضِ أوْقاتِه، وإلَّا فلا. قال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ قَبُولُه ممَّنَ غلَب عليه. قوله: ولا يَصِحُّ إقْرارُ السَّكْرانِ. هذا إحدَى الرواياتِ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى

وَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْمُكْرَهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلَ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِداية»، و «المُذْهبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخيصِ»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وظاهِرُ كلامِه أنَّ ذلك قولُ الأصحابِ كلِّهم. ويتخَرَّجُ صِحَّتُه بِناءً على طَلاقِه. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». قلتُ: قد تقدَّم فى أولِ كتابِ الطَّلاقِ، أنَّ فى أقْوالِ السَّكْرانِ وأفْعالِه خَمسَ رِواياتٍ أو سِتًّا، وأنَّ الصَّحيحَ مِن المذهبِ أنَّه مُؤاخَذٌ بها، فيَكونُ هذا التَّخْرِيجُ هو المذهبَ. قوله: ولا يَصِحُّ إقْرارُ المُكْرَهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بغيرِ ما أُكْرِه عليه، مثْلَ أَنْ يُكْرَهَ على

يُكْرَه عَلَى الْإِقْرارِ لإِنْسَانٍ، فَيُقِرَّ لِغيْرِهِ، أو عَلَى الإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأةٍ، فَيُقِرَّ بِطَلاقِ غَيْرِهَا، أَوْ عَلَى الإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ، فَيُقِرَّ بِدَرَاهِمَ، فَيَصِحُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإِقْرارِ لإنْسانٍ، فيُقِر لغيرِه، أو على الإِقْرارِ بطَلاقِ امرَأةٍ، فيُقِرَّ بطَلاق غيرِها، أو على الإِقْرارِ بِدَنانِيرَ، فيُقِرَّ بدَراهِمَ، فيَصِحُّ. بلا نِزاع. وتُقْبَلُ دعوى الإكْراهِ بقَرِينَةٍ، كتَوْكيلٍ به، أو أخْذِ مالٍ، أو تَهْديدِ قادِر. قال الأَزَجِىُّ: لو أقامَ بَيِّنَةً بأَمارَةِ الإِكْراهِ، اسْتَفادَ بها أن الظَّاهِرَ معه، فيَحْلِفُ، ويُقْبَلُ قولُه. قال فى

وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ ثَمَنٍ، فَبَاعَ دَارَهُ فِى ذَلِكَ، صَحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ»: كذا قال (¬1)، ويتوَجَّهُ، لا يحْلِفُ. فائدةْ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الإِكْراه على بَيِّنَةِ الطَّواعِيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يتَعارَضان، وتَبْقَى الطَّواعِيَةُ فلا يُقْضَى بها. ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «قال».

وَأَمَّا الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الْمَالِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِمَنْ لَا يَرِثُهُ، صَحَّ، فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِى الأُخْرَى، لَا يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ لمَن لا يَرِثُه، صَحَّ، فى أصَحِّ الرِّوايَتَيْن. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ عندَ الأصحابِ. قال فى «الكافِى» وغيرِه: هذا ظاهِرُ المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: أصَحُّهما قَبُولُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

وَلَا يُحَاصُّ المُقَرُّ لَهُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ. وَقَالَ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، وَالْقَاضِى: يُحَاصُّهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأخْرَى، لا يَصِحُّ بزِيادَةٍ على الثُّلُثِ. فلا مُحاصَّةَ، فيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ. وعنه، لا يصِحُّ مُطْلَقًا. قوله: ولا يُحاصُّ الْمُقَرُّ لة غُرَماءَ الصِّحَّةِ. بل يُبْدأُ بهم. وهذا مَبْنِىٌّ على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وهو الصَّحيحُ. قال القاضى، وابنُ البَنَّا: هذا قِياسُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيز» وغيرِه. وصحَّحه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، [و «النَّظْمِ»] (¬1)، وغيرِهم. وقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمىُّ، والقاضى: يُحاصُّهم. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقطَع به الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازىُّ فى مَوْضِعٍ. واخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (2). وأَطْلَقهما فى «الكافِى» (¬2)، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ». وهما فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما رِوايَتان. وفى «المُحَرَّرِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»، وغيرِهما وَجْهان. فائدة: لو أقَرَّ بعَيْن ثم بدَيْن، أو عكْسِه، فرَبُّ العَيْنِ أحقُّ بها. وفى الثَّانيةِ احتِمال فى «نِهايَةِ الأَزَجِىِّ». يعْنِى بالمُحاصَّةِ كإقْرارِه بدَيْنٍ. قوله: وإنْ أقَرَّ لوارِثٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَة. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثير منهم. ونصَّ عليه. وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصَارِ»: يصِحُّ ما لم يُتَّهَمْ، وِفاقًا لمالِكٍ، رَحِمَه اللَّه تعالَى، وأنَّ أصْلَه مِن المذهبِ وَصِيَّتُه لغيرِ وارِثٍ، ثم يصِيرُ وارِثًا لانْتِفاءِ التُّهْمَةِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال الأَزَجِىُّ: قال أبو بَكْرٍ: فى صِحةِ إقْرارِه لوارِثِه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا يصِحُّ. والثَّانيةُ، يصِحُّ؛ لأنَّه يصِحُّ بوارِثٍ، وفى الصِّحَّةِ أشْبَهَ الأَجْنَبِىَّ. والأَوْلَى أصحُّ (¬1). قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال فى «الفُنونِ»: يَلْزَمُه أَنْ يُقِرَّ وإنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يُقْبَلْ. وقال أيضًا: إنَّ (¬1) حَنْبَلِيًّا اسْتدلَ بأنّه لا يصِحُّ إقرارُه لوارِثِه فى مرَضِه بالوَصِيَّةِ له. فقال حَنْبَلِىٌّ: لو أقَرَّ له فى الصِّحَّةِ، صحّ، ولو نحَلَه، لم يصِحَّ. والنِّحْلَةُ تبَرُّعٌ كالوَصِيَّةِ. فقدِ افْتَرَقَ الحالُ للتُّهْمَةِ فى أحدِهما دُونَ الآخَرِ، كذا فى المَرَضِ. ولأنَّه لا (1) يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فيما زادَ على الثُّلُثِ لأَجْنَبِىٍّ، ويَلْزَمُ الإِقْرارُ، وقدِ افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ والإِقْرارُ فيما زادَ على الثُّلُثِ، [كذا يفْتَرِقان فى الثُّلُثِ] (¬2) للوارِثِ. تنبيه: ظاهِرُ قولِه: لم يُقْبَلْ إلَّا ببَيِّنَةٍ. إنَّه لا يُقْبَلُ بإجازَةٍ، وهو ظاهِرُ نصِّه، ¬

(¬1) بعده فى أ: «كان». (¬2) سقط من: الأصل.

إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِامْرأَتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِها، فَيَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِن الأصحابِ. وقال جماعةٌ مِن الأصحابِ: يُقْبَلُ بالإِجازَةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يبْطُلُ الإِقْرارُ، على المَشْهورِ مِن المذهبِ، بل يَقِفُ على إجازَة الوَرَثَةِ، فإنْ أجازُوه، جازَ، وإنْ ردُّوه، بَطَلَ؛ ولهذا قال الخِرَقِىُّ: لم يَلْزَم باقِىَ الوَرَثَةِ قَبُولُه. قوله: إلَّا أَنْ يُقِرَّ لامْرَأَتِه بمَهْرِ مِثْلِها، فيَصِحُّ. يعْنِى إقْرارَه. هذا أحدُ الوَجْهيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، وصاحبُ «التَّرْغيبِ»، و «التَّبْصِرَة»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والأَزَجِىُّ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الشَّرْحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، وابنُ رَزِينٍ، وقال: إجْماعًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى». والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ لها مَهْرَ مِثْلِها بالزَّوْجِيَّةِ، لا بإقْرارِه. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجِيز»، و «المُحَرَّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيره. ونقَل أبو طالبٍ: يكونُ مِنَ الثُّلُثِ. ونقَل أيضًا، لها مَهْرُ مِثْلِها، وأنَّ على الزَّوْجِ البَيِّنَةَ بالزَّائدِ. وذكَرَ أبو الفَرَجِ فى صِحَّتِه بمَهْرِ مِثْلِها رِوايتَيْن. فائدة: لو أقَرَّتِ امْرَأَتُه أنَّها لا مَهْرَ لها عليه، لم يصِحُّ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أنَّها أخذَتْه. نَقَلَه مُهَنَّا.

وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأجْنَبِىٍّ، فَهلْ يَصِحُّ فِى حَقِّ الْأَجْنَبِىِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ لوارِثٍ وأَجْنَبِىٍّ، فهل يَصِحُّ فى حَقِّ الأَجْنَبِىِّ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ أحدُهما، يصِحُّ فى حقِّ الأَجنَبِىِّ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ»، وغيرُهم. قال فى «النُّكَتِ»: هذا هو المَنْصورُ فى المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»،

وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ، لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ، صَحَّ وَإِنْ صَارَ وَارِثًا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إنَّ الاعتِبَارَ بِحَالِ الْمَوْتِ، فَيَصِحُّ فِى الأُولَى، وَلَا يَصِحُّ فِى ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِير»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الهِدايَةِ» (¬1): أصْلُ الوَجْهيْن تفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. وقال القاضى: الصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ على الوَصِيَّةِ لوارِثٍ وأجْنَبِىٍّ. وقيل: لا يصِحُّ إذا عَزَاه إلى سببٍ واحدٍ، أو أقَرَّ الأجْنَبِىُّ بذلك. وهو تخْريجٌ فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قوله: وإنْ أَقَرَّ لوارِثٍ، فصارَ عندَ المَوْتِ غيرَ وارِثٍ، لم يَصِحَّ إِقْرارُه. وإنْ أقَرَّ لغيرِ وارِثٍ، صحَّ وإنْ صارَ وارِثًا. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ ¬

(¬1) فى ط: «الرعاية».

الثَّانِيَةِ، كَالْوَصِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: اعتُبِرَ بحالِ الإِقْرارِ لا المَوْتِ، على الأصحِّ. وصحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «المُنَوِّر»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ أبى موسى وغيرُه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُغْنِى»، و «الكافِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شرحِ ابنِ مُنجَّى»، وغيرِهم. وقيل: الاعْتِبارُ بحالِ المَوتِ، فيَصِحُّ فى الأُولَى، ولا يصِحُّ فى الثَّانيةِ، كالوَصِيَّةِ. وهو رِوايةٌ منْصُوصَةٌ، ذكَرَها أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»، ومَنْ بعدَه. وأَطْلَقَهما فى «المُذهبِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقدم فى «المُسْتَوْعِبِ» -إنَّه إذا أقَرَّ لوارِثٍ، ثم صارَ عندَ الموْتِ غيرَ وارِثٍ- الصِّحَّةَ. وجزَم ابنُ عَبْدُوسٍ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «تَذْكِرَتِه»، وصاحبُ «الوَجِيزِ» بالصِّحَّةِ فيهما. قال فى «الفُروعِ»: ومُرادُ الأصحابِ -واللَّهُ أعلمُ- بعدَمِ الصِّحَّةِ، لا يَلْزَمُ، لا أنَّ مُرادَهم بُطْلانُه؛ لأنَّهم قاسُوه على الوَصِيَّةِ؛ ولهذا أطْلَقَ فى «الوَجِيزِ» الصِّحَّةَ فيهما. انتهى. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو أعْطاه وهو غيرُ وارِثٍ، ثم صارَ وارِثًا. ذكَرَه فى «التَّرْغيبِ» [وغيرِه] (¬1). واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، يصِحُّ إقْرارُه بأخْذِ دَيْنِ صِحَّةٍ مرَضٍ مِن أجْنَبِىٍّ، فى ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قالَه القاضى وأصحابُه. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعَايَةِ»: لا يصِح الإِقْرارُ بقَبْضِ مَهْرٍ، وعِوَضِ خُلْعٍ، بل حَوالَةٍ ومَبِيعٍ وقَرضٍ. وإنْ أطْلَقَ فوَجْهان. قال فى «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: لا يصِحُّ لوارِثِه بدَيْنٍ ولا غيرِه. وكذا قال فى «الانْتِصارِ» وغيرِه: إنْ أقَرَّ أنَّه وَهَبَ أجْنَبيًّا فى صِحَّتِه، صحَّ، لا أنَّه وَهبَ وارِثًا. وفى «نِهايةِ الأزَجِىِّ»: يصِحُّ لأجْنَبِىٍّ كإنْشائِه. وفيه لوارِثٍ وَجْهان؛ أحدُهما، لا يصِحُّ كالإِنْشاءِ. والثَّانى، يصِحُّ. وقال فى «النِّهايةِ» أيضًا: يُقْبَلُ إقْرارُه، أنَّه وهبَ أجْنَبِيًّا فى صِحَّتِه. وفيه لوارِثٍ وَجْهان. وصحَّحه فى «الانْتِصارِ»، لأجْنَبِىٍّ فقط. وقال فى «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: لا يصِحُّ لوارِثِه بدَيْنٍ ولا غيرِه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَقَرَّ لِامرأَتِهِ بِدَيْنٍ، ثُمَّ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَها، لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ. وَإِنْ أقَرَّ المَرِيضُ بِوَارِثٍ، صَحَّ. وَعَنْهُ، لَا يَصِحُّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ المَرِيضُ بوارِثٍ، صَحَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا أصحُّ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا

وَإِنْ أقَرَّ بِطَلَاقِ امرَأتِه فِى صِحَّتِهِ، لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ، وهو أصحُّ. قال فى «الفُروعِ»: فيَصِحُّ على الأصحِّ. قال النَّاظِمُ: هذا أشْهرُ القَوْلَيْن مِن نصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قال فى «الخُلاصَةِ»: وإنْ أقَرَّ بوارِثٍ، صحَّ فى الأصحِّ. قال ابنُ رَزِينٍ: هذا أظْهرُ. وجزَم به فى «الوَجِيز»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وعنه، لا يصِحُّ. قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». ويأْتى قريبًا، لو أقَرَّ مَنْ عليه الوَلاءُ بنَسَبِ وارِثٍ. قوله: وإنْ أقَرَّ بطَلاقِ امرَأتِه فى صِحَّتِه، لم يَسْقُطْ مِيراثُها. هذا

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ أقَرَّ الْعَبْدُ بِحَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ طَلَاقٍ، صَحَّ، وَأُخِذَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِقِصَاصٍ فِى النَّفْسِ، فنَصَّ أَحْمَدُ أنَّهُ يُتْبَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــ الصَّحيحُ منَ المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقال الشِّيرَازِىُّ فى «المُنْتَخَبِ»: لا تَرِثُه. قلتُ: وهو بعيدٌ. قوله: وإنْ أقَرَّ العَبْدُ بحَدٍّ، أو قِصاصٍ، أو طَلاقٍ، صَحَّ، وأخِذَ به، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بقِصاصٍ فى النَّفْسِ، فنَصَّ أَحْمَدُ أنَّه يُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. إذا أقَرَّ العَبْدُ بحَدِّ،

بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَقَالَ أبو الْخَطَّابِ: يُؤْخَذُ بِهِ فِى الْحَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو طَلاقٍ، أو قِصاصٍ فيما دُونَ النَّفْسِ، أُخِذَ به. على المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقيل: فى إقْرارِه بالعُقوباتِ رِوايَتان (¬1). وفى «التَّرغيبِ» وَجْهان. قال فى «الرِّعَايَةِ»: وقيل: لا يصِحُّ إقْرارُه بقَوَدٍ فى النَّفْسِ فما دُونَها. واخْتارَه القاضى أبو يَعْلَى بنُ أبى خازِمٍ (¬2). ذكَرَه فى «التَّلْخيص». ويأْتى قريبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، إذا أقَر بسَرِقَةٍ. وإنْ أقَرَّ بقِصاصٍ فى النَّفْسِ، لم يُقْتَصَّ منه فى الحالِ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرحِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: اخْتارَه القاضى الكبيرُ وجماعَةٌ. وعدَمُ صِحَّةِ إقْرارِ العَبْدِ بقَتْلِ العَمْدِ (¬3) مِنَ المُفْرَداتِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُؤْخَذُ بالقِصاصِ فى الحالِ. واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو ¬

(¬1) فى الأصل: «قولان». (¬2) عبد اللَّه بن على بن محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء، القاضى أبو القاسم ابن القاضى أبى الفرج ابن القاضى أبى خازم، ابن القاضى أبى يعلى، جمع بين حسن الرأى والسمت، وعارف بأحكام الشريعة، من الشهادة والقضاء، مهيب المجلس، لم يزل منزله محلا لقراءة الحديث وتدريس الفقه بحضرة الشيوخ، وجماعة أصحاب الحديث، معروف بالكرم والإفضال، وله الأصول الحسنة والفوائد الجمة. وتوفى سنة ثمانين وخمسمائة ذيل طبقات الحنابلة 1/ 351. (¬3) فى الأصل: «العبد».

وَإِنْ أَقرَّ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، فَيُقْبَلُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ مِنَ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». تنبيه: طَلَبُ جَوابِ الدَّعْوى مِن العَبْدِ ومِن سيِّدِه جميعًا على الأوَّلِ. ومِنَ العَبْدِ وحدَه على الثَّانى. وليسَ للمُقَرِّ له العَفْوُ على رَقَبَتِه، أو مالٍ على الثَّانى. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. قوله: وإنْ أقَرَّ السَّيِّدُ عليه بذلكَ، لم يُقْبَلْ إلَّا فيما يُوجِبُ القِصاصَ، فيُقْبَلُ فيما يَجِبُ به المالُ. وهكذا قال فى «الكافِى». يعنِى، إنْ أقَرَّ على عَبْدِه بما يُوجِبُ القِصاصَ، لم يُقْبَلْ منه فى القِصاصِ، ويُقْبَلُ منه فيما يجبُ به مِن المالِ، فيُؤْخَذُ منه دِيَةُ ذلك. وهو أحدُ الوَجْهيْن. وهو احْتِمالٌ فى «الشَّرْحِ». والصَّحيحُ مِنَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّ إقْرارَ السَّيِّدِ على عَبْدِه فيما يُوجِبُ القِصاصَ لا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وإنَّما يُقْبَلُ إقْرارُه بما يُوجِبُ (¬1) مالًا، كالخَطَأَ ونحوِه. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، و «الفُروعِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى». ¬

(¬1) فى الأصل: «لا يوجب».

وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ بِمَالٍ، لَمْ يُقْبَلْ فِى الْحَالِ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعدَ الْعِتْقِ. وَعَنْهُ، يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أقَرَّ العَبْدُ بجِنايَةٍ تُوجِبُ مالًا، لم يُقْبَلْ قَطْعًا. قالَه فى «التَّلْخيصِ». وظاهِرُ كلامِ جماعةٍ، لا فَرْقَ بينَ إقْرارِه بالجِنايَةِ المُوجِبَةِ للمالِ وبينَ إقْرارِه بالمالِ. وهو ظاهِرُ ما رُوِى عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. قوله: وإنْ أَقَرَّ العَبْدُ غيرُ المَأْذُونِ له بمالٍ، لم يُقْبَلْ فى الحَالِ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. وهو المذهبُ. [نصَّ عليه] (¬1). قال ابن مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وهو أصحُّ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ»، و «الوَجِيزِ»، [و «المُحَرَّرِ»] (1)، و «المُنَوِّر»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ»، [و «الفُروعِ»] (¬2)، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قال فى «التَّلْخيصِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: يُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، فى أصح الرِّوايتَيْن. [قال فى «الفُروعِ»: فنَصُّه يُتْبَعُ به بعدَ عِتْقِه] (1). وعنه، يتَعلَّقُ برَقَبَتِه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. قال فى «التَّلْخيصِ»: ذكَرَها القاضى، ولا وَجْهٌ لها عنْدِى، إلَّا أَنْ يكونَ فيما لا تُهْمَةَ فيه، كالمالِ الذى أقَرَّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط، أ.

وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِمَالٍ، أَوْ بِمَا يُوجِبُهُ، كَجنَايَةِ الْخَطَأ، قُبِلَ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةِ مَالٍ فِى يَدِهِ، وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ، قُبِلَ إِقْرَارُهُ فِى الْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بسَرِقَتِه (¬1)، فإنَّه يُقْبَلُ فى القَطْعِ، ولا يُقْبَلُ فى المالِ، لكِنْ يُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ. انتهى. وتقدَّم فى آخِرِ الحَجْرِ إقْرارُ العَبْدِ المأْذُونِ له -فى كلامِ المُصَنِّفِ- فَلْيُعاوَدْ (¬2). قوله: وإنْ أَقَرَّ العَبْدُ بسَرِقَةِ مالٍ فى يَدِه، وكَذَّبَه السَّيِّدُ، قُبِلَ إقْرارُه فى القَطْعِ ¬

(¬1) فى الأصل: «برقبته». (¬2) تقدم فى 13/ 425.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ دُونَ المالِ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُسْتَوْعِب»، و «الحاوِى». وصحَّحه النَّاظِمُ وغيرُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرحِ»، و «الفُروعِ»، [و «الرِّعايَتَيْن»] (¬1). وقيل (¬2): لا يُقْطَعُ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يُقْطَعُ بعدَ عِتْقِه، لا قبلَه. ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ، أَوِ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو أقَرَّ المُكاتَبُ بالجِنايَةِ، تعَلَّقَتْ بذِمَّتِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وبرَقَبَتِه أيضًا. وقيل: لا تتَعَلَّقُ برَقَبَتِه، ولا يُقْبَلُ إقْرارُ سيِّدِه عليه بذلك. قوله: وإنْ أقَرَّ السَّيِّدُ لعَبْدِه، أوِ العَبْدُ لسَيِّده بمالٍ، لم يَصِحَّ. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ

وإنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بأَلْفٍ، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ، ثَبَتَ، وَإِنْ أنْكَرَ، عَتَقَ، وَلَم تَلْزَمْهُ الأَلْفُ. وَإِنْ أقرَّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ بِمَالٍ، صَحَّ، وَكَانَ لِمَالِكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: لو أقَر العَبْدُ لسَيِّدِه، لم يصِحَّ على المذهبِ، وهذا يَنْبَنِى على ثُبوتِ مالِ السَّيِّدِ فى ذِمَّةِ العَبْدِ ابْتِداءً أو (¬1) دَوامًا، وفيه ثَلاثةُ أوْجُهٍ فى الصَّداقِ. انتهى. وقيل: يصِحُّ إنْ قُلْنا: يُمَلَّكُ. قوله: وإنْ أقَرَّ أنَّه باعَ عبدَه مِن نَفْسِه بألفٍ، وأَقَرَّ العَبْدُ به، ثَبَتَ، وإنْ أَنْكَرَ، عَتَقَ، ولم يَلْزَمه الألفُ: هذا المذهبُ. وقطَع به الأصحابُ. لكِنْ يَلْزَمُه أَنْ يَحْلِفَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُحَرَّر»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. فائدتان؛ إحْداهما، قولُه: وإنْ أقَرَّ لعبْدِ غيرِه بمالٍ، صَحَّ، وكانَ لمالِكِه. قال ¬

(¬1) فى ط: «و».

وَإِنْ أَقَرَّ لِبَهِيمَةٍ، لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: إذا قُلْنا: يصِحُّ قَبُولُ الهِبَةِ والوَصِيَّةِ بدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ. لم يفْتَقِرِ الإِقْرارُ إلى تصْديقِ السَّيِّدِ. قال: وقد يُقالُ: بلَى. وإنْ لم نَقُلْ بذلك؛ لجوازِ أَنْ يكونَ قد تَمَلَّكَ مُباحًا، فأقَرَّ بعَيْنِه، أو أتْلَفَه وضَمِنَ قِيمَتَه. الثَّانيةُ، لو أقَرَّ العَبْدُ بنِكاحٍ أو تَعْزيرِ قَذْفٍ، صحَّ الإِقْرارُ وإنْ كذَّبَه السَّيِّدُ. قال المُصَنِّفُ: لأَنَّ الحقَّ للعَبْدِ دُونَ المَوْلَى. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: وهذا فى النِّكاحِ فيه نظَرٌ، فإنَّ النِّكاحَ لا يصِحُّ بدُونِ إذْنِ سيِّدِه، وفى ثُبوتِه للعَبْدِ على السَّيِّدِ ضرَرٌ، فلا يُقْبَلُ إلَّا بتَصْدِيقِه. قوله: وإنْ أقرَّ لبَهِيمةٍ، لم يَصِحَّ. هذا المذهبُ مطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»، و «الكافِى»، و «شرحِ ابنِ مُنجَّى»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يصحُّ، كقوْلِه (¬1): بسَبَبِها، ويكونُ لمالِكِها، فيُعْتَبَرُ تصْديقُه. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، عن هذا القوْلِ: هذا الذى ذكَرَه القاضى فى ضِمنِ مسْألَةِ الحملِ. وقال الأزَجِىُّ: يصِح مع ذِكْرِ السَّبَبِ؛ لاخْتِلافِ الأسْبابِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: علىَّ كذا بسَبَبِ البَهِيمَةِ. صحَّ. جزَم به فى «الرِّعَايَةِ». وقدَّمه فى «الفُروِع». وقال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: لو قال: علىَّ كذا (¬2) بسَبَبِ هذه البَهِيمَةِ. لم يكُنْ إقْرارًا؛ لأنَّه لم يذْكُر لمَنْ هى، ومِن شَرْطِ صِحَّةِ الإِقْرارِ، ذِكْرُ المُقَر له. وإنْ قال: لمالكِها. أو: لزَيْدٍ علىَّ بسَبَبِها ألْفٌ. صحَّ الإِقْرارُ، فإنْ قال: بسَبَبِ حَملِ هذه البَهِيمَةِ. لم يصِحَّ؛ إذْ لا يُمكِنُ إيجابُ شئٍ بسبَبِ الحَمْلِ. الثَّانيةُ، لو أقَرَّ لمسْجِدٍ، أو مَقْبَرَةٍ، أو طريقٍ، ونحوِه، وذكَر سبَبًا صحيحًا، كغَلَّةِ وَقْفِه، صحَّ، وإنْ أطْلَقَ، فوَجْهان. وأَطْلَقَهما فى [«المُغْنى» و «الشَّرْحِ»، و] (¬3) «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى». قلتُ: الصَوابُ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «كقوهم». (¬2) زيادة من: أ. (¬3) سقط من: الأصل.

وإنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ، فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُها وَعَنْهُ، يُقْبَلُ فِى نَفْسِها، وَلَا يُقْبَلُ فِى فَسْخِ النِّكَاحِ، وَرِقِّ الأَوْلَادِ. وَإِنْ أَوْلَدَها بَعدَ الإقْرَارِ وَلَدًا، كَانَ رَقِيقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصِّحَّةُ، ويكونُ لمَصالِحِها. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال التَّمِيمِىُّ: لا يصِحُّ. [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬1). قوله: وإنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ، فأقَرَّتْ بالرِّقِّ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرارُها. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه أيضًا فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». ذكَرُوه فى آخرِ بابِ اللَّقِيطِ. وعنه، يُقْبَلُ فى نَفْسِها، ولا يُقْبَلُ فى فَسْخِ النِّكاحِ، ورِقِّ الأوْلادِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى» هنا، و «النَّظْمِ». وعنه، يُقْبَلُ مُطْلَقًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِذَا أقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ، ثُمَّ مَاتَ، وَلَم يَتَبَيَّنْ هَلْ أَتَتْ بِهِ فِى مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَهلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؟ عَلَى وَجْهيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قوله: وإنْ أوْلَدَها بعدَ الإِقْرارِ وَلَدًا، كانَ رَقِيقا. مُرادُه، إذا تَكُنْ حامِلًا وَقْتَ الإِقْرارِ، فإنْ كانتْ حامِلًا وَقْتَ الإِقْرارِ، فهو حُرٌّ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، وغيرِهما. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. ووَجْهٌ فى «النَّظْمِ»، أنّه يكونُ حُرًّا بكُلِّ حالٍ. قوله: وإنْ أقَرَّ بوَلَدِ أمَتِه أنَّهُ ابنُه، ثم ماتَ، ولم يَتَبَيَّنْ هل أتتْ به فى مِلْكِه أو غيرِه، فهل تَصِيرُ أُمَّ وَلدٍ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرحِ ابنِ مُنَجَّى». وأَطْلَقَهما فى أحكامِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ فى «المُحَرَّر»، [و «النَّظْمِ»] (¬1)، و «الفائقِ»، و «الفُروعِ». وهما احتمالان مُطْلَقان فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ أحدُهما، لا تصِيرُ أُمَّ وَلدٍ. صحَّحه فى «التَّصحيحِ»، [والنَّاظِمُ هنا] (¬2). وجزَم به فى «الوَجِيزِ». فعلى ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «والنظم والناظم».

فصل

فَصْلٌ: وَإذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِنَسَبِ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ، أَنَّهُ ابْنُه، ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا، يكونُ عليه الوَلاءُ، وفيه نظَرٌ. قالَه فى «المُنْتَخَبِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، تصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى بابِ أحْكامِ أُمَّهاتِ الأوْلادِ. وصحَّحه أيضًا فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى» هناك فى آخِرِ البابِ. وصحَّحه فى «إدراكِ الغايةِ». وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى آخِرِ بابِ أحكامِ أمَّهاتِ الأوْلادِ، بعدَ قولِه: وإنْ أصابَها فى مِلْكِ غيرِه. قوله: وإذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بنَسَبِ صَغِيرٍ، أو مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ، أنَّه ابنُه،

وإنْ كَانَ مَيِّتًا، وَرِثَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَبَتَ نَسَبُه منه، وإنْ كَانَ مَيِّتًا، وَرِثَه. يعْنِى، المَيِّتَ الصَّغِيرَ والمَجْنونَ. وهذا

وإنْ كَانَ كَبِيرًا عَاقِلًا، لَمْ يَثْبُتْ حَتَّى يُصَدِّقَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «الحاوِى»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الوَجِيزِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهبِ»، و «الخُلاصةِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقيل: لا يَرِثُه إنْ كانَ مَيِّتًا؛ للتُّهْمَةِ، بل يَثْبُتُ نَسَبُه (¬1) مِن غيرِ إرثٍ. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. فائدة: لو كَبِرَ الصَّغِيرُ، وعَقَلَ المَجْنونُ، وأنْكَرَ، لم يُسْمَع إنْكارُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يبطُلُ نَسَبُ المُكَلَّفِ باتِّفاقِهما على الرُّجوعِ عنه. قوله: وإنْ كانَ كَبِيرًا عاقِلًا، لم يَثْبُتْ -نَسَبُه- حتى يُصَدِّقَه، وإنْ كانَ مَيِّتًا، ¬

(¬1) فى الأصل: «بنسبه».

وإنْ كَانَ مَيِّتًا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَب»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الحاوِى»؛ أحدُهما، يَثْبُتُ نسَبُه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وهو ظاهرُ ما صحَّحه النَّاظِمُ. وجزَم به فى «الوَجِيز».

وَمَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعدَ مَوْتِ المُقِرِّ فَادَّعَتِ الزَّوْجِيَّةَ، لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يَثْبُتُ نسَبُه. فائدتان؛ إحداهما، لو أقَرَّ بأبٍ، فهو كإقْرارِه بوَلَدٍ. وقال فى «الوَسِيلَةِ»: إنْ قال عن بالغٍ: هو ابْنِى. أو: أبِى. فسَكَتَ المُدَّعَى عليه، ثَبَتَ نسَبُه فى ظاهرِ قوْلِه. الثَّانيةُ، لا يُعْتَبَرُ فى تَصْديقِ أحَدِهما بالآخَرِ تَكْرارُ التَّصْديقِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ونصَّ عليه. وعليه أكثرُ الأصحابِ. فيَشْهدُ الشَّاهِدُ بنَسَبِهما بمُجَرَّدِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التَّصْديقِ. وقيل: يُعْتَبَرُ التَّكْرارُ، فلا يشْهَدُ إلَّا بعدَ تَكْرارِه.

وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ، فِى حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، وَهُوَ الْوَارثُ وَحْدَهُ، صَحَّ إقْرَارُهُ، وَثَبَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أَقَرَّ بنَسَبِ أَخٍ أو عَمٍ، فى حياةِ أبِيهِ أو جَدِّه، لم يُقْبَلْ، وإنْ كانَ بعدَ

النَّسَبُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ، وَلِلْمُقَرِّ لَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ فِى يَدِ المُقِرِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــ موْتِهما، وهو الوارِثُ وَحْدَه، صَحَّ إقرارُه، وثَبَتَ النَّسَبُ، وإنْ كانَ معه غيرُه، لم يَثْبُتِ النَّسَبُ، وللمُقَرِّ له مِنَ المِيراثِ ما فَضَلَ فى يَدِ المُقِرِّ. وهذا صحيحٌ. وقد تقام تحريرُ ذلك، وما يَثْبُتُ به (¬1) النَّسَبُ، فى بابِ الإِقْرارِ بمُشارِكٍ فى المِيراثِ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

وَإِنْ أقَر مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِنَسَبِ وَارِثٍ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ وشُروطُه بما فيه كِفايةٌ، فَلْيُراجَعْ (¬1). فائدة: لو خَلَّفَ ابْنيْنِ عاقِلَيْن، فأقَرَّ أحدُهما بأخٍ صغيرٍ، ثم ماتَ المُنْكِرُ، والمُقِرُّ وحدَه وارِثٌ، ثَبَتَ نسَبُ المُقَرِّ به منهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يَثْبُتُ، لكِنْ يُعْطِيه الفاضِلَ فى يَدِه عن إرْثِه. فلو ماتَ المُقِرُّ بعدَ ذلك عن بَنِى عَمٍّ، وكانَ المُقَرُّ به أخًا (¬2)، وَرِثَه دُونَهم على الأَوَّلِ. وعلى الثَّانى، يرِثُونَه دُونَ المُقَرِّ به. قوله: وإنْ أَقَرَّ مَن عليه وَلاءٌ بنَسَبِ وارِثٍ، لم يُقْبَلْ إقْرارُه إلَّا أَنْ يُصَدِّقَه مَوْلاهُ. ¬

(¬1) تقدم فى 18/ 335. (¬2) سقط من: الأصل.

مَوْلَاهُ. وإنْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا، فَهَلْ يُقْبَلُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وقطَع به أكثرُهم. وخرَّج فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه، يُقْبَلُ إقْرارُه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. قلتُ: وهو قَوِىٌّ جِدًّا. تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنْ أقَرَّ مَنْ عليه وَلاءٌ. أنه لو أقَرَّ مَنْ لا وَلاءَ عليه -وهو مَجْهولُ النَّسَبِ- بنَسَبِ وارِثٍ، أنه يُقْبَلُ. وهو صحيحٌ إذا صدَّقه وأمْكَنَ ذلك، حتى أخٍ أو عَمٍّ. قوله: وإنْ أَقَرَّتِ المَرْأَةُ بنِكاحٍ على نَفْسِها، فهل يُقْبَلُ؟ على رِوايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ إحْداهما، يُقْبَلُ؛ لزَوالِ التُّهْمَةِ بإضافَةِ الإِقْرارِ إلى شَرائطِه. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». واخْتارَه المُصَنِّفُ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ». والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. قال فى

وَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِىُّ عَلَيْهَا بِهِ، قُبِلَ إِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَإلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الانْتِصارِ»: لا يُنْكَرُ عليهما ببَلَدِ غُرْبَة للضَّرُورَةِ، وأنَّه يصِحُّ مِن مُكاَتبِه، ولا يَملِكُ عقْدَه. انتهى. وعنه، يُقْبَلُ إنِ ادَّعَى زوْجِيَّتَها واحدٌ، لا، اثْنان. اخْتارَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وجزَم به فى «المُغْنِى» فى مَكانٍ آخَرَ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «الفُروعِ». وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: يصِحُّ إقرارُ بِكْرٍ به وإنْ أجْبَرَها الأبُ؛ لأنَّه لا يمْتَنِعُ صِحَّةُ الإِقْرارِ بما لا إذن له فيه، كصَبِىٍّ أقَرَّ بعدَ بُلوغِه أنَّ أباه أجَرَه فى صِغَرِه. فائدة: لو ادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ اثْنان، وأَقَرَّتْ لهما، وأَقامَا بَيِّنَتَيْنِ، قُدِّمَ أسْبَقُهما، فإنْ جُهِلَ، عُمِلَ بقوْلِ الوَلِىِّ. ذكَرَه فى «المُبْهِجِ»، و «المُنْتَخَبِ». ونقَلَه المَيْمُونِىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وقال فى «الرِّعَايَةِ»: يُعْمَلُ بقَوْلِ الوَلِىِّ المُجْبِرِ. انتهى. وإنْ جَهِلَه، فُسِخَا. نقَلَه المَيْمُونىُّ. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): يسْقُطان، ويُحالُ بينَهما وبينَها -ولم يذْكُرِ الوَلِىَّ- انتهى. ولا يحْصُلُ التَّرْجِيحُ باليَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين، رَحِمَه اللَّهُ: مُقْتَضَى كلامِ القاضى، أنَّها إذا كانتْ بيَدِ أحَدِهما، مسْألَةُ الدَّاخِلِ والخارِج. وسَبَقَت فى «عُيونِ المَسائلِ» فى العَيْنِ بيَدِ ثالِثٍ. قوله: وإنْ أَقَرَّ الوَلِىُّ عليها به، قُبِلَ إن كانَتْ مُجْبَرَةً، وإلَّا فلا. يَعْنِى، وإنْ لم ¬

(¬1) المغنى 14/ 302.

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ فُلانَةَ امْرَأَتُهُ، أو أقَرَّتْ أَنَّ فُلانًا زَوْجُهَا، فَلَمْ يُصَدِّقِ المُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ، صَحَّ وَوَرِثَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تَكُنْ مُجْبَرَةً، لم يُقْبَلْ قولُ الوَلِىِّ عليها به. فشَمِلَ مسْألتَيْن فى غيرِ المُجْبَرَةِ؛ إحْداهما، أَنْ تكونَ مُنْكِرَةً للإذن فى النِّكاحِ، فلا يُقْبَلُ قولُه عليها به. قوْلًا واحدًا. والثَّانيةُ، أَنْ تكونَ مُقِرَّةً له بالإذْنِ فيه. فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّ إقْرارَ وَلِيِّها عليها به صحيحٌ مَقْبولٌ. نصَّ عليه. وقيل: لا يُقْبَلُ. قوله: وإنْ أقَرَّ أَنَّ فُلانَةَ امْرَأَتُه، أو أقَرَّتْ أَنَّ فُلانًا زَوْجُها، فلم يُصَدِّقِ المُقَرُّ له المُقِرَّ إلا بعدَ مَوْتِ المُقِرِّ، صَحَّ ووَرِثَه. قال القاضى وغيرُه: إذا أقَرَّ أحدُهما بزَوْجِيَّةِ الآخَرِ، فجَحَدَه، ثم صدَّقَه، تحِلُّ له بنكاحٍ جديدٍ. انتهى. وشَمِلَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: فلم يُصَدِّقِ المُقَرُّ له المُقِرَّ (¬1) إلَّا بعَدَ مَوْتِ المُقِرِّ. مسْأَلَتَيْن؛ إحْداهما، أنْ يسكُتَ المُقَرُّ [له إلى أَنْ يَموتَ المُقِرُّ] (¬2)، ثم يُصَدِّقَه، فهنا يصِحُّ تصْدِيقُه، ويَرِثُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وفيها تخْريجٌ بعَدَمِ الإرْثِ. الثَّانيةُ، أَنْ يُكَذِّبَه المُقَرُّ له فى حَياةِ المُقِرِّ، ثم يُصَدِّقه بعدَ مَوْتِه، فهنا لا يصِحُّ تصْدِيقُه، ولا يرثُه، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». قال النَّاظِمُ: وهو أقْوَى. والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ تصْدِيقُه، ويرِثُه. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا. قال فى «الرَّوْضَةِ»: الصِّحَّةُ قولُ أصحابِنا. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أبو الخَطَّابِ، والشَّرِيفُ فى «رُءوسِ المَسائلِ». وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». فائدتان؛ إحْداهما، فى صِحةِ إقْرارِ مُزَوَّجَةٍ بوَلَدٍ رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»؛ إحْداهما، يَلْحَقُها. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» فى بابِ ما يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ. قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: وإنْ أقَرَّتْ مُزَوَّجَة بوَلَدٍ، لَحِقَها دُونَ زَوْجِها وأَهْلِها، كغيرِ المُزَوَّجَةِ. وعنه، لا يصِحُّ إقْرارُها. وقدم ما قدمه فى «الكُبْرى» فى «الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» هنا، [وقدَّمه النَّاظِمُ] (2). الثَّانيةُ، لو ادَّعَى نِكاحَ صغيرةٍ بيَدِه، فُرِّقَ بينَهما، وفَسَخَه حاكِمٌ، فلو ¬

(¬1) سقط من: الأصل، أ. (¬2) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ بِدَيْن، لَزمَهُمْ قَضَاؤُهُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ، لَزِمَهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَىْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدَّقَتْه بعدَ بُلوغِها، قبِلَ. قال فى «الرِّعايَةِ»: قُبِلَ على الأظْهَرِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ أنَّ مَنِ ادَّعَتْ أن فُلانًا زَوْجُها، فأَنْكَرَ، فَطَلَبَتِ الفُرْقةَ، يُحْكَمُ عليه، وسُئِل عنها المُصَنِّفُ فلم يُجِبْ فيها بشئٍ. قوله: وإنْ أقرَّ الوَرَثَةُ على مَوْروثِهم بدَيْنٍ، لَزِمَهم قَضاؤُه مِن التَّرِكَةِ. بلا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نِزاعٍ، إنْ كان ثَمَّ تَرِكَةٌ. وقوله: وإنْ أَقَرَّ بعضُهم، لَزِمَه منه بقَدْرِ مِيراثِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. ومُرادُه، إذا أَقَرَّ مِن غيرِ شَهادَةٍ، فأمَّا إذا شَهِدَ منهم عَدْلانِ، أو عدْلٌ ويمينٌ، فإنَّ الحقَّ يثْبُتُ. قال فى «الفُروعِ»: وفى «التَّبْصِرَةِ»: إنْ أقَرَّ منهم عَدْلانِ، أو عَدْلٌ ويمينٌ، ثَبَتَ. ومُرادُه، وشَهِدَ العَدْلُ. وهو معْنَى ما فى «الرَّوْضَةِ». وقال فى «الرَّوْضَةِ» أيضًا: إنْ خلَّفَ وارِثًا واحدًا لا يرِثُ كلَّ المالِ؛ كبِنْتٍ، أو أُخْتٍ، فأقَرَّ بما يسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ، أخَذَ ربُّ الدَّيْنِ كلَّ ما فى يَدِها. وقال فى «الفُروعِ» فى بابِ الإِقْرارِ بمُشارِكٍ فى المِيراثِ: وعنه، إنْ أقَرَّ اثْنان مِن الوَرَثَةِ على أبِيهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بدَيْنٍ، ثَبَتَ فى حقِّ غيرِهم؛ إعطْاءً له حُكْمَ الشَّهادَةِ، وفى اعْتِبارِ عَدَالَتِهما الرِّوايَتان. وتقدَّم هذا هناك بزِيادَةٍ. فائدة: يُقدَّمُ ما ثَبَتَ بإقْرارِ المَيِّتِ على ما ثَبَتَ بإقْرارِ الوَرَثَةِ، إذا حَصَلَتْ مُزاحَمَةٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: يُقَدَّمُ ما ثَبَتَ بإِقْرارِ وَرَثَةِ المَيِّتِ على ما ثَبَتَ بإقْرارِ المَيِّتِ. قال فى «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ، وذكَرَه الأزَجِىُّ وَجْهًا، ويُقَدَّمُ ما ثَبَتَ ببَيِّنَةٍ عليهما. نصَّ عليه.

فصل

فَصْلٌ: وإذَا أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرأةٍ، صَحَّ، فَإنْ أَلقَتْهُ مَيِّتًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ، بَطَلَ، وَإِنْ وَلَدَت حَيًّا ومَيِّتًا، فَهُوَ لِلْحَىِّ. وَإن وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، الذَّكَرُ وَالأُنْثَى. ذَكَرَهُ ابنُ حَامِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقرَّ لحَمْلِ امْرَأَةٍ، صَحَّ. هذا الصَّحيحُ مِن المذهبِ مُطْلَقًا. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ أقَرَّ لحَملِ امْرَأةٍ بمالٍ، صحَّ فى الأصحِّ. قال فى «النُّكَتِ»: هذا هو المَشْهورُ. نَصَرَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، والشَّريفُ، وغيرُهم. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»،

وَقَالَ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِىُّ: لَا يَصِحُّ الإِقرَارُ إلَّا أن يَعْزِيَهُ إلَى سَبَبٍ، مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقيل: لا يصِحُّ مُطْلَقًا. ذكَرَه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «النُّكَتِ»: ولا أحْسَبُ هذا قوْلًا فى المذهبِ. وقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ: لا يصِحُّ الإِقرارُ إلَّا أَنْ يَعْزِيَه إلى سبَبٍ، مِن إرْثٍ أو وَصِيَّةٍ، فيَكُونُ بينَهما على حسَبِ ذلك. وقال ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه»: يصِحُّ بمالٍ لحَمْلٍ يَعْزُوه. ثم ذكَر خِلافًا فى اعْتِبارِه مِنَ الموْتِ، أو مِن حِينِه. وقال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ القاضى: إنْ أَطْلَقَ، كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ، فيَصِحُّ ما يصِحُّ، ويَبْطُلُ ما يبْطُلُ، ولو ماتَ قبلَ أَنْ يُفَسرَ، بَطَلَ. قال الأزجِىُّ: كمَنْ أقَرَّ لرَجُل فرَدَّه، وماتَ المُقِرُّ. وقال المُصَنِّفُ: كمَنْ أقَرَّ لرَجُلٍ لا يَعْرِفُ مَنْ أرادَ بإقْرارِه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. قال: ويتَوَجَّهُ أنَّه هل يأخُذُه حاكِمٌ، كمالٍ ضائعٍ؟ فيه الخِلافُ. فائدتان؛ إحْداهما، قال فى «القاعِدَةِ الرَّابِعَةِ والثَّمانِينَ»: واخْتُلِفَ فى مأْخَذِ البُطْلانِ، فقيل: لأَنَّ الحَمْلَ لا يَمْلِكُ إلا بالإرْثِ والوَصِيةِ، فلو صحَّ الإِقْرارُ له، تَمَلَّكَ بغيرِهما. وهو فاسِدٌ؛ فإنَّ الإِقْرارَ كاشِفٌ للمِلْكِ ومُبَينٌ له، لا مُوجِبٌ له.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: لأنَّ ظاهِرَ الإِطْلاقِ ينْصَرِفُ إلى المُعامَلَةِ (¬1) ونحوِها، وهى مُسْتَحِيلَةٌ مع الحَمْلِ. وهو ضعيفٌ؛ لأنَّه (¬2) إذا صحَّ له المِلْكُ تَوَجَّهَ (¬3) حَمْلُ الإِقْرارِ مع الإِطْلاق عليه. وقيل: لأَنَّ الإِقْرارَ للحَمل تَعْلِيق له على شَرْطٍ فى الوِلادَةِ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ بدُونِ خُروجِه حيًّا، والإقْرارُ لا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. وهذه طرِيقَةُ ابنِ عَقِيلٍ، وهى أظْهَرُ. وترْجِعُ المَسْأَلةُ حِينَئذٍ إلى ثُبوتِ المِلْك له وانْتِفائِه (¬4). انتهى. الثَّانيةُ، لو قال: للحَمْلِ علَىَّ أَلْفٌ جَعَلْتُها له. أو نحوُه، فهو وَعْدٌ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يَلْزَمُه، كقوْلِه: له علَى ألْف أقْرَضَنِيه. عندَ غيرِ التَّمِيمِىِّ، وجزَم الأَزَجِىُّ: لا يصِحُّ، كأقْرَضَنِى ألْفًا. قوله: وإنْ وَلَدَتْ حَيًّا ومَيِّتًا، فهو للْحَىِّ. بلا نِزاعٍ، حيثُ قلْنا: يصِحُّ. قوله: وإنْ ولَدَتْهما حَيَّيْن، فهو بينَهما سواءٌ، الذَّكَرُ والأُنْثَى. ذكَرَه ابنُ حامِدٍ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يكونُ بينَهما أثْلَاثًا. وتقدَّم كلامُ التَّمِيمِىِّ. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم يعْزِه إلى ما يقْتَضِى التَّفاضُلَ، فأمَّا إنْ عزَاه إلى ¬

(¬1) فى النسخ: «العالم»، والمثبت من القواعد الفقهية 194. (¬2) فى ط، أ: «فإنه». (¬3) فى الأصل: «يتوجه». (¬4) فى النسخ: «انتقاله»، والمثبت من القواعد الفقهية 194.

وَمَنْ أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، بَطَلَ إقْرَارُهُ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الآخَرِ، يُؤْخَذُ الْمَالُ إلى بَيْتِ الْمَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يَقْتَضِى التَّفاضُلَ؛ كإِرْثٍ، ووَصِيَّةٍ، عُمِلَ به، قوْلًا واحدًا. وتقدَّم كلامُ القاضى. قوله: ومَن أَقَرَّ لكَبيرٍ عاقِلٍ بمالٍ، فلم يُصدِّقْه، بَطَلَ إقْرارُه فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ»: هذا المذهبُ. قال فى «النَّظْمِ»:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا المَشْهورُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُصولِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وفى الآخَرِ، يُؤْخَذُ المَالُ إلَى بَيْتِ المالِ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». فعلى المذهبِ، يُقَرُّ بيَدِه. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، أيُّهما غير قوْلَه، لم يُقبَلْ. وعلى المذهبِ، إنْ عادَ المُقِر فادَّعَاه لنَفْسِه، أو لثالِثٍ، قبِلَ منه، ولم يُقْبَلْ بعدَها عَوْدُ المُقَر له أوَّلًا إلى دَعْواه. ولو كان عَوْده إلى دَعْواه قبلَ ذلك، ففيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْم»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ». وجزَم فى «المُنَوِّرِ» بعَدَمَ القَبُولِ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الوَجِيزِ». ولو كانَ المُقَرُّ به عَبْدًا، أو نَفْسَ (¬1) المُقِرِّ، بأنْ أقَرَّ برِقِّه للغيرِ، فهو كغيرِه مِنَ الأَمْوالِ، على الأَوَّلِ. وعلى الثَّانى، يُحْكَمُ بحُرِّيتِهما. ذكَرَ ذلك فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهم. ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «دون».

باب ما يحصل به الإقرار

بَابُ مَا يَحْصُلُ بهِ الْإِقْرَارُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا، فَقَالَ: نَعَمْ. أَوْ: أَجَلْ. أَوْ: صَدَقْتَ. أَوْ: أنَا مُقِرٌّ بِهَا. أَوْ: بِدَعْوَاكَ. كَانَ مُقِرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ ما يَحْصُلُ به الإِقْرارُ تنبيه: تقدَّم فى صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه، هل يصِحُّ الإِقْرارُ بالخَطِّ؟ وتقدَّم أيضًا فى أوَّلِ كتابِ الإِقْرارِ. قوله: وإنِ ادَّعَى عليه ألْفًا، فقال: نعم. أو: أجلْ. أو: صدَقْتَ. أو: أنا

وإنْ قَالَ: أَنَا أُقِرُّ. أَوْ: لَا أُنْكِرُ. أَوْ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا. أَوْ: عَسَى. أَوْ: لَعَلَّ. أَوْ: أظُنُّ. أَوْ: أَحْسَبُ. أَوْ: أُقَدِّرُ. أَوْ: خُذْ. أو: اتَّزِنْ. أَوْ: أحْرِزْ. أو: افْتَحْ كُمَّكَ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ مُقِرُّ بها. أو: بدَعْواك. كانَ مُقِرًّا -بلا نزاعٍ- وإنْ قال: أنا أُقِرُّ. أو: لا أُنْكِرُ. لم يكُنْ مُقِرًّا. وهو المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لم يكُنْ مُقِرًا فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: يكونُ مُقِرًّا. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، فى قوْلِه: إنِّى أُقِرُّ. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال الأزَجِىُّ: إنْ قال: أنا أقِرُّ بدَعْواكَ. لا يُؤَثِّرُ، ويكونُ مُقِرًّا [فى قَوْلِه] (¬1): لا أُنْكِرُ. قوله: وإنْ قال: يَجُوزُ أَنْ تَكونَ مُحِقًّا. أو: عَسَى. أو: لعَلَّ. أو: أَظُنُّ. ¬

(¬1) فى الأصل: «بقوله».

وإنْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ. أَوْ: خُذْهَا. أَو: اتَّزِنْهَا. أَو: اقْبِضْهَا. أَوْ: أحْرِزْهَا. أَوْ: هِىَ صِحَاحٌ. فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو: أَحْسَبُ. أو: أُقَدِّرُ. أو: خُذْ. أو: اتَّزِنْ. أو: أحْرِزْ. أو: افْتَحْ كُمَّكَ. لم يَكنْ مُقِرًّا. بلا نِزاعٍ. قوله: وإنْ قال: أنا مُقِرٌّ. أو: خُذْها. أو: اتَّزِنْها. أو: اقْبِضْها. أو: أحْرِزْها. أو: هى صِحاحٌ. فهل يَكُونُ مُقِرًّا؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الحاوِى». وأَطْلَقهما فى [«المُسْتَوْعِبِ» فى ذلك، إلا فى قوْلِه: أنا مُقِرٌّ. وأَطْلَقَهما فى] (¬1) «التَّلْخِيصِ» فى قوْلِه: خُذْها. أو: اتزِنها. [وأَطْلَقهما فى «الخُلاصةِ» فى قوْلِه: أنا مُقِرٌّ] (3)؛ أحدُهما، يكونُ مُقِرًّا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «تَصْحيحِ المُحْرَّرِ». وجزَم به فى «الوجِيزِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ» فى قوْلِه: إنِّى مُقِرٌّ. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذكِرَتِه». واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يكونُ مُقِرًا. جزَم به فى «المُنَوِّرِ». وجزَم به النَّاظِمُ فى غيرِ قوْلِه: إنى مُقِرٌّ. وقدَّمه فى «الكافِى» فى قوْلِه: خُذْها. أو: اتزِنْها. أو: هى صِحاحٌ. قال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْهَرُ الوَجْهَيْن فى قوْلِه: أنا مُقِرٌّ. أنَّه لا يكونُ إقْرارًا. [وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»] (¬1) فوائد؛ الأولى، قال ابنُ الزَّاغونِىِّ: قوله: كأَنِّى جاحِدٌ لك. أو: كأَنِّى جحَدْتُكَ حقَّكَ. أقوَى فى الإِقْرارِ مِن قوْلِه: خُذْه. الثَّانيةُ، لو قال: أليس لى عليْكَ أَلْفٌ؟ فقال: بلَى. فهو إقْرارٌ، ولا يكونُ مُقِرًّا بقوْلِه: نعم. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أَنْ يكونَ مُقِرًّا مِن عامِّىٍّ، كقَوْلِه: عَشرَةٌ غيرُ دِرْهَم. يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. قلتُ: هذا التَّوْجيهُ عيْنُ الصَّوابِ الذى لا شكَّ فيه، وله نظائِرُ كثيرةٌ، ولا يعْرِفُ ذلك إلَّا الحُذَّاقُ مِن أَهْلِ العَربِيَّةِ، فكيف يُحْكَمُ بأنَّ العامِّىَّ يكونُ كذلك؟ هذا مِن أبعَدِ ما يكونُ. وتقدَّم فى بابِ صَريحِ الطَّلاق وكِنايته ما يُؤَيِّدُ ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فى غيرِ العامِّىِّ احْتِمالٌ. وما هو ببعيدٍ. وفى «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، إذا قال: لى عليْكَ كذا. فقال: نعم. أو: بلَى. فَمُقِرٌّ. وفى «عُيونِ المَسائلِ»، لَفْظُ الإِقْرارِ يخْتَلِفُ باخْتِلافِ الدَّعْوى، فإذا قال: لى عليْكَ كذا؛ فجَوابُه: نعم. وكان إقْرارًا، وإنْ قال: أليسَ لى (¬2) عليْكَ كذا؟. كان الإِقْرارُ بـ «بلى». وتقدَّم نظيرُ (3) ذلك، فى أوائلِ (¬3) بابِ صَرِيحِ الطَّلاق وكِنايَتِه. الثَّالثةُ، لو قال: أعْطِنى ثَوْبِى هذا. أو: اشْتَرِ ثوْبِى هذا. أو: أعْطِى أَلْفًا مِنَ الذى لى عليكَ. أو قال: لى عليكَ أَلْفٌ؟ أو: هل لى عليكَ ألْفٌ؟ فقال فى ذلك ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل، ط. (¬3) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. أو: فِى عِلْمِى. أَوْ: فِيمَا أَعْلَمُ. أَوْ قَالَ: اقْضِنِى دَيْنِى عَلَيْكَ ألفًا. أَوْ: أَسْلِمْ إِلَىَّ ثَوْبِى هَذَا. أَوْ: فَرَسِى هَذِهِ. فقال: نَعَمْ. فَقَدْ أَقَرَّ بِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلِّه: نعم. أو: أمْهِلْنِى يَوْمًا. أو: حتى أفْتَحَ الصُّنْدوقَ. أو قال: له علىَّ ألْفٌ إلَّا أَنْ يَشاءَ زَيْدٌ. أو: إلَّا أَنْ أقُومَ. أو: فى عِلْمِ اللَّه. فقد أقَرَّ به فى ذلك كلِّه. وإنْ قال: له علَىَّ أَلْفٌ فيما أظُنُّ. لم يكُنْ مُقِرًّا. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ إنْ شاءَ اللَّهُ. فقد أقَرَّ بها. ونصَّ عليه. وكذا إنْ قال: له علىَّ أَلْفٌ لا يَلْزَمُنِى إلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّه. وهو المذهبُ فيهما. وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فى قوْلِه: إلَّا أَنْ يشاءَ اللَّه. وفيهما احْتِمالٌ، لا يكونُ مُقِرًّا بذلك. فائدة: لو قال: بِعْتُكَ. أو: زَوَّجْتُكَ. أو: قَبِلْتُ إنْ شاءَ اللَّهُ. صحَّ، كالإِقْرارِ. قال فى «عُيونِ المَسائلِ»: كما لو قال: أنا صائِمٌ غدًا إنْ شاءَ اللَّه. تصِحُّ نِيَّتُه وصَوْمُه، ويكونُ ذلك تأْكِيدًا. وقال القاضى: يَحْتَمِلُ أَنْ لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تصِحَّ العُقودُ؛ لأَنَّ له الرُّجوعَ بعدَ إيجابِها قبلَ القَبُولِ، بخِلافِ الإِقْرارِ. وقال فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُجَرَّدِ»: فى بِعْتُكَ. أو: زوَّجْتُكَ إنْ شاءَ اللَّهُ. أو: بعْتُكَ إنْ شِئْتَ. فقال: قَبِلْتُ إنْ شاءَ اللَّه. صحَّ. انتهى.

وإنْ قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَإِنْ قَالَ: لَه عَلَىَّ أَلْفٌ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: إنْ قَدِمَ فُلانٌ فله فى أَلْفٌ. لم يَكُنْ مُقِرًّا. يعْنِى، إذا قدَّم الشَّرْطَ. وكذا فى نَظائرِه. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: يصِحُّ فى قوْلِه: إنْ جاءَ وَقْتُ كذا، فعلىَّ لفُلانٍ كذا. وسيَحْكِى المُصَنِّفُ الخِلافَ (¬1) فى نَظِيرَتِها. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ إنْ قَدِمَ فُلانٌ. فعلى وَجْهَيْن. يَعْنِى، إذا أَخَّرَ الشَّرْطَ. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. كَانَ إقْرَارًا. وإنْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يكونُ مُقِرًّا. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، ونَصَرَه. والوَجْهُ الثَّانى، يكُونُ (¬1) مُقِرًّا. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجِيزِ». واخْتارَه القاضى. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو قال: له علَىَّ ألفٌ إن جاءَ المَطَرُ، أو شاءَ فُلانٌ. خِلافًا ومذهبًا. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ إذا جاءَ رَأسُ الشَّهْرِ. كانَ إقْرارًا. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. فال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: هو إقْرارٌ. قال فى «المُحَرَّرِ»: فهو إقْرار، وَجْهًا واحدًا. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وفيها تخْريجٌ من المَسْأَلَةِ الآتِيَةِ بعدَها. وأَطْلقَ فى ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «لا يكون».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَى أَلْفٌ إنْ شَهِدَ بِهِ فُلان. أَوْ: إنْ شَهِدَ به فُلَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّرْغيبِ» فيها وَجْهَيْن. وذكَرَ الشَّارِحُ احْتِمالًا بعدَمِ الفَرْقِ بينَهما؛ فيكونُ فيهما وَجْهان. فائدة: لو فسَّرَه بأَجَلٍ أو وَصِيَّة، قُبِلَ منه. قوله: وإنْ قالَ: إذا جاءَ رَأسُ الشَّهْرِ فله علىَّ أَلْفٌ. فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، لا يكونُ مُقِرًّا. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: قال أصحابُنا: ليس بإقْرارٍ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الهادِى»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يكونُ إقْرارًا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قوله: وإنْ قال: له علىَّ أَلْفٌ إنْ شَهِدَ به فُلانٌ. لم يَكُنْ مُقِرًّا. وهو المذهبُ.

صَدَّقْتُهُ. لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا. وَإِنْ قَالَ: إِنْ شَهِد بِهِ فُلَان فَهُوَ صَادِقٌ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــ جزَم به فى [«الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و] (1) «الشَّرْحِ»، و «شَرْح ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، ونَصَرَه. وقيل: يكونُ مُقِرًّا اخْتارَه القاضى. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى». قوله: وإنْ قالَ: إنْ شَهِدَ فُلانٌ فهو صادِقٌ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وكذا قال فى «الهِدايَةِ». وأَطْلَقَهما فى [«المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و] (1) «البُلْغَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»؛ أحدُهما، يكونُ مُقِرًّا فى الحالِ، وإن لم يشْهَدْ بها عليه؛ لأنَّه لا يُتَصَورُ صِدْقُه إلا مع ثبوتِه، فيَصِحُّ إذَنْ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ». [وقدَّمه فى] (¬1) ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وإنْ أَقَرَّ الْعَرَبِىُّ بِالأَعْجَمِيَّةِ، أوِ الْعَجَمِىُّ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: لَمْ أَدْرِ مَعْنَى مَا قُلْتُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «الخُلاصةِ» (¬1). والوَجْهُ الثَّانى، لا يكونُ مُقِرًّا. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ». ¬

(¬1) سقط من الأصل.

باب الحكم فيما إذا وصل بإقراره ما يغيره

بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغيِّرُهُ إذَا وَصَلَ بِهِ مَا يُسْقِطُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِى. أَوْ: قَدْ قَبَضَهُ. أو: استوْفاهُ. أَوْ: أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ. أَوْ: تَكَفَّلْتُ بِهِ عَلَى أنِّى بِالْخِيَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الحُكْمِ (¬1) فيما إذا وَصَلَ بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه قوله: إذا وَصَلَ به ما يُسْقِطُه، مِثْلَ أن يَقُولَ: له علىَّ أَلْفٌ لا تَلْزَمُنى. أو: قد قَبَضَه. أو: اسْتَوْفاه. أو: أَلْفٌ مِنْ ثَمنِ خَمْرٍ. أو: تَكَفَّلْتُ به على أنِّى بالْخِيارِ. أو: أَلْفٌ إلا ألْفًا. أو: إلَّا سِتمِائَةٍ. لَزِمَه الألْفُ. ذكَرَ المُصَنِّفُ مَسائلَ. منها، قولُه: له علىَّ أَلْفٌ لا تَلْزَمُنِى. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ. على الصَّحيحِ مِنَ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وحُكِىَ احْتِمالٌ، لا يَلْزَمُه. [ومنها، قوْلُه: له علىَّ أَلْفٌ قد قَبَضَه. أو: اسْتَوْفَاه. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ، بلا نِزاعٍ] (¬1). ومنها، قوْلُه: له على أَلْفٌ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ. أو: تكَفَّلْتُ (¬2) به على أَنِّى بالخِيارِ. فَيَلْزَمُه الأَلْفُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. ولم يذْكُرِ ابنُ هُبَيْرَةَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، غيرَه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: والأَظْهَرُ، يَلْزَمُه مع ذِكْرِ الخَمْرِ ونحوه. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «تكلفت».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَلْزَمُه. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: هو قِياسُ المذهبِ. وقِياسُ قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى قوْلِه: كان له علىَّ وقَضَيْتُه. واخْتارَه القاضى، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فائدتان؛ إحْداهما، مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قبلَ قَبْضِه. أو: لم أقْبِضْه. أو: مُضارَبَةً تَلِفَتْ، وشَرَطَ علىَّ ضَمانَها. ممَّا يفْعَلُه النَّاسُ عادةً مع فَسادِه، خِلافًا ومذهبًا. [ويأْتى قريبًا فى كلامِ المُصَنِّفِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أقْبِضْه. وقال المُقَرُّ له: بل دَيْنٌ فى ذِمَّتِكَ] (¬1). الثَّانيةُ، لو قال: علىَّ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ. لم يَلْزَمْه، وَجْهًا واحدًا. أعْنِى إذا قَدَّمَ قولَه (¬2): علىَّ مِن ثَمَنِ خَمْرٍ. على قوْلِه: ألْفٌ. ومِن مَسائلَ المُصَنِّفِ، لو قال: له علىَّ ألْفٌ إلَّا ألْفًا. فإنَّه يَلْزَمُه ألْفٌ، قوْلًا واحدًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

أَوْ: أَلْفٌ إلا أَلْفًا. أَوْ: إلَّا سِتَّمِائَةٍ. لَزِمَهُ الْأَلْفُ. وَإِنْ قَالَ: كَانَ لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ وَقَضَيْتُهُ. أَوْ: قَضَيْتُ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــ ومنها، لو قال: له علىَّ (¬1) ألْفٌ إلَّا سِتَّمِائَةٍ. فيَلْزَمُه ألْفٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى أكثرَ مِنَ النِّصْفِ. وقيل: يصِحُّ الاسْتِثْناءُ، فيَلْزَمُه أرْبَعُمِائَةٍ. ويأْتِى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى أوَّلِ الفصْلِ الذى بعدَ هذا. وتقدَّم ذلك أيضًا، فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ. قوله: وإذا قال: كانَ له علىَّ أَلْفٌ وقَضَيْتُه. أو: قَضَيْتُ منه خَمْسَمِائَةٍ. فقال الخِرَقِىُّ: ليس بإقْرارٍ، والقَوْلُ قَوْلُه معَ يَمِينِه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

خَمْسَمِائَةٍ. فَقَالَ الْخِرَقِىُّ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةَ، حَلَفَ المُدَّعِى أنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: لم أجِدْ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، رِوايةً بغيرِ هذا. قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتارَه عامَّةُ شُيوخِنا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا مَنْصوصُ (¬1) الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وجزَم به الجُمْهورُ؛ الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ، وغيرُهم. وجزَم به أيضًا فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. وصحَّحه فى «الخُلاصةِ»، و «النَّظْمِ»، وغيرِهما. وعنه، يُقْبَلُ قوْلُه فى الخَمْسِمِائةٍ مع يَمِينِه، ولا يُقْبَلُ قوْلُه فى الجميعِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يكونُ مُقِرًّا مدَّعِيًا للقَضاءِ، فلا يُقْبَلُ إلَّا ببَيِّنةٍ، فإنْ لم تَكُنْ ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «عن».

يَبْرَأْ، وَاسْتَحَقَّ، وَقَالَ: هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِى مُوسَى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بَيِّنَةٌ، حَلَفَ المُدَّعِى أنه لم يقْبِضْ ولم يُبْرِئْ. واسْتَحَقَّ. وقال: هذا رِوايةٌ واحدةٌ، ذكَرَها ابنُ أبى مُوسى. قال فى «الفُروعِ»: وعنه، يكونُ مُقِرًّا، اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى وغيرُه، فيُقِيمُ بَيِّنةً بدَعْواه، ويحْلِفُ خَصْمُه، اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وأبو الوَفاءِ، وغيرُهما، كسُكُوتِه [قبلَ دَعْواه] (¬1) انتهى. قلتُ: واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «الرِّعايَتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وعنه، أنَّ ذلك ليسَ بجَوابٍ، فيُطالَبُ برَدِّ الجوابِ. قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ»: وهى أشْهَرُ. فوائد؛ الأُولَى، [لو قال: بَرِئْتَ مِنِّى. أو: أَبْرَأْتَنِى (¬1). ففيها الرِّواياتُ المُتَقَدِّمَةُ. قالَه. فى «الفُروعِ»، وقال: وقيل: مُقِرٌّ. الثَّانيةُ] (¬2)، لو قال: كانَ له علىَّ. وسكَتَ، فهو إقْرارٌ. قالَه الأصحابُ. ويتَخَرَّجُ أنه ليس بإقْرارٍ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. الثَّالِثَةُ (¬3)، لو قال: له علىَّ ألْفٌ وقَضَيْتُه. ولم يقُلْ: كان. ففيها طُرُقٌ ¬

(¬1) فى ط: «أبرأنى». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل: «الثانية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للأصحابِ؛ أحدُها، أنَّ فيها الرِّوايَةَ الأُولَى، ورِوايَةَ أبى الخَطَّابِ، ومَنْ تابَعَه. ورِوايةً ثالثةً، يكونُ قد أقَرَّ بالحقِّ، وكذَّبَ نفْسَه فى الوَفاءِ، فلا يُسْمَعُ منه ولو أَتَى ببَيِّنَةٍ. وهذه الطَّريقَةُ هى الصَّحِيحَةُ مِنَ المذهبِ. جزَم بها فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وقدَّمها فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقد عَلِمْتَ المذهبَ مِن ذلك. الطَّريقَةُ الثَّانيةُ، ليس هذا بجَوابٍ فى هذه المَسْألَةِ، وإنْ كان جَوابًا فى الأُولَى، فيُطالَبُ برَدِّ الجَوابِ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّريقةُ الثَّالثةُ، قبُولُ قوْلِه هنا، وإنْ لم نَقْبَلْه (¬1) فى التى قبلَها. اخْتارَه القاضى وغيرُه. ¬

(¬1) فى الأصل: «يقبله».

فصل

فَصْلٌ: وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الطَّريقَةُ الرَّابِعةُ، عَكْسُ التى قبلَها؛ وهى عَدَمُ قَبُولِ قوْلِه هنا، وإنْ قَبِلْناه فى التى قبلَها. واخْتارَه المُصَنِّفُ، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. الفائدةُ الرَّابعةُ (¬1)، قوْلُه: ويَصِحُّ اسْتِثْناءُ ما دُونَ النِّصْفِ. تقدَّمَ حُكْمُ الاسْتِثْناءِ فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطلاقِ. ويُعْتَبَرُ فيه أَنْ لا يسْكُتَ سُكوتًا يُمْكِنُه فيه الكَلامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذَّهبِ. قال النَّاظِمُ وغيرُه: وعليه الأصحابُ. ونصَّ ¬

(¬1) فى الأصل: «الثالثة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه. وذكَر فى «الواضِحِ» لابنِ الزَّاغُونِىِّ رِوايةً، يصِحُّ الاسْتِثْناءُ، ولو أمْكَنَه. وظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ»، أنَّه كالاسْتِثْناءِ فى اليمينِ، على ما تقدَّم فى كِتابِ الأَيْمانِ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، وقال: مِثْلُه كلُّ صِلَةِ كلامٍ مُغيِّرٍ له. واخْتارَ أنَّ المُتَقارِبَ مُتَواصِلٌ. وتقدَّم هذا مُسْتَوْفًى فى آخِرِ بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ، فَلْيُراجَعْ (¬1). قوله: ولا يصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما زادَ عليه. يعْنِى، على النِّصْفِ، وهو المذهبُ. ¬

(¬1) هكذا فى النسخ، وهو فى أول باب الاستثناء فى الطلاق. انظر 22/ 370.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه جماهيرُ الأصحابِ. حتى قال صاحبُ «الفُروعِ» فى «أُصُولِه»: اسْتِثْناءُ الأَكْثَرِ باطِلٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، وأصحابِه. ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رَحِمَه اللَّهُ، فى الطَّلاقِ، فى رِوايةِ إسْحَاقَ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): لا يخْتَلِفُ المذهبُ فيه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الرِّعايةِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: يصِحُّ اسْتِثْناءُ الأكثرِ (¬2). اخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ. قال فى «النُّكَتِ»: وقد ذكَرَ القاضى وَجْهًا -واخْتارَه- فيما إذا ¬

(¬1) 7/ 292. (¬2) فى الأصل: «الكل».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: له علىَّ ثلاثَةٌ إلَّا ثلاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْن. أنَّه يَلْزَمُه دِرْهَمان. قال: وهذا إنَّما يجئُ

وَفِى اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ على القَوْلِ بصِحَّةِ اسْتِثْناءِ الأكثرِ. قوله: وفى اسْتِثْناءِ النِّصْفِ وَجْهان. وحكَاهما فى «الإِيضاحِ» رِوايتَيْن.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأَطلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «الإِيضاحِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظاهِرُ المذهبِ. واخْتارَه الخِرَقِىُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». [قال ابنُ عَقِيلٍ فى «تَذْكِرَتِه»] (¬1): ومَنْ أقَرَّ بشئٍ، ثم اسْتَثْنَى أكْثرَه، لم يصِحَّ الاسْتِثْناءُ، ولَزِمَه جميعُ ما أقَرَّ به. فظاهِرُه صِحَّةُ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ. قال فى «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ»: ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ أكثرَ مِنَ النِّصْفِ. فظاهِرُهما صِحَّةُ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ. وصحَّحه فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقال فى «الصُّغرى»: يصِحُّ فى الأَقْيَسِ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ. قال الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»، وشارِحُ «الوَجِيزِ»: هذا أَوْلَى. قال الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِه» فى الأُصولِ، و «شَرْحِه»: وهو الصَّحيحُ مِن مذهبِنا. وصحَّحه النَّاظِمُ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ»: وقال طائفةٌ: الاسْتِثْناءُ جائِزٌ فيما لم يَبْلُغِ النِّصْفَ والثُّلُثَ. قال: وبه أقولُ. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى أيضًا، فى بابِ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإذَا قَالَ: لَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا. لَزِمَهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ. فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا، فَقَالَ: هُوَ المُسْتَثْنَى. فَهَلْ يُقْبَلُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ قال: له هؤلاءِ العَبِيدُ العَشَرَةُ إلَّا واحِدًا. لَزِمَه تَسْليمُ تِسْعَةٍ، فإنْ ماتوا إلَّا واحِدًا، فقال: هو المُسْتَثْنَى. فهل يُقْبَلُ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ قولُه. وهو المذهبُ. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وشارِحُ «الوَجِيزِ»، والنَّاظِمُ، وصاحبُ «التَّصْحيحِ»، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه». قال فى «الفُروعِ»: قُبِلَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو قُتِلَ، أو غُصِبَ الجميعُ إلَّا واحدًا، قُبِلَ تَفْسِيرُه به،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ، لحُصولِ قيمَةِ المَقْتُولِين أو المَغْصُوبِين، أو رُجوعِهم للمُقَرِّ له.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ. أَوْ: هَذِهِ الدَّارُ لَهُ وَهَذَا الْبَيْتُ لِى. قُبِلَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثَّانيةُ، لو قال: غصَبْتُهم إلَّا واحدًا. فماتُوا أو قُتِلُوا إلَّا واحدًا، صحَّ تفْسِيرُه به، وإنْ قال: غصَبْتُ هؤلاءِ العَبِيدَ (¬1) إلَّا (¬2) واحدًا. صُدِّقَ فى تَعْيينِ الباقِى. قوله: وإنْ قال: له هذه الدَّارُ إلَّا هذا البَيْتَ. أو: هذه الدَّارُ له وهذا البَيْتُ لى. قُبِلَ منه. بلا نِزاعٍ. وإنْ كان أكثرَها (¬3). وإنْ قال: له هذه الدَّارُ نِصْفُها. فقد أقَرَّ بالنِّصْفِ، وكذا نحوُه. وإنْ قال: له هذه الدَّارُ (2)، ولى نصْفُها. صحَّ فى الأقْيَسِ. قالَه فى «الرِّعايةِ الكُبْرى». وقال فى «الصُّغْرى»: بَطَلَ فى الأَشْهَرِ. قال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ»: بَطَلَ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. انتهى. والصَّحيحُ مِن ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده فى الأصل: «واحد إلا». (¬3) فى الأصل: «أكبرهما».

وَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمَانِ وَثَلَاَثةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. أَوْ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فَهَلْ يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ، أنَّ الخِلافَ هنا مَبْنِىٌّ على الخِلافِ فى اسْتِثْناءِ النِّصْفِ، على ما تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ولو قال: هذه الدَّارُ له إلَّا ثُلُثَيْها. أو: إلَّا ثَلاثةَ أرْباعِها. أو: إلَّا نِصْفَها. فهو اسْتِثْناءٌ للأكْثَرِ والنَّصْفِ. قالَه الأصحابُ. قوله: وإنْ قال: له علىَّ دِرْهَمان وثَلَاثةٌ إلَّا درْهَمَيْن. أَوْ: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فهل يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ؟ عَلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «البُلْغَةِ»، و «التَّلْخيصِ»، إذا قال: له علىَّ دِرْهَمان وثَلَاثةٌ إلَّا دِرْهَمَيْن. لم يصِحَّ الاسْتِثْناءُ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ؛ لرَفْعِ إحْدَى الجُمْلَتَيْن. قال فى «الفُروعِ»: لم يصِحَّ فى الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ: وهذا أَوْلَى. ورَدَّ غيرَه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «الشَّرْحِ». والوَجْهُ الثَّانى، يصِحُّ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنَ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ بواوٍ يَرْجِعُ إلى الكُلِّ. قال فى «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ»: صحَّحَ جماعَةٌ أنَّ الاسْتِثْناءَ فى المسْألتَيْن لا يصِحُّ. وما قالُوه ليس بصحيحٍ، على قاعِدَةِ المذهبِ، بل قاعِدَةُ المذهبِ تَقْتَضِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ صِحَّةَ الاسْتِثْناءِ. وأمَّا إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا (¬1). فإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، فهنا لا يصِحُّ بطَريقٍ أوْلَى، وإنْ قُلْنا: يصِحُّ. فيَتَوَجَّهُ فيها وَجْهان، كالتى قبلَها. هذا ما ظهَرَ لى، وإنْ كان ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ والمَجْدِ الإطْلاقَ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: والاسْتِثْناءُ بعدَ العَطْفِ بواوٍ يَرْجِعُ الى الكُلِّ. وقيل: إلى ما يَلِيه. فلو قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا. فدِرْهَمٌ على الأَوَّلِ إنْ صحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، وإلَّا فاثْنان. وجزَم (¬2) ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» بأنَّه يَلْزَمُه (¬3) دِرْهَمان. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُنَوِّرِ». وقدَّمه فى «المُذْهَبِ»، و «الشَّرْحِ». قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬4): وهو أَوْلَى. وصحَّح أنَّ الاسْتِثْناءَ لا يرْجِعُ إلى الجميعِ، ورَدَّ قولَ مَنْ قال: إنَّه يرْجِعُ إلى الجميعِ. ولُزومُ دِرْهَمَيْن فى هذه ¬

(¬1) فى ط، أ: «درهان». (¬2) بعده فى الأصل: «به». (¬3) فى الأصل: «يلزم». (¬4) انظر المغنى: 7/ 273.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا. لَزِمَتْهُ الْخَمْسَةُ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَسْألَةِ هو المذهبُ. قوله: وإنْ قال: له علىَّ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْن ودِرْهَمًا. لَزِمَه الخَمْسَةُ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ، جَمْعًا للمُسْتَثْنَى. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيْرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وإنْ قال: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَين ودِرْهَمًا. وجَبَ خَمْسَةٌ على أنَّ الوإوَ للجَمْعِ (¬1)، وإلَّا فثَلَاثةٌ. والوَجْهُ الثَّانى، تَلْزَمُه ثلَاثَةٌ. وأَطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الفُروعِ». ¬

(¬1) فى الأصل: «للجميع».

وَيَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنَ الاسْتِثْنَاءِ؛ فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَى سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: ويَصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ؛ فإذا قال: له علىَّ سَبْعَةٌ إلَّا ثَلاثَةً إلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَه خَمْسَةٌ. لأنَّه مِنَ الإِثْباتِ نَفْىٌ، ومِنَ النَّفْى إثْباتٌ. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، وغيرُهم مِن الأصحابِ؛ لأنَّه أثْبَتَ سبْعَةً، ثم نَفَى منها ثَلَاثَةً، ثم أثْبَتَ واحِدًا، وبَقِىَ مِن الثَّلاثَةِ المَنْفِيَّةِ دِرْهَمان مُسْتَثْنَيان مِنَ السَّبْعَةِ، فيَكونُ مُقِرًّا بخَمْسَةٍ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ، فِى أَحَدِ الْوُجُوهِ. وَفِى الآخَرِ، تَلْزَمُهُ سِتَّةٌ، وَفِى الآخَرِ سَبْعَةٌ، وَفِى الآخَرِ ثَمَانِيَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْن إلَّا دِرْهَمًا. لَزِمَه عَشَرَةٌ، فى أَحَدِ الوُجُوهِ. إنْ بَطَلَ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، والاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ باطِلٌ، بعَوْدِه إلى ما قبلَه؛ لبُعْدِه، كسُكُوتِه. قالَه (¬1) فى «الفُروعِ». وهذا الوَجْهُ اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وفى الآخَرِ، تَلْزَمُه سِتَّةٌ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وبعَّدَه النَّاظِمُ. قال الشَّارِحُ: لأنَّ الاسْتِثْناءَ إذا رفَع الكُلَّ أو الأكْثَرَ، سقَطَ إنْ وَقَفَ عليه، وإنْ وَصلَه باسْتِثْناءٍ آخَرَ، اسْتَعْمَلْناه، فاسْتَعْمَلْنا الاسْتِثْناءَ الأوَّلَ لوَصْلِه بالثَّانى؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ مع المُسْتَثْنَى عِبارَةٌ عمَّا بَقِىَ، فإنَّ عَشَرَةً إلَّا دِرْهَمًا عِبارَةٌ عن تِسْعَةٍ، فإذا قال: له علىَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً. صحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ؛ لأنَّه وصَلَها باسْتِثْناءٍ آخَرَ، ولذلك صَحَّ اسْتِثْناءُ الثَّلَاثَةِ والدِّرْهَمَيْن؛ لأنَّه وصَلَ ذلك باسْتِثْناءٍ آخَرَ، والاسْتِثْناءُ مِنَ الإِثْباتِ نَفْىٌ، ومِنَ النَّفْى إثْباتٌ، فصحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ، وهى نَفْىٌ، فبَقِىَ خَمْسَةٌ، وصحَّ اسْتِثْناءُ الثَّلاثةِ، وهى إثْباتٌ، فعادَتْ ثمانِيَةً، وصحَّ اسْتِثْناءُ الدِّرْهَمَيْن، وهى نفْىٌ، فبَقِىَ سِتَّةٌ. ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ ¬

(¬1) فى الأصل: «قال».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّرْهَمِ؛ لأنَّه مسْكُوتٌ عليه (¬1). قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ وَجْهُ السِّتَّةِ أَنْ يصِحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ويَبْطُلَ الزَّائدُ، فيَصِحُّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ والدِّرْهَمِ، ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الثَّلاثَةِ والاثْنَيْن. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وعلى قوْلِنا: يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ولا يَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ ببُطْلانِ الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه سِتَّةٌ؛ لأنَّه إذا صحَّ اسْتِثْناءُ الخَمْسَةِ مِن العَشَرَةِ، بَقِىَ خَمْسَةٌ، واسْتِثْناءُ الثَّلاثَةِ مِن الخَمْسَةِ لا يصِحُّ؛ لكوْنِها أكثرَ، فيَبْطُلُ، ويَلِى قولُه: إلَّا دِرْهَمَيْن. قوْلَه: إلَّا خَمْسَةً. فيَصِحُّ، فَيَعُودُ مِن الخَمْسَةِ الخارِجَةِ دِرْهَمان، خرَج منها دِرْهَمٌ بقوْلِه: إلَّا دِرْهَمًا. بَقِىَ دِرْهَمٌ، فيُضَمُّ إلى الخَمْسَةِ تكونُ سِتَّةً. انتهى. وهو مُخالِفٌ لتوْجِيهِ الشَّارِحِ فى الوَجْهَيْن. ¬

(¬1) فى أ: «عنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفى الوَجْهِ الآخَرِ، يَلْزَمُه سَبْعَةٌ، وهو مَبْنِىٌّ على صِحَّةِ الاسْتِثْناءاتِ كلِّها، والعَمَلُ بما تَؤُولُ إليه؛ فإذا قال: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً. نَفَى خَمْسَةً، فإذا قيل: إلَّا ثَلَاثةً. عادَتْ ثَمانِيَةً؛ لأنَّها إثْباتٌ، فإذا قال: إلَّا دِرْهَمَيْن. كانتْ نَفْيًا، فبَقِىَ (¬1) سِتَّةٌ، فإذا قال: إلَّا دِرْهَمًا. كان مُثْبِتًا، صارَتْ سبْعَةً. قالَه الشَّارِحُ: وهو واضِحٌ. وقال ابنُ مُنَجَّى: وعلى قوْلِنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ولا يَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه سبْعَةٌ؛ لأَنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ مِن العَشَرَةِ لا يصِحُّ، [واسْتِثْناءُ الدِّرْهَمَيْن مِنَ الثَّلاثَةِ لا يصِحُّ] (¬2)، واسْتِثْناءُ الدِّرْهَمِ مِن الدِّرْهَمَيْن لا يصِحُّ، بَقِىَ قولُه (¬3): إلَّا ثَلَاثةً. صحيحًا، فيصِيرُ بمَنْزِلَةِ قوْلِه: عَشَرَةٌ (¬4) إلَّا ثَلَاثةً. فيَلْزَمُه سَبْعَةٌ. انتهى. وهذه طرِيقَةٌ أُخْرَى فى ذلك، وهو مُخالِفٌ للشَّارِحِ ¬

(¬1) فى أ: «فيبقى». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى ط: «قولنا». (¬4) فى م: «إلا عشرة».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا. وفى الوَجْهِ الآخَرِ، يَلْزَمُه ثَمانِيَةٌ. قال الشَّارِحُ: لأنَّه يلْغِى الاسْتِثْناءَ الأوَّلَ؛ لكَوْنِه النِّصْفَ؛ فإذا قال: إلَّا ثَلَاثةً. كانتْ مُثْبِتَةً، وهى مُسْتَثْناةٌ مِن الخَمْسَةِ، وقد بَطَلَتْ، فتَبْطُلُ الثَّلَاثةُ أيضًا، ويَبْقَى الاثْنان (¬1)؛ لأنَّها نَفْىٌ، والنَّفْىُ يكونُ مِن إثْباتٍ، وقد بَطَلَ الإثْباتُ فى (1) التى قبلَها، فتَكُونُ منْفِيَّة مِن العَشَرَةِ، تَبْقَى ثَمانِيَةٌ، ولا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الواحدِ مِن الاثْنَيْن؛ لأنَّه نِصْفٌ. انتهى. وقال ابنُ مُنَجَّى [فى «شَرْحِه»] (¬2): وعلى قوْلِنا: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، ويَبْطُلُ الاسْتِثْناءُ مِن الاسْتِثْناءِ ببُطْلانِ الاسْتِثْناءِ. يَلْزَمُه ثَمانِيَةٌ؛ لأَنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ لا يصِحُّ، وإذا لم يصِحَّ ذلك، وَلِىَ المُسْتَثْنَى منه قوْلُه: إلَّا ثَلاثَةً. فيَنْبَغِى أَنْ يعْمَلَ عَمَلَه، لكِنْ وَلِيَه ¬

(¬1) فى الأصل: «الاستثناء». (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوْلُه: إلَّا درْهَمَيْن. ولا يصِحُّ؛ لأنَّه أكثرُ، وإذا لم يصِحَّ، وَلِىَ قوْلُه: إلَّا دِرْهَمًا. قوْلَه: إلَّا ثَلاثَةً. فعادَ منها دِرْهَمٌ إلى السَّبْعَةِ الباقِيَةِ، فيَصِيرُ المَجْموعُ ثَمانِيَةً. انتهى. فخالفَ الشَّارِحَ أيضًا فى تَوْجِيهِه. وكلامُ الشَّارِحِ أقْعَدُ. ويأْتى كلامُه فى «النُّكَتِ» لتَوْجِيهِ هذه الأوْجُهِ كلِّها وما نَظَّرَ عليه منها. وفى المَسْألَةِ وَجْهٌ خامِسٌ، يَلْزَمُه خَمْسَةٌ إنْ صحَّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الفُروعِ»: والأشْبَهُ، إنْ بَطَلَ النِّصْفُ خاصَّةً، فثَمانِيَةٌ، وإنْ صحَّ فقط، فَخَمْسَةٌ، وإنْ عَمِلَ بما يَئُولُ إليه جُمْلَةُ (¬1) الاسْتِثْناءاتِ، فسَبْعَةٌ. انتهى. وهو كما قالَ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: فهل يَلْزَمُه -[إذا صحَّحْنا اسْتِثْناءَ النِّصْفِ- خَمْسَةٌ، أو سِتَّةٌ؟ على وَجْهَيْن، وإذا لم نُصَحِّحْه، فهل يَلْزَمُه] (¬2) عَشَرَةٌ، أو ثَمانِيَةٌ؟ على وَجْهَيْن. وقيل: يَلْزَمُه سَبْعَةٌ عليهما جميعًا. وقال فى «المُغْنِى» (¬3)، فى مَسْألَةِ المُصَنِّفِ: بَطَلَ الاسْتِثْناءُ كلُّه على أحَدِ الوَجْهَيْن، وصحَّ فى الآخَرِ، فيَكُونُ مُقِرًّا بسَبْعَةٍ. انتهى. وقال فى «النُّكَتِ»، على وَجْهِ لُزومِ الخَمْسَةِ: إذا قُلْنا بصِحَّةِ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ؛ لأنَّ اسْتِثْناءَ النِّصْفِ صحيحٌ، واسْتِثْناءَ ثَلَاثَةٍ مِن خَمْسَةٍ باطِلٌ، [فيَبْطُلُ ما بعدَه. وعلى وَجْهِ لُزومِ السِّتَّةِ؛ لأنَّ] (¬4) ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) المغنى: 7/ 294. (¬4) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [اسْتِثْناءَ النِّصْفِ صحيحٌ، واسْتِثْناءَ ثَلاثَةٍ مِن خَمْسَةٍ باطِلٌ] (¬1)، وُجودُه كعدَمِه، واسْتِثْناءَ اثْنَيْن مِن خَمْسَةٍ صحيحٌ، فصارَ المُقَرُّ به سَبْعَةً، ثم اسْتُثْنِىَ مِن الاثْنَيْن واحدٌ، تَبْقَى سِتَّةٌ، وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، الكَلامُ بآخِرِه، وتَصِحُّ الاسْتِثْناءاتُ كلُّها، فيَلْزَمُه سَبْعَةٌ، وهو واضِحٌ. قال: وألْزَمَه بعْضُهم على هذا الوَجْهِ بسِتَّةٍ؛ بِناءً على أنَّ الدِّرْهَمَ مسْكُوتٌ عنه، فلا يصِحُّ اسْتِثْناؤُه. قال: وفيه نظَرٌ. وأرادَ بذلك، واللَّه أعلمُ، الشَّارِحَ، على ما تقدَّم مِن تعْليلِه. وقال عن وَجْهِ الثَّمانِيَةِ: لأنَّ اسْتِثْناءَ الخَمْسَةِ باطِلٌ، [واسْتِثْناءَ الثَّلَاثَةِ مِن غيرِه صحيحٌ، يَبْقَى سَبْعَةٌ، واسْتِثْناءَ الاثْنَيْن باطِلٌ] (¬2)، واسْتِثْناءَ واحدٍ مِن ثَلاثَةٍ صحيحٌ، يزِيدُه على سَبْعَةٍ. وقال بعضُهم على هذا الوَجْهِ: اسْتِثْناءُ خَمْسَةٍ وثَلاثَةٍ باطِلٌ، واسْتِثْناءُ اثْنَيْن مِن عَشَرَةٍ صحيحٌ، واسْتِثْناءُ واحدٍ مِن اثْنَيْن باطِلٌ. قال: وفيه نظَرٌ. وقال عن قوْلِه: وقيل: يَلْزَمُه سبْعَةٌ عليهما جميعًا. أى (¬3) سَواءٌ قُلْنا: يصِحُّ اسْتِثْناءُ النِّصْفِ، أو لا. وهذا بِناءً على الوَجْهِ الثَّالثِ، وهو تَصْحيحُ الاسْتِثْناءاتِ كلِّها، على ما تقدَّمَ. قال: وحِكايَةُ المُصَنِّفِ هذا الوَجْهَ بهذه العِبارَةِ فيها شئٌ، وأحْسَبُه لو قال: وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ يَلْزَمُه سبْعَةٌ. كان أَوْلَى. تنبيه: مَبْنَى ذلك، إذا تَخَلَّلَ الاسْتِثْناءاتِ اسْتِثْناءٌ باطِلٌ، فهل يُلْغَى ذلك الاسْتِثْناءُ الباطِلُ وما بعدَه، أو يُلْغَى وحدَه ويرْجِعُ ما بعدَه الى ما قبْله؟ وجزَم به فى ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل: «إلى».

وَلَا يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الجِنْسِ. نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُغْنِى». قالَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». أو يُنْظَرُ إلى ما يَؤُولُ إليه جُمْلَةُ الاسْتِثْناءاتِ؟ اخْتارَه القاضى. قالَه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». فيه أوْجُهٌ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، والطُّوفِىُّ فى «شَرْحِ مُخْتَصَرِه» فى الأُصولِ، وصاحِبُ «القَواعِدِ الأصُولِيَّةِ». قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: لو اسْتَثْنَى ما لا يصِحُّ، ثم اسْتَثْنَى منه شيئًا، بَطَلَا. وقيل: يرْجِعُ ما بعدَ الباطِلِ إلى ما قبلَه. وقيل: يُعْتَبَرُ ما يَؤُولُ إليه جُمْلَةُ الاسْتِثْناءاتِ. زادَ فى «الكُبْرى»، وقيل: إنِ اسْتَثْنَى الكُلَّ أو الأكْثَرَ، واسْتَثْنَى مِن الاسْتِثْناءِ دُونَ النِّصْفِ الأوَّلِ، صحَّ، وإلَّا فلا. قوله: ولا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ منْ غيرِ الجِنْسِ. نَصَّ عليه.

فَإذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا، لَزِمَتْهُ المِائَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا قالَ: له علىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوبًا. لَزِمَتْه المِائَةُ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، إلَّا ما اسْتَثْنَى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم. ونصَّ عليه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يَلْزَمُ مِن رِوايةِ صِحَّةِ اسْتِثْناءِ أحَدِ النَّقْدَيْن مِن الآخَرِ، صِحَّةُ الاسْتِثْناءِ نَوْعٍ مِن نَوْعٍ آخَرَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَلْزَمُ مِن هذه الرِّوايةِ صِحَّةُ الاسْتِثْناءِ مِن غيرِ الجِنْسِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وقال أبو الخَطَّابِ: لا فَرْقَ بينَ العَيْنِ والوَرِقِ وغيرِهما، فيَلْزَمُ مِن صِحَّةِ اسْتِثْناءِ أحَدِهما صِحَّةُ اسْتِثْناءِ الثِّيابِ وغيرِها. قلتُ: صرَّح بذلك فى «الهِدايَةِ». وقال أبو محمدٍ التَّمِيمِىُّ: اخْتلَفَ الأصحابُ فى صِحَّةِ الاسْتِثْناءِ مِن غيرِ الجِنْسِ.

إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِىَ عَيْنًا مِنْ وَرِقٍ، أَوْ وَرِقًا مِنْ عَيْنٍ، فَيَصِحُّ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ. فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قد يقالُ: دخَلَ فى كلامِ المُصَنِّفِ (¬1)، لو أقَرَّ بنَوْعٍ مِن جِنْسٍ، واسْتَثْنَى نَوْعًا (¬2) آخَرَ، كأَنْ أقَرَّ بتَمْرٍ بَرْنِىٍّ (¬3)، واسْتَثْنَى مَعْقِلِيًّا (¬4) ونحوَه. وهو أحدُ الاحْتِمَالَيْن. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، عدَمُ الصِّحَّةِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه هو وابنُ رَزِينٍ. قوله: إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِىَ عَيْنًا مِن وَرِقٍ، أو وَرِقًا مِن عَيْنٍ، فيَصِحُّ. ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. اخْتارَها أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ». وقدَّمه فى «الخُلاصةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». قلتُ: وهو الصَّوابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال أبو بَكْرٍ: لا يصِحُّ. وهو رِوايةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وهو ¬

(¬1) بعده فى أ: «ما». (¬2) بعده فى أ: «من». (¬3) البرنى: نوع جيد من التمر مُدوَّر أحمر مُشرَّب بصفرة. (¬4) المعقلى: نوع من التمر بالبصرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ»، و «الكافِى»، و «الزَّرْكَشِىِّ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: قال صاحبُ «الرَّوْضَةِ»: مِنَ الأصحابِ [مَن بَنَى] (¬1) الرِّوايتَيْن على أنَّهما جِنْسٌ أو جِنْسان. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وما قالَه غَلَطٌ، إلَّا أَنْ يُريدَ ما قال القاضى فى «العُدَّةِ»، وابنُ عَقِيلٍ فى «الواضِحِ»: إنَّهما كالجِنْسِ الواحدِ فى أَشْياءَ. قاله المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬2) ومَنْ تَبِعَه: يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ الرِّوايتَيْن بحَمْلِ رِوايَةِ الصِّحَّةِ على ما إذا [كانَ أحدُهما يُعَبَّرُ به عن الآخَرِ، أو يُعْلَمُ قدْرُه منه، ورِوايَةِ البُطْلانِ على ما إذا (¬3)] (¬4) انْتَفَى ذلك. فعلى قولِ صاحبِ ¬

(¬1) فى ط، أ: «مبنى». (¬2) 7/ 270. (¬3) سقط من: ط. (¬4) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الرَّوْضَةِ»، و «العُدَّة»، و «الواضِحِ»، يخْتَصُّ الخِلافُ فى النَّقْدَيْن. وعلى ما حَمَلَه المُصَنِّفُ ومَنْ تَبِعَه، ينْتَفِى الخِلافُ. فائدة: قال فى «النُّكَتِ»: ظاهِرُ كلامِهم، أنَّه لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الفُلوسِ مِن أحَدِ النَّقْدَيْن. قال: ويَنْبَغِى أَنْ يُخَرَّجَ فيها (¬1) قوْلان آخَران؛ أحدُهما، الجوازُ. والثَّانى، جَوازُه مع نَفاقِها (¬2) خاصَّةً. انتهى. قلتُ: ويجئُ، على قولِ أبى الخَطَّابِ، الصِّحَّةُ، بل هى أَوْلَى. قوله: وإذا قال: له علىَّ مِائَةٌ إلَّا دينارًا. فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَيْن. هما مَبْنِيَّان على الرِّوايتَيْن المُتَقَدِّمَتَيْن، وقد عَلِمْتَ المذهبَ منهما؛ وهو عدَمُ الصِّحَّةِ. وعلى القولِ بالصِّحَّةِ، يُرْجَعُ إلى سِعْرِ الدِّينارِ بالبلَدِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «المُحَرَّرِ»: هو قولُ غيرِ أبى الخَطَّابِ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يُرْجَعُ فى تفْسيرِ قِيمَتِه إليه، كما لو (¬3) لم يكُنْ له (¬4) سِعْرٌ معْلومٌ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وصحَّحه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وأَطْلَقَهما الزَّرْكَشِىُّ. إذا عَلِمْتَ ذلك، فلو قال: له علىَّ ألْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنانِيرَ. فعلى الأوَّلِ، يُرْجَعُ إلى سِعْرِ الدَّنانيرِ بالبَلَدِ، فإنْ كانَ قِيمَتُها ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «نفاقهما». (¬3) سقط من: ط. (¬4) سقط من: الأصل.

فصل

فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ. ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: زُيُوفًا. أَوْ: صِغَارًا. أَوْ: إِلَى شَهْرٍ. لَزِمَهُ أَلْفٌ جِيَادٌ وَافِيَةٌ حَالَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما يصِحُّ اسْتِثْناؤُه، صحَّ الاسْتِثْناءُ، وإلَّا فلا. وعلى قولِ أبى الخَطَّابِ، يُرْجَعُ فى تفْسيرِ قِيمَةِ الدَّنانيرِ إلى المُقِرِّ، فإنْ فسَّره بالنِّصْفِ فأقَلَّ، قُبِلَ، وإلَّا فلا. قالَه فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ». وقدَّمه الأَزَجِىُّ. وقال فى «المُنْتَخَبِ»: إنْ بَقِىَ منه أكثْرُ المِائَةِ، رُجِعَ فى تفْسيرِ قِيمَتِه إليه. ومَعْناه فى «التَّبْصِرَةِ». قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ. ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُه الكلامُ فيه، ثمَّ

إلَّا أَنْ يَكُونَ فِى بَلَدٍ أَوْزانُهُمْ نَاقِصَةٌ، أَوْ مَغْشُوشَةٌ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: زُيُوفًا. أو: صِغارًا. أو: إلى شَهْرٍ. لَزِمَه أَلْفٌ جِيادٌ وافِيةٌ حَالَّةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فى بلَدٍ أوْزانُهم ناقِصَةٌ، أَوْ مَغْشوشَةٌ، فهل يَلْزَمُه مِن دَراهِمِ البَلَدِ، أو مِن غيرِها؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «الفُروعِ»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه جِيادٌ وافِيَةٌ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وهو مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُه مِن دَراهِمِ البَلَدِ. وهو المذهبُ. وهو مُقْتَضَى كلامِ ابنِ الزَّاغُونِىِّ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا أَوْلَى. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «التَّلْخيصِ». وقدَّمه فى «الكافِى»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ». وفى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: أَنْ فسَّر إقْرارَه بسَكَّةٍ دُونَ سَكَّةِ

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ إِلَى شَهْرٍ. فَأنْكَرَ المُقَرُّ لَهُ الْأَجَلَ، لَزِمَهُ مُؤَجَّلًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ حَالًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــ البَلَدِ، وتَساوَيا وَزْنًا، فاحْتِمالَان. وشرَطَ القاضى فيما إذا قال: صِغَارًا. أَنْ يكونَ للنَّاسِ دَراهِمُ صِغارٌ، وإلَّا لم يُسْمَعْ منه. ويأْتِى قريبًا. قوله: وإنْ قالَ: لى علىَّ أَلْفٌ إلى شَهْرٍ، فأنْكَرَ المُقَرُّ له التَّأْجِيلَ، لَزِمَه مُؤجَّلًا. وهو المذهبُ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَه حالًّا. وهو لأبِى الخَطَّابِ. فعلى المذهبِ، لو عَزَاه إلى سبَبٍ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قابِلٍ للأَمْرَيْنِ، قُبِلَ فى الضَّمانِ، وفى غيرِه وَجْهان. وأَطلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «النُّكَتِ»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ فى غيرِ الضَّمانِ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ». وقال شيْخُنا فى «حَواشِى المُحَرَّرِ»: الذى يَظْهَرُ، أنَّه لا يُقْبَلُ قولُه فى الأَجَلِ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ القَبُولُ مُطْلَقًا. قال فى «المُنَوِّرِ»: وإنْ أقَرَّ بمُؤَجَّلٍ، أُجِّلَ. وقال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: ومَنْ أقَرَّ بمُؤَجَّلٍ، صُدِّقَ. ولو عَزَاه إلى سبَبٍ يقْبَلُه والحُلولِ، ولمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُه. انتهى. وقال فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: الذى يظْهَرُ قَبُولُ دَعْواه. تنبيه: قال فى «النُّكَتِ»: قولُ صاحبِ «المُحَرَّرِ»: قُبِلَ فى الضَّمانِ. أمَّا كوْنُ القولِ قَوْلَ المُقِرِّ فى الضَّمانِ؛ فلأَنَّه فسَّر كلامَه بما يَحْتَمِلُه مِن غيرِ مُخالَفَةٍ لأصْلٍ ولا ظاهِرٍ، فقُبِلَ؛ لأن الضَّمانَ مُقْتَضَاه ثُبوتُ الحقِّ فى الذِّمَّةِ فقط، ومِن أصْلِنا صِحَّةُ ضَمانِ الحالِّ مُؤَجَّلًا. وأما إذا كان السَّبَبُ غيرَ ضَمانٍ، كبَيْعٍ

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ. وَفَسَّرَهُ بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ، لَمْ يُقْبَلْ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَغْشُوشَةٍ، قُبِلَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرِه، فوَجْهُ قولِ المُقِرِّ فى التَّأْجيلِ، أنَّه سبَبٌ يَقْبَلُ الحُلولَ والتَّأْجيلَ، فقُبِلَ قولُه فيه، كالضَّمانِ، ووَجْهُ عدَمِ قَبُولِ قولِه، أنَّه سبَبٌ مُقْتَضاه الحُلولُ، فوَجَبَ العمَلُ بمُقْتَضاه وأَصْلِه. وبهذا فارَقَ الضَّمانَ. قال: وهذا ما ظَهَر لى مِن جُلِّ كلامِه. وقال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ بعدَ نَظْمِ كلامِ «المُحَرَّرِ»: الذى يَقْوَى عندِى، أنَّ مُرادَه، يُقْبَلُ فى الضَّمانِ. أىْ يضْمَنُ ما أقَرَّ به؛ لأنَّه إقرارٌ عليه. فإنِ ادَّعَى أنَّه ثَمَنُ مَبِيعٍ أو أُجْرَةٌ؛ ليَكُونَ بصدَدِ أَنْ لا يَلْزَمَه هو أو بعْضُه، إنْ تَعَذَّرَ قَبْضُ (¬1) ما ادَّعَاه أو بعْضِه، فأحَدُ الوَجْهَيْن، يُقْبَلُ؛ لأنَّه إنَّما أقَرَّ به كذلك، فأَشْبَهَ ما إذا أقَرَّ بمِائَةٍ سَكَّةً مُعَينَّةَ أو ناقِصَةً. قال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ: وقيل: بل مُرادُه نفْسُ الضَّمانِ. أىْ يُقْبَلُ قولُه: إنَّه ضامِنٌ ما أقَرَّ به عن شَخْصٍ. حتى إنْ بَرِئَ منه بَرِئَ المُقِرُّ، ويريدُ بغيرِه سائرَ الحُقوقِ. انتهى كلامُ ابنِ عَبْدِ القَوِىِّ. قال فى «النُّكَتِ»: ولا ¬

(¬1) فى الأصل: «بعض».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يخْفَى حُكْمُه. قوله: وإنْ قال: له علىَّ دَراهِمُ ناقِصَةٌ. لَزِمَتْه ناقِصَةً. هذا المذهبُ. قال الشَّارِحُ: لَزِمَتْه ناقِصَةً. ونَصَرَه. وكذلك المُصَنِّفُ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ، وابنُ رَزِينٍ. وقال القاضى: إذا قال: له علىَّ دَراهِمُ ناقِصَةٌ. قُبِلَ قوْلُه، وإنْ قال: صِغارًا. وللنَّاسِ دَراهِمُ صِغارٌ، قُبِلَ قوْلُه. وإنْ لم يكُنْ لهم (¬1) دَراهِمُ صِغارٌ، لَزِمَه وازِنَةٌ، كما لو قال: دُرَيْهِمٌ. فإنَّه يَلْزَمُه دِرْهَمٌ وازِنٌ. وقال فى «الفُروعِ»: وإنْ قال: صِغارٌ. قُبِلَ بناقِصَةٍ، فى الأصحِّ. وقيل: يُقْبَلُ وللنَّاسِ دَراهِمُ صِغارٌ. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»: وإنْ ¬

(¬1) فى أ: «له».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: ناقِصَةٌ. لَزِمَه مِن دَراهِمِ البَلَدِ. قال فى «الهِدايَةِ»: وَجْهًا واحدًا. فائدة: لو قال: له علىَّ دَراهِمُ وازِنَةٌ. فقيلَ: يَلْزَمُه العَدَدُ والوَزْنُ. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬1). وقيل: أو وازِنَةٌ فقط (¬2). وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وإنْ قال: دَراهِمُ عَدَدًا. لَزِمَه العَدَدُ والوَزْنُ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. فإنْ كان ببَلَدٍ يتَعَاملُون بها عَدَدًا، أو أوْزانُهم ناقِصَةٌ، فالوَجْهان المُتَقَدِّمان. قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (¬1): أَوَّلُ (¬2) الوَجْهَيْن أنَّه يَلْزَمُه مِن دَراهِمِ البَلَدِ. ولو قال: علىَّ دِرْهَمٌ (¬3). أو: دِرْهَمٌ كبيرٌ. أو: دُرَيْهِمٌ. لَزِمَه دِرْهَمٌ إسْلامِىٍّ وازِنٌ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فى دُرَيْهِمٍ، يُقْبَلُ تفْسِيرُه. ¬

(¬1) انظر المغنى: 7/ 284. (¬2) فى النسخ: «أولى». انظر الفروع 6/ 624. (¬3) فى الأصل: «دراهم».

وَإِنْ قَالَ. لَهُ عِنْدِى رَهْنٌ. وَقَالَ الْمَالِكُ: وَدِيعَةٌ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مع يَمِينِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قال: له عندِى رهْنٌ. وقال المَالِكُ: بل وَديعَةٌ. فالقَوْلُ قَوْلُ

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ. وَقَالَ المُقَرُّ لَهُ: بَلْ هُوَ دَيْنٌ فِى ذِمَّتِكَ. فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المالِكِ مع يَمِينِه. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونَقَلَه أحمدُ بنُ سعيدٍ، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وفيه تخْرِيجٌ مِن قوْلِه: كان له علىَّ وقَضَيْتُه (¬1). ذكَرَه الأَزَجِىُّ. قوله: وإنْ قال: له علىَّ أَلْفٌ مِن ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أَقْبِضْهُ. وقال المُقَرُّ له: بل دَيْنٌ ¬

(¬1) فى أ: «قبضنه».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى أَلْفٌ. وَفَسَّرَهُ بدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، قُبِلَ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فى ذِمَّتِكَ. فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الفُروعِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»؛ أحدُهما، القولُ قولُ المُقَرِّ له، صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه شارِحُ «الوَجِيزِ». والوَجْهُ الثَّانى، القولُ قولُ المُقِرِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا أَوْلَى. قوله: وإنْ قال: له عندِى أَلْفٌ. وفَسَّرَه بدَيْنٍ أو وَدِيعَةٍ، قُبِلَ منه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو قال: له عندِى وَدِيعَةٌ ردَدْتُها إليه. أو: تَلِفَتْ. لَزِمَه ضَمانُها،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يُقْبَلْ قولُه. قدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». واخْتارَه (¬1) ابنُ رَزِينٍ. وقال القاضى: يُقْبَلُ. وصحَّحه النَّاظِمُ. ¬

(¬1) فى الأصل: «واختاراه».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ، لَمْ يُقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ. وفَسَّرَه بوَدِيعَةٍ، لم يُقْبَلْ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الخِرَقِىِّ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «الفُروعِ» وغيرِه (¬1). وقيل: يُقْبَلُ. قال القاضى: يُقْبَلُ قولُه على تأْوِيلِ: علىَّ حِفْظُها، أو ردُّها. ونحوُ ذلك. تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، إذا لم يُفَسِّرْه مُتَّصِلًا، [فإنْ فسَّرَه به مُتَّصَلًا] (¬2)، قُبِلَ. قوْلًا واحدًا. لكِنْ إنْ زادَ فى المُتَّصِلِ، وقد تَلِفَتْ، لم يُقْبَلْ. ذكَرَه القاضى ¬

(¬1) فى الأصل: «عنه». (¬2) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيرُه. بخِلافِ المُنْفَصِلِ؛ لأَنَّ إقْرارَه تضَمَّنَ الأَمانَةَ، ولا مانِعَ. فائدة (¬1): لو أحْضَرَه، وقال: هو هذا، وهو وَدِيعَةٌ. ففى قَبُولِ [قَوْلِ] (¬2) ¬

(¬1) فى أ: «فائدتان إحداهما». (¬2) سقط من النسخ. والمثبت من الفروع. انظر الفروع 6/ 627.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُقَرِّ له، أنَّ المُقَرَّ به غيرُه، وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». وظاهِرُ «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، الإطْلاقُ؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. ذكَرَه الأَزَجِىُّ عنِ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه القاضى. والوَجْهُ الثَّانى، يُقْبَلُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ، و «الكافِى». وهو المذهبُ. قال المُصَنِّفُ: وهو مُقْتَضَى قولِ الخِرَقِىِّ. فائدةٌ (¬1): لوقال: له عندِى مِائَةٌ ودِيعَةً بشَرْطِ الضَّمانِ. لَغَا وصْفُه لها ¬

(¬1) فى أ: «الفائدة الثانية».

وَلَوْ قَالَ: لَهُ فِى هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ. لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ بالضَّمانِ، وبَقِيَتْ على الأَصْلِ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ مِنْ مَالِى. أَوْ: فِى مَالِى. أَوْ: فِى مِيرَاثِى مِنْ أَبِى أَلْفٌ. أَوْ: نِصْفُ دَارِى هَذِهِ. وَفَسَّرَهُ بِالْهِبَةِ، وَقَالَ: بَدَا لِى مِنْ تَقْبِيضِهِ. قُبِلَ منه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له مِن مالِى. أو: فى مالِى. أو: فى مِيراثِى مِن أَبِى أَلْفٌ. أو: نِصْفُ دارِى هذه. وفَسَّرَه بالهِبَةِ، وقالَ: بَدا لى فى تَقْبِيضِه. قُبِلَ. وهو المذهبُ. ذكَرَه جماعةٌ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الوَجِيزِ». وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» فى الأُولَى. وذكَر القاضى وأصحابُه، أنَّه لا يُقْبَلُ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» فى غيرِ الأْولَى. وذكَر فى «المُحَرَّرِ» أيضًا، فى قوْلِه: له (¬1) مِن ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مالِى ألْفٌ. أو: له نِصْفُ مالِى إنْ ماتَ. ولم يُفَسِّرْه، فلا شئَ له. وذكَر فى «الوَجِيزِ»، إنْ قال: له مِن مالِى. أو: فى مالِى. أو: فى مِيراثِى ألْفٌ. أو: نِصْفُ دارِى هذه إنْ ماتَ. ولم يُفَسِّرْه، لم يَلْزَمْه شئٌ. وهو قولُ صاحبِ «الفُروعِ»، بعدَ حِكايَةِ كلامِ صاحبِ «المُحَرَّرِ». وذكَرَه بعضُهم فى بقِيَّةِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصُّوَرِ. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، فى قوْلِه: له نِصْفُ دارِى: يكونُ هِبَةً. وتقدَّم. وقال فى «التَّرْغيبِ» فى الوَصايَا: هذا مِن مالِى له. وَصِيَّةٌ، و: هذا له. إقْرارٌ، ما لم يتَّفِقا على الوَصِيَّةِ. وذكَر الأَزَجِىُّ، فى قوْلِه: له ألْفٌ فى مالِى. يصِحُّ؛ لأنَّ مَعْناه: اسْتَحَقَّ بسَبَبٍ سابقٍ، و: مِن مالِى. وَعْدٌ. قال: وقال أصحابُنا: لا فَرْقَ بينَ «مِن» و «فى» (¬1) فى أنَّه يُرْجَعُ إليه فى تفْسيرِه، ولا يكونُ إقْرارًا إذا أَضافَه إلى نفْسِه، ثم أخَبَرَه لغيرِه بشئٍ منه. تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يُفَسِّرْه بالهِبَةِ، يصِحُّ إقْرارُه. وهو ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «الفاء».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِى مِيرَاثِ أَبِى أَلْفٌ. فَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيحٌ. وهو المذهبُ. والصَّحيحُ مِن الرِّوايتَيْن. قال فى «الفُروعِ»: صحَّ على الأصحِّ. قال المُصَنِّفُ (¬1)، والشَّارِحُ: فلو فسَّره بدَيْنٍ أو وَدِيعَةٍ أو وَصِيَّةٍ، صحَّ. وعنه، لا يصِحُّ. قال فى «التَّرْغِيبِ»: وهو المَشْهورُ؛ للتَّناقُضِ. فائدتان؛ إحْداهما، لو زادَ على ما قالَه أوَّلًا: بحَقٍّ لَزِمَنِى. صحَّ الإِقْرارُ، على الرِّوايتَيْن. قالَه القاضى وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: صحَّ على الأصحِّ. الثَّانيةُ (¬2)، لو قال: دَيْنِى الذى على زَيْدٍ لعَمْرو. ففيه الخِلافُ السَّابِقُ أيضًا. قوله: وإنْ قالَ: له فى مِيراثِ أبِى أَلْفٌ. فهو دَيْنٌ على التَّرِكَةِ. هذا المذهبُ. فلو فسَّره بإنْشاءِ هِبَةٍ، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ»: إذا قال: له فى هذا المالِ. أو: فى هذه التَّرِكَةِ أَلْفٌ. يصِحُّ، ويُفَسِّرُها (¬3). قال: ويُعْتَبَرُ أَنْ لا يكونَ مَلَكَه، فلو قال الشَّاهِدُ: أُقِرُّ. وكانَ مَلَكَه إلى أَنْ أَقَرَّ، أو قال: هذا مِلْكِى إلى الآن، وهو لفُلانٍ. فباطِلٌ، ولو قال: هو لفُلانٍ، وما زالَ مِلْكِى إلى أَنْ أَقْرَرْتُ. لَزِمَه بأَوَّلِ كلامِه. وكذلك قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «تنبيه». (¬3) فى الأصل: «يفسر هنا».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ. فَهُوَ مُقِرٌ بِنِصْفِهَا. وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَذِهِ الدَّارُ عَارِيَّةً. ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَزَجِىُّ. قال: ولو قال: دارِى لفُلانٍ. فباطِلٌ. قوله: وإنْ قالَ: له هذه الدَّارُ عارِيَّةً. ثَبَتَ لها حُكْمُ العارِيَّةِ. وكذا لو قال: له هذه الدَّارُ هِبَةً، أو سُكْنَى. وهذا المذهبُ فيهما. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه [فى الأُولى] (¬1). وقدَّمه فى «الفُروعِ» فيهما، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، ورَدَّا (¬2) قولَ القاضى؛ لأَنَّ هذا بدَلُ اشْتِمالٍ. وقيل: لا يصِحُّ لكَوْنِه مِن غيرِ الجِنْسِ. قال القاضى: فى هذا وَجْهٌ، لا يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ عليه مَنْعُ قوْلِه: له هذه الدَّارُ ثُلُثَاها. وذكَرَ المُصَنِّفُ صِحَّتَه. فائدة: لو قال: هِبَةً سُكْنَى. أو: هِبَةً عارِيَّةً. عُمِلَ بالبَدَلِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: قِياسُ قولِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، بُطْلانُ الاسْثْناءِ هنا؛ لأنَّه اسْتِثْناءٌ للرَّقَبَةِ وبَقاءٌ للمَنْفَعَةِ، وهو باطِلٌ عندَنا، فيكونُ مُقِرًّا بالرَّقَبَةِ والمَنْفَعَةِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى ط: «زادا»، وفى أ: «زاد».

وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ، أَوْ رَهَنَ وَأَقبَضَ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ، وَقَالَ: مَا قَبَضْتُ وَلَا أَقْبَضْتُ. وَسَأَلَ إِحْلَافَ خَصْمِهِ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ أقَرَّ أنَّه وهَب، أو رهَن وأَقْبَضَ، أو أقَرَّ بقَبْضِ ثَمنٍ أو غيرِه، ثم أنْكَرَ، وقالَ: ما قَبضْتُ ولا أقْبَضْتُ. وسَألَ إحْلافَ خَصْمِه، فهل تَلْزَمُه اليَمِينُ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. وحَكاهما المُصَنِّفُ فى بعضِ كُتُبِه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايتَيْن، وفى بعضِها وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصةِ»؛ أحدُهما، تَلْزَمُه اليمينُ. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ»، و «النَّظْمِ». وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وله تَحْلِيفُه على الأصحِّ. وجزَم به فى «المُجَرَّدِ»، و «الفُصولِ»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، [و «المُنَوِّرِ»] (¬1)، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. ومالَ إليه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، بلِ اخْتارَه المُصَنِّفُ، ذكَرَه فى أوائلِ بابِ الرَّهْنِ مِن «المُغْنِى». والوَجْهُ الثَّانى، لا يَلْزَمُه. نَصرَه القاضى وأصحابُه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ: ولا يُشْبِهُ مَنْ أقَرَّ ببَيْعٍ وادَّعَى تَلْجِئَةً، إنْ قُلْنا: يُقْبَلُ. لأنَّه ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لم يَنْفِ ما أقَرَّ به. فائدة: لو أقَرَّ ببَيْعٍ أو هِبَةٍ أو إقْباضٍ، ثم ادَّعَى فَسادَه، وأنَّه أقَرَّ يظُنُّ الصِّحَّةَ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وِإنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ أقَرَّ أنَّ المَبِيعَ لِغَيْرِهِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْمُشْتَرِى، وَلَمْ يَنْفَسِخِ الْبَيْعُ، وَلَزِمَهُ غَرامَتُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أقَرَّ بِهِ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِى ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدُ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِلَّا بِبَيِّنةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ كُذِّبَ، وله تحْلِيفُ المُقَرِّ له، فإنْ نَكَلَ، حَلَفَ هو ببُطْلانِه. وكذا إنْ قُلْنا: تُرَدُّ اليمينُ. فَحَلَفَ المُقِرُّ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن». قوله: وإنْ باعَ شَيْئًا ثم أقَرَّ أنَّ المَبِيعَ لغيرِه، لم يُقْبَلْ قَوْلُه على المُشْتَرِى، ولم يَنْفَسِخِ البَيْعُ، ولَزِمَتْه غَرامَتُه للمُقَرِّ له -لأنَّه فوَّتَه عليه بالبَيْعِ- وكذلك إنْ وَهَبَه، أو أعْتَقَه، ثم أقَرَّ به. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصةِ»، وغيرِهم. وقوله: وإنْ قالَ: لم يَكُنْ مِلْكِى ثم مَلَكْتُه بعدُ. لم يُقْبَلْ قَوْلُه -لأَنَّ الأَصْلَ أنَّ

وَإِنْ كَانَ قَدْ أقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ قَالَ: قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِى. وَنَحْوَهُ، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإنْسانَ إنَّما يتَصَرَّفُ فى مالِه -إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً- فيُقْبَلَ ذلك- فإنْ كانَ قد أقَرَّ أنَّه مِلْكُه، أو قَالَ: قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِى. أو نحوه، لم تُسْمَعْ بَيِّنَتُه أيضًا. لأنَّها تشْهَدُ بخِلافِ ما أقَرَّ به. قالَه الشَّارِحُ وغيرُه. فائدة (¬1): لو أقرَّ بحَقٍّ لآدَمِىٍّ، أو بِزَكاةٍ، أو كَفَّارَةٍ، لم يُقْبَلْ رُجوعُه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأكثرُ. وقيل: إنْ أقَرَّ بما لم يَلْزَمْه حُكْمُه، صحَّ ¬

(¬1) فى الأصل: «قوله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رُجوعُه. وعنه، فى الحُدودِ دُونَ المالِ.

فصل

فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ، لَا بَلْ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: غَصَبْتُ هذا العَبْدَ مِن زيْدٍ، لا بل مِن عَمْرٍو. أَوْ: مَلَّكْتُهُ لعَمْرٍو وغَصَبْتُه مِن زَيْدٍ. لَزِمَه دَفْعُه إلَى زَيْدٍ، ويَغْرَمُ قِيمَتَه لعَمْرٍو (¬1). ¬

(¬1) بعده فى ط: «إذا قال: غصبت هذا العبد من زيد، لا بل من عمرو. لزمه دفعه إلى زيد، ويغرم قيمته لعمرو».

عَمْرٍو. أَوْ: مَلَّكْتُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ. لَزِمَهُ دَفْعُهُ إِلَى زَيْدٍ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو. ـــــــــــــــــــــــــــــ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: دَفَعَه لزَيْدٍ، وإلَّا صحَّ، وغَرِمَ قيمَتَه لعَمْرٍو. وجزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصةِ»، و «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»، وغيرِهم. وقيل: لا يَغْرَمُ قِيمَتَه لعَمْرٍو. وقيل: لا إقْرارَ مع اسْتِدْراكٍ مُتَّصِلٍ. واخْتارَه الشِّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ. وهو الصَّوابُ. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: غَصَبْتُه مِن زَيْدٍ، وغَصَبَه هو مِن عَمْرٍو. أو: هذا لزَيْدٍ، لا (¬1) بل لعَمْرٍو. ونصَّ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، على هذه الأخيرةِ. وأمَّا إذا قال: مِلْكُه لعَمْرٍو، وغَصَبْتُه مِن زَيْدٍ. فجزَم المُصَنِّف هنا، بأنَّه يَلزَمُه دَفعُه إلى زَيْدٍ، ويَغْرَمُ قِيمَتَه لعَمْرٍو. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايتَيْن». وقال: هذا الأشْهَرُ. وقيل: يَلْزَمُه دَفْعُه إلى عَمْرٍو، ويَغْرَمُ قِيمَتَه لزَيْدٍ. قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا. أُخِذَ بِالتَّعْيِينِ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــ المُصَنِّفُ: وهذا وَجْهٌ حسَنٌ. قال فى «المُحَرَّرِ»: وهو الأصحُّ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ». وقال القاضى، وابنُ عَقِيلٍ: العَبْدُ لزَيْدٍ، ولا يَضْمَنُ المُقِرُّ لعَمْرٍو شيئًا. ذكَرَه فى «المُحَرَّرِ». وتقدَّم اخْتِيارُ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. فائدة: لو قال: غَصَبْتُه مِن زَيْدٍ، ومِلْكُه لعَمْرٍو. فجزَم فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهما، أنَّه لزَيْدٍ، ولم يَغْرَمْ لعَمْرٍو شيئًا، قال فى «الرِّعايتَيْن»: أخذَه زَيْدٌ، ولم يَضْمَنِ المُقِرُّ لعَمْرٍو شيئًا، فى الأشْهَرِ. انتهى. وقيل: يغْرَمُ قِيمَتَه لعَمْرٍو كالتى قبلَها. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» بعدَ ذِكْرِ المَسْألتَيْن: وإنْ قال: مَلَّكْتُه لعَمْرٍو، وغصَبْتُه مِن زَيْدٍ. دفَعَه إلى زَيْدٍ، وقِيمَتَه إلى عَمْرٍو. وهذا مُوافِقٌ لإحْدَى النُّسْختَيْن فى كلامَ المُصَنِّفِ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قوله: وِإنْ قالَ: غَصَبْتُه مِن أحدِهما. أُخِذَ بِالتَّعْيِينِ، فيَدْفَعُه إلَى مَنْ عَيَّنَه، ويَحْلِفُ للآخَرِ -بلا نِزاعٍ- وإنْ قالَ: لا أَعلمُ عَيْنَهُ. فصدَّقاه، انْتُزِعَ مِنْ يَدِه، وكانا خَصْمَيْن فيه. وإنْ كَذَّباه، فالقَوْلُ قَوْلُه معَ يَمِينِه. فيَحْلِفُ يمينًا واحدةً

عَيَّنَهُ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ. وَإِنْ قَالَ: لَا اعْرِفُ عَيْنَهُ. فَصَدَّقَاهُ، انتُزِعَ مِنْ يَدِهِ، وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ. وَإِنْ كَذَّبَاهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِيِنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّه لا يعْلَمُ لمَنْ هو منهما. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قدَّمه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما مِن الأصحابِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا ادَّعَى كلُّ واحدٍ أنَّه

وَإِنْ أقَرَّ بِأَلْفٍ فِى وَقْتَيْنِ، لَزِمَهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المَغْصوبُ منه، توَجَّهَتْ عليه اليمينُ لكُلِّ واحِدٍ منهما أنَّه (¬1) لم يغْصِبْه منه. قلتُ: قد تقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى بابِ الدَّعاوَى، فيما إذا كانتِ العَيْنُ بيَدِ ثالثٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ فَرَسِ، أَوْ قَرْضٍ، لَزِمَهُ أَلْفَانِ. وَإِذَا ادَّعَى رَجُلَانِ دَارًا فِى يَدِ غَيْرِهِمَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا، فَالمُقَرُّ بِهِ بَيْنَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى رَجُلان دارًا فى يَدِ غيرِهما شَرِكَةً بينَهما بالسَّوِيَّةِ، فأقَرَّ لأحَدِهما بنِصْفِها، فالمُقَرُّ به بينَهما. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وغيرُه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النَّظْمِ».

وَإِنْ قَالَ فِى مَرَضِ مَوْتِهِ: هَذَا الْمَالُ لُقَطَةٌ، فَتَصَدَّقُوا بِهِ. وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: إنْ أَضافَا الشَّرِكَةَ إلى سبَبٍ واحدٍ؛ كشِراءٍ، وإرْثٍ، ونحوِهما، فالنِّصْفُ بينَهما، وإلَّا فلا. زادَ فى «المُجَردِ»، و «الفُصولِ»: ولم يكُونَا قَبَضاه بعدَ المِلْكِ له. وتابعَهما فى «الوَجِيزِ» على ذلك. وعَزَاه فى «المُحَرَّرِ» إلى القاضى. قال فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»: وهو المذهبُ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ». قوله: وإنْ قالَ فى مَرَضِ مَوْتِه: هذا الأَلْفُ لُقَطَةٌ فتَصَدَّقوا به. ولا مالَ له

فصل

مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ. وَحُكِىَ عَنِ الْقَاضِى، أَنَّهُ تلزَمُهُمُ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِهِ. فَصْلٌ: اذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ مِائَةً، فَادَّعَاهَا رَجُلٌ، فَأَقَرَّ ابْنُهُ لَهُ بِهَا، ثُمَّ ادَّعَاهَا آخَرُ، فَأقَرَّ لَهُ، فَهِىَ لِلأَوَّلِ، وَيَغْرَمُهَا لِلثَّانِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرُه، لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصدَقَةُ بثُلُثِه -هذا رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» - وحُكِىَ عن القاضى، أنَّه يَلْزَمُهم الصَّدَقَةُ بجميعِه. وهو الرِّوايةُ الأُخْرَى. وهو المذهبُ. سواءٌ صدَّقُوه أَوْ لا. قدَّمه فى «الفُروعِ». وصحَّحه النَّاظِمُ، وصاحِبُ «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ». وجزَم فى «المُسْتَوْعِبِ» بالتَّصَدُّقِ بثُلُثِها إنْ قُلْنا: تُمْلَكُ اللُّقَطَةُ. قوله: وإذا ماتَ رَجُلٌ وخلَّفَ مِائَةً، فادَّعاها رَجُلٌ، فأقَرَّ ابْنُه له بها، ثُمَّ ادَّعاها

وَإِنْ أقَرَّ بِهَا لَهُمَا جَمِيعًا، فَهِىَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ أَقَرّ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ، فَهىَ لَهُ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ آخَرُ، فأَقَرَّ له، فهى للأوَّلِ، ويغْرَمُها للِثَّانِى. هذا المذهبُ. وقطَع به الأصحابُ. قال الشَّارِحُ: وكذا الحُكْمُ لو قال: هذه الدَّارُ لزَيْدٍ، لا بل لعَمْرٍو. انتهى. وقد تقدَّم قريبًا حُكْمُ هذه المسْألَةِ؛ وأنَّ فى غَرامَتِها للثَّانى خِلافًا. قوله: وإنْ أَقَرَّ بها لهما مَعًا، فهى بينَهما. قطَع به الأصحابُ أيضًا.

وَإِنِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا، فَأَقَرَّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقرَّ لَهُ؛ فَإِنْ كَانَ فِى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَهِىَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِى مَجْلِسَيْنِ، فَهِىَ لِلأَوَّلِ، وَلَا شَىْءَ لِلثَّانِى. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى رَجُلٌ على المَيِّتِ مِائَةً دَيْنًا، فأقَرَّ له، ثمَّ ادَّعَى آخَرُ مِثْلَ ذلك، فأقَرَّ له؛ فإنْ كانَ فى مَجْلِسٍ واحِدٍ، فهى بينَهما. يعْنِى، إذا كانتِ المِائَةُ جميعَ التَّرِكَةِ. وهذا المذهبُ. جزَم به الخِرَقِىُّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. قال فى «الفُروعِ»: قطَع به جماعةٌ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وظاهرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، اشْتِراكُهما إنْ تَواصلَ الكَلامُ بإقْرارَيْه، وإلَّا فلا. وقيل: هى للأَوَّلِ. وأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِىُّ. قوله: وإنْ كانَا فى مَجْلِسَيْن، فهى للأَوَّلِ، ولا شَىْءَ للثَّانِى. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وأَطْلقَ الأَزَجِىُّ احْتِمالًا بالاشْتِراكِ. يعْنِى سواءً كان فى مَجْلِسٍ أو مجْلِسَيْن، كإقْرارِ مريضٍ لهما. وقال الأَزَجِىُّ أيضًا: لو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خلَّف ألْفًا فادَّعَى إنْسانٌ الوَصِيَّةَ بثُلُثِها، فأقَرَّ له، ثم ادَّعَى آخَرُ ألفًا دَيْنًا، فأقَرَّ له، فلِلْمُوصَى له ثُلُثُها وبقِيَّتُها للثَّانى. وقيل: كلُّها للثَّانى. وإنْ أقَرَّ لهما معًا، احْتَمَلَ

وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، فَادَّعَىِ رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الابْنَيْنِ، وَأنْكَرَ الآخرُ، لَزِمَ المُقِرَّ نِصْفُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنَّ رُبْعَها للأوَّلِ، وبقِيَّتَها للثَّانى. انتهى. قلتُ: على الوَجْهِ الأَوَّلِ فى المسْألَةِ الأُولَى، يُعايَى بها. قوله: وإنْ خلَّف ابْنَيْن ومِائَتَيْن، فادَّعَى رَجُلٌ مِائَةً دَيْنًا على الميِّتِ، فصَدَّقه أحَدُ الابْنَيْنِ، وأنْكَرَ الآخَرُ، لَزِمَ المُقِرَّ نِصْفُها.

إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، فَيَحْلِفُ الْغَرِيمُ مَعَ شَهَادَتِهِ، وَيَأْخُذُ مِائَةً، وَتَكُونُ المِائَةُ الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الابْنَيْنِ. وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَعَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَى الْقِيمَةِ، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا، فَقَالَ أَحَدُ الابنَيْنِ: أَبِى أَعْتَقَ هَذَا. وَقَالَ الآخَرُ: بَلْ اعْتَقَ هَذَا الآخَرَ. عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ، وَصَارَ لِكُلِّ ابْنٍ سُدْسُ الَّذِى ـــــــــــــــــــــــــــــ إلَّا أَنْ يَكونَ عَدْلًا، فيَحْلِفُ الغَرِيمُ مع شَهادَتِه، ويَأْخُذُ مِائةً، وتَكُونُ المائةُ الباقِيَةُ بينَ الابنَيْن. تقدَّم ذلك فى آخِرِ كتابِ الإِقْرارِ، عندَ قولِ المُصَنِّفِ: وإنْ أقَرَّ الوَرَثَةُ على مَوْرُوثِهم بدَيْنٍ، لَزِمَهم قَضاؤُه مِنَ التَّرِكَةِ. قوله: وإنْ خلَّف ابْنَيْن وعَبْدَيْن مُتَساوِيَى القِيمَةِ، لا يَمْلِكُ غَيْرَهما، فقالَ أحَدُ

أقَرَّ بِعِتْقِهِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ الآخَرِ. وَإِنْ قَالَ أحَدُهُمَا: أبِى أَعْتَقَ هَذَا. وَقَالَ الْآخَرُ: أبِى أعْتَقَ أَحَدَهُمَا، لَا أَدْرِى مَنْ مِنْهُمَا. أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَإنْ وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى الَّذِى اعْتَرَفَ الابنُ بِعِتْقِهِ، عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثَاهُ، إِنْ لَمْ يُجِيزَا عِتْقَهُ كَامِلًا، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ عَيَّنَ الْعِتْقَ فِى الْعَبْدِ الثَّانِى سَوَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــ الابْنَيْن: أبِى أعْتَقَ هذا -فى مَرَضِه- فقالَ الآخَرُ: بل أعْتَقَ هذا الآخَرَ. عَتَقَ مِنْ كُلِّ واحِدٍ ثُلُثُه، وصارَ لكُلِّ ابْن سُدْسُ الَّذِى أقَرَّ بعِتْقِه ونِصْفُ العَبْدِ الآخَرِ. وإنْ قال أحَدُهما: أبِى أعْتَقَ هذا. وقالَ الآخَرُ: أبِى أَعْتَقَ أحَدَهما، لا أدْرِى مَنْ منهما. أُقْرِعَ بينَهما، فإنْ وقَعَتِ القُرْعَةُ على الَّذِى اعْتَرَفَ الابنُ بعِتْقِه، عَتَقَ منه ثُلُثاه، إنْ لم يُجِيزا عِتْقَهُ كَامِلًا، وإنْ وَقَعَتْ على الآخَرِ، كانَ حُكْمُه حُكْمَ ما لو عَيَّنَ العِتْقَ فى العَبْدِ الثَّانِى سواءً. قال الشَّارِحُ: هذه المسْأَلَةُ مَحْمولَةٌ على أنَّ العِتْقَ كان فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَرَضِ المَوْتِ المَخُوفِ أو بالوَصِيَّةِ. وهو كما قال. وقُوَّةُ كلامِ المُصَنِّفِ تُعْطِى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك مِن قوْلِه: عَتَقَ مِن كلِّ واحدٍ ثُلُثُه. وهذه الأحْكامُ صحيحةٌ، لا أعلمُ فيها خِلافًا. لكِنْ لو رجَعَ الابنُ الذى جَهِلَ عَيْنَ المُعْتَقِ، وقال: قد عرَفْتُه قبلَ القُرْعَةِ. فهو كما لو عَيَّنَه ابْتِداءً مِن غيرِ جَهْلٍ، وإنْ كان بعدَ القُرْعَةِ، فوافَقَها تعْيِينُه، لم يتَغَيَّرِ الحُكْمُ، وإنْ خالَفَها، عَتَقَ مِن الذى عيَّنَهَ ثُلُثُه بتَعْييِنِه، فإنْ عيَّن الذى عيَّنَهَ أَخُوه، عَتَقَ ثُلُثَاه، وإنْ عيَّن الآخَرَ، عَتَقَ منه ثُلُثُه. وهل يَبْطُلُ العِتْقُ فى الذى عَتَقَ بالقُرْعَةِ؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ الوَجِيزِ».

باب الإقرار بالمجمل

بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَل إذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ شَىْءٌ. أَوْ: كَذَا. قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ. فَإنْ أَبَى، حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ، فَإِنْ مَاتَ، أُخِذَ وَارِثُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُقْضَى مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ بابُ الإِقْرارِ بالمُجْمَلِ قوله: إذا قالَ: له علىَّ شَىْءٌ. أو: كذا. قيلَ له: فَسِّرْ. فإنْ أبَى، حُبِسَ حتَّى يُفَسِّرَ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به جماعةً. وقال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «النُّكَتِ»، وغيرِهم. وقال القاضى: يُجْعَلُ ناكِلًا، ويُؤْمَرُ المُقَرُّ له بالبَيانِ، فإنْ بيَّن شيئًا وصدَّقَه المُقِرُّ، ثَبَتَ، وإلَّا جُعِلَ ناكِلًا، وحُكِمَ عليه بما قالَه المُقِرُّ. وظاهرُ «الفُروعِ» إطْلاقُ الخِلافِ. فائدة: مِثْلُ ذلك [فى الحُكْمِ] (¬1)، خِلافًا ومذهبًا، لو قال: له علىَّ كذا وكذا. وقال الأَزَجِىُّ: إنْ كرَّرَ بواوٍ، فللتَّأْسِيس، لا للتَّأْكيدِ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قوله: فإنْ ماتَ، أُخِذَ وارِثُه بمِثْلَ ذلك، إنْ خلَّف المَيِّتُ شَيْئًا يُقْضَى منه (¬2) -قُلْنا: لا يُقْبَل تفْسِيرُه بحدِّ قَذْفٍ- وإلَّا فلا. وهذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) بعده فى الأصل، أ: «إن».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وعنه، إنْ صدَّق الوارِثُ موْرُوثَه فى إقْرارِه، أُخِذَ به، وإلَّا فلا. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وعنْدى، إنْ أبَى الوارِثُ أَنْ يُفَسِّرَه، وقال: لا عِلْمَ لى بذلك. حَلَفَ، ولَزِمَه مِن التَّرِكَةِ ما يقَعُ عليه الاسْمُ، كما فى الوَصِيَّةِ لفُلانٍ بشئٍ. قلتُ: وهذا هو الصَّوابُ. قال فى «النُّكَتِ» عنِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختِيارِ صاحبِ «المُحَرَّرِ» هذا: يَنْبَغِى أَنْ يكونَ على المذهبِ، لا (¬1) قَوْلًا ثالثًا؛ لأنَّه يبْعُدُ جِدًّا -على المذهبِ- إذا ادَّعَى عدَمَ (2) العِلْمِ وحَلَف، أنَّه لا يُقْبَلُ قوْلُه. قال: ولو قال صاحِبُ «المُحَرَّرِ»: فعلى المذهبِ. أو: فعلى الأَوَّلِ. وذكَر ما ذكَرَه، كان أَوْلَى. فائدة: لو ادَّعَى المُقِرُّ قبلَ موْتِه عدَمَ العِلْمِ بمِقْدارِ ما أقَرَّ به وحَلَفَ، فقال فى «النُّكَتِ»: لم أجِدْها فى كلامِ الأصحابِ، إلَّا ما ذكَرَه الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ فى «شَرْحِه»، بعدَ أَنْ ذكَر قولَ صاحبِ «المُحَرَّرِ»، فإنَّه قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ المُقِرُّ كذلك، إذا حَلَفَ أَنْ لا يعْلَمَ، كالوارِثِ. وهذا الذى قالَه مُتَعَيِّنٌ، ليسَ فى كلامِ الأصحابِ ما يُخالِفُه. انتهى كلامُ صاحبِ «النُّكَتِ». وتابعَ فى «الفُروعِ» صاحِبَ «الشَّرْحِ» فى ذِكْرِ الاحْتِمالِ والاقْتِصارِ عليه. قلتُ: وهذا الاحْتِمالُ عَيْنُ الصَّوابِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

فَإنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ مَالٍ، قُبلَ وَإِنْ قَلَّ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ كَقِشْرِ جَوْزَةٍ، أَوْ مَيْتَةٍ، أَوْ خَمْرٍ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: فإنْ فَسَّرَهُ بحَقِّ شُفْعَةٍ أو مالٍ، قُبِلَ وإنْ قَلَّ. بلا نِزاعٍ. قوله: فإنْ فَسَّرَه بما ليس بمالٍ؛ كقِشْرِ جَوْزَةٍ، أو مَيْتَةٍ، أو خَمْرٍ، لم يُقْبَلْ. هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وكذا لو فسَّرَه بحَبَّةِ بُرٍّ أو شَعِيرٍ، أو خِنْزِيرٍ، ونحوِها. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال الأَزَجِىُّ: فى قَبُولِ تفْسيرِه بالمَيْتَة وَجْهان. وأَطْلَقَ فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «التَّبْصِرَةِ» الخِلافَ فى كَلْبٍ وخِنْزِيرٍ. وقال فى «التَّلْخيصِ»: وإنْ قال: حبَّةُ حِنْطَةٍ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَ فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى» الوَجْهَيْن فى: حبَّةُ حِنْطَةٍ. وظاهرُ كلامِه فى «الفُروعِ»، أنَّ فيه قوْلًا بالقَبُولِ مُطْلَقًا، فإنَّه قال بعدَ ذِكْرِ ذلك: وقيل: يُقْبَلُ. وجزَم به الأَزَجِىُّ، وزادَ أنَّه يَحْرُمُ أخْذُه، ويجِبُ ردُّه، وأنَّ قِلَّتَه لا تَمْنَعُ طَلَبَه والإقْرارَ به. لكِنَّ شيْخَنا فى «حَواشِى الفُروعِ» ترَدَّد، هل يعُودُ القولُ إلى حَبَّةِ البُرِّ والشَّعِيرِ فقط، أو يعُودُ إلى الجميعِ، فيَدْخُلُ فى الخِلافِ المَيْتَةُ والخَمْرُ؟ وصاحِبُ «الرِّعايتَيْن» حكَى الخِلافَ فى الحَبَّةِ، ولم يذْكُرْ فى الخَمْرِ والمَيْتَةِ خِلافًا. انتهى. قلتُ: الذى يُقْطَعُ به، أنَّ الخِلافَ جارٍ فى الجميعِ. وفى كلامِه ما يدُلُّ على ذلك، فإن مِن جُمْلَةِ الصُّوَرِ التى مثَّلَ بها غير المُتَمَوَّلِ، قِشْرَ الجَوْزَةِ، ولا شكَّ أنَّها أكبرُ مِن حبَّةِ البُرِّ والشَّعِيرِ، فهى أَوْلَى أَنْ يَحْكِىَ فيها الخِلافَ. فائدتان؛ إحْداهما، علَّلَ المُصَنِّفُ الذى ليسَ بمالٍ؛ كقِشْرِ الجَوْزَةِ، والمَيْتَةِ، والخمْرِ، بأنَّه لا يثْبُتُ فى الذِّمَّةِ. الثَّانيةُ، لو فسَّرَه بردِّ السَّلامِ، أو تَشْمِيتِ العاطِسِ، أو عِيادَةِ المريضِ، أو إجَابَةِ الدَّعْوَةِ (¬1)، ونحوِه، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يُقْبَلُ. وأَطْلَقهما فى «النَّظْمِ». ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «دعوته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ فَسَّرَه بكَلْبٍ، أو حَدِّ قَذْفٍ -يعْنِى المُقِرَّ- فعلى وَجْهَيْن. إذا فسَّرَه بكَلْبٍ، ففيه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «المُغْنِى»، و «التَّلْخيصِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»، و «شَرْحِ الوَجِيزِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «المُجَرَّدِ» للقاضى. والوَجْهُ الثَّانى، يُقْبَلُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: مَحَلُّ الخِلافِ، فى الكَلْبِ المُباحِ نفْعُه، فأمَّا إنْ كان غيرَ مُباحِ النَّفْعِ، لم يُقْبَلْ (¬1) تفْسِيرُه به عندَ الأصحابِ. وقطَع به الأكثرُ. وأَطْلَقَ فى «التَّبْصِرَةِ» الخِلافَ فى الكَلْبِ والخِنْزِيرِ، كما تقدَّم عنه. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ، لو فسَّرَه بجِلْدِ مَيْتَةٍ تنَجَّسَ بمَوْتِها. قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: قبْلَ دَبْغِه وبعدَه. وقيل: وقُلْنا: لا يَطْهُرُ. وقال فى «الصُّغْرى»: قبلَ دَبْغِه وبعدَه، وقُلْنا: لا يَطْهُرُ. مِن غيرِ حِكايةِ قولٍ. وأمَّا إذا فسَّره بحدِّ قَذْفٍ، فأَطْلَقَ المُصَنِّفُ فى قَبُولِه به وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصةِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الهادِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، و «تَجْريدِ العِنايةِ»؛ أحدُهما، يُقْبَلُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الكافِى»، و «المُنَوِّرِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ ¬

(¬1) فى الأصل: «يُبَح».

وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا. ثُمَّ فَسَّرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ، لَمْ يُقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «البُلْغَةِ» فى الوارِثِ، فغيْرُه أوْلَى. وصحَّحه فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه شارِحُ «الوَجِيزِ». قال فى «النُّكَتِ»: قطَع بعْضُهم بالقَبُولِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يُقْبَلُ تفْسِيرُه به. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقال فى «النُّكَتِ»: ويَنْبَغِى أَنْ يكونَ الخِلافُ فيه مَبْنِيًّا. على الخِلافِ فى كوْنِه حقًّا للَّهِ تعالَى، فأمَّا إنْ قُلْنا: إنَّه حقٌّ للآدَمِى. قُبِلَ، وإلَّا فلا فائدة: لو قال: له علىَّ بعْضُ العَشَرَةِ. فله تفْسِيرُه بما شاءَ منها، وإنْ قال: شَطْرُها. فهو نِصْفُها. وقيل: ما شاءَ. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ». قوله: وإنْ قالَ: غَصَبْتُ منه شَيْئًا. ثُمَّ فَسرَه بنَفْسِه، أو وَلَدِه، لم يُقْبَلْ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «التَّلْخيصِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجِيزِ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ» فى نفْسِه، واقْتَصُروا عليه. وقيل: يُقْبَلُ تفْسِيرُه بوَلَدِه. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» فى الوَلَدِ، وجزَمُوا بعدَمِ القَبُولِ فى النَّفْسِ أيضًا. فوائد؛ إحْداها، لو فسَّره بخَمْرٍ ونحوِه، قُبِلَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال فى «المُغْنِى» (¬1): قُبِلَ (¬2) تفْسِيرُه بما يُباحُ نفْعُه. وقال فى «الكافِى»: هى كالتى قبلَها. قال الأَزَجِىُّ: إنْ كان المُقَرُّ له مُسْلِمًا، لَزِمَه (¬3) إراقَةُ الخَمْرِ وقَتْلُ الخِنْزِيرِ. الثَّانيةُ، لو قال: غصَبْتُكَ. قُبِل تفْسِيرُه بحَبْسِه (¬4) وسَجْنِه. على الصَّحيحِ مِن ¬

(¬1) انظر: المغنى 7/ 310. (¬2) فى الأصل، ط: «يقبل». (¬3) فى الأصل: «لزم». (¬4) فى الأصل: «بخشبه».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مَالٌ عَظِيمٌ، أَوْ: خَطِيرٌ، أَوْ: كَثِيرٌ، أَوْ: جَلِيلٌ. قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبِ. وقال فى «الكافِى»: لا يَلْزَمُه شئٌ؛ لأنَّه قد يغْصِبُه نفْسَه. وذكَر الأَزَجِىُّ، أنَّه إنْ قال: غصَبْتُكَ. ولم يقُلْ: شيئًا. يُقْبَلُ بنَفْسِه ووَلَدِه، عندَ القاضى. قال: وعنْدِى لا يُقْبَلُ؛ لأَنَّ الغَصْبَ حُكْمٌ شَرْعِىٌّ، فلا يُقْبَلُ إلَّا بما هو مُلْتَزَمٌ شَرْعًا. وذكَرَه فى مَكانٍ آخَرَ عنِ ابنِ عَقِيلٍ. الثَّالثةُ، لو قال: له علىَّ مالٌ. قُبِل تفْسِيرُه بأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ، والأشْبَهُ، وبأُمِّ وَلَدٍ. قالَه فى «التَّلْخيصِ»، و «الفُروعِ»، [واقْتَصَرَا] (¬1) عليه؛ لأنَّها مالٌ، كالقِنِّ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ». وقال: قلتُ: ويَحْتَمِلُ ردَّه. قوله: وإنْ قالَ: علىَّ مالٌ عَظِيمٌ، أو: خَطِيرٌ، أو: كَثِيرٌ، أو: جَلِيلٌ. قُبِلَ تَفِسيرُه بالقَلِيلِ والكَثِيرِ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: قُبِل عندَ أصحابِنا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، [و «المُنَوِّرِ»] (¬2)، و «المُذْهَبِ»، ¬

(¬1) فى الأصل: «واقتصر». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الهادِى»، و «الكافِى»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»، و «الفُروعِ». ويَحْتَمِلُ أَنْ يَزيدَ شيئًا، أو يُبَيِّنَ وَجْهَ الكَثْرَةِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ العُرْفُ، وإنْ لم ينْضَبِطْ؛ كيَسِيرِ اللُّقَطَةِ، والدَّمِ الفاحِشِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يُرْجَعُ إلى عُرْفِ المُتَكَلِّمِ، فيُحْمَلُ مُطْلَقُ كلامِه على أقلِّ مُحْتَمَلاتِه. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنْ أرادَ عِظَمَه عندَه، لقِلَّةِ مالٍ أو خِسَّةِ (¬1) نفْسِه، قُبِل تفْسِيرُه بالقَليلِ، وإلَّا فلا. قال فى «النُّكَتِ»: وهو معْنَى قولِ ابنِ عَبْدِ القَوِىِّ فى «نَظْمِه». انتهى. واخْتارَ ابنُ عَقِيلٍ، فى: مالٍ ¬

(¬1) فى الأصل: «خشية».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عظيمٍ. أنَّه يلْزَمُه نِصابُ السَّرِقَةِ، وقال: خطيرٌ، ونفِيسٌ، صِفَة لا يجوزُ إلْغاؤُها، كـ: سَليمٍ كسليمٍ. وقال (¬1) فى عزيرٍ: يُقْبَلُ [بالأَثْمانِ] (¬2) الثِّقالِ، أو المُتَعَذِّر وُجودُه؛ لأنَّه العُرْفُ، ولهذا (5) اعْتَبَرَ أصحابُنا المقاصِدَ والعُرْفَ فى الأَيْمانِ، ولا فَرْقَ. قال: وإنْ قال: عظيمٌ عندَ اللَّهِ. قُبِل بالقليلِ، وإنْ قال: عظيمٌ عندِى. احْتَمَلَ كذلك، واحْتَمَلَ: يُعْتَبَرُ حالُه. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «فى الأيمان». وفى أ: «فى الأثمان».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ. قُبِلَ تَفْسِيرُهَا بِثَلَاثةٍ فَصَاعِدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ دراهمُ كَثِيرَةٌ. قُبِلَ تَفْسِيرُها بثَلَاثَةٍ فصاعِدًا. وهذا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ. وعليه الأصحابُ، كقَوْلِه: له علىَّ دَراهِمُ. ولم يقُلْ: كثيرةٌ. نصَّ عليه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، يَلْزَمُه -فى المَسْألَةِ الأُولَى- فوقَ عشَرَةٍ؛ لأنَّه اللُّغَةُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا بُدَّ للكَثْرَةِ مِن زِيادَةٍ ولو دِرْهَمًا؛ إذْ لا حدَّ للوَضْعِ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. وفى «المُذْهَبِ» لابنِ الجَوْزِىِّ احْتِمالٌ، يَلْزَمُه تِسْعَةٌ؛ لأنَّه أكثرُ القليلِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ وجْهٌ فى قوْلِه: علىَّ دَراهِمُ. يلْزَمُه فوقَ عشَرَةٍ. فائدة: لو فسَّر ذلك بما يُوزَنُ بالدَّراهمِ عادةً؛ كإبْرَيْسَمٍ وزَعْفَرانٍ ونحوِهما،

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ كَذَا دِرْهَمٌ. أَوْ: كَذَا وَكَذَا. أَوْ: كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ. بِالرَّفْعِ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ. وَإِنْ قَالَ بِالْخَفْضِ، لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ، يُرْجَعُ فِى تَفْسِيرِه إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ففى قَبُولِه احْتِمالان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ بذلك. اخْتارَه القاضى. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والثَّانى، يُقْبَلُ به. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ كذا دِرْهَمٌ. أو: كذا وكذا. أَوْ: كذا كذا دِرْهَمٌ. بالرَّفْعِ، لَزِمَه دِرْهَمٌ. إذا قال: له على كذا درْهَمٌ. [أو: كذا كذا] (¬1) درْهَمٌ. بالرَّفْعِ فيهما (¬2)، لَزِمَه دِرْهَمٌ. بلا نِزاعٍ أعلَمُه. وكذا لو قال: كذَا كذا دِرْهَمًا. بالنَّصْبِ. ويأْتِى، لو قال: كذا و (¬3) كذا دِرْهَمًا. بالنَّصْبِ. فى كلامِ المُصَنِّفِ. وإنْ قال: كذا وكذا دِرْهَمٌ. بالرفْعِ، لَزِمَه دِرْهَمٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، ¬

(¬1) فى الأصل: «وكذا وكذا». (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) فى الأصل، أ: «أو».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الوَجِيزِ»، و «شَرْحِه»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ أيضًا. وقيل: يَلْزَمُه دِرْهَمٌ، وبعْضُ آخَرَ يُفَسِّرُه. وقيل: يَلْزَمُه دِرْهَمان (¬1). واخْتارَه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ أيضًا. قوله (¬2): وإِنْ قالَ بالخَفْضِ، لَزِمَه بَعضُ دِرْهمٍ، يُرْجَعُ فِى تَفْسِيرِه إليه. يعْنِى، لو قال: له علىَّ كذا دِرْهَمٍ. [أو: كذا وكذا دِرْهَمٍ] (¬3). أو: كذا كذا دِرْهَمٍ. بالخَفْضِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُه دِرْهَمٌ. اخْتارَه القاضى. وقيل: إنْ كرَّرَ الواوَ، لَزِمَه دِرْهَمٌ، وبعْضُ آخَرَ يُرْجَعُ فى تفْسيرِه إليه. فائدة (¬4): لو قال ذلك، ووقَف عليه، فحُكْمُه حكمُ ما لو قالَه بالخَفْضِ. جزَم به فى «الفُروعِ». وقال المُصَنِّفُ: يُقْبَلُ تفْسِيرُه ببَعْضِ دِرْهَمٍ. وعندَ القاضى، يَلْزَمُه دِرْهَمٌ. وقال فى «النُّكَتِ»: ويتَوَجَّهُ مُوافقَةُ (¬5) الأَوَّلِ فى العالِم بالعرَبِيَّةِ، ومُوافقَةُ الثَّانى فى الجاهِلِ بها. ¬

(¬1) فى الأصل: «درهمًا». (¬2) فى الأصل: «فائدة». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) فى الأصل: «قوله». (¬5) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: كَذَا درْهَمًا. بِالنَّصْبِ، لَزِمَهُ درْهَمٌ. وَإِنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا. بِالنَّصْبِ، فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِىُّ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: كذا دِرْهَمًا. بِالنَّصْبِ، لَزِمَه دِرْهَمٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به الأكثرُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فى عرَبِىٍّ، يَلْزَمُه أحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لأنَّه أقلُّ عدَدٍ يُمَيِّزُه. وعلى هذا القِياسِ، فى جاهِلِ العُرفِ. قوله: وإنْ قالَ: كذا وكذا دِرْهَمًا. بِالنَّصْبِ، فقالَ ابنُ حامِدٍ: يَلْزَمُه دِرْهَمٌ. كما اخْتارَه فى الرَّفْعِ. وهو المذهبُ هنا أيضًا. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ، فى «تَذْكِرَتِه». وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» فى مَوْضعٍ مِن كلامِه. واخْتارَه القاضى أيضًا. ذكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقال أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ: يَلْزَمُه دِرْهَمان. كما اخْتارَه فى الرَّفْعِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» فى مَوْضِعٍ آخَرَ، وكذا فى الخَفْضِ، فإنَّه مرَّةً قدَّم أنَّه يَلْزَمُه بعْضُ دِرْهَمٍ، وفى مَوْضِعٍ آخَرَ قدَّم أنَّه يلْزَمُه دِرْهَمٌ وبعْضُ آخَرَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تكونَ النُّسْخَةُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مغْلوطَةً. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ». وقيل: يلْزَمُه دِرْهَمٌ وبعْضُ آخَرَ. وأَطْلَقَهُنَّ فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ». وقيل: يَلْزَمُه هنا دِرْهَمان (¬1)، ¬

(¬1) فى الأصل: «درهمًا».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويلْزَمُه فيما إذا قال بالرَّفْعِ دِرْهَمٌ. واخْتارَ فى «المُحَرَّرِ» أنَّه يَلْزَمُه دِرْهَمٌ فى ذلك كلِّه، إذا كان لا يعْرِفُ العَرَبِيَّةَ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وتقدَّم قريبًا كلامُ صاحبِ «الفُروعِ».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ. رُجِعَ فِى تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَجْنَاسٍ، قبِلَ مِنْهُ. وَإِن قَالَ: لَهُ عَلىَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ. أَوْ: أَلْفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ ألْفٌ. رُجِعَ فى تَفْسِيرِه إليه، فإنْ فَسَّرَه بأجْنَاسٍ، قُبِلَ منه. بلا نِزاعٍ. لكِنْ لو فسَّره بنَحْوِ كِلابٍ، ففيه وَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». وصحَّح ابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»، أنَّه لا يُقْبَلُ تفْسِيرُه بغيرِ المالِ. قلتُ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، يُقْبَلُ تفْسِيرُه بذلك (¬1). قوله: وإن قالَ: له علىَّ أَلْفٌ ودِرْهَمٌ. أو: أَلْفٌ ودِينارٌ. أو: أَلْفٌ وثَوْبٌ، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَدِينَارٌ. أَوْ: أَلْفٌ وَثَوْبٌ، أَوْ فَرَسٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ. أَوْ: دِينَارٌ وَأَلْفٌ. فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِى: الْأَلْفُ مِن جِنْسِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ. وَقَالَ التَّمِيمِىُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُرْجَعُ فِى تَفسِيرِ الأَلْفِ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فَرَسٌ. أو: دِرْهَم وأَلْفٌ. أو: دِينارٌ وألْفٌ. فقالَ ابنُ حامِدٍ، والقَاضِى: الألْفُ مِن جِنْسِ ما عُطِف عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ، فى غيرِ المَكيلِ والمَوْزُونِ. وقال التَّمِيمِىُّ، وأبو الخَطَّابِ: يُرْجَعُ فى تفْسيرِ الألْفِ إليه. فلا يصحُّ البَيْعُ به. وقيل: يُرْجَعُ فى تفْسيرِه إليه مع العَطْفِ. ذكَرَه فى «الفُروعِ». وذكَر الأَزَجِىُّ، أنَّه بلا عَطْفٍ لا يُفَسِّرُه، باتِّفاقِ الأصحابِ. وقال: مع العَطْفِ لا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الأَلْفَ بقيمَةِ شئٍ، إذا خرَج منها الدِّرْهَمُ، بَقِىَ أكثرُ مِن دِرْهَمٍ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ: له علىَّ دِرْهَمٌ ونِصْفٌ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لو قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ونِصْفٌ. فهو مِن دِرْهَمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: له تفْسِيرُه بغيرِه. وقيل: فيه وَجْهان، كمِائَةٍ ودِرْهَمٍ. انتهى.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. أَو: خَمْسُونَ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ. فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ. وَيَحْتَمِلُ عَلَى قَوْلِ التَّمِيمِىِّ أَنْ يُرْجَعَ فِى تَفْسِيرِ الْأَلْفِ إِلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ وخَمْسُون دِرْهَمًا. أو: خَمْسُون وأَلْفُ دِرْهَمٍ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فالجَمِيعُ دَراهِمُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وصحَّحه الشَّارِحُ وغيرُه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. ويَحْتَمِلُ على قَوْلِ التَّمِيمِىِّ أنَّه يُرْجَعُ فى تَفِسيرِ الأَلْفِ إليه. قال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»: احْتَمَلَ، على قَوْلِ التَّمِيمِىِّ، أَنْ يَلْزَمَه خَمْسُونَ دِرْهَمًا، ويُرْجَعُ فى تفْسيرِ الأَلْفِ إليه، واحْتَمَلَ أَنْ يكونَ الجميعُ دَراهِمَ. زادَ فى «الهِدايَةِ»، فقال: لأنَّه ذكَرَ الدَّراهِمَ للإيجابِ، ولم يذْكُرْه للتَّفْسيرِ، وذِكْرُ الدِّرْهَمِ بعدَ الخَمْسِين

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا. فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ للتَّفْسيرِ؛ ولهذا لا يجِبُ له زِيادَة على أَلْفٍ وخَمْسِين، ووجَبَ بقوْلِه: دِرْهَمٍ. زِيادَةٌ على الألْفِ. انتهى. قال فى «المُحَرَّرِ» بعدَ ذِكْرِ المسائلِ كلِّها: وقال التَّمِيمِىُّ: يُرْجَعُ إلى تفْسِيرِه مع العَطْفِ، دُونَ التَّمْييزِ والإضافَةِ. انتهى. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا. فالجمِيعُ دَراهمُ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يُرْجَعُ فى تفْسِيرِها إليه. والخِلافُ هنا كالخِلافِ فى التى قبلَها. وقال الأَزَجِىُّ: إنْ فسَّر الأَلْفَ بجَوْزٍ أو بَيْضٍ، فإنَّه يُخْرِجُ منها بقِيمَةِ الدِّرْهَمِ، فإنْ بَقِىَ منها أكثرُ مِن النِّصْفِ، صحَّ الاسْتِثْناءُ، وإنْ لم يَبْقَ منها النِّصْفُ، فاحْتِمَالَان؛ أحدُهما، بَيْطُلُ الاسْتِثْناءُ، ويَلْزَمُه ما فسَّره، كأنَّه قال: له عنْدِى دِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَم. والثَّانى، يُطالَبُ بتَفْسيرٍ آخَرَ، بحيثُ يُخْرِجُ قِيمَةَ الدِّرْهَمِ، ويَبْقَى مِن المُسْتَثْنَى أكثرُ من النِّصْفِ. قال: وكذا قولُه: دِرْهَمٌ إلَّا (¬1) أَلْف. يقالُ له: فسِّرْ. بحيثُ يَبْقَى مِن الدِّرْهَمِ أكثرُ مِن نِصْفِه، على ما بيَّنَّا. وكذا الأَلْفُ إلَّا خمسَمائةٍ، يُفسِّرُ الأَلْفَ والخَمْسَمِائَةٍ على ما مرَّ. انتهى. فائدة: لو قال: له علىَّ (¬2) اثْنا عَشَرَ دِرْهَمًا ودِينارٌ. فإنْ رفَع الدِّينارَ، فواحِدٌ واثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وإنْ نَصَبَه نَحْوِىٌّ، فَمَعْناه الاثْنا (¬3) عَشرَ دَراهِمَ ودَنانِيرَ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: ط، أ. (¬3) فى ط، أ: «إلا أنثى».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِى هَذَا الْعَبْدِ شِرْكٌ. أَوْ: هُوَ شَرِيكِى فِيهِ. أَوْ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا. رُجِعَ فِى تَفْسِيرِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكَرَه المُصَنِّفُ فى «فَتاوِيه». قوله: وإنْ قالَ: له فى هذا العَبْدِ شِرْكٌ. أو: هو شَرِيكِى فيه. أو: هو شَرِكَةٌ بينَنا. رُجِعَ فى تَفسِيرِ نَصِيبِ الشَّرِيك إليه. وكذا قولُه: هو لى وله. وهذا المذهبُ فى ذلك كلِّه، لا أعلمُ فيه خِلافًا. قلتُ (¬1): لو قيل: هو بينَهما نِصْفانِ. كان له وَجْهٌ. ويُؤَيِّدُه قولُه تعالَى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ} (1). ثُمَّ وَجَدْتُ صاحِبَ «النُّكَتِ» قال: وقيل: يكونُ بينَهما سَواءً. نقَلَه ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ، وعَزَاه إلى «الرِّعايةِ»، ولم أَرَه فيها. فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: له فى هذا العَبْدِ سَهْمٌ. رُجِعَ فى تفْسيرِه إليه. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعندَ القاضى، له سُدْسُه، كالوَصِيَّةِ. جزَم به فى «الوَجِيزِ». ولو قال: له فى هذا العَبْدِ أَلْفٌ. قيل له: ¬

(¬1) فى الأصل: «و».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ. قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ. فَإنْ فَسَّرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ قَدْرًا، قُبِلَ وَإِنْ قَلَّ. وَإِنْ قَالَ: أرَدْتُ أكْثَرَ بَقَاءً وَنَفْعًا؛ لأَنَّ الْحَلَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْحَرَامِ. قُبِلَ مَعَ يَمِينِه، سَوَاءٌ عَلِمَ مَالَ فُلَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــ فسِّرْه. فإنْ فسَّره بأنَّه رَهَنه عندَه بالأَلْفِ، فقيلَ: يُقْبَلُ تفْسِيرُه بذلك، كجِنايَتِه وكقوْلِه: نَقْدُه فى ثَمَنِه. أو: اشْتَرَى رُبْعَه بالأَلْفِ. أو: له فيه شِرْكٌ. وقيل: لا يُقْبَلُ؛ لأَنَّ حقَّه فى الذِّمَّةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». الثَّانيةُ، لو قال لعَبْدِه: إنْ أقْرَرْتُ بِك لزَيْدٍ، فأنتَ حُرٌّ قبلَ إقْرارِى. فأقَرَّ به لزَيْدٍ، صحَّ الإِقْرارُ دُونَ العِتْقِ. وإنْ قال: فأنتَ حُرٌّ ساعةَ إقْرارِى. لم يصِحَّ الإِقْرارُ ولا العِتْقُ. قالَه فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى». وتقدَّم فى أواخرِ بابِ الشُّروطِ فى البَيْعِ، لو علَّق عِتْقَ عَبْدِه على بَيْعِه مُحَرَّرًا. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ أكْثَرُ مِن مالِ فُلانٍ. قِيلَ له: فسِّرْه. فإن فَسَّرَه بأكْثَرَ منه قَدْرًا، قُبِلَ وإنْ قَلَّ -بلا نِزاعٍ- وإنْ قالَ: أرَدْتُ أكْثَرَ بقاءً ونَفْعًا؛ لأَنَّ

أَوْ جَهِلَهُ، أَوْ ذَكَرَ قَدْرَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ أَكْثَرُ مِنْهُ قَدْرًا بِكُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحَلالَ أَنْفَعُ مِنَ الحَرَامِ. قُبِلَ مع يَمِينِه، سَواءٌ عَلِمَ مالَ فُلانٍ أو جَهِلَه، ذَكَرَ قَدْرَه أو لم يَذْكُرْه. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. قال فى «الكافِى»، و «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا قولُ أصحابِنا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «الوَجِيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. ويحتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أكْثَرُ منه قَدْرًا بكُلِّ حالٍ. ولو بحَبَّةِ بُرٍّ. قال فى «الكافِى»: والأَوْلَى أنَّه يلْزَمُه أكثرُ منه قَدْرًا؛ لأنَّه ظاهِرُ اللَّفْظِ السَّابقِ إلى الفَهْمِ. قال النَّاظِمُ: وردَّ المُصَنِّفُ قولَ الأصحابِ. وقيل: يَلْزَمُه أكثرُ منه قَدْرًا، مع عِلْمِه به فقط.

وَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا، فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَىَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَكَ. وَقَالَ: أَرَدْتُ التَّهَزُّؤَ. لَزِمَهُ حَق لَهُمَا، يُرْجَعُ فِى تَفْسِيرِه إِلَيْهِ، فِى أحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، لَا يَلْزَمُهُ شَىْءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنِ ادَّعَى عليه دَيْنًا، فقالَ: لفلانٍ علىَّ أَكْثَرُ مِمّا لَكَ. وقالَ: أَرَدْتُ التَّهَزُّؤ. لَزِمَه حَقٌّ لهما، يُرْجَعُ فى تَفْسِيرِه إليه، فى أَحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. قال فى «النُّكَتِ»: هو الرَّاجِحُ عندَ جماعَةٍ، وهو أوْلَى. انتهى. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ». وصحَّحه فى «النَّظْمِ»، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «شَرْحِ الوَجِيزِ». وقال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو أَوْلَى. وفى الآخَرِ، لا يَلْزَمُه شئٌ. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الحاوِى».

فصل

فَصْلٌ: إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَىَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ. لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ. وَإِنْ قَال: مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ. لَزِمَهُ تِسْعَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَلْزَمَهُ عَشَرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ فائدة: لو قال: لى عليكَ أَلْفٌ. فقال: أكثرُ. لم يَلْزَمْه عندَ القاضى أكثرُ، ويفَسِّرُه. وخالَفَه المُصَنِّفُ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. [قلتُ: وهو الصَّوابُ] (¬1). قوله: إذا قَالَ: له علىَّ ما بيْنَ دِرْهَمٍ وعَشَرَةٍ. لَزِمَه ثمانِيَةٌ. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وقوله: وإنْ قالَ: مِنْ دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. لَزِمَه تِسْعَةٌ. هذا المذهبُ. صحَّحه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ». قال فى «النُّكَتِ»: هو الرَّاجِحُ فى المذهبِ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، و «المُحَرَّرِ»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَلْزَمَه عشَرَةٌ. وهو رِوايَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ. ذكَرَها فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَرَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه قوْلًا. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وذكَرَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، أنَّ قِياسَ هذا القولِ، يَلْزَمُه أحَدَ عَشَرَ؛ لأنَّه واحِدٌ وعَشَرَةٌ، والعَطْفُ يقْتَضِى التَّغايُرَ. انتهى. وقيل: يَلْزَمُه ثَمانيةٌ. جزَم به ابنُ شِهَابٍ، وقال: لأَنَّ مَعْناه ما بعدَ الواحدِ. قال الأَزَجِىُّ: كالبَيْعِ. وأطْلَقَهُنَ فى «الشَّرْحِ»، و «التَّلْخيصِ». وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: يَنْبَغِى فى هذه المَسائلِ أَنْ يُجْمَعَ ما بينَ الطَّرَفَيْن مِنَ الأعْدادِ؛ فإذا قال: مِن واحدٍ إلى عَشَرَةٍ. لزِمَه خَمْسَةٌ وخَمْسُونَ إنْ أدْخَلْنا الطَّرَفَيْن، وخَمْسَةٌ وأرْبَعُونَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنْ أدْخَلْنا المُبْتَدَأ فقط، وأرْبَعَةٌ وأرْبَعُونَ إنْ أخْرَجْناهما. وما قالَه، رَحِمَه اللَّهُ، ظاهرٌ على قاعِدَتِه إنْ كان ذلك عُرْفَ المُتَكَلِّمَ، فإنَّه يُعْتَبَرُ فى الإقرارِ عُرْفُ المُتَكَلِّمِ، ونُنَزِّلُه على أقَلِّ مُحْتَمَلاِته. والأصحابُ قالوا: يَلْزَمُه خَمْسَةٌ وخَمْسونَ أَنْ أرادَ مَجْموعَ الأعْدادِ، وطَرِيقُ ذلك، أَنْ تَزيدَ أوَّلَ العَدَدِ، وهو واحِدٌ، على العَشَرَةِ، وتَضْرِبَها فى نِصْفِ العَشَرَةِ، وهو خَمْسَةٌ، فما بلَغ، فهو الجوابُ. وقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ على القَوْلِ بتِسْعَةٍ، أنَّه يَلْزَمُه خَمْسَةٌ وأرْبَعُونَ، وعلى الثَّانيةِ، أنَّه يَلْزَمُه أرْبَعَةٌ وأرْبَعُونَ، وهو أظْهَرُ، ولكِنَّ المُصَنِّفَ تابعَ «المُغْنِىَ»، واقْتَصَرَ على خَمْسَةٍ وخَمْسِينَ، والتَّفْريعُ يقْتَضِى ما قُلْناه. انتهى. فوائد؛ الأُولَى، لو قال: له علىَّ ما بينَ دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. لَزِمَه تِسْعَةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَصَرَه القاضى وغيرُه. [وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه] (¬1). وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُه عَشَرَةٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى». وقيل: ثَمانِيةٌ، كالمسْألَةِ التى قبلَها سَواءٌ، عندَ الأصحابِ. وأَطْلَقَهُنَّ شارِحُ «الوَجِيزِ». وقيل: فيها رِوايَتانِ؛ وهما لُزومُ تِسْعَةٍ وعَشَرَةٍ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتوَجَّهُ هنا، يَلْزَمُه ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثَمانِيَةٌ. قال فى «النُّكَتِ»: والأَوْلَى أَنْ يقالَ فيها ما قطَع به فى «الكافِى»، وهو ثمانيةٌ؛ لأنَّه المَفْهومُ مِن هذا اللَّفْظِ، وليسَ هنا ابْتِداءُ غايَةٍ، وانْتِهاءُ الغايةِ فَرْعٌ على ثُبوتِ ابْتدائِها، فكأنَّه قال: ما بينَ كذا وبينَ كذا. ولو كانتْ هنا «إلى» لانْتِهاءِ الغايَةِ، فما بعدَها لا يدْخُلُ فيما قبلَها. على المذهب. قال أبو الخَطَّابِ: وهو الأشْبَهُ عنْدى. انتهى. فتلَخَّصَ طَرِيقان؛ أحدُهما، أنَّها كالتى قبلَها، وهى طريقةُ الأكْثَرِ. والثَّانى، يَلْزَمُه هنا ثمانيةٌ، وإنْ ألْزَمْناه هناك تِسْعَةً أو عَشَرَةً. وهو أوْلَى. الثَّانيةُ، لو قال: له عنْدِى ما بينَ عَشَرَةٍ إلى عِشْرِينَ. أو: مِن عشَرَةٍ إلى عِشْرِين. لَزِمَه تِسْعَةَ عَشَرَ، على القوْلِ الأَوَّلِ، وعِشْرُونَ على القَوْلِ الثَّانى. قال فى «المُحَرَّرِ» ومَنْ تابعَه: وقِياسُ الثَّالثِ، يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: قِياسُ الثَّانى، أَنْ يَلْزَمَه ثَلاثُونَ، بِناءً على أنَّه يَلْزَمُه فى المَسْألَةِ الأُولَى أحَدَ عَشَرَ. الثَّالثةُ، لو قال: له ما بينَ هذا الحائطِ إلى هذا الحائطِ. فقال فى «النُّكَتِ»: كلامُهم يقْتَضِى أنَّه على الخِلافِ فى التى قبلَها. وذكَر القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ» أنَّ الحائِطَيْن لا يدْخُلان فى الإِقْرارِ، وجعَله مَحَلَّ وِفاقٍ فى حُجَّةِ زُفَرَ، وفرَّق بأنَّ العدَدَ لا بُدَّ له مِن ابْتِداءٍ يَنْبَنِى (¬1) عليه. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، كلامَ القاضِى، ولم يَزِدْ عليه. الرَّابعةُ، لو قال: له علىَّ ما بينَ كُرِّ شَعِيرٍ إلى كُرِّ حِنْطَةٍ. لَزِمَه كُرُّ شَعِيرٍ وكُرُّ ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ. أَوْ: تَحْتَ دِرْهَمٍ. أَوْ: فَوْقَهُ. أَوْ: تَحْتَهُ. أَوْ: قَبْلَهُ. أَوْ: بَعْدَهُ. أَوْ: مَعَهُ دِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٍ، بَلْ دِرْهَمَانِ. أَوْ: دِرْهَمَانِ، بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــ حِنْطَةٍ، إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ، على قِياسِ المسْألَةِ التى قبلَها. ذكَرَه القاضى وأصحابُه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: قال القاضى فى «الجامِعِ»: هو مَبْنِىٌّ على ما تقدَّم إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه هناك عَشَرَةٌ. لَزِمَه هنا كُرَّانِ، وإنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. لَزِمَه (1) كُرُّ حِنْطَةٍ وكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزًا شَعِيرًا. وقال فى «التَّلْخيصِ»: قال أصحابُنا: يُخَرَّجُ على الرِّوايتَيْن إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه عَشَرَةٌ. لَزِمَه الكُرَّانِ، وإنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. لَزِمَه كُرَّانِ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ»: لَزِمَه (¬1) الكُرَّان. وقيل: إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ إنْ قُلْنا: يَلْزَمُه تِسْعَةٌ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ: الذى قدَّمه فى «الرِّعايَةِ» هو قِياسُ الثَّانى فى الأُولَى، كذلك هو عندَ القاضى. ثم قال: هذا اللَّفْظُ ليس بمَعُودٍ، فإنَّه إنْ قال: له علىَّ ما بينَ كُرِّ حِنْطَةٍ وكُرِّ شَعِيرٍ. فالواجِبُ تَفاوُتُ ما بينَ قِيمَتِهما، وهو قِياسُ الوَجْهِ الثَّالثِ، واخْتِيارُ أبى محمدٍ. انتهى. قوله: وإنْ قالَ: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: فوقَه. أو: تحتَه. أو: قبلَه. أو: بعدَه. أو: معَه دِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. أو: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

دِرْهَمٌ. لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دِرْهَمٌ، بل دِرْهَمان. أو: درْهَمان. بل دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: معَ دِرْهَمٍ. أو: فوْقَه. أو: تحتَه. أو: معه دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به غيرُ واحدٍ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ»، وغيرِهم. قال فى «التَّلْخيصِ»: أصحُّهما دِرْهَمان. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وقيل: يَلْزَمُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ درْهَمٌ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأَطْلَقهما فى «النَّظْمِ»، و «شَرْحِ الوَجِيزِ». قال القاضى: إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ. أو: تحتَ دِرْهَمٍ. أو: معه دِرْهَمٌ. أو: معَ دِرْهَمٍ. لَزِمَه دِرْهَمٌ. وقطَع (¬1) فى «الكافِى»، أنَّه يَلْزَمُه فى قوْلِه: دِرْهَمٌ مع درْهَمٍ. درْهَمان. وحكَى الوَجْهَيْن فى «فوقَ» و «تحتَ». قال فى «النُّكَتِ»: وَفيه نظَرٌ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ قبلَه. أو: بعدَه دِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. وهذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وذكَرَ فى «الرِّعَايَةِ» -فى: دِرْهَمٌ قبلَ دِرْهَمٍ. أو: بعدَ دِرْهَمٍ- احْتِمالَيْن. قال فى ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «النُّكَتِ»: كذا ذكَر. قال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ: لا أدْرِى ما الفَرْقُ بينَ، دِرْهَمٌ قبلَه دِرْهَمٌ. أو: بعدَه دِرْهَمٌ، فى لُزومِه دِرْهَمَيْن وَجْهًا واحدًا، وبين: دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَم. ونحوُه فى لُزومِه دِرْهَمًا فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأَنَّ نِسْبَةَ الزَّمانِ والمَكانِ إلى نظَرٍ وفيهما نِسْبَةٌ واحِدَةٌ. انتهى. [قال فى «الفُروعِ»: وقيل فى: له دِرْهَمٌ قبلَ دِرْهَمٍ. أو: بعدَ دِرْهَمٍ. احْتِمالان. ومُرادُه بذلك صاحِبُ «الرِّعايَةِ»] (¬1). وإنْ قال: دِرْهَمٌ بل دِرْهَمان. [لَزِمَه دِرْهَمان] (2). على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونصَّ عليه فى الطَّلاقِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم (¬2)؛ منهم، صاحِبُ «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الوَجِيزِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. وجزَم (¬3) ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه» بأنَّه يلْزَمُه ثلاثةٌ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. لا أعلمُ فيه خِلافًا. وإنْ قال: درْهَمٌ ودِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. وأطْلَقَ، لَزِمَه ثَلَاثَةٌ؛ لأنَّه الظَّاهِرُ. قالَه فى «التَّلْخيَصِ». وقال: ومِن أصحابِنا مَن قال: دِرْهَمان. لأنَّه ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) بعده فى الأصل: «به».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اليقينُ، والثَّالِثُ مُحْتَمَلٌ. وقال فى «القاعِدَةِ التَّاسِعَةِ والخَمْسِين بعدَ المِائَةِ»: فهل يَلْزَمُه دِرْهَمان أو ثَلاثةٌ؟ على وَجْهَيْن، ذكَرَهما أبو بَكْرٍ فى «الشَّافِى»، ونزَّلَهما صاحِبُ «التَّلْخيصِ» على تَعارُضِ الأَصْلِ والظَّاهرِ؛ فإنَّ الظَّاهِرَ عَطْفُ الثَّالثِ على الثَّانى. انتهى. وجزَم فى «الكافِى» وغيرِه، بأنَّه (¬1) يَلْزَمُه ثلَاثَةٌ مع الإطْلاقِ. وقال ابنُ رَزِينٍ: يَلْزَمُه ثلاثةٌ. وقيل: إنْ قال: أرَدْتُ بالثَّالثِ تأْكيدَ الثَّانى وبيانَه (¬2). قُبِلَ (¬3)، وفيه ضَعْفٌ. انتهى. وقدَّم (¬4) فى «الفُروعِ» وغيرِه، أنَّه يَلْزَمُه ثلاثَةٌ مع الإطْلاقِ. ويأْتى قريبًا، إذا أرادَ تأْكيدَ الثَّانى بالثَّالثِ. ¬

(¬1) فى الأصل: «فإنه قال». (¬2) فى الأصل: «ثبوته». وفى ط: «ثباته». (¬3) فى الأصل: «قيل». (¬4) فى الأصل: «قدمه».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ دِرْهَمٌ، بَلْ دِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ، لَكِنْ دِرْهَمٌ. فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: دِرْهَمٌ، بل دِرْهَمٌ. أو: دِرْهَمٌ، لكن دِرْهَمٌ. فهل يَلْزَمُه دِرْهَمٌ أو دِرْهَمان؟ على وَجْهَيْن، ذكَرَهما أبو بَكْرٍ. وأَطْلَقهما فى «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، يَلْزَمُه دِرْهَمان. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنْتَخَبِ». وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يلْزَمُه دِرْهَمٌ. جزَم به فى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ «المُنَوِّرِ». [وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»] (¬1). [وحكَاهما فى «التَّلْخيصِ» عن أبى بَكْرٍ] (¬2). وقال فى «التَّرْغيبِ»: فى: دِرْهَمٌ بل دِرْهَمٌ. رِوايَتان (¬3). فوائد (¬4): لو قال: له عَلَى درْهَمٌ، فَدِرْهَمٌ. لَزِمَه دِرْهَمان. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وقيل: دِرْهَمٌ فقَطْ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وهو بعيدٌ. فعلى المذهبِ، لو نوَى: فدِرْهَمٌ لازِمٌ لى. أو كرَّرَ بعَطْفٍ ثلاثًا، ولم يُغايِرْ حُروفَ ¬

(¬1) سقط من: ط. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) بعده فى الأصل: «وحكاهما فى التلخيص عن أبى بكر». (¬4) فى الأصل: «قوله».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العَطْفِ، أو قال: له درْهَمٌ (¬1) درْهَمٌ درْهَمٌ. ونوَى بالثَّالثِ تأْكِيدَ الثَّانى. وقيل: أو أَطْلقَ بلا عَطْفٍ، فقيلَ: يُقْبَلُ منه ذلك، فيَلْزَمُه دِرْهَمان. قال فى «التَّلْخيصِ»، و «البُلْغَةِ»: ولو قال: دِرْهَمٌ ودرهمٌ ودرهمٌ. وأرادَ بالثَّالثِ تَكْرارَ الثَّانى وتوْكِيدَه، قُبِلَ، وإنْ أرادَ تَكْرارَ الأَوَّلِ، لم يُقْبَلْ؛ لدُخولِ الفاصِلِ (¬2). وقال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّةِ»: إذا قال: له علىَّ دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ. وأرادَ بالثَّالثِ تأْكيدَ الثَّانى، فهل يُقْبَلُ منه ذلك؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ. قالَه القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ»، وفرَّق بينَه وبينَ الطَّلاقِ. والثَّانى، بُقْبَلُ. قالَه فى «التَّلْخيصِ». انتهى. وقيل: لا يُقْبَلُ منه ذلك، فيَلْزَمُه ثلاثةٌ. وقدَّمه فى «الكافِى»، وابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: يَلْزَمُه ثلَاثَةٌ (¬3) فى المَسْألَةِ الثَّانيةِ والثَّالثَةِ. ثم قال: فإنْ أرادَ بالثَّالثِ تَكْرارَ الثَّانى وتوْكِيدَه، صُدِّقَ ووَجَبَ اثْنان. ورجَّح المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»، أنَّه لا يُقْبَلُ لو نوَى فدِرْهَمٌ لازِمٌ لى. وكذا فى الثَّانيةِ. ورجَّحه فى «الكافِى» (¬4) فى الثَّانيةِ. وإنْ غايَرَ حُروفَ العَطْفِ، ونوَى بالثَّالثِ تأْكِيدَ الأَوَّلِ، لم يُقْبَلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ للمُغايَرَةِ وللفاصِلِ (¬5). وأطْلَقَ ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «و». (¬2) فى الأصل: «الفاضل». (¬3) فى الأصل: «ثلاثا». (¬4) بعده فى الأصل: «و». (¬5) فى الأصل: «للفاضل».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ هَذَا الدِّرْهَمُ، بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ. لَزِمَتْهُ الثَّلَاثَةُ. وَإِنْ قَالَ: قَفِيزُ حِنْطَةٍ، بَل قَفِيزُ شَعِيرٍ. أَوْ: دِرْهَمٌ، بَلْ دِينَارٌ. لَزِمَاهُ مَعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الأَزَجِىُّ احْتِمالَيْن. قال (¬1): ويَحْتَمِلُ الفَرْقَ بينَ الطَّلاقِ والإِقْرارِ، فإنَّ الإِقْرارَ إخْبارٌ، والطَّلاقَ إنْشاءٌ. قال: والمذهبُ أنَّهما سواءٌ، إنْ صحَّ صحَّ فى الكُلِّ، وإلَّا فلا. وذكرَ قوْلًا فى: دِرْهَمٌ فقَفِيزُ بُرٍّ. أنَّه يَلْزَمُ الدِّرْهَمُ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ: قَفِيزُ بُرٍّ خيرٌ منه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. فيَتَوَجَّهُ مِثْلُه فى الواوِ وغيرِها. قوله: وإنْ قالَ: قَفِيزُ حِنْطَةٍ، بلْ قَفِيزُ شَعِيرٍ. أو: دِرْهَمٌ، بل دينارٌ. لَزِماه مَعًا. هذا المذهبُ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «النُّكَتِ»: قطَع به أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «الكافِى»، و «الهادِى»، و «التَّلْخيصِ»، ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ فِى دِينَارٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ. وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ فِى عَشَرَةٍ. لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحِسَابَ، فَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــ و «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى الصَّغيرِ»، و «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبَ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ». وقيل: يَلْزَمُه الشَّعِيرُ والدِّينارُ فقطْ. قال فى «النُّكَتِ»: ومُقْتَضَى كلامِ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، قَبُولُ قوْلِه فى الإِضْرابِ مع الاتِّصالِ فقط. ثم قال: فقد ظَهَرَ مِن هذا وممَّا قبلَه، هل يُقالُ: لا يُقْبَلُ الإِضْرابُ مُطْلَقًا -وهو المذهبُ- أو: يُقْبَلُ مُطْلَقًا؟ أو: يُقْبَلُ مع الاتِّصالِ فقطْ؟ أو: يُقْبَلُ مع الاتِّصالِ إضْرابُه عنِ البَعْضِ؟ فيه أقْوالٌ، وقولٌ خامِسٌ وهو ما حَكاه فى «المُسْتَوْعِبِ»، يُقْبَلُ مع تَغايُرِ الجِنْسِ، لا مع اتِّحادِه؛ لأَنَّ انْتِقالَه إلى جِنْسٍ آخَرَ قرِينَةٌ فى صدْقِه. انتهى. قوله: وإنْ قال: درْهَمٌ فى دينارٍ. لَزِمَه درْهَمٌ. بلا نِزاعٍ. لكِنْ إنْ فسَّره بالسَّلَمِ. فصدَّقه، بَطَلَ إنْ تفَرَّقَا عنِ المَجْلِسِ. وإنْ قال: دِرْهَمٌ رَهَنْتُ به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدِّينارَ عندَه. ففيه الخِلافُ المُتَقَدِّمُ. فائدة: مِثْلُ ذلك فى الحُكْمِ لو قال: دِرْهَمٌ فى ثَوْبٍ. وفسَّره بالسَّلَمِ، فإنْ قال: فى ثَوْبٍ اشْتَرَيْتُه منه إلى سنَةٍ. فصدَّقه، بَطَلَ إقْرارُه. وإنْ كذَّبَه المُقَرُّ له، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. وكذا الدِّرْهَمُ. وإنْ قال: ثَوْبٌ قَبَضْتُه فى دِرْهَمٍ إلى شَهْرٍ. فالثَّوْبُ مالُ السَّلَمِ أقَرَّ بقَبْضِه، فيَلْزَمُه الدِّرْهَمُ. قوله: وإنْ قالَ: دِرْهَمٌ فى عَشَرَةٍ. لَزِمَه دِرْهَمٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الحِسابَ، فتَلْزَمُه عَشَرَةٌ. أو يريدَ الجمعَ، فيَلْزَمُه (¬1) أحَدَ عَشَرَ. وقال فى «الفُروعِ» بعدَ قوْلِه: ¬

(¬1) فى الأصل: «فيريد».

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى تَمْرٌ فِى جِرَابٍ. أَوْ: سِكِّينٌ فِى قِرَابٍ. أَوْ: ثَوْبٌ فِى مِنْدِيلٍ. أَوْ: عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ. أَوْ: دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ. فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا بِالظَّرْفِ وَالعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ دِرْهَمٌ فى دِينارٍ: وكذا دِرْهَمٌ فى عَشَرَةٍ، فإنْ خالفَه عُرْفٌ، ففى لُزومِه مُقْتَضَاه (¬1) وَجْهان، ويعْمَلُ بنِيَّةِ حِسابٍ، ويتَوَجَّهُ فى جاهِلٍ الوَجْهان، وبنِيَّةِ جَمْعٍ، ومِن حاسِبٍ، وفيه احْتِمالان. انتهى. وصحَّح ابنُ أبى المَجْدِ لُزومَ مُقْتَضَى العُرْفِ أو الحِسابِ، إذا كانَ عارِفًا به. قوله: وإنْ قالَ: له عنْدِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سِكِّينٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْدِيلٍ. أو: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. فهل يَكُونُ مُقِرًّا بالظَّرْفِ ¬

(¬1) فى الأصل، أ: «بمقتضاه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والعِمامَةِ والسَّرْجِ؟ على وَجْهَيْن. وكذا قولُه: رَأْسٌ [وأكارِعُ] (¬1) فى شَاةٍ. أو: نَوًى فى تَمْرٍ. ذكَرَه فى «القَواعِدِ». وأطْلَقَ الخِلافَ فى ذلك فى «المُحَرَّرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»: وإنْ قال: له عندِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سَيْفٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْدِيلٍ. أو: زَيْتٌ فى جَرَّةٍ. أو. جِرابٌ فيه تَمْرٌ. أو: قِرابٌ فيه سَيْفٌ. أو: مِنْدِيلٌ فيها ثَوْبٌ. أو: كِيسٌ فيه دَراهِمُ. أو: جَرَّةٌ فيها زَيْتٌ. أو: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ، أو مُسرَجَةٌ. أو: فَصٌّ فى خَاتَمٍ. فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ. وفى الثَّانى وَجْهان. وقيل: إنْ قدَّم المَظْروفَ، فهو مُقِرٌّ به، وإنْ أخَّرَه، ¬

(¬1) فى الأصل: «أو كارع».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو مُقِرٌّ بالظَّرْفِ وحدَه. قال فى «الكُبرى»: وقيل: فى الكُلِّ خِلافٌ. انتهى. أحدُهما، لا يكونُ مُقِرًّا بذلك. وهو المذهبُ. قال فى «القاعِدَةِ الخامسَةِ والعِشْرِين»: أشْهَرُهما (¬1)، يكونُ مُقِرًّا بالمَظْروفِ دونَ ظَرْفِه، وهو قولُ ابنِ حامدٍ، والقاضى، وأصحابِه. انتهى. وقالَه أيضًا فى «النُّكَتِ». وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ»، و «المُنَوِّرِ»، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ»، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، يكونُ مُقِرًّا به أيضًا. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ والثَّانى، إلَّا إنْ حَلَفَ: ما قَصَدْتُه. انتهى. وقال فى «الخُلاصَةِ»: لو قال: له عنْدِى سَيْفٌ فى قِرابٍ. لم يكُنْ إقْرارًا بالقِرابِ. وفيه احْتِمالٌ. ولو قال: سَيْفٌ بقِرابٍ. كان مُقِرًّا بهما. ومثْلُه: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. وقال فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»: إنْ قال: له عندِى تَمْرٌ فى جرابٍ. أو: سَيْفٌ فى قِرابٍ. أو: ثَوْبٌ فى مِنْديلٍ. فهو إقْرارٌ بالمَظْروفِ دونَ الظَّرْفِ. ذكَرَه ابنُ حامدٍ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ إقْرارًا بهما. فإنْ قال: عَبْدٌ عليه عِمامَةٌ. أو: دابَّةٌ عليها سَرْجٌ. احْتَمَلَ أَنْ لا يَلْزَمَه العِمامَةُ والسَّرْجُ، واحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَه ذلك. ¬

(¬1) فى الأصل: «أشهرها».

فَإنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ. كَانَ مُقِرًّا بِهِمَا. وَإِنْ قَالَ: فَصٌّ فِى خَاتَمٍ. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. واخْتارَ المُصَنِّفُ، أنَّه يكونُ مُقِرًّا بالعِمامَةِ والسَّرْجِ. قالَه فى «النُّكَتِ». ومسْأَلَةُ العِمامَةِ رأيْتُها فى «المُغْنِى». وقال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وفرَّق بعضُ المُتأخِّرين بينَ ما يتَّصِلُ بظَرْفِه عادةً أو خِلْقَةً، فيكونُ إقْرارًا به، دُونَ ما هو مُنْفَصِلٌ عنه عادَةً. قال: ويَحْتَمِلُ التَّفْريقَ بينَ أَنْ يكونَ الثَّانى تابِعًا للأوَّلِ، فيكونُ إقْرارًا به؛ كتَمْرٍ فى جِرابٍ. أو: سَيْفٍ فى قِرابٍ. وبينَ أَنْ يكونَ مَتْبُوعًا، فلا يكونُ إقْرارًا به؛ كنَوًى فى تَمْرٍ، ورَأْسٍ فى شاةٍ. انتهى. قوله: وإنْ قالَ: له عنْدِى خاتَمٌ فيه فَصٌّ. كانَ مُقِرًّا بهما. هذا المذهبُ المَقْطوعُ به عندَ جماهيرِ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والأشْهَرُ لُزومُهما؛ لأنَّه جُزْؤُه. وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. وقيل فيه الوَجْهان المُتَقَدِّمان فى التى قبلَها. قال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ على الوَجْهَيْن. وحكَى فى «الكافِى»، و «الرِّعايَةِ»، وغيرِهما فيها الوَجْهَيْن. وأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْن فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال: مِثْلُه: جِرابٌ فيه تَمْرٌ. و: قِرابٌ فيه سَيْفٌ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: وإنْ قالَ: فَصٌّ فى خاتَمٍ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ»، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»؛ أحدُهما، لا يكونُ مُقِرًّا بالخاتَمِ. وهو المذهبُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «القَواعِدِ»: هذا المَشْهورُ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والقاضى، وأصحابُه. وقالَه فى «النُّكَتِ». وجزَم به فى «الوَجِيزِ» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، يكونُ مُقِرًّا بهما. قال ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ والثَّانى، إلَّا إنْ حَلَفَ: ما قَصَدْتُه. واعلمْ أنَّ هذه المَسْألَةَ عندَ الأصحابِ -مثْلَ قولِه: له عنْدِى تَمْرٌ فى جِرابٍ. أو: سِكِّينٌ فى قِرابٍ. ونحوُهما- المَسْألَةُ الأُولَى خِلافًا ومذْهبًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فوائد؛ منها، لو قال: له عنْدى دارٌ مفْروشةٌ. لم يَلْزَمْه الفَرشُ. على الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «التَّرْغيبِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «الوَجِيزِ»، وقدَّمه فى «شَرْحِه». وقيل: يكونُ مُقِرَّا بالفَرْشِ أيضًا. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». ومنها، لو قال: له عنْدى عَبْدٌ بعِمامَةٍ، أو بعِمامَتِه. أو: دابَّةٌ بسَرْجٍ، أو بسَرْجِها (¬1). أو: سَيْفٌ بقِرابٍ، أو بقِرابِه. أو: دارٌ بفَرْشِها. أو: سُفْرَةٌ بطَعامِها. أو: سَرْجٌ مُفَضَّضٌ. أو: ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ. لَزِمَه ما ذكَرَه. بلا خِلافٍ أعْلَمُه. ومنها، لو أقَرَّ بخاتَمٍ، ثم جاءَ بخاتَمٍ فيه فَصٌّ، وقال: ما أَرَدْتُ الفَصَّ. احْتَمَلَ وَجْهَيْن، أظْهَرُهما دُخولُه؛ لشُمولِ الاسْمِ. قالَه فى «التَّلْخيصِ». وقال: لو قال: له عنْدى جارِيَةٌ. فهل يدْخلُ الجَنِينُ فى الإِقْرارِ إذا كانتْ حامِلًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، ذكَرهما فى أوائلِ كتابِ العِتْقِ، فقال: وإنْ أقَرَّ بالأُمِّ، فاحْتِمالان فى دُخولِ الجَنِينِ. وذكَر الأَزَجِىُّ وَجْهَيْن. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ». ومنها، لو قال: له عنْدى جَنِين فى دابَّةٍ، أو فى جارِيَةٍ. أو: له دابَّةٌ فى بَيْتٍ. لم يكُنْ مُقِرًّا بالدَّابَّةِ والجارِيَةِ والبَيْتِ. ومنها، لو قال: غَصَبْتُ منه ثَوْبًا فى مِنْديلٍ. أو: زَيْتًا فى زِقٍّ. ونحوَه، ففيه ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «بسرجه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الوَجْهان المُتَقَدِّمان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ». قال فى «النُّكَتِ»: ومِنَ العَجَبِ حِكايَةُ بعْضِ المُتأخِّرين أنَّهما يَلْزَمانِه، وأنَّه مَحَلُّ وِفاقٍ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللَّهُ، التَّفْرِقَةَ بينَ المَسْألَتَيْن؛ فإنَّه قال: فَرْقٌ بينَ أَنْ يقولَ: غَصَبْتُه. أو: أخَذْتُ منه ثَوْبًا فى مِنْديلٍ. وبينَ أَنْ يقولَ: له عنْدى ثَوْبٌ فى مِنْديلٍ. فإنَّ الأوَّلَ يقْتَضِى أَنْ يكونَ مَوْصُوفًا بكَوْنِه فى المِنْديلِ وَقْتَ الأَخْذِ، وهذا لا يكونُ إلَّا وكِلاهُما مغْصوبٌ، بخِلافِ قولِه: له عنْدِى. فإنَّه يقْتَضِى أَنْ يكونَ فيه وَقْتَ الإِقْرارِ، وهذا لا يُوجِبُ كوْنَه له. انتهى. ومنها، لو أقَرَّ له بنَخْلَةٍ، لم يكُنْ مُقِرًّا بأرْضِها، وليسَ لرَبِّ الأَرْضِ قَلْعُها، وثَمَرَتُها للمُقَرِّ له. وفى «الانْتِصارِ» احْتِمالُ أنَّها كالبَيْعِ. يعْنِى، إنْ كانَ لها ثَمَرٌ بادٍ، فهو للمُقِرِّ دُونَ المُقَرِّ له. قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ، فى مَن أقَرَّ بها: هى له بأصْلِها. قال فى «الانْتِصارِ»: فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أرْضَها، ويَحْتَمِلُ لا. وعلى الوَجْهَيْن يُخَرَّج، هل له إعادَةُ غيرِها، أمْ لا؟ والوَجْهُ الثَّانى اخْتارَه أبو إسْحَاقَ. قال أَبُو الوَفاءِ: والبَيْعُ مِثْلُه. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. يعْنِى، عن صاحبِ «الانْتِصارِ»؛ لذِكْرِه أنَّ كلامَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ورِوايَةُ مُهَنَّا هى له بأصْلِها، فإنْ ماتَتْ أو سقَطَتْ، لم يكُنْ له موْضِعُها. يرُدُّ ما قالَه فى «الانْتِصارِ» مِن أحدِ الاحْتِمالَيْن. ومنها، لو أقَرَّ ببُسْتانٍ، شَمِلَ الأشْجارَ، ولو أقَرَّ بشَجَرَةٍ، شَمِلَ الأغْصانَ. واللَّهُ أعلمُ بالصَّوابِ.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَىَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ. لَزِمَهُ أحَدُهُمَا، يُرْجَعُ إلَيْهِ فِى تَعْيِيِنهِ. تَمَّ (الْمُقْنِعُ) وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا آخِرُ ما تيَسَّر جمْعُه وتصْحِيحُه، واللَّه أسْألُ أَنْ يجْعَلَه خالِصًا لوَجْهِه الكريمِ، نافِعًا للنَّاظرِ فيه، مُصْلِحًا ما فيه مِن سقيمٍ. قد تمَّ بحَمْدِ اللَّهِ تعالَى، وحُسْنِ معُونَتِه «كِتابُ الإنصافِ».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [قاعِدَةٌ نافِعَةٌ جامِعَةٌ لصِفَةِ الرِّواياتِ المنقولةِ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِى اللَّهُ عنه، والأوجهِ والاحتمالاتِ الواردةِ عَن أصحابِه رحِمَهم اللَّهُ تعالى، وغَفَر لنا ولهم وللمُؤْمنين قال الإِمامُ عَلاءُ الدِّينِ علىُّ بنُ سُلَيْمانَ المَرْداوِىُّ السَّعْدِىُّ، بعدَ آخِرِ بابِ الإِقْرارِ، الذى ختَم به كِتابَ «الإِنْصافِ فى معْرِفَةِ الرَّاجِحِ مِن الخِلافِ» ما نصُّه] (¬1): وقد عَنَّ لى أَنْ أذْكُرَ هنا قاعِدَةً نافعَةً جامعَةً لصِفَةِ الرِّواياتِ المنْقولةِ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، والأوْجُهِ والاحْتِمالاتِ الوارِدَةِ عن أصْحابِه، وأقْسامِ المُجْتَهِدينَ، ومَنْ يكونُ منهم أهْلًا لتَخْريجِ الأوْجُهِ والطُّرُقِ، وصِفَةِ تصْحيحِهم، وبَيانِ عُيوبِ التَّصانيفِ، واصْطِلاحِهم فيها، وأسْماءِ مَنْ روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ونقَل عنه الفِقْهَ؛ فإنَّ طالِبَ العِلْمِ لا يسَعُه الجَهْلُ بذلك. اعلمْ، وفَّقَنِى اللَّهُ وإيَّاك لِمَا يُرْضِيه، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، لم يُؤلِّفْ كتابًا مسْتَقِلًّا فى الفِقْهِ، كما فعَله غيرُه مِن الأئمةِ، وإنَّما أخذَ أصْحابُه ذلك مِن فَتاوِيه وأجْوِبَتِه، وبعْضِ تآليفِه، وأقْوالِه، وأفْعالِه. فإنَّ ألْفاظَه؛ إمَّا صَرِيحَةٌ فى الحُكْمِ بما لا يَحْتَمِلُ غيرَه، أو ظاهِرَةٌ فيه معَ احْتِمالِ غيرِه، أو مُحْتَمِلَةٌ لشَيْئَيْن فأكْثَرَ على السَّواءِ. وقد تقدَّم مَعانِى ذلك فى الخُطْبَةِ (¬2). ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) انظر 1/ 6 - 15.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فكلامُه قد يكونُ صريحًا أو تَنْبِيهًا؛ كقَرْلِنا: أَوْمَأَ إليه. أو: أشارَ إليه. أو: دلَّ كلامُه عليه. أو: توَقَّفَ فيه. ونحوَ ذلك. إذا عَلِمْتَ ذلك، فمذْهَبُه، ما قالَه بدَليلٍ وماتَ قائلًا به. قالَه فى «الرِّعَايَةِ». وقال ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه»: مذْهبُ الإنْسانِ ما قالَه، أو جرَى مَجْراه، مِن تَنْبِيهٍ أو غيرِه. انتهى. * وفيما قالَه قبلَه بدَليلٍ يُخالِفُه أوْجُهٌ؛ النَّفْىُ، والإثْباتُ، والثَّالثُ، إنْ رجَع عنه، وإلَّا فهو مذْهَبُه. كما يأْتى قريبًا. قلتُ: الصَّحيحُ أنَّ الثَّانىَ، مذْهَبُه. اخْتارَه فى «التَّمْهيدِ»، و «الرَّوْضَةِ»، و «العُمْدَةِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه. [قال فى «الرِّعايَةِ»] (¬1): وقيل: مذْهبُ كلِّ أحدٍ -عُرْفًا وعادةً- ما اعْتقدَه جَزْمًا أو ظَنًّا. انتهى. * فإذا نُقِلَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، قوْلان صَرِيحان، مُخْتَلِفان فى وَقْتَيْن، وتعَذَّرَ الجمعُ، فإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، فالثَّانى فقط مذهبُه. على الصَّحيحِ، وعليه الأكثرُ. وقيل: والأَوَّلُ، إنْ جُهِلَ رُجوعُه. اخْتارَه ابنُ حامدٍ وغيرُه. وقيل: أو عُلِمَ. وتقدَّم ذلك فى الخُطْبَةِ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى (¬2). * فعلى الأَوَّلِ، يُحْمَلُ عامُّ كلامِه على خاصِّه، ومُطْلَقُه على مُقَيَّدِه، فيكونُ كلُّ واحدٍ منهما مذهبَه. وهذا هو الصَّحيحُ. وصحَّحه فى «آدابِ المُفْتِى ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) انظر 1/ 12، 13.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ [والمُسْتَفْتِى] (¬1)»، و «الفُروعِ»، وغيرِهما. واخْتارَه ابنُ حامدٍ وغيرُه. وقيل: لا يُحْمَلُ. انتهى. فيُعْمَلُ بكلِّ واحدٍ منهما فى مَحَلِّه، وَفاءً باللَّفْظِ. * وإنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ، أو إجْماعٍ، أو أَثَرٍ، أو قَواعِدِه، أو عَوائدِه، أو مَقاصِدِه، أو أدِلَّتِه. قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ لم يُجْعَلْ أوَّلُ قوْلَيْه، فى مسْأَلَةٍ واحدةٍ، مذهبًا له، مع معْرِفَةِ التَّاريخِ، فيكونُ هذا الرَّاجِحُ كالمُتأخِّرِ فيما ذكَرْنا، إذا جُهِلَ رُجوعُه عنه. قلتُ: ويَحْتَمِلُ الوَقْفَ؛ لاحْتِمالِ تقَدُّمِ الرَّاجِحِ. وإنْ جعَلْنا أوَّلَهما ثَمَّ مذهبًا له، فهُنا أوْلَى؛ لجوازِ أَنْ يكونَ الرَّاجِحُ مُتأخرًا. انتهى. قال فى «الفُروعِ»: فإنْ جُهل، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن الأدِلَّةِ وقواعِدِه، وإنْ تَساوَيا نقْلًا ودلِيلًا، فالوَقْفُ أوْلَى. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قال: ويَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ إذَنْ والتَّساقُطَ. * فإنِ اتَّحَدَ حُكْمُ القَوْلَيْن دُونَ الفِعْلِ؛ كإخْراجِ الحِقاقِ (¬2) وبَناتِ اللَّبُوَنِ عن مِائَتَىْ بعيرٍ، وكلِّ وأجِبٍ مُوَسَّعٍ أو مخيَّرٍ، خُيِّر المُجْتَهِدُ بينَهما، وله أَنْ يُخَيِّرَ المُقَلِّدَ بينَهما، إنْ لم يكُنِ المُجْتَهِدُ حاكِمًا. * وإنْ منَعْنا تَعَادُلَ الأَماراتِ، وهو الظَّاهِرُ عنه، فلا وَقْفَ ولا تَخْيِيرَ، ولا تَساقُطَ أيضًا، ويُعْمَلُ بالرَّاجحِ رُواةً، أو بكَثْرَةٍ، أو شُهْرَةٍ، أو عِلْمٍ، أو وَرَعٍ، ويُقدَّمُ الأعْلَمُ على الأَوْرَعِ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وتقدَّم ذلك وغيرُه، فى آدابِ ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) فى الأصل: «الحقائق».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الإفْتاءِ، فى [أواخِرِ كِتَابِ] (¬1) القَضاءِ. * فإنْ وافقَ أحدُ القَوْلَيْن مذهبَ غيرِه، فهل الأُوْلَى ما وافَقَه، أو ما خالفَه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ». قلتُ: الأُوْلَى ما وافَقَه. وحُكِىَ الخِلافُ فى «آدابِ المُفْتِى» عن القاضى حُسَيْنٍ (¬2) مِن الشَّافِعِيَّةِ. قال: وهذه التَّراجِيحُ مُعْتَبَرَةٌ بالنِّسْبَةِ إلى أئمَّةِ المَذاهبِ، وما رجَّحه الدَّليلُ مُقَدَّمٌ عندَهم. وهو أوْلَى. * وإنْ عُلِمَ تارِيخُ أحدِهما دُونَ الآخَرِ، فكما لو جُهِلَ تارِيخُهما، على الصَّحيحِ. ويَحْتَمِلُ الوَقْفَ. * ويخَصُّ عامُّ كلامِه بخاصِّه فى مسْألَةٍ واحدةٍ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قالَه فى «الفُروعِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغرى». وصحَّحه فى «آدابِ المُفْتِى». وفى الوَجْهِ الآخَرِ، لا يخْتَصُّ. * والمَقِيسُ على كلامِه مذهبُه. فى الصَّحيحِ مِن المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: مذهبُه فى الأشْهَرِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وغيرِهم. وهو مذهبُ الأَثْرَمِ، والخِرَقِىِّ، وغيرِهما. قالَه ابنُ حامدٍ فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ». وقيل: لا يكونُ مذهبَه. قال ابنُ حامدٍ: قال عامَّةُ مَشَايخِنا؛ مثْلَ ¬

(¬1) فى أ: «باب». وانظر 28/ 316. (¬2) حسين بن محمد بن أحمد القاضى أبو على المروذى، ويقال له أيضا: المَرورُّوذِى، العلامة شيخ الشافعية بخراسان، كان من أوعية العلم، وكان يلقب بحبر الأمة، له «التعليقة الكبرى» و «الفتاوى» وغير ذلك، تخرج عليه عدد كثير من الأئمة. توفى فى المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 260 - 262. طبقات الشافعية الكبرى 4/ 356 - 358.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَلَّالِ، وأبى بَكْرٍ عبدِ العَزِيزِ، وأبى علىٍّ، وإبْراهِيمَ، وسائرِ مَن شاهَدْناه: إنَّه لا يجوزُ نِسْبَتُه إليه. وأنْكَرُوا على الخِرَقِىِّ ما رَسَمَه فى كِتابِه، مِن حيثُ إنَّه قاسَ على قوْلِه. انتهى. وأَطْلَقَهما ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه». قال (¬1) ابنُ حامِدٍ: والمأْخُوذُ أَنْ يُفَصَّلَ، فما كان مِن جوابٍ له فى أصْلٍ يحْتَوِى (¬2) مَسَائِلَ، خُرِّجَ جوابُه على بعْضِها، فإنَّه جائزٌ أَنْ يُنْسَبَ إليه بَقِيَّةُ مسائلِ ذلك الأَصْلِ مِن حيثُ القِياسُ -وصَوَّر له صُوَرًا كثيرةً- فأمَّا أَنْ يَبْتَدِئ بالقِياسِ فى مَسائلَ لا شَبَهَ لها (¬3) فى أُصُولِه، ولا يُؤْخَذُ عنه (¬4) مَنْصُوصٌ يُبْنَى عليه، فذلك غيرُ جائزٍ. انتهى. وقيل: إنْ جازَ تخْصِيصُ العِلَّةِ، وإلَّا فهو مذهبُه. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبرى»: قلتُ: إنْ نصَّ عليها، أو أَوْمَأَ إليها، أو علَّلَ الأَصْلَ بها، فهو مذهبُه، وإلَّا فلا، إلَّا أَنْ تشْهَدَ أقْوالُه وأفْعالُه وأحْوالُه للعِلَّةِ المُسْتَنْبَطَةِ بالصِّحَّةِ والتَّعْيينِ. وجزَم به فى «الحاوِى». وهو قريبٌ ممَّا قالَه ابنُ حامدٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، بعدَ حِكايَةِ القَوْلَيْن الأوَّلَيْن: قلتُ: إنْ كانتْ مُسْتَنْبَطَةً، فلا نَقْلَ ولا تَخْرِيجَ. انتهى. * فعلى الأَوَّلِ، إنْ أفْتَى فى مَسْأَلتَيْن مُتَشابِهَتَيْن بحُكْمَيْن مُخْتَلِفَيْن فى وَقْتَيْنِ، جازَ نقْلُ الحُكْمِ وتخْرِيجُه مِن كلِّ واحدةٍ إلى الأُخْرى. جزَم به فى «المُطْلِعِ». وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». واخْتارَه الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِه» فى «الأُصُولِ» و «شَرْحِه». وقال: إذا كان بعدَ الجِدِّ والبَحْثِ. قلتُ: وكثيرٌ مِنَ ¬

(¬1) فى أ: «قاله». (¬2) بعده فى أ: «على». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) بعده فى أ: «الأصل من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصحابِ على ذلك، وقد عمِلَ به المُصَنِّفُ فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ وغيرِه. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يجوزُ، كقَوْلِ الشَّارِعِ. ذكَرَه أبو الخَطَّابِ فى «التَّمْهيدِ» وغيرُه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه»، والطُّوفِىُّ فى «أُصولِه»، وصاحِبُ «الحاوِى الكَبِيرِ»، وغيرُهم. وجزَم به المُصَنِّفُ، فى «الرَّوْضَةِ»، كما لو فرَّق بينَهما، أو منَع النَّقْلَ والتَّخْرِيجَ. قال فى «الرِّعايتَيْن»، و «آدابِ المُفْتِى»: أو قَرُبَ الزَّمَنُ، بحيثُ يُظَنُّ أنَّه ذاكِرٌ حُكْمَ الأوَّلَةِ حينَ أفْتَى بالثَّانيةِ. والمذهبُ إجْراءُ الخِلافِ مُطْلَقًا. [فعلى المذهبِ، يكونُ القولُ المُخَرَّجُ وَجْهًا لمَنْ خرَّجه. وعلى الثَّانيةِ، يكونُ رِوايةً مُخَرَّجَةً. ذكَرَه ابنُ حَمْدانَ، وغيرُه] (¬1). وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» فى الخُطْبَةِ، و «آدابِ المُفْتِى». * فعلى الجوازِ، مِن شَرْطِه أَنْ لا يُفْضِىَ إلى خَرْقِ الإجْماعِ. قال فى «آدابِ المُفْتِى»: أو يدْفَعُ (¬2) ما اتَّفَقَ عليه الجَمُّ الغَفِيرُ مِن العُلَماءِ، أو عارَضَه نصُّ كتابٍ أو سُنَّةٍ. وتقدَّم ذلك فى بابِ سَتْرِ العَوْرَةِ، مُسْتَوْفًى، وأصْلُه فى الخُطْبَةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: قلت: وإنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، ولم نجْعَلْ أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلَةٍ واحدَةٍ مذهبًا له، جازَ نقلُ حُكْمِ الثَّانيةِ إلى الأُولَى فى الأقْيَسِ، ولا عَكْسَ، إلَّا أَنْ نَجْعَلَ أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلَةٍ واحدةٍ مذهبًا له مع مَعْرِفَةِ التَّاريخِ، وإنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، جازَ نَقْلُ حُكْمِ أقْرَبِهما مِن كتابٍ، أو سُنَّةٍ، أو إجْماعٍ، أو أَثَرٍ، أو قواعِدِ الإِمامِ، ونحوِ ذلك إلى (¬3) الأُخْرَى فى الأَقْيَسِ، ولا عَكْسَ، إلَّا أَنْ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل، ط: «رفع». (¬3) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نَجْعَلَ أوَّلَ قَوْلَيْه فى مسْألَةٍ واحدَةٍ مذهبًا له، مع معْرِفَةِ التَّارِيخِ، وأولَى؛ لجوازِ كوْنِها الأَخيرَةَ، دُونَ الرَّاجِحَةِ. انتهى. وجزَم به فى «آدابِ المُفْتِى». * وإذا تَوَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى مَسْألَةٍ تُشْبِهُ مسْألَتَيْن، فأكثرَ، أحْكامُهما مُخْتَلِفَةٌ، فهل يَلْحَقُ بالأخفِّ أو بالأَثْقَلِ أو يُخَيَّرُ المُقَلِّدُ بينَهما؟ فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ. وأطلَقَهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»، و «آداب المُفْتِى»، و «الحاوِى»: الأُوْلَى العَمَلُ بكُلِّ منهما لمَنْ هو أصْلَحُ له. والأظْهَرُ عنه هنا التَخْيِيرُ. وقالا: ومع مَنْعِ تَعادُلِ الأماراتِ -وهو قولُ أبى الخَطَّابِ. فلا وَقْفَ، ولا تَخْيِيرَ، ولا تَساقُطَ. * وإنْ أشْبَهَتْ مسْألَةً واحدةً، جازَ إلْحاقُها بها، إنْ كان حُكْمُها أرْجَحَ مِن غيرِه. قاله فى «الرِّعايَةِ»، و «الحاوِى». * وما انْفَرَدَ به بعْضُ الرُّواةِ، وقَوىَ دليلُه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «آدابِ المُفْتِى». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وقال: يجبُ تقْدِيمُها على سائرِ الرِّواياتِ؛ لأَنَّ الزِّيادةَ مِنَ العَدْلِ مَقْبولَةٌ فى الحديثِ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فكيْفَ والرَّاوِى عنه ثِقَةٌ خَبِيرٌ بما رَواه. وقيل: لا يكونُ (¬1) مذهبَه، بل ما رَواه جماعَةٌ بخِلافِه أَوْلَى. واخْتارَه الخَلَّالُ وصاحِبُه؛ لأَنَّ نِسْبَةَ الخَطَأ إلى الواحدِ أوْلَى مِن نِسْبَتِه إلى الجماعةِ، والأَصْلُ اتِّحادُ المَجْلِسِ. قلتُ: ¬

(¬1) بعده فى الأصل، أ: «من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا ضعيفٌ، ولا يَلْزَمُ مِن ذلك خَطَأُ الجماعَةِ. وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ». * وما دَلَّ عليه كلامُه فهو مذهبُه، إنْ لم يُعارِضْه أقْوَى منه. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «آدابِ المُفْتِى». * وقوْلُه: لا يَنْبَغِى. أو: لا يَصْلُحُ. أو: أسْتَقْبِحُه. أو: هو قَبِيحٌ. أو: لا أرَاه. للتَّحْريمِ. قالَه الأصحابُ. قال فى «الفُروعِ»: وقد ذكَرُوا أنَّه يُسْتَحَبُّ فِراقُ غيرِ العَفِيفَةِ، واحْتَجُّوا بقولِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا يَنْبَغِى أَنْ يُمْسِكَها. وسألَه أبو طالِبٍ: يُصَلَّى إلى القَبْرِ، والحَمَّامِ، والحُشِّ؟ قال: لا يَنْبَغِى أَنْ يكونَ، لا يُصَلَّى إليه. قلتُ: فإنْ كان؟ قال: يُجْزِيه. ونقَلَ أبو طالِبٍ، فى مَن قرَأ فى الأرْبَعِ كلِّها بالحَمْدِ وسُورَةٍ، قال: لا يَنْبَغِى أَنْ يَفْعَلَ. وقال فى رِوايةِ الحَسَنِ بنِ حَسَّان، فى الإِمامِ يُقَصِّرُ فى الأُولَى ويُطَوِّلُ فى الأخيرةِ: لا يَنْبَغِى ذلك. قال القاضى: كَرِهَ [الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه] (¬1)، ذلك؛ لمُخالَفَتِه للسُّنَّةِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على خِلافٍ. * وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ قال: هذا حرامٌ. ثم قال: أكْرَهُه. أو: لا يُعْجِبُنِى. فحرامٌ. وقيل: بل يُكْرَهُ. * وفى قولِه: أكْرَهُ. أو: لا يُعْجِبُنِى. أو: لا أُحِبُّه. أو: لا أسْتَحْسِنُه. أو: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. وَجْهان. وأطلَقَهما فى «الفُروعِ». وأَطلَقَهما فى «آدابِ المُفْتِى»، فى: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. أحدُهما، هو للتَّنْزِيهِ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِى»، فى غيرِ قولِه: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، فى قوْلِه: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى «الرِّعايَتَيْنِ»، و «الحاوِى»: وإنْ قال: يَفْعَلُ السَّائلُ كذا احْتِياطًا. فهو واجِبٌ. وقيل: مَنْدوبٌ. انتهوا. والوَجْهُ الثَّانى، أنَّ ذلك كلَّه للتَّحْريمِ. اخْتارَه الخَلَّالُ، وصاحِبُه، وابنُ حامدٍ، فى قوْلِه: أكْرَهُ كذا. أو: لا يُعْجِبُنِى. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «آدابِ المُفْتِى»، و «الحاوِى»: والأَوْلَى النَّظَرُ إلى القَرائنَ فى الكُلِّ. انتهيا. * وقولُه: أُحِبُّ كذا. أو: يُعْجِبُنِى. أو: هذا أَعْجَبُ إلىَّ. للنَّدْبِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: للوُجوبِ. اخْتارَه ابنُ حامدٍ، فى قوْلِه: أحَبُّ إلىَّ كذا. وقيل: وكذا قولُه: هذا أحْسَنُ. أو: هذا (¬1) حسَنٌ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: قطَع فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ» أنَّ قوْلَه: هذا أحْسَنُ، أو حسَنٌ. كـ: أُحِبُّ كذا. ونحوِه. وقال ابنُ حامدٍ: إذا اسْتَحْسَنَ شيئًا، أو قال: هو حَسَنٌ. فهو للنَّدْبِ، وإنْ قال: يُعْجِبُنِى. فهو للوُجوبِ. * وقولُه: لا بأْسَ. أو: أرْجُو أَنْ لا بأْسَ. للإباحةِ. * وقولُه: أخْشَى. أو: أخافُ أَنْ يكونَ. أو: لا يكونَ. ظاهِرٌ فى المَنْعِ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»، وقدَّماه. واخْتارَه ابنُ حامدٍ، والقاضى. قال فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»، و «الفُروعِ»: فهو كـ: يجوزُ. أو: لا ¬

(¬1) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوزُ. انتهى. وقيل بالوَقْفِ. * وإنْ أجابَ فى شئٍ، ثم قال فى نحوِه: هذا أهْوَنُ. أو: أشَدُّ. أو: أشْنَعُ. فقيل: هما عندَه سواءٌ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العزِيزِ، والقاضى. وقيل بالفَرْقِ. قلتُ: وهو الظَّاهِرُ. واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ». وأَطْلَقهما فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنِ اتِّحَدَ المَعْنَى، وكَثُرَ التَّشابُهُ، فالتَّسْوِيَةُ أوْلَى، وإلَّا فلا. * وقيل: قولُه: هذا أشْنَعُ عندَ النَّاسِ. يقْتَضِى المَنْعَ. وقيل: لا. * وقولُه: أَجْبُنُ عنه. للجَوازِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: يُكْرَهُ. اخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «آدابِ المُفْتِى». وقال فى «الكُبْرى»: الأُوْلَى النَّظرُ إلى القَرائنِ. وقال فى «الفُروعِ»: وأجْبُنُ عنه. مذهبُه. وقالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». وقال فى «تَهْذِيب الأجْوِبَةِ»: جُمْلَةُ المذهبِ، أنَّه إذا قال: أَجْبُنُ عنه. فإنَّه إذْنٌ بأنَّه مذهبُه (¬1)، وأَنَّه ضعيفٌ لا يَقْوَى القُوَّةَ التى يُقْطَعُ بها، ولا يَضْعُفُ الضَّعْفَ الذى يُوجِبُ الرَّدَّ، ومع ذلك؛ فكُلُّ ما أجابَ فيه (¬2)، فإنَّك تجِدُ البَيانَ عنه فيه كافِيًا، فإنْ وَجدْتَ عنه المَسْألةَ ولا جوابَ بالبَيانِ، فإنَّه يُؤْذِنُ بالتَّوَقُّفِ عَن (¬3) غيرِ قَطْعٍ. انتهى. * وما أجابَ فيه بكِتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْماعٍ، أو قولِ بعْضِ الصَّحابَةِ، فهو ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «مذهب». (¬2) فى الأصل: «منه». (¬3) فى أ: «من».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مذهبُه؛ لأَنَّ قولَ أحَدِ الصَّحابَةِ عندَه حُجَّةٌ. على أصحِّ الرِّوايتَيْن عنه. * وما رَوَاه مِن سُنَّةٍ، أو أثَرٍ، أو صَحَّحَه، أو حَسَّنَه، أو رَضِىَ سَنَدَه، أو دَوَّنَه فى كُتُبِه، ولم يَرُدَّه، ولم يُفْتِ بخِلافِه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ»، ونَصَرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وجزَم به فى «الحاوِى الكَبِيرِ». واخْتارَه عَبْدُ اللَّهِ، وصالِحٌ، والمَرُّوذِىُّ، والأَثْرَمُ. قالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». وقيل: لا يكونُ مذهبَه، كما لو أفْتَى بخِلافِه قَبْلُ، أو بَعْدُ. وأَطْلَقَهما فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»، و «الفُروعِ». وقال: فلِهذا أذْكُرُ رِوايتَه للخَبَرِ، وإنْ كان فى «الصَّحِيحَيْن». انتهى. * وإنْ أَفْتَى بحُكْمٍ، فاعْتُرِضَ عليه، فسَكَتَ، فليس رُجوعًا. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ»، ونصرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيل: يكونُ رُجوعًا. اخْتارَه ابنُ حامدٍ. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ»، و «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». وإنْ ذكرَ عنِ الصَّحابةِ فى مسْألَةٍ قوْلَيْن، فمذهبُه أقْرَبُهما مِن كتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجْماعٍ؛ سَواءٌ عَلَّلَهما أو لا، إذا لم يُرَجِّحْ أحدَهما، ولم يَخْتَرْه. قدَّمه فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ»، ونصرَه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: لا مذهبَ له منهما عَيْنًا، كما لو حَكاهُما عنِ التَّابِعينَ فَمَنْ بعدَهم، ولا مَزِيَّةَ لأحَدِهما بما ذكرَ؛ لجوازِ إحْداثِ قَوْلٍ ثالثٍ يُخالِفُ الصَّحابَةَ. قالَه فى «الرِّعايَةِ». وقيل بالوَقْفِ. * وإنْ علَّلَ أحدَهما واسْتَحْسَنَ الآخَرَ، أو فَعَلَهما فى أقْوالِ التَّابِعينَ فَمَنْ بعدَهم، فأيُّهما مذهبُه؟ فيه وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ»،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ و «الفُروعِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّ الذى اسْتَحْسَنَه مذهَبُه، ولا يَلْزَمُ مِن تَعْليلِ القَوْلِ أَنْ يكونَ قد أخَذَ به، ولا يدُلُّ عليه. ثم وَجَدْتُه فى «آدابِ المُفْتِى» قدَّمه، وقال: اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وقال عن الثَّانى: فيه بُعْدٌ. * وإنْ حسَّنَ أحدَهما، أو علَّلَه، فهو مذهبُه. قوْلًا واحدًا. جزَم به فى «الفُروعِ»، وغيرِه. * وإنْ أعاد (¬1) ذِكْرَ أحَدِهما، أو فَرَّعَ عليه، فهو مذهبُه. قدَّمه فى «آدابِ المُفْتِى». وقيل: لا يكونُ مذهبَه إلَّا أَنْ يُرَجِّحَه، أو يُفْتِىَ به. واخْتارَه ابنُ حَمْدانَ (¬2)، فى «آدابِ المُفْتِى». وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ»، فيما إذا فَرَّعَ على أحَدِهما. * وإنْ نصَّ فى مَسْألةٍ على حُكْمٍ، وعلَّلَه بعِلَّةٍ، فوُجِدَتْ تلك العِلَّةُ فى مَسائِلَ أُخَرَ، فمذهبُه فى تلك المَسائِلِ كالمَسْألةِ المُعَلَّلَةِ. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ». قال فى «الرِّعَايَةِ»: سواءٌ قُلْنا بتَخْصِيصِ العِلَّةِ أَوْ لا. كما سَبَق. انتهى. وقيل: لا. * وإنْ نُقِلَ عنه فى مَسْألَةٍ رِوايَتان؛ دليلُ أحَدِهما قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودليلُ الأُخْرَى قولُ صَحابِىٍّ، وهو أخَصُّ، وقُلْنا: هو حُجَّةٌ يُخَصُّ به العُمومُ -فأيُّهما مذهبُه؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، مذهبُه ما كانَ دليلُه قولَ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قلتُ: وهو الصَّوابُ. ¬

(¬1) فى الأصل: «علل». (¬2) فى الأصل: «حامد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدَّمه فى «تَهْذِيبِ الأجْوِبَةِ» ونَصَرَه، و «آدابِ المُفْتى». وقيل: مذهبُه قولُ الصَّحابِىِّ، والحَالَةُ ما تقدَّم. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وإنْ كان قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخَصَّهما (¬1)، وأحْوَطَهما، تعَيَّنَ. * وإنْ وافقَ أحدُهما قولَ صَحابىٍّ، والآخَرُ قولَ تابِعِىٍّ، واعْتُدَّ به إذَنْ. وقيل: وعَضَّدَه (¬2) عُمومُ كتابٍ أو سُنَّةٍ، أو أثَرٌ. فَوْجَهان. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «آدابِ المُفْتِى». * وإنْ ذكَرَ اخْتِلافَ النَّاسِ وحَسَّن بَعْضَه، فهو مذهبُه، إنْ سَكَتَ عن غيرِه. * وإنْ سُئِلَ مرَّةً، فَذَكَرَ الاخْتِلافَ، ثم سُئِلَ مرَّة ثانيةً، فتَوَقَّفَ، ثُمَّ سُئِلَ مرَّةً ثالثةً، فأفْتَى فيها، فالذى أفْتَى به مذهبُه. * وإنْ أجابَ بقوْلِه: قال فُلانٌ كذا. يعْنِى بعْضَ العُلَماءِ، فَوَجْهان. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «آدابِ المُفْتى». واخْتارَ أنَّه لا يكونُ مذهبَه. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ أنَّه يكونُ مذهبَه. * وإنْ نصَّ على حُكْمِ مسْألَةٍ، ثم قال: ولو قال قائلٌ، أو ذَهَبَ ذاهِبٌ إلى كذا. يريدُ حُكْمًا يخالفُ ما نصَّ عليه، كان مذهبًا؟ لم يكُنْ ذلك مذهبًا للإمامِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أيضًا، كما لو قال: وقد ذَهَبَ قومٌ إلى كذا. قالَه أبو الخَطَّابِ، ومَنْ بعدَه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ»، و «الفُروعِ»، و «آدابِ ¬

(¬1) فى الأصل: «أخص». (¬2) فى الأصل، ط: «عضد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُفْتِى»، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مذهبًا له. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ»، مِن عنْدِه. قلتُ: وهو مُتَوَجِّهٌ. كَقَوْلِه: يَحْتَمِلُ قوْلَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وقد أجابَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فيما إذا سافَر بعدَ دُخولِ الوَقْتِ هل يَقْصُرُ؟ وفى غيرِ (¬1) مَوْضِعٍ بمثْلِ هذا. وأثْبَتَ القاضى وغيرُه رِوايتَيْن. * وهل يُجْعَلُ فِعْلُه، أو مفْهومُ كلامِه مذهبًا له؟ على وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن»، و «آدابِ المُفْتِى»، و «أصولِ ابنِ مُفْلِحٍ». قال فى «تَهْذِيبِ الأجْوِبَةِ»: عامَّةُ أصحابِنا يقُولونَ: إنَّ فعْلَه مذهبٌ له. وقدَّمه هو، ورَدَّ غيرَه. قال فى «آدابِ المُفْتِى»: اخْتارَ الخِرَقِىُّ، وابنُ حامِدٍ، وإبْراهِيمُ الحَرْبِىُّ (1)، أنَّ مفْهومَ كلامِه مذهبُه. واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنَّه لا يكونُ مذهبَه. * فإنْ جعَلْنا المَفْهومَ مذهبًا له، فنَصَّ فى مَسْألَةٍ على خِلافِ المَفْهومِ، بَطَلَ. وقيل: لا يَبْطُلُ. فتَصِيرُ المَسْأَلَةُ على رِوايتَيْن، إنْ جعَلْنا أوَّلَ قوْلَيْه فى مسْأَلةٍ واحدَةٍ مذهبًا له. * وصِيغَةُ الواحدِ مِن أصحابِه ورُواتِه فى تفْسيرِ مذهبِه، وإخْبارُهم عن رَأْيِه، كنَصِّه فى وَجْهٍ. قالَه فى «الرِّعايتَيْن». قال فى «الفُروعِ»: هو مذهبُه فى الأصحِّ. قال فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ»: إذا بيَّن أصحابُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قوْلَه بتَفْسيرِ جَوابٍ له، أو نَسَبُوا إليه بَيانَ حدٍّ فى سُؤالٍ، فهو منْسوبٌ إليه، ومَنُوطٌ به، وإليه يُعْزَى، وهو بمَثابَةِ نصِّه. ونَصَرَه. قال فى «آدابِ المُفْتِى»: ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وهو قِياسُ قولِ الخِرَقِىِّ وغيرِه. وقال ابنُ حامِدٍ: وخالَفَنا فى ذلك طائفةٌ مِن أصحابِنا، مثل الخَلَّالِ، وأبى بَكْرٍ عَبْدِ العزِيزِ. تنبيه: هذه الصِّيَغُ والمَسائلُ التى ورَدَتْ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وما قالَه الأصحابُ فيها، كلُّها أو غالِبُها (¬1)، مذْكورٌ فى «تَهْذيبِ الأجْوِبَةِ» لابنِ حامِدٍ، مَبْسُوطٌ بأمْثِلَةٍ كثيرةٍ لكُلِّ مسْألةٍ ممَّا تقدَّم. وله فيه أيضًا أشياءُ كثيرةٌ غيرُ ما تقدَّم، ترَكْنَا ذِكْرَها (¬2) للإطالَةِ، ومذْكورٌ أيضًا فى «آدابِ المُفْتِى»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وبعْضُه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»، و «الحاوِى الكَبِيرِ». فصل: هذا الذى تقدَّم ذِكْرُه هو الوارِدُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، وبَقِىَ الوارِدُ عن أصحابِه. * واعلمْ أنَّ الوارِدَ عنِ الأصحابِ؛ إمَّا وَجْهٌ، وإمَّا احْتِمالٌ، وإمَّا تخْريجٌ. وزادَ فى «الفُروعِ» التَّوْجِيهَ. * فأمَّا الوَجْهُ، فهو قولُ بعضِ الأصحابِ، وتخْرِيجُه إنْ كان مأْخُوذًا مِن قواعِدِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، أو إيمائِه، أو دَليلِه، أو تعْليلِه، أو سِياقِ كلامِه وقُوَّتِه. * وإنْ كان مأْخُوذًا مِن نُصوصِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ومُخَرَّجًا ¬

(¬1) فى الأصل: «غالبه». (¬2) فى الأصل، ط: «ذكره».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ منها، فهو رِواياتٌ مُخَرَّجَةٌ له ومنْقولَةٌ مِن نُصوصِه إلى ما يُشْبِهُها مِنَ المَسائلِ؛ إنْ قُلْنا: ما قِيسَ على كلامِه مذهبٌ له. على ما تقدَّم. وإنْ قُلْنا: لا. فهى أوْجُهٌ لمَنْ خرَّجها وقاسَها. * فإنْ خُرِّجَ مِن نصٍّ، ونُقِلَ (¬1) إلى مَسْألَةٍ فيها نصٌّ يُخالِفُ ما خُرِّجَ فيها، صارَ فيها رِوايَةٌ منصوصةٌ، ورِوايَةٌ مُخَرَّجَةٌ منْقولَةٌ مِن نَصِّه، إذا قُلْنا: المُخَرَّجُ مِن نصِّه مذهبُه. وإنْ قُلْنا: لا. ففيها رِوايَةٌ للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ووَجْهٌ لمَنْ خرَّجَه. * وإنْ لم يَكُنْ فيها نصٌّ يُخالِفُ القوْلَ المُخَرَّجَ مِن نصِّه فى غيرِها، فهو وَجْهٌ لمَنْ خرَّج. * فإنْ خالَفَه غيرُه مِن الأصحابِ فى الحُكْمِ، دُونَ طَريقِ التَّخْريجِ، ففيها لهما وَجْهان. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُمْكِنُ جعْلُهما مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، بالتَّخْريجِ دُونَ النَّقْلِ؛ لعدَمِ أخْذِهما مِن نَصِّه. * وإنْ جَهِلْنا مُسْتَنَدَهما، فليس أحدُهما قوْلًا مُخَرَّجًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولا مذهبًا له بحالٍ. * فمَنْ قال مِنَ الأصحابِ هنا: هذه المَسْأَلَةُ رِوايةٌ واحدةٌ. أرادَ نصَّه. * ومَنْ قال: فيها رِوايَتان. فإحْداهما بنَصٍّ، والأُخْرى بإيماءٍ، أو تَخْريجٍ مِن نصٍّ آخَرَ له، أو نَصٍّ جَهِلَه مُنْكِرُه. ¬

(¬1) فى الأصل: «قاس».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * ومَنْ قال: فيها وَجْهان. أرادَ عَدَمَ نَصِّه عليهما؛ سواءٌ جَهِلَ مُسْتَنَدَه أو عَلِمَه، ولم يجْعَلْه مذهبًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فلا يُعْمَلُ إلَّا بأصحِّ الوَجْهَيْن وأرْجَحِهما؛ سواءٌ وقَعا معًا أَوْ لا، مِن واحدٍ أو أكْثَرَ، وسواءٌ عُلِمَ التَّارِيخُ (¬1) أو جُهِلَ. * وأمَّا القَوْلانِ هنا، فقد يكونُ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، نصَّ عليهما، كما ذكرَه أبو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيزِ فى «الشَّافِى»، أو على أحَدِهما، وأوْمَأَ إلى الآخَرِ، وقد يكونُ مع أحَدِهما وَجْهٌ، أو تخْرِيجٌ، أو احْتِمالٌ بخِلافِه. * وأمَّا الاحْتِمالُ الذى للأصحابِ، فقد يكونُ لدَليلٍ مَرْجُوحٍ بالنِّسْبَةِ إلى ما خالَفَه، أو دَليلٍ مُساوٍ له، وقد يخْتارُ هذا (¬2) الاحْتِمالَ بعضُ الأصحابِ، فَيَبْقَى وَجْهًا (¬3). * وأمَّا التَّخْريجُ، فهو نَقْلُ حُكْمِ مسْألةٍ إلى ما يُشْبِهُها، والتَّسْوِيَةُ بينَهما فيه. وتقدَّم ذلك أيضًا فى الخُطْبَةِ (¬4). فصل: صاحِبُ هذه الأوْجُهِ والاحْتِمالاتِ والتَّخارِيجِ لا يكونُ إلَّا مُجْتَهِدًا. واعلمْ أنَّ المُجْتَهِدَ يَنْقَسِمُ إلى أرْبَعَةِ أقْسامٍ؛ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ، ومُجْتَهِدٌ فى مذهبِ إمامِه أو فى مذهبِ إمامِ غيرِه، ومُجْتَهِدٌ فى نَوْعٍ مِنَ العِلْمِ، ومجْتَهِدٌ فى مسْألَةٍ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «هذه». (¬3) بعده فى أ: «به». (¬4) انظر 1/ 8 - 10.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو مَسائلَ. ذكَرَها فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»، فقال: القِسمُ الأَوَّلُ، المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ؛ وهو الذى اجْتَمَعَتْ فيه شُروطُ الاجْتِهادِ التى ذكَرَها المُصَنِّفُ فى آخِرِ كتابِ القَضاءِ، على ما تقدَّم هناك (¬1)، إذا اسْتَقَلَّ بإدْراكِ الأحْكامِ الشَّرعِيَّةِ، مِنَ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ (¬2) العامَّةِ والخاصَّةِ، وأحْكامِ الحوادِثِ منها، ولا يتَقَيَّدُ بمذهبِ أحدٍ. وقيل: يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ أكْثَرَ الفِقْهِ. قدَّمه فى «آدابِ المُفْتى والمُسْتَفْتِى». وقال أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ: مَنْ حَصَّل أُصولَ الفِقْهِ وفُروعَه، فمُجْتَهِدٌ. وتقدَّم هذا وغيرُه فى آخرِ كتابِ القَضاءِ. قال فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى»: ومِن زَمَنٍ طَويلٍ عُدِمَ المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ، مع أنَّه الآنَ أيْسَرُ منه فى الزَّمَنِ الأَوَّلِ؛ لأَنَّ الحديثَ والفِقْهَ قد دُوِّنا، وكذا ما يتَعَلَّقُ بالاجْتِهادِ مِنَ الآياتِ، والآثارِ، وأُصولِ الفِقْهِ، والعرَبِيَّةِ، وغيرِ ذلك، لكِنَّ الهِمَمَ قاصِرَةٌ، والرَّغَباتِ فاتِرَةٌ، وهو فَرْضُ كِفايَةٍ، قد أهْمَلُوه ومَلُّوه، ولم يعْقِلُوه لِيَفْعَلُوه. انتهى. قلتُ: قد أَلْحَقَ طائفَةٌ مِنَ الأصحابِ المُتَأخِّرينَ بأصحابِ هذا القَسْمِ، الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ ابنَ تَيْمِيَّةَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عليه، وتَصَرُّفاتُه فى فَتاوِيه وتَصانيفِه تدُلُّ على ذلك. وقيل: المُفْتِى مَنْ تمَكَّنَ مِن معْرِفَةِ أحْكامِ الوَقائعِ على يُسْرٍ، مِن غيرِ تَعَلُّمٍ آخَرَ. القِسْمُ الثَّانى، مُجْتَهِدٌ فى مذهبِ إمامِه، أو إمامِ غيرِه، وأحْوالُه أرْبعَةٌ؛ ¬

(¬1) فى الأصل: «هنا». وانظر ما تقدم فى 28/ 307. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحالَةُ الأُولَى، أَنْ يكونَ غيرَ مُقَلِّدٍ لإمامِه فى الحُكْمِ والدَّليلِ، لكِنْ سَلَكَ طرِيقَه فى الاجْتِهادِ والفَتْوَى، ودَعا إلى مذهبِه، وقرَأ كثيرًا منه على أهْلِه، فوَجدَه صَوابًا وأَوْلَى مِن غيرِه، وأشَدَّ مُوافقَةً فيه وفى طَريقِه. قال ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى»: وقد ادَّعَى هذا منا ابنُ أبى مُوسى فى «شَرحِ الإِرْشادِ» الذى له، والقاضى أبو يَعْلَى، وغيرُهما مِن الشَّافِعِيَّةِ خَلْقٌ كثيرٌ. قلتُ: ومِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ فمِنَ المُتَأخرينَ؛ كالمُصَنِّفِ، والمَجْدِ، وغيرِهما. وفَتْوَى المُجْتَهِدِ المذْكُورِ، كَفَتْوَى المُجْتَهِدِ المُطْلَقِ فى العَمَلِ بها، والاعْتِدادِ بها فى الإجْماعِ والخِلافِ. الحالَةُ الثَّانيةُ، أَنْ يكونَ مُجْتَهِدًا فى مذهبِ إمامِه، مُسْتَقِلًّا بتَقْريرِه بالدَّليلِ، لكِنْ لا يتَعَدَّى أُصولَه وقَواعِدَه، مع إتْقانِه للفِقْهِ وأُصولِه، وأدِلَّةِ مَسَائلِ الفِقْهِ، عالمًا بالقِياسِ ونحوِه، تامَّ الرِّياضَةِ، قادِرًا على التَّخْريجِ والاسْتِنْباطِ، وإلْحاقِ الفُروعِ بالأُصولِ والقَواعِدِ التى لإمامِه. وقيل: ليسَ مِن شَرْطِ هذا معْرِفَةُ عِلْمِ الحديثِ، واللُّغةِ العَرَبِيَّةِ؛ لكَوْنِه يتَّخِذُ نُصوصَ إمامِه أصُولًا يسْتَنْبِطُ منها الأحْكامَ، كنُصوصِ الشَّارِعِ، وقد يرَى حُكْمًا ذكرَه إمامُه بدَليلٍ، فيَكْتَفِى بذلك، مِن غيرِ بحثٍ عن مُعارِضٍ أو غيرِه. وهو بعيدٌ. وهذا شأْنُ أَهْلِ الأَوْجُهِ والطُّرُقِ فى المذاهبِ، وهو حالُ أكْثرِ عُلَماءِ الطَّوائفِ الآنَ. فَمَنْ عَلِمَ يقينًا هذا، فقد قلَّد إِمامَه دُونَه؛ لأَنَّ مُعَوَّلَه على صِحَّةِ إضافَةِ ما يقولُ إلى إمامِه؛ لعدَمِ اسْتِقْلالِه بتَصْحيحِ نِسْبَتِه إلى الشَّارِعِ بلا واسِطَةِ إمامِه، والظَّاهِرُ معْرِفَتُه بما يتعَلَّقُ بذلك مِن حديثٍ، ولُغَةٍ، ونَحْوٍ. وقيل: إنَّ فَرْضَ الكِفايَةِ لا يتَأدَّى به؛ لأَنَّ تقْليدَه نقْصٌ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وخَلَلٌ فى المَقْصودِ. وقيل: يتَأَدَّى به فى الفَتْوَى، لا فى إحْياءِ العُلومِ التى تُسْتَمَدُّ منها الفَتْوَى؛ لأنَّه قد قامَ فى فَتْواه مَقامَ إمامٍ مُطْلَقٍ، فهو يُؤَدِّى عنه ما كان يتَأدَّى به الفَرْضُ حينَ كان حيًّا قائمًا بالفَرْضِ منها. وهذا على الصَّحيحِ فى جَوازِ تقْليدِ المَيِّتِ. ثم قد يُوجَدُ مِنَ المُجْتَهِدِ المُقَيَّدِ اسْتِقْلالٌ بالاجْتِهادِ والفَتْوَى فى مَسْألَةٍ خاصَّةِ، أو بابٍ خاصٍّ، ويجوزُ له أَنْ يُفْتِىَ فيما لم يَجِدْه مِن أحْكامِ الوَقائعِ منْصُوصًا عليه عن إمامِه، لِمَا يُخَرِّجُه على مذهبِه. وعلى هذا العَمَلُ، وهو أصحُّ. فالمُجْتَهِدُ فى مذهبِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مثلًا، إذا أحاطَ بقَواعِدِ مذهبِه، وتدَرَّبَ فى مَقايِيسِه وتصَرُّفاتِه، يُنَزَّلُ مِنَ الإلْحاقِ بمَنْصُوصاتِه وقَواعِدِ مذهبِه، مَنْزِلَةَ المُجْتَهِدِ المُسْتَقِلِّ فى إلْحاقِه ما لم يَنُصَّ عليه الشَّارِعُ بما نصَّ عليه. وهذا أقْدَرُ على ذا مِن ذاك على ذاك؛ فإنَّه يجدُ فى مذهبِ إمامِه قَواعِدَ مُمَهَّدَةً، وضَوابِطَ مُهَذَّبَةً، ما لا يجِدُه المُسْتَقِلُّ فى أُصولِ الشَّارِعِ ونُصوصِه. وقد سُئل الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، عمّن يُفْتِى بالحديثِ، هل له ذلك، إذا حَفِظَ أرْبَعَمِائَةِ ألْفِ حديثٍ؟ فقال: أرْجُو. فقِيلَ لأبى إسْحَاقَ ابنِ شَاقْلَا: فأنْتَ تُفْتِى، ولستَ تَحْفَظُ هذا القَدْرَ؟ فقال: لكِنِّى أُفْتِى بقَوْل مَنْ يحْفَظُ ألْفَ ألْفِ حديثٍ. يعْنِى الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. ثمَّ إنَّ المُسْتَفتِىَ فيما يُفْتِيه (¬1) به مِن تخْرِيجِه هذا، مُقَلِّدٌ لإمامِه، لا له. وقيل: ما يُخَرِّجه أصْحابُ الإِمامِ على مذهبِه، هل يجوزُ أن ينْسِبُوه إليه، وأنَّه مذهبُه؟ فيه لَنا ولغيرِنا خِلافٌ وتفْصِيلٌ. والحاصِلُ، أنَّ المُجْتَهِدَ فى مذهبِ إمامِه، هو الذى يَتَمَكَّنُ مِن التَّفْريعِ ¬

(¬1) فى أ: «يفتى».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على أقْوالِه، كما يَتَمَكَّنُ المُجْتَهِدُ المُطْلَقُ مِن التَّفْريعِ على كلِّ ما انْعَقَدَ عليه الإجْماعُ ودَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ والاسْتِنْباطُ. [وليس] (¬1) مِن شَرْطِ المُجْتَهِدِ أَنْ يُفْتِىَ فى كلِّ مَسْأَلةٍ، بل يجبُ أَنْ يكونَ على بَصِيرَةٍ فيما يُفْتى به، بحيثُ يَحْكُمُ فيما يدْرى، ويدْرِى أنَّه يدْرِى، بل يَجْتَهِدُ المُجْتَهِدُ فى القِبْلَةِ، ويَجْتَهِدُ العامِّىُّ فى مَن يُقَلِّدُه ويتَّبِعُه. فهذه صِفَةُ المُجْتَهِدِينَ أرْبابِ الأوْجُهِ والتَّخارِيجِ والطُّرُقِ. وقد تقدَّم صِفَةُ تَخْريجِ هذا المُجْتَهِدِ، وأنَّه تارَةً يكونُ مِن نصِّه، وتارَةً يكونُ مِن غيرِه، قبلَ أقْسامِ المُجْتَهِدِ، مُحَرَّرًا. الحالَةُ الثَّالثةُ، أَنْ لا يَبْلُغَ به رُتْبَةَ أئمَّةِ المذهبِ أصحاب الوُجوهِ والطُّرُقِ، غيرَ أنَّه فَقِيهُ النَّفْسِ، حافِظٌ لمذهبِ إمامِه، عارِفٌ بأدِلَّتِه، قائمٌ بتَقْريرِه (¬2)، ونُصْرَتِه، يُصَوِّرُ، ويُحَرِّرُ، ويُمَهِّدُ، ويُقَوِّى (¬3)، ويُزَيِّفُ، ويُرَجِّحُ، لكنَّه قَصَّر عن دَرَجَةِ أُولئك؛ إمَّا لكَوْنِه لم يَبْلُغْ فى حِفْظِ المذْهبِ مَبْلَغهم، وإمَّا لكَوْنِه غيرَ مُتَبَحِّرٍ فى أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه -على أنَّه لا يخْلُو مِثْلُه، فى ضِمْنِ ما يحْفَظُه مِن الفِقْهِ ويعْرِفُه مِن أدِلَّتِه، عن أطْرافٍ مِن قَواعِدِ أُصولِ الفِقْهِ ونحوِه- وإمَّا لكَوْنِه مُقَصِّرًا فى غيرِ ذلك مِنَ العُلومِ التى هى أدَواتُ الاجْتِهادِ الحاصِلِ لأصحابِ الوُجوهِ والطُّرُقِ، وهذه صِفَةُ كثيرٍ مِن المُتَأَخِّرينَ الذينَ رَتَّبُوا المذاهِبَ، وحرَّرُوها، وصنَّفُوا فيها تَصانِيفَ، بها يَشْتَغِلُ النَّاسُ اليومَ غالبًا، ولم يَلْحَقُوا ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى الأصل: «بتقديره». (¬3) فى الأصل، ط: «يقرر».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَن (¬1) يُخَرِّجُ الوُجوهَ، ويُمَهِّدُ الطُّرُقَ فى المذاهبِ. وأمَّا فَتَاوِيهم، فقد كانُوا يَسْتَنْبِطُونَ فيها اسْتِنْباطَ أُولئكَ أو نحوَه، ويَقِيسُونَ غيرَ المَنْقُولِ والمَسْطُورِ على المَنْقُولِ والمَسطُورِ، نحوَ قِياسِ المرْأَةِ على الرَّجُلِ فى رُجوعِ البائعِ إلى عَيْنِ مالِه عندَ تعَذُّرِ الثَّمَنِ، ولا تبْلُغُ فَتاوِيهم فَتَاوَى أصحابِ الوُجوهِ، ورُبَّما تَطَرقَ بعْضُهم إلى تخْريجِ قَوْلٍ، واسْتِنْباطِ وَجْهٍ أو احْتِمالٍ، وفَتاوِيهم مَقْبُولةٌ. الحالةُ الرَّابعةُ، أَنْ يَقُومَ بحِفْظِ المذهبِ، ونقْلِه وفَهْمِه. فهذا يَعْتَمِدُ نَقْلُه وفَتْواه به، فيما يَحْكِيهِ مِن مَسْطوراتِ مَذْهبِه مِن مَنْصوصاتِ إمامِه، أو تفْرِيعاتِ أصحابِه المُجْتَهِدينَ فى مذهبِه، وتخْرِ يجاتِهم، وأمَّا ما لا يجِدُه مَنْقُولًا فى مذهبه؛ فإنْ وجَدَ فى المَنْقولِ ما هذا (¬2) مَعْناه، بحيثُ يُدْرِكُ -مِن غيرِ فَضْلِ فِكْرٍ وتأَمُّلٍ- أنَّه لا فارِقَ بينَهما، كما فى الأمَةِ بالنِّسْبَةِ إلى العَبْدِ المَنْصوصِ عليه فى إعْتاقِ الشَّرِيكِ، جازَ له إلْحاقُه به والفَتْوَى به. وكذلك ما يُعْلَمُ انْدِراجُه تحتَ ضابِطٍ، ومَنْقُولٌ مُمَهَّدٌ مُحَرَّرٌ (¬3) فى المذهبِ، وما لم يَكُنْ كذلك، فعليه الإمْساكُ عن الفُتْيَا فيه. ومِثْلُ هذا يقَعُ نادِرًا فى حقِّ مِثْلِ هذا المَذْكورِ؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ تَقَعَ واقِعَةٌ حادِثَةٌ (¬4) لم يُنَصَّ على حُكْمِها فى المذهبِ، ولاهى فى مَعْنَى بعضِ المَنْصوصِ عليه فيه مِن غيرِ فَرْقٍ، ولا مُنْدَرِجَةٌ تحتَ شئٍ مِن [قَواعِد و] (¬5) ضَوابِط المذهبِ المُحَرَّرِ فيه. ثمَّ ¬

(¬1) فى الأصل: «بمن». (¬2) بعده فى الأصل: «فى». (¬3) سقط من: الأصل، ط. (¬4) زيادة من: أ. (¬5) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إنَّ هذا الفَقِيهَ لا يكونُ إلَّا فَقِيهَ النَّفْسِ؛ لأَنَّ تَصْوِيرَ المَسائلِ على وَجْهِها، ونَقْلَ أحْكامِها بعدَه، لا يقُومُ به إلَّا فَقِيهُ النَّفْسِ، ويَكْفِى اسْتِحْضارُ (¬1) أكْثَرِ المذهبِ، مع قُدْرَته على مُطالَعَةِ بقِيَّتِه قريبًا. القِسْمُ الثَّالثُ، المُجْتَهِدُ فى نَوْع مِن العِلْمِ. فمَنْ عرَفَ القِياسَ وشُروطَه، فله أَنْ يُفْتِىَ فى مَسائِلَ منه قِياسِيَّةٍ لا تَتَعَلَّقُ بالحديثِ، ومَنْ عَرَفَ الفَرائِضَ، فله أَنْ يُفْتِىَ فيها، وإنْ جَهِلَ أحادِيثَ النِّكاحِ وغيرِه. وعليه الأصْحابُ. وقيل: يجوزُ ذلك فى الفَرائضِ دُونَ غيرِها. وقيل بالمَنْعِ فيهما. وهو بعيدٌ. ذكَره فى «آدابِ المُفْتِى». القِسْمُ الرَّابعُ، المُجْتَهِدُ فى مَسائِلَ، أو مَسْأَلَةٍ، وليس له الفَتْوَى فى غيرِها، وأمَّا فيها، فالأظْهَرُ جَوازُه. ويَحْتَمِلُ المَنْعَ؛ لأنَّه مَظِنَّةُ القُصورِ والتَّقْصِيرِ. قالَه فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». قلتُ: المذهبُ الأَوَّلُ. قال ابنُ مُفْلِحٍ فى «أُصولِه»: يَتَجَزَّأُ الاجْتِهادُ عندَ أصحابِنا وغيرِهم. وجزَم به الآمِدِىُّ، خِلافًا لِبَعْضِهم. وذكَرَ بعضُ (2) أصحابِنا مِثْلَه. وذكَرَ أيضًا قوْلًا، يَتَجَزَّأُ فى بابٍ لا (¬2) مسْأَلَةٍ. انتهى. وقد تقدَّم ذلك فى أواخِرِ كتابِ القَضاءِ. هذه أقْسامُ المُجْتَهِدِ، ذكَرَها ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى». فصل: قال ابنُ حَمْدانَ فى «آدابِ المُفْتِى»: قولُ أصحابِنا وغيرِهم: ¬

(¬1) فى أ: «استحضاره». (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهبُ كذا. قد يكونُ بنَصِّ الإِمامِ، أو بإيمائِه، أو بتَخْريجِهم ذلك واسْتِنْباطِهم إيَّاه (¬1) مِن قوْلِه أو تَعْليلِه. وقوْلُهم: على الأصحِّ. أو: الصَّحيحُ. أو: الظَّاهرُ. أو: الأظْهَرُ. أو: المَشْهورُ، أو: الأشْهَرُ، أو: الأقْوَى، أو: الأقْيَسُ. فقد يكونُ عنِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو عن بعضِ أصحابِه. ثم الأصحُّ عنِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّه تُعالَى عنه، أوِ الأصحابِ، قد يكونُ شُهْرةً، وقد يكونُ نَقْلًا، وقد يكونُ دليلًا، أو عندَ القائلِ. وكذا القولُ فى الأشْهرِ، والأظْهَرِ، والأَوْلَى، والأقْيَسِ، ونحوِ ذلك. وقولُهم: وقيلَ. فإنَّه قد يكونُ رِوايةً بالإيماءِ، أو وَجْهًا، أو تَخْرِيجًا، أو احْتِمالًا. ثم الرِّوايةُ قد تكونُ نصًّا، أو إيماءً، أو تَخْريجًا مِنَ الأصحابِ، واخْتلافُ الأصْحابِ فى ذلك ونحوِه كثيرٌ، لا طائلَ فيه. والأوْجُهُ تُؤْخَذُ غالبًا مِن نصِّ لَفْظِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ومَسائِلِه المُتَشابِهَةِ، وإيمائِه، وتعْليلِه. انتهى. قلتُ: قد تقدَّم ذلك فى مأْخَذِ الأوْجُهِ، وتقدَّم أكثرُ هذه العِباراتِ والمُصْطَلَحات فى الخُطْبَةِ. تنبيه: عقَد ابنُ حَمْدانَ بابًا فى «آدابِ المُفْتِى والمُسْتَفْتِى» لمَعْرِفَة عُيوبِ التآليفِ، وغيرِ ذلك، ليَعْلَمَ المُفْتِى كيفَ يَتَصَرَّفُ فى المَنْقولِ، وما مُرادُ قائِلِة ومؤلِّفِه، فَيَصِحَّ نقْلُه للمذهبِ، وعَزْوه إلى الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وبعض أصحابه، فأحْبَبْت أَنْ أذْكُرَه هنا؛ لأَنَّ كتابَنَا هذا (¬2) مُشْتَمِلٌ على ما قالَه، فقال: اعلمْ أن أعْظَمَ المَخاذيرِ فى الئالمجو النقْلِى إهْمالُ نقْلِ الألْفاظِ بأعْيانِها، والاكْتِفاءُ ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بنَقْلِ المعانِى، مع قُصورِ التَّأَمُّلِ عنِ اسْتِيعابِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ الأَوَّلِ بلَفْظِه، ورُبَّما كانتْ بقِيَّةُ الأسْبابِ مُفَرَّعَةً عنه؛ لأَنَّ القَطْعَ بحُصولِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ بكلامِه، أو الكاتِبِ بكتابَتِه، مع ثِقَةِ الرَّاوىِ، يتوَقَّفُ على انْتِفاءِ الإِضْمارِ، والتَّخْصيصِ، والنَّسْخِ، والتَّقْديمِ، والتَّأْخيرِ، والاشْتِراكِ، والتَّجَوُّزِ، والتَّقْديرِ، والنَّقْلِ، والمُعارِضِ العَقْلِىِّ، فكُلُّ نقْلٍ لا يُؤْمَنُ معه حُصولُ بعضِ الأسْبابِ، ولا نقْطَعُ بانْتِفائِها، نحن ولا النَّاقِلُ، ولا نظُنُّ عدَمَها، ولا قرِينَةَ تَنْفِيها، ولا نَجْزِمُ فيه بمُرادِ المُتَكَلِّمِ، بل رُبَّما ظَنَنَّاه، أو تَوَهَّمْناه، ولو نُقِلَ لفْظُه بعَيْنِه، وقَرائنهِ، وتاريخِه، وأسْبابِه، لانْتَفَى هذا المَحْذورُ أو أكثرُه، وهذا مِن حيثُ الإِجْمالُ، وإنَّما يَحْصُلُ الظَّنُّ بنَقْلِ المُتَحَرِّى، فيُعْذَرُ تارةً لدَعْوَى الحاجَةِ إلى التَّصَرُّفِ لأسْبابٍ ظاهِرَةٍ، ويكْفِى ذلك فى الأُمورِ الظَّنِّيَّةِ وأكثرِ المَسائلِ الفُروعِيَّةِ، وأمَّا التَّفْصيلُ، فهو أنَّه لمَّا ظهَرَ التَّظاهُرُ بمذاهبِ (¬1) الأئمَّةِ، رَحِمَهُم اللَّهُ ورَضِىَ عنهم، والتَّناصُرُ لها مِن عُلَماءِ الأمَّةِ، وصارَ لكُلِّ مذهبٍ منها أحْزابٌ وأنْصارٌ، وصارَ دَأْبُ كلِّ فريقٍ نَصْرَ قوْلِ صاحبِهم، وقد لا يكونُ أحدُهم قد اطَّلَعَ على مأْخَذِ إمامِه فى ذلك الحُكْمِ؛ فَتَارَةً يُثْبِتُه بما أثبَتَه به إمامُه، ولا يعْلَمُ بالمُوافَقَةِ، وتارة يُثْبِنُه بغيرِه، ولا يشْعُرُ بالمُخالفَةِ. ومَحْذُورُ ذلك ما يسْتَجِيزُه فاعِلُ ذلك مِن تخْريجِ أقاوِيلِ إمامِه مِن مسْألَةٍ إلى مسْألَةٍ أُخْرى، والتَّفريعِ على ما اعْتَقدَه مذهبًا له بهذا التَّعْليلِ، وهو لهذا الحُكْمِ غيرُ دليلٍ، ونِسْبَةِ (¬2) القَوْلَيْن إليه بتَخْريجِه. ورُبَّما حَمَلَ كلامَ الإِمامِ ¬

(¬1) فى الأصل، ط: «بمذهب». (¬2) فى الأصل: «نسبته».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما خالفَ نظِيرَه على ما يُوافِقُه، اسْتِمْرارًا لقاعِدَةِ تعْليلِه، وسَعْيًا فى تصْحيحِ تأْوِيلِه، وصارَ كلٌّ منهم يَنْقُلُ عنِ الإمام ما سَمِعَه، أو بَلَغَه عنه، مِن غيرِ ذِكْرِ سَبَبٍ ولا تاريخٍ؛ فإنَّ العِلْمَ بذلك قرينَةٌ فى إفادَةِ مُرادِه مِن ذلك اللَّفْظِ (¬1)، كما سَبَق، فيَكْثُرُ لذلك الخَبْطُ؛ لأَنَّ الآتِىَ بعدَه يجدُ عنِ الإمام اخْتِلافَ أقْوالٍ، واخْتِلالَ أحْوالٍ، فيتَعَذَّرُ عليه نِسْبَةُ أحدِهما إليه على أنَّه مذهبٌ له، يجبُ على مُقَلِّدِه المَصِيرُ إليه، دُونَ بَقِيَّةِ أقَاوِيلِه، إنْ كان النَّاظِرُ مُجْتَهِدًا. وأمَّا إِنْ كان مُقَلِّدًا، فغَرَضُه معْرِفَةُ مذهبِ إمامِه بالنَّقْلِ عنه، ولا يحْصلُ غرَضُه مِن جِهَةِ نفْسِه؛ لأنَّه لا يُحْسِنُ الجَمْعَ، ولا يَعْلَمُ التَّاريخَ؛ لعدَمِ ذِكْرِه، ولا التَّرْجِيحَ عندَ التَّعارُضِ بينَهما؛ لتَعَذُّره منه. وهذا المَحْذورُ إنَّما لَزِمَ مِنَ الإخْلالِ بما ذكَرْنا، فيَكونُ مَحْذُورًا. ولقد اسْتَمَرَّ كثيرٌ مِن المُصنِّفِينَ، والحاكِينَ (¬2) على قوْلِهم: مذهبُ فُلانٍ كذا. و: مذهبُ فُلانٍ كذا. فإنْ أرادُوا بذلك أنَّه (¬3) نُقِلَ عنه فقط، فلِمَ يُفْتُونَ به فى وَقْتٍ ما على أنَّه مذهبُ الإِمامِ؟ وإنْ أرادُوا أنَّه المُعَوَّلُ عليه عندَه، ويَمْتَنِعُ المَصِيرُ إلى غيرِه للمُقَلِّدِ، فلا يخْلُو حِينَئَذٍ؛ إمَّا أَنْ يكونَ التَّارِيخُ معْلومًا أو مجْهولًا؛ فإنْ كان معْلومًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ مذهبُ إمامِه أنَّ القَوْلَ الأخيرَ يَنْسَخُ (¬4) إذا تَناقَضَا، كالأخْبارِ، أو ليس مذهَبُه كذلك، بل يَرَى عَدَمَ نَسْخِ الأَوَّلِ بالثَّانى، أو لم يُنْقَلْ عنه شئٌ مِن ذلك؛ فإنْ كان مذهبُه اعْتِقادَ ¬

(¬1) فى الأصل: «باللفظ». (¬2) فى الأصل: «الحاكمين». (¬3) سقط من: الأصل. (¬4) بعده فى أ: «بالأول».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النَّسْخِ، فالأخِيرُ مذهبُه، فلا تجوزُ الفَتْوَى بالأوَّلِ للمُقَلِّدِ، ولا التَّخْرِيجُ منه، ولا النَّقْضُ به، وإنْ كان مذهبُه أنَّه لا يُنْسَخُ الأَوَّلُ بالثَّانى عندَ التَّنافِى؛ فإمَّا أَنْ يكونَ الإِمامُ يرَى جَوازَ الأخْذِ بأيِّهما شاءَ المُقَلِّدُ إذا أَفْتاه المُفْتِى، أو يكونَ مذهبُه الوَقْفَ، أو شيئًا آخَرَ؛ فإنْ كان مذهبُه القَوْلَ بالتَّخْيِيرِ، كان الحُكْمُ (¬1) واحدًا لا يتَعَدَّدُ، وهو خِلافُ الفَرْضِ، وإنْ كان ممَّنْ يرَى الوَقْفَ، تعَطَّلَ الحُكْمُ حِينَئذٍ، ولا يكونُ له فيها قولٌ يعْمَلُ عليه سِوَى الامْتِناعِ مِنَ العَمَلِ بشئ مِن أقْوالِه. وإنْ لم يُنْقَلْ عن إمامِه شئٌ مِن ذلك، فهو لا يَعْرِفُ حُكْمَ إمامِه فيها، فيكونُ شَبِيهًا بالقَوْلِ بالوَقْفِ، فى أنَّه يمْتَنِعُ مِن العَمَلِ بشئٍ منها. هذا كلُّه إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ. وأمَّا إنْ جُهِلَ، فإمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ بينَ القَوْلَيْن، باخْتِلافِ حالَيْن أو مَحَلَّيْن، أو لا يُمْكِنَ؛ فإنْ أمْكَنَ، فإمَّا أَنْ يكونَ مذهبُ إمامِه جَوازَ الجَمْعِ حِينَئذٍ، كما فى الآثارِ، أو وُجوبَه، أو التَّخْيِيرَ، أو الوَقْفَ، أو لم يُنْقَلْ عنه شئٌ مِن ذلك؛ فإنْ كان الأوَّلَ أو الثَّانىَ، فليسَ له حِينَئذٍ إلَّا قولٌ واحدٌ، وهو ما اجْتَمَعَ منهما، فلا يَحِلُّ حِينَئذٍ الفُتْيا بأحَدِهما على ظاهرِه، على وَجْهٍ لا يُمْكِنُ الجَمْعُ. وإن كان الثَّالِثَ، فمذهبُه أحدُهما بلا ترْجِيحٍ. وهو بعيدٌ، سِيَّما مع تَعَذُّرِ تَعادُلِ الأَماراتِ. وإنْ كان الرَّابعَ أو الخامِسَ، فلا عَمَلَ إذَنْ. وأمَّا إنْ لم يُمْكِنِ الجمعُ مع الجَهْلِ بالتَّاريخِ، فإمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ نَسْخَ الأَوَّلِ بالثَّانى، أو لا يعْتَقِدَ؛ فإنْ كان يَعْتَقِدُ ذلك، وَجَبَ الامْتِناعُ عن الأخْذِ بأحَدِهما؛ لأنَّا لا نعْلَمُ أيُّهما هو المَنْسوخُ عندَه، وإنْ لم يَعْتَقِدِ النَّسْخَ؛ فإمَّا التَّخْيِيرُ، وإمَّا الوَقْفُ، أو غيرُهما، والحُكْمُ فى الكلِّ ¬

(¬1) فى الأصل: «الحاكم».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سَبَق. ومع هذا كلِّه، فإنَّه يحْتاجُ إلى اسْتِحْضارِ ما اطَّلَعَ عليه مِن نُصوصِ إمامِه عندَ حِكايةِ بعضِها مذهبًا له، ثم لا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يكونَ إمامُه (¬1) يعْتَقِدُ وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ فى ذلك، أَوْ لا؛ فإنِ اعْتقَدَه، وَجَبَ عليه تجْديدُه فى كلِّ حينٍ أرادَ حِكايةَ مذهبِه. وهذا يتَعذَّرُ فى مَقْدِرَةِ البَشَرِ إنْ شاءَ اللَّهُ؛ لأَنَّ ذلك يسْتَدْعِى الإِحاطةَ بما نُقِلَ عنِ الإِمامِ فى تلك المسْألَةِ على جِهَتِه فى كلِّ وقتٍ يُسْأَلُ. ومَنْ لم يُصَنِّفْ كُتُبًا فى المذهبِ، بل أخذَ أكْثَرَ مذهبِه مِن قوْلِه وفَتاوِيه، كيف يُمْكِنُ حَصْرُ ذلك عنه؟ هذا بعيدٌ عادةً. وإنْ لم يَكُنْ مذهبُ إمامِه وُجوبَ تجْديدِ الاجْتِهادِ عندَ نِسْبَةِ بعضِها إليه مذهبًا له، يُنْظَرُ؛ فإنْ قيل: رُبَّما لا يكونُ مذهبُ أحدٍ القَوْلَ بشئٍ مِن ذلك، فضْلًا عنِ الإِمامِ قُلْنا: نحنُ لم نَجْزِمْ بحُكْمٍ فيها، بل ردَدْناه، وقُلْنا: إنْ كان كذا، [لَزِمَ منه كذا] (¬2)، ويكْفِى فى إيقافِ أقْدامِ هؤلاءِ تكْلِيفُهم نقْلَ هذه الأشْياءِ عن الإِمامِ، ومع ذلك فكثيرٌ مِن هذه الأقسامِ قد ذَهَبَ إليه كثيرٌ مِن الأئمَّةِ، وليسَ هذا مَوْضِعَ بَيانِه، وإنَّما يُقابِلُونَ هذا التَّحْقيقَ بكثْرَةِ نَقْلِ الرِّواياتِ، والأوْجُهِ، والاحْتِمالاتِ، والتَّهَجُّمِ على التَّخْريجِ والتَّفْريعِ، حتى لقد صارَ هذا عندَهم (¬3) عادةً وفضِيلَةً، فَمَنْ لم يأْتِ بذلك، لم يكُنْ عندَهم بمَنْزِلَةٍ، فالْتَزَمُوا -للحَمِيَّةِ- نَقْلَ ما لا يجوزُ نقْلُه؛ لِمَا عَلِمْتَه آنِفًا. ثم لقد عَمَّ أكْثرَهم، بل كلَّهم، نقْلُ أقاوِيلَ يجبُ الإِعْراضُ عنها فى نظَرِهم؛ بِناءً على كوْنِه قوْلًا ثالثًا، وهو باطِلٌ عندَهم، أو لأنَّها مُرْسَلَةٌ فى سَنَدِها عن قائِلِها، وخرَّجُوا ما ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكونُ بمَنْزِلَةِ قولٍ ثالثٍ؛ بِناءً على ما يظْهَرُ لهم مِن الدَّليلِ، فما هؤلاء بمُقَلِّدِينَ حِينَئذٍ. وقد يَحْكِى أحدُهم فى كتابِه أشْياءَ، يَتَوَهَّمُ المُسْتَرْشِدُ أنَّها إمَّا مأْخُوذَةٌ مِن نُصوصِ الإِمامِ، أو ممَّا اتَّفقَ الأصحابُ [على نِسْبَتِها] (¬1) إلى الإِمامِ مذهبًا له، ولا يَذْكُرُ الحاكِى له ما يدُلُّ على ذلك، ولا أنَّه اخْتِيارٌ له، ولعَلَّه يكونُ قد اسْتَنْبَطَه أو رَآه وَجْهًا لبعضِ الأصحابِ، أو احْتِمالًا له (¬2)، فهذا أشْبَهَ التَّدْلِيسَ؛ فإنْ قصَدَه فشِبْهُ المَيْنِ (¬3)، وإنْ وقَع سَهْوًا أو جَهْلًا، فهو أعْلَى مَراتِبِ البَلادَةِ والشَّيْنِ، كما قيل (¬4): فإنْ كنتَ لا تدْرِى فتلكَ مُصِيبَةٌ … وإنْ كنتَ تدْرِى فالمُصِيبَةُ أعْظَمُ وقد يَحْكُونَ فى كُتُبِهم ما لَا يَعْتَقِدونَ صِحَّتَه، ولا يجوزُ عندَهم العمَلُ به، ويُرْهِقُهم إلى ذلك تكْثِيرُ الأقاوِيلِ؛ لأَنَّ كل مَنْ يحْكِى عنِ الإمام أقْوالًا مُتناقِضَةً، أو يُخَرِّجُ خِلافَ المَنْقُولِ عنِ الإِمامِ، فإنَّه لا يَعْتَقِدُ الجَمْعَ بينَهَما على وَجْهِ الجَمْعِ، بل إمَّا التَّخْيِيرُ، أو الوَقْفُ، أو البَدَلُ، أو الجَمْعُ بينَهما على وَجْهٍ يَلْزَمُ عنهما (¬5) قولٌ واحدٌ، باعْتِبارِ حالَيْن، أو مَحَلَّيْن. وكلُّ واحدٍ مِن هذه الأقْسامِ حُكْمُه خِلافُ هذه الحِكايةِ عندَ تَعَرِّيها عن قَرينَةٍ مُفيدَةٍ لذلك، والغرَضُ كذلك. وقد يَشْرَحُ أحدُهم كِتابًا، ويَجْعَلُ ما يقُولُه صاحِبُ الكتابِ المَشْروحِ ¬

(¬1) فى الأصل: «لنسبتها»، وفى ط: «نسبتها». (¬2) سقط من: ط، أ. (¬3) المين: الكذب. (¬4) البيت لابن القيم من قصيدته الميمية فى وصف الجنة. انظر: حادى الأرواح 14. (¬5) فى أ: «عنه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ رِوايةً، أو وَجْهًا، أو اخْتِيارًا لصاحبِ الكِتابِ، ولم يكُنْ ذكَرَه [صاحِبُ الكِتابِ] (¬1) عن نفْسِه، أو أنَّه ظاهِرُ المذهبِ، مِن غيرِ أَنْ يُبَيِّنَ سبَبَ شئٍ مِن ذلك. وهذا إجْمالٌ، أو إهْمالٌ. وقد يقُولُ أحدُهم: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. أو: ظاهِرُ المذهبِ كذا. ولا يقولُ: وعنْدِى. ويقُولُ غيرُه خِلافَ ذلك، فلِمَنْ يُقَلِّدُ العامِّىُّ إذَنْ؟ فإنَّ كُلًّا منهم يعْمَلُ بما يرَى، فالتَّقْليدُ إذَنْ ليسَ للإمامِ، بل للأصحابِ فى أن هذا مذهبُ الإِمامِ، ثمَّ إنَّ أكْثَرَ المُصَنِّفِينَ والحاكِينَ (¬2) قد يفْهَمُونَ مَعْنَّى، ويُعَبِّرونَ عنه بلَفْظٍ يَتَوَهَّمُونَ أنَّه وافٍ بالغَرَضِ، وليس كذلك، فإذا نظَرَ أحدٌ فيه وفى قوْلِ مَنْ أتَى بلَفْظٍ وافٍ بالغَرَضِ، رُبَّما يَتَوَهَّمُ أنَّها مسْألَةُ خِلافٍ؛ لأَنَّ بعْضَهم قد يَفْهَمُ مِن عِبارَةِ مَنْ يَثِقُ به مَعْنًى قد يكونُ على وَفْقِ مُرادِ المُصَنِّفِ للَّفْظِ، وقد لا يكونُ، فَيَحْصُرُ ذلك المَعْنَى فى لَفْظٍ وَجيز، فبالضَّرُورَةِ يَصِيرُ مفْهومُ كلِّ واحدٍ من (¬3) اللَّفْطن -مِن جِهَةِ التَّنْبِيهِ وغيرِه- غيرَ مَفْهومٍ للآخَرِ. وقد يَذْكُرُ أحدُهم فى مسْأَلَةٍ إجْماعًا، بِناة على عدَمِ عِلْمِه بقَوْلٍ يُخالِفُ ما يَعْلَمُه. ومَنْ تَتَبَّعَ حِكايَةَ الإجْماعاتِ ممَّنْ يَحْكِيها وطالَبَه بمُسْتَندَاتِها، عَلِمَ (¬4) صِحَّةَ ما ادَّعَيْناه. ورُبَّما أتَى بعضُ النَّاسِ بلَفْظٍ يُشْبِهُ قَوْلَ مَنْ قبلَه، ولم يكُنْ أخَذَه منه، فيُظَنُّ أنَّه قد أخذَه منه، فيُحْمَلُ كلامُه على مَحْمَلِ كلامِ مَنْ قبلَه، فإنْ رُئِىَ مُغايرًا له، نُسِبَ إلى السَّهْوِ أو الجَهْلِ، أو تَعَمُّدِ الكَذِبِ إنْ كان، أو يكونُ قد أخذَ منه، وأتَى ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) فى الأصل: «الحاكمين». (¬3) فى ط، أ: «فى». (¬4) فى الأصل: «على».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلَفْظٍ يُغايِرُ مدْلُولَ كلامِ مَنْ أخذَ منه، [فيُظَنُّ أنَّه لم يأْخذْ منه، فيُحْمَلُ كلامُه على غيرِ مَحْمَلِ كلامِ مَنْ أخَذَ منه] (¬1)، فيُجْعَلُ الخِلافُ فيما لا خِلافَ فيه، أو الوِفَاقُ فيما فيه خِلافٌ. وقد يَقْصِدُ أحدُهم حِكايةَ معْنَى ألْفاظِ الغيرِ، ورُبَّما كانُوا ممَّنْ لا يرَى جَوازَ نَقْلِ المَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وقد يكونُ فاعِلُ ذلك ممَّنْ يُعَلِّلُ المَنْعَ فى صُورَةِ الفَرْضِ، بمَا يُفْضِى إليه مِنَ التَّحْريفِ غالِبًا، وهذا المَعْنَى موْجودٌ فى ألْفاظِ أكثرِ الأئمَّةِ. فمَنْ عَرَفَ حقيقَةَ هذه الأسْبابِ، رُبَّما رأى ترْكَ التَّصْنِيفِ أوْلَى إنْ لم يَحْتَرِزْ عنها؛ لِمَا يَلْزَمُ مِن هذه المَحاذِيرِ وغيرِها غالبًا، فإنْ قيل: يَرُدُّ هذا فِعْلُ القُدَماءِ وإلى الآنَ مِن غيرِ نَكِيرٍ، وهو دليلٌ على الجوازِ، وإلَّا امْتَنَعَ على الأئمَّةِ ترْكُ الإنْكارِ إذَنْ؛ لقوْلِه تعالَى: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬2). ونحوِها مِن نُصوصِ (¬3) الكِتابِ والسُّنَّةِ. قلتُ: الأوَّلُونَ لم يَفْعَلُوا شيئًا ممَّا عنَيْناه (¬4)؛ فإنَّ الصَّحابةَ لم يُنْقَلْ عن أحدٍ منهم تألِيفٌ، فضْلًا عن أَنْ يكونَ على هذه الصِّفَةِ، وفِعْلُهم غيرُ مُلْزِم لمَنْ لا يَعْتَقِدُه حُجَّةً، بل لا يكونُ مُلْزِمًا لبَعضِ العَوامِّ عندَ مَنْ لا يَرَى أنَّ العامِّىَّ ملْزومٌ بالْتِزامِه مذهبَ إمام مُعَيَّن. فإنْ قيل: إنَّما فَعَلُوا ذلك ليَحْفَظُوا الشَّرِيعَةَ مِنَ الإغْفالِ والإهْمالِ. قُلْنا: قد كان أحْسَنُ مِن هذا -فى حِفْظِها- أَنْ يُدَوِّنُوا الوَقائِعَ والألْفاظَ النَّبَوِيَّةَ، وفَتاوَى الصَّحابَةِ، ومَنْ بعدَهم على جِهاتِها وصِفاتِها، مع ذِكْرِ أسْبابِها، كما ذكَرْنا سابقًا، حتى يَسْهُلَ على المُجْتَهِدِ ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) سورة آل عمران 104، 114، سورة التوبة 71. (¬3) سقط من: الأصل، ط. (¬4) فى ط: «عيناه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ معْرِفَةُ مُرادِ كلِّ إنْسانٍ بحَسَبِه، فيُقَلِّدَه على بَيانٍ وإيضاحٍ، وإنَّما عَنَيْنا ما وقَع فى التَّآليفِ مِن هذه المَحاذِيرِ، لا مُطْلَقَ التَّأْليفِ، وكيف يُعابُ مُطْلَقًا وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «قَيِّدُوا العِلْمَ بالكِتابَةِ» (¬1). فلمَّا لم يُمَيِّزُوا فى الغالبِ ما نَقَلُوه ممَّا خَرَّجوه، ولا ما علَّلُوه ممَّا أهْمَلُوه، وغيرُ ذلك ممَّا سبَق، بانَ الفَرْقُ بينَ ما عيَّنَّاه وبينَ ما صَنَّفْناه. وأكثرُ هذه الأُمورِ المذْكُورَةِ يمْكِنُ أَنْ أذْكُرَها مِن ذِكْرِ المذهبِ مسْأَلَةً مسْألَةً، لكِنَّه يطولُ هنا. وإذا عَلِمْتَ عُذْرَ (¬2) اعْتِذارِنا، وخِيرَةَ اخْتِيارِنا، فنقولُ: الأحْكامُ المُسْتَفادَةُ فى مذْهَبِنا وغيرِه مِن اللَّفْظِ أقْسامٌ كثيرةٌ؛ منها، أَنْ يكونَ لَفْظُ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ عنه، بعَيْنِه، أو إيمائِه، أو تعْليلِه، أو سِياقِ كلامِه. ومنها، أَنْ يكونَ مُسْتَنْبَطًا مِن لَفْظِه؛ إمَّا اجْتِهادًا مِنَ الأصحابِ، أو بعْضِهم. ومنها، ما قيل: إنَّه الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهرُ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: نصَّ عليه. يعْنِى الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولم يَتَعَيَّن لَفْظُه. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ. ولم يُعَيِّنْ قائِلُه لَفْظَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تُعالَى عنه. ومنها، ما قيل: ويَحْتَمِلُ كذا. ولم يَذْكُرْ أنَّه يُرِيدُ بذلك كلامَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو ¬

(¬1) أخرجه ابن عبد البر، فى: جامع بيان العلم وفضله 1/ 86. والخطيب، فى: تاريخ بغداد 10/ 46. وأبو نعيم، فى: أخبار أصبهان 2/ 228. كلهم من حديث أنس. وأخرجه الدارمى فى سننه 1/ 127 موقوفا على أنس، وصحح الدارقطنى وقفه عليه. كما أخرجه الحاكم، فى: المستدرك 1/ 106. وابن الجوزى، فى: العلل المتناهية 1/ 78. وعزاه الهيثمى للطبرانى فى الكبير والأوسط. مجمع الزوائد 1/ 152. كلهم من حديث عبد اللَّه بن عمرو. كما أخرجه ابن عدى، فى: الكامل 2/ 792، من حديث ابن عباس. (¬2) فى الأصل: «عذرًا»، وفى أ: «عقد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرِه. ومنها، ما ذُكِرَ مِن الأحْكامِ سَردًا، ولم يُوصَفْ بشْئٍ أصْلًا، فيَظُنُّ سامِعُه أنَّه مذهبُ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ورُبَّما كان بعضَ الأقْسامِ المذْكُورَةِ آنفًا. ومنها، ما قيل: إنَّه مَشْكُوكٌ فيه. [ومنها، ما قيل: إنَّه تَوَقَّفَ فيه الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. ولم يُذْكَرْ لَفْظُه فيه] (¬1). ومنها، ما قال فيه بعضُهم: اخْتِيارِى. ولم يَذْكُرْ له أصْلًا مِن كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو غيرِه. ومنها، ما قيل: إنَّه خُرِّجَ على رِوايةِ كذا. أو: على قَوْلِ كذا. ولم يُذْكَرْ لَفْظُ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، فيه ولا تعْلِيلُه. ومنها، أَنْ يكونَ مذهبًا لغيرِ الإِمامِ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، ولم يُعَيِّنْ رَبَّه. ومنها، أَنْ يكونَ لم يَعْمَلْ (¬2) به أحدٌ، لكِنَّ القَوْلَ به لا يكونُ خَرْقًا لإجْماعِهم. ومنها، [أَنْ يكونَ] (1) بحيثُ يصِحُّ تخْريجُه على وَفْقِ مذاهِبِهم، لكِنَّهم لم يَتَعَرضُوا له بنَفْىٍ أو إثْباتٍ. انْتَهَى كلامُ ابنِ حَمْدانَ. وفى بعضِه شئٌ وقَع هو فيه فى تَصانِيفِه، ولَعَلَّه بعدَ تَصْنِيفِ هذا الكتابِ. ووَقَعَ للمُصَنِّفِ وغيرِه حِكايَةُ هذه الأَلْفاظِ الأخيرةِ فى كُتُبِهم. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ما هو أكْثَرُ مِن ذلك وأعْظَمُ فائدةً فى الخُطْبَةِ، على الكَلامِ على مُصْطَلَحِ المُصَنِّفِ فى كِتابِه هذا، مع أنِّى لم أطَّلِعْ على كلامِه (¬3) وَقْتَ عَمَلِ الخُطبَةِ. واللَّهُ أعلمُ. وصلَّى اللَّهُ على محمدٍ وعلى آلِه وسلَّمَ. فصل: فى ذِكْرِ مَنْ نقَل الفِقْهَ عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مِن أصحابِه، ونقَله عنه إلى مَنْ بعدَه إلى أَنْ وَصَلَتْ إلينا، فمِنْهم المُقِلُّ عنه، ومنهم ¬

(¬1) سقط من: الأصل. (¬2) فى أ: «يقل». (¬3) فى أ: «كتابه».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المُكْثِرُ، وهم كثِيرُونَ جِدًّا، لكِنْ نذْكُرُ منهم جُمْلَةً صالحةً يحْصُلُ المَقْصودُ بها، إنْ شاءَ اللَّهُ، وقد عَلَّمتُ على كلِّ مَنْ روَى [عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه] (¬1)، مِن أصْحَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ بالأَحْمَرِ، على مُصْطَلَحِ (¬2) «الكاشِفِ» للذَّهَبِىِّ، فمنهم: * إبْراهِيمُ بنُ إسْحاقَ الحَرْبِىُّ. كان إمامًا فى جميعِ العُلومِ، مُتْقِنًا مُصَنِّفًا مُحْتَسِبًا، عابدًا زاهدًا، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا حِسانًا جِيادًا. * إبْراهِيمُ بن إسْحاقَ النَّيْسابُورِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يَنْبَسِطُ إليه (¬3) فى مَنْزِلِه، ويُفْطِرُ عندَه، ونقَل عنه مَسائِلَ كثيرةً. * إبْراهِيمُ بنُ الحارِثِ بنِ مُصْعَبٍ الطَّرَسُوسِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُعَظِّمُه ويَرْفَعُ قدْرَه، ويَنْبَسِطُ إليه، ورُبَّما توَقَّفَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، عن الجوابِ فى المَسْألَةِ، فيُجِيبُ هو، فيقولُ له: جَزاكَ اللَّهُ خيْرًا يا أبا إسْحاقَ. وكانَ مِن كِبارِ أصْحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. روَى عنه الأَثْرَمُ، وحَرْبٌ، وجماعةٌ مِن الشُّيوخِ المُتَقَدِّمِينَ. وروَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً فى أرْبَعَةِ أجْزاءٍ. * إبْراهِيمُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَهْرانَ الدِّينَوَرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ ¬

(¬1) فى الأصل: «أحد». (¬2) بعده فى الأصل: «ما فى». (¬3) سقط من: ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تعالى عنه، أشْياءَ. * إبْراهِيمُ بنُ زِيادٍ الصَّائِغُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ (¬1) كثيرةً. * إبْراهِيمُ بنُ محمدِ بنِ الحارِثِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * إبْراهِيمُ بنُ هاشِمٍ البَغَوِىُّ. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً. * د ت س إبْراهِيمُ بنُ يعْقُوبَ، أبو إسْحاقَ الجُوزْجَانىُّ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً. * إبْراهِيمُ بنُ هانِئٍ النَّيْسابُورِىُّ. كانَ مِن العُلَماءِ العُبَّادِ، وكان وَرِعًا صالحًا، صَبُورًا على الفَقْرِ، واخْتَفَىَ فى بَيْتِه الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، فى أيَّامِ الواثِقِ باللَّهِ. نقَل عنه مَسائلَ، وسَيَأْتِى ذِكْرُ وَلَدِه إسْحاقَ. * م د ت ق أحمدُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ كثيرٍ الدَّوْرَقِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ جَمَّةً، ويأْتى ذِكْرُ أخيه يَعْقُوبَ. * أحمدُ بنُ إبْراهِيمَ الكُوفِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ. ¬

(¬1) فى ط، أ: «أشياء».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * أحمدُ بنُ أَصْرَمَ بنِ خُزَيْمَةَ المُزَنِىُّ. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه. * أحمدُ بنُ أبى عَبْدَةَ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ كثيرةً، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُكْرِمُه، وكانَ جليلَ القَدْرِ، وَرِعًا، وتُوُفِّىَ قبلَ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهُما اللَّهُ تعالَى. * أحمدُ بنُ بِشْرِ بنِ سعيدٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * أحمدُ بنُ جَعْفَرٍ، الوَكِيعِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائلَ. * خ م أحمدُ بنُ حَسَنٍ (¬1) التِّرْمِذِىُّ. روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ. * أحمدُ بنُ حُمَيْدٍ المُشْكانِىُّ (¬2)، أبو طالِبٍ. كان فقيرًا صالحًا، خِصِّيصًا بصُحْبَةِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، يُكْرِمُه ويُعَظمُه ويُقَدِّمُه. ¬

(¬1) فى الأصل: «حبيش». (¬2) فى الأصل، أ: «المشكاتى». والمثبت كما فى ط. والمشكانى؛ بضم الميم، وسكون الشين المعجمة، وفى آخرها النون، نسبة إلى مشكان، وهى قرية من أعمال روزراور من نواحى همذان. اللباب فى تهذيب الأنساب 3/ 144.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * أحمدُ بنُ أبى خَيْثَمَةَ، واسْمُ أبى خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أشْياءَ. * خ م د س ت أحمدُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، أشْياءَ كثيرةً. * أحمدُ بنُ سَعْدِ (¬1) بنِ إبْراهِيمَ الزُّهْرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسَائِلَ حِسانًا. * خ د أحمدُ بنُ (¬2) صالحٍ المصْرِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مسائلَ، وكانَ مِنَ الحُفَّاظِ الكِبارِ. * د أحمدُ بنُ الفراتِ (¬3)، أبو مَسْعُودٍ الضَّبِّىُّ (¬4). نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ. * أحمدُ بنُ القاسِمِ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً. * أحمدُ بنُ محمدِ بنِ (¬5) الحَجَّاجِ، أبو بَكْرٍ المَرُّوذِىُّ. كانَ وَرِعًا صالحًا، خِصِّيصًا بخِدْمَةِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنه، وكان يأْنَسُ به، ويَنْبَسِطُ ¬

(¬1) فى الأصل: «سعيد». (¬2) بعده فى الأصل: «سعيد». (¬3) فى الأصل، ط: «القزاز». وانظر: تاريخ بغداد 4/ 343. تهذيب التهذيب 1/ 66، 67. (¬4) سقط من: الأصل. (¬5) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه، ويَبْعَثُه فى حَوائِجِه، وكانَ يقولُ: كلُّ ما قُلْتَ فهو على لِسانِى، وأَنا قُلْتُه. وكان يُكْرِمُه، ويأْكُلُ مِن تحتِ يَدِه، وهو الذى توَلَّى إغْماضَه لمَّا ماتَ، وغسَّلَه. روَى عنه مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا، وهو المُقَدَّمُ مِن أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لفَضْلِه وَوَرَعِه. * س أحمدُ بنُ محمدِ بنِ هانِئٍ الطَّائِىُّ الأَثْرَمُ. كان جليلَ القَدْرِ، يُقالُ: إنَّ أحدَ أبوَيْه كانَ جِنِّيًّا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، مَسائِلَ كثيرةً جِدًّا، وصنَّفَها، ورَتَّبَها أبْوابًا. * أحمدُ بنُ محمدٍ الصَّائِغُ، أبو الحارِثِ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ تُعالَى عنه، يُكْرِمُه [ويُجِلُّه] (¬1) ويُقَدِّمُه، وكانَ عندَه بمَوْضِعٍ جَليلٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسَائِلَ كثيرةً جِدًّا؛ بِضْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا، وجَوَّدَ الرِّوايةَ عنه. * أحمدُ بنُ محمدٍ الكَحَّالُ. نَقَلَ (¬2) عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً. * أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ رَبِّه المَرْوَزِىُّ، أبو الحارِثِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ (¬3) كثيرةً. * أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ صَدَقَةَ، أبو بَكْرٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً. ¬

(¬1) زيادة من: أ. (¬2) فى أ: «روى». (¬3) فى أ: «أشياء».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * أحمدُ بنُ محمدِ بنِ واصِلٍ المُقْرِئُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائِلَ كثيرةً. * أحمدُ بنُ محمدِ بنِ خالدٍ، أبو العَبَّاسِ البَرَاثىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * أحمدُ بنُ محمدٍ المُزَنِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ. * ق (¬1) أحمدُ بنُ مَنْصُورٍ الرَّمادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * ع أحمدُ بنُ مَنيعِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ البَغَوِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ. * أحمدُ بنُ مُلاعبِ بنِ حيَّان. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * أحمدُ بنُ نَصْرٍ، أبو حامِدٍ الخَفَّافُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائِلَ حِسانًا. * أحمدُ بنُ نَصْرٍ بنِ مالِكٍ، أبو عَبْدِ اللَّهِ الخُزَاعِىُّ. جالسَ الإِمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، واسْتَفادَ منه، ونقَل عنه. * أحمدُ بنُ يَحْيى ثَعْلَبٌ. يُقالُ: ما يَرِدُ القِيامَةَ أعْلَمُ بالنَّحْوِ منه. وكان صَدُوقًا دَيِّنًا. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بعْضَ شئٍ. ¬

(¬1) فى الأصل: «س». وابن ماجه روى له كما فى تهذيب التهذيب 1/ 83.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * أحمدُ بنُ يَحْيى الحَلْوانِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ. * أحمدُ بنُ هاشِم الأنْطاكِىُّ. نَقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ كثيرةً حِسانًا. * إسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ بنِ هانئٍ النَّيْسابورِىُّ. كان خادِمًا للإمام أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ورَوَى عنه مسائلَ كثيرةً فى سِتَّةِ أجْزاءٍ، وقد تقدَّم ذِكْرُ وَالدِه. * خ إسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ البَغَوِىُّ، قَرَابةُ أحمدَ بنِ مَنِيعٍ المُتَقَدِّمِ ذِكْرُه. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وسألَه عن مَسائلَ. * د إسْحاقُ بنُ الجَرَّاحِ. كان جليلَ القَدْرِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً. * إسْحاقُ بنُ حَنْبَلِ بنِ هِلالٍ، عمُّ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَهما اللَّهُ، كانَ مُلازِمًا له، وروَى عنه أشْياءَ كثيرةً، ويأْتى ذِكْرُ ولدِه حَنْبَلٍ. * إسْحاقُ بنُ الحسَنِ بنِ مَيْمُونٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا. * خ م ت س ق إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ الكَوْسَجُ المرْوَزِىُّ الإِمامُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كُثيرةً، وهو ممَّن دَوَّن عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائِلَ الفِقْهِ. * إسْماعِيلُ بنُ سعيدٍ الشَّالَنْجِىُّ، أبو إسْحاقَ. قال الخَلَّالُ: روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، ما أحْسَبُ أحدًا مِن أصحابِ أحمدَ، رَضِىَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اللَّهُ عنه، روَى عنه أحْسَنَ ممَّا روَى، ولا أشْبَعَ، ولا أكْثَرَ مسائلَ. * إسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ اللَّه بِنِ مَيْمُونٍ، أبو النَّضْرِ العِجْلِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * أَيُّوبُ بنُ إسْحاقَ بنِ إبْراهيمَ. كانَ جليلًا عظيمَ القَدْرِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، مسائلَ كثيرةً صالحةً، فيها شئٌ لم يَرْوِه عن أبى عَبْدِ اللَّه غِيرُه. * بِشْرُ بنُ مُوسى الأسَدِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه، ونقَل عنه مَسائلَ كثيرةً صالحةً. * بَكْرُ بنُ محمدٍ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ونَقَل عنه مسائلَ كثيرةً. * بَدْرُ بنُ أبى بَدْرٍ، أبو بَكْرٍ المَغَازِلِىُّ، واسْمُه أحمدُ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ويقولُ: مَنْ مِثْلُ بَدْرٍ؟ قد مَلَكَ لِسانَه. وكان صَبُورًا على الفَقْرِ والزُّهْدِ، نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً. * جَعْفَرُ بنُ محمدٍ النَّسائىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُجِلُّه ويُكْرِمُه ويُقَدِّمُه، ويَعْرِفُ له حقَّه، ويأْنَسُ به، ونقَل عنه مسائلَ صالحةً. * جَعْفَرُ بنُ محمدِ بنِ شاكِرٍ الصَّائغُ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * حَنْبَلُ [بنُ إسْحاقَ بنِ حَنْبَلٍ] (¬1)، ابنُ عمِّ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. قال ¬

(¬1) سقط من: الأصل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الخَلَّالُ: جاءَ حَنْبَلٌ عن أبى عَبْدِ اللَّهِ بمَسائلَ أجادَ فيها الرِّوايةَ، وأغْرَبَ بغيرِ شئٍ، وإذا نظَرْتَ إلى مَسائلِه شَبَّهْتَها -فى حُسْنِها وإشْباعِها وجَوْدَتِها- بمَسائلِ الأَثْرَمِ. انتهى. وقد تقدَّم ذِكْرُ والدِه. * حَرْبُ بنُ إسْماعِيلَ بنِ خَلَفٍ الحَنْظَلِىُّ الكَرْمانِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * الحَسَنُ بنُ ثَوَابٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً كِبارًا، وكان له بأبِى عَبْدِ اللَّهِ أُنْسٌ شديدٌ. * الحَسَنُ بنُ زِيادٍ. كان صدِيقًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه أشْياءَ. * خ د ت الحَسَنُ بنُ الصَّبّاحِ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُكْرِمُه ويُقَامُه ويأْنَسُ به. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ مسائلَ حِسانًا. * الحَسَنُ بنُ علىِّ بنِ الحَسَنِ الإسْكافِىُّ. كان جليلَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً حِسانًا كِبارًا. * الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * الحَسَنُ بنُ محمدٍ الأنْمَاطِىُّ البَغْدادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * الحُسَيْنُ بنُ إسْحاقَ، أبو علىٍّ الخِرَقِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بَعْضَ مسائلَ. * حُبَيْشُ بنُ سِنْدِىٍّ. مِن كِبارِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكانَ جليلَ القَدْرِ جِدًّا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ جُزْأيْن، مَسائلَ مُشْبِعَةً حِسانًا جِدًّا. * خَطَّابُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ (¬1). نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا صالحةً. وسَيَأْتِى ذِكْرُ أخِيه محمدٍ. * خ د ت س زِيادُ بن أيُّوبَ بنِ زِيادٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ. * زِيادُ بنُ يَحْيى بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً، وكان مُقَدَّمًا فى زَمانِه، وكان وَرِعًا صالحًا. * زكَرِيَّا بنُ يَحْيى النَّاقِدُ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يقولُ: هذا رجُلٌ صالِحٌ. نقَل عنه مَسائلَ كثيرةً. * س سُلَيْمانُ بنُ الأشْعَثِ بنِ إسْحاقَ، أبو داودَ السِّجِسْتَانِىُّ (¬2)، صاحِبُ السُّنَنِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * سَلَمَةُ (¬3) بنُ شَبِيبٍ. كان رَفِيعَ القَدْرِ، وكان قريبًا من مُهَنَّا وإسْحاقَ بنِ ¬

(¬1) فى الأصل: «مظفر». (¬2) زيادة من: أ. (¬3) فوقها رمز غير واضح، وقد روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة. انظر: الكاشف 1/ 306. تهذيب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مَنْصُورٍ. نَقَلَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ قَيِّمَةً. * سِنْدِىٌّ، أبو بَكْرٍ الخَواتِيمِىُّ البَغْدادِىُّ. سَمِعَ مِنَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه مسائلَ صالحةً. قال الخَلَّالُ: هو مِن نحْوِ أبى الحارِثِ مع أبى عَبْدِ اللَّهِ. * صالِحُ بنُ الإِمامِ أحمدَ. نقَل عن أبِيه مسائلَ كثيرةً جدًّا. * طاهِرُ بنُ محمدٍ. كان جليلًا عظيمَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً. * س عَبْدُ اللَّهِ بنُ الإِمامِ أحمدَ. روَى عن أبِيه مسائلَ كثيرةً جِدًّا حِسانًا. * عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ بنِ أبى الدُّنْيا. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، بعضَ مسائلَ. * عَبْدُ اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ المُهاجِرِ، المَعْرُوفُ بفُورانَ. كان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُجِلُّه ويأْنسُ به ويَسْتَقْرِضُ منه. ونقَل عنه أشيْاءَ كثيرةً. * عُبَيْدُ (¬1) اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ عَبْدِ العزِيزِ، أبو القاسِمِ، ابنُ بِنْتِ أحمدَ بنِ مَنِيعٍ. بَغَوِىُّ الأَصْلِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً صالحةً. * عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. كان جليلَ القَدْرِ كبيرًا. روَى عنِ الإِمامِ ¬

= التهذيب 4/ 146. (¬1) فى الأصل: «عبد».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كِبارًا جِدًّا. * خ م س عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ سعيدٍ السَّرْخَسِىُّ. قال الخَلَّالُ: نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا، لم يَرْوِها عنه أحدٌ غيرُه. وهو أرْفَعُ قَدْرًا مِن عامَّةِ أصحابِ أبى عبدِ اللَّهِ مِن أَهْلِ خُراسانَ. * م ت س (¬1) ق عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ الكَريمِ، أبو زُرْعَةَ الرَّازِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ كثيرةً. * عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ محمدٍ الفَقِيهُ المَرْوَزِىُّ. كان جليلَ القَدْرِ، عالِمًا بالإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه مَسائلَ كِبارًا لم يُشارِكْه فيها أحدٌ. * د ت ق عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، ويُقالُ: ابنُ الحَكَمِ، الورَّاقُ، الإِمامُ. جمَع بينَ التَّقْوى والعِلْمِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * د عبدُ الرَّحْمنِ بنُ عَمْرِو بنِ صَفْوانَ، أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِىُّ الإِمامُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرة مُشْبِعَةً. * عبدُ الرَّحْمنِ، أبو الفَضْلِ المُتَطَبِّبُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا. * عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الحَمِيدِ المَيْمُونِىُّ. كانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ¬

(¬1) بعده فى أ: «ط».

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يُكْرِمُه، وروَى عنه مسائلَ كثيرةً جِدًّا، سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا، وجُزْأَيْن كبِيرَيْن. * عبدُ الكَرِيمِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ زِيادِ بنِ القَطَّانِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا، مُشْبِعَةً فى جُزْأَيْن. * 4 (¬1) عَبَّاسُ بنُ محمدٍ الدُّورِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، بعضَ مسائلَ. * عَبْدُوسُ بنُ مالِكٍ، أبو محمدٍ العَطَّارُ. كان له مَنْزِلَةٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وأُنسٌ شديدٌ، وكان يُقَدِّمُه، ونقَل عنه مسائلَ جَيِّدَةً. * عِصْمَةُ بنُ أبى (¬2) عِصْمَةَ. كان صالحًا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا، وصَحِبَه. * علىُّ بنُ الحَسَنِ بنِ زِيادٍ. كان صدِيقًا للإمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ونقَل عنه بعضَ مسائلَ. وقد تقدَّم ذِكْرُ الحَسَنِ بنِ زِيادٍ. * س علىُّ بنُ سعيدِ بنِ جَرِيرٍ النَّسَوِىُّ. كانَ يُناظِرُ الإِمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عُنه، مُناظَرَةً شافِيَةً. نقَل عنه مسائلَ كثيرةً فى جُزْأَيْن. * علىُّ بنُ أحمدَ الأنْماطِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * علىُّ بنُ أحمدَ ابنِ بِنْتِ مُعاوِيَةَ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ¬

(¬1) فى أ: «ع». ولم يرد فى: الأصل، ط. وقد أخرج له أصحاب السنن الأربعة. انظر الكاشف 2/ 61، تهذيب التهذيب 5/ 129. (¬2) سقط من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ مسائلَ. * علىُّ بنُ الحَسَنِ المصْرِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * علىُّ بنُ عبدِ الصَّمَدِ الطَّيالِسِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً. * الفَضْلُ بنُ زِيادٍ القَطَّانُ. كان يُصَلِّى بالإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكان يَعْرِفُ قَدْرَه، ويُقَدِّمُه، وروَى عنه مسائلَ كثيرةً. * الفَرَجُ بنُ الصَّباحِ البُرْزاطِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً. * محمدُ بنُ يَحْيى المُتَطِّبِّبُ الكَحَّالُ البَغْدادِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا، وكان مِن كِبارِ أصحابِه، وكان يُكْرِمُه ويُقَدِّمُه. * محمدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ، أَخُو خَطَّابِ بنِ بِشْر. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * محمدُ بنُ مُوسى بنِ مَشِيشٍ. كان جارًا للإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وصاحِبَه، وكان يُقَدِّمُه، ونقَل عنه أشْياءَ كثيرةً. * محمدُ بنُ مُوسى بنِ أبى مُوسى. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، جُزْءَ مسائلَ كِبارٍ جِدًّا. * خ محمدُ بنُ الحَكَمِ، أبو بَكْرٍ. ماتَ قبلَ مَوْتِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه، بثمانِ عَشْرَةَ سنَةً. قال الخَلَّالُ: لا أعلمُ أحدًا أشَدَّ فَهْمًا منه فيما سُئِل بمُناظَرَةٍ واحْتِجاجٍ، ومعْرِفَةٍ وحِفْظٍ. وكان الإِمامُ أحمدُ يُسِرُّ إليه، وكان خاصًّا به، وكان ابنَ عَمِّ أبى طالبِ، وبه وَصَلَ أبو طالِبٍ إلى أحمدَ. * محمدُ بنُ حَمَّادِ بنِ بَكْرٍ المُقْرِئُ. كان عالمًا بالقُرْآنِ وأسْبابِه، وكان الإِمامُ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، يُصَلِّى خلْفَه شَهْرَ رَمَضانَ وغيرَه، ونقَل عنه مَسائلَ كثيرةً. * محمدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ سُلَيْمانَ، أبو جَعْفَرٍ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا جِيادًا. * خ د ت س محمدُ بنُ عبدِ الرَّحيمِ، المَعْروفُ بصَاعِقَةٍ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا. وسُمِّىَ صاعِقَةً، قيل: لجَوْدَةِ حِفْظِه. وقيل وهو المَشْهورُ: إنَّما لُقبَ بذلك، لأنَّه كانَ كُلَّما قَدِمَ بَلْدَةً للِقَاءِ شَيْخ إذا به قد ماتَ بالقُرْبِ. * د س محمدُ بنُ داودَ المَصِّيصِىُّ، أخُو إسْحاقَ. كان مِن خَواصِّ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وكان يُكْرِمُه. نقَلَ عنه مسائلَ كثيرةً على نحوِ مسائل الأثرَمِ، ولكِنْ لم يُدْخِلْ فيها حديثًا. * د س ق محمدُ بنُ إدْرِيسَ بنِ المُنْذِرِ، أبو حاتِمٍ الرَّازِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ مُشْبِعَة. * محمدُ بنُ هُبَيْرَةَ البَغَوِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * محمدُ بنُ علىِّ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُرْجَانِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ حِسانًا. * ت (¬1) س محمدُ بنُ إسْماعِيلَ بنِ يُوسُفَ التِّرْمِذِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مَسائلَ صالحةً حِسانًا. * محمدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هارُونَ بنُ بَدينَا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ. * خ محمدُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ سعيدٍ البُوشَنْجِىُّ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ كثيرةً. * محمدُ بنُ عبدِ العزِيزِ. قال الخَلَّالُ: كان جليلَ القَدْرِ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ صالحةً حِسانًا. * محمدُ بنُ يَزيدَ الطَّرَسُوسِىُّ (¬2)، أبو بَكْرٍ المُسْتَمْلِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ حِسانًا. * محمدُ بنُ ماهَانَ. كانَ جليلَ القَدْرِ. له مسائلُ كثيرةٌ حِسَانٌ، نَقَلها عنِ الإِمامَ أحمدَ. * محمدُ بنُ حَبِيبٍ. كانَ (¬3) جليلَ القَدْرِ. روَى عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ ¬

(¬1) فى الأصل: «م». وانظر الكاشف 3/ 20. (¬2) فى الأصل: «الطرطوشى». (¬3) سقط من: الأصل، ط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عنه، جُزْءًا فيه مَسائِلُ حِسانٌ. * [محمدُ بنُ هارُونَ الحَمَّالُ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ أشياءَ] (¬1). * مُوسى بنُ هارُونَ الحَمَّالُ، أبو عِمْرانَ. كانَ جارًا للإمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه. ونقَل عنه مَسائلَ، ورَوَى عنه. * مُوسى بنُ عِيسى الجَصَّاصُّ. كان وَرِعًا، مُتَخَلِّيًا، زاهِدًا. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً، وكان لا يُحَدِّثُ إلَّا بمسائلِ أبى عَبْدِ اللَّهِ، أو بشئٍ سَمِعَه مِن أبى سُلَيْمانَ الدَّارانِىِّ (¬2) فى الزُّهْدِ. * مُثَنَّى بنُ جامِعٍ الأنْبارِىُّ. كان مُجابَ الدَّعْوَةِ، وكانَ الإِمامُ أحمدُ، رَضىَ اللَّهُ عنه، يَعْرِفُ قَدْرَه وحقَّه، ونقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً جِدًّا. * مُهَنَّا بنُ يَحْيى الشَّامِىُّ. كان الإِمامُ أحمدُ يُكْرِمُه، ويَعْرِفُ له قَدْرَه وحقَّ الصُّحْبَةِ، وكانَ مِن كِبارِ أصحابِه، وكان يَسْألُ الإمامَ أحمدَ، رَضىَ اللَّهُ عنه، حتى يُضْجِرَه، وهو يحْتَمِلُه. ونقَل عنه مسائلَ كثيرةً جدًّا. * مَيْمُونُ بنُ الأصْبَغِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عُنه، مسائلَ حِسانًا. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) عبد الرحمن بن أحمد، وقيل: عبد الرحمن بن عطيَة، وقيل: ابن عسكر. العنسى أبو سليمان الدارانى، الإمام الكبير، زاهد العصر، كان أحد عباد اللَّه الصالحين، ورد بغداد وأقام بها مدة، ثم عاد إلى الشام فأقام بداريًا حتى توفى، من كلامه: لولا الليل ما أحببت البقاء فى الدنيا. قيل: توفى سنة خمس عشرة ومائتين. وقيل: سنة خمس ومائتين. تاريخ بغداد 10/ 248 - 250. سير أعلام النبلاء 10/ 182 - 186.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * هارُونُ [بنُ سفيانَ] (¬1) المُسْتَمْلِىُّ، المعْروفُ بمُكْحُلَة. نَقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * م 4 هارُونُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَرْوانَ، المَعْروفُ بالحَمَّالِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا جدًّا (¬2) فى جُزْءٍ كبيرٍ. * يَعْقُوبُ بنُ إسْحاقَ بن بَخْتانَ. كان جارَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وصدِيقَه، ونقَل عنه مسائلَ كثيرةً. * ع (¬3) يَعْقُوبُ بنُ إبْراهِيمَ بنِ كثيرٍ الدَّوْرَقِىُّ، المُتَقَدِّمُ ذِكْرُ أخِيه أحمدَ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشْياءَ. * يَعْقُوبُ بنُ العَبَّاسِ الهاشِمِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً. * ق يَحْيى بنُ يَزْدادَ، المكْنِىُّ بأبى الصَّقرِ. نقَل عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، مسائلَ كثيرةً حِسانًا فى جُزْءٍ. * يَحْيى بنُ زكَرِيًّا المَرُّوذِىُّ. نقَل عن أبى عَبْدِ اللَّهِ مسائلَ حِسانًا. * يُوسُفُ بنُ مُوسى بنِ راشِدٍ. نقَل عن الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أشياءَ. * يُوسُفُ بنُ مُوسى العَطَّارُ الحَرْبِىُّ. روَى عنِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ¬

(¬1) سقط من: أ. (¬2) سقط من: الأصل. (¬3) سقط من: الأصل. وانظر: الكاشف 3/ 254.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشْياءَ، وأثْنَى عليه [أبو بَكْرٍ] (¬1) الخَلَّالُ ثَناءً حَسَنًا (¬2). وهذا آخِرُ ما قصدْنا ذِكْرَه مِن أئمَّةِ أصحابِ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، ممَّنْ نقَل الفِقْهَ عنه ممَّا لا يَسْتَغْنِى عنه طالِبُ العِلْمِ. وهم نَيِّفٌ على ثلاِثينَ ومِائَةِ نفْس. ومَنْ نقَل عنه الفِقْهَ وغيرَه جماعةٌ كثِيرونَ جدًّا، ذكَرَهم أبو بَكْر الخَلَّالُ، وأبو بَكْرٍ عبدُ العزيزِ فى «زادِ المُسافِرِ»، والقاضى أبو الحُسَيْنِ [بنُ أبى يَعْلَى] (¬3) فى «الطَّبَقاتِ»، وقد زادُوا فيها على الخَمْسِمِائَةٍ. وذكرَ ابنُ الجَوْزِىِّ بعضَهم فى «مَناقبِ الإِمامِ أحمدَ»، وغيرَهم، فإن مَنْ طالعَ فى هذا الكتاب وغيرِه مِن كُتُبِ الأصحابِ يَحْتاجُ إلى معْرِفَةِ النَّاقِلِينَ عنه (¬4)؛ [فإنَّ بعْضَهم تارةً] (¬5) يَذْكُرُهم بِكُناهم، وبَعْضَهم يَذْكُرُهم بألْقابِهم، وبَعْضَهم يَذْكُرُهم بأَسْمائِهم. وهم أيضًا مُتَفاوِتُونَ فى المَنْزِلَةِ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، والنَّقْلِ عنه، والضَّبْطِ والحِفْظِ. وقد نَبَّهْنا على بعضِ ذلك، عندَ ذِكْرِ كل اسْمٍ مِن أسْمائهم بما فيه كِفايَةٌ، إنْ شاءَ اللَّه تُعالى، وغالِبُ ما ذكَرْتُ مِن ذلك مِن لَفظِ أبى بَكْرٍ الخَلَّالِ. فمِنَ المُكْثِرين عنه؛ * إبْراهِيمُ الحَربِىُّ. * وابنُ هانِئٍ. * ووَلَدُه (¬6) * وأبو طالبٍ. ¬

(¬1) سقط من: الأصل، ط. (¬2) بعده فى الأصل: «وقد علَّمت على من روى له من أرباب الكتب الستة بالأحمر؛ ليعلم ذلك». (¬3) سقط من: ط. (¬4) فى الأصل: «فيه». (¬5) سقط من: الأصل. (¬6) أى إسحاق. انظر صفحة 406.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ * والمَرُّوذِىُّ. * والأَثْرَمُ. * وأبو الحارِثِ. * والكَوْسَجُ. * والشَّالَنْجِىُّ. * وأحمدُ بنُ محمدٍ الكَحَّالُ. * وأبو النَّضْرِ. * وبِشْرُ بنُ مُوسى. * وخَطَّابُ بنُ بِشْرٍ. * وبَكْرُ بنُ محمدٍ. * وحَرْبٌ الكَرْمانِىُّ. * والحَسَنُ بنُ ثَوَابٍ. * والحَسَنُ بنُ زِيادٍ. * وأبو داودَ، [صاحِبُ «السُّنَنِ»] (1). * وسِنْدِىٌّ الخَواتِيمِىُّ. * وعَبْدُ اللَّهِ ابنُ الإِمامِ. * وصالِحٌ [ابنُ الإمامَ] (¬1). * وفُورانُ. * والمَيْمُونِىُّ. * والفَضْلُ بن زِيادٍ. * وابنُ مَشيشٍ. * ومحمدُ بنُ الحَكَمِ. * والبُرْزَاطِىُّ. * والبُوشَنْجِىُّ. * ومُثَنَّى بنُ جامِعٍ. * ومُهَنَّا بنُ يَحْيى الشَّامِىُّ. * وهارُونُ الحَمَّالُ. * وابنُ بَخْتانَ. * وأبو الصَّقرِ. وغيرُهم. [قال المُصَنِّفُ، رَحِمَهُ اللَّهُ] (1): وهذا آخِرُ ما قصَدْنا جَمْعَه، فلِلَّهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ على ذلك، فما كانَ منه صحيحًا صَوابًا، فذلك مِن فَضْلِ اللَّهِ علَيْنا وتَوْفيقِه لنا، وما كانَ منه على غيرِ الصَّوابِ، فذلك مِني ومِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّ جامِعَه معْتَرِفٌ بالعَجْزِ والتَّقْصيرِ، وبِضاعَتُه فى العِلْمِ مُزْجاةٌ، ولا سِيَّما وقد سلَك ¬

(¬1) زيادة من: أ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فى هذا الكتابِ طريقًا لم يَرَ أحدًا ممَّنْ تقَدَّمه مِن الأصحابِ سَلَكَها؛ فإنَّ المُوَّلِّفَ إذا صنَّف كِتابًا قد سُبقَ إلى مِثْلِه، يسْهُلُ عليه تَعَاطِى ما يُشابِهُه، ويزِيدُه فوائدَ وقُيودًا، ويُنَقِّحُه ويُهَذِّبُه، بخِلافِ مَنْ صنَّف فى شئٍ لم يُسْبَقْ إلى التَّصْنيفِ فيه، فإنَّه يَحْصُلُ له مَشَقَّة بسَبَبِ ذلك. والمَطْلوبُ ممَّنْ طالعَ هذا الكِتابَ، أو نظَرَ فيه، أو اسْتَفادَ منه، دَعْوَةٌ لمُؤَلِّفِه بالعَفْوِ والغُفْرانِ، فإنَّه قد كَفَاه المُؤْنَةَ والطَّلَبَ والتَّعَبَ فى جمعِ نُقُولاتٍ ومَسائِلَ، لَعَلَّها لم تجْتَمِعْ فى كتابٍ سِوَاه. والحمدُ للَّه وحدَه. وصلى اللَّهُ على سيِّدِنا محمدٍ وآلِه وصحبِه وسلَّم تسْليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّينِ، ورَضِىَ اللَّهُ عن أصحابِه أجْمَعِين (¬1). ¬

(¬1) بعده فى الأصل: «وقد تم هذا الجزء المبارك، وهو آخر هذا الكتاب على يد الفقير إلى اللَّه تعالى، الراجى عفو ربه وتوبته ومغفرته، محمد بن أحمد البدماصى الحنبلى، غفر اللَّه له ولوالديه، ولمن دعا له بالتوبة والمغفرة، والموت على الشهادة، ولجميع المسلمين. آمين. والحمد للَّه رب العالمين». وفى ط، أ: «وحَسْبُنا اللَّه ونِعْمَ الوَكِيلُ، ولا حوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ العلِىِّ العَظِيمِ. وكان الفَراغُ مِن هذه النُّسْخَةِ المُبارَكَةِ، فى الثَّالثِ والعِشْرين مِن جُمادَى الأُولَى، مِن شُهورِ سَنَةِ أرْبَعٍ وسَبْعِين وثَمانِمائَةٍ. وكتَبه العبدُ الفقيرُ إلى اللَّهِ تعالَى؛ حَسَنُ بنُ علىِّ بنِ عُبَيْدِ بن أحمدَ بنِ عُبَيْدِ إبْراهيمِ المَرْداوِىُّ المَقْدِسِىُّ الحَنْبَلِىُّ السَّعْدِىُّ، عَفا اللَّه عنه بمَنِّه وكَرَمِه، بصَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ المَحْروسَةِ، مِن نسْخةِ شيْخِنا المُصَنِّفِ، أَبْقاهُ اللَّهُ تُعالَى, آمِين».

§1/1